الجزء الأول
فهرس المحتويات
الموضوع الصفحة
مقدمة المحققة 7947
مقدمة المؤلف 8780
الباب الأول 12189
في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله فصل: في نكت التحاميد 91
أحسن ما قرأه المؤلف في التحاميد 91
قول لبعض السلف 91
ما كتبه المعتمد إلى الموفق بعد قتل المهتدي 91
تحميد لعبد العزيز بن عمر 92
من فصل لابن المعتز 92
قول أعرابي وقد نظر إلى غمار الناس في الحج 93
قول عمر بن عبد العزيز عند وفاة عبد الملك 93
تحميد لابن عبد كان 94
تحميد لإبراهيم بن العباس 94
تحميد لأحمد بن يوسف 94
تحميد لأبي علي البصير 95
تحميد لأبي القاسم الإسكافي 96
فصل: في دلالة التحميد على ما يكتب من أجله 96
عادة ابن عبد كان في ذلك 96
كتاب لسعيد بن حميد في بغلة ولدت 97
نص من كتاب الأوراق للصولي في بغلة ولدت فلوة 97
فصل: في عجائب الخلق 98
قول الجاحظ عن بعض المفسرين 98
نص من كتاب الشعراء لدعبل 99
قول بشار بن برد أحسن ما في الأرض والإنسان 100(1/3)
تلهف بشار لرؤية الإنسان والسماء وقوله في ذلك 100
نص من كتاب الفرج بعد الشدة 100
قول للجاحظ 101
شعر لأبي نواس الحمداني 102
من كتاب أخبار أبي نواس للمرزباني 103
تعليق النظام على أبيات لأبي نواس 103
فصل: في لمع من صفاته عزّ ذكره 103
قول عامر بن عبد القيس لعثمان وقد سأله عن ربه 103
قول لبعض العلماء 104
طلب بعض الخوارج من الحجاج أن يؤجل ضرب عنقه 104
بين أبي حازم الأعرج وسليمان بن عبد الملك 105
رأي يزيد بن موسى في تسمية المؤمن 105
ما رآه وكيع بن الجراح في منامه 105
فصل: في سعة مغفرته ورحمته 106
قوله أعرابي وقد سمع ابن عباس يقرأ آية 106
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: لو لم يذنب العباد 106
قول ابن عباس في مغفرة الله تعالى 106
قول المطرف بن عبد الله 106
قول لقتادة في توبة العباد 107
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إن الله يعطي كل مؤمن 107
يأس الزهري لذنب اقترفه 107
رأي ابن عباس في أرجى آية 108
رأي غيره في أرجى آية 108
فصل: في ذكر نعمته عز وجل 108
قول لبعض السلف 108
نص من كتاب المبهج 109
قول نوبخت المنجم للمنصور لما عزم على بناء بغداد 109(1/4)
فصل: في ذكره سبحانه وتعالى 109
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: أرفع الناس درجة 109
قول لسعيد بن جبير 110
فصل: في تقديره جلّ جلاله 110
قول عمر بن الخطاب لما طعنه أبو لؤلؤة 110
قول شبيب الخارجي عند غرقه 110
شعر لبعضهم 111
بين ابن الجماز وقتيبة بن مسلم 111
فصل: في الشفاء من عند الله 112
قول سفيان بن عيينة عند مرضه 112
قول لإبراهيم بن أدهم 112
نص من كتاب المبهج 112
فصل: في اقتران وعده بالوعيد 112
قول أبي بكر في آيات الرحمة والعذاب 112
قول بعض النساك 113
بين الربيع بن خثيم ابنته 113
قول لعلي بن أبي طالب عليه السلام 113
فصل: في فقر من ذكر قدرته وجوده وغناه وسائر صفاته 113
بين معاوية وسعيد بن العاص 113
شعر لأبي الفتح البستي 114
قول لأبي حازم 114
قول لبعض الحكماء 114
سجود المهتدي لما بلغه خبر هزيمة مشاور الشاري 115
فصل: في ذكر تسخيره تعالى الناس بعضهم بعضا 115
شعر لأبي الفتح البستي 116
فصل: في طرف من حكمته 116
شعر لبعضهم 116(1/5)
شعر لأبي دلامة 116
شعر لابن الرومي 117
فصل: في ذكر صبغة الله 117
شعر لبعض الظرفاء 117
نص من كتاب المبهج 117
فصل: يليق بهذا المكان من الكتاب المبهج يشتمل على فصول مقتبسة من القرآن 117
الباب الثاني 142121
في ذكر النبي وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه فصل: في ذكر كرامته على الله عز ذكره واختصاصه به 123
قول لابن عباس 123
قول لبعض السلف 123
قول لعمر بن عبد العزيز 123
قول محمد بن علي بن الحسين في أدب الرسول صلّى الله عليه وسلّم 124
قوله في أرجى آية في القرآن الكريم 124
فصل: في الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم 125
أول من قال إن الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه هو الهادي 125
شعر لبعضهم 125
ما كتبه بعض البلغاء 126
من رسالة لابن عباد 126
من كتاب المبهج 127
فصل: في ذكر أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم 127
فصل: في نبذ من محاسنه وخصائصه عليه السلام 130
فصل: في مثل ذلك 132
قصة وفد بعض الأعراب ومناداتهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم من وراء الحجرات 132
فصل: في بعض النكت 133
رأي أبي جعفر بن محمد الموسوي في عادة الناس في نثر النثارات أمام الملوك 133(1/6)
فصل: في مثل ذلك 133
فصل: في اضطرار أعدائه إلى الإقرار بفضله عليه السلام 134
فصل: في ذكر الحكمة في كونه عليه السلام بشرا 135
قول الجاحظ في ذلك 135
فصل: في ذكر الحكمة في كونه أميا لا يكتب ولا يحتسب ولا يقول الشعر 135
رأي لبعض المتكلمين 136
رأي لبعض المتكلمين في صرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الخطابة والشعر 136
رأي الجاحظ في ذلك 136
فصل: في بعض ما جاء عنه صلّى الله عليه وسلّم من الكلام المقتبس من القرآن 138
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: علامة المنافق ثلاث 138
قوله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين 138
قوله صلّى الله عليه وسلّم: من كثّر سواد قوم 139
فصل: في بعض ما جاء عنه من الكلام المقتبس من القرآن الكريم 139
قوله صلّى الله عليه وسلّم: من باع دارا أو عقارا 139
قوله صلّى الله عليه وسلّم: هل ينظرون إلا هدما 140
قوله صلّى الله عليه وسلّم: بعثني الله إلى الناس كافة 140
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء 140
قوله صلّى الله عليه وسلّم: اطلبوا الرزق من الله على أيدي الرحماء 140
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن الدنيا حلوة خضرة 140
قوله صلّى الله عليه وسلّم: ألا إن التوبة مقبولة 141
قوله صلّى الله عليه وسلّم: يتعرض الإنسان بنفسه 141
قوله صلّى الله عليه وسلّم: كل مولود يولد على الفطرة 141
قوله صلّى الله عليه وسلّم: احفظ الله يحفظك 141
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إذا رأى عليا رضي الله 142
من دعائه صلّى الله عليه وسلّم 142(1/7)
الباب الثالث في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم ونبذ من فضائلهم وقطعة من فقر أخبارهم وغرر 163143 ألفاظهم فصل: في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم 145
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أهل بيتي كسفينة نوح 145
رأي ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ} 145
قوله صلّى الله عليه وسلّم وقد رأى الحسن والحسين يعثران في أثوابهما 145
قول محمد بن الحنفية وهو واقف على قبر الحسين بن علي رضي الله عنه 146
قول الربيع بن خثيم وقد سئل عن مقتل الحسين 146
قصة عثمان بن حيان المري مع الحسن والحسين عليهما السلام 146
ما كتبه بعض البلغاء 147
فصل: في فقر من أخبارهم 147
خطبة زينب بنت علي رضي الله عنهما 147
شعر لزينب بنت عقيل 149
قول لأبي الأسود 150
قول سكينة بنت الحسين لأهل العراق بعد مقتل زوجها مصعب بن الزبير 150
فصل: في بعض ما قيل من الأشعار 150
شعر للسيد الحميري 151
شعر لمحمد بن منذر بن جارود 151
شعر لعلي بن محمد الحمامي 151
شعر لأبي هاشم الجعفري 152
شعر لبعضهم 153
فصل: في كلام لعلي والحسن وولده رضي الله عنهم 154
قول لعلي بن أبي طالب 154
جواب الحسن بن علي وقد قيل له فيك عظمة 154
قوله وقد توجه إلى دار معاوية 154
وصية عبد الله بن الحسن لصديق له 155(1/8)
قول عبد الله بن الحسن وقد بعث إليه برأس ابنه قتيلا 155
فصل: في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم 155
جواب علي بن أبي طالب وقد سئل عن الناس والنسناس وأشباه الناس 155
بين الحسين وابن عباس في بني أمية 155
كتاب الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص 156
قول الحسين وقد توجه من المدينة إلى مكة 156
كتاب يزيد إلى الحسين وجواب الأخير إليه 157
قول علي بن الحسين وقد سئل عن سبيه 158
قول علي بن الحسين وقد أكثر من البكاء 158
قصته مع جارية عثرت فصبت المرق على رأسه 158
سؤال المنصور جعفر بن محمد عن محمد وإبراهيم ابني الحسن 159
ما دار بين المأمون وعلي بن موسى الرضا وقد وجبت الصلاة 159
فصل: في أن الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا 160
من خطبة للسفاح 160
كتاب ابن أبي البغل في تطهير أولاد المقتدر 160
الباب الرابع في ذكر الصحابة وما خصهم الله بهم من الفضل والشرف وأقاويل بعضهم في بعض 209163
فصل: في ذكرهم عامة 165
في ذكر بيعة الرضوان 166
فصل: في ذكر أبي بكر الصديق 167
شعر لأبي تمام 167
استشارة النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمر وأبي بكر في أسرى قريش 167
فصل: في حسن آثاره في الإسلام 168
خطبة أبي بكر بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم 168
فصل: في مثل ذلك وذكر شيء من كلامه أيام الردة 170
قول عمر لأبي بكر لو تجافيت عن زكاة أموال العرب وجواب أبي بكر في ذلك 170
خطبة أبي بكر في غزوة الروم 171(1/9)
وصية أبي بكر للجيش الذي بعثه إلى الشام 172
خطبة له أخرى 172
فصل: في مكاتباته 173
كتابه إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين 173
كتابه إلى المثنى بن حارثة 174
كتابه إلى أهل اليمن 175
فصل: في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه 175
قول عبد الله بن مسعود في أفرس الناس 175
كتاب أبي بكر في استخلافه عمر 175
فصل: في ذكر عمر وقطعة من مآثره 176
خطبة عمر في الاستسقاء 176
خطبة له أخرى 176
قوله وقد قيل له أن يستعمل كاتبا نصرانيا 177
وصف علي بن أبي طالب لعمر وقد رآه في دار الصدقة 178
كتاب أبي عبيدة إلى عمر من الشام وجواب عمر بن الخطاب 178
كتاب عمار بن ياسر يذكر فيه شوكة الروم 180
جواب عمر في ذلك 180
فصل: في قتله وثناء المسلمين عليه 180
قوله حين طعنه أبو لؤلؤة 180
قوله وقد رأى أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم 181
قول علي بن أبي طالب بعد دفن عمر بن الخطاب 181
فصل: في ذكر محاسن عثمان 182
قول لبعض السلف 182
بين أبي هريرة وبعضهم في شأن عثمان 182
قول الحسن في قاتل عثمان 183
فصل: في غرر من كلامه في الخطب وغيرها 183
خطبته يوم ارتج عليه 183(1/10)
خطبة له أخرى 183
ما دار بين صعصعة بن صوحان وعثمان 184
فصل: في كلام لعلي في عثمان وكلام فيهما 184
شكوى عثمان من أبي ذر أمام علي ابن أبي طالب ورد الأخير عليه 184
قول علي بن أبي طالب لعثمان 184
سؤال الحجاج الحسن البصري عن عثمان 184
ما دار بين أبي مسلم والزهري عن علي وعثمان 185
فصل: في نكت من أخبار محاصرة عثمان 185
كتاب عثمان إلى الناس لما حضر 185
ما دار بين زيد بن ثابت والمصريين عند محاصرة عثمان 187
قول عثمان وقد بلغه كلام عن عائشة 188
فصل: في كلام علي رضي الله عنه المقتبس من القرآن 189
فقر من كلماته 189
من خطبة له 190
فصل: في نكت من أخباره 190
قوله حين أشير عليه بإبقاء معاوية على الشام 190
قوله لطلحة والزبير حين استأذناه للخروج للعمرة 191
كتاب أم سلمة إلى علي 191
قول زيد بن صوحان إلى أهل الكوفة حين امتنع بعضهم عن الاستنفار لعلي 192
كتاب علي إلى طلحة والزبير 192
قول رجل لعائشة يوم الجمل 192
قول طلحة وقد أصيب بسهم يوم الجمل 193
ما قالته عائشة حين سقط جملها 193
خطبة علي بعد انقضاء حرب الجمل 193
خطبته المعروفة بالشقشقية 193
فصل: في نكت من أخباره أيام صفين 194
قول مسلمة بن زفر لجاسوس لمعاوية ورد الكوفة 194(1/11)
قول جرير بن عبد الله لمعاوية وقد ذهب ليحمله على البيعة لعلي 194
دعاء الإمام علي حين أراد التوجه إلى الشام 195
كتاب معاوية إلى علي 195
جواب علي في ذلك 196
خطبة لعلي لما عزم على الحرب 196
خطبة أخرى له 197
من دعاء ليلة الهرير 198
قوله وقد نظر إلى بعض أصحابه يتألمون من الجراح 198
قوله حين رفع أهل الشام المصاحف 198
قول أبي موسى الأشعري لعمرو بن العاص 199
فصل: في نبذ من خبره مع الخوارج 200
جواب علي لعفيف بن قيس لما توجه نحو ضرب الخوارج 200
فصل: في ذكر مقتله ووصيته 200
خطبته بعد عودته من قتال الخوارج 201
قوله عندما طعنه ابن ملجم 201
وصيته لولده 201
فصل: في بعض ما قاله الشعراء في فضله 202
شعر لعلي بن محمد بن نصر 202
شعر لبعضهم 202
فصل: في تسليم الحسن الأمر إلى معاوية 203
فصل: في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم 204
بين عمر وسحبان 204
قول أبي عبيدة إذا ذكر الكفرة 204
قول عثمان للزبير لما حصر 204
قول سعد بن أبي وقاص لأبي محجن 204
بين ابن عمر ومصعب بن الزبير 205
إلحاح الوليد بن عتبة على عبد الله بن الزبير في أمر البيعة ليزيد 205(1/12)
تعريض معاوية لابن عباس بطول لحيته 206
بين معاوية ورجل بايعه وهو مكره 206
قول أبي الأسود الدؤلي في آل النبي صلّى الله عليه وسلّم 206
رأي الحسن البصري في معاوية 206
أقوال لابن عباس 206
قول عروة بن الزبير عند قدومه من الشام 206
رؤيا لابن عباس 206
الباب الخامس في ذكر الأنبياء عليهم السلام، وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم، وما اقتبس الناس من فنون أخبارهم 261209
فصل: في الاقتباس من قصة آدم 211
دعاء عبد أعتقه عمر بن عبد العزيز 211
قدومه على عمر لما ولي الخلافة 211
شعر لمحمود الوراق 212
قول أبي أمامة في آدم 212
شعر لأبي تمام 212
شعر لأبي الفتح البستي 212
بين المأمون ويحيى بن أكثم 213
قول لبعض السلف 213
بين قاض وثور بن يزيد في مسجد من مساجد مصر 214
شعر في رافع بن الليث بن نصر بن يسار 214
قول لبعض العلماء في القياس 214
قول مسمع بن عاصم في شعر لأبي نواس 214
بين أبي حنيفة وشيطان الطاق 215
شعر لأبي الجماز وقد بلغه أن الفضل بن إسحاق نعاه 215
بين أبي علي الحسن بن محمد البغدادي والشاعر ابن مطران الشاشي 217(1/13)
فصل: في ذكر قصة نوح عليه السلام 218
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل بيتي كسفينة نوح 217
دعاء لنوح 217
دعاء آخر لنوح 217
كتب أحمد بن يوسف إلى المأمون يخبره بخلع الأمين وقتله 217
نص من كتاب التاجي للصابي 218
شعر لأبي الحسين المرادي في الأمير نوح الأكبر 220
شعر لأبي بكر هبة الله بن الحسن العلاف 221
شعر لأبي الفتح البستي 221
فصل: في الاقتباس من قصة إبراهيم عليه السلام 222
دخول أبي العيناء على صاعد بن مخلد 222
فصل: من الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهما السلام 230
فصل: من الاقتباس من موسى عليه السلام 240
أبدع ما قيل في عصا موسى 245
شعر لابن الرومي 245
شعر أبي السمط في فالج أحمد بن أبي داود 246
قول أبي العيناء في مالك بن طوق 247
قول أبي العيناء في ابن المدبر 248
قول لبعض الظرفاء وقد سئل ماذا يصنع؟ 248
فصل: في قصة داود عليه السلام 248
قول زياد بن أبيه وقد قال له أعرابي قد أوتيت الحكمة 248
جواب أبي قرة الهاشمي وقد سئل عن رجلين تخاصما 248
شعر البحتري في غلامه نسيم وقد باعه 249
فصل: في قصة سليمان عليه السلام 250
قول لبعض الظرفاء 250
شعر لأبي الشيص في جارية يقال لها هدهد 250
بين عبد الله بن طاهر وعبيد الله بن السري 250(1/14)
شعر لعبد الله بن السري 251
قول للحسن البصري 251
كتاب ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك وقد أمر بهدم كنيسة النصارى 251
شعر لجحظة البرمكي 252
فصل: في قصة يونس عليه السلام 252
تشاؤم مزبد من يوم الأربعاء 252
شعر يوسف بن أبي الساج في حبس المقتدر 253
فصل: في شأن عيسى عليه السلام 254
من قصيدة أبي علي البصير في المستعين 254
كتاب قيصر إلى عمر بن الخطاب 255
جواب عمر في ذلك 255
شعر لابن خالويه وأبي بكر الخوارزمي 255
شعر لأبي أحمد الحسين بن المتكافي 256
فصل: في قصص لهم عليهم السلام 257
قول لبعض السلف 257
قول جعفر بن محمد الصادق للمنصور لما همّ بهدم المدينة 257
بين المتوكل وأبي العيناء 257
شعر لبعض العرب 258
فصل: في قصص القرآن 258
قول لابن السماك 258
قول الفرزدق لما أمر عمر بن عبد العزيز بنفيه لفسقه 259
شعر لجرير يشمت بالفرزدق 259
قول للربيع بن خثيم وهو في مرضه 259
الباب السادس في فضل العلم والعلماء ومحاسن ابتداعاتهم ولطائف من استنباطاتهم 281261
فصل: في فضائل العلم والعلماء 263
شعر لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي 264(1/15)
فصل: في نكت من ذكر العلم 264
قول لابن عباس في ذلك 264
قول للجاحظ 265
قول لبعضهم 265
فصل: في أمثال تدخل في ذكر العلم 265
قول للأوائل 265
شعر لبعضهم 265
فصل: في فقر تناسب ذلك 266
قول لسفيان الثوري 266
حديث المبرد عن نفسه وقد تكلم بين يدي جعفر بن القاسم الموسوي 266
قول سليمان بن الحسن الواسطي وقد استدعاه المنصور لتأديب ولده 267
فصل: في التعليم 267
رسالة لأبي زيد البلخي 267
فصل: في ذم علم الأنساب 268
قول لبعض العلماء 268
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: كذب النسابون 268
فصل: في النهي عن كتمان العلم 269
فصل: في ذكر الفقه والفقهاء 269
قول أبي زيد البلخي في ذلك 269
فصل: في ذكر الكلام والمتكلمين 270
قول لأبي زيد البلخي 270
فصل: في لمع وفقر من استنباطاتهم وفقر ودرر من انتزاعاتهم 272
قول لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه مقتبس من القرآن 272
شعر لمساور الوراق في العسل وماء السماء 272
محمد بن كعب القرظي أقدر الناس على مقابلة كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن الكريم 272
مقابلة سفيان بن عيينة حديثا للرسول صلّى الله عليه وسلّم بآية من القرآن الكريم 273
قول سفيان بن عيينة عن طيب الأكل 273(1/16)
قول الناس الأشراف في الأطراف 273
قولهم الجار ثم الدار 274
جواب ابن سيرين وقد سئل عن خبث الحديد 274
قول لابن عباس 274
بين الرشيد وزبيدة 274
مناظرة بعض الفقهاء ليحيى بن آدم 275
بين عالم ورئيس دعاه باسمه ولم يكنّه 276
قول بعض المحسنين في طاعة الله 276
نص من كتاب الوزراء للجهشياري 276
فصل: في فضل العقل 278
آيات في ذلك 278
قول سعيد بن المسيب في آية من القرآن 278
قول مجاهد في آية من الذكر الحكيم 278
قول الضحاك في آية 278
قول الحسن البصري في فضل العقل 279
الباب السابع في ذكر الأدب والعقل والموعظة الحسنة 293281
فصل: في ذكر الأدب قول لعلي بن أبي طالب في الأدب 283
قول الشعبي في الفرق بين العالم والأديب 283
قول ابن عباس وقد سئل عما يكتب 283
قول المنذر بن جارود لابنه 283
فصل: في الحكمة والموعظة الحسنة 284
قول مجاهد في قوله تعالى {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ} 284
قول الحسن البصري في آية {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ} 284
قول الحسن البصري لبعض الأمراء وقد تعدى الحدود 285
موعظة أبي حازم الأعرج لبعض ملوك بني مروان 285(1/17)
نصيحة الأوزاعي للمنصور وبكاء الأخير منها 285
بين عمرو بن عبيد والمنصور حين دخل عليه بعد الخلافة 286
موعظة يحيى بن خالد لابن السماك 287
موعظة منصور بن عمار لبعض الملوك 287
موعظة بعض الزهاد لبعض الخلفاء 287
أقوال لبعضهم في الإحسان 287
نصيحة محمد بن علي بن الحسين 288
ما كتبه يحيى بن خالد إلى الرشيد وهو في الحبس 288
شعر لسابق البربري 288
شعر لصالح بن عبد القدوس 289
قول لحكيم 289
موعظة للحسن البصري 289
قول لبعض الصالحين 289
شعر لبعضهم 290
موعظة لابن عباس 290
كتاب عمر بن عبد العزيز لبعض عماله 290
ما يقوله عمر بن عبد العزيز عندما يجلس للناس 291
نص من كتاب المتعلمين لأبي بكر الترمذي 291
الباب الثامن في ذكر محاسن من الخصال 331293
فصل: في فضائل العلم والعلماء 263
خطبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد بلغه أن عيينة بن حصن قد نال بعض الصحابة بالقول 269
قول للفضيل بن عياض 397
قول لابن المعتز 397
قول أبي سليمان الداراني إذا رأى الثلج 297
فصل: في الصبر 297
آيات في ذلك 297(1/18)
قول الحسن البصري في آية قرآنية 298
قول لعمر بن عبد العزيز 298
قول لغيره 298
قول ابن عباس وقد نعي إليه بعض أولاده 299
قول للضحاك 299
فصل: في الشكر 299
آيات في ذلك 300
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد أطال الدعاء والوقوف 300
شعر لمحمود الوراق 300
فصل: لأبي علي البصير 301
من كتاب ابن عباد إلى فخر الدولة 301
كتاب آخر له 301
فصل: في العفو 302
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة 303
قول أحمد بن حنبل لأصحابه عندما امتحن 303
قول لعلي بن أبي طالب 303
قول رجل بحضرة الحسن وقد سبه رجل آخر 304
قول أبي أيوب المورياني للمنصور بعد نكبته 304
اعتذار إبراهيم بن المهدي للمأمون 305
نص من كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي 305
شعر لبعضهم 305
فصل: في صلة الرحم 306
قول لمجاهد 306
من كتاب المنصور إلى عبد الله بن علي 307
فصل: لأبي القاسم الإسكافي 307
فصل: في بر الوالدين 309
رأي ابن عباس في تفسير آية 309(1/19)
فصل: لابن عباد 309
فصل: في الإنفاق والجود 310
بين المأمون ومحمد بن عباد المهلبي 311
بين الفرات بن زيد وعمر بن الخطاب في العطاء 311
كتابة طلحة بن فياض آية على باب داره 312
شراء صفوان بن محرز بدنة بعشرة دنانير وقوله في ذلك 312
شعر لكشاجم 313
تمني الحجاج أن يدرك ثلاثة، ليتقرب بدمائهم إلى الله 313
فصل: في الاقتصاد 314
سؤال عبد الملك بن مروان جلساءه عن أشعر الناس 315
بين عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز 315
فصل: في ذكر المروءة 316
جواب محمد بن حرب الهلالي وقد سئل عن المروءة 316
قول لابن عباس 316
قول لبعضهم وقد سئل عن سبب حسن كسوته وظهور رياسته 317
قول أبي بكر في ارتباط الدواب 317
قول لابن عباس 317
قول جعفر بن محمد في الاستكثار من العبيد 317
فصل: في حسن القول للناس 318
فصل: في المداراة 318
قول لبعض الحكماء 318
أبو سليمان الخطابي إذا أنشد بيت شعر قرأ آية 319
فصل: في الصدق 319
قول للفضيل بن عياض 319
فصل: في الحلم 320
قول للحسن في أجل صفات النبي إبراهيم وهي الحلم 320
قول لغيره 320(1/20)
فصل: في الاعتبار 321
قول لبعض الصالحين في رؤية نعم الله في كل شيء 321
ما يقوله الفضل بن عيسى الرقاشي في قصصه 321
دخول صالح المري على أبي أيوب المورياني بعد نكبته 321
قول أبي عبيد الله بن سليمان حين بلغه شعر أبي علي بن نصر بن بسام 322
شعر لبعضهم 322
فصل: في المشورة 323
قول للحسن في مشورة النبي صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه 323
قول الجاحظ في الشورى 334
شعر لبشار 324
فصل: في أدب الحرب 325
قول المهلب بن أبي صفرة: محرض خير من ألف مقاتل 325
قول لبعض أصحاب الجيوش 326
استئذان بعض أصحاب أبي مسلم أباه في الانصراف وهو في حرب 326
ما جرى بين المأمون والعباس بن الحسن بن عبيد الله وقد خرجا للقبض على ابن عائشة 327
تعظيم سيف الدولة لملك الروم ورأيه في ذلك 327
فصل: في أنواع من المكارم والمحاسن 328
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من أغاث مكروبا 328
قول بعض الولاة لرجل من رعيته 328
قول لقتادة 329
من أقوال الأحنف بن قيس 329
شعر لأبي تمام 329
الباب التاسع في ذكر معائب الأخلاق من الخلال ومقابح الأعمال وذم العامة والسقّاط وعورات الرجال 353331
فصل: في ذم الهوى 333(1/21)
قول ابن عباس: الهوى إله معبود 333
شعر لابن طباطبا 333
وصية بعض الزهاد 334
فصل: في كفر النعمة 334
قول لبعض الحكماء 334
قول الحسن في آية 334
شعر لبعضهم 335
قول سليمان بن جعفر وقد بلغه قول إبراهيم بن المهدي في عفو المأمون عنه 335
شعر لأبي تمام 335
شعر للبحتري 335
فصل: في البخل 336
قول للشعبي 336
قول لابن مسعود 336
قول بعض السلف 336
فصل: في الظلم 337
قول لبعض الحكماء 337
شعر للمتنبي 338
قول أبي عيينة وقد سمع قائلا يقول: الظلم مرتعه وخيم 338
قول لعبد الله بن مسعود 338
مجلس فيه ابن عباس وكعب الأحبار 338
شعر لأبي تمام 339
خطبة عبد الله بن الزبير لما بلغه أن عبد الملك بن مروان قتل الأشدق 339
من شعر القاضي أبي بكر 339
فصل: في الكذب 340
قول للحسن 340
قول لبعض الحكماء 340(1/22)
فصل: في الحسد 340
قول الأصمعي إذا أنشد بيت شعر 340
قول للحسن في الحسد 341
فصل: في ذم ذي الوجهين 342
قول الأحنف لبعض أصحابه 342
قول النبي: مثل المنافق مثل الشاة 342
دخول أبي العيناء على عبيد الله بن سليمان وعنده نجاح بن سلمة وآخرون 343
فصل: في الكبر 344
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كان في قلبه 344
قول لبعض الحكماء 344
فصل: في ذم الغيبة 345
قول الحسن: الغيبة إدام الكلاب 345
قول إبراهيم بن آدم وقد اغتابت جماعة في داره 345
قول بعضهم الغيبة فاكهة المرائي 345
فصل: في الظن 345
قول عبد الملك بن صالح للرشيد وكان قد تغير عليه 345
فصل: في أنواع من الخلال المذمومة 346
قول لبعضهم 346
قول بعض الحكماء 347
قول الحسن: القنوط تفريط 347
رأي ابن عباس في آية: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} 347
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: عدلت شهادة الزور 347
فصل: في ذكر العامة والجهال 348
شعر لمحمود الوراق 348
شعر لبعضهم 348
شعر لمنصور الفقيه 349
قول لبعضهم وقد نظر إلى بعض العامة يتكلمون في القدر 350(1/23)
فصل: في مثل ذلك من ذم الفساق 351
قول الحسن إذا نظر إلى جماعة من أهل المدينة 351
قول عبد الملك بن صالح في الخليفة المهدي 351
ما كتبه أبو علي البصير إلى أبي العيناء 351
الباب العاشر في ذكر أنواع من الأضداد والأعداد 353
فصل: في ذكر الغنى والفقر 355
نص من كتاب المبهج 355
قول لبعض المفسرين 355
شعر لبعضهم 356
قول ابن عباس في آية: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً} 356
اختيار بعض الصالحين الفقر 356
قول بعض المفسرين 356
فصل: في فضل المال والسعي في كسبه وذكر التجارة واعتماد الصنعة 357
شعر لصاحب الزنج 357
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أطيب ما أكل الرجل من كسبه 358
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: التاجر الصدوق 358
اشتغال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في التجارة 358
تمني عمر بن الخطاب الموت وهو مسافر يبتغي فضل الله 359
فصل: في ضد ذلك 360
فصل: في التأني والعجلة 361
قول بعض الحكماء 361
شعر لمروان بن أبي حفصة 361
من قصيدة سديف بن ميمون في السفاح 362
شعر لأبي تمام 362
شعر للسري الموصلي 363
قول أبي العيناء في العجلة 363(1/24)
فصل: في الحب والبغض 364
فصل: في الشباب والشيب 364
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصيكم بالشباب خيرا 364
شعر لعدي بن زيد 366
فصل: في ذكر القلة والكثرة 366
قول بعض العلماء في ذلك 366
فصل: في الأعداد 367
قول أبي بكر: ثلاث من كن فيه 367
قول لغيره 367
قول جعفر بن محمد: عجبت لأربعة 368
قول جعفر بن محمد: أربعة لا تستجاب دعواتهم 368
قول سفيان: أربع لا حساب عليهن 369
قول بعض العلماء: الأرزاق ثلاثة 369
الباب الحادي عشر في ذكر النساء والأولاد والإخوان 387371
فصل: في النكاح وذكر النساء 375
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم 375
قول بعض الحكماء 375
قول الأصمعي 375
خطبة محمد بن الوليد أخت عمر بن عبد العزيز 376
حضور المأمون إملاكا وخطبته 376
حضور ابن عباد إملاكا وخطبته 376
قول بعض السلف 377
فصل: في كيد النساء 377
فصل: في خبر المرأة التي لا تتكلم إلا بألفاظ القرآن 378
فصل: في نوادر النساء والجواري 381
قول الجاحظ 381(1/25)
ما دار في مجلس نساء من الأشراف 381
زفاف بوران بنت الحسن بن سهل للمأمون 383
طلب أمير من بعض جواريه الإتيان بآية من القرآن 384
شراء رجل جاريتين لحسن جوابهما واقتباسهما من القرآن 384
فصل: في الأولاد 385
بين أبي العيناء وأبيه 385
قول عمر بن عبد العزيز في ابنه عبد الملك 385
قول بعضهم في ذم الأولاد 385
قول ابن عباس في نزول قوله تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً} 386
قول علي في قوله تعالى: {فَمََا لَنََا مِنْ شََافِعِينَ} 386
الباب الثاني عشر 395387
في ذكر الطعام والشراب 389
خبر أبي العيناء وقد قدمت له فالوذجة 389
شعبة والتمر 389
أبو شراعة في التين 389
عائشة رضي الله عنها تأكل حبة عنب 390
قول بعض الحكماء 390
قول مجاهد، وقتادة، وأبي قلابة، وابن أحمد النديم 390
فصل: في الماء 391
آيات 391
شعر محمد بن حازم 392
قول بعض المفسرين في ماء البحر 392
بعث ملك الروم إلى معاوية بقارورة وابن عباس يملؤها ماء 392
فصل: في العسل 393
حديث وآية 393(1/26)
الباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة 413395
فصل: في فضل البيان واللسان 397
آيات في البيان 397
موسى وفرعون 399
داود وفصل الخطاب 400
فصل: في نخب من الخطب 401
الهيثم بن عدي 401
خطبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم 401
خطبة لأبي بكر رضي الله عنه 401
خطبة لعمر رضي الله عنه في الجيش الذي أنفذه لبلاد الروم 402
خطبة لعثمان عندما نقم عليه الناس 402
خطبة لعلي رضي الله عنه 403
خطبة لعمر بن عبد العزيز 403
خطبة لعبد الملك بن مروان 304
خطبة لسليمان بن عبد الملك 404
خطبة للسفاح بالكوفة 404
خطبة للمنصور وجوابه على المعترض 405
خطبة لعبد الله بن علي لما قتل مروان بن محمد 405
خطبة لداود بن علي 406
خطبة لصالح بن علي لما أرجف الناس 406
خطبة لابن المعتز بالتوبة 407
فصل: في المعارضات والمناقضات 408
لما احتضر أبو بكر رضي الله تمثلت عائشة ببيت حاتم فذكّرها بالقرآن 408
لما مر علي رضي الله عنه بإيوان كسرى تمثل رجل بقول الأسود بن يعفر فذكّره بالقرآن 408(1/27)
تمثل متظلم حين حكم له المهتدي بالله بقول الأعشى فذكّره الخليفة بالقرآن 409
فصل: في المحاضرات 410
علي مع قوم يلعبون الشطرنج 410
فصل: في مقامات السؤال 411
وقوف أعرابي على مضرب عبد الملك بن مروان وطلبه الصدقة 411
دخول المنصور الفقيه على بعض الرؤساء وسؤاله 411
فصل: في مقامات الأسرى 411
هشام بن عبد الملك ورجل تكلم بين يديه مجادلا عن نفسه 411
فصل: فيمن تكلم لحاجته وهو في الصلاة 412
ارتج على الهادي في الصلاة وهابوه ثم فتحوا عليه 412
الباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة 433413
فصل: فيما صدر منها عن الصدر الأول والسلف الأفضل 415
بين يهودي وعلي رضي الله عنه 415
بين سعد بن أبي وقاص ومعاوية 415
تذكير معاوية سعدا بقوله تعالى: {وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 415
جواب صعصعة عند إقباله واتجاهه من الفج العميق إلى البيت العتيق 416
قول معاوية لرجل من اليمن 416
ما قاله ابن عباس في المختار بن أبي عبيد 416
بين وهب بن منبه وابن الزبير 417
وصية عمر عند احتضاره 417
منع مالك بن المنذر الحسن من الوعظ بجامع الكوفة 418
الشعبي وعدم حيائه من: لا أدري 418
الوليد بن عبد الملك وابن عبد العزيز في إقصاء الخلافة لرجل من أهل اليمن 419
حوار بين سليمان بن عبد الملك وأبي حازم 419
نعي رجل إلى صلة بن أشيم أخاه 420(1/28)
بين هشام بن عبد الملك وإبراهيم بن أبي عبلة 420
قرشي يتصدى لتغلبي وذكر البطحاوات 421
فصل: بين المنصور وأبي مسلم الخراساني يوم قتله 422
أمر المنصور شبيب بن شيبة بالخروج إلى خراسان 422
بين ابن عون وعمرو عن قيام الساعة 423
خالد بن صفوان يفحمه رجل من بني عبد الدار 423
عمرو بن سعيد بن سالم في حراسة المأمون 424
نفقة الحج 425
ثلاثة لا يحل فيهن المسألة 425
تظلم أصحاب الصدقات من أحمد بن يوسف للمأمون 425
جواب المعتصم على كتاب ملك الروم 426
جواب أحمد بن أبي داود على محمد بن الزيات بعد اغتيابه 426
استعداء أبي العيناء على خصومه عند أبي دؤاد 426
فصل: في جوابات أبي العيناء 428
في معنى أبي العيناء 428
في ابن رستم وابن مكرم 428
في إبراهيم بن ميمون 429
في أحمد بن الضحاك 429
في نجاح بن سلمة 429
مع أبي نوح في مضاحكته نصرانيا 430
في جوابه العباس بن رستم 430
فصل: في جوابات الكتاب والأدباء والظرفاء 430
جواب كاتب أرادوا مصادرة أمواله 431
كتب محبوس إلى كاتب حابسه 431
طفيلي في صحبة قوم من الشعراء 432(1/29)
الباب الخامس عشر في ملح النوادر 441433
فصل: في نوادر القراء 435
قول الحسن في عدم احتمال الثقلاء 435
قول بعض الظرفاء في أعمى وعمياء 435
حبس رجل في مجلس صاحب ديوان 435
فتى في يمينه خاتم 435
في ديوان الاستيفاء 436
فصل: في نوادر الأعراب 436
أعرابي يعتق جارية لاقتحام العقبة 436
أعتق الرشيد ألف عبد لسماعه الخبر 436
تصويب أعرابي قراءة آية لتناقض أولها مع آخرها 437
تعليل أعرابي أكله في شهر رمضان 437
منزل أعرابي 437
فصل: في نوادر عقلاء المجانين 438
بهلول ينصح مجنونا 438
عدم صلاته في جماعة لعدم تمكنه في الأرض 438
مجنون ينجو من الصبيان 439
حبس مجنون ادّعى النبوة في البصرة 439
الباب السادس عشر الاقتباس المكروه 445441
فصل: في الخروج عن حدّ الاقتباس 443
قول أبي تمام مستفرغا قصة يوسف 443
ما قاله عضد الدولة في أخيه أخذا من سورة الانشراح 443
فصل: في ذكر الخلق مما استأثر الله به في الصفات 444(1/30)
الباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها 463445
فصل: في حكايات الرؤيا والتعبير 447
قول ابن عباس في تأويل الأحاديث 447
قول ابن المسيب وابن سيرين في البشرى أنها الرؤيا 447
إجماع المعبرين على اختلاف الرؤيا باختلاف الرائي 448
الغل للبر ولغيره 448
رؤيا سلمان لأبي بكر بعد مؤاخاتهما 448
تفسير ابن سيرين لأذان رجلين بمعنيين مختلفين 448
رؤيا الحميدي لأبي حنيفة والشافعي عند النبي صلّى الله عليه وسلّم 449
رؤيا المهدي لشريك يكلمه من قفاه وعنده سعيد بن سلم 449
رؤيا المهدي عليا بعد حبسه موسى بن جعفر 450
رؤيا رجل أنه يسرق بيضا يضعها تحت الخشب 451
رؤيا الرشيد ملك الموت وسؤاله عن باقي عمره وإشارته إلى الخمس 451
رؤيا المتوكل عليا وسط نار موقدة وتأويلها 452
رؤيا المتوكل كأن دابة تكلمه وتأويلها 452
فصل: في تعبيرات في القرآن مثبتة 453
النخلة، الحبوب، الثمار، الغلام، الأمرد، الريح، إسحاق، الغرفة، النوم 461453
السفينة، البقر الأصفر، الماء، اللحم، الحجارة، الملك، الحبل، اللباس، الحطب
قطع العصا، ضرب إنسان، الزنا بالمرأة، الفطر في رمضان، قيام الساعة، الصلاة لغير القبلة، النور، الظلمة، بنيان الطرق، اللسان، المفتاح، أبواب مفتحة السلم، السكر، سقوط الأسنان، النعجة، الجمال، الطيور، الضرب على العود، دخول مكة، الضحك
شرب اللبن، المطر، النار، الكبائر، تقليب الكف، الجنون، الجلوس على السرير، التسبيح والتهليل، النكاح
استضافة القوم، اللؤلؤ والياقوت، شرب الخمر، مناداة الإنسان، الفرار من القوم(1/31)
الباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب إلخ 567463
فصل: في فضل الكتاب والكتّاب 465
آيات من القرآن 466
القسم بالقلم 467
أمية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعلتها للنبي في فضل التعليم 467
شعر لأبي الفتح البستي 468
فصل: في مثل ذلك 468
تفسير ابن عباس (أثارة من علم) 468
فصل: في ضد ذلك 470
قول لمجان الحكماء 470
وصف الجاحظ لعامة الكتاب 471
فصل: في فضل الحساب 471
آيات من القرآن في فضله 472
قول الجاحظ في فضل الحساب 473
كتاب لأبي إسحاق الصابي 473
فصول كتب العهد 473
فصل: فيما يقع في العهود من ذكر تقوى الله وأدب الولاية 476
لعبد العزيز بن يوسف 476
رسائل للصابي 476
للصاحب بن عباد 481
فصل: في اتباع سنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم 481
لعبد العزيز بن يوسف 481
للصاحب بن عباد 482
فصل: في المحافظة على الصلاة 482
لعبد العزيز بن يوسف 483
لأبي إسحاق الصابي 483(1/32)
فصل: في السعي إلى صلاة الجمعة 484
لأبي إسحاق الصابي 484
فصل: في عرض أهل السجون وإقامة الحدود 486
لأبي إسحاق الصابي 487
فصل: في ضبط الأطراف وأمان السبل 488
لأبي إسحاق الصابي 488
فصل: في رد الأباق إلى أربابها 490
لأبي إسحاق الصابي 490
فصل: في تعطيل الحانات والمواخير 491
لأبي إسحاق الصابي 491
فصل: في تقوية أيدي الحكام والعمال 492
لأبي إسحاق الصابي 492
فصل: في اختيار العمال 494
لأبي إسحاق الصابي 494
فصل: في تعيير الموازين والمكاييل 479
لأبي إسحاق الصابي 497
فصل: في التركات 498
لأبي إسحاق الصابي 498
فصل: في إزالة الرسوم الجائرة 498
لأبي إسحاق الصابي 498
فصل: فيما يختص بالقضاء من العهود 499
فصل: في آدابهم 499
لأبي إسحاق الصابي 499
فصل: في ذكر الشهود وإثبات أهل الديانة 502
لأبي إسحاق الصابي 503
فصل: في إقامة الحدود 503
لعبد العزيز بن يوسف 503(1/33)
فصل: في الاحتياط على أموال اليتامى 504
للصاحب بن عباد 504
فصل: في ذكر الأوقاف والصدقات 505
للصاحب بن عباد 505
فصل: في استخلاف أهل العلم 505
للصاحب بن عباد 505
فصل: في تزويج الأيامى 506
للصاحب بن عباد 506
فصل: في زمر مختلفة من ألفاظ العهود 506
لنوح بن منصور 506
فصل: في افتتاحات كتب الفتوح وما يتصل بها 507
للإسكافي 507
رسائل لأبي بكر الخوارزمي 512
فصل: فيما يقع من الفتوح في ذكر الأعداء إلخ 513
رسائل للإسكافي 513
رسائل لابن عباد 520
فصل: في معان شتى 523
للصابي 523
للإسكافي في ذكر رعية 523
لابن عباد في العفو عن مستأمن 524
لابن عباد في ذكر الرعية 525
لابن عباد في شكر النعمة 525
فصل: في الحث على الطاعة وتآلف الخارجين عنها 526
رسائل للصابي 526
فصل: في ذكر الصلح وما فيه من الصلاح 529
للصاحب بن عباد 529
للإسكافي في الصلح بين الملك نوح والصغاني 530(1/34)
فصل: في الأحماد والتقريظ 531
للإسكافي عن الملك نوح 531
لابن عباد 352
لعبد العزيز بن يوسف عن الطائع إلى ركن الدولة 352
فصل: في الشكر وإعظام قدر النعمة 532
لابن عباد 532
لعبد العزيز بن يوسف 533
فصل: في التقريع والتوبيخ 533
لعبد الحميد الكاتب 533
للإسكافي 534
لأبي بكر الخوارزمي 534
فصل: في ذكر شهر رمضان 535
إبراهيم بن العباس 535
للإسكافي 535
فصل: في أنواع شتى من الكتب السلطانية 537
إبراهيم بن العباس في الحج والحجيج 537
للإسكافي في الحث على الجهاد 537
لابن عباد 538
لعبد العزيز بن يوسف 540
سعيد بن حميد في الاستسقاء 539
لابن ثوابة في هدم دار 540
لطاهر بن الحسن 541
فصل: في التهاني 541
فصول: في الكتب الإخوانية 541
لأبي العيناء 541
كتاب إلى ذمي أسلم 543
كتب بعضهم في التهنئة بالعزل 544(1/35)
تهنئة بمولودة 545
فصل: في التعازي 545
آيات قرآنية 546
قول لابن مسعود 546
تعزية أعرابي معاوية 546
تعزية رجل الهادي في ابن له 546
تعزية ابن مكرم رجلا في أخيه 547
تعزية محمد بن عبد الملك 547
للإسكافي 548
لأبي إسحاق الصابي 548
للإسكافي 548
لابن عباد 550
للخوارزمي 551
فصل: في المدح والتقريظ 551
لابن أبي البغل 551
لابن عباد 551
للخوارزمي 551
لأبي فضل الهمذاني 553
فصل: في الملاطفات وما يجري مجراها 554
لأحمد بن سعيد 554
للخوارزمي 555
فصل: في العتاب 557
لمحمد بن يحيى 557
لابن عباد 557
فصل: كتاب أبي الفرج الببغا إلى بعض أضداده 559
فصل: في فنون مختلفة من الرسائل الإخوانية 560
لابن العميد 560(1/36)
ليحيى بن خالد إلى الرشيد 564
توقيع الرشيد 564
ثلاث توقيعات لجعفر بن يحيى 564
كتابة جعفر بن قاسم الكرخي إلى الوزير عبد الله بن محمد وتوقيع عليها الوزير 565
توقيع المقتدر لما اضطرب العسكر 565
الباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ 575569
فصل: في فضل الأمثال 569
قول حكيم وابن المقفع وغيره 569
آيات من القرآن اقتبس منها أبو تمام الطائي في سينيته 571
فصل: بعض ما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم 571
سؤاله صلّى الله عليه وسلّم فارعة عن أخيها أمية بن أبي الصلت 571
الغازي في سبيل الله كأم موسى 572
فصل: في مثل ذلك 572
طلب الرشيد من ابن رباح تركيب فص في خاتم 573
وقوع الذباب على أنف المنصور وهو يخطب 573
سؤال ابن عبيد عن خلقه 573
فصل: في أن الأمر إذا دبره غير واحد فسد 573
قول لبعض الحكماء 573
قول للعرب 573
ما قيل للمنصور في أبي مسلم 574
مثل إذا لم يكن إبل 574
الباب العشرون في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباسهم من ألفاظ القرآن 621575
فصل: في ذكر الشعر 577
لأبي زيد البلخي 577(1/37)
فصل: في ذكر الشعراء 579
فصل: في اختيار لهم يتعلق بالاقتباس 580
بيتا الفرزدق عند سليمان بن عبد الملك 580
قول بعضهم في المعنى نفسه 580
بيتا مروان بن أبي حفصة واستحسان الرشيد لهما 581
اقتباس أبي نواس وهو يساير الضحاك من آية سمعها من رجل 582
أخذ أبي نواس المعنى من شاعر آخر 582
فصل: في تداول الشعراء معنى أصله من القرآن 583
للحميري 583
لمنصور النميري 583
للبحتري وأبي تمام والمتنبي 583
لكشاجم والمتنبي 584
للمتوكل الليثي والأخطل وابن الرومي وابن أبي شراعة 585
فصل: في اقتباساتهم الخفية اللطيفة 587
للشداخ الكناني ومروان 578
لابن الرومي والمتنبي 588، 589
فصل: في الغزل والنسيب 590
لوضّاح اليمن 590
لمحمد بن أبي زرعة الدمشقي 590
لعلية بنت المهدي، ولغيرها 591
لابن داود الأصبهاني والبستي 592
لابن الرومي وابن بسام 593
لجحظة البرمكي 594
للخباز البلدي والسري الموصلي 594
لابن الحجاج 595
لآخر 595(1/38)
فصل: في المدح 596
أبيات لداود بن علي 596
لأبي العتاهية ومنصور النميري 596
لأبي الشيص وأبي تمام 597
للبحتري وابن الرومي 598
لعلي بن هارون وابن العميد 598
لأبي عبد الله بن الحجاج 599، 600
لبديع الزمان الهمداني 601
فصل: في العتاب 601
لابن الرومي 601
لأبي الشمقمق 602
لأبي عبد الله الضرير 602
لأعرابي 603
لإسماعيل القراطيسي 603
لابن الحسن الموسوي (الشريف الرضي) 604
فصل: في التشبيهات 604
لابن طباطبا وابن الرومي 604
لكشاجم وغيره وللثعالبي 605، 606
لابن الرومي 606
فصل: في التأذي بالمطر 607
شعر لبعض المحسنين 607
فصل: في ذكر قوله تعالى: {وَلََا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} 608
لابن الرومي ولبعضهم 608
فصل: في فنون مختلفة 609
لأبي الخطاب 609
لابن الرومي وكشاجم وآخر 609(1/39)
للسري الموصلي والقاضي الجرجاني 610، 611
للقاسم بن بابك 611
للبستي 612
لبعض أهل العصر 613
فصل: في ذكر التجنيس 614
آيات قرآنية 614
فصل: في الطباق 615
آيات قرآنية 615
لابن بسام ولجحظة 615
لابن الحجاج ولأبي طالب الماموني 615
لابن بسام وابن وهيب 616، 617
للحجاج 618
لآخر في وصف جبة 619
لأبي العباس المصيصي 619
لأبي العلاء الأصفهاني 620
الباب الحادي والعشرون في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز 635621
فصل: في ذكر الإيجاز 623
أمثلة من القرآن 632، 633
فصل: في ذكر التشبيه 634
أمثلة من القرآن 634
فصل: في الاستعارة 626
أمثلة من القرآن 627
فصل: في المجاز 628
كلام الجاحظ
للعرجي 628
لخالد القسري وآخر 629(1/40)
لليزيدي والكسائي عند العباس بن الحسين بن الحسين 630
للصولي 630
وللسلامي لشاعر وللراعي النميري 631
للجاحظ وللفراء 632
فصل: فيما يجري مجرى هذا الباب 632
الالتفات 632
لشاعر ولجرير والفرزدق 633
الباب الثاني والعشرون في ظرائف التلاوات 649635
فصل: في نقد التفاسير 637
الجاحظ عن النظام 637
أمثلة غريبة في التفسير 638
فصل: في سياقة التلاوات 639
أقوال للإمام علي وابن عباس ومجاهد والضحاك وابن عيينة 639
أقوال للسدي وأبي هريرة 640
أقوال للشعبي ومكحول والحسن ومجاهد والضحاك 640
أقوال لعمر والشعبي والحسن وابن عباس 641
أقوال للحسن وابن عباس والشعبي 642، 643، 644
الباب الثالث والعشرون في فنون مختلفة الترتيب 687649
فصل: في الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر 651
أمثلة من القرآن 651
لزيد بن محمد العلوي 652
لآخر وللبستي 653
حديث 653
خبر من كتاب التنوخي (الفرج) 653(1/41)
كتاب معاوية إلى مروان 654
فصل: في التفاؤل من القرآن 654
خبر عن المعتضد بالله 655
خبر عن المأمون 655
خبر عن الأمين مع إبراهيم بن المهدي 656
خبر عن عمرو بن الليث 657
فصل: في ذكر القرعة 658
آيات من القرآن 658
فصل: في حب الوطن 659
فصل: في اليمين 660
المفسرون 660
أبو حنيفة، وشاعر 661
فصل: في ذكر السلطان 662
قول للحجاج 662
من يتيمة ابن المقفع 662
قول لشاعر 664
فصل: في الهدية 665
للفضل بن سهل 665
فصل: في الرياح 665
قول عبد الله بن عمر 665
فصل: في ذكر الذهب وفضله 666
قول أبي زيد البلخي 666
فصل: في ذكر النار 668
قول الجاحظ في عظم شأن النار وقدرها 668
فصل: في ذكر الفيل 674
قول الجاحظ فيه 674(1/42)
فصل: في ذكر الإبل 675
في فضلها آيات من القرآن 675، 676
فصل: في ذكر الخيل 677
فصل: في ذكر سور وآي القرآن 678
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة 709687
فصل: في فضل الدعاء وما يتصل به 689
آيات قرآنية 689
من كتاب الفرج بعد الشدة 691
فصل: في أدعية المكروبين 693
دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الحرب 693
دعاؤه يوم حنين 693
دعاؤه عند القحط 693
دعاؤه للاستسقاء 694
دعاء علي يوم الجمل 694
شكوى رجل من ضيق الحال 694
دعاء الحسن يخلصه من بطش الحجاج 697
فصل: في سائر الدعوات 698
دعاء الحاجة لعلي 698
دعاء الدين للنبي صلّى الله عليه وسلّم 698
دعاء الخوف والصدقة 699
الدعاء عند مواقعة العدو 699
الدعاء عند أخذ المصحف 670
الدعاء عند النظر إلى السماء 670
الدعاء عند الظلم 700
الدعاء عند الذنب 700(1/43)
الدعاء عند التهمة 701
الدعاء عند افتتاح الأمر 701
الدعاء عند الاصطلاء وعند الدخول إلى الحمام 701
الدعاء عند دخول بلدة أو منزل 701
الدعاء عند الركوب والنزول 701
الدعاء عند إتيان الأهل 701
الدعاء عند طلب ولد ذكر 701
الدعاء عند لبس ثوب جديد 702
الدعاء عند السهو والنسيان 703
الدعاء عند الشدة 703
الدعاء عند الوسوسة 703
الدعاء عند ذكر الوالدين 703
الدعاء عند النظر إلى المرآة 704
الدعاء في طرفي النهار 704
الدعاء عند رؤية المبتلى 704
الدعاء عند انكشاف البلاء 704
الدعاء عند النظر إلى الولد 705
الدعاء لأهل البلد 705
الدعاء عند رؤية الهلال 705
الدعاء عند البرق والرعد 705
الدعاء عند خوف العين 705
الدعاء عند ركوب السفينة 706
الدعاء عند الرغبة في العلم والأدب 706
فصل: في أدعية البلغاء 706
للخوارزمي 707(1/44)
الباب الخامس والعشرون في الرقى والأحراز 709
فصل: في الرقى من الأوجاع والأمراض 711
رقية الحمى 712
رقية لوجع البطن والإسهال 712
رقية لعسر الولادة ولحمى الربع 712
رقية للصداع والشقيقة ووجع الضرس والقوباء 714
رقية للمصروع والمجنون 715
فصل: في سائر الرقى 716
فصل: في الأحراز 718
فهارس الكتاب 725
فهرس الأشعار 749
فهرس الأعلام والقبائل 756
فهرس الأماكن 764(1/45)
112
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الثعالبي
لا نظن القارئ بحاجة إلى تعريف بالثعالبي فهو من الشهرة بمكان يغني محقق كتبه عن كتابة تفصيل عن حياته في مقدمة ما ينشر.
ويكفي أن نذكر فقط أنه أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل، المولود في نيسابور سنة 350هـ، والمتوفى سنة 429هـ (1). وأن لقبه الثعالبي إما نسبة إلى مهنة خياطة جلود الثعالب، أو الشغل بفرائها. وهي مهنة امتهنها بعض أهله فتلقب بها
212 - ولا نعني بالتعريف به سلسلة النسب أو سيرة حياته الشخصية، فهاتان المعرفتان مما تفتقد إليهما سيرة الثعالبي نفسها، إذ لا تجد في تراجم من كتب عنه توضيحا لجوانب حياته الأولى، وكل ما تجده إشارات عابرة لا تختلف عما يذكر عن الأدباء والشعراء عامة. وهي لا تختلف هما يذكر عن متوسطي الثقافة والمال الانخراط مع الصبيان في الكتاب (2)، أو الاشتغال بمهمة تعليم الصبيان نفسها. إلا أن كتبه أفادتنا كثيرا من خلال ملاحظاته العابرة التي أنارت بعض الجوانب المتعلقة بنضجه الفكري والأدبي. فقد ذكر مؤدبا له علّمه الشعر واللغة (3)، وأشار إلى علاقاته بأصدقائه من الأدباء أو رجال الدولة من الأمراء والوزراء.
__________
(1) زهر الآداب 312/ 502، معاهد التنصيص 3/ 266، دمية القصر 2/ 226وفيات الأعيان 3/ 180، شذرات الذهب 3/ 146، العبر في خبر من غبر / 146.
(2) دراسة توثيقية 241.
(3) اللطف واللطائف: 29، القاهرة 1324هـ 1906م وهنا اختلف الباحثون في تحديد الخبر الوارد لأن الأبيات التي أوردها الثعالبي قالها في مؤدب علّمه الشعر واللغة. فهل هو مؤدب خاص انتدبه أهله له لتعليم ابنهم أم (ملاحظات ص 203) إنه أحد معلمي الكتاتيب علق شخصه في ذهن الثعالبي، فذكره في أبيات معظّما مكانته. وقد ذهب الأستاذ هلال ناجي إلى استنتاج مفاده أن الثعالبي لم يكن من عائلة فقيرة، أو متوسطة الحال، إنما من عائلة انتدبت مؤدبا لتأديب ابنها عبد الملك، بينما رأى آخرون أنه كان من أسرة فقيرة الحال دفعت به إلى الكتاتيب في نيسابور، ليتلقى العلم مستفيدين من النص منه.
دراسة توثيقية ص 241.(1/47)
122 - لقد كان للشخصيات السياسية والثقافية التي اتصل بها الثعالبي أثرها الكبير في حياته وأدبه. وهو أثر تجاوز ما يمكن أن يشاع حول أدبائنا ومفكرينا القدماء، من كونهم يتصلون بالملوك والأمراء طلبا للعطاء والهدايا. تجاوز الثعالبي هذه الصلة من خلال علاقاته الوطيدة التي ربطته بهذه الشخصيات والتي يبدو إعجابه بها من خلال ما نقله عنهم، وأنهم كانوا يبادلونه الحب والإعجاب، فمعظمهم إن لم يكونوا أدباء وشعراء حقا فهم مثقفون يتصيدون الأخبار النادرة ويتبادلون الأشعار، ويجمعون الأدباء والشعراء ليس تحقيقا للمنافسة السياسية فحسب، بل لأن معظمهم من المولعين بالأدب حقا لذا نجد إطراء الثعالبي لهم إطراء ينسجم مع ما نهل من مجالسهم من زاد المسامرات، وحصيلة المجالس الأدبية الشيقة التي جمعت أدباء العصر كأبي الفتح البستي، وأبي بكر الخوارزمي، وبديع الزمان الهمداني، وغيرهم كثير (1).
132 - فأبو الفتح البستي الوزير الأديب الشاعر: علي بن محمد بن الحسين المتوفى سنة 400هـ (2)، ترجم له الثعالبي ترجمة طويلة، وذكر كثيرا من أشعاره، وغرر أقواله (3)، وأهدى إليه كتابا أحسن ما سمعت (4). وكانا يتبادلان الأشعار كقول البستي في الثعالبي:
قلبي مقيم بنيسابور عند أخ ... ما مثله حين تستقرى البلاد أخ
له صحائف أخلاق مهذبة ... منها الحجى والعلى والظرف تنتسخ (5)
ونقل الثعالبي كثيرا من أخبار تلازمهما ومصاحبتهما إذ كانا يتبادلان الأحاديث والمسامرات، فقد ذكر في كتابه تحفة الوزراء خبرا ورد فيه: (وقال لي يوما أبو الفتح البستي بنيسابور، وقد أخذنا بأطراف الأحدايث بيننا: ما أحوج الأمير سيف الدولة يعني السلطان يمين الدولة وأمين الملة أعزّ الله تعالى أنصاره أنه كان إذ ذاك صاحب الجيش للأمير نوح
__________
(1) راجع مصادر الثعالبي في كتابه (يتيمة الدهر) في مجلة المجمع العلمي العراقي العدد 14المجلد 32بغداد سنة 1981م.
(2) وفيات الأعيان 3/ 376، 378.
(3) خاص الخاص 241، 242.
(4) يتيمة الدهر 2/ 242، وانظر ديوان البستي 241، 275، 311.
(5) يتيمة الدهر 2/ 242.(1/48)
ابن منصور الساماني رضي الله عنه، ويلقب بسيف الدولة، إلى وزير كما أنشدتني لنفسك):
232 - كتب الأمير كتائب في المعركه ... والرأي منه طبيب رأي المملكه
وإذا رأى بالظن خطبا مشكلا ... أضحت ستور الغيب عنه مهتكه
ومنجّم كما أنشدتني لنفسك:
صديق لنا عالم بالنجوم ... يحدّثنا بلسان الملك
ويكتم أسرار سلطانه ... ولكن ينمّ بسر الفلك (1)
وأما أبو بكر الخوارزمي فقد ذكر بعضهم تلمذته عليه (2). واكتفى آخرون بالحكم على أنه درس الأدب معه، وأنه كان مصدرا رئيسا من مصادر معلوماته (3).
142 - واتصل الثعالبي بنيسابور بالأمير أبي نصر أحمد بن علي الميكالي وفتحت هذه الصلة له أباوب المجد على مصاريعها، لأنها يسرت له الاطلاع على المكتبة الضخمة للأمير أبي الفضل عبيد الله الميكالي أحد أبناء الأمير المذكور، ووجد فيها أجواء طيبة ورعاية عالية استطاع أن يبدع في ظلالها (4)، وان يكتب للعربية كتبا خلدته وخلدت ما سطر من أخبار وأشعار وطرائف. وكثيرا ما ذكر الثعالبي صديقه الأمير أبا الفضل الميكالي هذا بكل ما يوحى بالحب والمودة والإعجاب بأدبه وعلمه، وقد أكثر من الاقتباس والتمثيل برسائله مبديا إعجابه به، وتقديره لأدبه. وضمن كتابه اليتيمة اقتباسات من أشعاره ونثره (5). وذكره أيضا في ثمار القلوب وتمثل بأشعاره (6). وأهدى له أكثر من خمسة من آثاره الأدبية:
__________
(1) تحفة الوزراء 47/ 48.
(2) يتيمة الدهر 2/ 242.
(3) راجع ملاحظات عن سيرة الثعالبي للدكتور قاسم السامرائي ترجمة ابتسام مرهون، مجلة المناهل المغربية العدد (18) 1980 مصادر الثعالبي مجلة المجمع العلمي العراقي عدد 14مجلد 32/ 1981.
(4) اليتيمة 3/ 240.
(5) الجزء الرابع من اليتيمة ترجمة الميكالي.
(6) ثمار القلوب: 3، سحر البلاغة، ط. أحمد عياد دمشق، تتمة اليتيمة 1/ 89.(1/49)
فضل من اسمه الفضل (1).
242 - برد الأكباد في الأعداد كتبه لأبي الفضل بعد أن نكب هو وأخوه أبو إبراهيم، وطردا من منصبيهما، ثم استردا ملكيتيهما سنة 421هـ بشفاعة أحد القضاة (2).
فقه اللغة وسر العربية (3).
ثمار القلوب في المضاف والمنسوب (4).
خصائص البلدان (5).
سحر البلاغة (6).
152 - وقد صرح الثعالبي بما لا يقبل الشك أنه كانت بينه وبين الميكالي صداقة وطيدة أساسها المودة والإخاء، لا المنصب السياسي أو الجاه الاجتماعي، لذلك اقتبس الثعالبي كثيرا من أقوال الميكالي وتعليقاته في معظم كتبه بما في ذلك الكتب التي أهداها لغيره مثل خاص الخاص، والإيجاز والإعجاز.
ونجد في مراسلات الميكالي للثعالبي من ناحية أخرى صدى لهذه الصداقة، فالحصري ينقل في إحدى رسائل الميكالي التي يذكر فيها تشوقه ولهفته للقائه ومحداثته:
(كتابي وأنا أشكو إليك شوقا لو عالجه الأعرابي لما صبا إلى رمل عالج، أو كابده الخليّ لانثنى على كبد ذات حرق ولواعج، ولذم زمانا يفرق فلا يحسن جمعا) (7).
252 - وقال الميكالي أشعارا في الثعالبي، وهي مما ينقلها الأخير في الترجمة التي خصّها للميكالي في كتاب اليتيمة، فقد أورد الثعالبي أبياتا للميكالي قال عنها بأنها مما قالها في مؤلف
__________
(1) اليتيمة 4/ 433.
(2) ملاحظات عن سيرة الثعالبي 215.
(3) فقه اللغة: مقدمة الكتاب: 29.
(4) بروكلمان 1/ 338، الملحق 1/ 500.
(5) دراسة توثيقية 268.
(6) يتيمة الدهر 2/ 234.
(7) زهر الآداب 1/ 501.(1/50)
الكتاب:
أخ لي أما الودّ منه فرائد ... وألفاظه بين الحديث فرائد
إذا غاب يوما لم ينب عنه شاهد ... وإن شهد ارتاحت إليه المشاهد (1)
وحين ذهب الثعالبي إلى جرجان اتصل بالأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير، وكان من جملة ما ألف وأهدى لهذا الأمير كتابان: المبهج (2) والتمثيل والمحاضرة (3).
وحين عاد إلى نيسابور اتصل بالأمير أبي المظفر نصر بن ناصر الدين سبكتكين (4)
صاحب الجيش وأهدى إليه:
الاقتباس من القرآن الكريم.
المتشابه أجناس التجنيس (5).
غرر السير (6).
162 - ومن الذين اتصل بهم الثعالبي، وكان له الأثر الكبير في حياته الأمير خوارزمشاه أبو العباس مأمون بن مأمون الذي اتصل به الثعالبي وتوطدت صلته به، وذكره في أكثر من كتاب. قال الثعالبي في مقدمة كتابه نثر النظم، واصفا أيامه وأفعاله وأقواله: (أيام مولانا الملك المؤيد العالم العادل المسدد، ولي النعم أبي العباس خوارزم شاه أدام الله سلطانه، وحرس عزه ومكانه مواقيت الشرف والفضل، وأوقاته تواريخ الكرم والمجد، وساعاته مواسم الأدب والعلم، وأنفاسه نعم وأقواله نغم، وأفعاله سير، وآثاره غرر، وألفاظه درر،
__________
(1) يتيمة الدهر 4/ 375.
(2) الإيجاز والإعجاز: 122وراجع مقدمة المبهج.
(3) مقدمة التمثيل والمحاضرة.
(4) هو أبو المظفر نصر بن ناصر الدين صاحب الجيش وهو أخو ابن القاسم محمود بن سبكتكين الغزنوي ت 389هـ وقد ذكره الثعالبي في لطائف المعارف 205، وانظر معجم الأسرات الحاكمة ص 8.
(5) أجناس التجنيس: المقدمة تحقيق إبراهيم السامرائي العدد العاشر من مجلة كلية الآداب 1967.
(6) بروكلمان الملحق 1/ 581وقد أنكر بروكلمان وكايتاني نسبته إلى الثعالبي. ولكن روزنثال وزوتنبرج وبوسورث أيدوا نسبته إليه. انظر بوسورث ترجمة لطائف المعارف عن ملاحظات عن سيرة الثعالبي.(1/51)
ومعاليه تباهي النجوم ارتفاعا، ومكارمه تضاهي الجو اتساعا، ومحاسنه تباري الشمس ظهورا، وفضائله تجاري القطر وفورا، فالله يديم جمال الزمان ببقائه، وكمال العز والرفعة ببهائه (1).
262 - وذكره في مقدمة كتاب الكناية، والتعريض باسمه الكامل: (عونك اللهم على شكر نعمتك في ملك كملك، وبحر في قصر، وبدر في دست، وغيث يصدر عن ليث، وعالم في ثوب عالم، وسلطان بين حسن وإحسان:
لولا عجائب صنع الله ما نبتت ... تلك الفضائل في لحم ولا عصب
هذه صفة تغني عن التسمية، ولا تحوج إلى التكنية، إذ هي مختصة بمولانا الأمير السيد المؤيد، ولي النعم أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه مولى أمير المؤمنين أدام الله سلطانه) (2).
172 - وقد ذكر البيهقي ترجمة خوارزم شاه مأمون مع بعض أخباره مع الثعالبي فقد نقل في تاريخه عن كتاب مسامرة خوارزم لأبي الريحان البيروني ترجمة خوارزم شاه ووصفه بأنه كان آخر أمراء أسرته إذ انتهت بوفاته دولة المأمونيين، وأنه كان رجلا فاضلا شهما نشيطا أديبا يرعى الأدباء والعلماء، ثم ينقل خبر (البيروني) عمّن حدثه عن الثعالبي يحكي فيه حديثا جرى بينه وبين خوارزم شاه فيصف الثعالبي بقوله:
(وكان قد رحل إلى خوارزم شاه فترة، وألف باسمه كتبا كثيرة سمعته يقول كنا ذات يوم في مجلس الشراب نتحدث في الأدب فجرى الحديث) (3).
وقد أورد الثعالبي نفسه خبرا ذكر فيه أن خوارزم شاه اقترح عليه أن يقول شعرا في خوارزم فقال:
__________
(1) رسائل الثعالبي.
(2) الكناية والتعريض: 1. وانظر تحفة الوزراء: 30.
(3) تاريخ البيهقي: 734.(1/52)
لله برد خوارزم إذا كلبت ... أنيابه وكست أبداننا الرعد (1)
272 - وقد أهدى الثعالبي لخوارزم شاه مأمون بن مأمون مؤلفاته التالية:
النهية في الطرد والغنية (2).
اللطائف والظرائف (3).
نثر النظم وحل العقد (4).
الملوكي (5).
182 - وهيأ له هذا الأمير فرصة التعرف بالوزير أبي عبد الله الحمدوني وزير خوارزم شاه، وأهدى إليه كتاب تحفة الوزراء حين قال:
(وبعد فإني حين خدمت مولانا ملك الزمان وفريد العصر والأوان خوارزم شاه ثبت الله ملكه، وجعل الدنيا كلها ملكه بالكتاب المسمى بالملوكي خطر لي أن أخدم وزيره الأعظم ومشيره الأفخم أبا عبد الله الحمدوني بهذا الكتاب في سياسة الوزراء، وإن كان مقامه الشريف مستغنيا عن ذلك لسلوكه تلك المسالك، وإنما قصدت به استجداء مواهبه الجسام، ومكارمه العظام ووسمته بتحفة الوزراء) (6).
282 - هؤلاء هم أشهر الشخصيات التي أهدى إليها الثعالبي بعض مؤلفاته. وهناك شخصيات كثيرة غيرها أهدى إليها كتبه الأخرى، وكلها تدلنا على شخصية الثعالبي وأدبه، وإذا كانت هذه الشخصيات سياسية ولها أدوار إدارية في الدولة فهذا أمر لا يهمنا بقدر ما تهمنا الصورة الطيبة التي رسمها الثعالبي لعلاقته بهم، وهي صورة الصداقة الوطيدة
__________
(1) خاص الخاص: 241، 242اليتيمة: 4/ 303، 346.
(2) ملاحظات ص 221.
(3) مقدمة اللطائف 6/ 18طبعة عزة أفندي.
(4) نثر النظم: ص 2.
(5) ذكر إهداءه له في تحفة الوزراء: 38، وانظر: ملاحظات عن سيرة الثعالبي: 226.
(6) ذكر إهداءه له في تحفة الوزراء: 38، وانظر: ملاحظات عن سيرة الثعالبي: 226.(1/53)
والاحترام المتبادل التي لم يكن فيها الثعالبي أقل منزلة وكرامة من أولئك الذين خاضوا غمار السياسة والوزارة. وإذا كانت بعض هذه الأجواء لا تميل إلى العربية لغة تأليف وتخاطب وأدب، فقد فرض الثعالبي شخصيته العربية حين ألّف كل ما ألّف بالعربية، ولم يستهوه استعمال غيرها في كل ما كتب، فكان له دوره العظيم في خدمة العربية وتسجيل مآثر معاصريه ممن كانت له إسهامات في الشعر والنثر (1).
192 - ونستطيع أن نعد الثعالبي محظوظا في حياته وبعد وفاته، ولا نريد بالحظ إلّا توافر سبل الشهرة والخير له فقد عرف معاصروه من الأدباء والمفكرين ورجال السياسة قدره، وتلقوه بالإكرام، حتى إذا توفاه الله بقيت كتبه متداولة بين الناس ولم يصبها ما أصاب كتب غيره من الأدباء والمؤلفين ممن لم يقلّوا عنه شهرة وأدبا. لقد ضاعت كثير من مؤلفات مفكرينا القدماء، واندثرت إلّا بقايا أسماء ذكرت في تراجمهم ونظرة سريعة إلى فهرست ابن النديم، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي أو كشف الظنون أخيرا تدلنا على ضخامة ما ضاع وتبعثر من تراثنا العربي القديم. أما الثعالبي فقد شاء الله له أن تلقى كتبه رواجا أيام حياته، وأن يبقى معظمها متداولا سالما من عوارض الأيام والاندثار عبر القرون الطويلة حتى إذا ازدهرت حركة النشر والتحقيق في عصرنا هذا كان نصيب الثعالبي وافرا من الدراسات الأكاديمية الجادة أولا، وفي جهود المحققين والناشرين ثانيا.
292 - لقد كتبت عن الثعالبي أكثر من رسالة جامعية في البلاد العربية وأبحاث جادة كثيرة كتبها عرب ومستشرقون، بعضها تناولت حياته بالدرس والبحث، وأخرى تناولت كتبه ومؤلفاته دراسة وتحقيقا. فكان منها ما كتبه بروكلمان (2) في دائرة المعارف الإسلامية، وما كتبه بوسورث في مقدمة اللطائف (3) أو في بحوثه الأخرى عن الغزنويين أو الساميين ثم دراسة الأستاذ عبد الفتاح الحلو كما أشار إليها في مقدمة التمثيل والمحاضرة (4)، ودراسة الأخ
__________
(1) انظر ملاحظات عن سيرة الثعالبي: 204.
(2) تاريخ الأدب العربي 1/ 338، الملحق 1/ 500.
(3) ترجمة بوسورت للطائف المعارف في ادنبرة 1963م عن ملاحظات عن سيرة الثعالبي.
(4) راجع مقدمة التمثيل والمحاضرة.(1/54)
الدكتور محمود الجادر (الثعالبي ناقدا وأديبا) (1). وأخيرا دراسة الأستاذ محمد اشهبار عن يتيمة الدهر في المملكة المغربية (2)، وغير هذه الرسائل كتبت عنه دراسات جادة في مقدمات كتبه المحققة مثل مقدمة إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي في كتاب لطائف المعارف، 1102 ومقدمة ثمار القلوب، ومقدمتي كتاب الاقتباس من القرآن الكريم، وتحفة الوزراء (3)، ثم مقدمة الأستاذ هلال ناجي لكتاب الأنيس في غرر التجنيس. وأخيرا هناك دراستان جادتان تناولتا مؤلفات الثعالبي، الأولى دراسة د. قاسم السامرائي التي نشرها في مجلة في عدد سنة 1975وقد ترجمتها د. ابتسام مرهون الصفار عام 1980 ونشرت في مجلة المناهل المغربية، العدد 18، السنة السابعة باسم (ملاحظات عن سيرة الثعالبي) والدراسة الأخيرة هي ما كتبه د. محمود الجادر باسم (دراسة توثيقية في مؤلفات الثعالبي) التي نشرها في مجلة معهد البحوث والدراسات العربية العدد الثاني عشر 1983.
وقد ذكر في هذه الدراسة أعداد كتب الثعالبي التي عني محققو كتبه بإحصائها قائلا: 2102 (ويبدو أن أوسع القوائم الحديثة كانت تلك التي عنى بها بعض محققي كتب الثعالبي بإدراجها في مقدماتهم فقد جمع الأستاذ أحمد عبيد ستة وثلاثين كتابا في مقدمته لكتاب سحر البلاغة، وجمع الأستاذان إبراهيم الإبياري، وحسن كامل الصيرفي أسماء ثلاثة وتسعين كتابا في مقدمتهما لكتاب لطائف المعارف. وقدم الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو أسماء أربعة وثمانين كتابا في مقدمته لكتاب التمثيل والمحاضرة وجمعت الدكتورة ابتسام مرهون الصفار أسماء خمسة وتسعين كتابا في مقدمتها لكتاب الاقتباس من القرآن الكريم. أما في مقدماتها لكتاب تحفة الوزراء فقد أوصلت العدد إلى واحد ومائة) (4). 1112 وأوصل الأستاذ هلال ناجي عدد مؤلفات الثعالبي إلى تسعة ومائة في مقدمة (الأنيس في غرر التجنيس) (5)، أما الدكتور الجادر نفسه فقد ذكر في دراسته عن (الثعالبي ناقدا وأدبيا) ستة ومائة كتاب ثبت له منها
__________
(1) الثعالبي ناقدا وأديبا. بغداد 1976ص 66فما بعدها.
(2) دراسة تحليلية لكتاب يتيمة الدهر سنة 1979. (رسالة ماجستير بإشرافي في جامعة محمد بن عبد الله، كلية الآداب).
(3) الاقتباس من القرآن الكريم: ص 10فما بعدها، تحفة الوزراء ص 2فما بعدها.
(4) دراسة توثيقية ص 246.
(5) الأنيس في غرر التجنيس: المقدمة ص 385، 394مجلة المجمع العلمي العراقي ج 1في المجلد الثالث والثلاثين ص 2.(1/55)
خمسة وتسعون (1). أما في دراسته التوثيقية فقد أثبت في القائمة مائة وستين كتابا ثبت له منها مائة وثمانية، وما سواها منسوب لغيره، أو هي من كتبه التي سميت بأكثر من اسم واحد لذلك لا نجد هنا مسوغا لإعادة ما كتب، اللهم إلا سرد قائمة بأسماء مؤلفاته المطبوعة ثم المخطوطة فالمفقودة معتمدين على أحدث قوائم المؤلفات المذكورة أعلاه (2).
2112
مؤلفاته المطبوعة:
* أجناس التجنيس المتشابه التجنيس
طبع باسم المتشابه بتحقيق إبراهيم السامرائي في مجلة كلية لآداب جامعة بغداد، العدد العاشر 1967.
* أحسن ما سمعت أحسن ما سمع اللآلئ والدرر
طبع في مصر طبعة محمد صادق عنبر 1324هـ، مطبعة الجمهور، وطبع بترجمة ريشر في ليبزج سنة 1916.
* الإعجاز والإيجاز الإيجاز والإعجاز الإعجاز في الإيجاز غرر البلاغة وطرف البراعة أحاسن كلام النبي والصحابة (مختصر الإيجاز والإعجاز) وطبع باسم الإعجاز في الإيجاز ضمن مجموعة خمس رسائل سنة 1301هـ بالقسطنطينية. وطبعه اسكندر آصاف في مصر 1897هـ، وطبع بيروت في دار صعب ودار البيان بالأوفسيت.
1122 * الاقتباس من القرآن الكريم
القسم الأول بتحقيق د. ابتسام مرهون الصفار. بغداد 1972.
__________
(1) الثعالبي ناقدا وأدبيا: 43.
(2) ملاحظات عن سيرة الثعالبي: وقائمة د. محمود الجادر التي نشرها في مقال دراسة توثيقية لمؤلفات الثعالبي، مجلة معهد البحوث والدراسات العربي العدد الثاني عشر 1403/ 1983. وأخيرا قائمة الأستاذ هلال ناجي في مقدمة التوفيق للتفليق الذي حققه بالاشتراك مع د. زهير زاهد وطبع في المجمع العلمي العراقي 1985.(1/56)
* الأنيس في غرر التجنيس
تحقيق الأستاذ هلال ناجي في مجلة المجمع العلمي العراقي. بغداد 1982المجلد الثالث والثلاثون.
* برد الأكباد في الأعداد الأعداد
القسطنطينية (مجموعة رسائل) سنة 1301هـ وطبع في النجف بالأوفيست، وبتحقيق إحسان ذنون الثامري. دار ابن حزم، 2006.
* تتمة اليتيمة
طبع بطهران مطبعة فردين 1353هـ بتحقيق عباس إقبال.
2122 * تحسين القبيح وتقبيح الحسن
تحقيق شاكر العاشور 1981ضمن مطبوعات وزارة الأوقاف ونشره من قبل متسلسلا في مجلة الكتاب العراقية 19751974
* تحفة الوزراء سر الوزارة السياسة
مطبوع بتحقيق ابتسام مرهون، وحبيب الراوي بغداد، وزارة الأوقاف 1977.
* ترجمة الكاتب في آداب الصاحب، تحقيق علي ذيب زايد، عمان، 2001.
* التمثيل والمحاضرة الأمثال (نسخة مكتبة الأحمدية هي التمثيل والمحاضرة).
طبعت منتخبات منه ضمن أربع رسائل للثعالبي في القسطنطينية سنة 1332هـ.
وطبع سنة 1961بتحقيق عبد الفتاح الحلو.
* التوفيق للتفليق
تحقيق الأستاذ هلال ناجي ود. زهير زاهد مطبعة المجمع العلمي العراقي سنة 1985م
3122 * ثمار القلوب في المضاف والمنسوب المضاف والمنسوب
طبع الفصل الرابع مع مقدمة الكتاب في مجلة المشرق ببيروت العدد 12سنة 1900 (الجادر).
وطبع كاملا سنة 1326هـ بمصر ثم طبع بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم في القاهرة 1965.
* خاص الخاص
تونس سنة 1293هـ. وطبع بالقاهرة بنشرة الشيخ محمد السمكري سنة 1326
وطبع ببيروت سنة 1966دار مكتبة الحياة.(1/57)
تونس سنة 1293هـ. وطبع بالقاهرة بنشرة الشيخ محمد السمكري سنة 1326
وطبع ببيروت سنة 1966دار مكتبة الحياة.
* سحر البلاغة لباب الآداب (منتخبات منه) لباب الأدب ملح البراعة
طبعت منتخبات منه في القسطنطينية (أربع رسائل). وطبع كاملا بتحقيق أحمد عبيد في دمشق (خلو من سنة الطبع).
* الظرائف واللطائف اللطائف والظرائف الطرائف واللطائف يواقيت المواقيت (مع المحاسن والظرائف في كتاب واحد).
مصر 1275هـ وبمصر أيضا سنة 1300و 1310وباسم يواقيت المواقيت مصر 1296هـ وطبع في القاهرة أيضا سنة 1307هـ وطبع على الحجر ببغداد 1282هـ باسم اللطائف والظرائف وطبع بطهران 1286هـ.
1132 * غرر أخبار ملوك الفرس
باريس 1900بتحقيق زوتنبرك.
طهران 1963وذهب ناشره إلى انه لأبي المنصور الميرغني الثعالبي.
* فقه اللغة وسر العربية سر العربية فقه اللغة باريس 1861م.
مصر طبعة حجرية 1284هـ، وبدون تحقيق في مصر سنة 1338هـ.
بيروت بتحقيق لويس شيخو اليسوعي 1885م. القاهرة. النعساني 1907. وطبع باسم سر الآداب بطهران 1858، وطبع أيضا في القاهرة 1936. وفي القاهرة أيضا بتحقيق إبراهيم الإبياري 1938.
* الكناية والتعريض الكنى الكنايات الكناية النهاية في الكناية
مصر 1326هـ مطبعة السعادة. بغداد بالأوفيست 1971. مكة المكرمة 1301.
منتخبات منه مطبوعة في القسطنطينية (أربع رسائل) دار صعب ودار البيان ببيروت بالأوفيست ضمن كتاب (رسائل الثعالبي).
2132 - اللطف واللطائف لطائف الظرفاء لطائف الصحابة والتابعين
طبع بليدن. وطبع بباريس بلا عنوان (عن الأستاذ هلال ناجي). وباسم اللطف واللطائف بتحقيق د. عمر الأسعد. بيروت سنة 1980م. وطبعه د. قاسم السامرائي
بليدن سنة 1978عن طريق تصوير المخطوط. اللطف واللطائف تحقيق د. محمود الجادر ط 1دار العروبة للنشر الكويت سنة 1984.(1/58)
طبع بليدن. وطبع بباريس بلا عنوان (عن الأستاذ هلال ناجي). وباسم اللطف واللطائف بتحقيق د. عمر الأسعد. بيروت سنة 1980م. وطبعه د. قاسم السامرائي
بليدن سنة 1978عن طريق تصوير المخطوط. اللطف واللطائف تحقيق د. محمود الجادر ط 1دار العروبة للنشر الكويت سنة 1984.
* المبهج
منتخبات منه ضمن (أربع رسائل) القسطنطينية. وطبع بمصر 1904مطبعة النجاح.
* ما جرى بين المتنبي وسيف الدولة
لايبسك 1847
* مرآة المروءات وأعمال الحسنات مرآة المروءة
مصر 1898م بدون تحقيق. وطبع بمصر أيضا سنة 1318هـ / 1900م.
3132 * المنتحل المنتخل
مصر 1321وبتصحيح أحمد أبي علي.
* من غاب عنه المطرب من اعوزه المطرب
القسطنطينية (ضمن مجموع التحفة البهية) مطبعة الجوائب. بيروت بتصحيح اللبابيدي 1309. وبتحقيق د. النبوي عبد الواحد شعلان. مكتبة الخانجي 1984.
* نثر النظم وحل العقد النظم والنثر وحل عقد السحر حل العقد
دمشق 1300/ 1301هـ (وعلى هامشه الفرائد والقلائد) مصر 1317هـ. وطبع بالأوفيست بمطابع دار صعب، دار البيان، وبهامشه الفرائد والقلائد.
* نسيم السحر
طبع في العدد الأول في مجلة الكتاب. بتحقيق محمد حسن آل ياسين، ونشر بتحقيق د. ابتسام مرهون. في مجلة المورد العدد الأول 1971.
* النهية في الطرد والغنية
مكة 1201هـ. القاهرة 1326.(1/59)
1142
مؤلفاته المخطوطة والمفقودة:
* الآداب
مخطوط في المدينة المنورة برقم 1171هـ 7أدب، مخطوط الفاتيكان رقم 1662، مخطوط عاطف أفندي 2231.
* الأحاسن في بدايع البلغاء الأحاسن من كلام البلغاء
مفقود.
* أحاسن المحاسن
مخطوط بباريس رقم 3306.
* الأدب مما للناس فيه أرب
مفقود.
* إفراد المعاني
مفقود.
* ألف غلام الغلمان
مفقود.
* أنس المسافر أنس الشعراء
مفقود.
* أنس الوحيد:
انفرد الأستاذ هلال ناجي بذكره وأن له نسخة خطية ببرلين برقم. .
2083.
2142 * الأنوار البهية في تعريف مقامات سيد البرية
مفقود.
* الأنوار في آيات النبي: (لعله الكتاب السابق نفسه)
ذكر الأستاذ هلال ناجي أن هناك نسخة منه في:. برقم 2083.
* البراعة في الكلم والصناعة البراعة في التكلم بالصناعة(1/60)
مفقود.
* بهجة المشتاق
مفقود.
* تحفة الأرواح وموائد السرور والأفراح:
مفقود.
* تحفة الظرفاء وفاكهة اللطفاء
مخطوط بالمدينة المنورة مكتبة عارف حكمت برقم 154.
* التدلي في التسلي
مخطوط في مكتبة عارف حكت بالمدينة المنورة (31مجاميع).
* التغزل بمائتي غلام الغلمان
ذكر الأستاذ هلال ناجي أن هناك نسخة منه في برلين برقم 8334.
1152 * التفاحة
مفقود.
* تفضيل المقتدرين وتنصل المعتذرين
مفقود.
* تفضيل الشعر
مخطوط ضمن مجموع رقم 940حكيم أوغلو. تركيا.
* الثلج والمطر
مفقود.
* جوامع الكلم
مفقود.(1/61)
* حشو اللوزينج
مفقود.
* خصائص البلدان
مفقود.
* وذكر الأستاذ هلال ناجي أن هناك قطعة منه في برلين يحققها الآن د. محمد المعيبد.
* خصائص الفضائل
مفقود.
* خصائص اللغة
انفرد بذكره د. قاسم السامرائي وأشار إلى نسخة منه في المكتبة الظاهرية برقم 206.
2152 * الخوارزميات
مفقود.
* ديوان شعره
مفقود.
* زاد سفر الملوك
مخطوط في جستربتي برقم 5067 (ذكر الأستاذ هلال ناجي أنه يعكف على تحقيقه).
* سجع المنثور:
مخطوط في معهد إحياء المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم (1055ق 495) نسخة في طوب قبو سراي بتركيا رقم 2337.
* سر البلاغة وملح البراعة
مخطوط بدار الكتب رقم (4ش).
* سر البيان سحر البيان.
مفقود ذكر د. محمد جبار المعيبد أن لديه نسخة يحققها (عن هلال ناجي).
* سر الحقيقة
مخطوط في مكتبة فيض الله رقم 2133.(1/62)
* سر الصناعة
مفقود.
* شعار الندماء
مفقود.
* الشوق المشوق المشرق
مفقود.
* صنعة الشعر والنثر
مفقود.
* طبقات الملوك
مفقود.
* الطرف من شعر البستي
مفقود.
* العشرة المختارة
ذكر هلال ناجي أن هناك نسخة منه في رامبور رقم 3758 (3).
1162 * عمل في الأدب
ذكره د. قاسم السامرائي وفي بروكلمان 1/ 502 (الملحق).
* عنوان المعارف
مفقود.
* عيون الآداب
مفقود.
* عيون المعارف عنوان المعارف
مفقود. ذكره الحلو في مقدمة التمثيل والمحاضرة.
* عين النوادر
مفقود.(1/63)
* غرر البلاغة غرر البلاغة وطرف البراعة
مخطوط في مكتبة بشير أغا أيوب برقم 150برلين 8341، كوبرلي 1290.
* المتحف البريطاني 7758 (ثلث 63) بطرسبورع ثان 669، فيض الله 1676، الفاتح 35432.
2162 * الفصول الفارسية
مفقود.
* الفصول في الفضول الأصول في الفصول
مفقود.
* فضل من اسمه الفضل
مفقود.
* الفوائد والأمثال
مخطوط في مكتبة عارف حكمت بالمدينة برقم (52قديم 31جديد).
* قراضة الذهب
انفرد بذكره الأستاذ هلال ناجي، وأشار إلى نسخة مخطوطة في مكتبة بايزيد برقم (3207). ونود أن نذكر أن لابن رشيق كتابا مطبوعا بهذا الاسم.
* لباب الأحاسن
مفقود.
* لباب الأدب لباب الآداب. (كما ذكره بروكلمان)
مخطوط في المكتبة السليمانية بتركيا برقم 2879.
1172 * لطائف الظرائف ولعله لطائف الصحاب أو لطائف الظراف
(بروكلمان 1/ 340).
مخطوط في معهد شعوب آسيا بالاتحاد السوفييتي.
* اللطيف في الطب الطبيب
مفقود.(1/64)
* اللمع الفضة
مفقود.
* محاسن الأدب
مخطوط لدى الأستاذ هلال ناجي لم يذكر أصلها ولا رقمها.
* مدح الشيء وذمه
مفقود.
* المديح (ولعله الكتاب السابق نفسه)
مفقود.
* مفتاح الفصاحة
مفقود.
* الملح والطرف
مفقود.
* ملح النوادر
مفقود.
2172 * الملوكي أدب الملوك منادمة الملوك سراج الملوك
مخطوط ذكر د. قاسم السامرائي أن له نسخة في مكتبة عزة أفندي برقم 1808، المتحف البريطاني (ثالث 64) 6368.
* من غاب عنه المؤنس
مفقود.
* المهذب من اختيار ديوان أبي الطيب وأحواله وسيرته وما جرى بينه وبين الملوك والشعراء.
مخطوط في مكتبة فيض الله ضمن مجموع برقم 2133/ 6وذكره الأستاذ هلال ناجي.
3172 * مؤنس الوحيد
مخطوط في كمبردج رقم 1287.(1/65)
* نتائج المذاكرة
مخطوط مكتبة عارف حكمت بالمدينة برقم (31مجاميع).
* نزهة الألباب وعمدة الكتاب(1/66)
1192
كتاب الاقتباس
ألف الثعالبي كتاب الاقتباس من القرآن الكريم للأمير الغزنوي نصر بن ناصر الدين أخي السلطان محمود بن سبكتكين، وكان أميرا للجيش في خراسان حتى وفاته سنة 412هـ، وأهدى إليه هذا الكتاب فضلا عن كتابين آخرين هما غرر السير والمتشابه (1) ويبدو أن علاقة صداقة وطيدة قد ربطت بينهما. وهذا شأن الثعالبي فيمن يختارهم لإهداء كتبه ومؤلفاته، فمعظمهم كما أسلفنا من الأدباء أو المولعين بالأدب والشعر، وقد اقتبس الثعالبي فعلا كثيرا من أقوال نصر بن ناصر الدين هذا، وتمثل بها في كثير من كتبه بما فيها كتبه التي أهداها إلى غيره مثل ثمار القلوب، وخاص الخاص، والإيجاز والإعجاز (2).
2192 - وقد ذكر الثعالبي كتاب الاقتباس في كتابه يتيمة الدهر (3) في الباب الثالث في ذكر أبي إسحاق الصابي، ووصف أدبه ومحاسن كلامه مشيرا إلى أنه اختار كلامه المقتبس من القرآن الكريم، وأورده في فصول كتاب الاقتباس قائلا:
(وكان يعاشر المسلمين أحسن عشرة، ويخدم الأكابر أرفع خدمة، ويساعدهم على صيام شهر رمضان، ويحفظ القرآن حفظا يدور على طرف لسانه، وسن قلمه وبرهان ذلك ما أوردته في كتاب الاقتباس من فصوله التي أحسن فيها كل الإحسان وحلاها بآي القرآن).
وذكره أيضا في كتابه الكناية والتعريض في فصل سماه (الكناية عن الغلام) وذكر فيه ما سماه بمكروه الاقتباس (نبهت عليه في كتاب الاقتباس من القرآن) (4).
وهكذا يثبت اسم هذا الكتاب، وإن كان قد سماه بالاقتباس فقط على سبيل الاختصار في إشارة اليتيمة، وباسمه الكامل (الاقتباس من القرآن) في كتاب الكناية والتعريض.
__________
(1) ملاحظات عن سيرة الثعالبي 234.
(2) نفسه.
(3) يتيمة الدهر 2/ 243.
(4) الكناية والتعريض: 19.(1/67)
أما سنة تأليف كتاب الاقتباس، فيمكن تحديدها على التقريب من خلال تتبع الإشارتين السابقتين. فقد كتب الثعالبي كتاب اليتيمة أول مرة سنة 383هـ (1). وكان تولي السلطان محمود الغزنوي السلطة سنة 389هـ (2) وأن أخاه نصرا قد تولى إمارة الجيش في عهده فإن إشارة الثعالبي لا بد أن تكون في النسخة الثانية التي كتب فيها كتاب اليتيمة بشكله النهائي سنة 403هـ (3). وعلى هذا تكون سنة تأليف الاقتباس بعد سنة 389هـ، وذكر د. محمود الجادر أنه صحّ لديه أن سنة تأليف الثعالبي لكتاب الاقتباس هي قبل سنة 396هـ (4).
1202
منهج الكتاب:
وهب الثعالبي قدرة على استيعاب المادة التي يكتب فيها وتبويبها وفق منهج علمي دقيق لا يحيد عنه ولا يتناساه. ويبدو منهجه واضحا في يتيمة الدهر وثمار القلوب. أما كتاب الاقتباس هذا فقد صرح في مقدمته بنظرته الفاحصة ورغبته في تتبع النصوص المتعلقة بالاقتباس من القرآن الكريم ثم تبويبها وترتيبها. وهو ينبهنا على توفر الرغبة الشديدة في نفسه قبل البدء بالكتابة، والرغبة الأكيدة في التصنيف في هذا الموضوع واتباع منهج يبوب فيه المادة ويصنفها 1212. إن هذه الرغبة وعملية البحث قد أخذتا من الثعالبي وقتا طويلا شهورا وأعواما وليس هذا من باب المبالغة والثناء لأن الثعالبي كان صادقا في وصف حالة كثيرا ما تنتاب المؤلفين والكتاب، وهي حصول الرغبة الأكيدة في التأليف التي تحث صاحبها على الكتابة، ثم يعتورها فتور يقصر أو يطول أياما وشهورا إلى أن تجتمع إليه الهمة مرة أخرى، فيكمل المشروع الذي بدأه من فترة طويلة، وقد يكون الحافز على إتمام البحث والكتابة حدثا ما أو شخصية لها مكانتها الاجتماعية والسياسية يهدى إليها الكتاب. المهم أن فكرة التأليف لم تبدأ برغبته في الحصول على الحظوة لدى من أهدي إليه الكتاب، وإنما سبقتها بأعوام، فهي
__________
(1) ملاحظات عن سيرة الثعالبي 234.
(2) الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 389فما بعدها.
(3) ملاحظات عن سيرة الثعالبي 234.
(4) دراسة توثيقية: 253.(1/68)
رغبة خالصة في البحث ذاته، لكن شخصية المهدى إليه كانت حافزا على إتمام البحث، وإشباع الرغبة وتحقيقها في استكمال مادة الكتاب وتبويبها. وهكذا نقل الثعالبي تجربته في تأليف هذا الكتاب منذ أن كان مجرد رغبة، إلى أن تحقق في فترات كتابة متفرقة حتى إتمامه وإهدائه إلى الأمير نصر بن ناصر الدين أخي أبي القاسم محمود بن سبكتكين الغزنوي:
(هذا كتاب طالما كانت تحضرني النية القوية في تصنيفه وترصيفه، وتعدني الأيام معونة على تبويبه وترتيبه، فتخلف، وكنت آخذ في تأليفه يوما، وأدعه أياما، وأقبل عليه شهرا وأعرض عنه عاما إلى أن لاح استفتاح مدخله واستتمام عمله لأوحد الزمان، وحسنة القرآن، ومن فضله الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب، وجمع له محاسن ذوي الألباب وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وأحيا به جميع العلوم والآداب الأمير الأجل صاحب الجيش أبي المظفر) (1).
1222 - إن دراسة كتاب الاقتباس تدلنا على توافر ظاهرتين مهمتين فيه:
الأولى: المنهج الذي التزم به الثعالبي في جميع أبواب الكتاب وفصوله.
الثانية: ذوقه الرفيع في اختيار النصوص الأدبية شعرا ونثرا.
لقد كان الثعالبي أديبا شاعرا ومؤلفا ناقدا واسع الاطلاع ذا ذوق رفيع في اختيار النصوص الشعرية، وآراء سديدة في نقد الأدب بصورة عامة (2). وقد وجد أن القرآن الكريم معجزة الرسول صلّى الله عليه وسلّم العظيمة كان وما يزال المعين الثر الذي يقتبس منه الشعراء والأدباء ألفاظهم وصورهم ومعانيهم متمثلين بآياته الكريمة في مخاطباتهم وأشعارهم، عارفين أن هذا الاقتباس يكسي كلامهم (معرضا ما لحسنه غاية، ومأخذا ما لرونقه نهاية، ويكسبه حلاوة وطلاوة ما فيها إلا معسولة الجملة والتفصيل، ويستفيد جلالة وفخامة ليست فيهما إلا مقبولة الغرة والتحجيل) (3).
__________
(1) الاقتباس 1/ 21.
(2) راجع كتاب (الثعالبي ناقدا واديبا).
(3) الاقتباس 1/ 24.(1/69)
2222 - وقد وجد الثعالبي أن الاقتباس من القرآن الكريم ظاهرة عامة في الأدب العربي، والرسول صلّى الله عليه وسلّم نفسه وهو أفصح العرب لهجة، وأحسنهم فصاحة وبيانا، قد اقتبس من معاني القرآن وألفاظه الكثير في حديثه وخطبه، وكذلك فعل السلف الصالح من الصحابة والتابعين لكن الثعالبي لم يكتف بإيراد هذه الأقوال المأثورة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصحابته، بل تجاوزها إلى الشعراء والأدباء بدءا من عصر صدر الإسلام حتى شعراء زمانه إلا أن نصوصه الشعرية والأدبية جاءت موزعة حسب الأبواب والفصول، وما اختار لها من موضوعات لا حسب الشخصيات والعصور. لذا تجدها موزعة يجمعها رباط واحد هو الموضوع أو المحور الذي عنون به الباب أولا والفصول التي اندرجت تحته ثانيا. فقد يختار من الرسالة الواحدة أكثر من فقرة ويوردها في أكثر من فصل لأن كل فقرة تتحدث عن فكرة معينة يمكن أن تدرج ضمن عنوان خاص في فصل يختاره لها فقد وجدناه مثلا يلجأ إلى رسالة واحدة من رسائل أبي إسحاق الصابي فيقسمها في ذهنه إلى معان يوزعها على أكثر من فصل ففي الباب الثامن عشر الذي ذكر فيه فضل الخط والكتاب والحساب وفصوص من فصول العهود وقسمه إلى (41) فصلا تمثل بكتابات أبي إسحاق الصابي وابن العميد والإسكافي وفي فصل ما قيل في (تقوية أيدي الحكام والعمال) اقتبس فقرة من نسخة العهد الذي كتبه أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله إلى أبي الحسين علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة (1)، 1232 وتبعه فصل في (اختيار العمال وتوصية كل منهم ما يقتضيه عمله) اختار له أيضا من الرسالة ذاتها، ثم تبعه فصل في (تعيير الموازين والمكاييل والمنع من التطفيف) ونصه الوحيد الذي أورده في هذا الفصل هو من عهد أبي إسحاق الصابي كل هذا بتقسيم واع لمنهجه في اختيار النصوص وفق المعاني التي تتفرع من موضوع الباب الكبير الذي يكتب فيه.
لقد قسم الثعالبي كتابه إلى خمسة وعشرين بابا وقسم كل باب إلى فصول تفاوتت في الطول والقصر وتفاوت عددها في كل باب وعدد النصوص التي اندرجت تحتها.
2232 - فالباب الأول في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله، وذكر طرف من فضله ونعمته وسعة رحمته وسائر صفاته وأفعاله جلّ جلاله
__________
(1) راجع الرسالة في المختار من رسائل الصابي: 96، 108.(1/70)
وقد قسمه إلى ستة عشر فصلا.
الباب الثاني في ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده بها، وفضله على جميع خلقه. وقد قسمه إلى اثني عشر فصلا ذكر فيها كرامته على الله عز ذكره وارتفاع مقداره عنده، ثم فصل في الصلاة عليه، وفصل في ذكر أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم، وفصل في نبذ من محاسنه وخصائصه عليه السلام، وفصل آخر مثله وفصلين آخرين في ذكر خصائص الرسول صلّى الله عليه وسلّم الأخرى. وتبعتها فصول قصار عن ذكر الحكمة في كونه عليه السلام بشرا، وآخر في ذكر الحكمة من كونه أميا. ثم يختتم الباب بفصلين عن بعض ما جاء من الكلام المقتبس معناه من القرآن الكريم.
1242 - أما الباب الثالث فقد خصه في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم، ونبذ من فضائلهم. وقد قسمه إلى ستة فصول: الأول في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم، وفصل في فقر من أخبارهم. وقد يوحي عنوان هذا الفصل أن فيه أخبارا تاريخية لا علاقة لها بموضوع الكتاب، ولكن تتبع نصوصه يدلنا على ان الثعالبي ما يزال قيد منهجه الدقيق، فهو يختار فقرا من أخبار العترة الزكية مما يرد فيها أقوال فيها اقتباس من الذكر الحكيم. ثم يليه فصل في بعض ما قيل فيهم من الأشعار ويورد فيه أيضا ما قيل فيهم من أشعار مقتبسة معانيها من القرآن الكريم. ويليه فصلان من كلام لعلي والحسن وولده، وآخر في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم. ويختم الباب بفصل شامل سماه (فصل في أن الله أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا) أورد فيه نصين متأخرين الأول من خطبة للسفاح، والآخر من كتاب لابن أبي البغل كاتب المقتدر ينضويان، تحت معنى هذا الفصل.
2242 - أما الباب الرابع فهو في ذكر الصحابة وما خصهم الله به من الفضل والشرف، وأقاويل بعضهم في بعض، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم. ويقع في عشرين فصلا، بدأه بفصل في ذكرهم عامة، ثم بدأ بإيراد فصول عن الصحابة متبعا المنهج التاريخي في إيراد أسمائهم ففصل في ذكر أبي بكر الصديق، وفصل في حسن آثاره في الإسلام وفصل في ذكر شيء من كلامه أيام الردة، وآخر في مكاتباته. ويختم هذه الفصول المتعلقة بالخليفة أبي بكر رضي الله عنه بفصل في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه. وبعدها تبدأ الفصول
التي خصها للخليفة الثاني. ففصل في ذكره، وقطعة من أخباره ذكر فيه فقرا من مكاتباته ورسائله وخطبه، ثم فصل في قتله وثناء المسلمين عليه، ويلحقه بأربعة فصول تخص الخليفة عثمان ثم ستة فصول أخرى تخص الإمام علي وختمه بفصل عن تسليم الحسن الأمر إلى معاوية ليختم الباب بعده بفصل في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم. كل هذه الأقوال والأخبار التاريخية اختارها الثعالبي لما تضمنته من كلام مقتبس من القرآن الكريم.(1/71)
2242 - أما الباب الرابع فهو في ذكر الصحابة وما خصهم الله به من الفضل والشرف، وأقاويل بعضهم في بعض، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم. ويقع في عشرين فصلا، بدأه بفصل في ذكرهم عامة، ثم بدأ بإيراد فصول عن الصحابة متبعا المنهج التاريخي في إيراد أسمائهم ففصل في ذكر أبي بكر الصديق، وفصل في حسن آثاره في الإسلام وفصل في ذكر شيء من كلامه أيام الردة، وآخر في مكاتباته. ويختم هذه الفصول المتعلقة بالخليفة أبي بكر رضي الله عنه بفصل في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه. وبعدها تبدأ الفصول
التي خصها للخليفة الثاني. ففصل في ذكره، وقطعة من أخباره ذكر فيه فقرا من مكاتباته ورسائله وخطبه، ثم فصل في قتله وثناء المسلمين عليه، ويلحقه بأربعة فصول تخص الخليفة عثمان ثم ستة فصول أخرى تخص الإمام علي وختمه بفصل عن تسليم الحسن الأمر إلى معاوية ليختم الباب بعده بفصل في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم. كل هذه الأقوال والأخبار التاريخية اختارها الثعالبي لما تضمنته من كلام مقتبس من القرآن الكريم.
1252 - ومن الواضح أنه تتبع في هذه الأبواب الأربعة منهجا لعلنا نستطيع وصفه بأنه منهج ديني إذ اختار موضوعاته حسب أهميتها من الناحية الدينية فبدأه بذكر الله تعالى وصفاته ثم بذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم عترته الزكية ثم باب في الصحابة رتبهم كما قلنا حسب دورهم وتسلسلهم التاريخي،
2252 - وأما الباب الخامس فإنه يبدأ في ذكر الأنبياء عليهم السلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم، وما اقتبس الناس من فنون أغراضهم في قصصهم. وقد قسم هذا الباب إلى فصول تتبع فيها ذكر الأنبياء بمسار تاريخي حيث يبتدأ بفصل في الاقتباس من قصة آدم عليه السلام، ثم في ذكر قصة نوح، وفصل في الاقتباس من قصة إبراهيم عليه السلام، وفصل في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهما السلام.
وبعد موضوع الأنبياء يختار الثعالبي الباب السادس في ذكر فضل العلم والعلماء ويقع في عشرة فصول مترابطة مع موضوع الباب الرئيس.
3252 - أما الباب السابع فهو في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة. ويعطي هذا الباب مفتاحا للثعالبي في تفرع الأبواب التي تليه حيث يعدد في الباب الثامن محاسن الأخلاق والخصال إذ يدرجها في تسعة عشر فصلا. ويليه الباب التاسع حيث يتناول فيه عكس هذه الخصال وهو في ذكر معائب الأخلاق وذم الغاغة والسقّاط والجهال. ويقع في ثلاثة عشر فصلا.
1262 - أما الباب العاشر فإنه يركّب فيه بعض الصفات الواردة في البابين السابقين. أعني أنه خصه لذكر أنواع من الأضداد والأعداد وقسمه إلى ثمانية فصول: فصل في ذكر الغنى والفقر وآخر في فضل المال والسعي في كسبه وذكر التجارة واعتماد الصنعة، ثم فصل في
ضد ذلك وفصل في التأني والعجلة وفي الحب والبغض والشباب والشيب، وفصل في ذكر القلة والكثرة. والفصل الأخير في الأعداد.(1/72)
1262 - أما الباب العاشر فإنه يركّب فيه بعض الصفات الواردة في البابين السابقين. أعني أنه خصه لذكر أنواع من الأضداد والأعداد وقسمه إلى ثمانية فصول: فصل في ذكر الغنى والفقر وآخر في فضل المال والسعي في كسبه وذكر التجارة واعتماد الصنعة، ثم فصل في
ضد ذلك وفصل في التأني والعجلة وفي الحب والبغض والشباب والشيب، وفصل في ذكر القلة والكثرة. والفصل الأخير في الأعداد.
2262 - في كل هذه الأبواب السابقة وجدنا العلاقة قوية بين الباب والذي يليه وهي علاقة تسلسل تاريخي أو علاقة منطقية في تسلسل موضوعات الأبواب. أما بعد هذا فإن أبواب الكتاب تأتي موضوعاتها منفصلة الواحدة عن التي تليها. وهذا أمر طبيعي لأن الأبواب العشرة الأولى مترابطة من حيث موضوعاتها ومادتها كترابط ذكر الله تعالى وصفاته بذكر صفات الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومآثره، وصلتهما بالباب الثالث الذي خصه للعترة الزكية حيث تلاه باب في ذكر الصحابة، إلا أن أبواب الكتاب الأخرى لا يمكن أن نجد لها هذا الترابط لطبيعة موضوعاتها وليس بسبب منهج الثعالبي ذاته. فالباب الحادي عشر في ذكر النساء والأولاد والإخوان، والباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب، والباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة، والباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة، والباب الخامس عشر في ملح النوادر. والباب السادس عشر في الخروج عن حد الاقتباس. وذكر فيه فصلين الأول فيه قول أبي تمام مستفرغا قصة يوسف والثاني في ذكر المكروه في وصف الخلق، وكأن الثعالبي يختم بهذا الباب موضوعات الأبواب السابقة التي يمكن وضعها في إطار خاص من المعاني.
3262 - أما الأبواب السابع عشر إلى الخامس والعشرين فقد تناول فيها موضوعات شتى.
فالباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها. والباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب. وطبيعة هذا تحدد مختارات الثعالبي الأدبية إذ نجدها لا تتجاوز النثر إلى الشعر ومعظمها من كتب ورسائل الكتاب وكتاباتهم وعهودهم. والباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ وهو باب قصير لا يتجاوز الأربع صفحات. 1272 أما الباب العشرون فهو في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباساتهم من ألفاظ القرآن الكريم تناول فيه الثعالبي اقتباسات الشعراء لمعنى من معاني القرآن الكريم، وتداولهم لمعنى أصله في القرآن، وفي اقتباساتهم الخفية اللطيفة. ثم يبدأ بعد هذا بتقسيم اقتباساتهم وفق منهج جديد يوزع النصوص حسب المعاني الشعرية، ففصل في الغزل والنسيب وفصل في المدح، وآخر في العتاب ثم في
التشبيهات، وفي التأذي بالمطر الخ. وينتقل بعد هذا إلى إيراد فصول تتعلق بالأسلوب، ففصل في ذكر التجنيس وفصل في الطباق، موردا في كل هذا نصوصا شعرية اقتبس فيها الشعراء معانيهم، أو أساليبهم في الذكر الحكيم.(1/73)
فالباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها. والباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب. وطبيعة هذا تحدد مختارات الثعالبي الأدبية إذ نجدها لا تتجاوز النثر إلى الشعر ومعظمها من كتب ورسائل الكتاب وكتاباتهم وعهودهم. والباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ وهو باب قصير لا يتجاوز الأربع صفحات. 1272 أما الباب العشرون فهو في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباساتهم من ألفاظ القرآن الكريم تناول فيه الثعالبي اقتباسات الشعراء لمعنى من معاني القرآن الكريم، وتداولهم لمعنى أصله في القرآن، وفي اقتباساتهم الخفية اللطيفة. ثم يبدأ بعد هذا بتقسيم اقتباساتهم وفق منهج جديد يوزع النصوص حسب المعاني الشعرية، ففصل في الغزل والنسيب وفصل في المدح، وآخر في العتاب ثم في
التشبيهات، وفي التأذي بالمطر الخ. وينتقل بعد هذا إلى إيراد فصول تتعلق بالأسلوب، ففصل في ذكر التجنيس وفصل في الطباق، موردا في كل هذا نصوصا شعرية اقتبس فيها الشعراء معانيهم، أو أساليبهم في الذكر الحكيم.
2272 - أما الباب الحادي والعشرون فهو يكاد يكون مكملا للقسم الثاني من الباب العشرين أعني بها الفصول التي خصها للتجنيس أو الطباق. فالباب الحادي والعشرون أورد فيه فصولا في ذكر الإيجاز والإعجاز، وفصل في ذكر التشبيه وآخر في الاستعارة وآخر في المجاز والالتفات وما يجري مجراه.
أما الباب الثاني والعشرون فقد خصّه لظرائف التلاوات وبدأه بفصل في نقد التفاسير وإيراد الغريب أو الطريف منها. أما عنوان الباب الثالث والعشرون فهو في فنون شتى مختلفة الترتيب أورد منها فصلا عن الفرج بعد الشدة، وآخر في التفاؤل بالقرآن، وآخر في ذكر القرعة ثم فصل في حب الوطن، وفصل في ذكر السلطان، وفصل في الهدية، وآخر في ذكر النار وفي ذكر الإبل، وفي ذكر الخيل. وحق لأبي منصور الثعالبي أن يدرج هذه الفصول ضمن باب فنون مختلفة.
3272 - وبعدها ويأتي الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة. وقد اتبع فيه المنهج السابق نفسه في تقسيمه الباب إلى فصول متفرعة، ففصل في فضل الدعاء وما يتصل به، وفصل في أدعية المكروبين، ثم فصل في سائر الدعوات حيث يقسم هذه الدعوات إلى حالة الداعين، ففصل في الدعاء عند الحاجة، وفصل في دعاء الدين، ودعاء الخوف، ودعاء الصدقة، والدعاء عند مواقعة العدو.
ثم يختم الكتاب بالباب الخامس والعشرين وهو في الرقى والأحراز، ويقسمه إلى فقرات أيضا حسب المعاني والأغراض، مثلما فعل في باب الأدعية، ففصل في الرقى من الأوجاع، أو الأمراض، كرقى الحمى، ورقية وجع البطن، وفصل في سائر الرقى للمضروب، ثم يختمه بفصل في الأحراز.
لقد أثار البابان الأخيران من كتاب الاقتباس شك الدكتور محمود الجادر، فخيل إليه أن (أصل الكتاب ثلاثة وعشرون بابا وأن البابين الأخيرين مقحمان عليه لبعدهما التام عما
هو مألوف في كتب الثعالبي من منهج ومادة، فضلا عما يعزز القناعة بهذه الحقيقة من أن عنوان الباب الثالث والعشرون هو في فنون شتى مختلفة الترتيب. وهو عنوان يستخدمه الثعالبي عادة في الفصول الختامية من كتبه) (1).(1/74)
لقد أثار البابان الأخيران من كتاب الاقتباس شك الدكتور محمود الجادر، فخيل إليه أن (أصل الكتاب ثلاثة وعشرون بابا وأن البابين الأخيرين مقحمان عليه لبعدهما التام عما
هو مألوف في كتب الثعالبي من منهج ومادة، فضلا عما يعزز القناعة بهذه الحقيقة من أن عنوان الباب الثالث والعشرون هو في فنون شتى مختلفة الترتيب. وهو عنوان يستخدمه الثعالبي عادة في الفصول الختامية من كتبه) (1).
1282 - إن هذا الرأي يعتمد على فرضيتين:
الأولى: إن البابين الأخيرين بعيدان عما هو مألوف في كتب الثعالبي منهجا ومادة، والواقع أن طبيعة كتاب الاقتباس ومادته تختلف بحد ذاتها عن مواد كتب الثعالبي الأخرى فهي تدور جميعها حول القرآن الكريم وما اقتبس من آياته وألفاظه فإذا راجعت البابين الأخيرين وجدتهما لم يخرجا عن إطار الأبواب السابقة لكونهما مستمدين من القرآن الكريم. فجميع فصول الأدعية والأحراز إنما هي اقتباسات من آي الذكر الحكيم. وحري بالثعالبي أن يختم كتابه بهما بعد أن تطرق إلى سائر الموضوعات والمعاني التي تدور على ألسنة الكتاب والشعراء. وقد مرّ بنا أن الثعالبي قسم البابين الأخيرين إلى فصول متبعا المنهج نفسه الذي سار عليه في سائر أبواب الكتاب. ويجرنا هذا القول إلى ملاحظة أخرى لها علاقة بفكرة كون البابين الأخيرين مختلفين عما هو مألوف في كتب الثعالبي وهي أن موضوع كتاب الاقتباس ألزمت الثعالبي، أن تكون نصوصه في جميع أبواب الكتاب من نمط النصوص المختارة، وعلى مستوى رفيع من الجمال الفني، والترفع عن الابتذال والمجون، وكل ما يخدش الذوق والأخلاق. فالثعالبي لم يختر إلّا الاقتباس الجيد من القرآن الكريم، لذا وجدنا نصوصه في هذا الكتاب رفيعة بخلاف نصوصه في كتبه الأخرى التي تجدها متنوعة بتنوع الشعراء الذين يتمثل بهم، أو يترجم لهم. 1292 أما موضوع كتاب الاقتباس فقد أظهر ذوق الثعالبي الرفيع في اختيار النصوص شعرا ونثرا لأن قصده كما أوضحه في مقدمة كتابه هو إبراز فضل القرآن الكريم في مدّ السلف الصالح من الصحابة والأدباء والشعراء بمعين من الأفكار والصور الثرة التي استمدوها من القرآن الكريم، ووشحوا بها مخاطباتهم ومحاوراتهم وأشعارهم ليمنحوا كتاباتهم شيئا من جمال الآيات القرآنية، وروعة معانيها وإشاراتها. وقد
__________
(1) دراسة توثيقية: 253، 254.(1/75)
اشترط الثعالبي في مقدمته إيراد الجيد الجميل مما اقتبس من القرآن الكريم وأنه يورد (في هذا الكتاب من محاسنها كل ما تروق أصوله وفصوله ويفيد مسموعه ومحصوله).
2292 - أما الفرضية الثانية التي اعتمد عليها الأخ الدكتور محمود الجادر في افتراض كون البابين الأخيرين من كتاب الاقتباس مقحمين عليه، فهي ما حمله الباب الثالث والعشرون من عنوان هو (فنون شتى مختلفة الترتيب) وأن هذا العنوان يستخدمه الثعالبي عادة في الفصول الختامية من كتبه. إن هذه الفرضية مردودة أيضا لأن الثعالبي نفسه قد استخدم عنوان هذا الباب في غير الفصول الختامية من أبواب كتاب الاقتباس من القرآن الكريم نفسه فالباب الثامن عشر الذي عنونه الثعالبي ب (ذكر الخط والكتاب والحساب) يقع في واحد وأربعين فصلا، كان عنوان الفصل السابع والعشرين هو (في معان شتى) ومع ذلك لم يختم الثعالبي به الباب بل أورد بعده أربعة عشر فصلا.
1292 - يضاف إلى هذا كله أن الثعالبي ذكر بعد المقدمة بأنه سيذكر أبواب كتابه ليسهل للقارئ معرفته. وفعلا عرض بعد ذلك أبواب الكتاب عرضا موجزا، ذاكرا عناوين فقراته وفصوله وعددها أحيانا، قائلا (وإذ قد استمررت في تصديره فأنا ذاكر أبوابه ليفرد كل منهما بذاته، وتقرب على الناظر فيه وجوه إيراده). ثم عرض الثعالبي بعد هذا القول أبواب الكتاب بما فيهما البابين الأخيرين مما يرجح أن الكتاب الذي بين أيدينا يقع في خمسة وعشرين بابا حسب ما قسمّه الثعالبي.
1302
مخطوطة كتاب الاقتباس:
لم نعثر إلّا على نسخة واحدة من كتاب الاقتباس في القرآن الكريم، صورناها عن نسخة مصورة في مكتبة معهد المخطوطات العربية التابعة لجامعة الدول العربية. وأصل هذه المصورة عن مكتبة سليم أغا برقم 38. ورقم المخطوط المصور في معهد المخطوطات العربية هو ن 826في 775/ 898. وقد وجدنا في الورقة 50والورقة 90من المخطوط ختما للسلطان سليم أغا ورد فيه:(1/76)
2302 (قد وقف هذا الكتاب المستطاب لوجه الله الملك الوهاب الحاج سليم أغا وشرط بأن لا يخرج، ولا يرهن. ومن بدّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه).
يقع المخطوط في مائة وتسع عشرة ورقة قياس الواحدة منها 22* 15سم ومكتوب بخط يعود إلى القرن الحادي عشر، وخطه مقروء إلا أن فيه كثيرا من التحريف والتصحيف والأخطاء الإملائية التي شوهت نصوصه، ومسخت أخباره في كثير من الأحيان. وإذا كانت النسخ الكثيرة المتعددة للمخطوط الواحد تجهد المحقق لما يقتضي ذلك منه المقارنة والمقابلة بينها فإنّ انفراد المخطوط بنسخة واحدة من كتاب ما يعني بذل الكثير من الجهد للوصول إلى النص الذي يقرب من النسخة الأم التي كتبها المؤلف.
3302 - إن التصحيف والتحريف اللذين وقعا في المخطوط متنوعان يشملان أخطاء إملائية وأخرى إعرابية، وتصحيفا كثبرا للآيات الكريمة، وتشويها للنصوص الشعرية فضلا عن التحريف في كتابة كلمات المخطوط مما يخرج النص المقروء في كثير من المواضع عن مستواه الذي طلبه له المؤلف. إلا أن الله سبحانه وتعالى فتح لنا في كثير من المواضع ما استغلق فهمه أو قراءته، فكان لنا الرأي الذي اعتقدناه ونرجو أن يكون صائبا في تقويم ما أخطأ الناسخ في نسخه، وتحقيق أسماء الأعلام والمواضع التي صحفت أو حرفت. وسنورد أمثلة إساءات النسخ في النسخ تتعلق بالأخطاء الإملائية والإعرابية، وأخرى في تصحيف أسماء الأعلام والمواضع والأشعار 1312 فتجد مثلا:
فإن قضاؤه حق فإن قضاءه حق.
أقسم بحياة أحد أحد.
أمر طاهر بن الحسين الكتاب الكتاب.
موسى بغا هزم مساور الشارى مساور.
كانوا هاشمين مياسيرا مياسير.
ثبوت أبواب الكتاب أبواب.
توجه يوم يوما.(1/77)
ونشير إلى بعض مواضع التصحيف الواقعة في أسماء الأعلام منها:
(مزبد) وهو من أصحاب النوادر نسخ الناسخ اسمه: ب (مزيد بد) مرة، ونسخه بشكل (من يد) مرة أخرى.
(ابن الرومي) الشاعر، نسخ اسمه (الدومي).
(أبو الأسود الدؤلي) كتب في المخطوط (أبو السود).
(أبو دلامة زند بن الجون) كتب (زيد).
(محمد بن الحنفية) كتب (محمد بن الحنيفية).
(عبيدة بن الحارث بن المطلب) كتبه الناسخ محرفا اسمه واسم جده ب (يزيد بن الحارث بن عبد المطلب).
(قال أبو جنيفة الشيطان الطلق) وأبو حنيفة هذا هو الإمام المعروف ولا يمكن أن يوصف باللفظين الواردين في نص المخطوط، وإنما صوابه (لشيطان الطاق) وهو محمد بن علي بن النعمان البجلي ولاء، نسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة، كان يجلس للصرف عليه.
(الوليد بن عتبة) والي المدينة أيام يزيد بن معاوية كتب (الوليد بن عقبة).
(عمرو بن العاص) كتب (الحسين بن العاص).
2312 - ومن أمثلة التصحيف ما يأتي:
(إنهم كالأنعام) صوابها (إن هم إلا كالأنعام). وهي الآية 44من سورة الفرقان.
(يعتلل الله) صوابه (تعتاله العلة) أي تصيبه العلة.
(إلى الوزارتين العلاق) صوابها إلى (ذي) الوزارتين إلى (ذي) العلا.
يبكون من قتلت سيوفهم ... ظلما بكا منقطع القلب
كتب هذا البيت في المخطوط:
ظلما بكاء قوله الكلب(1/78)
ونكتفي بهذه الأمثلة وعشرات غيرها كثيرة تحفل بها هوامش الكتاب لنقول إننا بذلنا ما استطعنا بذله من جهد وعناية في ضبط النصوص وتحقيقها. وقد مضى على تحقيق القسم الأول ما يزيد عن العشر سنوات ظهرت خلالها دواوين بعض الشعراء وحققت كتب تراثية كثيرة أعانتنا على تصويب بعض النصوص. وقد عنّت لنا أيضا ملاحظات وإضافات أغنت الكتاب، وأوجبت إعادة تحقيقه وطبعه لاستدراك ما فات تحقيقه في الطبعة الأولى.
1322 {لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا لَهََا مََا كَسَبَتْ وَعَلَيْهََا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنََا لََا تُؤََاخِذْنََا إِنْ نَسِينََا أَوْ أَخْطَأْنََا رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً كَمََا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنََا رَبَّنََا وَلََا تُحَمِّلْنََا مََا لََا طََاقَةَ لَنََا بِهِ وَاعْفُ عَنََّا وَاغْفِرْ لَنََا وَارْحَمْنََا أَنْتَ مَوْلََانََا فَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ}.
صدق الله العظيم(1/79)
1332
مقدمه المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله رب العالمين، حمد الشاكرين على نعمه التي لا يبلغ أقاصي حمد الحامدين أوائل (1) حدودها، ومنحه التي لا تؤدى بها باب شكر الشاكرين أداء (2) حقوقها. وصلواته على أشرف الخلق جرثومة، وأزكاهم أرومة، وأبعد الأنبياء في الفضل غاية، وأبهرهم معجزة وآية محمد خير مولود دعا إلى خير معبود. وعلى آله المنتجبين.
2332 - هذا كتاب طالما كانت تحضرني النيّة القوية في تصنيفه وترصيفه، وتعدني الأيام معونة على تبويبه وترتيبه فتخلف، وكنت آخذ في تأليفه يوما، وأدعه أياما، وأقبل عليه شهرا، وأعرض عنه عاما إلى أن لاح لي استفتاح مدخله، واستتمام علمه لأوحد الزمان، وحسنة القرآن، ومن فضّل الله تعالى ذكره بشرف الانتساب والاكتساب، وجمع له محاسن ذوي الألباب، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب، وأحيا به جميع العلوم والآداب، وخصّه بالمعالي المشهورة، وأفرده بالمآثر المأثورة، الأمير الأجل صاحب الجيش أبي المظفر (3)، فسهل الطريق وساعد (على) (4) التوفيق، ويسّر ورد المنهل فوردته، وأصاب الغرض فقصدته، واستنبت بدولته إتمام ما حاولته. واستوى النظام على ما دبّرته، وتهيأ الفراغ من هذا الكتاب الذي لولا ما أتهمه من حسن رأيي فيه، وأخافه من فتنة إعجابي به، لقلت: إنه كتاب بديع المصنع، شريف المودع، جليل الموقع، هنيّ المرتع، مريّ المكرع (5) لذيذ المترع، أنيس المرأى والمسمع، أنيق المبدأ والمقطع، مفيد المغزى والمنتجع. وجعلته مجتمعا على كل ما استحسنته،
__________
(1) في الأصل: (اوابك) وهو تحريف في النسخ.
(2) في الأصل: (اداى).
(3) أبو المظفر هو نصر بن ناصر الدين صاحب الجيش، وهو أخو أبي القاسم محمود سبكتكين الغزنوي كان حاكما على نيسابور سنة 389هـ، ذكره الثعالبي في لطائف المعارف 205، وانظر أيضا: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ص 8.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) في الأصل: (المركع) صوابه: المكرع كما أثبتناه والمكرع: المشرب، من كرع في الماء يكرع كروعا، إذا تناوله في موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا إناء. انظر: الصحاح (كرع).(1/80)
واخترته من اللمع والفقر، والنكت (1) من اقتباس الناس على اختلافهم طبقاتهم، وتفاوت درجاتهم من كتاب الله عز اسمه في خطبهم ومخاطباتهم وحكمهم، وآدابهم، وأمور معاشهم ومعادهم، وفي مكاتباتهم، ومحاوراتهم، ومواعظهم، وأمثالهم، ونوادرهم، وأشعارهم، وسائر أغراضهم. وضمنته من محاسن انتزاعهم وبدائع اختراعاتهم، وعجائب استنباطاتهم، واحتجاجاتهم منه، ما ليس السوقة بأحوج إليه من الملوك، ولا الكتاب، والشعراء بأرغب فيه من الفقهاء والعلماء، ولا المجان والظرفاء بأحرص عليه من الزهاد والحكماء، إذ هو مقتبس الألفاظ، والمعاني من أحسن الكلام، وأقوم النظام، وأنور النور، وأشفاه لما في الصدور، ذلك كلام ربّ العزة، وبيانه، ووحيه وفرقانه، وخير كتبه أنزله على خير رسله محمد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وآله حين جمرات الخطابة متوقدة، وأسلحة البلاغة مسددة، وأسواق الفصاحة (2) نافقة وأعلام السلاطة خافقة، والقوم إذ يسلقون الناس بألسنة كالسيوف، ويرمون من أفواههم بقوارع كالحتوف، بين شيطان مريد لسانه أمضى من سنانه، وجبار عنيد كلامه أنفذ من سهامه فما هؤلاء (إلا) (3) أن صكّ أسماعهم هذا القول الفصل الجزل، والسهل القريب، البعيد، العجيب، تلوح عليه سمات الإعجاز بين الإطالة والإيجاز، وتتراءى فيه أوضح المحجة، وأبين الحجة وتكشف (4) به الأدلة وتزاح العلة، حتى أذعنوا صاغرين لفضله، وأقروا بالعجز عن الإتيان (5) بمثله، وأيقن إلا من ضرب على أذنه، وطبع على قلبه أنه معجزة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ودليله، وبرهانه، كما كانت آية موسى عليه السلام في تلقف عصاه ما يأفكون، وبروز (6) يده بيضاء من غير سوء (7) معجزة له في زمان السحرة
__________
(1) في الأصل: (وافقر والنكت والنقر).
(2) النافقة: الرائحة.
(3) زيادة ليست بالأصل.
(4) في الأصل: (ويتكشف).
(5) في الأصل: (الإيتان).
(6) من قوله تعالى في سورة الأعراف: 117 {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ مُوسى ََ أَنْ أَلْقِ عَصََاكَ فَإِذََا هِيَ تَلْقَفُ مََا يَأْفِكُونَ}.
(7) من قوله تعالى في سورة طه: 22 {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى ََ جَنََاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضََاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} وانظر سورة القصص 32.(1/81)
والمهرة، وكما (أن) (1) إبراء عيسى عليه السلام الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى (2) بإذن الله معجزة له في زمان الأطباء الألباء. 1352 ولما اتسع نطاق الإسلام، وامتد رواق الإيمان، وأثبت في الآفاق شعاع الدين، واستضاءت القلوب بنور اليقين، لم يتعرض لمعارضة القرآن منطيق مدره (3)، ولا شاعر مصقع (4) إلّا ختم على خاطره وفنه، وإنما قصارى المتحلين بالبلاغة، والحاطبين في حبل البراعة أن يقتبسوا من ألفاظه ومعانيه في أنواع مقاصدهم، أو يستشهدوا ويتمثلوا به (5) في فنون مواردهم ومصادرهم، فيكتسي كلامهم بذلك الاقتباس معرضا (6) ما لحسنه غاية، ومأخذا ما لرونقه نهاية، ويكسب حلاوة وطلاوة ما فيها إلّا معسولة الجملة والتفصيل. ويستفيد جلالة وفخامة ليست فيهما إلا مقبولة الغرة والتحجيل (7). هذا النبي صلّى الله عليه وسلّم هو أفصح العرب لهجة وأعذبهم عذبة (8) وأحسنهم إفصاحا وبيانا، وأرجحهم في الحكمة البالغة ميزانا، قد اقتبس من معاني القرآن وألفاظه في الكثير من كلامه، والجمّ الغفير من مقاله. وكذلك السلف الأفضل من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، ومن بعدهم إلى يومنا من كل طبقة. فما أكثر ما عوّلوا على الاقتباس من القرآن فرصّعوا كلامهم (9) ترصيعا، وتعاطوا فنونه جميعا. وسأورد في هذا الكتاب من محاسنها كل ما تروق أصوله وفصوله، ويفيد مسموعه ومحصوله. وإذ قد استمررت في تصديره، فأنا ذاكر أبوابه ليفرد كل منهما بذاته وتقرب على الناظر فيه وجوه إيراده. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
__________
(1) في الأصل: (كما ابرأ) وما بين القوسين ليست في الأصل.
(2) في قوله تعالى في سورة المائدة: 110 {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهََا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى ََ بِإِذْنِي}.
(3) المدره: زعيم القوم والمتكلم عنهم.
(4) المصقع: الخطيب البليغ.
(5) في الأصل: (ويتمثل).
(6) المعرض: المظهر يقال عرض له أمر كذا، يعرض أي ظهر.
(7) التحجيل: في الأصل بياض في قوائم الفرس. والغرة: بياض في جبهته، وذلك من صفات الفرس الأصيل وقد استعملها الثعالبي مجازا.
(8) العذبة: طرف اللسان.
(9) في الأصل: (أحلامهم).(1/82)
1362 - الباب الأول من كتاب الاقتباس في التحاميد، وما يتصل به من الثناء على الله تعالى بما هو أهله، وذكر طرف من فضله، ونعمه، وسعة رحمته، وسائر صفاته وأفعاله جلّ جلاله، وتقدست أسماؤه. وهو ستة عشر فصلا.
الباب الثاني في ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده الله عز وجلّ بها، وفضّله على جميع خلقه بما وهب له من الكلام المقتبس من القرآن وهو اثنا عشر فصلا.
الباب الثالث في ذكر العترة الزكية، والشجرة النبوية، وإيراد نبذ من فضائلهم ومآثرهم، وقطعة من فقر أخبارهم، وغرر ألفاظهم وهو ستة فصول.
1362 - الباب الرابع في ذكر الصحابة وما خصهم الله تعالى من الفضل والشرف، وأقاويل بعضهم في بعض، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم رضي الله عنهم أجمعين وهو عشرون فصلا.
الباب الخامس في ذكر الأنبياء عليهم السلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم، وما اقتبس الناس منه في فنون أغراضهم من قصصهم وتمثلوا به في أحوالهم، وهو اثنا عشر فصلا.(1/83)
الباب السادس في فضل العلم والعلماء، وفقر من محاسن انتزاعاتهم ولطائف من استنباطاتهم. وهو عشرة فصول.
الباب السابع في ذكر الأدب والعقل والحكمة، والموعظة الحسنة. وهو ثلاثة فصول.
الباب الثامن في ذكر محاسن الخصال، ومكارم الأفعال، وطرائف الآداب.
الباب التاسع في ذكر معائب الخلال، ومقابح الأفعال، وذكر العامة والسقّاط (1) والجهال، وعورات الرجال.
1372 - الباب العاشر في ذكر أنواع من الأضداد، والأعداد، وهو ثلاثة فصول.
الباب الحادي عشر في ذكر النساء والأولاد، والإخوان. وهو ستة فصول.
__________
(1) الأصل: (والسقعاط) وهو تحريف في النسخ.(1/84)
الباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب وهو أربعة فصول.
الباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة، وثمرات الفصاحة والبلاغة.
الباب الرابع عشر في ذكر الجوابات المسكتة.
الباب الخامس عشر في ملح النوادر.
الباب السادس عشر في الاقتباس المكروه.
الباب السابع عشر في ذكر الرؤيا، وعجائبها، والتعبيرات وبدائعها.
الباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب، ونصوص من فصول العهود، وكتب الفتوح ونخب من ألفاظ الرسائل السلطانية، والإخوانية، والتوقيعات، وكتابات الجيوش (1) في أشياء مختلفة.
__________
(1) في الأصل: (النفوس) والصواب: ما هو مثبت أعلاه(1/85)
الباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ التي تجري مجراها، والتنبيه على مواضع استعمالها والتمثل بها.
2372 - الباب العشرون في ذكر الشعر والشعراء، واقتباساتهم من ألفاظ القرآن ومعانيه.
الباب الحادي والعشرون في اقتباس بعض ما في القرآن من الإيجاز والإعجاز، والتشبيه والاستعارة والتجنيس، والطباق، وما يجري مجراها.
الباب الثاني والعشرون في فنون مختلفة الترتيب، في طرائف التأويلات ولطائفها.
الباب الثالث والعشرون في فنون مختلفة الترتيب.
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة.(1/86)
الباب الخامس والعشرون في الرقى والأحراز.
* * * 1382 فهذا أطال الله بقاء مولانا، ثبت أبواب الكتاب، والله تعالى يبارك له فيه ويقرّ عينه، ويشرح صدره، ويسرّ قلبه به، مع تبليغه به إياه أقصى الأوطار، وأطول الأعمار في أكمل المسار. وأحسن (1) السعادات التي أهّله لها، والنعم التي عمه وخصه بها من فترة (2) تشوبها أو تنقصها، أو ردية تثلها وتنقضها. آمين اللهم آمين.
__________
(1) في الأصل: (وحرّاسة).
(2) في الأصل: (فتوه) والفترة: وهي الضعف والانكسار.(1/87)
1392
الباب الأول في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله، وذكر طرف من فضله، ونعمه، وسعة رحمته، وسائر صفاته وأفعاله جلّ جلاله(1/89)
الباب الأول في التحاميد المقتبسة من القرآن وما يتصل بها من الثناء على الله تعالى بما هو أهله، وذكر طرف من فضله ونعمته وسعة رحمته (1)، وسائر صفاته وأفعاله جل جلاله.
فصل في نكت التحاميد
أحسن ما قرأه المؤلف في التحاميد
أحسن ما قرأته وسمعته في فصل (2) التحميد، وأوجزه، وألطفه قول أحد البلغاء:
أحقّ ما ابتدى (3) به خطاب، وصدّر به كتاب حمد الله الذي جعله فاتحة تنزيل وخاتمة دعوى أهل جنته فقال تعالى: {وَآخِرُ دَعْوََاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (4).
2392
قول لبعض السلف
وقال بعض السلف: إن الله تعالى رضي من شكر المؤمنين له على (5) إدخاله إياهم الجنة بأن قالوا {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي صَدَقَنََا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشََاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعََامِلِينَ} (6).
ما كتبه المعتمد إلى الموفق بعد قتل المهتدي
لما قتل المهتدي (7) وقام (8) المعتمد (9) كتب إلى الموفق (10): {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي}
__________
(1) في الأصل: (رحمه).
(2) في الأصل: (مصل).
(3) في الأصل: (ابتدي).
(4) يونس: 10.
(5) في الأصل: (علي).
(6) الزمر: 74.
(7) هو المهتدي بالله أبو إسحاق محمد بن محمد بن الواثق الخليفة العباسي. ولد في خلافة جده سنة بضع عشرة وثمانين. وبويع سنة 255هـ وقتل سنة 256هـ. تاريخ الخلفاء 363.
(8) في الأصل: (واقام).
(9) المعتمد على الله هو أبو العباس وقيل أبو جعفر أحمد بن المتوكل بن المعتصم ولد سنة 229هـ وتوفي سنة 279هـ. والموفق هو طلحة أبو المعتمد. انظر تاريخ الخلفاء 363، 364.
(10) هو أبو أحمد طلحة بن جعفر المتوكل أمير عباسي لم يل الخلافة اسما، ولكنه تولاها فعلا. ولد ببغداد ومات فيها سنة 278 هـ. انظر تاريخ بغداد 127، 2. الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 278هـ.(1/91)
{أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنََا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (1).
1402
تحميد لعبد العزيز بن عمر
عبد العزيز بن عمر (2): الحمد لله الذي جعل أهل طاعته أحياء في مماتهم، وجعل أهل معصيته أمواتا في حياتهم. يريد قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ (اللََّهِ)} [3] أَمْوََاتاً بَلْ أَحْيََاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (4). وقوله عزّ ذكره: {إِنَّكَ لََا تُسْمِعُ الْمَوْتى ََ} (5). وقوله تعالى: {أَمْوََاتٌ غَيْرُ أَحْيََاءٍ وَمََا يَشْعُرُونَ أَيََّانَ يُبْعَثُونَ} (6).
وفي هذا المعنى ينشد:
لقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادى (7)
2402 - وقرأت في فصل لابن المعتز أستحسنه جدا (8) وهو:
__________
(1) فاطر: 34.
(2) في الأصل: (عمير) وهو عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ابن الخليفة عمر بن عبد العزيز. توفي سنة 144هـ، وروى عن أبيه. انظر تهذيب التهذيب 3/ 169.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) آل عمران: 169.
(5) النمل: 80.
(6) النحل: 21.
(7) البيت لكثير عزة في ديوانه من قصيدة راثيا بها صديقه تقع في 24بيتا. وقبله:
يعز عليّ أن نغدو جميعا ... وتصبح ثاويا رهنا بواد
فلو فوديت من حدث المنايا ... وقيتك بالطريف وبالتلاد
(8) في الأصل: (فبدا).(1/92)
الحمد لله الذي لما خلق الإنسان جعل عقله دليله، والرسل هداته والملائكة، رقباءه (1) والشهود عليه جوارحه، ثم جعله حسيب نفسه (2)، وردّ إليه كتابه يوم نشره (3)، يقرأه (4)، فلا يفقد حسنة عملها (5)، ولا يجد فيه سيئة لم يقترفها (6). لم يلزمه الله عبادته حتى فرغ من هدايته، وأزاح علله، بأن ضمن الرزق له، ثم وعده، وتوعده، وأمره، وعلمه {فَتَبََارَكَ اللََّهُ رَبُّ الْعََالَمِينَ} (7).
1412
فصل لابن المعتز
قول أعرابي وقد نظر إلى غمار الناس في الحج
نظر أعرابي إلى غمار الناس في الموسم، فقال:
الحمد لله الذي أحصاهم عددا، ولم يهمل منهم أحدا (8).
قول عمر بن عبد العزيز عند وفاة عبد الملك
لما توفي عبد الملك بن عمر (9) بن عمر بن عبد العزيز قال عمر (10):
الحمد لله الذي جعل الموت واجبا (11) (12) على خلقه، ثم سوّى فيه بينهم. فقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} (13).
__________
(1) في الأصل: (رقباه).
(2) في الأصل: (نفيسه).
(3) في الأصل: (بشره).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ طََائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً (13) اقْرَأْ كِتََابَكَ} الإسراء 13، 14.
(5) في الأصل: (علمها).
(6) في الأصل: (سبيه نقترفها).
(7) غافر: 64.
(8) إشارة إلى قوله تعالى مريم: 94، 95 {لَقَدْ أَحْصََاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيََامَةِ فَرْداً}.
(9) عبد الملك بن عبد العزيز هو ابن الخليفة الأموي عمر كان صالحا تقيا قيل إنه كان يستشيره أبوه. نظر تاريخ الخلفاء: 240.
(10) الخبر في التعازي: (حتما واجبا) وفي الأصل: (واجبا عليّ).
(11) الخبر في التعازي والمراثي للمبرد: 46.
(12) آل عمران: 185، الأنبياء: 35. وبعد الآية في التعازي: فليعلم ذوو النهى أنهم صائرون إلى قبورهم مفردون بأعمالهم، واعلموا أن عند الله مسألة فاحصة فقال جل وعز {فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ}.
(13) ابن عبد كان هو محمد بن عبد كان كاتب الدولة الطولوزية. كان بليغا مترسلا وأديبا. وله ديوان رسائل. انظر الفهرست:
203.(1/93)
2412
تحميد لابن عبد كان
ابن عبد كان (1): الحمد لله ذي العز الشامخ، والسلطان الباذخ، والنعم السوابغ، والحجج البوالغ ليس له كفء مكاثر، ولا ضدّ منافر، إذ (2) به لا ينقض التدبير، ويتم (3)
التقدير. يدرك الأبصار، ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير (4).
تحميد لإبراهيم بن العباس
إبراهيم بن العباس (5): الحمد لله ذي الأسماء الحسنى والمثل الأعلى (6) لا يؤوده حفظ (7) كبير ولا يعزب عنه علم صغير (8) {[يَعْلَمُ]} [9] خََائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمََا تُخْفِي الصُّدُورُ، {وَمََا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلََّا يَعْلَمُهََا وَلََا حَبَّةٍ فِي ظُلُمََاتِ الْأَرْضِ وَلََا رَطْبٍ وَلََا يََابِسٍ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ} (10).
1422
تحميد لأحمد بن يوسف
أحمد بن يوسف (11): الحمد لله خلق الأشياء كلّها على غير مثال، وأنشأها على غير حدود، ودبّر الأمور بلا مشير، وقضى في الدهور بلا ظهير. وأمسك (12) السماء
__________
(1) في الأصل: (إذن).
(2) في الأصل: (ولا).
(3) في الأصل: (بدوك).
(4) من قوله تعالى في سورة الأنعام: 103 {لََا تُدْرِكُهُ الْأَبْصََارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصََارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
(5) إبراهيم بن العباس أبو إسحاق الكاتب أحد البلغاء الشعراء الفصحاء ترأس ديوان الرسائل في عهد جماعة من الخلفاء. انظر الفهرست: 182.
(6) في الأصل: (الحسنى الأعلى).
(7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة: 255 {يَعْلَمُ مََا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمََا خَلْفَهُمْ وَلََا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلََّا بِمََا شََاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ وَلََا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمََا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.
(8) من سورة يونس: 61 {وَمََا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقََالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلََا فِي السَّمََاءِ وَلََا أَصْغَرَ مِنْ ذََلِكَ وَلََا أَكْبَرَ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ}.
(9) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل وهو من الآية 19من سورة غافر.
(10) الأنعام: 59.
(11) أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح، وزير من كبار الكتاب. ولي ديوان الرسائل للمأمون، ثم استوزره. توفي سنة 213هـ انظر تاريخ بغداد 5/ 216.
(12) في الأصل: (ومسك).(1/94)
بقدرته (1)، وبناها بإرادته وأسكنها ملائكته الذين اصطفاهم لمجاورته وجبلهم على طاعته (2)، ونزههم عن معصيته، وجعلهم سكان سماواته، وحملة عرشه، ورسله إلى أنبيائه {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ لََا يَفْتُرُونَ} (3). وبسط [الأرض] (4) لكافة خلقه، وقسم بينهم الأرزاق، وقدّر لهم الأقوات. فهم في قبضته يتقلبون، وعلى أقضيته يجرون، حتى يرث الأرض ومن عليها {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوََارِثِينَ} (5).
وقال سعيد بن حميد (6): الحمد لله الذي خلق السماء بأيده فرفعها (7)، ودحا الأرض بقدرته (8) فبسطها، وبث فيها من كل دابة، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير (9).
2422
تحميد لأبي علي البصير
وقال أبو علي البصير (10): الحمد لله الذي قدّر فسوى، وخلق فهدى، ولم يترك خلقه سدى (11)، ولكنه امتحنهم وابتلاهم، وأمرهم ودعاهم لما يحييهم، وندبهم إلى ما ينجيهم فقال: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (12).
__________
(1) من قوله تعالى من سورة الحج: 65 {وَيُمْسِكُ السَّمََاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلََّا بِإِذْنِهِ}.
(2) في الأصل: (عليّ).
(3) في الأصل: (ولا يفترون).
(4) في الأصل: (وبسطها).
(5) من قوله تعالى: {إِنََّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهََا وَإِلَيْنََا يُرْجَعُونَ} مريم: 40ومن قوله تعالى: {رَبِّ لََا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوََارِثِينَ} الأنبياء: 89.
(6) سعيد بن حميد أبو عثمان، كان متكلما فصيحا وله كتب ورسائل، وتولى الرسائل للمستعين توفي بعد سنة 257هـ انظر الفهرست 185.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالسَّمََاءَ بَنَيْنََاهََا بِأَيْدٍ وَإِنََّا لَمُوسِعُونَ} الذاريات: 47.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذََلِكَ دَحََاهََا} النازعات: 30.
(9) من قوله تعالى في سورة الشورى: 29.
(10) أبو علي البصير شاعر بليغ مترسل كانت بينه وبين أبي العيناء مهاجاة ومكاتبات، وله فيه عدة أشعار: الفهرست 184.
انظر: كتابنا (أبو العيناء الأديب البصري الظريف): ص 45.
(11) إشارة إلى قوله تعالى في سورة القيامة: 36 {أَيَحْسَبُ الْإِنْسََانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}.
(12) النساء: 59.(1/95)
1432
تحميد لأبي القاسم الإسكافي
وقال أبو القاسم علي بن محمد الإسكافي (1). الحمد لله المعزّ المذل، المرشد المبطل الذي يزهق الباطل بنعمائه (2)، {وَيُحِقُّ اللََّهُ الْحَقَّ بِكَلِمََاتِهِ} (3) {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (4).
وقال (5): الحمد لله السابغ عطاؤه، النافذ قضاؤه، الذي ينتقم من الظالمين (6) {وَلََا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (7).
2432
فصل في دلالة التحميد على ما يكتب من أجله
عادة ابن عبد كان في ذلك
إذا كان المنشئ مبرّزا أشار في أول كلامه إلى غرضه. وهذه عادة لابن عبد كان المصري مشهورة مستحسنة. كتب في رسالة ذكر فيها استقامة الحال، من والي الجيش وأمنه فقال:
الحمد لله مقلب القلوب (8)، وعلام الغيوب (9) الجاعل بعد العسر يسرا (10)، وبعد التفرق (11) اجتماعا.
__________
(1) أبو القاسم الإسكافي، أديب بليغ قيل: بأنه لسان خراسان وغرتها، وواحدها وأوحدها في الكتابة والبلاغة. انظر يتيمة الدهر 4/ 95.
(2) في الأصل: (بنعماته).
(3) من قوله تعالى في سورة يونس: 82.
(4) من قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} التوبة: 33.
(5) في الأصل: (وقال وله الحمد لله).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنََّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} السجدة: 22وقوله تعالى: {فَانْتَقَمْنََا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكََانَ حَقًّا عَلَيْنََا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الروم: 47.
(7) من سورة الأنعام: 147.
(8) من قوله تعالى: {يَخََافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصََارُ} النور: 37.
(9) من قوله تعالى: {قََالُوا لََا عِلْمَ لَنََا إِنَّكَ أَنْتَ عَلََّامُ الْغُيُوبِ} المائدة: 109.
(10) من سورة الطلاق: 7 {سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}.
(11) في الأصل: (تفرق).(1/96)
1442
كتاب لسعيد بن حميد في بغلة ولدت
وحكى أحمد بن مهران عن سعيد بن حميد قال:
ولدت بغلة في أيام المعتمد وكنت على ديوان الرسائل إذ ذاك، فأمرت أن أنشئ كتابا في ذلك، فلم أدر كيف أكتب، وكيف أفتتح، فغلبتني عيناي، فأتاني آت في منامي (1).
نص من كتاب الأوراق للصولي في بغلة ولدت فلوة
وقال لي: اكتب:
الحمد لله (الذي يقر في الأرحام ما يشاء بقدرته) (2)، ويصور فيها ما يريد بحكمته.
قال: فابتهلت، وابتدأت، وأنشأت الكتاب عليه.
وذكر الصولي في كتاب الأوراق: أن كتاب صاحب البريد بالدينور (3) في سنة ثلاثمائة ورد على المقتدر يذكر أن بغلة [ولدت] (4) فلوة، ونسخته (5). وقال:
الحمد لله. كبّرت (6) لله، الموقظ بعبره (7) قلوب الغافلين، والمرشد بآياته عقول (8)
العارفين، الخالق لما يشاء كيف يشاء بلا مثال (9)، ذلك الله البارئ المصور له الأسماء الحسنى (10). وفيما قضاه المصور في الأرحام ما يشاء أن الموكل بالتطواف (11) بقرميسين (12)
رفع يذكر أن بغلة لرجل يعرف بأبي بردة من أصحاب أحمد بن أبي علي المري وضعت
__________
(1) في الأصل: (مقامي).
(2) من قوله تعالى في سورة الحج: 5 {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحََامِ مََا نَشََاءُ}.
(3) الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين. معجم البلدان (دينور).
(4) زيادة يقتضيها السياق ليست في الأصل.
(5) الخبر والرسالة في تاريخ الطبري: حوادث سنة 300هـ وذكر الخبر ولم تذكر الرسالة في المنتظم 6/ 115.
(6) في الأصل: (وكبرت).
(7) في الأصل: (بعيرة) وفي الطبري: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الموقظ).
(8) في الطبري: (الباب العارفين).
(9) في الطبري: (الخالق ما يشاء بلا مثال).
(10) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الإسراء: 110 {قُلِ ادْعُوا اللََّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمََنَ أَيًّا مََا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمََاءُ الْحُسْنى ََ} الأعراف: 180، والحشر: 24.
(11) في الأصل: القطوف أو بقرمليسين والصواب ما أثبتناه وكما في الطبري.
(12) في الأصل: قرمليسن والصواب قرماسين أو قرميسين مدينة في بلاد الجبل. انظر مختصر البلدان: 193، وفي معجم البلدان (قرميسين بلد معروف بينه وبين همدان ثلاثون فرسخا قرب الدينور) وفي الطبري قرماسين.(1/97)
فلوة، ويصف (1) اجتماع الناس لذلك، وتعجبهم (2) مما عاينوا منه، فبعثت من جاءني بالبغلة، فوجدتها كميتا (3) خلوقية (4). ورأيت الفلوة سوية الخلق، تامة الأعضاء، يشبه ذنبها أذناب الدواب (5) {فَتَبََارَكَ اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ} (6).
2442
فصل في عجائب الخلق
قول الجاحظ عن بعض المفسرين
قال الجاحظ:
كان بعض المفسرين يقول (7): من أراد أن يعرف قوله جلّ ذكره: {وَيَخْلُقُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (8) فليوقد نارا عظيمة، وسط غيضة (9)، أو في صحراء (10). ثم لينظر [إلى] (11) ما يغشى تلك النار من أصناف الخلق والحشرات والهمج (12)، فإنه سيرى صورا، ويتعرف خلقا لم يكن يظن أن الله خلق شيئا من ذلك في هذا العالم (13). قال الله تعالى: {وَيَخْلُقُ مََا لََا}
__________
(1) في الأصل: (ويصفر).
(2) في الطبري: (تعجبوا لما عاينوا).
(3) الكميت: صفة للفرس، وهو الذي يضرب لونه بين الحمرة والسواد.
(4) الخلوقية: من الخلق، أي تامة الخلق يقال (رجل خليق ومختلق أي تام الخلق).
(5) في الطبري: (فوجهت من أحضرني البغلة والفلوة، فوجدت البغلة كمتاء خلوقية، والفلوة سوية الخلق تامة الأعضاء، منسدلة الذنب، سبحان الملك القدوس، لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب).
(6) المؤمنون: 14.
(7) النص من الحيوان 2/ 110.
(8) النحل: 8.
(9) الغيضة: الأجمة، وهي مغيض ماء يجتمع، فينبت فيه الشجر والجمع غياض. الصحاح: (غيض).
(10) في الحيوان: (في صحراء برية).
(11) زيادة ليست في الأصل.
(12) في الأصل: (المهج). والصواب ما أثبتناه وكما ورد في الحيوان. والهمج: ضرب من البعوض.
(13) في الحيوان: (في ذلك).(1/98)
{تَعْلَمُونَ} (1)، (فما كان سبيله أن يعلم (2)، فلينظر فيما ذكر الله عز اسمه) (3).
نص من كتاب الشعراء لدعبل
وذكر دعبل (4) في كتاب الشعراء أنه عثر على قهندز (5) في مرو فوجدوا فيه سنين (6)
كبيرين في كل واحد منهما وزن منوين (7)، فحملتا إلى عبد الله بن المبارك (8) فتعجب منهما، وقال (9).
أتيت بسنّين قد رمّتا ... من الطين (10) لما أثاروا الدفينا (11)
على قدر منوين إحداهما ... يقلّ (12) بها المرء شيئا رزينا
ثلاثون أخرى على قدرها ... تباركت يا أحسن الخالقينا (13)
__________
(1) النحل: 8.
(2) عبارة (سبيله أن يعلم) كررت مرتين في أصل المخطوط.
(3) ما بين القوسين غير موجود في نص الحيوان.
(4) هو دعبل بن علي بن رزين، شاعر متقدم مطبوع، هجاء، له ديوان شعر مطبوع، وله كتاب طبقات الشعراء. انظر ترجمته في الفهرست: 235.
(5) في الأصل: (مهبند) والقهنندز: معرب كهن دز أي قلعة عتيقة. انظر: تاريخ البيهقي: 2803الشاهنامة ترجمة عزام.
(6) في الأصل: (تسنتين، كبيرتين واحدة).
(7) في الأصل: (مئوين) والصواب ما أثبتناه والمنوان مثنى من وهو وزن رظلين، والجمع أمنان.
(8) عبد الله بن المبارك من سكان خراسان جمع بين الزهد والورع والفقه واللغة والشعر، ولد سنة 118وتوفي نحو سنة 181.
انظر صفة الصفوة 4/ 109.
(9) في الأصل: (تسنتين كبيرتين).
(10) في الأصل: (الحصين).
(11) الخبر في شعر عبد الله بن المبارك ص 63عن تاريخ دمشق 6/ 261أو ما بعدها، وبهجة المجالس 2/ 155م مصادر أخرى.
وفيه أن عبد الله بن المبارك سمع يقول: حفروا بخراسان حفيرا فوجدوا فيها رأس إنسان، فوزنوا سنا من أسنانه فإذا فيه سبعة أساتير فقال عبد الله بن المبارك والأساتير يوازي 5، 20غراما فوزن السن يقارب 150غراما.
(12) في الأصل: (يقبل) وروايته في شعر عبد الله بن المبارك:
على وزن منوين إحداهما ... تقل بها الكف شيئا رزينا
(13) روايته في شعر عبد الله بن المبارك: (ثلاثين أخرى على قدرها).(1/99)
1452
قول بشار بن برد أحسن ما في الأرض والإنسان
قال الأصمعي: كان بشار بن برد يقول: ما في الأرض أحسن من الإنسان. فإذا قيل له، فكيف؟ قال: سمعت الله يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (1).
قال: فعلمت أن القول لم يطلق هذا الإطلاق، وهو يمر بالمتصنعين، والعيابين والمعاندين، فلا يعارضه أحد بالتكذيب، إلّا والأمر على ما وصف.
تلهف بشار لرؤية الإنسان والسماء وقوله في ذلك
قال: وحكى غير الأصمعي أن بشارا كان أعمى أكمه كذلك قال يوما بعد أن أطال السكوت، وتنفس الصعداء:
أما والله، إني لست أتلهف على ما يفوتني من رؤية هذا العالم إلا على شيئين اثنين.
قيل: وما هما يا أبا معاذ؟ قال: الإنسان والسماء. قيل ولم؟ قال: لأن الله يقول {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (2) ويقول {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمََاءَ الدُّنْيََا بِمَصََابِيحَ} (3) فلا شيء أحسن مما ذكره الله (بأنه) (4) خلقه في أحسن تقويم، ومما ذكر أنه زينه، أفلا تشق (5) عليّ رؤيتهما؟ وفي الله عوض من كل فائت.
1462
نص من كتاب الفرج بعد الشدة
وفي كتاب الفرج بعد الشدة (6) بإسناده لصاحبه أن عيسى بن موسى الهاشمي (7)
كانت له امرأة من بنات أعمامه لا يرى بها الدنيا. فقال لها يوما وقد أعجبته جدا (8): أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر. فصكّت وجهها ودقت صدرها (9). ثم قامت واستترت،
__________
(1) التين: 4.
(2) نفسها.
(3) الملك: 5.
(4) في الأصل: (فأن الله).
(5) في الأصل: (فلا تشق).
(6) الفرج بعد الشدة كتاب لأبي علي المحسن التنوخي وهو كتاب مطبوع أكثر من طبعة.
(7) عيسى بن موسى الهاشمي أحد رجال العباسيين وقوادهم المشهورين، وكان ولي عهد الخليفة المنصور قبل أن يجعلها في ابنه المهدي. انظر مروج الذهب ج 3/ 252، 281، 292، 295.
(8) في الأصل: (وجدا).
(9) في الأصل: (بحذها).(1/100)
ولم تشك في أنها طلقت. وبلغ الهم بتلك الحال من عيسى كل مبلغ، واشتد جزعه، واضطرابه فأمر بجميع أعيان الفقهاء فلما حضروا استفتاهم فيها، فما منهم إلّا من أفتى بطلاقها، وفيهم شاب (1)، رث الهيئة (2)، لا ينطق. فقال عيسى: ما سكوتك يا فتى؟ فقام ونادى بأعلى صوته: أمسك عليك زوجك أيها الأمير، فإن الله تعالى يقول: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. فلا شيء أحسن منه. فقالوا جميعا: لقد قال قولا سديدا، وحكموا له بالإصابة، واتفقوا على أنها لم تطلّق، فسري عن عيسى، وسرّ غاية السرور، وأمر للفتى بصلة وخلعة (3).
2462
قول للجاحظ
قال الجاحظ (4):
أو ما علمت (5) أن الإنسان الذي خلق الله السموات والأرض وما بينهما لأجله (6)
كما قال الله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} (7).
1472 - وقال: إنما سمّوه العالم الصغير سليل العالم الكبير (8)، ووجدوا له الحواس الخمس، ووجدوه يأكل اللحم والحب، ويجمع بين ما تقتاته البهيمة والسبع، ووجدوا فيه صولة
__________
(1) في الأصل: (شاءت).
(2) في الأصل: (الهبة).
(3) الخبر في الفرج بعد الشدة: 411وفيه: أن عيسى بن موسى الهاشمي حين احتجبت زوجته عنه بات ليلة عظيمة، فلما أصبح غدا على المنصور وأخبره الخبر، وقال له: يا أمير المؤمنين، إن تمّ علي طلاقها تلفت نفسي عليها، وكان الموت أحب من الحياة، وأظهر للمنصور جزعا شديدا. فأحضر المنصور الفقهاء واستفتاهم. فقال جميع من حضر: قد طلقت إلّا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة (رضي الله عنه)، فإنه سكت فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم، فقال: {بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهََذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} فلا شيء يا أمير المؤمنين أحسن من الإنسان. فقال المنصور لعيسى بن موسى: قد فرّج الله عز وجل عنك، والأمر على ما قال، فأقم على زوجتك وارسلها أن أطيعي زوجك. والآية من سورة التين: 4.
(4) النص في الحيوان 1/ 212.
(5) في الأصل: (وما علمت).
(6) في الحيوان 1/ 212: (من أجله).
(7) الجاثية: 13.
(8) في الحيوان: (لما وجدوا فيه من جمع أشكال ما في العالم الكبير ووجدنا له الحواس الخمس، ووجدوا فيه المحسوسات الخمس).(1/101)
الجمل، ووثوب الأسد وغدر الذئب، وروغان الثعلب، وحنين (1) الصفرد (2)، وجمع الذرة، وصنعة (3) السرفة (4)، وجود الديك، وإلف الكلب، واهتداء الحمام.
2472 - وقال: وسمّوه العالم الصغير، لأنه يصور كل شيء بيده، ويحكي صوته بفمه، ولأن أعضاءه (5) مقسومة على البروج الإثني عشر، والنجوم السبعة وفيه الصفراء وهي من نتاج النار، والسوداء وهي من نتاج الأرض، وفيه الدم وهو من نتاج الهواء. وفيه البلغم وهو من نتاج الماء {فَتَبََارَكَ اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ}
في قول الله {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مََا يَشََاءُ} (6) يعني: الوجه الحسن (7).
3472
شعر لأبي نواس الحمداني
اقتبس أبو فراس الحمداني اللفظ والمعنى فقال في الغزل (8).
كان قضيبا له انثناء ... وكان بدرا له ضياء (9)
فزاده ربّه عذارا ... تمّ به الحسن والبهاء
لا تعجبوا ربّنا قدير ... يزيد في الخلق ما يشاء (10)
__________
(1) في الأصل: (وحيتين).
(2) الصفرد: طائر تسميه العامة أبا المليح. وفي المثل أجبن من صفرد. انظر لسان العرب (صفر).
(3) في الأصل: (وصغد) وهو خطأ في النسخ. والسرفة دويبة سوداء الرأس، وسائرها أحمر تتخذ لنفسها بيتا مربعا من دقائق العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها. لسان العرب (سرف).
(4) نفسه.
(5) حدث تقديم وتأخير في هذا النص الذي نقله الثعالبي من الجاحظ.
(6) من قوله تعالى في سورة فاطر: 1 {الْحَمْدُ لِلََّهِ فََاطِرِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ جََاعِلِ الْمَلََائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مََا يَشََاءُ}.
(7) في تفسير الطبري 22/ 114: أن الزيادة في خلق أجنحة الملائكة وتفاوتها، وورد هذا الشرح في تفسير الرازي 26/ 2. ومن المفسرين من خصصه. وقال المراد به: الوجه الحسن، ومنهم من قال: الصوت الحسن، ومنهم من قال: كل وصف محمود.
والأولى أن يعم.
(8) الأبيات في ديوان أبي فراس 2/ 5.
(9) بعده في ديوان أبي فراس:
وكان يحكي الهلال وجها ... والناس في حبه سواء
(10) روايته في ديوان أبي فراس:
كذلك الله كلّ وقت ... يزيد في الخلق ما يشاء(1/102)
1482
من كتاب أخبار أبي نواس للمرزباني
وقرأت في أخبار أبي نواس من الكتاب المستنير تأليف أبي عبيد الله المرزباني (1) أن أبا نواس لما انشد النظّام (2) قوله (3):
سبحان من خلق الخل ... ق من ضعيف مهين
يسوقه من قرار ... إلى قرار مكين (4)
يحول شيئا فشيئا ... في الحجب دون العيون (5)
حتى بدت حركات ... مخلوقة من سكون
تعليق النظام على أبيات لأبي نواس
قال النظام: نبهتني والله لشيء كنت عنه غافلا. ووضع كتابه في الحركة والسكون.
2482
فصل في لمع من صفاته عزّ ذكره
قول عامر بن عبد القيس لعثمان وقد سأله عن ربه
يروى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه خرج يوما من داره، وقد جاء عامر بن عبد القيس (6) فقعد في دهليزه. فلما رأى عثمان به رجلا شيخا متلفعا بعباءة أنكره وأنكر مكانه.
فقال: يا أعرابي: أين ربك؟
__________
(1) هو محمد بن عمران بن موسى، أبو عبد الله إخباري، مؤرخ أديب، صاحب كتابي معجم الشعراء والموشح المشهورين. ذكر له ابن النديم كتاب المستنير في أخبار الشعراء المحدثين.
(2) النظام هو إبراهيم بن سيار البصري أحد كبار المعتزلة، وإليه تنسب الفرقة النظامية. توفي في خلافة المعتصم سنة بضع وتسعين وعشرين ومائتين. انظر: تاريخ بغداد 6/ 97.
(3) الأبيات في ديوانه: 619.
(4) روايته في الديوان:
يسوقه في هواء ... إلى قرار مكين
(5) روايته في الديوان:
في الحجب شيئا فشيئا ... يحور دون العيون
(6) عامر بن عبد القيس بن ثابت التميمي، ويقال عامر بن عبد الله، تابعي ثقة من كبار التابعين، وكان بينا فصيحا توفي في خلافة معاوية. انظر صفة الصفوة 3/ 116، 135، الإصابة 1/ 147.(1/103)
قال: بالمرصاد (1) يا أمير المؤمنين.
(ويقال) (2) إن عثمان لم يفحمه أحد غير عامر هذا.
1492
قول لبعض العلماء
قال بعض العلماء: من شأن الله كل يوم أن يجيب داعيا، ويعطي سائلا، ويغني فقيرا، ويشفي سقيما، ويهلك جبارا عنيدا (3)، وذلك قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (4).
طلب بعض الخوارج من الحجاج أن يؤجل ضرب عنقه
وأتي الحجاج برجل من الخوارج، وأمر بضرب عنقه. فقال له:
إن رأيت أن تؤخرني إلى غد فافعل.
فقال: ولم؟
فأنشأ يقول:
عسى فرج يأتي به الله إنه ... له كل يوم في خليقته أمر
فقال الحجاج: انتزعته من قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (5). وأمر بتخلية سبيله.
__________
(1) من قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصََادِ} الفجر: 14.
(2) ما بين القوسين زيادة من هامش المخطوط. وفي تاريخ الطبري 5/ 94: نقل هذا الخبر في سياق حديث عن اجتماع الناس على عثمان، وأنهم قرروا أن يرسلوا رجلا منهم يكلمه، فأرسلوا عامر بن عبد القيس، فأتاه فدخل عليه، فقال له: إن ناسا من المسلمين اجتمعوا، فنظروا في أعمالك، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله عز وجل، وتب إليه، وانزع عنها. قال عثمان: انظر إلى هذا، فإن الناس يزعمون أنه قارئ، ثم هو يجيئني، فيكلمني في المحقرات. فو الله ما يدري أين الله. قال عامر:
بلا والله لأدري، إن الله بالمرصاد لك
(3) أورد الطبري آراء العلماء في تفسير الآية المذكورة أعلاه، ومعظمها تجمع على أنه سبحانه وتعالى كل يوم يجيب داعيا.
ويكشف كربا، ويجيب مضطرا، ويغفر ذنبا، وكل يوم هو في شأن خلقه، فيفرج كرب، ذي كرب ويرفع قوما ويخفض آخرين، وغير ذلك. انظر: جامع البيان 27/ 134.
(4) الرحمن: 29.
(5) نفسها.(1/104)
2492
بين أبي حازم الأعرج وسليمان بن عبد الملك
ولما خوّف (1) أبو حازم الأعرج (2) سليمان بن عبد الملك بوعيد الله (3) للمذنبين، قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال قريب من المحسنين.
رأي يزيد بن موسى في تسمية المؤمن
سئل يزيد بن موسى، لم سمي الله بالمؤمن؟ فقال: لأنه يؤمن من عذابه من آمن.
ما رآه وكيع بن الجراح في منامه
وكيع بن الجراح (4) قال:
رأيت في المنام رجلا له جناحان فقلت له: من أنت؟
فقال: ملك من ملائكة الله تعالى.
فقلت له: أسألك؟
قال: سل.
فقلت: ما اسم الله الأعظم؟
فقال: الله.
فقلت: وما برهان ذلك؟
قال: إنه قال لموسى عليه السلام {إِنَّنِي أَنَا اللََّهُ} (5) ولو كان له اسم أعظم منه لقاله تعالى ذكره.
__________
(1) في الأصل: (خيروا).
(2) أبو حازم الأعرج اسمه سلمان، مولى عزة الأشجعية، كان من خيار زمانه حكمة وزهدا. توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز: مشاهير علماء الأمصار: 108.
(3) الخبر في البيان والتبيين 3/ 143وفي ثمار القلوب: 24قال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم الأعرج وقد خوفه الله في موعظته له حتى أبكاه. فأين رحمة الله؟ فقال أبو حازم {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
(4) وكيع بن الجراح، يكنّى أبا سفيان الكوفي العابد. امتنع عن قضاء الكوفة. ولد سنة 128هـ. توفي نحو 196. انظر صفة الصفوة 3/ 102.
(5) طه: 14.(1/105)
1502
فصل في سعة مغفرته ورحمته
قوله أعرابي وقد سمع ابن عباس يقرأ آية
سمع أعرابي ابن عباس يقرأ: {وَكُنْتُمْ عَلى ََ شَفََا حُفْرَةٍ مِنَ النََّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهََا} (1) فقال: نجونا ورب الكعبة، ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها. فقال ابن عباس:
خذوها من غير فقيه.
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: لو لم يذنب العباد
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لو لم يذنب العباد لخلق الله عبادا يذنبون فيغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم) (2).
2502
قول ابن عباس في مغفرة الله تعالى
وعن ابن عباس في قوله: {غََافِرِ الذَّنْبِ وَقََابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقََابِ} (3)
قال: غافر الذنب لمن قال لا إله إلا الله، وقابل التوب ممن قالها، شديد العقاب لمن لم يقلها (4).
قول المطرف بن عبد الله
أتى مطرف بن عبد الله (5) مجلس مالك (بن) (6) دينار وقد قام فقال له أصحابه لو تكلمت؟
فقال: هذا ظاهر حسن {إِنْ تَكُونُوا صََالِحِينَ فَإِنَّهُ كََانَ لِلْأَوََّابِينَ غَفُوراً} (7).
__________
(1) آل عمران: 103.
(2) هناك أكثر من حديث في هذا المعنى، راجع مادة (ذنب) في معجم فنسنك، ألا من مذنب مستغفر: مسند الإمام أحمد 1/ 120، 509هل من مذنب 3/ 24، 49في مسند الإمام أحمد أيضا.
(3) غافر: 3.
(4) في تفسير الطبري 24/ 41 (شديد العقاب لمن عاقبه من أهل العصيان).
(5) مطرف بن عبد الله بن الشخير، يكنى أبا عبد الله. كان زاهدا من كبار التابعين، ثقة فيما رواه من الأحاديث. ولد في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتوفي في الكوفة نحو سنة 87هـ انظر حلية الأولياء 2/ 198، 212وانظر أيضا الأعلام. الزركلي 8/ 54.
(6) في الأصل: (مالك دينار) وهو خطأ في النسخ، ومالك هذا يكنى أبا يحيى من أشهر رواة الحديث، كان ورعا زاهدا يكتب المصاحف بالأجرة ويأكل من كسبه. انظر حلية الأولياء 2/ 357.
(7) الإسراء: 25، والخبر في الحيوان 3/ 160.(1/106)
1512
قول لقتادة في توبة العباد
قتادة في قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللََّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهََالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} (1). قال، اجتمع أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم على أن كل ذنب أتاه عبد عمدا فهو بجهالة (2).
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: إن الله يعطي كل مؤمن
وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم (3): (إن الله يعطي كل مؤمن جوازا على الصراط وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من الله الغفور الرحيم لفلان بن فلان. أما بعد، فادخلوا جنة عالية، قطوفها دانية) (4).
قال:
2512
يأس الزهري لذنب اقترفه
قارف الزهري (5) ذنبا فاستوحش من الناس وهام على وجهه، فقال له زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم: يا زهري، لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أشد عليك من ذنبك (6).
فقال الزهري: الله يعلم حيث يجعل رسالته. (7) ورجع إلى حاله وأهله.
رأي ابن عباس في أرجى آية
قال ابن عباس:
__________
(1) النساء: 17.
(2) هذا رأي ابن مجاهد، والضحاك وعكرمة. ورأى آخرون أن كل شيء عصي به، فهو جهالة عمدا كان أو غيره. راجع آراءهم في تفسير الطبري 4/ 299.
(3) كتب الصحاح ومعجم فنسنك خلو من هذا الحديث. وكل حديث لم نوثقه هذا شأنه.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَمََّا مَنْ أُوتِيَ كِتََابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هََاؤُمُ اقْرَؤُا كِتََابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلََاقٍ حِسََابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رََاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عََالِيَةٍ} الحاقة 2219.
(5) الزهري هو محمد بن مسلم، يكنى أبا بكر أحد الفقهاء والمحدثين التابعين لقي عشرة من الصحابة، وروى عنه جماعة من الأئمة توفي نحو 114هـ وقيل 123هـ وقيل 125هـ. انظر: وفيات الأعيان 3/ 318.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضََّالُّونَ} الحجر: 56وقوله تعالى: {تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} الزمر: 53.
(7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنعام: 124.(1/107)
أرجى آية في كتابه عز ذكره {إِنَّ اللََّهَ لََا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مََا دُونَ ذََلِكَ لِمَنْ يَشََاءُ} (1). قال: وأرجى منها قوله تعالى: {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (2).
رأي غيره في أرجى آية
وقال غيره:
أرجى آية في كتاب الله عز وجل {تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (3). قال: يعني علوا في الأرض كعلو فرعون، وفسادا كفساد فرعون، والعاقبة للمتقين الذين تبرأوا من هاتين الخصلتين، والله أعلم.
1522
فصل في ذكر نعمته عزّ وجلّ
قول لبعض السلف
قول بعض السلف:
إذا أردت أن تعلم نعمة الله عليك، فغمض عينيك، ثم افتحها ليتبين لك مصداق قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (4).
نص من كتاب المبهج
وقلت في كتاب المبهج (5):
__________
(1) النساء: 48.
(2) الزمر: 53.
(3) القصص: 83.
(4) إبراهيم: 34.
(5) النص في المبهج: 51وأوله: (تعالى الله ما ألطف صنعته، وما أتقن صنيعته وما أحسن صبغته. سبحان من لا تعده الأوهام والألسنة، ولا تغيره الشهر والسنة، ولا تأخذه النوم والسنة).(1/108)
سبحان من لا يحصر نعمه حاصر، فكل حساب عنها قاصر (1) {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (2).
قول نوبخت المنجم للمنصور لما عزم على بناء بغداد
لما بنى المنصور مدينة بغداد أخبره نوبخت المنجم بما تدل عليه النجوم من طول ثباتها وكثرة عمارتها، وانصباب (3) الدنيا عليها، وفقر الناس إليها. فقال المنصور: {ذََلِكَ فَضْلُ اللََّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (4).
ويقال إن الكتّاب أخذوا قولهم (5) وأتم نعمته عليك وزادها (6) أخذوه من قول عدي ابن الرقاع العاملي (7).
صلّى الإله على امرئ ودعته ... وأتمّ نعمته عليك وزادها
1532
فصل في ذكره سبحانه
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: أرفع الناس درجة
سئل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن أرفع عباد الله درجة يوم القيامة فقال: (الذاكرون الله كثيرا والذاكرات) (8).
__________
(1) في المبهج 51: سبحان من لا يخلى عبيده عند المحن من المنح، وفي النقم من النعم، سبحان مقدر الأقوات على اختلاف الأوقات، سبحان من نعمه لا تحصى، مع كثرة ما يعصى.
(2) إبراهيم: 34وهي غير موجودة في تحميد المبهج.
(3) في الأصل: (وانصاب).
(4) الحديد: 21.
(5) في الأصل: (قوله).
(6) القول إشارة إلى يوسف الآية: 6، وفي الأصل: (زاد فيها).
(7) عدي بن الرقاع بن زيد بن مالك من عامله، شاعر كبير من أهل دمشق. كان مهاجيا لجرير ومدح بني أمية انظر: معجم الشعراء: 86.
(8) من قوله تعالى: {وَالذََّاكِرِينَ اللََّهَ كَثِيراً وَالذََّاكِرََاتِ أَعَدَّ اللََّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} الأحزاب: 35.(1/109)
قيل: يا رسول الله والمجاهد في سبيل الله؟
قال: لو ضرب بسيفه في الكفار حتى يخضب دما وينكسر، لكان الذاكرون الله أفضل (1).
قول لسعيد بن جبير
وعن سعيد بن جبير، في قوله تعالى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (2). قال اذكروني بالظلمة أذكركم بالعصمة (3).
2532
فصل في تقديره جل جلاله
قول عمر بن الخطاب لما طعنه أبو لؤلؤة
لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في المحراب يصلي بالناس صلاة الصبح جمع ملحفته (4) على بطنه وقال: {وَكََانَ أَمْرُ اللََّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} (5).
قول شبيب الخارجي عند غرقه
ولما خرج شبيب الخارجي (6) من الكوفة يريد الأهواز، وقد فعل الأفاعيل ارتطم فرسه في (نهر) دجيل (7) فغرق وهو يقول {ذََلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (8).
__________
(1) في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قلت يا رسول الله أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال الذاكرون الله كثيرا. قال قلت، والغازي في سبيل الله؟ قال: لو ضرب بسيفه في الكفار المشركين حتى ينكسر).
(2) البقرة: 152. وفي الأصل: (اذكروني).
(3) ورد غير هذا التفسير عن سعيد بن جبير في تفسير الطبري 2/ 37وهو اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي.
(4) الملحفة: واحدة الملاحف وهي نوع من الثياب. الصحاح (لحف).
(5) الأحزاب: 38.
(6) شبيب الخارجي هو أبو الضحاك شبيب بن يزيد خرج على الدولة الأموية، وقاتله الحجاج في معارك عديدة، ونجا بنفر قليل من أصحابه، ثم مرّ بجسر دجيل، ونفر به فرسه فألقاه في الماء ومات. انظر: الطبري 7/ 255البداية والنهاية 9/ 20، الأعلام 3/ 229.
(7) في الأصل: (وحل).
(8) الأنعام: 96وفي تاريخ الطبري: أن حافر رجل فرس شبيب نزل على حرف السفينة فسقط في الماء. فلما سقط قال:
{لِيَقْضِيَ اللََّهُ أَمْراً كََانَ مَفْعُولًا} فارتمى في الماء ثم ارتفع فقال: ذلك تقدير العزيز الحكيم. وفي البداية والنهاية:
إنه لما ألقاه جواده في نهر دجيل قال له رجل: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ قال: {ذََلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.(1/110)
شعر لبعضهم
وقال بعض الشعراء:
كم من لبيب راجح علمه ... مستحصف الرأي (1) مقل (2) عديم
ومن جهول وافر ماله ... {ذََلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}
بين ابن الجماز وقتيبة بن مسلم
قال: دخل (3) أبو الجماز على قتيبة بن مسلم (4)، وبين يديه رجل يضرب بالعصا.
فقال له:
أيها الأمير، قد جعل الله لكل شيء قدرا (5)، ووقّت له وقتا (6) فالعصا للأنعام والهوام، والبهائم العظام. والسوط للحدود، والتعزيز (7). والدرة (8) للتأديب، والسيف لقتال العدو والقود (9). فقال قتيبة:
صدقت. وأمر برفع الضرب عن المضروب، وتخلية (10) سبيله.
__________
(1) مستحصف الرأي: أي حكيم العقل.
(2) في الأصل: (عذيم) والصواب عديم من العدم. وهو الفقر، واعدم الرجل افتقر فهو معدم وعديم.
(3) في الأصل: (وحل).
(4) قتيبة بن مسلم الباهلي: كان أبوه كبير القدر عند يزيد بن معاوية، وكانت له أخبار كثيرة فيما وراء النهر وتولى خراسان مدة 13سنة وقتل بفرغانة. انظر معجم الشعراء: 212، الأعلام 28: 6.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللََّهَ بََالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللََّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} الطلاق: 3.
(6) إشارة إلى آيات كثيرة من القرآن الكريم انظر مثلا العنكبوت: 29.
(7) التعزير: التأديب ومنه سمي الضرب دون الحد تعزيرا. الصحاح (عزر).
(8) الدرة: التي يضرب بها انظر (الصحاح) (درر).
(9) القود: القصاص. انظر لسان العرب (قود).
(10) في الأصل: (وتحلية).(1/111)
1542
فصل في الشفاء، من عند الله تعالى
قول سفيان بن عيينة عند مرضه
قيل لسفيان بن عيينة (1) في مرض عرض له، ألا ندعو لك طبيبا؟
فقال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللََّهُ بِضُرٍّ فَلََا كََاشِفَ لَهُ إِلََّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2).
قول لإبراهيم بن أدهم
وقيل في مثل ذلك لإبراهيم بن أدهم (3). فقال {وَإِذََا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (4).
نص من كتاب المبهج
وقلت في كتاب المبهج: إذا مسّك الضر فالله يكفيك، وإذا شفّك السقم فالله يشفيك.
1552
فصل في اقتران وعده بوعيده عز وجل
قول أبي بكر في آيات الرحمة والعذاب
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إن الله عز وجل قرن (5) آية العذاب بآية الرحمة ليكون العبد راغبا، راهبا. قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (6)، {وَأَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (7). وقال جل ذكره: {نَبِّئْ عِبََادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذََابِي هُوَ الْعَذََابُ الْأَلِيمُ} (8). وقال تعالى {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو}
__________
(1) سفيان بن عيينة يكنى أبا محمد مولى بني هلال بن عامر مات سنة 198. انظر الطبقات: 284.
(2) الأنعام: 17.
(3) إبراهيم بن أدهم يكنى أبا إسحاق العجلي البلخي الزاهد توفي في بلاد الروم سنة 161هـ، انظر صفة الصفوة 4/ 127.
(4) الشعراء: 80.
(5) في الأصل: (قزوزا به).
(6) الأنفال: 25، البقرة: 196.
(7) المائدة: 98.
(8) الحجر: 49، 50.(1/112)
{مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقََابٍ أَلِيمٍ} (1).
قول بعض النساك
وكان بعض النساك إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني.
فقالت له امرأته: إن الله قد أحسن إليك وهداك (2).
قال: أجل، ولكن بيّن لنا أنّا واردوها، ولم يبين لنا أنا صادرون عنها يعني قوله (تعالى) (3) {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا كََانَ عَلى ََ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} (4).
بين الربيع بن خثيم ابنته
قالت ابنة الربيع بن خثيم (5) له: يا أبت ما لك لا تنام، والناس نيام؟
فقال: يا بنية، أخاف البيات (6). إن الله تعالى يقول {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ََ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنََا بَيََاتاً وَهُمْ نََائِمُونَ} (7).
1562
فصل في فقر من ذكر قدرته وجوده وغناه وسائر صفاته
بين معاوية وسعيد بن العاص
قال معاوية (8) لسعيد بن العاص (9): كم ولدك؟
قال: عشرة، أكثرهم الذكور.
__________
(1) فصلت: 43.
(2) في الأصل: (وهزاك).
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) مريم: 71.
(5) الربيع بن خثيم من بني ثور بن عبد مناة، يكنى أبا يزيد. توفي زمن ابن زياد. انظر الطبقات: 141. جمهرة أنساب العرب:
201، حلية الأولياء 2/ 105.
(6) البيات من قولهم: بيّت العدو أي أوقع بهم ليلا والاسم البيات.
(7) الأعراف: 97.
(8) في الأصل: (معوية).
(9) سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، كان ممن ندبه عثمان لكتابة القرآن. غزا طبرستان وجرجان، وولي المدينة لمعاوية.
توفي نحو 53هـ. الإصابة 2/ 46.(1/113)
فقال معاوية: {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ الذُّكُورَ} (1).
وقال سعيد: (يؤتى الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء) (2).
شعر لأبي الفتح البستي
وأنشدني أبو الفتح علي بن محمد البستي (3) الكاتب لنفسه في الاقتباس من هذه الآية:
إذا خدم السلطان قوم ليشرفوا (4) ... به وينالوا كلّما يتشوفوا
خدمت إلهي، واعتصمت بحبله ... ليعصمني من كل ما أتخوّف
وخدمة (6) من يولى السلاطين ملكهم ... وينزعه عنهم أجلّ وأشرف (5)
قول لأبي حازم
قيل لأبي حازم: أنت مسكين.
فقال: كيف أكون مسكينا، ولمولاي السموات والأرض، وما بينهما، وما تحت الثرى (7).
قول لبعض الحكماء
قال (8) بعض الحكماء:
لا يزال تراث الأوائل ينتقل إلى الأواخر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين (9). قال الله تعالى {وَلِلََّهِ مِيرََاثُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاللََّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ}
__________
(1) في الأصل: (الذكورة).
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشََاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشََاءُ} آل عمران: 26.
(3) البستي أبو الفتح علي بن محمد، أديب وشاعر، كثر في شعره البديع والتجنيس توفي نحو 400هـ وقيل 407هـ في بخارى.
انظر يتيمة الدهر 4/ 303وفيات الأعيان 3/ 58.
(4) في الأصل: (ليشرفوا يتشوق).
(5) في الأصل: (وخدمت).
(6) الأبيات غير موجودة في ديوانه.
(7) إشارة إلى قوله تعالى من سورة طه: 6 {لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَمََا بَيْنَهُمََا وَمََا تَحْتَ الثَّرى ََ}.
(8) في الأصل: (قا).
(9) من قوله تعالى في سورة مريم: 40 {إِنََّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهََا وَإِلَيْنََا يُرْجَعُونَ}.(1/114)
{خَبِيرٌ} (1).
سجود المهتدي لما بلغه خبر هزيمة مشاور الشاري
لما جاء البشير إلى المهتدي بأن موسى بن بغا (2) هزم مساور الشاري (3) وأصحابه وقتل (4) فيهم مقتلة عظيمة. نزل من سريره، وسجد على التراب وجعل يقول: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللََّهُ فَلََا غََالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} (5).
1572
فصل في ذكر تسخيره تعالى الناس بعضهم بعضا
قد أخبر الله تعالى ما دبّر عليه عباده من تصييرهم (6) في درجات متفاضلة، وبيّن علة ذلك بقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلََائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مََا آتََاكُمْ} (7). وقال تعالى {نَحْنُ قَسَمْنََا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَرَفَعْنََا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا} (8). فوصف عزّ ذكره أنهم لم يكونوا يستغنون في قوام معايشهم على أن يكونوا
__________
(1) آل عمران: 180.
(2) موسى بن بغا من كبار القواد الأتراك كان أبوه أحد غلمان المعتصم. ولما مات بغا سنة 248هـ تقلد موسى ما كان يتقلده أبوه، وضم إليه أصحابه. انظر: مروج الذهب 4/ 96، 97، 98.
(3) مساور الشاري بن عبد الحميد مولى بجيلة. والشاري نسبة إلى الشراة وهم فرقة من الخوارج. انظر التنبيه والأشراف ص 366ط خياط، اللباب 2/ 4.
(4) في الأصل: (وقيل).
(5) آل عمران: 160.
(6) في الأصل: (تصييرهم).
(7) الأنعام: 165.
(8) الزخرف: 32.(1/115)
متفاضلي درجات الرفعة، والضعة، والغنى والفقر والسعة (1)، والضيق، ليتعايشوا بذلك، ويتعاونوا في المعايش التي لا بد لهم من الترافد فيها (2).
شعر لأبي الفتح البستي
وأنشدني أبو الفتح لنفسه في هذا المعنى:
سبحان من سخّر الأقوام بعضهم ... بعضا حتى استوى التدبير واطردا
كلّ بما عنده مستبشر فرح ... يرى السعادة فيما نال واعتقدا
فصار يخدم هذا ذاك من جهة ... وذاك من جهة هذا وإن بعدا (3)
1582
فصل في ذكر طرف من حكمته
قال الله تعالى: {لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا} (4).
شعر لبعضهم
وقال الشاعر مقتبسا من الآية:
ما كلّف الله نفسا فوق طاقتها ... ولا تجود يد إلّا بما تجد
قال الله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُغَيِّرُ مََا بِقَوْمٍ حَتََّى يُغَيِّرُوا مََا بِأَنْفُسِهِمْ} (5).
شعر لأبي دلامة
قال أبو دلامة زند بن الجون (6) مقتبسا من هذه الآية:
__________
(1) في الأصل: (والفقير والضيق).
(2) الترافد: التعاون. الصحاح: (رفد).
(3) الأبيات في ديوانه ص 241نقلا عن مخطوطة الاقتباس.
(4) البقرة: 286.
(5) الرعد: 11.
(6) في الأصل: (زيد) والصواب: زند: شاعر كثير النوادر صاحب بديهة وظرف، كان مدّاحا للخلفاء. انظر طبقات الشعراء:
62.(1/116)
أبا (1) مجرم ما غيّر الله نعمة ... على عبده حتى يغيرها العبد (2)
قال الله تعالى: {الشَّيْطََانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشََاءِ وَاللََّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللََّهُ وََاسِعٌ عَلِيمٌ} (3).
شعر لابن الرومي
قال ابن الرومي (4) مقتبسا من هذه الآية:
أرى الشيطان يوعدني شرورا ... ووعد الله بالخيرات أوفى
1592
فصل في ذكر صبغة الله تعالى
شعر لبعض الظرفاء
قال بعض الظرفاء:
أربع بربع للربيع وكن به ... ضيفا يكن ندماءك الأنوار (5)
__________
(1) في الأصل: (أيا).
(2) البيت في الشعر والشعر (ط دار المعارف) 751، الأغاني (دار الكتب) 10/ 235طبقات الشعراء 62. وقد ذكر ابن المعتز أنه قاله في أبي مسلم الخراساني. وكان الأخير قد توعده بالقتل لشيء بلغه عنه. فلما قتل المنصور أبا مسلم دخل أبو دلامة ورأس أبي مسلم في الطست فأنشد البيت وبعده:
أبا مجرم خوفتني القتل فأنتحى ... عليك بما خوفتني الأسد الورد
أفي دولة المنصور حاولت غدرة ... ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد
(3) البقرة: 268.
(4) في الأصل: (الدومي).
(5) هناك ارتباك وخطأ في نسخ البيتين وإذ روى البيت الأول هكذا:
أربع بربع الربيع وكن به ... صيفا تكن برمال الأنوار
وقد وجدت البيتين في أحسن ما سمعت ص 230فصححت رواية البيت الأول.(1/117)
من فاقع في ناصع في قانئ (2) ... في ناضر قد صاغها الجبار (1)
يشير إلى قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللََّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللََّهِ صِبْغَةً} (3).
نص من كتاب المبهج
ولى في كتاب المبهج:
تعالى الله، ما ألطف صبغته، وأبدع صيغته، وأحسن صنعته.
1602
فصل يليق بهذا المكان من الكتاب المبهج يشتمل على فصول مقتبسة من القرآن
سبحان (4) من لا تحدّه الأوهام والألسنة. ولا تغيّره (5) الشهر والسنة، ولا يأخذه النوم ولا السنة (6). لا يأس مع فضل الله، ولا يأس من روح الله (7)، قد ينصر (8) الله
__________
(1) في الأصل: (قال)، وهو خطأ في النسخ لا يستقيم معه الوزن. والأرجح أن تكون قانئ والقانئ: الأحمر. من قولهم قنا الرجل لحيته بالخضاب تقنئة، وقد قنأت هي من الخضاب، تقنأ قنوء اشتدت حمرتها. انظر الصحاح (قنأ).
(2) في الأصل: (في ناضر صاغها). روايته في أحسن ما سمعت.
من قانئ في ناضر في فاقع ... في ناصع صبّاغها الجبار
والفاقع الخالص الصفرة أو الحمرة، وقيل خلوص الصفرة. والفقع شدة البياض أو الصفرة أو الحمرة وفي نثر النظم:
من أخضر في أحمر في أصفر ... في أبيض صبّاغها الجبار
(3) البقرة: 138.
(4) النص من منتخبات من رسائل الثعالبي (المبهج): 51.
(5) في الأصل: (لا تغيره).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لََا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلََا نَوْمٌ} البقرة: 255.
(7) بعده في المبهج: من رداه الله برداء الإيمان، فقد أهله لليمن والأمن والأمان.
(8) في الأصل: (قد يضر).(1/118)
بالحرب (1) الأضعف على العدد المضعف {مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ} (2).
لا يقرع باب السماء بمثل الدعاء {مََا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلََا دُعََاؤُكُمْ} (3).
__________
(1) في الأصل: (الحر) وأثبتنا نص المبهج.
(2) البقرة: 249.
(3) الفرقان: 77.(1/119)
1612 - الباب الثاني
في
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده الله عزّ وجلّ بها، وفضّله على جميع خلقه بما وهب له من الكلام المقتبس من القرآن(1/121)
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأجزاء من بعض محاسنه وخصائصه التي أفرده الله عزّ وجلّ بها، وفضّله على جميع خلقه بما وهب له من الكلام المقتبس من القرآن
الباب الثاني في ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأجزاء (من) (1) بعض محاسنه وخصائصه التي أرفده بها، وفضّله على جميع خلقه (بما وهب له منها) (2) وشيء من كلامه المقتبس من القرآن.
فصل في ذكر كرامته على الله عزّ ذكره واختصاصه به وارتفاع مقداره عنده وعلو منزلته لديه
قول لابن عباس
عن ابن عباس:
والله ثم والله، ما خلق الله، ولا برأ، ولا ذرأ نفسا أكرم عليه من محمد صلّى الله عليه وسلّم، وما سمعناه أقسم بحياة أحد غيره حيث قال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (3)
يعني وحياتك يا محمد (4).
2612
قول لبعض السلف
وقال بعض السلف:
إنما جعل الله النبي عليه السلام {أَوْلى ََ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (5) لأن النفس أمّارة بالسوء. والنبي (6) صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر إلا بما فيه صلاح الدارين.
قول لعمر بن عبد العزيز
وقال عمر بن عبد العزيز:
__________
(1) في الأصل: (واجرا بعض).
(2) في الأصل: (وهب منها) والتصويب من فهرس المخطوطة التي وجدت في أول الكتاب.
(3) الحجر: 72.
(4) أورد الطبري هذا التفسير عن ابن عباس ولكنه لم يورد عبارة (والله ثم والله) انظر: جامع البيان 14/ 44.
(5) الأحزاب: 6.
(6) في الأصل: (والببتى).(1/123)
من كرامة النبي صلّى الله عليه وسلّم على ربه أنه أخبره بالعفو قبل أن يخبره بالذنب. فقال تعالى:
{عَفَا اللََّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (1).
المفسرون في قوله تعالى {وَرَفَعْنََا لَكَ ذِكْرَكَ} (2) قالوا: ستذكر حين أذكر.
وكفى به شرفا (3) وفخرا (4).
قول محمد بن علي بن الحسين في أدب الرسول صلّى الله عليه وسلّم
محمد بن علي بن الحسين (5) رضي الله عنهم:
إن الله تعالى أدّب نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بأحسن الأدب فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ} (6). فلما علم انه قبل الأدب قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى ََ خُلُقٍ عَظِيمٍ} (7)، فلما استحكم له من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أحبه قال لأمته: {وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (8).
قوله في أرجى آية في القرآن الكريم
وقال يوما لجلسائه (9): إنكم تقولون إن أرجى آية من كتاب الله عز وجل {قُلْ يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ}
__________
(1) التوبة: 43.
(2) الانشراح: 4.
(3) في الأصل: (تشرفا).
(4) جاء في تفسير الطبري 3/ 235: (لا أذكر إلا ذكرت معي، وذلك قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله).
(5) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يكنى أبا جعفر، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. توفي سنة 118هـ انظر: الطبقات: 255.
(6) الأعراف: 199.
(7) القلم: 4.
(8) الحشر: 7.
(9) في الأصل: (لجلسا به).(1/124)
{الذُّنُوبَ جَمِيعاً} (1)، ونحن أهل البيت نقول (2) أرجى آية في كتاب الله تعالى قوله:
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ََ} (3)، وذلك أنه لما نزلت هذه الآية قال عليه السلام لجبريل: يعطيني ربي حتى أرضى؟ قال: نعم. فإني أسأله أن (4) يعطيني حتى أرضى، وهو أن لا يعذب أمتي بالنار.
1622
فصل في الصلاة عليه
أول من قال إن الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه هو الهادي
أول من قال إن الله تعالى، أمركم بأمر بدأ فيه (5) بنفسه، وثنى بملائكته، فقال: {إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (6) (الهادي) (7) بن المهدي بن المنصور، ثم تلفاه الخلفاء، والخطباء بعده إلى يومنا هذا.
شعر لبعضهم
وقال بعض الشعراء:
صلّى الإله على ابن آمنة التي ... جاءت (8) به سبط البنان كريما
قل للذين رجوا شفاعة أحمد ... صلوا عليه وسلموا تسليما
__________
(1) الزمر: 53.
(2) في الأصل: (يقول).
(3) الضحى: 5.
(4) في الأصل: (عن).
(5) في الأصل: (برأ).
(6) الأحزاب: 65.
(7) في الأصل: (المهدي) وليس في ولد الخليفة المهدي من اسمه المهدي والصواب الهادي. انظر: جمهرة أنساب العرب: 22.
(8) في الأصل: (جارته).(1/125)
1632
ما كتبه بعض البلغاء
وكتب بعض البلغاء:
صلى الله على محمد ذي المحتد الكريم، والشرف العميم والحسب (1) الصميم، والخلق العظيم، والدين القويم، والقلب السليم الذي (2) دعا إلى الله بإذنه على حين فترة من الرسل (3)، واختلاف من الملل، وتشعب من السبل قوما يعبدون ما ينحتون (4)، والله خلقهم وما يعبدون (5)، فصدّع (6) بأمر ربه، وبلّغ ما تحمّل من رسالاته حتى أتاه اليقين، {وَظَهَرَ أَمْرُ اللََّهِ وَهُمْ كََارِهُونَ} (7).
من رسالة لابن عباد
ولابن عباد من رسالة:
صلّى الله (8) على المبارك مولده، السعيد مورده، القاطعة حجته، السامية درجته الذي نسخت بملته (9)، الملل، وبنحلته النحل، وصار العاقب والخاتم والقاطع، والجازم، قد أفرد بالزعامة وحده، وختم ألا نبيّ (10) بعده. لم يكتب كاتب إلا ابتدأ مصليا عليه، ولا يختم إلّا بردّ السلام والتحية إليه، ذاك البشير النذير، السراج المنير (11)، محمد سيد الأولين والآخرين.
__________
(1) في الأصل: (والحسيب).
(2) في الأصل: (الدى).
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {يََا أَهْلَ الْكِتََابِ قَدْ جََاءَكُمْ رَسُولُنََا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى ََ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} المائدة: 19.
(4) في الأصل: (ما تنحتون).
(5) في الأصل: (وما يعبد).
(6) في الأصل: (وصرع). وصدع بأمر ربه أي أظهر دينه والقول إشارة إلى الآية الكريمة: {فَاصْدَعْ بِمََا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} الحجر: 94
(7) من قوله تعالى: {حَتََّى جََاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللََّهِ وَهُمْ كََارِهُونَ} التوبة: 48.
(8) في الأصل: (علىّ).
(9) في الأصل: (التي نسخت بمثلته وبنحلته البخل) وهو تحريف في النسخ.
(10) في الأصل: (بني).
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ شََاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدََاعِياً إِلَى اللََّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرََاجاً مُنِيراً} الأحزاب: 45، 46.(1/126)
2632
من كتاب المبهج
ومن كتابي المعروف بالمبهج (1).
صلّى الله على محمد الذي (2) ما هو إلا شفاء السقيم (3)، والهادي إلى الصراط المستقيم، والدليل إلى النعيم المقيم، والمجير (4) من عذاب اليوم العقيم.
1642
فصل في ذكر أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم
ابن عباس، وأنس بن مالك، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم (رضي الله عنهم) دخل حديث بعضهم في بعض قالوا جميعا:
كان رسول الله يعود المرضى، ويشيع الجنائز، ويجيب الداعي (5) ولو إلى كف (6)
حشف (7). ويقول (8): (لو دعيت إلى ذراع (9) لأجبت، ولو أهدى إليّ كراع لقبلت).
وكان يصافح الغنى، والفقير، ويبدأ بالسلام، ويجلس مع المساكين، والضعفاء، ويلبس العباء، ويمشى في الأسواق ويركب الحمار (10)، ويأكل على الأرض، ويقول إنما أنا
__________
(1) النص في فصل بعنوان: (في ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم) المبهج 52.
(2) في المبهج: (خيرة الله وخاصته، وأثرته وخالصته أخلص الخالصين وأخص الأخصين ورحمة للدانين والقاصين، وشفيع للمذنبين والعاصين).
(3) في الأصل: (المستقيم).
(4) في الأصل: (المحير) وفي المبهج: (والمجبر من عذاب يوم عقيم).
(5) في الأصل: (المرسي الراعي).
(6) في الأصل: (والوالي).
(7) الحشف: أردأ التمر. وفي المثل: أحشفا وسوء كيلة. لسان العرب (حشف).
(8) في صحيح البخاري 3/ 201: (لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدى إليّ ذراع لقبلت) وفي الحاشية كراع بدلا من ذراع.
وفي رواية أخرى: (لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدى إلى ذراع أو كراع لقبلت) وانظر الكافي ج 6/ 274وفيه: (لو أن مؤمنا دعاني إلى طعام ذراع شاة لأجبت، وانظر أقوال الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) وصفاته هذه في البيان والتبيين 2/ 30.
(9) في الأصل: (دماغ).
(10) في الأصل: (وبركت).(1/127)
عبد آكل كما يأكل العبد (1). وكان يمزح ولا يقول إلا حقا. مازح (2) عجوزا فقال: (إن الجنة لا يدخلها العجز). فبكت وجزعت، فقرأ عليه السلام {إِنََّا أَنْشَأْنََاهُنَّ إِنْشََاءً (35) فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً (36) عُرُباً أَتْرََاباً} (3).
وكان يعقل البعير، ويعلف الناضج (4)، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويصلح الدلو.
وكان يقول: (لا تفضلوني (5) على من سبح الله في الظلمات الثلاث) يعني يونس عليه السلام (6). ولا شك في أنه أفضل منه، ومن جميع الأنبياء عليهم السلام، ولكنه كان يعطي التواضع حقه.
وأتى يوما برجل فأخذته الرّعدة فقال له: (هوّن (7) عليك فإنما أنا بشر مثلكم (8)، ولست بملك، ولا جبار، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد) (9).
وكان عليه السلام هيّن المؤونة لين الجانب. كما قال الله تعالى {فَبِمََا رَحْمَةٍ مِنَ اللََّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (10).
__________
(1) في الأصل: (العبد).
(2) في الأصل: (مازج).
(3) الواقعة 3735وورد في تفسير هذه الآية: (هن اللواتي قبضن في الدنيا عجائز، رمصا شمصا، خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى) انظر تفسير الطبري 27/ 187.
(4) في الأصل: (بعقل ويرفع) والناضج البعير يستقى عليه. والأنثى ناضجة.
(5) في الأصل: (لا يفضلوني).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغََاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنََادى ََ فِي الظُّلُمََاتِ أَنْ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنْتَ سُبْحََانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظََّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ} الأنبياء: 8887.
(7) انظر في هذا المعنى سورة فصلت: 6وآيات أخرى.
(8) في الأصل: (هين).
(9) القديد: اللحم المقدد أي المجفف. لسان العرب (قدد).
(10) آل عمران: 159. والحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة وروايته فيه: هوّن عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد.(1/128)
وكان كريم الطبيعة، جميل العشرة، طلق الوجه، هشّا بشّا، بساما في غير ضحك، متواضعا من غير ذل، جوادا من غير سرف، رقيق القلب كما قال الله تعالى {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} (1).
وكان لم يتجشأ قط من شبع (2)، ولا مدّ يده إلى طمع، وما كان أكل قط وحده، ولا منع رفده (3)، ولا ضرب عبده، ولا ضرب أحدا إلا في سبيل ربه.
وكان يتوسد (4) يده ويغضّ من نفسه، فذلك قول الله تعالى فيه {وَإِنَّكَ لَعَلى ََ خُلُقٍ عَظِيمٍ} (5)، ولا عظيم أعظم ممن عظّمه الله، ولو لم يكن من كرم خلقه، وشرف نفسه، وحسن عفوه، وسماحة طبعه، ورجاحة (6) علمه إلّا ما كان منه يوم فتح مكة لكان (7) ذلك من أكمل الكمال. وقد كانوا قتلوا أعمامه وأولياءه (8)، وقلاه أنصاره بعد أن حصروه (9) في الشّعاب، وعذّبوا أصحابه بأنواع العذاب، وجرحوه في بدنه، وآذوه في نفسه وسفّهوا رأيه، (10) وأجمعوا على كيده. فلما دخل مكة عنوة بغير جهد (11)، وظهر عليهم على صغر منهم (12). قام خطيبا فحمد الله، وأثنى عليه. قال: ألا إني أقول لكم ما قال أخي يوسف لأخوته {لََا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللََّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرََّاحِمِينَ} (13).
__________
(1) التوبة: 128.
(2) في الأصل: (يبحش).
(3) في الأصل: (رقده).
(4) في الأصل: (يتوسل). وورد في سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/ 206كان يتوسد يمينه عند المنام.
(5) القلم: 4.
(6) في الأصل: (وسجاحة وتخانة).
(7) في الأصل: (مله لقد كان).
(8) في الأصل: (أولياه).
(9) في الأصل: (حضروه).
(10) في الأصل: (عليه).
(11) في الأصل: (جهرهم).
(12) يفي الأصل: (صفر).
(13) يوسف: 92والخطبة في البيان والتبيين 2/ 30ويقال إنه حين وقف خطيبا فيهم قال: (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء) السيرة 2/ 412، الطبري 3/ 120.(1/129)
1662
فصل في نبذ من محاسنه وخصائصه عليه السلام
لا وصف أبلغ، ولا مدح أمدح مما ذكر الله تعالى به نبيه محمدا عليه السلام في آي كثيرة من كتابه فقال: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنََّا أَرْسَلْنََاكَ شََاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدََاعِياً إِلَى اللََّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرََاجاً مُنِيراً} (1). وقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرََاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهََاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبََاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ} [2] الْخَبََائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلََالَ الَّتِي كََانَتْ عَلَيْهِمْ (3) وما من نبي إلّا قد كان مرسلا إلى قوم معلومين، وأمة مخصوصة سواه عليه السلام فإنه كان مبعوثا إلى الأحمر والأسود كما قال الله تعالى: {قُلْ يََا أَيُّهَا النََّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللََّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} (4). وقال: {نَذِيراً لِلْبَشَرِ} (5). وقال: {وَمََا أَرْسَلْنََاكَ إِلََّا كَافَّةً لِلنََّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} (6). وقال: {لِيَكُونَ لِلْعََالَمِينَ نَذِيراً} (7) وقال: {وَأَرْسَلْنََاكَ لِلنََّاسِ رَسُولًا} (8) وقد قرن طاعته بطاعته، وجعل العمل بقوله كالعمل بكتابه فقال:
__________
(1) الأحزاب: 5، 46.
(2) في الأصل: (عنهم).
(3) الأعراف: 157.
(4) الأعراف: 158.
(5) المدثر: 36.
(6) سبأ: 28.
(7) الفرقان: 1.
(8) النساء: 79.(1/130)
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (1).
وذكر قضاءه، وناهيك به منزلة ودرجة فقال: {وَمََا كََانَ لِمُؤْمِنٍ وَلََا مُؤْمِنَةٍ إِذََا قَضَى اللََّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللََّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلََالًا مُبِيناً} (2).
ومن خصائصه عليه السلام: أن معجزات الأنبياء قبله كانت ملحوظة (3) تدركها الأبصار، فهي زائلة بزوال أصحابها، ذاهبة مع ذهابها (4)، ومعجزته صلّى الله عليه وسلّم معقولة تدركها البصائر أبدا ما دامت السموات والأرض، ألا ترى أن القوم طالبوه بمعجزة تعاينها العيون فقالوا: {لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} (5). فقال الله تعالى {قُلْ إِنَّمَا الْآيََاتُ عِنْدَ اللََّهِ وَإِنَّمََا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (6). ثم قال تعالى {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنََّا أَنْزَلْنََا عَلَيْكَ الْكِتََابَ يُتْلى ََ} [7] عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى ََ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (8) فكم تحت قوله {وَذِكْرى ََ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} من الإشارة إلى المعجزة والنص (9) عليها، والإذكار بها.
__________
(1) النساء: 59.
(2) الأحزاب: 36.
(3) في الأصل: (ملحوطة).
(4) كذا في الأصل والأرجح ذهابهم.
(5) الرعد: 27.
(6) العنكبوت: 50.
(7) في الأصل: (تبلى. ودكرى).
(8) العنكبوت: 51.
(9) في الأصل: (والنصر).(1/131)
1672
فصل في مثل ذلك
قصة وفد بعض الأعراب ومناداتهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم من وراء الحجرات
لما نادى رجل من وفد تميم النبي صلّى الله عليه وسلّم باسمه من وراء الحجرات أنكر الله عليهم سوء الأدب في مناداته، وعدولهم عن تكنيته (1). إلى تسميته فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنََادُونَكَ مِنْ وَرََاءِ الْحُجُرََاتِ أَكْثَرُهُمْ لََا يَعْقِلُونَ} (2) ونبّه الناس على الأدب في إجلاله (3) وإعظامه. قال تعالى {لََا تَجْعَلُوا دُعََاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعََاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} (4). وقال: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلََا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} (5) وأثنى على (6)
من يغض صوته عنده فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوََاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ [اللََّهِ] أُولََئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللََّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ََ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (7).
__________
(1) في الأصل: (تبنيته).
(2) الحجرات: 4.
(3) في تفسير الطبري 26/ 126: أن الآية نزلت في قوم من الأعراب جاءوا ينادون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من وراء حجراته. يا محمد إخراج إلينا. وعن زيد بن أرقم أنه قال: جاء أناس من العرب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال بعضهم لبعض، انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيا فنحن أسعد به، وإن يكن ملكا نعش في جناحه. قال: فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته بذلك قال ثم قدموا إلى حجر النبي صلّى الله عليه وسلّم فجعلوا ينادونه، يا محمد فأنزل الله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم {إِنَّ الَّذِينَ}. وقيل إنها نزلت في الأقرع بن حابس حين أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فناداه. فقال: يا محمد، إن مدحي زين، وإن شتمى شين. فخرج إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال، ويلك فأنزل الله الآية.
(4) النور: 63.
(5) الحجرات: 2.
(6) في الأصل: (عليه).
(7) الحجرات: 3.(1/132)
1682
فصل في بعض النكت
رأي أبي جعفر بن محمد الموسوي في عادة الناس في نثر النثارات أمام الملوك
سمعت أبا جعفر محمد بن موسى الموسوي (1) يقول: إن رسم النثارات للملوك وغيرهم (2) من الكبراء والرؤساء (3) مأخوذ من أدب الله تعالى في شأن رسوله عليه السلام حيث قال {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نََاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوََاكُمْ صَدَقَةً} (4). فكأن اليوم من يبتغي إلى الملك والرئيس مسألة (5) فيقدم عليه، ويقدم (6) نثارا بين يديه، إنما يتصدق بذلك عنه، شكرا لله على ما يسّر من لقائه سالما في نفسه وماله (7)، ويسأله أن يرى فيه برأيه من التصدق به، أو غير ذلك، فلو تولى إعطاءه الفقراء لكان الشك قد نفع في ذلك (الذي) (8) يترجح بين التصديق والتكذيب.
1692
فصل في مثل ذلك
الحبيب أخصّ (9) من الخليل (10) في الشائع المستفيض من العادات. وقد اتخذ الله إبراهيم خليلا (11). وقال لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم {مََا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمََا قَلى ََ} (12). يعني أحبك.
__________
(1) أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي أديب حدث عنه الثعالبي في أكثر كتبه. انظر ثمار القلوب: 462، يتيمة الدهر 4/ 115.
(2) في الأصل: (في عيدهم). وهو تحريف في النسخ.
(3) في الأصل: (الكبرا والدوسا).
(4) المجادلة: 12.
(5) في الأصل: (فسأله).
(6) في الأصل: (وتقدم).
(7) في الأصل: (وحباله) وهو تحريف.
(8) زيادة ليست في الأصل.
(9) في الأصل: (لخص).
(10) الخليل لغة الصديق.
(11) من الآية 125في سورة النساء: {وَاتَّخَذَ اللََّهُ إِبْرََاهِيمَ خَلِيلًا}.
(12) الضحى: 3.(1/133)
وفي مقتضى هذه اللفظة أنه اتخذه حبيبا كما اتخذ إبراهيم خليلا. ومما يؤيد هذا ويؤكده (أن) (1) الله تعالى (لا) يحب (2) أحدا ما لم يؤمن به، ويتبعه، فذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللََّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ} (3).
2692
فصل في اضطرار أعدائه إلى الإقرار بفضله عليه السلام
ذكر صاحب كتاب مجد الفرس في كتابه:
إن جماعة من الزنادقة اجتمعوا في منزل رجل من المسلمين، فتناول أحدهم مصحفا من مصلاه، فجعل ينظر فيه، ويبكى. فقيل له في [م] (4) ذلك. فقال: لهفى على حكيم مثله أفناه (5) الدهر يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما انتهى إلى هذه الآية: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخََافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النََّاسُ فَآوََاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبََاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (6)، بكى حتى بلّ ثوبه. وقال:
سبحان الله ما أقلّ (7) شكر العرب. فعل أبو القاسم ما ينصف وكافأوه بكسر رباعيته (8)، وإدماء حر الوجه، وحللوا حرامه وحرموا حلاله، وطردوه وهمّوا به (9)، وقالوا شاعر،
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) آل عمران: 31.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) في الأصل: (أفتاه).
(6) الأنفال: 26.
(7) في الأصل: (كما اقل).
(8) في الأصل: الرباعية وصوابه: رباعيته كثمانية، وهي السن التي بين الثنية والناب. انظر لسان العرب (ربع).
(9) في الأصل: (وهموا).(1/134)
وساحر ومجنون (1) وكاهن (2)، يعلمه بشر (3). ثم قتلوا أولاده. وسبوا ذريته.
1702
فصل في ذكر الحكمة من كونه عليه السلام بشرا
قول الجاحظ في ذلك
قال الجاحظ:
الشكل أفهم عن شكله (4)، وأسكن إليه، وأحبّ إليه (5)، وذلك موجود في البهائم، وضروب السباع، وأنواع الطير، والصبيّ عن الصبيّ أفهم، وإليه أسرع وبه آنس، وكذلك العالم والعالم والجاهل والجاهل. قال الله تعالى لنبيه: {وَلَوْ جَعَلْنََاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنََاهُ رَجُلًا} (6) والإنسان عن الإنسان أفهم وطباعه إلى طباعه أقرب، وعلى قدر ذلك يكون موقع ما يسمع منه.
2702
فصل في ذكر الحكمة من كونه أميا (7)
لا يكتب ولا يحسب ولا يقول الشعر
قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: {وَمََا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتََابٍ وَلََا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتََابَ الْمُبْطِلُونَ} (8).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {بَلْ قََالُوا أَضْغََاثُ أَحْلََامٍ بَلِ افْتَرََاهُ بَلْ هُوَ شََاعِرٌ} الأنبياء: 5، وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ أَإِنََّا لَتََارِكُوا آلِهَتِنََا لِشََاعِرٍ مَجْنُونٍ} الصافات: 36.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمََا هُوَ بِقَوْلِ شََاعِرٍ قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ (41) وَلََا بِقَوْلِ كََاهِنٍ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ}
الحاقة: 41، 42.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمََا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} النحل: 103.
(4) في الأصل: (شكلة).
(5) في الأصل: (وأصب).
(6) الأنعام: 9.
(7) في الأصل: (وكونه امثالا).
(8) العنكبوت: 48. وفي الأصل: (نتلو من قبله).(1/135)
رأي لبعض المتكلمين
قال بعض المتكلمين (1): إن الله عز ذكره جعل نبيه أميا لا يكتب، ولا يحسب، ولا ينسب، ولا يقرض الشعر، ولا يتكلف الخطابة، ولا يعتمد (2) البلاغة، لينفرد الله تعالى بتعليمه الفقه، وأحكام الشريعة ويقصره على [معرفة] (3) مصالح الدين دون ما تتباهى (4) به العرب من قيافة (5) الأثر والبشر والعلم بالأنواء، وبالخيل، وبالأنساب (6)، وبالأخبار وتكلف قول الأشعار ليكون إذا جاء بالقرآن العظيم (7)، وتكلم بالكلام العجيب (8)، كان ذلك أدل على أنه من الله.
رأي لبعض المتكلمين في صرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الخطابة والشعر
وزعم أن الله لم يمنعه معرفة آدابهم، وأخبارهم، وأشعارهم ليكون أنقص حظا (9) من الكاتب الحاسب، والخطيب الناسب، ولكن ليجعله نبيا، وليتولى [من] (10) تعليمه ما هو أزكى، وأنمى. فإنما نقّصه ليزيده، ومنعه ليعطيه، وحجبه (11) عن القليل ليجلّي (12) له الكثير.
رأي الجاحظ في ذلك
قال الجاحظ: قد أخطأ هذا الشيخ، ولم يرد إلّا الخير (13). وقال بمبلغ علمه، ومنتهى رأيه، ولو قال (14): إن أداة (15) الكتابة والحساب وقرض الشعر، ورواية جميع النسب قد كانت تامة، وافرة، مجتمعة كاملة، ولكنه صرف تلك القوى، وتلك (16) الاستطاعة إلى ما هو
__________
(1) النص من البيان والتبيين 4/ 32وفيه: وكان شيخ من البصريين يقول إنّ الله إنما جعل نبيه
(2) في الأصل: (ولا يعقد).
(3) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل وهي من البيان والتبيين وكررت في المخطوط مرتين.
(4) في الأصل: (يتناهى).
(5) في الأصل: (قيامه) وفي البيان والتبيين: (والبشر من العلم).
(6) في الأصل: (الحيل والانتساب).
(7) في البيان: الحكيم.
(8) في الأصل: (بكلام عجيب) والتصويب من البيان.
(9) في الأصل: (خطا).
(10) زيادة ليست في الأصل.
(11) في الأصل: (صحبته).
(12) في الأصل: (التحيلى).
(13) في الأصل: (الحين).
(14) في البيان: ولو زعم.
(15) في الأصل: (ارادة).
(16) في الأصل: (فتلك).(1/136)
أزكى بالنبوة، وأشبه بمرتبته الرسالة، (ولو) (1) كان (2) احتاج إلى الخطابة لكان أخطب الخطباء، وأنسب من كل ناسب، وأقيف (3) من كل قايف، ولو كان في ظاهره (4) أنه كاتب حاسب، وشاعر ناسب، ومقتف قائف (5)، ثم أعطاه برهانات الرسالة وعلامات النبوة ما كان ذلك بمانع من إيجاب تصديقه، وإلزام (6) طاعته والانقياد (7) لأمره على سخطهم ورضاهم، ومكروههم، ومحبوبهم (8)، ولكنه أراد أن لا تكون للقلوب عرجة (9) عن معرفة ما جاء به ولا يكون للناعب متعلق عما به إليه، حتى لا يكون دون المعرفة بحقه حجاب وإن رق وليكون ذلك أخف في المؤونة، وأسهل في المحنة، فلذلك صرف نفسه عن الأمور التي كانوا يتكلفونها، ويتنافسون فيها. فلما طال هجرانه لقرض الشعر، وروايته (10) صار لسانه لا ينطق به، والعادة توأم الطبيعة. فأما في غير ذلك فإنه كان أنطق من كل منطيق، وأنسب من كل ناسب، وأقيف (11) من كل قايف وكانت الآلة أوفر، والأداة (12) أكمل، إلا أنها كانت مصروفة إلى ما هو أردّ. وبين أن يضيف إليه العجز، وبين أن يضيف إليه العادة الحسنة، وامتناع الشيء عليه من طول الهجران له، فرق لكان قال قولا سديدا (13).
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) في البيان: إذا احتاج البلاغة لكان أبلغ البلغاء وإذا احتاج إلى الخطابة.
(3) في البيان: واقوف.
(4) بعدها في البيان: والمعروف من شأنه أنه
(5) في البيان: ومتفرس قائف.
(6) في البيان: تصديقه ولزوم طاعته.
(7) في الأصل: (والإيقياد).
(8) من هنا إلى إليه مختلف عن نص البيان والتبيين.
(9) في البيان والتبيين: (ولكنه أراد ألا يكون للشاغب متعلق عما دعا إليه حتى لا يكون دون المعرفة).
(10) في الأصل: (ورواتبه).
(11) في الأصل: (واقبف).
(12) في الأصل (وأدواية) (أود) كذا في الأصل.
(13) في البيان والتبيين: (الهجران له فرق) وما بعدها غير موجود فيه.(1/137)
1722
فصل (في فبض ما جاء عنه صلّى الله عليه وسلّم) من الكلام المقتبس (1) معناه من القرآن
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: علامة المنافق ثلاث
قال عليه السلام: «علامة المنافق ثلاث: إذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف، وإذا حدث (2) كذب».
ومعناه مقتبس من قوله الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عََاهَدَ اللََّهَ لَئِنْ آتََانََا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصََّالِحِينَ (75) فَلَمََّا آتََاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا} [3] بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفََاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى ََ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمََا (4) أَخْلَفُوا اللََّهَ مََا وَعَدُوهُ وَبِمََا كََانُوا يَكْذِبُونَ (5).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «من صبر على أذى جاره، أورثه الله داره». ومعناه مقتبس من قول الله تعالى: {وَقََالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنََا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنََا فَأَوْحى ََ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظََّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} (6).
__________
(1) في الأصل: (المقتبسة).
(2) في الأصل: (أتمنى حدت). في مسند الإمام أحمد 2/ 200قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم ثلاث إذا كن في الرجل فهو المنافق الخالص، إن حدث كذب وإن وعد أخلف، وإن ائتمن خان. ومن كانت فيه خصلة منهن لم تزل فيه خصلة من النفاق حتى يدعها.
(3) في الأصل: (نخلوا).
(4) في الأصل: (نما).
(5) في الأصل: (ومنهم من عاد الله) وهو خطأ والآية من التوبة: 7775.
(6) إبراهيم: 13، 14، والحديث غير موجود في كتب الصحاح.(1/138)
قوله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر (1). كأن معناه من قول الله تعالى: {فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزََاءً بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (2).
قوله صلّى الله عليه وسلّم: من كثّر سواد قوم
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
= من كثّر سواد قوم، فهو منهم =: فكأنه من قول الله تعالى ذكره: {فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزََاءً بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (3).
1732
فصل في بعض ما جاء عنه عليه السلام من الكلام (4)
المقتبس (5) من ألفاظ القرآن
قوله صلّى الله عليه وسلّم: من باع دارا أو عقارا
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«ومن باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنها في مثلها كان {كَرَمََادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عََاصِفٍ} (6).
__________
(1) الحديث في سنن ابن ماجة ج 2/ 447عن أبي هريرة عن النبي يقول الله عز وجل وفي مسند أحمد بن حنبل 5/ 334وأنه قرأ الآية بعد قوله هذا {تَتَجََافى ََ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضََاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلََا تَعْلَمُ نَفْسٌ مََا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزََاءً بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ}.
(2) السجدة: 17.
(3) في الأصل: (يتوله) وهو خطأ في النسخ والآية من المائدة: 51.
(4) في الأصل: (كلام).
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) إبراهيم: 18. والحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/ 427وفيه: من باع دارا، ولم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها.(1/139)
قوله صلّى الله عليه وسلّم: هل ينظرون إلا هدما
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«هل ينظرون إلا هدما مبيدا (1)، أو مرضا مفسدا، أو الدجال فشر مستطر، والساعة أدهى وأمر (2).
1742
قوله صلّى الله عليه وسلّم: بعثني الله إلى الناس كافة
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«بعثني الله إلى الناس كافة بإقام الصلاة لوقتها، وإيتاء الزكاة بحقها، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا». {مَنْ عَمِلَ صََالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسََاءَ فَعَلَيْهََا وَمََا رَبُّكَ بِظَلََّامٍ لِلْعَبِيدِ} (3).
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«إذا أقيمت الصلاة، وحضر العشاء، فابدأوا بسر النفس اللوامة».
1752
قوله صلّى الله عليه وسلّم: اطلبوا الرزق من الله على أيدي الرحماء
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«اطلبوا الرزق من الله على أيدي الرحماء من أمتي ولا تطلبوه من القاسية (قلوبهم) (4)، فإن اللعنة تنزل بهم».
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن الدنيا حلوة خضرة
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«إن الدنيا حلوة خضرة نضرة، وإن الله مستعملكم فيها، فينظر (5) كيف تفعلون (6)».
قوله صلّى الله عليه وسلّم: ألا إن التوبة مقبولة
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
__________
(1) في الأصل: «مقيدا» والمبيد من باد الشيء يبيد بيدا وبيودا: هلك.
(2) من قوله تعالى: {وَالسََّاعَةُ أَدْهى ََ وَأَمَرُّ} القمر: 46.
(3) فصلت: 46.
(4) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل، وهو اقتباس من القرآن من سورة الزمر: 22.
(5) في الأصل: «نصره».
(6) في الأصل: «مستعملكم» والحديث في سنن ابن ماجة 2/ 1325برواية أخرى عن سورة بن نصرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام خطيبا فكان فيما قال «إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء». وفي سنن الترمذي 9/ 41، نثر الدر 1/ 52 «مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون».(1/140)
«ألا إن التوبة مقبولة، إلا أن يتعرض (1) الإنسان بنفسه»
قوله صلّى الله عليه وسلّم: يتعرض الإنسان بنفسه
ثم تلا {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئََاتِ حَتََّى إِذََا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قََالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} (2).
قوله صلّى الله عليه وسلّم: كل مولود يولد على الفطرة
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه حتى يعرب عنه لسانه، فإما شاكرا، وإما كفورا» (3).
1762
قوله صلّى الله عليه وسلّم: احفظ الله يحفظك
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«احفظ الله يحفظك، وتعرّف إليه في الرخاء يعرفك بالشدة. وإذا سألت فاسأل الله.
فإن الله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه (4)، وإذا استعنت فاستعن بالله. فإن اليقين مع الصبر (5)، وإن مع العسر يسرا (6)».
وقال صلّى الله عليه وسلّم:
«إنما مثلي ومثل الناس كرجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل (7) الفراش يتهافت فيها، وجعل ينتزعهن عنها، ويحول بينها وبينها، فها أنا أبعدهم (8) عن النار وهم يقتحمون فيها» (9).
__________
(1) يتعرض من التعريض وهو خلاف التصريح، ويقال عرض الكاتب إذا كتب مثبجا ولم يبين ويجوز أن يكون معناها يتعرض الإنسان أي يتظاهر بالتوبة ويبدي غير ما يظهر. الصحاح (عرض).
(2) النساء: 17.
(3) الحديث في موطأ مالك 1/ 241برواية أخرى هي: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تناتج الإبل في بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء قالوا: يا رسول الله، أرأيت الذي يموت وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين».
(4) من قوله تعالى في البقرة: 186.
(5) الحديث في مسند الإمام أحمد 1/ 307 «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك، وتعرّف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله».
(6) من سورة الانشراح: 6.
(7) في الأصل: «أضاءت حول»
(8) في الأصل: أخذهم.
(9) الحديث في مسند الإمام أحمد 3/ 392برواية أخرى وهي: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش والجنادب يقعن فيها، وهو يذهبن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي.(1/141)
قوله صلّى الله عليه وسلّم: إذا رأى عليا رضي الله
ويروى عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه كان إذا رأى (1) عليا رضي الله عنه بعد غزوة مؤتة يقول: «اللهم إنك أثكلتني بعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب (2) يوم بدر، وحمزة يوم أحد، وجعفر يوم مؤتة وهذا علي ف {لََا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوََارِثِينَ} (3).
1772
من دعائه صلّى الله عليه وسلّم
ومن دعائه صلّى الله عليه وسلّم:
«اللهم اجمع على الهدى أمرنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سواء السبيل (4)، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، واصرف عنا {الْفَوََاحِشَ مََا ظَهَرَ مِنْهََا وَمََا بَطَنَ} (5)، {وَتُبْ عَلَيْنََا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ} (6).
__________
(1) في الأصل: (أعرى).
(2) في الأصل: «يزيد بن الحارث بن عبد المطلب» والصواب ما هو مثبت أعلاه وهو عبيدة بن الحارث بن المطلب من أبطال قريش في الجاهلية والإسلام أسلم قبل أن يدخل النبي صلّى الله عليه وسلّم دار الأرقم وعقد له النبي صلّى الله عليه وسلّم ثاني لواء عقده بعد أن قدم المدينة وقتل في معركة بدر سنة 2هـ. انظر سيرة ابن هشام 2/ 625.
(3) الأنبياء: 89.
(4) في الأصل: «واهدانا سوا».
(5) من قوله تعالى: {إِنَّمََا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوََاحِشَ مََا ظَهَرَ مِنْهََا وَمََا بَطَنَ} الأعراف: 33.
(6) من قوله تعالى: {وَأَرِنََا مَنََاسِكَنََا وَتُبْ عَلَيْنََا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوََّابُ الرَّحِيمُ} البقرة: 128.(1/142)
1792
الباب الثالث في ذكر العترة الزكية، والشجرة النبوية، وإيراد نبذ من فضائلهم وآثارهم وقطعة من فقر أخبارهم، وغرر ألفاظهم(1/143)
الباب الثالث في ذكر العترة الزكية رضي الله عنهم ونبذ من فضائلهم، وقطعة من فقر أخبارهم وغرر ألفاظهم.
فصل في ذكر طرفهم وشرفهم ومجدهم
قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} (1) وقال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (2). وقال عز وجل: {قُلْ لََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ََ} (3).
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أهل بيتي كسفينة نوح
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أهل بيتي كسفينة نوح عليه السلام من ركب فيها نجا، ومن تأخر عنها هلك (4)».
رأي ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ}
ابن عباس في قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمََنُ وُدًّا} (5)، قال: علي وأولاده لهم مودة في قلوب المؤمنين.
قوله صلّى الله عليه وسلّم وقد رأى الحسن والحسين يعثران في أثوابهما
يروى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بينما هو يخطب إذ أقبل (6) الحسن والحسين رضي الله عنهما يعثران (7) في أثوابهما. فنزل عن المنبر، واحتضنهما (8) ثم قال: «صدق الله {أَنَّمََا أَمْوََالُكُمْ}
__________
(1) الزخرف: 44.
(2) الشعراء: 214.
(3) الشورى: 23. وانظر: تفسيرها في تفسير الطبري 25/ 22، 23.
(4) ذكر أيضا في ثمار القلوب: 29، ووضعه الألباني ضمن سلسلة الأحاديث الضعيفة 10/ 4.
(5) مريم: 96.
(6) في الأصل: (إذا قيل).
(7) في الأصل: (بعثران).
(8) في الأصل: (واختصهما).(1/145)
{وَأَوْلََادُكُمْ فِتْنَةٌ} (1)، والله ما صبرت إذ رأيتهما حتى نزلت إليهما».
1802
قول محمد بن الحنفية وهو واقف على قبر الحسن بن علي رضي الله عنه
لما توفى الحسن (2) رضي الله عنه قام محمد بن الحنفية (3) على قبره وقد اغرورقت عيناه فقال: روح وريحان وجنة نعيم لك يا (أبا) (4) محمد. ولا غرو، وأنت سليل (5) النبوة، وربيب الرسالة، ورضيع لبان الحكمة، وأحد سيدي شباب أهل الجنة.
قول الربيع بن خثيم وقد سئل عن مقتل الحسين
ولما قتل (6) الحسين صلوات الله عليه أتى قوم الربيع بن خثيم (7) فقالوا (8): والله لنستخرجن منه كلاما. فقالوا له: قد قتل الحسين، فما أجابهم إلا بدموعه وقال: {فَاللََّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (9).
2802
قصة عثمان بن حيان المري مع الحسن والحسين عليهما السلام
وكان عثمان بن حيان المري (10) على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك فأساء بعبد الله والحسن ابني الحسين إساءة عظيمة، فلما عزل أتياه فقالا له: ألا تنظر ما كان بيننا، فإن العزل قد محاه كله، فكلّفنا (11) أمرك، وابتسط إلينا في حوائجك، فلجأ إليهما عثمان، فبلغا له
__________
(1) التغابن: 15.
(2) في الأصل: (الحسين) والصواب: الحسن وهو ابن علي عليهما السلام والرواية في تذكرة الخواص: 224وفيها رحمك الله يا أبا محمد لئن عزت حياتك لقد هدّت وفاتك، ولنعم الروح روح عمّر به بدنك، ولنعم البدن تضمّنه كفنك وكيف لا، وأنت سليل الهدى».
(3) في الأصل: «الحنيفية». وفي عيون الأخبار 2/ 214: أن الحسين بن علي قال عند قبر أخيه الحسن عليهما السلام: رحمك الله يا أبا محمد إن كنت لتناصر الحق مضانه، وتؤثر الله عند تداحض الباطل، ولا غرو وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع الحكمة، فإلى روح وريحان وجنة نعيم. أعظم الله لنا ولك الأجر.
(4) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل، إذ أن الحسن بن علي يكنى أبا محمد، انظر تذكرة الخواص: 225.
(5) في الأصل: (سليك).
(6) في الأصل: (ولها قبل).
(7) مرت ترجمته.
(8) الخبر في طبقات ابن سعد 6/ 132وحلية الأولياء 2/ 111وفيهما أنه قال: {قُلِ اللََّهُمَّ فََاطِرَ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ عََالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهََادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبََادِكَ فِي مََا كََانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.
(9) البقرة: 113.
(10) في الأصل: جبان والصواب: حيان كان واليا على المدينة سنة 94هـ وعزله سليمان سنة 96هـ انظر تاريخ الطبري 8/ 92 102.
(11) في الأصل: «وكلفنا وابتسط إلينا في».(1/146)
كل ما أراد، فجعل عثمان يقول: (الله يعلم حيث يجعل رسالته) (1).
ما كتبه بعض البلغاء
وكتب بعض البلغاء: ما أقول في قوم هم حجة الله على الورى، وفيهم أنزل هل أتى (2) و {قُلْ لََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ََ} (3).
1812
فصل في فقر من أخبارهم
خطبة زينب بنت علي رضي الله عنهما
انصرف علي بن الحسين رضي الله عنهما (4) تعتاله العلة إلى الكوفة بعد المقتل (5)
وإذا نساء الكوفة متهتكات، متسلبات للمصيبة، والناس بين أنّة ورنّة (6) فأومأت زينب ابنة علي رضي الله عنهما إلى الناس بالسكوت. فسكتت الأنفاس، وهدأت الأجراس. ثم قالت (7):
__________
(1) من قوله تعالى في الأنعام: 124 {اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ}.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعََامَ عَلى ََ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمََا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللََّهِ لََا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزََاءً وَلََا شُكُوراً}. وذكر الواحدي في أسباب النزول ص 251أن سبب نزول هذه الآية أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سقى ليلا وأخذ شعيرا أجرا على عمله هذا، فلما قبضه وطحن ثلثه وجعلوا فيه شيئا ليأكلوا يقال له الخزيرة فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا له الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه، وطووا يومهم ذلك فنزلت هذه الآية.
وهناك رواية أخرى لسبب نزول الآية في الكشاف 4/ 174تفسير البيضاوي 775وفيهما: أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أناس معه فقالوا له: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما رضي الله عنهم صوم ثلاثة أيام إن برئا فشفيا وما معهم شيء فاستقرض علي كرم الله وجهه من شمعون الخيبري ثلاثة أصوع من شعير فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص فوضعوه بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم مسكين فآثروه وباتوا لم يذوقوا شيئا الخ فنزلت الآية.
(3) الشورى: 23.
(4) في الأصل: «يعتال الله» والصواب ما أثبتناه ومعناه خرج عليلا.
(5) في الأصل: «المضل متسيلبات» ويقال سلبت المرأة إذا كانت محدة تلبس ثياب السواد.
(6) في الأصل: (وربه).
(7) في بلاغات النساء: 25أن الخطبة لأم كلثوم ابنة علي وليست للسيدة زينب وفي رواية الخطبة خلاف في بعض الألفاظ وزيادة ونقصان.(1/147)
يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والختر (1)، والمكر والغدر، لا رأقت (2) العبرة، ولا هدأت الزفرة (3)، فإنما مثلكم {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمََانَكُمْ دَخَلًا} [4] بَيْنَكُمْ هل فيكم إلا ملق الإماء (5)، وغمز الأعداء، كمرعى على دمنة (6) وفضة ملحودة (7) ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون (8). فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا (9) فقد بؤتم بعارها (10)، وشنارها (11).
قتل سليل الرسالة (12)، وسيد شبيبة (13) أهل الجنة بين أظهركم، تعسا ونكسا. فقد خاب السعى (14) وتبت الأيدي، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة (15).
__________
(1) في الأصل: «في الخبر». والختر الغدر والخديعة، وهو أقبح الغدر.
(2) في الأصل: (لا ردأت). ورقأ الدمع إذا جف وسكن.
(3) في بلاغات النساء: (ولا هدأت الرنة).
(4) الدخل ما يدخل في الشيء وليس منه، والقول من الآية 93من النحل.
(5) في الأصل: (الإيماء). وأثبتنا نص بلاغات النساء وفيه أيضا، ألا وهل فيكم إلا الصلف والشنف وملق الإماء.
(6) في الأصل: (ذمنة). والدمنة، آثار الديار بعد الرحيل عنها من بعر ورماد وغيرهما. وفي بلاغات النساء وهل أنتم إلا كمرعى على دمنة.
(7) في الأصل: (قصة كجلوده). وهو تحريف في النسخ. والملحودة المدفونة في لحدها تريد أنهم لا ينتفع بهم.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {لَبِئْسَ مََا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذََابِ هُمْ خََالِدُونَ}
المائدة: 80. بعدها في بلاغات النساء، أتبكون؟ أي والله فابكوا، وإنكم والله أحرياء بالبكاء. فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا.
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزََاءً بِمََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} التوبة: 82.
(10) في الأصل: (فقد بنم بغارها).
(11) الشنار: أقبح العيب.
(12) في بلاغات النساء: لن ترحضوها يغسل بعدها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة ولها تتمة غير موجودة في رواية الثعالبي.
(13) في الأصل: (شبية).
(14) في الأصل: (حاب).
(15) إشارة إلى قوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى ََ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مََا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبََاؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللََّهِ} البقرة: 61.(1/148)
أتدرون ويلكم أيّ كبد لرسول الله فريتم (1)، وأي دم له سكبتم (2)، وأي كريمة أصبتم. ولقد جئتم (3) شيئا إدا (4) {تَكََادُ السَّمََاوََاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} [5] وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبََالُ هَدًّا (6).
1822
شعر لزينب بنت عقيل
ولما كان يوم الطف خرجت زينب ابنة عقيل تندب قتلاها (7)، وتقول:
ماذا تقولون إن قال النبيّ لكم ... ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم (8)
في أهل بيتي وأولادي وتكرمتي ... منهم أسارى ومنهم ضرّجوا بدم (9)
__________
(1) فريتم: أي قطعتم وشققتم.
(2) في الأصل: (سكنتم).
(3) في الأصل: (جنم).
(4) في الأصل: (إذا) والأدّ الأمر العظيم المنكر.
(5) في الأصل: (ينفطر).
(6) مريم: 90.
(7) في الطبري 6/ 221: أن نساء بني هاشم حملهم يزيد من الشام إلى المدينة، فلما دخلوها خرجت امرأة من بني عبد المطلب ناشرة شعرها واضعة كمها على رأسها تلقاهم وهي تبكي وتقول الأبيات. وفي ج 6/ 268أن ابنة عقيل بن أبي طالب خرجت حاسرة رأسها، ومعها نساؤها وهي حاسرة تلوي بثوبها وتقول الأبيات.
(8) في الأصل: (أجزاء).
(9) في الأصل: صرحوم بدم).
ورواية البيت في الطبري:
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... منهم أسارى ومنهم ضرّجوا بدم
وبعده:
ما كان هذا جزائي أن نصحت لكم ... إن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
وفي أمالي ابن الشجري: 168:
بأهل بيتي وأنصاري وذريتي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم
ما كان ذاك جزائي أن نصحت لكم ... أن تخلفوني بسوء في ذوي رحم
وفي رواية أخرى نسب البيتان إلى أبي الأسود الدؤلي. والرواية المثبتة أرجح فالشعر غير وارد في ديوان أبي الأسود ولم تنسبه المصادر إلا لزينب بنت عقيل.(1/149)
قول لأبي الأسود
فقال أبو الأسود الدؤلي (1) نقول {رَبَّنََا ظَلَمْنََا أَنْفُسَنََا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنََا وَتَرْحَمْنََا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخََاسِرِينَ} (2).
قول سكينة بنت الحسين لأهل العراق بعد مقتل زوجها مصعب بن الزبير
ولما ارتحلت سكينة ابنة الحسين رضي الله عنهما بعد مقتل زوجها مصعب بن الزبير (3) عن الكوفة ارتفعت أصوات أهلها بالبكاء فقالت سكينة:
لا أحسن الله عليكم الخلافة، من أهل بلد قتلوا جدي، وأبي وزوجي فأيتموني (4)
صغيرة وأرملوني كبيرة (5) ثم أنشأت تقول شعرا (6):
يبكون من قتلت سيوفهم ... ظلما بكا متقطع القلب (7)
كبكاء إخوة يوسف وهم ... حسدا له ألقوه في الجبّ (8)
1832
فصل في بعض ما قيل من الأشعار
شعر للسيد الحميري
قال السيد الحميري (9):
إن العباد تفرّقوا من واحد ... فلأحمد السبق الذي هو أفضل
__________
(1) في الأصل: (السود).
(2) الأعراف: 23.
(3) مصعب بن الزبير بن العوام، يكنى أبا عبد الله. ثار في العراق زمن الخليفة عبد الملك بن مروان قتل سنة اثنتين وسبعين.
انظر الطبقات: 241.
(4) في الأصل: (وإني وزوجي وايتموني).
(5) في الأغاني 16/ 158ط دار الكتب: أن قوما من أهل الكوفة جاءوا يسلمون على سكينة فقالت لهم: الله يعلم أني أبغضكم، قتلتم جدي عليا وأبي الحسين، وأخي عليا وزوجي مصعب فبأي وجه أيتمتموني صغيرة وأرملتموني كبيرة.
(6) في الأصل: (يقول).
(7) البيتان في غرر السير ذكرهما الثعالبي على سبيل التمثيل. ورواية الشطر الثاني من البيت الأول: ظلما بكاء قوله الكلب.
(8) روايته في غرر السير:
كبكاء إخوة يوسف وهم ... ظلما له ألقوه في الجب
(9) السيد الحميري هو إسماعيل بن محمد بن ربيعة بن مفرغ الحميري كان شاعرا ظريفا اشتهر بمديحه لأهل البيت. انظر طبقات الشعراء: 32فما بعدها.(1/150)
أم من ينادي الناس حين يخصّه (2) ... بالوحي قم يا أيها المزمل (1)
1842
شعر لمحمد بن منذر بن جارود
وقال محمد بن منذر بن جارود:
وحسبي من الدنيا كفاف يقيمني ... وأثواب كتان أزور بها قبري (3)
وحبي ذوي قربى النبيّ محمد ... فما سؤلنا إلا المودة من أجر (4)
يعني قوله تعالى: {قُلْ لََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ََ} (5).
شعر لعلي بن محمد الحمامي
وقال علي بن محمد الحمامي (6):
بأمركم يا آل أحمد أصبحت ... قريش ولاة الأمر دون ذوي الذكر
إذا ما أناخت في ظلال بيوتها ... أنختم ببيت الطّهر في محكم الذكر (7)
يعني قوله تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (8).
أناس هم عدل القرآن ومألف ... البيان وأصحاب المفاخر في بدر
ومازهم الجبار عنكم بخلة ... يراها (ذوو) (9) الأقدار يانعة القدر
وأعطاهم الخمس الذي فضلوا به ... بآية (ذي) القربى على العسر واليسر
__________
(1) في الأصل: (خصه) والبيتان غير موجودين في ديوانه.
(2) إشارة إلى مطلع سورة المزمل: 1.
(3) في الأصل: (قربى) وهو تحريف.
(4) في الأصل: (فما سألنا إلا المودة من أجر).
(5) الشورى: 23.
(6) ذكره الثعالبي في خاص الخاص: 127.
(7) في الأصل: (أنختكم ببيت).
(8) الأحزاب: 33.
(9) في الأصل: (ذوي).(1/151)
يعني قوله جل ذكره: {وَاعْلَمُوا أَنَّمََا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلََّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ََ} (1). وقال {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ} (2). فخص بني هاشم قرباه دون بني فهر يعني قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (3).
إذا قلتم منا الرسول فقولنا ... أتوا يا رسول الله فخرا على (4) فخر
1852
شعر لأبي هاشم الجعفري
قال أبو هاشم الجعفري (5):
لي نفس أحبت الله في الله ... حسينا ولا تحب يزيدا (6)
يا ابن أكّالة الكبود لقد ... أصبحت من لابسي الكساء كيودا (7)
__________
(1) الأنفال: 41. وفي الأصل: (خمسة ولذي القربى).
(2) الشعراء: 214.
(3) نفسها.
(4) في الأصل: (فخر).
(5) هو محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب شاعر مقل سكن الكوفة، وله أشعار فيما جرى بين العباسين والطالبيين من نزاع حول الخلافة. انظر معجم الشعراء: 382.
(6) روايته في أمالي ابن الشجري: 186:
لي نفس تحب في الله والله ... حسينا ولا تحب يزيدا
وما بين القوسين زيادة في أمالي ابن الشجري.
(7) روايته في أمالي ابن الشجري:
يا بن أكالة الكبود لقد أن ... ضجت من لابس الكساء الكبودا(1/152)
أي هول ركبت عذّبك الر ... حمن في ناره عذابا شديدا (1)
لهف نفسي على يزيد وأشياع ... يزيد ضلّوا ضلالا بعيدا (2)
شعر لبعضهم
وقال بعضهم:
أيا قتيلا عليك ... كان النبي المعزّى
قد أقرح الحزن قلبي ... كأن في القلب وخزا (3)
إذا ذكرت حسينا ... ورأسه يوم حزّا
إلى اللعين يزيد ... سارت به البرد جمزا (4)
فظل ينكث منه ... يديه ينهز (5) نهزا
فسوف يصلى سعيرا (6) ... به يدور ويخزى
__________
(1) روايته في الأصل: أي هول ركبت عذبك الله البره من. وهو خطأ أثبتناه مكانه رواية ابن الشجري. وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذََاباً شَدِيداً} آل عمران: 56.
(2) بعده في أمالي ابن الشجري: 186:
يا أبا عبد الله يا بن رسول الل ... هـ يا أكرم البرية عودا
ليتني كنت يوم كنت فأمسي ... معك في كربلاء قتيلا شهيدا
وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلََالًا بَعِيداً} النساء: 16.
(3) أقرح بمعنى جرح، والوخز الطعن بالرمح وغيره.
(4) البرد جمع بريد. ذكر الخوارزمي في مفتاح العلوم: 42أصل كلمة البريد وأنها سمى بها البغل والرسول الذي يركبه سمى بريدا أيضا. والجمز ضرب من السير أشد في العنق.
(5) في الأصل: (فضل ينكث منه يديه نهرا). ونهزه مثل نكزه أي ضربه ودفعه.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَمََّا مَنْ أُوتِيَ كِتََابَهُ وَرََاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (11) وَيَصْلى ََ سَعِيراً}
الانشقاق: 1210.(1/153)
1862
فصل في كلام لعلي والحسن وولده رضي الله عنهم
قول لعلي بن أبي طالب
قال رضي الله عنه:
الفقيه كل الفقيه من لا يقنط الناس من رحمة الله (1)، ولا يرخص لهم في معاصي الله، ولا يؤمنهم مكر الله (2)، ولا ييؤسهم من روح الله (3).
جواب الحسن بن علي وقد قيل له فيك عظمة
وقيل للحسن بن علي عليهم السلام، فيك عظمة.
قال: كلا، ولكن عزة. قال الله تعالى: {وَلِلََّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (4).
قوله وقد توجه إلى دار معاوية
وتوجه يوما (5) إلى دار معاوية فسأل عنه، وعمن عنده. فقيل: هو جالس وعنده عمرو بن العاص (6)، والمغيرة (7)، وفلان، وفلان. فقال: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتََاهُمُ الْعَذََابُ مِنْ حَيْثُ لََا يَشْعُرُونَ} (8).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضََّالُّونَ} الحجر: 56. وقوله تعالى: {لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} الزمر: 53.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {فَلََا يَأْمَنُ مَكْرَ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخََاسِرُونَ} الأعراف: 99.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِنَّهُ لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ} يوسف: 87.
(4) في الأصل: (فلله) والآية من سورة المنافقون: 8.
(5) في الأصل: (يوم).
(6) عمرو بن العاص بن وائل بن هشام أمه سلمى بنت النابغة من بني جيلان يكنى أبا عبد الله. مات بمصر يوم الفطر سنة اثنتين ويقال ثلاث وأربعين. الطبقات: 26.
(7) المغيرة بن شعبة بن عامر بن مسعود، يكنى أبا عبد الله. ولي البصرة نحوا من ستين، وشارك في الفتوح وولي الكوفة، ومات بها سنة 50هـ انظر الطبقات: 53.
(8) النحل: 26.(1/154)
وصية عبد الله بن الحسن لصديق له
وقال عبد الله بن الحسن (1) لصديق له: أوصيك بتقوى الله، فإنه جعل لمن اتقاه المخرج مما يكره، والرزق من حيث لا يحتسب يعني قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} (2).
قول عبد الله بن الحسن وقد بعث إليه برأس ابنه قتيلا
لما قتل محمد بن عبد الله بن الحسن (3) بعث المنصور برأسه إلى أبيه، وهو في جيشه، فلما وضع بين يديه قال:
مرحبا، وأهلا يا أبا القاسم، أما والله، لقد كنت من الذين قال الله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [4] وَيَخََافُونَ يَوْماً كََانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (5). ومن الذين قال جلّ جلاله {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللََّهِ وَلََا يَنْقُضُونَ الْمِيثََاقَ} (6). فرحمة الله عليك، وعلى من معك (7).
1872
فصل في كلام الحسين وولده رضي الله عنهم
جواب علي بن أبي طالب وقد سئل عن الناس والنسناس وأشباه الناس
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:
أخبرني عن الناس، وعن أشباه الناس، وعن النسناس. فقال للحسين:
__________
(1) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. وقد عده الجاحظ من خطباء بني هاشم وبلغائهم. انظر الطبقات: 258، البيان والتبيين 2/ 174، 233.
(2) الطلاق: 2، 3.
(3) محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية. أمه هند بنت أبي عبيدة ابن عبد الله قتل سنة خمس وأربعين ومائة. الطبقات: 269.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) الإنسان: 7.
(6) الرعد: 20.
(7) في الأصل: (معاك).(1/155)
أجب عمك يا بني.
فأقبل عليه وقال: أما الناس فنحن. قال تعالى: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفََاضَ النََّاسُ} (1).
وأمّا أشباه الناس فمن والانا وأحبنا. قال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام:
{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (2). وأما النسناس فهذا السواد. قال الله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلََّا كَالْأَنْعََامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (3). فقام علي وقبّل رأسه.
بين الحسين وابن عباس في بني أمية
جرى بين الحسين وابن عباس كلام في ذكر يزيد وبني أمية. فقال الحسين: يا ابن عمي، والله إنهم ليعدّن لي كما عدت اليهود في السبت (4).
1882
كتاب الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص
وكتب إليه عمرو (5) بن سعيد بن العاص ينهاه عن الخلاف والشقاق. فكتب إليه:
(إنه لن يشاق من دعا الله إلى الله وعمل صالحا) (6).
__________
(1) البقرة: 199.
(2) في الأصل: (فهو مني) والآية من سورة إبراهيم: 36.
(3) في الأصل: (إنهم كالأنعام) والآية من سورة الفرقان: 44.
(4) إشارة إلى قوله تعالى في سورة النساء: 154. {وَرَفَعْنََا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثََاقِهِمْ وَقُلْنََا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبََابَ سُجَّداً وَقُلْنََا لَهُمْ لََا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنََا مِنْهُمْ مِيثََاقاً غَلِيظاً}.
(5) في الأصل: (سعيد بن العاص) والصواب عمرو بن العاص عامل يزيد على مكة الذي كتب إليه: (فإني أسأل الله أن يصرفك عما يوبقك وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنك قد توجهت إلى العراق، وإني أعيذك بالله من الشقاق) انظر جمهرة رسائل العرب 2/ 86.
(6) إشارة إلى قوله تعالى في سورة النساء: 154. {وَمَنْ يُشَاقِّ اللََّهَ فَإِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ}. الحشر: 4وقوله تعالى:
إشارة إلى قوله {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعََا إِلَى اللََّهِ وَعَمِلَ صََالِحاً} فصلت: 33.(1/156)
قول الحسين وقد توجه من المدينة إلى مكة
فكتب إليه (1): {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمََّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمََّا تَعْمَلُونَ} (2).
كتاب يزيد إلى الحسين وجواب الأخير إليه
ورد عليه كتاب يزيد في الموعظة والتحذير فكتب إليه:
{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمََّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمََّا تَعْمَلُونَ} (3).
ولما هرب من المدينة، وواليها الوليد بن عتبة (4) يطالبه بالبيعة ليزيد، خرج يريد مكة (5)، وجعل يسير، ويقرأ هذه الآية {فَخَرَجَ مِنْهََا خََائِفاً يَتَرَقَّبُ قََالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} (6)، فلما نظر إلى جبال مكة جعل يتلو: ف {وَلَمََّا تَوَجَّهَ تِلْقََاءَ مَدْيَنَ قََالَ عَسى ََ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوََاءَ السَّبِيلِ} (7).
وقال للحر بن يزيد (8) وقد سار لمحاربته بأمر عبيد الله بن زياد:
__________
(1) في الأصل: (وكتب).
(2) يونس: 41.
(3) يونس: 41.
(4) في الأصل: (عقبة) والصواب: عتبة وهو الوليد بن عتبة بن أبي حرب الأموي، أمير من رجالات بني أمية ولي المدينة سنة 57هـ، وكتب إليه يزيد أن يأخذ البيعة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فأخبرهما بما يريده يزيد فاستمهلاه إلى الصباح، ثم خرجا ليلا، فعزله يزيد سنة 60هـ وتوفي سنة 64هـ. انظر نسب قريش: 133.
(5) في الأصل: (خرج يزيد ملكه) وهو تحريف في النسخ.
(6) القصص: 21.
(7) نفسها: 22.
(8) الحر بن يزيد التميمي اليربوعي كان من أشراف تميم، وأرسل لاعتراض جيش الحسين رضي الله عنه ومحاربته فالتقى به، وانضم معه وقاتل بين يديه قتالا عجيبا حتى قتل. جمهرة أنساب العرب: 227، الطبري 6/ 270فما بعدها.(1/157)
بئس الإمام إمامك، فإنه ممن ذكر الله تعالى: {وَجَعَلْنََاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النََّارِ وَيَوْمَ الْقِيََامَةِ لََا يُنْصَرُونَ} (1).
1892
قول علي بن الحسين وقد سئل عن سبيه
وقيل لعلي رضي الله عنه بعد المقتل، كيف انسبيت يا ابن رسول الله. فقال: كبني إسرائيل (يذبحون أبناءهم. ويستحيون نساءهم) (2).
قول علي بن الحسين وقد أكثر من البكاء
وكان يكثر البكاء ليلا، ونهارا، فقيل له في [ذلك] (3). فقال:
لا تلومني فإنّ يعقوب فقد ابنا من أحد عشر ابنا، فبكى حتى ابيضّت عيناه من الحزن (4). وقد رأيت بضعة عشر رجلا من أهل بيتي يذبحون في غداة واحدة. أفترون حزني عليهم يذهب من قلبي أبدا؟!
2892
قصته مع جارية عثرت فصبت المرق على رأسه
وكان مرة يأكل، فأتته جارية بقطعة فيها مرقة فتعثرت بطرف البساط، وانصبت المرقة على رأسه وثيابه. فقالت الجارية:
{وَالْكََاظِمِينَ الْغَيْظَ} (5) قال: وقد كظمت.
قالت: {وَالْعََافِينَ عَنِ النََّاسِ} (6).
قال: قد عفوت.
__________
(1) في الأصل: (يبصرون) والقول من الآية 41من سورة القصص. وقد نسب القول في الطبري 6/ 232إلى أحد أصحاب الحسين وهو أبو الشعثاء. وفيه: عصيت ربك، وأطعت إمامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار ثم تمثل بالآية.
(2) إشارة إلى الآية: 49البقرة.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَقََالَ يََا أَسَفى ََ عَلى ََ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنََاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} آل يوسف: 84.
(5) آل عمران: 134.
(6) نفسها.(1/158)
فقالت: {وَاللََّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (1). قال: أنت حرة لوجه الله، ومزوّجة بمن أحببت، ومجهّزة بما شئت.
1902
سؤال المنصور جعفر بن محمد عن محمد وإبراهيم ابني الحسن
سأل المنصور جعفر بن محمد عن محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن، فقال:
يا أمير المؤمنين، أتلو عليك آية من كتاب الله فيها منتهى علمي بهما.
قال: هات على اسم الله.
قال: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لََا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لََا يَنْصُرُونَهُمْ} (2).
فقبّل المنصور ما بين عينيه وقال: حسبك.
ما دار بين المأمون وعلي بن موسى الرضا وقد وجبت الصلاة
حضر الرضا علي بن موسى (3) عند المأمون، ووجبت الصلاة، فأتى المأمون بالطست، والإبريق. واشتغل بتوضيته عدة من الخدم. فقال له الرضا:
يا أمير المؤمنين لو توليت هذا بنفسك، فإن الله تعالى يقول {فَمَنْ كََانَ يَرْجُوا لِقََاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صََالِحاً وَلََا يُشْرِكْ بِعِبََادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (4).
فقال المأمون: سمعا وطاعة. وأمر الخادم (5) بالانصراف، وتولى الوضوء بنفسه.
__________
(1) نفسها.
(2) سورة الحشر: 12. وفي الأصل: (فإن اخرجوا).
(3) هو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق الملقب بالرضا ثامن الأئمة الإثني عشر عند الإمامية، زوجه المأمون ابنته وعهد إليه بالخلافة من بعده. ومات في حياة المأمون سنة 203هـ.
(4) الكهف: 110.
(5) في الأصل: (الخاوم).(1/159)
1902
فصل في أن الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا
من خطبة للسفاح
يقال: إن أحسن ما حفظ من كلام السفاح قوله من خطبة (1) له:
الحمد لله الذي اصطفى الإسلام دينا لنفسه، فكرّمه (2)، وشرّفه، وعظّمه، واختاره له، وأيّده (3)، وجعلنا (4) أهله، وكهفه، وحصنه والقوّام به، والذائدين عنه، والناصرين له.
وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحقّ بها وأهلها. وخصّنا برحم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقرابته وأنشأنا من شجرته (5)، واشتقّنا من نبعته (6)، وجعله من أنفسنا (7)، فوضعنا من الإسلام وأهله بالمنزل الرفيع (8)، وذكرنا في كتابه المنزل على نبيه المرسل فقال: {إِنَّمََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (9).
1912
كتاب ابن أبي البغل في تطهير أولاد المقتدر
ومن كتاب لابن أبي البغل (10) في تطهير أولاد المقتدر:
__________
(1) الخطبة في تاريخ الطبري حوادث سنة 132.
(2) في الطبري: (تكرمة).
(3) في الطبري: (وايده بنا).
(4) في تاريخ الطبري: (وجعلنا أحق بها وأهلها وخصنا برحم رسول الله).
(5) في تاريخ الطبري: (وأنشأنا من آبائه وأنبتنا في شجرته).
(6) في الأصل: (نعمته).
(7) في الطبري: (جعله من أنفسنا عزيزا، ما عنتنا، حريصا علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم).
(8) في الطبري: (بالموضع الرفيع وأنزل على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم. فقال عزّ من قائل فيما أنزل من محكم كتابه).
(9) الأحزاب: 33وبعدها في الطبري وقال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وقال: {مََا أَفََاءَ اللََّهُ عَلى ََ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ََ فَلِلََّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ََ وَالْيَتََامى ََ} وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمََا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلََّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ََ} فأعلمهم جلّ ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبا تكرمة لنا، وفضلا علينا، والله ذو الفضل العظيم ولها تكملة طويلة فلتراجع.
(10) ابن أبي البغل اسمه محمد بن يحيى بن أبي البغل، يكنى أبا الحسن استدعي من أصفهان وكان يلي الوزارة في أيام المقتدر، وكان بليغا مترسلا وشاعرا، وله ديوان رسائل. انظر الفهرس: 203، الوزراء للصابي: 185، 186، 285، 292، 294.(1/160)
اتصل بي خبر الأمراء بالتطهير الذي لولا الأخذ بالسنة فيه، والتأدب بأدب النبي صلّى الله عليه وسلّم في استعماله لأغنى عنه فيهم قديم ما حكم (1) به لهم من الطهارة في كتابه الناطق، ووصيه الصادق. إذ يقول عز وجل {إِنَّمََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} (2). وصلّى الله على محمد وعلى آله الذين أذهب عنهم الأرجاس.
وطهرهم (3) من الأنجاس وجعل مودتهم (4) أجرا له على الناس.
__________
(1) في الأصل: (احكم).
(2) الأحزاب: 33.
(3) في الأصل: (واطهرهم).
(4) في الأصل: (فودتهم).(1/161)
1932
الباب الرابع في ذكر الصحابة وما خصّهم الله تعالى من الفضل والشرف، وأقاويل بعضهم في بعض، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم رضي الله عنهم أجمعين(1/163)
الباب الرابع في ذكر الصحابة وما خصّهم الله تعالى من الفضل والشرف، وأقاويل بعضهم في بعض، وغرر من محاسن كلامهم ونكت أخبارهم.
فصل في ذكرهم عامة
في ذكر بيعة الرضوان
قد ذكر الله تعالى ذكره أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورضي عنهم في آية من كتابه تشتمل (1) على جميع الحروف، ومدحهم بها، ونبه على ارتفاع مقاديرهم وعلو درجاتهم فيها فقال عز من قائل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ تَرََاهُمْ} [2] رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً سِيمََاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذََلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرََاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى ََ عَلى ََ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرََّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفََّارَ وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (3). فكل من أساء القول فيهم، يخلو كلامه من هذه الحروف التي مدحهم الله بها. وأثنى عليهم وذكرهم في آية من كتابه فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهََاجَرُوا وَجََاهَدُوا}
__________
(1) في الأصل: (مشتمل).
(2) في الأصل: (تريهم).
(3) الفتح: 29.(1/165)
{فِي سَبِيلِ اللََّهِ بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللََّهِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْفََائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوََانٍ وَجَنََّاتٍ لَهُمْ فِيهََا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خََالِدِينَ فِيهََا أَبَداً إِنَّ اللََّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (1).
وقال فيهم: {لََكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جََاهَدُوا بِأَمْوََالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولََئِكَ لَهُمُ الْخَيْرََاتُ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللََّهُ لَهُمْ جَنََّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهََارُ خََالِدِينَ فِيهََا ذََلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2).
وقال جل ذكره فيهم: {وَالسََّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهََاجِرِينَ وَالْأَنْصََارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسََانٍ رَضِيَ اللََّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (3).
وذكر بيعة الرضوان (4) فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُبََايِعُونَكَ إِنَّمََا يُبََايِعُونَ اللََّهَ يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (5).
وقال عزّ ذكره: {لَقَدْ رَضِيَ اللََّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبََايِعُونَكَ} [6]
تَحْتَ الشَّجَرَةِ.
__________
(1) التوبة: 2220. وفي الأصل: (أحر).
(2) التوبة: 88، 89، وفي الأصل (أمنوا وجاهدوا).
(3) نفسه. (100).
(4) بيعة الرضوان كانت قبل صلح الحديبية حين أرسل الرسول صلّى الله عليه وسلّم عثمان، ليفاوض قريشا، وكان المسلمون عند الحديبية فاحتبسته قريش، وبلغ المسلمين أنه قتل فدعا الرسول صلّى الله عليه وسلّم المسلمين إلى بيعة الرضوان بأن بايعوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم على الموت، أو على عدم الفرار وتم ذلك تحت شجرة مثمرة. انظر سيرة ابن هشام 3/ 314الطبري حوادث سنة 8هـ.
(5) الفتح: 10.
(6) في الأصل: (يباعون) والصواب: يبايعونك والآية من سورة الفتح: 18.(1/166)
فصل في ذكر أبي بكر الصديق
قال الله تعالى في شأن الصديق: {وَالَّذِي جََاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} (1)
وقال في مصاحبته رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار: {ثََانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ} (2)
حتى صارت هذه الكلمة مثلا لكل متآخين (3) متصافيين يقتربان، ولا يكادان يفترقان.
شعر لأبي تمام
كما قال أبو تمام:
ثانيه في كبد السماء ولم يكن ... لاثنين ثان إذ هما في الغار (4)
استشارة النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمر وأبي بكر في أسرى قريش
وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم استشاره وعمر رضي الله عنهما في أسرى قريش، فأشار أبو بكر بالمنّ عليهم، وإطلاقهم. وأشار عمر بعرضهم على السيف، واستقصاء أموالهم. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
الحمد لله (الذي) (5) أيدني بكما. أما أحدكما، فسهل رحيم رفيق، مثله كمثل إبراهيم عليه السلام إذ قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصََانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (6)، وكمثل عيسى عليه السلام إذ قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبََادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ}
__________
(1) الزمر: 33.
(2) التوبة: 40.
(3) في الأصل: (متواخين).
(4) البيت في بدر التمام ج 1/ 362من قصيدة يمدح بها المعتصم ومطلعها:
الحق أبلج والسيوف عوار ... فحذار من أسد العرين حذار
وذكر الصولي أن البيت يروى: (لاثنين ثالث إذ هما).
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) إبراهيم: 36.(1/167)
{أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1). وأما الآخر، فصلب في دين الله، قوي شديد مثله كمثل نوح عليه السلام إذ قال: {رَبِّ لََا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكََافِرِينَ دَيََّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبََادَكَ وَلََا يَلِدُوا إِلََّا فََاجِراً كَفََّاراً} (2)، وموسى عليه السلام إذ قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى ََ أَمْوََالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ فَلََا يُؤْمِنُوا حَتََّى يَرَوُا الْعَذََابَ الْأَلِيمَ} (3).
فصل في حسن آثاره في الإسلام
خطبة أبي بكر بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
لما قبض الله نبيه (4) صلوات الله عليه لم يجسر أحد من المسلمين على نعيه، ولم يستجر ذكر موته (5)، لجلالته في النفوس، وعظم شأنه في القلوب، حتى قام أبو بكر رضي الله عنه خطيبا بعد أن حمد الله، وأثنى عليه (6):
__________
(1) المائدة: 118.
(2) نوح: 26، 27.
(3) يونس: 88وفي الأل: (حتى مروا العذاب).
(4) في الأصل: (بينه).
(5) في الأصل: (يستحز قوته).
(6) الخطبة في سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم ق 2: 655وفي تاريخ الطبري: حوادث سنة 11هـ وسيرة عمر بن الخطاب ص 34، أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس. فقال اجلس يا عمر. فقال أبو بكر: أما بعد: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان قال والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس كلهم فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها. نثر الدر 2/ 17. وفي تاريخ ابن خلدون 2/ 851وفي البداية والنهاية 6/ 312أنه خطب بعد أحداث الردة في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: الحمد لله الذي هدى فكفى، وأعطى فأغنى. إن الله بعث محمدا والعلم شريد، والإسلام غريب طريد وقد رث حبله، وخلف عهده ثم يذكر النص المذكور أعلاه.(1/168)
أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات. ومن كان يعبد (1) الله، فإن الله حي لا يموت (2). والله قد نعاه الله إلى نفسه في أيام حياته فقال (3) {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (4). ثم قال: {وَمََا جَعَلْنََا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ} (5) و {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} (6) ثم قال: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى ََ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللََّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللََّهُ الشََّاكِرِينَ} (7) ألا إن محمدا قد مضى (8) لسبيله. ولا بد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فدبّروا، وانظروا وهاتوا آراءكم. فبكى الناس، ونادوه من كل جانب، نصبح (9)، وننظر في ذلك إن شاء الله.
ثم كان من شأن يوم السقيفة وأمر البيعة ما قرن الله الخير والخيرة به. وكان من احتجاج أبي بكر على الأنصار في استحقاق الإمامة دونهم أنه قال (10):
__________
(1) في الأصل: (بعيد محمدا بعيد).
(2) بعدها في نثر الدر: (أيها الناس الآن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، وركب الشيطان منكم هذا المركب) ثم وردت ثلاث آيات غير المذكورة في النص أعلاه.
(3) هنا ينتهي نص ابن خلدون وفيه يذكر أن أبا بكر تلا الآية: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}
فكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية في المنزل. قال عمر: فما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فوقعت على الأرض ما تحملني رجلاي. وعرفت أنه مات. وقيل إنه تلا معها: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}.
(4) الزمر: 30.
(5) الأنبياء: 34.
(6) آل عمران: 185.
(7) آل عمران: 144.
(8) في الأصل: (قضى).
(9) في الأصل: (نصيح).
(10) في البيان والتبيين 3/ 147، عيون الأخبار 2/ 233، العقد الفريد 2/ 13 (أيها الناس نحن المهاجرون أول الناس إسلاما، وأكرمهم أحسابا، وأوسطهم دارا، وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة وأمسهم رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أسلمنا قبلكم، وقدمنا في القرآن عليكم فقال تعالى: {وَالسََّابِقُونَ}.(1/169)
نحن الذين أنزل الله فينا {لِلْفُقَرََاءِ الْمُهََاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَأَمْوََالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً وَيَنْصُرُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ أُولََئِكَ هُمُ الصََّادِقُونَ} (1) في كتاب الله.
وقد أمركم الله أن تكونوا معنا بقوله (2): {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَكُونُوا مَعَ الصََّادِقِينَ} (3)، فاتفقت الكلمة (4)، ونزلت الرحمة، وتم أمر البيعة.
فصل في مثل ذلك وذكر شيء من كلامه أيام الردة (5)
قول عمر لأبي بكر لو تجافيت عن زكاة أموال العرب وجواب أبي بكر في ذلك
[حين] (6) امتنعت (7) العرب عن الزكاة قال عمر لأبي بكر:
لو تجافيت عن زكاة أموال العرب في عامك، ورفقت بهم، ورجوت أن يرجعوا عما هم عليه. فقد علمت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول (8): «أمرت أن (9) أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فإذا قالوها عصموا مني أموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله».
__________
(1) الحشر: 8.
(2) في الأصل: (قوله).
(3) التوبة: 119.
(4) في الأصل: (فإن ضعفت الكافة).
(5) في الأصل: (الدودة).
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) في الأصل: (فأنصفعت).
(8) في البداية والنهاية 6/ 311وفيه أن أبا بكر قال: والله لو منعوني عقالا. وفي رواية أخرى عفاقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأقاتلنهم على منعها. إن الزكاة حق المال. والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة. ثم ذكر له رواية أخرى لخطبته وخبره عند وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
(9) في الأصل: (أأن).(1/170)
فقال أبو بكر: والله لو منعوني عقال (1) ناقة مما كان يأخذ منهم النبي صلوات الله عليه لقاتلتهم عليه أبدا حتى ينجز الله وعده. فإن قضاءه (2) حق، ووعده صادق لا خلف فيه. وقد قال الله تعالى: {وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى ََ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} (3).
فقال عمر: سمعا وطاعة لأمرك يا خليفة رسول الله. ثم كان ما كان من إظهار الله إياه عليهم، واستقامة أمر المسلمين والإسلام بيمن خلافته، وقوة يقينه، وثبات عزمه رضي الله عنه.
خطبة أبي بكر في غزوة الروم
ولما خطب الناس يدعوهم إلى غزو الروم (4) سكتوا جميعا فوثب عمر، وقال:
يا معشر المسلمين ما لكم لا تجيبون خليفة (5) رسول الله، وقد دعاكم إلى الجنة التي وعد المتقون. أما والله {لَوْ كََانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قََاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلََكِنْ} [6]
بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ (7).
__________
(1) العقال، صدقة عام. انظر الصحاح، لسان العرب (عقل).
(2) في الأصل: (قضاؤه).
(3) النور: 55.
(4) في الأصل: (الدم).
(5) في الأصل: (لا يحبون خليفة).
(6) في الأصل: (والي).
(7) من سورة التوبة: 42وفي الأصل: (عليكم وهو. إشارة إلى قوله تعالى: {لَوْ كََانَ عَرَضاً قَرِيباً}.(1/171)
وقام خالد بن سعيد بن العاص (1)، وأقبل على أبي بكر فقال له: (والله) (2) لأن يتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق (3) أحب إلي من أن أقعد (4) عن دعوتك أو أبطئ عن إجابتك.
وصية أبي بكر للجيش الذي بعثه إلى الشام
وأوصى أبو بكر الجيش الذين بعثهم إلى الشام (5) فقال:
اذكروا الله عند كل مصعد ومهبط، ولا تقتلوا امرأة (6)، ولا صبيا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا تقعروا (7) نخلا، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة لا حاجة (8)
لكم في ذبحها، ولا تخربوا عامرا {وَلَيَنْصُرَنَّ اللََّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللََّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (9). ثم رفع يده إلى السماء بعد أن استقبل القبلة فقال:
اللهم إنك خلقتنا، ولم نك شيئا مذكورا، ثم بعثت إلينا رسولك محمدا بشيرا ونذيرا، فهديتنا به وكنا ضلّالا. وحبّبت إلينا الإيمان، وكنا كفارا، وقويتنا به وكنا ضعافا، وجمعتنا به وكنا أشتاتا. فأمرتنا أن نقاتل (10) المشركين حتى يقولوا لا إله إلا الله، أو يعطوا الجزية عن يد
__________
(1) خالد بن سعيد بن العاص قال الواقدي عنه، إنه خامس من أسلم من العرب وصدق رسول الله. وأرسله الرسول صلّى الله عليه وسلّم مع من أرسلهم إلى اليمن ليفقهوا أهلها، واشترك في فتوح الشام مع خالد بن الوليد. انظر طبقات فقهاء اليمن: 14، 22، 23، تاريخ الطبري حوادث سنة 10هـ ج 3/ 28فما بعدها.
(2) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(3) اقتباس من قوله تعالى: {فَكَأَنَّمََا خَرَّ مِنَ السَّمََاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكََانٍ سَحِيقٍ}
الحج: 31.
(4) في الأصل: (الراقعة).
(5) وصيته في تاريخ الطبري 3/ 213. الكامل لابن الأثير 2/ 162وفيهما: (أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تصدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا، ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة).
(6) في الأصل: (المرأة).
(7) في الأصل: (ولا تعقروا) وقعر النخل قطعها من أصولها ومنه قوله تعالى: {أَعْجََازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}.
(8) في الأصل: (شاة ولا حاجة ولا تحزنوا).
(9) الحج: 40.
(10) في الأصل: (يقاتل).(1/172)
وهم صاغرون (1). اللهم إنا أصبحنا نطلب رضاك، ونجاهد من عاداك وعبد معك إلها سواك.
اللهم فانصر عبادك المؤمنين على عبادك المشركين. اللهم شجّع جبانهم، وثبّت أقدامهم، وزلزل أقدام أعدائهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وأيد خضراءهم، واستأصل شأفتهم (2)، واقطع دابرهم، وأورثنا أرضهم وديارهم وأموالهم. وكن للمسلمين وليا، وبهم حفيا (3)، وثبّتهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة يا أرحم الراحمين (4).
خطبة له أخرى
وخطب يوما فقال بعد حمد الله، والثناء عليه:
أيها الناس إني قائل قولا من وعاه فعلى الله جزاؤه. ألا إن الموعظة حياة، والمؤمنون إخوة، وعلى الله قصد السبيل. ولو شاء لهداكم أجمعين فأتوا الهدى تهدوا، واجتنبوا الغي ترشدوا، {وَتُوبُوا إِلَى اللََّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (5).
فصل في مكاتباته
كتابه إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين
كتب إلى خالد بن الوليد ومن معه من المهاجرين والأنصار (6):
أما بعد، فالحمد لله الذي أنجز (7) وعده، ونصر عبده (8)، وهزم الأحزاب وحده. وقد فرض على عباده الجهاد فقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتََالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ}
__________
(1) من قوله تعالى: {حَتََّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صََاغِرُونَ} الوبة: 29.
(2) في الأصل: (شفأتهم) والشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب. يقال في المثل استأصل الله شأفتهم: أي أذهبهم الله كما أذهب تلك القرحة بالكي، انظر الصحاح: (شأف).
(3) حفيا من الحفاوة وهي المبالغة بالعناية. منه يقال حفيت به حفاوة، وتحفيت به أي بالغت في إكرامه وإلطافه. الصحاح (حفا).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثََّابِتِ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ} إبراهيم: 27.
(5) النور: 31.
(6) الخطبة في فتوح الشام: 46.
(7) في الأصل: (انحزم).
(8) في الأصل: (عزه) وفي فتوح الشام (ونصر دينه، وأعز وليه وأذل عدوه، وغلب الأحزاب بعده) وبعدها نص غير موجود أعلاه.(1/173)
{تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى ََ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللََّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ} (1). وأطيعوا الله فيما فرض عليكم (2)، وثقوا بوعوده وارغبوا في الجهاد وإن عظمت المئونة أو بعدت الشقة. {انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا وَجََاهِدُوا بِأَمْوََالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ ذََلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (3).
ألا وإني أمرت خالد بن الوليد بالسير إلى العراق (4) ليلحق بالمثنى بن حارثة (5)، فيكون عونا له على محاربته الفرس، فسيروا معه، ولا تثاقلوا (6) عنه. كفانا الله وإياكم المهم من أمور الدارين برحمته.
كتابه إلى المثنى بن حارثة
وكتب إلى المثنى بن حارثة:
أما بعد، فإني وجهت إليك خالد بن الوليد فاستقبله (7) بجميع من (8) معك وساعده وآزره، ولا تعصين له أمرا (9). فإنه من الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال: {أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ تَرََاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً}
(10).
__________
(1) البقرة: 216.
(2) في فتوح الشام: 55: (فاستتموا وعد الله إياكم، وأطيعوه فيما فرض عليكم، وإن عظمت فيه المؤونة، واشتدت فيه الرزية).
(3) التوبة: 41.
(4) في فتوح الشام: (لا يبرحه حتى يأتيه أمري، فسيروا معه ولا تثاقلوا عنه، ولا تنفلتوا عنه فإنه سبيل يعظم الله فيه الأجر لمن حسنت فيه نيته. وعظمت في الخير رغبته فإذا قدمتم العراق فكونوا به حتى يأتيكم أمري كفانا الله وإياكم أمور الدنيا والآخرة والسلام.
(5) المثنى بن حارثة الشيباني صحابي فاتح من كبار القادة. أسلم سنة 9هـ واشترك في الفتوحات زمن أبي بكر وعمر توفي نحو 14هـ. انظر الإصابة 3/ 341.
(6) في فتوح الشام: 55فإنه سبيل يعظم الله فيه الأجر لمن حسنت فيه نيته، وعظمت في الخير رغبته. فإذا قدمتم العراق فكونوا بها حتى يأتيكم أمري. كفانا الله وإياكم مهم أمور الدنيا والآخرة والسلام عليكم ورحمة الله.
(7) في فتوح الشام: فاستقبله بمن معك من قومك ثم ساعده وآزره وكاتفه.
(8) في الأصل: (يجمع).
(9) في فتوح الشام: (ولا تخالفن له رأيا).
(10) الفتح: 29وفي فتوح الشام: ما أقام معك فهو الأمير، فإن شخص عنك فأنت على ما كنت عليه والسلام عليك.(1/174)
كتابه إلى أهل اليمن
وكتب إلى أهل اليمن (1) يحرضهم على الجهاد كتابا في فصل منه:
سارعوا رحمكم الله إلى فريضة ربكم، وسنة نبيكم، فإلى إحدى الحسنيين إما الشهادة التي جعل (2) الله فيها السعادة، وإما الفتح والغنيمة.
فصل في ذكر استخلافه عمر رضي الله عنه
قول عبد الله بن مسعود في أفرس الناس
قال عبد الله بن مسعود (3):
أفرس الناس ثلاثة: العزيز الذي تفرّس (4) في يوسف عليه السلام. فقال لامرأته {أَكْرِمِي مَثْوََاهُ عَسى ََ أَنْ يَنْفَعَنََا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} (5)، وصفورا (6) بنت (شعيب) (7) إذ رأت موسى عليه السلام فقالت لأبيها {يََا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (8)، وأبو بكر حين استخلف عمر على أمر الأمة.
ولما احتضر أبو بكر أملى في استخلاف عمر كتابا في نهاية الإيجاز والإبداع (9)
ونسخته:
__________
(1) الرسالة في تاريخ ابن عساكر 1/ 128وروايتها: وقد استنفرنا المسلمين إلى جهاد الروم بالشام. وقد سارعوا إلى ذلك. وقد حسنت بذلك نيتهم وعظمت حسبتهم، فسارعوا عباد الله إلى ما سارعوا إليه، ولتحسن نيتكم فيه. فإنكم إلى إحدى الحسنيين إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة.
(2) في الأصل: (إلى).
(3) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن هذيل من كبار الصحابة بعثه عمر بن الخطاب معلما ووزيرا إلى أهل الكوفة ومات بالمدينة سنة 32هـ الطبقات: ابن خياط 16.
(4) القول في لطائف المعارف 76، سيرة عمر بن الخطاب: 39.
(5) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل. والآية من سورة يوسف: 21.
(6) في الأصل: (وصفرا) والصواب: صفورا وهي ابنة شعيب وقيل ابنة أخي شعيب وربما يكون صوابها وصغرى بنات. انظر لطائف المعارف 77.
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) القصص: 26.
(9) ذكر الجاحظ في البيان والتبيين 2/ 45هذه الوصية برواية أخرى تختلف عن هذه تماما. وفيها يخاطب أبو بكر عمر ويوصيه بتقوى الله وبأمور تلزمه في الخلافة.(1/175)
كتاب أبي بكر في استخلافه عمر
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند آخر عهده في الدنيا (1)، وأول عهده بالآخرة (2) في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويتقي (3) فيها الفاجر.
أما بعد فإني استخلف (4) عليكم عمر بن الخطاب فإنه برّ (5) وعدل، فذلك ظني به، ورأيي فيه. وإن جار وبدل، فلا علم لي بالغيب. والخير أردت. لكل امرئ ما اكتسب (6)
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (7).
فصل في ذكر عمر وقطعة من مآثره
خطبة عمر في الاستسقاء
لما خطب عمر رضي الله عنه خطبة الاستسقاء (8) لم يزد بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على نبيه محمد صلوات الله عليه وسلامه على الاستغفار، حتى نزل عن المنبر. فقيل له في ذلك. فقال: أما سمعتم الله يقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً} (9).
قال: فهطلت السماء بمثل أفواه القرب.
خطبة له أخرى
وخطب يوما فقال:
__________
(1) بعدها في الكامل للمبرد: خارجا عنها، داخلا فيها في الحال.
(2) والخطبة في الكامل للمبرد 1/ 6، الإمامة والسياسة 1/ 16، العقد الفريد 2/ 207، نثر الدر 2/ 15، صبح الأعشى 9/ 359.
(3) في الأصل: (ويبقى) وبعدها في الكامل: (ويصدق الكاذب).
(4) في نثر الدر: (إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب فإنه بر وعدل، فذلك علمي به).
(5) في الأصل: (فإنه بر) وفي الكامل: (فذلك علمي به ورأيي فيه).
(6) من قوله تعالى في سورة النور: 11 {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} وبعدها في نثر الدر: {مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ}.
(7) الشعراء: 227.
(8) الخبر في سيرة عمر بن الخطاب: 119وفيه: أن عمر بن الخطاب خطب هذه الخطبة عام الرمادة، وذلك في السنة الثامنة عشر للهجرة حين أصابت الناس مجاعة شديدة بالمدينة وما حولها وانقطع المطر. وانظر اختلاف رواية الخطبة في العقد الفريد 4/ 64. الكامل لابن الأثير 3/ 230.
(9) نوح: 10، 11.(1/176)
لو شئت لدعوت بصلاء (1)، وصياب (2) وكراكر (3) وأسنمة (4)، ولكن الله عاب قوما فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا} (5).
فقامت عجوز في أخريات الناس، وقالت:
يا أمير المؤمنين، هذه الآية إنما هي في الكفار، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النََّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا} (6).
فقال عمر: الله أكبر كلكم أفقه من عمر حتى العجائز!
قوله وقد قيل له أن يستعمل كاتبا نصرانيا
وقيل لعمر رضي الله عنه: هاهنا غلام نصراني كاتب (7) من أهل الحيرة (8) فلو اتخذته كاتبا، فقال:
لقد اتخذت بطانة من دون المؤمنين (9) وتلا: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصََارى ََ أَوْلِيََاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ} (10).
__________
(1) في الأصل: بصلا والصلاء بالكسر والمد الشواء لأنه يصلى بالنار.
(2) في الأصل: (صاب) والصياب الخالص من كل شيء. لسان العرب مادة (صيب). وفي نثر الدر 2/ 38بداية لهذه الخطبة بمعناها، وأنه قالها للربيع بن زياد بن الحارث: (يا ربيع إنا لو نشاء ملأنا هذه الرحاب من صلائق وسبائك وصناب ولكنى رأيت الله عز وجل نعى على قوم شهواتهم فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا} الصلائق الرقاق.
والسبائك ما سبك من الدقيق، وأخذ خالصه. والصناب الخردل بالزبيب.
(3) كراكر جمع كركرة وهي كما يقول الجوهري: رحى زور البعير أي أعلى صدره.
(4) أسنمة جمع السنام ويريد: أنه لو شاء لاختار ما يشاء لنفسه من الطيبات والطعام، ولكنه زهد في ذلك لأن الله تعالى يقول:
{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبََاتِكُمْ فِي حَيََاتِكُمُ الدُّنْيََا}.
(5) الأحقاف: 20.
(6) في الأصل: (وذلكم).
(7) في الأصل: (كانت).
(8) في تاريخ الطبري: إن هاهنا رجل من أهل الأنبار له بصر بالديوان.
(9) في تاريخ الطبري 4/ 202: (لقد اتخذت إذن بطانة) ولم يذكر في الخبر تلاوته الآية الكريمة.
(10) المائدة: 51.(1/177)
وصف علي بن أبي طالب لعمر وقد رآه في دار الصدقة
دخل علي رضي الله عنه يوما دار الصدقة، فنظر إلى عمل عمر قائما في شمس يوم شديد الحر، وهو يملي في إبل الصدقة وألوانها وأسنانها. فقال علي لعثمان رضي الله عنهما:
أسمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (1) فهذا والله القوي الأمين (2).
كتاب أبي عبيدة إلى عمر من الشام وجواب عمر بن الخطاب
ولما ورد على عمر كتاب أبي عبيدة بن الجراح من الشام يذكر له مسير الروم إليه بقضهم وقضيضهم وأساقفهم وقسسهم، وإنهم قد نزلوا في أربعمائة ألف من بين فارس وراجل موضعا يقال له اليرموك، ويستمده الجيوش ويقول له:
إنك إن قصرت في مسيرها فاحتسب أنفس المسلمين إن أقاموا، ودينهم إن انهزموا، فقد جاءهم مالا قبل (لهم) (3) به.
لم يتمالك عمر أن بكى وبكى المسلمون بالمدينة. وقالوا:
يا أمير المؤمنين ابعثنا جميعا أو أسر بنا. وترجح (4) برأيه في ذلك، فأشار علي رضي الله عنه بلزوم المدينة، لتكون المفزع (5) والملجأ للمسلمين بإمداد أبي عبيدة بالرجال والأموال وقال له: ثق بالله يا أمير المؤمنين، ولا تيأس من روح الله {إِنَّهُ لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ} (6). فقبل رأيه، وكتب إلى أبي عبيدة (7):
__________
(1) القصص: 26.
(2) الخبر في أسد الغابة 4/ 71عن أبي بكر العبسي أنه قال دخلت حين الصدقة مع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب فجلس عثمان في الظل، وقام علي على رأسه يملي عليه ما يقول عمر. وعمر قائم في يوم شديد الحر عليه بردتان سوداوان، متزر بواحدة وقد وضع الأخرى على رأسه وهو يتفقد إبل الصدقة فيكتب ألوانها وأسنانها، فقال علي لعثمان، أما سمعت قول ابنة شعيب في كتاب الله عز وجل: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} وأشار بيده إلى عمر فقال، هذا هو القوي الأمين.
(3) زيادة ليست في الأصل، وفي فتوح الشام: (فاحتسب أنفس المسلمين إن هم أقاموا، ودينهم إن هم تفرقوا).
(4) ترجح أي مال واضطرب، يقال ترجحت الأرجوحة بالغلام أي مالت.
(5) في الأصل: (المقرع) والصواب المفزع. انظر الصحاح مادة (فزع).
(6) يوسف: 87.
(7) الرسالة في فتوح الشام: 82وقد حذفت منها عبارات وآيات.(1/178)
أما بعد فقد ورد علي كتابك تذكر فيه مسير الروم بقضهم (1) وقضيضهم فإن الله تعالى رأى أماكنهم، حين بعث محمدا صلوات الله عليه، وأعزه بالنصر، ونصره بالرعب، فقال وهو لا يخلف الميعاد: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ََ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (2). وقد علمت أبا عبيدة أنه لم تكن شدة قط إلّا جعل الله بعدها فرجا فلا تهولنك (3) كثرة من جاءك من الكفرة الفجرة فإن الله برئ منهم. ومن يبرأ الله منه فلن ينصره. ولا توحشك قلة المسلمين وكثرة الكافرين {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ وَاللََّهُ مَعَ الصََّابِرِينَ} (4). وليس بقليل من كان الله معه، فأقم بمكانك، وتوكل على الله، واستظهر به وكفى بالله ظهيرا، ووليا ونصيرا.
وقد كتبت في كتابك (5) أن أحتسب المسلمين إن هم (6) أقاموا، ودينهم إن هم (7)
انهزموا. وليس الأمر (8) كما ذكرت رحمك الله يا أبا عبيدة لأنك قد علمت أن المسلمين إن هم أقاموا، وصبروا وقتلوا، فما عند الله خير للأبرار. وقد قال الله تعالى: {مِنَ}
__________
(1) يقال: جاءوا قضهم بقضيضهم أي جاءوا بأجمعهم. لسان العرب (قضض). وفي فتوح الشام فقد قدم علي أبو ثمالة بكتابك، يخبرني فيه بنفير الروم إلى المسلمين برا وبحرا ومما جاشوا عليكم وأساقفهم، قسسهم ورهبانهم. إن ربنا المحمود عندنا والصانع لنا. والرسالة في فتوح الشام: 162مع اختلاف في الرواية.
(2) التوبة: 33.
(3) في الأصل: (يهولنك) وفي فتوح الشام: 82فلا تهولنك، كثرة ما جاءك منهم فإن الله منهم بريء، ومن يبرأ الله منهم كان قمنا أن لا تنفعه كثرة. وأن يكله الله إلى نفسه، ويخذله، ولا توحشك قلة المسلمين في المشركين فإن الله معك.
(4) البقرة: 249.
(5) عبارة (في كتابك) غير موجودة في نص فتوح الشام. وانظر جزءا من كتابه في نثر الدر 2/ 28.
(6) في الأصل: (أنهم) وفي فتوح الشام: (أنفس المسلمين إن هم).
(7) في الأصل: (انهم).
(8) في فتوح الشام: وأيم الله لولا استثناؤك بهذا لقد كنت أسأت ولعمري إن أقام لهم المسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند الله خبير للأبرار.(1/179)
{الْمُؤْمِنِينَ رِجََالٌ صَدَقُوا مََا عََاهَدُوا اللََّهَ عَلَيْهِ} [1] فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى ََ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمََا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (2). وإنهم بحمد الله منصورون، فأخلصوا (3) نياتكم وارفعوا إليه رغباتكم و {اصْبِرُوا وَصََابِرُوا وَرََابِطُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4). وإني موجه إليكم الجيوش قبل أن تواقعوا العدو إن شاء الله.
ثم جهّز العساكر ووهب الله النصر والفتح.
كتاب عمار بن ياسر يذكر فيه شوكة الروم
وكتب إليه عمار بن ياسر يذكر شدة شوكة الفرس، وكثرة عددهم، واستفحال أمرهم.
جواب عمر في ذلك
فكتب إليه عمر:
يد الله فوق أيديهم، وسيمدكم الله بجند من الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، ويقذف الرعب في قلوبهم (5)، والزلازل في أقدامهم، حتى يهزمهم هزيمة يكون فيها بوارهم (6)، ودمارهم إن شاء الله.
فصل في قتله وثناء المسلمين عليه
قوله حين طعنه أبو لؤلؤة
لما طعن أبو لؤلؤة عمر (7) رضي الله عنه في المحراب جمع إليه ملحفته وتلا:
{وَكََانَ أَمْرُ اللََّهِ قَدَراً مَقْدُوراً} (8).
__________
(1) من هنا يبدأ نص الآية في فتوح الشام.
(2) ما بين القوسين سقط من نص المخطوط والآية من سورة الأحزاب: 23.
(3) في الأصل: وأخلصوا.
(4) آل عمران: 200.
(5) إشارة إلى الآية 10من سورة الفتح.
(6) البوار: الهلاك. الصحاح، لسان العرب (بور).
(7) في الأصل: (طعنه وعمر).
(8) الأحزاب: 38.(1/180)
قوله وقد رأى أصحاب الرسول صلّى الله عليه وسلّم
ولما صار لما به، دخل إليه نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعودونه فلما نظر إليهم استعبر باكيا، وبكوا بين يديه. فقالوا:
لا أبكى الله عينيك يا أمير المؤمنين، وأبشر بالخير كله فإنك من الذين أنزل الله فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللََّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبََايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (1)
وممن قال فيهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدََّاءُ عَلَى الْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ تَرََاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللََّهِ وَرِضْوََاناً} (2). ولقد صحبت رسول الله حتى بشّرك بالجنة في غير موطن، وفارق الدنيا وهو عنك راض، ثم خلّفت خليفة، وأحسنت الخلافة، ووليت أمور المؤمنين فلم تأخذك في الله لومة لائم. وعدلت في الرعية، وقسمت بينهم بالسوية، فجزاك عن نبيه وخليفته وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
قول علي بن أبي طالب بعد دفن عمر بن الخطاب
ولما مضى عمر رضي الله عنه لسبيله وجهز، أقبل علي رضي الله عنه باكيا ثم قال للناس:
هذا الفاروق قد مضى نحبه، ولقي ربه. وكان لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يتقدم ولا يتأخر [إلا] (3) وهو على بينة من ربه، حتى كأن ملكا يسدده. وكان شفيقا (4) على المسلمين، رءوفا بالمؤمنين شديدا على الكافرين، فرحمة الله ورضوانه عليه. وو الله ما أحد من عباد الله أحب من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّى بين أظهركم.
__________
(1) الفتح: 18.
(2) نفسه: 29.
(3) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(4) في الأصل: (شفيا).(1/181)
فصل في ذكر محاسن عثمان رضي الله عنه
قول لبعض السلف
قال بعض السلف: من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر، فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان، فقد استنار بنور الله، ومن أحب عليا فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
المدائني (1) عن ابن سيرين (2) قال:
كان علي يقول في عثمان: أشهد أنه من الذين قال الله في حقهم (3): {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ََ أُولََئِكَ عَنْهََا مُبْعَدُونَ} (4).
بين أبي هريرة وبعضهم في شأن عثمان
وجاء قوم إلى أبي هريرة يعيبون (5) عثمان فقال لهم:
لا تذكروا ذا النورين إلا بخير (6). فما انتهوا ولم يرتدعوا، فرمى (7) أبو هريرة بسيفه حتى غرز في الجدار (8) وتلا: {يََا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسََالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} (9).
__________
(1) المدائني هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني ولد سنة 135وتوفي سنة 215كان مؤرخا راويا للأخبار والآداب. الفهرست: 153.
(2) ابن سيرين محمد يكنى أبا بكر أحد أئمة المسلمين زاهد واعظ عرف بتأويله الأحلام توفي نحو 110هـ انظر حلية الأولياء 2/ 263تاريخ بغداد 5/ 331.
(3) في أنساب الأشراف ج 5/ 8عن محمد بن حاطب أنه قال يوما لعلي: هؤلاء سيسألونا عن عثمان غدا فما نقول؟ قال:
نقول: كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا، وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا.
(4) الأنبياء: 101.
(5) في الأصل: (يعينون).
(6) في الأصل: (لانحين).
(7) في الأصل: (قدمى).
(8) في الأصل: (الحرر).
(9) الأعراف: 79.(1/182)
قول الحسن في قاتل عثمان
وعن الحسن بن علي كرم الله وجههما:
كيف لا أسب قاتل عثمان، وقد سبّه الله في كتابه فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزََاؤُهُ جَهَنَّمُ خََالِداً فِيهََا وَغَضِبَ اللََّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذََاباً عَظِيماً} (1).
فصل في غرر من كلامه في الخطب وغيرها
خطبته يوم ارتج عليه
خطب يوما فارتج عليه فقال:
سيجعل الله بعد عسر يسرا، وبعد عيّ نطقا، وأنتم إلى إمام (فعّال) (2) أحوج منكم (3) إلى إمام قوّال (4).
خطبة له أخرى
وخطب يوما فساق الكلام إلى شكاية الرعية فقال:
وأنا منهم بين ألسنة لداد، وسيوف حداد، وقلوب شداد. قد برئ الله منهم، يوم لا ينطقون. ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
ما دار بين صعصعة بن صوحان وعثمان
صعصعة بن صوحان (5) قال:
__________
(1) النساء: 93.
(2) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(3) في الأصل: (اجوج) وفي عيون الأخبار 2/ 235أن عثمان حين صعد على ذروة المنبر فرماه الناس بأبصارهم فقال: إن أول مركب صعب، وإن مع اليوم أياما. وما كنا بخطباء وإن نعش لكم تأتكم الخطبة على وجهها إن شاء الله. وفي الفاضل للوشاء: أن عثمان صعد المنبر فارتج عليه فقال: أيها الناس سيجعل الله بعد عسر يسرا وبعد عي بيانا، وإنكم إلى أمير فعال أحوج منكم إلى إمام قوال أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. وفي بهجة المجالس في باب من خطب فارتج عليه ص 73 أنه قال (وليناكم وعدلنا فيكم، عدلنا عليكم خير من خطبتنا فيكم وإن أعش يأتكم الكلام على وجهه). والخبر في نزهة الجليس 73.
(4) في الأصل: (فقال). والمشهور: (قوال).
(5) صعصعة بن صوحان بن حجر العبدي من سادات عبد قيس. من أهل الكوفة كان خطيبا بليغا شهد صفين مع علي توفي بالكوفة نحو 60هـ. تهذيب 4/ 422.(1/183)
ما أعياني جواب أحد كما أعياني جواب عثمان: دخلت إليه يوما فقلت:
أخرجنا من ديارنا، وأموالنا أن قلنا ربنا الله، فقال:
يا صعصعة نحن الذين أخرجنا من ديارنا وأموالنا أن قلنا ربنا الله، فمنا من مات بأرض الحبشة، ومنا من مات بالمدينة.
ومن كلام عثمان (ما يزع) (1).
فصل في كلام لعلي في عثمان وكلام فيهما
شكوى عثمان من أبي ذر أمام علي ابن أبي طالب ورد الأخير عليه
شكا عثمان إلى علي أبا ذر الغفاري (2) فقال له علي:
أنا أشير عليك فيه بما قال مؤمن آل فرعون: {وَإِنْ يَكُ كََاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صََادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذََّابٌ} (3).
قول علي بن أبي طالب لعثمان
وقال يوما (4) لعثمان:
قد أبلغ الناس عنك أمورا تركها خير لك من الإقامة (عليها) (5) فاتق الله، وتب إليه فإنه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات.
سؤال الحجاج الحسن البصري عن عثمان
قال الحجاج للحسن البصري (6): ما تقول (7) في عثمان وعلي فقال: أقول فيهما ما قال من هو خير مني بين يدي من هو شر منك. قال: ومن هما؟ قال: موسى وفرعون. ثم
__________
(1) في الأصل يزغ ولعل صوابه: ما يزع أي ما يزجر ويكف عن السيئات.
(2) أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة الغفاري صحابي جليل نفاه عثمان إلى الشام وأرجعه معاوية إلى المدينة، فنفاه عثمان مرة أخرى إلى الربذة فتوفي نحو 32هـ. انظر طبقات ابن سعد 4/ 175161، الإصابة 7/ 60.
(3) غافر: 28.
(4) في الأصل: (يوم).
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) الحسن البصري أبو سعيد الحسن بن يسار فقيه زاهد واعظ توفي نحو 110هـ حلية الأولياء 2/ 131فما بعدها.
(7) في الأصل: (وفى).(1/184)
تلا: {قََالَ فَمََا بََالُ الْقُرُونِ الْأُولى ََ (51) قََالَ عِلْمُهََا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتََابٍ لََا يَضِلُّ رَبِّي وَلََا يَنْسى ََ} (1).
ما دار بين أبي مسلم والزهري عن علي وعثمان
التقى الزهري (2) وأبو مسلم (3) في الطواف (4) فقال له أبو مسلم:
ما تقول في علي وعثمان؟ فتحيّر (5) الزهري ولم يحر جوابا. فقال أبو مسلم:
ويحك هلّا قلت كما قال الله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهََا مََا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مََا كَسَبْتُمْ وَلََا تُسْئَلُونَ عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (6).
فصل في نكت من أخبار محاصرة عثمان رضي الله عنه
كتاب عثمان إلى الناس لما حضر
لما حوصر فاشتد الأمر عليه كتب إلى الناس كتابا نسخته (7):
أما بعد، فإني أذكركم الله ربكم الذي انعم عليكم بالإسلام وهداكم من الضلالة (8)
وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا إِنَّ الْإِنْسََانَ لَظَلُومٌ كَفََّارٌ} (9) ف {اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ}
__________
(1) طه: 51، 52.
(2) الزهري محمد بن شهاب، تابعي جليل. كان أول من دوّن الحديث بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز. توفي نحو 123هـ.
(3) أبو مسلم هو عبد الله بن ثوب الخولاني، تابعي كبير فقيه زاهد. كان يسمى حكيم الأمة. انظر حلية الأولياء 2/ 122فما بعدها.
(4) في الأصل: (الطراف).
(5) في الأصل: (فيتحرى).
(6) البقرة: 134.
(7) في الأصل: (بنسخته). الرسالة في الطبري 5/ 144.
(8) في الطبري: وأنقذكم من الكفر وأراكم من البينات، وأوسع عليكم من الرزق ونصركم على العدو وأسبغ عليكم نعمته.
(9) إبراهيم: 34.(1/185)
{مُسْلِمُونَ} (1) {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2). {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَهُمُ الْبَيِّنََاتُ وَأُولََئِكَ لَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (3)
{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللََّهِ وَأَيْمََانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولََئِكَ لََا خَلََاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلََا يُكَلِّمُهُمُ اللََّهُ وَلََا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ وَلََا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ} (4) ألا وقد علمتم أن الله رضي لكم السمع (5) والطاعة، وحذّركم المعصية والفرقة (6) لتكون له الحجة عليكم إن عصيتموه. فاقبلوا (7) أمره، واحذروا عذابه فإنكم (8) لم تجدوا أمة هلكت قبلكم إلا من بعد ما اختلفت، ولم يكن لها رأس يجمعها. ومتى تفعلون بي (9) ما أزمعتم عليه (10) لم تقيموا صلاة (11) ولم تخرجوا زكاة، ويسلط عليكم عدوكم ويستحل (12) بعضكم دماء بعض (13). وتكونوا شيعا {لَسْتَ} [14] مِنْهُمْ فِي
__________
(1) آل عمران: 102.
(2) نفسها: 104.
(3) نفسها: 105.
(4) نفسها: 77وقد حذف من نص الثعالبي آيات ذكرها الطبري.
(5) في تاريخ الطبري: الطاعة والجماعة.
(6) في الطبري: (والاختلاف).
(7) في الطبري: فاقبلوا نصيحة الله عز وجل، واحذروا عذابه.
(8) في الطبري: لن تجدوا أمة هلكت إلا بعد أن تختلف إلا أن يكون لها رأس يجمعها.
(9) في الأصل: (لي).
(10) في الأصل: (ما أن منعتم).
(11) في الطبري: ومتى ما تفعلون ذلك لا تقيمون الصلاة جميعا وسلط عليكم عدوكم.
(12) في الأصل: (واستحل).
(13) في الطبري: ومتى يفعل ذلك لا يقيم الله سبحانه دينا، وتكونوا شيعا.
(14) في الأصل: (ليس).(1/186)
{شَيْءٍ إِنَّمََا أَمْرُهُمْ إِلَى اللََّهِ} (1) وقد علمتم (2) أن شعيبا لما نسبه قومه إلى الشقاق قال:
{لََا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقََاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مََا أَصََابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صََالِحٍ وَمََا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (3)، ألا إني قد أنصفتكم، وأعطيت في نفسي الرضى على أن أعمل فيكم بالكتاب والسنة، وأسير فيكم السيرة الحسنة، وأعزل عن أمصاركم من كرهتم، فأولي عليكم من أحببتم. وكتابي هذا معذرة مني (4) إلى الله تعالى ثم إليكم وتنصل مما كرهتم (5) {وَمََا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلََّا مََا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} (6). فاكتفوا مني بهذا العهد. {إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} (7). وإني أتوب إلى الله من كل ما كرهتموه، وأستغفر الله في (8) ذلك فإنه لا (9)
يغفر الذنوب إلا الله (10). والسلام.
ما دار بين زيد بن ثابت والمصريين عند محاصرة عثمان
وأشرف عثمان يوما على محاصريه. ومعه زيد بن ثابت فناداه المصريون:
__________
(1) الأنعام: 195وقد ذكر الطبري الآية كاملة في نصه.
(2) في الطبري: وإني أوصيكم بما أوصاكم الله وأحذركم عذابه، فإن شعيبا عليه السلام قال لقومه.
(3) هود: 89.
(4) في الأصل: (معدودة).
(5) من قوله: ألا إني غير موجود في نص الطبري. وقد حذف الثعالبي أيضا نصا طويلا من الرسالة.
(6) يوسف: 53.
(7) الإسراء: 34.
(8) في الأصل: (استغفروا الله من).
(9) في الطبري: وإن عاقبت أقواما فما أبتغي بذلك إلا الخير وإني أتوب إلى الله عز وجل من كل عمل عملته، وأستغفره إنه لا يغفر الذنوب إلا هو. إن رحمة ربي وسعت كل شيء والسلام عليكم ورحمة اله وبركاته أيها المؤمنون المسلمون. تاريخ الطبري 5/ 140.
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللََّهُ} آل عمران: 135.(1/187)
يا هذا إنا قد كرهناك فاعتزلنا، وإلا قتلناك. فتكلم زيد: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكََانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمََا أَمْرُهُمْ إِلَى اللََّهِ} (1) فصاح به الناس وسبوه.
وتكلم في بعض الأيام عبد الله بن سلام (2) فكان من كلامه (3) أنه قال:
إياكم وقتل هذا الشيخ، فإنه خليفة ولي (4) الله. ما قتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا من أمته، وما قتل خليفة لنبي إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا.
فنادوه من كل جانب أعزب (5) يا يهودي. فقال لهم:
أتقولون هذا لمن قال الله فيه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كََانَ مِنْ عِنْدِ اللََّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرََائِيلَ عَلى ََ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} (6)، وقال في آية أخرى: {قُلْ كَفى ََ بِاللََّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتََابِ} (7).
فلم يلتفتوا إلى قوله حتى كان ما كان من قتل عثمان رضي الله عنه.
قول عثمان وقد بلغه كلام عن عائشة
وروى أنه بلغ عثمان عن عائشة رحمها الله كلام كرهه فتلا: {ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كََانَتََا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبََادِنََا}
__________
(1) الأنعام: 159.
(2) عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي يكنى أبا يوسف، صحابي أسلم عند قدوم النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة في السنة الأولى للهجرة وكان اسمه الحصين فأبدله الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ولما كانت الفتنة بين علي ومعاوية اعتزلها وأقام بالمدينة إلى أن مات نحو سنة 43هـ. انظر التنبيه والإشراف: 201، طبقات فقهاء اليمن: الجعدي 57، صفة الصفوة 1/ 301.
(3) في أنساب الأشراف 5/ 15: أن عثمان هو الذي طلب من عبد الله بن سلام أن يخرج إليهم، فخرج إليهم ووعظهم، وعظم حرمة المدينة، وقال لهم إنه ما قتل خليفة قط إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا. فقالوا كذبت يهودي ابن يهودي.
(4) لعل صوابها خليفة نبي الله.
(5) أعزب أي تباعد. انظر الصحاح (عزب).
(6) الأحقاف: 10وقد أضيفت كلمة (واستكبرتم) خطأ بعد كلمة وكفرتم فحذفناها.
(7) الرعد: 43.(1/188)
{صََالِحَيْنِ فَخََانَتََاهُمََا فَلَمْ يُغْنِيََا} [عنهما] (1) {مِنَ اللََّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النََّارَ مَعَ الدََّاخِلِينَ} (2).
1932
فصل في كلام علي رضي الله عنه المقتبس من القرآن
فقر من كلماته
يقال إنه اقتبس أحسن كلامه (منه) (3) وأنه فرع (4) قوله من القرآن، مثل قوله السائر الذي هو أحكم مقال بعد كلام الأنبياء عليهم السلام:
قيمة كل امرئ ما يحسنه. فإنه مقتبس مما نطق به القرآن في قصة طالوت: {قََالُوا أَنََّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنََا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمََالِ قََالَ إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللََّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشََاءُ} (5).
وقوله رضي الله عنه: المرء مخبوء تحت لسانه، مقتبس من قصة يوسف عليه السلام، {فَلَمََّا كَلَّمَهُ قََالَ إِنَّكَ [الْيَوْمَ]} [6] لَدَيْنََا مَكِينٌ أَمِينٌ.
وقوله: الناس أعداء ما جهلوا. من قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمََا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} (7).
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) التحريم: 10.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) في الأصل: (فأنه).
(5) البقرة: 247.
(6) ما بين القوسين ساقط من المخطوط والآية من سورة يوسف: 54.
(7) يونس: 39.(1/189)
من خطبة له
وخطب علي رضي الله عنه فقال في خطبته:
عباد الله الموت ليس منه فوت إن أقمتم له أخذكم. وإن هربتم منه أدرككم. ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار. ألا وإن وراءه {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدََانَ شِيباً} (1) و {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمََّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذََاتِ حَمْلٍ حَمْلَهََا وَتَرَى النََّاسَ سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ وَلََكِنَّ عَذََابَ اللََّهِ شَدِيدٌ} (2).
ألا وإن وراء ذلك اليوم نار حرها شديد، وقعرها بعيد. ليست لله فيها رحمة.
فارتفعت أصوات من حوله بالبكاء. فقال:
ألا وإن وراءها جنة كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين (3).
1942
فصل في نكت من أخباره
قوله حين أشير عليه بإبقاء معاوية على الشام
لما بويع رضي الله عنه واستقام له بعض الأمر. أشير عليه بأن يقر معاوية على الشام وعبد الله بن عامر بن كريز (4) على البصرة (5) ريثما تستقر الأمور في قرارها، امتنع عن ذلك.
وقال: {مََا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ [عَضُداً]} (6).
__________
(1) المزمل: 17.
(2) الحج: 2.
(3) من قوله تعالى في سورة آل عمران: 133 {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.
(4) عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة، يكنى أبا عبد الرحمن. ولد بمكة وولي البصرة أيام عثمان سنة 29هـ ومات بمكة. ودفن بعرفات سنة 59هـ القصد والأمم 72، الإصابة 3/ 61.
(5) في الأصل: (النصرة).
(6) الكهف: 51وفي الأصل: (متخذا المضلين).(1/190)
1952
قوله لطلحة والزبير حين استأذناه للخروج للعمرة
ولما استأذنه طلحة والزبير في العمرة قال لهما: انطلقا، فما العمرة تريدان.
كتاب أم سلمة إلى علي
ولما خرج طلحة والزبير وعائشة وقد خرجوا من مكة إلى البصرة كتبت أم سلمة (1)
إلى علي:
أما بعد، فإن طلحة والزبير وعائشة (2) قد خرجوا من مكة يريدون (3) البصرة واستنفروا الناس إلى حربك. ولم يخف معهم إلا من كان في قلبه مرض. و {يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (4) والله كافيكهم وجاعل دائرة السوء عليهم.
فكتب إليها:
{عَمََّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نََادِمِينَ} (5).
2952 - ولما أخبرت حفصة أم كلثوم بنت علي باجتماع الناس إلى عائشة بالبصرة قالت لها:
إنك وعائشة إن تظاهرتما على أبي. (فقد تظاهرتما على من (6) كان الله مولاه، وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) (7).
ولما توجه إلى البصرة أنفذ (8) الحسن وعمار بن ياسر (9) رضي الله عنهما إلى الكوفة لاستنفارها (10) فلما وردها أجابت طائفة، وامتنع الآخرون. وكثر الكلام بين الناس فوثب
__________
(1) أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد روت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم انظر الطبقات 334.
(2) في شرح نهج البلاغة 2/ 78: فإن طلحة والزبير وأشياعهم شياع الضلالة يريدون أن يخرجوا لعائشة إلى البصرة ومعهم ابن الحزان عبد الله بن عامر بن كريز. ويذكرون أن عثمان قتل مظلوما وأنهم يطالبون بدمه والله كافيهم بحوله وقوته ولولا ما نهانا الله عنه من الخروج، وأمرنا به من لزوم البيوت لم أدع الخروج إليك.
(3) في الأصل: (كدورون).
(4) الفتح: 10.
(5) المؤمنون: 40.
(6) في الأصل: (جرى كان).
(7) إشارة إلى الآية: 4التحريم.
(8) في الأصل: (انعدا).
(9) زيادة ليست في الأصل والخبر في تاريخ الطبري حوادث سنة 36هـ وفيه أن الحسن وعمارا لما دخلا المسجد قالا: أيها الناس إن أمير المؤمنين يقول إني خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما وإني أذكر الله عز وجل رجلا رعى لله حقا إلا نفر، فإن كنت مظلوما أعانني وإن كنت ظالما أخذ مني. والله إن طلحة والزبير لأول من بايعني.
(10) في الأصل: (لاستقار).(1/191)
قول زيد بن صوحان إلى أهل الكوفة حين امتنع بعضهم عن الاستنفار لعلي
زيد بن صوحان (1) العبدي فقال:
{الم (1) أَحَسِبَ النََّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنََّا وَهُمْ لََا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللََّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ} [2]
الْكََاذِبِينَ (3). أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين وانفروا إليه أجمعين تصيبوا الحق راشدين. فاستجاب أكثرهم ونفروا مع الحسن.
1962
كتاب علي إلى طلحة والزبير
ولما نزلت (4) الفئتان بالبصرة أنفذ علي إلى طلحة والزبير ينذرهما ويحذرهما عاقبة البغي والنكث، ويشير عليهما بالطاعة. فأجاباه بأن قالا:
إنك لست راضيا (5) دون أن ندخل في طاعتك ونحن لا ندخل فيها أبدا، {فَاقْضِ مََا أَنْتَ قََاضٍ} (6).
قول رجل لعائشة يوم الجمل
ولما حمي الوطيس يوم الجمل وكادت تكون الدائرة (7) على عسكر عائشة غضبت ودعت بكف من حصى (8) فحصبت (9) بها عسكر علي وقالت: شاهت الوجوه. فصاح بها رجل من أصحابه: {وَمََا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ رَمى ََ} (10).
__________
(1) زيد بن صوحان بن حجر العبدي من بني عبد القيس، تابعي من أهل الكوفة له رواية عن عمر وعلي. شهد الفتح فقطعت شماله يوم نهاوند وقاتل يوم الجمل مع الإمام علي حتى قتل سنة 36هـ تاريخ بغداد 8/ 439.
(2) في الأصل: (المكاذبين).
(3) العنكبوت: 31.
(4) في الأصل: (تراث).
(5) في الأصل: (ناضيا).
(6) طه: 72.
(7) في الأصل: (الديرة).
(8) في الأصل: (خصى).
(9) في الأصل: (فحصنت) وحصبت معناها رمت.
(10) الأنفال: 17.(1/192)
2962
قول طلحة وقد أصيب بسهم يوم الجمل
ولما رمي طلحة بالسهم المسموم فأصابه. سقط لما به، وأغمي عليه. فلما أفاق نظر إلى الدم يسيل منه، فاسترجع وقال:
إنا عنينا بهذه الآية من كتاب الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (1).
ما قالته عائشة حين سقط جملها
ولما سقط الجمل قالت عائشة: {يََا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هََذََا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا} (2) فقال رجل: {يَعِظُكُمُ اللََّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً} (3).
3962
خطبة علي بعد انقضاء حرب الجمل
وخطب علي بعد انقضاء حرب الجمل فكان من قوله فيها:
وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي، فجاهدتهما بعدما عذرت وأنذرت حتى {وَظَهَرَ أَمْرُ اللََّهِ وَهُمْ كََارِهُونَ} (4).
خطبته المعروفة بالشقشقية
وقال في خطبة أخرى (5):
وما راعني إلا انثيال (6) الناس عليّ كعرف الضبع يسألونني أن أبايعهم، حتى لقد وطئ الحسنان (7)، وشق عطفاي (8). فلما نهضت بالأمر فسقت شرذمة، ونكث آخرون، كأن
__________
(1) نفسها: 25.
(2) مريم: 23.
(3) النور: 17.
(4) من قوله تعالى في سورة التوبة: 48 {حَتََّى جََاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللََّهِ وَهُمْ كََارِهُونَ}. وهناك أكثر من خطبة للإمام علي يذكر فيها نكث طلحة والزبير بيعتهما. انظر جمهرة خطب العرب 1/ 288، 289، 303.
(5) من خطبة مشهورة عرفت بالشقشقية. انظر شرح نهج البلاغة 1/ 66ورواية الخطبة هناك: فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي حولي كربيضة الغنم فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول {تِلْكَ الدََّارُ} بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.
(6) في الأصل: (الانتشال).
(7) في الأصل: (الحسنان).
(8) في الأصل: (عطفاي) بعدها في نهج البلاغة (مجتمعين حولي كربيضة الغنم).(1/193)
لم يسمعوا قول الله تعالى: {تِلْكَ الدََّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهََا لِلَّذِينَ لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (1).
1972
فصل في نكت من أخباره في أيام صفين
قول مسلمة بن زفر لجاسوس لمعاوية ورد الكوفة
ورد جاسوس لمعاوية الكوفة قبل أيام صفين. فقيل له: ما وراءك؟ فقال: تركت بالشام خمسين ألفا خاضبين (2) لحاهم من دماء أعينهم على قميص عثمان. وقد عاهدوا الله ألا يشيموا (3) سيوفهم حتى يقتلوا قتلة عثمان. فقال له مسلمة بن زفر العبسي، أتخوف المهاجرين والأنصار ببكاء أهل الشام على قميص عثمان؟ والله ما قميصه بقميص يوسف (4). ولا بكاؤهم عليه ببكاء يعقوب (5) ولئن بكوه بالشام لقد خذلوه بالحجاز.
قول جرير بن عبد الله لمعاوية وقد ذهب ليحمله على البيعة لعلي
2972 - ولما ورد جرير بن عبد الله (6) على معاوية لأخذ البيعة منه، راوغه معاوية وطاوله [في] (7) الأمر. فقال له جرير:
يا معاوية ما أظن قلبك (إلا) مطبوعا عليه و {كَذََلِكَ يَطْبَعُ اللََّهُ عَلى ََ كُلِّ قَلْبِ} [8] مُتَكَبِّرٍ جَبََّارٍ (9).
__________
(1) القصص: 83بعد هذه الآية تتمة للخطبة في شرح نهج البلاغة.
(2) في الأصل: (خاضئين لحاهم).
(3) يشيموا أي يغمدوا. الصحاح، اللسان: (شمم).
(4) إشارة إلى الآية: 18من سورة يوسف: {وَجََاؤُ عَلى ََ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}.
(5) إشارة إلى الآيتين: 16، 17من سورة يوسف: {وَجََاؤُ أَبََاهُمْ عِشََاءً يَبْكُونَ (16) قََالُوا يََا أَبََانََا إِنََّا ذَهَبْنََا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنََا يُوسُفَ عِنْدَ مَتََاعِنََا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}.
(6) جرير بن عبد الله البجلي، أبو عمر وقيل أبو عبد الله روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان إسلامه في السنة التي توفي فيها الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتوفي نحو سنة 51هـ. انظر تهذيب التهذيب 2/ 74وأخباره في الإمامة والسياسة.
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) زيادة ليست في الأصل.
(9) غافر: 35.(1/194)
دعاء الإمام علي حين أراد التوجه إلى الشام
ولما أراد علي رضي الله عنه المسير إلى الشام. دعا بفرسه وقال: بسم الله. فلما استوى قال (1): {سُبْحََانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنََا هََذََا وَمََا كُنََّا [لَهُ]} [2] مُقْرِنِينَ (13) (وَإِنََّا) (3) إِلى ََ رَبِّنََا لَمُنْقَلِبُونَ (4). ورأى نخلا وراء نخل فقال: {وَالنَّخْلَ بََاسِقََاتٍ} [5] لَهََا طَلْعٌ نَضِيدٌ (6) ونظر في مسيره إلى إيوان كسرى فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصََانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذََا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبََّارِينَ} (7).
ولما نزل صفين وجاءت رسل معاوية بالمحالات (8) أجابهم بما لم يسمعوا فيه فقال:
{إِنَّكَ لََا تُسْمِعُ الْمَوْتى ََ وَلََا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعََاءَ إِذََا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمََا أَنْتَ بِهََادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلََالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلََّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيََاتِنََا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} (9).
1982
كتاب معاوية إلى علي
وكتب معاوية (10):
__________
(1) في الأصل: (قال).
(2) ما بين القوسين ساقط من أصل المخطوط.
(3) في الأصل: (عايليون).
(4) الزخرف: 13، 14.
(5) في الأصل: (باصقات).
(6) ق: 10.
(7) الشعراء: 130128.
(8) المحالات جمع محالة وهي الحيلة.
(9) النمل: 80، 81.
(10) الكتاب في الإمامة والسياسة 1/ 49. وقد أجاب فيه معاوية على كتاب الإمام علي في توليته الشام، وطلبه البيعة منه، والقدوم إليه في ألف رجل من أهل الشام. وهو أيضا في وقعة صفين: 105.(1/195)
ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلى وضرب الرقاب
جواب علي في ذلك
فكتب إليه علي:
{إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (1).
خطبة لعلي لما عزم على الحرب
ولما صح عزمه على القراع (2) خطب أصحابه فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه (3):
يا أيها الناس إن الله تعالى قد دلّكم {عَلى ََ تِجََارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذََابٍ أَلِيمٍ} (4). وجعل ثوابه لكم المغفرة {وَمَسََاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنََّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوََانٌ مِنَ اللََّهِ أَكْبَرُ} (5) وقد أخبركم بالذي يجب عليكم فيها فقال: {إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيََانٌ مَرْصُوصٌ} (6). ألا فرصّوا صفوفكم، وقدموا الدارع (7)، وأخّروا الحاسر. وعضّوا على النواجذ (8)، فإنه أنبى (9) للسيوف عن الهام (10). ثم قرأ: {قََاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللََّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (11). ألا واحذروا الفرار (12) في الزحف ولا
__________
(1) القصص: 56.
(2) القراع: القتال، ومقارعة الأبطال قرع بعضهم بعضا. اللسان (قرع).
(3) الخطبة في نهج البلاغة 18018، وقد بدأت فيه من قوله: (فقدموا الدارع).
(4) الصف: 10.
(5) التوبة: 72.
(6) الصف: 4.
(7) في الأصل: (الدرّاع). والصواب ما أثبتناه.
(8) في نهج البلاغة: (وعضوا على الأضراس).
(9) في الأصل: (ابنى).
(10) من هنا يختلف نص الخطبة في نهج البلاغة 181.
(11) التوبة: 14وفي الأصل: (ويشفي).
(12) في الأصل: (القران).(1/196)
تتعرضوا لمقت الله. فإن مردكم إليه. وهو تعالى يقول: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرََارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لََا تُمَتَّعُونَ إِلََّا قَلِيلًا} (1).
1992 - وخطبهم يوما آخر، فقال:
إن الله بعث محمدا بشيرا ونذيرا للعالمين (2). وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الأمة (3). وأنتم معاشر العرب في شرّ دين وجور (4). بين حجارة جلس (5) وحيات صم.
تشربون الأجاج (6). وتأكلون الجشب (7). وتسفكون دماءكم (8) بينكم، وتقتلون أولادكم، ولا ترجون لله وقارا. ولا يؤمن أكثركم بالله إلّا وأنتم مشركون. فمن الله عليكم برسول من أنفسكم. {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مََا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} (9). فأمركم بأداء الأمانة (10)، وصلة الرحم (11)، وحقن الدماء، ونهاكم (12) عن التحاسد (13) والتنازع (14).
__________
(1) الأحزاب: 16.
(2) إشارة إلى سورة سبأ: 28والبقرة: 79، 80، 119وآيات كثيرة أخرى.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذََا جِئْنََا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنََا بِكَ عَلى ََ هََؤُلََاءِ شَهِيداً} النساء: 41ولفظ (شهيدا) غير موجود في نهج البلاغة.
(4) الجور: الميل عن القصد. وفي نهج البلاغة: (على شر دين وفي شر دار).
(5) في الأصل: (حبيس) والجلس: الحجارة الغليظة الخشنة وفي نهج البلاغة: (حجارة خشن).
(6) الأجاج: المالح. وروايتها في نهج البلاغة: (الكدر).
(7) في الأصل: (الخشب) والتصويب من نهج البلاغة. والجشب من الطعام الغليظ.
(8) بعدها في نهج البلاغة: (وتقطعون أرحامكم والأصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة) وينتهي بعدها النص فيه.
(9) التوبة: 128.
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} النساء: 58.
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ} النساء: 1.
(12) في الأصل: (وانهاكم).
(13) الخطبة في نهج البلاغة مع خلاف في الرواية.
(14) العبارة الأخيرة إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا} الأنفال: 46.(1/197)
2992
خطبة أخرى له
واستمر في الخطبة ثم ساق الكلام إلى ذكر أهل الشام فقال:
ودعوناهم فلم يجيبوا إلى الحق والبرهان، ولم يتناهوا عن الطغيان والعدوان وقد أنذرناهم، ونبذنا إليهم على سواء (1) إن الله لا يحب الخائنين.
11002
من دعاء ليلة الهرير
ومن دعائه في ليلة الهرير (2):
اللهم إليك نقلت الأقدام، وأفضت القلوب (3)، ورفعت الأيدي، ومدت الأعناق، وطلبت الحوائج. وشخصت الأبصار (4). اللهم {افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفََاتِحِينَ} (5).
قوله وقد نظر إلى بعض أصحابه يتألمون من الجراح
ونظر يوما إلى بعض أصحابه يتألمون من الجراح فقرأ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتََّى نَعْلَمَ الْمُجََاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصََّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبََارَكُمْ} (6).
21002
قوله حين رفع أهل الشام المصاحف
ولما حمل أهل الشام المصاحف على رؤوس الرماح ودعوا إليها. تقدم رجل منهم على فرس أبلق (7) في يده مصحف قد فتحه. ثم وقف بين الجمعين وجعل يقرأ: {وَإِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذََا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتََابُوا أَمْ يَخََافُونَ أَنْ}
__________
(1) في الأصل: (سوا) والقول إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِمََّا تَخََافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيََانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} الأنفال: 58.
(2) الهرير معركة دارت بين جيش الإمام علي وجيش معاوية سنة 37هـ وكانت في ليلة شديدة على المسلمين يضرب بها المثل في الشدة. كثر فيها القتلى من الجانبين. انظر شرح نهج البلاغة 1/ 184وأول الدعاء فيه: «اللهم يا صمد، يا إله محمد، إليك».
(3) قبلها في نهج البلاغة: (اللهم إليك أمضت القلوب، ومدت الأعناق، ونقلت الأقدام).
(4) في شرح نهج البلاغة: (وشخصت الأبصار، وطلبت الحوائج) وبعدها: (اللهم نشكو إليك غيبة نبينا، وكثرة عدونا، وتشتت أهوائنا. ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين. سيروا على بركة الله).
(5) الأعراف: 88.
(6) محمد: 31.
(7) الأبلق: صفة للفرس من البلق، إذا كان في لونه سواد وبياض.(1/198)
{يَحِيفَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ (50) إِنَّمََا كََانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذََا دُعُوا إِلَى اللََّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنََا وَأَطَعْنََا وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1).
فكأنما كانت تلك الحرب نارا صبت عليها ماء. ثم اتفقوا على نصب الحكمين يتأولون قول الله تعالى: ف {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقََاقَ} [2] بَيْنِهِمََا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهََا إِنْ يُرِيدََا إِصْلََاحاً يُوَفِّقِ اللََّهُ بَيْنَهُمََا (3). وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوََا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (4).
11012
قول أبي موسى الأشعري لعمرو بن العاص
ولما كان من خديعة (5) عمرو بن العاص لأبي موسى (6) ما كان. قال له أبو موسى:
عليك لعنة الله. فو الله ما أنت إلا كما قال الله: {كَمَثَلِ الشَّيْطََانِ إِذْ قََالَ لِلْإِنْسََانِ اكْفُرْ فَلَمََّا كَفَرَ قََالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ رَبَّ الْعََالَمِينَ} (7).
__________
(1) النور: 5148.
(2) في الأصل: (شقاقا).
(3) النساء: 34.
(4) المائدة: 95.
(5) في الأصل: (حذيفة).
(6) أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس بن سليم من بني الأشعر، صحابي ولد في زبيد اليمن وقدم مكة عند ظهور الإسلام وأسلم. ولاه عمر بن الخطاب البصرة وافتتح أصبهان والأهواز. عزله علي عن الكوفة بعد التحكيم فأقام فيها إلى أن مات سنة 44هـ. انظر: الإصابة 3/ 351.
(7) الحشر: 16.(1/199)
21012
فصل في نبذ من خبره مع الخوارج
جواب علي لعفيف بن قيس لما توجه نحو ضرب الخوارج
لما سار علي رضي الله عنه إلى قتال الخوارج بالنهروان (1). قال له عفيف بن قيس:
يا أمير المؤمنين لا تخرج في هذه الساعة. فإنها لعدوك عليك. فقال علي:
{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللََّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مََا مِنْ دَابَّةٍ إِلََّا هُوَ آخِذٌ بِنََاصِيَتِهََا إِنَّ رَبِّي عَلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2). ثم تمم المسير إليهم فطحن أكثرهم طحنا.
31012 - ولما قال ذو الثدية حرقوص بن زهير (3): والله ما نريد بقتالك إلا وجه الله. قرأ:
{هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمََالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (4). ثم قال: منهم أهل النهروان ورب الكعبة.
11022
فصل في ذكر مقتله ووصيته
خطبته بعد عودته من قتال الخوارج
لما قدم من حرب الخوارج، استقبله الناس يهنئونه بالظفر. فلما نزل دخل المسجد الأعظم، فصلى ركعتين. ثم صعد المنبر فخطب، فأوجز (5) ثم ضرب بيده على لحيته وهي
__________
(1) النهروان: قال ياقوت عنها هي ثلاث نهروانات الأعلى والأوسط والأسفل، وهي كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد. وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الخوارج مشهورة. معجم البلدان 4/ 847.
(2) هود: 56.
(3) في الأصل: الندبة، وهو حرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية رأس من رؤوس الخوارج قتله الإمام علي في النهروان.
انظر: الإصابة 1/ 472.
(4) الكهف: 103، 104.
(5) في الأصل: (فأوجس).(1/200)
بيضاء فقال: (والله ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها) (1). ثم أنشد:
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيري من خليلي من مراد (2)
21022
قوله عندما طعنه ابن ملجم
ولما ضرب الضربة التي مات فيها رضي الله عنه قال:
إن عشت، فأنا ولي دمي (3). وإن أفن فالفناء ميعادي. والعفو قربة لي، وحسنة لكم {أَلََا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللََّهُ لَكُمْ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4).
وصيته لولده
ولما اشتد به الأمر جمع ولده. فقال:
إني أوصيكم بتقوى الله. فاتقوا الله و {فَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (5).
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً وَلََا تَفَرَّقُوا} (6). {وَقُولُوا لِلنََّاسِ حُسْناً} (7)
كما أمركم الله {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ}
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الشمس: 1512 {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوََاهََا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقََاهََا (12) فَقََالَ لَهُمْ رَسُولُ اللََّهِ نََاقَةَ اللََّهِ وَسُقْيََاهََا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهََا}.
(2) قيل إن الإمام عليا كان يتمثل بهذا البيت كلما رأى ابن ملجم. فقيل له: ولم لا تقتله إذا كنت تعرف أنه قاتلك؟ فيقول:
كيف أقتل قاتلي.
ورواية البيت في شرح نهج البلاغة 2/ 432:
أريد حباءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
والبيت لعمرو بن معد يكرب كما في ديوان عمرو بن معد يكرب: 65وهو في خاص الخاص: 25.
(3) الرواية في الأصل: (إن أتوفى) وهو تحريف والصواب ما أثبتناه. في نهج البلاغة: إن عشت، فأنا ولي دمي، وإن مت فضربة بضربة.
(4) النور: 22.
(5) البقرة: 132.
(6) آل عمران: 103.
(7) البقرة: 83.(1/201)
{وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (1) وعليكم يحفظ وصية جدكم في الصلاة. وما ملكت أيمانكم. والزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم. وصيام شهر رمضان فإنه جنّة (2) لكم. ثم الحج، فهو الشريعة التي بها أمرتم. وأستودعكم الله. وأستغفر الله لي ولكم.
11032
فصل في بعض ما قاله الشعراء في فضله
شعر لعلي بن محمد بن نصر
قال علي بن محمد بن نصر بن بسام (3):
إن عليا لم يزل محنة (4) ... لرابح منا ومغبون
أحلّه (5) من نفسه المصطفى ... محلة لم تك في الدون
فارجع إلى الأعراف حتى ترى ... ما فعل القوم بهارون (6)
يريد قوله صلّى الله عليه وسلّم (7): أنت مني بمنزلة هارون من موسى (8).
شعر لبعضهم
وقال بعض الشعراء (9):
__________
(1) المائدة: 2.
(2) الجنة: ما يستتر به.
(3) علي بن محمد بن نصر بن بسام يكنى أبا الحسن شاعر لسن هجاء، ذكر له ياقوت جملة مصنفات ونشر د. مزهر السوداني مجموعا لشعره في مجلة المورد 1986. والأبيات في مجموعة الشعري ق 142وهي في أعيان الشيعة 42/ 24.
(4) المحنة: واحدة المحن التي يمتحن بها الإنسان. والمغبون المخدوع يقال: غبنته في البيع أي خدعته.
(5) في الأصل: (أمله).
(6) في أعيان الشيعة: (ما صنع الناس) وفي البيت إشارة إلى فعلة يهود وصنيعهم بهارون حين استخلفه موسى، كما ورد في سورة الأعراف: 142فما بعدها.
(7) في الأصل: (قوله تعالى).
(8) الحديث رواه البخاري في فضائل أصحاب النبي، والترمذي مناقب 20، ومسند الإمام أحمد 1/ 170.
(9) البيتان لابن بسام في مجموعة الشعري ص 226.(1/202)
أحلف بالله وآياته ... شهادة (1) صادقة خالدة
إن علي بن أبي طالب ... إمامنا في سورة المائدة
يريد قول الله تعالى: {إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ} (2).
يقال إنها نزلت في علي لما سمع سائلا، وهو في صلاته فأعطاه خاتمه (3).
11042
فصل في تسليم الحسن الأمر إلى معاوية
لما رأى رضي الله عنه سكون الدهماء (4). حقن الدماء في ترك منازعة معاوية وتسليم الأمر إليه. قام فأوجز وقال (5):
أما بعد، فإن الله هدى أولكم (6) بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا (7) وإن هذا الأمر الذي تنازعت فيه ومعاوية إما حق رجل هو أحق به مني فسلمته، وأما حقي فتركته لصلاح الأمة: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتََاعٌ إِلى ََ حِينٍ} (8).
__________
(1) في الأصل: (وسهادة).
(2) المائدة: 55.
(3) في أسباب النزول للواحدي: 113أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا وهو راكع في الصلاة. وانظر أيضا أسباب النزول / السيوطي: 90.
(4) الدهماء ودهماء الناس جماعتهم.
(5) الخطبة في تاريخ الطبري 6/ 93.
(6) في الأصل: (هذا ولكم).
(7) إلى هنا ينتهي نص الطبري الموافق لرواية الثعالبي. وتتمة الخطبة في تاريخه: وإن لهذا الأمر مدة، وإن الدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتََاعٌ إِلى ََ حِينٍ}.
(8) الأنبياء: 111.(1/203)
11052
فصل في لمع من أقوال الصحابة وأخبارهم
بين عمر وسحبان
لما قال عمر لسحبان (1) وهو يدون الدواوين:
مع من تريد أن أكتبك؟ قال:
مع (2) الذين {لََا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلََا فَسََاداً} (3).
قول أبي عبيدة إذا ذكر الكفرة
وكان أبو عبيدة بن الجراح إذا ذكر الكفرة الذين بإزائه (4) قال: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (5).
قول عثمان للزبير لما حصر
ولما حصر عثمان ومنع (6) الماء. قال للزبير (7). {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مََا يَشْتَهُونَ} (8).
21052
قول سعد بن أبي وقاص لأبي محجن
وقال سعد بن أبي وقاص (9) لأبي محجن الثقفي (10) لما اتهمه بشرب الخمر بعد أن استتابه مرات: {إِنَّكَ لَفِي ضَلََالِكَ الْقَدِيمِ} (11)، وأمر بحبسه.
__________
(1) سبحان بن زفر بن إياس الباهلي من باهلة. خطيب يضرب به المثل في البيان يقال: أخطب من سحبان، وأفصح من سحبان. أسلم زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يلاقه، وأقام في دمشق أيام معاوية وله شعر وأخبار. انظر الإصابة 2/ 108، بلوغ الإرب 3/ 156، البيان والتبيين في مواضع عديدة. انظر ج 1/ 1، 2، 6، 48، 339، 340، 348. ج 2/ 14.
(2) في الأصل: (من).
(3) القصص: 83.
(4) في الأصل (بارابه) والصواب بإزائه أي بحذائه.
(5) البقرة: 18.
(6) في الأصل: (وخضع).
(7) الزبير بن العوام بن خويلد يكنى أبا عبد الله، أمه صفية بنت عبد المطلب توفي سنة 36هـ. الطبقات 13.
(8) سبأ: 54.
(9) في الأصل: (سعيد) والصواب: سعد بن أبي وقاص وهو من بني زهرة بن كلاب يكنى أبا إسحاق ولاه عمر وعثمان الكوفة. مات بالمدينة سنة 55هـ. الطبقات: 15.
(10) أبو محجن الثقفي اسمه عمرو بن حبيب. وقيل اسمه كنيته. أحد الأبطال الشعراء في الجاهلية والإسلام. كان منهمكا بشرب الخمر فحده عمر عدة مرات. ثم لحق بسعد بن أبي وقاص في القادسية. توفي بأذربيجان وقيل في جرجان سنة 30هـ. انظر: الإصابة 4/ 173.
(11) يوسف: 95.(1/204)
بين ابن عمر ومصعب بن الزبير
وكان ابن عمر إذا لقي (1) مصعب بن الزبير بعد قتله المختار (2)، ومن كان معه من أصحابه أعرض عنه، وإذا سلم عليه مصعب لم يجبه. فقال له يوما:
أسلم عليك فلا تجيبني!
[قال] (3): لقتلك من قتلت من أهل الصلاة.
فقال: إنهم كانوا كفرة فجرة (4).
فقال ابن عمر: والله لو كانوا معزي لابنك لكنت في ذبحها من المسرفين، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} (5).
11062
إلحاح الوليد بن عتبة على عبد الله بن الزبير في أمر البيعة ليزيد
ولما ألح الوليد بن عتبة (6) على عبد الله بن الزبير في أمر البيعة ليزيد قال له: أمهلني هذه الليلة لأبايع صبح غد (7). فقال الوليد: مثلي ومثلك كما قال الله تعالى: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (8). فلما جنّ (9) الليل، هرب عبد الله إلى مكة.
وكان (10) أهل مكة قد بايعوا عليا. ثم أخذ منهم بسر بن أرطأة (11) البيعة لمعاوية، فأنفذ إليهم علي من الكوفة حارثة بن قدامة (12) فلما دخل مكة واستقبله الناس، وبخهم
__________
(1) في الأصل: (لقي).
(2) المختار بن أبي عبيد الثقفي ثار بعد مقتل الحسين، وملك الكوفة، وقاتله الحجاج وقتل سنة 67هـ. انظر تاريخ الطبري 7/ 161.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) في الأصل: (فجرة فجرة).
(5) ص: 88.
(6) الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب الأموي أمير من رجالات بني أمية ولي المدينة سنة 57هـ أيام معاوية وعزله يزيد سنة 60توفي نحو 64هـ. انظر نسب قريش: 133، 433.
(7) في الأصل: (غدا).
(8) هود: 81.
(9) في الأصل: (اجن).
(10) في الأصل: (وقال).
(11) وفي الأصل: (بشر أرطأة) والصواب ما هو مثبت. واسمه عمر بن عويمر بن عمران القرشي. روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وروى عنه جماعة. سكن دمشق وشهد صفين مع معاوية. توفي أيام الوليد بن عبد الملك سنة 86هـ. انظر تهذيب التهذيب 1/ 436.
(12) حارثة بن قدامة السعدي من أصحاب الإمام علي بعثه في طلب بسر بن أرطأة حين قتل بسر عبد الله وقثم ابني عبيد الله بن عباس، فخرج حارثة مسرعا. وبعد مقتل علي دعا أهل المدينة إلى البيعة للحسن فبايعوا. انظر: الأغاني: 16/ 271.(1/205)
وقال لهم: أخاف أن تكونوا من الذين {وَإِذََا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قََالُوا آمَنََّا وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (1).
21062
تعريض معاوية لابن عباس بطول لحيته
لما عرض معاوية بابن عباس بطول اللحية. تلا ابن عباس: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبََاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لََا يَخْرُجُ إِلََّا نَكِداً} (2).
11072
بين معاوية ورجل بايعه وهو مكره
قال رجل لمعاوية: قد بايعتك، وأنا كاره.
فقال: قد جعل الله في الكره خيرا كثيرا (3).
قول أبي الأسود الدؤلي في آل النبي صلّى الله عليه وسلّم
ولما بلغ معاوية قول أبي الأسود الدؤلي (4):
بنو عم النبي وأقربوه ... أحبّ الناس كلّهم إليّا (5)
فإن يك حبهم رشدا (أصبه) (7) ... وفيهم أسوة إن كان غيا (6)
21072
رأي الحسن البصري في معاوية
ذكر الحسن البصري معاوية فقال:
قاتله الله من شيخ أدرد (8) نعق بأقوام {فَأَوْرَدَهُمُ النََّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} (9).
__________
(1) البقرة: 14.
(2) الأعراف: 58.
(3) يريد قوله تعالى: {فَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللََّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء: 19.
(4) أبو الأسود هو ظالم بن عمرو بن سفيان. قيل إنه أول من وضع علم النحو وأنه أخذه عن الإمام علي بن أبي طالب. انظر:
طبقات النحويين 13: فما بعدها، مراتب النحويين 10طبقات ابن خياط: 191.
(5) في الأصل: (إلينا). والبيتان في ديوانه: 177. وذكر فيه أن أبا الأسود كان جارا لبني قشير وكانوا أصهاره. وكان بعضهم يكلمه كثيرا ويرد عليه في حبه علي بن أبي طالب فقال أبو الأسود الأبيات ومطلع القصيدة:
يقول الأرذلون بنو قشير ... طوال الدهر لا تنسى عليا
(6) سقطت الكلمة من المخطوط وقد أثبتناها من رواية الديوان، وواضح أنه سقط من نص المخطوط بقية الخبر.
(7) يبدو أن هناك تكملة ساقطة من أصل المخطوط تتعلق بجواب معاوية لأبي الأسود.
(8) في الأصل: (ادره).
(9) هود: 98.(1/206)
أقوال لابن عباس
وكان ابن عباس إذا قرأ: {مََا يَعْلَمُهُمْ إِلََّا قَلِيلٌ} (1). قال: أنا من القليل.
31072 - وكان يقول: لا يحل شري المغنيات (2)، ولا بيعهن، ولا التجارة في أثمانهن. ثم يتلو:
{وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهََا هُزُواً أُولََئِكَ لَهُمْ عَذََابٌ مُهِينٌ} (3).
قول عروة بن الزبير عند قدومه من الشام
لما قدم عروة بن الزبير (4) من الشام (5). وقد أصيب في سفره برجله وابنه محمد (6)
ترك في محله فقال: {لَقَدْ لَقِينََا مِنْ سَفَرِنََا هََذََا نَصَباً} (7).
11082
رؤيا لابن عباس
أصبح ابن عباس ذات يوم مهموما فسئل عن ذلك فقال: {إِنِّي أَعْلَمُ مََا لََا تَعْلَمُونَ} (8). وقد رأيت البارحة كأن أبا قبيس (9) صار دخانا. ثم طار قطعا وفيه الصفا (10)
وهو ركن من أركان الإسلام. فما أوّلت ذلك إلا بوفاة أمير المؤمنين علي. فما لبث أن ورد نعيه.
__________
(1) الكهف: 22.
(2) في الأصل: (المقنات).
(3) لقمان: 6.
(4) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب. أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، ويكنى أبا عبد الله توفي سنة ثلاث وتسعين. الطبقات لابن خياط 241، نسب قريش: 243.
(5) في التعازي للمدائني: 44أن عروة بن الزبير قدم على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد بن عروة، فدخل محمد دار الدواب، فضربته دابة، فخر وحمل ميتا، ووقع في رجل عروة الأكلة، ولم يدع ورده تلك الليلة. فقال له الوليد: اقطعها وإلا أفسدت عليك سائر جسدك فقطعت بالمنشار وهو شيخ كبير ولم يمسكه أحد فقال: {لَقَدْ لَقِينََا مِنْ سَفَرِنََا هََذََا نَصَباً}.
(6) في الأصل: (محمدا).
(7) الكهف: 62.
(8) البقرة: 30.
(9) أبو قبيس: جبل مشرف على الحرم المكي. انظر معجم البلدان: 4/ 34.
(10) الصفا: جبل بين بطحاء مكة والمسجد، وهو يكوّن المكان المرتفع من جبل أبي قبيس بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي. انظر: معجم البلدان 3/ 397.(1/207)
الباب الخامس في ذكر الأنبياء عليهم السلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم، وما اقتبس الناس من فنون أغراضهم من قصصهم وتمثلوا به من أحوالهم(1/209)
11092 - الباب الخامس ذكر الأنبياء عليهم السلام وغيرهم ممن نطق القرآن بأخبارهم، وما اقتبس الناس من فنون أغراضهم من قصصهم وتمثلوا به من أحوالهم.
فصل في الاقتباس من قصة آدم عليه السلام
دعاء عبد أعتقه عمر بن عبد العزيز
كان لآل عياش (بن) (1) أبي ربيعة عبد صالح يسمى زيادا (2). فطلبه عمر بن عبد العزيز فأعتقه (3). فقال: يا رب قد رزقتني العتق الأصغر في هذه الدنيا فلا تحرمني العتق الأكبر في الدار الآخرة.
21092
قدومه على عمر لما ولي الخلافة
ثم قدم على عمر لما ولي الخلافة فقال له عمر: يا زياد، {إِنِّي أَخََافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذََابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (4). فقال: يا أمير المؤمنين إني لا أخاف عليك أن تخاف، ولكني أخاف أن لا تخاف، ولقد علمت أن آدم أذنب ذنبا واحدا فأخرج من الجنة وشقق الكتب (5)، وصيح به في الأمم: وعصى آدم ربه فغوى (6). فالنجا، النجا (7).
__________
(1) في الأصل: (عياش أبي ربيعة) والصواب ما اثبتناه وهو أخو أبي جهل بن هشام لأمه. قيل إن إسلامه كان قديما وهاجر إلى الحبشة مع المستضعفين. قتل في اليرموك. انظر الاستيعاب 3/ 1232، وانظر أيضا جمهرة نسب العرب: 230.
(2) في الأصل: (زياد).
(3) في الأصل: (فاعتقده).
(4) الأنعام: 15.
(5) كذا في الأصل.
(6) من قوله تعالى: {وَعَصى ََ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ََ} طه: 121.
(7) في الأصل: (النخا النخا).(1/211)
شعر لمحمود الوراق
وهذا المعنى أراد محمود بن الحسين الوراق (1) قال:
يا ساهرا يرنو بعيني راقد (2) ... ومشاهدا للأمر غير مشاهد
تصل الذنوب إلى الذنوب (4) وترتجي ... درك الجنان بها وخوف (3) العابد
أنسيت أن الله أخرج آدما ... منها إلى الدنيا بذنب واحد
11102
قول أبي أمامة في آدم
قال أبو أمامة (5): لا شك في أن آدم كان أعقل من جميع أولاده. والله تعالى يقول:
{وَلَقَدْ عَهِدْنََا إِلى ََ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (6).
شعر لأبي تمام
وقال أبو تمام:
لا تنسين تلك العهود فإنما ... سميت إنسانا لأنك ناسي (7)
شعر لأبي الفتح البستي
وأنشدني أبو الفتح علي بن محمد البستي (8):
__________
(1) محمود بن الحسن الوراق شاعر أكثر شعره في الحكم توفي نحو سنة 230هـ. انظر طبقات الشعراء 367، تاريخ بغداد 13/ 87، البيتان في مجموع شعره: 61ورواية البيت الأول في القسم الثاني من الاقتباس: (ومشاهد).
(2) في الأصل: (يربو راقدي) وفي العقد الفريد (يا غافلا ترنو).
(3) في الأصل: (تصل الذنوب وترتجي) وروايته في العقد الفريد 3/ 179وأحسن ما سمعت: 25:
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درك الجنان بها وفوز العابد
(4) الأصل: (وقوف).
(5) أبو أمامة صدى بن عجلان بن وهب من أهل الشام مات سنة 86هـ. انظر طبقات ابن خياط: 46.
(6) طه: 115.
(7) البيت في ديوانه 2/ 570من قصيدة يمدح بها أبو تمام أحمد بن المعتصم ومطلعها:
ما في وقوفك ساعة من باس ... تقضى ذمام الأربع الأدراس
(8) البيتان في ديوانه ص 43.(1/212)
يا أكثر الناس إحسانا إلى الناس ... وأعظم الناس إغضاء عن الناس (1)
نسيت وعدك والنسيان مغتفر (2) ... فاغفر فأول ناس أول الناس
11112
بين المأمون ويحيى بن أكثم
قال المأمون ليلة ليحيى بن أكثم (3)، وهو يريد الانصراف: بكر غدا (4) للمساعدة على الهريسة. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا والصبح كفرسي رهان. فلما أصبح ركب إلى دار المأمون مغلّسا (5). فحين أخذ مجلسه بحضرته جاء الطباخ ووقف. فقال المأمون: يا يحيى أتعلم ما يعني؟ قال: لا، يا أمير المؤمنين. قال: يعني أنه (6) نسي من اتخاذ الهريسة بما أمرناه. فقال يحيى: لا جرم إنه يعامل بما عومل به آدم حين أخرج من الجنة (7)، وعوقب.
21112
قول لبعض السلف
قال بعض السلف: الحسد أول ذنب عصى الله به في السماء والأرض، أما في السماء فحسد إبليس لآدم حين امتنع عن السجود (8) له، وأما في الأرض فحسد ابن آدم أخاه لما قبل منه القربان (9) حتى قتله (10).
__________
(1) روايته في الأصل: (يا أكثر إحسانا إلى الناس).
(2) في الأصل: (مفتقر).
(3) يحيى بن أكثم كان قاضيا ومن كبار الفقهاء. روى عن سفيان بن عيينة، وحدث عنه الترمذي. انظر ميزان الاعتدال 1/ 174، طبقات الحنابلة 1/ 410.
(4) في الأصل: (عدا).
(5) في الأصل: (مغلسا) والمغلس من الغلس وهو ظلمة آخر الليل. لسان العرب (غلس).
(6) في الأصل: (لاته).
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطََانُ عَنْهََا فَأَخْرَجَهُمََا مِمََّا كََانََا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} البقرة: 36.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصََالٍ} الحجر: 33وقوله تعالى: {إِلََّا إِبْلِيسَ قََالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} الإسراء: 61.
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبََا قُرْبََاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمََا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قََالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قََالَ إِنَّمََا يَتَقَبَّلُ اللََّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة: 27.
(10) سيرد الخبر مرة أخرى في فصل الحسد.(1/213)
31112
بين قاض وثور بن يزيد في مسجد من مساجد مصر
جلس قاض في مسجد من مساجد مصر فيه ثور بن يزيد (1). فلما أخذ القاضي في (قراءة) (2) القرآن انتهى إلى آية سجدة، فسجد وسجد القوم فلما رفع رأسه إذا ثور لم يسجد، فقرأ القاضي: {فَسَجَدَ الْمَلََائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلََّا إِبْلِيسَ أَبى ََ} [3]
أَنْ يَكُونَ مَعَ السََّاجِدِينَ (4). فهرب ثور ولم يعد إلى ذلك المسجد.
وقيل: إن أول من ذكر معنى قولهم: (النار ولا العار) إبليس. فقد حكى الله تعالى عنه {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً} (5).
شعر في رافع بن الليث بن نصر بن يسار
وأخذ في طريقه (6) رافع بن الليث بن نصر بن سيار (7) حيث قال:
النار (8) لا العار فكن سيدا ... فرّ من العار إلى النار
وتلك أخلاق كنانية (9) ... خص بها نصر بن سيار
فهن (10) في ليث وفي رافع (11) ... تراث جبار لجبار
__________
(1) ثور بن يزيد الكلاعي يكنى أبا خالد أحد الحفاظ. كان صحيح الحديث. توفي سنة 135هـ ميزان الاعتدال 1/ 174.
(2) في الأصل: (القاضي) وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(3) في الأصل: (أبا).
(4) الحجر: 30، 31.
(5) الإسراء: 61.
(6) في الأصل: (بعضهم في طريقة).
(7) في الأصل: (ابن سيال) والصواب ما أثبتناه وهو رافع بن الليث بن نصر بن سيار ثار زمن الرشيد ودعا إلى نفسه وانتدب لقتاله هرثمة فقيل إنه قتل سنة 194، 195هـ. انظر تاريخ الطبري 6/ 508مطبعة الاستقامة. الأبيات في حماسة الظرفاء 1/ 20مع بيتين.
(8) في الأصل: (لا النار لا العار فكن سيدا).
(9) في الأصل: (نكاية فشت بينهم) والتصويب في حماسة الظرفاء.
(10) في الأصل: (فهو).
(11) في الأصل: (نافع) والصواب: رافع، وهو المشار إليه أعلاه.(1/214)
11122
قول لبعض العلماء في القياس
وقال بعض العلماء: إياكم والقياس فإن أول من قاس إبليس حيث قال: {قََالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نََارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (1).
وسئل بعض السلف عن شر (2) المكاسب قال: كسب الدلالين لأنهم أكذب الناس، ولا تتمشى (3) أمورهم إلّا بالكذب. فأول من دلّ إبليس حيث قال لآدم: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلى ََ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لََا يَبْلى ََ} (4).
قول مسمع بن عاصم في شعر لأبي نواس
لما أنشد مسمع بن عاصم (5) قول أبي (6) نواس:
عجبت من إبليس في كبره ... وخبث ما أظهر من نيته (7)
تاه (9) على آدم في سجدة ... وصار قوادا (8) لذريته
قال: وأبيك لقد ذهب (10) مذهبا.
__________
(1) الأعراف: 12.
(2) في الأصل: (شراء).
(3) في الأصل: (يتمشى).
(4) طه: 120.
(5) مسمع بن عاصم ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 3/ 170ط. السعادة له رواية في الحديث وقيل إنه لا يتابع على حديثه.
(6) في الأصل: (أبا).
(7) البيتان في ديوان أبي نواس ط. الغزالي: 315وأحسن ما سمعت: 26ورواية البيت الأول في الديوان عجبت من إبليس في تيهه وروايته في أحسن ما سمعت:
عجبت من إبليس في لعنته ... وخبث ما أظهر من نيته
(8) في الأصل: (تاه عن).
(9) في الأصل: (قوادا) والتصويب من الديوان.
(10) في الأصل: (اذهب).(1/215)
11132
بين أبي حنيفة وشيطان الطاق
لما مات جعفر بن محمد (1). قال أبو حنيفة لشيطان (2) الطاق: مات إمامك (3) فقال:
لكن إمامك من (المنظرين) (4) إلى يوم الوقت المعلوم (5).
شعر لأبي الجماز وقد بلغه أن الفضل بن إسحاق نعاه
بلغ أبا عبد الله بن الجماز (أن) الفضل بن إسحاق (6) نعاه فقال:
زعم الفضل بأني (8) ... قد نعاني الناعيان (7)
نعياني (10) قبل وقتي ... بدهور وزمان (9)
أنا والشيخ (11) ... (و) إبليس جميعا منظران
21132 - حكى المعروف بجراب الدولة (12) في كتابه المنسوب إليه قال: كان لي غلام اطلعت منه على خيانة في سعيه (13) خبر الوظيفة، فقرعته ووبخته (14). فقال لي: ألا تستح أن تتكلم
__________
(1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الهاشمي العلوي المعروف بالصادق أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر روى عن أبيه ومحمد بن المنكدر، وعطاء وعروة. وروى عنه خلق كثير. تهذيب التهذيب 3/ 103.
(2) شيطان الطاق هو محمد بن علي بن النعمان البجلي بالولاء نسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة كان يجلس للصرف به.
(3) في العقد الفريد إن هذه الحادثة عند المهدي وإنه لما سمع كلام شيطان الطاق ضحك من قوله وأمر له بعشرة آلاف ج 4/ 42. والخبر في المزاح الثقيل ولعله موضوع.
(4) في الأصل: (المنظر).
(5) من قوله تعالى في سورة الحجر: 3734في إبليس حين أبى أن يسجد وطرده الله تعالى من الجنة {قََالَ فَاخْرُجْ مِنْهََا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى ََ يَوْمِ الدِّينِ (35) قََالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قََالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}.
(6) الفضل بن إسحاق أبو العباس المعروف بالبزاز روى عنه أبو أحمد بن عبدوس السراج وعبد الله بن أحمد بن حنبل غيرهما.
ووصف بأنه ثقة مأمون. انظر تاريخ بغداد 12/ 361.
(7) في الأصل: (ثاني).
(8) في الأصل: (الناعياني).
(9) في الأصل: (يعياني).
(10) في الأصل: (بدهوز زماني).
(11) في الأصل: (أنا والشيخ إبليس) وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(12) جراب الدولة واسمه أحمد بن محمد بن علوجة السجزي يكنى أبا العباس. كان طنبوريا وأحد الظرفاء المعروفين. وله كتاب في النوادر والمضاحك في سائر الفنون والنوادر. ذكره ابن النديم: 225في الفهرست. وفي الأصل: (المروف بجراب).
(13) في الأصل: (سعة).
(14) في الأصل: (وويحته).(1/216)
في الخبر. فقلت: إن الله أخرج آدم وحواء من الجنة بسبب الخبر، أفلا أخاصمك فيه.
فخرس، وترك عادته.
11142
بين أبي علي الحسن بن محمد البغدادي والشاعر ابن مطران الشاشي
سمعت بعض المشايخ (يقول) (1) لما صرف أبو علي الحسن بن محمد البغدادي عن عمل البريد بإيلاق (2) وأتى) (3) بأبي محمد بن مطران الشاشي (4) الشاعر التقيا في طريقهما، وجمعتهما (5) بعض المنازل. وهذا وارد (6) وهذا صادر. فتحادثا، وتذاكرا، وتمازحا وتمالحا.
فقال أبو علي لأبي محمد: جعل الله مقامك بإيلاق مدة حمل عرش (7) بلقيس. وقال أبو محمد: وجعل مقامك (في) الحضرة نظرة إبليس. عنى أبو علي قول الله تعالى حكاية عن آصف (8) {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (9) وعنى أبو محمد (10) قوله تعالى إبليس: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلى ََ يَوْمِ} [11] الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (12).
__________
(1) في الأصل: (بقوله).
(2) إيلاق مدينة من بلاد الشاش المتصلة ببلاد الترك على عشرة فراسخ من مدينة الشاش. ياقوت، معجم البلدان 1/ 421.
(3) في الأصل: (وولى) وإن كانت كذلك وجب أن يكون ما بعدها أبو محمد.
(4) في الأصل: (باب محمد المطرابي الشاش) والصواب ابن مطران شاعر مشهور من بلاد مما وراء النهر. كان الصاحب معجبا بشعره. انظر: يتيمة الدهر 4/ 114فما بعدها.
(5) في الأصل: (وجمعهما).
(6) في الأصل: (أورد).
(7) في الأصل: (العرش).
(8) آصف: قيل إنه كاتب سليمان صلوات الله عليه دعا بالاسم الأعظم فرأى سليمان العرش مستقرا عنده. عن القاموس المحيط (أصف).
(9) النمل: 40.
(10) في الأصل: (أبى).
(11) في الأصل: (يوما).
(12) الحجر: 37، 38.(1/217)
21142
فصل في ذكر قصة نوح عليه السلام
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أهل بيتي كسفينة نوح
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «عترتي (1) كسفينة نوح من ركب فيها نجا. ومن تأخر عنها (2) هلك».
دعاء لنوح
ويروى أن نوحا عليه السلام كان يحمد الله إذا أكل، وإذا شرب، وإذا لبس، وإذا نام. فأثنى عليه عند ذكره فقال: {إِنَّهُ كََانَ عَبْداً شَكُوراً} (3).
11152 - قال الصولي في كتاب الوزراء (4):
كتب أحمد بن يوسف إلى المأمون يخبره بخلع الأمين وقتله
كان أول ما ارتفع به أمر (5) أحمد بن يوسف أن المخلوع لما قتل، أمر طاهر بن الحسين الكتاب أن يكتبوا بذلك إلى المأمون. فأطالوا فقال طاهر: أريد أحسن من هذا كله.
وأوجزه (6). فوصف له أحمد بن يوسف فأمر بإحضاره. فحضر. وكتب (7):
أما بعد، فإن المخلوع وإن كان قسيم أمير (8) المؤمنين في النسب واللحمة (9). فقد فرق كتاب الله بينهما (10) في الولاية والحرمة، فيما اقتص علينا من نبأ نوح (11) عليه السلام
__________
(1) في ثمار القلوب ص 29: إن عترتي، والحديث أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3/ 151بلفظ (ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك)، ورواه الخطيب البغدادي ج 12/ 91وأخرجه بمصادره الأميني في الغدير ج 2/ 301.
(2) في الأصل: (منها).
(3) الإسراء: 3.
(4) الخبر في الوزراء والكتاب: الجهشياري: 304، ونقله الثعالبي أيضا في أحسن ما سمعت: 26.
(5) في الأصل: (آجر).
(6) في الأصل: (وأوجزوا).
(7) في الوزراء والكتاب عن علي بن أبي سعيد أنه رأى محمد وقد أدخله ذو الرياستين على ترس بيده إلى المأمون فلما رآه سجد ثم أمره المأمون أن ينشئ كتابا عن طاهر بخبره ليقرأه على الناس فكتب عدة كتب لم يرضها، واستطالها فكتب أحمد بن يوسف في ذلك كتابا.
(8) في الأصل: (قسم).
(9) اللحمة: القرابة.
(10) في الوزراء والكتاب: فقد فرق حكم الكتاب والسنة بينه وبينه.
(11) في الوزراء، فيما اقتص عليه من نبأ نوح.(1/218)
وابنه حيث قال: {يََا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صََالِحٍ} (1) ولا صلة لأحد في معصية (2) الله، ولا قطعية ما كانت في ذات الله.
21152 - وكتب إلى أمير المؤمنين: وقد قتل الله المخلوع وردأه ردء نكثه ووصلت (3) لأمير (4)
المؤمنين الدنيا والآخرة، أما الدنيا ففي (5) رأس المخلوع. وأما الآخرة: فالبردة (6) والقضيب والحمد لله الآخذ له ممن خان عهده، ونكث عقده. حتى رد لأمير المؤمنين الألفة وأقام به الشريعة.
فرضي طاهر بذلك وأنفذه، ووصل أحمد بن يوسف، وعلا قدره، حتى استوزره المأمون (7).
31152
نص من كتاب التاجي للصابي
وقرأت في كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي (8) فصلا في هذا المعنى استحسنته جدا (9) وهو (في ذكر من أفسد وجار) (10): قد نطق الكتاب ببراءة نوح [من] (11) ولده،
__________
(1) زيادة ليست في الأصل والقول إشارة إلى قوله تعالى في سورة هود: 46.
(2) في الوزراء والكتاب: ولا قطيعة ما كانت القطيعة في ذات الله.
(3) من هنا تختلف رواية الثعالبي عن رواية الوزراء والكتاب إذ ورد فيه: واحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له ما كان ينتظره من وعده، فالحمد لله الراجع إلى أمير المؤمنين معلوم حقه، الكائد له من ختر عهده، ونقض عقده. حتى ردّ الله به الألفة بعد فرقتها، وأحيا به الأعلام بعد دروسها، وجمع به الأمة بعد فرقتها والسلام. وانظر الطبري 10/ 214، معجم الأدباء 5/ 167، زهر الآداب 2/ 38.
(4) في الأصل: (إلى).
(5) في الأصل: (في).
(6) البردة والقضيب من شارات الخلافة. والبردة هي بردة النبي صلّى الله عليه وسلّم التي كان الخلفاء يلبسونها بالأعياد وعند توليهم الخلافة.
والقضيب عود كان للنبي يأخذه بيده، وهو من تركاته وهو ثالث علامات الخلافة. فإذا تولى الخليفة جاءوه بالبردة والخاتم والقضيب. انظر: شرح الأستاذ ميخائيل عواد في تحقيقه لرسوم دار الخلافة: 81.
(7) في الوزراء والكتاب 304فلما عرض النسخة على ذي الرياستين رجع نظره فيها. قال لأحمد بن يوسف: ما أنصفناك وأمر بصلات وكسى وكراع وغير ذلك. وقال له: إذا كان غدا فاقعد في الديوان وليقعد جميع الكتاب بين يديك. واكتب إلى الآفاق.
(8) في الأصل: (الصاني).
(9) في الأصل: (جيدا).
(10) في الأصل: (في ذكر من أفسر وبجار).
(11) ما بين القوسين ليس في الأصل والقول إشارة إلى قوله تعالى في سورة هود: 46.(1/219)
وإبراهيم عليه السلام (من) (1) والده. ورأينا صاحب الشريعة صلوات الله عليه وصل أرحام أهله، وقطعها بالحق. وسنّ (2) ذلك لمن بعده من هذا الخلق. ولم يكن بجبار بقربة مولانا الملك رحما، ولا ألصق به نسبا، ولا أيسر عنده ذنبا، ولا أخف جريرة، وجرما من نوح إلى ابنه (3)، ومن إبراهيم إلى أبيه، ومن أبي لهب وهو العم غير مرفوع، وصنو الأب غير ممنوع. فما حميتهم عروق الوشيجة (4) بينهم وبين الأنبياء المقربين من الأفعال الذميمة. ثم لم يرض الله تعالى ذكره بأن يجعل هذه القطيعة واجبة مع الخلاف في الدين حتى أوجبها مع العداوة بين الأقارب من المؤمنين فأعلمهم نصا أن من أزواجهم وأولادهم عدوا لهم (5)
فأمرهم وحذرهم من شره، وشحنائه.
11162
شعر لأبي الحسين المرادي في الأمير نوح الأكبر
ونسب (6) لأبي الحسين المرادي (7) في الأمير نوح الأكبر (8) رحمه الله لما رجع من بخارى بعد إنجازه منها إلى سمرقند:
إن كنت نوحا فقد لاقيت كفّارا ... فلا تذر منهم في الأرض ديارا (9)
فإن تذرهم يضلوا ثم لا يلدوا ... إلّا بربك كفارا وفجارا (10)
__________
(1) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل والقول إشارة إلى قوله تعالى في سورة الممتحنة: 4.
(2) في الأصل: (وشنّ).
(3) في الأصل: (أبيه).
(4) في الأصل: (الرشيحة) والوشيجة هي الرحم والقرابة.
(5) نص الآية الكريمة: {إِنَّ مِنْ أَزْوََاجِكُمْ وَأَوْلََادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} التغابن: 14.
(6) في الأصل: (أنسيت).
(7) في الأصل: (الحسن) والصواب أبو الحسن وهو محمد بن محمد المرادي شاعر من شعراء بخارى. ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر 4/ 74: 76.
(8) نوح الأكبر هو نوح بن نصر بن أحمد الساماني أبو محمد أمير. كان صاحب ماوراء النهر، وليها بعد وفاة أبيه سنة 331هـ.
وأقام ببخارى توفي نحو 343هـ. انظر: اللباب 1/ 523، وانظر أيضا: طبقات سلاطين الإسلام: 128.
(9) البيت إشارة إلى قوله تعالى في سورة نوح: 26 {وَقََالَ نُوحٌ رَبِّ لََا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكََافِرِينَ دَيََّاراً}.
وديار: أي أحد. انظر: الصحاح (دور)، لسان العرب (دور) وأصل رواية البيت إذ كنت.
(10) البيت إشارة إلى تتمة الآية السابقة {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبََادَكَ وَلََا يَلِدُوا إِلََّا فََاجِراً كَفََّاراً}.(1/220)
غرّقهم (2) تحت طوفان السيوف ودر ... من في السفينة محمودين (1) عمّارا
إن السفينة سلطان الأمير ومن ... فيها بنو الدين أعوانا وأنصارا
نوح بن نصر بن خير العالمين كما ... أن المرادي خير الناس أشعارا
11172
شعر لأبي بكر هبة الله بن الحسن العلاف
وقال أبو بكر هبة الله بن الحسن العلاف (3) لفنا خسرو (4):
يا علم العالم في الجود ... مثلك جود (5) غير موجود
بل استوى الجود على جرمه (6) ... كما استوى الفلك على الجود
شعر لأبي الفتح البستي
وأنشدني أبو الفتح البستي لنفسه (7):
لأن كدّر الدهر الخئون مشاربي ... ومات أميري (8) ناصر الدين والملك
فلي من يقيني بالإله وفضله ... أمير يقيني السوء في النفس والملك (9)
فإن ماج طوفان الخلاف فإنني (11) ... هنالك نوح واعتزالي للفلك (10)
__________
(1) في الأصل: (عرفهم).
(2) في الأصل: (ممدودين).
(3) كذا في الأصل، والصواب أبو بكر هبة الله الحسن بن علي بن أحمد النهرواني شاعر عاش ببغداد ونادم بعض الخلفاء، وكف بصره. توفي نحو 318وقيل 319هـ. انظر: وفيات الأعيان 1/ 380، 383، تاريخ بغداد 7/ 379. جمع شعره صبيح رديف ببغداد 1974وأخلّ المجموع بالبيتين.
(4) (فنا خسرو) في الأصل منا خسرو وهو الملقب بعماد الدولة. أحد المغلبين على الملك في الدولة العباسية. تولى ملك فارس ثم ملك الأهواز، وبلاد الجزيرة، توفي نحو 338وقيل بشيراز. انظر: وفيات الأعيان 3/ 78. وفي الأصل: (فنا خسرة).
(5) في الأصل: (جودا).
(6) في الأصل: (خدمه) والصواب: جرمه.
(7) الأبيات في ديوان البستي 57.
(8) في الأصل: (أمير ناصر الدين ذا الملك).
(9) في الأصل:
فلي من نفسي بالإله وفضله ... أمين نفسي في النفس والملك
(10) في الأصل: (فالفلك) وهو تحريف. وروايته في الديوان:
وإن جاش طوفا الهلاك فإنني
(11) وقبله في الديوان:
ومن عددي كف الأذى وقناعتي ... وصبري في هذا الزمان من الهلك(1/221)
فقولوا (2) لإخواني اطمئنوا وأبشروا ... جميعا فإني والسلامة في السلك (1)
11182
فصل في الاقتباس من قصة إبراهيم عليه السلام
دخول أبي العيناء على صاعد بن مخلد
دخل أبو العيناء (3) على صاعد بن مخلد (4) بعد انقطاع كان منه. فقال له: يا أبا العيناء: ما الذي أخرك عنا؟ فقال: أيّد الله الوزير (5)، ابنتي. قال: كيف؟ قال: قالت لي: قد كنت تغدو (6) من عندنا فتأتي بالخلعة السخية (7)، والصلة السنية، ثم أنت (8) الآن تغدو مسدفا (9) وترجع مغتما صفر اليدين، بخفي حنين (10) فإلى (11) من؟ قلت: إلى (ذي الوزارتين) (12) إلى ذي العلا (13). قالت: أفيشغلك (14)؟ فقلت: لا. قالت: أفيعطيك؟ قلت:
__________
(1) الأصل: (فقلوا).
(2) روايته في الديوان:
(فقولوا لإخواني استقيموا وأبشروا).
(3) هو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد الأهوازي من تلامذة أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري كان من الظرفاء الأذكياء، وكان اديبا شاعرا توفي نحو 283هـ. انظر: وفيات الأعيان 1/ 504، نكت الهميان: 265، ميزان الاعتدال 3/ 123، تاريخ بغداد 3/ 107انظر أخباره في كتابنا (أبو العيناء الأديب البصري الظريف).
(4) صاعد بن مخلد: وزير من أهل بغداد كان نصرانيا وأسلم وكان كثير التعبد والصدقة استكتبه الموفق ولقب بذي الوزارتين.
توفي نحو 276هـ. انظر: ابن الجوزي، المنتظم 5/ 101.
(5) في الأصل: (الوزيري).
(6) في الأصل: (تعدوا).
(7) في الأصل: (السرية).
(8) في الأصل: (ايت).
(9) مسدفا من السدف وهو من الأضداد بمعنى الضوء والظلمة: أي تذهب مستبشرا متأملا الحصول على الجائزة.
(10) خفا حنين. مثل يضرب للخيبة وأصله إن حنينا كان إسكافيا فساومه أعرابي بخفين فاختلفا، فأراد غيظه فألقى أحد الخفين في طريقه ثم استقام على الطريق فألقى له الآخر، وكمن له. فلما رأى الأعرابي الخف الأول قال: ما أشبه هذا بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته. ومضى حتى انتهى إلى الآخر فأناخ راحلته ورجع ليأخذ الثاني فركب حنين راحلته ومضى بها ورجع هو إلى أهله خائبا. المستقصى 1/ 106، ثمار القلوب: 385. وفي الأصل: (بخفي حسن).
(11) في الأصل: (قالي).
(12) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل. وفي الأصل: (الوزارتين).
(13) في الأصل: (الغلاف).
(14) في الأصل: (فيشفعك).(1/222)
لا. قالت: أفيرفع مجلسك؟ قلت: لا. قالت: يا أبتى {لِمَ تَعْبُدُ مََا لََا يَسْمَعُ وَلََا يُبْصِرُ وَلََا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} (1). فضحك صاعد وأمر له بثلاث آلاف (2) درهم. قال: ألفان لك. وألف لابنتك لئلا تضربنا بقوارع (3) القرآن.
21182 - قال المبرد (4): سمعت (5) ابن الأعرابي (6) يقول: إذا سمعت الرجل يقول: رأيت فلانا فاعلم أنه قد عابه. فقلت: أوجد من ذلك (7) في القرآن؟ فقال: نعم (8). قول الله عز ذكره في قصة إبراهيم {قََالُوا سَمِعْنََا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقََالُ لَهُ إِبْرََاهِيمُ} (9) أي يعيبهم. وفي الشعر قول عنترة:
لا تذكري فرسي وما أطعمته ... فيكون جلدك مثل جلد الأجرب (10)
11192 - استقرض رجل (11) الأصمعي قرضا. فقال: نعم وكرامة. ولكن سكّن قلبي برهان
__________
(1) مريم: 42.
(2) في الأصل: (بثلاثة ألف).
(3) في الأصل: (بحيلا يضربنا).
(4) في الأصل: (ابن المبرد) والصواب: المبرد وهو محمد بن يزيد إمام العربية في زمانه وصاحب كتاب الكامل ت 286هـ، انظر بغية الوعاة 116.
(5) في الأصل: (سمعني ابن الأعرابي).
(6) ابن الأعرابي: هو أبو عبد الله محمد بن زياد أحد الرواة اللغويين المشهورين أخذ عن المفضل والكسائي ولد نحو 150هـ وتوفي سنة 231. نزهة الألباء: 103.
(7) في الأصل: (أوجدني).
(8) في الأصل: (بعم).
(9) الأنبياء: 60.
(10) البيت في ديوانه: 33من قصيدة يخاطب بها امرأته التي كانت تلومه على حبه فرسه، ولأنه يؤثره باللبن الخالص.
(11) في الأصل: (استقرض الرجل) والرواية في ثمار القلوب: 19مع تغيير بسيط.(1/223)
يساوي ضعف ما تسلمته (1). فقال: سبحان الله، إبراهيم عليه (السلام) (2) كان واثقا بربه حين قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ قََالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قََالَ بَلى ََ وَلََكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (3).
قال زياد في خطبته بالبصرة (4).
والله (5)، لآخذن الجار بالجار، والمقبل بالمدبر، والقريب بالغريب. فقام (6) إليه رجل (7) فقال: أيها الأمير، إن إبراهيم عليه السلام أدى عن الله تعالى أحسن مما قلت. قال الله تعالى: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى (37) أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (8)، وأنت (9) تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض (10). وايم الله ما ذلك لك. فقال زياد: صدقت ولكني لا أصل إلى الحق حتى أخوض الباطل خوضا (11).
__________
(1) في الأصل: (برهان يسلمه).
(2) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل وقد سقطت تتمة الخبر وهي كما في ثمار القلوب فقال له: يا أبا سعيد ألست واثقا بي: فقال بللا ولكن هذا خليل الله كان واثقا بربه حين قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ََ قََالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قََالَ بَلى ََ وَلََكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.
(3) البقرة: 260.
(4) من خطبته المعروفة بالبتراء والتي لم يحمد الله فيها ولم يصل على النبي وأولها: أما بعد فإن الجهالة والجهلاء، والضلالة العمياء، والفي الموفى على النار ما فيه سفاؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم. البيان والتبيين 2/ 62.
(5) في البيان والتبيين 2/ 63: وإني أقسم بالله لآخذن الولي بالولي والمقيم بالظاعن والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: أنج سعد فقد هلك سعيد أو تستقيم لي قناتكم.
(6) في الأصل: (بالمولى قام).
(7) في البيان والتبيين 2/ 65: أن الذي قام هو أبو بلال مرداس بن أدية وهو يهمس ويقول: أنبأنا الله بغير ما قلت فقال.
(8) النجم: 37، 38وبعدهما في رواية الجاحظ آية أخرى وهي: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسََانِ إِلََّا مََا سَعى ََ}.
(9) في الأصل: (وآيت).
(10) في البيان والتبيين: وأنت تزعم أنك تأخذ البرئ بالسقيم والمطيع والمقبل بالمدبر. فسمعه زياد، فقال: إنا لا نبلغ ما نريد فيك وفي أصحابك حتى نخوض إليكم الباطل خوضا.
(11) ورد في لسان العرب مادة (خوض) خاض الغمرات: اقتحمها.(1/224)
21192 - مجاهد (1) في قوله عز ذكره: {ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (2). قال: قيامه عليهم بنفسه (3).
11202 - دخل الحسين الجمل المصري (4) على قادم من مكة، وعنده أقوام يهنئونه، وبين أيديهم طباق حلواء، وليس يمد (5) أحدهم يده إليها. فقال: يا قوم لقد أذكرتموني ضيف إبراهيم. فقالوا: وكيف؟ فقرأ: {فَلَمََّا رَأى ََ أَيْدِيَهُمْ لََا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} (6). ثم قال: كلوا رحمكم الله، فضحكوا من قوله، فأكلوا، وأكل معهم (7).
21202 - دخل الشعبي (8) على صديق له فلما أراد القيام (9) قال له: لا تتفرق إلا عن ذواق.
فقال الشعبي: فأتحفني بما عندك، ولا تتكلف (10) لي بما لا يحضرك. فقال: أي التحفتين أحب (إليك) (11) تحفة إبراهيم، أم تحفة مريم؟ فقال الشعبي: أما تحفة (إبراهيم فعهدي بها الساعة
__________
(1) هو مجاهد بن جبر مولى مخزوم من كبار التابعين بمكة أخذ العلم عن ابن عباس وروى عنه كثيرون توفي نحو 102هـ أو 104. انظر: طبقات الفقهاء الشيرازي: 45.
(2) الذاريات: 24.
(3) وفي ثمار القلوب: 33: ثم ما لبث أن جاء بعجل سمين فقربه إليهم قال: ألا تأكلون.
(4) في الأصل: (الجمل المصوي) والصواب: المصري وهو الحسين بن عبد السلام يكنى أبا عبد الله. شاعر مشهور مدح الخلفاء والأمراء. وكان شرها في الطعام دنيء الثوب ولد سنة 170وتوفي نحو 258هـ. معجم الأدباء 4/ 77وانظر: يتيمة الدهر 1/ 400.
(5) في الأصل: (بمد).
(6) هود: 70.
(7) الخبر في ثمار القلوب 33.
(8) الشعبي هو عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي من همدان وكان من كبار التابعين بالكوفة ولد لست خلت من خلافة عثمان ومات سنة أربع ومائة وقيل سبع ومائة. طبقات الفقهاء الشيرازي 61.
(9) في الأصل: (الداد).
(10) في الأصل: (ولا نتكلف).
(11) ما بين القوسين زيادة لم تكن في الأصل.(1/225)
وأريد تحفة مريم) (1). فدعا له بطبق من رطب. فإنما (2) عنى بتحفة إبراهيم اللحم لأن في قصته (3) {فَمََا لَبِثَ أَنْ جََاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (4) وعنى بتحفة مريم الرطب، لأن في قصتها: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} (5).
31202 - كان حامد الكاف (6) يقول: إن المرء (7) إذا ضاف إنسانا حدّث (8) بسخاء إبراهيم (9).
وإذا أضافه إنسان حدث بوفد (10) عيسى عليهما السلام.
11212 - ولما قال المتوكل لأبي العيناء أتشرب معنا النبيذ (11)؟ قال له: يا أمير المؤمنين:
{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرََاهِيمَ إِلََّا مَنْ سَفِهَ} (12).
__________
(1) في الأصل: (وأما تحفة) وقد سقطت جملة ما بين القوسين. وتصويب النص من ثمار القلوب 33. والخبر في الكناية والتعريض ص 49مع اختلاف في الألفاظ.
(2) في الأصل: (فلما).
(3) في الأصل: (قصة).
(4) هود: 69: وفي الأصل: (حينئذ) وهو خطأ في النسخ.
(5) مريم: 25.
(6) كذا في الأصل ولم أهتد إلى اسمه الصحيح أو إلى ترجمته.
(7) في الأصل: (المرأى).
(8) في الأصل: (جدث).
(9) سخاء إبراهيم إشارة إلى قوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقََالُوا سَلََاماً قََالَ سَلََامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرََاغَ إِلى ََ أَهْلِهِ فَجََاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} الذاريات: 2624.
(10) في الأصل: (إنسان حدن بوهد)، والقول إشارة إلى قوله تعالى في سورة المائدة 114112 {إِذْ قََالَ الْحَوََارِيُّونَ يََا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ قََالَ اتَّقُوا اللََّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قََالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهََا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنََا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنََا وَنَكُونَ عَلَيْهََا مِنَ الشََّاهِدِينَ (113) قََالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللََّهُمَّ رَبَّنََا أَنْزِلْ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ السَّمََاءِ تَكُونُ لَنََا عِيداً لِأَوَّلِنََا وَآخِرِنََا وَآيَةً مِنْكَ}.
(11) في الأصل: (لدن البيذ).
(12) البقرة: 130.(1/226)
لما كلّف عبد الله بن الحسن بن الحسن (1) (إبراز) ابنيه محمد (2) وإبراهيم من مستترهما، وأخذ بذلك أشد أخذ جعل يقول: والله إن بليتي (3) لأعظم (4).
في سورة الصافات. وقال: {يََا بُنَيَّ إِنِّي أَرى ََ فِي الْمَنََامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مََا ذََا تَرى ََ قََالَ يََا أَبَتِ افْعَلْ مََا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شََاءَ اللََّهُ مِنَ الصََّابِرِينَ} (5)
ثم قال بعد قصة الذبح: {وَبَشَّرْنََاهُ بِإِسْحََاقَ نَبِيًّا مِنَ الصََّالِحِينَ} (6) فصح أن قولك إسحاق كان بعد الذبح وقد سمى الله تعالى العم أبا إذ ذكر إسماعيل في جملة الآباء وهو عم يعقوب فقال حكاية عن أبناء يعقوب: {نَعْبُدُ إِلََهَكَ وَإِلََهَ آبََائِكَ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ} (7). 21212 والعرب تسمي العم أبا.
ويروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: (ردوا علي أبي) يعني عمه العباس.
قال أبو سعيد الرستمي (8) في دار أبي القاسم الصاحب بن عباد (9):
__________
(1) عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي من العباد المعروفين وكان ذا هيبة ولسان شديد. وكانت له منزلة عند عمر بن عبد العزيز توفي نحو 145هـ في محبسه بالهاشمية. انظر: مقاتل الطالبين: 132فما بعدها.
(2) في الأصل: (إيران محمد).
(3) في الأصل: (بيتي).
(4) سقطت ورقة من أصل المخطوط عند هذا الخبر مع كون الترقيم متسلسلا صحيحا.
(5) الصافات: 102.
(6) سورة الصافات: 112.
(7) البقرة: 133.
(8) أبو سعيد الرستمي هو محمد بن الحسن بن محمد بن رستم من أبناء أصبهان، ومن أصدقاء الثعالبي وعده في الطبقة الأولى من الشعراء وترجم له. انظر: يتيمة الدهر 3/ 300فما بعدها.
(9) البيتان من قصيدة طويلة مطلعها في يتيمة الدهر 3/ 206:
نصبن لحبات القلوب حبائلا ... عشية حل الحاجيات حبائلا(1/227)
هي الدار أبناء الندى من حجيجها (2) ... نوازل في ساحاتها وقوافلا (1)
قواعد إسماعيل يرفع سمكها (3) ... لنا كيف لا نعتدّهن معاقلا
11222 - قرأت في أخبار مزبد (4) أنه كان له ديك قديم الصحبة في داره، وعرف بجواره. فأقبل الأضحى، ووافق مزبد رقة الحال، وخلو المنزل من كل خير وميرة. فلما أراد أن يغدو (5) إلى المصلّى أوصى امرأته بذبح الديك، واتخاذ طعام منه للعيد (6)، وخرج لشأنه (7). فأرادت المرأة (أن) (8) تأخذه، وتفعل ما أمرها زوجها. فجعل الديك يصيح ويثب (9)، ويطير من جدار إلى جدار، ويسقط من دار إلى دار، حتى أسقط على هذا من الجيران لبنة، وكسر لذلك (10)
غضارة (11)، وقلب لآخر قارورة. فسألوا المرأة عن القصة في أخذها إياه. فأخبرتهم، فقالوا جميعا: والله لا نرضى أن تبلغ (12) الحاجة بأبي إسحاق ما نرى (13) وكانوا هاشميين،
__________
(1) في الأصل: (الدار ابدا حجيجهما).
(2) بعده في يتيمة الدهر 3/ 206:
يزرنك بالآمال مثنى وموحدا ... ويصدرن بالأموال دثرا وحاملا
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرََاهِيمُ الْقَوََاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمََاعِيلُ} البقرة: 127.
(4) القصة في ثمار القلوب 372، وذكر عبد السلام هارون في تحقيقه لهذا الاسم أن اسمه كثيرا ما يقع التحريف فيه. فيقال مزيد، وهو مزبد المدائني من أصحاب النوادر والفكاهة. انظر: الحيوان ج 5/ 184. وقد ذكر له الجاحظ عدة أخبار ونوادر.
انظر: الحيوان 5/ 192، 193.
(5) في الأصل: (يعدوا).
(6) في ثمار القلوب 372: واتخاذ الطعام لإقامة رسم العيد.
(7) في الأصل: (لسانه).
(8) زيادة ليس في الأصل، وفي ثمار القلوب: فعمدت المرأة لتمسكه فجعل يصبح ويثب من جدار إلى جدار، ومن دار إلى دار.
(9) في الأصل: (ويفعل ويثبت).
(10) في الأصل: (كذلك).
(11) في الأصل: (عصارة). والغضار: الطين الحر، والغضارة الصحفة المتخذة منه.
(12) في الأصل: (نبلغ).
(13) في الأصل: (ما يروى) وفي ثمار القلوب: إن يبلغ حال أبي إسحاق إلى ما نرى.(1/228)
مياسير (1)، أجوادا فبعث أحدهم بشاة وبقرة وذبحت (2) (امرأة) (3) شاتين. وأنفذ بعضهم بقرة. وتباروا (4) في الإهداء حتى غصّت (5) دار مزبد بالشياه والبقر. وذبحت (6) المرأة ما شاءت، ونصبت القدور (7)، وشجر للشواء (8) التنور. فلما رجع مزبد (9) إلى منزله فشاهد ما في داره (10) قال لامرأته: ما هذا الخصب الذي لم أعهده (11)، فقصت عليه قصة الديك، وما ساق الله بسببه إليهم من الخيرات. فامتلأ سرورا، وقال (12): احتفظي بهذا الديك، لأن الله لم يفد (13) إسماعيل إلّا بذبح واحد فقال: {وَفَدَيْنََاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (14). وقد فدا (15) هذا الديك الشاء والبقر.
__________
(1) في الأصل: (فكانوا مياسيرا).
(2) كذا في الأصل والأرجح أن تكون وبعثت.
(3) في الأصل: (المرأة) وفي ثمار القلوب: وبعضهم شاتين.
(4) في ثمار القلوب: وتغالوا في الإهداء.
(5) في الأصل: (غضبت).
(6) في الأصل: (ود المرآة) وهو تحريف في النسخ.
(7) في الأصل: (القرون) وفي ثمار القلوب: ونصبت القدر.
(8) في الأصل: (الشواب).
(9) في الأصل: (من يد).
(10) في ثمار القلوب: وكر مزبد راجعا إلى منزله فرأى روائح الشواء قد امتزجت بالهواء.
(11) في ثمار القلوب: أنّى لك هذا الخير فقصت عليه قصة الديك.
(12) في ثمار القلوب 373وقال لها: احتفظي بهذا العلق النفيس وأكرمي مثواه، فإنه أكرم على الله من نبيه إسماعيل عليه السلام. قالت: وكيف؟ قال لأن الله تعالى لم يفد إسماعيل إلا بذبح واحد. قال الله تعالى: {وَفَدَيْنََاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}
وقد فدا هذا الديك بكل هذه الشياه والبقر.
(13) في الأصل: (يقد).
(14) الصافات: 107.
(15) في الأصل: (وقد).(1/229)
11232
فصل في الاقتباس من قصة يعقوب ويوسف عليهما السلام
قيل للحسن البصري وقد اشتد جزعه على أخيه سعيد: أنت تنهى عن الجزع، وقد صرت منه إلى غاية. فقال: سبحان من لم يجعل الحزن عارا على يعقوب. فجعل جوابه احتجاجا. يريد قوله عز وجل: {وَابْيَضَّتْ عَيْنََاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (1).
وقيل له: أيكذب المؤمن؟
فقال: أنسيتم إخوة يوسف (2).
وتكلم يوما فارتفعت أصوات من حوله بالبكاء فقال:
عجّ كعجيج (3) النساء، وبكاء كبكاء إخوة يوسف.
21232 - قال الشعبي: حضرت شريحا (4) وبين يديه امرأة تخاصم زوجها وتبكي.
فقلت لزوجها: يا فلان، هذه مظلومة.
فقال: يا هذا إن إخوة يوسف {وَجََاؤُ أَبََاهُمْ عِشََاءً يَبْكُونَ} (5) وهم ظالمون.
11242 - حكى الجاحظ (6) قال:
__________
(1) يوسف: 84.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {وَجََاؤُ أَبََاهُمْ عِشََاءً يَبْكُونَ} يوسف: 16.
(3) العجيج: ارتفاع الصوت والضجيج. وفي الأصل: (كعجيج النساء ولا عزم وبكاء).
(4) شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم يكنى أبا أمية من أشهر القضاة في صدر الإسلام. ولي قضاء الكوفة زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية واستعفى أيام الحجاج فأعفاه سنة 77هـ. توفي بالكوفة نحو 78هـ. انظر: لطائف المعارف: 140.
حلية الأولياء 4/ 132انظر أخباره كتاب القاضي شريح للدكتور بدري محمد فهد.
(5) يوسف: 16.
(6) الخبر في الحيوان 6/ 477وفيه يقول: إن اسم الذئب الذي أكل يوسف رجحون. فقيل له: فإن يوسف لم يأكله الذئب. وإنما كذبوا على الذئب، ولذلك قال الله عز وجل {وَجََاؤُ عَلى ََ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} قال: فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.(1/230)
قال أبو علقمة: إن اسم الذيب الذي أكل يوسف دمعون. فقيل له: إن يوسف لم يأكله الذئب.
فقال: فهذا اسم الذئب الذي لم يأكله.
قيل: فينبغي أن يكون الاسم لجميع الذئاب.
وأنشد أبو عبد الله المرزباني (1) في كتاب المستنير لأبي الشيص (2):
وقائلة، وقد بصرت بدمع ... على الخدين منهمل سكوب (3)
أتكذب في البكاء وأنت خلو (4) ... قديما ما جسرت على ذنوب
قميصك والدموع تجول فيه ... وقلبك ليس بالقلب الكئيب
نظير قميص يوسف يوم جاءوا ... على لبّاته (5) بدم كذوب
فقلت لها: فداك أبي وأمي ... رجمت بسوء ظنك بالغيوب
21242 - وكان يقال: لا تلقّن صاحبك الشر، فاخلق به ألا (6) تلقنه ويحتج به عليك. ألا ترى أن يعقوب عليه السلام قال لبنيه في شأن يوسف: {وَأَخََافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} (7)
فتلقوه (8) من فمه. وقالوا: {يََا أَبََانََا إِنََّا ذَهَبْنََا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنََا يُوسُفَ عِنْدَ مَتََاعِنََا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} (9).
__________
(1) أبو عبد الله المرزباني وقيل أبو عبيد الله واسمه محمد بن عمران بن موسى أديب مشهور ولد نحو 297وتوفي نحو 384 وقيل 378هـ. انظر: معجم الشعراء (أ) فما بعدها.
(2) أبو الشيص: هو محمد بن عبد الله بن رزين الخزاعي. وهو ابن عم دعبل الشاعر كثرت أخباره مع صريع الغواني، وأبي نواس ودعبل. انظر: طبقات الشعراء 27فما بعدها. وقد جمع شعره عبد الله الجبوري.
(3) الأبيات في ديوانه ق 6ص 24مع بيتين آخرين ورواية الشطر الثاني من البيت الأول في الديوان (منحدر سكوب).
(4) في الأصل: (خلق). والتصويب من الديوان. وفي رواية الثعالبي في ثمار القلوب. 350.
(5) في الأصل: (على أبيه) وقد أثبتنا رواية ثمار القلوب. وفي الديوان: (على ألبابه).
(6) في الأصل: (أن تلقنه). والسياق يقتضي إضافة ألا
(7) يوسف: 13.
(8) في الأصل: (فتلقونه).
(9) يوسف: 17.(1/231)
11252 - وقال الشاعر:
عليّ والله فيما لفّقوا كذبوا ... ككذب أولاد يعقوب على الذيب
كتب أبو العيناء إلى أحمد بن أبي دؤاد (1):
جعلني (2) الله فداك، مسّنا الضرّ، وبضاعتنا المودة والشكر. فإن تعط أكن كما قال الشاعر:
إنّ الشهاب الذي يحمي ذماركم (5) ... لا يخمد الدهر لكن جمرة (3) يقد (4)
فإن لم تفعل، فلسنا كمن يلمزك في الصدقات، فإن (6) يعطوا {مِنْهََا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهََا إِذََا هُمْ يَسْخَطُونَ} (7).
21252 [يقال]: من عرف بالكذب لم يجز صدقه.
وفي الأمثال السائرة: لا يقبل الصدق من الكذاب، وإن أتى بمنطق صواب.
وفي قصة يوسف: {وَمََا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنََا وَلَوْ كُنََّا صََادِقِينَ} (8).
__________
(1) أحمد بن أبي دؤاد يكنى أبا عبد الله القاضي. قال عنه ابن خلكان بأنه كان معروفا بالمروءة، والعصبية، وله مع المعتصم أخبار مأثورة أصيب بالفالج في أول خلافة الواثق، وتوفي سنة 240هـ. وفيات الأعيان: 1/ 63، 64.
(2) الخبر في المصون: 86وبدأ فيه بقوله: (جعلني الله فداك مسّنا وأهلنا الضر).
(3) في الأصل: (دماءكم يحمد).
(4) في الأصل: (صوة).
(5) في المصون: (أنا الشهاب إلا ضوءه يقد).
(6) في الأصل: (فإم لم يعطوا) وهو خطأ.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقََاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهََا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهََا إِذََا هُمْ يَسْخَطُونَ} التوبة: 58. وفي المصون (وإن لم تعطنا فلسنا ممن يلزمك يسخطون).
(8) يوسف: 17.(1/232)
ومن أمثال العرب في حفظ السر: صدرك أوسع لسرك من دمك.
وفي قصة يوسف: {لََا تَقْصُصْ رُؤْيََاكَ عَلى ََ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطََانَ لِلْإِنْسََانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (1).
قال الحسن البصري: من أحسن عبادة الله في شبيبته لقّاه الله الحكمة في اكتهاله، كما قال الله تعالى في شأن يوسف: {وَلَمََّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنََاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (2).
11262 - نظر شيخ إلى امرأتين تتلاعبان في الطريق. فقال: إنكن صويحبات يوسف.
فقالت إحداهن: يا عم، فمن ألقاه في غيابة الجب. نحن أم أنتم؟
قيل لأبي الحارث جميز (3) وهو في ثياب منخرقة (4): ألا يكسوك محمد بن يحيى (5)؟
فقال: لو كان له بيت مملوء إبرا وجاءه (6) يعقوب ومعه النبيون (7) شفعاء (8)، والملائكة ضمناء يطلب منه إبرة ليخيط بها قميص يوسف الذي قدّ من دبر ما أعاره إياها. فكيف يكسوني (9)!!
__________
(1) نفسها: 5.
(2) نفسها: 22.
(3) أبو الحارث جميز، وفي الأصل (جمبن) وقد ذكره الجاحظ في البخلاء: 17، 72، 97، 197. وأشار إلى طائفة من نوادره وأخباره. وفي الوزراء والكتاب للجهشياري 42أبو الحارث جميز وكان ممن حظي عند محمد بن يحيى البرمكي وكان الأخير يألفه.
(4) في الأصل: (منحرقة. والخبر في ثمار القلوب: 35.
(5) هو محمد بن يحيى بن خالد البرمكي استعمله الرشيد على الزمام، ثم حبسه بعد مقتل جعفر، ثم عفا عنه، وقد برّ به الأمين والمأمون من بعده. انظر: الوزراء والكتاب 193، 224، 297.
(6) في الأصل: (ابرا وجاه).
(7) في الأصل: (الندون).
(8) في الأصل: (شفعا).
(9) في الوزراء والكتاب: 242: أن يحيى بن خالد هو الذي سأل أبا الحارث، وأنه قال له: أنت خاص به وثوبك مخرّق، قال:
والله ما أقدر على إبرة أخيطه بها، ولو ملك محمد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوء إبرا، ثم جاء جبريل، وميكائيل ومعهما يعقوب النبي يضمنان له عنه إبرة، ويسألونه إعارته إياها، ليخيط بها قميص يوسف الذي قد من دبر ما فعل.(1/233)
21262 - وقال العباس بن الأحنف (1):
وقد زعمت جمل بأني أريدها ... على نفسها تبّا لذلك من فعل (2)
سلوا عن قميصي مثل شاهد يوسف ... فإنّ قميصي لم يكن قدّ من قبل (3)
قال المتنبي:
كأن كل سؤال في مسامعه ... قميص يوسف في أجفان يعقوب (4)
11272 - وقال أبو عثمان الخالدي (5) للمهلبي (6) الوزير، وذكر معز الدولة أبا الحسن (7):
__________
(1) العباس بن الأحنف من بني حنيفة. كان شاعرا ظريفا مفوها، منشؤه بغداد. عرف بغزله الرقيق. انظر: طبقات الشعراء:
257254.
(2) روايته في ديوان العباس: 213.
وقد زعمت يمن بأني أريدها. في ثمار القلوب: وقد زعمت جمل.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ هِيَ رََاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شََاهِدٌ مِنْ أَهْلِهََا إِنْ كََانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكََاذِبِينَ (26) وَإِنْ كََانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصََّادِقِينَ}
يوسف: 26، 27.
(4) في الأصل: (كأن كل سواك) والبيت في ديوان المتنبي 1/ 95، ويريد المتنبي بالبيت أن الممدوح يسر ويبتهج إذا سمع سؤال سائل يستجديه ابتهاج يعقوب حين شمّ قميص يوسف، وذلك لكرمه وجوده.
والبيت من قصيدة يمدح بها المتنبي كافورا سنة أربع وأربعين وثلثمائة ومطلعها:
من الجآذر في زي الأعاريب ... حمر الحلي والمطايا والجلابيب
وفي بيت المتنبي إشارة إلى قوله تعالى: {فَلَمََّا أَنْ جََاءَ الْبَشِيرُ أَلْقََاهُ عَلى ََ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً} يوسف: 96.
(5) أبو عثمان الخالدي: هو سعيد بن هاشم شاعر وأديب، وهو أخو محمد الذي عرف وإياه باسم الخالديين. ولهما الكتاب المشهور (الأشباه والنظائر) انظر: الفهرست: 246، اللباب 1/ 339.
(6) المهلبي: هو الحسن بن محمد بن هارون المكنى أبا محمد من ولد المهلب بن أبي صفرة، استوزره معز الدولة وبقي في وزارته ثلاث عشرة سنة توفي سنة 351هـ، انظر: المنتظم: 7، 9، 10. يتيمة الدهر 2/ 223.
(7) معز الدولة: هو أبو الحسن أحمد بن بويه. دخل بغداد سنة 334هـ واعترف الخليفة المستكفي به ومنحه ثقته، ولقبه أمير الأمراء فضلا عن لقب معز الدولة. انظر: طبقات سلاطين الإسلام 135.(1/234)
إن غبت أودعك الإله حياضه ... وإذا قدمت أباحك الترحيبا (1)
ويكون من مقة (2) كتابك عنده ... كقميص يوسف إذ أتى يعقوبا
ولأبي العباس أحمد بن إبراهيم الضبي (3) من كتاب كتبه إلى أبي سعيد الشبيبي (4):
وصل كتاب شيخ (5) الدولتين فكان في الحسن (6) روضة حزن بل جنة عدن.
وفي شرح الصدور (7)، وأنس القلوب قميص يوسف إذ وافى يعقوب (8).
11282 - قال أبو طالب المأموني (9) لابن عباد، وقد أحسن جدا (10):
وعصبة بات فيها الغيظ متقدا ... إذ شدت لي فوق أعناق الورى رتبا (11)
فكنت يوسف والأسباط هم وأبو ال ... أسباط أنت ودعواهم دما كذبا (12)
__________
(1) البيتان في ثمار القلوب 36وخاص الخاص: 185وهما في ديوان الخالديين ص 108وفيه: (أودعك الإله حياظه).
(2) المقة: المحبة. انظر: الصحاح (ومق) ورواية البيت في الأصل: (وبلون من بقميص).
(3) أحمد بن إبراهيم الضبي يكنى أبا العباس، وزير فخر الدولة البويهي كان من العقلاء الأفاضل توفي نحو 398هـ. انظر:
معجم الأدباء 1/ 7465.
(4) أبو سعيد الشبيبي: هو أحمد بن شبيب، شاعر أديب كان جامعا بين القلم والسيف وكان مختصا بالدولة السامانية، والدولة البويهية وسمي صاحب الجيشين. انظر: يتيمة الدهر 4/ 242.
(5) في الأصل: (الشيخ). وهو تحريف، والكتاب في ثمار القلوب: 37، المتنبي ما له وما عليه: 21، إرشاد الأريب 1/ 67. وفي ثمار القلوب: فكان رحمة الله عند أيوب عليه السلام، وقميص يوسف عند أجفان يعقوب.
(6) في الأصل: (الحبس) وأثبتنا رواية المتنبي ما له وما عليه وفي كتاب من غاب عنه المطرب (وهو الحسن).
(7) في من غاب عنه المطرب: (وفي شرح النفس وبسط الأنس وبرد الأكباد والقلوب وقميص).
(8) في من غاب عنه المطرب: (وقميص يوسف على أجفان) وفي إرشاد الأريب: وبسط الأنس، وبرد الأكباد والقلوب وقميص يوسف في أجفان القلوب.
(9) أبو طالب المأموني: هو عبد السلام بن الحسين شاعر وأديب يتصل نسبه بالمأمون العباسي. ولد ببغداد، وتعلم فيها.
وامتدح الصاحب بن عباد ولقي بنيسابور بعض أولاد الخلفاء. انظر: يتيمة الدهر 4/ 11284.
(10) قال الثعالبي في خاص الخاص: 185معلقا على البيتين بأنهما من معجزات شعره، وقوله هذا من قصيدة في تضمين كل قصة يوسف عليه السلام وذكرا أيضا في أحسن ما سمعت: 28.
(11) في الأصل: (أن تبا).
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {وَجََاؤُ عَلى ََ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} يوسف: 18.(1/235)
وقال ابن المعتز (1):
بنو هاشم عودوا نعد لمودة ... فإنا إلى الحسنى سراج التعطف (2)
وإلّا فإني لا أزال عليكم ... محالف (3) أحزان كثير التلهف
لقد بلغ الشيطان من آل هاشم ... مبالغه (4) من قبل (في) (5) آل يوسف
21282 - وقال آخر:
يا شبه من كان الذي ... قطّعن أيديهنّ فيه (6)
وشبيه من بقميصه ... جاء البشير إلى أبيه
لم لا ترقّ لمدنف ... أسهرت ليلة ممرضيه
وقال آخر:
من كفّ يقظان الشمائل ناعس ال ... ألحاظ (يفديه) (7) الغزال الأهيف
ويروق لي ذقنّ له مستودع ... جبا ومن ذى (8) الجب يطلع يوسف
__________
(1) الأبيات في ديوانه: 278 (ط دمشق).
(2) في ديوان ابن المعتز:
بنى عمنا عودوا نعد لمودة ... فإنا إلى الحسنى سراع التعطف
(3) في الأصل: (مخالف).
(4) في الأصل: (مبالغة).
(5) زيادة ليست في الأصل أثبتناها من رواية الديوان.
(6) في الأصل: (يا شبه من البرق وقطن والقول إشارة إلى الآية الكريمة: {فَلَمََّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}
يوسف: 31.
(7) في الأصل: (يمديه).
(8) في الأصل: (ذا). وفي القول إشارة إلى الآية الكريمة: {فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ} وقوله تعالى: {وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيََابَتِ الْجُبِّ} يوسف: 10، 15.(1/236)
11292 - ومن أحسن ما قيل في سجن يوسف، وحسن عاقبته قول البحتري لمحمد بن يوسف (1):
أما في رسول الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوسا على الضيم والإفك (2)
أقام جميل الصبر (4) في السجن برهة (5) ... فآض به الصبر (3) الجميل إلى الملك
وقال محمد بن زيد العلوي (6):
وراء مضيق الخوف متسع الأمن ... وأول معروج به آخر الحزن
فلا تيأسن فالله ملّك يوسفا ... خزانته بعد الخلاص من السجن (7)
__________
(1) البيتان في ديوان البحتري 3/ 1567من قصيدة مطلعها:
جعلت فداك الدهر ليس بمنفك ... من الحادث المشكو والنازل المشكي
(2) رواية البيت في الديوان:
أما في نبي الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوسا على الظلم والإفك
وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مََا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصََّاغِرِينَ} يوسف: 32.
(3) في الأصل: (صبر).
(4) في الأصل: (نزهة) وفي أحسن ما سمعت: 28: (مدة).
(5) في الأصل: (فاضر به الجميل إلى الملك) والصواب فآض. وهو من قولهم آض يئيض أيضا أي عاد. يقال آض فلان إلى أهله أي رجع. وروايته في أحسن ما سمعت 28:
أقام جميل الصبر في السجن مدة ... فآض به الصبر الجميل إلى الملك
{وَكَذََلِكَ مَكَّنََّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهََا حَيْثُ يَشََاءُ} يوسف: 56.
(6) محمد بن زيد العلوي بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو المعروف بالداعي صاحب طبرستان. قتل أيام المعتضد سنة 289هـ مقاتل الطالبيين 495.
(7) البيت الثاني في المنتحل 264، ورواية الشطر الثاني منه (خزائنه) وهي الأرجح. وفي القول إشارة إلى قوله تعالى {اجْعَلْنِي عَلى ََ خَزََائِنِ الْأَرْضِ} يوسف: 55.(1/237)
11302 - وقال أبو عبد الله الأسمى العلوي من قصيدة في مرثية الداعي (1) وتعزية ابنه المحبوس:
فلا تيأس فيوسف كان قدما ... أتاه الملك في سجن البغايا
وموسى بعد ما في اليّم ألقي ... حباه الله سلطانا وآيا (2)
عوتب بعض العلماء على خطبته عمل السلطان فقال: لقد خطبه وطلبه الصديق ابن إسرائيل بن الذبيح بن الخليل عليهم السلام في ملك مصر. فقال: {اجْعَلْنِي عَلى ََ خَزََائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (3). أي كاتب حاسب.
21302 - لما وصف عبد العزيز بن يحيى (4) للمأمون (5) استدعاه، فلما رآه قال:
إلا أني اخترتك فما أقبح (6) وجهك؟!
فقال: يا أمير المؤمنين: إن حسن الوجه ليس مما ينال منه الحظوة عند (7) الملوك. وإني سمعت الله حكى في كتابه العزيز عن يوسف قول الملك: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (8)، ولم يقل: إني صبيح مليح. وهل سجن إلا لحسن وجهه، وولي إلّا لعلمه؟.
__________
(1) الداعي: هو محمد بن زيد المذكور أعلاه، وابنه المحبوس هو زيد بن محمد الذي أسر بعد قتل أبيه وحمل إلى خراسان. مقاتل الطالبيين: 495ولم أهتد إلى ترجمة الشاعر ومعرفته.
(2) آيا: جمع آية. الصحاح (أيا).
(3) يوسف: 55.
(4) عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكناني المكي، كان من تلامذة الإمام الشافعي، قدم بغداد أيام المأمون، وكان يلقب بالغول لدمامته، توفي نحو 240هـ. تهذيب التهذيب 6/ 363.
(5) في الأصل: (المأمون).
(6) في الأصل: (إلى ن اخترتك فافتح وتصحينا) وهو تحريف في النسخ.
(7) في الأصل: (عبد).
(8) يوسف: 55.(1/238)
فقال: أحسنت، وأمر بإكرامه.
31302 - استأذن آدم بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز (1) على يعقوب بن الربيع (2) وهو على الشراب، فأمر برفعه، والإذن له. فلما دخل قال: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلََا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [3] (4). فأمر برد الشراب، ونادمه (5).
11312 - لما استقبل عبد الملك بن مروان أخاه عبد العزيز عند مشرفه من مصر، وأثقاله على ألف حمل. سئل بعض أصحابه:
على كم كانت البداءة؟
فقال: على ثلاثمائة جمل.
(قال): ما عير أحق أن يقال لها {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسََارِقُونَ} (6) من هذه.
فبلغ كلامه هذا عبد العزيز فقال: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (7).
عن عطاء الخراساني (8): الحوائج إلى الشبان أسهل منها إلى الشيوخ ألم تر (9) أن يوسف قال لأخوته: {لََا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللََّهُ لَكُمْ} (10).
__________
(1) في الأصل: (آدم بن عبد العزيز) والصواب ما أثبتناه وهو حفيد عمر بن عبد العزيز منّ عليه أبو العباس السفاح بالعفو وحقن دمه
وكان ماجنا خليعا، وكان الخليفة المهدي يقربه ويصطفيه، الأغاني 14/ 6058، طبعة ساسى جمهرة أنساب العرب: 106.
(2) يعقوب بن الربيع بن يونس، شاعر طريف كان أكثر شعره في رثاء جارية له اسمها ملك. وكان الرشيد يأنس به قبل الخلافة. معجم الشعراء 497.
(3) في الأصل: (تقلدون) وهو تحريف في النسخ.
(4) يوسف: 94.
(5) الخبر في ثمار القلوب 38، وسماه آدم بن عمر بن عبد العزيز خطأ.
(6) يوسف: 70.
(7) نفسها: 77.
(8) عطاء الخراساني: هو ابن أبي مسلم واسم أبيه ميسرة وقيل: عبد الله مولى هذيل. توفي نحو سنة 133هـ. انظر الطبقات: ابن خياط 313.
(9) في الأصل: (ألم ير إلى).
(10) يوسف: 92.(1/239)
و (قال) (1) أبوهم: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (2).
وإنه أخّر الدعاء إلى وقت السحر (3)، لأن وقت السحر مرجو الاستجابة.
21312 - قال بعض الشعراء (4):
إن أكن مذنبا فحظي عقاب (5) ... فهب لي عقوبة التأديب
قل كما قال يوسف لبن ... ي يعقوب لما أتوه (6) لا تثريب
11312
فصل في الاقتباس من قصة موسى عليه السلام
قال لي: (أبو) (7) نصر بن سهل بن المرزبان: هل تعرف بيت شعر فيه بشارة، وشماته، ومجازاة، واعتراض، وانفصال؟.
فقلت: لا، ولكني أعرف آية من كتاب الله تعالى فيها خبران، وأمران، ونهيان، وبشارتان.
فقال: عرّفني هذه الآية، لأنشدك ذلك البيت.
فقرأت عليه قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {وَأَوْحَيْنََا إِلى ََ أُمِّ مُوسى ََ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذََا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلََا تَخََافِي وَلََا تَحْزَنِي إِنََّا رَادُّوهُ}
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) يوسف: 98، وفي الأصل: (أنه هو الغفار).
(3) في الأصل: (السجد).
(4) في الأصل: (الشعر).
(5) في الأصل: (فحظي خطاب) كذا في المخطوط والبيت فيه خلل.
(6) في الأصل: (لما أبوه).
(7) في الأصل: (نصر) والصواب أبو نصر وهو الأديب المعروف بسهل بن المرزبان من أدباء نيسابور ترجم له الثعالبي وذكر له أشعارا ومؤلفات. انظر يتيمة الدهر 4/ 392.(1/240)
{إِلَيْكِ وَجََاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (1)، فأنشدني من أبيات:
سوف نبرا ويمرضون ونجفو (2) ... فإن عاتبوا أقل ذا بذاكا
21322 - كان علي بن هشام، أهدى جاريته صرفا إلى المأمون، وكانت بارعة (3) الجمال، والغناء، وكاتبة. وأوصاها (4)، أن تتجسس له أخبار المأمون ليلة، فلما انصرف سقطت منه رقعة صغيرة وفيها: {يََا مُوسى ََ إِنَّ الْمَلَأَ} (5). فقال المأمون: إن في هذه تحذيرا. ولم يقف على كاتبها. فلما قتل علي انكشفت القصة، وإذا هي رقعة صرف تحذّره (6) مما يجري عليه.
31322 - كان موسى بن عبد الملك (7) متحاملا على نجاح بن سلمة، سيئ الرأي به، شديد البغض له. فلما سلّم (8) إليه تلف على يده في المطالبة. فقال المتوكل يوما لأبي العيناء:
ما قولك في نجاح بن سلمة؟
فقال: أقول فيه ما قال الله: {فَوَكَزَهُ مُوسى ََ فَقَضى ََ عَلَيْهِ} (9).
فضحك المتوكل، وتغير لموسى. وعلم موسى أنه أتي من أبي العيناء فتوعده بالقتل.
__________
(1) القصص: 7.
(2) في الأصل: (وتجفوهم).
(3) في الأصل: (صرف بادعة).
(4) في الأصل: (وكاتبة وساطعة).
(5) القصص: 20.
(6) في الأصل: (تخذود).
(7) موسى بن عبد الملك الأصبهاني يكنى أبا عمران من أصحاب ديوان الخراج في الدولة العباسية. وكان من فضلاء الكتاب وأعاينهم، وله ديوان رسائل. انظر: وفيات الأعيان 2/ 141. والخبر في نثر الدر 3/ 203، وزهر الآداب 1/ 284، نكت الهميان: 268.
(8) في الأصل: (سلن).
(9) القصص: 15.(1/241)
فقال له أبو العيناء: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمََا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ} (1)، فكفّ عنه موسى، ثم ترضّاه بمال أنفذه إليه (2).
قال بعض السلف: إن الفرار مما لا يطاق من سير المرسلين. يعني ما كان من فرار موسى (3).
11332 - قال بعض السلف [عن] (4) ابن عائشة: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى ذهب يقتبس النار فكلّمه الملك الجبار.
تعرض رجل للرشيد وهو في الطواف فقال:
يا أمير المؤمنين إني مكلمك بكلام غليظ فاحتمله. فقال:
لا، ولا كرامة لك. إن الله قد بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني فقال:
{فَقُولََا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ََ} (5).
وكان يحيى بن معاذ (6) إذا قرأ هذه الآية قال: هذا رفقك بمن يدعي الربوبية، فكيف رفقك بمن يقرّ بالعبودية.
__________
(1) نفسها: 19.
(2) الخبر في زهر الآداب 1/ 284وفيه: أن قول أبي العيناء بلغ نجاح بن سلمة. وفي ذيل زهر الآداب: 332أن نجاح بن سلمة كان قد ضمن الحسن بن مخلد وموسى بن عبد الملك بمال عظيم للمتوكل، فاحتال عبد الله بن يحيى حتى تضمناه بذلك وعاد عليه الأمر، ثم اغتاله موسى بن عبد الملك فقتله، فبلغ الأمر المتوكل فأكبره وهمّ بالإيقاع بموسى، فتلطف عبيد الله بن يحيى وعمه الفتح بن خاقان حتى سكن غضبه. واتفق ذلك في ولادة المعتز فاشتغل باللهو والسرور بذلك. فدخل أبو العيناء بعد ذلك على المتوكل، وكان واجدا على موسى بن عبد الملك. فقال: ما تقول: في نجاح بن سلمة؟ قال ما قاله عز وجل {فَوَكَزَهُ مُوسى ََ فَقَضى ََ عَلَيْهِ}.
(3) في الأصل: (القرار ستر قرار).
(4) يبدو أن كلمة سقطت بعد قوله بعض السلف وأرجح أن تكون (عن) لأن القول منسوب إلى ابن عائشة في ثمار القلوب 39والإيجاز والإعجاز 36وابن عائشة هذا هو عبد الرحمن بن عبيد الله. وعائشة أمه هي أم محمد بنت عبد الله بن عبيد الله من تيم قريش، أديب شاعر له شعر في هجاء أحمد بن أبي دؤاد وغيره. انظر: معجم الشعراء: 338.
(5) طه: 44.
(6) يحيى بن معاذ الرازي: واعظ زاهد من أهل الري أقام ببلخ، ومات بنيسابور. توفي نحو 258هـ. انظر: صفة الصفوة 4/ 71 80.(1/242)
رأى علي بن يقطين (1) الحسين بن راشد واقفا بباب يحيى بن خالد حين مضى في حاجة له ورجع فرآه، فقال له:
أنت (2) واقف بباب هذا بعد؟
فقال: نعم، وما وقف موسى بباب فرعون أكثر. فبلغ ما جرى بينهما يحيى بن خالد، ودخل إليه ابن راشد فقضى (3) حاجته. ثم قال خالد:
الحمد لله الذي لم يجعل معك عصا ولا جعلني أدّعي ما ادّعى فرعون، فاستحيا ابن راشد، ورجع.
21332 - لما حج أبو مسلم تحفّى بالحرم، وتحفّى الناس. فقيل له في ذلك، فقال:
سمعت الله يقول لموسى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (4)، وهذا الوادي أكرم من ذلك الوادي. قال الله تعالى لموسى: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوََادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} (5).
قال بعض المفسرين: كانت من جلد غير زكي (6).
قال الزهري: ليس كما قال، بل أعلمه حق المقام الشريف، والمدخل الكريم: ألا ترى أن الناس إذا دخلوا على الملوك كيف ينزعون نعالهم (7) خارجا.
__________
(1) علي بن يقطين بن موسى البغدادي مولى بني أسد كان أبوه يقطين بن موسى داعية طلبه مروان، فهرب، وهربت أمه به إلى المدينة، حتى ظهرت الدولة العباسية وهو محبوس. انظر: الرجال للحسن بن داود، ص 253.
(2) في الأصل: (ابت).
(3) في الأصل: (قضى).
(4) طه: 12.
(5) نفسها. ويبدون تكرار الآية ليس من الأصل.
(6) انظر: الكشاف 3/ 55، زاد المسير 273.
(7) في الأصل: (رجالهم).(1/243)
11342 - قرأ الرشيد يوما حكاية الله تعالى عن فرعون: {يََا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهََذِهِ الْأَنْهََارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلََا تُبْصِرُونَ} (1)، فقال: والله لأولينّها أحدا من خدمي، فولاها الخصيب (2). وفيه يقول أبو نواس (3):
رماكم أمير المؤمنين بحيّة ... أكول لحيات البلاد شروب
فإن يك باقي إفك فرعون فيكم (4) ... فإنّ عصى موسى بكفّ خصيب
21342 - وقال أعرابي لعبد الله بن طاهر:
دان لك الشام بأقطارها ... وأذعن المؤمن والكافر
أنت عصا موسى التي ألقيت ... تلقف (5) ما يأفكه الساحر
11352 - وقال البحتري للمعتز بالله:
تعجّبت (6) من فرعون إذ ظنّ أنه ... إله لأنّ النيل من تحته يجري
__________
(1) الزخرف: 51.
(2) هو الخصيب بن عبد الحميد الدهقاني من ولاة مصر أيام الرشيد. له أخبار كثيرة مع أبي نواس، وقد امتدحه الأخير: انظر أخبار أبي نواس، ص 31، 60، 63، 77، 129، وانظر المستطرف 1/ 275.
(3) البيتان في ديوان أبي نواس 484 (ط الغزالي) أخبار أبي نواس 32مع تقديم البيت الثاني على الأول. وقيل: إن أهل مصر شغبوا على الخصيب فقال له أبو نؤاس: أنا أعفيك من قتالهم. فذهب إليهم وهم مجتمعون بالمسجد، وألقى عليهم الأبيات فتفرقوا وقبل البيتين:
منحتكم يا أهل مصر نصيحتي ... ألا فخذوا من ناصح بنصيب
ولا تثبوا وثب السفاه فتركبوا ... على حد حامي الظهر غير ركوب
(4) روايته في الديوان: فإن يك فيكم إفك فرعون باقيا. وهي الأرجح.
(5) في الأصل: (تلطف ما يأفك).
(6) في الأصل: (تعجب مني). البيتان في ديوان البحتري 2/ 1053من قصيدة مطلعها:
حبيب سرى في خفية وعلى دعر ... يجوب الدجى حتى التقينا على قدر(1/244)
ولو شاهد الدنيا وعاين ملكها (1) ... لقلّ لديه ما يكنّز من مصر
ولما وقف عبد الله بن طاهر على مصر قال:
اخزى الله فرعون، فما كان أخسه وأدنى همته. ملك هذه القرية فقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ََ} (2) والله لا دخلتها ترفعا عنها.
21352
أبدع ما قيل في عصا موسى
قال (أبو) الحسن بن ناصر العلوي:
كان حالي لما أتى ... وداع (3) الحبيب وقلبي وجب
يمين ابن عمران عند العصا ... وقد حوّلت حية تضطرب
وقال بعض الظرفاء:
قل لمن يحمل العصا ... حيث أمسى وأصبحا (4)
ما حوتها يد امرئ ... بعد موسى فأفلحا
31352
شعر لابن الرومي
أبدع ما قال ابن الرومي (5):
مديحي عصا موسى وذلك أنني ... ضربت به بحر الندى فتضحضحا (6)
__________
(1) روايته في الديوان: ولو شاهد الدنيا وجامع ملكها ما كثر.
(2) النازعات: 24.
(3) روايته في الأصل: (كان لما أتت وداع الحبيب).
(4) البيتان منسوبان لأبي الطيب الشعري من أهل الشام كما في ثمار القلوب 39.
(5) الأبيات في ثمار القلوب 39وفي ديوان ابن الرومي 2/ 71 (ط محمد شريف سليم) من قصيدة طويلة قالها في إسماعيل بن بلبل ومطلعها:
عقيد الندى أطلق مدائحجمة ... حبائس عندي قد أنى أن تسرّحا
(6) تضحضح: أي ترقرق. الصحاح (ضحح) والبيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقى ََ مُوسى ََ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصََاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتََا عَشْرَةَ عَيْناً} البقرة: 60.(1/245)
فيا ليت شعري إذ ضربت به الصّفا ... أيبعث لي منه جداول سيّحا
كتلك التي أبدت ثرى الأرض يابسا ... وأبدت عيونا في الحجارة سفّحا (1)
سأمدح بعض الباخلين لعله ... إن اطّرد المقياس أن يتمسحا
ولو لم يفترع إلّا هذا المعنى البكر (2)، لكان من أشعر الناس، إذ شبّه مديحه بعصا موسى التي ضرب (بها) (3) البحر فيبس، فضرب بها الحجر فانبجس (4)، وذلك أن ابن الرومي مدح جوادا فبخل، فقال سأمدح بخيلا (5) لعله أن يجود (6) على هذا القياس.
11362
شعر أبي السمط في فالج أحمد بن أبي داود
لما فلج أحمد بن أبي دؤاد وكسر (7) لسانه، قال فيه أبو السمط:
ما ضرّ أحمد من كسر اللسان وقد ... أضحت إليه أمور الناس يمضيها (8)
موسى بن عمران لم ينقص نبوته ... كسر اللسان لأحكام يقضّيها
بل كان أدّى على عيّ بمنطقه ... رسائل الله بالآيات يبديها
لسان أحمد سيف مسّه طبع (9) ... من علّة وشفاء الله جاليها
__________
(1) في الأصل: (كهلك التي أبدت قرى يابسا) والبيت إشارة إلى قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ فَهِيَ كَالْحِجََارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجََارَةِ لَمََا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهََارُ} البقرة: 74.
(2) في الأصل: (لو لم يقترع إلا هذا المعنى الذكر).
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) انبجس: أي انفجر.
(5) في الأصل: (نخيلا).
(6) في الأصل: (يجوز).
(7) في الأصل: (أحمد بن داود بكسر) وقد ذكر الثعالبي في كتاب ثمار القلوب، ص 163، أن فالج أحمد بن أبي داود ضرب به المثل، لأنه كان قاضي قضاة المعتصم، والواثق وكان من الشرف والكرم بالمنزلة العالية، وكان مصروف الهمة إلى استبعاد الأحرار وغرضا لمدائح الشعراء. ولما أصابته عين الكمال فلج فصار، فالجه مثلا في أدواء الأشراف وعاهاتهم.
(8) يمضيها: أن ينفذها، لسان العرب (مضا).
(9) الطبع: الصدأ، الصحاح (طبع).(1/246)
11372
قول أبي العيناء في مالك بن طوق
قيل لأبي العيناء: ما تقول في مالك بن طوق (1)؟ قال: لو كان في زمان بني إسرائيل، ونزلت آية البقرة ما ذبحوا غيره (2).
قول أبي العيناء في ابن المدبر
لما شكا أبو العيناء إلى عبيد الله بن سليمان (3) اختلال حاله، لتأخر أرزاقه. قال له:
ألم نكن (4) كتبنا إلى ابن المدبر (5) فما فعل في أمرك شيئا؟
قال: نعم، كتبت إلى رجل قد قصّر من همته طول الفقر، وذلّ الأسر (6) ومعاناة محن الدهر فأخفقت (7)، وما ألححت.
فقال: أنت اخترته يا أبا العيناء.
قال: وما علي! (8) قد {وَاخْتََارَ مُوسى ََ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقََاتِنََا} فما كان فيهم رجل رشيد (9) فأخذتهم الرجفة. وقد اختار النبي صلّى الله عليه وسلّم ابن أبي (10) سرح كاتبا، فلحق
__________
(1) في الأصل: (ملك البرطوق) وهو تحريف في النسخ. ومالك هذا هو مالك بن طوق بن عتاب التغلبي، يكنى أبا كلثوم أمير من أشراف الفرسان والأجواد كان فصيحا. وله شعر توفي نحو 295هـ انظر: الأعلام 6/ 137.
(2) الخبر في وفيات الأعيان 3/ 466، زهر الآداب 1/ 284، وذيل زهر الآداب 234وفيه: لو كان في زمن بني إسرائيل ونزل ذبح البقرة ما ذبح غيره. قيل فأخوه عمر؟ قال: {كَسَرََابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مََاءً حَتََّى إِذََا جََاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً}.
(3) في الأصل: (عبيد الله بن سلمان) وهو تحريف. ويعرف بابن وهب يكنى أبا القاسم وزير من أكابر الكتاب استوزره المعتمد العباسي والمعتضد واستمرت وزارته عشر سنين توفي نحو 288هـ انظر: فوات الوفيات 2/ 27. والخبر في زهر الآداب 1/ 286ووفيات الأعيان 4/ 344، أخبار الأذكياء: 88، أخبار الظراف 73، معجم الشعراء 7/ 61.
(4) في وفيات الأعيان 3/ 466: أليس قد كتبت إلى إبراهيم بن المدبر.
(5) في الأصل: (ابن المدني) وهو تحريف وابن المدبر هو إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن المدبر، وزير من الكتاب المترسلين الشعراء، استوزره المعتمد لما خرج من سامراء يريد مصر سنة 269هـ. توفي ببغداد نحو 279هـ. إرشاد الأريب 1/ 293 294.
(6) علّق ابن خلكان على الخبر بأن أبا العيناء إنما ذكر ذل الأسر، لأن إبراهيم المذكور كان قد أسره علي بن محمد صاحب الزنج بالبصرة، وسجنه، فنقب السجن وهرب. وفيات الأعيان 3/ 466.
(7) في زهر الآداب 1/ 86: فأخفقته مني طلبتي، وفي وفيات الأعيان 3/ 466: فأخفق سعي وخابت طلبتي.
(8) في وفيات الأعيان: فقال: وما عليّ أيها الوزير في ذلك وقد اختار النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن أبي سرح كاتبا، فرجع إلى المشركين.
(9) في الأصل: ألحان والكلام اقتباس من قوله تعالى في سورة الأعراف: 155 {وَاخْتََارَ مُوسى ََ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقََاتِنََا فَلَمََّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قََالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيََّايَ}.
(10) ابن أبي سرح: هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم قبل الفتح، واستكتبه النبي صلّى الله عليه وسلّم. وكان يكتب موضع الغفور العزيز الحكيم وأشباه ذلك، فأطلع عليه النبي، فهرب إلى مكة مرتدا، فأهدر النبي دمه ثم أسلم وحسن إسلامه، وولي مصر سنة 24هـ فأقام عليها إلى أن حصر عثمان. ومات بالشام. التنبيه والأشراف: 246، زهر الآداب 1/ 344.(1/247)
بالمشركين مرتدا، واختار علي رضى الله عنه أبا موسى الأشعري حاكما فحكم عليه.
21372
قول لبعض الظرفاء وقد سئل ماذا يصنع؟
ورئي (1) بعض الظرفاء (2) في قرية.
فقيل له (3): ما تصنع؟
فقال: ما صنع موسى والخضر، يعني قوله تعالى: {حَتََّى إِذََا أَتَيََا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمََا أَهْلَهََا} (4).
11382
فصل في قصة داود عليه السلام
قول زياد بن أبيه وقد قال له أعرابي قد أوتيت الحكمة
لما خطب زياد خطبته البتراء (5) فاستحسنها السامعون. قام إليه رجل وقال (6):
أشهد أيها الأمير، أنك قد أوتيت الحكمة وفصل (7) الخطاب.
فقال له: كذبت، ذلك داود عليه السلام.
جواب أبي قرة الهاشمي وقد سئل عن رجلين تخاصما
سئل أبو قرة الهاشمي (8) بين يدي المأمون عن خصمين اختلفا يجوز أن يكون كلاهما محقين؟ فقال: لا، قيل (9): فإن (10) أحدهما مدع للباطل لا محالة. قال: بلى. قيل:
__________
(1) في الأصل: (وروى).
(2) كلمة لن نتبين قراءتها.
(3) في الأصل: (فقيل لها).
(4) الكهف: 77.
(5) ذكر الجاحظ في البيان والتبيين 2/ 61: أن زيادا قدم البصرة واليا لمعاوية ابن أبي سفيان فخطب خطبة بتراء لم يحمد الله فيها ولم يصل على النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل قال الحمد لله على أفضاله وإحسانه، ونسأله المزيد من نعمه وإكرامه، اللهم كما زدتنا نعما فألهمنا شكرا.
(6) في البيان والتبيين 2/ 65: أن الذي قام لزياد وقال القول المذكور هو عبيد الله بن الأهتم. وفي ذيل الآمالي 185أنه صفوان ابن الأهتم.
(7) إشارة إلى قوله تعالى في نبي الله داود: {وَآتَيْنََاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطََابِ} ص: 20.
(8) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين 2/ 104.
(9) في الأصل: (قل).
(10) في الأصل: (فليس مدعيا).(1/248)
أليس قد اختصم علي والعباس إلى أبي بكر في ميراث النبي صلّى الله عليه وسلّم فمن كان المخطئ منهما، ومن المحق (1). فقال أبو قرة: لا أزعم أن واحدا منهما كان مخطئا، وأقول إنهما في ذلك مثل جبريل وميكائيل حين دخلا على داود عليه السلام فقالا: {خَصْمََانِ بَغى ََ} [2] بَعْضُنََا عَلى ََ بَعْضٍ (3) وما كانا (4) مخطئين، لأنهما يعلمان (5) داود ظلمه، وأنه نقل ما ليس له.
21382
شعر البحتري في غلامه نسيم وقد باعه
ولما باع البحتري غلامه (6) نسيما (7) إبراهيم بن الحسن بن سهل (8)، ثم ندم على بيعه وسأله الإقالة، (9) فلم يفعل كتب له قصيدة منها:
أبا الفضل في تسع وتسعين نعجة ... غنى لك عن ظبي بساحتنا فرد (10)
أتأخذه مني وقد أخذ الجوى ... مآخذه مما أسرّ وما أبدي (11)
__________
(1) في الأصل: (قل).
(2) في الأصل: (بغوا).
(3) ص: 22.
(4) في الأصل: (يكونا).
(5) في الأصل: (يعلما).
(6) في الأصل: (غلاما).
(7) في الأصل من وهي زيادة لا موجب لها.
(8) إبراهيم بن الحسن بن سهل ذكره الصولي في أخبار البحتري وذكر أن البحتري باعه غلامه نسيما وأنه كان أصدق الناس للبحتري، انظر: أخبار البحتري: 127.
(9) الإقالة: الفسخ في البيع. يقال أقلته البيع إذا فسخته. انظر: الصحاح، لسان العرب (قيل).
(10) البيتان في ديوان البحتري 1/ 53من قصيدة مطلعها:
دعا عبرتي تجري على الجور والقصد ... أظن نسيما قارف الهجر من بعدي
(11) في الأصل: (فيما استسر وأبدى).(1/249)
11392
فصل في قصة سليمان عليه السلام
قول لبعض الظرفاء
قال بعض العلماء:
العلم آلة يرتفع بها الصغير على الكبير، والمملوك على المالك. ألا ترى الهدهد وهو (من) (1) محقرات الطير (2) قال لسليمان (3) وهو الذي أقلّ ملكا (4) لا ينبغي لأحد من بعده:
{أَحَطْتُ بِمََا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} (5). قيل في قوله تعالى:
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذََاباً شَدِيداً} (6) أي لأفرّق بينه وبين إلفه.
21392
شعر لأبي الشيص في جارية يقال لها هدهد
قال أبو الشيص في جارية (7) يقال لها هدهد (8):
لا تأمننّ على سرّي وسرّكم ... غيري وغيرك أو طيّ القراطيس
أو طائرا ساجليه وابعثيه ... ما زال (9) صاحب تدبير وتحسيس (10)
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) في الأصل: (الطين) والصواب أنه من محقرات الطير.
(3) في الأصل: (سليمان).
(4) في الأصل: (مكأ) وهو تحريف في النسخ وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لََا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ} ص: 35.
(5) النمل: 22.
(6) نفسها: 21.
(7) في الأصل: (جارته).
(8) الأبيات في أشعار أبي الشيص: 69، نثار الأزهار: 85.
(9) في الأصل: (ماء الصاحب) وهو تحريف، وفي أشعار أبي الشيص ما زال صاحب تنقير وتأسيس، وتحسس من تحسست الشيء إذا تخبرت خبره، الصحاح (حسس).
(10) في الأصل: سأحليه وأنعته في نثار الأزهار: 85:
أو طائر ساجليه وابعثيه لنا ... ما زال صاحب تبيين وتأسيس(1/250)
سود براثنه ميل ذوائبه ... صفر حمالقه في الحسن مغموس (1)
قد (2) قد كان همّ سليمان ليذبحه ... لولا سعايته في ملك بلقيس
11402
بين عبد الله بن طاهر وعبيد الله بن السري
لما سار عبد الله بن طاهر (3) إلى مصر لمحاربة (عبيد الله بن السري) (4) المتغلب عليها منعه ابن السري (5) (من) (6) دخولها. ثم بعث إليه ليلا بألف وصيف (7) ووصيفة، مع كل واحد وواحدة ألف دينار في كيس حرير فأمر بردّها. وقال للرسول (8):
قل لمرسلك: {أَتُمِدُّونَنِ بِمََالٍ فَمََا آتََانِيَ اللََّهُ خَيْرٌ مِمََّا آتََاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لََا قِبَلَ لَهُمْ بِهََا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهََا أَذِلَّةً وَهُمْ صََاغِرُونَ} (9).
__________
(1) في الأصل: (صما حماليقه) وهو خطأ في النسخ والتصويب من نثار الأزهار: 850:
سود ترائبه ميل ذوائبه ... صفر حماليقه في الحبر مغموس
(2) في الأصل: (فقد كان) ورواية الشطر الثاني في نثار الأزهار: لولا سياسته في ملك بلقيس.
(3) عبد الله بن طاهر كان واليا على الدينور، ثم على خراسان ثم الشام ومصر، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه، توفي نحو 228أو 230هـ بمرو. انظر وفيات الأعيان 2/ 271.
(4) في الأصل: (عبد الله بن البيسرى) والصواب ما أثبتناه وعبيد الله بن السري كان قد خرج على الخلافة العباسية، وجمع جموعا من أهل الأندلس، وتغلبوا على الإسكندرية وسار إليه عبد الله بن طاهر، وقضى على حركته. انظر: الكامل ابن الأثير 6/ 397، ط صادر.
(5) في الأصل: (ابن اليسرى).
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) في الكامل: وأنفذ إليه ألف وصيف ووصيفة.
(8) في الكامل 6/ 397: أنه قال للرسول: أرجع الهدايا وكتب إلى عبد الله بن طاهر لو قبلت هديتك نهارا لقبلتها ليلا {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لََا قِبَلَ لَهُمْ بِهََا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهََا أَذِلَّةً وَهُمْ صََاغِرُونَ} قال: فحينئذ طلب الأمان.
(9) النمل: 36، 37.(1/251)
شعر لعبد الله بن السري
فلما أبلغه الرسول ذلك طلب الأمان فأمنه على نفسه، وأهله وماله، ففعل. وكتب إليه:
أخي أنت ومولاي ... ومن أشكر نعماه
فما أحببت من شيء ... فإني (1) الدهر أهواه
وما (2) تكره من شيء ... فإني لست أرضاه
لك الله على ذاك ... لك الله لك الله
11412
قول للحسن البصري
قال الحسن البصري:
ما أنعم الله على عبد نعمة إلّا وعليه منة سليمان عليه السلام فإن الله تعالى قال له:
{هََذََا عَطََاؤُنََا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} (3).
كتاب ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك وقد أمر بهدم كنيسة النصارى
لما هدم الوليد بن عبد الملك كنيسة دمشق كتب إليه ملك الروم:
إنك قد هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها. فإن كان حقا فقد أخطأ أبوك، وإن كان باطلا، فقد أخطأت أنت في مخالفته (4).
فكتب إليه:
{وَدََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ إِذْ يَحْكُمََانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنََّا لِحُكْمِهِمْ شََاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنََاهََا سُلَيْمََانَ} (5).
شعر لجحظة البرمكي
قال جحظة البرمكي في الغزل:
__________
(1) في الأصل: (فان).
(2) في الأصل: (ومن).
(3) ص: 39.
(4) في الأصل: (خالفته).
(5) الأنبياء: 78، 79.(1/252)
يا قريب المزار نائي اللقاء ... ومريض الجفون من غير داء (1)
هب لعيني من الكرى قدر ما ... أمهل ذو الجنّ يوم عرض سباء
21412
فصل في قصة يونس عليه السلام
تشاؤم مزبد من يوم الأربعاء
جاء (2) رجل إلى مزبّد فقال: أحب أن تخرج معي في حاجة (3) لي. فقال:
هذا يوم الأربعاء (4)، ولست أبرح من بيتي.
فقال له الرجل: وما تكره من يوم الأربعاء وفيه ولد يونس بن متى؟
فقال: لا جرم، بانت (5) بركته في اتساع موضعه في بطن الحوت، وحسن كسوته من ورق اليقطين (6).
شعر يوسف بن أبي الساج في حبس المقتدر
قال: وفيه ولد يوسف أيضا. قال:
فما أحسن ما فعل به إخوته حتى طال حبسه وغربته.
وقال: وفيه أوحى الله تعالى إلى إبراهيم. قال:
فكيف رأيت (7).
__________
(1) البيتان غير موجودين في ديوان جحظة (جحظة البرمكي الأديب الشاعر) للدكتور مزهر السوداني المنشور سنة 1977.
(2) الخبر في ثمار القلوب: 522.
(3) في ثمار القلوب: 522: أحب أن تخرج معي وتصل حاجتي في حاجة لي.
(4) في ثمار القلوب 522: هذا يوم الأربعاء استثقله ولست أبرح من منزلي.
(5) في الأصل: (ثابت) وفي ثمار القلوب: (وقد باتت بركته في اتساع موضعه، وحسن كسوته حتى وصل على ورق القرع.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلََا أَنَّهُ كََانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنََاهُ بِالْعَرََاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنََا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنََاهُ}
الصافات: 142، 143.
(7) في ثمار القلوب: 522: قال فما كان أبرد الأتون الذي أوقدوه له، حتى خلّصه الله تعالى منه. وقد سقطت هذه العبارة من نص الاقتباس.(1/253)
قال: وفيه نصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الأحزاب (1).
قال نعم، ولكن بعد (2) {وَإِذْ زََاغَتِ الْأَبْصََارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنََاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللََّهِ الظُّنُونَا (10) هُنََالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزََالًا شَدِيداً} (3).
11422 - وقال يوسف بن أبي الساج (4) في حبس المقتدر:
ولست بهيّاب المنية إذ أتت ... ولكنني رهن التأسف والأسى
وإني لأرجو أن أؤوب مسلما ... كما سلم الرحمن في اللّج يونسا
21422
فصل في شأن عيسى عليه السلام
من قصيدة أبي علي البصير في المستعين
لما قام المستعين أمر عيسى بن فرخنشاه (5) أبا علي البصير أن يعمل قصيدة في المستعين يحرضه بها على عقد البيعة (6) لابنه العباس فقال قصيدة منها (7):
بك الله حاط (8) الدين واحتاط أهله ... من الموقف الدحض الذي مثله يردي
__________
(1) في ثمار القلوب: (يوم الأحزاب).
(2) في الأصل: (بمر).
(3) الأحزاب: 10، 11، وبعدهما في ثمار القلوب. فهذا يوم الأربعاء عامة، وأما الأربعاء التي لا تدور فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: (آخر أربعاء من الشهر نحس مستمر).
(4) في الأصل: (السياح) والصواب ما أثبتناه وهو أمير من كبار قواد الدولة العباسية، قلده المقتدر نواحي المشرق سنة 314هـ.
قتل سنة 315هـ انظر الكامل في التاريخ: حوادث سنة 315هـ.
(5) كذا في الأصل: (بن فرخا) وفي الطبري: عيسى بن فرخنشاه وهو الذي ولّاه الخليفة المستعين ديوان الخراج بعد قتل أوتامش، وعزل الفضل بن مروان، وأثبته المسعودي في مروج الذهب 70عيسى بن فرحنشاه.
(6) في الأصل: (العينة).
(7) الأبيات في مروج الذهب 4/ 70وهي في أشعار أبي علي البصير: مجلة المورد العددان الثالث والرابع 1972.
(8) في الأصل: (حفظ) وهو تحريف، والصواب: (حاط) وكذلك رواية المسعودي.(1/254)
فولّ ابنك العباس عهدك إنه ... له موضع واكتب إلى الناس بالعهد
فإن خلّفته (1) السّن فالعقل بالغ ... به رتبة الشيخ الموفق للرشد
فقد (2) كان يحيى أوتي الحكم مثله ... صبيا وعيسى كلّم الناس في المهد
فلما عرضت على المستعين قال: لا برّأني الله (3)، وأنا أجعل العهد إلى من لعل الناس يحتاجون إليه في الوقت، فلا يطيق القيام بأمورهم، ولكن إن عشنا وكبر قليلا فعلت ذلك إن شاء الله.
11432
كتاب قيصر إلى عمر بن الخطاب
كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أما بعد فإنّ رسلي أخبروني أنّ عندكم شجرا تحمل مثل أذواب (4) الخمر، ثم ينفلق عن مثل اللؤلؤ الأبيض، ثم يصير كالزمرد الأخضر ثم يصير كالياقوت الأحمر، ثم ينضج كالعسل فيكون عصمة للمقيم، وزادا للمسافر، فلئن صدقوا: إن هذه من شجر (5) الجنة.
جواب عمر في ذلك
فكتب إليه عمر:
أما بعد فإن رسلك صدقوك. هي شجرة عندنا يقال لها النخلة، وهي التي أنبتها الله، ولا تتخذ عيسى إلها من دون الله، فإن الله مثّل عيسى كمثل آدم: خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون.
11442
شعر لابن خالويه وأبي بكر الخوارزمي
أنشد ابن خالويه (6):
ألم تر أن الله قال لمريم ... وهزّي إليك النخل يسّاقط الرّطب (7)
__________
(1) في الأصل: (فقته).
(2) في مروج الذهب: (لقد).
(3) في الأصل: (تراني).
(4) في الأصل: (أذاب) والأذواب والأذوابة ما في أبيات النحل من العسل، انظر: الصحاح، لسان العرب مادة (ذوب).
(5) في الأصل: (شحرة).
(6) ابن خالويه: هو الحسين بن أحمد بن خالويه، يكنى أبا عبد الله، لغوي نحوي مشهور، كانت له مع المتنبي مجالس ومباحث.
عهد إليه سيف الدولة بتربية أولاده توفي نحو 370هـ، نزهة الأباء: 214، لسان الميزان 2/ 267، غاية النهاية 1/ 237.
(7) البيتان في ثمار القلوب 470قبله في أحسن ما سمعت: 31: توكل على الرحمن في طلب العلا.
توكل على الرحمن في طلب العلا ... ودع عنك قول الناس في تركك الطلب
وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} مريم: 25.(1/255)
ولو شاء أن تجنيه من غير هزّها ... جنته، ولكن كلّ شيء له سبب (1)
وقال أبو بكر الخوارزمي (2) من قصيدة (3):
وما كنت في تركيك إلا كتارك ... طهورا وراض بعده بالتيمم (4)
وذى خلّة (5) يأتي عليلا ليشتفي ... به وهو جار للمسيح ابن مريم
21442
شعر لأبي أحمد الحسين بن المتكافي
وقال أيضا لأبي أحمد الحسين بن المتكافي:
يقولون سعر البر (6) يخشى ارتفاعه ... وإن خانت الأيام عهدا فربما
فقلت سواء (7) رخصه وغلاؤه ... إذا عاش لي الشيخ الحسين مسلّما
وكيف (8) أبالي بالطبيب وبالرقى ... إذا كنت جارا للمسيح ابن مريما
__________
(1) روايته في ثمار القلوب: 470:
ولو شاء أن تجنيه من غير هزة ... جنته ولكن كل رزق له سبب
(2) أبو بكر الخوارزمي: محمد بن العباس، أحد الشعراء العلماء المترسلين ولد سنة 323توفي سنة 383هـ. انظر أخباره في يتيمة الدهر 4/ 194فما بعدها.
(3) البيت من قصيدة طويلة في اليتيمة 4/ 205وهما في ثمار القلوب: 60، احسن ما سمعت: 26.
(4) روايته في ثمار القلوب: 47:
وقد كنت في تركيك لي مثل تارك ... طهورا وراض بعده بالتيمم
وفي البيت إشارة إلى الآية 59من سورة آل عمران.
(5) كذا في الأصل، وفي ثمار القلوب، وكذلك أحسن ما سمعت: 31وذي علة. وهي الرواية التي نرجحها لأن (خلة) على الأرجح محرفة عن علة التي يقتضيها سياق الكلام. وبعد البيت الأول في ثمار القلوب:
وراوي كلام يقتفى إثر باقل ... ويترك قسّا جانبا وابن أهتم
(6) البر: جمع برة من القمح. اللسان، الصحاح (برر).
(7) في الأصل: (سوا رخصه وغلاه).
(8) في الأصل: (وليف) والرقى: التمائم.(1/256)
11452
فصل في قصص لهم عليهم السلام
قول لبعض السلف
قال بعض السلف:
إن الله تعالى يحتج بأربعة على أربع، يحتج بسليمان على الأغنياء، وعلى العبيد بيوسف، وعلى المرضى بأيوب، وعلى الفقراء بالمسيح عليهم السلام.
قول جعفر بن محمد الصادق للمنصور لما همّ بهدم المدينة
لما همّ المنصور بهدم دور المدينة، وإحراق نخلها عند خروج إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن. فقال له جعفر بن محمد:
يا أمير المؤمنين إن سليمان أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف قدر فغفر. فاقتد بمن شئت منهم.
فقال: حسبك. ونقض عزمه (1).
21452
بين المتوكل وأبي العيناء
لما قال المتوكل لأبي العيناء (2): إلى كم تمدح الناس، وتذمهم؟
قال: يا أمير المؤمنين، ما أحسنوا، وأساءوا. وهذه آيات تعلمتها من الله تعالى، فإن رضي عن عبد مدحه، وأطراه، و (إن) سخط على آخر شتمه ورماه (3).
__________
(1) الخبر في الأمالي ابن الشجري: 277وفيه قول عن أبي الفضل بن الربيع وهو: أن المنصور لما قدم المدينة قال ابعث إلى جعفر بن محمد العلوي يعني الصادق ومن يأتيني به قال: فأمسكت عنه، لكي ينساه قال: ألم آمرك أن تبعث إلى جعفر بن محمد العلوي وأن تأتيني به قتلني الله إن لم اقتله، فأمسكت عنه، لكي ينساه فقال لي الثالثة واغلظ لي: ألم آمرك أن تبعث إلى جعفر بن محمد العلوي به. قتلني الله إن لم أقتله، فبعثت إليه فجاء، فدخلت عليه، فقلت: يا أمير المؤمنين جعفر بن محمد بالباب، فأذن له، فدخل. فلما دخل قال جعفر: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال له أبو جعفر: لا سلام عليك يا عدو الله، تلحد في سلطاني، وتبغي الغوائل في ملكي، قتلني الله إن لم أقتلك. فقال له جعفر: يا أمير المؤمنين إن سليمان بن داود أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت الصالح. فأطرق طويلا فمد يده فصافحه حتى أجلسه على مفرشه
(2) الخبر في الديارات 58، الأمالي للمرتضى 1/ 299زهر الآداب 1/ 281، ذيل زهر الآداب 332، مروج الذهب 4/ 147، وفيات الأعيان 4/ 345، نور القبس 2/ 388مع اختلاف في ألفاظه.
(3) في الأصل: (وزناه) وهو إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تُطِعْ كُلَّ حَلََّافٍ مَهِينٍ (10) هَمََّازٍ مَشََّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنََّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذََلِكَ زَنِيمٍ} القلم: 1310.(1/257)
قال: وكيف؟
قال: قال: في أيوب {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوََّابٌ} (1). وفي الوليد بن المغيرة (2)
{عُتُلٍّ بَعْدَ ذََلِكَ زَنِيمٍ} (3) والزنيم الملحق بالقوم وليس منهم.
شعر لبعض العرب
لبعض العرب:
لها حكم لقمان وصورة يوسف ... ومنطق داود وعفّة مريم (4)
ولي سقم أيوب وغربة يونس ... وأحزان يعقوب ووحشة آدم
11462
فصل في قصص القرآن
قول لابن السماك
قال ابن السماك (5):
طلبت المال ففكّرت في قارون، ثم طلبت الرئاسة، ففكرت في فرعون، ثم طلبت الجلادة (6)، ففكرت في عاد، ثم طلبت الزهد، ففكرت في بلعم بن باعور (7) ثم ما رأيت شيئا يقرّب إلى الله تعالى كقلب ورع، ولسان صادق، وبدن صابر.
__________
(1) ص: 44.
(2) الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم من زعماء قريش وألدّ أعداء الإسلام في بدء الدعوة الإسلامية. وهو الذي نزلت فيه الآية الكريمة المذكورة أعلاه. جمهرة أنساب العرب: 144، 147.
(3) في الأصل: (زيم) والآية من سورة القلم: 13.
(4) النص في ثمار القلوب 44وفيه: (ونغمة داود وعفة مريم).
(5) ابن السماك هو أبو العباس محمد بن صبيح مولى بني عجل الكوفي الزاهد المشهور كان حسن الكلام، وصاحب مواعظ، لقي جماعة من الصدر الأول توفي بالكوفة سنة 183هـ. الكنى والألقاب 1/ 311.
(6) الجلادة: الصلابة والبأس.
(7) في الأصل: (ناعور) والصواب بلعم بن باعور، وهو رجل يذكر في قصة موسى عليه السلام، ويذكر بأنه كان رجلا قد آتاه علما، ثم جحد بنعمة ربه. انظر: تاريخ الطبري 1/ 226.(1/258)
21462
قول الفرزدق لما أمر عمر بن عبد العزيز بنفيه لفسقه
لما أراد عمر بن عبد العزيز نفي الفرزدق لفسق ظهر عليه منه أجلّه ثلاثا.
فقال الفرزدق:
أتنهرني وتوعدني ثلاثا ... كما وعدت لمهلكها ثمود (1)
شعر لجرير يشمت بالفرزدق
فبلغ ذلك الخبر جريرا (2)، فشمت به وقال:
وسمّيت نفسك أشقى ثمود (4) ... فقالوا: هلكت ولم تبعد (3)
وقد أجّلوا (5) حين حلّ العذاب ... ثلاث ليال إلى الموعد
11472
قول للربيع بن خثيم وهو في مرضه
قيل للربيع بن خثيم في مرضه: ألا ندعو لك طبيبا فقرأ: {وَعََاداً وَثَمُودَ وَأَصْحََابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذََلِكَ كَثِيراً} (6) وقد كان فيهم أطباء، فما المداوي بقي ولا المداوى، هلك الباعث والمبعوث.
__________
(1) روايته في ديوان الفرزدق 1/ 184:
وأوعدني فأجلني ثلاثا ... كما وعدت لمهلكها ثمود
وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {فَعَقَرُوهََا فَقََالَ تَمَتَّعُوا فِي دََارِكُمْ ثَلََاثَةَ أَيََّامٍ} هود: 65.
(2) في الأصل: (حرير).
(3) أشقى ثمود عاقر الناقة الذي ذكر في قوله تعالى: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقََاهََا} الشمس: 12.
(4) في الأصل: (وشمث) وروايته في الديوان 1/ 128:
وشبهت نفسك أشقى ثمود ... فقالوا ضللت ولم تهتد
(5) في الأصل: (وقد أخلو).
(6) الفرقان: 38.(1/259)
الباب السادس في فضل العلم والعلماء، وفقر من محاسن انتزاعاتهم ولطائف من استنباطاتهم
11492(1/261)
الباب السادس في فضل العلم والعلماء، وفقر من محاسن انتزاعاتهم ولطائف من استنباطاتهم
11492
الباب السادس في فضل العلم والعلماء ومحاسن ابتداعاتهم ولطائف من استنباطاتهم
فصل في فضائل العلم والعلماء
من فضائل العلم أن شهادة أهله مقرونة بشهادة (الله) (1) والملائكة في قوله تعالى:
{شَهِدَ اللََّهُ أَنَّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ وَالْمَلََائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ} (2).
21492 - وأولى الناس بالإجلال في الإعظام العلماء لأنهم ورثة الأنبياء، ومن رفع الله درجاتهم فقال: {يَرْفَعِ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجََاتٍ} (3).
وذكرهم تعالى في علم التأويل مع نفسه فقال: {وَمََا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللََّهُ وَالرََّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (4).
31492 - وأخبر أن الأمثال التي يضربها للناس لا يعقلها إلّا هم فقال: {وَتِلْكَ الْأَمْثََالُ نَضْرِبُهََا [لِلنََّاسِ] وَمََا يَعْقِلُهََا إِلَّا الْعََالِمُونَ} (5).
11502
شعر لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي
اقتبس عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي (6) قوله:
__________
(1) زيادة ليست في النص يقتضيها السياق.
(2) آل عمران: 18.
(3) المجادلة: 11.
(4) آل عمران: 7.
(5) العنكبوت: 43، وفي الأصل: (وما يعلمها. وبعد الآية زيادة من خطأ النساخ وهي والذين لا يعلمون.
(6) عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي شاعر مشهور كان ينحى في شعره منحى الأعراب. له قصيدة عرفت بالعجيبة، وهو أحد من نسخ شعره بماء الذهب. انظر: طبقات الشعراء: 276جمع شعره ذاكر العاني سنة 1980.(1/263)
سلي إن جهلت الناس عنا وعنكم ... وليس سواء عالم وجهول (1)
وقال عز ذكره: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى ََ} (2) وقال تعالى: {إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ} (3).
21502
فصل في نكت ذكر العلم
قول لابن عباس في ذلك
قال ابن عباس:
العلم أكثر من أن يحصى، فخذوا من كل شيء أحسنه.
قتادة (4):
لو استغنى عالم عن التعلم مع جلاله مقدارا، لاستغنى عن ذلك نجيّ (5) الله موسى.
وقد قال للخضر عليهما السلام: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى ََ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمََّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (6).
__________
(1) البيت ليس لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي بل هو للسموأل بن عاديا اليهودي من قصيدة مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل
انظر: ديوان السموأل ص 92والبيت من شواهد النحو، حيث قدم خبر ليس على اسمها. ورواية الشطر الثاني منه: فليس سواء وروي منسوبا للحارثي في مجموع شعره ص 90نقلا عن شرح حماسة أبي تمام للمرزوقي 1/ 110.
(2) الرعد: 19.
(3) فاطر: 28.
(4) قتادة بن دعامة بن كريز السدوسي يكنى أبا الخطاب. مات سنة سبع عشرة ومائة. انظر: الطبقات: 213، وفيات الأعيان 3/ 248.
(5) في الأصل: (يحبى).
(6) الكهف: 66.(1/264)
31502
قول للجاحظ
قال الجاحظ:
العلم أبعد سببا، وأوسع بحرا من أن يبلغ غايته أحد، ولو عمّر عمر نوح (1). قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (2).
قول لبعضهم
وقال بعضهم:
من استكثر (3) شيئا من علمه، أو ظن أن العلم غاية، فقد بخس العلم، لأن الله تعالى يقول {وَمََا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلََّا قَلِيلًا} (4).
11512
فصل في أمثال تدخل في ذكر العلم
قول للأوائل
قالت الأوائل: من جهل شيئا عاداه.
وفي القرآن: {وَلََا تَقْفُ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (5) {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هََذََا إِفْكٌ قَدِيمٌ} (6). وقالت العرب: لا تهرف (7) بما لا تعرف.
وفي القرآن: {وَلََا تَقْفُ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (8).
21512
شعر لبعضهم
وقال الشاعر:
__________
(1) في الأصل: (عمر سفينة) وهي زيادة من النساخ لأن الذي عمر هو نوح وليس سفينته.
(2) يوسف: 76.
(3) في الأصل: (استكبر).
(4) الإسراء: 85.
(5) الإسراء: 36.
(6) الأحقاف: 11، وفي الأصل: (يهتدوا).
(7) في الصحاح: (هرف) الهرف: الإطناب في المدح والثناء على الشيء إعجابا به يقال: لا تهرف بما لا تعرف.
(8) الإسراء: 36.(1/265)
تمام العمى طول السكوت وإنما ... شفاء العمى يوما سؤالك من يدري (1)
وفي القرآن: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لََا تَعْلَمُونَ} (2).
العامة: ما من ظلمة إلا وفوقها طاقة (3).
11522
فصل في فقر تناسب هذا الباب
قول لسفيان الثوري
قال سفيان الثوري:
الكاتب: العالم، واحتج بقوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} (4).
أي يعلمون.
حديث المبرد عن نفسه وقد تكلم بين يدي جعفر بن القاسم الموسوي
قال المبرد (5):
تكلمت يوما بين يدي جعفر بن القاسم الهاشمي، وأنا حدث فاستحسن ما جئت به. وقال أنت اليوم عالم، ولا تظن قولي لك: أنت اليوم عالم، أعني به أنك لم تكن عندي قبل ذلك، إن الله تعالى يقول: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلََّهِ} (6). وقد كان له الأمر قبل ذلك اليوم.
__________
(1) في الأصل: (شفا العمى يوما سوالك من يدري).
(2) الأنبياء: 7.
(3) جاء في الصحاح مادة (طمم): كل شيء كثر علا وغلب فقد طمّ يطم. يقال فوق كل ذي طامة طامة. ومنه سميت القيامة طامة.
(4) الطور: 41.
(5) المبرد هو أبو العباس محمد بن يزيد عالم في اللغة والأدب أخذ عن أبي عمر الجرمي وأبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني وغيرهم. ولد سنة 211، توفي سنة 285هـ. انظر: نزهة الألباء: 148فما بعدها.
(6) الانفطار: 19.(1/266)
21522
قول سليمان بن الحسن الواسطي وقد استدعاه المنصور لتأديب ولده
ولما أراد المنصور أن يضم بعض العلماء إلى المهدي، وصف له سليمان بن الحسن الواسطي فاستدعاه، وقرّبه. ثم قال له: أعالم (1) أنت؟ فسكت، ولم يجبه. فقال: ما لك لا تتكلم؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن قلت أنا عالم، كنت قد زكّيت نفسي. وقد نهى الله عن ذلك فقال: {فَلََا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} (2). وإن قلت لست بعالم، وقد قرآت القرآن. كنت حقرت ما عظم الله. فأعجب به، وضمّه إلى المهدي.
31522
فصل في التعليم
رسالة لأبي زيد البلخي
عير (3) أبو زيد البلخي (4) بأنه معلم، فكتب رسالة حسنة في فضل التعليم يقول فيها:
وليس يستغني أحد عن التعليم والتعلم لأن الحاجة تضطره (5) إليها في جميع الديانات، والصناعات، والآداب، والأنساب، والمذاهب، والمكاسب، فما يستغني كاتب ولا حاسب، ولا صانع، ولا أحد من كل مكسب ومذهب من أن يتعلم صناعته ممن هو أعلم منه، ويعلمها لمن هو أجهل (6) منه. وقوام الخلق بالعلم والتعليم. والمعلم أفضل من المتعلم، لأن صفة العلم دالة على التمام والإفادة. والمتعلم صفة دالة على النقصان والاستفادة.
وحسبك جهلا من رجل يعمد إلى فعل قد وصف به الخالق نفسه، ثم رسوله عليه السلام،
__________
(1) في الأصل: (اعلم).
(2) النجم: 32.
(3) في الأصل: (غير).
(4) أبو زيد البلخي هو أحمد بن سهل. ولد في بلخ نحو 235وتوفي نحو سنة 322هـ عرضت عليه الوزارة فرفضها. كان معلما للصبيان، ثم رفعه العلم إلى رتبة علية فكان يجمع بين العلوم القديمة والحديثة، ويسلك في مؤلفاته طريق الفلاسفة.
الفهرست 204.
(5) في الأصل: (يضطر).
(6) في الأصل: (فمن جهل).(1/267)
فيذمه (1). وقد قال الله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمََاءَ كُلَّهََا} (2). وقال تعالى: {وَعَلَّمْنََاهُ مِنْ لَدُنََّا عِلْماً} (3). وقال في وصف نبيه عليه السلام: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مََا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (4).
11532
فصل في ذم علم الأنساب
قول لبعض العلماء
قال بعض العلماء: كيف يدّعي مخلوق علم الأنساب كلها، والله تعالى يقول:
{وَعََاداً وَثَمُودَ [وَأَصْحََابَ الرَّسِ] وَقُرُوناً بَيْنَ ذََلِكَ كَثِيراً} (5). ثم قال:
{وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لََا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللََّهُ} (6). وقال تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنََاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} (7).
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: كذب النسابون
وقال النبي صلوات الله عليه: كذب النسابون ثلاث مرات.
وكان ينسب إلى معد بن عدنان، وينسب أولاد قحطان. ثم يمسك، ويقول: أضلّت مضر أنسابها، ما خلّف معد (8)، ما خلّف قحطان.
__________
(1) في الأصل: (فيزمته).
(2) البقرة: 31.
(3) الكهف: 65.
(4) البقرة: 151.
(5) الفرقان: 38وما بين العضادتين سقط من أصل المخطوط.
(6) إبراهيم: 9والآية جاءت بعد قوله تعالى: {قَوْمِ نُوحٍ وَعََادٍ وَثَمُودَ}.
(7) النساء: 164.
(8) في الأصل: (معد واليمن).(1/268)
11542
فصل في النهي عن كتمان العلم
قال الله تعالى: {فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (1).
21542
فصل في ذكر الفقه والفقهاء
قول أبي زيد البلخي في ذلك
قال أبو زيد البلخي:
الفقه من أجلّ صناعات الدين، وذلك بسبب ما يلزم أهله من التفقه في فروع (2).
الدين، إذ كان الله قد أكمل أصوله في كتابه، وعلى لسان رسوله كما قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} (3) وقد علم أن هذا الكمال إنما اشترط للدين من جهة أصوله لوقوعها جميعا في ضمن كتاب الله، وسنن رسوله المشهورة. فأما إكماله من جهة فروعه فأمر لم يكن يتصور في العقول مكانه بسبب النوازل الجارية (4)، والحوادث الزمانية، إذ كانت تخرج إلى ما لا نهاية له. فاضطر السلف الأول من أهل الدين لهذا المعنى إلى تفريع الأصول والتفقه كما قال فيها، ليريحوا علل العوام فيما تلزمهم الحاجة
__________
(1) التوبة: 122.
(2) في الأصل: (الفروع).
(3) المائدة: 3.
(4) في الأصل: (الجزية).(1/269)
إليه من أبواب الفتيا كما قال الله تعالى: {وَمََا كََانَ [الْمُؤْمِنُونَ] لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ [مِنْهُمْ طََائِفَةٌ] لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [1] لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (2). فكان الغرض من تفريعهم ما فرعوه عن الأصول المحددة في كتاب الله، والسنن المأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجعلوا تلك المسائل المفرعة عدة للحوادث الواقعة. وكان مثلهم في تقديم العناية التي قدموها بذلك من الأطباء المشفقين على أنفس الناس وأجسادهم باستنباطهم لهم من فنون العلاجات والأدوية (3) لتكون معدة لمقابلة العلل المخوفة إذا عرضت لها. فحدث بعدهم من طلاب الفقه من جعل غرضه فيما يطلبه منها نيل الرياسة في العامة، والحظوة (4) عند الملوك والرؤساء (5) والتسلط على أموال اليتامى والضعفاء مع استعمال الحيل في إبطال حقوقهم والقول بها. فانقلبت الصناعة على جلالة قدرها، وعلو خطرها من مرتبة الحمد إلى مرتبة الذم باختلاف الغرضين.
11552
فصل في ذكر الكلام والمتكلمين
قول لأبي زيد البلخي
قال أبو زيد:
صناعة الكلام في غاية الجلال والشرف، ومن الصناعات المحتاج إليها في قوام الدنيا إذ كانت صناعة البحث والنظر، ولا غنى بالناس عن استعمالها في تمييز الحق من الباطل، والخطأ من الصواب في جميع ما يعتقدونه. وهي موضوعة بإزاء أصول الدين كما أن صناعة الفقه موضوعة بإزاء فروعه. فكما لا يستغنى عن التفقه في فروع الدين بصناعة الفقه، كذلك
__________
(1) في الأصل: (إلى).
(2) التوبة: 122 (وما بين القوسين ساقط من أصل المخطوط).
(3) في الأصل: (الأودية).
(4) في الأصل: (الخطوة).
(5) في الأصل: (الدوسا).(1/270)
لا يستغنى في الاستبصار في أصول الدين عن صناعة الكلام التي هي صناعة البحث والنظر.
وكان السلف الصالح من أهلها إنما شغلوا أنفسهم باستعمالها، والإقبال عليها ليصيروا بها متمهرين بالمشاركة بين الملل (1) المختلفة، والنحل المتغايرة، ويعرفوا بذلك الفضل الذي يحصل لدين الإسلام على ما سواه من الأديان فيكونوا على يقين من أمرهم على ما يعتقدونه من أصول دينهم (2)، وليكونوا على بصيرة، كما اشترط الله على رسوله في قوله تعالى: {قُلْ هََذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللََّهِ عَلى ََ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (3)، وليقوموا بمجادلة الملحدين الخاطئين على الإسلام إذا قصدوا الإلحاد فيه، والغض منه، إذ كان الجهاد مقتسما قسمين: أحدهما الذبّ عنه باللسان، والآخر الذب عنه باليد. والذب باللسان أبلغ في نصره وتأييده في كثير من الأحوال (والأوقات) (4). وكانوا يتعاطون هذه الصناعة حسبة وابتغاء للقربة إلى الله تعالى، والزلفة لديه. ثم حدّت قوم من متعاطييها سلكوا فيها سبيل من تقدم، بالمباهاة باللدد (5) في باب الجدال لقطع الخصوم والاستعلاء في مجالس المناظرة لكي يذكر بالتبريز فيها، وقلة الاحتفال عند خوف الانقطاع، ولزوم الحجة بحمل النفس على الدعاوى الشنيعة والاعتلالات المستكرهة، والشذوذ على الآراء المتلقاة من الجميع بالقبول. فصيروا هذه الصناعة على (نفاسة) (6) خطرها، وشدة الحاجة في قوام أصول الدنيا إليها واقعة في حسن الذم، وصيّروا الموسومين بها عرضة ألسن عائبيها ومنقصيها.
__________
(1) في الأصل: (الملك).
(2) في الأصل: (فيهم).
(3) يوسف: 108.
(4) في الأصل: (الأقوات).
(5) اللدد: شدة الخصومة. الصحاح، لسان العرب (لدد).
(6) في الأصل: (حفاسة).(1/271)
11562
فصل في لمع وفقر (1) من استنباطات العلماء وفقر، ودرر من انتزاعاتهم
قول لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه مقتبس من القرآن
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
من كان (ذا) (2) داء قديم، فليستوهب امرأته درهما من مهرها، وليشتر به عسلا، وليشربه بماء السماء، ليكون قد اجتمع له الهنيء والمريء والشفاء المبارك. يريد قوله تعالى:
{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (3) وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهََا شَرََابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوََانُهُ فِيهِ شِفََاءٌ لِلنََّاسِ} (4) وقوله عزّ ذكره: {وَنَزَّلْنََا مِنَ السَّمََاءِ مََاءً مُبََارَكاً} (5).
11572
شعر لمساور الوراق في العسل وماء السماء
وفي العسل بماء السماء يقول مساور الوراق (6):
وبدأت بالعسل الشديد بياضه ... عمدا أباكره بماء سماء
إني سمعت بقول ربك (7) فيهما ... فجمعت بين مبارك وشفاء
محمد بن كعب القرظي أقدر الناس على مقابلة كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن الكريم
كان محمد بن كعب القرظي (8) من أقدر الناس على مقابلة أخبار النبي صلّى الله عليه وسلّم بآي القرآن. فلما رأى قوله عليه السلام: من جدّد وضوءه، جدّد الله مغفرته. قال: سوف أجد في
__________
(1) في الأصل: (ورعد).
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) النساء: 4.
(4) النحل: 69.
(5) ق: 9.
(6) مساور الوراق الكوفي، ذكره ابن حيان في الثقات. انظر: تهذيب التهذيب: 103.
(7) في الأصل: (إني سمعت يقول وربك).
(8) في الأصل: (القزطي) والصواب القرظي وهو أبو حمزة، وقيل أبو عبد الله المدني من حلفاء الأوس كان أبوه من سبي قريظة. سكن الكوفة ثم المدينة. وروى عن العباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود. توفي سنة 117هـ الطبقات 264، وانظر: تهذيب التهذيب: 3/ 212.(1/272)
كتاب الله تعالى ما يوافق معناه. ثم قال بعد أيام: قد وجدت ذلك، وهو قوله في آية الوضوء:
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلََاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (1) إلى قوله: {مََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلََكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2) ألا ترى أنه بالتطهير تمام النعمة. وهو المغفرة.
21572
مقابلة سفيان بن عيينة حديثا للرسول صلّى الله عليه وسلّم بآية من القرآن الكريم
وكان سفيان بن عيينة (3) يجري في طريق القرظي برده على الاستخراجات، والانتزاعات. فسئل: هل يجد في القرآن ما يصدّق الذي يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ما من مؤمن يموت إلا مات شهيدا. فقال: أمهلوني ثلاثة أيام. فأمهل، ثم قال: قد وجدت ظاهرا مكشوفا وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ أُولََئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدََاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (4).
11582
قول سفيان بن عيينة عن طيب الأكل
وسئل عن طيب (5) الأكل فقال: هو بالحرام منه أشبه بالحلال، لأن الله تعالى يقول:
{كُلُوا مِمََّا فِي الْأَرْضِ حَلََالًا} (6) ولم يقل كلوا في الأرض.
قول الناس الأشراف في الأطراف
وسئل عن قولهم: الناس الأشراف بالأطراف، هل تجد معناه في كتاب الله؟ قال:
نعم في سورة يس: {وَجََاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ََ قََالَ يََا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (7). فلم يكن في المدينة خير. وكان ينزل أقصاها.
__________
(1) المائدة: 6.
(2) المائدة: 6.
(3) سفيان بن عيينة، يكنى أبا محمد مولى هلال بن عامر مات سنة 198. انظر: الطبقات: 284.
(4) الحديد: 19.
(5) في الأصل: (طين).
(6) البقرة: 168.
(7) يس: 20.(1/273)
قولهم الجار ثم الدار
وسئل عن قولهم: (الجار ثم الدار) هل تجد معناه في كتاب الله؟
فقال: بلى، هذه امرأة فرعون تقول: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} (1)
أما تراها أرادت (2) الجار ثم المنزل.
21582
جواب ابن سيرين وقد سئل عن خبث الحديد
وسئل ابن سيرين عن خبث الحديد يحل شربه للتداوي به أم لا؟
فقال: لا أرى فيه بأسا، وأراه من المنافع التي قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنََافِعُ لِلنََّاسِ} (3).
قول لابن عباس
كان ابن عباس يقول:
لا تقولوا والذي خاتمه على فمي، فإنما يختم الله على فم الكافرين (4).
31582 - وكان يقول: لا تقولوا (5) الناس انصرفوا من الصلاة بل قولوا: قضوا الصلاة، وفرغوا من الصلاة. لقوله تعالى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللََّهُ قُلُوبَهُمْ} (6).
الزهريّ (7):
أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد، لقوله تعالى {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (8).
11592 - قالت زبيدة للرشيد في كلام جرى بينهما:
__________
(1) التحريم: 11.
(2) في الأصل: (إرادة).
(3) الحديد: 25.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمََا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى ََ أَفْوََاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنََا أَيْدِيهِمْ} يس: 64، 65.
(5) في الأصل: قول الناس انصرفوا ويقول.
(6) التوبة: 127.
(7) في الأصل: (الزهد)، والصواب: (الزهري) وقد مرت ترجمته.
(8) العلق: 19.(1/274)
أنت من أهل النار.
بين الرشيد وزبيدة
فقال الرشيد: وأنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة. فارتابت قلوبهما فبعثا إلى أبي يوسف (1)، واستدعياه، فاستفتياه. فقال:
يا أمير المؤمنين: هل تخاف مقام ربك (ولك) (2) جنتان (3)، وأم جعفر حلال كما كانت؟ فسري (4) عنهما وأمر له بصلة وخلعة.
21592
مناظرة بعض الفقهاء ليحيى بن آدم
ناظر بعض الفقهاء يحيى بن آدم (5) فقال:
أما تستحي! تزعم أن شيئا قليله حلال وكثيره حرام؟ أفي كتاب الله وجدت هذا أم في سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال يحيى:
نعم وجدت هذا في كتاب الله تعالى: إن الله أحل من نهر طالوت غرفة وحرم ما سواها (6)، وأحل لمن اضطر إليها بقدر ما يقيمه، وحرّم عليه الشبع، وأحلّ من النساء أربعا (7)
وحرّم الخامسة. ولولا الرابعة لحلت الخامسة. فأفحمه.
11602
بين عالم ورئيس دعاه باسمه ولم يكنّه
دعا بعض العلماء رئيسا باسمه. فغضب، وقال له:
أين التكنية لا أبا لك؟ فقال:
__________
(1) أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن خنيس بن سعد من أهل الكوفة وهو صاحب أبي حنيفة، وأفقه أهل عصره. ولد سنة 130هـ، وتوفي سنة 182. انظر: وفيات الأعيان 5/ 430.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلِمَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ جَنَّتََانِ} الرحمن: 46.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) يحيى بن آدم بن سليمان الأموي يكنى أبا زكريا. قال عنه ابن شيبة: إنه ثقة كثير التحديث. مات سنة ثلاث ومائتين.
تهذيب التهذيب 11/ 175.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَلَمََّا فَصَلَ طََالُوتُ بِالْجُنُودِ قََالَ إِنَّ اللََّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} البقرة: 249.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مََا طََابَ لَكُمْ مِنَ النِّسََاءِ مَثْنى ََ وَثُلََاثَ وَرُبََاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلََّا تَعْدِلُوا فَوََاحِدَةً} النساء: 3.(1/275)
إن الله تعالى قد سمّى أحبّ خلقه إليه، فقال: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (1). وكنّى أبغض خلقه إليه، فقال: {تَبَّتْ يَدََا أَبِي لَهَبٍ} (2).
قول بعض المحسنين في طاعة الله
قال بعض المحسنين:
إن طاعة العبد لسيده تنقسم ثلاثة أقسام: منها عمل القلب، وهو الإخلاص في اعتقاد العبودية. كما قال الله تعالى: {وَمََا أُمِرُوا إِلََّا لِيَعْبُدُوا اللََّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (3). ومنها عمل اللسان وهو وصفه بما يستحقه من المدح والثناء عليه كما قال الله تعالى: {وَلِلََّهِ الْأَسْمََاءُ الْحُسْنى ََ فَادْعُوهُ بِهََا} (4) ومنها عمل الجوارح وهو مباشرة ما (5)
عرف فيه رضاه من وجوه الخدمة، كما قال الله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (6).
21602
نص من كتاب الوزراء للجهشياري
قرأت في كتاب أخبار الوزراء والكتاب لأبي عبد الله بن عبدوس الجهشياري (7):
حضر (8) المأمون جماعة من المتكلمين، ومحمد بن عبد الملك حاضر. فقال المأمون:
قد كنت (9) أحفظ من كتاب الله أشياء عنى بها لا إله إلا الله، وقد استترت عني، فأخبروني بها. فلم يكن عند واحد منهم علم ذلك غير محمد بن عبد الملك (10) فقال: يا أمير
__________
(1) آل عمران: 144.
(2) المسد: 1.
(3) البينة: 5.
(4) الأعراف: 180.
(5) في الأصل: (كلما).
(6) في الأصل: (واسجدوا واركعوا) والصواب ما أثبتناه، الحج: 77.
(7) هو أبو عبد الله محمد بن عبدوس الكوفي المعروف بالجهشياري، مؤرخ قديم نال مكانة كبيرة عند الوزراء توفي نحو 331هـ وكتابه الوزراء والكتاب مطبوع في القاهرة سنة 1938بتحقيق مصطفى السقا وآخرين.
(8) النص غير موجود في كتاب الوزراء والكتاب ولعله في الأقسام الضائعة منه.
(9) في الأصل: (كتب).
(10) محمد بن عبد الملك، كاتب مترسل، مشهور استوزره المعتصم والواثق ثم نكبه المتوكل وسجنه وعذبه فمات ببغداد سنة 233هـ انظر: تاريخ بغداد 2/ 332.(1/276)
المؤمنين، أنا أحفظها أفأذكرها (1)؟ قال: نعم يا ابن عبد الملك. فقال محمد:
قال الله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ََ} (2) يعني لا إله إلا الله.
وقال تعالى: {ذََلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذََا دُعِيَ اللََّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} (3) يعني لا إله إلّا الله.
وقال عز ذكره: {قَدْ جََاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} (4) يعني لا إله إلّا الله.
وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} (5) يعني لا إله إلّا الله.
وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمََانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (6) يعني لا إله إلّا الله.
وقال: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً} (7) يعني لا إله إلّا الله.
وقال جل ذكره: {يُثَبِّتُ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثََّابِتِ} (8).
فاستحسن المأمون جوابه (9).
قال: ما من مؤمن يموت إلّا مات (شهيدا) (10) الباب وفي ثلاثة أيام فإنها إلي قد وجدت في الذكر وقول السنة، والموعظة الحسنة.
__________
(1) في الأصل: (اذكرها).
(2) الفتح: 26.
(3) غافر: 12.
(4) يونس: 108.
(5) الرعد: 14.
(6) المائدة: 5وقد وقع خطأ في نسخ الآية فكتب بالله بدل الإيمان.
(7) الأحزاب: 70.
(8) في الأصل: (الثلاثة) وهو خطأ في النسخ والآية من سورة إبراهيم: 27.
(9) في الأصل: (بجاوبتم).
(10) زيادة ليست في الأصل. وقد مرّ بنا هذا القول من قبل. النص أصابه التلف ولم تبق منه إلّا هذه الكلمات.(1/277)
فصل في فضل العقل
آيات في ذلك
قال الله تعالى في تعظيم شأن العقل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلََافِ اللَّيْلِ وَالنَّهََارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمََا يَنْفَعُ النََّاسَ وَمََا أَنْزَلَ اللََّهُ مِنَ السَّمََاءِ مِنْ مََاءٍ فَأَحْيََا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهََا وَبَثَّ فِيهََا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيََاحِ وَالسَّحََابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (1).
وقال عز ذكره: {لِيَدَّبَّرُوا آيََاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبََابِ} (2).
وقال تعالى: {وَمََا يَذَّكَّرُ إِلََّا أُولُوا الْأَلْبََابِ} (3).
قول سعيد بن المسيب في آية من القرآن
قال سعيد بن المسيب (4) في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (5)
قال: ذوي عقل.
قول مجاهد في آية من الذكر الحكيم
مجاهد في قوله تعالى: {لِمَنْ كََانَ لَهُ قَلْبٌ} (6)، أي عقل.
__________
(1) البقرة: 164.
(2) ص: 29.
(3) البقرة: 269.
(4) سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب، يكنى أبا محمد توفي سنة ثلاث. ويقال أربع وتسعين للهجرة. الطبقات: 244.
(5) الطلاق: 2.
(6) ق: 37.(1/278)
قول الضحاك في آية
قال الضحاك في قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ مَنْ كََانَ حَيًّا وَيَحِقَّ} (1): أي عاقلا.
قول الحسن البصري في فضل العقل
قال الحسن البصري: العقل: الذي يهدي إلى الجنة، ويحمي (2) من النار، أما سمعت قوله تعالى حكاية عن أهل النار: {وَقََالُوا لَوْ كُنََّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مََا كُنََّا فِي أَصْحََابِ السَّعِيرِ} (3).
__________
(1) في الأصل: (وتحق) والآية من سورة يس: 70.
(2) في الأصل: (نحمي).
(3) الملك: 10.(1/279)
الباب السابع في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة
11632(1/281)
الباب السابع في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة
11632
الباب السابع في ذكر الأدب والعقل والحكمة والموعظة الحسنة
11642
فصل في ذكر الأدب
قول لعلي بن أبي طالب في الأدب
علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نََاراً} (1). قال: أدبوهم أدبا حسنا.
قول الشعبي في الفرق بين العالم والأديب
سئل الشعبي عن الفرق (2) بين العالم والأديب. فقال:
العالم من يقصد فنا واحدا من العلم فيتقنه، والأديب من يأخذ من كل علم أحسنه.
قول ابن عباس وقد سئل عما يكتب
وقيل لابن عباس: ما تكتب؟ قال:
أحسن ما أسمع، ثم تلا: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مََا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (3).
قول المنذر بن جارود لابنه
قال المنذر بن جارود (4) لابنه الحكيم:
يا بني أحيي لياليك بالنظر في الأدب، فإن القلب بالنهار طائر، وبالليل ساكن، فكلما أودعته شيئا قبله. ثم قرأ: {إِنَّ نََاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا} (5).
__________
(1) التحريم: 6.
(2) في الأصل: (الرفق).
(3) الزمر: 55.
(4) ذكر له ابن عبد البر أخبارا في كتابه (بهجة المجالس).
(5) المزمل: 6.(1/283)
21642
فصل في الحكمة والموعظة الحسنة
قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشََاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (1).
قول مجاهد في قوله تعالى {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللََّهِ}
قال مجاهد في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنََا} (2). وقوله تعالى: إن الله أحلّ من نهر طالوت (3) في القول. وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ وَمََا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتََابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} (4).
قول الحسن البصري في آية {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ}
قال الحسن البصري:
11652 - يا ابن آدم اذكر قول ربك: {وَكُلَّ إِنسََانٍ أَلْزَمْنََاهُ طََائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً (13) اقْرَأْ كِتََابَكَ كَفى ََ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} (5). وقد جعلك حسيب نفسك.
__________
(1) البقرة: 269وما بين القوسين أصابه التلف في المخطوط.
(2) من سورة سبأ: 10عن داود عليه السلام: {وَلَقَدْ آتَيْنََا دََاوُدَ مِنََّا فَضْلًا يََا جِبََالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} وقد فسر الآية بآية البقرة: 251في قصة طالوت وجالوت: {وَقَتَلَ دََاوُدُ جََالُوتَ وَآتََاهُ اللََّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمََّا يَشََاءُ}: وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(3) إشارة إلى قوله تعالى عن طالوت إذ أحلّ غرفة من الماء فلما قفل بالجنود قال: {إِنَّ اللََّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلََّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} البقرة: 249.
(4) البقرة: 231وما بين القوسين ساقط من الأصل.
(5) الإسراء: 13، 14.(1/284)
قول الحسن البصري لبعض الأمراء وقد تعدى الحدود
وشهد بعض الأمراء وقد تعدّى في إقامة الحدود، وزاد في عدد الضرب، فكلّمه في ذلك، فلما رآه لا يتعظ، قال:
أما أنك لا تضرب إلّا نفسك، فإن شئت فقلّل، وإن شئت فكثّر. ثم تلا: {فَمََا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النََّارِ} (1).
21652
موعظة أبي حازم الأعرج لبعض ملوك بني مروان
دخل أبو حازم الأعرج على بعض الملوك من بني مروان. فقال له:
يا أبا حازم ما المخرج فيما نحن فيه؟
قال: تنظر إلى ما عندك، فلا تضعه إلّا في حقه، وما ليس عندك فلا تأخذه من حقه إلّا في حقه.
فقال: ومن يطيق ذلك يا أبا حازم؟
فقال: من أجل ذلك ملئت جهنم من الجنّة والناس أجمعين (2).
نصيحة الأوزاعي للمنصور وبكاء الأخير منها
وقال الأوزاعي (3) للمنصور:
إنك ابتليت بخلة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها (4). وقد جاء في تفسير هذه الآية: {لََا يُغََادِرُ صَغِيرَةً وَلََا كَبِيرَةً إِلََّا أَحْصََاهََا} (5) أن الصغيرة: التبسم، والكبيرة: الضحك. فما ظنك بما سواهما؟ فانظر
__________
(1) البقرة: 175.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ أَجْمَعِينَ} هود: 119.
(3) الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو المكنّى أبا عمرو، محدث واعظ زاهد، توفي سنة 157هـ، انظر: الطبقات 316315، حلية الأولياء 6/ 135فما بعدها.
(4) يريد قوله تعالى: {عَرَضْنَا الْأَمََانَةَ عَلَى السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبََالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهََا وَأَشْفَقْنَ مِنْهََا وَحَمَلَهَا الْإِنْسََانُ} الأحزاب: 72.
(5) الكهف: 49.(1/285)
لنفسك يا أمير المؤمنين. قال: فبكى المنصور بكاء شديدا (1).
11662
بين عمرو بن عبيد والمنصور حين دخل عليه بعد الخلافة
قال: دخل عمرو بن عبيد (2) على المنصور قبل الخلافة، وهو يأكل فقال:
يا جارية هل في القدر بقية؟
فقالت: لا.
قال: عندك ما يشترى به فاكهة لأبي عثمان؟
قالت: لا. فقرأ المنصور: {عَسى ََ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (3).
ثم دخل إليه في أيام خلافته فقال:
يا أمير المؤمنين، تذكر يوم قلت للجارية، كذا وكذا.
قال: نعم، وتذكر قراءتك هذه الآية؟
قال: نعم.
قال: فقد أهلك الله عدوك، واستخلفك، فانظر كيف تعمل.
__________
(1) الخبر في حلية الأولياء 6/ 137، وفيه: إن المنصور هو الذي بعث على الأوزاعي وسأله الموعظة: والخبر طويل جدا.
والنص الذي ذكره الثعالبي: وأرغب في جنة السموات والأرض التي يقول فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (لقاب قوس أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها) يا أمير المؤمنين إن الملك لو بقي قبلك لم يصل إليك. وكذلك لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك.
يا أمير المؤمنين تدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك؟ {الْكِتََابِ لََا يُغََادِرُ صَغِيرَةً وَلََا كَبِيرَةً إِلََّا أَحْصََاهََا}
قال: الصغيرة: التبسم، والكبيرة: الضحك، فكيف بما عملته الأيدي. وحدثت به الألسن يا أمير المؤمنين.
(2) عمرو بن عبيد: أبو عثمان البصري أحد الزهاد المشهورين، اشتهر بمواعظه للمنصور، وله خطب كثيرة ورسائل. تاريخ بغداد 12/ 166.
(3) الأعراف: 129، والخبر في تاريخ الخلفاء للسيوطي 268وفيه: إن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قال: قال: كنت أطلب العلم مع أبي جعفر المنصور في الخلافة فأدخلني منزله فقدم إليّ طعاما لا لحم فيه. ثم قال: يا جارية أعندك حلواء؟
قالت: لا، قال: ولا التمر؟ قالت: لا، فاستلقى وقرأ {عَسى ََ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ} الآية 100فلما ولي الخلافة وفدت إليه. فقال: كيف سلطاني من سلطان بني أمية؟ قلت: ما رأيت في سلطانهم من الجور شيئا إلا رأيته في سلطانك. فقال: إنا لا نجد الأعوان. قلت: قال عمر بن عبد العزيز إن السلطان بمنزلة السوق يجلب إليها ما ينفق فيها إن كان برا أتوه ببرهم، وإن كان فاجرا أتوه بفجورهم. فأطرق.(1/286)
21662
موعظة يحيى بن خالد لابن السماك
قال يحيى بن خالد (1) لابن السماك:
عظني.
فقال: لقد خاب وخسر من لم يكن له [مكان] في جنة عرضها السموات والأرض (2). فسكت.
11672
موعظة منصور بن عمار لبعض الملوك
وقال بعض الملوك لمنصور بن عمار (3): عظني واوجز.
فقال: ما أرى إساءة تكبر عن عفو الله، ولا تيأس من روح الله (4). وربما أخذ الله على الصغيرة فلا تأمن مكر الله.
موعظة بعض الزهاد لبعض الخلفاء
وقال بعض الخلفاء لبعض الزهاد:
هات عظني. فقال: لقد وعظك الله أحسن العظة، فقال: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ وَإِيتََاءِ ذِي الْقُرْبى ََ وَيَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (5).
أقوال لبعضهم في الإحسان
وقال بعضهم:
لو علم الله أن العدل يكفي عباده لما قرن (6) به الإحسان في قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} (7).
__________
(1) يحيى بن خالد بن برمك، عهد إليه المهدي تربية ابنه الرشيد فكان الرشيد يسميه أبي. توفي سنة 290هـ. انظر: وفيات الأعيان 5/ 272.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ} آل عمران:
133.
(3) منصور بن عمار، أحد كبار الزهاد الوعاظ له مواعظ وأخبار كثيرة. انظر حلية الأولياء 9/ 326.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِنَّهُ لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ} يوسف: 87.
(5) النحل: 90.
(6) في الأصل: (فدن).
(7) النحل: 90.(1/287)
21672 - وقال آخر:
يا أيها الإنسان عليك بالإحسان، فإن الله أمر به، وأحب عليه وضمن الجزاء عليه (1).
نصيحة محمد بن علي بن الحسين
وقال محمد بن علي بن الحسين لابنه جعفر رضي الله عنهما:
إذا أنعم الله عليك نعمة، فقل: الحمد لله، وإذا أحزنك أمر فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا أبطأ عليك الرزق فقل: أستغفر الله.
وقال بعض الحكماء: ليس مع الله وحشة، ولا بغيره أنس، فلا تستوحش لقلة أهل الطريق التي تسلكها فإن {إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً} (2).
31672
ما كتبه يحيى بن خالد إلى الرشيد وهو في الحبس
كتب يحيى بن خالد من الحبس إلى الرشيد:
يا أمير المؤمنين إن كان الذنب خاصا، فلا تعمم (3) العقوبة. فإن الله تعالى يقول (4):
{وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (5).
11682
شعر لسابق البربري
وقال سابق البربري (6):
حصادك يوما (ما) (7) زرعت وإنما ... يدان الفتى يوما بما هو دائن
فعاون على الخيرات تظفر ولا تكن ... على الإثم والعدوان ممن يعاون (8)
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} النحل: 90وقوله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 195وقوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} التوبة: 120.
(2) النحل: 120.
(3) في الأصل: (فلا تغمى بعدها) في الوزراء والكتاب للجهشياري: 253فإن لي سلامة البريء، ومودة الولي.
(4) في الأصل: (يقطر) وهو تحريف في النسخ.
(5) الأنعام: 164، وفي الوزراء والكتاب أن الرشيد كتب إليه: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيََانِ}.
(6) سابق البربري: شاعر معروف بالحكمة والمواعظ، قرن شعره ابن المعتز بمحمود الوراق، وصالح بن عبد القدوس. طبقات الشعراء: 368.
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ}.(1/288)
شعر لصالح بن عبد القدوس
وقال صالح بن عبد القدوس (1):
تقضى الحلم وانكشفت ظلال ... وصار الصقر رهنا لانكفات (2)
فلو أن المفرّط كان حيا ... توخى الباقيات الصالحات (3)
قول لحكيم
(قال) (4) حكيم:
عليكم بالجادة (5) فإنها المنهج، وإياكم وبنيات (6) الطرق، فإن الله تعالى يقول:
{وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلََا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (7).
21682
موعظة للحسن البصري
الحسن:
عظ نفسك، فإن رأيتها تتعظ فعظ غيرها، وإلا فاستحيي من خالقك، فإنه يقول:
{أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} (8).
11692
قول لبعض الصالحين
وقال بعض الصالحين:
لا تسمعوا كلام أهل البدع، ونزّهوا أسماعكم عنه، كي تصونوا ألسنتكم عن ذلك.
وقد أدب الله تعالى بهذا الأدب فقال: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتََابِ أَنْ إِذََا سَمِعْتُمْ}
__________
(1) صالح بن عبد القدوس: شاعر من العصر العباسي اتهم في عهد المهدي بالزندقة فقتله وشعره مليء بالحكمة. انظر: طبقات الشعراء 90، تاريخ بغداد 9/ 303، جمع شعره عبد الله الخطيب: 1967وقد أخل المجموع بالبيتين.
(2) في الأصل: (الصفر هنا لانكفات). من كفت يكفت كفتا وكفتانا وكفاتا، أي أسرع في العدو والطيران، وتقبض فيه.
والكفت أيضا تقلب الشيء ظهرا لبطن، وبطنا لظهر، وانكفتوا إلى منازلهم أي انقلبوا.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) الجادة معظم الطريق: الصحاح (جدد).
(6) في الأصل: (بينات) والصواب ما أثبتناه. والمقصود ببنيات الطرق: الطرق الصغار التي تنشعب من الجادة.
(7) الأنعام: 153.
(8) البقرة: 44.(1/289)
{آيََاتِ اللََّهِ يُكْفَرُ بِهََا وَيُسْتَهْزَأُ بِهََا فَلََا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتََّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} (1). وقال تعالى: {وَإِذََا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيََاتِنََا [فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ]} (2).
شعر لبعضهم
ومن هذا المعنى اقتبس من قال:
نحّي عن الطرق وبسّاطها ... وعد عن الجانب (3) والمشتبه
وسمعك صن عن سماع القبيح ... كصون اللسان عن النطق به
فإنّك عند استماع القبيح ... شريك لقائله فانتبه
21692
موعظة لابن عباس
ابن عباس:
احفظ الله يحفظك، وخصّه [بالذكر] تجده أمامك، وتعرّف إليه في الرخاء يعرفك (4)
في الشدة. وإذا سألت فاسأل الله. وإن استعنت فاستعن بالله. فإن اليقين مع الصبر. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} و {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (5).
11702
كتاب عمر بن عبد العزيز لبعض عماله
كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله:
أما بعد، فأصلح ما استطعت. {فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (6).
وأحسن، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا (7).
__________
(1) النساء: 140.
(2) الأنعام: 68. وما بين القوسين ساقط من المخطوط.
(3) في الأصل: (وعد من الجانب) ولعلها كما أثبتناه.
(4) في الأصل: (يعرفه).
(5) الشرح: 6.
(6) يوسف: 90.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنََّا لََا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} الكهف: 30.(1/290)
ما يقوله عمر بن عبد العزيز عندما يجلس للناس
وكان إذا جلس للناس (1) يقرأ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنََاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جََاءَهُمْ مََا كََانُوا يُوعَدُونَ (206) مََا أَغْنى ََ عَنْهُمْ مََا كََانُوا يُمَتَّعُونَ} (2).
نص من كتاب المتعلمين لأبي بكر الترمذي
ذكر أبو بكر محمد بن عمر الترمذي (3) الوراق في كتاب (المتعلمين) (4) فصلا فيمن يتهالك في موعظة من لا يتعظ. فقال: ومن ذلك إشغال (5) قلبه وإفراطه فيمن يريد إرشاده وعظته وسهوه في ذلك عن [ذكر] الله عز ذكره، وعن قضائه، وقسمته، وعن نفسه، وعن قوله تعالى {إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ} (6). وقوله تعالى: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى ََ فَلََا تَكُونَنَّ مِنَ الْجََاهِلِينَ} (7).
__________
(1) في الأصل: (الناس).
(2) الشعراء: 207205.
(3) هو أبو بكر محمد بن عمر الترمذي من المحدثين المشهورين له كتب في المعاملات. الفهرست: 329.
(4) في الأصل: (المستقطين) ولم يرد اسم هذا الكتاب ضمن كتب الترمذي، وذكر له كتاب العالم والمتعلم. انظر: معجم المؤلفين 11/ 78.
(5) في الأصل: (شغال وقلبه).
(6) القصص: 56.
(7) الأنعام: 35.(1/291)
الباب الثامن في ذكر محاسن الخصال، ومكارم الأفعال وطرائف الآداب
11712(1/293)
الباب الثامن في ذكر محاسن الخصال، ومكارم الأفعال وطرائف الآداب
11712
الباب الثامن في ذكر محاسن من الخصال.
فصل في التقوى
قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (1).
وقال: {فَإِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (2).
وقال تعالى: {إِنَّمََا يَتَقَبَّلُ اللََّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (3).
وقال: {إِنَّ اللََّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (4).
وقال: {إِنْ تَتَّقُوا اللََّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقََاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئََاتِكُمْ [وَيَغْفِرْ لَكُمْ] وَاللََّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (5).
وقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللََّهِ أَتْقََاكُمْ} (6).
__________
(1) المائدة: 35.
(2) آل عمران: 76.
(3) المائدة: 27.
(4) النحل: 128.
(5) الأنفال: 29.
(6) الحجرات: 13.(1/295)
وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} (1).
وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} (2).
11722 - حدّث الهيثم بن ميمون عن بعض أصحابه، فيهم بلال (3) وسلمان (4)، وصهيب (5)
ومعاذ (6) كانوا جلوسا في المسجد فجاء عيينة بن حصن (7) يجر رداءه. فقال:
من هؤلاء السّقاط؟. فقام إليه معاذ، فلبّبه (8)، وانطلق به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخبره بالخبر، فتمعر (9) وجهه وأمر فنودي إلى الصلاة الجامعة.
خطبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد بلغه أن عيينة بن حصن قد نال بعض الصحابة بالقول
وقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد. فلا أعرفن أحدكم يقول ما قال هذا الغطفاني. ألا إن الله هو الرب، والدين هو الإسلام. والقرآن هو الإمام. وآدم هو السبب، خلق من طين. وأنا رسول الله إلى (الناس) (10) كافة، و {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللََّهِ أَتْقََاكُمْ} (11).
__________
(1) الطلاق: 2، 3.
(2) الطلاق: 4.
(3) بلال بن رباح الحبشي، أبو عبد الله مؤذن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وخازنه على بيت ماله. توفي في دمشق سنة 20هـ. التهذيب 1/ 502.
(4) سلمان الفارسي: صحابي أصله من أصبهان، شهد كثيرا من المعارك، مات في المدائن في خلافة عثمان وقيل سنة 36هـ أو 37هـ. انظر: التهذيب 4/ 138.
(5) صهيب بن سنان الرومي صاحب رسول الله، وكان قد أسلم وعذب كثيرا في بدء الدعوة وهاجر مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وشهد بعض المغازي. الاستيعاب 2/ 722.
(6) هو معاذ بن جبل بن عمر بن أوس. شهد مع النبي معارك عديدة. وأمره النبي صلى الله عليه وسلّم على اليمن، وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلّم. مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة. انظر: الطبقات: 304.
(7) عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر. كان من المؤلفة قلوبهم. أسلم قبل الفتح، ولم تصح له رواية. وشهد حنين والطائف.
ارتد في زمن أبي بكر ثم عاد إلى الإسلام وقيل إن عمر قتله على الردة. انظر الإصابة 3/ 55.
(8) لبّبه تلبيا: إذا جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره. انظر: الصحاح (لبب).
(9) تمعر لونه عند الغضب، إذا تغير. انظر: الصحاح، لسان العرب (معر).
(10) زيادة ليست في الأصل.
(11) الحجرات: 13.(1/296)
قول للفضيل بن عياض
قال الفضيل بن عياض (1):
إن (2) الله جعل أرزاق المتقين (3) من حيث لا يحتسبون.
21722 - وكان عبد الرحمن بن أبي عماد الحبشي من عبّاد أهل مكة، وكان يلقب بالنفس لعبادته يستمع يوما غناء سلامة (4).
قول لابن المعتز
وقال ابن المعتز: التقوى أنفع الزاد في المعاد (5).
قول أبي سليمان الداراني إذا رأى الثلج
وكان أبو سليمان الداراني (6) يقول: ما رأيت الثلج يسقط إلا ذكرت تطاير الكتب يوم القيامة. وما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي الحشر {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنََادِ الْمُنََادِ مِنْ مَكََانٍ قَرِيبٍ} (7).
11732
فصل في الصبر
آيات في ذلك
قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ} (8)، {اصْبِرُوا} (9)، {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصََّابِرِينَ} (10)، {أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمََا صَبَرُوا}
__________
(1) في الأصل: (الفاضل بن عياض) والصواب ما أثبتناه وهو الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي. زاهد عابد ولد بخراسان وقدم إلى الكوفة ثم انتقل إلى مكة، وفيها مات سنة 187هـ انظر صفة الصفوة 8/ 84فما بعدها.
(2) في الأصل: (إلى أن).
(3) في الأصل: (إلا في) والقول إشارة إلى الآية الكريمة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} الطلاق: 2، 3.
(4) كذا النص ويبدو أن هناك تتمة ساقطة من المخطوط.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزََّادِ التَّقْوى ََ} البقرة: 197.
(6) في الأصل: (الداري) والصواب الداراني نسبة إلى داريا من غوطة دمشق وهو ابن حبيب الداراني قاض من ثقات التابعين من أهل الشام وكان ينعت بقاضي الخلفاء. استمر في قضاء دمشق ثلاثين سنة توفي سنة 120هـ. انظر تهذيب التهذيب 6/ 246.
(7) ق: 41.
(8) البقرة: 45.
(9) آل عمران: 200.
(10) النحل: 126.(1/297)
{وَيُلَقَّوْنَ فِيهََا تَحِيَّةً وَسَلََاماً} (1).
وقال: {صَبْراً جَمِيلًا} (2).
وقال: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (3).
وقال: {وَجَزََاهُمْ بِمََا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} (4).
قول الحسن البصري في آية قرآنية
وقال الحسن البصري:
إني لأعجب ممن كفر بعد (سماعه) (5) هذه الآية: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى ََ عَلى ََ بَنِي إِسْرََائِيلَ بِمََا صَبَرُوا وَدَمَّرْنََا مََا كََانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمََا كََانُوا يَعْرِشُونَ} (6).
11742
قول لعمر بن عبد العزيز
وقال عمر بن عبد العزيز:
ما أنعم الله على عبد نعمة وانتزعها منه، ثم عاضه عنها الصبر إلا ما كان عاضه عنه أفضل مما انتزعه منه. ثم قرأ: {إِنَّمََا يُوَفَّى الصََّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} (7).
قول لغيره
وقال غيره: جعل الله لكل ضرب من الأجر (8) والثواب (9) حسابا معدودا، وحدّا محدودا إلّا الصبر، فإنه جعل أجره بلا حساب حيث قال: {إِنَّمََا يُوَفَّى الصََّابِرُونَ}
__________
(1) الفرقان: 75.
(2) المعارج: 5.
(3) المدثر: 7.
(4) الإنسان: 12.
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) الأعراف: 137.
(7) الزمر: 10.
(8) في الأصل: (الآخر).
(9) في الأصل: (الثواب).(1/298)
{أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} (1).
21742
قول ابن عباس وقد نعي إليه بعض أولاده
قيل: نعي إلى ابن عباس بعض أولاده، وهو في سفر، فاسترجع وقال: صبرا لحكم الله. ثم نزل وصلّى ركعتين، وركب. ثم قال: قد فعلنا ما أمر الله تعالى، يعني قوله {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلََاةِ} (2).
قول للضحاك
وقال الضحاك (3) في قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (4). قال: نتقي الزنا، ونصبر على العزوبة.
31742
فصل في الشكر
آيات في ذلك
قال الله تعالى: {نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنََا كَذََلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} (5).
{اعْمَلُوا آلَ دََاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} (6).
{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} (7).
__________
(1) الزمر: 10.
(2) البقرة: 45.
(3) الضحاك: هو أبو بحر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة، كان من سادات التابعين أدرك عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يصحبه.
وشهد كثيرا من الفتوحات. توفي سنة 67هـ. الطبقات: 29، 127، 185، 301.
(4) يوسف: 90.
(5) القمر: 35.
(6) سبأ: 13.
(7) سبأ: 13. ولعلها من تكرار الناسخ.(1/299)
{مََا يَفْعَلُ اللََّهُ بِعَذََابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} (1).
{مََا يَفْعَلُ اللََّهُ بِعَذََابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} (2).
{اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (3).
{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللََّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلََا يَرْضى ََ لِعِبََادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (4).
{بَلِ اللََّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (5).
11752
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد أطال الدعاء والوقوف
لما قام النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى تورمت قدماه. قيل:
يا رسول الله أليس قد غفر الله ما تقدم من ذنبك، وما تأخر؟.
فقال عليه السلام. أفلا أكون عبدا شكورا
شعر لمحمود الوراق
وقال محمود الوراق (6):
فلو كان يستغنى عن الشكر ماجد ... لعزة نفس أو علّو مكان
لما أمر الله العباد بشكره ... فقال: اشكروني (7) أيها الثقلان
__________
(1) النساء: 147.
(2) النحل: 114.
(3) لقمان: 14.
(4) الزمر: 7.
(5) الزمر: 66.
(6) البيتان في معجم الأدباء 17/ 29منسوبان لكلثوم العتابي.
(7) في الأصل: (اشكر) والبيتان في ديوانه 125، الفاضل 95والإعجاز والإيجاز 540ونثر النظم وحل العقد ص 55وروايته في أحسن ما سمعت 19:
لما أمر الله الحكيم بشكره ... فقال اشكروا لي أيها الثقلان
وكذلك رواية الشطر الثاني في أدب الدنيا والدين 160.(1/300)
21752
فصل لأبي علي البصير
من كتاب ابن عباد إلى فخر الدولة
إن الله قال وله المثل الأعلى، خلق العباد وهو غني عنهم، ليحسن إليهم، وينعم، ويتفضل عليهم، وعرّفهم مصالحهم، وحاطهم بالمكاره (1) التي يرونها (2) مبثوثة جلالا لهم، وجعل ما في الأرض مسخّرا لهم، ثم رضي على ثواب ذلك بأن يحمدوه عليه، وينسبوا الإحسان منه إليه، ولم يرض لشاكر نعمته بما قدّم عنده منها دون أن أوجب له مزيدا. فقال:
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذََابِي لَشَدِيدٌ} (3). فسمي التارك لشكره كافرا، وأوعده على تركه عذابا شديدا.
11762
كتاب آخر له
وقرأت لابن عباد فصلا من كتاب له إلى فخر الدولة (4) استحسنه جدا، وهو:
لعل مولانا أعز الله نصره وحفظ على الدنيا حلمه تأمل في خادمه (5) وما أزال إليه قول الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلََّا عَبْدٌ أَنْعَمْنََا عَلَيْهِ} (6). وإلّا فأين استحقاق (7)
الخدم من هذه النعم التي تغشي ناظر الفرقد، وترد الثريا بطرف الأرمد.
وله من كتاب:
__________
(1) في الأصل: (في المكاره).
(2) في الأصل: (يدونها).
(3) إبراهيم: 7.
(4) فخر الدولة: هو علي ابن ركن الدولة أمير تولى الري سنة 366هـ انظر: معجم الأسرات الحاكمة 27، طبقات سلاطين الإسلام 137.
(5) في الأصل: (ظلمة).
(6) الزخرف: 59.
(7) في الأصل: (استحقا).(1/301)
فالملوان (1) يتعاقبان على ما يختاره ميامن، ومياسر. وصنع الله يضيف إلى (2) مآثره مآثر (3)، {أَلَيْسَ اللََّهُ بِأَعْلَمَ بِالشََّاكِرِينَ} (4).
21762 - وله أيضا:
إن كلمة الشكر أزكى مقال، (ولدوام) (5) النعم (6) أوثق عقال. {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمََا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللََّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (7).
ولغيره: الشكر قبول النعمة (8)، مفتاح الزيادة. والله تعالى قال: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (9). ويقول: {كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ} (10).
11772
فصل في العفو
قال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (11)
{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلََا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللََّهُ لَكُمْ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (12).
__________
(1) الملوان: الليل والنهار، الصحاح، لسان العرب: (ملو).
(2) في الأصل: (يستضيف لنا) ومآثر.
(3) في الأصل: (مباشر).
(4) الأنعام: 53.
(5) في الأصل: (ولد أوهن) وهو خطأ في النسخ.
(6) في الأصل: تكرار للكلمة: النعم، وهو خطأ في النسخ أيضا.
(7) لقمان: 12.
(8) في الأصل: قبل النعمة ومفتاح.
(9) إبراهيم: 7.
(10) سبأ: 15.
(11) المائدة: 13.
(12) النور: 22.(1/302)
وقال: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلََامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (1).
حذيفة بن اليمان (2) قال:
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: إذا كان يوم القيامة
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين أجرهم على الله تعالى؟
فلا يقوم إلا العافون عن الناس، فيؤمر بهم إلى الجنة. ثم تلا: {فَمَنْ عَفََا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللََّهِ} (3).
21772
قول أحمد بن حنبل لأصحابه عندما امتحن
ولما امتحن (4) أحمد بن حنبل (5) قال لأصحابه:
اشهدوا أني جعلت المعتصم في حلّ (6) لأني (7) قرأت قوله تعالى: {فَمَنْ عَفََا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللََّهِ} (8).
قول لعلي بن أبي طالب
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (9) قال:
رضى بلا عتاب.
__________
(1) الزخرف: 89.
(2) حذيفة بن اليمان واسم اليمان حسل بن جابر من بني عيسى أمه امرأة من الأنصار. يكنى أبا عبد الله. مات بالكوفة سنة 30هـ الطبقات 48، 130.
(3) الشورى: 40.
(4) في الأصل: (اختص) وهو تحريف في النسخ.
(5) وهو أحمد بن حنبل بن أسد بن إدريس الإمام المحدث الفقيه المشهور انظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/ 4فما بعدهما.
(6) الحل من قولهم حل يحل حلالا وهو حل أي طلق. الصحاح (حلل).
(7) في الأصل: (لا في).
(8) الشورى: 40.
(9) الحجر: 85.(1/303)
11782
قول رجل بحضرة الحسن وقد سبه رجل آخر
سبّ رجل رجلا بحضرة (الحسن) (1). فلما فرغ قام المسبوب، وهو يمسح العرق عن وجهه، ويقرأ: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذََلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (2) قال الحسن:
عقلها والله، وفهمها، إذ ضيّعها (3) الجاهلون.
قول أبي أيوب المورياني للمنصور بعد نكبته
ولما نكب المنصور أبا أيوب المورياني (4) استدعاه إلى حضرته وجعل يوبخه، ويقرعه.
فقال أبو أيوب:
يا أمير المؤمنين. ما أسألك أن تعطف علي بحرمة، ولا تقيلني لخدمة، ولكن استعمل فيّ أدب (الله) (5) تعالى في أنه يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ} [6] عِبََادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئََاتِ (7).
وقد عفا الله عن ذنوب علم حقائقها، وقبل توبة عرف ما كان قبلها (8).
فقال المنصور: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (9).
__________
(1) في الأصل: (بحضرة).
(2) الشورى: 43.
(3) في الأصل: ضيع.
(4) في الأصل: (المرزباني) والصواب المورياني نسبة إلى موريان من قرى الأحواز. كان المنصور قد اشتراه صبيا قبل الخلافة.
وثقفه ثم اختصه السفاح أيام خلافته، واستوزره المنصور بعد نكبة البرامكة، ثم نكبه. انظر: الوزراء والكتاب الجهشياري 121، الفخري 121الكامل 5/ 153.
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) في الأصل: (عن).
(7) الشورى: 25.
(8) نكب المنصور أبا أيوب المورياني كما يذكر ابن الطقطقي، لأنه عهد إليه بعمارة أرض الأحواز، وأعطاه ثلثمائة ألف درهم فأخذ أبو أيوب المال، ولم يصنع بالضيعة شيئا. وصار في كل سنة يحمل عشرين ألف درهم. ويقول: هذه حاصل الضيعة المستجدة. ثم وشي به عند المنصور. فذهب بنفسه إلى الضيعة. وتأكد من خيانة أبي أيوب فنكبه، وقيل: لأن المورياني سمّ ابنا من أبناء المنصور وقتله حسدا لمكانته العظيمة في نفس المنصور ولم يكن يعلم أن الفتى الذي اختصه المنصور هو ابنه.
انظر: الوزراء والكتاب للجهشياري: 122، الفخري 128.
(9) يونس: 91.(1/304)
21782
اعتذار إبراهيم بن المهدي للمأمون
ومن كلام إبراهيم بن المهدي (1) في الاعتذار إلى المأمون (2)، والتماس العفو منه:
يا أمير المؤمنين، ولي الثأر (3) محكم في القصاص، وأن (4) تعفو أقرب للتقوى.
11792
نص من كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي
وقرأت في كتاب التاجي لأبي إسحاق الصابي:
كان أبو الحسن (5) بن ناصر مشتهرا بالشرب، واتخاذ الندماء، وسماع الغناء فهجره أبوه (6) من أجل فعله، فخرج إلى أذربيجان. وبقي بها مدة (7). وتاب من فعله. فكاتبه أبوه في العودة إليه. فعاد إليه. فلما رآه قال له: {إِلَّا الَّذِينَ تََابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (8).
شعر لبعضهم
قال الشاعر:
صلي مدنفا خائفا ... سيرضيك عما اقترف
ولا تذكري ما مضى ... عفا الله عما سلف
ولبعضهم:
__________
(1) هو إبراهيم بن المهدي بن عبد الله أبي جعفر المنصور وأمه شكلة، عاصر المأمون وبايعه أهل بغداد بعد قتل الأمين، ثم عفا عنه المأمون بعد قدومه العراق. انظر: معجم الأدباء 2/ 157، وانظر أيضا كتاب الخليفة المغني إبراهيم بن المهدي. / بدري محمد فهد وقد مرت ترجمته أيضا.
(2) القول من رسالة بعث بها إبراهيم بن المهدي إلى المأمون يستعطفه فيها. وقد وقع المامون في حاشية هذه الرسالة (القدرة تذهب الحفيظة والندم توبة، وبينهما عفو الله وهو أكثر مما يسأله) انظر: بغداد: ابن طيفور: 101تاريخ اليعقوبي 2/ 558، تاريخ بغداد 6/ 144، انظر أيضا: الخليفة المغني: 165.
(3) في الأصل: (النار) والصواب ما هو مثبت.
(4) من قوله تعالى في سورة البقرة: 237.
(5) في الأصل: (أبو الحسين) وأبو الحسن هذا ذكر له الثعالبي شعرا في ثمار القلوب: 380.
(6) في الأصل: (أباه) وهو خطأ في النسخ.
(7) في الأصل: (مرة).
(8) المائدة: 34.(1/305)
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ... بما جناه وانتهى عما اقترف (1)
[لقوله قل للذين كفروا ... إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف] (2)
21792
فصل في صلة الرحم
من فضيلة صلة الرحم أن يقول الرجل لصاحبه عند الحاجة الشديدة: أسألك بالله، وبالرحم إعظاما لحقها (واتحافا) بالبرهان (3).
قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ} (4).
11802 - وقد ذم قاطع الرحم فقال: {وَيَقْطَعُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولََئِكَ هُمُ الْخََاسِرُونَ} (5).
وقال في مدح واصلي الرحم: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مََا أَمَرَ اللََّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخََافُونَ سُوءَ الْحِسََابِ} (6).
وفي الخبر:
__________
(1) في الأصل: (يستوجب العفو الفتى إذا ما اعترف) وهي زيادة في النسخ.
(2) البيت الثاني زيادة اقتضاها السياق لإتمام معنى البيت الأول الذي تمثل به الثعالبي في باب العفو وهما معا منسوبان لأبي حفص الشهرزوري ص 131.
(3) في الأصل: (رابحا).
(4) النساء: 1.
(5) البقرة: 27.
(6) الرعد: 21.(1/306)
القاطع لرحمه ملعون. برهان ذلك قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحََامَكُمْ (22) أُولََئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى ََ أَبْصََارَهُمْ} (1).
قول لمجاهد
قال مجاهد:
قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبى ََ حَقَّهُ} (2).
21802
من كتاب المنصور إلى عبد الله بن علي
وقرأت في كتاب كتبه المنصور إلى عبد الله بن علي (3). وهذا مكان فصل منه:
أما بعد، فإني نظرت إلى أمرك، وما ركبت من نصيبك ورحمك، وخدمتك (4)، وخاصك، وعامتك، فلم (5) أجد لذلك مثل مدافعة قطيعتك بالصلة، ومباعدتك بالمقاربة، وكثرة ذنوبك بقلة التثريب (6).
ووجدت ذلك في أدب الله تعالى، وأمره. فإنه قال: عز من قائل: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدََاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (7) ولعمرك ما فرّق كلّ حميم مثل نزغة الشيطان (8). وإني أذكر الله الذي هو آخذ بناصيتك، وحائل بينك وبين
__________
(1) محمد: 22، 23.
(2) الإسراء: 26. ويبدو أن هناك سقطا بعد القول.
(3) في الأصل: (عبد الله بن معلى) وهو خطأ في النسخ والصواب ما أثبتناه، وقد ورد في تاريخ الطبري 9/ 172أن المنصور لما عزل سليمان عن البصرة توارى عبد الله بن علي وأصحابه فبلغ ذلك المنصور فكتب إلى والي البصرة أن يرسل إليه عبد الله بن علي وله الأمان، فلما أتى بعبد الله وجماعته إلى المنصور حبسهم، وقتل بعضهم. وانظر أيضا: الكامل لابن الأثير 5/ 496، البداية والنهاية: حوادث سنة 139.
(4) في الأصل: (وخدمتك).
(5) في الأصل: (فكم).
(6) التثريب كالتأنيب والتعبير والاستقصاء في اللوم. الصحاح (ثرب).
(7) فصلت: 34.
(8) كذا في الأصل ولعل صوابها ما فرّق بين حميم وحميم مثل وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِمََّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطََانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ} فصلت: 34.(1/307)
قلبك ومعادك الذي أنت صائر إليه. والرحم التي أمرت بصلتها، والعهد الذي أنت مسئول عنه. وأدعوك إلى ما أمر الله به من التواصل والتعاون على البر والتقوى (1)، وأنهيك عما نهى الله عنه من قطيعة الأرحام والفساد في الأرض، وأحذرك عقوبة الله ومقته على ذلك، إنه تعالى يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحََامَكُمْ (22) أُولََئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى ََ أَبْصََارَهُمْ (23) أَفَلََا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى ََ قُلُوبٍ أَقْفََالُهََا} (2).
11812
فصل لأبي القاسم الإسكافي
عليك بتقوى الله، ومراقبته في هذه الخطة (3) التي ركبتها، والظلمة التي دخلتها. واعلم أن الله تعالى قد وصله بقوله بالرحم فقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللََّهَ} [4] الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ تنزيها (5) منه تعالى لها عن دواعي الانقطاع والانفصام وتنبيها على ما جعله الله لها من (الحرمات) (6) العظام.
__________
(1) في النص إشارات كثيرة إلى آيات قرآنية كريمة {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوََاصِي وَالْأَقْدََامِ} الرحمن: 41 {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} الأنفال: 24و {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} الإسراء: 34.
(2) محمد: 2422.
(3) الخطة: الطريقة يقال الزم ذلك الخط ولا تظلم عنه شيئا. اللسان (خطط).
(4) في الأصل: (والتوا الله) وهو خطأ في النسخ، والآية من النساء: 1.
(5) في الأصل: (تتيرها).
(6) في الأصل: (الجهات) ويجوز أن تكون الحرمات كما أثبتناه.(1/308)
21812
فصل في بر الوالدين
قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ حُسْناً} (1). وقال عز ذكره:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى ََ وَهْنٍ وَفِصََالُهُ فِي عََامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (2) فأمر بشكر الوالدين بعد شكره.
رأي ابن عباس في تفسير آية
وقال ابن عباس في قوله: {إِنَّ كِتََابَ الْأَبْرََارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (3) قال: هم الذين بروا الآباء، والأولاد. وكما لوالديك عليك حقا، فلولدك عليك حقا.
11822
فصل لابن عباد
أما والذي تحشمته (4) اعتدادا به، وإحمادا (5). فقد كنت أحب غير رادّ لقوله، ولا محادّ (6) لحكمته أن يراني أسر به، وأخص، وأجدّ في مودته وأشد من أن يجريني بهذا القول مجرى الأباعد، ويعلم أني أفرض في موالاته (7) ما يفرضه الولد للوالد. وإنما ضربت الوالد مثلا لما قرن الله الشكر بشكره، وإلّا فهو السيد عظّم الله خطره، وأودع صحف المجد خبره.
__________
(1) العنكبوت: 8.
(2) لقمان: 14.
(3) في الأصل: (في عليين). والآية من المطففين: 18.
(4) تحشمته من الحشمة وهي الحياء والانقباض. القاموس المحيط 4/ 67.
(5) إحمادا، من قولهم أحمده أي وجده محمودا. انظر لسان العرب (حمد).
(6) محاد من المحادة وهي المخالفة، ومنع ما يجب عليك. لسان العرب (حدد).
(7) في الأصل: (مولاته).(1/309)
21822
فصل في الإنفاق والجود
قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمََّا رَزَقْنََاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لََا بَيْعٌ فِيهِ وَلََا خُلَّةٌ وَلََا شَفََاعَةٌ} (1).
وقال: و {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ سِرًّا وَعَلََانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلََا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2).
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا كَسَبْتُمْ وَمِمََّا أَخْرَجْنََا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (3).
{وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمََّا آتََاهُ اللََّهُ لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا مََا آتََاهََا} [4] سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (5).
{وَمََا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لََا تُظْلَمُونَ} (6).
{وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ} (7).
__________
(1) البقرة: 254.
(2) نفسها: 274.
(3) نفسها: 267.
(4) في الأصل: (ما أتها).
(5) الطلاق: 7.
(6) البقرة: 272.
(7) التغابن: 16.(1/310)
{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1).
11832 - وعاتب الله قوما في إمساكهم عن الإنفاق فقال:
{لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزََائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفََاقِ وَكََانَ الْإِنْسََانُ قَتُوراً} (2).
بين المأمون ومحمد بن عباد المهلبي
قال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي (3):
إنك متلاف (4).
فقال: يا أمير المؤمنين منع الجود (5) سوء الظن بالمعبود. وهو تعالى يقول: {وَمََا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرََّازِقِينَ} (6).
21832 - وقد قيل في تفسير قوله: {وَهُوَ خَيْرُ الرََّازِقِينَ}: إن المخلوق يرزق، فإذا سخط قطع الرزق. والخالق تعالى يسخط (7) فلا يقطع الرزق.
بين الفرات بن زيد وعمر بن الخطاب في العطاء
دخل الفرات بن زيد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعطي الناس، فتمثل بقول المتلمس (8):
__________
(1) الحشر: 9.
(2) الإسراء: 100.
(3) محمد بن عباد المهلبي من أبناء المهلب بن أبي صفرة. أمير البصرة زمن المأمون. توفي نحو 216هـ. وله أخبار في الأغاني ط ساسي ج 5/ 24، 6/ 167، 9/ 93، 94.
(4) النص في نهاية الإرب 3/ 295وربيع الأبرار 3/ 703وفيه أن المأمون أمر له بمائة ألف وقال: إن مادتك والله مادتي، فأنفق ولا تبخل.
(5) في الأصل: (الموجود).
(6) سبأ: 39.
(7) في الأصل: (سخط).
(8) المتلمس هو جرير بن عبد العزى شاعر جاهلي وهو خال طرفة بن العبد. انظر: خزانة الأدب 3/ 73، ديوانه بتحقيق حسن كامل الصيرفي. القاهرة 1970والبيتان في ديوانه ق 2ص 172.(1/311)
لحفظ المال أيسر من بغاه (2) ... وسعي في البلاد بغير زاد (1)
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
فقال عمر: قول الله أفضل، وأصدق: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3).
11842
كتابة طلحة بن فياض آية على باب داره
كتب (4) طلحة بن الفياض على باب داره: أيها الضيف {ادْخُلُوهََا بِسَلََامٍ آمِنِينَ} (5).
كان الربيع بن خيثم (6) لا يطعم إلّا صحيحا، ولا يكسو إلّا جديدا، ولا يعتق إلا سويا. يتأول قوله تعالى: {وَلََا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلََّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (7).
21842
شراء صفوان بن محرز بدنة بعشرة دنانير وقوله في ذلك
اشترى صفوان بن (محرز) (8) بدنة (9) بعشرة دنانير. فقيل له:
أتشتري (10) هذه بعشرة دنانير، وليس عندك غيرها؟. فقال:
__________
(1) في الأصل: (بقاه) وروايته في نهاية الإرب 3/ 314: وحبس المال أيسر من بغاه.
(2) روايته في نهاية الإرب 3/ 314وضرب في البلاد بغير زاد.
(3) الحشر: 9.
(4) في الأصل: (دخل).
(5) الحجر: 46.
(6) مرت ترجمته.
(7) البقرة: 267.
(8) في الأصل: (صفوان بن محدربه) وهو تحريف في النسخ، والصواب بن محرز وهو ابن زيادة المازني، وقيل: الباهلي. كان ثقة وله فضل وورع. مات سنة 74هـ. وفي ولاية عبد الملك. انظر: الطبقات: 193.
(9) في الأصل: (بدته).
(10) في الأصل: (اشترى).(1/312)
نعم، سمعت الله تعالى يقول: {لَكُمْ فِيهََا خَيْرٌ} (1) فأحببت تفخيم الخير. فقال تعالى (2): {لَنْ تَنََالُوا الْبِرَّ حَتََّى تُنْفِقُوا مِمََّا تُحِبُّونَ} (3). [وقال الشاعر]:
إن يكن عاقك عن إنجاز ما أنفقت خطب
فتأوّل في كتاب الله فيما يستحب
لن ينال (4) البّر منفق مما يحب
وقال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كََانَ بِهِمْ خَصََاصَةٌ} (5).
شعر لكشاجم
قال أبو الفتح كشاجم (6) مقتبسا:
والمؤثرون على النفوس هم الأولى ... فضلوا الورى بشمائل وخلائق (7)
11852
تمني الحجاج أن يدرك ثلاثة، ليتقرب بدمائهم إلى الله
قال الحجاج:
كنت أشتهي أن أدرك ثلاثة، فأتقرب إلى الله بدمائهم:
أبا سماك الأسدي (8)، فإنه ضلّ له بعير يعز عليه فقال: يا رب، لئن لم ترد علي ضالتي لا صلّيت، ولا زكّيت فوجدها، فقال يخاطب نفسه: عرف ربك صبري، عرفك، فرد
__________
(1) من قوله تعالى في سورة الحج: 36 {وَالْبُدْنَ جَعَلْنََاهََا لَكُمْ مِنْ شَعََائِرِ اللََّهِ لَكُمْ فِيهََا خَيْرٌ}.
(2) في الأصل: (نقال).
(3) آل عمران: 92، وما بين القوسين زيادة في الأصل.
(4) في الأصل: (لن ينالوا).
(5) الحشر: 9.
(6) كشاجم هو محمود بن الحسين بن السندي شاعر أديب ومن الكتاب المشهورين توفي نحو 360هـ. انظر الفهرست لابن النديم 206.
(7) في الأصل: (نفوسهم الأولى) وهي زيادة من النساخ والبيت من ديوانه ق 36ص 271.
(8) أبو سماك الأسدي هو سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن أسامة. انظر: نوادر المخطوطات م 5/ 282. وفي جمهرة الأمثال للعسكري 1/ 572أبو سمال.(1/313)
عليك ضالتك (1). وعبيد الله بن زياد بن ظبيان (2)، فإنه خطب يوما، فأحسن، فقال له قومه:
كثّر الله فينا مثلك، فقال: هيهات، هيهات. لقد سألتم شططا، ومقاتل بن مسمع (3) فإنه ولي فارس (وأتاه) (4) الناس من العراقين، فأعطاهم الأموال الكثيرة، فلما عزل، ورجع إلى البصرة، دخل مسجدها فبسط الناس أرديتهم ليمشي عليها، وجعلوا يدعون له، ويثنون (5)
عليه، فالتفت إلى بعض أصحابه فقال: {لِمِثْلِ هََذََا فَلْيَعْمَلِ الْعََامِلُونَ} (6).
21862
فصل في الاقتصاد
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلََّا عِنْدَنََا} [7] خَزََائِنُهُ وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (8).
وقال الله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللََّهُ الرِّزْقَ لِعِبََادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلََكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مََا يَشََاءُ} (9).
__________
(1) في جمهرة الأمثال 1/ 572: عن نفطويه عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي أنه قال: كان أبو سمال الأسدي متهما في دينه، فضلت ناقته، فحلف لا يصلي أو يردها الله، فأصابها، وقد علق زمامها. فقال: علم الله أنها صيرى يقول: أصررت على يميني فردها. فضرب به المثل.
(2) عبيد الله بن زياد بن ظبيان من فتاك العرب كان مقربا من عبد الملك بن مروان. وهو الذي قتل مصعب بن الزبير. مات في عمان سنة 75هـ. انظر البصائر والذخائر: 283.
(3) مقاتل بن مسمع من بني مازن له أخبار في الكوفة بعد وفاة يزيد بن معاوية، وكان في جيش مصعب بن الزبير في حرب المختار أميرا على الرجال. انظر الطبري 2/ 459، 725 (ط الأوروبية).
(4) في الأصل: (وانتهم).
(5) الصافات: 61.
(6) في الأصل: (وانتهم).
(7) في الأصل: (عدنا).
(8) الحجر: 21.
(9) في الأصل: (بقدره). والآية من سورة الشورى: 27.(1/314)
سؤال عبد الملك بن مروان جلساءه عن أشعر الناس
قال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشعر الناس؟ فقالوا الذي قال:
فأنفق وأتلف إنما المال عارة ... وكله مع الدهر الذي هو آكله
فقال عبد الملك: قول الله أصدق، وأحسن: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} (1).
21862 - وقال يوما لعمر بن عبد العزيز: كيف نفقتك يا أبا حفص؟ فقال: يا أمير المؤمنين الحسنة بين المسألتين. قال: وكيف (2)؟ قال: يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} (3).
وسئل بعضهم عن الاقتصاد. فقال:
هو قوله تعالى: {وَلََا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى ََ عُنُقِكَ وَلََا تَبْسُطْهََا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} (4).
وهذا الأدب ليس في الإنفاق وحده بل في كل معنى من المعاني يستحب التوسط، ويكره الإفراط ألا تسمع العرب تقول (5): لا يكن حبك كلفا، ولا بغضك تلفا.
وتقول: لا تكن حلوا فتحتسى، ولا مرا فتلفظ (6).
__________
(1) الفرقان: 67.
(2) في الأصل: (وكفف) وهو تحريف.
(3) الفرقان: 67.
(4) الإسراء: 29.
(5) في الأصل: (يقول).
(6) في الأصل: (فتجشأ) وهو تحريف في النسخ. وفي الفاخر: 247: (لا تكن حلوا فتزدرد ولا مرا فتلفظ).(1/315)
بين عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز
وفي الخبر: إن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى (1).
وفي القرآن الكريم: {وَلََا تَجْهَرْ بِصَلََاتِكَ وَلََا تُخََافِتْ بِهََا وَابْتَغِ بَيْنَ ذََلِكَ سَبِيلًا} (2).
11872
فصل في ذكر المروءة
جواب محمد بن حرب الهلالي وقد سئل عن المروءة
سئل محمد بن حرب الهلالي (3) عن المروءة فقال:
جماعها في قول الله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ وَإِيتََاءِ ذِي الْقُرْبى ََ وَيَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (4).
قول لابن عباس
قال ابن عباس:
كل ما شئت من الطيبات، والبس ما أحببت من الثياب السرية. إذا أخطأتك اثنتان سرف أو مباهاة (5) ثم قرأ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللََّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبََادِهِ وَالطَّيِّبََاتِ}
__________
(1) المثل في مجمع الأمثال 1/ 1والمنبتّ: المنقطع عن أصحابه في السفر. والظهر الدابة. قال عليه الصلاة والسلام لرجل اجتهد في العبادة حتى هجمت عيناه أي غارتا فلما رآه قال له: (إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، إن المنبت) أي الذي يجد في سيره حتى ينبت أخيرا. ويضرب المثل لمن يبالغ في طلب الشيء، ويفرط حتى ربما يفوته على نفسه.
(2) الإسراء: 110.
(3) محمد بن حرب الهلالي. ذكر الجاحظ في البيان والتبيين أخبارا رواها عنه وأقوالا بليغة. انظر البيان والتبيين 2/ 74، 77، 115، 151، 179، 257، وذكر أبو الفرج الأصفهاني أنه كان على شرطة محمد بن سليمان العباسي. انظر الأغاني 17/ 88.
(4) النحل: 90.
(5) القول في عيون الأخبار 3/ 396: (كل ما شئت) والبس ما شئت إذا ما أخطأك شيئان، سرف ومخيلة.(1/316)
{مِنَ الرِّزْقِ} (1).
وكان إذا خرج (إلى) (2) المسجد يرتدي [أفخر ثيابه] (3) يتناول قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (4).
11882
قول لبعضهم وقد سئل عن سبب حسن كسوته وظهور رياسته
قيل لبعضهم في حسن كسوة وظهور رياسة فقال:
إنما آخذ بأدب الله تعالى في قوله: {وَأَمََّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (5). ولسان الحال أنطق من لسان المقال لا سيما والنبي صلوات الله عليه يقول: (إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه).
قول أبي بكر في ارتباط الدواب
وكان أبو بكر رضي الله عنه يقول:
لا يمنعكم من ارتباط الدواب خوف قوتها، فإن الله تعالى لم يخلق دابة إلا رزقها، وإذا جعلها لكم جعل أرزاقها عندكم. يريد قوله تعالى: {وَمََا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ [إِلََّا] عَلَى اللََّهِ رِزْقُهََا} (6).
قول جعفر بن محمد في الاستكثار من العبيد
وكان جعفر بن محمد (7) رضي الله عنهما يقول:
استكثروا من العبيد والخدم، فإن مرافقها، وأرزاقها على الله تعالى.
__________
(1) الأعراف: 32.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) الكلمة غير واضحة في المخطوط ولعلها: (أفخر ثيابه).
(4) الأعراف: 31.
(5) الضحى: 11.
(6) هود: 16. وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(7) جعفر بن محمد الإمام أبو عبد الله جعفر المعروف بالصادق بن محمد الباقر أحد الأئمة الإثني عشر. توفي سنة 138. انظر وفيات الأعيان 1/ 291.(1/317)
21882
فصل في حسن القول للناس
قال الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنََّاسِ حُسْناً} (1).
وقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبََادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2).
وأمر نبيه موسى وأخاه هارون بتليين القول لفرعون فقال لهما: {فَقُولََا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ََ} (3).
وقال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهََا أَذىً} (4).
11892
فصل في المداراة (5)
قول لبعض الحكماء
قال بعض الحكماء: من العقل بعد الإيمان بالله المداراة. وينبغي للعاقل أن يداري زمانه مداراة السابح الجاري (6). وقد أمر الله تعالى بها في قوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} (7).
__________
(1) البقرة: 83.
(2) الإسراء: 53.
(3) طه: 44.
(4) ما بين القوسين ساقط من أصل المخطوط والآية من سورة البقرة: 263.
(5) في الأصل: (المراراة).
(6) في الأصل: (الماء الجاري). والقول في ثمار القلوب 419.
(7) المؤمنون: 96.(1/318)
أبو سليمان الخطابي إذا أنشد بيت شعر قرأ آية
كان (1) أبو سليمان الخطابي البستي (2) إذا أنشد قوله:
ما دمت حيا فدار الناس كلهم ... فإنما أنت في دار المداراة (3)
تلا قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} (4).
21892
فصل في الصدق
قال الله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصََّادِقِينَ} (5). وقال: {لِيَجْزِيَ اللََّهُ الصََّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنََافِقِينَ} (6).
قول للفضيل بن عياض
وقال الفضيل بن عياض (7):
__________
(1) في الأصل: (قال) والصواب: (كان).
(2) أبو سليمان الخطابي: هو حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطابي البستي كان فقيها أديبا محدثا، سمع بالعراق أبا علي الصفار، وأبا جعفر الرزاز. وروى عنه الحاكم النيسابوري. انظر وفيات الأعيان 1/ 455.
(3) البيت في، التمثيل والمحاضرة 419، يتيمة الدهر 4/ 334وفيات الأعيان 1/ 455وبعده.
من يدري يدري ومن لم يدر سوف يرى ... عمّا قليل نديما للندامات
وبعده في أحسن ما سمعت 157:
دنياك ثغر فكن منها على حذر ... فالثغر مثوى مخافات وآفات
(4) المؤمنون: 96.
(5) التوبة: 119.
(6) الأحزاب: 24.
(7) مرت ترجمته.(1/319)
إن الله يسأل الصادقين عن صدقهم، منهم عيسى. بن مريم فكيف الكاذبين المرائين (1)
الذين قيل فيهم: (رب صائم قائم ليس له من صومه إلا الجوع ومن قيامه إلا السهر) (2).
11902
فصل في الحلم
قول للحسن في أجل صفات النبي إبراهيم وهي الحلم
قال الحسن:
ما نعت (3) الله تعالى نبيا من أنبيائه أجل (4) مما نعتهم به من الحلم، فإنه قال: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوََّاهٌ} (5) يعني أن الحلم في الناس عزيز.
قول لغيره
وقال بعضهم (6): إن الحلم أجلّ من العقل لأنّ الله تعالى تسمّى به، ولم يتسم بالعقل.
وفي قوله تعالى: {وَإِذََا خََاطَبَهُمُ الْجََاهِلُونَ قََالُوا سَلََاماً} (7) أمر منه عزّ ذكره بالحلم. وكذلك قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ} (8).
__________
(1) في الأصل: (المرابين).
(2) في النص إشارة إلى سؤال الله عزّ وجل عيسى بن مريم في سورة المائدة: 116. النص في حلية الأولياء 8/ 108وفيه أنه قال: (ما تزين الناس بشيء أفضل من الصدق، والله عز وجل يسأل الصادقين عن صدقهم منهم عيسى بن مريم عليه السلام. كيف بالكذابين المساكين ثم بكى. وقال: أتدرون في أي يوم يسأل الله عز وجل عيسى بن مريم عليه السلام؟ يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين، آدم فمن دونه. ثم قال: وكم من قبيح تكشفه القيامة غدا.
(3) في الأصل: (بعث).
(4) في الأصل: (اقل أنبيائهم أقل).
(5) هود: 75.
(6) في الأصل: (بعض).
(7) الفرقان: 63.
(8) الأعراف: 199.(1/320)
21902
فصل في الاعتبار
قال الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يََا أُولِي الْأَبْصََارِ} (1).
وقال: {إِنَّ فِي ذََلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى ََ} (2).
قول لبعض الصالحين في رؤية نعم الله في كل شيء
وقال بعض الصالحين: إني لأخرج من منزلي فما تقع عيني على شيء إلا ولله عليّ فيه نعمة، ولي في ذلك عبرة. ثم قرأ: {إِنَّ فِي ذََلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصََارِ} (3).
ما يقوله الفضل بن عيسى الرقاشي في قصصه
وكان الفضل بن عيسى الرقاشي (4) يقول في قصصه:
اسأل (5) الأرض فقل من شق (6) أنهارك وحثا ترابك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تجبك جوابا أجابتك اعتبارا. ثم يقرأ {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهََا وَهُمْ عَنْهََا مُعْرِضُونَ} (7).
11912
دخول صالح المري على أبي أيوب المورياني بعد نكبته
قال صالح المري (8):
دخلت دار أبي أيوب المورياني (9) بعد زوال أمره فاستفتحت بثلاث آيات استخرجها من كتاب الله تعالى في الاعتبار بخراب المساكن، قوله تعالى: {فَتِلْكَ مَسََاكِنُهُمْ لَمْ}
__________
(1) الحشر: 2.
(2) النازعات: 26.
(3) آل عمران: 13، النور: 44.
(4) في الأصل: (الفاضل) والصواب: الفضل بن عيسى بن إبان الرقاشي الواعظ البصري. كان من رجال المعتزلة. انظر:
تهذيب التهذيب 8/ 283وثقه بعضهم. وقال النسائي عنه إنه ضعيف.
(5) في الأصل: (سئل).
(6) في الأصل: (أشق).
(7) يوسف: 105.
(8) صالح المري بن بشير بن وادي. كان من أحد رجال الحديث توفي سنة 127هـ. الطبقات: 223.
(9) في الأصل: (المرزباني) والصواب: المورياني وقد مر بنا تحقيق هذا الاسم في فصل العفو، وانظر أيضا الفخري 128.(1/321)
{تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلََّا قَلِيلًا وَكُنََّا نَحْنُ الْوََارِثِينَ} (1). وقوله: {وَلَقَدْ تَرَكْنََاهََا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (2) وقوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} (3). قال:
فخرج إليّ أسود وقال: يا أبا بشر، هذه سخطة المخلوق، كيف سخطة الخالق.
21912
قول أبي عبيد الله بن سليمان حين بلغه شعر أبي علي بن نصر بن بسام
لما اتصل بعبيد الله بن سليمان أن علي بن نصر بن بسّام قال (4):
بقربك داران مهدومتان (5) ... ودارك ثالثة تهدم
فليت السلامة للمنصفين ... ترجّى فكيف (6) لمن يظلم
يعني دار صاعد (7) وأبي الصقر (8) الوزيرين كانا قبله. قال عبيد الله: وعظ نفسه بدار أبيه (9) فقد كانت أحسن من دورنا. وقد وعظ الله تعالى في خير موضع من كتابه فقال:
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا} [10] فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كََانَ عََاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (11).
11922 - وهذا عدي بن زيد يقول:
__________
(1) القصص: 58.
(2) القمر: 15.
(3) النمل: 52.
(4) البيتان في مجموعه الشعري ق 122.
(5) في الأصل: (ذاراري) ورواية البيت في المجموع (داران).
(6) روايته في الديوان: (دامت ففكيف).
(7) مرت ترجمته.
(8) في الأصل: أبو القصر، والصواب: أبو الصقر، هو إسماعيل بن بلبل استوزره الموفق لأخيه المعتمد وجمع له السيف والقلم.
انظر الفخري 178.
(9) في الأصل وعظ وما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق.
(10) في الأصل: (يشيروا).
(11) الروم: 9.(1/322)
أين كسرى الملوك أبو ... ساسان أم قبله سابور (1)
شعر لبعضهم
وقال آخر:
وإنّا مورثون كما ورثنا ... عن الآباء إن متنا وبنّا (2)
وقال آخر:
كلّ إلى الغاية محثوث ... والمرء موروث ومبعوث
فكن حديثا حسنا ذكره ... بعدك في الناس أحاديث
21922
فصل في المشورة
قول للحسن في مشورة النبي صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه
قال الحسن:
إن الله تعالى لم يأمر نبيه بمشاورة أصحابه لحاجة منه إلى آرائهم (3)، وإنما أراد أن يعلمنا ما في المشورة من الفضل حيث قال: {وَشََاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (4).
__________
(1) البيت في ديوان عدي 87وروايته:
أين كسرى كسرى الملوك ... أنو شروان أم أين قبله سابور
من قصيدة مطلعها:
أرواح مودّع أم بكور ... لك فاعلم لأي حال تسير
(2) في الأصل: (بتنا).
(3) في الأصل: (أدائهم).
(4) آل عمران: 159.(1/323)
قال الأصمعي:
قلت لبشار بن برد: ما سمعت أحسن من شعرك في المشورة:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... بحزم نصيح أو نصاحة (1) حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فإنّ الخوافي قوة للقوادم
فقال: إن المشاور بين إحدى الحسنيين، بين صواب (2) يفوز بثمرته، أو خطأ يشارك في مكروهه (3). فقلت: أنت في هذا الكلام أشعر منك في شعرك.
11932
قول الجاحظ في الشورى
قال الجاحظ:
الشورى لقاح العقول وبريد (4) الصواب (5)، والمستشير (6) على طرف النجاح.
(واستشارة المرء برأي أخيه من عزم الأمور، وحزم التدبير) (7).
__________
(1) الخبر والبيتان في ديوانه 4/ 172وفي نهاية الإرب 6/ 71ورواية البيت فيه:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تحسب الشورى عليك غضاضة ... فإنّ الخوافي رافدت القوادم
وهذان البيتان من قصيدة كان بشار بن برد قد كتب بها إلى إبراهيم بن عبد الله بن الحسن يمدحه بها، ويحرضه على أبي جعفر المنصور فمات إبراهيم قبل وصول القصيدة إليه، فخاف بشار من اشتهارها فقلبها وجعل التحريض على أبي مسلم الخراساني فقال:
أبا مسلم ما طيب عيش بدائم ... ولا سالم عما قليل بسالم
(2) في الأصل: (فقوات).
(3) العبارة الأخيرة في ثمار القلوب: 417.
(4) في الأصل: (القول وريد).
(5) في الأصل: (الصواث).
(6) في الأصل: (المستشين).
(7) العبارة في التمثيل والمحاضرة: 417غير منسوبة للجاحظ.(1/324)
وقد أمر الله تعالى بالمشورة أكمل الخلق لبابة (1)، وأولاهم بالإصابة، فقال لرسوله الكريم الحكيم {وَشََاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذََا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ} (2).
شعر لبشار
وقال الشاعر:
شاور صديقك في الخفي المشكل (4) ... (واقبل) (3) نصيحة مشفق متفضل
فالله قد أوصى النبي محمدا ... في قوله: شاورهم (5) وتوكل
11942
فصل في أدب الحرب
قد أمر الله تعالى في الحرب بالاجتماع، والتعاضد فقال: {وَقََاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمََا يُقََاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (6).
قول المهلب بن أبي صفرة: محرض خير من ألف مقاتل
وكان المهلب بن أبي صفرة يقول:
محرّض خير من ألف مقاتل، ثم يقرأ: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتََالِ} (7)، وقوله {فَقََاتِلْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ لََا تُكَلَّفُ إِلََّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللََّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللََّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (8).
__________
(1) اللبابة: الحسب الخالص. القاموس المحيط (لبب).
(2) آل عمران: 159.
(3) في الأصل: (والمشكل).
(4) في الأصل: (أقبل نصحة).
(5) في الأصل: (وشاورهم). وفي البيت إشارة إلى الآية السابقة: آل عمران: 159.
(6) التوبة: 36.
(7) الأنفال: 65.
(8) النساء: 84.(1/325)
وقد جمع الله آداب الحرب بقوله: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللََّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَلََا تَنََازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللََّهَ مَعَ الصََّابِرِينَ} (1).
21942 - فأمر أولا بالثبات عند لقاء العدو، ثم بذكر (2) الله الذي به يستنزل النصر، ثم بطاعة الله التي لا بد منها في جميع الأحوال، ثم بطاعة الرئيس التي لك غنمها، وعليك عدمها، ثم نهى عن التنازع المؤدي إلى التخالف، وذهاب الريح، وكلال الجدّ (3) ثم أمر بالصبر الذي هو ملاك الأمر. ومن أخذ بهذه الآداب الحسنة في الحرب فلا بد من إفلاحه وإنجاحه.
11952
قول لبعض أصحاب الجيوش
قال بعض أصحاب الجيوش:
التعزير (4) مفتاح البؤس، وقد نهى الله عن ذلك فقال: {وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (5).
ومن وهن الأمر إعلانه قبل إحكامه. وقد ذمّ الله الإذاعة فقال: {وَإِذََا جََاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذََاعُوا بِهِ} (6).
استئذان بعض أصحاب أبي مسلم أباه في الانصراف وهو في حرب
استأذن بعض أصحاب أبي مسلم إياه في الانصراف، وهو في بعض الحروب فقرأ بعض قوّاده: {إِنَّمََا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
__________
(1) الأنفال: 45، 46.
(2) في الأصل: (يذكر).
(3) الجد: الرزق والعظمة. القاموس المحيط (جدد).
(4) التعزير: التعظيم، ولعل المقصود بها المبالغة في التعظيم كما نهى الله سبحانه في الآية المذكورة عن الإسراف المؤدي إلى التهلكة.
(5) البقرة: 195.
(6) النساء: 83.(1/326)
{وَارْتََابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} (1). فغضب أبو مسلم، وهم بقتله.
فقال المستأذن أيها الأمير:
هذه منسوخة بقوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2). فأذن له، وقد سكن عنه الغضب.
21952
ما جرى بين المأمون والعباس بن الحسن بن عبيد الله وقد خرجا للقبض على ابن عائشة
لما ركب المأمون للقبض على ابن عائشة الخارج (3) كان من علية شيعته العباس بن الحسن بن عبيد الله العلوي (4)، فجمعوا إليه وخدمه بالأسلحة الشاكة. فقال له المأمون:
(ويحك) (5) ما هذه الخرجة؟
فقال: اتباعا لقول الله تعالى: {مََا كََانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرََابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللََّهِ وَلََا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} (6)، فاستحسن ذلك من كلامه واستصحبه.
11962 - حكى أبو عبد الله ابن خالويه (7)، قال:
بلغني عن ابن نفيس صاحب كان لسيف الدولة أنه حكى حكاية ظريفة قال:
__________
(1) التوبة: 45.
(2) النور: 62.
(3) كذا في الأصل، وهو إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام المعروف بابن عائشة خرج على المأمون سنة عشر ومائتين وسعى في البيعة لإبراهيم بن المهدي فقبض عليه المهدي وحبسه، ثم قتله وصلبه. انظر: الطبري 10/ 269، 270 حوادث سنة 210.
(4) العباس بن الحسن بن عبد الله العلوي من ولد العباس بن علي بن أبي طالب كان من أصحاب الرشيد: جمهرة أنساب العرب 67.
(5) في الأصل: (وقرر) ولم يرد ذكر الصحبة في الطبري.
(6) التوبة: 120.
(7) أبو عبد الله بن خالويه لغوي نحوي مشهور جالس سيف الدولة، وله مع المتنبي مجالس ومباحث توفي سنة 370هـ. وفيات الأعيان 1/ 433.(1/327)
تعظيم سيف الدولة لملك الروم ورأيه في ذلك
قلت لسيف الدولة وهو يكتب إلى ملك الروم: أيها الأمير أراك تدني (1) ملك الروم إلى طاعتك، فتجعله أكبر من ملك، فضحك وقال:
و {فَلََا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللََّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمََالَكُمْ} (2).
21962
فصل في أنواع من المكارم والمحاسن
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من أغاث مكروبا
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من أغاث مكروبا، أغاثه الله يوم الفزع الأكبر).
وقال يوما: (من أعطى فشكر، وابتلى فصبر، وظلم فاستغفر) ثم سكت. فقالوا:
ما له يا رسول الله؟
فقال {أُولََئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (3).
وكان يقال: قد جمع الله محاسن الخصال، ومكارم الأخلاق في قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ} (4).
قول بعض الولاة لرجل من رعيته
وقال بعض الولاة لرجل من رعيته:
قد أمرنا باستعمال العدل معك في صناعتك، ومعاشك.
قال: وما يجزيني ذلك أيها الأمير، مع خدمتي وحرمتي؟ (5).
فقال: وهل وراء العدل شيء؟.
__________
(1) في الأصل: (تدثى).
(2) محمد: 35.
(3) الأنعام: 82.
(4) الأعراف: 199.
(5) في الأصل: (وجرمتي).(1/328)
فقال: نعم، الإحسان الذي قرنه الله به في قوله: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسََانِ} (1).
11972 - وقال بعض الصالحين لابنه:
يا بني عليك بالقناعة، فإن (من) لم تغنه قناعة لم تغنه (1) مال.
قول لقتادة
كان قتادة يقول:
ما استقصى كريم قط. أما سمعتم قول الله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} (2).
من أقوال الأحنف بن قيس
وكان الأحنف (3) يقول:
التغافل من أفعال الكرام، ثم يقول: {وَإِذََا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيََاتِنََا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتََّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (4).
شعر لأبي تمام
وهذا المعنى أراده أبو تمام في قوله:
ليس الغبيّ بسيد (6) في قومه ... لكنّ سيد قومه المتغابي (5)
__________
(1) النحل: 90.
(2) في الأصل: يغنه.
(3) التحريم: 3.
(4) هو الأحنف بن قيس يكنى أبا بحر الضحاك المعروف بالأحنف وقيل اسمه صخر، وهو الذي يضرب به المثل في الحلم. كان من سادات التابعين أدرك النبي، ولم يصحبه توفي سنة 67هـ وقيل 76هـ وقيل 77هـ. انظر وفيات الأعيان 2فما بعدها.
(4) الأنعام: 68.
(5) في الأصل: (بسيدو).
(6) البيت من قصيدة يمدح بها أبو تمام مالك بن طوق التغلبي ومطلعها:
لو أنّ دهرا رد رجع جوابي ... أو كفّ من شاديه طول عتابي
انظر: بدر التمام: 82.(1/329)
الباب التاسع في ذكر معائب الأخلاق من الخلال، ومقابح الأعمال، وذم العامة والسقّاط والجهال وعورات الرجال
11992(1/331)
الباب التاسع في ذكر معائب الأخلاق من الخلال، ومقابح الأعمال، وذم العامة والسقّاط والجهال وعورات الرجال
11992
الباب التاسع في ذكر معائب الأخلاق من الخلال ومقابح (1) (الأعمال) وذم الغاغة (2) والسقّاط، والجهال، وعورات (3) الرجال.
فصل في ذم الهوى
قول ابن عباس: الهوى إله معبود
قال ابن عباس:
الهوى إله معبود، ثم قرأ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلََهَهُ هَوََاهُ} (4).
شعر لابن طباطبا
وقال ابن طباطبا من أبيات:
سمتني ما محا الهوى من ضميري ... فالهوى اليوم حبله منك واهي
بعدما كان لي هواك إلها ... طالما قد عبدته كالإله
21992
وصية بعض الزهاد
قيل لبعض الزهاد (5):
أوصنا.
قال: خالفوا أهواءكم تسلموا من الضلالة فإن الله يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوََاهُ} (6) ويقول: {وَلََا تَتَّبِعِ الْهَوى ََ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} (7) ويقول:
__________
(1) في الأصل: (مفاتح) وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل وقد ذكرت في ثبت الكتاب.
(2) في الأصل: (الفاغة) والغاغة: السقاط من الناس وهو في الأصل شيء يشبه البعوض ولا يعض لضعفه. انظر: القاموس المحيط (غوغ).
(3) في الأصل: (وعوارف) وهو خطأ صوبناه من مقدمة الكتاب.
(4) الجاثية: 23.
(5) في الأصل: (الرهاة).
(6) القصص: 50.
(7) ص: 26.(1/333)
{وَلََا تَتَّبِعُوا أَهْوََاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوََاءِ السَّبِيلِ} (1)، ويقول: {قُلْ لََا أَتَّبِعُ أَهْوََاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمََا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (2).
12002
فصل في كفر النعمة
قول لبعض الحكماء
قال بعض الحكماء: كفر النعمة طبيعة مركبة في الإنسان. قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَكَفُورٌ} (3)، {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَظَلُومٌ كَفََّارٌ} (4).
قول الحسن في آية
قال الحسن: في قوله: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} (5) قال:
هو الذي ينسى النعم، ويذكر المصائب.
شعر لبعضهم
قال بعضهم:
يا أيها الظالم في فعله ... والظلم مردود على من ظلم
إلى متى أنت، وحتى متى ... تشكو المصاب وتنسى النعم؟
22002
قول سليمان بن جعفر وقد بلغه قول إبراهيم بن المهدي في عفو المأمون عنه
بلغ سليمان بن جعفر بن أبي جعفر قول إبراهيم بن المهدي:
__________
(1) المائدة: 77.
(2) الأنعام: 56.
(3) الحج: 66في الأصل): إن الإنسان لكفور مبين) وهو خطأ في النسخ.
(4) إبراهيم: 34.
(5) العاديات: 6.(1/334)
والله ما عفا عني المامون صلة لرحمي، ولا تقربا (1) إلى الله بحقن دمي، ولكن قامت له سوق في العفو، فكره أن يقدح (2) فيها فيها بقتلي.
فقال سليمان: {قُتِلَ الْإِنْسََانُ مََا أَكْفَرَهُ} (3). أما المأمون فقد فاز بذكرها، وفضلها، وجميل الأحدوثة عنها {فَمَنْ شََاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شََاءَ فَلْيَكْفُرْ} (4). قال الله تعالى: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمََا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (5).
شعر لأبي تمام
قال أبو تمام:
أشكر نعمى منك مكفورة ... وكافر النعمة كالكافر (6)
شعر للبحتري
قال البحتري:
سأجهد في شكر لنعماك إنني ... أرى الكفر للنعماء ضربا من الكفر (7)
__________
(1) في عيون الأخبار 1/ 100: ولا محبة لاستحيائي، ولا قضاء لحق.
(2) يقدح: أي يطعن. والخبر في عيون الأخبار 2/ 252: عمومتي، ولكن قامت له سوق في العفو، فكره أن يفسدها بي. انظر أيضا: الخليفة المغنى: 87.
(3) عبس: 17.
(4) الكهف: 29.
(5) النمل: 40.
(6) البيت الأول في بدر التمام في شرح ديوان أبي تمام 1/ 516وتمثل به الثعالبي في المنتحل: 89وهو من قصيدة يمدح بها أبا سعيد، ومطلعها:
قل للأمير الأريحي الذي ... كفّاه للبادي وللحاضر
(7) البيت الثاني من قصيدة يمدح بها المعتز ومطلعها:
حبيب سرى في خفية وعلى ذعر ... يجوب الدجى حتى التقينا على قدر
ديوان البحتري ج 1/ 1054.(1/335)
12012
فصل في البخل
قول للشعبي
كان الشعبي يقول:
والله ما أفلح بخيل قط، ثم يقرأ {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1).
قول لابن مسعود
قال ابن مسعود في قوله تعالى:
{سَيُطَوَّقُونَ مََا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (2) قال: يطوّق بثعبان فينقر رأسه، ثم ينظم في عنقه فيقول: أنا مالك بخلت به.
قول بعض السلف
وقال بعض السلف:
لو لم ينطق القرآن في ذم (3) البخيل إلا بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مََا آتََاهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (4).
وقال غيره: قد ذم الله تعالى: من منع خيره، وأمر (5) بالبخل غيره، فإياك أن تكنه.
__________
(1) الحشر: 9.
(2) آل عمران: 180.
(3) الأصل: (دم).
(4) النساء: 37وفي الأصل: (ولا تحسبن). ولعلّ بعدها كلمة ساقطة هي مثلا (لكفى).
(5) في الأصل: (ويأمر).(1/336)
12022
فصل في الظلم
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ} (1).
ثم قال: {وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ} (2).
وقال: {وَمََا يَجْحَدُ بِآيََاتِنََا إِلَّا الظََّالِمُونَ} (3).
وقال تعالى: {وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ أَنْصََارٍ} (4).
وقال تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ اللََّهَ غََافِلًا عَمََّا يَعْمَلُ} (5).
وقال تعالى: {وَلََا تَزِدِ الظََّالِمِينَ إِلََّا تَبََاراً} (6).
قول لبعض الحكماء
قال بعض الحكماء:
الظلم خطة في الحيوان لا سيما في الإنسان (7)، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَظَلُومٌ كَفََّارٌ} (8).
شعر للمتنبي
قال المتنبي:.
__________
(1) الصف: 7.
(2) الصف: 7.
(3) العنكبوت: 49.
(4) البقرة: 270.
(5) إبراهيم: 42.
(6) نوح: 28.
(7) في الأصل: (في الإنسان لا سيما في الإنسان) وهو تحريف في النسخ ولعلها كما أثبتناها. والخطة الطريقة والعادة.
(8) إبراهيم: 34.(1/337)
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم (1)
22022
قول أبي عيينة وقد سمع قائلا يقول: الظلم مرتعه وخيم
سمع ابن عيينة قائلا يقول: الظلم مرتعه وخيم. فقرأ: {وَقَدْ خََابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} (2)، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (3).
قول لعبد الله بن مسعود
وقال عبد الله بن مسعود:
لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمََانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولََئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (4) شق ذلك على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقالوا: يا رسول الله أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال عليه السلام: ((الظلم ها هنا الشرك، أما سمعتم قوله تعالى حكاية عن لقمان: {يََا بُنَيَّ لََا تُشْرِكْ بِاللََّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (5))).
12032
مجلس فيه ابن عباس وكعب الأحبار
جمع ابن عباس وكعب الأحبار (6) مجلس جرى فيه ذكر الظلم والظلمة.
فقال كعب: إني واجد في التوراة: أن من يظلم يخرب بيته (7).
فقال ابن عباس: أنا أوجدك هذا في القرآن.
فقال: هات يا بن (8) عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقرأ: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} (9).
__________
(1) البيت في ديوان المتنبي 4/ 125.
(2) طه: 111.
(3) الشعراء: 227.
(4) الأنعام: 82.
(5) لقمان: 13والحديث أخرجه البخاري وأورده ابن كثير في تفسيره 3/ 444.
(6) كعب الأحبار هو كعب بن ماتع بن ذي هجن الحميري تابعي كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن، أسلم زمن أبي بكر، وقدم المدينة زمن عمر، فأخذ عنه الصحابة أخبار الأمم الغابرة. انظر حلية الأولياء 5/ 364.
(7) في الأصل: (يجرب نبيه).
(8) في الأصل: (أبى أحد).
(9) النمل: 52.(1/338)
ومن ها هنا روى عنه عليه السلام: (اليمين الكاذبة تدع الديار (1) بلاقع). وقد
شعر لأبي تمام
اقتبس أبو تمام هذا المعنى فقال:
وبلاقعا حتى كأنّ قطينها ... حلفوا يمينا خلّفتك غموسا (2)
22032
خطبة عبد الله بن الزبير لما بلغه أن عبد الملك بن مروان قتل الأشدق
لما بلغ عبد الله بن الزبير (3) أن عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد الأشدق (4)
قام خطيبا فقال في خطبته:
أما بعد، فإن (أبا ذبان) (5) قتل (لطيم) (6) الشيطان، ثم قرأ: {وَكَذََلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظََّالِمِينَ بَعْضاً بِمََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (7).
من شعر القاضي أبي بكر
أنشد القاضي أبو بكر لنفسه:
وظالما قلت له واعظا ... الظلم مما ينكر (8) العالمون
أقصر عن الظلم وأمسك يدا ... فإنه لا يفلح الظالمون
__________
(1) في الأصل: الربار) والبلاقع: الخالية.
(2) البيت في ديوان أبي تمام: من قصيدة 131يمدح بها أبا الغيث موسى بن إبراهيم ومطلعها:
أقشيب ربعهم أراك دريسا ... وقرى ضيوفك لوعة ورسيسا
القطين: السكان، واليمين الغموس هي الكاذبة.
(3) في الأصل: (عبد الله) وهو تحريف في النسخ.
(4) عمرو بن سعيد الأشدق، ولي المدينة لمعاوية ويزيد ثم طلب الخلافة وغلب على دمشق وخرج على عبد الملك بن مروان، فقتله عبد الملك سنة 70هـ، ولقب بلطيم الشيطان وقد قال الجاحظ إن هذا اللقب يقال لمن به لقوة أو شتر إذا سب. انظر الحيوان 6/ 178، لطائف المعارف: 37.
(5) في الأصل: (أبا الرمان) وهو تحريف في النسخ والصواب أبو ذبان وهي كنية عبد الملك ابن مروان قيل لشدة بخزه وموت الذبان إذا دنت من فمه. انظر: لطائف المعارف 36، ثمار القلوب: 59.
(6) في الأصل: (لظليم) وهو تحريف في النسخ، ولطيم الشيطان لقب عمرو بن الأشدق والخطبة في البيان والتبيين 1/ 406، 2/ 95، ثمار القلوب: 59، لطائف المعارف: 36.
(7) الأنعام: 129.
(8) في الأصل: (سكر) والصواب ما أثبتناه أعلاه.(1/339)
12042
فصل في الكذب
قول للحسن
قال الحسن:
ينبغي للمؤمن أن ينزه دينه عن الكذب فإن الله تعالى قد نسبه إلى من لا يؤمن به فقال: {إِنَّمََا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ بِآيََاتِ اللََّهِ} (1). وقال عز ذكره: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى ََ عَلَى اللََّهِ الْكَذِبَ} (2).
قول لبعض الحكماء
قال بعض الحكماء:
الكذب بين مهانة الدنيا، وعذاب الآخرة، فإن الله تعالى يقول: {وَلَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ بِمََا كََانُوا يَكْذِبُونَ} (3).
22042
فصل في الحسد
قول الأصمعي إذا أنشد بيت شعر
كان الأصمعي إذا أنشد:
إن العرانين تلقاها محسّدة ... ولن ترى للئام الناس حسّادا (4)
__________
(1) النحل: 105.
(2) الصف: 7.
(3) البقرة: 10.
(4) البيت للمغيرة بن حبناء شاعر آل المهلب وقبله:
إلى المهلب قوم إن مدحتهم ... كانوا الأكارم آباء وأجدادا
وفي العقد الفريد 2/ 156إن المنصور قال لسليمان بن معاوية المهلبي: ما أسرع حسد الناس إلى قومك؟ فقال يا أمير المؤمنين
والعرانين السادة الأشراف، الواحد عرنين.(1/340)
تلا قوله تعالى: {جَعَلْنََا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} (1).
12052
قول للحسن في الحسد
قال الحسن:
الحسد أسرع في الدين من النار في يبس العرفج (2)، وما أوتي المحسود من حاسد إلا من قبل فضل الله عنده، ونعمته عليه. قال الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النََّاسَ عَلى ََ مََا آتََاهُمُ (اللََّهُ) مِنْ فَضْلِهِ} (3).
والحسد عقيد الكفر، وضد الحق. وقد ذم الله به أهل الكفر فقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمََانِكُمْ كُفََّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} (4).
وفيه تتولد العداوة، وهو سبب كل قطيعة، ومنتج كل وحشة، ومفرق كل جماعة، وقاطع كل رحم بين الأقرباء، ومحدث كل فرقة بين الأصدقاء، وملقح كل شر بين الخلطاء.
ثم هو أول خطيئة ظهرت في السماء، وأول معصية حدثت في الأرض، أما التي في السماء فمعصية إبليس لما حسد آدم (5). وأما (6) التي في الأرض فقتل ابن آدم حسدا (7) له كما حكى
__________
(1) الفرقان: 31.
(2) العرفج شجر سهلي. القاموس المحيط (عرفج).
(3) ما بين القوسين ساقط من المخطوط والآية من سورة النساء: 54.
(4) البقرة: 109.
(5) في لطائف المعارف 5: أما في السماء فما كان من حسد إبليس لآدم حينترفع عن السجود، وهو في العقد الفريد / 320غير منسوب.
(6) نسب الثعالبي القول ابتداء من هذه الجملة في لطائف المعارف: 5إلى بعض السلف.
(7) في لطائف المعارف: وأما في الأرض فما كان من حسد قابيل لأخيه هابيل على تقبل القربان منه دونه، حتى قتله، فأصبح من النادمين. وفي العقد الفريد: وأما في الأرض فحسد قابيل هابيل.(1/341)
الله عنه، قال تعالى {فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخََاسِرِينَ} (1). وقد أمر الله بالتعوذ من شر الحاسد إذا حسد (2).
22052
فصل في ذم ذي الوجهين
قول الأحنف لبعض أصحابه
قال الأحنف يوما لأصحابه:
إن ذا الوجهين خليق ألا يكون وجيها عند الله (3).
فقالوا له: وكيف ذو الوجهين يا أبا بحر؟
قال: كما قال الله تعالى: {وَإِذََا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قََالُوا آمَنََّا وَإِذََا خَلَوْا إِلى ََ شَيََاطِينِهِمْ قََالُوا إِنََّا مَعَكُمْ إِنَّمََا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} (4) وكما قال عز ذكره: {وَإِذََا لَقُوكُمْ قََالُوا آمَنََّا وَإِذََا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنََامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (5).
12062
قول النبي: مثل المنافق مثل الشاة
وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم:
__________
(1) كذا في الأصل. والصواب: فأصبح من الخاسرين. المائدة: 30. أما قوله: فأصبح من النادمين، فهو من قوله تعالى:
{أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هََذَا الْغُرََابِ فَأُوََارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النََّادِمِينَ} المائدة: 31.
(2) من قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حََاسِدٍ إِذََا حَسَدَ} الفلق: 5.
(3) في البيان والتبيين 2/ 129: أنه سمع رجلا يطري يزيد عند معاوية، حتى إذا خرج ذمهما فقال له: (صه فإن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيها).
(4) البقرة: 14.
(5) آل عمران: 119.(1/342)
(مثل المنافق مثل الشاة الغائرة بين الغنمين تهوى إلى هذه مرة، وإلى تلك أخرى).
ثم قرأ. {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذََلِكَ لََا إِلى ََ هََؤُلََاءِ وَلََا إِلى ََ هََؤُلََاءِ} (1).
وقد وصفهم بأجلّ لفظ، وأحسن معنى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كََانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللََّهِ قََالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كََانَ لِلْكََافِرِينَ نَصِيبٌ قََالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (2).
وقال تعالى فيهم: {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوََاهِهِمْ وَتَأْبى ََ قُلُوبُهُمْ} (3).
دخول أبي العيناء على عبيد الله بن سليمان وعنده نجاح بن سلمة وآخرون
دخل أبو العيناء على عبيد الله بن يحيى بن خاقان (4)، وعنده نجاح بن سلمة وموسى ابن عبد الملك، وأحمد بن إسرائيل (5). فقال:
وأشار إليهم: أيها الوزير {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتََّى} (6).
فقال نجاح: كذبت يا عدو الله. فقال أبو العيناء: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} (7).
__________
(1) النساء: 143.
(2) في الأصل خطأ في كتابة الآية إذ كتبت عبارة {قََالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} قبل عبارة {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ}. وصواب الآية كما أثبتناها وهي من سورة النساء: 141.
(3) التوبة: 8.
(4) في الأصل: (عبيد الله بن سليمان).
(5) أحمد بن إسرائيل أبو جعفر الأنباري أحد الكتاب الأذكياء ولي الوزارة للمعتز وقتله الأتراك سنة 255هـ. انظر الفخري:
181.
(6) الحشر: 14.
(7) الأنعام: 67.(1/343)
فصل في الكبر
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من كان في قلبه
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر لم يرح رائحة الجنة) (1). ثم قرأ:
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً} (2).
قول لبعض الحكماء
وقال بعض الحكماء:
إياكم والكبر، فإن إبليس لما تكبر عن امتثال أمر الله تعالى قال له: {فَمََا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهََا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصََّاغِرِينَ} (3).
وقال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيََاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (4).
وقال تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتََالٍ فَخُورٍ} (5).
__________
(1) في صحيح مسلم 1/ 65: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).
(2) الزمر: 60.
(3) الأعراف: 13.
(4) الأعراف: 146.
(5) لقمان: 18.(1/344)
فصل في ذم الغيبة
قول الحسن: الغيبة إدام الكلاب
قال الحسن:
الغيبة إدام الكلاب التي في النار. قال الله سبحانه: {وَلََا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} (1).
قول إبراهيم بن آدم وقد اغتابت جماعة في داره
أضاف إبراهيم بن آدم قوما فلما تمكنوا في مجلسه، أخذوا في غيبة الناس. فقال لهم:
إن الناس يأكلون الخبز باللحم، وأنتم تأكلون اللحم قبل الخبز، ثم قرأ {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} (2).
قول بعضهم الغيبة فاكهة المرائي
وقال بعضهم:
الغيبة فاكهة المرائي، وبستان الملوك، ومرتع النساء، وإدام كلاب أهل النار.
فصل في الظن
قال الله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لََا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} (3).
وقال تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (4).
__________
(1) الحجرات: 12.
(2) الحجرات: 12.
(3) النجم: 28.
(4) الحجرات: 12.(1/345)
قول عبد الملك بن صالح للرشيد وكان قد تغير عليه
دخل عبد الملك بن صالح (1) على الرشيد، وكان الرشيد واجدا (2) عليه، متغيرا له، فسلّم عبد الملك، وجلس، وأقبل الرشيد يعاتبه، ويقرعه. فأقبل عليه عبد الملك كأنه صقر، وقال:
يا أمير المؤمنين، اتق الله فيما ولاك، ورعيته فيما استرعاك، ولا تضع الكفر مكان الشكر، ولا العقاب موضع الثواب، فقد والله محضتك (3) النصيحة، وشددت أواخي (4)
ملكك بأثقل من يلملم (5)، فالله (الله) في ذي رحمك أن تقطعه برجم (6) أفصح الكتاب بآية (أنه) (7) إثم.
فرضي عنه الرشيد، ورجع له.
فصل في أنواع من الخلال (8) المذمومة
قول لبعضهم
قيل لبعضهم: قال يحيى بن خالد: الشرف (9) في السرف، فقال قول الله أحق أن يتبع: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحََابُ النََّارِ} (10).
__________
(1) عبد الملك بن صالح بن علي العباسي أمير من بني العباس، ولاه الهادي ثم عزله الرشيد، ثم ولاه الرشيد، وبلغه أنه يطلب الخلافة، فحبسه ثم أطلقه الأمين وولاه توفي نحو 196هـ. انظر: فوات الوفيات 2/ 12، مروج الذهب 3/ 344، النجوم الزاهرة 2/ 90، 151، تاريخ ابن الأثير 6/ 180فما بعدها.
(2) في الأصل: (وامرا).
(3) في الأصل: (مخصتك النصيحة) وفي الكامل لابن الأثير: فقد نخلت لك النصيحة، ومحضت لك الطاعة. وقوله هذا في مروج الذهب 3/ 344وروايته تختلف عن رواية الثعالبي وابن الأثير.
(4) في الكامل: وشددت أواخي ملكك بأثقل من ركني يلملم، وتركت عدوك منشغلا.
(5) يلملم: موضع على ليلتين من مكة، وقيل هو جبل من الطائف على مسيرة ليلتين أو ثلاث. انظر: معجم البلدان 4/ 1036.
(6) في الأصل: (يرحم) وفي الكامل لابن الأثير: فالله في ذي رحمك أن تقطعه بعد أن وصلته بظن أفصح الكتاب. وللنص تتمة.
(7) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل في مروج الذهب 3/ 344: وإن الرشيد قال للأصمعي بعد أن سمع كلامه: والله والله يا أصمعي لقد نظرت إلى موضع السيف في عنقه مرارا، يمنعني في ذلك إبقائي على قومي في مثله. وفي الكامل لابن الأثير، والله لولا بقائي على بني هاشم لضربت عنقك، ثم أعاده إلى مجلسه.
(8) في الأصل: (الحلال).
(9) في الأصل: (البشرف في).
(10) غافر: 43.(1/346)
قول بعض الحكماء
وقال بعض الحكماء:
المنّ يهدم الصنعة، ويفسد المعروف. وقد نهى الله عنه فقال: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تُبْطِلُوا صَدَقََاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ََ} (1).
12092 - وقال بعضهم:
الفخر عند الرجاء لؤم، وعند البلاء حمق.
قول الحسن: القنوط تفريط
وقال الحسن:
القنوط تفريط، وهو من الضلالة. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضََّالُّونَ} (2).
رأي ابن عباس في آية: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (3). قال:
هو المشّاء بالنميمة، المفرق بين الجمع، المصدّع (4) بين الإخوان. وقد ذمّ الله تعالى ذلك: {وَلََا تُطِعْ كُلَّ حَلََّافٍ مَهِينٍ (10) هَمََّازٍ مَشََّاءٍ بِنَمِيمٍ} (5).
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: عدلت شهادة الزور
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
عدلت (6) شهادة الزور بالإشراك بالله. قال الله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثََانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (7).
__________
(1) البقرة: 264.
(2) الحجر: 56.
(3) الهمزة: 1وفي تفسير الطبري ج 30/ 292: عن ابن عباس أيضا قال هم المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة الباغون أكبر العيب.
(4) في الأصل: (المصدن نبي).
(5) القلم: 10، 11.
ورد هذا التفسير في جامع البيان 30/ 292.
(6) الحديث في شرح صحيح الترمذي ج 9/ 174، 175وقد قاله الرسول صلّى الله عليه وسلّم في إحدى خطبه.
(7) الحج: 30.(1/347)
22092
فصل في ذكر العامة والجهال
قال الله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى ََ لََا يَسْمَعُوا وَتَرََاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ} (1).
شعر لمحمود الوراق
وكان محمود الورّاق اقتبس منه:
يا ساهرا يرنو بعيني راقد ... ومشاهدا (2) للأمر غير مشاهد (3)
12102 - وكان بعضهم إذا نظر إلى العامة قال: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقََاظاً} [4] وَهُمْ رُقُودٌ (5).
وقال الله تعالى: {أَلََا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهََاءُ وَلََكِنْ لََا يَعْلَمُونَ} (6).
__________
(1) الأعراف: 198.
(2) في الأصل: (ومشاهد) والبيت في ديوانه ق 49، 61مع ثلاثة أبيات أخرى. وروايته فيه (يا ناظرا يرنو).
(3) وهو في العقد الفريد 3/ 179وروايته:
يا غافلا ترنو بعيني راقد ... ومشاهد للأمر غير مشاهد
وبعده:
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درك الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدما ... منها إلى الدنيا بذنب واحد
(4) في الأصل: (إيقاظ).
(5) الكهف: 18.
(6) البقرة: 13.(1/348)
شعر لبعضهم
منه اقتبس من قال:
جهلت ولم تعلم بأنّك جاهل ... فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري (1)
قال الله تعالى: {فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (2).
شعر لمنصور الفقيه
وقال منصور الفقيه:
يا معرضا إذ رآني ... لمّا رآني ضريرا
كم قد رأيت بصيرا ... أعمى وأعمى بصيرا (3)
22102 - وقال تعالى: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قََالُوا سَمِعْنََا وَهُمْ لََا يَسْمَعُونَ (21) * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللََّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لََا يَعْقِلُونَ} (4). فلو كانوا صما وبكما، وكانوا لا يعقلون لما عيّرهم بذلك، كما لم يعيّر من خلقه أعمى، (وكما) (5) لم يعير من خلقه معتوها لم يعقل، وكما لم يلم الدواب ولم يعاقب السباع، ولكن سمّى البصير المتعامي، والسميع المتصام (6) أصما، والعاقل المتجاهل جاهلا. وقد قال الله
__________
(1) البيت للخليل بن أحمد الفراهيدي. انظر شعره ق 16ومعه ثلاثة أبيات أخرى وروايته فيه (جهلت فلم تدر) وروايته في الأصل (فمن لي بأن يدري).
(2) الحج: 46.
(3) البيت في شعر منصور بن إسماعيل الفقيه 96وهما في معجم الشعراء 28، يتيمة الدهر 2/ 144.
(4) الأنفال: 21، 22.
(5) في الأصل: (وكيف).
(6) في الأصل: (المتعام أصم).(1/349)
تعالى: {أُولََئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى ََ أَبْصََارَهُمْ} (1). فلو عنى أن عماهم كعمى العميان وصممهم كصمم الصمّ لما قال: {أَفَلََا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى ََ قُلُوبٍ أَقْفََالُهََا} (2)، وإنما ذلك كقوله: {إِنَّكَ لََا تُسْمِعُ الْمَوْتى ََ وَلََا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعََاءَ إِذََا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (3). وقد قال الله تعالى لناس يبصرون ويسمعون {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لََا يَرْجِعُونَ} (4)، فذلك على المثل.
12112
قول لبعضهم وقد نظر إلى بعض العامة يتكلمون في القدر
ونظر بعضهم إلى قوم من العامة يتكلمون في القدر، وقد علت أصواتهم في الجدال.
فقال:
{وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يُجََادِلُ فِي اللََّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطََانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلََّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى ََ عَذََابِ السَّعِيرِ} (5).
وقد ذم الله قوما يخافون الناس أشد من خوفهم الله فقال تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللََّهِ ذََلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لََا يَفْقَهُونَ} (6).
__________
(1) محمد: 23.
(2) محمد: 24. وفي الأصل: (أفلا يبصرون).
(3) النمل: 80.
(4) البقرة: 18.
(5) الحج: 3، 4وما بين القوسين ساقط في الأصل.
(6) الحشر: 13.(1/350)
12122
فصل في مثل ذلك من ذم الفساق
قول الحسن إذا نظر إلى جماعة من أهل المدينة
كان الحسن إذا نظر إلى أصحاب الدنيا قال:
رفعوا الطين (1)، ووضعوا الدين، وركبوا البراذين، واتبعوا الشياطين، وأشبهوا الدهّاقين خلافا على المتقين، وهكذا أفعال المجانين فسوف يعلمون.
قول عبد الملك بن صالح في الخليفة المهدي
وكان محمد بن عبد الملك بن صالح (2) يقول:
ما فسق من أهل البيت رجل (3)، حتى استخلف المهدي، فحدثت (4) في عصره أحداث، (و) (5) اشتهر باللذات. ولقد أدركت من مضى من أهل بيتي يصونون عن الدنس أعراضهم، ويحفظون من العار أنسابهم ثم {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ} [6] وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (7).
ما كتبه أبو علي البصير إلى أبي العيناء
كتب أبو علي البصير (8) إلى أبي (9) العيناء:
أخبرني فلان أنك أصبحت متخضبا بالوسمة، فعرفت أنك التمست بذلك الزينة عند أهل الدنيا لما رأيت من قبح وجهك عند أهل الآخرة بتركك الصلاة، واتباعك
__________
(1) في الأصل: (الطير).
(2) محمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس كان غاية في الرفعة ومن جلة قومه مدحه البحتري وحبيب.
انظر جمهرة أنساب العرب: 36.
(3) في الأصل: (رجلا).
(4) في الأصل: (فحدث).
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) في الأصل: (المصلاة).
(7) مريم: 59.
(8) في الأصل: (البصيرى).
(9) في الأصل: (أبو).(1/351)
(الشهوات) (1)، ومنعك الصدقات، واستحلالك الحرمات، وكلما أردت ذلك كنت (2) عند أهل السماء من الممقوتين، وعند الصالحين من المارقين الذين قال الله فيهم: {وَلَوْ عَلِمَ اللََّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ} (3).
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) في الأصل: (كتب).
(3) الأنفال: 23.(1/352)
الباب العاشر في ذكر أنواع من الأضداد، والأعداد(1/353)
12132 - الباب العاشر في ذكر أنواع من الأضداد، والأعداد
فصل في ذكر الغنى والفقر
نص من كتاب المبهج
قلت في الكتاب المبهج:
لو لم يكن في الغنى إلا أنه من صفات الله تعالى لكفى (1) به فضلا. وقد سمّى الله تعالى المال خيرا (2) في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذََا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً} (3).
قول لبعض المفسرين
وقال المفسرون في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (4)، أي لحب المال وسمّى الله جلّ اسمه الخيل خيرا في قصة سليمان عليه السلام. فقال حكاية عنه: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} (5). 22132 وسمّى الطعام خيرا في قصة موسى عليه السلام حيث قال: {رَبِّ إِنِّي لِمََا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (6).
عن عبد الرحمن: يا حبّذا المال أصون به عرضي، وأقرضه (7) ربي، فيضعفه.
__________
(1) في الأصل: (وكفى).
(2) في الأصل: (خير).
(3) البقرة: 180والنص غير موجود في ما نشر من المبهج.
(4) العاديات: 8.
(5) ص: 32.
(6) القصص: 24.
(7) في الأصل: (وافرضه) والقول إشارة إلى الآية الكريمة: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضََاعِفَهُ لَهُ}
البقرة: 245وقد سقط سند الخبر.(1/355)
شعر لبعضهم
قال شاعر:
حالان (لا) (2) تحسن الدنيا بغيرهما ... (1) فيه الجود والولد
زين الحياة هما لو كان غيرهما ... كان الكتاب به في ديننا يرد
يعني قوله تعالى: {الْمََالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (3).
قول ابن عباس في آية: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً}
قال ابن عباس: في قوله تعالى: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى ََ قُوَّتِكُمْ} (4) أي مالا إلى مالكم.
12142
اختيار بعض الصالحين الفقر
وقد اختار قوم من الصالحين الفقر لقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَيَطْغى ََ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ََ} (5). وقوله: {وَإِذََا أَنْعَمْنََا عَلَى الْإِنْسََانِ أَعْرَضَ وَنَأى ََ بِجََانِبِهِ وَإِذََا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعََاءٍ عَرِيضٍ} (6) وقوله: {أَنَّمََا أَمْوََالُكُمْ وَأَوْلََادُكُمْ فِتْنَةٌ} (7).
قول بعض المفسرين
قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لََا يَعْلَمُونَ} (8)
(قال: ما) جددوا (9) لله معصية إلّا جدد لهم نعمة يستدرجهم بها.
وكان يقال: شر الفقراء الذين يسألون الناس إلحافا، ويأكلون إسرافا (10).
__________
(1) فراغ في الأصل.
(2) فراغ في الأصل.
(3) الكهف: 46.
(4) هود: 52.
(5) العلق: 6، 7.
(6) فصلت: 50.
(7) التغابن: 15.
(8) الأعراف: 182.
(9) في الأصل: (ما جدد الله معصية إلا أخذ). وانظر تفسير الآية في تفسير الطبري ج 9/ 135.
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {لََا يَسْئَلُونَ النََّاسَ إِلْحََافاً} البقرة: 273وقوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلََا تُسْرِفُوا}.
الأعراف: 31.(1/356)
12152
فصل في فضل المال والسعي في كسبه (و) ذكر التجارة واعتماد الصنعة
مدح الله تعالى قوما يسعون في طلب فضله فقال: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} (1).
وأمر الله تعالى بالحركة في الطلب، وحث عليها فقال: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} (2).
وقال تعالى: {وَمَنْ يُهََاجِرْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرََاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} (3).
شعر لصاحب الزنج
وقال صاحب البصرة (4):
إذا الأرض ضاق بها زندها ... ففسحتها في فراق الزناد
إذا صارم قرّ (6) في غمده ... حوى غيره الفضل يوم الجلاد (5)
ولو يستوي بالقعود النهوض ... لما ذكر الله فضل الجهاد
__________
(1) المزمل: 20.
(2) النساء: 100.
(3) الجمعة: 10.
(4) في الأصل: (التبصرة) والصواب: البصرة، ويريد به صاحب الزنج المعروف، انظر ثورة الزنج فيصل السامر.
(5) في الأصل: (فرمى).
(6) في الأصل: (حرى) والبيتان في تاريخ الطبري 8/ 311وقبلها:
رأيت المقام على الاقتصاد ... قنوعا به ذلة في العباد(1/357)
22152 - قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللََّهِ وَآخَرُونَ يُقََاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ} (1). فجعلهم في الرخصة مع المجاهدين الذين هم أهل الجنة.
12162
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أطيب ما أكل الرجل من كسبه
وعنه عليه السلام:
أطيب ما أكل الرجل من كسبه.
والكسب في كتاب الله تعالى التجارة (2).
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: التاجر الصدوق
وعنه عليه السلام:
التاجر الصدوق مع النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اشتغال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في التجارة
وقد غبر (3) عليه السلام برهة من دهره تاجرا، وشخص مسافرا واشترى حاضرا وباع، وما شان (4) أمره في ذلك. قال المشركون: {مََا لِهََذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعََامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوََاقِ لَوْلََا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقى ََ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهََا} (5). فيستغنى بها عن الشراء والبيع والقيام في الأسواق (6)، فأوحى الله إليه: {وَمََا أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}
__________
(1) المزمل: 20.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا رَزَقْنََاكُمْ} البقرة: 172.
(3) في الأصل: (عبر).
(4) في الأصل: (واباع رما شبهان).
(5) الفرقان: 7، 8وفي الأصل: (انزل عليه).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تََارِكٌ بَعْضَ مََا يُوحى ََ إِلَيْكَ وَضََائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلََا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جََاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمََا أَنْتَ نَذِيرٌ} هود: 12.(1/358)
{إِلََّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعََامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوََاقِ} (1) فأخبر أن الأنبياء قبله قد كانت لهم تجارات، وصناعات.
22162
تمني عمر بن الخطاب الموت وهو مسافر يبتغي فضل الله
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
ما من ميتة بعد القتل في سبيل الله (أحبّ إليّ) من أن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض، وأبتغي من فضل الله.
وقال بعض السلف:
الأسواق موائد الله في أرضه فمن أتاها أصاب منها (2)، ثم قرأ: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا كَسَبْتُمْ} (3) يعني (4) التجارة في الأسواق.
وقال رجل لمعروف (5):
يا أبا محفوظ: أتحرك في طلب الرزق أم لا؟
فقال: تحرّك، فإن الله تعالى قال لمريم: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} (6) ولو شاء الله أن ينزله من غير أن تسعى في هز هذه النخلة لفعل.
__________
(1) الفرقان: 20وما بين القوسين ليست في الأصل.
(2) في الأصل: (اصخاب).
(3) البقرة: 267.
(4) في الأصل: (معنى).
(5) هو معروف بن فيروز الكرخي المكنى أبو محفوظ، زاهد متصوف كان مولى للإمام علي الرضا توفي سنة 200هـ. صفة الصفوة 2/ 179، طبقات الحنابلة 1/ 389381، تاريخ بغداد 11/ 199.
(6) مريم: 25.(1/359)
12172
فصل في ضد ذلك
كان الحسن رحمه الله يقول:
لعن الله أقواما أقسم الله فلم يصدقوه. ثم يقرأ: {وَفِي السَّمََاءِ رِزْقُكُمْ وَمََا تُوعَدُونَ (22) فَوَ رَبِّ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مََا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (1).
وقال محمود الورّاق:
لقد خّمن الله رزق العباد ... وابه من رزقه (2)
فلا يشعر القلب خوف المعاش ... فيتهم الله في صدقه
ويقطع رزقك بعد الضمان ... والهرّ والكلب في رزقه
22172 - قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
(ما أوحي إليّ أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحي إليّ أن: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السََّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتََّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (3).
__________
(1) الذاريات: 22، 23.
(2) كذا في الأصل، والأبيات ليست في ديوانه.
(3) الحجر: 98، 99.(1/360)
12182
فصل في التأني والعجلة
قال الله تعالى:
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ} [1] جََاءَكُمْ فََاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهََالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ََ مََا فَعَلْتُمْ (2).
قول بعض الحكماء
قال بعض الحكماء:
ينبغي للوالي أن يتثبت (3) في كل ما انتهى إليه، ولا يعجل (4) حتى ينظر (5) الحال فيه، ويأخذ بأدب سليمان عليه (السلام) (6) إذ قال: {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكََاذِبِينَ} (7).
22182
شعر لمروان بن أبي حفصة
وأنشد الأصمعي قول مروان بن أبي حفصة (8):
إليك قصرنا (10) النصف من صلواتنا ... مسيرة شهر بعد شهر نحاوله (9)
__________
(1) في الأصل: (إذا).
(2) الحجرات: 6.
(3) في الأصل: (يثبت).
(4) في الأصل: (تعجل).
(5) في الأصل: (تنظر).
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) النمل: 27.
(8) في الأصل: (مردان بن حفصة).
(9) في الأصل: (قصدنا).
(10) في الأصل: (عد شهر يخاوله). وفي البيت إشارة إلى قصر الصلاة عن السفر، والبيتان في مجموعة (مروان بن أبي حفصة وشعره) ص 26.(1/361)
ولسنا نخاف (2) أن يخيب رجاؤنا ... لديك، ولكن أحسن (1) البر عاجله
من قصيدة سديف بن ميمون في السفاح
ولما أنشد سديف بن ميمون السفّاح (3) قصيدته التي يحرض بها على استئصال بني أمية، ومنها (4):
لا يغرنّك ما ترى من رجال ... إن تحت الضلوع داء دويّا
فضع السيف، وارفع السوط حتى ... لا ترى فوق ظهرها أمويا (5)
قال: يا سديف {خُلِقَ الْإِنْسََانُ مِنْ عَجَلٍ} (6) ثم أمر بقتلهم.
12192
شعر لأبي تمام
ولأبي تمام قصيدة (7):
قد كان وعدك لي بحرا فصيّرني ... يوم (8) الزماع إلى الضحضاح والوشل (9)
__________
(1) في الأصل: (بخافل) وفي مجموع شعره: (ولا نحن نخشى).
(2) في الأصل: (أهنا).
(3) سديف بن ميمون قيل: إنه من موالي بني العباس، شاعر وأديب كان في أيام الأمويين وعند قيام دولة العباسيين توجه نحوهم، وحرضهم على بني أمية، ثم إنه والى إبراهيم بن عبد الله بن الحسن حين خرج على المنصور، فقتل بأمر من المنصور. انظر: الأغاني 4/ 94.
(4) الخبر والأبيات في طبقات الشعراء: 40، الأغاني ج 4/ 94وأولها:
يا بن عم النبي أنت ضياء ... استبنا بك اليقين الجليا
(5) روايته في الأغاني ج 4/ 94:
جرّد السيف وارفع العفو حتى ... لا نرى فوق ظهرها أمويا
(6) الأنبياء: 37.
(7) البيتان من قصيدة له طويلة (ديوانه ص 188) مطلعها:
ما لي بعادية الأيام من قبل ... لم يثن كيد النوى كيدي ولا حيلي
(8) في الأصل: لوم. والزماع من زمعت بالأمر: إذا أقدمت، ولم تثن ويريد به الفراق.
(9) في الأصل: (الورشل) والضحضاح: الماء اليسير. والوشل: مثله.(1/362)
وبيّن الله هذا في بريته ... في قوله {خُلِقَ الْإِنْسََانُ مِنْ عَجَلٍ} (1)
شعر للسري الموصلي
وللسري الموصلي (2) من قصيدة (3):
ما بال رسمي من جدوى يديك عفا ... فصار أوضح منه دارس الطل (4)
لقد تجاوزت بي وقتي وأي (6) حيا ... في غير إبانه يشفى من الغلل (5)
وقد تمهلت شهرا بعده كملا ... وإنما {خُلِقَ الْإِنْسََانُ مِنْ عَجَلٍ} (7)
قول أبي العيناء في العجلة
قيل لأبي العيناء: لا تعجل (8) إن العجلة من الشيطان.
قال (9): لو كانت من الشيطان لما قال كليم الرحمن: {عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ} (10).
__________
(1) الأنبياء: 37.
(2) هو أبو الحسن السري بن احمد الكندي الموصلي شاعر أديب كانت له مهاجاة مع الشاعرين الخالديين، وقد آذاه الخالديان وسببا قطع رسمه من سيف الدولة. توفي نحو سنة 360هـ معجم الأدباء 4/ 229227ديوان المعاني 1/ 323، ج 2/ 17.
(3) الأبيات من قصيدة يمدح بها يروخ التركي وقد قصده يستنجزه رسما كان له عليه، وأول القصيدة:
حمى الأمير أمان الخائف الوجل ... وراحتاه حياة السهل والجبل
(4) قد حدث خطأ كبير في نسخ البيت في المخطوطة إذ كتب في الأصل (قد كان جدوى يدك عنى / فما أوضح منه دارس الطلل) وقد صوبناه من رواية الديوان.
(5) الحيا: المطر.
(6) إبانه: وقته، الغلل: شدة العطش.
(7) الأنبياء: 37.
(8) في الأصل: (لا يعجل).
(9) في الأصل: (قالت).
(10) طه: 84.(1/363)
12202
فصل في الحب والبغض
قال الله تعالى في تراجع القلوب بعد تنافرها: {عَسَى اللََّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عََادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} (1).
وقال جلّ ذكره: {لَوْ أَنْفَقْتَ مََا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مََا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلََكِنَّ اللََّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (2).
22202
فصل في الشباب والشيب
قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصيكم بالشباب خيرا
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
(أوصيكم (بالشباب) (3) خيرا، فإنه أرق (قلبا) (4). إن الله بعثني بشيرا ونذيرا فحالفني الشباب، وخالفني الشيوخ) ثم قرأ {فَطََالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (5).
وقال الصولي في كتاب فضل الشباب على الشيب الذي ألفه للمقتدر بالله (6):
__________
(1) في الأصل: (غاديتم) والآية من سورة الممتحنة: 7.
(2) الأنفال: 63.
(3) في الأصل: (بالعينات).
(4) في الأصل: (قده).
(5) الحديد: 16.
(6) في الأصل: (المقيدد) والصواب المقتدر.(1/364)
إن السن لا تؤخر مؤخرا (1) ولا تؤخر مقدما، بل ربما عدل بجليل الأمور، ومهم الخطوب (الفتيان) (2) لاستقبالهم إياها (3)، وسرعة حركاتهم، وحدة أذهانهم، وتيقّظ طباعهم، ولأنهم (4) على بناء المجد أحرص، وإليه أحب وأحوج. وقد أخبر الله عزّ وجل عن يحيى بن زكريا عليهما السلام (أنه منح) الحكمة في سن الصبى فقال: {يََا يَحْيى ََ خُذِ الْكِتََابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنََاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (5)، فلم يمنعه صغر سنه من أن أتاه الحكمة وأهّله لحملها والاستقلال بها بالكتاب والقوة.
12212 - قال ابن عباس في قوله: {وَآتَيْنََاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (6) قال:
أوتي الفهم والعبارة وهو ابن سبع سنين.
وقد ذكر الله تعالى الفتية في غير موضع من كتابه فقال: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} عددا (7) وقال: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} (8)، وقال تعالى: {سَمِعْنََا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقََالُ لَهُ إِبْرََاهِيمُ} (9).
وقال المفسرون في قوله تعالى: {وَجََاءَكُمُ النَّذِيرُ} (10) قالوا: الشيب. ومن ذلك قال الحكماء: الشيب نذير المنية.
__________
(1) في الأصل: (موجدا).
(2) في الأصل: القيتان.
(3) في الأصل: (لاستقبال أباهم) وهو تحريف في النسخ.
(4) في الأصل: (ولا يهتم).
(5) مريم: 12.
(6) نفسها.
(7) الكهف: 10.
(8) نفسها: 13.
(9) الأنبياء: 60.
(10) فاطر: 37.(1/365)
شعر لعدي بن زيد
وقال عدي بن زيد في الجاهلية:
وافتضاض السّواد من نذر الشيب ... وما بعده لحي نذير
22212
فصل في ذكر القلة والكثرة
قول بعض العلماء في ذلك
قال بعض العلماء:
الكثرة ليست مما وجد في كتاب الله تعالى، وإنما الممدوحون هم الأقلون، لأنا سمعنا الله يثني على أهل القلة، ويمدحهم، ويذم أهل الكثرة، حيث يقول: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} (1).
وقال: {وَلََا تَزََالُ تَطَّلِعُ عَلى ََ خََائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلََّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (2). {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ} (3).
وقال تعالى في ذم أهل الكثرة: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتََابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمََانِكُمْ كُفََّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} (4).
وقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ} (5).
__________
(1) البقرة: 83.
(2) المائدة: 13.
(3) سبأ: 13.
(4) البقرة: 109.
(5) نفسها: 100.(1/366)
وقال: {وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَشْكُرُونَ} (1).
وقال: {وَأَكْثَرُهُمْ لََا يَعْقِلُونَ} (2) {وَلََا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شََاكِرِينَ} (3).
وقال: {وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ} (4).
12222
فصل في الأعداد
قول أبي بكر: ثلاث من كن فيه
روي (5) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقول:
ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي والنكث، والمكر، قال الله تعالى: {إِنَّمََا بَغْيُكُمْ عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ} (6) وقال تعالى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمََا يَنْكُثُ عَلى ََ نَفْسِهِ} (7) وقال:
{وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} (8).
قول لغيره
وقال غيره:
__________
(1) نفسها 2/ 243.
(2) المائدة: 103.
(3) الأعراف: 17.
(4) نفسها: 102.
(5) الخبر في التمثيل والمحاضرة: 473، وفي الأصل ثلاث مرات.
(6) يونس: 23.
(7) الفتح: 10وفي الأصل: (وممن).
(8) فاطر: 43.(1/367)
ثلاث من صانهن الله فلا خوف عليه (1): {إِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (2)، {وَأَنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي كَيْدَ الْخََائِنِينَ} (3)، {إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (4).
12232
قول جعفر بن محمد: عجبت لأربعة
وعن جعفر بن محمد رضي الله عنهما:
عجبت لأربعة يغفلون (5) عن أربعة:
عجبت لمن يبتلى بالغم كيف يذهب عنه أن يقول: {أَنْ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنْتَ سُبْحََانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظََّالِمِينَ} (6). والله تعالى يقول: {فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (7).
وعجبت لمن يخاف العدو، وكيف لا يقول: حسبي الله ونعم الوكيل (8) والله يقول:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} (9).
__________
(1) في الأصل: (خلف عليهن).
(2) التوبة: 120.
(3) يوسف: 52.
(4) يونس: 81.
(5) في الأصل: (يعقلون).
(6) الأنبياء: 87.
(7) نفسها: 88.
(8) من قوله تعالى في سورة آل عمران: 173 {الَّذِينَ قََالَ لَهُمُ النََّاسُ إِنَّ النََّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزََادَهُمْ إِيمََاناً وَقََالُوا حَسْبُنَا اللََّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
(9) آل عمران: 174.(1/368)
وعجبت لمن كابد العدو، وكيف لا يقول: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبََادِ} (1) والله يقول: {فَوَقََاهُ اللََّهُ سَيِّئََاتِ مََا مَكَرُوا} (2).
وعجبت لمن يستحسن شيئا، ويتمناه كيف لا يقول: {مََا شََاءَ اللََّهُ لََا قُوَّةَ إِلََّا بِاللََّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مََالًا وَوَلَداً (39) فَعَسى ََ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ} (3).
22232
قول جعفر بن محمد: أربعة لا تستجاب دعواتهم
وعنه رضي الله عنه: أربعة لا تستجاب دعواهم:
رجل جالس في بيته، فاتح فاه، يقول: يا رب ارزقني، فيقول الله: ألم آمرك بالطلب، ألم تسمع قولي: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللََّهِ} (4).
ورجل له امرأة مؤذية يقول: يا رب خلصني منها فيقول له: ألم أجعل أمرها بيدك.
ورجل كان له مال فأتلفه (5) إسرافا، ثم جعل يقول: يا رب اخلف عليّ. فيقول: ألم تسمع قولي: {وَالَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكََانَ بَيْنَ ذََلِكَ قَوََاماً} (6).
ورجل دفع مالا إلى رجل بغير بيّنة (7)، ثم طالبه، فأنكر. فجعل يقول: يا ربّ، أنصفني منه، فيقول له: ألم آمرك بالشهادة، ألم تسمع قولي: {وَأَشْهِدُوا إِذََا تَبََايَعْتُمْ} (8).
__________
(1) غافر: 44.
(2) نفسها: 45.
(3) الكهف: 39، 40.
(4) الجمعة: 10.
(5) في الأصل: فابله).
(6) الفرقان: 67.
(7) في الأصل: يعبر بينه).
(8) البقرة: 282.(1/369)
12242
قول سفيان: أربع لا حساب عليهن
وكان سفيان يقول:
أربع لا حساب عليهن فيهن: سدّ الجوع (1)، وردّ العطش (2)، وستر العورة، والاستكنان من البرد والحر.
قول بعض العلماء: الأرزاق ثلاثة
قال بعض العلماء:
الأرزاق ثلاثة: رزق معلوم، ورزق مقسوم، ورزق مضمون.
فالمعلوم قول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلََّا عِنْدَنََا خَزََائِنُهُ وَمََا نُنَزِّلُهُ إِلََّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (3).
والمقسوم قوله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنََا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (4).
والمضمون قوله تعالى: {وَفِي السَّمََاءِ رِزْقُكُمْ وَمََا تُوعَدُونَ (22) فَوَ رَبِّ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مََا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (5).
__________
(1) في الأصل: (الجوعة).
(2) في الأصل: (الطعشة).
(3) الحجر: 21.
(4) الزخرف: 32.
(5) الذاريات: 22، 23.(1/370)
الاقتباس من القرآن الكريم لأبي منصور عبد الملك بن محمّد الثعّالبي 429350هـ
الجزء الثاني
تحقيق الأستاذة الدكتورة
ابتسام مرهون الصفّار جامعة جدارا للدراسات العليا إربد الأردن
الدكتور مجاهد مصطفى بهجت الأستاذ المساعد بجامعة بغداد
2008 - جدارا للكتاب العالمي عمان الأردن عالم الكتب الحديث إربد الأردن(1/371)
الباب الحادي عشر في ذكر النساء والأولاد، والإخوان(1/373)
12252
الباب الحادي عشر في ذكر النساء، والأولاد، والإخوان
فصل في النكاح وذكر النساء
قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«من جاءكم ممّن ترضون دينه وأمانته خاطبا، فزوّجوه كائنا من كان إلّا تفعلوا تكن [فتنة] (1) في الأرض، وفساد كبير».
قول بعض الحكماء
وقال بعض الحكماء:
لا يسكن الإنسان إلى شيء كسكونه إلى زوجته، وذلك أنّ الله تعالى خلق حوّاء ليسكن إليها، فالسكون إلى الأزواج، والأنس بهن مما ورثه بنو آدم أباهم (2).
قول الأصمعي
قال الأصمعي (3):
22252 - كانت العرب تستحبّ (4) من الخاطب الإطالة، ومن المخطوب إليه الإيجاز (5).
__________
(1) زيادة ليست في الأصل، والحديث رواه ابن ماجة 1/ 632وفيه: (إذا أتاكم من).
(2) في الأصل: (أباه) تحريف، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهََا} الروم: 21.
(3) كذا قال الجاحظ في البيان والتبيين 1/ 64، وزهر الآداب 2/ 31عن الأصمعي مختصرا.
(4) في الأصل: (يستحب) تصحيف. نعتذر عن تكرار بعض التراجم التي وردت في الجزء الأول، ولم ننتبه إليها.
(5) في الأصل: (والإنجاز).(1/375)
خطبة محمد بن الوليد أخت عمر بن عبد العزيز
وأتى محمد بن الوليد (1) عتبة عمر بن عبد العزيز يخطب إليه أخته، فتكلم فأسهب، فقال عمر: الحمد لله ذي الكبرياء، وصلواته على محمد خير الأنبياء. أما بعد، فإنّ الرغبة منك دعتك (2) إلينا، والرغبة فيك أجابتك عنا (3)، فقد أحسن بك ظنا من أودعك كريمته، واختارك (4) ولم يختر عليك، وقد زوّجناك على ما في (5) كتاب الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (6).
12262
حضور المأمون إملاكا وخطبته
وحضر المأمون إملاكا، وهو أمير، فسئل أن يخطب فقال:
المحمود الله، والمصطفى محمد رسول الله، وخير ما يعمل به كتاب الله قال الله تعالى:
{وَأَنْكِحُوا الْأَيََامى ََ مِنْكُمْ وَالصََّالِحِينَ مِنْ عِبََادِكُمْ وَإِمََائِكُمْ} (7) وقد خطب إليكم فلان فتاتكم (8) فلانة، وبذل (9) لها من الصداق كذا، فشفعّوا شافعنا، وأنكحوا خاطبنا، خار الله لنا ولكم.
22262
حضور ابن عباد إملاكا وخطبته
وحضر (10) ابن عباد إملاكا فخطب:
الحمد لله ناظم الأشتات، ومسبّب الأرحام المتشابهات، جامع القلوب بعد افتراقها، ورادّها عن تباينها لاتفقاقها، حمدا يلفى (11) لديه، ويقرب إليه، وصلّى الله على الصادع بأوامره، الدّال على زواجره محمد المختار، وعلى آله الأبرار.
__________
(1) الخبر في سيرة عمر لابن الجوزي وينتهي إلى قوله: (ولم يختر عليك).
(2) في سيرة عمر: (دعيت إلينا أجابت منا).
(3) في الأصل: (منا).
(4) في الأصل: (واختابك).
(5) في سيرة عمر: (زوجتكها).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِمْسََاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسََانٍ} البقرة: 229.
(7) النور: 32.
(8) في الأصل: (فتياتكم).
(9) في الأصل: (بدل).
(10) في الأصل: (وحصر).
(11) في الأصل: (أحمد بن لف لديه) وهو تصحيف.(1/376)
أما بعد، فإنّ أحقّ ما عمل به العاملون، وانتهى إليه التالون كتاب الله الذي تعبّد عباده، وأظهر فيه مراده، فممّا حضّنا (1) عليه، وأهاب بنا إليه طيب النكاح المغني عن السفاح. قال الله عزّ من قائل: {وَأَنْكِحُوا الْأَيََامى ََ مِنْكُمْ وَالصََّالِحِينَ مِنْ عِبََادِكُمْ وَإِمََائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرََاءَ يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (2) وقد خطب إليكم فلان عقيلتكم فلانة، وبذل لها من الصّداق كذا، فاشفعوا الراغب، وأنكحوا الخاطب، خار الله لنا، ولكم.
قول بعض السلف
قال بعض السلف:
المرأة الصالحة إحدى (3) الحسنيين.
12272
فصل في كيدهنّ
قال بعض السلف:
إنّ كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطََانِ كََانَ ضَعِيفاً} (4) ويقول: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (5).
قال يحيى بن علي المنجم (6) من قصيدة:
__________
(1) في الأصل: (فما خصنا).
(2) النور: 32.
(3) في الأصل: (أخدي) تصحيف.
(4) النساء: 76.
(5) يوسف: 28.
(6) هو أبو أحمد يحيى المنجم أديب متكلم من المعتزلة، نادم من خلفاء بني العباس الموفق بالله وغيره، وله مؤلفات، توفي سنة 300هـ راجع معجم الأدباء 7/ 287، تاريخ بغداد 14/ 230.(1/377)
ربّ يوم عاشرته فتقضّى ... بعد حمد عن آخر مذموم
يا لقوم لضعفه ولكيده ... مثل كيد النساء (1) منه عظيم
22272
فصل في خبر المرأة التي كانت لا تتكلم إلّا بألفاظ القرآن
قال بعض الرواة (2):
خرجت حاجّا، فإذا أنا بامرأة على بعير (3)، وهي تتلو: من يهده الله فلا مضل له (4) ومن يضلل فلا هادي له فقلت لها: يا أمة الله، أحسبك ضالة (5)؟.
فقالت: {فَفَهَّمْنََاهََا سُلَيْمََانَ وَكُلًّا آتَيْنََا حُكْماً وَعِلْماً} (6).
فقلت لها: من أين أنت؟
فقالت: {سُبْحََانَ الَّذِي أَسْرى ََ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرََامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (7).
فعلمت أنها مقدسية (8) فقلت: لم لا تتكلمين (9)؟.
__________
(1) في الأصل: (الناس) وهو تحريف.
(2) في الأصل: (الذواة) والخبر ورد عن الأصمعي في روضة العقلاء ص 35قال: بينما أنا أطوف بالبادية إذا أنا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها، فقلت: يا أمة الجبار من تطلبين؟ فقالت: من يهد الله وفيه أنها لم تتكلم منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله. وهناك فروق أخرى في الرواية. وراجع: ثمرات الأوراق 2/ 212.
(3) في الأصل: (بقير).
(4) في الأصل: (من يهده فلا فضل ومن يضل) وما أثبتناه هو في روضة العقلاء وفيه تضمين لقوله صلّى الله عليه وسلّم الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده 15/ 302وابن ماجة 1/ 609.
(5) في الأصل: (حسبك).
(6) الأنبياء: 79.
(7) الإسراء: 1.
(8) في الأصل: (مقدسة).
(9) في الأصل: (يتكلمين).(1/378)
فقالت: {مََا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلََّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (1).
فقلت لأصحابي: لأحسبنّها (2) حرورية، لا ترى (3) كلامنا.
فقالت: {وَلََا تَقْفُ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤََادَ كُلُّ أُولََئِكَ كََانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا} (4).
فعلمت أنها لا تتكلم إلّا بألفاظ القرآن من كتاب الله.
12282 - قال: فأخذت بزمام بعيرها أقودها (5) تريد مكة، فأشرفت (6) على قافلة شامية (7)
تريد مكة فأشارت بيدها (8) تريد: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (9).
فعلمت بأنها اهتدت لمن فقدت.
فقلت: فمن أنادي؟.
قالت: {يََا زَكَرِيََّا إِنََّا نُبَشِّرُكَ بِغُلََامٍ اسْمُهُ يَحْيى ََ} (10). وقالت:
{يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} (11).
__________
(1) ق: 18.
(2) في الأصل: (لاحسنها).
(3) في الأصل: (لا يرى).
(4) الإسراء: 36.
(5) في الأصل: (بعيرها أتريدها).
(6) في الأصل: (ما شرقت).
(7) في الأصل: (على شامة).
(8) في الأصل: (أيادي).
(9) النحل: 16.
(10) مريم: 7.
(11) ص: 26.(1/379)
فناديت: يا يحيى، يا زكريا، يا داود (1)! فجاء فتيان (2) يتعادون (3)، فإذا هم بنوها، فلما رأتهم قالت: {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنََا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (4).
وقالوا لي: جزاك الله عنّا وعنك خيرا، فسألتهم عنها، فقالوا: هذه أمنا، لم تتكلم (5)
ثلاثين سنة إلّا بالقرآن. وأنزلوني وأكرموني.
فقالت: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هََذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهََا أَزْكى ََ طَعََاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} (6).
فمضى أحدهم وجاء بفاكهة وطعام طيب، فأكلت، وخرجت (7) ساعة. ثم قلت:
أوصني (8).
فقالت: {قُلْ لََا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ََ} (9).
فعلمت أنها متشيعة، فركبت، وانصرفت.
__________
(1) في الأصل: (يا داوود).
(2) في الأصل: (قبيان).
(3) يتعادون أي يتبارون.
(4) فاطر: 34.
(5) في الأصل: (يتكلم).
(6) في الأصل: (برورقكم) والآية من سورة الكهف: 19.
(7) في الأصل: (واستخرجت).
(8) في الأصل: (أوصى).
(9) الشورى: 23.(1/380)
12292
فصل في نوادر النساء والجواري
قول الجاحظ
قال الجاحظ (1):
مرّت امرأة بمجلس من مجالس بني تميم، فتأملها قوم منهم، فقالت: تبّا لكم، يا بني تميم، لا قول الله سمعتم، ولا قول الشاعر اتبعتم قال الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصََارِهِمْ} (2). وقال الشاعر:
فغضّ الطرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا (3)
22292
ما دار في مجلس نساء من الأشراف
اجتمع مجلس في المدينة فيه نساء من الأشراف، فلما أخذن في الأحاديث، قالت حفصة بنت مروان بن الحكم لتامورة بنت عمرو بن العاص (4): من الذي يقول:
ما زلت ألثمها وأرشف ريقها ... حتى سكرت [و] (5) ما شربت مداما
فقالت: خيب (6) الله سعى الفاسق المخزومي تعني عمر (7) بن أبي ربيعة حللت به، فحللت {بِوََادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} (8)، تعني أنها لم تجد عنده هبوبا (9) على النساء.
__________
(1) الخبر في البيان والتبيين 4/ 39مع فروق في الرواية، وعلق عليه الجاحظ بقوله: (وأخلق بهذا الحديث أن يكون مولدا، ولقد أحسن من ولده) والخبر في العمدة 1/ 26.
(2) في الأصل: يعصو والآية من سورة النور: 30.
(3) في الأصل: (فلا كعب) والبيت لجرير في ديوانه ص: 75.
(4) لم نقف على ترجمة حفصة وتامورة فيما تيسر بين أيدينا من المصادر.
(5) زيادة ليست في الأصل والبيت غير موجود في ديوانه.
(6) في الأصل: (ما خيب).
(7) في الأصل: (يعني عمرو).
(8) إبراهيم: 37، وفي الأصل: (بوادي).
(9) في الأصل: (هيوابا).(1/381)
فقالت أم كلثوم بنت علي بن عبد الله بن العباس: الحمد لله الذي عصمه منك فاستعصم.
ثم سألتها قريبة بنت عبد الرحمن بن عوف (2) قصتها مع عمر حتى قال فيها:
حبّذا رجعها إليها يديها ... في يدي درعها تحلّ الإزارا (3)
12302 - فقالت: أما أبعد الله الكذب؟! نمت (4) ليلة معه في وحشة الوحدة، فلما برق الصبح ظلّ ينشدني هذا الشعر، وقد كنت خائبة خاسرة، ناصبة، أصلى نارا حامية (5).
ثم قالت هند بنت معاوية لعائشة بنت طلحة (6):
يا بنت الحواري تشهدين الله وتصدقيني (7) فيما بينك وبين عمر (8) بن أبي ربيعة؟
فقالت: قد كان يتخالج (9) قلبي منه شيء، ولكنني أغالب نفسي، وأخفض (10) من جائش الهوى وما كنت أسلم لولا أنني رأيته من حيث لا يراني، وهو ينشد:
فبيتت في تبياتاها سوادا (11)
فأنهيت نفسي عنه
__________
(2) لم يذكر في أسماء ولد عبد الرحمن بن عوف وبناته إلا أم القاسم بنت عبد الرحمن بن عوف، وهذه ولدت في الجاهلية، وذكرت له جويرية بنت عبد الرحمن، وأمها بارونة بنت غيلان بن سلمة الثقفي.
(3) في الأصل: (رجعتها يديها يدي ذرعها كل الأزارا) والبيت في شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة ص: 141.
(4) في الأصل: (تمت) تصحيف.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خََاشِعَةٌ (2) عََامِلَةٌ نََاصِبَةٌ (3) تَصْلى ََ نََاراً حََامِيَةً} الغاشية: 42.
(6) عائشة بنت طلحة بن عبيد الله أديبة عالمة بأخبار العرب، فصيحة، أمها أم كلثوم بنت أبي بكر وخالتها عائشة أم المؤمنين، لها أخبار مع شعراء عصرها وعمر بن أبي ربيعة (ت 101هـ) راجع العقد الفريد 6/ 109، الأعلام 4/ 5.
(7) في الأصل: (تشريك الله، فيما صدفتني).
(8) في الأصل: (عمرو).
(9) في الأصل: (يتحالج) تصحيف.
(10) في الأصل: (واحفظي من حاشى) تحريف.
(11) كذا في الأصل، ولم نقف عليه في الديوان المطبوع.(1/382)
فقالت كلثوم بنت يزيد (1): هذا {يَوْمَ تُبْلَى السَّرََائِرُ} (2)، ويوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم (3)، فاصدقيني ودعي (4) عنك بنيّات الطرق (5).
12312
زفاف بوران بنت الحسن بن سهل للمأمون
ولما زفت بوران بنت الحسن بن سهل إلى المأمون حاضت (6) من هيبة الخلافة، فلما (7) خلا بها، ومدّ يده إليها، قالت: يا أمير المؤمنين {أَتى ََ أَمْرُ اللََّهِ فَلََا تَسْتَعْجِلُوهُ} (8).
فوقف على حالها وازداد عجبا بها (9).
طلب أمير من بعض جواريه الإتيان بآية من القرآن
شراء رجل جاريتين لحسن جوابهما واقتباسهما من القرآن
قال الأمير يوما لبعض خدمه:
ايتني بأحسن جارية لي، فدخل المقاصير ينتقي (10) الجواري (11)، فاستحسن واحدة.
فقال لها: أجيبي (12) ابن الخليفة، ففعلت، ثم استقبلته (13) أخرى أحسن من الأولى، فأخذها معها، ثم نظر إلى أخرى أحسن منها فضمها إليهما، وجاء بهن إلى الأمير، وعرّفه القصة.
فقال لهن: أيتكن جاءت بآية من كتاب الله توافق (14) الحال التي جرت فهي صاحبتي التي تضاجعني.
__________
(1) لم نجد لها ترجمة في المصادر المتيسرة بين أيدينا.
(2) الطارق: 9.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} النور: 24.
(4) في الأصل: (ودعا).
(5) بنيات الطرق: هي الطرق الصغار تتشعب من الجادة، ويراد بها الترّهات.
(6) في الأصل: (خاضت).
(7) في الأصل: (فلا خلا).
(8) النحل: 1.
(9) الخبر بمضمونه برواية أخرى في وفيات الأعيان 1/ 289.
(10) في الأصل: يتنقى).
(11) في الأصل: (الحواري).
(12) في الأصل: (أحيين الخليفة).
(13) في الأصل: (استقبله).
(14) في الأصل: (يوافق).(1/383)
فقالت الأولى: يا أمير المؤمنين {وَالسََّابِقُونَ السََّابِقُونَ (10) أُولََئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (1).
وقالت الثانية: {حََافِظُوا عَلَى الصَّلَوََاتِ وَالصَّلََاةِ الْوُسْطى ََ} (2).
وقالت الثالثة: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى ََ} (3).
فخلا بها، ونحّى الثنتين، وقال لهما: أنتما على موعد لا يخلف (4).
22312 - قال: اعترض [رجل] (5) جاريتين إحداهما (6) بكر فمال إليها، وكانت نفسه إلى الثيب أتوق لجمالها. فقالت له:
يا سيدي لم لا تشتريني (7)؟
فقال لها: والله إني حريص عليك، ولكن البكر أعجب إليّ.
فقالت: وما بيني وبينها إلّا يوم واحد.
فقالت البكر: يا فاعلة {وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمََّا تَعُدُّونَ} (8).
__________
(1) الواقعة: 10، 11.
(2) البقرة: 238.
(3) في الأصل: (والآخرة) والآية من سورة الضحى: 4.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} طه: 97.
(5) زيادة يقتضيها السياق، ولعلها رجل أو أمير.
(6) في الأصل: (أحدهما).
(7) في الأصل: (تشترني).
(8) الحج: 47.(1/384)
12322
فصل في الأولاد
بين أبي العيناء وأبيه
قال أبو العيناء (1):
قال لي أبي (2): إنّ الله رضيني لك، ولم (3) يرضك لي فأوصاك بي. فقلت له: لقد والله اتهمك على قتلي فقال: {وَلََا تَقْتُلُوا أَوْلََادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلََاقٍ} (4).
قول عمر بن عبد العزيز في ابنه عبد الملك
كان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى ابنه عبد الملك قال (5): صدق الله {إِنَّمََا أَمْوََالُكُمْ وَأَوْلََادُكُمْ فِتْنَةٌ} (6).
قول بعضهم في ذم الأولاد
وقال بعضهم في ذم الأولاد (7): ملوك صغارا، وأعداء كبارا.
22312
قول ابن عباس في نزول قوله تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً}
قال ابن عباس في قوله {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرََاناً وَإِنََاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشََاءُ [عَقِيماً]} (8).
قال: زوّجت إبلي أي قرنت (9) بعضها ببعض.
__________
(1) أبو العيناء: ترجمته في الاقتباس 1/ 149.
(2) النص في نثر الدر 3/ 214وفيه: (يا بني إن الله قرن طاعته بطاعتي، فقال: {اشْكُرْ لِي وَلِوََالِدَيْكَ} فقلت: يا أبتي إن الله ائتمنني عليك، ولم يأتمنك عليّ، فقال: الآية.
(3) في الأصل: (فلم).
(4) الإسراء: 31.
(5) لم نعثر على الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم، ولابن الجوزي. وقد ورد في الأخير ص: 306أنه قال في ابنه لما هلك: لقد كنت في الدنيا كما قال الله تعالى: {الْمََالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا}.
(6) التغابن: 15.
(7) النص لبعض الحكماء في تحسين القبيح ص: 107.
(8) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل، والآية من سورة الشورى: 48، 49.
(9) في الأصل: (قربت) جاء في أساس البلاغة: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوََاجَهُمْ} وقرناءهم، وزوجت إبلي أي قرنت بعضها ببعض.(1/385)
قال: نزلت في الأنبياء ثم عمّت، {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً} (1) يعني لوطا لم يولد (2) له ولد.
{وَيَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ الذُّكُورَ} يعني إبراهيم عليه السلام، لم يولد له بنت.
{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرََاناً وَإِنََاثاً} يعني محمدا (3) صلّى الله عليه وسلّم.
{وَيَجْعَلُ مَنْ يَشََاءُ عَقِيماً} يعني عيسى ويحيى عليهما السلام (4).
12332
فصل في الإخوان
كان (5) علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: عليكم باعتقاد (6) الإخوان فإنهم من عدد الدنيا والآخرة، ألا تسمعون (7) قوله تعالى حكاية عن أهل النار: {فَمََا لَنََا مِنْ شََافِعِينَ (100) وَلََا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} (8) وقال: {الْأَخِلََّاءُ يَوْمَئِذٍ} (9).
__________
(1) في الأصل: (بولد).
(2) في الأصل: (إبني).
(3) في الأصل: (محمد).
(4) قول ابن عباس في تفسيره المسمّى تنوير المقباس ص: 410وفيه: عن لوط لم يكن له ولد ذكر، وإبراهيم لم يكن له أنثى، وذكر يحيى بن زكريا وحده في الصنف الأخير والتفسير غير منسوب لابن عباس في تفسير البغوي والخازن 6/ 128.
(5) في الأصل: (إن كان).
(6) في قولهم: أعتقد بينهما الإخاء إذا صدق وثبت.
(7) في الأصل: (يسمعون).
(8) الشعراء: 100، 101.
(9) الزخرف: 67.(1/386)
الباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب
12352(1/387)
الباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب
12352
الباب الثاني عشر في ذكر الطعام والشراب
قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبََاتِ مََا رَزَقْنََاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلََّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيََّاهُ تَعْبُدُونَ} (1).
وقال عزّ ذكره: {لََا تُحَرِّمُوا طَيِّبََاتِ مََا أَحَلَّ اللََّهُ لَكُمْ} (2).
خبر أبي العيناء وقد قدمت له فالوذجة
وحضر أبو العيناء مائدة، فقدمت فالوذجة غير صادقة الحلواء.
فقال: هذه عملت قبل ان أوحى ربك إلى النحل (3)، إذ (4) ليس فيها عسل.
شعبة والتمر
وكان شعبة (5) يقول:
لو علم الله للنفساء طعاما خيرا من التمرة، لأطعمه مريم عليها السلام (6).
12362
أبو شراعة في التين
وقال أبو شراعة (7) في التين:
يا تين يا سيّد الفواكه يا ... أطيب (8) ما يجتنى من الشجر
قدّمك الله في الكتاب على ... الزيتون في آية من السور (9)
__________
(1) البقرة: 172.
(2) المائدة: 87.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَوْحى ََ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبََالِ بُيُوتاً} النحل: 67.
(4) في الأصل: (إن) تحريف.
(5) شعبة بن الحجاج: من أئمة الحديث عالم بالأدب والشعر، ولد ونشأ بواسط وتوفي بالبصرة سنة 160هـ راجع الحلية 7/ 144.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسََاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} مريم: 25. وفي تفسير الطبري 16/ 72عن عمرو بن ميمون أنه قال: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب.
(7) هو أحمد بن محمد بن شراعة شاعر بصري من شعراء الدولة العباسية عاش إلى أيام المتوكل ومدح المهدي، جيد الشعر، له رسائل وخطب جيدة، راجع أخباره في الأغاني 21/ 35فما بعدها، وطبقات الشعراء: 375.
(8) في الأصل: (ما أطيب).
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ} التين: 1، 2.(1/389)
عائشة رضي الله عنها تأكل حبة عنب
كانت عائشة رضي الله عنها تأكل العنب، فجاءت سائلة تسأل، فأعطتها حبّة واحدة من العنب، فضحك من حولها، فقالت:
إنّ فيها ذرّا كثيرا [تريد] (1) قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} (2).
22362
قول بعض الحكماء
وقال بعض الحكماء:
إنّ العاقل يريد الأكل للعيش، والجاهل يريد الحياة للأكل وقال مجاهد في قوله تعالى:
{لََا يُحِبُّ اللََّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلََّا مَنْ ظُلِمَ} (3) قال:
الرجل يجتاز بالرجل فلا يقربه، ولا يطعمه.
قول مجاهد، وقتادة، وأبي قلابة، وابن أحمد النديم
قتادة: في قوله: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهََا أَزْكى ََ طَعََاماً} (4) قال:
الأزكى قوله: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا} (5) قال: السمك.
32362 - أبو قلابة (6) في قوله: {لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (7) قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ناس من أمتي يعقدون النقّى (8) في الطعام بالسمن والعسل).
وكان ابن أحمد النديم يقول:
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) الزلزلة: 7.
(3) النساء: 148.
(4) الكهف: 19.
(5) النحل: 14.
(6) أبو قلابة هو عبد الله بن زيد بن عمرو الحرمي، عالم بالقضاء والأحكام هرب من البصرة إلى الشام حين أرادوه للقضاء، وكان من رجال الحديث الثقاة. راجع الحلية 2/ 282، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 426.
(7) التكاثر: 8. ذكر الطبري في جامع البيان 30/ 283اختلاف المفسرين في تفسير النعيم في هذه الآية، ولم يذكر رأي قتادة بل أورد روايات بأسانيد مختلفة عنه.
(8) النقى والنقو: كل عظم فيه مخ، والجمع أنقاء.(1/390)
ما أكلت مع ثقيل قط، إلّا ذكرت قول الله تعالى: {وَطَعََاماً ذََا غُصَّةٍ وَعَذََاباً أَلِيماً} (1).
12372
فصل في الماء
آيات
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنََا مِنَ السَّمََاءِ مََاءً طَهُوراً} (2). وقال: {هََذََا عَذْبٌ فُرََاتٌ سََائِغٌ شَرََابُهُ} (3). وقال: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهََا أَنْهََارٌ مِنْ مََاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} (4).
وقال عزّ ذكره: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرََاتِ رِزْقاً لَكُمْ} (5).
وقال تعالى: {وَاللََّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مََاءٍ} (6). ويقال: ما من شيء (7) إلّا وفيه ماء، أو قد أصابه ماء أو خلق من ماء دافق، يخرج من الماء كل شيء حيّ (8).
__________
(1) المزمل: 13.
(2) الفرقان: 48.
(3) فاطر: 12.
(4) محمد: 15.
(5) في الأصل: (وأنزلنا فأخرجنا) والآية من سورة البقرة: 22.
(6) النور: 45.
(7) في الأصل: (بعض شيء) والصواب ما أثبتناه.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} الأنبياء: 30.(1/391)
شعر محمد بن حازم
وقال محمد بن حازم (1):
وحاجتنا إليك ومن سوانا (2) ... كحاجتنا إلى الماء المعين
12382
قول بعض المفسرين في ماء البحر
وقال بعض المفسرين إذا ذكر ماء البحر في لفظ القرآن به في غير موضع (3) قال:
ما ظنكم بشراب إذا خبث وملح، أثمر (4) العنبر، وولّد الدرّ {فَتَبََارَكَ اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ} (5).
بعث ملك الروم إلى معاوية بقارورة وابن عباس يملؤها ماء
بعث ملك الروم إلى معاوية بقارورة فقال:
ابعث إليّ فيها من كل شيء، فبعث بها إلى ابن عباس فملأها ماء، وقرأ:
{وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (6).
فلما ردت إلى ملك الروم قال:
لله أبوه!! ما أدهاه (7)!.
__________
(1) محمد بن حازم يكنى أبا جعفر شاعر ولد بالبصرة، ونشأ بها، ثم سكن بغداد توفي بحدود سنة 217، مدح الخلفاء وكان حسن الشعر، مطبوع القول جمع شعره شاكر العاشور بمجلة المورد العراقية م 6ع 2سنة 1977وجمعه محمد خير البقاعي بدمشق.
(2) في الأصل: (من) ولم يرد البيت في مجموعة الشعري.
(3) كذا في الأصل، ولم نهتد إلى وجه الصواب فيه.
(4) في الأصل: (أثمن).
(5) المؤمنون: 14.
(6) الأنبياء: 30.
(7) في الأصل: (ردها) والخبر في الكامل للمبرد 2/ 115وفيه أنه قيل لابن عباس. كيف اخترت ذلك؟ فقال: لقوله عزّ وجل {وَجَعَلْنََا مِنَ الْمََاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.(1/392)
22382
فصل في العسل
حديث وآية
وعنه عليه السلام:
أفضل الشراب الحلال الحلو الذي فيه شفاء للناس يعني العسل (1).
وذكر الخمر والعسل فقال:
من خمر لذة للشاربين، ومن عسل مصفى (2). فكان في هذا ضرب من التفضيل.
__________
(1) ورد الحديث في مسند الإمام أحمد 1/ 338عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن أطيب الشراب فقال: (الحلو البارد). وفي ج 6/ 38عن السيدة عائشة: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحلو البارد. وورد في عيون الأخبار عن ابن عباس أيضا 3/ 205برواية أخرى وفيه يسمى العسل الحلواء الباردة.
(2) إشارة إلى سورة محمد: 15.(1/393)
12392 - الباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة(1/395)
12392 - الباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة
الباب الثالث عشر في ذكر البيان والخطابة وثمرات الفصاحة
فصل فى فضل البيان واللسان
آيات في البيان
ذكر الله تعالى جميل بلائه في تعليم البيان، وعظيم نعمته في تقويم اللسان فقال:
{الرَّحْمََنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسََانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيََانَ} (1).
وقال تعالى: {هََذََا بَيََانٌ لِلنََّاسِ} (2).
22392 - ومدح القرآن بالبيان والإفصاح وبحسن التفصيل وجودة الإفهام وسماه فرقانا. قال:
{بِلِسََانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (3).
وقال: {وَكَذََلِكَ أَنْزَلْنََاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} (4).
وقال: {وَنَزَّلْنََا عَلَيْكَ الْكِتََابَ تِبْيََاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} (5).
وقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنََاهُ تَفْصِيلًا} (6).
وقال: {وَلَوْ نَزَّلْنََاهُ عَلى ََ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مََا كََانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} (7).
__________
(1) الرحمن: 41.
(2) آل عمران: 138.
(3) الشعراء: 195.
(4) طه: 113.
(5) النحل: 89وفي الأصل: (وأنزلنا عليك بيانا) تحريف.
(6) الإسراء: 12وفي الأصل: (وفضلناه تفضيلا) وهو تحريف.
(7) الشعراء: 198، 199وفي الأصل (أنزلناه).(1/397)
وذكر الله تعالى لنبيه صلوات الله عليه حال قريش في بلاغة المنطق ورجاحة الأحلام، وصحة العقول، وذكر العرب (1)، وما فيها من الدهاء والمكر والفكر، وبلاغة الألسن، واللدد عند الخصومة فقال:
{فَإِذََا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدََادٍ} (2).
وقال: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا} (3).
وقال: {وَيُشْهِدُ اللََّهَ عَلى ََ مََا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصََامِ} (4).
وقال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (5).
12402 - ثم ذكر خلابة (6) ألسنتهم، واستمالتهم للأسماع وحسن منطقهم.
فقال: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} (7).
وقال: {وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (8)، مع قوله:
{وَإِذََا تَوَلََّى سَعى ََ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهََا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} (9).
ثم قال في صفة قريش والعرب:
__________
(1) في الأصل: (العزب) تصحيف.
(2) الأحزاب: 19وفي الأصل: (تلقونكم) تحريف.
(3) مريم: 97وفي الأصل: (وينذر) تحريف.
(4) البقرة: 204وفي الأصل: (وشهد الله).
(5) سقطت من الأصل كلمة قوم والآية من الزخرف: 58.
(6) في الأصل: (حلاية).
(7) المنافقون: 4.
(8) البقرة: 204.
(9) ن. م / 205.(1/398)
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلََامُهُمْ بِهََذََا} (1). وقال: {فَاعْتَبِرُوا يََا أُولِي الْأَبْصََارِ} (2).
وقال: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثََالَ} (3).
وقال: {وَإِنْ كََانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبََالُ} (4).
وقال تعالى: {وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ رَسُولٍ إِلََّا بِلِسََانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (5).
22402 - إنّ مدار الأمر كلّه على البيان والتبيين والإفهام والتفهيم، وكلّما كان اللسان أبين كان أحمد، كما أنه كلّما كان القلب أشدّ استبانة كان أحمد. وقد ضرب الله مثلا لعيّ اللسان، ورداءة البيان، حتى شبّه أهله بالنساء والولدان فقال: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصََامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (6).
موسى وفرعون
ولما بعث الله تعالى موسى عليه السلام إلى فرعون (7) بإبلاغ رسالته، والإبانة عن حجته، والإفصاح عن أدلته (8)، وقد (9) أعطاه الله الحجج البالغة، والعلامات الظاهرة، والبرهانات (10) الواضحة ذكر العقدة (11) التي في لسانه، والحبسة التي كانت في بيانه قال:
{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ} [12] عُقْدَةً مِنْ لِسََانِي (27)
__________
(1) الطور: 32.
(2) الحشر: 2.
(3) الإسراء: 48.
(4) إبراهيم: 46.
(5) إبراهيم: 4.
(6) الزخرف: 18.
(7) من هنا هو نص في البيان والتبيين 1/ 7وهو قول الجاحظ: وسأل الله عزّ وجلّ موسى بن عمران عليه السلام حين بعثه إلى فرعون بإبلاغ رسالته
(8) في الأصل: (أملته).
(9) من هنا إلى قوله (ذكر العقدة) ساقط في البيان.
(10) في الأصل: (البرهان).
(11) في الأصل: (العقد) وفي البيان: (العقدة التي كانت في).
(12) من هنا تبدأ الآية التي تمثل بها في البيان والتبيين.(1/399)
{يَفْقَهُوا قَوْلِي} (1).
12412 - وأنبأنا الله تعالى عن تعلق فرعون بكل سبب، واستراحته إلى كل شغب (2)، ونبهنا بذلك على مذهب كل جاحد معاند، وكل محتال مكايد حين أخبرنا (3) عن قوله: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هََذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلََا يَكََادُ يُبِينُ} (4) وقال موسى:
{وَأَخِي هََارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسََاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً} (5).
وقال: {وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلََا يَنْطَلِقُ لِسََانِي} (6) رغبة منه في غاية الإفصاح بالحجة والمبالغة في وضوح الأدلة (7)، لتكون الأعناق إليه أميل، والعقول أفهم، والنفوس إليه أسرع، وإن كان قد يأتي (8) من وراء الحاجة، ويبلغ أفهامهم على بعض المشقة. ولله أن يمتحن عباده بما شاء من التخفيف والتثقيل، ويبلو أخبارهم (9) كيف أحبّ من المكروه والمحبوب (10)، ثم استجاب إلى دعاء موسى في تلك العقدة ورفع تلك الوحشة، وأسقط تلك المحنة. وقال: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يََا مُوسى ََ} (11). 22422 وذكر تعالى داود عليه السلام فقال:
{وَآتَيْنََاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطََابِ} (12). فجمع بذكر الحكمة البراعة في العقل والرجاحة (13) في الحلم، والاتساع في العلم، والصواب في الحكم، وجمع له بفصل
__________
(1) طه: 2825.
(2) في الأصل: (شعب) والتصويب من البيان والتبيين.
(3) في البيان: (خبّرنا).
(4) الزخرف: 52.
(5) القصص: 34.
(6) الشعراء: 13.
(7) في البيان والتبيين: (الدّلالة).
(8) في الأصل: (مالئ) والتصويب من البيان.
(9) في الأصل: (ونبلو أخباركم).
(10) في الأصل: (كيف تصيب من المكروه والمحبوب). وفي البيان: (من المحبوب والمكروه).
(11) طه: 36.
(12) ص: 20.
(13) في الأصل: (الرجاجة).(1/400)
داود وفصل الخطاب
الخطاب تفصيل المجمل (1)، وتخليص الملتبس.
12422
فصل في نخب من الخطب
الهيثم بن عدي
الهيثم بن عدي (2) قال:
كانوا يستحبون أن يكون (3) في الخطب يوم الحفل، والكلام يوم الجمع آي من القرآن فإنّ ذلك مما يورث الكلام البهاء (4)، والوقار والرقة وحسن الموقع.
خطبة للرسول صلّى الله عليه وسلّم
خطب (5) النبي صلوات الله عليه وسلامه خطبة قال فيها (6):
أما بعد: فإن الدنيا حلوة خضرة نضرة، وإن الله مستعملكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا {اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (7).
22422
خطبة لأبي بكر رضي الله عنه
ثم خطب أبو بكر رضي الله عنه فقال في خطبته (8):
أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله وحده، وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وتخلصوا (9) له الرغبة والرهبة، والإلحاف بالمسألة فإنّ الله تعالى أثنى على زكريا وآله فقال: {كََانُوا يُسََارِعُونَ فِي الْخَيْرََاتِ وَيَدْعُونَنََا رَغَباً وَرَهَباً} (10).
__________
(1) في الأصل: (المحمل) مصحفة.
(2) الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن مؤرخ عالم بالأدب، أصله من منبج، وإقامته وإقامته وشهرته في الكوفة. توفي قرب واسط سنة 209هـ. انظر لسان الميزان 6/ 209، المعارف 539.
(3) في الأصل: (يكونوا).
(4) في الأصل: (والبها).
(5) في الأصل: (وخطب).
(6) رواها الترمذي في سننه 4/ 9والقول في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/ 578وتتمة: فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء. ولم يرد فيه نص الآية في نثر الدر 1/ 152.
(7) آل عمران: 102.
(8) الخطبة في عيون الأخبار 2/ 232والعقد 4/ 61مع فروق في الرواية، ولها تتمة.
(9) في الأصل: (ويخلصوا) في عيون الأخبار والعقد: (وتخلطوا الرغبة بالرهبة).
(10) الأنبياء: 90.(1/401)
خطبة لعمر رضي الله عنه في الجيش الذي أنفذه لبلاد الروم
وخطب عمر رضي الله عنه بالجيش الذي أنفذهم إلى الشام فقال بعد حمد الله (1):
أوصيكم بتقوى الله، فامضوا بتأييد الله، والنصر، ولزوم الحق والصبر {وَقََاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ الَّذِينَ يُقََاتِلُونَكُمْ وَلََا تَعْتَدُوا إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (2)، لا تجبنوا عند اللقاء، ولا تميلوا عن المعركة، ولا تقتلوا هرما ولا غلاما، ولا امرأة، ولا وليدا، ولا موليا، ولا تجهزوا (3) على جريح {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بََايَعْتُمْ بِهِ وَذََلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4).
12432
خطبة لعثمان عندما نقم عليه الناس
لما انقسم الناس على عثمان رضي الله عنه خرج متوكئا على مروان، فصعد على المنبر (5)، وقال بعد الحمد لله، والصلاة على رسوله:
إنّ لكل أمّة آفة، ولكل نعمة عاهة. وآفة هذه الأمة عيّابون طعّانون، يظهرون لكم ما تحبون، ويسرّون ما تكرهون، طغام (6) كالأنعام يتبعون (7) أول ناعق [لقد نقموا] (8) عليّ ما نقموه على [عمر]، ولكنه قمعهم ووقمهم (9). وو الله إني لأقرب ناصرا، وأعزّ نفرا (10) فما لي لا أفعل في القضاء ما أشاء (11).
__________
(1) الخطبة في العقد الفريد 1/ 128. وفيه أنه كان يقول عند عقد الألوية مع فروق في الرواية. وفي آخر الخطبة (ولا تمثلوا عند القدرة، ولا تسرفوا عند الظهور).
(2) البقرة: 190.
(3) في الأصل: (ولا تجهزا).
(4) التوبة: 111.
(5) الخطبة في البيان والتبيين 1/ 377: أنه خرج يتوكأ على مروان وهو يقول. والخطبة في تاريخ الطبري 5/ 97، إعجاز القرآن:
118، صبح الأعشى 1/ 214مع فروق كثيرة.
(6) في البيان: (مثل الأنعام) وفي الأصل: (طعام) تصحيف.
(7) في الأصل: (يبتغون) تصحيف.
(8) ما بين القوسين ساقط من الأصل وقد أضفناه من البيان والتبيين.
(9) وقم الدابة جذب عنانها ووقمه قهره وأذله، والقمع: القهر والضرب بالمقعمة.
(10) بعدها في البيان: فضل أفضل من مالي فمالي
(11) في الأصل: (ما شاء).(1/402)
22432
خطبة لعلي رضي الله عنه
وخطب علي رضي الله عنه فقال:
رحم الله امرأ قرأ القرآن، فاكتفى منه بأربع آيات فيهن شفاء من كل سقم، وغنى من كل فقر، وعزّ من كل ذلّ، وفرح من كلّ هم قوله تعالى: {مََا يَفْتَحِ اللََّهُ لِلنََّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلََا مُمْسِكَ لَهََا وَمََا يُمْسِكْ فَلََا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (1) وقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللََّهُ بِضُرٍّ فَلََا كََاشِفَ لَهُ إِلََّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلََا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ} (2).
12442
خطبة لعمر بن عبد العزيز
وخطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال (3):
إنكم لم تخلقوا عبثا (4)، ولم تتركوا سدى (5)، وإنّ لكم معادا ينزل الله فيه الحكم والفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء (6) وحرم الجنة التي {عَرْضُهَا السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (7).
خطبة لعبد الملك بن مروان
وخطب عبد الملك بن مروان في يوم جمعة، وكان شديد الحر، فقال بعد الحمد:
أما بعد: فخير الأمور أبعدها عن التكلف (8)، وأسمحها بالتطوع. وقد أخبرنا الله تعالى: أنه يريد بنا اليسر، ولا يريد بنا العسر (9)، وقد اشتد بنا الحرّ، ولذلك اختصرنا الخطبة،
__________
(1) فاطر: 2.
(2) يونس: 107.
(3) راجع البيان والتبيين 2/ 120، العقد الفريد 4/ 95، نثر الدر 2/ 114. وفي العقد أنه خطبها بخناصرة، وأنه لم يخطب غيرها حتى مات رحمه الله. والخطبة طويلة في سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص 258.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمََا خَلَقْنََاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنََا لََا تُرْجَعُونَ} المؤمنون: 115.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسََانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} القيامة: 36.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ عَذََابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشََاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الأعراف: 156.
(7) آل عمران: 133.
(8) في الأصل: (الكلف).
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {يُرِيدُ اللََّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلََا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} البقرة: 185.(1/403)
وخفّفنا المؤونة، قوموا إلى صلاتكم.
22442
خطبة لسليمان بن عبد الملك
وخطب سليمان بن عبد الملك فقال (1):
عباد الله، اتخذوا كتاب الله إماما، فارضوا به حكما، واجعلوه لكم قائدا، فإنّه ناسخ لما كان قبله، ولن ينسخه كتاب بعده، فاعلموا أن هذا القرآن، يجلو كيد الشيطان (2)، كما يجلو ضوء الصبح إذا تنفس إدبار الليل إذا عسعس (3).
32442
خطبة للسفاح بالكوفة
ومن خطبة خطبها السفاح عند قيامه بالكوفة (4).
قال الله عز ذكره: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (5) وإنّي والله ما أعدكم شيئا ولا أوعدكم إلّا وفيت بالوعد والوعيد (6)، وإن أهل بيت اللعنة، والشجرة الملعونة (7) في القرآن كانوا يسومونكم سوء العذاب، لا يدفعون معكم من حالة إلا إلى أشد (8)
منها. وقد (9) {جََاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبََاطِلُ إِنَّ الْبََاطِلَ كََانَ زَهُوقاً} (10) وأصلح الله بأهل بيت نبيكم (11) ما أفسدوه منكم، فما نؤخر لكم عطاء، ولا نضيع لأحد منكم حقا، ولا نخاطر (12) بكم في بعث. الله شهيد علينا بالاجتهاد والوفاء (13)، وعليكم بالسمع والطاعة.
__________
(1) الخطبة في عيون الأخبار: 2/ 247، نثر الدر 3/ 61وأولها: الحمد لله الذي ما شاء صنع.
(2) في نثر الدر: (الشيطان وضغائنه).
(3) في الأصل: (عسس).
(4) الخطبة في نثر الدر 3/ 8079.
(5) المائدة: 1.
(6) في نثر الدر: (والإيعاد) وبعده كلام لم يورده الثعالبي.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمََا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنََاكَ إِلََّا فِتْنَةً لِلنََّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}
الإسراء: 60.
(8) في الأصل: (لا يرفعون اشمتها) محرفة وبعده كلام في نثر الدر لم يورده الثعالبي.
(9) في نثر الدر: (فقد محق الله جورهم، وأزهق باطلهم ما أفسدوه).
(10) الإسراء: 81.
(11) في الأصل: (بيتكم).
(12) في الأصل: يخاطر. وبعده في نثر الدر: (ولا نجمركم في بعث، ولا نخاطر بكم في قتال، ولا نبذ لكم دون أنفسنا).
(13) في نثر الدر: والله عليّ بالوفاء والاجتهاد.(1/404)
12452
خطبة للمنصور وجوابه على المعترض
وخطب المنصور (1) فقال:
الحمد لله أحمده وأستعينه، وأتوكل عليه، وأؤمن به، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له.
فاعترض معترض فقال: أذكرك من ذكّرت به. فأقبل عليه بوجهه وقال: سمعا سمعا لمن فهم عن (2) الله أمره، وذكّر به، وأعوذ به أن أكون جبارا شقيا (3)، وأن تأخذني (4)
العزة بالإثم {قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمََا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (5).
أيها القائل ما أردت الله بقولك، ولكن أردت (6) أن يقال قام، فقال، فعوقب فصبر.
وأهون بها وبقائلها (7)، لو هممت فاهتبلها إذ غفرت (8)، فإياكم ومثلها، فإنّ الموعظة علينا نزلت، ومن عندنا أخذت (9) فردوا الأمر إلى (10) أهله يوردوه كما أوردوه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
واستمر في خطبته كما يقرأها في كتاب.
12462
خطبة لعبد الله بن علي لما قتل مروان بن محمد
وفي خطبة عبد الله بن علي (11) لما قتل مروان بن محمد قال:
__________
(1) راجع الطبري: 9/ 311مع فروق في الرواية. والنص في عيون الأخبار 2/ 336، ونثر الدر 3/ 88.
(2) في الأصل: (عز).
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبََّاراً} مريم: 32وفي عيون الأخبار 2/ 336: عصيا.
(4) في الأصل: في العزة والتصويب من عيون الأخبار.
(5) الأنعام: 56.
(6) في عيون الأخبار: (ولكن حاولت أن يقال).
(7) في الأصل: (ولقائها) والتصويب من عيون الأخبار.
(8) في عيون الأخبار: (إذ عفوت وإياكم معشر الناس وأختها).
(9) في عيون الأخبار: (انبثت).
(10) في الأصل: (لي).
(11) في الأصل: (علي بن عبد الله) وهو تحريف صوابه عبد الله بن علي وهو أمير عباسي، عمّ الخليفة أبي جعفر المنصور، وهو الذي هزم مروان بن محمد بالزاب، وتبعه إلى دمشق. توفي سنة 147هـ. انظر تاريخ بغداد 10/ 8الطبري 7/ 432.(1/405)
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دََارَ الْبَوََارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهََا وَبِئْسَ الْقَرََارُ} (1).
أما بعد، فإنّ آل مروان كانوا يتسكعون بكم الظلم، ويخوضون مداحض المراقي (2)، ويطئونكم محارم الله، ومحارم رسوله فما يقول علماؤكم (3) غدا عند الله أيقولون: {رَبَّنََا هََؤُلََاءِ أَضَلُّونََا فَآتِهِمْ عَذََاباً ضِعْفاً مِنَ النََّارِ} (4). فيقول: {لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلََكِنْ لََا تَعْلَمُونَ} (5). أما أمير المؤمنين فقد ائتنف (6) بكم إلى التوبة، وغفر لكم الزلة، فليفرخ روعكم ولتعظكم مصارع من كان قبلكم، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (7).
22462
خطبة لداود بن علي
ومن خطبة لداود بن علي (8):
أما آن لراقدكم أن يتنبه، ولغافلكم أن يذّكر؟! {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ مََا كََانُوا يَكْسِبُونَ} (9). دام لكم الإهمال.
خطبة لصالح بن علي لما أرجف الناس
ولما أرجف الناس بالمنصور خطب صالح بن علي (10) فقال:
__________
(1) إبراهيم: 28، 29.
(2) المراقي جمع مرقاة وهي الدرجة.
(3) في الأصل: (علما).
(4) الأعراف: 38.
(5) الأعراف: 38.
(6) في الأصل: (أتف) من الأتناف والاستئناف: الابتداء.
(7) النمل: 52.
(8) راجع العقد الفريد 4/ 100.
(9) المطففين: 14.
(10) هو صالح بن علي بن عبد الله الهاشمي عم السفاح والمنصور كان شجاعا حازما، ولي مصر سنة 133هـ. وتوفي بقنسرين سنة 151هـ.(1/406)
لا مرحبا بقلوب متعادية، وآذان غير واعية، ها أنتم بشرّ النفاق، ونقص الآفاق، وحميل (1) السيل، وجرعة (2) الوادي بغيتم (3). أمير المؤمنين ونظام المسلمين على حين اسمحت السماء بدرّها، وتركت (4) الأرض بريقها، ففضّت الأفواه، وغضت الأبصار، وضرعت الخدود، ورغمت المعاطس. نعم فكانت أعوذ بالله من التي أوضعتم إليها، هل جعل الله لبشر من قبل أمير المؤمنين الخلد؟ أفإن مات وتلا: {فَهُمُ الْخََالِدُونَ} (5). بل لكل أمة أجل {فَإِذََا جََاءَ أَجَلُهُمْ لََا يَسْتَأْخِرُونَ سََاعَةً وَلََا يَسْتَقْدِمُونَ} (6). أيقشع قزع (7)
الخريف وقفع القرقرة (8) وموطئ الأقدام.
خطبة لابن المعتز بالتوبة
ومن خطبة لابن المعتز:
اتقوا الله عباد الله وبادروا بالتوبة قبل الأجل، وزوال الأمل، فإنما أنتم وفد البلى، وسكان الثرى، {فَلََا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيََاةُ الدُّنْيََا وَلََا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللََّهِ الْغَرُورُ} (9).
__________
(1) في الأصل: (جميل) مصحفة.
(2) في الأصل: (جروعة)، والجرعة: الأرض ذات الحزونة والخشونة.
(3) في الأصل: (نعيم) مصحفة.
(4) في الأصل: (تركت).
(5) في قوله تعالى: {وَمََا جَعَلْنََا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخََالِدُونَ} الأنبياء: 34. وفي الأصل: (أفإن مات وتلا فأنتم).
(6) الأعراف: 34وفي الأصل: (إذا جاء).
(7) في الأصل: (أيشعوا) والقشع انجلاء السحاب، وهو السحاب الذاهب المنقشع عن وجه السماء. والقزع السحاب المتفرق واحدها قزعة.
(8) في الأصل: (قدقرة). والقفع نبات كأنه قرون صلاب إذا يبس. والقرقرة: الأرض الملساء ليست بجد واسعة.
(9) لقمان: 33.(1/407)
12472
فصل في المعارضات والمناقضات
لما احتضر أبو بكر رضي الله تمثلت عائشة ببيت حاتم فذكّرها بالقرآن
لما احتضر أبو بكر (1) رضي الله عنه تمثلت عائشة ببيت (2) حاتم الطائي:
لعمرك ما يغني الثراء (4) عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (3)
فقال لها: لا تقولي يا بنية هكذا، ولكن: {وَجََاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذََلِكَ مََا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} (5).
12482
لما مر علي رضي الله عنه بإيوان كسرى تمثل رجل بقول الأسود بن يعفر فذكّره بالقرآن
لما مرّ علي (6) رضي الله عنه بإيوان كسرى سمع رجلا من أصحابه ينشد قول الأسود بن يعفر (7).
أرض تخيّرها لطيب مقيلها ... كعب بن مامة وابن أم دؤاد (8)
جرت الرياح على محلّ ديارهم (9) ... فكأنما كانوا على ميعاد
__________
(1) الخبر في الكامل للمبرد 1/ 328، تاريخ الخلفاء 84، نهاية الإرب 5/ 169.
(2) في الأصل: (بنت).
(3) في الأصل: (الثرى).
(4) البيت في ديوان حاتم / ق 36ص 210من قصيدة مطلعها:
أماويّ، قد طال التجنب والهجر ... وقد عذرتني في طلابكم العذر
ورواية البيت في الديوان: أماويّ ما يغني إذا حشرجت نفسي
(5) ق: 19.
(6) الخبر في نثر الدر: 1/ 286وفيه:
(لما فرغ رضي الله عنه من حرب الخوارج مرّ بإيوان كسرى وقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} فقال رجل كان معه البيتين).
(7) في الأصل: (يعفد) والبيتان في ديوانه ص 27ق 13.
(8) في الأصل: (يخبرها مقيلها داوود) وفي نثر الدر: (دار تخيرها) وفي ديوانه: (أرضا تخيرها لدار أبيهم).
(9) في نثر الدر: (على رسوم ديارهم)، وفي الديوان: (مكان ديارهم).(1/408)
فقال له:
قل كما قال الله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنََّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقََامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كََانُوا فِيهََا فََاكِهِينَ (27) كَذََلِكَ وَأَوْرَثْنََاهََا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمََا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمََاءُ وَالْأَرْضُ وَمََا كََانُوا مُنْظَرِينَ} (1).
22482 - ولما أراد سليمان بن عبد الملك (2) أن يجعل العهد بعده إلى بنيه (3)، وهم أطفال، جعل يقول:
إنّ بنيّ صبية صغار ... أفلح من كان له كبار
إنّ بنيّ صبية أطفال ... أفلح من كان له رجال
فقال عمر بن عبد العزيز: لا، بل (4) {أَفْلَحَ مَنْ تَزَكََّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى} (5).
32482 - جلس (6) المهتدي بالله يوما للمظالم فنظر في قصة، متظلم (7)، فأمر بإحضار خصمه، وحكم عليه بما صحّ عنده، فقام المتظلم، وشكره ودعا له ثم قال:
__________
(1) الدخان: 2915. وفي نثر الدر بعد الآية: (إن هؤلاء كانوا وارثين فصاروا موروثين، ولم يكونوا شاكرين فأصبحوا مسلوبين، ولم يكونوا حامدين فأصبحوا محرومين، وكفروا النعم فجلّت بهم النقم).
(2) الخبر في الإمامة والسياسة 2/ 11مع فروق في الرواية، ونثر الدر 1/ 286وفي سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص 28وفيه: (إنه لما حضرته الوفاة أراد أن يستخلف، فقال لرجاء: أعرض عليّ ولدي في القمص والأردية، فعرضهم عليه، فإذا هم صغار لا يحتملون ما لبسوا من القمص والأردية يسحبونها سحبا، فنظر إليهم وقال: يا رجاء الأبيات فقال له عمر).
(3) في الأصل: (نبيه).
(4) في نثر الدر: (إلا قلت).
(5) الأعلى: 14، 15.
(6) نثر الدر: 3/ 135، تاريخ بغداد 3/ 439.
(7) في نثر الدر: (وتظلم إليه رجل من بعض أسبابه، فأحضره وحكم عليه).(1/409)
يا أمير المؤمنين، أنت كما قال الأعشى:
حكّمتموه فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الباهر
لا يأخذ الرشوة في حكمه ... ولا يبالي أعين الخاسر (1)
فقال المهتدي:
أما أنت، فأحسن الله جزاءك. وأما شعر الأعشى (2)، فأحسن وأصدق منه قول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوََازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيََامَةِ فَلََا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كََانَ مِثْقََالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنََا بِهََا وَكَفى ََ بِنََا حََاسِبِينَ} (3).
12492
فصل في المحاضرات
مرّ عليّ رضي الله عنه بقوم يلعبون (4) بالشطرنج، فقال لهم:
علي مع قوم يلعبون الشطرنج
ويحكم {مََا هََذِهِ التَّمََاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهََا عََاكِفُونَ} (5).
__________
(1) ديوانه الأعشى ص 141وفيه: (حكمتوني ولا يبالي غبن الخاسر).
(2) في نثر الدر: (فما رويته ولكني قرأت اليوم قبل خروجي إلى المجلس قول الله عزّ وجلّ).
(3) الأنبياء: 47. بعد الآية في نثر الدر: (فما بقي أحد في المجلس إلا بكى).
(4) في الأصل: (يلعنون).
(5) الأنبياء: 52.(1/410)
22492
فصل في مقامات السؤال
وقوف أعرابي على مضرب عبد الملك بن مروان وطلبه الصدقة
وقف أعرابي على مضرب عبد الملك بن مروان فقال:
أتت علينا ثلاثة أعوام، فعام أكل الشحم، وعام انتن اللحم، وعام انتقى العظم، وعندكم فضول فإن كانت لله فادفعوها إلى عباده، وإن كانت لعباد الله فادفعوها إليهم، وإن كانت لكم فتصدقوا علينا {إِنَّ اللََّهَ يَجْزِي} (1). فأمر له بصلة وكسوة.
32492
دخول المنصور الفقيه على بعض الرؤساء وسؤاله
ودخل منصور الفقيه على بعض الرؤساء بمصر في سنة جدب ساء أثرها على حاله فأنشده:
ها أنا كالزرع جفّ حتى ... ليس له في الزرع ظلّ
فامنن بما شئت من نوال ... إن لم يكن وابل فطلّ (2)
فأمر له بألف درهم.
12502
فصل في مقامات الأسرى
هشام بن عبد الملك ورجل تكلم بين يديه مجادلا عن نفسه
أتي هشام بن عبد الملك (3) برجل اتهم بما يستحق به القتل، فأقبل يحتج، ويناضل عن نفسه. فقال له هشام:
وتتكلم أيضا؟!
__________
(1) يوسف: 88.
(2) البيت الثاني في ديوانه ص 124ق 115 (منصور الفقيه حياته وشعره). وضمن الشاعر البيت الثاني قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهََا وََابِلٌ فَطَلٌّ} البقرة: 265. والأصل في البيت الأول: (في الزرع ظل).
(3) الخبر في العقد الفريد 2/ 187.(1/411)
فقال: يا أمير المؤمنين، قال الله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجََادِلُ عَنْ نَفْسِهََا} (1). فيجادل (2) الله جدالا، ولا نكلمك كلاما؟!
فقال: تكلم بما شئت. وعفا عنه.
22502
فصل فيمن تكلم لحاجته وهو في الصلاة
ارتج على الهادي في الصلاة وهابوه ثم فتحوا عليه
قال سعيد بن سلم (3): لما ولي الهادي صلّى بنا الغداة في داره، فارتج عليه في التي كان يقرأها، وهبناه أن نلقنه فقرأ: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} (4). ففتحنا عليه.
__________
(1) النحل: 111.
(2) في الأصل: (فتجادل).
(3) في الأصل: (سالم) والصواب من الخبر في نثر الدر 3/ 94وفيه: (فقرأ {عَمَّ يَتَسََاءَلُونَ} فلما بلغ قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهََاداً} ارتج عليه فرددها، ولم يجرأ أحد أن يفتح عليه لهيبته) وفي آخر الخبر: وكنا نعدّ هذا من محاسنه.
(4) هود: 78.(1/412)
الباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة
12512 - الباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة(1/413)
الباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة
12512 - الباب الرابع عشر في الجوابات المسكتة
فصل فيما صدر منها عن الصدر الأول والسلف الأفضل
بين يهودي وعلي رضي الله عنه
قال بعض اليهود (1) لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ما بالكم لم تلبثوا بعد نبيكم (2) إلا خمسا (3) وعشرين سنة حتى تقاتلتم؟
قال: وأنتم لم تجف أقدامكم من البحر حتى قلتم: {اجْعَلْ لَنََا إِلََهاً كَمََا لَهُمْ آلِهَةٌ} (4).
22512
بين سعد بن أبي وقاص ومعاوية
وفد سعد (5) بن أبي وقاص على معاوية بعد مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له معاوية:
مرحبا بمن لا يعرف الحق فيتبعه، ولا الباطل فينكره.
فقال سعد: إنما مثلي كمثل ركب بينما هم يسيرون إذ ثارت عجاجة شديدة، وظلمة منكرة، فأناخوا حتى سكنت الغبرة (6)، وتجلّت الهبوة، ثم ركبوا متن الطريق.
تذكير معاوية سعدا بقوله تعالى: {وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
فقال معاوية: ما هكذا أمر الله حيث قال: {وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمََا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدََاهُمََا عَلَى الْأُخْرى ََ فَقََاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}
__________
(1) الخبر في الأمالي / المرتضى 1/ 274، وشرح نهج البلاغة 3/ 229.
(2) في الأصل: (بينكم) مصحفة.
(3) في الأصل: (خمسة).
(4) الأعراف: 138.
(5) في الأصل: (سعيد) محرفة.
(6) في الأصل: (العنابرة).(1/415)
{حَتََّى تَفِيءَ إِلى ََ أَمْرِ اللََّهِ} (1). والله ما كنت مع الباغية و [لا] (2) على المبغي عليها.
12522
جواب صعصعة عند إقباله واتجاهه من الفج العميق إلى البيت العتيق
قيل لصعصعة:
من أين أقبلت؟
قال: من الفج العميق.
قيل: وأين تريد؟.
قال: البيت العتيق (3).
قول معاوية لرجل من اليمن
قال معاوية لرجل من اليمن:
ما كان أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة، وحين قالوا: {رَبَّنََا بََاعِدْ بَيْنَ أَسْفََارِنََا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}؟ (4).
فقال له: أجهل منهم قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله إلى هداهم:
{اللََّهُمَّ إِنْ كََانَ هََذََا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنََا حِجََارَةً مِنَ السَّمََاءِ أَوِ ائْتِنََا بِعَذََابٍ أَلِيمٍ} (5)، فأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سََائِلٌ بِعَذََابٍ وََاقِعٍ} (6).
22522
ما قاله ابن عباس في المختار بن أبي عبيد
قيل لابن عباس: إنّ المختار بن عبيد الله زعم (7) أنه يوحى إليه!
__________
(1) الحجرات: 9.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النََّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجََالًا وَعَلى ََ كُلِّ ضََامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحج: 27، 29.
(4) سبأ: 19.
(5) الأنفال: 32.
(6) المعارج: 1.
(7) في الأصل: (ابن عم).(1/416)
فقال: صدق المختار مع قول الله: {وَإِنَّ الشَّيََاطِينَ لَيُوحُونَ إِلى ََ أَوْلِيََائِهِمْ} (1).
بين وهب بن منبه وابن الزبير
وهب بن منبه (2) قال:
استعمل علينا عبد الله بن الزبير رجلا منا على اليمن، وكان دميما يلقب بعجوز اليمن، فقدمت على ابن الزبير في وفد وعنده عبد الله بن خالد بن أسيد، فقال لي:
يا أبا عبد الله كيف بعجوز اليمن؟ فلم أجب (3)، فأعادها مرارا فلما أكثر قلت:
{وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمََانَ} (4). فما فعلت عجوز قريش؟
قال: ومن عجوز قريش؟
قلت: أم جميل {حَمََّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهََا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} (5).
فضحك ابن الزبير، وقال: لابن خالد:
12532 - أسأت المسألة، وأحسن الجواب.
وصية عمر عند احتضاره
ولما احتضر (6) عمر قيل له: ألا توصي ببنيك (7)؟
فقال: أوصيت بهم من {نَزَّلَ الْكِتََابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصََّالِحِينَ} (8).
قيل للحسن:
أمؤمن أنت؟ فقال:
__________
(1) الأنعام: 121.
(2) الخبر في ثمار القلوب 241، ولطائف المعارف: 37، والعقد الفريد 4/ 45.
(3) في الأصل: (رجل).
(4) النمل: 44.
(5) المسد: 4، 5.
(6) في الأصل: (اختصر) وهو تحريف.
(7) في الأصل: (بينك) تصحيف.
(8) الأعراف: 196.(1/417)
إن كنتم تريدون قول الله: {قُولُوا آمَنََّا بِاللََّهِ وَمََا أُنْزِلَ إِلَيْنََا وَمََا أُنْزِلَ إِلى ََ إِبْرََاهِيمَ وَإِسْمََاعِيلَ وَإِسْحََاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبََاطِ وَمََا أُوتِيَ مُوسى ََ وَعِيسى ََ وَمََا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} (1) فنعم، به نتناكح (2)، ونتوارث، ونحقن الدماء. وإن أردتم قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذََا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيََاتُهُ زََادَتْهُمْ إِيمََاناً وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (3). فما أدري أنا منهم أم لا.
22532
منع مالك بن المنذر الحسن من الوعظ بجامع الكوفة
نظر مالك بن المنذر بن الجارود وهو على شرط البصرة إلى الحسن وهو يعظ (4) في جامعها، فأرسل إليه شرطيا، ليقيمه من المسجد، فجاءه وقال:
إنّ الأمير يأمرك بالقيام. فقال الحسن: قل له: {وَلََا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدََاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مََا عَلَيْكَ مِنْ حِسََابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمََا مِنْ حِسََابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظََّالِمِينَ} (5).
12542
الشعبي وعدم حيائه من: لا أدري
سئل (6) الشعبي (7) عن شيء فقال:
لا أدري.
فقيل: ألا تستحي من قول لا أدري [وأنت فقيه العراق؟!
__________
(1) البقرة: 136.
(2) في الأصل: (بيناكح) وهو تحريف.
(3) الأنفال: 2.
(4) في الأصل: (يقض).
(5) الأنعام: 52.
(6) الخبر في تعليق من أمالي ابن دريد ص 163مع اختلاف في بعض الألفاظ، نثر الدر 2/ 179.
(7) وترجمة الشعبي في الاقتباس 1/ 152.(1/418)
قال: لكن الملائكة لم تستح] (1) حين قالت {سُبْحََانَكَ لََا عِلْمَ لَنََا إِلََّا مََا عَلَّمْتَنََا} (2).
الوليد بن عبد الملك وابن عبد العزيز في إقصاء الخلافة لرجل من أهل اليمن
قال الوليد بن عبد الملك يوما:
إذا أفضيت الخلافة إلى رجل وجبت له الجنة، فقال عمر بن عبد العزيز (3):
{لَيْسَ بِأَمََانِيِّكُمْ وَلََا أَمََانِيِّ أَهْلِ الْكِتََابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} (4).
22542
حوار بين سليمان بن عبد الملك وأبي حازم
قال: لما قدم سليمان بن عبد الملك (5) أتاه الناس، وتخلف عنه أبو حازم فبعث إليه فجاء، فطاوله الحديث، ثم قال:
يا أبا حازم: ما أفضل الأعمال؟
قال: صدقة ليس فيها أذى (6) ثم قال له:
أحبّ أن تلزمني.
فقال: أخشى أن أقول لك ما يذيقني (7) الله من أجله {ضِعْفَ الْحَيََاةِ وَضِعْفَ الْمَمََاتِ} (8).
فقال له بعض جلسائه: بئس ما قلت لأمير المؤمنين.
__________
(1) ما بين القوسين ساقط من الأصل وأضفناه من نثر الدر.
(2) البقرة: 32.
(3) لم نقف على الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الحكم وابن الجوزي.
(4) النساء: 123.
(5) الخبر في مروج الذهب 3/ 177، الإمامة والسياسة 2/ 106، حلية الأولياء 3/ 235وهو أكثر تفصيلا ويختلف كما جاء هنا في بعض أجزائه.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النََّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجََالًا وَعَلى ََ كُلِّ ضََامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} البقرة: 263.
(7) في الأصل: (ما يدفني).
(8) الإسراء: 75.(1/419)
فقال: إنّ الله أخذ عهده على العلماء ليبيننه للناس، ولا يكتمونه (1).
ثم قال سليمان:
ليت شعري ما لنا عند الله؟
فقال: أعرض علمك على كتاب الله {إِنَّ الْأَبْرََارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجََّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (2).
فقال سليمان: فأين رحمة الله!؟.
فقال أبو حازم: {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (3).
32542
نعي رجل إلى صلة بن أشيم أخاه
جاء رجل إلى صلة بن أشيم (4)، وبين يديه الطعام فنعى إليه أخاه. فقال له صلة:
هلمّ. فتعجب منه الرجل.
وقال: سبقني إليك بنعيه أحد؟
قال: نعم، قول الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (5)، وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} (6)، وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ} (7).
12552
بين هشام بن عبد الملك وإبراهيم بن أبي عبلة
أحضر (8) هشام بن عبد الملك (9) إبراهيم بن أبي عبلة. فقال:
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنََّاسِ وَلََا تَكْتُمُونَهُ} آل عمران: 187.
(2) الانفطار: 13، 14.
(3) الأعراف: 56.
(4) الخبر في حلية الأولياء 2/ 238مع فروق في الرواية.
(5) الزمر: 30.
(6) الأنبياء: 35، العنكبوت: 57.
(7) الرحمن: 26.
(8) الخبر في حلية الأولياء 5/ 244وقد ورد أكثر تفصيلا.
(9) من خلفاء بني أمية بويع له سنة 105هـ، كان حسن السياسة، توفي سنة 125هـ راجع الطبري 8/ 283. والكامل 5/ 96.(1/420)
قد وليتك خراج مصر، فاخرج إليها.
فقال إبراهيم: ليس الخراج من عملي، ولا لي به علم، فغضب هشام حتى خاف إبراهيم بادرته.
فقال: يا أمير المؤمنين إن الله لما عرض {الْأَمََانَةَ عَلَى السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبََالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهََا وَأَشْفَقْنَ مِنْهََا وَحَمَلَهَا الْإِنْسََانُ إِنَّهُ كََانَ ظَلُوماً جَهُولًا} (1). ما أكرهها ولا سخط عليها، ولما حملها الإنسان ذمه (2)، فقال: {إِنَّهُ كََانَ ظَلُوماً جَهُولًا} (3) فأعفاه، ورضي عنه.
22552
قرشي يتصدى لتغلبي وذكر البطحاوات
رأى رجل (4) من قريش رجلا رثّ الهيئة فسأل عنه. فقيل (5):
هو من تغلب (6)، فوقف له وهو يطوف بالبيت.
فقال: أرى رجلين قلما وطئت البطحاء.
فقال له التغلبي: البطحاوات ثلاث بطحاء الجزيرة، وهي لي دونك وبطحاء ذي قار (7)، وأنا أحق بها منك. وهذه البطحاء {سَوََاءً الْعََاكِفُ فِيهِ وَالْبََادِ} (8) فافحمه.
__________
(1) الأحزاب: 72.
(2) في الأصل: (ذمة).
(3) الأحزاب: 72.
(4) في الأصل: (رجلا) والخبر برواية أخرى بين قرشي وقيس في العقد الفريد 4/ 48.
(5) في الأصل: (فقتل).
(6) في الأصل: (تعلب).
(7) في الأصل: (قاري).
(8) الحج: 25.(1/421)
22552
فصل بين المنصور وأبي مسلم الخراساني يوم قتله
قال المنصور لأبي مسلم يوم قتله:
يا بن الفاعلة، ما حملك على خلع خلة الوفاء والنصرة (1)، ولبس (2) ثوب الشقاق والغدر (3)؟
فقال: يا أمير المؤمنين إن رأيت ألا تكلفني عذرا (4) توجب به عليّ دينا (5)، واستأنف عفوا (6) أجازيك عنه شكرا فافعل.
فقال المنصور: لأجرب فيك قول الله تعالى: {لََا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [7] وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (8) ثم أمر بقتله، فقتل.
12562
أمر المنصور شبيب بن شيبة بالخروج إلى خراسان
ولما أمر المنصور شبيب بن شيبة (9) بالنهوض إلى خراسان لأمر حدث بها قال:
يا أمير المؤمنين: أحين طلع المرزبان، وأظلّ الكانونان (10) ودنا الفوردخان (11) أمير يقصد خراسان!.
__________
(1) في الأصل: (والنصر).
(2) في الأصل: (لبست).
(3) في الأصل: (العدر).
(4) في الأصل: (غدرا).
(5) في الأصل: (دنيا).
(6) في الأصل: (واستأنفت عقو).
(7) في الأصل: (لا يختصموا الذي).
(8) ق: 28.
(9) هناك شبيب بن شيبة بن عبد الله التميمي يكنى أبا معمر، نادم خلفاء بن يأمية، وقيل عنه: إنه اديب الملوك، وجليس الفقراء، وأخو المساكين. البيان والتبيين 1/ 62، تهذيب التهذيب 4/ 307. وقد عرف بالغريب في كلامه. انظر أمالي الزجاجي ص 248والتصحيف والتحريف ص 18والمصون: 196ولعله غير شبيب المذكور.
(10) في الأصل: (الكانونان) والكانونان: كانون الأول وكانون الآخر شهران في قلب الشتاء (الصحاح).
(11) كذا في الأصل.(1/422)
فقال له المنصور: {فَانْفُذُوا لََا تَنْفُذُونَ إِلََّا بِسُلْطََانٍ (33) فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكُمََا تُكَذِّبََانِ} (1).
22562
بين ابن عون وعمرو عن قيام الساعة
قال عمر (2):
وددت أن الساعة قد قامت، حتى يتبين أهل الحق من أهل الباطل.
فقال ابن [أبي] عون (3): {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ بِهََا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهََا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} (4).
خالد بن صفوان يفحمه رجل من بني عبد الدار
يقال (5) إن خالد بن صفوان (6) لم يفحمه أحد قط إلا رجل من بني عبد الدار جمعهما مجلس، فاستطال عليه خالد بطول لسانه (7)، وحسن بيانه. وقال له:
يا أخا عبد الدار، لقد هشمتك هاشم، وأمّتك (8) أمية، وخزمتك (9) مخزوم، وجمحت (10) بك جمح، واقتصتك قصّي، وأنت عبد دراهم، تفتح (11) لهم إذا دخلوا، وتغلق إذا خرجوا. فقال له الرجل: أتقول لي هذا؟ وأنت خالد في النار، وقد قال الله تعالى:
__________
(1) الرحمن: 33، 34.
(2) لعله القاضي عمر بن محمد الذي أحضره الخليفة مع عدول وفقهاء أهل بغداد لمحاكمة ابن أبي عون حيث صلب ابن أبي عون بعد هذا المجلس. راجع معجم الأدباء 1/ 36.
(3) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل هو إبراهيم بن محمد بن أبي عون أديب. تبع الشلمغاني الذي ادّعى الألوهية فأمر الخليفة الراضي بقتله صلبا مع الشلمغاني 322هـ وهو صاحب كتاب التشبيهات. انظر معجم الأدباء 1/ 296.
(4) الشورى: 18وفي الأصل: (أنه الحق).
(5) الخبر في البيان والتبيين 1/ 336مختصرا دون جواب رجل بني عبد الدار.
(6) خالد بن صفوان بن الأهتم من فصحاء العرب المشهورين كان يجالس عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، وعاش إلى أن أدرك السفاح، وحظي عنده. انظر وفيات الأعيان 1/ 243.
(7) في الأصل: (السنانة) محرفة.
(8) من قولهم أمّه: أي شجه وفي الأصل: (مية).
(9) من قولهم: خزم البعير بالخزامة. وهي حلقة من شعر تجعل في وترة أنفه يشدّ فيها الخزام، ويريد هنا أذلتك مخزوم.
(10) جمح أي خضع.
(11) في الأصل: (بفتح) وقبله عند الجاحظ: وانت من عبد دارها ومنتهى عارها.(1/423)
{كَمَنْ هُوَ خََالِدٌ فِي النََّارِ} (1). وأنت ابن صفوان وقد قال الله تعالى: {كَمَثَلِ صَفْوََانٍ عَلَيْهِ تُرََابٌ} (2).
12572
عمرو بن سعيد بن سالم في حراسة المأمون
قال عمرو بن سعيد بن سالم (3):
حرست المأمون ليلة، ومعي أصحابي، فخرج من مضربه، فلما رآني قال:
أنت تحفظنا الليلة؟
فقلت: بل الله يحفظك يا أمير المؤمنين فهو خير الحافظين وهو أرحم الراحمين، فأنشد:
إنّ أخاك الصدق من يسعى معك ... ومن يضرّ نفسه لينفعك (4)
ومن إذا صرف الزمان صدّعك ... يردّ شمل نفسه ليجمعك (5)
__________
(1) محمد: 15.
(2) البقرة: 264.
(3) الخبر في آداب الصحبة ص 217وفي الصداقة والصديق ص 34عن أحمد بن أبي فنن قال: حدثنا عمرو بن سعد بن سلام وفيه: (أنت تكلؤنا منذ الليلة؟ قلت: الله يكلؤك خير حافظا وهو أرحم الراحمين. فقال المأمون البيتين ثم أمر له بأربعة آلاف دينار، وتمنى عمرو لو أن الأبيات طالت.
والبيتان في عيون الأخبار 3/ 4وزهر الآداب 1/ 521.
(4) في الأصل: (تسعى معك ومن نصر) وروايته في الصداقة والصديق: إن أخا الهيجاء وفي التمثيل والمحاضرة ص 464.
إن أخاك الصدق من لم يخدعك ... وإن رآك طالبا سعى معك
وذكر المحقق روايتين في نسختين أخريين من الكتاب:
إن أخاك الحق من كان معك ... ومن يضرّ نفسه لينفعك
وفي نسخة أخرى:
إن أخاك الصدق من لم يخدعك ... وإن رآك طالبا سعى معك
إن أخاك الصدق من لم يخدعك
(5) في الأصل: (يصرف الزمان. يرد نفسه ليحمقك). وروايته في التمثيل والمحاضرة:
ومن إذا ريب الزمان صدّعك ... شتت فيك شمله ليجمعك(1/424)
ثم أمر له بألفي دينار.
12582
نفقة الحج
قال بعض الهاشميين للمأمون (1):
إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تأمر لي (2) بنفقة، فإني أريد الحج.
فقال: {لََا يُكَلِّفُ اللََّهُ نَفْساً إِلََّا وُسْعَهََا} (3). وقد روي عن بعض السلف:
ثلاثة لا يحل فيهن المسألة
ثلاث لا يحلّ فيهن المسألة التزوج (4)، لأن الله تعالى يقول: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لََا يَجِدُونَ نِكََاحاً حَتََّى يُغْنِيَهُمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (5). والحج لأنه عزّ ذكره يقول:
{وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (6)، والجهاد لأنه عزّ اسمه يقول: {وَلََا عَلَى الَّذِينَ لََا يَجِدُونَ مََا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} (7). ثم أمر له بصلة.
22582
تظلم أصحاب الصدقات من أحمد بن يوسف للمأمون
وقال المأمون (8) يوما لأحمد بن يوسف:
إنّ أصحاب الصدقات قد تظلموا منك.
__________
(1) ورد الخبر برواية أخرى في نثر الدر 2/ 182وفيه أن الرجل طلب نفقة الحج، فأفتاه بسقوط الحج عنه ثم استجداه المال فأعطاه.
(2) في الأصل: (إليّ).
(3) البقرة: 286.
(4) في الأصل: (البزوج).
(5) النور: 32.
(6) آل عمران: 97.
(7) التوبة: 91وفي الأصل: (لا يعدون).
(8) الخبر مفصل في أخبار الشعراء المحدثين في كتاب الأوراق للصولي ص 208وفيه أن المأمون أدخل جماعة منهم بعد أن قرأ قصتهم وناظروه، فاتجهت الحجة عليهم، فكان قول أحمد بن يوسف متمثلا بالقرآن وفي الخبر: (فعجب المأمون من حسن انتزاعه، وحضور مراده في وقته، وقال: صدقت يا أحمد، وأمر بإخراجهم).(1/425)
فقال: يا أمير المؤمنين إنهم لم يرضوا عن رسول الله حتى أنزل الله عليه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقََاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهََا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهََا إِذََا هُمْ يَسْخَطُونَ} (1). فضحك المأمون وقال: [لله] (2) درّك يا أحمد.
جواب المعتصم على كتاب ملك الروم
وكتب ملك الروم إلى المعتصم كتابا يتهدده فيه، فأمر بالجواب عنه (3)، فلما قرئ عليه لم يرضه وقال للكاتب: اكتب:
أما بعد، فقد قرأت كتابكم، والجواب ما ترى لا ما تسمع {وَسَيَعْلَمُ الْكُفََّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدََّارِ} (4).
32582
جواب أحمد بن أبي داود على محمد بن الزيات بعد اغتيابه
ودخل أحمد بن أبي دؤاد (5) على الواثق، وعنده محمد بن عبد الملك وجماعة وقد اغتابوا أحمد، وتنقصوه (6)، فلما رآه الواثق أنشد وأومأ إليهم:
ملّوا قراه (8) وهرّته (9) كلابهم ... ومزّقوه بأنياب وأضراس (7)
__________
(1) التوبة: 58.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) الرسالة في نثر الدر 3/ 123. وفي الأصل: (يتهدد فقد فقرأ ما يسمع).
(4) الرعد: 42.
(5) في الأصل: (داوود).
(6) في الأصل: (ويتقصوه).
(7) في الأصل: (فداه).
(8) في الأصل: (ولهرته).
(9) البيت في ديوان الحطيئة 284من قصيدة يمدح بها أبا بغيض ويهجو الزبرقان، وقد شكاه الزبرقان بسببها إلى الخليفة عمر بن الخطاب وروايته فيه:
ملّوا قراه وهرّته كلابهم ... وجرّحوه بأنياب وأضراس(1/426)
فقال أحمد وأومأ إلى محمد بن عبد الملك: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلََّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (1).
12592
استعداء أبي العيناء على خصومه عند أبي دؤاد
قال أبو العيناء (2):
كان لي خصوم ظلمة فاستعديت عليهم أحمد بن أبي دؤاد (3)، فقلت له:
إني مظلوم فانتصر (4)، فقال: {يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (5). فقلت له: (إنّ لهم مكرا) (6).
فقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللََّهُ وَاللََّهُ خَيْرُ الْمََاكِرِينَ} (7).
فقلت: إنهم كثير (8)، وأنا واحد.
فقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللََّهِ} (9).
فقلت: {مَتى ََ هََذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} (10) فقال: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (11).
__________
(1) النور: 11.
(2) الخبر في العقد الفريد 4/ 50مع تقديم وتأخير لبعض العبارات.
(3) في الأصل: (أحمد بن داوود) وهو خطأ في النسخ.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَدَعََا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} القمر: 10.
(5) الفتح: 10في العقد: إن قوما تضافروا عليّ قال: يد الله
(6) في الأصل: (أنهم مكراء) والتصويب من العقد.
(7) الأنفال: 30.
(8) هنا تنتهي رواية العقد.
(9) البقرة: 249.
(10) يس: 48.
(11) هود: 81.(1/427)
22592
فصل في جوابات أبي العيناء
في معنى أبي العيناء
قيل له:
لم تدعى أبا العيناء وأنت أبو العمياء؟
فقال: {فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (1) قلوب أمثالك.
12602
في ابن رستم وابن مكرم
وقيل له (2):
ما تقول في ابن رستم (3) وابن مكرم (4)؟
قال: هما الخمر والميسر {وَإِثْمُهُمََا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمََا} (5).
قيل له: بلغنا أنك تودّهما (6)؟
فقال: إذا اتبعت (7) {الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ وَالْعَذََابَ بِالْمَغْفِرَةِ} (8).
__________
(1) الحج: 46.
(2) الخبر في نثر الدر: 3/ 200، أمالي المرتضى 1/ 300، نكت الهميان 267، معجم الأدباء 7/ 65، زهر الأدب 1/ 284، ذيل زهر الآداب 234، وراجع كتابنا (أبو العيناء الأديب البصري).
(3) هو العباس بن رستم كاتب له مراسلات ومداعبات مع أبي العيناء. انظر نثر الدر 3/ 200، 205، 215، محاضرات الأدباء 2/ 643.
(4) هو محمد بن مكرم الصفار، عاش ببغداد، وكان مشهورا بالعلم والأدب، وتوفي سنة 231هـ راجع تاريخ بغداد 2/ 300.
(5) البقرة: 219.
(6) في الأصل: (توديهما).
(7) في الأصل: (أدان اتبعت) وفي أمالي المرتضى 1/ 300: (لقد اتبعت).
(8) البقرة: 175. والآية تقول: {أُولََئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلََالَةَ بِالْهُدى ََ وَالْعَذََابَ بِالْمَغْفِرَةِ}.(1/428)
في إبراهيم بن ميمون
وقيل له (1):
كيف تركت إبراهيم بن ميمون؟
فقال: تركته (2) {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمََا يَعِدُهُمُ الشَّيْطََانُ إِلََّا غُرُوراً} (3).
22602
في أحمد بن الضحاك
قيل له:
ما تقول في أحمد بن الضحاك؟
قال: ميسر ويسر. إن أحبك لم ينفعك، وإن أبغضك لم يضرك.
في نجاح بن سلمة
وقال له نجاح بن سلمة (4):
[ما ظهورك] (5) وقد خرج (6) توقيع الخليفة بطلب الزنادقة (7)؟
فقال أبو العيناء: أستدفع الله عنك وعن أصهارك (8).
فقال نجاح: ويحك أنا مسلم!! لا إله إلّا الله محمد رسول الله. فقال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (9).
32602
مع أبي نوح في مضاحكته نصرانيا
وقيل له:
إن أبا نوح عليك عاتب! فقال: {وَلَنْ تَرْضى ََ عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصََارى ََ حَتََّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (10).
__________
(1) الخبر في محاضرات الأدباء 2/ 560.
(2) في الأصل: (تركت).
(3) النساء: 120وفي الأصل: (ويمنيهم).
(4) الخبر في نثر الدر 3/ 197، معجم الأدباء 7/ 64، نكت الهميان 267.
(5) في الأصل: (قد خوج).
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) في الأصل: (الزيادة).
(8) إلى هنا تنتهي رواية النص في المصادر الأخرى. وفي الأصل: (عن أصهارك).
(9) يونس: 91.
(10) البقرة: 120والخبر في زهر الآداب 1/ 285وفيه أن المتوكل قال له: (إن إبراهيم بن نوح النصراني واجد عليك. قال:
{وَلَنْ تَرْضى ََ عَنْكَ}.(1/429)
رئي يوما وهو يضاحك نصرانيا (1) فقيل [له] (2):
{يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصََارى ََ أَوْلِيََاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيََاءُ بَعْضٍ} (3).
فقال: {لََا يَنْهََاكُمُ اللََّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقََاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ} (4).
12612 - وقال له رجل:
يا مخنث!!
فقال: {وَضَرَبَ لَنََا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} (5).
في جوابه العباس بن رستم
وكتب إليه ابن رستم (6):
من العباس بن رستم المجنون إلى أبي العيناء المأبون (7) أما بعد: فإنّ (8) عندي سكباجة (9) ترعف المجنون، وراحا يطرب المحزون (10)، وحديثا (11) يعطل اللؤلؤ المكنون، وقد
__________
(1) الخبر في الأمالي للمرتضى 1/ 302.
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) المائدة: 51وفي الأصل: (اليهود والنصا).
(4) الممتحنة: 8.
(5) يس: 78.
(6) الخبر في قطب السرور: 352وفي الأصل: (ابن رسيم) في الموضعين.
(7) في الأصل: (المأمون).
(8) في قطب السرور: عندي سكباج يرغب فيه المحبون، وحديث يطرب المحزون وإخوانك المحبون فلا تعلوا
(9) السكباج نوع من المخللات كما ورد في وصفها عند الراغب الأصفهاني محاضراته 2/ 610إذ قال: وتسمى السكباج الخلية، والمخللة والشمقمقة.
(10) في الأصل: (المخزون).
(11) في الأصل: (وحدثنا).(1/430)
اجتمع لديّ إخوانك الملحدون، فلا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (1) أيها الكافرون.
فأجابه: {اخْسَؤُا فِيهََا وَلََا تُكَلِّمُونِ} (2).
22612
فصل في جوابات الكتاب والأدباء والظرفاء
جواب كاتب أرادوا مصادرة أمواله
نكب بعض أصحاب الديوان (3)، فقدم كاتبه ليصادر، فقال للصدر:
إنّ الله تعالى نهى عن مصادرة (4) الكتاب.
فقال له الصدر: وأين كلامك (5) من كتاب الله؟
قال: أليس الله يقول (6): {وَلََا يُضَارَّ} (7). فضحك منه وأعفاه.
كتب محبوس إلى كاتب حابسه
وكتب محبوس إلى كاتب حابسه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنََّا يَوْماً مِنَ الْعَذََابِ} (8). فعرضه على صاحبه، فوقع فيه: {مََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلََا شَفِيعٍ يُطََاعُ} (9).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {أَلََّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} النمل: 31، وفي الأصل: (فلا يغلو).
(2) المؤمنون: 108.
(3) في الأصل: (الروم أني).
(4) في الأصل: (مصادر).
(5) في الأصل: (كمالك).
(6) في الأصل: (بقول) تصحيف.
(7) البقرة: 282والآية الكريمة: {وَأَشْهِدُوا إِذََا تَبََايَعْتُمْ وَلََا يُضَارَّ كََاتِبٌ وَلََا شَهِيدٌ}.
(8) غافر: 49.
(9) غافر: 18.(1/431)
12622
طفيلي في صحبة قوم من الشعراء
ونظر طفيلي إلى قوم ذاهبين في صحبة (1)، فلم يشك في أنهم متوجهون إلى وليمة فقام، وتبعهم، فإذا هم شعراء قد قصدوا باب السلطان بمدائح معهم، فلم ينقطع عنهم، فأنشد كل منهم مديحه، وأخذ جائزته، وخرجوا إلّا (2) الطفيلي.
فقيل له:
أنشد ما معك، والحق بنظرائك.
فقال: لست شاعرا.
قيل فمن أنت؟.
قال: أنا غاو كما قال الله تعالى: {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} (3) فضحك السلطان منه وأمر له بصلة (4).
__________
(1) في الأصل: (وحبة).
(2) في الأصل: (فلم إلا).
(3) الشعراء: 224.
(4) الخبر في نثر الدر: 2/ 232مع فروق في الرواية.(1/432)
الباب الخامس عشر في ملح النوادر
12632(1/433)
الباب الخامس عشر في ملح النوادر
12632
الباب الخامس عشر في ملح النوادر
فصل في نوادر القراء وما يجري مجراهم
قول الحسن في عدم احتمال الثقلاء
كان الحسن يقول:
حسبك أن الله تعالى لم يحتمل الثقلاء حتى أنزل فيهم آية: {فَإِذََا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلََا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} (1).
قول بعض الظرفاء في أعمى وعمياء
أخذ أعمى مع عمياء، فلم يدر صاحب الرفع كيف يكتب فقال له بعض الظرفاء:
الكتب {ظُلُمََاتٌ بَعْضُهََا فَوْقَ بَعْضٍ} (2).
حبس رجل في مجلس صاحب ديوان
سارّ بعض أصحاب الدواوين [رجلا] (3)، فإذا رجل (4) في مجلسه يصغي إليه، وما يجري بينه وبين صاحبه، فاتهمه بالتجسس، وأمر بضربه وحبسه، فقال له كاتب الحبس: ما اكتب قصته؟
قال له اكتب: {اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهََابٌ مُبِينٌ} (5).
22632
فتى في يمينه خاتم
ونظر ابن عباد النميري إلى فتى خاتمه في يمينه فقال: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (6).
__________
(1) الأحزاب: 53.
(2) النور: 40.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) في الأصل: (رجلا) والصواب ما أثبتناه.
(5) الحجر: 18.
(6) محمد: 30.(1/435)
في ديوان الاستيفاء
كان يختار (1) في ديوان الاستيفاء رجل من أماثل المستوفين حسابهم، فأهدى (2) إليه عامل شيئا، ويقال إنه أخذ بهذه الآية (3) من العمال مال كثير.
12642
فصل في نوادر الأعراب
أعرابي يعتق جارية لاقتحام العقبة
قال الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال:
خرجت حاجّا (4) إلى مكة فنزلنا منزلا، فإذا أعرابي قد جاء معه جارية سوداء وصحيفة ودواة فقال:
أفيكم من يكتب؟
فقلت: بلى.
قال: اكتب هذا ما أعتق فلان بن فلان جاريته فلانة لوجه الله ولاقتحام العقبة، ولله عليك وعليها الحمد والمنّة. ثم قرأ: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمََا أَدْرََاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} (5).
22642
أعتق الرشيد ألف عبد لسماعه الخبر
قال الأصمعي فحدثت بهذا الرشيد فأعتق ألف عبد.
تصويب أعرابي قراءة آية لتناقض أولها مع آخرها
قرئ (6) بحضرة أعرابي: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ} [7] مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَتْكُمُ (8) الْبَيِّنََاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ (9) عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
__________
(1) في الأصل: (ينحارا).
(2) في الأصل: (فهدى).
(3) هناك سقط في الخبر لم نهتد إليه.
(4) في الأصل: (حجاجا).
(5) البلد: 1311.
(6) في الأصل: (ثم قرى).
(7) في الأصل: (كللتم).
(8) في الأصل: (جائكم).
(9) البقرة: 209.(1/436)
فقال: ليس هذا بقرآن، فشق عليه فدعا بالمصحف وإذا فيه: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1).
فقال: الآن.
فقيل له: بم عرفت ذلك؟
فقال: علمت أن الحكيم لا يتوعد، ثم يقول غفور رحيم.
تعليل أعرابي أكله في شهر رمضان
رئي أعرابي يأكل فاكهة في نهار شهر رمضان، فقيل له في ذلك فقال:
سمعت الله يقول: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذََا أَثْمَرَ} (2)، فخشيت (3) أن أموت قبل الليل فأكون عاصيا.
32642
منزل أعرابي
قيل لأعرابي:
أين منزلك؟ قال:
إنما استتر بالليل إذا عسعس وبالصبح إذا تنفس (4).
__________
(1) ن. م.
(2) المائدة: 99.
(3) في الأصل: (فغشيت).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذََا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذََا تَنَفَّسَ} التكوير: 17، 18وقد ورد هذا الجواب على لسان الأعرابي الذي وضع عليه أبو العيناء قصة ليخلص صديقه إبراهيم بن رباح، وليجد العذر له عند الواثق. انظر تفصيل القصة في زهر الآداب 2/ 657.(1/437)
12652
فصل في نوادر عقلاء المجانين
بهلول ينصح مجنونا
نظر بهلول (1) إلى مجنون قد أقبل في منصرفهم من الجامع يوم الجمعة وهو يقول:
{إِنِّي رَسُولُ اللََّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} (2) فلطمه بهلول [وقال] (3): {وَلََا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى ََ إِلَيْكَ وَحْيُهُ} (4).
عدم صلاته في جماعة لعدم تمكنه في الأرض
وكان مرة في قوم فقاموا إلى الصلاة وهو قاعد، فقالوا له:
لم لا تصل معنا؟
قال: لست على صلاة.
قالوا: لم؟.
قال: لأن الله تعالى يقول: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنََّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقََامُوا الصَّلََاةَ} (5)، والله ما لي في الأرض مغرز قناة (6)، ولا مفحص قطاة (7).
22652
مجنون ينجو من الصبيان
هرب بعضهم من أيدي الصبيان فدخل دهليزا، وقعد فيه، فقال له صاحب الدار:
ما وراءك؟
__________
(1) ورد الخبر في نثر الدر 3/ 262بلفظ قريب، وفي عقلاء المجانين ص 82وسماه بهلولا، وفي العقد الفريد 6/ 148وسماه عليان، وفيه: لما وضع صاحب الدار الطعام بين يديه وحمد الله وأثنى عليه وقال: هذا من رحمة الله. وأشار إلى الطعام كما أن أولئك من عذاب النار وأشار إلى الصبيان. ثم جعل يأكل والصبيان يرجمون الباب وهو يقول: (فضرب بينهم السور بابّ باطنه فيه الرحمة) والرواية فيه مفصلة يسأله فيها عن أجود الشعر فيتمثل ببيت جميل وبيت آخر.
(2) الأعراف: 158.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) طه: 111.
(5) الحج: 41.
(6) في الأصل: (مغرور فتاة).
(7) المفحص والأفحوص مجثم القطاة وقوله: ولا مفحص قطاة من قولهم (ليس له مفحص قطاة مثل).(1/438)
قال: هؤلاء أولاد الزنا هربت منهم، فدخل صاحب الدار، فأخرج له طبقا (1) فيه رطب فقدمه إليه، فقعد يأكل والصبيان يضحكون ويدقون الباب، فرفع رأسه المجنون إلى صاحب الدار وقال:
باب باطنه الرحمة، وظاهره من قبله العذاب (2).
حبس مجنون ادّعى النبوة في البصرة
ادّعى مجنون النبوة بالبصرة، فأمر واليها (3) بحبسه فقال له:
أيها الأمير، أكافر (4) عندك أم مؤمن؟
قال: بل كافر.
قال: فإن الله يقول: {وَلََا تُطِعِ الْكََافِرِينَ وَالْمُنََافِقِينَ وَدَعْ أَذََاهُمْ} (5) فلا تطعني، ولا تؤذني، فضحك منه، وأمر بإطلاقه (6).
__________
(1) في الأصل: (إليه طبق).
(2) اقتباس من سورة الحديد: 13وفي الأصل: (يا رب باطنه الرحمة من قبل) وهو تحريف.
(3) في الأصل: (وا إليها).
(4) في الأصل: أكافرا عندك أم مؤمن.
(5) الأحزاب: 48.
(6) خبر المتنبيء مفصل في نثر الدر 2/ 217وفيه: أنه مثل بين يدي الخليفة المهدي فسأله: أين، ومتى بعث؟ ثم شاور فيه شريكا القاضي، ثم قال له: هات ما عندك، فقال: أكافر أنا عندك أم مؤمن.(1/439)
الباب السادس عشر في الاقتباس المكروه
12672(1/441)
الباب السادس عشر في الاقتباس المكروه
12672
الباب السادس عشر في الاقتباس المكروه
فصل في الخروج عن حد الاقتباس
قول أبي تمام مستفرغا قصة يوسف
من ذلك أن يفرط الشاعر أو الكاتب في حدّ الاقتباس، حتى ينظر في قصة، فيستقي منها صورة، فيستفرغها (1) كما قال أبو تمام ويروى لغيره (2):
أيهذا العزيز قد مسّنا الض ... رّ جميعا وأهلنا أشتات
ولنا في الرجال شيخ كبير ... ولدينا بضاعة مزجاة (3)
فاحتسب أجرنا، وأوف لنا الكي ... ل سريعا فإننا أموات (4)
ما قاله عضد الدولة في أخيه أخذا من سورة الانشراح
فأساء في هذا المعنى من الاقتباس من الألفاظ المقدسة التي وصل بها. على أنه أعذر عندي مما قال في استعطاف غلام، وقيل لعضد الدولة في أخيه:
يا قضيبا زعزع (5) الري ... ح (له) وهنا فحرّك
بألم نشرح (7) ندعو الل ... هـ كي يشرح (6) صدرك
22672 - فلم نرض بهذا الإفراط الفاحش في الاقتباس، ومقاربة استكمال السورة.
__________
(1) أصل العبارة محرفة (حتى يطيق به قصة فليستق عنه على سورة فيستغرقها).
(2) الأبيات غير موجودة في ديوانه بشرح الصولي والخطيب التبريزي وهي مع بيت رابع في نثر النظم بلا نسبة ص 22.
(3) في الأصل: (مرجاة).
(4) الأبيات تضمين لقوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنََا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنََا بِبِضََاعَةٍ مُزْجََاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ}
يوسف: 88. وقوله تعالى: {إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً} يوسف: 78.
(5) في الأصل: (يا قضيبا رعزعه) وما بين القوسين زيادة على الأصل ليستقيم الوزن، ويجوز تقدير آخر ندعه للقارئ.
(6) من أول سورة الانشراح: 1 {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}
(7) في الأصل: كي يشرح لك صدرك. ولا يستقيم الوزن إلا بحركة الحاء إذا جاز.(1/443)
12682
فصل في ذكر الخلق (1) مما استأثر الله به من الصفات
أنشد الصولي في كتابه (2) الأوراق للمعروف بباذنجانة الكاتب (3)، لما ورد الموفق بغداد بأمر المعتز لمحاربة المستعين ومحمد بن عبد الله بن طاهر:
يا بني طاهر أتتكم جنود الل ... هـ والموت بينهم (4) مثبور
في جيوش إمامهن أبو أح ... مد {نِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (5)
__________
(1) في الأصل: (المخلق).
(2) في الأصل: (في كتابة المعروف).
(3) في الأصل: (باذيحانة) وصوابه: باذنجانة. وهو من الكتّاب الذين ذكرهم الثعالبي في لطائف المعارف (تحقيق الإبياري) ص 53وذكر لقبه ضمن ألقاب أهل بغداد، واسمه محمد بن علي الكاتب شاعر مقل، ذكره ابن الحاجب النعمان في أسماء الشعراء الكتاب. انظر الفهرست ص 167طبعة ليدن. ولم يرد الخبر والبيتان في أخبار الشعراء المحدثين، وأشعار أولاد الخلفاء من كتاب الأوراق للصولي.
(4) في الأصل: (بينهما).
(5) الأنفال: 40وفي الأصل: (نعم الولي).(1/444)
الباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها
12692(1/445)
الباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها
12692
الباب السابع عشر في الرؤيا وعجائبها والتعبيرات وبدائعها
فصل في حكايات الرؤيا والتعبير
قول ابن عباس في تأويل الأحاديث
قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحََادِيثِ} (1) قال: تعبير الرؤيا.
قول ابن المسيب وابن سيرين في البشرى أنها الرؤيا
وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين (2) في قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرى ََ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (3). قال كل منهما: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له (4).
22692 - وجه عمر بن الخطاب قاضيا إلى الشام، فسار ثم رجع مع بعض الطريق فقال له عمر: ما الذي ردّك؟
قال: رأيت في منامي كأنّ الشمس والقمر يقتتلان، وكأن الكواكب بعضها مع الشمس وبعضها مع القمر.
__________
(1) يوسف: 6. وورد القول منسوبا إلى ابن عباس في كتاب تنوير المقباس ص 193، ونسب إلى قتادة ومجاهد في تفسير الطبري 12/ 153.
(2) مرت ترجمته.
(3) يونس: 64.
(4) قول ابن سيرين في تفسير الطبري 11/ 134، وفيه: عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الرؤيا الحسنة هي البشرى يراها المسلم، أو ترى له). وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ 337الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له يعني البشرى في الحياة الدنيا.(1/447)
فقال له عمر: انطلق فإنك لا تلي لي عملا أبدا (1). ثم قرأ: {فَمَحَوْنََا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنََا آيَةَ النَّهََارِ مُبْصِرَةً} (2).
فلما كانت أيام صفين قتل الرجل في أهل الشام (3).
إجماع المعبرين على اختلاف الرؤيا باختلاف الرائي
أجمع المعبرون أن تعبير الرؤيا قد اختلف لاختلاف أحوال الرائين (4) وهيآتهم وأقدارهم وأديانهم، فتكون لواحد رحمة، وعلى الآخر عذابا
الغل للبر ولغيره
كالغلّ يراه الرجل في يده فيكون مكروها لقوله تعالى: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمََا قََالُوا} (5)، ويراه الرجل البرّ فيصرف إلى أن يده تقبض عن الشر (6).
12702
رؤيا سلمان لأبي بكر بعد مؤاخاتهما
ولما آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أبي بكر وسلمان رأى سلمان رؤيا لأبي بكر فجانبه (7)، وأعرض عنه. فقال أبو بكر، الله اكبر، قبضت يداي عن الشر إلى يوم القيامة. وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام، فأخبر بمثل قوله (8).
22702
تفسير ابن سيرين لأذان رجلين بمعنيين مختلفين
يروى عن ابن سيرين أن رجلا أتاه فقال (9):
إني رأيت كأني أؤذن.
فقال ابن سيرين: تحج إن شاء الله.
وأتاه آخر بمثل ذلك فقال: أنت سارق، فتب.
فقال له جلساؤه (10): كيف فرّقت بينهما (11) والرؤيا واحدة؟
__________
(1) إلى هنا الخبر موجود في تعبير الرؤيا لابن سيرين 169وفيه: أن عمر بن الخطاب سأله: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر، فقرأ: {فَمَحَوْنََا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنََا آيَةَ النَّهََارِ مُبْصِرَةً} وصرفه عن عمل حمص.
(2) الإسراء: 12.
(3) في الأصل: (قبل في أقل).
(4) في الأصل: (الروتين).
(5) المائدة: 64.
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) في الأصل: (جابنه).
(8) الخبر في تعبير الرؤيا: 28.
(9) في الأصل: (فقال لي) والكلمة الأخيرة زائدة.
(10) في الأصل: جلساه.
(11) في الأصل: (بينهم فالرؤيا).(1/448)
فقال: رأيت للأول سيما حسنة، فتأولت (1): {وَأَذِّنْ فِي النََّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجََالًا} (2)، ولم أر في هيأة الثاني فأوّلت: {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسََارِقُونَ} (3).
12712
رؤيا الحميدي لأبي حنيفة والشافعي عند النبي صلّى الله عليه وسلّم
وروي عن الحميدي (4) المحدث [أنه] (5) قال:
رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام، وكان أبو (6) حنيفة والشافعي رحمهما الله عنده.
فقلت له: يا رسول الله، إنّ هذين (7) قد اختلفا في قراءة الحمد خلف الإمام، فالتفت (8) إلى أحدهما وقال: {أُولََئِكَ الَّذِينَ آتَيْنََاهُمُ الْكِتََابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (9)
والتفت إلى الآخر (10) وقال: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهََا هََؤُلََاءِ فَقَدْ وَكَّلْنََا بِهََا قَوْماً لَيْسُوا بِهََا بِكََافِرِينَ} (11).
22712
رؤيا المهدي لشريك يكلمه من قفاه وعنده سعيد بن سلم
دخل شريك بن عبد الله (12) على المهدي، وعنده سعيد بن سلم (13) فقال له المهدي:
لا سلّم الله عليك، ولا حيّاك، ولا بياك. يا غلام النطع والسيف.
__________
(1) في الأصل: (فتأولت فقال) والكلمة الأخيرة زائدة مقحمة.
(2) الحج: 27.
(3) في الأصل: (فأذن) والآية من سورة يوسف: 70.
(4) الحميدي أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي المعروف بالحميدي رحل مع الشافعي من مكة إلى بغداد، ومنها إلى مصر، ولازمه حتى مات، فرجع إلى مكة إلى أن مات فيها سنة 219هـ. تهذيب التهذيب 5/ 215.
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) في الأصل: (أبي).
(7) في الأصل: (هذه).
(8) في الأصل: (فالتفلت).
(9) الأنعام: 89.
(10) في الأصل: (آخر).
(11) الأنعام: 89.
(12) شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي، عالم بالحديث فقيه، اشتهر بذكائه وسرعة بديهته، كان عادلا في قضائه، ولد ببخارى وتوفي بالكوفة سنة 177هـ. راجع تذكرة الحفاظ 1/ 214، وفيات الأعيان 2/ 464.
(13) سعيد بن مسلم بن قتيبة الباهلي ولي أبوه البصرة مرتين وتولى سعيد أرمينية والموصل والسند والجزيرة وتوفي سنة 209هـ.
راجع تاريخ بغداد 9/ 74، وفيات الأعيان 4/ 88.(1/449)
فقال شريك: ما جرمي بالذي أستحق به سفك الدم؟
فقال: يا ابن الفاعلة، إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تكلمني من قفاك (1)، وتأويل هذه الرؤيا أنك تنظرني على خلاف (2)، وتضمر ضد ما تظهر.
فقال شريك: يا أمير المؤمنين إنّ رؤياك (3) هذه ليست برؤيا يوسف الصديق ولا (4)
رؤيا الخليل إبراهيم عليهما (5) السلام، وإن دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام. فأطرق المهدي ساعة ثم قال: اغرب إلى لعنة الله. فخرج شريك ولحقه سعيد بن سلم (6) فقال له:
أحسنت، والله أنت، فما بقي على ظهرها مثلك.
32712
رؤيا المهدي عليا بعد حبسه موسى بن جعفر
ولما حبس (7) المهدي موسى بن جعفر رأى ليلة كأن عليا رضي الله عنه (8) يقول: يا محمد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحََامَكُمْ} (9).
قال الربيع: فاستدعاني ليلا، فجئت، فإذا هو يقرأ هذه الآية، فعرّفني القصة. وقال:
عليّ بموسى فجئته به فقام إليه، وعانقه وأجلسه إلى جنبه وأخبره بالرؤيا، ثم أخذ عليه موثقا ووصله بألف دينار، وجهزه إلى أهله.
12722
رؤيا رجل أنه يسرق بيضا يضعها تحت الخشب
قال رجل لبعض المعبرين:
__________
(1) في الأصل: (من تفاك).
(2) في الأصل: (خلاق).
(3) في الأصل: (أزرؤياك).
(4) في الأصل: (لا).
(5) في الأصل: (عليهم).
(6) في الأصل: (سالم).
(7) في مروج الذهب 3/ 356عن عبد الله بن مالك الخزاعي الذي كان على دار الرشيد وشرطته، قال: أتاني رسول الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي، ومنعني من تغيير ثيابي فراعني ذلك ثم قال لي: أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ قلت: لا، والله يا أمير المؤمنين قال: إني رأيت الساعة في منامي كأن جيشا قد أتاني ومعه حربة فقال لي: إن لم تخل عن موسى بن جعفر الساعة وإلا نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخلّ عني. فقلت: يا أمير المؤمنين أطلق موسى بن جعفر؟
قال: نعم، امض الساعة حتى تطلق موسى بن جعفر وأعطه ثلاثين ألف درهم وقل له: إن أحببت المقام قبلنا، فلك عندي ما تحب، وإن أحببت المضي إلى المدينة فالإذن في ذلك إليك.
(8) في الأصل: (علي رضي الله عنه يقول:).
(9) محمد: 22.(1/450)
إني رأيت في المنام كأني أسرق البيض وأضعها تحت الخشب فقال: يا هذا تب إلى الله من فعلك فإنك تجمع بين الرجال والنساء على الحرام. قال: وكيف علمت (1)؟ قال: إنّ الله شبه الرجال الجهال بالخشب فقال: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} (2) وشبه النساء بالبيض المكنون (3). فقال الرجل: أنا تائب إلى الله على يدك وبرّه مما حضر (4).
22722
رؤيا الرشيد ملك الموت وسؤاله عن باقي عمره وإشارته إلى الخمس
رأى الرشيد في منامه ملك الموت فسأله [عن] (5) باقي عمره، فأشار إليه بأصابعه الخمس، فانتبه مذعورا (6)، وأمر بإحضار المعبرين. فقال بعضهم: تعيش خمسة أشهر، وقال بعضهم: بل خمس سنين، فقلق لذلك وأخذه المقيم والمقعد (7). فقال بعض الحاضرين: إنما سألته عن باقي عمرك فأشار بأصابعه الخمس يعني أنه لا يعلم هذه الخمسة إلّا الله تعالى فإنه يقول: {إِنَّ اللََّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السََّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مََا فِي الْأَرْحََامِ وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ مََا ذََا تَكْسِبُ غَداً وَمََا تَدْرِي [نَفْسٌ] بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (8) فسري عن الرشيد، وسر غاية السرور ووصل هذا المعبر بمال. وعاش بعد هذه الرؤيا دهرا (9).
12732
رؤيا المتوكل عليا وسط نار موقدة وتأويلها
وكان المتوكل يكثر من قول النكر في علي أبي طالب رضي الله عنه (10)، وينتقص (11)
منه، وكان علي بن يحيى المنجم من بين جلسائه لا يقرّه (12) على ذلك. فقال له المتوكل يوما:
__________
(1) في الأصل: (عملت).
(2) المنافقون: 4.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} الصافات: 46.
(4) الخبر موجز في الكنى والألقاب 1/ 314.
(5) زيادة اقتضاها السياق.
(6) في الأصل: (مزعورا).
(7) في الأصل: (المقعدة).
(8) لقمان: 34وسقطت كلمة (نفس) في الأصل.
(9) الخبر في تعبير الرؤيا: 69، ومنتخب الكلام من تفسير الأحلام لابن سيرين ص: 70بلفظ آخر.
(10) ساقط في الأصل.
(11) في الأصل: (ونقص).
(12) في الأصل: (لا يعاره).(1/451)
علمت أني رأيت صاحبك يعني عليا فيما يرى النائم، وكأنه وسط نار موقدة.
فقال: يا أمير المؤمنين، لو وقفت (1) على تأويل الرؤيا لرجعت عن رأيك فيه. فأمر بإحضار أحذق (2) المعبرين، واستفتاه فيما رآه، ولم يسمّ عليا. فقال المعبر: ينبغي أن يكون (3)
ما رآه أمير المؤمنين في النار نبيا أو وصيا.
فقال: ولم؟ قال:
لأن الله تعالى يقول: {بُورِكَ مَنْ فِي النََّارِ وَمَنْ حَوْلَهََا} (4) وكان المتوكل بعد ذلك لا يشق فاه بذكر علي.
22732
رؤيا المتوكل كأن دابة تكلمه وتأويلها
ولما كان آخر أيام المتوكل رأى في المنام كأنّ دابة تكلمه، فاغتم لذلك وقصّه على جلسائه وقال:
لو رأيت تلك الدابة بين ألف دابة لعرفتها لصحة ما رأيته. وقد جرى بخاطري قول الله تعالى: {وَإِذََا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنََا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} (5).
فقالوا له: لا ترع يا أمير المؤمنين، فإنّ الدابّة عجماء (6) لا تتكلم، وكلامها يدل على أن الله يفتح عليك ما لم تقدره (7)، فلما كان بعد مدة جلس لعيد النيروز (8) فمرت به دابة تشبهها (9). فقال: والله [هذه] الدابة التي أريتها. ثم قتل (10) بعد أيام قلائل.
__________
(1) في الأصل: (لو رقفت).
(2) في الأصل: أحذاق.
(3) في الأصل: يكون هذا.
(4) النمل: 8وفي الأصل: يمورك.
(5) النمل: 82.
(6) في الأصل: عجما.
(7) في الأصل: يقدره.
(8) في الأصل: لهذا البيروز.
(9) في الأصل: (تشبها).
(10) في الأصل: (قيل).(1/452)
12742
فصل في تعبيرات في القرآن مثبتة
النخلة، الحبوب، الثمار، الغلام، الأمرد، الريح، إسحاق، الغرفة، النوم
النخلة في القرآن رجل نفّاع، سهل حسيب لقوله تعالى: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهََا ثََابِتٌ وَفَرْعُهََا فِي السَّمََاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهََا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهََا} (1).
الحبوب والثمار والفواكه كلها أرزاق الله لعباده لأن الله تعالى يقول: {فَأَنْبَتْنََا فِيهََا حَبًّا (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا (29) وَحَدََائِقَ غُلْباً (30) وَفََاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتََاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعََامِكُمْ} (2).
الغلام الأمرد: بشارة لقوله تعالى: {يََا بُشْرى ََ هََذََا غُلََامٌ} (3) وكذلك الريح لقوله تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} (4). وكذلك من (5) رأى رجلا اسمه إسحاق لقوله [تعالى]: {وَبَشَّرْنََاهُ بِإِسْحََاقَ نَبِيًّا مِنَ الصََّالِحِينَ} (6).
22742 - ومن رأى كأنه في غرفة فإنه يأمن لقوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفََاتِ آمِنُونَ} (7)
وكذلك من رأى كأنه نائم في غرفة لقوله: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعََاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (8).
__________
(1) إبراهيم: 24.
(2) عبس: 3227.
(3) يوسف: 19.
(4) الروم: 46.
(5) الأصل: (إن).
(6) الصافات: 112.
(7) سبأ: 37. وفي الأصل: (وفي الغرفات هم آمنون).
(8) الأنفال: 11. وفي الأصل: (يغشاكم).(1/453)
ومن رأى أنه ركب في سفينة فإنه ينجو من همّ كان فيه لقوله عز ذكره: {فَأَنْجَيْنََاهُ وَأَصْحََابَ السَّفِينَةِ} (1).
32742 - فإن رأى بقرة (2) صفراء نظر إلى ما يسّره لقوله جلّ ذكره: {إِنَّهََا بَقَرَةٌ صَفْرََاءُ فََاقِعٌ لَوْنُهََا تَسُرُّ النََّاظِرِينَ} (3).
والماء: يعبر (4) في بعض في بعض الأحوال بالفتنة لقوله: {إِنَّهََا بَقَرَةٌ صَفْرََاءُ فََاقِعٌ لَوْنُهََا تَسُرُّ النََّاظِرِينَ} (5).
12752 - قال: اللحم: يعبر بالغيبة لقوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} (6).
قال: الحجارة: تعبر بالقسوة لقوله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذََلِكَ فَهِيَ كَالْحِجََارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (7).
قال: الملك أو السلطان يرى في البلد أو القرية أو المحلة أو الدار وقدرها يصغر عن قدره (8)، وينكر دخول مثله إليها، فذلك مصيبة وذلّ أهل ذلك الموضع لقوله تعالى:
{إِنَّ الْمُلُوكَ إِذََا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهََا} [9] وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهََا أَذِلَّةً وَكَذََلِكَ
__________
(1) العنكبوت: 15.
(2) في الأصل: (بقرا صغرا نضرا).
(3) البقرة: 69.
(4) في الأصل: (والماتعين).
(5) الجن: 16، 17والأصل: (وأسقيناهم).
(6) الحجرات: 12.
(7) البقرة: 74وفي الأصل: (وأشد قسوة).
(8) في الأصل: (بصفر).
(9) في الأصل: (أفسدها).(1/454)
{يَفْعَلُونَ} (1).
22752 - والحبل: يعبر بالعهد لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللََّهِ جَمِيعاً} (2). أي بأمان الله وعهده.
واللباس: يعبر بالنساء لقوله جلّ وعلا: {هُنَّ لِبََاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبََاسٌ لَهُنَّ} (3).
والحطب: النميمة لقوله تعالى في امرأة أبي (4) لهب {وَامْرَأَتُهُ حَمََّالَةَ الْحَطَبِ} (5) أي حمالة النميمة.
32752 - ومن رأى أنه قطع عصا، فإنه يشق سقرا (6) لقوله تعالى: {وَقَطَّعْنََاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً} (7).
وكذلك لو رأى أنه ضرب إنسانا أو ضربه إنسان لأن الله سمى السفر ضربا حيث قال: {وَإِذََا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (8).
وقال: {لََا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ} (9).
وكذلك لو رأى أنه يزني (10) بامرأة لأنه ضرب في الزنا. والضرب سفر (11).
__________
(1) النمل: 34.
(2) آل عمران: 103.
(3) البقرة: 187.
(4) في الأصل: (أي).
(5) المسد: 4.
(6) في الأصل: (قطع عصا فإنه يشاق). وراجع في تفسير رؤيا العصا تفسير الأحلام 37.
(7) الأعراف: 168وفي الأصل: (وقطعنا).
(8) النساء: 101.
(9) البقرة: 273.
(10) في الأصل: (يربي).
(11) في الأصل: (سفرا).(1/455)
وكذلك لو رأى انه أفطر في نهار شهر رمضان لقوله تعالى: {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى ََ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيََّامٍ أُخَرَ} (1).
12762 - ومن رأى كأن القيامة قد قامت في موضع، فإنّ العدل يبسط فيه لأهله، لأن يوم القيامة {لََا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} (2).
ومن رأى أنه يصلي لغير القبلة، فإنه ينحرف عن الشريعة ما مال عنها لقوله تعالى:
{وَحَيْثُ مََا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (3).
22762 - النور في التأويل: الهدى. والظلمة: الضلال لقوله تعالى: {اللََّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمََاتِ إِلَى النُّورِ} (4)، أي من الضلال إلى الهدى.
بنيات (5) الطرق: هي البدع لقوله تعالى: {وَأَنَّ هََذََا صِرََاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلََا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ} (6) يعني البنيات (7).
اللسان: الذكر، لقوله تعالى: {وَاجْعَلْ لِي لِسََانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (8).
12772 - والمفتاح: مال وسلطان لقوله تعالى: {لَهُ مَقََالِيدُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (9) يريد خزائن الرزق.
__________
(1) البقرة: 184.
(2) يس: 54.
(3) البقرة: 144، 150.
(4) البقرة: 257.
(5) في الأصل: بينات، وبنيات الطرق: الترهات.
(6) الأنعام: 153.
(7) في الأصل: البينات.
(8) الشعراء: 84. وفي الأصل: (لسان مصدق).
(9) الزمر: 36، الشورى: 12.(1/456)
ومن رأى أبوابا مفتحة في السماء كثرت الأمطار في تلك السنة، وزادت (1) المياه لقوله تعالى: {فَفَتَحْنََا أَبْوََابَ السَّمََاءِ بِمََاءٍ مُنْهَمِرٍ} (2).
فإن رأى سلّما يصعد به إلى مكان فإنّ ذلك دليل على سلطان يناله، وسرور يغشاه (3) من قبل أمير وهو مستمع له (4) لقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطََانٍ مُبِينٍ} (5).
فإن رأى كأنه سكران من غير شراب فهو مشرف على همّ شديد وخوف لقوله تعالى: {وَتَرَى النََّاسَ سُكََارى ََ وَمََا هُمْ بِسُكََارى ََ وَلََكِنَّ عَذََابَ اللََّهِ شَدِيدٌ} (6).
22772 - ومن رأى كأنه قد سقطت (7) أسنانه فإنّ عمره يطول لقوله تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى ََ أَرْذَلِ الْعُمُرِ} (8). وهو سقوط الأسنان.
والنعجة في المنام امرأة، والنعاج نساء، لقوله تعالى: {إِنَّ هََذََا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وََاحِدَةٌ} (9).
والجمال: حج لرائيها (10) لقوله: {وَتَحْمِلُ أَثْقََالَكُمْ إِلى ََ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بََالِغِيهِ إِلََّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (11).
__________
(1) في الأصل: (وزاد).
(2) القمر: 11.
(3) في الأصل: (وتغشاه).
(4) في الأصل: (مسمع) ولعل فيها تحريفا.
(5) الطور: 38.
(6) الحج: 2والأصل: (ويرى الناس).
(7) في الأصل: (سقط).
(8) الحج: 5، النحل: 70.
(9) ص: 23.
(10) في الأصل: (لرابها).
(11) النحل: 7.(1/457)
32772 - والطيور: شهوة لمن رآها لقوله: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمََّا يَشْتَهُونَ} (1) فإن رأى أنه يضرب عودا أو طنبورا أو شيئا من الملاهي فإنه يدل على سلطان يناله، وتمكن من هذه الدنيا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْحَيََاةُ الدُّنْيََا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} (2).
12782 - ومن رأى كأنه قد دخل مكة وكان من أهل الراية، فإنه يجبى إليه الخراج من النواحي لقوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى ََ إِلَيْهِ ثَمَرََاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنََّا} (3).
فإن رأى أنه يضحك فإنه يفرح ويستبشر لقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضََاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} (4).
فإن رأى أنه يشرب لبنا فإنه ينال رزقا (5) هينا من موضع يتعجب من ذلك من مثله لقوله تعالى {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خََالِصاً سََائِغاً لِلشََّارِبِينَ} (6).
22782 - فإن رأى مطرا (7) يمطره فهو بركة تغشاه لقوله تعالى: {وَنَزَّلْنََا مِنَ السَّمََاءِ مََاءً مُبََارَكاً} (8).
__________
(1) الواقعة: 21.
(2) محمد: 36.
(3) القصص: 57.
(4) عبس: 38، 39.
(5) في الأصل: (رزفا).
(6) النحل: 66وفي الأصل: (من قلت لبنا).
(7) في الأصل: (مطر).
(8) ق: 9وفي الأصل: (وأنزلنا).(1/458)
فإن رأى نارا أو رآها أتته بركة أو صلة من قبل سلطان لقوله عزّ وجل: {فَلَمََّا جََاءَهََا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النََّارِ وَمَنْ حَوْلَهََا} (1).
فإن رأى أنه يأتي كبيرة من الكبائر سوى الإشراك بالله فإن الله يغفر له ذنوبه بتوبة يتوبها أو معنى غيره لقوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مََا دُونَ ذََلِكَ لِمَنْ يَشََاءُ} (2).
32782 - فإن رأى أنه يقلب كفيه، فإنه يندم على مال ينفقه (3) لقوله تعالى: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ََ مََا أَنْفَقَ فِيهََا} (4).
فإن رأى أنه قد جنّ، فإنه يصير إلى نعمة (5) وكرامة لقوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسََانُ إِذََا مَا ابْتَلََاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} (6).
12792 - فإن رأى أنه على سرير أو في حجلة (7) ملك امرأة يغبط بها، لقوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوََاجُهُمْ فِي ظِلََالٍ عَلَى الْأَرََائِكِ مُتَّكِؤُنَ} (8).
فإن رأى أنه يسبح ويهلل فإنه يخرج من ضيق إلى سعة لقوله تعالى: {فَلَوْلََا أَنَّهُ كََانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (9).
__________
(1) النمل: 8وفي الأصل: (فلما ابيتها).
(2) النساء: 116.
(3) في الأصل: (ينعفه).
(4) الكهف: 42.
(5) في الأصل: (نقمة).
(6) الفجر: 15.
(7) الحجلة: كالقبة للعروس بيت يزين بالثياب والأسرة والستور.
(8) يس: 56.
(9) الصافات: 143، 144.(1/459)
والنكاح: غنى، وكذلك الطلاق لقوله تعالى في آية النكاح: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرََاءَ يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (1) وقوله: {وَإِنْ يَتَفَرَّقََا يُغْنِ اللََّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (2).
22792 - فإن رأى أنه أضاف قوما أتته من فوقه كرامة وسلامة لقوله تعالى: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ} (3) {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقََالُوا سَلََاماً} (4).
واللؤلؤ والياقوت: أبناء (5) لقوله: {غِلْمََانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} (6) وقوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيََاقُوتُ وَالْمَرْجََانُ} (7).
ومن رأى أنه يشرب الخمر، فإنّ عينه تقر بلذة تأتيه لقوله جلّ ذكره: {وَأَنْهََارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشََّارِبِينَ} (8).
32792 - ومن رأى كأن إنسانا يناديه من مكان بعيد، فإنه قد أشرف على وجود جاه ومنزلة، وقرب من ملك عظيم لقوله تعالى: {وَنََادَيْنََاهُ مِنْ جََانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنََاهُ نَجِيًّا} (9).
__________
(1) النور: 32وفي الأصل: (يغنيهم).
(2) النساء: 130.
(3) الذاريات: 23.
(4) الذاريات: 24. الحجر: 52.
(5) في الأصل: ابنه.
(6) الطور: 24.
(7) الرحمن: 52.
(8) محمد: 15والأصل: (للشابين).
(9) مريم: 52.(1/460)
وإن رأى أنه خاف قوما ففرّ منهم، فإنه يصل إلى أمر عظيم ورئاسة على قوم لقوله تعالى حكاية عن موسى: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمََّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (1).
__________
(1) الشعراء: 21.(1/461)
الباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب ونصوص من فصول العهود وكتب الفتوح، ونخب من ألفاظ الرسائل السلطانية والإخوانية والتوقيعات، وكتابات الجيوش في أشياء مختلفة
12812(1/463)
الباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب ونصوص من فصول العهود وكتب الفتوح، ونخب من ألفاظ الرسائل السلطانية والإخوانية والتوقيعات، وكتابات الجيوش في أشياء مختلفة
12812
الباب الثامن عشر في ذكر الخط والكتاب والحساب ونصوص من فصول العهود وكتب الفتوح، ونخب من ألفاظ الرسائل السلطانية والإخوانية والتوقيعات، وكتابات الجيوش في أشياء مختلفة.
فصل في فضل الكتاب والكتّاب
آيات من القرآن
قد نوّه (1) الله تعالى باسم الكتابة، وعظّم من شأنها، ورفع من قدرها، إذ أضافها إلى نفسه جلّ اسمه، وإن لم تكن الإضافة من النوع الذي يضاف إلى خلقه، ولا راجعة بوجه من الوجوه إلى (2) شبهه، إلّا أنه دلنا على رتبتها، وشرف منزلتها فقال عزّ من قائل: {وَكَتَبْنََا لَهُ فِي الْأَلْوََاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} (3).
وقال تعالى عز ذكره: {وَكَتَبْنََا عَلَيْهِمْ فِيهََا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (4).
وقال تعالى: {كَتَبَ اللََّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} (5).
وقال: {وَرَهْبََانِيَّةً ابْتَدَعُوهََا مََا كَتَبْنََاهََا عَلَيْهِمْ} (6).
__________
(1) في الأصل: (بوّه).
(2) في الأصل: (أبي).
(3) الأعراف: 145وفي الأصل شطب على كلمتي: (في الألواح).
(4) المائدة: 45.
(5) المجادلة: 21.
(6) الحديد: 27.(1/465)
22812 - وجعل سبحانه من الملائكة كتبة، وهم أرفع الخلق درجة. فقال جل ثناؤه: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحََافِظِينَ (10) كِرََاماً كََاتِبِينَ} (1)، وقال تعالى:
{وَرُسُلُنََا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (2)
وقال تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرََامٍ بَرَرَةٍ} (3)، وفي التفسير: السفرة:
الكتبة (4)، وقال: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتََابَ الَّذِي جََاءَ بِهِ مُوسى ََ نُوراً وَهُدىً لِلنََّاسِ} (5) وقوله: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً} (6)، فمعلوم أنه تعالى [لو] (7) لم يكتب أعمال العباد لكانت محفوظة لا يتخللها (8) خلل، ولا يتداخلها نسيان ولا زلل، ولكنه تعالى علم أن نسخ (9) الكتاب أوكد وأبلغ في الإنذار والتحذير، وأراد تعالى تعريف عباده فضيلة الخط والكتاب، وينبههم على (10) مواقعها ومنافعها.
القسم بالقلم
وأقسم عزّ ذكره بالآلة التي بها تتهيأ (11) الكتابة، وهي القلم فقال: {ن وَالْقَلَمِ وَمََا يَسْطُرُونَ} (12). ولقد علمنا أن الأقسام من الله تعالى لا تقع إلّا على معاظم
__________
(1) الانفطار: 10، 11.
(2) الزخرف: 80.
(3) عبس: 15، 16، السفرة جمع سافر وهم الكتاب الذين يكتبون في الأسفار (الكتب).
(4) في الأصل: (الكتبة) وفي الكشاف 4/ 218: كتبة ينتسخون من اللوح.
(5) الأنعام: 91.
(6) الإسراء: 13والأصل: (بلقاه) مصحفة.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) في الأصل: (يبخلها).
(9) في الأصل: (يسخ).
(10) في الأصل: (ويتبهم عن)، والصحيح أن تقول (نبه على).
(11) في الأصل: (يتهيأ) مصحفة.
(12) القلم: 1.(1/466)
الخليقة (1) والأشياء الجليلة الأقدار، الكبيرة الأخطار في نفوس عباده.
12822 - وقد رأيناه أقسم بالقلم كما أقسم بالشمس والقمر والليل والنهار والإنسان الذي خلقه لعبادته، وعمارة هذا العالم على يده فقال: {وَالشَّمْسِ وَضُحََاهََا (1) وَالْقَمَرِ إِذََا تَلََاهََا (2) وَالنَّهََارِ إِذََا جَلََّاهََا (3) وَاللَّيْلِ إِذََا يَغْشََاهََا (4) وَالسَّمََاءِ وَمََا بَنََاهََا (5) وَالْأَرْضِ وَمََا طَحََاهََا (6) وَنَفْسٍ وَمََا سَوََّاهََا} (2).
وهذه الأشياء التي أقسم بها هي عيان البرايا (3)، ونظام أجزاء العالم، فإذا قرن به القلم في أقسامه فقد أنبأ (4) بذلك عن فخامة رتبة الخط، وجلالة مرتبته، وحسن أثره في مصالح عباده، ومعائشهم ومرافقهم، وإن من حرم فضيلته وعدم متعته (5)، فقد حرم خيرا إلّا أن يعدم الله ذلك بعض خلقه لحكمة بالغة، ومصلحة شاملة،
أمية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعلتها للنبي في فضل التعليم
كما قضاه وقدره في أمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم، فإنه أعدمه الكتابة ثم عوّض عنها ما هو أجلّ فقال: {وَمََا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتََابٍ وَلََا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتََابَ الْمُبْطِلُونَ} (6).
12832 - فأخبر بالعلة في كونه أميّا لا يكتب. وهي آية، ولو (7) كان ممن يخط، لوجد بذلك المبطلون سبيلا إلى الارتياب (8) في أمره وإلحاق ظنه (9) في الوحي الذي أتاهم به من
__________
(1) في الأصل: (لا يقع الخليفة).
(2) الشمس: 71.
(3) في الأصل: (برايا).
(4) في الأصل: (أنبا).
(5) في الأصل: (ميعته) محرفة ويحتمل أن تكون (نعمته).
(6) العنكبوت: 48وفي الأصل: (كنت تتلوا).
(7) في الأصل: (لو)، وزدنا الواو لتستقيم الجملة.
(8) في الأصل: (الآيات) محرفة.
(9) في الأصل: (ظنه).(1/467)
عند ربه، وجعل ذلك آية من آيات نبوّته، فصار الشيء الذي هو نقص في غيره فضيلة له (عليه السلام).
شعر لأبي الفتح البستي
قال أبو الفتح البستي (1):
إذا افتخر (2) الأبطال يوما بسيفهم ... وعدّوه مما يكسب المجد والكرم
كفى قلم الكتّاب فخرا ورفعة ... مدى (3) الدهر أنّ الله أقسم بالقلم (4)
22832
فصل في مثل ذلك
تفسير ابن عباس (أثارة من علم)
قال ابن عباس: في قوله عزّ اسمه: {أَوْ أَثََارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} (5) قال: الخط (6).
كتب كتابا مسخوط عليه من جهة بعض الملوك محبوس في جماعة من أقرانه رقعة في الاستعطاف، وفيها هذا البيت:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
__________
(1) في الأصل: (البشتي) مصحفة.
(2) في الأصل: (افتخذ) محرفة.
(3) في الأصل: (مدى).
(4) البيتان في ديوانه. أبو الفتح البستي حياته وشعره ق: 110ص 365.
(5) الأحقاف: 4وفي الأصل: (وإثارة).
(6) القول في صبح الأعشى 3/ 1.(1/468)
فأمرهم بإطلاقهم والإحسان إليهم (1).
12842 - ولو شاء النبي صلّى الله عليه وسلّم ألّا يكتب الكتب إلى كسرى وقيصر (2)، وابني الجلندي (3)
والعباهلة (4) من حمير، وإلى هوذة (5) بن علي، وإلى الملوك والسادة والعظماء لفعل، ولوجد
__________
(1) الخبر في أدب الكتاب للصولي ص 24وفيه: أن المأمون كان قد وجد على بعض كتابه في شيء، فكتب إليه: ونحن الكاتبون البيت. فعفا عنه.
وفي العقد الفريد 4/ 179: إن أبا جعفر المنصور عتب على قوم من الكتاب فأمر بحبسهم، فرفعوا إليه رقعة ليس فيها إلا هذا البيت
والخبر في الوزراء والكتاب ص 136مع الخليفة المنصور أيضا إذا أمر بتأديب جماعة من الكتاب. فقال واحد منهم، وهو يضرب:
أطال الله عمرك في صلاح ... وعز يا أمير المؤمنيا
بعفوك أستجير فإن تجرني ... فإنك عصمة للعالمينا
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
فأمر بتخليتهم، ووصل الفتى وأحسن إليه.
وفي العيون والحدائق في الورقة 33أو فيه: أن أحد أمراء الأغالبة أمر بحبس محمد بن حنون البربري كاتبه على ذنب كان منه، فكتب إليه من الحبس رسالة يسأله العفو وكتب فيها أبياتا أولها:
هبني أسأت فأين العفو والكرم ... إذ قادني نحوك الإذعان والنّدم
يا خير من مدت الأيدي إليه أما ... ترى لمن قد بكاه عندك القلم
فلما قرأ الرسالة قال: يكتب هبني أسأت وقد أساء، والله لو كتب إلي يقول:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
لعفوت عنه وأطلقت سبيله، ثم أمر به فجعل في تابوت، وأحرق بالنار وهو حي، البيان المغرب 1/ 121، أعلام الأعلام 3/ 32.
(2) في الأصل: (إلى كسرى وقيصر) وراجع ما كتبه صلّى الله عليه وسلّم إليهما في مجموعة الوثائق الإسلامية 80وما بعدها، وص 109وما بعدها.
(3) في الأصل: (بني الجلني) والابنان هما جيفر وعبد شيخا البحرين، وراجع ما كتبه صلّى الله عليه وسلّم إليهما في مجموعة الوثائق السياسية ص 128.
(4) العباهلة: الأقيال المقرون على ملكهم، والأمراء المستقلون ذوو سلطان قاهر، وراجع ما كتبه إليهم: مجموعة الوثائق ص 205وما بعدها.
(5) في الأصل: (هوده) وهو شيخ اليمامة، وراجع ما كتبه صلّى الله عليه وسلّم له: مجموعة الوثائق ص 123.(1/469)
المبلّغ المعصوم من الخط البديل (1)، ولكنه عليه السلام علم أن الكتاب أشبه بتلك الحال وأليق (2) بتلك المراتب، وأبلغ في تعظيم ما حواه الكتاب.
ولو شاء الله أن يجعل الشارات بالرسالات (16) على الألسنة، ولم يودعها (3) الكتب لفعل، ولكنه علم أن ذلك أتم وأكمل وأفخم وأجمع فقال تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمََا فِي صُحُفِ مُوسى ََ (36) وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى} (4)، فذكر صحف موسى الموجودة (5)
وصحف إبراهيم البائدة المعروفة، ليعرف الناس مقدار النفع والمصلحة في الكتب.
22842
فصل في ضد ذلك
قول لمجان الحكماء
قال بعض مجان (6) الحكماء: ما لقينا من الكتاب في الدنيا والآخرة؟! أما في الدنيا فقد بلينا به، وأخذنا بحفظ فرائضه وإقامة شرائطه، وأما في الآخرة فإنا نلقاه منشورا (7) ينبئ عن سرائرنا وخفايا صدورنا وأمورنا.
وصف الجاحظ لعامة الكتاب
ذكر الجاحظ عامة الكتاب (8) فقال:
__________
(1) في الأصل: (والسديل) محرفة.
(2) في الأصل: (وألصق) محرفة.
(16) في الأصل: (بالمرسلين).
(3) في الأصل: (يود عنها).
(4) النجم: 36، 37.
(5) في الأصل: (الموجود).
(6) في الأصل: (مجاز) محرفة.
(7) شارة إلى قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ كِتََاباً يَلْقََاهُ مَنْشُوراً} الإسراء: 13.
(8) النص في تحسين القبيح ص 86في عيوب الكتاب وفي (ذم الكتاب) ضمن رسائل الجاحظ 2/ 199تحقيق هارون، وفيه:
(جلس الجاحظ يوما في بعض الدواوين، فتأمل الكتاب فقال: خلق حلوة، وشمائل. معشوقة وتظرف وقد استحسن الجاحظ في البيان والتبيين 1/ 137أساليب الكتاب فقال: (أما أنا فلم أر قط أمثل طريقة من الكتاب، فإنهم قد التمسوا في الألفاظ ما لم يكن متوعرا وحشيا ولا ساقطا سوقيا).(1/470)
أخلاق حلوة، وشمائل معسولة (1)، وثياب نظيفة، وتظرّف (2) أهل الفهم، ووقار أهل العلم، فإذا صلوا (3) بنار الامتحان كانوا كالزبد يذهب جفاء (4)، وكنبات الربيع (5) في الصيف تحركه هبوب الرياح (6)، ولا يستندون إلى وثيقة ولا يدينون بحقيقة (7). أخفر الخلق (8)
لأماناتهم، وأشراهم بالثمن البخس (9) لعهودهم: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمََّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمََّا يَكْسِبُونَ} (10).
22852
فصل في فضل الحساب
الذي يتلو أمر (11) الخط في عظم قدر المنفعة، وعموم المصلحة من الحساب الذي جعل الله النعمة به وفيه على الناس في مواضع كثيرة من كتابه، إذ كان مدار (12) الأمر عليه في تحصيل مسير الشمس والقمر والنجوم وتفصيل الأزمنة بعضها من بعض، وشدة حاجة الناس إليه في أسباب دينهم من معرفة الأوقات التي تجب عليهم فيها وظائف (13) العبادات،
__________
(1) في الأصل: (مغسولة) مصحفة، وفي تحسين القبيح سقطت الكلمة فجاءت الجملة: (وشمائل وثياب نظيفة).
(2) في الأصل: (وتطرف) مصحفة.
(3) في الأصل: (أصلوا) وفي رسالة الجاحظ: (فإذا ألقيت عليهم الإخلاص وجدتهم).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفََاءً} الرعد: 17.
(5) في رسالة الجاحظ: (وكنبتة الربيع يحرقها الهيف من الرياح).
(6) في تحسين القبيح: (يعروه هيف الرياح).
(7) في الأصل: (تحقيقه) تصحيف.
(8) في الأصل: (أحفد الخلق)، والتصويب من تحسين القبيح ومعنى أخفره: نقض عهده وغدر، وفي رسالة الجاحظ في ذم الكتاب: (أحقد الخلق).
(9) رسالة الجاحظ: (بالثمن الخسيس).
(10) البقرة: 79.
(11) في الأصل: (أمن) محرفة.
(12) في الأصل: (مرار) محرفة.
(13) في الأصل: (وظائف).(1/471)
والإحاطة بمبالغ التجارات لإيتاء الزكاوات (1)، والوقوف على النصابات في إخراج الصدقات في امور دنياهم (2) من المبايعات والمعاملات والتجارات والمقاسمات وغيرها من التواريخ والمواعيد والمواكيد
آيات من القرآن في فضله
فقال: {الرَّحْمََنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسََانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيََانَ} (3) ثم قال: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبََانٍ} (4).
وبالبيان عرف الإنسان القرآن، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيََاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنََازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسََابَ} (5) وأجرى الحساب مجرى إنسان، وألحق البيان بالقرآن.
32852 - وقال جل ذكره: {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبََاناً ذََلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (6)، وقال تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنََاهُ فِي إِمََامٍ مُبِينٍ} (7)، وقال: {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحََاسِبِينَ} (8).
يخبر في جميع ذلك أن المرجع في جميع ما يجهل قدره إلى العدد والحساب اللذين (9)
بهما يوصل إلى معرفة حقائق الأشياء. ومن أجل ذلك صار كل شيء مما تعاطى الناس علمه محتملا لوقوع الخلاف فيه، ما خلا الحساب فإنه الشيء الذي لا يقع تنازع ولا خلاف فيه
__________
(1) في الأصل: (الزكوات).
(2) في الأصل: (ديناهم من المباتعات).
(3) الرحمن: 41.
(4) الرحمن: 5.
(5) يونس: 5.
(6) الأنعام: 96.
(7) يس: 12.
(8) الأنعام: 62.
(9) في الأصل: (الدين) محرفة.(1/472)
لصحته في جميع المعارف، وإقرار الكافة طبعا بأنه لا شك فيه ولا ريب فيه قال تعالى:
{وَأَحََاطَ بِمََا لَدَيْهِمْ وَأَحْصى ََ كُلَّ شَيْءٍ} (1)، ولولا العلة المذكورة لكان وصف الله نفسه بأحد المعنيين (2) وصفا له في المعنى الآخر (3).
12862
قول الجاحظ في فضل الحساب
قال الجاحظ (4): لولا معرفة العباد بمعنى الحساب في الدنيا، لما فهموا عن الله تعالى معنى الحساب في الآخرة.
كتاب لأبي إسحاق الصابي
وقرأت في كتاب أنشأه أبو إسحاق الصابي (5)، ونقل سنة خمسين إلى سنة إحدى وخمسين وثلثمائة وذلك في خلافة المطيع وإمارة معز الدولة ووزارة المهلبي فصلا (6) يشير إلى فضل الحساب إذ استحسنته (7) جدا فجعلت هذا مكانه وهو:
وأمير المؤمنين يرى أن أولى الأقوال أن يكون سددا، وأحرى (8) الأفعال أن يكون رشدا (9)، مما وجد له في السابق من حكمة الله تعالى أصول [و] (10) قواعد، وفي النص من كتابه آيات وشواهد. وكان مفضيا (11) بالأمة إلى قوام من دين ودنيا (12)، ووفاق في آخرة وأولى. فذلك هو البناء الذي يثبت ويزكو (13).
__________
(1) الجن: 28وفي الأصل: (أحاط).
(2) في الأصل: (المعينين) مصحفة.
(3) يريد أن صفة الإحصاء غير صفة الإحاطة.
(4) نفع الحساب وارد في الحيوان 1/ 46بأسلوب آخر.
(5) الرسالة كتبها أبو إسحاق عن المطيع بالله، وكان أبو إسحاق يومئذ صاحب ديوان الرسائل، وراجع المختار ص 209وما بعدها.
(6) في الأصل: (وارارة فضلا).
(7) في الأصل: (إن استحسنته).
(8) في الأصل: (أحدى).
(9) في الأصل: (سدا).
(10) زيادة ليست في الأصل، من المختار.
(11) في الأصل: (مقضيا) مصحفة.
(12) في الأصل: (قوام دائن أو دينا).
(13) في الأصل: (البيان الذي بلييت وتركوا) وفي المختار: (الذي يثبت ويعلو الفرس الذي ينبت ويزكو) ويقتطع الثعالبي النص ويختار من موضع آخر(1/473)
22862 - وقد جعل الله لعباده من هذه الأفلاك الدائرة والنجوم السائرة فيما ينقلب عليه من اتصال وافتراق، ويتعاقب فيه من اختلاف واتفاق، منافع تظهر في كرور الشهور (1)
والأعوام، ومرور الليالي والأيام، وتناوب (2) الضياء والظلام، واعتدال المساكن والأوطان، وتغاير (3) الفصول والأزمان ونشوء النبات (4) والحيوان، فما في نظام ذلك خلل [و] (5) لا في صانعه ذلل، بل هو منوط (6) بعض ببعض، ومحوط من كل ثلم ونقص (7). قال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيََاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنََازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسََابَ مََا خَلَقَ اللََّهُ ذََلِكَ إِلََّا بِالْحَقِّ} (8).
وقال عزت (9) قدرته: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنََاهُ} [10] مَنََازِلَ حَتََّى عََادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ.
12872 - ففصّل تعالى في هذه الآيات بين الشمس والقمر فأنبأ في الباهر من حكمته، والمعجز من كلمه أن لكل منهما طريقا سخّر فيها وطبيعة جبل عليها، وأن تلك المباينة (11) والمخالفة في المسير تؤديان إلى موافقة وملاءمة (12) في التدبير.
__________
(1) في الأصل: (الشهود) محرفة.
(2) في الأصل: (ويتناول) محرفة.
(3) في الأصل: (وتفائر) محرفة.
(4) في الأصل: (الثبات).
(5) زيادة اقتضاها السياق.
(6) في الأصل: (حنوط).
(7) في الأصل: (نقض).
(8) يونس: 5.
(9) في الأصل: (عزة).
(10) في الأصل: (قررناه) والآية من سورة يس: 39.
(11) في الأصل: (البانية).
(12) في الأصل: (ملامه).(1/474)
ومن هنا (1) زادت السنة الشمسية فصارت ثلثمائة وخمسة وستين يوما بالتقريب المعمول عليه، وهي المدة التي تقطع (2) فيها الشمس الفلك مرة واحدة، ونقصت السنة الهلالية فصارت ثلثمائة وأربعة (3) وخمسين يوما وكسرا، وهي المدة التي يجامع القمر فيها الشمس اثني عشرة (4) مرة، واحتيج (5) إلى انسياق هذا الفضل إلى استعمال النقل الذي يطابق إحدى السنين بالأخرى إذا افترقتا (6)، ويداني بينهما إذا تفاوتتا (7).
وما زالت (8) الأمم السالفة تكبس (9) زيادات السنين على افتنان من طرقها ومذاهبها، وفي كتاب الله تعالى شهادة بذلك إذ (10) يقول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلََاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} (11)، فكانت هذه الزيادة لهذا (12) الفضل في السنين المذكورة على التقريب.
__________
(1) في الأصل: (فهي هناك).
(2) في الأصل: (يقطع).
(3) في الأصل: (وأربع).
(4) في الأصل: (عشر).
(5) في الأصل: (احتج).
(6) في الأصل: (افترقنا).
(7) في الأصل: (وبداني إذا نقاوتا).
(8) في الأصل: (وما زال).
(9) في الأصل: (بكيس).
(10) في الأصل: (إن يقول).
(11) الكهف: 25.
(12) في الأصل: (يا ذا).(1/475)
12882
فصل فيما يقع (1) في العهود من ذكر تقوى الله تعالى وأدب الولاية
لعبد العزيز بن يوسف
أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف من العهد المنشأ عن الطائع (2) إلى مؤيد الدولة (3)
في تقليده. جرجان وطبرستان إلى ما كان يتقلده (4) من بلاد الجبل (5). قال:
(أمره بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته والتمسك بأوامره (6) والانتهاء عن زواجره والأخذ من دنياه لدينه، ومن عمله لعلمه، ومن شبابه لمشيبه، ومن يوم أمسه لقادمه (7) متأدبا بأدب الله في أخذ العفو والأمر بالمعروف (8) وصدق القول وغض الطرف وكظم (9) الغيظ (10)، وكف اليد موقنا بأن التقوى أوفى ظهير وأولى معين، وخير، عتاد وأكرم (11) زاد للمعاد، قال الله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفََازاً (31) حَدََائِقَ وَأَعْنََاباً} (12)، وقال عز ذكره: {وَمَنْ يَتَّقِ اللََّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لََا يَحْتَسِبُ} (13).
__________
(1) في الأصل: (تقع).
(2) الطائع لله هو أبو بكر عبد الكريم بن المطيع الخليفة العباسي الذي تنازل أبوه عن الخلافة وعمره ثلاث وأربعون سنة، وذلك في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. تاريخ الخلفاء: 411.
(3) مؤيد الدولة هو ابن الخليفة الطائع لله. قد قلده أبوه الطائع ولاية الري وأصبهان سنة 364هـ وتوفي سنة 373هـ. تاريخ الخلفاء 409406.
(4) في الأصل: (بتقلده).
(5) في الأصل: (الحيل).
(6) في الأصل: (بأوامر الانتهاء).
(7) في الأصل: (أمته لقدابة متأذيا).
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجََاهِلِينَ} الأعراف: 199.
(9) في الأصل: (كظيم) محرفة.
(10) في غض الطرف وكظم الغيظ إشارة إلى قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصََارِهِمْ} النور: 30، وقوله تعالى: {وَالْكََاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعََافِينَ عَنِ النََّاسِ} آل عمران: 134.
(11) في الأصل: (إكرام) محرفة.
(12) النبأ: 31، 32.
(13) الطلاق: 2، 3.(1/476)
22882
رسائل للصابي
وله (الصابي) من عهد إلى قاضي القضاة ابن معروف (1):
أمره باعتقاد التقى، فإنها من شعار الهدى، وأن يراقب الله مراقبة المتحرز (2) من وعيده، المنجز لمواعيده، وتطهير (3) قلبه موبقات الوساوس ويهذبه من دنيات (4) الهواجس، ويأخذ نفسه بما أخذ أهل الدين، ويكلّفها كلف الأبرار الموقنين (5)، ويمنعها من أباطيل الهوى وأضاليل المنى، فإنها أمّارة بالسوء (6)، لا ترجع عن مضارها إلّا بالشكائم (7)، ولا تنقاد لمن تحب (8) إلّا بالخزائم، فمن أمسكها وثناها (9) نجّاها، ومن أطلقها وأهرجها أرداها (15)، وأولى من جعل تقوى الله دأبه وديدنه (10) والخيفة منه منهاجه وسننه من (11) ارتدى رداء الحكام، وأمر ونهى في الأحكام، وتصدر لكف الظالم ورد المظالم، وإيجاب الحدود ودرئها (12) وتحليل الفروج وحظرها (13)، وأخذ الحقوق وإعطائها، وتنفيذ القضايا وإمضائها، إذ ليس له أن يأمر ولا يأتمر ويزجر ولا ينزجر، ويأتي ما ينهى (14) وينهى عما يأتي مثله، بل هو محقوق بأن
__________
(1) النص من عهد كتبه الصابي إلى قاضي القضاة أبي الحسين عبيد الله بن أحمد بن معروف في المختار من رسائله ص 118، وفي المختار: (أمره باعتقاد التقوى).
(2) في الأصل: (مراقبته المتجرز).
(3) في المختار: (ويطهّر قلبه).
(4) في الأصل: (بهديه ديات) وفي المختار: (مرديات).
(5) المختار: (المؤمنين).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمََّارَةٌ بِالسُّوءِ} يوسف: 53وفي المختار: (فإنها أمارة بالسوء صبّة إلى الغي، صادة عن الخير، صادفة عن الرشد).
(7) في الأصل: (الشكايم)، والشكائم جمع شكيمة، وهي الحديدة المعترضة في فم الفرس يريد: كبح جماح النفس ومجاهدتها.
(8) في الأصل: (والانتقاد يحب عليها).
(9) في الأصل: (إلا بالجرائم فمن وثناؤها) وفي المختار: (فمن كبحها وثناها نجاها). والخزائم جمع خزامة وهي: الحلقة في أنف البعير يشد فيها الزمام.
(15) في الأصل: أرادها.
(10) في الأصل: (دابة، ديدية) وهو تحريف، والديدن: العادة.
(11) في الأصل: (من).
(12) في الأصل: (إيحاد الحدود ودورها).
(13) في الأصل: (وتخليل الفروح وخطرها) وهو تصحيف.
(14) في الأصل: (يزجر) تصحيف، وفي المختار: (ولا يزدجر، ويأتي مثل ما ينهى عنه).(1/477)
يصلح ما بين جنبيه قبل أن يصلح من رد أمره إليه، وأن يهذب من بيته ما يحاول أن يهذب من رعيته. قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّهَ حَقَّ تُقََاتِهِ وَلََا تَمُوتُنَّ إِلََّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (1)، وقال سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا النََّارَ [الَّتِي] وَقُودُهَا النََّاسُ وَالْحِجََارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكََافِرِينَ} (2).
12892 - وله من مثل ذلك من عهد إلى أبي تغلب (3):
وأمره بأن يأتمر في أمره بالقرآن، ويستضيء بما فيه [من] البيان (4)، وألّا يورد ولا يصدر إلّا به، ولا ينقضي ولا يبرم إلّا عنه، فإنه الطريق المهيع، والحكم المقنع، والحجة الواضحة، والمحجة اللائحة، والبرهان الباهر، والدليل الظاهر، والمسلك الجدد (5)، والسبيل الوسيط، والبشير بالثواب، والنذير بالعقاب، والزعيم (6) بالنجاة، والأمان من الهلكة، والكاشف للشبهة، والمنور للظم، والهادي للحق، والناطق بالصدق، وبه يعلم الجاهل ويعمل (7) العالم، وينتبه الساهي، ويتذكر اللاهي، ويتعظ (8) المسرف، ويزدجر الظالم، ويتوب المخطئ، ويقلع المصرّ، وأولى الناس باتباع أوامره والارتداع (9) بزواجره، وطاعته فيما ساء وسرّ (10) ونفع وضر (11) من أنفذ أمره وجاز (12) حكمه، فأعطى الأموال ومنعها (13)، وأراق
__________
(1) آل عمران: 102.
(2) البقرة: 24وما بين القوسين ساقط في الأصل.
(3) أبو تغلب الغضنفر بن ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان، كانت له مع عز الدولة بختيار وقائع، ثم مع ابن عمه عضد الدولة بعد مقتل بختيار قضايا كثيرة، ثم انهزم منه ولحق بالشام والعهد في المختار ص 126.
(4) في الأصل: (فيه البينتان).
(5) في الأصل: (الحدد) والجدد: الأرض المستوية الغليظة.
(6) في الأصل: (والرغيم) مصحفة.
(7) في المختار: (ويعلم العالم) ورواية الثعالبي أرجح.
(8) في الأصل: (وينيه المساهي، ويتقظ).
(9) في الأصل: (والانداع).
(10) في الأصل: (فيما ساوس) وهو تحريف.
(11) في المختار: (وتحكيمه فيما نفع وضر).
(12) في الأصل: (جان).
(13) في المختار: (فأعطى الحقوق ومنعها).(1/478)
الدماء وحقنها (1)، وأباح الفروج وحظرها (2)، وأقام الحدود ودرأها (3). وكان رأيه غير معارض، وقوله غير مناقض (4) فإن ذلك إن أهمل تأمله زلّ، فإن ترك الأخذ به (5) ضل وإذا جعله نصب عينه، وأقامه تلقاء وجهه حمله على نهج السداد، وأقامه على سبيل الرشاد، قال (6) عز ذكره: {كِتََابٌ أَنْزَلْنََاهُ إِلَيْكَ مُبََارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيََاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبََابِ} (7).
12902 - وله من عهد إلى قاض (8):
وأمره بالإكثار من تلاوة القرآن، الواضح سبيله، الراشد دليله الذي من استضاء بمصابيحه أبصر ونجا، ومن أعرض عنها زلّ وهوى (9)، وأن يتخذه (10) إماما ويهتدي بآياته ويقتدي ببيانه. ومثلا يحذو (11) عليه، ويرد الأصول والفروع إليه. فقد جعله الله حجته البائنة (12)، ومحجته اللاحبة (13)، ونوره (14) الساطع وبرهانه الناصع (15)، وإذا ورد عليه
__________
(1) في الأصل: (وحبقها).
(2) في الأصل: (وخطرها).
(3) في الأصل: (ودارها).
(4) في الأصل: (متناقص) وبعدها في المختار ص 130: (وفعل ما أحب غير ممنوع وأتى ما شاء الله بخير مرفوع).
(5) في الأصل: (نه).
(6) في المختار ص 130: (فإنه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)، والآية {وَإِنَّهُ لَكِتََابٌ عَزِيزٌ (41) لََا يَأْتِيهِ الْبََاطِلُ} فصلت: 41، 42.
(7) ص: 29وجاءت الآية محرفة: (هذا الكتاب وليدبّروا).
(8) هو العهد الذي كتب إلى قاضي القضاة أبي محمد عبد الله بن أحمد بن معروف الذي مر ذكره.
(9) في المختار: (وغوى).
(10) في الأصل: (يتحده) مصحفة.
(11) في الأصل: (وببنانه ومثلا يخدوا).
(12) في الأصل: (البانية).
(13) في الأصل: (اللاحبة) وهو الطريق الواضح، وفي المختار: ومحجّته المستتبة اللاحبة.
(14) في الأصل: (وبرده) وهو تحريف.
(15) في المختار: (ونوره الغلب الساطع وبرهانه الباهر الناصع).(1/479)
معضل (1) وأغم عليه مشكل اعتصم عائذا (2) وعطف عليه لائذا. فيه يكشف الخطب، وينال الإرب (3)، ويدرك المطلب، وهو أحد الثقلين اللذين (4) خلفهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا (5) ونصبه معلما (6) بعده لنا، والله تعالى يقول وقوله (7) الحق: {إِنََّا أَنْزَلْنََا إِلَيْكَ الْكِتََابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النََّاسِ بِمََا أَرََاكَ اللََّهُ وَلََا تَكُنْ لِلْخََائِنِينَ خَصِيماً} (8).
12912 - وله في مثل ذلك:
وأمره أن يواظب على تلاوة القرآن، متفهما آياته، متعلما ببيانه (9) متدبرا حججه الباهرة، متبعا (10) أوامره الراشدة، وآخذا (11) بعزائمه المبرمة، عاملا على فرائضه المحكمة، فإنه عمود الحق، ومنهاج الصدق، وبشير الثواب، ونذير العقاب، والكاشف لما استبهم (12)
والمنوّر (13) لما أظلم، والإمام المنجّي من الضلال، والخصم الغالب عند الجدال {لََا يَأْتِيهِ الْبََاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلََا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (14).
__________
(1) في الأصل: (مغصل).
(2) في الأصل: (عائدا) مصحفة.
(3) في الأصل: (الأدب) وقبلها في المختار: (ويذلل الصعب).
(4) في الأصل: (الذين).
(5) إشارة إلى قوله صلّى الله عليه وسلّم: (إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض) رواه الإمام أحمد 3/ 24.
(6) في المختار: (علما) ص 119.
(7) في المختار: (قال الله عزّ وجل).
(8) النساء: 105وفي الأصل: (للحائنين)، وبعدها في المختار: وقال: (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من خلفه تنزيل من حكيم حميد).
(9) في الأصل: (بينانة).
(10) في الأصل: (مبتعا).
(11) في الأصل: (واخذ).
(12) في الأصل: (لمن اسنبهم).
(13) في الأصل: (والمقور).
(14) فصلت: 42.(1/480)
22912 - قال عبد العزيز بن يوسف في مثله:
وأمره بتلاوة القرآن، متدبرا لمعناه، متفهما فحواه، متقصيا (1) واضحه ومشكله، وجليه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، ومستشفيا (2) به إذا أخطأته رؤية، وأشكلت عليه قضية، فإنه (3) الضياء الساطع، والبرهان القاطع، قال الله عز من قائل {وَنَزَّلْنََا عَلَيْكَ [الْكِتََابَ] تِبْيََاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى ََ لِلْمُسْلِمِينَ} (4).
للصاحب بن عباد
قال ابن عباد في مثل ذلك:
وأمره أن يتخذ (5) كتاب الله إماما يفرغ إليه في المهم، ويعول عليه في الملم فإنه شفاء الصدور، وجلاء الأمور، وكلام رب العالمين: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (6)، {لََا يَأْتِيهِ الْبََاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلََا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (7).
12922
فصل في اتباع سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
لعبد العزيز بن يوسف
وقال عبد العزيز بن يوسف:
وأمره بدراسة [السنة] (8) فإنها بمنزلة التنزيل، وبمثابة الفروض تصديقا من الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وتشريفا بالهداية به، وإرشادا له وإرشادا إليه.
__________
(1) في الأصل: (متقصا).
(2) في الأصل: (ومهتشفيا) ولعل الأقرب (ومسترشدا).
(3) في الأصل: (فإن).
(4) النحل: 89وقد سقطت كلمة (الكتاب) من الأصل.
(5) في الأصل: (يتخذه).
(6) الشعراء: 193.
(7) فصلت: 42.
(8) زيادة اقتضاها السياق.(1/481)
قال الله تعالى: {وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (1).
وقال ابن عباد في مثل ذلك:
وأمره أن يستظهر في عامة أحواله بما صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله، وعن ورثة علمه من بعده فالفائز من رضي آثاره قدوة، واكتفى بها أسوة، وقد حضّ (2) الله تعالى على اقتفائها، وحثّ على احتذائها (3) لقوله: {وَمََا آتََاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (4).
22922
في المحافظة على الصلاة
قال عبد العزيز بن يوسف قال:
وأمره بالمحافظة على الصلوات وإيفائها حقها في محتوم الأوقات، مقبلا (5) عليها بجأش (6) وادع، وطرف خاشع، مخبتا لها، قائما وقاعدا {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ} (7)، عالما إنها أوكد دعائم الدين وأعظم شرائع المسلمين، وأول ما يسأل (8) عنه رب العالمين: {يَوْمَ لََا يَنْفَعُ مََالٌ وَلََا بَنُونَ (88) إِلََّا مَنْ أَتَى اللََّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (9).
__________
(1) الحشر: 7.
(2) في الأصل: (خص).
(3) في الأصل: (وبعث على احتذابها).
(4) الحشر: 7.
(5) في الأصل: (مقيلا).
(6) في الأصل: (بحاس رداع) والجأش جأش القلب وهو روعه إذا اضطرب عند الفزع.
(7) الرمز: 9وفي الأصل: (بحذر) مصحفة.
(8) في الأصل: (يسئل).
(9) الشعراء: 89.(1/482)
12932
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (1) في مثله:
وأمره أن يحافظ على الصلوات ويدخل فيها حقائق الأوقات (2)، مقيما (3) لحدودها متبعا لرسومها، جامعا فيها نيته ولفظه (4)، متوقيا لمطارح سمعه ولحظه (5)، منقطعا إليها عن كل قاطع لها، مشغولا عن كل شاغل عنها، متثبتا في ركوعها وسجودها، مستوفيا عدد فروضها ومسنونها (6)، موفرا عليها ذهنه، صارفا إليها همه، عالما بأنه واقف بين يدي خالقه ورازقه ومحييه ومميته ومثيبه (7) ومعاقبه، ومن لا تستتر (8) دونه خائنة الأعين (9) وخافية الصدور (10) ووساوس نفس (11) وهواجس فكر (12) وإذا قضاها (13) على هذه السبيل منذ تكبيرة التحريم إلى خاتمة التسليم (14) اتبعها بدعاء يرتفع بارتفاعها، ويستمع باستماعها، لا يتعدى فيه مسائل الأبرار، ورغبات الأخبار من استصفاح واستغفار واستقالة واسترحام واستدعاء لمصالح (15) الدين والدنيا وعوائد الآخرة والأولى فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلََاةَ كََانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتََاباً مَوْقُوتاً} (16) وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلََاةَ}
__________
(1) من عهده إلى أبي الحسن على ركن الدولة عن الخليفة الطائع لله ص 102.
(2) في الأصل: (الأوتات).
(3) في المختار: (قائما حدودها).
(4) في الأصل: (فيما ابينه ولغطة).
(5) في المختار: (سهوه ولحظه).
(6) في الأصل: (ومسبونها).
(7) في الأصل: (ومثنيه).
(8) في الأصل: (يستبشر).
(9) في المختار: (خائنة عنه).
(10) في المختار: (وخافية صدره).
(11) في المختار: (نفسه).
(12) في المختار: (فكره).
(13) في الأصل: (أقضاها).
(14) (منذ تكبيرة التحريم التسليم) غير واردة في رواية المختار.
(15) في الأصل: (المصالح).
(16) النساء: 103.(1/483)
{إِنَّ الصَّلََاةَ تَنْهى ََ عَنِ الْفَحْشََاءِ وَالْمُنْكَرِ} (1) وقال عز ذكره: {حََافِظُوا عَلَى الصَّلَوََاتِ وَالصَّلََاةِ الْوُسْطى ََ وَقُومُوا لِلََّهِ قََانِتِينَ} (2).
12942
فصل في السعي إلى صلاة الجمعة والعيدين وفي عمارة المساجد
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (3):
وأمره بالسعي في أيام الجمعة إلى المساجد الجامعة، وفي العيدين (4) إلى المصليات الضاحية بعد التقدم في فرشها وكسوتها وجمع القوّام والمؤذنين (5) فيها واستسعاء (6) الناس إليها، وحضهم (7) عليها آخذين الأهبة (8) متنظفين في البزة، مؤدين (9) لفريضة (10) الطهارة، بالغين (11) فيها (12) أقصى الاستطاعة، معتقدين خيفة الله وخشيته مدرعين تقواه ومراقبته مكثرين من دعائه وسؤاله، مصلين على محمد (13) وآله بقلوب على اليقين موقوفة، وهمم (14)
إلى الدين مصروفة، وألسنة (15) بالتسبيح والتقديس فصيحة، وآمال في الرحمة (16) والمغفرة
__________
(1) العنكبوت: 45.
(2) البقرة: 238ولم ترد الآية في المختار.
(3) النص في نفس العهد السابق ص 102.
(4) في المختار: (وفي الأعياد).
(5) في المختار: (والمؤذنين والمكبرين فيها).
(6) في الأصل والمختار: (واستسقاء) والاستسعاء: الاستدعاء والاستعمال والتكليف.
(7) في الأصل: (وخصهم) مصحفة.
(8) في الأصل: (للأهبة) محرفة.
(9) في الأصل: (مودنين) محرفة.
(10) في المختار: (لفرائض).
(11) في الأصل: (بالعين) مصحفة.
(12) في المختار: (في ذلك).
(13) مصلين على رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم.
(14) في الأصل: (وهم).
(15) في المختار: (والسن).
(16) في المختار: (وآمال بالمغفرة والصحة).(1/484)
فسيحة، فإن هذه المصليات والمجتمعات بيوت الله التي فضلها، ومناسكه (1) التي شرفها، وفيها يتلى القرآن، ومنها ترتفع (2) الأعمال، وبها يلوذ اللائذون، ويعوذ العائذون، ويتعبد المتعبدون، ويتهجد المتهجدون، وحقيق على المسلمين أجمعين من وال ومولى عليه أن يصونوها (3) ويعمروها ويواصلوها، ولا يهجروها، وأن يقيم الدعوة على منابرها لأمير المؤمنين، ثم لنفسه على الرسم الجاري فيها (4) قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نُودِيَ لِلصَّلََاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ََ ذِكْرِ اللََّهِ} (5) وقال عز ذكره في عمارة المسجد (6): {إِنَّمََا يَعْمُرُ مَسََاجِدَ اللََّهِ مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقََامَ الصَّلََاةَ وَآتَى الزَّكََاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللََّهَ فَعَسى ََ أُولََئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (7).
22942 - في ذلك (8): أمره أن يوصي عماله ويستوصي بحضور المساجد الجامعة (9)، والمصليات الضاحية و [في] (10) الأوقات التي يجب فيها السعي إلى ذكر الله بصدور لعبادته منشرحة، وآمال في رحمته منفسحة، وقلوب لوعده راجية (11)، وأنفس لوعيده خاشية، وهمم على أمره
__________
(1) في الأصل: (ومناسلة).
(2) في الأصل: (يرتفع).
(3) في الأصل: (يصونها).
(4) في المختار ص 103: (قال الله في هذه الصلاة).
(5) الجمعة: 9. وفي المختار: (وذروا البيع).
(6) في المختار: (وقال في عمارة المساجد).
(7) التوبة: 18.
(8) النص من عهد كتبه أبو إسحاق الصابي عن المطيع لله إلى أبي تغلب الغضنفر بن ناصر الدولة، أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان المختار: ص 131126فما بعدها.
(9) في الأصل: (المساجد والجامعة).
(10) زيادة من المختار من رسائل الصابي.
(11) في الأصل: (منقسخة وقلوب راحية).(1/485)
موفورة، ونيات على طاعته مقصورة (1)، وأن يجعلوا بروزهم إليها في أحسن هيئة وأكمل عدة وأظهر عدّة، وأوفر (2) سكينة، فإنها بيوت الله التي [طهرها، ومناسكه التي شرفها] (3)
والله تعالى (4) يقول: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذََا نُودِيَ لِلصَّلََاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ََ ذِكْرِ اللََّهِ} (5).
12952
[فصل] (6)
في عرض أهل السجون وإقامة الحدود
لأبي إسحاق الصابي
أبو إسحاق (7):
وأمره أن يعرض (8) من حبوس عماله (9) على جرائرهم، وإنعام النظر في جناياتهم وجرائمهم (10)، فمن كان إقراره واجبا أقره، ومن كان إطلاقه سائغا أطلقه. وأن ينظر في الشرطة والأحداث (11) نظر عدل وإنصاف، ويختار لها من الولاة من يخاف الله ويتقيه، ولا يحابي (12)، ولا يراقب فيه ويتقدم إليه بقمع الجهال، وردع الضلال، وتتبع الأشرار وطلب
__________
(1) في الأصل: (مقصودة).
(2) في الأصل: (وأوقد).
(3) في المختار من رسائل الصابي: (فإنها بيوت الله التي شرفها).
(4) قبل الآية من المختار: (ولا أحد أولى بحسن السيرة فيها، والاحتذاء برسومها، ممن جعل قيما على استيفاء شروطها، آخذا للناس بأول حقوقها، وأن يقيم الدعوة لأمير المؤمنين على سائر المنابر في أعماله حسب ما جرت العادة، قال الله جل من قائل: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ}.
(5) الجمعة: 9.
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) من عهد كتبه الصابي إلى أبي الحسن علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة ص 105.
(8) في المختار ص 105: (وأمره بعرض).
(9) في المختار: (في حبوس عمله). وفي الأصل: (حبوش).
(10) في المختار: (على جرائرهم وإنعام النظر في جناياتهم وجرائمهم). وفي الأصل جرائدهم جباياتهم وحرائمهم).
(11) الأحداث: الحوادث (جمع حادثة).
(12) في الأصل: (ولا يخافي) وفي المختار: (ويراقبه ولا يحابي ويتقدم إليه).(1/486)
الدعّار (1)، مستدلين على أماكثهم (2)، متوغلين إلى أماكنهم (3)، منفذين (4) أحكام الله تعالى فيهم بحسب الذي (5) يتبين من أمرهم (6)، ويصح من شأنهم (7) في كبيرة إن ارتكبوها (8)، وعظيمة إن احتقبوها (9)، أو مهجة إن أفاضوها (10)، وحرمة إن استباحوها وانتهكوها، فمن استحق حدّا من حدود الله المعلومة أقاموه عليه غير مشفقين (11) منه، وأحلوه به غير مقصرين عنه بعد ألّا يكون حاجّهم في الذي يأتونه (12) حجة ولا تعترضهم في وجوبه شبهة، فإن المستحب في الحدود أن تدرأ (13) الشبهات وتقام بالبينات {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللََّهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} (14).
__________
(1) في الأصل: (الذعار).
(2) أي مكان مكثهم.
(3) في المختار: (إلى أمكانهم) وبعدها أيضا ص 105: (متولجين عليهم في مظانهم، متوثقين ممن يجدونه منهم).
(4) في الأصل: (منقذين).
(5) في الأصل: (الذين).
(6) في الأصل: (أمارهم).
(7) في المختار: (من فعلهم).
(8) في الأصل: (كبيرة أن تكبوها).
(9) في الأصل: (احتقوها).
(10) في الأصل: (وميحة إن فاطرها) وفي المختار: (إن أفاظوها واستهلكوها) والفيض بالضاد والظاء بمعنى واحد.
(11) في المختار: (غير محففين عنه).
(12) في المختار: (أن لا يكون عليهم من الذي يأتون)، وفي الأصل: (في الدين ولا يعترضهم).
(13) في الأصل: (أن يدرء) وفي المختار: (أن تقام بالبينات وتدرأ بالشبهات).
(14) البقرة: 229.(1/487)
12962
فصل في ضبط الأطراف وأمان السبل وتطهيرها من المفسدين
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (1):
وأمره أن يولي الجماعة من أعمال أهل الكفاية (2) والغناء من الرجال، وأن يضم (3)
إليهم كل (4) من خفّ ركابه، وأسرع عند الصريخ (5) جوابه، مرتبا لهم في المسالح (6) وسادا بهم ثغرة (7) المسالك، وأن يزيح عللهم في علوقة (8) خيلهم، والمقدر من أرزاقهم (9) وميرهم، حتى لا يكون (10) لهم على البلاد وطأة، ولا تدعوهم إلى تحيف (11) الناس وثلمهم حاجة، وأن يحوطوا السابلة بادية وغادية (12) ويبذرقوا (13) للقوافل صادرة وواردة (14)، ويحرسوا الطرق (15) ليلا ونهارا، ويتقصوها (16) غدوا ورواحا، وينصبوا لأهل العيث (17) الأرصاد،
__________
(1) النص من العهد السابق نفسه إلى أبي الحسن علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة، المختار: 106.
(2) في الأصل: (أن يصم).
(3) في المختار: (كل ما).
(4) في الأصل: (والمختار: (الصريح) والصواب ما أثبتناه وهو المستغيث.
(5) في الأصل: (المسانح) والصواب ما أثبتناه، وهو جمع مسلحة: الثغور التي يراقب فيها المسلمون حركات الأعداء.
(6) في الأصل: (وسنادبهم بغير).
(7) قبلها في المختار: (وأن يوصيهم بالتيقظ والتحفظ).
(8) في الأصل: (علونة).
(9) في المختار: (ازوادهم).
(10) في المختار: (لا تثقل).
(11) في الأصل: (محيف) وفي المختار: (إلى تحيفهم وثلمهم).
(12) في الأصل: (فإن يخوطوا السائلة وغائدة).
(13) في الأصل: (ويندرقوا) والبذرقة: فارسية معربة وهي الخفارة والحرس تبعث مع القافلة فيعتصم بها، يقال: بعث السلطان بذرفة مع القافلة.
(14) في الأصل: (وأوردة).
(15) في الأصل: (يخرسوا) وفي المختار: (الطريق).
(16) في الأصل: (وينقصوها عدوا).
(17) في الأصل: (الغيث) والتصويب من المختار وهو الفساد.(1/488)
ويكمنوا (1) لهم في كل واد [ويتفرقوا] (2) عليهم حيث التفرق (3) تضييقا (4) لفضائهم ويجتمعوا (5) حيث يكون الاجتماع مطفئا لجمرتهم، وصادعا لمرواتهم وألّا تخلوا (6) هذه السبل من حماة لها، أو سيارة فيها يترددون في جوادّها (7) ويتعسسون في عوادها (8) حتى تكون الدماء محقونة، والأموال مصونة (9)، والغارات مأمونة. ومن حصل في أيديهم من لص هارب (10)، أو (11) صعلوك سارب، أو مخيف لسبيل، أو منتهك كريم امتثل فيه أمر أمير المؤمنين الموافق (12) لقول الله تعالى: {إِنَّمََا جَزََاءُ الَّذِينَ يُحََارِبُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسََاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلََافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذََلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيََا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (13).
__________
(1) في الأصل: (يتكمنوا).
(2) في الأصل: (ويتفرق) والتصويب من المختار.
(3) في المختار: (حيث يكون التفرق).
(4) في الأصل: (ومصنيقا).
(5) قبلها: (ومؤديا إلى انفضاضهم).
(6) في المختار: (وألا يخلوا) وفي الأصل: (ولا تحلو).
(7) الجواد: جمع جادة وهي معظم الطريق.
(8) جمع العود وهو الطريق القديم.
(9) المختار ص 107: (مضمونة) وبعدها: (وللفيئ محسومة).
(10) في الأصل: (حابرا) وهو خطأ في النسخ.
(11) في المختار: (وصعلوك).
(12) ما بين القوسين إضافة من المختار.
(13) المائدة: 33.(1/489)
12972
فصل في رد الأباق (1) إلى أربابها والأموال واللقط (2) إلى أصحابها
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (3):
وأمره بوضع الرصد على من يجتاز (4) في أعماله من أباق العبيد (5)، والاحتياط عليهم، وعلى من (6) يكون معهم، والبحث على الأماكن التي فارقوها (7) والطرق التي استطرقوها، ومواليهم الذين أبقوا منهم، ونشزوا (8) عنهم وأن يردوهم عليهم قهرا، ويعيدوهم (9) إليهم صغرا (10) وأن ينشدوا (11) الضالة ما أمكن أن تنشد، ويحفظوها على أربابها (12)، مما جاز أن يحفظ (13) وأن (14) يعرفوا [اللقطة] (15) ويتتبعوا أثرها، ويشيعوا خبرها فإذا أحضر (16) صاحبها، وعلم أنه مستوجبها سلّمت إليه ولم يعترض فيها عليه. قال الله عز من قائل: {إِنَّ اللََّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمََانََاتِ إِلى ََ أَهْلِهََا} (17). وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم) (18).
__________
(1) في الأصل: (الآبق): والأباق جمع آبق وهو المستخفي الفار من سيده.
(2) في الأصل: (السؤال واللفظ).
(3) النص في رسائل الصابي ص 108.
(4) في الأصل: (يختار) وفي المختار: (يجتاز في عمله).
(5) في المختار: (من إباق المسلمين).
(6) في المختار: (على ما).
(7) في الأصل: (ما رقوها).
(8) في الأصل: (اتقوا منهم وبشروا).
(9) في الأصل: (ويعيد) وأثبتنا الضمير (هم) لاقتضاء السياق.
(10) الصغر: جمع صاغر وهو الذليل.
(11) في الأصل: (ينشد) والتصويب من المختار.
(12) في المختار: (على ربها).
(13) في المختار: (ما جاز أن تحفظ).
(14) قبلها في المختار: (ويتجنب الامتطاء لظهور ما يمتطى منها ويقتعد، والانتفاع بأوبار ما يجز ويحتلب).
(15) في الأصل: (الغلظة) والتوصيب من المختار.
(16) في المختار: (فإذا حضر).
(17) النساء: 58.
(18) رواه الترمذي باب الإيمان 10/ 93.(1/490)
22972
فصل في تعطيل الحانات والمواخير (1)
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (2):
وأمره أن يعطّل ما في أعماله من الحانات والمواخير، وتطهيرها (3) من القبائح والمناكير (4)، ويمنع من تجمع (5) أهل الجسارة فيها، وتألف (6) شملهم بها، فإنه شمل يصلحه التشتيت، ويجمع (7) بحفظه التفريق، وما زالت هذه المواطن الذميمة (8) داعية لمن يأوي إليها، ويعكف عليها إلى ترك الصلوات، وإهمال المفروضات (9)، وركوب المنكرات، واقتراف المحظورات، وهي بيوت الشياطين التي في (10) عمارتها لله (11) معصية، وفي خرابها لرضاه مجلبة (12). والله تعالى يقول لنا معشر المؤمنين: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنََّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ} (13).
__________
(1) في الأصل: (الجانات) والمواخير: جمع ماخور وهو بيت الريبة.
(2) النص في المختار ص 106من نسخة عهد عن الطائع لله أمير المؤمنين إلى أبي الحسن علي بن ركن الدولة الملقب بفخر الدولة.
(3) في المختار: (ويطهرها).
(4) في الأصل: (المناكين).
(5) في الأصل: (يجمع).
(6) في المختار: (وتأليف).
(7) في المختار: (وجمع يحفظه).
(8) في الأصل: (الزميمة) وهو خطأ في النسخ وبعدها في المختار: (والمطارح الدنيئة).
(9) في المختار: (المفرتضات).
(10) الحرف زيادة غير موجودة في المختار.
(11) في الأصل: (الله) محرفة.
(12) في الأصل: (محنكة) وفي المختار: (في إخراجها للخير مجبلة).
(13) آل عمران: 110.(1/491)
ويقول تعالى لغيرنا (1): {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (2).
12982 - وله في مثل ذلك (3):
وأمره أن [يوعز] (4) بإبطال الحانات (5) والمواخير، ويحظّر (6) أبدا الملاهي وشرب الخمور، والمنع من سائر المناكير (7) لئلا تباح (8) الحرمات، وتضاع الصلوات [وتقترف] (9)
السيئات، وترتكب المحظورات. قال الله عز ذكره: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضََاعُوا الصَّلََاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوََاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (10)، وذم قوما فقال (11): {كََانُوا لََا يَتَنََاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ} (12)، {وَاللََّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} (13).
__________
(1) في المختار ص 106: (لغيرنا من المذمومين).
(2) مريم: 59.
(3) النص في المختار من عهد كتبه الصابي عن المطيع لله إلى أبي ثعلبة الغضنفر بن ناصر الدولة ص 136.
(4) في الأصل: (يوعد) محرفة.
(5) في المختار: (وأن يبطل الحانات).
(6) في الأصل: (وخطر) وفي المختار: (ويحظر أبدا الملاهي).
(7) في المختار: (ويمنع من سائر).
(8) في الأصل: (ليلا يتاح) تصحيف.
(9) في الأصل: (ويقتر) والتصويب من المختار.
(10) مريم: 59.
(11) في المختار: وقال عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنََّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ}.
(12) المائدة: 79.
(13) الأحزاب: 4.(1/492)
22982
فصل في تقوية أيدي الحكام والعمال
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (1):
وأمره أن يأمر عماله (2) بتقوية أيدي الحكام وتنفيذ ما يصدر (3) عنهم من الأحكام، وأن يحضروا مجالسهم حضور الموقرين لها، الذابين (4) عنها، المقيمين لرسوم الهيبة، وحدود الطاعة فيها (5). ومتى تقاعس متقاعس عن حضور خصم (6) يستدعيه وأمر يوجّه الحاكم إليه فيه [و] (7) التوى [ملتو] (8) بحق يحصل عليه، ودين يستقر (9) في ذمته قادوه إلى ذلك بأزمّة الصغار، وخزائم (10) الاضطرار، وأن يحبسوا، ويطلقوا بأفواههم (11) ويثبتوا بأيديهم (12) في الأموال والأملاك، وينتزعوها (13) بقضاياهم فإنهم أمناء الله في فعل ما يفعلون (14) وبتّ ما يبتون) (15)، وعن كتابه وسنة رسوله يوردون ويصدرون. وقد قال الله تعالى: {يََا دََاوُدُ إِنََّا}
__________
(1) النص من نسخة عهد كتبه أبو إسحاق عن الطائع أمير المؤمنين إلى أبي الحسين علي بن ركن الدولة الملقب (فخر الدولة) ص 10896.
(2) في الأصل: (ويقتر) وفي المختار: (وأمره أن يوصي عماله ويستوصي بالشد على أيدي الحكام).
(3) في المختار: (وتنفيذ ما صدر عنهم).
(4) في الأصل: (يحرضوا) و (الذانبين).
(5) في المختار: (ومن خرج عن ذلك من ذي عقل ضعيف وحلم سخيف نالوه مما يرد عنه، وأحلوا ما يزغه).
(6) في المختار: (عن حضور مع خصم).
(7) زيادة من المختار، والأصل: (والتوى).
(8) في المختار: (مليق).
(9) في الأصل: (يستفر).
(10) في الأصل: (وخوايم) والتصويب من المختار.
(11) في المختار: (ويطلقوا بأقوالهم).
(12) في المختار: (ويثبتوا الأيدي في الأملاك والفروج).
(13) في الأصل: (ويتبرعها) محرفة، والتصويب من المختار.
(14) في المختار: (في فصل ما يفصلون).
(15) في الأصل: (وثبت ما يثبتون) والتصويب من المختار.(1/493)
{جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النََّاسِ بِالْحَقِّ وَلََا تَتَّبِعِ الْهَوى ََ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} (1)، وأن يتوخوا بمثل هذه المعاملة (2) عمال الخراج في استيفاء حقوق ما استعملوا عليه، واستنطاق (3) بقاياهم فيه، ورياضة من نسوا (4) طاعته في معامليهم، وإحضارهم طائعين (5) أو كارهين بين أيديهم، فمن أوامر الله لعباده التي يحق عليهم أن يتخذوها إربا (6) ويجعلوها إلى رضاه سببا قال الله تعالى: {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ وَاتَّقُوا اللََّهَ إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (7).
12992
فصل في اختيار العمال وتوصية كل منهم ما يقتضيه شرط عمله
لأبي إسحاق الصابي
قال أبو إسحاق (8):
قال وأمره أن يتخير عماله على الخراج والأعشار والضياع والجهبذة (9) والصدقات والجوالي (10) من أهل الكفاية (11)، والنزاهة، والصيانة (12)، والشهامة. ويستظهر عليهم به
__________
(1) للآية تتمة وجدت في نص المختار وهي من سورة ص: 26وسقطت كلمة (الحق) من الآية.
(2) في المختار: (وأن يتوخوا بمثل هذه المعاونة كمال الخراج) واقحمت كلمة (المغلوبة) في هذا الموضع في السياق.
(3) في الأصل: (اسنطاف).
(4) في الأصل: (يسبق) والتصويب من المختار.
(5) في الأصل: (معاملتهم طائقين) والتصويب من المختار.
(6) في المختار: (أدابا).
(7) المائدة: 2.
(8) النص في المختار ص: 111من نفس العهد السابق. وبعدها زيادة (قال).
(9) الجهبذة: الصيرفة.
(10) الجوالي مال الجوالي: جمع جالية وهم الذين جلوا عن أوطانهم. مفاتيح العلوم ص: 40.
(11) في المختار: (من أهل الظلف).
(12) في المختار: (والغبط والشهامة).(1/494)
بتوصية (1) يوعيها أسماعهم، وعهود (2) يقلدها أعناقهم بألّا (3) يضيعوا حقا. ولا يأكلوا سحتا (4) ولا يستعملوا ظلما، ولا يقارفوا غشما (5)، وأن يقيموا العمارات ويحتاطوا على الغلات ويتحرزوا من أتواء (6) حق لازم، وتعطيل (7) رسم عادل، مؤدين (8) في جميع ذلك الأمانة، متجنبين للخيانة، وأن يأخذوا جهابذتهم باستيفاء (9) وزن المال على تمامه، واستجادة نقده على عياره (10)، واستعمال الصحة في قبض ما يقبض، وإطلاق ما يطلقونه، وأن يوعز إلى سعاة (11) الصدقات بأخذ الفرائض من سائمة مواشي المسلمين دون عاملتها (12)، وكذلك الواجب فيها. وألّا يجمعوا (13) متفرقا، ولا يفرقوا مجتمعا، ولا يدخلوا فيها خارجا (14)، ولا يضيفوا (15) إليها ما ليس منها من فحل إبل أو أكولة راع (16)، وعقيلة مال. فإذا اجتبوها (17)
على حقها، واستوفوها على رسمها، أخرجوها في سبيلها (18)، وقسموها على أهلها الذين ذكرهم الله في كتابه (19) إلّا المؤلفة قلوبهم الذين سقط سهمهم (20). فإن الله تعالى (21) يقول:
__________
(1) في الأصل: (يستطهر بتوصيته)، وفي المختار، (وأن يستظهر مع ذلك عليهم).
(2) في الأصل: (وعهودا) وهو خطأ في النسخ.
(3) في المختار: (بأن لا يضيعوا).
(4) في الأصل: (انتحستا) وهو خطأ في النسخ والسحت: هو كل حرام قبيح الذكر أو ما خبث من المكاسب وحرم.
(5) في الأصل: (العشم) والغشم: الظلم.
(6) في الأصل: (أثوا)، والأتواء: الهلاك.
(7) في المختار: (أو تعطيل).
(8) في الأصل: (مؤدبين) محرفة.
(9) في الأصل: (جهائذتهم باستينا).
(10) في الأصل: (يقده على عباده).
(11) في الأصل: ((علي سعد).
(12) في الأصل: (عامليها. والعاملة: الماشية التي تتخذ للعمل، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: (ليس في الحوامل والعوامل ولا في البقرة المثيرة الصدقة).
(13) في الأصل: (ولا تجمعوا تفرقوا) وفي المختار: (وألا يجمعوا فيها).
(14) في المختار: (خارجة عنها).
(15) في الأصل: (يضيعوا).
(16) الأصل: (رادع) وهو خطأ في النسخ.
(17) في الأصل: (احتبوها).
(18) في المختار: (سبلها).
(19) في الأصل: (كتابة).
(20) في الأصل: (سههم).
(21) في المختار: (فإن الله عز وجل).(1/495)
{إِنَّمَا الصَّدَقََاتُ لِلْفُقَرََاءِ وَالْمَسََاكِينِ وَالْعََامِلِينَ عَلَيْهََا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقََابِ وَالْغََارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللََّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللََّهِ وَاللََّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (1) وإلى جباة جماجم أهل الذمة، بأن يأخذوا منهم الجزية في المحرم من كل سنة بحسب (2) منازلهم في الأحوال، وذات أيديهم في الأموال (3)، وعلى الطبقات المطبقة فيها، والحدود المحدودة المعهودة لها، وألّا يأخذوها (4) من النساء، ولا ممن لم يبلغ الحلم (5) من الأطفال، ولا من ذي سن عالية، ولا من ذي عاهة (6) ولا من فقير (7) معدم، ولا من مترهب (8) متبتل (9). فقد قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كََانَ مَسْؤُلًا} (10)، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ فَأُولََئِكَ هُمُ الْكََافِرُونَ} (11).
__________
(1) التوبة: 60.
(2) في الأصل: (تحسب) مصحفة.
(3) في المختار: (وذات أيديهم في الأعمال).
(4) في المختار: (ولا يأخذوها).
(5) في المختار: (من لم يبلغ الحلم من الرجال) ونص الثعالبي أصوب وأرجح لأن الرجل هو من بلغ الحلم.
(6) في المختار: (عاهة بادية).
(7) في الأصل: (ذي فقير) وفي المختار: (ولا في فقير) وهي أرجح من رواية الثعالبي.
(8) في الأصل: (من ذي مرهب) وفي المختار: (ولا مترهب متبتل) و (ذي) زيادة لا موجب لها، وغير موجودة في المختار.
(9) قبلها في المختار: (وأن يراعي جماعة هؤلاء العمال مراعاة يسرها ويظهرها ويلاحظهم ملاحظة يخفيها ويبديها لئلا يزولوا عن الحق الواجب، ويعدلوا عن السنن اللاحب فقد قال عز وجل: {وَأَوْفُوا}.
(10) الإسراء: 34.
(11) المائدة: 44وسقطت (هم) من الأصل وهي غير موجودة في المختار في نص العهد.(1/496)
13012
فصل في تعيير الموازين والمكاييل والمنع من التطفيف (1)
لأبي إسحاق الصابي
قال أبو إسحاق (2):
وأمره أن يتقدم إلى ولاة الحسبة بتصفح أحوال العوام في حرفهم (3) ومتاجرهم، ومجتمع أسواقهم ومعاملاتهم، وأن يعير (4) الموازين والمكاييل ويقدرها (5) على التعديل والتكميل، فمن أطلعوا منه على قيلة و (6) تلبيس [أو غيلة وتدليس] (7) نالوه بغليظ العقوبة، وعظيمها وخصّوه (8) بوجيعها وأليمها، واقفين (9) به في ذلك عند الحد الذي يرونه لذنبه (10)
مجازيا وفي تأديبه (11) كافيا فقد قال (12) الله {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتََالُوا عَلَى النََّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذََا كََالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (13).
__________
(1) في الأصل: (تطفف).
(2) النص موجود في المختار من رسائل الصابي ص 114من نفس العهد السابق.
(3) في الأصل: (في خوصهم).
(4) في الأصل: (ويعير).
(5) في الأصل: (ويقدروها).
(6) في المختار: (أو).
(7) ما بين القوسين غير موجود في المختار، وفيه: (أو بخس فيما يوفيه أو استفضال فيما يستوفيه نالوه بغليظ العقوبة).
(8) في الأصل: (وحصره).
(9) في الأصل: (واثقن الجد).
(10) في الأصل: (لدينه).
(11) في الأصل: (ناديته).
(12) في المختار: (عز وجل).
(13) في الأصل: (كالوا) محرفة وأثبتنا الصواب، والآيات من سورة المطففين: 31.(1/497)
23012
فصل في التركات
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (1) من عهد إلى متولي الموازين:
وتصفح أمر من يبلغك مماته، ويرفع إليك وفاته، فإن ألفيته فريدا أو صادفته وحيدا حصّلت تراثه جائزا، أو احتويت عليه مستبدا. وإن عرفت استحقاق حاضر (2)، أو غايب أو قاص أو دان قسطا منه من ذي رحم مشهورة أو قربى معروفة، وفّيته قسطه ولم تبخس (3) له حقه واشتملت على ما بقي بعد ذلك غير مسامح فيه، ولا مغض على شيء منه. فقد قال الله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحََامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى ََ بِبَعْضٍ فِي كِتََابِ اللََّهِ} (4).
33012
فصل في إزالة الرسوم الجائرة ورفع السنن السيئة (5)
لأبي إسحاق الصابي
قال أبو إسحاق (6):
وأمره أن يدفع عن الرعية ما شرّعه شرار (7) العمال من سنن الظلم، وسير الغشم، وأحدثوه من الرسوم الباطلة، وطرقوه من المعاملات الجائرة. ولا يستعمل (8) عاملا إلّا بأجرة، ولا يدخل عليهم راعيا] إلّا] (9) بإذن، ولا يسخّر لهم حمولة، ولا يحمي مرعى، ولا
__________
(1) النص موجود في المختار من رسائل الصابي 120181.
(2) في الأصل: (حاضرا).
(3) في الأصل: (ينحس).
(4) الأنفال: 75.
(5) في الأصل: (السنه).
(6) النص من عهد كتبه الصابي عن عضد الدولة وذكره في المختار ص 138.
(7) في المختار: (أشرار).
(8) في المختار: (ولا يستعمل عليهم عاملا).
(9) زيادة من المختار وفيه: (ولا يدخل عليهم ربعا إلا).(1/498)
يعترض حلبا، ولا يذبح (1) سواما، ولا يكلفهم علوفة، ولا زادا (2)، ولا يلزمهم ميرة ولا مغرما (3)، ولا يطالبهم بضريبة ولا مكس، ولا يحبسهم (4) عند مآصر (5)، ولا رصد، ولا يقطعم عن معيشة ولا حرفة (6)، ولا يشغلهم عن تجارة ولا مهنة (7)، فإن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر، وألّا يأخذ حاضرا (8) بغائب ولا بريئا بمتهم (9)، ولا يطالب صحيحا بسقيم، فإن الله تعالى جعل كل نفس بمكسبها بريئة من مكاسب غيرها، ونهى عزّ ذكره {أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (10).
13022
فصل فيما يختص بالقضاة من العهود
فصل في آدابهم
لأبي إسحاق الصابي
قال أبو إسحاق (11):
وأمره أن يجلس للخصوم، ويفتح (12) بابه لهم على العموم. وأن يوازي بين (13)
الفريقين إذا تقدما إليه، ويحاذي (14) بينهما في الجلوس بين يديه، ويقسم لهما أقساما
__________
(1) في الأصل: (حليا ولا يتيح).
(2) في الأصل: (رادا) والكلمة غير موجودة في النص المختار.
(3) في الأصل: (معدما) وفي المختار: (ولا يلزمهم مغرما ولا ميرة).
(4) في الأصل: (يحبسهم) وفي المختار (يحبيهم).
(5) المأصر: حبل كانوا يلقونه في دجلة والفرات يمنع السفن من السير حتى يؤدي صاحبها ما عليه من حق السلطان. (انظر الهامش الذي كتبه شكيب أرسلان في المختار ص 139).
(6) في الأصل وفي المختار: (معرفة).
(7) في المختار: (ولا يشغلهم من تجارة ولا مهنة ولا يأخذ حاضرا بغائب ولا بريئا، ولا يطالب صحيحا بسقيم ولا يكلفه أجره أخ ولا حميم قال الله عز وجل: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى (37) أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ}.
(8) في الأصل: (حاضر).
(9) في الأصل: (ولا بر ولا يمتهم).
(10) في الأصل: (أن تزروا) وهو إشارة إلى قوله تعالى: {أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} النجم: 38.
(11) النص في المختار ص 125115، وهو عهد موجه إلى محمد بن قاضي القضاة عبد الله بن أحمد بن معروف.
(12) في المختار ص 120: (وأمره بالجلوس للخصوم وفتح).
(13) في الأصل: (من).
(14) في الأصل: (انفذما ويجاري) والتصويب من المختار.(1/499)
متماثلة (1) من نظره، وأقساطا متعادلة من كلمه، فإنه مقام توازن (2) الأقدام، وتكافؤ الخاص والعام (3)، ولا يقبل (4) على ذي هيئة لهيئته (5)، ولا يعرض عن دميمهم لدمامته (6)، ولا يزيد شريفا (7) على مشروف، ولا قويا على ضعيف، ولا قريبا (8) على أجنبي، ولا ملّيا على (9)
ذمي ما جمعهما التحاكم (10)، وضمهمها التخاصم، ومن أحسّ فيه بنقصان بيان وعجز عن (11) برهان، وقصور من علم وتأخر في (12) فهم صبر عليه، حتى (13) يستنبط ما عنده، ويستشف ضميره، وينقع بالأمثال غلته، ويزيح بالإيضاح (14) عنه علته. ومن أحسّ منه بلسن (15) وعبارة وفضل من بلاغة أعمل مما (16) يسمعه منه فكره، وأحضره ذهنه، وقابله بسدّ خلّة خصمه، والإبانة (17) لكل منهما عن صاحبه، ثم يسلط (18) على أقوالهما ودعاواتهما تأمله وأوقع (19) ببيناتها وحججهما تدبره، وأنفذ حينئذ الحكومة إنفاذا [يعلمان به] (20) أن الحق مستقر مقره (21)، وأن الحكم موضوع موضعه، فلا يبقى للمحكوم له
__________
(1) في الأصل: (ومماثلته) وقد سقطت عبارة (من نظره) في من المختار.
(2) في الأصل: (يواذى).
(3) في المختار: (والعوام).
(4) في الأصل: (ولا يقتل).
(5) في الأصل: (ذي هبة لهمته) ورواية المختار أرجح.
(6) في الأصل: (دميهم لزمامته).
(7) في الأصل: (شرفا).
(8) في الأصل: (متدنيا).
(9) في الأصل: (عن).
(10) في المختار: (ما جمعهما التخاصم وضمهمها التحاكم).
(11) في المختار: (أو عجز عن) وفي الأصل: (على).
(12) في الأصل: (من).
(13) في الأصل: (من).
(14) في الأصل: (وينفع عليه ويربح بالإفصاح) والتصويب من المختار.
(15) في الأصل: (أحسن وعبادة).
(16) في الأصل: (فيها).
(17) في الأصل: (الإنابة).
(18) في المختار: (سلط).
(19) في الأصل: (وواقع) والتصويب من المختار.
(20) في الأصل: (إنفاذ العلم أن) والتصحيح من المختار.
(21) في الأصل: (بقوة) والتصحيح من المختار.(1/500)
استزادة (1)، ولا للمحكوم عليه استرابة. وأن يأخذ نفسه مع ذلك بأظهر (2) الخلائق وأحمدها، وأسدّ الطرائق وأرشدها (3)، وأن يقصد في مشيته (4)، ويغض من صوته، ويحذف الفضول من لحظه ولفظه (5)، ويخفف من حركاته ولفتاته، ويتوقر من سائر جنباته (6) وجهاته.
ويتجنب الخرق والحدّة، ويتوقّى (7) الفظاظة، ويليّن كنفه من غير مهانة، ويذب هيبته في غير غلظة، ويتوقّى في ذلك وقوفا بين غايتيه (8)، وتوسطا [بين] (9) طرفيه، فإنه يخاطب أخلاطا من الناس مختلفين، وضروبا غير متفقين، ولا يخلو (10) فيهم من الجاهل الأهوج والمظلوم المحرج (11)، والشيخ الهرم (12)، والناشئ الغرّ، والمرأة الركيكة، والرجل الضعيف النحيزة (13). [و] (14) وأوجب عليه أن يغمرهم بعقله، ويشتملهم بعدله، ويقيمهم (15) على الاستقامة بسياسته ويعطف عليهم بحلمه (16) ورياسته، وأن يجلس لهم، وقد نال (17) من المطعم والمشرب طرفا يقف به عند أول الكفاية. ولا يبلغ فيه آخر النهاية. وأن يعرض نفسه على أسباب (18) الحاجة كلها وأعراض (19) البشرية بأسرها لئلا يلمّ من في ذلك ملمّ أو
__________
(1) في الأصل: (استرداد).
(2) في الأصل: (بإظهار).
(3) في المختار: (وأهذب السجابا وأرشدها).
(4) في الأصل: (مسيئة) مصحفة وفي الكلام إشارة إلى قوله تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}.
لقمان: 19.
(5) في المختار: (من لفظه ولجظه).
(6) في الأصل: (ويتوفر حفياته).
(7) في الأصل: (الحذق ويتوفى).
(8) في الأصل: (عايتيه).
(9) زيادة ليست في الأصل.
(10) في الأصل: (نجلوا).
(11) في الأصل: (المخرج).
(12) في الأصل: (الهم).
(13) في الأصل: (البحير) والتصويب من المختار.
(14) في الأصل: أجب.
(15) في الأصل: (لعمرهم وتقبهم).
(16) في الأصل: (بحمله) وهو تحريف.
(17) في المختار: (وأن يجلس وقد نال).
(18) في الأصل: (شباب).
(19) في الأصل: (وعوارض).(1/501)
يطيف به طائف، فيحيلانه عن تجلده، ويحولان (1) بينه وبين سدده. وليكن همه إلى ما يقول ويقال له مصروفا، وخاطره على ما يرد عليه، ويصدر عنه (2) موقوفا، قال الله عزّ اسمه:
{يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النََّاسِ بِالْحَقِّ وَلََا تَتَّبِعِ الْهَوى ََ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ لَهُمْ عَذََابٌ شَدِيدٌ بِمََا نَسُوا يَوْمَ الْحِسََابِ} (3).
13042
فصل في ذكر الشهود وإثبات أهل الديانة منهم وإسقاط ذوي الخيانة
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق (4):
وأمره بإقرار الشهود (5) الموسومين بالعدالة على تعديلهم (6)، وإمضاء القضاء بأقوالهم، وحملهم على ظاهر السلامة، وشعار الاستقامة (7)، وأن يضمّ (8) مع ذلك البحث عن دياناتهم، والفحص عن أماناتهم، والإصغاء إلى الأحاديث (9) عنهم من ثناء يتردد (10)، أو قدح يتكرر. وإذا تواتر عنده أحد (11) الأمرين ركن إلى المزكيّ الأمين، ونبا عن المتهم الظنين،
__________
(1) في الأصل: (وفيحيلانه وتحولان).
(2) سقطت عبارة (ويصدر عنه) في المختار.
(3) ص: 26.
(4) النص في المختار ص 122من نفس العهد السابق.
(5) في الأصل: (والموسومين).
(6) في المختار: (وحملهم على ظاهر السلامة).
(7) في المختار: (وإمضاء القضاء بأقوالهم وشعار الاستقامة) ورواية الثعالبي أرجح إذ يبدو أن العبارة المشار إليها سقطت من نص المختار.
(8) في المختار: (وأن يصمد مع هذه الحال للبحث عن أديانهم والفحص عن أماماتهم) وفي الأصل (تضمّ).
(9) في المختار: (إلى الحديث).
(10) في المختار: (من ثناء يتكرر أو قدح يتردد) وفي الأصل: (من ثنا يتردد).
(11) في الأصل: (أحدا) وفي المختار: (فإذا عنده أحد الأمرين).(1/502)
فإنه إذا فعل ذلك اغتبط أهل الأمانة (1) بأماناتهم، ونزع أهل الخيانة عن خياناتهم (2)، واستمر شهوده وأمناؤه وأتباعه وخلفاؤه على المنهج الأوضح، والمسلك الأنجح، وتحصّنت (3)
الأموال والحقوق، وصينت (4) الحرمات والفروج، ومتى وقف لأحدهم على هفوة لا تغفر، وعثرة لا تقال (5)، أسقطه من عددهم، وأخرجه من حمايتهم (6)، واعتاض منه (7) من يحمد دينه ويرضى يقينه (8). قال الله تعالى: {وَإِمََّا تَخََافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيََانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى ََ سَوََاءٍ إِنَّ اللََّهَ لََا يُحِبُّ الْخََائِنِينَ} (9). وقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهََادَةَ لِلََّهِ} (10).
13052
فصل في إقامة الحدود
لعبد العزيز بن يوسف
قال عبد العزيز بن يوسف (11):
إذا ورد عليه حدّ من حدود الله في قطع أو جلد أو رجم أو دية، أو قصاص، أو قود، فليلتبث متأنيا، ويستفرغ مجهوده في عمله متأملا (12)، ويستطلع رأي أمير المؤمنين فيه
__________
(1) في المختار: (أهل الأمانات).
(2) سقطت عبارة من رواية الثعالبي ذكرت في المختار وهي: (وتقربوا إليه بما ينفق في سوقه، ويستحق به التوجه عنده).
(3) في الأصل: (وتحصنت).
(4) في الأصل: (وصيت).
(5) في الأصل: (لا يقال).
(6) في المختار: (وأخرجه من جملتهم).
(7) في المختار: (منهم).
(8) في المختار: (من يرتضى دينه وأمانته).
(9) الأنفال: 58وفي الأصل: (فانذر إليهم) محرفة.
(10) الطلاق: 2.
(11) أبو القاسم وزير من الكتاب الشعراء، تقلد ديوان الرسائل لعضد الدولة البويهي طوال أيامه، وعد من وزرائه وخواص ندمائه، ثم ولى الوزارة لبعض أولاده أخباره في اليتيمة 2/ 313وما بعدها.
(12) في الأصل: (متابلا).(1/503)
مطلعا، ويوضح له وجوه ذلك، ووجوب القضاء فيه مناصحا لتمضي أحكام الله فيه غير محتقب لعذر أو متقلد لإثم: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللََّهِ فَأُولََئِكَ هُمُ الظََّالِمُونَ} (1).
23052
فصل في الاحتياط على أموال اليتامى
للصاحب بن عباد
قال ابن عباد (2):
وأمره بالحظر على مال اليتيم الذي لا مسدد له ولا كافل، ولا كادح، ولا عاقل، والإنفاق (3) عليه من غير إسراف مفسد، ولا تقتير موبق (4) إلى أن يعرف فضله، ويبصر رشده، فيخرج ماله (5) إليه ويشهد بقبضه عليه، كما قال الله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوََالَهُمْ وَلََا تَأْكُلُوهََا إِسْرََافاً وَبِدََاراً أَنْ يَكْبَرُوا} (6) وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً إِنَّمََا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نََاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (7).
__________
(1) البقرة: 229.
(2) من عهد كتبه عن مؤيد الدولة أبي منصور بن ركن الدولة أبى على مولى أمير المؤمنين إلى عبد الجبار أحمد حين عهد إليه عهدا، وضم إلى أعماله أموالا ص 4234. والنص نفسه مع تغيير في الألفاظ من عهد آخر كتبه للشخص المذكور نفسه.
(3) في رسائل الصاحب ص 37: (وأمره بأن يحتاط على مال اليتيم بالاحتياط الشديد فلا يعول في حفظه إلا على الأمين السديد، ويوكل به عينا من ملاحظته، ويدا من حفظه ومحافظته ليؤمن فيه الأكل بالباطل والتعريف بخبث المطاعم والمآكل).
(4) في الأصل: (يقين موبد).
(5) رسائل الصاحب: (فيحصل ماله في يده) ويشهد به عليه: {وَابْتَلُوا الْيَتََامى ََ حَتََّى إِذََا بَلَغُوا النِّكََاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}.
(6) النساء: 6.
(7) النساء: 10.(1/504)
13062
فصل في ذكر الأوقاف والصدقات
للصاحب بن عباد
وأمره باستعلام أموال الوقوف والصدقات، ومحاسبة (1) من تولاها المنفذ من القضاة، وتوفير أموالها على وجوهها متحريا وجه الله الكريم فيها، المجري (2) أمورها على انتظام، ويخرج ارتفاعها إلى أربابها على تمام، ذاكرا موقفا يحاسب فيه على اليقين، ويوفّى فيه عن العمل (3): {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقََالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (4).
23062
فصل في استخلاف (5) أهل العلم على ما غاب عنه من أعماله
ابن عباد:
وأمره أن يستعين على ما فوّض (6) إليه بالأمناء من الخلفاء، والموثوق بهم من الأصحاب والوكلاء ليأمن وقوع الخلل وانتشار العمل، محاسنهم منسوبة (7) إليه، ومقابحهم (8) راجعة عليه قال الله تعالى: {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ وَلََا تَعََاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوََانِ} (9).
__________
(1) في الأصل: (ومحاسنة).
(2) في الأصل: (البحري).
(3) في الأصل: (توفى فيه مر العسل).
(4) الزلزلة: 7، 8.
(5) في الأصل: (من).
(6) في الأصل: (قوضى).
(7) في الأصل: (مستوية).
(8) في الأصل: (مفاتحهم).
(9) المائدة: 2.(1/505)
33062
فصل في تزويج الأيامى
للصاحب بن عباد
قال ابن عباد (1):
وأمره بتزويج الأيامى اللائي (2) إليه، ولا يتهاون (3) بعد الاحتياط في اختيار أكفائهن، وأحب من يقوم بحق الله لهن، فإن الله تعالى قد أمر بذلك فقال: {وَأَنْكِحُوا الْأَيََامى ََ مِنْكُمْ وَالصََّالِحِينَ مِنْ عِبََادِكُمْ وَإِمََائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرََاءَ يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (4).
13072
فصل في زمر مختلفة من ألفاظ العهود
لنوح بن منصور
العهد: المنشأ عن الطائع إلى الأمير الرضي نوح بن منصور (5) رحمه الله:
واحذر الدنيا فإنها على سنن من كان قبلك بمستن (6) من يأتي بعدك {وَالْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (7).
__________
(1) من عهد كتبه إلى عبد الجبار بن أحمد حين ولاه مؤيد الدولة أبو نصر بن ركن الدولة على قضاء القضاة بالري وقزوين وقم وساوة وما يجري معها. ص 44.
(2) في رسائل الصاحب (اللاتي).
(3) في الأصل: (ولا يتهن) في رسائل الصاحب بعدها: (ولا ولي سواه لهن، أو يريد الأولياء عضلهن إذا وجد الكفء، وحل العقد، وبذل صداق المثل، ولم تحجز شبهة، ولم تبق عدة كما قال الله تعالى في كتابه المبين: {وَأَنْكِحُوا الْأَيََامى ََ}.
(4) النور: 32.
(5) نوح بن منصور: يكنى أبا القاسم ويلقب بالرضي، ولد وتوفي في بخارى، تولى بخارى مدة إحدى وعشرين سنة بعد وفاة أبيه الذي كان واليا عليها أيضا. انظر المنتظم 7/ 202201.
(6) في الأصل: (بمسن).
(7) الأعراف: 128.(1/506)
وله من كتاب عن الطائع إلى عضد الدولة في زيادة التقليب وعقد التاج والعهد على المماليك كلها:
وارع الشرف الذي أفرعك أمير المؤمنين ذروته، وعقدك ذؤابته (1)، ونوّلك (2) فلك المجد، كيف أردت، فمشيت (3) في ملك الفخر أنّى شئت (4)، وسنّ النعمة عليك بالتقوى به تعالى، وبحسن الطاعة لأمير المؤمنين، فإنهما جنّتاك وذريعتك المشفعان عند الله في أولاك وأخراك، وأحسن كما أحسن إليك (5)، وازدد من الخير تجده عند الله هو خيرا وأعظم أجرا (6).
13082
فصل في افتتاحات كتب الفتوح وما يتصل بها
للإسكافي
لأبي القاسم الإسكافي من كتاب فتح أجراه (7) وذكر الخراج:
الحمد لله ذي الفضل السابق، والوعد الصادق بأن يجعل العاقبة لأوليائه، والدائرة على أعدائه، وأنه أملى لهم في المدة، ووسع عليهم في العدّة (8)، حتى يظنوا أنهم مانعتهم حصونهم (9)، لمن صادفتهم ظنونهم وليس إرجاؤه تعالى من جزائهم، إلّا لما يريد من إفنائهم (10)، ولا بسطة من أيديهم إلّا لإيجاب الحجة عليهم بتعذيبهم، ثم يأخذهم أخذ عزيز
__________
(1) في الأصل: (وعقدتك دوابته).
(2) في الأصل: (ونوول في).
(3) في الأصل: (ومس).
(4) في الأصل: (ويسند).
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمََا أَحْسَنَ اللََّهُ إِلَيْكَ} القصص: 77.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمََا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللََّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} المزمل: 20.
(7) في الأصل: (جهاده).
(8) في الأصل: (وأن أملي المدود العدد).
(9) في الأصل: (ومحصود بهم) وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مََانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ} الحشر: 2.
(10) في الأصل: (حناقهم أبناء منهم).(1/507)
مقتدر (1) وينتقم منهم انتقام جبار منتصر كما قال الله تعالى: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكََافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كََانَ نَكِيرِ} (2). وقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهََا وَهِيَ ظََالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهََا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ} (3).
23082 - وله:
الحمد [لله] (4) القاضي في الماكر بأن يحوبه بسيئ (5) مكره. وفي الغادر بأن يذيقه (6)
وبال أمره.
وله:
الحمد لله جاعل العاقبة للمتقين، ودائرة السوء على الظالمين.
33082 - وله:
والحمد لله رب العالمين، لأنه شعار المؤمنين، والغرض المكتوب على الشاكرين (7)، أفتحب هذه المخاطبة: اعلم مولاي خبر (8) الفتح الذي يسره وسهّله وسنّاه وأكمله.
13092 - وله:
الحمد لله وليّ الخلق والأمر، ومستحق الحمد والشكر، ربّ الإحسان والطول، وواهب القوة والحول، معزّ الحق وشيعته، ومذلّ من عند (9) عن سننه وشريعته، الذي أرسل
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {فَأَخَذْنََاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} القمر: 42.
(2) الحج: 44وفي الأصل: (فأمليت للذين كفروا).
(3) الحج: 48.
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) في الأصل: (مسيء).
(6) في الأصل: (يذوقه) وفي إشارة إلى قوله تعالى: {فَذََاقَتْ وَبََالَ أَمْرِهََا} الطلاق: 9.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ} {وَآخِرُ دَعْوََاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} يونس: 9، 10.
(8) في الأصل: (خير).
(9) في الأصل: (عنده) وعند عن الطريق والحق: مال وعدل عنه.(1/508)
محمد علما للإسلام منيرا، وقدرا على أهل الضلال مبيرا، وأوجب أن يكون رعاة أمته الطاهرين الظافرين ومن عند عن (1) مشاقتهم، وشرد عن داعيهم، الخائبين الخاسرين {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبََاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (2).
23092 - وله كتاب (3):
وقد صدق عبده وعده، وآجره على حسن عارية (4) عنده، ولله أمر هو بالغه، {لََا تَبْدِيلَ لِكَلِمََاتِ اللََّهِ ذََلِكَ [هُوَ] الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (5).
وحتى إذا استأسد للرايات (6)، وبلغت القلوب الحناجر (7)، بذل (8) الله نصره، وأنجز وعده، وجعل الدائرة على الكافرين، وشفى صدور قوم مؤمنين (9).
33092 - وله:
ولما تراءت الفئتان، والتقى الصفان، وبرزت الأقران للأقران، وخطبت الصوارم على منابر الأعناق، وسفرت السهام من القسيّ والأحداق {جََاءَ نَصْرُ اللََّهِ وَالْفَتْحُ} (10).
__________
(1) في الأصل: (من).
(2) الأنفال: 8.
(3) في الأصل: (كتابي).
(4) في الأصل: (أجراه عاديه) والعارية: مشددة وقد تخفف: ما تداولوه بينهم.
(5) يونس: 64، وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(6) في الأصل: (استاسر للرايات) واستوسد: هيّج.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ زََاغَتِ الْأَبْصََارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنََاجِرَ} الأحزاب: 10.
(8) في الأصل: (يزل).
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} التوبة: 14.
(10) النصر: 1.(1/509)
ونزل على رايات (1) مولانا الظفر والنجح (2)، وقيل لأولئك الأغمار (3) القصار شاهت الوجوه، وهبّت لهم الدّبور (4)، فلم ير إلّا قتيل قد فاضت دماؤه، وجريح لم يبق إلّا ذماؤه (5)، وأسير قد (شدّ وثاقه) (6)، وشديد قد حضر سياقه، وجديب (7) قد تبت يداه وتب، لم يغن عنه ماله ولا ما كسب (8).
13102 - وله:
الحمد لله فاتح المغالق، دافع العوائق، ربّ الأرباب، ومذللّ الصعاب، كل عسير إذا يسّره يهون:
{إِنَّمََا أَمْرُهُ إِذََا أَرََادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (9) هو الذي أرسل محمدا بالبيان (10) القاطع، والنور الساطع، ونصره بالرهبة والرغبة، ووعده بإعلاء الكلمة على البعد والقرب، وجعل سراطه المستقيم إذا اعوج المبطلون، ودينه القويم {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (11)، واختار لسياسته في كل عصر وأوان، وحين وزمان من صدره فضاء، وأمره قضاء، ورأيه حسام، وعزمه إبرام، وإحسانه عموم،
__________
(1) في الأصل: (ربات).
(2) في الأصل: (الطفر واللعح).
(3) في الأصل: (الأعمار) مصحفة.
(4) الدبور: الريح التي تقابل الصّبا.
(5) الذّماء، ممدود: بقية الروح في المذبوح.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَشُدُّوا الْوَثََاقَ} محمد: 4.
(7) الجديب والجادب: الكاذب.
(8) إشارة إلى سورة المسد: 21.
(9) يس: 82.
(10) في الأصل: (محمد بالبينات).
(11) التوبة: 33والصف: 9.(1/510)
وحكمه عدل محتوم (1)، وبأسه شديد، وحدّه (2) حديد، ليضم البسل (3)، ويزيل المثل (4)، وينقض (5) السهل والجبل، ويحصد زرع الفساد، فلا يبقى للشر ملجأ، ولا عصر ولا مفزع ولا قدر إلّا نسخت فيه للضلال آية، ورفعت فيه للهدى راية، كذلك وعد الحق وعده، وقال والصدق قوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبََاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذََا هُوَ زََاهِقٌ} (6) أحمده على أن أفرد على هذا الزمان وما بعده من بقية الليالي والأيام من مولانا من تخدمه الأحكام والأقدار، وتحار (7) فيه البصائر والأبصار، والفتوح تغدو إلى شدة ملكه وتروح، وأمارات المؤيد تظهر على صفحات عزّه وتلوح. كل يوم تضاف طرق إلى وسطه، وبلد إلى بلده (8)، يفتح الله المراد الأقصى ثم يوسعه من منّه ما لا يعد ولا يحصى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (9).
13112 - وله:
الحمد لله الذي جعل الشكر نظام المنح، وقوام المنن، والأمان من تبديل النعم، وتنزيل النقم، هو جلّ جلاله المفيد وهو المبيد، والمبدئ والمعيد، والفعّال لما يريد (10)، وهو القائل وقوله الحق المجيد: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذََابِي}
__________
(1) في الأصل: (مختوم).
(2) في الأصل: (ووحده).
(3) في الأصل: (البشير) والبسل: جمع الباسل وهو الشجاع.
(4) المثل: الحجة.
(5) في الأصل: (ينقص).
(6) الأنبياء: 18وفي الأصل: (يقذف فيدمعه).
(7) في الأصل: (نخدمه وتجار).
(8) في الأصل: (يستضاف بلد).
(9) إبراهيم: 34.
(10) إشارة إلى سورة البروج.(1/511)
{لَشَدِيدٌ} (1).
23112 - وله:
والحمد لله على أن حكم لمولانا بالنصرة في عليين، وأثبت له النجحة في اللوح المحفوظ بين الكرام الكاتبين، حمدا يقرب منه قاصمة الإرادة ويدني إليه ناصية السعادة، فمن جاز عن طاعته كبّ لمنخره، وتلّ لجبينه (2) في منحره، {إِلََّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).
رسائل لأبي بكر الخوارزمي
ولأبي بكر الخوارزمي كتاب:
وقد أنزل الله على أوليائه نصرا {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنََا لَهُمُ الْغََالِبُونَ} (4)، {وَاللََّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشََاءُ وَاللََّهُ وََاسِعٌ عَلِيمٌ} (5)
{وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (6).
__________
(1) إبراهيم: 7.
(2) في الأصل: (لمنحره لحبيبه).
(3) النمل: 11.
(4) الصافات: 172، 173.
(5) البقرة: 247.
(6) الأنفال: 10.(1/512)
33112
فصل فيما يقع من الفتوح في ذكر الأعداء وذمهم، وتهجينهم وإيجاب الحجة عليهم، وإلزامهم الذنب في هلاكهم، واقتصاص أحوالهم في الحرب، وتقسّمهم (1) بين الهزيمة والفرار، والجرح والإسار، والقتل والبوار
رسائل للإسكافي
قال أبو القاسم الإسكافي (2) في ذكر أبي علي الصاغاني:
واضطر اللّعين إلى قصره الذي أعدّه ذليلا، لمّا نهى من عنده ألقى من (3) لفيف من أكرمه ناصية الدين (4) ضربت عليهم الذلة والشقاوة في مصاحبته، وانقسم (5) الباقون بين شر مبير، وأمان مجير (6). ذلك حكم الله في أمثال الغادر حيث يقول: {وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كََانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهََا رِزْقُهََا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكََانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللََّهِ فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمََا كََانُوا يَصْنَعُونَ} (7).
13122 - وله في ذكر ابن الجرّاح (8):
__________
(1) في الأصل: (ونفسهم).
(2) انظر خبر أبي القاسم الإسكافي وابي علي الصاغاني في إرشاد الأريب 5/ 329. في الأصل: (أنى) وهو خطأ والصواب:
أبي علي الصاغاني وهو أحد الكتاب المترسلين، ذكر ياقوت خبره مع علي بن محمد أبي القاسم الإسكافي وأنه أعجب به وقلده ديوان رسائله فحسن خبره إلى أن أظهر عصيانه واشترك في وقعة خرجيك. انظر أخباره 5/ 33.
(3) في الأصل: (قصر الذي عبدا ذليلا لمن نهى من عبيد القى فني).
(4) في الأصل: (الذين).
(5) في الأصل: (وانقشم).
(6) في الأصل: (سدر منير وأمان محير).
(7) النحل: 112.
(8) في الأصل: (ذكراني الجراح). وابن الجراح: هو علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أحد العلماء الرؤساء من أهل بغداد، نشأ كاتبا واستقدمه سنة 300، فولاه الوزارة، ثم حبس، ونكب ثم أعيد إلى الوزارة. انظر المنتظم 6/ 351.(1/513)
لو وجد (1) في الأرض نفقا لأولجه فيه شدة روعه، أو في السماء سلّما، لأعرجه إليه تخوف قلبه.
وله:
ثم همّ ذليل خسف، فأصبح قتيل سيف ذبح بسنة الله في الغادرين، وقضيته (2) على الماكرين {وَاللََّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} (3).
وله:
حتى إذا جهل الحق عليه، وبرئ منه، فضلّ ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا (4)
انقطعت بيننا وبينه العصم، وافترقت منا ومنه الكلم.
23122 - وله:
ولما بلغ أشدّه (5) مدة مثله في الاستدراج له، والاحتجاج عليه، أخذه أخذ عزيز مقتدر وأدال (6) منه إدالة جبار منتصر، والله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يصلح عمل المفسدين (7).
13132 - وله في فتح بغداد وانهزام الأتراك:
__________
(1) في الأصل: (لو وجود) محرفة، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمََاءِ} الأنعام: 35.
(2) القضية: الحكم كالقضاء، وفي الأصل ذابح.
(3) النساء: 84.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللََّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلََالًا بَعِيداً} {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطََانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللََّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرََاناً مُبِيناً} النساء: 116، 119: 35.
(5) في الأصل: (أشدة).
(6) في الأصل: (أزال) محرفة.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي كَيْدَ الْخََائِنِينَ} يوسف: 52. وقوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} يونس: 81.(1/514)
وترك (1) الأولياء أكنافهم، يقتلون ويوسرون (2)، ويعقدون، ويكلمون إلى أن دحر بما في قلوبهم ومعسكرهم إلى (3) ديالى (4) بما يلي بغداد، وقد أدال الله بالحسنى منهم، وقضى بدائرة السوء عليهم، فأسر خلق وغرق خلق، وذلك جزاء (5) الظالمين، وأجفل الباقون كالنعام، وانقشعوا كالجهام (6). وقد أسلموا سوادهم، وألقوا بسلاحهم، ومضوا على دابر (7)
خيلهم هائمين على وجوههم مولهين {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قََاتَلَهُمُ اللََّهُ} (8)، ولا يجدون لوهيهم (9) رقعا، ولا لعللهم مرجعا، واستمر الأولياء بعسكرهم ظافرين غانمين، أقوياء ظاهرين، والحمد لله رب العالمين {الَّذِي صَدَقَنََا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشََاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعََامِلِينَ} (10).
23132 - وله:
وتفرس الأعداء [و] (11) قد صور لها القرب فاستولى عليها الرعب وأشعرت التلاقي فبلغت الروح التراقي (12).
__________
(1) في الأصل: (وركب).
(2) في الأصل: (ويأسرون).
(3) في الأصل: (على).
(4) في الأصل: (ديال) والصواب: (ديالى) وهو نهر كبير بقرب بغداد وهو نهر بعقوبا الأعظم يجري في جنبها. معجم البلدان 2/ 495.
(5) في الأصل: (جزوا).
(6) الجهام: السحاب.
(7) في الأصل: (دابور).
(8) المنافقون: 4.
(9) في الأصل: (لموهيهم لفلهم) والوهي: الشق في الشيء من قولهم: غادر وهيه لا ترفع أي نتقا لا يقدر على رقعه.
(10) الزمر: 74.
(11) زيادة ليست في الأصل.
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {كَلََّا إِذََا بَلَغَتِ التَّرََاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رََاقٍ} القيامة: 26، 27.(1/515)
وله:
حين يقن المخذول أني قد نهضت (1) (قال: {لََا عََاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللََّهِ} (2)
فاستتر (3) بالليل وظلمته، وتعرى (4) صاغرا حتى عن أهله وذريته.
33132 - وله:
وأسر (5) المخذول وابنه ورهطه وأهله وفرق أصحابه بين قتل أو نفي (6) فلم يبق منهم صافر (7)، ولا نجا منهم أول ولا آخر، والحمد لله رب العالمين وسيأتيك نبأ اليقين في الباقين فيعلم كيف يحق الله الحق بكلماته، ويبطل الباطل بقدرته (8).
13142 - وله:
وكأني أشاهد المحدّين (9) بمشيئة الله ذرايا (10) الرماح، وأهداف السهام، ومشارب السيوف، ليعلموا أن الله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يصلح عمل المفسدين (11) {وَلََا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (12).
__________
(1) في الأصل: (يفن المحذول نهضت).
(2) هود: 43.
(3) في الأصل: (فاستر).
(4) في الأصل: (وتعذى).
(5) في الأصل: (وأسرى).
(6) في الأصل: (بفهم).
(7) الصافر: من قولهم: ما بقي منهم صافر: أي أحد.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَيُرِيدُ اللََّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمََاتِهِ وَيَقْطَعَ دََابِرَ الْكََافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبََاطِلَ} الأنفال: 7، 8.
(9) في الأصل: (المجادبك) وحادّه: غاضبه وعاداه وخالفه.
(10) في الأصل: (درايا).
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي كَيْدَ الْخََائِنِينَ} يوسف: 52. وقوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} يونس: 81.
(12) الأنعام: 147.(1/516)
وله:
وتمكنوا من الخائن فاثخنوه، وأتّقاهم (1) برأسه فجزّوه، وجمع (2) معه رائشي نبله، ومعايش جهله في تعجيل العقاب، والضرب فوق الرقاب.
23142 - وله:
ولما أضلّتهم الرايات المنصورة خيل إليهم أن الحاقّة قد حقت، والسماء قد انشقت (3) فلاذ بالأمان حين لا عذير ولا عاذر (4)، وطلب الغفران وقد {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنََاجِرَ} (5) وقد كان حقيقا بأن يصلى قتل حرّ الثار بحرّ المناصل، وتسقي الأرض من دمه، بطل ووابل، إلّا أن لنا في حقن الدماء أداة استحفظنا (6) بها سوابغ النعماء، فنحن نحرسها (7) ما نفعت البقيا، ونحفظها علما بأن {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (8).
وله:
وهام المخذول على وجهه، يرجو الخلاص ولا خلاص، ويأمل (9) النجاة ولات حين مناص، وأن الطلب من ورائه على احتشاد ما أعدّ الله لأمثاله بمرقب ومرصاد.
__________
(1) في الأصل: (وأبقاهم) مصحفة.
(2) في الأصل: (وجمعه).
(3) الحاقة: اسم ليوم القيامة وهو إشارة إلى اسم السورة، وانشقاق السماء من مشاهد يوم القيامة، ورد ذكره في سورة الحاقة نفسها: {وَانْشَقَّتِ السَّمََاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وََاهِيَةٌ} الحاقة: 16.
(4) في الأصل: (غادر).
(5) الأحزاب: 10.
(6) في الأصل: (استحفظنا).
(7) في الأصل: (نجرسها).
(8) القصص: 60.
(9) في الأصل: (ومأمل) محرفة والصواب ما أثبتناه.(1/517)
13152 - وله:
وترك أعداءه هملا (1)، وأرواحهم هدرا، وبيوتهم عورة، وأموالهم نفلا (2).
وله:
وأحاطت بالمخاذيل عقدتا الطلب، وانضمت عليهم العطب، وصاروا مثلا ومثلا (3)
وقتلوا سهلا وجبلا {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (4).
وله:
وأخذ يكاتبني مظهرا (5) للطاعة، وهو مضمر (6) لخلافها، وموهما للمتابعة، وهو ينقصها (7) من أطرافها، وأنا انذره وأحذّره وأزجره (8) وآمره بالحضور، ليغتفر ذنبه، وإن كان عظيما ويستغني عن أن يصلى عقابا، أليما فأسرّ له الشيطان واستهواه الكفران (9).
23152 - وله:
وظنوا أن الخطب يشكل، والداء يعضل، فيشغل عن اقتصاص آثارهم وغزوهم (10)
في عقر ديارهم، فأتى من فضل الله ما (11) شجى كلا بريقه، وأغصّه وأغمّه بالكمد وخصّه {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (12).
__________
(1) الهمل: من الإهمال والترك.
(2) نفلا: بمعنى الغنيمة والعطية، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ بُيُوتَنََا عَوْرَةٌ وَمََا هِيَ بِعَوْرَةٍ} الأحزاب: 13.
(3) المثل الأول: ما يضرب به في الأمثال، والثانية: شاخصين منتصبين.
(4) مريم: 98.
(5) في الأصل: (يكاتبني مطهرا).
(6) في الأصل: (مضمو).
(7) في الأصل: (ينقص).
(8) في الأصل: (وزاجره).
(9) في الأصل: (يصلى أليما)، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيََاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرََانَ}
الأنعام: 71.
(10) في الأصل: (وعزوهم).
(11) في الأصل: (مال واعمه).
(12) آل عمران: 119وفي الأصل: (يغيظكم).(1/518)
وله:
ولم يعلموا أن الريح تنفثهم، والطير يخطفهم، فتتابعوا في الخسار (1)، كتتابع الفراش في النار {كَذََلِكَ يَجْعَلُ اللََّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ} (2).
33152 - وله:
ولما استوفى الباطل مهلة الجولة، وهبّت ريح النصر لأعيان الدولة، حملوا على المخاذيل حملة انكشفت عنهم بين هشيم ورميم، وقتيل وأميم (3)، وجريح ورهين، وأسير مع قرين، وأجابتك (4) الأولياء أصحاب ابن معاوية وهم أذل وأخزى {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كََانُوا [هُمْ] أَظْلَمَ وَأَطْغى ََ} (5) وغنم ما كثر وعظم {أَلََا إِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (6) وهم الغالبون (7). وقد تضمن الكتاب النافذ الحضرة العالية الشرح (8) المبين الذي شرح الله به قلوب صدور مؤمنين (9).
13162 - وله:
وقد فرض الله علينا أن نغضب لعباده ولبلاده، ونغمد (10) السيوف في لحوم نبتت (11) على السحت، ونشرع الرماح في دماء جرت على النهب (12) ونكتّها من عظام
__________
(1) في الأصل: (تنفسهم يحفظهم الحسار).
(2) الأنعام: 125.
(3) الأميم: الذي أصيبت أم رأسه.
(4) كذا في الأصل.
(5) النجم: 52وقد سقط الضمير (هم) في أصل الآية.
(6) المجادلة: 22.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّ حِزْبَ اللََّهِ هُمُ الْغََالِبُونَ} المائدة: 56.
(8) في الأصل: (المشرح).
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} التوبة: 14.
(10) في الأصل: (ونعمد) مصحفة.
(11) في الأصل: (ينبت) محرفة.
(12) في الأصل: (النهيب).(1/519)
أنشرت على السلب {ذََلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيََا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (1).
وله:
ولقد ختمت أيامهم بشر خاتمة، وأحلّت أحوالهم عن أقبح عاقبة، لمّا امتلأ مكيالهم وانتهت (2) إلى الغاية أعمالهم، وغضب الله عليهم، وانتقم منهم، فجعلهم سفلا ومثلا للآخرين (3) {فَمََا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمََاءُ وَالْأَرْضُ وَمََا كََانُوا مُنْظَرِينَ} (4) و {فَقُطِعَ دََابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (5).
23162
رسائل لابن عباد
ولابن عباد (6):
فلما سترهم الظلام بذيله (7)، وقد غمرهم الجرّار (8) بسيله، اجتمعوا على التفرق واتفقوا على التمزق [و] (9)، وثقوا بسوء صباح المنذرين (10)، فرضوا بحظوظ المولّين المدبرين.
13172 - وله:
__________
(1) المائدة: 33.
(2) في الأصل: (وانتهيت).
(3) الإشارة إلى قوله تعالى: {فَجَعَلْنََاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} الزخرف: 56.
(4) الدخان: 29.
(5) الأنعام: 45.
(6) في الأصل: (ولا عباد).
(7) في الأصل: (أسترهم بزليه).
(8) في الأصل: (عمرهم الجران).
(9) زيادة ليست في الأصل.
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {فَسََاءَ صَبََاحُ الْمُنْذَرِينَ} الصافات: 177.(1/520)
وتركناهم حديثا وسماعا (1)، ودنّاهم هشيما محتظرا (2)، وأدرك المدبر الظلام، وإن كان نهاره ليلا، وشعاره ثبورا (3) وويلا، فتوسل إليه بظلمة أمره وظلام الكفر في صدره، ومعه من الخوف والرعب رقيب عتيد، ومن اليأس والذعر (4) سائق (5) وشهيد، ولم يصحبه إلّا أخوه اللعين، وهو الذي (6) أغواه فبئس القرين (7)، والطلب له بكل مرصد وفي كل مقصد، وما كان ليفوت في الحال، لولا أن لله (8) سرا في الآجال، عجز عن علمه الخلائق أجمعون، ولذلك أنظر عدوه إلى يوم يبعثون (9).
23172 - وله:
وأما فلان إذ جال المفاوز (10) بلا عدّة ولا عتاد، ولا زاد (11) ولا مزاد، وهو إن شاء الله رهين عطب، أو طريح لغب، أو صريع خلب أو شغب (12) {وَلََا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمََا نُمْلِي لَهُمْ [خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمََا نُمْلِي] لَهُمْ لِيَزْدََادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذََابٌ مُهِينٌ} (13).
__________
(1) في الأصل: (وسمراعا).
(2) في الأصل: (محتضرا) وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {إِنََّا أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وََاحِدَةً فَكََانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}
القمر: 31.
(3) في الأصل: (نبورا).
(4) في الأصل: (الذعرة).
(5) في الأصل: (سابق) مصحفة، وفيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة ق: 21 {وَجََاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهََا سََائِقٌ وَشَهِيدٌ}.
(6) في الأصل: (المدى) محرفة.
(7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة الزخرف: 38.
(8) في الأصل: (الله).
(9) إشارة إلى إنظار الله إبليس حيث يقول: {قََالَ أَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قََالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} الأعراف:
14، 15.
(10) في الأصل: (إغفال المعاون).
(11) في الأصل: (راد).
(12) في الأصل: (لعب أو صريع خلما أو شغب) والخلب من الخلابة: المخادعة.
(13) آل عمران: 178في الأصل: (فلا) وما بين القوسين ساقط من الأصل.(1/521)
وله:
وطهّرت (1) تلك الأرض من الاختلاف، الذين قولهم الإفك، ودينهم الشرك، وحياتهم للخسار والجحود، ومصيرهم إلى النار ذات الوقود والخلود، {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيََاتِ اللََّهِ فَأَخَذَهُمُ اللََّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللََّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقََابِ} (2) {ذََلِكَ بِأَنَّ اللََّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهََا عَلى ََ قَوْمٍ حَتََّى يُغَيِّرُوا} [3] مََا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللََّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (4)، لا جرم إن أعراض (5) تلك الجبال عاد إليها قائم (6) الحق، وأذّن بينها منادي العدل، وأعيد فيها كلها الدين، ومحيت عنها مواسم الملحدين {وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ} (7).
13182 - وله:
كاشف وعادى، وحشر فنادى، وجهّز لفيفه، يقدمهم الأخبار وهم يتأخرون {كَأَنَّمََا يُسََاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (8).
وله:
واتخذوا الليل مطية الهرب، يرومون عليها فوات الطلب، ومضوا منهزمين متلومين، وامتازوا امتياز المجرمين، وانحازوا انحياز (9) أصحاب الشمال عن أصحاب اليمين (10).
__________
(1) في الأصل: (وظهرت).
(2) الأنفال: 53.
(3) في الأصل: (يغير).
(4) الأنفال: 53.
(5) في الأصل: (عراض)، والأعراض جمع عرض: سفح الجبل وناحيته.
(6) في الأصل: (عاد إليها قام).
(7) هود: 44.
(8) الأنفال: 6.
(9) في الأصل: (واتحدوا مظئية قراأت وانجازوا أنجاز).
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {وَامْتََازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} يس: 59.(1/522)
23182
فصل في معان شتى يتضمن كتاب الفتوح
للصابي
وقال أبو إسحاق الصابي من كتاب فتح بغداد (1) في ذكر الصفح عن سفهاء الرعية:
وعطفنا على سفهاء الرعية بأحلامنا، وعممناهم (2) بعفونا، وصفحنا عن الدعّار (3)
تشفيعا (4) للأبرار، وإشفاقا من (5) دخول البريء مع السقيم، واختلاط البر بالأثيم (6)، لأنا لما وجدناهم (7) قد خالفوا موعظة الله [عزت قدرته] (8) إذ يقول: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (9) لم نخالف نحن أدبه (10) في قوله تعالى: {وَلََا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلََّا عَلَيْهََا} (11) وقوله: {وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (12).
للإسكافي في ذكر رعية
قال الإسكافي في ذكر رعية:
كأنهم فكّوا من حلق إسار، وأنقذوا من حد شفار (13)، وأفضوا من ذلة رق إلى عزة عتق، ومن تصلية جحيم إلى جنة نعيم.
__________
(1) الرسالة في المختار من رسائل الصابي ص 27.
(2) في الأصل: (وعمهناهم).
(3) في الأصل: (الدعاء).
(4) في المختار: (وصفحنا عن الدعار سفيح للعار) ورواية المختار أصوب.
(5) في المختار: (وإشفاق).
(6) في الأصل: (لأثيم).
(7) في المختار: (لأنهم لما وجدناهم).
(8) ما بين القوسين غير موجود في المختار.
(9) الأنفال: 25.
(10) في الأصل: (بحوادثه) والصواب من رواية المختار.
(11) الأنعام: 164.
(12) الإسراء: 15وفي الأصل: (تزروا وزرا).
(13) في الأصل: (فككو خلف شقا).(1/523)
13192
لابن عباد في العفو عن مستأمن
وقال ابن عباد في العفو عن عدو مستأمن (1):
وتقدمت بتسكين روعته، ووعدته استيهاب حوبته لتوبته، وإن كانت توبة قيد إليها بخزامة (2) الاضطرار، دون حرمة الاختيار. فقد كان يسرع لو كتب عليه المثل وقيل له:
{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} (3) ولجأت إلى مسألة مولانا أؤمل لهذه (4) الغاية عفوه، لما أخشى عليه سطوة تغلب قضية البقيا (5) وتقدم ثواب الآخرة على تشفّي (6) الدنيا، واحتسب الأجر في نفس سائله، وحشاشة جائله، فأكرمني بإحيائه وتشفيعه (7) {وَمَنْ أَحْيََاهََا فَكَأَنَّمََا أَحْيَا النََّاسَ} (8). وعدت وقد درى من سمع ووعى (9)، ونظر ورعى أنّ الله تعالى ملك أزمة الدهر فيسهّل المعسر، ويقيل المعتّر (10)، ويجيب المضطر، ولا يبتهل عوز العقوبة، ويحوز فرض المثوبة.
23192 - وله في مثل ذلك:
وأدركته من مولانا نظرة كريمة، وعطفة رحيمة استنقذت (11) حياته من قبضة الأجل، وفسحت له في الأرض بعد الوجل. إنّ لطف الله جسيم {يُحْيِ الْعِظََامَ وَهِيَ}
__________
(1) في الأصل: (مسامن).
(2) في الأصل: (استهاب جوبته بحزامه).
(3) يونس: 91. الأصل: (حرامة الاختبار).
(4) في الأصل: (أمل لهذا).
(5) كذا في الأصل، والبقيا من قولهم: أبقيت على فلان إذا رحمته والاسم منه البقيا. وفي الأصل تقدم.
(6) في الأصل: (يشفى).
(7) في الأصل: (جائله: (جائله أحيائه وتشفيعا).
(8) المائدة: 32.
(9) في الأصل: (ذرى ووعى).
(10) في الأصل: (من تبل ويقتل المعتر).
(11) في الأصل: (استنفذت).(1/524)
{رَمِيمٌ} (1).
13202
لابن عباد في ذكر الرعية
وله في ذكر الرعية:
عبر شهران (2) وما كتبت حتى بسط الدين ذراعيه، وأظلّ العدل شراعيه (3)، وكتب لمولانا أجر من جاهد في الله حق جهاده وصدع بأمره في عالم من عباده، فمن أحسن إلى رعيته بفضل شائع، أو عدل واسع، أو ملك مردود، أو مال ممدود، أو خير مرسوم، أو شر محسوم، فقد منّ من مولانا على هذه الرعايا باستقادة (4) الأرواح والأبدان، والأهالي والولدان، وقبلها بالإسلام، أزكى الأديان، فقد كان ولاة هذا الجبل بين مجوس تدين (5) دين الباطل {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مََا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (6).
23202
لابن عباد في شكر النعمة
وله في شكر النعمة:
ونحن أحق بأن ننشر ما يحدث (7) الله عندنا من هذه النعم الغرّ (8) ونهى لأشياء (9)
عنا من النصر [و] (10) الصدق والظفر (11). إن كلمة الشكر أزكى مقال، ولدواعي النعم أوثق عقال {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمََا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (12).
__________
(1) يس: 78.
(2) في الأصل: (عبل شهريار).
(3) في الأصل: (وظنت العدل شرائعه).
(4) في الأصل: (الدعايا باستقاد).
(5) في الأصل: (بدين).
(6) الأعراف: 118.
(7) في الأصل: (ينشر ما يجد).
(8) في الأصل: (الغد).
(9) كذا في الأصل.
(10) زيادة ليست في الأصل.
(11) في الأصل: (الظفر الحر).
(12) النمل: 40.(1/525)
33202
فصل في الحث على الطاعة وتآلف الخارجين عنها، والنهي عن الخلاف والمعصية والإنذار بنتائجها
رسائل للصابي
وقال أبو إسحاق الصابي:
أما بعد فإن الله جلّ جلاله، وتقدست أسماؤه، أمر المسلمين بالألفة وحضّهم عليها، ونهاهم عن الفرقة، وحذرهم إياها. فقال وقوله الحق: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مََا وَصََّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ وَمََا وَصَّيْنََا بِهِ إِبْرََاهِيمَ وَمُوسى ََ وَعِيسى ََ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلََا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (1)، وقال: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مََا جََاءَهُمُ الْبَيِّنََاتُ وَأُولََئِكَ لَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (2) وجعل جلّ جلاله طاعة أولي الأمر مقرونة بطاعته وطاعة رسوله فقال: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (3)، فالمؤمنون جميعا داخلون تحت هذا الأمر، لا رخصة لهم، ولا سبيل إلى التأويل فيه، فمن امتثله واحتذاه، فقد سلّم الله دينه، وصحّ يقينه، وبرئت ساحته، ونقيّت صحيفته، واستحق رحمة الله أن ينزلها إليه، وإحسانه أن يقضيه عليه، ومن خالفه وتعدّاه فقد فسق ومرق وباء (4) بإثمه، واحتقب الوخيم من أكله وطعمه، واستوجب لعنة الله أن يصليه بها، ونقمته (5) أن يتناوله بأشدها.
13212 - وله من هذا الكتاب أيضا:
__________
(1) الشورى: 13.
(5) في الأصل: (ونقمه).
(2) آل عمران: 105.
(3) النساء: 59.
(4) في الأصل: (با).(1/526)
وسبيلكم أن تلتقوا (1) على {كَلِمَةٍ سَوََاءٍ بَيْنَنََا وَبَيْنَكُمْ} (2). في أخذ حليمكم على يد الشغب (3)، وتقويم المتماسك منكم للمتهالك.
ومنه أيضا: (وإن أمير المؤمنين إن آنس (4) منكم رشدا وكنتم معه حزبا (5) أحسن إليكم وأفضل عليكم، فأنهض عاثركم، وجبر (6) كسيركم. وإن علم منكم ضد ذلك، استجاز (7) فيكم ما يستجيزه في المخالفين لأمره، والخارجين عن عصمته من التنكيل (8) بكم والإيجاب (9) فيكم، وكان ذلك حينئذ فاشيا في الأمين والظنين والبريء والسقيم، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (10).
13222 - وله من كتاب (11) إلى رعية خرجت عن الطاعة:
وقد علمتم (12) أن هذا شيطان (13) نازغ (14) بكم منذ حين، وأنكم على ثبج (15) من خطة فتنة قد لمعت بوارقها، وزمجرت رواعدها، وجرّت على المسلمين الفرقة التي لا شيء أضرّ منها، ولا أنفع من تجنبها (16) والنزوع عنها، قال الله (جل وعلا) (17) وهو أصدق
__________
(1) في الأصل: (تتقوا) محرفة.
(2) آل عمران: 64.
(3) في الأصل: (الشعب) مصحفة.
(4) في الأصل: (إن نسي).
(5) في الأصل: (جوبا).
(6) في الأصل: (وخبر).
(7) في الأصل: (استجار).
(8) في الأصل: (وخبر).
(9) كذا في الأصل.
(10) الرسالة من رسائل الصابي ص 214، جمهرة الأمثال للعسكري ص 117، أدب الكاتب، والآية من سورة الأنفال: 25.
(11) من كتاب كتبه عن أمير المؤمنين الطائع لله إلى رعية خرجت عن الطاعة. المختار ص 197.
(12) بعدها في المختار: (رحمكم الله).
(13) في المختار: (أن هذا الشيطان اللعين).
(14) في الأصل: (بازع) مصحفة والتصويب من المختار.
(15) في الأصل: (نتج) والثبج من كل شيء: معظمه ووسطه وأعلاه.
(16) في الأصل: (تجنيها).
(17) ما بين القوسين غير موجود في المختار.(1/527)
القائلين واكرم المنعمين {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدََاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوََاناً وَكُنْتُمْ عَلى ََ شَفََا حُفْرَةٍ مِنَ النََّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهََا} (1). ومن خالف آدابه (2) وسننه وسيره وتنكب (3) منهاجه وسبله (4)، فقد خسر دنياه وآخرته، وأضاع عاجلته وآجلته، وتبوّأ مقعده من النار، واستحقها استحقاق الكفار (5). والله يهدي من يشاء، ويضل من يشاء (6).
23222 - ومن هذا الكتاب:
فلو كنتم (7) والله يعصمكم [كفارا] (8) لأوجب أمير المؤمنين على نفسه أن يبدأكم (9) في الدعاء إلى الحق بالقول الأحسن، والطريق الأبين (10) رجاء أن يعطف الله بكم إلى الهدى، ويشعركم (11) شعار أهل الحجى من حيث لا يسفك لكم دم، ولا ينتهك (12) لكم محرم. فأما وأنتم مسلمون مؤمنون (13)، لكنكم مخطئون (14) غالطون، فأولى وأحرى (15) إن
__________
(1) آل عمران: 103.
(2) في الأصل: (دأبه) وهو تحريف.
(3) في الأصل: (وينكث).
(4) في الأصل: (وسنته) والتصويب من المختار.
(5) في المختار: (الفجار والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
(6) الإشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّ اللََّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشََاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشََاءُ} فاطر: 8.
(7) في المختار: (ولو كنتم).
(8) في الأصل: (كفا) وهو تحريف.
(9) في الأصل: (يبكل لكم) محرفة.
(10) في المختار ص 199: (والطريق الألين).
(11) في الأصل: (وسفركم).
(12) في الأصل: (ولا يهل) والتصويب من المختار.
(13) في الأصل: (مؤمنين).
(14) في الأصل: (محطون).
(15) في المختار: (فأحرى وأولى).(1/528)
صبر (1) عليكم لتنزعوا، ويتأنّى لكم (2) لترجعوا، ويقيم (3) في أنفسكم الحجة، ويردكم بها (4)
إلى [سواء] (5) المحجة، لكن الله قد جعل لذلك حدا محدودا وأمرا (6) معلوما، ومتى [قلّ] (7)
انتفاع أمير المؤمنين بكم (8) وأطلتم عناءه فيكم، ورآكم على المعصية مصرّين مستخفين (9).
فهل يجد بدا من تسرّع (10) العساكر إليكم، وإطلاق أعنتها عليكم. وهل يميز (11) حينئذ بريئكم من سقيمكم، وبرّكم من أثيمكم. ألا ترون (12) قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لََا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (13). وأي فتنة هي أعظم من طاعة الشيطان، ومعصية السلطان.
13232
فصل في ذكر الصلح وما فيه من الصلاح
للصاحب بن عباد
قال ابن عباد:
كان أحق ما استعمله العاملون ولحق به التالون، وآثره المؤمنون، وتعاطاه بينهم المسلمون فيما ساء (14) وسرّ ونفع وضر، ما أصبح الشمل به ململما (15) والأمر منتظما،
__________
(1) في المختار: (أن بصبر).
(2) في الأصل: (يتأنا لكم).
(3) في الأصل: (تقيم) والتصويب من المختار.
(4) في المختار: (ويردكم إلى سواء).
(5) في الأصل: (السوء) وهو تحريف.
(6) في الأصل: (أحر) والتصويب من المختار.
(7) زيادة ليست في الأصل، وفي الأصل: (ومتى كانتفاع).
(8) في المختار: (منكم).
(9) في المختار: (مستجرى).
(10) في المختار: (من تسريب).
(11) في المختار: (يماز).
(12) في الأصل: (الآخرون) وفي المختار: (ألا ترون إلى قول الله).
(13) الأنفال: 25.
(14) في الأصل: (شا).
(15) في الأصل: (مليما) يقال ململمة وملمومة أي مجتمعة، مضموم بعضها إلى بعض.(1/529)
والسيف مغمودا، ورواق الأمن ممدودا، فحقنت (1) به الدماء وسكنت معه الدهماء، وانقمع له الأعداء، واتصل (2) به السرور، وآمنت معه الشرور، وليس شيء بذلك أولى، وإلى إحراز الثواب فيه أدنى من الصلح الذي أمر الله تعالى به، وحضّ عليه، ورغب فيه، وندب إليه فقال وقوله الحق: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (3) وقال: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (4)، وقال تعالى: {وَإِنْ طََائِفَتََانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمََا} (5) وقال جل وعلا: {لََا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوََاهُمْ إِلََّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلََاحٍ بَيْنَ النََّاسِ} (6).
23232
للإسكافي في الصلح بين الملك نوح والصغاني
وقال الإسكافي من كتاب ذكر فيه الصلح بين الملك نوح (7) وبين الصاغاني:
وكتبنا وقد أعاد الله إلى أحمد بن محمد رد الطاعة، وختم له بحسن الإنابة، وبصّر الرشد فأبصر، وعرفه الخطأ فأقصر، [و]
__________
10*
وضعت {الْحَرْبُ أَوْزََارَهََا} (8)، {وَكَفَى اللََّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتََالَ وَكََانَ اللََّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً} (9).
13242 - وله:
(1) في الأصل: (فحفت).
(2) في الأصل: (واتصلت).
(3) الحجرات: 10وفي الأصل: (اخوتكم) مصحفة.
(4) النساء: 128.
(5) الحجرات: 9.
(6) النساء: 114.
(7) نوح بن نصر بن أحمد الساماني، أبو محمد، أمير ما وراء النهر، ولاه سنة 331هـ وأقام في بخارى إلى أن توفي نحو 343هـ.
النجوم 3/ 311، اللباب 1/ 523.
(10) * زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(8) محمد: 4.
(9) الأحزاب: 25.(1/530)
وها (1) نحن منقلبون إلى بلاد الجبل، في ظل الأقيال (2) وكنف الله ذي الجلال. وقد رأينا الخبر كما خبر الله في الصلح، وأخذنا كما أمر الله بالصفح، وتقربنا إلى الله بالقربى لم نستجز غلولها (3)، وجنحنا على الله للسلم (4) ما جنحوا لها.
23242
فصل في الإحماد (5) والتقريظ
للإسكافي عن الملك نوح
وقال الإسكافي عن الملك نوح إلى ابن ملك:
والله قبل وبعد يحمد بأحبّ (6) محامده إليه، وأزكاها لديه، على ما وهب لنا منك ثم على ما وهب لنا بك، فإنهما منحتان (7) يتنازعان الشرف والعلا، ويتقارضان الحسن والبهاء، في كل منهما للعين قرة، وللقلب مسرة، وللسان الشكر تعب، وليد الجزاء نصب، ولن يلطف لمثلها إلّا اللطيف لما يشاء، الفعّال لما يريد (8)، ذلك الله الجبار، القهّار، الحميد، المجيد، الغفار. وقد أراح الله من كل وجه عليك، وأكمل قوتك وجعل يدك الطولى (9)، وكلمتك العليا، وجدّك (10) الأجد، وباعك الأشد، وكيف لا يكون كذلك وقد سربت نفسك ابتغاء (11) مرضاتنا، ووليت وجهك تلقاء (12) راياتنا، وتحمّلت لواحتنا الكمد، ولقيت لمسرتنا الجهد.
__________
(1) في الأصل: (وهانا نحن) وأثبتنا الصواب.
(2) الأقيال: جمع قيل، وهم ملوك اليمن، ويقصد بهم الملوك عامة.
(3) في الأصل: (يستجر غلولها)، والغلول: المغانم.
(4) في الأصل: (علم الله السلم).
(5) في الأصل: (الأحمار).
(6) في الأصل: (يحمدنا حب).
(7) في الأصل: (حبختان).
(8) في الأصل: (ولمل يريد)، وفيه إشارة إلى سورة البروج: 16.
(9) في الأصل: (الصولي).
(10) في الأصل: (وجدل) محرفة، والجد، العظمة والحظ.
(11) في الأصل: (تبقا).
(12) في الأصل: (تلقا).(1/531)
33242
لابن عباد
قال ابن عباد:
وقد وقع ما كان منك قولا وفعلا، وحراسة ودنيا وجهادا عند مولانا الموقع الذي يتنافس فيه المتنافسون، ولا يحظى به إلا الحاظون.
لعبد العزيز بن يوسف عن الطائع إلى ركن الدولة
وقال عبد العزيز بن يوسف من كتاب عن الطائع إلى ركن الدولة:
أنت وعضد الدولة كلاكما يد أمير المؤمنين فيما يأخذ ويذر، وناظراه على قرب، وبعد (1)، بكما افترش مهاد الأمن بعد افتضاضه، ورفع منار الدين بعد إخفاضه، فأبشروا من الله بالحسنى إن {اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (2).
13252
فصل في الشكر وإعظام قدر النعمة
لابن عباد
قال ابن عباد:
ولولا أن الله الذي أنعم بخلق الإنسان من ماء مهين، ودرّجه إلى منزلة الخصم المبين (3) للتحدث بأنعامه، وكتب الإفاضة في شكر إكرامه، لكان إحسان مولانا يكثر عن الذكر، ويعظم عن الإخبار والنشر.
وله:
وكل يوم يستضاف طرف إلى وسط، وبلد إلى بلد، حتى يفتح الله المراد الأقصى ثم يوسّعه من منّه ما لا يعد ولا يحصى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللََّهِ لََا تُحْصُوهََا} (4).
وله:
__________
(1) في الأصل: (تقرب ويبعد).
(2) في الأصل: (أجر المصلحين) والصواب ما أثبتناه. آل عمران: 171.
(3) الإشارة إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسََانُ أَنََّا خَلَقْنََاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذََا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} يس: 77.
(4) إبراهيم: 34.(1/532)
وقد يمكن الشكر من الإحسان الذي يتناول عرض هذا الأدنى (1). فأما الذي ينزع به رقيا في التكرمة إلى الغاية القصوى، فماذا يقول فيه الناثر (2) وإن كان مبدعا، والخطيب وإن كان مصقعا.
23252
لعبد العزيز بن يوسف
قال عبد العزيز بن يوسف:
ونحن نحمد الله على ما قسم لنا في أرضه، وأفادنا عودا على بدء من نعمه وزجر (3)
لأيامنا من مآثر الآثار التي لم يجد بها عادة في زمان، ولم يؤت مثلها ذو ملكة ولا سلطان {ذََلِكَ فَضْلُ اللََّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشََاءُ} (4).
13262
فصل في التقريع والتوبيخ
لعبد الحميد الكاتب
قال عبد الحميد:
وإنك إن تقدم تنحر أو تجمّر، وإن تقم ترهب (5)، وإن تهرب تطلب، ويكون الله بالمرصاد، ويأخذ عليك بالانسداد. فإن استطعت [أن] (6) تتخذ في البحر سربا (7)، أو في الأرض نفقا (8)، فافعل. وقد أعذر من أنذر، فلا مفر (9) ولا وزر و {لََا عََاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللََّهِ إِلََّا مَنْ رَحِمَ} (10) الله، ولا مخرج من قدر الله، فإن تبت ورجعت، فإن الله تواب
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هََذَا الْأَدْنى ََ} الأعراف: 169.
(2) في الأصل: (الناشر).
(3) في الأصل: (يد ورجز).
(4) الجمعة: 4.
(5) في الأصل: (تعدم بحرا ويذيرا جفو وأن تعم بدهم) والتجمير: الحبس في أرض العدو.
(6) ما بين القوسين زيادة ليست في الأصل وفيه: (يتجذ).
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً} الكهف: 61.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمََاءِ} الأنعام: 35.
(9) في الأصل: (مقر).
(10) هود: 43.(1/533)
رحيم، وإن توليت وصددت، فإن الله عزيز ذو انتقام.
23262
للإسكافي
وقال الإسكافي:
أما تذكر عواقب الذين كانوا أشدّ منك كيدا، وأعظم يدا، وأقوى أحوالا، وأكثر احتيالا حين ساقوا هذه الدولة طغيانا وجحدوا (1) نعمتها كفرانا. ألم ينزل الله لهم من آمال وآجال ويوردهم من مطامع على مصارع ويبرزهم من خذلان إلى خذلان؟. فكيف تسنّمت وعر هذه الخطة، وركبت ظهر هذه الفتنة. فلا ربّك خفت (2)، ولا سلطانك هبت، ولا لدنياك نظرت [و] (3) لا في أخراك فكرت (4)، ولا بعهدك وفيت، ولا على نفسك أبقيت (5)، بل تنكّثت العهد والله يقول: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمََا يَنْكُثُ عَلى ََ نَفْسِهِ} (6) ومكرت الدين (7) {وَلََا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلََّا بِأَهْلِهِ} (8)، فعل الذين {خَتَمَ اللََّهُ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ وَعَلى ََ سَمْعِهِمْ وَعَلى ََ أَبْصََارِهِمْ غِشََاوَةٌ وَلَهُمْ عَذََابٌ عَظِيمٌ} (9).
13272
لأبي بكر الخوارزمي
وقال أبو بكر الخوارزمي:
وأراد الله أن يرفع من حكمتك، ويقوّم من حديثك فينظر كيف تعملون، والله يعلم ما تدبّرون، وما كنتم تكتمون (10)، فلما جاوزت النعمة بالكفران ونسيت {هَلْ جَزََاءُ الْإِحْسََانِ إِلَّا الْإِحْسََانُ} (11) نظرت إليك الأيام شزرا، وأبدلتك باليسر عسرا،
__________
(1) في الأصل: (جحد أو).
(2) في الأصل: (حفت) مصحفة.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) في الأصل: (أخذاك أفكرت).
(5) في الأصل: (أبنيت).
(6) الفتح: 10وفي الأصل: (ومن نكث).
(7) في الأصل: (الذي).
(8) فاطر: 43.
(9) البقرة: 7.
(10) إشارة إلى سورة النور: 29.
(11) الرحمن: 60.(1/534)
فأصبحت تلك البوارق وهي صواعق، واستحالت تلك المواهب وهي مصائب {إِنَّ اللََّهَ لََا يُغَيِّرُ مََا بِقَوْمٍ حَتََّى يُغَيِّرُوا مََا بِأَنْفُسِهِمْ} (1).
23272
فصل في ذكر شهر رمضان
إبراهيم بن العباس
قال إبراهيم بن العباس (2):
وقد أظلكم {شَهْرُ رَمَضََانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنََّاسِ} (3)
{وَتُوبُوا إِلَى اللََّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4). وقدموا لأنفسكم خيرا تجدوه هو خيرا، وأعظم أجرا (5).
13282
للإسكافي
وقال الإسكافي:
إن الله جاعل الليل والنهار خلفة، وفارض الصوم والصلاة قربة إليه وزلفة، وجعل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أعظم الشهور حرمة، وأكثرها على تصرف الدهور ذمة بما ضمّه (6) من ليلة القدر التي هي حتى مطلع الفجر، متنزل الملائكة والروح، الموفية على
__________
(1) الرعد: 11، والرسالة غير موجودة في مجموع رسائله.
(2) أبو إسحاق الصولي (ت 243هـ) من خراسان، نشأ ببغداد وتأدب بها، وقربه الخلفاء فكان كاتب المعتصم والواثق والمتوكل، قال دعبل: لو تكسب إبراهيم بن العباس بالشعر لتركنا في غير شيء، وقال المسعودي: لا يعلم فيمن تقدم وتأخر من الكتاب أشعر منه، ونقل أحمد بن إسرائيل إجماع الكتاب على أنه مع أحمد بن يوسف أكتب من كان في دولة بني العباس، وأنه والزيات أشعر كتاب دولتهم، الأوراق ص 207، ترجمته وأخباره في الأغاني 9/ 120، تاريخ بغداد 6/ 117، معجم الأدباء 1/ 261.
(3) البقرة: 185.
(4) النور: 31. وفي الأصل: (فتوبوا).
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمََا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللََّهِ} المزمل: 20.
(6) في الأصل: (ومنه مما ضمته).(1/535)
ألف شهر، العاقبة (1) مدى كل ذكر قدرا، فمن لحق به وفّاه استقباله بالإعظام والإجلال ونزّهه (2) عن الحرام، بالحلال حتى يكون تصرفه عن حق يقضى، وفريضة تقام [و] نعمة تستدام (3)، وحتى يجتمع للمحافظ على حقه، والمسارع إلى أداء فرضه، فضيلة الأخرى إلى ما يتعجله من فضيلة الأولى {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجََاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} (4).
23282 - وله:
إن الله فارق الأمر الحكيم، وشارع الدين القويم، جعل شهر رمضان الذي خصّه بالتفضيل وشرّفه بالتنزيل بما ضمه إياه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وختمه (5)
به من يوم الفطر الذي هو عيد كل مؤمن في بر وبحر، فارقا في تلك أمور حكمته، وفاتحا في هذا أبواب رحمته. فمن إنابة (6) يوجبها للعامل، وإجابة يعجلها للسائل (10). ولما أتانا هذا الشهر بالمأمول من بركته، والميمون من فاتحته وخاتمته، ألزمنا أولياءنا، وعلّمنا استقباله بالسكينة والهدى والتقية [و] (7) أن يبسطوا العدل، ولا ينسوا الفضل (8)، ويخفضوا (9) لمن يلونه الجناح ولا يدعوا ما مهّد لهم من الصلاح.
__________
(1) في الأصل: (العاتبة) محرفة.
(2) في الأصل: (فمن الحق له وفيه وتنزيهه).
(3) في الأصل: (يقام نعمة يستدام) وما بين المعكوفين زيادة ليست في الأصل.
(4) الإسراء: 21.
(5) في الأصل: (حتمه).
(6) في الأصل: (أنابه يوجها).
(10) في الأصل: (وعمالنا).
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَنْسَوُا الْفَضْلَ} البقرة: 237.
(9) في الأصل: (ويحفظوا) مصحفة، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنََاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} الحجر: 88.(1/536)
33282
فصل في أنواع شتى من ألفاظ الكتب السلطانية وفنون مختلفة مما يتعلق بها
إبراهيم بن العباس في الحج والحجيج
قال إبراهيم بن العباس في الحج والحجيج:
أنتم حجيج (1) بيت الله، وزوّار حرمه (2)، والوفود إليه في دار أمنه، رحلتم من أداني البلاد وأقاصيها إلى بلد لم تكونوا بالغيه (3) {إِلََّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (4) شعثا غبرا، مجيبين (5) دعوة أبيكم إبراهيم عليه السلام، ملبين لله على كل تلعة وشرف، راجين لرحمته، ملتمسين لمغفرته، قد أتعبتم أبدانكم، وأنفقتم أموالكم، وأنضيتم مطاياكم، وصبرتم لما نالكم من التعب، والنصب فأبشروا من الله بالحسنى {إِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (6).
13292
للإسكافي في الحث على الجهاد
وقال الإسكافي في الحث على الجهاد:
إن الله جعل الجهاد من فرائض دينه العظيمة، ومعالم حقوقه القويمة، ندب عباده إليه في حالي الإخفاف والإثقال (7) وألزمهم التسمح فيه [و] (8) ذكر تمني الأنفس والأموال.
وكتب للعامل فيه فوز السعادة، وأوجب للمقتول سبقه (9) الشهادة، حكما منه فصلا، نطق به آيه (10)، ووعدا حقا صدق فيه، وإنه والله لا يخلف الميعاد (11)، ولا يحب الفساد، فبادروا
__________
(1) في الأصل: (والحيج أنتم حيج).
(2) في الأصل: (ورواز حرمة).
(3) في الأصل: (بالعيد).
(4) النحل: 7.
(5) في الأصل: (غير محببين).
(6) التوبة: 120.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا} التوبة: 41. في الأصل: الإخفاق.
(8) زيادة ليست في الأصل.
(9) في الأصل: (المقول سبقة).
(10) في الأصل: (فضلا تطويه آية)، وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتاً} آل عمران:
169، وقوله: {وَلََا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللََّهِ أَمْوََاتٌ} البقرة: 154.
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يُخْلِفُ الْمِيعََادَ} آل عمران: 9.(1/537)
أفواجا وإرسالا، و {انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا} (1)، منتقمين لدين الله ممن كابر، دافعين دونه من حادّه.
23292 - وله في الطلب بدم:
ويأمرك أن تنتصر لأولياء فلان انتصار عالم، بأنه قد قتل ظلما وعدوانا، فإن الله قد جعل لوليه سلطانا (2).
13302 - وله في مخاطبة منهزم:
لله في كل أمر حكم هو بالغه، وقدر هو مالكه، يقضيهما كما شاء (3) في القضاء، ويمضيهما (4) على ما أراد مليا بالإمضاء. ونحن نسأل الله على ما فات كبت تصديه ذخرا (5)
وعليه صبرا. ولحركته تسكينا، ومن النار في عاقبته تمكينا و {فَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللََّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} (6).
23302
لابن عباد
وقال ابن عباد:
وهذه المأثرة مقودة عن كل ما ألف وعرف، ووجد وعهد، جعلها الله خالصة من دون المؤمنين، وخالدة إلى يوم الدين، فله من الحمد والشكر ما يكتب في الصحف المطهرة بأيدي الكرام البررة (7).
وقال عبد العزيز بن يوسف:
وعاين (8) فلان من ذلة الاتخاذ، ووحشة الانفراد ما كان مغطى عليه مثله، قال الله تعالى: {وَوَجَدُوا مََا عَمِلُوا حََاضِراً وَلََا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (9).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفََافاً وَثِقََالًا} التوبة: 41.
(2) الإسراء: 33حيث يقول تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنََا لِوَلِيِّهِ سُلْطََاناً فَلََا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كََانَ مَنْصُوراً}.
(3) في الأصل: (لا).
(4) في الأصل: (يمعينها).
(5) في الأصل: (يصدره ذخرا).
(6) النساء: 19.
(7) في الأصل: (الكرام بأيدي البررة) وهو إشارة إلى قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرََامٍ بَرَرَةٍ} عبس: 15، 16.
(8) في الأصل: (وعائن).
(9) الكهف: 49.(1/538)
33302 - وله:
وما زال فلان ببقاياهم آخذا بوحينا (1) ويراودهم بالحسنى على الطاعة اتباعا لعزيمتنا، ويتوالى (2) عليهم بالعذر والنذر، ويقرع الصمّ من آذانهم بالمواعظ والذكر أياما تباعا وهم على طريقة واحدة في الإباء والإصرار، والمخذول فلان لا يزيد على ضرب الأمثال لنفسه وآبائه، والإجابة عن كل موعظة تأتيه، وذكرى ترضيه (11) ما حكاه (3) الله تعالى عن قوم ضلوا ضلالة، وشقوا شقاة {إِنََّا وَجَدْنََا آبََاءَنََا عَلى ََ أُمَّةٍ وَإِنََّا عَلى ََ آثََارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (4) جاهلا بما تقدم هذه الآية من صنوف الحيرة، تعقبها من ضروب العبرة (5).
13312 - وقال غيره:
عسف وأسرف وأوجف (6) فأعجف، وتعدّى إلى الآثام والاستخفاف بالكرام، واحتجان الأموال العظام، فأسلمته جريرته إلى أجله، وكان كما قال الله تعالى: {وَكََانَ عََاقِبَةُ أَمْرِهََا خُسْراً} (7).
23312
سعيد بن حميد في الاستسقاء
وقال سعيد بن حميد في الاستسقاء:
تناهت (8) الأخبار إلى أمير المؤمنين من النواحي بانقطاع القطر في هذه السنة، وتأخره عن الزمان الذي كان يتفضل (9) الله به فيه، وما دخل كثيرا من الناس من القنوط (10)، ونالهم
__________
(1) في الأصل: (تباياهم أحدا بوحينا).
(2) في الأصل: (وتوالى) تباعا.
(11) في الأصل: (مضيئة).
(3) في الأصل: (مظيئة ما حكماه).
(4) الزخرف: 23.
(5) في الأصل: (فمن العبرة للغير).
(6) في الأصل: (وواجف).
(7) الطلاق: 9.
(8) في الأصل: (تناهب).
(9) في الأصل: (يتطول) محرفة والصواب ما أثبتناه.
(10) في الأصل: (الفتوط).(1/539)
في معايشهم (1) من الضرر، فوقف أمير المؤمنين على أن ذلك لم يكن إلّا عن الإقبال على الذنوب والانصراف عن التوبة، وإغفال الدعاء والتضرع، وتقصير في الحق، قال الله تعالى:
{وَمََا كََانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى ََ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهََا مُصْلِحُونَ} (2) فاخرجوا إلى مصلاكم بأبدان طاهرة، وقلوب مخلصة و {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً} (3)، ولا تقنطوا من رحمة الله فإن الله جعل القنوط من رحمته أعظم من الذنب الذي يعاقب [عليه] (4). وسمّى أهله ضلّالا. فقال تقدس اسمه {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضََّالُّونَ} (5) {وَتُوبُوا إِلَى اللََّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (6).
33312
لابن ثوابة في هدم دار
ابن ثوابة (7) في هدم دار أحمد بن الخصيب (8): انتهى إلينا خبر الدار التي ابتناها (9)
فلان في غير حقه بمال أخذه من غير حلّه، فكان أولى بناء بهدم، وأحرى بتعقبه بناء أسس على غير (10) التقوى، وأثر يخطى فيه إلى الظلم (مالا عيدا) (11) فاهدمه، حتى يلحق بقواعده.
__________
(1) في الأصل: (معائشتهم).
(2) هود: 117.
(3) نوح: 10، 11وفي الأصل: (استغفر ربكم).
(4) زيادة ليست في الأصل.
(5) الحجر: 56.
(6) النور: 31.
(7) هو محمد بن جعفر يكنى أبا الحسن من كبار الكتاب ببغداد، كان صاحب ديوان الرسائل بديوان المقتدر: معجم الأدباء 18/ 96.
(8) في الأصل: (الخطيب). وهو أبو العباس أحمد بن أبي نصر الخصيب، وزير المستنصر بالله، والمستعين بالله ونفاه الأخير إلى جزيرة أقريطش بجزيرة صدرت من ستة 248هـ وتوفي سنة 265هـ. راجع وفيات الأعيان 1/ 187.
(9) في الأصل: (خير ابنتاها).
(10) في الأصل: (واجواب على غيري).
(11) كذا في الأصل.(1/540)
إن شاء الله.
13322
لطاهر بن الحسن
قال طاهر (1) بن الحسين [اكتبوا] (2) إلى عيسى بن الرشيد:
حفظك الله، وأبقاك (3). عزيز عليّ أن أكتب إلى صغير مثلك (11) أو كبير لغير التأمير (4)، ولكن قد بلغتني عنك ممالاة المخلوع، فإن كانت (5) ميلا على أمير المؤمنين، فيسير (6) ما كتبت إليك كبير، وإن كنت (7) كما قال الله تعالى: {إِلََّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمََانِ} (8)، فالسلام (9) عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته.
23322
فصل في التهاني فصول في الكتب الإخوانية
لأبي العيناء
كتب أبو العيناء إلى أبي نوح النصراني لما أسلم يهنيه (10)، وما أعلم أنه كتب في هذا الباب أحسن وأبلغ منه:
__________
(1) في الأصل: (ظاهر) مصحفة.
(2) زيادة ليست في الأصل وقد ورد في أدب الكتاب للصولي أن طاهر بن الحسين قال وهو يحارب الأمين وكان أبو عيسى بن الرشيد معه لكتابه: اكتبوا إلى أبي عيسى كتابا تتقربون به إليه وتتباعدون ولا تطمعوه، ولا تيئسوه فقالوا: إن رأي الأمير أن يعلمنا كيف ذلك ويحده لنا فقال: اكتبوا) ص 151.
(3) في أدب الكاتب: (وامتع بك وعزيز).
(11) في الأصل: (منك).
(4) في الأصل: (تأمين).
(5) في أدب الكاتب: (فإن كان ذلك منك ميلا فقليل ما أكاتبك كثير).
(6) في الأصل: (فيسر).
(7) في الأصل: (كتب) مصحفة.
(8) النحل: 106.
(9) في الأصل: (والسلام).
(10) في الأصل: (يهينه) والرسالة في اختيار المنظوم والمنثور 13/ 305عن جمهرة رسائل العرب 4/ 165وفي صبح الأعشى 7/ 74.(1/541)
لقد عظمت نعمة الله عليك في منابذة أهل الذلة والصغار، والكفر والإصرار (1)، الذين أحلوا قومهم دار البوار، جهنم يصلونها وبئس القرار (2)، الذين جعلوا لله أندادا (3)، ودعوا للرحمن ولدا، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا (4)، فليهنك (5) بهذه النعمة الجليلة في أخوّة المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان (6)، فقد أصبحت لهم أخا، وأصبح دعاؤهم لك من الله فرضا واجبا، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنََا وَلِإِخْوََانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونََا بِالْإِيمََانِ وَلََا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنََا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنََا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} (7). والله لقد قدحت فأوريت، واستضأت، فاهتديت (8)، ومخضت الأمر ثم اقتنيت (9)، لا كمن قدّر وفكر، {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} (10)
فالحمد لله الذي فوّز (11) قدحك، وأعلى قدرك، وأنقذك من النار (12)، وخلصك من لبس
__________
(1) في الأصل: (والإضرار) مصحفة والصواب ما أثبتناه.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللََّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دََارَ الْبَوََارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهََا وَبِئْسَ الْقَرََارُ} إبراهيم: 28، 29.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلََّهِ أَنْدََاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} إبراهيم: 30.
(4) في الأصل: (ولد) إشارة إلى قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمََنِ وَلَداً}.
(5) من هنا تبدأ التهنئة في صبح الأعشى 74: 7والرواية فيه تختلف عن رواية الثعالبي بعض الاختلاف.
(6) في صبح الأعشى سقط يبدأ من قوله: فقد أصبحت لهم أخا إلى قوله: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}.
(7) الحشر: 10.
(8) في الأصل: (لقد حت فاهتدت).
(9) في الأصل: (اقتليت) والصواب من اختيار المنظوم.
(10) المدثر: 18.
(11) في الأصل: (نور) وفي اختيار المنظوم: (أفاز) وفيه وفي صبح الأعشى: (وأعلى كعبك).
(12) في اختيار المنظوم: (انتقذ من النار شلوك).(1/542)
الشرك وحيرة الشك (1) {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2)، {وَمَنْ يُشْرِكْ [بِاللََّهِ] فَكَأَنَّمََا خَرَّ مِنَ السَّمََاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكََانٍ سَحِيقٍ} (3)، فأصبحت أعزك [الله] (4) قد استبدلت بالبيع (5) المساجد، وبالآحاد الجمع، وبقبلة (6) الشام البيت الحرام، وبتحريف الإنجيل صحة التنزيل، وبارتياب (7) الملحدين يقين الموحدين، وبحكم الأسقف رأس الكافرين (8) حكم أمير المؤمنين، وسيد المسلمين (9). فهنّأك الله بما (10) أنعم به عليك (11)، وأورثك الشكر (12) لما أحسن به إليك، وزادك من فضله (13)، إنه هو الوهاب المنان.
13332
كتاب إلى ذمي أسلم
وكتب غيره إلى ذمي أسلم:
الحمد لله الذي هداك للدين القيم الذي لا يقبل الله غيره، ولا يثبّت إلّا به كما قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللََّهِ الْإِسْلََامُ} (14)، وهنّأك الله بنعمته، وأعانك على شكره، فقد أصبحت لنا أخا ندين بمودته (15) بعد التأثم من مخاطبته، ومخالفة الحق بمخالطته (16)، فإن
__________
(1) في اختيار المنظوم: (لبس الحيرة وجمرة الشرك). وفي الأصل: (ألا).
(2) لقمان: 13.
(3) الحج: 31وفي الأصل سقط لفظ الجلالة.
(4) زيادة ليست في الأصل، وفي اختيار المنظوم: (أكرمك الله).
(5) في صبح الأعشى: (بالأديار المساجد).
(6) في الأصل: (وبقتله) مصحفة.
(7) في اختيار المنظوم: (بارتياب المشركين) وفي صبح الأعشى: (وبأوثان المشركين قبلة الموحدين).
(8) في اختيار المنظوم وصبح الأعشى: (رأس الملحدين).
(9) في اختيار المنظوم وصبح الأعشى: (سيد المرسلين) ورواية الأصل أرجح.
(10) في الأصل: (ما).
(11) في اختيار المنظوم وصبح الأعشى: (وأحسن فيه إليك).
(12) في اختيار المنظوم: (وأوزعك)، وفي صبح الأعشى: (وذكرك شكره وزادك بالشكر من فضله).
(13) هنا انتهت رواية اختيار المنظوم وصبح الأعشى.
(14) الآيتان في سورة آل عمران 85، 19.
(15) في الأصل: (أخا بدين عودته) تحريف.
(16) في الأصل: (المخالطة ولمخالفة الحق بمخالفتهم) وهو تحريف والصواب ما أثبتناه، وفي عيون الأخبار 3/ 7 (بعد التأثم من خلطتك ومخالفة الحق).(1/543)
الله جلّ ذكره يقول: {لََا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوََادُّونَ مَنْ حَادَّ اللََّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كََانُوا آبََاءَهُمْ أَوْ أَبْنََاءَهُمْ أَوْ إِخْوََانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (1).
13342
كتب بعضهم في التهنئة بالعزل
وكتب بعضهم إلى مصروف عن عمله يهنئه (2) بالعزل:
أما بعد: فإن أكثر الخير (3) فيما يكره العبد (4). والله تعالى يقول: {وَعَسى ََ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} {فَعَسى ََ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللََّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} (5). وعندك من المعرفة (6) بتصاريف الأمور، والاستدلال بما كان منها على ما يكون، ما (7) يغني عن الإكثار من القول. وقد بلغني انصرافك (8) عن العمل على الحالة التي انصرفت عليها (9)، وما نفيت من الأثر الجميل عند صغير أهل (10) علمك وكبيرهم، وخلّفت (11) من عدلك وإحسانك في الداني والقاصي منهم، فكانت نعمة الله علينا في ذلك وعليك نعمة جلّ قدرها، ووجب شكرها، فالحمد لله على ما أعطاك، ومنح فيك أولياءك (12). فقد أصبحنا نعتدّ صرفك عن عملك منحا (13) مجدّدا، تجب به تهنئتك كما
__________
(1) الخبر في عيون الأخبار 3/ 72مع إضافات وخلاف. والآية من سورة المجادلة: 22.
(2) في الأصل: (تهينه) والنص في عيون الأخبار 3/ 72.
(3) في الأصل: (الخبر).
(4) في الأصل: (العباد).
(5) إشارة إلى الآيتين البقرة: 216، النساء: 19.
(6) في عيون الأخبار: (وعندك بحمد الله من المعرفة).
(7) في عيون الأخبار: (مضى عن الإكثار).
(8) في الأصل: (ابصراقك).
(9) بعدها في العيون: (من رضا رعيتك ومحبتهم وحسن ثنائهم وقولهم).
(10) في عيون الأخبار: (عند صغيرهم وكبيرهم).
(11) في الأصل: (وخلقت).
(12) في الأصل: (أولئك) (صرمك)، وفي العيون: (وأرغم به أعداءك، ومكن لك من الحال عند من ولاك، فقد أصبحنا نعتدّ صرفك).
(13) من رواية ابن قتيبة: (منحا)، وفي الأصل: (بعد صرفك).(1/544)
يجب (1) التوجع منه لغيرك. والسلام.
23342
تهنئة بمولودة
تهنئة ثانية (2):
اتصل بي خبر المولودة المسعودة كرّم الله غرتها، وأنبتها نباتا (3) حسنا، وما كان من تغيرك عن إفصاح (4) الخبر، وإنكارك ما اختاره لك في سابق القدر، فعجبت من ذلك وأكبرته، وأنكرته لضيق في مثله عليك، ومسارعة التكبر دون غيرك إليك، وقد علمت أنهن أقرب إلى القلوب وأن الله بدأ بهن في الترتيب فقال تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ إِنََاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشََاءُ الذُّكُورَ} (5) وما سماه الله هبة (6) فهو بالشكر أولى، وبحسن التقبل أحرى.
13352
فصل في التعازي (7)
آيات قرآنية
قال عز ذكره: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ} (8).
وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ (26) وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ وَالْإِكْرََامِ} (9).
__________
(1) في الأصل: (يجب نه تهنيتك كما نحب).
(2) في الأصل: (تهنية نابنه) مصحفة.
(3) في الأصل: (أثبتها ثباتا) مصحفة والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل: (انصاح).
(5) الشورى: 49.
(6) في الأصل: (هبه فهو التقبل أخرى).
(7) في الأصل: (التعادي).
(8) آل عمران: 185.
(9) الرحمن: 26، 27.(1/545)
وقال تعالى: {فَإِذََا جََاءَ أَجَلُهُمْ لََا يَسْتَأْخِرُونَ سََاعَةً وَلََا يَسْتَقْدِمُونَ} (1).
وقال سبحانه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (2)، وقال تعالى ذكره: {وَبَشِّرِ الصََّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذََا أَصََابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قََالُوا إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ (156) أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوََاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (3).
23352
قول لابن مسعود
وقال عبد الله بن مسعود:
ما على الأرض أحد إلّا والموت خير له من الحياة، إن كان برّا فإن الله عز وجل يقول: {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرََارِ} (4)، وإن كان فاجرا فإنه يقول: {إِنَّمََا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدََادُوا إِثْماً} (5).
وكان السلف يعزّي بعضهم بعضا فيقول:
(لا يحر منكم الله، ولأنفسكم أثابكم الله ثواب المتقين، وأوجب لكم الصلاة والرحمة).
تعزية أعرابي معاوية
وعزّى (6) أعرابي معاوية [فظن] (7) أنه قد غلط، فاستفهمه فقال: {مََا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمََا عِنْدَ اللََّهِ بََاقٍ} (8).
__________
(1) الأعراف: 34 (زدنا الفاء أول الآية).
(2) الزمر: 30.
(3) البقرة: 157155.
(4) آل عمران: 198.
(5) آل عمران: 178.
(6) في الأصل: (عزا انه علط).
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) النحل: 96.(1/546)
33352
تعزية رجل الهادي في ابن له
وعزّى (1) رجل الهادي (2) عن ابن له فقال:
يا أمير المؤمنين قد كان ابنك (3) من زينة الحياة الدنيا، وهو الآن من الباقيات الصالحات (4).
13362 - وعزّى بعضهم رجلا عن ابنه فقال:
سرك وهو فتنة وأحزنك (5) وهو صلة ورحمة (6).
تعزية ابن مكرم رجلا في أخيه
وعزى ابن مكرّم (7) رجلا عن أخيه فقال: والله ما وجدت لك ولا لأخيك مثلا إلّا قول الله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفََاءً وَأَمََّا مََا يَنْفَعُ النََّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} (8).
23362
تعزية محمد بن عبد الملك
وقال محمد بن عبد الملك (9):
إن الله ذي القوة القاهرة والمشيئة القادرة، خلق العباد للبقاء إلى مدة، ثم للفناء إلى رجعة، وجعل الدنيا دار ابتلاء (10) وخبرة، يحيي الله فيها عباده ليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين (11).
__________
(1) في الأصل: (عري).
(2) في عيون الأخبار 1/ 72: أن المعزّى موسى بن المهدي عن ابن له وفيه (وهو اليوم من الباقيات الصالحات)، وردت هذه التعزية في قول رجل عربي عزّى غنم الفهري عن ابنه عقبة، وقيل: كان المعزّى عقبة بن عياض عن ابنه. التعازي للمدائني ص 23، 24.
(3) في الأصل: (انبك).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {الْمََالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَالْبََاقِيََاتُ الصََّالِحََاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ}
الكهف: 46.
(5) في الأصل:) فتيه وجزنك) والصواب ما أثبتناه.
(6) هذه التعزية في العقد الفريد 3/ 307هي في كتاب التعازي مع فروق في الرواية.
(7) هو محمد بن مكرم (بتشديد الراء) بن علي بن أحمد الأنصاري. راجع فوات الوفيات 2/ 524.
(8) الرعد: 17.
(9) ومحمد بن عبد الملك الوزير المشهور بالزيات، يكنى أبا جعفر. انظر تاريخ بغداد 2/ 342.
(10) في الأصل: (خيره) مصحفة.
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكََافِرِينَ} آل عمران: 141.(1/547)
33362
للإسكافي
وقال الإسكافي:
أما بعد، إن الله الحكيم فيما قدر، العليم بما دبر، خلق الخلق أطوارا (1)، وحتّم (2) لهم آجالا وأعمارا، فحصر أمدهم بالانقضاء، وقصر عددهم على الانتهاء، مانّا (3) بالقدرة في إخراجهم من العدم إلى الوجود، بصيرا بالحكمة في تصييرهم إلى الفناء دون الخلود، دالا على أن {كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ} (4)، وأن كل خلق لما حوله (5) تارك، سيان في ذلك ملك ونبي، وسيّان فيه عنده (6) ضعيف وقوي، لا القوي يعز علما (7) (1أ)، ولا الضعيف يعجز هرما (8)، بل كل ميت فموروث ومنشأ فمبعوث إلى أن يرث الله الأرض، ويلي في عباده العرض، فيلاقون فيه يومهم (9) الذي يوعدون، وتجزى {كُلُّ نَفْسٍ بِمََا كَسَبَتْ وَهُمْ لََا يُظْلَمُونَ} (10) تبارك الله من مليك قادر، وسبحانه من عزيز قاهر.
13372
لأبي إسحاق الصابي
وقال أبو إسحاق الصابي (11):
أما بعد، فإن الله جعل لكل أجل كتابا، ولكل مدة انقضاء، ومن كل هالك خلفا، وعن كل فائت عوضا، وسوّى بين البرية في ورود حوض المنية (12)، وحملهم فيها على عدل الحكومة والقضية (13) فقال وقوله الحق: {كُلُّ نَفْسٍ ذََائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمََا تُوَفَّوْنَ}
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوََاراً} نوح: 14.
(2) في الأصل: (حنتم).
(3) في الأصل: (مليا).
(4) في الأصل: (لهالك) والآية من سورة القصص: 88.
(5) في الأصل: (خوله).
(6) في الأصل: (وبنى وميلان عند).
(7) في الأصل: عليا والسجعة رجحت (علما).
(8) في الأصل: (تعر بعجزهن ما).
(9) في الأصل: (يومنهم).
(10) الجاثية: 22.
(11) الرسالة في الكتاب المختار من رسائل الصابي 1/ 156، 157.
(12) في الأصل: (باطنية).
(13) في المختار: (القصية).(1/548)
{أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} (1)، ذلك للمصلحة المطوية (2) في أثنائه، والمنفعة المستترة (3) من ورائه، ولينظر كل أحد لنفسه، ويعلم أنه مستثمر ما أنبت من غرسه (4) وأنه على شفا (5)
رحلة وأوفاز (6)، في دار نقلة ومجاز (7)، ولو كان لأحد من المخلوقين أن يجد عن ذلك مفرا (8)، وأن ينتهج إلى الخلود منهجا، لآثر الله أولاهم بأثرته وأحقهم بمزيته (9) رسوله المصطفى، وأمينه المرتضى محمدا (صلى الله عليه وسلم) (وشرف خطره وعظم) (10) لكنه اختار له الأعود وسلكه المسلك الأقصد، وجعل لنا فيه أفضل الأسوة (11)، وبه أفخر القدوة فقال:
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (12).
23372
للإسكافي
وقال الإسكافي:
الدنيا دار قلعة (13)، فحياتها غرور ومحل بلغة ونعيمها ثبور، وأهلها سفر راحلون، وركب مستقيلون، فالميتة قصاراهم (14)، والأيام مطاياهم، وإلى الله مصيرهم، وفي الآخرة قرارهم، قال الله عز وجل وجهه: {إِنَّمََا [هََذِهِ] الْحَيََاةُ الدُّنْيََا مَتََاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دََارُ الْقَرََارِ} (15) وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ (26) وَيَبْقى ََ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلََالِ}
__________
(1) آل عمران: 185.
(2) في المختار: (المنطوية).
(3) في الأصل: (أثاو المستئرة) والتصويب من المختار.
(4) في الأصل: (مستمر ما أوتيت من عرسه) والتصويب من المختار وفيه: (غرسه).
(5) في المختار: (شفير).
(6) في الأصل: (وأوقار) والتصويب من المختار، يقال: فلان على أوفاز: أي على سفر.
(7) في الأصل: (بقله ومجان).
(8) في المختار: (معرجا).
(9) في الأصل: (بدينة) والتصويب خطره من المختار.
(10) زيادة من المختار.
(11) في المختار: (وسلك بن المسلك وجعل لنا فيه أسوة وبه أفضل القدوة).
(12) الزمر: 30.
(13) دار قلعة: أي انقلاع أي لا نملكه اللسان.
(14) في الأصل: (وراحلون وركب مستقلون فصاراهم).
(15) غافر: 39، وما بين القوسين ساقط من أصل الآية.(1/549)
{وَالْإِكْرََامِ} (1) وبعد:
فمن صدق يقينه هانت المصائب عليه، ومن عرف البلاء عرف الصبر عليه، وإنما السعيد من استظهر (2) على الجزع بالسلوة، وأنجز (3) (12أ) ما أعد الله لأولي العذاب والاحتساب من الثواب والرحمة، قال الله تعالى: {إِنَّمََا يُوَفَّى الصََّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسََابٍ} (4)، وقال: {وَبَشِّرِ الصََّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذََا أَصََابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قََالُوا إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ (156) أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوََاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (5).
13382
لابن عباد
وقال ابن عباد:
قد نزه الله قدر (6) مولاي عن أن يقول دبّرت (7)، فسخطت (8) ما قضيت، وحكمت فكرهت (9) ما أمضيت، حاشا لله ما مولاي (10) ممن يدع تذكر {يَوْمَ لََا يَنْفَعُ مََالٌ وَلََا بَنُونَ (88) إِلََّا مَنْ أَتَى اللََّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (11).
وله:
__________
(1) الرحمن: 26، 27.
(2) في الأصل: (استطهر).
(3) في الأصل: (وينجز).
(4) الزمر: 10.
(5) البقرة: 157155.
(6) في الأصل: (قد ترة) ومن رسائل الصاحب ص 43 (أو قد نزه الله قدره).
(7) رسائل الصاحب: (عن أن يقول مالكه).
(8) رسائل الصاحب: (فتسخط ما قضيت).
(9) رسائل الصاحب: (فما مولاي) والأصل: (فنكره، حاشى الله بذكر) والتصويب من رسائله.
(10) في الأصل: (فتكره).
(11) الشعراء: 88، 89.(1/550)
ولا بد من التراضي بالحق، والتواصي بالصبر، فعلى شرط الفناء بدئت الدنيا، وقيل: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ} (1).
23382 - وله:
ولولا أن المرء يغلب كثيرا بما يروّح عن فؤاده على ما هو أصلح لمعاده، لكان تقديمه لطفل يصير فرطا واحدا وعدّه ذخرا أسلم (2) من أن يبقى فتنة، ومشغلة ومجبنة عنده، ومبخلة حتى لو بقي لصار مفسدة عليه وضرا (3) كاد يرهق أبويه طغيانا وكفرا (4).
للخوارزمي
ولأبي بكر الخوارزمي: لا مصيبة أعزك الله مع الإيمان، ولا معزي كالقرآن، وكفى بكتاب الله معزيا ولعموم الموت مسليا {إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ} (5).
13392
فصل في المدح والتقريظ (6)
لابن أبي البغل
ابن أبي البغل (7):
فلان قد استوفى في حيلة أهل التجربة على قرب المدة، وألقى الله عليه محبة منه (8)، فهو مقبول مجتبى، ومحبوب مصطفى، يحكم فلا يجهّل، ويغلب فلا يعاقب ويصفح الصفح
__________
(1) الأعلى: 17.
(2) في الأصل: (واجدا وعده رخرا لسلم).
(3) في الأصل: (وصبراري).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَخَشِينََا أَنْ يُرْهِقَهُمََا طُغْيََاناً وَكُفْراً} الكهف: 80.
(5) البقرة: 156.
(6) في الأصل: (التقريط). والتقريظ: مدح الإنسان وهو حي.
(7) هو محمد بن يحيى بن أبي البغل، ويكنى أبا الحسين، استدعى من أصفهان وكان يلي الوزارة في أيام المقتدر، وكان بليغا مترسلا فصيحا من أهل المروءات، وكان شاعرا مجودا، له ديوان رسائل. الفهرست لابن النديم: 203، الوافي 2/ 48، وقد ذكر الثعالبي نماذج من كتاباته في خاص الخاص: 10، 32، 65.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} طه: 39.(1/551)
الجميل (1)، ويدفع بالسيئة التي هي أحسن (2).
23392 - وقال أبو مسلم محمد بن بحر (3):
وقد رام مساعيك (4) رجال من ذوي الأخطار وكرّ بهم السعي فأعجزهم الطلب {وَأَنََّى لَهُمُ التَّنََاوُشُ مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ} (5).
13402
لابن عباد
وقال ابن عباد:
لا يشهد عداة التكاثر أعزّ منه نفرا، ولا يسمع في غشيان البأس (6) أطيب منه خبرا.
وقال أبو بكر الخوارزمي:
هذا الرجل تصغر عنده العظماء، ويخرس بين يديه البلغاء، وينقطع (7) في مضمار الكتاب والشعراء، ويتشفع به إلى زمانهم الأصدقاء {ذََلِكَ فَضْلُ اللََّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشََاءُ} (8).
وله:
هو الغيث إذا لقى التربة الحرّة سقاها ورواها (9)، و {أَخْرَجَ مِنْهََا مََاءَهََا وَمَرْعََاهََا} (10).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} الحجر: 85.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} المؤمنون: 96.
(3) هو أبو سليم محمد بن بحر الصفهاني وال من أهل أصفهان، معتزلي، من كبار الكتاب، كان عالما بالشعر، وبغيره من صنوف العلم وله شعر، ولي أصفهان وبلاد فارس للمقتدر العباسي ت نحو 322هـ وله مؤلفات. إرشاد الأريب 6/ 420.
(4) في الأصل: (مساعبك).
(5) سبأ: 52وفي الأصل: (التناوش).
(6) في الأصل: (عشيات اللباس).
(7) في الأصل: (يتقطع).
(8) المائدة: 54.
(9) في الأصل: (ألقى التربة أزوارها).
(10) النازعات: 31.(1/552)
23402 - وله:
هو كالجنة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين من النعيم: {وَمََا يُلَقََّاهََا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمََا يُلَقََّاهََا إِلََّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (1)، وكالكعبة هي مفتاح الرحمة، ولكن حجابها شديد (2) وطريقها بعيد.
وله:
كان عمر إذا رأى رجلا يتلجلج في كلامه قال: هذا، وخالق عمرو (3) بن العاص واحد! ولكني أقول: سبحان الله من خلق فلانا من طينة خلق فلانا منها، وركّبه في صورة ركّب فلانا فيها. ولعمري لئن جمع بينهما في العموم خلقا، لقد خرق بينهما بالخصوص فرقا، {وَمََا يَسْتَوِي الْأَعْمى ََ وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمََاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} (4).
33402
لأبي فضل الهمذاني
وقال أبو الفضل الهمذاني (5):
ورد فلان وهو عين بلدتنا وإنسانها وقلبها ولسانها (6). فأظهر آيات فضله، لا جرم، أنه وصل إلى الصميم من الإيجاب الكريم، وهو الآن مقيم بين روح وريحان وجنة نعيم، تحيته فيها سلام وآخر دعواه ذكرك يا سيدي، وشكرك (1).
__________
(1) فصلت: 35وفي الأصل: (صبرها).
(2) في الأصل: (لشديد).
(3) في الأصل: (عمر) محرفة، والخبر في البيان والتبيين 1/ 39، والحيوان 5/ 587، وعيون الأخبار 2/ 171.
(4) فاطر: 2119.
(5) الرسالة في زهر الآداب 2/ 891، ولها تتمة.
(6) في زهر الآداب: (وإنسانها ومقلتها واسانها).(1/553)
13412
فصل في الملاطفات وما يجري مجراها
لأحمد بن سعيد
وقال أحمد بن سعيد:
وصل كتابك فوجدت به {رِيحَ يُوسُفَ لَوْلََا أَنْ تُفَنِّدُونِ} (1).
23412 - وقال ابن عباد (2):
وحقّك (3) ألهبت بذكرك (10) في ضميري نارا لا يخمدها (4) غير مشاهدتك، ولا يطفئها غير رؤيتك (5). وطوبى لك ممن يتمكن منك (11) الاستكثار منه و {يََا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} (6).
وقال ابن عباد:
كتابي والشوق يعضّ الفؤاد ويقضّ المهاد (7)، ولله لطيفة بعد لطيفة، يعد البين لاجتماع قريب وأغدو على اليراع مستجيبا له (8) و {لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللََّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكََافِرُونَ} (9).
__________
(1) يوسف: 94.
(2) في الأصل: (ابن العماد) وهو تحريف.
(10) في الأصل: (بذكره).
(3) في الأصل: (وقد حقك).
(4) في الأصل: (لا نحمدها).
(5) في الأصل: (مشاهدته رؤيته).
(11) في الأصل: (منه).
(6) النساء: 73.
(7) في الأصل: (تعفى نقص يعيد).
(8) في الأصل: (يعيد التراع مستحييانه).
(9) يوسف: 87، وفي الأصل: (لا يأس) إشارة إلى قوله تعالى: {لََا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ}.(1/554)
وله:
وإني في خدمته من المهاجرين السابقين الأولين، وبابا (1) يحرز دونك الفضائل ويتلو:
{لََا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقََاتَلَ} (2).
33412 - وله:
فلا زالت عليه من الله يد عالية (10)، وعين واعية من قصده (3) بسوء، وكان قوم عدو حيل بينه وبين ما يشتهيه (4)، وأنجز الله وعد الحق فيه.
13422
للخوارزمي
وقال أبو بكر الخوارزمي:
لو كانت موالاة الأمير مبدأ (5) يتسابق فيه أولياؤه، لكنت في ذلك الميدان سابق الرهان (6)، وفارس الفرسان، ولو كانت مالا لكنت قد جمعت بين أسباب الثروة: {إِنَّ مَفََاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} (7).
وله:
ورد عليّ كتاب الشيخ بعد أن نذرت (8) في وصوله النذور، وهممت فيه الهموم، فلما نظرت إلى عنوانه حسبته خيالا، وظننته (9) نموذجا من الجنة أو مثالا، وقلت:
__________
(1) في الأصل: (وهاها).
(2) الحديد: 10.
(10) في الأصل: (كالية).
(3) في الأصل: (يد كاليد راعيه من فضده).
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنْ كََانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} النساء: 92، وقوله: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مََا يَشْتَهُونَ}
سبأ: 54.
(5) في الأصل: (مبداءنا).
(6) في الأصل: (الدهان).
(7) القصص: 76.
(8) في الأصل: (وزد على بدرت).
(9) في الأصل: (نظر خيالا وطيبنه).(1/555)
لعلنا (1) نائمون وتلوت {إِنَّمََا سُكِّرَتْ أَبْصََارُنََا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (2).
23422 - وله:
على سيدي من السلام عدد محاسنه ومعاليه، وآثاره الحميدة ومساعيه (3)، وعدد خواطر المتكلمين وعلل المتجادلين، وعدد النمل والرمل وعدد حوادث الأيام ومحو الآثام وعدد اللئام، فإنهم أكثر من الكرام، وعدد ما يجب قوله: {وَمََا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلََّا يَعْلَمُهََا وَلََا حَبَّةٍ فِي ظُلُمََاتِ الْأَرْضِ وَلََا رَطْبٍ وَلََا يََابِسٍ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ} (4).
33422 - وله إلى أمير سار إلى حرب: (5)
وكأنه بي (6)، وقد طرت إليه طيران السهم، وطلعت عليه طلوع النجم فوقفت (7)
حيث يقف المخلصون، وضربت بالسيف ضربا يرتاب منه المبطلون، فليس مثلي من قال:
{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقََاتِلََا إِنََّا هََاهُنََا قََاعِدُونَ} (8) ولكني أقول: إنا معكم قاتلون (9)، ولأعدائكم قاتلون، وليس مثلي ينصر نصرة المنافقين، وينتظر المتربصين (10)
{فَإِنْ كََانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللََّهِ قََالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كََانَ لِلْكََافِرِينَ نَصِيبٌ قََالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (11)، ولا لمثلي {رَضِيتُمْ}
__________
(1) في الأصل: (العلنا).
(2) الحجر: 15، وفي الأصل: (أبصارهم بل هم).
(3) في الأصل: (مساعبه).
(4) في الأصل: (باز أحرب) وكلمات ثلاث أخرى لم تتبين قراءتها.
(5) في الأصل: (وكأنه بني).
(6) في الأصل: (وكأنه بني).
(7) (فوقعت).
(8) المائدة: 24وفي الأصل: (فليس مثلي فقال).
(9) كلمة الصحابي الجليل سعد أو في معركة بدر (سيرة ابن هشام).
(10) في الأصل: (يصر نصره المتربصون).
(11) النساء: 141، وفي الأصل: (ألم تكن).(1/556)
{بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخََالِفِينَ} (1).
13432
فصل في العتاب
لمحمد بن يحيى
وقال محمد بن يحيى (2):
فأرجو ألا يرضى مولاي لنفسه مذهب من خاطبهم الله عز وجل: {أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} (3).
لابن عباد
وقال ابن عباد الأستاذ:
كما قال الله تعالى: {إِنَّمََا سُلْطََانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} (4).
وله:
أيظن مولاي وبعض الظن إثم، أن (5) كتابه يرد علي، فأغفل عن (6) إجابته، وأهمل مخاطبته (7).!
__________
(1) التوبة: 83، وفي الأصل: (أرضيتم).
(2) محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى خاقان، ولي الوزارة للمقتدر سنة 299، ولم يكن من الأكفاء، وعزله ولم يتم عامين وقبض عليه سنة 301هـ وتوفي سنة 312هـ. أخباره في الكامل لابن الأثير 8/ 21، 22الفخري 241، المنتظم 6/ 109 121.
(3) البقرة: 44.
(4) النحل: 100.
(5) في الأصل: (وأن) بزيادة الواو.
(6) في الرسائل 195: (يظن مولاي فاغفل إجابته) وفي الرسالة إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}
الحجرات: 12.
(7) النص في رسائل الصاحب ص 195وأولها (قد صار مولاي يظن عادلا عن علمه بباطني وظاهري، ويطيع في الريب مع اختباره لشاهدي وغائبي، وما كنت أحسبه لو رآني على حال منافية لموالاته لا يكذب حسه، ولا يغالط نفسه رجوعا إلى فطرة أمري في مودته، وبادئه حالي في طاعته.(1/557)
وله:
كتبت إليه كتابا لو قرئ (1) على الحجارة لانفجرت، وعلى الكواكب لانتثرت.
23432 - وقال أبو بكر الخوارزمي:
المودّة ضالة لا ترجع إذا ذهبت، وشمس لا تطلع إذا غربت، ونعمة لا تقيم إذا نفرت، ودولة لا تقبل (2) إذا أدبرت، وكريمة إذا زفّها الكفء (3) الكريم أمسكها، وإن ابتليت بالذواق للطلاق ضيعها (4) واستهلكها، وقد كنا زوجناكها فلم نجد عندك ما يوصل (5)، ولا قياما بهجران، ولم نر منك إمساكها بمعروف وتسريحا بإحسان (6). فانصرف عافاك الله مرغوبا عنك، موجودا ألف يد عنك (7).
13442 - وقال أبو الفضل الهمذاني:
فديتك إن كانت للفراق غاية، فقد بلّغتها وزدت، أو للعقوق مطية، فقد ركبتها أو كدت، وإن كان صدّك ينبوع صبر أو جلمود صخر (8)، فقد آن له أن يلين، ولك أن تذكرني في الذاكرين، فديتك ما كان لهوك أمر سوء تعامل بما عاملت، ولا مسلفة شيء قابل بما (9)
قابلت.
__________
(1) في الأصل: (قدي) وفي النص إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجََارَةِ لَمََا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهََارُ} البقرة: 74.
(2) في الأصل: (لفرت لا يقبل).
(3) في الأصل: (الكفؤ).
(4) في الأصل: (صيعها).
(5) في الأصل: (فايوصل).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِمْسََاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسََانٍ} البقرة: 229.
(7) في الأصل: (ألف يدك منك).
(8) في الأصل: (ضدك حلمود ضحر).
(9) في الأصل: (مما عاملت مما قابلت).(1/558)
23442
فصل كتاب أبي الفرج الببغا إلى بعض أضداده
كتب أبو الفرج الببغا (1) إلى بعض أضداده:
لست أدري بأي يد تطاولني، ولا بأي (2)، محل تساجلني، أبخمول ذكرك أم بسقوط قدرك، أم بسخف خلابتك، أم بذميم (3) طرائفك، أم بلؤم أصلك، أم بقبح فعلك، أم بسيئ أدبك، أم بمجهول حسبك (4)، أم بضعيف وسائلك أم بغثّ (5) رسائلك، أم ببشاعة طلعتك، أم بشؤمك المتعارف، أم بمناسبتك محن الدهر، أم بما استفدته (6) من ادّعاء الشعر!! {ظُلُمََاتٌ بَعْضُهََا فَوْقَ بَعْضٍ إِذََا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرََاهََا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللََّهُ لَهُ نُوراً فَمََا لَهُ مِنْ نُورٍ} (7).
13452 - ولابن عباد:
ولكن لله عبيدا يغشون عن البرق وانعقاقه (8)، ويعمون عن الصبح وانفلاقه (9)، عددهم كثرة، ومغناهم قلة، {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهََا وَهُمْ عَنْهََا مُعْرِضُونَ} (10).
__________
(1) وفي الأصل: (البقاء) والصواب (الببغاء) وهو عبد الواحد بن نصر المخزومي من أهل نصيبين، شاعر وأديب خدم سيف الدولة مدة وبعد وفاته تنقل في البلاد وتوفي سنة 398هـ. الوفيات 2/ 370وترجم له الثعالبي. اليتيمة 1/ 253فما بعدها.
(2) في الأصل: (ليست دري بأيدي ولا بي).
(3) في الأصل: (أبحمول يسخف ندميم).
(4) في الأصل: (أدبله بمجهول لحسيك).
(5) في الأصل: (ببغث).
(6) في الأصل: (ببعث بتشاعة بمناسمتك استفيدته).
(7) النور: 40.
(8) قال الثعالبي في (فقه اللغة) ص 409: (في ترتيب البرق إذا لمع لمعا خفيفا قيل: لمح وأومض، فإذا تشقق قيل: انعق انعقاما).
(9) في الأصل: (وابقلاقه).
(10) يوسف: 105، وفي الأصل: (وكائن).(1/559)
وله:
فأما الذين تجافت أقدامهم عن المراقي الخفية، وغشيت أبصارهم عن المرائي (1)
الجلية، حتى يظنوا أنهم أحسنوا صنعا، وقد أساءوا. فهيهات {أُولََئِكَ يُنََادَوْنَ مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ} (2).
23452
فصل في فنون مختلفة من ألفاظ الرسائل الإخوانية
لابن العميد
قال ابن العميد:
وكنا نهمّ منذ أيام بالخروج، والدهر ذو تقلب، وللأيام عقب. {وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ مََا ذََا تَكْسِبُ غَداً وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (3).
وله:
وأنصح عن نفسك نصحا، وأن الصدق خير ما استعمل، فأنا أستدرجك من حيث لا تعلم (4)، وأملي لك إن كيدي متين (5)، وإذا تغيرت عن عهدك تغير موضع الثقة بك، ووقع ما لا يتلافاه (6).
33452 - وله:
__________
(1) في الأصل: (المراي).
(2) فصلت: 44.
(3) لقمان: 34.
(4) في الأصل: (لا يعلم).
(5) الإشارة إلى قوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لََا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} القلم: 44، 45.
(6) في الأصل: (ما لا يتلاقاه).(1/560)
وأرجو ألّا يتأخر حضورك ليفتح لي من رأيك (1) بابا من دخله كان آمنا (2).
وله:
فأرجو أن يذهب عنا فلا يرجع، وينصرف عنا صرف الله قلبه (3) فلا يعود.
وله:
وقد ناولته نسخة كتاب فلان، ليعلم أن كثيرا من أهل الزمان (4) لم يقرأ في سورة الرحمن {هَلْ جَزََاءُ الْإِحْسََانِ إِلَّا الْإِحْسََانُ} (5).
13462 - وله:
ويستأذن لهم في العود إلى أوطانهم، فإنهم يحبون أن تظهر (6) آثار النعمة بين رهطهم وإخوانهم: {يََا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمََا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (7).
وله:
كأنما ضرب على آذانهم وأخذ بأبصارهم دون عيانهم (8).
وله:
__________
(1) في الأصل: (رانك).
(2) الإشارة إلى قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كََانَ آمِناً} آل عمران: 97.
(3) في الأصل: (ويتصرف عنا صرق) وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {صَرَفَ اللََّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لََا يَفْقَهُونَ} التوبة:
127.
(4) في الأصل: (الزما).
(5) الرحمن: 60.
(6) في الأصل: (يجو أن يظهر).
(7) ياسين: 27.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {فَضَرَبْنََا عَلَى آذََانِهِمْ} الكهف: 11، وقوله: {وَلَوْ شََاءَ اللََّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصََارِهِمْ} البقرة: 20.(1/561)
وقد أتى من فضل الله ما أشجى كلّا بريقه وأغصه، وعمّه بالكيد وخصه، {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللََّهَ عَلِيمٌ بِذََاتِ الصُّدُورِ} (1).
23462 - وله:
وأما أفضاله (2) فلو كان البحر مدادا، والشجر أقلاما حدادا، لما طمعت في الإخبار عن قدره والإفصاح عن علو أمره (3).
وله:
ولما دخل عظّمناه وبجّلناه ومثلنا له خاضعين، ثم وقعنا له ساجدين (4).
وله:
لن تتأخر (5) مخاطباتي عنك إلّا في السفر الذي لقينا منه نصبا (6).
وله:
ليعلم أنّ الصبح قد أسفر، والنجح (7) قد سفر (8).
33462 - وله:
__________
(1) آل عمران: 119.
(2) في الأصل: (افصاله).
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كََانَ الْبَحْرُ مِدََاداً لِكَلِمََاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ} الكهف: 109، وقوله: {وَلَوْ أَنَّ مََا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلََامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مََا نَفِدَتْ كَلِمََاتُ اللََّهِ} لقمان: 27.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {فَقَعُوا لَهُ سََاجِدِينَ} الحجر: 29.
(5) في الأصل: (يتأخر).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {لَقَدْ لَقِينََا مِنْ سَفَرِنََا هََذََا نَصَباً} الكهف: 62.
(7) في الأصل: (البحح).
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالصُّبْحِ إِذََا أَسْفَرَ} المدثر: 34.(1/562)
لكل غمرة محبة معبر، ولكل مورد غمة (1) صدر {سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (2) و {لَعَلَّ اللََّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذََلِكَ أَمْراً} (3).
وله:
وقد رأيت ما صارت إليه مصارع أعداء هذه الدولة، وختمت به أحوال حساد هذه النعمة، فقد غمزوا قيامها، وقرعوا (4) صفاتها، فاخترموا واصطلموا {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خََاوِيَةً بِمََا ظَلَمُوا} (5) {فَهَلْ تَرى ََ لَهُمْ مِنْ بََاقِيَةٍ} (6).
13472 - وله:
الكثير من جيش الشيطان قليل، والعزيز بالباطل ذليل، ولا أقوى (7) من الفيل إلا الفيل، ولا أضعف من الطير الأبابيل (8).
وله:
إلى أبيه في معنى أخيه: العمر لا يتسع للعلوم أجمع، فلينفق على أحسنها، ويكفيه على مستحسنها دون مستهجنها، ومن الإعراب معرفة أصوله وما لا غنى به عنه فروعه حتى يرد على {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (9).
وله:
__________
(1) في الأصل: (عمه).
(2) الطلاق: 7، وفي الأصل: (عسرا).
(3) الطلاق: 1.
(4) في الأصل: (عمزو قيامه وقد عوا).
(5) النمل: 52.
(6) الحاقة: 8.
(7) في الأصل: (حيش الشيطان دليل ولا أفوى).
(8) إشارة إلى سورة الفيل في صنع طير الأبابيل بأصحاب الفيل.
(9) القصص: 9.(1/563)
إلى أخيه: وإن شاء الله يلبسك حسنا وسنا، وينبتك (1) نباتا حسنا، والله أولى بك من أخيك، وهو حسبي فيك، فاستعن بالله وحده {أَلَيْسَ اللََّهُ بِكََافٍ عَبْدَهُ} (2).
23472
ليحيى بن خالد إلى الرشيد
وكان (3) يحيى بن خالد كتب وهو في الحبس إلى الرشيد يستعطفه:
إن الذنب خاص (4) فلا تعمّن بالعقوبة، فإن الله تعالى يقول: {وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} (5).
توقيع الرشيد
ولي سلامة البريء ومودة الولي، فوقع (6) الرشيد في رقعته {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيََانِ} (7).
ثلاث توقيعات لجعفر بن يحيى
ووقع جعفر بن يحيى في رقعة مستميح:
{مََا يَفْتَحِ اللََّهُ لِلنََّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلََا مُمْسِكَ لَهََا وَمََا يُمْسِكْ فَلََا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} (8).
33472 - ووقع في رقعة متشفع إليه في دم:
{وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ يََا أُولِي الْأَلْبََابِ} (9).
13482 - ووقع إلى صاحب ديوانه:
__________
(1) في الأصل: (سنا وسيا ونبتك).
(2) الزمر: 36.
(3) في الأصل: (وقال يحيى).
(4) في الأصل: (خاصا) تحريف.
(5) فاطر: 18وفي الأصل: (ولا تزروا).
(6) في الأصل: (سلامة فوفع).
(7) في الوزراء والكتاب ص 253 (إن كان الذنب يا أمير المؤمنين خاصا، فلا تعم بالعقوبة فإن ثم سلامة البريء ومودة الولي) والآية في سورة يوسف: 41وفي الأصل: (تستفان).
(8) فاطر: 2.
(9) البقرة: 179.(1/564)
أحسن إلى الأكرة، فإنهم الفعلة الذين (1) يعملون، والفلاحون الذين يزرعون، قد جعل (2) الله أيديهم لنا طعاما، وألسنتهم سلاما، فظلمهم حرام (3). {وَمََا عِنْدَ اللََّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ََ أَفَلََا تَعْقِلُونَ} (4).
23482
كتابة جعفر بن قاسم الكرخي إلى الوزير عبد الله بن محمد وتوقيع عليها الوزير
وكتب جعفر بن قاسم الكرخي وهو على بعض الدواوين إلى الوزير عبيد الله ابن محمد، وقد شم رائحة الصرف، ووقف منه على سوء رأي، رقعة يستعطفه، ويسأله (5) أن يقرّه على عمله فوقع:
لست أتهمك أعزّك الله بفتور همة، ولا تقصير سعي، ولكني أحسبك ممن يتحكم عليه بالشفاعات، ويحب اكتساب المحامد (6). وهي والله محبوبة من جهاتها. فأما إذا كانت في غير أحيانها فهي عين المراصد، وفي أثنائها وإعجازها مخاطرة (7) بالنفس. وقد نهى الله عزّ اسمه عنها حيث قال: {وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ [إِلَى] التَّهْلُكَةِ} (8).
33482
توقيع المقتدر لما اضطرب العسكر
ولما اضطرب العسكر على المقتدر (9) وأرادوه على خلع نفسه، كتبوا إليه رقعة في ذلك، فوقع فيها:
أنا مستسلم لأمر الله غير مسلّم حقا، خصّني به الله رفعة، فافعل (10) ما فعله عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، ولست انتصر إلّا بالله لما أؤمله من الفوز في دار الآخرة: و {إِنَّ}
__________
(1) في الأصل: (اللذين).
(2) في الأصل: (قد جعله).
(3) في الأصل: (فظلمهم حراما).
(4) القصص: 60، وفي الأصل: (أفلا تذكرون) وهو وهم من الناسخ.
(5) في الأصل: (يستعطفه ويسئله).
(6) في الأصل: (بفتورينه، عليه الشفاعات والمحامد).
(7) في الأصل: (عديلا أمر أصد أوفى أثائها مخاطره).
(8) البقرة: 195، والأصل: (بأيديكم التهلكة).
(9) هو جعفر بن أحمد بن طلحة خليفة عباسي، ولد ببغداد وبويع له بعد أخيه المكتفي، ثم خلع وأعيد، فطالت أيامه وكثرت الفتن ثم قتل سنة 320هـ. راجع الكامل 8/ 3ولم يرد توقيعه ضمن (أدب التوقيعات في الشرق) ص 114، ولم تذكر المؤلفة له غير توقيع واحد.
(10) في الأصل: (غير مسلمنا خضي رقعة فاعفل).(1/565)
{اللََّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (1) {إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (2) {وَلََا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} (3)، وحسبي الله ونعم الوكيل. وعليه توكلت، وهو رب العرش العظيم (4).
__________
(1) النحل: 128.
(2) يونس: 81.
(3) الأنعام: 147.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {حَسْبِيَ اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} التوبة: 129.(1/566)
الباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ التي يجري مجراها والتنبيه على استعمالها والتمثيل بها(1/567)
13512 - الباب التاسع عشر في الأمثال والألفاظ التي يجري مجراها، والتنبيه على استعمالها والتمثيل بها.
فصل في فضل الأمثال
قول حكيم وابن المقفع وغيره
قال بعض الحكماء:
الأمثال مصابيح الأقوال، وحلي الكلام وأشكاله الحكمة، ولذلك قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ ضَرَبْنََا لِلنََّاسِ فِي هََذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ *} (1) قال تعالى:
{كَذََلِكَ يَضْرِبُ اللََّهُ لِلنََّاسِ أَمْثََالَهُمْ} (2).
وقال ابن المقفع:
إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وأبين في القياس، وأوثق للسمع، وأوسع لشعوب الحديث.
23512 - وقال غيره:
تجتمع في الأمثال أربعة لا تجتمع في غيرها: إيجاز (3) اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه (4)، وجودة الكناية. فهي إذا نهاية البلاغة. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنََا لِلنََّاسِ فِي هََذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ *} (5) وقال سبحانه: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنََا}
__________
(1) الزمر: 27.
(2) محمد: 3، وفي الأصل: (الأمثال) وهو وهم من الناسخ.
(3) في الأصل: (بحاد) مصحفة، والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل: (التشبيب) محرفة.
(5) الروم: 58.(1/569)
{بِهِمْ وَضَرَبْنََا لَكُمُ الْأَمْثََالَ} (1) وقال سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَمْثََالُ نَضْرِبُهََا لِلنََّاسِ وَمََا يَعْقِلُهََا إِلَّا الْعََالِمُونَ} (2) فسمى من عقل عند أمثاله (3) عالما، وكفى بذلك منزلة وفضلا.
13522 - وقد تقدم في أبواب هذا الكتاب من أمثال القرآن والألفاظ التي يجري مجراها ما اقتضته (4) الأمكنة، وهذا مكان ما يحضرني (5) مما لم نذكره منها وبالله التوفيق.
23522 - قال الله تعالى: {اللََّهُ نُورُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكََاةٍ فِيهََا مِصْبََاحٌ الْمِصْبََاحُ فِي زُجََاجَةٍ الزُّجََاجَةُ كَأَنَّهََا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبََارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لََا شَرْقِيَّةٍ وَلََا غَرْبِيَّةٍ يَكََادُ زَيْتُهََا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نََارٌ نُورٌ عَلى ََ نُورٍ يَهْدِي اللََّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشََاءُ وَيَضْرِبُ اللََّهُ الْأَمْثََالَ لِلنََّاسِ وَاللََّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (6). اقتبس الطائي الآية أحسن اقتباس، وأوقعه (7) موقعه، وذاك أنه مدح أحمد المعتصم (8):
ما في وقوفك ساعة من بأس ... تقضي ذمام (9) الأربع الأدراس
__________
(1) إبراهيم: 45وفي الأصل: (ونبين) مصحفة والصواب ما أثبتناه.
(2) العنكبوت: 43.
(3) في الأصل: (عاقل عنه لمثاله).
(4) في الأصل: (الأمثال القرآن، يحوي اقبضته).
(5) في الأصل: (يحاضرته يذكره).
(6) النور: 35وفي الأصل: (توقد).
(7) في الأصل: (ورافقه).
(8) أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد من خلفاء بني العباس، فاتح عمورية وباني سامراء توفي سنة 227هـ. راجع تاريخ بغداد 3/ 343.
(9) في الأصل: (تقضي زمام).(1/570)
واستمر في إنشاده (1) إيّاها وانتهى إلى قوله:
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
قال له بعض الحاضرين ممن كان يحسده:
الأمير فوق من ذكرت. فارتجل (2) في الوقت فأوصله بهذا البيت:
لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقلّ لنوره ... مثلا من المشكاة والنبراس (3)
فأعجب به الممدوح وأحسن صلته (4).
13532
فصل في بعض ما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مما يليق لهذا الكتاب
سؤاله صلّى الله عليه وسلّم فارعة عن أخيها أمية بن أبي الصلت
سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم فارعة بنت أبي الصلت عن أخيها أمية فقالت: إنه لما احتضر أنشد (5):
كلّ عيش وإن تطاول يوما ... صائر مرة إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل يومي هذا ... في رءوس الجبال أرعى الوعولا (6)
__________
(1) في الأصل: (انتشادها) وهو تحريف.
(2) في الأصل: (فارتحل).
(3) القصيدة ومنها الأبيات المذكورة في ديوان أبي تمام 2/ 250242، ق 81.
(4) في الأصل: (صليه) وهو تصحيف.
(5) البيتان في ديوانه بتحقيق بهجة الحديثي ص 246.
(6) رواية البيت الثاني:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في قلال الجبال
وفي الأصل: (لبتى) مصحفة.(1/571)
فقال عليه السلام:
إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه [الله] (1) آياته: {مِنْهََا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطََانُ فَكََانَ مِنَ الْغََاوِينَ} (2).
23532
الغازي في سبيل الله كأم موسى
وقال عليه السلام:
(مثل الغازي في سبيل الله إذا أخذ عطاءه من بيت مال المسلمين مثل أم موسى عليه السلام ترضع ولدها وتأخذ أجرها) (3) وقال عليه السلام: (مثلي ومثل الناس كرجل {اسْتَوْقَدَ نََاراً فَلَمََّا أَضََاءَتْ مََا حَوْلَهُ} (4). جعل الفراش يقع فيها وجعل يذبهن (5)
عنها ويحول بينها وبينها فها أنا آخذهم عن النار وهم يقتحمون فيها) (6).
13542
فصل في مثل ذلك
طلب الرشيد من ابن رباح تركيب فص في خاتم
وحكي أن الرشيد أخرج إلى إبراهيم بن رباح فصّ (7) ياقوت أحمر لم ير مثله قال:
ركّبه الساعة في خاتم، وأحضرنيه (8).
قال: فدعوت بصائغ، ليصوغ عليه خاتما، وأخذ في صناعته، فطار ذباب كثير (9)، ثم وقع على الفص فاحتمله، ووثبنا فتصايحنا (10)، فارتفع مقدار قامة ثم طرحه، فسقط على
__________
(1) زيادة ليست في الأصل.
(2) الأعراف: 175.
(3) لم نقف عليه في كتب الحديث.
(4) البقرة: 17.
(5) في الأصل: (بنوعهن).
(6) متفق عليه.
(7) في الأصل: (قص) مصحفة.
(8) في الأصل: (واخضر منه).
(9) في الأصل: (دباب كبير).
(10) في الأصل: (ووثينا، فنصيحنا).(1/572)
السندان فتكسر قطعا، فسقط في أيدينا، وتواترت رسل الرشيد إلينا في طلبه، قال: فلم أجد بدا من الدخول إليه، وإعلامه القصة فقال: هذا كما قال الله عز وجل: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبََابُ شَيْئاً لََا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطََّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (1).
23542
وقوع الذباب على أنف المنصور وهو يخطب
ويحكى أن ذبابا وقع على أنف المنصور، وهو يخطب على المنبر، فحرك رأسه ليطرده، وكان الخلفاء لا يحركون أيديهم على المنابر، فطار الذباب فسقط على عينه، فحرّك رأسه فطار، حتى وقع على عينه الأخرى، حتى أضجره، فذبّه بيده.
سؤال ابن عبيد عن خلقه
فلما نزل سأل عمرو بن عبيد (2) لم خلق الله الذباب؟
فقال: ليذل به الجبابرة.
فقال: من أين قلت هذا؟ قال: من قول الله تعالى: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبََابُ شَيْئاً لََا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطََّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (3).
فقال المنصور: صدق الله يا أبا عثمان.
33542
فصل في أن الأمر إذا دبره غير واحد فسد
قول لبعض الحكماء
قال بعض الحكماء:
كثرة الأيدي في الصلاح فساد.
قول للعرب
العرب: لا يجتمع سيفان في غمد (4)، ولا فحلان في شول.
__________
(1) الحج: 73، وفي الأصل: (وغن يسبكهم. ز شبالا يستقدمون منه) تحريف من الناسخ.
(2) عمرو بن عبيد بن باب التميمي بالولاء، شيخ المعتزلة في عصره وفقيهها، وأحد الزهاد المشهورين، له رسائل وخطب كثيرة توفي سنة 144هـ. راجع (وفيات الأعيان 1/ 184).
(3) الحج: 73.
(4) مجمع الأمثال 2/ 181، وفصل المقال ص 394.(1/573)
أبلغ وأجل من هذا كلّه قول الله تعالى: {لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلَّا اللََّهُ لَفَسَدَتََا} (1).
13552
ما قيل للمنصور في أبي مسلم
لما استشار (2) المنصور مسلم بن قتيبة (3) وإسحاق بن مسلم العقيلي في أمر أبي (4)
مسلم عرّض كل منهما بقتله، بأن قرأ هذا آية وأنشد ذاك بيتا:
أما أحدهما فقال: {لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلَّا اللََّهُ لَفَسَدَتََا} (5).
وأما الآخر فأنشد:
تريدين كيما تجمعيني وخالد ... وهل يجمع السيفان ويحك في غمد (6)
فقال المنصور: حسبكما. وما زال يدبر فيه حتى قتله.
23552 - في الاكتفاء باليسير، إذا لم يكن الكثير، والرضى بالدون إذا لم يحضر خير منه.
مثل إذا لم يكن إبل
العرب: إذا لم يكن إبل فمعزى (7).
__________
(1) الأنبياء: 22.
(2) الخبر في نثر الدر 2/ 190، والعقد الفريد 2/ 130وفيهما: شاور المنصور سلم بن قتيبة فقال: إني مطلعك عل أمر لم أفض به إلى غيرك، ولا أفضي به، فصحح رأيك وأجمع لفظك، وأظهر نصحك واستره حتى أظهره أنا. عزمت على قتل عبد الرحمن فما ترى؟ قال) والخبر في مروج الذهب 3/ 301.
(3) في الأصل: (سالم بن قبية) محرف، وهو مسلم بن قتيبة بن سلم الباهلي ولاه المهدي البصرة ت 195هـ.
(4) في الأصل: (أعرابي) محرفة.
(5) الأنبياء: 22.
(6) في الأصل: (محرف (تريدين كما تجمعين خالد تجمع سيفان) والبيت لأبي ذؤيب الهذلي حين جاءته أم عمرو تعتذر إليه مع أبيات أربعة أخرى في ديوان الهذليين 1/ 159.
(7) هو من قول امرئ القيس: ديوانه ق 22ص 136.
ألا إلا تكن إبل فمعزى ... كأن قرون جلتها العصيّ(1/574)
13572
الباب العشرون في ذكر الشعر والشعراء وأنواع اقتباساتهم من ألفاظ القرآن ومعانيه(1/575)
فصل في ذكر الشعر
لأبي زيد البلخي
قال أبو زيد البلخي:
إن قول الشعر وروايته، ومعرفة غريبه (1) من أجلّ علوم الأدباء وأشرفها منزلة، وأرفعها درجة، وذلك لفضل منظوم الكلام على منثوره، ولارتباط بعض أجزاء المنظوم ببعض حتى يصير مقيدا (2) لكل ما يضمنه من المعاني، ثم له ما تجده في (3) القلوب والأسماع. فكان المعنيّون (4) بأحكام اللغة من العرب (5) يتنافسون في حفظه وروايته، ويباهي بعضهم بعضا بالحظ (6) الذي يتوفر له من ذلك حتى خرج الأمر في الشغف والكلف به من الاقتصاد إلى الإفراط، وتهافت شعراء القبائل في هجاء بعضهم (7) بعضا، وأوفوا (8) في أشعارهم إلى هتك الأستار، وقذف المحصنات، وثلب الأعراض، وقول الزور والبهتان، فخرج بذلك عن القسم المحمود من أنواع المنطق إلى القسم المذموم منه، ووصف الله عزّ ذكره منشأهم (9) ومتبعهم من ذواتهم بالصفة الخاصة بهم فقال: {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وََادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مََا لََا}
__________
(1) في الأصل: (عربيه).
(2) في الأصل: (مفيدا).
(3) في الأصل: (أجده من).
(4) في الأصل: (المغيبون) مصحفة.
(5) في الأصل: (العزب) مصحفة.
(6) في الأصل: (ويناهي بالخط).
(7) في الأصل: (جهاه بعصهم).
(8) في الأصل: (وأوجزوا) والصواب ما أثبتناه. ومعنى أوفى: أشرف.
(9) في الأصل: (منشية).(1/577)
{يَفْعَلُونَ *} (1) وقرنهم (2) تعالى بشرّ صنف وهم الكهنة فقال: {وَمََا هُوَ بِقَوْلِ شََاعِرٍ قَلِيلًا مََا تُؤْمِنُونَ (41) وَلََا بِقَوْلِ كََاهِنٍ قَلِيلًا مََا تَذَكَّرُونَ} (3).
ولما كانت لمتعاطيه سبيل محمود غير تلك السبيل المذمومة أوقع الله في أمرهم استثناء (4) فرّق به بين الغرضين (5)، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ وَذَكَرُوا اللََّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا} (6).
قال: فنحن نعلم أنه لو ضمن الشعر ألفاظا تشتمل تسابيح لله ومحامده والموعظة الحسنة، والحض على الخيرات، ومكارم الأخلاق، ومحاسن الأمثال لما كان يدخل ذلك في الشعر (7) الذي كره الاستكثار من روايته، لأن المنظوم إنما يباين المنثور بالوزن (8). ومن المحال أن يكون الوزن الذي هو أشرف فضائل الكلام يخرجه من حيز (9) الذم، فالشعر إنما يصير مذموما بمعانيه دون ألفاظه، ومن أجل ذلك استحسن (10) جواب من سئل من أئمة أهل الدين عن الشعر فقال:
(كلام فحسنه حسن وقبيحه فبيح) (11).
__________
(1) الشعراء: 226224.
(2) في الأصل: (وقرتهم) محرفة.
(3) الحاقة: 41، 42.
(4) في الأصل: (استنسا).
(5) في الأصل: (العرصين).
(6) الشعراء: 227.
(7) في الأصل: (ذلك الشعر) والزيادة لتستقيم العبارة.
(8) في الأصل: (وبالوزن).
(9) في الأصل: (خير).
(10) في الأصل: (استحسن).
(11) في الحديث الشريف أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: (الشعر بمنزلة الكلام، حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام) الأدب المفرد للبخاري ص 229، والدارقطني ص 490باب الوصايا، وقد ورد في الإقناع عن غذاء الألباب 1/ 180، وينسب للشافعي قوله: (الشعر كلام، فحسنه كحسنه، وقبيحه كقبيحه، وفضله على الكلام أنه سائر) الأم 6/ 212، ومختصر المزني 5/ 258، وأدب القاضي للماوردي 3/ 4825.(1/578)
13582
فصل في ذكر الشعراء
فما ظنك (1) بقوم الاقتصاد محمود إلّا منهم، والكذب مذموم إلّا فيهم إذا ذموا ثلبوا، وإذا قدحوا (2) سلبوا، وإذا رضوا (3) رفعوا الوضيع، وإذا غضبوا وضعوا الرفيع، وإذا أقرّوا على أنفسهم بالكبائر (4) لم يلزمهم الحدّ، ولم تمتد (5) إليهم يد، وغنيّهم لا يصادر، وفقيرهم وشيخهم لا يوقر (6)، وحقيرهم لا يستصغر، وسهامهم تنفذ (7) في الأعراض، وشهادتهم مقبولة وإن لم ينطق بها (8) سجل، ولم يشهد عليها عدل، وسرقتهم معهودة (9) وإن جاوزت ربع (10) دينار وبلغت ألف قنطار (11)، إن باعوا المغشوش لم يردّ عليهم (12) وإن صادروا الصديق لم يستوحش منهم. بل ما ظنك بقوم هم صيارفة أخلاق الرجال (13)
وسماسرة النقص والكمال، بل ما ظنك بقوم اسمهم ناطق بالفضل، واسم صناعتهم مشتق (14) من العقل، بل ما ظنك بقوم هم أمراء الكلام، يقصّرون طويله، ويخففون ثقيله ويقصرون ممدوده، ولم لا أقول ما ظنك بقوم: {يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ} {فِي كُلِّ وََادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مََا لََا يَفْعَلُونَ)} (15).
__________
(1) في الأصل: (في أظنك).
(2) في الأصل: (وإذا مدحوا).
(3) في الأصل: (أرضوا).
(4) في الأصل: (الرفيع. أخزوا بالكبابر).
(5) في الأصل: (يمتد) مصحفة.
(6) في الأصل: (شجنهم لا يوقر).
(7) في الأصل: (تنفد الأغراض).
(8) في الأصل: (ينطق بما).
(9) في الأصل: (معقودة) محرفة.
(10) في الأصل: (جاوز رد بع).
(11) في الأصل: (قيطار).
(12) في الأصل: (عليها).
(13) في الأصل: (ظنك صارفه الرجل).
(14) في الأصل: (مشبق).
(15) من قوله تعالى: {وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وََادٍ} الشعراء: 224، 225.(1/579)
13592
فصل في اختيار لهم يتعلق بالاقتباس
بيتا الفرزدق عند سليمان بن عبد الملك
استنشد سليمان بن عبد الملك الفرزدق فأنشد قصيدة منها (1):
ثلاث واثنتان فهن خمس ... وسادسة تميل إلى تمام
فبتن بجانبيّ مصرّعات ... وبتّ أفضّ أغلاق الختام (2)
فقال له سليمان: قد أقررت عندي بالزنا وأنا إمام ولا بدّ من إقامة الحدّ فيك.
فقال: يا أمير المؤمنين بم (3) توجب الحدّ؟
قال: بكتاب الله عز اسمه. قال: فإنّ كتاب الله يدرأ عني الحدّ، أليس فيه:
{وَالشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغََاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وََادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مََا لََا يَفْعَلُونَ} (4)،
فأنا (5) يا أمير المؤمنين قد قلت، ولم أفعل، فضحك سليمان وأمر بجائزة.
13602
قول بعضهم في المعنى نفسه
وفي المعنى الذي أشار إليه الفرزدق، يقول بعضهم:
__________
(1) البيت في ديوانه 2/ 835ط الصاوي من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك مطلعها:
ألستم عائجين بنا لعنّا ... نرى العرصات أو أثر الخيام
ورواية البيت الأول في الديوان:
ثلاث واثنتين فهن خمس ... وسادسة تميل إلى الشمام
(2) في الأصل: (فتبن يحابني مصروعات أعلاق).
(3) في الأصل: (ثم).
(4) الشعراء: 226224.
(5) في الأصل: (فأبى).(1/580)
لقد عيّرتني في الطواسين آية ... أتاك بها روح أمين ومنزل
يقولون ما لا يفعلون وإنني ... من القوم قوّال بما ليس يفعل (1)
23602
بيتا مروان بن أبي حفصة واستحسان الرشيد لهما
لما أنشد مروان بن أبي حفصة (2) الرشيد قصيدته التي فيها (3):
وسدّت بهارون الثغور وأحكمت ... به من أمور المسلمين المرائر (4)
فكلّ ملوك الرّوم أعطاه جزية ... على الرغم قسرا عن يد وهو صاغر (5)
استحسن هذا البيت جدا، وأعجب به، وأمر له بخمسين ألفا وخمسين ثوبا، وليس فيه شيء إلّا أنه مقتبس من قوله تعالى: {حَتََّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ} (6).
13612 - حدّث أبو عبيد الله محمد بن [عمران بن] موسى المرزباني (7) بإسناد له في كتابه المستنير (8)، عن الحسين بن الضحاك (9) قال (10):
كنت أساير أبا نواس في ليلة مظلمة في بعض أزقة البصرة فمررنا برجل يقرأ من سورة البقرة: {يَكََادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصََارَهُمْ كُلَّمََا أَضََاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذََا}
__________
(1) الطواسين: السور التي تبدأ ب {(طسم)} ومنها الشعراء، وإلى خواتيهما الإشارة في البيت {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مََا لََا يَفْعَلُونَ}.
(2) في الأصل: (وأي خصصه) محرفة.
(3) شعر مروان بن أبي حفصة ق 34ص 153بتحقيق عطوان، وهما من قصيدة طويلة في 22بيتا.
(4) في الأصل: (وسيدات مروان المدابر).
(5) في الأصل: (على الدغم).
(6) التوبة: 29.
(7) في الأصل: (أبو عبد الله محمد بن موسى المرباني. والصواب ما أثبتناه، وهو أديب بغدادي ومؤرخ إخباري له كتب كثيرة منها معجم الشعراء وأشعار النساء، ولد سنة 297وتوفي سنة 384هـ.
(8) كتابه المستنير في أخبار الشعراء المحدثين المشهورين أولهم بشار وآخرهم ابن المعتز (عشرة آلاف ورقة). ذكره الفهرست ص 132.
(9) في الأصل: (الحسن بن الضحاك) والصواب ما أثبتناه، الشاعر الخليع المعروف، كان جيد الشعر كثير المجون، وهو غلام والبة، من طبقة أبي نواس. طبقات الشعراء ص 269.
(10) الخبر في أخبار أبي نواس 79وديوانه ص 333ونهاية الإرب 4/ 99.(1/581)
اقتباس أبي نواس وهو يساير الضحاك من آية سمعها من رجل
{أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قََامُوا} (1)، ووافق ذلك رعدا وبرقا جعل يسكن ويشتد. فقال لي أبو نواس:
سأنشدك (2) في هذا المعنى [شعرا] (3) استخرجته في الخمر فلما كان من الغد أنشدني:
وسيارة ضلّت عن القصد بعدما ... ترادفهم (4) أفق من الليل مظلم (5)
وأصغوا (7) إلى صوت ونحن عصابة ... وفينا فتى من سكره يترنم (6)
فلاحت لهم منا على النأي قهوة ... كأنّ سناها ضوء نار تضرم (8)
إذا ما حسوناها أقاموا بظلمة ... وإن مزجت حثّوا الركاب ويمموا (9)
قال ابن حمدون (10) فحدّثت بهذا الحديث محمد بن الحسين بن مصعب. فقال لي:
يا أبا عبد الله لم يسرقه من ألفاظ القرآن، ولا كرامة له، ولا مسرة، ولكن سرقه من
أخذ أبي نواس المعنى من شاعر آخر
قول الشاعر (11):
__________
(1) البقرة: 20وفي الأصل: (يكاد البروق).
(2) في الأصل: (سايشدك) محرفة.
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) في الأصل: (تراد فيهم) محرفة.
(5) السيارة: القافلة، والقصد: الطريق، ترادفهم: جعلهم رديفا لهم، والرديف من تركبه خلفك على البعير، يريد أنهم ركبوا الظلام.
(6) في الأصل: (واصفوا).
(7) في الأصل: (تترنم).
(8) في الأصل: (يضرم).
(9) في الأصل: (إذا ما حسبوناها وأقاموا) وروايته في الديوان: (إذا ما حسوناها أقاموا مكانهم). وحسوناها: شربناها، وحثوا: حرضوا، والركاب: الإبل، يمموا: قصدوا.
(10) ابن حمدون هو أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن علي الكاتب الملقب: كافي الكفاة بهاء الدين البغدادي، كان فاضلا ذا معرفة تامة بالأدب والكتابة، من بيت مشهور بالرياسة والفضل، من كتبه التذكرة، توفي سنة 562هـ.
(11) البيتان في الجمان ص 54وفيه: (ونظر أعرابي إلى هذا المعنى (الآية السابقة) فقال: (البيتين).(1/582)
وليل بهيم كلما قلت غوّرت ... كواكبه عادت فما تتزيل (1)
به الركب إما أومض البرق (هزّموا) (2) ... فإن لم يلح فالقوم بالسير جهّل
13622
فصل في تداول الشعراء معنى أصله من القرآن
للحميري
قال السيد الحميري (3):
قد ضيع الله ما جمّعت من أدب (4) ... بين الحمير وبين الشاء والبقر
لمنصور النميري
وقال منصور النمري (5):
شاء من الناس راتع هامل ... يعللون النفوس بالباطل (6)
للبحتري وأبي تمام والمتنبي
وقال البحتري (7):
__________
(1) في الأصل: (كلما عودت ينزيل).
(2) كذا في الأصل وروايته في الجمان ونهاية الإرب: (يمموا)، وعلق ابن ناقيا على النص بقوله: (وبين هذا اللفظ التنزيل من التفاوت ما هو ظاهر ظهورا شديدا لا يخفى على ذي لب إذا أسهمها نظره وعاطاهما تأمله).
(3) هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرع الحميري ولد سنة 105، شاعر متقدم موصوف بكثرة الشعر، كان من المقربين عند المنصور والمهدي ت 17هـ جمع شعره وحققه شاكر هادي شكر. راجع تاريخ بغداد 12/ 305.
(4) في الأصل: (من داب) وهو خطأ في النسخ والبيت موجود في ديوانه ص 237.
(5) في الأصل: (النميدي) هو أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان الشاعر الجزري البغدادي، كان تلميذ كلثوم بن عمرو والعتابي وراويته وعنه أخذ ومن بحره استقى، أوصله العتابي للفضل بن يحيى، فصار مقربا من الرشيد ومن مادحيه ت 190هـ. جمع أخباره وأشعاره الطيب العشاش وطبع في دمشق سنة 1981م.
(6) شعر منصور النميري ص 121ق 39وفي الأصل: (واقع يعملون).
(7) في الأصل: (أبو تمام) وهو من أوهام الناسخ.(1/583)
عليّ نحت القوافي من مقاطعها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر (1)
أبو تمام (2):
لا يدهمنّك من دهمائهم عدد ... فإن كلّهم بل جلّهم بقر (3)
لكشاجم والمتنبي
وقال المتنبي (4):
أرى ناسا ومحصولي على غنم ... وذكر جود ومحصولي على الكلم (5)
وقد اعتمدت هذه الجماعة كلهم على قول الله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلََّا كَالْأَنْعََامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (6).
__________
(1) ديوان البحتري 2/ 43ونسبه ابن المنجم للمجثم الراسبي. الموازنة 1/ 285وفي الأصل: (يفهم البقر)، وروايته في الديوان:
(عن مقاطعها وما عليّ لهم أن تفهم البقر) وقد ورد مضمنا في شعر ابن الحجاج: اليتيمة 3/ 92حيث يقول:
قد قلت لما غدا مدحي فما شكروا ... وراج ذمي فما بالوا ولا شعروا
علي نحت القوافي من معادنها ... وما عليّ إذا لم تفهم البقر
(2) في الأصل: (وله) معطوفة على ما سبق وهو من أوهام النساخ.
(3) ديوان أبي تمام 2/ 186وفيه: (فإن جلهم بل كلهم بقر).
(4) في الأصل: (المنتهى) وهو خطأ في النسخ، والبيت في ديوان المتنبي 4/ 39من قصيدة قالها في صباه مطلعها:
ضيف ألم برأسي غير محتشم ... والسيف أحسن فعلا منه باللمم
(5) المحصول مصدر نقل من اسم المفعول: يقول: أرى أناسا وإنما هم غنم، لأنهم لا عقول لهم كالأغنام. وأسمع ذكر الجود ولا أحصل إلا على الكلام.
(6) في الأصل: (إلا كل الأنعام) محرفة. الفرقان: 44والآية هي {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلََّا كَالْأَنْعََامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} والمعنى أكثر وضوحا في قوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنََا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لََا يَفْقَهُونَ بِهََا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لََا يُبْصِرُونَ بِهََا وَلَهُمْ آذََانٌ لََا يَسْمَعُونَ بِهََا أُولََئِكَ كَالْأَنْعََامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولََئِكَ هُمُ الْغََافِلُونَ} الأعراف: 179.(1/584)
13642 - ولما سمع الأخطل قول جرير فيه:
ما زلت تحسب كل شيء بعدهم ... خيلا تكرّ عليكم ورجالا (1)
قال:
قد والله استعان عليّ بكلام صاحبه يعني القرآن، إذ قيل هذا المعنى بأجل لفظ وأحسن إيجاز {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ} (2).
وأراد المتنبي أن يزيد في هذا المعنى فتقصّى (3) فيه حتى أحال في قوله:
وضاقت الأرض حتى أنّ هاربهم ... إذا رأى غير شيء ظنّه رجلا (4)
23642 - وقال أبو الفتح كشاجم (5):
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ ... من شرّ أعينهم بعيب واحد (6)
[وله أيضا] (7):
ما كان أحوج ذا الكمالّ إلى ... عيب يوّقيه من العين (8)
__________
(1) في الأصل: (أو رجالا) والبيت في ديوانه ص 362ط صادر ورواية الشطر الثاني في الديوان:
... خيلا تشدّ عليكم ورجالا
(2) المنافقون: 4.
(3) في الأصل: (فيقصى).
(4) البيت في ديوانه ص 3/ 168.
(5) هو أبو الفتح محمود بن الحسين فارسي الأصل، شاعر متفنن من أهل الرملة بفلسطين، تنقل بين دمشق والقدس وحلب وبغداد، وكان من شعراء والد سيف الدولة ثم ابنه. الأعلام 8/ 43.
(6) البيت في ديوان كشاجم ق 14ص 150.
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) في الأصل: (ذا الكمال إلى توقيه) والبيت في الديوان ق 473ص 476من أبيات مطلعها:
ومهذب الألفاظ منطقه ... ما فيه من خطل ومن مين(1/585)
وقال المتنبي:
كأنّ الردى عاد على كلّ ماجد ... إذا لم يعوّذ مجده بعيوب (1)
وأصل هذا كله مشتق من قول الله تعالى: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهََا وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} (2). قيل في التفسير: كل سفينة صحيحة (3).
13652
للمتوكل الليثي والأخطل وابن الرومي وابن أبي شراعة
وقال المتوكل الليثي (4):
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
أخذه ابن الرومي (5):
وإن أحقّ الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل (6)
__________
(1) البيت في ديوان المتنبي 1/ 52من قصيدة يعزّي بها سيف الدولة الحمداني عن عبده يماك التركي، وقد مات بحلب سنة أربع وثلاثين ومائة. ومطلع القصيدة:
لا يحزن الله الأمير فإنني ... لآخذ من حالاته بنصيب
ومن سرّ أهل الأرض ثم بكى أسى ... بكى بعيون سرّها وقلوب
وفي الأصل: (كان الوادي يجود) وهو خطأ في النسخ.
(2) الكهف: 79.
(3) في الأصل: (صحيحه هي) و (هي) زائدة مقحمة.
(4) في الأصل: (للمشيء) وهو تحريف، وهو المتوكل بن عبد الله بن نهشل الليثي من شعراء الحماسة، عاش في زمن معاوية ونزل الكوفة، وفي نسبة البيت خلاف إذ يعزى لأكثر من شاعر. راجع ديوان أبي الأسود 231، شعر المتوكل الليثي 284.
(5) البيت غير موجود في ديوانه بتحقيق حسين نصار وكامل كيلاني ومحمد شريف سليم وهو منسوب لابن أبي فنن في التمثيل والمحاضرة ص 187، وزهر الآداب 641. ورواية الشطر الثاني فيه (يلوم على البخل اللئام ويبخل)، والبيت في مختصر أمثال الشريف الرضي ق 159ص 43.
(6) في الأصل: (بلوم على الرجال وينحل).(1/586)
وأخرجه في أبيات وأتم المعنى، فقال سوار بن أبي شراعة (1):
يا من صناعته إلى (2) العلى ... ناقضت في فعليك أيّ نقاض
عجبا لحضّاض الكرام على الذي ... هو فيه محتاج إلى حضّاض (3)
وصف المكارم وهو فيها زاهد ... ورأى الجميل، وفيه عنه تغاض (4)
لم ألق كالشعراء اكثر حارضا ... وأشدّ معتبة على الحرّاض (5)
كم فيهم من آمر برشيدة ... لم يأتها ومرغّب رفاض (6)
وأصل هذا كله {وَمََا أُرِيدُ أَنْ أُخََالِفَكُمْ إِلى ََ مََا أَنْهََاكُمْ عَنْهُ} (7).
13672
فصل في اقتباساتهم الخفية اللطيفة
للشداخ الكناني ومروان
أنشد أبو تمام في كتاب الحماسة للشداخ بن يعمر الكناني (8)، ولست أدري أجاهلي هو أم إسلامي (9):
__________
(1) في الأصل: (سرد) ترجم ابن المعتز في طبقاته ص 375لأحمد بن محمد بن شراعة، ونقل ترجمته أبو الفرج الأصفهاني عن سوار بن أبي شراعة 22/ 429جيد الشعر مليح المعاني، والبيتان (2، 3) بلا نسبة في مختصر أمثال الشريف الرضي ق 160 ص 43.
(2) في الأصل: (حضاعته الدعا إليّ).
(3) في الأصل: (إليّ خضاض).
(4) الأصل: (وأرى الجميل نعاض).
(5) في الأصل: (معتبه عليّ).
(6) في الأصل: (أمر يرشيده تأتيها).
(7) هود: 88.
(8) هو الشداخ بن يعمر الكناني، شاعر جاهلي من بني كنانة بن خزيمة. وكان من خبر هذه الأبيات كما روى التبريزي أنه كان بين بني كنانة وخزاعة حلف على التناصر والتعاضد على سائر الناس، فاقتتلت خزاعة وبنو أسد فاعتلتها بنو أسد، فاستعانت خزاعة ببني كنانة، فذكر الشداخ قرابة أسد، فخذّل كنانة عن نصرة خزاعة، وبهذا السبب انحدرت بنو أسد من تهامة إلى نجد غضبا على بني كنانة إذ لم تنصرهم.
شرح ديوان الحماسة 1/ 59.
(9) البيتان في شرح الحماسة / المرزوقي 1/ 196وتمامها البيت الثالث:
أكلما حاربت خزاعة تح ... دوني كأني لامهم جمل(1/587)
قاتلي القوم يا خزاع (1) ولا ... يدخلكم من قتالهم فشل
القوم أمثالكم لهم شعر ... في الرأس لا ينشرون إن قتلوا (2)
كأنه مقتبس من قوله عز ذكره: {وَلََا تَهِنُوا فِي ابْتِغََاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمََا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللََّهِ مََا لََا يَرْجُونَ} (3).
وقال مروان (4) بن أبي حفصة (5):
زوامل للأشعار لا علم عندهم ... بجيّدها إلا كعلم الأباعر (6)
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأثقاله أو راح ما في الغرائر (7)
اقتبسه من قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرََاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهََا كَمَثَلِ الْحِمََارِ يَحْمِلُ أَسْفََاراً} (8).
قال: وجعل البعير مكان الحمار.
__________
(1) في الأصل: (قاتل القوم يا جزاع) ومعنى البيت: حاربي أعداءك ولا يتداخلكم الجبن والضعف منهم.
(2) في الأصل: (لا يبشرون)، يبين بهذا البيت أنهم ناس كما أن خزاعة ناس فيقول: لا تهابوهم فإن خلقتهم كخلقتكم، وإنهم إذا قتلوا لم يحيوا من فورهم، فيرجعوا إلى القتال، وهذا مبالغة في الاستحثاث والتجسير.
(3) النساء: 104.
(4) في الأصل: (أبان) وهو خطأ وتحريف والصواب ما هو مثبت، ومروان هذا هو مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، شاعر من شعراء العصر العباسي. توفي سنة 182هـ. الشعر والشعراء 2/ 649، معجم الشعراء 1/ 317.
(5) بيتاه في ديوانه ق 37ص 37، وذكرهما ابن ناقيا في الجمان ص 341. وعلق عليهما بقوله: (وقد نظم هذا التشبيه في هجو قوم من رواة الشعر لا علم لهم به على الاستكثار منه).
(6) في الأصل: (ذوامل للأسفار) تحريف، والتصويب من الديوان.
(7) في الأصل: (أرواح ما في الغواتر) وروايته في الديوان: (بأوساقه).
(8) الجمعة: 5، والأسفار جمع سفر وهو الكتاب، ولم يحملوها أي قد تعاموا عنها، وأضربوا عن حدودها، وأمرها ونهيها، حتى صاروا كالحمار الذي يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها. الجمان 341.(1/588)
13682
لابن الرومي والمتنبي
قال ابن الرومي (1) في ضد قول العامة: (الموت في الجماعة):
ومعزّ عن الشباب مسّلّ ... بمشيب الأقران والأصحاب (2)
قلت لما انتحى يعدّ أساه ... من مصاب شبابه فمصاب (3)
ليس تأسو كلوم غيري كلومي ... همهم ما بهم وهمي ما بي (4)
اقتبسه (5) من قول الله تعالى في مخاطبة أهل النار {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذََابِ مُشْتَرِكُونَ} (6).
ولعمري إن هذا من فاكهة الاقتباس وجيده.
23682 - وقال أبو الطيب المتنبي (7):
بمن تشخص الأبصار يوم ركوبه ... ويخرق من زحم على الرجل البرد (8)
وتلقى وما تدري البنان سلاحها ... لكثرة إيماء إليه إذا يبدو (9)
__________
(1) الأبيات في ديوانه 1/ 335ق 237من قصيدة يندب بها الشباب مطلعها:
يا شبابي، وأين مني شبابي ... آذنتني حباله بانتصاب
(2) روايته في الديوان:
ومعز عن الشباب مؤسّ ... بمشيب اللدات والأقراب
(3) في الأصل: (شبانه فمصاب).
(4) في الأصل: (ليس يا سوء كلوم غير) ورواية الشطر الثاني في الديوان: (ما به، وما بي ما بي!).
(5) في الأصل: (اقتبسهم).
(6) الزخرف: 39.
(7) البيتان في ديوانه 2/ 5من قصيدة في مدح الحسين بن علي الهمذاني.
(8) في الأصل: (يشخص ومحرق مزرحم) تحريف. يقول: إذا ركب شخصت الأبصار لركوبه لعظم قدره وجلالته.
(9) في الأصل: (تدري البيان إذا يبدوا) والتصويب من الديوان يقول: يلقى الناس ما في أيديهم من السلاح، لاشتغالهم بالنظر إليه والإيماء نحوه.(1/589)
كأنه مقتبس من قوله تعالى: {فَلَمََّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}
__________
8*
. 13692
فصل في الغزل والنسيب
لوضّاح اليمن
وضاح اليمن (1):
إذا قلت هات قبّليني تمايلت (2) ... وقالت: معاذ الله من فعل ما حرم
فما أقبلت حتى تضرعت عندها ... وأعلمتها (3) ما رخّص الله في اللممّ
يريد قوله تعالى: {فَلَمََّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} (4).
23692
لمحمد بن أبي زرعة الدمشقي
وقال محمد بن أبي زرعة الدمشقي (5):
إنّ حظي ممن أحبّ كفاف ... لا صدود يقضي ولا إسعاف (6)
فكأني بين الوصال وبين ال ... هجر ممن مقامه الأعراف
في محل بين الجنان وبين الن ... ار طورا أرجو وطورا أخاف (7)
(8) * يوسف: 31.
(1) البيتان في مجموع شعر وضاح اليمن مع بيتين آخرين ق 26ص 128مجلة المورد مجلد 13عدد 2.
(2) في الأصل: (هاتي قبلني بما بلت)، وفي مجموعه: (يوما نوليني تبسمت).
(3) في الأصل: (ونابتها) محرفة والتصويب من مجموع شعره.
(4) النجم: 32.
(5) في الأصل: (زرعت الدمشقي) وهو محمد بن سلامة بن أبي زرعة الكناني، قال ابن أبي طاهر المعلى: والأول أثبت، وهو شاعر محسن. معجم الشعراء ص 369.
(6) في الأصل: (أن خطي) مصحفة.
(7) في الأصل: (طورا أرجوا).(1/590)
يريد قوله تعالى: {وَبَيْنَهُمََا حِجََابٌ وَعَلَى الْأَعْرََافِ رِجََالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمََاهُمْ وَنََادَوْا أَصْحََابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلََامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهََا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) *} {وَإِذََا صُرِفَتْ أَبْصََارُهُمْ تِلْقََاءَ أَصْحََابِ النََّارِ قََالُوا رَبَّنََا لََا تَجْعَلْنََا مَعَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} (1).
13702
لعلية بنت المهدي، ولغيرها
ولعلية بنت المهدي (2):
ليس خطب الهوى بخطب يسير ... لا ينبئك عنه مثل خبير (3)
ولغيرها:
رأيت الحبّ نيرانا (4) تلظّى ... قلوب العاشقين لها وقود
فلو كانت إذا احترقت تعافت (5) ... ولكن كلما احترقت تعود
كأهل النار إن نضجت جلود ... يبدّل للشقاء لهم جلود
يريد قوله تعالى: {كُلَّمََا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنََاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهََا} (6).
__________
(1) الأعراف: 46، 47وفي الأصل: (ولا الأعراف).
(2) هي أخت الخليفة هارون الرشيد شاعرة فاضلة توفيت سنة 210هـ، والبيت في الأوراق ص 65، والأغاني 10/ 185.
(3) في الأصل: (يخطب بسير لانبئك خفير) ورواية الشطر الثاني في الأغاني (ليس ينبئك عن مثل خبير)، وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} فاطر: 14.
(4) في الأصل: (بيرانا) محرفة.
(5) في الأصل: (تعاتب) محرفة.
(6) النساء: 56.(1/591)
23702
لابن داود الأصبهاني والبستي
وقال ابن داود الأصبهاني (1):
خفت من صدّه عليّ فصدّا ... وبدا بالجفا لي وتصدّى
قال لي: قد جرحت باللحظ خدّي ... كيف يقوى أن يجرح اللحظ خدا (2)
سيّدي أنت للجروح قصاص ... قد رأينا مولى يؤدّب عبدا (3)
خذ جفوني إن كنت أذنبت فاضرب (4) ... بدموعي إنسان عيني حدّا
13712 - وقال أبو الفتح البستي (5) لنفسه (6):
رميت على (8) حكم القضاء بنظرة ... [ومالي عن] (7) حكم القضاء مناص
فلما جرحت الخدّ (10) منك بمقلتي ... جرحت فؤادي والجروح قصاص (9)
لابن الرومي وابن بسام
وقال ابن الرومي (11):
__________
(1) هو محمد بن داود علي الأصفهاني أديب وشاعر، وفقيه، صاحب الكتاب المشهور (الزهرة) توفي بحدود سنة 297هـ ترجمته في وفيات الأعيان 1/ 390، وأخل بالنص مجموعه الشعري (أوراق من ديوان محمد بن داود الأصبهاني) جمع وتحقيق د.
نوري حمودي القيسي.
(2) في الأصل: (قد خرجت أخدى أن يخرج) تحريف.
(3) الأصل: (عيدا) وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصََاصٌ} المائدة: 45.
(4) في الأصل: (أذنيت) مصحفة.
(5) هو علي بن محمد بن الحسين البستي من مدينة بست قرب سجستان، شاعر ومن كتاب الدولة السامانية ت نحو سنة 400هـ نشر وحقق ديوانه د. محمد مرسي الخولي، مرت ترجمته في الجزء الأول.
(6) البيتان في ديوانه ص 270.
(7) رواية الشطر الأول من البيت: (رميتك عن).
(8) في الأصل: (بنظرة ولا حكم) والتصويب من الديوان.
(9) في الأصل: (فلا جرحت الخد) والتصويب من الديوان.
(10) الإشارة في البيت لقوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصََاصٌ} المائدة: 45.
(11) البيت في ديوان ابن الرومي بتحقيق د. حسين نصار 6/ 3419من قصيدة في (71) بيتا مطلعها:
أجنت لك الوجد أغصان وكثبان ... فيهن نوعان تفاح ورمان(1/592)
من كل قاتلة (1) قتلى وآسرة ... أسرى وليس لها في الأرض إثخان
يريد قوله تعالى: {مََا كََانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى ََ حَتََّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (2).
23712 - وقال ابن بسام (3):
أبصرته كالبدر في ... أربعة وعشره
فويق غصن منثن (4) ... من ضيق طي خصره
فقلت ما ترى لمن ... أنت أجل ذكره (5)
ذكره حشو قلبه (6) ... إذا خلا بفكره
فأربدّ زهوا كالذي ... قال غداة مكره (7)
يريد أن يخرجكم ... من أرضكم بسحره (8)
13722
لجحظة البرمكي
وقال (9) جحظة البرمكي (10):
__________
(1) في الأصل: (من كل قاتله) مصحفة.
(2) الأنفال: 67والأصل: (تكون أسرى) مصحفة.
(3) الأبيات أخل بها مجموعه الشعري، وهو علي بن محمد، تقلد البريد ببغداد وتوفي سنة 32هـ وترجمته في معجم الأدباء 5، 125، ومعجم الشعراء ص 154.
(4) في الأصل: (متنني) محرفة.
(5) في الأصل: (ذكرة) مصحفة.
(6) في الأصل: (حسو قلبه) مصحفة.
(7) في الأصل: (فأريد مكر).
(8) قوله تعالى في سورة الشعراء: 26.
(9) في الأصل: (قالت) محرفة.
(10) البيتان أخلّ بهما مجموعة الشعري، جمع وتحقيق مزهر السوداني ط النعمان بالنجف سنة 1977.(1/593)
وشادن (1) قبّلته قبلة ... فكنت إذ ذاك من الفائزين
قلت له، إذ جاد طوعا بها ... أزلفت الجنة للمتقين (2)
للخباز البلدي والسري الموصلي
وقال الخبّاز البلدي (3):
سار الحبيب وخلّف القلبا ... يبدي العزاء ويضمر الكربا
قد قلت إذ سار السفين بهم ... والشوق ينهب عبرتي نهبا (4)
لو أنّ لي عزا أصول به ... لأخذت كلّ سفينة غصبا (5)
23722 - وقال السري الموصلي (6):
حمل الغيّ عليه إصره ... وإذا قيل ارعوى عنه أصر (7)
قائلا إن نذر الشيب بدت ... في عذاريه: (وما تغني النذر) (8)
__________
(1) في الأصل: (وشاذن) مصحفة.
(2) الإشارة إلى قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} ق: 31.
(3) هو محمد بن أحمد بن حمدان يكنى بأبي بكر من بلدة يقال لها بلد في الجزيرة، كان أميا وشعره ملح وتحف وغرر، وكان كثير الاقتباس من القرآن الكريم. اليتيمة 2/ 209والمحمدون ص 44.
(4) في الأصل: (إذ سارت السفين به). والتصويب من اليتيمة والمحمدون، وفيهما رواية الشطر الثاني: (والشوق ينهب مهجتي).
(5) الإشارة إلى قوله تعالى: {وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} الكهف: 79.
(6) هو السري بن أحمد الكندي نشأ يرفو ويطرز في دكانه بالموصل، ثم مدح سيف الدولة وأقام عنده توفي سنة 366حقق ونشر ديوانه د. حبيب الحسني. والبيتان في ديوانه 2/ 235من قصيدة طويلة يمدح بها أبا اليقظان عمار بن نصر مطلعها:
أقصر الزاجر عنه فازدجر ... وطوى اللائم ما كان نشر
(7) في الأصل: (جمل الغي أضره وإذا قيل ارعوى).
(8) في الأصل: (قائلا إن نذرت الشبيب عداريه الندر) وروايته في الديوان: (قائل). وفي البيت إشارة لقوله تعالى: {فَمََا تُغْنِ النُّذُرُ} القمر: 5.(1/594)
13732
لابن الحجاج
وقال ابن الحجاج (1):
قل لمن ريقته شه ... د ومسك ومدام (2)
والذي حلّل قتلي ... وهو محظور حرام
أيّها النائم عمّن ... عينه ليس تنام
كلّ نار غير ناري ... فيك برد وسلام (3)
23732
لآخر
ولآخر (4):
أما والذي أغنى وأقنى عباده ... وأطعم من جوع وآمن من خوف (5)
لما كان لي قلب سوى ما أخذته ... وما جعل الرحمن من قلبين في جوف (6)
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد من شعراء بغداد في القرن الرابع، اشتهر بالمجون والغزل ت 391هـ ترجمته في اليتيمة 3/ 31 ونسخ مخطوطه من ديوانه في المجمع العلمي العراقي والأبيات في ديوانه (خ) ورقة 15رقم 51.
(2) في الديوان: (ريقته نسدّ).
(3) إشارة لقوله تعالى: {قُلْنََا يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً} الأنبياء: 69.
(4) في الأصل: (وله آخر).
(5) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى ََ وَأَقْنى ََ} النجم: 48، وقوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هََذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قريش: 3، 4.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {مََا جَعَلَ اللََّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} الأحزاب: 4.(1/595)
13742
فصل في المدح (1)
أبيات لداود بن علي
قال: خطب داود بن علي بن عبد الله بن العباس بمكة خطبة حسنة، فأنشد على إثرها:
ألا أيّها السائلي عن قريش ... وما جاهل الأمر كالعالم (2)
قريش خيار بني آدم ... وخير قريش بنو هاشم
سقاة الحجيج (3) وأهل الكتاب ... ورهط النبي أبي القاسم
23742
لأبي العتاهية ومنصور النميري
وقال أبو العتاهية في المهدي (4):
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها (5)
33742 - وقال منصور النمري في الرشيد (6):
يا ابن (7) الأئمة من بعد النبي ويا ... ابن الأوصياء أقرّ الناس أو دفعوا
__________
(1) في الأصل: (في مدح).
(2) في الأصل: (جاهل الأمور).
(3) في الأصل: (سقاه الحيح).
(4) الأبيات في ديوانه بتحقيق د. شكري فيصل ق 197ص 612ويعلق من سمع الأبيات عليها: وهو بشارة. فيقول وقد اهتز طربا: (ويحك يا أخا سليم (أشجع)، أترى الخليفة لم يطر عن فراشه طربا لما يأتي به هذا الكوفي).
(5) في البيت إشارة إلى مطلع سورة الزلزلة: {إِذََا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزََالَهََا}.
(6) في الأصل: (النميري) محرفة، والبيتان في ديوانه، شعر منصور النمري ص 103ق 24من قصيدة طويلة.
(7) في الأصل: (باين الأئمة).(1/596)
ذرية بعضها من بعض اصطنعت ... فالحقّ ما نطقوا والدين ما نزعوا (1)
13752
لأبي الشيص وأبي تمام
وقال أبو الشيص فيه أيضا (2):
إذا ما بلغنا إمام الهدى ... أمنّا بجدواه (3) صرف الزمان
إلى ملك من بني هاشم ... كريم الضرائب سبط البنان
فتى البأس والجود في كفّه ... من البحر عينان نضّاختان (4)
وقال أبو تمام للواثق (5):
جعل الخلافة فيه ربّ قوله ... سبحانه للشيء: كن فيكون (6)
للبحتري وابن الرومي
وقال البحتري (7):
عزمات يضئن داجية الخط ... ب، وإن كنّ من وراء حجاب (8)
__________
(1) في البيت تضمين لقوله تعالى: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهََا مِنْ بَعْضٍ}. آل عمران: 34.
(2) البيتان الثاني والثالث فقط في ديوانه (أشعار أبي الشيص) ق 55ص 102.
(3) في الأصل: (بحدواه) مصحفة.
(4) رواية البيت في الديوان: (إلى علم الناس البأس في كفه من الجود) وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {فِيهِمََا عَيْنََانِ نَضََّاخَتََانِ}. الرحمن: 66.
(5) في الأصل: (الواثق) والبيت في ديوانه 3/ 323ق 167من قصيدة مطلعها:
وأبي المنازل إنها لشجون ... وعلى العجومة إنها لتبين
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّمََا أَمْرُهُ إِذََا أَرََادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. يس: 82.
(7) البيتان في ديوانه 1/ 83من قصيدة يمدح فيها إسماعيل بن شهاب:
ما علي الركب من وقوف الركاب ... في مغاني الصبّا ورسم التصابي
(8) في الأصل: (عن مات بصين داحيه الحطب) تحريف، وروايته في الديوان: (ولو كان من وراء) وفيه إشارة إلى قوله تعالى:
{وَمََا كََانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللََّهُ إِلََّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرََاءِ حِجََابٍ}. الشورى: 51.(1/597)
يتوقدن [و] الكواكب مطفا ... ة، ويقطعن والسيوف نوابي (1)
23752 - وقال ابن الرومي (2):
العرف غيث وهو منك مؤمل ... والبشر برق وهو منك مشيم (3)
لله أخلاق منحت صفاءها ... مثل الرحيق مزاجها التسنيم (4)
13762 - وله (5):
خليل أظلّ إذا زارني ... كأني أنشأ خلقا جديدا (6)
أراني وإن كثر المؤنسو ... ن (7)، ما غاب عني فردا وحيدا
لعلي بن هارون وابن العميد
وقال علي بن هارون (8) بن علي بن يحيى في بعض الوزراء، وقد عثرت رجله (9):
__________
(1) في الأصل: (يتوقدن الكوكب توالى).
(2) البيتان في ديوانه 6/ 2256ضمن قصيدة طويلة في 62بيتا أولها:
لأمورك التكميل والتتميم ... ولقدرك التعظيم والتفخيم
(3) في الأصل: (وهذا منذ شيم)، والتصويب من الديوان.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِزََاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} المطففين: 27.
(5) البيتان في ديوان ابن الرومي 2/ 766ومعهما ثالث.
(6) في الأصل: (أضل) وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {أَإِنََّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} الإسراء: 98. وقوله {ثُمَّ أَنْشَأْنََاهُ خَلْقاً آخَرَ} المؤمنون: 14.
(7) في الأصل: (المويسون) تحريف.
(8) في الأصل: (هروان) تحريف.
(9) الخبر والبيتان في يتيمة الدهر 3/ 122، وراجع علي بن هارون بن المنجم، د. يونس السامرائي بمجلة المجمع العلمي العراقي المجلد 83جزءان 2، 3ص 287وفيه تخريج للنص من مواضع أخرى.(1/598)
كيف نال العثار من لم يزل من ... هـ مقيلا في كل خطب جسيم
أو تخطّى إلى قدم لم ... تخط إلّا إلى مقام كريم (1)
23762 - وقال أبو الفتح ابن العميد (2) في علوي:
زرع المحبة في الضمائر كلّها ... لك خلقة في أحسن التقويم (3)
قرشية نبوية علوية ... قرنت إلى خلق أغرّ كريم (4)
ما إن تبورك غيره من أمّه ... مستورة وأبوه غير زنيم (5)
13772
لأبي عبد الله بن الحجاج
قال أبو عبد الله بن الحجاج في عضد الدولة (6):
ملك ألسننا عن وصفه ... غلقات عاجزات مفحمه
وله شيعة صدق كلّهم ... قد تواصوا بينهم بالمرحمه (7)
__________
(1) الأصل: (أو تخطى إلى قدم إلا إلى مقام كريم) بإسقاط جزء من البيت والتصويب من اليتيمة وفيه إشارة إلى قوله تعالى:
{وَزُرُوعٍ وَمَقََامٍ كَرِيمٍ} الدخان: 26.
(2) هو علي بن محمد بن الحسين من الوزراء الكتاب والشعراء، لقب بذي الكفاءتين، خلف أباه في وزارة ركن الدولة، فقتله سنة 366هـ، ترجمته في معجم الأدباء 14/ 181وتنسب الأبيات للبستي في روح الروح (خ) 33عن المستدرك لهلال ناجي ص 622.
(3) في الأصل: (خلق في أحسن تقويم) والإشارة إلى قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسََانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} التين: 4.
(4) في الأصل: (قرشيه علويه) والتصويب من روح الروح وفيه: (خلق أعزّ عظيم).
(5) في الأصل: (ما إن بورك غير من حد أمه) تحريف وروايته في روح الروح: (ما إن يودك غير حرّ أمه) والإشارة إلى قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذََلِكَ زَنِيمٍ} القلم: 13في الوليد بن المغيرة.
(6) البيتان في ديوان ابن الحجاج (خ) ورقة 35 (مصورة المجمع العراقي / شعر) من قصيدة طويلة مطلعها:
قال لي العاذل: خنها قلت: مه ... إن أسباب هواها محكمة
(7) في الأصل: (بالرحمة) محرفة. وفيه إشارة لقوله تعالى: {وَتَوََاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوََاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} البلد: 17.(1/599)
وله (1):
بعثت لتتلو على العالمين ... بجودك وحي النّدى والكرم (2)
وتدعوهم أمة أمة ... لينتبهوا مالك المقتسم
فلبّوك لا العرب استصعبت (3) ... عليك ولا خالفتك العجم
رأوك إلى المجد تدعو العباد ... فألقوا جميعا إليك السلم (4)
23772 - وله في ابن بقية (5) وقد خلع عليه (6):
بدر بدا وحوله ... يوم الخميس الأنجم
في خلع أعداؤه ... من غيظهم لم يرسموا (7)
فقبّلوا الأرض له ... يا مسلمين تسلموا
ويا نصارى إن بدا ... عيسى وجاءت مريم (8)
فلا يغرّنكم ... بل اخسئوا لا تكلموا (9)
__________
(1) الأبيات من قصيدة طويلة قالها في العزيز وكتب بها إلى مصر: ديوان ابن الحجاج مصورة المجمع العراقي برقم 51ورقة 20.
(2) رواية الديوان: (لتتلوا على المسلمين الندى والنعم).
(3) في الأصل: (اسضعيث).
(4) في البيت إشارة لقوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمََا جَعَلَ اللََّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} النساء: 90.
(5) في الأصل: (يقينه) محرفة، وابن بقية هو محمد بن محمد بن بقية بن علي، يكنى أبا طاهر استوزره بختيار البويهي سنة 362 هـ، واستوزره المطيع ثم قضى عليه سنة 366هـ بواسط فسملت عينه ثم صلب سنة 367هـ وفيات الأعيان 2/ 62.
(6) الأبيات في ديوان ابن الحجاج (خ) ورقة 22من قصيدة قالها وقد خلع عليه بعض الرؤساء يوم خميس وقد ولد لابن الحجاج مولود أولها:
يا معشر الناس اعلموا ... أني حرّ مسلم
(7) في الأصل: (غيطه قد يرسموا) والمعنى: إن الأعداء لم يؤدوا مراسيم الخلع والتهنئة، راجع رسوم دار الخلافة.
(8) في الأصل: (ويا نصارا إن بد) ورواية البيت في الديوان: (إن أتى عيسى).
(9) في الأصل: (وأحسنوا ولا تكلموا) والتصويب من الديوان. وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {قََالَ اخْسَؤُا فِيهََا وَلََا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون: 108.(1/600)
ويا يهود أسلموا ... على يديه تغنموا (1)
ويا مجوس قد بدا ... كسرى لكم فزمزموا
13782
لبديع الزمان الهمداني
بديع الزمان أبو الفضل الهمذاني (2):
ألم تر أني في سفرتي ... لقيت الغنى والمنى والأميرا (3)
ولما [التقينا] شممت التراب ... وكنت امرأ لا أشمّ العبيرا (4)
لآل فريغون في المكرمات ... يد أولا واعتذار أخيرا (5)
إذا ما حللت بمغناهم ... رأيت نعيما وملكا كبيرا (6)
13792
فصل في العتاب
لابن الرومي
قال ابن الرومي من قصيدة يعاتب بها بعض الهاشميين (7)، وكان سأله قفيزين من الحنطة (8) للكشك فأخرّ إنفاذهما (9):
__________
(1) روايته في الديوان: (على يديه تسلموا).
(2) الأبيات في ديوانه ص 33، ويتيمة الدهر 4/ 292، وفي الديوان مع آخرين بعد الثاني هما:
لقيت امرأ ملء عين الزما ... ن يعلو سجايا ويرسو ثبيرا
فلا يعدم الملك ذا روعة ... يمون المنى ويسر السريرا
(3) في الأصل: (سفري والمنى) وروايته في اليتيمة:
ألم تر أني في نهضتي ... لقيت المنى والغنى والأسيرا
(4) روايته في الأصل: (ولما تر اشممت) والتصويب من الديوان واليتيمة.
(5) في الأصل: (لا لغريعون يدا ولا واعتذارا أخبرا) والتصويب من الديوان.
(6) في الأصل: (وملك)، وفي البيت إشارة لقوله تعالى: {وَإِذََا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً} الإنسان: 20.
(7) في الأصل: (الهاشمين).
(8) في الأصل: (للحنطة).
(9) الأبيات في ديوان ابن الرومي 4/ 1595ضمن قصيدة طويلة في 40بيتا مطلعها:
أبا الفضل لا تحتجب إنني ... صفوح عن المخلف الوعد عاف(1/601)
سألتك حبا لكشك القدو ... ر أنسا بتلك السجايا الظراف
كأني سألتك حبّ القلو ... ب تلك التي من وراء الشغاف (1)
سألتك قفزين من حنطة ... فجدت بكرّ من المنع واف (2)
كأني سألتك قوت العبا ... د في سنة البقرات العجاف (3)
أخفت المجاعة يا هاشمي ... ى متهما لضمان الإيلاف (4)
وقد هتف الله في وحي ... هـ لقريش أشدّ الهتاف (5)
23792
لأبي الشمقمق
وقال أبو الشمقمق (6):
أويت في دهليزكم برهة ... ولم أكن آوي الدهاليزا
خبزي من السوق ومدحي [له] ... تلك لعمري قسمة ضيزى (7)
13802
لأبي عبد الله الضرير
وقال أبو عبد الله الضرير (8):
أردت زيارة الملك المفدّى (9) ... لأمدحه وآخذ منه رفدا
__________
(1) في الأصل: (كأني سلك، الشفاف) تحريف، وروايته في الديوان: ذاك الذي من وراء الشغاف).
(2) في الأصل: (سألتك فقيزين).
(3) في البيت إشارة لقوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنََا فِي سَبْعِ بَقَرََاتٍ سِمََانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجََافٌ}
يوسف: 46.
(4) في الأصل: (منها لضمان) وروايته في الديوان: (متهما لأمان الآلاف).
(5) في البيت إشارة إلى سورة قريش بما ضمنه تعالى من الأمن من الخوف، والإطعام من الجوع.
(6) هو مروان بن محمد بصري هجاء، من موالي بني أمية، له أخبار مع أبي العتاهية وأبي نواس وغيرهما توفي 200هـ، جمع شعره غوستاف غرنباوم وترجمته وحققه د. محمد يوسف نجم ط بيروت 1959م وأخل الديوان بهما.
(7) في الأصل: (ومدحي تلك) وفيه إشارة لقوله تعالى: {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ََ} النجم: 22.
(8) من شعراء اليتيمة 4/ 90من أهل أبيورد، وصفه بأن له شعرا، والبيتان في اليتيمة 4/ 2091.
(9) في الأصل: (أوردت زيادة المفدا) والتصويب من اليتيمة.(1/602)
فعبّس حاجبا فقرأت (أما ... من استغنى فأنت له تصدى) (1)
لأعرابي
وقال أعرابي في سعيد بن سلم (2):
لكلّ أخي مدح ثواب يعدّه ... وليس لمدح الباهليّ ثواب
مدحت ابن سلم (3) والمديح مهزّة ... فكان كصفوان عليه تراب
إذا ما أخ عاتبته ومدحته ... فلم تغن فيه مدحة وعتاب
فأقرب ما في الأرض من شبه به ... من الصخر صفوان عليه تراب (4)
23802
لإسماعيل القراطيسي
وقال إسماعيل القراطيسي (5):
لساني فيك محتاج ... إلى التخليع والقطع
وأنيابي وأضراسي ... إلى التكسير والقلع (6)
لأن أخطأت في مد ... حيك ما أخطأت في منعي (7)
__________
(1) في الأصل: (حاجب وأما) والآية اقتباس من سورة عبس: 65.
(2) في الأصل: (مسلم) وسعيد بن سلم هو ابن قتيبة الباهلي، سيد كبير ممدح، وكان عالما بالحديث والعربية، ولي أرمينية والموصل والسند والجزيرة، وولي أبوه البصرة مرتين، توفي سنة 209هـ. (راجع المعارف 407، وفيات الأعيان 4/ 88) والأبيات لعبد الصمد بن المعذل في ديوانه ق 11ص 71.
(3) في الأصل: (ابن سلملى).
(4) في الأصل: (من شبة) مصحفة، وفي هذا البيت والثاني إشارة إلى قوله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوََانٍ عَلَيْهِ تُرََابٌ فَأَصََابَهُ وََابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً} البقرة: 264.
(5) هو إسماعيل بن معمر الكوفي، مولى الأشاعثة، كان مألفا للشعراء، يقصده أبو نواس، وأبو العتاهية ويجتمعون في منزله.
أخباره في الأغاني 20/ 88، والبيتان الأخيران في الأغاني 20/ 89، والورقة ص 108، ونسبا لابن الرومي في أنوار الربيع 2/ 219، ولابن الحجاج في المنتحل ص 135.
(6) في الأصل: (وأنيابي وأضراسي إلى إلى).
(7) في الأصل: (في مدحك).(1/603)
لقد أنزلت حاجاتي ... بواد غير ذي ذرع (1)
لابن الحسن الموسوي (الشريف الرضي)
وقال أبو الحسن الموسوي (2):
قل للعدى موتوا بغي ... ظكم فإن الغيظ مردي (3)
ودعوا علا أحرزتها ... يا وادعين بطول جهدي
كم بين أيديكم وبي ... ن النجم من نأي وبعد (4)
13812
فصل في التشبيهات (5)
لابن طباطبا وابن الرومي
قال ابن طباطبا في ليلة قصيرة (6):
وليلة مثل أمر الساعة اشتبهت (7) ... حتّى تقضّت ولم نشعر بها قصرا
ما يستطيع بليغ وصف سرعتها ... بانت ولم تعتلق وهما ولا نظرا (8)
يريد قوله تعالى: {وَمََا أَمْرُ السََّاعَةِ إِلََّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (9).
__________
(1) الإشارة في البيت إلى قوله تعالى: {رَبَّنََا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوََادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} إبراهيم: 37.
(2) هو أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الطاهر الملقب بالرضي، ولد سنة 359هت وتوفي سنة 406هـ والبيتان في ديوانه 1/ 277.
(3) الإشارة في البيت إلى قوله تعالى: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} آل عمران: 119.
(4) روايته في الديوان: (من قرب وبعد).
(5) في الأصل: (الشبيهات) محرفة.
(6) شعر ابن طباطبا، ق 60ص 51، وسرور النفس ص 35، وذكرهما التيفاشي على أنهما (أبلغ ما قيل). و (من غاب عن المطرب ص 84).
(7) روايته في سرور النفس: (اقتربت).
(8) في الأصل: (بليع فأبت ولم تعتلق ولا نطرا)، وروايته في سرور النفس: (لا يستطيع كانت ولم تعتلق).
(9) النحل: 77.(1/604)
13822 - ولابن الرومي في تشبيه خرق الناس لنوادر الطرف، لئلا تسرق (1) كخرق الخضر السفينة، لئلا يأخذها الملك غصبا (2).
ربّ مضار تجرّ منفعة ... تدعو إليها ثواقب الفطن
كفعلة الخضر بالسفينة إذ ... خاف الجلندّي مسخّر السفن (3)
فامتثل الناس تلك في خرقها ... السفا فصار لاحب السنن (4)
إن يوجب الدهر كدر (5) سائله ... إلا به أبنة من الأبن
23822
لكشاجم وغيره وللثعالبي
ولابن الفتح كشاجم في وصف بستان (6):
يا حبذا يوما ونحن على ... رءوسنا نعقد الأكاليلا (7)
في جنة ذللت لقاطفها ... قطوفها الدّانيات تذليلا (8)
ولغيره:
__________
(1) في الأصل: (لتراق الطرق ليلا يسرق).
(2) الأبيات أخل بها ديوان ابن الرومي.
(3) في الأصل: (الحلندى) مصحفة. والجلندى لغة الفاجر، ويضم أوله وثانيه مقصورة: اسم ملك عمان (تاج العروس)، وفي تفسير القرطبي لقوله تعالى: {وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} ص 4075أنه قيل في اسم الملك (الجلندى)، وفي البيت إشارة لقوله تعالى في سورة الكهف عن خرق الخضر للسفينة: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكََانَتْ لِمَسََاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}.
(4) في الأصل: (السنا مصار من لاحب السنين) والسفا: أي السفائن على حد قولهم: المنازل، واللاحب: الواضح.
(5) في الأصل: (كور) محرفة.
(6) ديوان كشاجم ق 382ص 388، وفي (من غاب عن المطرب ص 70).
(7) في الأصل: (تعتعد) تحريف.
(8) في الأصل: (الدائنات) تحريف، وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {وَدََانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلََالُهََا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهََا تَذْلِيلًا}
الإنسان: 14.(1/605)
حديقة أنهارها مكسوة ... بالظلّ من أشجارها الممدود (1)
فيها طرائق نرجس وشقائق ... وكأنها من أعين وخدود (2)
13832 - وله في وصف يوم حار (3):
ربّ يوم هواؤه يتلظّى ... فيحاكي فؤاد صبّ متيم
قلت إذ صلّ حرّه حرّ وجهي ... {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنََّا عَذََابَ جَهَنَّمَ} (4)
وله في وصف يوم صالح من زمان صالح (5):
ويوم أنس حسن البشر (6) ... عّذب السجايا طيب النشر
شبهته منتزعا من يد ... الأحداث ذات الشرّ والضر (7)
باللبن السائغ ذاك الذي ... من بين فرث ودم يجري (8)
23832
لابن الرومي
لابن الرومي (9):
__________
(1) في الأصل: (في حديقة والطل ممدود) وفيه إشارة لقوله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} الواقعة: 30.
(2) في الأصل: (طرائف وترجيس) تحريف.
(3) البيتان للثعالبي: شعره ق 181ص 186 (ضمن مجلة المورد) ومن غاب عنه المطرب ص 66.
(4) في الأصل: (صل حر وجهي) ورواية الثاني في من غاب عن المطرب (قلت: إذ أصاب)، والشطر الثاني من البيت جزء من آية الفرقان: 65.
(5) الأبيات للثعالبي شعره ق 84ص 162 (مجلة المورد) ومعها بيتان بعد الأول.
(6) رواية الشطر في شعره: (ويوم سعد).
(7) في الأصل: (شبهته مبترعا) والتصويب من الديوان.
(8) في البيت إشارة لقوله تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمََّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خََالِصاً} النحل: 66.
(9) الأبيات أخل بها ديوانه بتحقيق د. حسين نصار.(1/606)
قاتل الله طيلسان ابن حرب ... كيف أنسى الأضغاث والأحلاما (1)
قد رأينا الرياح تصرعه صر ... ع رياح إذا اقشعر غماما
طيلسان يظلّ لابسه من (2) ... خشية المزق فيه يخفي الكلاما
فهو يمشي هونا على الأرض إن خا ... طبه الجاهلون قال: سلاما (3)
وله (4):
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا ... أمرضته الأوجاع فهو سقيم
فإذا ما رفوته قال سب ... حانك محيي العظام وهي رميم (5)
13842
فصل في التأذي بالمطر
شعر لبعض المحسنين
قال بعض المحسنين:
هو الغيث إلا أنه باتصاله ... أذى ليس قول الله فيه بباطل (6)
لئن كان أحيا كلّ رطب ويابس ... لقد حبس الأحباب وسط المنازل
__________
(1) في الأصل: (أنسى الأضغاث).
(2) في الأصل: (يا ظل لا تسه).
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {وَعِبََادُ الرَّحْمََنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذََا خََاطَبَهُمُ الْجََاهِلُونَ قََالُوا سَلََاماً} الفرقان: 65.
(4) البيتان أخل بهما ديوان ابن الرومي تحقيق حسين نصار، وهما منسوبان إلى الحمودي في ديوانه (ضمن مجلة المورد) ق 58.
(5) في الأصل: (رقوته) محرفة. وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: قال {مَنْ يُحْيِ الْعِظََامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} يس: 78.
(6) في الأصل: (أذي).(1/607)
يريد قوله تعالى: {إِنْ كََانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ} (1).
23842
فصل في ذكر قول الله تعالى
{وَلََا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (2)
لابن الرومي ولبعضهم
قال ابن الرومي (3):
أعف أخاك المريض من حرج ... أعفاه منه الإله في زبره (4)
هب لأخي السكر ما جناه وعا ... قبه إذا [ما] أفاق من سكره (5)
ولبعضهم:
صنع الإله مصاحب لك يا ... مستصحبا قلبي غداة خرج (6)
إن عاق عن تشييع موكبكم ... مرضي فليس على المريض حرج (7)
__________
(1) النساء: 102.
(2) في الأصل: (ليس على المريض) والصواب ما أثبتناه. والآية من النور: 61.
(3) البيتان في ديوانه 3/ 906ق 674.
(4) في الأصل: (عن حرج أعفاه عنه).
(5) في الأصل: (وعافيه إذا فاق) تحريف وسقط، التصويب من الديوان.
(6) في الأصل: (مستحصبا جرح).
(7) في الأصل: (تشيع موكبه).(1/608)
13852
فصل في فنون مختلفة
لأبي الخطاب
قال أبو الخطاب (1) في سرادق وقد حميت عليه الشمس:
هل أنت منقذ نفس من حشاشتها ... بعض المنية (2) مشدود بها الرمق
إذ نحن (3) في النار صرعى قد أحاط بنا ... سرادق النار إلّا أنه حرق
ولما سمع ابن الرومي قول اكدويدي (4) في قوله:
نحن قسمنا بينهم كلّ المرا (5)
قوم يجرون الحري ... ر وأناس في العرا (6)
ها ذاك في جلته ... يسكن قصرا بشرا (7)
وذاك في قريته ... يسكن كوخا بكرا (8)
نقض عليه قوله بأن قال:
نحن قسمنا بينهم ذاك المرا
ولو تولى غيره ... قسمة أرزاق الورى (9)
جرت خطوب بيننا ... لكننا تحت العرا (10)
__________
(1) لعله أبو الخطاب البهدلي، وقد ترجم له ابن المعتز في طبقاته ص 133.
(2) في الأصل: (المنية).
(3) في الأصل: (نحض).
(4) كذا في الأصل، ولم نهتد إلى صواب الاسم، وأبيات ابن الرومي لم نجدها في الديوان.
(5) في الأصل: (المدا).
(6) في الأصل: (الجرير القرا).
(7) في الأصل: (بسكر قصرا بشرا).
(8) في الأصل: (قرينه يسكن).
(9) في البيت إشارة إلى قوله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنََا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} الزخرف: 32.
(10) في الأصل: (خطو بيتا العرى).(1/609)
13862
لابن الرومي وكشاجم وآخر
وقال أبو الفتح كشاجم في ابنه أبي الفرج (1):
لولا أبو الفرج الذي فرجت به ... كربي لما خفّت لبود جيادي (2)
ولجلت آفاق البلاد وحزنها (3) ... حتى أكثّر بالغنى حسّادي
لكن سبقت به الثراء ففاتني ... وعجلت قبل المال بالأولاد (4)
خالفت ما جاء الكتاب بنصّه ... فلذاك ما ملك الزمان قيادي (5)
يعني قوله تعالى: {الْمََالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيََاةِ الدُّنْيََا} (6).
23862 - ولبعضهم في ذم الزمان:
بئس الزمان أنت يا زماننا ... لحبّك الغدر تصافى الغدر (7)
شبهت أيامك بالساعة بل ... أدهى من الساعة حقا وأمر (8)
للسري الموصلي والقاضي الجرجاني
وقال السري الموصلي من قصيدة (9):
__________
(1) في الأصل: (أبو الفرج) والأبيات في ديوان كشاجم ق 134ص 143.
(2) في الأصل: (كربي ليود).
(3) رواية الديوان: (ولجلت وجبتها).
(4) في الأصل: (الثرا والأولادي).
(5) في الأصل: (فلذلك ما ملك)، ورواية الديوان: (قد ملك).
(6) الكهف: 46.
(7) في الأصل: (تصافي الخدر).
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {بَلِ السََّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسََّاعَةُ أَدْهى ََ وَأَمَرُّ} القمر: 46.
(9) البيتان في ديوان السري الرفاء 2/ 66في مدح الأمير أبي الهيجاء حرب بن سعيد بن حمدان ومطلعها:
رد جفني شامخ يندى ... حين حييته فأحسن ردا(1/610)
عاد بحر السرور بالشيب جزرا ... بعد أن كان بالشبيبة مدا (1)
وأساء الزمان فيه إلينا ... حين أعطى القليل منه وأكدى (2)
13872 - وقال القاضي بن عبد العزيز (3):
وما أخشى قصورا عن مرام ... ومثلك [لي] إلى الدنيا شفيع (4)
ومثلك لا ينبّه (5) غير أنّا ... أتانا الأمر بالذكر النفوع
يريد قوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى ََ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (6).
23872 (7)
للقاسم بن بابك
وقال أبو القاسم بن بابك (8) من قصيدة:
وأنت الفخر والملك المرجّى ... فدم بالسعد والجدّ المعان (9)
ونط بالملك همة مستقل ... تعاظم إن تعززه بثان (10)
__________
(1) في الأصل: (عاد بعد السرور حزرا)، رواية الديوان: (بعد ما كان بالتشبيه).
(2) في الأصل: (وأساء والزمان)، وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَعْطى ََ قَلِيلًا وَأَكْدى ََ} النجم: 34.
(3) هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت 392هـ) صاحب (الوساطة بين المتنبي وخصومه) راجع اخباره وترجمته، اليتيمة 3/ 238، معجم الأدباء 5/ 249.
(4) في الأصل: (إلى أو جسد الدنيا) وما بين القوسين زيادة على الأصل ليستقيم الوزن.
(5) في الأصل: (ومثلك لا بنبه).
(6) الذاريات: 55.
(7) وقع خلل في أصل المخطوط إذ ينقطع سياق موضوع اقتباس الشعراء (في فنون مختلفة) وينتقل إلى موضوع يدخل في سياق (فصل في المجاز) مما سيرد وضمن الباب الحادي والعشرين، وتأتي هذه النصوص الستة ضمن فصل المجاز، وهي أدخل في باب موضوعنا، لذا أوردناها في مكانها المناسب، ونقلنا ما يتصل بالمجاز إلى موضعه المناسب.
(8) أبو القاسم عبد الصمد بن بابك، شاعر مجيد مكثر من أهل بغداد، طاف البلاد ومدح الرؤساء، له ديوان مخطوط، توفي ببغداد سنة 410 (راجع اليتيمة 3/ 194، وفيات الأعيان 3/ 196).
(9) في الأصل: (فدر بالسعد والحد).
(10) في الأصل: (بثاني).(1/611)
وغمر يديك إن يعروك خطب ... فعينان له نضّاختان (1)
13882
للبستي
ولأبي الفتح البستي (2):
إذا انقاد الكلام فقده طوعا (4) ... إلى ما تشتهيه (3) من المعاني
ولا تكره بيانك إن تأبّى ... فلا إكراه في دين البيان (5)
وقال أيضا (6):
جد بالقليل إذا تعذر غيره ... واسعد ببكر مدائحي والثيب (7)
واعلم بأن الغيم يمنح طلّه ... إن لم يجد بغياث وبل صيب (8)
وإذا عدمت الماء بعد طلابه ... جاز التيمم بالصعيد الطيب (9)
23882 - وقال أيضا (10):
__________
(1) في الأصل: (وغمر يدك والذي إن عز خطب)، وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى: {فِيهِمََا عَيْنََانِ نَضََّاخَتََانِ} الرحمن 66.
(2) البيتان في ديوانه ص 319.
(3) في الديوان: (عفوا).
(4) في الأصل: (ما يشتهيه) مصحفة.
(5) في الأصل: (ولا تكر بيانك) وفيه اقتباس من قوله تعالى: {لََا إِكْرََاهَ فِي الدِّينِ} البقرة: 256.
(6) الأبيات في ديوانه ص 223.
(7) في الأصل: (واستعد ببكر مدايحي والثبب) والتصويب من ديوانه.
(8) في الأصل: (يمنح ظله بغياب) والتصويب من ديوانه، والإشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهََا وََابِلٌ فَطَلٌّ} البقرة:
265.
(9) في الأصل: (المتيم) تحريف والإشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ََ أَوْ عَلى ََ سَفَرٍ} {فَلَمْ تَجِدُوا مََاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} المائدة: 6.
(10) ديوان البستي ق 149ص 376وخرجهما من الاقتباس.(1/612)
أبا أحمد شعري قتيل مواعد ... مطلت بها والدّين يلزمك الديه
منحتك من مدحي صلاة ورحمة ... فلا تجعلن رفدي مكاء وتصديه (1)
وقال أيضا (2):
أنت امرؤ لا ترعوي تائبا (3) ... من شيمة العدوان والظلم
أغواك بالعدوان طبع خلا ... من شيمة العصمة والعلم
لّذاك فارقتك مستبدلا ... منك امرأ مستكمل الحلم (4)
يقوده الحق فيعفو ولا ... تأخذه العزّة بالإثم (5)
لبعض أهل العصر
وقال بعض أهل العصر (6):
ليس في الأرض مثل نيسابور ... بلد طيب ورب غفور (7)
__________
(1) الإشارة إلى قوله تعالى: {وَمََا كََانَ صَلََاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلََّا مُكََاءً وَتَصْدِيَةً} الأنفال: 35.
(2) ديوان البستي ق 128ص 370وخرجهما من الاقتباس.
(3) في الأصل: (مرة لا ترعوني نانبا).
(4) في الأصل: (أمر ستكمل).
(5) في الأصل: (يقوده الحق فيعنوا) والإشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذََا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللََّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}.
(6) ذكر البيت الثعالبي في لطائف المعارف ص 195، ونسبه لبعض الطاهرية في نيسابور، ونسبه ياقوت في معجم البلدان (نيسابور) إلى أبي العباس الزوزني المعروف بالمأموني.
(7) الإشارة إلى قوله تعالى: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} سبأ: 15.(1/613)
13892
فصل في ذكر التجنيس
آيات قرآنية
قال: التجنيس في النظم والنثر كالطراز في الثوب. وهو أحد أبواب البديع في الكلام (1) [و] (2) قد جاء من ذلك في القرآن ما لا شيء أحسن وأبرع منه، واقتبس منه أهل الصنعة (3). قال الله تعالى: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمََانَ لِلََّهِ رَبِّ الْعََالَمِينَ} (4) وقال تعالى:
{وَتَوَلََّى عَنْهُمْ وَقََالَ يََا أَسَفى ََ عَلى ََ يُوسُفَ} (5).
وقال سبحانه وتعالى: {فَأَرْسَلُوا وََارِدَهُمْ فَأَدْلى ََ دَلْوَهُ} (6).
وقال جل ذكره: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} (7).
وقال عز وجل: {يَخََافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصََارُ} (8).
وقال تعالى: {وَإِذََا أَنْعَمْنََا عَلَى الْإِنْسََانِ أَعْرَضَ وَنَأى ََ بِجََانِبِهِ وَإِذََا مَسَّهُ [الشَّرُّ] فَذُو دُعََاءٍ عَرِيضٍ} (9).
__________
(1) في الأصل: (كلام).
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) في الأصل: (الصحة).
(4) النمل: 44وفي الأصل: (وأسمعت مع سليمان رب العالمين).
(5) يوسف: 84وفي الأصل: (بأسفي).
(6) يوسف: 19.
(7) الروم: 43.
(8) النور: 37.
(9) فصلت: 51وما بين المعكوفين ساقط في الأصل وفيه: (وفاء عريض).(1/614)
وقال تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (1).
وقال: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دََانٍ} (2).
وقال تعالى: {حَقِيقٌ عَلى ََ أَنْ لََا أَقُولَ عَلَى اللََّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (3).
13902
فصل في الطباق
آيات قرآنية
قوم يجعلون الطباق كما قال الله تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيََاةَ} (4)، وكما قال:
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهََارَ خِلْفَةً} (5).
وقال تعالى: {فَمِنْكُمْ كََافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (6).
وقوله عز ذكره: {وَلَكُمْ فِي الْقِصََاصِ حَيََاةٌ} (7)، أشبه بالطباق.
وقوله جل جلاله: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً} (8).
لابن بسام ولجحظة
ومنها قول ابن بسّام (9) ويروى لغيره:
__________
(1) الواقعة: 89.
(2) الرحمن: 54وفي الأصل: (جنا).
(3) الأعراف: 105وما بين المعكوفين ساقط في الأصل.
(4) الملك: 2.
(5) الفرقان: 62.
(6) التغابن: 2.
(7) البقرة: 179.
(8) التوبة: 82.
(9) مرّت ترجمته.(1/615)
أشهد بالله وآياته ... شهادة صادقة خالدة
أن علي بن أبي طالب ... إمامنا في سورة المائدة
يعني قوله: {إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ} (1).
23902 - ومنها قول جحظة لأبي منصور الفقيه:
آبدة ما مثلها آبدة ... جماعة أخلاقهم واحده
قد حفظوا القرآن واستظهروا ... ما فيه إلّا سورة المائده (2)
13912
لابن الحجاج ولأبي طالب الماموني
قول ابن الحجاج لرجل دعاه في قوم، وأخرّ طعامهم:
يا ذاهبا في داره جائيا ... بغير معنى وبلا فائده
قد جنّ أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائده (3)
وقال أبو طالب المأموني (4) على مائدة (5):
__________
(1) المائدة: 55.
(2) البيت الثاني فقط بلا نسبة في التمثيل والمحاضرة ص 33، واللطف واللطائف ص 51، وهو في وفيات الأعيان 2/ 170وقبلة بيت آخر.
(3) البيتان في ملح شعرية من ديوان ابن الحجاج (خ) ورقة 9، وفيه الثاني: (قد مات أضيافك)، والبيتان في اليتيمة 3/ 82، والثاني في التمثيل والمحاضرة ص 303، محاضرات الأدباء 2/ 637.
(4) هو عبد السلام بن الحسين، شاعر وأديب يتصل نسبه بالمأمون العباسي، ولد ببغداد وتعلم بها، وامتدح الصاحب بن عباد، توفي سنة 383هـ راجع يتيمة الدهر 4/ 84.
(5) البيتان في اليتيمة 4/ 191.(1/616)
فضلت (1) جميع الأواني وفقت ... فما فيّ منقصة واحده
مقرّي منازل صيد الملوك ... وفيّ أتت سورة المائده
23912
لابن بسام وابن وهيب
وقال ابن بسام (2) ويروى لغيره:
من جفاني من البرية طرّا ... ورماني وسبّني في المحافل (3)
فاللواتي عليه (4) حرمهنّ ال ... لّه في سورة النساء فواعل
33912 - وقال محمد بن وهيب الحميري (5):
تشبهت بالأعراب أهل التعجرف ... فدلّ على دعواك قبح التكلف (6)
لسان عراقي إذا ما صرفته ... إلى لغة الأعراب لم يتصرف
لئن كنت للإعراب (8) والنحو حافظا ... لقد كنت من قراء سورة يوسف (7)
يعني أنه كان سائلا ومن عادة قراء الأسواق الاستكثار من قراءة هذه السورة.
__________
(1) في الأصل: (فصلت).
(2) البيتان غير موجودين في مجموع شعره. راجع كتاب الشعراء لعلي حمودان القسم الثاني، وقد ورد بيتان على قافية النون في المعنى نفسه ص 120لعلي حمودان، وص 133 (مجلة المورد) / 1986لمزهر السوداني وفي البيتين إشارة إلى المحارم في آية 23 من سورة النساء.
(3) في الأصل: (البرته وسيتني).
(4) في الأصل: (فاللواتي عليهن) تحريف.
(5) في الأصل: (محمد بن وهب)، وهو شاعر بصري مطبوع من شعراء الدولة العباسية، مدح المأمون والمعتصم سنة 225جمع شعره د. يونس السامرائي ضمن: (شعراء عباسيون).
(6) في الأصل: (على دعوا لفتح) والتصويب من مجموعه الشعري.
(7) في الأصل: (كتب الأعراب) والتصويب من مجموعه الشعري.
(8) الأبيات في شعر محمد بن وهيب الحميري ق 43ص 86وضمن (شعراء عباسيون) ق 24ص 81جمع د. يونس السامرائي، وفيه: أنها تنسب أيضا لدعبل شعره ص 309وعمارة بن عقيل: ديوانه ص 100.(1/617)
13922
للحجاج
وقال ابن الحجاج (1):
ما لي وما للخطوب قد غريت ... تأكل لحمي لا هنّيت أكلي
كأنني [وهي] شحمة طرحت ... والنمل يسعى في مدرج النمل (2)
وما لحالي من ضعف منته (3) ... كأنها أيّم بلا بعل
حتى أحلت لي الضرورة ما ... حرّم ربي في سورة النحل (4)
يعني قوله تعالى: {إِنَّمََا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} (5).
23922 - وقال أيضا:
خليلي ازففا بنت الكروم (6) ... إلى كفء لها منا كريم
ولا سيما إذا هبّت جنوب ... تؤلف بين (7) أشتات الغيوم
نعيم فيه ألهاكم مقيما (9) ... ب ثمّ لتسألن عن النعيم (8)
كما يبكي الوصيّ (10) بغير حزن ... إذا استولى على مال اليتيم
ودمّعت السماء بما يندّى الث ... رى (11) ويبّل أذيال النسيم
__________
(1) الأبيات إلا الأخير في ديوان ابن الحجاج. الورقة 32، والأول والثاني في المنتحل ص 147.
(2) في الأصل: (كأنني شحمة قد طرحت)، وما بين القوسين زيادة من المنتحل.
(3) في الأصل: (منتهى).
(4) في الأصل: (سورة النمل) تحريف إذ ليس في سورة النمل الآية الآتية.
(5) النحل: 115.
(6) في الأصل: (ارتفا بيت الكروم) تحريف.
(7) في الأصل: (هبت حبوب يبن).
(8) في الأصل: (السما بما تبدي الثرى وبيل).
(9) في الأصل: (كما يبلى الوصي).
(10) كلمة لم نتبين قراءتها رسمت (ايتيا)، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(11) إشارة إلى قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} التكاثر: 8.(1/618)
13932 - وقال أيضا (1):
لست أدري أهم تماثيل صفر ... ونحاس مجوف أو رخام (2)
فكأنّي أقرأ بحرف أبي عمرو ... وعلى (3) القوم سورة الأنعام
23932
لآخر في وصف جبة
وقال آخر في وصف جبّة (4):
دبّ فيها البلى فلانت ورقّت (5) ... فهي تقرا إذا السماء انشقت
وقال آخر في معنى آخر:
ألا [يا] (6) أيها الأمر ال ... ذي الهمّ به برّح
إذا ضاق بك الأمر ... ففكر في ألم نشرح
فإنّ العسر مقرون ... بيسرين فلا تبرح
33932
لأبي العباس المصيصي
وقال أبو العباس المصيصي في إمام مغفل (7):
إذا قرأ العاديات في رجب ... لم يفن آياتها (8) إلى رجب
__________
(1) البيتان من قصيدة طويلة في مديح عضد الدولة. مطلعها: (كل حي عليّ غير حرام) ديوان ابن الحجاج (خ) ورقة 28.
(2) في الأصل: (أو رحام)، ورواية الشطر الثاني في الديوان: (أم نحاس مجوف أم).
(3) في الأصل: (بن عمرو علي)، والتصويب من الديوان.
(4) في الأصل: (حية) والتصويب من اللطف واللطائف ص 51، ونسب إلى ابن مجاهد في خاص الخاص ص 66.
(5) في الأصل: (دب فيها البلاء) والتصويب من اللطف واللطائف ص 51.
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) في الأصل: (مقفل) تحريف.
(8) في الأصل: (يفنى آياته).(1/619)
هذا وما يستطيع (1) في سنة ... يختم تبت يدا أبي لهب
لأبي العلاء الأصفهاني
وقال أبو القاسم بن العلاء الأصفهاني (2):
أصبحت صبا دنفا ... بين عناء وكمد
أعوذ من شرّ الهوى ... بقل هو الله أحد (3)
__________
(1) في الأصل: (ما يستطيع).
(2) هو أبو القاسم غانم بن أبي العلاء من شعراء اليتيمة قال عنه الثعالبي: (شاعر ملء ثوبه محسن ملء فمه) راجع اليتيمة 3/ 324، واللطائف وتحسين القبيح ص 97.
(3) الإشارة إلى سورة الإخلاص.(1/620)
الباب الحادي والعشرون في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز والتشبيه والاستعارة والتجنيس والطباق وما يجري مجراها
13952(1/621)
الباب الحادي والعشرون في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز والتشبيه والاستعارة والتجنيس والطباق وما يجري مجراها
13952
الباب الحادي والعشرون في اقتصاص بعض ما في القرآن من الإيجاز (1) والتشبيه والاستعارة والتجنيس والطباق وما يجري مجراها (2)
فصل في ذكر الإيجاز (3)
أمثلة من القرآن
قال من أراد أن يتعرف (4) جوامع الكلام، وفضل الاختصار (5)، وبلاغة الإيماء، وكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن، وليتأمل علوه على سائر الكلام، فمن ذلك قول الله عز ذكره قال: {إِنَّ الَّذِينَ قََالُوا رَبُّنَا اللََّهُ ثُمَّ اسْتَقََامُوا} (6). قال استقاموا كلمة واحدة اشتملت على الطاعات كلها في الإيماء والإيجاز (7)، وذلك لو أن إنسانا أطاع الله مائة سنة ثم سرق حبة واحدة، لخرج بسرقتها من الاستقامة. 23952 ومن ذلك قوله: {أُولََئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} (8).
إنما هو من الخوف، والخوف مكروه، والمكروه منع المحبوب أو وقع مسخوط، فإذا نالوا الأمن بإطلاق ارتفع عنهم الخوف وارتفع بارتفاعه المكروه، قال (9) ومن ذلك قوله عز ذكره:
__________
(1) في الأصل: (الإنجاز)، وفي مقدمة كتابه حين عرض أبواب الكتاب: (من الإيجاز والإطناب) 1/ 27.
(2) في الأصل: (مجراه).
(3) في الأصل: (الإنجاز).
(4) في الأصل: (تعرف).
(5) في الأصل: (الاحتصار).
(6) فصلت: 30.
(7) في الأصل: (الايتما والاترجاز).
(8) الأنعام: 82.
(9) في الأصل: (قل).(1/623)
{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (1) كلمتان (2) قد جمعتا ما عقده الله تعالى على خلقه من طاعته فيما بينه وبينهم.
13962 - ومن ذلك قوله تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمََا يَنْفَعُ النََّاسَ} (3)
ثلاث كلمات تجمع (4) من أصناف التجارات وأنواع المرافق بركوب السفن ما لا يبلغه الإحصاء.
ومن ذلك قوله عز وجل في وصف خمر الجنة: {لََا يُصَدَّعُونَ عَنْهََا وَلََا يُنْزِفُونَ} (5). وهاتان الكلمتان قد أتتا (6) على جميع عيوب الخمر (7)، فقال: ومن ذلك قوله عز وجل في وصف فاكهة الجنة: {لََا مَقْطُوعَةٍ وَلََا مَمْنُوعَةٍ} (8) فجمع بهاتين الكلمتين جميع تلك المعاني (9).
23962 - ومن ذلك قوله {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} (10) كلام يجمع ما نبتته الأرض، وقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} (11) كلام يشتمل على جميع ما
__________
(1) المائدة: 1، الأصل: (بالقعود).
(2) في الأصل: (كلمتا كلما).
(3) البقرة: 164، وما بين المعكوفين ساقط في الأصل.
(4) في الأصل: (يجمع).
(5) الواقعة: 19.
(6) في الأصل: (إننا).
(7) النص في الحيوان 3/ 86وفيه يقول: (ولي كتاب جمعت فيه آيات من القرآن لنعرف بها فضل ما بين الإيجاز والحذف، وبين الزوائد والفضول والاستعارات فإذا قرأتها رأيت فضلها في الإيجاز وترك الفضول، فمنها قوله حين وصف خمر أهل الجنة {لََا يُصَدَّعُونَ عَنْهََا وَلََا يُنْزِفُونَ} وهاتان الكلمتان قد جمعتا عيوب خمر أهل الدنيا).
(8) الواقعة: 33.
(9) قول الجاحظ في الحيوان 3/ 86وفيه إضافة: (وهذا كثير قد دللتك عليه فإن أردته فموضعه مشهور).
(10) المائدة: 66.
(11) البقرة: 228.(1/624)
يجب (1) على الرجل من حسن معاشرة النساء وصيانتهن (2) وإزاحة علتهن وبلوغ كل مبلغ مما (3) يؤدي إلى مصالحهن، وعلى جميع ما يجب (4) من طاعة الأزواج وحسن مشاركتهم ومساعدتهم، وطلب مرضاتهم، والمحافظة على حقوقهم. ومثل هذا كثير في القرآن غير مشكل إعجازه على ذوي الأفهام.
33962
فصل في ذكر التشبيه
أمثلة من القرآن
أي تشبيه أحسن وأبلغ من:
تشبيهه تعالى النساء اللواتي لم يطمثن (5) (بالبيض المكنون) (6).
وتشبيهه إياهن في الحسن والنعمة والنضارة والغضارة بالياقوت (7).
وتشبيهه تعالى (8) اصطفاف (9) الغزاة [في] (10) المعركة لا ينغل (11) صفوفهم خلل بالبنيان (12) المرصوص (13).
__________
(1) في الأصل: (تجب).
(2) في الأصل: (وصيابهن).
(3) في الأصل: (فما).
(4) في الأصل: (على تجب).
(5) في الأصل: (يطمثهن).
(6) يعني قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} الصافات: 49.
(7) يعني قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيََاقُوتُ وَالْمَرْجََانُ} الرحمن: 58.
(8) في الأصل: (تعالى وتشبيهه).
(9) في الأصل: (اصطناق).
(10) زيادة ليست في الأصل.
(11) في الأصل: (ينحل) والنغل: الفساد.
(12) في الأصل: (البنات).
(13) يعني قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ بُنْيََانٌ مَرْصُوصٌ} الصف: 4.(1/625)
وتشبيهه قمر المحاق بالعرجون القديم (1).
وتشبيهه أعمال الكفار بسراب {بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مََاءً حَتََّى إِذََا جََاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} (2).
والكلام في بلاغة هذه التشبيهات (3) وجلالتها كثير لا ينتهي حتى ينتهي عنه.
13972
فصل في الاستعارة
أمثلة من القرآن
أحسن وأوقع ما (4) نطق به القرآن في غير موضع:
فمن ذلك قول الله عزّ وجل {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} (5) لما كان الشيب يأخذ في الرأس، ويسعى فيه شيئا فشيئا حتى يحيله إلى غير حاله الأولى كالنار التي تشتعل في جسم (6)
من الأجسام، وتحيله (7) إلى النقصان والاحتراق جعل عموم شيب (8) الرأس اشتعالا.
ومن ذلك قوله عز وجل {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهََارَ} (9). لما كان انسلاخ الشيء من الشيء هو أن يتبرأ منه ويتزيّل (10) عنه حالا فحالا، كالجلد عن اللحم،
__________
(1) يعني قوله تعالى: {حَتََّى عََادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} يس: 39.
(2) النور: 39.
(3) في الأصل: (الشبيهات).
(4) في الأصل: (مما).
(5) مريم: 4.
(6) في الأصل: (الجسم).
(7) في الأصل: (لحيله إلى).
(8) في الأصل: (الشيب).
(9) يس: 37.
(10) في الأصل: (وبنزيل).(1/626)
وما شاكله، وجعل انفصال (1) الليل عن النهار شيئا فشيئا انسلاخا.
ومن ذلك قوله جل جلاله: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذََابٍ} (2) لما كان الضرب بالسياط (3) من العذاب، استعار للعذاب سوطا.
33972 - ومن ذلك قوله عز وجل: {وَاخْفِضْ لَهُمََا جَنََاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (4).
وقوله: {عَذََابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} (5).
وقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذََا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذََا تَنَفَّسَ} (6).
وقوله: {وَلَمََّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} (7).
وقوله عزّ وجلّ: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى ََ وَمَنْ حَوْلَهََا} (8).
{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتََابِ} (9).
__________
(1) في الأصل: (انفسال).
(2) الفجر: 13.
(3) في الأصل: (بالسيا).
(4) الإسراء: 24.
(5) الحج: 55.
(6) التكوير: 17، 18.
(7) الأعراف: 154.
(8) الأنعام: 92.
(9) الزخرف: 4.(1/627)
13982
فصل في المجاز
كلام الجاحظ
قال الجاحظ (1):
للعرب إقدام على الكلام، ثقة (2) بفهم أصحابهم عنهم، وكما جوّزوا قولهم: أكله الأسود، وإنما يذهبون إلى الإفناء (3)، كما قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوََالَ الْيَتََامى ََ ظُلْماً إِنَّمََا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نََاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} (4). ولعلهم شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحلل وركبوا المهاليج، ولم ينفقوا منها درهما واحدا في سبيل المآكل، 23982 وجوّزوا (5): أكلته النار، وإنما أبطلت (6) عينه، جوزوا أيضا أن يقولوا ذقت لما ليس يطعم، [وهو قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}] (7). وقال تعالى:
{فَأَذََاقَهَا اللََّهُ لِبََاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمََا كََانُوا يَصْنَعُونَ} (8)، وقال تعالى:
{فَذََاقُوا وَبََالَ أَمْرِهِمْ}] (9). ثم قالوا: أطعمت لغير الطعام،
للعرجي
كما قال العرجي (10):
__________
(1) الحيوان: 5/ 32.
(2) في الأصل: (بفقه) والتصويب من الحيوان.
(3) في الأصل: (الافتا).
(4) النساء: 10.
(5) في الحيوان: (لقولهم أكل وإنما عضّ، وأكل وإنما أفنى، وأكل وإنما أحاله).
(6) في الأصل: (انطلقت) مصحفة.
(7) الدخان: 49وفي الأصل: (العزيز الحكيم).
(8) النحل: 112.
(9) التغابن: 5وسقطت الكلمة الأولى من الآية، وما بين المعكوفين لم يرد في الحيوان.
(10) في الأصل: (الأعرج) تحريف، والعرجي عبد الله بن عمر من أحفاد عثمان بن عفان الخليفة الراشد الأموي القرشي، مذهبه في الشعر مذهب عمر بن أبي ربيعة.(1/628)
وإن شئت حرّمت النساء سواكم ... وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (1)
وقال الله عز من قائل: {إِنَّ اللََّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} (2).
لخالد القسري وآخر
ولما قال خالد بن عبد الله القسري (3) في بعض هزائمه (4) اطعموني ماء، رواها (5)
عنه العائبون فقال فيه الشاعر:
بلّ السراويل من خوف ومن دهش ... واستطعم الماء لّما جدّ في الهرب (6)
فقال الآخر:
هتفت بكل صوتك أطعموني ... شرابا ثم بلت على السرير (7)
13992 - قال [أبو] محمد اليزيدي (8):
__________
(1) في الأصل: (نفاخا) والبيت في الديوان ص 109من قصيدة طويلة، وفي الحيوان 3/ 32. والنفاخ: الماء العذب البارد الصافي الذي ينقخ العطش أي يكسره، والبرد: النوم، وربما كنى به عن الريق.
(2) في الأصل: (إني مبتليكم فليس مني منه) تحريف، والآية في البقرة: 249.
(3) في الأصل: (القشيري).
(4) في الأصل: (همائمه).
(5) في الأصل: (نهاها).
(6) البيان والتبيين 1/ 122منسوبا إلى يحيى بن نوفل، ومعه آخر هو:
وألحن الناس كل الناس قاطبة ... وكان يولع بالتشديق في الخطب
ورواية البيت في الكامل 1/ 31: (من خوف ومن وهل)، وفيه أن خالدا قال قوله هذا حين خرج عليه المغيرة بن سعيد بالكوفة في عشرين رجلا فهزموه، فعير بذلك.
(7) البيت منسوب لابن نوفل في البيان والتبيين 3/ 205والكامل 1/ 30، وروايته في البيان: (تقول لما أصابك أطعموني) وبعد البيت آخر:
لأعلاج ثمانية وشيخ ... كبير السنّ ذي بصر ضرير
(8) في الأصل: (محمد التربذي) والصواب ما أثبتنا، وهو يحيى بن المبارك عالم بالعربية وهو مؤدب المأمون، جمع شعره أبناؤه. د.
محسن غياض في أشعار اليزيديين (ت 203هـ).(1/629)
كنت أنا (1) والكسائي (2) عند العباس بن الحسين (3) العلوي، فجاء غلام له.
وقال له يا مولاي كنت عند فلان فإذا هو يريد أن يموت. فضحكنا
فقال: بم ضحكتما.
قلنا: من قولك. وهل يريد إنسان الموت؟
لليزيدي والكسائي عند العباس بن الحسين بن الحسين
فقال العباس: قد قال الله تعالى: {فَوَجَدََا فِيهََا جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقََامَهُ} (4)، وإنما هذا مكان (يكاد) فنبهنا الله عليه (5).
14002
للصولي
قال الصولي:
ما رأيت أحدا أشد بذخا بالكفر من أبي نواس (6)، ولا أكثر إظهارا له منه، ولا أدوم تعبثا بالقرآن، قال لي يوما ونحن في دار الوزير وكان (7) العباس بن الحسن ينتظر مجيئه:
هل تعرف (8) العرب إرادة لغير مميز؟ فعرفت حين لفظ بهذا ما عني (9).
فقلت: إن العرب تعبر عن الجماد (10) أن يقول ولا قول (11) فيه أو تعبير:
__________
(1) في الأصل: (أناوى).
(2) في الأصل: (الكساي) هو علي بن حمزة يكنى أبا الحسن، كان من أحد الأئمة القراء السبعة، ومن النحاة المشهورين ت 183هـ وقيل 182. نزهة الألباء ص 4842.
(3) في الأصل: (الحسن) محرفة وهو ابن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب، وهو من أصحاب الرشيد، وهو من أشعر الهاشميين من طبقة إبراهيم بن المهدي، ذكر له الحصري بعض أشعاره، وقيل: من أراد لذة لا تبعة فيها فليسمع كلام العباس بن الحسين. راجع زهر الآداب 90، نثر الدر 1/ 384.
(4) الكهف: 77.
(5) يريد به يكاد أن ينقضّ والخبر في نثر الدر 1/ 386.
(6) في الأصل: (فراس).
(7) في الأصل: (وقال).
(8) في الأصل: (يعرف).
(9) في الأصل: (ماعزا).
(10) في الأصل: (الحمار).
(11) في الأصل: (ولا أقول فيها وتعبير).(1/630)
فما نسيت تلك الدماء سيوفه ... ولا قضبه براقة في القساطل (1)
(2)
وللسلامي لشاعر وللراعي النميري
قال أبو الحسن السلامي (3) من قصيدة من متخيره (4):
دعوا السيل يذهب [عابرا] (6) لسبيله ... ولا تلبسوا يا قوم بالحق باطلا (5)
14012 - عنى بما نطق ما يعبر به (7) كما قال الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلا رويدا قد ملأت بطني (8)
وليس ثم قول.
فقال: لم أرد هذا، وأنا أريد (9) في اللغة إرادة لغير مميز. وإنما عرّض بقوله تعالى:
{فَوَجَدََا فِيهََا جِدََاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقََامَهُ} (10)، فأيدني الله بما ذكرت قول الراعي:
قلقت به هاماتها في مهمه ... قلق الفؤوس إذا أردن نصولا (11)
__________
(1) في الأصل: (فبما نسبت ولا بقضب براده تلك القساطلا).
(2) وردت هذه النصوص في آخر الفصل السابق فيما اقتبسه الشعراء في فنون مختلفة، ويناسب أن يكون في هذا الموضع ضمن فصل (في المجاز)، ولذلك نقلناه وأثبتناه هنا، ونبهنا للأمر.
(3) شاعر من العراق، ولد ببغداد سنة 336هـ، وتوفي سنة 393هـ، قال الشعر وهو ابن عشر سنين، وكانت أمه شاعرة أيضا من شعراء اليتيمة 2/ 396، جمع شعره صبيح رديف وطبع ببغداد سنة 1971.
(4) في الأصل: (متأخرة).
(5) زيادة ليست في الأصل، يستقيم بها الوزن.
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلََا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبََاطِلِ} البقرة: 42.
(7) في الأصل: (عنها بما نطقت ما بعدته)، ولعل الصواب فيما أثبتناه.
(8) في الأصل: (قطتي) تصحيف، والبيت من شواهد العربية في مجالس ثعلب 1/ 189المخصص 14/ 62، الخصائص 1/ 32 راجع معجم شواهد العربية 2/ 552.
(9) في الأصل: (أدى).
(10) الكهف: 77. وفي الأصل: (فوجدوا).
(11) في الأصل: (فلقت مهمة فلق أادت)، والبيت في ديوانه بتحقيق د. نوري القيسي ص 51وروايته:
في نفنف قلقت به هاماتها ... قلق الفؤوس إذا أردت نصولا(1/631)
فكأني ألقمته حجرا، وسما (1) بذلك من كان صحيح النية، وسوّد الله به وجه أبي نواس (2)، والعرب تسمي التهيؤ للفعل والاحتياج إليه إرادة كما جعل الراعي حاجة الفؤوس إلى النصول (3) حاجة لها.
للجاحظ وللفراء
قال الجاحظ (4) في قوله تعالى:
{إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا} (5)، يريد: فما دونها، وهو كقول القائل: فلان أسفل الناس فيقول: هو فوق ذلك، فضع (6) قوله: فوق مكان قولهم: هو شرّ من ذلك.
وقال الفراء (7): {فَمََا فَوْقَهََا} أي في الصغر والله أعلم
14022
فصل فيما يجري مجرى هذا الباب
الالتفات
ومن ذلك الالتفات (8): وهو كما قال الشاعر (9):
فارقت شغبا وقد قوست من كبر ... لبئست الخلّتان الثكل والكبر (10)
__________
(1) في الأصل: (سمى).
(2) في الأصل: (أبي فراس).
(3) في الأصل: (الفردوس إلى التصول).
(4) قول الجاحظ عن هوان البعوض في الحيوان 4/ 37، ورواية الثعالبي مختلفة هنا، لأن الجاحظ يقول بعد الآية: (فقللها كما ترى وحقرها وضرب بها المثل).
(5) البقرة: 26.
(6) في الأصل: (تصنع).
(7) في الأصل: (الفداء)، والقول في معاني القرآن 1/ 20يقول: (ولو جعلت في مثله من الكلام {فَمََا فَوْقَهََا} تريد أصغر منها لجاز ذلك، ولست أستحسنه).
(8) في الأصل: (الاليفان) محرفة.
(9) هو أبو الشغب كما ذكر المبرد في الكامل 1/ 222من أبيات يرثي بها ابنه شغبا.
(10) في الأصل: (شعيا ليست الكثل)، وروايته في الكامل: (بئس الحليفان طول الحزن والكبر).(1/632)
وكما قال جرير (1):
أتنسى يوم تصقل عارضيها ... بعود بشامة سقى البشام (2)
وفي القرآن: {وَيْلَكُمْ لََا تَفْتَرُوا عَلَى اللََّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذََابٍ وَقَدْ خََابَ مَنِ افْتَرى ََ} (3).
قال: ومن ذلك الرجوع إلى الكناية من المخاطبة، ومن المخاطبة إلى الكناية:
كما قال عز ذكره: {إِذََا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} (4).
24022 - ومن ذلك القلب: كما قال الله تعالى: {مََا إِنَّ مَفََاتِحَهُ} [لتنوأ بالعصبة] (5)
أي تنهض وكما قال عز ذكره: {ثُمَّ دَنََا فَتَدَلََّى} (6) وإنما هو تدلى فدنا.
لشاعر ولجرير والفرزدق
قال الفرزدق (7):
كانت فريضة ما تقول (8) كما ... كان الزناء فريضة الرجم
__________
(1) البيت في ديوانه ص 512، وروايته فيه: (أتنسى إذ تودعنا بفرع)، وهو في اللسان (مادة بشم)، وروايته فيه: (اتذكر يوم
بفرع)، والبشام: شجر طيب الريح والطعم يستاك به.
(2) في الأصل: (عارضيها بعوم تسقي البشاما) والتصويب من الديوان.
(3) طه: 61وفي الأصل: (خات).
(4) يونس: 22.
(5) القصص: 76.
(6) النجم: 8وفي الأصل: (فتولى) تحريف.
(7) البيت غير موجود في ديوانه، ونسبه أبو عبيدة في مجاز القرآن 1/ 378إلى النابغة الجعدي. وهو في مجموعة الشعري) شعر النابغة الجعدي ص 235ق 29وروايته: (كانت فريضة ما أتيت).
(8) في الأصل: (يقول).(1/633)
أي: كما كان الرجم فريضة الزنا.
14032 - ومن ذلك التقديم والتأخير: كما قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى ََ عَبْدِهِ الْكِتََابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (1) قَيِّماً} (1). أي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا والله أعلم.
__________
(1) الكهف: 1.(1/634)
الباب الثاني والعشرون في ظرائف التلاوات ولطائفها
14052(1/635)
الباب الثاني والعشرون في ظرائف التلاوات ولطائفها
14052
الباب الثاني والعشرون هذا باب عميق البحر لا يتسع الكتاب لبلوغ أدنى (14) غائرة، وأنا كاتب منه ما يفي (1) بالشرط، ويقع في جانب الاختصار والاقتصاد بإذن الله ومشيئته (2).
24052
فصل في نقد التفاسير
الجاحظ عن النظام
قال: حكي عن الجاحظ (3) عن النظّام أنه قال:
لا تسترسلوا إلى كثير من المفسرين وإن نصبوا للعامة، وأجابوا في كل مسألة، فإن كثيرا منهم يقول بغير دراية (4) وعلى غير أساس. وكلما كان التفسير (5) أغرب عندهم كان أحب إليهم، وليكن عندكم (6) عكرمة والكلبي والسدي والضحاك ومقاتل وأبو بكر الأصم في سبيل واحدة (7).
كيف أثق (8) بتفسير قوم [و] (9) اسكن إلى صوابهم (10)! وقد قالوا في تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسََاجِدَ لِلََّهِ} [11] فَلََا تَدْعُوا مَعَ اللََّهِ أَحَداً (12)، إنه لم يعن (13) بهذا الكلام
__________
(14) في الأصل: (غائلة). والغائر من قولهم غار الماء يغور.
(1) في الأصل: (ما بقي).
(2) في الأصل: (نفع والامتصار).
(3) النص في الحيوان 1/ 343مع تغيير في بعض الألفاظ، وتقديم وتأخير لبعض الآيات المفسرة، وشواهد أخرى في الحيوان تفسيرا للطلح وصوم رمضان وويل، والفلق، وسلسبيلا، والجبار، والخوف.
(4) في الحيوان: (بغير رواية).
(5) في الحيوان: (وكلما كان المفسر عندهم أعزب). وفي الأصل: (وكلما كان في).
(6) في الأصل: (ولكن) والتصويب من الحيوان.
(7) في الأصل: (عندكم بمنزلو في سبيل واحد) والتصويب من الحيوان).
(8) في الأصل: (اسكن).
(9) زيادة من الحيوان.
(10) في الأصل: (أصواتهم) والتصويب من الحيوان.
(11) تنتهي الآية هنا في الحيوان.
(12) الجن: 18.
(13) في الأصل: (إن لم يغني) والتصويب من الحيوان.(1/637)
مساجدنا التي نصلي فيها، إنما عنى الجباه (1)، وكل ما سجد الناس عليه من يد ورجل وجبهة (2).
وقالوا في قوله تعالى: {أَفَلََا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (3)، أنه لا يعني (4) الجمال والنوق (5)، إنما يعني السحاب.
وقالوا في قوله عز ذكره: {لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى ََ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} (6) يعني أنه حشره (7) بلا حجة.
وقالوا في قوله: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (8). إنه الماء الحار في الشتاء، والبارد في الصيف (9).
وفي قوله: {وَقََالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنََا} (10) إنها كناية عن الفروج (11)
كأنهم لا يرون أن كلام الجلد من أعجب العجب [ولو كان ذلك لقال عند ذكر الفروج والذين هم لجلودهم حافظون (12): وقال عند ذكر مريم: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرََانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهََا} (13) أحصنت جلدها] (14).
__________
(1) في الأصل: (الحياة).
(2) في الحيوان: (وجبهة وأنف وثغنة).
(3) الغاشية: 17.
(4) في الأصل: (يغني).
(5) في الأصل: (النواق)، وفي الحيوان: (ليس يعني الجمال والنوق).
(6) طه: 125.
(7) في الأصل: (لا حسرة) والتصويب من الحيوان.
(8) التكاثر: 8.
(9) تفسير الآية لم يرد في نص الحيوان المذكور، وإنما ورد في موضع آخر 1/ 347.
(10) فصلت: 21.
(11) في الأصل: (المفردج) تحريف.
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حََافِظُونَ} المؤمنون: 5.
(13) التحريم: 12.
(14) ما بين القوسين غير موجود في نص الحيوان.(1/638)
أمثلة غريبة في التفسير
وقالوا في قوله سبحانه: {كََانََا يَأْكُلََانِ الطَّعََامَ انْظُرْ} (1) إنما هو كناية عن الحدث (2)، كأنهم لم يعلموا (9) الجوع وما ينال أهله من الذلة والعجز والفاقة أدل عليه، على أنهما مخلوقان حتى يدّعوا على الكلام شيئا قد أغناهم الله عنه.
وقالوا في قوله تعالى: {وَثِيََابَكَ فَطَهِّرْ} (3)، عنى قلبه (4)، وقال عز ذكره وهو يخبر عن نبيّه (5) صلّى الله عليه وسلّم: {وَمََا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} (6).
14062
فصل في سياقة التلاوات
أقوال للإمام علي وابن عباس ومجاهد والضحاك وابن عيينة
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في قول الله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (7)، قال:
رضا بغير عتاب.
وفي قوله: {عَطََاءً حِسََاباً} (8)، قال: يعطي المرء حتى يقول: حسبي.
__________
(1) المائدة: 75.
(9) في الأصل: (إلا في).
(2) في الحيوان: (كناية عن الغائط).
(3) المدثر: 4.
(4) في الحيوان: (إنه إنما عنى قلبه). ولم يرد ما بعد ذلك في الحيوان.
(5) في الأصل: (يحسر عن بيته).
(6) ص: 86.
(7) الحجر: 85.
(8) النبأ: 36.(1/639)
14072 - قال ابن عباس في قوله تعالى: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} (1):
قال: يوم العيد (2)، وعنه في قوله جل ذكره: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3)، قال: الامتشاط.
مجاهد في قوله جل وعلا {وَلََا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيََا} (4)، قال:
العمل فيها بطاعة الله (5).
24072 - وقال الضحاك في قوله: {وَجََاءَكُمُ النَّذِيرُ} (6)، قال:
الشيب.
سفيان بن عيينة (7) في قوله تعالى: {لََا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتََّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} (8).
قال: الاستيناس: هو التنحنح والصيحة والتكبيرة (9) والضرب بالنعل ليؤذن أهل البيت.
وفي قوله تعالى: {فَإِذََا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً} (10) قال:
__________
(1) طه: 59.
(2) القول في تفسيره: (تنوير المقباس ص 263).
(3) الأعراف: 31، ولم يرد القول في تفسيره تنوير المقباس.
(4) القصص: 77.
(5) تفسير الطبري 20/ 112عن مجاهد أنه قال: (أن تعمل في دنياك لآخرتك).
(6) فاطر: 37.
(7) في الأصل: (عبيبة).
(8) النور: 27.
(9) في الأصل: (التنجيح والصحة).
(10) النور: 61إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِذََا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللََّهِ مُبََارَكَةً طَيِّبَةً}.(1/640)
هي المساجد (1)
{فَسَلِّمُوا عَلى ََ أَنْفُسِكُمْ} (2) {إِنَّ اللََّهَ كََانَ بِكُمْ رَحِيماً} أي يسلم بعضكم على بعض كما قال سبحانه: {وَلََا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللََّهَ كََانَ بِكُمْ رَحِيماً} (3) أي لا يقتل (4) بعضكم بعضا.
34072 - وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ} (5). قال:
يعني دمشق (6).
أقوال للشعبي ومكحول والحسن ومجاهد والضحاك
وقال الحسن في قوله: {فَإِذََا هُمْ بِالسََّاهِرَةِ} (7):
هي أرض بيت المقدس (8).
وفي قوله: {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} (9) قال:
هو (10) النيل.
14082 - عكرمة في قوله: {سَتُدْعَوْنَ إِلى ََ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} (11)، قال:
__________
(1) في الأصل: (هو المساجد).
(2) النور: 61.
(3) النساء: 29.
(4) في الأصل: (يقتل).
(5) المؤمنون: 50.
(6) القول في تفسيره (تنوير المقباس ص 287) وتفسير الطبري 18/ 25.
(7) النازعات: 14.
(8) نسب التفسير إلى ابن منبه راجع تفسير الطبري 30/ 37، وفيه أقوال أخرى.
(9) طه: 39.
(10) في الأصل: (وهي).
(11) الفتح: 16.(1/641)
هم الفرس.
وقال الضحاك في قوله: {يَمْحُوا اللََّهُ مََا يَشََاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتََابِ} (1) قال:
الرجل قد بقي من عمره ثلاث سنين، فيصل رحمه، فيزيد (2) الله في عمره ثلاثين سنة مصداق قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:
(من أحب أن يمدّ له في عمره ويبسط في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه).
السدي في قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمََاعُونَ} (3)، قال:
آلة البيت من ميزان وفاس ومقدحة (4) ودلو وما يجري مجراها، وقال بعضهم: الماء والكلأ (5).
24082 - وقال أبو هريرة في قوله تعالى: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} (6)، قال:
الإترنج (7)، ومن قرأ بالهمز قال: الطعام والمجلس.
الشعبي في قوله تعالى: {أَنْتُمْ وَأَزْوََاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} (8)،
قال: الجماع (9).
__________
(1) الرعد: 39.
(2) في الأصل: (يريد) مصحفة.
(3) الماعون: 7.
(4) في الأصل: (قدحه) والمقدحة: المغرفة يقال: قدحت المرق أي غرفته، وقد ورد هذا التفسير عن ابن مسعود في الكشاف 4/ 290، وعن عائشة أنه الماء والنار والملح.
(5) في الأصل: (والكلأ، في قوله عز وجل وقال).
(6) يوسف: 31.
(7) في الأصل: (الاتريح).
(8) الزخرف: 70.
(9) في الأصل: (الشماع).(1/642)
وعنه في قوله تعالى: {إِنَّ أَصْحََابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فََاكِهُونَ} (1).
قال: افتضاض العذارى.
34082 - مكحول في قوله: {وَخُلِقَ الْإِنْسََانُ ضَعِيفاً} (2)، قال:
لا صبر له عن النساء، وعنه في قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مََا خَلَقَ} (3).
قال: البعوض.
الشعبي في قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ} (4).
قال: النظرة والغمزة واللمسة (5) والقبلة.
14092 - وقال الحسن في قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللََّهَ لََا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (6).
قال: يتق الزنا ويصبر على العزوبة (7).
وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا} (8).
قال: من حمّ في الدنيا فقد وردها.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (9)، قال: التجارة في المواسم.
__________
(1) يس: 55.
(2) النساء: 28.
(3) الفلق: 2.
(4) النجم: 32.
(5) في الأصل: (المسة).
(6) يوسف: 90وفي الأصل: (ومن يتق ويصبر).
(7) في الأصل: (العذوبة) مصحفة.
(8) مريم: 71.
(9) البقرة: 198والقول في تنوير المقباس ص 27وفيه: (إنها التجارة في الحرم، نزلت في أناس كانوا لا يرون البيع والشراء في الحرم فرخص الله لهم ذلك).(1/643)
24092 - عكرمة في قوله تعالى: {وَسََارِعُوا إِلى ََ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (1).
قال: تكبيرة الافتتاح.
وقال الضحاك في قوله تعالى: {عَلَّمَهُ الْبَيََانَ} (2).
قال: الخط (3).
ابن عباس في قوله تعالى: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (4).
قال: كاتب حاسب.
أقوال للحسن وابن عباس والشعبي
وقال الحسن في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتََابَ وَالْحِكْمَةَ} (5).
قال: الخط (6) والفقه.
وفي قوله: {أَوْ أَثََارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} (7).
قال: الكتابة.
وفي قوله تعالى: {وَآتَيْنََاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطََابِ} (8).
قال: الحكمة: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وفصل (9) الخطاب قول أما بعد.
__________
(1) آل عمران: 133.
(2) الرحمن: 4.
(3) في الأصل: (الحظ) مصحفة.
(4) يوسف: 55لم يرد القول في تنوير المقباس.
(5) آل عمران: 48.
(6) في الأصل: (الحط) مصحفة.
(7) الأحقاف: 4والأصل: (أثاره).
(8) ص: 20.
(9) في الأصل: (فصول).(1/644)
34092 - وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (1).
قال: يقرن كل قوم (2) بشيعتهم وقال الشعبي في قوله تعالى: {وَقََاسَمَهُمََا إِنِّي لَكُمََا لَمِنَ النََّاصِحِينَ} (3).
قال: حلف لهما بالله كاذبا فذاقا (4) الشجر.
14102 - مقاتل (5) في قوله تعالى: {وَالْجََارِ الْجُنُبِ} (6): أي القريب {وَالصََّاحِبِ بِالْجَنْبِ} (7): أي الرفيق في السفر {وَابْنِ السَّبِيلِ} (8): الضيف.
وقال الحسن والشعبي في قوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللََّهِ} (9).
قال: الإخصاء (10) وقطع الآذان.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتََابٌ كَرِيمٌ} (11).
قال: مختوم (12).
ومجاهد في قوله تعالى: {وَمَقََامٍ كَرِيمٍ} (13).
__________
(1) التكوير: 7.
(2) في الأصل: (يقرون كل يدم).
(3) الأعراف: 21.
(4) في الأصل: (فذاق).
(5) في الأصل: (مقابل).
(6) النساء: 36.
(7) النساء: 36.
(8) النساء: 36.
(9) النساء: 119.
(10) في الأصل: (فالا الخصا).
(11) النمل: 29، والقول في تنوير المقباس: 317.
(12) في الأصل: (محتوم) مصحفة.
(13) الشعراء: 58.(1/645)
قال: المنبر.
24102 - وقال أبو هريرة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوََالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسََّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (1).
قال: المحروم الذي قدر عليه رزقه في السماء وأخفاه (2) (عن) أهل الأرض وهو لا يسألهم.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {حِجََارَةً مِنْ طِينٍ} (3).
قال: الآجر.
قتادة في قوله تعالى: {فَأَوْقِدْ لِي يََا هََامََانُ عَلَى الطِّينِ} (4).
قال: أمره باتخاذ الآجر.
34102 - وقال الحسن في قوله تعالى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً} (5).
قال: الحصون {أَوْ مَغََارََاتٍ} (6).
قال: هي الغيران في الجبال {أَوْ مُدَّخَلًا} (7) قال هي السور.
14112 - قال ابن عباس: في قوله {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرََادُّكَ إِلى ََ مَعََادٍ} (8).
__________
(1) المعارج: 25. والأصل: (والدين) مصحفة.
(2) في الأصل: (وخفاه) وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(3) الذاريات 33والقول في تنوير المقباس: 442، وفيه: (مطبوخ كالآجر).
(4) القصص: 38.
(5) التوبة: 57.
(6) التوبة: 57.
(7) التوبة: 57.
(8) القصص: 85، والقول في تنوير المقباس: 331، وفيه: (إلى مكة ويقال: الجنة).(1/646)
قال: وعده أن يرده إلى مكة لعلمه بميله إليها (1) إذ كانت له وطنا ومولدا.
وفي قوله: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجََالِ} (2).
قال: المخنث الذي لا يقوم ز
وقال الشعبي في قوله: {وَالسََّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهََاجِرِينَ وَالْأَنْصََارِ} (3):
هم الذين صلوا إلى القبلتين وهاجروا الهجرتين وبايعوا البيعتين.
24112 - أبو مجالد في قوله: {وَلََا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنََا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنََا} (4).
قال: جعلناه غفلا، والغفل الذي لم يوسم من الإبل والخيل، وكأن الله لم يسم قلب الكافر بسمة الذاكرين المطيعين.
__________
(1) في الأصل: ملكه و (لعله يميله).
(2) النور: 31وفي الأصل: (الأديه).
(3) التوبة: 100.
(4) الكهف: 28.(1/647)
الباب الثالث والعشرون في فنون مختلفة الترتيب
14132(1/649)
الباب الثالث والعشرون في فنون مختلفة الترتيب
14132
الباب الثالث والعشرون في فنون مختلفة الترتيب
فصل في الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر
أمثلة من القرآن
الأصل في هذا الفصل (1) قول الله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللََّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} (2). وقوله عز وجل: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (3).
ويروى عن علي وابن عباس رضي الله عنهما:
(لا يغلب عسر واحد يسرين) (4)، يريد قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (5)، فالعسر الأول هو الثاني، واليسر الثاني هو غيره (6)، وذلك أن العسر معرفة فإذا (7) أعيد، فالثاني هو الأول، ويسر بلا ألف ولام نكرة، وإذا أعيد (8) فالثاني غير الأول. وهذا كلام (9) العرب إذا بدأت (10) باسم نكرة ثم أعادته بالألف واللام، ألا ترى أنهم يقولون: قد جائني رجل (11). ثم يقولون: قد جاءني الرجل، والثاني هو الأول. وإذا قالوا:
__________
(1) في الأصل: (الفضل).
(2) الطلاق: 7.
(3) الشرح: 5، 6.
(4) في الأصل: (بسيرين).
(5) الشرح: 5، 6.
(6) في الأصل: (غير).
(7) في الأصل: (كلا).
(8) في الأصل: (أعبد).
(9) في الأصل: (كلا).
(10) في الأصل: (أبدت).
(11) في الأصل: (رجلا).(1/651)
قد جاءني رجل فأخبرني بكذا، وجاءني رجل، فقال لي بكذا (1). وقد أكثر الشعراء في معنى قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}.
14142
لزيد بن محمد العلوي
قال زيد بن محمد العلوي (2) لما قتل أبوه بجرجان (3)، ووجه زيد إلى حضرة إسماعيل (4) بن أحمد ببخارى (5):
يهون جليل الخطب في أمل الأجر (6) ... وإطفاء نيران الحوادث بالصبر
ولست تلاقي العسر إلا ميسّرا ... بيسرين (7) فاستروح إلى وحشة العسر
وقال غيره وهو متنازع (8):
فلا تجزع إذا أعسرت يوما ... فقد أيسرت في الدهر الطويل
ولا تظنن (9) بربك ظنّ سوء ... فإن الله أولى بالجميل
وإنّ العسر يتبعه يسار ... وقيل الله أصدق كلّ قيل
24142
لآخر وللبستي
وقال أبو الفتح البستي لنفسه (10):
__________
(1) كذا في الأصل، ولعل عبارة سقطت يقتضي السياق أن تكون (والثاني هو غير الأول).
(2) زيد بن محمد العلوي: هو ابن محمد بن زيد محمد بن إسماعيل المعروف بالداعي صاحب طبرستان وكان إسماعيل بن أحمد بعث إليه قائدا من قواده على أبواب جرجان فأصيب في الوقعة وحمل إلى جرجان فمات بها، وحمل ابنه زيد إلى خرسان وبقي فيها: مقاتل الطالبيين 455.
(3) في الأصل: (قبل بحرجان).
(4) إسماعيل بن أحمد بن أسد الساماني، ثاني أمراء الدولة السامانية فيما وراء النهر ولد بفرغانة نحو 234، ولي بعد أخيه نصر بن أحمد وأقره المعتضد العباس في ولايته سنة 279هـ، ثم ولاه خراسان مضافة إلى ماوراء النهر ت 295. شذرات الذهب 2/ 219، تاريخ سني ملوك الأرض: 172.
(5) في الأصل: (لبخارا).
(6) في الأصل: (يهون جزيل أجل الأجر).
(7) في الأصل: (منتشرا بيسيرين).
(8) الفرج بعد الشدة 2/ 445 (بلا نسبة) ضمن خمسة أبيات مع فروق في الرواية.
(9) في الأصل: (ولا تظن).
(10) البيتان في ديوانه: 172.(1/652)
لا تيأسن فوراءها (1) ... يسران وعدا ليس فيه خلاف
كم عسرة قلق الفتى لنزولها ... لله (2) في أعطافها ألطاف (3)
حديث
ويروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
(لو كان العسر في كوة لجاء يسران فأخرجاه) (4).
خبر من كتاب التنوخي (الفرج)
قال مؤلف كتاب الفرج بعد الشدة (5):
كان لي في هذا خبر (6) طريف وذلك [إني] (7) لجأت إلى البطيحة (8) هاربا من نكبة لحقتني، واعتصمت بأميرها [ابن] عمران بن شاهين (9) وألفيت هناك جماعة من معارف وصديق، أحوالهم مثل حالي (10)، فكنا نجتمع في مسجد الجامع، فنتشاكى بيننا (11). فقال لي يوما أبو محمد بن عبد الله الصالحي: حدثني في هذا اليوم الحسن بن محمد بن عثمان بإسناد رفعه (12) إلى أنس بن مالك قال:
14152 - قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لو دخل العسر كوة لجاء (13) يسران فأخرجاه منها) (14) فقلت بديهة (15):
__________
(1) في الأصل: (فوادها).
(2) في الأصل: (ليزولها الله) والتصويب من الديوان.
(3) روايته في الديوان: (لله في إعسارها ألطاف).
(4) الحديث ورد في ربيع الأبرار 3/ 505مع اختلاف يسير في اللفظ.
(5) الخبر في الفرج بعد الشدة 1/ 43مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(6) في الأصل: (خير).
(7) زيادة ليست في الأصل، وهي في الفرج بعد الشدة.
(8) في الأصل: (البطحة).
(9) في الأصل: (عمران) وفي الفرج أنه معين الدولة أبو الحسن بن عمران بن شاهين السليمي.
(10) في الأصل: (خالي)، وقد ورد في الفرج تفضيل لأحوالهم.
(11) في الأصل: (فيتشاكى وبينات)، وفي الفرج: (فنتشاكى أحوالنا).
(12) في الأصل: (رفعة)، ولم يرد اسم أنس في نص الفرج.
(13) في الأصل: (جاء).
(14) في الفرج بعد الشدة: (فاخرجاه).
(15) في الأصل: (يديها).(1/653)
إنّا روينا عن النبي رسو ... ل الله فيما أفيد من أدبه (1)
لو دخل العسر كوة لأتى ... يسران فاستخرجاه من ثقبه
فما مضدت إلّا مدة يسيرة، حتى فرّج الله عنهم وعني، ورددنا إلى عوائده الجميلة عندنا. وله الحمد والشكر (2).
24152
كتاب معاوية إلى مروان
كتب معاوية إلى مروان بن الحكم وهو عامله على المدينة:
بلغني أن عبد الله بن عمر قد افتقر وهو هو، فإذا أتاك كتابي هذا، فاحمل إليه ألف دينار. فحملها إليه (3) وقرأ الكتاب عليه.
فقال له عبد الله بن عمر:
يا هذا ألست (4) مع قول الله تعالى: {وَفِي السَّمََاءِ رِزْقُكُمْ وَمََا تُوعَدُونَ (22) فَوَ رَبِّ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مََا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} (5)، ولكني معسر، وسيجعل الله بعد عسر يسرا. ولم يقبل الدنانير.
14162
فصل في التفاؤل من القرآن
خبر عن المعتضد بالله
أخبرني ابن حمدون النديم (6) قال:
حدثني المعتضد بالله، وهو خليفة قال:
__________
(1) في الأصل: (أنا روينا من النبي رسول الله عليه السلام فيما أفيد به من أدبه) والتصويب ما أثبتناه من الفرج.
(2) في الفرج بعد الشدة: (فما مضى على هذا المجلس إلّا أربعة أشهر حتى فرج الله عني وعن كثير ممن حضر ذلك المجلس، وردنا الله تعالى إلى عوائده الجميلة عندنا، فالحمد لله والشكر لله رب العالمين).
(3) في الأصل: (إليها).
(4) في الأصل: (لست).
(5) الذاريات: 22.
(6) هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن حمدون النديم، نادم المتوكل والمعتضد وأورد له صاحب النشوار قصصا وأخبارا (راجع نشوار المحاضرة 1/ 142، 143، 7/ 96).(1/654)
خبر عن المأمون
لما ضرب أبو الصقر (1) بيني وبين الموفق أوحشه مني حتى حبسني الحبسة المشهورة، فكنت أتخوف القتل صباح مساء، ولا آمن أن يبلغه أبو الصقر عني ما يزيد (2) في غيظه علي فيأمر بقتلي، فكنت كذلك حتى خرج الموفق إلى الجبل، فازداد (3) خوفي، وأشفقت (4) أن يكاتبه أبو الصقر. وكان يجيئني (5) كل يوم مراقبا خبري، ويريني (6) أن ذلك خدمة لي، فدخل إليّ يوما وبيدي المصحف وأنا أقرأ فقال:
أيها الأمير أعطني المصحف لأتفاءل (7) لك منه ففتحه، فإذا أول سطر فيه: {عَسى ََ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (8).
فتغير وجهه ثم خلط الورق وفتح المصحف ثانية فخرج:
{وَعَدَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} (9) فوضع المصحف وقال لي:
أنت الخليفة بلا شك فما حق بشارتي؟
فقلت: الله الله في دمي، وأسأل الله أن يبقى أمير المؤمنين (10) الموفق، ومثلك في عقلك لا يطلق هذا القول بمثل هذا الإطلاق (11). فما كان بأسرع من أن قدم الموفق من
__________
(1) أبو الصقر إسماعيل بن بلبل استوزره الموفق لأخيه المعتمد، بلغ من الوزارة مبلغا عظيما، قبض عليه المعتمد فحبسه، وعاقبه ثم قتله في محبسه، واستصفى أمواله (راجع الفخري: 188).
(2) في الأصل: (أن يبلغه عن أبو الصقر عني ما يريد) 700والصواب ما أثبتناه.
(3) في الأصل: (فارداد).
(4) في الأصل: (وشفقنا).
(5) في الأصل: (يحيى).
(6) في الأصل: (وبرنني).
(7) في الأصل: (لاثقال).
(8) الأعراف: 129.
(9) النور: 55.
(10) لم يل الموفق بالله الخلافة اسما، ولكن تولاها فعلا لضعف أخيه المعتمد على الله الذي حجر عليه، وهكذا ينبغي أن يفهم لقبه ب (أمير المؤمنين)، يقول عنه صاحب الفخري: 226: (كانت دولة المعتمد دولة عجيبة كان هو وأخوه الموفق طلحة كالشريكين في الخلافة، للمعتمد الخطبة والسكة والتسمي بإمرة المؤمنين ولأخيه طلحة الأمر والنهي).
(11) في الأصل: (الإنفاق).(1/655)
الجبل وقد اشتد (1) المرض عليه ومات فأخرجني الغلمان من الحبس ونصبوني مكانه وفرّج الله عني وقاد (2) الخلافة إلي، ومكنني من عدوي أبي الصقر فأنفذت (3) حكمي فيه.
14172 - قال:
خبر عن الأمين مع إبراهيم بن المهدي
ولما حوصر المخلوع، واشتد عليه الأمر، ولاحت له شواهد الهلاك (4) قال يوما لإبراهيم بن المهدي وهما [في] (5) زورق:
يا عمّ إني أظن [أن] (6) أمري قد قرب.
فقال له إبراهيم:
بل يطيل [الله] (7) عمرك ويكبت (8) عدوّك، فسمعا قارئا (9) يقرأ: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيََانِ} (10):
فقال: يا عم أما سمعت؟.
فقال إبراهيم: ما سمعت شيئا. وكان قد سمع فلم تمض (11) مدة حتى قتل.
24172 - ولما ورد الخبر على المأمون بقتل أخيه المخلوع، كتم (12) ذلك انتظارا لما يرد عليه متأنيا في (13) صحته، وركب من ساعته. فلما خرج من باب داره وهو كالحيران ينتظر ما
__________
(1) في الأصل: (الحبل وقد استد عليه ومات).
(2) في الأصل: (وقاة).
(3) في الأصل: (انفدت).
(4) في الأصل: (فقال).
(5) زيادة ليست في الأصل.
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) في الأصل: (تكتب).
(9) في الأصل: (قاربا).
(10) يوسف: 41.
(11) في الأصل: (يمضي).
(12) في الأصل: (كثم).
(13) في الأصل: (ثانيا من) لعل ما أثبتناه أقرب إلى الصواب.(1/656)
يتفاءل به من زجر وفأل، إذا هو بأعمى يتلو، فهو أول صوت وقع في مسامعه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مََا أَنَا بِبََاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخََافُ اللََّهَ رَبَّ الْعََالَمِينَ (28)} {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحََابِ النََّارِ وَذََلِكَ جَزََاءُ الظََّالِمِينَ (29)} {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخََاسِرِينَ (30)} (1)، فهاله ذلك وأمر بإحضار الأعمى فأحضر، فقال له: من حملك على تلاوة ما تلوت فقال: والله ما حملت عليها وأنا حافظ لجميع القرآن، فلقيت هذه الآية كأني لا أحفظ (2) غيرها.
34172
خبر عن عمرو بن الليث
قال: سمعت بعض المشايخ على أن عمرو بن الليث لما توجه إلى محاربة إسماعيل بن أحمد في ثلاثين ألف فارس، اختار محلة (3) الحيرة من نيسابور ومعه أحمد أبو عمر (4)
الخفاف فسمع أعمى يقرأ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (5)، فأسرها أبو عمر في نفسه، وأيقن بهلاك عمرو (6):
فلم يمض إلّا مقدار شهرين حتى ورد الخبر بأسر عمرو (7).
14182 - وفي (8) كتاب الوزراء للصولي:
إن المتوكل لما أراد أن يستكتب عبيد الله بن يحيى بن خاقان أحب أن يرى (9) خطّه، فأمره أن يكتب بين يديه، فجلس، وكتب خطا حسنا استحسنه المتوكل.
__________
(1) المائدة: 3028.
(2) في الأصل: (لاحفظ).
(3) في الأصل: (أل غار احتا وبمحلة).
(4) في الأصل: (الحمد وبو).
(5) القمر: 45وفيها: (استهزم).
(6) في الأصل: (عمر) والصواب ما أثبتناه.
(7) في الأصل: (عمر) والصواب ما أثبتناه.
(8) في الأصل: (ووفى).
(9) في الأصل: (ترى).(1/657)
فقال الفتح: يا أمير المؤمنين الذي أكتب (1) أحسن من خطه فنظر فيه فإذا هو: {إِنََّا فَتَحْنََا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللََّهُ مََا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمََا تَأَخَّرَ} (2)
[فقال] (3): قد تفاءلنا ببركة ما كتب، فولاه ما عرض (4) عليه ثم استوزره.
24182 - كان بعض العلوية يشرب عشرة أيام، ويقصر في الصلاة، ثم اغتسل وصلّى وفتح المصحف، ليتفاءل بما تقع (5) عينه عليه منه فإذا أول سطر مما فتحه {وَلَوْلََا رَهْطُكَ لَرَجَمْنََاكَ وَمََا أَنْتَ عَلَيْنََا بِعَزِيزٍ} (6).
34182
فصل في ذكر القرعة
آيات من القرآن
وما فيها من تمييز الأشياء المشتركة وقسمتها وغير ذلك مما قل مبلغ الانتفاع بالاقتراع (7) في تلك الأبواب وما ينسجم (8) به من أبواب التشاجر والخصومات [مما] (9) لم يخف عليك (10) مكان المنفعة العظيمة التي هدى الله خلقه، ليستخرجها (11) باستعمالهم إياها كما قال عز ذكره في بعض شأنها: {وَمََا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلََامَهُمْ أَيُّهُمْ}
__________
(1) في الأصل: (الذي كتب).
(2) الفتح: 21.
(3) في الأصل: (العرض).
(4) في الأصل: (قد تناعلنا).
(5) في الأصل: (يقع).
(6) هود: 91.
(7) في الأصل: (بالامتراع).
(8) في الأصل: (ينجسم).
(9) زيادة ليست في الأصل.
(10) في الأصل: (يحف عليه).
(11) في الأصل: (لا يستخرجها).(1/658)
{يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (1). فلما أزال بعض الناس الغرض (2) من (3) الاقتراع إلى المذهب المذموم (4)
المستهلك للأموال بغير حلها (5) وحقها أعني القمار، صار مذموما معدودا من أعظم أبواب الفساد بأن ينال (6) العناية من الساسة، وحفظة الدين بالنهي عنه والمعاقبة على متعاطيه.
14192
فصل في حب الوطن
الدور للناس كالعششة للطير، والأوجر للوحش، والجحر (7) للحشرات [و] (8) قدر الرجل [في] (9) مأوى وموضع أمنه، ومسكن قلبه، ومجمع ولده وأحب (10) ملكه، ومأتى ضيعته وملتقى عدوه وصديقه ولا شيء أصعب على الناس من الخروج من ديارهم.
وقد أخبر الله تعالى عن طبائعهم. فقال:
{قََالُوا وَمََا لَنََا أَلََّا نُقََاتِلَ فِي سَبِيلِ اللََّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنََا مِنْ دِيََارِنََا وَأَبْنََائِنََا} (11).
وقرن الخروج منها بالقتل فقال تعالى: {وَلَوْ أَنََّا كَتَبْنََا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيََارِكُمْ مََا فَعَلُوهُ إِلََّا قَلِيلٌ} (12).
__________
(1) آل عمران: 44.
(2) في الأصل: (الفرض).
(3) في الأصل: (في).
(4) في الأصل: (المأموم).
(5) في الأصل: (جلها).
(6) في الأصل: (بان تناكر).
(7) في الأصل: (وللأوجره والوحش والحجرة).
(8) زيادة ليست في الأصل.
(9) زيادة ليست في الأصل.
(10) في الأصل: (مجيب وما يأتي صنعه).
(11) البقرة: 246وفي الأصل: (وقالوا ما لنا).
(12) النساء: 66.(1/659)
وقال عز ذكره: {فَالَّذِينَ هََاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيََارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} (1).
وقال تعالى: {لََا يَنْهََاكُمُ اللََّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقََاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} (2)، ثم بعقب هذه الآية قال: {إِنَّمََا يَنْهََاكُمُ اللََّهُ عَنِ الَّذِينَ قََاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ وَظََاهَرُوا عَلى ََ إِخْرََاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} (3)
وقال: {إِنَّمََا يَنْهََاكُمُ اللََّهُ عَنِ الَّذِينَ قََاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيََارِكُمْ وَظََاهَرُوا عَلى ََ إِخْرََاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} (4)، فجعل الجلاء عن الوطن عذاب الدنيا.
14202
فصل في اليمين
المفسرون
قال المفسرون (5) في قوله تعالى: {وَكََانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} (6)، قالوا:
__________
(1) آل عمران: 195.
(2) الممتحنة: 8وفيها: (يقاتلونكم).
(3) الممتحنة: 9.
(4) الحشر: 3.
(5) في الأصل: (المفسرين).
(6) الواقعة: 46، وفي تنوير المقباس ص 454: (اليمين الغموس).(1/660)
اليمين الكاذبة.
ويحكى أن أبا حنيفة (1) رحمه الله كان يقول:
إذا ابتليت بالسلطان فمزق إيمانك باليمين ورقّعه بالاستغفار، فإن الله تعالى يقول:
{لََا يُؤََاخِذُكُمُ اللََّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمََانِكُمْ وَلََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (2).
وقالوا في اللغو هذا: إن يحلف على شيء يرى (3) أنه كذلك، وليس كذلك.
قال الشاعر:
ولست بمأخوذ بقول تقوله (4) ... إذا لم تعمّد عاقدات العزائم
24202 - ادعى رجل على علي بن داود بن علي (5) الأصفهاني في مجلس إسماعيل بن إسحاق القاضي (6) مالا، فأنكره، وحلف (7) له فقال له القاضي:
يا أبا إسحاق وأنت مع محلك من العلم في هذا المجلس!
فقال: نعم إن اليمين الصادقة ثناء على الله عز وجل، وإنما فعلت ما أمر الله به رسوله.
فقال: وما هو؟.
قال: أليس الله تعالى قال: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} (8).
__________
(1) في الأصل: (خيفه) والخبر في تحسين القبيح ص 44وفيه: (إذا ابتليتم فخرقوا إيمانكم بالكذب) ولم يستشهد بالآية.
(2) البقرة: 225.
(3) في الأصل: (يراى).
(4) في الأصل: (بماحود يقوله).
(5) في الأصل: (دواوين علي).
(6) ذكره اليغموري في نور القبس ص 334عن الصولي: بأنه ولد سنة مائتين، ذكر ذلك في ترجمة ثعلب، حيث قال: (ولد أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني الملقب بثعلب وإسماعيل بن إسحاق القاضي وأبو مسلم الكحي، والمغيرة بن محمد المهلبي وميمون بن هارون، وعلي بن يحيى المنجم في سنة مائتين).
(7) في الأصل: (وخلف).
(8) يونس: 53. وفيها: (ويسؤزك أي ربي).(1/661)
فقال: فما أرى (1) أن أحدا يقطعك.
34202
فصل في ذكر السلطان
قول للحجاج
قال: كان الحجاج يقول:
والله إن طاعتي أوجب عليكم من طاعة الله لأن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللََّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) فجعل فيه مشوبة، ويقول جل ذكره: {أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (3)، ولم يجعل فيه مشوبة (4) ولو قلت لرجل: [ادخل] (5) من هذا الباب فلم يدخل لحل لي دمه.
14212
من يتيمة ابن المقفع
وفي يتيمة (6) ابن المقفع: إن مثل القليل من مضار السلطان في جنب الكثير من منافعه، كمثل الغيث الذي يحيي الله به الأرض بعد موتها، وقد تأذى (7) به السفر كما قال الله تعالى: {إِنْ كََانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ} (8) ويتداعى له البنيان ويسيل (9) منه السيل، فيهلك الناس والدواب، ويموج منه البحر، فتشتد به البلية على أهله، وتكون (10) الصواعق،
__________
(1) في الأصل: (رأى).
(2) التغابن: 16.
(3) النساء: 59، وفي الأصل: (وأطيعوا الله).
(4) في الأصل: (مشوبه) مصحفة.
(5) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(6) في الأصل: (سمة) محرفة، ولم نجد نص ابن المقفع في المنشور من الدرة اليتيمة ولا آثاره الأخرى: آثار ابن المقفع ط دار مكتبة الحياة بيروت سنة 1978.
(7) في الأصل: (تنادي). محرفة.
(8) النساء: 102وفي الأصل: (وإن كان).
(9) في الأصل: (تبداعي له البنيان وسيل).
(10) في الأصل: (فيشتد عن ويكون).(1/662)
فلا يمنع الناس إذا نظروا إلى آثار رحمة الله في الأرض التي أحيا، والنبات (1) الذي بسط [أن] (2) ينظروا (3) نعمة ربهم، ويشكروها، ويذكروا (4) ذكر خواص البلايا التي خصت الخلق، ولم تعمهم جميعا، وكمثل الرياح التي يرسلها الله: {بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (5)، فيسوق بها السحاب، ويجعلها الله لقاحا للأشجار وروحا للعباد ويتنسمون فيها، ويتقلبون (6) فيها وتجري بها مياههم، وتتقد نيرانهم، وتجري سفائنهم (7) وقد تضرّ بكثير (8) من الناس في برّهم وبحرهم، ويخلص ضررها إلى (9) أنفسهم وأموالهم، فلا ينزلها (10) ذلك عن منزلتها التي جعلها الله بها، وأمرها الذي سخرها له من قوام عباده وتمام نعمه (11). وكمثل الشتاء والصيف اللذين يجعل الله تعالى بردهما وحرّهما صلاحا للحرث والنسل، ونتاجا للنخل (12) والحب، فالبرد يجمعهما ويلقحهما ويفضخهما (13) مع سائر ما يعرف من منافعهما. وقد يكون من التناوب (14) بهما وما فيهما من الحر والبرد والزمهرير والسمائم (15)، ما يأتي على الأنفس، ويقطع عن المعاش، وهما مع ذلك لا ينشآن إلا إلى
__________
(1) في الأصل: (والبيات) مصحفة.
(2) زيادة ليست في الأصل، اقتضاها السياق.
(3) في الأصل: (يعيطوا) ونظره بمعنى تأمله بعينه.
(4) في الأصل: (يذكر).
(5) الأعراف: 57.
(6) في الأصل: (روجا يتسمون وينقلبون).
(7) في الأصل: (سقافيهم).
(8) في الأصل: (نصر بكثر).
(9) في الأصل: (ضرورها إليّ).
(10) في الأصل: (يزالها).
(11) في الأصل: (نعمة).
(12) في الأصل: (للنحل).
(13) في الأصل: (يفحصها)، وفضّخ النخل: احمرّ واصفر.
(14) في الأصل: (التناوى).
(15) السمائم: جمع سموم.(1/663)
الخير والصلاح. وكمثل الليل الذي جعله الله لباسا وسكنا، وقد يستوحش له أخو العقر (1)، ويذبّ فيه (2) ذو الرتبة، وتعدو (3) فيه السباع وتنساب الهوام، فلا يزري صغير ضرّه بكبير نفعه، أو كمثل النهار الذي جعله الله ضياء ونشورا وقد يكون منه على الناس أذى الحر في قيظه (4)، ويصيبهم منه النصب والتعب، وكثيرا ما يشكوه، الناس حتى أنهم يستريحون منه إلى الليل وسكونه، ولو أن الدنيا كانت كلها سراء بلا ضراء، وكانت بلا كدر، وميسورها بلا معسور، لكانت هي الجنة التي لا يشوب مسرتها مكروه، ولا فرحها نوح، والتي ليس فيها تعب ولا لغوب ولا نصب. وكل شيء من أمر الدنيا يكون شرّه خاصا (5) فهو نعمة عامة، وكل شيء يكون نفعه خاصا (6)، فهو بلية عامة.
وإلى هاهنا كلام ابن المقفع.
14222
قول لشاعر
أنشد عن بعض البلغاء قول الشاعر:
ما اختلف الليل والنهار ولا ... دارت نجوم السماء في الفلك
إلا لنقل النعيم عن ملك ... قد انتهى ملكه إلى ملك
وملك ذي العرش دائم أبدا ... ليس بفان ولا متّرك (7)
فقال: قد وضح القول الذي ليس كالأقوال عن أن الله تعالى يؤتي [ملكه] (8)
من يشاء، وينزعه عمن يشاء، ويذل من يشاء (9). فصار إقراره إياه في نصاب، ونزعه إياه، من
__________
(1) أخو العقر: أي أن الكريم قد يستوحش السير ليلا.
(2) في الأصل: (يدب) يقال: ذب فلان لونه، وذببنا ليلتنا: أتعبنا في السير.
(3) في الأصل: (وبعدوا).
(4) في الأصل: (أدى الحرفي قيظهم).
(5) في الأصل: (خاصة).
(6) في الأصل: (خاصة).
(7) في الأصل: (ليس يعان ولا لمغترك).
(8) في الأصل: (يؤتيه من يشاء).
(9) في الأصل: (عمن يشا من يشا) وفي الكلام إشارة إلى قوله تعالى: {قُلِ اللََّهُمَّ مََالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشََاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشََاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشََاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشََاءُ} آل عمران: 26.(1/664)
أحرى (1) الأمور التي يفعلها الله بحكمته، ويعتمد فيها (2) مصالح بريته.
14232
فصل في الهدية
للفضل بن سهل
قال: كان الفضل بن سهل (3) يقول:
ما أرضى الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلّت السخايم، ولا دفعت المغارم بمثل الهدية. وأعظم خطرها وجلالة قدرها ما قالت ملكة سبأ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنََاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (4).
24232
فصل في الرياح
قول عبد الله بن عمر
قال عبد الله بن عمر (5):
الرياح ثمان، فأربع: رحمة، وأربع عذاب، فالتي هي الرحمة فالمبشرات (6) والمرسلات (7) والذاريات (8) والناشرات (9). وأما التي للعذاب: فالصرصر (10)
__________
(1) في الأصل: (أحرمي) تحريف.
(2) في الأصل: (منها) تحريف.
(3) الفضل بن سهل السرخسي يكنى أبا العباس وزير المأمون وصاحب تدبيره ولقبه بذي الرياستين (الحرب والسياسة). قتل في سرخس نحو 202هـ. تاريخ بغداد 12/ 339.
(4) النمل: 35.
(5) في الأصل: (عمر قال الرياح).
(6) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيََاحَ مُبَشِّرََاتٍ} الروم: 46.
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلََاتِ عُرْفاً} المرسلات: 1.
(8) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالذََّارِيََاتِ ذَرْواً} الذاريات: 1.
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالنََّاشِرََاتِ نَشْراً} المرسلات: 3.
(10) إشارة إلى قوله تعالى: {وَأَمََّا عََادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عََاتِيَةٍ} الحاقة: 6.(1/665)
والعقيم (1) وهما في البر، والعاصف (2)، والقاصف (3)، وهما في البحر.
34232
فصل في ذكر الذهب وفضله
قول أبي زيد البلخي
قال أبو زيد البلخي (4):
معلوم أنه ليس من الجواهر [ما يبقى] (5) الأزمنة الطويلة دون فساد يعرض فيه، حتى أن العامة (6) لتحكم، بأنه جوهر لا فساد فيه البتة (7). وإنما خص بهذا البقاء الطويل وإبطال آفات التغير والاستحالة عنه بسبب اعتدال مزاجه (8) في الحرارة والرطوبة واليبوسة (9)، فإن كل ما خرج من الأشياء المركبة عن الاعتدال إلى إفراط كيفيته عليه لأسرع (10) الفساد إليه إذ كانت صورة الكون إنما قامت باعتدال الأمزجة، وكذلك الفساد الذي هو ضد الكون إنما سببه الخروج (11) عن الاعتدال. فلما خص جوهر الذهب بالمزاج المعتدل بما لم يشركه فيه شيء من الجواهر الأخر، أبطأت آفات (12) التغير والاستحالة عنه. ومن أجل
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {وَفِي عََادٍ إِذْ أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} الذاريات: 41.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: {فَالْعََاصِفََاتِ عَصْفاً} المرسلات: 2.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قََاصِفاً مِنَ الرِّيحِ} الإسراء: 69.
(4) ترجمته في 1/ 193من الاقتباس.
(5) زيادة ليست في الأصل اقتضاها السياق.
(6) في الأصل: (الفاقه).
(7) في الأصل: (البتة).
(8) في الأصل: (اعتذال مراجه).
(9) في الأصل: (اليوسه).
(10) في الأصل: (كيفية عليه لإسراع).
(11) في الأصل: (الحروج).
(12) في الأصل: (أقات).(1/666)
اعتدال مزاجه لم يؤخذ (1) فيه من الصدأ والصهوكة (2) ما يوجد في هذه (3) الجواهر الأخر، إذ كان كل منها يكسب الأطعمة والأشربة المحمولة (4) فيه صدأ، ويوجد سليما من هذا العارض، ولذلك اختار الملوك والعظماء الأكل والشرب فيه، ووعد الله تعالى عباده في دار الثواب فقال: {يُطََافُ عَلَيْهِمْ بِصِحََافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوََابٍ} (5)، كما قال في باب الحلية والزينة (6): {جَنََّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهََا يُحَلَّوْنَ فِيهََا مِنْ أَسََاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (7)، وذلك لما كانت العادة جرت به من متنعمي (8) الملوك في هذه الدنيا بأن يجعلوا حليهم (9) في الأعضاء الشريفة من الذهب، فكذلك كان من شأنهم إذا بالغوا في إكرام من يقفون (10) منه على جميل في الحروب والدفاع عن حوزة (11) الملك أن يسوروه بأسورة من الذهب.
ولجلالة أقدارها عندهم (12) ما حكى الله تعالى في قصة موسى عليه السلام عن فرعون أنه قال: {فَلَوْلََا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جََاءَ مَعَهُ الْمَلََائِكَةُ} (13). من أحسن ما وصف به الذهب قول قدامة (14) حكيم المشرق:
__________
(1) في الأصل: (أحل لم يوخد).
(2) السهوكة: صدأ الحديد.
(3) في الأصل: (هذا).
(4) في الأصل: (تكسب المخمولة).
(5) الزخرف: 71في الأصل: (واكواهب).
(6) في الأصل: (الحلية قال زينة).
(7) فاطر: 33.
(8) في الأصل: (متعمي).
(9) في الأصل: (حيلهم).
(10) في الأصل: (يقضون).
(11) جوزه أن يسوره).
(12) في الأصل: (لحلاله عنهم).
(13) الزخرف: 53.
(14) هو جد قدامة بن جعفر صاحب نقد الشعر ونقد النثر، وقد نبه على ذلك محقق كتاب الحيوان وإن لم يجد ما يتحقق به. وقد ورد ذكره في مجموعة رسائل الجاحظ، ووصفه بحكيم المشرق. وكان صاحب كيمياء. راجع هامش الحيوان 5/ 95، مقدمة الخراج وصناعة الكتابة، مقدمة نقد النثر ص 33.(1/667)
(وشعاع معقود) (1) فأتى بعلة عجيبة حين ذكر أنه شعاع للشمس قد انعقد فصار جمادا (2).
14252
فصل في ذكر النار
قول الجاحظ في عظم شأن النار وقدرها
قال الجاحظ (3):
(قد عظم الله شأن النار في صدور الناس، وأخبر عن قدرها ونباهتها في الدنيا والآخرة. فمن مواضعها التي عظمت بها: أن الله تعالى (4) جعلها آية لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم (5)، وتعرف (6) نياتهم، فكانوا يتقربون بالقربان (7)، فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من (8) السماء حتى تحيط به فتأكله، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقربه، ومتى لم يروها وبقي القربان على حاله قضوا بأنه: كان مدخول القلب، فاسد النية، ولذلك قال الله تعالى (9): {الَّذِينَ قََالُوا إِنَّ اللََّهَ عَهِدَ إِلَيْنََا أَلََّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتََّى يَأْتِيَنََا بِقُرْبََانٍ تَأْكُلُهُ النََّارُ} (10).
__________
(1) النص في الحيوان 5/ 95، وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذهب: (شعاع مركوم ونسيم معقود، ونور بصاص، وهو النار الخامدة، والكبريت الأحمر)، وفي محاضرات الأدباء 4/ 623: قال قدامة في وصف الذهب: (شعاع مركوم، ونسيم معقود)، وقد حرر محقق الحيوان في الهامش كلمة الذهن وحققها أي (الفكر)، وحرف ما جاء في نسخة من المخطوط (الدهن)، وصحف ما جاء في محاضرات الأدباء، وقد جانبه الصواب لأن سياق كلام الثعالبي يؤكد أن الوصف للذهب، وينطبق عليه ما جاء مفصلا في الحيوان، ويؤكده تعليق الثعالبي إذ يستحسن وصف الذهب بشعاع الشمس المعقود الجامد.
(2) في الأصل: (ذكو قد ابعد حماد).
(3) قول الجاحظ في الحيوان 4/ 461، ويبدأ النصّ من قوله: (فمن مواضعها التي).
(4) في الحيوان: (عز وجل).
(5) في الأصل: (إخلاصمهم).
(6) في الحيوان: (وتعرف صدق نياتهم).
(7) في الأصل: (القربات).
(8) في الحيوان: (نار من قبل السماء).
(9) في الحيوان: (تعالى في كتابه).
(10) آل عمران: 183. وتتمة الآية في الحيوان {قُلْ قَدْ جََاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنََاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ}.(1/668)
والدليل على أن ذلك قد كان من شأنهم معلوما (1) قوله تعالى: {قُلْ قَدْ جََاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنََاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} (2)، ثم إن الله ستر على عباده وجعل ما في (3) ذلك في الآخرة وكان ذلك التدبير مصلحة (4) في ذلك الدهر، ووافق (5)
طبائعهم وعللهم. وقد كان القوم من المعاندة (6) على [مقدار] (7) لم يكن لينجح فيهم، ويكمل لمصلحتهم إلّا ما كان في هذا الوزن [القربان] (8).
وأما نار موسى فقد نطق بذكرها القرآن في مواضع كثيرة، فكان ذلك مما زاد في قدرها وجلالتها (9).
وأما نار إبراهيم عليه السلام فقوله (10) تعالى لها {يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ} (11) وفيها ما فيها من علو الأمر ونباهة الذكر.
__________
(1) في الحيوان: (قد كان معلوما).
(2) آل عمران: 183.
(3) في الحيوان: (بيان ذلك).
(4) في الحيوان: (مصلحة ذلك الزمان).
(5) في الحيوان: (ووفق طبائعهم).
(6) في الحيوان: (من المعاندة والغباوة).
(7) زيادة يقتضيها السياق في الحيوان.
(8) هذه الكلمة غير موجودة في الحيوان، وقبلها ورد في الحيوان: (فهذا باب من عظم شأن النار في صدور الناس).
(9) في الأصل: (وإنما نار قوله).
(10) تغاير هذا النص عما ورد في الحيوان بتقديم وتأخير واختصار من ذلك: نار إبراهيم عليه السّلام. وقال الله عز وجل: {قََالُوا سَمِعْنََا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقََالُ لَهُ إِبْرََاهِيمُ (60) قََالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى ََ أَعْيُنِ النََّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} ثم قال:
{قََالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فََاعِلِينَ} فلما قال عز وجل: {قُلْنََا يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ} كان ذلك مما زاد في نباهة النار وقدرها في صدور الناس.
(11) الأنبياء: 69.(1/669)
وأما النار التي من أكبر الماعون (1)، وأعظم المرافق (2) في هذه الدنيا [فقد ذكر الله نعمته فيها على عباده فقال:
14262 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نََاراً فَإِذََا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}] (3).
وقال عز ذكره: {أَفَرَأَيْتُمُ النََّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهََا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ} (4). ثم قال سبحانه: {نَحْنُ جَعَلْنََاهََا تَذْكِرَةً وَمَتََاعاً لِلْمُقْوِينَ} (5) أي تذكرة وتبصرة (6) بما فيها من مقادير النعم، وتوهّم ما فيها من تصاريف النقم.
وقد علمنا أن الله تعالى قد عذّب الأمم في هذه الدنيا بالغرق (7) وبالرياح وبالحاصب (8) وبالرجم والصواعق وبالخسف والمسخ (9) وبالجوع والنقص من الثمرات، ولم
__________
(1) الماعون: ما ينتفع به (كذا شرحها محقق الحيوان).
(2) في الأصل: (الموافق) والتصويب من الحيوان. وبعدها: (ولو لم يكن فيها إلا أن الله عز وجل قد جعلها الزاجرة عن المعاصي لكان ذلك مما يزيد في قدرها وفي نباهة ذكرها).
(3) يس: 80، وما بين المعكوفين غير موجود في نص الحيوان.
(4) الواقعة 7371وفي الأصل: (تذكرة)، وفي الحيوان: (فتن عند قوله: {نَحْنُ جَعَلْنََاهََا تَذْكِرَةً وَمَتََاعاً} فإن كنت بهذا القول مؤمنا فتذكر ما فيها من النعمة أولا ثم آخرا ثم توهم مقادير النعم وتصاريفها).
(5) الواقعة 7371وفي الأصل: (تذكرة)، وفي الحيوان: (فتن عند قوله: {نَحْنُ جَعَلْنََاهََا تَذْكِرَةً وَمَتََاعاً} فإن كنت بهذا القول مؤمنا فتذكر ما فيها من النعمة أولا ثم آخرا ثم توهم مقادير النعم وتصاريفها).
(6) في الأصل: (تذكرة وتبصرة).
(7) في الحيوان: (وقد علمنا أن الله عذب الأمم بالغرق و).
(8) في الأصل: (وبالخاصب) مصحفة.
(9) زيادة ليست في الأصل.(1/670)
يبعث عليهم نارا كما بعث عليهم ماء وريحا وأحجارا (1) وإنما جعلها من عقاب الآخر [وعذاب العقبى] (2) ونهى أن يحرق بها شيء (3) من الهوام.
وقال [رسول الله صلّى الله عليه وسلّم] (4) (لا تعذبوا بعذاب الله) (5).
فقد عظّمها كما ترى [وخبّر أن بها ينتقم في الآخرة من جميع أعدائه وليس يستوجبها بشر من بشر ولا حيّ من حي (6) بصنيعة (7) ولا ظلم، ولا خيانة، ولا عدوان. ولا تستوجب النار إلّا بعداوة الله وحده (8)، بها يشفي صدور أوليائه من أعدائهم في الآخرة.
وكل شيء أضافه الله إلى نفسه فقد عظم شأنه، وشدد أمره، وقد فعل الله ذلك بالنار فقال:
{نََارُ اللََّهِ الْمُوقَدَةُ} (9).
__________
(1) في النص إشارة إلى العقوبات التي أنزلها الله تعالى ببعض الأمم والأقوام مما ورد مجملا في قوله: {فَكُلًّا أَخَذْنََا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنََا عَلَيْهِ حََاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنََا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنََا} العنكبوت: 40، وفصلت بعض الآيات من أصيب بالعقوبات: فالغرق لقوم نوح: {لَمََّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنََاهُمْ} الفرقان: 37، وبالرياح لقوم عاد: {وَأَمََّا عََادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عََاتِيَةٍ} الحاقة: 6، وبالحاصب لقوم لوط: {إِنََّا أَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ حََاصِباً إِلََّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنََاهُمْ بِسَحَرٍ} القمر: 64، وبالرجم للشياطين: {وَجَعَلْنََاهََا} (النجوم) {رُجُوماً لِلشَّيََاطِينِ} الملك: 5، وبالصواعق لعاد وثمود: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صََاعِقَةً مِثْلَ صََاعِقَةِ عََادٍ وَثَمُودَ} فصلت: 13، وبالمسخ قردة لبني إسرائيل: {فَقُلْنََا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خََاسِئِينَ} البقرة: 65، وبالجوع ونقص الثمرات في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوََالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرََاتِ} البقرة: 155.
(2) ما بين القوسين غير موجود في نص الحيوان، وفي نص الحيوان اختلاف: (وبالنقص من الثمرات وحجارة وجعلها من عقاب).
(3) في الأصل: (شيئا) تحريف.
(4) ما بين القوسين غير موجود في الحيوان.
(5) خرّج محقق الحيوان الحديث في سنن أبي داود والترمذي والحاكم في المستدرك، انظر الجامع الصغير 9830، والحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ 878.
(6) وفي الأصل: (ولا وحي من وحي).
(7) في الأصل: (بصنعه) والصنيعة من قولهم: صنع إليه معروفا، وصنع صنيعا قبيحا والأخيرة هي المرادة في النص).
(8) في الأصل: (وجده) مصحفة.
(9) الهمزة: 6.(1/671)
ووجه آخر من امتنان الله تعالى بها على خلقه] (1) بقوله للثقلين: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمََا شُوََاظٌ مِنْ نََارٍ وَنُحََاسٌ فَلََا تَنْتَصِرََانِ}. ثم قال على صلة الكلام (2) {فَبِأَيِّ آلََاءِ رَبِّكُمََا تُكَذِّبََانِ} (3). وليس يريد أن إحراق الله العبد بالنار من آلائه (4) ونعمائه ولكنه أراد أن الوعيد الصادق إذا كان في غلبة الزجر (5) عما يعطيه ويريده، فهو من النعم السابغة (6)، والآلاء العظام (7).
وما زال الناس كافة والأمم قاطبة حتى جاء الله بالحقّ مولعين بتعظيم النار حتى، ضل (8) كثير من الناس، لإفراطهم (9) فيها أنهم يعبدونها.
فأما (10) النار العلوية كالشمس (11) فقد عبدت البتة قال الله عز وجل (12):
{وَجَدْتُهََا وَقَوْمَهََا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللََّهِ} (13).
[وقال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ََ} (14)،
__________
(1) ما بين القوسين [وخبر أن بها على خلقه] غير موجود في الحيوان.
(2) في الحيوان: (ولذلك قال على نسق الكلام).
(3) الرحمن: 35، 36.
(4) في الأصل: (الآية) محرفة.
(5) في الأصل: (غلية الرجز).
(6) في الأصل: (يرديه السابعة).
(7) في الحيوان جاء المعنى بلفظ آخر: (ولم يعن أن التعذيب بالنار نعمة يوم القيامة، ولكنه أراد التحذير بالخوف والوعيد بها، غير إدخال الناس فيها وإحراقهم بها).
(8) في الأصل: (بالحق مواحيق بتعطيم حتى ظن) والتصويب من الحيوان 2/ 478.
(9) في الأصل: (لإفراطهم).
(10) النص في الحيوان 4/ 479.
(11) في الحيوان (كالشمس والكواكب).
(12) في الحيوان (تعالى).
(13) النمل: 24وفي الأصل: (وجدتها تغرب وقومها).
(14) النجم: 49، وفي الأصل: (الشعرا).(1/672)
لأن بعض الأمم كانوا يعبدونها] (1).
وقد يجيء في الأثر، وفي سنة (2) بعض الأنبياء تعظيم النار على جهة التعبد والمحبّة (3)، وعلى جهة إيجاب الشكر على النعمة بها، وفيها فيخلط لذلك كثير من الناس (4)، فيجوزون بها ذلك الحد (5).
وزعم أهل الكتاب أن الله أوصاهم بها فقال:
لا تطفئوا النيران من بيوتي، فلذلك لا تجد الكنائس والبيع وبيوت (6) العبادات إلّا وهي لا تخلو (7) من نار أبدا ليلا ونهارا (8).
[فأما المجوس فإنها لا ترضى بمصابيح أهل الكتاب] (9)، حتى اتخذت البيوت للنيران والسدنة ووقفوا عليها الغلات (10).
ومن نيران (11) الله نار البرق، وقد ذكرها أعرابي، وأحسن ما شاء في وصفها إذ قال:
14282 - نار تجدّد للعيدان نضرتها ... والنار تأخذ عيدانا فتحترق (12)
__________
(1) ما بين القوسين غير موجود في الحيوان.
(2) في الأصل: (وفي سنه).
(3) في الحيوان: (والمحنة) مصحفة، والصواب ما ورد عند الثعالبي
(4) في الأصل: (النار) محرفة.
(5) في الحيوان: (فيجوزون الحد).
(6) في الأصل: (من موتي وبيوت العبادات).
(7) في الأصل: (لا تخلوا).
(8) في الحيوان (ولا نهارا) وبعدها: (حتى اتخذت للنيران البيوت والسدنة ووقفوا عليها الغلات الكثيرة).
(9) ما بين القوسين غير موجود في نص الحيوان، وقد أخل هذا السقط بالمعنى في نص الحيوان.
(10) في الأصل: (ووفقوا العلامات).
(11) في الأصل: (بيران).
(12) ذكر الجاحظ نار البرق في الحيوان 4/ 487، والبيت غير منسوب أيضا في الحيوان. وروايته فيه:
نار تعود به للعود جدّته ... والنار تشعل نيرانا فتحترق(1/673)
يقول: كل نار في الدنيا، فإنها تحرق (1) العيدان، وتستهلكها (2) إلّا هذه (3) النار، فإنها تجيء بالغيث. وإذا غيثت الأرض أحدث (4) الله للعيدان جدّة (5)، وللأشجار أغصانا لم تكن.
ومن النيران نار الحمّى. وقد قال بعض المفسرين في قوله تعالى:
{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا} (6) من حمّ في الدنيا فقد وردها (7).
14282
فصل في ذكر الفيل (8)
قول الجاحظ فيه
قال الجاحظ:
قد جعل الله شأن الفيل (9) من أعظم الآيات، وأكبر البرهانات للبيت الحرام ولقبلة الإسلام، وتأسيا لنبوة النبي عليه السلام، وتعظيما لشأنه بما جرى (10) من ذلك على يد جدّه عبد المطلب، حين عدت (11) الحبشة لهدم البيت، وإذلال (12) العرب. فلم يذكر الله (13) منهم ملكا ولا سوقة باسم ولا نسب ولا لقب، وذكر (14) الفيل باسمه المعروف وأضاف السورة
__________
(1) في الأصل: (تحترق).
(2) في الحيوان: (متبطلها وتهلكها).
(3) في الحيوان: (الإنار لبرق).
(4) في الأصل: (أحدث)، وفي الحيوان: (إذا غيثت الأرض ومطرت أحدث).
(5) في الأصل: (حدة) مصحفة.
(6) مريم: 71.
(7) عن مجاهد: ورود المؤمن النار هو مسّ الحمى جسده في الدنيا لقوله عليه الصلاة والسلام: (الحمى من فيح جهنم) الكشاف 2/ 521.
(8) النص في الحيوان 7/ 211.
(9) في الحيوان: (وقد جعل الله الفيل من أكبر الآيات، وأعظم البرهانات).
(10) في الحيوان: (ولما أجرى).
(11) فى الأصل وفي الحيوان: (عذت)، والكلمة من عدا يعدو بمعنى اعتدى وتعدى.
(12) في الحيوان: (وتذل العرب) ووردت رواية الثعالبي موافقة لإحدى نسخ الحيوان الخطية كما أشار محقق الحيوان.
(13) في الأصل: (أمه) والتصويب من الحيوان.
(14) في الأصل: (وذكره).(1/674)
التي ذكر فيها الفيل إليه (1)، وجعل فيه [من] (2) الآية أنهم كانوا إذا قصدوا به نحو البيت يعصي ويبرك (3)، وإذا خلّوه وسومه (4) صدّ عنه (5)، وصدف (6).
14292
فصل في ذكر الإبل
في فضلها آيات من القرآن
ابتدأ الله تعالى في ذكر ما سخره (7) لعباده من المطايا بالإبل فقال:
{وَالْأَنْعََامَ خَلَقَهََا لَكُمْ فِيهََا دِفْءٌ وَمَنََافِعُ وَمِنْهََا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهََا جَمََالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقََالَكُمْ إِلى ََ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بََالِغِيهِ إِلََّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (8).
ثم ثنى بذكر ما سواها من الخيل والبغال والحمير وقال عز اسمه:
{أَفَلََا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (9). فعجب الناس من خلقها وابتراكها (10) وتحميلها وقيادها بلا مئونة، وإنما قال الناس: الجمال سفن البر من قوله تعالى:
__________
(1) في الحيوان: (الفيل إلى الفيل).
(2) في الأصل: (وجعل فيه الآية) والزيادة من الحيوان.
(3) في الأصل: (بعصى) وفي الحيوان: (تعاصى).
(4) في الأصل: (وسموه) يقال: تركه وسومه: أي وما يريد.
(5) في الأصل: (صدغه).
(6) تتمة الخبر في الحيوان: (وفي أضعاف ذلك التقم أذنه نفيل بن حبيب، وقال: ابرك محمود، وكان اسمه.
(7) في الأصل: (سطره).
(8) النحل: 75وفي الأصل: (بالغيه) محرفة.
(9) الغاشية: 17.
(10) في الأصل: (وافراكها) والابتراك: الإسراع في العدو.(1/675)
{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنََّا حَمَلْنََا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنََا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مََا يَرْكَبُونَ} (1).
24292 - وقال بعض العرب:
ما اقتنى (2) الناس خيرا من الإبل، إن حملت أثقلت، وإن مشيت أبعدت، وإن نحرت أشبعت، وإن خلّيت أروت (3).
وقد ذكر الله تعالى هذه المرافق الأربعة في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنََّا خَلَقْنََا لَهُمْ مِمََّا عَمِلَتْ أَيْدِينََا أَنْعََاماً فَهُمْ لَهََا مََالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنََاهََا لَهُمْ فَمِنْهََا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهََا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهََا مَنََافِعُ وَمَشََارِبُ أَفَلََا يَشْكُرُونَ} (4).
وقال بعض أهل العصر مقتبسا من قول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهََا جَمََالٌ} (5).
معيشة المرء جما ... ل به من الحركة
إذا بركت بباب الد ... ار ألقت البركة (6)
__________
(1) يس: 41، 42.
(2) في الأصل: (افتنى).
(3) في الأصل: (حليت انوف).
(4) يس: 7371.
(5) النحل: 6.
(6) في الأصل: (القث البركة) والبيت الأول غير موزون.(1/676)
14302
فصل في ذكر الخيل (1)
لكثرة المرافق التي جمعها الله تعالى في الخيل للإنسان خصّها بالذكر المبين (2) في مواضع من كتابه إذ قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبََاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللََّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (3).
ومن رباط الخيل اشتق منه (4) اسم الرباطات التي هي حصون المسلمين في الثغور والأطراف. ومن رباطها سمّوا مرابطين. وعلى هذا التأويل سميت الخيل حصونا.
قال الشاعر:
ولقد علمت على تجنّبي الرّدى ... أن الحصون الخيل لا مدر القرى (5)
واستفتى بعض السلف في رجل أوصى ببعض ماله للحصون، فقال:
اجعلوها الخيل، ثم أنشد هذا البيت محتجا به.
24302 - وقد سمعنا الله ذكر زينات (6) الدنيا السبعة التي زيّنت (7) لهم، ووجدت مساعيهم مقصورة (8) على اتخاذها والاستكثار منها (9) فقال: {زُيِّنَ لِلنََّاسِ حُبُّ الشَّهَوََاتِ مِنَ}
__________
(1) راجع في فضل الخيل: كتاب الخيل لأبي عبيدة معمر بن المثنى ص 4.
(2) في الأصل: (البينة).
(3) الأنفال: 60.
(4) في الأصل: (به).
(5) في الأصل: (على تخيني على الددى) والبيت للأسعر الجعفي في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص 11، وقبله سبعة أخرى، وفي الحيوان 1/ 346وفيه: (أن رجلا استفتى عبيد الله بن الحسن القاضي عن وصية أبيه الذي أوصى بثلث ماله في الحصون، قال: اذهب فاشتر به خيلا، فقال الرجل: إنما ذكر الحصون؟ قال: اما سمعت قول الأسعر الجعفي؟ وعلق الجاحظ في معنى الحصون أنه ينبغي في مثل هذا القياس على التأويل أنه ما قيل للمدن والحصون حصون إلا على التشبيه بالخيل.
(6) في الأصل: فرسان، ولعلها ما أثبتناه.
(7) في الأصل: (السبع الذي ربيت).
(8) في الأصل: (مقصودة).
(9) في الأصل: (والاستكثان فيها).(1/677)
{النِّسََاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنََاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعََامِ وَالْحَرْثِ} (1).
فخص (2) الخيل بذكر مفرد، ليدل (3) على جلالة قدرها في النعم التي خوّلها (4)
الإنسان، ثم أقسم بأشياء من معاظم الخليقة (5) في قوله عز وجل: {وَالْعََادِيََاتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِيََاتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيرََاتِ صُبْحاً} (6).
14312 - فقد علم أن هذا صفة الخيل، ثم وقع عليها اسم الخير (7) الذي هو أشرف الأشياء، وهو ضد اسم الشر (8) فقال في قصة سليمان عليه السلام:
{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصََّافِنََاتُ الْجِيََادُ (31) فَقََالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتََّى تَوََارَتْ بِالْحِجََابِ} (9).
فلم يختلف أهل التفسير أن المراد بالخير هاهنا الخيل. وعادة العرب مستمرة بإيقاع اسم الخير (10) على اسم الخيل.
__________
(1) آل عمران: 14، وفي الأصل: (رمن الجبل).
(2) في الأصل: (فحص مقود).
(3) في الأصل: (يذكر مقود يدل).
(4) في الأصل: (حولها).
(5) في الأصل: (مغاضم الحليقة).
(6) العاديات: 31.
(7) في الأصل: (الخبر).
(8) في الأصل: (البشر).
(9) ص: 31، 32.
(10) في الأصل: (إبقاع الحير).(1/678)
قال الشاعر:
الخير ما طلعت شمس وما غربت ... موكل بنواصي الخيل معقود (1)
14322
فصل في ذكر سوروآي القرآن
سورة طويلة ليس فيها أمر ولا نهي، ولا تحليل ولا تحريم (2): هي سورة يوسف.
قال: تسع (3) آيات أولها قاف وآخرها نون وهي سورة الشعراء (4) قال {فِرْعَوْنُ وَمََا رَبُّ الْعََالَمِينَ (23) قََالَ رَبُّ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَمََا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} (5)
إلى التاسعة.
__________
(1) البيت متنازع بين الشعراء فلامرئ القيس: كتاب الخيل ص 16، وفيه الشطر الثاني: (معلق بنواصي الخيل معصوب).
ويروي أبو عبيدة في كتابه الخيل ص 14: البيت لإبراهيم بن عمران وهو رجل من الأنصار وفيه الشطر الثاني: (معلق بنواصي الخيل مطلوب).
وجاء البيت في ديوان امرئ القيس ويقال لإبراهيم بن بشير الأنصاري ق 48ص 225وفيه الشطر الثاني: (مطلب بنواصي الخيل معصوب).
(2) في الأصل (تجريم).
(3) في الأصل: (سبع) محرفة.
(4) في الأصل: (الشقرا).
(5) في الأصل: (موقنون) والآيات من الشعراء: 23، 24، ذكر اثنتين منها وهذه السبع الأخر: {قََالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلََا تَسْتَمِعُونَ (25) قََالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبََائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قََالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قََالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمََا بَيْنَهُمََا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28)} {قََالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلََهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} {قََالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30)} {قََالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصََّادِقِينَ}.(1/679)
ثلاث عشرة آية متصلة ليس فيها واو وهي في سورة عبس من لدن قوله:
{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرََامٍ بَرَرَةٍ} إلى قوله تعالى: {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} (1).
24322 - أربع آيات متواليات فيها (ليس فيها) (10) ألف {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) [ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ] (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (2).
كلمة واحدة فيها عشرة أحرف متصلة وهي {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} (3).
عشرة أحرف كلها منفصلة {وَإِذََا رَأَوْكَ} (4).
34322 - آيتان (5) تجمع كل واحدة منهما الحروف كلها إحداهما (6): {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللََّهِ} (7) إلى قوله: {فَاسْتَغْلَظَ} (8) والأخرى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعََاساً} (9).
__________
(1) الآيات من عبس: 2717، والصواب أن الآية (27) ضمنها ليتم عددها 13آية، وهي بعد الآيتين {قُتِلَ الْإِنْسََانُ مََا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمََاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذََا شََاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلََّا لَمََّا يَقْضِ مََا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسََانُ إِلى ََ طَعََامِهِ (24) أَنََّا صَبَبْنَا الْمََاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنََا فِيهََا حَبًّا}.
(10) زيادة ليست في الأصل.
(2) الآيات من سورة المدثر: 2219وما بين المعكوفين ساقط في الأصل.
(3) النور: 55.
(4) الفرقان: 41.
(5) في الأصل: (اثنتان).
(6) في الأصل: (احديهما).
(7) الفتح: 29.
(8) الفتح: 29.
(9) آل عمران: 154.(1/680)
14332 - ليست في القرآن كلمتان إلّا وفيهما، وفي إحداهما حرف من حروف بسم الله الرحمن الرحيم، إلّا قوله: {فَقَدْ صَغَتْ} (1)، وقوله: {فَوْقَ صَوْتِ} (2).
وقد وقعت ثلاث (3) سور متواليات ليس فيها الله وهي {اقْتَرَبَتِ}، و {الرَّحْمََنُ} (4) و {إِذََا وَقَعَتِ} (5).
ستة وعشرون حرفا متوالية ليس فيها من حروف النقط (6) شيء، وهو قوله عز وجل: {وَإِلََهُكُمْ إِلََهٌ وََاحِدٌ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الرَّحْمََنُ الرَّحِيمُ} (7).
24332 - ليس في النصف الأول من القرآن {كُلََا}، وفي النصف الآخر ثلاثة وثلاثون (كلا).
ثلاث ألفات (8) متوالية {وَقََالُوا أَآلِهَتُنََا خَيْرٌ} (9).
ثلاث ياءات (10) متوالية {وَاللََّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}.
__________
(1) في الأصل: (صنعت) والآية من قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبََا إِلَى اللََّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمََا} التحريم: وصغت معناها:
مالت.
(2) الآية من قوله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لََا تَرْفَعُوا أَصْوََاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الحجرات: 2.
(3) في الأصل: (ثلث) وكذا في كل لفظ ثلاث.
(4) المراد سورة (القمر).
(5) المراد سورة (الواقعة).
(6) في الأصل: (التقط).
(7) البقرة: 163.
(8) في الأصل: (العات).
(9) في الأصل: (آلهتنا).
(10) في الأصل: (آيات).(1/681)
ثلاث تاءات (1) {وَمََا كُنْتَ تَتْلُوا} (2).
ثلاث واوات متوالية: {آوَوْا وَنَصَرُوا} (3).
آية فيها (4)، ثلاثون نونا وهي في سورة النور: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنََاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصََارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (5) الآية.
34332 - آية فيها ثلاثون ميما وهي [في] (6) سورة النور {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى ََ حَرَجٌ} (7)
الآية.
14342 - وفي سورة المجادلة خمس آيات في كل آية منها الله في مكان واحد أو مكانين إلى خمسة.
__________
(1) في الأصل: (آيات).
(2) العنكبوت: 48.
(3) الأنفال: 72وفي الأصل: (أووو).
(4) في الأصل: (منها).
(5) في الأصل: (من أبصارهم) والآية من سورة النور: 31وآخرها: {وَلََا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلََّا مََا ظَهَرَ مِنْهََا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى ََ جُيُوبِهِنَّ وَلََا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلََّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبََائِهِنَّ أَوْ آبََاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنََائِهِنَّ أَوْ أَبْنََاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوََانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوََانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوََاتِهِنَّ أَوْ نِسََائِهِنَّ أَوْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُهُنَّ أَوِ التََّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجََالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى ََ عَوْرََاتِ النِّسََاءِ وَلََا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مََا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللََّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
(6) زيادة ليست في الأصل.
(7) النور: 61.(1/682)
قال آيتان آخر كل آية منهما الذال، وهما في سورة هود {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (1)
{عَطََاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (2).
سورة جميع أواخرها انتهاء (3) على الألف إلّا (4) الآية الأولى وهي سورة بني إسرائيل (5)، وفيها ثلاث آيات آخر كل آية رسولا (6).
وقال مجاهد في قوله: {وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (7) قال:
الحاكة.
24342 - قال ابن عباس في قوله تعالى: {ضَيْفِ إِبْرََاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (8)، قال:
قيامه عليهم بنفسه.
وقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} (9)، قال:
(ما عفا عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يرجع فيه [في] (10) الآخرة.
__________
(1) هود: 69.
(2) هود: 108.
(3) في الأصل: (ياتها).
(4) في الأصل: (إلى).
(5) يعني سورة الإسراء.
(6) في الأصل: (رسولان)، والآيات هي {حَتََّى نَبْعَثَ رَسُولًا} آية 15، {إِلََّا بَشَراً رَسُولًا} آية 93، {أَبَعَثَ اللََّهُ بَشَراً رَسُولًا} آية 94، وفي السورة نفسها آية 95ختمت ب {لَنَزَّلْنََا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمََاءِ مَلَكاً رَسُولًا}.
(7) الشعراء: 111.
(8) الذاريات: 24.
(9) الشورى: 30.
(10) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.(1/683)
وقال سفيان بن عيينة (1) في قوله عز وجل (2) {سَأَصْرِفُ عَنْ آيََاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (3).
قال: أحرمهم قراءة القرآن.
34342 - وقال أبو عمر عن ثعلب (4) في قوله {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (5)، قال:
قول الله كله حسن، ولكن فيه الأمر (6) بالقصاص، وفيه الأمر بالعدل والإحسان، والإحسان أحسن من العدل.
14352 - في سورة الحج ثمان آيات متوالية في كل واحدة منها (الله) بصفة غير التي تقدمتها من لدن قوله تعالى: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللََّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللََّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرََّازِقِينَ} (7).
آية فيها ما لا يجب أن يفصل (8) ما بينه وبين ما يليه {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيََّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللََّهِ رَبِّكُمْ} (9) لا يزد عما تقدمه وكذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ}
__________
(1) في الأصل: (عبيبة).
(2) في الأصل: (وجلا).
(3) الأعراف: 146.
(4) في الأصل: (تغلب).
(5) الزمر: 18.
(6) في الأصل: (الأمن).
(7) الحج: 65.
(8) في الأصل: (ما لا يحب أن يفصل).
(9) الممتحنة: 1.(1/684)
{تَشِيعَ الْفََاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيََا وَالْآخِرَةِ} (1).
24352 - قال: آيتان ينبغي أن يفصل بينهما أعني بين (2) آخر الأولى وأول الأخرى: {إِنَّ اللََّهَ شَدِيدُ الْعِقََابِ (7) لِلْفُقَرََاءِ الْمُهََاجِرِينَ} (3).
__________
(1) النور: 19.
(2) في الأصل: (يفصل بينهم بين).
(3) الحشر: 7، 8.(1/685)
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة
14372(1/687)
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة
14372
الباب الرابع والعشرون في الدعوات المستجابة (1)
فصل في فضل الدعاء وما يتصل به
آيات قرآنية
قال عز وجل لنبيه صلّى الله عليه وسلّم:
{قُلْ مََا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلََا دُعََاؤُكُمْ} (2).
وقال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (3).
وأثنى (4) على قوم فقال: {وَيَدْعُونَنََا رَغَباً وَرَهَباً} (5).
وقال جل اسمه {وَإِذََا سَأَلَكَ عِبََادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدََّاعِ إِذََا دَعََانِ} (6).
24372 - وقال سفيان في قوله تعالى: {سُبْحََانَكَ اللََّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهََا سَلََامٌ} (7).
قال: كان أحدهم (8) إذا أراد أن يدعو قال: سبحانك اللهم.
__________
(1) في الأصل: (في دعوات المستجابة).
(2) الفرقان: 77، وفي الأصل: (دعاكم).
(3) غافر: 60.
(4) في الأصل: (وأنني).
(5) الأنبياء: 90.
(6) البقرة: 186وفي الأصل: (وإذا سئلك).
(7) يونس: 10.
(8) في الأصل: (أخذهم) مصحفة.(1/689)
وقال ابن جريج (1) عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمََا فَاسْتَقِيمََا} (2)، قال:
كان موسى يدعو لهم وهارون يؤمّن، فجعلهما الله داعيين (3).
14382 - قال ابن المعتز (4):
كرم الله لا تنقضي حكمته ولذلك لا تقع الإجابة في كل دعوة. قال الله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوََاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} (5).
قال المفسرون في قوله تعالى: {وَالْبََاقِيََاتُ الصََّالِحََاتُ} (6) قالوا:
إنها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر.
قال الحسن (7):
من دوام على قراءة {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغََاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنََادى ََ فِي الظُّلُمََاتِ أَنْ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنْتَ سُبْحََانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظََّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنََا لَهُ}
__________
(1) في الأصل: (جربح) مصحفة.
(2) يونس: 89.
(3) في الأصل: (داعبين) مصحفة.
(4) هو الخليفة عبد الله بن المعتز الذي نكب، وكان له أخبار في محنته راجع الفرج ص 39، 93، 126، 441.
(5) المؤمنون: 71.
(6) الكهف: 46، وفي الأصل: (الصالخات) مصحفة).
(7) في الفرج بعد الشدة 1/ 11/ أنه قال: عجبا لمكروب غفل عن خمس، وقد عرف ما جعل لمن قالهن قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} إلى قوله {هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، وقوله تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبََادِ (44) فَوَقََاهُ اللََّهُ سَيِّئََاتِ مََا مَكَرُوا} وقوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ}.(1/690)
{وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)} (1) [نجا] (2)، ووعده لا يخلف عزّ ذكره.
24382
من كتاب الفرج بعد الشدة
وقال صاحب كتاب الفرج بعد الشدة:
أنا أحد من أوصي بها (3) في نكبة عظيمة لحقتني، وقد كنت حبست (4)، وتهددت بالقتل، ففرج الله سبحانه عني، وأطلعت في التاسع من يوم قبض عليّ.
قال: دخل طاوس (5) على (6) عليل يعوده، فقال له:
يا طاوس ادع الله لي. فقال:
ادع الله لنفسك فإنه يجيب (المضطر) إذا دعاه، ويكشف السوء (7).
34382 - وفي كتاب الفرج بعد الشدة بإسناد لمصنفه (8) قال:
بينما رجل جالس إذ سمع قارئا يقرأ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذََا دَعََاهُ} (9).
فقال:
يا من يجيب (10) المضطر إذا دعاه، فاكشف (11) ما أنا فيه، قال: فنزلت الحصاة من أذنه.
__________
(1) الأنبياء: 87، 88.
(2) زيادة اقتضاها السياق.
(3) في الأصل: (أوصلها).
(4) في الأصل: (كتب حسبت) تصحيف.
(5) هو أبو عبد الرحمن بن كيسان الهمذاني من أكابر التابعين فقها وحديثا زاهد جريء على وعظ الخلفاء توفي سنة 106هـ راجع حلية الأولياء 4/ 3.
(6) في الأصل: (عليّ).
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذََا دَعََاهُ} النمل: 62. وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(8) الخبر في الفرج بعد الشدة 1/ 20، 21، وفيه: (بينما رجل جالس يعبث بالحصا، ويحذف به إذ رجعت حصاة منه عليه فصارت في أذنه، فجهدوا بكل حيلة فلم يقدروا على إخراجها فبقيت الحصاة في أذنه مدة، وهي تؤلمه فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع قارئا يقرأ
(9) النمل: 62، وفي الأصل: (ألم يجيب).
(10) في الأصل: (يا من يحبد) محرفة.
(11) في الفرج بعد الشدة: (فاكشف عني).(1/691)
أنشد المبرد لأبي يعقوب الخريمي (1) وقد شارف على العمى (2).
يمنّيني (3) الطبيب شفاء عيني ... وهل غير الإله لها طبيب
سأدعو دعوة المضطر ربّا ... يثيب (4) على الدعاء ويستجيب
14392 - وقال بعض السلف (5):
من أراد أن يكثّر ماله وولده، فليلزم الاستغفار لقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوََالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنََّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهََاراً} (6).
__________
(1) أبو يعقوب إسحاق بن حسان شاعر مطبوع من شعراء المولدين، خراساني في الأصل عمي قبل وفاته ت سنة 214هـ، وله ديوان محقق مطبوع.
(2) في الأصل: (الخر يميوقد يشارف العمى) تحريف.
والبيت الأول فقط في ديوان الخريمي ص 65وقبله قوله:
إذا مات بعضك فأبك بعضا ... فإن البعض من بعض قريب
والبيت في ثمانية أبيات منسوبة لصالح بن عبد القدوس: ديوانه ص 128.
(3) في الأصل: (عينني) محرفة.
(4) في الأصل: (سارعوا يثبت) تحريف.
(5) في الفرج بعد الشدة 1/ 28: أن سفيان الثوري سأل جعفر بن محمد فقال له: (يا سفيان إذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار) وفيه أيضا ص 33: أن أعرابيا شكا إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه شكوى لحقته وضيقا في الحال وكثرة من العيال فقال له عليك بالاستغفار فإن الله عز وجل يقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً} وسيأتي تمام الخبر في الصفحة الآتية.
(6) نوح: 1210.(1/692)
24392
فصل في أدعية المكروبين
دعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الحرب
قال: كان النبي (1) صلّى الله عليه وسلّم يقول عند اشتداد الكربة وضيق حلقة (2) البلاء في الحروب:
(تضايقي، وتنفرجي)، ثم يرفع يديه الكريمتين فيقول:
(بسم الله الرحمن، لا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم (3)، اللهم كفّ بأس الذين كفروا إنك أشدّ [بأسا] (4) وأشد تنكيلا) فما نخفضهما (5) حتى ينزل النصر (6).
جبير (7) عن الضحاك عن ابن عباس قال:
دعاؤه يوم حنين
دعا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وآله يوم حنين دعاء هو دعاء كل مكروب: (كنت وتكون، حيا، تموت العيون، وتنكدر (8) النجوم، وأنت حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم) (9).
14402
دعاؤه عند القحط
ولما قحط أهل الحجاز (10) ولا سيما أهل المدينة خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى ظاهرها، فصلّى بالناس ركعتين، ثم صعد المنبر، واستغفر الله كثيرا،
دعاؤه للاستسقاء
ثم رفع يديه فقال (11): (اللهم اسقنا غيثا مريعا ومغيثا غدقا طبقا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث ينبت الزرع ويملأ الضرع ويحيي به
__________
(1) الدعاء في عيون الأخبار 1/ 123وفيه: (تضيقي تنفرجي).
(2) في الأصل: (خلقه).
(3) في عيون الأخبار بعده: (اللهم إياك نعبد وإياك نستعين).
(4) زيادة ليست في الأصل، اقتضاها السياق.
(5) في الأصل: (يحفظهما) مصحفة.
(6) في عيون الأخبار: (فما يخفض يديه المباركتين حتى ينزل الله النصر).
(7) في الأصل: (جوبير) محرفة.
(8) في الأصل: (وتنكسر) محرفة.
(9) إشارة إلى قوله تعالى: {اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لََا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلََا نَوْمٌ} البقرة: 255. ولم نجد الدعاء في كتب الصحاح.
(10) في الأصل: (أهل الحجاز).
(11) الدعاء بروايات وألفاظ مختلفة في سنن ابن ماجة 1/ 404وأبي داود (عون المعبود 4/ 31) ومسند الإمام أحمد 4/ 235، 236 وشرح نهج البلاغة 2/ 772، فعند الأول جاء: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا طبقا مريعا، غدقا عاجلا غير رائث)، وعند الثاني: (غيثا معيثا مريئا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل) وفي شرح النهج: (وحيا ربيعا مربعا، وابلا سابلا، مسيلا مجلّلا، درا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث). والخبر والدعاء بلفظ آخر في تعليق من أمالي ابن دريد ص 99.(1/693)
الأرض بعد موتها) (1) وكذلك يخرج ما في درّها (2) حتى هطلت السماء بمثل أفواه القرب، وجاء أهل البادية يضجون الغرق الغرق، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (حوالينا ولا علينا) فانجاب (3)
السحاب عن المدينة حتى أحاط (4) بها كالأكاليل (5) فضحك النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى بدت نواجذه (6)
ثم قال: (لله درّ أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه من ينشدنا قوله فينا؟) فقام (7) علي وقال:
يا رسول الله لعلك تريد قوله (8):
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يطيف به الهلّاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل
24402
دعاء علي يوم الجمل
وكان من دعاء علي رضي الله عنه في يوم الجمل (9):
اللهم إليك رفعت الأبصار، وأفضت القلوب، وبسطت الأيدي (10)، فافتح بيننا وبين قومنا بالحق (11) وأنت خير الفاتحين (12).
شكوى رجل من ضيق الحال
وجاء (13) أعرابي فشكا إليه شدة وضيقا (14) في الحال، وكثرة من العيال فقال:
__________
(1) المريع: الخصيب، وقد مرع الوادي وأمرع: أكلأ، والمغيث: المعين من الإغاثة، والغدق: الكثير، والطبق والمطبق: العام الواسع، والرائث: البطيء.
(2) في الأصل: (درهما) محرفة.
(3) في الأصل: (حوليتا فانحاب).
(4) في الأصل: (أحرقها كالاكلير).
(5) في الأصل: (أحرقها كالاكلير).
(6) في الأصل: (نواجده) والنواجذ: آخر الأضراس، وتظهر إذا استغرب في الضحك.
(7) في الأصل: (فقال) محرفة.
(8) البيت الأول منسوب إلى أبي طالب في: طبقات فحول الشعراء 1/ 244، وديوان المعاني 1/ 37، وفيه: (ربيع اليتامى).
(9) الدعاء في شرح نهج البلاغة، وفيه: أن عليا عليه السلام قال يوم لقائه أهل الشام بصفين: (اللهم إليك رفعت الأبصار).
(10) في شرح نهج البلاغة: (وبسطت الأيدي، وثقلت الأقدام، ودعت الألسن وأفضت القلوب، وتحوكم إليك في الأعمال).
(11) في شرح نهج البلاغة: (فاحكم بيننا وبينهم بالحق).
(12) إشارة إلى قوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفََاتِحِينَ} الأعراف: 89.
(13) الخبر في الفرج 1/ 33مع خلاف في بعض الألفاظ.
(14) في الأصل: (ضيقة).(1/694)
عليك بالاستغفار فإن الله تعالى يقول: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كََانَ غَفََّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمََاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرََاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوََالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنََّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهََاراً} (1)، فذهب (2) وعاد إليه يوما وقال:
يا أمير المؤمنين، قد استغفرت الله كثيرا وما أرى فرجا! فقال له:
قل (3): يا فراج الهمّ، ويا كاشف الغمّ، ويا منزل القطر، ويا مجيب دعوة المضطر (4)، صلّ على محمد وعلى آله، وفرّج عني ما ضاق له صدري، وعيل معه صبري (5) وقل:
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبََادِ} (6) {وَمََا تَوْفِيقِي إِلََّا بِاللََّهِ} (7) {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (8).
قال الأعرابي (9) فكنت أجمع بين الاستغفار وبين هذه الكلمات، فكشف الله الضر ووسع الرزق.
14412 - قال: دخل الحسن على الحجاج فرأى بناءه وإشرافه فقال:
__________
(1) نوح: 1210، واكتفى التنوخي بإيراد جزء من الآية إلى قوله تعالى: {غَفََّاراً}.
(2) في الأصل: (فدهب) تصحيف.
(3) في الفرج: (قال له لعلك لا تحسن الاستغفار، قال: علمني. فقال: اخلص نيتك وأطع ربك وقل) والدعاء طويل اقتبس الثعالبي منه الفقر الأخيرة.
(4) بعدها في الفرج: (ويا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما صلي).
(5) بعدها تتمة للدعاء أسقطها الثعالبي.
(6) غافر: 44.
(7) هود: 88.
(8) التوبة: 129.
(9) في الفرج قال الأعرابي: فاستغفرت بذلك مرارا فكشف الله عني الغمّ والضيق ووسع على الرزق وأزال المحنة.(1/695)
يعمد أحدكم إلى قصر، فيشيده (1)، وفرش فيتخذه (2). وقد حف به ذباب (3) طمع، وفراش نار ثم يقول: انطروا ما صنعت. قد رأينا يا عدو الله (4) ما صنعت، أما أهل السماوات، فيلعنونك (5).
وأما أهل الأرض فيمقتونك (6)، ثم خرج وهو يقول:
إنما أخذ الله على العلماء ليبيننه للناس، ولا يكتمونه (7) فتغيظ (8) الحجاج وقال:
يا أهل الشام هذا عبد أهل البصرة يدخل فيشتمني (9) في وجهي، فلا يكون لذلك مغير (10)! فلحق نفر من أهل الشام بالحسن، وردوه إلى الحجاج والنطع والسيف بين يديه والحسن يحرك شفتيه (11). فكلمه الحجاج بكلام غليظ، ورفق به الحسن، حتى سكت عنه غضبه، ثم دعا الحجاج بالطعام، فأكلا وبالوضوء فتوضأ، وبالغالية فغليه (12) بها بيده وصرفه مكرما (13)، فقيل للحسن:
بم كنت تحرك شفتيك؟
فقال: كنت أقول:
__________
(1) في الأصل: (فيشده).
(2) في الأصل: (وفشي فيحده).
(3) في الأصل: (خفت دباب).
(4) في الأصل: (باعد الله).
(5) في الأصل: (فليعبرنك).
(6) في الأصل: (فيمضونك).
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللََّهُ مِيثََاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتََابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنََّاسِ وَلََا تَكْتُمُونَهُ} آل عمران:
187.
(8) في الأصل: (فيغيظ) وفي الفرج: (فتغيظ الحجاج غيظا شديدا).
(9) في الأصل: (فيشمتي).
(10) في الفرج: (فلا يكون له فغير ولا نكير).
(11) في الأصل: (بحرك شفتيه).
(12) في الأصل: (وبالبالغة فغلبه). ويريد فعطّره بالغالية (وهو من أرقى أنواع العطور في زمانه).
(13) في الأصل: (مكروبا) وهو تصحيف.(1/696)
يا غايتي (1) عند دعوتي، ويا دعوتي في شدتي، ويا وليّي في نعمتي، ويا إلهي وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق والأسباط، وموسى وعيسى ومحمد، ويا رب كهيعص وطه وياسين ورب القرآن العظيم، اصرف عني شر الحجاج ومعرّته (2)، وارزقني مودته ورحمته (3).
قال راوي هذا الحديث: فما دعوت بها في شدة إلّا تفرجت.
14422 - كتب الوليد بن عبد الملك إلى صالح بن عثمان المري عامله على المدينة (4):
دعاء الحسن يخلصه من بطش الحجاج
أن أبرز (5) الحسن، وكان في حبسه، واضربه في مسجد الرسول خمسمائة سوط، فأخرجه وخرج (6) به إلى المسجد، واجتمع الناس، فصعد صالح المنبر، ليقرأ عليهم الكتاب إذ أقبل علي بن الحسن ففرّج (7) له الناس، حتى انتهى إلى الحسن.
فقال له: يا ابن عم لا ترع (8)، وادع بدعاء الكرب.
قال: وما هو يا ابن عمي؟
قال: قل لا إله إلّا الله الحكيم الكريم، العلي العظيم، سبحان الله ربّ السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين.
وانصرف علي والحسن يكررهن، فلما نزل صالح قال: أرى سجنه مظلوما وأخّروا أمره، لأراجع (9) أمير المؤمنين فيه، فأخّروه. وكتب صالح إلى الوليد ببراءة ساحته فكتب في إطلاقه.
24422 - وعن عطاء قال:
__________
(1) في الأصل: (عايتي) والخبر في الفرج 1/ 48وفيه: أن الحسن بدأ قوله بالعبارة: (الحمد لله أن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم كبرا، وأنا الذي فيهم عبدا).
(2) في الأصل: (وبعزته) والصواب ما أثبتناه.
(3) النص في الفرج 1/ 48وهناك خلاف بسيط في ألفاظ الدعاء.
(4) النص في المستطرف: 62.
(5) في الأصل: (ابدز).
(6) في الأصل: (واخرج). أي افتحوا له الطريق وأفصحواه.
(7) في الأصل: (فاخرج).
(8) في الأصل: (لا تدع).
(9) في الأصل: (مظلوم واخروا أمره لا رجع).(1/697)
خرجت سرية (1) إلى أرض الروم، فسقط رجل منهم عن فرسه، فانكسرت فخذه ولم يمكنهم حمله، فربطوا (2) له فرسه عنده ووضعوا له شيئا من الزاد والماء، فلما تولوا عنه أتاه آت فقال له:
ضع يدك حيث تجد الألم وقل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (3) ففعل، وصح، وركب فرسه، وأدرك أصحابه.
14432
فصل في سائر الدعوات
دعاء الحاجة لعلي
دعاء الحاجة:
قال (4) علي كرم الله وجهه لعبد الله بن جعفر:
ألا أعلمك كلمتين ما علمتهما (5) [إلّا] الحسن والحسين؟
فقال: بلى يا أمير المؤمنين.
قال: إذا سألت الله حاجة فأحببت (6) أن تنجح (7)، فقل:
لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، الحليم الكريم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي العظيم. ثم اذكر حاجتك (8).
__________
(1) في الأصل: (سربه).
(2) في الأصل: (فربطو).
(3) التوبة: 129.
(4) في الأصل: (وقال).
(5) في الأصل: (ما علتهما).
(6) في الأصل: (فاجييت).
(7) في الأصل: (يبحح).
(8) في الفرج بعد الشدة 1/ 60قال الحسن بن الحسين: إن عبد الله بن جعفر زوج ابنته، فلما أراد أن يهديها إلى زوجها، خلا بها فقال: إذا نزل بك الموت أو أمر من أمور الدنيا، فاستقبليه بأن تقولي: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قال الحسن: فبعث إليّ الحجاج فقلتهن، فلما مثلت بين يديه قال: لقد بعثت إليك وأنا أريد أن أضرب عنقك، ودخلت إلي وما من أهل بيت علي أكرم منك سل حاجتك.(1/698)
24432
دعاء الدين للنبي صلّى الله عليه وسلّم
دعاء الدّين:
يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول إذا ركبه الدّين:
اللهم {فََالِقُ الْإِصْبََاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبََاناً} (1)
اقض عني الدّين واغنني من الفقر برحمتك يا أرحم الراحمين.
الدعاء عند الخوف [من] (2) العدو: اللهم إني أسألك بقدرتك التي تمسك بها السماوات السبع أن تقع (3) على الأرض إلّا بإذنك أن (4) تكفني فلانا وشره وضره (5).
دعاء الخوف والصدقة
الدعاء عند إخراج الصدقة:
{رَبَّنََا تَقَبَّلْ مِنََّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (6).
34432
الدعاء عند مواقعة العدو
الدعاء عند مواقعة العدو:
{رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدََامَنََا وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} (7).
الدعاء عند أخذ المصحف
الدعاء عند أخذ المصحف:
{رَبَّنََا آمَنََّا بِمََا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنََا مَعَ الشََّاهِدِينَ} (8).
__________
(1) الأنعام: 96.
(2) زيادة ليست في الأصل اقتضاها السياق.
(3) في الأصل: (يقع).
(4) في النص إشارة إلى قوله تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمََاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلََّا بِإِذْنِهِ} الحج: 65.
(5) في الأصل: (وصدر) والدعاء في نهاية الإرب 5/ 323مع خلاف وزيادة في لفظه.
(6) البقرة: 127.
(7) البقرة: 250.
(8) آل عمران: 53.(1/699)
14442
الدعاء عند النظر إلى السماء
الدعاء عند النظر إلى السماء والنجوم:
{رَبَّنََا مََا خَلَقْتَ هََذََا بََاطِلًا سُبْحََانَكَ فَقِنََا عَذََابَ النََّارِ} (1) {تَبََارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمََاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهََا سِرََاجاً وَقَمَراً مُنِيراً} (2).
24442
الدعاء عند الظلم
الدعاء عند الظلم:
{رَبَّنََا أَخْرِجْنََا مِنْ هََذِهِ الْقَرْيَةِ الظََّالِمِ أَهْلُهََا وَاجْعَلْ لَنََا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنََا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (3)، {رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ} (4).
34442
الدعاء عند الذنب
الدعاء عند الذنب:
{رَبَّنََا ظَلَمْنََا أَنْفُسَنََا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنََا وَتَرْحَمْنََا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخََاسِرِينَ} (5).
44442 - الدعاء عند الخصومة:
{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفََاتِحِينَ} (6).
54442
الدعاء عند التهمة
الدعاء عند التهمة:
__________
(1) آل عمران: 191، والدعاء في الأذكار ص 284.
(2) الفرقان: 61، وفي الأصل: (سراحا).
(3) النساء: 75وفي الأصل: (نصرا).
(4) القصص: 21.
(5) الأعراف: 23وفي الأصل: (تغفر).
(6) الأعراف: 89.(1/700)
{رَبَّنََا إِنَّكَ [تَعْلَمُ]} [1] مََا نُخْفِي وَمََا نُعْلِنُ وَمََا يَخْفى ََ عَلَى اللََّهِ [مِنْ] (2)
شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلََا فِي السَّمََاءِ (3).
64442
الدعاء عند افتتاح الأمر
الدعاء [عند] (4) افتتاح الأمر:
{رَبَّنََا آتِنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنََا مِنْ أَمْرِنََا رَشَداً} (5) {قََالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسََانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} (6).
74442
الدعاء عند الاصطلاء وعند الدخول إلى الحمام
الدعاء عند الاصطلاء ودخول الحمام:
{رَبَّنََا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النََّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمََا لِلظََّالِمِينَ مِنْ أَنْصََارٍ} (7)، {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنََّا عَذََابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذََابَهََا كََانَ غَرََاماً} (8).
14452 - الدعاء عند ذكر السلف:
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنََا وَلِإِخْوََانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونََا بِالْإِيمََانِ وَلََا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنََا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (9).
__________
(1) ساقطة من الأصل.
(2) ساقطة من الأصل.
(3) إبراهيم: 38وما بين القوسين ساقط من الأصل.
(4) زيادة اقتضاها السياق.
(5) الكهف: 10.
(6) طه: 2825.
(7) آل عمران: 192.
(8) الفرقان: 65، ورد في الأذكار ص 285استحباب الداخل للحمام التسمية وسؤال الجنّة والاستعاذة من النار.
(9) الحشر: 10، وفي الأصل: (علا).(1/701)
24452
الدعاء عند دخول بلدة أو منزل
الدعاء عند دخول بلدة أو منزل:
{رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطََاناً} (1).
34452
الدعاء عند الركوب والنزول
الدعاء عند الركوب:
{سُبْحََانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنََا هََذََا وَمََا كُنََّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنََّا إِلى ََ رَبِّنََا لَمُنْقَلِبُونَ} (2).
44452 - الدعاء عند النزول:
{رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبََارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} (3).
54452
الدعاء عند إتيان الأهل
الدعاء عند إتيان الأهل:
{رَبَّنََا هَبْ لَنََا مِنْ أَزْوََاجِنََا وَذُرِّيََّاتِنََا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنََا لِلْمُتَّقِينَ إِمََاماً} (4).
64452
الدعاء عند طلب ولد ذكر
الدعاء عند طلب ولد ذكر:
أستغفر الله. أستغفر الله {رَبِّ لََا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوََارِثِينَ} (5).
74452
الدعاء عند لبس ثوب جديد
الدعاء عند لبس الثوب عند السرور:
__________
(1) الإسراء: 80.
(2) الزخرف: 13، 14والدعاء في نهاية الإرب 5/ 325.
(3) المؤمنون: 29، والدعاء في نهاية الإرب 5/ 326.
(4) الفرقان: 74وفي الأصل: (ذريتنا).
(5) الأنبياء: 89.(1/702)
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى ََ وََالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صََالِحاً تَرْضََاهُ} (1).
84452
الدعاء عند السهو والنسيان
الدعاء عند السهو والنسيان:
{رَبَّنََا لََا تُؤََاخِذْنََا إِنْ نَسِينََا أَوْ أَخْطَأْنََا رَبَّنََا وَلََا تَحْمِلْ عَلَيْنََا إِصْراً كَمََا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنََا} (2).
14462 - الدعاء عند الخطرات المكروهة واستماع أهل البدع:
{رَبَّنََا لََا تُزِغْ قُلُوبَنََا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنََا وَهَبْ لَنََا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهََّابُ} (3).
24462
الدعاء عند الشدة
الدعاء عند الشدة:
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذََابَ إِنََّا مُؤْمِنُونَ} (4).
34462
الدعاء عند الوسوسة
الدعاء عند الوسوسة:
{رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزََاتِ الشَّيََاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (5).
44462
الدعاء عند ذكر الوالدين
الدعاء عند ذكر الوالدين:
__________
(1) النمل: 19.
(2) البقرة: 286.
(3) آل عمران: 8، وفي الأصل: (اد).
(4) الدخان: 12.
(5) المؤمنون: 97.(1/703)
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوََالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنََاتِ} (1).
54462
الدعاء عند النظر إلى المرآة
الدعاء عند النظر في المرآة:
(الحمد لله الذي خلقني فأحسن خلقي وصورني فأحسن صورتي و {فَتَبََارَكَ اللََّهُ أَحْسَنُ الْخََالِقِينَ} (2)).
64462
الدعاء في طرفي النهار
الدعاء في طرفي النهار:
{فََالِقُ الْإِصْبََاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبََاناً ذََلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (3) {فَسُبْحََانَ اللََّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (4).
74462
الدعاء عند رؤية المبتلى
الدعاء عند رؤية المبتلى:
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي فَضَّلَنََا عَلى ََ كَثِيرٍ مِنْ عِبََادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} (5).
14472
الدعاء عند انكشاف البلاء
الدعاء عند اكتشاف البلاء:
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنََا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (6).
__________
(1) نوح: 28.
(2) المؤمنون: 14. وراجع الأذكار ص 270.
(3) الأنعام: 96.
(4) الروم: 17، 18.
(5) النمل: 15، وفي الأذكار ص 169عن الترمذي حديث أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (من رأى) قتيلا فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء).
(6) فاطر: 34.(1/704)
24472
الدعاء عند النظر إلى الولد
الدعاء عند النظر إلى الولد:
{الْحَمْدُ لِلََّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمََاعِيلَ [وَ]} [1] إِسْحََاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعََاءِ (2).
34472
الدعاء لأهل البلد
الدعاء لأهل البلد:
{رَبِّ اجْعَلْ هََذََا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرََاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (3).
44472
الدعاء عند رؤية الهلال
الدعاء عند رؤية الهلال:
(الحمد لله الذي خلقك وقدرك منازل وجعلك آية للعالمين) (4).
54472
الدعاء عند البرق والرعد
الدعاء عند البرق والرعد: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ} [5] السَّحََابَ الثِّقََالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلََائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوََاعِقَ فَيُصِيبُ بِهََا مَنْ يَشََاءُ (6).
64472
الدعاء عند خوف العين
الدعاء عند خوف العين:
__________
(1) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(2) إبراهيم: 39.
(3) البقرة: 126.
(4) إشارة إلى قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنََاهُ مَنََازِلَ} يس: 39، وقوله: {وَمِنْ آيََاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهََارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} فصلت: 37.
(5) في الأصل: (مرسى).
(6) الرعد: 12، 13وراجع الدعاء في الأذكار ص 164.(1/705)
{مََا شََاءَ اللََّهُ لََا قُوَّةَ إِلََّا بِاللََّهِ} (1) {وَإِنْ يَكََادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصََارِهِمْ لَمََّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمََا هُوَ إِلََّا ذِكْرٌ لِلْعََالَمِينَ} (2).
74472
الدعاء عند ركوب السفينة
الدعاء عند ركوب السفينة:
{بِسْمِ اللََّهِ مَجْرََاهََا وَمُرْسََاهََا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).
84472
الدعاء عند الرغبة في العلم والأدب
الدعاء عند الرغبة في العلم والأدب:
{رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (4) {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصََّالِحِينَ} (5).
14482
فصل في أدعية البلغاء
للخوارزمي
وقال أبو بكر الخوارزمي:
(اللهم إنك تحب التوابين وتحب المتطهرين) (6) [فاقبلني] بالتوبة وغسّل عني ضرّ كل حوبة، ربنا إنّا ندعوك بأحسن مما علّمته (7) خلقك، وأنزلت به وحيك {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنََا ذُنُوبَنََا وَإِسْرََافَنََا فِي أَمْرِنََا وَثَبِّتْ أَقْدََامَنََا وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} (8).
__________
(1) الكهف: 39.
(2) القلم: 51، 52.
(3) هود: 41والدعاء في الأذكار 199ونهاية الإرب 5/ 326.
(4) طه: 114.
(5) الشعراء: 83.
(6) ما بين الأقواس إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ التَّوََّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة: 222.
(7) في الأصل: (إنا لك).
(8) آل عمران: 147.(1/706)
وقال: اللهم: (إنك عالم السر وأخفى) (1)، تسمع وترى، وأنت بالمنظر الأعلى (تعلم (2) ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى (3). اللهم حبب إليّ التقوى وبغّض إليّ الدنيا. اللهم اجعل همي وهمتي في الآخرة دون الأولى، وفي نفسي دون الورى، وفي جنة المأوى دون كل دار مثوى. اللهم أعطني كتابي (4) باليمنى، واحشرني في زمرة [من خاف] (5). ربه، ونهى النفس عن الهوى، ولا تحشرني في زمرة من طغى (6)، وآثر الحياة الدنيا إذا جاءت الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم (7).
__________
(1) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ََ} طه: 7.
(2) في الأصل: (له ما).
(3) ما بين القوسين من سورة طه: 6.
(4) في الأصل: (بيد).
(5) في الأصل: (زمرته) وما بين القوسين زيادة اقتضاها السياق.
(6) في الأصل: (زمرة من أطغى).
(7) إشارة إلى قوله تعالى: {فَإِذََا جََاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى ََ (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسََانُ مََا سَعى ََ (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى ََ (36) فَأَمََّا مَنْ طَغى ََ (37) وَآثَرَ الْحَيََاةَ الدُّنْيََا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ََ (39) وَأَمََّا مَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ََ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ََ} النازعات: 4134.(1/707)
الباب الخامس والعشرون في الرقى والأحراز
14492(1/709)
الباب الخامس والعشرون في الرقى والأحراز
14492
الباب الخامس والعشرون في الرقى والأحراز (1)
فصل في فصل [من] (2) الأوجاع [و] (3) الأمراض
24492 - وجد في بعض خزائن بني أمية سفط فيه صندوق فضة (4)، مقفل بقفل ذهب، ففتح عن جريدة فيها صفحة (5) مكتوب فيها: لكل داء يقرأ عليه، فيسكن بإذن الله، بسم الله: الحمد لله، اسكن سكّنتك بالذي سكن له ما {فِي اللَّيْلِ وَالنَّهََارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (6).
اسكن سكّنتك بالذي {وَيُمْسِكُ السَّمََاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلََّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللََّهَ بِالنََّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (7).
اسكن سكّنتك بالذي {يُمْسِكُ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولََا وَلَئِنْ زََالَتََا إِنْ أَمْسَكَهُمََا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كََانَ حَلِيماً غَفُوراً} (8).
__________
(1) في الأصل: (الرقى والأحرار).
(2) زيادة ليست في الأصل.
(3) زيادة ليست في الأصل.
(4) في الأصل: (وجده في بعض جدائر سقط قصة). والسّفط: هو الّذي يعبّى فيه الطيب، وما أشبهه من أدوات. انظر لسان العرب (سفط).
(5) في الأصل: (جريرة فيها صفيحة).
(6) الأنعام: 13.
(7) الحج: 65.
(8) فاطر: 41، وفي الأصل: (وأن تزولا من بعد إذنه).(1/711)
اسكن سكّنتك بالذي {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوََاكِدَ عَلى ََ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِكُلِّ صَبََّارٍ شَكُورٍ} (1).
14502
رقية الحمى
رقية الحمى:
{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنََاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (2) ثم يقرأ: {فَمََا ذََا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلََالُ فَأَنََّى تُصْرَفُونَ} (3)، ثم يقرأ: {بَرََاءَةٌ مِنَ اللََّهِ وَرَسُولِهِ} (4).
لأم ملدم (5) التي تأكل اللحم وتشرب (6) الدم:
{يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ} (7).
24502
رقية لوجع البطن والإسهال
لوجع البطن:
بسم الله {لَئِنْ أَنْجَيْتَنََا مِنْ هََذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشََّاكِرِينَ} (8)، {إِنَّ اللََّهَ بِالنََّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} (9)، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مََا هُوَ شِفََاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (10).
__________
(1) الشورى: 33.
(2) الإسراء: 105.
(3) يونس: 32.
(4) التوبة: 1.
(5) أم ملدم: كنية الحمى، والعرب تقول: قالت الحمى أنا أم ملدم آكل اللحم وأمصّ الدم. وفي الحديث: (جاءت أم ملدم تستأذن). وفي الأصل: إلى.
(6) في الأصل: (ويشرب).
(7) الأنبياء: 69.
(8) يونس: 22.
(9) البقرة: 143.
(10) الإسراء: 82.(1/712)
34502 - للإسهال:
بسم الله الشافي الكافي: {وَقِيلَ يََا أَرْضُ ابْلَعِي مََاءَكِ وَيََا سَمََاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمََاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظََّالِمِينَ} (1).
44502 - للثآليل (2):
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبََالِ فَقُلْ يَنْسِفُهََا رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُهََا قََاعاً صَفْصَفاً (106) لََا تَرى ََ فِيهََا عِوَجاً وَلََا أَمْتاً} (3).
54502
رقية لعسر الولادة ولحمى الربع
لعسر الولادة:
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضَ كََانَتََا رَتْقاً فَفَتَقْنََاهُمََا} (4)، {إِذَا السَّمََاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهََا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مََا فِيهََا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهََا وَحُقَّتْ} (5)، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مََا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلََّا سََاعَةً مِنْ نَهََارٍ} (6).
64502 - للقوباء (7):
__________
(1) هود: 44وفي الأصل: (الطلليبن).
(2) في الأصل: (الثلاليل) والثآليل جمع الثؤلول وهو الخراج، وقيل: الحبة تظهر في الجلد كالحمصة فما دونها.
(3) طه: 107105وفي الأصل: (امتى).
(4) الأنبياء: 30.
(5) الإنشقاق: 51.
(6) الأحقاف: 35وفي الأصل: (النهار).
(7) في الأصل: (للقوبا) والقوباء دار معروف في الجسد يتقشر منه الجلد وينجرد منه الشعر (الصحاح والوسيط مادة قوب).(1/713)
{يَتَوََارى ََ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مََا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى ََ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرََابِ أَلََا سََاءَ مََا يَحْكُمُونَ} (1)، {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبََالِ} (2)
الآية
14512
رقية للصداع والشقيقة ووجع الضرس والقوباء
لحمى الربع (3):
(بسم الله الشافي الكافي، المعافي الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم (4)، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مََا هُوَ شِفََاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (5)، و {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنََاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمََا أَرْسَلْنََاكَ إِلََّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً} (6)، {لََا يَرَوْنَ فِيهََا شَمْساً وَلََا زَمْهَرِيراً} (7)، {يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ} (8)، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا كََانَ عَلى ََ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظََّالِمِينَ فِيهََا} (9).
24512 - للصداع والشقيقة:
__________
(1) النحل: 59.
(2) طه: 105.
(3) الربع في الحمى: إتيانها في اليوم الرابع وذلك أن يحمّ يوما ويترك يومين لا يحم، ويحم في اليوم الرابع.
(4) في سنن ابن ماجة 2/ 1273أنه قال: (ما من عبد يقول صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي) ثلاث مرات فيضره شيء.
(5) الإسراء: 82.
(6) الإسراء: 105.
(7) الإنسان: 13وفي الأصل: (لا مرون).
(8) الأنبياء: 69.
(9) مريم: 71، 72وفي الأصل: (الطالمين) مصحفة.(1/714)
(بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك) (1)، {فَمَنْ كََانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيََامٍ أَوْ صَدَقَةٍ} (2)، {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعََائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (3)، {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرََّاحِمِينَ} (4).
14512 - لوجع الضرس:
بسم الله والحمد لله: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهََا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} (5).
14522 - للمغشي عليه:
{فَلَمََّا تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى ََ صَعِقاً فَلَمََّا أَفََاقَ قََالَ سُبْحََانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (6).
24522
رقية للمصروع والمجنون
للمصروع والمجنون:
{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمََانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ (30) أَلََّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (7)، {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ}
__________
(1) رواه الترمذي: جنائز 4، وابن ماجة: طب 36.
(2) البقرة: 196وفي الأصل: (صدقه) بالهاء مصحفة.
(3) مريم: 4وفي الأصل: (ارب إني).
(4) الأنبياء: 83.
(5) يس: 79وفي الأصل: (من يجبى قل الذي أنشأ).
(6) الأعراف: 143.
(7) النمل: 3130.(1/715)
{لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحََانَ اللََّهِ عَمََّا يَصِفُونَ (159) إِلََّا عِبََادَ اللََّهِ الْمُخْلَصِينَ} (1). و {أَيُّوبَ إِذْ نََادى ََ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطََانُ بِنُصْبٍ وَعَذََابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هََذََا مُغْتَسَلٌ بََارِدٌ وَشَرََابٌ (42) وَوَهَبْنََا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنََّا وَذِكْرى ََ لِأُولِي الْأَلْبََابِ} (2)، {إِنَّ عِبََادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ [سُلْطََانٌ]} (3)، {يََا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطََارِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لََا تَنْفُذُونَ إِلََّا بِسُلْطََانٍ} (4).
34522
في سائر الرقى
للمضروب (5):
{يُرِيدُ اللََّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسََانُ [ضَعِيفاً]} (6)، {ذََلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (7)، {الْآنَ خَفَّفَ اللََّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} (8)، {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ} (9).
__________
(1) الصافات: 160158وفي الأصل: (سبحان الله وجعلوا بينه وبين إلا عباد).
(2) ص: 4341وفي الأصل: (أنه مسني).
(3) الحجر: 42وما بين القوسين ساقط من الأصل.
(4) الرحمن: 33.
(5) المضروب من قولهم: ضرب على يد فلان إذا حجر عليه.
(6) النساء: 28وما بين القوسين زيادة اقتضاها السياق ليست في الأصل.
(7) البقرة: 178.
(8) الأنفال: 66وفي الأصل: (الآن حفف، وخلق الإنسان ضعيفا).
(9) التوبة: 21.(1/716)
اللهم انقطع الرجاء (1) إلّا منك، وخابت (2) الآمال إلّا فيك، صلّ على محمد وعلى آل محمد، واجعل لفلان مما هو فيه فرجا ومخرجا يا أرحم الراحمين.
14532 - لمن يريد أن يغلب خصمه ويقهر عدوّه:
{وَمَكَرُوا مَكْراً كُبََّاراً} (3)، {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنََا مَكْراً وَهُمْ لََا يَشْعُرُونَ} (4) {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبََابَ فَإِذََا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غََالِبُونَ وَعَلَى اللََّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (5).
24532 - للعطف والتآلف:
بسم الله الرحمن الرحيم، وفاتحة الكتاب، والمعوذتين إلى آخرها (6)، وآية الكرسي، و {لَوْ أَنْزَلْنََا} إلى آخر السورة (7)، و {لَوْ أَنْفَقْتَ مََا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مََا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلََكِنَّ اللََّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (8)، و {وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهََا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذََلِكَ لَآيََاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (9)، {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدََاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوََاناً وَكُنْتُمْ عَلى ََ شَفََا}
__________
(1) في الأصل: (أيقطع الرجاء).
(2) في الأصل: (وخاب).
(3) نوح: 22.
(4) النمل: 50.
(5) المائدة: 23.
(6) في الأصل: (آخرهم).
(7) الإشارة إلى سورة الحشر.
(8) الأنفال: 63.
(9) الروم: 21وفي الأصل: (لقوم يتذكرون).(1/717)
{حُفْرَةٍ مِنَ النََّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهََا كَذََلِكَ يُبَيِّنُ اللََّهُ لَكُمْ آيََاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (1)، {عَسَى اللََّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عََادَيْتُمْ [مِنْهُمْ]} [2] مَوَدَّةً وَاللََّهُ قَدِيرٌ وَاللََّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)، {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى ََ عَيْنِي} (4)، {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللََّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلََّهِ} (5).
14542
فصل في الأحراز
حرز من سلطان (6) يخاف:
بسم الله الرحمن الرحيم، {قََالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمََنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (7)
{وَخَشَعَتِ الْأَصْوََاتُ لِلرَّحْمََنِ فَلََا تَسْمَعُ إِلََّا هَمْساً} (8)، {قََالَ اخْسَؤُا فِيهََا وَلََا تُكَلِّمُونِ} (9) {هََذََا يَوْمُ لََا يَنْطِقُونَ} (10). أخذت سمعك وبصرك بسمع الله وببصره. أخذت قوتك بقوة الله (11). بيني وبينك ستر (12) النبوة الذي كانت الأنبياء
__________
(1) آل عمران: 103.
(2) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(3) الممتحنة: 7. وفي الأصل: (عاديتم مودة ورحمة).
(4) طه: 39.
(5) البقرة: 165.
(6) في الأصل: (السلطان).
(7) مريم: 18.
(8) طه: 108.
(9) المؤمنون: 108.
(10) المرسلات: 35.
(11) في الأصل: (بقوت).
(12) في الأصل: (سثن).(1/718)
تستتر (1) (به) من الفراعنة. جبريل عن يمينك، وميكائيل عن شمالك، ومحمد إمامك، والله مطلع عليك يحجبني (2) منك، ويمنعني عنك.
24542 - حرز من الأعداء واللصوص (3):
فاتحة الكتاب والمعوذتان (4) وإذا {قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنََا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لََا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجََاباً مَسْتُوراً} (5) {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلََهَهُ هَوََاهُ وَأَضَلَّهُ اللََّهُ عَلى ََ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى ََ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى ََ بَصَرِهِ غِشََاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللََّهِ أَفَلََا تَذَكَّرُونَ} (6)، {إِنََّا جَعَلْنََا عَلى ََ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذََانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى ََ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} (7)، {أُولََئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللََّهُ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصََارِهِمْ وَأُولََئِكَ هُمُ الْغََافِلُونَ} (8)، {وَجَعَلْنََا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنََاهُمْ فَهُمْ لََا يُبْصِرُونَ} (9).
__________
(1) في الأصل: (تستير) وما بين القوسين زيادة ليست في الأصل.
(2) في الأصل: (يححدني).
(3) في الأصل: (حذر اللصوص).
(4) في الأصل: (المعوذتين).
(5) الإسراء: 45.
(6) الجاثية: 23.
(7) الكهف: 57وفي الأصل: (فإن تدعوهم إلى الهدى).
(8) النحل: 108.
(9) يس: 9.(1/719)
14552 - وعن ابن عباس قال: من كان يخاف ما وراءه، فلينكت (1) بسوط بين أذني دابته (لا تخاف دركا ولا يخشى) (2) وليقل: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللََّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (3)
{يَدُ اللََّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (4)، {إِنََّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} (5).
24552 - حرز من السحر:
{مََا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللََّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللََّهَ لََا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (6).
34552 - حرز الفزع من الليل ومن كل مخوف:
{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبََالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ََ بَلْ لِلََّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشََاءُ اللََّهُ لَهَدَى النََّاسَ جَمِيعاً} (7)، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ مِنَ الرَّحْمََنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ} (8)، {لََا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} (9)، {أَلََّا تَخََافُوا وَلََا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (10)، {وَلََا}
__________
(1) في الأصل: (فلنكت).
(2) من قوله تعالى: {لََا تَخََافُ دَرَكاً وَلََا تَخْشى ََ} طه: 77.
(3) البقرة: 137.
(4) الفتح: 10.
(5) هود: 81.
(6) يونس: 81.
(7) الرعد: 31.
(8) الأنبياء: 42.
(9) الأنبياء: 103.
(10) فصلت: 30وفي الأصل: (لا تخافوا).(1/720)
{خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1).
44552 - حرز من السهر:
آية الكرسي، {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعََاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (2)، {وَجَعَلْنََا نَوْمَكُمْ سُبََاتاً} (3).
54552 - حرز من الهوام:
بعد التسمية، المعوذتان (4)، أعوذ بالله بكلماته التامّات من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللََّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مََا مِنْ دَابَّةٍ إِلََّا هُوَ آخِذٌ بِنََاصِيَتِهََا إِنَّ رَبِّي عَلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (5).
14562 - حرز من كل مخوف:
بسم الله، والحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلّا الله، تحصّنت بالحي الذي لا يموت من شر خلق الله أجمعين، ورميت الذي سرّى بلا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ََ لَا انْفِصََامَ لَهََا وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (6). وأعوذ بالله من شر كل ذي (شر) (7)، وهو غالب كل ذي شر {حَسْبِيَ اللََّهُ لََا إِلََهَ إِلََّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (8).
__________
(1) البقرة: 62والأصل: (لا خوف).
(2) الأنفال: 11، في الأصل: (يغشاكم امنه).
(3) النبأ: 9.
(4) في الأصل: (المعوذتين).
(5) هود: 56.
(6) البقرة: 256، وفي الأصل: (فاستمسك).
(7) زيادة ليست في الأصل.
(8) التوبة: 129.(1/721)
24562 - حرز جامع من الحرج (1):
محمد بن مجاهد لأبي الحسن علي بن عيسى الوزير: فاتحة الكتاب {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمََانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ (30) أَلََّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (2)، {كَتَبَ اللََّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللََّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (3)
{لََا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللََّهَ بِمََا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (4).
{وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطََاناً نَصِيراً} (5)، {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} (6)، {وَاللََّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النََّاسِ} (7)، {وَأَنَّ اللََّهَ لََا يَهْدِي كَيْدَ الْخََائِنِينَ} (8)، {كُلَّمََا أَوْقَدُوا نََاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللََّهُ} (9)، {يََا نََارُ كُونِي بَرْداً وَسَلََاماً عَلى ََ إِبْرََاهِيمَ (69) وَأَرََادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنََاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} (10) {وَزََادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً} (11)، {لَهُ مُعَقِّبََاتٌ}
__________
(1) في الأصل: (تحريج).
(2) النمل: 30، 31وما بين القوسين ساقط من أصل المخطوط.
(3) المجادلة: 21.
(4) آل عمران: 120وفي الأصل: (بما تعملون).
(5) الإسراء: 80.
(6) المائدة: 11.
(7) المائدة: 67.
(8) يوسف: 52.
(9) المائدة: 64وفيها: (أضغاها).
(10) الأنبياء: 69، 70.
(11) الأعراف: 69.(1/722)
{مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللََّهِ} (1)، {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطََاناً نَصِيراً} (2)، {وَقَرَّبْنََاهُ نَجِيًّا} (3)، {وَرَفَعْنََاهُ مَكََاناً عَلِيًّا} (4)، {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمََنُ وُدًّا} (5)، {حَسْبِيَ اللََّهُ} (6) {عَسَى اللََّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عََادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} (7) {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} (8)، {وَيَنْصُرَكَ اللََّهُ نَصْراً عَزِيزاً} (9)، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللََّهَ بََالِغُ} (10)، {فَوَقََاهُمُ اللََّهُ شَرَّ ذََلِكَ الْيَوْمِ وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (11) {وَيَنْقَلِبُ إِلى ََ أَهْلِهِ مَسْرُوراً} (12).
آية الكرسي: {لََا إِكْرََاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطََّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللََّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ََ لَا انْفِصََامَ لَهََا وَاللََّهُ}
__________
(1) الرعد: 11.
(2) الإسراء: 80.
(3) مريم: 52.
(4) مريم: 57.
(5) مريم: 96.
(6) التوبة: 129، الزمر: 38.
(7) الممتحنة: 7. وما بين القوسين ساقط في أصل المخطوط.
(8) طه: 39.
(9) الفتح: 3وفي الأصل: (وينصرك).
(10) الطلاق: 3.
(11) الإنسان: 11.
(12) الإنشقاق: 9.(1/723)
{سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللََّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمََاتِ إِلَى النُّورِ} (1)، {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللََّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلََّهِ} (2)، {رَبَّنََا أَفْرِغْ عَلَيْنََا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدََامَنََا وَانْصُرْنََا عَلَى الْقَوْمِ الْكََافِرِينَ} (3)، {وَقََالُوا حَسْبُنَا اللََّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللََّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوََانَ اللََّهِ وَاللََّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (4)، {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغََاضِباً فَظَنَّ أَنْ [لَنْ] نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنََادى ََ فِي الظُّلُمََاتِ أَنْ لََا إِلََهَ إِلََّا أَنْتَ سُبْحََانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظََّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنََا لَهُ وَنَجَّيْنََاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذََلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (5)، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي [إِلَى اللََّهِ] إِنَّ اللََّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبََادِ (44) فَوَقََاهُ اللََّهُ سَيِّئََاتِ مََا مَكَرُوا وَحََاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذََابِ} (6).
__________
(1) البقرة: 256، 257.
(2) البقرة: 165.
(3) البقرة: 250.
(4) آل عمران: 173، 174.
(5) الأنبياء: 87، 88وما بين القوسين ساقط في الأصل.
(6) غافر: 44، 45وما بين المعكوفين ساقط من الأصل.(1/724)
الفهارس العامة للكتاب
* فهرس الأحاديث.
* فهرس الأشعار.
* فهرس الأعلام والقبائل.
* فهرس الأماكن.
* فهرس الكتب.(1/725)
فهارس الجزء الأول
الأشعار
الصدر: العجز: الصفحة
كان قضيبا له انثناء: وكان بدرا له ضياء: 102
ولست بهياب المنية إذ أتت: ولكنني رهن التأسف والأسى: 254
وبدأت بالعسل الشديد بياضه: عمدا أباكره بماء سماء: 272
يا قريب المزار نائي اللقاء: ومريض الجفون من غير داء: 253
إن يكن عاقك عن إنجاز: ما انفقت خطب: 313
إن غبت أودعك الإله حياضه: وإذا قدمت أباحك الترحيبا: 235
وعصبة بات فيها الغيظ متقدا: إذ شدت لي فوق أعناق الورى رتبا: 235
يبكون من قتلت سيوفهم: ظلما بكا متقطع القلب: 78، 150
كأن كل سؤال في مسامعه: قميص يوسف في أجفان يعقوب: 234
وقائلة وقد بصرت بدمع: على الخدين منهمل سكوب: 231
علي والله فيما لفقوا كذبوا: ككذب أولاد يعقوب على الذيب: 222
لا تذكري فرسي وما أطعمته: فيكون جلدك مثل جلد الأجرب: 223
ليس بيني وبين قيس عتاب: غير طعن الكلى وضرب الرقاب: 196
ليس الغبي بسيد في قومه: لكن سيد قومه المتغابي: 329
رماكم أمير المؤمنين بحية: أكول لحيات البلاد شروب: 244
إن أكن مذنبا فحظي عقاب: فهب لي عقوبة التأديب: 240
كان لما أتى وداع الحبي: ب وقلبي وجب: 245
ألم تر أن الله قال لمريم: وهزي إليك النخل يساقط الرطب: 255
لولا عجائب صنع الله ما نبتت: تلك الفضائل في لحم ولا عصب: 52
تقضّى الحلم وانكشفت ظلال: وصار الصقر رهنا لانكفات: 289
ما دمت حيا فدار الناس كلهم: فإنما أنت في دار المداراة: 319
عجبت من إبليس في كبره: وخبث ما أظهر من نيته: 215
كل إلى الغاية محثوث: والمرء موروث ومبعوث: 323(1/727)
الصدر: العجز: الصفحة
قل لمن يحمل العصا: حيث أمسى وأصبحا: 245
مديحي عصا موسى وذلك أنني: ضربت به بحر الندى فتضحضحا: 245
قلبي مقيم بنيسابور عند أخ: ما مثله حين تستقري البلاد أخ: 48
لله برد خوارزم إذا كلبت: أنيابه وكست أبداننا الرعد: 53
ما كلف الله نفسا فوق طاقتها: ولا تجود يد إلا بما تجد: 111
أخ لي أما الود منه فرائد: وإن شهد ارتاحت إليه المشاهد: 51
أبا مجرم ما غيّر الله نعمة: على عبده حتى يغيرها العبد: 117
إن الشهاب الذي يحمي ذماركم: لا يخمد الدهر لكن جمرة يقد: 232
حالان لا تحسن الدنيا بغيرهما: فيها الجود والولد: 356
أتنهرني وتوعدوني ثلاثا: كما وعدت لمهلكها ثمود: 259
سبحان من سخر الأقوام بعضهم: بعضا حتى استوى التدبير واطردا: 116
لي نفس أحبت الله في الل: هـ حسينا ولا تحب يزيدا: 152
إن العرانين تلقاها محسدة: ولن ترى للئام الناس حسادا: 334
وسميت نفسك أشقى ثمود: فقالوا هلكت ولم تبعد: 259
يا علم العالم في الجود: مثلك جود غير موجود: 221
لقد أسمعت لو ناديت حيا: ولكن لا حياة لمن تنادي: 92
أريد حياته ويريد قتلي: عذيري من خليلي من مراد: 201
لحفظ المال أيسر من بغاه: وسعي في البلاد بغير زاد: 312
يا ساهرا يرنو بعيني راقد: ومشاهدا للأمر غير مشاهد: 212، 348
أبا الفضل في تسع وتسعين نعجة: غني لك عن ظبي بساحتنا فرد: 249
بك الله حاط الدين واحتاط أهله: من الموقف الدحض الذي مثله يردي: 254
فولّ ابنك العباس عهدك إذ: له موضع واكتب إلى الناس بالعهد: 255
إذا الأرض ضاق بها زندها: ففسحتها في فراق الزناد: 357
صلّى الإله على امري ودّعته: وأتم نعمته عليك وزادها: 109
أحلف بالله وآياته: شهادة صادقة خالدة: 203
عسى فرج يأتي به الله إنه: له كل يوم في خليقته أمر: 104(1/728)
الصدر: العجز: الصفحة
أربع بربع للربيع وكن له: ضيفا يكن ندماءك الأنوار: 117
أين كسرى كسرى الملوك أبو: ساسان أم أين مثله سابور: 323
دانت لك الشام بأقطارها: وأذعن المؤمن والكافر: 244
وافتضاض السواد من نذر الشيب: وما بعده لحى نذير: 366
يا معرضا إذ رآني: لما رآني ضريرا: 349
إن كنت نوحا فقد لاقيت إعصارا: فلا تذر منهم في الأرض ديارا: 220
ثانيه في كبد السماء ولم يكن: لاثنين ثان إذ هما في الغار: 167
سأجهد في شكر لنعماك إنني: أرى الكفر للنعماء ضربا من الكفر: 335
جهلت ولم تعلم بأنك جاهل: فمن لي بأن يدري بأنك لا تدري: 349
تمام العمى طول السكوت وإنما: شفاء العمى يوما سؤالك من يدري: 266
وحسبي من الدنيا كفاق يقيمني: وأثواب كتاب أزور بها قبري: 151
النار لا العار فكن سيدا: فرّ من العار إلى النار: 214
أشكر نعمي منك مكفورة: وكافر النعمة كالكافر: 335
بأمركم يا آل أحمد أصبحت: قريش ولاة الأمر دون ذوي الذكر: 151
تعجبت من فرعون إذ ظن أنه: إله لأن النيل من تحته يجري: 244
أيا قتيلا عليك: كان النبي المعزّى: 153
وبلاقعا حتى كأن قطينها: حلفوا يمينا خلفتك غموسا: 339
لا تأمنن على سري وسركم: غيري وغيرك أو طيّ القراطيس: 250
لا تنسين تلك العهود فإنما: سميت إنسانا لأنك ناس: 212
يا أكثر الناس إحسانا إلى الناس: وأعظم الناس إغضاء عن الناس: 213
أرى الشيطان يوعدني شرورا: ووعد الله بالخيرات أوفى: 117
من كف يقظان الشمائل ناعس ال: ألحاظ يفديه الغزال الأهيف: 236
إذا خدم السلطان قوم ليشرفوا: به وينالوا كل ما يتشوفوا: 114
بنو هاشم عودوا نعد لمودة: فإنا إلى الحسنى سراج التعطف: 236
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف: بما جناه وانتهى عما اقترف: 306
صلي مدنفا خائفا: سيرضيك عما اقترف: 305(1/729)
الصدر: العجز: الصفحة
والمؤثرون على النفوس هم الأولى: فضلوا الورى بشمائل وخلائق: 313
فلا يشعر القلب خوف الفؤاد: فيتهم الله في صدقه: 360
سوف نبرا وتمرضون ونجفو: فإن عاتبوا فقل ذا بذاكا: 241
لإن كدر الدهر الخئون مشاربي: ومات أميري ناصر الدين والملك: 221
أما في رسول الله يوسف أسوة: لمثلك محبوسا على الضيم والإفك: 237
كتب الأمير كتائب في المعركة: والرأي طبيب رأى المملكة: 49
صديق لنا عالم بالنجوم: يحدثنا بلسان الملك: 49
سلي إن جهلت الناس عنا وعنكم: وليس سواء عالم وجهول: 264
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه: فكل رداء يرتديه جميل: 264
إن العباد تفرقوا من واحد: فلأحمد السبق الذي هو أفضل: 150
ما بال رسمي من جدوى يديك عفا: فصار أوضح منه دارس الطلل: 363
قد كان وعدك لي بحرا فصيرني: يوم الزماع إلى الضحضاح والوشل: 362
شاور صديقك في الخفي المشكل: واقبل نصيحة مشفق متفضل: 325
فأنفق وأتلف إنما المال عارة: وكله إلى الدهر الذي هو آكله: 315
إليك قصدنا النصف من صلواتنا: مسيرة شهر بعد شهر نحاوله: 361
هي الدار أبناء الندى من حجيجها: نوازل في ساحاتها وقوافلا: 228
وقد زعمت جمل بأني أريدها: على نفسها تبا لذلك في فعل: 224
كم من لبيب راجح علمه: مستحصف الرأي مقل عديم: 111
يأيها لظالم في فعله: والظلم مردود على من ظلم: 334
والظلم من شيم النفوس فإن تجد: ذا عفة فلعلة لا يظلم: 338
بقربك داران مهدومتان: ودارك ثالثة تهدم: 322
يقولون سعر البر يخشى ارتفاعه: وإن خانت الأيام عهدا فربما: 256
صلى الإله على ابن آمنة التي: جاءت به سبط البنان كريما: 125
لها حكم لقمان وصورة يوسف: ومنطق داود وعفة مريم: 258
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن: بحزم نصيح أو نصاحة حازم: 324
ماذا تقولون إن قال النبي لكم: ماذا صنعتم وأنتم آخر الأمم: 149(1/730)
الصدر: العجز: الصفحة
وما كنت في تركيك إلا كتارك: طهورا وراض بعده بالتيمم: 256
حصادك يوما ما زرعت وإنما: يدان الفتى يوما بما هو دائن: 288
أتيت بسنّين قد رمتا: من الطين لّما أثاروا الدفينا: 99
وانا مورثون كما ورثنا: عن الآباء إن متنا وبنا: 323
وراء مضيق الخوف متسع الأمن: وأول معروج به آخر الحزن: 237
زعم الفضل بأني: قد نعاني الناعيان: 216
سبحان من خلق الخل: ق من ضعيف مهين: 103
إن عليا لم يزل محنة: لرابح منا ومغبون: 202
فلو كان يستغنى عن الشكر ماجد: لعزة نفس أو علو مكان: 300
وظالما قلت له واعظا: الظلم مما ينكر العالمون: 339
أخي أنت ومولاي: ومن أشكر نعماه: 252
ما ضر أحمد من كسر اللّسان وقد: أضحت إليه أمور الناس يمضيها: 246
يا شبيها من الذي: قطّعن أيديهن فيه: 236
سمتني ما محا الهوى من ضميري: فالهوى اليوم حبله منك واهي: 333
نجّى عن الطرق وبسّاطها: وأعرض عن الجانب والمشتبه: 290
فلا تيأس فيوسف كان قدما: أتاه الملك في سجن البغايا: 238
لا يغرنك ما ترى من رجال: إن تحت الضلوع داء دويا: 326
بنو عم النبي وأقربوه: أحب الناس كلهم إليا: 206(1/731)
الأعلام والقبائل
(الألف) آدم عليه السلام 21321221172 259256217215.
آدم بن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز 239.
آصف 217.
ابتسام مرهون 59575655.
إبراهيم عليه السلام 16715613372 226225224223222220 253.
إبراهيم بن آدم 345.
إبراهيم الابياري 5855.
إبراهيم بن أدهم 112.
إبراهيم بن الحسن بن سهل 250249.
إبراهيم بن العباس 94.
إبراهيم بن عبد الله بن الحسن 227159 362324257.
إبراهيم بن المهدي 335334305.
ابليس 217216215214.
إحسان ذنون 57.
أحمد بن إبراهيم الضبي 235.
أحمد بن إسرائيل 343341.
أحمد بن أبي دؤاد 246232.
أحمد بن حنبل 303216139110.
أبو أحمد بن عبدوس السراج 216.
أحمد عبيد 5855.
أحمد أبو علي 59.
أحمد بن علي المكيالي 49.
أحمد بن مهران 97.
أحمد بن يحيى 314.
أحمد بن يوسف 21921894.
إسرائيل 247.
الأحنف بن قيس 341329.
أسماء بنت أبي بكر 207.
إسماعيل عليه السلام 229.
إسماعيل بن بلبل 322245.
أبو الأسود الدؤلي 15078.
الأصمعي 361340324223100.
ابن الأعرابي 314223.
الإسكافي، أبو القاسم 3089670.
إسماعيل (ع) 229227.
إسماعيل بن بلبل أبو الصقر 322.
الأقرع بن حابس 132.
أبو أمامة صدى بن عجلان 212.
الأمين 346305219218178.
أنس بن مالك 127.
الأوزاعي 285.
أيوب عليه السلام 259257258.
أبو أيوب المورياني 321304.
(الباء) البحتري 335250249244237.
بديع الزمان الهمداني 54.(1/732)
بروكلمان 6354.
البستي، أبو الفتح 22711611448.
البستي، أبو سليمان 319.
بسر بن أرطأة 205.
بشار بن برد 100324.
ابن أبي البغل محمد بن يحيى أبو بكر 71 160.
أبو بكر الخوارزمي 2549.
أبو بكر الصديق 16716811271 176175173172171170 367317249182179175.
أبو بكر هبة الله بن الحسن العلاف 221.
بلال بن رباح 296.
أبو بلال مرداس بن أدية 224.
بلعم بن باعور 259.
بلقيس 252217.
بوسورت 54.
البيروني 52.
البيهقي 9952.
(التاء) أبو تمام 36232933573.
تميم 132.
(الثاء) الثعالبي 665855545352.
ثمود 259.
ثور بن يزيده 214.
(الجيم) الجاحظ 15513613510198 339324265230175.
جبريل 250249191125.
جحظة البرمكي 253.
جراب الدولة 216.
جرير 311260194109.
جرير بن عبد الله البجلي 194.
جعفر (ابن عم الرسول صلّى الله عليه وسلّم) 288287 368317.
أبو جعفر المنصور 324305286.
أبو جعفر الرزاز 319.
جعفر بن القاسم الهاشمي 266.
جعفر بن محمد 317258216159 368.
أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي 133.
أبو الجماز 111.
الجهشياري 304276218.
(الحاء) أبو الحارث جميز 233.
حارثة بن قدامة 205.
أبو حازم الأعرج 285114105.
الحاكم النيسابوري 218.
حبيب النيسابوري 57.
الحجاج 313230184104.
حذيفة بن اليمان 309303.
حرقوص بن زهير (ذو الثدية) 200.(1/733)
الحسن البصري 230206184134 285284279253252233 340334323320304289 360350347345.
الحسن بن الحسين 146.
الحسن بن علي 154146145124 197192183156155.
حسن كامل الصيرفي 55.
الحسن بن محمد البغدادي 217.
الحسن بن مخلد 242.
أبو الحسن بن ناصر 305245.
أبو الحسين المرادي 220.
الحسين الجمل المصري 225.
الحسين بن راشد 243.
الحسين بن علي 155150146124 245157156.
الحسين بن المتكافي 256.
الحصري 50.
حفصة 361191.
الحمدوني، أبو عبد الله 53.
حمزة (عم الرسول صلّى الله عليه وسلّم) 142.
أبو حنيفة 21678.
حواء 217.
(الخاء) خالد بن سعيد بن العاص 172.
خالد بن الوليد 174173.
ابن خالويه 327321256255.
الخصيب بن عبد الحميد الدهقاني 244.
الخضر (ع) 264248.
أبو بكر الخوارزمي 2572564948.
الخولاني، أبو مسلم عبد الله بن ثوب 185.
خوارزمشاه، مأمون بن مأمون 535251.
(الدال) داود عليه السلام 252250249248 284.
دعبل 23199.
أبو دلامة زند بن الجون 11711678.
(الذال) أبو ذر الغفاري (جندب بن جنادة) 184.
(الراء) رافع بن الليث بن نصر بن سيار 214.
الربيع بن خثيم 312259146113.
الرشيد 275274246244242 346327288.
الروم 252179178171.
ابن الرومي 24624511778.
(الزاي) زبيدة أم جعفر زوجة الرشيد 275274.
الزبير 339314191190150.
زوتنبرك 58.
الزهري 274243185107.
زهير زاهد 57.(1/734)
ابن زياد 314286.
زياد (عبد لال عياش بن أبي ربيعة) 211.
زياد بن أبيه 224148.
زيد بن أرقم 132.
أبو زيد البلخي 270269267.
زيد بن ثابت 188187.
زيد بن صوحان 192.
زيد بن علي 107.
زينب بنت عقيل 149.
زينب بنت علي 147.
(السين) سابق البربري 288.
سحبان بن زفر 204.
السجستاني 266.
سديف بن ميمون 362.
ابن أبي سرح 248.
السري الموصلي 363.
سعد بن أبي وقاص 204.
سعيد بن حميد 9795.
أبو سعيد الرستمي 227.
أبو سعيد الشبيبي 235.
سعيد بن العاص 172156113.
سعيد بن المسيب 278.
السفاح 36230423916071.
سفيان الثوري 370266.
سفيان بن عيينة 273213112.
سكينة بنت الحسين 150.
سلّامة 297.
سلمان الفارسي 296.
أم سلمة 191.
سليمان عليه السلام 252251250 257.
أبو سليمان الداراني 297.
سليمان بن جعفر 334.
سليمان بن الحسن الواسطي 267.
أبو سليمان الخطابي 319.
سابق البربري 288.
سديف بن ميمون 362.
السري الموصلي 363.
سعيد البصري 230.
سعيد بن جبير 109.
سعيد بن حميد 9795.
سليمان بن عبد الملك 105.
سليمان بن معاوية 340.
سليم أغا 77.
ابن السماك 287286259258193 373313.
السامانيون 54.
أبو السماك الأسدي 318313.
أبو السمط 246.
السيد الحميري 150.
ابن سيرين 273274185182.
سيف الدولة 327256594948 363328.(1/735)
(الشين) الشايش، أبو مطران 363217.
الشافعي الإمام 238.
شاكر العلشور 57.
شبيب الخارجي 110.
ابن الشجري 153152149.
الشعبي عامر بن شراحبيل 525336230.
ابنة شعيب 178.
شعيب (ع) 187.
أبو الشيص 250231.
شيطان الطاق 2168178.
(الصاد) الصابي 219، 305.
الصاحب بن عباد 227.
صالح المري 321.
صرف (جارية للمأمون) 241.
صعصعة بن صوحان 183، 184.
صفوان بن الأهتم 423.
صفوان بن محرز 312.
صفورا بنت شعيب 175.
أبو الصقر إسماعيل بن بلبل 655.
الصولي 97، 218، 364.
(الضاد) الضحاك 107.
(الطاء) الطائع لله 70.
أبو طالب المأموني 235.
طالوت 275189.
طاهر بن الحسين 219218.
ابن طباطبا 330.
طلحة 192.
طلحة بن الزبير 191.
طلحة بن الفياض 312.
(العين) عائشة (زوج الرسول (ص)) 188127 192191.
ابن عائشة إبراهيم بن محمد 327.
عاطف أفندي 60.
عامر بن عبد القيس 103.
العباس (عم النبي) 249227.
ابن عباس 264156145127107 299290283274.
العباس بن الأحنف 234.
العباس بن الحسن بن عبيد الله 327.
أبو العباس السفاح السفاح 160.
العباس بن المستعين 254.
أبو عبد الله بن عبد الأسمى العلوي 238.
عبد الله بن الحسن 227153146.
عبد الله بن السري 251.
عبد الله بن سلام 181.
عبد الله بن طاهر 251245244.
عبد الله بن عامر بن كريز 190.
عبد الله بن علي 307.(1/736)
عبد الله بن عمر 239.
عبد الله بن المبارك 99.
أبو عبيد الله المرزباني 304.
عبد الله بن مسعود 272.
عبد الرحمن بن زياد 286.
عبد الرحمن بن أبي عماد الحبشي 297.
عبد العزيز بن عمر 92.
عبد العزيز بن مروان 239.
عبد العزيز بن يحيى 238.
عبد الفتاح الحلو 6357.
عبد الملك بن مروان 315239.
عبد الملك بن صالح 346.
عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي 263.
عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز 93.
عبيد الله بن زياد بن ظبيان 314.
عبيد الله بن سليمان 322247.
عبيد الله بن يحيى بن خاقان 341.
أبو عبيدة بن الجراح 179178.
عبيدة بن الحارث 78.
أبو عثمان الخالدي 134.
عثمان بن عفان 183182178103 188185184.
أبو عثمان المازني 266.
عثمان بن حيان المري 146.
عدي بن الرقاع 109.
عدي بن زيد 322145.
عزة الأشجعية 105.
العزيز 175.
عطاء الخراساني 239.
عفيف بن قيس 200.
عقيل بن أبي طالب 149.
العلاف، أبو بكر هبة الله 22.
أبو علقمة 231.
أبو علي البصير 35125495.
علي الرضا 159.
علي بن الحسن 697.
علي بن أبي طالب 15515215071 185184181178158156 272249248192190189 303283.
علي بن نصر بن بسام 322.
علي بن هشام 241.
علي بن يقطين 243.
علي ديب زايد 57.
عمار بن ياسر 191180.
عمر الأسعد 58.
عمر بن الخطاب 171170167110 181180178177176175 359312311255.
عمر بن عبد العزيز 29829025993 315.
عمرو بن عبيد 286.
عمرو بن العاص 15478.
عمرو بن عبيد 286.
ابن العميد 70.
عنترة بن شداد 223.(1/737)
عيسى عليه السلام 254226167.
عيسى بن موسى الهاشمي 101100.
ابنة أبي العيناء 223.
أبو العيناء 242241232226222 363351341257247.
ابن عيينة 338.
عيينة بن حصن 296.
(الغين) الغزنويون 54.
(الفاء) الفاثيكان 60.
فخر الدولة البويهي 301.
الفرات بن زيد 311.
أبو فراس الحمداني 102.
الفرس 174.
فرعون 108.
فنا خسرو 221.
(القاف) قابوس بن وشمكير 51.
قابيل 213.
قارون 158.
قاسم السامرائي 6563625855.
أبو القاسم محمود بن سبكتكين 6563.
قتادة 107329.
قتيبة بن مسلم 111.
قحطان 268.
أبو قرة الهاشمي 248.
قريش
قيصر 255.
(الكاف) كثير عزة 92.
كشاجم 313.
أم كلثوم بنت علي 191.
(اللام) أبو لؤلؤة 180110.
أبو لهب 276.
لويس شيخو اليسوعي 58.
(الميم) مالك بن دينار 106.
مالك بن طوق 247.
المأمون 241219218213159 327311305277276248 338335.
المبرد 266223.
المثنى بن حارثة الشيباني 174.
مجاهد بن جبر 307284225.
محمد النبي صلّى الله عليه وسلّم 107106838270 126124123121110109 138135133131130127 166165161149145139 227181170169168167 272271270268254220
328303300296276273 364360358347342.(1/738)
محمد النبي صلّى الله عليه وسلّم 107106838270 126124123121110109 138135133131130127 166165161149145139 227181170169168167 272271270268254220
328303300296276273 364360358347342.
محمد أبو الفضل إبراهيم 57.
محمد أشهبار 55.
محمد جبار المعيبد 62.
محمد بن حرب الهلالي 319.
محمد حسن آل ياسين 29.
محمد بن الحنفية 78.
محمد بن زيد العلوي 238237.
محمد بن عباد المهلبي 311.
محمد بن عبد الله بن الحسن 159155.
محمد بن عبد الملك 351272.
محمد بن علي بن الحسين 288124.
محمد بن علي (صاحب البصرة) 357.
محمد بن كعب القرظي 272.
محمد بن منذر بن جارود 151.
محمد بن موسى، أبو جعفر 133.
محمد بن المنكدر
محمد بن يحيى بن خالد البرمكي 233.
محمد بن يوسف 237.
محمود الجادر 736855.
محمود بن الحسن الوراق 360347.
محمد بن سبكتكين 67.
المدائني 182.
مروان بن أبي حفصة 361.
مريم (أم عيسى عليه السلام) 226225.
مزبد أبو إسحاق 253229228.
مساور الشاري 273115.
المستعين 254.
ابن مسعود 336272127.
ابن مسلم الخراساني 236243.
مسمع بن عاصم 215.
المسيح عليه السلام 572عيسى.
مصعب بن الزبير 150.
مطرف بن عبد الله 106.
معاذ بن جبل 296.
معاوية بن أبي سفيان 154113.
ابن المعتز 29723692.
المعتز بالله 244.
المعتصم 303.
المعتمد على الله 97.
معد بن عدنان 268.
معروف الكرخي 359.
المغيرة بن شعبة 154.
المقتدر 364160.
ملك الروم 328.
المنذر بن جارود 183.
المنصور 263257159155109 307304286285.
منصور بن عمار 287.
منصور الفقيه 349.
موسى عليه السلام 184175148105 248247246243242240 412.
أبو موسى الأشعري 318248.
موسى بن بغا 115.(1/739)
(الهاء) هابيل 213.
هارون عليه السلام 318.
أبو هاشم الجعفري 151.
هدهد (جارية) 250.
أبو هريرة 182.
هلال ناجي 636261605855 65.
الهيثم بن ميمون 296.
(النون) نجاح بن سلمة 241.
نسيم (غلام للبحتري) 249.
نصر بن ناصر الدين سبكتكين 6751.
النظام 103.
النسعاني 58.
ابن نفيس 341327.
أبو نواس 215103.
نوبخت 109.
نوح عليه السلام 21822116872 265219.
نوح الأكبر 221.
نوح بن منصور 49.
(الياء) يحيى بن آدم 275.
يحيى بن أكثم 213.
يحيى بن خالد 288287246243.
يحيى بن زكريا 254.
يحيى بن معاذ 242.
يزيد بن معاوية 15678.
يزيد بن موسى 105.
يعقوب عليه السلام 23122715872 240235233.
يعقوب بن الربيع 239.
يمين الدولة 48.
يوسف عليه السلام 175172129 237235232231230189 253239238.
يوسف بن أبي الساج 254.
يوسف بن متي 253.
أبو يوسف القاضي 257.
يونس عليه السلام 253.(1/740)
فهرس الأماكن
(الألف) أذربيجان 305.
الإسكندرية 252.
أصبهان 296.
الأندلس 252.
الأهواز 110.
إيلاق 217.
(الباء) باريس 58.
بخارى 220.
البصرة 190192191.
بغداد 10958.
بيروت 58.
(التاء) تركيا 646261.
تونس 57.
(الجيم) جرجان 51.
الجزيرة 221.
جستربتي 62.
الجوائب 59.(1/741)
(الحاء) الحبشة 211.
الحجاز 194.
الحديبية 166.
الحيرة 177.
(الخاء) خراسان 67.
خوارزم 52.
(الدال) داريا 297.
دجيل 113.
دمشق 101، 112، 204، 205، 253، 296، 297، 339.
الدينور 97.
(الراء) الربذة 184.
الري 301.
(الزاي) زبيد 199.
(السين) سامراء 247.
سمرقند 220.
(الشين) الشاش 217.
الشام 149.(1/742)
(الطاء) طبرستان 113.
(العين) العراق 150.
عمان 314.
عمواس 296.
(الفاء) فارس 178.
(القاف) القاهرة 57.
قسطنطينية 595785.
القادسية 204.
أبو قبيس 207.
قرميسين 97.
(الكاف) كمبرد 65.
الكوفة 148191110.
(اللام) ليدن 5958.
(الميم) المدائن 182.
المدينة 25717864666160.
مروا 168.
مصر 2252392512452141915958.(1/743)
مكة 129، 157، 191، 225، 297، 346.
موريان 321.
(النون) نهاوند 192.
النهروان 200.
نيسابور 514947.
(الهاء) همذان 324.
(الواو) وراء النهر 111.
(الياء) اليمن 175.(1/744)
فهرس الكتب
الآداب 60.
أجناس التجنيس 60.
أحسن ما سمعت 5648.
أخبار أبي نواس 244.
أخبار الوزراء 276.
الأحاسن في بدائع البلغاء 60.
احاسن المحاسن 60.
الأدب مما للناس فيه أرب 60.
الأصول في الفصول 64.
الإعجاز والإيجاز 56.
إفراد المعاني 60.
الاقتباس 70696867565551.
ألف غلام 60.
أنس المسافر 60.
أنس الوحيد 60.
الأنوار في آيات النبي 60.
الأنوار البهية 60.
الأنيس في غرر التجنيس 5755.
الأوراق 97.
برد الأكبار 5750.
التاجي 219305.
تتمة اليتيمة 57.
تحفة الأرواح 61.
التحفة البهيّة 59.
تحفة الظرفاء 61.
تحفة الوزراء 575553.
التدلي في التسلي 61.
ترجمة الكاتب في آداب الصاحب 57.
التفاحة 61.
تفضيل الشعر 61.
تفضل المقتدرين 61.
التمثيل والمحاضرة 7554516349.
التوفيق للتلفيق 57.
ثمار القلوب 675750.
الثلج والمطر 61.
جوامع الكلم 61.
خاص الخاص 675750.
خصائص البلدان 6250.
خصائص الفضائل 62.
الخوارزميات 62.
حجة العقل 62.
حشو اللوزينج 62.
حمد من اسمه الحمد 62.
ديوان الثعالبي 62.
رسائل الثعالبي 58.
رسائل الميكالي 50.
سجع المنثور 62.
سحر البلاغة 62585550.
سر الأدب 58.
سر البيان 62.
سر الحقيقة 62.
سر الوزارة(1/745)
سفر الملوك 62.
الصناعة 63.
الشعراء (لدعبل)
الشكوى والعتاب
الشمس 63.
صنعة الشعر والنثر 63.
طبقات الملوك 63.
الطرف في شعر البستي 63.
الطرائف واللطائف 58.
العشرة المختارة 63.
عنوان المعارف 63.
عين النوادر 63.
عيون الآداب 63.
عيون المعارف 63.
غرر أخبار ملوك الفرس 5859.
غرر البلاغة 64.
غرر السير 6751.
الفرج بعد الشدة 100.
الفصول في الفضول 64.
الفصول الفارسية 64.
فضل من اسمه الفضل 645064.
فقه اللغة 58.
الفوائد والأمثال 64.
الفهرست 54.
الكناية 52.
الكناية عن الغلام 58.
الكناية والتعريض 5867.
لباب الأدب 5864.
لباب الأحاسن 64.
اللطائف 54.
لطائف الظراف 64.
لطائف المعارف 55.
اللطائف والظرائف 53.
اللطف واللطائف 5958.
اللطف في الطيب 64.
اللمع والفضة 65.
ما جرى بين المتنبي وسيف الدولة 59.
المنهج 35512710811811251.
المتشابه 655267.
المتعلمين 291.
مجد الفرس 134.
محاسن الأدب 65.
مدح الشيء وذمه 65.
مرآة المروءات 59.
مسامرة خوارزم 52.
المستنير 231103.
(مجلة) شرق 57.
معهد المخطوطات (مجلة) 55.
معجم الأدباء 54.
مفتاح الفصاحة 65.
الملح والطرف 65.
الملوكي 6553.
المناهل (مجلة) 55.
المنتحل 59.
من غاب عنه المطرب 5925.
مؤنس الوحيد 65.(1/746)
المهذب من اختيار ديوان أبي الطيب 65.
المذاكرة 66.
نثر النظم 595351.
نزهة الألباب 66.
نسيم السحر 59.
النهية في الطرد والكنية 5953.
الوزراء 218.
يتيمة الدهر 6867.
يواقيت المواقيت 58.(1/747)
فهرس الجزء الثاني
الأحاديث الشريفة
الحديث: الصفحة
أفضل الشراب الحلال: 393
إن مثل أخيك: 572
اللهم اسقنا غيثا: 693
تضايقي تنفرجي: 693
حوالينا ولا علينا: 694
الدنيا حلوة خضرة: 401
لله در أبي طالب: 694
مثل الغازي في سبيل الله: 572
مثلي ومثل الناس: 572
من جاءكم ممن ترضون دينه: 375(1/748)
فهرس الأشعار
الصدر: العجز: الصفحة
قافية الألف:
ولقد علمت على تجنّبي الردى: إن الحصون لا مدر القرى: 677
قافية الباء:
يمنّيني الطبيب شفاء عيني: وهل غير الإله لها طبيب: 692
جد بالقليل إذا تعذر غيره: واسعد ببكر مدائحي والثيب: 612
سار الحبيب وخلف القلبا: يبدي العزاء ويضمر الكربا: 590
فغضّ الطرف إنك من نمير: فلا كعبا بلغت ولا كلابا: 381
لكل أخي مدح ثواب يعده: وليس لمحد الباهلي ثواب: 603
كأن الردى عاد على كل ماجد: إذا لم يعوّذ مجده بعيوب: 586
ومعز عن الشباب مسلّ: بمشيب الأقران والأصحاب: 589
عزمات يضئن داجية الخط: ب وإن كنّ من وراء حجاب: 597
إذا قرأ العاديات في رجب: لم يفن آياتها إلى رجب: 619
بلّ السراويل من خوف ومن دهش: واستطعم الماء لّما جدّ في الهرب: 629
إنا روينا عن النبي رسو: ل الله فيما أفيد من أدبه: 654
قافية التاء:
ذب فيها البلى فلانت ورقت: فهي تقرا إذا السماء انشقت: 619
أيهذا العزيز قد مسنا الض: رّ وأهلنا أشتات: 443
قافية الجيم:
صنع الإله مصاحب لك يا: مستصحبا قلبي غداة خرج: 608
قافية الحاء:
ألا يا أيها الأمر ال: ذي الهمّ به برّح: 619
قافية الدال:
آصبحت صبّا دنفا: بين عناء وكمد: 620
عاد بحر السرور بالشيب جزرا: بعد أن كان بالشبيبة مدّا: 611(1/749)
الصدر: العجز: الصفحة
خفت من صدّه عليّ فصدا: وبدا بالحفا لي وتصدى: 592
خليل أظلّ إذا زارني: كأني أنشا خلقا جديدا: 598
أردت زيارة الملك المفدّى: لأمدحه وآخذ منه رفدا: 602
إن شئت حرمت النساء سواكم: وإن شئت لم أطعم نقاضا ولا بردا: 629
أشهد بالله وآياته: شهادة صادقة خالدة: 616
آبدة ما مثلها آبدة: جماعة أخلاقها واحدة: 616
يا ذاهبا في داره جائيا: بغير معنى وبلا فائدة: 616
فضلت جميع الأواني وفقت: فما فيّ منقصة واحدة: 617
بمن تشخص الأبصار يوم ركوبه: ويخرق من زحم على الرجل البرد: 589
رأيت الحبّ نيرانا تلظى: قلوب العاشقين لها وقود: 679
الخير ما طلعت شمس وما غربت: موكل بنواصي الخيل معقود: 679
أرض تخيرها لطيب مقيلها: كعب بن مامة وابن أم دؤاد: 408
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ: من شر أعينهم بعيب واحد: 585
قل للعدى موتوا بغي: ظكم فإن الغيظ مردي: 604
لولا أبو الفرج الذي فرجت به: كربي لما خفّت لبود جيادي: 610
تريدين كيما تجمعيني وخالد: وهل يجمع السيفان ويحك في غمد: 574
حديقة أنهارها مكسوة: بالظل من أشجارها الممدود: 606
قافية الراء:
حمل الغي عليه إصره: وإذا قيل ارعوى عنه أصر: 594
قد صنّع الله ما جمعت من أدب: بين الحمير وبين الشاء والبقر: 583
بئس الزمان أنت يا زماننا: لحبّك الغدر تصافي الغدر: 601
إن بنيّ صبية صغار: أفلح من كان له كبار: 409
حبذا رجعها إليها يديها: في يدي درعها تحلّ الازامها: 382
ألم تر أني في سفرتي: لقيت المنى والغنى والأميرا: 601
وليلة مثل أمر الساعة اشتبهت: حتى تقضّت ولم نشعر بها قصرا: 604
ولو تولى غيره: قسمة أرزاق الورى: 609(1/750)
الصدر: العجز: الصفحة
قوم يجرون الحرير: وأناس في العرا: 609
يا قضيبا زعزعه الريح::
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى: إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر: 408
لا يدهمنك من دهائمهم عدد: فإن كلهم أو جلهم بقر: 584
ليس في الأرض مثل نيسابور: بلد طيب ورب غفور: 613
يا بني طاهر أتتكم جنود الل: هـ والموت بينهم مثبور: 444
وسدت بهارون الثغور وأحكمت: به من أمور المسلمين المرائر: 581
عليّ نحت القوافي من مقاطعها: وما عليّ إذا لم تفهم البقر: 584
حبذا رجعها إليها يديها: في يدي درعها تحل الإزارا: 382
فارقت شغبا وقد قوست من كبر: لبئس الخلتان الثقل والكبر: 632
يا تين يا سيد الفواكه يا: أطيب ما يجتنى من الشجر: 389
حكمتموه فقضى بينكم: أبلج مثل القمر الباهر: 410
قد ضيع الله ما جمعت من أدب: بين الحمير وبين الشاء والبقر: 583
زوامل للأشعار لا علم عندهم: بجيّدها إلّا كعلم الأباعر: 588
ليس خطب الهوى بخطب يسير: لا ينبئك عنه مثل خيبر: 581
ويوم أنس حسن البشر: عذب السجايا طيب النشر: 606
هتفت بكل صوتك أطعموني: شرابا ثم بلت على السرير: 629
يهون جليل الخطب في أمل الأجر: وإطفاء نيران الحوادث بالصبر: 652
أبصرته كالبدر في: أربعة وعشرة: 593
اعف أخاك المريض من حرج: أعفاه منه الإله في زبره: 608
قافية الزاي
أويت في دهليزكم برهة: ولم أكن آوي الدهاليزا: 602
قافية السين
إقدام عمرو في سماحة حاتم: في حلم أحنف في ذكاء إياس: 571
ما في وقوفك ساعة من باس: نقضي ذمام الأربع الأدراس: 570
ملّوا قراه وهرته كلابهم: ومزّقوه بأنياب وأضراس: 426(1/751)
الصدر: العجز: الصفحة
قافية الصاد
رميت على حكم القضاء بنظرة: ومالي عن حكم القضاء مناص: 592
قافية الضاد
يا من صناعته الدعاء إلى العلى: ناقضت في فعليك أي نقائض: 587
قافية العين
إن أخاك الصّدق من يسعى معك: ومن يضرّ نفسه لينفعك: 424
وما أخشى قصورا عن مرام: ومثلك لي إلى الدنيا شفيع: 611
يا ابن الأئمة من بعد النبي ويا: ابن الأوصياء أقر الناس أو دفعوا: 596
لساني فيك محتاج: إلى التخليع والقطع: 603
قافية الفاء
إن حظي مما أحب كفاف: لا صدود يقضي ولا إسعاف: 597
لا تيأسنّ لعسرة فوراءها: يسران وعدا ليس فيه خلاف: 653
أما والذي أغنى وأقنى عباده: وأطعم من جوع وآمن من خوف: 595
سألتك حبا لكشك القدو: ر أنسا بتلك السجايا الظراف: 602
تشبهت بالأعراب أهل التعجرف: فدل على دعواك قبح التكلف: 617
قافية القاف
هل أنت منقذ نفس من شائشها: بعض المنية مشدود بها الرمق: 609
نار تجدد للعيدان نضرتها: والنار تأخذ عيدانا فتحرق: 673
قافية الكاف
ما اختلف الليل والنهار ولا: دارت نجوم السماء في الفلك: 664
إن أخاك الصدق من يشعى معك: ومن يضرّ نفسه لينفعك: 424
يا قضيبا زعزع الر: يح له وهنا فحرّك: 443
يا قضيبا زعزع الر: يح له وهنا فحرّك: 443
معيشة المرء جما: ل به من الحركة: 676
قافية اللام
وما أنا كالزرع جفّ حتى: ليس له في الزرع ظلّ: 411(1/752)
الصدر: العجز: الصفحة
من جفاني من البرية طرا: ورماني وسبني في المحافل: 617
كل عيش وإن تطاول يوما: صائر مرة إلى أن يزولا: 571
ما زلت تحسب كل شيء بعدهم: خيلا تكرّ عليهم ورجالا: 585
وضاقت الأرض حتى أن هاربهم: إذا رأى غير شيء ظنه رجلا: 585
يا حبذا يوما ونحن على: رؤوسنا تعقد الأكاليلا: 605
دعوا السيل يذهب عابرا لسبيله: ولا تلبسوا يا قوم الحق باطلا: 631
قلقت به هاماتها في مهمه: قلق الفؤوس إذا أردن نصولا: 631
أتته الخلافة منقادة: إليه تجرر أذيالها: 956
لقد عيّرتني في الطواسين آية: أتاك بها روح أمين ومنزل: 851
وليل بهيم كلما قلت غورت: كواكبه عادت فما تتزيل: 583
وإن أحق الناس باللوم شاعر: يلوم على البخل الرحال ويبخل: 586
قاتلي القوم يا خزاع ولا: يدخلهم في قتالهم فشل: 588
شاء من الناس راتع هامل: يعللون النفوس بالباطل: 581
مالي وما للخطوب قد غربت: تأكل لحمي لا هنّيت أكلى: 618
فما نسيت تلك الدماء سيوفه: ولا قضبه براقة في القساطل: 631
فلا تجزع إذا أعسرت يوما: فقد أيسرت في الدهر الطويل: 652
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه: ثمال اليتامى عصمة للأرامل: 694
هو الغيث إلا أنه باتصاله: أذى ليس قول الله فيه بباطل: 607
قافية اللام
إذا افتخر الأبطال يوما بسيفهم: وعدّوه مما يكسب المجد والكرم: 468
إذا قلت هاتي قبليني تمايلت: معاذ الله من فعل ما حرّم: 590
بعثت لتتلو على العالمين: بجودك وحي الندى والكرم: 600
ما زلت ألثمها وأرشف ريقها: حتى سكرت وما شربت مداما: 381
قاتل الله طيلسان ابن حرب: كيف أنسى الأضغاث والأحلاما: 607
أتنسى يوم تصقل عارضيها: بعود بشامة سقي البشام: 933
وسيّارة ضلت عن القصد بعدما: ترادفهم أفق من الليل مظلم: 582(1/753)
الصدر: العجز: الصفحة
لا تنه عن خلق وتأتي مثله: عار عليك إذا فعلت عظيم: 586
قل لمن ريقته شه: د ومسك ومدام: 595
العرف غيث وهو منك مؤمل: والبشر برق وهو منك مشيم: 598
بدرا بدا وحوله: يوم الخميس الأنجم: 600
يا ابن حرب كسوتني طيلسانا: أمرضته الأوجاع فهو سقيم: 607
رب يوم عاشرته فتقضى: بعد حمد عن آخر مذموم: 378
ثلاث واثنتان فهن خمس: وسادسة تميل إلى تمام: 580
أرى ناسا ومحصولي على غنم: وذكر جود ومحصولي على الكلم: 584
ألا أيّها السائلي عن قريش: وما جاهل الأمر كالعالم: 596
أنت امرؤ لا ترعوي تائبا: من شيمة العدوان والظلم: 613
كيف نال العثار من لم يزل من: به مقبلا في كل خطب جسيم: 599
زرع المحبة في الضمائر كلها: لك خلقة في أحسن التقويم: 599
رب يوم هواؤه يتلظى: فيحاكي فؤاد صب متيم: 606
خليلي ازففا بنت الكروم إلى: إلى كفء لها منا كريم: 618
لست أدري أهم تماثيل صفر: ونحاس مجوّف أو رخام: 619
كانت فريضة ما تقول كما: كان الزناء فريضة الرجم: 633
ربّ يوم عاشرته فتقضى: بعد حمد عن آخر مذموم: 378
ملك ألسننا عن وصفه: غلقات عاجزات مفحمة: 599
ولست بمأخوذ بقول تقوله: إذا لم تعمد عاقدات العزائم: 661
قافية النون
هبني أسأت فأين العفو والكرم: إذ قادني نحوك الإذعان والندم: 469
وشادن قبلته قبلة: فكنت إذ ذاك من الفائزين: 594
ونحن الكاتبون وقد أسأنا: فهبنا للكرام الكاتبينا: 648
من كل قاتلة قتلى وآسرة: أسرى وليس لها في الأرض إثخان: 593
جعل الخلافة فيه رب قوله: سبحانه للشيء كن فيكون: 597
ما كان أحوج ذا الكمال إلى: عيب يوقيه من العين: 585(1/754)
الصدر: العجز: الصفحة
إذا ما بلغنا إمام الهدى: أمنا بجداوه صرف الزمان: 597
ربّ مضار تجر منفعة: تدعو إليها ثواقب الفطن: 605
امتلأ الحوض وقال قطني: مهلا رويدا قد ملأت بطني: 631
إذا انقاد الكلام فقده طوعا: إلى ما تشتهيه من المعاني: 612
وحاجتنا إليك ومن سوانا: كحاجتنا إلى الماء المعين: 392
وأنت الفخر والملك المرجى: قدم بالسعد والجد المعان: 611
أبا أحمد شعري قتيل مواعدي: مطلت بها والدين يلزمك الدية: 613(1/755)
فهرس الأعلام والقبائل
(الألف) إبراهيم بن رباح: 572.
إبراهيم بن العباس: 537535.
إبراهيم بن عبلة: 521420.
إبراهيم بن المهدي: 656.
إبراهيم (النبي) عليه السلام: 450386 669.
أحمد بن الخصيب: 540.
أحمد بن أبي دؤاد: 427426.
أحمد بن سعيد: 554.
أحمد بن الضحاك: 429.
أحمد بن المعتصم: 570.
ابن أحمد النديم: 390.
أحمد بن يوسف: 425.
الأخطل: 585.
إسحاق عليه السلام: 227.
أبو إسحاق الصابي: 219.
إسحاق بن مسلم: 574.
الإسكافي: 513512511509507 549548535534.
إسماعيل بن أحمد: 657652.
إسماعيل بن إسحاق القاضي: 661.
إسماعيل بن بلبل: 656655.
إسماعيل القراطيسي: 603.
إسماعيل (النبي) عليه السلام: 227.
الأسود بن يعفر: 408.
الأصم (أبو بكر): 637.
الأصمعي: 436375.
الأعشى: 176.
أكدوني: 609.
أم كلثوم بنت علي: 382.
بنو أمية: 571.
أمية بن أبي الصلت: 571.
أنس بن مالك: 653.
(الباء) ابن بابك: 321.
باذنجانة الكاتب: 444.
الببغاء (أبو الفرج): 559.
البحتري: 597583.
ابن بسّام: 615593.
البستي (أبو الفتح): 652612592468.
ابن أبي البغل: 551.
ابن بقية: 600.
أبو بكر رضي الله عنه: 448408401.
البلخي (أبو زيد): 666577.
بهلول: 438.
بنو جمح: 453.
بوران بنت الحسن: 383.
بنو إسرائيل: 247.(1/756)
(التاء) تامورة بنت عمرو بن العاص: 381.
الترك: 514.
تغلب: 329.
أبو تمام: 597587484570443.
بنو تميم: 381.
(الثاء) ثعلب (أبو عمرو): 684.
ابن ثوابة: 540.
(الجيم) الجاحظ: 632628473470381 674668637.
جبريل: 719.
جبير: 693.
جحظة البرمكي: 616593.
ابن الجراح: 514513.
جرير (الشاعر): 633585.
جعفر بن قاسم الكرفي: 565.
جعفر بن يحيى: 564.
(الحاء) حاتم الطائي: 408.
أبو حازم: 420419.
ابن الحجاج: 641619618599595
الحجاج: 696695662.
الحسن البصري: 644432418417 697696695690646645.
الحسن بن علي: 124.
الحسن بن محمد بن عثمان: 653.
أبو الحسن الموسوي: 604.
الحسين بن الضحاك: 581.
الحسين بن علي: 124.
حفصة بنت مروان بن الحكم: 381.
ابن حمدون: 654582.
الحميدي، عبد الله: 449.
حمير: 469.
أبو حنيفة: 661449.
(الخاء) خالد بن صفوان: 424423.
خالد بن عبد الله القسري: 629.
الخباز البلدي: 594.
أبو الخطاب: 609.
الخوارزمي (أبو بكر): 552551512 706558557555.
(الدال) داود: 380.
أبي داود الأصفهاني: 592.
داود بن علي بن عبد الله: 596406.
داود عليه السلام: 400.
(الراء) الراعي النميري: 632631.
الربيع: 450.
ابن رستم: 430428.
الرشيد: 595572564451436.(1/757)
ابن الرومي: 601598592589586 609608606605.
الروم: 252179178171.
(الزاي) زكريا: 380.
زيد بن علي: 107.
زيد بن محمد العلوي: 652.
(السين) السدي: 642637.
السري الموصلي: 610594.
سعد بن أبي وقاص: 415.
سعيد بن حميد: 539.
سعيد بن سلم: 603449412.
سعيد بن المسيب: 447.
السفاح: 404.
سفيان بن عيينة: 689684640.
السلامي أبو الحسن: 631.
سلمان الفارسي: 448.
سليمان عليه السلام: 678.
سليمان بن عبد الملك: 409406404 580420419.
سوار بن أبي شراعة: 587.
السيد الحميري: 587.
ابن سيرين: 448447.
الساميون: 54.
(الشين) الشافعي: 448.
شبيب بن شيبة: 422.
الشداخ: 587.
شريك بن عبد الله: 450449.
أبو شراعة: 389.
شعبة بن الحجاج: 389.
الشعبي: 647645643642418.
أبو الشغب: 634.
أبو الشمقمق: 602.
أبو الشيص: 597.
(الصاد) الصباني: 486484483477473 494493492491490488 526523502499498497 657548.
الصاحب بن عباد: 504482481376 529525524522521520 557554552550538532 559.
صالح بن علي: 346.
الصاغاني: 530523.
صالح بن علي بن عثمان المري: 697.
صالح بن الوليد: 697.
الصالحي، أبو محمد: 653.
صعصعة: 419.
صلة بن أشيم: 419.
الصولي: 630444.(1/758)
(الضحاك) الضحاك: 642640637.
الضرير: 644602.
(الطاء) الطائع: 532476.
أبو طالب: 616.
ابن طباطبا: 604.
طاهر بن الحسين: 541.
طاوس: 691.
(العين) عائشة رضي الله عنها: 408390.
عائشة بنت طلحة: 383.
ابن عباد النميري: 435.
ابن عباس: 640468447416385 646645643641.
العباس بن الحسن: 327.
العباس بن الحسين بن عبيد الله: 630.
أبو العباس المصيصي: 619.
عبد الحميد: 533.
عبد العزيز بن يوسف: 482481476 538532503.
عبد الله بن جعفر: 618.
عبد الله بن خالد: 417.
عبد الله بن الزبير: 417.
عبد الله بن علي: 405.
عبد الله بن عمر: 665654.
عبد الله بن مسعود: 546.
عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز: 385.
عبد الملك بن مروان: 411403.
عبيد الله بن يحيى بن خاقان: 657565.
أبو العتاهية: 596.
عثمان بن عفان: 565402.
العرجي: 628.
عضد الدولة: 599443.
عكرمة: 644641637.
علي الأصفهاني: 697.
علي بن الحسن: 697.
علي بن داود: 616.
علي بن ركن الدولة: 301.
علي بن أبي طالب: 410408403386 683651451450415.
علي بن محمد بن بسام: 202.
علي بن هارون: 598.
علي بن يحيى المنجم: 451.
علية بنت المهدي: 591.
عمر: 423.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: 44740 645.
عمر بن أبي ربيعة: 382381.
عمر بن عبد العزيز: 409403385376 447429419.
عمرو بن سعيد: 424.
عمرو بن العاص: 553.
عمرو بن عبيد: 573.
أبو عمرو بن العلاء: 436.(1/759)
عمرو بن الليث: 657.
ابن العميد: 635560.
أبو العيثاء: 429428427389385 692430.
عيسى عليه السلام: 386.
عيسى بن الرشيد: 541.
عاد: 258.
(الغين) الغضنفر بن ناصر الدولة: 485478.
الغزنويون: 54.
(الفاء) فارعة بنت أبي الصلت: 571.
الفتح: 658.
الفراء: 632.
الفرزدق: 633580.
فرعون: 667399.
الفضل بن سهل: 665.
الفرس: 174.
(القاف) القاسم بن العلاء: 620.
القاضي التنوخي: 100.
القاضي بن عبد العزيز: 611.
قتادة: 646390.
قدامة (جد قدامة بن جعفر): 667.
قريبة بنت عبد الرحمن: 382.
أبو قلابة: 390
قريش: 128.
قيصر: 469.
(الكاف) الكسائي: 630.
كسرى: 469.
كشاجم: 610605585.
أم كلثوم بنت علي بن عبد الله:
كلثوم بنت يزيد: 383.
(الميم) مالك بن المنذر بن الجارود: 418.
المأمون: 426425424383376 656.
المبرد: 692.
المتوكل: 657452451.
المتوكل الليثي: 586.
المتنبي: 589586585.
أبو مجالد: 647.
مجاهد: 683645643640.
محمد صلى الله عليه وسلم: 386376375 480470469448401390 639572571526493481 694693689671653642 699697695.
محمد بن بحر (أبو مسلم): 552.
محمد بن حازم: 392.
محمد بن الحسين بن مصعب: 582.
محمد بن أبي زرعة: 590.(1/760)
محمد بن أبي زيد العلوي: 258.
محمد بن عبد الله بن طاهر: 444.
محمد بن عبد الملك الزيات: 547427426.
محمد بن مجاهد: 722.
محمد بن الوليد: 376.
محمد بن وهيب الحميري: 617.
محمد بن يحيى: 557.
المختار بن عبيد الله: 416.
مخزوم: 423.
المرزباني: 581.
مروان بن أبي حفصة: 588581.
مروان بن الحكم: 654402.
مروان بن محمد: 405.
مريم عليها السلام: 638389.
المستعين: 444.
أبو مسلم الخراساني: 574422.
مسلم بن قتيبة: 574.
المطيع لله: 485.
معاوية: 546417416451392 654.
ابن المعتز: 690407.
معروف: 479477.
المعتصم: 426.
المعتضد بالله: 654.
مقاتل: 648637.
المقتدر: 565.
ابن المقفع: 644662569.
مكحول: 643.
المنصور: 574573422406405.
منصور الفقيه: 616411.
منصور النمري: 596583.
موسى عليه السلام: 667470400399.
المهتدي: 409.
المهدي: 450449.
الموفق: 444.
المهلبي: 473.
(النون) نجاح بن سلمة: 429.
النظام: 637.
أبو نواس: 630582581.
أبو نوح النصراني: 541.
نوح بن منصور: 506.
نوح بن نصر الساماني: 531530.
(الهاء) الهادي (الخليفة): 547412.
هارون: 690.
هاشم: 423.
أبو هريرة: 646642.
هشام بن عبد الملك: 421420411.
الهمداني (أبو الفضل): 607558553.
هند بنت معاوية: 382.
هوذة بن علي: 469.
الهيثم بن عدي: 401.(1/761)
(الواو) الواثق: 426.
وضاح اليمن: 590.
الوليد بن عبد الملك: 697419.
وهب بن منبه: 417.
(الياء) يحيى: 380.
يحيى بن علي المنجم: 377.
اليزيدي: 629.
أبو يعقوب الخزيمي: 692.
يوسف عليه السلام: 679450.(1/762)
فهرس الكتب
الأوراق: 444.
الحماسة: 587.
الفرح بعد الشدة: 653.
المستنير: 581.
المجوس: 653673.
الوزراء: 657.
اليتيمة: 673.(1/763)
فهرس الأماكن
(الألف) إيوان كسرى 408.
(الباء) البادية: 614.
بخارى: 625.
البصرة: 696581439418.
بغداد: 514444.
بلاد الجبل: 476.
بيت المقدس: 641.
(الجيم) جان: 652476.
الجزيرة: 421.
(الحاء) الحبشة: 184.
الحجاز: 693.
الحيرة: 657.
(الخاء) خراسان: 422.
(الدال) دمشق: 641.
الذال) ذي قار: 421.
(الشين) الشام: 696447402.
(الصاد) صفين:
(الطاء) طبرستان: 476.
(العين) العراق: 418.
(الكاف) الكوفة: 404.
(الميم) المدينة: 694693654.
مصر: 420411.
مكة: 458436421.
(النون) نيسابور: 657613.
النيل: 244.
(الياء) اليمن: 416، 417.(1/764)
المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
آثار ابن المقفع / بيروت، دار مكتبة الحياة، 1978.
أبو العيناء، الأديب البصري الظريف / ابتسام مرهون الصفار، بغداد، وزارة التعليم العالي، 1988.
أجناس التجنس / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد (429هـ)، تحقيق ابراهيم السامرائي، مجلة كلية الآداب، العدد العاشر، 1967.
أحسن ما سمعت / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد (429هـ)، مصر، مطبعة الجمهور 1324هـ.
أخبار البحتري / الصولي، تحقيق صالح الأشتر، دمشق، دار الفكر، 1964.
أدب الدنيا والدني / الماوردي، القاهرة، المطبعة الأميرية، 125.
لباب النقول في أسباب النزول / السيوطي، عبد الرحمن (911هـ)، القاهرة، مصطفى البابي الحلبي، 1954.
أسباب النزول / الواحدي، بيروت، عالم الكتب، 1980.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ابن عبد البر يوسف بن عبد الله (463هـ) تحقيق محمد البجاوي، مطبعة نهضة مصر، القاهرة،
أسد الغابة، ابن الأثير، عز الدين علي بن محمد (630هـ)، طهران، الطبعة الإسلامية 1280هـ.
أشعار اليزيديين / جمع وتحقيق محسن غياض، بغداد.
الإصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر العسقلاني، أحمد بن محمد (850هـ)، القاهرة، المكتبة التجارية، 1939.
الأعلام، الزركلي، خير الدين، مطبعة كرستاترماس، 1959.
الأغاني / الأصفهاني، أبو الفرج علي بن الحسين (356هـ)، طبعة دار الكتب.(1/765)
الأمالي / ابن دريد، تحقيق مصطفى السنوسي، مكتبة الآداب، 1992.
الأمالي الشجرية، ابن الشجري، هبة الله (542هـ).
الأمالي / المرتضى الشريف (436هـ) تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة، 1967.
الإمامة والسياسة / ابن قتيبة عبد الله بن مسلم (476هـ) (منسوب)، الطبعة الثانية، 1957.
الأوراق / الصولي، أبو بكر محمد بن بكر (335هـ)، تحقيق ج هيورات.
أوراق من ديوان محمد بن داود الأصبهاني / جمع وتحقيق نوري حمودي القيسي.
الإيجاز والإعجاز / الثعالبي أبو منصور عبد الملك بن محمد (429هـ).
البخلاء / الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر (255هـ) تحقيق طه الحاجري.
البداية والنهاية / ابن كثير، اسماعيل بن عمر (774هـ)، القاهرة، مطبعة السعادة 1932.
البصائر والذخائر / التوحيدي، أبو حيان، علي بن محمد (380هـ)، تحقيق أحمد أمين والسيد أحمد صقر 1953.
بلاغات النساء / طيفور، أبو الفضل أحمد (280هـ).
بلوغ الأرب / الألوسي، محمود شكري، تحقيق محمد بهجة الأثري، القاهرة، المطبعة الرحمانية، 1924.
البيان والتبيين / الجاحظ، أبو عثمان، عمرو بن بحر (255هـ)، تحقيق عبد السلام هارون تاريخ الأدب العربي، القاهرة، لجنة التأليف والترجمة، بروكلمان، كارل، ترجمة عبد الحليم النجار، دار المعارف، 1959.
تاريخ ابن عساكر، ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن (571هـ) باعتناء عبد القادر أفندي، دمشق، مطبعة روضة، دمشق 1330هـ.
تاريخ بغداد، البغدادي، الخطيب، أبو بكر أحمد (643هـ)، القاهرة، مطبعة السعادة 1931.(1/766)
تاريخ الخلفاء / السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن (922هـ) تحقيق محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، 1959.
تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك)، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم. مصر، دار المعارف، 1960، وطبعة الحسينية، مطبعة الاستقامة، مصر.
تتمة اليتيمة / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، تحقيق عباس إقبال، طهران، مطبعة فردني 1353هـ 1947م.
تحفة الوزراء / الثعالبي، عبد الملك بن محمد (429هـ) تحقيق حبيب الراوي وابتسام مرهون، بغداد، 1977.
ترجمة الكاتب في آداب الصاحب / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك، تحقيق علي ذيب زايد، عمان 2001.
التعازي والمرآثي / المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد (285هـ) تحقيق محمد الديباجي، دمشق، 1976.
تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، القاهرة، دار الكتب المصري، 1990.
التنبيه والإشراف / المسعودي، أبو الحسين علي (346هـ)، بيروت، مكتبة حياة، 1965.
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس / الفيروزآبادي، أبو طاهر محمد (817هـ)، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1960.
التوفيق للتلفيق / الثعالبي، عبد الملك، 429هـ، تحقيق هلال ناجي وزهير غازي زاهد، بغداد، المجمع العلمي العراقي.
تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني (822هـ) مطبعة دائرة المعارف العثمانية 1325هـ / 1327.
تهذيب تاريخ دمشق / ابن عساكر، تحقيق عبد القادر بدران، دار إحياء التراث، 1987.
الثعالبي ناقدا وأديبا / محمود الجادر، بغداد.(1/767)
ثمار القلوب / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، مصر، 1965.
ثمرات الأوراق، ابن حجة الحموي.
ثورة الزنج، فيصل السامر.
جامع البيان، (تفسير الطبري)، أبو جعفر محمد بن جرير (310هـ)، القاهرة، مطبعة البابي الحلبي.
جحظة البرمكي الأديب الشاعر، مزهر السوداني، بغداد، 1977.
جمهرة أنساب العرب / ابن حزم، أبو محمد، علي بن محمد الظاهري، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، 1962.
جمهرة الأمثال / العسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله (كان حيا سنة 395هـ)، تحقيق محمد أبو الفضل، عبد المجيد قطامش، القاهرة، 1964.
جمهرة رسائل العرب / أحمد زكي صفوت، القاهرة، 1933.
حلية الأولياء / أبو نعيم الأصبهاني (430هـ)، القاهرة، مطبعة السعادة (1357 1357هـ.
حماسة الظرفاء / العبدلكاني، بغداد.
الحيوان / الجاحظ، أبو عثمان، عمرو بن بحر (255هـ). تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، 1958.
خاص الخاص / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1966.
الخصائص / ابن جني، أبو الفتح عثمان، تحقيق محمد علي النجار، بغداد، دار الشؤون الثقافية، 1990.
الخليفة المغني ابراهيم بن المهدي / بدري محمد فهد، بغداد، مطبعة الإرشاد.
الخيل / أبو عبيدة، معمر بن المثنى (205هـ)، مطبعة دائرة المعارف، الهند.
دمية القصر / الباخرزي، دار الجيل، بيروت، 1993.
الديارات / الشابشتي.(1/768)
ديوان ابن الحجاج، مخطوطات المجمع العلمي العراقي رقم 51.
ديوان ابن الرومي، تحقيق حسين نصار، واختيار كامل كيلاني، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1900.
ديوان ابن المعتز، طبعة دمشق، وتحقيق يونس السامرائي، بغداد.
ديوان أبي الأسود الدؤلي.
ديوان أبي تمام، تحقيق محمد عبدة عزام، دار المعارف، مصر، 1964.
ديوان أبي الأسود الدؤلي / تحقيق محمد حسين آل ياسين، بغداد، مكتبة النهضة، 1964.
ديوان أبي فراس الحمداني / تحقيق سامي الدهان، المعهد الفرنسي، دمشق 1944.
ديوان أبي نؤاس / القاهرة، طبعة الغزالي.
ديوان البحتري، تحقيق حسن كامل الصيرفي، مصر 1950.
ديوان حاتم الطائي / بيروت، دار صادر.
ديوان الحطيئة / تحقيق نعمان أمين طه، مصر، مطبعة البابي الحلبي.
ديوان السيد الحميري / مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1999.
ديوان عدي بن الرقاع / تحقيق حاتم الضامن، المجمع العلمي العراقي، بغداد.
ديوان عنترة بن شداد / بيروت، دار صادر.
ديوان كثير عزة / تحقيق إحسان عباس، بيروت 1970.
ديوان المتلمس / تحقيق حسن كامل الصيرمي، القاهرة، 1970.
ديوان المتنبي / تحقيق عبد الرحمن البرقوقي، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1938.
ديوان المعاني / العسكري، أبو هلال الحسن (كان حيا سنة 395هـ)، القاهرة، مكتبة القدس، 1352.
ذيل زهر الآداب / الحصري القيرواني، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1934.
الرجال / الحسن بن داود.
رسائل الصاحب بن عباد / تحقيق عبد الوهاب عزام، شوقي ضيف، القاهرة، 1946.(1/769)
رسائل الصابي / الصابي، تحقيق شكيب أرسلان، دار النهضة، بيروت.
رسوم دار الخلافة / الصابي، تحقيق ميخائيل عواد.
زهر الآداب / الحصري، أبو إسحاق ابراهيم (453هـ) تحقيق زكي مبارك ومحمد محيي الدين، القاهرة.
سحر البلاغة / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، طبعة أحمد عياد، دمشق، مطبعة الجوانب 1301هـ.
سلسلة الأحاديث الصحيحة / الألباني، محمد ناصر، بيروت، المكتب الإسلامي، 1980.
سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، أبو محمد عبد الله (214هـ)، تحقيق أحمد عبيد، مصر، مكتبة وهبة، 1954.
سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، مطبعة الإمام، القاهرة.
السيرة النبوية، ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، تحقيق محيي الدين عبد الجميد، القاهرة، المكتبة التجارية.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب / ابن العماد، أبو الفلاح عبد الحي 1979.
شرح ديوان الحماسة / المرزوقي، أبو علي أحمد (421هـ) تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والنشر 1951.
شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة / تحقيق محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1960.
شرح نهج البلاغة / ابن أبي حديد (656هـ)، تحقيق حسن تميم، بيروت، 1963.
شعراء عباسيون / يونس السامرائي، بيروت، عالم الكتب، 1990.
شعر ابن بسّام، تحقيق مزهر السوداني، النجف، 1977.
شعر أبي بكر هبة الله النهرواني (319هـ)، جمع وتحقيق صبيح رديف، بغداد، 1974.
شعر الراعي النميري / تحقيق ناصر الحاني، دمشق، 1964.
شعر السلامي / جمع وتحقيق صبيح رديف، بغداد، 1973.(1/770)
شعر صالح بن عبد القدوس / جمع وتحقيق عبد الله الخطيب، 1967.
شعر عبد الله بن المبارك، تحقيق مجاهد مصطفى بهجت.
شعر العتابي / جمع وتحقيق الطيب العشّاش.
شعر المتوكل الليثي / تحقيق يحيى الجبوري، بغداد، مكتبة الأندلس، 1960.
الشعر والشعراء / ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم (276هـ)، تحقيق أحمد محمد شاكر، دار المعارف، مصر، 1967.
شعر النابغة الجعدي / المكتبة الإسلامي، دمشق.
صبح الأعشى / القلقشندي، أبو العباس أحمد، الطبعة الأميرية (مصورة).
الصحاح / الجوهري، اسماعيل بن حماد (393هـ) تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، مصر، دار الكتاب العربي، 1956.
صفة الصفوة / ابن الجوزي، عبد الرحمن (597هـ)، حيدرآباد الدكن، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، 1355هـ.
الطبقات / ابن خياط، خليفة، أبو عمرو الليثي (حوالي 240هـ)، تحقيق أكرم العمري، بغداد 1387هـ / 1967م.
منتخب الكلام من تفسير الأحلام / ابن سيرين، بيروت.
المنتظم / ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن (597هـ)، الهند، 1959م / 1357هـ.
من غاب عنه المطرب / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، نشر وتصحيح محمد اللبابيدي، المطبعة الأدبية، بيروت، 1908.
الموازنة / الآمدي، تحقيق أحمد صقر، القاهرة، دار المعارف 1961.
ميزان الاعتدال / الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد (748هـ)، تحقيق محمد البجاوي، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية.
نثار الأزهار / ابن منظور، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1983.
نثر الدرر / الآبي، أبو سعد منصور بن الحسين (421هـ)، تحقيق محمد علي قرنة، وعلي محمد البجاوي، القاهرة، 1980.(1/771)
نزهة الألباء / الأنباري، كمال الدين، تحقيق ابراهيم السامرائي، بغداد، 1970.
نسب قريش / الزبيري أبو عبد الله، المصعب بن عبد الله (236هـ)، باعتناء بروفنسال، دار المعارف، مصر.
طبقات سلاطين الإسلام / ستانلي لين بول، ترجمة عباس إقبال، دار منشورات البصري 1968.
طبقات الشعراء / ابن المعتز، عبد الله (ت 296هـ)، تحقيق عبد الستار فراج، مصر.
طبقات الفقهاء / الشيرازي، أبو إسحاق ابراهيم / تحقيق إحسان عباس، بيروت، 1970.
طبقات فقهاء اليمن / الجعدي، أبو الخطاب عمر بن علي تحقيق فؤاد السيد، مطبعة السنة المحمدية.
الطبقات الكبرى / ابن سعد، محمد (430هـ)، باعتناء ن. سخاء، مطبعة بريل.
عبد الملك الحارثي / تحقيق وجمع زكي ذاكر المعاني، بغداد، 1980.
العبر في خبر من غبر / الذهبي، شمس الدين، أبو عبد الله محمد (748هـ)، تحقيق فؤاد سيد وصلاح الدين المنجد، مطبعة الكويت، 19661960.
العقد الفريد / ابن عبد ربه، شهاب الدين أحمد (390)، تحقيق أحمد أمين وابراهيم الابياري، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف 1367هـ / 1372.
العمدة / ابن رشيق، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، وطبعة حجازي 1934.
عيون الأخبار / ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم (276هـ)، دار الكتب المصرية 1925 1930.
غاية النهاية في طبقات القراء، ابن الجزري شمس الدين، تحقيق براجستراشر، القاهرة، مكتبة الخانجي 1932.
الفاخر / المفضل بن سلمة (من أواخر القرن الثالث)، تصحيح شالس استوري، ليدن 1915.(1/772)
الفاضل في صفة الأدب الكامل / الوشاء، أبو الطيب محمد بن أحمد، تحقيق يوسف يعقوب مسكوني، بغداد، 1970.
الفخري في الآداب السلطانية / ابن الطقطقى، محمد بن علي (709هـ)، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1938.
الفرج بعد الشدة / التنوخي، أبو علي المحسن بن علي، القاهرة، 1955.
فقه اللغة / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، تحقيق مصطفى السقا، ابراهيم الإبياري، مطبعة البابي الحلبي، مصر، 1938.
الفهرست / ابن النديم، محمد بن إسحاق (378هـ)، القاهرة، مطبعة الاستقامة.
القاضي شريح، بدري محمد فهد، عمان، دار جهينة، 2005.
الكامل في التاريخ / ابن الأثير عز الدين، أبو الحسن علي (630هـ)، بيروت 1385 هـ / 1965م.
الكشاف / الزمخشري، دار الكتاب العربي 1947، وطبعة طهران.
الكنى والألقاب / القمي، عباس، النجف، المطبعة الحيدرية، 1956.
الكناية والتعريض / الثعالبي عبد الملك، أبو منصور (429هـ)، تصحيح محمد النعسان (بالأومسيت)، بغداد، 1972.
لسان العرب / ابن منظور، جمال الدين محمد (711هـ)، بولاق، المطبعة الأميرية، وطبعة دار صادر، بيروت.
اللباب في تهذيب الإنساب / ابن الأثير، عز الدين علي (630هـ)، القاهرة، 1357هـ.
اللطائف / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، طبعة عزة أفندي.
لطائف المعارف / الثعالبي، أبو منصور عبد الملك (429هـ)، تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن الصيرفي، مصر، دار إحياء الكتب العربية، 1960.
مجاز القرآن / أبو عبيدة، معمر بن المثنى، تحقيق فؤاد سزكين، القاهرة، 1962.
مجمع الأمثال / الميداني، أبو الفضل محمد (518هـ)، القاهرة، 1353هـ.(1/773)
مجموعة الوثائق السياسية / جمع وتحقيق محمد حميد الله، مصر، مطبعة لجنة التأليف والنشر، 1956.
المحمدون من الشعراء، القفطي.
المختار من رسائل الصابي، تحقيق شكيب إرسلان، بيروت، 1960.
مختصر الأمثال / الشريف الرضي، تحقيق نوري القيسي وهلال ناجي، بغداد، دار الشؤون الثقافية، 1986.
مختصر البلدان / ابن الفقيه، مكتبة المثنى، بغداد 1985 (بالاوفسيت).
المخصص / ابن سيدة، علي بن اسماعيل (458هـ)، بولاق، المطبعة الأميرية 1316هـ.
مروان بن أبي حفصة وشعره / قحطان التميمي، النجف، مطبعة النعمان، 1970.
مروج الذهب / المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين (346هـ)، تحقيق يوسف أسعد داغر، بيروت، 1965.
المستطرف / الابشيهي محمد بن أحمد (850هـ)، القاهرة، بولاق 1268.
مشاهير علماء الامصار / البستي، محمد بن حيان، تصحيح م. فلا يشهر القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والنشر 1959م.
المصون / العسكري، تحقيق عبد السلام هارون، الكويت، دار المطبوعات، 1960.
معاهد التنصيص، عبد الرحيم بن عبد الرحمن (962هـ)، المطبعة البهية 1316هـ.
معجم الأدباء / ياقوت الحموي (626هـ)، تحقيق مرجليوث 19301923هـ.
معجم الأسرات الحاكمة / زامباور ترجمة زكي محمد حسن، بيروت، 1980.
معجم البلدان / ياقوت الحموي، شهاب الدين (626هـ)، ليبزج 1924.
معجم الشعراء / المرزباني، أبو عبد الله عمران بن موسى (384هـ)، تحقيق أحمد عبد الستار.
معجم شواهد العربية / عبد السلام هارون، القاهرة، 1960.(1/774)
مقاتل الطالبيين / الأصبهاني، أبو الفرج علي بن الحسين (356هـ)، النجف، المطبعة الحيدرية، 1353هـ.
نكت الهميان / الصفدي، صلاح الدين تحقيق أحمد زكي بك.
نوادر المخطوطات / تحقيق ونشر عبد السلام هارون، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والنشر 1951.
نهاية الأرب / النويري، شهاب الدين أحمد (732هـ)، القاهرة، دار الكتب المصرية 19491929.
الوزراء / الصابي، هلال بن المحسن (448هـ)، تحقيق عبد القادر أحمد فراج، القاهرة، 1958.
الوزراء والكتاب / الجهشياري، أبو عبد الله محمد (331هـ)، تحقيق مصطفى السقا، القاهرة، 1938.
وفيات الأعيان / ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد (681هـ)، تحقيق إحسان عباس.
وقعة صفين / نصر بن مزاحم، أبو الفضل، تحقيق عبد السلام هارون، مصر، مطبعة المدينة، 1962.
يتيمة الدهر / الثعالبي، عبد الملك، أبو منصور (429هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مصر، مطبعة حجازي، 1941.
المجلات والأبحاث:
دراسة توثيقية لمؤلفات الثعالبي / محمود الجادر، مجلة معهد البحوث والدراسات العربي، العدد 12، 14031983هـ.
شعر وضاح اليمن، مجلة المورد، المجلد 13، العدد (21).
علي بن هارون المنجم / يونس السامرائي، مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 83 الجزآن 2، 3.(1/775)
مصادر الثعالبي في اليتيمة / محمود الجادر، مجلة المجمع العلمي العراقي العدد (14)، مجلد 32سنة 1981.
ملاحظات عن سيرة الثعالبي / قاسم السامرائي، ترجمة ابتسام مرهون الصفار، مجلة المناهل (المغربية)، العدد 18، سنة 1980.(1/776)
كتب للمحققة
أولا: الكتب المنشورة: 1التعابير القرآنية والبيئة العربية في مشاهد القيامة، بغداد، مطبعة النعمان، 1968.
2 - مالك ومتمم ابنا نويرة اليربوعي، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1966.
3 - التعازي لأبي الحسن المدائني، تحقيق بالمشاركة مع الدكتور بدري محمد فهد، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1972.
4 - صور من الحضارة العربية الإسلامية، بالمشاركة مع الدكتور بدري محمد فهد، بغداد، مطبعة النعمان، 1973.
5 - أثر القرآن في الأدب العربي في القرن الأول الهجري، بغداد، مطبعة اليرموك، 1976، دار جهينة، عمان، 2005.
6 - تحفة الوزراء للثعالبي، تحقيق بالمشاركة مع حبيب الراوي، وزارة الأوقاف، 1975.
7 - تحفة الوزراء للثعالبي، تحقيق بالمشاركة مع حبيب الراوي، وزارة الأوقاف، 1975؟
8 - زياد الأعجم شاعر العربية في خراسان، بغداد، مطبعة اليرموك، 1976.
9 - أبو العينناء الأديب البصري الظريف، الموصل، وزارة التعليم العالي، مطبعة الموصل، 1978.
10 - الاقتباس من القرآن الكريم (تحقيق)، جذ، بغداد، 1973.
11 - محاضرات في تاريخ النقد العربي بالمشاركة مع أ، د. ناصر حلاوي، بغداد، وزارة التعليم العالي، 1990.
12 - الآمالي في الأدب الإسلامي، جامعة بغداد، 1990، مطابع دار الحكمة، عمان، دار المناهج، 2001، 2002.
13 - عمدة الكاتب للزجاجي (تحقيق)، إصدارات الحكمة، بريطانيا، 1999.
14 - المقامة الحصيبية في المفاخرة بين الفنون وأربابها للقاضي الزبير (تحقيق)، بالمشاركة مع أ. د. بدري محمد فهد، إصدارات الحكمة، بريطانيا، 2000.
15 - الجامع للرسائل والأطاريح العراقية في العراق، إصدارات الحكمة، بريطانيا، 2001.
16 - الفأل والطيرة والتنجيم في الفكر الإسلامي والموروث الأدبي، عمان، دار المناهج، 2003.
17 - آفاق الأدب في العصر الأموي، 2005.
18 - رؤية معاصرة في التحقيق والنقد، عمان، دار صفا (تحت الطبع).
19 - في فضاءات الأدب القديم، عمان، دار صفا (تحت الطبع).(1/777)