المقدّمة(1/5)
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين إله الأولين والآخرين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد أنزل الله عز وجل القرآن العظيم هدى وشفاء ورحمة وبشرى، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم، وقد تكفل الله بحفظه قال تعالى: {إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ} [سورة الحجر الآية:
9] كما تكفل أيضا ببيانه، قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنََا بَيََانَهُ} [سورة القيامة الآية:
19].
ومن تمام حفظه وبيانه عناية المسلمين به تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم من بعده، فحرص المسلمون على حفظ القرآن وتفهم معانيه، كما حرصوا على العمل به وتطبيقه والوقوف عند أحكامه، وبذل العلماء قديما وحديثا جهودا مشكورة في خدمة كتاب الله عز وجل تعلما وتدريسا، تفسيرا وبيانا، تصنيفا وتأليفا، في نواحي مختلفة ومشارب متنوعة.(1/7)
فصنف العلماء في تفسير القرآن جيلا بعد جيل، فكثرت كتب التفسير وتنوعت اتجاهاتها وتعددت مشاربها، ومن بين تلك الكتب «تفسير البحر المحيط» لأبي حيان محمد بن يوسف الأندلسي ت 745هـ، ولهذا التفسير منزلة رفيعة بين أمهات كتب التفسير فمؤلفه من الأئمة الأعلام فقد حفظ القرآن الكريم في أول حياته، ثم حفظ الكثير من المتون في القراءات والنحو والفقه وأصوله، كما قرأ في المطولات والشروح، ورحل كثيرا في طلب العلم فكثرت شيوخه، ثم اشتغل بالتدريس والتعليم وإفادة الطلبة فانتفع به أهل زمانه ومن بعدهم، كما كتب مؤلفات عدة بين كبير وصغير في علوم متنوعة وفنون شتى.
ثم إن تفسيره «البحر المحيط» شامل لتفسير كتاب الله عز وجل مع العناية بالعلوم الأخرى الخادمة له، وقد بذل فيه مؤلفه كل جهوده واعتكف على تصنيفه بقية عمره، فكان هذا التفسير من أجل كتب التفسير وأعلاها شأنا بشهادة العلماء له وإفادة الناس منه.
ولأبي حيان في تفسيره هذا وغيره من كتبه اجتهادات واختيارات، وشخصية واضحة بارزة تدل على إلمامه بكثير من العلوم في التفسير والقراءات، واللغة والنحو والتصريف، والفقه وأصوله والحديث ورجاله وغير ذلك من العلوم الأخرى.
وقد وفقني الله عز وجل وأكرمني بأن كانت اطروحتي لنيل درجة الماجستير «اختيارات أبي حيان النحوية في تفسيره البحر المحيط» فرأيت من خلال البحث والدراسة ما تميز به هذا التفسير من قيمة علمية جامعة متنوعة المباحث مع حسن إفادته من مصادره التي لا يزال بعضها مفقودا، ثم رغبت في طباعة الرسالة على قسمين:(1/8)
القسم الأول: أبو حيان وتفسيره البحر المحيط.
القسم الثاني: اختيارات أبي حيان النحوية في تفسيره البحر المحيط «جمعا ودراسة». وإني لأقدم للقارئ الكريم هذا الكتاب الذي يشمل القسم الأول «أبو حيان وتفسيره البحر المحيط» سائلا الله عز وجل أن ينفع به وأن يوفقني لإخراج القسم الآخر.
وقد جاء هذا الكتاب في مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة وفهرس للأعلام المترجم لهم وفهرس للموضوعات
الفصل الأول: حياة أبي حيان وقد اشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول: نسبه ومولده.
المبحث الثاني: نشأته وصفاته.
المبحث الثالث: رحلاته.
المبحث الرابع: شيوخه.
المبحث الخامس: تلاميذه.
المبحث السادس: مؤلفاته.
المبحث السابع: وفاته.
الفصل الثاني: تفسيره البحر المحيط، وقد اشتمل على المباحث التالية:
المبحث الأول: زمن تأليف الكتاب ومكانه.
المبحث الثاني: منهجه فيه.(1/9)
المبحث الثالث: مادته العلمية.
المبحث الرابع: مصادره.
المبحث الخامس: موقفه من الفرق والطوائف.
المبحث السادس: أثره فيمن بعده.
المبحث السابع: طبعاته ومخطوطاته.
الفهارس: وتشمل:
1 - فهرس الأعلام المترجم لهم.
2 - فهرس الموضوعات.
وفي الختام أحمد الله جل وعلا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ومنها التوفيق لإنجاز هذا العمل خدمة لكتابه سبحانه، ثم وفاء لأولئك العلماء الأجلاء الذين بذلوا جهودهم الطيبة في خدمة كتاب الله عز وجل، ومنهم أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي المفسر النحوي إن هذا الكتاب ثمرة جهد بذلته زمنا راجيا التواب من الله عز وجل ثم الدعاء الخالص من قارئه الكريم، وما كان فيه من صواب فمن الله وتوفيقه وما كان فيه من خطأ وزلل وقصور فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله وأتوب إليه.
وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(1/10)
الفصل الأول حياة أبي حيان
المبحث الأول: نسبه ومولده
المبحث الثاني: نشأته وصفاته
المبحث الثالث: رحلاته
المبحث الرابع: شيوخه
المبحث الخامس: تلاميذه
المبحث السادس: مؤلفاته
المبحث السابع: وفاته(1/11)
تمهيد
إن شخصية أبي حيان غنية عن التعريف (1)، فهو العالم الذي طبقت
__________
(1) ينظر لترجمته: طبقات الشافعية الكبرى 9/ 307276والوافي بالوفيات 5/ 283267ونكت الهميان 286280ونفح الطيب 2/ 584535والإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 6043والكتيبة الكامنة 8681ومعرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار 2/ 724723والدرر الكامنة 4/ 310302وذيول العبر 244243والنجوم الزاهرة 10/ 115111وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 459457وتاريخ ابن الوردي 2/ 340339وطبقات المفسرين للداودي 2/ 287 291وغاية النهاية في طبقات القراء 2/ 286285وذيول تذكرة الحفاظ 2623ومستفاد الرحلة والاغتراب 142140وفوات الوفيات 4/ 7971والمختصر في أخبار البشر 4/ 142، ووفيات ابن رافع 1/ 484482، ووفيات ابن منقذ 349، والبداية والنهاية 14/ 224، وبدائع الزهور 1/ 200199، ودرة الحجال 2/ 124122، وشذرات الذهب 6/ 147145، وفهرس الفهارس للكتاني 1/ 157155، وبغية الوعاة 1/ 285280، وحسن المحاضرة 1/ 534 536، والبدر الطالع 2/ 291288، وهدية العارفين 2/ 153152، والأعلام 7/ 152، ومعجم المؤلفين 12/ 131130، وظهر الإسلام 9594، ونشرة دار الكتب 1/ 110، والمجلة الآسيوية، المجموعة الثانية 2/ 335236، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 332.
انظر الدوريات:
1 - أبو حيان وبحره المحيط، مقال كتبه الأستاذ الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة، منشور في مجلة كلية اللغة العربية بالرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العدد السابع، عام 1397هـ / 1977م، من صفحة 13إلى صفحة 50.
2 - حياة أبي حيان وثقافته: مقال كتبه الدكتور عبد المجيد محتسب، منشور في مجلة الدراسات الإسلامية بباكستان، العدد الأول، 1298هـ، ص 208.
3 - أبو حيان الأندلسي نحوي عصره ومفسره: مقال كتبه الدكتور عبد المجيد محتسب، منشور في مجلة العربي بالكويت، العدد 129، جمادي الأولى عام 1389هـ / أغسطس آب عام 1969م، ص 3126.(1/13)
شهرته الآفاق وسارت بحديثه الركبان. قال عنه تلميذه السبكي (1): «شيخ النحاة، العلم الفرد، والبحر الذي لم يعرف الجزر بل المد، سيبويه الزمان والمبرد إذا حمي الوطيس بتشاجر الأقران، وإمام النحو الذي لقاصده منه ما يشاء، ولسان العرب الذي لكل سمع لديه الإصغاء، وكعبة علم تحج ولا تحج ويقصد من كل فج، تضرب إليه الإبل آباطها، وتفد عليه كل طائفة سفرا لا يفرق إلا نمارق البيد بساطها» (2).
وقد درس حياته كثير من الباحثين مما لا يدع مجالا للإضافة أو الإفاضة، منهم:
1 - الدكتورة خديجة الحديثي في كتابها «أبو حيان النحوي» (3)،
2 - والدكتور مصطفى أحمد النماس في مقدمة تحقيقه كتاب «ارتشاف الضرب من لسان العرب» (4)
3 - والدكتور عفيف عبد الرحمن في مقدمة تحقيقه كتاب «تذكرة النحاة» (5) لأبي حيان.
4 - والدكتور عبد العال سالم مكرم في كتابه «المدرسة النحوية في مصر
__________
4 - أبو حيان الأندلسي ومنهجه في الدراسات النحوية: مقال كتبه الدكتور عبد العال سالم مكرم، منشور في مجلة كلية الآداب والتربية بجامعة الكويت، العدد الثاني، ديسمبر عام 1972م، ص 11.
(1) ستأتي ترجمته في تلاميذ أبي حيان.
(2) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 9/ 276.
(3) هو في الأصل رسالة دكتوراة نوقشت في كلية الآداب بجامعة القاهرة في شعبان سنة 1383هـ، الموافق كانون الثاني 1964م، ثم طبعت بمساعدة جامعة بغداد ضمن منشورات مكتبة النهضة ببغداد سنة 1385هـ / 1966م.
(4) الطبعة الأولى سنة 1404هـ.
(5) من منشورات مؤسسة الرسالة بدعم جامعة اليرموك، الطبعة الأولى سنة 1406هـ / 1986م.(1/14)
والشام في القرنين السابع والثامن من الهجرة» (1).
5 - الأستاذ محمد بن جاسم الدليمي في مقدمة تحقيقه ل «تقريب المقرب» لأبي حيان (2).
فكان عملي في هذا التمهيد كتابة ترجمة مختصرة له ليكون القارئ على إلمام بمعرفة حياة أبي حيان وآثاره التي منها البحر المحيط الذي هو مجال الدراسة في هذه الرسالة.
__________
(1) من منشورات دار الشروق، الطبعة الأولى 1400هـ / 1980م.
(2) دار الندوة الجديدة، بيروت، 1407هـ / 1987م.(1/15)
المبحث الأول نسبه ومولده
هو أثير الدين محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي (1)
الجياني (2) الأندلسي. وقد انتقلت عائلته من جيان إلى «مطخشارش»، وهي من حواضر غرناطة (3)، وبها ولد في أخريات شوال سنة أربع وخمسين وستمائة، كما حدث بذلك عن نفسه في إجازته التي بعث بها إلى تلميذه الصفدي (4) إجابة له لما طلبها منه مستدعيا منه إجازته بمروياته وشيوخه وتصانيفه (5).
__________
(1) نسبة إلى نفزة: وهي قبيلة من قبائل البربر بالمغرب، ينظر الدرر الكامنة 4/ 307، وشذرات الذهب 6/ 145، وبغية الوعاة 1/ 280، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 287.
(2) نسبة إلى جيان: وهي مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تقع شرقي قرطبة بينها وبين قرطبة سبعة عشر فرسخا، ينظر معجم البلدان 2/ 195.
(3) من أقدم بلاد الأندلس، ومعناها بلسان عجم الأندلس رمانة، من أجمل بلاد الأندلس وأحسنها وأحصنها، ينظر معجم البلدان 4/ 195.
(4) ستأتي ترجمته في تلاميذ أبي حيان.
(5) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 281277، ونقلها المقري في نفح الطيب 2/ 553549.(1/17)
وقد ذكر لسان الدين الخطيب (1) أن أبا حيان ولد سنة 652هـ، والصواب أنه ولد سنة 654هـ لأن أبا حيان أخبر بذلك بنفسه، والرجل أعلم بحاله من غيره.
__________
(1) ينظر: الإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 59، ولسان الدين هو محمد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب، ذو الوزارتين، ولد سنة 713هـ، ونشأ بغرناطة، وقتل خنقا في فاس عام 776هـ. له الإحاطة في أخبار غرناطة، وطرفة العصر في دولة بني نصر، والتعريف بالحب الشريف وغيرها.
ينظر لترجمته: الدرر الكامنة 3/ 474469، وشذرات الذهب 6/ 247244، والبدر الطالع 2/ 194191.(1/18)
المبحث الثاني نشأته وصفاته
نشأ أبو حيان في غرناطة التي كانت من أكبر مدن الأندلس، وقد قامت فيها مملكة غرناطة في أواسط القرن السابع الهجري التي جددت النشاط في الحياة الفكرية والعلمية، فكانت موئل العلماء كافة في جميع العلوم والفنون.
فتلقى علومه الأولى فيها على شيوخ عصره، فقرأ بها القراءات والنحو واللغة، «وكانت أول قراءته سنة 670هـ، حيث قرأ السبع ببلده على عبد الحق بن علي الأنصاري، وأحمد بن علي بن الطباع، والأستاذ أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير» (1).
ثم تنقل في مدن الأندلس، ثم بلاد المغرب، ثم شمال إفريقية، حتى حط رحاله في المشرق، كما سيأتي الحديث عن ذلك مفصلا في «رحلاته».
قال عنه تلميذه الصفدي (2): «واجتهد وطلب وحصل وكتب وقيد، ولم
__________
(1) ينظر: نكت الهميان 280، والوافي بالوفيات 5/ 267وفوات الوفيات 4/ 72، وغاية النهاية 2/ 285، والإحاطة 3/ 43، والدرر الكامنة 4/ 203، وطبقات الشافعية 9/ 277، وتذكرة الحفاظ 4/ 265، وبغية الوعاة 1/ 281، وشذرات الذهب 6/ 146.
(2) ستأتي ترجمته في تلاميذ أبي حيان.(1/19)
أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه، لأني لم أره إلا يسمع، أو يشتغل، أو يكتب، ولم أره على غير ذلك، وله إقبال على الطلبة الأذكياء، وعنده تعظيم لهم، ونظم ونثر، وله الموشحات البديعة، وهو ثبت فيما ينقله محرر لما يقوله، عارف باللغة ضابط لألفاظها، وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا فيهما، لم يذكر معه في أقطار الأرض غيره في العربية، وله اليد الطولى في التفسير والحديث والشروط والفروع وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم، خصوصا المغاربة، وتقييد أسمائهم على ما يتلفظون به من إمالة وترخيم وترقيق وتفخيم لأنهم مجاورو بلاد الفرنج وأسماؤهم قريبة (من لغاتهم) (1)، وألقابهم كذلك، كل ذلك قد جوّده وقيده وحرره» (2).
وقال بعض من كتب عنه: «وهو شيخ فاضل ما رأيت مثله، كثير الضحك والانبساط، بعيد عن الانقباض، جيد الكلام، حسن اللقاء، جميل المؤانسة، فصيح الكلام، طلق اللسان، ذو لمة وافرة، وهمة فاخرة، وله وجه مستدير، وقامته معتدلة التقدير، ليس بالطويل ولا القصير» (3).
وكان عفيف النفس أبيا، لا يطمع في شيء غير تلاوة القرآن والأعمال الصالحة، وإلى ذلك يشير بقوله:
أريد من الدنيا ثلاثا، وإنها ... لغاية مطلوب لمن هو طالب
تلاوة قرآن ونفس عفيفة ... وإكثار أعمال عليها أواظب (4)
وكان كثير الخشوع والبكاء عند قراءة القرآن. وهو أشعري المعتقد (5)
__________
(1) هذه الزيادة في نفح الطيب فقط 2/ 541.
(2) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 268267، ونكت الهميان 280، وقد نقل هذا المقري في نفح الطيب 2/ 541540.
(3) نفح الطيب 2/ 565.
(4) تكملة الديوان 426، ونفح الطيب 2/ 564.
(5) الدرر الكامنة 4/ 307206، والبدر الطالع 2/ 291، وبغية الوعاة 1/ 282.(1/20)
سالم من البدع الفلسفية والاعتزال، وكان يشنع على فلاسفة زمانه ومتصوفته في البحر المحيط (1)، كما سيأتي الحديث عن ذلك إن شاء الله تعالى، وكان في أول أمره مالكيا ثم تمذهب بالظاهرية وهو في الأندلس، حيث كان هذا المذهب منتشرا آنذاك، وكان يقول: «محال أن يرجع عن مذهب الظاهرية من علق بذهنه» (2). وعند ما جاء إلى مصر تمذهب للشافعي الذي كان مذهبه مشهورا في تلك البلاد وغيرها.
وإذا كان الناس يفخرون بالكرم فإن أبا حيان رحمه الله كان يفخر بالبخل والحزم، يقول رحمه الله: «إذا قرأت أشعار العشق أميل إليها، وكذلك أشعار الشجاعة تستميلني وغيرهما، إلا أشعار الكرم ما تؤثر في» (3).
وقد دافع عنه المقري (4) ملتمسا له العذر في ذلك بقوله: «قلت: والذي أراه فيه أنه طال عمره وتغرب وورد البلاد ولا شيء معه، وتعب حتى حصل المناصب تعبا كثيرا، وكان قد جرب الناس، وحلب أشطر الدهر ومرت به حوادث فاستعمل الحزم» (5).
وكان يزهد الناس في جمع المال والحرص عليه، فيقول:
وزهّدني في جمعي المال أنه ... إذا ما انتهى عند الفتى فارق العمرا
__________
(1) ينظر 91، 94.
(2) الدرر الكامنة 4/ 304. وأنظر: طبقات الشافعية للإسنوي 1/ 458، وبغية الوعاة 1/ 281.
(3) نفح الطيب 2/ 543.
(4) هو أحمد بن محمد بن أحمد المقري التلمساني، مؤرخ أديب، ولد في تلمسان سنة 992د، وتوفي بالقاهرة سنة 1041هـ، له تصانيف كثيرة، منها: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وأزهار الرياض في أخبار عياض، وروض الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام مراكش وفاس.
ينظر لترجمته: خلاصة الأثر 1/ 311302، وفهرس الفهارس 2/ 1512، ومعجم المؤلفين 2/ 78.
(5) نفح الطيب 2/ 543.(1/21)
فلا روحه يوما أراح من العنا ... ولم يكتسب حمدا ولم يدّخر أجرا (1)
كما كان يحب العزلة عن الناس والانفراد بالكتب، وأولها القرآن الكريم. يقول في ذلك:
أعاذل ذرني وانفرادي عن الورى ... فلست أرى فيهم صديقا مصافيا
نداماي كتب أستفيد علومها ... أحبائي تغني عن لقائي الأعاديا
أنسها القرآن فهو الذي به ... نجاتي إذا فكّرت أو كنت تاليا (2)
ولم يكن أبو حيان مبرزا في العربية وآدابها فحسب، بل كان ملما بلغات أخرى مما ساعده على الاتساع في المعرفة، فقد كان يجيد اللغتين الفارسية والتركية، كما أتقن الحبشية، وليس أدل على إتقانه هذه اللغات من أنه ألف كتبا في نحو اللغتين الفارسية والتركية، الأول بعنوان «منطق الخرس بلسان الفرس»، والثاني بعنوان «كتاب الإدراك في لسان الأتراك»، وأما رسالته في الحبشية «نور الغبش في لسان الحبش» فلم يتمها (3).
وكان لأبي حيان شعر ونظم كثير، وله مشاركات عديدة في الموشحات الأدبية، وترى الدكتورة خديجة الحديثي (4) أنه بعد الرجوع إلى المصادر القديمة التي ضمت أكثر شعر أبي حيان نجد أن معظم شعره ليس بالجيد، وإنما هو شعر العلماء الذي تغلب عليه الصنعة وإدخال مصطلحات العلوم، ثم دللت على ذلك بقول أبي الفداء (5) فيه: «وله نظم ليس على قدر
__________
(1) المصدر نفسه 2/ 564، والكتيبة الكامنة 84، والإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 58، وتكملة الديوان 452
(2) نفح الطيب 2/ 572، وتكملة الديوان 490489.
(3) ينظر: مقدمة محقق تذكرة النحاة ص 12.
(4) ينظر: أبو حيان النحوي ص 79.
(5) هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، ولد سنة 700هـ، ونشأ بدمشق، وتوفي بها سنة 774هـ. من تصانيفه: تفسير القرآن العظيم، والبداية(1/22)
فضيلته» (1)، وقول ابن تغري بردي (2) فيه: «قلت: ومذهبي في أبي حيان أنه عالم، لا شاعر» (3).
ومع هذا فإن لأبي حيان مقطوعات وأبياتا شعرية جيدة قالها في موضوعات وأغراض مختلفة.
فمن حكمه قوله:
عداتي لهم فضل عليّ ومنّة ... فلا أذهب الرّحمن عنّي الأعاديا
هم بحثوا عن زلّتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا (4)
وقال في قصيدته التي عارض بها (بانت سعاد) (5):
لا تعذلاه فما ذو الحبّ معذول ... العقل مختبل والقلب متبول (6)
هزّت له أسمرا من خوط (7) قامتها ... فما انثنى الصبّ (8) إلا وهو مقتول
__________
والنهاية، والباعث الحثيث، وجامع المسانيد، وغيرها.
ينظر لترجمته: الدرر الكامنة 1/ 374373، والنجوم الزاهرة 11/ 124123، وشذرات الذهب 6/ 232231، والبدر الطالع 1/ 153.
(1) المختصر في أخبار البشر 4/ 142وتاريخ ابن الوردي 2/ 339، وجلاء العينين 18.
(2) ابن تغري بردي هو يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الأتابكي الحنفي، ولد بالقاهرة سنة 813هـ، كان أبوه من مماليك الظاهر برقوق، ومن أمراء جيشه، أخذ عن علماء عصره كابن العديم والبلقيني والمقريزي وغيرهم، وتوفي بالقاهرة سنة 874هـ، من تصانيفه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ومورد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة، وحوادث الدهور في مدى الأيام والشهور.
ينظر لترجمته: الضوء اللامع 10/ 308305، وشذرات الذهب 6/ 318217، والبدر الطالع 2/ 352351.
(3) النجوم الزاهرة 10/ 115.
(4) ينظر: الديوان 415، والوافي بالوفيات 5/ 274، والإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 59.
(5) تكملة الديوان 461، وطبقات الشافعية الكبرى 9/ 288، والإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 47، ونفح الطيب 2/ 58.
(6) من التبل، وهو السقم، القاموس «تبل»، 3/ 339.
(7) الخوط: الغصن الناعم، القاموس «خوط»، 2/ 359.
(8) الصب: المشتاق الذي أرقه الهوى، القاموس «صبب»، 1/ 91.(1/23)
جميلة فصّل الحسن البديع بها ... فكم لها جمل منه وتفصيل
فالنّحر مرمرة (1) والنّشر (2) عنبرة ... والثّغر جوهرة والرّيق معسول (3)
إلى آخر القصيدة. وله شعر في فضل النحو (4)
__________
(1) المرمرة: واحدة المرمر، وهو الرخام، اللسان، «مرمر»، 5/ 171170.
(2) النشر: الريح الطيبة، اللسان، «نشر»، 5/ 206.
(3) وانظر: الكتيبة الكامنة 8681وبدائع الزهور 1/ 200.
(4) انظر: الإحاطة 3/ 5650.(1/24)
المبحث الثالث رحلاته
تنقل أبو حيان في بلاد الأندلس طلبا للعلم والتلقي عن الشيوخ، ثم لم يطل المقام به في الأندلس فغادرها سنة 677هـ، أو 678هـ، أو 679هـ (1).
نقل تلميذه الرعيني عنه أنه قال: «سمعت بغرناطة، ومالقة (2)، وبلّش (3)، والمرّية (4)، وبجاية (5)، وتونس، والإسكندرية، ومصر، والقاهرة، ودمياط، والمحلّة (6)، وطهرمس (7)، والجيزة (8)، ومنية بني خصيب (9)، ودشنا (10)،
__________
(1) ينظر: نفح الطيب 2/ 563، 584، وفهرس الفهارس 1/ 155، وذيل تذكرة الحفاظ 24.
(2) مدينة بالأندلس على شاطئ البحر بين الجزيرة الخضراء والمرية، ينظر: معجم البلدان 5/ 43.
(3) بلد بالأندلس ينسب إليها يوسف بن جبارة البلشي، ينظر: معجم البلدان 1/ 484.
(4) من مدن الأندلس يعمل بها الوشي والديباج، ينظر معجم البلدان 5/ 119.
(5) مدينة على البحر المتوسط، ينظر معجم البلدان 2/ 472.
(6) المحلة الموضع الذي يحل، وهي مدينة مشهورة بالديار المصرية، وهي عدة مواضع، منها محلة دقلا، ومحلة أبي الهيثم، وغيرهما. ينظر: معجم البلدان 5/ 63.
(7) قرية بمصر، ينظر: معجم البلدان 4/ 52.
(8) بليدة في غربي فسطاط مصر لها كورة كبيرة واسعة، وهي من أفضل كور مصر، معجم البلدان 2/ 200.
(9) في معجم البلدان «منية أبي الخصيب مدينة كبيرة حسنة كثيرة السكان على شاطئ النيل في الصعيد الأدنى» 5/ 218.
(10) بلد بصعيد مصر بشرقي النيل، ذو بساتين ومعاصر للسكر، ينظر معجم البلدان 2/ 456.(1/25)
وقنا (1)، وقوص (2)، وبلبيس (3)، وبعيذاب (4) من بلاد السودان، وينبع (5)، ومكة شرفها الله تعالى، وجدة، وأيلة (6)» (7). وله في كل بلد شيوخ حتى استقر به المقام في القاهرة، عاصمة المماليك البحرية آنذاك، وذلك سنة 680هـ (8).
أما الأسباب التي فرضت على أبي حيان أن يترك بلاده ويتجه إلى المغرب العربي، ثم إلى المشرق، حتى ألقى عصا التسيار في القاهرة، فقد اختلف فيها بعض المؤرخين وأصحاب التراجم، فيذهب الكثير منهم (9) إلى أن السبب في ذلك «شر نشأ بينه وبين شيخه أحمد بن علي بن الطباع (10)، فألف أبو حيان كتابا سماه «الإلماع في إفساد إجازة ابن الطباع»، فرفع ابن الطباع أمره للأمير (11)، وكان أبو حيان كثير الاعتراض عليه أيام قراءته عليه، فنشأ شر عن ذلك».
وذكر السيوطي أنه رأى في كتاب أبي حيان «النضار» (12) الذي ألفه في
__________
(1) بلد في مصر، القاموس «قنا» 4/ 318.
(2) مدينة كبيرة عظيمة واسعة، قصبة صعيد مصر، ينظر معجم البلدان 4/ 413.
(3) مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام، ينظر: معجم البلدان 1/ 479.
(4) بليدة على ضفة بحر القلزم، مرسى المراكب التي تقدم من عدن إلى الصعيد، ينظر: معجم البلدان 4/ 171.
(5) قرية بين مكة والمدينة عن يمين رضوى إلى الجنوب، ينظر: معجم البلدان 5/ 449.
(6) مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وهي مدينة لليهود، ينظر: معجم البلدان 1/ 292.
(7) ينظر: نفح الطيب 2/ 560.
(8) ينظر: ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 24.
(9) ينظر: نفح الطيب 2/ 584583، والدرر الكامنة 4/ 304، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 288 289، وبغية الوعاة 1/ 281، وشذرات الذهب 6/ 146.
(10) ستأتي ترجمته في شيوخه.
(11) هو محمد بن الأحمر، ينظر: الوافي بالوفيات 7/ 240، والذيل والتكملة 2/ 315، وغاية النهاية 1/ 87.
(12) هذا الكتاب من أوائل ما كتبه أبو حيان، وعنوانه كاملا «النضار في المسلاة عن نضار»، ونضار ابنة(1/26)
ذكر مبدئه واشتغاله وشيوخه ورحلته أنه مما قوى عزمه على الرحلة عن غرناطة أن بعض العلماء بالمنطق والفلسفة والرياضي والطبيعي قال للسلطان: «إني قد كبرت، وأخاف أن أموت فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم لينفعوا السلطان من بعدي». قال أبو حيان: فأشير إليّ أن أكون من أولئك، ويرتب لي راتب جيد، وكسا، وإحسان، فتمنعت ورحلت مخافة أن أكره على ذلك» (1).
ويرى بعض الباحثين أنه خرج للأمرين معا، مع طموحه في الاستزادة من العلم الذي دفعه إلى مغادرة الأندلس ممتزجا بالخوف على حياته من وشاية أو فتنة (2).
ويرى بعضهم أن رواية السيوطي التي تثبت أنه رحل خوفا من أن ينتظم في سلك طلاب الفلسفة والطبيعيات لا تتناقض مع رواية المقري عن معظم المؤرخين التي تبين أنه رحل بسبب حدوث الجفوة بينه وبين شيخه ابن الطباع، وذلك لأنه من المحتمل جدا أن هذه الجفوة حدثت بعد امتناع أبي حيان من الانضمام إلى طلاب الفلسفة، فخشي أن ينتهز الأمير هذه الجفوة، وبخاصة بعد أن شكاه أستاذه إليه، خشي أن ينتقم منه لأنه خرج عن تعاليمه، وبخاصة بعد أن لمح فيه روح الثورة على أستاذه ابن الطباع، لهذا لم يترك أبو حيان الفرصة لهذا الأمير أن ينتقم منه أو ينكل به ففر هاربا إلى بلاد المشرق (3).
وقد استفاد أبو حيان من هذه الرحلات، حيث تعددت شيوخه، مما كان لذلك الأثر الواضح في بناء شخصيته العلمية، حتى حط رحاله في القاهرة،
__________
أبي حيان توفيت في حياته سنة 730هـ، وكان يثني عليها كثيرا، فعمل والدها فيها هذا الكتاب، ينظر: نفح الطيب 2/ 559.
(1) بغية الوعاة 1/ 281، وينظر طبقات المفسرين للداودي 2/ 289، وشذرات الذهب 6/ 146.
(2) مقدمة محقق تذكرة النحاة 1716.
(3) المدارس النحوية في مصر والشام، عبد العال سالم مكرم 277.(1/27)
عاصمة المماليك البحرية آنذاك سنة 680هـ (1)، فنال عندهم وعند الناس منزلة عالية ومكانة مرموقة، ولم يكن أبو حيان نكرة يجهلها الناس، فله من العلم والذكاء والبحث والتحصيل ما جعله عالما فذا في زمانه، فأسندت إليه دراسة التفسير والحديث في المدرسة المنصورية، ودراسة الإقراء بالجامع الأقمر، والجامع الحاكمي، وفي الوقت نفسه كان يحضر دروس ابن النحاس (2)، شيخ العلماء في القاهرة، ولما توفي ابن النحاس خلفه أبو حيان فجلس مكانه وملأ فراغه (3).
يقول لسان الدين ابن الخطيب في مدح أبي حيان: «ونالته نبوة لحق بسببها بالمشرق، واستقر بمصر، فنال بها ما شاء من عز وشهرة وتأثّل وافر وحظوة» (4).
__________
(1) ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 24.
(2) ستأتي ترجمته في شيوخه.
(3) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 268، ونكت الهميان 281، وذيل تذكرة الحفاظ 24، وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 458.
(4) الإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 43، ونفح الطيب 2/ 480.(1/28)
المبحث الرابع شيوخه
إن الناظر في حياة أبي حيان رحمه الله يرى أنه أمام إمام كبير متعدد الجوانب العلمية، فهو عالم بالتفسير والحديث، إمام في اللغة والنحو والتصريف، وشاعر وأديب.
وإن نظرة في شيوخ أبي حيان تعطينا مدى ما وصل إليه من معرفة واطلاع واسع. قال رحمه الله عن نفسه: «وجملة الذين سمعت منهم نحو أربعمائة شخص وخمسين، وأما الذين أجازوني فعالم كثير جدا من أهل غرناطة ومالقة وسبتة (1)، وديار مصر والحجاز والعراق والشام» (2).
ويقول فيما كتبه لتلميذه أبي عبد الله محمد بن سعيد الرعيني: «وجملة من سمعت منهم خمسمائة، والمجيزون أكثر من ألف» (3). وقد ذكر أكثر شيوخه في إجازته التي كتبها لتلميذه الصفدي (4).
__________
(1) سبتة: بلدة من قواعد المغرب على البحر مقابل جزيرة بلاد الأندلس، ينظر معجم البلدان 3/ 182.
(2) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 280، ونفح الطيب 2/ 552، والدرر الكامنة 4/ 303 وفهرس الفهارس 1/ 156، وشذرات الذهب 6/ 145.
(3) نفح الطيب 2/ 560.
(4) الوافي بالوفيات 5/ 280278، ونفح الطيب 2/ 552550.(1/29)
وقد جمع شيوخه في كتابه «البيان في شيوخ أبي حيان» فبلغوا ألفا وخمسمائة (1).
ولا يمكن في هذا التمهيد الموجز الإلمام بشيوخ أبي حيان كلهم، لكن أشير إلى أشهر هم، ومنهم:
1 - أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن الزبير الثقفي. كان عالما فذا مشهورا في علوم مختلفة إلا أن شهرته في النحو غلبت عليه، قال عنه تلميذه أبو حيان: «كان محدثا وناقدا ونحويا وأصوليا وأديبا مفوها ومقرئا ومفسرا ومؤرخا، أقرأ القرآن والحديث بمالقة وغرناطة»، وقد صرح بتلمذته له في مواضع من تفسيره البحر المحيط (2)، ومن تصانيفه صلة الصلة، وملاك التأويل، والبرهان في ترتيب سور القرآن، وتعليقه على كتاب سيبويه، توفي سنة 708هـ (3).
2 - أبو جعفر أحمد بن سعد بن أحمد بن بشير الأنصاري، عرف بالقزاز، مقرئ ضابط أديب، أقرأ القراءات بغرناطة، كان أعلم أهل زمانه بهجاء المصحف وضبطه، قال ابن الجزري: «قرأ عليه أبو حيان جمعا إلى سورة مريم، وروى عنه التيسير عرضا وسماعا، وهو أخبر شيوخه». توفي سنة 675هـ (4).
3 - أبو جعفر أحمد بن عبد النور بن أحمد المالقي النحوي. له معرفة بالعلوم، خاصة العربية، حتى اشتهر بها. قال لسان الدين ابن الخطيب: «كان قيما
__________
(1) الدرر الكامنة 4/ 308.
(2) ينظر: 1/ 6، و 342، و 2/ 176، و 241، و 3/ 522.
(3) ينظر لترجمته: غاية النهاية 1/ 321، والإحاطة في أخبار غرناطة 1/ 191، وتذكرة الحفاظ 4/ 1484، والذيل والتكملة 1/ 39، والديباج المذهب 1/ 188، وبغية الوعاة 1/ 291، وشذرات الذهب 6/ 16.
(4) ينظر: غاية النهاية 1/ 55.(1/30)
على العربية إذ كانت جل بضاعته، يشارك مع ذلك في المنطق على رأي الأقدمين، وعروض الشعر، وفرائض العبادات من فقه، وقرض الشعر»، أثنى عليه تلميذه أبو حيان بقوله «كان عالما في النحو». كما ذكره في إجازته لتلميذه الصفدي. له رصف المباني في شرح حروف المعاني، وشرح الجزولية، وتقييد على الجمل، وغيرها. توفي سنة 702هـ (1).
4 - أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد المعروف بابن الطباع الرعيني الغرناطي، كان إماما حاذقا مشهورا ثبتا فيما ينقله من العلوم، وقد برز في حداثة سنه على أقرانه، شيخ القراء بغرناطة، وقد ذكره أبو حيان في البحر بقوله: «وقد قرأت القرآن بقراءة السبعة بجزيرة الأندلس على الخطيب أبي جعفر أحمد بن علي بن محمد الرعيني، (عرف) (2) بابن الطباع، بغرناطة» (3)، وقد وقعت بينه وبين تلميذه أبي حيان نبوة فرفع أمره إلى الأمير، فخشي أبو حيان عقوبته فلحق بالمشرق، توفي سنة 680هـ (4).
5 - أحمد بن يوسف بن علي الفهري اللبلي النحوي، كان إماما فاضلا نحويا لغويا مقرئا راوية تتلمذ عليه أبو حيان، وعده من أشهر شيوخه الذين أخذ عنهم النحو، كما في إجازته للصفدي. له شرح غريب الفصيح، والبغية في اللغة، ووشي الحلل في شرح أبيات الجمل، وتقييد في النحو، وغيرها، توفي سنة 691هـ (5).
6 - أبو الطاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المليجي، من أعالي شيوخ أبي
__________
(1) ينظر: الإحاطة 1/ 202196، وغاية النهاية 1/ 7877، وبغية الوعاة 1/ 332331.
(2) هكذا في المخطوط 1/ 5أ، وهو الصواب.
(3) البحر المحيط 1/ 7.
(4) ينظر: الوافي بالوفيات 7/ 240، والذيل والتكملة 2/ 315، وغاية النهاية 1/ 87.
(5) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 280، ودرة الحجال 1/ 38، والديباج المذهب 1/ 253، بغية الوعاة 1/ 402.(1/31)
حيان في القراءات. قال ابن الجزري: «قرأ على أبي الجود غياث بن فارس وعمر زمانا، وقرأ عليه أبو حيان». وقال أبو حيان (1): «وقرأت القرآن بالقراءات السبعة بمصر حرسها الله تعالى على الشيخ المسند العدل عز الدين أبي الطاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المليجي»، توفي سنة 681هـ (2).
7 - أبو الحسن حازم بن محمد بن حسن الأنصاري القرطاجني، أديب كبير اشتهر بالبلاغة والأدب. قرأ على عدد من علماء عصره. قال أبو حيان:
«روى عن جماعة يقربون ألفا، وقرأت أنا وابن رشيد عليه». وقال أيضا:
«كان أوحد زمانه في النظم، والنثر، والنحو، واللغة، والعروض، وعلم البيان». ذكره في البحر المحيط (3)، وعده من أشهر شيوخه في إجازته للصفدي، له منهاج البلغاء وسراج الأدباء، وديوان شعر، وكتاب في القوافي، وغيرها، توفي سنة 684هـ (4).
8 - أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص القرشي، الأستاذ المجود المعروف بابن الناظر، قاضي المرية ومالقة، قال أبو حيان: «رحلت إليه قصدا من غرناطة: لأجل الإتقان والتجويد»، وعده من شيوخه في البحر المحيط، وفي إجازته للصفدي، له كتاب الترشيد في التجويد، توفي سنة 680هـ (5).
9 - أبو الربيع سليمان بن علي بن عبد الله التلمساني الكومي الصوفي، شاعر
__________
(1) البحر المحيط 1/ 7.
(2) ينظر الوافي بالوفيات 9/ 236235، ومعرفة القراء الكبار 2/ 663، والنجوم الزاهرة 7/ 356، وغاية النهاية 1/ 170169، وحسن المحاضرة 1/ 503، وشذرات الذهب 5/ 373.
(3) 1/ 6.
(4) ينظر درة الحجال 1/ 254، وأزهار الرياض 3/ 172، وبغية الوعاة 1/ 491.
(5) ينظر الإحاطة 1/ 467463، وغاية النهاية 1/ 242، وبغية الوعاة 1/ 536535.(1/32)
كومي الأصل، من بلاد الروم، سكن دمشق، عده أبو حيان من أشهر شيوخه الذين كتب عنهم الأدب في إجازته لتلميذه الصفدي، له ديوان شعر كبير، وشرح الفصوص لابن عربي، وشرح منازل السائرين للهروي. توفي سنة 690هـ (1).
10 - أبو محمد عبد الحق بن علي بن عبد الله الأنصاري الغرناطي، كان خطيب جامع مطخشارش بغرناطة، وكان شيخ القراءات السبع فيها، وقد قرأ عليه أبو حيان لأنه من سكان تلك الضاحية، يقول أبو حيان: «قرأت عليه السبع في نحو من عشرين ختمة إفرادا وجمعا، وعليه تعلمت الهجاء، ولازمته نحوا من سبعة أعوام، وذلك في مدة آخرها سنة 669هـ» (2)، وقد ذكر أبو حيان قراءته عليه في تفسيره «البحر المحيط» (3)، كما عده من عوالي شيوخه في القراءات، وذلك في إجازته التي كتبها لتلميذه الصفدي، ولم تذكر المصادر تاريخ وفاته (4).
11 - أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن عساكر الدمشقي المكي، كان صاحب عبادة، ألم بكثير من العلوم، وبخاصة الحديث، كان شيخ الحجاز في وقته، حيث انقطع لخدمة العلم في مكة أربعين سنة، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان، له فضائل أم المؤمنين خديجة، وجزء في أحاديث السفر، وغيرها، توفي سنة 686هـ (5).
12 - علم الدين عبد الكريم بن علي المعروف بابن بنت العراقي، أصله من
__________
(1) ينظر: فوات الوفيات 2/ 72، والنجوم الزاهرة 8/ 29، والبداية والنهاية 13/ 45، وشذرات الذهب 5/ 412.
(2) غاية النهاية 1/ 359.
(3) 1/ 7.
(4) ينظر: غاية النهاية 1/ 359، ونفح الطيب 2/ 551.
(5) ينظر: فوات الوفيات 2/ 358، والعقد الثمين 5/ 432، وشذرات الذهب 5/ 395.(1/33)
وادي آشي بالأندلس، ولد سنة 623هـ، مفسر فقيه، كف بصره في أواخر عمره، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان الذي صرح بذلك في البحر المحيط (1)، له أصول الفقه، ومختصر في تفسير القرآن، وغيرها، توفي سنة 704هـ (2).
13 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي، أديب كاتب، برع في النحو واللغة وسائر العلوم الشرعية والأدبية والتاريخية، إلا أن العلوم الإسلامية كانت غالبة عليه، عده أبو حيان من عوالي شيوخه في إجازته لتلميذه الصفدي، توفي سنة 702هـ (3).
14 - عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف الدمياطي، إمام حافظ، طلب الحديث، وقرأ القراءات على الكمال الضرير، ورحل إلى الشام والجزيرة والعراق، وسمع الكثير، وانتهى إليه علم الحديث، مع الدين والثقة والإتقان، له معجم شيوخه في مجلدين، وفضل الخيل على طريقة المحدثين، والأربعون المتباينة الإسناد، وغيرها توفي سنة 705هـ (4).
15 - أبو محمد عبد النصير بن علي بن يحيى المريوطي الهمداني، قرأ على مشاهير علماء عصره، وقرأ عليه عدد كبير من التلاميذ. قال عنه ابن الجزري: «كان أشهر علماء الإقراء بالإسكندرية»، وقد ذكره أبو حيان في البحر قائلا: «وقرأت القرآن بالقراءات الثمان بثغر الإسكندرية على الشيخ الصالح رشيد الدين أبي محمد عبد النصير بن علي بن يحيى
__________
(1) 4/ 232.
(2) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 399، ونكت الهميان 195، وحسن المحاضرة 1/ 238.
(3) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 303، والديباج المذهب 1/ 453، وبغية الوعاة 2/ 60.
(4) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 418417، وفوات الوفيات 2/ 1817، وغاية النهاية 1/ 472، وشذرات الذهب 6/ 1312.(1/34)
الهمداني» (1). وقال الذهبي: «وقرأ عليه بالتجريد وتلخيص العبارات أبو حيان»، توفي حوالي سنة 680هـ (2).
16 - أبو محمد عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد الأموي المالكي المشهور بالبائع، قال فيه ابن الخطيب: «كان إماما في القراءات، ماهرا في صناعة النحو، فقيها أصوليا، مقسوم الأزمنة على العلم وأهله»، تتلمذ له أبو حيان، وكان يقول فيه: «صاحبنا الأستاذ المقرئ النحوي». له كتاب «شرح التيسير في القراءات»، توفي سنة 705هـ (3).
17 - أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع الإشبيلي، اشتغل بالتلقي عن الشيوخ، منهم أبو علي الشلوبين، وأبو الحسن الدباج، وغيرهما. ثم تصدر للإقراء فاستفاد منه خلق كثير، منهم أبو حيان الذي صرح بأنه أحد شيوخه في البحر المحيط (4)، له البسيط في شرح الجمل، وتفسير القرآن الكريم، والملخص في ضبط قوانين العربية، وتقييد على كتاب سيبويه، وغيرها، توفي سنة 688هـ (5).
18 - أبو عمر عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن تولو القرشي المالكي، برع في اللغة والنحو والأدب والشعر، إلا أن شهرته في الأدب والشعر كانت أغلب فعرف بهما، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان الذي عده من عوالي شيوخه الذين كتب عنهم الأدب في إجازته لتلميذه الصفدي،
__________
(1) 1/ 7.
(2) ينظر: معرفة القراء الكبار 2/ 680، غاية النهاية 1/ 472، وحسن المحاضرة 1/ 504.
(3) ينظر: الإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 554553، والديباج المذهب 2/ 63، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 366، وغاية النهاية 1/ 477، وبغية الوعاة 2/ 121.
(4) ينظر: البحر المحيط 1/ 197.
(5) ينظر: غاية النهاية 1/ 484، وبغية الوعاة 2/ 126125، وفهرس الفهارس 1/ 333.(1/35)
وقال السيوطي عنه: «وكتب عنه أبو حيان، والقطب الحلبي، والفضلاء»، توفي سنة 685هـ (1).
19 - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الخشني الأبذي، من علماء غرناطة، درس على الشيخ أبي علي الشلوبين ولازمه، تتلمذ له عدد كثير، منهم أبو حيان الذي عده من عوالي شيوخه في النحو في إجازته لتلميذه الصفدي، وأثنى عليه بقوله (2): «كان أحفظ من رأيناه بعلم العربية». توفي سنة 680هـ (3).
20 - أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الكتامي المشهور بابن الضائع، أندلسي من أهل إشبيلية عاش نحوا من سبعين سنة، بلغ الغاية في علم النحو، عده أبو حيان من أشهر شيوخه الذين أخذ عنهم النحو في إجازته لتلميذه الصفدي، له شرح الجمل، وشرح كتاب سيبويه، وغيرهما، وعده أبو حيان من شيوخه في البحر المحيط (4)، توفي سنة 680هـ (5).
21 - أبو حفص عمر بن محمد بن الحسن المصري المعروف بالوراق، الشاعر المشهور، والأديب المذكور، قال ابن تغري بردي: «وكان فاضلا أديبا متصرفا في فنون البلاغة، وهو شاعر مصر في زمانه بلا مدافع» (6)، تتلمذ له أبو حيان، وعده من شيوخه في الأدب، وذلك في إجازته لتلميذه الصفدي. له ديوان شعر بلغ ثلاثين مجلدا، وأرجوزة نظم فيها درة
__________
(1) ينظر: النجوم الزاهرة 7/ 369، وفوات الوفيات 2/ 440، وبغية الوعاة 2/ 133، وشذرات الذهب 5/ 392.
(2) بغية الوعاة 2/ 199.
(3) ينظر لترجمته: الذيل والتكملة 5/ 291، وبغية الوعاة 2/ 199، وإشارة التعيين 234233.
(4) ينظر: البحر المحيط 5/ 497، و 6/ 84.
(5) ينظر لترجمته: الذيل والتكملة 5/ 373، وبغية الوعاة 2/ 204. وإشارة التعيين 235.
(6) النجوم الزاهرة 8/ 83.(1/36)
الغواص ومآخذ الحريري عليها، توفي سنة 695هـ (1).
22 - أبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن علي المالقي المعروف بابن المرحل، أديب مشهور، ونحوي بارع، إلا أن شهرته في الأدب فاقت النحو، ولي القضاء بجهات غرناطة وغيرها، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان، وقد عده من عوالي شيوخه الذين كتب عنهم الأدب في إجازته لتلميذه الصفدي، له أرجوزة نظم بها الفصيح لثعلب، وديوان شعر، وكتاب العروض. توفي سنة 699هـ (2).
23 - بهاء الدين محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر بن النحاس الشافعي، كان شيخ العربية والأدب بالديار المصرية، تخرج به عدد من العلماء والأئمة، منهم أبو حيان الذي أثنى عليه بقوله: «كان هو والشيخ محي الدين المازوني شيخي الديار المصرية» (3)، قرأ عليه أبو حيان جميع كتاب سيبويه في سنة 688هـ، وقال ابن النحاس عند ختمه «لم يقرأه أحد علي غيره» (4)، وفوض إليه التدريس بالمدرسة المنصورية، وبالجامع الطولوني، له شرح ديوان امرئ القيس، وديوان شعر، وغيرهما. توفي سنة 698هـ (5).
24 - أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الخالق التقي الصائغ المصري، شيخ
__________
(1) ينظر: فوات الوفيات 3/ 140، والنجوم الزاهرة 8/ 83، وبغية الوعاة 2/ 223، وشذرات الذهب 5/ 431.
(2) ينظر: الإحاطة 3/ 304303، ودرة الحجال 3/ 19، وغاية النهاية 2/ 36، وبغية الوعاة 2/ 271.
(3) ينظر: بغية الوعاة 1/ 13.
(4) ينظر: الإحاطة 3/ 45.
(5) ينظر: الوافي بالوفيات 2/ 10، وفوات الوفيات 3/ 294، والنجوم الزاهرة 8/ 183، وغاية النهاية 2/ 46، وبغية الوعاة 1/ 13.(1/37)
القراء في عصره، قرأ على الكمال الضرير، والكمال إبراهيم بن فارس، ورحلت إليه الطلبة من أقطار الأرض لانفراده بالقراءة رواية ودراية. توفي سنة 725هـ (1).
25 - قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن محمد القسطلاني التوزري، أخذ العلم من شيوخ عصره، ورحل من أجل ذلك إلى مكة والمدينة وبغداد والموصل والشام ومصر، كان من الذين جمعوا العلم والعمل والهيبة والورع، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان الذي عده من عوالي شيوخه في إجازته لتلميذه الصفدي، له الإفصاح في أسانيد الحديث، والاقتداء في التصوف، ومراصد الصلاة، توفي سنة 686هـ (2).
26 - أبو عبد الله محمد بن سليمان بن الحسن البلخي المقدسي المعروف بابن النقيب، مفسر فقيه، ولد بالقدس سنة 611هـ، ثم انتقل إلى القاهرة، له التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير في خمسين مجلدا، عده أبو حيان من شيوخه في البحر المحيط (3)، وأثنى عليه وعلى كتابه، إلا أنه عاب كتابه بأنه كثير التكرير قليل التحرير مفرط الإسهاب. توفي سنة 698هـ (4).
27 - محمد بن عبد المنعم بن محمد بن يوسف الأنصاري، ابن الخيمي، يمني الأصل، مصري الديار، حدث بجامع الترمذي، وأجاز له ابن
__________
(1) ينظر: الدرر الكامنة 3/ 321320، وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 148، وغاية النهاية 2/ 65، وحسن المحاضرة 1/ 508.
(2) ينظر: الوافي بالوفيات 2/ 132، وفوات الوفيات 3/ 311، وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 326، والنجوم الزاهرة 7/ 373، وشذرات الذهب 5/ 397.
(3) البحر المحيط 1/ 6، و 11، و 3/ 506، و 5/ 187.
(4) ينظر: فوات الوفيات 2/ 383382، والجواهر المضيئة 2/ 410، وحسن المحاضرة 1/ 467، وشذرات الذهب 5/ 442.(1/38)
سكينة وغيره، وكان المقدم على شعراء عصره، مع المشاركة في كثير من العلوم، تتلمذ له قطب الدين ابن منير، وفخر الدين ابن الظاهري وأبو حيان، توفي سنة 685هـ (1).
28 - رضي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي اللغوي، إمام مقرئ، لغوي أستاذ، قرأ على جملة من شيوخ عصره، وقرأ عليه جملة من الناس، منهم أبو حيان الذي رثاه بعد وفاته بأبيات من شعره (2)، قال السيوطي: «روى عنه أبو حيان والمزي والقطب الحلبي وآخرون» (3)، له حواش على الصحاح، وغيرها. توفي سنة 684هـ (4).
29 - محمد بن مصطفى بن زكريا بن خواجا الدوركي الحنفي النحوي، تركي الأصل، قال عنه تلميذه أبو حيان: «كان عالما بالعربية، أخذنا عنه، وكان يعرف التركية والفارسية إفرادا وتركيبا» (5)، فأخذ عنه الفارسية والتركية حتى أتقنهما، وألف فيهما، يقول أبو حيان: «كتبنا عنه لسان الترك ولسان الفرس» (6)، له قصيدة في العربية استوعبت الحاجبية، وقصيدة في لسان الترك، وغيرهما. توفي سنة 713هـ (7).
30 - أبو علي منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي، بارع في علوم الشريعة
__________
(1) ينظر: الوافي بالوفيات 4/ 6150، وفوات الوفيات 3/ 413، والنجوم الزاهرة 7/ 339، وشذرات الذهب 5/ 393.
(2) ينظر: ديوانه 393.
(3) ينظر: بغية الوعاة 1/ 194.
(4) ينظر: الوافي بالوفيات 4/ 190، وغاية النهاية 2/ 213، وبغية الوعاة 1/ 194.
(5) ينظر: بغية الوعاة 1/ 246.
(6) ينظر: الجواهر المضيئة 3/ 370.
(7) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 3231، ونكت الهميان 275274، والجواهر المضيئة 3/ 369 371، وبغية الوعاة 1/ 246.(1/39)
واللغة العربية، كثير البحث، من أهل الشورى والفتيا، قرأ على شيوخ عصره ببجانة، ثم رحل إلى القاهرة، وأخذ عن شيوخها، ولازم العز بن عبد السلام، تتلمذ له خلق كثير، منهم أبو حيان الذي قال عنه (1): «كان يشتغل ببجانة في النحو الفقه والأصول». توفي سنة 731هـ (2).
31 - أبو سهل اليسر بن عبد الله بن محمد بن خلف بن اليسر القشيري الغرناطي، مقرئ عارف، قرأ على أبيه، وعلى عبد الله بن محمد بن الحسين الكواب، وعلى أبي الحسن علي بن محمد بن إبراهيم السبتي، قرأ عليه أبو حيان بقراءة نافع، وقرأ عليه جميع كتاب المصباح، وغيره من الكتب، ولم أقف على تاريخ وفاته (3).
ولي هنا وقفتان مختصرتان مع عالمين جليلين كان لأبي حيان معهما علاقة مشهورة، هما شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن مالك الإمام النحوي المشهور.
أما ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، شيخ الإسلام، المتوفى سنة 728هـ (4) فكانت علاقة أبي حيان به علاقة حسنة وقوية في بداية أمرهما، وكانت له فيه مدائح كثيرة، فيروى أن أبا حيان جاء إلى ابن تيمية، والمجلس غاص فقال يمدحه ارتجالا (5):
لمّا أتينا تقيّ الدّين لاح لنا ... داع إلى الله فرد ماله وزر
__________
(1) ينظر: بغية الوعاة 2/ 301.
(2) ينظر نيل الابتهاج 345344، وعنوان الدراية 230229، وبغية الوعاة 2/ 301.
(3) ينظر: غاية النهاية 2/ 385.
(4) ينظر فوات الوفيات 8074، والدرر الكامنة 1/ 160144، والبداية والنهاية 14/ 135، والنجوم الزاهرة 9/ 271، كما ألفت فيه: العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية لابن قدامة، والكواكب الدرية للشيخ مرعي الحنبلي.
(5) ينظر: نفح الطيب 2/ 578، والدرر الكامنة 1/ 152، وجلاء العينين ص 9، وتكملة الديوان 447.(1/40)
على محيّاه من سيما الألى صحبوا ... خير البريّة نور دونه قمر
حبر تسربل (1) منه دهره حبرا ... بحر تقاذف من أمواجه الدّرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... مقام سيّد تيم (2) إذ عصت مضر
وأظهر الحقّ إذ آثاره اندرست (3) ... وأخمد الشّرّ إذ طارت له شرر
ثم انحرف أبو حيان عنه، ومات على انحرافه، وقد اختلف في سبب ذلك، فقيل إنه قال له يوما «كذا قال سيبويه» وكان أبو حيان ممن يجل سيبويه ويعظمه فقال: يكذب سيبويه، فانحرف عنه وعاد ذاما له، وصير ذلك ذنبا لا يغفر.
ويقال إن ابن تيمية قال له: ما كان سيبويه نبي النحو، ولا معصوما، بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعا أما تفهمها أنت؟! فكان ذلك سبب مقاطعته إياه.
ويقال: إن سبب ذلك ما جاء في كتاب العرش لابن تيمية، فإن أبا حيان لما أطلع عليه رماه بالتجسيم (4).
أما ابن مالك، جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي النحوي المشهور المولود بجيان سنة 600هـ، والمتوفى بدمشق سنة 672هـ (5)، فيرى
__________
(1) حبر: عالم صالح، القاموس «حبر» 2/ 2، السربال: القميص والدرع. وقد تسربل به، أي ألبسه السربال، لسان العرب، «سرل»، 11/ 335.
(2) تيم هي تيم بن مرة، رهط من قريش، وسيدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، القاموس، «تيم»، 4/ 8584.
(3) اندرست، أي انمحت وزالت وعفت، القاموس، «درس»، 2/ 215.
(4) ينظر: نفح الطيب 2/ 542، و 578، والدرر الكامنة 4/ 308، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 289، وجلاء العينين 9، 17، وبغية الوعاة 1/ 282، وشذرات الذهب 6/ 146.
(5) ينظر لترجمته: الوافي بالوفيات 3/ 364359، وطبقات الشافعية الكبرى 8/ 6967، ونفح الطيب 2/ 233222، وفوات الوفيات 2/ 227، وغاية النهاية 2/ 181180، وبغية الوعاة 1/ 137130.(1/41)
كثير من القدماء والمحدثين أن أبا حيان لم يأخذ عنه مع أنهما تعاصرا زهاء ثلاثين عاما لتعصبه عليه بسبب الحسد الشخصي الذي مبعثه شهرة ابن مالك النحوية، ومنزلته بين الناس في ذلك العصر، فكان لحدة الشبيبة التي تستند إلى غرور النفس، وتقوم على هوى الشباب أثرها البالغ في عدم حضور أبي حيان مجلس ابن مالك، مع أنه جلس في حلقة تلميذه بهاء الدين ابن النحاس (1).
ويرى بعضهم (2) أن سبب نفور أبي حيان من ابن مالك أنه كان يؤمن بأن العلم لا يؤخذ من الكتب، وإنما يؤخذ من أفواه الرجال، ويتلقى من ألسنة الشيوخ، وابن مالك في نظر أبي حيان لم يكن له حظ كبير في هذا المجال، يقول أبو حيان منتقدا ابن مالك: «وهذا شأن من يقرأ بنفسه ويأخذ العلم من الصحف بفهمه» (3).
ولأبي حيان أبيات يذم فيها من يأخذ علمه من الكتب دون الشيوخ، ولعله يقصد ابن مالك أو غيره (4):
يظن الغمر (5) أن الكتب تهدي ... أخا ذهن لإدراك العلوم
وما يدري الجهول بأنّ فيها ... غوامض حيّرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ضللت عن الطّريق المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى ... تصير أضلّ من توما الحكيم (6)
__________
(1) ينظر نفح الطيب 2/ 231229، والمدرسة النحوية في مصر والشام 389.
(2) ينظر: الحاشية السابقة، وأبو حيان النحوي 330.
(3) نفح الطيب 2/ 229.
(4) ينظر: الديوان 374، ونفح الطيب 2/ 564، وطبقات الشافعية للسبكي 9/ 286.
(5) الغمر: الذي لم يجرب الأمور، القاموس «غمر» 2/ 104.
(6) ضرب مثلا للجهل المركب، ينظر ديوان أبي حيان 374، الحاشية رقم (5).(1/42)
ولكن هذا محل نقاش فقد ذكر من ترجم لابن مالك بأنه ثنى ركبتيه بين يدي الشيوخ (1).
ويرى بعضهم أن سبب عدم أخذ أبي حيان عن ابن مالك مع معاصرته إياه هذه المدة أنهما لم يلتقيا خلال هذه الأعوام لأن ابن مالك رحل عن الأندلس بين سنتي 625و 630هـ، ولم يكن أبو حيان قد ولد بعد، وإنما ولد بعد رحيله بنحو أربع وعشرين سنة. ولما هاجر إلى المشرق كان ابن مالك قد مات، فلم يكن بينهما لقاء حتى يتباغضا أو يتحاسدا (2).
والذي أراه والله أعلم هو السبب الأخير، ولا يمنع أن ينضم معه كون ابن مالك إنما أخذ علمه من الشيوخ الذين لا يعتد بهم عند أبي حيان لعدم شهرتهم كشيوخه هو، أو أنه أخذ علمه من الكتب.
وعلى أي حال فإن أبا حيان هو الذي نشر كتب ابن مالك وشرحها وأشاد بها. قال الصفدي: «وهو الذي جسر الناس على مصنفات ابن مالك، ورغبهم في قراءتها، وشرح لهم غامضها، وخاض بهم لججها، وفتح لهم مقفلها» (3).
__________
(1) ينظر: نفح الطيب 2/ 223222، وبغية الوعاة 1/ 137130، وشذرات الذهب 5/ 339، وأبو حيان النحوي 331.
(2) أبو حيان النحوي ص 328.
(3) ينظر: نكت الهميان 280، والوافي بالوفيات 5/ 268.(1/43)
المبحث الخامس تلاميذه
كان لأبي حيان أثر عظيم في الحركة العلمية في عصره، فقد خدم هذا الفن أكثر عمره حتى صار لا يذكر في أقطار الأرض غيره (1)، فالتف حوله التلاميذ ينهلون من علمه فسعد بهم في حياته، حيث قدم لعصره تلاميذ نجباء وطلبة أذكياء دفعوا مسيرة التقدم العلمي إلى الأمام قدما بما ألفوا من كتب، وبما قاموا به من تعليم الناس. قال تلميذه تاج الدين السبكي: «وكان الشيخ أبو حيان إماما منتفعا به، اتفق أهل العصر على تقديمه وإمامته، ونشأت أولادهم على حفظ مختصراته، وآباؤهم على النظر في مبسوطاته، وضربت الأمثال باسمه، مع صدق اللهجة وكثرة الإتقان والتحري» (2).
وقال الحافظ ابن حجر (3): «وأقرأ الناس قديما وحديثا حتى ألحق
__________
(1) الدرر الكامنة 4/ 3030، وحسن المحاضرة 1/ 534.
(2) طبقات الشافعية الكبرى 9/ 279.
(3) هو أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ولد بمصر سنة 773هـ، وتوفي بها سنة 852هـ، من المحدثين الفقهاء، تزيد مصنفاته على مائة وخمسين مصنفا، منها فتح الباري بشرح صحيح البخاري، وهو أعظمها وأجلها، حتى قيل فيه «لا هجرة بعد الفتح»، ومنها الإصابة في تمييز الصحابة، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، وغيرها.
ينظر لترجمته: الضوء اللامع 2/ 4036، حسن المحاضرة 1/ 208206، وشذرات الذهب 7/ 273270، والبدر الطالع 1/ 9287.(1/45)
الصغار بالكبار، وصارت تلامذته أئمة وأشياخا في حياته» (1).
وأرى أن إقبال الطلاب عليه مرجعه أمور هي:
أحدها: شهرته وذيوع صيته في عصره، وإلمامه بالعلوم والفنون، مع ما كان عليه من الجد والاجتهاد والطلب والتحصيل والكتابة والتقييد، ثبت فيما ينقله، محرر لما يقوله (2).
الثاني: أنه سلك منهجا قويا في التدريس، من سلكه كان عالما جهبذا يشار إليه بالبنان، ومنهجه «أنه التزم أن لا يقرئ أحدا إلا إن كان في كتاب سيبويه، أو في التسهيل لابن مالك، أو في تصانيفه» (3).
الثالث: عنايته بطلابه وإقباله عليهم وتقديرهم، يقول تلميذه الصفدي:
«وله إقبال على الطلبة الأذكياء، وعنده تعظيم لهم» (4)، ولا شك أن هذا له أثره الفعال في نفوس طلابه، من حيث إقبالهم عليه، وحرصهم على الإلمام بعلومه.
ومن أشهر تلاميذه:
1 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السفاقسي المالكي النحوي، سمع ببجانة من شيخها ناصر الدين، ثم أخذ عن أبي حيان بالقاهرة بعد عودته من الحج، ثم قدم دمشق فسمع من المزي، وزينب بنت الكمال، وخلق، ومهر في الفضائل. له المجيد في إعراب القرآن المجيد. توفي سنة 742هـ (5).
2 - أحمد بن عبد القادر بن مكتوم الحنفي النحوي، لازم أبا حيان زمنا طويلا،
__________
(1) الدرر الكامنة 4/ 303.
(2) الوافي بالوفيات 5/ 267، ونفح الطيب 2/ 541540، وشذرات الذهب 6/ 146145.
(3) الوافي بالوفيات 5/ 268، ونفح الطيب 2/ 541، والدرر الكامنة 4/ 304.
(4) الوافي بالوفيات 5/ 267، نكت الهميان 280، ونفح الطيب 2/ 540.
(5) ينظر: النجوم الزاهرة 10/ 98، والديباج المذهب 1/ 280279، وبغية الوعاة 1/ 425.(1/46)
فتقدم في النحو واللغة، وله علم بالفقه، له الدر اللقيط من البحر المحيط، وقد طبع بهامش البحر المحيط، والجمع بين العباب والمحكم في اللغة، وشرح كافية ابن الحاجب، وشرح شافيته. توفي سنة 749هـ (1).
3 - بهاء الدين أحمد بن علي بن عبد الكافي السبكي، كان أديبا فاضلا متعبدا كثير الصدقة والحج، أخذ العلم عن أبيه وأبي حيان وغيرهما، تولى القضاء والتدريس في عصره، وتصدى لشغل الناس بالعلم، فقصده الطلبة، له عروس الأفراح، وتعليق على الحاوي. توفي سنة 773هـ (2).
4 - أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي النحوي المعروف بالسمين، تزيل القاهرة، لازم أبا حيان إلى أن فاق أقرانه، له الدر المصون، وشرح التسهيل، وشرح الشاطبية. توفي سنة 756هـ (3).
5 - أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني، رفيق محمد بن جابر الأعمى، كانا يسميان بالبصير والأعمى، لقيا أبا حيان في القاهرة، ثم دخلا دمشق فسمعا من المزي، وابن عبد الهادي، وجماعة، ثم قدما حلب فأقاما بها نحوا من ثلاثين سنة، ونزلا البيرة، وقد حدث أبو جعفر بحلب والبيرة، وسمع منه أبو المعالي بن عشائر وجماعة، توفي سنة 776هـ (4).
__________
(1) ينظر: الوافي بالوفيات 6/ 4544، والدرر الكامنة 1/ 176، والجواهر المضية 1/ 192، وبغية الوعاة 1/ 326.
(2) ينظر: الدرر الكامنة 1/ 216، وبغية الوعاة 1/ 343342، والدارس في أخبار المدارس 1/ 38 39.
(3) ينظر: الدرر الكامنة 1/ 340339، وبغية الوعاة 1/ 402، وحسن المحاضرة 1/ 536، وشذرات الذهب 6/ 179.
(4) ينظر: الدرر الكامنة 1/ 341340، والنجوم الزاهرة 11/ 189، وبغية الوعاة 1/ 403، وشذرات الذهب 6/ 261260.(1/47)
6 - جعفر بن تغلب بن جعفر الأدفوي الشافعي، مهر في الفنون، لازم ابن دقيق العيد وأبا حيان، وحمل عنه كثيرا، كان من أهل الدين والصلاح والأدب والعلم. له الإمتاع في أحكام السماع، والطالع السعيد في تاريخ الصعيد، والبدر السافر في تحفة المسافر. توفي سنة 748هـ (1).
7 - الحسن بن قاسم بن عبد الله المرادي، المعروف بابن أم قاسم، أخذ النحو عن جماعة آخرهم أبو حيان، صنف وتفنن، فأجاد وأفاد، كان تقيا صالحا. له شرح على التسهيل، وشرح على المفصل، وتوضيح المقاصد والمسالك شرح ألفية ابن مالك، والجنى الداني في حروف المعاني. توفي سنة 749هـ (2).
8 - جمال الدين الحسين بن علي بن عبد الكافي السبكي، قدم دمشق مع أبيه، وسمع بها الحديث، اشتغل في النحو والعروض، حفظ التنبيه والتسهيل وأسمعه أباه. وناب عن أبيه مدة في الحكم. أخذ عن أبي حيان، وأثنى عليه ابن كثير وابن رافع بالعفة في الحكم، والذهن الجيد. توفي سنة 755هـ (3).
9 - صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، ولد بصفد بفلسطين، وإليها ينسب، أديب مؤرخ، أخذ النحو عن أبي حيان، وله منه إجازة بمروياته وشيوخه وتصانيفه. تولى ديوان الإنشاء، وكتب أكثر من ستمائة مجلد تصنيفا، منها الوافي بالوفيات، ونكت الهميان في نكت العميان، وأعيان
__________
(1) ينظر: الدرر الكامنة 1/ 537535، والنجوم الزاهرة 10/ 237، والبدر الطالع 1/ 183182، وشذرات الذهب 6/ 153.
(2) ينظر الدرر الكامنة 2/ 32، وغاية النهاية 1/ 228227، وبغية الوعاة 1/ 517، وحسن المحاضرة 1/ 536، وشذرات الذهب 6/ 161160.
(3) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 6361، وطبقات الشافعية الكبرى 6/ 87، وشذرات الذهب 6/ 177 178.(1/48)
العصر وأعوان النصر. توفي سنة 764هـ (1).
10 - عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن الجمال الإسنوي، الفقيه الشافعي الأصولي النحوي، قرأ على أبي حيان وغيره، قال له أبو حيان: «لم أشيخ أحدا في سنك» انتهت إليه رئاسة الشافعية، وصار المشار إليه بالديار المصرية، درس وأفتى وازدحمت عليه الطلبة وانتفعوا به. له المهمات على الروضة، وشرح الرافعي، والفروق، والجامع، والأشباه والنظائر، وغيرها توفي سنة 772هـ (2).
11 - عز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الشافعي، نشأ في العلم ومحبة أهل الخير، حضر عند عمر بن القواس، وأبي الفضل بن عساكر، وتفقه على والده، والجمال الوجيزي، ودرس النحو على أبي حيان، وروى عنه كثيرا من أشعاره، أكثر من السماع والقراءة، فبلغ عدد شيوخه 1300شيخ، درس وأفتى وصنف تصانيف حسانا. له المناسك الكبرى، والصغرى، وتخريج أحاديث الرافعي. توفي سنة 767هـ (3).
12 - عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، الشافعي، قاضي القضاة، نحوي الديار المصرية، قرأ على علماء عصره وبرع في علوم كثيرة، لازم أبا حيان حتى صار من أجل تلامذته وممن يشهد له بالمهارة في العربية. قال
__________
(1) ينظر: طبقات الشافعية الكبرى 10/ 325، والدرر الكامنة 2/ 8887والنجوم الزاهرة 11/ 19 21، والبدر الطالع 1/ 244243.
(2) ينظر الدرر الكامنة 2/ 356354، والنجوم الزاهرة 11/ 114، وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 458، وبغية الوعاة 2/ 92.
(3) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 382378، وطبقات الشافعية الكبرى 10/ 79، وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 388والعقد الثمين 5/ 457، ومعجم الشيوخ للذهبي 1/ 401.(1/49)
فيه شيخه أبو حيان: «ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل». له المساعد على تسهيل الفوائد، وشرح الألفية، وغيرها. توفي سنة 769هـ (1).
13 - جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن هشام الأنصاري، النحوي المشهور، سمع من أبي حيان، وكان كثير المخالفة له شديد الانحراف عنه، تخرج به جماعة من أهل مصر، تصدر لنفع الطالبين. له تصانيف كثيرة، منها أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب، وشرح اللمحة البدرية، وغيرها. توفي سنة 761هـ (2).
14 - تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، حصل فنونا من العلم، والفقه، والأصول، والحديث، والأدب وبرع، وشارك في العربية. قرأ على أبي حيان، وفي ذلك يقول: «ولما توجهنا من دمشق إلى القاهرة في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، ثم أمرنا السلطان بالعودة إلى الشام لانقضاء ما كنا توجهنا لأجله، استمهله الوالد أياما لأجلي فمكث حتى أكملت على أبي حيان ما كنت أقرؤه عليه، وقال لي: يا بني هو غنيمة، ولعلك لا تجده في سفرة أخرى، وكان كذلك» (3). له طبقات الشافعية الكبرى، وفيها ترجمة واسعة لأبي حيان، ومعيد النعم، وجمع الجوامع في الأصول، وغيرها. توفي سنة 771هـ (4).
__________
(1) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 269266، وغاية النهاية 1/ 428، والنجوم الزاهرة 11/ 101100، وبغية الوعاة 2/ 4847.
(2) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 310308، والنجوم الزاهرة 10/ 336، وبغية الوعاة 2/ 68، والبدر الطالع 1/ 402400، وشذرات الذهب 6/ 192191.
(3) طبقات الشافعية الكبرى 9/ 278.
(4) ينظر: الدرر الكامنة 2/ 428425، والنجوم الزاهرة 11/ 109108، وحسن المحاضرة 1/ 329328، وشذرات الذهب 6/ 221.(1/50)
15 - تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، الفقيه الشافعي المفسر الحافظ الأصولي النحوي اللغوي، أخذ النحو عن أبي حيان وغيره، ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية والشامية والمسرورية وغيرها. له رسائل في النحو. توفي سنة 756هـ (1).
16 - شيخ الإسلام عمر بن رسلان بن بصير البلقيني، حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، ثم حفظ المحرر في الفقه، والكافية في النحو، ومختصر ابن الحاجب في الأصول، والشاطبية في القراءات. أخذ النحو عن أبي حيان، وانفرد في آخر حياته برئاسة العلم، وولي إفتاء دار العدل. له شرحان على الترمذي، وتصحيح المنهاج. توفي سنة 805هـ (2).
17 - محمد بن إبراهيم بن يوسف المراكشي، الفقيه الشافعي، ولد بالقاهرة، ودرس على أبي حيان وغيره. كان ملازما للقراءة والاشتغال، تقدم في الفنون، وتولى التدريس بدمشق، توفي سنة 752هـ (3).
18 - محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي، أحد الأذكياء، تفقه بابن مسلم، وتردد على ابن تيمية، ومهر في الحديث والأصول. أخذ العربية عن أبي حيان، وله فيها مناقشات معه، والرد على السبكي، وشرح التسهيل، وغيرها. توفي سنة 744هـ (4).
19 - محمد بن أحمد بن علي بن الحسن الدمشقي، ابن اللبان، قرأ على أبي
__________
(1) ينظر: طبقات الشافعية الكبرى 10/ 176139، والدرر الكامنة 3/ 63، وغاية النهاية 1/ 551، وحسن المحاضرة 1/ 328326وشذرات الذهب 6/ 181180.
(2) ينظر: حسن المحاضرة 1/ 329، والبدر الطالع 1/ 507506، وشذرات الذهب 7/ 51.
(3) ينظر: الدرر الكامنة 3/ 300، وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 469468والدارس في أخبار المدارس 1/ 458457، وشذرات الذهب 6/ 169.
(4) ينظر: الوافي بالوفيات 2/ 162161، والدرر الكامنة 3/ 332، والبدر الطالع 2/ 109108، والدارس في أخبار المدارس 2/ 8988، وشذرات الذهب 6/ 141.(1/51)
حيان القراءات بالثماني، يعني مقتصرا على منظومته في السبعة، وقرأ على غيره، كابن السراج، مهر في القراءات إلى أن تصدى للإقراء بدمشق، وكثر الناس عليه، توفي سنة 776هـ (1).
20 - محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق التلمساني، رحل في طلب العلم فلقي أبا حيان في مصر، وأخذ عنه، وكان يجله، مهر في العربية والأصول، بلغت شيوخه ألفي شيخ، له شرح الشفاء، والعمدة، وغيرهما. توفي سنة 781هـ (2).
21 - أبو عبد الله محمد بن سعيد بن محمد الرعيني السراج، ولد بفاس سنة 685هـ، وبها توفي سنة 779هـ. أحد المحدثين، رحل في طلب العلم فأخذ عن مشايخ كثير، منهم أبو حيان. له تحفة الناظر ونزهة الخواطر في غريب الحديث، والروضة البهية في البسملة والتصلية، وتفسير سورة الكوثر (3).
22 - محمد بن عبد الله بن محمد بن لب بن الصائغ الأموي المري، قرأ على أبي الحسن ابن أبي العشرين، والخطيب ابن علي القيجاطي، ولازم أبا حيان وانتفع بجاهه. كان سهلا دمث الأخلاق، دءوبا محبا للطلب.
رحل إلى القاهرة فأقرأ بها العربية، إلى أن صار يقال له «أبو عبد الله النحوي». توفي سنة 750هـ (4).
23 - أبو أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى الدكاكي، ابن النقاش،
__________
(1) ينظر: الدرر الكامنة 3/ 341340، وشذرات الذهب 6/ 244243.
(2) ينظر: الإحاطة 3/ 130103، والدرر الكامنة 3/ 362360، والديباج المذهب 2/ 290، وبغية الوعاة 1/ 46.
(3) ينظر: نيل الابتهاج 272271، وفهرس الفهارس 1/ 327326، ومعجم المؤلفين 10/ 37 38.
(4) ينظر: الدرر الكامنة 3/ 484، وبغية الوعاة 1/ 143، وشذرات الذهب 6/ 165.(1/52)
أخذ القراءات عن البرهان الرشيدي، والعربية عن المحب ابن الصائغ وأبي حيان، وحفظ الحاوي الصغير، صنف شرحا للتسهيل، وشرحا للألفية، ثم شرع في تفسير القرآن. توفي سنة 763هـ (1).
24 - محمد بن يوسف بن أحمد الحلبي، المشهور بناظر الجيش، قدم القاهرة فلازم أبا حيان، والجلال القزويني، والتاج التبريزي، وغيرهم. درس بالمنصورية، ثم ولي نظر الجيش وغيره. له تمهيد القواعد شرح تسهيل الفوائد، لكنه لم يكمله، وله شرح التلخيص، وغيرهما. توفي سنة 778هـ (2).
__________
(1) ينظر: الدرر الكامنة 4/ 7271، وشذرات الذهب 6/ 198.
(2) ينظر: الدرر الكامنة 4/ 291290، والنجوم الزاهرة 11/ 144143، وبغية الوعاة 1/ 275، وحسن المحاضرة 1/ 537.(1/53)
المبحث السادس مؤلفاته
أسهم أبو حيان في الحركة العلمية التي كانت تسود عصره بكتب عديدة تنوعت موضوعاتها، وتعددت أغراضها، فصنف في التفسير، والقراءات، وفي الفقه، والحديث، وفي النحو، والصرف، وفي الأدب، واللغة، والتاريخ: بل كتب في اللغات الأخرى.
يقول تلميذه الصفدي: «وله التصانيف التي سارت وطارت، وانتشرت وما انتثرت، وقرئت ودريت، ونسخت وما فسخت، أخملت كتب الأقدمين، وألهت المقيمين بمصر والقائمين» (1).
وتصانيفه كما ذكر المقري تزيد على الخمسين ما بين طويل وقصير (2). وقد ذكر معظم مؤلفاته في إجازته التي كتبها لتلميذه الصفدي (3).
ويمكن تقسيم كتبه كما يلي:
أولا الكتب المطبوعة:
1 - الإدراك للسان الأتراك، مطبوع في إسطنبول سنة 1309هـ، بتصحيح
__________
(1) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 268، ونكت الهميان 280، ونفح الطيب 2/ 541.
(2) ينظر: نفح الطيب 2/ 563.
(3) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 281280، ونفح الطيب 2/ 553552.(1/55)
جعفرأوغلي أحمد. ومنه نسخة نادرة في المكتبة المركزية بجامعة الملك سعود بالرياض، قسم الكتب النادرة.
2 - ارتشاف الضرب من لسان العرب، مطبوع بتحقيق الدكتور مصطفى أحمد النماس، مطبعة المدني، الطبعة الأولى 1408هـ / 1987م.
3 - الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء، مطبوع بعناية الشيخ محمد حسن آل ياسين، بمطبعة المعارف ببغداد سنة 1380هـ / 1961م، وهو تلخيص لرسالة ابن مالك «الاعتضاد في الفرق بين الظاء والضاد» من شعره.
4 - تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، طبع عدة مرات، مرة بتحقيق محمد سعيد الوردي، بمطبعة الإخلاص بحماة سنة 1936م، ومرة بتحقيق أحمد مطلوب وخديجة الحديثي بمطبعة العاني ببغداد سنة 1977م، ومرة بتحقيق سمير طه المجذوب سنة 1408هـ / 1988م، الناشر المكتب الإسلامي.
5 - تذكرة الحفاظ، حقق الدكتور عفيف عبد الرحمن جزءا منه، وطبع هذا الجزء سنة 1406هـ / 1986م، الناشر مؤسسة الرسالة.
6 - تفسير البحر المحيط، طبع بمطبعة السعادة سنة 1328هـ، ثم صور عدة مرات، وهو موضوع الدراسة.
7 - تقريب المقرب، والمقرب أحد كتب ابن عصفور المختصرة. وهما مطبوعان متداولان، وقد حقق تقريب المقرب الدكتور عفيف عبد الرحمن وطبعه سنة 1402هـ / 1982م بدار المسيرة، ثم حققه محمد جاسم الدليمي ونال به درجة الماجستير سنة 1983م، ثم طبعه سنة 1407هـ / 1987م، مؤسسة دار الندوة الجديدة، بيروت.
8 - ديوان أبي حيان، حققه الدكتور أحمد مطلوب والدكتورة خديجة الحديثي، مطبعة العاني، بغداد، سنة 1388هـ / 1969م.
9 - المبدع الملخص من الممتع، وهو تلخيص لكتاب «الممتع في التصريف»
لابن عصفور، وقد طبع المبدع بتحقيق الدكتور عبد الحميد السيد طلب عام 1982م.(1/56)
9 - المبدع الملخص من الممتع، وهو تلخيص لكتاب «الممتع في التصريف»
لابن عصفور، وقد طبع المبدع بتحقيق الدكتور عبد الحميد السيد طلب عام 1982م.
10 - منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك، لم يكمله، حيث انتهى إلى آخر باب «أفعل التفضيل». وقد نشر بتحقيق الاستاذ سدني جليزر بالولايات المتحدة الأمريكية (1).
11 - النكت الحسان شرح غاية الإحسان، وغاية الإحسان من كتب أبي حيان المختصرة، كما سيأتي الحديث عنه، وقد طبع النكت الحسان بتحقيق عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى سنة، 1405هـ / 1985م.
12 - النهر الماد من البحر المحيط، وقد طبع بحاشية البحر المحيط، ثم طبع في مجلدين كبيرين بعناية بوران الضناوي وهديان الضناوي، دار الجنان، بيروت، ومؤسسة الكتب الثقافية ببيروت، الطبعة الأولى سنة 1407هـ / 1987م.
ثانيا الكتب المخطوطة:
1 - إعراب القرآن، يقع في ثمانية أجزاء، شكت في نسبته إليه الدكتورة خديجة الحديثي في كتابها أبو حيان النحوي ص 140، وأثبته غيرها (2).
2 - التذييل والتكميل في شرح التسهيل، يقع في عشرة أجزاء كبيرة. قال السيوطي عنه وعن ارتشاف الضرب «إنه لم يؤلف في العربية أعظم منهما، ولا أحصى للخلاف والأحوال» (3). لم يطبع منه سوى قطعة صغيرة سنة
__________
(1) ينظر: «أبو حيان النحوي 133123، ومقدمة تقريب المقرب 68.
(2) ينظر: مقدمة النكت الحسان ص 8، ومقدمة تقريب المقرب ص 69، وفيه بيان نسخه، الأعلام 7/ 152.
(3) بغية الوعاة 1/ 282.(1/57)
1328 - هـ، بمطبعة السعادة بمصر (1). وقد قدم تحقيقه لنيل درجة الدكتوراة من ثمانية باحثين في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر منذ عام 1975م (2)، ومنه نسختان بالمكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
3 - التدريب في تمثيل التقريب، مخطوط (3).
4 - تلويح التوضيح في النحو، لم ينسبه إلى أبي حيان سوى بروكلمان، وذكر له نسختين، الدليمي 7170.
5 - دالية في النحو، مدح أبو حيان فيها النحو وبعض أعلامه، وله نسخ، الدليمي 72.
6 - عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي، أبو حيان النحوي 242، وكشف الظنون 2/ 1152، وقد نقل شيئا منها في البحر المحيط 1/ 59، و 2/ 317، و 3/ 47 (4).
7 - غاية الإحسان في علم اللسان، وهو مقدمة صغيرة في النحو، ينظر: أبو حيان النحوي 141، ومقدمة تذكرة النحاة 20، ومنه نسخة بجامعة الإمام رقم: 2275ف.
8 - قصيدتان في مدح الزمخشري والنحو، لم ينسبه إليه سوى بروكلمان، وذكر له نسختين، الدليمي 72.
9 - اللمحة البدرية في علم العربية، مختصر في النحو، ينظر: أبو حيان النحوي 149، ومقدمة تذكرة النحاة 21، ومنه نسخة بجامعة الإمام برقم
__________
(1) ينظر: أبو حيان النحوي 113، ومقدمة النكت الحسان 7، ومقدمة تذكرة النحاة 21.
(2) ينظر مقدمة تقريب المقرب للدليمي 70.
(3) ينظر: أبو حيان النحوي 106، ومقدمة تقريب المقرب للدليمي 70، وتذكرة النحاة 20، وكشف الظنون 2/ 1805.
(4) عدته الدكتورة خديجة من الكتب المفقودة، وليس كذلك، فله نسختان إحداهما في الهند، والأخرى في القاهرة، الدليمي 69.(1/58)
9303 - ف. وقد طبع مع شرح اللمحة البدرية لابن هشام، بتحقيق الدكتور هادي نهر في بغداد سنة 1974م.
10 - معاني الحروف، له نسخة في مكتبة بايزيد عمومي في تركيا، الدليمي 71، ولم تشر إليه خديجة الحديثي.
11 - المنتخب من حديث شيوخ بغداد، توجد منه نسخة في مكتبة نوشهر بتركيا، نوادر المخطوطات العربية بتركيا، 372، والدليمي 69.
12 - الموفور من شرح ابن عصفور، مختصر لكتاب ابن عصفور «شرح الجمل». ينظر أبو حيان النحوي 109، مقدمة تذكرة النحاة 20، والدليمي 71، وكشف الظنون 2/ 1910، وفيه «الموفور في تحرير أحكام ابن عصفور».
13 - الهداية في النحو، شكت الدكتورة خديجة في نسبته إلى أبي حيان، 156، وأثبته الدليمي 7271.
ثالثا الكتب المفقودة:
1 - الأبيات الوافية في علم القافية، نفح الطيب 2/ 552، وإيضاح المكنون 3/ 314.
2 - الأثير في قراءة ابن كثير، نفح الطيب 2/ 552، وإيضاح المكنون 3/ 24.
3 - الأسفار الملخص من شرح كتاب سيبويه للصفار، ينظر: أبو حيان النحوي 173، ومقدمة تذكرة النحاة 22، وكشف الظنون 2/ 1428.
4 - الإعلام بأركان الإسلام، أبو حيان النحوي 241، والدليمي 73، وإيضاح المكنون 3/ 101.
5 - الأفعال في لسان الترك، أبو حيان النحوي 176، ومقدمة تذكرة النحاة 22.
6 - الإلماع في إفساد إجازة الطباع، نفح الطيب 2/ 584583، والدليمي 74، وإيضاح المكنون 3/ 122.(1/59)
7 - الأنوار الجلي في اختصار المحلي، وهو اختصار لكتاب «المحلى في الخلاف العالي في فروع الشافعية» لأبي محمد بن حزم. ينظر: أبو حيان النحوي 240، وكشف الظنون 2/ 1617، وفيه «الأنور الأعلى في اختصار المحلى».
8 - بغية الظمآن من فؤاد أبي حيان، الدليمي 74.
9 - البيان في شيوخ أبي حيان، الدرر الكامنة 4/ 308.
10 - التجريد لأحكام سيبويه، أبو حيان النحوي 173، ومقدمة تذكرة النحاة 22.
11 - تحفة الندس في نحاة الأندلس، كتاب كبير يقع في ستين مجلدا جمع فيه تراجم نحوي الأندلس، ينظر: أبو حيان النحوي 251، والدليمي 74.
12 - تقريب النائي في قراءة الكسائي، أبو حيان النحوي 247، وإيضاح المكنون 3/ 314.
13 - التخييل الملخص من شرح التسهيل، أبو حيان النحوي 122، ومقدمة تذكرة النحاة 21، وكشف الظنون 1/ 405.
14 - الحلل الحالية في أسانيد القرآن العالية، أبو حيان النحوي 250، وكشف الظنون 1/ 688، وفي الدليمي 72 «الحلل الحالية في الأسانيد السبع العالية».
15 - خلاصة التبيان في علمي البديع والبيان، أبو حيان النحوي 257، وكشف الظنون 1/ 717، وفيه «خلاصة التبيان في المعاني والبيان».
16 - الرمزة في قراءة حمزة، أبو حيان النحوي 246، وإيضاح المكنون 3/ 583.
17 - الروض الباسم في قراءة عاصم، أبو حيان النحوي 246، وكشف الظنون 1/ 918.
18 - زهو الملك في نحو الترك، أبو حيان النحوي 184، ومقدمة تذكرة
النحاة 22، وكشف الظنون 2/ 1028.(1/60)
18 - زهو الملك في نحو الترك، أبو حيان النحوي 184، ومقدمة تذكرة
النحاة 22، وكشف الظنون 2/ 1028.
19 - الشذا في مسألة «كذا»، أبو حيان النحوي 153، ومقدمة تذكرة النحاة 21، وكشف الظنون 2/ 962.
20 - الشذرة الذهبية في علوم العربية، كشف الظنون 2/ 1028، وأبو حيان النحوي 172، ومقدمة تذكرة النحاة 22، والدليمي 73.
21 - غاية المطلوب في قراءة يعقوب، وهي من منظوماته، أبو حيان النحوي 242، كشف الظنون 2/ 1194.
22 - الفصل في أحكام الفصل، أبو حيان النحوي 242، وهي رسالة صغيرة ذكرها في البحر المحيط 1/ 44، 388، و 8/ 367.
23 - فهرس مروياته، الدليمي 74.
24 - فهرس مسموعاته، أبو حيان النحوي 261.
25 - قطر الحبي في جواب أسئلة الذهبي، أبو حيان النحوي 261.
26 - مجاني الهصر في آداب وتواريخ لأهل العصر، أبو حيان النحوي 251، وقد أفاد منه المتأخرون، كشف الظنون 2/ 1591.
27 - المخبور في لسان اليخمور، وفي بعض الروايات «المخبور في لسان البشمور»، أبو حيان النحوي 186، ومقدمة تذكرة النحاة 22، وإيضاح المكنون 4/ 446.
28 - المزن الهامر في قراءة ابن عامر، أبو حيان النحوي 186، وإيضاح المكنون 4/ 471.
29 - مسلك الرشد في تجريد مسائل نهاية ابن رشد، أبو حيان النحوي 241، والدليمي 73، وفيه «مسالك»، وكشف الظنون 2/ 1678.
30 - مشيخة ابن أبي منصور، أبو حيان النحوي 256.
31 - منطق الخرس في لسان الفرس، أبو حيان النحوي 185، ومقدمة تذكرة النحاة 22، وكشف الظنون 2/ 1864.(1/61)
32 - المورد الغمر في قراءة أبي عمرو، أبو حيان النحوي 242.
33 - النافع في قراءة نافع، أبو حيان النحوي 245.
34 - نثر الزهر ونظم الزهر، أبو حيان النحوي 259، وإيضاح المكنون 4/ 624.
35 - نفحة المسك في سيرة الترك، أبو حيان النحوي 256، وإيضاح المكنون 4/ 671.
36 - نكت الأمالي، ولعله من كتب القراءات، أبو حيان النحوي 260.
37 - النضار في المسلاة عن نضار، نفح الطيب 2/ 559، والدليمي 74، وكشف الظنون 2/ 1958.
38 - نهاية الإغراب في علمي التصريف والإعراب، أبو حيان النحوي 173، وكشف الظنون 2/ 1986.
39 - نوافث السحر في دمائث الشعر، أبو حيان النحوي 259، وإيضاح المكنون 4/ 682.
40 - نور الغبش في لسان الحبش، أبو حيان النحوي 185، ومقدمة تذكرة النحاة 22، وكشف الظنون 2/ 1983.
41 - النير الجلي في قراءة زيد بن علي، نفح الطيب 2/ 552، وأبو حيان النحوي 246.
42 - الوهاج في اختصار المنهاج، اختصر فيه كتاب «منهاج الطالبين في مختصر المحرر في فروع الشافعية» للنووي، أبو حيان النحوي 241، وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 457، وإيضاح المكنون 4/ 715.(1/62)
المبحث السابع وفاته
وبعد حياة طويلة قضاها الإمام الجليل أبو حيان الأندلسي في البحث والتحصيل والعلم والتعليم والتصنيف والتأليف انتقل إلى ربه، بعد أن فقد بصره (1)، وكانت وفاته عشية يوم السبت الثامن والعشرين من صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة للهجرة، في القاهرة، وكان يناهز إحدى وتسعين سنة، وكانت جنازته حافلة، ودفن من الغد خارج باب النصر، بتربة الصوفية. وصلي عليه في الجامع الأموي بدمشق صلاة الغائب في شهر ربيع الآخر. هذا ما عليه جل المؤرخين وأصحاب التراجم (2).
وذهب كثير من أهل المغرب (3) إلى أنه توفي سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. ورد هذا المقري بأن أهل المشرق أعرف بذلك، إذ توفي عندهم.
__________
(1) ولذا فقد ترجم له الصفدي في كتابه «نكت الهميان في نكت العميان 286280.
(2) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 281، نكت الهميان 384، ونفح الطيب 2/ 538، وطبقات الشافعية الكبرى 9/ 279، والدرر الكامنة 4/ 310، والإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 60، ووفيات ابن رافع 1/ 482، والمختصر في أخبار البشر 4/ 142، والنجوم الزاهرة 10/ 111، وطبقات الشافعية للإسنوي 1/ 458، والبداية والنهاية 14/ 224، وبغية الوعاة 1/ 283.
(3) ينظر: نفح الطيب 2/ 559.(1/63)
وقد ذكروا أنه توفي في سنة خمس وأربعين وسبعمائة (1).
وكان لوفاته رحمه الله أثر بالغ في نفوس تلاميذه وأصحابه، فرثوه بقصائد كثيرة، أشهرها قصيدة تلميذه الصفدي في رثائه، وأولها (2).
مات أثير الدّين شيخ الورى ... فاستعرّ (3) البارق (4) واستعبرا
ورقّ من حزن نسيم الصّبا ... واعتلّ في الأسحار لمّا سرى
وصادحات (5) الأيك في نوحها ... رثته في السّجع على حرف را
يا عين جودي بالدّموع التي ... يروى بها ما ضمّه من ثرى
وأجري دما فالخطب في شأنه ... قد اقتضى أكثر ممّا جرى
مات إمام كان في علمه ... يرى إماما والورى من ورا
أمسى منادى للبلى مفردا ... فضمّه القبر على ما ترى
يا أسفا كان هدى ظاهرا ... فعاد في تربته مضمرا
وكان جمع الفضل في عصره ... صحّ فلمّا أن قضى كسّرا
إلى آخر القصيدة.
__________
(1) ينظر: نفح الطيب 2/ 559.
(2) ينظر: الوافي بالوفيات 5/ 283281، ونكت الهميان 285284، ونقلها: نفح الطيب 2/ 539 540، وبغية الوعاة 1/ 285283.
(3) استعر: أي فشا، ينظر اللسان «عرر» 4/ 555.
(4) البارق: السحاب ذو برق، القاموس «برق» 3/ 211.
(5) الطير يرفع صوته بالغناء، القاموس «صدح» 1/ 233، والأيك: الشجر الملتف الكثير، القاموس «أيك» 3/ 293.(1/64)
الفصل الثاني تفسيره «البحر المحيط»
ويشمل المباحث الآتية:
المبحث الأول زمن تأليف الكتاب ومكانه
المبحث الثاني منهجه فيه
المبحث الثالث مادته العلمية
المبحث الرابع مصادره
المبحث الخامس موقفه من الفرق والطوائف
المبحث السادس أثره فيمن بعده
المبحث السابع طبعاته ومخطوطاته(1/65)
المبحث الأول زمن تأليف الكتاب ومكانه
من أجل ما صنف أبو حيان رحمه الله تعالى تفسيره «البحر المحيط»، يقول عنه ابن الجزري (1): «له التفسير الذي لم يسبق إلى مثله، سماه «البحر المحيط» في عشر مجلدات كبار، واختصره في ثلاث مجلدات، سماه النهر» (2).
وعن زمن تأليف هذا الكتاب ومكانه يقول أبو حيان (3): «وما زال يختلج في ذكرى ويعتلج في فكري أني إذا بلغت الأمد الذي (يتبغضن) (4) فيه الأديم، ويتنغص برؤيتي النديم، وهو العقد الذي يحل عرى الشباب، المقول فيه «إذا
__________
(1) هو أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي العمري الشافعي، المشهور بابن الجزري، شيخ الإقراء في زمانه، ومن حفاظ الحديث. ولد ونشأ بدمشق، ورحل إلى مصر مرارا، وتوفي سنة 833هـ. له غاية النهاية في طبقات القراء، والنشر في القراءات العشر، والتمهيد في علم التجويد، وغيرها.
ينظر: طبقات الحفاظ للسيوطي 3/ 85، والضوء اللامع 9/ 260255، وشذرات الذهب 7/ 204 206، والبدر الطالع 2/ 259257.
(2) ينظر: غاية النهاية 2/ 286.
(3) البحر المحيط 1/ 3.
(4) هكذا في المخطوط 1/ 2أ، أي تكسر الجلد وتثنى، لسان العرب «غضن» 13/ 314، والقاموس «غضن» 4/ 254. وفي المطبوع «يتنغضد»، وهو تصحيف.(1/67)
بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب» ألوذ بجناب الرحمن وأقتصر على النظر في تفسير القرآن.
فأتاح الله لي ذلك قبل بلوغ ذلك العقد، وبلغني ما كنت أروم من ذلك القصد، وذلك بانتصابي مدرسا في علم التفسير في قبة السلطان الملك المنصور (1) قدس الله مرقده وبل بمزن الرحمة معهده (2)، وذلك في دولة ولده السلطان القاهر الملك الناصر (3)، الذي رد الله به الحق إلى أهله، وأسبغ على العلم وارف ظله، واستنقذ به الملك من غصابه، وأقره في منيف محله، وشريف نصابه (4).
وذلك في أواخر سنة عشر وسبعمائة، وهي أوائل سنة سبع وخمسين من عمري، فعكفت على تصنيف هذا الكتاب، وانتخاب الصفو واللباب».
وتأليف أبي حيان تفسيره لوجه الله سبحانه وحده، لا لمخلوق، أو لطلب عرض من الدنيا. قال (5) رحمه الله: «فما لمخلوق بتأليفه قصدت، ولا غير وجه الله به أردت، جعلت كتاب الله والتدبر لمعانيه أنيسي، إذ هو أفضل
__________
(1) هو أبو المعالي قلاوون الألفي أول ملوك الدولة القلاوونية بمصر والشام، كان من المماليك فأعتقه نجم الدين أيوب، قام بأمور الدولة في أيام العادل، ثم خلفه، وجلس على سرير الملك وحده، كان من أجل ملوك المماليك وأشجعهم، كثير الفتوحات، أبطل بعض المظالم. توفي سنة 689هـ.
ينظر: النجوم الزاهرة 7/ 292، وفوات الوفيات 2/ 133.
(2) أي المنزل المعهود، القاموس «عهد» 1/ 320.
(3) هو محمد بن قلاوون، من كبار ملوك الدولة القلاوونية، ولد سنة 684هـ، ولي سلطة مصر والشام، وخلع منها مرات، وكانت له وقائع مع غيره، حتى استقر على عرشه سنة 709هـ، واستمر فيه 32 سنة، توفي سنة 741هـ، كان ملكا مهيبا وقورا أحدث في مصر من العمران الكثير.
ينظر: الدرر الكامنة 4/ 144، والنجوم الزاهرة 8/ 41، 115، وفوات الوفيات 2/ 263.
(4) ينظر: البداية والنهاية 14/ 35.
(5) البحر المحيط 1/ 4.(1/68)
مؤانس وسميري إذا أخلو لكتب ظلم الحنادس (1):
نعم السّمير كتاب الله إنّ له ... حلاوة هي أحلى من جنى الضّرب
به فنون المعاني قد جمعن فما ... يفتنّ من عجب إلّا إلى عجب
أمر ونهي وأمثال وموعظة ... وحكمة أودعت في أفصح الكتب
لطائف يجتليها (2) كل ذي بصر ... وروضة يجتنيها كل ذي أدب»
ولأن أفضل العلوم علم كتاب الله وشرف العلم بشرف المعلوم، قال رحمه الله: «وبعد فإن المعارف جمة، وهي كلها مهمة، وأهمها ما به الحياة الأبدية، والسعادة السرمدية، وذلك علم كتاب الله، وهو المقصود بالذات، وغيره من العلوم له كالأدوات. وهو العروة الوثقى، والوزر الأقوى الأوقى، والحبل المتين، والصراط المبين» (3).
__________
(1) جمع حندس، وهو الليل المظلم، القاموس «حندس» 2/ 209.
(2) أي ينظر إليها، القاموس «جلا»، 4/ 313.
(3) البحر المحيط 1. / 32.(1/69)
المبحث الثاني منهجه فيه
قد أبان حيان منهجه في كتابه في المقدمة بقوله (1): «وترتيبي في هذا الكتاب أني أبتدئ أولا بالكلام على مفردات الآية التي أفسرها لفظة لفظة فيما يحتاج إليه من اللغة، والأحكام النحوية التي لتلك اللفظة قبل التركيب. وإذا كان للكلمة معنيان أو معان ذكرت ذلك في أول موضع فيه تلك الكلمة لينظر ما يناسب لها من تلك المعاني في كل موضوع تقع فيه، فيحمل عليه.
ثم أشرع في تفسير الآية ذاكرا سبب نزولها، إذا كان لها سبب، ونسخها ومناسبتها وارتباطها بما قبلها، حاشدا فيها القراءات: شاذها ومستعملها، ذاكرا توجيه ذلك في علم العربية، ناقلا أقاويل السلف والخلف في فهم معانيها، متكلما على جليها وخفيها، بحيث أني لا أغادر منها كلمة، وإن اشتهرت حتى أتكلم عليها، مبديا ما فيها من غوامض الإعراب، ودقائق الآداب، من بديع وبيان، مجتهدا أني لا أكرر الكلام في لفظ سبق، ولا في جملة تقدم الكلام عليها، ولا في آية فسرت، بل أذكر في كثير منها الحوالة على الموضع الذي تكلم فيه على تلك اللفظة أو الجملة أو الآية. وإن عرض تكرير
__________
(1) البحر المحيط 1/ 54.(1/71)
فبمزيد فائدة، ناقلا أقاويل الفقهاء الأربعة وغيرهم في الأحكام الشرعية مما فيه تعلق باللفظ القرآني محيلا على الدلائل التي في كتب الفقه، وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية أحيل في (تقررها) (1) والاستدلال عليها على كتب النحو.
وربما أذكر الدليل إذا كان الحكم غريبا، أو خلاف مشهور ما قاله معظم الناس بادئا بمقتضى الدليل، وما دل عليه ظاهر اللفظ، مرجحا (بذلك) (2) ما لم يصد عن الظاهر ما يجب إخراجه به عنه، منكّبا في الإعراب عن الوجوه التي ينزه القرآن عنها، مبينا أنها مما يجب أن يعدل عنه، وأنه ينبغي أن يحمل على أحسن إعراب وأحسن تركيب، إذ كلام الله تعالى أفضل الكلام، فلا يجوز فيه ما يجوزه النحاة في شعر الشماخ (3)، والطرماح (4)، وغيرهما من سلوك التقادير البعيدة، والتراكيب القلقة والمجازات المعقدة.
ثم أختتم الكلام في جملة من الآيات التي فسرتها إفرادا وتركيبا، بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع ملخصا.
ثم أتبع آخر الآيات بكلام منثور أشرح به مضمون تلك الآيات على ما
__________
(1) وهي هكذا في المخطوط 1/ 3ب.
(2) هكذا في المخطوط 1/ 3ب، وفي المطبوع «له لذلك»، وهو خلاف المعنى المراد.
(3) هو الشماخ بن ضرار بن حرملة المازني الذبياني، وقيل الشماخ لقبه، وأسمه معقل بن ضرار، شاعر مخضرم، كان شديد متون الشعر، أرجز الناس على البديهة، شهد القادسية، وتوفي في غزوة موقان، سنة 22هـ، جمع شعره في ديوان بعناية صلاح الدين الهادي، وطبع بدار المعارف، بدون تاريخ نشر.
ينظر: الإصابة 2/ 152151، والكامل 2/ 28، وخزانة الأدب 1/ 526.
(4) هو الطرماح بن حكيم الطائي، شاعر إسلامي فحل، نشأ بالشام، ثم انتقل إلى الكوفة، فلزما خالدا القسري، فأكرمه، واستجاد شعره، وكان الطرماح على مذهب الشراة من الأزارقة، صديقا للكميت.
توفي سنة 125هـ، وله ديوان شعر مطبوع.
ينظر: الشعر والشعراء 1/ 228، والأغاني 10/ 148، وخزانة الأدب 3/ 418.(1/72)
أختاره من تلك المعاني ملخصا جملها في أحسن تلخيص، وقد ينجر معها ذكر معان لم تتقدم في التفسير.
وصار ذلك أنموذجا لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقي من سائر القرآن، وستقف على هذا المنهج الذي سلكته إن شاء الله تعالى».
ثم ذكر أنه نزه تفسيره عن أمور ينبغي أن تنزه عنها التفاسير، منها ما ذكره آنفا من التقادير المتكلفة، والتراكيب القلقة والمجازات المعقدة، وما ذكره بقوله (1): «وربما ألممت بشيء من كلام الصوفية مما فيه بعض مناسبة لمدلول اللفظ، وتجنبت كثيرا من أقاوليهم، ومعانيهم التي يحملونها الألفاظ، وتركت أقوال الملحدين الباطنية المخرجين الألفاظ القريبة عن مدلولاتها في اللغة إلى هذيان افتروه على الله تعالى، وعلى علي كرم الله وجهه وعلى ذريته، ويسمونه علم التأويل
وكثيرا ما يشحن المفسرون تفاسير هم من ذلك الإعراب بعلل النحو، ودلائل أصول الفقه ودلائل أصول الدين، وكل هذا مقرر في تأليف هذه العلوم، وإنما يؤخذ ذلك مسلما في علم التفسير دون استدلال عليه.
وكذلك أيضا ذكروا ما لا يصح من أسباب نزول، وأحاديث في الفضائل، وحكايات لا تناسب، وتواريخ إسرائيلية، ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير».
ويرى الأستاذ محمد بهجة البيطار (2) أن أبا حيان الذي نقل في تفسيره قول بعض أهل العلم في تفسير الرازي (3) «فيه كل شيء إلا التفسير» لم يطبق
__________
(1) البحر المحيط 1/ 5.
(2) ينظر: مجلة المنهل، المجلد السابع، الجزء العاشر، السنة السابعة، المحرم 1366هـ، ديسمبر 1946م، ص 434432.
(3) البحر المحيط 1/ 341، وستأتي ترجمته.(1/73)
منهجه الذي اختطه لنفسه، بل غلب عليه تفسير المفردات والمركبات من جهة اللغة، والقواعد العربية، وإيراد أقوال النحاة والمعربين في ذلك بحيث تختلف أقوالهم، وتتعدد آراؤهم تعددا ظاهرا، حتى يتيه السالك في مفاوز تلك الأقاويل، ويضطرب في ذلك المحيط الذي لا تقحم لججه، ولا يمتطي ثبجه (1)، وقد تنبه المؤلف رحمه الله إلى ذلك، وأشار إليه في مقدمة تفسيره «النهر» الذي استقاه من «البحر»، فقال: «ونكبت عن ذكر ما في البحر من أقوال اضطربت بها لججه، وإعراب متكلف تقاصرت عنه حججه، وتفكيك أجزاء يخرج به الكلام عن براعته، ويتجرد من مفاخر بلاغته وفصاحته» (2).
ثم ضرب مثالا على ذلك، وذلك عند تفسير أبي حيان كلمة «الغيب» في قوله تعالى {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (3)، حيث قال (4)
رحمه الله: «الغيب مصدر «غاب يغيب» إذا توارى، وسمي المطمئن من الأرض غيبا لذلك، أو «فعيل» من «غاب» فأصله «غيّب»، نحو «ليّن».
والفارسي (5) لا يرى ذلك قياسا في بنات الياء، فلا يجيز في «لين» التخفيف، ويجيزه في ذوات الواو نحو «سيد»، و «ميت»، وغيرهما، قاسه فيهما، وابن مالك وافق أبا علي في ذوات الياء، وخالف الفارسي في ذوات الواو، فزعم أنه محفوظ لا مقيس، وتقرير هذا في علم التصريف».
ثم قال الأستاذ: «وأطال في لفظ «الصلاة» وتفسيرها ومأخذها واشتقاقها
__________
(1) الثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر، ووسط الشيء، ومعظمه، القاموس «ثبج» 1/ 180.
(2) النهار المادة بهامش البحر المحيط 1/ 109.
(3) سورة البقرة: الآيتان 2و 3.
(4) البحر المحيط 1/ 38.
(5) هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، تنقل في البلاد، شيخ ابن جني، من المعتزلة، له الإيضاح العضدي، والمسائل البصريات، والبغداديات، والعسكرية، والمنثورة، وغيرها، والحجة للقراء السبعة، وغيرها: توفي سنة 377هـ.
ينظر: انباه الرواة 1/ 273، سير أعلام النبلاء 16/ 379، بغية الوعاة 1/ 496.(1/74)
وتصريفها (1)، مع أن موضوع التعريف والتصريف لمثل هذه المفردات التي لا يدع منها شيئا دون الكلام عليه، بمثل ما رأيت هو علم اللغة والصرف.
ومثل هذا التفسير للمفردات والجمل الإعرابية وبيان الوجوه والاحتمالات النحوية والبيانية يبعد عن الهداية العظمى التي أنزل القرآن لأجلها، والتي عمل بها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، فأنقذ هذه الأمة من جهلها، وقد كانت لهم هذا الملكات اللسانية من قبل، فصرفوها في الهجاء، وأشعلوها بينهم فتنا عمياء هوجاء (2)، فما أغنت عنهم لغتهم شيئا، حتى نزل عليهم الوحي من السماء فأنقذهم مما كانوا فيه».
وأخالف الأستاذ محمد بهجة البيطار فيما ذكره عن تفسير البحر المحيط وذلك لأمور.
أحدها: كون تفسير أبي حيان قد غلب عليه تفسير المفردات والمركبات من جهة اللغة والقواعد العربية إلخ غير صحيح لأن أبا حيان قد ذكر أنه يفسر الكلمة ويذكر معانيها في أول موضع ترد فيه، ولا يكرر هذا التفسير مرة أخرى، وقد سار على هذا المنهج في تفسيره.
أما من ناحية تفصيل القول في المسائل النحوية وذكر الخلاف فيها فهذا لا يتكرر غالبا، إلا إن كانت الآية الأخرى تحتمل وجها آخر، أو أن للنحويين والمعربين فيها أقوالا وتوجيهات أخر، مما يحتاج التنبيه إليه، وإلا فالغالب أنه يحيل على ما سبق (3).
__________
(1) البحر المحيط 1/ 3938.
(2) الهوج: الطيش والحمق والتسرع، القاموس «هوج» 1/ 213.
(3) ينظر في الدراسة.(1/75)
الثاني: مما يدل على عدم توسع أبي حيان في تفسير الكلمة المفردة أو التراكيب، أو الاسترسال في المسائل النحوية أو غيرها من العلوم الأخرى أنه يذكر طرفا من الكلام في تلك المسائل، ثم يقول: «وتقرير هذا في علم التصريف (1)، أو «وهو مذكور في علم النحو» (2)، أو «مستوفى في علم النحو» (3)، أو «في المبسوطات في النحو» (4)، أو «مشروحة في كتب النحو» (5)، أو «هذه المسألة يبحث عنها بالتفصيل في أصول الدين» (6)، أو «وهذا كله موضوع علم أصول الفقه» (7)، أو «وهذا موضوعه علم الفقه، أو تذكر في كتب الفقه» (8). أو يحيل على كتبه «منهج السالك» (9)، أو «التكميل» (10)، أو «التذييل والتكميل في شرح التسهيل» (11).
قال رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ} (12): «وذكر المفسرون من كلام الناس في التفكر ومن أعيان المتفكرين كثيرا، رأينا أن لا نطول كتابنا بنقلها» (13). وقال عند قوله تعالى:
__________
(1) البحر المحيط 1/ 52، 2/ 286.
(2) البحر المحيط 1/ 35، 36، 41، 142، 144، 156، 159، 179، 288، 460، 2/ 88، 213، 236، 267، 316.
(3) البحر المحيط 1/ 172.
(4) البحر المحيط 1/ 273.
(5) البحر المحيط 1/ 338.
(6) البحر المحيط 1/ 48، 109، 125، 143، 186، 279، 379، 405، 2/ 277.
(7) البحر المحيط 1/ 341، 3/ 421، 6/ 433.
(8) البحر المحيط 1/ 379، 489، 2/ 31، 34، 111، 322، 459، 3/ 258، 260.
(9) البحر المحيط 1/ 290، 330، 406، 2/ 45، 128، 293، 314، 4/ 6.
(10) البحر المحيط 1/ 323، 386، 434، 2/ 19، 140، 216، 231، 362، 3/ 106، 126، 151، 4/ 99، 5/ 13، 6/ 393.
(11) البحر المحيط 4/ 126، 6/ 433، 7/ 493، 8/ 43، 216.
(12) سورة آل عمران: من الآية 191.
(13) البحر المحيط 3/ 139.(1/76)
* {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا} (1): «وقد تكلم المفسرون هنا في حقيقة النسخ وأقسامه، وما اتفق عليه منه، وما اختلف فيه، وفي جوازه عقلا ووقوعه شرعا، وبماذا ينسخ، وغير ذلك من أحكام النسخ ودلائل تلك الأحكام وطولوا في ذلك، وهذا كله موضوعه موضوع علم أصول الفقه، فيبحث في ذلك كله فيه.
وهكذا جرت عادتنا أن كل قاعدة في علم من العلوم يرجع في تقريرها إلى ذلك العلم، ونأخذها في علم التفسير مسلمة من ذلك العلم، ولا نطول بذكر ذلك في علم التفسير، فنخرج عن طريقة التفسير، كما فعله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي المعروف بابن خطيب الري، فإنه جمع في كتابه في التفسير أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير، ولذلك حكي عن بعض المتطرفين من العلماء أنه قال: فيه كل شيء إلا التفسير.
وقد ذكرنا في الخطبة ما يحتاج إليه علم التفسير، فمن زاد على ذلك فهو فضول في هذا العلم. ونظير ما ذكره الرازي وغيره أن النحوي مثلا يكون قد شرع في وضع كتاب في النحو فشرع يتكلم في الألف المنقلبة، فذكر أن الألف في «الله» أهي منقلبة من ياء أو واو، ثم استطرد من ذلك إلى الكلام في الله تعالى فيما يجب له، ويجوز عليه، ويستحيل، ثم استطرد إلى جواز إرسال الرسل منه تعالى إلى الناس، ثم استطرد إلى أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم استطرد من ذلك إلى إعجاز ما جاء به القرآن وصدق ما تضمنه، ثم استطرد إلى أن من مضمونه البعث والجزاء بالثواب والعقاب، ثم المثابون في الجنة لا ينقطع نعيمهم، والمعاقبون في النار لا ينقطع عذابهم.
فبينما هو في علمه يبحث في الألف المنقلبة إذا هو يتكلم في الجنة والنار. ومن هذا سبيله في العلم فهو من التخليط والتخبيط في أقصى الدرجة،
__________
(1) سورة البقرة، من الآية 106، وتمامها {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهََا أَوْ مِثْلِهََا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللََّهَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.(1/77)
وكان أستاذنا العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي قدس الله تربته يقول ما معناه: متى رأيت الرجل ينتقل من فن إلى فن في البحث أو التصنيف فاعلم أن ذلك إما لقصور علمه بذلك الفن، أو لتخليط ذهنه وعدم إدراكه، حيث يظن أن المتغايرات متماثلات. وإنما أمعنت الكلام في هذا الفصل لينتفع به من يقف عليه، ولئلا يعتقد أنا لم نطلع على ما أودعه الناس في كتبهم في التفسير، بل إنما تركنا ذلك عمدا واقتصرنا على ما يليق بعلم التفسير. وأسأل الله التوفيق للصواب» (1).
وقد أطلت في هذا النقل عنه لأبيّن أنه لم يكن من منهجه تضخيم الكتاب والتوسع في جميع العلوم، بل تؤخذ القواعد مسلمة في التفسير، ويرجع البحث فيها إلى علمها المصنفة فيه.
كما أنه طهر كتابه عما لا يليق به من حكايات باطلة، وأقاويل ساقطة، وقصص لا تثبت (2). فمثلا عند قوله تعالى: {وَإِذََا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنََا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النََّاسَ كََانُوا بِآيََاتِنََا لََا يُوقِنُونَ} (3) قال (4) رحمه الله:
«واختلفوا في ماهيتها (5) وشكلها، ومحل خروجها، وعدد خروجها، ومقدار ما تخرج منها، وما تفعل بالناس، وما الذي تخرج به اختلافا مضطربا معارضا بعضه بعضا، ويكذب بعضه بعضا، فاطرحنا ذكره لأن نقله تسويد للورق بما لا يصح، وتضييع لزمان نقله».
__________
(1) البحر المحيط 1/ 342341.
(2) ينظر: البحر المحيط 1/ 201، 258، 360، 5/ 295، 6/ 181، 328، 335، 382، 7/ 145، 360، 383، 397، 507، 8/ 120، 173، 360، 384، 450، 468، 489.
(3) سورة النمل: الآية 82.
(4) البحر المحيط 7/ 9796.
(5) أي الدابة.(1/78)
وقال عند قوله تعالى: {فَذَبَحُوهََا وَمََا كََادُوا يَفْعَلُونَ} (1)، بعد تفسير أوصاف البقرة التي أمر بنو إسرائيل بذبحها: «وذكروا في ذلك اختلافا وقصصا كثيرا مضطربا أضربنا عن نقله صفحا، كعادتنا في أكثر القصص الذي ينقلونه، إذ لا ينبغي أن ينقل من ذلك إلا ما صح عن الله تعالى، أو عن رسوله في قرآن أو سنة» (2).
كما عاب على المفسرين ولعهم بنقل الغريب والمضطرب، وحشو كتبهم بذلك، حيث قال بعد نقله شيئا من الأقوال التي قيلت في «لقمان»: «وهذا الاضطراب في كونه حرا أو عبدا، أو في جنسه، وفيما كان يعانيه، يوجب أن لا يكتب شيء من ذلك ولا ينقل، لكن المفسرون مولعون بنقل المضطربات حشوا وتكثيرا، والصواب تركه» (3).
الثالث: كون السمة الغالبة على هذا التفسير هي الكلام في اللغة والنحو والتصريف والبلاغة ليس مما يعاب به لأن مؤلفه من جهابذة النحويين، وفحول اللغة العربية، ولكل تفسير من التفاسير سمته الغالبة عليه، مع أن تفسير أبي حيان ليس مقصورا على الحديث في اللغة العربية فقط، بل هو مليء بالقراءات القرآنية، متواترها وشاذها، وذكر أسباب النزول، والتفصيل في المسائل الفقهية، مع الإلمام بالعقائد وعلم الكلام، وعلم الحديث، وغير ذلك.
الرابع: ما ذكره الأستاذ من أن الإطالة في موضوع التعريف والتصريف يبعد عن الهداية العظمى التي أنزل القرآن لأجلها إلخ قول فيه نظر إذ مما يعين على فهم كلام الله عز وجل، وتدبر معانيه، ثم العمل به، فهم لغته
__________
(1) سورة البقرة: من الآية 71.
(2) البحر المحيط 1/ 258.
(3) البحر المحيط 7/ 186.(1/79)
التي أنزل بها، من حيث مفرداتها تعريفا وتصريفا، وتراكيبها، وأساليبها، وغير ذلك، ولا يتأتى ذلك إلا ببيان هذه الأمور. وأبو حيان لم يأت بما قيل في ذلك كله، بل أتى بما يفيد، ولو أتى بكل ما قيل لزاد حجم كتابه أضعافا كثيرة، وكان يحيل بعد ذلك.
الخامس: صحيح أن البحر المحيط من التفاسير الكبيرة بالنسبة إلى غيره، وهذا لا يعاب به، بل يدعى لمؤلفه بالرحمة. والمغفرة، لما قدمه لأمته الإسلامية في هذا التفسير الذي عكف عليه بقية عمره خادما فيه كتاب الله عز وجل، حاويا الشيء الكثير مما ضاع مع مرور الأزمان، فرحم الله أبا حيان وجزاه عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.
أما قوله «ونكبت فيه عن ذكر ما في البحر» لا يدل على أنه يعيب تفسيره «البحر المحيط»، لكن هكذا شأن المختصرات، الإيجاز والاقتصار على بعض المسائل، واختيار الأعاريب الراجحة دون ذكر خلاف أو تفصيل.
كما أن هذه الأعاريب المتكلفة التي نكب عنها في النهر الماد ليست له، إنما هي من غيره، فقد قال مرة في البحر: «ولولا شهرة قائلها لضربت عن ذكرها صفحا» (1). فهو في النهر الماد اختار ما يراه هو حسب منهجه الذي ذكره وسيأتي الحديث عنه مفصلا، وترك الأعاريب الأخرى المتكلفة.
والأستاذ الكاتب غفر الله له لم يذكر أول كلام أبي حيان في النهر الذي أثنى فيه على تفسيره «البحر المحيط» مبينا سبب تأليف «النهر الماد» بقوله (2): «وبعد فإني لما صنفت كتابي الكبير المسمى بالبحر المحيط في علم التفسير عجز عن قطعه لطوله السابح، وتفلت له عن اقتناصه البارح (3) منه
__________
(1) البحر المحيط 1/ 128.
(2) النهر الماد بهامش البحر المحيط 1/ 84.
(3) البارح: ما مر من الصيد من ميامنك إلى مياسرك، عبارة عن الشؤم، القاموس «برح»، 1/ 215.(1/80)
والسانح (1)، فأجريت منه نهرا تجري عيونه وتلتقي بأبكاره فيه عونه (2)، لينشط الكسلان في اجتلاء جماله، ويرتوي الظمآن في ارتشاف زلاله، وربما نشأ في هذا النهر مما لم يكن في البحر، وذلك لتجدد نظر المستخرج للآلية، المبتهج بالفكرة في معانيه ومعاليه، وما أخليته من أكثر ما تضمنه البحر من نقوده، بل اقتصرت على يواقيت عقوده».
__________
(1) السانح: المبارك، القاموس «سنح»، 1/ 230.
(2) العون جمع عوان وهي المرأة التي لها زوج القاموس «عون» 4/ 251.(1/81)
المبحث الثالث مادته العلمية
جمع أبو حيان في البحر المحيط مادة غزيرة، إلى جانب التفسير وتوضيح المعاني الذي ألف الكتاب من أجله، حتى صار من مراجع التفسير الرئيسة.
وقد اهتم فيه كذلك بالقراءات القرآنية المتواترة والشاذة، وكان لعلم أبي حيان بذلك ما أعانه في الكتابة عنها، فقد قرأ القرآن برواياته، وله تآليف في معظم القراءات، وله كذلك قصيدته الموسومة بعقد اللآلي على عروض قصيدة الشاطبي (1) ورويها في القراءات، وقد مر آنفا أنه عد من العلوم التي يحتاج إليها المفسر علم القراءات.
وعني رحمه الله تعالى بذلك في تفسيره أيما عناية، فيذكر القراءات
__________
(1) هو القاسم بن فرة الرعيني الشاطبي، إمام القراء، حيث قرأ القراءات بشاطبة، من النحويين، له شرح على ألفية ابن مالك، كان كفيفا خطب ببلدة شاطبة مع صغر سنة، ولد سنة 538هـ، ثم دخل مصر سنة 572هـ، واشتهر اسمه وبعد صيته، وقصده الطلبة من البلاد الأخرى، وتوفي بالقاهرة سنة 590هـ.
ينظر: نفح الطيب 2/ 2522، ووفيات الأعيان 2086ومعجم الأدباء 16/ 293، ونكت الهميان 228، وغاية النهاية 2/ 20.(1/83)
في الآية، ويذكر قارئيها وتوجيهها، وله في ذلك كله مواقف متعددة، سيأتي الحديث عنها إن شاء الله، وله كذلك توجيهات للقراءات المتكلم فيها.
كما اهتم رحمه الله في تفسيره البحر المحيط باللغة والنحو والتصريف، فيذكر معاني المفردات مفصلا في أول موضع ترد فيه الكلمة، ويذكر لهجات القبائل، وبخاصة عند القراءات التي اختلفت فيها أقوال المفسرين والنحويين والمعربين قبولا أو ردا.
ولا عجب أن يكون تفسيره البحر المحيط مليئا بالمسائل النحوية والتصريفية فمؤلفه نحوي كبير ولغوي بارع، فله وقفات متأنية عند آيات القرآن الكريم تصريفا وإعرابا وذكرا للمسائل الخلافية النحوية والتصريفية، مع اختيار ما يراه في معظم ما تكلم عنه.
وقد كتب أبو حيان بين يدي تفسيره البحر المحيط مقدمة ضمنها كثيرا من الفوائد والمسائل والموضوعات المختلفة، فمما جاء فيها، غير ما سبق، أنه ذكر ما يحتاج إليه علم التفسير من العلوم، وذلك من وجوه سبعة، فقال (1):
أحدها: علم اللغة اسما وفعلا وحرفا، فالحروف لقلتها تكلم على معانيها النحاة، فيؤخذ ذلك من كتبهم. وأما الأسماء والأفعال فيؤخذ ذلك من كتب اللغة، وأكثر الموضوعات في علم اللغة كتاب ابن سيده».
ثم ذكر أنه حفظ الفصيح لثعلب، ودواوين امرئ القيس والنابغة وعلقمة وزهير وطرفة وعنترة والأفوه الأودي، والثلث من كتاب الحماسة، وقصائد مختارة من شعر حبيب بن أوس.
الثاني: معرفة الأحكام التي للكلم العربية من جهة إفرادها، ومن جهة
__________
(1) البحر المحيط 1/ 75.(1/84)
تركيبها، ويؤخذ ذلك من علم النحو، وأحسن موضوع فيه وأجله كتاب أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه رحمه الله تعالى، وأحسن ما وضعه المتأخرون من المختصرات وأجمعه للأحكام كتاب تسهيل الفوائد لأبي عبد الله محمد بن مالك الجياني الطائي مقيم دمشق، وأحسن ما وضع في التصريف كتاب الممتع لأبي الحسن علي بن مؤمن بن عصفور الحضرمي الإشبيلي رحمه الله تعالى
والثالث: كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح، ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع، وقد صنف الناس في ذلك تصانيف كثيرة، وأجمعها ما جمعه شيخنا الأديب الصالح أبو عبد الله محمد بن سليمان النقيب، وذلك في مجلدين، قدمهما أمام كتابه في التفسير، وما وضعه شيخنا الأديب الحافظ المتبحر أبو الحسن حازم ابن محمد بن حازم الأندلسي الأنصاري القرطاجني، مقيم تونس، المسمى «منهاج البلغاء وسراج الأدباء»
الرابع: تعيين مبهم وتبيين مجمل، وسبب نزول، ونسخ، ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من علم الحديث، وقد تضمنت الكتب والأمهات التي سمعناها ورويناها ذلك، كالصحيحين، والجامع للترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة، وسنن الشافعي
الخامس: معرفة الإجمال والتبيين، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ودلالة الأمر والنهي، وما أشبه هذا، ويختص أكثر هذا الوجه بجزء الأحكام من القرآن، ويؤخذ هذا من أصول الفقه، ومعظمه هو في الحقيقة راجع لعلم اللغة
السادس: الكلام فيما يجوز على الله تعالى، وما يجب له، وما يستحيل عليه، والنظر في النبوة، ويختص هذا الوجه بالآيات التي تضمنت النظر في
الباري تعالى، وفي الأنبياء، وإعجاز القرآن، ويؤخذ هذا من علم الكلام(1/85)
السادس: الكلام فيما يجوز على الله تعالى، وما يجب له، وما يستحيل عليه، والنظر في النبوة، ويختص هذا الوجه بالآيات التي تضمنت النظر في
الباري تعالى، وفي الأنبياء، وإعجاز القرآن، ويؤخذ هذا من علم الكلام
السابع: إختلاف الألفاظ بزيادة، أو نقص، أو تغيير حركة، أو إتيان بلفظ بدل لفظ، وذلك بتواتر وآحاد، ويؤخذ هذا الوجه من علم القراءات».
ثم ذكر أبو حيان رحمه الله قراءاته على شيوخ زمانه، وذكر أن له في هذا العلم كتاب عقد اللآلي، قصيدا في عروض قصيد الشاطبي ورويه، ويشتمل على ألف بيت وأربعة وأربعين بيتا، صرح فيها بأسامي القراء من غير رمز، ولا لغز، ولا حوشي لغة، وأنشأه من كتب تسعة
ثم قال أبو حيان بعد ذلك (1): «فهذه سبعة وجوه لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب الله إلا من أحاط بجملة غالبها من كل وجه منها، ومع ذلك فاعلم أنه لا يرتقي من علم التفسير ذروته، ولا يمتطي منه صهوته إلا من كان متبحرا في علم اللسان مسترقيا منه إلى رتبة الإحسان، قد جبل طبعه على إنشاء النثر والنظم دون اكتساب، وإبداء ما اخترعته فكرته السليمة في أبدع صورة وأجمل جلباب».
وبين أبو حيان رحمه الله «أن علم التفسير ليس متوقفا على علم النحو فقط، كما يظنه بعض الناس، بل أكثر أئمة العربية هم بمعزل عن التصرف في الفصاحة، والتفنن في البلاغة، ولذلك قلت تصانيفهم في علم التفسير، وقل أن ترى نحويا بارعا في النظم والنثر، كما قل أن ترى بارعا في الفصاحة يتوغل في علم النحو»، ثم نقل بعد ذلك طرفا من مقدمة الكشاف للزمخشري مدللا على صحة ما قاله (2).
__________
(1) البحر المحيط 1/ 7.
(2) البحر المحيط 1/ 9، وانظر: الكشاف 1/ 1715.(1/86)
ثم ذكر تفسيري «الكشاف» للزمخشري، و «المحرر الوجيز» لابن عطية، وأثنى عليهما، ومع جلالتهما فإن فيهما مجالا للانتقاد، ثم ذكر السند الذي عن طريقه يروي الكتابين (1)، كما ذكر أنه اعتمد في أكثر نقول كتابه هذا على كتاب التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير لجمال الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان بن حسن المقدسي، المعروف بابن النقيب، إذ هو أكبر كتاب صنف في علم التفسير، يبلغ في العدد مائة سفر أو يكاد، إلا أنه كثير التكرير، قليل التحرير، مفرط الإسهاب، ثم ذكر أنه رواه إجازة من جامعه رحمه الله (2).
ثم ذكر كثيرا من الأحاديث والآثار في القرآن وفضائله (3)، وختم مقدمته بالكلام على معنى «التفسير» لغة واصطلاحا (4).
وفي البحر المحيط جانب كبير من المسائل الفقهية عند آيات الأحكام، وكذا الكلام على الأحاديث وأسانيدها من حيث الصحة والضعف، والمغازي وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الحديث عن بلاغة الآيات القرآنية، وبيان أوجه الإعجاز، وعرض الصور البيانية، والمحسنات البديعية فيها.
__________
(1) البحر المحيط 1/ 119.
(2) البحر المحيط 1/ 11، 4688.
(3) البحر المحيط 1/ 1312.
(4) البحر المحيط 1/ 1413.(1/87)
المبحث الرابع مصادره
لقد كثرت مصادر أبي حيان وتنوعت في تفسيره البحر المحيط، فضم نقولات كثيرة وإحالات على كتب لا تزال مخطوطة، أو مفقودة إلى الآن.
وإن قراءة متأنية في تفسيره البحر المحيط تعطي الدارس إلماما بالمصادر التي رجع إليها أبو حيان في تفسيره هذا، مما يدل على سعة اطلاعه، فقد رجع إلى كثير من كتب القراءات والتفسير، والحديث، والكلام، والنحو والتصريف، واللغة، والفقه وأصوله، وغير ذلك.
ولا شك أن كثرة هذه المصادر أثرت هذا الكتاب الجليل مع ما كان لمؤلفه رحمه الله من شخصية واضحة بارزة فيه.
وبعد قراءتي تفسير البحر المحيط يمكنني أن أصنف مصادر أبي حيان التي أفاد منها في تأليف تفسيره وبخاصة ما توسع فيه من ذكر القراءات وتوجيهها وتفسير الآيات والمعاني اللغوية وتصريف الكلمات وبيان اشتقاقها وذكر المسائل النحوية والخلاف فيه والوجوه التي ذكرت في إعراب الآية على النحو التالي:(1/89)
أولا الكتب التي صرح بالرجوع إليها والإفادة منها (1)، وهي:
1 - الإعراب (عن أسرار الحركات في لسان الأعراب) (2)، لأبي الحكم الحسن ابن عبد الرحمن بن عذرة، ت 644هـ.
2 - الإغفال (فيما أغفله الزجاج من المعاني) (3)، لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي، ت 377هـ.
3 - الاقتضاب (في شرح أدب الكتاب) (4)، لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، ت 521هـ.
4 - الإقناع (في القراءات السبع) (5)، لأبي جعفر أحمد بن علي بن الباذش النحوي، ت 546هـ.
5 - الإقناع في القراءات (الشاذة) (6)، لأبي علي حسن بن علي الأهوازي المقري، ت 446هـ.
6 - أمالي (ثعلب في النحو) (7)، لأحمد بن يحيى المشهور بثعلب، ت 291 هـ.
7 - الأمالي الشجرية (8)، لأبي السعادات هبة الله بن علي بن حمزة العلوي المعروف بابن الشجري، ت 542هـ.
__________
(1) ما بين القوسين إكمال لعنوان الكتاب من قبل الباحث، حيث كان أبو حيان يقتصر على ذكر كلمة أو كلمتين من عنوان الكتاب.
(2) ينظر: البحر المحيط 2/ 429، و 7/ 514.
(3) ينظر: البحر المحيط 3/ 113.
(4) ينظر: البحر المحيط 2/ 352.
(5) ينظر: البحر المحيط 7/ 19، وأنظر: كشف الظنون 1/ 140.
(6) ينظر: البحر المحيط 6/ 235، وأنظر: كشف الظنون 1/ 140.
(7) ينظر: البحر المحيط 2/ 155، وأنظر: كشف الظنون 1/ 164.
(8) ينظر: البحر المحيط 1/ 406.(1/90)
8 - الإملاء المنتخل في شرح كتاب الجمل (1)، لأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن يحيى البهاري.
9 - الإيضاح (العضدي) (2)، لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي ت 377هـ.
10 - البديع (في القراءات السبع) (3)، لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، ت 370هـ.
11 - البسيط في النحو (4)، لضياء الدين محمد بن علي الإشبيلي المعروف بابن العلج.
12 - التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير، لجمال الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان بن الحسن المقدسي المعروف بابن النقيب، ت 698هـ، وعليه اعتمد أبو حيان في أكثر نقوله (5).
13 - التحصيل (مختصر كتاب التفصيل في التفسير) (6)، كلاهما لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي التميمي، ت 440هـ.
14 - التذكار (في القراءات العشر) (7)، لأبي الفتح عبد الواحد بن حسين بن شيطا البغدادي، ت 445هـ.
15 - التذكرة (8) لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي، ت 377هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 88.
(2) ينظر: البحر المحيط 1/ 455.
(3) ينظر: البحر المحيط 2/ 39، 6/ 102.
(4) ينظر: البحر المحيط 8/ 47.
(5) ينظر: البحر المحيط 1/ 11، و 3/ 306، و 4/ 55، و 242، و 406، 476، و 5/ 203، و 268، و 6/ 76، و 156، و 7/ 166، وغيرها كثير.
(6) ينظر: البحر المحيط 1/ 311، وسيأتي الحديث عن كتاب التفصيل. أنظر كشف الظنون 1/ 360، 462.
(7) ينظر: البحر المحيط 3/ 236، وأنظر كشف الظنون 1/ 383.
(8) ينظر: البحر المحيط 3/ 221، وأنظر: كشف الظنون 1/ 384.(1/91)
16 - التسهيل (تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد (1))، لأبي عبد الله محمد بن مالك الأندلسي، ت 672هـ.
17 - تفسير (الخطيب التبريزي) (2)، لأبي زكريا يحيى بن علي التبريزي، ت 502هـ.
18 - التفسير الكبير (التفصيل الجامع لعلوم التنزيل في التفسير) (3)، لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي التميمي، ت 440هـ.
19 - الجامع لأحكام القرآن (4)، لمحمد بن أحمد بن أبي بكر الخزرجي القرطبي المالكي، ت 671هـ.
20 - الحجة (للقراء السبعة) (5)، لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي، ت 377هـ.
21 - دلائل الإعجاز (6)، لعبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، ت 471هـ.
22 - رصف المباني (في شرح حروف المعاني) (7)، لأحمد بن عبد النور المالقي، ت 702هـ.
23 - ري الظمآن (في تفسير القرآن) (8)، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المريسي، ت 655هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 216، 390، و 2/ 41، و 492، و 3/ 177، و 4/ 99، و 371، و 7/ 469، و 8/ 291.
(2) ينظر: البحر المحيط 3/ 453، وانظر: كشف الظنون 1/ 446.
(3) ينظر: البحر المحيط 2/ 101، و 287، وانظر كشف الظنون 1/ 462.
(4) ينظر: البحر المحيط 2/ 87، و 6/ 37، وقد أكثر النقل عنه.
(5) ينظر: البحر المحيط 4/ 290، و 7/ 319.
(6) ينظر: البحر المحيط 2/ 128.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 62، و 2/ 429.
(8) ينظر: البحر المحيط 1/ 380، 415، و 2/ 30، و 65، و 185، و 3/ 226، 285، وغيرها كثير.
وأنظر: إيضاح المكنون 1/ 604.(1/92)
24 - الشرح الكبير لجمل الزجاجي (1)، لم ينسبه أبو حيان لمؤلفه، ولعله لأبي الحسن علي بن مؤمن المعروف بابن عصفور، ت 669هـ.
25 - الكامل في القراءات (الخمسين) (2)، لأبي القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي، ت 465هـ.
26 - الكتاب، لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه، ت 180هـ. وقد أكثر أبو حيان النقل عنه (3).
27 - الكشاف (عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل)، لأبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، ت 538هـ.
وقد نقل أبو حيان عنه كثيرا، وناقشه أكثر من غيره (4).
28 - اللباب (لباب الإعراب) (5)، لمحمد بن محمد بن أحمد الأسفراييني، ت 684هـ.
29 - اللوامح في شواذ القراءات (6)، لأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن المقري الرازي، ت 454هـ. وقد نقل أبو حيان عنه كثيرا.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 2/ 213.
(2) ينظر: البحر المحيط 6/ 128، و 7/ 312، و 329، و 446، و 8/ 123، و 179، و 199، و 243، و 367.
(3) ينظر: البحر المحيط 1/ 21، و 101، و 107، و 111، و 156، و 163، و 176، و 255، و 386، و 419، و 434، و 2/ 20، و 83، و 270، و 505، و 510، و 3/ 17، و 292، 384، و 437، و 476، و 4/ 102، و 156155، و 408، و 5/ 217، و 6/ 386، وغيرها كثير جدا. وسيأتي الحديث عن هذا مفصلا إن شاء الله تعالى.
(4) لم يصرح أبو حيان باسم الكشاف إلا في مواضع قليلة، وهي 1/ 375، و 6/ 103، و 8/ 355، و 419، و 424، و 493، و 513، وكان ينقل عنه كثيرا مع مناقشته، ولهذا حديث مستقل سيأتي إن شاء الله تعالى.
(5) ينظر: البحر المحيط 6/ 335.
(6) ينظر: البحر المحيط 4/ 419، و 423، و 512، و 5/ 40، و 48، و 100، و 111، و 200، و 201، و 202، و 210، و 272، و 289، 304، و 356، و 6/ 172، و 364، و 424، و 7/ 221، و 462، وغيرها كثير جدا. وأنظر: كشف الظنون 2/ 1567.(1/93)
30 - مجاز (القرآن) (1)، لأبي عبيدة معمر بن المثنى التميمي، ت 210هـ.
31 - المحرر الوجيز (في تفسير الكتاب العزيز) (2). لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية، ت 541هـ. وقد نقل عنه أبو حيان كثيرا مع مناقشته في ذلك.
32 (مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع) (3)، وسماه أبو حيان «شواذ القراءات» لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، ت 370هـ.
33 (المسائل) الحلبيات (4)، لأبي علي الحسن بن أحمد الفارسي، ت 377.
34 (مشكل) إعراب القرآن (5)، لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي، ت 437هـ.
35 - المقنع (في اختلاف البصريين والكوفيين) (6)، لأبي جعفر أحمد بن محمد النحاس النحوي، ت 338هـ.
36 (الملخص في ضبط قوانين العربية) (7)، وسماه أبو حيان «التلخيص»، لأبي الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع الأندلسي، ت 688هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 3/ 251.
(2) لم يصرح أبو حيان باسمه إلا في موضع واحد، ينظر: البحر المحيط 4/ 55، والبحر المحيط مليء بنصوص كثيرة منه وستأتي دراسة مستقلة في هذا.
(3) ينظر: البحر المحيط 6/ 364، و 449، و 8/ 123.
(4) ينظر: البحر المحيط 1/ 315.
(5) نقل عنه كثيرا، ولم يصرح باسمه إلا في ثلاثة مواضع، ينظر: البحر المحيط 2/ 310، و 437، و 3/ 123.
(6) ينظر: البحر المحيط 6/ 37، و 7/ 447، وانظر: كشف الظنون 2/ 1809، وهناك كتاب آخر باسم «المقنع في النحو» لأبي بكر محمد بن أحمد الخياط النحوي، ت 320هـ، وانظر: كشف الظنون 2/ 1810، وأبو حيان سماه في البحر المحيط «المقنع» هكذا، ورجحت أنه لأبي جعفر النحاس لأن أبا حيان نقل عنه خلافا نحويا بين البصريين والكوفيين مما يرجح أنه كتاب ابن النحاس.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 145.(1/94)
37 - المنتخب (1)، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي، ت 655هـ. وقد أكثر أبو حيان النقل عنه.
38 - الوسيط (في التفسير) (2)، لعلي بن أحمد بن محمد الواحدي النيسابوري، ت 468هـ.
39 - اليواقيت (في اللغة) (3)، لأبي عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هشام البغدادي الزاهد المعروف بغلام ثعلب، ت 345هـ.
كما أحال إلى بعض كتبه، مصرحا بها، وهي:
1 - تذكرة النحاة (4).
2 - التذييل والتكميل لشرح التسهيل (5).
3 - التكميل لشرح التسهيل (6).
4 - جلاء الغبش عن لسان الحبش (7).
5 - قصيدته المسماة «عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي» (8).
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 161، و 179، و 213، و 259، و 305، و 311، و 330، و 365، و 404، و 446، و 463، و 471، و 473، و 475، و 495، و 497، و 2/ 37، و 4/ 109، و 6/ 85، و 90، و 91، و 8/ 308، وغير ذلك كثير جدا. وانظر: معجم المؤلفين 10/ 245.
(2) قد أكثر أبو حيان النقل عنه، مصرحا باسمه تارة، وغير مصرح تارة أخرى، ينظر: البحر المحيط فيما صرح باسمه 3/ 110، و 385، و 5/ 206.
(3) ينظر: البحر المحيط 3/ 45، و 4/ 87. وانظر: كشف الظنون 2/ 2053، ومعجم المؤلفين 10/ 267.
(4) ينظر: البحر المحيط 2/ 294.
(5) ينظر: البحر المحيط 4/ 99، و 126، و 6/ 433، و 7/ 493، و 8/ 43، 216.
(6) ينظر: البحر المحيط 1/ 323، و 386، و 434، و 2/ 19، و 140، و 216، و 231، و 362، و 3/ 106، و 126، و 151، و 4/ 99، و 159، و 372، و 5/ 13، و 6/ 393، وغيرها.
(7) ينظر: البحر المحيط 4/ 163.
(8) ينظر: البحر المحيط 2/ 317، و 3/ 4746.(1/95)
6 - القول الفصل في أحكام الفصل (1).
7 - منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك (2).
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 8/ 367.
(2) ينظر البحر المحيط 1/ 240، و 290، و 330، و 406، 2/ 45، و 128، و 293، و 314، و 4/ 6.(1/96)
ثانيا الرجال:
وهم على قسمين:
أشيوخه الذين نقل عنهم وأفاد منهم مشافهة، وهم:
1 - أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي (1)، ت 708هـ.
2 - أحمد بن علي بن خالص الإشبيلي (2).
3 - أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد الرعيني المعروف بابن الطباع (3)، ت 680هـ.
4 - أحمد بن يوسف الفهري اللبلي النحوي (4)، ت 691هـ.
5 - أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص القرشي (5)، ت 680هـ.
6 - أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف العلامي (6).
7 - شرف الدين عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي (7)، ت 705هـ.
8 - علم الدين عبد الكريم بن علي بن عمر المعروف بابن بنت العراقي (8)، ت 704هـ.
9 - أبو الحسن علي بن عبد الصمد السخاوي (9).
__________
(1) قد أكثر أبو حيان النقل عنه في البحر المحيط، ينظر 1/ 6، و 8، و 10، و 189، و 322، و 342، و 2/ 242، و 3/ 482، و 4/ 193، و 386، و 5/ 26، و 7/ 162، و 8/ 205. وقد سبقت ترجمته.
(2) ينظر: البحر المحيط 3/ 213. ولم أقف له على ترجمة.
(3) ينظر: البحر المحيط 5/ 67، وقد سبقت ترجمته.
(4) ينظر: البحر المحيط 1/ 398، وقد سبقت ترجمته.
(5) ينظر: البحر المحيط 1/ 11، و 4/ 14، و 5/ 26، وقد سبقت ترجمته.
(6) ينظر: البحر المحيط 4/ 386، ولم أقف له على ترجمة.
(7) ينظر: البحر المحيط 7/ 497. وقد سبقت ترجمته.
(8) ينظر: البحر المحيط 4/ 232، وقد سبقت ترجمته.
(9) ينظر: البحر المحيط 6/ 163. ولم أقف له على ترجمة.(1/97)
10 - أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الكتامي المشهور بابن الضائع (1)، ت 680هـ.
11 - أبو الحكم مالك بن عبد الرحمن بن علي المالقي المعروف بابن المرحل (2)، ت 699هـ.
12 - أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن الصائغ (3)، ت 725هـ.
13 - قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن علي القسطلاني التوزري (4)، ت 686هـ.
14 - محمد بن أبي الطاهر إسماعيل بن عبد المحسن الدمشقي (5).
15 - أبو علي محمد بن عبد الرحمن الخشني الأبذي (6)، ت 680هـ.
16 - رضي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن يوسف الشاطبي (7)، ت 684هـ.
17 - أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أبي الربيع الأندلسي (8)، ت 704هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 5/ 497، وقد سبقت ترجمته.
(2) ينظر: البحر المحيط 5/ 67، وقد سبقت ترجمته.
(3) ينظر: البحر المحيط 1/ 83، و 6/ 84، و 305، وقد سبقت ترجمته.
(4) ينظر: البحر المحيط 5/ 32، وقد سبقت ترجمته.
(5) ينظر: البحر المحيط 2/ 241، ولم أقف له على ترجمة.
(6) ينظر: البحر المحيط 4/ 323، وقد سبقت ترجمته.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 33، وقد سبقت ترجمته.
(8) ينظر: البحر المحيط 1/ 197، وقد سبقت ترجمته.(1/98)
ب العلماء الذين لم يدركهم، وإنما أخذ آراءهم من كتبهم أو غيرها، ولم يصرح بها، وهم كثير:
1 - الخليل بن أحمد الفراهيدي (1)، ت 170هـ.
2 - يونس بن حبيب الضبي (2)، ت 182هـ.
3 - أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي (3)، ت 189هـ.
4 - قطرب محمد بن المستنير النحوي (4)، ت 206هـ.
5 - أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (5)، ت 207هـ.
6 - هشام بن معاوية الضرير (6)، ت 209هـ.
7 - الأخفش سعيد بن مسعدة (7)، ت 211هـ.
8 - أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (8)، ت 215هـ.
9 - عبد الملك بن قريب الأصمعي (9)، ت 216هـ.
10 - أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي (10)، ت 225هـ.
11 - أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني (11)، ت 248هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 102، و 4/ 363.
(2) ينظر: البحر المحيط 1/ 327، و 3/ 65، و 73، و 8/ 42.
(3) ينظر: البحر المحيط 1/ 140، و 155، و 4/ 297، و 8/ 232، و 424.
(4) ينظر: البحر المحيط 1/ 119.
(5) ينظر: البحر المحيط 1/ 118، و 154، و 318، و 461، و 4/ 369، و 5/ 157، و 238، و 419 420، و 6/ 496، و 7/ 69.
(6) ينظر: البحر المحيط 1/ 4746.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 155، و 262، و 327، 2/ 256، و 4/ 208، و 499، و 5/ 64، و 419، و 6/ 465، و 497، و 7/ 418، و 493، و 8/ 42، ز 90.
(8) ينظر: البحر المحيط 1/ 45.
(9) ينظر: البحر المحيط 1/ 483.
(10) ينظر: البحر المحيط 8/ 175.
(11) ينظر: البحر المحيط 4/ 208، و 5/ 64، و 6/ 497، و 8/ 90.(1/99)
12 - أبو عثمان بكر بن محمد المازني (1)، ت 249هـ.
13 - أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي (2)، ت 257هـ.
14 - أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (3)، ت 257هـ.
15 - أبو العباس محمد بن يزيد المبرد (4)، ت 285هـ.
16 - أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب (5)، ت 291هـ.
17 - أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (6)، ت 310هـ.
18 - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج (7)، ت 311هـ.
19 - أبو بكر محمد بن السري بن السراج (8)، ت 316هـ.
20 - أبو بكر أحمد بن الحسن المشهور بابن شقير (9)، ت 317هـ.
21 - محمد بن أحمد بن كيسان (10)، ت 320هـ.
22 - أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس (11)، ت 338هـ.
23 - أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (12)، ت 339.
24 - عبد الله بن جعفر بن درستويه (13)، ت 347هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 119، و 3/ 158، 4/ 271.
(2) ينظر: البحر المحيط 1/ 61.
(3) ينظر: البحر المحيط 7/ 37.
(4) ينظر: البحر المحيط 1/ 60، و 119، و 3/ 264، و 5/ 267، و 7/ 37.
(5) ينظر: البحر المحيط 1/ 4746، و 394، و 442، و 3/ 535، و 4/ 87، و 5/ 175174.
(6) ينظر: البحر المحيط 2/ 128، و 261، 278، و 326، و 437، و 3/ 14.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 152، و 2/ 500499، و 4/ 161160، و 271، و 5/ 442، و 6/ 288.
(8) ينظر: البحر المحيط 7/ 287.
(9) ينظر: البحر المحيط 1/ 338.
(10) ينظر: البحر المحيط 1/ 290، و 7/ 281.
(11) ينظر: البحر المحيط 2/ 310.
(12) ينظر: البحر المحيط 6/ 324.
(13) ينظر: البحر المحيط 1/ 119، و 2/ 2.(1/100)
25 - أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي (1)، ت 377هـ.
26 - أبو الفتح عثمان بن جني (2)، ت 392هـ.
27 - أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي (3)، ت 430هـ.
28 - أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان (4)، ت 456هـ.
29 - أحمد بن عبد الله المهاباذي (5)، توفي بعد سنة 471هـ.
30 - أبو الحسين سليمان بن محمد بن الطراوة (6)، ت 528هـ.
31 - أحمد بن علي بن أحمد الغرناطي المعروف بابن الباذش (7)، ت 540هـ.
32 - أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (8)، ت 581هـ.
33 - أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن الرازي المعروف بالفخر الرازي (9)، ت 606هـ.
34 - أبو الحسن علي بن محمد المشهور بابن خروف (10)، ت 609هـ.
35 - أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (11)، ت 616هـ.
36 - أبو علي عمر بن محمد الشلوبين (12)، ت 645هـ.
__________
(1) ينظر: البحر المحيط 1/ 55، و 267، و 3/ 104، و 262، و 286، 4/ 230، و 5/ 147، و 7/ 11.
(2) ينظر: البحر المحيط 4/ 230، 419.
(3) ينظر: البحر المحيط 2/ 380، و 4/ 432، و 5/ 289، 504503، و 8/ 277.
(4) ينظر: البحر المحيط 5/ 289، و 516، و 7/ 281.
(5) ينظر: البحر المحيط 6/ 433.
(6) ينظر: البحر المحيط 1/ 199، و 241، و 2/ 101، و 5/ 516.
(7) ينظر: البحر المحيط 1/ 188، و 291290، 297، 3/ 255.
(8) ينظر: البحر المحيط 4/ 363، 5/ 330، 6/ 322.
(9) ينظر: البحر المحيط 2/ 407، و 3/ 52، و 209، 482.
(10) ينظر: البحر المحيط 3/ 119، 4/ 171، 6/ 324.
(11) ينظر: البحر المحيط 1/ 71، و 2/ 354، و 3/ 521، 4/ 215، 5/ 289، و 6/ 433.
(12) ينظر: البحر المحيط 1/ 434، و 2/ 147، و 300299، و 3/ 286، و 7/ 11.(1/101)
المبحث الخامس موقفه من الفرق والطوائف
لأبي حيان في تفسير البحر المحيط مواقف كثيرة ومتعددة مع فرق مختلفة هي:
أولا المعتزلة:
حيث ناقشهم أبو حيان في مواضع كثيرة في إثبات الصفات لله عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه، وكذا الشفاعة، والمشيئة، وتخليد العصاة في النار، وغير ذلك، فرد عليهم مذهبهم، وفند أقوالهم (1).
وقد كانت أكثر مواقفه مع الزمخشري (2) الذي كان يسب أهل السنة والجماعة، ويلمزهم ويعيب مذهبهم، ويصف طريقهم بأوصاف بذيئة سيئة، كالجبرية، والحشوية. وفي هذا يقول أبو حيان: «وهو على عادته من اللهج
__________
(1) البحر المحيط 1/ 191، 208، 306.
(2) هو أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، ولد بزمخشر من قرى خوارزم، ثم رحل إلى بخارى، وبغداد، ثم أقام بمكة، فألف بها تفسيره «الكشاف»، وهو معتزلي المذهب، له الفائق في غريب الحديث، والمفصل، وغيرهما، توفي سنة 538هـ.
ينظر: معجم الأدباء 19/ 135126، والنجوم الزاهرة 5/ 247، وبغية الوعاة 2/ 280279، وشذرات الذهب 4/ 121118.(1/103)
بسبب أهل السنة والجماعة، ورميهم بالتشبيه، والخروج إلى الطعن عليهم بأي طريق أمكنه» (1).
كما وصف الزمخشري أهل السنة بأنهم أهل إفك وافتراء وتلفيق يضعون الأحاديث والآثار لنصرة مذهبهم. قال أبو حيان بعد هذا «وهو على عادته وسفاهته في سب أهل السنة» (2).
ونقل عنه أبو حيان أنه تعجب من أهل السنة والجماعة المتسمين بالإسلام، فاتخذوا العظائم مذهبا، كالنظر إلى وجه سبحانه، وتستروا ب «البلكفة»، أي قولهم «بلا كيف»، وهذا من منصوبات أشياخهم، ثم أنشد في أهل السنة والجماعة بيتين قالها بعض المعتزلة المتسمين بالعدلية منهم (3):
لجماعة سمّوا هواهم سنّة ... وجماعة حمر لعمري موكفة (4)
قد شبهوه بخلقه وتخوّفوا ... شنع الورى فتستّروا بالبلكفة
ثم ذكر أبو حيان أن هذه هي عادته في سب أهل السنة والجماعة، ونقل عن بعض أهل السنة أبياتا في الرد عليه، منها:
شبهت جهلا صدر أمة أحمد ... وذوي البصائر بالحمير المؤكفه
وزعمت أن قد شبّهوا معبودهم ... وتخوّفوا فتستّروا بالبلكفة
وجب الخسار عليك فانظر منصفا ... في آية الأعراف فهي المنصفة (5)
__________
(1) البحر المحيط 2/ 417.
(2) البحر المحيط 3/ 475.
(3) البحر المحيط 4/ 386385، وانظر: الكشاف 2/ 116115.
(4) أي شدت عليها البراذع، جمع «برذعة»، القاموس «إكاف»، 3/ 118.
(5) هي قوله تعالى: {وَلَمََّا جََاءَ مُوسى ََ لِمِيقََاتِنََا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قََالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قََالَ لَنْ تَرََانِي وَلََكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكََانَهُ فَسَوْفَ تَرََانِي فَلَمََّا تَجَلََّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى ََ صَعِقاً فَلَمََّا أَفََاقَ قََالَ سُبْحََانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} الآية 143.(1/104)
أترى الكليم أتى بجهل ما أتى ... وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفة
وبآية الأعراف ويك خذلتم ... فوقفتم دون المراقي المزلفة
لو صحّ في الإسلام عقدك لم تقل ... بالمذهب المهجور من نفي الصّفة
إنّ الوجوه إليه ناظرة بذا ... جاء الكتاب فقلتم هذا السّفه
وقول الآخر:
قالوا يريد ولا يكون مراده ... عدلوا ولكن عن طريق المعرفة
ولم تكن مواقفه مع الزمخشري فقط، بل كانت مع القاضي عبد الجبار (1)، وأبي علي الفارسي (2)، وهما معتزليان، وغيرهما (3).
ثانيا الفلاسفة:
مر بنا فيما سبق أن مما قيل في الأسباب التي دفعت أبا حيان للخروج من الأندلس أنه خشي على نفسه أن يلزم بتعلم الفلسفة، ويرتب له راتب جيد، لكنه أبى ذلك وفر هاربا إلى المشرق (4).
فهو منذ نشأته الأولى يكره علم الفلسفة ويمقته، وقد ظهر هذا واضحا في تفسيره «البحر المحيط»، فهو يرى أن كلامهم مطرح يجب أن ينزه القرآن
__________
(1) البحر المحيط 4/ 514. وهو القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الأسترآباذي، كان مقلدا للشافعي في الفروع، وعلى رأس المعتزلة في المذهب والأصول، تولى القضاء بالري، وتوفي بها سنة 415هـ، له تفسير القرآن، ودلائل النبوة، وطبقات المعتزلة، وغيرها.
ينظر: تاريخ بغداد 11/ 115113، وميزان الاعتدال 2/ 533، وشذرات الذهب 3/ 203.
(2) البحر المحيط 8/ 228، 257.
(3) ينظر البحر المحيط 7/ 497، 8/ 257.
(4) ينظر: «رحلاته».(1/105)
الكريم عنه. قال رحمه الله بعد نقل كلام الرازي (1) عند قوله تعالى:
{وَالْمَلََائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بََابٍ} (2): «هذا كلام فلسفي لا تفهمه العرب، ولا جاءت به الأنبياء، فهو كلام مطرح، لا يلتفت إليه المسلمون» (3).
وقد وصفهم في تفسيره بأنهم منافقون يتسترون بالإسلام، قال رحمه الله عند قوله تعالى: {وَإِذََا قََامُوا إِلَى الصَّلََاةِ قََامُوا كُسََالى ََ} (4): «وما زال في كل عصر منافقون يتسترون بالإسلام، ويحضرون الصلوات كالمتفلسفين الموجودين في عصرنا هذا» (5).
بل شنع عليهم ووصفهم بأنهم أجهل الكفرة بالله تعالى، وبأنبيائه، فعند قوله تعالى: {وَبَرَزُوا لِلََّهِ جَمِيعاً فَقََالَ الضُّعَفََاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} (6) نقل قول الرازي فيها (7)، ثم قال: «وهذا الرجل كثيرا ما يورد كلام الفلاسفة، وهم مباينون لأهل الشرائع في تفسير كلام الله تعالى المنزل بلغة العرب، والعرب لا تفهم شيئا من مفاهيم أهل الفلسفة، فتفسيرهم كاللغز والأحاجي، ويسميهم هذا الرجل حكماء، وهم من أجهل الكفرة بالله تعالى وبأنبيائه» (8).
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن الرازي المعروف بالفخر الرازي، وبابن خطيب الري، مفسر متكلم، أخذ عنه خلق كثير، له منزلة عند السلاطين، توفي سنة 606هـ. له مفاتيح الغيب في تفسير القرآن، وشرح الوجيز للغزالي، والسر المكتوم في مخاطبة النجوم، وغيرهما.
ينظر: الوافي بالوفيات 4/ 259248، والنجوم الزاهرة 6/ 198197، وشذرات الذهب 5/ 21 22.
(2) سورة الرعد: من الآية 23، وانظر: التفسير الكبير 19/ 4746.
(3) البحر المحيط 5/ 387.
(4) سورة النساء: من الآية 142.
(5) البحر المحيط 3/ 377.
(6) سورة إبراهيم: من الآية 21.
(7) التفسير الكبير 19/ 109.
(8) البحر المحيط 5/ 416.(1/106)
وقد أنكر على الرازي فيما سبق تسمية هؤلاء الفلاسفة بحكماء الإسلام، كما أنكر عليه هذا الصنيع في موضع آخر، وبين خطرهم وضررهم على الأمة قائلا (1): «وكثيرا ما ينقل هذا الرجل عن حكماء الإسلام في التفسير، وينقل كلامهم تارة منسوبا إليهم، وتارة (مستبدا) (2) به، ويعني بحكماء (الإسلام) (3)
الفلاسفة الذين خلقوا في (هذه) (4) الملة الإسلامية، وهم أحق بأن يسموا سفهاء جهلاء من أن يسموا حكماء، إذ هم أعداء الأنبياء، والمحرفون للشريعة الإسلامية، وهم أضر على المسلمين من اليهود والنصارى، وإذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهي عن قراءة التوراة، مع كونها كتابا إلهيا (5) فلأن ينهى عن قراءة كلام الفلاسفة أحق» (6).
ولهذا فإن أبا حيان يسيء الظن بهذا الرجل، ويتهمه في معتقده وسوء نيته، فقد قال عنه: «وهذا الرجل غرضه جريان ما تنتحله الفلاسفة على مناهج الشريعة، وذلك لا يكون أبدا» (7). وقال أيضا بعد حكاية بعض أقواله (8): «وهو تكثير لا طائل تحته، طافح بإشارات أهل الفلسفة، بعيد من مناهج المتشرعين، وعن مناحي كلام العرب، ومن غلب عليه شيء (ذكره) (9) حتى في غير مظانه» (10).
__________
(1) البحر المحيط 5/ 149.
(2) هكذا في المخطوط 5/ 124ب، وفي المطبوع «مستندا» وهو تصحيف.
(3) ساقطة من المطبوع، وهي هكذا في المخطوط 5/ 124ب.
(4) هكذا في المخطوط 5/ 124ب، وفي المطبوع «مدة» وهو تصحيف.
(5) يشير إلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال:
أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» رواه أحمد 3/ 387، والدارمي 1/ 115.
(6) وانظر: البحر المحيط 4/ 214، 276.
(7) البحر المحيط 5/ 375، وأنظر أيضا 8/ 432.
(8) البحر المحيط 4/ 140، وأنظر أيضا 3/ 98.
(9) زيادة من المخطوط 4/ 195ألا يتم المعنى إلا بها، وهي ساقطة في المطبوع.
(10) انظر بعض مواقفه مع الفلاسفة 4/ 267، 5/ 381، 7/ 236، 397.(1/107)
ثم ذكر أن هذه الفلسفة غلبت في زمنه وما قبله بقليل، واشتغل بها فئام من الناس عن القرآن والحديث، حيث قال: «وقد غلب في هذا الزمان، وقبله بقليل الاشتغال بجهالات الفلاسفة على أكثر الناس، ويسمونها الحكمة، ويستجهلون من عري عنها، ويعتقدون أنهم الكملة من الناس، ويعكفون على دراستها، ولا تكاد تلقى أحدا منهم يحفظ قرآنا، ولا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد غضضت مرة من ابن سينا (1)، ونسبته للجهل، فقال لي بعضهم، وأظهر التعجب من كون أحد يغض من ابن سينا: كيف يكون أعلم الناس بالله ينسب للجهل؟» (2).
ثم ذكر ما لقيه فلاسفة زمانه من الخليفة آنذاك (3)، ويرى أن حال بلاد الأندلس تختلف عن غيرها، فإنه لما حل بالديار المصرية تعجب من اشتغال أكثر أهلها بجهالات الفلسفة، دون أن ينكر ذلك أحد عليهم.
ثالثا الصوفية:
لقد شدد أبو حيان النكير على الصوفية، وفضحهم، وأبان عوارهم، وسخر منهم، وحذر المسلمين منهم شفقة عليهم ورحمة بهم من أولئك الضلال المرتزقة، وقد كثرت وتعددت مواقفه معهم.
فهو ينقل شيئا من أقوالهم مع أن اللفظ ينبو عنها لئلا يقال إنه لم يطلع
__________
(1) هو الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي البخاري، من الفلاسفة الأطباء، ولد سنة 370هـ، وتوفي سنة 428هـ بهمذان، له القانون في الطب، وتقاسيم الحكمة، والموجز الكبير في المنطق.
ينظر: النجوم الزاهرة 5/ 2625، وشذرات الذهب 3/ 237233، والجواهر المضيئة 1/ 195 196.
(2) البحر المحيط 5/ 149.
(3) هو يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، ملك المغرب والأندلس من الموحدين.(1/108)
على كلامهم، وفي ذلك يقول بعد نقله بعض أقوالهم (1): «وهذه الأقوال ينبو عنها اللفظ، ولهم فيما يذكرون ذوق وإدراك لم نصل نحن إليه بعد، وقد شحنت التفاسير بأقوالهم، ونحن نلم بشيء منها لئلا يظن أنا إنما تركنا ذكرها لكوننا لم نطلع عليها» (2).
وقد ذكر بعض معتقداتهم وخرافاتهم، ومنها:
أالقول بالحلول والاتحاد، حيث قال (3): «ومن بعض اعتقادات النصارى استنبط من تستر بالإسلام ظاهرا، وانتمى إلى الصوفية حلول الله تعالى في الصور الجميلة. ومن ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة»، ثم سرد أسماء كثير منهم، معللا ذلك بقوله: «إنما سردت أسماء هؤلاء نصحا لدين الله، يعلم الله ذلك، وشفقة على ضعفاء المسلمين، وليحذروا، فهم شر من الفلاسفة الذين يكذبون على الله تعالى ورسله، ويقولون بقدم العالم، وإنكار البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي للتصوف بتعظيم هؤلاء وادعائهم أنهم صفوة الله وأولياؤه».
ب بدعهم حول القبور، وضياع الأموال في ذلك، والتباهي بالزيارة، وحكاية منامات وقصص خرافية تروج على العامة، فيبذلون لهم أموالهم، ويقبلون أيديهم.
وذلك أنه لما نقل كلام ابن عطية حول تعظيم الناس القبور في بلاد الأندلس (4) قال رحمه الله «وابن عطية لم ير إلا قبور أهل الأندلس، فكيف لو رأى ما تباهى به أهل مصر في مدافنهم بالقرافة الكبرى، والقرافة الصغرى،
__________
(1) البحر المحيط 1/ 27.
(2) وانظر البحر المحيط 1/ 5، 133، 360.
(3) البحر المحيط 3/ 449، 2/ 481، وأنظر: مصرع التصوف 157156.
(4) ينظر: المحرر الوجيز 16/ 359.(1/109)
وباب النصر، وغير ذلك، وما يضيع فيها من الأموال، لتعجب من ذلك، ولرأى ما لم يخطر ببال، وأما التباهي بالزيارة ففي هؤلاء المنتمين إلى التصوف أقوام ليس لهم شغل إلا زيارة القبور، زرت قبر سيدي فلان بكذا، وقبر فلان بكذا، والشيخ فلانا بكذا، والشيخ فلانا بكذا، فيذكرون أقاليم طافوها على قدم التجريد، وقد حفظوا حكايات عن أصحاب تلك القبور، وأولئك المشايخ بحيث لو كتبت لجاءت أسفارا، وهم مع ذلك لا يعرفون فروض الوضوء، ولا سننه» (1).
ج اعتقاد هم أن الولي أفضل من النبي، وقد رد عليهم ذلك وعده كفرا وزندقة. فعند قوله تعالى {وَكلًّا فَضَّلْنََا عَلَى الْعََالَمِينَ} (2) قال (3) رحمه الله تعالى «فيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الأولياء خلافا لبعض من ينتمي إلى الصوف في زعمهم أن الولي أفضل من النبي، كمحمد بن العربي الحاتمي (4)، صاحب كتاب الفتوح المكية» (5).
وفي موضع آخر نقل عن التحرير والتحبير أن بعضهم ذهب إلى أن بعض الأولياء أفضل من آحاد الأنبياء، ثم قال (6) رحمه الله: «وهكذا سمعنا من يحكي هذه المقالة عن بعض الضالين المضلين، وهو ابن عربي الطائي
__________
(1) البحر المحيط 8/ 508507.
(2) سورة الأنعام: من الآية 86.
(3) البحر المحيط 4/ 174.
(4) هو محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الأندلسي، الفيلسوف من أئمة المتكلمين، ولد سنة 560هـ في مرسية، وتنقل في بلاد الأندلس، ثم رحل إلى الشام والعراق والحجاز، أنكر عليه العلماء شطحات في العقيدة، فحبس، ثم أخرج، وتوفي سنة 638هـ. له الفتوحات المكية، وفصوص الحكم، ومفاتيح الغيب، والتعريفات، وغيرها.
ينظر: فوات الوفيات 2/ 241، وعنوان الدراية 97، وشذرات الذهب 5/ 190.
(5) وانظر: البحر المحيط 7/ 236.
(6) البحر المحيط 6/ 156.(1/110)
الحاتمي، صاحب الفتوح المكية، فكان ينبغي أن يسمى بالفتوح الهلكية، وأنه كان يزعم أن الولي خير من النبي قال: لأن الولي يأخذ عن الله بغير واسطة، والنبي يأخذ بواسطة عن الله، ولأن الولي قاعد في الحضرة الإلهية، والنبي مرسل إلى قوم ومن كان في الحضرة أفضل ممن يرسله صاحب الحضرة، إلى أشياء من هذه الكفريات والزندقة، وقد كثر معظمو هذا الرجل في هذا الزمان من غلاة الزنادقة القائلة بالوحدة (أو الجهال بحالهم) (1)، نسأل الله السلامة في أدياننا وأبداننا».
د بدعهم في البرق والرعد، حيث قال (2) رحمه الله: «ومن بدع المتصوفة الرعد صعقات الملائكة، والبرق زفرات أفئدتهم، والمطر بكاؤهم».
كما ذكر أبو حيان حال الصوفية وتلبيسهم على الجهلة، ففضحهم تحذيرا للمسلمين من شرهم، حيث قال (3): «ولو عاش الحسن إلى هذا الزمان العجيب الذي ظهر فيه ناس يتسمون بالمشايخ، يلبسون ثياب شهرة عند العامة بالصلاح، ويتركون الاكتساب، ويرتبون لهم أذكارا لم ترد في الشريعة، يجهرون بها في المساجد، ويجمعون لهم خداما يجلبون الناس إليهم لاستخدامهم، ونبش (4) أموالهم، ويذيعون عنهم كرامات، ويرون (5) لهم منامات يدونونها في أسفار، ويحضون على ترك العلم (6) والاشتغال بالسنة، ويرون الوصول إلى الله بأمور يقررونها من خلوات وأذكار لم يأت بها كتاب منزل، ولا نبي مرسل، ويتعاظمون على الناس بالانفراد على سجادة، ونصب
__________
(1) زيادة من المخطوط 6/ 213أ، حيث سقطت في المطبوع.
(2) البحر المحيط 5/ 375.
(3) البحر المحيط 4/ 311، وانظر: الجزء نفسه ص 168.
(4) هكذا في المخطوط 4/ 276أ، وفي المطبوع «نتش»، وهو تصحيف.
(5) وهي هكذا أيضا في المخطوط 4/ 276أ. ولعل الصواب «يروون».
(6) هكذا في المطبوع، وفي المخطوط: «العمل» 4/ 276أ.(1/111)
أيديهم للتقبيل، وقلة الكلام، وإطراق الرءوس، وتعيين خادم يقول: الشيخ مشغول في الخلوة، رسم الشيخ، قال الشيخ، رأى الشيخ، الشيخ نظر إليك، الشيخ كان البارحة يذكرك، إلى نحو من هذه الألفاظ» (1).
رابعا الشيعة «الباطنية»:
مر بنا آنفا أن أبا حيان أعرض عن كلام الباطنية الملحدين المخرجين الألفاظ القريبة عن مدلولاتها في اللغة إلى هذيان افتروه على الله تعالى، وعلى علي رضي الله عنه، وعلى ذريته، ويسمونه «علم التأويل».
ثم ذكر أنه وقف على تفسير لبعض رءوسهم يذكر فيه أقاويل السلف مز دريا عليهم، ذاكرا أنه جهل مقالاتهم، ثم يفسر هو الآية على شيء لا يكاد يخطر في ذهن عاقل، ويزعم أن ذلك هو المراد من الآية (2).
وعند قوله تعالى: {وَلََا رَطْبٍ وَلََا يََابِسٍ إِلََّا فِي كِتََابٍ مُبِينٍ} (3) نقل تفسيرا منسوبا لجعفر الصادق (4)، ثم جزم ببطلانه، حيث قال (5): «وأما ما حكاه النقاش (6) عن جعفر الصادق أن الورقة هي السقط من أولاد بني آدم، والحبة
__________
(1) وانظر في مواقفه من الصوفية 1/ 133، 456، 2/ 481، 3/ 512، 4/ 145، 5/ 32، 93، 6/ 76، 148147، 8/ 116، 191.
(2) البحر المحيط 1/ 5.
(3) سورة الأنعام، من الآية 59.
(4) هو جعفر بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي الملقب بالصادق، سادس الأئمة الاثني عشرية عند الإمامية، من أجلاء التابعين، أخذ عنه الإمامان أبو حنيفة ومالك، له أخبار مع خلفاء بني العباس. توفي بالمدينة سنة 148هـ.
ينظر: صفة الصفوة 2/ 174168، وحلية الأولياء 3/ 206192.
(5) البحر المحيط 4/ 146، وأنظر: الجزء نفسه ص 168.
(6) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد النقاش لتعاطيه نقش السيوف والحيطان عالم بالتفسير وأصوله، رحل في طلب العلم من الموصل إلى بغداد وغيرها، توفي سنة 351هـ، له شفاء الصدور، والإشارة، والموضح، والمعجم الكبير.(1/112)
يراد بها الذي ليس بسقط، والرطب المراد به الحي، واليابس يراد به الميت، فلا يصح عن جعفر، وهو من تفسير الباطنية، لعنهم الله».
وبكل حال فإن أبا حيان قد فضح هذه الفرق ورد عليهم مذاهبهم الضالة نصحا للأمة، وشفقة عليهم، وقد جمع هذه المذاهب في قوله (1): «وهذا مذهب الباطنية، ومذاهب من ينتمي إلى الإسلام من غلاة الصوفية، وقد أشرنا إليهم في خطبة هذا الكتاب، وإنما هؤلاء زنادقة تستروا بالانتماء إلى ملة الإسلام، وكتاب الله جاء بلسان عربي مبين، لا رمز فيه ولا لغز، ولا باطن، ولا إيماء لشيء مما تنتحله الفلاسفة، ولا أهل الطبائع» (2).
__________
ينظر: تاريخ بغداد 2/ 201، ومعجم الأدباء 6/ 496، وميزان الاعتدال 3/ 45، وغاية النهاية 2/ 119.
(1) البحر المحيط 8/ 432.
(2) وأنظر البحر المحيط 4/ 420، 7/ 1918.(1/113)
المبحث السادس أثره فيمن بعده
وقبل أن أختم الحديث عن البحر المحيط أقول إن هذا التفسير كانت له شهرة واسعة، وأثر واضح في الكتب بعده. يقول عنه ابن الجزري: «له التفسير الذي لم يسبق إلى مثله، سماه البحر المحيط» (1)، فكثر ثناء العلماء عليه، واعتمدوه في تفاسير هم، وكتبت له تلخيصات، وردود، ومناقشات.
ولا أدل على منزلته وشهرته من نقل مصححه (2) قول الشاعر (3):
أتاك البحر يلفظ بالغوالي ... ويرمي بالزّبرجد واللّآلي
ثم قال بعض الفضلاء متمما له:
يقول لسابحيه وخائضيه ... هلمّوا فالنّفائس في خلالي
ثم قال: «فهو والحق يقال كتاب غاص مؤلفه في بحار كلام الله عز وجل، ولم يظهر حتى أظهرها جلية للناظرين، ولم يترك شاردة ولا واردة حتى دنت قطوفها للجانين، وقد رتبه ترتيبا عجيبا، وسلك فيه مسلكا غريبا، بدأ في
__________
(1) غاية النهاية 2/ 286.
(2) هو محمد إسماعيل الذيب.
(3) انظر: البحر المحيط 8/ 533، وقائله هو عبد الواحد بن السلطان محمد بن عبد الله.(1/115)
أول الآيات بتوضيح مفرداتها اللغوية، وثنى الكلام على تفسير المركبات التنزيلية، ذاكرا سبب ما له سبب، ونسخ ما هو منسوخ، وإحكام ما هو محكم، ومناسبات الآي والسور لما قبلها، ومبينا أوجه القراءات الشاذة وغيرها».
وقد اعتمد كثير من المفسرين والمعربين على تفسير البحر المحيط.
وممن أكثر الاعتماد عليه (1):
1 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري المغربي المالكي (2) في تفسيره «الجواهر الحسان في تفسير القرآن».
2 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السفاقسي (3)، أحد تلاميذ أبي حيان، في كتابه «المجيد في إعراب القرآن المجيد».
3 - الشيخ محمد بن سليمان الصرخدي الشافعي (4)، حيث اختصره واعترض عليه في مواضع.
4 - أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (5)، أحد تلاميذ أبي حيان، في كتابه «الدر المصون في علوم الكتاب المكنون».
__________
(1) ينظر: أبو حيان النحوي 236235، بتصرف.
(2) مفسر فقيه، أثنى عليه جملة من شيوخه بالعلم والدين والصلاح، كالإمام الأبّي، والولي العراقي، رحل من الجزائر لطلب العلم فطوّف بلاد شمال إفريقية. له جامع المهمات في أحكام العبادات في الفقه المالكي، والعلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة، وغيرها. توفي سنة 876هـ.
ينظر: الضوء اللامع 4/ 152، ونيل الابتهاج 175173، ومعجم المؤلفين 5/ 192.
(3) سبقت ترجمته.
(4) فقيه أصولي نحوي، أخذ النحو عن العتابي، دخل دمشق وأفتى ودرس بها، وتوفي بها سنة 792هـ.
له مختصر إعراب القرآن للسفاقسي، ومختصر المهمات على الروضة، ومختصر قواعد العلائي.
ينظر: الدرر الكامنة 3/ 450449، وشذرات الذهب 6/ 325، وبغية الوعاة 1/ 151، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 223.
(5) سبقت ترجمته.(1/116)
5 - أحمد بن عبد القادر بن مكتوم (1)، أحد تلاميذ أبي حيان، وذلك في كتابه «الدر اللقيط من البحر المحيط»، وهو من أهم مختصرات البحر المحيط، وقد قصره مؤلفه على مباحث أبي حيان مع الزمخشري وابن عطية، واعتراضاته عليهما، ومناقشتهما في ذلك. وهو مطبوع بحاشية البحر المحيط.
__________
(1) سبقت ترجمته.(1/117)
المبحث السابع طبعاته ومخطوطاته
طبع تفسير البحر المحيط في ثمانية مجلدات كبيرة في مصر سنة 1328هـ بمطبعة السعادة طبعة غير محققة عدة مرات على نفقة سلطان المغرب الأقصى عبد الحفيظ ابن السلطان مولاي الحسن ابن السلطان سيدي محمد، ثم صورت بعد ذلك.
وطبع بهامشه تفسيران:
1 - تفسير «النهر الماد» من البحر المحيط لأبي حيان نفسه.
2 - كتاب «الدر اللقيط من البحر المحيط» لتلميذه أحمد بن عبد القادر بن مكتوم.
نسخ خطى
وللبحر المحيط نسخ مخطوطة هي:
1 - نسخة في مكتبة لا يدن لا يعرف متى كتبت، وقد ذكرها بلانثيا في كتابه «تاريخ الفكر الأندلسي» (1)، من غير أن يصفها، وهي برقم 344، كما جاء في فهرس مخطوطات ليدن.
2 - نسخة في مكتبة أيا صوفيا.
__________
(1) ينظر ص 188.(1/119)
3 - نسخة في جامع راغب باشا، وهاتان المخطوطتان ذكرهما الأستاذ جرجي زيدان من غير إشارة إلى تاريخ نسخهما، ولم يصفهما كذلك (1).
4 - نسخة في المكتبة المحمودية بمكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، وتقع في عشرة أجزاء، فقد منها الجزءان الثامن والعاشر. وقد قابلت على هذه النسخة المخطوطة ما نقلته من البحر المحيط في هذا البحث، بعد سفري إلى المدينة المنورة وعكوفي في تلك المكتبة أياما.
أما تاريخها فقد كتبت سنة 749هـ، ولم يذكر اسم الناسخ، وخطها نسخي معتاد، كتبت الآيات باللون الأحمر، وفي بعض أوراقها سقط قليل جدا. وأما وصف هذه الأجزاء فكالتالي:
أالجزء الأول، رقمه 90، يبدأ من مقدمة المؤلف حتى نهاية الجزء الأول من القرآن الكريم، أي إلى قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهََا مََا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مََا كَسَبْتُمْ وَلََا تُسْئَلُونَ عَمََّا كََانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة البقرة: الآية 141).
وعدد أوراقه 272ل.
ب الجزء الثاني، رقمه 91، ويبدأ من قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهََاءُ مِنَ النََّاسِ} (الآية 142) من سورة البقرة، إلى نهاية تفسير قوله تعالى:
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ} (الآية 271) من السورة نفسها. وعدد أوراقه 240ل.
ج الجزء الثالث، ورقمه 92، ويبدأ من تفسير أول سورة آل عمران، إلى نهاية تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُهََاجِرْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرََاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} (الآية (100) من سورة النساء، وعدد أوراقه 306ل.
__________
(1) ينظر تاريخ آداب اللغة العربية 3/ 265.(1/120)
ويلحظ أنه قد سقط بين الجزءين الثاني والثالث تفسير الآيات من قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدََاهُمْ وَلََكِنَّ اللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ} (الآية 272) من سورة البقرة، إلى آخرها.
د الجزء الرابع، ورقمه 93، ويبدأ من تفسير قوله تعالى: {وَإِذََا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنََاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلََاةِ} (الآية (101) من سورة النساء، إلى آخر سورة الأعراف. وعدد أوراقه 358ل.
هـ الجزء الخامس، ورقمه 94، ويبدأ من تفسير قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (الآية 49) من سورة الأنفال، إلى آخر سورة يوسف. وعدد أوراقه 252ل.
ويلحظ أنه قد سقط من أوله تفسير سورة الأنفال من أولها، حتى بداية قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنََافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}.
والجزء السادس، ورقمه 95، ويبدأ من تفسير أول سورة الرعد، إلى آخر تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ََ} (الآية 81) من سورة طه. وعدد أوراقه 260ل.
ز الجزء السابع، ورقمه 96، ويبدأ من تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفََّارٌ لِمَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صََالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ََ} (الآية 82) من سورة طه، إلى آخر سورة العنكبوت. وعدد أوراقه 229ل.
وقد كتب في أوله «الجزء الثامن مفقود، ويشمل تفسير سورتي الروم ولقمان».
ح الجزء التاسع، ورقمه 97، ويبدأ من تفسير أول سورة السجدة، إلى آخر سورة محمد، وعدد أوراقه 396ل.(1/121)
وقد كتب في أوله «الجزء العاشر مفقود، ويشمل تفسير سورة الفتح إلى آخر الكتاب.
5 - يوجد في مكتبة الحرم المكي الجزء الثاني منه، برقم 525، ورقم الفيلم 2764. ويقع هذا الجزء في 143لوحة، ويبدأ من قوله تعالى: {وَإِذْ قََالَ إِبْرََاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنََاماً آلِهَةً} (الآية 74) من سورة الأنعام، إلى آخر سورة يوسف. ولم يذكر الناسخ ولا تاريخ النسخ، وهذا الجزء قد وقفت عليه.
6 - يوجد في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى الجزء الأول منه، مصورا عن النسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية، تحت رقم 543تفسير، ورقمه في المركز 51تفسير وعلوم قرآن. وهو ناقص الأول، انتهى فيه إلى قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهََاءُ مِنَ النََّاسِ} (الآية 142) من سورة البقرة، ويقع في 202ورقة، وفي كل ورقة 33سطرا، ذكر ناسخه أنه قابله على النسخة الأم، ولم يفصح الناسخ عن اسمه، ولا تاريخ النسخ. وهذه النسخة وقفت عليها أيضا.(1/122)
فهرس الأعلام المترجم لهم
ابن تغري بردي 18
الثعالبي عبد الرحمن بن محمد 100
ابن الجزري محمد بن محمد 59
جعفر بن محمد الصادق 98
ابن حجر العسقلاني 38
الزمخشري جار الله 89
ابن سينا الحسين 93
الشاطبي القاسم بن فرة 72
الشماخ بن ضرار 63
الصرخدي محمد بن سليمان 100
الطرماح بن حكيم 63
ابن عربي محمد بن علي 96
أبو علي الفارسي 65
الفخر الرازي 92
القاضي عبد الجبار 91
قلاوون الألفي 60
ابن كثير أبو الفداء 18
لسان الدين بن الخطيب 14
محمد بن قلاوون 60
المقري أحمد بن محمد 17
النقاش محمد بن الحسين 98(1/123)
فهرس الموضوعات
المقدمة 5
الفصل الأول: حياة أبي حيان 11
المبحث الأول: نسبه ومولده 13
المبحث الثاني: نشأته وصفاته 15
المبحث الثالث: رحلاته 20
المبحث الرابع: شيوخه 24
المبحث الخامس: تلاميذه 38
المبحث السادس: مؤلفاته 46
أولا: الكتب المطبوعة 46
ثانيا: الكتب المخطوطة 48
ثالثا: الكتب المفقودة 50
المبحث السابع: وفاته 54
الفصل الثاني: تفسيره البحر المحيط 57
المبحث الأول: زمن تأليف الكتاب ومكانه 59
المبحث الثاني: منهجه فيه 62
المبحث الثالث: مادته العلمية 72
المبحث الرابع: مصادره 77
أولا: الكتب التي صرح بالرجوع إليها والإفادة منها 78
ثانيا: الرجال 83
أشيوخه الذين نقل عنهم وأفاد منهم مشافهة 83
ب العلماء الذين لم يدركهم وإنما أخذ آراءهم من كتبهم أو غيرها. 85(1/125)
المبحث الخامس: موقفه من الفرق والطوائف 89
أولا: المعتزلة 89
ثانيا: الفلاسفة 91
ثالثا: الصوفية 94
رابعا: الشيعة الباطنية 97
المبحث السادس: أثره فيمن بعده 99
المبحث السابع: طبعاته ومخطوطاته 101
فهرس الأعلام المترجم لهم 123
فهرس الموضوعات 125(1/126)