بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ
مقدّمة المحقّق
1 - ابن الأبّار: عصره وحياته
2 - آثار المؤلّف المطبوعة والمخطوطة
3 - إعتاب الكتّاب: وصفه وتحليله
4 - النسخ المخطوطة وعملنا في التحقيق(1/5)
سهل منبسط، «في غاية الخصب واعتدال الهواء (1)»، ويشقها نهر جار، يسقي بساتينها ومزارعها، وعلى جانبيه جنّات وارفة الظلال، وعمارات متصلة. هذا الموقع الجغرافي جعل بلنسية مدينة غنية بتجارتها وزراعتها، فالقوافل لا تني تمر بها، وحركة الميناء البحري القريب منها لا تكاد تهدأ، ولخصب الأرض واعتدال الهواء تنوعت محصولاتها الزراعية، وكثرت فواكهها وثمارها، ورخصت أسعارها (2)، وأصبحت كما يقول الحميري (3) جامعة لخيرات البر والبحر.
والمؤرخون يجمعون على الثناء على أهل بلنسية وأخلاقهم العربية الأصيلة (4)، فلهم «حسن زي وكرم طباع، والغالب عليهم طيب النفوس (5)».
في هذا المحيط الخيّر الخصب نشأ ابن الأبار وإذا كنا لا نعرف الشيء الكثير عن طفولته وشبابه فإن مؤلفاته الكثيرة التي وصل بعضها إلينا تدل على أن صابحها أمضى في التحصيل والدراسة زمنا ليس بالقصير قبل أن يكتمل تكوينه الثقافي وينشط إلى التأليف، فهو قد درس على شيوخ كثيرين، يردد أسماءهم في مؤلفاته، وينقل عنهم (6)، من أمثال أبي
__________
(1) المعجب للمراكشي: 370
(2) يقول الحميري: «وهي في أكثر الأمور راخية الأسعار» ص 47ولكنّ المقري ينقل في نفح الطيب (1/ 169) شعرا لبعضهم يصف فيه بلنسية بأنها «محلّ غلاء سعر»!
(3) صفة جزيرة الأندلس: 47
(4) يقول ياقوت: (وأهلها خير أهل الأندلس، يسمّون عرب الأندلس» معجم البلدان: 1/ 490
(5) الحميري: 47
(6) يقول الصفدي إن ابن الأبّار سمع الحديث من أبيه وأبي عبد الله محمد بن نوح الغافقي وأبي الربيع(1/8)
عبد الله محمد بن نوح، وأبي جعفر الحصّار، وأبي الخطّاب بن واجب، وأبي الحسن بن خيرة، وأبي سليمان بن حوط، وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن سعدة (1) ويمكننا أن نعدّ أبا الربيع بن سالم في طليعة شيوخ ابن الأبّار، فقد لزمه قرابة عشرين عاما، وأبو الربيع أكبر محدّث في عصره وأشهر علماء الأندلس في زمانه، وهو الذي علّم ابن الأبّار صناعة الكتابة، وأورثه إياها (2).
لم يكتف ابن الأبّار بالدراسة على علماء بلنسية، بل قام برحلة طويلة جاب بها الأندلس (3)، وأصبح يجمع الى تضلّعه من الحديث ثقافة جامعة لعلوم عصره، ثم عاد أخيرا، ولمّا يبلغ الثلاثين من عمره، إلى بلنسية، ليتخذه أميرها السيد أبو عبد الله محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن بن علي كاتبا له، ثم أصبح كاتبا لابنه السيد أبي زيد من بعده (4).
وعند ما استطاع زيّان بن مردنيش أن يتغلّب على بلنسية، هرب أميرها السيد أبو زيد والتجأ إلى النصارى الاسبان، وصحبه كاتبه ابن الأبار، ولكنه لم يلبث أن تركه عندما اعتنق النصرانية، وعاد إلى بلنسية، ليكتب لأميرها الجديد ابن مردنيش (5) سنة 626هـ.
__________
سلمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحافظ وبه تخرّج وعني بالحديث (الوافي بالوفيات: 3/ 355) عن نقد الاستاذ الدكتور مصطفى جواد رحمه الله للطبعة الأولى.
(1) المعلمة الاسلامية: 2/ 374
(2) ابن الأبّار يعترف بذلك في الترجمة التي يخص بها شيخه هذا: إعتاب الكتاب الترجمة رقم: 75
(3) فوات الوفيات: 2/ 450
(4) ابن خلدون: 1/ 430429ونفح الطيب: 3/ 347346
(5) ابن خلدون: 1/ 430وأزهار الرياض: 3/ 205(1/9)
كانت الأندلس آنذاك مسرحا للحروب الأهلية الداخلية وللهجمات المعادية الخارجية، وكانت بلنسية بخاصة هدفا لهجمات أراغون الدون جاقم () الذي تمكن من الاستيلاء على كثير من القلاع والحصون حول بلنسية وشقر سنة 633هـ، وبنى حصن أنيشة (1)
قرب بلنسية ليعسكر فيه جنده استعدادا لحصار بلنسية. ولقد حاول ابن مردنيش أن يبذل آخر جهوده فاستنفر أهل شاطبة وشقر، فخرجوا وانضموا إلى جند بلنسية، وهاجموا حصن أنيشة في العشرين من ذي الحجة سنة 634، ولكنهم هزموا، وقتل في المعركة عدد من كبار الفقهاء العلماء، ومن بينهم الأديب المحدّث العلّامة أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي شيخ ابن الأبار، فرثاه تلميذه بقصيدة طويلة أولها (2):
ألّما بأشلاء العلا والمكارم ... تقدّ بأطراف القنا والصوارم
كانت هزيمة المسلمين أمام حصن أنيشة دليلا على قرب سقوط بلنسية فأخذ الناس في الانتقال عنها (3)، وفي رمضان سنة 635هاجم ملك أراغون بلنسية وضرب حولها حصارا قويا، وأدرك المسلمون فيها أن لا طاقة لهم بصد المحاصرين، وعزموا على الاستغاثة بسلطان الدولة الحفصية في المغرب، وعند ذلك أرسل ابن مردنيش وفدا من أهل بلنسية إلى سلطان تونس أبي زكريا يحيى، وأوفد معه كاتبه ابن الأبّار في رجب سنة 636،
__________
(1) الحميري: 32وابن خلدون: 1/ 391
(2) الحميري: 32
(3) ابن خلدون: 1/ 391 «وكان يوما عظيما وعنوانا على أخذ بلنسية ظاهرا»(1/10)
فحمل الوفد بيعة أهل بلنسية للسلطان الحفصي وطالبه بنجدتهم (1)، وقد أدى ابن الأبار مهمته خير تأدية، وأنشد بين يدي السلطان في تونس قصيدة ضارعة طويلة بدأها بهذا المطلع اليائس المستغيث (2):
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إنّ السبيل إلى منجاتها درسا
فكان للقصيدة تأثيرها الكبير في نفس السلطان الحفصي، فأمر من فوره بإرسال أسطول إلى المدينة المحاصرة محمّلا بالعتاد والسلاح والقوت والمال، ولكن المدد وصل إلى ميناء بلنسية ليجد النصارى قد راقبوا الميناء وأحكموا حصارهم للبلدة، فاضطر الأسطول الحفصي إلى الرسو في ميناء دانية، ولم يجد سبيلا إلى مساعدة المدينة المحاصرة وإنقاذها
واشتدت وطأة الحصار على بلنسية، وعدمت الأقوات، وكثر الهلاك من الجوع، فلم ير المسلمون فيها بدا من المفاوضة لتسليم المدينة (3).
ويصف لنا ابن الأبار نفسه سقوط بلده، ذلك أنه حضر بنفسه تسليمه إلى المحاصرين يوم الثلاثاء في السابع عشر من صفر سنة 636، ففي هذا اليوم «خرج أبو جميل زيّان من المدينة وهو يومئذ أميرها في أهل بيته ووجوه الطلبة والجند، وأقبل الطاغية وقد تزيّا بأحسن زي، في عظماء قومه، من حيث نزل بالرصافة أول هذه المنازلة، فتلاقيا بالولجة، واتفقا على أن يتسلم الطاغية البلد سلما لعشرين يوما ينتقل أهله أثناءها بأموالهم
__________
(1) تاريخ الدولتين للزركشي: ص 20، وابن خلدون: 1/ 391
(2) ابن خلدون: 1/ 394392
(3) ابن خلدون: 1/ 394وأزهار الرياض: 3/ 210207(1/11)
وأسبابهم، وحضرت ذلك كله، وتوليت العقد عن أبي جميل في ذلك (1)» ثم ابتدأ الجلاء.
كان حزن المسلمين على سقوط بلنسية عظيما، وبكى ابن الأبار مسقط رأسه بدمع غزير: «وأما الأوطان فقد ودّعنا معاهدها وداع الأبد
أين بلنسية ومغانيها، وأغاريد ورقها وأغانيها أين حلى رصافتها وجسرها، ومنزلا عطائها ونصرها أين أفياؤها تندى غضاره، وركاؤها تبدو من خضاره أين جداولها الطفّاحة وخمائلها، أين جنائنها النفّاحة وشمائلها! شدّ ما عطل من قلائد أزهارها نحرها فأية حيلة لا حيلة في صرفها مع صرف الزمان، وهل كانت حتى بانت إلّا رونق الحق وبشاشة الإيمان! (2)».
وكأن ابن الأبار قد أدرك بعد سقوط بلنسية أن النصارى سيوالون هجماتهم على المدن الاسلامية الباقية في الأندلس، واحدة إثر أخرى، فعزم على الهجرة بأسرته إلى تونس، لاجئا إلى حمى السلطان الحفصي الذي لقي منه خلال سفارته السابقة لديه كل رعاية وتكريم وكذلك غادر ابن الأبار في أواخر صفر من عام 636أرض الأندلس إلى غير عودة!
* * * 3كانت تونس تستقبل أفواج المهاجرين اللاجئين من الأندلسيين الهاربين من زحف النصارى الإسبان فتحسن إيواءهم ورعايتهم، وكان
__________
(1) الحلة السيراء لابن الأبار: 190
(2) الحميري: 5352(1/12)
سلطان تونس قد انتهى قبيل سنتين إلى دعم ملكه فيها، وبقضائه على ثورات القبائل العربية استتب الأمر للبيت الحفصي في تونس، وبدا السلطان أبو زكريا حاكما مرهوب الجانب، يعلّق الأندلسيون آمالهم عليه، ويقدمون له البيعة معترفين بسلطانه عليهم، طالبين حمايته لهم وقد حذا حذو الأندلسيين عدد من مدن مراكش، وبذلك اتسع ملك الحفصيين، وغدا أبو زكريا سلطانا على جميع الغرب الإسلامي، وظهرت سياسته الحكيمة الحازمة في الداخل، كما ظهرت حسناتها في الخارج بعلاقاته مع النصارى والمعاهدات التجارية التي عقدها.
في ظلال هذه الدولة القوية وسلطانها الحازم كان على ابن الأبّار أن يلقى المجد والثروة والنجاح، لسابق كفايته وتجاربه في الكتابة والعمل في الدواوين لدى أمراء بلنسية والسفارة لهم، والحق أن السلطان أبا زكريا أحسن استقباله وقدّر مواهبه وعهد إليه بالكتابة في ديوانه، ثم أسند إليه كتابة الإنشاء والعلامة (1)، ولكن سوء الحظ شاء لابن الأبار الإخفاق الذريع في عمله الجديد!
كان ابن الأبار يكتب العلامة السلطانية بالخط المغربي، وكان السلطان يؤثر أن تكتب بالخط المشرقي، ولهذا لم يلبث أن عهد بكتابتها إلى أحمد بن ابراهيم الغساني (1)، وطلب من ابن الأبار أن يقتصر على إنشاء الرسائل وكتابتها وأن يدع مكان العلامة للخطاط الجديد! فغضب ابن الأبار لكرامته وساءه إيثار غيره عليه، ولم يطع ما أمر به فظل يخط العلامة بخطه
__________
(1) تاريخ الدولتين للزركشي: ص 21وابن خلدون: 1/ 430.(1/13)
المغربي، فعوتب في ذلك وروجع، فاستشاط غضبا ورمى بالقلم من يده وأنشد (1):
اطلب العزّ في لظى وذر الذلّ ولو كان في جنان الخلود وحمل الخبر الى السلطان فصرفه عن العمل وأمره بلزوم بيته!
إخفاق ابن الأبار في عمله الديواني في تونس مردّه إذا إلى حدة في الطباع والخلق (2) أولا، ثم الى سعاية بعض حساده من أهل تونس، ممّن ساءهم أن يروا المهاجرين الأندلسيين يحتلون أرفع المناصب في الدولة الحفصية ويزاحمونهم عليها بما يملكون من ثقافات ومواهب! ولقد أحسّ ابن الأبار سريعا بفداحة خطئه فحاول أن يتلافاه، والتجأ إلى نجل السلطان، الأمير أبي عبد الله محمد، يسأله الشفاعة له عند أبيه (3)، (والأمير رجل موصوف بالشجاعة والخبرة، وهو الذي آل إليه ملك الدولة الحفيصة بعد وفاة السلطان وولي عهده أبي يحيى، ولقّب بالمستنصر (4))، وراح ابن الأبار ينظم القصائد الضارعة معتذرا راجيا عفو السلطان وصفحه عن زلّته (5):
لمبشّري برضاك أن يتحكّما ... لا المال أستثني عليه ولا الدما
__________
(1) ابن خلدون: 1/ 340وأزهار الرياض: 3/ 205والبيت للمتنبي، ورواية ديوانه:
(فاطلب): ديوان المتنبي: 1/ 322.
(2) نفح الطيب: 4/ 282.
(3) انظر مقدمة ابن الأبار لإعتاب الكتاب (ص: 47) وانظر شكره لشفاعة الأمير محمد في خاتمة الكتاب ص 257256.
(4) الأعلام: 8/ 8.
(5) انظر خاتمة ابن الأبار لإعتاب الكتاب ففيها عدد من اعتذارياته.(1/14)
له الرسائل في وصف منشآته العمرانية وإصلاحاته (1) ولكن حسّاد ابن الأبار كثيرون لا يفتأون يكيدون له، وفي مقدمتهم الوزير ابن أبي الحسين، وكان من ألد أعدائه الحاقدين عليه (2)، وقد تمكن هذا الوزير من أن يوغر صدر المستنصر على ابن الأبار وأن يحمله على نفيه إلى بجاية (3) وكان ذلك سنة 655إذ يحدثنا علي بن محمد بن رزين التجيبي أنه سمع ابن الأبار في هذه السنة في بجاية يقرأ معجمه (4)، وكذلك أمضى ابن الأبار مدة نفيه في هذه البلدة «عاطلا من الرتب، خاليا من حلي الأدب، مشتغلا بالتصنيف في فنونه» كما وصفه ابن سعيد عندما لقيه في بجاية، وجرت بينهما «مجالسات آنق من الشباب، وأبهج من الروض عند نزول السحاب! (5)» ومهما يكن فإن إقامة ابن الأبار في بجاية مدة نفيه إليها أتاحت للغبريني أن يكتب ترجمة له في كتابه الذي جمع فيه تراجم من عرف من العلماء في القرن السابع في بجاية (6).
__________
(1) انظر رسالته التي كتبها للمستنصر يصف فيها وصول الماء إلى تونس: المصدر السابق: 3/ 211
(2) كان سبب حقد الوزير عليه أن ابن الأبار لما قدم في الأسطول من بلنسية نزل ببنزرت، وخاطب ابن أبي الحسين بغرض رسالته، ووصف أباه في عنوان مكتوبه بالمرحوم، ونبه على ذلك فاستضحك وقال: إنّ أبا لا تعرف حياته من موته لأب خامل! ونميت إلى الوزير فأسرّها في نفسه وراح يكيد له: ابن خلدون: 1/ 431
(3) مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب (في الجزائر): معجم البلدان: 1/ 339
(4) المعجم في أصحاب القاضي الصدفي لابن الأبار: طبعه كوديرا (قديرة) مدريد 1886في مجلد واحد انظر مقدمة المعجم: ص 16
(5) نفح الطيب: 4/ 282
(6) عنوان الدراية للغبريني ص: 183ولكن الغبريني يجعل وصول ابن الأبار إلى بجاية إثر هجرته من الأندلس وقبل اتصاله بالسلطان أبي زكرياء، وهذا زعم لا تؤيده النصوص التي أوردناها ثم إن ابن سعيد يشير بصراحة إلى سبب نفي ابن الأبار إلى بجاية فيقول: «إن أخلاق ابن الأبار لم تعنه على الوفاء بأسباب الخدمة، فقلصت عنه تلك النعمة، وأخّر عن تلك العناية، وارتحل الى بجاية» نفح الطيب: 4/ 282(1/16)
لا يمكننا أن نحدد التاريخ الذي استطاع فيه ابن الأبار أن يسترضي المستنصر وأن يفوز بعفوه، ولكن ابن الأبار لم يستطع أن يحتفظ برضى السلطان طويلا بعد عودته إلى تونس، ذلك أنه كانت تبدو منه نزوات تغضب المستنصر (1)، فكان يدل دائما بعلمه، ويتدخل أحيانا في أمور لا تعنيه! وأصبح السلطان إذا ورد عليه لغز أو معمّى أو مترجم بعث به إلى ابن الأبار فيحله، حتى إذا دخل عليه لم يكلمه ولم يلتفت إليه، وكان ابن الأبار يتشكى من ذلك ويتألم (2)، وينعى على الزمان سوء حظه (3):
علت سني وقدري في انخفاض ... وحكم الربّ في المربوب ماض
إلى كم أسخط الأقدار حتى ... كأني لم أكن يوما براض
ولقد حاول ابن الأبار محاولة أخيرة أن يستعيد مكانته لدى السلطان فباء بالخذلان وعجّل بنكبته! ذلك أنه حضر يوما مجلس السلطان فسمعه يسأل بعض من حضر عن مولد ولده الواثق، فغدا عليه ابن الأبار في اليوم التالي برقعة فيها تاريخ الولادة وطالعها (4)، فلما رآها المستنصر استشاط غضبا من فضوله وتطفّله، وكانت وشايات الحساد لا تني توغر صدر السلطان، وتتهم ابن الأبار عنده بتوقع المكروه للدولة، وتشنّع عليه لنظره في النجوم، فأمر السلطان بالقبض عليه، ومصادرة جميع كتبه ومؤلفاته،
__________
(1) يقول ابن خلدون: «كان في ابن الأبار أنفة وبأو (كبر) وضيق خلق، وكان يزري على المستنصر في مباحثه ويستقصر مداركه مع ما كان يسخط به السلطان من تفضيل الأندلس وولاتها عليه» 1/ 430 431
(2) نفح الطيب: 3/ 349
(3) أزهار الرياض: 3/ 222
(4) ابن خلدون: 1/ 431، وتاريخ الدولتين للزركشي: ص 27(1/17)
وعهد إلى الكاتب أحمد بن ابراهيم الغساني بتفتيش كتبه ودفاتره، فعثر فيها كما يزعم على رقعة فيها هجاء للسلطان كقوله (1):
طغى بتونس خلف ... سموه ظلما خليفه
كما عثر في كتاب سماه «كتاب التاريخ» على ما يسيء إلى السلطان (2)، فغضب المستنصر وأمر بضربه بالسياط وقتله وإحراق مؤلفاته، فقتل «قعصا بالرماح» صبيحة الثلاثاء في الحادي والعشرين من المحرم 658وأحرق شلوه، وأخذت مجلدات كتبه وأوراق سماعه ودواوينه فأحرقت معه، وكانت نحوا من خمسة وأربعين تأليفا (3)!
هذه النهاية الفاجعة جعلت المؤرخين يعطفون على ابن الأبّار ويتهمون قاتله بالظلم والجور (4)، حتى لقد اطلق عليه بعضهم اسم الشهيد، كما راح آخرون يصفون ندم السلطان بعد ذلك على قتله (5)!
__________
(1) ابن خلدون: 1/ 431وحكى المرادي أن البيت الذي وجد له يقتضي هجاء الخليفة هو قوله:
عقّ أباه وجفا أمّه ... ولم يقل من عثرة عمّه
(الزركشي: ص 27)
(2) نفح الطيب: 3/ 349
(3) تاريخ الدولتين للزركشي: ص 27
(4) فوات الوفيات: 2/ 450 (قتل مظلوما بتونس على يد صاحبها لأنه تخيّل منه الخروج وشقّ العصا)
(5) تاريخ الدولتين للزركشي: ص 27(1/18)
2 - آثار المؤلّف المطبوعة والمخطوطة
لم يصل إلينا من مؤلفات ابن الأبار الخمسة والأربعين غير ستة تصانيف، أما المؤلفات الأخرى فقد أكلتها النيران كما أكلت جثة مؤلفها، أو ضاعت خلال القرون، وأصبحنا اليوم لا نعرف عنها غير أسماء بعض منها، يذكرها ابن الأبار حينا في تضاعيف كتبه التي وصلت إلينا، أو يشير إليها بعض من اقتبسوا منها من مؤرخي الأندلس حينا آخر وهذه الأسماء هي:
1 - إفادة الوفادة: ذكره المقري في نفح الطيب (1)، وموضوعه ذكر الوافدين على الأندلس من المشرق.
2 - كتاب إيماض البرق في أدباء الشرق: ذكره ابن شاكر في فوات الوفيات (2).
3 - كتاب التاريخ: وكان سبب مقتله وإحراق كتبه لما وجد فيه من أمور تسيء إلى المستنصر (3).
__________
(1) نفح الطيب: 4/ 131
(2) فوات الوفيات: 2/ 450
(3) نفح الطيب: 3/ 349(1/19)
4 - كتاب التحفة (1): ولعله كتاب «تحفة القادم» الذي سنتحدث عنه بعد قليل.
5 - قطع الرياض: وهو كتاب في متخيّر الأشعار (2).
6 - المأخذ الصالح في حديث معاوية بن صالح (3): وهو كتاب في الأحاديث التي رواها هذا العالم الحمصي الذي هاجر إلى الأندلس واستقضاه عليها عبد الرحمن الداخل.
7 - معادن اللّجين في مراثي الحسين (4): والغبريني كثير الاعجاب بهذا الكتاب (5): «ولو لم يكن له من التآليف إلا كتابه هذا لكفاه في ارتفاع درجته وعلو منصبه، وسمو رتبته».
8 - هداية المعتسف في المؤتلف والمختلف: أشار إليه ابن الأبار في معجمه (6)، ومن المحتمل أن يكون كتابا آخر، غير الكتاب التالي الذي يحمل اسما مشابها.
9 - هداية المعترف في المؤتلف والمختلف: ويذكره المقري في نفح الطيب (7).
__________
(1) أزهار الرياض: 2/ 379
(2) نفح الطيب: 3/ 349
(3) ابن الأبار: المعجم في أصحاب القاضي الصدفي: 180
(4) ابن الأبار: التكملة: 1/ 343
(5) نفح الطيب: 6/ 54
(6) ابن الأبار: المعجم: 73
(7) نفح الطيب: 3/ 349(1/20)
أن يصف فيه النشاط الأدبي لمشاهير الأعلام في السياسة والحرب، من رجال الأندلس وشمالي أفريقية، فقسم الكتاب إلى قسمين غير متساويين: أولهما في تراجم الرجال الذين لم تصل آثارهم إلى ابن الأبّار، وثانيهما ملحق يتعلق بهؤلاء الرجال، وقد صنّف ابن الأبار التراجم تصنيفا زمنيا فأفرد لكل قرن رجاله، من القرن الأول إلى القرن السابع، وفي الملحق من القرن الأول إلى الثالث، ورتّب المؤلف الأعلام في كل قرن ترتيبا يجمع رجال كل أسرة معا، أو الرجال الذين تضمهم ميول سياسية متجانسة. نشر دوزي من الكتاب قطعا متفرقة في فصول متعددة، نجد أهمها في كتابه (تعليقات على بعض المخطوطات العربية المطبوع في ليدن سنة 18511847في مجلد واحد، وقد تابع موللر عمل دوزي فنشر قطعا أخرى من الكتاب سنة 1866، ولكنه وقف عند نهاية القرن الثاني من الملحق (1).
4 - تحفة القادم في شعر الأندلس: كتاب في تراجم الشعراء، يضم تراجم مائة من الشعراء وأربع من الشاعرات، من أهل الأندلس، من رجال القرنين الخامس والسادس، مع قطع مختارة من أشعارهم وقد وصل إلينا مختصر لهذا الكتاب، من عمل أبي اسحق ابراهيم بن محمد البلفيقي (المقتضب من كتاب تحفة القادم)، طبعه الفريد بستاني في مجلة المشرق، وعن هذه الطبعة أخرجت فصلة من المجلة، لا تحمل تاريخا.
__________
(1) في عام 1963نشر كتاب الحلة السيراء كاملا في مجلدين في القاهرة بتحقيق الدكتور حسين مؤنس الأستاذ بجامعة القاهرة ومدير معهد الدراسات الاسلامية بمدريد.(1/22)
3 - إعتاب الكتّاب وصفه وتحليله
1 - نكاد نعرف المناسبة التي شهدت تأليف كتاب (الإعتاب) بجميع جزئياتها ودقائقها، ذلك أن كتب التاريخ التي عنيت بترجمة ابن الأبار أولت تلك الفترة العصيبة من حياته اهتمامها، وابن الأبار نفسه يحدثنا في مواطن كثيرة من كتابه هذا عن طبيعة الأحوال التي رافقت تأليفه إياه، فقد ارتكب ابن الأبار ذنبا أثار عليه غضب السلطان الحفصي أبي زكريا وغيّر قلبه عليه، ولكي يستعيد مكانته لديه تشفّع بنجله الأمير أبي عبد الله فنال بشفاعته عفو السلطان ورضاه وإذا كان ابن الأبار يسكت عن تحديد الذنب الذي جناه فلا يكشف عنه، فإن المؤرخين كما قدّمنا أشاروا إليه في قصة حياته (1).
ألّف ابن الأبار (إعتاب الكتّاب) وقدمه إلى السلطان الحفصي في حياة ولده أبي يحيى ولي العهد. بآية ما نجد في نهاية مقدمة المؤلف من دعاء لولي
__________
(1) انظر ما تقدم: ص 1413(1/24)
العهد هذا وتمجيد له (1) وهذه الإشارة تعيننا على تحديد التاريخ التقريبي لزمن تأليف الكتاب، فقد أصبح الأمير أبو يحيى وليا للعهد سنة 638 (2) وتوفي قبل أبيه سنة 646 (3)، فبين هاتين السنتين إذا ألف ابن الأبار كتاب الإعتاب (4).
* * * 2نستطيع أن نحدّد بسهولة الغاية التي توخاها ابن الأبار من تأليف كتابه هذا، ذلك أنه أراد أن يضرب للسلطان أبي زكريا الأمثال على حلم الملوك وعفوهم عن أخطاء كتّابهم، فراح يبحث عن هذه الأمثال في تراجم الكتاب، في الشرق والغرب الاسلاميين، ويتقصّاها ويجمعها، ويبرز في كل مثل إقالة الذنب، ليحث بذلك السلطان على إقالة ذنبه، ومن هنا كان الكتاب، في هيكله العام، تراجم مقتضبة لهؤلاء الكتّاب وأخطائهم وعفو سادتهم عنها، ولّما كانت «إقالة العثرة» هي المحور الأساسي في تأليف الكتاب فقد أهمل المؤلف في ترجمة كل كاتب ما ليس له صلة بذلك المحور في حياته، ومن هنا أيضا كانت تسمية الكتاب تومىء إلى الغرض الذي ألف من أجله وتكشف عن موضوعه: فالإعتاب مصدر من «أعتب» وتقول:
«أعتبه» إذا أعطاه العتبى أي الرضى وأزال لومه وأرضاه، فإعتاب الكتّاب إذا إعطاؤهم العتبى بالرضى عنهم والعفو عن زلّاتهم وإعادة الحظوة والحقوق
__________
(1) أنظر ما يأتي: ص 48
(2) ابن خلدون: 1/ 405وتاريخ الدولتين للزركشي: 21
(3) ابن خلدون: 1/ 408
(4) الوافي بالوفيات: 3/ 358355أورد الصفدي ترجمة لابن الأبّار وفيها ذكر لكتبه، وفيها: «إعتاب الكتاب أخبرني الشيخ فتح الله بن سيّد الناس أنه أملاه في ثلاثة أيام».(1/25)
إليهم وبذلك يلخص عنوان الكتاب غرضه وموضوعه.
ثم إن الكتاب يمثل منهج ابن الأبار المؤرخ على طريقة التراجم، وهي الطريقة الغالبة عليه في أكثر مؤلفاته.
* * * 3يمكننا أن نقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المقدمة وفيها يستعرض المؤلف موضوع كتابه ويشرح الغرض منه.
القسم الثاني: تراجم الكتاب وعددها خمس وسبعون ترجمة، تختلف طولا وقصرا، فبعضها يتسع حتى يشغل أكثر من خمس صفحات (مثل ترجمة سهل بن هارون والعتّابي وابن الزيّات وسليمان بن وهب وابن زيدون وغيرهم) ويضيق بعضها ويقصر فلا يزيد على أسطر قليلة (كترجمة كاتب الهادي وعبد الله بن سوّار بن ميمون وأبي جعفر البغدادي وغيرهم) أما تصنيف التراجم فقد قسمت إلى قسمين ظاهرين: أولهما لتراجم الكتاب المشارقة، وثانيهما لتراجم كتاب الغرب الاسلامي (1) (شمالي إفريقية والأندلس) وإن لم تكن مراعاة هذا التقسيم دقيقة جدا، ذلك أننا نجد في قسم المشارقة أمثال داود القيرواني (2) وعبد الله بن محمد الزجالي الأندلسي (3)، كما نجد في القسم الثاني ترجمة لكاتب صلاح الدين (4).
__________
(1) القسم الغربي يبدأ بالترجمة ذات الرقم: 53
(2) انظر الترجمة: 23
(3) انظر الترجمة: 48
(4) انظر الترجمة: 72(1/26)
وتتسلسل التراجم في كل من القسمين تسلسلا زمنيا، فتراجم المشارقة تبدأ بكتّاب عثمان الخليفة الراشد الثالث فكتّاب الأمويين فالعباسيين، خليفة بعد خليفة، وفي القسم الغربي تأتي ترجمة كاتب عبد الرحمن الناصر قبل كتّاب الحاجب المنصور، وبعد هؤلاء تأتي تراجم كتّاب ملوك الطوائف.
ويكاد ابن الأبار يتبع منهجا واحدا في كل ترجمة، في كتابه: فهو يبدأ الترجمة بتحديد أسماء السادة الذين كتب لهم صاحب الترجمة، ويمر بذلك مرا سريعا حتى يصل إلى السيد الذي أغضبته زلّة صاحب الترجمة، وعند ذلك يتمهّل ابن الأبار ليقص علينا كيف تمكن الكاتب من استرضاء سيده، ويرينا الوسيلة التي تمكن من أن يستعيد بها مكانته لديه، من رسالة يكتبها إليه، أو قصيدة يمدحه بها، أو يعتذر فيها من ذنبه ويعلن توبته وندمه وقد يستطرد ابن الأبار عند ذكر بعض الرسائل أو القصائد إلى إيراد رسائل أو قصائد مشابهة لآخرين: فرسالة هذا الكاتب تستدعي ذكر قول فلان وهذا المعنى يستدعي ذكر ما قاله فلان (1) وقد أهمل ابن الأبار في تراجمه تحديد سني الولادة والوفاة، والحق أن الكتاب يمثّل أسلوبا جديدا في فن التراجم، أسلوبا موجها وجهة خاصة.
ويشير ابن الأبار في أغلب الأحيان إلى مصادره التي ينقل منها، وقد كان أمينا في نقله حتى ليبدو لنا في كتابه جمّاعة يجمع وينقل، ويحاول أن يربط ويضم أطراف ما يجمعه وينقله، ويضيف إلى ذلك، هنا وهناك، إشارات
__________
(1) انظر التراجم: 6، 10، 19، 20إلخ(1/27)
إلى السلطان أبي زكريا وولي عهده أبي يحيى (1)، أما ابن الأبّار المؤلف حقا فلا يظهر إلا في التراجم التي خص بها بعض الكتاب الأندلسيين الذين عرفهم في حياته معرفة شخصية (2).
ويورد ابن الأبار أحيانا روايات مختلفة لحادثة واحدة (3) من مصادر شتى دون أن يقطع بتفضيل رواية على أخرى، ويذكر لنا ابن الأبار أسماء مصادره (4) فإذا هي قرابة ثلاثين مصدرا مشرقيا ومغربيا وأندلسيا، وبعضها اليوم ضائع، لم يصل إلينا، مثل كتاب (الأخبار المنثورة) لأبي بكر الصولي، و (أخبار الدولة العامرية) لابن حيان، و (طبقات خلفاء الأندلس) لسكن بن ابراهيم الكاتب وبضياع هذه المصادر وأمثالها تزداد قيمة الكتاب الذي ننشره.
القسم الثالث: خاتمة المؤلف وفيها يعلن ابن الأبار غايته من تقديم كتابه إلى السلطان أبي زكريا، فجميع تلك الأمثلة التي ضربها لعفو الملوك عن زلل كتابهم هي دون عفو السلطان أبي زكريا عن زلّته يقول: «كل ذلك بالنسبة إلى الحلم الإمامي والإسجاح، كالذبالة باهرت أنوار الصبح الوضّاح (5)» ثم ينهي الخاتمة بإيراد عدة قصائد في مديح السلطان وولي عهده والاعتذار والحمد.
* * * * __________
(1) انظر مثلا الترجمة: 19
(2) انظر الترجمتين: 74، 75
(3) انظر الترجمتين: 3، 4
(4) انظر فهرس أسماء الكتب الواردة في المتن
(5) انظر خاتمة ابن الأبار لكتاب الإعتاب(1/28)
فيها لنجدة بلنسية، فتلك قصيدة جميلة شهيرة عارضها جمع من الشعراء، وأغرم الناس كما يقول ابن سعيد (1) بحفظها وإنشادها.
* * * 5لكتاب (الإعتاب) الذي ننشره اليوم لأول مرة قيمة محققة: فهو مصدر تاريخي يكشف لنا عن حياة عدد كبير من الكتاب والوزراء في الدول العربية الاسلامية في الشرق والغرب وقد يقدم لنا أحيانا معلومات لا نجدها في مصدر آخر، تزيدنا علما بحياة تلك الشخصيات السياسية التي لعبت أدوارا هامة في تاريخ الحضارة الاسلامية، وتنير لنا جانبا من النظم والتقاليد التي كانت متبعة في تنظيم الدواوين وأعمالها في دول العالم الاسلامي وكتاب (الإعتاب) بذلك كله يأخذ مكانه إلى جانب (كتاب الوزراء والكتاب) للجهشياري و (كتاب الفخري في الآداب السلطانية) لابن الطقطقى و (كتاب الوزراء) للصابي، غير أن ابن الأبار يشقّ مع ذلك في كتابه طريقا جديدا، فهو لا يهتم بتقديم تراجم كاملة لمن يكتب عنهم، ذلك أن هنالك فكرة موجّهة لعمله كله تتلخص في (إقالة العثرة وإعتاب المسيء)، واهتمام ابن الأبار منصرف إلى تقصي كل ماله صلة بهذه الفكرة في تراجم الكتّاب وقصص حياتهم قبل كل شيء آخر!
ثم إن لكتاب (الإعتاب) قيمة أدبية أيضا بما يتضمن من قصائد شعرية ومقطّعات، وبما فيه من رسائل بذل الكتّاب في تحبيرها جهودا لا حدّ
__________
(1) نفح الطيب: 4/ 282(1/30)
4 - النسخ المخطوطة وعملنا في التحقيق
1 - غاية ما عرفناه بعد البحث عن مخطوطات الكتاب أنّ هنالك أربع نسخ مخطوطة له، حصلنا على صور ثلاث منها وهي: نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة، وهي التي نرمز لها بالحرف (ق)، ونسخة مكتبة الاسكوريال، ونرمز لها بالحرف (س) ونسخة مكتبة الرباط، ونرمز لها بالحرف (ر) أما النسخة الخطية الرابعة فقد رآها أحد أصدقائنا في مكتبة خاصة في المغرب، وحاولنا جهدنا أن نحصل على صورة فوتوغرافية لها دون جدوى، وعند ذلك رحنا نراجع الصفحات التي نقلها ذلك الصديق منها، ونقارنها بما لدينا من نسخ، فاتضح لدينا أنّ المخطوطة الرابعة لا تزيد شيئا عن الأصول التي وصلنا إليها، ولهذا بدأنا العمل معتمدين على هذه الأصول الثلاثة، ونقدّم فيما يلي وصفا لها.
* * * 2النسخة الخطية (ق): نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة
(الخزانة التيمورية تاريخ رقم 778)، وهي نسخة تامة، كتبت بخط مغربي واضح مقروء، وليس في استطاعتنا أن نعرف تاريخ كتابتها وعلى الصفحة الأولى نجد ختما بيضيّ الشكل يحوي هذه الجملة (وقف أحمد بن اسماعيل بن تيمور بمصر) وعلى الصفحة الأخيرة مثل هذه العلامة وفي الصفحة الأولى، وتحت عنوان الكتاب، نجد أسطرا بخط مغاير لخط النسخة، تحوي ترجمة خاطفة للمؤلف.(1/32)
* * * 2النسخة الخطية (ق): نسخة دار الكتب المصرية بالقاهرة
(الخزانة التيمورية تاريخ رقم 778)، وهي نسخة تامة، كتبت بخط مغربي واضح مقروء، وليس في استطاعتنا أن نعرف تاريخ كتابتها وعلى الصفحة الأولى نجد ختما بيضيّ الشكل يحوي هذه الجملة (وقف أحمد بن اسماعيل بن تيمور بمصر) وعلى الصفحة الأخيرة مثل هذه العلامة وفي الصفحة الأولى، وتحت عنوان الكتاب، نجد أسطرا بخط مغاير لخط النسخة، تحوي ترجمة خاطفة للمؤلف.
عدد أوراق هذه النسخة 51ورقة، ولكنها مرقمة بالصفحات (102 صفحة) وفي كل صفحة 25سطرا.
هذه النسخة سليمة، والناسخ يبدو دقيقا، فأكثر الألفاظ مشكولة وعنوانات التراجم مكتوبة بخط متميّز أكبر وعلى هامش الصفحات نجد تعليقات متأخرة، بخط مختلف، لبعض من قرأ الكتاب، وفي هذه التعليقات تصحيح لبعض الألفاظ، أو نصيحة بالوقوف مليا عند هذا الخبر أو ذاك: (قف على هذا الخبر)
تبدأ هذه النسخة بالعنوان: «رسالة إعتاب الكتّاب للإمام الكاتب الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي، عرف بابن الأبار، رحمه الله تعالى» وفي الصفحة الأولى: «بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا ومولانا محمد: قال الشيخ الفقيه الحافظ الحافل» وتنتهي النسخة بما يلي: «نجزت الرسالة الموسومة بإعتاب الكتاب، صنعة الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه».(1/33)
لصحة هذه النسخة ووضوح الكتابة فيها وسلامتها، ولترجيحنا أنها أقدم النسخ الثلاث، جعلناها المخطوطة الأم للطبعة التي حققناها.
* * * 3النسخة الخطية (س): نسخة مكتبة الاسكوريال بضاحية مدريد، وقد حصلنا على صورة فوتوغرافية لهذه النسخة، نقلا عن (ميكروفيلم) يملكه «معهد الأبحاث (1)» في باريس، والمخطوط الاسباني يحمل هذا الرقم (القسم العربي: 1731)، وعدد أوراقه 78ورقة، وفي كل صفحة 21سطرا، والخط فيها مغربي جميل واضح أعاننا على تصحيح كثير مما غمض علينا فهمه في النسخة السابقة.
الصورة التي حصلنا عليها من معهد الأبحاث لا تحوي الصفحة الأخيرة من النسخة الأصلية، ولقد ظننا حينا أن نسخة الاسكوريال ناقصة، لولا أننا رأيناها تامة في زيارتنا للاسكوريال، وتأكدنا من أن (الميكروفيلم) الذي أخذنا صورته هو الناقص وحده، وأن النسخة الأصلية كاملة سليمة.
تبدأ هذه النسخة بالعنوان: «إعتاب الكتّاب للقاضي أبي عبد الله بن الأبّار رحمه الله» وفي الصفحة الأولى: «بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم: قال الشيخ الأجل الفقية العلّامة» وتنتهي النسخة بقوله: «كمل الكتاب، والحمد لله رب
__________
(1) «»(1/34)
العالمين، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما».
* * * 4النسخة الخطية (ر): نسخة المكتبة العامة في الرباط، تحمل الرقم (409)، وهي نسخة تامة ولكن خطها المغربي ليس في جمال خط النسخة السابقة، فالكلمات هنا متراكبة، وقد تسرّبت الرطوبة إلى كثير من الصفحات فأفسدت كتابتها، وأصبح من الصعب قراءتها.
عدد أوراق هذه النسخة 60، وفي كل صفحة 23سطرا، وقد أحيطت الكتابة في كل صفحة بخطوط تؤلف إطارا مستطيلا، وقد توصل المستشرق ليفي بروفنسال (1) إلى قراءة تاريخ كتابة النسخة: (23من ذي الحجة 1264هـ) فهي إذا متأخرة في أغلب الظن عن نسختي القاهرة والاسكوريال، وهي إلى ذلك كثيرة الأخطاء النحوية والإملائية، مما يدل على جهل الناسخ لها، وذلك أنه يكتب «منصوبة ومبتغا» مثلا بدل «منسوبة ومبتغى» ثم إننا نلاحظ نقص كثير من الكلمات في هذه النسخة، بينما حرص الناسخ على أن يثبت في رؤوس أكثر الصفحات، إلى الزاوية اليمنى خارج الإطار المستطيل، عبارة «اللهم صل على محمد وآله» وجاء بعده آخرون فأضافوا بعض التعليقات على الهامش أيضا.
__________
(1) انظر فهرس مخطوطات الرباط: ص: 153149
(،.)
تبدأ النسخة بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، أما بعد حمد الله الذي يعفو عن السيئات»(1/35)
__________
(،.)
تبدأ النسخة بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، أما بعد حمد الله الذي يعفو عن السيئات»
وتنتهي بقوله «نجزت الرسالة الموسومة بإعتاب الكتاب، صنعة الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار، رحمه الله تعالى ورضي عنه. آمين».
* * * 5ونوجز، فيما يلي، الطريقة التي اتبعناها في تحقيق الكتاب: فقد اتخذنا نسخة القاهرة الخطية (ق) أساسا لعملنا، فنقلنا عنها متن الكتاب، مستفيدين في الوقت نفسه من الروايات المختلفة التي قد تجيء في النسختين الأخريين، بحيث كنا ننقل منهما إلى المتن ما نرجّح صحته وتصويبه، على أن نذكر في الحواشي بقية الروايات.
وقد رتبنا التراجم الواردة في الكتاب، فأعطينا كل ترجمة رقما متسلسلا وفصلنا بين أقسام الكتاب: المقدمة والتراجم والخاتمة، فصلا ظاهرا، يريح القارىء، ويسهّل عليه الرجوع إلى ما يبتغيه من الكتاب.
وقد شرحنا الغريب وما بدا لنا صعبا من الألفاظ والتراكيب، وضبطنا الشعر بالشكل التام وأشرنا إلى بحور أبياته، ولمّا كان ابن الأبّار في أغلب الأحيان حريصا على ذكر مصادره التي استقى منها، فقد رحنا نسعى وراء ما وصل إلينا من تلك المصادر، لنقارن بها النصوص التي نحققها، حتى إذا لم يذكر ابن الأبار مصدرا ما اضطررنا إلى العودة إلى كتب الأدب والتاريخ في
الشرق والغرب العربيين، لنتقصّى فيها المواطن التي نقل منها ابن الأبار، أو اختصر ما نقله، على أن نثبت في الحواشي من اختلاف الروايات ما يبدو لنا نافعا ومعينا على زيادة نصوص ابن الأبار وضوحا وإبانة.(1/36)
وقد شرحنا الغريب وما بدا لنا صعبا من الألفاظ والتراكيب، وضبطنا الشعر بالشكل التام وأشرنا إلى بحور أبياته، ولمّا كان ابن الأبّار في أغلب الأحيان حريصا على ذكر مصادره التي استقى منها، فقد رحنا نسعى وراء ما وصل إلينا من تلك المصادر، لنقارن بها النصوص التي نحققها، حتى إذا لم يذكر ابن الأبار مصدرا ما اضطررنا إلى العودة إلى كتب الأدب والتاريخ في
الشرق والغرب العربيين، لنتقصّى فيها المواطن التي نقل منها ابن الأبار، أو اختصر ما نقله، على أن نثبت في الحواشي من اختلاف الروايات ما يبدو لنا نافعا ومعينا على زيادة نصوص ابن الأبار وضوحا وإبانة.
وابن الأبار لم يهتم في تراجم الكتّاب بإيراد سني الوفيات، وقد حاولنا أن نسدّ هذه الثغرة، لتتضح حدود العصور التي عاش فيها الكتّاب الذين ترجم لهم، ولهذا أضفنا حاشية خاصة عند بدء كل ترجمة، لتحديد سنة الوفاة وذكر المصادر الأخرى التي تترجم للكاتب، وإحالة القارىء على صفحاتها، غير أننا اقتصرنا في كثير من الأحيان على الإحالة على كتاب (الأعلام) للزركلي وحده، ذلك أن الطبعة الجديدة الحافلة من هذا الكتاب قد تكفّلت بذكر المصادر التي تترجم لكل علم من الأعلام، ولهذا كانت الإحالة على كتاب (الاعلام) تتضمن الإحالة على المصادر الأخرى المذكورة فيه.
ولقد عمدنا أخيرا إلى عمل فهارس كثيرة ومنوّعة للكتاب، تيسّر على القارىء الرجوع إلى التراجم والوصول إلى ما يريد منها.
وكتبنا مقدمة عن حياة ابن الأبار وعصره وآثاره (1)، وعن وصف كتاب
__________
(1) لترجمة ابن الأبار تراجع المصادر التالية:
1 - أزهار الرياض في أخبار عياض للمقّري: 3/ 225204
2 - نفح الطيب للمقري: 2/ 350346، 4/ 282، 6/ 54
3 - تاريخ ابن خلدون (القسم الأخير: تاريخ الدول الاسلامية بالمغرب) 1/ 394391، 429 431
4 - تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشي: 2720
5 - عنوان الدراية للغبريني: 183(1/37)
بيان الرموز المستعملة
(ق): إعتاب الكتاب، مخطوطة القاهرة
(س): إعتاب الكتاب، مخطوطة الاسكوريال
(ر): إعتاب الكتاب، مخطوطة الرباط
ص: صفحة
/: خط مائل نثبت على يمينه رقم الأجزاء وعلى يساره رقم الصفحات
الأصول: مجموعة النسخ الخطية: (ق) و (س) و (ر)
/: نهاية الصفحة من المخطوطة (ق) وابتداء الأخرى، وعلى الصفحة من الكتاب رقمها داخل قوسين معقوفين []
[]: في المتن لإضافة ما ليس في (ق) مع الإشارة في الحواشي إلى مصادر الإضافات
أما مختصرات الفهارس من عناوين الكتب وأسماء مؤلفيها فقد أرجأنا بيانها إلى فهرسي الأعلام والمراجع.(1/39)
المتوفي سنة 658هـ
مقدّمة المؤلّف
بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ
صلى الله على سيدنا ومولانا محمد (1)
قال الشيخ الفقيه الحافظ الحافل المصنّف المحدّث الأديب البارع (2) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبّار، رحمه الله:
أمّا بعد حمد الله الذي يعفو عن السيئات، والصلاة على محمد رسوله الخاص بسيادة كل ماض وآت، الحاضّ على اغتفار الهنات (3)، وإقالة عثرات (4) ذوي الهيئات، فهذه نبذة من إعتاب الكتّاب، وتشفيع الآداب، تشهر كما لهم في الاضطلاع والاكتفاء، وتشهد بمالهم عند الأمراء والخلفاء، من كريم الاختصاص ولطيف الإحتفاء وكيف لا يكونون كذلك، وهم مقاول الدول وألسنة الممالك، مفردهم في
__________
(1) في (ر) صلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
(2) في (س) قال الشيخ الأجل الفقيه العلّامة المحدّث التاريخي المصنف الحافظ، وفي (ر) كل ذلك مطموس.
(3) رواية (س) و (ر)، وفي (ق) على النيات، وفي الهامش: لعله على الأناة.
(4) رواية (ر)، وفي (ق) و (س) العثرات).(1/43)
تحرّجا عند الغضب، وتمتنّ تطوّلا بالنّعم، وتستبقي المعروف عند الصنائع، تفضّلا بالعفو، فإني الآن كالذي وجد عليه عبد الملك بن مروان (1) فجفاه واطّرحه، ثم دعا به ليسأله عن شيء، فرآه شاحبا ناحلا، فقال له: منذ متى اعتللت؟ قال (2): ما مسّني سقم، ولكني جفوت نفسي، إذ جفاني أمير المؤمنين، وآليت ألّا أرضى عنها حتى يرضى أمير المؤمنين عني! فأعاده إلى حسن رأيه فيه.
ولن أكفّ شافعا في نفسي، ودافعا براحة رجائي في صدر يأسي، أو ألحق بمشيئة الله شأو رجل من أهل الكوفة دخل على أبي جعفر المنصور، يشفع في مسخوط عليه، فشفّعه فيه، فقال: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في تقبيل يدك، فإنها أحق يد بالتقبيل، لعلوّها في المكارم، وطهورها من المآثم، وإنك يا أمير المؤمنين، لقليل التثريب، كثير الصفح عن الذنوب، فمن أرادك بسوء فجعله الله حصيد سيفك، وطريد خوفك فأعجب به المنصور وقرّبه.
ومولانا أيّد الله أمره أسجح طباعا، وأفسح في الفضائل باعا، ما زال يشرف احتراما واصطناعا، ويعرف إحسابا وإقناعا، وحقّ لمن عولّ على عدله المأمون، وتوسّل بفضله المضمون /، ثم بنجله المبارك الميمون، أن يجتلي وجه القبول المأمول سافرا، ويطمئنّ مقيما بما انزعج
__________
(1) انظر الخبر في العقد: 2/ 30
(2) العقد يجعل بعض قوله شعرا من السريع:
ما مسّني سقم ولكنني ... جفوت نفسي إذ جفاني الأمير(1/47)
مسافرا، فإنما دعا للتّوب قابلا، وللذنب غافرا، وسعى للعود بالخلاص الدّائب (1)، من ظفر الحادث وناب النائب ظافرا، لا زالت أهاضيب نواله دائمة السّفوح والهتون (2)، وأحاديث كماله صحيحة الأسانيد والمتون، ودام وليّ عهده، وخلاصة مجده، المهنّأ بمعالي الأمور، والمهيّأ لافتتاح المعمور، وهده ونجده، نظام الدين والدنيا، الأمير الأسعد الأعلى، الأظهر الأرضى، أبو يحيى (3)، يقتفي مذاهبه، ويصطفي مناقبه، حتى يفرع (4) النجم (5) جلالا جليّا، ويرفع العلم مكانا عليّا وهذا ابتداء المقصود، وإنجاز الموعود.
__________
(1) رواية (ر)، وفي (ق) و (س) الذائب.
(2) سفح وهتن سفوحا وهتونا: سال وانصب انصبابا
(3) الأمير زكريا أبو يحيى ولي عهد أبيه السلطان وأخو شفيع ابن الأبار لديه، انظر مقدمة المحقق: ص 14
(4) يعلو النجم شرفا ومجدا وجلالا
(5) رواية (ر)، وفي (ق) و (س) للنجم(1/48)
تراجم الكتّاب
1 - مروان بن الحكم (1)
كتب لعثمان رضي الله عنه، واستولى عليه وكان عثمان يولّي بني أمية، فيجيء منهم ما ينكر، ويستعتب فيهم فلا يعزلهم فلما شكا أهل مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح (2) وتظلّموا منه، عزله واستعمل مكانه محمد بن أبي بكر الصدّيق (3)، فعثر في طريقه، هو وأصحابه، بعد مسيرة ثلاث، على غلام يخبط بعيره، كأنه هارب أو طالب، ووجهه إلى مصر، أخبرهم مرة أنه لعثمان، وأخرى لمروان، ولم يجدوا معه إلا إداوة (4) قد يبست، فيها شيء يتقلقل، فشقّوها فإذا كتاب إلى ابن أبي سرح بالقرار
__________
(1) الخليفة الأموي الرابع (652هـ) ولد في مكة، وأدرك النبي وهو صبي، وولي إمارة المدينة مرات، ثم كتب لعثمان كما ترى، وبويع له بعد اعتزال معاوية الثاني الخلافة، وتوفي في دمشق بالطاعون، وقيل:
بل مات خنقا. الأعلام: 8/ 94والمعلمة الاسلامية: 3/ 355354
(2) انظر ما تقدم: ص 46، حاشية: 1و 2
(3) محمد بن عبد الله (3810هـ) ابن الخليفة الراشد الأول، شهد مع علي وقعتي الجمل وصفين، وولي إمارة مصر، وقبض عليه جيش معاوية هناك وقتله لمشاركته في دم عثمان. الأعلام: 7/ 89
(4) الإداوة: إناء صغير من جلد(1/49)
على عمله وبإبطال كتاب محمد بن أبي بكر، والإحتيال لقتله ومن معه (1)
فرجعوا إلى المدينة، وعرّفوا عثمان، فحلف ما كتب الكتاب ولا أمر به، ولا علم وعرفوا أنّه خطّ مروان، فسألوه أن يدفعه إليهم ليمتحنوه وينظروا في أمره، فأبى عثمان أن يخرج مروان، وخشي عليه القتل، فكان ذلك سبب حصاره.
وحكى الجاحظ قال (2): قال يزيد بن عياض: لمّا نقم الناس على عثمان، خرج يتوكأ على مروان وهو يقول: «لكلّ أمّة آفة، ولكلّ نعمة عاهة، وإنّ آفة هذه الأمّة عيّابون طعّانون، يظهرون لكم ما تحبون، ويسرّون ما تكرهون، طغام مثل النّعام، يتبعون أوّل ناعق. لقد نقموا عليّ ما نقموا على عمر، ولكن قمعهم ووقمهم (3) والله إني لأقرب ناصرا، وأعزّ نفرا فضل فضل من مالي، فمالي لا أفعل في الفضل ما أشاء» (4)»
وشهد مروان يوم الدار، ثم يوم الجمل، وولي المدينة لمعاوية مرّتين ثمّ بويع له بالشام، بعد معاوية (5) بن يزيد بن معاوية.
__________
(1) انظر الخبر ونص الكتاب في الجهشياري: 2221والعقد: 5/ 45
(2) انظر البيان والتبيين 1/ 353
(3) أي قهرهم وأذلهم، وفي الأصول (ووقفهم) وآثرنا رواية البيان والتبيين.
(4) يشير إلى المال الذي آثر به مروان بن الحكم، وكان ذلك من مآخذ الثائرين عليه.
(5) معاوية الثاني (6441هـ) ثالث خلفاء الأمويين، شعر بعد أربعين يوما من مبايعته بالخلافة بالضعف وقرب الأجل فاعتزل وتخلى عن الخلافة، ومات بعد قليل. الأعلام: 8/ 176175(1/50)
وكان من كبار أصحابه، إلى أن استلحقه (1) معاوية، وولّاه الكوفة والبصرة، وهو أوّل وال جمع له العراق.
3 - يحيى بن يعمر (2)
روى ابن أبي خيثمة في تاريخه (3)، عن أبي سفيان (4) الحميري، قال: كان يحيى بن يعمر من عدوان، وكان كاتب المهلّب (5) بخراسان، قال: فجعل الحجّاج يقرأ كتبه فيعجب، فقال: ما هذا؟ فأخبر، فكتب فيه، فقدم، فرآه فصيحا جدا، فقال: أين ولدت؟ فقال: بالأهواز، فقال: فما هذه الفصاحة؟ قال: كان أبي نشأ بتوّج (6)، فأخذت ذلك عنه (7) قال: أخبرني عن عنبسة بن سعيد يلحن؟ قال: كثيرا!
__________
(1) في (ر) استخلفه
(2) يحيى بن يعمر العدواني (129هـ) أول من نقط المصاحف، كان من علماء التابعين، عارفا بالحديث والفقه ولغات العرب، وهو من كتاب الرسائل الديوانية، وفي لغته إغراب وتقعر. الأعلام: 9/ 225.
(3) لم يصل إلينا هذا التاريخ، وابن أبي خيثمة هو أحمد بن زهير (279هـ) ومولده ووفاته ببغداد، وكتابه (التاريخ الكبير) يقول عنه الدارقطني: لا أعرف أغزر فوائد من تاريخه. الأعلام: 1/ 123
(4) رواية (س) و (ر)، وفي (ق) منين
(5) في الأصول الثلاثة (المهلّب) والصواب: يزيد بن المهلب، وقد صحبه يحيى إلى خراسان سنة 83وكتب له: الأعلام: 9/ 225، وانظر ترجمة يزيد بن المهلب (10253هـ) في الأعلام: 9/ 246والمعلمة الاسلامية: 4/ 1227
(6) مدينة بفارس: معجم البلدان: 2/ 56
(7) وفي رواية الجهشياري (ص 41): قال: حفظت كلام أبي وكان فصيحا فأخذت ذلك عنه، وانظر الخبر في البيان والتبيين: 1/ 354(1/53)
قال: فأنا ألحن؟ قال: لحنا خفيفا (1)، قال: أين؟ قال: تجعل إنّ أنّ وأنّ إنّ ونحو ذلك قال: لا تساكنّي ببلدة، أخرج!
قال: وعدوان من قيس (2).
وروي أن الحجاج بعث به إلى خراسان، وبها / يزيد بن المهلّب، فكتب إلى الحجّاج: «إنّا لقينا العدوّ، ففعلنا وفعلنا، فاضطررناهم إلى عرعرة الجبل (3)» فقال الحجاج: ما لابن المهلّب وهذا الكلام! ويقال إنه قال: ليس يزيد بأبي عذر (4) هذا الكلام! فقيل له. إنّ ابن يعمر قال ذلك، قال: ذلك إذا!.
وذكر يونس بن حبيب النحوي (5) قال: قال الحجاج لابن يعمر:
أتسمعني ألحن على المنبر؟ قال: الأمير أفصح من ذلك فألحّ عليه، فقال: حرفا، قال: أيّا؟ قال: في القرآن، قال: ذلك أشنع له فما هو؟ قال: تقول: {قُلْ إِنْ كََانَ آبََاؤُكُمْ وَأَبْنََاؤُكُمْ} إلى قوله عزّ وجلّ {أَحَبَّ} [6] فتقرؤها: «أحبّ» بالرفع، والوجه أن تقرأ بالنصب، على
__________
(1) رواية (ر)، وفي (ق) و (س) خفيا
(2) عدوان: اسمه الحرث بن عمرو بن قيس عيلان: ابن خلكان: 5/ 224
(3) نصّ الكتاب في البيان والتبيين (1/ 354): «إنا لقينا العدو، فقتلنا طائفة، وأسرنا طائفة، ولحقت طائفة بعرائر الأودية (أسافلها) وأهضام الغيطان (مداخل البساتين) وبتنا بعرعرة الجبل (أعلاه) وبات العدو بحضيضه (أسفله)»
(4) في البيان والتبيين (1/ 354): ما يزيد بأبي عذرة هذا الكلام، ويقال: هو أبو عذرها: لأول من افتضّها، ثم قيل: هو أبو عذر هذا الكلام: والمعنى أنه صاحبه وأول من قاله.
(5) انظر الخبر في طبقات فحول الشعراء: 13وابن خلكان: 5/ 223
(6) آية: 25من سورة التوبة(1/54)
خبر كان، قال: لا جرم (1) لا تسمع لي لحنا أبدا فألحقه بخراسان، وعليها يزيد بن المهلّب، قال: فكتب يزيد إلى الحجاج: إنّا لقينا العدوّ، فمنحنا الله أكتافهم، فأسرنا طائفة، وقتلنا طائفة، واضطررناهم إلى عرعرة الجبل، وأثناء الأنهار». فلّما قرأ الحجاج الكتاب قال: ما لابن المهلّب ولهذا الكلام! حسدا له، فقيل له: إن ابن يعمر هناك، فقال: فذاك إذا!.
وعكس أبو العباس المبرّد في (الكامل) مساق هذا الخبر (2)، فجعل كتاب يزيد بن المهلّب سببا في إشخاص ابن يعمر إلى الحجّاج، فقال في تفسير قول الشاعر (3):
قتل الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى وعراعر الأقوام
الواحدة عرعرة، وعرعرة كلّ شيء أعلاه، [و (4)] من ذلك كتاب يزيد بن المهلّب إلى الحجّاج بن يوسف: «إن العدوّ نزل بعرعرة الجبل، ونزلنا بالحضيض!» فقال الحجاج: ليس هذا من كلام يزيد، فمن هنالك؟ قيل: يحيى بن يعمر، فكتب إلى يزيد بأن يشخصه إليه. قال:
__________
(1) لا جرم: معناها في الأصل: لا بد، ثم جرت على الألسنة بمعنى القسم، وصارت بمنزلة حقا
(2) الكامل للمبرّد: 1/ 241240
(3) البيت من الكامل، وهو للمهلهل يقوله في أخيه كليب، وبعضهم يرويه (خلع الملوك): انظر المرصفي: رغبة الآمل في شرح الكامل: 3/ 130
(4) زيادة من الكامل(1/55)
وزعم التّوّزيّ قال: قال الحجاج ليحيى بن يعمر [يوما (1)]: أتسمعني ألحن؟ قال: الأمير أفصح من ذلك، قال: فأعاد عليه القول،. وأقسم [عليه (1)] فقال: نعم، تجعل (أنّ) مكان (إنّ) فقال له: ارحل عني ولا تجاورني.
وحكى ابن عبد ربّه (2): أن الحجّاج بعث فيه فقال: أنت الذي تقول: إن الحسين (3) بن عليّ ابن رسول الله صلى الله [عليه وسلم (4)]؟
والله لتأتينّ بالمخرج أو لأضربنّ عنقك! فقال له: فإن أتيت فأنا آمن؟
قال: نعم، قال له: إقرأ {وَتِلْكَ حُجَّتُنََا آتَيْنََاهََا إِبْرََاهِيمَ عَلى ََ قَوْمِهِ، نَرْفَعُ دَرَجََاتٍ مَنْ نَشََاءُ} إلى قوله تعالى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دََاوُدَ وَسُلَيْمََانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى ََ وَهََارُونَ وَكَذََلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيََّا وَيَحْيى ََ وَعِيسى ََ وَإِلْيََاسَ كُلٌّ مِنَ الصََّالِحِينَ} [5] فمن أقرب: عيسى إلى ابراهيم، وإنما هو ابن بنت بنيه (6)، أو الحسين (7) إلى محمد؟ فقال الحجاج: فو الله لكأني ما قرأت هذه الآية قطّ! وولّاه قضاء بلده، فلم يزل بالبصرة قاضيا حتى مات.
__________
(1) زيادة من الكامل
(2) انظر العقد: 5/ 304، والخبر بشكل آخر عند ابن خلكان: 5/ 222
(3) في العقد: الحسن، وابن خلكان: الحسن والحسين
(4) زيادة من (س) و (ر) والعقد
(5) الآيات: 8583من سورة الأنعام
(6) في العقد: ابن ابنته
(7) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): والحسين، وفي العقد: أو الحسن(1/56)
4 - يزيد بن أبي مسلم (1)
/ تقلّد للحجّاج ديوان الرسائل، وكان غالبا عليه، أثيرا لديه، يعوده في مرضه ويقال إنه كان أخاه من الرّضاعة فلما توفي الحجاج في آخر أيام الوليد بن عبد الملك (2)، ولىّ مكانه يزيد هذا، فاكتفى وجاوز، حتى قال الوليد: مات الحجاج بن يوسف، فولّيت مكانه يزيد بن أبي مسلم، فكنت كمن سقط منه درهم فأصاب دينارا! وقال ليزيد: قال لك الحجّاج: أنت جلدة ما بين عينيّ، وأنا أقول لك: أنت جلدة وجهي كلّه!.
ولمّا أدخل في نكبته على سليمان بن عبد الملك (3)، وهو موثق في الحديد، ازدراه، ونبت عينه عنه، وكان دميما، وقال: ما رأيت كاليوم قط! لعن الله امرأ أجرّك رسنه، وحكّمك في أمره! فقال: يا أمير المؤمنين، ازدريتني لمّا رأيتني والأمر عنّي مدبر، ولو رأيتني والأمر عليّ مقبل، لاستعظمت منيّ ما استصغرت، ولا ستجللت ما استحقرت! فقال سليمان: صدقت ثكلتك أمّك، إجلس! فجلس، فقال له: عزمت عليك يا بن أبي مسلم لتخبرنّي عن الحجاج، أتراه يهوي في نار جهنّم، أم
__________
(1) وهو يزيد بن دينار الثقفي (102هـ) وال من دهاة العصر الأموي، كتب للحجاج كما ترى، وولي الخراج بالعراق، ثم ولي إمارة إفريقية سنة 101، فأتمر به جماعة من أهلها وقتلوه. الأعلام: 9/ 234 وانظر أخبارا متفرقة عنه في الجهشياري: 42، 43، 51، 57
(2) توفي الحجاج سنة 95هـ، ولحق به الوليد بن عبد الملك بعد سنة واحدة.
(3) انظر أكثر هذا الخبر في الكامل للمبرد: 2/ 547(1/57)
الآداب) للحصري، وفي غيره، لأن عمران كان من القعدة، ولم يكن يحضر القتال، وإنّما هو عامر أخو عمران (1).
7 - سالم مولى هشام بن عبد الملك (2)
كان يتقلّد له ديوان الرسائل، وهو ممّن نبه بالكتابة حكى أبو بكر الصولي (3) أن أبا سلمة الخلّال (4)، وزير أبى العباس السفّاح، أنكر شيئا بلغه عن أبي العباس في وقت، فأنكر أبو العباس [السفّاح (5)] ذلك، وسكّن من أبي سلمة وقال له: إن هشام بن عبد الملك حمل على مولاه وكاتبه سالم، وسعي به إليه، فقال له (6):
يديرونني عن سالم وأديرهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم
وأنت جلدة وجهي كله.
__________
(1) ممّا يقوي حجة ابن الأبّار هنا أن الصولي يورد الخبر دون أن يذكر اسم عمران بن حطان: «أتي الحجّاج بجماعة من الخوارج من أصحاب قطري، وفيهم رجل كان له صديقا، فأمر بقتلهم، وعفا عن ذلك الرجل، ووصله وخلّى سبيله، فمضى الى قطري فقال قطري: عاود قتال عدوّ الله الحجاج فقال: هيهات. إلخ» أخبار أبي تمام: ص 205.
(2) ويكنى أبا العلاء، وكان ختن عبد الحميد، وهو أحد الفصحاء البلغاء (الفهرست: 171)
(3) لعلّ ابن الأبار ينقل الخبر من كتاب (الوزراء) للصولي، ولم يصل إلينا هذا الكتاب: انظر الفهرست:
215
(4) هو حفص بن سليمان (132هـ) أول من لقب بالوزارة في الاسلام، ويعرف بالخّلال لسكنه بدرب الخلّالين بالكوفة: الأعلام: 2/ 291
(5) زيادة من (س)
(6) البيت من الطويل، ويحدثنا ابن الأبار بعد قليل عن صاحبه(1/62)
الخاتم لمروان بن محمد بعد فقال له: إنّا عرفناك صغيرا، وخبرناك (1)
كبيرا، وأريد أن أخلطك بحاشيتي، وقد ولّيتك خراج مصر فأبى عليه، وقال: ليس الخراج من عملي ولا أبصره (2)! فغضب هشام، فأمسك عنه حتى حبس غضبه، ثم قال اتكلم يا امير المؤمنين؟ فقال له: قل، فقال: يقول الله عز وجل / {إِنََّا عَرَضْنَا الْأَمََانَةَ عَلَى السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبََالِ} الآية (3)، فو الله ما أكرهها، ولا سخط عليها فقال: أبيت إلّا دفعا! وأعفاه ورضي عنه.
وروى أبو نعيم الأصبهاني (4) الحافظ هذا الخبر بإسناده إلى إبراهيم بن أبي عبلة فقال: بعث إليّ هشام بن عبد الملك فقال [لي (5)]:
يا إبراهيم إنّا عرفناك صغيرا واختبرناك كبيرا فرضينا سيرتك وحالك، وقد رأيت أن أخلطك بنفسي [وخاصتي (5)] وأشركك في عملي، وقد ولّيتك خراج مصر قال: فقلت: أمّا الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين، فالله يجزيك ويثيبك، وكفى بك جازيا ومثيبا، وأمّا الذي أنا عليه، فمالي بالخراج بصر، ومالي عليه قوة! قال: فغضب حتى اختلج وجهه، وكان في عينيه قبل (6)، فنظر إلي نظرا منكرا، ثم قال: لتلينّ طائعا أو لتلينّ
__________
(1) رواية (ق) و (س)، وفي (ر) ج جرّبناك
(2) كذا في الأصول، وفي (الفرج): ولا لي بصر به
(3) آية: 72من سورة الأحزاب
(4) انظر حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني: 5/ 244
(5) زيادة من حلية الأولياء
(6) القبل في العينين هو إقبال سواد كل منهما نحو الأخرى(1/64)
آخر دولة بني أمية فأحببت أن يسكنوا إلى هذا التاريخ، وترجع إليهم نفوسهم!
قال الصولي (1): وتوفي أبو العباس، وخالد وزيره، وتمادى على ذلك صدرا من خلافة المنصور، ثم استوزر أبا أيوب المورياني (2)، وبقي خالد واليا لديوان الخراج فقط ويقال إنه أول من وليه، ثم ولي حرب فارس وخراجها، وتصرفت به الولايات إلى أن توفي المنصور، وخالد على الموصل ونواحيها، فاقرّه المهدي عليها، وزاده ثم ولّاه فارس وأعمالها، فأخرج خالد يحيى ابنه إليها. وسعي به إلى المهدي فطالبه بمال عظيم رفع إليه، فباع أكثر ما يملك فيه، ثم بلغته حقيقة أمره، فأسقط عنه البقية، وأشخصه مع الرشيد إلى الغزو، فانصرف عليلا، فوجّه المهدي إليه ابنه الهادي يعوده.
10 - كتاب المنصور
ذكر أبو الحسن الماوردي (3): أن أبا جعفر المنصور بلغه عن جماعة من كتّاب دواوينه (4) أنهم زوّروا فيها وغيّروا، فأمر بإحضارهم، وتقدّم
__________
(1) النقل عن كتاب (الوزراء) له.
(2) مات سنة 153هـ. انظر الجهشياري: 97وابن خلكان: 2/ 144143
(3) انظر (الأحكام السلطانية) له: 77
(4) رواية (س)، وفي (ق) و (ر) ديوانه(1/67)
بتأديبهم (1)، فقال حدث منهم وهو يضرب (2):
أطال الله عمرك في صلاح ... وعز يا أمير المؤمنينا
بعفوك نستجير فإن تجرنا ... فإنّك عصمة للعالمينا
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
فأمر بتخليتهم، ووصل الفتى وأحسن إليه.
وقال ابن عبد ربه (3): عتب أبو جعفر المنصور على قوم من الكتّاب، فأمر بحبسهم، فرفعوا إليه رقعة ليس فيها إلا هذا البيت:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
فعفا عنهم، وأمر بتخلية سبيلهم.
وذكرت بهذا الشعر قول أبي نواس، وهو في حبس الرشيد يستعطفه (4):
بعدلك بل بجودك عذت لا بل ... بحبّك (5) يا أمير المؤمنينا
فلا يتعذّرنّ عليّ عفو ... وسعت به جميع العالمينا
فإنّي لم أخنك بظهر غيب ... ولا حدّثت نفسي أن أخونا
__________
(1) أمر بتأديبهم
(2) الأبيات من الوافر، وهي والخبر في الجهشياري (ص 136) نقلا عن كتاب (الخلفاء) للحارث بن أبي أسامة.
(3) انظر العقد: 4/ 265، والخبر نفسه في (أدب الكتاب) للصولي: 24
(4) ديوان أبي نواس (طبعة الغزالي): 402والأبيات من الوافر.
(5) رواية الديوان: بفضلك(1/68)
براك الله للإسلام عزّا ... وحصنا دون بيضته حصينا
/ فقد أوهنت أهل الشّرك حتّى ... تركتهم وما يترمرمونا (1)
تزورهم بنفسك كلّ عام ... زيارة واصلين لقاطعينا (2)
ولو شئت استرحت إلي نعيم ... وقاسى الأمر دونك آخرونا
فشفّع حسن وجهك في أسير ... يدين بحبّك الرّحمن دينا
إذا ما الهون حلّ بمستجير (3) ... فليس لجار بيتك أن يهونا
فأطلقه الرشيد بشفاعة الفضل، كما أطلقه بشفاعته أيضا الأمين، وقد قال يستعطفه إذ حبس ثانية (4):
تذكّر أمين الله والعهد يذكر ... مقامي وإنشاديك والناس حضّر
ونثري عليك الدّرّ يا درّ هاشم ... فمن ذا (5) رأى درّا على الدرّ ينثر
مضت لي شهور مذ حبست ثلاثة ... كأنّي قد أذنبت ما ليس يغفر
فإن كنت لم أذنب ففيم تعنّتي (6) ... وإن كنت ذا ذنب فعفوك أكبر
__________
(1) ترمرم: حرّك فاه للكلام ولم يتكلم، وفي الديوان: يتذمرونا
(2) رواية الديوان: واصل للقاطعينا
(3) رواية الديوان: الهول حلّ بدار قوم فليس لجار مثلك
(4) ديوان أبي نواس (طبعة الغزالي): 426والأبيات من الطويل
(5) رواية الديوان: فيامن
(6) رواية الديوان: حبستني(1/69)
ولما قتل المهدي ابنه عبيد (1) الله بن أبي عبيد الله على الزندقة (2)، قال له: لا يمنعك ما سبق به القضاء في ولدك، من ثلج صدرك، وتقديم نصحك، فإني لا أعرض لك رأيا على تهمة، ولا أؤخر لك قدما عن مرتبة! فقال: يا أمير المؤمنين، إنّما كان ابني حسنة، من نبت إحسانك أرضه، وتفقدك سماؤه، وأنا طاعة أمرك وعبد نهيك، وبقية رأيك لي أحسن الخلف عندي ويقال: إن المهدي قال له: إنه لو كان في صالح خدمتك، وما تعرفناه من طاعتك، ما يجب بمثله الصفح عن ولدك، ما تجاوز أمير المؤمنين ذلك إلى غيره، ولكنه نكص على عقبه، وكفر بربه! فقال أبو عبيد الله: رضانا عن أنفسنا، وسخطنا عليها يا أمير المؤمنين موصول برضاك وسخطك، ونحن خدم نعمتك، تثيبنا على الإحسان فنشكر، وتعاقبنا على الإساءة فنصبر! فاحتال الربيع بن يونس (3)
حتى غيّر عليه المهدي، وزيّن له استعمال يعقوب بن داود (4)، فجعلت حال أبي عبيد الله تتناقص، وحال يعقوب تتزايد، إلى أن سماه المهدي أخا في الله ووزيرا، وأخرج بذلك توقيعات ثبتت في الدواوين، فقال في ذلك سلم الخاسر (5):
__________
(1) اسمه في (ر) والجهشياري: عبد الله، وفي المعلمة الاسلامية: محمد (1/ 114)
(2) تفصيل ذلك في الجهشياري: 153
(3) هو حاجب المهدي، وانظر في سبب تغييره قلب المهدي: الجهشياري: 153151
(4) يعقوب بن داود (187هـ) استوزره المهدي سنة 163فغلب على الأمور كلها. الأعلام: 9/ 258 259وتاريخ بغداد: 14/ 262والمعلمة الاسلامية: 1/ 7776.
(5) البيتان في الجهشياري: 155وهما من البسيط، وسلم الخاسر شاعر ماجن من تلامذة بشار. توفي سنة 186هـ. انظر ابن خلكان: 2/ 9795(1/74)
قل للإمام الذي جاءت خلافته ... تهدى إليه بحق غير مردود
نعم المعين على الدنيا أعنت به (1) ... أخوك في الله يعقوب بن داود
وصرف أبا عبيد الله عن الوزارة، وقال أستحيي منه لقتلي ولده واقتصر به على ديوان الرسائل، وكان يصل إليه على رسمه.
14 - كاتب الهادي (2)
/ قال ابن عبدوس (3): حكي لنا أن موسى الهادي سخط على بعض كتّابه، ولم يسمّ لنا [الكاتب (4)]، فجعل يقرّعه بذنوبه، ويتهدّده ويتوعده، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن اعتذاري مما تقرعني به رد عليك، وإقراري بما بلغك يوجب ذنبا عليّ لم أجنه، ولكني أقول [شعرا (5)]:
فإن كنت ترجو في العقوبة راحة (6) ... فلا تزهدن عند المعافاة في الأجر
فأمر بألّا يعرض له، وصفح عنه وأحسن إليه.
__________
(1) رواية (س) والجهشياري، وفي (ق) و (ر) بها.
(2) الخليفة العباسي الهادي موسى بن محمد (170144هـ): الأعلام: 8/ 279
(3) الجهشياري: 169وانظر أيضا (الفرج بعد الشدة): 1/ 68والعقد: 2/ 19
(4) زيادة من (ر) والجهشياري
(5) زيادة من (الفرج بعد الشدة)، والبيت من الطويل
(6) رواية الأصول، وفي الجهشياري: رحمة، وفي الفرج: تشفيا(1/75)
15 - يوسف بن الحجاج الصيقل الكوفي (1)
كان كاتبا ظريفا، يغنّى في كثير من أشعاره. ذكر ذلك أبو الفرج الأصبهاني واختص بالهادي إلى أن توفي، وضاع فلمّا ورد الرشيد الرقة خرج يوسف هذا (2)، وكمن له في نهر جاف على طريقه، وكان للرشيد خدم صغار يسميهم النّمل، يتقدمونه، بأيديهم قسيّ البندق (3)، يرمون بها من يعارضه في طريقه، فلم يتحرك يوسف حتى وافت قبّته على ناقة، فوثب إليه [يوسف (4)]، وأقبل الخدم الصغار يرمونه، فصاح بهم الرشيد: كفّوا عنه! فكفّوا، وصاح به يوسف [يقول (4)]:
أغيثا تحمل الناقة ... أم [تحمل (4)] هارونا
أم الشمس أم البدر ... أم الدّنيا أم الدينا
ألا كلّ الذي عدّد ... ت قد أصبح مقرونا
على مفرق هارونا ... فداه الآدميونا
فمدّ الرشيد يده إليه، وقال: مرحبا بك يا يوسف، كيف كنت (5)
__________
(1) ابن الصّيقل (نحو 200هـ) وأخباره في الأغاني: 20/ 9693وانظر الأعلام: 9/ 298297
(2) انظر الخبر في الأغاني: 20/ 94
(3) رواية (ق) و (س) والأغاني، وفي (ر) النبل
(4) زيادة ليست في (ق)، والأبيات من الهزج، وابن المعتز في طبقات الشعراء: 65ينسبها إلى عمر بن سلمة المعروف بابن أبي السّعلاء.
(5) رواية (ق) و (س) والأغاني، وفي (ر) أنت(1/76)
بعدي؟ ادن مني، فدنا، وأمر له بفرس فركبه، وسار إلى جانب قبّته ينشده والرشيد يضحك، وكان طيّب الحديث، ثم أمر له بمال، وأمر أن يغنّى في الأبيات.
16 - أبان بن عبد الحميد اللاحقي (1)
خرج (2) من البصرة يطلب الاتصال بالبرامكة، وكان الفضل بن يحيى (3) غائبا، فقصده وأقام ببابه [مدة (4)] مديدة، لا يصل إليه، فتوسل (5) إلى بعض بني هاشم ممن شخص مع الفضل في أن يوصل إليه شعرا، وقال فيه (6):
يا غزير (7) الندى ويا جوهر الجو هر من آل هاشم في البطاح (8)
/ إنّ ظنّي ولست تخلف (9) ظنّي بك [في (10)] حاجتي سبيل نجاحي
__________
(1) أبان اللاحقي (200هـ) شاعر بصري مكثر، انتقل إلى بغداد واتصل بالبرامكة وأكثر من مدحهم، وخص بالفضل بن يحيى. الأعلام: 1/ 2120والمعلمة الاسلامية: 1/ 54، وله أخبار كثيرة في (الأوراق) للصولي.
(2) انظر الخبر في الأوراق (قسم أخبار الشعراء) للصولي: 32والأغاني: 20/ 75
(3) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي (193147هـ) وزير الرشيد وأخوه من الرضاعة، مات في سجن الرشيد بالرقة. الأعلام: 5/ 358
(4) زيادة من (الأوراق)
(5) رواية (س) والأوراق والأغاني، وفي (ق) و (ر): فتوصل
(6) الأبيات من الخفيف، وفي الأوراق أبيات أخرى بعدها
(7) رواية الأصول، وفي الأوراق والأغاني: يا عزيز
(8) رواية (ق) و (ر)، وفي المصادر الأخرى: بالبطاح
(9) رواية الأصول، وفي المصادر الأخرى: وليس يخلف سبيل النجاح
(10) زيادة ليست في (ق)(1/77)
يحيى بن خالد رقعة بأبيات له، وذكر منها ما تقدم وزاد (1):
لست بالضخم في رؤاي ولا الفد ... م ولا بالمجحدر الدّحداح (2)
لحية كثّة وأنف طويل (3) ... واتّقاد كشعلة المصباح
لست بالنّاسك المشمّر ثوبيه ... ولا الفاتك الخليع الوقاح
فدعا به، فلما دخل عليه، أتاه كتاب من أرمينية، فرمي به إليه، وقال له: أجب عنه! فأجاب في غرضه، فأمر له بألف [ألف (4)] درهم، وكان أول داخل وآخر خارج، وإذا ركب فركابه مع ركابه، قال: فبلغ هذا الشعر أبا نواس فقال (5):
إن أولى بقلة الحظّ منّي ... للمسمى بالجلجل الصيّاح
لم يكن فيك غير شيئين ممّا ... قلت [في (6)] نعت خلقك الدّحداح
__________
(1) الأبيات في الأوراق (قسم أخبار الشعراء): 5
(2) الممتلىء القصير
(3) في الأوراق: ووجه جميل
(4) زيادة من (س) و (ر) والعقد
(5) الأبيات في الأوراق (قسم أخبار الشعراء): 2322، وهي مروية بألفاظ كثيرة مغايرة:
إنّ أولى بقلة الحظ مني ... المسمّى بالبلبل الصيّاح
لم يكن فيك من صفاتك شيء ... غير خلق مدحدح دحداح
لحية ثطّة وأنف قصير ... وانثناء عن التقى والصلاح
فيك ما يحمل الملوك على الخر ... ق ويسطو بالسيد الجحجاح
والذي قلت فيك باق صحيح ... والذي قلت ذاهب في الرياح
(6) ساقطة من (ق)، وهي في (س) و (ر)(1/79)
الآخر فالإصحار لك والرضا بحكومتك، فاعتلى الرجاء لعفوك الخوف من بادرتك، وعلمت أني لم أعجزك فيما مضى من سالف الأيام، ولأنت أعظم شأنا من الذي لم تعد قدرته الحيرة، إذ يقول له النابغة (1):
فإنّك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
فأنا أسألك مسألة، يعظّم الله عليها أجرك، ويجزل عليها ذخرك، وأسألك بحق نعم الله إلّا بللت ريقي بعفوك، وفرّجت الضيقة التي لزمتني بعطفك». فكتب إليه يحيى بالأمان له والعفو عنه.
وفي (الكتاب المعرب عن المغرب (2))، أن حجر بن سليمان هذا، كان من أفصح الناس، مع أدب الكتابة وظرفها، فلما ولي يزيد بن مزيد الشيباني (3) أرمينية، بعث إليه، فأمر فشقّت ثيابه، وقال: والله لأزيلنّ لحمك وعصبك عن عظمك، لا والله ما طلبت ولاية أرمينية إلّا لأشفي نفسي منك! فقال: لا تعجل أيها الأمير، فإن تكن يدك عالية علينا فيد الله أعلى، فانظر إلى من فوقك، ولا تنظر إلى من تحتك، فكلّ رب من العباد مربوب لذي القوة المتين الذي ينتقم إذا شاء في عاجل! أعيذك بالله أيها الأمير أن تساعد غضبك فتندم وخذ الفوز في الدين والدنيا بالعفو، فإن الله يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلََا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللََّهُ لَكُمْ وَاللََّهُ}
__________
(1) ديوان النابغة: 77والبيت من الطويل
(2) يذكر بروكلمان (في الملحق: 1/ 194) كتابا بهذا الاسم لأبي هلال العسكري، وقد وصلت إلينا نسخة خطية منه (مكتبة عاشر أفندي باستانبول: 433، 3)
(3) انظر ما تقدم ص: 46، حاشية: 5(1/84)
وإن أقصيته أدركك وان غالبته غلبك! قال: فنام أقلّ من فواق بكيّة (1)، أو نزع ركية، ثم انتبه مذعورا، فقال: يا سهل لأمر ما كان، ذهب والله ملكنا، وذلّ عزنا، [وانتقضت أيام دولتنا (2)] قلت: وما ذاك، أصلح الله الوزير؟ قال: رأيت كأنّ منشدا أنشدني (3):
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس، ولم يسمر بمكة سامر
فأجبته على غير روية، ولا إجالة فكرة:
بلى نحن كنا أهلها فأزالنا (4) ... صروف اللّيالي والجدود العواثر
قال: فو الله ما زلت أعرفها منه، وأراها ظاهرة فيه، إلى الثالث من يومه ذاك، فإني لفي مقعد [ي (2)] بين يديه، أكتب توقيعات في أسفل كتبه لطلاب الحوائج إليه، قد كلفني إكمال معانيها بإقامة الوزن فيها، إذ وجدت رجلا سعى إليه (5)، حتى أوفى مكبا عليه، فقال: مهلا ويحك، ما اكتتم خير، ولا استتر شر! قال: قتل أمير المؤمنين الساعة جعفرا! قال: أو [قد (2)] فعل؟ [قال: نعم (2)!] قال: فما زاد على أن رمى القلم من يده [و (2)] قال: هكذا تقوم الساعة بغتة! قال سهل: فلو
__________
(1) الفواق والفواق: ما بين الحلبتين من الوقت، والبكية: الناقة القليلة اللبن.
(2) زيادة من العقد
(3) قصة أخرى حول هذين البيتين في الجهشياري: 253وهما من الطويل
(4) رواية الأصول، وفي الجهشياري والعقد: فأبادنا
(5) رواية العقد، وفي الأصول: وجبب رجلا ساع إليه!(1/86)
انكفأت السماء على الأرض ما زاد. تبرأ منهم الحميم، واستبعد عن نسبهم القريب، وجحد ولاءهم المولى، واستعبرت لفقدهم الدنيا، فلا لسان يحظى بذكرهم، ولا طرف [ناظر (1)] يشير إليهم وضمّ يحيى بن خالد، وقته ذلك (2)، والفضل ومحمد وخالد، بنوه وبنوهم، مع بني جعفر بن يحيى، ومن لفّ لفّهم، أو هجس بصدره أمل / فيهم وبعث فيّ الرشيد، فو الله لقد أعجلت عن النظر، فلبست ثياب إحرامي وأعظم رغبتي إلى الله في الإراحة بالسيف، وألّا يعبث فيّ عبث جعفر (3)، فلما دخلت عليه، ومثلت بين يديه، عرف الذعر فيّ بجرض ريقي، وشخوصي إلى السيف المشهور ببصري، فقال: إيها يا سهل، من غمط نعمتي، وتعدى وصيّتي، وجانب موافقتي، أعجلته عقوبتي! قال:
فو الله ما وجدت جوابها حتى قال لي: ليفرخ روعك، ويسكن جأشك، وتطب نفسك، وتطمئن حواسّك، فإنّ الحاجة إليك قرّبت منك، وأبقت عليك ما يبسط منقبضك، ويطلق معقولك، وأشار إلى مصرع جعفر وقال (4):
من لم يؤدّبه الجمي ... ل ففي عقوبته صلاحه
فقال سهل: فو الله ما أعلم أني عييت عن جواب آخر قطّ، غير جواب
__________
(1) زيادة من العقد
(2) في العقد: وبقية ولده
(3) في العقد: وإلا نعيت في نعي جعفر
(4) البيت من مجزوء الكامل، وذكره الجاحظ في (المعاد والمعاش) انظر مجموع رسائل الجاحظ، نشر كراوس والحاجري: 16(1/87)
الرشيد يومئذ، فما عوّلت في الشكر إلّا على تقبيل باطن رجليه! ثم قال: اذهب قد أحللتك محلّ يحيى، ووهبت لك ما ضمّته أبنيته وحواه سرادقه، فاقبض الدواوين، وأحص جباء جعفر لنأمرك بقبضه إن شاء الله. قال سهل: فكنت كمن نشر من كفن وأخرج من حبس.
ثم جلّت حال سهل عند الرشيد وخصّ به، فدخل عليه يوما وهو يضاحك ابنه المأمون، فقال (1): أللهمّ زده من الخيرات، وابسط له في البركات، حتى يكون كل يوم من أيامه موفيا على أمسه، مقصرا عن غده! فقال الرشيد: يا سهل، من روى من الشعر أحسنه وأجوده، ومن الحديث أصحّه وأبلغه، ومن البيان أفصحه وأوضحه، إذا رام أن يقول لم يعجزه، فقال: يا أمير المؤمنين: ما ظننت أن أحدا تقدّمني إلى مثل هذا المعنى! قال: بلى، أعشى همدان حيث يقول (2):
رأيتك أمس خير بني لؤيّ ... وأنت اليوم خير منك أمس
وأنت غدا تزيد الخير ضعفا ... كذاك تزيد سادة عبد شمس
واستثقل المأمون سهل بن هارون (3)، فدخل عليه يوما والناس على منازلهم، فتكلّم المأمون بكلام ذهب فيه كلّ مذهب، فلما فرغ أقبل سهل على ذلك الجمع فقال: ما لكم تسمعون ولا تعون! وتشاهدون ولا
__________
(1) الخبر في العقد: 2/ 13
(2) البيتان من الوافر، وذكرهما الجاحظ في رسالته (كتمان السر وحفظ اللسان) انظر مجموع رسائل الجاحظ (كراوس والحاجري): 38
(3) الخبر في البيان والتبيين: 1/ 319318والعقد: 2/ 1413(1/88)
تفهمون، وتفهمون ولا تعجبون، وتعجبون ولا تنصفون! أما والله إنه ليقول ويفعل في اليوم القصير مثل ما قالت وفعلت بنو مروان في الدهر الطويل، عربهم كعجمهم وعجمهم كعبيدهم، ولكن كيف يعرف الدواء من لا يشعر بالداء! فرجع المأمون فيه الى الرأي الأوّل.
وهذا كاستثقال الحجّاج زياد بن عمرو العتكي (1)، فلما وفد على عبد الملك بن مروان، والحجاج حاضر، قال: يا أمير المؤمنين، إنّ الحجاج سيفك الذي لا ينبو، وسهمك الذي لا يطيش، وخادمك الذي لا تأخذه فيك لومة لائم فلم يكن بعد ذلك أحد أخفّ عليه منه.
وشبيه بثناء زياد على الحجاج ثناء أبي دلف العجلي (2) / على عبد الله بن طاهر (3) عند المأمون، حين دخل عليه بعد الرضا عليه، فسأله عن عبد الله بن طاهر، فقال: خلّفته يا أمير المؤمنين أمين غيب، نصيح جيب، أسدا فينا قائما على براثنه، يسعد به وليّك، ويشقى به عدوّك، رحب الفناء لأهل طاعتك، ذا بأس شديد لمن زاغ عن قصد محبتك، قد فقّهه الحزم وأيقظه العزم، فقام في نجز الأمور، على ساق التشمير، يبرمها بأيده وكيده، ويفلّها بحدّه وجدّه، وما أشبّهه في الحرب إلّا بقول
__________
(1) الخبر في العقد: 2/ 14
(2) هو القاسم بن عيسى (226هـ) أمير جواد شجاع، من قادة جيش المأمون، وللشعراء فيه أماديح، الأعلام: 6/ 13
(3) عبد الله بن طاهر (230هـ) أمير خراسان ومن أشهر الولاة في العصر العباسي، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه، ويقال إنه كان تبنّاه ورباه. الأعلام: 4/ 226(1/89)
عباس بن مرداس (1):
أكرّ على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها
والمأمون في خلفاء بني العباس اغزرهم علما، وأشهرهم حلما، وكان يقول: لو علم الناس لذّتنا بالعفو لتقرّبوا إلينا بالجرائم! وقال لعمه ابراهيم بن المهدي (2): لقد حببت إليّ العفو حتى خفت ألّا أؤجر عليه!
فلو تقدّم عصر مولانا الذي فضل العصور الخالية، وأحال على العطل الملوك الحالية، لقلت إيّاه تقيّل، معارف وعوارف، وعلاه تسربل، من توالد وطوارف (3)، وإلّا فهأنا مع الاصطناع الظاهر، والاستشفاع بالنجل المبارك الطاهر، كالذي قال للحسن بن سهل (4)، وقد أتى ما أتيت عن جهل (5): ذنبي أعظم من السماء، وأوسع من الهواء، وجرمي أكثر من الماء! فقال له الحسن: على رسلك، [قد (6)] تقدّمت لك طاعة، وحدثت منك توبة، وليس للذنب بينهما مكان، وما ذنبك في الذنوب
__________
(1) البيت من الوافر، والعباس بن مرداس شاعر مخضرم، أسلم قبيل فتح مكة ومات في خلافة عمر.
الأعلام: 4/ 39
(2) ابراهيم بن المهدي (224هـ) عم المأمون، انتهز فرصة اختلاف الأمين والمأمون فدعا الى نفسه وبايعه كثيرون في بغداد، فطلبه المأمون فاختفى ثم استسلم له فعفا عنه. الأعلام: 1/ 5655، وابن خلكان: 1/ 2319
(3) جمع تليد وطريف
(4) الحسن بن سهل (236هـ) وزير المأمون وأحد كبار القادة والولاة في عصره، ووالد بوران زوجة المأمون. الأعلام: 2/ 207
(5) انظر العقد: 2/ 30، والقائل هو نعيم بن حازم
(6) زيادة من (ر)(1/90)
بأعظم من عفو أمير المؤمنين في [العفو (1)]! وفيه يقول الحسن بن رجاء الكاتب (2):
صفوح عن الإجرام حتّى كأنّه ... من العفو لم يعرف من الناس مجرما
وليس يبالي أن يكون به الأذى ... إذا ما الأذى لم يغش بالكره مسلما
وقد تضمنت هذه الرسالة من أنبائه، ما يدل على كماله، ويجلو للأحداق صور مكارم الأخلاق في سماحه واحتماله.
20 - كلثوم بن عمرو العتّابي (3)
كان ممن جمع له البيان والخطابة والشعر الجيد والرسائل الفاخرة.
قال ابن عبد ربه (4): بلغني أنّ صديقا لكلثوم العتّابي أتاه يوما فقال له: اصنع لي رسالة فاستمدّ مدّة، ثم علّق القلم، فقال له صاحبه: ما أرى بلاغتك إلا شاردة [عنك (5)] فقال له العتّابي: إني لمّا تناولت القلم تداعت عليّ المعاني من كل جهة، فأحببت أن أترك كلّ معنى حتى [يرجع
__________
(1) زيادة من (ر)
(2) البيتان من الطويل، وقد وردا في (الفرج بعد الشدة): 84، والحسن بن رجاء ممدوح أبي تمام، وهو من كبار كتاب الدولة العباسية، وابن الأبّار يخصص له ترجمة في (الإعتاب): الترجمة رقم: 46
(3) العتابي (220هـ) شاعر شامي مجيد، وكاتب حسن الترسل، مدح الرشيد والبرامكة، وصحب طاهر بن الحسين: الأعلام: 6/ 9089وطبقات ابن المعتز: 124123والأغاني: 12/ 2 10، وانظر مقالة مفصلة في حياته وأدبه لطه الحاجري في مجلة الكاتب المصري (المجلد السابع، العدد:
28، يناير 1948).
(4) انظر العقد: 4/ 260259
(5) زيادة من العقد(1/91)
لم أدر أنّ لمثل جرمي غافرا ... فظللت أرقب أيّ حتف صارع
والله يعلم ما أقول فإنّها ... جهد الأليّة من مقر باخع
ما إن عصيتك والغواة تمدّني ... أسبابها إلّا بنيّة طائع
وقوله (1):
ذنبي إليك عظيم ... وأنت أعظم منه
فخذ بحقك أولا ... فاصفح بفضلك عنه
إن لم أكن في فعالي ... من الكرام فكنه
وقول إسحاق بن إبراهيم الموصلي (2) للمأمون أيضا (3):
لا شيء أعظم من جرمي ومن أملي ... لحسن عفوك عن جرمي وعن زللي
فإن يكن ذا وذا في القدر قد عظما ... فأنت أعظم من جرمي ومن أملي
وقول علي بن الجهم للمتوكل (4)، وقد تمثّل به جعفر بن عثمان المصحفي فنسب إليه وهما (5):
عفا الله عنك ألا حرمة (6) ... تعوذ بعفوك أن أبعدا
__________
(1) الأبيات من المجتث وهي في (المستجاد من فعلات الأجواد): 81و (الفرج بعد الشدة): 2/ 44
(2) ابن النديم الموصلي (235هـ) من أشهر ندماء الخلفاء، شاعر عالم بالغناء والموسيقى. الأعلام:
1/ 283وابن خلكان: 1/ 184182
(3) البيتان من البسيط
(4) الأبيات من المتقارب وهي في ديوان علي بن الجهم: 7877، من قصيدة كتب بها الشاعر إلى المتوكل وهو محبوس. وانظر ترجمة الشاعر في مقدمة الديوان، والمعلمة الاسلامية: 1/ 288287
(5) الأبيات منسوبة إلى جعفر المصحفي في المصادر التالية: نفح الطيب: 2/ 126والمطمح: 6والبيان المغرب: 2/ 268
(6) في نفح الطيب: رحمة(1/94)
لئن جلّ ذنب ولم أعتمده ... فأنت أجلّ وأعلى يدا
ألم تر عبدا عدا طوره ... ومولى عفا ورشيدا هدى
ومفسد أمر تلافيته ... فعاد فأصلح ما أفسدا
أقلني أقالك من لم يزل ... يقيك ويصرف عنك الرّدى
وما أحسن قول أبي بكر بن عمّار (1) للمعتمد محمد بن عبّاد رحمه الله (2):
سجاياك إن عافيت أندى وأسجح ... وعذرك إن عاقبت أجلى وأوضح
وإن كان بين الخطّتين مزيّة ... فأنت إلى الأدنى من الله أجنح
ويشبه قول العتّابي:
ردّت إليك ندامتي أملي ... البيت
ما كتب به سعيد بن حميد (3) إلى بعض الرؤساء معتذرا، وقد نسب ذلك أبو اسحق الحصري الى ابن مكرم وأتى به مختصرا: «نبت بي عنك غرّة الحداثة فردّتني إليك الحنكة، وباعدتني منك الثقة بالأيّام، فأدنتني إليك الضرورة، فسدت فلم أصلح لغيرك، وبخستك معروفك فلم أهنأ ظلمك، / وهأنا قد ألقيت بيدي إليك لمّا ضاقت عليّ المذاهب، وتقطّعت
__________
(1) محمد بن عمار (477هـ) شاعر أندلسي، وزير المعتمد العبادي ومشيره، استنابه على (مرسية) فعصى بها، فقبض عليه المعتمد وقتله. الأعلام: 7/ 200والمعلمة الاسلامية: 2/ 383.
(2) البيتان من الطويل وهما من قصيدة نجدها في (نفح الطيب): 7/ 109108والمعجب للمراكشي: 88
(3) سعيد بن حميد (نحو 250هـ) كاتب مترسل شاعر، قلده المستعين العباسي ديوان رسائله. الأعلام:
3/ 146(1/95)
صفر سنة أربع ومائتين، توصّل إليه العتّابي، فتعذّر عليه لقاؤه، فتعرّض ليحيى بن أكثم (1) [فقال: أيها القاضي إن رأيت أن تذكّر بي أمير المؤمنين (2)!] فقال له يحيى: ما أنا بحاجب! فقال العتّابي: قد علمت، ولكنّك ذو فضل، وذو الفضل معوان قال: سلكت بي غير طريقي! فقال: إنّ الله ألحقك بجاه ونعمة، وهما مقيمان عليك بالزيادة إن شكرت، والتغيير إن كفرت، وأنا اليوم خير منك لنفسك، أدعوك إلى ما فيه زيادة نعمتك، وأنت تأبى ذلك، ولكل شيء زكاة، وزكاة الجاه بذله للمستعين! فدخل إلى المأمون فقال: يا أمير المؤمنين أجرني من العتّابي ولسانه، فلم يأذن له وشغل عنه، فلما رأى العتّابي جفاءه قد تمادى كتب إليه (3):
ما على ذا كنّا افترقنا بسندا ... ن (4) ولا هكذا رأيت الإخاء
لم أكن أحسب الخلافة يزدا ... د بها ذو الصّفاء إلّا صفاء
تضرب الناس بالمهنّدة البت ... ر على غدرهم وتنسى الوفاء!
يعرّض بقتله لأخيه على غدره ونكثه لما عقد الرشيد، فلما قرأ المأمون كتابه دعا به، فدنا منه وسلّم بالخلافة، ثم وقف بين يديه، فقال: يا عتّابي
__________
(1) يحيى بن أكثم (242هـ) قاضي القضاة ببغداد للمأمون والمتوكل، وغلب على المأمون حتى ام يتقدمه عنده أحد. الأعلام: 9/ 167.
(2) زيادة من العقد وزهر الآداب
(3) الأبيات من الخفيف، وعزاها الصولي إلى أحمد بن يوسف. انظر الأوراق (قسم أخبار الشعراء):
215، ويذكر الصولي أنها معزوة لأبي العتاهية أيضا.
(4) صوابها في رأي الدكتور مصطفى جواد: بشبداز(1/97)
[بلغتني (1)] وفاتك فغمّتني، ثم انتهت إليّ وفادتك فسرّتني، وإني لحريّ بالغم لبعدك والسرور بقربك، فقال: يا أمير المؤمنين / لو قسّم هذا البرّ على أهل منى وعرفات لوسعهم عدلا، وأعجزهم شكرا، وإنّ رضاك لغاية المنى لأنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلّا معك! قال: سل حاجتك، قال: يدك بالعطية أطلق من لساني بالمسألة فأمر له بخمسين ألفا.
21 - الفضل بن الربيع (2)
قال ابن عبد ربه (3): كتب للرشيد يحيى بن خالد بن برمك، ثم الفضل بن الربيع، ثم اسماعيل بن صبيح (4)، وللأمين الفضل بن الربيع. وقال في موضع آخر (5): وممن نبه بالكتابة بعد الخمول الربيع والفضل بن الربيع، وسمّى معهما جماعة.
وقال الصولي: لما قبض الرشيد على البرامكة استوزر الفضل، وقد كان على حجابته، وبقي، فربما استخلف من ينوب فيها عنه. ويحكى (6)
__________
(1) زيادة من (ر) وزهر الآداب
(2) الفضل بن الربيع بن يونس (208138هـ) حاجب المنصور ووزير الرشيد والأمين، وكانت نكبة البرامكة على يديه. الأعلام: 5/ 353والمعلمة الاسلامية: 2/ 3938
(3) انظر العقد: 4/ 450
(4) انظر الترجمة التالية: ص 102
(5) العقد: 4/ 256
(6) انظر الخبر في الجهشياري: 251والفرج بعد الشدة: 1/ 65ونشوار المحاضرة: 8/ 116وابن خلكان:
3/ 206(1/98)
أنه دخل قبل ذلك على يحيى بن خالد فلم يوسّع له، ولا هشّ، ثم قال:
ما جاء بك يا أبا العباس؟ قال: رقاع معي! فردّه عن جميعها، فوثب الفضل يقول (1):
عسى ولعلّ الدّهر يثني عنانه ... بعثرة جدّ والزمان عثور
فتدرك آمال وتقضى مآرب ... وتحدث من بعد الأمور أمور
فرده ووقع له بما أراد واتصلت وزارته للرشيد، إلى أن توفي بطوس (2)، وهو معه، فأخذ البيعة للأمين على القواد وسائر الطبقات، وأجّل الناس ثلاثا، ثم قفل بهم إلى بغداد ففوّض الأمين إليه الأمر، وجعله وزيره والآمر والناهي في كل شيء. وكان يرى انهماك الأمين ونقصه فيسوءه ذلك، وتبلغ به الحفيظة والنصيحة أحيانا إلى أن يسمعه ما لا يحتمل فيحلم عنه. وحكى ابن عبدوس (3): أن الأمين عزم يوما على الاصطباح، وأحضر ندماءه وأمر كلّ واحد منهم أن يطبخ قدرا بيده، وأحضر المغنين، ووضعت الموائد، فلما ابتدأ يأكل، دخل إليه اسماعيل بن صبيح فقال: يا أمير المؤمنين هذا [هو (4)] اليوم الذي وعدتني أن تنظر في أعمال الخراج والضياع وجماعات
__________
(1) البيتان من الطويل، وهناك اختلاف كبير في رواية البيتين في الجهشياري والتنوخي:
عسى وعسى يثني الزمان ... عنانه بتصريف حال والزمان عثور
فتقضى لبانات وتشفى ... حسائك وتحدث من بعد الأمور أمور
(2) طوس: مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ: معجم البلدان: 4/ 49
(3) انظر الجهشياري: 300299
(4) زيادة من الجهشياري(1/99)
العمال، وقد اجتمعت عليّ أعمال منذ سنة، لم تنظر في شيء منها، ولم تأمر فيها، وفي هذا دخول الضرر في الأعمال فقال له [محمد (1)]: إن اصطباحي لا يحول بيني / وبين النظر، وفي مجلسي من لا أنقبض عنه، من عم وابن عم، وهم أهل هذه النعمة التي يجب أن تحاط، فأحضر ما تريد عرضه، فاعرضه عليّ وأنا آكل، لأتقدّم فيه بما يحتاج إليه، إلى أن يرفع الطعام، ثم أتمم النظر فيما يبقى، ولا أسمع سماعا حتى أتمّم (2)
الباقي وأفرغ منه فحضر كتّاب الدواوين بأكثر [ما في (3)] دواوينهم، وأقبل اسماعيل بن صبيح يقرأ على الأمين، وهو يأمر وينهى أحسن أمر ونهي [وأسدّه (4)]، وربّما شاور من حوله في الشيء بعد الشيء، وكلّما وقّع في شيء وضع بالقرب من اسماعيل بن صبيح، ورفعت الموائد، ودعا بالنبيذ، وكان لا يشرب في القدح أقلّ من رطل واحد، وأخذ في تتميم العمل، ثم دعا بخادم له، فناجاه بشيء أسرّه إليه، فمضى ثم عاد، فلما رآه نهض واستنهض ابراهيم بن المهدي وسليمان بن علي، فما مشوا عشرة أذرع، حتى أقبل جماعة من النفّاطين، فضرموا تلك الكتب والأعمال بالنار، وكان الفضل بن الربيع حاضرا فلحق بالأمين و [قد (3)] شقّ ثوبه، وهو يقول: الله أعدل من أن يرضى أن يكون مهدي (5) أمة محمد نبيه
__________
(1) زيادة من الجهشياري
(2) رواية الأصول، وفي الجهشياري: حتى أبرم
(3) زيادة من الجهشياري
(4) زيادة من (ر) والجهشياري
(5) رواية الأصول، وفي الجهشياري: مدبرا أمور(1/100)
[صلى الله عليه وسلم (1)] من هذه أفعاله! وهو يضحك ولا ينكر قول الفضل.
ولما قتل الأمين استتر الفضل، وطال استخفاؤه، إلى أن دخل المأمون بغداد، فسأل عنه، فشفع فيه طاهر بن الحسين وقد قيل إن المأمون وجده قبل الشفاعة ثم شفع فيه طاهر، فعفا عنه. ويقال: إنّ الفضل لقي طاهرا في موكبه، فثنى عنان فرسه معه، وقال: يا أبا الطيب ما ثنيت عناني مع أحد قبلك قطّ، إلّا مع خليفة أو ولي عهد! قال له طاهر:
صدقت ولكن قل حاجتك، فقال: صفح أمير المؤمنين عني وتذكيره بحرمتي! فقال المأمون: قد صفحت عنه، على أنّ تذكيره بحرمته ذنب ثان وكان الفضل قد أمسكه في حجره، في حولي رضاعه وأمر بإحضاره، فلما وقعت عينه عليه سجد وقال: إنّما سجدت لله شكرا لما ألهمني من العفو عنه (2)! ثم قال (3): يا فضل أكان من حقي عليك وحق آبائي أن تثلبني وتشتمني وتحرّض على دمي أتريد أن أفعل بك مع القدرة مثل ما أردت بي؟ فقال الفضل: يا أمير المؤمنين إن عذري يحقدك إذا كان واضحا جميلا، فكيف إذ أعقّته العيوب، وقبّحته الذنوب، قلا يضق عني من عفوك ما وسع غيري منه، وإنّك كما قال الحسن بن رجاء فيك:
__________
(1) زيادة من (س) والجهشياري
(2) ويروى أن المأمون سجد أيضا لأن الله ألهمه العفو عن عمه ابراهيم بن المهدي. انظر المستجاد من فعلات الأجواد: 84
(3) انظر الفرج بعد الشدة: 1/ 84(1/101)
وقال أيضا يتوعّده (1).
ألا قل لإسماعيل إنّك شارب ... بكأس بني مروان (2) ضربة لازم
/ أيسمن أولاد الطريد ورهطه ... بإهزال (3) [آل (4)] الله من آل هاشم
وإن ذكر الجعديّ أذريت عبرة ... وقلت أقاد (5) الله من كلّ ظالم
وتخبر من لاقيت أنّك صائم ... وتغدو بفرج مفطر غير صائم
فإن يسر إسماعيل في فجراته ... فليس أمير المؤمنين بنائم
فما غيّر له الأمين حالا، ولا قبل فيه مقالا.
23 - داود القيرواني
كتب لمحمد بن مقاتل العكّي (6)، ثم لابراهيم بن الأغلب (7)، في إمارتهما على إفريقية من قبل هرون الرشيد، باستمراره على ولايته بعد عزله بابن الأغلب (8)، وخاف بسبب ذلك من ابراهيم، عند افتضاح الأمر واتّضاح ما تمالأ عليه من النكر، فاستخفى إلى أن كتب إليه مستعطفا:
__________
(1) ديوان أبي نواس (الغزالي): 514والأبيات من الطويل
(2) في الديوان: ماهان
(3) رواية الديوان، وفي الأصول: بأموال
(4) زيادة ليست في (ق)
(5) رواية الأصول، وفي الديوان: أدال، والجعدي هو لقب مروان بن محمد اخر خلفاء بني أمية.
(6) محمد بن مقاتل بن حكيم العكي (بعد 184هـ) ولي إفريقية سنة 180فأقام بالقيروان، ولم تحمد سيرته فثار عليه عامله بتونس، وتغلب عليه، لولا نجدة ابراهيم بن الأغلب عامل الزاب له، وانتهى الأمر بعزل العكي وتولية ابراهيم مكانه من قبل الرشيد. الأعلام 7/ 328
(7) ابراهيم بن الأغلب بن سالم التميمي (196140هـ) ثاني الأغالبة من ولاة إفريقية لبني العباس، وكان محمود السياسة والتدبير. الأعلام: 1/ 2625
(8) جملة مضطربة، ولعل تصحيحها: فاستمر على ولائه له بعد عزله(1/104)
«أمّا بعد أعزّ الله الأمير فلو كان أحد يبلغ بحرصه رضا بشر، بصحة مودة وتفقد حق، وإيثار نصيحة لرجوت أن أكون، بما جبلني الله عليه، من تفقد ما يلزمني من ذلك، أكرم الناس عند الأمير منزلة، وألطفهم لديه حالا، وأبسطهم أملا، ولكن الأمور تجري على خلاف ما يروي العباد في أنفسهم، وإن من ساعده الدهر حظي في أموره كلها، واستحسن القبيح منه، وأضهرت محاسنه، وسترت مساوئه، ومن خالفه القضاء وأعان عليه الدهر، لم ينتفع يحرص، ولم يسلم من بغي، وقد كنت إذا افتخر الناس بساداتهم للأمير أطال الله بقاءه ذاكرا، وبيومه مسروا، ولغده راجيا، إلى أن أتانا الله من ذلك بما كنت أبسط له أملي، وأعظم فيه رجائي، وكان مني في إجهاد نفسي بالقيام بما يلزمني من نصيحة الأمير أيّده الله حسب الذي يحق علينا، فبينا أنا مشرف على إدراك كل خير، وبلوغ نهاية كل فضل، إذ رماني الدهر بفرقته، ولزمني من ذلك ما كنت أشدّ الناس زرية (1) به، فوجد أهل البغي والفرية إلي (2) سبيلا، وقد صرت أعزّ الله الأمير لمكان الخوف الذي ملكني نازع أمكنة، وغرض ألسنة، فلو تحقّق الأمير سيء حالي، وكنت العدوّ، لأشفق عليّ، ورثى لي، وذنبي أيّده الله عظيم، وخناقي ضيّق، وحجتي ضعيفة، وعفو الأمير وطوله أعظم من ذلك كله، فإن تداركني الأمير بما أؤمل فذاك الذي يشبهه
__________
(1) رواية (ق) و (س)، وفي (ر) رزية
(2) يرى الدكتور مصطفى جواد أن الأصح هنا: عليّ(1/105)
وينسب إليه وأرجوه منه، وإن يعاقب فبالذنب الذي اجترمته، وهو أحقّ من انتشلني من زلتي، وأقالني [من (1)] عثرتي، ورجا ما يرجوه مثله من أهل المنة والطول من مثل ما عظمت المنة عليه، والأمير أولى بي، وأنظر مني لنفسي، وأعلى بما سألته ورغبت إليه / فيه عينا ويدا، والله ولي توفيقه فيما عزم عليه من ذلك، وعليه التوكل لا شريك له وأنا أرجو أطال الله بقاءه [أن أكون (2)] ممن يتعّظ بالتجربة، ويقيس موارد أموره بمصادرها، ولا يدع تصحيح النظر لنفسه، فيما يستقبل منها إن شاء الله، أتمّ الله على الأمير نعمه، وهنّاه كرامته، وألبسه أمنه وعافيته في الدنيا والآخرة». فأمّنه واستكتبه وكان يشاور في أموره.
حكى صاحب كتاب (المعرب عن المغرب (3)) أن ابراهيم [بن (4)] الأغلب شاور القواد في الخروج إلى ابن رستم الإباضي، فأشار عليه أكثرهم بالخروج، فشاور داود الكاتب، وقال يا أبا سليمان وهو أول يوم كنّاه فيه ما تقول؟ فقال له: هؤلاء الجند قد تجنّبت عنهم وتحصّنت منهم، فما يؤمنك من غدرهم إذا خرجت معهم! وإنما بينك وبينهم خرق المفازة فتبيّن له الحق، فأقام وبعث ابنه أبا العباس عبد الله والجيوش إلى طرابلس.
__________
(1) زيادة من (ر)
(2) زيادة من (س) و (ر)
(3) انظر ما تقدم: ص 84حاشية: 2
(4) زيادة من (ر)(1/106)
وقال محمد بن نافع لداود: إنما أنت صاحب قلم، فما لك ولهذا! فقال له: أنا أقتل بقلمي جلفا مثلك! ثم كتب ابنه ابراهيم بن داود لمحمد بن [ابراهيم (1)] بن الأغلب، وبعده لابن أخيه أبي ابراهيم أحمد بن محمد بن الأغلب.
24 - الحسن بن سهل (2)
كتب للمأمون، هو وأخوه الفضل (3) قبله، واسوزره بعد سنة ثلاث ومائتين، وقد كان وجّهه من خراسان واليا على بغداد والكوفة والبصرة وما والاهما، ثم أصهر إليه وعدّهما ابن عبد ربه (4) في النابهين بالكتابة بعد الخمول كالربيع وابنه الفضل ويحيى بن خالد وابنه جعفر وغيرهم وكانا من البلاغة والسيادة بمكان.
كان الفضل إذا كتب عنه الكاتب فأحسن، شكره على رؤوس الملأ وأبلغ، وإذا أخطأ، وضع الكتاب تحت مصلّاه، وسكت إلى أن يخلو به، فيريه الخطأ ويعرّفه الصواب. وكان الحسن أيضا على سنّته في إيثار كتّابه وإكرامهم، وهو أشار على المأمون بأحمد بن يوسف بعده، فاستوزرهما واما كلماتهما وتوقيعاتهما فمروية محفوظة. وكتب الحسن
__________
(1) زيادة من (ر)
(2) الحسن بن سهل (236166هـ) وزير المأمون ووالد زوجه (بوران) الأعلام: 2/ 207وابن خلكان: 1/ 391390
(3) الفضل بن سهل (202154هـ) وزير المأمون وقائد جيشه (ولهذا يلقب بذي الرياستين) قتله جماعة بينما كان في الحمام، وقيل إن المأمون دسّهم له وقد ثقل عليه أمره. الأعلام: 5/ 354والمعلمة الاسلامية:
2/ 39
(4) انظر العقد 4/ 256(1/107)
إلى المأمون (1):
ما أحسن العفو من القادر ... لا سيّما من غير ذي ناصر
إن كان لي ذنب ولا ذنب لي ... فما له غيرك من غافر
أعوذ بالودّ الذي بيننا ... أن تفسد الأوّل بالآخر
وحكى ابن عبدوس (2): أن المأمون شرب يوما، والحسن معه، فقال له: يا أبا محمد لعلكم / تظنون أني قتلت الفضل بن سهل، لا والله (3) ما قتلته! فقال: بلى والله لقد قتلته فقال المأمون: والله ما قتلته! قال الحسن: بلى والله لقد قتلته، ثلاثا! فقام المأمون من مجلسه فقال: أف لكم! وانصرف الحسن إلى منزله، فاتصل الخبر بالمعلّى بن أيوب وغسّان بن عبّاد (4)، وهما ابنا خالتي الحسن والفضل، فسارا إلى الحسن فعذلاه ووبّخاه وطالباه بالركوب والاعتذار إلى المأمون، وأتياه فقال له غسان: نحن عبيدك يا أمير المؤمنين وصنائعك، بك عرفنا، واصطناعك شرّفنا، كنا أذلاء فرفعتنا، وكنّا فقراء فأغنيتنا، فاعف خطيئة مسيئنا لمحسننا قال: ويحك ما أصنع، وحلفت له ثلاثا! فقال المعلى: يا أمير المؤمنين: أنّسته (5) فأنس، وسقيته فانتشى، فاغفر له
__________
(1) الأبيات من السريع
(2) لا نجد هذا الخبر فيما طبع من كتاب الجهشياري
(3) في (ق): لا والله (مكررة مرتين)
(4) غسان بن عباد بن أبي الفرج (بعد 216هـ) وال من ولاة المأمون، وفي الأعلام أنه ابن عم الفضل بن سهل. الأعلام: 5/ 311
(5) أنّسته وانسته: ضد أوحشته(1/108)
هفوته فقال المأمون: يا غلام سر إلى أبي محمد فقل له: إمّا تجيئنا وإمّا نجيئك!
25 - أحمد بن أبي خالد (1)
كتب للحسن بن سهل، ثم وزر للمأمون، وكان أكولا نهما ملتهب المعدة، لا يصبر على تأخير الغداء، فرفع إلى المأمون أنّ ابن أبي خالد يقتل المظلوم ويعين الظالم بأكلة، فأجرى عليه ألف درهم كلّ يوم لمائدته، ثم كان إذا وجّهه في حاجة، أمره بأن يتغدّى قبل ويأكل.
قال الصولي: ولىّ المأمون دينار بن عبد الله الجبل، ثم صرفه ووجد عليه، فأرسل إليه أحمد بن أبي خالد، يعد ديونه (2) ويطلب منه المال، وقال لياسر الخادم: امض معه وانظر فإن تغدّى أحمد عنده كان معه علينا، وإن لم يتغدّ كان معنا عليه، فلما أحسّ دينار بمجيئه، أعدّ له طعاما ثم جاء ابن أبي خالد، فأدى رسالة المأمون حتى كملت، ثم حضر عشرون فرّوجا فأكلها، ثم جيء بسمك فما ترك منه شيئا، ولما توسط الأكل، قال له دينار: مالكم عندي إلا سبعة آلاف ألف، ما أعرف غيرها! فلما أكمل الأكل، قال له أحمد: احمل إلى أمير المؤمنين ما ضمنت! فقال: ما عندي إلا ستة آلاف ألف! فقال له ياسر: ما قلت إلا سبعة آلاف ألف، وقد سمع ذلك أبو العباس فقال ابن ابي خالد: ما أحفظ ما كان،
__________
(1) أحمد بن أبي خالد الأحول: توفي سنة 210هـ. انظر المعلمة الاسلامية: 1/ 192191
(2) رواية (ر)، وفي (ق) و (س): ذنوبه(1/109)
ولكن قل الآن أسمع! قال دينار: ما قلت إلا ستّة آلاف ألف. [وسبق ياسر فأخبر المأمون، وجاء أحمد فقال: إنه قد أقرّ بخمسة آلاف ألف (1).] فضحك المأمون وقال: ما قام على أحد غداء بأغلى منا! قام عليّ غداء أحمد بن أبي خالد بألفي ألف درهم!
وكان المأمون قد استبطأ عمرو بن مسعدة (2)، وفي مجلسه علي وأحمد والحسن بنو هشام، وأحمد بن أبي خالد، فقال: يحسب عمرو أني لا أعرف أخباره، وما يجري إليه، وما يعامل به الناس! بلى والله، ثم لعله لا يسقط عني منه شيء! فصار أحمد بن أبي خالد إلى عمرو بن مسعدة، فخبره بما جرى وأنسي أن يستكتمه، فراح عمرو / إلى المأمون، وطرح سيفه وقال: أنا عائذ بالله من سخط أمير المؤمنين، أنا أقلّ من أن يشكوني إلى أحمد، وأن يسرّ عليّ (3) ضغنا، فقال له: ويحك ما ذاك؟ فخبره بما بلغه، ولم يسم له من خبّره، فقال له: لم يكن الأمر كما بلغك، إنما ذكرت جملة من تفصيل كنت على إخبارك به وموافقتك عليه، فجرى شيء من جنسه، فليحسن ظنك! ولم يزل يؤنسه ويسكّنه حتى طابت نفسه، وتحلل ما كان دخل عليه، ثم ضمّه وقبّل عمرو يده وانصرف. قال أحمد بن أبي خالد: فغدوت على المأمون فقال: يا أحمد ما لمجلسي حرمة؟ فقلت: يا أمير المؤمنين [وهل الحرمات (4)] إلا لما
__________
(1) زيادة من (س) و (ر)
(2) ابن الأبار يخصص له الترجمة ذات الرقم: 27
(3) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): إليّ
(4) ساقط من (ق)(1/110)
فضل من مجلسك! فقال: ما أراكم ترضون بهذه المعاملة فيما بينكم! فقلت له: وأيّ معامله؟ فقال: ذهب بعض بني هشام، فحكى لعمرو ما جرى أمس في المجلس، فجاءني متنصّلا مظهرا ما وجب أن يظهره، فاعتذرت إليه وتبيّن الخجل فيّ، كأني اعتذرت من شيء قلته، ولقد أعطيته ما يقنعه مني أقله، لما داخلني من الحياء منه فقلت: أعيذك بالله من سوء الظن يا أمير المؤمنين، أنا أخبرته ببعض ما جرى، [لا بعض (1)] بني هشام! قال: وما حملك على ذلك؟ قلت: الشكر لك والنصح والمحبة لأن تتم نعمتك على أوليائك وخدمك، ولعلمي بأن أمير المؤمنين يحب أن يصلح له الأعداء، فضلا عن الأولياء والأودّاء، لا سيما مثل عمرو في دنوّه من الخدمة وموقعه من العمل، ومكانه من رأي أمير المؤمنين، فخبّرته بما كان منه ليصلحه، ويقيم من نفسه أودها لسيّده ومولاه، ويتلافى ما فرط منه، ولا يفسد قلبه ويبطل الغناء الذي فيه، وإنما كنت أكون غبيا لو أذعت سرا على السلطان فيه ندم أو نقض تدبير، وأما هذا فما كان عندي إلا صوابا! فقال لي: أحسنت والله يا أحمد! وأمر لي بمال كثير.
ولم يزل المأمون بسعة ذرعه وكرم طبعه يحتمله، على نهمه وحدّته وسوء خلقه وعبوس وجهه المضروب به المثل في زمانه. حكى الجاحظ (2): أن
__________
(1) ساقط من (ق)
(2) يبدو أن النقل هنا عن رسالة الجاحظ في الوعد والانجاز أيضا، وليس هذا النص فيما طبع من هذه الرسالة.
انظر ما تقدم ص: 66حاشية: 3(1/111)
البصرة (1)، فجار فيها وظلم، وكثر الشاكي به والداعي عليه، ووافى باب أمير المؤمنين المأمون زهاء خمسين من جلة البصريين، فعزله المأمون وجلس لهم مجلسا خاصا، وأقام أحمد بن يوسف لمناظرتهم، فكان مما حفظ من كلامه أن قال / يا أمير المؤمنين لو أن أحدا ممن ولي الصدقات سلم من الناس لسلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقََاتِ، فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهََا رَضُوا، وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهََا إِذََا هُمْ يَسْخَطُونَ} [2]. فأعجب المأمون جوابه، واستجزل مقامه (3)، وخلّى سبيله.
وحكى الصولي (4) خلاف هذا قال: شغب أهل الصدقات على المأمون وناظروه، فقال أحمد بن يوسف وهو إذ ذاك وزيره: إنهم ظلموا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكيف من بعده! قال الله عز وجل: وتلا الآية
فاستحسن ذلك المأمون.
27 - عمرو بن مسعدة (5)
كان أعلى الكتّاب منزلة عند المأمون، ولم [يكن (6)] وزيرا، وقد
__________
(1) الخبر في العقد: 2/ 20وأمراء البيان: 1/ 226225
(2) الآية: 59من سورة التوبة
(3) في العقد: واستجزل مقاله
(4) انظر الأوراق (قسم أخبار الشعراء): 208
(5) عمرو بن مسعدة (217هـ) أحد الكتّاب البلغاء، تجعل منه بعض المصادر وزيرا للمأمون، وفي كتب الأدب الكثير من رسائله وتوقيعاته. الأعلام: 5/ 260وابن خلكان: 3/ 148145وتاريخ بغداد:
12/ 203وأمراء البيان: 1/ 217191
(6) ساقطة من (ق)(1/115)
تقدم إعتاب المأمون إياه، واعتذاره إليه وماء الحياء يدور في وجهه، واغتفاره لما أثار من وجده عليه، في اسم ابن أبي خالد (1)، ومن توقيعات المأمون في قصة متظلّم منه: «يا عمرو اعمر نعمتك بالعدل فإن الجور يهدمها (2)» ثم بلغ من حظوته أنه كان في مجلس المأمون يقرأ عليه الرقاع، فجاءته عطسة فردّها، ولوى عنقه، فرآه المأمون فقال: يا عمرو لا تفعل، فإن ردّ العطسة وتحويل الوجه بها يورثان انقطاعا في العنق.
فشكر له ذلك بعض ولد المهدي وقال: ما أحسنها من مولى لعبده، وإمام لرعيته! فقال المأمون: وما في هذا؟ إن هشام بن عبد الملك اضطربت عمامته، فأهوى إليها (3) الأبرش الكلبي (4) ليصلحها، فقال هشام: إنّا لا نتّخذ الإخوان خولا! فالذي فعل هشام أحسن مما فعلت! فقال عمرو: يا أمير المؤمنين إن هشاما يتكلف ما طبعت عليه، ويظلم فيما تعدل فيه، ليس له قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا قيامك بحق الله، وإنك والملوك كما قال النابغة الذبياني (5):
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة ... ترى كلّ ملك دونها يتذبذب
فإنّك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
__________
(1) انظر ما تقدم ص: 111110
(2) انظر العقد: 4/ 304
(3) رواية (ق)، وفي (س) و (ر): إليه
(4) انظر ترجمته فيما تقدم: ص 60
(5) ديوان النابغة الذبياني: 83والبيتان من الطويل(1/116)
28 - علي بن الهيثم
كان المأمون يوما جالسا وعنده أحمد بن الجنيد الاسكافي، وجماعة من خاصته، إذ دخل عليّ هذا، ويعرف في الكتّاب بجونقا، فلما قرب من المأمون قال: يا عدوّ الله لأفرقن بين (1) لحمك وعظمك، ولأفعلنّ بك (2)! ثم سكن قليلا فقال أحمد بن الجنيد: نعم والله يا أمير / المؤمنين إنه وإنه ولم يدع شيئا من المكروه إلا ذكره، فقال المأمون وقد هدأ غضبه: يا أحمد متى اجترأت عليّ هذه الجرأة؟ رأيتني غضبت [هذه الغضبة (3)] فأردت أن تزيد في غضبي، أما سأؤدبك وأؤدب غيرك! يا علي قد صفحت عنك، ووهبت لك كل ما كنت أطالبك به! ثم رفع رأسه إلى الحاجب فقال: لا يبرح أحمد بن الجنيد من الدار حتى يحمل إلى عليّ بن الهيثم مائة ألف درهم من ماله ليكون ذلك عقلا (4) فلم يبرح حتى حملها.
وقال الصولي: كان علي بن الهيثم يكتب للفضل بن الربيع وخبره مع المأمون عن ابن عبدوس (5).
__________
(1) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): من
(2) رواية (ر)، وفي (ق) و (س): ولأفعلنّ (مكررة مرتين)
(3) زيادة من (س)
(4) العقل: الدية
(5) لا نجد الخبر فيما طبع من كتاب الجهشياري.(1/117)
فقال له كاتبه: لو عرّجت على غسان بن عباد فسلمت عليه، وأخبرته أنا بين يديك بخبرك، لرجوت أن يعينك على بعض أمرك! فحملته حاله على قبول ذلك، ومضى إلى غسان، فاستؤذن له عليه، فأذن له ورحّب به، وتلقّاه ووفّاه حق القصد، وقصّ عليه الكاتب القصة، فقال: أرجو أن يكفيه الله! ونهض علي بن عيسى كاسف البال، آيسا من نفسه، نادما على قصده، فلما خرج من دار غسان قال لكاتبه: ما زدتني بقصد غسان شيئا غير تعجيل المهانة والذل بقصد من كان يعاديني! وعاد إلى منزله منصرفا، بعد أن تشاغل في طريقه مع بعض إخوانه، فوافاه وببابه بغال عليها أربعون ألف دينار مع رسول غسان، فبلّغه سلامه، وعرّفه غمّه بما رفع (1) إليه، وتقدّم إليه بحضور دار المأمون من غد ذلك اليوم مبكرا، فلما وصل الناس إلى المأمون ووصل فيهم علي بن عيسى، مثل غسان بين يدي الصفّين وقال: يا أمير المؤمنين، إن لعلي بن عيسى خدمة وحرمة وسالف أمل، ولأمير المؤمنين عنده إحسان، وهو أولى بربّه (2)، وقد لحقه من الخسران في ضمانه ما قد تعارفه الناس، وعليه من حدّة (3) المطالبة وشدّتها، والوعيد بضرب السياط ما قد حيّره، وقطعه عن الاحتيال فيما عليه، فإن رأى أمير المؤمنين أن يسعفني ببعض ما عليه ويضعه عنه فعل! ولم يزل به إلى أن حطّه إلى النصف مما عليه، واقتصر به على عشرين
__________
(1) رواية (ر)، وفي (ق) و (س): دفع
(2) أي بإصلاحه: ربّ الأمر أصلحه
(3) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): خدمة(1/120)
ألفا، فقال غسّان: على أن يجدد له الضمان، ويشرّف بخلعه، فأجابه المأمون فقال: يأذن لي أمير المؤمنين أن أحمل الدواة ليوقع منها أمير المؤمنين بذلك ويبقى شرف حملها عليّ وعلي عقبي؟ قال: افعل، ففعل، وخرج علي بن عيسى والتوقيع معه بالاقتصار على النصف مما عليه، وعقد بتجديد الضمان، وعليه الخلع، فلما وصل إلى منزله ردّ العشرين ألفا الباقية إلى غسان وشكره (1)، فردها إليه وقال: لم أستحطّها (2) لنفسي، وإنما أحببت توفيرها عليك، وليس والله يعود إليّ من هذا المال حبة واحدة أبدا، وترك / الجميع له.
31 - كاتب طاهر بن الحسين
لما قتل طاهر بن الحسين (3) عليّ بن عيسى بن ماهان (4) في خروجه إليه من بغداد (5)، دعا بكاتبه ليكتب إلى الفضل [بن سهل (6)] بخبره، فلم يكن في الكاتب فضل من إفراط الجزع وشدة الزّمع (7)، مما شاهده،
__________
(1) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): شكرها
(2) استحطه الشيء: سأله أن يحطّه عنه
(3) طاهر بن الحسين (207159هـ) قائد المأمون وصاحب شرطته في بغداد ووالي خراسان له. الأعلام:
3/ 319318وابن خلكان: 2/ 206201
(4) علي بن عيسى (195هـ) من كبار القواد في عصر الرشيد والأمين، قاد جيش الأمين ضد المأمون فقتل وانهزم جيشه. الأعلام: 5/ 133
(5) انظر الخبر في الجهشياري: 293
(6) ساقطة من (ق)
(7) الزمع: الدهش والجزع وشبه الرعدة يعتري الإنسان(1/121)
فكتب طاهر بيده إلى الفضل، وكان من عادته أن يخاطبه بالإمارة، فأسقط ذلك وكتب إليه: «أطال الله بقاءك، وكبت أعداءك، وجعل من يشنؤك فداءك، كتبت إليك ورأس علي بن عيسى بين يديّ وخاتمه في اصبعي، وعسكره تحت يدي، والحمد لله رب العالمين».
ثم لمّا ظفر بالأمين وأنفذ رأسه إلى المأمون، قال الفضل بن سهل (1): ما فعل بنا طاهر! سلّ علينا سيوف الناس وألسنتهم، أمرناه أن يبعث به إلينا أسيرا، فبعث به عقيرا.
وكان لطاهر كاتب يعرف بعيسى بن عبد الرحمن (2)، فأنفذه إلى الفضل بن سهل يظهر الإعتذار إليه، ويتشفّى بمخاطبته إياه، وطاهر مقيم بالجزيرة والفضل بخراسان، وقد كان الشغب الذي حدث (3) بينهما ظاهرا، فورد عسكر المأمون بمرو، وكثير ممن بها من الوجوه عاتب على الفضل، فحضره وبحضرته عبد الله بن مالك الخزاعيّ، وهو أشدهم عتبا عليه، فكلّمه بكلام كثير أغلظ له فيه، وعرّض له بكل ما يكرهه، ثم قال له بعقبه: ولولا أني رسول مأمون ما قلت ما قلته! فقال له الفضل: أما خشيت في تحمّل مثل هذه الرسالة القتل؟ فقال له عيسى: ما شككت في القتل، إلا اني ميّلت بين أن آبى على صاحبها تحمّلها، وبين أن أقبلها، فرأيت أني إن لم أتحملها عجّل لي القتل، وحصل لي مذمة بمخالفته،
__________
(1) انظر الجهشياري: 304
(2) انظر الخبر في الجهشياري: 310309
(3) رواية (س) و (ر) والجهشياري، وفي (ق) يحدث(1/122)
الروم عن إسحق، وذكر مالا حمله إليه، فكتب: «وهذا المال مالا» فخط المأمون على الموضع من الكتاب، ووقّع بخطه في حاشيته: تكاتبني بلحن! فقامت القيامة على إسحق، فكان ميمون بعد ذلك يقول: لا أدري كيف أشكر ابن قادم، بقّى عليّ روحي ونعمتي. قال أبو العباس ثعلب: فكان هذا مقدار العلم، وعلى حسب ذلك كانت الرغبة فيه، والحذر من الزلل، قال: «وهذا المال مالا» ليس بشيء، ولكن أحسن ابن قادم في التأتيّ لخلاص ميمون.
ويشبه هذا الخبر ما حكى الجاحظ (1)، أن الحصين بن أبي الحرّ كتب إلى عمر رضي الله عنه كتابا، فلحن في حرف منه، فكتب إليه عمر أن قنّع كاتبك سوطا. وفي كتاب ابن عبدوس (2): أنّ عمر وجد في كتاب لأبي موسى الأشعري لحنا، فكتب إليه بذلك. وخالف ابن عبدوس أبو جعفر بن النحاس فروى أن كاتبا لأبي موسى كتب إلى عمر: «من أبو موسى»، فكتب إليه عمر أن اضربه خمسين سوطا واعزله عن عملك إلّا أن تكون القضيتان لكاتب واحد.
وقال المأمون لبعض ولده، وسمع منه لحنا: ما على أحدكم أن يتعلّم العربية فيقيم بها / أوده ويزين مشهده، ويفلّ حجج خصمه بمسكتات حكمه، ويملك مجلس سلطانه بظاهر بيانه أيسر أحدكم أن
__________
(1) انظر البيان والتبيين: 2/ 220
(2) ليس هذا الخبر فيما طبع من كتاب الجهشياري، وللصولي رواية مشابهة له. انظر أدب الكتاب: 129(1/125)
يكون لسانه كلسان أمته أو عبده فلا يزال الدهر أسير كلمته!. ويروى أنه كان يتفقد ما يكتب به الكتّاب، فيسقط من لحن، ويحط مقدار من أتى بما غيره أجود منه في العربية وكان يقول: إيّاكم والشونيز (1) في كتبكم يعني النقط والإعجام. وقال محمد بن عبد الله ابن طاهر، وقد رفعت إليه قصة أكثر صاحبها إعجامها: ما أحسن ما كتب إلا أنه أكثر شونيزها! وكان سعيد بن حميد يقول: لأن يشكل الحرف على القارىء أحبّ إليّ من أن يعاب الكاتب بالشكل، فإذا كرهوا الإعجام والشكل فما ظنّك باللحن! إلا أن ترك ذلك قد يورث إشكالا.
حكى الماوردي (2) عن قدامة بن جعفر أن بعض كتاب الدواوين حاسب عاملا لعبيد (3) الله بن سليمان بن وهب، فشكا منه إلى عبيد الله، وكتب رقعة يحتج فيها بصحة دعواه ووضوح شكواه، فوقّع فيها عبيد الله:
«هدا هدا» فأخذها العامل وظن أن عبيد الله أراد: «هذا هذا» إثباتا لصحة دعواه، كما يقال في إثبات الشيء: «هو هو» فحمل الرقعة إلى كاتب الديوان، وأراه خط أبي عبد الله وقال: «إنه صدّق قولي وصحّح ما ذكرت! فخفي على الكاتب ذلك، وطيف به على كتّاب الدواوين، فلم
__________
(1) الشونيز في الأصل: الحبة السوداء، انظر أخبارا متفرقة عن كره العرب للنقط والإعجام في الكتابة:
العقد: 4/ 258وما بعدها
(2) ليس الخبر في الأحكام السلطانية، والصولي يرويه بشكل آخر: انظر أدب الكتاب: 59
(3) في (ق) و (ر) عبد، والصحيح ما ذكرناه وهو عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي (226 288هـ) وزير من أكابر الكتاب، استوزره المعتمد والمعتضد، وأبوه وزير وابنه وزير. الأعلام:
4/ 349(1/126)
يقفوا على مراده، فشدّد عبيد الله الكلمة الثانية (1) وكتب تحتها: «والله المستعان!» استعظاما منه لتقصيرهم في استخراج مراده حتى احتاج إلى إيضاح مراده بالنقط والشكل.
وكان عبد الله بن طاهر يفرط في تفقّد المخاطبات عنه وإليه، ويتوعّد عليها، ويعاقب فيها. قال لكاتب له أمره بشيء يعمله: إحذر أن تخطىء فأعاقبك بكذا وكذا وذكر أمرا عظيما، فقال له الكاتب: أيها الأمير فمن كانت هذه عقوبته على الخطأ فما ثوابه على الإصابة؟ وكتب إليه (2)
بعض عمّاله على العراق كتابا صحائفه غليظة، فأمر عبد الله بإشخاص كاتب العامل إليه، فلما ورد عليه قال له عبد الله: إن كان معك فأس فاقطع حزم كتابك ثم ارجع إلى عملك، وإن عدت إلى مثلها عدنا إلى إشخاصك لقطعها.
وقد أوصى عبد الملك بن مروان أخاه عبد العزيز، حين وجّهه إلى مصر فقال: تفقّد كاتبك وحاجبك وجليسك، فإن الغائب يخبره عنك كاتبك، والمتوسّم يعرفك بحاجبك، والخارج من عندك يذكرك بجليسك!
__________
(1) أصبح التوقيع: «هذا هذاء» كأنه ينسب صاحب التوقيع إلى الهذيان
(2) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): إلى(1/127)
الأمير عيسى بن جعفر (1) وكان على البصرة، فوقف ينتظره، فلما أبطأ عليه أقبل يصلّي، وكان المعذّل إذا دخل في الصلاة لم يقطعها، فجعل عيسى يصيح: يا معذّل! يا أبا عمرو والمعذّل على صلاته لم يعرّج عليه، فغضب عيسى ومضى، فلما أتمّ صلاته لحق عيسى وأنشأ يقول (2):
قد قلت إذ هتف الأمير ... يا أيّها القمر المنير
حرم الكلام فلم أجب ... وأجاب دعوتك الضمير
فلو أنّ نفسي طاوعت ... ني إذ دعوت ولا أحير
لبّاك كلّ جوارحي ... بأنامل ولها السرور
شوقا إليك وحقّ لي ... ولكدت من فرح أطير
فرضي عنه عيسى، وأمر له بعشرة آلاف درهم. وروى هذه القصة أبو علي البغدادي في نوادره (3) عن أبي بكر بن الأنباري عن أبيه عن عبد الصمد بن المعذّل، وبينهما خلاف يسير.
34 - الفضل بن مروان (4)
كان في أيام الرشيد على ديوان الخراج، ثم كتب للمعتصم قبل
__________
(1) عيسى بن جعفر بن المنصور العباسي (نحو 185هـ) قائد من أمراء بني العباس، وهو ابن عم الرشيد وأخو زوجه زبيدة. الأعلام: 5/ 285
(2) الأبيات من مجزوء الكامل، وهي في أمالي القالي مع تغيير في بعض الكلمات
(3) انظر كتاب الأمالي للقالي: 2/ 142
(4) الفضل بن مروان (250170هـ) استوزره المعتصم نحو ثلاث سنوات وخدم قبله وبعده عددا من الخلفاء. الأعلام: 5/ 358وابن خلكان: 3/ 214213(1/129)
ب يوجد كتاب الراموز فى مكتبة راغب 1463، 100
106 - ونشره سليمان محمد حسين فى مجلة المجمع العلمى العربى 11:
655642.
* * * 3أبو بكر عبد الله (أو عبيد الله) بن محمد بن عبيد بن أبى الدنيا القرشى بالولاء. ولد سنة 208هـ / 823م. ببغداد وعلى الرغم من أنه كان مولى لمن بقى من الأمويين فقد اتصل اتصالا وثيقا ببنى العباس، وأدب غير واحد من أولاد الخلفاء، وكان منهم الخليفة المكتفى (295289هـ 908902م).
وصنف ابن أبى الدنيا كتبا فى العلم والزهد والرقائق. وتوفى يوم 14من جمادى الثانية سنة 281هـ / 22من أغسطس 894م.
اتاريخ بغداد للخطيب 10: 9189طبقات الحنابلة، لابن أبى يعلى 139فوات الوفيات للكتبى 1: 236الفهرست للإشبيلى (انظر 282). .. ،.، 994) بستان المحدثين 64تذكرة الحفاظ للذهبى 2: 248، وانظر: ذكر ابن أبى الدنيا وحاله وما وقع من أحاديثه لتقى الدين بن أبى موسى محمد بن أبى بكر عمر بن أحمد بن أبى عيسى المدينى (المتوفى 581/ 1185، وانظر شذرات الذهب لابن العماد 4: 273): المكتبة الظاهرية بدمشق ثانى 219وانظر فى فهرس مصنفاته:
،، 024314 ب:
1 - كتاب الفرج بعد الشدة (انظر فهرس مصنفاته عند فى الموضع السابق 283)، وهو محاكاة لكتاب مفقود للمدائنى يحمل نفس العنوان، ويوجد كتاب ابن أبى الدنيا فى: برلين 8731بريل ثانى 173الظاهرية 30، 2موصل 236، 150ونشر فى مدينة الله آباد 1313هـ وفى أحمد آباد 1323هـ، وطبع على أساس هذه الطبعة فى القاهرة دون تحديد التاريخ.
ونقد التنوخى هذا الكتاب فى مقدمة كتابه بنفس العنوان.
واختصره السيوطى فى كتاب: الأرج فى انتظار الفرج: برلين 87338732جوتا 623622باريس أول 659: 4 ونشر فى دمشق 1350هـ بعنوان: تحفة المهج بتلويح الفرج، مع كتاب حل العقال لابن قضيب البان (ستأتى ترجمته فى الكتاب الثالث) ونشر بالقاهرة 1317هـ.(1/129)
فيحاول نقل الخلافة منهم إلى غيرهم، فقد سلم من الخيانة في المملكة، وليس الفضل بمستهتر يجرّم نفسه بإفشاء سر يعود منه ضرر وهو آمن منه، لأن المعروف منه أن يؤثر دنيا أمير المؤمنين على دنيا نفسه وعلى آخرته أيضا فقال علي بن المأمون: فقد ظهرت خيانة الفضل في الأموال! فقال ابراهيم: ليس من خان أمير المؤمنين مالا يعدّ عدوا، لأن الناس كلهم إلا من عصم الله يرغبون في الأموال، ويقوى بها على خدمة السلطان، ومن بلغ منزلة الفضل لم يسأ به الظن، فاستحسن المعتصم ما كان من ابراهيم، وشكره له الفضل بن مروان، وندم على ما كان أسلفه من المكروه.
قول إبراهيم بن المهدي: «لا تكون محطته إلّا [ل (1)] إحدى ثلاث خصال» من قول المأمون: يحتمل الملوك كلّ شيء إلا ثلاثة:
القدح في الملك وإفشاء السر والتعرّض للحرم.
ثم اتصلت مطالبة الفضل والسعاية به، وقيل للمعتصم: إنه يفعل وأنت خليفة كما كان يفعل وأنت أمير، لا يهابك! فنكبه، وكان يقول:
عصى الله وأطاعني فسلّطني الله عليه ومما قيل في نكبته (2):
__________
(1) ساقطة من (ق)
(2) الأبيات من البسيط، وقد ورد البيت الثالث منها في مروج الذهب للمسعودي (7/ 280) منسوبا إلى الحسين بن الضحّاك مع بيت آخر، من قصيدة يرثي بها المتوكل والفتح بن خاقان:
إن الليالي لم تحسن
أما رأيت خطوب الدهر ما فعلت ... بالهاشمي وبالفتح بن خاقان!(1/131)
لا تغبطنّ أخا الدنيا بمقدرة ... فيها وإن كان ذا عز وسلطان
يكفيك من غير الأيّام ما صنعت ... حوادث الدهر بالفضل بن مروان
إنّ الليالي لم تحسن إلى أحد ... إلّا أساءت إليه بعد إحسان
والعيش حلو ومرّ لا بقاء له ... جميع ما الناس فيه زائل فان
/ وندم المعتصم على عزله، فكان يقول: إذا نصر الهوى بطل الرأي! وترك أمواله لم ينفق منها شيئا، وقال: لا أستحلها، ثم استقل بعد ذلك وتصرّف للواثق والمتوكل وغيرهما، وكان ابن الزيات (1) يعاديه، فوقف يوما في وزارته للواثق على باب ديوان الخراج، ودعا بالفضل وقال [له (2)]: إن أمير المؤمنين يقول: يابن الفاعلة لأسفكنّ دمك، وآخذنّ مالك! قال: وأمرك بسماع الجواب؟ قال [له (2)]: لا، ولكن قله! قال: لا ثم انصرف، وأمر ونهى ما تبيّن منه شيء، ثم بكّر إلى دار الخلافة، فحجب، وفعل فعله بالأمس كذلك ثلاثة أيام، ثم أدخل بعد إلى الواثق، فبكى وقال: الله في دمي وقد بلغت السبعين، وما ذنبي غير حبي للمعتصم وغلمانه، فضلا عن ولده! ومالك ولّ جمعه غيري، فقد سقطت هببتي عمّن يحمله إليّ، فإنّ ابن الزيات قال كذا وكذا، قال له:
أو كلّمك به على رؤوس الناس؟ قال: نعم! قال: والله لأدفعنّه إليك فتستصفي ماله! فانصرف الفضل إلى مكانه ما ظهر عليه شيء من السرور.
__________
(1) محمد بن عبد الملك الزيات: انظر الترجمة القادمة: ص 138133
(2) ساقطة من (ق)(1/132)
وكان الفضل عاقلا داهيا جزلا، يذكر عنه أنه ما ظهر عليه سرور بفرح قط ولا حزن بمصيبة.
وتلاحى هو أحمد بن المدبّر (1) يوما بين يدي المتوكل قال الصولي: وكان الخلفاء لا ينكرون تنازع الكّتاب بين أيديهم وابن المدبّر يلي في ذلك الوقت أمر دار المتوكل كله، المطابخ والفرش وغير ذلك، وفي المجلس مرفقة قد جعلت لأمر ولم ترفع، فضرب الفضل بيده على المرفقة ضربا شديدا، فقام منها غبار كثير، فقال له أحمد: أتغبّر بين يدي أمير المؤمنين؟ أما لك أدب! أما خدمت الملوك! فضحك الفضل وقال: من خدمتي للملوك فعلت هذا، ليرى أمير المؤمنين قلة كفايتك في فرشه، وأنّك لا تهتم بنفضها، ويعلم كيف يكون فيما يبعد عنه، ولولا خوفي من سوء الأدب حقا لضربت البساط فيرى ما هو أعظم من هذا! فبهت أحمد، وجعل يعتذر، فما مضت إلا أيام حتى عزل عن الدار.
35 - محمد بن عبد الملك الزيات (2)
كتب للمعتصم ووزر له ولابنه الواثق بعده خلافته كلها وأياما يسيرة من خلافة المتوكل، وهو أحد من رأس بعلمه وبيانه وبلاغته (3). ولما استقصر
__________
(1) أحمد بن محمد بن المدبّر: انظر الترجمة ذات الرقم: 41
(2) ابن الزيات (233173هـ) وزير أديب كاتب شاعر، نكبه المتوكل وعذبه إلى أن مات ببغداد.
الأعلام: 7/ 127126والمعلمة الاسلامية: 3/ 714712وأمراء البيان: 1/ 306278
(3) انظر العقد: 4/ 256(1/133)
المعتصم أحمد بن عمّار المزاري، وسأله عن الكلأ فلم يعرفه، قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون! خليفة أمّي، / وكاتب أميّ!! فعرف مكانة ابن الزيّات من الأدب، فأمر بإدخاله عليه، وقال له: ما الكلأ؟ فأجابه بما هو مشهور عنه (1)، فاستحسن المعتصم ذلك، وقال لابن عمّار: انظر في الدواوين والأعمال، وهذا يعرض عليّ [الكتب (2)]، فلم ير اطّراح ابن عمّار لقصوره، ولا بخس ابن الزيات حق منظومه ومنثوره.
وحكي أن المعتصم شاور بعض خاصته في محمد بن عبد الملك الزيات، فأشار به، فعزم عليه، ثم ورد فتح بابك على المعتصم، فسرّ به وأحب أن ينشأ فيه كتاب يبقى ذكره، فأشار ابن أبي دواد (3) عليه بتكليفه ابن الزيات، ففعل ذلك، فكتب فيه كتابا مشهورا، أبرّ فيه على كل نسخة عملت في ذلك الفتح، ثم قلّده وزارته، وكان حاقدا عليه قبل إفضاء الخلافة إليه، لقصة ذكرها ابن عبدوس (4)، وهي أن المعتصم أمر محمد بن عبد الملك أن يعطي الواثق عشرة آلاف ألف درهم (5)، يستعين بها على أموره ويصلح بها ما يحتاج إلى إصلاحه، فدافعه بذلك مدافعة متصلة، أحوجت الواثق إلى أن شكاه إلى المعتصم، فأنكر عليه تأخير
__________
(1) انظر الفخري: 175وابن خلكان: 4/ 182
(2) زيادة من الفخري
(3) أحمد بن أبي دواد الإيادي (240160هـ) قاضي القضاة المعتزلي المشهور. الأعلام: 1/ 120وابن خلكان: 1/ 7563.
(4) في القسم الضائع من كتاب الجهشياري
(5) انظر بعض الأخبار في سوء معاملة ابن الزيات للواثق قبل الخلافة في نشوار المحاضرة: 8/ 1514(1/134)
المال عن الواثق، فقال: يا أمير المؤمنين، العدل أولى بك وأشبه بعقلك، ولك عدة أولاد، أنت في أمرهم بين خلّتين: إمّا أن تسوي بينهم في العطية فتجحف ببيت المال، وإمّا أن تخصّ بعضهم فتحيف على الباقي! فقال لي: قد رهنت لساني بشيء، فماذا أصنع فيه؟ قال: تأمر لباقي أولادك بأشياء أخر من إقطاعات وصلات، وتطلق لهارون صدرا من المال وتدافعه بباقيه، وتتسع أنت قليلا، وندبر الأمر بعد ذلك بما يراه أمير المؤمنين! قال: فقال له وفّقك الله، فما زلت أتعرّف الخيرات في رأيك والسداد في مشورتك، وتأدى الخبر الى هارون، فحلف بعتق عدة (1) من عبيده، وبحبس عدة خيل، وبوقف عدة ضياع، وبصدقة مال جليل، أنّه إذا ظفر بمحمد بن عبد الملك قتله، وكتب اليمين بخطه (2) في رقعة وجعلها في درج، وأودعه دايته، فلما توفي المعتصم، وأفضى الأمر إلى الواثق، وكان ذا أناة، كره أن يعاجله فيقول الناس إنه بادر بشفاء غيظه، ثم عزم على الإيقاع به، فتقدم بأن يجمع له من وجوه كتّاب الدواوين من يصلح لولاية الدواوين والوزارة، فجمع له عشرة نفر، فأثبت أسماءهم وجلس الواثق ودعا بواحد منهم، وقال له: اكتب في كذا، في أمر رسمه (3) له، فاعتزل وكتب، وعرض الكتاب عليه، فلم يجده صنع شيئا، ثم دعا بآخر وأمره أن يكتب كتابا في معنى أمره به، فاعتزل وكتب،
__________
(1) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): عبدة
(2) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): في خط
(3) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): سماه(1/135)
الصولي (1) في ذلك يخاطبه من أبيات (2):
إيه (3) أبا جعفر وللدّهر كرّ م ... ات وعما يريب متّسع
أرسلت ليثا على فرائسه ... وأنت منها فانظر متى تقع
لمّظته (4) قوته وفيك له ... إذا تقضّت أقواته شبع
وقد كان أحمد بن أبي دواد حمل الواثق على الإيقاع بابن الزيات (5)، وأمر علي بن الجهم فقال فيه أرجوزة (6):
هارون يا بن سيد السادات ... أما ترى الأمور مهملات
تشكو إليك عدم الكفاة!
فهمّ الواثق بالقبض عليه وقال: لقد صدق قائل هذا الشعر، ما بقي لنا كاتب! فطرح نفسه على إسحق بن إبراهيم، وكانا مجتمعين على عداوة ابن أبي دواد، فقال للواثق: أمثل ابن الزيات مع خدمته (7) وكفايته يفعل به هذا، وما جنى عليك ولا خانك، وإنما دلّك على خونة أخذت ما اختانوه فهذا ذنبه! وبعد، فلا ينبغي لك أن تعزل أحدا حتى تعد لمكانه جماعة
__________
(1) انظر الترجمة ذات الرقم 38
(2) الأبيات من المنسرح، وهي في الأغاني: 21/ 255وفي ديوانه: انظر الطرائف الأدبية: 160159
(3) في الديوان والأغاني: إيها
(4) رواية الديوان، ومعنى لمظته قوته: أذقته وأطعمته إياه، وما في الأصول قريب من هذا الرسم (لهّجته قوته) ويقال: لهّج القوم: أطعمهم اللهجة، أي ما يتعلل به قبل الغداء، وفي الأغاني: لاكنة قوتة!!
(5) انظر الخبر في الأغاني: 21/ 255
(6) انظر ديوان علي بن الجهم: التكملة: 119
(7) رواية الأغاني، وفي الأصول: حرمته(1/137)
يقومون مقامه، فمن لك بمن يقوم مقامه؟ فمحا ما كان في نفسه عليه ورجع له.
وحكي أنّ الواثق أصلح بين ابن الزيات وابن أبي دواد، فكف محمد عن ذكر ابن أبي دواد، وجعل هو يخلو بالواثق فيغريه، وكان فيما أبلغه عنه أنه قد عزم على الفتك به والتدبير عليه، إلى أن قبض على ابن الزيات، ثم أطلقه بعد مدة وأعاده إلى حاله، وقبض / الواثق عليه ليس بمشهور، لأنه من خلفاء العباسيين الذين لم ينكبوا وزيرا، وهم قليل كالهادي والأمين قبله، والمعتضد والمكتفي بعده.
36 - سليمان بن وهب (1)
لم يكن في دار المأمون حدث أحسن خطا من سليمان، ولا آدب من أخيه الحسن (2) وكتب لإيتاخ التركي في أيام المعتصم، فكان السبب في عتقه، فتبرّك به وفوّض إليه أمره كله. وما زال يعلو بعلوّه، فسعى ابن الزيات إلى الواثق به وبأحمد بن الخصيب، وكان يكتب لأشناس التركي،
__________
(1) سليمان بن وهب: (272هـ) وزير من كبار الكتاب، بغدادي، كتب للأمون وهو ابن أربعة عشر عاما، وولي الوزارة للمهتدي ثم للمعتمد. حبسه الموفق ومات في حبسه، وكان من مفاخر عصره أدبا وعقلا وعلما، وهو ممدوح أبي تمام والبحتري. الأعلام: 3/ 201وابن خلكان: 2/ 147144والمعلمة الاسلامية: 4/ 560
(2) الحسن بن وهب (نحو 250هـ) شاعر كاتب للخلفاء، له أخبار مع أبي تمام والبحتري، ولم يظفر ابن خلكان بتاريخ وفاته ليفرد له ترجمة. انظر ابن خلكان: 2/ 145وفوات الوفيات: 1/ 269267 والأغاني: 20/ 5554وأخبار أبي تمام: 210183والأعلام: 2/ 241وله ترجمة مفردة في آخر الجزء العشرين من معجم الأدباء (تراجم اضافية: ص 3634)(1/138)
ورفع قصيدة نسبها إلى بعض أهل العسكر، وقيل إنه صنعها في الإغراء بهما، من أبياتها (1):
ولّيت أربعة أمر العباد معا ... وكلّهم حاطب (2) في حبل محتبل
كأنهم في الذي قسّمت بينهم ... بنو الرشيد زمان القسم للدول
حوى سليمان ما كان الأمين حوى ... من الخلافة والتبليغ للأمل
وأحمد بن خصيب في إمارته ... كالقاسم بن الرشيد الجامع السّبل
سمّيت باسم الرشيد المرتضى فبه ... قس الأمور التي تنجي من الزلل
عث فيهم مثل ما عاثت يداه معا ... على البرامك بالتّهديم للقلل
فلما قرأ الواثق الشعر غاظه وبلغ منه، ونظر بعقب ذلك إلى أحمد بن الخصيب يمشي في داره فتمثل (3):
من الناس إنسانان ديني عليهما ... مليّان (4) لو شاءا لقد (5) قضياني
خليليّ أمّا أمّ عمرو فمنهما ... وأمّا عن الأخرى فلا تسلاني
فبلغ ذلك سليمان بن وهب فقال: إنّا لله، أحمد بن الخصيب والله أمّ عمرو، وأنا الأخرى! فنكبهما بعد أيام (6) والبيتان من أشعار الغناء،
__________
(1) القصيدة من البسيط، وهي في الأغاني: 21/ 254، وديوان الوزير محمد بن عبد الملك الزيات المطبوع لا يحويها.
(2) يقال: هو يحطب في حبل فلان أي يعينه وينصره، والمحتبل من احتبل الصيد أي أخذه بالحبالة
(3) البيتان من الطويل وهما في الأغاني: 21/ 252وابن خلكان: 2/ 147
(4) المليّ والمليء: الغني المقتدر
(5) رواية (ق) و (س) وابن خلكان والأغاني، وفي (ر): قضا
(6) يذكر التنوخي أن الواثق أطلق سليمان بن وهب من حبس ابن الزيات. انظر الفرج بعد الشدة:
1/ 4645(1/139)
وهما من قصيدة طويلة لكعب القيسي المعروف بالمخبّل (1)، ذكر ذلك أبو الفرج، ومنها:
أفي كلّ يوم أنت رام بلادها ... بعينين إنساناهما غرقان (2)
إذا اغرورقت عيناي قال صحابتي ... لقد أولعت عيناك بالهملان
وكتب الحسن بن وهب إلى أخيه في نكتبه (3):
اصبر أبا أيوب صبرا يرتضى ... فإذا جزعت من الخطوب فمن لها
/ الله يفرج بعد ضيق كربها ... ولعلّها أن تنجلي ولعلّها
وكان الحسن آلى ألّا يذوق طعاما طيبا، ولا يشرب شرابا حتى يتخلّص أخوه، فوفى بذلك، وقال سليمان في نكبته (4):
نوائب الدّهر أدّبتني ... وإنّما يوعظ الأريب (5)
قد ذقت حلوا وذقت مرا ... كذاك عيش الفتى ضروب
ما مرّ بؤس ولا نعيم ... إلّا ولي منهما نصيب
كذا قال الصولي وغيره. وقال أبو الحسن الماوردي (6)، عن ثعلب قال:
دخلت على عبيد الله بن سليمان بن وهب، وعليه خلع الرضى بعد
__________
(1) كعب بن المخبّل من شعراء العصر الأموي، من أهل الحجاز، كان ممن اشتهروا بالعشق، واسمه في الأصول (القيسي) وفي معجم الشعراء للمرزباني (القيني) انظر المرزباني: 345والأعلام:
6/ 86.
(2) يروى هذا البيت لعروة بن حزام: الأغاني: 21/ 253
(3) البيتان من الكامل، وهما في أدب الدنيا والدين للماوردي: 234
(4) الأبيات من مخلع البسيط، وقد وردت في (الفخري): ص 186معزوّة لسليمان بن وهب أيضا.
(5) رواية (ر)، وفي (ق) و (س) والفخري والماوردي: الأديب
(6) أدب الدنيا والدين: 231(1/140)
محمد بن داود بن الجرّاح، صاحب كتاب (الورقة) (1)، قال (2):
جلس عبيد الله بن سليمان يوما للمظالم يعني في وزارته للمعتضد فقام إليه عمر بن محمد بن عبد الملك الزيات متظلما من أحمد بن اسرائيل في ضيعة، فنظر في أمره، وقال: أنت عمر بن محمد؟ قال له: نعم! قال: أنت ابن سكران (3) يعني أمّه فأين كنت؟ فقص عليه أمره وخبره، فلمّا كان في عشيّ ذلك اليوم، جلس ابناه وابن الجراح بين يديه، فتحدث عبيد الله واستروح وقال: سبحان الله العظيم! ما أعجب شيئا كنت فيه اليوم! قال ابن الجراح: فلم أسأله إجلالا، ثم قال: قال لي أبو أيوب يعني أباه إنه كان في أيام الواثق في ذلك البلاء والضرب والقيد، وإنه حمل يوما إلى محمد بن عبد الملك ليناظره ويردّ إلى محبسه، فوضع بين يديه على تلك الحال، فجعل يناظره، والحسن بن وهب كاتبه، ودواته بين يديه، فربما تكلم يرقّقه عليه، وربما أمسك، ومحمد دائم في الغلظة على أبي أيوب والتشفي منه، إذ مر بعض خدم محمد، / ومعه صبي يحمله وعليه لباس مثله من أولاد الملوك، فلما رآه محمد صاح بالغلام، فأتاه به، فقرّبه وقبّله، وترشّفه وضمه إليه وجعل يداعبه، وحانت منه التفاتة إلى أبي أيوب، وإذا دمعته قد سبقته وهو يمسح عينيه بجبة الصوف
__________
(1) طبع كتاب (الورقة) في سلسلة ذخائر العرب بدار المعارف بمصر، ولا يحوي المطبوع هذا النص، ولعله من كتاب آخر لابن الجرّاح اسمه (أخبار الوزراء) إذا لم يكن كتاب الورقة المطبوع كاملا. انظر مقدمة الدكتور عبد الوهاب عزام: ص 10، 16
(2) انظر الفرج بعد الشدة: 1/ 107وما بعدها
(3) صاحب الأغاني يسمي أم عمر هذه: سكرانة، وابن رشيق يسميها: سلوانة. الأغاني: 20/ 49 والعمدة: 2/ 103(1/142)
التي كانت عليه، فقال له: ما الذي أبكاك؟ فقال: خير أصلحك الله! فقال له: لا تبرح أو تخبرني بالأمر على جهته! فلما رأى ذلك الحسن بن وهب قال له: أنا أصدقك أعزك الله، لما رأى أبا محمد أمتعك الله ببقائه وجعلنا جميعا فداءه ذكر بنيّا له، ولد وهو في وقت واحد، وهو في مثل سنه! قال: وما اسمه؟ قال: عبيد الله قال: فالتفت محمد إليه كالهازىء به، ثم قال: يقدّر أن يكون ابنه هذا وزيرا! قال الحسن: فلما أمر بحمله إلى محبسه، التفت إليّ ثم قال: لولا أن هذا من أمور السلطان التي لا سبيل إلى التقصير فيها ما سؤتك فيه، ولو أعانني على نفسه لخلّصته فقال له أبو عليّ: والله ما رأيته، فإن رأيت أن تأمر به إلى بعض المجالس، وتأذن لي في القيام إليه والخلوة به، فأشير عليه بامتثال أمرك فعلت! فأمر بذلك قال: فقمت إلى أبي أيوب، فتعانقنا وبكينا، فقال لي: أعجب من بغيه وقوله بالهزء والتطانز (1): «أتراه يقدر أن يكون ابنه هذا وزيرا» والله إني لأرجو أن يبلّغه الله الوزارة ويتقدم إليه عمر متظلما، فلما كان في يومنا هذا تقدّم إليّ عمر يتظلّم كما رأيتم، فذكرت ذلك الحديث وقول أبي أيوب ما قال، وما كنت رأيته قبل ذلك. وقال الصولي في هذه الحكاية: جلس عبيد الله يوما للمظالم، فوقعت بيده رقعة، فقال: عمر بن محمد بن عبد الملك! فأدخل إليه، فقال: أنت عمر؟
قال: نعم! ثم جعل (2) ينظر إليه ويفكر، ثم وقّع له بجائزة (3) ونزل فلما
__________
(1) التطانز: السخر، وتطانز القوم: سخر بعضهم من بعض
(2) رواية (ق) و (س)، وفي (ر) جلس
(3) رواية (س): له بجائزة، وفي (ق) و (ر): الجائزة(1/143)
أيوب، وامتثلت فيه أمره، ثم صرفه عبيد الله وأقبل عليه إلى أن استخلفه في دار بدر (1).
37 - إبراهيم بن رياح
كان على ديوان الضياع فعزله الواثق، ودفعه إلى عمر بن فرج الرخّجي فحبسه، وكان جوادا ممدّحا، وفيه يقول عبد الصمد (2) بن المعذّل (3):
قد تركت الرياح يابن رياح ... وهي حسرى إن هبّ منها نسيم
نهكت مالك الحقوق فأضحى ... لك مال نضو وفعل جسيم
وصنع أبو العيناء خبرا (4) في إبراهيم هذا وجماعة من رجال السلطان رجاء أن ينتهي إلى الواثق فينتفع به، ومن ألفاظه: «قلت (5): ما عندك من خبر إبراهيم بن رياح؟ قال: ذلك رجل أوثقه كرمه، وإن يفز للكرام قدح فأحر بمنجاته، ومعه رجاء لا يخذله، ورب لا يسلمه، وفوقه خليفة لا يظلمه!» فلما قرىء على الواثق ضحك واستظرفه وقال: ما صنع هذا كله أبو العيناء إلا في سبب إبراهيم ابن رياح، وأمر بتخليته.
__________
(1) بدر غلام المعتضد: انظر مروج الذهب: 8/ 220
(2) رواية (س) و (ر)، وفي (ق) الرحمن بن عبد.
(3) البيتان من الخفيف.
(4) ورد الخبر معزوا إلى أبي تمام في (أخبار أبي تمام) للصولي: 9289.
(5) رواية أبي تمام: «قلت: فما تقول في ابراهيم بن رياح؟ قال: أوبقه كرمه، وأسلمه حسبه، وله معروف لا يسلمه، ورب لا يخذله، وخليفة لا يظلمه».(1/145)
يعمل في هذا لحنا وهاتوا ما نأكل، واتوني بالندماء والمغنين، ودعونا من فضول ابن المدبر، واخلعوا على / إبراهيم بن العباس! فخلع عليه، وانصرف إلى منزله. قال الحسن بن مخلد وكان يخلف إبراهيم على ديوان الضياع: فمكث يومه مفكرا مغموما ساهيا، فقلت: يا سيدي هذا يوم سرور وجذل بما جدّده الله لك وعندك من نعمه، وخصّك من كفايته، فما هذا الغمّ؟ فقال: يا بنيّ، الحق أولى بمثلي وأشبه، إني لم أدفع أحمد بن المدبر بحجة، ولا كذب في شيء مما ذكرني به، ولا أنا ممن يعشره (1) في الخراج، كما أنه لا يعشرني في البلاغة، وإنما فلجت (2)
بمخرقة وهزل، أفلا أبكي فضلا عن أن أغتم من زمان يدفع فيه ذلك الحق كله بما دفعته من الباطل، وسيكون لهذا وشبهه نبأ بعد!
وجلّت دلت حال إبراهيم عند المتوكل، واختص بكتابته، وله عنه الرسالة الغريبة في تأخير النيروز (3)، ولما قرأها عليه اعجب بها كلّ من حضر، فكان الفتح بن خاقان يقول للمتوكل: إبراهيم فضيلة خبّأها الله لك (4)! وكان إبراهيم إذا دخل على المتوكل أمر ألّا يهزأ أحد بين
__________
(1) يعشره: يبلغ معشاره.
(2) ظفرت وفزت.
(3) النيروز اسم معرب معناه اليوم الجديد، وهو أعظم أعياد الفرس وفيه يفتتح الخراج، وتأخير النيروز إصلاح زراعي كبير أراد المتوكل أن يقوم به ليؤخر موعد الجباية، فلا يجبى الخراج قبل نضج الزرع. انظر أخبار البحتري: 95 (وانظر ص 105من الطبعة الثالثة: دار الأوزاعي) والطبري وابن الأثير في حوادث سنة 245.
(4) في معجم الأدباء (1/ 188) أن وزير المتوكل عبيد الله بن يحيى بن خاقان يقول له: «يا أمير المؤمنين إن ابراهيم فضيلة خبأها الله لك، واحتبسها على أيامك»(1/151)
يديه (1) حتى يقوم.
39 - محمد بن الفضل الجرجرائي (2)
كتب للفضل بن مروان، ثم وزر للمتوكل (3) بعد ابن الزيات (4)، وكان يسمع الفضل يقول: نجاح بن سلمة (5) أشد الناس إقداما على إهلاك الأموال! فلما ولي خافه نجاح، فاعتذر إليه يوما من شيء بلغه فقال له الجرجرائي (6):
إن من الإخوان من ودّه ... آل على ديمومة يلمع
يخاله الظمآن ماء ولا ... ماء به من ظمإ ينقع
وأنت منهم غير شك فلا ... ترجع عن غيّ ولا تقلع
ولم يزل يطالبه حتى عزل، وأسلم إليه ليحاسبه، فكتب إلى صديق
__________
(1) يريد ألا يهزل أحد يقول المسعودي: «ولم يكن أحد ممن سلف من خلفاء بني العباس ظهر في مجلسه العبث والهزل والمضاحك إلا المتوكل (مروج الذهب: 7/ 197) ويقول الحصري: «كان اصحاب المتوكل يسخفون ويسفون بحضرته، وكان يهاتر الجلساء» (زهر الآداب: 1/ 253) وانظر خبر المتوكل مع أصحاب السماجة والهزل: الديارات للشابشتي: 26
(2) مات سنة 250. انظر ابن الأثير 7/ 89والفخري: 177
(3) انظر تاريخ الطبري: 3/ 1379ومروج الذهب: 7/ 197.
(4) بعد مقتل ابن الزيات استكتب المتوكل أحد كتابه واسمه أبو الوزير من غير أن يسميه بالوزارة، فكتب له مديدة ثم نكبه واستوزر الجرجرائي. تاريخ الطبري: 3/ 1378وابن الأثير: 7/ 27والفخري:
177.
(5) انظر تاريخ الطبري: 3/ 14471440
(6) الأبيات من السريع.(1/152)
له: «أنا مع أمير المؤمنين وتسليمه إياي لنجاح كما قال أبو تمام (1):
رأيتك من محبّك ذا بعاد ... وممن لا يحبك ذا دنوّ
ومع نجاح كما قال في البيت الآخر:
وحسبك حسرة لك من صديق ... يكون زمامه بيدي عدوّ
وكتب إلى المتوكل (2):
/ يا ملكا أملك بي منّي ... اصفح فدتك النفس [لي (3)] عنّي
والله ما خنتك في حالة ... عالم ما أبدي وما أكني
ففيم سلّمت إلى حاسد ... منيته راحته منّي
فأمر المتوكل أن يصالح فيما كان يطالب به، تخفيفا عنه، وكان صالح الرأي فيه. ويذكر أنه قال له قبل عزله: بلغني أنك تتشاغل بالغناء عن الأمور! فقال: ما أنكر يا أمير المؤمنين أني أستعين بهزل على جد، وبراحة على تعب، وأما الإضاعة فلو لم أقض حقك وحق الله لقضيت حق نفسي فيما يلزمني من ذلك! ثم كتب إليه أسماء جواريه العوامل، وعرضها عليه، فأبى أن يقبلهنّ، ووصله بعشرة آلاف دينار، ثم صرفه في تلك السنة.
__________
(1) البيتان من الوافر: ديوان أبي تمام: 267وعن الشاعر انظر المعلمة الاسلامية: 1/ 112111
(2) الأبيات من السريع.
(3) زيادة من (س).(1/153)
وقال أبو محمد بن السيد البطليوسي (1) في شرح [قول (2)] ابن قتيبة (3): «وأيّ موقف أخزى لصاحبه من موقف رجل من الكتّاب.» قال ابن القوطيّة: هذا الرجل هو محمد بن الفضل [وهذا غلط لأن محمد بن الفضل (4)] إنما وزر للمتوكل، وكان شاعرا كاتبا حلو الشمائل، عالما بالغناء.
ولي الوزارة أيضا في أيام المستعين (5).
40 - عمرو بن بحر الجاحظ (6)
كان مائلا إلى ابن الزيات، منحطا في هواه، فلما نكبه المتوكل أدخل الجاحظ على أحمد بن أبي دواد مقيدا، فقال له (7): والله ما أعلمك إلا متناسيا للنعمة كفورا للصنيعة، معددا للمساوىء، وما فتّني باستصلاحي لك، ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويّتك، ورداءة جبلّتك (8)، وسوء
__________
(1) انظر الاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن السيد البطليوسي: 25.
(2) زيادة من (س).
(3) قول ابن قتيبة هو: «وأي موقف أخزى لصاحبه من موقف رجل من الكتّاب اصطفاه بعض الخلفاء لنفسه وارتضاه لسره، فقرأ عليه يوما كتابا، وفي الكتاب: ومطرنا مطرا كثر عنه الكلأ، فقال له الخليفة ممتحنا له: وما الكلأ؟ فتردد في الجواب وتعثّر لسانه ثم قال: لا أدري! فقال: سل عنه» انظر: أدب الكاتب لابن قتيبة: 7.
(4) زيادة من (س) و (ر) والاقتضاب
(5) انظر تاريخ الطبري: 3/ 1514
(6) الجاحظ (255هـ) انظر المعلمة الاسلامية: 1/ 10291028وأمراء البيان: 2/ 487311.
(7) انظر زهر الآداب: 2/ 101100والفرج بعد الشدة: 1/ 79
(8) في زهر الآداب: دخيلتك(1/154)
اختيارك، وتكالب طباعك! فقال الجاحظ: خفّض عليك أصلحك الله، فو الله لأن يكون لك الأمر عليّ خير من أن يكون [لي (1)] عليك، ولأن أسيء وتحسن أحسن في الأحدوثة من أن أحسن فتسيء، ولأن تعفو عني في حال قدرتك [عليّ (2)]، أجمل بك من الانتقام مني! فعفا عنه.
وأرق من هذا الاستعطاف على أن بلاغة الجاحظ في رسائله وخطبه لا يتعاطاها الفحول ذوو الإدراك ما كتب به بعض الكّتاب إلى أبي غالب، ابن أخي ابراهيم بن المدبر وهو: «وجدت استصغارك لعظيم ذنبي أعظم لقدر تجاوزك عني، ولعمري ما جلّ ذنب يقاس إلى فضلك، ولا عظم جرم يقاس إلى صفحك، ويعوّل فيه على كرم عفوك، ولئن كان قد وسعه حلمك فأصبح / جليله عندك محتقرا وعظيمه لديك مستصغرا، إنه عندي لفي أقبح صور الذنوب، وأعلى رتب العيوب غير أنه لولا بوادر الجهلاء لم يعرف فضل الحلماء، ولولا ظهور نقص الأتباع لم يبن كمال الرؤساء، ولولا إلمام الملمّين بالذنب لبطل تطوّل المتطوّلين بالصفح، وإني لأرجو أن يمنحك الله السلامة بطلبك منها، ويقيلك العثرات بإقالتك لها، وما علمت أني وقفت على نعمة أتدبرها إلّا وجدتها تشتمل على عائدة فضل، معها فائدة عقل فيها إني وجدتني قد وصلت إلى تفضلك من غير مسألة، ودخلت إلى إحسانك من بابه، ووصلت إلى تقلّد عملك بمن أشركته في الشكر معك، إن لم أكن جعلته دونك، فنقلني بما استكرهتك عليه، إلى
__________
(1) زيادة من زهر الآداب
(2) ساقطة من (ق) وهي في بقية الأصول وزهر الآداب(1/155)
ما تطوعت لي به، ومما كان لي فيه سبب إليك، إلى ما لا سبب لي فيه غيرك، ومما يطالبني بالشكر عليه سواك، إلى ما تنفرد معه بشكري إياك، ثم جعلت ما نقلتني إليه أجلّ قدرا، وأخصّ من خدمتك محلا مما نقلتني عنه، كنت في ذلك كما قال الشاعر (1):
لا أظأر (2) النفس إكراها إلى أحد ... وشرّ ودّك ما يأتي وقد نهكا
من مجّه (3) فوك لم تنفعه آصرة ... والنفس مجّاجة ما مجّه فمكا
ولم أر تأديبا ألطف ولا فعلا أشرف، ولا تقويما أنفع، ولا استصلاحا أنجع، ولا كرما أبرع مما توصلت إليه فيّ، وتغلغلت في الإنعام به عليّ، وإني لأرجو بمنّ الله وستره ألّا تقف مني علي أخت لهذه الفعلة، ولا نظير لهذه الزلّة ما اختلف الجديدان، وتجاور الفرقدان.
41 - أحمد بن محمد بن المدبّر (4)
حكي عنه أنه قال: كنت [أكتب (5)] لمحمد بن عبد الملك الزيات على الجيش، واحتيج إلى توجيه بعض القواد في أمر مهم، فعملت باستحقاقه ورجاله عملا مفصلا، ثم أجملت التفصيل فغلطت فيه،
__________
(1) البيتان من البسيط.
(2) ظأره إلى كذا: عطفه عليه.
(3) مجّه: قذفه ورمى به واستكرهه.
(4) مات سنة 270هـ. انظر ابن خلكان في ترجمة يموت بن المزرّع (وفيات: 6/ 55) والأغاني: 9/ 9، 1834/ 1941/ 115والفهرست: 123.
(5) زيادة من (س).(1/156)
وصككت به، وحمل المال إلى القائد وقبضه وشخص، ثم رجعت إلى العمل فتتبعته فوقعت على الغلط، فاستحييت من محمد بن عبد الملك، فجلست عنه ثلاثة أيام فوجّه إليّ فاستحضرني (1)، فكتبت إليه أصدقه عن القصة، وأعترف بالخطأ، وأعلمته أن الحياء منعني من الحضور، وأحكّمه على نفسي في العقوبة، فوقّع إليّ: «لا جرم لك فيما / لم تتعمّد فارجع إلى مكانك وتحرّز من وقوع ما كان منك»، وقاصّ الرجل وأصحابه بما قبضوه عند استحقاقهم.
ثم تولى أيام المتوكل الأعمال الجليلة وكان له إدلال: قال له يحيى بن أكثم (2) بحضرة المتوكل: أنت كاتب تتفقّه، وتذكر أنك لا تلزم الناس إلا بحجج فقهية، أو كمال قال، فمن كتب للنبي صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال أحمد: ليس على الكاتب أن يعلم ذلك ولا يتعلمه، ولا على الفقيه أيضا، لأنه ليس مما يحل حلالا ولا يحرّم حراما، ولا يزيد بصرا في صناعة، وقد روى الناس أن عثمان وعليا وزيد بن ثابت وحنظلة ومعاوية وغيرهم كتبوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم، [ولكن أخبرني (1)] من عمل عند النبي صلّى الله عليه وسلّم عملك [ف (3)] أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتله؟ يعرّض له باللواط، فأفحم يحيى واستغرب (4) المتوكل عليه ضحكا.
__________
(1) رواية (س): فأحضرني
(2) قاضي القضاة في عهدي المأمون والمتوكل. توفي سنة 242هـ. انظر ابن خلكان: 5/ 214197
(3) زيادة من (س).
(4) استغرب في الضحك: بالغ فيه.(1/157)
إلى أن رضي الموفق عنه وكان المعتمد يقول: ما استوزرت بعد عبيد الله بن يحيى وزيرا أرضاه غير الحسن بن مخلد (1) وإبراهيم بن المدبّر.
وقصته مع المتوكل تشبه قصة عثمان بن عمارة بن خريم المرّي، خرج عليه خمس مائة ألف وسبعون ألفا، فحبس، فدخل عليه يزيد بن مزيد فقال: أحملها إليك؟ فقال: يعدل حملها إليّ أبيات شعر تحملها إلى أمير المؤمنين الرشيد عني! فقال: وما هي؟ فأنشده (2):
أغثني أمير المؤمنين بنظرة ... تزول بها عنى المخافة والأزل (3)
فعفوك أرجو لا البراءة جاهدا ... أبى الله إلّا أن يكون لك الفضل
فإلّا أكن أهلا لما أنا طالب ... فأنت أمير المؤمنين له أهل
قال: فعرضها على الرشيد، فأسقط ما كان عليه.
43 - أبو الجهم الكاتب
كان من صنائع ابن الزيات، وعادى من أجله إبراهيم بن العباس الصولي وأضرّ به (4)، فلما ولي الحسن بن مخلد بعض الأعمال، أشار عليه إبراهيم [بطلب أبي الجهم في عمل كان يتولاه بالتشدد (5) عليه فيه،
__________
(1) تقدم ذكره في ترجمة ابراهيم بن العباس الصولي، وانظر عنه الفخري: 187والمسعودي: 7/ 246245 وابن الأثير: 7/ 215.
(2) الأبيات من الطويل.
(3) الأزل: الضيق والشدة.
(4) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): وأضرابه.
(5) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): بالتشديد.(1/162)
45 - أحمد بن محمد بن ثوابة (1)
خاف من المهتدي لما اتّهم به من اعتقاد الرفض، وكان يكتب لبعض رؤساء الأتراك (2)، فاستتر ونودي عليه، ثم شفع فيه، فرضي المهتدي عنه، وخلع عليه أربع خلع، وقلده سيفا، ورجع إلى حاله.
وجرى بين ابن ثوابه وبين أبي الصقر (3) اسماعيل بن بلبل كلام (4) في دار صاعد بن مخلد الوزير (5)، فقال اسماعيل لابن ثوابه: حكمك والله ان تشدّ وتحدّ، فقال له: يا جاهل أما علمت أنه من يشدّ لا يحدّ، ومن يحدّ لا يشدّ! وجرى له معه أيضا غير هذا، فحمي أبو العيناء لاسماعيل وانتصر له من ابن ثوابة فقال: ما استبّ اثنان إلا غلب ألأمهما! فقال أبو العيناء:
فلهذا غلبت بالأمس أبا الصقر (6)! فلما ولي الوزارة أبو الصقر، دخل عليه
__________
(1) أبو العباس أحمد بن محمد بن ثوابة الكاتب (277هـ) تولى كتابة الإنشاء في دار الخلافة ببغداد سنين كثيرة: انظر معجم الأدباء: 4/ 174144
(2) هو بايكباك التركي وانظر معجم الأدباء: 4/ 149147.
(3) اسماعيل بن بلبل الشيباني: استوزره الموفق لأخيه المعتمد سنة 265، ومدحه البحتري وابن الرومي، وانتهى أمره بأن حبسه المعتمد وقتله. انظر الفخري: 189188.
(4) انظر الخبر في زهر الآداب: 3/ 9190ومعجم الأدباء: 4/ 151150.
(5) صاعد بن مخلد (276هـ) من مشاهير الوزراء في الدولة العباسية مات في حبس الموفق. انظر المسعودي: 8/ 63والشابشتي: 176175والمنتظم: 5/ 66و 101وثمار القلوب للثعالبي: 233 234.
(6) انظر معجم الأدباء: 4/ 152.(1/166)
ابن ثوابة ووقف بين يديه، وجعل يقول (1): أيها الوزير {تَاللََّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللََّهُ عَلَيْنََا وَإِنْ كُنََّا لَخََاطِئِينَ} [2] فقال أبو الصقر {لََا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [3] أبا العباس يغفر الله لكم! ثم رفع محلّه وولاه، وما قصّر في الإحسان إليه والإبقاء عليه مدة وزارته.
46 - الحسن بن رجاء (4)
كان من جلّه (5) الكتّاب، ونشأ في خلافة المأمون، فدخل يوما بعض الدواوين فنظر إليه وهو غلام [جميل (6)] وعلى أذنه قلم، فقال:
من أنت يا غلام؟ فقال: أنا يا أمير المؤمنين، / الناشيء في دولتك، المتقلّب في نعمتك، المؤمّل لخدمتك الحسن بن رجاء، خادمك وعبدك! فقال المأمون: أحسنت يا غلام، وبالإحسان في البديهة تفاضلت العقول وأمر أن يرفع عن مرتبة الديوان.
وحكى الصولي في (كتاب الأخبار المنثورة (7)). من تأليفه، قال: كان الحسن بن رجاء الكاتب يهوى جارية من القيان، وكان
__________
(1) انظر الخبر في معجم الأدباء: 4/ 151.
(2) الآية: 91من سورة يوسف.
(3) الآية: 92من سورة يوسف.
(4) الحسن بن رجاء (انظر ما تقدم: ص 91الحاشية: 2) وانظر الطبري: 3/ 1341والأغاني:
6/ 199198والفهرست 166وأخبار أبي تمام: 182167.
(5) رواية (س) و (ق)، وفي (ر): جملة.
(6) زيادة من (س) و (ر)
(7) لم يصل هذا الكتاب إلينا، ولم يذكره ابن النديم في ثبت مؤلفاته. انظر الفهرست: 151150.(1/167)
اسماعيل بن بلبل يهواها، فكانا يتنافسان فيها، فلما تقلّد اسماعيل الوزارة ملك الجارية وأحسن إليها، ثم سألها يوما: هل في نفسك شيء لم تبلغيه؟ فقالت: قد بلغت كل ما أحب وزيادة، ولم يبق في نفسي إلا قدح بلّور مصنوع مورّد كان عند الحسن بن رجاء، فكنت إذا زرته ناولنيه، فتقدّم أبو الصقر إلى أبي بكر ابن أخته بإحضار الحسن ومطالبته بالقدح عفوا أو عسفا فركب أبو بكر إليه، وجلس عنده، فحادثه ثم قال له: قد جئتك في حاجة وما أحسبك تردني عنها، فقال له: كل ما عندي فلك! قال: قدح البلور المورّد تمنحني إياه. قال: قد انكسر! قال: فأعطني كسره! فقال: ما ظننت أن أطالب بزجاج قد انكسر فأحتفظ به! فقال: إنّ هذا الرجل قد صارت له يد وسلطان، ولأن تهديه إليه وتمتنّ عليه أحسن من أن تكاشفه وتعاديه! فقال: أمّا لسؤالك فأفعل، ولكن على شريطة، توصل لي معه أبياتا، فقال: أفعل، فأنفذ إليه القدح ومعه رقعة فيها أبيات (1):
سلّم على أربع بالكرخ تقلاها ... من أجل جارية فيهنّ أهواها
تمكنت نوب الأيّام منك بها ... والدهر إن أسلف الحسنى تقاضاها
يا بؤس قلبك ما أقصى مراميه ... وشجو نفسك ما أدنى بلاياها
وطيب عيش مضى ما كان أحسنه ... لو أنّ أيامنا منه نملّاها
إليك أشكو أبا بكر هوى بجوى ... أطعته مرضيا نفسي فعاصاها
__________
(1) الأبيات من البسيط.(1/168)
فأسعد الصبّ إن كنت امرأ غزلا ... واعطف على ذي البلا إن كنت أوّاها
قد جاءك القدح المسلوب بهجته ... مذ حيل دون التي أدنت له فاها
خذه إليك عزيزا أن يجاد به ... لو أن إحدى ليالينا كأولاها
فلما قرأ اسماعيل الأبيات وأخذ القدح رقّ له، فقلّده أصبهان [وأخرجه إليها (1)].
47 - عيسى بن الفاسي
/ كتب لأبي الصقر إسماعيل بن بلبل في وزارته للمعتمد، وكان قد امتحن بصاعد بن مخلد الوزير قبل أبي الصقر، ورجا الحسن بن مخلد، فلما ولي لقي [منه أكثر مما لقي (2)] من صاعد فقال في ذلك (3).
أقيك بنفسي سوء عاقبة الدهر ... ألست ترى صرف الزمان بما يجري
يصاب الفتى في اليوم يأمن نحسه ... وتسعده الأيام من حيث لا يدري
وقد كنت أبكي من تحامل صاعد ... وأشكو أمورا منه ضاق بها صدري
فلمّا انقضت أيّامه وتبدلت ... بأيّام ميمون النقيبة والذكر
سرت أسهم منه إليّ أمنتها ... ولو خفتها داريتها (4) قبل أن تسري
وذكّرني بيتا من الشعر سائرا ... وقد تضرب الأمثال في سائر الشعر
__________
(1) زيادة من (س) و (ر).
(2) زيادة من (س) و (ر).
(3) الأبيات من الطويل.
(4) يرى الدكتور مصطفى جواد أن الأصوب (دارأتها) أي دافعتها ومانعتها لأمنعها من السريان.(1/169)
عتبت على عمرو فلمّا فقدته ... وجرّبت أقواما بكيت على عمرو
وقال أيضا في صاعد وقد قرأ كتابا على الموفّق فلم يفهم [بعض (1)] ما فيه، وفهمه الموفق (2):
أرى الدهر يمنع من جانبه ... ويهدي الحظوظ إلى عائبه
ومن عجب الدهر أنّ الأمير ... أصبح أكتب من كاتبه
كذا في كتاب ابن عبدوس (3) وفي (اليتيمة) لأبي منصور الثعالبي: أن أبا بكر الخوارزمي نسب هذا الشعر الى البحتري (4) في محاورة جرت بينه وبين الصاحب أبي القاسم اسماعيل بن عبّاد أثناء مسامرة، فقال الصاحب للخوارزمي وقد أعجبه تنظيره [بذلك (1)]: جوّدت وأحسنت، هكذا يكون الحفظ!
وروى يموت بن المزرّع عن أبيه قال: كان عيسى بن الفاسي يكتب لأبي الصقر اسماعيل بن بلبل، وكانت له جارية يحبها، فاصطبح معها ذات يوم فهو في صبوحه حتى وافاه رسول اسماعيل في مهمّ له، فكتب إليه (5):
هبني لجاريتي وارحم تفرّدها ... بالوجد إن غبت عنها أيها الملك
__________
(1) زيادة من (س) و (ر).
(2) البيتان من المتقارب وهما في ديوان البحتري: 2/ 179وفي اليتيمة: 3/ 256.
(3) ليس الخبر فيما طبع من كتاب الجهشياري.
(4) البيتان من قصيدة في ديوان البحتري يهجو بها أبا غانم: 2/ 179.
(5) البيتان من البسيط.(1/170)
فقد غدونا وستر الله منسدل ... والتام ما بيننا وانحلّت التكك
فحلف اسماعيل أنه يقيم عندها ثلاثة أيام، ووجّه إليه بطيب ومال وكسوة.
48 - عبد الله بن محمد الزّجالي (1)
قال أبو مروان بن حيّان بن خلف بن حيّان في كتابه (المقتبس من أنباء أهل الأندلس (2)): / كان الأمير [عبد الله (3) يعني] عبد الله بن محمد (4) بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، قد عزل عبد الله بن محمد الزجّالي عن خطّتي الوزارة والكتابة في بعض أوقاته لموجدة وجدها عليه، ثم أقاله بعد مديدة، وأعاده إلى خطته، وكان محبّبا في الناس فأبدوا فرحا لرجعته، وقال في ذلك أحمد بن محمد بن عبد ربه الشاعر من أبيات (5):
يا ملكا يزدهي به المنبر ... والمسجد الجامع الذي عمّر
خليفة الله في بريّته ... يسرّ للناس مثل ما يجهر
يا قمر الأرض إن تغب فلقد ... أقمت للناس كوكبا يزهر
ما فرح الناس مثل فرحتهم ... لمّا أقيل الأديب واستوزر
__________
(1) مات سنة 301هـ. انظر البيان المغرب: 2/ 165
(2) طبع من الكتاب الجزء الثالث، وهو لا يحوي هذا الخبر.
(3) زيادة من (س) و (ر).
(4) انظر سيرته وأخباره في البيان المغرب: 2/ 156120.
(5) الأبيات من المنسرح.(1/171)
وابتهج الملك حين دبّره ... عين الإمام التي بها يبصر
قطب عليه المدار أجمعه ... في الأمر والرأي كلما دبّر
لم يزل البيت طول غيبته ... أعمى فلمّا استوى به أبصر
وقال ابن عبد ربه في ذلك أيضا مما لم يذكره ابن حيان (1):
تجددت الدنيا وأبدت جمالها ... وردّت إلينا شمسها وهلالها
عشية يوم السبت جاءت بنعمة (2) ... من الله لا يرجو العدوّ زوالها
بها جبر الله الكسير من العلا ... وأدرك منه عثرة فأقالها
فأشرقت الآفاق نورا وبهجة ... ومدت علينا بالنعيم ظلالها
بتجديد عبد الله أعظم دولة ... لمولاه عبد الله كان أزالها (3)
ولمّا تولت نضرة العيش ردّها ... فآلت إلى العبد القديم مآلها
فتى نشأت من كفه ديم الندى ... فظلت سجال الرزق تجري خلالها
ترى الجود يجري من فريد يمينه ... كصفحة هنديّ أرتك صقالها
ولو نيط من نجم السماء فضيلة ... لمدّ إليها الكفّ حتى ينالها
ومحمد بن سعيد الزجّالي والد عبد الله هذا هو أول من رأس من هذا البيت وجلّ بالكتابة وأورثها عقبه، وكانت نباهته ورياسته بعلمه وبيانه (4)،
__________
(1) الأبيات من الطويل.
(2) رواية (س) و (ر): ببيعة.
(3) رواية (س) و (ق)، وفي (ر): أنالها.
(4) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): ولسانه.(1/172)
كأحمد بن يوسف وابن الزيات وطبقتهما، ويعرف بالأصمعي لعنايته بالأدب وحفظ اللغة.
ويذكر في سبب اتصاله بالسلطان أن الأمير عبد الرحمن بن الحكم (1)
عثرت به / دابته، وهو في غزاة، فأنشد متمثلا (2):
وما لا ترى مما يقي الله أكبر
وطلب صدر البيت فعزب عنه، فسأل أصحابه عنه فأضلّوه، وأمر بسؤال كل من اتّسم بمعرفة في عسكره، فلم يلف أحد يقف عليه غير محمد بن سعيد هذا، فقال: أصلح الله الأمير، أول البيت:
نرى الشيء ممّا نتّقي (3) فنهابه
فأعجب الأمير عبد الرحمن ما كان منه، وراقه بيانه، فاستخدمه.
49 - عبيد الله بن سليمان بن وهب (4)
لما تقلد المعتضد أبو العباس أحمد ولاية العهد بعد وفاة أبيه الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل، وذلك يوم الأربعاء لثمان بقين من صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين في آخر خلافة المعتمد بن المتوكل، أقرّ أبا الصقر
__________
(1) انظر البيان المغرب: 2/ 9380.
(2) شطر بيت من الطويل.
(3) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): يتّقى.
(4) انظر ما تقدم: ص 126الحاشية: 3وهو وزير من أكابر الكتاب (288هـ). انظر المعلمة الاسلامية: 4/ 560والمسعودي: 8/ 169، 252، 264.(1/173)
اسماعيل بن بلبل على ما كان عليه من الوزارة والتدبير، إلى يوم الاثنين بعده، ثم قبض عليه وعلى أبنائه (1) وحاشيته، وانتهبت منازلهم، وطلب ابن الفرات (2)، فاستتر، وبعث إلى أبي القاسم عبيد الله بن سليمان، وكان قبل ذلك بمدة منكوبا من قبل المعتمد، وأمره بالانصراف إلى منزله والبكور إليه، ليخلع عليه، فانصرف في طيّاره (3)، وبكّر من الغد إلى المعتضد، فخلع عليه، وانصرف وبين يديه جميع القواد والغلمان.
ولما توفي المعتمد في آخر رجب من سنة تسع وسبعين (4) أخذ البيعة للمعتضد عبيد الله بن سليمان على الناس، فأحسن التدبير، ونظّم سياسة الأمور، واستكتب ابنه القاسم (5) بن عبيد الله لبدر المعتضد [ي (6)]، وجلّت حاله، فاستنابه في العرض على المعتضد، وسعى به بعض حسدته، فلم يقبل المعتضد سعايته، وحضر عبيد الله، فدفع إليه السعاية، فأنشده (7):
كفاية الله خير من توقّينا ... وعادة الله بالإحسان تغنينا
كاد الوشاة ولا والله ما تركوا ... قولا وفعلا وبأساء وتهجينا
__________
(1) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): أسبابه.
(2) انظر خبر ذلك في الترجمة رقم: 51.
(3) الطيّار: نوع من قوارب الركوب السريعة، كان كثير الاستعمال في دجلة.
(4) مات المعتمد سنة 279.
(5) يخصص له ابن الأبار الترجمة ذات الرقم: 52.
(6) زيادة من (ر). وتقدم ذكر بدر غلام المعتضد هذا انظر: ص 145.
(7) الأبيات من البسيط.(1/174)
وكان المعتضد يصف عبيد الله بالدهاء والرّجلة، فلما أشار إليه بإخراجه مع بدر إلى الجبل، وقع له أنه إنما أراد التخلص والبعد منه، فقال لبدر: قد استوحشت من عبيد الله لالتماسه الخروج، وقد عزمت على أن أقبض عليه، وأقلدك خراجها مكانه فدافعه عن ذلك وراجعه، وكان أحمد بن الطيّب قريبا منهما، وكان المعتضد يأنس به، فوقف على كلامهما، فمضى من فوره فعرّف عبيد الله ما جرى، بعد أن أحلفه أن يستره، فقلق عبيد الله، ولم تسمح نفسه بكتمانه، فصار من غد إلى المعتضد ومعه ثلث جميع ما يملك من ضيعة وعقار ومال، فوضعه بين يديه وقال له: قد جعلت لك يا أمير المؤمنين جميع ملكي حلالا طيبا وتؤمّنني على نفسي وولدي! فأنكر المعتضد ذلك وسأل عن سبب ما بلغه، فدافعه، فأمسك المعتضد وصرفه، وأحضر بدرا فأسمعه كل مكروه وقال: أنت أخبرت عبيد الله، ولم تحصل إلا على فساد نيّته لنا! فحلف له بدر بأيمان صدّقه فيها ولمّا كان من غد حضر عبيد الله، فخلا به وألح عليه أن يعرّفه من الذي رقى إليه ذلك فقال: أخبرني به أحمد بن الطيب. فقال: كذب وإنّما أراد التسوّق (1) عندك، فكن على ثقة، فليس لك عندي إلا ما تحبّه. ثم / قبض على أحمد بن الطيب وحبسه في المطامير إلى أن مات.
وقيل إنّ أحمد بن الطيب المذكور كان يقول للمعتضد: كثير من
__________
(1) في الأصول التشوّق، والتصحيح للدكتور مصطفى جواد، ومعنى التسوّق التقدّم بالكذب.(1/176)
51 - علي بن محمد بن الفرات (1)
لما قبض المعتضد على أبي الصقر استتر علي هذا وأخوه أحمد (2)
وكانا من كتّابه ومتقدمين في الأعمال، ثم ظفر بهما وحبسا، ودعا بعلي منهما يوما عبيد الله بن سليمان، فجيء به وهو مقيد وعليه جبّة دنسة (3)، فقال: الله الله أيها الوزير! وجعل يشكو (4) ما لحقه وأخاه، فهدّأه وسكّنه، وأمره بالجلوس، فلما زال عنه الروع أخذ معه في أمر العمل وما يحتاج إليه، فاتصل كلامه وانبسط في ذكر الأموال والعمال انبساط رجل جالس في الصدر، وجعل يقول: ناحية كذا مبلغ ما لها كذا، وهي كذا، وعاملها فلان من حاله كذا، وناحية كذا عاملها فلان ينبغي أن يشدّ بمشرف أو شريك، حتى أتى على الآفاق فتهلّل وجه عبيد الله وقال له: اعتزل واعمل عملا بما قلت به! فاعتزل عليّ ومعه أحد الكتّاب، فأملى عليه ما طلب وجاء بالعمل، ثم كلّم الوزير في أمره وأمر أخيه، فأمر بحل قيودهما والتوسعة عليهما، وقال لهما: لن يبعد خلاصكما، وأنا أسأل المعتضد في أمركما، ارجعا الى موضعكما، والتفت إلى من حضر فقال: أرأيتم
__________
(1) ابن الفرات أبو الحسن (312241هـ) وزير من الدهاة الفصحاء الأدباء. ترجمته وأخباره في تحفة الأمراء للصابي: 2658وانظر المعلمة الاسلامية: 2/ 400والأعلام: 5/ 142141.
(2) أبو العباس أحمد بن محمد بن الفرات كان أكتب أهل زمانه وأضبطهم للعلوم والأدب (291هـ) انظر ابن خلكان: 3/ 100والأعلام: 1/ 196.
(3) الخبر مع بعض الاختلاف في تحفة الأمراء: 9.
(4) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): يشكو ألما.(1/179)
مثل هذا الفتى قطّ يعني ابن الفرات والله لا فارقت الأمير أو استوهبهما منه، فإني أعلم أن الملك لا يقوم إلا بهما، فأطلقهما بعد أيام واستعملهما.
ويقال إن عبيد الله قيل له: إن أردت أن يتمشى أمرك فأطلق ابني الفرات واستعن بهما فنهض إلى المعتضد وأعلمه أن هؤلاء القوم قد داسوا الدنيا وعلموا أعمالها، قال: وكيف تصلح لنا نيّاتهم، وقد نكبناهم؟
فقال: إذا رددت ضياعهم واستخلصتهم صلحوا! فقال: إنهم غير مأمونين في السعي عليك والإفساد بيني وبينك، وأمرهم إليك فخرج و [أ] (1) حضر أحمد بن محمد، فأدناه وآنسه، وقال له: قد استوهبتك من المعتضد لأستعين بك، وقصّ عليه القصة، فقال: يتقدم الوزير بإحضار الطائي وعليّ بن محمد أخي فقال: افعل، فأحضرهما فأخذ دواة، واعتزل بهما، فلم يزل هو وأخوه يناظران الطائي على ضمان الكوفة وسوادها وما يتصل بها، وعلى أن يحمل من مالها كلّ شهر ستين ألف درهم (2)، وفي كل يوم سبعة آلاف دينار، ففعل ذلك وضمّناه، وأخذا خطّه وجاءا به إلى عبيد الله / فسرّه، وكان ذلك سبب ارتقائهما إلى أن ولي [علي (3)] منهما وزارة المقتدر ثلاث مرات بعد نكبات عظيمة (4). ولما
__________
(1) زيادة من (س) و (ر).
(2) رواية (ق) و (ر)، وفي (س): دينار.
(3) زيادة من (س) و (ر).
(4) تفصيل ذلك في تحفة الأمراء: 3822وابن خلكان: 3/ 97.(1/180)
المكتفي أن يشرفه بتزويج ابنه محمد بنته (1)، فأجابه ومهرها مائة ألف دينار، فخلع عليه القاسم وعلى أهل الدولة، ولقّب بوليّ الدولة، وكان يكتب عن نفسه: «من وليّ الدولة أبي الحسين القاسم بن عبيد الله» وأمر أن تؤرّخ (2) الكتب عنه بأسماء أصحاب الدواوين، وهذا ما كان قط إلا لخليفة.
53 - علي بن عيسى بن الجرّاح (3)
كتب للقاسم بن عبيد الله هو والعباس بن الحسن (4)،! وأشار القاسم وهو في آخر علّته على المكتفي باستكتاب أحدهما، فقدّم العباس للوزارة، وكان عليّ زاهدا متواضعا حافظا للقرآن، عالما بمعانيه وإعرابه، وله في ذلك تأليف (5)، وقد حمل عن أبيه الحديث، وله بلاغات لا تعرف لغيره من الكتّاب، ثم وزر للمقتدر غير مرة في أول خلافته وآخرها، ولم يكن يهوى ذلك، بل كان يحب الاعتزال، ويقول: ما كنت أحتسب بمقامي / في هذا الأمر إلّا أني مجاهد في سبيل الله، خوفا من فتنة لا لا تبقي ولا تذر.
__________
(1) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): لبنته.
(2) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): تروح.
(3) علي بن عيسى بن داود بن الجراح (334244هـ) وزير المقتدر والقاهر، فارسي الأصل، من أهل بغداد، شهر بزهده وعفته وعلمه. انظر المعلمة الاسلامية: 2/ 394وتاريخ بغداد: 12/ 1614 والأعلام: 5/ 134133.
(4) العباس بن الحسن (296247هـ) أديب بليغ، وزر للمكتفي بعد وفاة القاسم بن عبيد الله. انظر الأعلام: 4/ 32والفخري: 192.
(5) له كتاب «معاني القرآن» أعانه عليه ابن مجاهد المقرىء. انظر الأعلام: 5/ 133.(1/184)
ولما ضبط أمر الملك، ومنع الأيدي من الظلم، اشتد ذلك على من اعتاده (1)، فطولب ولم يعبه أعداؤه بشيء سوى قولهم: إن شغله بمحقرات الأمور يشغله عن جليلها، لأن زمانه لا يفي بذلك إلى أن صرف وحبس حبسا كريها، فكتب في نكبته عدة مصاحف، وكان يحمل في وزارته إلى بيت المال ما يرد عليه مما كان الوزراء قبله يرتفقون به فقال المقتدر: قد استحييت من الله في مال عليّ بن عيسى، فإني أخذته ظلما، وأحاله به على مال مصر، فاشترى به ضياعا ووقفها على مكة والمدينة.
ولما استقدم من مكة بعد إخراجه إليها (2)، والوزير إذ ذاك أبو عليّ محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان (3)، وقد تبيّن عجزه، خلع عليه وقدّم للوزارة، وأمر بالقبض على محمد وابنيه عبيد الله وعبد الواحد، وكانوا قد ركبوا إلى دار الخلافة ووعدوا أن يسلّم إليهم فسلموا إليه، فأطلق عبد الواحد وقال: إنه مظلوم وعامل محمدا وعبيد الله أحسن معاملة، ورفق بهما، وكانا قد أرادا قتله في طريق مكة، فلم يمكنهما فيه حيلة.
ورفع إليه أنّ رجلا من جلساء عبيد الله قال: إن علي بن أبي طالب قتل، فمن علي بن عيسى حتى لا يقتل! فما زاد علي أن قال: أما اتقى الله ولا خافه!! ثم كان يقضي حوائج ذلك الرجل ويثني عليه فلما جلس للناس ورأى تكاثرهم تمثّل (4):
__________
(1) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): اعتاد.
(2) انظر بعض أخباره في فترة نفيه إلى مكة في تاريخ بغداد: 12/ 1514.
(3) انظر أخباره في تاريخ الوزراء للصابي: 280261.
(4) البيتان من البسيط.(1/185)
ما الناس إلّا مع الدنيا وصاحبها ... فكيفما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظّمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا
وكان عليّ بن بسّام (1) قد هجاه لما نفي إلى مكة، فلما ردت إليه الوزارة جلس يوما للمظالم فمرت به في جملة القصص رقعة مكتوب فيها (2):
وافى ابن عيسى وكنت أضغنه ... أشدّ شيء عليّ أهونه
ما قدّر الله ليس يدفعه ... وما سواه فليس يمكنه
فقال علي بن عيسى، صدق هذا ابن بسّام، والله لا ناله مني مكروه أبدا.
وأنشد الصولي مما هجي به عليّ بن عيسى في نكبته (3):
أيّامكم يا بني الجرّاح قد جرحت ... كلّ القلوب ففيها منكم نار
لا متّع الله بالإقبال دولتكم ... فإنّ إقبالكم للنّاس إدبار
وذكر أنه استشير بعد عزله في حامد بن العباس (4) فقال: حاذق بالعمل لا يصلح للوزارة، فقيل له: قدّم! فقال: بارك الله لأمير المؤمنين فيما أمضاه! ثم عزم عليه / أن يتقلّدها فأبى، لما نصح [فيها (5)]، فلم ينفعه
__________
(1) علي بن محمد بن بسام (302هـ) وأخباره في معجم الأدباء: 14/ 152139.
(2) البيتان من المنسرح وهما مع خبرهما في معجم الأدباء: 14/ 141.
(3) البيتان من البسيط.
(4) انظر الفخري: 199.
(5) زيادة من (س).(1/186)
ذلك، فقيل له: فاخرج تعاون حامدا، فيكون له الاسم ولك العمل! فأجاب بعد امتناع طويل. وقيل لحامد: إنّا جعلنا عليّ بن عيسى عونا لك، فشكر ذلك، وذكره بخير، ومشى أمر المملكة على هذا خمسة أعوام في حسن سيرة وإنصاف من ظالم، وعليّ بن عيسى يدبّر ذلك كله. وطمع حامد في الاستبداد، وتضمّن عليا بمال عظيم فلم يقدر على ذلك.
54 - أبو جعفر البغدادي (1)
لحق بالمهدي عبيد الله الشيعي (2) في أول تغلّبه على إفريقية وإثر البيعة له برقّادة (3)، فولّاه أمورا خفيفة، ثم صار البريد وكتابة السلطان إليه، وفسد ما بينه وبين عروبة الكتامي، وهو حينئذ المستولي على المملكة العبيدية، وأغراه به جماعة، فصار البغدادي إلى خوف شديد، وكان يتوقع الموت في كل يوم، إلى أن قتل الكتامي منافقا، وجيء برأسه إلى رقّادة، وقتل أخوه وأهل بيته (4)، وتمكن البغدادي من أعدائه، وجلّت حاله عند عبيد الله حين انتقاله إلى المهديّة، وانقطعت السعاية به،
__________
(1) أبو جعفر محمد بن أحمد البغدادي. انظر البيان المغرب: 1/ 163، 169، 209.
(2) عبيد الله بن محمد من ولد جعفر الصادق (322259هـ) مؤسس دولة العلويين في المغرب، وجد العبيديين الفاطميين أصحاب مصر، وأحد الدهاة. انظر الأعلام: 4/ 353والبيان المغرب: 1/ 158 159.
(3) رقّادة: عاصمة أواخر ملوك الأغالبة، بينها وبين القيروان أريعة أيام، وسكنها المهدي سنة 297إلى أن انتقل بدولته إلى المهدية سنة 308هـ. انظر معجم البلدان: 3/ 5655.
(4) انظر تفصيل ذلك في البيان المغرب: 1/ 172.(1/187)
وتمادت حظوته إلى آخر أيامه، وولي ابنه القائم (1)، فأبقاه على حاله مدة.
55 - عيسى بن فطيس (2)
كان عبد الرحمن بن محمد الناصر (3) أمير الأندلس قد ولّاه الكتابة العليا في حياة أبيه فطيس (4)، وأبوه إذ ذاك صدر في وزرائه، فلما عزل الناصر للنصف من شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثلاثمائة جميع وزرائه بسبب أنكره عليهم، إلا رجلين منهم: أحمد بن عبد الملك بن شهيد (5) ذا الوزارتين (6)، وهو أول من ثنّيت له بالأندلس، وأحمد بن محمد بن إلياس القائد، ولّى في آخر هذه السنة عيسى بن فطيس الوزارة مكان أبيه، مضافة إلى الكتابة، ثم عزله عنهما جميعا بعد خمسة أيام من جمعهما له. وولّى الكتابة عبد الرحمن بن محمد الزجّالي، ثم وجّه فيه وقد برز مع الناس لشهود الاستسقاء، وذلك يوم السبت لليلتين خلتا من جمادى الأخرى سنة ثلاثين فجيء به من المصلّى، وأقعد في بيت
__________
(1) القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله الفاطمي (334278هـ) بويع بعد موت أبيه سنة 322هـ وهو ثاني ملوك الدولة الفاطمية العبيدية. الأعلام: 7/ 140والبيان المغرب: 1/ 210208.
(2) عيسى بن فطيس بن أصبغ، وبنو فطيس أسرة مشهورة وليت الكتابة والوزارة بالأندلس. انظر الأعلام:
5/ 361.
(3) الناصر الأموي (350277هـ) أول من تلقب بالخلافة في الأندلس. حكم خمسين سنة وستة اشهر.
انظر الأعلام: 4/ 10099والحلة السيراء: 99والبيان المغرب: 2/ 233156.
(4) انظر البيان المغرب: 2/ 197195.
(5) يخصص له ابن الأبار الترجمة ذات الرقم: 62.
(6) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): ذو الوزارتين.(1/188)
الوزارة، وتمادى / له ذلك مع زيادة الحظوة إلى آخر خلافة الناصر.
56 - أحمد بن سعيد بن حزم (1)
ذكر أبو مروان بن حيان أن المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر (2)
استوزره قبل سائر أصحابه في سنة إحدى وثمانين يعني وثلاثمائة في خلافة هشام المؤيد (3) بالأندلس، واستخلفه أوقات مغيبه على المملكة، وصيّر في يده خاتمه، فلما تناهت حاله في الجلالة، وأمّلته الخاصة والعامة، اتّهمه المنصور بأنه قد زهي عليه برأيه، وأنس منه عجبا بشأنه، فصرفه عن الوزارة وأقصاه عن الخدمة، دون أن يغيّر عليه نعمة، وكان يقول: والله إن ابن حزم للنّصيح جيبا، الأمين غيبا، ولكنه زهي برأيه، وظن أن سلطاني مضطر إلى تدبيره! فتردد في نكبته مدة، ثم أخرجه لينظر في كور الغرب باسم الأمانة، فرئم (4) المذلّة وتبرأ من الدّالّة، فلما زكن (5)
المنصور ذلك منه، أعاده إلى حسن رأيه فيه، وصرفه إلى خطته.
__________
(1) وزير الدولة العامرية (402هـ) من أهل العلم والأدب والخير، وهو والد الفقيه المشهور أبي محمد علي ابن أحمد، وللأب ذكر في ترجمة ابنه في المعلمة الاسلامية: 2/ 405وابن خلكان: 3/ 1615
(2) الحاجب المنصور ابن أبي عامر (392326هـ) أمير الأندلس في دولة المؤيد الأموي. انظر الحلة السيراء: 148والذخيرة: المجلد الأول من القسم الرابع: 5839والبيان المغرب: 2/ 301 والأعلام: 7/ 10099.
(3) هشام بن الحكم بن عبد الرحمن الناصر. انظر تفصيل أخباره والحديث عن حركة المنصور الحاجب في البيان المغرب: 2/ 283253.
(4) رثم المذلة: ألفها، ويقال هو رؤوم للضيم أي أليف له، ذليل راض بالخسف.
(5) زكنه: علمه وفطن إليه.(1/189)
وذكر أبو عبيد الله الحميدي (1) وقال فيه: والد الفقيه أبي محمد، كان وزيرا في الدولة العامرية ومن أهل العلم والأدب والخير، وكان له في البلاغة يد قوية، وحدّث عن ابنه أبي محمد علي بن أحمد الفقيه قال (2):
أخبرني هشام بن محمد بن هشام بن محمد بن عثمان المعروف بابن البشتنّي (3) من آل الوزير أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي عن الوزير أبي رحمة الله عليه، أنه كان بين يدي المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر في بعض مجالسه للعامة، فرفعت له رقعة استعطاف لأمّ رجل مسجون كان ابن أبي عامر حنقا عليه لجرم استعظمه منه، فلما قرأها اشتد غضبه وقال:
ذكّرتني والله به! وأخذ القلم يوقّع، وأراد أن يكتب: «يصلب» فكتب:
«يطلق» ورمى الكتاب إلى الوزير، قال: فأخذ أبوك القلم وتناول رقعة وجعل يكتب بمقضتى التوقيع إلى صاحب الشرطة، فقال له ابن أبي عامر: ما هذا الذي تكتب؟ قال: بإطلاق فلان إلى صاحب الشرطة قال:
فحرد (4) وقال: من أمرك (5) بهذا؟ فناوله التوقيع، فلما رآه قال: وهمت! والله ليصلبنّ! ثم خطّ على ما كتب وأراد أن يكتب «يصلب» فكتب «يطلق» قال: وأخذ والدك الرقعة فلما رأى التوقيع تمادى على ما بدأ به من
__________
(1) صاحب كتاب (جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس) وترجمة الحميدي (488هـ) في بغية الملتمس رقم 257ص 113ونفح الطيب: 2/ 316310.
(2) الخبر في جذوة المقتبس: 119117وفي بغية الملتمس في ترجمة ابن حزم رقم 411ص 171169وفي وفيات الأعيان: 3/ 16نقلا عن جذوة المقتبس.
(3) انظر ترجمته في بغية الملتمس رقم 1424ص 470والبشتني نسبة إلى قرية بشتن.
(4) رواية المصادر، ومعناها: غضب، وفي (ق) و (ر): فخرج، وهو تصحيف.
(5) في الأصول: أمر.(1/190)
الأمر بإطلاقه، ونظر إليه المنصور متماديا على الكتابة، فقال: ما تكتب؟ قال: / بإطلاق الرجل، فغضب غضبا شديدا أشدّ من الأول، وقال: من أمرك (1) بهذا؟ فناوله الرقعة، فرأى خطه، فخط على ما كتب، وأراد أن يكتب «يصلب» فكتب «يطلق» فأخذ والدك الكتاب فنظر ما وقّع به، ثم تمادى على ما كان بدأ به، فقال له: ماذا تكتب؟ قال: بإطلاق الرجل، وهذا الخطّ ثالثا، فلما رآه عجب وقال: نعم يطلق على رغمي (2)، فمن أراد الله إطلاقه لا أقدر أنا على منعه! أو كما قال.
57 - عبد الملك بن إدريس الجزيري (3)
عتب عليه المنصور أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر، وكان في الغاية من البيان والخطابة، فصرفه عن الكتابة، ثم أخرجه من قرطبة واعتقله بإحدى القلاع المنيعة بشرق الأندلس، فقال في ذلك (4):
قالوا جفاه ثلاثا ثم غرّبه ... فليس يرجو لديه حظوة أبدا
جاروا وما عدلوا في القول بل حكموا ... على المقادير جهلا لا هدوا رشدا
__________
(1) في الأصول وجذوة المقتبس: أمر.
(2) في (ر): على رغم أنفي.
(3) أبو مروان الجزيري (394) وزير أندلسي من الكتاب، اعتقله المظفر بن أبي عامر حتى مات انظر الذخيرة (القسم الرابع من المجلد الأول: 3731) والمطمح: 1413والصلة لابن بشكوال رقم 757: 1/ 350وجذوة المقتبس: 261وبغية الملتمس رقم 1058ص 363362ونفح الطيب:
2/ 121119والأعلام: 4/ 301.
(4) الأبيات من البسيط.(1/191)
59 - خلف بن حسين بن حيان
كان من كتّاب المنصور [ابن] أبي عامر، وهو والد أبي مروان حيّان بن خلف (1) صاحب التاريخ، وأخبر عن نفسه قال: بكّتني المنصور يوما على بعض ما أنكره مني تبكيتا بعث من فزعي ما اضطربت منه، فأشفق عليّ وخفّف عني، وأنفذني للوجه الذي استنكر فيه بطئي، فعدت بتمامه بعد أيام (2)، فاستوقفني وأخلى مجلسه، ثم أدناني فقال: رأيت من ذعرك ما استنكرت، ومن وثق بالله برىء من الحول والقوة لله، وإنما أنا آلة من آلاته، أسطو بقدرته وأعفو عن إذنه، ولا أملك لنفسي إلا ما أملك من نفسي لسواي، فطامن جأشك فإنما أنا ابن امرأة من تميم، طالما تقوّتت من غزلها، أغدو به إلى السوق وأنا أفرح الناس بمكانه، ثم جاء من أمر الله ما تراه، ومن أنا عند الله لولا عطفي على المستضعف المظلوم، وقهري للجبار الطاغي! ذكر هذه الحكاية ابنه أبو مروان في (أخبار الدولة العامرية (3)) من تأليفه، وفي مناقب المنصور محمد بن أبي عامر وهيبته التي لا يسامح في نقصانها أحدا من ولد ولا ذي خاصة، حتى حشيت أحشاء الناس ذعرا، ثم يأتي من كرم الإعتاب بهذا العجب العجاب.
__________
(1) مات سنة 469هـ. انظر المعلمة الاسلامية: 2/ 406405.
(2) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): تمام.
(3) لم يصل إلينا، وابن عذاري ينقل عنه في البيان المغرب (1/ 32) والمراكشي يذكر لابن حيّان كتابا بعنوان (المآثر العامرية) انظر المعجب: 26.(1/196)
االفهرست لابن النديم 321الإرشاد لياقوت 1: 129طبقات الحنابلة لابن أبى يعلى 22تذكرة الحفاظ للذهبى 2: 156 ب: له كتاب: التاريخ الكبير، وهو يتحدث عن تعديل الرواة وتجريحهم: مكتبة القرويين بفاس 655 (انظر مجلة المعارف 14:
51) المكتبة السندية (انظر تذكرة النوادر 79).
وتقرر نشره فى حيدرآباد (انظر برنامج 1354، 11).
* * * 6ب أبو بكر محمد بن إبراهيم بن على بن عاصم بن المقرئ الأصبهانى.
توفى فى شوال سنة 281هـ / ديسمبر 894م.
له كتاب: المعجم فى محدثى الحجاز ومصر والشام والعراق: القاهرة ثانى 5: 351.
* * * 6ج أحمد بن على بن سعيد المروزى.
صنف فى حدود سنة 291هـ / 904م فى سمرقند رسالة فى الجمعة وفضائلها: جوتا 632القاهرة أول 7: 425.
* * * 6د أبو جعفر أحمد بن محمد بن مهران النسائى السوطى البغدادى الحنفى أخذ عن أبى نعيم الفضل بن دكين (المتوفى 219هـ / 834م، أو 228هـ 842م) (1). وتوفى بعد سنة 270هـ / 883م.
اتاريخ بغداد للخطيب 5: 99وما بعدها أخبار أصبهان لأبى نعيم الأصبهانى: 1: 168الجواهر المضية فى طبقات الحنفية لعبد القادر ابن أبى الوفاء 1: 122تاريخ الطبرى 1: 626س 16.
ب: له كتاب: الحديث الفائق والنسيم الرائق، وهو مجموعة من الأحاديث فى أبواب كثيرة مكتبة ولى الدين 557 (انظر كتاب قايسقيلر 5).
6 - هـ إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدى. ولد بالبصرة سنة 199هـ /
__________
(1) انظر الفهرست لابن النديم 227تاريخ بغداد للخطيب 12: 346تذكرة الحفاظ للذهبى 1: 338 (طبع حيدرآباد 1: 341).(1/203)
يقول فيها:
أدرت رحى الحرب الزّبون بساحة ... وغالبته والجوّ بالبيض يعبق
فلما حوت كفاك رمّة أمره ... وشدّ بكفّ الحصر منه المخنّق
وأسقيته من جمّة (1) الأمن صافيا ... إذا ذاقه من ذاقه يتمطّق (2)
وكم لك مثلي مسترقّ مكارم ... بعفوك من رقّ المنيّة يعتق
/ كشفت سماء المجد عنك فلم أجد ... سوى كرم عن طيب خيمك ينطق
وردت رياض العفو منك فجادني ... بأرجائها من مزن نعماك مغدق
فإن أنا لم أشكرك أبيض معرقا ... فلا هزّني للمجد أبيض معرق
ثم خدم المستظهر أبا المطرّف عبد الرحمن بن هشام المرواني (3) إذ بويع له بالخلافة بقرطبة بعد القاسم بن حمود، وكان من كتّابه.
63 - أبو القاسم بن المغربي (4)
أوقع الحاكم العبيدي بوالده وأهل بيته ونذر دم أبي القاسم هذا،
__________
(1) جمّة الماء: معظمه، والمكان الذي يجتمع فيه الماء.
(2) يقول الأعشى في وصف الخمرة:
تريك القذى من دونها وهي دونه ... إذا ذاقها من ذاقها يتمطق
انظر ديوانه: 147.
(3) ترجمته في الحلة السيراء: 166164.
(4) الحسين بن علي بن الحسين، أبو القاسم المغربي (418370هـ) وزير من الدهاة العلماء الأدباء. قتل الحاكم الفاطمي أباه فهرب إلى الشام، وتقلب في بلادها، حيت استوزره مشرف الدولة البويهي ببغداد بعض السنة. له مؤلفات كثيرة وهو الذي وجه إليه أبو العلاء المعري «رسالة المنيح». انظر الأعلام:
2/ 267266وابن خلكان: 1/ 433428ومعجم الأدباء: 10/ 9079.(1/203)
لا تله عني فلم أسألك معتسفا ... ردّ الصّبا غبّ إيفاء على الكبر
وفيها يقول أيضا من قصيدة فريدة (1):
لعمر الليالي إن يكن طال نزعها ... لقد قرطست بالنّبل في مقتل النبل
تحلّت بآدابي وإنّ مآربي ... لسانحة في عرض أمنيّة عطل
أخصّ لفهمي بالقلى وكأنما ... يبيت لذي الفهم الزمان على دخل (2)
وأجفى على نظمي لكل قلادة ... مفصّلة السّمطين بالمنطق الفصل
ولو أنني أسطيع كي أرضي العدا ... شريت ببعض العلم حظا من الجهل
أبا الحزم إني في عتابك مائل ... إلى جانب تأوي إليه العلا سهل
حمائم شكري (3) صبّحتك هوادلا ... تناديك من أفنان آدابي الهدل
جواد إذا استنّ الجياد إلى مدى ... تمطّر فاستولى على أمد الخصل (4)
ثوى صافنا في مربط الهون يشتكي ... بتصهاله ما ناله من أذى الشّكل
أإن زعم الواشون ما ليس مزعما ... تعذّر في نصري وتعذر في خذلي!
/ ولم استثر حرب الفجار ولم أطع ... مسيلمة إذ قال: إني من الرسل
وإني لتنهاني نهاي عن الذي ... أشار به الواشي ويعقلني عقلي
هي النعل زلّت بي فهل أنت مكذب ... لقيل الأعادي إنها زلّة الحسل (5)
__________
(1) الأبيات من الطويل وهي في ديوان ابن زيدون: 117112والذخيرة: 303302.
(2) رواية الأصول، وفي الديوان والذخيرة: ذحل، والدخل: الخديعة، والذحل: العداوة والحقد.
(3) رواية الأصول والذخيرة، وفي الديوان: شكوي.
(4) استنّ الجواد: عدا إقبالا وإدبارا، وتمطّر: جرى يعدو بشدة كصوب المطر، والخصل: ما يتقامر عليه.
(5) الحسل: بن الضب.(1/209)
ألا إنّ ظني بين فعليك واقف ... وقوف لهوى بين القطيعة والوصل!
ثم تهيّأ له الفرار من السجن إلى أن شفع فيه كما تقدم فظهر!
ولمّا ولي أمر قرطبة أبو الوليد بن جهور بعد أبيه أبي الحزم نوّه به، وأسنى خطّته وقدّمه في الذين اصطنع لدولته، وأوسع راتبه (1)، وعيّنه للنظر على أهل الذمة في بعض الأمور المعترضة، وقصره بعد على مكانه من الخاصة والسفارة بينه وبين الرؤساء، فأحسن التصرف في ذلك، وغلب على قلوب الملوك.
واتّفق أن عنّ له مطلب بحضرة إدريس بن يحيى بن علي الحسني (2)
بمالقة (3) فأطال الثّواء هنالك، واقترب من إدريس وخفّ على نفسه، وأحضره مجالس أنسه، فعتب عليه ابن جهور، وصرفه عن ذلك التصرف قبل قفوله، ثم عاد إلى حسن رأيه فيه.
واجتذبه المعتضد (4) عباد بن محمد، فهاجر عن وطنه إليه، ونزل في كنفه، وصار من خواصّه، يجالسه في خلواته، ويسفر له في مهمّ رسائله (5)، لفضل ما أوتيه من اللسن والعارضة ثم كتب له بعد أبي
__________
(1) انظر الذخيرة: 291.
(2) من ملوك الحموديين في مالقة وسبتة (448هـ) أخباره في البيان المغرب: 3/ 218والأعلام:
1/ 269.
(3) رواية الذخيرة، وفي الأصول: بمقالة!
(4) المعتضد العبادي: أخباره في البيان المغرب: 3/ 215204والمعجب: 7166.
(5) انظر الذخيرة: 291.(1/210)
محمد بن عبد البرّ (1) فكانت الكتب تفد من إنشائه إلى شرق الأندلس، فيقال: تأتي من إشبيلية كتب هي بالمنظوم أشبه منها بالمنثور! وهلك المعتضد، فأقرّه ابنه المعتمد (2) محمد بن عبّاد على حاله، وزاد في تكرمته، وأعرض عن الساعين به، واستعمل بعد وفاته [ابنه (3)] أبا بكر محمد بن أبي الوليد.
65 - محمود بن علي بن أبي الرجال
نكبه المعز بن باديس الصنهاجي، وكان هو وأبوه (4) وأهل بيته برامكة إفريقية، وفي عليّ منهم يقول أبو عبد الله محمد بن شرف (5):
جاور عليّا ولا تحفل بحادثة ... إذا ادّرعت فلا تسأل عن الأسل
إسم حكاه المسمّى في الفعال فقد ... حاز العليّين من قول ومن عمل
فالماجد السيد الحرّ الكريم له ... كالنعت والعطف والتوكد والبدل
__________
(1) يخصص ابن الأبار له الترجمة ذات الرقم 68، انظر ما يأتي: ص 217.
(2) أخباره في المعجب: 11372.
(3) زيادة من (س).
(4) أبو الحسن علي بن أبي الرجال وزير المعز بن باديس، ربى المعز في حجره. انظر البيان المغرب:
1/ 273.
(5) ابن شرف القيرواني (460390هـ) الكاتب الشاعر، ألحقه المعز بن باديس بديوان حاشيته ثم جعله في ندمائه وخاصته انظر ترجمة له في معجم الأدباء: 19/ 4337وفوات الوفيات: 2/ 412410 والذخيرة (المجلد الأول من القسم الرابع) 185133والأعلام: 7/ 10والأبيات من البسيط وهي من قصيدة يمدح بها الشاعر شيخه أبا الحسن علي بن أبي الرجال، والأبيات في معجم الأدباء (7/ 4241) وبعضها في فوات الوفيات (2/ 411).(1/211)
الرغبة، وأخلق بمن نبذ نبذ النوى، وطرح طرح القذى، أن يشتدّ استيحاشه، ولا يطمئنّ جاشه وو الله لولا اليأس ما تحركت، ولو انقطاع الرجاء لتماسكت، وهو الذي تشهد لي به العقول ويقضي عليّ به التحصيل، (ولن ترى طاردا للحر كالياس (1)).
وقد قال الآخر (2):
وإنّك لن ترى طردا لحرّ ... كإلصاق به طرف الهوان
وأيم الله لقد صبرت حتى عذرت، وأقمت حتى تهدّمت، (ومبلغ نفس عذرها مثل منجح (3))، وأنا أستودع (4) مولاي ودائع أقمن بحرمه، واعتصمن بذممه، وأوين إلى ظله، ولبسن أثواب فضله، وأستودعه استيداع من عظم وجده لبعاده، وخلّف بين يديه فريقا من فؤاده، وإني حيث خيّمت، وأين يممت، لعبد شاكر ومعتقد نعمة ناشر، لا أفتر ولا أني، ولا أرتدع ولا أنثني (5)، وحسبي بما سينهى إلى مولاي عني، وينمى إليه على قرب الدار وبعدها مني، وكذلك يعلم الله حسن ذكري لأكابره الجلّة، وخلصائه العلية، وأسأل الله قبل وبعد أن يجزي بالنيات،
__________
(1) شطر من بيت مشهور للحطيئة، من البسيط: أزمعت يأسا مبينا من نوالكم ... ولن ترى
انظر ديوانه: 134.
(2) البيت من الوافر وهو في زهر الآداب: 2/ 38.
(3) شطر بيت من الطويل.
(4) رواية (ق)، وفي (س): استرعى.
(5) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): أثني.(1/213)
ويقارض على المقامات، وأقول قول الموجع: بعد الزمن قطع مني / عصمتي، وأدال لديك حرمتي وأول هذه الرسالة (1):
قدر الله وارد ... حين يقضى وروده
فأرد ما يكون إن ... لم يكن ما تريده
ومن فصولها: «وغير ذاهب على مولاي جليّة حالي وسوء مآلي، وما منيت به من الجدّ العاثر والتأخر الظاهر، (وما قلت إلا بالذي علمت سعد (2)) وفي علمه الجليّ [وفهمه] (3) الذكي أن الإناء إذا امتلأ يفيض، و [أنّ (2)] الصبر على المعضل يغيض، وأن للاحتمال مدى ثم ينقطع، وللتحمّل منتهى ثم يرتفع، ومملوكك لمّا غلبه جلده، وتناهى بشأنه كمده، وأظلم في عينيه ضوء النهار، وسدّ عليه طريق الاختيار، لم يجد بدا من مضايقة العسرة من النفار، خجلا من الشّمات اللاحق له، وتألما من الخلل الملمّ به (4):
وللموت خير من حياة يرى لها ... على المرء ذي العلياء مسّ هوان
متى يتكلم يلغ حسن كلامه ... وإن لم يقل قالوا عديم بيان»
وكان ارتحاله من بلنسية إلى طليطلة (5)، فاستوزره المأمون يحيى بن
__________
(1) البيتان من مجزوء الخفيف.
(2) شطر بيت من الطويل.
(3) زيادة من (س) و (ر).
(4) البيتان من الطويل.
(5) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): طليطلة إلى بلنسية.(1/214)
بعض خلفائه من رؤساء الجزيرة، فجعل أبو محمد يتفادى منها ويتثاقل عنها ولما انسلّ من يد عباد انسلال الطيف، ونجا وسله كيف، رجع إلى مستقره من الشرق، وأدار الحيلة على أبي عمر بن الحذّاء (1)، فعوّضه بضياعه وعقاره، وزين له اللحاق بدار بواره وسوء قراره وقد كان عباد قبل ذلك يستهويه ويستدرجه ويدلّيه (2)، فلما طلع عليه لم يزد على أن أسره وقصره وأظهر من الزهد فيه أضعاف ما كان يعده ويمنّيه، وجعل أبو محمد بعد ذلك يتنقل في الدول، كالبدر يترك منزلا عن منزل، وقد جمع التالد إلى الطارف، وكتب عن (3) أكثر ملوك الطوائف.
69 - أبو بكر محمد بن سليمان / بن القصيرة (4)
حكى ابن بسام أنه نشأ في دولة المعتضد قال: وشهر بالعفاف فلزمه، ويسّر للعلم فعلمه وعلّمه، وكانت له نفس تأبى إلا مزاحمة الأعلام، والخروج على الأيام، وهو دائما يغض من عنانها فتجمح، ويطأطيء من غلوائها فتتطاول وتطمح، ممتنعا من خدمة السلطان، وقاعدا بنفسه عن مرتبة نظرائه (5) من الأعيان، بين عفة تزهده، وهيبة من المعتضد
__________
(1) أحمد بن محمد، المعروف بابن الحذاء، كان قاضيا بالأندلس. انظر كتاب الصلة: رقم 131: 1/ 6665وجذوة المقتبس: 375وبغية الملتمس رقم 1538ص 511.
(2) دلّاه بغرور: أوقعه فيما أراد من الغرور.
(3) رواية (ق) و (ر)، وفي (س): على.
(4) توفي سنة 508هـ. انظر ترجمته في كتاب الصلة رقم 1137: 2/ 512، وانظر بعض رسائله في قلائد العقيان: 120117.
(5) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): نظرائها.(1/219)
تقعده، وذكر أن ابن زيدون نبّه عليه للمعتضد آخر دولته، فتصرّف فيها قليلا إلى أن أفضى الأمر إلى المعتمد فأنهضه إلى مثنى الوزارة، وأكثر ما عوّل عليه في السفارة، فسفر غير ما مرة بينه وبين ملوك الطوائف بالأندلس حتى انصرفت وجوه آمالهم إلى يوسف بن تاشفين (1) أول ظهور اللمتونيين، فسفر بينهما مرارا فكثر صوابه، واشتهر في ذات الله مجيئه وذهابه، واضطر المعتمد إليه قريبا في آخر دولته، فعظمت حاله، واتّسع مجاله، واستولى على دولته استيلاء قصر عنه أشكاله، إلى أن كان من خلعه ما كان، وذلك في رجب سنة أربع وثمانين وأربع مائة، فكان أبو بكر أحد من حرب (2)، وفي جملة من نكب، وأقام على تلك الحال نحوا من ثلاثة أحوال، حتى تذكر ابن تاشفين ما كان من حسن خليقته، وسداد طريقته ويقال إن سبب ذلك الذكر كتاب ورد عليه من صاحب مصر لم يكن بد منه في الجواب عنه، فاستدعاه من حينه، وولاه كتب دواوينه، ورفع شأنه وأعلاه، وولي بعده ابنه عليّ بن يوسف (3) فأقرّه على ما كان يتولاه.
70 - ابن الوكيل اليابري
كان أبو بكر عيسى بن الوكيل الكاتب مستعملا في غرناطة في الدولة
__________
(1) يوسف بن تاشفين الصنهاجي اللمتوني ملك الملثمين وسلطان المغرب الأقصى (500410هـ) انظر الأعلام: 9/ 295294.
(2) سلب ماله وترك بلا شيء فهو حريب.
(3) علي بن يوسف بن تاشفين (537477) ثاني ملوك دولة الملثمين المرابطين. الأعلام: 5/ 186.(1/220)
غريب بأرض الغرب فرّق قلبه فآوت سلا فرقا ويابرة (1) فرقا إذا ما بكى أو ناح لم يلف مسعدا على شجوه إلا الغمائم (2) والورقا ومنها في المدح:
حياء يغضّ الطرف إلّا عن العلا
وعرض كماء المزن في الحزن بل أنقى
وفضل نمير الماء قد خضّل (3) الربا ... وعدل منير النّجم قد نوّر الأفقا
بلغنا بنعماك الأمانيّ كلّها ... فما بقيت أمنيّة غير أن تبقى
71 - أبو جعفر أحمد بن عطية (4)
صنيعة الإيالة الحفصية على الحقيقة، ونشأة عنايتها الكريمة وهدايتها العتيقة، بها بهر بهاؤه، واشتهر ابتداؤه وانتهاؤه، حتى ساق الأيام بل الأنام بعصاه، واستوسق (5) له أدنى الشرف وأقصاه، وهو أحد من سوّدته براعته، ولم توجد (6) بدا من اصطناعه صناعته، وكان في أول أمره قد كتب
__________
(1) مدينة من كررباجة بالأندلس. الحميري: 197.
(2) رواية المصادر الأخرى، وفي (ق): الحمائم.
(3) رواية (س)، وفي المصادر الأخرى: خضرّ.
(4) قتل سنة 553هـ. انظر ترجمات له في المعجب: 144142والاحاطة: 1/ 139132ونفح الطيب: 7/ 115110وانظر عددا كبيرا من الرسائل، من إنشائه، كتبها عن الخليفة عبد المؤمن، في كتاب (مجموع رسائل موحدية من إنشاء كتاب الدولة المؤمنية).
(5) اجتمع وانقاد وانتظم.
(6) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): تجد.(1/222)
لحق بالهوادي، لا زالت أبواب معروفة [وسماحه (1)] لها كظيظ (2) من الزحام، وما يصدر عن صفائحه (3) وصفاحه يعول الأولياء بالإنعام، ويغول الأعداء بالانتقام (4):
آمين آمين لا أرضى بواحدة ... حتى أضيف إليها ألف آمينا
ومن فصول هذه الرسالة المباركة (5): «كتابنا هذا من وادي ماسة بعد ما تجدد من أمر الله الكريم ونصره المعهود المعلوم {وَمَا النَّصْرُ إِلََّا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [6]، فتح بهر الأنوار إشراقا، وأحدق بنفوس المؤمنين إحداقا، ونبّه من الأماني النائمة جفونا وأحداقا، واستغرق غايات الشكر استغراقا، فلا تطيق الألسن لكنه وصفه إدراكا ولا لحاقا، جمع أشتات الطلب والأرب، وتقلّب في النعم أكرم منقلب، وملأ دلاء الآمال إلى عقد الكرب (7):
فتح تفتّح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض في أثوابها القشب
وقد تقدّمت بشارتنا به جملة، حين لم تعط الحال بشرحه مهلة، كان
__________
(1) زيادة من (س).
(2) الكظيظ: الازدحام.
(3) رواية (ق) و (ر)، وفي (س): صحائفه.
(4) البيت من البسيط.
(5) نجد الفصول ذاتها في الاحاطة: 1/ 138136ونفح الطيب: 7/ 115113.
(6) الآية 126من سورة ال عمران.
(7) البيت من البسيط وهو لأبي تمام من قصيدته المشهورة في فتح عمورية ديوانه: 6
وعقد الكرب: حبل يصل ما بين الرشاء والدلو، فإذا وصل الماء إلى عقده فذلك غاية الامتلاء، وهو مثل.(1/224)
يعاين منهم إلا من خرّ صريعا، وسقى الأرض نجيعا، ولقي من الهنديات أمرا فظيعا، ودعت الضرورة باقيهم إلى الترامي في الوادي، فمن كان يؤمّل الفرار منهم ويرتجيه، ويسبح طامعا في الخروج إلى ما ينجيه، اختطفته الأسنّة اختطافا، وأذاقته موتا ذعافا، ومن لجّ في الترامي على لججه، ورام البقاء في ثبجه، قضى نحبه (1) شرقه، وألوى بذقنه (2) غرقه، ودخل الموحدون إلى البقية الكائنة فيه يتناولون قتلهم طعنا وضربا، ويلقّونهم بأمر الله هونا عظيما وكربا، حتى انبسطت مراقات الدماء على صفحات الماء، وحكت حمرتها على زرقته [حمرة (3)] الشفق على زرقة السماء، وظهرت العبرة للمعتبر، في جري الدماء مجاري الأبحر».
72 - كاتب صلاح الدين يوسف بن أيوب
كان على ديوانه (4) كاتب له يعرف بصفيّ الدين، فسّعي به إليه، وقدّر عنده أنه أتلف مالا كثيرا، وحمل على محاسبته فأمر بها فكانت سياقة الحساب عليه سبعين ألف دينار، حكى الأصبهاني كاتبه المعروف بالعماد في (تاريخ فتوحه الشامية (5)) أنه ما طلبها ولا ذكرها قال: ثم لم يرض له العطلة فولّاه ديوان جيشه، وأولاه ما دنت له به مجاني جاهه وعيشه!
__________
(1) رواية الأصول، وفي الإحاطة ونفح الطيب: عليه.
(2) رواية (س) والاحاطة ونفح الطيب، وفي (ق) و (ر): بدنسه
(3) زيادة من الإحاطة ونفح الطيب.
(4) صلاح الدين الأيوبي (589522هـ) الملك الناصر من أشهر ملوك الاسلام وقاهر الصليبيين.
الأعلام: 9/ 292291.
(5) هو الكتاب المسمى (الفتح القسي في الفتح القدسي) لعماد الدين الأصفهاني، وانظر الخبر فيه (ص(1/226)
73 - أبو عبد الله محمد بن عياش (1)
/ قبض على مخدومه الملقّب بالرشيد (2) في سنة أربع وثمانين وخمس مائة، واعتقل برباط الفتح من سلا إلى أن قتل هنالك، واستتر هو مدة ثم صفح عنه، فظهر واستكتب بمرّاكش، واتصلت نباهته وحظوته أزيد من ثلاثين سنة واستعمل أبناؤه معه وبعده، وكان الداعي بعد نكبته إلى استعماله ما عرف من كفايته واستقلاله، ورسالته [في غزو بلاد الروم (3)] سنة اثنتين وتسعين (4) هي جذبت بضبعه، وحكمت في نصبه للاشتغال برفعه، حتى رسا في الرياسة (5) أركانا، وسما على أهل عصره مكانا ومن
__________
481) والعماد لا يذكر اسم الكاتب في هذا الخبر، ولكنه في مكان آخر من الكتاب يتحدث عن كاتب اسمه صفي الدين أبو الفتح القابض الذي عهد إليه صلاح الدين بأمور أموال مصر (انظر ص:
411410)، والدكتور مصطفى جواد يرجّح أن يكون المراد هنا كتاب (البرق الشامي في التاريخ).
(1) محمد بن عبد الرحمن بن عياش (618هـ) من أهل برشانة من أعمال المرية، كتب لأبي يوسف يعقوب بن يوسف وولده وحفيده. انظر تكملة الصلة لابن الأبار رقم 952: 1/ 321320 والمعجب: 191190، 221، 239238وفي كتاب (مجموع رسائل موحدية) ثلاث رسائل من إنشائه رقمها: 3735.
(2) هو أبو حفص عمر أخو المنصور أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن. المعجب: 200 201.
(3) زيادة من (س) و (ر).
(4) رسالة ابن عياش في غزو بلاد الروم كتبها عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى طلبة فاس في التاسع من رمضان سنة 592يخبرهم بغزوته للروم في ثغر الأندلس الشمالي. الرسالة في مجموع رسائل موحديه: 241228.
(5) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): الرسالة.(1/227)
فصولها (1): «وأن تعلموا أن الجيوش وإن كثرت جنودها، وانتشرت ذات اليمين والشمال بنودها، فلا ثقة (2) إلا بالواحد الذي يغلب والكتائب [الباغية (3)] كثيرة الأعداد، ولا استظهار إلا بسيفه [الذي يضرب والسيوف (3)] في مضاجع الأغماد، وإلا فما يؤثر الخميس العرمرم إذا لم يكن السعد من نفره، وما يغني شجر القنا (4) إذا لم يكن العون من شريه (5)
والفتح من ثمره، وما تفيد عيونه الزرق إذا كان صنع الله محجوبا عن بصره!».
ومنها يصف معقلا (6): «وهو حصن يتلفّع بالعنان (7)، ويقتنص الطائر بالسنان، وينفث الشجاعة في روع الجبان الهدان (8)، على طود قد سافر في الجو مغتربا (9)، ولم يرض بالجبال أكفاء ولا بالبسيطة منتسبا، ينظر إلى ما يجاوره نظر الجارح المحلّق في السماء، أو الشهاب الراجم في حندس الظلماء، ففتحه الله وحده قبل الخلوص إليه من العروج، والنزول عليه من السروج، فتحا تفاءل به التوحيد فيما يؤمله، وقال أهله: اللهم
__________
(1) انظر مجموع رسائل موحدية: 230.
(2) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): تعدّ.
(3) زيادة من (س) ومجموع رسائل موحديه.
(4) القنا: العذق وهو من النخل كالعنقود من العنب.
(5) الشري: النخل ينبت من النواة.
(6) انظر مجموع رسائل موحدية: 231.
(7) العنان: السحاب، وفي هامش (ق): يعني عنان السماء.
(8) الثقيل في الحرب الجبان المسترخي.
(9) رواية الأصول، وفي مجموع رسائل: مقتربا.(1/228)
الذي عقدت لإقامته الأباطيل، عادة في الحفاظ عدوية، وشنشنة (1)
مخزومية لا أخزميّة، وحسب الدول بسلف أربوا على الملوك الأول، يجدون مرّ المهالك أحلى من العسل، ويعتقدون أعلى الممالك ما بني على الأسل، خلفهم خليفة الله في عباده وبلاده، ومجاهد الكفار والمنافقين فيه حقّ جهاده، القائم الهادي بالحق الواضح البادي، والعدل المقاصّ في الحاضر والبادي، فملك البسيطة حزنها وسهلها، وتقلّد الإمامة وكان أحق بها وأهلها، مناقب تبهر النجوم الثواقب، وشمائل تفاخر الأواخر والأوائل، استحقت على الأمراء الممادح والمحامد، واسترقت من الشعراء القصائد والمقاصد، فلو أنسىء أبو نواس لما اعتمد سواه بقوله، وإن كان طويل الثناء قاصرا عن طوله (2):
[إذا نحن أثنينا عليك بصالح ... فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة ... لغيرك سلطانا (3) فأنت الذي نعني]
74 - أبو عبد الله بن نخيل
لما أتاح الله صلاح الأمم وايضاح الأمم (4) بهذه الامارة المطاعة، وأباح لإفريقية أن تراح من عذاب الفرقة برحمة الجماعة، قلّد ملكها
__________
(1) الخلق والطبيعة والعادة.
(2) البيتان من الطويل، وهما في ديوان أبي نواس (طبعة الغزالي): 415، وقد سقطا من (ق).
(3) في الديوان: الألفاظ منا بمدحة لغيرك إنسانا
(4) جمع إمة (ويضم) وهي الحالة والشرعة والدين والطريقة.(1/231)
سبيل الله المشكورة، قد ألقت عصا التسيار، وأخلدت إلى الراحة من طول السفار، وكانت قد تلقّتهم بأطراف الزّاب (1) جماعة بني مالك مزيدة وجموع دياب، فقوّت رجاءهم في الهجوم على البلاد، وصدّقت أملهم الكاذب فيما عزموا عليه من الفساد، فأخذ الموحدون أعزهم الله في الحركة إليهم، والورود بحول الله وقوته عليهم، بعزائم لا تثني بالأمل، وحفائظ لا ترضى بالقول دون العمل، حتى نزلوا القيروان، وهي قطب منازل الأعراب ومراد سوامهم عند ازدحامهم في مثل هذه الأحوال الصعاب، والأعداء حينئذ نزلوا بظاهر قفصة (2) يرتقبون ورود بقية دباب من طرابلس إجابة لما قدّموه من ندائهم، وإهابة بهم إلى إعادتهم (3) في الفساد وإبدائهم، وأقبلت عصابة التوحيد على استدعاء من ألفته من عوف والشريد، وندبهم إلى أن يأخذوا بحظهم من خدمة هذا الأمر السعيد، وطلبوا بأن يحضروا بالأهل والمال، ليلقوا أكفاءهم في مثل تلكم الهيئة والحال، وللعرب عادات في الرحيل جميعا، لا تعطي الخفوف إلى المقصود سريعا، فسار بهم الموحدون على هيئتهم في التواني سيرا، ولم يذعروا لهم بإخراجهم عن معتادهم طيرا، ولما سمع الأعداء برحيلهم من القيروان رحلوا من قفصة إلى الحمة (4) يبرقون ويرعدون، ويهددون باللقاء
__________
(1) الزاب: كورة عظيمة ونهر جرار بأرض المغرب، معجم البلدان: 3/ 124.
(2) بلدة صغيرة في طرف إفريقية من ناحية المغرب من عمل الزاب الكبير، بينها وبين القيروان ثلاثة أيام.
معجم البلدان: 4/ 383382.
(3) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): عادتهم.
(4) الحمة: مدينة بإفريقية من عمل قسطيلية من نواحي بلاد الجريد. معجم البلدان: 2/ 306.(1/237)
للحتوف أن تنفد أزودة الموحدين وعلوفاتهم، ريثما يلحق بهم من استدعوا ليعودوا من الهرب إلى الطلب، ويحلوا منزلة الفائز (1) بالغلب وحسن المنقلب {وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [2]، ويكمل لأمره العظيم في الأعداء أموره، ولم يعلموا أن لله بهذه العصابة المجاهدة عن حريم البلاد، الكافة أيدي هؤلاء الأحزاب المرّاد، عناية لا يفتقرون بها إلى الأزواد، ورعاية تحميهم من النوب الشداد، وتؤويهم من فضله وإحسانه إلى أرحب جناب وأرغب عتاد، ولم يزل ذلك دأبهم، وما انفك إعلانهم بالمقابلة بكتم قربهم حتى حلّوا بمنهل يعرف بوادي أبي موسى من سفح جبل نفوسة (3) وفيه أتاهم من نفات وآل سليمان وآل سالم، وجموع وافرة من الأعراب وأحلافها الأعاجم ما سال أتيّهم (4) بالدّهم (5) الدّاهم، وأعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا وكأنما اجتمعوا للهزائم، فعاجوا من هنالكم وقد بيّتوا بزعمهم ما لا يرضى من القول، وبرئوا لحولهم من القوة والحول، وضمن الغدرة من بني رياح مع شقيّهم لقاء عصابة التوحيد، وزعموا له أنهم حديد العرب، ولا يفلح (6) الحديد إلا بالحديد، وتركوا دبابا ومن التف بها لعوف وأحلافها والشريد، وأتوا بربّات الخدور في الهوادج
__________
(1) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): الفائت.
(2) الآية: 33من سورة التوبة.
(3) جبال في المغرب بعد إفريقية عالية نحو ثلاثة أميال وبينها وبين القيروان ستة أيام، وأهل هذه الجبال خوارج متمردون عن طاعة السلاطين. معجم البلدان: 5/ 297296.
(4) رواية (س) و (ر)، والأتي: السيل، وفي (ق): إليهم.
(5) العدد الكثير.
(6) يشق.(1/239)
كالأزهار في الكمائم، وقدّموا من حمر النّعم وسودها ما صار الدوّ (1) بتموّجها كالبحر المتلاطم، وجاءوا بزهوهم وبأوهم (2) يزفّون زفيفا، ويسمعون من ربّهم نصره المعهود، واستمدوا طوله المحمود، وعوّلوا على حوله وقوته لا على العدد والعديد، واستلأموا غدران الدروع تحت جداول المداوس، وتهللت بالنصر وجوههم فكانوا كالأقمار في شموس القوانس، وتنكّبوا من أراقم القسيّ ألدغ على البعد من حيّات البسابس، وتأبطوا كلّ خطّار تطّرد كعوبه، قد ركب فيه نجم ولكن في ثغر البحار غروبه، وساروا لعدوهم كأنهم بنيان مرصوص، وتيقّنوا أن نصر الله بالصابرين المحتسبين مخصوص، وكان يوم ضباب، وشمسه من قوام الغمام في حجاب، فلما تعالت في فلكها، وانقادت في زمام / الاستسلام إلى ملكها، ورمقت من خلال غيمها ظهرت كتائب الباطل سودا كقلوب أهلها، وقد مالت الأرض طولا وعرضا بخيلها ورجلها، فحمل الموحدون عليهم حملة أزالتهم عن مصافّهم فولّى شقيّهم منهزما لأول دفعة، ولم يطق وقوفا عند ما رأى من بوارق الخوافق لمعة!».
ومنها: «واستحرّ القتل في كثير من زعمائهم ورؤسائهم، ومات كل مذكور من شجعانهم وحمسائهم، واستحوذت القبائل على أموالهم وولدانهم ونسائهم، ونجا الشقي في نفر قليل إلى جهة الإبل، فاتّخذها
__________
(1) البرية.
(2) البأو: الفخر والتكبر.(1/240)
حصنا، وجعلها لبناء فراره من زلازل الجحافل ركنا، وحفّ من حف من الموحدين والعرب به فلم يبرحوا يتنسّفون ما اعتصم به من النعم نسفا، ويسومونه في نفسه وأصحابه خسفا، ولم يصرفهم عنه إلا إقبال الليل، وما انسحب له على الآفاق من ذيل!».
ومنها: «وكانوا قد قدّموا الهوادج أمام الآبال، ودبروا أن تكون لهم حمى يرشقون من يريدها من خللها كالنبال، وقد قيل النساء أغلال الرجال، والحريم مظنة الآجال، فكّروا عندها مستميتين، ودافعوا عنها للنفوس الدنيّة منها مفيتين، ولم يزالوا في أثناء انهزامهم يعطفون عند خدورهم، وأنامل العوامل تجذب أرواحهم من صدورهم، وبساط ما قدّموه من أموال وعيال يطوى بقبضهم، وجانب الحق يعلو كلما جدّ الجدّ [في خفضهم، وقبائل الموحدين على راياتهم تركض في آثارهم (1)،] حتى أسلموا ما كانوا عنه يدافعون قهرا، وأسالت جداول المناصل من دمائهم نهرا».
ومنها: «ولم ينج عدو الله إلا بذمائه، وغادر في المعترك وجوه أهله وقرابته (2) وأصحابه وأحبائه، فما رأى يوما قطّ أشدّ منه عليه، ولا انتهى به الأمر مذكان إلى ما انتهى به الآن إليه، والموحدون على أولهم في طلابه، والولوج عليه حيث يمّم من أبوابه!».
__________
(1) زيادة من (س).
(2) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): قواده.(1/241)
في الاعتلاق بها والاتّصال: «من جمع بلاغة وخطا لم يخش في دولة الأفاضل حطا»، فاسترجحت حصاته، وأقبلت عليها قابلا وصاته، غير مستبدل بها خطة ولا متبوّىء دونها خطة، لكيلا أنقض ما أبرم، وأرتبط خلاف ما استكرم، وكان هو قدّس الله أشلاءه، وأجزل من النعيم المقيم جزاءه قد عني بها في شبيبته، فعتب عليه والي بلنسية / حينئذ وحجبه رائحا عليه وغاديا، وألزمه مكانا قاصيا، كان به قاضيا، [فخاطبه (1)] مستعطفا برسالة منها: «وبعد فكتب الذي قصّر، ثم عاين قصده وأبصر، واقترف فاعترف، واجترح فلم ير أجدى من أن قرع باب المغفرة واستفتح، وفي علم المولى أن العبيد أهل الخطأ ومظنة السعي المستبطأ، إن أعرقوا النزع عن قوس الاجتهاد، وأصابوا شاكلة المراد، فكالسهام في قرطسة مراميها، إصابتها منسوبة إلى راميها، وإن تنكّبوا مرتضى السعي الحميد، وتجنّبوا مقتضى الرأي السديد، فغير نكر من شيم العبيد، ومتى نوقشوا الحساب على كل زلّة، وعوقبوا في كل ضلّة، أفناهم العقاب سريعا، وأهلكهم التأديب جميعا، وإنما بقاؤهم بأن يسبل الموالي على هفواتهم ستر الإغضاء، ويقرّبوا عليهم مدارك الإرضاء، وهو أدب الله تعالى في عباده حين خلقهم نطفا، ثم درجهم في مناقل النشء مكتنفين إحسانا منه ولطفا، حتى إذا سوّاهم رجالا وأوسع لهم في الدنيا وزخرفها مجالا، أذهلهم شكر النّعم عن شكر المنعم، وشغلهم التقلّب في نعمائه عن توفية حقه وأدائه، فيمهلهم سبحانه انتظارا لمتابهم، وترقّبا لمآبهم، وقصدا منه تعالى لأن
__________
(1) زيادة من (س) و (ر)(1/246)
يظهر في كل حيّ أثر رحمته التي وسعت كل شيء، وليهتدي القادرون من عباده إلى فضيلة العفو عند الاقتدار، وجمال الصفح والتجاوز في هذه الدار، ولو يؤاخذهم تبارك وتعالى اسمه بمكسوبهم، ويعاقبهم في بداية ذنوبهم، لوقعت المجازاة منه على عدل بما كانوا يصنعون، ولكنه {يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبََادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئََاتِ وَيَعْلَمُ مََا} يفعلون (1)، والعبد أيّد الله مولانا من جملة العبيد، {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سََاءَ مََا يَعْمَلُونَ} (2)، فما أسلف من صواب فببركة مستعمله، وما اقترف من خطإ فمن كسبه وعمله، وقد مدّ يمين الإقرار، ثم أبدى صفحة الاستغفار لمولى حريص على الصفح يشتمل أثوابه، مصيخ إلى صرخة مكروب يفتح لها أبوابه، ضارعا في أن يراجع سعادته، ويعاود من لثم اليمين الطاهرة واجتلاء لألاء الغرّة الباهرة عادته، وإذا كان العفو جليا رائقا في جيد الاقتدار، ورأيا لائقا بذوي الأقدار، ومعنى لاحقا بأفضل مساعي الأبرار، فسيدنا أولانا بنفيسه، وأحراهم بتفريج الكرب وتنفيسه، ذلك بما (3) خوّله الله من جوامع الفضل الذي لا تشذّ عنه صالحة من الأعمال، ولا يتعذّر عنده أمل من الآمال، والعبد متنسّم روح القبول، ومتوسم بجميل الثقة بفضل مولاه تسني المأمول، فإن حقّ تنسمه، وصدق توسّمه، فيا طيب محياه، وسعادة / دينه ودنياه، وإن تكن الأخرى والعياذ بالله، وحاشا مولانا من ذلك حاشاه، فمن أيّ مولى سواه نلتمس العفو،
__________
(1) الآية: 25من سورة الشورى، وفي الآية: تفعلون.
(2) الآية: 66من سورة المائدة.
(3) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): مما.(1/247)
فأمر له بعشرة آلاف درهم.
ويقال فيما حكى أبو علي البغدادي في (النوادر (1)) وغيره إن عبد الملك بن مروان دخل عليه (2) هذا الضّنّي فأنشده الأبيات الثلاثة التي في آخرها:
أولا فأرشدنا إلى من نذهب
فقال عبد الملك: إليّ إليّ! وأمر له بألف دينار ثم أتاه في العام المقبل فقال (3):
يربّ (4) الذي يأتي من الخير إنّه ... إذا فعل المعروف زاد وتمما
وليس كبان حين تمّ بناؤه ... تتبّعه بالنقض حتى تهدّما
فأعطاه ألفي دينار ثم أتاه في العام الثالث فقال (5):
إذا استمطروا كانوا مغازير في الندى
يجودون بالمعروف عودا على بدء
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار.
__________
(1) الخبر في الأمالي: 2/ 283.
(2) رواية (ر)، وفي (ق) و (س): إليه.
(3) البيتان من الطويل.
(4) ربّ النعمة: زادها.
(5) البيت من الطويل.(1/249)
لا تهنّي بعد أن أكرمتني ... فشديد عادة منتزعه
فصدر ما أثلج الصدر من إعفاء، وظهر إبقاء أوفى على الأمل أيّ إيفاء، ثم في صبيحة اليوم الثالث، هجم عليّ بالكارب الكارث، أصيّر إلى الإقصاء من التقريب، وأخيّر بين التشريق والتغريب، ومعاذ الله لا اختيار في خطّتي خسف، هذا لو أنّ جناحا وبالا دون كسر وكسف، فكيف ولا حراك (1) موجود، ولا مستنجد إلا منجود، في هاجم للآمال هادم، وناجم بالأهوال داهم، وعلى ما دفعت إليه من ارتباك، لمتعسّف كاب ومتأسف باك، من ولهى وواله، كلّ يجدّ على زواله، ويحدّ في إعواله، شرعت في المسير، وضرعت إلى الله في التيسير جاليا للجلاء والرحيل أوجها تصلاه، وتاليا من محكم التنزيل {لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ} [2]، وحسبي السميع البصير، {نِعْمَ الْمَوْلى ََ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [3] فقل في يوم عصيب، رماني (4) بسهم للفراق مصيب، ولم يدع لي فيما سوى الإضاعة وإزجاء البضاعة من نصيب، أرى ضد ما تمنيت، وشرى بثمن بخس ما اقتنيت، واستشرى في محو ما وحيت (5)، وهدم ما بنيت، حتى عيل الاصطبار وغلب الاستعبار، للتفكر في بث الأشجان وبتّ الأشطان، والتذكّر لولوج الامتحان بالخروج عن الأوطان، أيّان سلّمها الإسلام آيسا،
__________
(1) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): ألا حراك.
(2) الآية: 53من سورة الزمر.
(3) الآية: 40من سورة الأنفال.
(4) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): تأتي.
(5) أي لجّ في محو ما كتبت.(1/251)
وتدبّرها التثليث آنسا، وخلال ذلك من حسن الظن بالخلال الكرام ما حمل على أن قلت في بدء الحال، وبين يدي العمل على الترحال، مرتقبا خفايا الألطاف، ومقتربا بهدايا الاستعطاف، لاتّضاح دلائل الحدب، ونجاح رسائل الأدب (1):
لمبشّري برضاك أن يتحكّما ... لا المال أستثني عليه ولا الدّما
تالله لا غبن امرؤ يبتاعه ... بحياته فوجوده أن يعدما
أيّ المعاذر أرتضي لجناية ... عظمت ولكن ظلّ عفوك أعظما
ندمي على ما ندّ مني دائم ... وعلامة الأوّاب أن يتندّما
يا طول بؤسي مبسلا بجريرتي ... إن لم تجزني بالتجاوز منعما
مولاي رحماك التي عوّدتني ... إني اعتمدتك خاضعا مسترحما
فأحقّ من تولي الإقالة عاثر ... لم يستحبّ على الهدى قطّ العمى
أقصاه عنك تزلف بخطيئة ... خال الصواب خلالها وتوهما
ولقد تحفّظ في المقالة جهده ... لكنّه نمي الحديث ونمنما
مولاي عبدك ما له من معدل ... عن دار عدلك منذ حلّ وخيّما
لو أنّه يجد الحياة كريمة ... في غيرها لرأى المنيّة أكرما
إن ينتزح ناديك عنه يقترب ... منه وإن لا تحمه يلج الحمى
متهافتا متراميا متطارحا ... متوصّلا متوسّلا متحرّما
قد علّمته تجنب الجهل العلا ... يكفيه أن قوّمته فتقوّما
__________
(1) القصيدة من الكامل.(1/252)
السفراء (1)، في وقت زان مطلعه سعيدا، وكان مقدمه قبل العيد عيدا، فقلت مستقصرا سرفي لقصد الإغضاء، ومستحقرا لوّامي (2) بشكر اليد البيضاء (3):
قابلت نعماك بالسّجود ... لله من عطفة وجود
ولم أجد للحياة عدما ... وفي وجود الرضى وجودي
قد وصل الأمن والأماني ... بعد المضادّة (4) والصدود
فإن أكن قبل في صبوب ... فهأنا اليوم في صعود
نبّهت بالعفو عن خمولي ... وكنت للهفو في خمود
هذا ظهوري من التّواري ... هذا نشوري من الهمود
لا وحشة للوعيد عندي ... أزاحها الأنس بالوعود
يا مبدئا في العلا معيدا ... أيّدت بالمبدىء المعيد
بأيّ حمد وإن تناهى ... أثني على صنعك الحميد
صفحت عمدا عن الخطايا ... وتلك من عادة العميد
وغير بدع ولا بعيد ... صفح الموالي عن العبيد
أينقص اليأس من رجائي ... وذلك الفضل في مزيد
/ أيّ امرىء في الورى شقي ... يأوي (5) إلى أمرك السعيد
__________
(1) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): الشعراء.
(2) أقرب صورة لما في الأصول، ويمكن أن تقرأ «ومسحنفرا لؤامي» والمسحنفر السريع الجري واللؤام الحاجة.
(3) القصيدة من مخلّع البسيط.
(4) رواية (س)، وفي (ق) و (ر): المضادات.
(5) رواية (س) و (ر)، وفي (ق): أوى.(1/255)
ما غرّة العيد أجتليها ... يوم رضاك الأغرّ عيدي
وقلت بعد ذلك مشيدا بالتشفيع، ومشيرا إلى كرم الصنيع (1):
أيا بشراي قد وضح القبول ... وصحّ من الرضى أمل وسول
وشفّع نجله الأزكى إمام ... لمن صرمت (2) وسائله وصول
فما لسواهما في الصفح عني ... يد عليا ولا منّ جزيل
أقالني الخليفة من عثاري ... فماذا في إقالته أقول
وكم قبحت ممالأة (3) الليالي ... عليّ ورأيه الحسن الجميل
أنا العبد الشكور لما حبتني ... به علياه والمجد الأثيل
وإخلاصي به المولى عليم ... وإن لم يأت إجرامي جهول
أذوب إذا أحجّب عنه شوقا ... إليه فكيف لو أزف الرحيل
وهذا ما جعلته مسكة الختام ولبثة (4) التمام (5):
أجار من الخطب الأمير محمد ... فقمت بما أولاه أثني وأحمد
ويوم (6) أتتني بالبشارة رسله ... سجدت وفي التبشير لله يسجد
وأملت بالشكر المزيد من الرضى ... وأيّة نعمى كالرضى تتزيّد
__________
(1) الأبيات من الوافر.
(2) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): عزّت.
(3) رواية (ق)، وفي (س): موالاة.
(4) اللبثة: التوقف اليسير.
(5) القصيدة من الطويل.
(6) رواية (ق) و (س)، وفي (ر): ولما.(1/256)
وظائف ما أهملت حينا أداءها
وبعض شهودي الأمس واليوم والغد
همام كفاني الحادثات اعتناؤه
وقد عنّ (1) لي [منها (2)] مقيم ومقعد
فلا منّة إلا له في تخلصي ... بيمن مساعيه الكرام ولا يد
ومن يك فرعا للإمامة والهدى ... فإنّ جناه الغضّ مجد وسؤدد
رآني مردود الشرائع (3) كلّما ... تقرّبت بالإخلاص أقصى وأبعد
نصيبي من الآداب حرفتها التي ... شقيت بها جارا لمن بات يسعد
وللحظّ لحظ كلّ دوني خاسئا ... كأني وإياه شعاع وأرمد
فجمّع من شملي وشملي مفرّق ... ورفّه من شربي وشربي مصرّد
وصرّح بالبقيا وما زال منعما ... له مصدر في الصالحات ومورد
وكانت هوى ألقى إليهابي الهوى ... فخلّصني منها معان مؤيّد
تشفعت فيها للإمام بنجله ... ونعم شفيع المذنبين محمد!
نجزت الرسالة الموسومة بإعتاب الكتّاب، صنعة الإمام [الحافظ (4)] أبي عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن
__________
(1) رواية (ق) و (ر)، وفي (س): ويذعن.
(2) زيادة من (س) و (ر).
(3) جمع شريعة: مورد الشاربة.
(4) زيادة من (ر).(1/257)
الأبّار، [رحمه الله تعالى ورضي عنه (1)،] وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه (2).
__________
(1) زيادة من (ر).
(2) نهاية (س) كما يلي: كمل الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما.(1/258)
الفهارس
1 - فهرس الاعلام
2 - فهرس البلدان والأمكنة
3 - فهرس الشعر
4 - فهرس القوافي
5 - فهرس الكتب والرسائل التي ذكرها ابن الأبار في المتن
6 - فهرس الكتب والمراجع
7 - فهرس الموضوعات والتراجم(1/259)
طريقة الفهارس
1 - هذه الفهارس تعتبر الكتاب وحدة، ولهذا فهي تشمل كل ما جاء في المتن أو الحواشي من مقدمة المحقق و (إعتاب الكتاب) وللتمييز بين ما جاء في المتن وضعنا حرف (ح) قبل ما ورد في الحاشية دون المتن.
2 - فهرس الاعلام يجمع أسماء الناس والقبائل والطوائف وغيرها، مما ورد ذكره في الكتاب وفي فهرس البلدان والأمكنة أفردت الأعلام المتصلة بذلك.
3 - في ترتيب الفهارس اعتبرت الكلمات التي تؤلف الاسم وحدة مركبة بإهمال (أل) التعريف أينما وردت، واعتبار كلمات (ابن، أب، بنو) أساسية في صلب الاسم.
4 - الأعلام التي ترجمنا لها في الحواشي أو فسرّناها أشرنا إلى صفحات تراجمها بأرقام كبيرة متميزة ليسهل الرجوع إليها.
5 - الأعلام التي أورد لها ابن الأبار تراجم في (الإعتاب) وضعنا إلى يمينها علامة (*) تسهيلا للمراجعة.(1/260)
أحمد بن خصيب 136، 138، 139 141، 165
* أحمد بن سعيد بن حزم 189، 193
أحمد بن سيف 149
أحمد صقر ح 23
أحمد بن الطيب 176، 177
* أحمد بن عبد الملك بن شهيد 188، 201
* أحمد بن عطية (أبو جعفر) 222، 223
* أحمد بن علي الجرجرائي 197، 198
أحمد بن عمار المزاري 134
أحمد بن محمد (جرادة) 182
أحمد بن محمد بن الأغلب 107
أحمد بن إلياس 188
* أحمد بن محمد بن ثوابة 166
أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن عبد ربه
أحمد بن محمد بن الفرات 179، 180
* أحمد بن محمد بن المدبر أحمد بن المدبر
* أحمد بن المدبر 133، 149، 150، 159156، 221
أحمد بن هشام 110
* أحمد بن يوسف ح 97، 107، 113 115، 173
احمر عاد 103
إدريس بن يحيى بن علي الحسني 210
أسامة بن زيد 206
إسحق بن إبراهيم المصعبي 124، 137
إسحق بن إبراهيم الموصلي 94
إسحق بن علي بن يوسف بن تاشفين 223
الإسلام 93، ح 226، 251
إسماعيل بن أبي أويس 59
إسماعيل بن بلبل 171166، 173، 174، 179
* إسماعيل بن صبيح 10298، 103، 104
إسماعيل بن المعتضد العبادي 218
أشناس (التركي) 138
الأصفهاني أبو الفرج الأصفهاني
الأصمعي 173، 248
الأعشى ح 203
أعشى همدان 88
الأغالبة ح 104، ح 128، ح 187
إلياس (النبي) 56
الأمويون 27، ح 65، 67، ح 71، ح 104
الأمين (العباسي) 69، ح 90، 99 101، 103، 114ح 121، 122، 138
* أمية بن يزيد 71، 72
الأندلسيون 13، 14
أوتامش التركي ح 165
الإيالة الحفصية الدولة الحفصية
إيتاخ التركي 138
أيوب (النبي) 56، 217(1/265)
(ب)
بابك 134
باح الاصفهاني محمد بن عبد الله بن غالب الأصفهاني
بايكباك (التركي) ح 166
البحتري ح 138، 141، 158، ح 166، 170، ح 207.
بدر (غزوة) 206
(بدر حاجب النامر) ح 44
بدر (غلام المعتضد) 145، 175 178، 183
البرامكة 77، 80، 82، ح 91، 98، 102، 103
البردة 114
البربر ح 71
بشر بن المغيرة بن المهلب ح 83
بلج بن بشر القشيري 71
بنو الأصفر 230
بنو الأغلب ح 78
بنو أمية الأمويون
بنو رياح 236، 239
بنو صخر 103
بنو ضنّة 248
بنو العاصي 103
بنو العباس العباسيون
بنو عبد الله العبيديون
بنو القاسم (بنو العشرة) 221
بنو قريظة 206
بنو لؤي 88
بنو مالك مزيدة 237
بنو مالك المروانيون
بنو هاشم الهاشميون
بنو هاشم 110، 111
بوران (زوج المأمون) ح 90، ح 107
البيت الحفصي الدولة الحفصية
بيعة العقبة 206
(ت)
التثليث 252
الترمذي ح 59
تميم (قبيلة) 196
التوزي 56
(ث)
ثعلب 124، 125، 140
(ج)
الجاحظ 50، 66، ح 85، 111، 125، 154، 155
جعفر بن عثمان المصحفي 94، 190
جعفر بن يحيى البرمكي ح 65، ح 82، 8886، 107، 242
جعفر الصادق ح 187
(ح)
حاتم (الطائي) 232
الحاجب المنصور المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر(1/266)
الحاكم بن العزيز العبيدي 197، 203
حامد بن العباس 186، 187
الحجاج 5953، 61، ح 62، 63، 89
* حجر بن سليمان 8583
الحديث 88
* حسان بن ثابت ح 206
الحسن بن رجاء 91، 101، 167، 168
الحسن بن زيد 70
* الحسن بن سهل 90، 109107، 113، 242
الحسن بن مخلد 151، 163162، 169
الحسن بن هانىء أبو نواس
الحسن بن هشام 110
الحسن بن وهب 140138، 142 144
الحسين (جد الطاهرية) 160
الحسين بن الضحاك ح 131
الحسين بن علي بن أبي طالب 23، 56
حسين مؤنس ح 22
الحصري 20895
الحصين بن أبي الحر 125
الحطيئة 202، ح 213
الحكم (الأموي) 195
الحموديون ح 210
الحميري 8
حنظلة (كاتب النبي) 157
حويرثة بن أسماء 51
حيان بن خلف بن حيان 28، 171، 172، 189، 193، 195، 196، 205، 215
(خ)
خالد 206
* خالد بن برمك 6765، 87
خالد بن زيد 71
خالد بن عبد الله القسري 63
الخريطة 195
خفيف السمرقندي 175
* خلف بن حسين بن حيان 196
الخوارج ح 46
خير الدين الزركلي 37
(د)
دار الخلافة ح 166، 185
الدارقطني ح 53
داود (النبي) 56
* داود القيرواني 26، 104، 106
دباب (قبيلة) 234، 237، 239
دعبل الخزاعي ح 146
الداعي الماسي الماسي
الدولة الأموية الأمويون
الدولة الحفصية 10، 12، 14، 222، 230
الدولة العامرية ح 189، 190، 196(1/267)
* سليمان بن وهب 26، ح 44، 136، 144138
سنة الحزن 66
سنة الخير 66
* سهل بن هارون 26، 8985، 163
(ش)
شجاع بن القاسم 165
الشريد (قبيلة) 237، 239
الشعبي (عامر بن شراحيل) 44
الشفوف 164
(ص)
الصاحب اسماعيل بن عباد 170
صاحب الزنج 161
صاعد بن مخلد 166، 169، 170، 171
* صالح بن علي (الأضجم) 118 (صالح بن عطية)
الصديق 206
صريع الغواني ح 245
الصفرية ح 61
* صفي الدين (كاتب صلاح الدين) 226، ح 227
صلاح الدين الأيوبي 26، 226، ح 227
صلاح الدين المنجد ح 23
الصليبيون ح 226
الصولي 28، 62، 67، 82، ح 97، 109، 112، 115، 117، 133، 140، 143، ح 146، 159، 164، 167، 183، 186
(ط)
الطائي 182
طالوت 206
طاهر بن الحسين ح 91، 101، 113، 114، 121، 122
طلحة (جد الطاهرية) 161
الطوائف 27، 219، 220
(ظ)
الظاهر بن الحاكم العبيدي 197
(ع)
عامر بن حطان 62
عامر غديرة 23
العباس (عم النبي) 81
العباس بن الحسن 184
العباس بن المأمون 130
العباس بن مرداس ح 45، 90
العباسيون 27، 90، ح 91، ح 104، ح 128، 130، ح 152، ح 158، ح 166
عبد الحميد الكاتب ح 60، ح 62
عبد الرحمن بن أبي عامر 199
* عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى 212
عبد الرحمن بن الحكم 173(1/269)
عثمان بن عفان 27، 44، ح 46، 49، 50، ح 51، 157، ح 206
عثمان بن عمارة بن خريم المري 162
العجم 51، 66، 81
عدوان 53، 54،
العرب 65، 81، 236، 239، 241، 244.
عروبة الكتامي 187
عروة بن حزام ح 140
العلوية ح 80
علي بن أبي الرجال أبو الحسن ح 211، 212
علي بن أبي طالب 44، ح 49، ح 51، 52، 70، 81، 157، 185
علي بن أحمد أبو محمد بن حزم (الفقيه) ح 189، 190، 199
علي بن بسام 186
علي بن الجهم 94، 137
علي بن زيد الكاتب 242
علي بن صالح 119
* علي بن عيسى بن الجراح 187184
* علي بن عيسى القمي 121119
علي بن عيسى بن ماهان 121، 122
علي بن المأمون 130
علي بن محمد بن رزين التجيبي 16
* علي بن محمد بن الفرات 174، 179 181
* علي بن محمد بن الفياض 177، 178
علي بن هشام 110
* علي بن الهيثم (جونقا) 117
علي بن يوسف بن تاشفين 220
العماد الأصفهاني 226
عمران بن حصين 52
عمران بن حطان 61، 62
عمر بن الخطاب 5250، 66، ح 90، 125
عمر بن سلمة ح 76
عمر بن عبد العزيز ح 44، 58
عمر بن فرج الرخّجي 145
عمر بن محمد بن عبد الملك الزيات 142، 143
* عمرو بن مسعدة ح 63، 113110، 115، 116
عمرو بن هند ح 207
عنبسة بن سعيد 53
عوانة بن الحكم الكلبي 85
عوف (قبيلة) 237، 239
عياض بن عوانة 85
عيسى (النبي) 56
عيسى بن جعفر بن المنصور 129
* عيسى بن سعيد القطاع 195
عيسى بن عبد الرحمن 122، 123(1/271)
* عيسى بن الفاسي 170، 171
* عيسى بن فطيس 188
عيسى بن الوكيل ابن الوكيل اليابري
(غ)
الغبريني 16، 20
غسان بن عباد 108، 121119
(ف)
الفاطميون العبيديون
الفتح بن خاقان ح 131، 101، 160، ح 207
الفرس ح 151
الفجار (حرب) 209
* الفضل بن الربيع بن يونس 69، 98، 100، 101، 107، 117، ح 245
الفضل بن سهل 108107، 123121
* الفضل بن مروان 132129، 152، 158
الفضل بن يحيى البرمكي 77، 78، 8380، 87
فطيس بن أصبغ 188
(ق)
القائم بالله (العباسي) 204
القائم بن المهدي (الشيعي) 188
القاسم بن حمود 203
القاسم بن الرشيد 139
* القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 174، 184181
القاهر (العباسي) ح 184
قدامة بن جعفر 126
القرآن 54
القرمطي 183
قريش 206
قضاعة 7، 248
القضيب 114
قطري بن الفجاءة ح 62
قيس (قبيلة) 54
قيس بن عاصم 232
(ك)
* كاتب الهادي 26، 75
* كاتب الحسن بن زيد 70
* كاتب طاهر بن الحسين 122
كسرى 96
كعب القيسي (المخبّل) 140
* كلثوم بن عمرو العتابي 26، 91، 9896
كليب ح 55
الكميت 66
(ل)
اللمتونيون 220، 221
ليفي بروفنال 35
(م)
الماسي (الدعي) 223(1/272)
ماسينيون ح 23
مالك (الامام) 65
المأمون (العباسي) 9088، 93، 94، 96، 97، 101، 107 122، 135، ح 128، 130، 131، 138، ح 157، 164، 165، 167، 242
المأمون يحيى بن ذي النون 201، 215، 217
الماوردي أبو الحسن الماوردي
مبارك (من عبيد العامرية) 199
المبرّد 55، 63
المتوكل (العباسي) 94، ح 97، ح 124، ح 131، 132، 133، 141، 144، ح 146، 149 154، 159157، 161 165163
مجمع اللغة العربية بدمشق 23، 31، 38
محمد (النبي) 3533، 43، 45 46، ح 49، ح 51، 56، 66، 70، 81، 93، 100، 112، 115، 116، 157، 164، 165، 258.
محمد بن ابراهيم بن الأغلب 107
محمد بن أبي بكر الصديق 49، 50
محمد بن داود بن الجراح 142
محمد بن الرشيد الأمين
* محمد بن سعيد التاكرني 199، 200
محمد بن سعيد الزجالي 172
* محمد بن سليمان بن القصيرة 219، 220
محمد بن شرف القيرواني 211
محمد بن صول 65
* محمد بن عبد الرحمن بن عياض 227
محمد بن عبد الله بن الأبار ابن الأبار
محمد بن عبد الله بن طاهر 126، 160
محمد بن عبد الله بن غالب الأصفهاني:
148
* محمد بن عبد الملك الزيات 26، 132، 133، 138، ح 139، 141، 144، 146، 147، 149، 152، 154، 156، 173
محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان 185
محمد بن علي بن عبد الله بن عباس 65
* محمد بن الفضل الجرجرائي 152، 154
محمد بن قادم ابن قادم
محمد بن مقاتل العكي 104
محمد بن المكتفي 184
محمد بن نافع 106
محمد بن يحيى البرمكي 87
محمد بن يزداد 164، 165
محمد رشاد الحمزاوي ح 21
* محمود بن علي بن أبي الرجال 211، 212(1/273)
المرادي ح 18
مروان بن أبي حفصة 80، 82
* مروان بن الحكم 49، 50، ح 103
مروان بن محمد (الجعدي) ح 60، 64، ح 10465
المروانيون 72، 89، 103
المستظهر عبد الرحمن هشام المرواني 203
المستعين (العباسي) ح 95، ح 136، 141، 154، ح 159، 165
المستنصر (الحفصي) 1914، 24
المستنصر بن الظاهر العبيدي 197
المسلمون 1210
المسمعة 195
مسيلمة (الكذاب) 209
مشرف الدولة البويهي ح 203
مصطفى جواد ح 9، ح 92، ح 97، ح 105، ح 169، ح 176، ح 227.
مصعب (جد الطاهرية) 160
مظفر (من عبيد العامرية) 199
المظفر بن أبي عامر عبد الملك بن محمد بن أبي عامر
معاوية بن أبي سفيان 44، ح 49، 50، ح 51، 53، 157
معاوية بن هشام بن عبد الملك 71
معاوية بن يزيد بن معاوية ح 49، 50
المعتصم (العباسي) ح 124، 129، 135130، 138، ح 146
المعتضد (العباسي) ح 126، 138، 142ح 159، 183173،
المعتضد (العبادي) 210، 217 220
المعتلي يحيى بن علي بن حمود 201
المعتمد (العباسي) ح 126، ح 138، 141، ح 158، ح 159، 161، ح 166، 169 174
المعتمد (العبادي) 95، 211، 220
المعذّل (أبو عمرو والد عبد الصمد) 128، 129
المعز بن باديس الصنهاجي 197، 198، 211، 212
المعلي بن أيوب 108
معن بن زائدة ح 80
المغيرة بن شعبة 51
المقتدر (العباسي) 184، 185
المقري 19، 20، 23
المكتفي (العباسي) 138، ح 181، 185183
الملثمون ح 220، ح 223
الممزّق العبدي ح 207
المملكة العبيدية العبيديون
المنتصر (العباسي) ح 136، 141
المنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي عامر 200، 212، 215(1/274)
شيذو (؟) 234
(ص)
الصفا 86
صفين ح 49، ح 51
(ط)
طبرية ح 72
طرابلس 106، 237، ح 238
طرطوشة 193
طليطلة ح 203، 214، 215، 229، ح 230
طوس 99
(ع)
العالم الاسلامي 30
العراق 53، ح 57، ح 58، 127، ح 146، 159، ح 197
العراقان ح 51
عرفات 98
عمان ح 61
عمورية ح 224، ح 233
(غ)
الغرب الاسلامي المغرب
غرناطة 220
(ف)
فارس 52، ح 53، 67، 165
فاس ح 23، ح 227
(ق)
قابس 238
القاهرة 32، 35، 36، 39
قرطبة 71، 191، 201، 203، 205، 210
قرميسين ح 96
قسطيلية ح 237
قشتالة 229
قفصة 237
القيروان ح 78، ح 104، ح 187، 197، 198، 237، ح 239
(ك)
الكرخ 168
الكوفة 51، 53، ح 62، 107، ح 113، 180
(م)
مالقة 210
مدريد ح 21، 34
المدينة ح 49، 50، 70، 185، 233
مراكش 13، 221، 223، 227
مرسية ح 95
مرو 122
مسجد حران ح 102
المشرق 19، 25، 30، 37، 38، 71
مصر 33، ح 46، 49، 64، 119، 127، 185، ح 178، 197، 220.(1/279)
المطامير 176
معهد الأبحاث والتاريخ 34
المغرب 10، 13، 25، 26، 30، 32، 37، 38، ح 187، 198، ح 220، ح 237، ح 239.
المغرب الأقصى ح 220، ح 223
مكة ح 46، ح 49، 86، ح 90، 185، 186، 204
منى 98
المنية 229
المهدية 187، ح 238
الموصل 67، 204، 205
ميافارقين 204، 205.
(ن)
نفزاوة 238
نفوسة (جبل) 239
نيسابور ح 99
النيل 198
(و)
وادي أبي موسى 236، 239
وادي تاجو 229
وادي الحجارة 201
وادي ماسة 224
وبذة 215
الولجة 11
(ي)
يابرة 222
اليمن ح 92، ح 93(1/280)
أعوذ بالودّ بالآخر 108
أعيذك بالرحمن سارق 103
أغثني أمير والأزل 162
أغوت به مأفوكا 141
أغيثا تحمل هارونا 76
أفوه بما لم فأزيد 201
أفي كل يوم غرقان 140
أقالني الخليفة أقول 255
أقصاه عنك وتوّهما 252
أقلني أقالك الردى 95
أقيك بنفسي يجري 169
أكز على الكتيبة سواها 90
ألا إن ظني والوصل 210
ألا قل لإسماعيل لازم 104
ألا كل الذي مقرونا 76
ألا يا أمين ما تدري 103
ألست الموالي أنجما 207
الله يفرج ولعلها 140
ألم تر أنّ يتذبذب 116
الم تر عبدا هدى 95
ألما بأشلاء والصوارم 10
ألوى بعزم تذكر 192
أليس أمين مائق 103
أليس يوقد عددا 192
إليك أشكو فعاصاها 168
إلى كم أسخط براض 17
إليك وقد المصادر 160
الى المعتلي يعود 202
أما ترى مهملات 137
أما رأيت خاقان ح 131
إمام له كف عودها 93
أمسح خفي وطيت 70
أم الشمس الدينا 76
أنا العبد الأثيل 256
أنا من بغية أرباح 78
إن تعف عن والمنن 163
إن دعاني الصيّاح ح 78
إن رمتنا يصيب 217
إن طال في الذكر 208
إن كان ذنبي المأمولا 245
إن كان لي غافر 108
إن لم أكن فكنه 94
إن الإمام المساح 254
إن أولى الصيّاح 79
إن ظني نجاحي 77
إن الليالي إحسان 132
إن من الإخوان يلمع 152
إنّ من دوننا مفتاحي 78
إني إذا جهلاته 61
إني إليك المبذولا 245
إني امتدحتك أشعاري 159
إني رأيتك العشّاق 248
إني متى سواكا 146
إن ينترح الحمى 252
أهون بما متبسّما 253
أو يكن عثّر المجيب 217(1/282)
أيا بشراي وسول 256
أيسمن أولاد هاشم 104
أينقص اليأس مزيد 255
إيه أبا جعفر متّسع 137
أيّ امرىء السعيد 255
أيامكم يا بني نار 186
أيّ المعازر أعظما 252
(ب)
بارد الظرف المزاح 80
بأي حمد الحميد 255
بتجديد عبد أزالها 172
براك الله حصينا 69
برّح بي براح 254
بشرى بإسفار الجناح 254
بعدلك بل المؤمنينا 68
بعطفة ذي المجدين أرقم 217
بعفوك نستجير للعالمينا 68
بغاث الطير نزور ح 45
بغى ضرّه حسود 201
بلغنا بنعماك تبقى 222
بل نحن كنا العواثر 86
بمتابة رسخ معلما 253
بها جبر الله فأقالها 172
(ت)
تالله لا غبن يعدما 252
تالله لاكدت آلاته 61
تبدّل من الشفوف 204
تبيّن أمين صخر 103
تجددت الدنيا وهلالها 172
تجهّز جهاز لاحق 103
تحلت بآدابي عطل 209
تذكر أمين حضّر 69
ترى الجود صفالها 172
تريك القذى يتمطّق ح 203
تزورهم بنفسك لقاطعينا 69
تساقط في ونثيرها 44
تشفعت فيها محمد 257
تشكو إليك الكفاة 137
تضرب الناس الوفاء 97
تظل المنايا أمورها 44
تعظمكم يوم المنابر 161
تقود أبيات نورها 44
تمرّست مني بأمراسه 204
تمكنت نوب تقاضاها 168
تهين المكرمين عليه 73
تؤدي إلينا وشهود 202
تيممته والسعد خندق 202
(ث)
ثم لمّا رماني السحيقا 161
ثوى صافنا الشكل 209
(ج)
جاروا وما رشدا 191
جالست يوما أبان 81
جاور عليا الأسل 211
جرى لها الرحب ح 233
جعلت رجاء معاقب 92
جنى ما جني جيد 201
جواد إذا الخصل 209
جواهر شعر عقود 202(1/283)
(ح)
حتى إذا ما الفردا 192
حتى أرى لذاكا 146
حرم الكلام الضمير 129
حسبتهم سهاما فؤادي 212
حسبي شفيعا صراح 254
حمائم شكري الهدل 209
حنانيك إن عديد 202
حنانيك إني بالمواهب 92
حوى سليمان للأمل 139
حياء يغض أنقى 222
(خ)
خافوك أم الآفاق 248
خذه إليك كأولاها 169
خليفة الله يجهر 171
خليليّ أما تسلاني 139
(د)
دع المكارم الكاسي 200
دعوتك في المعاذر 160
(ذ)
ذنبي إليك منه 94
ذي المعالي فلالا 243
(ر)
رآني مردود وأبعد 257
رأيتك أمس أمس 88
رأيتك من دنوّ 153
رحل الرجاء الدهر 93
ردّت إليك شكري 93
ردّ قولي والعذّالا 150
رعى أمة أمينها 93
رقيق حواشي تطير 102
(ز)
زان العلا والحمل 212
(س)
سجاياك إن أوضح 95
سرت أسهم تسري 169
سل البرق خفيقا 221
سل عنه المقل 212
سلم على أهواها 168
سميت باسم الزلل 139
(ش)
شاعر مفلق الجناح 78
شتمت مواليها الأحرار 200
شوقا إليك أطير 129
(ص)
صفحت عمدا العميد 255
صفوح عن مجرما 91، 102
(ض)
ضحوا بأشمط قرآنا ح 206
(ط)
طغى بتونس خليفه 18
(ظ)
ظفر الأعداء يظفرني 160
ظمئت الى ورود 202
(ع)
عادته العفو العبيد 253
عتبت على عمرو 170(1/284)
عث فيهم للقلل 139
عجبت من منّه 194
عسى ولعل عثور 99
عشية يوم زوالها 172
عفا الله عنك أبعدا 94
عفو الإمام طماح 254
عق أباه عمّه ح 18
علت سني ماض 17
على أنني أيّم 216
على مفرق الآدميّونا 76
(غ)
غريب بأرض فرقا 222
غطاريف من ترحلا 232
(ف)
فأبناء عباس حجب 81
فأحق من العمى 252
فأرد ما يكون تريده 214
فأسعد الصب أوّاها 169
فاسلك سبيل بالدفتر 192
فأشرقت الآفاق ظلالها 172
فاصبر لعادتك نذهب 248
فإلا أكن أهلا أهل 162
فأل صدق حزني 160
فإن أنا لم معرق 203
فإن أكن قبل صعود 255
فأنتم بنو الدنيا الأكابر 160
فأنزل بي المشارب 92
فإن ساعد شاكر 161
فإن طار سبب 81
فإن كان عباس سبب 81
فإن كنت أكبر 69
فإن كنت كرجائكا 149
فإن كنت ترجو الأجر 75
فإن كنت مأكولا أمزّق ح 207
فإن الله أثابا 181
فإنك شمس كوكب 116
فإنك كالليل واسع 84
فإني لم أخنك أخونا 68
فإن يسر بنائم 104
فإن يكن ذا أملي 94
فتى ظفرت المخالب 92
فتى نشأت خلالها 172
فتح تفتّح القشب 224
فتدرك آمال أمور 99
فجمّع من شملي مصرّد 257
فخذ بحقك عنه 94
فريق العدا أولق 202
فسمه الهوان جهله 148
فشفّع حسن دينا 69
فعاد أشدّ الروف 204
فعفوك أرجو الفضل 162
ففيم سلمت منى 153
فقد أوهنت يترمرمونا 69
فقد سمتني مناقبي 92
فقد غدونا التكتك 171
فكيف بإسماعيل منافق 103
فلا تسلّمني مخلّد 163(1/285)
فلا منّة إلا ولا يد 257
فلئن وفيت القضا 112
فلا يتعذرن العالمينا 68
فلا يعرمن وبرود 202
فلم أر صرف الكريم 158
فلما انقضت والذكر 169
فلما حوت المخنّق 203
فلم نزد نحن يكفينا 175
فما بال مولاهم في الأمر 103
فالماجد السيد البدل 211
فما لسواهما جزيل 256
فما لكم غير مخاصر 161
فما يشهدون غلا 232
فهأنا مقصى قاضب 93
فلو أن نفسي أحير 129
في رأس أجرد معمر 192
فيك ما يحمل الجحجاح 80
في محل كأنه دبيب 217
(ق)
قابلت نعماك وجود 255
قالوا جفاه أبدا 191
قتل الملوك الأقوام 55
قد آذن القداح 254
قد أجاب مغلوب 217
قد تركت نسيم 145
قد جاءك فاها 169
قد ذقت ضروب 140
قد راضه بالجماح 254
قدر الله وروده 214
قد علّمته فتقوّما 252
قد قلت المنير 129
قد وصل والصدود 255
قريب بمحتلّ فيجيد 201
قطب عليه المدار دبّر 172
قل للإمام مردود 75
(ك)
كاتب حاسب النصّاح 78
كاد الوشاة وتهجينا 174
كأن لم يكن سائر 86
كأنهم في للدول 139
كذاك من الخطوب 141
كذلك الله الجنّه 194
كشفت سماء ينطور 203
كفاية الله تغنينا 174
كلام أمير المؤمنين. ناصر 161
كن لي شفيعا مزيد 253
(ل)
لا أشتم ما بقيت 70
لا أظأر نهكا 156
لا بد للقدر بعدا 192
لا تسأموا تحظر 193
لا تغبطنّ وسلطان 132
لا تله عني الكبر 209
لا تهنّي بعد منتزعه 251
لا زلت الصفاح 254
لا شيء أعظم زللي 94(1/286)
لا متع الله إدبار 186
لئن جلّ يدا 95
لا وحشة للوعيد بالوعود 255
لا يذوق النوم الثماد ح 238
لا يهنأ الشامت الخطر 208
لباك كل السرور 129
حلية كثة الرياح 80
لحية كثة المصباح 79
لست بالضخم الدحداح 79
لست بالناسك الوقاح 79
لعمر الليالي النبل 209
لم أدر صارع 94
لم أكن أحسب صفاء 97
لمبشري برضاك الدما 14، 252
لمظته قوته شبع 137
لم يزل البيت أبصر 172
لم يكن فيك الدحداح 79
له قلما بؤس درور 102
لو أنه يجد أكرما 252
لو جبل الدهر اكتساح 254
لو دعاني الأمير الصياح 78
ليس يشفيه كفن 160
لين سجايا الرياح 254
(م)
مآثر كانت المفاخر 43ط 160
ما أحسن العفو ناصر 108
ما إن عصيتك طائع 94
ماذا أقول فعلاته 61
ما الذي ترقبه مرتهن 159
ما على ذا كنا الإخاء 97
ما غرة العيد عيدي 256
ما فرح الناس واستوزر 171
ما قدر الله يمكنه 186
ما الناس انقلبوا 186
ما لنا في وطء نصيب 217
ما لي أرى الأسواق 248
ما لي براح خلود 253
ما مرّ بؤس نصيب 140
ما مسّني الأمير ح 47
متى يتكلم بيان 214
متهافتا متراميا متحرّما 252
مضت لي يغفر 69
مقالة أن قد رائع 180
مقيم بمستنّ وعونها 93
من صادر وما كروه 163
من الناس قضياني 139
من لم يؤدبه صلاحه 87
من لم يذق وجدا 192
من مجّه فوك فمكا 156
مولاي دامت أعود 253
مولاي رحماك مسترحما 252
مولاي عبدك وخيّما 252
(ن)
نبهت بالعفو خمود 255
نحن في حالة الخطوب 217
ندمي على يتندّما 15، 252
النذل يلحف الثرى 112
نشدت بحق والعرب 81
نرى الشيء أكبر 173
نصيبي من يسعد 257(1/287)
نعم المعين داود 75
نفى الذم وجود 202
نمى بك طاهر 160
نهكت مالك جسيم 145
نوائب الدهر الأريب 140
(هـ)
هارون السادات 137
هبني أسأت طولا 245
هبني لجاريتي الملك 170
هذا افتتاح وافتتاح 254
هذا سليمان سموكا 141
هذا ظهوري الهمود 255
هل الرياح والقمر 208
همام أراه يسود 202
همام كفاني ومقعد 257
هي النعل الحسل 209
هي النفس المطالب 92
هيهات يصحو مغرما 253
(و)
والامير الفتح وعني 160
وابتهج الملك يبصر 172
وأبو عمران بالإحن 160
وأجفى على نظمي الفصل 209
وأحمد بن خصيب السبل 139
وإخلاصي به جهول 256
وإخوان تخذتهم للأعادي 212
وأسقيته من يتمطّق 203
واعلم بأن مفخر 192
وأعمى عين وثاقه 216
وافى ابن عيسى أهونه 186
والله ما خنتك أكني 153
والله ما ندري نتطلّب 248
والله يعلم باخع 94
وأملت بالشكر تتزيد 256
وأنت غدا شمس 88
وأنت منهم تقلع 152
وإن جرت نعني 231
وإن ذكر الجعدي ظالم 104
وانقضى سجن يعقوب 217
وإن كان بين أجنح 95
وإن عبوسن والطلاقه 216
وإنك لم يفخر مغلّب ح 207
وإنك لن ترى الهوان 213
وإن يثبّط القدر 208
وإن يكن الفعل ألوف 206
وإني لتهاني عقلي 209
وأي فتى للعتاقه 216
وأيهما أولى وجب 81
وبضمّر الأقلام الضمّر 192
وبالمرجوّ إن مذاقه 215
وتحت ثياب الجوانب 92
وتحدث الأكفاء نخلاته 61
وتخبر من صائم 104
وتنصّف الدنيا دكيكا 141
وجاحدوه الحقوق ناظروه 163
وجثا يقبّل مترنما 253
وجعلت عتبك عذري 93
وحسبك حسرة عدوّ 153
وحسبك من راحمينا 207
وحسن إسجاح انسياج 254
وخلّ يسلّيني المتيّم 216(1/288)
ووادي موقوف توهمي 216
ودون هذا أحدا 192
وذكرني بيتا الشعر 169
وربّتما عابه الكفل 212
وردت رياض مغدق 203
وشفّع نجله وصول 256
وشفى ذو الجلال أيوب 217
وصديق تراه شفيقا 161
وصرّح بالبقيا ومورد 257
وطيب عيش نملّاها 168
وظائف ما والغد 257
وعبيد الله لا يني 160
وعسى رضى الأغبر 193
وعنّ له غزال صوف 204
والعيش حلو فان 132
وعين محيط وبعيدها 93
وغير بدع العبيد 255
وفضل نمير الأفقا 222
وفيك صاحبت خلقوا 198
وقالوا قد فساد ح 212
وقالوا قد ودادي 212
وقد كنت صدري 169
وكانت هوى مؤدّ 257
وكأن الكبل خطيب 217
وكلّكم قد نال صاحبه 83
وكم قبحت الجميل 256
وكم لك مثلي يعتق 203
وكنت أخي عوانا 147
وكنت إذا النوائب 92
وكنت أعدّك الأمانا 147
وكنت إليك الزمانا 147
ولقد تحفظ ونمنما 252
ولقد ضربنا ينسب 248
ولقد علمت بالمنى 112
وللحظ لحظ وأرمد 257
وللموت خير هوان 214
ولّيت أربعة محتبل 139
ولم أجد للحياة وجودي 255
ولم أسبلت العشقا 221
ولم أستثر الرسل 209
ولم تلفه ذلّه 148
ولما تولت مآلها 172
ولم يثن عن ثائب 92
ولم يك لي ناقه 216
ولو أنني أسطيع الجهل 209
ولو شئت آخرونا 69
ولو نيط من ينالها 172
ولي حاجة آخر 161
ولي حرمة شهيد 202
وليس كبان تهدّما 249
وليس يبالي مسلما 91، 102
وما بي إلا بريد 201
وما ضرّه رشيد 201
وما لي إلا آل مشعب 66
وما لي ذنب والغد 163
وما المهذب إلا ومعتمدا 192
ومتى أطعتك أخاكا 146
ومثل ما راح باكروه 163
ومفسد أمر أفسدا 95
ومنتزح عما وحاجبي 93(1/289)
ومن عجب كاتبه 170
ومن يك فرعا وسؤدد 257
وناد بيا يحيى وتعظم 216
وناس لفنّي سباقه 216
ونثري عليك ينثر 69
ونحن الكاتبون الكاتبينا 68
وهمت فيها انتزاع 254
ويكاد من يرقى الابهر 193
ويوم أتتني يسجد 256
(ي)
يا بن حمدون جني 159
يا بن المدبر عثار 158
يا يؤس قلبك بلاياها 168
يا خير من طامع 93
يا طول بؤسي منعما 252
يا غزير الندى البطاح 77
يا قمر الأرض يزهر 171
يا للرزايا لقد بالغمر 208
يا مبدثا في المعيد 255
يا ملكا أملك عني 153
يا ملكا يزدهي عمّر 171
يأوي إليه صرصر 193
يخاله الظمآن. ينقع 152
يديرونني عن سالم 62
يربّ الذي وتّمما 249
يستنجد النجدة بأسه 204
يصاب الفتى لا يدري 169
يعظّمون أخا وثبوا 186
يكفيك من غير مروان 132
يناجيك عما عسير 103(1/290)
4 - فهرس القوافي
(ء)
الإخاء: العتابي: الخفيف: 97
صفاء: العتابي: الخفيف: 97
الوفاء: العتابي: الخفيف: 97
بدء:؟: الطويل: 249
غلوائكا: ابراهيم الصولي: الطويل: 149
كرجائكا: ابراهيم الصولي: الطويل: 149
(ا)
بالمنى:؟: الكامل: 112
القضا:؟: الكامل: 112
الثرى:؟: الكامل: 112
(ب)
مشعب: الكميت: الطويل: 65
يتذبذب: النابغة: الطويل: 116
كوكب: النابغة: الطويل: 116
الأريب: سليمان بن وهب: مخلّع: البسيط: 140
ضروب: سليمان بن وهب: مخلّع: البسيط: 140
نصيب: سليمان بن وهب: مخلّع: البسيط: 140
الخطوب: سليمان بن وهب: مخلّع: البسيط: 141
انقلبوا:؟: البسيط: 186
وثبوا:؟: البسيط: 186
الخطوب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
نصيب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
دبيب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
خطيب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
يصيب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
المجيب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
مغلوب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
أيوب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
يعقوب: عبد الملك الحجاري: الخفيف: 217
نتطلب:؟: الكامل: 248
ينسب:؟: الكامل: 248
نذهب:؟: الكامل: 248
صاحبه: بشر بن المهلب: الطويل: 83
صابا:؟: الوافر: 181
أثابا:؟: الوافر: 181
معاقب: العتابي: الطويل: 92
النوائب: العتابي: الطويل: 92
المشارب: العتابي: الطويل: 92
المشارب: العتابي: الطويل: 92
ناضب: العتابي: الطويل: 92
ثائب: العتابي: الطويل: 92(1/291)
المطالب: العتابي: الطويل: 92
الجوانب: العتابي: الطويل: 92
المخالب: العتابي: الطويل: 92
بالمواهب: العتابي: الطويل: 92
مناقبي: العتابي: الطويل: 92
قاضب: العتابي: الطويل: 93
حاجبي: العتابي: الطويل: 93
مغلّب: العتابي: الطويل: ح 207
القشب: أبو تمام: البسيط: 224
الرّحب: أبو تمام: البسيط: ح 233
عائبه: البحتري: المتقارب: 170
كاتبه: البحتري: المتقارب: 170
والعرب: أبان اللاحقي: الطويل: 81
النسب: أبان اللاحقي: الطويل: 81
وجب: أبان اللاحقي: الطويل: 81
سبب: أبان اللاحقي: الطويل: 81
حجب: أبان اللاحقي: الطويل: 81
(ت)
شقيت:؟: مخلّع البسيط: 70
بقيت:؟: مخلّع البسيط: 70
وطيت:؟: مخلّع البسيط: 70
مولاته: ابن حطان: الكامل: 61
جهلاته: ابن حطان: الكامل: 61
فعلاته: ابن حطان: الكامل: 61
نخلاته: ابن حطان: الكامل: 61
ولاته: ابن حطان: الكامل: 61
آلاته: ابن حطان: الكامل: 61
السادات: علي بن الجهم: شطور الرجز: 137
(ج)
أوضح: ابن عمار: الطويل: 95
أجنح: ابن عمار: الطويل: 95
صلاحه:؟: مجزوء الكامل: 87
البطاح: أبان اللاحقي: الخفيف: 77
نجاحي: أبان اللاحقي: الخفيف: 77
مفتاحي: أبان اللاحقي: الخفيف: 78
أرباح: أبان اللاحقي: الخفيف: 78
النضّاح: أبان اللاحقي: الخفيف: 78
الجناح: أبان اللاحقي: الخفيف: 78
الصيّاح: أبان اللاحقي: الخفيف: 78
الدحداح: أبان اللاحقي: الخفيف: 79
المصباح: أبان اللاحقي: الخفيف: 79
الوقاح: أبان اللاحقي: الخفيف: 79
الصيّاح: أبو نواس: الخفيف: 79
الدحداح: أبو نواس: الخفيف: 79
الرياح: أبو نواس: الخفيف: 80
الجحجاح: أبو نواس: الخفيف: 80
المزاح: أبو نواس: الخفيف: 80
الجناح: ابن الأبار: السريع: 254
القداح: ابن الأبار: السريع: 254
افتتاح: ابن الأبار: السريع: 254
السماح: ابن الأبار: السريع: 254
الرياح: ابن الأبار: السريع: 254
انسياح: ابن الأبار: السريع: 254(1/292)
اكتساح: ابن الأبار: السريع: 254
طماح: ابن الأبار: السريع: 254
بالجماح: ابن الأبار: السريع: 254
الجناح: ابن الأبار: السريع: 254
صراح: ابن الأبار: السريع: 254
براح: ابن الأبار: السريع: 254
انتزاح: ابن الأبار: السريع: 254
الصفاح: ابن الأبار: السريع: 254
(د)
فيجيد: ابن شهيد: الطويل: 201
حسود: ابن شهيد: الطويل: 201
رشيد: ابن شهيد: الطويل: 201
جيد: ابن شهيد: الطويل: 201
بريد: ابن شهيد: الطويل: 201
فأزيد: ابن شهيد: الطويل: 201
سعيد: ابن شهيد: الطويل: 202
يعود: ابن شهيد: الطويل: 202
يسود: ابن شهيد: الطويل: 202
وجود: ابن شهيد: الطويل: 202
وشهود: ابن شهيد: الطويل: 202
عديد: ابن شهيد: الطويل: 202
ورود: ابن شهيد: الطويل: 202
شهيد: ابن شهيد: الطويل: 202
برود: ابن شهيد: الطويل: 202
عقود: ابن شهيد: الطويل: 202
أعود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 253
خلود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 253
مزيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 253
العبيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 253
وأحمد: ابن الأبار: الطويل: 256
يسجد: ابن الأبار: الطويل: 256
تتزيد: ابن الأبار: الطويل: 256
والغد: ابن الأبار: الطويل: 257
ومقعد: ابن الأبار: الطويل: 257
ولا يد: ابن الأبار: الطويل: 257
وسؤدد: ابن الأبار: الطويل: 257
وأبعد: ابن الأبار: الطويل: 257
يسعد: ابن الأبار: الطويل: 257
وأرمد: ابن الأبار: الطويل: 257
مصرّد: ابن الأبار: الطويل: 257
مورد: ابن الأبار: الطويل: 257
مؤيد: ابن الأبار: الطويل: 257
محمد: ابن الأبار: الطويل: 257
عودها: العتابي: الطويل: 93
بعيدها: العتابي: الطويل: 93
وروده:؟: مجزوء الخفيف: 214
تريده:؟: مجزوء الخفيف: 214
أبعدا: علي بن الجهم: المتقارب: 94
يدا: علي بن الجهم: المتقارب: 95
هدى: علي بن الجهم: المتقارب: 95
أفسدا: علي بن الجهم: المتقارب: 95
الردى: علي بن الجهم: المتقارب: 95
أبدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 191(1/293)
رشدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 191
عددا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
الفردا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
ومعتمدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
وجدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
أحدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
بعدا: عبد الملك الجزيري: البسيط: 192
الخلود: المتنبي: الخفيف: 14
مردود: سلم الخاسر: البسيط: 75
داود: سلم الخاسر: البسيط: 75
مخلد: أبو الجهم الكاتب: الطويل: 163
والغد: أبو الجهم الكاتب: الطويل: 163
للأعادي: محمود بن علي بن أبي الرجال: الوافر: 212
فؤادي: محمود بن علي بن أبي الرجال: الوافر: 212
ودادي: محمود بن علي بن أبي الرجال: الوافر: 212
فساد: محمود بن علي بن أبي الرجال: الوافر: ح 212
الثماد:؟: المديد: ح 238
وجود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
وجودي: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
والصدود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
ضعود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
خمود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
الهمود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
بالوعود: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
المعيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
الحميد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
العميد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
العبيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
مزيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
السعيد: ابن الأبار: مخلع البسيط: 255
عيدي: ابن الأبار: مخلع البسيط: 256
(ر)
نزور: العباس بن مرداس: الوافر: ح 45
حضّر: أبو نواس: الطويل: 69
ينثر: أبو نواس: الطويل: 69
يغفر: أبو نواس: الطويل: 69
أكبر: أبو نواس: الطويل: 69
سامر:؟: الطويل: 86
العواثر:؟: الطويل: 86
عثور:؟: الطويل: 99
أمور:؟: الطويل: 99
تطير:؟: الطويل: 102
درور:؟: الطويل: 102
عسير:؟: الطويل: 103
المنير: المعذّل؟: مجزوء الكامل: 129
الضمير: المعذّل؟: مجزوء الكامل: 129
أحير: المعذّل؟: مجزوء الكامل: 129
السرور: المعذّل؟: مجزوء الكامل: 129
أطير: المعذّل؟: مجزوء الكامل: 129
المعاذر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160
المصادر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160
طاهر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160
الأكابر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160
المفاخر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160
الهواصر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 160(1/294)
المنابر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 161
مخاصر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 161
آخر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 161
ناصر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 161
شاكر: ابراهيم بن المدبر: الطويل: 161
أكبر:؟: الطويل: 173
نار:؟: البسيط: 186
إدبار:؟: البسيط: 186
صريرها: سليمان بن وهب: الطويل: 44
أمورها: سليمان بن وهب: الطويل: 44
نثيرها: سليمان بن وهب: الطويل: 44
نورها: سليمان بن وهب: الطويل: 44
سطورها: سليمان بن وهب: الطويل: 44
وماكروه: الحسن بن مخلد: مخلع البسيط: 163
ناظروه: الحسن بن مخلد: مخلع البسيط: 163
باكروه: الحسن بن مخلد: مخلع البسيط: 163
الأجر:؟: الطويل: 75
الدهر: العتابي: الكامل: 93
شكري: العتابي: الكامل: 93
عذري: العتابي: الكامل: 93
ما تدري: أبو نواس: الطويل: 103
الأمر: أبو نواس: الطويل: 103
صخر: أبو نواس: الطويل: 103
ناصر:؟: السريع: 108
غافر:؟: السريع: 108
بالآخر:؟: السريع: 108
عثار: هاشمي؟: الكامل: 158
أشعاري: هاشمي؟: الكامل: 159
يجري: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
يدري: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
صدري: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
الذكر: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
تسري: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
الشعر: عيسى بن الفاسي: الطويل: 169
عمرو: عيسى بن الفاسي: الطويل: 170
تذكر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 192
مفخر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 192
بالدفتر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 192
الضمّر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 192
معمر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 192
صرصر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 193
الأبهر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 193
تحظر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 193
الأغبر: عبد الملك الجزيري: الكامل: 193
الأحرار:؟: الكامل: 200
بالغمر: ابن زيدون: البسيط: 208
الخطر: ابن زيدون: البسيط: 208
القمر: ابن زيدون: البسيط: 208
الذكر: ابن زيدون: البسيط: 208
القدر: ابن زيدون: البسيط: 208
الكبر: ابن زيدون: البسيط: 209
الأمير:؟: السريع: ح 47
عمّر: ابن عبد ربه: المنسرح: 171
يجهر: ابن عبد ربه: المنسرح: 171
يزهر: ابن عبد ربه: المنسرح: 171(1/295)
واستوزر: ابن عبد ربه: المنسرح: 171
يبصر: ابن عبد ربه: المنسرح: 172
دبّر: ابن عبد ربه: المنسرح: 172
أبصر: ابن عبد ربه: المنسرح: 172
(س)
درسا: ابن الأبار: البسيط: 11
أمس: أعشى همدان: الوافر: 88
شمس: أعشى همدان: الوافر: 88
الكاسي: الخطيئة: البسيط: 200
كالياس: الخطيئة: البسيط: 213
بأمراسه: أبو القاسم بن المغربي: السريع: 204
رأسه: أبو القاسم بن المغربي: السريع: 204
بأسه: أبو القاسم بن المغربي: السريع: 204
(ض)
ماض: ابن الأبار: الوافر: 17
براض: ابن الأبار: الوافر: 17
(ع)
واسع: النابغة: الطويل: 84
رائع: النابغة: الطويل: 178
متسع: ابراهيم الصولي: المنسرح: 137
تقع: ابراهيم الصولي: المنسرح: 137
شبع: ابراهيم الصولي: المنسرح: 137
يلمع:؟: السريع: 152
ينقع:؟: السريع: 152
تقلع:؟: السريع: 152
منتزعه:؟: الرمل: 251
طامع: ابراهيم بن المهدي: الكامل: 93
صارع: ابراهيم بن المهدي: الكامل: 94
باخع: ابراهيم بن المهدي: الكامل: 94
طائع: إبراهيم بن المهدي: الكامل: 94
(ف)
ألوف:؟: الطويل: 206
خليفه: ابن الأبار: المجتث: 18
والشفوف: أبو القاسم بن المغربي: الوافر: 204
صوف: أبو القاسم بن المغربي: الوافر: 204
الصروف: أبو القاسم بن المغربي: الوافر: 204
(ق)
مائق: أبو نواس: الطويل: 103
منافق: أبو نواس: الطويل: 103
سارق: أبو نواس: الطويل: 103
توافق: أبو نواس: الطويل: 103
لاحق: أبو نواس: الطويل: 103
خلقوا:؟: البسيط: 198
أولق: ابن شهيد: الطويل: 202
خندق: ابن شهيد: الطويل: 202
يعبق: ابن شهيد: الطويل: 203
المخنّق: ابن شهيد: الطويل: 203
يتمطّق: ابن شهيد: الطويل: 203
يعتق: ابن شهيد: الطويل: 203
ينطق: ابن شهيد: الطويل: 203
مغدق: ابن شهيد: الطويل: 203
معرق: ابن شهيد: الطويل: 203
يتمطق: الأعشى: الطويل: ح 203
شفيقا: إبراهيم بن المدبر: الخفيف: 161
السحيقا: إبراهيم بن المدبر: الخفيف: 161
خفقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 221
العشقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 221(1/296)
العشقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 221
فرقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 222
الورقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 222
أنقى: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 222
الأفقا: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 222
تبقى: ابن الوكيل اليابري: الطويل: 222
زعاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 215
مذاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 215
سباقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
ناقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
أذاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
وثاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
محاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
والطلاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
راقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
للعتاقه: عبد الملك الحجاري: الوافر: 216
أمزّق: الممزّق العبدي: الطويل: ح 207
الأسواق:؟: الكامل: 248
الآفاق:؟: الكامل: 248
العشاق:؟: الكامل: 248
(ك)
الملك: عيسى الفاسي: البسيط: 170
التكك: عيسى الفاسي: البسيط: 171
سموكا: البحتري: الكامل: ح 141
دكيكا: البحتري: الكامل: ح 141
مأفوكا: البحتري: الكامل: ح 141
سواكا: ابن الزيات: مجزوء الكامل: 146
أحاكا: ابن الزيات: مجزوء الكامل: 146
لذاكا: ابن الزيات: مجزوء الكامل: 146
نهكا: ابن الزيات: مجزوء الكامل: 146
فمكا: ابن الزيات: مجزوء الكامل: 146
(ل)
الأزل: عثمان بن عمارة: الطويل: 162
الفضل: عثمان بن عمارة: الطويل: 162
أهل: عثمان بن عمارة: الطويل: 162
سول: ابن الأبار: الوافر: 256
وصول: ابن الأبار: الوافر: 256
جزيل: ابن الأبار: الوافر: 256
أقول: ابن الأبار: الوافر: 256
الجميل: ابن الأبار: الوافر: 256
الأثيل: ابن الأبار: الوافر: 256
جهول: ابن الأبار: الوافر: 256
الرحيل: ابن الأبار: الوافر: 256
باطله:؟: الطويل: 113
والعذالا: إبراهيم الصولي: الخفيف: 150
الهلالا: إبراهيم الصولي: الخفيف: 150
ترحلا: ابن الأبار؟: الطويل: 232
أولا: ابن الأبار؟: الطويل: 232
غلا: ابن الأبار؟: الطويل: 232
فلالا: المتنبي: الخفيف: 243
المبذولا: إبراهيم بن سيابة: الكامل: 245
المأمولا: إبراهيم بن سيابة: الكامل: 245
طولا: إبراهيم بن سيابة: الكامل: 245
فمن لها: الحسن بن وهب: الكامل: 140
ولعلها: الحسن بن وهب: الكامل: 140
وهلالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172(1/297)
زوالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
فأقالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
ظلالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
أزالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
مآلها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
خلالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
طقالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
ينالها: ابن عبد ربه: الطويل: 172
زللي: إسحق الموصلي: البسيط: 94
أملي: إسحق الموصلي: البسيط: 94
النبل: ابن زيدون: الطويل: 209
عطل: ابن زيدون: الطويل: 209
دخل: ابن زيدون: الطويل: 209
الفصل: ابن زيدون: الطويل: 209
الجهل: ابن زيدون: الطويل: 209
سهل: ابن زيدون: الطويل: 209
الهدل: ابن زيدون: الطويل: 209
الخصل: ابن زيدون: الطويل: 209
الشكل: ابن زيدون: الطويل: 209
خذلي: ابن زيدون: الطويل: 209
الرسل: ابن زيدون: الطويل: 209
عقلي: ابن زيدون: الطويل: 209
الحسل: ابن زيدون: الطويل: 209
الوصل: ابن زيدون: الطويل: 210
الأسل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 211
عمل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 211
البدل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 211
الحمل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 212
الكفل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 212
المقل: ابن شرف القيرواني: البسيط: 212
محتبل: ابن الزيات: البسيط: 139
للدول: ابن الزيات: البسيط: 139
للأمل: ابن الزيات: البسيط: 139
السبل: ابن الزيات: البسيط: 139
الزلل: ابن الزيات: البسيط: 139
القلل: ابن الزيات: البسيط: 139
حمله: ابن الزيات: المتقارب: 148
ذلّه: ابن الزيات: المتقارب: 148
جهله: ابن الزيات: المتقارب: 148
(م)
سالم: أبو الأسود الدؤلي: الطويل: 62
نسيم: عبد الصمد بن المعذّل: الخفيف: 145
جسيم: عبد الصمد بن المعذّل: الخفيف: 145
مجرما: الحسن بن رجاء: الطويل: 91، 102
مسلما: الحسن بن رجاء: الطويل: 91، 102
أنجما: البحتري: الطويل: 207
وتمّما:؟: الطويل: 249
تهدّما:؟: الطويل: 249
الدما: ابن الأبار: الكامل: 14، 252
يعدما: ابن الأبار: الكامل: 252
أعظما: ابن الأبار: الكامل: 252
يتندّما: ابن الأبار: الكامل: 15، 252
منعما: ابن الأبار: الكامل: 252
مسترحما: ابن الأبار: الكامل: 252
العمى: ابن الأبار: الكامل: 252
توهما: ابن الأبار: الكامل: 252
نمنما: ابن الأبار: الكامل: 252(1/298)
خيما: ابن الأبار: الكامل: 252
أكرما: ابن الأبار: الكامل: 252
الحمى: ابن الأبار: الكامل: 252
متحرّما: ابن الأبار: الكامل: 252
فتقوّما: ابن الأبار: الكامل: 252
مغرما: ابن الأبار: الكامل: 253
متبسّما: ابن الأبار: الكامل: 253
مترنما: ابن الأبار: الكامل: 253
معلما: ابن الأبار: الكامل: 253
عمّه: ابن الأبار: السريع: ح 18
الصوارم: ابن الأبار: الطويل: 10
الأقوام: المهلهل: الكامل: 55
لازم: أبو نواس: الطويل: 104
هاشم: أبو نواس: الطويل: 104
ظالم: أبو نواس: الطويل: 104
صائم: أبو نواس: الطويل: 104
بنائم: أبو نواس: الطويل: 104
الجسيم: أحمد بن المدبر: الوافر: 158
الكريم: أحمد بن المدبر: الوافر: 158
المتيّم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
توهمي: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
أيّم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
المسلّم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
مخيّم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
المتغنّم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
تعظم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 216
أرقم: عبد الملك الحجاري: الطويل: 217
(ن)
أمينها: العتابي: الطويل: 93
عونها: العتابي: الطويل: 93
أهونه: علي بن بسّام: المنسرح: 186
يمكنه: علي بن بسّام: المنسرح: 186
المؤمنينا:؟: الوافر: 68
للعالمينا:؟: الوافر: 68
الكاتبينا:؟: الوافر: 68
المؤمنينا: أبو نواس: الوافر: 68
العالمينا: أبو نواس: الوافر: 68
أخونا: أبو نواس: الوافر: 68
حصينا: أبو نواس: الوافر: 69
يترمرمونا: أبو نواس: الوافر: 69
لقاطعينا: أبو نواس: الوافر: 69
آخرونا: أبو نواس: الوافر: 69
دينا: أبو نواس: الوافر: 69
يهونا: أبو نواس: الوافر: 69
هارونا: يوسف بن الحجاج: الهزج: 76
الدينا: يوسف بن الحجاج: الهزج: 76
مقرونا: يوسف بن الحجاج: الهزج: 76
الآدميّونا: يوسف بن الحجاج: الهزج: 76
عوانا: ابراهيم الصولي: المتقارب: 147
الزمانا: ابراهيم الصولي: المتقارب: 147
الأمانا: ابراهيم الصولي: المتقارب: 147
تغنينا: عبيد الله بن سليمان بن وهب: البسيط: 174
تهجينا: عبيد الله بن سليمان بن وهب: البسيط: 174
يكفينا: عبيد الله بن سليمان بن وهب: البسيط: 175(1/299)
راحمينا: العتبي: المتقارب: 207
قرآنا: حسّان: البسيط: ح 206
آمينا:؟: البسيط: 224
منّه: عبد الملك الجزيري: السريع: 194
الجنّه: عبد الملك الجزيري: السريع: 194
أبان: أبو نواس: المجتث: 81
خاقان: الحسين بن الضحاك: البسيط: ح 131
وسلطان: الحسين بن الضحاك: البسيط: 132
مروان: الحسين بن الضحاك: البسيط: 132
إحسان: الحسين بن الضحاك: البسيط: 132
فان: الحسين بن الضحاك: البسيط: 132
قضياني: المخبّل: الطويل: 139
تسلاني: المخبّل: الطويل: 139
غرقان: المخبّل: الطويل: 140
بالهملان: المخبّل: الطويل: 140
عنّي:؟: السريع: 153
أكني:؟: السريع: 153
مني:؟: السريع: 153
جني: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 159
مرتهن: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 159
بالإحن: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
لايني: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
كفن: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
عني: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
حزني: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
يظفرني: إبراهيم بن المدبر: الرمل: 160
والمنن: نجاح بن سلمة: المنسرح: 163
حسن: نجاح بن سلمة: المنسرح: 164
الهوان:؟: الوافر: 213
هوان:؟: الطويل: 214
بيان:؟: الطويل: 214
نثني: أبو نواس: الطويل: 231
نعني: أبو نواس: الطويل: 231
منه: ابراهيم بن المهدي: المجتث: 94
عنه: إبراهيم بن المهدي: المجتث: 94
فكنه: إبراهيم بن المهدي: المجتث: 94
(هـ)
سواها: عباس بن مرداس: الوافر: 90
أهواها: الحسن بن رجاء: البسيط: 168
تقاضاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 168
بلاياها: الحسن بن رجاء: البسيط: 168
نملّاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 168
فعاصاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 168
أوّاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 169
فاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 169
كأولاها: الحسن بن رجاء: البسيط: 169
(و)
دنوّ: أبو تمام: الوافر: 153
عدوّ: أبو تمام: الوافر: 153
(ي)
لديه: أبو العتاهية: الوافر: 73
عليه: أبو العتاهية: الوافر: 73
إليه: أبو العتاهية: الوافر: 73(1/300)
5 - فهرس الكتب والرسائل التي ذكرها إبن الأبّار في المتن
أخبار الدولة العامرية لابن حيان 28، 196
الأخبار المنثورة للصولي 28، 167
الأمالي لأبي علي القالي البغدادي 63، 129، 249
تاريخ ابن خيثمة 53
تاريخ فتوحات صلاح الدين الشامية للعماد الأصفهاني 226
الذخيرة لابن بسام 199، 218
رسائل باح الأصفهاني 148
الرسالة الغريبة في تأخير النيروز لابراهيم الصولي 151
رسالة في الرد عل على اليهود الخيابرة لأبي القاسم بن المغربي 204
رسالة في صفة السجن والمسجون لعبد الملك بن غصن الحجاري 201، 215
رسالة في غزو بلاد الروم لأبي عبد الله محمد بن عياش 227
رسالة في قتل المعتضد العبّادي ابنه اسماعيل لأبي محمد بن عبد البر 217(1/301)
رسالة في الوعد والانجاز للجاحظ 66
زهر الآداب لأبي اسحق الحصري 61، 208
طبقات الخلفاء بالأندلس لسكن بن ابراهيم الكاتب 28، 44
طبقات النحويين للزبيدي 124
العقد الفريد لابن عبد ربه 52
الكامل للمبرد 55، 63
كليلة ودمنة شعرا لأبان اللاحقي 82
المعالم لأبي سليمان الخطابي 70
المعرب عن المغرب 84، 106
المقتبس من أنباء أهل الأندلس لابن حيان 171
الموطأ لمالك 65
النوادر لأبي علي القالي البغدادي الأمالي 129، 249
الورقة لمحمد بن داود الجراح 142
يتيمة الدهر لأبي منصور الثعالبي 170(1/302)
6 - فهرس الكتب والمراجع
ابن الأبار: حياته وكتبه لعبد العزيز عبد المجيد تطوان 1954
ابن الأثير: الكامل في التاريخ لابن الأثير ليدن 1871
ابن خلدون: تاريخه (القسم الأخير منه: كتاب تاريخ الدول الاسلامية بالمغرب) طبعة البارون دوسلان الجزائر 1847
ابن خلكان: وفيات الأعيان نشر محمد محيي الدين عبد الحميد مصر 1948
ابن عبدوس الوزراء والكتاب لابن عبدوس الجهشياري
الإحاطة في أخبار غرناطة للوزير لسان الدين بن الخطيب مصر 1319هـ
الأحكام السلطانية والولايات الدينية للماوردي المطبعة المحمودية التجارية بمصر بدون تاريخ
أخبار أبي تمام للصولي بتحقيق عساكر وعزام والهندي مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1937
أخبار البحتري للصولي بتحقيق صالح الأشتر مطبوعات مجمع اللغة
العربية بدمشق 1958طبعة أولى. وطبعة جديدة ثالثة في دار الأوزاعي.(1/303)
أخبار البحتري للصولي بتحقيق صالح الأشتر مطبوعات مجمع اللغة
العربية بدمشق 1958طبعة أولى. وطبعة جديدة ثالثة في دار الأوزاعي.
أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم لمحمد بن علي بن حماد نشره فوندرهيدن، الجزائر 1927
أخبار الوزراء لمحمد بن داود الجراح: انظر مقدمة كتاب الورقة ص 10، 16
أدب الدنيا والدين للماوردي طبعة الجوائب بالقسطنطينية 1299هـ
أدب الكاتب لابن قتيبة ليدن 1900
أدب الكتاب للصولي بتحقيق محمد بهجة الأثري مصر 1341هـ
أزهار الرياض في أخبار عياض القاهرة 19421939
إسعاف المبطأ برجال الموطأ المذكورين في سند الأحاديث التي رواها مالك لجلال الدين السيوطي مصر 1343هـ
الأعلام لخير الدين الزركلي: الطبعة الثانية في عشر مجلدات القاهرة 1959
الأغاني لابي الفرج الأصبهاني بولاق 1285هـ
الاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن السيد البطليوسي تصحيح عبد الله البستاني، بيروت 1901
الأمالي لأبي علي القالي مطبعة دار الكتب المصرية 1926
أمراء البيان لمحمد كرد علي مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة
1937(1/304)
أمراء البيان لمحمد كرد علي مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة
1937 - الأوراق قسم أخبار الشعراء للصولي، نشره هيورث دن مطبعة الصاوي بمصر 1934
بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس لأحمد بن يحيى الضبي نشره قديره، مدريد 1884
البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذاري المراكشي نشر الجزء الأول والثاني المستشرقان كولان وليفي بروفنسال ليدن: 1948، 1951، ونشر الجزء الثالث ليفي بروفنسال، باريس: 1950
البيان والتبيين للجاحظ نشره حسن السندوبي، الطبعة الثالثة، القاهرة 1947
تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان الطبعة الثالثة القاهرة: مطبعة الهلال 19371936
تاريخ الأدب العربي لبروكلمان
.:. 189819022
والملحق لتاريخ بروكلمان:
. 193719423،
تاريخ اسبانيا الاسلامية لليفي بروفنسال بالفرنسية طبعة جديدة باريس
1950(1/305)
تاريخ اسبانيا الاسلامية لليفي بروفنسال بالفرنسية طبعة جديدة باريس
1950 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي القاهرة 1931
تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للزركشي تونس 1289
تاريخ الوزراء للصابي تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء
تاريخ اليعقوبي نشره المستشرق هوتسما ليدن 1883
تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء لأبي الحسن الهلال بن المحسن الصابي بيروت 1904
تعليقات على بعض المخطوطات العربية لدوزي ليدن 18511847
التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار نشره قديرة مدريد 1889
(القسم الأول نشره ابن شنب وبل في الجزائر 1920)
ثمار القلوب للثعالبي القاهرة 1326هـ
الجامع الصغير للسيوطي طبعة حامد الفقى المطبعة التجارية الكبرى بمصر
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس الحميدي بتحقيق محمد بن تاويت الطنجي القاهرة 1952
الحلة السيراء في أشعار الأمراء (قطعة منها نشرها دوزي في كتاب «تعليقات على بعض» ليدن 18511847) وقطعة أخرى نشرها موللر سنة 1866(1/306)
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصفهاني مصر 1935
الحماسة لأبي تمام نشر محمد سعيد الرافعي، الطبعة الثالثة مصر 1927
الحميري صفة جزيرة الأندلس نشر ليفي بروفنسال، القاهرة 1937
الخلفاء للحارث بن أبي أسامة انظر ابن عبدوس الجهشياري: 136
الديارات للشابشتي تحقيق كوركيس عواد، بغداد 1951
ديوان ابراهيم بن العباس الصولي الطرائف الأدبية
ديوان ابن زيدون نشر كامل كيلاني وعبد الرحمن خليفة مصر 1927
ديوان أبي تمام نشره محيي الدين الخياط: القاهرة
ديوان أبي العتاهية نشر لويس شيخو، بيروت 1914
ديوان أبي نواس نشر أحمد عبد المجيد الغزالي، القاهرة 1953
ديوان الأعشى نشره المستشرق ر. جاير، فيينا
ديوان البحتري مطبعة الجوائب بالقسطنطينية 1300هـ
ديوان الحطيئة نشره كولد زيهر، لييزج 1893
ديوان علي بن الجهم نشره خليل مردم بك: مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1949
ديوان المتنبي (بشرح العكبري) تحقيق مصطفى السقا وغيره القاهرة 1936
ديوان النابغة الذبياني نشر هارتويغ ديرانبورغ، باريس 1869(1/307)
ديوان الوزير محمد بن عبد الملك الزيات نشر جميل سعيد، مصر 1949
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر: 19451939
الرسالة الجدية لابن زيدون: انظر الذخيرة: القسم الأول المجلد الأول: 293292
الرسالة العذراء لابراهيم بن المدبر تحقيق زكي مبارك مطبعة دار الكتب المصرية 1931
رغبة الآمل من كتاب الكامل لسيد بن علي المرصفي: مصر 1928 1930
زهر الآداب للحصري: (بولاق على هامش كتاب العقد الفريد) وزهر الآداب (طبعة زكي مبارك) الطبعة الثانية مصر (بدون تاريخ)
سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون لابن نباتة، مصر 1278هـ
شعر دعبل بن علي الخزاعي: صنعة عبد الكريم الأشتر مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق: 1964
صلة التكملة للحسيني (مخطوط) انظر الأعلام: 10/ 209.
الصلة في تاريخ أئمة الأندلس لابن بشكوال نشر قديرة، مدريد 1882
الطبري تاريخ الرسل والملوك، ليدن 18841879
طبقات الشعراء في مدح الخلفاء والوزراء لعبد الله بن المعتز نشره عباس إقبال(1/308)
سلسلة جب التذكارية، لندن 1939
طبقات فحول الشعراء لابن سلام بتحقيق محمود محمد شاكر: سلسلة ذخائر العرب القاهرة 1952
طبقات النحويين واللغويين للزبيدي تحقيق محمد أبي الفضل ابراهيم القاهرة 1954
الطرائف الأدبية مجموعة من الشعر بتحقيق عبد العزيز الميمني، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر مصر 1937
العقد الفريد لابن عبد ربه نشر محمد سعيد العريان مصر 1947
العمدة لابن رشيق نشر محمد محيي الدين عبد الحميد مصر 1934
عنوان الدراية للغبريني الجزائر 1328هـ
الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة لابن سعيد الأندلسي تحقيق ابراهيم الإبياري، سلسلة ذخائر العرب رقم 14
الفتح القسّي في الفتح القدسي لعماد الدين الأصفهاني نشره الكونت كارلودو لندبرغ ليدن 1888
الفخري في الأداب السلطانية لابن الطقطقي مصر 1927
الفرج بعد الشدة لأبي علي المحسن التنوخي مطبعة الهلال بمصر 1903
الفلاكة والمفلوكون لأحمد بن علي الدلجي مصر 1322هـ
الفهرست لابن النديم نشره فلوجل ليبزج 1871(1/309)
فهرس مخطوطات الرباط، للمستشرق ليفي بروفنسال باريس 1921 ()
فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد مصر
القرآن الكريم
قلائد العقيان للفتح بن خاقان تحقيق سليمان الحرايري:
باريس 1277هـ
القلقشندي: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب بتحقيق ابراهيم الابياري القاهرة 1959
الكامل في اللغة والأدب والنحو والتصريف للمبرد نشره زكي مبارك وأحمد محمد شاكر مصر 19371936
المآثر العامرية لابن حيان: انظر المعجب للمراكشي: ص 26
مجلة الكاتب المصري مجلد: 7عدد 28، يناير 1948
مجموعة رسائل للجاحظ مصر (محمد الساسي التونسي) 1324هـ
مجموع رسائل الجاحظ نشر باول كراوس ومحمد طه الحاجري مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر مصر 1943
مجموع رسائل موحدية من إنشاء كتّاب الدولة المؤمنية نشر المستشرق ليفي بروفنسال رباط الفتح 1941(1/310)
مروج الذهب للمسعودي نشره دومينار ودوكورتل: باريس 1861
المستجاد من فعلات الأجواد للمحسّن التنوخي نشره محمد كرد علي مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1946
المطمح مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس:
للفتح بن خاقان مطبعة الجوائب بالقسطنطينية 1302هـ
معالم السنن لأبي سليمان الخطابي طبعه محمد راغب الطباخ: حلب 1932
معاني القرآن لعلي بن عيسى الجراح: الأعلام: 5/ 133
المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي بتحقيق محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي مصر 1949
معجم الأدباء لياقوت طبعة دار المأمون: مصر 19381936
معجم البلدان لياقوت بيروت 1955
معجم الشعراء للمرزباني نشره كرنكو، القاهرة 1354هـ
المعجم في أصحاب القاضي الصفدي لابن الأبار نشر قديره، مدريد 1886
المعرب عن المغرب لأبي هلال العسكري (مخطوطة) انظر ملحق تاريخ الأدب العربي لبروكلمان: 1/ 194
المعلمة الاسلامية () ليدن 19381913(1/311)
المقتبس في تاريخ رجال الأندلس لابن حيان القسم الثالث نشره الأب ملشورم. انطونية، باريس 1937
المقتضب من كتاب تحفة القادم للبلفيقي طبعه ألفريد بستاني في مجلة المشرق فصلة من المجلة بدون تاريخ
المقري نفح الطيب
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي حيدر آباد الدكن 1357هـ
الموازنة بين أبي تمام والبحتري للآمدي: طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة 1944.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للمحسّن التنوخي الجزء الثامن، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1930
نفح الطيب للمقري نشره محمد محيي الدين عبد الحميد مصر 1949.
هاشميات الكميت: نشره جوزيف هوروفيتز ليدن 1904
هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين لإسماعيل باشا البغدادي استنبول 19551951
الوافي بالوفيات للصفدي النشرات الاسلامية: القسم الثالث: بتحقيق س. ديدرينغ 1953
الورقة لمحمد بن داود بن الجراح تحقيق عزام وفراج سلسلة ذخائر العرب: 1953(1/312)
كتاب الوزراء للصابي تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء.
الوزراء والكتاب لمحمد بن عبدوس الجهشياري تحقيق السقا وغيره:
القاهرة 1938
يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر لأبي منصور الثعالبي: نشر محمد محيي الدين عبد الحميد مصر (بدون تاريخ).
اليسر بعد العسر للشابشتي: انظر الديارات المقدمة: 18
* * * * يطيب لنا أن نزجي الشكر خالصا إلى كل من كتب في نقد الطبعة الأولى لكتاب (الاعتاب). ونخص بالذكر والتقدير الدكتور مصطفى جواد الأستاذ بجامعة بغداد رحمه الله والأستاذ محمد رشاد الحمزاوي في (حوليات الجامعة التونسية) العدد الثالث 1966. وقد استفدنا من ملاحظات الدكتور مصطفى جواد وتصويباته في مقالته في (مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد العاشر 1963، وأشرنا إلى ذلك في حواشي الطبعة الجديدة.
(المحقق)(1/313)
7 - فهرس الموضوعات والتراجم
مقدمة المحقق صفحة
ابن الأبار: عصره وحياته 7
آثار المؤلف المطبوعة والمخطوطة 19
إعتاب الكتاب: وصفه وتحليله 24
النسخ المخطوطة وعملنا في التحقيق 32
* * * بيان الرموز المستعملة 39
نماذج مصورة من نسخ الكتاب الخطية
نموذج من مخطوطة القاهرة
نموذج من مخطوطة الاسكوريال
نموذج من مخطوطة الرباط
* * * مقدمة المؤلف 43(1/314)
تراجم الكتّاب رقم الترجمة صفحة
1 - مروان بن الحكم 49
2 - زياد بن أبي سفيان 51
3 - يحيى بن يعمر 53
4 - يزيد بن أبي مسلم 57
5 - كاتب آخر للحجاج 59
6 - الأبرش الكلبي 60
7 - سالم مولى هشام بن عبد الملك 62
8 - ابراهيم بن أبي عبلة 63
9 - خالد بن برمك 65
10 - كتّاب المنصور 67
11 - كاتب الحسن بن زيد 70
12 - أمية بن يزيد 71
13 - أبو عبيد الله مولى الأشعريين 72
14 - كاتب الهادي 75
15 - يوسف بن الحجاج الصيقل الكوفي 76
16 - أبان بن عبد الحميد اللاحقي 77(1/315)
17 - عبد الله بن سوار بن ميمون 82
18 - حجر بن سليمان 83
19 - سهل بن هارون 85
20 - كلثوم بن عمرو العتّابي 91
21 - الفضل بن الربيع 98
22 - اسماعيل بن صبيح 102
23 - داود القيرواني 104
24 - الحسن بن سهل 107
25 - أحمد بن أبي خالد 109
26 - أحمد بن يوسف 113
27 - عمرو بن مسعدة 115
28 - علي بن الهيثم 117
29 - صالح بن علي 118
30 - علي بن عيسى القمي 119
31 - كاتب طاهر بن الحسين 121
32 - ميمون بن ابراهيم 124(1/316)
33 - أبو بكر بن سليمان الزهري 128
34 - الفضل بن مروان 129
35 - محمد بن عبد الملك الزيات 133
36 - سليمان بن وهب 138
37 - ابراهيم بن رياح 145
38 - ابراهيم بن العباس الصولي 146
39 - محمد بن الفضل الجرجرائي 152
40 - عمرو بن بحر الجاحظ 154
41 - أحمد بن محمد بن المدبر 156
42 - ابراهيم [بن محمد بن المدبر] أخوه 159
43 - أبو الجهم الكاتب 162
44 - عبد الله بن محمد بن يزداد 164
45 - أحمد بن محمد بن ثوابة 166
46 - الحسن بن رجاء 167
47 - عيسى بن الفاسي 169
48 - عبد الله بن محمد الزجالي 171(1/317)
49 - عبيد الله بن سليمان بن وهب 173
50 - علي بن محمد بن الفياض 177
51 - علي بن محمد بن الفرات 179
52 - القاسم بن عبيد الله 181
53 - علي بن عيسى بن الجراح 184
54 - أبو جعفر البغدادي 187
55 - عيسى بن فطيس 188
56 - أحمد بن سعيد بن حزم 189
57 - عبد الملك بن إدريس الجزيري 191
58 - عيسى بن سعيد القطاع 195
59 - خلف بن حسين بن حيان 196
60 - أحمد بن علي الجرجرائي أبو القاسم 197
61 - محمد بن سعيد التاكرني أبو عامر 199
62 - أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد 201
63 - أبو القاس بن المغربي 203
64 - أبو الوليد بن زيدون 205
65 - محمود بن علي بن أبي الرجال 211(1/318)
66 - أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى 212
67 - عبد الملك بن غصن الحجاري 215
68 - أبو محمد بن عبد البر 217
69 - أبو بكر محمد بن سليمان بن القصيرة 219
70 - ابن الوكيل اليابري 220
71 - أبو جعفر أحمد بن عطية 222
72 - كاتب صلاح الدين يوسف بن أيوب 226
73 - أبو عبد الله محمد بن عيّاش 227
74 - أبو عبد الله بن نخيل 231
75 - أبو الربيع بن سالم 245
خاتمة المؤلف 250
الفهارس طريقة الفهارس 260
فهرس الاعلام 262
فهرس البلدان والأمكنة 277
فهرس الشعر 281
فهرس القوافي 291(1/319)
فهرس الكتب والرسائل التي ذكرها ابن الأبار في المتن 301
فهرس الكتب والمراجع 303
فهرس الموضوعات والتراجم 314(1/320)