بشارة فاخرة للشيعة 111
أحاديث في فضل الشيعة 114
فيما يتعلق بالعجب 123
قصة الملك أردشير مع الجارية 129
قصة الملك النعمان مع نديميه 132
الفرقة الناجية من الفرق الإسلامية 133
في علم الله تعالى بالأشياء 137
رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه 141
حكم مسألة التقية 158
فائدة غريبة في لفظة عاد 160
كلمة عبد لها عشرون جمعا 162
كلام على كلمة راق 162
في أوقات الدعاء 163
وليمتان في الإسلام لم يكن أكبر منهما 163
سبب تزويج بوران بالمأمون 165
منتخب من كتاب (المزهر) للسيوطي 168
حكاية شمس الرؤساء 174
قصيدة للبهائي (قده) 175
قصة السنانير وملك الهند ووزيره 176
مناظرات ركن الدولة مع ابن بابويه 177
قصة عبيد بن الأبرص مع الليث 181
وصف ابن الأعمى داره 183
قصة الضرتين مع معاوية ومروان 184
قصة حاتم الأصم وسفره إلى الحج 185
قصة الرشيد مع الأموي الدمشقي 186(1/339)
قصة حاتم الأصم وسفره إلى الحج 185
قصة الرشيد مع الأموي الدمشقي 186
مناظرة الصادق (ع) مع الشامي 188
تزويج الجواد (ع) بأم الفضل 192
شعر لابن فارض 196
من حكايات الشيخ وكلامه في الطلاق 198
من شعر الشريف المرتضى (ره) 201
قصيدة لابن زريق البغدادي 202
سؤال ابن لؤلؤ للشيخ عن المتعة 202
قصيدة للأمير أبي فراس الحمداني 206
بعض الوقائع التاريخية 207
اغارات القرامطة على العراق والشام والحجاز 208
إلزام معز الدولة أهل بغداد بإقامة مآتم الحسين (ع) 209
ترجمة المتنبي ووفاته 210
وفاة معز الدولة الديلمي 211
وفاة أبي فراس الحمداني 212
وفاة الشاعر ابن هانىء الأندلسي 213
وفاة عضد الدولة 214
ما وقع بين الشيعة والسنة في بغداد 214
ما وقع بين الشيعة والسنة في بغداد 214
ترجمة القاضي أبي بكر الباقلاني 214
وفاة الشريف الرضي 214
وفاة الشيخ المفيد 215
ترجمة الحريري ووفاته 215
نبذة تشتمل على تعداد الخلفاء وتواريخهم 216
نبذة تشتمل على تاريخ جملة من العلماء 221(1/340)
نبذة تشتمل على تعداد الخلفاء وتواريخهم 216
نبذة تشتمل على تاريخ جملة من العلماء 221
ترجمة الشيخ إبراهيم العاملي البازدريني 221
ترجمة السيد مرزا إبراهيم ظهير الدين الصوفي 222
ترجمة الشيخ إبراهيم تقي الدين الآملي 225
ترجمة السيد مرزا إبراهيم النيشابوري 226
ترجمة الشيخ إبراهيم القطيفي الحلي 226
ترجمة الشيخ إبراهيم العاملي الميسي 229
ترجمة الشيخ إبراهيم الخانيساري الأصفهاني 232
ترجمة الميرزا إبراهيم بن ملا صدر الدين الشيرازي 233
ترجمة الشيخ إبراهيم بن يحيى الأحسائي 233
ترجمة الشيخ أحمد أخو الحر العاملي 234
ترجمة الشيخ أبو الحسن البكري 234
ترجمة الشيخ جمال الدين المتوج البحراني 235
ترجمة الطبرسي صاحب الاحتجاج 236
ترجمة الشيخ كمال الدين البحراني 237
ترجمة الشيخ شهاب الدين الأحسائي 238
ترجمة الشيخ فخر الدين السبعي 238
ترجمة ابن فهد الحلي 238
ترجمة الشيخ أحمد بن يوسف البحراني 240
ترجمة السيد جمال الدين ابن طاوس 240
ترجمة الشيخ صفي الدين جد الصفوية 242
ترجمة المحقق الحلي 243
ترجمة الشيخ جواد الكاظمي 245
ترجمة الشريف الرضي 246(1/341)
ترجمة الشيخ جواد الكاظمي 245
ترجمة الشريف الرضي 246
ترجمة السيد المرتضى 254
بحث في حديث ذي اليدين 256
إبطال الدليل العقلي 260
الصوم لي وأنا أجزي به 262
كفر تارك الصلاة 264
درجات الإيمان 265
في حل أخبار مشكلة 267
كيفية دراسة صاحب المدارك وصاحب المعالم 268
نبش قبر الحر الرياحي 269
فضل عائشة وفاطمة 269
مقارنة اسم علي باسم النبي (ص) 270
رؤية يحيى إبليس ومصائده 271
قصة ملا حسين وعبد الله سلام 273
بعض معاجز قبر أبي حنيفة 274
أعجب ما رآه خضر (ع) 275
خبر شقيق البلخي مع الإمام الكاظم (ع) 276
الكلام على حديث الطينة 278
قصائد لابن أبي الحديد 280
سعد أيام الشهور ونحوستها 281
أحكام النظر إلى هلال عاشوراء 301
الكلام في علامات الكسوف 303
في علامات خسوف القمر طول السنة 304
الكلام في الملحمة الاسكندرية 305(1/342)
في علامات خسوف القمر طول السنة 304
الكلام في الملحمة الاسكندرية 305
أحكام انكساف الشمس في الشهور العربية 308
خسوف القمر في الأشهر الرومية 308
خسوف القمر في الأشهر العربية 311
انكساف الشمس في البروج 311
في الرعود 312
أحوال الأمطار 313
أحوال البرد 313
ظهور قوس قزح 314
أحوال الزلازل 315
المثلثات اللغوية لقطرب البصري 316
نظم كتاب المثلثات 320
حديث حسن 322
قصة الملك مع غلامه فيروز 324
خطاب درواش لهشام 325
خطاب الخالديين لبعض العلويين 326
قصيدة ابن منير إلى ابن الراوندي 326
ترجمة ابن منير الطرابلسي 331
ما يتعلق بالخالديين 332
أسماء بلدان جبل عامل 333
قصيدة لصاحب المعالم 334
قصة آزاد مرد 336
فهرس الكتاب 337(1/343)
الجزء الثانى
في تصدق علي بالخاتم في الصلاة
ومن التذكرة الصدرية: قد اعترض بعض علماء النواصب أنكم تقولون إذا دخل أمير المؤمنين عليه السّلام في الصلاة استغرق فكره في عالم الملكوت فما يحس ولا يشعر بهذا العالم، ومن ثم كانوا يخرجون النصال من بدنه إذا أخذ في الصلاة فكيف شعر بالسائل حتى أعطاه خاتمه وهو في الركوع؟ فأنشد ابن الجوزي:
يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته ... عن النديم ولا يلهو عن الكاسي
أطاعه سكره حتى تمكن من ... فعل الصحاة فهذا أعظم الناس
وتحقيق الجواب أنه عليه السّلام قد انتقل عن طاعة العبادة إلى طاعة الصدقة فهو في الخدمة دائما فلا يقدح في استغراق فكره في العالم القدسي، ومن ثم أنزل فيه قرآنا يتلى على صفحات الدهور: {إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ} وفي الحديث أن ذلك الخاتم الذي أعطاه للسائل كان الخاتم الذي ملك به مشارق الأرض ومغاربها وقد بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من اشتراه من ذلك السائل بمئتي درهم ثم دفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام لأنه من مواريث الأنبياء وهو الآن كغيره من المواريث في خزانة مولانا الصاحب عليه السّلام والأئمة كانوا تصدقوا وقت الركوع فدخلوا تحت عموم الآية قال أبو بكر: لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا في الصلاة لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل. أقول: بل نزل فيه {فَلََا صَدَّقَ وَلََا صَلََّى وَلََكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلََّى}
وتحقيق هذا الجواب ما روي أنه أهدى إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ناقتين فقال: من صلى ركعتين بحضور قلب أعطيه ناقة فلم يجبه أحد من الناس غير أمير المؤمنين عليه السّلام فقام وصلى ركعتين فلما فرغ طلب الناقة فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنه خطر ببالك أي الناقتين اسمن حتى آخذها، فبينما هم في الكلام إذ أتى جبرئيل عليه السّلام فقال: يا رسول الله إن الله يأمرك أن تدفع إلى علي الناقة لأنه خطر بقلبه من السمينة منهما حتى أنحرها للمساكين والفقراء إلا أن هذا الخاطر لا ينافي الإقبال والحضور.
ومن الكتاب لطيفة: حكى لي بعض أخواني قال: كنت جالسا بعض الأيام عند قاضي بغداد الحنفي فسمعنا سائلا يقرأ قصيدة التصدق بالخاتم فقال لي: اسمع هؤلاء الروافض كيف نظموا القصائد في مدح علي بن أبي طالب عليه السّلام على
تصدقه بخاتمه ما يبلغ قيمته أربعة دراهم وأبو بكر تصدق بجميع ماله ولا يذكره أحد في نظم ولا نثر؟ فقلت له: اصلح الله القاضي ليس للروافض ذنب في هذا المعنى إن كان شيء فهو من عالم الملكوت لأنه أنزل في ذلك الخاتم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ولم ينزل في شأن أبي بكر آية ولا سورة مع تصدقه بالمال الجزيل فحرك يده فقال: يا أخي خطر هذا في بالي إلى يوم القيامة ولكن كيف الحيلة.(2/5)
ومن الكتاب لطيفة: حكى لي بعض أخواني قال: كنت جالسا بعض الأيام عند قاضي بغداد الحنفي فسمعنا سائلا يقرأ قصيدة التصدق بالخاتم فقال لي: اسمع هؤلاء الروافض كيف نظموا القصائد في مدح علي بن أبي طالب عليه السّلام على
تصدقه بخاتمه ما يبلغ قيمته أربعة دراهم وأبو بكر تصدق بجميع ماله ولا يذكره أحد في نظم ولا نثر؟ فقلت له: اصلح الله القاضي ليس للروافض ذنب في هذا المعنى إن كان شيء فهو من عالم الملكوت لأنه أنزل في ذلك الخاتم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ولم ينزل في شأن أبي بكر آية ولا سورة مع تصدقه بالمال الجزيل فحرك يده فقال: يا أخي خطر هذا في بالي إلى يوم القيامة ولكن كيف الحيلة.
يقول جامع هذه الفنون الظريفة والنكت اللطيفة: قد نقل هذه اللطيفة أيضا السيد نعمة الله الجزائري قدس سره في كتاب الأنوار النعمانية، والظاهر أنها منقولة أيضا في موضع آخر من هذا الكتاب عنه، هذا وخبر التصدق بالخاتم مما اعترف به علماء النصاب فأوردوه في غير كتاب منهم أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي في تفسيره رواه فيه بطرق عديدة، والزمخشري في كشافه وابن مغازلي الشافعي والفاضل النيشابوري في تفسيره، واعترف به الناصبي العنيد القوشجي في شرح التجريد وقال: إن الآية نزلت باتفاق المفسرين في علي بن أبي طالب عليه السّلام حين تصدق وأعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته انتهى. وقال الغزالي في كتاب سر العالمين: إن الخاتم الذي تصدق به علي عليه السّلام على السائل خاتم سليمان بن داود عليه السّلام وقع إلى جماعة فأهدوه إلى سيد المرسلين فأعطاه أمير المؤمنين عليه السّلام وأن السائل كان جبرئيل بأمر الملك العلام في صورة المسكين، وكان ذلك عند صلاة الظهر ونزلت الآية الكريمة في ذلك بعد الفراغ انتهى. ولله در حسان أنشد في ذلك:
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي ... وكل بطي في الهوى ومسارع
أيذهب مدحي في المحبين ضائعا ... وما مدح في جنب الإله بضائع
وأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا ... فدتك نفوس القوم يا خير راكع
فأنزل فيك الله خير ولاية ... فبينها في محكمات الشرائع
وقال الشيخ فرج الخطي: من قصيدة له في مدح الأمير صلوات الله عليه أولها:
تباركت رب أنت من بركاته ... لتنقذ أهل الدين من هلكاته
وقد جعل في جملتها أبيات المصراع الأول من البيت في مدح الأمير عليه السّلام والمصراع الأخير في ذم أعدائه ومن جملتها:
ومن جاد إذ صلى بخاتم كفه ... كمن لم يجد إلا بثقب هناته
ومن قال فيه المصطفى أنت قائم ... مقامي كمن نحاه يوم صلاته
ومن أثر القربى صلاة لأحمد ... كمن غصب الزهرا لقطع صلاته
إلى أن قال:(2/6)
ومن جاد إذ صلى بخاتم كفه ... كمن لم يجد إلا بثقب هناته
ومن قال فيه المصطفى أنت قائم ... مقامي كمن نحاه يوم صلاته
ومن أثر القربى صلاة لأحمد ... كمن غصب الزهرا لقطع صلاته
إلى أن قال:
فأين الثريا والثرى عند منصف ... وأين صلاة الله ملء لعناته
وكان الشاعر: المشار إليه شديد التعصب في التشيع والوقوع في أهل السنة والمخالفين.
مناظرة المفيد مع عمر في المنام
حكاية رائقة بل جوهرة فائقة: قال الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي عطر الله مرقده في الاحتجاج: حدث الشيخ أبو علي الحسن بن محمد الرقي بالرملة في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربعمئة عن الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن النعمان قال: رأيت في المنام سنة من السنين كأني قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها أناس كثيرة فقلت: ما هذا؟ فقالوا هذه حلقة فيها رجل يعظ قلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب، ففرقت الناس ودخلت الحلقة فإذا أنا برجل يتكلم على الناس بشيء لم أحصله فقطعت عليه الكلام وقلت: أيها الشيخ أخبرني ما وجه الدلالة على فضل صاحبك أبي بكر الصديق ابن أبي قحافة من قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم {ثََانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ}؟ فقال: يوجه الدلالة على فضل أبي بكر في هذه الآية على ستة مواضع: الأول أن الله تعالى ذكر النبي وذكر أبا بكر وجعله ثانيه. والثاني وصفهما بالاجتماع في مكان واحد لتأليفه بينهما فقال:
{(إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ)} والثالث أنه أضافه إليه بذكر الصحبة فجمع بينهما فبما تقتضي الرتبة فقال: {(إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ)} والرابع أنه أخبر عن شفقة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ورفقه به لموضعه عنده فقال {(لََا تَحْزَنْ)} والخامس أخبر أن الله معهما على حد سواء صرف لهما ودافع عنهما فقال: {(إِنَّ اللََّهَ مَعَنََا)} والسادس أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تفارقه سكينته قط قال: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)}
فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار حيث لا يمكنك ولا غيرك الطعن فيها. فقلت له: حبرتك بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه وإني بعون الله سأجعل ما أتيت به كرما واشتدت به الريح في يوم عاصف: أما قولك: إن الله تعالى ذكر النبي وجعل أبا بكر معه ثانيه فهو اخبار عن العدد ولعمري لقد كانا اثنين فما في ذلك من الفضل، فنحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا أو مؤمنا وكافرا اثنان
فما أرى لك في ذلك العد طائلا تعتمده وأما قولك أنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول لأن المكان يجمع الكافر والمؤمن كما يجمع العدد المؤمنين والكفار، وأيضا فإن مسجد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين، وفي ذلك يقول الله عزّ وجلّ: {(فَمََا لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمََالِ عِزِينَ)}، وأيضا فإن سفينة نوح عليه السّلام قد جمع النبي والشيطان والبهيمة والكلب والمكان لا يدل على ما أوجبت من الفضيلة فبطل فضلان. وأما قولك أنه إضافة إليه بذكر الصحبة، فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن اسم الصحبة تجمع المؤمن والكافر والدليل على ذلك قوله تعالى {(قََالَ لَهُ صََاحِبُهُ وَهُوَ يُحََاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرََابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوََّاكَ رَجُلًا)}
وأيضا فإن اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل بلسانهم فقال الله عزّ وجلّ: {(وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ رَسُولٍ إِلََّا بِلِسََانِ قَوْمِهِ)} أنه قد سموا الحمار صاحبا فقال الشاعر:(2/7)
{(إِذْ هُمََا فِي الْغََارِ)} والثالث أنه أضافه إليه بذكر الصحبة فجمع بينهما فبما تقتضي الرتبة فقال: {(إِذْ يَقُولُ لِصََاحِبِهِ)} والرابع أنه أخبر عن شفقة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ورفقه به لموضعه عنده فقال {(لََا تَحْزَنْ)} والخامس أخبر أن الله معهما على حد سواء صرف لهما ودافع عنهما فقال: {(إِنَّ اللََّهَ مَعَنََا)} والسادس أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تفارقه سكينته قط قال: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)}
فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار حيث لا يمكنك ولا غيرك الطعن فيها. فقلت له: حبرتك بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه وإني بعون الله سأجعل ما أتيت به كرما واشتدت به الريح في يوم عاصف: أما قولك: إن الله تعالى ذكر النبي وجعل أبا بكر معه ثانيه فهو اخبار عن العدد ولعمري لقد كانا اثنين فما في ذلك من الفضل، فنحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا أو مؤمنا وكافرا اثنان
فما أرى لك في ذلك العد طائلا تعتمده وأما قولك أنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول لأن المكان يجمع الكافر والمؤمن كما يجمع العدد المؤمنين والكفار، وأيضا فإن مسجد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين، وفي ذلك يقول الله عزّ وجلّ: {(فَمََا لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمََالِ عِزِينَ)}، وأيضا فإن سفينة نوح عليه السّلام قد جمع النبي والشيطان والبهيمة والكلب والمكان لا يدل على ما أوجبت من الفضيلة فبطل فضلان. وأما قولك أنه إضافة إليه بذكر الصحبة، فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن اسم الصحبة تجمع المؤمن والكافر والدليل على ذلك قوله تعالى {(قََالَ لَهُ صََاحِبُهُ وَهُوَ يُحََاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرََابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوََّاكَ رَجُلًا)}
وأيضا فإن اسم الصحبة يطلق على العاقل والبهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل بلسانهم فقال الله عزّ وجلّ: {(وَمََا أَرْسَلْنََا مِنْ رَسُولٍ إِلََّا بِلِسََانِ قَوْمِهِ)} أنه قد سموا الحمار صاحبا فقال الشاعر:
إن الحمار مع الحمير مطية ... فإذا خلوت به فبئس الصاحب
وأيضا قد سموا الجماد مع الحي صاحبا فقالوا ذلك في السيف وقالوا شعرا:
زرت هند وكان غير اجتنان ... معي صاحب كتوم اللسان
يعني السيف، فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لصاحبك فيه. وأما قولك: إنه قال لا تحزن فإنه وبال عليه ومنقصة له ودليل على خطئه لأن قوله (لا تحزن) نهي وصورة النهي قول القائل لا تفعل فلا يخلو أن يكون الحزن قد وقع من أبي بكر طاعة أو معصية فإن كان طاعة فالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعوا إليها وإن كانت معصية فقد نهاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عنها وقد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه. وأما قولك أنه قال {(إِنَّ اللََّهَ مَعَنََا)} فإن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أخبر أن الله معه وعبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله تعالى: {(إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ)} وقد قيل أيضا إن أبا بكر قال: يا رسول الله حزني على علي بن أبي طالب عليه السّلام ما كان منه، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تحزن فإن الله معنا أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب.
وأما قولك: إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه ترك للظاهر لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده الله بالجنود كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهََا)}. فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الموضعين كان معه قوم مؤمنين فشركهم فيها فقال في أحد
الموضعين: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ََ)}
وقال في الموضع الآخر: {(ثُمَّ أَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهََا)} ولما كان في هذا الموضع خصه في السكينة وحده فقال: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)} فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان، فلم يحر جوابا وتفرق الناس واستيقظت من نومي هذا انتهى.(2/8)
وأما قولك: إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه ترك للظاهر لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده الله بالجنود كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهََا)}. فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الموضعين كان معه قوم مؤمنين فشركهم فيها فقال في أحد
الموضعين: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ََ)}
وقال في الموضع الآخر: {(ثُمَّ أَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلى ََ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهََا)} ولما كان في هذا الموضع خصه في السكينة وحده فقال: {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ)} فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين، فدل إخراجه من السكينة على خروجه من الإيمان، فلم يحر جوابا وتفرق الناس واستيقظت من نومي هذا انتهى.
أقول: روى الكليني قدس الله سره في كتاب الروضة من الكافي عن محمد ابن أحمد عن أبي فضال عن الرضا عليه السّلام {(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهََا)} قلت هكذا؟ قال هكذا نقرأها وهكذا تنزيلها. وبهذا الخبر المعتبر يظهر أن الآية المذكورة من جملة ما حرفه أولئك الكفرة ليتم لهم الاستدلال بها على تقديم العجل ونصبه كما ذكره سامريه صب الله عليهم وعلى أتباعهم وأشياعهم صب انتقامه.
في منع عمر كتابة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الكتاب
فائدة: روى البخاري في صحيحه بإسناده عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الوفاة وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي، فقال عمر: إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا من بعده، ومنهم من يقول: القول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: قوموا عني. فكان ابن عباس يقول:
الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولقطهم. وقال مسلم بن الحجاج في صحيحه أن عمر قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليهجر. وفي مسند أحمد بن حنبل انه يهجر.
أقول: قد اضطرب أولياء عمر في سد هذه الثلمة وتأويل هذه الكلمة فقال ابن حجر العسقلاني في شرح صحيح البخاري نقلا عن النووي: إن العلماء اتفقوا على أن قول عمر: «إن الرجل ليهذي أو ليهجر حسبنا كتاب الله» إنما كان عن قوة فهم ودقيق نظر لأنه خشي أن يكتب أمورا تعجز الأمة عنها فيستحقوا العقوبة بكونها منصوصة فمنعه وأمر أن لا ينسد باب الاجتهاد انتهى ملخصا.
قال بعض علمائنا بعد نقل هذا الكلام عنه: تأمل فيه فإنه يرشدك إلى عماهم
عن الحق حتى جوزوا الاجتهاد في حضور النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مخالف للكتاب والسنة والإجماع، وجوزوا بل حكموا بأعطفية عمر على الأمة ممن بعث رحمة للعالمين، وحكموا بأن رأي عمر أصوب من رأي من لا ينطق عن الهوى، ولم يشعروا بأن مخالفة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا كان بعد مماته سببا للعقوبة تكون في حياته أولى فكأنه قال:(2/9)
قال بعض علمائنا بعد نقل هذا الكلام عنه: تأمل فيه فإنه يرشدك إلى عماهم
عن الحق حتى جوزوا الاجتهاد في حضور النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مخالف للكتاب والسنة والإجماع، وجوزوا بل حكموا بأعطفية عمر على الأمة ممن بعث رحمة للعالمين، وحكموا بأن رأي عمر أصوب من رأي من لا ينطق عن الهوى، ولم يشعروا بأن مخالفة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا كان بعد مماته سببا للعقوبة تكون في حياته أولى فكأنه قال:
إن عمر رضي بمخالفة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حال حياته بأن يعاقب بالنار لئلا يستحق غيره فتأمل انتهى.
وقال الناصب المهان فضل الله بن روزبهان الحنجي أصلا الشيرازي مولدا في شرحه بل جرحه على كتاب كشف الحق ونهج الصدق للعلامة الحلي قدس الله سره بعد أن نقل العلامة الخبر المشار إليه عن صحيح مسلم ما لفظه وأما قوله:
«إن نبيكم ليهجر» فليس في البخاري وإن سلمنا صحة الرواية فالهجر هو الكلام الذي يقوله المريض فيكون المعنى موافقا لما هو في بعض الصحاح والمراد أنه يتكلم بكلام المرضى وهو متوجع فلا إساءة أدب في هذا، وأما منع عمر عن كتابة الكتاب فقال العلماء ان عمر خاف أن يكتب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئا لا يفهمه المنافقون لغلبة رجعة فيقع الاختلاف بين المسلمين، وقال بعضهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تكلم بكلام المرضى إلا أنه لا يريد الكتابة كما يقول المريض ناولوني فلانا وفلانا وهو لا يريد، والأول أظهر لأن عمر في أيام صحة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كثيرا ما كان يقول له: افعل فلانا ولا تفعل فلانا، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوافقه في رأيه، فكان له هذا المنصب عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أيام حياته إلى آخر كلامه أذاقه الله تعالى شديد انتقامه.
قال الفاضل المحقق السيد نور الله الشوشتري في كتاب إحقاق الحق بعد نقل كلام هذا الناصب: أقول كأن الناصب الشقي اقتدى في هذا الفصل بإمامه عمر فلم يأت إلا بالهذيان والهذر، فإن عبارة الحديث في صحيح مسلم واقع على الوجه الذي نقله المصنف ويقول: إن هذا الكلام في صحيح مسلم، وهذا الشقي المحيل يتجاهل ويقول في الجواب: قوله: «إن نبيكم ليهجر» ليس في البخاري، ثم إن الشيخ ابن حجر العسقلاني قال في مقدمة شرحه للبخاري موافقا لما في كتب اللغة المتداولة: إن الهجر هو الهذيان ويطلق على كثير الكلام الذي لا معنى له وهذا الناصب الشقي يحتال في تفسيره ويفسر بكلام المرضى تفسير بلازم لا يكون صريحا في معنى الهذيان حتى يتأتى له أن يقول: ليس فيه إساءة أدب من عمر، مع أن الآن كما كان فإن قولنا يتكلم بكلام المرضى معناه في متفاهم العرف أنه
يهذي ويهجر فعاد إساءة الأدب غضا طريا، ثم كيف يظن في شأن النبي أن يهذي ويتكلم بكلام المرضى مع ما ورد في شأنه من قوله تعالى: {(وَمََا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ََ إِنْ هُوَ إِلََّا وَحْيٌ يُوحى ََ)} ومع ما ذكر في المشكاة وغيره أنه صلوات الله عليه بعد مطالبة الكتاب ومخالفة الأصحاب وصدور العتاب أمرهم بثلاث قال: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم إلى آخره، وهل يكون هذا مقالة من غلب عليه الوجع ويتكلم بهذيان المرضى؟ كلا لا يكلم بنسبة هذا إلى سيد الأنبياء إلا الذين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وأما ما نقله الناصب عن علماء السوء من أن عمر خاف أن يكتب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئا لا يفهمه المنافقون الخ. فمع أن حاصله يرجع إلى الخوف أن يكتب صلّى الله عليه وآله وسلّم هذيانا وهذرا فيه دليل على نفاقهم في الدين وخروجهم عن الطريق الواضح المبين وإن بقي في المدينة من المنافقين من يحتاجون إلى عرض كتاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو يعتد بفهمه ويصار في ذلك إليه، ثم كيف يوجب اعوجاج فهم شرذمة قليلة من المنافقين الخاملين وقوع الاختلاف بين جماهير المسلمين الذين كانوا لأوضاع الكلام فاهمين لولا أن غالب من عبر عنهم بالمسلمين كانوا مخالفين للنبي وآله الطاهرين، مع أنا نعلم أن طعن المنافقين وشرهم لم يكن أقبح ولا أشد مما فعله هو بحضرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من نسبة الهجر إليه والهذيان. ومن العجب أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ائتوني بقرطاس أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي» ولم يقبلوا قوله ولم ينقادوا لأمره بل قالوا فيه مرة قد غلب الوجع وأخرى اهجر أو ليهجر، ولما كتب أبو بكر في مرض موته: «إني استخلفت عمر فإن عدل فذلك ظني به ورأيي فيه وإن بدل وجار فلكل امرىء ما اكتسبت يداه» قبلوا قوله ووصيته وانقادوا لأمره وأخذوا بمنزلة النصوص مع أن كتاب أبي بكر كان على وجه يقيم الناظر في مقام الطعن والتردد حيث تردد في شأن عمر بقوله فإن عدل وبدل. إن وصية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان على وجه القطع والتعيين، وأعجب من هذا أنهم يستدلون على خلافة عمر بأن أبا بكر نص عليه بها مع أن ذلك وقع منه في حال المرض أيضا بإجماع الكل فكيف لا يحتمل كلام أبي بكر الهذيان والهذر واحتمل كلام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك؟ فهل كان أبو بكر أكمل من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولنعم ما قال بعضهم في هذا المعنى:(2/10)
قال الفاضل المحقق السيد نور الله الشوشتري في كتاب إحقاق الحق بعد نقل كلام هذا الناصب: أقول كأن الناصب الشقي اقتدى في هذا الفصل بإمامه عمر فلم يأت إلا بالهذيان والهذر، فإن عبارة الحديث في صحيح مسلم واقع على الوجه الذي نقله المصنف ويقول: إن هذا الكلام في صحيح مسلم، وهذا الشقي المحيل يتجاهل ويقول في الجواب: قوله: «إن نبيكم ليهجر» ليس في البخاري، ثم إن الشيخ ابن حجر العسقلاني قال في مقدمة شرحه للبخاري موافقا لما في كتب اللغة المتداولة: إن الهجر هو الهذيان ويطلق على كثير الكلام الذي لا معنى له وهذا الناصب الشقي يحتال في تفسيره ويفسر بكلام المرضى تفسير بلازم لا يكون صريحا في معنى الهذيان حتى يتأتى له أن يقول: ليس فيه إساءة أدب من عمر، مع أن الآن كما كان فإن قولنا يتكلم بكلام المرضى معناه في متفاهم العرف أنه
يهذي ويهجر فعاد إساءة الأدب غضا طريا، ثم كيف يظن في شأن النبي أن يهذي ويتكلم بكلام المرضى مع ما ورد في شأنه من قوله تعالى: {(وَمََا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ََ إِنْ هُوَ إِلََّا وَحْيٌ يُوحى ََ)} ومع ما ذكر في المشكاة وغيره أنه صلوات الله عليه بعد مطالبة الكتاب ومخالفة الأصحاب وصدور العتاب أمرهم بثلاث قال: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم إلى آخره، وهل يكون هذا مقالة من غلب عليه الوجع ويتكلم بهذيان المرضى؟ كلا لا يكلم بنسبة هذا إلى سيد الأنبياء إلا الذين في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وأما ما نقله الناصب عن علماء السوء من أن عمر خاف أن يكتب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيئا لا يفهمه المنافقون الخ. فمع أن حاصله يرجع إلى الخوف أن يكتب صلّى الله عليه وآله وسلّم هذيانا وهذرا فيه دليل على نفاقهم في الدين وخروجهم عن الطريق الواضح المبين وإن بقي في المدينة من المنافقين من يحتاجون إلى عرض كتاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو يعتد بفهمه ويصار في ذلك إليه، ثم كيف يوجب اعوجاج فهم شرذمة قليلة من المنافقين الخاملين وقوع الاختلاف بين جماهير المسلمين الذين كانوا لأوضاع الكلام فاهمين لولا أن غالب من عبر عنهم بالمسلمين كانوا مخالفين للنبي وآله الطاهرين، مع أنا نعلم أن طعن المنافقين وشرهم لم يكن أقبح ولا أشد مما فعله هو بحضرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من نسبة الهجر إليه والهذيان. ومن العجب أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ائتوني بقرطاس أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي» ولم يقبلوا قوله ولم ينقادوا لأمره بل قالوا فيه مرة قد غلب الوجع وأخرى اهجر أو ليهجر، ولما كتب أبو بكر في مرض موته: «إني استخلفت عمر فإن عدل فذلك ظني به ورأيي فيه وإن بدل وجار فلكل امرىء ما اكتسبت يداه» قبلوا قوله ووصيته وانقادوا لأمره وأخذوا بمنزلة النصوص مع أن كتاب أبي بكر كان على وجه يقيم الناظر في مقام الطعن والتردد حيث تردد في شأن عمر بقوله فإن عدل وبدل. إن وصية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان على وجه القطع والتعيين، وأعجب من هذا أنهم يستدلون على خلافة عمر بأن أبا بكر نص عليه بها مع أن ذلك وقع منه في حال المرض أيضا بإجماع الكل فكيف لا يحتمل كلام أبي بكر الهذيان والهذر واحتمل كلام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك؟ فهل كان أبو بكر أكمل من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولنعم ما قال بعضهم في هذا المعنى:
أوصى النبي فقال قائلهم ... قد ظل يهجر سيد البشر
وأرى أبا بكر أصاب ولم يهجر ... وقد أوصى إلى عمر
إلى آخر كلامه أفاض الله عليه سوانح إكرامه.
أقول: ومن أعجب العجب تصريح علمائهم زيادة على نقلهم لهذه الأخبار بهذه الفضائح والمناكر وسطرها رأي العين لكل ناظر، فمن ذلك ما صرح به أبو حامد الغزالي الملقب عندهم بحجة الإسلام في كتابه المسمى بسر العالمين وكشف الدارين في المقالة الرابعة التي وضعها لتحقيق أمر الخلافة بعد الأبحاث وذكر الاختلافات فيها ما هذه عبارته: ولكن الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبة الغدير وهو يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فقال: بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسليم ورضى تحكيم ثم بعد هذا غلب الهوى وحب الرئاسة وحمل عمود الخلافة وعقود البندوق وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار والأمر والنهي فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئسما يشترون، ولما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال وقت وفاته: آتوني بدواة وبيضاء لأزيل عنكم مشكل الأمر وأذكر لكم من المستحق لها بعدي. فقال عمر: دعوا الرجل انه ليهجر وقيل يهذي إلى آخر كلامه.(2/11)
أوصى النبي فقال قائلهم ... قد ظل يهجر سيد البشر
وأرى أبا بكر أصاب ولم يهجر ... وقد أوصى إلى عمر
إلى آخر كلامه أفاض الله عليه سوانح إكرامه.
أقول: ومن أعجب العجب تصريح علمائهم زيادة على نقلهم لهذه الأخبار بهذه الفضائح والمناكر وسطرها رأي العين لكل ناظر، فمن ذلك ما صرح به أبو حامد الغزالي الملقب عندهم بحجة الإسلام في كتابه المسمى بسر العالمين وكشف الدارين في المقالة الرابعة التي وضعها لتحقيق أمر الخلافة بعد الأبحاث وذكر الاختلافات فيها ما هذه عبارته: ولكن الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبة الغدير وهو يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فقال: بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فهذا تسليم ورضى تحكيم ثم بعد هذا غلب الهوى وحب الرئاسة وحمل عمود الخلافة وعقود البندوق وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار والأمر والنهي فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئسما يشترون، ولما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال وقت وفاته: آتوني بدواة وبيضاء لأزيل عنكم مشكل الأمر وأذكر لكم من المستحق لها بعدي. فقال عمر: دعوا الرجل انه ليهجر وقيل يهذي إلى آخر كلامه.
وقد توهم بعض من يميل إلى الصوفية من علمائنا رجوع الغزالي بسبب رجوع هذا الكلام منازعة أنه رجع عن مذهبه الأول إلى مذهب الشيعة، والحق أن هذا مما أظهره الله على ألسنتهم وإقامة الحجة عليهم كما وقع أمثال ذلك من غيره منهم، وكيف لا وهو يقول عقيب هذا الكلام: والعجب منه منازعة معاوية بن أبي سفيان عليا أليس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قطع طمع من طمع فيها بقوله: «إذا ولي خليفتان فاقتلوا الأخير منهما» والعجب من حق واحد كيف ينقسم بين اثنين والخلافة ليست بجسم ولا عرض فيتجزى ثم قال: أول حكومة تجري في المعاد على العباديين علي ومعاوية فيحكم الله لعلي على معاوية والباقون تحت المشيئة انتهى.
فانظر إلى جعله ما عدا معاوية تحت المشيئة وما فيه من الدلالة على قوله بإمامتهم مع اعترافه بخطئهم نعم في كلامه في هذا الكتاب دلالة على عدوله عنها وكان عليه أولى من التعصب الشديد والنصب الذي ليس عليه من مزيد كما لا يخفى على من طالع كتابه إحياء العلوم وغيره. ومن ذلك ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة عن شيخه النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد بن أبي مرثد بعد تقدم كلام في الخلافة ما هذا لفظه: إن القوم لم يكونوا يذهبون إلى أنها من معالم الدين وإنما جارية مجرى العبادة الشرعية كالصلاة والصوم، ولكنهم كانوا يجرونها مجرى الأمور الدنيوية مثل تأمير الأمراء وتدبير الحروب وسياسة الرعية وما
كانوا يبالون بمخالفة هذا الأمر وأمثاله من مخالفة نصوصه عليه السّلام أن رأوا المصلحة في الإسلام في غيرها، ألا تراه كيف نص على إخراج أبي بكر وعمر في جيش أسامة ولم يخرجا لما رأيا في مقامهما مصلحة للدولة والملة وحفظا للبيضة ودفعا للفتنة. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخالف في أمثال هذا وهو حي فلا ينكره ولا يرى به بأسا. ثم نقل شطرا من المواضع التي خولف فيها إلى أن قال: وقد أطبقت الصحابة اطباقا واحدا على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقعوا مع موارد النص، حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد، فرجح كثير منهم القياس على النص حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة كأنهم كانوا يقيدون نصوصه المطلقة بقيد غير مذكور وكأنهم كانوا يفهمونه من قرائن أحواله، وتقدير ذلك القيد فعلوا كذا من رأيتموه مصلحة إلى أن قال: ومما جرى عمر على بيعة أبي بكر والعدول عن علي مع ما كان يسمعه من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في أمره أنه أنكر على الرسول أمورا اعتمدها فلم ينكر عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بل رجع في كثير منها إليه وأشار عليه بأمور نزل القرآن فيها بموافقة فاطمة ذلك في الإقدام على اعتماد كثير من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة مما هي على خلاف النص، وذلك نحو إنكاره في الصلاة على عبد الله بن أبي الموافق وإنكاره فداء أسارى بدر وإنكاره عليه تبرج نسائه وإنكاره عليه قضية الحديبية وإنكاره أمان العباس لأبي سفيان بن حرب وإنكاره أمره عليه السّلام من قال: «لا إله إلا الله دخل الجنة» وإنكاره على النساء بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هيبتهن له دون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث، ولو لم يكن إنكاره قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه: «آتوني بدواة وبيضاء أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا» وقوله ما قال وسكوت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول: القول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبعضهم يقول: ما قال عمر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد كثر اللغط وعلت الأصوات: قوموا عني فما ينبغي لنبي أن يكون عنده هذا التنازع، فهل بقي للنبوة مزية أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القولين فرجح قوم هذا وقوم هذا، فليس هذا دالا على أن القوم قد سووا بينه وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ذهب كل فريق منهم إلى نصرة واحد منهما كما يختلف اثنان من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر قوم هذا وذاك آخرون، فمن بلغت قوته وهمته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر المصلحة يراها ويعدل عن النص، ومن الذي كان
ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في وجهه غير خائف من الإنكار ولا أنكر عليه لا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا غيره، وهو أشد من مخالفة النص في الخلافة وأفظع وأشنع إلى أن قال ابن أبي الحديد: وقد ذكرت(2/12)
فانظر إلى جعله ما عدا معاوية تحت المشيئة وما فيه من الدلالة على قوله بإمامتهم مع اعترافه بخطئهم نعم في كلامه في هذا الكتاب دلالة على عدوله عنها وكان عليه أولى من التعصب الشديد والنصب الذي ليس عليه من مزيد كما لا يخفى على من طالع كتابه إحياء العلوم وغيره. ومن ذلك ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة عن شيخه النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد بن أبي مرثد بعد تقدم كلام في الخلافة ما هذا لفظه: إن القوم لم يكونوا يذهبون إلى أنها من معالم الدين وإنما جارية مجرى العبادة الشرعية كالصلاة والصوم، ولكنهم كانوا يجرونها مجرى الأمور الدنيوية مثل تأمير الأمراء وتدبير الحروب وسياسة الرعية وما
كانوا يبالون بمخالفة هذا الأمر وأمثاله من مخالفة نصوصه عليه السّلام أن رأوا المصلحة في الإسلام في غيرها، ألا تراه كيف نص على إخراج أبي بكر وعمر في جيش أسامة ولم يخرجا لما رأيا في مقامهما مصلحة للدولة والملة وحفظا للبيضة ودفعا للفتنة. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخالف في أمثال هذا وهو حي فلا ينكره ولا يرى به بأسا. ثم نقل شطرا من المواضع التي خولف فيها إلى أن قال: وقد أطبقت الصحابة اطباقا واحدا على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقعوا مع موارد النص، حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد، فرجح كثير منهم القياس على النص حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة كأنهم كانوا يقيدون نصوصه المطلقة بقيد غير مذكور وكأنهم كانوا يفهمونه من قرائن أحواله، وتقدير ذلك القيد فعلوا كذا من رأيتموه مصلحة إلى أن قال: ومما جرى عمر على بيعة أبي بكر والعدول عن علي مع ما كان يسمعه من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في أمره أنه أنكر على الرسول أمورا اعتمدها فلم ينكر عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بل رجع في كثير منها إليه وأشار عليه بأمور نزل القرآن فيها بموافقة فاطمة ذلك في الإقدام على اعتماد كثير من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة مما هي على خلاف النص، وذلك نحو إنكاره في الصلاة على عبد الله بن أبي الموافق وإنكاره فداء أسارى بدر وإنكاره عليه تبرج نسائه وإنكاره عليه قضية الحديبية وإنكاره أمان العباس لأبي سفيان بن حرب وإنكاره أمره عليه السّلام من قال: «لا إله إلا الله دخل الجنة» وإنكاره على النساء بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هيبتهن له دون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث، ولو لم يكن إنكاره قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه: «آتوني بدواة وبيضاء أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا» وقوله ما قال وسكوت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول: القول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبعضهم يقول: ما قال عمر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد كثر اللغط وعلت الأصوات: قوموا عني فما ينبغي لنبي أن يكون عنده هذا التنازع، فهل بقي للنبوة مزية أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القولين فرجح قوم هذا وقوم هذا، فليس هذا دالا على أن القوم قد سووا بينه وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ذهب كل فريق منهم إلى نصرة واحد منهما كما يختلف اثنان من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر قوم هذا وذاك آخرون، فمن بلغت قوته وهمته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر المصلحة يراها ويعدل عن النص، ومن الذي كان
ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في وجهه غير خائف من الإنكار ولا أنكر عليه لا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا غيره، وهو أشد من مخالفة النص في الخلافة وأفظع وأشنع إلى أن قال ابن أبي الحديد: وقد ذكرت(2/13)
فانظر إلى جعله ما عدا معاوية تحت المشيئة وما فيه من الدلالة على قوله بإمامتهم مع اعترافه بخطئهم نعم في كلامه في هذا الكتاب دلالة على عدوله عنها وكان عليه أولى من التعصب الشديد والنصب الذي ليس عليه من مزيد كما لا يخفى على من طالع كتابه إحياء العلوم وغيره. ومن ذلك ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة عن شيخه النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد بن أبي مرثد بعد تقدم كلام في الخلافة ما هذا لفظه: إن القوم لم يكونوا يذهبون إلى أنها من معالم الدين وإنما جارية مجرى العبادة الشرعية كالصلاة والصوم، ولكنهم كانوا يجرونها مجرى الأمور الدنيوية مثل تأمير الأمراء وتدبير الحروب وسياسة الرعية وما
كانوا يبالون بمخالفة هذا الأمر وأمثاله من مخالفة نصوصه عليه السّلام أن رأوا المصلحة في الإسلام في غيرها، ألا تراه كيف نص على إخراج أبي بكر وعمر في جيش أسامة ولم يخرجا لما رأيا في مقامهما مصلحة للدولة والملة وحفظا للبيضة ودفعا للفتنة. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخالف في أمثال هذا وهو حي فلا ينكره ولا يرى به بأسا. ثم نقل شطرا من المواضع التي خولف فيها إلى أن قال: وقد أطبقت الصحابة اطباقا واحدا على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقعوا مع موارد النص، حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد، فرجح كثير منهم القياس على النص حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة كأنهم كانوا يقيدون نصوصه المطلقة بقيد غير مذكور وكأنهم كانوا يفهمونه من قرائن أحواله، وتقدير ذلك القيد فعلوا كذا من رأيتموه مصلحة إلى أن قال: ومما جرى عمر على بيعة أبي بكر والعدول عن علي مع ما كان يسمعه من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في أمره أنه أنكر على الرسول أمورا اعتمدها فلم ينكر عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بل رجع في كثير منها إليه وأشار عليه بأمور نزل القرآن فيها بموافقة فاطمة ذلك في الإقدام على اعتماد كثير من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة مما هي على خلاف النص، وذلك نحو إنكاره في الصلاة على عبد الله بن أبي الموافق وإنكاره فداء أسارى بدر وإنكاره عليه تبرج نسائه وإنكاره عليه قضية الحديبية وإنكاره أمان العباس لأبي سفيان بن حرب وإنكاره أمره عليه السّلام من قال: «لا إله إلا الله دخل الجنة» وإنكاره على النساء بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هيبتهن له دون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث، ولو لم يكن إنكاره قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه: «آتوني بدواة وبيضاء أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا» وقوله ما قال وسكوت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول: القول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبعضهم يقول: ما قال عمر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد كثر اللغط وعلت الأصوات: قوموا عني فما ينبغي لنبي أن يكون عنده هذا التنازع، فهل بقي للنبوة مزية أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القولين فرجح قوم هذا وقوم هذا، فليس هذا دالا على أن القوم قد سووا بينه وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ذهب كل فريق منهم إلى نصرة واحد منهما كما يختلف اثنان من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر قوم هذا وذاك آخرون، فمن بلغت قوته وهمته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر المصلحة يراها ويعدل عن النص، ومن الذي كان
ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في وجهه غير خائف من الإنكار ولا أنكر عليه لا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا غيره، وهو أشد من مخالفة النص في الخلافة وأفظع وأشنع إلى أن قال ابن أبي الحديد: وقد ذكرت
في هذا الفصل خلاصة ما حفظته عن النقيب أبي جعفر (ره) ولم يكن إمامي المذهب ولا كان يبرأ من السلف الصالح ولا يرتضي قول المسرفين من الشيعة ولكنه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه انتهى كلامه زيد انتقامه.
ومنه ما يكشف عن خبث بواطنهم وسرائرهم وقبح عقائدهم وضمائرهم وأن قولهم بتقديم أولئك الأوغاد بعدما عرفوهم مما نسبوه إليهم من الظلم والفساد مجرد بغض وعناد لأولئك السادة الأمجاد، وانظر إلى اعتذارهم عن مخالفة خليفتهم للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما كان يأمر به ويقول وما صدر منه في جرأته عليه في الحياة وبعد الممات من التمويه بأنه كان وأتباعه أعرف منه بوجوه المصالح والتدبيرات حتى أكثروا الجدال عنده وهو في حياض الممات، فآذوه صلوات الله عليه بالخصام بينهم ورفع الأصوات حين أمر بذلك الكتاب ليرفع الاختلاف بينهم ويزيل عنهم المشكلات، أرأيت أن الله سبحانه كان كاذبا في قوله: {(وَمََا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ََ إِنْ هُوَ إِلََّا وَحْيٌ يُوحى ََ)} حتى يحتاج إلى أن يسدده عمر أو غيره من ذوي الهوى والغوى، وأنه سبحانه حيث نهى عن رفع الأصوات فوق صوته وعن الجهر له بالأقوال حتى توعد عليه بحبط الأعمال كان قد استثنى ابن الخطاب وأتباعه من ذلك المقال، واستثناه أيضا وأتباعه حيث يقول سبحانه: {(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فِي الدُّنْيََا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذََاباً مُهِيناً)} وأن الأمر لم يبلغ إلى حد الإيذاء له، وقد نسبوه إلى الهجر والهذيان الموجب لجعله في عداد المجانين أو الصبيان وأكثروا عنده اللغو ورفع الأصوات حتى قال لهم: «قوموا عني فما ينبغي عندي هذا النزاع والاختلاف». فبالله يا معشر ذوي العقول هل يجوز في مثل هذا الوقت الضنك المجال المشرف فيه على التفوض بينهم والترحال أن يقابلوه بمثل هذه الفعال؟ أليس هذا لو صدر مع سائر الرجال في مثل تلك الحال لعد نقصا وسوء أدب عند ذوي الكمال؟ وليت شعري أليس هناك من يهتدي لوجوه المصالح غير ابن الخطاب والذي ضرب على قلبه دون الإيمان القفل والحجاب؟ أين علي ابن أبي طالب عن أغلاط ابن عمه وابن العباس وأين بنو هاشم الذين هم ذروة الشرف وأرباب الرئاسة دون الناس؟ ألم يهتدوا لمصلحة من تلك المصالح التي اهتدى إليها ابن الخطاب فتروى لنا في باب من تلك الأبواب؟ ما هذا إلا كفر وتجاوز الحد من هؤلاء الأفاضل وكان ذلك حمية على ابن الخطاب ومن تبعه من
الأشقياء الأرذال ينسبون الجهل إلى نبيهم ويجوزون عليه الغلط ليصححوا به جرأة ابن الخطاب وما سلف منه فرط فليتهم اتخذوه نبيا غير ذلك النبي بل الأمر كذلك إن كنت تفهم ما هنالك.(2/14)
ومنه ما يكشف عن خبث بواطنهم وسرائرهم وقبح عقائدهم وضمائرهم وأن قولهم بتقديم أولئك الأوغاد بعدما عرفوهم مما نسبوه إليهم من الظلم والفساد مجرد بغض وعناد لأولئك السادة الأمجاد، وانظر إلى اعتذارهم عن مخالفة خليفتهم للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما كان يأمر به ويقول وما صدر منه في جرأته عليه في الحياة وبعد الممات من التمويه بأنه كان وأتباعه أعرف منه بوجوه المصالح والتدبيرات حتى أكثروا الجدال عنده وهو في حياض الممات، فآذوه صلوات الله عليه بالخصام بينهم ورفع الأصوات حين أمر بذلك الكتاب ليرفع الاختلاف بينهم ويزيل عنهم المشكلات، أرأيت أن الله سبحانه كان كاذبا في قوله: {(وَمََا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ََ إِنْ هُوَ إِلََّا وَحْيٌ يُوحى ََ)} حتى يحتاج إلى أن يسدده عمر أو غيره من ذوي الهوى والغوى، وأنه سبحانه حيث نهى عن رفع الأصوات فوق صوته وعن الجهر له بالأقوال حتى توعد عليه بحبط الأعمال كان قد استثنى ابن الخطاب وأتباعه من ذلك المقال، واستثناه أيضا وأتباعه حيث يقول سبحانه: {(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فِي الدُّنْيََا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذََاباً مُهِيناً)} وأن الأمر لم يبلغ إلى حد الإيذاء له، وقد نسبوه إلى الهجر والهذيان الموجب لجعله في عداد المجانين أو الصبيان وأكثروا عنده اللغو ورفع الأصوات حتى قال لهم: «قوموا عني فما ينبغي عندي هذا النزاع والاختلاف». فبالله يا معشر ذوي العقول هل يجوز في مثل هذا الوقت الضنك المجال المشرف فيه على التفوض بينهم والترحال أن يقابلوه بمثل هذه الفعال؟ أليس هذا لو صدر مع سائر الرجال في مثل تلك الحال لعد نقصا وسوء أدب عند ذوي الكمال؟ وليت شعري أليس هناك من يهتدي لوجوه المصالح غير ابن الخطاب والذي ضرب على قلبه دون الإيمان القفل والحجاب؟ أين علي ابن أبي طالب عن أغلاط ابن عمه وابن العباس وأين بنو هاشم الذين هم ذروة الشرف وأرباب الرئاسة دون الناس؟ ألم يهتدوا لمصلحة من تلك المصالح التي اهتدى إليها ابن الخطاب فتروى لنا في باب من تلك الأبواب؟ ما هذا إلا كفر وتجاوز الحد من هؤلاء الأفاضل وكان ذلك حمية على ابن الخطاب ومن تبعه من
الأشقياء الأرذال ينسبون الجهل إلى نبيهم ويجوزون عليه الغلط ليصححوا به جرأة ابن الخطاب وما سلف منه فرط فليتهم اتخذوه نبيا غير ذلك النبي بل الأمر كذلك إن كنت تفهم ما هنالك.
وبقي من ذلك ما ذكره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب الملل والنحل حيث قال في المقدمات: المقدمة الثالثة في بيان أول شبهة وقعت في الخليفة ومن مصدرها في الأولى ومن مظهرها في الأخرى اعلم. أن أول شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس عليه اللعنة ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص واختياره الهوى في معارضة الأمر واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم وهي الطير، وانشعبت عن هذه الشبهة وسارت في الخليقة وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب وبدعة وضلال، وتلك الشبهات مسطورة في شرح الأناجيل الأربعة إنجيل لوقا ومرقس ويوحنا ومتى ومذكورة في التوراة متفرقة في شكل المناظرة بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع منه ثم ذكر تلك الشبه مفصلة وما نشأ منها من الشهبات في سائر الأمم وقال: إنها بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذور وترجع جملتها إلى إنكاره الأمر بعد الاعتراف بالحق وإلى الجنوح إلى الهوى في مقابلة النص، وختم الكلام بقوله: قال عليه السّلام: «لتسلكن سبيل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» ثم قال المقدمة في بيان أولى شبهة وقعت في الملة الإسلامية وكيف انشعابها ومن مصدرها ومن مظهرها، وكما قررنا أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان كذلك يمكن أن يقرر في كل رمان نبي ودور كل صاحب ملة وشريعة أن شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أول زمانه من الكفار والمنافقين وأكثرها من المنافقين وإن خفي علينا ذلك في الأمم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف من هذه الأمة، أن شبهاتها نشأت من شبهات منافقي زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى وشرعوا فيما لا شرع فيه للفكر ولا مسرى وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه. إلى أن قال: فهذا ما كان في زمانه صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو على شوكته وقوته وصحة بدنه والمنافقون يخادعون فيظهرون الإسلام ويبطنون النفاق وإنما يظهر نفاقهم في كل وقت بالاعتراض على حركات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسكناته فصارت الاعتراضات كالبذور وظهرت منها الشبهات كالزروع، وأما الاختلافات الواقعة في حال مرضه وبعد وفاته بين الصحابة فهي اختلافات اجتهادية كما قيل كان غرضهم فيها إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين، فأول
تنازع في مرضه صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما رواه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري بإسناده عن ابن عباس ثم ساق الرواية حسبما قدمناه في صدر المقالة ثم قال:(2/15)
وبقي من ذلك ما ذكره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتاب الملل والنحل حيث قال في المقدمات: المقدمة الثالثة في بيان أول شبهة وقعت في الخليفة ومن مصدرها في الأولى ومن مظهرها في الأخرى اعلم. أن أول شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس عليه اللعنة ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص واختياره الهوى في معارضة الأمر واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم وهي الطير، وانشعبت عن هذه الشبهة وسارت في الخليقة وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب وبدعة وضلال، وتلك الشبهات مسطورة في شرح الأناجيل الأربعة إنجيل لوقا ومرقس ويوحنا ومتى ومذكورة في التوراة متفرقة في شكل المناظرة بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع منه ثم ذكر تلك الشبه مفصلة وما نشأ منها من الشهبات في سائر الأمم وقال: إنها بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذور وترجع جملتها إلى إنكاره الأمر بعد الاعتراف بالحق وإلى الجنوح إلى الهوى في مقابلة النص، وختم الكلام بقوله: قال عليه السّلام: «لتسلكن سبيل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» ثم قال المقدمة في بيان أولى شبهة وقعت في الملة الإسلامية وكيف انشعابها ومن مصدرها ومن مظهرها، وكما قررنا أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان كذلك يمكن أن يقرر في كل رمان نبي ودور كل صاحب ملة وشريعة أن شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أول زمانه من الكفار والمنافقين وأكثرها من المنافقين وإن خفي علينا ذلك في الأمم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف من هذه الأمة، أن شبهاتها نشأت من شبهات منافقي زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى وشرعوا فيما لا شرع فيه للفكر ولا مسرى وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه. إلى أن قال: فهذا ما كان في زمانه صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو على شوكته وقوته وصحة بدنه والمنافقون يخادعون فيظهرون الإسلام ويبطنون النفاق وإنما يظهر نفاقهم في كل وقت بالاعتراض على حركات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وسكناته فصارت الاعتراضات كالبذور وظهرت منها الشبهات كالزروع، وأما الاختلافات الواقعة في حال مرضه وبعد وفاته بين الصحابة فهي اختلافات اجتهادية كما قيل كان غرضهم فيها إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين، فأول
تنازع في مرضه صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما رواه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري بإسناده عن ابن عباس ثم ساق الرواية حسبما قدمناه في صدر المقالة ثم قال:
والخلاف الثاني في مرضه أنه قال: «جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه» فقال قوم يجب علينا امتثال أمره وأسامة قد برز من المدينة، وقال قوم قد اشتد مرض النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فلا تسع قلوبنا لمفارقته والحال هذه فنصير حتى أي شيء يكون من أمره ثم قال: وإنما أوردت هذين التنازعين لأن المخالفين ربما عدوا ذلك من المخالفات المؤثرة في أمر الدين وهو كذلك وإن كان الغرض منه كله إقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب وتسكن ثائرة الفتن المؤثرة عند تقلب الأمور انتهى كلامه.
فيا معشر ذوي العقول والأحلام تأملوا في كلام هؤلاء الفحول الأعلام وانصفوا فالإنصاف من شيم الكرم وهل نقل عن أحد من أولئك الأصحاب الخلاف له صلّى الله عليه وآله وسلّم في باب من الأبواب غير ابن الخطاب في الحياة وحال الوفاة بل وبعده من تلك الأوقات، وهل أحد تجرأ عليه في وجهه برد كلامه واساء الأدب إليه غير أولئك المرتاب؟ هب سلمنا ان غيره في زمنه صلّى الله عليه وآله وسلّم خالفه في بعض الأمور وامتنع عن قبول بعض أحكامه في ورود أو صدور هل أثر خلافه في الأمة أو جرى في الأسماع غير مخالفات ابن الخطاب التي سارت في جميع الأصقاع وامتلأت بها الفجاج والبقاع بل صارت له مناقب تتلى على رؤوس الأشهاد ويفتخر بها أتباعه بين العباد، حتى بنوا وشيدوا عليها الأحكام وجعلوها أصولا يرجع إليها في الحلال والحرام، فهذه هي البذور بمقتضى تقريره المسطور وما بناه عليها أتباعه هي الزرع التي سيحصدونها يوم المآب والرجوع. والعجب من عقولهم الواهية بعد ذكر هذه الفضائح المستنكرة يرومون التستر عنها بهذه الأعذار البالغة في السماجة والوقاحة إلى حد قد تجاوز الساحة، حيث أنه خذله الله تعالى بعد أن قرر في المقدمة الثالثة أن أول شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس وأن مصدرها استبداده بالرأي في مقابلته بالنص واختياره الهوى في معارضة الأمر، وإن هذه الشبهة هي أصل شبهة الضلال السائرة في الأمم وجملتها ترجع إلى إنكار الأمر بعد الاعتراف والجنوح إلى الهوى في مقابلة النص، وكان هذا كله صادقا على ما وقع من أئمته من الخلاف للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يعتذر عنهم بما لا يزيده معهم إلا فضيحة الأبد والخزي الظاهر عند كل أحد، متى كان الغرض من مخالفتهم إنما هو إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين فاللازم منه أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم المرسل لإقامة الدين ورحمة للعالمين بأمره بتلك الأشياء قد خرج عن طريق الحق وخالف جادة الشرع المبين،
وهذا هو الكفر الصراح الذي لا يحتاج إلى بيان ولا إيضاح. اللهم إلا أن يقولوا أن أمره بتنفيذ جيش أسامة كان من قبيل الأمر بذلك الكتاب الذي وقع عن هجر منه وهذيان وعدم شعور في ذلك الباب وحينئذ فيتم الاعتذار ويستقيم الجواب.(2/16)
فيا معشر ذوي العقول والأحلام تأملوا في كلام هؤلاء الفحول الأعلام وانصفوا فالإنصاف من شيم الكرم وهل نقل عن أحد من أولئك الأصحاب الخلاف له صلّى الله عليه وآله وسلّم في باب من الأبواب غير ابن الخطاب في الحياة وحال الوفاة بل وبعده من تلك الأوقات، وهل أحد تجرأ عليه في وجهه برد كلامه واساء الأدب إليه غير أولئك المرتاب؟ هب سلمنا ان غيره في زمنه صلّى الله عليه وآله وسلّم خالفه في بعض الأمور وامتنع عن قبول بعض أحكامه في ورود أو صدور هل أثر خلافه في الأمة أو جرى في الأسماع غير مخالفات ابن الخطاب التي سارت في جميع الأصقاع وامتلأت بها الفجاج والبقاع بل صارت له مناقب تتلى على رؤوس الأشهاد ويفتخر بها أتباعه بين العباد، حتى بنوا وشيدوا عليها الأحكام وجعلوها أصولا يرجع إليها في الحلال والحرام، فهذه هي البذور بمقتضى تقريره المسطور وما بناه عليها أتباعه هي الزرع التي سيحصدونها يوم المآب والرجوع. والعجب من عقولهم الواهية بعد ذكر هذه الفضائح المستنكرة يرومون التستر عنها بهذه الأعذار البالغة في السماجة والوقاحة إلى حد قد تجاوز الساحة، حيث أنه خذله الله تعالى بعد أن قرر في المقدمة الثالثة أن أول شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس وأن مصدرها استبداده بالرأي في مقابلته بالنص واختياره الهوى في معارضة الأمر، وإن هذه الشبهة هي أصل شبهة الضلال السائرة في الأمم وجملتها ترجع إلى إنكار الأمر بعد الاعتراف والجنوح إلى الهوى في مقابلة النص، وكان هذا كله صادقا على ما وقع من أئمته من الخلاف للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يعتذر عنهم بما لا يزيده معهم إلا فضيحة الأبد والخزي الظاهر عند كل أحد، متى كان الغرض من مخالفتهم إنما هو إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين فاللازم منه أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم المرسل لإقامة الدين ورحمة للعالمين بأمره بتلك الأشياء قد خرج عن طريق الحق وخالف جادة الشرع المبين،
وهذا هو الكفر الصراح الذي لا يحتاج إلى بيان ولا إيضاح. اللهم إلا أن يقولوا أن أمره بتنفيذ جيش أسامة كان من قبيل الأمر بذلك الكتاب الذي وقع عن هجر منه وهذيان وعدم شعور في ذلك الباب وحينئذ فيتم الاعتذار ويستقيم الجواب.
فإن قيل: لا يلزم من كون غرضهم ذلك صحته واقعا لجواز أن يكونوا قد اجتهدوا في ذلك وإن كان اجتهادهم خطأ. قلنا: يلزم من اعتقادهم ذلك وإن كانوا مخطئين نسبتهم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى مخالفة الشرع والإخلال بمراسمه حتى أنهم يريدون استدراكه عليه وهذا مثل الأول. ثم انظر إلى نسبة الاختلافات إلى الصحابة على الإجمال وتستره عن النسبة إلى أئمة ذوي الأثقال والأحمال، وانظر إلى نقله عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لعن الله من تخلف عن جيش أسامة» مع أن المتخلفين هم أولو الخلافة عنده والإمامة كما هو مسلم عند الخاصة والعامة، وإلى قوله:
وإنما أوردت هذين المتنازعين (اه) فإنه لو لم يوردهما لكان أولى بشأنه وأحق بنقصانه ولكن أبى الله سبحانه إلا إظهار فضيحة أئمته على لسانه والطعن فيهم بعامل قلمه وسنانه.
ومن ذلك ما صرح به القاضي أمير حسين اليزدي الشافعي في شرحه للديوان المرتضوي بالفارسية حيث قال: أول فتنة كه در ميان إسلام واقع شد آن بود كه پيغمبر صلّى الله عليه وآله وسلّم فرمود: قوموا عني لا ينبغي التنازع انتهى.
ومما يدخل في المقام ما ذكره علامتهم التفتازاني في شرح المقاصد حيث قال: ما وقع للصحابة من المحاورات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق وبلغ حد الفسوق والظلم، وكان الباعث عليه الحقد والعناد وطلب الملك والرياسات والميل إلى اللذات والشهوات وليس كل صحابي معصوما ولا كل من لقي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالخير موسوما، إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق صونا لعقائد المسلمين من الزيغ والضلال في حق كبار الصحابة سيما المهاجرين منهم والأنصار المبشرين بالثواب في دار القرار انتهى.
أقول: انظر أيدك الله تعالى إلى هذا الكلام المضطرب غاية الاضطراب والمتناقض تناقضا لا يخفى على الجهال فضلا عن ذوي الألباب، وإلى هذا الاعتذار الفاضح الذي زخرفه هذا النحرير والعثار الواضح الذي وقع في هذا التحوير وقد أبطل مذهبه من حيث لا يدري وسب شيوخه سب المجتري.
وبالجملة فذيل الكلام في هذا المقام واسع لا تفي به الأقلام ولو إلى القيام، وإلى الله المشتكى من أولئك اللئام صب الله عليهم صيب الانتقام.(2/17)
أقول: انظر أيدك الله تعالى إلى هذا الكلام المضطرب غاية الاضطراب والمتناقض تناقضا لا يخفى على الجهال فضلا عن ذوي الألباب، وإلى هذا الاعتذار الفاضح الذي زخرفه هذا النحرير والعثار الواضح الذي وقع في هذا التحوير وقد أبطل مذهبه من حيث لا يدري وسب شيوخه سب المجتري.
وبالجملة فذيل الكلام في هذا المقام واسع لا تفي به الأقلام ولو إلى القيام، وإلى الله المشتكى من أولئك اللئام صب الله عليهم صيب الانتقام.
من مسائل الشيخ الصالح الجزائري من البهائي
ومن جملة مسائل الشيخ صالح بن حسن الجزائري التي أرسلها لخدمة شيخنا بل شيخ المسلمين بهاء الملة والدين مسألة سيدي وسندي ومن عليه بعد الله وأهل البيت معتمدي هذه الأبيات لبعض النواصب تبر الله أعمارهم وأخرب ديارهم، فالمأمول من أنفاسكم وألطافكم الظاهرة أن تشرفوا خادمكم بجواب منظوم عن هذه الأبيات نكسر به سورة هذا الناصب وأمثاله من الطغاة نصر الله بكم الإسلام بمحمد وآله الطاهرين الكرام، وهي هذه:
أهوى عليا أمير المؤمنين ولا ... أرضى بسب أبي بكر ولا عمرا
ولا أقول إذا لم يعطيا فدكا ... بنت النبي رسول الله قد كفرا
الله أعلم ماذا يأتيان به ... يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
الجواب: الثقة بالله وحده. إلتمست أيها الأخ الأفضل الوفي الألمعي الذكي أطال الله بقاك وأدام في معارج العز تقاك الإجابة عما هدر به هذا المخذول فقابلت التماسك بالقبول وطفقت أقول:
يا أيها المدعي حب الوصي ولم ... تسمح بسب أبي بكر ولا عمرا
كذبت والله في دعوى محبته ... تبّت يداك ستصلى في غد سقرا
وكيف تهوى أمير المؤمنين وقد ... أراك في سب من عاداه مفتكرا
فإن تكن صادقا فيما نطقت به ... فابرأ إلى الله ممن خان أو غدرا
وأنكر النص في خم وبيعته ... وقال إن رسول الله قد هجرا
أتيت تبغي قيام العذر في فدك ... أتحسب الأمر بالتمويه مستترا
إن كان في غصب حق الطهر فاطمة ... سيقبل العذر ممن جاء معتذرا
فكل ذنب له عذر غداة غد ... وكل ظلم يرى في الحشر مغتفرا
فلا تقولوا لمن أيامه صرفت ... في سب شيخكم قد ضل أو كفرا
بل سامحوه وقولوا لا نؤاخذه ... عسى يكون له عذر إذا اعتذرا
فكيف والعذر مثل الشمس إذ بزغت ... والأمر متضح كالصبح إذ ظهرا
لكن إبليس أغواكم وصيركم ... عميا وصما فلا سمعا ولا بصرا(2/18)
يا أيها المدعي حب الوصي ولم ... تسمح بسب أبي بكر ولا عمرا
كذبت والله في دعوى محبته ... تبّت يداك ستصلى في غد سقرا
وكيف تهوى أمير المؤمنين وقد ... أراك في سب من عاداه مفتكرا
فإن تكن صادقا فيما نطقت به ... فابرأ إلى الله ممن خان أو غدرا
وأنكر النص في خم وبيعته ... وقال إن رسول الله قد هجرا
أتيت تبغي قيام العذر في فدك ... أتحسب الأمر بالتمويه مستترا
إن كان في غصب حق الطهر فاطمة ... سيقبل العذر ممن جاء معتذرا
فكل ذنب له عذر غداة غد ... وكل ظلم يرى في الحشر مغتفرا
فلا تقولوا لمن أيامه صرفت ... في سب شيخكم قد ضل أو كفرا
بل سامحوه وقولوا لا نؤاخذه ... عسى يكون له عذر إذا اعتذرا
فكيف والعذر مثل الشمس إذ بزغت ... والأمر متضح كالصبح إذ ظهرا
لكن إبليس أغواكم وصيركم ... عميا وصما فلا سمعا ولا بصرا
طرف مما يتعلق بالكميت الشاعر
يقول جامع الكشكول وساطر هذه النقول: قد نقل أفاضل أصحابنا عن الشيخ المفيد (ره) في شرحه لقصيدة السيد إسماعيل الحميري البائية التي أولها «هلا وقفت على المكان المعشب» بإسناده إلى سليمان المسترق عن السيد يعرف بقاسم الخياط قال: حججت مع السيد في أيام هشام فلقيت الكميت ابن زيد الشاعر الأسدي فسلم عليه السيد وعظمه وقال: أنت أعزك الله القائل:
ولا أقول إذا لم يعطيا فدكا ... بنت الرسول ولا ميراثه كفرا
الله أعلم ماذا يأتيان به ... يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
قال الكميت: نعم أنا الذي أقوله، فقال السيد: لولا إقامة الحجة لوسعني السكوت أضعف يا هذا عن الحق ثم ذكر له شيئا من الاحتجاج ثم قال له: فانظر في أمرك! فقال الكميت: أنا تائب إلى الله من شكى فيما قلت انتهى.
ومن المفهوم من كلام جملة من أصحابنا ومنهم العلامة في الخلاصة وابن داود أيضا في خلاصته أن الرجل إمامي المذهب ممدوح، وقد نقل الكشي أيضا روايات يمدحه منها قول الباقر عليه السّلام: «لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا» وفي رواية أخرى عنه عليه السّلام أنه قال له: «لا تزال معك روح القدس ما ذببت عنا» وبالجملة فإن الرجل من المتفق على إماميته. ونقل الشيخ فخر الدين النجفي في كتابه مجمع البحرين أن من شعره بحضرة الباقر عليه السّلام ما صورته:
إن المصرين على ذنبيهما ... والمخفيا الفتنة في قلبيهما
فالخالعان العقدة من عنقيهما ... والحاملان الوزر على ظهريهما
كالجبت والطاغوت في مثليهما ... فلعنة الله على روحيهما
فضحك الباقر عليه السّلام وقد عده في مجالس المؤمنين أيضا من خلص الإمامية ونسب إليه هذه الأبيات الآتية وقد قدمنا نسبتها إليه أيضا من كتاب ابن الجوزي وهو قوله:
ويوم الدوح دوح غدير خم ... أبان له الخلافة لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوها ... فلم أر مثلها يوما شنيعا
ثم نقل فيه عن الكميت أنه رأى أمير المؤمنين عليه السّلام في النوم فاستنشده الأبيات وأمره بتغيير المصراع الأخير فقال: قل: «ولم أر مثله حقا أضيعا» ونقل له من الأشعار في مدح الأمير عليه السّلام وذم مخالفيه قطعة وافرة إلا أن في استثناء
الإمام الباقر عليه السّلام فيما روي عنه مما قدمنا في مدحه من قوله: «ما دمت تقول فينا». وقوله في الحديث الثاني: «ما ذببت عنا» ما يشعر بالرجوع والانقلاب كما وقع مثله في دعاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لحسان بن ثابت وفي الآية الشريفة لنساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.(2/19)
ويوم الدوح دوح غدير خم ... أبان له الخلافة لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوها ... فلم أر مثلها يوما شنيعا
ثم نقل فيه عن الكميت أنه رأى أمير المؤمنين عليه السّلام في النوم فاستنشده الأبيات وأمره بتغيير المصراع الأخير فقال: قل: «ولم أر مثله حقا أضيعا» ونقل له من الأشعار في مدح الأمير عليه السّلام وذم مخالفيه قطعة وافرة إلا أن في استثناء
الإمام الباقر عليه السّلام فيما روي عنه مما قدمنا في مدحه من قوله: «ما دمت تقول فينا». وقوله في الحديث الثاني: «ما ذببت عنا» ما يشعر بالرجوع والانقلاب كما وقع مثله في دعاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لحسان بن ثابت وفي الآية الشريفة لنساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
والمفهوم من مناظرة السيد الحميري المنقولة في كلام الشيخ المفيد وكلامه له أن الرجل كان سابقا على خلاف ذلك الاعتقاد وأن بحثه معه إنما كان بطريق النصح وإيضاح الحق بعد عروض الشبهة له، وربما أيد ذلك ما نقله في كتاب مجالس المؤمنين عن بعض علماء الشافعية في شرح كتاب قاضي عياض المالكي عند ذكر السيد إسماعيل الحميري وأنه كان من غلاة الشيعة وأنه يكفر الخلفاء الثلاثة قال: إن الكميت لا يكفر الصحابة. والله سبحانه أعلم بحقائق الأمور.
فقير دخل في الطواف فصار غنيا
كتاب المستطرف: وأخبرني أبو الوليد التاجي عن أبي ذر قال: كنت أقرأ على الشيخ أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين ببغداد جزءا من الحديث في حانوت رجل يبيع العطر، فبينما أنا جالس معه في الحانوت إذ جاءه رجل من الطوافين ممن يبيع العطر، في طبق يحمله في يده فدفع إليهم عشرة دراهم وقال له: ادفع إلي أشياء سماها له من العطر فأخذها في طبقه ومضى. فسقط الطبق من يده فانكب جميع ما كان فيه فبكى الطوّاف وجزع حتى رحمناه، فقال أبو حفص لصاحب الحانوت: لعلك تعينه على بعض هذه الأسباب! فقال: سمعا وطاعة، فنزل وجمع له ما جمع منها ودفع ما عدم منها وأقبل الشيخ على الطواف يصبره ويقول له: لا تجزع فأمر الدنيا أيسر من ذلك، فقال الطواف: انظر أيها الشيخ إن جزعي ليس لضياع ما ضاع لقد علم الله أني كنت في القافلة الفلانية فضاع لي هميان فيه أربعة آلاف ومعها فصوص قيمتها مثل ذلك فما جزعت لضياعه، ولكن ولد لي في هذه الليلة ولد فاحتجت في البيت إلى ما تحتاج إليه النساء وليس عندي غير هذه العشرة فخشيت أن أشتري بها حوائج النفساء فأبقى بلا رأس مال ولا أقدر على التكسب، فقلت لنفسي أشتري بها شيئا وأطوف بها صدر النهار فعسى استفضل شيئا أسد به رمق أهلي ويبقى رأس المال أكتسب فيه، فلما قدر الله لي ضياعه فزعت وقلت لا عندي ما أرجع به إليهم ولا أكتسب به وعلمت أنه لم يبق إلا الفرار منهم وتركهم على هذه الحال يبكون بعدي، فهذا الذي أوجب جزعي. قال الشيخ أبو ذره: وكان رجل من الجند واقفا على باب داره يستوجب الحديث فقال للشيخ أبي حفص: يا سيدي أريد أن تأتوا بهذا الرجل وتدخلوا به
إلى منزلي، فظننا أنه يريد أن يعطيه شيئا قال: فدخلنا إلى منزله فأقبل على الطواف وقال: عجبت من جزعك فأعاد عليه القصة، فقال له الجندي: وكنت في تلك القافلة؟ قال: نعم وكان بها فلان وفلان، فقال له: وما علامة الهميان وفي أي موضع سقط منك؟ فوصف له المكان والعلامة فقال له الجندي: إذا رأيته عرفته؟(2/20)
كتاب المستطرف: وأخبرني أبو الوليد التاجي عن أبي ذر قال: كنت أقرأ على الشيخ أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين ببغداد جزءا من الحديث في حانوت رجل يبيع العطر، فبينما أنا جالس معه في الحانوت إذ جاءه رجل من الطوافين ممن يبيع العطر، في طبق يحمله في يده فدفع إليهم عشرة دراهم وقال له: ادفع إلي أشياء سماها له من العطر فأخذها في طبقه ومضى. فسقط الطبق من يده فانكب جميع ما كان فيه فبكى الطوّاف وجزع حتى رحمناه، فقال أبو حفص لصاحب الحانوت: لعلك تعينه على بعض هذه الأسباب! فقال: سمعا وطاعة، فنزل وجمع له ما جمع منها ودفع ما عدم منها وأقبل الشيخ على الطواف يصبره ويقول له: لا تجزع فأمر الدنيا أيسر من ذلك، فقال الطواف: انظر أيها الشيخ إن جزعي ليس لضياع ما ضاع لقد علم الله أني كنت في القافلة الفلانية فضاع لي هميان فيه أربعة آلاف ومعها فصوص قيمتها مثل ذلك فما جزعت لضياعه، ولكن ولد لي في هذه الليلة ولد فاحتجت في البيت إلى ما تحتاج إليه النساء وليس عندي غير هذه العشرة فخشيت أن أشتري بها حوائج النفساء فأبقى بلا رأس مال ولا أقدر على التكسب، فقلت لنفسي أشتري بها شيئا وأطوف بها صدر النهار فعسى استفضل شيئا أسد به رمق أهلي ويبقى رأس المال أكتسب فيه، فلما قدر الله لي ضياعه فزعت وقلت لا عندي ما أرجع به إليهم ولا أكتسب به وعلمت أنه لم يبق إلا الفرار منهم وتركهم على هذه الحال يبكون بعدي، فهذا الذي أوجب جزعي. قال الشيخ أبو ذره: وكان رجل من الجند واقفا على باب داره يستوجب الحديث فقال للشيخ أبي حفص: يا سيدي أريد أن تأتوا بهذا الرجل وتدخلوا به
إلى منزلي، فظننا أنه يريد أن يعطيه شيئا قال: فدخلنا إلى منزله فأقبل على الطواف وقال: عجبت من جزعك فأعاد عليه القصة، فقال له الجندي: وكنت في تلك القافلة؟ قال: نعم وكان بها فلان وفلان، فقال له: وما علامة الهميان وفي أي موضع سقط منك؟ فوصف له المكان والعلامة فقال له الجندي: إذا رأيته عرفته؟
قال: نعم. فأخرج الجندي هميانا ووضعه بين يديه، فقال: هذا همياني وعلامة صحة قولي إن فيه كيت وكيت، ففتح الهميان فوجده كما ذكره. فقال له الجندي:
خذ مالك بارك الله فيه، فقال له الطواف: إن هذه الفصوص قيمتها مثل الدنانير وأكثر فخذها لك وأنت في حل ونفسي طيبة بذلك. فقال الجندي: ما كنت لآخذ على أمانتي مالا فدخل الطواف وهو الفقراء وخرج وهو من الأغنياء.
ذبح علي عليه السّلام للموصلي
كتاب إرشاد الديلمي: روي أنه كان ببلد الموصل شخص يقال له أحمد بن حمدون العلوي، وكان شديد العناد كثير العداوة والبغض لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام فأراد بعض أعيان الموصل الحج فجاء إليه يودعه وقال: إني قد عزمت على الحج فإن كان لك حاجة هناك فعرفني حتى أقضيها. فقال: إن لي حاجة مهمة وهي عليك سهلة، فقال له: مرني بها حتى أفعلها، قال: إذا وردت المدينة وزرت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فخاطبه عني وقل له: يا رسول الله ماذا أعجبك من علي ابن أبي طالب عليه السّلام حتى زوجته ابنتك أعظم بطنه، أو دق ساقه، أو صلعة رأسه؟ ثم حلفه وعزم عليه أن يبلغ هذا الكلام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلما بلغ الرجل المدينة وقضى أمره نسي الرجل تلك الوصية فرأى أمير المؤمنين عليه السّلام في منامه يقول: لم لا بلغت وصية فلان؟ فانتبه ومضى من وقته وساعته إلى القبر المقدس وخاطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بما أوصاه ذلك الرجل ثم نام فرأى أمير المؤمنين عليه السّلام قد أخذه بيده ومضى هو وإياه إلى منزل ذلك الرجل، وأخذ أمير المؤمنين مدية فذبحه بها ثم مسح المدية بملحفة كانت عليه ثم جاء إلى سقف باب الدار فرفعه بيده ووضع المدية تحته فخرج، فانتبه الحاج قزعا مرعوبا من ذلك وكتب صورة المنام هو وأصحابه الذين معه من الموصل بالمدينة. قال: فلما رأى الرجل مقتولا انتهى خبره إلى سلطان الموصل في تلك الليلة فأخذ الجيران والمتهمين ورماهم في السجن وتعجب أهل الموصل من قتله حيث لم يجدوا نقبا في جدار ولا أثر تسلط على حائط ولا بابا مفتوحا حتى أن السلطان بقي متحيرا في أمره ما يدري ما يصنع في قضيته، ولم يزل أولئك في السجن حتى قدم الحاج من مكة فسأل عن أولئك
المسجونين، فقيل له: إنهم في السجن فسأل عن سبب ذلك؟ فقيل: إن الليلة الفلانية وجد فلانا مذبوحا في داره ولم يعرف قاتله فكبر الحاج هو وأصحابه وقال لأصحابه: أخرجوا صورة المنام المكتوبة عندكم، فأخروجها فوجدوا ليلة المنام هي ليلة القتل، ثم مضى الحاج هو وأصحابه إلى بيت المقتول وأمرهم بإخراج الملحفة وأخبرهم بالدم الذي كان فيها فوجدوها كما قال ثم أمرهم برفع مردم الباب فوجدوا السكين تحته فعرفوا صدق منامه فأفرج عن المحبوسين ورجع أهل المقتول وكثير من أهل البلد إلى الإيمان، وكان ذلك من لطف الله سبحانه وتعالى في حقهم. وهذه القصة مشهورة وهي من الغرائب.(2/21)
كتاب إرشاد الديلمي: روي أنه كان ببلد الموصل شخص يقال له أحمد بن حمدون العلوي، وكان شديد العناد كثير العداوة والبغض لمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام فأراد بعض أعيان الموصل الحج فجاء إليه يودعه وقال: إني قد عزمت على الحج فإن كان لك حاجة هناك فعرفني حتى أقضيها. فقال: إن لي حاجة مهمة وهي عليك سهلة، فقال له: مرني بها حتى أفعلها، قال: إذا وردت المدينة وزرت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فخاطبه عني وقل له: يا رسول الله ماذا أعجبك من علي ابن أبي طالب عليه السّلام حتى زوجته ابنتك أعظم بطنه، أو دق ساقه، أو صلعة رأسه؟ ثم حلفه وعزم عليه أن يبلغ هذا الكلام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلما بلغ الرجل المدينة وقضى أمره نسي الرجل تلك الوصية فرأى أمير المؤمنين عليه السّلام في منامه يقول: لم لا بلغت وصية فلان؟ فانتبه ومضى من وقته وساعته إلى القبر المقدس وخاطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بما أوصاه ذلك الرجل ثم نام فرأى أمير المؤمنين عليه السّلام قد أخذه بيده ومضى هو وإياه إلى منزل ذلك الرجل، وأخذ أمير المؤمنين مدية فذبحه بها ثم مسح المدية بملحفة كانت عليه ثم جاء إلى سقف باب الدار فرفعه بيده ووضع المدية تحته فخرج، فانتبه الحاج قزعا مرعوبا من ذلك وكتب صورة المنام هو وأصحابه الذين معه من الموصل بالمدينة. قال: فلما رأى الرجل مقتولا انتهى خبره إلى سلطان الموصل في تلك الليلة فأخذ الجيران والمتهمين ورماهم في السجن وتعجب أهل الموصل من قتله حيث لم يجدوا نقبا في جدار ولا أثر تسلط على حائط ولا بابا مفتوحا حتى أن السلطان بقي متحيرا في أمره ما يدري ما يصنع في قضيته، ولم يزل أولئك في السجن حتى قدم الحاج من مكة فسأل عن أولئك
المسجونين، فقيل له: إنهم في السجن فسأل عن سبب ذلك؟ فقيل: إن الليلة الفلانية وجد فلانا مذبوحا في داره ولم يعرف قاتله فكبر الحاج هو وأصحابه وقال لأصحابه: أخرجوا صورة المنام المكتوبة عندكم، فأخروجها فوجدوا ليلة المنام هي ليلة القتل، ثم مضى الحاج هو وأصحابه إلى بيت المقتول وأمرهم بإخراج الملحفة وأخبرهم بالدم الذي كان فيها فوجدوها كما قال ثم أمرهم برفع مردم الباب فوجدوا السكين تحته فعرفوا صدق منامه فأفرج عن المحبوسين ورجع أهل المقتول وكثير من أهل البلد إلى الإيمان، وكان ذلك من لطف الله سبحانه وتعالى في حقهم. وهذه القصة مشهورة وهي من الغرائب.
معجزة لأمير المؤمنين عليه السّلام
ومن الكتاب المذكور: روي عن كمال الدين بن عفان القمي قال: دخلت حضرة مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام فزرت وتوسلت بمولانا أمير المؤمنين عليه السّلام ثم قمت فعلق مسمار من الضريح المقدس صلوات الله على مشرفه في قبائي فمزقه، فقلت مخاطبا لأمير المؤمنين عليه السّلام: ما أعرف عوض هذا إلا منك يا مولاي، وكان إلى جانبي رجل رأيه غير رأيي فقال لي مستهزئا: ما يعطيك عوضه إلا قباء ورديا، وانفصلنا من الزيارة وجئنا الحلة وكان جمال الدين بن القاسم الناصري قد هيأ قباء ورديا لشخص يريد أن ينفذه إليه ببغداد، فخرج الكلام على لسان ابن القاسم أن قال للخادم: اطلبوا كمال الدين القمي، فطلبني فجئت فأخذ بيدي فأدخلني الخزانة وألبسني قباء ورديا فخرجت ودخلت على ابن القاسم لأسلم عليه وأقبل كفيه لما فعل عندي، فلم يعرفني ونظر إلي شزرا فعرفت الكراهية في وجهه ثم التفت إلى الخادم كالمغضب وقال: أطلبت فلانا؟ فقال الخادم: إنما طلبت الذي أمرتني به، قال: أين هو؟ قال: أليس هذا هو كمال الدين القمي الذي أمرتني بطلبه، فقطب وجهه وأنكر ذلك فشهدت الجماعة الذين كانوا جلساء الأمير بما قال الخادم وقالوا للأمير: إنما أمرت بإحضار كمال الدين القمي، فنكس رأسه الأمير فقلت: أيها الأمير ما خلعت أنت عليّ هذه الخلعة ولا خادمك بل خلعها عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام فالتمس الأمير مني الحكاية فحكيت له فخر لله ساجدا شكرا وقال: الحمد لله إذ كانت على يدي.
فضيلة علوية
وروي عن القاضي ابن يزيد الهمداني الكوفي: وكان رجلا صالحا متعبدا
قال: كنت في جامع الكوفة ذات ليلة وكانت ليلة ممطرة فدق باب مسلم جماعة ففتح لهم الباب وذكر بعضهم أن معهم جنازة فأدخلوها وجعلوها على الصفة التي تجاه باب مسلم بن عقيل (رض) ثم إن أحدهم نعس فنام فرأى في منامه قائلا يقول للآخر: أما تبصر حتى تنظر هل لنا معه حساب أم لا؟ فكشف له عن وجه الميت فقال لصاحبه: بل لنا معه حساب فينبغي أن تأخذه منه معجلا قبل أن يتعدى الرصافة فلا يبقى لنا معه طريق، قال: فانتبه الرجل وحكى لأصحابه، فقال: خذوه عجلا فأخذوه ومضوا في الحال إلى المشهد المقدس صلوات الله على مشرفه (شعر):(2/22)
وروي عن القاضي ابن يزيد الهمداني الكوفي: وكان رجلا صالحا متعبدا
قال: كنت في جامع الكوفة ذات ليلة وكانت ليلة ممطرة فدق باب مسلم جماعة ففتح لهم الباب وذكر بعضهم أن معهم جنازة فأدخلوها وجعلوها على الصفة التي تجاه باب مسلم بن عقيل (رض) ثم إن أحدهم نعس فنام فرأى في منامه قائلا يقول للآخر: أما تبصر حتى تنظر هل لنا معه حساب أم لا؟ فكشف له عن وجه الميت فقال لصاحبه: بل لنا معه حساب فينبغي أن تأخذه منه معجلا قبل أن يتعدى الرصافة فلا يبقى لنا معه طريق، قال: فانتبه الرجل وحكى لأصحابه، فقال: خذوه عجلا فأخذوه ومضوا في الحال إلى المشهد المقدس صلوات الله على مشرفه (شعر):
إذا مت فادفني إلى جنب حيدر ... أبا شبر أكرم به وشبير
فلست أخاف النار عند جواره ... ولا أتقي من منكر ونكير
فعار على حامي الحمى وهو في الحمى ... إذا ضل في البيداء عقال بعير
الكلام في المعاد
من كتاب تهافت الفلاسفة: الأقوال الممكنة في أمر المعاد على خمسة وقد ذهب إلى كل منها جماعة:
الأول: ثبوت المعاد الجسماني فقط وأن المعاد ليس إلا لهذا البدن، وهو قول نقاة النفس الناطقة المجردة وهم أكثر أهل الإسلام.
الثاني: ثبوت المعاد الروحاني فقط، وهو قول الفلاسفة الإلهيين الذين ذهبوا إلى أن الإنسان هو النفس الناطقة فقط وإنما البدن آلة يستعمل وتتصرف فيه لأشكال جوهرها.
الثالث: ثبوت المعاد الروحاني الجسماني معا، وهو قول من يثبت النفس الناطقة المجردة من الإسلاميين كالإمام الغزالي والراغب وغيرهما وكثير من المتصوفة.
الرابع: عدم ثبوت شيء منها، وهو قول قدماء الطبيعيين الذين لا يقتدى بهم ولا بمذهبهم لا في الملة ولا في الفلسفة.
الخامس: المتوقف، وهو المنقول عن جالينوس فقد نقل عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه: إني ما علمت هل أن النفس هي المزاج فتنعدم عند الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باقي بعد فساد البدن فيمكن المعاد.
لابن الدمينة: واسمه عبد الله وهو من العرب العرباء من بني عامر:(2/23)
الخامس: المتوقف، وهو المنقول عن جالينوس فقد نقل عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه: إني ما علمت هل أن النفس هي المزاج فتنعدم عند الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باقي بعد فساد البدن فيمكن المعاد.
لابن الدمينة: واسمه عبد الله وهو من العرب العرباء من بني عامر:
قفي يا أميم القلب نقضي لبانة ... ونشكو الهوى ثم افعلي ما بدا لك
أرى الناس يرجون الربيع وإنما ... ربيعي الذي أرجو زمان نوالك
تعاللت كي أشجى وما بك علة ... تريدين قتلي قد ظفرت بذلك
لئن ساءني إذ نلتني بمساءة ... فقد سرني إني خطرت ببالك
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني ... فأفرح أم صيرتني في سمالك
كتاب يوحنا
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي أنقذني من الملل الباطلة، ونجاني من النحل العاطلة، وبصرني مزالق الآراء الواهية، وأرشدني إلى الفرقة الناجية من الفرقة الهاوية، وعرفني الأئمة المعصومين ومراتبهم الجالية، فواليت من والاهم وعاديت من عاداهم في السر والعلانية. فصل اللهم على خاتم أنبيائك الماضية وقائد أولئك الآتية، محمد المنعوت في كتب الخالية، والمبعوث بالملة الزاهرة، صلاة دائمة باقية هامرة، وعلى عترته الطاهرة، سادات الدنيا والآخرة.
وبعد: فيقول يوحنا بن إسرائيل الذمي: إني كنت رجلا ذميا متقنا للفنون العقلية ممتعا من العلوم النقلية لا يحيدني عن الحق مموهات الدلائل ولا يلقيني في الباطل مزخرفات العبارات ومنمقات الرسائل، أنجر ينابيع التحقيق من أطواد الحلوم واستخرج بالفكر الدقيق المجهول من العلوم، أتصفح بنظر الاعتبار ومعتقد فريق فريق وأميز بين ذلك سواء الطريق، والناس إذ ذاك قد مزقوا دينهم وكانوا شيعا وتمزقوا كل ممزق وتبروا قطعا، فلهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، يخبطون خبط عشواء فهم لا يبصرون ويتعسفون مهامه الضلالة فهم في ريبهم يترددون، فبعضهم دينه صابئي وغيرهم مجوسي وهذا يهودي وهذا نصراني وآخر محمدي، وبعض عبدوا الكواكب وبعض عبدوا الشمس، وطائفة عبدوا النار وقوم عبدوا العجل، وكل فرقة من هؤلاء صاروا فرقا لا تحصى فلما رأيت تشعب القول وشاهدت تناقض النقول طابقت المنقول بالمنقول وميزت الصحيح من المعلول وأقمت الدليل على وجوب اتباع ملة الإسلام والاقتداء بها إلى يوم الحساب والقيام، فأظهرت كلمة الشهادة وألزمت نفسي بما فيه من العبادة وجمعت الكتب الإسلامية من التفاسير والأحاديث والأصول والفروع من جميع الفرق المختلفة وجعلت أطالعها ليلا ونهارا وأتفكر في المناقضات التي وقعت في دين الإسلام، فقال بعضهم: إن صفات الله تعالى عين ذاته، وبعض
قال: لا عين ذاته ولا زائدة، وبعض قال: إن الله عزّ وجلّ أراد الشر وخلقه وبعض نزهه عن ذلك، وبعض جوز على الأنبياء الصغائر، وبعض جوز الكبائر، وبعض جوز الكفر، وبعض أوجب عصمتهم وبعض أوجب النص بالإمامة، وبعض أنكره، وبعض قال بإمامة أبي بكر وأنه أفضل، وبعض كفره، وبعض قال بإمامة علي عليه السّلام، وبعض قال بآلهيته، وبعض ساق الإمامة في أولاد الحسن عليه السّلام، وبعض ساقها في أولاد الحسين عليه السّلام، وبعض وقف على موسى الكاظم عليه السّلام، وبعضهم قال باثني عشر إماما إلى غير ذلك من الأقوال التي لا تحصى.(2/24)
وبعد: فيقول يوحنا بن إسرائيل الذمي: إني كنت رجلا ذميا متقنا للفنون العقلية ممتعا من العلوم النقلية لا يحيدني عن الحق مموهات الدلائل ولا يلقيني في الباطل مزخرفات العبارات ومنمقات الرسائل، أنجر ينابيع التحقيق من أطواد الحلوم واستخرج بالفكر الدقيق المجهول من العلوم، أتصفح بنظر الاعتبار ومعتقد فريق فريق وأميز بين ذلك سواء الطريق، والناس إذ ذاك قد مزقوا دينهم وكانوا شيعا وتمزقوا كل ممزق وتبروا قطعا، فلهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، يخبطون خبط عشواء فهم لا يبصرون ويتعسفون مهامه الضلالة فهم في ريبهم يترددون، فبعضهم دينه صابئي وغيرهم مجوسي وهذا يهودي وهذا نصراني وآخر محمدي، وبعض عبدوا الكواكب وبعض عبدوا الشمس، وطائفة عبدوا النار وقوم عبدوا العجل، وكل فرقة من هؤلاء صاروا فرقا لا تحصى فلما رأيت تشعب القول وشاهدت تناقض النقول طابقت المنقول بالمنقول وميزت الصحيح من المعلول وأقمت الدليل على وجوب اتباع ملة الإسلام والاقتداء بها إلى يوم الحساب والقيام، فأظهرت كلمة الشهادة وألزمت نفسي بما فيه من العبادة وجمعت الكتب الإسلامية من التفاسير والأحاديث والأصول والفروع من جميع الفرق المختلفة وجعلت أطالعها ليلا ونهارا وأتفكر في المناقضات التي وقعت في دين الإسلام، فقال بعضهم: إن صفات الله تعالى عين ذاته، وبعض
قال: لا عين ذاته ولا زائدة، وبعض قال: إن الله عزّ وجلّ أراد الشر وخلقه وبعض نزهه عن ذلك، وبعض جوز على الأنبياء الصغائر، وبعض جوز الكبائر، وبعض جوز الكفر، وبعض أوجب عصمتهم وبعض أوجب النص بالإمامة، وبعض أنكره، وبعض قال بإمامة أبي بكر وأنه أفضل، وبعض كفره، وبعض قال بإمامة علي عليه السّلام، وبعض قال بآلهيته، وبعض ساق الإمامة في أولاد الحسن عليه السّلام، وبعض ساقها في أولاد الحسين عليه السّلام، وبعض وقف على موسى الكاظم عليه السّلام، وبعضهم قال باثني عشر إماما إلى غير ذلك من الأقوال التي لا تحصى.
وكل هذه الاختلافات إنما نشأت من استبدادهم بالرأي في مقابلة النص واختيارهم الهوى في معارضة النفس وتحكيم العقل على من لا يحكم عليه العقل وكان الأصل فيما اختلف فيه جميع الأمم السالفة واللاحقة من الأصول شبهة إبليس، وكان الأصل في جميع ما اختلف فيه المسلمون من الفروع مخالفة وقعت من عمر بن الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم واستبداده برأي منه في مقابلة الأمر النبوي فصارت تلك الشبهة والمخالفة مبدأ كل بدعة ومنبع كل ضلالة.
أما شبهة إبليس فتشعبت منها سبع شبه فصارت في الخلائق وفتنت العقلاء وتلك الشبهات السبع مسطورة في شرح الأناجيل مذكورة في التوراة متفرقة على شكل مناظرة بين إبليس وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع منه، فقال إبليس للملائكة: إني سلمت أن الباري تعالى إلهي وإله الخلق عالم قادر ولا يسأل عن قدرته ومشيئته وأنه مهما أراد شيئا قال له كن فيكون وهو حكيم إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة. قالت الملائكة: وما هي؟ وكم هي؟ قال إبليس: سبع.
(الأول) أنه قد علم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل مني فلم خلقني أولا وما الحكمة في خلقه إياي؟
(الثاني) إذ خلقني على مقتضى إرادته ومشيئته فلم كلفني بطاعته وأماط الحكمة في التكليف بعد أن لا ينتفع بطاعته ولا يتضرر بمعصيته؟
(الثالث) إذ خلقني وكلفني فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت فلم كلفني بطاعة آدم والسجود له وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لا يزيد ذلك في طاعتي ومعرفتي؟
(الرابع) إذ خلقني وكلفني بهذا التكليف على الخصوص فإذ لم أسجد لعنني
وأخرجني من الجنة، ما الحكمة في ذلك بعد إذ لم أرتكب قبيحا إلا قولي لا أسجد لك؟(2/25)
(الرابع) إذ خلقني وكلفني بهذا التكليف على الخصوص فإذ لم أسجد لعنني
وأخرجني من الجنة، ما الحكمة في ذلك بعد إذ لم أرتكب قبيحا إلا قولي لا أسجد لك؟
(الخامس) إذ خلقني وكلفني مطلقا وخصوصا فلما لم أطع في السجود فلعنني وطردني فلم طرقني إلى آدم حتى دخلت الجنة وغررته بوسوستي فأكل من الشجرة المنهي عنها ولم أخرجه معي وما الحكمة في ذلك بعد أن لو منعني من دخول الجنة امتنع استخراجي لآدم وبقي في الجنة؟
(السادس) إذ خلقني وكلفني عموما وخصوصا ولعنني ثم طرقني إلى الجنة وكانت الخصومة بيني وبين آدم فلم سلطني على أولاده حتى أراهم من حيث لا يروني وتؤثر فيهم وسوستي ولا يؤثر فيّ حولهم ولا قوتهم ولا استطاعتهم وما الحكمة في ذلك بعد أن لو خلاهم على الفطرة دون من يغتالهم عنها فيعيشون طاهرين سالمين مطيعين كان أليق وأحرى بالحكمة؟
(السابع) سلمت لهذا كله خلقني وكلفني مطلقا ومقيدا وإذ لم أطع طردني ولعنني وإذا أردت دخول الجنة مكنني وطرقني وإذ عملت عملي أخرجني ثم سلطني على بني آدم فلم إذ استمهلته أمهلني فقلت: {(أَنْظِرْنِي إِلى ََ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)}
قال: {(فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى ََ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)} وما الحكمة في ذلك بعد إذ لو أهلكني في الحال استراح الخلق مني وما بقي شر في العالم أليس ببقاء العالم على نظام الخير خير من امتزاجه بالشر؟ قال: فهذه الحجة حجتي على ما ادعيته من كل مسألة.
قال شارح الإنجيل: فأوحى الله تعالى إلى الملائكة قولوا له: أما تسليمك الأولى أني إلهك وإله الخلق فإنك غير صادق فيه ولا مخلص إذ لو صدقت أني إله العالمين لما احتكمت علي بلم وأنا الله الذي لا إله إلا هو لا أسأل عما أفعل والخلق يسألون. قال يوحنا: وهذا الذي ذكرته من التوراة في الإنجيل مسطور على الوجه الذي ذكرته.
وأما المخالفة التي وقعت من عمر بن الخطاب أنه لما مرض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مرضه الذي توفي فيه دخل عليه جماعة من الصحابة وفيهم عمر بن الخطاب وعرف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رحلته من الدنيا واختلاف أمته بعده وضلال كثير منهم فقال للحاضرين: «ائتوني بدواة وبيضاء لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي» قال عمر بن الخطاب: إن النبى قد غلب عليه الوجع وإن الرجل ليهجر وعندكم القرآن حسبكم
كتاب الله، فلو أن عمر لم يحل بينه وبين الكتاب لكتب الكتاب ولو كتبه لارتفع الضلال عن الأمة لكن عمر منعه من الكتابة فكان هو السبب في وقوع الضلال، وأنا والله لا أقول هذا تعصبا للرافضة ولكني أقول ما وجدته في كتب أهل السنة الصحيحة وهو مصرح في صحيح مسلم الذي يعتمدون عليه.(2/26)
وأما المخالفة التي وقعت من عمر بن الخطاب أنه لما مرض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مرضه الذي توفي فيه دخل عليه جماعة من الصحابة وفيهم عمر بن الخطاب وعرف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رحلته من الدنيا واختلاف أمته بعده وضلال كثير منهم فقال للحاضرين: «ائتوني بدواة وبيضاء لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي» قال عمر بن الخطاب: إن النبى قد غلب عليه الوجع وإن الرجل ليهجر وعندكم القرآن حسبكم
كتاب الله، فلو أن عمر لم يحل بينه وبين الكتاب لكتب الكتاب ولو كتبه لارتفع الضلال عن الأمة لكن عمر منعه من الكتابة فكان هو السبب في وقوع الضلال، وأنا والله لا أقول هذا تعصبا للرافضة ولكني أقول ما وجدته في كتب أهل السنة الصحيحة وهو مصرح في صحيح مسلم الذي يعتمدون عليه.
ومن الخلاف الذي جرى بين عمر وبعض الصحابة أنه لما مرض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مرضه الذي توفي فيه جهز جيشا إلى الروم إلى موضع يقال له (مؤته) وبعث فيه وجوه الصحابة مثل أبي بكر وعمر وغيرهما فأمر عليهم أسامة بن زيد فولاه وبرزوا عن المدينة، فلما ثقل المرض على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تثاقل الصحابة عن السير وتسللوا وبقي أبو بكر وعمر يجيئان ويتجسسان أحوال صحة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومرضه ليلا ويذهبان إلى المعسكر نهارا ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصيح بهم: «جهزوا جيش أسامة لعن الله المتخلف عنه» حتى قالها ثلاثا، فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، وقال قوم: لا تسع قلوبنا المفارقة. ولا يخفى على العاقل قصد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في بعث أبي بكر وعمر تحت ولاية أسامة في مرضه وحثهم على المسير، ولا يخفى أيضا مخالفتهم ورجوعهم من غير إذنه لما كان ذلك، ولا يخفى لعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المتخلف عن جيش أسامة فلماذا كان؟ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
ومن الخلاف أنه لما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال عمر: «والله ما مات محمد ولن يموت ومن قال أن محمدا مات قتلته بسيفي هذا وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم»، فلما تلا عليه أبو بكر {(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)} رجع عمر وقال: كأني لم أسمع بهذه حتى قرأها أبو بكر.
ومن الخلاف الواقع في الإمامة أنه ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة، وهو أنه لما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم اشتغل علي بتجهيزه ودفنه وملازمته ذلك ومضى أبو بكر وعمر إلى سقيفة بني ساعدة فمد عمر يده فبايع أبا بكر وبايعه الناس، وتخلف علي عليه السّلام عن البيعة وعمه العباس والزبير وبنو هاشم وسعد بن عبادة الأنصاري ووقع الخلاف الذي سفك فيه الدماء، ولو ترك عمر بن الخطاب الاستعجال وصبر حتى تجتمع الحل والعقد ويبايعوا الأول لكان أولى ولم يحصل الخلاف لمن بعدهم في الاستخلاف.
ومن الخلاف أنه لما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي يد فاطمة عليها السّلام فدك متصرفة فيه من عند أبيها فرفع أبو بكر يدها عنه وعزل وكلاءها فأتت إلى أبي بكر وطلبت
ميراثها من أبيها فمنعها واحتج بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ما تركناه يكون صدقة، واحتجت فاطمة عليها السّلام فلم يجبها فولت غضبانة عليه وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت، وفي أثناء المحاجة أذعن أبو بكر لقولها فكتب لها بفدك كتابا فلما رآه عمر مزق الكتاب وكان هذا هو السبب الأعظم في الاعتراض على الصحابة والتشنيع عليهم بإيذاء فاطمة عليها السّلام مع روايتهم أن من آذاها فقد آذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي الحقيقة ما كان لائقا من الصحابة أن يعطي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته مما أفاء الله عليه فينزعه أبو بكر وعمر منها مع علمهم أنها كانت تطحن الشعير بيدها، وإنما كانت تريد بالذي ادعته من فدك صرفه للحسن والحسين عليهما السّلام فيحرمونها ذلك ويتركونها محتاجة كئيبة حزينة، وعثمان بن عفان يعطي مروان بن الحكم طريد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مئتي مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين ولا ينكرون عليه ولا على أبي بكر، ولو أن عمر لم يمزق الكتاب أو أنه ساعد فاطمة في دعواها لكان لهم أحمد عاقبة ولم تبلغ الشنيعة ما بلغت.(2/27)
ومن الخلاف أنه لما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي يد فاطمة عليها السّلام فدك متصرفة فيه من عند أبيها فرفع أبو بكر يدها عنه وعزل وكلاءها فأتت إلى أبي بكر وطلبت
ميراثها من أبيها فمنعها واحتج بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ما تركناه يكون صدقة، واحتجت فاطمة عليها السّلام فلم يجبها فولت غضبانة عليه وهجرته فلم تكلمه حتى ماتت، وفي أثناء المحاجة أذعن أبو بكر لقولها فكتب لها بفدك كتابا فلما رآه عمر مزق الكتاب وكان هذا هو السبب الأعظم في الاعتراض على الصحابة والتشنيع عليهم بإيذاء فاطمة عليها السّلام مع روايتهم أن من آذاها فقد آذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي الحقيقة ما كان لائقا من الصحابة أن يعطي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته مما أفاء الله عليه فينزعه أبو بكر وعمر منها مع علمهم أنها كانت تطحن الشعير بيدها، وإنما كانت تريد بالذي ادعته من فدك صرفه للحسن والحسين عليهما السّلام فيحرمونها ذلك ويتركونها محتاجة كئيبة حزينة، وعثمان بن عفان يعطي مروان بن الحكم طريد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مئتي مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين ولا ينكرون عليه ولا على أبي بكر، ولو أن عمر لم يمزق الكتاب أو أنه ساعد فاطمة في دعواها لكان لهم أحمد عاقبة ولم تبلغ الشنيعة ما بلغت.
قال يوحنا: ومن الخلاف الذي وقع وكان سببه عمر الشورى، فإنه جعلها في ستة وقال: إذا افترقوا فريقين فالذي فيهم عبد الرحمن بن عوف فهم على الحق، وعبد الرحمن لا يترك جانب عثمان كما هو معلوم حتى قال علي عليه السّلام للعباس: يا عم عدل بها عني فيا ليته تركها هملا كما يزعم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تركها أو كان ينص بها كما نص أبو بكر فخالف الأمرين حتى أفضت الخلافة إلى عثمان فطرد من آواه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وآوى من طرده رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأحدث أمورا قتل بها وفتح بها باب القتال إلى يوم القيامة، وأفضت الخلافة إلى معاوية الذي ألب عائشة وطلحة والزبير على حرب علي عليه السّلام حتى قتل يوم الجمل ستون ألفا ثم حارب عليا عليه السّلام ثمانية عشر شهرا وقتل في حربه مئة وخمسون ألفا، وأفضت الخلافة إلى ولده يزيد فقتل الحسين عليه السّلام بتلك الشناعة وحاصر عبد الله ابن الزبير في مكة فلجأ إلى الكعبة فنصب بمكة المنجنيق وهدم الكعبة ونهب المدينة وأباحها لعسكره ثلاثة أيام.
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «المدينة حرم ما بين عاير إلى وعير، من أحدث فيه حدثا فعليه لعنة الله» فما ظنك بمن يقتل أولاده ويرفع رؤوسهم على الرماح ويطوف بها في البلاد جهرا، وأفضى الأمر إلى أنهم أمروا بسب علي عليه السّلام على المنابر ألف شهر وطلب العلويين فقتلوهم وشردوهم، وأفضى الأمر إلى الوليد بن عبد الملك الذي تفأل يوما بالمصحف
فظهر له قوله تعالى: {(وَاسْتَفْتَحُوا وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ)} فنصب المصحف يوما فرماه بالنشاب وأنشد شعرا:(2/28)
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «المدينة حرم ما بين عاير إلى وعير، من أحدث فيه حدثا فعليه لعنة الله» فما ظنك بمن يقتل أولاده ويرفع رؤوسهم على الرماح ويطوف بها في البلاد جهرا، وأفضى الأمر إلى أنهم أمروا بسب علي عليه السّلام على المنابر ألف شهر وطلب العلويين فقتلوهم وشردوهم، وأفضى الأمر إلى الوليد بن عبد الملك الذي تفأل يوما بالمصحف
فظهر له قوله تعالى: {(وَاسْتَفْتَحُوا وَخََابَ كُلُّ جَبََّارٍ عَنِيدٍ)} فنصب المصحف يوما فرماه بالنشاب وأنشد شعرا:
تهددني بجبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقني الوليد
فإذا نظر العاقل إلى هذه المفاسد كلها لرأى أن أصلها منع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن كتابة الكتاب وجعل الخلافة باختيار الناس من غير نص ممن له النص فكل السبب من عمر بن الخطاب. ولا يظن أحد أني أقول هذا بغضا لعمر لا والله وإنما هو مسطور في كتبهم والحال كذلك فما يسعني أن أنكر شيئا مما وقع ومضى.
قال يوحنا: فلما رأيت هذه الاختلافات من كبار الصحابة الذين يذكرون مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فوق المنابر عظم عليّ الأمر وغمّ عليّ الحال وكدت أفتتن في ديني، فقصدت بغداد وهي قبة الإسلام لأفاوض فيما رأيت من اختلاف علماء المسلمين لأنظر الحق وأتبعه، فلما اجتمعت بعلماء المذاهب الأربعة قلت لهم:
إني رجل ذميّ وقد هداني الله إلى الإسلام فأسلمت وقد أتيت إليكم لأنقل عنكم معالم الدين وشرائع الإسلام والحديث لأزداد بصيرة في ديني. فقال كبيرهم وكان حنفيا: يا يوحنا مذاهب الإسلام أربعة فاختر واحدا منها ثم اشرع في قراءة ما تريد. فقلت له: إني رأيت تخالفا وعلمت أن الحق منها واحد فاختاروا لي ما تعلمون أنه الحق الذي كان عليه نبيكم. قال الحنفي: انا لا نعلم يقينا ما كان عليه نبينا بل نعلم أن طريقته ليست خارجة من الفرق الإسلامية وكل من أربعتنا يقول أنه محق لكن يمكن أن يكون مبطلا، ويقول ان غيره مبطل لكن يمكن أن يكون محقا، وبالجملة ان مذهب أبي حنيفة أنسب المذاهب وأطبقها للسنة وأوفقها بالعقل وأرفعها عند الناس، ان مذهبه مختار أكثر الأمة بل مختار سلاطينها فعليك به تنج.
قال يوحنا: فصاح به إمام الشافعية وأظن أنه كان بين الشافعي والحنفي منازعات فقال له: اسكت لا نطقت والله لقد كذبت وتقولت ومن أين أنت والتمييز بين المذاهب وترجيح المجتهدين؟ ويلك ثكلتك أمك وأين لك وقوفا على ما قاله أبو حنيفة وما قاسه برأيه، فإنه المسمى بصاحب الرأي يجتهد في مقالة النص ويستحسن في دين الله ويعمل به حتى أوقعه رأيه الواهي في أن قال: لو عقد رجل في بلاد الهند على امرأة كانت في الروم عقدا شرعيا ثم أتاها بعد سنين فوجدها حاملة وبين يديها صبيان يمشون ويقول لها: ما هؤلاء؟ وتقول له: أولادك فيرافعها
في ذلك إلى القاضي الحنفي فيحكم أن الأولاد من صلبه ويلحقونه ظاهرا وباطنا يرثهم ويرثونه، فيقول: ذلك الرجل وكيف هذا ولم أقربها قط؟ فيقول القاضي:(2/29)
قال يوحنا: فصاح به إمام الشافعية وأظن أنه كان بين الشافعي والحنفي منازعات فقال له: اسكت لا نطقت والله لقد كذبت وتقولت ومن أين أنت والتمييز بين المذاهب وترجيح المجتهدين؟ ويلك ثكلتك أمك وأين لك وقوفا على ما قاله أبو حنيفة وما قاسه برأيه، فإنه المسمى بصاحب الرأي يجتهد في مقالة النص ويستحسن في دين الله ويعمل به حتى أوقعه رأيه الواهي في أن قال: لو عقد رجل في بلاد الهند على امرأة كانت في الروم عقدا شرعيا ثم أتاها بعد سنين فوجدها حاملة وبين يديها صبيان يمشون ويقول لها: ما هؤلاء؟ وتقول له: أولادك فيرافعها
في ذلك إلى القاضي الحنفي فيحكم أن الأولاد من صلبه ويلحقونه ظاهرا وباطنا يرثهم ويرثونه، فيقول: ذلك الرجل وكيف هذا ولم أقربها قط؟ فيقول القاضي:
يحتمل أنك أجنبت أو أن يكون أمنيت فطار منيك في قطعة فوقعت في فرج هذه المرأة هل هذا يا حنفي مطابق للكتاب والسنة؟ قال الحنفي: نعم إنما يلحق به لأنها فراشه والفراش يلحق ويلتحق بالعقد ولا يشترط فيه الوطي. وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«الولد للفراش وللعاهر الحجر» فمنع الشافعي أن يصير فراشا بدون الوطي وغلب الشافعي الحنفي بالحجة.
ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة زفت إلى زوجها فعشقها رجل فادعى عند قاضي الحنفية أنه عقد عليها قبل الرجل الذي زفت إليه وأرشى المدعي فاسقين حتى شهدا له كذبا بدعواه فحكم القاضي له تحرم على زوجها الأول ظاهرا وباطنا وثبتت زوجية تلك المرأة للثاني وأنها تحل عليه ظاهرا وباطنا وتحل منها على الشهود الذين تعمدوا الكذب في الشهادة! فانظروا أيها الناس هل هذا مذهب من عرف قواعد الإسلام؟ قال الحنفي: لا اعتراض لك عندنا ان حكم القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا وهذا متفرع عليه، فخصمه الشافعي ومنع أن ينفذ حكم القاضي ظاهرا وباطنا بقوله تعالى: {(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمََا أَنْزَلَ اللََّهُ)} ولم ينزل الله ذلك.
ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة غاب عنها زوجها فانقطع خبره فجاء رجل فقال لها: إن زوجك قد مات فاعتدي، فاعتدت ثم بعد العدة عقد عليها آخر ودخل عليها وجاءت منه بالأولاد ثم غاب الرجل الثاني وظهر حياة الرجل الأول وحضر عندها فإن جميع أولاد الرجل الثاني أولاد للرجل الأول يرثهم ويرثونه، فيا أولي العقول فهل يذهب إلى هذا القول من له دراية وفطنة؟ فقال الحنفي: إنما أخذ أبو حنيفة هذا من قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فاحتج عليه الشافعي بكون الفراش مشروطا بالدخول فغلبه.
ثم قال الشافعي: وإمامك أبو حنيفة قال: إنما رجل رأى امرأة مسلمة فادعى عند القاضي بأن زوجها طلقها وجاءت بشاهدين شهدا له كذبا فحكم القاضي بطلاقها حرمت على زوجها وجاز للمدعي نكاحها وللشهود أيضا، وزعم أن حكم القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا. ثم قال الشافعي: وقال إمامك أبو حنيفة: إذا شهد أربعة رجال على رجل بالزنا فإن صدقهم سقط عنه الحد وإن كذبهم لزمه وثبت الحد فاعتبروا يا أولي الأبصار ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: ولو لاط رجل بصبي وأوقبه فلا حد عليه بل يعزر، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من عمل عمل قوم
لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول». وقال أبو حنيفة: لو غصب أحد حنطة فطحنها ملكها بطحنها فلو أراد أن يأخذ صاحب الحنطة طحينها ويعطي الغاصب الأجرة لم يجب على الغاصب إجابته وله منعه فإن قتل صاحب الحنطة كان دمه هدرا ولو قتل الغاصب قتل صاحب الحنطة به وقال أبو حنيفة: لو سرق سارق ألف دينار وسرق آخر ألفا آخر من آخر ومزجها ملك الجميع ولزمه البدل. وقال أبو حنيفة: لو قتل المسلم والتقي العالم كافرا جاهلا قتل المسلم به والله يقول: {(وَلَنْ يَجْعَلَ اللََّهُ لِلْكََافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)}. وقال أبو حنيفة: لو اشترى أحد أمه أو أخته ونكحهما لم يكن عليه حد وإن علم وتعمد. وقال أبو حنيفة: لو عقد أحد على أمه أو أخته عالما بها أنها أمه أو أخته ودخل بها لم يكن عليه حد لأن العقد شبهة. وقال أبو حنيفة: لو نام جنب على طرف حوض من نبيذ فانقلب في نومه ووقع في الحوض ارتفعت جنابته وطهر. وقال أبو حنيفة: لا تجب النية في الوضوء ولا في الغسل وفي الصحيح: «إنما الأعمال بالنيات» وقال أبو حنيفة: لا تجب البسملة في الفاتحة وأخرجها منها مع أن الخلفاء كتبوها في المصاحف بعد تحرير القرآن. وقال أبو حنيفة: لو سلخ جلد الكلب الميت ودبغ طهر وأن له الشراب فيه ولبسه في الصلاة، وهذا مخالف للنص بتنجيس العين المقتضى لتحريم الانتفاع به.(2/30)
ثم قال الشافعي: وإمامك أبو حنيفة قال: إنما رجل رأى امرأة مسلمة فادعى عند القاضي بأن زوجها طلقها وجاءت بشاهدين شهدا له كذبا فحكم القاضي بطلاقها حرمت على زوجها وجاز للمدعي نكاحها وللشهود أيضا، وزعم أن حكم القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا. ثم قال الشافعي: وقال إمامك أبو حنيفة: إذا شهد أربعة رجال على رجل بالزنا فإن صدقهم سقط عنه الحد وإن كذبهم لزمه وثبت الحد فاعتبروا يا أولي الأبصار ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: ولو لاط رجل بصبي وأوقبه فلا حد عليه بل يعزر، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من عمل عمل قوم
لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول». وقال أبو حنيفة: لو غصب أحد حنطة فطحنها ملكها بطحنها فلو أراد أن يأخذ صاحب الحنطة طحينها ويعطي الغاصب الأجرة لم يجب على الغاصب إجابته وله منعه فإن قتل صاحب الحنطة كان دمه هدرا ولو قتل الغاصب قتل صاحب الحنطة به وقال أبو حنيفة: لو سرق سارق ألف دينار وسرق آخر ألفا آخر من آخر ومزجها ملك الجميع ولزمه البدل. وقال أبو حنيفة: لو قتل المسلم والتقي العالم كافرا جاهلا قتل المسلم به والله يقول: {(وَلَنْ يَجْعَلَ اللََّهُ لِلْكََافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)}. وقال أبو حنيفة: لو اشترى أحد أمه أو أخته ونكحهما لم يكن عليه حد وإن علم وتعمد. وقال أبو حنيفة: لو عقد أحد على أمه أو أخته عالما بها أنها أمه أو أخته ودخل بها لم يكن عليه حد لأن العقد شبهة. وقال أبو حنيفة: لو نام جنب على طرف حوض من نبيذ فانقلب في نومه ووقع في الحوض ارتفعت جنابته وطهر. وقال أبو حنيفة: لا تجب النية في الوضوء ولا في الغسل وفي الصحيح: «إنما الأعمال بالنيات» وقال أبو حنيفة: لا تجب البسملة في الفاتحة وأخرجها منها مع أن الخلفاء كتبوها في المصاحف بعد تحرير القرآن. وقال أبو حنيفة: لو سلخ جلد الكلب الميت ودبغ طهر وأن له الشراب فيه ولبسه في الصلاة، وهذا مخالف للنص بتنجيس العين المقتضى لتحريم الانتفاع به.
ثم قال: يا حنفي يجوز في مذهبك للمسلم إذا أراد الصلاة أن يتوضأ بنبيذ ويبدأ بغسل رجليه ويختم بيديه ويلبس جلد كلب ميت مدبوغ ويسجد على عذرة يابسة ويكبر بالهندية ويقرأ فاتحة الكتاب بالعبرانية ويقول بعد الفاتحة دو برگت سبز يعني مدهامتان ثم يركع ولا يرفع رأسه ثم يسجد ويفصل بين السجدتين بمثل حد السيف وقبل الصلاة يتعمد خروج الريح فإن صلاته صحيحة وإن أخرج الريح ناسيا بطلت صلاته. ثم قال: نعم يجوز هذا، فاعتبروا يا أولي الأبصار هل يجوز التعبد بمثل هذه العبادة أم يجوز لنبي أن يأمر أمته بمثل هذه العبادة افتراء على الله ورسوله.
فافحم الحنفي وامتلأ غيظا وقال: يا شافعي أقصر فض الله فاك وأين أنت عن الأخذ على أبي حنيفة وأين مذهبك من مذهبه؟ فإنما مذهبك بمذهب المجوس أليق لأن في مذهبك يجوز للرجل أن ينكح ابنته من الزنا وأخته، ويجوز أن يجمع بين الأختين من الزنا، ويجوز أن ينكح أمه من الزنا وكذا عمته وخالته من الزنا والله يقول: {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهََاتُكُمْ وَبَنََاتُكُمْ وَأَخَوََاتُكُمْ وَعَمََّاتُكُمْ وَخََالََاتُكُمْ)}،
وهذه صفات حقيقية لا تتغير الشرائع والأديان، ولا تظن يا شافعي يا أحمق إن منعهم من التوريث يخرجهم من هذه الصفات الذاتية الحقيقية لذا تضاف إليه فيقال: بنته وأخته من الزنا، وليس هذا التقييد موجبا لمجازيته كما في قولنا أخته من النسب بل لتفصيله، وإنما التحريم شامل للذي يصدق عليه الألفاظ حقيقة ومجازا اجتماعا، فإن الجدة داخلة تحت الأم إجماعا وكذا بنت البنت ولا خلاف في تحريمها بهذه الآية، فانظروا يا أولي الألباب هل هذا إلا مذهب المجوس يا خارجي.(2/31)
فافحم الحنفي وامتلأ غيظا وقال: يا شافعي أقصر فض الله فاك وأين أنت عن الأخذ على أبي حنيفة وأين مذهبك من مذهبه؟ فإنما مذهبك بمذهب المجوس أليق لأن في مذهبك يجوز للرجل أن ينكح ابنته من الزنا وأخته، ويجوز أن يجمع بين الأختين من الزنا، ويجوز أن ينكح أمه من الزنا وكذا عمته وخالته من الزنا والله يقول: {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهََاتُكُمْ وَبَنََاتُكُمْ وَأَخَوََاتُكُمْ وَعَمََّاتُكُمْ وَخََالََاتُكُمْ)}،
وهذه صفات حقيقية لا تتغير الشرائع والأديان، ولا تظن يا شافعي يا أحمق إن منعهم من التوريث يخرجهم من هذه الصفات الذاتية الحقيقية لذا تضاف إليه فيقال: بنته وأخته من الزنا، وليس هذا التقييد موجبا لمجازيته كما في قولنا أخته من النسب بل لتفصيله، وإنما التحريم شامل للذي يصدق عليه الألفاظ حقيقة ومجازا اجتماعا، فإن الجدة داخلة تحت الأم إجماعا وكذا بنت البنت ولا خلاف في تحريمها بهذه الآية، فانظروا يا أولي الألباب هل هذا إلا مذهب المجوس يا خارجي.
وأما يا شافعي إمامك أباح للناس لعب الشطرنج مع أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا يحب الشطرنج إلا عابد وثن» وأما يا شافعي إمامك أباح للناس الرقص والدف والقصب فقبح الله مذهبك مذهبا ينكح فيه الرجل أمه وأخته ويلعب بالشطرنج ويرقص ويدف، فهل هذا الظاهر الافتراء على الله ورسوله، وهل يلزم بهذا المذهب إلا أعمى القلب وأعمى عن الحق.
قال يوحنا: وطال بينهما الجدال واحتمى الحنبلي للشافعي واحتمى المالكي للحنفي ووقع النزاع بين المالكي والحنبلي وكان فيما وقع بينهم أن الحنبلي قال:
إن مالكا أبدع في الدين بدعا أهلك الله عليها أمما وهو أباحها وهو لواط الغلام وأباح لواط المملوك وقد صح أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من لاط بغلام فاقتلوا الفاعل والمفعول» ومالك يقول في المنظومة:
وجائز نيك الغلام الأمرد ... مجوز للرجل المجرد
هذا إذا كان وحيدا في السفر ... ولم يجد أنثى تفي إلا الذكر
وأنا رأيت مالكيا ادعى عند القاضي على آخر أنه باعه مملوكا والمملوك لا يمكنه من وطئه فأثبت القاضي أنه عيب في المملوك ويجوز له رده، أفلا تستحي من الله يا مالكي لك مذهب مثل هذا وأنت تقول مذهبي خير من مذهبك؟
وإمامك أباح لحم الكلاب فقبح الله مذهبك واعتقادك.
فرجع المالكي عليه وصاح به: اسكت يا مجسم يا حلولي يا حولي يا فاسق بل مذهبك أولى بالقبح وأحرى بالتعيير إذ عند إمامك أحمد بن حنبل أن الله جسم يجلس على العرش ويفصل عن العرش بأربع أصابع، وأنه ينزل كل ليلة جمعة من سماء الدنيا على سطوح المساجد في صورة أمرد قطط الشعر له نعلان شراكهما من اللؤلؤ الرطب راكبا على حمار له ذوائب، ورأيت علماء الحنابلة يبيتون على سطوح
المساجد ويبنون عليها معالف ويضعون فيها شعيرا ليأكل منه حمار الله تعالى وهو منزه عن هذا عزّ وجلّ. ومن المشهور أن ليلة جمعة صعد رجل من زهاد الحنابلة على سطح مسجد الجامع ويترجى أن الله ينزل عليه، فاتفق أنه رأى على سطح المسجد غلام نغاط وكان مليح الوجه قطط الشعر، فلما وقع نظر الحنبلي عليه ظنه ربه فوقع الحنبلي على قدميه يقبلهما ويقول: سيدي ارحمني ولا تعذبني ويبكي ويتضرع، فبهت الغلام وظن أنه يريد منه فعلا قبيحا فصاح بالناس ان هذا يريد أن يفسق بي في سطح المسجد، فأتى إليه جماعة النغاطين وأوجعوه ضربا ومضوا به إلى الحاكم فحبسه إلى الغد لينظر في حاله، فأقبل جماعة من علماء الحنابلة إلى الحاكم وأقسموا بالله أن هذا الرجل مما لا يظن فيه هذا الأمر وإنما ظن أنه ربه فأراد أن يقبل قدميه، فقبح الله مذهبك يا حنبلي ومعتقدك.(2/32)
فرجع المالكي عليه وصاح به: اسكت يا مجسم يا حلولي يا حولي يا فاسق بل مذهبك أولى بالقبح وأحرى بالتعيير إذ عند إمامك أحمد بن حنبل أن الله جسم يجلس على العرش ويفصل عن العرش بأربع أصابع، وأنه ينزل كل ليلة جمعة من سماء الدنيا على سطوح المساجد في صورة أمرد قطط الشعر له نعلان شراكهما من اللؤلؤ الرطب راكبا على حمار له ذوائب، ورأيت علماء الحنابلة يبيتون على سطوح
المساجد ويبنون عليها معالف ويضعون فيها شعيرا ليأكل منه حمار الله تعالى وهو منزه عن هذا عزّ وجلّ. ومن المشهور أن ليلة جمعة صعد رجل من زهاد الحنابلة على سطح مسجد الجامع ويترجى أن الله ينزل عليه، فاتفق أنه رأى على سطح المسجد غلام نغاط وكان مليح الوجه قطط الشعر، فلما وقع نظر الحنبلي عليه ظنه ربه فوقع الحنبلي على قدميه يقبلهما ويقول: سيدي ارحمني ولا تعذبني ويبكي ويتضرع، فبهت الغلام وظن أنه يريد منه فعلا قبيحا فصاح بالناس ان هذا يريد أن يفسق بي في سطح المسجد، فأتى إليه جماعة النغاطين وأوجعوه ضربا ومضوا به إلى الحاكم فحبسه إلى الغد لينظر في حاله، فأقبل جماعة من علماء الحنابلة إلى الحاكم وأقسموا بالله أن هذا الرجل مما لا يظن فيه هذا الأمر وإنما ظن أنه ربه فأراد أن يقبل قدميه، فقبح الله مذهبك يا حنبلي ومعتقدك.
قال يوحنا: فوقع بين الحنبلي والمالكي والشافعي والحنفي النزاع فعلت أصواتهم وأظهروا قبائحهم ومعايبهم حتى ساء كل من حضر كلامهم الذي بدا منهم وعاب العامة عليهم. فقلت لهم: على رسلكم فو الله قسما أني نفرت من اعتقاداتكم فإن كان الإسلام هذا فيا ويلاه وواسوأتاه، لكني أقسم عليكم بالله الذي لا إله إلا هو أن تقطعوا هذا البحث وتذهبوا فإن العوام قد أنكروا عليكم. قال يوحنا: فقاموا وتفرقوا وسكتوا أسبوعا لا يخرجون من بيوتهم فإذا خرجوا أنكر الناس عليهم، ثم بعد أيام اصطلحوا واجتمعوا في المستنصرية فجلست غدا إليهم وفاوضتهم فكان فيما جرى أن قلت لهم: كنت أريد عالما من علماء الرافضة نناظره في مذهبه فهل عليكم أن تأتونا بواحد منهم فنبحث معه؟ فقال العلماء: يا يوحنا الرافضة فرقة قليلة لا يستطيعون أن يتظاهروا بين المسلمين لقلتهم وكثرة مخالفيهم ولا يتظاهرون فضلا أن يستطيعوا المحاجة عندنا على مذهبهم فهم الأرذلون الأقلون ومخالفوهم الأكثرون، فهذا مدح لهم لأن الله سبحانه وتعالى مدح القليل وذم الكثير بقوله: {(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ)} {(وَمََا آمَنَ مَعَهُ إِلََّا قَلِيلٌ)} {(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ)} {(وَلََا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شََاكِرِينَ)} {(وَلََكِنَّ أَكْثَرَ النََّاسِ لََا يَشْكُرُونَ)} {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ)}
{(أَكْثَرُهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ)} إلى غير ذلك من الآيات.
قالت العلماء: يا يوحنا حالهم أعظم من أن يوصف لأنهم لو علمنا بأحد منهم فلا نزال نتربص به الدوائر حتى نقتله لأنهم عندنا كفرة تحل علينا دماؤهم، وفي علمائنا من يفتي بحل أموالهم ونسائهم. قال يوحنا: الله أكبر هذا أمر عظيم
أتراهم بما استحقوا هذا فهم ينكرون الشهادتين؟ قالوا: لا. قال: افهم لا يتوجهون إلى قبلة الإسلام؟ قالوا: لا. قال: إنهم ينكرون الصلاة أم الصيام أم الحج أم الزكاة أم الجهاد؟ قالوا: لا بل هم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويجاهدون. قال: إنهم ينكرون الحشر والنشر والصراط والميزان والشفاعة؟ قالوا:(2/33)
قالت العلماء: يا يوحنا حالهم أعظم من أن يوصف لأنهم لو علمنا بأحد منهم فلا نزال نتربص به الدوائر حتى نقتله لأنهم عندنا كفرة تحل علينا دماؤهم، وفي علمائنا من يفتي بحل أموالهم ونسائهم. قال يوحنا: الله أكبر هذا أمر عظيم
أتراهم بما استحقوا هذا فهم ينكرون الشهادتين؟ قالوا: لا. قال: افهم لا يتوجهون إلى قبلة الإسلام؟ قالوا: لا. قال: إنهم ينكرون الصلاة أم الصيام أم الحج أم الزكاة أم الجهاد؟ قالوا: لا بل هم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويجاهدون. قال: إنهم ينكرون الحشر والنشر والصراط والميزان والشفاعة؟ قالوا:
لا بل مقرّون بذلك بأبلغ وجه. قال: أفهم يبيحون الزنا واللواط وشرب الخمر والربا والمزامر وأنواع الملاهي؟ قالوا: بل يجتنبون عنها ويحرمونها. قال يوحنا:
فيالله والعجب قوم يشهدون الشهادتين ويصلون إلى القبلة ويصومون شهر رمضان ويحجون البيت الحرام ويقولون بالحشر والنشر وتفاصيل الحساب كيف تباح أموالهم ودماؤهم ونساؤهم ونبيكم يقول: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا قالواها عصموا مني دماءهم وأموالهم ونساءهم إلا بحق وحسابهم على الله».
قال العلماء: يا يوحنا إنهم أبدعوا في الدين بدعا فمنها أنهم يدعون أن عليا أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويفضلونه على الخلفاء الثلاثة، والصدر الأول أجمعوا على أن أفضل الخلفاء كبير تيم. قال يوحنا: افترى إذا قال أحد أن عليا عليه السّلام يكون خيرا من أبي بكر وأفضل منه تكفرونه؟ قالوا: نعم لأنه خالف الإجماع. قال يوحنّا: فما تقولون في محدثكم الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه؟ قال العلماء: هو ثقة مقبول الرواية صحيح المثل. قال يوحنا: هذا كتابه المسمى بكتاب المناقب روى فيه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «علي خير البشر ومن أبي فقد كفر» وفي كتابه أيضا يسأل حذيفة عن علي عليه السّلام قال: «أنا خير هذه الأمة بعد نبيها ولا يشك في ذلك إلا منافق» وفي كتابه أيضا عن سلمان عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «علي بن أبي طالب خير من أخلفه بعدي» وفي كتابه أيضا عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب» وعن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لفاطمة عليها السّلام: «أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما» وروى في مسند أحمد بن حنبل أيضا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك» فجاء علي بن أبي طالب عليه السّلام في حديث الطائر، وذكر هذا الحديث النسائي والترمذي في صحيحهما وهما من علمائكم. وروى أخطب خوارزم في كتاب المناقب وهو من علمائكم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع فلا يحاجك أحد من قريش: أنت أولهم إيمانا بالله، وأوفاهم بأمر الله وبعهده، وأقسمهم
بالسوية، وأعدلهم بالرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم يوم القيامة عند الله عزّ وجلّ في المزية» وقال صاحب كفاية الطالب من علمائكم: هذا حديث حسن عال رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء.(2/34)
قال العلماء: يا يوحنا إنهم أبدعوا في الدين بدعا فمنها أنهم يدعون أن عليا أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويفضلونه على الخلفاء الثلاثة، والصدر الأول أجمعوا على أن أفضل الخلفاء كبير تيم. قال يوحنا: افترى إذا قال أحد أن عليا عليه السّلام يكون خيرا من أبي بكر وأفضل منه تكفرونه؟ قالوا: نعم لأنه خالف الإجماع. قال يوحنّا: فما تقولون في محدثكم الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه؟ قال العلماء: هو ثقة مقبول الرواية صحيح المثل. قال يوحنا: هذا كتابه المسمى بكتاب المناقب روى فيه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «علي خير البشر ومن أبي فقد كفر» وفي كتابه أيضا يسأل حذيفة عن علي عليه السّلام قال: «أنا خير هذه الأمة بعد نبيها ولا يشك في ذلك إلا منافق» وفي كتابه أيضا عن سلمان عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «علي بن أبي طالب خير من أخلفه بعدي» وفي كتابه أيضا عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب» وعن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لفاطمة عليها السّلام: «أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما» وروى في مسند أحمد بن حنبل أيضا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك» فجاء علي بن أبي طالب عليه السّلام في حديث الطائر، وذكر هذا الحديث النسائي والترمذي في صحيحهما وهما من علمائكم. وروى أخطب خوارزم في كتاب المناقب وهو من علمائكم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع فلا يحاجك أحد من قريش: أنت أولهم إيمانا بالله، وأوفاهم بأمر الله وبعهده، وأقسمهم
بالسوية، وأعدلهم بالرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم يوم القيامة عند الله عزّ وجلّ في المزية» وقال صاحب كفاية الطالب من علمائكم: هذا حديث حسن عال رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء.
قال يوحنا: فيا أئمة الإسلام فهذه أحاديث صحاح روتها أئمتكم وهي مصرحة بأفضلية علي وخيرته على جميع الناس فما ذنب الرافضة؟ وإنما الذنب لعلمائكم والذين يروون ما ليس بحق ويفترون الكذب على الله ورسوله.
قالوا: يا يوحنا انهم لم يرووا غير الحق ولم يفتروا بل الأحاديث لها تأويلات ومعارضات. قال يوحنا: فأي تأويل تقبل هذه الأحاديث بالتخصيص على البشر، فإنه نص في أنه خير من أبي بكر إلا أن تخرجوا أبا بكر من البشر. سلمنا أن الأحاديث لا تدل ذلك فأخبروني أيهم أكثر جهادا؟ فقالوا: علي. قال يوحنا:
قال الله تعالى: {(وَفَضَّلَ اللََّهُ الْمُجََاهِدِينَ عَلَى الْقََاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً)} وهذا نص صريح. قالوا: أبو بكر أيضا مجاهد فلا يلزم تفضيله عليه. قال يوحنا: الجهاد الأقل إذا نسب إلى الجهاد الأكثر بالنسبة إليه قعود، وهب أنه كذلك فما مرادكم بالأفضل؟ قالوا: الذي تجتمع فيه الكمالات والفضائل الجبلية والكسبية كشرف الأصل والعلم والزهد والشجاعة والكرم وما يتفرع عليها. قال يوحنا: فهذه الفضائل كلها لعلي عليه السّلام بوجه هو أبلغ من حصولها لغيره.
قال يوحنا: أما شرف الأصل فهو ابن عم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وزوج ابنته وأبو سبطيه.
وأما العلم فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وقد تقرر في العقل أن أحدا لا يستفيد من المدينة شيئا إلا إذا أخذ من الباب، فانحصر طريق الاستفادة من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في علي عليه السّلام وهذه مرتبة عالية وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أقضاكم علي» وإليه تعزى كل قضية وتنتهي كل فرقة وتنحاد إليه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها ومجلي حلبتها، وكل من برع فيها فمنه أخذ وبه اقتفى وعلى مثاله احتذى، وقد عرفتم أن أشرف العلوم العلم الإلهي ومن كلامه اقتبس وعنه نقل ومنه ابتدأ. فإن المعتزلة الذين هم أهل النظر ومنهم تعلم الناس هذا الفن هم تلامذته، فإن كبيرهم واصل بن عطا تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية وأبو هاشم عبد الله تلميذ أبيه وأبوه تلميذ علي بن أبي طالب عليه السّلام وأما الأشعريين فإنهم ينتهون إلى أبي الحسن الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي وهو تلميذ واصل بن عطا، وأما الإمامية والزيدية فانتهاؤهم إليه ظاهر.
وأما علم الفقه فهو أصله وأساسه وكل فقيه في الإسلام فإليه يعزي نفسه أما
مالك فأخذ الفقه عن ربيعة الرأي وهو أخذ عن عكرمة وهو أخذ عن عبد الله وهو أخذ عن علي، وأما أبو حنيفة فعن الصادق عليه السّلام، وأما الشافعي فهو تلميذ مالك، والحنبلي تلميذ الشافعي، وأما فقهاء الشيعة فرجوعهم إليه ظاهر، وأما فقهاء الصحابة فرجوعهم إليه ظاهر كابن عباس وغيره، وناهيكم قول عمر غير مرة: «لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر» وقوله: «لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن» وقوله: «لولا علي لهلك عمر» وقال الترمذي في صحيحه والبغوي عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب» وقال البيهقي بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في خلقه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب» وهو الذي بين حد الشرب، وهو الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر، وبقسمة الدراهم على صاحب الأرغفة والأمر بشق الولد نصفين، والأمر بضرب عنق العبد، والحاكم في ذي الرأسين ومبين أحكام البغاة، وهو الذي أفتى في الحامل الزانية.(2/35)
وأما علم الفقه فهو أصله وأساسه وكل فقيه في الإسلام فإليه يعزي نفسه أما
مالك فأخذ الفقه عن ربيعة الرأي وهو أخذ عن عكرمة وهو أخذ عن عبد الله وهو أخذ عن علي، وأما أبو حنيفة فعن الصادق عليه السّلام، وأما الشافعي فهو تلميذ مالك، والحنبلي تلميذ الشافعي، وأما فقهاء الشيعة فرجوعهم إليه ظاهر، وأما فقهاء الصحابة فرجوعهم إليه ظاهر كابن عباس وغيره، وناهيكم قول عمر غير مرة: «لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر» وقوله: «لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن» وقوله: «لولا علي لهلك عمر» وقال الترمذي في صحيحه والبغوي عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب» وقال البيهقي بإسناده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في خلقه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب» وهو الذي بين حد الشرب، وهو الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر، وبقسمة الدراهم على صاحب الأرغفة والأمر بشق الولد نصفين، والأمر بضرب عنق العبد، والحاكم في ذي الرأسين ومبين أحكام البغاة، وهو الذي أفتى في الحامل الزانية.
ومن العلوم علم التفسير وقد علم الناس حال ابن عباس فيه وكان تلميذ علي عليه السّلام. وسئل فقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كبشة مطر في البحر المحيط.
ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وعلم التصوف وقد علمتم أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي والحنبلي وسرى السقطي وأبو زيد البسطامي وأبو محفوظ معروف الكرخي وغيرهم، ويكفيكم دلالة على ذلك الخرقة التي هي شعارهم وكونهم يسندونها بإسناد معنعن إليه أنه واضعها.
ومن العلوم علم النحو والعربية وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامع تكاد تلحق بالمعجزات، لأن القوة البشرية لا تفي بمثل هذا الاستنباط. فأين من هو بهذه الصفة من رجل يسألونه ما معنى (أبا) فيقول: لا أقول في كتاب الله برأيي، ويقضي في ميراث الجد بمئة قضية يغاير بعضها بعضا، ويقول: إن زغت فقوموني وإن استقمت فاتبعوني. وهل يقيس عاقل مثل هذا إلى من قال: سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماء فو الله إني لأعلم بها منكم من طرق الأرض؟ وقال: إن ها هنا لعلما جما وضرب
بيده على صدره، وقال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. فقد ظهر أنه أعلم.(2/36)
ومن العلوم علم النحو والعربية وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامع تكاد تلحق بالمعجزات، لأن القوة البشرية لا تفي بمثل هذا الاستنباط. فأين من هو بهذه الصفة من رجل يسألونه ما معنى (أبا) فيقول: لا أقول في كتاب الله برأيي، ويقضي في ميراث الجد بمئة قضية يغاير بعضها بعضا، ويقول: إن زغت فقوموني وإن استقمت فاتبعوني. وهل يقيس عاقل مثل هذا إلى من قال: سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماء فو الله إني لأعلم بها منكم من طرق الأرض؟ وقال: إن ها هنا لعلما جما وضرب
بيده على صدره، وقال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. فقد ظهر أنه أعلم.
وأما الزهد فإنه سيد الزهاد وبدل الأبدال وإليه تشد الرحال وتنقص الأحلاس، وما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس لبسا ومأكلا. قال عبد الله ابن أبي رافع: دخلت على علي عليه السّلام يوم عيد فقدم جرابا مختوما فوجد فيه خبزا شعيرا يابسا مرضوضا فتقدم فأكل، فقلت: يا أمير المؤمنين فكيف تختمه وإنما هو خبز شعير؟ فقال: خفت هذين الولدين يلتانه بزيت أو سمن. وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وبليف أخرى ونعلاه من ليف، وكان يلبس الكرباس الغليظ فإن وجد كمه طويلا قطعه بشفرة ولم يخيطه، وكان لا يزال ساقطا على ذراعيه حتى يبقى سدى بلا لحمة، وكان يأتدم إذا ائتدم بالخل والملح فإن ترقى عن ذلك فبعض نبات الأرض فإن ارتفع عن ذلك فبقليل من ألبان الإبل، ولا يأكل اللحم إلا قليلا ويقول: لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات، وكان مع ذلك أشد الناس قوة وأعظمهم يدا.
وأما العبادة فمنه تعلم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير، ومن محافظته على ورده أن بسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه والسهام تقع عليه ويمر على صماخيه يمينا وشمالا فلا يرتاع لذلك ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته. فأنت إذا تأملت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وتعالى وإجلاله وما تضمنته من الخضوع لهيبته والخشوع لعزته عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وكان زين العابدين عليه السّلام يصلي في كل ليلة ألف ركعة ويقول: أنى لي بعبادة علي عليه السّلام.
وأما الشجاعة فهو ابن جلاها وطلاع ثناياها، نسي الناس فيها ذكر من قبله ومحا اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحروب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فر قط ولا ارتاع من كتيبة ولا بارز أحدا إلا قتله ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية. وجاء في الحديث إذا ضرب واعتلى قد وإذا ضرب واعترض قط. وفي الحديث: كانت ضرباته وترا وكان المشركون إذا أبصروه في الحرب عهد بعضهم إلى بعض وبسيفه شيدت مباني الدين وثبتت دعائمه وتعجبت الملائكة من شدة ضرباته وحملاته. وفي غزوة بدر الداهية العظمى على المسلمين قتل فيها صناديد قريش كالوليد بن عتبة والعاص بن سعيد ونوفل بن خويلد الذي قرن أبا بكر وطلحة قبل الهجرة وعذبهما، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
«الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه» ولم يزل في ذلك يصرع صنديدا بعد صنديد
حتى قتل نصف المقتولين فكان سبعين وقتل المسلمون كافة مع ثلاث آلاف من الملائكة متسومين النصف الآخر، وفيه نادى جبرئيل عليه السّلام: «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي». ويوم أحد لما انهزم المسلمون عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ورمي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الأرض وضربه المشركون بالسيوف والرماح وعلي عليه السّلام مصلت سيفه قدامه، ونظر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد إفاقته من غشوته فقال: يا علي ما فعل المسلمون؟ فقال: نقضوا العهود وولوا الدبر. فقال: اكفني هؤلاء فكشفهم عنه ولم يزل يصادم كتيبة بعد كتيبة وهو ينادي المسلمين حتى تجمعوا وقال جبرئيل عليه السّلام: إن هذه لهي المواساة لقد عجبت الملائكة من حسن موالاة علي عليه السّلام لك بنفسه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: وما يمنعه من ذلك وهو مني وأنا منه. ولثبات علي عليه السّلام رجع بعض المسلمين ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: فقد ذهبت بها مريضة. وفي غزوة الخندق إذ أحدق المشركون بالمدينة كما قال الله تعالى: {(إِذْ جََاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زََاغَتِ الْأَبْصََارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنََاجِرَ)} ودخل عمرو بن عبد ود الخندق على المسلمين ونادى بالبراز فأحجم عنه المسلمون وبرز علي عليه السّلام متعمما بعمامة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبيده سيف فضربه ضربة كانت توازن عمل الثقلين إلى يوم القيامة، وأين هناك أبو بكر وعمر وعثمان. ومن نظر غزوات الواقدي وتاريخ البلاذري علم محله من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الجهاد وبلاءه يوم الأحزاب وهو يوم بني المصطلق ويوم قلع باب خيبر وفي غزوة خيبر وهذا باب لا يغنى الأطناب فيه لشهرته.(2/37)
«الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه» ولم يزل في ذلك يصرع صنديدا بعد صنديد
حتى قتل نصف المقتولين فكان سبعين وقتل المسلمون كافة مع ثلاث آلاف من الملائكة متسومين النصف الآخر، وفيه نادى جبرئيل عليه السّلام: «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي». ويوم أحد لما انهزم المسلمون عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ورمي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الأرض وضربه المشركون بالسيوف والرماح وعلي عليه السّلام مصلت سيفه قدامه، ونظر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد إفاقته من غشوته فقال: يا علي ما فعل المسلمون؟ فقال: نقضوا العهود وولوا الدبر. فقال: اكفني هؤلاء فكشفهم عنه ولم يزل يصادم كتيبة بعد كتيبة وهو ينادي المسلمين حتى تجمعوا وقال جبرئيل عليه السّلام: إن هذه لهي المواساة لقد عجبت الملائكة من حسن موالاة علي عليه السّلام لك بنفسه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: وما يمنعه من ذلك وهو مني وأنا منه. ولثبات علي عليه السّلام رجع بعض المسلمين ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: فقد ذهبت بها مريضة. وفي غزوة الخندق إذ أحدق المشركون بالمدينة كما قال الله تعالى: {(إِذْ جََاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زََاغَتِ الْأَبْصََارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنََاجِرَ)} ودخل عمرو بن عبد ود الخندق على المسلمين ونادى بالبراز فأحجم عنه المسلمون وبرز علي عليه السّلام متعمما بعمامة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبيده سيف فضربه ضربة كانت توازن عمل الثقلين إلى يوم القيامة، وأين هناك أبو بكر وعمر وعثمان. ومن نظر غزوات الواقدي وتاريخ البلاذري علم محله من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الجهاد وبلاءه يوم الأحزاب وهو يوم بني المصطلق ويوم قلع باب خيبر وفي غزوة خيبر وهذا باب لا يغنى الأطناب فيه لشهرته.
وروى أبو بكر الأنباري في أماليه أن عليا عليه السّلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده أناس، فلما قام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب فقال عمر: لمثله أن يتيه والله لولا سيفه لما قام عمود الدين وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شأنها فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين منه؟ فقال: ما كرهناه إلا على حداثة سنه وحبه لبني عبد المطلب وحمله سورة براءة إلى مكة.
ولما دعا معاوية إلى البراز لتسريح الناس من الحرب بقتل أحدهما فقال له عمرو:
قد أنصفك الرجل، فقال له معاوية: ما غششتني كلما نصحتني إلا اليوم أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطوق؟ أراك طمعت في امارة الشام بعدي. وكانت العرب تفتخر لوقوعها في الحرب في مقابلته، فأما قتلاه فافتخر رهطهم لأنه عليه السّلام قتلهم وأظهر وأكثر من أن يحصى وقالت في عمرو بن عبد ود مرثية (شعر).
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته أبدا ما عشت في الأبد
لكن قالته من لا نظير له ... قد كان يدعى أبوه بيضة البلد
وجملة الأمر أن كل شجاع في الدنيا إليه ينتمي وباسمه من مشارق الأرض ومغاربها.(2/38)
قد أنصفك الرجل، فقال له معاوية: ما غششتني كلما نصحتني إلا اليوم أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطوق؟ أراك طمعت في امارة الشام بعدي. وكانت العرب تفتخر لوقوعها في الحرب في مقابلته، فأما قتلاه فافتخر رهطهم لأنه عليه السّلام قتلهم وأظهر وأكثر من أن يحصى وقالت في عمرو بن عبد ود مرثية (شعر).
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته أبدا ما عشت في الأبد
لكن قالته من لا نظير له ... قد كان يدعى أبوه بيضة البلد
وجملة الأمر أن كل شجاع في الدنيا إليه ينتمي وباسمه من مشارق الأرض ومغاربها.
وأما كرمه وسخاؤه فهو الذي كان يطوي في صيامه حتى صام طاويا ثلاثة أيام يؤثر السؤال كل ليلة بطعامه حتى أنزل الله فيه: {(هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ)}
وتصدق بخاتمه في الركوع فنزلت الآية: {(إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ)} تصدق بأربعة دراهم فأنزل الله فيه الآية: {(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهََارِ سِرًّا وَعَلََانِيَةً)} وتصدق بعشرة دراهم يوم النجوى فخفف الله سبحانه عن سائر الأمة بها، وهو الذي كان يستسقي للنخل بيده ويتصدق بأجرته، وفيه قال معاوية بن أبي سفيان الذي كان عدوه لمحصين الضبي لما قال له: جئتك من عند أبخل الناس، فقال: ويحك كيف قلت؟ تقول له أبخل الناس ولو ملك بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه، وهو الذي يقول: يا صفراء ويا بيضاء غري غيري بي تعرضت أم لي تشوقت هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، وهو الذي جاد بنفسه ليلة الفراش وفدى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى نزل في حقه: {(وَمِنَ النََّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغََاءَ مَرْضََاتِ اللََّهِ)}.
قال يوحنا: فلما سمعوا هذا الكلام لم ينكره أحد منهم وقالوا: صدقت إن هذا الذي قلت قرأناه من كتبنا ونقلناه عن أئمتنا لكن محبة الله ورسوله وعنايتهما أمر وراء هذا كله، فعسى الله أن يكون له عناية بأبي بكر أكثر من علي فيفضله عليه. قال يوحنا: انا لا نعلم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى وهذا الذي قلتموه تخرص وقال الله تعالى: {(قُتِلَ الْخَرََّاصُونَ)} ونحن إنما نحكم بالشواهد التي لعلي عليه السّلام على أفضليته فذكرناها وأما عناية الله به فتحصل من هذه الكمالات دليل قاطع عليها، فأي عناية خير من أن يجعل بعد نبيه أشرف الناس نسبا وأعظمهم حلما وأشجعهم قلبا وأكثرهم جهادا وزهدا وعبادة وكرما وورعا وغير ذلك من الكمالات القديمة، هذا هو العناية. وأما محبة الله ورسوله فقد شهد بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مواضع (منها) الموقف الذي لم ينكر وهو يوم خيبر إذ قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» فأعطاها عليا. وروى عالمكم أخطب خوارزم في كتاب المناقب أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «يا علي
لو أن عبدا عبد الله عزّ وجلّ مثلما قام نوح في قومه وكان له مثل جبل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ومد في عمره حتى حج ألف حجة على قدميه ثم قتل ما بين الصفا والمروة مظلوما ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها» وفي الكتاب المذكور قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لم يخلق الله النار». وفي كتاب الفردوس: «حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ولا تنفع معها حسنة». وفي كتاب ابن خالويه عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن يتصدق بفصه الياقوت التي خلق الله بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتوال علي بن أبي طالب بعدي». وفي مسند أحمد بن حنبل في المجلد الأول: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ بيد حسن وحسين وقال: «من أحبني وأحب هذين وأحب أباهما كان معي في درجتي يوم القيامة».(2/39)
قال يوحنا: فلما سمعوا هذا الكلام لم ينكره أحد منهم وقالوا: صدقت إن هذا الذي قلت قرأناه من كتبنا ونقلناه عن أئمتنا لكن محبة الله ورسوله وعنايتهما أمر وراء هذا كله، فعسى الله أن يكون له عناية بأبي بكر أكثر من علي فيفضله عليه. قال يوحنا: انا لا نعلم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى وهذا الذي قلتموه تخرص وقال الله تعالى: {(قُتِلَ الْخَرََّاصُونَ)} ونحن إنما نحكم بالشواهد التي لعلي عليه السّلام على أفضليته فذكرناها وأما عناية الله به فتحصل من هذه الكمالات دليل قاطع عليها، فأي عناية خير من أن يجعل بعد نبيه أشرف الناس نسبا وأعظمهم حلما وأشجعهم قلبا وأكثرهم جهادا وزهدا وعبادة وكرما وورعا وغير ذلك من الكمالات القديمة، هذا هو العناية. وأما محبة الله ورسوله فقد شهد بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مواضع (منها) الموقف الذي لم ينكر وهو يوم خيبر إذ قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» فأعطاها عليا. وروى عالمكم أخطب خوارزم في كتاب المناقب أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «يا علي
لو أن عبدا عبد الله عزّ وجلّ مثلما قام نوح في قومه وكان له مثل جبل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ومد في عمره حتى حج ألف حجة على قدميه ثم قتل ما بين الصفا والمروة مظلوما ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها» وفي الكتاب المذكور قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لم يخلق الله النار». وفي كتاب الفردوس: «حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ولا تنفع معها حسنة». وفي كتاب ابن خالويه عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن يتصدق بفصه الياقوت التي خلق الله بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتوال علي بن أبي طالب بعدي». وفي مسند أحمد بن حنبل في المجلد الأول: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ بيد حسن وحسين وقال: «من أحبني وأحب هذين وأحب أباهما كان معي في درجتي يوم القيامة».
قال يوحنا: يا أئمة الإسلام هل بعد هذا كلام في قول الله تعالى ورسوله في محبته وفي تفضيله على من هو عاطل عن هذه الفضائل. قالت الأئمة: يا يوحنا الرافضة يزعمون أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصى بالخلافة إلى علي عليه السّلام ونص عليه بها، وعندنا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يوص إلى أحد بالخلافة. قال يوحنا: هذا كتابكم فيه:
{(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذََا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوََالِدَيْنِ وَ)}.
وفي بخاريكم يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما من حق امرىء مسلم أن يبيت إلا وصيته تحت رأسه» أفتصدقون أن نبيكم يأمر بما لا يفعل مع أن في كتابكم تقريع للذي يأمر بما لا يفعل من قوله: {(أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتََابَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ)} فو الله إن كان نبيكم قد مات بغير وصية فقد خالف أمر ربه وناقض قول نفسه ولم يقتد بالأنبياء الماضية من ايصائهم إلى من يقوم بالأمر من بعدهم، على أن الله تعالى يقول: {(فَبِهُدََاهُمُ اقْتَدِهْ)} لكنه حاشاه من ذلك وإنما تقولون هذا لعدم علم منكم وعناد فإن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن سلمان قال: يا رسول الله فمن وصيك؟ قال: يا سلمان من كان وصي أخي موسى عليه السّلام؟ قال: يوشع بن نون. قال: فإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب. وفي كتاب ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لكل نبي وصي ووارث وأنا وصيي ووارثي علي بن أبي طالب. وهذا الإمام الغزالي محيي سنة الدين وهو من أعاظم محدثيكم ومفسريكم وقد روى في تفسيره المسمى بمعالم التنزيل عند قوله تعالى: {(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)} عن علي عليه السّلام أنه قال: لما نزلت هذه الآية أمرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن أجمع له بني عبد المطلب فجمعتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجالا أو ينقصون، فقال لهم بعد أن
أضافهم برجل شاة وعس من لبن شبعا وريا وأنه كان أحدهم ليأكله ويشربه: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني عليه ويكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فلم يجبه أحد. قال علي عليه السّلام: فقمت إليه وقلت: أنا أجيبك يا رسول الله. فقال لي: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، فقاموا يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.(2/40)
وفي بخاريكم يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما من حق امرىء مسلم أن يبيت إلا وصيته تحت رأسه» أفتصدقون أن نبيكم يأمر بما لا يفعل مع أن في كتابكم تقريع للذي يأمر بما لا يفعل من قوله: {(أَتَأْمُرُونَ النََّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتََابَ أَفَلََا تَعْقِلُونَ)} فو الله إن كان نبيكم قد مات بغير وصية فقد خالف أمر ربه وناقض قول نفسه ولم يقتد بالأنبياء الماضية من ايصائهم إلى من يقوم بالأمر من بعدهم، على أن الله تعالى يقول: {(فَبِهُدََاهُمُ اقْتَدِهْ)} لكنه حاشاه من ذلك وإنما تقولون هذا لعدم علم منكم وعناد فإن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن سلمان قال: يا رسول الله فمن وصيك؟ قال: يا سلمان من كان وصي أخي موسى عليه السّلام؟ قال: يوشع بن نون. قال: فإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب. وفي كتاب ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لكل نبي وصي ووارث وأنا وصيي ووارثي علي بن أبي طالب. وهذا الإمام الغزالي محيي سنة الدين وهو من أعاظم محدثيكم ومفسريكم وقد روى في تفسيره المسمى بمعالم التنزيل عند قوله تعالى: {(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)} عن علي عليه السّلام أنه قال: لما نزلت هذه الآية أمرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن أجمع له بني عبد المطلب فجمعتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجالا أو ينقصون، فقال لهم بعد أن
أضافهم برجل شاة وعس من لبن شبعا وريا وأنه كان أحدهم ليأكله ويشربه: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني عليه ويكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فلم يجبه أحد. قال علي عليه السّلام: فقمت إليه وقلت: أنا أجيبك يا رسول الله. فقال لي: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، فقاموا يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
وهذه الرواية قد رواها أيضا إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده ومحمد بن إسحاق الطبري في تاريخه والخركوشي أيضا رواها، فإن كانت كذبا فقد شهدتم على أئمتكم بأنهم يروون الكذب على الله ورسوله والله تعالى يقول: {(أَلََا لَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الظََّالِمِينَ} {الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللََّهِ الْكَذِبَ)} وقال الله تعالى في كتابه: {(فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَى الْكََاذِبِينَ)} وإن كان لم يكذبوا وكان الأمر على ذلك فما ذنب الرافضة، إذا فاتقوا الله يا أئمة الإسلام، بالله عليكم ماذا تقولون في خبر الغدير الذي تدعيه الشيعة؟ قال الأئمة: أجمع علماؤنا على أنه كذب مفترى. قال يوحنا:
الله أكبر فهذا إمامكم ومحدثكم أحمد بن حنبل روى في مسنده إلى البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكشح لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرتين وصلى الظهر وأخذ بيد علي عليه السّلام فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، فأخذ بيد علي ورفعها حتى بان بياض إبطيهما وقال لهم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فقال له عمر بن الخطاب: هنيئا لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
ورواه في مسنده بطريق آخر وأسنده إلى أبي الطفيل. ورواه بطريق آخر وأسنده إلى زيد بن أرقم. ورواه ابن عبد ربه في كتاب العقد ورواه سعيد بن وهب وكذا الثعالبي في تفسيره وأكد الخبر مما رواه من تفسير {(سَأَلَ سََائِلٌ)} أن حارث بن النعمان الفهري أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وانك محمد رسول الله فقبلنا وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلنا وأمرتنا أن نحج البيت فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فهذا شيء منك أم من الله؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو انه أمر من الله تعالى، فولى الحارث بن النعمان وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمدا حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، فما وصل إلى راحلته حتى رمى الله بحجر فسقط على
رأسه وخرج من دبره فخر صريعا، فنزل: {(سَأَلَ سََائِلٌ بِعَذََابٍ وََاقِعٍ)} فكيف يجوز منكم أن يروي أئمتكم وأنتم تقولون أنه مكذوب غير صحيح؟(2/41)
ورواه في مسنده بطريق آخر وأسنده إلى أبي الطفيل. ورواه بطريق آخر وأسنده إلى زيد بن أرقم. ورواه ابن عبد ربه في كتاب العقد ورواه سعيد بن وهب وكذا الثعالبي في تفسيره وأكد الخبر مما رواه من تفسير {(سَأَلَ سََائِلٌ)} أن حارث بن النعمان الفهري أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ملأ من أصحابه فقال: يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وانك محمد رسول الله فقبلنا وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلنا وأمرتنا أن نحج البيت فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فهذا شيء منك أم من الله؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو انه أمر من الله تعالى، فولى الحارث بن النعمان وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمدا حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، فما وصل إلى راحلته حتى رمى الله بحجر فسقط على
رأسه وخرج من دبره فخر صريعا، فنزل: {(سَأَلَ سََائِلٌ بِعَذََابٍ وََاقِعٍ)} فكيف يجوز منكم أن يروي أئمتكم وأنتم تقولون أنه مكذوب غير صحيح؟
قال الأئمة: يا يوحنا قد روت أئمتنا ذلك لكن إذا رجعت إلى عقلك وفكرك علمت أنه من المحال أن ينص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على علي بن أبي طالب عليه السّلام الذي هو كما وصفتم ثم يتفق كل الصحابة على كتمان هذا النص ويتراخون عنه ويتفقون على إخفائه ويعدلون إلى أبي بكر التيمي الضعيف القليل العشيرة، مع أن الصحابة كانوا إذا أمرهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقتل أنفسهم فعلوا فكيف يصدق عاقل هذا الحال من المحال؟ قال يوحنا: لا تعجبوا من ذلك فأمة موسى عليه السّلام كانوا ستة أضعاف أمة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم واستخلف عليهم أخاه هارون وكان نبيهم أيضا وكانوا يحبونه أكثر من موسى عليه السّلام، فعدلوا عنه إلى السامري وعكفوا على عبادة عجل جسد له خوار، فلا يبعد من أمة محمد أن يعدلوا عن وصيه بعد موته إلى شيخ كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تزوج ابنته، ولعله لو لم يرد القرآن بقصة عبادة العجل لما صدقتموها.
قال الأئمة: يا يوحنا فلم لا ينازعهم بل سكت عنهم وبايعهم؟ قال يوحنا:
لا شك أنه لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان المسلمون قليلا واليمامة فيها مسيلمة الكذاب وتبعه ثمانون ألفا والمسلمون الذين في المدينة حشوهم منافقون، فلو أظهر النزاع بالسيف لكان كل من قتل علي بن أبي طالب عليه السّلام بنيه أو أخاه كان عليه وكان الناس يومئذ قليلا من لم يقتل علي من قبيلته وأصحابه وأنسابه قتيلا أو أزيد وكانوا يكونون عليه، فلذلك صبر وشاققهم على سبيل الحجة ستة أشهر بلا خلاف بين أهل السنة ثم بعد جري من طلب البيعة منهم فعند أهل السنة أنه بايع وعند الرافضة أنه لم يبايع، وتاريخ الطبري يدل على أنه لم يبايع وإنما العباس لما شاهد الفتنة صاح: بايع ابن أخي وأنتم تعلمون أن الخلافة لو لم تكن لعلي لما ادعاها ولو ادعاها بغير حق لكان مبطلا، وأنتم تروون عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «علي مع الحق والحق مع علي» فكيف يجوز منه أن يدعي ما ليس بحق فيكذب نبيكم يومئذ ما هذا بصحيح. وأما تعجبكم من مخالفة بني إسرائيل نبيهم في خليفته وعدولهم إلى العجل والسامري ففيه سر عجيب أنكم رويتم أن نبيكم قال: «فتحذو أمتي حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتم فيه» وقد ثبت في كتابكم أن بني إسرائيل خالفت نبيها في خليفته وعدلوا عنه إلى ما لا يصلح لها.
قال العلماء: يا يوحنا أفتدري أنت أن أبا بكر لا يصلح للخلافة؟ قال يوحنا:(2/42)
لا شك أنه لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان المسلمون قليلا واليمامة فيها مسيلمة الكذاب وتبعه ثمانون ألفا والمسلمون الذين في المدينة حشوهم منافقون، فلو أظهر النزاع بالسيف لكان كل من قتل علي بن أبي طالب عليه السّلام بنيه أو أخاه كان عليه وكان الناس يومئذ قليلا من لم يقتل علي من قبيلته وأصحابه وأنسابه قتيلا أو أزيد وكانوا يكونون عليه، فلذلك صبر وشاققهم على سبيل الحجة ستة أشهر بلا خلاف بين أهل السنة ثم بعد جري من طلب البيعة منهم فعند أهل السنة أنه بايع وعند الرافضة أنه لم يبايع، وتاريخ الطبري يدل على أنه لم يبايع وإنما العباس لما شاهد الفتنة صاح: بايع ابن أخي وأنتم تعلمون أن الخلافة لو لم تكن لعلي لما ادعاها ولو ادعاها بغير حق لكان مبطلا، وأنتم تروون عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «علي مع الحق والحق مع علي» فكيف يجوز منه أن يدعي ما ليس بحق فيكذب نبيكم يومئذ ما هذا بصحيح. وأما تعجبكم من مخالفة بني إسرائيل نبيهم في خليفته وعدولهم إلى العجل والسامري ففيه سر عجيب أنكم رويتم أن نبيكم قال: «فتحذو أمتي حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتم فيه» وقد ثبت في كتابكم أن بني إسرائيل خالفت نبيها في خليفته وعدلوا عنه إلى ما لا يصلح لها.
قال العلماء: يا يوحنا أفتدري أنت أن أبا بكر لا يصلح للخلافة؟ قال يوحنا:
أما أنا فو الله لم أر أبا بكر يصلح للخلافة ولا أنا متعصب للرافضة لكني نظرت الكتب الإسلامية فرأيت أن أئمتكم أعلمونا أن الله ورسوله أخبر أن أبا بكر لا يصلح للخلافة. قال الأئمة: وأين ذلك؟ قال يوحنا: رأيت في بخاريكم وفي الجمع بين الصحاح الستة وفي صحيح أبي داود وصحيح الترمذي ومسند أحمد بن حنبل أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث سورة براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذي الحليفة دعا عليا عليه السّلام ثم قال له: أدرك أبا بكر وخذ الكتاب منه فاقرأه عليهم، فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنزل في شيء؟ قال: لا ولكن جاءني جبرئيل عليه السّلام وقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك. فإذا كان الأمر هكذا وأبو بكر لا يصلح لأداء آيات يسيرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في حياته فكيف يصلح أن يكون خليفته بعد مماته ويؤدي عنه كله وعلمنا من هذا أن عليا عليه السّلام يصلح أن يؤدي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. فيا أيها المسلمون لم تتعامون عن الحق الصريح ولم تركنوا إلى هؤلاء وكم ترهبون الأهوال.
قال الحنفي: منهم يا يوحنا؟ والله إنك لتنظر بعين الإنصاف وإن الحق لكما تقول وأزيدك في معنى هذا الحديث، وهو أن الله تعالى أراد أن يبين للناس أن أبا بكر لا يصلح للخلافة فترك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى أخرج أبا بكر بسورة براءة على رؤوس الأشهاد ثم أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يخرج عليا وراءه ويعزله عن هذا المنصب العظيم ليعلم الناس أن أبا بكر لا يصلح لها وإن الصالح لها علي عليه السّلام، فقال لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: والله لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك، فما تقول أنت يا مالكي؟ قال المالكي: والله فإنه لم يزل يختلج في خاطري أن عليا نازع أبا بكر في خلافته مدة ستة أشهر وكل متنازعين في الأمر لابد وأن يكون أحدهما محقا، فإن قلنا أن أبا بكر كان محقا فقد خالفنا مدلول قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «علي مع الحق والحق مع علي» وهذا حديث صحيح لا خلاف فيه، فما تقول يا حنبلي، قال الحنبلي: يا أصحابنا كم نتعامى عن الحق والله إن اليقين أن أبا بكر وعمر غصبا حق علي عليه السّلام فكانا آثمين غادرين خائنين، فقال له الحنفي: ولا بهذه العبارة، فقال الحنبلي: يا حنفي تيقظ لأمرك فإن البخاري ومسلم أوردا في صحيحيهما أنه لما توفي أبو بكر وجلس عمر مكانه أتى العباس وعلي إلى عمر وطلبا ميراثهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فغضب عمر وقال كلاما يقول فيه: فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب
علي هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال لكما أبو بكر: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:(2/43)
قال الحنفي: منهم يا يوحنا؟ والله إنك لتنظر بعين الإنصاف وإن الحق لكما تقول وأزيدك في معنى هذا الحديث، وهو أن الله تعالى أراد أن يبين للناس أن أبا بكر لا يصلح للخلافة فترك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى أخرج أبا بكر بسورة براءة على رؤوس الأشهاد ثم أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يخرج عليا وراءه ويعزله عن هذا المنصب العظيم ليعلم الناس أن أبا بكر لا يصلح لها وإن الصالح لها علي عليه السّلام، فقال لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: والله لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك، فما تقول أنت يا مالكي؟ قال المالكي: والله فإنه لم يزل يختلج في خاطري أن عليا نازع أبا بكر في خلافته مدة ستة أشهر وكل متنازعين في الأمر لابد وأن يكون أحدهما محقا، فإن قلنا أن أبا بكر كان محقا فقد خالفنا مدلول قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «علي مع الحق والحق مع علي» وهذا حديث صحيح لا خلاف فيه، فما تقول يا حنبلي، قال الحنبلي: يا أصحابنا كم نتعامى عن الحق والله إن اليقين أن أبا بكر وعمر غصبا حق علي عليه السّلام فكانا آثمين غادرين خائنين، فقال له الحنفي: ولا بهذه العبارة، فقال الحنبلي: يا حنفي تيقظ لأمرك فإن البخاري ومسلم أوردا في صحيحيهما أنه لما توفي أبو بكر وجلس عمر مكانه أتى العباس وعلي إلى عمر وطلبا ميراثهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فغضب عمر وقال كلاما يقول فيه: فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب
علي هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال لكما أبو بكر: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:
«نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه يكون صدقة» فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، ثم توفي أبو بكر فقلت أنا ولي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من بعده وولي أبي بكر فجئت أنت وعلي وأنتما جميعا أمركما واحد فقلتم: الأمر لنا دونكم. فقلت لكما مقالة أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا. وقول عمر هذا لعلي عليه السّلام كان بمحضر أنس بن مالك وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد ولم يعتذر أمير المؤمنين علي ولا العباس عما نسب إليهما من الاعتقاد الذي ذكره عمر ولا أحد من الحاضرين اعتذر إلى أبي بكر، فيا حنفي إن كان عمر صدق فيما نسب إلى أبي بكر وإلى نفسه فمن يعتقد فيه العباس وعلي أنه كاذب آثم خائن غادر فكيف يصلح للخلافة، وإن قلت إن عمر كان كاذبا في ذلك فكفاه ذلك.
قال يوحنا: يا أئمة الإسلام هذه الرواية هي سبب تجري الناس على أبي بكر في الطعن عليه وعلى عمر، فإذا سمعت الرافضة أن في بخاريكم أن عمر قد شهد على نفسه أن عليا هو الذي رويتم فيه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال في حقه: «علي مع الحق والحق مع علي» والعباس عم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شهد على أبي بكر وعمر أنهما كاذبان آثمان خائنان فكيف لا يتجرأون عليهم ويجعلون هذا مبدأ أشياء أخر.
قالت العلماء: يا يوحنا إن الرافضة يطعنون في أكثر الصحابة، وهذا هو الذي أوجب قتلهم إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مدح الصحابة وقال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» فكيف يصح للرافضة أن يطعنوا فيهم؟ قال يوحنا: علماء الإسلام لا يقولون هذا فمن الجائز أن يكون هذا المدح لهم في زمن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حصل لبعضهم الارتداد، فإن إمامكم ومحدثكم الحميدي روى في الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه عندكم من الحديث الستين من مسند عبد الله بن العباس قال: إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ألا أنه سيجيء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، فيقال لي: إنك لا تدري. ما أحدثوا بعدك، فأقول لهم كما قال العبد الصالح: {(وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مََا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمََّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبََادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)} فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عائشة عن عبد الله الحديث الحادي عشر من أفراد مسلم قال: إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:
إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن: نكون كما
أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: بل تتنافسون وتتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون وتنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض. أليس هذا وعد بارتدادهم، وناهيك بقوله تعالى: {(وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى ََ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللََّهَ شَيْئاً)} قالت العلماء: يا يوحنا هذا الذي ذكرته يدل على أن ذلك البعض أبو بكر وعمر وأتباعهما وما ندري ما الذي جرأهم على ذلك ومن أين جاز لهم ذلك؟ قال يوحنا: أجرأهم على ذلك أئمتكم وعلماؤكم كالبخاري ومسلم، فإنهم أوردوا أنه لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسلت فاطمة صلوات الله عليها إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم مما أفاء الله عليه بالمدينة من فدك وما بقي من خمس خيبر، فأبى أبو بكر أن يرد على فاطمة عليها السّلام شيئا منه، فوجدت فاطمة على أبي بكر مما أقلقها وأحزنها فهجرته ولم تكلم مما وقع عليها منه من الأذى وما زالت تتنفس حتى ماتت، وأنها عاشت بعد أبيها ستة أشهر فلما توفيت دفنها عليها السّلام ليلا سرا ولم يؤذن بها أبا بكر. ومع هذه الشناعة روى أئمتكم في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني.(2/44)
إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن: نكون كما
أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: بل تتنافسون وتتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون وتنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض. أليس هذا وعد بارتدادهم، وناهيك بقوله تعالى: {(وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى ََ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللََّهَ شَيْئاً)} قالت العلماء: يا يوحنا هذا الذي ذكرته يدل على أن ذلك البعض أبو بكر وعمر وأتباعهما وما ندري ما الذي جرأهم على ذلك ومن أين جاز لهم ذلك؟ قال يوحنا: أجرأهم على ذلك أئمتكم وعلماؤكم كالبخاري ومسلم، فإنهم أوردوا أنه لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسلت فاطمة صلوات الله عليها إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم مما أفاء الله عليه بالمدينة من فدك وما بقي من خمس خيبر، فأبى أبو بكر أن يرد على فاطمة عليها السّلام شيئا منه، فوجدت فاطمة على أبي بكر مما أقلقها وأحزنها فهجرته ولم تكلم مما وقع عليها منه من الأذى وما زالت تتنفس حتى ماتت، وأنها عاشت بعد أبيها ستة أشهر فلما توفيت دفنها عليها السّلام ليلا سرا ولم يؤذن بها أبا بكر. ومع هذه الشناعة روى أئمتكم في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني.
ويؤذيني ما آذاها» فأخذ الرافضة هذين الحديثين وركبوا منهما مقدمتين وهو: أبو بكر آذى فاطمة، ومن آذى فاطمة فقد آذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولا شك أن الله سبحانه يقول: {(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللََّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللََّهُ فِي الدُّنْيََا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذََاباً مُهِيناً)} ولو احتج عليكم أحد بهذه الحجة لم يسعكم إنكار مقدمة من مقدماتها ولا إنكار نتيجتها.
وقال يوحنا: فاختبط القوم وكثر بينهم النزاع لكن كان مآل كلامهم، أن الحق في طرف الرافضة وكان أقربهم إلى الحق إذن إمام الشافعية فقال لهم: أراكم تشكون أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من مات ولم يعرف إمام زمانه فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا فما المراد بإمام الزمان ومن هو؟ قالوا: إمام زماننا القرآن فإنا به نقتدي.
فقال الشافعي: أخطأتم لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: الأئمة من قريش ولا يقال للقرآن أنه قريشي. فقالوا: النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إمامنا. فقال الشافعي أخطأتم لأن علماءنا لما اعترض عليهم بأن كيف يجوز لأبي بكر وعمر أن يتركا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجى غير مغسل ويذهبا لطلب الخلافة وهذا دليل على حرصهم عليها وهو قادح في صحة خلافتهما أجاب علماؤنا أنهم لمحوا أقوال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ولم يجوزوا على أنفسهم الموت قبل تعيين الإمام فبادروا لتعيينه هربا من ذلك الوعيد، فعلمنا أن ليس المراد بالإمام هذا النبي. فقالوا للشافعي: فأنت
من إمامك يا شافعي؟ قال: إن كنت من قبيلتكم فلا إمام لي وإن كنت من قبيل الاثني عشرية فإمامي محمد بن الحسن. فقال العلماء: هذا والله أمر بعيد كيف يجوز أن يكون واحد من مدة لا يعيش أحد مثله ولا يراه أحد هذا بعيد جدا. فقال الشافعي: هذا الدجال من الكفرة تقولون أنه حي وموجود وهو قبل المهدي والسامري كذلك ووجود إبليس لا تنكرونه وهذا الخضر وهذا عيسى تقولون أنهما حيان، وقد ورد عندكم ما يدل على التعمير في حق السعداء والأشقياء، وهذا القرآن ينطق أن أهل الكهف ناموا ثلاث مئة سنة وتسع سنين لا يأكلون ولا يشربون، أفبعيد أن يعيش من ذرية محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم واحد مدة طويلة يأكل ويشرب إلا أنه لا يخبرنا أحد أنه رآه واستبعادكم هذا بعيد جدا.(2/45)
فقال الشافعي: أخطأتم لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: الأئمة من قريش ولا يقال للقرآن أنه قريشي. فقالوا: النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إمامنا. فقال الشافعي أخطأتم لأن علماءنا لما اعترض عليهم بأن كيف يجوز لأبي بكر وعمر أن يتركا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجى غير مغسل ويذهبا لطلب الخلافة وهذا دليل على حرصهم عليها وهو قادح في صحة خلافتهما أجاب علماؤنا أنهم لمحوا أقوال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ولم يجوزوا على أنفسهم الموت قبل تعيين الإمام فبادروا لتعيينه هربا من ذلك الوعيد، فعلمنا أن ليس المراد بالإمام هذا النبي. فقالوا للشافعي: فأنت
من إمامك يا شافعي؟ قال: إن كنت من قبيلتكم فلا إمام لي وإن كنت من قبيل الاثني عشرية فإمامي محمد بن الحسن. فقال العلماء: هذا والله أمر بعيد كيف يجوز أن يكون واحد من مدة لا يعيش أحد مثله ولا يراه أحد هذا بعيد جدا. فقال الشافعي: هذا الدجال من الكفرة تقولون أنه حي وموجود وهو قبل المهدي والسامري كذلك ووجود إبليس لا تنكرونه وهذا الخضر وهذا عيسى تقولون أنهما حيان، وقد ورد عندكم ما يدل على التعمير في حق السعداء والأشقياء، وهذا القرآن ينطق أن أهل الكهف ناموا ثلاث مئة سنة وتسع سنين لا يأكلون ولا يشربون، أفبعيد أن يعيش من ذرية محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم واحد مدة طويلة يأكل ويشرب إلا أنه لا يخبرنا أحد أنه رآه واستبعادكم هذا بعيد جدا.
قال يوحنا: فأطرق القوم فقالوا يا شافعي: الناس اختلفوا وكل أحد منهم أخذ طرفا والله ما ندري ماذا نصنع؟ قال يوحنا: إن نبيكم قال: «ستفترق أمتي من بعدي ثلاثا وسبعين واحدة ناجية واثنتان وسبعون في النار» فهل تعرف الناجية من هي؟ قالوا: إنهم أهل السنة والجماعة لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما سئل عن الفرقة الناجية من هم فقال: «الذين هم على ما أنا عليه اليوم وأصحابي» قال يوحنا: فمن أين لكم أنكم أنتم اليوم على ما كان عليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قالوا: ينقل ذلك الخلف عن السلف. فقال يوحنا: فمن الذي يعتمد على نقلكم؟ قالوا: وكيف ذلك؟ قال:
لوجهين:
الأول: إن علماءكم نقلوا كثيرا من الأحاديث التي تدل على إمامة علي عليه السّلام وأفضليته وأنتم تقولون أنه مكذوب عليه، وشهدتم على علمائكم أنهم ينقلون الكذب فربما يكون هذا يتفق أيضا كذبا ولا مرحج لكم.
الثاني: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يصلي كل يوم الصلوات الخمس في المسجد ولم يضبط له أنه هل كان يبسمل للحمد أم لا وهل كان يعتقد وجوبها أم لا، وهل كان يسبل يديه أم لا ولو كان يعقدهما فهل يعقدهما تحت السرة أو فوقها، وهل كان يمسح في الوضوء ثلاث شعرات أو ربع الرأس أم جميع الرأس، حتى أن أئمتكم اختلفوا فبعض أوجب البسملة وبعض استحبها وبعض كرهها وبعض أسبل يديه وبعض عقدها تحت السرة وبعض فوقها وبعض أوجب مسح ثلاث شعرات وبعض ربع الرأس وبعض جميعه، فإذا كان سلفكم لم يضبط شيئا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يفعله في اليوم والليلة مرارا متعددة فكيف يضبطون شيئا لم يفعله في العمر إلا مرة واحدة أو مرتين هذا بعيد. وكيف تقولون ان أهل السنة هم على ما كان عليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
والحال أنهم يناقض بعضهم بعضا في اعتقاداتهم واجتماع النقيضين محال.(2/46)
الثاني: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يصلي كل يوم الصلوات الخمس في المسجد ولم يضبط له أنه هل كان يبسمل للحمد أم لا وهل كان يعتقد وجوبها أم لا، وهل كان يسبل يديه أم لا ولو كان يعقدهما فهل يعقدهما تحت السرة أو فوقها، وهل كان يمسح في الوضوء ثلاث شعرات أو ربع الرأس أم جميع الرأس، حتى أن أئمتكم اختلفوا فبعض أوجب البسملة وبعض استحبها وبعض كرهها وبعض أسبل يديه وبعض عقدها تحت السرة وبعض فوقها وبعض أوجب مسح ثلاث شعرات وبعض ربع الرأس وبعض جميعه، فإذا كان سلفكم لم يضبط شيئا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يفعله في اليوم والليلة مرارا متعددة فكيف يضبطون شيئا لم يفعله في العمر إلا مرة واحدة أو مرتين هذا بعيد. وكيف تقولون ان أهل السنة هم على ما كان عليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
والحال أنهم يناقض بعضهم بعضا في اعتقاداتهم واجتماع النقيضين محال.
قال يوحنا: فأطرقوا جميعا ودار الكلام بينهم وارتفعت الأصوات بينهم وقالوا: الصحيح أنا لا نعرف الفرقة الناجية من هي وكل منا يزعم أنه هو الناجي وأن غيره هو الهالك، ويمكن أن يكون هو الهالك وغيره الناجي.
قال يوحنا: هذه الرافضة الذين تزعمون أنهم ضالون يجزمون بنجاتهم وهلاك من سواهم ويستدلون على ذلك بأن اعتقادهم أوفى للحق وأبعد عن الشك. قالت العلماء: يا يوحنا قل وإنا والله لا نتهمك لعلمنا انك تجادلنا على إظهار الحق. قال يوحنا: أنا أقول باعتقاد الشيعة أن الله قديم ولا قديم سواه وأنه واجب الوجود وأنه ليس بجسم ولا في محل وهو منزه عن الحلول، واعتقادكم أنكم تثبتون معه ثمانية قدماء هي الصفات حتى أن إمامكم الفخر الرازي شنع عليكم وقال: إن النصارى واليهود كفروا حيث جعلوا مع الله الهين اثنين قديمين وأصحابنا أثبتوا قدماء تسعة، وابن حنبل أحد أئمتكم قال: إن الله جسم وأنه على العرش وأنه ينزل في صورة أمرد، فبالله عليكم أليس الحال كما قلت؟ قالوا: نعم.
قال يوحنا: فاعتقادهم إذا خير من اعتقادكم، واعتقاد الشيعة أن الله سبحانه لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب وليس في فعله ظلم ويرضون بقضاء الله لأنه لا يقضي إلا بالخير، ويعتقدون أن فعله لغرض لا لعبث وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يضل أحدا من عباده ولا يحيل بينهم وبين عبادته، وأنه أراد الطاعة ونهى عن المعصية وأنهم مختارون في أفعال أنفسهم، واعتقادكم أنتم أن الفواحش كلها من الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وأنه كلما يقع في الوجود من الكفر والفسوق والمعصية والقتل والسرقة والزنا فإنه خلقه الله تعالى في فاعليه وأراده منهم وقضى عليهم به ورفع اختيارهم ثم يعذبهم عليه، وأنتم لا ترضون بقضاء الله بل إن الله تعالى لا يرضى بقضاء نفسه، وأنه هو الذي أضل العباد وحال بينهم وبين العبادة والإيمان، وإن الله تعالى يقول: {(وَلََا يَرْضى ََ لِعِبََادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلََا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ)} فاعتبروا أهل اعتقادكم؟ خير من اعتقادهم أو اعتقادهم خير من اعتقادكم؟ وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون؟.
وقالت الشيعة: أنبياء الله معصومون من أول عمرهم إلى آخره عن الصغائر والكبائر فيما يتعلق بالوحي وغيره عمدا وخطأ، واعتقادكم أنه يجوز عليهم الخطأ والنسيان، ونسبتم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سها في القرآن بما يوجب الكفر فقلتم: إنه صلى الصبح فقرأ في سورة النجم: (أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى.
تلك الغرانيق العلى. منها الشفاعة ترجى) وهذا كفر وشرك جلي، حتى أن بعض علمائكم ضعف كتابا فيه تعداد ذنوب نسبها للأنبياء عليهم السّلام فأجابته الشيعة عن ذلك الكتاب بكتاب سموه بتنزيه الأنبياء، فماذا تقولون أي الاعتقادين أقرب إلى الصواب وأدنى من الفوز؟(2/47)
وقالت الشيعة: أنبياء الله معصومون من أول عمرهم إلى آخره عن الصغائر والكبائر فيما يتعلق بالوحي وغيره عمدا وخطأ، واعتقادكم أنه يجوز عليهم الخطأ والنسيان، ونسبتم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سها في القرآن بما يوجب الكفر فقلتم: إنه صلى الصبح فقرأ في سورة النجم: (أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى.
تلك الغرانيق العلى. منها الشفاعة ترجى) وهذا كفر وشرك جلي، حتى أن بعض علمائكم ضعف كتابا فيه تعداد ذنوب نسبها للأنبياء عليهم السّلام فأجابته الشيعة عن ذلك الكتاب بكتاب سموه بتنزيه الأنبياء، فماذا تقولون أي الاعتقادين أقرب إلى الصواب وأدنى من الفوز؟
واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يقبض حتى أوصى إلى من يقوم بأمره بعده وأنه لم يترك أمته هملا ولم يخالف قوله تعالى، واعتقادكم أنه ترك أمته هملا ولم يوص إلى من يقوم بالأمر بعده ومن كتابكم الذي أنزل عليكم فيه وجوب الوصية وفي حديث نبيكم وجوب الوصية، فلزم على اعتقادكم أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر الناس بما لا يفعله، فأي الاعتقادين أولى بالنجاة؟
واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يخرج من الدنيا حتى نص بالخلافة على علي بن أبي طالب عليه السّلام ولم يترك أمته هملا فقال له يوم الدار: «أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا أمره» وأنتم نقلتموه ونقله إمام القراء والطبري والخركوشي وابن إسحاق. وقال فيه يوم غدير خم «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» حتى قال له عمر: بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، نقله إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده. وقال فيه لسلمان: «إن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب» رواه إمامكم أحمد بن حنبل. وقال فيه: «إن الأنبياء ليلة المعراج قالوا لي بعثنا على الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب ورويتموه في الثعلبي والبيان وقال فيه: «أنه يحب الله ورسوله» رويتموه في البخاري ومسلم. وقال فيه: «لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني» وعنى به علي بن أبي طالب عليه السّلام ورويتموه في الجمع بين الصحيحين. وقال فيه: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» ورويتموه في البخاري. وأنزل الله فيه:
{(هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)} وأنزل فيه: {(إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ)} وأنه صاحب آية الصدقة، وضربته لعمرو بن عبدود العامري أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة، وهو أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وزوج ابنته وباب المدينة إمام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين حلال المشكلات وفكاك المعضلات هو الإمام بالنص الإلهي ثم من بعده الحسن والحسين عليهما السّلام اللذان قال فيهما النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «هذان إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما» وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» ثم علي زين العابدين ثم أولاده المعصومين الذين خاتمهم الحجة القائم
المهدي إمام الزمان الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، وأنتم رويتم في صحاحكم عن جابر بن سمرة أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «يكون بعدي اثنا عشر أميرا» وقال كلمة لم أسمعها وفي بخاريكم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا» ثم تكلم بكلمة خفيفة خفيت علي. وفي صحيح مسلم «لا يزال أمر الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» وفي الجمع بين الصحيحين والصحاح الستة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش».(2/48)
{(هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)} وأنزل فيه: {(إِنَّمََا وَلِيُّكُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ)} وأنه صاحب آية الصدقة، وضربته لعمرو بن عبدود العامري أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة، وهو أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وزوج ابنته وباب المدينة إمام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين حلال المشكلات وفكاك المعضلات هو الإمام بالنص الإلهي ثم من بعده الحسن والحسين عليهما السّلام اللذان قال فيهما النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «هذان إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما» وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» ثم علي زين العابدين ثم أولاده المعصومين الذين خاتمهم الحجة القائم
المهدي إمام الزمان الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، وأنتم رويتم في صحاحكم عن جابر بن سمرة أنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «يكون بعدي اثنا عشر أميرا» وقال كلمة لم أسمعها وفي بخاريكم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا» ثم تكلم بكلمة خفيفة خفيت علي. وفي صحيح مسلم «لا يزال أمر الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» وفي الجمع بين الصحيحين والصحاح الستة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش».
وروى عالمكم ومحدثكم وثقتكم صاحب كفاية الطالب فإنه قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد وحدثنا أبو محمد هارون بن موسى سنة إحدى وثمانين وثلاثمئة وحدثنا أبو علي محمد بن الأشعث أبو همام وحدثنا عامر بن كثير البصري قال هارون: حدثنا ابن نعيم السمرقندي قال: حدثنا أبو النظر محمد بن مسعود العياشي عن يوسف بن إسحاق البصري عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر بن هشام بن يزيد عن الحسين بن محمد عن أبي شعيب عن مسكين بن نكير أبو بسطام عن شعبة بن سعد بن الحجاج عن هاشم بن يزيد عن أنس بن مالك قال: كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ دخل الحسن والحسين عليهما السّلام فقبلهما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقام أبو ذر فانكب عليهما وقبل أيديهما ورجع فقعد معنا، فقلنا له سرا: يا أبا ذر رأيت شيخا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما ويقبلهما ويقبل أيديهما؟
فقال: نعم لو سمعتم ما سمعت لفعلتم بهما أكثر مما فعلت. فقلنا: وما سمعت فيهما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يا أبا ذر؟ فقال: سمعته يقول لعلي ولهما: «والله لو أن عبدا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفعه صلاته ولا صومه إلا بحبكم والبراءة من عدوكم. يا علي من توسل إلى الله بحقكم فحق على الله أن لا يرده خائبا. يا علي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى» قال: ثم قام أبو ذر وخرج فتقدمنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبو ذر بكيت وكيت، فقال: صدق أبو ذر والله ما أقلت الغبراء ولا أظلت السماء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: خلقني الله تعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بسبعة آلاف عام ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات. قلت يا رسول الله: وأين كنتم وعلى أي شأن كنتم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله ونقدسه. ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما
عرج بي إلى السماء وبلغت إلى سدرة المنتهى ودعني جبرئيل. فقلت: يا حبيبي جبرئيل في مثل هذا المقام تفارقني؟ فقال: يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي، ثم زج بي من النور إلى النور ما شاء الله تعالى فأوحى الله تعالى إلى محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم: إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبيا ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا وجعلته وصيك ووارث علمك وإماما من بعدك وأخرج من أصلابكم الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي ولولاهم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار، أتحب أن تراهم؟ فقلت: نعم يا رب، فنوديت يا محمد ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري. فقلت: يا رب من هؤلاء ومن هذا؟(2/49)
فقال: نعم لو سمعتم ما سمعت لفعلتم بهما أكثر مما فعلت. فقلنا: وما سمعت فيهما عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يا أبا ذر؟ فقال: سمعته يقول لعلي ولهما: «والله لو أن عبدا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفعه صلاته ولا صومه إلا بحبكم والبراءة من عدوكم. يا علي من توسل إلى الله بحقكم فحق على الله أن لا يرده خائبا. يا علي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى» قال: ثم قام أبو ذر وخرج فتقدمنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبو ذر بكيت وكيت، فقال: صدق أبو ذر والله ما أقلت الغبراء ولا أظلت السماء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: خلقني الله تعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بسبعة آلاف عام ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات. قلت يا رسول الله: وأين كنتم وعلى أي شأن كنتم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله ونقدسه. ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما
عرج بي إلى السماء وبلغت إلى سدرة المنتهى ودعني جبرئيل. فقلت: يا حبيبي جبرئيل في مثل هذا المقام تفارقني؟ فقال: يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي، ثم زج بي من النور إلى النور ما شاء الله تعالى فأوحى الله تعالى إلى محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم: إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبيا ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا وجعلته وصيك ووارث علمك وإماما من بعدك وأخرج من أصلابكم الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي ولولاهم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار، أتحب أن تراهم؟ فقلت: نعم يا رب، فنوديت يا محمد ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري. فقلت: يا رب من هؤلاء ومن هذا؟
فقال سبحانه وتعالى: هؤلاء الأئمة من بعدك المطهرين من صلبك وهذا هو الحجة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويشفي صدور قوم مؤمنين.
فقلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا. فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: وأعجب من هذا ان أقواما يسمعون هذا مني ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي.
قال يوحنا: واعتقادكم أنتم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما مات على غير وصية ولم ينص على خليفته وأن عمر بن الخطاب اختار أبا بكر وبايعه وتبعته الأمة وأنه سمى نفسه خليفة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنتم تعلمون كلكم أن أبا بكر وعمر لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تركوه بغير غسل ولا كفن وذهبا إلى سقيفة بني ساعدة فنازعا الأنصار في الخلافة وولى أبو بكر الخلافة ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجى، ولا شك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يستخلفه وأنه كان يعبد الأصنام قبل أن يسلم أربعين سنة، والله تعالى يقول: {(لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ)} ومنع فاطمة إرثها من أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بخبر روى هو حتى يخبر. قالت فاطمة عليها السّلام: يا أبا بكر ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا وعارضته بقول الله: {(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)} {(وَوَرِثَ سُلَيْمََانُ دََاوُدَ)} وقال الله تعالى: {(يُوصِيكُمُ اللََّهُ فِي أَوْلََادِكُمْ)} ولو كان حديث أبي بكر صحيحا لم يمسك علي بن أبي طالب عليه السّلام سيف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا بعد موت فاطمة في ذلك، ولو كان هذا الحديث معروفا لم يجز لهم ذلك، وأبو بكر منع فاطمة فدكا لأنها ادّعت ذلك وذكرت أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نحلها إياه فلم يصدقها في ذلك مع أنها من أهل الجنة وان الله تعالى
أذهب عنها الرجس الذي هو أعم من الكذب وغيره، واستشهدت عليا عليه السّلام وأم أيمن مع شهادة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لها بالجنة فقال: رجل مع رجل وامرأة، وصدق الأزواج في ادعاء الحجرة ولم يجعل الحجرة صدقة فأوصت فاطمة وصية مؤكدة أن يدفنها علي ليلا حتى لا يصلي عليها أبو بكر. وأبو بكر قال: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم، فإن صدق فلا يصح له التقدم على علي بن أبي طالب وإن كذب فلا يصلح للإمامة، ولا يحمل هذا على التواضع لجعله شيئا موجبا لفسخ الإمامة وحاملا له عليه. وأبو بكر قال: إن لي شيطانا يعتريني فإذا زغت فقوموني. ومن يعتريه الشيطان فلا يصلح للإمامة. وأبو بكر قال في حقه عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ووقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فتبين أن بيعته كانت خطأ على غير الصواب وإن مثلها مما يجب المقاتلة عليها، وأبو بكر تخلف عن جيش أسامة وولاه عليه ولم يول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على علي أحدا. وأبو بكر لم يوله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عملا في زمانه قط إلا سورة براءة وحين ما خرج أمر الله تعالى رسوله بعزله وأعطاها عليا. وأبو بكر لم يكن عالما بالأحكام الشرعية حتى قطع يسار سارق وأحرق بالنار الفجأة السلمي التيمي وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يعذب بالنار إلا رب النار» ولما سئل عن الكلالة لم يعرف ما يقول فيها فقال: أقول برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن الشيطان. وسألته جدة عن ميراثها فقال: لا أجد لك في كتاب الله شيئا ولا في سنة محمد ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطاه السدس وكان يستفتي الصحابة في كثير من الأحكام. وأبو بكر لم ينكر على خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة ولا في تزويج امرأته ليلة قتله من غير عدة. وأبو بكر بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السّلام لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار وفيه فاطمة عليها السّلام وجماعة من بني هاشم وغيرهم فأنكروا عليه. وأبو بكر لما صعد المنبر جاء الحسن والحسين عليهما السّلام وجماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين عليهما السّلام:(2/50)
قال يوحنا: واعتقادكم أنتم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما مات على غير وصية ولم ينص على خليفته وأن عمر بن الخطاب اختار أبا بكر وبايعه وتبعته الأمة وأنه سمى نفسه خليفة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنتم تعلمون كلكم أن أبا بكر وعمر لما مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تركوه بغير غسل ولا كفن وذهبا إلى سقيفة بني ساعدة فنازعا الأنصار في الخلافة وولى أبو بكر الخلافة ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مسجى، ولا شك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يستخلفه وأنه كان يعبد الأصنام قبل أن يسلم أربعين سنة، والله تعالى يقول: {(لََا يَنََالُ عَهْدِي الظََّالِمِينَ)} ومنع فاطمة إرثها من أبيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بخبر روى هو حتى يخبر. قالت فاطمة عليها السّلام: يا أبا بكر ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا وعارضته بقول الله: {(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)} {(وَوَرِثَ سُلَيْمََانُ دََاوُدَ)} وقال الله تعالى: {(يُوصِيكُمُ اللََّهُ فِي أَوْلََادِكُمْ)} ولو كان حديث أبي بكر صحيحا لم يمسك علي بن أبي طالب عليه السّلام سيف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا بعد موت فاطمة في ذلك، ولو كان هذا الحديث معروفا لم يجز لهم ذلك، وأبو بكر منع فاطمة فدكا لأنها ادّعت ذلك وذكرت أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نحلها إياه فلم يصدقها في ذلك مع أنها من أهل الجنة وان الله تعالى
أذهب عنها الرجس الذي هو أعم من الكذب وغيره، واستشهدت عليا عليه السّلام وأم أيمن مع شهادة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لها بالجنة فقال: رجل مع رجل وامرأة، وصدق الأزواج في ادعاء الحجرة ولم يجعل الحجرة صدقة فأوصت فاطمة وصية مؤكدة أن يدفنها علي ليلا حتى لا يصلي عليها أبو بكر. وأبو بكر قال: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم، فإن صدق فلا يصح له التقدم على علي بن أبي طالب وإن كذب فلا يصلح للإمامة، ولا يحمل هذا على التواضع لجعله شيئا موجبا لفسخ الإمامة وحاملا له عليه. وأبو بكر قال: إن لي شيطانا يعتريني فإذا زغت فقوموني. ومن يعتريه الشيطان فلا يصلح للإمامة. وأبو بكر قال في حقه عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ووقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فتبين أن بيعته كانت خطأ على غير الصواب وإن مثلها مما يجب المقاتلة عليها، وأبو بكر تخلف عن جيش أسامة وولاه عليه ولم يول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على علي أحدا. وأبو بكر لم يوله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عملا في زمانه قط إلا سورة براءة وحين ما خرج أمر الله تعالى رسوله بعزله وأعطاها عليا. وأبو بكر لم يكن عالما بالأحكام الشرعية حتى قطع يسار سارق وأحرق بالنار الفجأة السلمي التيمي وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا يعذب بالنار إلا رب النار» ولما سئل عن الكلالة لم يعرف ما يقول فيها فقال: أقول برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن الشيطان. وسألته جدة عن ميراثها فقال: لا أجد لك في كتاب الله شيئا ولا في سنة محمد ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطاه السدس وكان يستفتي الصحابة في كثير من الأحكام. وأبو بكر لم ينكر على خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة ولا في تزويج امرأته ليلة قتله من غير عدة. وأبو بكر بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السّلام لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار وفيه فاطمة عليها السّلام وجماعة من بني هاشم وغيرهم فأنكروا عليه. وأبو بكر لما صعد المنبر جاء الحسن والحسين عليهما السّلام وجماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين عليهما السّلام:
هذا مقام جدنا ولست أهلا له. وأبو بكر لما حضرته الوفاة قال: يا ليتني تركت بيت فاطمة عليها السّلام لم أكشفه وليتني كنت سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هل للأنصار في هذا الأمر حق؟ وقال: ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين وكان هو الأمير وأنا الوزير. وأبو بكر عندكم إنه خالف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في الاستخلاف لأنه استخلف عمر بن الخطاب ولم يكن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولاه قط عملا إلا غزوة خيبر فرجع منهزما وولاه الصدقات فشكا العباس فعزله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنكر الصحابة على أبي بكر تولية عمر حتى قال طلحة: وليت عمر فظا غليظا.
وأما عمر فإنه أتى إليه بامرأة زنت وهي حامل فأمر برجمها فقال علي عليه السّلام: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها من سبيل، فأمسك وقال: لولا علي لهلك عمر. وعمر شك في موت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: ما مات محمد ولا يموت حتى تلا عليه أبو بكر الآية: {(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)} فقال: صدقت، وقال كأني لم أسمعها. وجاؤوا إلى عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال له علي عليه السّلام: القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق، فأمسك فقال: لولا علي لهلك عمر، وقال في خطبة له: من غالى في مهر امرأته جعلته في بيت مال المسلمين، فقالت له امرأة: تمنعنا ما أحل الله لنا حيث يقول: {(وَآتَيْتُمْ إِحْدََاهُنَّ قِنْطََاراً فَلََا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتََاناً وَإِثْماً)} فقال: كل أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت. وكان يعطي حفصة وعائشة كل واحدة منهما مائتي ألف درهم وأخذ مائتي ألف درهم من بيت المال فأنكر عليه المسلمون فقال: أخذته على وجه القرض. ومنع الحسن والحسين عليهما السّلام إرثهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومنعهما الخمس. وعمر قضى في الحد بسبعين قضية وفضل في العطاء والقسمة.(2/51)
هذا مقام جدنا ولست أهلا له. وأبو بكر لما حضرته الوفاة قال: يا ليتني تركت بيت فاطمة عليها السّلام لم أكشفه وليتني كنت سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هل للأنصار في هذا الأمر حق؟ وقال: ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين وكان هو الأمير وأنا الوزير. وأبو بكر عندكم إنه خالف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في الاستخلاف لأنه استخلف عمر بن الخطاب ولم يكن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولاه قط عملا إلا غزوة خيبر فرجع منهزما وولاه الصدقات فشكا العباس فعزله النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنكر الصحابة على أبي بكر تولية عمر حتى قال طلحة: وليت عمر فظا غليظا.
وأما عمر فإنه أتى إليه بامرأة زنت وهي حامل فأمر برجمها فقال علي عليه السّلام: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها من سبيل، فأمسك وقال: لولا علي لهلك عمر. وعمر شك في موت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال: ما مات محمد ولا يموت حتى تلا عليه أبو بكر الآية: {(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)} فقال: صدقت، وقال كأني لم أسمعها. وجاؤوا إلى عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال له علي عليه السّلام: القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق، فأمسك فقال: لولا علي لهلك عمر، وقال في خطبة له: من غالى في مهر امرأته جعلته في بيت مال المسلمين، فقالت له امرأة: تمنعنا ما أحل الله لنا حيث يقول: {(وَآتَيْتُمْ إِحْدََاهُنَّ قِنْطََاراً فَلََا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتََاناً وَإِثْماً)} فقال: كل أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت. وكان يعطي حفصة وعائشة كل واحدة منهما مائتي ألف درهم وأخذ مائتي ألف درهم من بيت المال فأنكر عليه المسلمون فقال: أخذته على وجه القرض. ومنع الحسن والحسين عليهما السّلام إرثهما من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومنعهما الخمس. وعمر قضى في الحد بسبعين قضية وفضل في العطاء والقسمة.
ومنع المتمتعين وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حلالتان وأنا محرمهما ومعاقب من فعلهما. وخالف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبا بكر في النص وعدمه وجعل الخلافة في ستة نفر ثم ناقض نفسه وجعلها في أربعة نفر ثم في الثلاثة ثم في واحد فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور ثم قال: إن اجتمع علي وعثمان فالقول ما قالا وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، لعلمه أن عليا وعثمان لا يجتمعان على أمر وأن عبد الرحمن ابن عوف لا يعدل بالأمر عن ابن أخته وهو عثمان ثم أمر بضرب عنق من تأخر عن البيعة ثلاثة أيام. وعمر أيضا مزق الكتاب كتاب فاطمة عليها السّلام وهو انه لما طالت المنازعة بين فاطمة وأبي بكر رد عليها فدك والعوالي وكتب لها كتابا فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها فقصت قصتها فأخذ منها الكتاب ومزقه ودعت عليه فاطمة عليها السّلام، فدخل على أبي بكر ولامه على ذلك واتفقا على منعها.
وأما عثمان بن عفان فجعل الولايات بين أقاربه فاستعمل الوليد أخاه لأمه على الكوفة فشرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران فطرده أهل الكوفة فظهر منه ما ظهر، وأعطى الأموال العظيمة أزواج بناته الأربع فأعطى كل واحد من أزواجهن مائة ألف مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين وأعطى مروان ألف ألف درهم من خمس إفريقية، وعثمان حمى لنفسه عن المسلمين منعهم عنه ووقع منه أشياء
منكرة في حق الصحابة، وضرب ابن مسعود حتى مات وأحرق مصحفه، وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره، وضرب عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى صار به فتق، واستحضر أبا ذر من الشام لهوى معاوية وضربه ونفاه إلى الربذة مع أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقرب هؤلاء الثلاثة، وعثمان أسقط القود عن ابن عمر لما قتل النوار بعد الإسلام، وأراد أن يسقط حد الشراب عن الوليد بن عتبة الفاسق فاستوفى منه علي عليه السّلام، وخذلته الصحابة حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ودفنوه في حش كوكب، وغاب عن المسلمين يوم بدر ويوم أحد وعن بيعة الرضوان، وهو كان السبب في أن معاوية حارب عليا عليه السّلام على الخلافة ثم آل الأمر إلى أن سبّ بنو أمية عليا عليه السّلام على المنبر وسموا الحسن وقتلوا الحسين وشهروا أولاد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وذريته في البلاد يطاف بهم على المطايا، فآل الأمر إلى الحجاج حتى أنه قتل من آل محمد اثني عشر ألفا وبنى كثيرا منهم في الحيطان وهم أحياء، وكل السبب في هذا أنهم جعلوا الإمامة بالاختيار والإرادة ولو أنهم اتبعوا النص في ذلك ولم يخالف عمر بن الخطاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله: «ائتوني بدواة وبيضاء لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا» لما حصل الخلاف وهذا الضلال.(2/52)
وأما عثمان بن عفان فجعل الولايات بين أقاربه فاستعمل الوليد أخاه لأمه على الكوفة فشرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران فطرده أهل الكوفة فظهر منه ما ظهر، وأعطى الأموال العظيمة أزواج بناته الأربع فأعطى كل واحد من أزواجهن مائة ألف مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين وأعطى مروان ألف ألف درهم من خمس إفريقية، وعثمان حمى لنفسه عن المسلمين منعهم عنه ووقع منه أشياء
منكرة في حق الصحابة، وضرب ابن مسعود حتى مات وأحرق مصحفه، وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره، وضرب عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى صار به فتق، واستحضر أبا ذر من الشام لهوى معاوية وضربه ونفاه إلى الربذة مع أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يقرب هؤلاء الثلاثة، وعثمان أسقط القود عن ابن عمر لما قتل النوار بعد الإسلام، وأراد أن يسقط حد الشراب عن الوليد بن عتبة الفاسق فاستوفى منه علي عليه السّلام، وخذلته الصحابة حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ودفنوه في حش كوكب، وغاب عن المسلمين يوم بدر ويوم أحد وعن بيعة الرضوان، وهو كان السبب في أن معاوية حارب عليا عليه السّلام على الخلافة ثم آل الأمر إلى أن سبّ بنو أمية عليا عليه السّلام على المنبر وسموا الحسن وقتلوا الحسين وشهروا أولاد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وذريته في البلاد يطاف بهم على المطايا، فآل الأمر إلى الحجاج حتى أنه قتل من آل محمد اثني عشر ألفا وبنى كثيرا منهم في الحيطان وهم أحياء، وكل السبب في هذا أنهم جعلوا الإمامة بالاختيار والإرادة ولو أنهم اتبعوا النص في ذلك ولم يخالف عمر بن الخطاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله: «ائتوني بدواة وبيضاء لأكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا» لما حصل الخلاف وهذا الضلال.
قال يوحنا: يا علماء الدين هؤلاء الفرقة الذين يسمون الرافضة هذا اعتقادهم الذي ذكرنا وأنتم هذا اعتقادكم الذي قررناه ودلائلهم هذه التي سمعتموها ودلائلكم هذه التي نقلتموها. فبالله عليكم أي الفريقين أحق بالأمر إن كنتم تعلمون؟
فقالوا بلسان واحد: والله إن الرافضة على الحق وأنهم المصدقون على أقوالهم لكن الأمر جرى على ما جرى فإنه لم يزل أصحاب الحق مقهورين، وأشهد علينا يا يوحنا إنا على موالاة آل محمد ونتبرأ من أعدائهم إلا أنا نستدعي منك أن تكتم علينا أمرنا لأن الناس على دين ملوكهم.
قال يوحنا: فقمت عنهم وأنا عارف بدليلي واثق باعتقادي بيقين. فلله الحمد والمنة ومن يهدي الله فهو المهتد فسطرت هذه الرسالة لتكون هداية لمن طلب سبيل النجاة، فمن نظر فيها بعين الإنصاف أرشد إلى الصواب وكان بذلك مأجورا، ومن ختم على قلبه ولسانه فلا سبيل إلى هدايته كما قال الله تعالى: {(إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ)} فإن أكثر المتعصبين سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم.
اللهم إنا نحمدك على نعمك الجسام ونصلي على محمد وآله المطهرين من الآثام مدى الأيام على الدوام إلى يوم القيام. إلى هنا ما وقفنا عليه من الكتاب المذكور ولله سبحانه الحمد والمنة.(2/53)
قال يوحنا: فقمت عنهم وأنا عارف بدليلي واثق باعتقادي بيقين. فلله الحمد والمنة ومن يهدي الله فهو المهتد فسطرت هذه الرسالة لتكون هداية لمن طلب سبيل النجاة، فمن نظر فيها بعين الإنصاف أرشد إلى الصواب وكان بذلك مأجورا، ومن ختم على قلبه ولسانه فلا سبيل إلى هدايته كما قال الله تعالى: {(إِنَّكَ لََا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلََكِنَّ اللََّهَ يَهْدِي مَنْ يَشََاءُ)} فإن أكثر المتعصبين سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم.
اللهم إنا نحمدك على نعمك الجسام ونصلي على محمد وآله المطهرين من الآثام مدى الأيام على الدوام إلى يوم القيام. إلى هنا ما وقفنا عليه من الكتاب المذكور ولله سبحانه الحمد والمنة.
لشيخنا أبي الحسن: الشيخ سليمان البحراني قدس سره:
أقول وقد هام المحبين بالسرى ... وطي الفيافي بكرها وعوان
ألا أيها السارون في طرق الهوى ... إلى خير قدس في أجل مكان
أما ترقبوني كي تزول عوايقي ... فأشرككم في ذلك الوخذان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
وله أيضا قدس الله سره:
خلع النواصب ربقة الإيمان ... فصلاتهم وزناهم سيان
قد جاء ذلك في واضح الآثار ... عن آل النبي الصفوة الأعيان
وقد تقدمه في ذلك الخليفة الناصر العباسي فقال:
قسما بمكة والحطيم وزمزم ... والراقصات وسعيهن إلى منى
بغض الوصي علامة مكتوبة ... كتبت على جبهات أولاد الزنا
من لم يوال في البرية حيدرا ... سيّان عند الله صلى أم زنا
أقول: روى الثقة الجلي النجاشي طاب ثراه في ترجمة محمد بن الحسن بن شمون من كتاب الرجال قال: أخبرنا أبو الحسن الجندي قال: حدثنا أبو علي بن همام قال: حدثنا عبيد الله بن العلاء المذاري عن محمد بن الحسن بن شمون قال: ورد داود الرقي البصرة بعقب اجتياز أبي الحسن موسى عليه السّلام بها في سنة تسع وسبعين ومئة فسار بي أبي إليه وسأله عنهما فقال: سمعت أبي عبد الله عليه السّلام يقول: سواء على الناصب صلى أم زنا.
حكايات وطرائف
حكي: أن رجلا أدركته صلاة الجمعة في قرية من قرى حمص فتوضأ وأراد أن يصلي الجمعة فلما دخل الجامع منعه البواب وقال: لأي شيء ما تأتي بما يصح به الجمعة؟ فقال: وما هو؟ فقال: بقفة وسكينة ومغرفة ووفاز فقال له الرجل:
والذي لا يملك ذلك إنّ في المسجد أوقافا وفيه جميع ما وصفته لك امض إلى دار الوقف وخذ منه ذلك، فمضى إلى دار الوقف فدفعوا له ذلك ثم صلى الجمعة مع
القوم فإذا هم كلهم على هذه الصفة، فقال لأحدهم: من أمركم أن تفعلوا هذا؟(2/54)
والذي لا يملك ذلك إنّ في المسجد أوقافا وفيه جميع ما وصفته لك امض إلى دار الوقف وخذ منه ذلك، فمضى إلى دار الوقف فدفعوا له ذلك ثم صلى الجمعة مع
القوم فإذا هم كلهم على هذه الصفة، فقال لأحدهم: من أمركم أن تفعلوا هذا؟
فقالوا: الخطيب. فلما انفضّ الناس دنا من الخطيب وآنسه بالكلام ولا طفه وقال له: في أي كتاب وجدت هذه المسألة؟ قال: في كتاب التثنية. قال: وما معنى العبارة؟ قال: حدثني يحيى عن يحيى عن سفيان الثوري قال: لا يصح جمعة أحدكم إلا بقفة وسكينة ومغرفة ووفاز فقال: من فضلكم أرني، فغاب قليلا ثم أتى بكتاب وناوله إياه فوجده كتاب التنبيه تصحف عليه بكتاب التثنية، وقوله يحيى عن يحيى أي يحيى عن محيي عن سفيان الثوري لا تصح جمعة أحدكم إلا بفقه وسكينة ووقار ومعرفة.
مر: بعضهم بقارىء يقرأ: «ألم غلبت الترك في أدنى الأرض» فقال له: قل غلبت الروم، فقال: كلهم أعداء الله قاتلهم الله.
وجاء: رجل إلى فقيه فقال: أفطرت يوما في شهر رمضان. فقال: اقض يوما مكانه. فقال: قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة فسبقتني يدي إليها فأكلت.
فقال: أرى أن لا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك.
وجاء: رجل إلى بعض الفقهاء فقال له: إني رجل حنبلي المذهب توضأت وصليت على مذهب ابن حنبل فبينما أنا في الصلاة إذ أحسست ببلل في سراويلي يتلزق فشممته فإذا رائحته كريهة خبيثة فقال الفقيه: عافاك الله خريت بإجماع سائر المذاهب.
وجاء: رجل إلى فقيه فقال: أفسو في ثيابي حتى تفوح روائحي فهل يجوز أن أصلي فيها؟ فقال: نعم لا كثر الله مثلك في المسلمين.
وقع: بين الأعمش وبين امرأته وحشة فسأل بعض أصحابه الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما فدخل إليها فقال: إن أبا محمد شيخ كبير فلا يزهدنك فيه عمش عينيه ودقة ساقيه وضعف ركبتيه ونتف إبطيه وبخر فمه وحمر كفيه. فقال الأعمش:
قبحك الله فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه.
أحضر رجل: ولده إلى القاضي فقال: يا مولانا القاضي إن ولدي هذا يشرب الخمر ولا يصلي. فأنكر ولده ذلك فقال أبوه: يا سيدي فصلاة تكون بغير قراءة؟
فقال الولد: إني أعرف القرآن وأعرف القراءات. فقال القاضي: اقرأ حتى أسمع فقال:
علق القلب الربابا ... بعدما شابت وشابا
إن دين الله حق ... لا نرى فيه ارتيابا
فقال أبوه: إنه لم يتعلم هذا إلا البارحة، سرق مصحف الجيران وحفظ منه هذا. فقال القاضي: قاتلكم الله يتعلم أحدكم القرآن ولا يعمل به.(2/55)
علق القلب الربابا ... بعدما شابت وشابا
إن دين الله حق ... لا نرى فيه ارتيابا
فقال أبوه: إنه لم يتعلم هذا إلا البارحة، سرق مصحف الجيران وحفظ منه هذا. فقال القاضي: قاتلكم الله يتعلم أحدكم القرآن ولا يعمل به.
رفعت: امرأة زوجها إلى القاضي وادعت أنه يبول في الفراش كل ليلة، فقال الرجل للقاضي: لا تعجل علي حتى أقص عليك قصتي، إني أرى في منامي كأني في جزيرة في البحر وفيها قصر عالي وفوق القصر قبة عالية وفي القبة جمل وأنا على ظهر الجمل وإن الجمل يطأطىء رأسه إلى البحر ليشرب فإذا رأيت ذلك بلت من شدة الخوف. فلما سمع القاضي ذلك بال في ثيابه وقال: يا هذه إني قد أخذني البول فبلت من هول حديثه فكيف من رأى الأمر عيانا.
حكي: أن تاجرا عبر إلى حمص فسمع مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأهل حمص يشهدون أن محمدا رسول الله. فقال: والله لأمضين إلى الخطيب، فجاء إليه فوجده قد قام وهو يصلي على فرد رجل ورجله الأخرى متلوثة بالعذرة، فمضى إلى المحتسب ليخبره بالخبر فسأل عنه فقيل هو في الجامع الفلاني يبيع الخمر فمضى إليه فوجده وبين يديه باطية مملوءة بالخمر وفي حجره مصحف وهو يحلف للناس بحق المصحف أنه خمر صرف وليس فيه ماء وقد ازدحمت الناس عليه وهو يبيع، فقال والله لأمضين للقاضي فمضى إليه فوجده نائما وعلى ظهره غلام يفعل به فقال التاجر قلب الله حمص. فقال القاضي: لم تقول هذا؟ فأخبره بجميع ما رأى فقال: يا جاهل أما المؤذن فإن مؤذننا مرض فاستأجرنا يهوديا يؤذن مكانه وهو يقول ما سمعت، وأما الإمام فتلوث رجله بالعذرة وضاق الوقت وأخرجها من الصلاة واعتمد على رجله الأخرى ولما فرغ غسلها، وأما المحتسب فإن الجامع ليس له وقف إلا كرم وعنبه ما يؤكل فهو يعصره ويبيعه خمرا ويحلف عليه ويصرف ثمنه في مصالح الجامع وأما أنا فهذا الغلام مات أبوه وخلف مالا كثيرا وهو تحت الحجر وقد كبر وجاء جماعة وشهدوا عندي أنه بلغ فأنا أمتحنه.
فخرج التاجر من البلد وحلف ألا يعود إليها.
وقف نحوي: على بياع عنده أرز بعسل وبقل بخل فقال: بكم الأرز بالأعسل والأخلل بالأبقل؟ فقال: بالأصفع على الأرؤس والأضرط بالأذقن.
ادعى: رجل النبوة في زمان خالد بن عبد الله القسري فأتى به إلى خالد فقال له: ما تقول؟ فقال: عارضت القرآن. قال: بماذا؟ قال: قال الله: {(إِنََّا أَعْطَيْنََاكَ
الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شََانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)} وقلت: إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وهاجر ولا تطع كل ساحر. فأمر به خالد فضرب عنقه وصلب، فمر به خلف بن خليفة الشاعر فضرب بيده الخشبة فقال: إنا أعطيناك العود فصل لربك من قعود وأنا ضامن لك أن لا تعود.(2/56)
ادعى: رجل النبوة في زمان خالد بن عبد الله القسري فأتى به إلى خالد فقال له: ما تقول؟ فقال: عارضت القرآن. قال: بماذا؟ قال: قال الله: {(إِنََّا أَعْطَيْنََاكَ
الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شََانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)} وقلت: إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وهاجر ولا تطع كل ساحر. فأمر به خالد فضرب عنقه وصلب، فمر به خلف بن خليفة الشاعر فضرب بيده الخشبة فقال: إنا أعطيناك العود فصل لربك من قعود وأنا ضامن لك أن لا تعود.
تنبأت: امرأة في زمان المتوكل فلما حضرت بين يديه قال لها: أنت نبيّة؟
قالت: نعم. قال: أتؤمنين بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قالت: نعم قال: فإنه قال: «لا نبي بعدي» قالت: فهل قال لا نبية بعدي؟ فضحك المتوكل فأطلقها.
وقف: سائل على باب دار فقالوا: يفتح الله عليك. فقال: كسرة. فقالوا: ما نقدر عليها فقال: قليل من بر أو شعير. قالوا: ولا نقدر. قال: فشربة من ماء.
قالوا: وليس عندنا ماء. قال: فما جلوسكم هاهنا قوموا اسألوا فأنتم أحق مني بالسؤال.
سمعت: امرأة الحديث «صوم يوم كفارة سنة» فصامت إلى الظهر ثم أفطرت وقالت: يكفيني كفارة ستة أشهر.
قال: طفيلي مررت بجنازة ومعي ابني ومع الجنازة امرأة تبكي وتقول أين يذهبون بك إلى بيت لا فراش فيه ولا غطاء ولا وطاء ولا خبز ولا ماء فقال ابني:
إلى بيتنا والله يذهبون.
نقل: عن هارون الرشيد أنه أرق ذات ليلة أرقا شديدا فقال لوزيره جعفر بن يحيى البرمكي: إني أرقت في هذه الليلة وضاق صدري ولم أعرف ما أصنع؟ وكان خادمه مسرور واقفا فضحك فقال له: مم تضحك أتستهزىء بي أم استخفافا؟
فقال: لا ومراتبك من سيد المرسلين ما فعلت ذلك عمدا ولكن خرجت بالأمس أتمشى بظاهر بغداد إلى أن جئت إلى جانب دجلة فوجدت الناس مجتمعين فوقفت فرأيت رجلا واقفا يضحك الناس يقال له (ابن المغازلي) فتفكرت الآن في شيء من كلامه فضحكت والعفو يا أمير المؤمنين. فقال الخليفة: ائتني به الساعة. فخرج مسرور مسرعا إلى أن جاء إلى ابن المغازلي فقال له: أجب الأمير. فقال له:
سمعا وطاعة. فقلت: بشرط أنك إذا دخلت عليه وأنعم عليك بشيء يكون لك منه الربع والبقية لي من انعامه، فأبى فقال: اجعل لي النصف فأبى، فقال الثلث لي ولك الثلثان فأجابه إلى ذلك بعد جهد عظيم، فلما دخل على أمير المؤمنين فأبلغ وترحم فأحسن ووقف بين يديه فقال له أمير المؤمنين: إن أنت أضحكتني أعطيتك
خمسمئة دينار وإن لم تضحكني ضربتك بهذا الجراب ثلاثا. فظن في نفسه أن الجراب فارغ فوقف وتكلم وتمسخر وفعل أفعالا تضحك الجلمود فلم يضحك أمير المؤمنين ولم يتبسم، فتعجب ابن المغازلي وضجر وخاف فقال أمير المؤمنين:(2/57)
سمعا وطاعة. فقلت: بشرط أنك إذا دخلت عليه وأنعم عليك بشيء يكون لك منه الربع والبقية لي من انعامه، فأبى فقال: اجعل لي النصف فأبى، فقال الثلث لي ولك الثلثان فأجابه إلى ذلك بعد جهد عظيم، فلما دخل على أمير المؤمنين فأبلغ وترحم فأحسن ووقف بين يديه فقال له أمير المؤمنين: إن أنت أضحكتني أعطيتك
خمسمئة دينار وإن لم تضحكني ضربتك بهذا الجراب ثلاثا. فظن في نفسه أن الجراب فارغ فوقف وتكلم وتمسخر وفعل أفعالا تضحك الجلمود فلم يضحك أمير المؤمنين ولم يتبسم، فتعجب ابن المغازلي وضجر وخاف فقال أمير المؤمنين:
الآن استحققت الضرب. ثم أنه أخذ الجراب ولقد كان فيه أربع ظلعات كل واحدة وزنها رطلان فضربه ضربة، فلما وقع الضرب في رقبته صرخ صرخة عظيمة وافتكر في الشرط الذي شرط عليه مسرور فقال: العفو يا أمير المؤمنين إن مسرور شرط شرطا واتفقت أنا وإياه على مصلحة، وهو أن ما يحصل لي من صدقات أمير المؤمنين يكون له الثلثان ولي الثلث وما أجابني إلى ذلك إلا بعد جهد عظيم والآن لم يحصل لي غير الضرب وقد شرطت علي يا أمير المؤمنين بثلاث ضربات تصبني واحدة وتصيبه اثنان وقد أخذت نصيبي وها هو واقف فادفع له نصيبه يا أمير المؤمنين، فعند ذلك ضحك أمير المؤمنين وأعجبه ذلك ودعا بمسرور فضربه فصاح وقال: يا أمير المؤمنين قد وهبت لك ذلك، فضحك وأمر لهما بألف دينار لكل واحد خمسمئة دينار.
القصائد السبع العلويات
هذه القصائد السع العلويات لابن أبي الحديد عبد الحميد حشره الله مع من أحب.
ألا ان نجد المجد أبيض ملحوب ... ولكنه جم المهالك مرهوب
هو العسل المأذى يشتاره امرؤ ... بغاه وأطراف الرماح اليعاسيب
ذق الموت إن شئت العلى واطعم الردى ... فنيل الأماني بالمنية مكسوب
خض الحتف تأمن خطة الخسف إنما ... يبوخ ضراب الخطب والخطب مشبوب
ألم تخبر الأخبار في فتح خيبر ... ففيها لذي اللب الملب أعاجيب
وفوز علي بالعلى فوز ما به ... فكل إلى كل مضاف ومنسوب
حصون حصان الفرج حيث تبرجت ... وما كل ممتط الجزارة مركوب
يناط عليها للنجوم قلائد ... ويسفل عنها للغمام أهاضيب
وتنهل للجرباء فيها ولم تصب ... رذاذا على شم الجبال أساكيب
فكم كسرت جيشا لكسرى وقصرت ... يدا قيصر تلك القنان الشناخيب
وكم من عميد بات وهو عميدها ... ومن حرب أضحى بها وهو محروب
وأرعن موار الم بمورها ... فلم يغن فيها جر مجر وتكتيب
ولا حام خوف للعدى ذلك الحمى ... ولا لاب شوقا للردي ذلك اللوب
فللخطب عنها والصروف صوارف ... كما كان عنها للنواكب تنكيب
تقاصر عنها الحادثات فللردى ... طرائق إلا نحوها وأساليب
فلما أراد الله فض ختامها ... وكل عزيز غالب الله مغلوب
رماها بجيش يملأ الأرض فوقه ... رواق من النصر الإلهي مضروب
يسدده هدي من الله واضح ... ويرشده نور من الله محجوب
مغاني الردى فيه فأصيد أشوس ... وأجرد ذيال ومقاء سرحوب
وقضاء زعف كالحباب قتيرها ... وأسمر عسال وأبيض مخشوب
نهار سيوف في دجى ليل عثير ... فأبيض وضاح وأسود غربيب
علي أمير المؤمنين زعيمه ... وقائد نسر المفازة والذيب
فصب عليها منه سوط بلية ... على كل مصبوب الإساءة مصبوب
فغادرها بعد الأنيس وللصدى ... بأرجائها ترجيع لحن وتطريب
ينوح عليها نوح هارون يوشع ... ويذري عليها دمع يوسف يعقوب
بها من زماجير الرجال صواعق ... ومن صوب آذي الدماء شابيب
فكم خر منها للبوارق مبرق ... وكم ذل فيها للقنا السلب مسلوب
وكم أصبح الصعب الحرون بأرضها ... وكم بات فيها صاحب وهو مصحوب
وكم عاصب بالعصب هامته ضحى ... فلم يمس إلا وهو بالعصب معصوب
لقد كان فيها عبرة لمجرب ... وإن شاب ضرا بالمنافع تجريب
وما أنس لا أنسى اللذين تقدما ... وفرهما والفرقد علما حوب
وللراية العظمى وقد ذهبا بها ... ملابس ذل فوقها وجلابيب
يشلهما من آل موسى شمردل ... طويل نجاد السيف أبيض يعبوب
يمج منونا سيفه وسنانه ... ويلهب نارا غمده والأنابيب
أحضرهما أم حضر أخرج خاضب ... وذان هما أم ناعم الخد مخضوب
عذرتكما أن الحمام لمبغض ... وان بقاء النفس للنفس محبوب
ليكره طعم الموت والموت طالب ... فكيف يلذ الموت والموت مطلوب
دعا قصب العلياء بملكها امرؤ ... بغير أفاعيل الدناءة مقضوب
يرى أن طول الحرب والبؤس راحة ... وإن دوام السلم والخفض تعذيب
فلله عينا من رآه مبارزا ... وللحرب كأس بالمنية مقطوب
جواد على ظهر الجواد وأحشب ... تزلزل منه في النزال الأخاشيب
وأبيض مشطوب الفرند مقلد ... به أبيض ماضي العزيمة مشطوب
أجدك هل تحيي بموتك انني ... أرى الموت خطبا وهو عندك مخطوب
دماء أعاديك المدام وغابة ... الرماح ظلال والنصال أكاويب
تجلى لك الجبار في ملكوته ... وللتحف تصعيد إليك وتصويب
وللشمس عين عن علاك كليلة ... وللدهر قلب خافق منك مرعوب
فعاين ما لولا العيان وعلمه ... لما ارتاب شكا أنه فيك مكذوب
وشاهد امرؤ جل عن أن يحده ... من القول نظم في الصحائف مكتوب
وأصليت فيها مرحب القوم مقضبا ... جرازا به حبل الأماني مقضوب
وقد غصت الأرض الفضاء بخيله ... وضرج منها بالدماء الضنابيب
يعاقيب ركض في الربود سوابح ... يماثلها لولا الركون اليعاقيب
فأشربه كأس المنية أحوس ... من اللحم طعيم وللدم شريب
إذا رامه المقدار أو رام عكسه ... وللقرب تبعيد وللبعد تقريب
فلم أر دهرا يقتل الدهر قبلها ... ولا حتف عضب وهو بالحتف معضوب
حنانيك فاز العرب منك بسؤدد ... تقاصر عنه الفرس والروم والنوب
فما ماس موسى في رداء من العلى ... ولا آب ذكرا بعد ذكرك أيوب
أرى لك ذكرا ليس يجلب حمده ... يمدح وكل المد بالمدح مجلوب
وفضلا جليل أن ونى فضل فاضل ... يعاقب ادلاجا عليه وتأويب
لذاتك تقديس لرمسك طهرة ... لوجهك تعظيم لمجدك ترجيب
تقيلت أفعال الربوبية التي ... عذرت بها من شك أنك مربوب
وقد قيل في عيسى نظيرك مثله ... فخسرا لمن عادى علاك وتتبيب
عليك سلام الله يا خير من مشى ... به بازل عبر المهامه خرعوب
ويا خير من يرجى لدفع ملمة ... فيأمن مرعوب ويترف قرضوب
ويا ثاويا حصباء مثواه جوهر ... وعيدانه عود وتربته طيب
تكوس به غر الملائك رفعة ... ويكبر قدرا أن تكوس به النيب
يحل ثراه ان يضرجه الدم ... المراق وتغشاه الشوى والعراقيب
ويا علة الدنيا ومن بدء خلقها ... له وسيتلو البدو في الحشر تعقيب
ويا ذا المعالي الغر والبعض محسب ... دليل على كل فما الكل محسوب
ظننت مديحي في سواك هجاءة ... وخلت مديحي أنه فيك تشبيب
وقال له الرحمن ما قال يوسف ... عداك بما قدمت لوم وتثريب
و(2/58)
ألا ان نجد المجد أبيض ملحوب ... ولكنه جم المهالك مرهوب
هو العسل المأذى يشتاره امرؤ ... بغاه وأطراف الرماح اليعاسيب
ذق الموت إن شئت العلى واطعم الردى ... فنيل الأماني بالمنية مكسوب
خض الحتف تأمن خطة الخسف إنما ... يبوخ ضراب الخطب والخطب مشبوب
ألم تخبر الأخبار في فتح خيبر ... ففيها لذي اللب الملب أعاجيب
وفوز علي بالعلى فوز ما به ... فكل إلى كل مضاف ومنسوب
حصون حصان الفرج حيث تبرجت ... وما كل ممتط الجزارة مركوب
يناط عليها للنجوم قلائد ... ويسفل عنها للغمام أهاضيب
وتنهل للجرباء فيها ولم تصب ... رذاذا على شم الجبال أساكيب
فكم كسرت جيشا لكسرى وقصرت ... يدا قيصر تلك القنان الشناخيب
وكم من عميد بات وهو عميدها ... ومن حرب أضحى بها وهو محروب
وأرعن موار الم بمورها ... فلم يغن فيها جر مجر وتكتيب
ولا حام خوف للعدى ذلك الحمى ... ولا لاب شوقا للردي ذلك اللوب
فللخطب عنها والصروف صوارف ... كما كان عنها للنواكب تنكيب
تقاصر عنها الحادثات فللردى ... طرائق إلا نحوها وأساليب
فلما أراد الله فض ختامها ... وكل عزيز غالب الله مغلوب
رماها بجيش يملأ الأرض فوقه ... رواق من النصر الإلهي مضروب
يسدده هدي من الله واضح ... ويرشده نور من الله محجوب
مغاني الردى فيه فأصيد أشوس ... وأجرد ذيال ومقاء سرحوب
وقضاء زعف كالحباب قتيرها ... وأسمر عسال وأبيض مخشوب
نهار سيوف في دجى ليل عثير ... فأبيض وضاح وأسود غربيب
علي أمير المؤمنين زعيمه ... وقائد نسر المفازة والذيب
فصب عليها منه سوط بلية ... على كل مصبوب الإساءة مصبوب
فغادرها بعد الأنيس وللصدى ... بأرجائها ترجيع لحن وتطريب
ينوح عليها نوح هارون يوشع ... ويذري عليها دمع يوسف يعقوب
بها من زماجير الرجال صواعق ... ومن صوب آذي الدماء شابيب
فكم خر منها للبوارق مبرق ... وكم ذل فيها للقنا السلب مسلوب
وكم أصبح الصعب الحرون بأرضها ... وكم بات فيها صاحب وهو مصحوب
وكم عاصب بالعصب هامته ضحى ... فلم يمس إلا وهو بالعصب معصوب
لقد كان فيها عبرة لمجرب ... وإن شاب ضرا بالمنافع تجريب
وما أنس لا أنسى اللذين تقدما ... وفرهما والفرقد علما حوب
وللراية العظمى وقد ذهبا بها ... ملابس ذل فوقها وجلابيب
يشلهما من آل موسى شمردل ... طويل نجاد السيف أبيض يعبوب
يمج منونا سيفه وسنانه ... ويلهب نارا غمده والأنابيب
أحضرهما أم حضر أخرج خاضب ... وذان هما أم ناعم الخد مخضوب
عذرتكما أن الحمام لمبغض ... وان بقاء النفس للنفس محبوب
ليكره طعم الموت والموت طالب ... فكيف يلذ الموت والموت مطلوب
دعا قصب العلياء بملكها امرؤ ... بغير أفاعيل الدناءة مقضوب
يرى أن طول الحرب والبؤس راحة ... وإن دوام السلم والخفض تعذيب
فلله عينا من رآه مبارزا ... وللحرب كأس بالمنية مقطوب
جواد على ظهر الجواد وأحشب ... تزلزل منه في النزال الأخاشيب
وأبيض مشطوب الفرند مقلد ... به أبيض ماضي العزيمة مشطوب
أجدك هل تحيي بموتك انني ... أرى الموت خطبا وهو عندك مخطوب
دماء أعاديك المدام وغابة ... الرماح ظلال والنصال أكاويب
تجلى لك الجبار في ملكوته ... وللتحف تصعيد إليك وتصويب
وللشمس عين عن علاك كليلة ... وللدهر قلب خافق منك مرعوب
فعاين ما لولا العيان وعلمه ... لما ارتاب شكا أنه فيك مكذوب
وشاهد امرؤ جل عن أن يحده ... من القول نظم في الصحائف مكتوب
وأصليت فيها مرحب القوم مقضبا ... جرازا به حبل الأماني مقضوب
وقد غصت الأرض الفضاء بخيله ... وضرج منها بالدماء الضنابيب
يعاقيب ركض في الربود سوابح ... يماثلها لولا الركون اليعاقيب
فأشربه كأس المنية أحوس ... من اللحم طعيم وللدم شريب
إذا رامه المقدار أو رام عكسه ... وللقرب تبعيد وللبعد تقريب
فلم أر دهرا يقتل الدهر قبلها ... ولا حتف عضب وهو بالحتف معضوب
حنانيك فاز العرب منك بسؤدد ... تقاصر عنه الفرس والروم والنوب
فما ماس موسى في رداء من العلى ... ولا آب ذكرا بعد ذكرك أيوب
أرى لك ذكرا ليس يجلب حمده ... يمدح وكل المد بالمدح مجلوب
وفضلا جليل أن ونى فضل فاضل ... يعاقب ادلاجا عليه وتأويب
لذاتك تقديس لرمسك طهرة ... لوجهك تعظيم لمجدك ترجيب
تقيلت أفعال الربوبية التي ... عذرت بها من شك أنك مربوب
وقد قيل في عيسى نظيرك مثله ... فخسرا لمن عادى علاك وتتبيب
عليك سلام الله يا خير من مشى ... به بازل عبر المهامه خرعوب
ويا خير من يرجى لدفع ملمة ... فيأمن مرعوب ويترف قرضوب
ويا ثاويا حصباء مثواه جوهر ... وعيدانه عود وتربته طيب
تكوس به غر الملائك رفعة ... ويكبر قدرا أن تكوس به النيب
يحل ثراه ان يضرجه الدم ... المراق وتغشاه الشوى والعراقيب
ويا علة الدنيا ومن بدء خلقها ... له وسيتلو البدو في الحشر تعقيب
ويا ذا المعالي الغر والبعض محسب ... دليل على كل فما الكل محسوب
ظننت مديحي في سواك هجاءة ... وخلت مديحي أنه فيك تشبيب
وقال له الرحمن ما قال يوسف ... عداك بما قدمت لوم وتثريب
و(2/59)
ألا ان نجد المجد أبيض ملحوب ... ولكنه جم المهالك مرهوب
هو العسل المأذى يشتاره امرؤ ... بغاه وأطراف الرماح اليعاسيب
ذق الموت إن شئت العلى واطعم الردى ... فنيل الأماني بالمنية مكسوب
خض الحتف تأمن خطة الخسف إنما ... يبوخ ضراب الخطب والخطب مشبوب
ألم تخبر الأخبار في فتح خيبر ... ففيها لذي اللب الملب أعاجيب
وفوز علي بالعلى فوز ما به ... فكل إلى كل مضاف ومنسوب
حصون حصان الفرج حيث تبرجت ... وما كل ممتط الجزارة مركوب
يناط عليها للنجوم قلائد ... ويسفل عنها للغمام أهاضيب
وتنهل للجرباء فيها ولم تصب ... رذاذا على شم الجبال أساكيب
فكم كسرت جيشا لكسرى وقصرت ... يدا قيصر تلك القنان الشناخيب
وكم من عميد بات وهو عميدها ... ومن حرب أضحى بها وهو محروب
وأرعن موار الم بمورها ... فلم يغن فيها جر مجر وتكتيب
ولا حام خوف للعدى ذلك الحمى ... ولا لاب شوقا للردي ذلك اللوب
فللخطب عنها والصروف صوارف ... كما كان عنها للنواكب تنكيب
تقاصر عنها الحادثات فللردى ... طرائق إلا نحوها وأساليب
فلما أراد الله فض ختامها ... وكل عزيز غالب الله مغلوب
رماها بجيش يملأ الأرض فوقه ... رواق من النصر الإلهي مضروب
يسدده هدي من الله واضح ... ويرشده نور من الله محجوب
مغاني الردى فيه فأصيد أشوس ... وأجرد ذيال ومقاء سرحوب
وقضاء زعف كالحباب قتيرها ... وأسمر عسال وأبيض مخشوب
نهار سيوف في دجى ليل عثير ... فأبيض وضاح وأسود غربيب
علي أمير المؤمنين زعيمه ... وقائد نسر المفازة والذيب
فصب عليها منه سوط بلية ... على كل مصبوب الإساءة مصبوب
فغادرها بعد الأنيس وللصدى ... بأرجائها ترجيع لحن وتطريب
ينوح عليها نوح هارون يوشع ... ويذري عليها دمع يوسف يعقوب
بها من زماجير الرجال صواعق ... ومن صوب آذي الدماء شابيب
فكم خر منها للبوارق مبرق ... وكم ذل فيها للقنا السلب مسلوب
وكم أصبح الصعب الحرون بأرضها ... وكم بات فيها صاحب وهو مصحوب
وكم عاصب بالعصب هامته ضحى ... فلم يمس إلا وهو بالعصب معصوب
لقد كان فيها عبرة لمجرب ... وإن شاب ضرا بالمنافع تجريب
وما أنس لا أنسى اللذين تقدما ... وفرهما والفرقد علما حوب
وللراية العظمى وقد ذهبا بها ... ملابس ذل فوقها وجلابيب
يشلهما من آل موسى شمردل ... طويل نجاد السيف أبيض يعبوب
يمج منونا سيفه وسنانه ... ويلهب نارا غمده والأنابيب
أحضرهما أم حضر أخرج خاضب ... وذان هما أم ناعم الخد مخضوب
عذرتكما أن الحمام لمبغض ... وان بقاء النفس للنفس محبوب
ليكره طعم الموت والموت طالب ... فكيف يلذ الموت والموت مطلوب
دعا قصب العلياء بملكها امرؤ ... بغير أفاعيل الدناءة مقضوب
يرى أن طول الحرب والبؤس راحة ... وإن دوام السلم والخفض تعذيب
فلله عينا من رآه مبارزا ... وللحرب كأس بالمنية مقطوب
جواد على ظهر الجواد وأحشب ... تزلزل منه في النزال الأخاشيب
وأبيض مشطوب الفرند مقلد ... به أبيض ماضي العزيمة مشطوب
أجدك هل تحيي بموتك انني ... أرى الموت خطبا وهو عندك مخطوب
دماء أعاديك المدام وغابة ... الرماح ظلال والنصال أكاويب
تجلى لك الجبار في ملكوته ... وللتحف تصعيد إليك وتصويب
وللشمس عين عن علاك كليلة ... وللدهر قلب خافق منك مرعوب
فعاين ما لولا العيان وعلمه ... لما ارتاب شكا أنه فيك مكذوب
وشاهد امرؤ جل عن أن يحده ... من القول نظم في الصحائف مكتوب
وأصليت فيها مرحب القوم مقضبا ... جرازا به حبل الأماني مقضوب
وقد غصت الأرض الفضاء بخيله ... وضرج منها بالدماء الضنابيب
يعاقيب ركض في الربود سوابح ... يماثلها لولا الركون اليعاقيب
فأشربه كأس المنية أحوس ... من اللحم طعيم وللدم شريب
إذا رامه المقدار أو رام عكسه ... وللقرب تبعيد وللبعد تقريب
فلم أر دهرا يقتل الدهر قبلها ... ولا حتف عضب وهو بالحتف معضوب
حنانيك فاز العرب منك بسؤدد ... تقاصر عنه الفرس والروم والنوب
فما ماس موسى في رداء من العلى ... ولا آب ذكرا بعد ذكرك أيوب
أرى لك ذكرا ليس يجلب حمده ... يمدح وكل المد بالمدح مجلوب
وفضلا جليل أن ونى فضل فاضل ... يعاقب ادلاجا عليه وتأويب
لذاتك تقديس لرمسك طهرة ... لوجهك تعظيم لمجدك ترجيب
تقيلت أفعال الربوبية التي ... عذرت بها من شك أنك مربوب
وقد قيل في عيسى نظيرك مثله ... فخسرا لمن عادى علاك وتتبيب
عليك سلام الله يا خير من مشى ... به بازل عبر المهامه خرعوب
ويا خير من يرجى لدفع ملمة ... فيأمن مرعوب ويترف قرضوب
ويا ثاويا حصباء مثواه جوهر ... وعيدانه عود وتربته طيب
تكوس به غر الملائك رفعة ... ويكبر قدرا أن تكوس به النيب
يحل ثراه ان يضرجه الدم ... المراق وتغشاه الشوى والعراقيب
ويا علة الدنيا ومن بدء خلقها ... له وسيتلو البدو في الحشر تعقيب
ويا ذا المعالي الغر والبعض محسب ... دليل على كل فما الكل محسوب
ظننت مديحي في سواك هجاءة ... وخلت مديحي أنه فيك تشبيب
وقال له الرحمن ما قال يوسف ... عداك بما قدمت لوم وتثريب
وله أيضا: في فتح مكة شرفها الله تعالى:
جللت فلما دق في عينك الورى ... نهضت إلى أم القرى أيد القرى
جلبت لها قب البطون وإنما ... تقود لها دام حبوكرا
وسقت إليها كل أسوق لو بدت ... له معفر ظنته بالرمل جؤذرا
يبيت على أعلى المصاد كأنما ... يؤم وكون الفتح يلتمس القرى
يفوق الرياح العاصفات إذا مشى ... ويسبق رجع الطرف شدا إذا جرى
جياد عليها للوجيه ولا حق ... دلائل صدق واضحات لمن يرى
ففيها سلو للمحب وشاهد ... على حكمة الله المدبر للورى
هي الروض حسنا غير أنك ان تبر ... لها مخبرا تسمج لعينيك منظرا
عليها كماة من لوي بن غالب ... يجرون أذيال الحديد تبخترا
رميت أبا سفيان منها بجحفل ... إذا قيس عدا بالثرى كان أكثرا
يدبره رأي النبي وصارم ... بكفك أهدى في الرؤوس من الكرى
فطار إلى أعلى السماء تصاعدا ... فلما رأى أن لا نجاة تحدرا
وحاذر غربي مشرفي مذكر ... هززت فألقى المشرفي المذكرا
وأعطى يدا لم يعطها عن مودة ... وقول هدى ما قاله متخيرا
فكنت بذاك العفو أولى وبالعلى ... أحق وبالإحسان أحرى وأجدرا
لأفصحت يا مخفي العداوة ناطقا ... بتعظيم من عاديته متسترا
وحسبك أن تدعى ذليلا منافقا ... وتبطن ضدا للذي ظلت مظهرا
وجست خلال المروتين فلم تدع ... حطيما ولم تترك ببكة مشعرا
طلعت على البيت الحرام بعارض ... يمج نجيعا من ضبى الهند أحمرا
فألقى إليك السلم من بعد ما عصى ... جلندى وأعيا تبعا ثم قيصرا
وأظهرت نور الله بين قبائل ... من الناس لم يبرح بها الشرك نيرا
وكسرت أصناما طعنت حماتها ... بسمر الوشيج اللدن حتى تكسرا
رقيت بأسمى غارب أحدقت به ... ملائك يتلون الكتاب المطهرا
بغارب خير المرسلين وأشرف الأنام ... وأزكى ناعل وطأ الثرى
فسبح جبريل وقدس هيبة ... وهلل إسرافيل رعبا وكبرا
فيا رتبة لو شئت أن تلمس السهى ... بها لم يكن ما رمته متعذرا
ويا قدميه أي قدس وطأتما ... وأي مقام قمتما فيه أنورا
بحيث أفاءت سدرة العرش ظلها ... بضوحيه فاعتدت بذلك مفخرا
وحيث الوميض الشعشعاني فائض ... من المصدر الأعلى تبارك مصدرا
فليس سواع بعدها بمعظم ... ولا اللات مسجود لها ومعفرا
ولا ابن نفيل بعد ذلك ومقيس ... بأول من وسدته عفر الثرى
صدمت قريشا والرماح شواجر ... فقطعت من أرحامها ما تشجرا
ولولا أناة في ابن عمك جعجعت ... بعضبك أجرى من دم القوم أبحرا
ولكن سر الله شطر فيكما ... فكنت لتسطو ثم كان ليغفرا
وردت حنينا والمنايا شواخص ... فذلك من أركانها ما توعرا
وكم من دم أضحى بسيفك قاطرا ... بها من كمي قد تركت مقطرا
وكم فاجر فجّرت ينبوع قلبه ... وكم كافر في الترب أمسى مكفرا
وكم من رؤوس في الرماح عقدتها ... هناك لأجسام محللة العرا
وأعجب إنسانا من القوم كثرة ... فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا
وضاقت عليه الأرض من بعد رحبها ... وللنص حكم لا يدافع بالمرا
وليس بنكر في حنين فراره ... وفي أحد قد فر خوفا وخيبرا
رويدك أن المجد حلو لظاعم ... غريب فإن مارسته ذقت ممقرا
وما كل من رام المعالي تحملت ... مناكبه منها الركام الكنهورا
تنح عن العلياء يسحب ذيلها ... همام تردى بالعلى وتأزرا
فتى لم يعرق فيه تيم بن مرة ... ولا عبد اللات الخبيثة أعصرا
ولا كان معزولا غداة براءة ... ولا عن صلاة أم فيها فأخرا
ولا كان في بعث ابن زيد مؤمرا ... عليه فأضحى لابن زيد مؤمرا
ولا كان يوم الغار يهفو جنانه ... حذارا ولا يوم العريش تسترا
إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى ... له الفرص رد القرص أبيض أزهرا
يزاحمه جبريل تحت عباءة ... لها قيل كل الصيد في جانب الفرا
حلفت بمثواه الشريف وتربة ... أحال حصاها طيب رياه عنبرا
لأستنفذنّ العمر في مدحي له ... وإن لامني فيه العذول فأكثرا
وله أيضا:(2/60)
جللت فلما دق في عينك الورى ... نهضت إلى أم القرى أيد القرى
جلبت لها قب البطون وإنما ... تقود لها دام حبوكرا
وسقت إليها كل أسوق لو بدت ... له معفر ظنته بالرمل جؤذرا
يبيت على أعلى المصاد كأنما ... يؤم وكون الفتح يلتمس القرى
يفوق الرياح العاصفات إذا مشى ... ويسبق رجع الطرف شدا إذا جرى
جياد عليها للوجيه ولا حق ... دلائل صدق واضحات لمن يرى
ففيها سلو للمحب وشاهد ... على حكمة الله المدبر للورى
هي الروض حسنا غير أنك ان تبر ... لها مخبرا تسمج لعينيك منظرا
عليها كماة من لوي بن غالب ... يجرون أذيال الحديد تبخترا
رميت أبا سفيان منها بجحفل ... إذا قيس عدا بالثرى كان أكثرا
يدبره رأي النبي وصارم ... بكفك أهدى في الرؤوس من الكرى
فطار إلى أعلى السماء تصاعدا ... فلما رأى أن لا نجاة تحدرا
وحاذر غربي مشرفي مذكر ... هززت فألقى المشرفي المذكرا
وأعطى يدا لم يعطها عن مودة ... وقول هدى ما قاله متخيرا
فكنت بذاك العفو أولى وبالعلى ... أحق وبالإحسان أحرى وأجدرا
لأفصحت يا مخفي العداوة ناطقا ... بتعظيم من عاديته متسترا
وحسبك أن تدعى ذليلا منافقا ... وتبطن ضدا للذي ظلت مظهرا
وجست خلال المروتين فلم تدع ... حطيما ولم تترك ببكة مشعرا
طلعت على البيت الحرام بعارض ... يمج نجيعا من ضبى الهند أحمرا
فألقى إليك السلم من بعد ما عصى ... جلندى وأعيا تبعا ثم قيصرا
وأظهرت نور الله بين قبائل ... من الناس لم يبرح بها الشرك نيرا
وكسرت أصناما طعنت حماتها ... بسمر الوشيج اللدن حتى تكسرا
رقيت بأسمى غارب أحدقت به ... ملائك يتلون الكتاب المطهرا
بغارب خير المرسلين وأشرف الأنام ... وأزكى ناعل وطأ الثرى
فسبح جبريل وقدس هيبة ... وهلل إسرافيل رعبا وكبرا
فيا رتبة لو شئت أن تلمس السهى ... بها لم يكن ما رمته متعذرا
ويا قدميه أي قدس وطأتما ... وأي مقام قمتما فيه أنورا
بحيث أفاءت سدرة العرش ظلها ... بضوحيه فاعتدت بذلك مفخرا
وحيث الوميض الشعشعاني فائض ... من المصدر الأعلى تبارك مصدرا
فليس سواع بعدها بمعظم ... ولا اللات مسجود لها ومعفرا
ولا ابن نفيل بعد ذلك ومقيس ... بأول من وسدته عفر الثرى
صدمت قريشا والرماح شواجر ... فقطعت من أرحامها ما تشجرا
ولولا أناة في ابن عمك جعجعت ... بعضبك أجرى من دم القوم أبحرا
ولكن سر الله شطر فيكما ... فكنت لتسطو ثم كان ليغفرا
وردت حنينا والمنايا شواخص ... فذلك من أركانها ما توعرا
وكم من دم أضحى بسيفك قاطرا ... بها من كمي قد تركت مقطرا
وكم فاجر فجّرت ينبوع قلبه ... وكم كافر في الترب أمسى مكفرا
وكم من رؤوس في الرماح عقدتها ... هناك لأجسام محللة العرا
وأعجب إنسانا من القوم كثرة ... فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا
وضاقت عليه الأرض من بعد رحبها ... وللنص حكم لا يدافع بالمرا
وليس بنكر في حنين فراره ... وفي أحد قد فر خوفا وخيبرا
رويدك أن المجد حلو لظاعم ... غريب فإن مارسته ذقت ممقرا
وما كل من رام المعالي تحملت ... مناكبه منها الركام الكنهورا
تنح عن العلياء يسحب ذيلها ... همام تردى بالعلى وتأزرا
فتى لم يعرق فيه تيم بن مرة ... ولا عبد اللات الخبيثة أعصرا
ولا كان معزولا غداة براءة ... ولا عن صلاة أم فيها فأخرا
ولا كان في بعث ابن زيد مؤمرا ... عليه فأضحى لابن زيد مؤمرا
ولا كان يوم الغار يهفو جنانه ... حذارا ولا يوم العريش تسترا
إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى ... له الفرص رد القرص أبيض أزهرا
يزاحمه جبريل تحت عباءة ... لها قيل كل الصيد في جانب الفرا
حلفت بمثواه الشريف وتربة ... أحال حصاها طيب رياه عنبرا
لأستنفذنّ العمر في مدحي له ... وإن لامني فيه العذول فأكثرا
وله أيضا:(2/61)
جللت فلما دق في عينك الورى ... نهضت إلى أم القرى أيد القرى
جلبت لها قب البطون وإنما ... تقود لها دام حبوكرا
وسقت إليها كل أسوق لو بدت ... له معفر ظنته بالرمل جؤذرا
يبيت على أعلى المصاد كأنما ... يؤم وكون الفتح يلتمس القرى
يفوق الرياح العاصفات إذا مشى ... ويسبق رجع الطرف شدا إذا جرى
جياد عليها للوجيه ولا حق ... دلائل صدق واضحات لمن يرى
ففيها سلو للمحب وشاهد ... على حكمة الله المدبر للورى
هي الروض حسنا غير أنك ان تبر ... لها مخبرا تسمج لعينيك منظرا
عليها كماة من لوي بن غالب ... يجرون أذيال الحديد تبخترا
رميت أبا سفيان منها بجحفل ... إذا قيس عدا بالثرى كان أكثرا
يدبره رأي النبي وصارم ... بكفك أهدى في الرؤوس من الكرى
فطار إلى أعلى السماء تصاعدا ... فلما رأى أن لا نجاة تحدرا
وحاذر غربي مشرفي مذكر ... هززت فألقى المشرفي المذكرا
وأعطى يدا لم يعطها عن مودة ... وقول هدى ما قاله متخيرا
فكنت بذاك العفو أولى وبالعلى ... أحق وبالإحسان أحرى وأجدرا
لأفصحت يا مخفي العداوة ناطقا ... بتعظيم من عاديته متسترا
وحسبك أن تدعى ذليلا منافقا ... وتبطن ضدا للذي ظلت مظهرا
وجست خلال المروتين فلم تدع ... حطيما ولم تترك ببكة مشعرا
طلعت على البيت الحرام بعارض ... يمج نجيعا من ضبى الهند أحمرا
فألقى إليك السلم من بعد ما عصى ... جلندى وأعيا تبعا ثم قيصرا
وأظهرت نور الله بين قبائل ... من الناس لم يبرح بها الشرك نيرا
وكسرت أصناما طعنت حماتها ... بسمر الوشيج اللدن حتى تكسرا
رقيت بأسمى غارب أحدقت به ... ملائك يتلون الكتاب المطهرا
بغارب خير المرسلين وأشرف الأنام ... وأزكى ناعل وطأ الثرى
فسبح جبريل وقدس هيبة ... وهلل إسرافيل رعبا وكبرا
فيا رتبة لو شئت أن تلمس السهى ... بها لم يكن ما رمته متعذرا
ويا قدميه أي قدس وطأتما ... وأي مقام قمتما فيه أنورا
بحيث أفاءت سدرة العرش ظلها ... بضوحيه فاعتدت بذلك مفخرا
وحيث الوميض الشعشعاني فائض ... من المصدر الأعلى تبارك مصدرا
فليس سواع بعدها بمعظم ... ولا اللات مسجود لها ومعفرا
ولا ابن نفيل بعد ذلك ومقيس ... بأول من وسدته عفر الثرى
صدمت قريشا والرماح شواجر ... فقطعت من أرحامها ما تشجرا
ولولا أناة في ابن عمك جعجعت ... بعضبك أجرى من دم القوم أبحرا
ولكن سر الله شطر فيكما ... فكنت لتسطو ثم كان ليغفرا
وردت حنينا والمنايا شواخص ... فذلك من أركانها ما توعرا
وكم من دم أضحى بسيفك قاطرا ... بها من كمي قد تركت مقطرا
وكم فاجر فجّرت ينبوع قلبه ... وكم كافر في الترب أمسى مكفرا
وكم من رؤوس في الرماح عقدتها ... هناك لأجسام محللة العرا
وأعجب إنسانا من القوم كثرة ... فلم يغن شيئا ثم هرول مدبرا
وضاقت عليه الأرض من بعد رحبها ... وللنص حكم لا يدافع بالمرا
وليس بنكر في حنين فراره ... وفي أحد قد فر خوفا وخيبرا
رويدك أن المجد حلو لظاعم ... غريب فإن مارسته ذقت ممقرا
وما كل من رام المعالي تحملت ... مناكبه منها الركام الكنهورا
تنح عن العلياء يسحب ذيلها ... همام تردى بالعلى وتأزرا
فتى لم يعرق فيه تيم بن مرة ... ولا عبد اللات الخبيثة أعصرا
ولا كان معزولا غداة براءة ... ولا عن صلاة أم فيها فأخرا
ولا كان في بعث ابن زيد مؤمرا ... عليه فأضحى لابن زيد مؤمرا
ولا كان يوم الغار يهفو جنانه ... حذارا ولا يوم العريش تسترا
إمام هدى بالقرص آثر فاقتضى ... له الفرص رد القرص أبيض أزهرا
يزاحمه جبريل تحت عباءة ... لها قيل كل الصيد في جانب الفرا
حلفت بمثواه الشريف وتربة ... أحال حصاها طيب رياه عنبرا
لأستنفذنّ العمر في مدحي له ... وإن لامني فيه العذول فأكثرا
وله أيضا:
عن ريقها يتحدث المسواك ... أرجا فهل شجر الكباء أراك
ولطرفها خنث الحبان فإن رنت ... باللحظ فهي الضيغم الفتاك
شرك القلوب ولم أخل من قبلها ... إن القلوب تصيدها الأشراك
هيفاء مقبلة تميل بها الصبا ... مرحا فإن هي أدبرت فضناك
يا وجهها المسفوك ماء شبابه ... ما الحتف لولا طرفك السفاك
أم هل أتاك حديث وقفتنا ضحى ... وقلوبنا بشبا الفراق تشاك
لصدورنا خفق البروق تحركا ... وجسومنا ما أن بهن حراك
لا شيء أقطع من نوى الأحباب أو ... سيف الوصي كلاهما فتاك
الجوهر النبوي لا أعماله ... ملق ولا توحيده أشراك
ذو النور إن نسج الضلال ملاءة ... دكناء فهو لسجقها هتاك
علام أسرار الغيوب ومن له ... خلق الزمان ودارت الأفلاك
في عضبه مريخها وبعزة الملهوب منها مرزم وسماك فكاك أعناق الملوك فإن يرد ... أسرا لها لم يقض منه فكاك
طعن كأفواه المزاد ودونه ... ضرب كأشداق المخاض دراك
ما عذر من دانت لديه ملائك ... ألا تدين لعزه الأملاك
متعاظم الأفعال لا هويتها ... للأمر قبل وقوعه دراك
أوفى من القمر المنير لنعله ... شسع وأعظم من ذكاء شراك
الصافح الفتاك والمتطول المناع والأخاذ والتراك قد قلت للأعداء إذ جعلوا له ... ضدا أيجعل كالحضيض شكاك
حاشا لنور الله يعدل فضله ... ظلم الضلال كما رأى الأفاك
صلى عليه الله ما اكتست الربى ... بردا بأيدي المعصرات تحاك
وله أيضا:(2/62)
عن ريقها يتحدث المسواك ... أرجا فهل شجر الكباء أراك
ولطرفها خنث الحبان فإن رنت ... باللحظ فهي الضيغم الفتاك
شرك القلوب ولم أخل من قبلها ... إن القلوب تصيدها الأشراك
هيفاء مقبلة تميل بها الصبا ... مرحا فإن هي أدبرت فضناك
يا وجهها المسفوك ماء شبابه ... ما الحتف لولا طرفك السفاك
أم هل أتاك حديث وقفتنا ضحى ... وقلوبنا بشبا الفراق تشاك
لصدورنا خفق البروق تحركا ... وجسومنا ما أن بهن حراك
لا شيء أقطع من نوى الأحباب أو ... سيف الوصي كلاهما فتاك
الجوهر النبوي لا أعماله ... ملق ولا توحيده أشراك
ذو النور إن نسج الضلال ملاءة ... دكناء فهو لسجقها هتاك
علام أسرار الغيوب ومن له ... خلق الزمان ودارت الأفلاك
في عضبه مريخها وبعزة الملهوب منها مرزم وسماك فكاك أعناق الملوك فإن يرد ... أسرا لها لم يقض منه فكاك
طعن كأفواه المزاد ودونه ... ضرب كأشداق المخاض دراك
ما عذر من دانت لديه ملائك ... ألا تدين لعزه الأملاك
متعاظم الأفعال لا هويتها ... للأمر قبل وقوعه دراك
أوفى من القمر المنير لنعله ... شسع وأعظم من ذكاء شراك
الصافح الفتاك والمتطول المناع والأخاذ والتراك قد قلت للأعداء إذ جعلوا له ... ضدا أيجعل كالحضيض شكاك
حاشا لنور الله يعدل فضله ... ظلم الضلال كما رأى الأفاك
صلى عليه الله ما اكتست الربى ... بردا بأيدي المعصرات تحاك
وله أيضا:
بزغت لكم شمس الكنس ... وبدت لكم روح القدس
فك الحبيس فعفروا ... في الترب تعفير الحبس
الصمت إجلالا لموضعها ... القديم بل الخرس
غلط المجوس هي التي ... عبد المزمزم إذ درس
ما دار في خلد الزمان ... لها النظير ولا هجس
قدمت فضل بها الورى ... فالأمر فيها ملتبس
لا الجن تذكر عهد مولدها ... القديم ولا الأنس
قم يا نديم فغالط الأ ... وقات فيها واختلس
بالراح رح فهي المنى ... وعلى جماح الكأس كس
لا تلقها إلا ببشرك ... فالقطوب من الدنس
ما أنصف الصبهاء من ... ضحكت إليه وقد عبس
فإذا سكرت فغن لي ... ذهب الشباب فما تحس
لله أيام الشباب ... وحبذا تلك الخلس
كم ليلة لم ألق بعد ... عشائها إلا الغلس
قصرت وقد ركض الصباح بجنحها ركض الفرس وكذاك أيام المسرة ... رجع طرف أو نفس
ناديت في ظلماتها ... عذب اللمى حلو اللعس
في كفه قبس المدام ... وفي الحشا منه قبس
وسدته كفي فنبه ... لوعتي لما نعس
هل من فريسة لذة ... إلا وكنت المفترس
أيام اغترف الصبا ... غض الأديم وانتهس
حتى قضيت مآربي ... وصرمتها صرم المرس
فإذا عصارة ذاك حوب في المغبة أو طفس فافرغ إلى مدح الوصي ... ففيه تطهير النجس
رب السلاهب والقواضب ... والمقانب والخمس
والبيض والبيض القواطع ... والغطارفة الحمس
والجامحات الشامسات ... وفوقها الصيد الشمس
من كل موار العنان ... مطهم صعب سلس
للشرك فيها مأتم ... والطير منها في عرس
عفت الرسوم العسكر ... الجملي قدما فاندرس
وثنت أعنتها إلى حرب ... ابن حرب فارتكس
رفع المصاحف يستجير ... من الحمام ويبتئس
خاف الحسام العندمي ... وحاذر الرمح الورس
فانصاع ذا عين ... مسهدة وقلب مختلس
وسرت بأرض النهروان ... فزعزعت ركني قدس
اللون برق مختلس ... والصوت رعد مرتجس
فغدت سنابكها على ... هام الخوارج كالقبس
يرمي بها بحر الوغى ... أسد الملاحم والوطس
الزاهد الورع التقي ... العالم الحبر الندس
صلى عليه الله ما ... غار الحجيج وما جلس
وله أيضا:(2/63)
بزغت لكم شمس الكنس ... وبدت لكم روح القدس
فك الحبيس فعفروا ... في الترب تعفير الحبس
الصمت إجلالا لموضعها ... القديم بل الخرس
غلط المجوس هي التي ... عبد المزمزم إذ درس
ما دار في خلد الزمان ... لها النظير ولا هجس
قدمت فضل بها الورى ... فالأمر فيها ملتبس
لا الجن تذكر عهد مولدها ... القديم ولا الأنس
قم يا نديم فغالط الأ ... وقات فيها واختلس
بالراح رح فهي المنى ... وعلى جماح الكأس كس
لا تلقها إلا ببشرك ... فالقطوب من الدنس
ما أنصف الصبهاء من ... ضحكت إليه وقد عبس
فإذا سكرت فغن لي ... ذهب الشباب فما تحس
لله أيام الشباب ... وحبذا تلك الخلس
كم ليلة لم ألق بعد ... عشائها إلا الغلس
قصرت وقد ركض الصباح بجنحها ركض الفرس وكذاك أيام المسرة ... رجع طرف أو نفس
ناديت في ظلماتها ... عذب اللمى حلو اللعس
في كفه قبس المدام ... وفي الحشا منه قبس
وسدته كفي فنبه ... لوعتي لما نعس
هل من فريسة لذة ... إلا وكنت المفترس
أيام اغترف الصبا ... غض الأديم وانتهس
حتى قضيت مآربي ... وصرمتها صرم المرس
فإذا عصارة ذاك حوب في المغبة أو طفس فافرغ إلى مدح الوصي ... ففيه تطهير النجس
رب السلاهب والقواضب ... والمقانب والخمس
والبيض والبيض القواطع ... والغطارفة الحمس
والجامحات الشامسات ... وفوقها الصيد الشمس
من كل موار العنان ... مطهم صعب سلس
للشرك فيها مأتم ... والطير منها في عرس
عفت الرسوم العسكر ... الجملي قدما فاندرس
وثنت أعنتها إلى حرب ... ابن حرب فارتكس
رفع المصاحف يستجير ... من الحمام ويبتئس
خاف الحسام العندمي ... وحاذر الرمح الورس
فانصاع ذا عين ... مسهدة وقلب مختلس
وسرت بأرض النهروان ... فزعزعت ركني قدس
اللون برق مختلس ... والصوت رعد مرتجس
فغدت سنابكها على ... هام الخوارج كالقبس
يرمي بها بحر الوغى ... أسد الملاحم والوطس
الزاهد الورع التقي ... العالم الحبر الندس
صلى عليه الله ما ... غار الحجيج وما جلس
وله أيضا:
لمن ظعن بين الغميم وحاجر ... بزغن شموسا في ظلام الدياجر
شبيهات بيضات النعام يقلها ... من العيس أشباه النعام النوافر
ومن دون ذاك الخدر ظبية قايض ... نريق دماء المشبلات الخوادر
تنوء بأعباء الحلي وأنها ... لتضعف عن لمح العيون النواظر
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها ... تباريح وجد في قلوب المغافر
تميل كما مال النزيف وتنثني ... تثني منصور الكتيبة ظافر
لها محض ودي في الهوى وتحنني ... وخالص إضماري وصوف سرائري
فيا رب بغّضها إلى كل عاشق ... سواي وقبحها إلى كل ناظر
وبغض إليها الناس غيري كما أرى ... قبيحا سواها كل باد وحاضر
فيا جنة فيها العذاب ولم أخف ... حلول عذاب في الجنان النواظر
يعاقب في حسبانها غير مشرك ... ويحرم من نعمائها غير كافر
فديتك لأقرب الديار بنافعي ... لديك ولا بعد الديار بضائري
وما قرب أوطان بها متباعد ... المودة إلا مثل قرب المقابر
حلفت برب القعضبية والقنا المثقف والبيض الرقاق البواتر وبالسابحات السابقات كأنها ... من الناشرات الفارقات الأعاصر
وعوج مرنات وصفر صوائب ... وفلك باذي العباب مواخر
لقد فاز عبد للوصي ولاؤه ... ولو شابه بالموبقات الكبائر
وخاب معاديه ولو حلقت به ... قوادم فتخاء الجناحين كاسر
هو النبأ المكنون والجوهر الذي ... تجسد من نور من القدس زاهر
وذو المعجزات الواضحات أقلها ... الظهور على مستودعات السراير
ووارث علم المصطفى وشقيقه ... أخا ونظيرا في العلى والأواصر
الا إنما الإسلام لولا حسامه ... كعفطة عنز أو قلامة عافر
الا إنما التوحيد لولا علومه ... كعرضة ضليل ونهبة كافر
الا إنما الأقدار طوع يمينه ... فبورك من وتر مطاع وقادر
فلو ركض الصم الجلاميذ واطيا ... لفجرها بالمترعات الزواخر
ولو رام كسف الشمس كور نورها ... وعطل من أفلاكها كل دائر
هو الآية العظمى ومستنبط الهدى ... وحيرة أرباب النهي والبصائر
رمى الله منه يوم بدر خصومه ... بذي فذذ في آل بدر مبادر
وقد جاشت الأرض العريضة بالقنا ... فلم يلف إلا ضامر فوق ضامر
فلو نتجت أم السماء صواعقا ... لما شج منها سارح رأس حاسر
فكان وكانوا كالقطامى ناهض ... البغاث فصرى شلوه في الأظافر
سرى نحوهم رسلا فسارت قلوبهم ... من الخوف وخدا نحوه بالحناجر
كأن ضباة المشرفية من كرى ... فما يبتغي إلا مقر المحاجر
فلا تحسبن الرعد رجس غمامة ... ولكنه من بعض تلك الزماجر
ولا تحسبن البرق نارا فإنه ... وميض أتى من ذي الفقار بفاقر
ولا تحسبن المزن تهمي فإنها ... أنامله تهمي بأوطف هامر
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب ... بمدحك بين الناس أقصر قاصر
صفاتك أسماء وذاتك جوهر ... بريء المعالي من صفات الجواهر
يجل عن الأعراض والأين والمتى ... ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
إذا طاف ناس في المشاعر والصفا ... فقبرك ركني طائفا ومشاعري
وإن ذخر الأقوام نسك عبادة ... فحبك أوفى عدتي وذخائري
وإن صام ناس في الهواجر حسبة ... فمدحك أسنى من صيام الهواجر
وأعلم أني إن أطلعت غوايتي ... فحبك أنسي في بطون الحفائر
وإن أك فيما جئته شر مذنب ... فربك يا خير الورى خير غافر
فو الله لا أقلعت عن لهو صبوتي ... ولا سمع اللاحون يوما معاذري
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما ... أطعت الهوى والغي غير محاذر
نصرتك في الدنيا بما أستطيعه ... فكن شافعي يوم المعاد وناصري
فليت ترابا حال دونك لم يحل ... وساتر وجه منك ليس بساتر
لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت ... عليه العدى من مفضعات الجرائر
من ابن زياد وابن هند وأمرة ... ابن سعد وأبناء الإماء العواهر
رموه بيحموم الأديم غطامطا ... تعيد الحصى رفغا بوقع الحوافر
لهام فلا فرع النجوم بمسبل ... عليه ولا وجه الصباح بسافر
فيا لك مقتولا تهدمت العلى ... وثلت به أركان عرش المفاخر
ويا حسرة إذ لم أكن في أوائل ... من الناس يتلى فضلهم في الأواخر
فأنصر قوما إن يكن فات نصرهم ... لدى الروع خطاري فما فات خاطري
عجبت لأطواد الأخاشيب لم تمد ... ولا أصبحت غورا مياه الكوافر
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل ... وللشهب لم تقذف بأشأم طائر
أما كان في رزء ابن فاطم مقتضى ... هبوط رواس أو كسوف زواهر
ولكنما غدر النفوس سجية لها وعزيز صاحب غير غادر بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم ... مقالة مدح فيكم أو لناثر
إذا كان مولى الشاعرين وربهم ... لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى ... لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت ... وأخرب من أرجائها كل عامر
سأمنحكم مني مودة وامق ... يغض قلى عن غيركم طرف هاجر
و(2/64)
لمن ظعن بين الغميم وحاجر ... بزغن شموسا في ظلام الدياجر
شبيهات بيضات النعام يقلها ... من العيس أشباه النعام النوافر
ومن دون ذاك الخدر ظبية قايض ... نريق دماء المشبلات الخوادر
تنوء بأعباء الحلي وأنها ... لتضعف عن لمح العيون النواظر
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها ... تباريح وجد في قلوب المغافر
تميل كما مال النزيف وتنثني ... تثني منصور الكتيبة ظافر
لها محض ودي في الهوى وتحنني ... وخالص إضماري وصوف سرائري
فيا رب بغّضها إلى كل عاشق ... سواي وقبحها إلى كل ناظر
وبغض إليها الناس غيري كما أرى ... قبيحا سواها كل باد وحاضر
فيا جنة فيها العذاب ولم أخف ... حلول عذاب في الجنان النواظر
يعاقب في حسبانها غير مشرك ... ويحرم من نعمائها غير كافر
فديتك لأقرب الديار بنافعي ... لديك ولا بعد الديار بضائري
وما قرب أوطان بها متباعد ... المودة إلا مثل قرب المقابر
حلفت برب القعضبية والقنا المثقف والبيض الرقاق البواتر وبالسابحات السابقات كأنها ... من الناشرات الفارقات الأعاصر
وعوج مرنات وصفر صوائب ... وفلك باذي العباب مواخر
لقد فاز عبد للوصي ولاؤه ... ولو شابه بالموبقات الكبائر
وخاب معاديه ولو حلقت به ... قوادم فتخاء الجناحين كاسر
هو النبأ المكنون والجوهر الذي ... تجسد من نور من القدس زاهر
وذو المعجزات الواضحات أقلها ... الظهور على مستودعات السراير
ووارث علم المصطفى وشقيقه ... أخا ونظيرا في العلى والأواصر
الا إنما الإسلام لولا حسامه ... كعفطة عنز أو قلامة عافر
الا إنما التوحيد لولا علومه ... كعرضة ضليل ونهبة كافر
الا إنما الأقدار طوع يمينه ... فبورك من وتر مطاع وقادر
فلو ركض الصم الجلاميذ واطيا ... لفجرها بالمترعات الزواخر
ولو رام كسف الشمس كور نورها ... وعطل من أفلاكها كل دائر
هو الآية العظمى ومستنبط الهدى ... وحيرة أرباب النهي والبصائر
رمى الله منه يوم بدر خصومه ... بذي فذذ في آل بدر مبادر
وقد جاشت الأرض العريضة بالقنا ... فلم يلف إلا ضامر فوق ضامر
فلو نتجت أم السماء صواعقا ... لما شج منها سارح رأس حاسر
فكان وكانوا كالقطامى ناهض ... البغاث فصرى شلوه في الأظافر
سرى نحوهم رسلا فسارت قلوبهم ... من الخوف وخدا نحوه بالحناجر
كأن ضباة المشرفية من كرى ... فما يبتغي إلا مقر المحاجر
فلا تحسبن الرعد رجس غمامة ... ولكنه من بعض تلك الزماجر
ولا تحسبن البرق نارا فإنه ... وميض أتى من ذي الفقار بفاقر
ولا تحسبن المزن تهمي فإنها ... أنامله تهمي بأوطف هامر
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب ... بمدحك بين الناس أقصر قاصر
صفاتك أسماء وذاتك جوهر ... بريء المعالي من صفات الجواهر
يجل عن الأعراض والأين والمتى ... ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
إذا طاف ناس في المشاعر والصفا ... فقبرك ركني طائفا ومشاعري
وإن ذخر الأقوام نسك عبادة ... فحبك أوفى عدتي وذخائري
وإن صام ناس في الهواجر حسبة ... فمدحك أسنى من صيام الهواجر
وأعلم أني إن أطلعت غوايتي ... فحبك أنسي في بطون الحفائر
وإن أك فيما جئته شر مذنب ... فربك يا خير الورى خير غافر
فو الله لا أقلعت عن لهو صبوتي ... ولا سمع اللاحون يوما معاذري
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما ... أطعت الهوى والغي غير محاذر
نصرتك في الدنيا بما أستطيعه ... فكن شافعي يوم المعاد وناصري
فليت ترابا حال دونك لم يحل ... وساتر وجه منك ليس بساتر
لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت ... عليه العدى من مفضعات الجرائر
من ابن زياد وابن هند وأمرة ... ابن سعد وأبناء الإماء العواهر
رموه بيحموم الأديم غطامطا ... تعيد الحصى رفغا بوقع الحوافر
لهام فلا فرع النجوم بمسبل ... عليه ولا وجه الصباح بسافر
فيا لك مقتولا تهدمت العلى ... وثلت به أركان عرش المفاخر
ويا حسرة إذ لم أكن في أوائل ... من الناس يتلى فضلهم في الأواخر
فأنصر قوما إن يكن فات نصرهم ... لدى الروع خطاري فما فات خاطري
عجبت لأطواد الأخاشيب لم تمد ... ولا أصبحت غورا مياه الكوافر
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل ... وللشهب لم تقذف بأشأم طائر
أما كان في رزء ابن فاطم مقتضى ... هبوط رواس أو كسوف زواهر
ولكنما غدر النفوس سجية لها وعزيز صاحب غير غادر بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم ... مقالة مدح فيكم أو لناثر
إذا كان مولى الشاعرين وربهم ... لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى ... لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت ... وأخرب من أرجائها كل عامر
سأمنحكم مني مودة وامق ... يغض قلى عن غيركم طرف هاجر
و(2/65)
لمن ظعن بين الغميم وحاجر ... بزغن شموسا في ظلام الدياجر
شبيهات بيضات النعام يقلها ... من العيس أشباه النعام النوافر
ومن دون ذاك الخدر ظبية قايض ... نريق دماء المشبلات الخوادر
تنوء بأعباء الحلي وأنها ... لتضعف عن لمح العيون النواظر
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها ... تباريح وجد في قلوب المغافر
تميل كما مال النزيف وتنثني ... تثني منصور الكتيبة ظافر
لها محض ودي في الهوى وتحنني ... وخالص إضماري وصوف سرائري
فيا رب بغّضها إلى كل عاشق ... سواي وقبحها إلى كل ناظر
وبغض إليها الناس غيري كما أرى ... قبيحا سواها كل باد وحاضر
فيا جنة فيها العذاب ولم أخف ... حلول عذاب في الجنان النواظر
يعاقب في حسبانها غير مشرك ... ويحرم من نعمائها غير كافر
فديتك لأقرب الديار بنافعي ... لديك ولا بعد الديار بضائري
وما قرب أوطان بها متباعد ... المودة إلا مثل قرب المقابر
حلفت برب القعضبية والقنا المثقف والبيض الرقاق البواتر وبالسابحات السابقات كأنها ... من الناشرات الفارقات الأعاصر
وعوج مرنات وصفر صوائب ... وفلك باذي العباب مواخر
لقد فاز عبد للوصي ولاؤه ... ولو شابه بالموبقات الكبائر
وخاب معاديه ولو حلقت به ... قوادم فتخاء الجناحين كاسر
هو النبأ المكنون والجوهر الذي ... تجسد من نور من القدس زاهر
وذو المعجزات الواضحات أقلها ... الظهور على مستودعات السراير
ووارث علم المصطفى وشقيقه ... أخا ونظيرا في العلى والأواصر
الا إنما الإسلام لولا حسامه ... كعفطة عنز أو قلامة عافر
الا إنما التوحيد لولا علومه ... كعرضة ضليل ونهبة كافر
الا إنما الأقدار طوع يمينه ... فبورك من وتر مطاع وقادر
فلو ركض الصم الجلاميذ واطيا ... لفجرها بالمترعات الزواخر
ولو رام كسف الشمس كور نورها ... وعطل من أفلاكها كل دائر
هو الآية العظمى ومستنبط الهدى ... وحيرة أرباب النهي والبصائر
رمى الله منه يوم بدر خصومه ... بذي فذذ في آل بدر مبادر
وقد جاشت الأرض العريضة بالقنا ... فلم يلف إلا ضامر فوق ضامر
فلو نتجت أم السماء صواعقا ... لما شج منها سارح رأس حاسر
فكان وكانوا كالقطامى ناهض ... البغاث فصرى شلوه في الأظافر
سرى نحوهم رسلا فسارت قلوبهم ... من الخوف وخدا نحوه بالحناجر
كأن ضباة المشرفية من كرى ... فما يبتغي إلا مقر المحاجر
فلا تحسبن الرعد رجس غمامة ... ولكنه من بعض تلك الزماجر
ولا تحسبن البرق نارا فإنه ... وميض أتى من ذي الفقار بفاقر
ولا تحسبن المزن تهمي فإنها ... أنامله تهمي بأوطف هامر
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب ... بمدحك بين الناس أقصر قاصر
صفاتك أسماء وذاتك جوهر ... بريء المعالي من صفات الجواهر
يجل عن الأعراض والأين والمتى ... ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
إذا طاف ناس في المشاعر والصفا ... فقبرك ركني طائفا ومشاعري
وإن ذخر الأقوام نسك عبادة ... فحبك أوفى عدتي وذخائري
وإن صام ناس في الهواجر حسبة ... فمدحك أسنى من صيام الهواجر
وأعلم أني إن أطلعت غوايتي ... فحبك أنسي في بطون الحفائر
وإن أك فيما جئته شر مذنب ... فربك يا خير الورى خير غافر
فو الله لا أقلعت عن لهو صبوتي ... ولا سمع اللاحون يوما معاذري
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما ... أطعت الهوى والغي غير محاذر
نصرتك في الدنيا بما أستطيعه ... فكن شافعي يوم المعاد وناصري
فليت ترابا حال دونك لم يحل ... وساتر وجه منك ليس بساتر
لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت ... عليه العدى من مفضعات الجرائر
من ابن زياد وابن هند وأمرة ... ابن سعد وأبناء الإماء العواهر
رموه بيحموم الأديم غطامطا ... تعيد الحصى رفغا بوقع الحوافر
لهام فلا فرع النجوم بمسبل ... عليه ولا وجه الصباح بسافر
فيا لك مقتولا تهدمت العلى ... وثلت به أركان عرش المفاخر
ويا حسرة إذ لم أكن في أوائل ... من الناس يتلى فضلهم في الأواخر
فأنصر قوما إن يكن فات نصرهم ... لدى الروع خطاري فما فات خاطري
عجبت لأطواد الأخاشيب لم تمد ... ولا أصبحت غورا مياه الكوافر
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل ... وللشهب لم تقذف بأشأم طائر
أما كان في رزء ابن فاطم مقتضى ... هبوط رواس أو كسوف زواهر
ولكنما غدر النفوس سجية لها وعزيز صاحب غير غادر بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم ... مقالة مدح فيكم أو لناثر
إذا كان مولى الشاعرين وربهم ... لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى ... لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت ... وأخرب من أرجائها كل عامر
سأمنحكم مني مودة وامق ... يغض قلى عن غيركم طرف هاجر
و(2/66)
لمن ظعن بين الغميم وحاجر ... بزغن شموسا في ظلام الدياجر
شبيهات بيضات النعام يقلها ... من العيس أشباه النعام النوافر
ومن دون ذاك الخدر ظبية قايض ... نريق دماء المشبلات الخوادر
تنوء بأعباء الحلي وأنها ... لتضعف عن لمح العيون النواظر
إذا اعتجرت قاني الشفوف فيا لها ... تباريح وجد في قلوب المغافر
تميل كما مال النزيف وتنثني ... تثني منصور الكتيبة ظافر
لها محض ودي في الهوى وتحنني ... وخالص إضماري وصوف سرائري
فيا رب بغّضها إلى كل عاشق ... سواي وقبحها إلى كل ناظر
وبغض إليها الناس غيري كما أرى ... قبيحا سواها كل باد وحاضر
فيا جنة فيها العذاب ولم أخف ... حلول عذاب في الجنان النواظر
يعاقب في حسبانها غير مشرك ... ويحرم من نعمائها غير كافر
فديتك لأقرب الديار بنافعي ... لديك ولا بعد الديار بضائري
وما قرب أوطان بها متباعد ... المودة إلا مثل قرب المقابر
حلفت برب القعضبية والقنا المثقف والبيض الرقاق البواتر وبالسابحات السابقات كأنها ... من الناشرات الفارقات الأعاصر
وعوج مرنات وصفر صوائب ... وفلك باذي العباب مواخر
لقد فاز عبد للوصي ولاؤه ... ولو شابه بالموبقات الكبائر
وخاب معاديه ولو حلقت به ... قوادم فتخاء الجناحين كاسر
هو النبأ المكنون والجوهر الذي ... تجسد من نور من القدس زاهر
وذو المعجزات الواضحات أقلها ... الظهور على مستودعات السراير
ووارث علم المصطفى وشقيقه ... أخا ونظيرا في العلى والأواصر
الا إنما الإسلام لولا حسامه ... كعفطة عنز أو قلامة عافر
الا إنما التوحيد لولا علومه ... كعرضة ضليل ونهبة كافر
الا إنما الأقدار طوع يمينه ... فبورك من وتر مطاع وقادر
فلو ركض الصم الجلاميذ واطيا ... لفجرها بالمترعات الزواخر
ولو رام كسف الشمس كور نورها ... وعطل من أفلاكها كل دائر
هو الآية العظمى ومستنبط الهدى ... وحيرة أرباب النهي والبصائر
رمى الله منه يوم بدر خصومه ... بذي فذذ في آل بدر مبادر
وقد جاشت الأرض العريضة بالقنا ... فلم يلف إلا ضامر فوق ضامر
فلو نتجت أم السماء صواعقا ... لما شج منها سارح رأس حاسر
فكان وكانوا كالقطامى ناهض ... البغاث فصرى شلوه في الأظافر
سرى نحوهم رسلا فسارت قلوبهم ... من الخوف وخدا نحوه بالحناجر
كأن ضباة المشرفية من كرى ... فما يبتغي إلا مقر المحاجر
فلا تحسبن الرعد رجس غمامة ... ولكنه من بعض تلك الزماجر
ولا تحسبن البرق نارا فإنه ... وميض أتى من ذي الفقار بفاقر
ولا تحسبن المزن تهمي فإنها ... أنامله تهمي بأوطف هامر
تعاليت عن مدح فأبلغ خاطب ... بمدحك بين الناس أقصر قاصر
صفاتك أسماء وذاتك جوهر ... بريء المعالي من صفات الجواهر
يجل عن الأعراض والأين والمتى ... ويكبر عن تشبيهه بالعناصر
إذا طاف ناس في المشاعر والصفا ... فقبرك ركني طائفا ومشاعري
وإن ذخر الأقوام نسك عبادة ... فحبك أوفى عدتي وذخائري
وإن صام ناس في الهواجر حسبة ... فمدحك أسنى من صيام الهواجر
وأعلم أني إن أطلعت غوايتي ... فحبك أنسي في بطون الحفائر
وإن أك فيما جئته شر مذنب ... فربك يا خير الورى خير غافر
فو الله لا أقلعت عن لهو صبوتي ... ولا سمع اللاحون يوما معاذري
إذا كنت للنيران في الحشر قاسما ... أطعت الهوى والغي غير محاذر
نصرتك في الدنيا بما أستطيعه ... فكن شافعي يوم المعاد وناصري
فليت ترابا حال دونك لم يحل ... وساتر وجه منك ليس بساتر
لتنظر ما لاقى الحسين وما جنت ... عليه العدى من مفضعات الجرائر
من ابن زياد وابن هند وأمرة ... ابن سعد وأبناء الإماء العواهر
رموه بيحموم الأديم غطامطا ... تعيد الحصى رفغا بوقع الحوافر
لهام فلا فرع النجوم بمسبل ... عليه ولا وجه الصباح بسافر
فيا لك مقتولا تهدمت العلى ... وثلت به أركان عرش المفاخر
ويا حسرة إذ لم أكن في أوائل ... من الناس يتلى فضلهم في الأواخر
فأنصر قوما إن يكن فات نصرهم ... لدى الروع خطاري فما فات خاطري
عجبت لأطواد الأخاشيب لم تمد ... ولا أصبحت غورا مياه الكوافر
وللشمس لم تكسف وللبدر لم يحل ... وللشهب لم تقذف بأشأم طائر
أما كان في رزء ابن فاطم مقتضى ... هبوط رواس أو كسوف زواهر
ولكنما غدر النفوس سجية لها وعزيز صاحب غير غادر بني الوحي هل أبقى الكتاب لناظم ... مقالة مدح فيكم أو لناثر
إذا كان مولى الشاعرين وربهم ... لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى ... لضل الورى عن لاحب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت ... وأخرب من أرجائها كل عامر
سأمنحكم مني مودة وامق ... يغض قلى عن غيركم طرف هاجر
وله أيضا:
يا رسم لا رسمتك ريح زعزع ... وسرت بليل في عراصك خروع
لم ألف صدري من فؤادي بلقعا ... إلا وأنت من الأحبة بلقع
جاري الغمام مدامعي بك فانثنت ... جون السحائب فهي حسرى ضلع
لا يمحك الهتن الملت فقد محا ... صبري دثورك مذ محتك لأدمع
ما تم يومك وهو أسعد أيمن ... حتى تبدل وهو أنكد أشنع
شروى الزمان يضيء صبح مسفر ... فيه فيشفعه ظلام الأسفع
لله درك والضلال يقودني ... بيد الهوى فأنا الحرون فأتبع
يقتادني سكر الصبابة والصبا ... ويصيح بي داعي الغرام فأسمع
دهر تقوض راحلا ما عيب من ... عقباه إلا أنه لا يرجع
يا أيها الوادي أجلك واديا ... وأعز إلا في حماك فأخضع
وأسوف تربك صاغرا وأدل في ... تلك الربى وأنا الجليد فأخنع
أسفي على مغناك إذ هو غاية ... وعلى سبيلك وهو لحب مهيع
أيام أنجم قضعب درية ... في غير أوجه مطلع لا تطلع
والسمهرية تستقيم وتنحني ... فكأنما بين الأضالع أضلع
والبيض تورد في الوريد فترتوي ... والسمر تشرع في الوتين فتشرع
والسابقات اللاحقات كأنها ... العقبان تردي في الشكيم وتمزع
والربع أنور بالنسيم مضمخ ... والجو أزهر بالعبير مردع
ذاك الزمان هو الزمان كأنما ... قيض الخطوب به ربيع ممرع
وكأنما هو روضة ممطورة ... أو مزنة في عارض لا تفلع
قد قلت للبرق الذي شق الدجى ... فكأن زنجيا هناك يجدع
يا برق إن جئت الغري فقل له ... أتراك تعلم من بأرضك مودع
فيك ابن عمران الكليم وبعده ... عيسى يقفيه وأحمد يتبع
بل فيك جبريل وميكال وإسرا ... فيل والملأ المقدس أجمع
بل فيك نور الله جل جلاله ... لذوي البصائر يستشف ويلمع
فيك الإمام المرتضى فيك الوصي ... المجتبى فيك البطين الأنزع
الضارب الهام المقنع في الوغى ... بالخوف للبهم الكماة يقنع
والمترع الحوض المدعدع حيث لا ... واد يفيض ولا قليب يترع
ومبدد الأبطال حيث تألبوا ... ومفرق الأحزاب حيث تجمعوا
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا ... حتى تكاد له القلوب تصدع
حتى إذا استعر الوغى متلظيا ... شرب الدماء بغلة لا تنقع
متجلببا ثوبا من الدم قانيا ... يعلوه من نقع الملاحم برقع
زهد المسيح وفتكة الدهر الذي ... أودى به كسرى وفوز تبع
هذا ضمير العالم الموجود عن ... عدم وسر وجوده المستودع
هذي الأمانة لا يقوم بحملها ... خلفاء هابطة وأطلس أرفع
تأبى الجبال الشم عن تقليدها ... وتضج تيهاء وتشفق برقع
هذا هو النور الذي عذباته ... كانت بجبهة آدم تتطلع
وشهاب موسى حيث أظلم ليله ... رفعت له لألاؤه تتشعشع
يا من له ردت ذكاء ولم يفز ... بنظيرها من قبل ألا يوشع
يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن ... خوض الحمام مدجج ومدرع
يا قالع الباب الذي عن هزها ... عجزت أكف أربعون وأربع
لولا حدوثك قلت إنك جاعل ... الأرواح في الأشباح والمتنزع
لولا مماتك قلت إنك باسط ... الأرزاق تعطي من تشاء وتمنع
ما العالم العلوي إلا تربة ... فيها لجثتك الشريفة مضجع
ما الدهر إلا عبدك القن الذي ... بنفوذ أمرك في البرية مولع
أنا في مديحك ألكن لا أهتدي ... وأنا الخطيب الهبزري المصقع
أأقول فيك سميدع كلا ولا ... حاشا لمثلك أن يقال سميدع
بل أنت في يوم القيامة حاكم ... في العالمين وشافع ومشفع
ولقد جهلت وكنت أحذق عالم ... أغرار عزمك أم حسامك أقطع
وفقدت معرفتي ولست بعارف ... هل فضل حلمك أم جنابك أوسع
لي فيك معتقد سأكشف سره ... فليصغ أرباب النهى وليسمعوا
هي نفثة المصدور يطفي بردها ... حر الصبابة فاعذلوني أودعوا
والله لولا حيدر ما كانت الدنيا ولا جمع البرية مجمع من أجله خلق الزمان وضوأت ... شهب كنسن وجن ليل أدرع
علم الغيوب إليه غير مدافع ... والصبح أبيض مسفر لا يدفع
وإليه في يوم المعاد حسابنا ... وهو الملاذ لنا غدا والمفزع
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه ... ليضر معتقدا له أو ينفع
يا من له في أرض قلبي منزل ... نعم المراد الرحب والمستربع
أهواك حتى في حشاشة مهجتي ... نار تشب على هواك وتلذع
وتكاد نفسي أن تذوب صبابة ... خلقا وطبعا لا كمن يتطبع
ورأيت دين الاعتزال وإنني ... أهوى لأجلك كل من يتشيع
ولقد علمت بأنه لابد من ... مهديكم وليومه أتوقع
تحميه من جند الإله كتائب ... كاليم أقبل زاخرا يتدفع
فيها لآل أبي الحديد صوارم ... مشهورة ورماح خط شرع
ورجال موت مقدمون كأنهم ... أسد العرين الربد لا تتكعكع
تلك المنى أما أغب عنها فلي ... نفس تنازعني وشوق ينزع
ولقد بكيت لقتل آل محمد ... بالطف حتى كل عضو مدمع
عقرت بنات الأعوجية هل درت ... ما يستباح بها وماذا يصنع
وحريم آل محمد بين العدى ... نهبا تقاسهما اللئام الوضع
تلك الظغائن كالإماء متى تسق ... يعنف بهن وبالسياط تقنع
من فوق أقتاب الجمال يشلها ... لكع على حنق وعبد أكوع
مثل السبايا بل أذل تشق ... منهن الخمار ويستباح البرقع
فمصفد في قيده لا يفتدى ... وكريمة تسبى وقرط ينزع
تالله لا أنسى الحسين ورهطه ... تحت السنابك بالعراء موزع
متلفعا حمر الثياب وفي غد ... بالخضر من فردوسه يتلفع
تطأ السنابك صدره وجبينه ... والأرض ترجف خيفة وتضعضع
والشمس ناشرة ذوائب ثاكل ... والدهر مشقوق الرداء مقنع
لهفي على تلك الدماء تزاق في ... أيدي أمية عنوة وتضيع
بأبي أبو العباس أحمد أنه ... خير الورى من أن يطل ويمنع
فهو الولي لثارها وهو الحمول ... لعبئها إذ كل عود يضلع
الدهر طوع والشبيبة غضبة ... والسيف عضب والفؤاد مشيع
و(2/67)
يا رسم لا رسمتك ريح زعزع ... وسرت بليل في عراصك خروع
لم ألف صدري من فؤادي بلقعا ... إلا وأنت من الأحبة بلقع
جاري الغمام مدامعي بك فانثنت ... جون السحائب فهي حسرى ضلع
لا يمحك الهتن الملت فقد محا ... صبري دثورك مذ محتك لأدمع
ما تم يومك وهو أسعد أيمن ... حتى تبدل وهو أنكد أشنع
شروى الزمان يضيء صبح مسفر ... فيه فيشفعه ظلام الأسفع
لله درك والضلال يقودني ... بيد الهوى فأنا الحرون فأتبع
يقتادني سكر الصبابة والصبا ... ويصيح بي داعي الغرام فأسمع
دهر تقوض راحلا ما عيب من ... عقباه إلا أنه لا يرجع
يا أيها الوادي أجلك واديا ... وأعز إلا في حماك فأخضع
وأسوف تربك صاغرا وأدل في ... تلك الربى وأنا الجليد فأخنع
أسفي على مغناك إذ هو غاية ... وعلى سبيلك وهو لحب مهيع
أيام أنجم قضعب درية ... في غير أوجه مطلع لا تطلع
والسمهرية تستقيم وتنحني ... فكأنما بين الأضالع أضلع
والبيض تورد في الوريد فترتوي ... والسمر تشرع في الوتين فتشرع
والسابقات اللاحقات كأنها ... العقبان تردي في الشكيم وتمزع
والربع أنور بالنسيم مضمخ ... والجو أزهر بالعبير مردع
ذاك الزمان هو الزمان كأنما ... قيض الخطوب به ربيع ممرع
وكأنما هو روضة ممطورة ... أو مزنة في عارض لا تفلع
قد قلت للبرق الذي شق الدجى ... فكأن زنجيا هناك يجدع
يا برق إن جئت الغري فقل له ... أتراك تعلم من بأرضك مودع
فيك ابن عمران الكليم وبعده ... عيسى يقفيه وأحمد يتبع
بل فيك جبريل وميكال وإسرا ... فيل والملأ المقدس أجمع
بل فيك نور الله جل جلاله ... لذوي البصائر يستشف ويلمع
فيك الإمام المرتضى فيك الوصي ... المجتبى فيك البطين الأنزع
الضارب الهام المقنع في الوغى ... بالخوف للبهم الكماة يقنع
والمترع الحوض المدعدع حيث لا ... واد يفيض ولا قليب يترع
ومبدد الأبطال حيث تألبوا ... ومفرق الأحزاب حيث تجمعوا
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا ... حتى تكاد له القلوب تصدع
حتى إذا استعر الوغى متلظيا ... شرب الدماء بغلة لا تنقع
متجلببا ثوبا من الدم قانيا ... يعلوه من نقع الملاحم برقع
زهد المسيح وفتكة الدهر الذي ... أودى به كسرى وفوز تبع
هذا ضمير العالم الموجود عن ... عدم وسر وجوده المستودع
هذي الأمانة لا يقوم بحملها ... خلفاء هابطة وأطلس أرفع
تأبى الجبال الشم عن تقليدها ... وتضج تيهاء وتشفق برقع
هذا هو النور الذي عذباته ... كانت بجبهة آدم تتطلع
وشهاب موسى حيث أظلم ليله ... رفعت له لألاؤه تتشعشع
يا من له ردت ذكاء ولم يفز ... بنظيرها من قبل ألا يوشع
يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن ... خوض الحمام مدجج ومدرع
يا قالع الباب الذي عن هزها ... عجزت أكف أربعون وأربع
لولا حدوثك قلت إنك جاعل ... الأرواح في الأشباح والمتنزع
لولا مماتك قلت إنك باسط ... الأرزاق تعطي من تشاء وتمنع
ما العالم العلوي إلا تربة ... فيها لجثتك الشريفة مضجع
ما الدهر إلا عبدك القن الذي ... بنفوذ أمرك في البرية مولع
أنا في مديحك ألكن لا أهتدي ... وأنا الخطيب الهبزري المصقع
أأقول فيك سميدع كلا ولا ... حاشا لمثلك أن يقال سميدع
بل أنت في يوم القيامة حاكم ... في العالمين وشافع ومشفع
ولقد جهلت وكنت أحذق عالم ... أغرار عزمك أم حسامك أقطع
وفقدت معرفتي ولست بعارف ... هل فضل حلمك أم جنابك أوسع
لي فيك معتقد سأكشف سره ... فليصغ أرباب النهى وليسمعوا
هي نفثة المصدور يطفي بردها ... حر الصبابة فاعذلوني أودعوا
والله لولا حيدر ما كانت الدنيا ولا جمع البرية مجمع من أجله خلق الزمان وضوأت ... شهب كنسن وجن ليل أدرع
علم الغيوب إليه غير مدافع ... والصبح أبيض مسفر لا يدفع
وإليه في يوم المعاد حسابنا ... وهو الملاذ لنا غدا والمفزع
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه ... ليضر معتقدا له أو ينفع
يا من له في أرض قلبي منزل ... نعم المراد الرحب والمستربع
أهواك حتى في حشاشة مهجتي ... نار تشب على هواك وتلذع
وتكاد نفسي أن تذوب صبابة ... خلقا وطبعا لا كمن يتطبع
ورأيت دين الاعتزال وإنني ... أهوى لأجلك كل من يتشيع
ولقد علمت بأنه لابد من ... مهديكم وليومه أتوقع
تحميه من جند الإله كتائب ... كاليم أقبل زاخرا يتدفع
فيها لآل أبي الحديد صوارم ... مشهورة ورماح خط شرع
ورجال موت مقدمون كأنهم ... أسد العرين الربد لا تتكعكع
تلك المنى أما أغب عنها فلي ... نفس تنازعني وشوق ينزع
ولقد بكيت لقتل آل محمد ... بالطف حتى كل عضو مدمع
عقرت بنات الأعوجية هل درت ... ما يستباح بها وماذا يصنع
وحريم آل محمد بين العدى ... نهبا تقاسهما اللئام الوضع
تلك الظغائن كالإماء متى تسق ... يعنف بهن وبالسياط تقنع
من فوق أقتاب الجمال يشلها ... لكع على حنق وعبد أكوع
مثل السبايا بل أذل تشق ... منهن الخمار ويستباح البرقع
فمصفد في قيده لا يفتدى ... وكريمة تسبى وقرط ينزع
تالله لا أنسى الحسين ورهطه ... تحت السنابك بالعراء موزع
متلفعا حمر الثياب وفي غد ... بالخضر من فردوسه يتلفع
تطأ السنابك صدره وجبينه ... والأرض ترجف خيفة وتضعضع
والشمس ناشرة ذوائب ثاكل ... والدهر مشقوق الرداء مقنع
لهفي على تلك الدماء تزاق في ... أيدي أمية عنوة وتضيع
بأبي أبو العباس أحمد أنه ... خير الورى من أن يطل ويمنع
فهو الولي لثارها وهو الحمول ... لعبئها إذ كل عود يضلع
الدهر طوع والشبيبة غضبة ... والسيف عضب والفؤاد مشيع
و(2/68)
يا رسم لا رسمتك ريح زعزع ... وسرت بليل في عراصك خروع
لم ألف صدري من فؤادي بلقعا ... إلا وأنت من الأحبة بلقع
جاري الغمام مدامعي بك فانثنت ... جون السحائب فهي حسرى ضلع
لا يمحك الهتن الملت فقد محا ... صبري دثورك مذ محتك لأدمع
ما تم يومك وهو أسعد أيمن ... حتى تبدل وهو أنكد أشنع
شروى الزمان يضيء صبح مسفر ... فيه فيشفعه ظلام الأسفع
لله درك والضلال يقودني ... بيد الهوى فأنا الحرون فأتبع
يقتادني سكر الصبابة والصبا ... ويصيح بي داعي الغرام فأسمع
دهر تقوض راحلا ما عيب من ... عقباه إلا أنه لا يرجع
يا أيها الوادي أجلك واديا ... وأعز إلا في حماك فأخضع
وأسوف تربك صاغرا وأدل في ... تلك الربى وأنا الجليد فأخنع
أسفي على مغناك إذ هو غاية ... وعلى سبيلك وهو لحب مهيع
أيام أنجم قضعب درية ... في غير أوجه مطلع لا تطلع
والسمهرية تستقيم وتنحني ... فكأنما بين الأضالع أضلع
والبيض تورد في الوريد فترتوي ... والسمر تشرع في الوتين فتشرع
والسابقات اللاحقات كأنها ... العقبان تردي في الشكيم وتمزع
والربع أنور بالنسيم مضمخ ... والجو أزهر بالعبير مردع
ذاك الزمان هو الزمان كأنما ... قيض الخطوب به ربيع ممرع
وكأنما هو روضة ممطورة ... أو مزنة في عارض لا تفلع
قد قلت للبرق الذي شق الدجى ... فكأن زنجيا هناك يجدع
يا برق إن جئت الغري فقل له ... أتراك تعلم من بأرضك مودع
فيك ابن عمران الكليم وبعده ... عيسى يقفيه وأحمد يتبع
بل فيك جبريل وميكال وإسرا ... فيل والملأ المقدس أجمع
بل فيك نور الله جل جلاله ... لذوي البصائر يستشف ويلمع
فيك الإمام المرتضى فيك الوصي ... المجتبى فيك البطين الأنزع
الضارب الهام المقنع في الوغى ... بالخوف للبهم الكماة يقنع
والمترع الحوض المدعدع حيث لا ... واد يفيض ولا قليب يترع
ومبدد الأبطال حيث تألبوا ... ومفرق الأحزاب حيث تجمعوا
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا ... حتى تكاد له القلوب تصدع
حتى إذا استعر الوغى متلظيا ... شرب الدماء بغلة لا تنقع
متجلببا ثوبا من الدم قانيا ... يعلوه من نقع الملاحم برقع
زهد المسيح وفتكة الدهر الذي ... أودى به كسرى وفوز تبع
هذا ضمير العالم الموجود عن ... عدم وسر وجوده المستودع
هذي الأمانة لا يقوم بحملها ... خلفاء هابطة وأطلس أرفع
تأبى الجبال الشم عن تقليدها ... وتضج تيهاء وتشفق برقع
هذا هو النور الذي عذباته ... كانت بجبهة آدم تتطلع
وشهاب موسى حيث أظلم ليله ... رفعت له لألاؤه تتشعشع
يا من له ردت ذكاء ولم يفز ... بنظيرها من قبل ألا يوشع
يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن ... خوض الحمام مدجج ومدرع
يا قالع الباب الذي عن هزها ... عجزت أكف أربعون وأربع
لولا حدوثك قلت إنك جاعل ... الأرواح في الأشباح والمتنزع
لولا مماتك قلت إنك باسط ... الأرزاق تعطي من تشاء وتمنع
ما العالم العلوي إلا تربة ... فيها لجثتك الشريفة مضجع
ما الدهر إلا عبدك القن الذي ... بنفوذ أمرك في البرية مولع
أنا في مديحك ألكن لا أهتدي ... وأنا الخطيب الهبزري المصقع
أأقول فيك سميدع كلا ولا ... حاشا لمثلك أن يقال سميدع
بل أنت في يوم القيامة حاكم ... في العالمين وشافع ومشفع
ولقد جهلت وكنت أحذق عالم ... أغرار عزمك أم حسامك أقطع
وفقدت معرفتي ولست بعارف ... هل فضل حلمك أم جنابك أوسع
لي فيك معتقد سأكشف سره ... فليصغ أرباب النهى وليسمعوا
هي نفثة المصدور يطفي بردها ... حر الصبابة فاعذلوني أودعوا
والله لولا حيدر ما كانت الدنيا ولا جمع البرية مجمع من أجله خلق الزمان وضوأت ... شهب كنسن وجن ليل أدرع
علم الغيوب إليه غير مدافع ... والصبح أبيض مسفر لا يدفع
وإليه في يوم المعاد حسابنا ... وهو الملاذ لنا غدا والمفزع
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه ... ليضر معتقدا له أو ينفع
يا من له في أرض قلبي منزل ... نعم المراد الرحب والمستربع
أهواك حتى في حشاشة مهجتي ... نار تشب على هواك وتلذع
وتكاد نفسي أن تذوب صبابة ... خلقا وطبعا لا كمن يتطبع
ورأيت دين الاعتزال وإنني ... أهوى لأجلك كل من يتشيع
ولقد علمت بأنه لابد من ... مهديكم وليومه أتوقع
تحميه من جند الإله كتائب ... كاليم أقبل زاخرا يتدفع
فيها لآل أبي الحديد صوارم ... مشهورة ورماح خط شرع
ورجال موت مقدمون كأنهم ... أسد العرين الربد لا تتكعكع
تلك المنى أما أغب عنها فلي ... نفس تنازعني وشوق ينزع
ولقد بكيت لقتل آل محمد ... بالطف حتى كل عضو مدمع
عقرت بنات الأعوجية هل درت ... ما يستباح بها وماذا يصنع
وحريم آل محمد بين العدى ... نهبا تقاسهما اللئام الوضع
تلك الظغائن كالإماء متى تسق ... يعنف بهن وبالسياط تقنع
من فوق أقتاب الجمال يشلها ... لكع على حنق وعبد أكوع
مثل السبايا بل أذل تشق ... منهن الخمار ويستباح البرقع
فمصفد في قيده لا يفتدى ... وكريمة تسبى وقرط ينزع
تالله لا أنسى الحسين ورهطه ... تحت السنابك بالعراء موزع
متلفعا حمر الثياب وفي غد ... بالخضر من فردوسه يتلفع
تطأ السنابك صدره وجبينه ... والأرض ترجف خيفة وتضعضع
والشمس ناشرة ذوائب ثاكل ... والدهر مشقوق الرداء مقنع
لهفي على تلك الدماء تزاق في ... أيدي أمية عنوة وتضيع
بأبي أبو العباس أحمد أنه ... خير الورى من أن يطل ويمنع
فهو الولي لثارها وهو الحمول ... لعبئها إذ كل عود يضلع
الدهر طوع والشبيبة غضبة ... والسيف عضب والفؤاد مشيع
وله أيضا:
الصبر إلا في فراقك يجمل ... والصعب إلا عن ملالك يسهل
يا ظالما حكمته في مهجتي ... حتّام في شرع الهوى لا تعدل
أنفقت عمري في هواك تكرما ... وتضن بالنزر القليل وتبخل
إن ترم قلبي تصم نفسك أنه ... لك موطن تأوي إليه ومنزل
أتظن أني بالإساءة مقلع ... كيف الدواء وقد أصيب المقتل
أعرض وصد وجر فحبك ثابت ... بتنقل الأحوال لا يتنقل
والله لا أسلوك حتى أنطوي ... تحت التراب وتحتويني الجندل
تتبدل الدنيا وحبك ثابت ... في القلب لا يفنى ولا يتبدل
من لي بأهيف قد أقام قيامتي ... خد له قان وطرف أكحل
نشوان من خمر الصبا لا يفهم ... الشكوى ويصغي للوشاة ويقبل
متغير متلون متعتب ... متمنع متعنت متدلل
إن قلت مت من الصبابة قال لي ... ظلما وأي صبابة لا تقتل
أو قلت قد طال العذاب يقول لي ... ما سوف تلقى من عذابك أطول
قسما بترب نعاله فمحاجري ... أبدا بغير غباره لا تكحل
وصعيد بيت حله فركائبي ... تسعى له دون البيوت وترمل
لأخالفن عواذلي لو أنه ... ممن يظل على هواه ويعذل
ولأهتكن على الهوى ستر الحيا ... ان الفضحية في المحبة أجمل
يصفر وجهي حين أنظر وجهه ... خوفا فيدركه الحياء ويخجل
فكأنما بخدوده من حمرة ... ظلت إليها من دمي تتحول
هو ملبسي حلل الضنا ومعلمي ... من زلتي ما كنت منها أجهل
لولاه لم أرد الحياة ولم أقل ... طلب الثراء من القناعة أفضل
من أجله أخشى الممات وأتقي ... ولأجله أرجو الغنى وأؤمل
أستعذب التعذيب فيه كأنما ... جرع الحميم هي البرود السلسل
لا فرج الرحمن كربة عاشق ... طلب السلو فخاب فيما يسأل
لا تنكروا فيض الدموع فإنها ... نفسي يصعدها الغرام المشعل
هي مهجتي طورا تحلل بالبكا ... أسفا وطورا بالزفير تحلل
يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا ... وسقى ثراك من الرواعد مسيل
إن كان جسمي عنك أصبح راحلا ... كرها فقلبي قاطن لا يرحل
ما رمت بعدك بالمدائن صبوة ... إلا ثنى الثاني هواك الأول
أنا عاذر إن طل بعد طلاك لي ... حبا دم أو غازلتني المغزل
يا راكبا تهوى به شدنية ... حرف كما تهوى حصاة من عل
هوجاء تقطع جوز تيار الفلا ... حتى تبوص على يديها الأرجل
عج بالغري على ضريح حوله ... ناد لأملاك السماء ومحفل
فمسبّح ومقدّس وممجد ... ومعظم ومكبر ومهلل
والثم ثراه المسك طيبا واستلم ... عيدانه قبلا فهن المندل
وانظر إلى الدعوات تصعد عنده ... وجنود وحي الله كيف تنزل
والنور يلمع والنواظر شخص ... اللسن خرس والبصائر ذهل
واغضض وغض فثم سر أعجم ... دقت معانيه وأمر مشكل
وقل السلام عليك يا مولى الورى ... نص به نطق الكتاب المنزل
وخلافة ما أن لها لو لم تكن ... منصوصة عن جيد مجدك معدل
عجبا بقوم أخروك وكعبك ... العالي وخد سواك أضرع أسفل
ان تمس محسودا فسؤددك الذي ... أعطيت محسود المحل مبجل
عضب تخر به الرقاب يمده ... رأي بعزمته يحز المفصل
وعلوم غيب لا تنال وحكمة ... فضل وحكم في البرية فيصل
عجبا لهذي الأرض يضمر تربها ... أطواد مجدك كيف لا تتزلزل
عجبا لأملاك السماء يفوتها ... نظر لوجهك كيف لا تتهبل
يا أيها النبأ العظيم فمهتد ... في حبه وغواة قوم ظلل
يا أيها النار التي شب السنا ... منها لموسى والظلام مجلل
يا فلك نوح حيث كل بسيطة ... بحر يمور وكل بحر جدول
يا وارث التوراة والإنجيل ... والفرقان والحكم التي لا تعقل
لولاك ما خلق الزمان ولا دجى ... غب ابتلاج الفجر ليل أليل
يا قاتل الأبطال مجدك للعدى ... من غرب مخذمك المهند أقتل
بذباب سيفك قر قارع طوده ... بعد التأود واستقام الأميل
إن كان دين محمد فيه الهدى ... حقا فحبك بابه والمدخل
لولاك أصبح ثلمة لا تلتقي ... أطرافها ونقيصة لا تكمل
كم جحفل للجزء من أجزائه ... يوم النزال يقل قولك جحفل
أثوابه الزرد المضاف نسجه ... لكنه بالزاغبية مخمل
يحيا المنية منه طعن أبخل ... برح محاجره وضرب أهذل
نهنهت صورته بقلب قلب ... ثبت يحالفه صقيل مصقل
صلى عليك الله من متسربل ... قمصا بهن سواك لا يتسربل
وجزاك خيرا عن نبيك أنه ... ألفاك ناصره الذي لا يخذل
سمعا أمير المؤمنين قصائدا ... يعنو لها بشر ويخضع جرول
الدر من ألفاظها لكنه ... در له ابن الحديد يفصل
هي دون مدح الله فيك وفوق ما ... مدح الورى وعلاك منها أكمل
تمت السبع العلويات ولله در القائل:(2/69)
الصبر إلا في فراقك يجمل ... والصعب إلا عن ملالك يسهل
يا ظالما حكمته في مهجتي ... حتّام في شرع الهوى لا تعدل
أنفقت عمري في هواك تكرما ... وتضن بالنزر القليل وتبخل
إن ترم قلبي تصم نفسك أنه ... لك موطن تأوي إليه ومنزل
أتظن أني بالإساءة مقلع ... كيف الدواء وقد أصيب المقتل
أعرض وصد وجر فحبك ثابت ... بتنقل الأحوال لا يتنقل
والله لا أسلوك حتى أنطوي ... تحت التراب وتحتويني الجندل
تتبدل الدنيا وحبك ثابت ... في القلب لا يفنى ولا يتبدل
من لي بأهيف قد أقام قيامتي ... خد له قان وطرف أكحل
نشوان من خمر الصبا لا يفهم ... الشكوى ويصغي للوشاة ويقبل
متغير متلون متعتب ... متمنع متعنت متدلل
إن قلت مت من الصبابة قال لي ... ظلما وأي صبابة لا تقتل
أو قلت قد طال العذاب يقول لي ... ما سوف تلقى من عذابك أطول
قسما بترب نعاله فمحاجري ... أبدا بغير غباره لا تكحل
وصعيد بيت حله فركائبي ... تسعى له دون البيوت وترمل
لأخالفن عواذلي لو أنه ... ممن يظل على هواه ويعذل
ولأهتكن على الهوى ستر الحيا ... ان الفضحية في المحبة أجمل
يصفر وجهي حين أنظر وجهه ... خوفا فيدركه الحياء ويخجل
فكأنما بخدوده من حمرة ... ظلت إليها من دمي تتحول
هو ملبسي حلل الضنا ومعلمي ... من زلتي ما كنت منها أجهل
لولاه لم أرد الحياة ولم أقل ... طلب الثراء من القناعة أفضل
من أجله أخشى الممات وأتقي ... ولأجله أرجو الغنى وأؤمل
أستعذب التعذيب فيه كأنما ... جرع الحميم هي البرود السلسل
لا فرج الرحمن كربة عاشق ... طلب السلو فخاب فيما يسأل
لا تنكروا فيض الدموع فإنها ... نفسي يصعدها الغرام المشعل
هي مهجتي طورا تحلل بالبكا ... أسفا وطورا بالزفير تحلل
يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا ... وسقى ثراك من الرواعد مسيل
إن كان جسمي عنك أصبح راحلا ... كرها فقلبي قاطن لا يرحل
ما رمت بعدك بالمدائن صبوة ... إلا ثنى الثاني هواك الأول
أنا عاذر إن طل بعد طلاك لي ... حبا دم أو غازلتني المغزل
يا راكبا تهوى به شدنية ... حرف كما تهوى حصاة من عل
هوجاء تقطع جوز تيار الفلا ... حتى تبوص على يديها الأرجل
عج بالغري على ضريح حوله ... ناد لأملاك السماء ومحفل
فمسبّح ومقدّس وممجد ... ومعظم ومكبر ومهلل
والثم ثراه المسك طيبا واستلم ... عيدانه قبلا فهن المندل
وانظر إلى الدعوات تصعد عنده ... وجنود وحي الله كيف تنزل
والنور يلمع والنواظر شخص ... اللسن خرس والبصائر ذهل
واغضض وغض فثم سر أعجم ... دقت معانيه وأمر مشكل
وقل السلام عليك يا مولى الورى ... نص به نطق الكتاب المنزل
وخلافة ما أن لها لو لم تكن ... منصوصة عن جيد مجدك معدل
عجبا بقوم أخروك وكعبك ... العالي وخد سواك أضرع أسفل
ان تمس محسودا فسؤددك الذي ... أعطيت محسود المحل مبجل
عضب تخر به الرقاب يمده ... رأي بعزمته يحز المفصل
وعلوم غيب لا تنال وحكمة ... فضل وحكم في البرية فيصل
عجبا لهذي الأرض يضمر تربها ... أطواد مجدك كيف لا تتزلزل
عجبا لأملاك السماء يفوتها ... نظر لوجهك كيف لا تتهبل
يا أيها النبأ العظيم فمهتد ... في حبه وغواة قوم ظلل
يا أيها النار التي شب السنا ... منها لموسى والظلام مجلل
يا فلك نوح حيث كل بسيطة ... بحر يمور وكل بحر جدول
يا وارث التوراة والإنجيل ... والفرقان والحكم التي لا تعقل
لولاك ما خلق الزمان ولا دجى ... غب ابتلاج الفجر ليل أليل
يا قاتل الأبطال مجدك للعدى ... من غرب مخذمك المهند أقتل
بذباب سيفك قر قارع طوده ... بعد التأود واستقام الأميل
إن كان دين محمد فيه الهدى ... حقا فحبك بابه والمدخل
لولاك أصبح ثلمة لا تلتقي ... أطرافها ونقيصة لا تكمل
كم جحفل للجزء من أجزائه ... يوم النزال يقل قولك جحفل
أثوابه الزرد المضاف نسجه ... لكنه بالزاغبية مخمل
يحيا المنية منه طعن أبخل ... برح محاجره وضرب أهذل
نهنهت صورته بقلب قلب ... ثبت يحالفه صقيل مصقل
صلى عليك الله من متسربل ... قمصا بهن سواك لا يتسربل
وجزاك خيرا عن نبيك أنه ... ألفاك ناصره الذي لا يخذل
سمعا أمير المؤمنين قصائدا ... يعنو لها بشر ويخضع جرول
الدر من ألفاظها لكنه ... در له ابن الحديد يفصل
هي دون مدح الله فيك وفوق ما ... مدح الورى وعلاك منها أكمل
تمت السبع العلويات ولله در القائل:(2/70)
الصبر إلا في فراقك يجمل ... والصعب إلا عن ملالك يسهل
يا ظالما حكمته في مهجتي ... حتّام في شرع الهوى لا تعدل
أنفقت عمري في هواك تكرما ... وتضن بالنزر القليل وتبخل
إن ترم قلبي تصم نفسك أنه ... لك موطن تأوي إليه ومنزل
أتظن أني بالإساءة مقلع ... كيف الدواء وقد أصيب المقتل
أعرض وصد وجر فحبك ثابت ... بتنقل الأحوال لا يتنقل
والله لا أسلوك حتى أنطوي ... تحت التراب وتحتويني الجندل
تتبدل الدنيا وحبك ثابت ... في القلب لا يفنى ولا يتبدل
من لي بأهيف قد أقام قيامتي ... خد له قان وطرف أكحل
نشوان من خمر الصبا لا يفهم ... الشكوى ويصغي للوشاة ويقبل
متغير متلون متعتب ... متمنع متعنت متدلل
إن قلت مت من الصبابة قال لي ... ظلما وأي صبابة لا تقتل
أو قلت قد طال العذاب يقول لي ... ما سوف تلقى من عذابك أطول
قسما بترب نعاله فمحاجري ... أبدا بغير غباره لا تكحل
وصعيد بيت حله فركائبي ... تسعى له دون البيوت وترمل
لأخالفن عواذلي لو أنه ... ممن يظل على هواه ويعذل
ولأهتكن على الهوى ستر الحيا ... ان الفضحية في المحبة أجمل
يصفر وجهي حين أنظر وجهه ... خوفا فيدركه الحياء ويخجل
فكأنما بخدوده من حمرة ... ظلت إليها من دمي تتحول
هو ملبسي حلل الضنا ومعلمي ... من زلتي ما كنت منها أجهل
لولاه لم أرد الحياة ولم أقل ... طلب الثراء من القناعة أفضل
من أجله أخشى الممات وأتقي ... ولأجله أرجو الغنى وأؤمل
أستعذب التعذيب فيه كأنما ... جرع الحميم هي البرود السلسل
لا فرج الرحمن كربة عاشق ... طلب السلو فخاب فيما يسأل
لا تنكروا فيض الدموع فإنها ... نفسي يصعدها الغرام المشعل
هي مهجتي طورا تحلل بالبكا ... أسفا وطورا بالزفير تحلل
يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا ... وسقى ثراك من الرواعد مسيل
إن كان جسمي عنك أصبح راحلا ... كرها فقلبي قاطن لا يرحل
ما رمت بعدك بالمدائن صبوة ... إلا ثنى الثاني هواك الأول
أنا عاذر إن طل بعد طلاك لي ... حبا دم أو غازلتني المغزل
يا راكبا تهوى به شدنية ... حرف كما تهوى حصاة من عل
هوجاء تقطع جوز تيار الفلا ... حتى تبوص على يديها الأرجل
عج بالغري على ضريح حوله ... ناد لأملاك السماء ومحفل
فمسبّح ومقدّس وممجد ... ومعظم ومكبر ومهلل
والثم ثراه المسك طيبا واستلم ... عيدانه قبلا فهن المندل
وانظر إلى الدعوات تصعد عنده ... وجنود وحي الله كيف تنزل
والنور يلمع والنواظر شخص ... اللسن خرس والبصائر ذهل
واغضض وغض فثم سر أعجم ... دقت معانيه وأمر مشكل
وقل السلام عليك يا مولى الورى ... نص به نطق الكتاب المنزل
وخلافة ما أن لها لو لم تكن ... منصوصة عن جيد مجدك معدل
عجبا بقوم أخروك وكعبك ... العالي وخد سواك أضرع أسفل
ان تمس محسودا فسؤددك الذي ... أعطيت محسود المحل مبجل
عضب تخر به الرقاب يمده ... رأي بعزمته يحز المفصل
وعلوم غيب لا تنال وحكمة ... فضل وحكم في البرية فيصل
عجبا لهذي الأرض يضمر تربها ... أطواد مجدك كيف لا تتزلزل
عجبا لأملاك السماء يفوتها ... نظر لوجهك كيف لا تتهبل
يا أيها النبأ العظيم فمهتد ... في حبه وغواة قوم ظلل
يا أيها النار التي شب السنا ... منها لموسى والظلام مجلل
يا فلك نوح حيث كل بسيطة ... بحر يمور وكل بحر جدول
يا وارث التوراة والإنجيل ... والفرقان والحكم التي لا تعقل
لولاك ما خلق الزمان ولا دجى ... غب ابتلاج الفجر ليل أليل
يا قاتل الأبطال مجدك للعدى ... من غرب مخذمك المهند أقتل
بذباب سيفك قر قارع طوده ... بعد التأود واستقام الأميل
إن كان دين محمد فيه الهدى ... حقا فحبك بابه والمدخل
لولاك أصبح ثلمة لا تلتقي ... أطرافها ونقيصة لا تكمل
كم جحفل للجزء من أجزائه ... يوم النزال يقل قولك جحفل
أثوابه الزرد المضاف نسجه ... لكنه بالزاغبية مخمل
يحيا المنية منه طعن أبخل ... برح محاجره وضرب أهذل
نهنهت صورته بقلب قلب ... ثبت يحالفه صقيل مصقل
صلى عليك الله من متسربل ... قمصا بهن سواك لا يتسربل
وجزاك خيرا عن نبيك أنه ... ألفاك ناصره الذي لا يخذل
سمعا أمير المؤمنين قصائدا ... يعنو لها بشر ويخضع جرول
الدر من ألفاظها لكنه ... در له ابن الحديد يفصل
هي دون مدح الله فيك وفوق ما ... مدح الورى وعلاك منها أكمل
تمت السبع العلويات ولله در القائل:(2/71)
الصبر إلا في فراقك يجمل ... والصعب إلا عن ملالك يسهل
يا ظالما حكمته في مهجتي ... حتّام في شرع الهوى لا تعدل
أنفقت عمري في هواك تكرما ... وتضن بالنزر القليل وتبخل
إن ترم قلبي تصم نفسك أنه ... لك موطن تأوي إليه ومنزل
أتظن أني بالإساءة مقلع ... كيف الدواء وقد أصيب المقتل
أعرض وصد وجر فحبك ثابت ... بتنقل الأحوال لا يتنقل
والله لا أسلوك حتى أنطوي ... تحت التراب وتحتويني الجندل
تتبدل الدنيا وحبك ثابت ... في القلب لا يفنى ولا يتبدل
من لي بأهيف قد أقام قيامتي ... خد له قان وطرف أكحل
نشوان من خمر الصبا لا يفهم ... الشكوى ويصغي للوشاة ويقبل
متغير متلون متعتب ... متمنع متعنت متدلل
إن قلت مت من الصبابة قال لي ... ظلما وأي صبابة لا تقتل
أو قلت قد طال العذاب يقول لي ... ما سوف تلقى من عذابك أطول
قسما بترب نعاله فمحاجري ... أبدا بغير غباره لا تكحل
وصعيد بيت حله فركائبي ... تسعى له دون البيوت وترمل
لأخالفن عواذلي لو أنه ... ممن يظل على هواه ويعذل
ولأهتكن على الهوى ستر الحيا ... ان الفضحية في المحبة أجمل
يصفر وجهي حين أنظر وجهه ... خوفا فيدركه الحياء ويخجل
فكأنما بخدوده من حمرة ... ظلت إليها من دمي تتحول
هو ملبسي حلل الضنا ومعلمي ... من زلتي ما كنت منها أجهل
لولاه لم أرد الحياة ولم أقل ... طلب الثراء من القناعة أفضل
من أجله أخشى الممات وأتقي ... ولأجله أرجو الغنى وأؤمل
أستعذب التعذيب فيه كأنما ... جرع الحميم هي البرود السلسل
لا فرج الرحمن كربة عاشق ... طلب السلو فخاب فيما يسأل
لا تنكروا فيض الدموع فإنها ... نفسي يصعدها الغرام المشعل
هي مهجتي طورا تحلل بالبكا ... أسفا وطورا بالزفير تحلل
يا كرخ جاد عليك مدرار الحيا ... وسقى ثراك من الرواعد مسيل
إن كان جسمي عنك أصبح راحلا ... كرها فقلبي قاطن لا يرحل
ما رمت بعدك بالمدائن صبوة ... إلا ثنى الثاني هواك الأول
أنا عاذر إن طل بعد طلاك لي ... حبا دم أو غازلتني المغزل
يا راكبا تهوى به شدنية ... حرف كما تهوى حصاة من عل
هوجاء تقطع جوز تيار الفلا ... حتى تبوص على يديها الأرجل
عج بالغري على ضريح حوله ... ناد لأملاك السماء ومحفل
فمسبّح ومقدّس وممجد ... ومعظم ومكبر ومهلل
والثم ثراه المسك طيبا واستلم ... عيدانه قبلا فهن المندل
وانظر إلى الدعوات تصعد عنده ... وجنود وحي الله كيف تنزل
والنور يلمع والنواظر شخص ... اللسن خرس والبصائر ذهل
واغضض وغض فثم سر أعجم ... دقت معانيه وأمر مشكل
وقل السلام عليك يا مولى الورى ... نص به نطق الكتاب المنزل
وخلافة ما أن لها لو لم تكن ... منصوصة عن جيد مجدك معدل
عجبا بقوم أخروك وكعبك ... العالي وخد سواك أضرع أسفل
ان تمس محسودا فسؤددك الذي ... أعطيت محسود المحل مبجل
عضب تخر به الرقاب يمده ... رأي بعزمته يحز المفصل
وعلوم غيب لا تنال وحكمة ... فضل وحكم في البرية فيصل
عجبا لهذي الأرض يضمر تربها ... أطواد مجدك كيف لا تتزلزل
عجبا لأملاك السماء يفوتها ... نظر لوجهك كيف لا تتهبل
يا أيها النبأ العظيم فمهتد ... في حبه وغواة قوم ظلل
يا أيها النار التي شب السنا ... منها لموسى والظلام مجلل
يا فلك نوح حيث كل بسيطة ... بحر يمور وكل بحر جدول
يا وارث التوراة والإنجيل ... والفرقان والحكم التي لا تعقل
لولاك ما خلق الزمان ولا دجى ... غب ابتلاج الفجر ليل أليل
يا قاتل الأبطال مجدك للعدى ... من غرب مخذمك المهند أقتل
بذباب سيفك قر قارع طوده ... بعد التأود واستقام الأميل
إن كان دين محمد فيه الهدى ... حقا فحبك بابه والمدخل
لولاك أصبح ثلمة لا تلتقي ... أطرافها ونقيصة لا تكمل
كم جحفل للجزء من أجزائه ... يوم النزال يقل قولك جحفل
أثوابه الزرد المضاف نسجه ... لكنه بالزاغبية مخمل
يحيا المنية منه طعن أبخل ... برح محاجره وضرب أهذل
نهنهت صورته بقلب قلب ... ثبت يحالفه صقيل مصقل
صلى عليك الله من متسربل ... قمصا بهن سواك لا يتسربل
وجزاك خيرا عن نبيك أنه ... ألفاك ناصره الذي لا يخذل
سمعا أمير المؤمنين قصائدا ... يعنو لها بشر ويخضع جرول
الدر من ألفاظها لكنه ... در له ابن الحديد يفصل
هي دون مدح الله فيك وفوق ما ... مدح الورى وعلاك منها أكمل
تمت السبع العلويات ولله در القائل:
كل العداوة قد ترجى إفاقتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد
ابن مقبل: وقد سمع حمامة فاهتاج وقال:
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ... إذا لشفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم
أحاديث حسنة
عنه عليه السّلام: ستة يدخلون النار قبل الحساب بستة: الأمراء بالجور، والعرب بالعصبية، والدهاقين بالكبر، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهالة، والعلماء بالحسد.
وفي: حديث آخر: ان الحسد عشرة أجزاء منها تسعة بين العلماء وواحد في الناس، ولهم من ذلك الجزء الحظ الوافر.
وعنه: لا يخلو المؤمن من شيطان يغويه، ومنافق يقفو أثره، ومؤمن يحسده، أما أنه أشد عليه أما أنه يقول القول فيه فيصدق.
وعن الصادق عليه السّلام: إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط.
وفي الخبر: عن الصادق عليه السّلام: طووا ثيابكم بالليل فإنها إذا كانت منشورة لبسها الشيطان بالليل.
وفيه أيضا: عن عبد الله بن جملة الكناسي قال: استقبلني أبو الحسن عليه السّلام وقد علقت سمكة في يدي فقال: اقذفها إني لأكره للرجل السري أن يحمل الشيء الدنيء بنفسه، ثم قال: إنكم قوم أعداؤكم كثيرة عاداكم الخلق يا معشر الشيعة أنه قد عاداكم الخلق تزينوا لهم بما قدرتم عليه. وفيه دلالة على استحباب الزينة في أعين الأعداء.
مراسلة غريبة
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب أرسله الشيخ الفاضل الأمجد الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ محمد بن عطية البحراني الأصبعي لجناب الشيخ الفاضل الكامل العلامة الشيخ صلاح الدين ابن العلامة الفردوسي الشيخ علي بن سليمان البحراني القدمي، وكان الشيخ صلاح الدين المذكور في صغره يقرأ على الشيخ أحمد المذكور فعذله قوم معاندون للشيخ أحمد عن درسه عليه وقراءته لديه فقالوا
له: كيف يجوز أن يتقدم المفضول على الفاضل أم كيف يصح أن يسود الناقص على الكامل، فتأخر الشيخ صلاح الدين عن الشيخ أحمد وملازمته وترك مباحثته وممارسته فكتب له الشيخ أحمد عاتبا عليه وناصحا إليه، فلما وصل الكتاب الشيخ صلاح الدين رجع إلى ما كان عليه من الدرس على الشيخ أحمد المذكور والمباحثة وترك قول العاذلين له والمناقشة، وقد شرحه السيد الشريف السيد علي بن السيد الشريف الفردوسي السيد حسين العلامة المشهور الكتكاني التوبلي البحراني وهذه صورة الكتاب المذكور:(2/72)
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب أرسله الشيخ الفاضل الأمجد الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ محمد بن عطية البحراني الأصبعي لجناب الشيخ الفاضل الكامل العلامة الشيخ صلاح الدين ابن العلامة الفردوسي الشيخ علي بن سليمان البحراني القدمي، وكان الشيخ صلاح الدين المذكور في صغره يقرأ على الشيخ أحمد المذكور فعذله قوم معاندون للشيخ أحمد عن درسه عليه وقراءته لديه فقالوا
له: كيف يجوز أن يتقدم المفضول على الفاضل أم كيف يصح أن يسود الناقص على الكامل، فتأخر الشيخ صلاح الدين عن الشيخ أحمد وملازمته وترك مباحثته وممارسته فكتب له الشيخ أحمد عاتبا عليه وناصحا إليه، فلما وصل الكتاب الشيخ صلاح الدين رجع إلى ما كان عليه من الدرس على الشيخ أحمد المذكور والمباحثة وترك قول العاذلين له والمناقشة، وقد شرحه السيد الشريف السيد علي بن السيد الشريف الفردوسي السيد حسين العلامة المشهور الكتكاني التوبلي البحراني وهذه صورة الكتاب المذكور:
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد حمد الله وإن كلب الزمان وخان الأخوان واختلف الأهواء وتشتت الأراء، والصلاة والسلام على رسوله محمد الذي صدع بالرسالة وبالغ في الدلالة وجاهد في سبيل الله حق جهاده وأدب نفسه في إرشاد عباده لم يبل بشقاق مشتاق ولا خذل خاذل ولم تأخذه في الله لومة لائم ولا عذل عاذل، وآله الذين سقوا كؤوس الخذلان وتجرعوا زعاف الهوان واحتملوا في الله عظيم الأذى وأغضوا على أليم القذى وشروا نفوسهم في طاعة الجبار واشتروا بدار الغيار دار الفرار.
فقد اصطفيتك من الأخوان وجعلتك إنسان عين الزمان وبعجت لك بطني وقلت قطني من الأصحاب قطني وغذوتك من لبان العلم والحكمة ما بين الأبرص والأكمه وصيرت ودك ألصق بقلبي من الجود بحاتم والشرف بهاشم وأنقضت ظهري في تأديبك وتهذيبك وبذلت جهدي في تأبيرك وتشذيبك حتى ضارعت قسا وسحبان بعد أن كنت وباقلا رضيعي لبان واحتملت فيه كيد فلان وهو داهية وظهيره الذي هو أدهى وأمر وصبرت منهما على ضرب أخماس لأسداس وعذت من شرهما برب الناس، وقد كان أظهر إلي المودة ولم أدر أن الذئب يسمى أبا جعدة حتى لقيت منهما من الأهوال ما وددت تعويض يسيره بالسمام ورميت من الأوجال بما يزيل عشيرة بين أبناء سماء، غير أن الله أخرجني بلطفه من مكائدهما وأنقذني من حبائلهما ومصائدهما، وكأن الغادر لم يغ ما قال ربه: {(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)} مع ما لقيته منك من إذلال الصبوة وجفوة النخوة، وما زلت مع ذلك أرأف بك من والدك وأنصر لك من ساعدك، فكان جزائي منك ان تركتني تركة ظبي ظله وحملتني على شاة إله خير حالبيك تنطحين، أبعد الوهي ترتعين وأنت مبصرة.
أما والذي له الحمد والشكر ما لي ذنب إلا ذنب صخر، ولعمري لم يزل
الأخيار يجزون جزاء سنمار، وهبك أبدلتني بنظرة ذي علق نظرة ذي حنق أسرق العلم أم فسق أم ظهر منه بعد الوقار والطيش النزق حتى أستوجب أن تشفع هجري بهجره وتطرح مع إطرائي عظيم فخره.(2/73)
أما والذي له الحمد والشكر ما لي ذنب إلا ذنب صخر، ولعمري لم يزل
الأخيار يجزون جزاء سنمار، وهبك أبدلتني بنظرة ذي علق نظرة ذي حنق أسرق العلم أم فسق أم ظهر منه بعد الوقار والطيش النزق حتى أستوجب أن تشفع هجري بهجره وتطرح مع إطرائي عظيم فخره.
ألا من يشتري سهرا بنوم ... ويتبع دهره دوما بيوم
ما هذا الاشتراء الحمقا وبيع الخرقا أفلا تصبر على مرارة دواء اجتمع جميع الحكماء على أنه أبلغ الأدوية في الشفاء، استراح من لا عقل له لغب العالمون وودع الجهلة (شعر):
ألا قم فاسع للعلياء لعلك ... لعلك أن تحوز المجد علمك
فليس بنافع بأبيك فخر ... كذا التحقيق إن لازمت جهلك
أتلبث في الجفون وأنت عضب ... إذا ما سل يوم الروح أهلك
وتقنع بالخمول وأنت ممن ... ترى من ذا الورى بالعلم أملك
لقد أمتك إبكار المعالي ... وقد طلبت غواني الفضل وصلك
وجنيك قد سفرن لك ابتهاجا ... وما أسفرن للخطاب قبلك
فهل لك في معانقة الغواني ... على سرر العلى والعز هل لك
وهل لك في بكارات إذا ما ... فضضت ختامها أعلت محلك
وهل لك أن يذل لديك قوم ... تراهم حاولوا ذا اليوم ذلك
وفي قول الأفاضل بعد درس ... أدام الله للعلياء ظلك
وخلدك المليك مدى الليالي ... وأغرزكيم تحت الأرض وبلك
وهذا أنا قد أدبتك بأسواطي وكررت في الطواف بكعبة نصحك أسابيع أشواطي (شعر):
دونك كأس النصح فاشرب بها ... ووجه النفس إلى ربها
وإن أبيت الأخلاق الهدى ... فاكفف هداك الله من غربها
وذكرنها عرصات البلا ... وموقفا تسأل عن ذنبها
وحر نارها نورها ظلمة ... أعوذ بالرحمن من لهبها
فكن لوصيتي من الحافظين لا من الحافظين ولا تكن ممن يجعل العظاة عضين وإياك أن تكون مضروب المثل أن الموصين بنو سهوان فتتعرض لذلك عند الله للهوان أعوذك بالله أن تكون كذلك وأسأله إصلاح بالك واستقامة أحوالك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/74)
دونك كأس النصح فاشرب بها ... ووجه النفس إلى ربها
وإن أبيت الأخلاق الهدى ... فاكفف هداك الله من غربها
وذكرنها عرصات البلا ... وموقفا تسأل عن ذنبها
وحر نارها نورها ظلمة ... أعوذ بالرحمن من لهبها
فكن لوصيتي من الحافظين لا من الحافظين ولا تكن ممن يجعل العظاة عضين وإياك أن تكون مضروب المثل أن الموصين بنو سهوان فتتعرض لذلك عند الله للهوان أعوذك بالله أن تكون كذلك وأسأله إصلاح بالك واستقامة أحوالك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خيرة الطير
بسم الله الرحمن الرحيم. بعد الحمد والصلاة. فيقول منمق هذه الكلمات والأحرف كثير الزلات قليل التأسف فريد عصره في الذنوب بلا ثاني أحمد بن سالم بن عيسى البحراني: وقفت على بعض الآثار المنقولة عن الأئمة الأطهار عليهم السّلام في باب الاستخارات وهو «ما حار من استخار» فتتبعتها من مضانها فإذا هي أنواع شتى فوجهت نفسي في تحصيل ما تطمئن به النفس منها بالتجارب فاخترت منها الخيرة المروية عن ثامن الأئمة الشهيرة بخيرة الطير فجربتها مرارا لا تخرصا فوجدتها كما قال الله تعالى: {(إِنْ هُوَ إِلََّا وَحْيٌ يُوحى ََ)} ولكن العمل بها موقوف على معرفة عشرة دوائر أربعة منها كبار وستة صغار ولكل من الدوائر الأربع فيها مطلب وكل مطلب فيها فهو مذكور في الدوائر الست وبالعكس. وأيضا في وسط كل دائرة من الدوائر العشر دائرة صغيرة فيها حرف من حروف التهجي وبعد هذه الدوائر دائرة عظيمة مشتملة على أربع وعشرين زاوية وفي كل زاوية منها حرفان من حروف التهجي وفي كل زاوية اسم طير، فإذا أردت العمل فانظر حاجتك أولا في زوايا الدوائر الأربع ثم انظرها من زوايا الدوائر الست وخذ حرف التهجي من الدائرتين اللتين فيها حاجتك ثم حصلهما من أحد زوايا الدائرة العظيمة ثم قارع آخر ثم عد بعدد القرعة طيورا وابتدىء بالطير الذي في سمت الحرفين اللذين في الدوائر العظيمة ثم خذ الطير الذي انتهى إليه العدد فهو المطلب.
وينبغي أن تقرأ قبل المقارعة الفاتحة والإخلاص ثلاثا و (عنده مفاتح الغيب) إلى آخرها وعليك بالاعتقاد والطهارة قبل ذلك.
الطاوس ج ط: سؤالك عن قضاء الحاجة اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب سؤالك عن التحويل والنقل أسرع تنال كلما تريد. سؤالك عن طيف رأيته فهو مليح وتعبيره إلى خير. سؤالك عن مشترى الأملاك اشتر فإنه مليح إن شاء الله تعالى. سؤالك عن المناظرة والمرافعة إلى القاضي تنصر وتظفر. سؤالك عن الخلاص من الغم أبشر تسر وتقر إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الطلاق لا تعجل فإنه ليس فيه خير ولا غنيمة. سؤالك عن عمارة الأملاك اعمر واشتر تر فيه الفائدة. سؤالك عن الحظ من السلطان ترى منه الحظ الوافر الكثير. سؤالك عن الوصول إلى المرام اصبر تصل إلى ما تريد إن شاء الله.
العصفور ك ح: سؤالك عن السفر اعمد إلى القرعة تجد المطلب. سؤالك عن قضاء الحاجة تقضي سريعا كما تحب وتريد. سؤالك عن التحويل والتنقل لا
أشكال الدوائر الستة مع البيوت التسعة للقرعة.
وقعت في الدوائر أغلاط سابقا صححناها وهي كما يلي:(2/75)
العصفور ك ح: سؤالك عن السفر اعمد إلى القرعة تجد المطلب. سؤالك عن قضاء الحاجة تقضي سريعا كما تحب وتريد. سؤالك عن التحويل والتنقل لا
أشكال الدوائر الستة مع البيوت التسعة للقرعة.
وقعت في الدوائر أغلاط سابقا صححناها وهي كما يلي:(2/76)
العصفور ك ح: سؤالك عن السفر اعمد إلى القرعة تجد المطلب. سؤالك عن قضاء الحاجة تقضي سريعا كما تحب وتريد. سؤالك عن التحويل والتنقل لا
أشكال الدوائر الستة مع البيوت التسعة للقرعة.
وقعت في الدوائر أغلاط سابقا صححناها وهي كما يلي:
الغلط «عن مشتري النخل»، الصحيح «عن مشتري الأملاك».
الغلط «عن الرخص والغلاء»، الصحيح «عن المعاش والرزق».
تعجل والخير في الصبر. سؤالك عن طيف رأيته فإنه يعبر بالخير وبما يسرك.(2/77)
الغلط «عن الرخص والغلاء»، الصحيح «عن المعاش والرزق».
تعجل والخير في الصبر. سؤالك عن طيف رأيته فإنه يعبر بالخير وبما يسرك.
سؤالك عن مشتري الأملاك اجهد وجد تلقى الفائدة. سؤالك عن المناظرة إلى القاضي فاحذر فإنه لا خير فيه. سؤالك عن الخلاص من الغم أبشر فإن الله يفرج عن قريب. سؤالك عن الطلاق لا تفعل فإنك لا ترى فيه خيرا. سؤالك عن عمارة الأملاك ترى الخير والفائدة والبركة. سؤالك عن التوجه إلى السلطان اقصد تر الخير والبركة.
الكركي ج م: سؤالك عن الظفر بالعدو اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن السفر اعزم تجد الفائدة والربح والخير. سؤالك عن قضاء الحاجة أبشر فإنها تقضى كما تحب. سؤالك عن النقل والحركة اسرع تر السعادة. سؤالك عن طيف رأيته لا تظهره لأحد واكتمه عن الناس. سؤالك عن مشتري الأملاك اشتر وابشر بالفائدة. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي احترز من ذلك واحذر. سؤالك عن الخلاص من الغم أبشر تر الفرح والسرور. سؤالك عن الطلاق احذر كي لا تندم وتخسر. سؤالك عن عمارة الأملاك بادر واسرع تر الفائدة.
الهدهد ج ف: سؤالك عن حال المريض اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الأعداء ومناظرتهم احذرهم تنج من شرهم. سؤالك عن السفر احذر كيلا ترى الخسارة والشدة والتعب. سؤالك عن قضاء حاجتك الحاجة متعسرة فلا تعجل. سؤالك عن التنقل والتحويل اصبر لا تعجل فليس فيه فائدة.
سؤالك عن طيف رأيته ابشر فإن تعبيره خير يسرك. سؤالك عن مشتري الأملاك في وقت آخر يسهل. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي اعزم وتوكل تر الظفر.
سؤالك عن الخلاص من الغم اصبر أياما تر الفرج. سؤالك عن الطلاق لا تعجل كي تندم.
الديك ج ي: سؤالك عن الغائب اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن حال المريض ابشر يشفى سريعا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن العدو ابشر تظفر به سريعا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن السفر اعزم وتوكل فإنه مليح فيه خير وسعادة. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى سريعا كما تحب وترضى. سؤالك عن التنقل والتحويل لا تعجل كيلا تندم وتتأسف. سؤالك عن طيف رأيته اكتمه ولا تظهره لأحد. سؤالك عن مشتري الأملاك اشتر تر الخير والفائدة. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي احذر فإن الخصم غالب. سؤالك عن الخلاص من الغم ابشر فإن الفرج قريب والفرح كثير.
الباشق ج لا: سؤالك عن الضائعة اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الغائب يصل بعد مدة بالسلامة والخير والبركة. سؤالك عن المريض يشفى بعد أيام من غير ضرر إن شاء الله تعالى. سؤالك عن العدو احذر منه فلا تظفر عليه إلا بتعب. سؤالك عن السفر فإنه ليس مناسب في هذا الوقت. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى كما تريد وتحب. سؤالك عن النقل والحركة بادر إليه فإنه مليح ومناسب. سؤالك عن طيف رأيته تعبيره مليح وفيه الخير والمسرة. سؤالك عن مشتري الأملاك احذر فإن لا فائدة فيه. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي ابشر فإن لك الظفر.(2/78)
الديك ج ي: سؤالك عن الغائب اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن حال المريض ابشر يشفى سريعا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن العدو ابشر تظفر به سريعا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن السفر اعزم وتوكل فإنه مليح فيه خير وسعادة. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى سريعا كما تحب وترضى. سؤالك عن التنقل والتحويل لا تعجل كيلا تندم وتتأسف. سؤالك عن طيف رأيته اكتمه ولا تظهره لأحد. سؤالك عن مشتري الأملاك اشتر تر الخير والفائدة. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي احذر فإن الخصم غالب. سؤالك عن الخلاص من الغم ابشر فإن الفرج قريب والفرح كثير.
الباشق ج لا: سؤالك عن الضائعة اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الغائب يصل بعد مدة بالسلامة والخير والبركة. سؤالك عن المريض يشفى بعد أيام من غير ضرر إن شاء الله تعالى. سؤالك عن العدو احذر منه فلا تظفر عليه إلا بتعب. سؤالك عن السفر فإنه ليس مناسب في هذا الوقت. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى كما تريد وتحب. سؤالك عن النقل والحركة بادر إليه فإنه مليح ومناسب. سؤالك عن طيف رأيته تعبيره مليح وفيه الخير والمسرة. سؤالك عن مشتري الأملاك احذر فإن لا فائدة فيه. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي ابشر فإن لك الظفر.
الصقر ص ط: سؤالك عن الحامل اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الضائعة تأمل الخير فإن الرجوع يحصل. سؤالك عن الغائب يبطىء في سفره فاستعذ بالله عزّ وجلّ. سؤالك عن المريض يشفى من مرضه سريعا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن العدو ولا تظفر منه احذر منه غاية الحذر. سؤالك عن السفر احذر فإن ما فيه فائدة ولا خير ولا بركة. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى. سؤالك عن التحويل والنقل والحركة في هذا الوقت لا ينفع أبدا.
سؤالك عن طيف رأيته تعبيره الخير والسعادة والتوفيق. سؤالك عن مشتري الأملاك اشتر فإنه مليح نافع مجرب.
العقاب ص ك: سؤالك عن المحبة اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم وفيها الخير. سؤالك عن الضائعة لا يأس من رحمة الله فإنك تظفر. سؤالك عن الغائب يصل إليك سريعا كما تحب وتريد.
سؤالك عن المريض يبطىء في مرضه والعاقبة إلى خير وسلامة. سؤالك عن العدو ابشر فإن الظفر لك إن شاء الله تعالى. سؤالك عن السفر أخره إلى وقت تنجو من الملامة. سؤالك عن قضاء الحاجة فإنها موقوفة على الصبر والتأمل. سؤالك عن التحويل والتنقل ليس في ذلك صواب ولا خير. سؤالك عن طيف رأيته أبشر ينالك خير كثير.
البط ص ي: سؤالك عن التجارة أقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن المحبة والمحبوب تظفر بالمطلوب سريعا. سؤالك عن الحامل فإنها تلد ولدا مباركا ذكرا ميمونا. سؤالك عن الضائعة آمن بالله تجد ما ضيعت ويرجع سريعا.
سؤالك عن الغائب يجيء سريعا على ما تريد وتهوى وتطلب. سؤالك عن المريض يشفى. إن شاء الله تعالى ويعافى من مرضه. سؤالك عن الأعداء تحذر منهم لا
يظفروا عليك. سؤالك عن السفر لا تتحرك من مكانك تنج من الملامة. سؤالك عن قضاء الحاجة أبشر فإنها تقضى سريعا بإذن الله. سؤالك عن النقل والتحويل لا تتحرك إنه غير نافع.(2/79)
سؤالك عن الغائب يجيء سريعا على ما تريد وتهوى وتطلب. سؤالك عن المريض يشفى. إن شاء الله تعالى ويعافى من مرضه. سؤالك عن الأعداء تحذر منهم لا
يظفروا عليك. سؤالك عن السفر لا تتحرك من مكانك تنج من الملامة. سؤالك عن قضاء الحاجة أبشر فإنها تقضى سريعا بإذن الله. سؤالك عن النقل والتحويل لا تتحرك إنه غير نافع.
الدراج ص ف: سؤالك عن مشترى الحيوانات اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن التجارة ما فيها مصلحة ولا فائدة ولا بركة. سؤالك عن المحبوب تظفر به على ما تريد وتهوى وتشتهي. سؤالك عن الحامل تلد ولدا مباركا في أسرع وقت وحين. سؤالك عن الضائعة لا تصل إليك إلا بالتعب والمشقة والأذى. سؤالك عن الغائب يجيء بإذن الله تعالى سالما سريعا غانما.
سؤالك عن الأعداء هم يجدون لك في المضرة واحذرهم. سؤالك عن السفر لا فيه فائدة ولا مضرة ولا خير ولا شر. سؤالك عن قضاء حاجتك تقضى بعد أيام إن شاء الله تعالى.
العلق ص ي: سؤالك عن المعاش والرزق اقصد عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن مشترى الحيوانات لا تشتري فإن ما فيه فائدة. سؤالك عن المحبوب تظفر به سريعا وتنال مطلوبك ومرادك. سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم والبركة فيها. سؤالك عن الضائع تصدق بشيء تراه إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الغائب يبطىء ولكنه يجيء سريعا سالما مسلما بإذن الله. سؤالك عن المريض يشفى بعد أسبوعين إن شاء الله. سؤالك عن العدو ابشر فإن الله يظفرك عليه ويعينك. سؤالك عن السفر قر عينك وتلقى ما تريده وترجاه.
العقعق ص لا: سؤالك عن البيع اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن المعاش بعد يومين إن شاء الله ترزق خيرا كثيرا. سؤالك عن مشترى الحيوانات اشتر تر الفائدة. سؤالك عن التجارة موافقة للفائدة وفيها المنفعة والربح. سؤالك عن المحبوب تظفر به إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الحامل تلد ولدا مباركا جميلا بإذن الله تعالى. سؤالك عن الضائعة تصل إليك كما تحب وتريد وتود. سؤالك عن المريض يكون أياما في زحمة عظيمة ومشقة. سؤالك عن الأعداء تظفر بهم إن شاء الله وتنصر عليهم.
الرخم س ط: سؤالك عن الحج اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن البيع لا تبع فإنك تأسف وتندم وتخسر. سؤالك عن المعاش ابشر فإنك تنال خيرا كثيرا مباركا. سؤالك عن مشتري الحيوانات لا تشتر فإن ليس فيه فائدة. سؤالك عن التجارة ترى فيه مكسبا وراحة وسعة رزق. سؤالك عن
المحبوب اعلم أنه ليس بصادق معك ولا موافق لك. سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم والاقدام. سؤالك عن الضائعة تصل إليه سريعا كما تحب وترضى.(2/80)
سؤالك عن البيع لا تبع فإنك تأسف وتندم وتخسر. سؤالك عن المعاش ابشر فإنك تنال خيرا كثيرا مباركا. سؤالك عن مشتري الحيوانات لا تشتر فإن ليس فيه فائدة. سؤالك عن التجارة ترى فيه مكسبا وراحة وسعة رزق. سؤالك عن
المحبوب اعلم أنه ليس بصادق معك ولا موافق لك. سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم والاقدام. سؤالك عن الضائعة تصل إليه سريعا كما تحب وترضى.
سؤالك عن الغائب تراه قريبا كما تريد بإذن الله تعالى.
القنبرة س ك: سؤالك عن الزواج اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن الحج توجه تر الفائدة والبركة والخير. سؤالك عن البيع بع وتوكل على الله تر الفائدة والبركة. سؤالك عن المعاش والرزق ترى الخير والبركة والسعة.
سؤالك عن مشترى الحيوانات اشتر تر خيرا كثيرا وسعة. سؤالك عن التجارة أعزم تر الخير والبركة وسعة الرزق. سؤالك عن المحبوب ترى ما تهوى من مرام الخاطر والمراد. سؤالك عن الحامل تلد ولدا مباركا إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الضائعة تلقاها بعد مدة طويلة وأيام كثيرة. سؤالك عن الغائب يجيء سريعا إن شاء الله تعالى.
البازي س م: سؤالك عن الشركة اقصد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن الزواج ما فيه في هذا الوقت خير ولا فائدة. سؤالك عن الحج توقف لا تعجل في هذا الوقت اصبر. سؤالك عن البيع بع وتوكل على الله فإنه مبارك طيب. سؤالك عن المعاش والرزق يأتيك رزقا واسعا كثيرا. سؤالك عن مشترى الحيوانات احذر ما فيه ولا بركة ولا خير. سؤالك عن التجارة ما يتيسر في هذا الوقت اصبر وتأمل. سؤالك عن المحبوب هو مشغول عنك بغيرك وتاركك.
سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم والأقدام. سؤالك عن الضائعة لا تقنط من رحمة الله يرجع بإذن الله.
الطوطي ف س: سؤالك عن الوصول إلى المرام اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الشركة شارك تجد الخير والبركة والسعة. سؤالك عن الزواج تزوج تر الخير واليمن والبركة والهناء. سؤالك عن البيع فإن ما فيه بركة لا تبع وتأمل. سؤالك عن الحج لا تعجل فإن ما فيه فائدة ولا مصلحة. سؤالك عن المعاش والرزق ترى رزقا واسعا وخيرا كثيرا. سؤالك عن مشترى الحيوانات لا تشتر فإن ما فيها فائدة. سؤالك عن التجارة في هذا الوقت ما فيه فائدة ولا خير.
سؤالك عن المحبوب ما معك قرب ابعد منه واتركه. سؤالك عن الحامل تلد أنثى مباركة القدم.
الحمامة ي س: سؤالك عن الحظ اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الوصول إلى المرام ابشر تظفر بما تروم وتطلب. سؤالك عن الشركة احذر فإن
ما فيه فائدة ولا خير ولا بركة. سؤالك عن الزواج لا تعجل فإن ما فيه خير ولا بركة. سؤالك عن الحج لا تعجل في هذا الوقت فإنك لا تجد المطلوب. سؤالك عن البيع لا تعجل فإن ما فيه فائدة ولا بركة. سؤالك عن المعاش والرزق توجه إليك الإقبال سريعا. سؤالك عن مشترى الحيوانات لا تشتر ما هو بنافع. سؤالك عن التجارة لا تعزم عليها في هذا الوقت اصبر وتأمل. سؤالك عن المحبوب هو متعلق بغيرك لا ترجاه ولا تهواه.(2/81)
الحمامة ي س: سؤالك عن الحظ اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الوصول إلى المرام ابشر تظفر بما تروم وتطلب. سؤالك عن الشركة احذر فإن
ما فيه فائدة ولا خير ولا بركة. سؤالك عن الزواج لا تعجل فإن ما فيه خير ولا بركة. سؤالك عن الحج لا تعجل في هذا الوقت فإنك لا تجد المطلوب. سؤالك عن البيع لا تعجل فإن ما فيه فائدة ولا بركة. سؤالك عن المعاش والرزق توجه إليك الإقبال سريعا. سؤالك عن مشترى الحيوانات لا تشتر ما هو بنافع. سؤالك عن التجارة لا تعزم عليها في هذا الوقت اصبر وتأمل. سؤالك عن المحبوب هو متعلق بغيرك لا ترجاه ولا تهواه.
الغراب س لا: سؤالك عن عمارة الأملاك اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن السلطان والحظ منه احذر ما لك فيه فائدة. سؤالك عن الوصول إلى المرام تصل إليه بعد المشقة والتعب. سؤالك عن الشركة ما لك فيها فائدة ولا صلاح ولا خير. سؤالك عن الحج اعزم عليه فيه اليمن والخير والصلاح والبركة. سؤالك عن البيع لا تعجل فإن ما فيه فائدة ولا خير ولا بركة. سؤالك عن المعاش والرزق تنال الرزق سريعا وتربح. سؤالك عن مشترى الحيوانات اشتر فإنه مبارك جيد تربح. سؤالك عن التجارة فإن ما فيها فائدة ولا مكسب ولا مغنم.
الحضرمي ط ع: سؤالك عن الطلاق اعمد إلى القرعة تجد المطلب. سؤالك عن عمارة الأملاك اعمر وعجل تر حاجتك تقضى. سؤالك عن الحظ من السلطان اقصد تر الحظ والفائدة. سؤالك عن الوصول إلى المرام تبلغ ما تروم إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الشركة احذر فإن ما فيها فائدة ولا خير ولا بركة. سؤالك عن الزواج اصبر لا تعجل لئلا تندم وتخسر وتتأسف. سؤالك عن الحج اسرع تر الخير والفائدة والسعادة. سؤالك عن المعاش والرزق ترى ما تروم بالتمام. سؤالك عن مشترى الحيوانات اشتر فإن فيها الراحة.
الشاهين ك ع: سؤالك عن الخلاص من الغم اقصد عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن الطلاق إن عزمت طلق فإنه مليح مبارك. سؤالك عن عمارة الأملاك عجل واعمر تر الخير والبركة. سؤالك عن الحظ من السلطان ابعد عنه في هذا الوقت. سؤالك عن الوصول إلى المرام تصل إلى ما تروم وتريد إن شاء الله.
سؤالك عن الشركة اعزم وشارك تر الخير والفائدة والبركة. سؤالك عن الزواج تزوج تر الخير والفائدة والسعادة. سؤالك عن الحج فإنه متيسر لك إن شاء الله تعالى فعجل تنل المطلوب. سؤالك عن البيع والشراء لا تبع ولا تشتر فإنه ليس فيه فائدة. سؤالك عن المعاش والرزق ترى السعادة والرزق الواسع.
طوطى م ع: سؤالك عن المحاكمة اقصد عدد القرعة تجد المطلب سؤالك
عن الخلاص من الهم ترى الفرج عن قريب إن شاء الله. سؤالك عن الطلاق احذر لكي لا تندم وتغتم وتهتم. سؤالك عن عمارة الأملاك عجل واسرع واعمر تر الخير سؤالك عن الحظ من السلطان يصل إليك منه صلة وشفقة. سؤالك عن الوصول إلى المرام تبلغ ما تروم إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الشركة مليحة والعاقبة إلى خير وعافية سؤالك عن الزواج ابشر ترها جميلا حسنا وترزق منه خير كثير سؤالك عن الحج لا تعزم فإنه في غير هذا الوقت أيسر وأجمل. سؤالك عن البيع فإنه مليح في العاقبة إن شاء الله تعالى.(2/82)
طوطى م ع: سؤالك عن المحاكمة اقصد عدد القرعة تجد المطلب سؤالك
عن الخلاص من الهم ترى الفرج عن قريب إن شاء الله. سؤالك عن الطلاق احذر لكي لا تندم وتغتم وتهتم. سؤالك عن عمارة الأملاك عجل واسرع واعمر تر الخير سؤالك عن الحظ من السلطان يصل إليك منه صلة وشفقة. سؤالك عن الوصول إلى المرام تبلغ ما تروم إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الشركة مليحة والعاقبة إلى خير وعافية سؤالك عن الزواج ابشر ترها جميلا حسنا وترزق منه خير كثير سؤالك عن الحج لا تعزم فإنه في غير هذا الوقت أيسر وأجمل. سؤالك عن البيع فإنه مليح في العاقبة إن شاء الله تعالى.
البلبل ق ع: سؤالك عن مشتري الأملاك اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي ترى الظفر والغلب بإذن الله. سؤالك عن النجاة من الغم ترى الفرج عن قريب إن شاء الله تعالى. سؤالك عن الطلاق احذر لا تطلق تندم وتهتم. سؤالك عن عمارة الأملاك ما لك فيها فائدة ولا بركة.
سؤالك عن الحظ من السلطان تنال العز والخيرات والرزق. سؤالك عن الوصول إلى المرام لا يتيسر في هذا الوقت. سؤالك عن الشركة شارك واعزم تر الفائدة.
سؤالك عن الزوج فإنها موافقة مباركة لك. سؤالك عن الحج بادر إليه فإنه مليح في الغاية.
الورشان ي ع: سؤالك عن طيف رأيته اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب.
سؤالك عن مشترى الأملاك لا تشر ليس فيه فائدة. سؤالك عن المناظرة إلى القاضي احذر لا خير فيه. سؤالك عن الخلاص من الغم ترى الفرج في قريب.
سؤالك عن الطلاق لا تعجل ليس بمليح. سؤالك عن عمارة الأملاك بادر إليه تر الفائدة: سؤالك عن النصيب من السلطان بادر إليه تر الفائدة. سؤالك عن الوصول إلى المرام تلقى مرامك سريعا. سؤالك عن الشركة احذر فإنها لا فائدة فيها.
سوالك عن الزواج تزوج تر الخير والفائدة.
النعامة لا ع: سؤالك عن النقل والحركة اعمد إلى عدد القرعة تجد المطلب. سؤالك عن طيف رأيته لابد أن يصل إليك. سؤالك عن مشترى الأملاك فإنه ليس فيه فائدة. سؤالك عن المحاكمة إلى القاضي اعمد تر الظفر.
سؤالك عن الخلاص من الغم اصبر إلى أن يأتيك الفرج. سؤالك عن الطلاق إن عزمت طلق فإنها مليحة. سؤالك عن عمارة الأملاك تأخر عن ذلك الإصلاح فيه.
سؤالك عن الحظ من السلطان تنال من الجاه والعز. سؤالك عن الوصول إلى المرام اطمع فإنه يحصل لك. سؤالك عن الشركة احذر لا تشارك ليس فيه خير.
وإذا لم يكمل عدد المقارعة حيث انقطع إلى هنا فليرجع إلى السؤال ويكمل العدد من هناك.(2/83)
سؤالك عن الحظ من السلطان تنال من الجاه والعز. سؤالك عن الوصول إلى المرام اطمع فإنه يحصل لك. سؤالك عن الشركة احذر لا تشارك ليس فيه خير.
وإذا لم يكمل عدد المقارعة حيث انقطع إلى هنا فليرجع إلى السؤال ويكمل العدد من هناك.
اختلاجات الأعضاء
روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال لعبد له: يا معلى إن الاختلاج فيه زجر وتخويف وموعظة. فقال: جعلت فداك بين لي قال: اعلم أن ذلك علم يقين من غير شك ولا ريب، فقال عليه السّلام افهم اختلاجات الرأس اليافوخ إصابة ملك وشرف ومال وذكر جميل، أم الرأس خير ومحبة وصحة في الرأس. ما بين اليافوخ والجبهة تصيب خيرا. شق الرأس الأيمن رزق واسع والأيسر سفر فيه خير، وفي رواية أنه سرور الجبهة إصابة خير، وفي رواية ترى بحبشى عليه من السلطان.
الصدغ الأيمن: عين الصدغ الأيسر هم يلحقه. الحاجب الأيمن إصابة خير، وفي رواية يرى من يحب، والأيسر إصابة قرح حديث يغيظه ما بين العين الأيمن يصلح حاله ساق الأيسر خيرة. جفن العين الأعلى من اليسرى يتحدث الناس فيه بما يكره. الأسفل يلتقي بغائب. وفي رواية سرور وغبطة. جفن عينه الأعلى من اليمنى يتحدث الناس فيه بمكروه. الأسفل منها يتحدث فيه بخير. مؤخر العين اليسرى يلتقي بغائب. مؤخر اليمنى يموت له ميت من بيته. العين كلها صحة في جسمه. جنب الأنف ينجو من شر من يخافه جنب الأيسر تلقاه مضرة، وفي رواية خير ونعمة. الأنف كله مال كثير ورفعة. الصدغ الأيمن فرح وسرور، وفي رواية موت قريب له إنسان. الصدغ الأيسر صحة جسم وقرار عين، وفي رواية موت قريب وشفاء مريض من أهل بيته. الاذن الأيسر قدر يصيبه ثم ينجو منه وإن كانت امرأة تزوج. اليمنى يمنع كلاما يعجبه يأتي أرضا غير أرضه ويصيب مالا ويرجع سالما. الخد الأيمن يسمع حديثا شريا، وفي رواية يصح جسمه ويأتيه من يحب.
الأيسر يأتيه داء في جسمه ومرض. الشفة اليسرى يدل على إنسان يبغضه. السفلى يقع في خصومة ويتكلم الناس بما يكرهه فيه. وفي رواية اليمنى من الشفتين كلام يغمه. اللسان بأسره صحة من تعب جانب. اللسان الأيمن من داخل شر. والأيسر صلاح أمره وكلامه. جانب الفم الأيسر يسمع ما يحب. الفم كله يعانق من يحب.
والأيمن خير. جانب العنق الأيمن يأتيه خير وسرور. الأيسر إصابة خير وسعة ومال كثير. العنق كله نعوذ بالله من ذلك ومن الشيطان الرجيم. المنكب الأيمن هم وحزن ومصيبة. الأيسر يعمل عملا يكسب فيه خيرا. وفي رواية يكشف عليه علم كثير. العضد الأيمن مرض يصيبه وينجو منه. الأيسر فرح يأتيه. المرفق الأيمن
وجع شديد. الأيسر فرح وسرور. الذراع الأيمن معانقة حبيب، وفي رواية معانقة حبيب امرأة يحبها ويدخل على السلطان وينال منه خيرا. الأيسر رزق يأتيه واسعا.(2/84)
والأيمن خير. جانب العنق الأيمن يأتيه خير وسرور. الأيسر إصابة خير وسعة ومال كثير. العنق كله نعوذ بالله من ذلك ومن الشيطان الرجيم. المنكب الأيمن هم وحزن ومصيبة. الأيسر يعمل عملا يكسب فيه خيرا. وفي رواية يكشف عليه علم كثير. العضد الأيمن مرض يصيبه وينجو منه. الأيسر فرح يأتيه. المرفق الأيمن
وجع شديد. الأيسر فرح وسرور. الذراع الأيمن معانقة حبيب، وفي رواية معانقة حبيب امرأة يحبها ويدخل على السلطان وينال منه خيرا. الأيسر رزق يأتيه واسعا.
الراحة اليمنى يخاصم ويضرب، وفي رواية يدل على خصومة ويضرب بعصا أو يد أو سوط. الإبهام اليمنى إصابة كرامة. اليسرى إصابة رفعة، وفي رواية خصومة من صديق. سبابة اليمنى حديث سوء يسمعه. اليسرى بشر بنصر اليمنى خير يصيبه.
اليسرى غائب يأتيه. خنصر اليمنى رزق يأتيه. اليسرى فرح وقوة. عين اليمنى كلها رزق يأتيه من بعض السلاطين وكرامة. واليسرى كلها إصابة عز وغبطة وكرامة وسرور. الجانب الأيمن يتحول مما يكره أو يسافر. الأيسر مرض يصيبه. الخاصرة اليمنى أمر يقر عينيه. اليسرى يتزوج بمن يريد الصدر يعانق من يحب. السرة فرح وسرور. ما بين السرة والرقبة فرح. الذكر فرح. وفي رواية يفعل قبيحا ويتقي الله تعالى. البيضة اليمنى تقضى حوائجه الكف الأيمن فرح وسرور. الأيسر سرور وفرح. الثدي الأيمن يكثر ماله الأيسر علو منزلة. الفؤاد بأسره هم وغم. الجانب الأيمن من المتن الأيمن رزق حرام. الأيسر مولود يقر عينه. الورك الأيمن يفعل ما يحمد عليه. الورك الأيسر هم يزول عنه. ما بين السرة والعانة جلالة شرف. العانة كلها مولود يسر به. البيضة اليسرى نكاح جديد. العجز الأيمن فرح وسرور.
والأيسر فرح وسرور الإلية اليمنى فرح يأتيه. اليسرى تكذب عليه. الفخذ الأيمن سرور يتجدد. الأيسر يملك دابة. الركبة اليمنى صحبة سلطان. اليسرى رفعة عند ملك. الساق الأيمن خصومة أو سفر. الأيسر رزق جديد الكعب. الأيمن هم يزول. الأيسر فرح وغبطة. العقب الأيمن يلقى ما يكره. الأيسر رفعة من سلطان.
ظاهر قدم الأيمن يكره كلامه. الأيسر صدع حاله. باطن قدم الأيمن صنعه بين الناس. الأيسر منزلة جديدة. إبهام الرجل اليسرى يفعل الخير. السبابة من اليمنى يمرض ويبرأ. السبابة من الرجل اليسرى يخاصم ويظفر. الوسطى من اليمنى غنيمة تناله. الوسطى من اليسرى يكثر ماله. البنصر من الرجل اليمنى فرح وقرة عين.
البنصر من اليسرى كرامة في سفر. والبنصر من اليمنى رزق واسع. ومن اليسرى يصل إليه مال. أصابع الرجل اليمنى كلها تكبر نفسه في المعيشة. أصابع الرجل اليسرى تناله مشقة. القدم الأيمن كله يسافر ويغنم. القدم الأيسر كله يسافر ويغنم بأصدقاء.
أول من صنع البربط
نادرة: نقل الشيخ جمال الدين بن نباتة في كتابه المسمى بسراج العيون أن
واضع العود بعض حكماء الفرس ولما فرغ منه سماه البربط تفسيره باب النجاة، ومعناه أنه مأخوذ من صرير باب الجنة، وجعل أوتاده أربعة بإزاء الطبائع فالزبر بإزاء السوداء واليم بإزاء الصفراء والمثنى بإزاء الدم والمثلث بإزاء البلغم، فإذا اعتدلت أوتاده المرتبة على ما يحب جالسه الطبائع وانتجت الطرب وهو رجوع النفس إلى الحالة الطبيعة دفعة واحدة. وبدأ العلم ببطليموس وختم بإسحاق بن إبراهيم الموصلي.(2/85)
نادرة: نقل الشيخ جمال الدين بن نباتة في كتابه المسمى بسراج العيون أن
واضع العود بعض حكماء الفرس ولما فرغ منه سماه البربط تفسيره باب النجاة، ومعناه أنه مأخوذ من صرير باب الجنة، وجعل أوتاده أربعة بإزاء الطبائع فالزبر بإزاء السوداء واليم بإزاء الصفراء والمثنى بإزاء الدم والمثلث بإزاء البلغم، فإذا اعتدلت أوتاده المرتبة على ما يحب جالسه الطبائع وانتجت الطرب وهو رجوع النفس إلى الحالة الطبيعة دفعة واحدة. وبدأ العلم ببطليموس وختم بإسحاق بن إبراهيم الموصلي.
إبدال السين إلى العين
ويحكى: أن النضر مرض فدخل عليه قوم يعودونه منهم أبو صالح فقال له:
مسح الله ما بك. فقال: قل بالصاد مصح الله أي ذهب وتفرق. فقال له الرجل:
إن السين تبدل من الصاد؟ فقال له النضر: إذا أنت أبو صالح.
ويشبه: هذه النادرة أن بعض الأدباء جوز بحضرة الوزير ابن فرات أن تقام السين مقام الصاد في كل موضع فقال الوزير: تقرأ «جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم» أو من سلح؟ فخجل الرجل.
والذي ذكره أرباب اللغة في جواز بدل الصاد من السين أن كل كلمة كان فيها سين وجاء بعدها في آخر الكلمة الحروف الأربعة وهي الطاء والخاء والعين والقاف فيقول: السراط والصراط وسخر لكم وصخر لكم ومسبغة ومصبغة وفي صيقل سيقل وقس على هذا.
للرقاشي: في خالد عامل الري:
أخالد إن الري قد أجحفت بنا ... وضاق علينا رحبها ومعاشها
وقد أطمعتنا منك يوما سحابة ... أضاءت لها برق وأبطى رشاشها
فلا غيمها يصحو فيرجع طامعا ... ولا ودقها يهمي فتروي عطاشها
قصة للأحنف مع معاوية
وحكى صاحب العقد قال: بينا معاوية جالس إذ دخل عليه رجل من أهل الشام فقام خطيبا وسب عليا عليه السّلام فقال الأحنف: يا معاوية إن هذا القائل لو يعلم رضاك في لعن المرسلين لعنهم فاتق الله ودع عنك عليا فقد أتى ربه وأفرد في قبره. فقال معاوية: يا أحنف لتصعدن المنبر وتسب عليا طوعا أو كرها. فقال: إن أعفيتني خير لك. فقال: وما أنت القائل؟ قال: أحمد الله وأصلي على نبيه ثم
أقول: إن عليا ومعاوية اقتتلا واختلفا وادعى كل واحد منهما أنه مبغيّ عليه فإذا دعوت فآمنوا اللهم العن أنت وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية رحمكم الله، يا معاوية لا أزيد على هذا ولا أنقص ولو كان فيه ذهاب نفسي. فقال معاوية: إذا عفيتك.(2/86)
وحكى صاحب العقد قال: بينا معاوية جالس إذ دخل عليه رجل من أهل الشام فقام خطيبا وسب عليا عليه السّلام فقال الأحنف: يا معاوية إن هذا القائل لو يعلم رضاك في لعن المرسلين لعنهم فاتق الله ودع عنك عليا فقد أتى ربه وأفرد في قبره. فقال معاوية: يا أحنف لتصعدن المنبر وتسب عليا طوعا أو كرها. فقال: إن أعفيتني خير لك. فقال: وما أنت القائل؟ قال: أحمد الله وأصلي على نبيه ثم
أقول: إن عليا ومعاوية اقتتلا واختلفا وادعى كل واحد منهما أنه مبغيّ عليه فإذا دعوت فآمنوا اللهم العن أنت وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية رحمكم الله، يا معاوية لا أزيد على هذا ولا أنقص ولو كان فيه ذهاب نفسي. فقال معاوية: إذا عفيتك.
قصة المنصور والهذلي
ومن غرائب المنقول: إن المنصور العباسي وعد الهذلي بجائزة ونسي ومر في المدينة ببيت عاتكة فقال الهذلي: هذا بيت عاتكة الذي يقول فيه الأحوص: يا دار عاتكة التي أتغزل» فأنكر عليه المنصور العباسي ذلك لأنه تكلم من غير أن يسأل، فرجع الخليفة ونظر في القصيدة إلى آخرها ليعلم ما أراد الهذلي بإنشاد ذلك البيت وإذا فيها:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم ... ومذق اللسان يقول ما لا يفعل
فعلم المنصور أنه أشار إلى هذا البيت، فذكر له ما وعده وأنجز له واعتذر له من النسيان.
الزوجة التي كانت تسرق المال وتعطيه إلى عشيقها
ومن الذكاء المفرط: أن المنصور العباسي جلس يوما في إحدى غرف المدينة فرأى رجلا ملهوفا يجول في الطرقات، فأتى به فأخبره أنه خرج في تجارة وأفاد مالا كثيرا ولما رجع أعطاه زوجته فذكرت أن المال سرق من المنزل ولم ير نقبا فقال له المنصور: منذ كم قد تزوجتها؟ قال: منذ سنة. قال: تزوجتها بكرا أم ثيبا؟ قال: ثيبا لكنها شابة، فدعى المنصور بقارورة طيب وقال: تطيب بهذا يذهب همك، فأخذها إلى أهله وقال المنصور لجماعة من ثقاته: اقعدوا على أبواب المدينة فمن شممتم منه روائح ذلك الطيب فأتوني به ومضى الرجل بالطيب إلى أهله فأعجب المرأة ذلك الطيب وبعثته إلى رجل كانت تحبه وهو الذي دفعت إليه المال فتطيب به ومر مجتازا ببعض الأبواب ففاحت منه رائحة الطيب فأخذوه إلى المنصور وقال: من أين استفدت هذا الطيب فتهدده فأقر بالمال واحضره بعينه، فدعا صاحب المال وأعطاه المال وحكى له وأمره بطلاق زوجته.
ذكاء مفرط
ومن ذلك: أنه قدم رجل إلى بغداد ومعه عقد يساوي ألف دينار فجاء به إلى
عطار موصوف بالصلاح فأودعه عنده ومضى إلى الحج، فلما قدم وأراده من العطار جحده وضربه وصدقه الناس فعرض له عضد الدولة فقال: اذهب غدا واجلس على دكان العطار ثلاثة أيام حتى أمر عليك في اليوم الرابع واقف وأسلم عليك فلا تزيد على رد السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذكر العقد ففعل ولما كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم فسلم على الرجل فلم يتحرك ولكن رد عليه السلام فقال: يا أخي تقدم العراق ولا تأتنا ولا تعرض علينا حوائجك؟ فقال: ما اتفق هذا والعسكر واقف، فانذهل العطار وأيقن بالموت فلما انصرف التفت العطار وقال: يا أخي من أودعني هذا العقد وفي أي شيء هو ملفوف فذكرني لعلي ناس؟ فذكر له أوصافه فحل جرابا وأخرجه منه وقال: كنت ناسيا. ومضى إلى عضد الدولة وأخبره وعلقه في عنق العطار وصلبه على باب دكانه ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد.(2/87)
ومن ذلك: أنه قدم رجل إلى بغداد ومعه عقد يساوي ألف دينار فجاء به إلى
عطار موصوف بالصلاح فأودعه عنده ومضى إلى الحج، فلما قدم وأراده من العطار جحده وضربه وصدقه الناس فعرض له عضد الدولة فقال: اذهب غدا واجلس على دكان العطار ثلاثة أيام حتى أمر عليك في اليوم الرابع واقف وأسلم عليك فلا تزيد على رد السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذكر العقد ففعل ولما كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم فسلم على الرجل فلم يتحرك ولكن رد عليه السلام فقال: يا أخي تقدم العراق ولا تأتنا ولا تعرض علينا حوائجك؟ فقال: ما اتفق هذا والعسكر واقف، فانذهل العطار وأيقن بالموت فلما انصرف التفت العطار وقال: يا أخي من أودعني هذا العقد وفي أي شيء هو ملفوف فذكرني لعلي ناس؟ فذكر له أوصافه فحل جرابا وأخرجه منه وقال: كنت ناسيا. ومضى إلى عضد الدولة وأخبره وعلقه في عنق العطار وصلبه على باب دكانه ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد.
حيلة القاضي أياس مع أمينه
ومثله: ما ذكر عن أياس الذي سارت به الركبان وكان قاضيا قيل: إن رجلا أودع عند أمينه مالا وخرج إلى الحجاز فلما رجع إليه جحده فأخبر إياس القاضي فقال له: انصرف إلى يومين، فمضى الرجل ودعا إياس أمينه فقال: قد حضر عندنا مال كثير وأريد أن أسلمه إليك فحصن منزلك قال: نعم، وقال له: احضر من يحمل المال. فرجع الرجل إلى أياس فقال له: انطلق إلى صاحبك فإن أعطاك فذاك وإن جحد فقل إني أخبر القاضي بالقصة، فأتى الرجل صاحبه فقال: أعطني الوديعة أو أشكوك إلى القاضي، فدفع إليه المال ورجع الرجل وأخبر أياس وجاء الأمين ليأخذ الموعود فزبره وقال: لا تقربني بعد هذا يا خائن.
من ذكاء أبي حنيفة
من الحيل: أنه كان بجوار أبي حنيفة شاب يأتي مجلسه فقال له يوما إني أريد التزويج إلى فلان من أهل الكوفة وقد خطبت إليها وطلبت من المهر فوق طاقتي. فقال له أبو حنيفة: أعطهم ما طلبوا، فلما أراد عقدة النكاح جاء إلى أبي حنيفة فقال: إني سألتهم أن يأخذوا مني البعض ويدعوا البعض عند الدخول فأبوا فما ترى؟ فقال: اقترض حتى تدخل بأهلك فإن الأمر يكون أسهل عليك، ففعل ذلك فلما رقت عليه ودخل بها قال أبو حنيفة: ما عليك إلا أن تظهر الخروج من هذه البلدة إلى موضع بعيد. فأكرى الرجل جملين وأخضر آلات السفر وأظهر أنه
يريد الخروج من البلد في طلب المعاش وأن يصحب أهله معه، فاشتد ذلك على أهل المرأة وجاؤوا إلى أبي حنيفة يستشيرونه فقال لهم: إن للرجل أن يخرجها حيث يشاء فارضوه بأن تردوا عليه ما أخذتم منه، فأجابوه إلى ذلك فقال الفتى: لا بد من زيادة تأخذها منهم. فقال: ارض وإلا أقرت المرأة بدين يزيد على المهر ولا يمكنك السفر بها إلا بعد أن تقضي ما عليها من الدين، فقال الفتى: الله الله يا إمام لا يسمع أحد منهم بذلك، ثم أجاب وأخذ ما بذلوه من المهر.(2/88)
من الحيل: أنه كان بجوار أبي حنيفة شاب يأتي مجلسه فقال له يوما إني أريد التزويج إلى فلان من أهل الكوفة وقد خطبت إليها وطلبت من المهر فوق طاقتي. فقال له أبو حنيفة: أعطهم ما طلبوا، فلما أراد عقدة النكاح جاء إلى أبي حنيفة فقال: إني سألتهم أن يأخذوا مني البعض ويدعوا البعض عند الدخول فأبوا فما ترى؟ فقال: اقترض حتى تدخل بأهلك فإن الأمر يكون أسهل عليك، ففعل ذلك فلما رقت عليه ودخل بها قال أبو حنيفة: ما عليك إلا أن تظهر الخروج من هذه البلدة إلى موضع بعيد. فأكرى الرجل جملين وأخضر آلات السفر وأظهر أنه
يريد الخروج من البلد في طلب المعاش وأن يصحب أهله معه، فاشتد ذلك على أهل المرأة وجاؤوا إلى أبي حنيفة يستشيرونه فقال لهم: إن للرجل أن يخرجها حيث يشاء فارضوه بأن تردوا عليه ما أخذتم منه، فأجابوه إلى ذلك فقال الفتى: لا بد من زيادة تأخذها منهم. فقال: ارض وإلا أقرت المرأة بدين يزيد على المهر ولا يمكنك السفر بها إلا بعد أن تقضي ما عليها من الدين، فقال الفتى: الله الله يا إمام لا يسمع أحد منهم بذلك، ثم أجاب وأخذ ما بذلوه من المهر.
قصة أولاد نزار الأربعة وذكاء العرب
ومن ذلك: ما هو منقول من الإفراط في ذكاء العرب قيل توجه ربيعة ومضر وأياد وأنمار أولاد نزار بن معد إلى أرض نجران فبينما هم يسيرون إذ رأى مضر حشيشا قد رعي فقال مضر: البعير الذي رعى هذا الحشيش أعور، فقال ربيعة:
وهو أزور، فقال أياد: وهو أبتر، فقال أنمار: وهو شرود. فلم يسيروا إلا قليلا حتى لقيهم رجل على راحلته فسألهم عن البعير فقال مضر: أهو أعور؟ قال: نعم.
قال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم. قال أياد: أهو أبتر؟ قال: نعم قال أنمار: أهو شرود؟ قال: نعم هذه والله صفات بعيري دلوني عليه، فحلفوا أنهم ما رأوه فلزمهم فقال: كيف أصدقكم وأنتم تصفونه بصفته، فساروا حتى أتوا نجران فنزلوا بالإقعاء الجهرمي. فقال صاحب البعير: هؤلاء وصفوا لي بعيري بصفته ثم أنكروه، فقال الجهرمي: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال مضر: يرعى جانبا ويدع جانبا فعلمت أنه أعور، وقال ربيعة: إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر فعلمت أنه أفسدها بشدة وطئه لازوراره، وقال أنمار: إنه كان يرعى في المكان الملتف نبتة ثم يجوز إلى مكان أرق منه وأخبث، وقال أياد عرفت بتره باجتماع بعره ولو كان ديالا لتفرق. فقال الأقعى: ليسوا بأصحاب بعيرك، ثم سألهم من هم فعرفهم وبالغ في إكرامهم.
ظريفة: قال المتوكل يوما لجلسائه: نقم المسلمون على عثمان بأشياء منها أن الإمام أبا بكر لما تسنم المنبر هبط عن مقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بمرقاة، ثم قام عمر دون مقام أبي بكر بمرقاة، وصعد عثمان ذروة المنبر، فقال عباد الله: ما أحد أعظم منه عليك من عثمان لأنه صعد ذروة المنبر ولو أنه كلما قام خليفة نزل عمن تقدمه كنت أنت تخطبنا من بئر فضحك المتوكل.(2/89)
ظريفة: قال المتوكل يوما لجلسائه: نقم المسلمون على عثمان بأشياء منها أن الإمام أبا بكر لما تسنم المنبر هبط عن مقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بمرقاة، ثم قام عمر دون مقام أبي بكر بمرقاة، وصعد عثمان ذروة المنبر، فقال عباد الله: ما أحد أعظم منه عليك من عثمان لأنه صعد ذروة المنبر ولو أنه كلما قام خليفة نزل عمن تقدمه كنت أنت تخطبنا من بئر فضحك المتوكل.
أبيات للشافعي والرد عليها من المؤلف
مما نسب للشافعي:
يا راكبا قف بالمحصب من منى ... واهتف بساكن خيفها والناهض
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى ... فيضا كملتطم الفرات الفايض
لو كان رفضي حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
وله أيضا:
قالوا ترفضت قلت كلا ... ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لو كان حب الوصي رفضا ... فإنني أرفض العباد
وله أيضا:
لو شق قلبي لرأوا وسطه ... خطّين قد خطا بلا كاتب
الشرع والتوحيد في جانب ... وحب أهل البيت في جانب
جوابه: للمحرر الجامع لهذا التأليف.
كذبت في دعواك يا شافعي ... فلعنة الله على الكاذب
بل حب أشياخك في جانب ... وبغض أهل البيت في جانب
عبدتم الجبت وطاغوته ... دون الإله الواحد الواجب
فالشرع والتوحيد في معزل ... عن معشر النصاب يا ناصبي
قدمتم العجل مع السامري ... على الأمير ابن أبي طالب
محضتم بالود أعداءه ... من جالب الحرب ومن غاصب
وتدعون الحب ما هكذا ... فعل اللبيب الحازم الصايب
قد قرروا في الحب شرطا له ... أن تبغض المبغض للصاحب
وشاهدي القرآن في (لا تجد) ... أكرم به من نير ثاقب
وكلمة التوحيد إن لم يكن ... عن الطريق الحق بالناكب
وأنتم قررتم ضابطا ... لتدفعوا العيب من الغائب
بأننا نسكت عما جرى ... من الخلاف السابق الذاهب
ونحمل الكل على محمل ... الخير لنحظى برضى الواهب
تبا لعقل عن طريق الهدى ... أصبح في تيه الهوى عازب
والإشارة بقولنا لا تجد إلى قوله سبحانه: {(لََا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ}
{الْآخِرِ يُوََادُّونَ مَنْ حَادَّ اللََّهَ وَرَسُولَهُ)} فإنه غير مؤمن به ودعواه الإيمان مع ذلك كذب بحت، فلذلك من ادعى في أحد حبا مع حبه لعدوه فهو كاذب. وعلى هذا أيضا تدل كلمة التوحيد فإنها تضمنت إثبات الإلهية ونفى الشريك عنه سبحانه.(2/90)
كذبت في دعواك يا شافعي ... فلعنة الله على الكاذب
بل حب أشياخك في جانب ... وبغض أهل البيت في جانب
عبدتم الجبت وطاغوته ... دون الإله الواحد الواجب
فالشرع والتوحيد في معزل ... عن معشر النصاب يا ناصبي
قدمتم العجل مع السامري ... على الأمير ابن أبي طالب
محضتم بالود أعداءه ... من جالب الحرب ومن غاصب
وتدعون الحب ما هكذا ... فعل اللبيب الحازم الصايب
قد قرروا في الحب شرطا له ... أن تبغض المبغض للصاحب
وشاهدي القرآن في (لا تجد) ... أكرم به من نير ثاقب
وكلمة التوحيد إن لم يكن ... عن الطريق الحق بالناكب
وأنتم قررتم ضابطا ... لتدفعوا العيب من الغائب
بأننا نسكت عما جرى ... من الخلاف السابق الذاهب
ونحمل الكل على محمل ... الخير لنحظى برضى الواهب
تبا لعقل عن طريق الهدى ... أصبح في تيه الهوى عازب
والإشارة بقولنا لا تجد إلى قوله سبحانه: {(لََا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ}
{الْآخِرِ يُوََادُّونَ مَنْ حَادَّ اللََّهَ وَرَسُولَهُ)} فإنه غير مؤمن به ودعواه الإيمان مع ذلك كذب بحت، فلذلك من ادعى في أحد حبا مع حبه لعدوه فهو كاذب. وعلى هذا أيضا تدل كلمة التوحيد فإنها تضمنت إثبات الإلهية ونفى الشريك عنه سبحانه.
ومثل ذلك أيضا ما صرح به العلماء في من أسلم من أنه لابد من الإقرار بالنبوة ومن البراءة من دينه الذي كان عليه. وشواهد ذلك كثيرة قد أتينا عليها في رسالة الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب.
مسألة نحوية
فائدة: من شرح كتاب التوحيد للسيد المحدث العلامة نعمة الله الجزائري:
اتفق علماء الإسلام كما قاله ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب على أن كلمة «سلوني قبل أن تفقدوني» ما قالها أحد غير علي بن أبي طالب إلا كان كاذبا، وفي الأثر أن قتادة لما قدم من الشام إلى الكوفة وقعد في المسجد قال: إن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال في هذا المسجد: «سلوني قبل أن تفقدوني» وأنا أقول مثلما قال، فاتصل الخبر بأبي حنيفة فقال سلوه عن النملة التي كلمت سليمان عليه السّلام أذكر أم أنثى، فسألوه فلم يرد جوابا فلما رجعوا إلى أبي حنيفة قال: إنها كانت أنثى لقوله الله تعالى: {(قََالَتْ نَمْلَةٌ)} ولم يقل قال نمل، وذلك أن النملة تقع على الذكر والأنثى كالحمامة والشاة وإنما تميز بينها بعلامة التأنيث، فانظر إلى هذا المعجب بنفسه كيف انقطع هكذا. وجه صاحب الكشاف تحقيق جواب أبي حنيفة وقال ابن الحاجب في بعض تصانيفه: إن مثل الشاة والنملة والحمامة تأنيث لفظي، ولذلك كان قول من زعم أن النملة في قوله تعالى: {(قََالَتْ نَمْلَةٌ)} أنثى لورود تاء التأنيث في قالت وهما، لجواز أن يكون مذكرا في الحقيقة وورود تاء التأنيث في قالت معهما كورودها في فعل المؤنث اللفظي، ولذا قيل إفحام قتادة خير من جواب أبي حنيفة انتهى. وقواه السيد رضي الله عنه وعلى هذا فقد افتضح المدعي وصاحب الجواب بالإفحام والغلط.
فوائد قهر النفس
وورد في الخبر: أن رجلا كافرا كان يجتمع إليه الناس في ميدان بغداد وكان يخبرهم عما أضمروه في قلوبهم وعما ادخروه في بيوتهم، فحكى فعله للإمام موسى بن جعفر عليه السّلام فأتى إليه متنكرا فأمر من معه أن يضمر أمرا غريبا فأظهره ذلك الكافر وطلبه عليه السّلام وأخرجه من مجتمع الناس وقال له: ما أتيت من
الطاعات حتى أعطيت هذه المرتبة العظيمة وهي من درجات النبوة؟ فقال: ما لي عمل سوى مخالفة النفس. فقال: اعرض الإسلام على نفسك فتغشى بثوب فتفكر ثم قال: إن نفسي لا تميل إلى الإسلام. فقال: ما أعطيت إلا بخلافها فخالفها ثم أسلم وحسن إسلامه وكان يحضر مجلس أبي الحسن عليه السّلام فأمر رجلا أن يضمر فقال للرجل المسلم: أتعرف ما أضمر؟ ففكر فلم يعرف ما أضمر فعجب من ذلك وقال: يا بن رسول الله كنت كافرا وأعرف ما في الضمير وأنا الآن مسلم فكيف لا أعرف؟ فقال عليه السّلام: إنك أعطيت ثواب ذلك العمل في الدنيا لأن الكافر لا حظ له في الآخرة والآن ذخر الله لك جزاء عملك وقطع عنك الجزاء في الدنيا.(2/91)
وورد في الخبر: أن رجلا كافرا كان يجتمع إليه الناس في ميدان بغداد وكان يخبرهم عما أضمروه في قلوبهم وعما ادخروه في بيوتهم، فحكى فعله للإمام موسى بن جعفر عليه السّلام فأتى إليه متنكرا فأمر من معه أن يضمر أمرا غريبا فأظهره ذلك الكافر وطلبه عليه السّلام وأخرجه من مجتمع الناس وقال له: ما أتيت من
الطاعات حتى أعطيت هذه المرتبة العظيمة وهي من درجات النبوة؟ فقال: ما لي عمل سوى مخالفة النفس. فقال: اعرض الإسلام على نفسك فتغشى بثوب فتفكر ثم قال: إن نفسي لا تميل إلى الإسلام. فقال: ما أعطيت إلا بخلافها فخالفها ثم أسلم وحسن إسلامه وكان يحضر مجلس أبي الحسن عليه السّلام فأمر رجلا أن يضمر فقال للرجل المسلم: أتعرف ما أضمر؟ ففكر فلم يعرف ما أضمر فعجب من ذلك وقال: يا بن رسول الله كنت كافرا وأعرف ما في الضمير وأنا الآن مسلم فكيف لا أعرف؟ فقال عليه السّلام: إنك أعطيت ثواب ذلك العمل في الدنيا لأن الكافر لا حظ له في الآخرة والآن ذخر الله لك جزاء عملك وقطع عنك الجزاء في الدنيا.
قصة عقبة الأزدي
حكى: صاحب كتاب ثمرات الأوراق أن عقبة الأزدي كان مشهورا بمعالجة الجان وقراءة العزائم فأتى بجارية قد جنت في ليلة عرسها فعزم عليها فإذا هي خالية من الصرع فقال لأهلها: اخلوني بها، فلما خلا بها قال: أصدقيني عن نفسك وعلي خلاصك. فقالت: إنه كانت زالت بكارتي وأنا في بيت أهلي فخفت الفضيحة عند الزوج فهل عندك حيلة؟ فقال: نعم فخرج إلى أهلها وقال: إن الجني قد أجابني إلى الخروج منها فاختاروا من أي عضو يخرج فإن العضو الذي يخرج منه الجني لابد أن يفسد فإن خرج من عينها عميت أو من أذنها صمت أو من يدها شلت أو من رجلها زمنت أو من فرجها ذهبت بكارتها فقال أهلها هذا أهون فأخرج الشيطان منها، فأوهمهم أنه فعل ذلك وأدخلت المرأة على زوجها.
ذكاء طبيب لهارون الرشيد
نادرة: عن بعض أذكياء الأطباء أن جارية من خواص الرشيد تمطت، فلما جاءت تمد يدها لم تطق وجعل فيها الورم فصاحت وآلمها فشق على الرشيد وعجز الأطباء عن علاجها، فقال له طبيب حاذق: لا دواء لها إلا أن يدخل إليها رجل أجنبي غريب فيخلو بها ويمرغها بدهن أعرفه، فأجاب الخليفة إلى ذلك فأحضر الرجل والدهن وأمر بتعريتها فعريت فأضمر الخليفة قتل الرجل، فلما دخل الغريب عليها وقرب منها سعى إليها وأومى بيده إلى فرجها ليمسه غطت الجارية فرجها بيدها التي كانت قد عطلت، ولشدة ما دخلها من الحياء والجزع حمي جسمها بانتشار الحرارة الغريزية فأعانت على ما أرادت من تغطية فرجها واستعمال يدها في ذلك، فلما غطت فرجها قال لها الرجل: الحمد لله على العافية، فأخذ الخادم
وجاء به إلى الرشيد وأعلمه بالحال وما اتفق فقال الرشيد: وكيف نعمل في رجل نظر إلى حرمنا، فمد الطبيب يده إلى لحية الرجل فانتزعها فإذا هي ملصقة وإذا الشخص جارية فقال: ما كنت ابدل حرمك للرجال ولكن خشيت أن تعلم الجارية وتبطل الحيلة لأني أردت أن أدخل في قلبها فزعا شديدا ليجر طبعها ويقودها إلى تحريك يدها وتمشي الحرارة الغريزية في أعضائها بهذه الواسطة، ففرح الرشيد وأجزل عطيته.(2/92)
نادرة: عن بعض أذكياء الأطباء أن جارية من خواص الرشيد تمطت، فلما جاءت تمد يدها لم تطق وجعل فيها الورم فصاحت وآلمها فشق على الرشيد وعجز الأطباء عن علاجها، فقال له طبيب حاذق: لا دواء لها إلا أن يدخل إليها رجل أجنبي غريب فيخلو بها ويمرغها بدهن أعرفه، فأجاب الخليفة إلى ذلك فأحضر الرجل والدهن وأمر بتعريتها فعريت فأضمر الخليفة قتل الرجل، فلما دخل الغريب عليها وقرب منها سعى إليها وأومى بيده إلى فرجها ليمسه غطت الجارية فرجها بيدها التي كانت قد عطلت، ولشدة ما دخلها من الحياء والجزع حمي جسمها بانتشار الحرارة الغريزية فأعانت على ما أرادت من تغطية فرجها واستعمال يدها في ذلك، فلما غطت فرجها قال لها الرجل: الحمد لله على العافية، فأخذ الخادم
وجاء به إلى الرشيد وأعلمه بالحال وما اتفق فقال الرشيد: وكيف نعمل في رجل نظر إلى حرمنا، فمد الطبيب يده إلى لحية الرجل فانتزعها فإذا هي ملصقة وإذا الشخص جارية فقال: ما كنت ابدل حرمك للرجال ولكن خشيت أن تعلم الجارية وتبطل الحيلة لأني أردت أن أدخل في قلبها فزعا شديدا ليجر طبعها ويقودها إلى تحريك يدها وتمشي الحرارة الغريزية في أعضائها بهذه الواسطة، ففرح الرشيد وأجزل عطيته.
ذكاء النساء
ومن ذكاء النساء: حكى المدائني قال: خرج ابن زياد في فوارس فلقوا رجلا معه جارية حسنة فقالوا له: خل عنها فرماهم بقوسه فخافوا منه فعاد ليرمي فانقطع الوتر فهجموا عليه وأخذوا الجارية ومدوا يدهم إلى اذنها وفيه قرط فيه درة فقالت:
وما قدر هذه الدرة لو رأيتم ما في قلنسوته من الدرر لاستحقرتم هذه فتركوها وتبعوه وقالوا: الق ما في قلنسوتك وكان فيها وتر وقد نسيه من الدهش، فلما ذكره ركبه في قوسه فولى القوم عنه وخلوا عن الجارية.
ذكاء الكلب
ومن ذكاء الكلب: ما ذكره ابن الجوزي، وهو أن بعض الأكابر مر بمقبرة وإذا قبر مكتوب عليه هذا قبر الكلب، فسأل شيخا من بعض أهل القرية فقال: كان هناك ملك عظيم الشأن وكان له كلب، رباه لا يفارقه فخرج يوما إلى بعض متنزهاته وقال للطباخ: اصلح لنا ثردة بلبن، فجاؤوا باللبن إلى الطباخ ونسي أن يغطيه فخرج من بعض السقوف أفعى فكرع في اللبن ومج فيه في الثردة من سمه والكلب رابض يرى ذلك ولم يجد له حيلة يصل بها إلى الأفعى، فلما أتى الملك من الصيد قال للغلام:
ادركوني بالثردة، فلما وضعت بين يديه لج الكلب بالصياح فلم يعلم مراده ورمى إلى الكلب من ذلك فلم يلتفت إليه وعينه إلى الملك، فلما أراد أن يضع اللقمة في فمه طفر بها إلى وسط المائدة وأدخل فمه وكرع في اللبن فسقط ميتا وتناثر لحمه وبقي الملك متعجبا من الكلب، فقال الملك: هذا الكلب قد فدانا بنفسه وقد وجب أن نكافيه وما يحمله ويدفنه غيري، وبنى عليه هذه القبة.
لبعض النواصب: خذلهم الله تعالى:
لهفي عليه مدلول فوق الخصي ... شبه العليل فديته من نائم
طمع الغواني في انتظار قيامه ... طمع الروافض في انتظار القائم
جوابه: للشيخ فرج المادح الخطي رحمه الله:(2/93)
لهفي عليه مدلول فوق الخصي ... شبه العليل فديته من نائم
طمع الغواني في انتظار قيامه ... طمع الروافض في انتظار القائم
جوابه: للشيخ فرج المادح الخطي رحمه الله:
سيقوم قائم آل بيت محمد ... رغما على أنف الحسود الظالم
وينام حظ الناصبي كابره ... المعتل عند قيام حظ السالم
جواب آخر: للشيخ محمد بن خليفة البلادي البحراني (ره):
إن كان أيرك نام فوق الخصى ... فالأير عندي كالسنان القائم
نعم الهدية للدلام وحبتر ... من بعد صلب في ظهور القائم
منتخبات من شعر المغربي
للشيخ محمد بن يوسف: أحد فقهاء المغاربة مخمسا بها البيتين المنسوبين إلى أمير المؤمنين عليه السّلام:
إذا أزمة نزلت قبلي ... وضقت وضاقت بها حيلي
تذكرت بيت الإمام علي ... رضيت بما قسم الله لي
وفوضت أمري إلى خالقي
لأن إله الورى قد قضى ... على خلقه حكمه المرتضى
فسلم وقل قول من فرضا ... كما أحسن الله فيما مضى
كذلك يحسن فيما بقي
وله أيضا: أرجوزة ضمن فيها مصارع من ألفية ابن مالك ومدح بها الشيخ أحمد المقري (منها):
ذاك الإمام ذو العلى والهمم ... كعلم الأشخاص لفظا وهو عم
فلم تر في علمه مثيلا ... مستوجب ثنائي الجميلا
أوصاف سيدي بهذا الرجز ... تقرب الأقصى بلفظ موجز
فهو الذي له المعالي تعتزي ... ويبسط البذل بوعد منجز
رتبته فوق العلى يا من فهم ... كلامنا لفظ مفيد كاستقم
وكم أفاد دهره من تحف ... عند تأول بلا تكلف
لقد ربى على المقام الباهر ... كطاهر القلب جميل الطاهر
وفضله للطالبين وجدا ... على الذي في رفعه قد عهدا
قد حصل العلم وحرر السير ... وما بالى أو بانما انحصر
في كل فن باهر صفه ولا ... يكون إلا غاية الذي تلا
سيرته سارت على نهج الهدى ... ولا يلي إلا ختيارا أبدا
وعلمه وفضله لا ينكر ... مما به عنه مبينا يخبر
يقول دائما بصدر انشرح ... أعرف بنا فإننا نلنا المنح
يقول مرحبا لقاصديه من ... يصل إلينا يستعن بما يعن
ومنها:(2/94)
ذاك الإمام ذو العلى والهمم ... كعلم الأشخاص لفظا وهو عم
فلم تر في علمه مثيلا ... مستوجب ثنائي الجميلا
أوصاف سيدي بهذا الرجز ... تقرب الأقصى بلفظ موجز
فهو الذي له المعالي تعتزي ... ويبسط البذل بوعد منجز
رتبته فوق العلى يا من فهم ... كلامنا لفظ مفيد كاستقم
وكم أفاد دهره من تحف ... عند تأول بلا تكلف
لقد ربى على المقام الباهر ... كطاهر القلب جميل الطاهر
وفضله للطالبين وجدا ... على الذي في رفعه قد عهدا
قد حصل العلم وحرر السير ... وما بالى أو بانما انحصر
في كل فن باهر صفه ولا ... يكون إلا غاية الذي تلا
سيرته سارت على نهج الهدى ... ولا يلي إلا ختيارا أبدا
وعلمه وفضله لا ينكر ... مما به عنه مبينا يخبر
يقول دائما بصدر انشرح ... أعرف بنا فإننا نلنا المنح
يقول مرحبا لقاصديه من ... يصل إلينا يستعن بما يعن
ومنها:
والزم خباءه وإياك الملل ... أن يستطل وصلا وإن لم يستطل
واقصد خباءه ترى مآثره ... والله يقضي بهبات وافرة
وانسب له فإنه ابن معط ... وتقتضي رضى بغير سخط
واجعله نصب العين والقلب ولا ... تعدل به فهو يضاهي المثلا
مراسلة لطيفة
ومن إنشاء: الشيخ عبد علي بن ناصر بن رحمة الحويزي كتب إلى القاضي تاج الدين المالكي: طبقات صحائف الأوراق وإن كانت السبع الطباق، وأعلام الأقلام وإن كانت عدد الآجام، وبحار المداد وإن سفحت على الأطواد ليست بمستقلة بالإحاطة بيسير من كثير الاشتياق، وليس ضرب الصفح وطي الكشح عن أعلامه من مكارم الأخلاق، فرقمت هذه الصحيفة من سويداء القلب بسواد الأحداق، أنموذجا يستدل بها الأخوان على الأخوان بما جرى من الشان عن الشان، مجبلة ما تجده القلوب عليها مرجعة ما يطلب منها إليها:
وحق من ارتجى شفاعته ... يوم تكون السماء كالمهل
ما سرت عنكم ولي حشا بسوى ... حيا لكم مذ ناءت في شغل
يا تاج دين الاخا ما أنا من ... يعقل عنكم وكائب الرسل
لكنني قد جعلت معتمدي ... ما أثبتته لنا يد الأزل
وخذ من البعد ما هما مطر ... تحية من أخيك عبد علي
فراجعه القاضي تاج الدين بقوله: وصل الكتاب الذي تفتقت كمام ألفاظه عن زهور معانيه فإذا هي من حميد كريم حكيم، وتلا المخلص عند وروده (أنه {أُلْقِيَ}
إني {كِتََابٌ كَرِيمٌ)} فقبله المخلص ألفا ألفا وقرأه حرفا حرفا، ولم يكد يسطع أن يتجاوز منه فقرة إلى أخرى، واعترف أن منشأه بالتقدم في محراب البلاغة أخرى، وأما الشوق فلو دخل التسلسل في دائرة الإمكان لا نهى للمخلص ما يجد منه من
الهميان، وكيف ينهي شوقا لا يتناهى وتوقا كلما وصل إلى رتبة تجاوزها وتعداها، لكنه نفث بنموذج من ذلكم نفثة مصدور وتنفس مضرس من البين موتور:(2/95)
وحق من ارتجى شفاعته ... يوم تكون السماء كالمهل
ما سرت عنكم ولي حشا بسوى ... حيا لكم مذ ناءت في شغل
يا تاج دين الاخا ما أنا من ... يعقل عنكم وكائب الرسل
لكنني قد جعلت معتمدي ... ما أثبتته لنا يد الأزل
وخذ من البعد ما هما مطر ... تحية من أخيك عبد علي
فراجعه القاضي تاج الدين بقوله: وصل الكتاب الذي تفتقت كمام ألفاظه عن زهور معانيه فإذا هي من حميد كريم حكيم، وتلا المخلص عند وروده (أنه {أُلْقِيَ}
إني {كِتََابٌ كَرِيمٌ)} فقبله المخلص ألفا ألفا وقرأه حرفا حرفا، ولم يكد يسطع أن يتجاوز منه فقرة إلى أخرى، واعترف أن منشأه بالتقدم في محراب البلاغة أخرى، وأما الشوق فلو دخل التسلسل في دائرة الإمكان لا نهى للمخلص ما يجد منه من
الهميان، وكيف ينهي شوقا لا يتناهى وتوقا كلما وصل إلى رتبة تجاوزها وتعداها، لكنه نفث بنموذج من ذلكم نفثة مصدور وتنفس مضرس من البين موتور:
والله والله ثم ثالثة ... بخاتم الأنبياء والرسل
ليس لي في توسلي طلب ... غير حصول اللقاء بالعجل
يا سيدا أكدت سيادته ... تسمية فضلت في الأزل
كللت سمعي لآلئا فعلى ... نداك دين الإخاء في الملل
عليك ما هبت الصبا سحرا ... تحية من محب عبد علي
توبيخ لطيف للسيد ناصر القاروني
كتاب السلافة للسيد علي خان المشهور بصدر الدين: أخبرني شيخنا العلامة جعفر بن كمال الدين البحراني قال: كنت ذات يوم جالسا في مسجد السدرة أحد مساجد القرية المعمورة المسماة بجد حفص إحدى قرى البحرين وهو مدرسة العلم ومجمع أولي الفضل والحلم، وكان عميد البلاد وكبيرها وقاضيها القائم بتدبيرها السيد حسين بن عبد الرؤوف جالسا في ذلك المجلس وإلى جانبه السيد ناصر بن السيد سليمان القاروني البحراني وأحد المدرسين يقرىء كتاب القواعد المشهور، فجاء ابن أخ السيد حسين المشار إليه نافخا بكمه وزحزح السيد ناصر عن مكانه وجلس بجنب عمه، فغضب السيد ناصر وتناول القلم مسرعا وكتب: لا تعجبن من تقدم ذي البنان الخاضب على ذي البيان الخاطب وذي الطرف المفتون على ذي الظرف والفنون، وذي الجسم الفاضل على ذي الجسم الفاصل، وذي الطول على ذي الطول، فإن الزمان طبع على هذه الشيمة مذ كان في المشيمة. وكتب ناصر بن سليمان البحراني ورمى البطاقة وقام وأقام على المضيء من البلاء ما أقام.
كذبة من بعض المنجمين
نقل: أن في سنة إحدى وثمانين وخمسمئة من الهجرة وقع قران زحل ومشتري في برج الميزان وهو برج هوائي فحكم المنجمون ومنهم الأنوري الشاعر المعروف بأن معمورة الأرض تنهدم بالريح في يوم كذا، وخاف الناس من ذلك وبنوا عمارات تحت الأرض وآووا إليها في هذا اليوم، فلما كان ذلك اليوم لم يهب ريح أصلا، فأمر سلطان طغرل أن يوقد مصباح على منارة في هذا اليوم وكان المصباح يضيء إلى الليل، فقال بعض الأكابر في هذا الشعر:
گفت انوري كه از اثر بادهاي سخت ... ويران شود عمارت كاخ سكندري
در روز حكم او نوزيده است هيچ باد ... يا مرسل الرياح تو داني وانوري(2/96)
گفت انوري كه از اثر بادهاي سخت ... ويران شود عمارت كاخ سكندري
در روز حكم او نوزيده است هيچ باد ... يا مرسل الرياح تو داني وانوري
تفسير حديث «لا تعادوا الأيام»
كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة: بسنده عن الصقر قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبي الحسن عليه السّلام جئت لأسأله عن حاله فدخلت عليه فإذا هو عليه السّلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلمت فرد ثم أمرني بالجلوس فجلست ثم قال: يا صقر ما أتى بك؟ فقلت: سيدي جئت أتعرف خبرك. قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت فنظر إلي وقال: يا صقر ما أتى بك؟
فقلت: سيدي حديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا أعرف معناه؟ قال: وما هو؟ قلت:
قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا تعادوا الأيام فتعاديكم» ما معناه؟ فقال: نعم الأيام نحن ما قامت السماوات والأرض، فالسبت اسم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والأحد أمير المؤمنين عليه السّلام، والاثنين الحسن والحسين عليهما السّلام، والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السّلام، والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني، والجمعة ابن ابني، وإليه تجتمع عصابة الخلق وهو الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهذا معنى الأيام فلا تعادوهم في الدنيا يعادوكم في الآخرة ثم قال: ودع واخرج فلا آمن عليك.
وجدت بخط شيخنا العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني: أخبرني جماعة من أصحابنا قالوا: أخبرنا الشيخ الفقيه المحدث الشيخ سليمان بن صالح البحراني قال: أخبرني العالم الرباني الشيخ علي بن سليمان البحراني قدس الله روحه قال: أخبرني شيخنا العلامة البهائي قدس سره وكان سئل عن ابن بابويه فعدله ووثقه وأثنى عليه وقال: سألت قديما عن زكريا بن آدم والصدوق محمد بن علي بن بابويه أيهما أفضل وأجل مرتبة فقلت: زكريا ابن آدم لتواتر الأخبار بمدحه، فرأيت شيخنا الصدوق قدس سره عاتبا علي حتّى قال: من أين ظهر لك فضل زكريا بن آدم علي؟ وأعرض عني.
رأي الخوارج في العاصي
في الحديث الدين واسع ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم قال الشارح المحقق المازندراني في شرح أصول الكافي: لعل المراد بسعته هنا سعته باعتبار أن الذنوب كلها غير الكفر تجامع الإيمان ولا ترفعه، خلافا للخوارج فإنهم قالوا الذنوب كلها كفر.
ومن الشرح المذكور ذهب الخوارج إلى أن من فعل كبيرة أو صغيرة أو أصر عليها فهو كافر خارج عن الإسلام مستحق للقتل، ولذلك حكموا بكفر أمير المؤمنين عليه السّلام للتحكيم لزعمهم أن التحكيم معصية صدرت منه عليه السّلام. وقد أخطأوا، أما أولا فلأن التحكيم وقع بغير رضاه كما هو مسطور في الكتب وأما ثانيا فلأن المقصود في التحكيم هو الرجوع إلى حكم الله تعالى في كتابه وتعيين الأحق بالخلافة منه، ولا ريب في أنه ليس بمعصية واغترار الحاكم من صاحبه وحكمه بخلاف ما في كتاب الله معصية صدرت من ذلك الحاكم لا من أمره بالحكم الحق.(2/97)
في الحديث الدين واسع ولكن الخوارج ضيقوا على أنفسهم قال الشارح المحقق المازندراني في شرح أصول الكافي: لعل المراد بسعته هنا سعته باعتبار أن الذنوب كلها غير الكفر تجامع الإيمان ولا ترفعه، خلافا للخوارج فإنهم قالوا الذنوب كلها كفر.
ومن الشرح المذكور ذهب الخوارج إلى أن من فعل كبيرة أو صغيرة أو أصر عليها فهو كافر خارج عن الإسلام مستحق للقتل، ولذلك حكموا بكفر أمير المؤمنين عليه السّلام للتحكيم لزعمهم أن التحكيم معصية صدرت منه عليه السّلام. وقد أخطأوا، أما أولا فلأن التحكيم وقع بغير رضاه كما هو مسطور في الكتب وأما ثانيا فلأن المقصود في التحكيم هو الرجوع إلى حكم الله تعالى في كتابه وتعيين الأحق بالخلافة منه، ولا ريب في أنه ليس بمعصية واغترار الحاكم من صاحبه وحكمه بخلاف ما في كتاب الله معصية صدرت من ذلك الحاكم لا من أمره بالحكم الحق.
في العنبر
فائدة: اختلف كلام أهل اللغة في حقيقة العنبر، فقال في القاموس: العنبر من الطيب روث دابة بحرية أو بيع عين فيه، ونقل ابن إدريس في السرائر عن الجاحظ في كتاب حياة الحيوان أنه قال: العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكل منه شيء إلا مات ولا ينقره طائر بمنقاره إلا نصل فيه منقاره وإذا وضع رجله عليه نصلت أظفاره، وحكى الشهيد في البيان عن أهل الطب أنهم قالوا: إنه جماجم تخرج من عين في البحر أكبرها دون ألف مثقال.
طبقات السماء والأرض
روى الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن الرضا عليه السّلام أنه سئل عن قوله تعالى: {(وَالسَّمََاءِ ذََاتِ الْحُبُكِ)} فقال: هي محبوكة إلى الأرض، وشبك بين أصابعه، فقيل: كيف يكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: {(رَفَعَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا)}؟ فقال: سبحان الله أليس الله يقول: {(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا)}
فقيل بلى، فقال: ثم عمد ولكن لا ترونها. فقيل: كيف ذلك؟ فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا، والسماء الثانية فوقها قبة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية، والسماء الثالثة فوقها قبة والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة، والسماء الرابعة فوقها قبة والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة، والسماء الخامسة فوقها قبة والأرض السادسة فوق السماء الخامسة، والسماء السادسة فوقها قبة والأرض السابعة فوق السماء السادسة، والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة، وهو قول الله تعالى: {(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ
طِبََاقاً} {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)} فأما صاحب الأمر فهو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والوصي بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائم على وجه الأرض، فإنما يتنزل إليه من فوق السماء من بين السماوات والأرضين قيل: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال ما تحتنا إلا أرض واحدة وأن الست لهي فوقنا. وفي تفسير العياشي عنه عليه السّلام مثله.(2/98)
روى الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن الرضا عليه السّلام أنه سئل عن قوله تعالى: {(وَالسَّمََاءِ ذََاتِ الْحُبُكِ)} فقال: هي محبوكة إلى الأرض، وشبك بين أصابعه، فقيل: كيف يكون محبوكة إلى الأرض والله يقول: {(رَفَعَ السَّمََاوََاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا)}؟ فقال: سبحان الله أليس الله يقول: {(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهََا)}
فقيل بلى، فقال: ثم عمد ولكن لا ترونها. فقيل: كيف ذلك؟ فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والأرض الثانية فوق السماء الدنيا، والسماء الثانية فوقها قبة والأرض الثالثة فوق السماء الثانية، والسماء الثالثة فوقها قبة والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة، والسماء الرابعة فوقها قبة والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة، والسماء الخامسة فوقها قبة والأرض السادسة فوق السماء الخامسة، والسماء السادسة فوقها قبة والأرض السابعة فوق السماء السادسة، والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة، وهو قول الله تعالى: {(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ
طِبََاقاً} {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)} فأما صاحب الأمر فهو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والوصي بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قائم على وجه الأرض، فإنما يتنزل إليه من فوق السماء من بين السماوات والأرضين قيل: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال ما تحتنا إلا أرض واحدة وأن الست لهي فوقنا. وفي تفسير العياشي عنه عليه السّلام مثله.
أقول: هذا الخبر وأمثاله مما ينادي بخلاف ما ذهب إليه علماء الهيئة من أن الأرض واحدة وإنما انقسامها إلى سبع إنما هو باعتبار الأقاليم، فإنه خلاف ما دلت عليه الأخبار واستفاضت عليه الآثار، إلا أن في هذا الخبر المذكور إشكالا وهو أنه: قد دل على أن الأرضين فوق أرضنا هذه وأن الست الأرضين كلها فوقنا، والمستفاد من غيره من الأخبار أن الست الأرضين كلها تحتنا وأن أرضنا هذه هي الفوقانية، فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام في روضة الكافي في حديث زينب العطارة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: إن هذه الأرض بمن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي، وهاتان بمن فيها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فلاة قي، والثالثة حتى انتهى إلى السابعة وتلا هذه الآية: {(خَلَقَ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ طِبََاقاً} {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)}
والسبع الأرضين بمن فيهن ومن عليهن على ظهر الديك كحلة في فلاة قي، والديك له جناحان جناح في المشرق وجناح في المغرب ورجلاه في التخوم، والسبع والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة ملقاة في فلاة قي، والسبع والديك والصخرة والحوت بمن فيه ومن عليه على البحر المظلم كحلقة ملقاة في فلاة قي، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم على الهواء الذاهب كحلقة ملقاة في فلاة قي، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهوى على الثرى كحلقة في فلاة قي، ثم تلا هذه الآية: {(لَهُ مََا فِي السَّمََاوََاتِ وَمََا فِي الْأَرْضِ وَمََا بَيْنَهُمََا وَمََا تَحْتَ الثَّرى ََ)} ثم انقطع الخبر عند الثرى الحديث، وهو طويل نقلنا منه موضع الحاجة. والظاهر أن معنى قي هي الأرض القفرة الخالية.
منها ما رواه قطب الدين الراوندي سعيد بن هبة الله في كتاب قصص الأنبياء في حديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إن الله خلق من الجن روحانيين لهم أجنحة فخلقهم دون خلق الملائكة وحفظهم أن يبلغوا مبلغ الملائكة في الطيران وغير ذلك فأسكنهم فيما بين أطباق الأرضين السبع وفوقهن الحديث.
كتاب النهاية فيه «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» أي من النقصان بعد
الزيادة، وقيل من إفساد أمورنا بعد صلاحها، وقيل من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم، وأصله من نقض العمامة بعد لفها.(2/99)
كتاب النهاية فيه «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» أي من النقصان بعد
الزيادة، وقيل من إفساد أمورنا بعد صلاحها، وقيل من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم، وأصله من نقض العمامة بعد لفها.
تأويل الشمس والقمر
تفسير الثقة: الجليل علي بن إبراهيم القمي عن الرضا عليه السّلام في تفسير قوله تعالى: {(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبََانٍ)} قيل: هما بعذاب الله، قيل الشمس والقمر يعذبان. قال: سألت عن شيء فأتقنه أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ضوؤهما من نور عرشه وحرهما من جهنم، فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما وإلى النار حرهما، وإنما عناهما لعنهما الله، أو ليس قد روى الناس أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إن الشمس والقمر نوران في النار؟ قيل: بلى. قال:
ما سمعت قول الناس فلان وفلان شمسا هذه الأمة ونورهما فهما في النار والله ما عنى غيرهما.
ومنه أيضا في تفسير قوله تعالى: {(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ََ مِنْ نُطْفَةٍ إِذََا تُمْنى ََ)} قال: تتحول النطفة من الدم فتكون أولا دما ثم تصير النطفة في الدماغ في عرق يقال له (الوريد) وتمر في فقار الظهر فلا تزال تجوز فقرا فقرا حتى تصير في الحالبين فتصير أبيض، وأما نطفة المرأة فإنها تنزل من صدرها.
لبعض الإمامية رضي الله عنهم:
قوم قوافيهم إذا ذكرت ... كانت نجاة لسائر البشر
ليس كقوم ترى قوافيهم ... علامة للتيوس والبقر
يعني أن أواخر (محمد وعلي والحسين) دال وياء ونون فهي إذا ركبت دين وآخر (عتيق وعمر وعثمان) قاف ورا ونون وهي إذا جمعت قرن.
لغز وتفسيره
نقل في بعض التواريخ في ترجمة ابن الحاجب: وأنشدني الشيخ جمال الدين أبو عمرو عثمان بن الحاجب ما ذكره بعض أصحاب التواريخ في المعميات وهو:
ربما عالج القوافي رجال ... في القوافي فتلتوي وتلين
طاوعتهم عين وعين وعين ... وعصتهم نون ونون ونون
ثم قال: كتب هذين البيتين إلى حاذق بإخراج المعميات، فأقام ستة أشهر
ينظر فيها إلى أن كشفها ثم حلف بأيمان مغلظة أن لا ينظر في معمى أبدا ولم يذكر تفسيرهما أصلا، فأضربت عن النظر فيهما لما تبين من عسرهما من سياق الحكاية، ثم بعد أربعين سنة خطر لي في الليل فتفكرت فيهما فظهر لي أمرهما فإنه إنما أراد بقوله: «طاوعتهم عين وعين وعين» يعني نحو يد وغد ودد لأنها عينات مطاوعات في القوافي مرفوعة كانت أو منصوبة أو مجرورة ولكل واحد منها عين لأنها عين الكلمة لأن وزن غدفع ووزن يدفع ووزن ددفع، وأراد بقوله: «عصتهم نون ونون ونون» الحوت لأنه يسمى نون والدوات لأنها تسمى نون والنون الذي هو الحرف وكلها نونات غير مطاوعة في القوافي إذ لا يلتئم واحد منها مع الآخر. ثم نظم ذلك رضي الله عنه في بيتين على وزن السؤال وهي أي غد مع يد ودد:(2/100)
ربما عالج القوافي رجال ... في القوافي فتلتوي وتلين
طاوعتهم عين وعين وعين ... وعصتهم نون ونون ونون
ثم قال: كتب هذين البيتين إلى حاذق بإخراج المعميات، فأقام ستة أشهر
ينظر فيها إلى أن كشفها ثم حلف بأيمان مغلظة أن لا ينظر في معمى أبدا ولم يذكر تفسيرهما أصلا، فأضربت عن النظر فيهما لما تبين من عسرهما من سياق الحكاية، ثم بعد أربعين سنة خطر لي في الليل فتفكرت فيهما فظهر لي أمرهما فإنه إنما أراد بقوله: «طاوعتهم عين وعين وعين» يعني نحو يد وغد ودد لأنها عينات مطاوعات في القوافي مرفوعة كانت أو منصوبة أو مجرورة ولكل واحد منها عين لأنها عين الكلمة لأن وزن غدفع ووزن يدفع ووزن ددفع، وأراد بقوله: «عصتهم نون ونون ونون» الحوت لأنه يسمى نون والدوات لأنها تسمى نون والنون الذي هو الحرف وكلها نونات غير مطاوعة في القوافي إذ لا يلتئم واحد منها مع الآخر. ثم نظم ذلك رضي الله عنه في بيتين على وزن السؤال وهي أي غد مع يد ودد:
ذو حروف طاوعت ... في الروي وهي عيون
ودواة والحوت والنون ... عصتهم وأمرها مستبين
ولا يشك عارف بالمعميات أنه لم يرد سوى ذلك انتهى.
قلت: الذي ذكره الشيخ (ره) في غاية الحسن والدلالة على ذكائه المفرط، ولكن الذي ذكره في أمر العينات مسلم وأما النونات فلا نسلم أنها تعصي في القوافي ولا تلتئم لأنها تقع قوافي على صيغة النون فتكرر في كل مرة قافية نون ويكون ذلك من باب الجناس الذي اتفق لفظه واختلف معناه، كما نظم الناس القوافي المتعددة في لفظ العين والخال والهلال وغير ذلك من المشترك. وقد ذكرت هذا في أول شرح لامية العجم وفيه زيادات تتعلق بهذين البيتين أيضا.
ومنه أيضا: ولد ابن الحاجب عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الإمام العلامة الكردي سنة سبعين أو إحدى وسبعين وخمسمئة، وتوفي سنة ست وأربعين وستمئة، وكان أبوه جنديا كرديا حاجبا.
حكاية الأصمعي والشاب العاشق
حكى الأصمعي أنه قال: بينما أنا أسير بالبادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خبروا ... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتبت:
يداري هواه ثم يكتم سره ... ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوبا تحته:(2/101)
يداري هواه ثم يكتم سره ... ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوبا تحته:
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى ... وفي كل يوم قلبه يتقطع
فكتبت تحته:
إذا لم يجد صبرا لكتمان أمره ... فليس له شيء سوى الموت أنفع
فوجدت مكتوبا تحته:
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا ... سلامي على من كان للوصل يمنع
فعدت في اليوم الثالث فوجدت شابا ملقى تحت الحجر ميتا.
لشيخنا العلامة أبي الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني مضمنا:
قد كنت في شرح الشباب بصحة ... وبنعمة طابت بها الأكوان
الروض أنف بالمكارم والعلى ... والحوض من نعمائها ملآن
ذهبت ولم أعرف لها أقدارها ... والماء يعرف قدره الظمآن
وله أيضا في المعنى مضمنا:
لله أيام تقضت بالغضا ... في صحبة الأحباب بنا وبانوا
قد كنت فيها غافلا عن ذكرها ... والقلب من كأس اللقا ريان
ذهبت فهمت هيام هيم لغب ... والماء يعرف قدره الظمآن
وله أيضا: في المعنى بعينه:
قد كنت في روق الصبا ذا نعمة ... ما أن لموقعها لدي مكان
ذهبت غضارتها فهمت بذكرها ... والماء يعرف قدره الظمآن
وجدت بخط شيخنا المشار إليه ما صورته: رأيت في بعض ليالي شهرنا هذا وهو شهر ذي الحجة الحرام سنة العشرين بعد المئة والألف كأني أنظر في كتاب كأنه الذكرى في نجاسة الماء القليل بالملاقاة وفيه ما هذا حكايته. ولما أظهر الحسن بن أبي عقيل القول بعدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة بمكة استخف به وهجره أصحابه هذه صورة المنام وهو من غريب المنامات.
مسألة من المسائل البغدادية
وهي للمحقق قدس الله سره: إذا أتلف الإنسان على غيره دابة أو جارية هل
يلزمه المثل والقيمة وما الحكم في ذلك؟ (الجواب) يلزمه القيمة لأن المثل متعذر فإلزامه حرج وضيق وهما منفيان. نعم لو أمل وجود المثل من كل وجه وإن كان نادرا ودفعه المتلف لزم صاحب التالف أخذه، وظاهر كلام الأصحاب إن المستقر في الذمة القيمة لا غير، ويلزم على هذا جواز امتناع صاحبه عن قبض مثله لو اتفق انتهى. قال شيخنا أبو الحسن المتقدم ذكره بعد نقل هذا الكلام: ما أفاده قدس الله سره في غاية المتانة والقوة.(2/102)
وهي للمحقق قدس الله سره: إذا أتلف الإنسان على غيره دابة أو جارية هل
يلزمه المثل والقيمة وما الحكم في ذلك؟ (الجواب) يلزمه القيمة لأن المثل متعذر فإلزامه حرج وضيق وهما منفيان. نعم لو أمل وجود المثل من كل وجه وإن كان نادرا ودفعه المتلف لزم صاحب التالف أخذه، وظاهر كلام الأصحاب إن المستقر في الذمة القيمة لا غير، ويلزم على هذا جواز امتناع صاحبه عن قبض مثله لو اتفق انتهى. قال شيخنا أبو الحسن المتقدم ذكره بعد نقل هذا الكلام: ما أفاده قدس الله سره في غاية المتانة والقوة.
لله در القائل:
لله قوم إذا ما الليل جهنم ... قاموا من الفرش للرحمن عبادا
ويركبون مطايا لا تملهم ... إذا هم بمنادي الصبح قد نادى
هم إذا ما بياض الصبح لاح لهم ... قالوا من الشوق ليت الليل قد عادا
هم المطيعون في الدنيا لسيدهم ... وفي القيامة سادوا كل من سادا
الأرض تبكي عليهم حين تفقدهم ... لأنهم جعلوا للأرض أوتادا
غيره لغيره:
حشاشة نفسي في حشاها سكنتم ... فدى لكم ربع به قد حللتم
منائي من الدنيا وإن جرتم أنتم ... قنعت بطيف من خيال بعثتم
وكنت بوصل منكم غير قانع
إذا ما بدا برق من النجد سحرة ... ونار الهوى أجرت على الخد عبرة
وألقى النوى بين الأضالع جمرة ... تمنيت من ليلى على البعد نظرة
لتطفي جوى بين الحشا والأضالع
طويل أسى ليلى عظامي قد برى ... وللصبر قلت في نواها قوى العرى
وبالطيف منها كان يطعمني الكرى ... فقالت نساء الحي تطمع أن ترى
محاسن ليلى مت بداء المطامع
فقلت وهل يوما أمر ببابها ... وعيني أجلوها بكحل ترابها
فجارتها قالت بحسن خطابها ... فكيف ترى ليلى يعين ترابها
سواها وما طهرتها بالمدامع
أتحسب أن تحظى بوصل وتظفرا ... وتلقى جناب العز منها مشمرا
وتعرض ما لاقيت منها وما عرى ... وتلتذ منها بالحديث وقد جرى
حديث سواها في خروق المسامع
غيره لغيره:(2/103)
حشاشة نفسي في حشاها سكنتم ... فدى لكم ربع به قد حللتم
منائي من الدنيا وإن جرتم أنتم ... قنعت بطيف من خيال بعثتم
وكنت بوصل منكم غير قانع
إذا ما بدا برق من النجد سحرة ... ونار الهوى أجرت على الخد عبرة
وألقى النوى بين الأضالع جمرة ... تمنيت من ليلى على البعد نظرة
لتطفي جوى بين الحشا والأضالع
طويل أسى ليلى عظامي قد برى ... وللصبر قلت في نواها قوى العرى
وبالطيف منها كان يطعمني الكرى ... فقالت نساء الحي تطمع أن ترى
محاسن ليلى مت بداء المطامع
فقلت وهل يوما أمر ببابها ... وعيني أجلوها بكحل ترابها
فجارتها قالت بحسن خطابها ... فكيف ترى ليلى يعين ترابها
سواها وما طهرتها بالمدامع
أتحسب أن تحظى بوصل وتظفرا ... وتلقى جناب العز منها مشمرا
وتعرض ما لاقيت منها وما عرى ... وتلتذ منها بالحديث وقد جرى
حديث سواها في خروق المسامع
غيره لغيره:
أصبحت من ألم الفراق على شفا ... وسوى الوصال فما لدائي من شفا
يا هاجرين ترفقوا بمتيم ... ما حال عن حال المودة والوفا
كلا وما نقض العهود ولم يزل ... كلفا بحفظ الود لا متكلفا
ما ينثني عنكم ولا يصغي إذا ... ما نمق الواشي الكلام وزخرفا
ألف الوفا وجفا الجفا ونفى عن الجفن الكرى فغدا بطرف ما عفا صافاكم فصفي وسمى في الهوى ... متصوفا صافي الضمائر منصفا
فعلام قاطعتم محبا طالما ... واصلتموه تكرما وتعطفا
عودوا بعودكم عليلا منكم ... ما اعتاد هجرا فالعدو قد اشتفى
المكتبات القديمة المهمة
فائدة: حكى صاحب عمدة النسب أن كتب السيد المرتضى كانت ثمانين ألف مجلد. قال: ويحكى عن الصاحب إسماعيل بن عباد أن كتبه كانت تحتاج إلى سبعمئة بعير. قال: وحكى عن الشيخ الرافعي أن كتبه مئة ألف وأربعة عشر ألف مجلد. قال: وقد أناف القاضي عبد الرحمن الشيباني على جميع من جمع الكتب فاجتمعت خزانته على مئة ألف مجلد وأربعين ألف وأربعة عشر ألف مجلّد كذا نقله سيدنا السيد هاشم البحراني في كتاب مدينة المعاجز.
منام أبي كثير الكوفي
وروى ابن شهر آشوب قال: حدث أبو عبد الله محمد بن أحمد الديلمي البصري عن محمد بن أبي كثير الكوفي قال: كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما فرأيت في منامي طائرا معه نور من الجوهر فيه شيء أحمر شبه الخلوق فنزل إلى البيت المحيط برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم أخرج شخصين من الضريح فأخلقهما بذلك الخلوق في عوارضهما ثم ردهما إلى الضريح وعاد مرتفعا، فسألت من حولي ما هذا الطائر وما هذا الخلوق؟ فقال: هذا ملك يجيء في كل جمعة فيخلقهما، فأزعجني ما رأيت فأصبحت لا تطيب نفسي بلعنهما، فدخل عليّ الصادق عليه السّلام فلما رآني ضحك وقال: رأيت الطائر؟ فقلت: نعم يا سيدي.
فقال: اقرأ: {(إِنَّمَا النَّجْوى ََ مِنَ الشَّيْطََانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضََارِّهِمْ شَيْئاً إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ)} فإذا رأيت شيئا تكرهه فاقرأها، والله ما هو ملك موكل بهما لإكرامهما
بل هو ملك موكل بمشارق الأرض ومغاربها إذا قتل قتيلا ظالما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما لأنهما سبب كل ظلم مذ كانا.(2/104)
فقال: اقرأ: {(إِنَّمَا النَّجْوى ََ مِنَ الشَّيْطََانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضََارِّهِمْ شَيْئاً إِلََّا بِإِذْنِ اللََّهِ)} فإذا رأيت شيئا تكرهه فاقرأها، والله ما هو ملك موكل بهما لإكرامهما
بل هو ملك موكل بمشارق الأرض ومغاربها إذا قتل قتيلا ظالما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما لأنهما سبب كل ظلم مذ كانا.
معجزة للإمام الباقر عليه السّلام
كتاب عيون المعجزات للسيد المرتضى علم الهدى قال: روى لي الشيخ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن نضر (رض) يرفع الحديث برجاله إلى محمد بن جعفر الراسي مرفوعا إلى جابر قال: لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا في أيامهم الدم الحرام ولعنوا أمير المؤمنين عليه السّلام على منابرهم ألف شهر واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم وأعانتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام الدنيا وصارت محنتهم على الشيعة ولعن أمير المؤمنين عليه السّلام فمن لم يلعنه قتلوه، فلما فشى ذلك في الشيعة وكثر وطال اشتكت الشيعة إلى زين العابدين عليه السّلام وقالوا: يابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أجلونا عن البلدان وافنونا بالقتل الذريع وقد أعلنوا بسب أمير المؤمنين عليه السّلام في البلدان وفي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى منبره لا ينكر عليهم منكر ولا يغير عليهم مغير فإن أنكر واحد منا على لعنه قالوا:
هذا ترابي ورفع ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه هذا ذكر أبا تراب بخير ضرب وحبس ثم قتل، فلما سمع ذلك نظر إلى السماء وقال: سبحانك ما أعظم شأنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم وهذا كله بعينك إذ لا يغلب قضاؤكم ولا يرد تدبير محتوم أمرك فهو كيف شئت وأنّى شئت عالما اعلم به منا، ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر عليه السّلام فقال: يا محمد. قال: لبيك. قال: إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا. قال جابر:
فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول، فلما كان من الغد جئته وقد طال علي ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط، فبينما أنا بالباب إذ خرج عليه السّلام فسلمت عليه فرد السلام فقال: ما غدا بك يا جابر ولم تأتنا في هذا المكان وفي هذا الوقت؟ فقلت: لقول الإمام بالأمس: خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل عليه السّلام وصر إلى مسجد جدك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فيهلك الناس جميعا. قال الباقر عليه السّلام: والله لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين بل في لحظة، ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبأمره نعمل يا جابر. فقال جابر:
فقلت: يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا؟ قال لي: أما حضرت بالأمس
والشيعة إلى أبي ما يقولون؟ فقلت: يا سيدي ومولاي نعم. فقال: إنه أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ويطهّر الله العباد والبلاد منهم. قال جابر: فقلت: يا سيدي ومولاي وكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصى؟ فقال الباقر عليه السّلام: امض بنا إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها ومنّ بها علينا من دون الناس. فقال جابر: فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاح منه رائحة المسك فكان في المنظم أدق من سم الخياط ثم قال: خذ يا جابر طرف الخيط وامض رويدا وإياك أن تحركه.(2/105)
فقلت: يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا؟ قال لي: أما حضرت بالأمس
والشيعة إلى أبي ما يقولون؟ فقلت: يا سيدي ومولاي نعم. فقال: إنه أمرني أن أرعبهم لعلهم ينتهون وكنت أحب أن تهلك طائفة منهم ويطهّر الله العباد والبلاد منهم. قال جابر: فقلت: يا سيدي ومولاي وكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصى؟ فقال الباقر عليه السّلام: امض بنا إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها ومنّ بها علينا من دون الناس. فقال جابر: فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاح منه رائحة المسك فكان في المنظم أدق من سم الخياط ثم قال: خذ يا جابر طرف الخيط وامض رويدا وإياك أن تحركه.
قال: فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا فقال عليه السّلام: قف يا جابر، فوقفت ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه حركه من لينه، ثم قال عليه السّلام: ناولني طرف الخيط فناولته وقلت: ما فعلت به يا سيدي؟ قال: ويحك اخرج فانظر ما حال الناس. قال جابر: فخرجت من المسجد وإذ الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة. وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا ونساء دون الولدان، وإذ الناس في صياح وبكاء وعويل وهم يقولون: إن الله وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهم يقولون: هدمة عظيمة، وبعضهم يقول: زلزلة، وبعضهم يقول: كيف لا نخسف وقد تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظهر فينا الفسوق والفجور وظلم آل الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والله ليزلزل بنا أشد من هذا أو يصلح من أنفسنا ما أفسدنا. قال جابر:
فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون فأبكاني بكاؤهم وهم لا يدرون من أين أتوا، فانصرفت إلى الباقر عليه السّلام وقد حف به الناس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهم يقولون: يابن رسول الله أما ترى إلى ما ترك بنا فادع الله تعالى لنا؟
فقال عليه السّلام: افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة، ثم أخذ بيدي وسار بي فقال:
ما حال الناس؟ فقلت: لا تسأل يا بن رسول الله خربت الدور والمساكن وهلك الناس ورأيتهم بحال رحمتهم. فقال عليه السّلام: لا رحمهم الله، أما أنه قد بقيت عليه بقية ولولا ذلك لم ترحم أعداءنا وأعداء أوليائنا، ثم قال: سحقا سحقا بعدا بعدا للقوم الظالمين، والله لولا مخالفة والدي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين فما أنزلونا وأولياءنا من أعدائنا، هذه المنزلة غيرهم وجعلت أعلاها أسفلها وكان لا يبقي فيها دارا ولا جدارا ولكني أمرني مولاي أن أحرك تحريكا ساكنا ثم صعد عليه السّلام المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة فنزلت
بالمدينة زلزلة عظيمة وتهدمت دورهم ثم تلى الباقر عليه السّلام: {(ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنََّا لَصََادِقُونَ.} {ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِمََا كَفَرُوا وَهَلْ نُجََازِي إِلَّا الْكَفُورَ)} وتلا أيضا: {(فَلَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا جَعَلْنََا عََالِيَهََا سََافِلَهََا)} وتلا: {(فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتََاهُمُ الْعَذََابُ مِنْ حَيْثُ لََا يَشْعُرُونَ)}.(2/106)
ما حال الناس؟ فقلت: لا تسأل يا بن رسول الله خربت الدور والمساكن وهلك الناس ورأيتهم بحال رحمتهم. فقال عليه السّلام: لا رحمهم الله، أما أنه قد بقيت عليه بقية ولولا ذلك لم ترحم أعداءنا وأعداء أوليائنا، ثم قال: سحقا سحقا بعدا بعدا للقوم الظالمين، والله لولا مخالفة والدي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين فما أنزلونا وأولياءنا من أعدائنا، هذه المنزلة غيرهم وجعلت أعلاها أسفلها وكان لا يبقي فيها دارا ولا جدارا ولكني أمرني مولاي أن أحرك تحريكا ساكنا ثم صعد عليه السّلام المنارة وأنا أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة فنزلت
بالمدينة زلزلة عظيمة وتهدمت دورهم ثم تلى الباقر عليه السّلام: {(ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنََّا لَصََادِقُونَ.} {ذََلِكَ جَزَيْنََاهُمْ بِمََا كَفَرُوا وَهَلْ نُجََازِي إِلَّا الْكَفُورَ)} وتلا أيضا: {(فَلَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا جَعَلْنََا عََالِيَهََا سََافِلَهََا)} وتلا: {(فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتََاهُمُ الْعَذََابُ مِنْ حَيْثُ لََا يَشْعُرُونَ)}.
قال جابر: فخرجت العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين ويتضرعن متكشفات لا يلتفت إليهن أحد، فلما نظر الباقر عليه السّلام إلى تحير العواتق رق لهن فوضع الخيط في كمه فسكنت الزلزلة، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه وأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول: أما سمعتم الهمهمة في الهدم؟ فقال بعضهم: بل كانت همهمة كثيرة، فقال قوم آخرون: بل والله كلام كثير إلا أنا لم نقف على الكلام.
قال جابر (رض) فنظر إلي الباقر عليه السّلام وتبسم، ثم قال يا جابر: هذا لما طغوا وبغوا. فقلت: يابن رسول الله ما هذا الخيط الذي فيه العجب؟ فقال: بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة وينصبه جبرئيل، ويحك يا جابر إنا من الله بمكان ومنزلة رفيعة فلولا نحن لم يخلق الله سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنة ولا انسا، ويحك يا جابر لا يقاس بنا أحد، يا جابر بنا والله أنقذكم وبنا نعشكم وبنا هداكم ونحن والله دللناكم على ربكم فقفوا عند أمرنا ونهينا ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم، فإنا بنعم الله أجل وأعظم من أن ترد علينا وجميع ما يرد عليكم منا فافهموه فاحمدوا الله عليه وما جهلتموه فانكلوه إلينا وقولوا أئمتكم أعلم ما قالوا.
قال جابر (رض): ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمه وهو ينادي: معاشر الناس احضروا ابن رسول الله علي ابن الحسين عليه السّلام وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والإنابة لعل الله أن يصرف عنكم العذاب. قال جابر: فلما بصر الأمير بالباقر محمد بن علي عليه السّلام سارع نحوه وقال: يابن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد هلكوا وفنوا؟ ثم قال: أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرب إلى الله تعالى فيرفع عن أمة محمد البلاء. فقال الباقر عليه السّلام نفعل إن شاء الله تعالى ولكن أصلحوا من أنفسكم وعليكم بالتوبة والنزع عما أنتم عليه فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. قال الخاسرون. قال جابر: فأتينا زين العابدين عليه السّلام بأجمعنا وهو يصلي فانتظرنا حتى انفتل وأقبل علينا ثم قال لي سرا: يا محمد كدت أن تهلك الناس
جميعا. قال جابر: والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه. فقال عليه السّلام: يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار فأخبر الناس فأخبرنا فقال: ذلك مما استحلوا منا محارم الله وانتهكوا من حرمتنا. فقلت: يابن رسول الله إن سلطانهم بالباب فقد سألنا أن نسألك أن تحضر بالمسجد حتى تجتمع الناس إليك فيه فيدعون الله ويتضرعون إليه ويسألونه الإقالة، فتبسم عليه السّلام ثم تلا: {(أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنََاتِ قََالُوا بَلى ََ قََالُوا فَادْعُوا وَمََا دُعََاءُ الْكََافِرِينَ إِلََّا فِي ضَلََالٍ)} قلت:(2/107)
قال جابر (رض): ثم استقبله أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمه وهو ينادي: معاشر الناس احضروا ابن رسول الله علي ابن الحسين عليه السّلام وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والإنابة لعل الله أن يصرف عنكم العذاب. قال جابر: فلما بصر الأمير بالباقر محمد بن علي عليه السّلام سارع نحوه وقال: يابن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد هلكوا وفنوا؟ ثم قال: أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد فنتقرب إلى الله تعالى فيرفع عن أمة محمد البلاء. فقال الباقر عليه السّلام نفعل إن شاء الله تعالى ولكن أصلحوا من أنفسكم وعليكم بالتوبة والنزع عما أنتم عليه فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. قال الخاسرون. قال جابر: فأتينا زين العابدين عليه السّلام بأجمعنا وهو يصلي فانتظرنا حتى انفتل وأقبل علينا ثم قال لي سرا: يا محمد كدت أن تهلك الناس
جميعا. قال جابر: والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه. فقال عليه السّلام: يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار فأخبر الناس فأخبرنا فقال: ذلك مما استحلوا منا محارم الله وانتهكوا من حرمتنا. فقلت: يابن رسول الله إن سلطانهم بالباب فقد سألنا أن نسألك أن تحضر بالمسجد حتى تجتمع الناس إليك فيه فيدعون الله ويتضرعون إليه ويسألونه الإقالة، فتبسم عليه السّلام ثم تلا: {(أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنََاتِ قََالُوا بَلى ََ قََالُوا فَادْعُوا وَمََا دُعََاءُ الْكََافِرِينَ إِلََّا فِي ضَلََالٍ)} قلت:
يا سيدي ومولاي العجب انهم لا يدرون من أين أتوا. فقال عليه السّلام: أجل ثم تلا:
{(فَالْيَوْمَ نَنْسََاهُمْ كَمََا نَسُوا لِقََاءَ يَوْمِهِمْ هََذََا وَمََا كََانُوا بِآيََاتِنََا يَجْحَدُونَ)} هي والله يا جابر آياتنا وهذه والله أحدها وهي مما وصف الله تعالى في كتابه {(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبََاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذََا هُوَ زََاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمََّا تَصِفُونَ)} ثم قال عليه السّلام: يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا أعداءنا وهتكوا حرمتنا وظلمونا حقنا وغصبونا إرثنا وأعانوا الظالمين علينا وأحيوا سنتهم وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين وإطفاء نور الحق. قال جابر فقلت الحمد لله الذي منّ عليّ بمعرفتكم وعرفني فضلكم وألهمني طاعتكم. الحديث ورواه ابن شهر آشوب في كتاب المناقب أيضا.
ظهور الفضل بعد الموت
قال السيد نعمة الله قدس الله سره في كتاب شرح غوالي اللآلي إن شيخنا المتقدم صاحب التفسير الموسوم بنور الثقلين المشتمل على تفسير القرآن المجيد بالأحاديث وحدها لما ألفه في شيراز كنت أقرأ عنده في أصول الكافي، فأتيت يوما إلى الأستاذ المحدث الشيخ جعفر البحراني فقلت له: إن كان تفسير الشيخ عبد علي مفيدا نافعا استكتبته وإلا فلا، فأجابني إن هذا التفسير ما دام مؤلفه في الحياة فهو لا تعادل قيمته فلسا واحدا وإذا مات أول من يكتبه أنا، ثم أنشدني بيتين:
ترى الفتى ينكر فضل الفتى ... حيا فإذا ما ذهب
لج به الحرص على نكتة ... يكتبها عنه بماء الذهب
منتخب من شرح غوالي اللآلي
وقال أيضا قدس الله سره في مقدمة شرح الكتاب المذكور:
الفصل الأول: في السبب الذي حداني على شرح هذا الكتاب وهو أمور:
الأول: أنه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلا أنهم معرضون عن مطالعته ومدارسته ونقل أحاديثه وشيخنا المعاصر أبقاه الله تعالى ربما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه بتكثر مراسيله، ولأنه لم يذكر مأخذ الأخبار من الكتب القديمة ويرجع بعد ذلك إلى الرغبة فيه لأن جماعة من متأخري أهل الرجال وغيرهم من ثقاة أصحابنا وثقوه وأطنبوا في الثناء عليه ونصوا على إحاطة علمه بالمعقول والمنقول، وله تصانيف فائقة ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور سيما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة في مجلس السيد محسن في المشهد الرضوي على ساكنه وأبنائه وآبائه من الصلوات أكملها ومن التحيات أجزلها ومثله لا يتهم في نقل الأخبار من مواردها ولو فتحنا هذا الباب على إجلاء هذه الطائفة لأفضى بنا الحال إلى الوقوع على أمور لا نحب ذكرها. على أنا تتبعنا ما تضمنه هذا الكتاب من الأخبار فحصل الإطلاع على أماكنها التي انتزعها منه مثل الأصول الأربعة وغيرها من كتب الصدوق وغيره من ثقاة أصحابنا أهل الفقه والحديث، ولعلنا نشير في تضاعيف هذا الشرح إلى جملة وافية منها.(2/108)
الفصل الأول: في السبب الذي حداني على شرح هذا الكتاب وهو أمور:
الأول: أنه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلا أنهم معرضون عن مطالعته ومدارسته ونقل أحاديثه وشيخنا المعاصر أبقاه الله تعالى ربما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه بتكثر مراسيله، ولأنه لم يذكر مأخذ الأخبار من الكتب القديمة ويرجع بعد ذلك إلى الرغبة فيه لأن جماعة من متأخري أهل الرجال وغيرهم من ثقاة أصحابنا وثقوه وأطنبوا في الثناء عليه ونصوا على إحاطة علمه بالمعقول والمنقول، وله تصانيف فائقة ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور سيما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة في مجلس السيد محسن في المشهد الرضوي على ساكنه وأبنائه وآبائه من الصلوات أكملها ومن التحيات أجزلها ومثله لا يتهم في نقل الأخبار من مواردها ولو فتحنا هذا الباب على إجلاء هذه الطائفة لأفضى بنا الحال إلى الوقوع على أمور لا نحب ذكرها. على أنا تتبعنا ما تضمنه هذا الكتاب من الأخبار فحصل الإطلاع على أماكنها التي انتزعها منه مثل الأصول الأربعة وغيرها من كتب الصدوق وغيره من ثقاة أصحابنا أهل الفقه والحديث، ولعلنا نشير في تضاعيف هذا الشرح إلى جملة وافية منها.
وأما اطلاعه وكمال معرفته بعلم الفلاسفة وحكمتها وعلم التصوف وحقيقته فغير قادح في جلالة شأنه، فإن أكثر علمائنا من القدماء والمتأخرين قد حققوا هذين العلمين ونحوهما من الرياضي والنجوم والمنطق، وهذا غني عن البيان وتحقيقهم لتلك العلوم ونحوها ليس للعمل بأحكامها وأصولها والاعتقاد بها، بل لمعرفتهم بها والاطلاع على مذاهب أهلها.
حكى لي عالم من أولاد شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه أن بعض الناس كان يتهم الشيخ في زمان حياته بالتسنن لأنه كان يدرس في بعلبك وغيرها من بلاد المخالفين على المذاهب الأربعة نهارا ويدرس على مذهب الإمامية ليلا، وكان معرفته بفقه المذاهب الأربعة واطلاعه طاب ثراه على كتب أحاديثهم وفروعهم أعلى من معرفتهم بمذاهبهم. وكذلك الشيخ كمال الدين ميثم البحراني عطر الله مرقده فإنه في تحقيق حكمة الفلاسفة ونحوها أجل شأنا من أفلاطون وأرسطو ونحوهما من أساطين الحكماء، ومن طالع شرحه الكبير على كتاب نهج البلاغة علم صحة هذا المقال.
وأما ما ذكر من التأويلات التي ينطبق ظاهرها على لسان الشريعة فإنما هي في ظاهر المقال أو عند التحقيق حكاية لأقوال الحكماء والصوفية ومن قال بمقالاتهم، وليس هو قولا له في تلك التأويلات البعيدة.
وأما شيخنا بهاء الملة والدين طيب الله ثراه وقد تكلم فيه بعضهم تارة بميله إلى علوم الصوفية وأخرى بسماعه الغناء وثالثا بحسن معاشرته لطوائف الإسلام وأهل الملل بل وغيرهم من الملاحدة وأهل الأقوال الباطلة، حتى أني وردت البصرة وكان أعلمهم رجلا يسمى الشيخ عمر فتجارينا في البحث والكلام حتى انتهينا إلى أحوال الشيخ بهاء الدين (ره) فقال: لعلكم تزعمون أنه من الإمامية لا والله بل هو من أهل السنة والجماعة وكان يتقي من سلطان العصر، فلما سمعت منه هذا الكلام أطلعته على مذهب الشيخ وعلى ما تحقق به عنده أنه من الإمامية، فتحير ذلك الرجل وشك في مذهب نفسه، بل قيل أنه رجع عنه باطنا.(2/109)
وأما ما ذكر من التأويلات التي ينطبق ظاهرها على لسان الشريعة فإنما هي في ظاهر المقال أو عند التحقيق حكاية لأقوال الحكماء والصوفية ومن قال بمقالاتهم، وليس هو قولا له في تلك التأويلات البعيدة.
وأما شيخنا بهاء الملة والدين طيب الله ثراه وقد تكلم فيه بعضهم تارة بميله إلى علوم الصوفية وأخرى بسماعه الغناء وثالثا بحسن معاشرته لطوائف الإسلام وأهل الملل بل وغيرهم من الملاحدة وأهل الأقوال الباطلة، حتى أني وردت البصرة وكان أعلمهم رجلا يسمى الشيخ عمر فتجارينا في البحث والكلام حتى انتهينا إلى أحوال الشيخ بهاء الدين (ره) فقال: لعلكم تزعمون أنه من الإمامية لا والله بل هو من أهل السنة والجماعة وكان يتقي من سلطان العصر، فلما سمعت منه هذا الكلام أطلعته على مذهب الشيخ وعلى ما تحقق به عنده أنه من الإمامية، فتحير ذلك الرجل وشك في مذهب نفسه، بل قيل أنه رجع عنه باطنا.
وحدثني عنه أوثق مشائخي في أصفهان أنه أتى في بعض السنين إلى السلطان الأعظم الشاه عباس الأول تغمده الله برضوانه جماعة من علماء الملاحدة طالبين المناظرة مع أهل الأديان فأرسلهم إلى حضرة الشيخ بهاء الدين فاتفق أنهم وردوا مجلسه وقت الدرس وعلم ما أتوا به فشرع في نقل مذاهب الملاحدة وفي دلائلهم وفي الجواب عنها حتى مضى عامة النهار. فقام الملاحدة وقبلوا الأرض بين يديه وقالوا: هذا الشيخ هو عالمنا وعلى ديننا ونحن له تبع، ثم لما تحققوا مذهبه بعد ذلك رجعوا إلى دين الإسلام. ولو أنه طاب ثراه ناظرهم كمناظرة الخصوم لكان متهما عندهم ولما رجعوا عن باطلهم.
وهذا نوع لطيف من المناظرة استعمله الأنبياء والأئمة عليهم السّلام في المباحثة مع المعاندين وأهل التعصب في المذاهب الباطلة، وقد أمروا به لقول الله تعالى:
{(وَجََادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)} ومنهم ما حكاه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله: {(إِنََّا أَوْ إِيََّاكُمْ لَعَلى ََ هُدىً أَوْ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ)} وفي سورة الكافرين: {(لََا أَعْبُدُ مََا تَعْبُدُونَ. وَلََا أَنْتُمْ عََابِدُونَ مََا أَعْبُدُ)} إلى قوله: {(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)}.
ومن طالع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي قدس سره يظهر له أن هذه الطريقة في الأصل والأنفع في استجلاب المخالفين إلى الدخول في الدين القويم وحدثني أيضا ذلك الشيخ أبقاه الله تعالى أن رجلين من أهل بلدة بهبهان شيعيّا وسنيّا تناظرا وتباحثا في المذاهب فاتفق رأيهما على أن يأتيا إلى أصفهان ويسألا ذلك الشيخ عن مذهبه، فلما وردا أصفهان جاء الرجل الشيعي إلى الشيخ سرا عن صاحبه وحكى له ما جرى بينه وبين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا واعلماه أنهما تراضيا بدينه شرع في حكاية المذهبين ودلائل الفريقين وما أجاب به علماء المذهبين حتى انقطع النهار، فقاما من عنده كل منهما يدعي أن الشيخ على
مذهبه، فلما بحث الرجل السني عن مذهبه وأنه على دين الإمامية رجع إليه.(2/110)
ومن طالع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي قدس سره يظهر له أن هذه الطريقة في الأصل والأنفع في استجلاب المخالفين إلى الدخول في الدين القويم وحدثني أيضا ذلك الشيخ أبقاه الله تعالى أن رجلين من أهل بلدة بهبهان شيعيّا وسنيّا تناظرا وتباحثا في المذاهب فاتفق رأيهما على أن يأتيا إلى أصفهان ويسألا ذلك الشيخ عن مذهبه، فلما وردا أصفهان جاء الرجل الشيعي إلى الشيخ سرا عن صاحبه وحكى له ما جرى بينه وبين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا واعلماه أنهما تراضيا بدينه شرع في حكاية المذهبين ودلائل الفريقين وما أجاب به علماء المذهبين حتى انقطع النهار، فقاما من عنده كل منهما يدعي أن الشيخ على
مذهبه، فلما بحث الرجل السني عن مذهبه وأنه على دين الإمامية رجع إليه.
وأيضا كان (ره) كثير السفر إلى بلاد المخالفين وفيها وطنه وأقاربه وعشائره، فكان يحسن المعاشرة معهم لذلك وأمثاله، ولقد صدق في وصف نفسه من قصيدته الرائية حيث قال:
وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي ... ولا تصل الأيدي إلى قعر أسراري
مقامي بفرق الفرقدين فما الذي ... يؤثره مسعاه في خفض مقداري
أعاشر أبناء الزمان بمقتضى ... عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري
وحدثني بعض من أثق به أن بعض علماء هذه الفرقة المحقة كانوا ساكنين في مكة (زادها الله شرفا وتعظيما) فأرسلوا إلى علماء أصفهان من أهل المحاريب والمنابر أنكم تسبون أئمتهم في أصفهان ونحن في الحرمين نعذب بذلك اللعن والسب.
وأيضا المحقق الإمام شيخنا الشيخ عبد علي عطر الله مرقده لما قدم أصفهان وقزوين في عصر السلطان العادل الشاه طهماسب أنار الله برهانه مكنه من الملك والسلطان وقال له: أنت أحق بالملك لأنك النائب عن الإمام عليه السّلام وأنا أكون من عمالك وأقوم بأوامرك ونواهيك. ورأيت للشيخ أحكاما ورسائل إلى الممالك الشاهية إلى عمالها وأهل الاختيار فيها يتضمن قوانين العدل وكيفية سلوك العمال مع الرعية في أخذ الخراج وكميته ومقدار مدته، والأمر لهم بإخراج العلماء من المخالفين لئلا يضلوا الموافقين لهم والمخالفين وأمر بأن يقرر في كل بلدة وقرية إماما يصلي بالناس ويعلمهم شرايع الدين، والشاه تغمده الله برضوانه يكتب كتابه إلى أولئك العمال بامتثال أمر الشيخ وأنه الأصل في تلك الأوامر والنواهي. وكان رحمه الله لا يركب ولا يمضي إلى موضع إلا والشباب يمشي في ركابه مجاهرا بلعن الشيخين ومن على طريقهم، ولما سمع الملوك من المخالفين بهذا الأمر ثارت الفتن بين السلاطين وسفكت الدماء ونهبت الأموال، وكان الشيخ بهاء الملة والدين يلاحظ مثل هذه الأمور ويحسن المعاشرة مع أرباب المذاهب خوفا من إثارة الفتن.
وأما حكاية الغناء فهو طاب ثراه ممن نص على تحريمه وحكى الإجماع عليه وناقش من ذهب إلى تحليله من علمائهم كالغزالي وجماعة من الشافعية، حيث ذهبوا إلى أن الحرام منه ما كان مع آلات اللهو كالعود والطنبور والمزمر ونحن
على ذلك وأما الغناء وحده فحلال، وسيأتي إن شاء الله تحقيق الغناء والكلام فيه والرد على الفاضل الكاشي حيث صار في كتاب الوافي إلى ما حكيناه عن الغزالي.(2/111)
وأما حكاية الغناء فهو طاب ثراه ممن نص على تحريمه وحكى الإجماع عليه وناقش من ذهب إلى تحليله من علمائهم كالغزالي وجماعة من الشافعية، حيث ذهبوا إلى أن الحرام منه ما كان مع آلات اللهو كالعود والطنبور والمزمر ونحن
على ذلك وأما الغناء وحده فحلال، وسيأتي إن شاء الله تحقيق الغناء والكلام فيه والرد على الفاضل الكاشي حيث صار في كتاب الوافي إلى ما حكيناه عن الغزالي.
ثم حكى لي أن الشيخ البهائي طاب ثراه كان يسمع الشعر بألحان ما كان يعتقد أنها من أنواع الغناء وإن كان مما أجمع الأصحاب على تحريمه إلا أنهم اختلفوا في تحقيق معناه فبعضهم أرجعه إلى العرف والعادة، وبعضهم حمله على قول أهل اللغة، فتكون المسألة من مسائل الاجتهاد ولا يلام من قال وذهب إلى قول من الأقوال فيها.
وأما استحسانه لبعض أشعار الصوفية مثل جملة من أشعار المثنوي ومحي الدين ابن عربي ونحوهما فأما تحسين الكلام والحكمة ضالة المؤمن، وفي الحديث: إن إبليس لما ركب مع نوح نبي الله في السفينة ألقى إليه جملة من النصائح والمواعظ، فأمر الله نوحا عليه السّلام بقبولها والعمل بها وقال: أنا الذي أجريتها على لسانه. وكان سيدنا الأجل المرتضى علم الهدى طيب الله ثراه يميل إلى مصاحبة أهل الأديان ويمدح في أشعاره من يستحق المدح لمرتبته في العلم، سيما إسحاق الصابي فإنه كان ملازما لمجلسه مصاحبا له في الحضر والسفر، ولما مات رثاه بقصيدة من قصائد ديوانه ما أظنه رثى أخيه الرضي بمثلها. ونقل أنه إذا كان وصل إلى قبره راكبا يترجل له حتى يتعداه ويركب، فقيل له في ذلك فقال: إنما أترجل تعظيما لما كان عليه من درجة الكمال لا تعظيما لمذاهبه.
وأما ما حكي عن الشيخ (ره) بقوله في شأن المولى الرومي ولي دار وكتاب فلم يثبت وعلى تقدير ثبوته فهو من باب ما حكيناه عن السيد قدس الله روحيهما.
مناظرة بين شيعي وسني
لطيفة: نقل بعض أصحابنا في كتاب له في الإمامة عن رجلين اختصما في الإمامة ثم تراضيا بحكومة أول من لقياه بالباب، فطلعا على يهودي فتحاكما إليه فقال: أنا يهودي فتحاكما إلى غيري فقالا: لابد من ذلك فانا قد تراضينا بأول من نلقاه قل ما شئت فقل تطع. فقال: أما أنت أيها السني فقدمت من اختلف فيه هل هو كافر أو مسلم فويل لك إن كان كافرا، وأما أنت أيها الشيعي فقد قدمت من اختلف فيه هل هو رب أو إمام فطوبى لك في اعتقادك بتقدمه.(2/112)
لطيفة: نقل بعض أصحابنا في كتاب له في الإمامة عن رجلين اختصما في الإمامة ثم تراضيا بحكومة أول من لقياه بالباب، فطلعا على يهودي فتحاكما إليه فقال: أنا يهودي فتحاكما إلى غيري فقالا: لابد من ذلك فانا قد تراضينا بأول من نلقاه قل ما شئت فقل تطع. فقال: أما أنت أيها السني فقدمت من اختلف فيه هل هو كافر أو مسلم فويل لك إن كان كافرا، وأما أنت أيها الشيعي فقد قدمت من اختلف فيه هل هو رب أو إمام فطوبى لك في اعتقادك بتقدمه.
الضمير الراجع إلى النكرة نكرة أم معرفة؟
فائدة: قال شيخنا البهائي في الكشكول: قال الإمام في الأربعين: اختلفوا في أن ضمير النكرة نكرة أو معرفة في مثل «جاءني رجل وضربته» فقال بعضهم:
إنه نكرة لأن مدلوله كمدلول المرجع إليه وهو نكرة فوجب أن يكون الراجع أيضا نكرة والتعريف والتنكير باعتبار المعنى، وقال قوم: إنه معرفة وهو المختار، والدليل عليه أن الهاء في «ضربته» ليست شائعة شياع رجل لأنها تدل على الرجل الجائي خاصة لا على الرجل، والذي يحقق ذلك أنك تقول: «جاءني رجل» ثم تقول: «أكرمني الرجل» ولا تعني الرجل سوى الجائي، ولا خلاف في أن الرجل معرفة فوجب أن يكون الضمير معرفة أيضا لأنه بمعناه. ويعلم من هذا جواب شبهة من زعم أنه نكرة أعني قوله لأن مدلوله كمدلول المرجع إليه انتهى.
وفي الخبر عن الصادق عليه السّلام: اطووا ثيابكم بالليل فإنها إذا كانت منشورة لبسها الشيطان بالليل.
للشيخ فرج الخطي تغمده الله برحمته موشحا:
اسمع هديت نصيحة الأخوان ... وانهض لها وأسرع بغير تواني
يا أيها العبد الضعيف الجاني ... زر بالغري العالم الرباني
كنز العلوم ومعدن الإيمان
واسأل هداك الله واجعل جهدا ... والمرسلين مع الأئمة مقصدا
واخضع لحيدرة الوصي ممجدا ... وقل السلام عليك يا علم الهدى
يا أيها النبأ العظيم الشأن
يا من له الرحمن شرف أصله ... وأحله العليا وطهر نسله
وحباه فاطمة البتولة أهله ... يا من له الأعراف تشهد فضله
يا قاسم الجنات والنيران
مولاي خذ بيدي غداة الموعد ... فالفوز كل الفوز إذ علقت يدي
بولائك السبب القوي وفي غد ... نار تكون قسيمها يا سيدي
أنا آمن منها على جثماني
مناط إرجاع الخلافة العلم والشجاعة
فائدة: قال القاضي وهو من أشد المتعصبين في الإمامة في تفسير قوله
تعالى: {(إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)} ما محصله: إن مناط إرجاع الخلاف العلم والشجاعة فلا يؤثر الله أحدا بها بعد كمال غيره فيها انتهى. قال بعض الأجلاء بعد نقل ذلك عنه: فكأنه غفل عن نقصان خفائه في الأمرين أو ذهل عن الإجماع المنعقد على كمالها في الأئمة المصطفين {(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ)} انتهى.(2/113)
فائدة: قال القاضي وهو من أشد المتعصبين في الإمامة في تفسير قوله
تعالى: {(إِنَّ اللََّهَ اصْطَفََاهُ عَلَيْكُمْ وَزََادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)} ما محصله: إن مناط إرجاع الخلاف العلم والشجاعة فلا يؤثر الله أحدا بها بعد كمال غيره فيها انتهى. قال بعض الأجلاء بعد نقل ذلك عنه: فكأنه غفل عن نقصان خفائه في الأمرين أو ذهل عن الإجماع المنعقد على كمالها في الأئمة المصطفين {(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللََّهِ بِأَفْوََاهِهِمْ وَيَأْبَى اللََّهُ إِلََّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ)} انتهى.
أقول: قال القاضي: إن يجب بأن خلافة المشائخ ليست من جهة الله بل من جهة أصحابهم فلا منافاة بين كون أمير المؤمنين خليفة من عند الله ورسوله والمشائخ خلفاء من جهة إجماع الأمة لما عرفوا من المصلحة في مخالفة أمر الله ورسوله كما صرح به غير واحد من علمائهم، وقد بسطنا الكلام في المقام ونقلنا جملة من كلام أولئك الأعلام في رسالة الشهاب الثاقب، فلا يرد ما أوردناه هنا فافهم. فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا. ألا أنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
جعل العقيق في فم الميت
فائدة: قال السيد الأجل ابن طاوس في كتاب فلاح السائل: كان جدي ورام ابن أبي فراس قدس الله سره وهو ممن يقتدى بفعله قد أوصى أن يجعل في فمه بعد وفاته فص عقيق عليه أسماء الأئمة عليهم السّلام فنقشت أنا فصا عقيقا عليه «الله ربي ومحمد نبي وسميت الأئمة إلى آخرهم أئمتي ووسيلتي» وأوصيت بأن يجعل في فمي بعد الموت ليكون جواب الملكين عند المسألة في القبر انتهى. وظاهر كلام السيد عدم الوقوف على خبر بذلك بل فعله اقتداء بجده قدس الله سره والله أعلم.
قصيدة منسوبة إلى الشهيد
شعر حسن:
ألمت بنا والليل من دونها ستر ... ولاح لنا شمس وقد طلع البدر
فقلت لها من أنت قالت تعجبا ... وهل سائل للبدر من أنت يا بدر
أنا الفضة البيضاء قد نالها جمر ... أنا الكوكب الدري أنا الكاعب البكر
فبتنا على رغم الحسود وبيننا ... حديث كنشر المسك شيب به حمر
حديث لو أن الميت يؤتى ببعضه ... لأصبح حيا بعدما ضمه القبر
فوسدتها زندي وبت ضجيعها ... وقلت لليلي طل فقد رقد البدر
فلما أضاء الصبح فرق بيننا ... وأي نعيم لا يكدره الدهر
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما ذعر
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
عجبت لساعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما انتفض العصفور بلله القطر
هذه الابيات قد نسبها بعض أولاد الشيخ الشهيد قدس الله سره إلى جده الشيخ الشهيد المشار إليه وقال: إن قوله «أما والذي» إلى آخره لم يوجد في كثير من النسخ ولكنه وجده في كتاب عتيق من خط الشهيد قدس الله سره وكان اسم الرجل المشار إليه الشيخ مكي بن محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين ابن محمد بن علي بن شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد بن شمس الدين بن محمد بن بهاء الدين بن علي بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين محمد الشهيد ابن شرف الدين مكي والد السعيد الشهيد، هكذا نسب نفسه أطال الله بقاه وقد اجتمعت به في النجف الأشرف وقت تشرفت بتقبيل أعتاب ذلك المقام النير الأعلام على مشرفه أفضل الصلاة والسلام، وقد أتى سلمه الله من بلاده جبل عامل مهاجرا في طلب العلم، وكان على غاية من التقى والصلاح والديانة، وقد صارت له معنا سلمه الله صحبة أكيدة ومحبة زائدة أمده الله تعالى بالتوفيقات الربانية والرواشح السبحانية.(2/114)
ألمت بنا والليل من دونها ستر ... ولاح لنا شمس وقد طلع البدر
فقلت لها من أنت قالت تعجبا ... وهل سائل للبدر من أنت يا بدر
أنا الفضة البيضاء قد نالها جمر ... أنا الكوكب الدري أنا الكاعب البكر
فبتنا على رغم الحسود وبيننا ... حديث كنشر المسك شيب به حمر
حديث لو أن الميت يؤتى ببعضه ... لأصبح حيا بعدما ضمه القبر
فوسدتها زندي وبت ضجيعها ... وقلت لليلي طل فقد رقد البدر
فلما أضاء الصبح فرق بيننا ... وأي نعيم لا يكدره الدهر
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما ذعر
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
عجبت لساعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر
وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما انتفض العصفور بلله القطر
هذه الابيات قد نسبها بعض أولاد الشيخ الشهيد قدس الله سره إلى جده الشيخ الشهيد المشار إليه وقال: إن قوله «أما والذي» إلى آخره لم يوجد في كثير من النسخ ولكنه وجده في كتاب عتيق من خط الشهيد قدس الله سره وكان اسم الرجل المشار إليه الشيخ مكي بن محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين ابن محمد بن علي بن شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد بن شمس الدين بن محمد بن بهاء الدين بن علي بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين محمد الشهيد ابن شرف الدين مكي والد السعيد الشهيد، هكذا نسب نفسه أطال الله بقاه وقد اجتمعت به في النجف الأشرف وقت تشرفت بتقبيل أعتاب ذلك المقام النير الأعلام على مشرفه أفضل الصلاة والسلام، وقد أتى سلمه الله من بلاده جبل عامل مهاجرا في طلب العلم، وكان على غاية من التقى والصلاح والديانة، وقد صارت له معنا سلمه الله صحبة أكيدة ومحبة زائدة أمده الله تعالى بالتوفيقات الربانية والرواشح السبحانية.
ترجمة أياس بن معاوية
حكى المسعودي: في شرح الإلهامات أن المهدي العباسي لما دخل البصرة رأى أياس بن معاوية وهو صبي وخلفه أربعمئة من العلماء وأصحاب الطيالسة وأياس يقدمهم، فقال المهدي: اف لهؤلاء العباسيين أما كان فيهم شيخ يقدمهم غير هذا الحدث. ثم إن المهدي التفت إليه وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني أطال الله بقاء أمير المؤمنين سن أسامة بن زيد لما ولاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جيشا فيهم أبو بكر وعمر. فقال له: تقدم بارك الله فيك. قال بعض أشياخنا وقد جمع بعضهم مجلدا في ذكر أياس بن معاوية وذكائه وأجوبته.
يقال: إنه نظر يوما إلى ثلاث نسوة فزعن من شيء فقال: هذه حامل وهذه مرضع وهذه بكر. فسئلن فكان الأمر على ما ذكره فقيل له: من أين لك هذا؟(2/115)
حكى المسعودي: في شرح الإلهامات أن المهدي العباسي لما دخل البصرة رأى أياس بن معاوية وهو صبي وخلفه أربعمئة من العلماء وأصحاب الطيالسة وأياس يقدمهم، فقال المهدي: اف لهؤلاء العباسيين أما كان فيهم شيخ يقدمهم غير هذا الحدث. ثم إن المهدي التفت إليه وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني أطال الله بقاء أمير المؤمنين سن أسامة بن زيد لما ولاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جيشا فيهم أبو بكر وعمر. فقال له: تقدم بارك الله فيك. قال بعض أشياخنا وقد جمع بعضهم مجلدا في ذكر أياس بن معاوية وذكائه وأجوبته.
يقال: إنه نظر يوما إلى ثلاث نسوة فزعن من شيء فقال: هذه حامل وهذه مرضع وهذه بكر. فسئلن فكان الأمر على ما ذكره فقيل له: من أين لك هذا؟
قال: لما فزعن وضعت إحداهن يدها على بطنها والأخرى يدها على ثديها والأخرى يدها على فرجها.
ونظر يوما إلى رجل غريب لم يره قط أبدا فقال: هذا غريب واسطي معلم مكتب هرب منه غلام فوجد كما ذكر، فقيل له: من أين علمت ذلك؟ قال: رأيته يمشي ويتلفت فعلمت أنه غريب ورأيت على ثوبه حمرة تراب واسط ورأيته يمر بالصبيان فيسلم عليهم ويدع الرجال وإذا مر بذي هيئة لم يلتفت إليه وإذا مر بأسود ذي أسمال تأمله.
قال القاضي عبد الوهاب المالكي: لما خرج من بغداد يريد مصر (شعر):
بغداد دار الأهل والمال قاطبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق
أقمت فيها مضاعا بين ساكنها ... كأنني مصحف في كف زنديق
لبعضهم:
ولابد من شكوى إلى ذي مروة ... يواسيك أو يسليك أو يتوجع
لأن الشكوى إليه إما أن يواسيك في همك وهذه المرتبة العليا وهو الصديق الكريم ذي المروة، وأما أن يسليك وهو المرتبة الوسطى وهو الصديق الحكيم المهذب ذو التجارب، وأما أن يتوجع وهذه الرتبة السفلى وهو الصديق العاجز فإن خلا الصديق من هذه المراتب الثلاث كان وجوده وعدمه سواء بل عدمه خبر من وجوده.
قال الشاعر:
إذا كنت لا علم لديك تفيدنا ... ولا أنت ذو دين فيرجوك للدين
ولا أنت ممن يرتجى لكريهة ... عملنا مثالا مثل شخصك من طين
قال الصفدي: لو كان لي في هذين البيتين حكم لأهدمت القافيتين وقلت:
إذا كنت لا علم لديك تفيدنا ... ولا أنت ذو دين فنرجوك للقرى
ولا أنت ممن يرتجى لكريهة ... عملنا مثالا مثل شخصك من خرى(2/116)
إذا كنت لا علم لديك تفيدنا ... ولا أنت ذو دين فنرجوك للقرى
ولا أنت ممن يرتجى لكريهة ... عملنا مثالا مثل شخصك من خرى
قصيدة الشفهيني
للشيخ علي:
يا عين ما سفحت غروب دماك ... إلا بما ألهمت حب دماك
ولطول إلفك بالطول أراك ... أقمار أسفرن على غصون أراك
ما ريق دمعك حين راق لك الهوى ... إلا لأمر في عناك عناك
لك ناظر في كل غصن ناضر ... مناك تسويفا بلوغ مناك
كم نظرة أسلفت نحو سوالف ... سئمت أساك بها علاج أساك
فجنيت دون الورد وردا متلفا ... وأنهار دون شفاك فيه شفاك
يا بانة السعدي ما سلت على ... ظباك إلا من جفون ظباك
شعبت فؤادي في شعابك ظبية ... تصمي القلوب بناظر فتاك
شمس تبوأت القلوب منازلا ... مأنوسة عوضا عن الأفلاك
سكنت بها فسكونها متحرك ... وجسومها ضعفت بغير حراك
أسدية الآباء إلا أنها ... نسب الخوؤلة من بني الأتراك
تبدو هلال دجى وتلحظ جؤذرا ... وتميس غصنا في ربيع صباك
اشقيقة الحسبين هل من زوزه ... فيها يبل من الضنا مضناك
ماذا يضرك يا ظبية بابل ... لو أن حسنك مثله حسناك
أنكرت قتل متيم شهدت له ... خداك ما فعلت به عيناك
وخضبت من دمه بنانك عنوة ... وكفاك ما شهدت به كفاك
حجبتك من أسد أسود عرينها ... وحماك لحظك من أسود حماك
حجبوك عن نظري فيالله ما ... أدناك من قلبي وما أقصاك
ظن الكرى بالطيف منك فلم يكن ... أسراك بل هجر الكرى أسراك
ليت الخيال يجود منك بنظرة ... إن كان عز على المحب لقياك
فارقت أرض الجامعين فلا الصبا ... عذب ولا طرف السحائب باكي
كلا ولا برد الكلابيد الحيا ... فيها يحاكي ولا الحمام يحاك
أبكى فراقكم الفريق فأعين ... المشكو تبكي رحمة للشاكي
كنا وكنت عن الفراق بمعزل ... حتى رمانا عامدا ورماك
وكذا الأولى من قبلنا بزمانهم ... وثقوا فصيرهم حكاية حاكي
يا نفس لو أدركت حظا وافرا ... لنهاك عن فعل القبيح نهاك
وعرفت من أنشاك عن عدم إلى ... هذا الوجود وصانع سواك
وشكرت منته عليك وحسن ما ... أولاك من نعمائه مولاك
أولاك حب محمد ووصيه ... خير الأنام فنعم ما أولاك
فهما لعمرك علماك الدين في الدنيا وفى الأخرى هما علماك وهما أمانك يوم بعثك في غد ... وهما إذا انقطع الرجاء رجاك
وإذا الصحائف في القيامة نشرت ... سترا عيوبك عند كشف غطاك
وإذا وقفت على الصراط تبادرا ... وتقدماك فلم تزل قدماك
وإذا انتهيت إلى الجذان تلقياك ... وبشراك بها فيا بشراك
هذا رسول الله حسبك في غد ... يوم الحساب إذا الخليل جفاك
ووصيه الهادي أبو حسن إذا ... أقبلت ضامية إليه سقاك
فهو المشفع في المعاد وخير من ... علقت به بعد النبي يداك
وهو الذي للدين بعد خموله ... حقا أراك فهذبت أراك
لولاه ما عرف الهدى ونجوت من ... متضايق الاشراك والاشراك
هو فلك نوح بين ممتسك به ... ناج ومطرح مع الهلاك
كم فيلق في مأزق قد غادرت ... مزقا حدود حسامه البتاك
سل عنه بدرا حين بادر قاصم ... الأملاك قائد موكب الأفلاك
من صب صوب دم الوليد ومن ترى ... أخلى من البهم الحماة حماك
واسأل فوارسها بأحد من ترى ... لقّاك وجه الحتف يوم لقاك
وأقاح طلحة عند مشتبك القنا ... ولواك كسرا عند نكس لواك
واسأل بخيبر خابريها من ترى ... عفا فذاك ومن أباح فذاك
وأذاق مرحبك الردى وأحله ... ضيق الشباك وفل حد شباك
واستخبر الأحزاب لما جردت ... بيض المداكي فوق جرد مداكي
من ذا لعمرك نفس عمرك ظل ... مختلسا وخضب من لحاك لحاك
فاستشعرت فرقا جموعك إذ غدت ... فرقا وأدبر إذ قفاك قفاك
قد قلت حين تقدمه عصابة ... جهلت حقوق حقيقة الادراك
لا تفرحي فبقدر ما استعذبت في ... أولاك قد عذبت في أخراك
يا أمة نقضت عهود نبيها ... أفمن إلى نقض العهود دعاك
وصاك خيرا في الوصي كأنما ... متعمدا في بغضه وصاك
أو لم يقل فيه النبي مبلغا ... هذا عليك في العلى أعلاك
وأمين وحي الله بعدي وهو في ... إدراك كل قضية دراك
والموثر المتصدق الوهاب إذا لهاك في الدنياك جمع لهاك إياك أن تتقدميه فإنه ... في حكم كل قضية أقضاك
فأطعت لكن باللسان مخافة ... من بأسه والغدر حشو حشاك
حتى إذا فقد النبي ولم يطل ... يوما مداك له سللت مداك
وعدلت عنه إلى سواه ضلالة ... ومددت جهلا في خطاك خطاك
وزويت بضعة أحمد عن إرثها ... ولبعلها إذ ذاك طال اذاك
يا بضعة الهادي النبي وحق من ... أسماك حين تقدست أسماك
لا فاز من نار الجحيم منافق ... عن إرث والدك النبي زواك
أتراه يغفر ذنب من أقصاك عن ... فدك وأسخط إذ أباك أباك
كلا ولا نال الشفاعة من غوى ... وعداك ممتسكا بحبل عداك
يا تيم لا تمت عليك سعادة ... لكن دعاك إلى الشقاق شقاك
والله ما نلت السعادة إنما ... أهواك في درك الجحيم هواك
إني استقلت وقد عقدت لآخر ... حكما فكيف صدقت في دعواك
لولاك ما ظفرت علوج أمية ... يوما بعترة أحمد لولاك
ولانت أكبر يا عدي عداوة ... والله ما عضد النفاق سواك
لا كنت يوما عشت فيه وساعة ... فض النفيل بها ختام صحاك
وعليك خزي يا أمية دائما ... يبقى كما في النار ودام بقاك
فلقد حملت من الآثام جهالة ... ما عنه ضاق كمن وعاك وعاك
هلا صفحت عن الحسين ورهطه ... صفح الوصي أبيه عن أباك
وعففت يوم الطف عفة جده ... المبعوث يوم الفتح عن طلقاك
أفهل يد سلبت اماءك مثلما ... سلبت كريمات الحسين يداك
أم هل برزن بفتح مكة حسرا ... كنسائه يوم الطفوف نساك
يا أمة باءت بقتل هداتها ... أفمن إلى قتل الهداة هداك
أم أي شيطان رماك بغيه ... حتى عراك وفل عقد عراك
أنى يكون لك الأمان ولم تبت ... خوف المنية أمنية أمناك
فلئن(2/117)
يا عين ما سفحت غروب دماك ... إلا بما ألهمت حب دماك
ولطول إلفك بالطول أراك ... أقمار أسفرن على غصون أراك
ما ريق دمعك حين راق لك الهوى ... إلا لأمر في عناك عناك
لك ناظر في كل غصن ناضر ... مناك تسويفا بلوغ مناك
كم نظرة أسلفت نحو سوالف ... سئمت أساك بها علاج أساك
فجنيت دون الورد وردا متلفا ... وأنهار دون شفاك فيه شفاك
يا بانة السعدي ما سلت على ... ظباك إلا من جفون ظباك
شعبت فؤادي في شعابك ظبية ... تصمي القلوب بناظر فتاك
شمس تبوأت القلوب منازلا ... مأنوسة عوضا عن الأفلاك
سكنت بها فسكونها متحرك ... وجسومها ضعفت بغير حراك
أسدية الآباء إلا أنها ... نسب الخوؤلة من بني الأتراك
تبدو هلال دجى وتلحظ جؤذرا ... وتميس غصنا في ربيع صباك
اشقيقة الحسبين هل من زوزه ... فيها يبل من الضنا مضناك
ماذا يضرك يا ظبية بابل ... لو أن حسنك مثله حسناك
أنكرت قتل متيم شهدت له ... خداك ما فعلت به عيناك
وخضبت من دمه بنانك عنوة ... وكفاك ما شهدت به كفاك
حجبتك من أسد أسود عرينها ... وحماك لحظك من أسود حماك
حجبوك عن نظري فيالله ما ... أدناك من قلبي وما أقصاك
ظن الكرى بالطيف منك فلم يكن ... أسراك بل هجر الكرى أسراك
ليت الخيال يجود منك بنظرة ... إن كان عز على المحب لقياك
فارقت أرض الجامعين فلا الصبا ... عذب ولا طرف السحائب باكي
كلا ولا برد الكلابيد الحيا ... فيها يحاكي ولا الحمام يحاك
أبكى فراقكم الفريق فأعين ... المشكو تبكي رحمة للشاكي
كنا وكنت عن الفراق بمعزل ... حتى رمانا عامدا ورماك
وكذا الأولى من قبلنا بزمانهم ... وثقوا فصيرهم حكاية حاكي
يا نفس لو أدركت حظا وافرا ... لنهاك عن فعل القبيح نهاك
وعرفت من أنشاك عن عدم إلى ... هذا الوجود وصانع سواك
وشكرت منته عليك وحسن ما ... أولاك من نعمائه مولاك
أولاك حب محمد ووصيه ... خير الأنام فنعم ما أولاك
فهما لعمرك علماك الدين في الدنيا وفى الأخرى هما علماك وهما أمانك يوم بعثك في غد ... وهما إذا انقطع الرجاء رجاك
وإذا الصحائف في القيامة نشرت ... سترا عيوبك عند كشف غطاك
وإذا وقفت على الصراط تبادرا ... وتقدماك فلم تزل قدماك
وإذا انتهيت إلى الجذان تلقياك ... وبشراك بها فيا بشراك
هذا رسول الله حسبك في غد ... يوم الحساب إذا الخليل جفاك
ووصيه الهادي أبو حسن إذا ... أقبلت ضامية إليه سقاك
فهو المشفع في المعاد وخير من ... علقت به بعد النبي يداك
وهو الذي للدين بعد خموله ... حقا أراك فهذبت أراك
لولاه ما عرف الهدى ونجوت من ... متضايق الاشراك والاشراك
هو فلك نوح بين ممتسك به ... ناج ومطرح مع الهلاك
كم فيلق في مأزق قد غادرت ... مزقا حدود حسامه البتاك
سل عنه بدرا حين بادر قاصم ... الأملاك قائد موكب الأفلاك
من صب صوب دم الوليد ومن ترى ... أخلى من البهم الحماة حماك
واسأل فوارسها بأحد من ترى ... لقّاك وجه الحتف يوم لقاك
وأقاح طلحة عند مشتبك القنا ... ولواك كسرا عند نكس لواك
واسأل بخيبر خابريها من ترى ... عفا فذاك ومن أباح فذاك
وأذاق مرحبك الردى وأحله ... ضيق الشباك وفل حد شباك
واستخبر الأحزاب لما جردت ... بيض المداكي فوق جرد مداكي
من ذا لعمرك نفس عمرك ظل ... مختلسا وخضب من لحاك لحاك
فاستشعرت فرقا جموعك إذ غدت ... فرقا وأدبر إذ قفاك قفاك
قد قلت حين تقدمه عصابة ... جهلت حقوق حقيقة الادراك
لا تفرحي فبقدر ما استعذبت في ... أولاك قد عذبت في أخراك
يا أمة نقضت عهود نبيها ... أفمن إلى نقض العهود دعاك
وصاك خيرا في الوصي كأنما ... متعمدا في بغضه وصاك
أو لم يقل فيه النبي مبلغا ... هذا عليك في العلى أعلاك
وأمين وحي الله بعدي وهو في ... إدراك كل قضية دراك
والموثر المتصدق الوهاب إذا لهاك في الدنياك جمع لهاك إياك أن تتقدميه فإنه ... في حكم كل قضية أقضاك
فأطعت لكن باللسان مخافة ... من بأسه والغدر حشو حشاك
حتى إذا فقد النبي ولم يطل ... يوما مداك له سللت مداك
وعدلت عنه إلى سواه ضلالة ... ومددت جهلا في خطاك خطاك
وزويت بضعة أحمد عن إرثها ... ولبعلها إذ ذاك طال اذاك
يا بضعة الهادي النبي وحق من ... أسماك حين تقدست أسماك
لا فاز من نار الجحيم منافق ... عن إرث والدك النبي زواك
أتراه يغفر ذنب من أقصاك عن ... فدك وأسخط إذ أباك أباك
كلا ولا نال الشفاعة من غوى ... وعداك ممتسكا بحبل عداك
يا تيم لا تمت عليك سعادة ... لكن دعاك إلى الشقاق شقاك
والله ما نلت السعادة إنما ... أهواك في درك الجحيم هواك
إني استقلت وقد عقدت لآخر ... حكما فكيف صدقت في دعواك
لولاك ما ظفرت علوج أمية ... يوما بعترة أحمد لولاك
ولانت أكبر يا عدي عداوة ... والله ما عضد النفاق سواك
لا كنت يوما عشت فيه وساعة ... فض النفيل بها ختام صحاك
وعليك خزي يا أمية دائما ... يبقى كما في النار ودام بقاك
فلقد حملت من الآثام جهالة ... ما عنه ضاق كمن وعاك وعاك
هلا صفحت عن الحسين ورهطه ... صفح الوصي أبيه عن أباك
وعففت يوم الطف عفة جده ... المبعوث يوم الفتح عن طلقاك
أفهل يد سلبت اماءك مثلما ... سلبت كريمات الحسين يداك
أم هل برزن بفتح مكة حسرا ... كنسائه يوم الطفوف نساك
يا أمة باءت بقتل هداتها ... أفمن إلى قتل الهداة هداك
أم أي شيطان رماك بغيه ... حتى عراك وفل عقد عراك
أنى يكون لك الأمان ولم تبت ... خوف المنية أمنية أمناك
فلئن(2/118)
يا عين ما سفحت غروب دماك ... إلا بما ألهمت حب دماك
ولطول إلفك بالطول أراك ... أقمار أسفرن على غصون أراك
ما ريق دمعك حين راق لك الهوى ... إلا لأمر في عناك عناك
لك ناظر في كل غصن ناضر ... مناك تسويفا بلوغ مناك
كم نظرة أسلفت نحو سوالف ... سئمت أساك بها علاج أساك
فجنيت دون الورد وردا متلفا ... وأنهار دون شفاك فيه شفاك
يا بانة السعدي ما سلت على ... ظباك إلا من جفون ظباك
شعبت فؤادي في شعابك ظبية ... تصمي القلوب بناظر فتاك
شمس تبوأت القلوب منازلا ... مأنوسة عوضا عن الأفلاك
سكنت بها فسكونها متحرك ... وجسومها ضعفت بغير حراك
أسدية الآباء إلا أنها ... نسب الخوؤلة من بني الأتراك
تبدو هلال دجى وتلحظ جؤذرا ... وتميس غصنا في ربيع صباك
اشقيقة الحسبين هل من زوزه ... فيها يبل من الضنا مضناك
ماذا يضرك يا ظبية بابل ... لو أن حسنك مثله حسناك
أنكرت قتل متيم شهدت له ... خداك ما فعلت به عيناك
وخضبت من دمه بنانك عنوة ... وكفاك ما شهدت به كفاك
حجبتك من أسد أسود عرينها ... وحماك لحظك من أسود حماك
حجبوك عن نظري فيالله ما ... أدناك من قلبي وما أقصاك
ظن الكرى بالطيف منك فلم يكن ... أسراك بل هجر الكرى أسراك
ليت الخيال يجود منك بنظرة ... إن كان عز على المحب لقياك
فارقت أرض الجامعين فلا الصبا ... عذب ولا طرف السحائب باكي
كلا ولا برد الكلابيد الحيا ... فيها يحاكي ولا الحمام يحاك
أبكى فراقكم الفريق فأعين ... المشكو تبكي رحمة للشاكي
كنا وكنت عن الفراق بمعزل ... حتى رمانا عامدا ورماك
وكذا الأولى من قبلنا بزمانهم ... وثقوا فصيرهم حكاية حاكي
يا نفس لو أدركت حظا وافرا ... لنهاك عن فعل القبيح نهاك
وعرفت من أنشاك عن عدم إلى ... هذا الوجود وصانع سواك
وشكرت منته عليك وحسن ما ... أولاك من نعمائه مولاك
أولاك حب محمد ووصيه ... خير الأنام فنعم ما أولاك
فهما لعمرك علماك الدين في الدنيا وفى الأخرى هما علماك وهما أمانك يوم بعثك في غد ... وهما إذا انقطع الرجاء رجاك
وإذا الصحائف في القيامة نشرت ... سترا عيوبك عند كشف غطاك
وإذا وقفت على الصراط تبادرا ... وتقدماك فلم تزل قدماك
وإذا انتهيت إلى الجذان تلقياك ... وبشراك بها فيا بشراك
هذا رسول الله حسبك في غد ... يوم الحساب إذا الخليل جفاك
ووصيه الهادي أبو حسن إذا ... أقبلت ضامية إليه سقاك
فهو المشفع في المعاد وخير من ... علقت به بعد النبي يداك
وهو الذي للدين بعد خموله ... حقا أراك فهذبت أراك
لولاه ما عرف الهدى ونجوت من ... متضايق الاشراك والاشراك
هو فلك نوح بين ممتسك به ... ناج ومطرح مع الهلاك
كم فيلق في مأزق قد غادرت ... مزقا حدود حسامه البتاك
سل عنه بدرا حين بادر قاصم ... الأملاك قائد موكب الأفلاك
من صب صوب دم الوليد ومن ترى ... أخلى من البهم الحماة حماك
واسأل فوارسها بأحد من ترى ... لقّاك وجه الحتف يوم لقاك
وأقاح طلحة عند مشتبك القنا ... ولواك كسرا عند نكس لواك
واسأل بخيبر خابريها من ترى ... عفا فذاك ومن أباح فذاك
وأذاق مرحبك الردى وأحله ... ضيق الشباك وفل حد شباك
واستخبر الأحزاب لما جردت ... بيض المداكي فوق جرد مداكي
من ذا لعمرك نفس عمرك ظل ... مختلسا وخضب من لحاك لحاك
فاستشعرت فرقا جموعك إذ غدت ... فرقا وأدبر إذ قفاك قفاك
قد قلت حين تقدمه عصابة ... جهلت حقوق حقيقة الادراك
لا تفرحي فبقدر ما استعذبت في ... أولاك قد عذبت في أخراك
يا أمة نقضت عهود نبيها ... أفمن إلى نقض العهود دعاك
وصاك خيرا في الوصي كأنما ... متعمدا في بغضه وصاك
أو لم يقل فيه النبي مبلغا ... هذا عليك في العلى أعلاك
وأمين وحي الله بعدي وهو في ... إدراك كل قضية دراك
والموثر المتصدق الوهاب إذا لهاك في الدنياك جمع لهاك إياك أن تتقدميه فإنه ... في حكم كل قضية أقضاك
فأطعت لكن باللسان مخافة ... من بأسه والغدر حشو حشاك
حتى إذا فقد النبي ولم يطل ... يوما مداك له سللت مداك
وعدلت عنه إلى سواه ضلالة ... ومددت جهلا في خطاك خطاك
وزويت بضعة أحمد عن إرثها ... ولبعلها إذ ذاك طال اذاك
يا بضعة الهادي النبي وحق من ... أسماك حين تقدست أسماك
لا فاز من نار الجحيم منافق ... عن إرث والدك النبي زواك
أتراه يغفر ذنب من أقصاك عن ... فدك وأسخط إذ أباك أباك
كلا ولا نال الشفاعة من غوى ... وعداك ممتسكا بحبل عداك
يا تيم لا تمت عليك سعادة ... لكن دعاك إلى الشقاق شقاك
والله ما نلت السعادة إنما ... أهواك في درك الجحيم هواك
إني استقلت وقد عقدت لآخر ... حكما فكيف صدقت في دعواك
لولاك ما ظفرت علوج أمية ... يوما بعترة أحمد لولاك
ولانت أكبر يا عدي عداوة ... والله ما عضد النفاق سواك
لا كنت يوما عشت فيه وساعة ... فض النفيل بها ختام صحاك
وعليك خزي يا أمية دائما ... يبقى كما في النار ودام بقاك
فلقد حملت من الآثام جهالة ... ما عنه ضاق كمن وعاك وعاك
هلا صفحت عن الحسين ورهطه ... صفح الوصي أبيه عن أباك
وعففت يوم الطف عفة جده ... المبعوث يوم الفتح عن طلقاك
أفهل يد سلبت اماءك مثلما ... سلبت كريمات الحسين يداك
أم هل برزن بفتح مكة حسرا ... كنسائه يوم الطفوف نساك
يا أمة باءت بقتل هداتها ... أفمن إلى قتل الهداة هداك
أم أي شيطان رماك بغيه ... حتى عراك وفل عقد عراك
أنى يكون لك الأمان ولم تبت ... خوف المنية أمنية أمناك
فلئن
سررت بقتله أسررت في قتل الحسين فقد دهاك دهاك ما كان في سلب ابن فاطم ملكه ... ما عنه يوما لو كففت كفاك
بئس الجزاء لأحمد في آله ... وبنيه يوم الطف كان جزاك
لهفي على الجسد المعاذر بالعرى ... شلوا تقلبه حدود ظباك
لهفي على الخد التريب تخده ... سفها بأطراف القنا سفهاك
لهفي لآلك يا رسول الله ... في أيدي الطغاة نوايحا وبواكي
ما بين نادبة وبين مروعة ... في أسر كل معاند أفاك
تالله لا أنساك زينب والعدى ... قسرا نجاذب عنك فضل رداك
بالطف حاسرة القناع سليبة ... القرطين عز على أخيك عزاك
لم أنس لا والله وجهك إذ هوت ... بالردن ساترة له يمناك
فإذا هم هموا بسلبك صحت باسم ... أخيك واستصرخت ثم أخاك
لهفي لندبك باسم ندبك وهو ... مجروح الجوارح في السياق يساك
تستصرخيه أسى وعز عليه أن ... تستصرخيه فلا يجيب نداك
والله لو أن النبي وصنوه ... يوما بعرصة كربلا شهداك
لم يمس منتهكا حماك ولم يمط ... يوما أمية عنك سجف خباك
يا عين إن سفحت دموعك فليكن ... حزنا على سبط النبي بكاك
وابك القتيل المستظام ومن بكت ... لمصابه الأملاك في الأفلاك
أقسمت يا نفس الحسين إلية ... بجميل حسن بلاك يوم بلاك
لو أن جدك في الطفوف مشاهد ... وعلى التراب تريبة خداك
ما كان يؤثر أن يرى حر الصفا ... يوم وطاك ولا الخيول تطاك
أو أن والدك الوصي براك في ... أيدي الطغاة من الحتوف وقاك
لفداك مجتهدا وود بأنه ... بالنفس من ضيق الشراك شراك
قد كنت شمسا يستضاء بنورها ... تعلو على هام السماك سماك
وحمى يلوذ به المخوف ومنزلا ... عذبا يصوب نداك قبل نداك
غالوك لما أن علوت فآه من ... خطب تراه على علاك علاك
ما ضر جسمك حر جند لها وقد ... أمسى سحيق المسك ترب ثراك
فلئن سقيت الحتف ظامية ... فمن الرحيق العذب ري صداك
ولئن حرمت نعيمها الفاني ففي ... دار البقاء تضاعفت نعماك
ولئن بكتك الطاهرات لوحشة ... فالحور تبسم فرحة للقاك
ما بت في حمر الملابس غدوة ... إلا غدت خضراء قبيل مساك
إني ليقلقني التأسف والأسى ... إن لم أكن بالطف من شهداك
لاقيك من حر السيوف بمهجتي ... وأكون إذ عز الفداء فداك
ولئن تطاول بعد حينك مدتي ... حينا ولم أك مسعدا سعداك
فلأبكينك ما حييت بعبرة ... حتى أوسد تاويا بفناك
ولأنصرنك ما استطعت بخاطر ... تحكى غرائبه غروب مداكي
وبمقول ذرب اللسان أشد من ... جند مجندة على أعداك
ولقد علمت حقيقة وتيقنا ... إني سأسعد في غد بولاك
وولاء جدك والزكي وحيدر ... والتسعة النجباء من ابناك
قوم عليهم في المعاد توكلي ... وبهم من الأسر الوثيق فكاكي
فليهن عبدكم على فوزه ... بجنان خلد في جناب علاك
صلى المليك عليك ما أملاكه ... طافت مقدسة بقدس حماك(2/119)
سررت بقتله أسررت في قتل الحسين فقد دهاك دهاك ما كان في سلب ابن فاطم ملكه ... ما عنه يوما لو كففت كفاك
بئس الجزاء لأحمد في آله ... وبنيه يوم الطف كان جزاك
لهفي على الجسد المعاذر بالعرى ... شلوا تقلبه حدود ظباك
لهفي على الخد التريب تخده ... سفها بأطراف القنا سفهاك
لهفي لآلك يا رسول الله ... في أيدي الطغاة نوايحا وبواكي
ما بين نادبة وبين مروعة ... في أسر كل معاند أفاك
تالله لا أنساك زينب والعدى ... قسرا نجاذب عنك فضل رداك
بالطف حاسرة القناع سليبة ... القرطين عز على أخيك عزاك
لم أنس لا والله وجهك إذ هوت ... بالردن ساترة له يمناك
فإذا هم هموا بسلبك صحت باسم ... أخيك واستصرخت ثم أخاك
لهفي لندبك باسم ندبك وهو ... مجروح الجوارح في السياق يساك
تستصرخيه أسى وعز عليه أن ... تستصرخيه فلا يجيب نداك
والله لو أن النبي وصنوه ... يوما بعرصة كربلا شهداك
لم يمس منتهكا حماك ولم يمط ... يوما أمية عنك سجف خباك
يا عين إن سفحت دموعك فليكن ... حزنا على سبط النبي بكاك
وابك القتيل المستظام ومن بكت ... لمصابه الأملاك في الأفلاك
أقسمت يا نفس الحسين إلية ... بجميل حسن بلاك يوم بلاك
لو أن جدك في الطفوف مشاهد ... وعلى التراب تريبة خداك
ما كان يؤثر أن يرى حر الصفا ... يوم وطاك ولا الخيول تطاك
أو أن والدك الوصي براك في ... أيدي الطغاة من الحتوف وقاك
لفداك مجتهدا وود بأنه ... بالنفس من ضيق الشراك شراك
قد كنت شمسا يستضاء بنورها ... تعلو على هام السماك سماك
وحمى يلوذ به المخوف ومنزلا ... عذبا يصوب نداك قبل نداك
غالوك لما أن علوت فآه من ... خطب تراه على علاك علاك
ما ضر جسمك حر جند لها وقد ... أمسى سحيق المسك ترب ثراك
فلئن سقيت الحتف ظامية ... فمن الرحيق العذب ري صداك
ولئن حرمت نعيمها الفاني ففي ... دار البقاء تضاعفت نعماك
ولئن بكتك الطاهرات لوحشة ... فالحور تبسم فرحة للقاك
ما بت في حمر الملابس غدوة ... إلا غدت خضراء قبيل مساك
إني ليقلقني التأسف والأسى ... إن لم أكن بالطف من شهداك
لاقيك من حر السيوف بمهجتي ... وأكون إذ عز الفداء فداك
ولئن تطاول بعد حينك مدتي ... حينا ولم أك مسعدا سعداك
فلأبكينك ما حييت بعبرة ... حتى أوسد تاويا بفناك
ولأنصرنك ما استطعت بخاطر ... تحكى غرائبه غروب مداكي
وبمقول ذرب اللسان أشد من ... جند مجندة على أعداك
ولقد علمت حقيقة وتيقنا ... إني سأسعد في غد بولاك
وولاء جدك والزكي وحيدر ... والتسعة النجباء من ابناك
قوم عليهم في المعاد توكلي ... وبهم من الأسر الوثيق فكاكي
فليهن عبدكم على فوزه ... بجنان خلد في جناب علاك
صلى المليك عليك ما أملاكه ... طافت مقدسة بقدس حماك(2/120)
سررت بقتله أسررت في قتل الحسين فقد دهاك دهاك ما كان في سلب ابن فاطم ملكه ... ما عنه يوما لو كففت كفاك
بئس الجزاء لأحمد في آله ... وبنيه يوم الطف كان جزاك
لهفي على الجسد المعاذر بالعرى ... شلوا تقلبه حدود ظباك
لهفي على الخد التريب تخده ... سفها بأطراف القنا سفهاك
لهفي لآلك يا رسول الله ... في أيدي الطغاة نوايحا وبواكي
ما بين نادبة وبين مروعة ... في أسر كل معاند أفاك
تالله لا أنساك زينب والعدى ... قسرا نجاذب عنك فضل رداك
بالطف حاسرة القناع سليبة ... القرطين عز على أخيك عزاك
لم أنس لا والله وجهك إذ هوت ... بالردن ساترة له يمناك
فإذا هم هموا بسلبك صحت باسم ... أخيك واستصرخت ثم أخاك
لهفي لندبك باسم ندبك وهو ... مجروح الجوارح في السياق يساك
تستصرخيه أسى وعز عليه أن ... تستصرخيه فلا يجيب نداك
والله لو أن النبي وصنوه ... يوما بعرصة كربلا شهداك
لم يمس منتهكا حماك ولم يمط ... يوما أمية عنك سجف خباك
يا عين إن سفحت دموعك فليكن ... حزنا على سبط النبي بكاك
وابك القتيل المستظام ومن بكت ... لمصابه الأملاك في الأفلاك
أقسمت يا نفس الحسين إلية ... بجميل حسن بلاك يوم بلاك
لو أن جدك في الطفوف مشاهد ... وعلى التراب تريبة خداك
ما كان يؤثر أن يرى حر الصفا ... يوم وطاك ولا الخيول تطاك
أو أن والدك الوصي براك في ... أيدي الطغاة من الحتوف وقاك
لفداك مجتهدا وود بأنه ... بالنفس من ضيق الشراك شراك
قد كنت شمسا يستضاء بنورها ... تعلو على هام السماك سماك
وحمى يلوذ به المخوف ومنزلا ... عذبا يصوب نداك قبل نداك
غالوك لما أن علوت فآه من ... خطب تراه على علاك علاك
ما ضر جسمك حر جند لها وقد ... أمسى سحيق المسك ترب ثراك
فلئن سقيت الحتف ظامية ... فمن الرحيق العذب ري صداك
ولئن حرمت نعيمها الفاني ففي ... دار البقاء تضاعفت نعماك
ولئن بكتك الطاهرات لوحشة ... فالحور تبسم فرحة للقاك
ما بت في حمر الملابس غدوة ... إلا غدت خضراء قبيل مساك
إني ليقلقني التأسف والأسى ... إن لم أكن بالطف من شهداك
لاقيك من حر السيوف بمهجتي ... وأكون إذ عز الفداء فداك
ولئن تطاول بعد حينك مدتي ... حينا ولم أك مسعدا سعداك
فلأبكينك ما حييت بعبرة ... حتى أوسد تاويا بفناك
ولأنصرنك ما استطعت بخاطر ... تحكى غرائبه غروب مداكي
وبمقول ذرب اللسان أشد من ... جند مجندة على أعداك
ولقد علمت حقيقة وتيقنا ... إني سأسعد في غد بولاك
وولاء جدك والزكي وحيدر ... والتسعة النجباء من ابناك
قوم عليهم في المعاد توكلي ... وبهم من الأسر الوثيق فكاكي
فليهن عبدكم على فوزه ... بجنان خلد في جناب علاك
صلى المليك عليك ما أملاكه ... طافت مقدسة بقدس حماك
من عادات أهل الهند
مسطور في الكتب: أن من بعض بلاد الهند بلد عادة أهلها أن يخرجوا إلى الصحراء على رأس كل مئة سنة مرة ويكون ذلك اليوم عندهم من أعظم الأعياد، فإذا خرجوا من البلد واجتمعوا في ذلك المكان وقد كانوا نصبوا فيه صخرة عظيمة فيأمرون رجلا ينادي: أيها الناس من حضر العيد السابق فليقم على هذه الصخرة وليحك للناس كيفية ذلك العيد، فلا يقوم أحد لانقراض أهل ذلك العصر وربما قام شيخ فان أو عجوز فانية فيقف أحدهما على تلك الصخرة ويحكي لهم وقائع ذلك العيد واسم سلطانه ومكانه ووزرائه والقاضي والأعاظم ونحو ذلك، ثم يقوم خطيبهم بعد ذلك على المنبر فيكثر لهم من المواعظ والاعتبار فيكثرون من الاستغفار والتوبة فتعلو أصواتهم بالنوح والبكاء فيخرجون من حقوق الناس ومن حقوق الله تعالى ويتصدقون على الفقراء والمساكين. وكان عادتهم إذا مات ملكهم وضعوه على عرابة يطوفون به محال البلد وجعلوا رأسه على طرف العرابة وشعره يخط على التراب وخلفه عجوز تنفض التراب من شعره وتنادي بالناس: اعتبروا بهذا الملك الذي كان بالأمس محفوف بالجنود وفراشه الديباج والحرير فصار إلى ما ترون، فيكثر عند ذلك بكاؤهم ويشتد حزنهم ويرجعون إلى التوبة والندامة على ما فرطوا من الذنوب.
تربية بهرام الملك ابنه
في التاريخ: أن بهرام الملك كان له ولد رديء الطباع سيء الأخلاق بخيل اليد جبان القلب ولم يكن عنده غيره، فاحتال فيه أن يرفع عنه تلك الأخلاق ليكون قابلا للملك بعده، فأداه الفكر إلى أمره له بمصاحبة حسان الوجوه من البنات
والجوار وأمرهن بالمزاح معه والقرب منه لعله يعشق واحدة منهن، فاتفق أن قلبه علق بجميلة منهن وكانت عالمة بمراد بهرام، فلما أخذ حبها بمجامع قلبه وسلبت عقله ولبه أظهرت له البعد وأعطته الدلال والغنج فألح عليها في الوصول فقالت له يوما: إنك لا تليق بالوصال لمكان أخلاقك الردية ثم إنه بعد ذلك سعى في رفع تلك الأخلاق والتخلق بأضدادها وصار من معالي الأخلاق بدرجة فاق بها على أولادك الملوك، وتملك بعد أبيه على أحسن القانون المطلوب من الملوك والسلاطين.(2/121)
في التاريخ: أن بهرام الملك كان له ولد رديء الطباع سيء الأخلاق بخيل اليد جبان القلب ولم يكن عنده غيره، فاحتال فيه أن يرفع عنه تلك الأخلاق ليكون قابلا للملك بعده، فأداه الفكر إلى أمره له بمصاحبة حسان الوجوه من البنات
والجوار وأمرهن بالمزاح معه والقرب منه لعله يعشق واحدة منهن، فاتفق أن قلبه علق بجميلة منهن وكانت عالمة بمراد بهرام، فلما أخذ حبها بمجامع قلبه وسلبت عقله ولبه أظهرت له البعد وأعطته الدلال والغنج فألح عليها في الوصول فقالت له يوما: إنك لا تليق بالوصال لمكان أخلاقك الردية ثم إنه بعد ذلك سعى في رفع تلك الأخلاق والتخلق بأضدادها وصار من معالي الأخلاق بدرجة فاق بها على أولادك الملوك، وتملك بعد أبيه على أحسن القانون المطلوب من الملوك والسلاطين.
أقول: وهو مصداق ما قيل: إن العشق يشجع الجبان ويجبن الشجاع.
تفسير حديث «هلم إلى الحج»
روى الصدوق عطر الله مرقده في الفقيه أن إبراهيم عليه السّلام لما بنى البيت صعد على جبل أبي قبيس فنادى: ألا هلم إلى الحج هلم إلى الحج. فلو نادى:
هلموا إلى الحج، لم يحج إلا من كان يومئذ انسيا مخلوقا ولكنه نادى هلم إلى الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء.
قال شيخنا أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني قدس سره في كتابه أزهار الرياض: سئلت عن هذا الخبر قديما فكتبت في الجواب: لعل مراده والله اعلم بمراد أوليائه عليه السّلام أن الخطاب بصيغة الجمع تتناول الموجودين وتناوله لغيرهم إنما هو بدليل من خارج من إجماع أو غيره كما تقرر في الأصول مستوفي والمخالف فيه الحنابلة خاصة وأطبق الكل على فساده، وصيغة «هلموا» من هذا القبيل. فأما «هلم» فإنه يمكن أن يجعل من قبيل الخطاب العلم كما تقرر في المعانى والبيان قد يترك الخطاب من العين إلى غير المعين قصدا للعموم وإرادة كل من يصلح لذلك، وجعلوا منه قوله سبحانه: {(وَلَوْ تَرى ََ إِذْ وُقِفُوا)} ونحوه فكأنه يصلح لغير الموجودين أيضا فيدخلون بعد اتصافهم بالوجود والكمال، وحينئذ فحاصله أن العدول من هلموا إلى هلم لذلك فإن صيغة هلم تصلح للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، والاعتبار المذكور لغير الموجود بالتقريب السابق فيدخل بعد كماله ووجوده، بخلاف هلموا. ومعنى لم يحج يومئذ الآن من كان انسيا مخلوقا لم يحج إلا من كان مخلوقا من الإنس لأنهم المقصودون بالخطاب المذكور دون غيرهم هذا ما ظهر لي فتأمله انتهى كلامه قدس الله سره.
قال الفاضل المحدث نعمة الله الحسيني الجزائري نور الله ضريحه: الوجه أن المقام ظاهرا يقتضي صيغة الجمع فالعدول عنه إلى الإفراد لا بد له من نكتة وعلة مناسبة وليست هي إلّا إرادة استغراق جميع الأفراد من شهد ومن غاب، على أن أهل البلاغة ذكروا أن استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع، ونص عليه العلامة في مواضع من الكتاب انتهى.(2/122)
قال شيخنا أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني قدس سره في كتابه أزهار الرياض: سئلت عن هذا الخبر قديما فكتبت في الجواب: لعل مراده والله اعلم بمراد أوليائه عليه السّلام أن الخطاب بصيغة الجمع تتناول الموجودين وتناوله لغيرهم إنما هو بدليل من خارج من إجماع أو غيره كما تقرر في الأصول مستوفي والمخالف فيه الحنابلة خاصة وأطبق الكل على فساده، وصيغة «هلموا» من هذا القبيل. فأما «هلم» فإنه يمكن أن يجعل من قبيل الخطاب العلم كما تقرر في المعانى والبيان قد يترك الخطاب من العين إلى غير المعين قصدا للعموم وإرادة كل من يصلح لذلك، وجعلوا منه قوله سبحانه: {(وَلَوْ تَرى ََ إِذْ وُقِفُوا)} ونحوه فكأنه يصلح لغير الموجودين أيضا فيدخلون بعد اتصافهم بالوجود والكمال، وحينئذ فحاصله أن العدول من هلموا إلى هلم لذلك فإن صيغة هلم تصلح للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع، والاعتبار المذكور لغير الموجود بالتقريب السابق فيدخل بعد كماله ووجوده، بخلاف هلموا. ومعنى لم يحج يومئذ الآن من كان انسيا مخلوقا لم يحج إلا من كان مخلوقا من الإنس لأنهم المقصودون بالخطاب المذكور دون غيرهم هذا ما ظهر لي فتأمله انتهى كلامه قدس الله سره.
قال الفاضل المحدث نعمة الله الحسيني الجزائري نور الله ضريحه: الوجه أن المقام ظاهرا يقتضي صيغة الجمع فالعدول عنه إلى الإفراد لا بد له من نكتة وعلة مناسبة وليست هي إلّا إرادة استغراق جميع الأفراد من شهد ومن غاب، على أن أهل البلاغة ذكروا أن استغراق المفرد أشمل من استغراق الجمع، ونص عليه العلامة في مواضع من الكتاب انتهى.
وقال المحقق ملا محسن الكاشاني طيب الله مضجعه: إن حقيقة الإنسان موجودة بوجود فردها وتشمل جميع الافراد وجدت أم لم توجد، وأما الفرد الخاص منه فلا يصير فردا خاصا جزئيا منه ما لم يوجد، وهذا من لطائف المعاني نطق به الإمام عليه السّلام لمن وفق لفهمه انتهى.
ظريفة عن أبي نؤاس
حكي عن أبي نؤاس أنه قال: دخلت خربة فرأيت سقاء يلوط بنصراني فانهزم السقاء وبقي النصراني، فعنفته على ذلك الفعل فقال: يا أبا نؤاس لومك لي إغراء والمرء حريص على ما منع منه فلا تلمني، فأخذ هذا المعنى أبو نؤاس وقال في مدح الخمرة (شعر):
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجره مسته سراء
من كف ذات حرفي زي ذي ذكر ... لها محبان لوطي وزناء
قامت بإبريقها والليل معتكر ... فلاح من ضوئها في البيت لألاء
فأرسلت من يد الإبريق صافية ... كأنما أخذها بالنوم إغفاء
رقت عن الماء حتى ما يلامسها ... لطافة وخفي عن لطفها الماء
دارت على فتية ذل الزمان لهم ... فما تصيبهم إلا بما شاؤوا
كلمات حكمية
ومن كلام لقمان: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواضع: الشجاع عند الحرب، والحليم عند الغضب، وأخوك عند حاجتك إليه.
وقال بعضهم: ثلاثة ليس فيهم حيلة: فقر يخالطه كسل، وعداوة يداخلها حسد، ومرض يمازجه هرم.
وقال: لا ينبغي للأصاغر أن يتقدموا الأكابر إلا في ثلاثة مواطن: إذا ساروا ليلا، أو خاضوا سيلا، أو واجهوا خيلا.(2/123)
وقال بعضهم: ثلاثة ليس فيهم حيلة: فقر يخالطه كسل، وعداوة يداخلها حسد، ومرض يمازجه هرم.
وقال: لا ينبغي للأصاغر أن يتقدموا الأكابر إلا في ثلاثة مواطن: إذا ساروا ليلا، أو خاضوا سيلا، أو واجهوا خيلا.
وقال الحسن بن سهل: ثلاثة أشياء تذهب ضياعا: علم بلا عمل، وقدرة بلا فعل، ومال بلا بذل.
في الحديث: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.
قال بعض الحكماء اليونانيين: لا يتم جمع المال إلا بخمس خصال: التعب في كسبه، والشغل عن الآخرة بإصلاحه، والخوف من سلبه، واحتمال اسم البخل دون مفارقته، ومقاطعة الأخوان بسببه.
وقال بعض الحكماء: لا ينبغي للعاقل أن يسكن بقعة ليس فيها واحد من خمسة: سلطان حازم، وطبيب عالم، وقاض عادل، ونهر جار، وسوق قائم.
قال: لا يحصل العلم إلا بخمس: عزيزة متوافقة، وجد كامل، وكفاية مغنية، وصبر تام، ومعلم ناصح.
قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من كرم المرء خمس خصال: ملكته للسانه، وإقباله على شأنه، وحنينه إلى أوطانه، وحفظه لقديم إخوانه.
قال بعض الحكماء: ينبغي للعاقل أن يكون من خمسة على حذر: الكريم إذا أهانه، واللئيم إذا أكرمه، والعاقل إذا أحرمه، والأحمق إذا مازحه، والفاجر إذا عاشره.
قال الأحنف بن قيس: جهد البلاء خمسة: خادم كسلان، وحطب رطب، وبيت يكف، وخوان ينتظر، وجندي يدق الباب.
في الحديث: سنة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، والحسود، وفقير قريب العهد بالغنى، وغني يخشى الفقر، وطالب رتبة يقصر عنها قدره، وجليس أهل الأدب وليس منهم.
كفر أبي سفيان
حكى الإسكافي: في مقاماته بإسناد ذكره أن أبا سفيان حضر مجلس عثمان
وقد كف بصره فأذن المؤذن وكان علي عليه السّلام حاضرا فقال أبو سفيان: هل علينا من عين، قال عثمان: لا، وإنما قال ذلك لأنه لا يمكنه أن يقول علي عين علينا.(2/124)
حكى الإسكافي: في مقاماته بإسناد ذكره أن أبا سفيان حضر مجلس عثمان
وقد كف بصره فأذن المؤذن وكان علي عليه السّلام حاضرا فقال أبو سفيان: هل علينا من عين، قال عثمان: لا، وإنما قال ذلك لأنه لا يمكنه أن يقول علي عين علينا.
فقال: انظروا أخا هاشم أين وضع اسمه؟ فقال علي عليه السّلام: اسخن الله عينك أبا سفيان ما وضع اسمه حيث وضعه إلا بعد أن وضعه الله حيث يقول: {(وَرَفَعْنََا لَكَ ذِكْرَكَ)} فقال أبو سفيان: بل اسخن الله عين نعثل قال: ما علينا من عين.
وحكى أيضا في مقاماته أن أبا سفيان حضر مجلس عثمان بعدما كف بصره وهناك علي صلوات الله عليه، فتذاكر الإمام السير فقال أبو سفيان لعثمان: هل علينا من عين؟ فقال له عثمان: لا، ولم يمكنه أن يقول نعم لمكان علي عليه السّلام فقال له أبو سفيان: تلقفوها يا بني أمية وحق هذه البنية ما ثم جنة ولا نار ولا حساب ولا عقاب فقال علي عليه السّلام: اسخن الله عينك يا أبا سفيان. فقال أبو سفيان: بل اسخن الله عين نعثل حيث قال: ما علينا من عين.
أجوبة وأشعار ظريفة
قال الحجاج ليحيى بن سعيد انك تشبه إبليس. فقال: وما ينكر الأمير أن يكون سيد الانس يشبه سيد الجن؟ فأعجبه جوابه.
قال بعض الأعراب لابنه في أثناء محاورته: اسكت يابن الأمة. فقال: لهي والله اعذر منك حيث لم ترض إلا حرا.
قال المنتصر لأبي العيناء: ما أحسن الجواب؟ قال: ما أسكت المبطل وحير المحق.
عزى أعرابي معاوية فقال: بارك الله لك في الفاني وأجرك في الباقي فظن معاوية أنه غلط، فقال الأعرابي: ما عندكم ينفذ وما عند الله باق.
وعن ابن عباس أبهم البهائم كل الأمور إلا أربع: معرفة صانعها، وابتغاء النسل، وطلب المعاش، وحذر الموت.
لبعضهم:
وصل الكتاب أنا الفداء لفطرة ... نظمت نفيس الدر فيه أسطرا
ففضضته عن طيه فتأرجت ... نفحاته مسكا وفاحت عنبرا
غيره لغيره في المعنى:(2/125)
وصل الكتاب أنا الفداء لفطرة ... نظمت نفيس الدر فيه أسطرا
ففضضته عن طيه فتأرجت ... نفحاته مسكا وفاحت عنبرا
غيره لغيره في المعنى:
ولما أتاني من عزيز جمالكم ... كتاب كريم ناشر بعض فضله
لثمت محياه وناديت معلنا ... أبى الفضل إلا أن يكون لأهله
غيره لغيره في المعنى:
ورد الكتاب فلا عدمت أناملا ... قد رصعت في الطرس در سطوره
فلثمته وشممت طيب نسيمه ... فحييت باستنشاق عرف عبيره
وسألت ربي أن يعيد لناظري ... بعد الأسى بالقرب بهجة نوره
فيزيل هم القلب بعد فراقنا ... مستبدلا أحزاننا بسروره
غيره لغيره في المعنى فقال:
وإفا مشرفك الكريم ففاح لي ... من طيه نشر كمسك أذفر
وظننته لما فتحت ختامه ... طرس من الكافور خط بعنبر
غيره لغيره في المعنى:
ورد الكتاب فسرني بوروده ... وملأت من نظري إليه سرورا
فكأنني يعقوب من شغف به ... إذ عاد من شم القميص بصيرا
غيره لغيره في المعنى:
فضضت ختامه فوجدت فيه ... قلائد عنبر نظمت سطورا
فكل كثوب يوسف حين وافى ... إلى يعقوب عاد به بصيرا
لبعضهم:
بيني وبينك يا خليل فراسخ ... أما ودادك في القلوب فراسخ
غيره لغيره في المعنى:
وقفت على مكتوب من لا عدمته ... فهاجت إلى تلقاء كاتبه روحي
وأزعجني شوقا فلولا تعللي ... بلقياه عن قرب لقلت لها روحي
غيره لغيره في المعنى:
كتبت ولولا أن قلبي وعدته ... بقرب التلاقي لم تطعني الأصابع
ولو لم أعد إنسان عيني بأنه ... يراكم قريبا غرقته المدامع
من كشكول البهائي: الجفر ثمانية وعشرون جزءا وكل جزء ثمانية وعشرون صفحة كل صفحة ثمانية وعشرون سطرا كل سطر ثمانية وعشرون بيتا في كل بيت أربعة أحرف، الحرف الأول بعدد الجزء والثاني بعدد الصفحة والثالث بعدد الأسطر والرابع بعدد البيوت، فاسم جعفر مثلا يطلب من البيت العشرين من السطر السابع عشر من الصفحة السادسة عشرة من الجزء الثالث وقس على ذلك.(2/126)
كتبت ولولا أن قلبي وعدته ... بقرب التلاقي لم تطعني الأصابع
ولو لم أعد إنسان عيني بأنه ... يراكم قريبا غرقته المدامع
من كشكول البهائي: الجفر ثمانية وعشرون جزءا وكل جزء ثمانية وعشرون صفحة كل صفحة ثمانية وعشرون سطرا كل سطر ثمانية وعشرون بيتا في كل بيت أربعة أحرف، الحرف الأول بعدد الجزء والثاني بعدد الصفحة والثالث بعدد الأسطر والرابع بعدد البيوت، فاسم جعفر مثلا يطلب من البيت العشرين من السطر السابع عشر من الصفحة السادسة عشرة من الجزء الثالث وقس على ذلك.
في المعاد الجسماني
ومنه قال الإمام: القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني معا أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة قالوا: قد دل العقل على أن سعادة الأرواح بمعرفة الله تعالى ومحبته وأن سعادة الأجسام في إدراك المحسوسات والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة غير ممكن. إن الإنسان مع استغراقه في تجلي أنوار عالم الغيب لا يمكنه الالتفات إلى شيء من اللذات الجسمانية ومع استغراقه في هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت إلى اللذات الروحانية، وإنما لم يقدر على هذا الجمع لكون الأرواح البشرية ضعيفة في هذا العالم فإذا فارقته بالموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت وكملت، فإذا أعيدت إلى الأبدان مرة ثانية كانت قوية قادرة على الجمع بين الأمرين، ولا شبهة في أن هذه الحالة هي الغاية القصوى من مراتب السعادة. ومنه المعاد الجسماني وهو تأليف أجزاء البدن وجمعها بعد تفريقها لا يعدم بالكلية، أو إحداث الجسم مرة أخرى من كتم العدم بناء على أنه يعدم بالكلية، وكل من الأمرين محتمل. والمتكلمون لم يجزموا بشيء منهما نفيا ولا إثباتا وقوله تعالى: {(كُلُّ شَيْءٍ هََالِكٌ إِلََّا وَجْهَهُ)} و {(كُلُّ مَنْ عَلَيْهََا فََانٍ)} لا يدل على الإعدام بالكلية إذ التفريق مع خلع الصورة هلاك وفناء انتهى.
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذه الحبر المستفاد من أخبار أهل الذكر صلوات الله عليهم كما حققناه في كتابنا الموسوم بالكواكب الدرية في شرح النداية الحرية أن الطية الأصلية التي خلق منها لا تبلى بل تبقى مستديرة في القبر حتى يخلق منها كما خلق أول مرة، وأما جسده فيبلى حتى لا يبقى جسم ولا لحم ولا عظم لكنه بعد أن يصير ترابا يبقى محفوظا عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فإذا كان حين المبعث مطرت السماء فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض فتجمع تراب
كل قالب فينقل بإذن الله حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كيهئتها وتلج الروح.(2/127)
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذه الحبر المستفاد من أخبار أهل الذكر صلوات الله عليهم كما حققناه في كتابنا الموسوم بالكواكب الدرية في شرح النداية الحرية أن الطية الأصلية التي خلق منها لا تبلى بل تبقى مستديرة في القبر حتى يخلق منها كما خلق أول مرة، وأما جسده فيبلى حتى لا يبقى جسم ولا لحم ولا عظم لكنه بعد أن يصير ترابا يبقى محفوظا عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض، وأن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فإذا كان حين المبعث مطرت السماء فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض فتجمع تراب
كل قالب فينقل بإذن الله حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كيهئتها وتلج الروح.
من الكلمات الحكمية للعرب
من كلامهم: ثوب الرجل لسان نعمة الله عليه. زكاة الرأي نصيحة المستشير.
جهد البلاء الاقلال والعيال. صديق الولد عم الولد. صواب الجاهل كخطأ العاقل.
علامة الكذاب جوده باليمين لغير مستحلف. ظن العاقل خير من صواب الجاهل.
كلب جوال خير من أسد رابض. من سعادة المرء أن يكون خصمه عاقلا. لسان الجاهل مالكه. موت الخير راحة لنفسه وموت الشرير راحة لغيره. خير مالك ما وقاك وشره ما وقيته. خير الأوطان أعونها على الزمان. فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها. ظلم الضعيف أفحش الظلم. خاطر بنفسه من استبد برأيه من صلاح نفسك معرفتك بفسادها. غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله. ارع حق من عظمك لغير حاجة إليك. ارض من خلك إذا ولي ولاية بعشر وده قبلها. قارب الناس في عقولهم تسلم من غوائلهم. اعرف أخاك بأخيه قبلك.
دع ما شاء القلب لا ما شاء الرب لا تفتح بابا يعييك سده. لا ترسل سهما يعجزك رده. لا تستح من إعطاء القليل فإن المنع أقل منه. لا تكن ممن يلعن إبليس في العلانية ويواليه في السر. لا تحمد أمة يوم شراها. لا تكن جرادا يأكل ما وجده ويأكله من وجده. لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر. لا يزيدك لطف الحسود إلا وحشة منه. لا تشرب السم اتكالا على ما عندك من الترياق. لا تتهاون بالأمر الصغير إذا كان يقبل النمو. لا تقل ما لم تعلم فتتهم فيما تعلم. لا تصحب الأشرار فإنهم يمنون عليك بالسلامة منهم. إذا فاتك الأدب فالزم الصمت. إذا اشتبه عليك أمران فاجتنب أقربهم من هواك. إذا اتسعت القدرة نقصت الشهوة. إذا قبح السؤال حصن المنع. إذا لم يكن ما تريد فرد ما يكون. مجالسة الثقيل حمى الروح جهل يعولك خير من عقل تعوله.
قال معاوية لصعصعة بن صوحان: إنما أنت هاتف بلسانك لا تنظر في أول الكلام واستقامته، فإن كنت تنظر في ذلك فأخبرني عن أفضل المال؟ فقال: والله لأدع الكلام حتى يختمر في صدري ثم لا أهتف به حتى أقيم أوده وأثقف مغوجه، وإن أفضل المال نخلة سمراء في تربة غبراء أو نعجة صفراء في بقعة خضراء أو عين فوارة في أرض خوارة. وقال: فأين أنت عن الذهب والفضة لله أبوك؟ فقال:
هما حجران يصطكان إن أقبلت عليهما فقدا وإن تركتهما لم يزدا.(2/128)
قال معاوية لصعصعة بن صوحان: إنما أنت هاتف بلسانك لا تنظر في أول الكلام واستقامته، فإن كنت تنظر في ذلك فأخبرني عن أفضل المال؟ فقال: والله لأدع الكلام حتى يختمر في صدري ثم لا أهتف به حتى أقيم أوده وأثقف مغوجه، وإن أفضل المال نخلة سمراء في تربة غبراء أو نعجة صفراء في بقعة خضراء أو عين فوارة في أرض خوارة. وقال: فأين أنت عن الذهب والفضة لله أبوك؟ فقال:
هما حجران يصطكان إن أقبلت عليهما فقدا وإن تركتهما لم يزدا.
ما قيل في القحط الواقع في البلاد
من كشكول البهائي: وفي تاريخ اليمن أنه وقع في نيشابور خصوصا وفي خراسان عموما في سنة إحدى وأربعمئة قحط عظيم حتى أكل الناس بعضهم بعضا، وكان الرجل من الناس لا يخرج إلا في جماعة يحرسونه من القانصين لئلا يقتنصونه ويأكلونه وفيه يقول أبو نصر الكاتب:
قد أصبح الناس في غلاء ... وفي بلاء تداولوه
من يلزم البيت مات جوعا ... أو يشهد الناس يأكلوه
قال كاتب الأحرف: وقد قلت على هذا المنوال في غلاء قد وقع في تبريز سنة ثمان وثمانين وتسعمئة:
لا تخرجن من البيوت ... وكن لجوعك كالفريسة
لا يخطفنك الجايعون ... ويطبخوك لهم هريسة
ولكاتب الأحرف على هذا المنوال:
لا تخرجن من البيوت ... لعازة أو غير عازه
لا يقتنصك القانصون ... فيطبخونك ذو پيازه
وفي كتاب درة الغواص: في أوهام الخواص يقولون: ابدأ به أولا فيوهمون فيه والصواب ابدأ به أولا بالضم كما قال:
فعمرك ما أدري وإني لا وجل ... على أينا تعدو المنية أول
وإنما بنى أول هنا لأن الإضافة مرادة فيه تقدير الكلام ابدأ به أول الناس فلما انقطع عن الإضافة بني كأسماء الغايات التي هي قبل وبعد ونظائرهما، ومعنى تسميتها بأسماء الغايات أنها جعلت غاية للنطق بعدما كانت مضافة، ولهذه العلة استوجبت أن تبنى لأن آخرها حين قطع عن الإضافة صار كوسط الكلمة ووسط الكلمة لا يكون إلا مبنيا.
لبعضهم:
ومصاحب السلطان مثل سفينة ... فى البحر ترجف دائما من خوف
إن أدخلت من مائها في جوفها ... دخلت وما في جوفها في جوفه
في الخبر: عن الرضا عليه السّلام عن آبائه عن علي صلوات الله عليه قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي يده خاتم فضة جزع يماني فصلى بنا فلما قضى صلاته دفعه إلي وقال لي: يا علي تختم به في يمينك وصل فيه، أو ما علمت أن الصلاة في الجزع سبعون صلاة، وأنه يسبح الله ويستغفره وأجره لصاحبه.(2/129)
ومصاحب السلطان مثل سفينة ... فى البحر ترجف دائما من خوف
إن أدخلت من مائها في جوفها ... دخلت وما في جوفها في جوفه
في الخبر: عن الرضا عليه السّلام عن آبائه عن علي صلوات الله عليه قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وفي يده خاتم فضة جزع يماني فصلى بنا فلما قضى صلاته دفعه إلي وقال لي: يا علي تختم به في يمينك وصل فيه، أو ما علمت أن الصلاة في الجزع سبعون صلاة، وأنه يسبح الله ويستغفره وأجره لصاحبه.
وفيه عن أبي بصير عنه عليه السّلام قال: سألته عما روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إن ولد الزنا شر الثلاثة؟ قال عليه السّلام: عنى به الأوسط شر ممن تقدمه وممن تلاه.
وفيه أيضا عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار الحسين عليه السّلام عشية عرفة قبل النظر إلى أهل الموقف. قلت: قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال: نعم. قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأن في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا.
قال رجل لرابعة العدوية: قد عصيت الله أفترينه يقبلني؟ فقالت: ويحك إنه يدعو المدبرين عنه فكيف لا يقبل المقبلين إليه.
هجرة اليهود إلى المدينة قبل البعثة
وروى الكليني قدس الله سره في روضة الكافي بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ما بين عير واحد، فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى (حداد) فقالوا: حداد واحد سواء، فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيم وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذي بتيم إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه فقال لهم: أمر بكم ما بين عير واحد. فقالوا: إذا مررت بهما فاذنابهما فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذلك عير وذلك أحد، ونزلوا عن ظهر ابله وقالوا: قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا، فكتبوا إليهم: إنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم، فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تبع فرق لهم وقال: إني قد استبطنت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم. فقالوا: إنه ليس ذلك لك إنها لمهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك. فقال لهم: إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف حيين الأوس والخزرج فلما كثروا كانوا يتناولون أموال
اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ليخرجنكم من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله تعالى: {(وَكََانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمََّا جََاءَهُمْ مََا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الْكََافِرِينَ)}.(2/130)
وروى الكليني قدس الله سره في روضة الكافي بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ما بين عير واحد، فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى (حداد) فقالوا: حداد واحد سواء، فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيم وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذي بتيم إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه فقال لهم: أمر بكم ما بين عير واحد. فقالوا: إذا مررت بهما فاذنابهما فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذلك عير وذلك أحد، ونزلوا عن ظهر ابله وقالوا: قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا، فكتبوا إليهم: إنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم، فاتخذوا بأرض المدينة الأموال فلما كثرت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تبع فرق لهم وقال: إني قد استبطنت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم. فقالوا: إنه ليس ذلك لك إنها لمهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك. فقال لهم: إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف حيين الأوس والخزرج فلما كثروا كانوا يتناولون أموال
اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ليخرجنكم من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله تعالى: {(وَكََانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمََّا جََاءَهُمْ مََا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللََّهِ عَلَى الْكََافِرِينَ)}.
وفي الخبر: عن الصادق عليه السّلام قال: المشي للمريض نكس، إن أبي عليه السّلام إذا اعتل جعل في الثوب فحمل لحاجته يعني الوضوء وذلك أنه كان يقول: المشي للمريض نكس.
يقول ناقل هذا الخبر ومنظم هذه الدرر: المراد بالوضوء هنا الاستنجاء كما ورد في بعض الأخبار أيضا وقرينة المقام ظاهرة.
لله در القائل:
حديث الجليس بغير الجميل ... يدل على طينته الفاسدة
إذا كان أبوه تقي نقي ... فكان الفساد من الوالدة
وإن كان اثناهما ناجيين ... فلابد للأصل من قاعدة
تجود الملوك بأموالها ... وتأبى العبيد بني الشاردة
صفي الدين الحلي:
إذ ضاق صدر المرء من سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق
إذا المرء أفشى سره بلسانه ... ولام عليه غيره فهو أحمق
أقول: قد صرح بعض الفضلاء بأن معنى «كل سر جاوز الاثنين شاع» يعني جاوز الشفتين، وهذان البيتان يؤيدان كلامه.
وله أيضا:
عيون لها مرأى الأحبة أثمد ... عجبت لها في عمرها كيف ترمد
وعين خلت من نور وجه حبيبها ... عجبت لها في عمرها كيف ترغد
لشيخنا البهائي رحمه الله تعالى:
رفعت رايتي على العشاق ... واقتدى بي جميع تلك الرفاق
وتنحى أهل الهوى عن طريقي ... وانثنى عزم من يروم لحاقي
سرت في الحب سيرة لم يسرها ... عاشق في الورى على الإطلاق
ضربت سكة المحبة باسمي ... ودنت لي منابر العشاق
كان للقوم في الزجاجة باق ... أنا وحدي شربت ذاك الباقي
شربة لا يزال سكران منها ... ليت شعري ماذا سقاني الساقي
سلطان سليم:(2/131)
رفعت رايتي على العشاق ... واقتدى بي جميع تلك الرفاق
وتنحى أهل الهوى عن طريقي ... وانثنى عزم من يروم لحاقي
سرت في الحب سيرة لم يسرها ... عاشق في الورى على الإطلاق
ضربت سكة المحبة باسمي ... ودنت لي منابر العشاق
كان للقوم في الزجاجة باق ... أنا وحدي شربت ذاك الباقي
شربة لا يزال سكران منها ... ليت شعري ماذا سقاني الساقي
سلطان سليم:
من كان ذا علم وذا فطنة ... وبغض أهل البيت من شأنه
فإنما الذنب على أمه ... إذ حملت من بعض جيرانه
لبعضهم:
من كان يحمد أو يذم مورثا ... للمال من آبائه وجدوده
فأنا امرؤ لله أشكر وحده ... شكرا كثيرا جالبا لمزيده
في أشقر سمح العنان معاود ... يعطيك ما يرضيك من محموده
ومهند غضب إذا جردته ... خلت البروق تموج في تجريده
ومثقف لدن البنان كأنما ... أم المنايا ركبت في عوده
وبذا حويت المال إلا أنني ... سلطت جود يدي على تبديده
ظريفة لأبي نؤاس مع الخليفة
ظريفة: قيل إن هارون الرشيد خلا في قصره ذات ليلة مع جارية في غاية الحسن، فلما أراد أن يجامعها لم يقم أيره فقال: نامي على أربع، ففعلت ولم يقم فقال لها: العبي به عسى أن يقم، ففعلت فلم يزدد إلا رخاؤه فقالت:
إذا كان أيرك ذا ميتا ... فلا خير فيه ولا منفعة
فلما صار الصبح قال: من بالباب من الشعراء؟ فقيل: أبو نؤاس، فطلبه فقال: أنشدني شعرا يكون فيه «فلا خير فيه ولا منفعة» وتضمنه على ما في خاطري، فأنشأ يقول:
لحى الله أيري ما أضيعه ... يحق لي والله أن أقطعه
فيا من يلمني على سبه ... أفق واستمع ما جرى لي معه
حظيت بغيداء في خلوة ... فريدة حسن به مبدعه
بطرف كحيل وردف ثقيل ... وخصر نحيل فما ألمعه
فخاطبتها النيك قالت نعم ... مطيعة أمرك لا ممنعه
فنامت على ظهرها لم يقم ... فقلت فنامي على الأربعة
ومسته في كفها فانثنى ... وخيب ظني ذا المصقعه
فقلت لها العبي لي به ... لعل يكون به مرجعه
فمدت أنامل مثل اللجين ... وكف رطيب فما أبدعه
فصارت تلاعبه فانطوى ... فكادت من الغيظ أن تقطعه
فقالت إذا كان أيرك ذا ميتا ... فلا خير فيه ولا منفعة
فقال له الرشيد: قاتلك الله كأنك معنا حاضرا ومطلعا على أمرنا؟ فقال: لا والله ولكن خطر في بالي شيء فقلت، فأمر له بأربعين ألف دينار.(2/132)
لحى الله أيري ما أضيعه ... يحق لي والله أن أقطعه
فيا من يلمني على سبه ... أفق واستمع ما جرى لي معه
حظيت بغيداء في خلوة ... فريدة حسن به مبدعه
بطرف كحيل وردف ثقيل ... وخصر نحيل فما ألمعه
فخاطبتها النيك قالت نعم ... مطيعة أمرك لا ممنعه
فنامت على ظهرها لم يقم ... فقلت فنامي على الأربعة
ومسته في كفها فانثنى ... وخيب ظني ذا المصقعه
فقلت لها العبي لي به ... لعل يكون به مرجعه
فمدت أنامل مثل اللجين ... وكف رطيب فما أبدعه
فصارت تلاعبه فانطوى ... فكادت من الغيظ أن تقطعه
فقالت إذا كان أيرك ذا ميتا ... فلا خير فيه ولا منفعة
فقال له الرشيد: قاتلك الله كأنك معنا حاضرا ومطلعا على أمرنا؟ فقال: لا والله ولكن خطر في بالي شيء فقلت، فأمر له بأربعين ألف دينار.
معرفة ما في بطن الحامل
نقل بالسند المتصل إلى خط الشيخ الأجل بهاء الملة والدين محمد (ره) إذا سألك سائل عن الحامل ما في بطنها ذكرا أو أنثى فاحسب اسمها واسم أمها واسم اليوم الذي سألك فيه وأسقط ثلاثة ثلاثة فإن بقي واحد فهو ذكر وإن بقي اثنان فهو أنثى وإن بقي ثلاثة فهو ساقط، وإذا سألك سائل عن الخبر هل هو صحيح أم لا فاحسب اسمه واسم أمه واسم اليوم الذي سألك فيه وأسقط اثنين اثنين فإن بقي واحد فهو غير صحيح وإن بقي اثنان فالخبر صحيح، وإذا سألك سائل عن المريض هل يشافى أم لا فاحسب اسم السائل واسم المسؤول واسم أمه واسم اليوم الذي سألك فيه وأسقط ثلاثة ثلاثة فإن بقي واحد فإنه يموت وإن بقي اثنان فهو يهون عليه المرض وإن بقي ثلاثة فإنه يطول مرضه.
وحكي أن بسام شرب يوما عند صديق له، فوقعت عينه على غلام في المجلس واختلط الظلام وقد سكر القوم، وقام ليدب عليه فلسعته عقرب فصاح فاجتمع عليه القوم بأنواع الترياقات فقال:
ولقد عزمت على الهدو لموعد ... أخلصته من غادر كذاب
فإذا على ظهر الطريق معدة ... سوداء قد عرفت أوان ذهابي
لا بارك الرحمن فيها عقربا ... دبابة دبت على دباب
شهد قوم عند ابن شبرمة على قراح فيه نخل، فسألهم عن عدد النخل فلم يعرفوا فرد شهادتهم، فقال رجل منهم: أنت تقضي في هذا المسجد منذ ثلاثين سنة فكم فيه من اسطوانة؟ فأجاز شهادتهم.
قال العلماء: العقل كالبعل والنفس كالزوجة والبدن كالبيت، وإذا غلبت
النفس كان سعيها فاسدا كالمرأة التي قهرت زوجها ففسدت الجملة.(2/133)
قال العلماء: العقل كالبعل والنفس كالزوجة والبدن كالبيت، وإذا غلبت
النفس كان سعيها فاسدا كالمرأة التي قهرت زوجها ففسدت الجملة.
قال اسكندر: لا تحقر الرأي الجزيل من الرجل الحقير فإن الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها.
مما قاله السموأل:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثناء جميل
تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها إن الكرام قليل
وما ضرنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين قليل
لنا جبل يحتله من بجيرة ... منيع يرد الطرف وهو كليل
وإنا لقوم ما نرى القتل سبة ... إذا ما ارتدته عامر وسلول
يقرب حب الموت آجال لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول
وما مات منا سيد في فراشه ... ولا ظل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الضباء نفوسنا ... وليست على غير الضباء تسيل
صفونا فلم نكدر واخلص سرنا ... إناث أطابت حملنا وفحول
إذا مات منا سيد قام سيد ... قؤول بما قال الكرام فعول
وننكر إن شئنا على الناس قولهم ... ولا ينكرون القول حيث نقول
وما خمدت نار لنا دون طارق ... ولا ذمنا في النازلين نزيل
وأسيافنا في كل شرق ومغرب ... بها من قراع الدار عين فلول
معودة أن لا تسل نصالها ... فتغمد حتى يستباح قتيل
قصيدة للشاخوري
للشيخ الأمجد الشيخ محمد بن المرحوم الشيخ أحمد بن الشيخ سليمان الشاخوري (ره):
لما تكأدني ذنبي وأوزاري ... وجهت وجهي لرب خير غفار
قريح جفن أناجيه بأسحاري ... يا قاهرا بالمنايا كل جبار
بنور وجهك اعتقني من النار
ذنبي عظيم وجرمي قد تكأدني ... وفادح الاثم والأوزار ضهداني
وقابض الروح لما أم يقصدني ... إليك أسلمني من كان يعضدني
من أهل ودي وإخواني وأنصاري
فضلت في سكرة للروح مدهشة ... وغمرة للقوى والقلب مجهشة
ينوشني كدام حيات معشعشة ... في قعر مظلمة غبراء موحشة
فردا غريبا وحيدا تحت أحجار
فارفق إلهي بعبد فارق الوطنا ... وخلف الولد والأخوان والخدنا
وجاء يرجو قراك اليوم والمننا ... أمسيت ضيفك يا ذا الجود مرتهنا
وأنت أكرم منزول به قاري
فأولني من مزيد اللطف مكرمة ... ونعمة من عظيم العفو وافرة
ووقني كرة في الحشر خاسرة ... واجعل قراي بفضل منك مغفرة
أنجو إليك بها يا خير غفار
مولاي قد شابت الهامات واللمم ... مني وزاد الخطا والاثم والجرم
فوفقني لاهبا في الحشر يضطرم ... إن الملوك إذا شابت عبيدهم
في رقهم اعتقوهم عتق أحرار
فأين يعدل بي يا رب عنك وما ... رجوت في كرتي الاك معتصما
وجئت بالعدل والتوحيد ملتزما ... وأنت يا سيدي أولى بنا كرما
قد شبت في الرق فاعتقني من النار
يا خالق النار إن النار تؤلمني ... ولفحة من لظاها لم يطق بدني
فجد علي وفرج سيدي محني ... إن لم تكن يا إلهي أنت ترحمني
سحبت حقا على وجهي إلى النار(2/134)
لما تكأدني ذنبي وأوزاري ... وجهت وجهي لرب خير غفار
قريح جفن أناجيه بأسحاري ... يا قاهرا بالمنايا كل جبار
بنور وجهك اعتقني من النار
ذنبي عظيم وجرمي قد تكأدني ... وفادح الاثم والأوزار ضهداني
وقابض الروح لما أم يقصدني ... إليك أسلمني من كان يعضدني
من أهل ودي وإخواني وأنصاري
فضلت في سكرة للروح مدهشة ... وغمرة للقوى والقلب مجهشة
ينوشني كدام حيات معشعشة ... في قعر مظلمة غبراء موحشة
فردا غريبا وحيدا تحت أحجار
فارفق إلهي بعبد فارق الوطنا ... وخلف الولد والأخوان والخدنا
وجاء يرجو قراك اليوم والمننا ... أمسيت ضيفك يا ذا الجود مرتهنا
وأنت أكرم منزول به قاري
فأولني من مزيد اللطف مكرمة ... ونعمة من عظيم العفو وافرة
ووقني كرة في الحشر خاسرة ... واجعل قراي بفضل منك مغفرة
أنجو إليك بها يا خير غفار
مولاي قد شابت الهامات واللمم ... مني وزاد الخطا والاثم والجرم
فوفقني لاهبا في الحشر يضطرم ... إن الملوك إذا شابت عبيدهم
في رقهم اعتقوهم عتق أحرار
فأين يعدل بي يا رب عنك وما ... رجوت في كرتي الاك معتصما
وجئت بالعدل والتوحيد ملتزما ... وأنت يا سيدي أولى بنا كرما
قد شبت في الرق فاعتقني من النار
يا خالق النار إن النار تؤلمني ... ولفحة من لظاها لم يطق بدني
فجد علي وفرج سيدي محني ... إن لم تكن يا إلهي أنت ترحمني
سحبت حقا على وجهي إلى النار
جواز نكاح الجان
كتاب الفوائد النجفية لشيخنا أبي الحسن قدس الله سره: سئلت في الديار العجمية عن جواز نكاح الجن والتزويج بهن فكتبت: لم أقف لأصحابنا في هذه المسألة على كلام نفي أو إثبات فأحكيه، وللعامة فيه اختلاف مشهور نقله الدميري الشافعي في حياة الحيوان، فمن منع علل باختلاف الجنس وبظاهر قوله تعالى:
{(جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً)} وقوله تعالى: {(وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهََا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)} وبخبر في طريقه أنه أبا هليعة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نهى عن نكاح الجن، وهو مذهب جماعة من الشافعيه والحنابلة، ومن أجاز احتج بأصالة الجواز وعموم ما دل على شرعية النكاح والترغيب فيه وعدم كون اختلاف الجنس مانعا وهو المنقول عن الحسن البصري وأبي وقتادة وغيرهما، واختاره جماعة من الشافعية ونقل عن جماعة فعله. هذا
ملخص ما ذكره في الكتاب المذكور والذي يقوى في نفسي هذا الجواز، لنا مضافا إلى ما تقدم ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:(2/135)
{(جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً)} وقوله تعالى: {(وَمِنْ آيََاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوََاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهََا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)} وبخبر في طريقه أنه أبا هليعة أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نهى عن نكاح الجن، وهو مذهب جماعة من الشافعيه والحنابلة، ومن أجاز احتج بأصالة الجواز وعموم ما دل على شرعية النكاح والترغيب فيه وعدم كون اختلاف الجنس مانعا وهو المنقول عن الحسن البصري وأبي وقتادة وغيرهما، واختاره جماعة من الشافعية ونقل عن جماعة فعله. هذا
ملخص ما ذكره في الكتاب المذكور والذي يقوى في نفسي هذا الجواز، لنا مضافا إلى ما تقدم ما رواه الجمهور عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
كان إحدى أبوي بلقيس جنيا، وروى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه بإسناده عن القاسم بن عروة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السّلام: إن الله تعالى أنزل على آدم حوريّة من الجنة زوجها إحدى ابنيه وزوج الآخر ابنة الجان، فما كان من الناس من جمال كثير وحسن خلق فهو من الحور وما كان فيهم من سوء الخلق فهو من ابنة الجان. وإذا أثبت جوازه في الشرائع المتقدمة ثبت جوازه في شريعتنا لعدم ثبوت نسخه فتأمل.
وحكى لي بعض الثقاة من الطلبة أنه رأى في المدينة المشرفة كتابا كبيرا في أحكام الجان لبعض العامة سماه (الدر والمرجان).
هل يمكن استفادة الأصول من الكتب
ومن الكتاب المذكور: من مسائل السيد السعيد مهنا بن سنان بن عبد الوهاب المدني للعلامة (ره) في علم الأصول هل يجوز استفادته من الكتب وذلك لأنه أمر عقلي فقد ينتج الإنسان فيه بالمطالعة في الكتب ما يجب عليه معرفته بخلاف الفروع فإنها أمر نقلي فلابد فيه من التلقي والنقل فهل هذا صحيح أم لا؟
الجواب: نعم يكفي في الأصول الاطلاع في الكتب إذا حصل للناظر فيها من العقائد ما يوجب عليه اعتقاده بخلاف المسائل النقلية فإنه لابد فيها من الرواية عن المشايخ.
أقول: الفرق بين الأصول والفروع في ذلك لا يخلو من تحكم وخفي، لأن من كان ذا ذوق سليم وطبع مستقيم وفطنة صادقة وكان عنده أصول صحيحة موثوق بها من أصول الحديث وله الاطلاع على أقوال الفقهاء ناشىء من تصفح كتب الخلاف والفقه كان له أخذ الفروع كذلك من غير حاجة إلى الرواية عن المشايخ والسلف.
يقول جامع هذه الدرر ومطرز هذه الخبر: ظني أن كلام شيخنا لا يخلو من بعد، إذ من ذكره إن كان ممن له ملكة الجمع بين مختلفات الأخبار ونظمها على وجه صحيح المعيار فليس هو من محل السؤال في شيء، إذ المسؤول عنه من ليس كذلك وإلا فكلامه لا يخلو من نظر.
القاضي أبو منصور:(2/136)
يقول جامع هذه الدرر ومطرز هذه الخبر: ظني أن كلام شيخنا لا يخلو من بعد، إذ من ذكره إن كان ممن له ملكة الجمع بين مختلفات الأخبار ونظمها على وجه صحيح المعيار فليس هو من محل السؤال في شيء، إذ المسؤول عنه من ليس كذلك وإلا فكلامه لا يخلو من نظر.
القاضي أبو منصور:
ما زلت منحازا بعرضي جانبا ... عن الذل اعتد الصيانة مغنما
إذا قيل هذا مورد قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما
أنهنهها عن بعض ما لا يشينها ... مخافة أقوال العدى فيم أولما
فأصبح عن عيب السليم مسلما ... وقد رحت في نفس الكريم مكرما
يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما ... بدا طمع صيرته لي سلما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... وأخدم من لاقيت إلا لأخدما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا ... محياه بالإجماع حتى تجهما
وكم قد رأينا من فتى متجمل ... يروح ويغدو ليس يملك درهما
يبيت يراعي النجم من سدة الجوى ... ويصبح يلقي ضاحكا متبسما
ولا يسأل الركبان ما في رحالهم ... ولو مات جوعا عفة وتكرما
وإني إذا ما خانني الدهر لم أبت ... أقلب كفي أثره متندما
ولكنه إن جاء عفوا قبلته ... وإن مال لم أتبعه هل وليتما
... إليه ولو كان الرئيس المعظما
وما كل برق لاح لي يستفز بي ... ولا كل من في الأرض أرضا منهما
ولكن إذا ما اضطرني الأمر لم أزل ... اقلب فكري منجدا ثم متهما
إلى من أرى من لا أغص بذكره ... إذا قلت قد أسدى إلي وانعما
فكم نعمة كانت على العبد نقمة ... وكم منعم يعتده الحر مغرما
وماذا عسى الدنيا وإن جل خطبها ... يبالي بها من صير الصبر معصما
درر خطية في هجو السبيطية
من غرر قصائد الشيخ جعفر الخطي هي القصيدة التي يصف فيها حاله وكان آتيا من قرية توبلي وتعرف قديما بمري بكسر الميم وتشديد الراء ثم الياء المثناة من تحت متوجها لقرية البلاد ومعه ابنه حسان وبينهما خليج من البحر، فلما توسط ضربته في وجهه سمكة تعرف بالسبيطية فشجت وجهه فأنشأ هذه القصيدة وينقل أنه لم يوجد بعد ذلك شيء من السبيطية في هذا البحر وهي هذه:
برغم العوالي والمهندة البتر ... دماء أراقتها سبيطية البحر
إلا قد جنا بحر البلاد وتوبلي ... علي بما ضاقت به ساحة البر
فويل بني شن ابن أقصى وما الذي ... رمتهم به أيدي الحوادث من وتر
دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى ... على حد ناب للعدو ولا ظفر
تحامته أطراف القنا وتعرضت ... له الحوت يا بئس الحوادث والدهر
لعمر أبى الأيام إن باء صرفها ... بثار امرء من كل صالحة منثر
فلا غرو فالأيام بين صروفها ... وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر
ألا فابلغ الحيين بكرا وتغلبا ... فما الغوث إلا عند تغلب أو بكر
أيرضيكما أن امرأ من بينكما ... وأي امرىء يدعى إلى الخير والشر
يراق على غير الضبا دم وجهه ... ويجري على غير المثقفة السمر
وتنبوا ينوب الليث عنه وينثني ... أخو الحوت عنه دامي الفم والثغر
ليقض امرؤ من قصتي عجبا ومن ... يرد شرح هذا الحال ينظر إلى شعري
إن الرجل المشهور ما من محلة ... من الأرض إلا قد تخللها ذكري
فإن أمس في قطر من الأرض إن لي ... بريد اشتهار في مناكبها يسري
تولع بي صرف القضاء ولم يكن ... ليجري صرف الدهر إلا على الحر
توجهت من مري ضحى فكأنما ... توجهت من مري إلى العلقم المر
تلجلجت خور القريتين مشمرا ... وشبلي معي والماء في أول الحزر
فما هو إلا أن فجئت بطافر ... من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لضد شق بمنى وجنتي بنطحة ... وقعت لها دامي المحيا على قطر
فخيل لي أن السماوات أطبقت ... علي وأبصرت الكواكب في الظهر
فقمت كهدي ندمن يد ذابح ... وقد بلغت سكينة ثغرة النحر
يطوحني نزف الدماء كأنني ... نزيف طلا مالت به نشوة الخمر
ووافيت بيتي ما رآني امرؤ ولم ... يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر
فها هو قد أبقى بوجهي علامة ... كما اعترضت في الطرس إعرابة الكسر
فإن يمح شيء من محياي أثرها ... بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر
فلا غرو فالبيض الرقاق أذلها ... على العنق ما لاحت به سمة الأثر
وقل بعد هذا للسبيطية افخري ... على ساير الشجعان بالفتكة البكر
وقل للضبا فيه إليك عن الطلا ... وللسمر لا تهتز يوما إلى صدري
فلو هم غير الحوت بي لتواثبت ... رجال يخوضون الحمام إلى نصري
فأما إذا ما عز ذاك ولم يكن ... لإدراك ثأري منه ما مد في عمري
فلست بمولى الشعر إن لم أزجه ... بكل شرود الذكر أعدى من العر
أضر على الأجفان من حادث العمى ... وأولي على الأذان من عارض الوقر
يخاف على من مركب البحر شرها ... وليس بمأمون على سالك البر
بحوس خلاف الماء تطفح تارة ... وترسو رسو الغيض في طلب الدر
تناول منه ما تعالى بشجه ... وتدرك دون العقر مبتدر العقر
لعمر أبى الخطي إن بات ثأره ... لذي غير كفو وهو نادرة العصر
فثأر علي بات عند ابن ملجم ... وأعقبه ثأر الحسين لذي شمر
ولما عرضت هذه القصيدة على السيد ماجد العلامة ابن السيد هاشم البحراني قدس سره كتب عليها مقرظا: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها وأحلت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها فوجدتها قرة في عين الابداع ومسرة في قلب الاختراع والحق أحق بالاتباع، فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها وتقويم راية البلاغة بعد انتكاسها وإزالة وحشتها وإيناسها.(2/137)
برغم العوالي والمهندة البتر ... دماء أراقتها سبيطية البحر
إلا قد جنا بحر البلاد وتوبلي ... علي بما ضاقت به ساحة البر
فويل بني شن ابن أقصى وما الذي ... رمتهم به أيدي الحوادث من وتر
دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى ... على حد ناب للعدو ولا ظفر
تحامته أطراف القنا وتعرضت ... له الحوت يا بئس الحوادث والدهر
لعمر أبى الأيام إن باء صرفها ... بثار امرء من كل صالحة منثر
فلا غرو فالأيام بين صروفها ... وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر
ألا فابلغ الحيين بكرا وتغلبا ... فما الغوث إلا عند تغلب أو بكر
أيرضيكما أن امرأ من بينكما ... وأي امرىء يدعى إلى الخير والشر
يراق على غير الضبا دم وجهه ... ويجري على غير المثقفة السمر
وتنبوا ينوب الليث عنه وينثني ... أخو الحوت عنه دامي الفم والثغر
ليقض امرؤ من قصتي عجبا ومن ... يرد شرح هذا الحال ينظر إلى شعري
إن الرجل المشهور ما من محلة ... من الأرض إلا قد تخللها ذكري
فإن أمس في قطر من الأرض إن لي ... بريد اشتهار في مناكبها يسري
تولع بي صرف القضاء ولم يكن ... ليجري صرف الدهر إلا على الحر
توجهت من مري ضحى فكأنما ... توجهت من مري إلى العلقم المر
تلجلجت خور القريتين مشمرا ... وشبلي معي والماء في أول الحزر
فما هو إلا أن فجئت بطافر ... من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لضد شق بمنى وجنتي بنطحة ... وقعت لها دامي المحيا على قطر
فخيل لي أن السماوات أطبقت ... علي وأبصرت الكواكب في الظهر
فقمت كهدي ندمن يد ذابح ... وقد بلغت سكينة ثغرة النحر
يطوحني نزف الدماء كأنني ... نزيف طلا مالت به نشوة الخمر
ووافيت بيتي ما رآني امرؤ ولم ... يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر
فها هو قد أبقى بوجهي علامة ... كما اعترضت في الطرس إعرابة الكسر
فإن يمح شيء من محياي أثرها ... بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر
فلا غرو فالبيض الرقاق أذلها ... على العنق ما لاحت به سمة الأثر
وقل بعد هذا للسبيطية افخري ... على ساير الشجعان بالفتكة البكر
وقل للضبا فيه إليك عن الطلا ... وللسمر لا تهتز يوما إلى صدري
فلو هم غير الحوت بي لتواثبت ... رجال يخوضون الحمام إلى نصري
فأما إذا ما عز ذاك ولم يكن ... لإدراك ثأري منه ما مد في عمري
فلست بمولى الشعر إن لم أزجه ... بكل شرود الذكر أعدى من العر
أضر على الأجفان من حادث العمى ... وأولي على الأذان من عارض الوقر
يخاف على من مركب البحر شرها ... وليس بمأمون على سالك البر
بحوس خلاف الماء تطفح تارة ... وترسو رسو الغيض في طلب الدر
تناول منه ما تعالى بشجه ... وتدرك دون العقر مبتدر العقر
لعمر أبى الخطي إن بات ثأره ... لذي غير كفو وهو نادرة العصر
فثأر علي بات عند ابن ملجم ... وأعقبه ثأر الحسين لذي شمر
ولما عرضت هذه القصيدة على السيد ماجد العلامة ابن السيد هاشم البحراني قدس سره كتب عليها مقرظا: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها وأحلت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها فوجدتها قرة في عين الابداع ومسرة في قلب الاختراع والحق أحق بالاتباع، فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها وتقويم راية البلاغة بعد انتكاسها وإزالة وحشتها وإيناسها.(2/138)
برغم العوالي والمهندة البتر ... دماء أراقتها سبيطية البحر
إلا قد جنا بحر البلاد وتوبلي ... علي بما ضاقت به ساحة البر
فويل بني شن ابن أقصى وما الذي ... رمتهم به أيدي الحوادث من وتر
دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى ... على حد ناب للعدو ولا ظفر
تحامته أطراف القنا وتعرضت ... له الحوت يا بئس الحوادث والدهر
لعمر أبى الأيام إن باء صرفها ... بثار امرء من كل صالحة منثر
فلا غرو فالأيام بين صروفها ... وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر
ألا فابلغ الحيين بكرا وتغلبا ... فما الغوث إلا عند تغلب أو بكر
أيرضيكما أن امرأ من بينكما ... وأي امرىء يدعى إلى الخير والشر
يراق على غير الضبا دم وجهه ... ويجري على غير المثقفة السمر
وتنبوا ينوب الليث عنه وينثني ... أخو الحوت عنه دامي الفم والثغر
ليقض امرؤ من قصتي عجبا ومن ... يرد شرح هذا الحال ينظر إلى شعري
إن الرجل المشهور ما من محلة ... من الأرض إلا قد تخللها ذكري
فإن أمس في قطر من الأرض إن لي ... بريد اشتهار في مناكبها يسري
تولع بي صرف القضاء ولم يكن ... ليجري صرف الدهر إلا على الحر
توجهت من مري ضحى فكأنما ... توجهت من مري إلى العلقم المر
تلجلجت خور القريتين مشمرا ... وشبلي معي والماء في أول الحزر
فما هو إلا أن فجئت بطافر ... من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر
لضد شق بمنى وجنتي بنطحة ... وقعت لها دامي المحيا على قطر
فخيل لي أن السماوات أطبقت ... علي وأبصرت الكواكب في الظهر
فقمت كهدي ندمن يد ذابح ... وقد بلغت سكينة ثغرة النحر
يطوحني نزف الدماء كأنني ... نزيف طلا مالت به نشوة الخمر
ووافيت بيتي ما رآني امرؤ ولم ... يقل أو هذا جاء من ملتقى الكر
فها هو قد أبقى بوجهي علامة ... كما اعترضت في الطرس إعرابة الكسر
فإن يمح شيء من محياي أثرها ... بمقدار أخذ المحو من صفحة البدر
فلا غرو فالبيض الرقاق أذلها ... على العنق ما لاحت به سمة الأثر
وقل بعد هذا للسبيطية افخري ... على ساير الشجعان بالفتكة البكر
وقل للضبا فيه إليك عن الطلا ... وللسمر لا تهتز يوما إلى صدري
فلو هم غير الحوت بي لتواثبت ... رجال يخوضون الحمام إلى نصري
فأما إذا ما عز ذاك ولم يكن ... لإدراك ثأري منه ما مد في عمري
فلست بمولى الشعر إن لم أزجه ... بكل شرود الذكر أعدى من العر
أضر على الأجفان من حادث العمى ... وأولي على الأذان من عارض الوقر
يخاف على من مركب البحر شرها ... وليس بمأمون على سالك البر
بحوس خلاف الماء تطفح تارة ... وترسو رسو الغيض في طلب الدر
تناول منه ما تعالى بشجه ... وتدرك دون العقر مبتدر العقر
لعمر أبى الخطي إن بات ثأره ... لذي غير كفو وهو نادرة العصر
فثأر علي بات عند ابن ملجم ... وأعقبه ثأر الحسين لذي شمر
ولما عرضت هذه القصيدة على السيد ماجد العلامة ابن السيد هاشم البحراني قدس سره كتب عليها مقرظا: أجلت رائد النظر في ألفاظها ومعانيها وأحلت صاعد الفكر في أركانها ومبانيها فوجدتها قرة في عين الابداع ومسرة في قلب الاختراع والحق أحق بالاتباع، فالحمد لله على تجديد معالم الأدب بعد اندراسها وتقويم راية البلاغة بعد انتكاسها وإزالة وحشتها وإيناسها.
صدور العالم هل هو بالاختيار أو بالإيجاب
من كتاب كشكول البهائي: لما كانت المشاجرة بين الفلاسفة والمتكلمين في أن صدور العالم عن الواجب تعالى هل هو بالاختيار أو بالإيجاب، وكان مذهب الفلاسفة أن صدوره بالإيجاب لأنه خير محض لا ينفك عن الفياض المطلق يلزم من ذلك قدمه تعلق غرض المتكلمين بإبطال هذه الدعوى فأثبتوا حدوث العالم، فانهدم بنيان الفلاسفة وانقطعت مشاجرتهم من أن صدوره بالإيجاب وأما صدور بعض المجردات عنه تعالى بالإيجاب وصدور العالم عن ذلك المجرد للقدرة والاختيار فغير معقول عند الخصم الذي عرضنا تزييف كلامه أعني الفلسفي القائل باستحالة الانفكاك عن الواجب لأنه حاصل على هذا التقدير، فيلزم الوقوع فيما فر منه، فالواسطة المذكورة بينه وبين العالم غير معقولة عند الفريقين من العقلاء إذ الفلاسفة يوافقون المتكلمين على نفيها، فلا فائدة مهمة في ذكرها والتعرض لإبطالها. قال كاتب الأحرف: الظاهر أن هذا الذي قررته هو مراد المحقق بقوله في التجريد: وجود العالم بعد عدمه نيف الإيجاب والواسطة غير معقولة، فاندفع ما أورده الشارح الجديد في هذا المقام من قوله: «فللمعترض أن يقول» اه تدبر فإنه من خواص الكشكول.
من مستطرفات السرائر لابن إدريس
الفوائد النجفية: فائدة من مستطرفات السرائر لابن إدريس (ره) مما استطرفه من كتاب أبي عبد الله السياري صاحب الرضا عليه السّلام قال: وكان عثمان إذا أوتي
بشيء من الفيء فيه ذهب عزله وقال: هذا لطوق عمرو، فلما كثر ذلك قيل له:(2/139)
الفوائد النجفية: فائدة من مستطرفات السرائر لابن إدريس (ره) مما استطرفه من كتاب أبي عبد الله السياري صاحب الرضا عليه السّلام قال: وكان عثمان إذا أوتي
بشيء من الفيء فيه ذهب عزله وقال: هذا لطوق عمرو، فلما كثر ذلك قيل له:
كبر عمرو عن الطوق، فجرى به المثل
قلت: وروى عطر الله مرقده في المستطرفات في موضع آخر عن هارون بن مسلم عن عمرو بن خلاد عن الرضا عليه السّلام قال: كان فلان إذا أتي بمال أخذ منه وقال: هذا لطوق عمرو.
وهذا هو عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة الأبرش قالوا: وكان خاله جذيمة جمع غلمانا من أبناء الملوك يخدمونه منهم عدي، وكان جميلا فعشقته رقاش أخت جذيمة فقالت له: إذا سقيت الملك وسكر فاخطبني إليه، فسقى عدي جذيمة فلما سكر قال له: سلني. قال: زوجني رقاش أختك. قال: قد فعلت، فعلمت رقاش أنه سينكر ذلك إذا أفاق فقالت للغلام: ادخل على أهلك الليلة ففعل، فأصبح في ثياب جدد وطيب، فلما رآه جذيمة قال: ما هذا؟ قال: أنكحتني أختك البارحة، قال: ما فعلت؟ وجعل يضرب وجهه ورأسه وأقبل على رقاش وقال:
حدثيني وأنت غير كذوب ... أبحر زنيت أم بهجين
أم بعبد وأنت أهل لعبد ... أم بدون وأنت أهل لدون
قالت: بل زوجتني كفوا كريما من أبناء الملوك، فأطرق جزيمة، فلما رآه عدي قد فعل ذلك خافه وهرب ولحق بقومه فمات هناك، وعلقت منه رقاش وأتت بابن سماه جذيمة عمرا وتبناه وأحبه حبا شديدا وكان جذيمة لا يولد له، فلما ترعرع كان يخرج مع الخدم يجتنون للملك الكمأة، وكانوا إذا وجدوا كمأة خيارا أكلوها وأتوا بالباقي إلى الملك، وكان عمرا لا يأكل مما يجني ويأتي به كما هو ويقول:
هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جان يده إلى فيه
ثم أنه خرج يوما وعليه حلي وثياب فاستطير ففقد زمانا فطلب في الآفاق فلم يوجد وأتى على ذلك ما شاء، ثم وجده مالك وعقيل ابن فارج رجلان كانا متوجهين إلى جذيمة بهدايا، فبينما هما بواد في سماوة انتهى إليهما عمرو بن عدي وقد عفت أظفاره وشعره فسألاه: من أنت؟ فقال: أنا ابن التنوخية فلهيا عنه وقالا لجارية معهما: أطعمينا، فأطعمتهما فأشار عمرو إليها أن اطعميني فأطعمته ثم سقتهما، فقال عمرو: اسقيني، فقالت الجارية: لا تطعم العبد الكراع فيطمع في الذراع. ثم أنهما حملاه إلى جذيمة فعرفه وضمه وقبله وقال لهما: حكمتكما
فسألاه منادمته فلم يزالا نديميه حتى فرق الموت بينهم، وبعث عمرو إلى أمه فأدخلته الحمام ولبسته وطوقته طوقا كان له من ذهب، فلما رآه جذيمة قال: كبر عمرو عن الطوق.(2/140)
هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جان يده إلى فيه
ثم أنه خرج يوما وعليه حلي وثياب فاستطير ففقد زمانا فطلب في الآفاق فلم يوجد وأتى على ذلك ما شاء، ثم وجده مالك وعقيل ابن فارج رجلان كانا متوجهين إلى جذيمة بهدايا، فبينما هما بواد في سماوة انتهى إليهما عمرو بن عدي وقد عفت أظفاره وشعره فسألاه: من أنت؟ فقال: أنا ابن التنوخية فلهيا عنه وقالا لجارية معهما: أطعمينا، فأطعمتهما فأشار عمرو إليها أن اطعميني فأطعمته ثم سقتهما، فقال عمرو: اسقيني، فقالت الجارية: لا تطعم العبد الكراع فيطمع في الذراع. ثم أنهما حملاه إلى جذيمة فعرفه وضمه وقبله وقال لهما: حكمتكما
فسألاه منادمته فلم يزالا نديميه حتى فرق الموت بينهم، وبعث عمرو إلى أمه فأدخلته الحمام ولبسته وطوقته طوقا كان له من ذهب، فلما رآه جذيمة قال: كبر عمرو عن الطوق.
قال المنصور: إن من بركتنا على المسلمين ارتفاع الطاعون عنهم في أيامنا، قال له بعض من حضر: أبى لله أن يجمع الطاعون والطاعون.
قال ابن المهلبي: كنت عند المنتصر فدخل عليه الجماز وقد شاخ وهرم، فقال لي المنتصر: سله هل بقي فيه للنساء شيء؟ فسألته قال: نعم. قلت: ما هو؟
فقال: أقود عليهن، فضحك المنتصر حتى استلقى على قفاه.
بعض ما قيل في بدعة عشيقة إسحاق
قال محمد بن الشائب كنت مع جماعة من الشعراء قصدنا إسحاق بن أيوب أمير الموصل والجزيرة مادحين له مؤملين فضله فلم يعطنا شيئا وطال مقامنا، وكان إسحاق يعشق بدعة جارية غريب المأمونية، فقلت: والله لأخدعنه، فوقفت بين يديه يوما قلت:
تدرون ما قالت لأترابها ... في البر منا بدعة العالم
فهش لمقالي وأقبل علي وقال: ويحك. ما قالت؟ فقلت:
بالله إن صغتن لي خاتما ... فانقش إسحاق على الخاتم
قال: فارتاح وطرب وتهلل وجهه واهتز وقال: مليح والله ما قالت، وأمر لي بمئة دينار وفرس ومركب ثقيل وخلعة، فقال: هذا لك كل سنة ولم يعط أحدهم شيئا. وكان لإسحاق غلام بديع الجمال فأهداه إلى بدعة، فكان يحمل عودها ويحضر معها، فقال فيه بعض شعراء ذلك العصر:
عجب الناس من رفاعة ... إسحاق وفعل أتاه غير جميل
حين أهدى إلى الغزالة ظبيا ... ذا قوام لدن وخد أسيل
أتراها تعف عنه إذا ما ... خلوا للعناق والتقبيل
فإني بديل بدعة قد صار ... لصيقا للقرطق المحلول
قلت لا تعجبوا فإن له عذرا صحيح القياس عليل
بعدت دارها وقام عليه ... فاشتهى أن ينيكها برسول(2/141)
عجب الناس من رفاعة ... إسحاق وفعل أتاه غير جميل
حين أهدى إلى الغزالة ظبيا ... ذا قوام لدن وخد أسيل
أتراها تعف عنه إذا ما ... خلوا للعناق والتقبيل
فإني بديل بدعة قد صار ... لصيقا للقرطق المحلول
قلت لا تعجبوا فإن له عذرا صحيح القياس عليل
بعدت دارها وقام عليه ... فاشتهى أن ينيكها برسول
قصص وحكايات قصيرة
قيل: تظلم أهل الكوفة إلى المأمون من وال كان عليهم فقال المأمون: كفوا فلا أرى أعدل منه في عمالي ولا أقوم. فقال المتظلم: إن كان له هذا الوصف فاجعل لكل بلد فيه نصيبا ليستوفي العدل، وإذا فعل أمير المؤمنين ذلك لم يكن نصيبنا أكثر من ثلاث سنين فعزله:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجرا من خالص الصخر جلمدا
قال رجل لابن عباس: ادع الله أن يغنيني عن الناس. فقال: إن حوائج الناس متصلة بعضها ببعض فما يستغني المرء عن بعض حوائجه، ولكن قل: اللهم اغنني عن شرار الناس.
سمع أعرابي ابن عباس يقرأ: {(وَكُنْتُمْ عَلى ََ شَفََا حُفْرَةٍ مِنَ النََّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهََا)} فقال الأعرابي: والله ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها فقال ابن عباس:
خذوها من غير فقيه.
قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام وهو على بغلة له في بعض الحروب: لو اتخذت الخيل يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنا لا أفر عن من كرّ ولا أكر على من فر فالبغلة تكفيني.
عن ابن عباس قال: قدم على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قوم فقالوا: إن فلانا صائم الدهر قائم الليل كثير الذكر، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أيكم يكفيه طعامه وشرابه؟ فقالوا: كلنا.
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: كلكم خير منه.
قيل: من لم يستوحش من ذل السؤال لم يأنف عن لؤم الرد.
تفسير حديث مشكل
ومن الأخبار المشكلة: ما رواه شيخنا ثقة الإسلام في الكافي بإسناده عن عبد الله بن مسكان عمن رواه عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام قال: قال وأنا عنده لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قول الله تعالى:
{(وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل {(وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في لقمان {(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ)} حسنا {(وَإِنْ جََاهَدََاكَ عَلى ََ أَنْ تُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلََا تُطِعْهُمََا)} فقال: إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال {(وَإِنْ
جََاهَدََاكَ عَلى ََ أَنْ تُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)} فقال: لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلا عظما.(2/142)
{(وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل {(وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في لقمان {(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ)} حسنا {(وَإِنْ جََاهَدََاكَ عَلى ََ أَنْ تُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلََا تُطِعْهُمََا)} فقال: إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال {(وَإِنْ
جََاهَدََاكَ عَلى ََ أَنْ تُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)} فقال: لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ما زاد حقهما إلا عظما.
ولا يخفى ما فيه من الإشكال: وقد أجاب عنه بعض المحققين بأن فيه تقديما وتأخيرا، وفي بعضه تحريفا وتبديلا، وهو يقع في العبارات كثيرا، فإن قوله: {(وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} مؤخر عن قوله: {(أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ)} إذ الإمام عليه السّلام أجل من أن يقول لعبد الواحد في بر الوالدين ويذكر قوله تعالى: {(وَبِالْوََالِدَيْنِ)} اه ثم يقول بعد ذلك هي الآية التي في لقمان {(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ)} إلى آخره، بل الأصل فيه والله أعلم قال: وأنا عنده لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قوله تعالى فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل {(وَقَضى ََ رَبُّكَ أَلََّا تَعْبُدُوا إِلََّا إِيََّاهُ وَبِالْوََالِدَيْنِ إِحْسََاناً)} ونحو ذلك ليشتبه كثيرا إذا كان في آخر السطر أنه من السطر الأول أو الثاني ونحو ذلك والمراد أنه عليه السّلام قد ذكر لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين في قوله عزّ وجلّ من غير أن يبين له في أي موضع وسورة، فظن لذلك أن مراده عليه السّلام الآية التي في بني إسرائيل.
ويحتمل أن يقال: فقال: إن ذلك أصله، فقلت: إن ذلك بقرينة قوله: بعد، فقال: لا. وحاصله أني قلت له عليه السّلام: إن هذا عظيم وهو أنه كيف يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال وإن وقعت منهم المجاهدة على الشرك والمعاندة على الكفر، فالخطاب حينئذ حكاية للفظ الآية الكريمة كما ترى. فقال عليه السّلام: لا أي ليس ذلك بعظيم ولا خطير كما ظننت بل الله عزّ وجلّ يأمر بصلتهما وحقهما وإن وقعت منهم المجاهدة على ذلك، فإن حصولها لا يسقط صلتهما ولا يمنع حقهما بل إنما يزيده عظما، فحق الوالدين إذا لم يسقط مع الجاهدة على ذلك كان أعظم منه في عدم المجاهدة، وعلى هذا يكون «إن» في {(وَإِنْ جََاهَدََاكَ)} وصلية في كلام الراوي وإن كانت شرطية في الآية، وأما ما في كلام الإمام عليه السّلام يحتمل كونها وصلية، وقوله: «فلا تطعهما» متفرع على ما تقدمه، وكونها شرطية أيضا وجواب الشرط قوله: {(فَلََا تُطِعْهُمََا)} وأما لفظ «حسنا» فأما أن يكون زائدا من النساخ أو سهوا من الراوي، وقد وقع مثل ذلك مرارا كثيرة في الأحاديث الشريفة مما ليس في القرآن المجيد، وهم صلوات الله عليهم أعلم.
نعم هو مسطور في سورة العنكبوت وهي: {(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جََاهَدََاكَ لِتُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلََا تُطِعْهُمََا)} انتهى ملخصا.(2/143)
نعم هو مسطور في سورة العنكبوت وهي: {(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسََانَ بِوََالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جََاهَدََاكَ لِتُشْرِكَ بِي مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلََا تُطِعْهُمََا)} انتهى ملخصا.
منتخبات من نهج البلاغة
كتاب نهج البلاغة: قال عليه السّلام: من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشد الباطل. إذا هبت أمرا فقع فيه فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه. آلة الرياسة سعة الصدر. أزجر المسيء بثواب المحسن. احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك. من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع. اللجاجة تسل الرأي. الطمع رق مؤبد. ثمرة التفريط الندامة وثمرة الحزم السلامة. لا خير في الصمت كما لا خير في القول بالجهل. يابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها فإن القلب إذا أكره عمي. وكان عليه السّلام يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت حين أعجز عن الانتقام فيقال لي: «لو صبرت» أم حين أقدر عليه فيقال لي «لو عفوت». إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة. لا يزهدنك في المعروف من إلا يشكر لك فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر مما أضاع الكافر والله يحب المحسنين. كل وعاء يضيق بما وضع فيه إلا وعاء فيه العلم فإنه يتسع. أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل.
إن لم تكن حليما فتحلم فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم. من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر ومن خاف أمن ومن اعتبر أبصر.
إجازة ابن فهد
صورة إجازة الشيخ العالم الفقيه الشيخ أحمد بن محمد بن فهد (قده).
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين: الحمد لله المنقذ من الحيرة والغواية، المرشد إلى سبيل الصواب والهداية، الشارع لعباده طريق الرواية ليصلوا إلى منهاج الحق والدراية، من تبليغ ما جاءت به رسله المكرمون وأنبياؤه وأئمته المعصومون، ليصل الحق إلى أقصى الأطراف والسبل، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وإزاحة لعلل المكلفين وتنبيها للغافلين ليصل السعيد إلى الحظ الأوفى، ولئلا يقولوا: {(رَبَّنََا لَوْلََا أَرْسَلْتَ إِلَيْنََا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيََاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى ََ)}. وصلى الله على نبيه البشير النذير وآله المعصومين المخصوصين بآية التطهير والعلم الغزير، صلاة دائمة ما بقي التهليل والتكبير.
وبعد فإن الله تعالى لما اقتضت حكمته جلت عظمته خلق المكلفين وأوجبت رأفته تكليف العالمين ليصلوا إلى السعادة الأبدية والنجاة السرمدية، واستحال ذلك
في عدله بدون إعلامهم ما يريد منهم ويرضى به عنهم فبعث الرسل لتبليغ الإسلام ونصب الأئمة لتعليم الأنام، ولما توقف ذلك على نقل الرواة وأخبار الثقاة حث سبحانه على ذلك في الذكر المصون والكتاب المكنون فقال جل جلاله: {(فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)} وكان نقل الأحكام والآثار في الطبقة الأولى طورا بالنقل والعمل وطورا بالإفتاء والقول، وفيما بعدها من الطبقات للمشايخ والرواة طورا بالحديث والرواية وطورا بالسماع والإجازة وطورا بالمناولة لتبقى السنة على التواتر ولا يغيرها الاندراس، وقد أشار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى هذا فقال: «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، ومن لم يفعل فعليه لعنة الله» ورغب في النقل فقال: «من حفظ من أمتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما».(2/144)
وبعد فإن الله تعالى لما اقتضت حكمته جلت عظمته خلق المكلفين وأوجبت رأفته تكليف العالمين ليصلوا إلى السعادة الأبدية والنجاة السرمدية، واستحال ذلك
في عدله بدون إعلامهم ما يريد منهم ويرضى به عنهم فبعث الرسل لتبليغ الإسلام ونصب الأئمة لتعليم الأنام، ولما توقف ذلك على نقل الرواة وأخبار الثقاة حث سبحانه على ذلك في الذكر المصون والكتاب المكنون فقال جل جلاله: {(فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)} وكان نقل الأحكام والآثار في الطبقة الأولى طورا بالنقل والعمل وطورا بالإفتاء والقول، وفيما بعدها من الطبقات للمشايخ والرواة طورا بالحديث والرواية وطورا بالسماع والإجازة وطورا بالمناولة لتبقى السنة على التواتر ولا يغيرها الاندراس، وقد أشار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى هذا فقال: «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، ومن لم يفعل فعليه لعنة الله» ورغب في النقل فقال: «من حفظ من أمتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما».
وكان المولى الفقيه العالم العامل العلامة محقق الحقائق ومستخرج الدقائق الفاضل الكامل زين الإسلام والمسلمين عز الملة والحق أبو الحسن علي بن يوسف المعروف بابن العسرة ممن أخذ من هذا القسم بالحظ الأولى وفاز بالسهم المعلى التمس من عندي إجازة ما رويناه من مشايخنا، ولم أك من أهل هذا الميدان ولا من فرسان الكلام والبرهان، ولولا تحتم إجابته وحذر الإجلال بطاعته لكون ذلك من باب الرواية وقد تقدم وجوب إشاعتها وتحريم كتمانها عن مستحقها لأحببت الإمساك عن ذلك لعي عبارتي وعدم براعتي وقلة بضاعتي، ولرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ولنبدأ أولا بما نرويه مشافهة متصلا.
فأقول: حدثني المولى السعيد العالم الفاضل الكامل أبو العز السيد جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني قال: حدثني شيخي الإمام العلامة مولانا نصير الدين علي بن محمد الفاشي قدس الله سره قال: حدثني جلال الدين ابن دار الصخر قال: حدثني الفقيه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن سعيد قال: حدثني الفقيه ابن الجهم قال: حدثني المعمر السنبسي قال: سمعت من مولاي أبي محمد العسكري عليه وعلى آبائه وولده الصلاة والسلام يقول: أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله سره فيه فتنازل نصيبك منه. فقال: يابن رسول الله ولو بحجر؟ فقال: ألا تنظر إلى الحجر الأسود.
ومن ذلك ما حدثني به السيد السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسابة عن السيد السعيد تاج الدين محمد بن معية الحسني، عن الفقيه العالم الفاضل زين الدين علي بن الحسين بن حماد، عن المولى السعيد العالم الفاضل النسابة جلال
الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد بن التقي النسابة، عن أبيه عبد الحميد المذكور، عن أبيه المحدث العالم الورع الفاضل شمس الدين محمد المذكور، عن أبيه الجد السعيد المحدث العالم الفاضل الورع البارع عبد الحميد ابن التقي النسابة المذكور، عن السيد الشريف أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن عمر العلوي الحسيني الزيدي نسبا العيسوي محتدا، عن الثقة أبي بكر عبد الله ابن محمد بن أحمد بن المنصور، عن أبي الخير المبارك عن عبد الجبار بن أحمد الصولي عن أبي الحسن علي بن أحمد الحرني القزويني عن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلمان الطائي عن أبيه أحمد المذكور عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه الإمام موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه الإمام زين العابدين عليه السّلام عن أبيه الحسين السبط عن أبيه المفترض الطاعة على سائر الأنام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: لما بدأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتعليم الأذان أتاه جبرئيل عليه السّلام بالبراق فاستصعب عليه ثم أتاه بدابة أخرى يقال لها (برقه) فاستصعب عليه فقال لها جبرئيل: اسكني يا برقه فما ركبك أكرم على الله منه فكسنت قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب التي يلي الرحمن عز ربّنا وجلّ فخرج ملك من وراء الحجاب فقال: الله أكبر الله أكبر.(2/145)
ومن ذلك ما حدثني به السيد السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد النسابة عن السيد السعيد تاج الدين محمد بن معية الحسني، عن الفقيه العالم الفاضل زين الدين علي بن الحسين بن حماد، عن المولى السعيد العالم الفاضل النسابة جلال
الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد بن التقي النسابة، عن أبيه عبد الحميد المذكور، عن أبيه المحدث العالم الورع الفاضل شمس الدين محمد المذكور، عن أبيه الجد السعيد المحدث العالم الفاضل الورع البارع عبد الحميد ابن التقي النسابة المذكور، عن السيد الشريف أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن عمر العلوي الحسيني الزيدي نسبا العيسوي محتدا، عن الثقة أبي بكر عبد الله ابن محمد بن أحمد بن المنصور، عن أبي الخير المبارك عن عبد الجبار بن أحمد الصولي عن أبي الحسن علي بن أحمد الحرني القزويني عن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلمان الطائي عن أبيه أحمد المذكور عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام عن أبيه الإمام موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه الإمام زين العابدين عليه السّلام عن أبيه الحسين السبط عن أبيه المفترض الطاعة على سائر الأنام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: لما بدأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتعليم الأذان أتاه جبرئيل عليه السّلام بالبراق فاستصعب عليه ثم أتاه بدابة أخرى يقال لها (برقه) فاستصعب عليه فقال لها جبرئيل: اسكني يا برقه فما ركبك أكرم على الله منه فكسنت قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب التي يلي الرحمن عز ربّنا وجلّ فخرج ملك من وراء الحجاب فقال: الله أكبر الله أكبر.
قال: قلت: يا جبرئيل من هذا الملك؟ فقال: والذي أكرمك بالنبوة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي. فقال الملك: الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر. فقال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي لا إله إلا أنا. فقال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله، فنودي من رواء الحجاب: أنا أرسلت محمدا رسولا. فقال الملك: حي على الصلاة، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي ودعا إلى عبادتي. فقال الملك:
حي على الفلاح، فنودي من وراء الحجاب: صدق عبدي ودعا إلى عبادتي وقد أفلح من واظب عليها. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يومئذ أكمل لي الشرف على الأولين والآخرين.
وحدثني السيد السعيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني أيضا قال:
اجتمعت بالشاعر الأستاذ الواعظ الخطيب يحيى بن النجل الزيدي وكان من أعيان فقهاء الزيدية وكان من المعمرين، قال: روى عن صالح بن عبد الله اليمني مولى بني سالم كان يحيى بن النجل قدم الكوفة ورأيته بها في شهور سنة أربع وثلاثين وسبعمئة هجرية عن أبيه عبد الله اليمني المذكور وأنه كان من المعمرين وأدرك
سلمان الفارسي (رض) وأنه روى له عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة، ورأس العبادة حسن الظن بالله.(2/146)
اجتمعت بالشاعر الأستاذ الواعظ الخطيب يحيى بن النجل الزيدي وكان من أعيان فقهاء الزيدية وكان من المعمرين، قال: روى عن صالح بن عبد الله اليمني مولى بني سالم كان يحيى بن النجل قدم الكوفة ورأيته بها في شهور سنة أربع وثلاثين وسبعمئة هجرية عن أبيه عبد الله اليمني المذكور وأنه كان من المعمرين وأدرك
سلمان الفارسي (رض) وأنه روى له عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة، ورأس العبادة حسن الظن بالله.
وأجزت له أيضا أن يروي عني عن الشيخ الإمام العالم الفاضل الورع العلامة أبي محمد نظام الدين علي بن عبد الحميد النبلي عن شيخه الإمام المحقق المدقق أبي طالب فخر الدين محمد بن الحسن بن المطهر جميع مصنفات والده الإمام القمقام بحر العلوم أفضل العلماء الراسخين مكمل علوم الأولين والآخرين الإمام العلامة جمال الدين أبي منصور الحسن بن المطهر جميع مصنفاته الفقهية والكلامية وجميع ما صنفه من العلوم النقلية والعقلية وجميع ما صنفه ولده الإمام فخر المحققين، وأجزت له أيضا أن يروي عني عن شيخي الإمام ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الخليل النيلي قدس الله روحه عن شيخه الإمام فخر الدين محمد ابن الحسن بن المطهر جميع مصنفاتهما ومقروآتهما ومجازاتهما، ويروي عني أيضا مصنفات شيخي ظهير الدين ومقروآته ومجازاته، وأجزت له أن يروي عني عن شيخي الإمامين الأكرمين النبيلين عن شيخهما عن أبيه الإمام العلامة جميع مصنفات الإمام العالم الفاضل المحقق المدقق الكامل أبي القاسم نجم الدين جعفر ابن سعيد جميع مصنفاته في العلوم العقلية والنقلية، وأجزت له أن يروي عن الشيخين المذكورين بالطريق إليهما جميع مصنفات الإمام العلامة شيخ المذهب أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله سره في العلوم العقلية والنقلية من الفقه والتفسير والحديث وجميع كتب الشيخ الإمام المرتضى محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد جميع مصنفاته في سائر العلوم، وأجزت له أيضا أن يروي عني عن الشيخ السعيد المرحوم زين الدين علي بن الحسن الخازن الحائري جميع مصنفات السعيد الشهيد أبي عبد الله محمد بن مكي قدس سره، وأجزت له أن يروي عني جميع ما صنفته من الكتب والرسائل والمسائل، فليرو ذلك لمن شاء وأحب فهو أهل لذلك. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين. وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى أحمد بن محمد بن فهد في ثاني عشر شهر شعبان من سنة أربعين وثمانمئة هلالية هجرية. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.
ثم كتب بعد ذلك بخطه ما صورته: والعبد أقل من هذا المقام الذي أهلني له وندبني إليه، واسأل من مكارمه وأنعامه أن يجرينا على خاطره الكريم في أوقات دعواته وخلواته، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين ومن شيعة أمير المؤمنين
المخلصين جمعنا الله وإياه مع ساداتنا في الدنيا والآخرة اعنه حقيق بتحقيق رجاء الراجين وأرحم الراحمين.(2/147)
ثم كتب بعد ذلك بخطه ما صورته: والعبد أقل من هذا المقام الذي أهلني له وندبني إليه، واسأل من مكارمه وأنعامه أن يجرينا على خاطره الكريم في أوقات دعواته وخلواته، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين ومن شيعة أمير المؤمنين
المخلصين جمعنا الله وإياه مع ساداتنا في الدنيا والآخرة اعنه حقيق بتحقيق رجاء الراجين وأرحم الراحمين.
صورة إجازة الشهيد الأول
إجازة شيخنا الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي مصير كل شيء إليه والمعول في كل مهم عليه، والصلاة على أحظى خلقه لديه محمد بن عبد الله النبي الأمي أفضل مصطفيه، وعلى آله الأولى حفظوا شريعته وأقاموا سننه صلاة تتزايد بتزايد الدهور وتتضاعف بتضاعف الأيام والشهور.
وبعد: فإن المعترف بنعم الله جل اسمه المغترف من تيار بحاره، المستوعب جميع أيامه في الإذعان بالقصور عن السير على ما يجب من شكره في سره وجهره، السائل من عميم فيضه وسيبه المدرار أن يعفو عنه ما اقترفه في سالفه اناء الليل وأطراف النهار محمد بن مكي سامحه الله في هفواته وغفر له خطياته يقول:
لما كان شرف الإنسان إنما هو بالعقل الذي امتاز به عن العجماوات وشابه به ملائكة السماوات وبالعلم الذي يستحق به رفيع الدرجات، ويفضل به على ابناء نوعه من ذوي الجهالات، وكانت العلوم متعددة وأصنافها متبددة، وكان أشرفها وأفضلها العلم بالله تعالى. وكمالاته وكيفية تأثيراته والعلم بكتابه العزيز وشرعه القويم وصراطه المستقيم المأخوذ عن خاتم الأنبياء وأفضل الأولين بطريق عترته الأئمة النجباء والبررة الأمناء عليهم السّلام ما تعاقب الظلام والضياء واتبع الصباح المساء، وما يتوقف اتقان هذين العلمين عليه من المعقولات والمنقولات، وتلك العلوم هي العلوم الإسلامية والقوانين الشرعية صلوات الله على الصادع به وسلامه على أحمد وعترته وأطايب صحابته، وكان الأخ في الله المصطفى في الأخوة المختار في الدين المولى الشيخ الإمام العالم العامل العلامة المفتي صاحب المباحث السنية والأفهام الدقيقة العلية والفكرة الدقيقة المؤيد بتأييد رب العالمين شمس الملة والحق والدين أبو جعفر محمد بن الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد تاج الدين أبي محمد عبد العلى بن نجدة أسعده الله في أولاه وأخراه وأعطاه ما يتمناه وبلغه ما يرضاه ممن أقبل على تحصيل الكمالات النفسانية وفاز بالسبق على أقرانه في الخصال المرضية وانقطع بكليته إلى طلب المعالي ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي حتى بلغ من آماله ما شرفه وعظمه وجعله من أعلام العلماء وأكرمه،
وكان من جملة ما قرأه على العبد الضعيف عدة كتب فمنها كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام قرأه وسمع معظمه ومنه كتاب اللمع في النحو للإمام أبي الفتح عثمان بن الجني ومنه كتاب الخلاصة المنظوم للإمام العلامة ملك الأدباء جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك الطائي الجبائي قرأه حافظا دارسا شارحا باحثا وسمع كتبا كثيرة غيره ذلك بقراءة غيره في فنون شتى مثل كتاب تحرير الأحكام الشرعية وكتاب التلخيص والإرشاد وكتاب المناهج في علم الكلام وكتاب شرح النظم في علم الكلام وكتاب شرح الياقوت في الكلام وكتاب نهج المسترشدين كل ذلك من مصنفات الإمام الأعلم أستاذ الكل الملك في الكل جمال الملة والحق والدين أبي منصور الحسن بن المطهر الحلي رفع الله مكانه في جنته وجمع بينه وبين أحبته وكتاب شرائع الإسلام ومختصره للإمام السعيد فخر المذهب محقق الحقائق نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد شرف الله في الملأ الأعلى قدره وأطاب في الدارين ذكره ومن ذلك كتاب عيون أخبار الرضا عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والتحيات تأليف الشيخ الإمام الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه (ره)، ومن ذلك كتاب مختصر مصباح المتهجدين من مصنفات الشيخ الإمام الأعلم السعيد الموفق شيخ المذهب محيي السنن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) وغير ذلك مما يطول عدده ويعسر حيطته.(2/148)
لما كان شرف الإنسان إنما هو بالعقل الذي امتاز به عن العجماوات وشابه به ملائكة السماوات وبالعلم الذي يستحق به رفيع الدرجات، ويفضل به على ابناء نوعه من ذوي الجهالات، وكانت العلوم متعددة وأصنافها متبددة، وكان أشرفها وأفضلها العلم بالله تعالى. وكمالاته وكيفية تأثيراته والعلم بكتابه العزيز وشرعه القويم وصراطه المستقيم المأخوذ عن خاتم الأنبياء وأفضل الأولين بطريق عترته الأئمة النجباء والبررة الأمناء عليهم السّلام ما تعاقب الظلام والضياء واتبع الصباح المساء، وما يتوقف اتقان هذين العلمين عليه من المعقولات والمنقولات، وتلك العلوم هي العلوم الإسلامية والقوانين الشرعية صلوات الله على الصادع به وسلامه على أحمد وعترته وأطايب صحابته، وكان الأخ في الله المصطفى في الأخوة المختار في الدين المولى الشيخ الإمام العالم العامل العلامة المفتي صاحب المباحث السنية والأفهام الدقيقة العلية والفكرة الدقيقة المؤيد بتأييد رب العالمين شمس الملة والحق والدين أبو جعفر محمد بن الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد تاج الدين أبي محمد عبد العلى بن نجدة أسعده الله في أولاه وأخراه وأعطاه ما يتمناه وبلغه ما يرضاه ممن أقبل على تحصيل الكمالات النفسانية وفاز بالسبق على أقرانه في الخصال المرضية وانقطع بكليته إلى طلب المعالي ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي حتى بلغ من آماله ما شرفه وعظمه وجعله من أعلام العلماء وأكرمه،
وكان من جملة ما قرأه على العبد الضعيف عدة كتب فمنها كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام قرأه وسمع معظمه ومنه كتاب اللمع في النحو للإمام أبي الفتح عثمان بن الجني ومنه كتاب الخلاصة المنظوم للإمام العلامة ملك الأدباء جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك الطائي الجبائي قرأه حافظا دارسا شارحا باحثا وسمع كتبا كثيرة غيره ذلك بقراءة غيره في فنون شتى مثل كتاب تحرير الأحكام الشرعية وكتاب التلخيص والإرشاد وكتاب المناهج في علم الكلام وكتاب شرح النظم في علم الكلام وكتاب شرح الياقوت في الكلام وكتاب نهج المسترشدين كل ذلك من مصنفات الإمام الأعلم أستاذ الكل الملك في الكل جمال الملة والحق والدين أبي منصور الحسن بن المطهر الحلي رفع الله مكانه في جنته وجمع بينه وبين أحبته وكتاب شرائع الإسلام ومختصره للإمام السعيد فخر المذهب محقق الحقائق نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد شرف الله في الملأ الأعلى قدره وأطاب في الدارين ذكره ومن ذلك كتاب عيون أخبار الرضا عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والتحيات تأليف الشيخ الإمام الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه (ره)، ومن ذلك كتاب مختصر مصباح المتهجدين من مصنفات الشيخ الإمام الأعلم السعيد الموفق شيخ المذهب محيي السنن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) وغير ذلك مما يطول عدده ويعسر حيطته.
وقد أجزت له أسبغ الله فضائله رواية جميع ما قرأه وسمعه علي ونقله واقرأه والعمل به عني عن مشايخي الذين عاصرتهم وحضرت دروسهم واستفدت من أنفاسهم واقتبست من علومهم رضوان الله عليهم أجمعين، بل أجزت له جميع ما صنفه علماؤنا الماضون وسلفنا الصالحون من الطبقة التي عاصرتها إلى طبقات الأئمة المعصومين في جميع الأزمنة بالطرق التي لي إليهم على اختلافها، وأجزت له جميع ما رويته عن جميع مشائخنا أهل السنة شاما وحجازا وعراقا وهو كثير وأجزت له رواية جميع ما صنفته وألفته ونظمته في سائر العلوم التي شاركت فيها بعض أهلها فمما سمعه علي من مصنفاتي غاية المراد في شرح الإرشاد والرسالة الألفية في فقه الصلاة وخلاصة الاعتبار في الحج والاعتمار ورسالة التكليف وغيرها.
وها أنا مثبت نبذة من الطرق إلى العلماء المذكورين وجاعل استيفاء ذلك مفوضا إليه أدام الله نعمه عليه، وإلى ما عساه يتيسر لي في مستقبل الأوقات من الكتابة له والزيادة على ذلك: فأما مصنفات ابن المطهر (رض) فإني رويتها عن
عدة من أصحابنا منهم المولى السيد الإمام المرتضى علم الهدى شيخ أهل البيت في زمانه عميد الحق والدين أبو عبد الله عبد المطلب بن الأعرج الحسيني طاب ثراه وجعل الجنة مأواه، ومنهم الشيخ الإمام سلطان العلماء منتهى الفضلاء والنبلاء خاتمة المجتهدين فخر الملة والدين أبو طالب محمد بن الشيخ الإمام السعيد جمال الدين ابن المطهر مد له في عمره مدا وجعل بينه وبين الحادثات سدا، ومنهم الشيخ الإمام الفقيه المحقق والحبر المدقق زين الدين أبو الحسن علي بن طراد المطار باذي جميعا عنه أعني الإمام جمال الدين بلا واسطة، وأجزت له دامت أيامه رواية مصنفات هؤلاء المذكورين أيضا ومؤلفاتهم ومروياتهم عني وعنهم بلا واسطة.(2/149)
وها أنا مثبت نبذة من الطرق إلى العلماء المذكورين وجاعل استيفاء ذلك مفوضا إليه أدام الله نعمه عليه، وإلى ما عساه يتيسر لي في مستقبل الأوقات من الكتابة له والزيادة على ذلك: فأما مصنفات ابن المطهر (رض) فإني رويتها عن
عدة من أصحابنا منهم المولى السيد الإمام المرتضى علم الهدى شيخ أهل البيت في زمانه عميد الحق والدين أبو عبد الله عبد المطلب بن الأعرج الحسيني طاب ثراه وجعل الجنة مأواه، ومنهم الشيخ الإمام سلطان العلماء منتهى الفضلاء والنبلاء خاتمة المجتهدين فخر الملة والدين أبو طالب محمد بن الشيخ الإمام السعيد جمال الدين ابن المطهر مد له في عمره مدا وجعل بينه وبين الحادثات سدا، ومنهم الشيخ الإمام الفقيه المحقق والحبر المدقق زين الدين أبو الحسن علي بن طراد المطار باذي جميعا عنه أعني الإمام جمال الدين بلا واسطة، وأجزت له دامت أيامه رواية مصنفات هؤلاء المذكورين أيضا ومؤلفاتهم ومروياتهم عني وعنهم بلا واسطة.
وبهذا الإسناد عن الإمام جمال الدين مصنفات الإمام نجم الدين بن سعيد (رض)، ويرويها الإمامان الأولان عميد الحق والدين وفخر الحق والدين أيضا عن الشيخ الإمام العلامة رضي الحق والدين علي بن المطهر عن الإمام نجم الدين أيضا، ويرويها الإمامان الآخران رضي الدين وزين الدين عن الشيخ الإمام العلامة صفي الدين محمد بن سعيد عن الإمام نجم الدين أيضا، ويرويها الإمام الأخير زين الدين عن الشيخ الإمام سلطان الأدباء ملك النظم والنثر المبرز في النحو والعروض تقي الدين أبي محمد الحسن بن داود عن الإمام نجم الدين أيضا، ورواياتها عاليا عن الشيخ الإمام الخطيب المصقع البليغ جلال الدين محمد بن الشيخ السعيد ملك الأدباء والشعراء والخطباء شمس الدين محمد الكوفي الهاشمي الحارثي عن الشيخ نجم الدين بلا واسطة.
وبالإسناد عن الشيخ جمال الدين جميع روايات الشيخ السعيد العلامة المغفور رئيس المذهب في زمانه نجيب الدين أبي زكريا يحيى بن الحسين بن سعيد صاحب الجامع وغيره.
وبالإسناد عن الشيخ جمال الدين مصنفات ومرويات الإمامين السعيدين المرتضيين السيدين الزاهدين العابدين البدلين الفريدين رضي الحق والدين أبي القاسم علي وجمال الدين أبي الفضائل أحمد بن طاوس الحسينيين سقي الله عهدهما صيب الغمام ونفعنا ببركتهما وبركة أسلافهما الكرام، وعن الشيخ جمال الدين مصنفات والده الإمام السعيد المعظم سديد الدين أبي المظفر يوسف بن المطهر.
وبالإسناد عن السيدين المذكورين نجم الدين ونجيب الدين ابني سعيد
وسديد الدين بن المطهر مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة قدوة المذهب نجيب الدين أبي إبراهيم محمد بن نمى الحلي الربعي، ومصنفات ومرويات السيد السعيد العلامة إمام الأدباء والنساب والفقهاء شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي (رض)، وعن ابن نمى والسيد فخار مصنفات الإمام العلامة شيخ العلماء حبر المذهب فخر الدين أبو عبد الله محمد بن إدريس (رض) وعن السيد فخار بلا واسطة ونجيب الدين بن نمى (رض) بواسطة الشيخ الإمام السعيد أبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي (رض) جميع مصنفات الشيخ شاذان بن جبرئيل نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعن ابن إدريس مصنفات الشيخ الإمام السعيد أبي جعفر الطوسي بحق روايته عن عربي بن مسافر العبادي عن إلياس بن هشام الحائري عن المفيد أبي علي بن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن والده، ونرويها أيضا عن شيخنا الإمام السعيد جلال الدين أبي محمد الحسن بن نمى (رض)، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد عن السيد الإمام المرتضى السيد العلامة محيي الدين أبي حامد محمد بن زهرة الحسيني الحلبي الإسحاقي طاب ثراه، عن الشيخ الإمام السعيد رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني صاحب كتاب المناقب عن أبي الفضل الداعي والسيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني والشيخ أبي الفتوح أحمد بن علي الرازي والشيخ الإمام أبي عبد الله محمد وأخيه أبي الحسن علي ابني علي بن عبد الصمد النيسابوري وأبي علي محمد بن الفضل الطبرسي، جميعا عن الشيخين أبي علي الحسن المفيد وأبي الرقا عبد الجبار المقري، كليهما عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.(2/150)
وبالإسناد عن السيدين المذكورين نجم الدين ونجيب الدين ابني سعيد
وسديد الدين بن المطهر مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة قدوة المذهب نجيب الدين أبي إبراهيم محمد بن نمى الحلي الربعي، ومصنفات ومرويات السيد السعيد العلامة إمام الأدباء والنساب والفقهاء شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي (رض)، وعن ابن نمى والسيد فخار مصنفات الإمام العلامة شيخ العلماء حبر المذهب فخر الدين أبو عبد الله محمد بن إدريس (رض) وعن السيد فخار بلا واسطة ونجيب الدين بن نمى (رض) بواسطة الشيخ الإمام السعيد أبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي (رض) جميع مصنفات الشيخ شاذان بن جبرئيل نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعن ابن إدريس مصنفات الشيخ الإمام السعيد أبي جعفر الطوسي بحق روايته عن عربي بن مسافر العبادي عن إلياس بن هشام الحائري عن المفيد أبي علي بن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن والده، ونرويها أيضا عن شيخنا الإمام السعيد جلال الدين أبي محمد الحسن بن نمى (رض)، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد عن السيد الإمام المرتضى السيد العلامة محيي الدين أبي حامد محمد بن زهرة الحسيني الحلبي الإسحاقي طاب ثراه، عن الشيخ الإمام السعيد رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني صاحب كتاب المناقب عن أبي الفضل الداعي والسيد الإمام ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني والشيخ أبي الفتوح أحمد بن علي الرازي والشيخ الإمام أبي عبد الله محمد وأخيه أبي الحسن علي ابني علي بن عبد الصمد النيسابوري وأبي علي محمد بن الفضل الطبرسي، جميعا عن الشيخين أبي علي الحسن المفيد وأبي الرقا عبد الجبار المقري، كليهما عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وبهذا الإسناد مصنفات الشيخ الإمام السعيد مرجع المذهب أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رض) عن الشيخ الطوسي عنه، وعن الشيخ الطوسي رحمه الله مصنفات الإمام السعيد المرتضى علم الهدى خليفة أهل البيت عليه السّلام أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي.
وبالإسناد عن الشيخ المفيد عن الشيخ الصدوق محمد بن بابويه جميع مصنفاته.
وأما مصنفات الإمام العلامة السعيد ملك الأدباء علامة الفضلاء أبي الحسن محمد الرضي جامع نهج البلاغة من كلام الإمام الرباني وارث علم الله وخليفته أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السّلام فإني أرويها عن جماعة كثيرة منهم من تقدم إلى
ابن شهر آشوب (ره) عن السيد الإمام أبي الصمصام ذو الفقار بن معد الحسيني المروزي عن السيد الرضي بواسطة أبي عبد الله محمد بن علي الحلوائي.(2/151)
وأما مصنفات الإمام العلامة السعيد ملك الأدباء علامة الفضلاء أبي الحسن محمد الرضي جامع نهج البلاغة من كلام الإمام الرباني وارث علم الله وخليفته أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السّلام فإني أرويها عن جماعة كثيرة منهم من تقدم إلى
ابن شهر آشوب (ره) عن السيد الإمام أبي الصمصام ذو الفقار بن معد الحسيني المروزي عن السيد الرضي بواسطة أبي عبد الله محمد بن علي الحلوائي.
وأما مصنفات القاضي الإمام الحبر المحقق خليفة الشيخ أبي جعفر الطوسي في البلاد الشامية عز الدين عبد العزيز بن البراج قدس الله سره فإني أرويها بالطريق المذكور إلى السيد محيي الدين بن زهرة عن الشريف عز الدين أبي الحارث محمد ابن الحسن الطوسي العلوي البغدادي عن الإمام الشيخ السعيد قطب الدين أبي الحسن الراوندي عن الشيخ أبي جعفر بن علي بن الحسن الحلبي عن القاضي ابن البراج (ره).
وأما مصنفات الشيخ الإمام السعيد خليفة المرتضى (رض) في علومه أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلي فعن الشيخ سديد الدين أبي الفضل شاذان بواسطة محيي الدين بن زهرة والسيد فخار بحق روايته عن شاذان عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن عمر الطرابلسي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل إبلسي عن الشيخ أبي الصلاح، وعن محيي الدين بن زهرة جميع مصنفات والده جمال الدين أبي القاسم عبد الله بن علي بن زهرة وعمه السيد الإمام المرتضى محمد بن أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني صاحب كتاب الغيبة وكتاب نقض الفلاسفة وجواب المسائل البغدادية وغيرها.
وأما مصنفات الإمام الحبر العلامة عماد المذهب أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي نزيل الرملة البيضاء (ره) فإنا نرويها بالإسناد إلى أبي الفضل شاذان (ره) عن الشيخ الفقيه أبي محمد ركان بن عبد الله الحشي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل عن المصنف الكراجكي المذكور.
ولنذكر طريقا واحدا إلى سيدنا وسيد الأنبياء وسيد البشر وسيد الممكنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تبركا وليكن آخر من أثبتناه من علمائنا آنفا عن الشيخ الكراجكي (ره) قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد (ره) عن أحمد ابن الوليد عن والده عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة بن أعين عن الإمام المعصوم أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: بني الإسلام على عشرة أسهم: شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة، والصلاة وهي الفريضة، والصوم وهو الجنة، والزكاة وهي المطهرة، والحج وهو الشريعة، والجهاد وهو العز، والأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر وهو الحجة، والجماعة وهي الإلفة، والعصمه وهي الطاعة.(2/152)
ولنذكر طريقا واحدا إلى سيدنا وسيد الأنبياء وسيد البشر وسيد الممكنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تبركا وليكن آخر من أثبتناه من علمائنا آنفا عن الشيخ الكراجكي (ره) قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد (ره) عن أحمد ابن الوليد عن والده عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله بن بكير عن زرارة بن أعين عن الإمام المعصوم أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: بني الإسلام على عشرة أسهم: شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة، والصلاة وهي الفريضة، والصوم وهو الجنة، والزكاة وهي المطهرة، والحج وهو الشريعة، والجهاد وهو العز، والأمر
بالمعروف، والنهي عن المنكر وهو الحجة، والجماعة وهي الإلفة، والعصمه وهي الطاعة.
وأما كتاب اللمع في النحو فرويته له عن الشيخ العلامة رضي الدين بن المزيدي عن والده جمال الدين أحمد عن الشيخ نجيب الدين يحيى عن الشيخ الأديب أبي البقاء العكبري وعن الشيخ العالم علي بن فرج السوراوي كليهما عن الشيخ زين الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحوي عن السيد النقيب هبة الله بن السمري الحسني عن السيد بن المعمر يحيى بن هبة الله ابن طباطبا الحسني عن القاضي أبو القاسم عمر بن ثابت التماسي النحوي عن المصنف.
وأما الخلاصة المالكية الألفية فإني رويتها له بحق قراءة بعضها وإجازة الباقي على الشيخ العلامة ملك النحاة شهاب بن أبي العباس أحمد بن الحسن الحنفي النحوي فقيه الصخرة الشريفة ببيت المقدس زاده الله شرفا بحق قراءته على الشيخ الإمام العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري بمقام النبي إبراهيم الخليل عليه السّلام عن الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح الدمشقي عن ناظمها وراقم علمها ابن مالك (رض).
ومما أرويه كتاب الجامع للصحيح تأليف الإمام المحدث أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري عن عدة من العلماء منهم الشيخ الإمام العلامة المفضال فخر الحق والدين محمد بن الحسن بن المطهر الحلي والشيخ الإمام العلامة شرف الدين محمد بن بكناش البشري ثم البغدادي ثم الشافعي مدرس المدرسة النظامية والشيخ الإمام القاري ملك القراء والحفاظ شمس الدين محمد بن عبد الله البغدادي الحنبلي والشيخ الإمام فخر الدين محمد بن الأعسر الحنفي والشيخ الإمام المصنف المدرس بالمستنصرية رضوان الله على منشئها شمس الدين أبو عبد الرحمن المالكي جميعا عن الإمام الشيخ رحلة الأمصار رشيد الدين محمد بن أبي القاسم عبد الله بن عمر المقري شيخ دار الحديث بالمستنصرية رضوان الله على منشئها بحق سماعه على الإمام أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبه القلانسي الصفوي بحق سماعه عن ابن الموقب عبد الأولى بن عيسى السنجري، سماعه على أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، بسماعه من أبي محمد عبد الله ابن حمويه الحموي السبرخشي، بسماعه على أبي عبد الله محمد العزيزي، بسماعه على البخاري قال: حدثنا مكي بن إبراهيم نبأنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة (رض)
قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من يقل ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.(2/153)
ومما أرويه كتاب الجامع للصحيح تأليف الإمام المحدث أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل البخاري عن عدة من العلماء منهم الشيخ الإمام العلامة المفضال فخر الحق والدين محمد بن الحسن بن المطهر الحلي والشيخ الإمام العلامة شرف الدين محمد بن بكناش البشري ثم البغدادي ثم الشافعي مدرس المدرسة النظامية والشيخ الإمام القاري ملك القراء والحفاظ شمس الدين محمد بن عبد الله البغدادي الحنبلي والشيخ الإمام فخر الدين محمد بن الأعسر الحنفي والشيخ الإمام المصنف المدرس بالمستنصرية رضوان الله على منشئها شمس الدين أبو عبد الرحمن المالكي جميعا عن الإمام الشيخ رحلة الأمصار رشيد الدين محمد بن أبي القاسم عبد الله بن عمر المقري شيخ دار الحديث بالمستنصرية رضوان الله على منشئها بحق سماعه على الإمام أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبه القلانسي الصفوي بحق سماعه عن ابن الموقب عبد الأولى بن عيسى السنجري، سماعه على أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، بسماعه من أبي محمد عبد الله ابن حمويه الحموي السبرخشي، بسماعه على أبي عبد الله محمد العزيزي، بسماعه على البخاري قال: حدثنا مكي بن إبراهيم نبأنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة (رض)
قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من يقل ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.
وهذا الحديث من التلابيات وسمعتها تقرأ على الشيخ الإمام المحدث سراج الدين الدمنهوري تجاه الكعبة الشريفة وأجاز لي روايتها ورواية جميع الكتاب عن مشائخه إلى البخاري.
وأما صحيح الإمام العلامة المحدث مسلم بن الحجاج القشيري النيشابوري فإني أرويه عن الشيخ شرف الدين الشافعي المذكور عن الإمام المحدث الرحلة عفيف الدين محمد بن عبد المحسن عرف بابن الخراط وبابن الدوالبي، بسماعه عن الشيخ أبي العباس أحمد بن عمر بن عبد الكريم المباذتيني، بسماعه على أبي الحسن المؤبدي ومحمد بن علي الطوسي بإسناد عن الإمام مسلم.
فليرو الشيخ شمس الدين محمد جميع ما ذكرته وغيره لمن شاء، وكتب أصغر العباد محمد بن مكي عاشر شهر رمضان المعظم قدره سنة سبعين وسبعمئة حامدا مصليا ومسلما. آخر كلامه رحمه الله والحمد لله وحده.
صورة إجازة الشهيد الثاني
إجازة شيخنا الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد قدس سره: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. الحمد لله الذي أوضح للأنام سبل الإكرام وجعل الرواية ذريعة إلى درك الأحكام، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا محمد الداعي إلى دار السلام، وعلى آله الكرام أعلام الأنام وأصحابه العظام.
وبعد: فإن العبد الضعيف المفتقر إلى عفو ربه تعالى زين الدين بن علي بن أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن مشرف العاملي وزعه الله تعالى شكر نعمته وتولاه بفضله ورحمته يقول: إنه قد تطابق شاهد العقل وهو الذي لا يبدل وشاهد الشرع وهو المزكى المعدل على أن أرجح المطالب وأربح المكاسب وأنجح المآرب هو العلم الذي يمتاز به الإنسان من ذوي الجهالات ويضاهي به ملائكة السماوات ويستحق به رفيع الدرجات، وأن أشرف أنواعه العلم به سبحانه وما يلحقه من الكمالات ومعرفة سفرائه وما يتبعه من تفصيل الأحوال، وهو المعبر عنه بعلم الكلام على قانون الإسلام، ثم معرفة كتابه الكريم وشرعه القويم المأخوذ عن سيد المرسلين وعترته الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وما يتوقف عليه من العلوم العقلية والأدبية وهي العلوم الإسلامية التي قد استقرت عليهما حكمة المالك الجليل وأمن أن يعتريها تغيير أو تبديل، وقد نصب الله
سبحانه عليها دليلا لا يعول إلا عليه وبابا لا يؤتى إلا منه، وكان من أهم ما أرشد إليه هو الأخبار عن سفرائه حسب ما دلّ عليه، وكان السلف رضوان الله عليهم همهم أبدا رعاية الأخبار بالهمم العالية والفطن الصافية تارة بالحفظ لما يروونه والفرق بين ما يقبلونه أو يردونه وأخرى بالتصنيف والإقراء والرواية على أكمل وجوه الرعاية، ثم درست عوائد التوفيق وطمست فوائد التحقيق وذهبت معالم الشريعة النبوية في أكثر الجهات وصارت الأحكام المصطفوية في حيز الشتات وبقي الأمر كما تراه يروي إنسان هذا الزمان ما لا يحقق معناه ولا يعرف من رواه.(2/154)
وبعد: فإن العبد الضعيف المفتقر إلى عفو ربه تعالى زين الدين بن علي بن أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن مشرف العاملي وزعه الله تعالى شكر نعمته وتولاه بفضله ورحمته يقول: إنه قد تطابق شاهد العقل وهو الذي لا يبدل وشاهد الشرع وهو المزكى المعدل على أن أرجح المطالب وأربح المكاسب وأنجح المآرب هو العلم الذي يمتاز به الإنسان من ذوي الجهالات ويضاهي به ملائكة السماوات ويستحق به رفيع الدرجات، وأن أشرف أنواعه العلم به سبحانه وما يلحقه من الكمالات ومعرفة سفرائه وما يتبعه من تفصيل الأحوال، وهو المعبر عنه بعلم الكلام على قانون الإسلام، ثم معرفة كتابه الكريم وشرعه القويم المأخوذ عن سيد المرسلين وعترته الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وما يتوقف عليه من العلوم العقلية والأدبية وهي العلوم الإسلامية التي قد استقرت عليهما حكمة المالك الجليل وأمن أن يعتريها تغيير أو تبديل، وقد نصب الله
سبحانه عليها دليلا لا يعول إلا عليه وبابا لا يؤتى إلا منه، وكان من أهم ما أرشد إليه هو الأخبار عن سفرائه حسب ما دلّ عليه، وكان السلف رضوان الله عليهم همهم أبدا رعاية الأخبار بالهمم العالية والفطن الصافية تارة بالحفظ لما يروونه والفرق بين ما يقبلونه أو يردونه وأخرى بالتصنيف والإقراء والرواية على أكمل وجوه الرعاية، ثم درست عوائد التوفيق وطمست فوائد التحقيق وذهبت معالم الشريعة النبوية في أكثر الجهات وصارت الأحكام المصطفوية في حيز الشتات وبقي الأمر كما تراه يروي إنسان هذا الزمان ما لا يحقق معناه ولا يعرف من رواه.
كان لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
والله سبحانه لم يبعثهم لهذا التضييع ولا خلقهم للانهماك في هذا الجهل الفظيع، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأما نحن فضيلتنا الاعتراف بالقصير ونسبتنا إلى تلك المفاخر نسبة الحقير إلى الكبير، لكن لكل جهده بحسب زمانه وقوة جنانه.
ثم إن الأخ في الله المصطفى في الآخرة المختار في الدين المترقي عن حضيض التقليد إلى أرج اليقين الشيخ الإمام الأوحد ذا النفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية والأخلاق الزاهرة الإنسية عضد الإسلام والمسلمين عن الدنيا والدين الشيخ حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل المتقي خلاصة الأخوان الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي الحارثي الهمداني أسعد الله جده وجده وسعده وكبت عدوه وضده ووفقه للعروج على معارج العالمين وسلوك مسالك المتقين ممن انقطع بكليته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي، حتى أحرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل بفضله السبق على سائر أقرانه، وضرب برهة جميلة من زمانه في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على أكمل نصيب وأوفر سهم، فقرأ على هذا الضعيف وسمع كتبا كثيرة في الفقه والأصولين والمنطق وغيرها، فمما قرأه من كتب أصول الفقه مبادىء الوصول وتهذيب الأصول من مصنفات الداعي إلى الله تعالى جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس سره وشرح جامع البين في مسائل الشرحين للشيخ الإمام الأعلم شمس الدين محمد بن مكي عرج الله بروحه إلى دار القرار وجمع بينه وبين أئمته الأطهار، ومن كتب المنطق رسائل كثيرة منها الرسالة الشمسية للإمام نجم الدين الكاشي القزويني وشرحها للإمام العلامة سلطان المحققين والمدققين قطب الدين محمد بن محمد بن أبي جعفر بن بابويه الرازي
أنار الله برهانه وأعلى في الجنان شأنه، وسمع من كتب الفقه كتاب الشرايع والإرشاد، وقرأ جميع كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام من مصنفات شيخنا الإمام الأعلم أستاذ الكل في الكل جمال الدين أبي منصور الحسن بن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر شرف الله قدره ورفع في العليين ذكره قراءة مهذبة محققة جمعت بين تهذيب المسائل وتنقيح الدلائل حسب ما وسعته الطاقة واقتضاه الحال، وقرأ وسمع كتبا أخرى.(2/155)
ثم إن الأخ في الله المصطفى في الآخرة المختار في الدين المترقي عن حضيض التقليد إلى أرج اليقين الشيخ الإمام الأوحد ذا النفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية والأخلاق الزاهرة الإنسية عضد الإسلام والمسلمين عن الدنيا والدين الشيخ حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل المتقي خلاصة الأخوان الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي الحارثي الهمداني أسعد الله جده وجده وسعده وكبت عدوه وضده ووفقه للعروج على معارج العالمين وسلوك مسالك المتقين ممن انقطع بكليته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي، حتى أحرز السبق في مجاري ميدانه، وحصل بفضله السبق على سائر أقرانه، وضرب برهة جميلة من زمانه في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على أكمل نصيب وأوفر سهم، فقرأ على هذا الضعيف وسمع كتبا كثيرة في الفقه والأصولين والمنطق وغيرها، فمما قرأه من كتب أصول الفقه مبادىء الوصول وتهذيب الأصول من مصنفات الداعي إلى الله تعالى جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس سره وشرح جامع البين في مسائل الشرحين للشيخ الإمام الأعلم شمس الدين محمد بن مكي عرج الله بروحه إلى دار القرار وجمع بينه وبين أئمته الأطهار، ومن كتب المنطق رسائل كثيرة منها الرسالة الشمسية للإمام نجم الدين الكاشي القزويني وشرحها للإمام العلامة سلطان المحققين والمدققين قطب الدين محمد بن محمد بن أبي جعفر بن بابويه الرازي
أنار الله برهانه وأعلى في الجنان شأنه، وسمع من كتب الفقه كتاب الشرايع والإرشاد، وقرأ جميع كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام من مصنفات شيخنا الإمام الأعلم أستاذ الكل في الكل جمال الدين أبي منصور الحسن بن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر شرف الله قدره ورفع في العليين ذكره قراءة مهذبة محققة جمعت بين تهذيب المسائل وتنقيح الدلائل حسب ما وسعته الطاقة واقتضاه الحال، وقرأ وسمع كتبا أخرى.
وقد أجزت له أدام الله نسله وكثر في العلماء مثله رواية جميع ما قرأه وسمعه علي واقرأه والعمل به من مشائخي الذين عاصرتهم واستفدت من أنفاسهم أو اتصلت الرواية بهم، بل أجزت له رواية جميع ما صنفه ورواه وألفه علماؤنا الماضون وسلفنا الصالحون من جميع العلوم النقلية والعقلية والأدبية والعربية بالطرق التي لي إليهم وجميع ما رويته عنهم وعن غيرهم متى علم أنه داخل تحته، وأنني مثبت بعض الطرق إلى أعيان العلماء ومشاهيرهم وجاعل استيفاء ذلك إليه أسبغ الله نعمه وفضله عليه متى ثبت عنده أنه طريقي إليهم رضوان الله تعالى عليهم.
فأما مصنفات شيخنا الإمام الأعظم محيي الدين ومظهر ما درس من سنن سيد المرسلين ومحقق حقائق الأولين والآخرين الإمام السعيد أبي عبد الله الشهيد محمد ابن مكي بن محمد بن حامد العاملي قدس الله روحه ونور ضريحه فإني أرويها عن عدة مشائخ بطرق عديدة أعلاها سندا عن شيخنا الإمام الأعظم بل الوالد المعظم شيخ فضلاء الزمان ومربي العلماء الأعيان الشيخ الجليل الفاضل المحقق العابد الزاهد الورع التقي نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي رفع الله مكانه في جنته وجمع بينه وبين أحبته بحق روايته عن الشيخ الإمام السعيد ابن عم الشهيد شمس الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤدب الجزيني عن الشيخ ضياء الدين عن نجل الشيخ الجليل السعيد شمس الدين محمد بن محمد عن والده قدس الله أرواحهم الزاكية الطاهرة وجمع بينهم وبين أئمتهم الزاهرة.
وبهذا الإسناد جميع مصنفات علمائنا السابقين من الطبقة التي عاصرتها إلى طبقة الأئمة المعصومين في جميع الأزمنة بالطرق التي له إليهم، وأرويها أيضا بالإسناد إلى الشيخ شمس الدين بن داود عن الشيخ أبي القاسم علي بن علي عن الشيخ شمس الدين العريضي عن السيد حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الأعرج الحسيني عن الشهيد رحمهم الله، وعن الشيخ شمس الدين المذكور عن
الشيخ عز الدين بن الحسن بن العشرة عن الشيخ الصالح الزاهد العابد جمال الدين أحمد بن فهد عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن الحائري عن الشهيد (ره)، وعن الشيخ شمس الدين بن داود عن السيد الأجل المحقق السيد علي بن قمقام الحسيني عن الشيخ الفاضل المحقق شمس الدين محمد بن شجاع القطان عن الشيخ المحقق أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلي الأسدي عن الشهيد (ره) بهذا الإسناد عن المقداد جميع مصنفاته.(2/156)
وبهذا الإسناد جميع مصنفات علمائنا السابقين من الطبقة التي عاصرتها إلى طبقة الأئمة المعصومين في جميع الأزمنة بالطرق التي له إليهم، وأرويها أيضا بالإسناد إلى الشيخ شمس الدين بن داود عن الشيخ أبي القاسم علي بن علي عن الشيخ شمس الدين العريضي عن السيد حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الأعرج الحسيني عن الشهيد رحمهم الله، وعن الشيخ شمس الدين المذكور عن
الشيخ عز الدين بن الحسن بن العشرة عن الشيخ الصالح الزاهد العابد جمال الدين أحمد بن فهد عن الشيخ زين الدين علي بن الخازن الحائري عن الشهيد (ره)، وعن الشيخ شمس الدين بن داود عن السيد الأجل المحقق السيد علي بن قمقام الحسيني عن الشيخ الفاضل المحقق شمس الدين محمد بن شجاع القطان عن الشيخ المحقق أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلي الأسدي عن الشهيد (ره) بهذا الإسناد عن المقداد جميع مصنفاته.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد جميع مصنفاته.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ عز الدين بن العشرة عن الشيخ شمس الدين محمد بن نجدة الشهير بابن عبد العالي عن الشهيد، وأرويها أيضا عن شيخنا الأجل الأعظم الفقيه الكبير العالم فخر السيادة وبدرها ورئيس الفقهاء وأبو عذرها السيد حسن بن السيد جعفر بن السيد فخر الدين بن السيد حسن بن نجم الدين بن الأعرج الحسيني عن شيخنا الجليل نور الدين علي بن عبد العالي بطرقه، وعن السيد بدر الدين حسن المذكور جميع ما صنفه وأملاه وأنشأه فمما صنفه كتاب المحجة البيضاء والحجة الغراء جمع فيه من فروع الشيعة والحديث والتفسير والآيات الفقهية عندنا منه كتاب الطهارة أربعون كراسا، ومن مصنفاته كتاب عمدة الجليلة في الأصول الفقهية قرأنا ما خرج عليه منه ومات رحمه الله قبل إكمالها، ومنها كتاب مقنع الطلاب فيما يتعلق بكلام الأعراب وهو كتاب حسن الترتيب ضخم في النحو والتصريف والمعاني والبيان مات (ره) قبل إكمال القسم الثالث منه، ومنها كتاب شرح الطيبة الجزرية في القراءات العشر، وليس له رواية كتب الأصحاب إلا عن شيخنا المذكور فأدخلناه في الطريق تيمنا به قدس الله روحه الزكية وأفاض على تربته المراحم الإلهية.
وأرويها أيضا عن الشيخ الإمام الحافظ المتقي خلاصة الأتقياء والفضلاء والنبلاء الشيخ جمال الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون عن والده الشيخ شمس الدين محمد عن الشيخ جمال الدين أحمد بن الحاج علي شهير بذلك عن الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام عن السيد حسن بن نجم الدين عن الشهيد (ره)، وعن الشيخ جمال الدين أحمد وجماعة من الأصحاب الأخيار عن الشيخ الإمام المحقق المنقح المدقق نادرة الزمان ويتيمة الأوان الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدس الله تعالى روحه عن الشيخ الإمام الأعظم نور الدين علي بن هلال الجزائري عن الشيخ جمال الدين بن فهد عن الشيخ علي بن
الخازن الحائري عن الشهيد السعيد شمس الدين محمد بن مكي قدس الله روحه وأرواحهم أجمعين بمحمد وآله الطاهرين عن مشائخه مفصلا.(2/157)
وأرويها أيضا عن الشيخ الإمام الحافظ المتقي خلاصة الأتقياء والفضلاء والنبلاء الشيخ جمال الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون عن والده الشيخ شمس الدين محمد عن الشيخ جمال الدين أحمد بن الحاج علي شهير بذلك عن الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام عن السيد حسن بن نجم الدين عن الشهيد (ره)، وعن الشيخ جمال الدين أحمد وجماعة من الأصحاب الأخيار عن الشيخ الإمام المحقق المنقح المدقق نادرة الزمان ويتيمة الأوان الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدس الله تعالى روحه عن الشيخ الإمام الأعظم نور الدين علي بن هلال الجزائري عن الشيخ جمال الدين بن فهد عن الشيخ علي بن
الخازن الحائري عن الشهيد السعيد شمس الدين محمد بن مكي قدس الله روحه وأرواحهم أجمعين بمحمد وآله الطاهرين عن مشائخه مفصلا.
وبهذه الطرق وغيرها التي لنا إلى الشيخ شمس الدين الشهيد جميع ما صنفه وألفه ورواه وأجازه في مسائل العلوم على اختلافها وتباين أوصافها الشيخ الإمام العلامة سلطان العلماء وترجمان الحكماء جمال الملة والدين الحسن بن الشيخ الإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر قدس الله روحه عن جماعة من تلامذته عنه منهم ولده الشيخ الإمام العالم المحقق فخر الدين أبو طالب محمد، والسيد الجليل الطاهر ذو المجدين المرتضى عميد الدين عبد المطلب بن السيد مجد الدين أبي الفوارس محمد بن علي بن الأعرج الحسيني العبيدي، والسيد العالم الإمام العلامة النسابة المرتضى النقيب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي، والسيد الجليل العريق الأصيل أبو طالب أحمد ابن أبي محمد بن محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي، والسيد الكبير العالم نجم الدين سلطان المحققين وأكمل المدققين قطب الملة والدين محمد بن محمد الرازي صاحب شرح المطالع والشمسية وغيرهما، والشيخ الإمام العلامة ملك الأدباء والفضلاء رضي الدين أبو الحسن علي بن الشيخ جمال الدين أحمد بن يحيى المعروف بالمزيدي، والشيخ الإمام المحقق زين الدين أبو الحسن علي بن طراد المطار باذي وغيرهم عن العلامة جمال الدين (ره)، وعن هؤلاء الجماعة جميع مصنفاتهم ومؤلفاتهم ورواياتهم عنه وعن غيره من المشائخ، وأروي مصنفات وروايات السيد تاج الدين بن معية المذكور بغير واسطة.
وأما ضياء الدين علي فبالإسناد إلى الشيخ شمس الدين بن داود عنه. وأما أبو طالب محمد فبالإسناد إلى الشيخ عز الدين بن العشرة عنه، ورأيت خط هذا السيد المعظم بالإجازة لشيخنا السعيد شمس الدين محمد بن مكي ولولديه محمد وعلي ولأختهما أم الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ ولجميع ممن أدرك جزءا من خياته بجميع ذلك من مشايخه منهم الشيخ جمال الدين العلامة، والسيد مجد الدين أبو الفوارس محمد بن علي الأعرج، والسيد ضياء الدين وعميد الدين رحمهما الله تعالى والسيد الجليل النسابة علم الهدى والدين المرتضى بن السيد جلال الدين عبد الحميد بن السيد النسابة الطاهر الأوحد فخار بن معد الموسوي، والسيد رضي الدين علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن السيد جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن طاوس الحسيني، والسيد كمال الدين الحسن بن محمد
الأوي الحسيني، والشيخ صفي الدين محمد بن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ جمال الدين يوسف بن حماد، والشيخ جلال الدين محمد بن الكوفي، وغيرهم عن مشايخهم وجميع مصنفات هؤلاء ومؤلفاتهم، وبالإسناد إلى الشيخ أبي طالب محمد والد شيخنا الشهيد جميع مصنفات ومرويات والده والشيخ فخر الدين بن المطهر عنه بغير واسطة إجازة سبقت منه إليه.(2/158)
وأما ضياء الدين علي فبالإسناد إلى الشيخ شمس الدين بن داود عنه. وأما أبو طالب محمد فبالإسناد إلى الشيخ عز الدين بن العشرة عنه، ورأيت خط هذا السيد المعظم بالإجازة لشيخنا السعيد شمس الدين محمد بن مكي ولولديه محمد وعلي ولأختهما أم الحسن فاطمة المدعوة بست المشايخ ولجميع ممن أدرك جزءا من خياته بجميع ذلك من مشايخه منهم الشيخ جمال الدين العلامة، والسيد مجد الدين أبو الفوارس محمد بن علي الأعرج، والسيد ضياء الدين وعميد الدين رحمهما الله تعالى والسيد الجليل النسابة علم الهدى والدين المرتضى بن السيد جلال الدين عبد الحميد بن السيد النسابة الطاهر الأوحد فخار بن معد الموسوي، والسيد رضي الدين علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن السيد جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن طاوس الحسيني، والسيد كمال الدين الحسن بن محمد
الأوي الحسيني، والشيخ صفي الدين محمد بن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ جمال الدين يوسف بن حماد، والشيخ جلال الدين محمد بن الكوفي، وغيرهم عن مشايخهم وجميع مصنفات هؤلاء ومؤلفاتهم، وبالإسناد إلى الشيخ أبي طالب محمد والد شيخنا الشهيد جميع مصنفات ومرويات والده والشيخ فخر الدين بن المطهر عنه بغير واسطة إجازة سبقت منه إليه.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ رضي الدين علي بن أحمد الزيدي وزين الدين علي بن طراد المطرباذي جميع مصنفات ومرويات الشيخ الفقيه الأديب النحوي العروضي ملك الأدباء والشعراء تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي صاحب التصانيف الغزيرة والتحقيقات الكثيرة التي من جملتها كتاب الرجال سلك فيه مسلكا لم يسبقه إليه أحد من الأصحاب ومن وقف عليه علم جلية الحال فيما أشرنا إليه، وله من التصانيف في الفقه نظما ونثرا مختصرا ومطولا وفي المنطق والعربية والعروض وأصول الفقه نحوا من ثلاثين مصنفا كلها في غاية الجودة بالطرق التي له إلى العلماء السابقين، وقد ذكر بعضها في كتاب الرجال، وعنه قدس الله سره جميع مصنفات ومرويات السيد الإمام العلامة جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسيني مصنف كتاب بشرى المحققين في الفقه ست مجلدات وكتاب ملاذ علماء الإمامية في الفقه أربع مجلدات وكتاب حل الإشكال في معرفة الرجال، وهذا كتاب عندنا موجود بخطه المبارك وغيرها من الكتب تمام اثنين وثمانين مجلدا كلها من أحسن التصانيف وأحقها قدس الله سره وروحه الزاكية، وجميع مصنفات ومرويات السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوس صاحب المقامات والكرامات وغيرهم، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر مشايخ هؤلاء الأفاضل واتصالهم بمن تقدم، وعن السيد غياث الدين جميع مصنفات ومرويات الإمام السعيد المحقق سلطان الحكماء والفقهاء والوزراء نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي بالإسناد المتقدم عن العلامة جمال الدين بن المطهر عنه أيضا، وعن السيد غياث الدين أيضا. وإنما أفردناهما هنا عن مشايخ الشيخ جمال الدين لفائدة ما.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي جميع ما رواه عن مشايخه مضافا إلى الشيخ جمال الدين العلامة فمنهم الشيخ الصالح العالم شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح السببي القيني تلميذ السيد فخار بن معد الموسوي ومنهم السيد رضي بن معية الحسني، ومنهم الشيخ الإمام العلامة فخر
الدين أبو الحسن علي بن يوسف البوفي اللغوي، والشيخ العالم صفي الدين محمد ابن نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ تقي الدين الحسن بن داود، والشيخ الإمام الأعلم شيخ الطائفة وملاذها شمس الدين محمد بن جعفر بن نمى الحلي المعروف بابن البريسمي، ومنهم والده السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي وغيرهم عن مشايخهم بطرقهم إليهم وعن هؤلاء المشايخ جميع مصنفاتهم ومروياتهم.(2/159)
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي جميع ما رواه عن مشايخه مضافا إلى الشيخ جمال الدين العلامة فمنهم الشيخ الصالح العالم شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح السببي القيني تلميذ السيد فخار بن معد الموسوي ومنهم السيد رضي بن معية الحسني، ومنهم الشيخ الإمام العلامة فخر
الدين أبو الحسن علي بن يوسف البوفي اللغوي، والشيخ العالم صفي الدين محمد ابن نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ تقي الدين الحسن بن داود، والشيخ الإمام الأعلم شيخ الطائفة وملاذها شمس الدين محمد بن جعفر بن نمى الحلي المعروف بابن البريسمي، ومنهم والده السعيد جمال الدين أحمد بن يحيى المزيدي وغيرهم عن مشايخهم بطرقهم إليهم وعن هؤلاء المشايخ جميع مصنفاتهم ومروياتهم.
وبالإسناد المتقدم إلى السيد المرتضى عميد الدين عبد المطلب جميع ما يرويه عن والده السيد مجد الدين أبي الفوارس محمد بن علي الأعرج تلميذ الشيخ يحيى بن سعيد والشيخ مفيد الدين محمد بن جهم وغيرهما، وجميع ما رواه عن جده السعيد فخر الدين علي والسيد فخر الدين يروي عن السيد جلال الدين عبد الحميد بن السيد فخار عن والده وغيرهم، وجميع ما رواه عن الشيخ رضي الدين علي بن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر قدس الله روحه، وبالإسناد إلى الشيخ الإمام العلامة فخر الدين بن المطهر ما رواه مضافا إلى والده السعيد جمال الدين عن عمه الإمام رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر عن والده سديد الدين يوسف والشيخ نجم الدين جعفر بن سعيد وغيرهما.
وأما مصنفات ومرويات الشيخ الإمام الفاضل العلامة جمال الدين الحسن بن المطهر فإنا نرويها بطرق أخرى مضافة إلى ما تقدم منها عن شيخنا السعيد بدر الدين علي بن عبد العالي الميسي عن الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن أحمد ابن محمد الصيهوني عن الشيخ المحقق جمال الدين أحمد الشهير بابن الحاجي علي عن الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام عن السيد الجليل حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الأعرج الحسيني عن السيدين الفقيهين الأبرين ضياء الدين عبد الله بن محمد بن علي بن الأعرج وأخيه السيد عميد الدين عبد المطلب وعن الشيخ فخر الدين أبي طالب جميعا عن العلامة جمال الدين وعن شيخنا السعيد المذكور عن الشيخ شمس الدين بن داود عن الشيخ زين الدين أبي القاسم علي بن علي عن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الله العريضي عن السيد بدر الدين حسن بن نجم الدين عن المشايخ الثلاثة ضياء الدين وعميد الدين وفخر الدين جميعا عن العلامة جمال الدين، وعن الثلاثة رضوان الله عليهم جميع مصنفاتهم، وعن الشيخ شمس الدين محمد بن داود عن الشيخ عز الدين حسن ابن العشرة عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي عن الشيخ عبد الحميد النيلي
عن المشايخ الثلاثة عن العلامة، وعن الشيخ شمس الدين الصيهوني عن الشيخ عز الدين حسن بن العشرة عن الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي عن الشيخ أبي طالب فخر الدين بن المطهر عن والده العلامة، ومنها عن الشيخ الجليل المتقن جمال الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون وغيره من صالحي الأصحاب عن الشيخ الإمام ملك العلماء والمحققين الشيخ نور الدين علي ابن عبد العالي الكركي المؤبد الغروي الخاتمة عن الشيخ الجليل نور الدين علي بن هلال عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي عن الشيخ نظام الدين عبد الحميد النيلي عن المشائخ الثلاثة عن العلامة وعن الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي (ره) وعن العلامة وعن والده الشيخ سديد الدين يوسف وعن الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن السعيد الحلي وابن عمه الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى ابن الحسن بن سعيد والشيخ معيد الدين محمد بن جهيم الأسدي الحلي والسيدين الإمامين السعيدين الزاهدين العابدين البدلين رضي الدين أبي القاسم علي وجمال الدين أبي الفضائل أحمد ابني موسى بن جعفر بن محمد الطاوس الحسني جميع مصنفاتهم ومؤلفاتهم ورواياتهم بغير واسطة.(2/160)
وأما مصنفات ومرويات الشيخ الإمام الفاضل العلامة جمال الدين الحسن بن المطهر فإنا نرويها بطرق أخرى مضافة إلى ما تقدم منها عن شيخنا السعيد بدر الدين علي بن عبد العالي الميسي عن الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن أحمد ابن محمد الصيهوني عن الشيخ المحقق جمال الدين أحمد الشهير بابن الحاجي علي عن الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام عن السيد الجليل حسن بن أيوب الشهير بابن نجم الدين الأعرج الحسيني عن السيدين الفقيهين الأبرين ضياء الدين عبد الله بن محمد بن علي بن الأعرج وأخيه السيد عميد الدين عبد المطلب وعن الشيخ فخر الدين أبي طالب جميعا عن العلامة جمال الدين وعن شيخنا السعيد المذكور عن الشيخ شمس الدين بن داود عن الشيخ زين الدين أبي القاسم علي بن علي عن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الله العريضي عن السيد بدر الدين حسن بن نجم الدين عن المشايخ الثلاثة ضياء الدين وعميد الدين وفخر الدين جميعا عن العلامة جمال الدين، وعن الثلاثة رضوان الله عليهم جميع مصنفاتهم، وعن الشيخ شمس الدين محمد بن داود عن الشيخ عز الدين حسن ابن العشرة عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي عن الشيخ عبد الحميد النيلي
عن المشايخ الثلاثة عن العلامة، وعن الشيخ شمس الدين الصيهوني عن الشيخ عز الدين حسن بن العشرة عن الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي عن الشيخ أبي طالب فخر الدين بن المطهر عن والده العلامة، ومنها عن الشيخ الجليل المتقن جمال الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون وغيره من صالحي الأصحاب عن الشيخ الإمام ملك العلماء والمحققين الشيخ نور الدين علي ابن عبد العالي الكركي المؤبد الغروي الخاتمة عن الشيخ الجليل نور الدين علي بن هلال عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي عن الشيخ نظام الدين عبد الحميد النيلي عن المشائخ الثلاثة عن العلامة وعن الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي (ره) وعن العلامة وعن والده الشيخ سديد الدين يوسف وعن الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن السعيد الحلي وابن عمه الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى ابن الحسن بن سعيد والشيخ معيد الدين محمد بن جهيم الأسدي الحلي والسيدين الإمامين السعيدين الزاهدين العابدين البدلين رضي الدين أبي القاسم علي وجمال الدين أبي الفضائل أحمد ابني موسى بن جعفر بن محمد الطاوس الحسني جميع مصنفاتهم ومؤلفاتهم ورواياتهم بغير واسطة.
وأروي مصنفات الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد عاليا عن شيخنا الشهيد عن الشيخ الإمام البليغ جمال الدين محمد بن الشيخ الإمام ملك الأدباء شمس الدين محمد الكوفي الهاشمي الحارثي عن الشيخ نجم الدين بلا واسطة وأرويها أيضا عن الإمامين عميد الدين وفخر الدين عن الشيخ رضي الدين يوسف ابن المطهر عن المحقق.
وأرويها أيضا بالإسناد المتقدم عن السيد تاج الدين بن معية الحسني والشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي والشيخ زين الدين علي بن طراد المطرباذي جميعا عن الشيخ صفي الدين محمد بن يحيى بن سعيد عن عمه المحقق نجم الدين رحمه الله، وعن الجماعة كلهم رضوان الله عليهم جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة قدوة المذهب نجيب الدين أبي إبراهيم محمد بن جعفر أبي البقاء هبة الله بن نمى الحلي ومصنفات ومرويات السيد العلامة المرتضى إمام الأدباء والنساب والفقهاء شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي ومصنفات ومرويات الشيخ العلامة قدوة المذهب السيد السعيد محيي الدين أبي حامد محمد ابن القاسم عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الصافي الحلبي وعن المشايخ الثلاثة
جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة المحقق فخر الدين أبي عبد الله محمد بن إدريس الحلي ومصنفات ومرويات الشيخ السعيد سديد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني صاحب كتاب المناقب وغيره ومصنفات ومرويات الشيخ الإمام العالم أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كل ذلك بغير واسطة متروكة إلا في الشيخ نجيب الدين بن نمى نروي عن شاذان بن جبرئيل بواسطة الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي.(2/161)
وأرويها أيضا بالإسناد المتقدم عن السيد تاج الدين بن معية الحسني والشيخ رضي الدين علي بن أحمد المزيدي والشيخ زين الدين علي بن طراد المطرباذي جميعا عن الشيخ صفي الدين محمد بن يحيى بن سعيد عن عمه المحقق نجم الدين رحمه الله، وعن الجماعة كلهم رضوان الله عليهم جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة قدوة المذهب نجيب الدين أبي إبراهيم محمد بن جعفر أبي البقاء هبة الله بن نمى الحلي ومصنفات ومرويات السيد العلامة المرتضى إمام الأدباء والنساب والفقهاء شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي ومصنفات ومرويات الشيخ العلامة قدوة المذهب السيد السعيد محيي الدين أبي حامد محمد ابن القاسم عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الصافي الحلبي وعن المشايخ الثلاثة
جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العلامة المحقق فخر الدين أبي عبد الله محمد بن إدريس الحلي ومصنفات ومرويات الشيخ السعيد سديد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني صاحب كتاب المناقب وغيره ومصنفات ومرويات الشيخ الإمام العالم أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كل ذلك بغير واسطة متروكة إلا في الشيخ نجيب الدين بن نمى نروي عن شاذان بن جبرئيل بواسطة الشيخ السعيد أبي عبد الله محمد بن جعفر المشهدي.
وبالإسناد عن السيد فخار وجميع مصنفات الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي ابن البطريق الحلي الأسدي صاحب كتاب العمدة وغيره ورواياته وجميع مصنفات الشيخ الإمام المحقق الضابط البارع عميد الدين هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب عنهما بغير واسطة وعن الشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس جميع مصنفات السيد الطاهر أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي صاحب كتاب غنية الشروع في الأصولين والفروع وغيره وعن جنيه محيي الدين محمد المتقدم عنه أيضا وجميع مصنفات ومرويات الشيخ عربي بن مسافر العبادي الشيخ نجم الدين عبد الله بن جعفر الدوريستي وعن الشيخ شاذان بن جبرئيل جميع مصنفات ومرويات الشيخ الجليل أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريسي تلميذ الشيخ المفيد وصاحب كتاب الكفاية في العبادات وكتاب الاعتقاد وغيرهما وعن شاذان عن الشيخ الفقيه عبد الله بن عمرو الطرابلسي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل عن الشيخ أبي الفتح محمد بن عثمان الكراجكي نزيل الرملة جميع تصانيفه وعن شاذان عن الشيخ الفقيه أبي محمد ريحان بن عبد الله الحبشي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل عن الشيخ أبي الفتح الكراجكي أيضا وعن القاضي عبد العزيز أيضا جميع مصنفات الشيخ الفقيه السعيد خليفة المرتضى في البلاد الحلبية أبي الصلاح التقي ابن نجم الحلبي وعن الشيخ شاذان وعن أبي القاسم العماد محمد بن أبي القاسم الطبري مصنفات ومرويات الشيخ الفقيه أبي علي الحسن ابن الشيخ الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي وعن أبي علي مصنفات ومرويات والده الشيخ أبي جعفر (ره) التي من جملتها كتاب التهذيب والاستبصار وغيرهما من كتب الحديث والأصول والفروع وعن الشيخ أبي جعفر مصنفات ومرويات السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي ومصنفات ومرويات أخيه السيد رضي الدين من جملتها كتاب نهج البلاغة ومصنفات الشيخ سلار بن عبد
العزيز الديلمي ومصنفات ومرويات الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري التي من جملتها كتاب الرجال ومصنفات ومرويات الشيخ الجليل الضابط أبي عمر الكشي بواسطة الشيخ الجليل هارون بن موسى التلعكبري وجميع مصنفات ومرويات الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد (ره) وعن الشيخ المفيد (ره) جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العالم الفقيه الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ومصنفات ومرويات الشيخ الفقيه أبي القاسم جعفر بن قولويه وعن الصدوق أبي جعفر جميع مصنفات والده علي بن الحسين وعن ابن قولويه جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني التي من جملتها كتاب الكافي وهو خمسون كتابا بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصلة بالأئمة عليهم السّلام.(2/162)
وبالإسناد عن السيد فخار وجميع مصنفات الشيخ أبي زكريا يحيى بن علي ابن البطريق الحلي الأسدي صاحب كتاب العمدة وغيره ورواياته وجميع مصنفات الشيخ الإمام المحقق الضابط البارع عميد الدين هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب عنهما بغير واسطة وعن الشيخ أبي عبد الله محمد بن إدريس جميع مصنفات السيد الطاهر أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي صاحب كتاب غنية الشروع في الأصولين والفروع وغيره وعن جنيه محيي الدين محمد المتقدم عنه أيضا وجميع مصنفات ومرويات الشيخ عربي بن مسافر العبادي الشيخ نجم الدين عبد الله بن جعفر الدوريستي وعن الشيخ شاذان بن جبرئيل جميع مصنفات ومرويات الشيخ الجليل أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريسي تلميذ الشيخ المفيد وصاحب كتاب الكفاية في العبادات وكتاب الاعتقاد وغيرهما وعن شاذان عن الشيخ الفقيه عبد الله بن عمرو الطرابلسي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل عن الشيخ أبي الفتح محمد بن عثمان الكراجكي نزيل الرملة جميع تصانيفه وعن شاذان عن الشيخ الفقيه أبي محمد ريحان بن عبد الله الحبشي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل عن الشيخ أبي الفتح الكراجكي أيضا وعن القاضي عبد العزيز أيضا جميع مصنفات الشيخ الفقيه السعيد خليفة المرتضى في البلاد الحلبية أبي الصلاح التقي ابن نجم الحلبي وعن الشيخ شاذان وعن أبي القاسم العماد محمد بن أبي القاسم الطبري مصنفات ومرويات الشيخ الفقيه أبي علي الحسن ابن الشيخ الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي وعن أبي علي مصنفات ومرويات والده الشيخ أبي جعفر (ره) التي من جملتها كتاب التهذيب والاستبصار وغيرهما من كتب الحديث والأصول والفروع وعن الشيخ أبي جعفر مصنفات ومرويات السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي ومصنفات ومرويات أخيه السيد رضي الدين من جملتها كتاب نهج البلاغة ومصنفات الشيخ سلار بن عبد
العزيز الديلمي ومصنفات ومرويات الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري التي من جملتها كتاب الرجال ومصنفات ومرويات الشيخ الجليل الضابط أبي عمر الكشي بواسطة الشيخ الجليل هارون بن موسى التلعكبري وجميع مصنفات ومرويات الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد (ره) وعن الشيخ المفيد (ره) جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام العالم الفقيه الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ومصنفات ومرويات الشيخ الفقيه أبي القاسم جعفر بن قولويه وعن الصدوق أبي جعفر جميع مصنفات والده علي بن الحسين وعن ابن قولويه جميع مصنفات ومرويات الشيخ الإمام شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني التي من جملتها كتاب الكافي وهو خمسون كتابا بالأسانيد التي فيه لكل حديث متصلة بالأئمة عليهم السّلام.
وطريق آخر إلى الشيخ المفيد ومن قبله أعلى من ذلك وعن السيد فخار بن معد الموسوي المتقدم عن شاذان بن جبرئيل عن جعفر الدوريسي عن المفيد وعن الدوريسي عن أبي محمد عن الصدوق بن بابويه وعن الشيخ شاذان بن جبرئيل عن السيد أحمد بن محمد الموسوي عن ابن قدامه عن الشريف المرتضى وأخيه السيد الرضي وعن الشيخ جعفر بن محمد الدوريسي عن الرضي أيضا وعن أخيه المرتضى.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ المحقق المعظم خواجه نصير الدين الطوسي عن أبيه عن السيد فضل الله الحسني عن المرتضى الرازي عن جعفر بن محمد الدوريسي عن السيد الرضي.
وبالإسناد المتقدم إلى السيد غياث الدين أحمد بن طاوس عن السيد جمال الدين عبد الحميد بن السيد فخار بن معد الموسوي عن الشيخ برهان الدين القزويني عن السيد هبة الله بن السخري البحري عن ابن قدامة عن السيد الرضي.
وبالاسناد المتقدم إلى شيخ رشيد الدين محمد بن شهر آشوب السروي المازندراني عن السيد المسمى بابن المزيدي كسايكن الحسيني البحرجاني عن السيد الرضي عن ابن شهر آشوب عن السيد فضل الله بن علي الراوندي عن عبد الجبار المقري عن أبي علي عن والده عن السيد الرضي (ره) وعن ابن شهر آشوب عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني المروزي عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي الحلوائي عن السيد بن السعيد بن البدلين وعلي محمد المرتضى والرضي قدس الله روحيهما ونور ضريحيهما وعن السيد أبي الصمصام الحسني
مصنفات الشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس التي من جملتها كتاب الرجال وعن النجاشي مصنفات الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الله الغضائري صاحب كتاب الرجال وغيره.(2/163)
وبالاسناد المتقدم إلى شيخ رشيد الدين محمد بن شهر آشوب السروي المازندراني عن السيد المسمى بابن المزيدي كسايكن الحسيني البحرجاني عن السيد الرضي عن ابن شهر آشوب عن السيد فضل الله بن علي الراوندي عن عبد الجبار المقري عن أبي علي عن والده عن السيد الرضي (ره) وعن ابن شهر آشوب عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني المروزي عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي الحلوائي عن السيد بن السعيد بن البدلين وعلي محمد المرتضى والرضي قدس الله روحيهما ونور ضريحيهما وعن السيد أبي الصمصام الحسني
مصنفات الشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس التي من جملتها كتاب الرجال وعن النجاشي مصنفات الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الله الغضائري صاحب كتاب الرجال وغيره.
هذا ما اقتضاه الحال من ذكر الطريق المشترك من الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم، ولنا إلى الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه طرق أخرى مضافة إلى ما تقدم، فمنها السيد رضي الدين علي بن طاوس الحسيني عن الشيخ حسين بن أحمد السوراوي عن محمد بن القاسم الطبري عن الشيخ أبي علي عن والده الشيخ أبي جعفر، وعن السيد رضي الدين عن الشيخ علي بن يحيى الحناط عن عربي بن مسافر العبادي عن محمد بن القاسم الطبري عن أبي علي عن والده، وعن السيد رضي الدين طاوس المذكور عن أسعد ابن عبد القاهر الأصفهاني عن أبي الفرج عن أبي الحسين الراوندي عن أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلي عن الشيخ أبي جعفر، وعن السيد رضي الدين عن السيد محيي الدين أبي حامد محمد بن زهرة الحلبي عن الشيخ أبي الحسن يحيى بن الحسن بن البطريق الأسدي عن العماد محمد بن القاسم الطبري عن الشيخ أبي علي عن والده.
وبالإسناد المتقدم إلى الإمام السعيد خواجه نصير الدين الطوسي عن والده عن السيد فضل الله الراوندي عن السيد المجتبى ابن الداعي عن الشيخ أبي جعفر.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ العلامة جمال الدين بن المطهر عن والده عن الشيخ يحيى بن محمد بن الفرج السوراوي عن الفقيه الحسين بن هبة الله بن رطبه عن أبي علي عن والده، وعن الشيخ جمال الدين عن والده عن السيد أحمد بن يوسف العريضي العلوي عن برهان الدين محمد بن محمد الهمداني القزويني عن السيد فضل الله بن علي الراوندي عن السيد عماد الدين أبي الصمصام ذي الفقار ابن معبد الحسني عن الشيخ أبي جعفر.
وبالإسناد المتقدم إلى شيخنا الشهيد (ره) عن الشيخ رضي الدين علي بن احمد المزيدي رزين الدين علي بن طراد المطرباذي، وعن الشيخ العلامة تقي الدين الحسن بن داود عن الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن أبيه يحيى الأكبر عن عربي بن مسافر عن إلياس بن هشام الحائري عن الشيخ أبي علي عن والده، وعن الشهيد (ره) عن السيد تاج الدين بن معية عن السيد المرتضى علي بن السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار
الموسوي عن أبيه عن جده فخار عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن والده. وعن شيخنا الشهيد عن السيد رضي الدين المزيدي عن الشيخ الصالح محمد بن أحمد بن صالح السيبي العبسي عن السيد فخار عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن أبي علي عن والده، وعن المشايخ السيد فخار الدين تقدموا إلى المفيد وغيره.(2/164)
وبالإسناد المتقدم إلى شيخنا الشهيد (ره) عن الشيخ رضي الدين علي بن احمد المزيدي رزين الدين علي بن طراد المطرباذي، وعن الشيخ العلامة تقي الدين الحسن بن داود عن الشيخ المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن أبيه يحيى الأكبر عن عربي بن مسافر عن إلياس بن هشام الحائري عن الشيخ أبي علي عن والده، وعن الشهيد (ره) عن السيد تاج الدين بن معية عن السيد المرتضى علي بن السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار
الموسوي عن أبيه عن جده فخار عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن والده. وعن شيخنا الشهيد عن السيد رضي الدين المزيدي عن الشيخ الصالح محمد بن أحمد بن صالح السيبي العبسي عن السيد فخار عن شاذان بن جبرئيل عن العماد الطبري عن أبي علي عن والده، وعن المشايخ السيد فخار الدين تقدموا إلى المفيد وغيره.
قال الشيخ محمد بن صالح روي إلى السيد فخار في السنة التي توفي فيها (رض) وهي سنة ثلاثين وستمئة، وسبب ذلك أنه جاء إلى بلادنا وخدمناه وكنت أنا صبيّا أتولى خدمته فأجاز لي وقال: ستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به.
وعن الشيخ محمد بن صالح عن والده أحمد عن الفقيه قوام الدين محمد بن محمد البحراني عن السيد فضل الله الراوندي عن السيد المجتبى بن الداعي الحسني عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، وعن والده أحمد عن الشيخ علي بن فرج السوراوي عن الحسين بن رطبة عن أبي علي عن والده، وعن والده أحمد عن الفقيه الأديب المتكلم اللغوي راشد بن إبراهيم الهجراني عن القاضي جمال الدين علي بن عبد الجبار الطوسي عن والده عن الشيخ محمد بن صالح عن محمد بن أبي البركات الصنعاني عن عربي بن مسافر عن الحسين بن رطبة عن أبي علي عن والده، وعن أبي صالح عن السيد رضي الدين بن طاوس والشيخ المحقق نجم الدين بن سعيد بسندهما المتقدم إلى الشيخ أبي جعفر، وعن صالح عن الشيخ علي بن ثابت بن عصيدة السوراوي عن عربي بن مسافر عن الحسين بن رطبة عن أبي علي عن والده وعن ابن صالح، وعن الشيخ نجيب الدين محمد بن نمى عن والده جعفر وعن ابن إدريس كلاهما عن الحسين بن رطبة عن أبي علي عن والده، وعن ابن صالح عن السيد الفقيه الزاهد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد زيد بن الداعي الحسيني عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه الداعي الحسيني عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، وعن السيد المرتضى علم الهدى وعن الشيخ سلار والقاضي عبد العزيز بن البراج والشيخ أبي الصلاح بجميع ما صنفوه ورووه.
وبالإسناد إلى شيخنا الشهيد (ره) عن شيخه الجليل الفقيه الصالح جلال الدين الحسن بن أحمد بن الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نمى عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن محمد بن طحال المقدادي عن أبي علي والده الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وبهذه الطرق يروي جميع مصنفات من تقدم على الشيخ أبي جعفر من المشائخ المذكورين وغيرهم، وجميع ما اشتمل عليه كتابه فهرست أسماء المصنفين وجميع كتبهم ورواياتهم بالطرق التي له إليهم ثم بالطرق التي تضمنتها الأحاديث وإنما أكثرنا الطريق إلى الشيخ أبي جعفر (ره) لأن أصول المذهب كلها ترجع إلى كتبه ورواياته.(2/165)
وبالإسناد إلى شيخنا الشهيد (ره) عن شيخه الجليل الفقيه الصالح جلال الدين الحسن بن أحمد بن الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نمى عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن محمد بن طحال المقدادي عن أبي علي والده الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وبهذه الطرق يروي جميع مصنفات من تقدم على الشيخ أبي جعفر من المشائخ المذكورين وغيرهم، وجميع ما اشتمل عليه كتابه فهرست أسماء المصنفين وجميع كتبهم ورواياتهم بالطرق التي له إليهم ثم بالطرق التي تضمنتها الأحاديث وإنما أكثرنا الطريق إلى الشيخ أبي جعفر (ره) لأن أصول المذهب كلها ترجع إلى كتبه ورواياته.
وأجزت له أدام الله معاليه أن يروي عني جميع ما رواه الشيخ الإمام الحافظ منتجب الدين أبو الحسن علي بن عبيد الله بن الحسن المدعو حسكا بن الحسين ابن الحسين بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه عن مشائخه، عن والده وجده وباقي أسلافه، وعن عمه الأعلى الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بالطرق التي له إليه، وجميع ما اشتمل عليه كتاب فهرست أسماء العلماء المتأخرين عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بطرقه فيه إليهم، وكان هذا الرجل حسن الضبط كثير الرواية عن مشايخ عديدة.
وبالإسناد المتقدم إلى السيدين الأعظمين رضي الدين علي وجمال الدين أحمد ابني طاوس والشيخ سديد الدين بن المطهر جميعا عن السيد صفي الدين أبي جعفر محمد بن معد الموسوي عن الشيخ الفقيه برهان الدين محمد بن محمد بن علي الحمداني القزويني نزيل الري عن الشيخ منتجب الدين رحمه الله.
وبهذا الإسناد جميع مصنفات السيد صفي الدين بن معد ورواياته ومصنفات الشيخ برهان الدين القزويني ورواياته، وعن الحمداني مصنفات الشيخ أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ومصنفات الشيخ سديد الدين الحمصي ومصنفات فضل الله الراوندي ومصنفات الكراجكي والصهرشتي عنهم بغير واسطة، وكتب الشيخ السعيد أبي الحسين ورام بن أبي فراس المالكي الأشتري بواسطة الشيخ منتجب الدين رحمهم الله تعالى.
وأروي أيضا مصنفات ومرويات الشيخ منتجب الدين المذكور عن الشيخ شمس الدين بن مكي عن السيد تاج الدين بن معية الحسني عن السيد رضي الدين علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس عن والده عن الوزير السعيد نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي عن برهان الدين الحمداني عنه، وعن العلامة جمال الدين عن والده سديد الدين عن السيد أحمد بن يوسف العريضي عن برهان الدين القزويني عن الشيخ منتجب الدين (ره).
وبهذا الطريق عن الشيخ منتجب الدين عن المرتضى والمجتبى ابني الداعي الحسني عن المفيد عبد الرحمن بن أحمد الحسني النيسابوري جميع مصنفاته ومصنفات السيد المرتضى وأخبار الرضي والشيخ أبي جعفر وسلار وابن البراج والكراجكي بغير واسطة.(2/166)
وأروي أيضا مصنفات ومرويات الشيخ منتجب الدين المذكور عن الشيخ شمس الدين بن مكي عن السيد تاج الدين بن معية الحسني عن السيد رضي الدين علي بن السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاوس عن والده عن الوزير السعيد نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي عن برهان الدين الحمداني عنه، وعن العلامة جمال الدين عن والده سديد الدين عن السيد أحمد بن يوسف العريضي عن برهان الدين القزويني عن الشيخ منتجب الدين (ره).
وبهذا الطريق عن الشيخ منتجب الدين عن المرتضى والمجتبى ابني الداعي الحسني عن المفيد عبد الرحمن بن أحمد الحسني النيسابوري جميع مصنفاته ومصنفات السيد المرتضى وأخبار الرضي والشيخ أبي جعفر وسلار وابن البراج والكراجكي بغير واسطة.
وأجزت له حرس الله مجده وكبت عدوه وضده أن يروي الصحيفة الكاملة عن مولانا سيد العابدين علي بن الحسين عليه السّلام بالإسناد المتقدم إلى شيخنا الشهيد عن السيد النسابة تاج الدين بن معية عن والده أبي جعفر القاسم عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية عن والده السيد مجد الدين محمد بن الحسن بن معية عن الشيخ أبي جعفر محمد بن شهر آشوب المازندراني عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن محمد بن معد الحسني عن الشيخ أبي جعفر الطوسي بسنده المذكور في أولها، وبطريق آخر عن السيد تاج الدين بن معية عن السيد كمال الدين المرتضى محمد بن محمد بن السيد رضي الدين الأوي الحسيني عن خواجه نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي عن والده عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسيني عن السيد أبي الصمصام عن الشيخ أبي جعفر الطوسي (ره).
وأما كتب القراء فإنا نروي كتاب التيسير للشيخ أبي عمرو الدواني بالإسناد المتقدم إلى السيد تاج الدين بن معية عن جمال الدين يوسف بن حماد عن السيد رضى الدين بن قتادة عن الشيخ أبي حفص عمرو بن معن الزرنري الضرير إمام مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف البزنطي عن الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن أحمد الحراي الضرير المالقي عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل عن الشيخ أبي عمرو الدواني المصنف، وأرويه أيضا عن شيخنا الشهيد عن الشيخ عز الدين أبي البركات خليل بن يوسف الأنصاري عن عبد الله ابن سليمان الأنصاري القرناطي عن أحمد بن علي بن الطباع الرعيني عن عبد الله ابن محمد بن مجاهد العبدي عن أبي خالد زيد بن محمد بن رفاعة اللخمي عن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري عن علي بن الحسين الموسوي عن الشيخ أبي عمرو الدواني وأما كتاب حرز الأماني المشهور بالشاطبية فإني أرويها بهذا الطريق عن الشيخ خليل الأنصاري عن الجعفري بسنده عن مصنفها أبي القاسم بن فيره الرعيني، وأرويها أيضا عن شيخنا الشهيد عن الشيخ جمال الدين أحمد بن الحسين ابن محمد بن المؤمن الكوفي عن الشيخ شمس الدين محمد بن الغزالي المصري عن الشيخ زين الدين علي بن يحيى الربعي عن السيد عز الدين حسين بن قتادة
المدني عن الشيخ مكين الدين يوسف بن عبد الرزاق عن ناظمها، وعن الشهيد (ره) عن الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله البغدادي عن الشيخ محمد بن يعقوب المعروف بابن الحرايدي عن المصنف عن والده الناظم. وأما كتاب الموجز في القراءة والرعاية على التجويد وما في كتب مكي بن أبي طالب المقري وكتاب الموقف والابتداء للشيخ شمس الدين محمد بن بشار الأنباري وباقي كتبه فإني أرويها بالإسناد المتقدم إلى السيد رضي الدين بن قتادة عن أبي حفص الديري عن القاضي بهاء الدين بن رافع بن تميم عن ضياء الدين يحيى بن سعدون القرطي عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عتاب عن الإمام أبي محمد مكي بن أبي طالب المقري، وبالإسناد عن ابن رافع عن ضياء الدين عن أبي عبد الله عن الحسين بن محمد بن عبد الوهاب عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن المسلم عن أبي القاسم إسماعيل بن سعيد عن محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، وأروي كتاب الشيخ جمال الدين أحمد بن موسى بن مجاهد في القراءات السبع بالإسناد إلى الشيخ جمال الدين بن المطهر عن والده سديد الدين يوسف عن السيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي عن نصير الدين راشد بن إبراهيم البحراني عن السيد فضل الله الحسيني عن أبي الفتح بن الفضل الأخشيدي عن أبي الحسن علي بن القاسم بن إبراهيم الخياط عن أبي جعفر عمر بن إبراهيم الكتاب عن مصنفه أحمد بن مجاهد.(2/167)
وأما كتب القراء فإنا نروي كتاب التيسير للشيخ أبي عمرو الدواني بالإسناد المتقدم إلى السيد تاج الدين بن معية عن جمال الدين يوسف بن حماد عن السيد رضى الدين بن قتادة عن الشيخ أبي حفص عمرو بن معن الزرنري الضرير إمام مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف البزنطي عن الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن أحمد الحراي الضرير المالقي عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل عن الشيخ أبي عمرو الدواني المصنف، وأرويه أيضا عن شيخنا الشهيد عن الشيخ عز الدين أبي البركات خليل بن يوسف الأنصاري عن عبد الله ابن سليمان الأنصاري القرناطي عن أحمد بن علي بن الطباع الرعيني عن عبد الله ابن محمد بن مجاهد العبدي عن أبي خالد زيد بن محمد بن رفاعة اللخمي عن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري عن علي بن الحسين الموسوي عن الشيخ أبي عمرو الدواني وأما كتاب حرز الأماني المشهور بالشاطبية فإني أرويها بهذا الطريق عن الشيخ خليل الأنصاري عن الجعفري بسنده عن مصنفها أبي القاسم بن فيره الرعيني، وأرويها أيضا عن شيخنا الشهيد عن الشيخ جمال الدين أحمد بن الحسين ابن محمد بن المؤمن الكوفي عن الشيخ شمس الدين محمد بن الغزالي المصري عن الشيخ زين الدين علي بن يحيى الربعي عن السيد عز الدين حسين بن قتادة
المدني عن الشيخ مكين الدين يوسف بن عبد الرزاق عن ناظمها، وعن الشهيد (ره) عن الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله البغدادي عن الشيخ محمد بن يعقوب المعروف بابن الحرايدي عن المصنف عن والده الناظم. وأما كتاب الموجز في القراءة والرعاية على التجويد وما في كتب مكي بن أبي طالب المقري وكتاب الموقف والابتداء للشيخ شمس الدين محمد بن بشار الأنباري وباقي كتبه فإني أرويها بالإسناد المتقدم إلى السيد رضي الدين بن قتادة عن أبي حفص الديري عن القاضي بهاء الدين بن رافع بن تميم عن ضياء الدين يحيى بن سعدون القرطي عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن عتاب عن الإمام أبي محمد مكي بن أبي طالب المقري، وبالإسناد عن ابن رافع عن ضياء الدين عن أبي عبد الله عن الحسين بن محمد بن عبد الوهاب عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن المسلم عن أبي القاسم إسماعيل بن سعيد عن محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، وأروي كتاب الشيخ جمال الدين أحمد بن موسى بن مجاهد في القراءات السبع بالإسناد إلى الشيخ جمال الدين بن المطهر عن والده سديد الدين يوسف عن السيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي عن نصير الدين راشد بن إبراهيم البحراني عن السيد فضل الله الحسيني عن أبي الفتح بن الفضل الأخشيدي عن أبي الحسن علي بن القاسم بن إبراهيم الخياط عن أبي جعفر عمر بن إبراهيم الكتاب عن مصنفه أحمد بن مجاهد.
وأما كتب اللغة والعربية فإني أروي صحاح إسماعيل بن حماد الجوهري بالإسناد إلى الشيخ سديد الدين بن المطهر عن مهذب الدين الحسين بن دره عن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الصمد التميمي عن أبيه عن جد أبيه عن الأديب أبي منصور بن أبي القاسم البيتكي عن الجوهري المصنف.
وأروي كتاب الجمهرة مع باقي مصنفات ابن دريد ورواياته وإجازاته بالإسناد المتقدم إلى السيد فخار الموسوي عن أبي الفتح محمد بن الميداني عن الجواليقي عن الخطيب أبي زكريا البربري عن أبي محمد الحسن بن علي الموهري عن أبي بكر بن الجراح عن ابن دريد المصنف، وبالإسناد عن أبي الفتح الميداني جميع مصنفات يعقوب بن السكيت صاحب كتاب إصلاح المنطق وجميع رواياته عن الرئيس الحسين بن محمد بن عبد الوهاب المعروف بالبارع عن أحمد بن مسلم المعدل عن أبي القاسم إسماعيل بن أسعد بن إسحيل بن سويد عن أبي بكر محمد ابن القاسم بن بشار الأنباري عن أبيه القاسم عن عبد الله بن محمد الرستمي عن المصنف، وعن السيد فخار جميع مصنفات الهروي صاحب كتاب العريسي عن
أبي الفرج ابن الجوزي عن ابن الجواليقي عن أبي زكريا الخطيب التبريزي عن الوزير أبي القاسم المقري عن الهروي المصنف.(2/168)
وأروي كتاب الجمهرة مع باقي مصنفات ابن دريد ورواياته وإجازاته بالإسناد المتقدم إلى السيد فخار الموسوي عن أبي الفتح محمد بن الميداني عن الجواليقي عن الخطيب أبي زكريا البربري عن أبي محمد الحسن بن علي الموهري عن أبي بكر بن الجراح عن ابن دريد المصنف، وبالإسناد عن أبي الفتح الميداني جميع مصنفات يعقوب بن السكيت صاحب كتاب إصلاح المنطق وجميع رواياته عن الرئيس الحسين بن محمد بن عبد الوهاب المعروف بالبارع عن أحمد بن مسلم المعدل عن أبي القاسم إسماعيل بن أسعد بن إسحيل بن سويد عن أبي بكر محمد ابن القاسم بن بشار الأنباري عن أبيه القاسم عن عبد الله بن محمد الرستمي عن المصنف، وعن السيد فخار جميع مصنفات الهروي صاحب كتاب العريسي عن
أبي الفرج ابن الجوزي عن ابن الجواليقي عن أبي زكريا الخطيب التبريزي عن الوزير أبي القاسم المقري عن الهروي المصنف.
وبالإسناد إلى الخطيب التبريزي عن أبي الفتح سليمان بن أيوب الرازي عن الشيخ أبي الحسين أحمد بن فارس صاحب كتاب مجمل اللغة له ولجميع مصنفاته، وعن ابن الجواليقي عن أبي الصقر الواسطي عن الحبشي التنسني عن الإنطاكي عن أبي تمام حبيب بن أوس الطائي صاحب الحماسة لها ولجميع تصانيفه ورواياته عن السيد فخار جميع مصنفات أبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بتغلب صاحب الفصيح عن عميد الرؤساء هبة الله بن أيوب عن ابن القصار عن أبي الحسين محمد بن أحمد بن كيسان النحوي عن تغلب. وأما الخلاصة المالكية فإني أرويها عن شيخنا السعيد شمس الدين بن مكي عن الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن الحسن بن أحمد النحوي فقيه الصخرة بيت المقدس عن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري عن الشيخ شمس الدين محمد بن أبي الفتح الدمشقي عن ناظمها.
وبالإسناد المتقدم إلى الشيخ رضي الدين المزيدي عن والده أحمد عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد عن الشيخ الأديب مهذب الدين بن كرم النحوي عن الشيخ نجيب الدين أبي البقاء العكبري والشيخ علي بن فرج السوراوي كلاهما عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الخشاب النحوي عن السيد النقيب هبة الله بن الشجري عن السيد أبي المعمر يحيى بن هبة الله بن طباطبا الحسني عن العاصي أبي القاسم عبد بن ثابت اليماني النحوي عن ابن جني لكتاب اللمع وغيره من مصنفاته.
وبالإسناد إلى السيد فخار عن أبي الفتح الميداني عن ابن الجواليقي جمع كتبه، وعن ابن الجواليقي عن أبي زكريا يحيى بن علي بن الخطيب التبريزي جميع كتبه، وعن التبريزي عن أبي العلاء المعري والثمانيني وأبي الحسين بن عبد الواهب جميع كتبهم، وعن الثمانيني عن ابن جني جميع كتبه، وعن ابن جني عن أبي علي الفارسي جميع كتبه، وعن الربعي جميع كتبه، وعن أبي علي الفارسي عن أبي بكر ابن السراج، وعن ابن السراج عن الزجاج جميع كتبه، وعن أبي عثمان المازني عن الجرمي جميع كتبه، وعن أبي الحسن الأخفش جميع كتبه، وعن أبي الحسن الأخفش عن سيبويه جميع كتبه، وعن سيبويه عن الخليل بن أحمد العروضي جميع كتبه. فهؤلاء أئمة الأدب واللغة ومن تأخر عنهم إنما اقتفى آثارهم ونسج على
منوالهم فلا جرم اقتصرنا على ذكر الطريق إليهم وإيثار الاختصار، ولو حاولنا ذكر كل طريق إلى كل من بلغنا من المصنفين والمؤلفين لطال الخطب. والله تعالى ولي التوفيق هو أعلى ما اشتملت عليه هذه الطرق إلى مولانا وسيدنا وسيد الكائنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويعلم منه مفصلا ما عندنا من السند إلى كتب الحديث كالتهذيب والاستبصار والفقيه والكافي وغيرها.(2/169)
وبالإسناد إلى السيد فخار عن أبي الفتح الميداني عن ابن الجواليقي جمع كتبه، وعن ابن الجواليقي عن أبي زكريا يحيى بن علي بن الخطيب التبريزي جميع كتبه، وعن التبريزي عن أبي العلاء المعري والثمانيني وأبي الحسين بن عبد الواهب جميع كتبهم، وعن الثمانيني عن ابن جني جميع كتبه، وعن ابن جني عن أبي علي الفارسي جميع كتبه، وعن الربعي جميع كتبه، وعن أبي علي الفارسي عن أبي بكر ابن السراج، وعن ابن السراج عن الزجاج جميع كتبه، وعن أبي عثمان المازني عن الجرمي جميع كتبه، وعن أبي الحسن الأخفش جميع كتبه، وعن أبي الحسن الأخفش عن سيبويه جميع كتبه، وعن سيبويه عن الخليل بن أحمد العروضي جميع كتبه. فهؤلاء أئمة الأدب واللغة ومن تأخر عنهم إنما اقتفى آثارهم ونسج على
منوالهم فلا جرم اقتصرنا على ذكر الطريق إليهم وإيثار الاختصار، ولو حاولنا ذكر كل طريق إلى كل من بلغنا من المصنفين والمؤلفين لطال الخطب. والله تعالى ولي التوفيق هو أعلى ما اشتملت عليه هذه الطرق إلى مولانا وسيدنا وسيد الكائنات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويعلم منه مفصلا ما عندنا من السند إلى كتب الحديث كالتهذيب والاستبصار والفقيه والكافي وغيرها.
أخبرنا شيخنا السعيد نور الدين علي بن عبد العالي إجازة عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود عن الشيخ ضياء الدين علي عن والده السعيد محمد بن مكي عن رضي الدين المزيدي عن محمد بن صالح عن السيد فخار عن الشيخ ضياء الدين بن مكي عن السيد تاج الدين بن معية عن الشيخ جمال الدين بن المطهر عن نجم الدين بن سعيد عن السيد فخار وعن الشيخ شمس الدين بن مكي عن محمد ابن الكوفي عن نجم الدين بن سعيد عن السيد فخار عن شاذان بن جبرئيل عن جعفر الدرويسي عن المفيد عن الصدوق أبي جعفر محمد بن بابويه قال: حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سنان عن أبويهما عن مولانا وسيدنا أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد الله أحبب في الله وأبغض في الله ووال في الله وعاد في الله، فإنه لا ينال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، ولقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها على الدنيا عليها يتواددون وعليها يتباغضون وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا. قال الرجل: يا رسول الله كيف لي أن أعلم أني قد واليت في الله وعاديت في الله ومن ولي الله عزّ وجلّ حتى أواليه ومن عدوه حتى أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى علي عليه السّلام فقال: أترى هذا؟ فقال: بلى. فقال: ولي هذا ولي الله وعدو هذا عدو الله فعاده. فقال: ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك وعاد عدوه ولو أنه أبوك وولدك.
فليرو هذا عني بهذه الطرق وغيرها مما ذكره الأصحاب في كتبهم وضمنوه إجازاتهم خصوصا كتاب الإجازات لكشف المغارات الذي جمعه السيد السعيد الطاهر رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الجسني،
والإجازة التي أجازها العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر للسيد الطاهر الأصيل أبي الحسن علي بن محمد بن زهرة، فإنها اشتملت على المهم من كتب الأصحاب وأكثر علماء الإسلام من الحديث والتفسير واللغة والعربية والنثر والنظم وغيرها، وكتاب فهرست الشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه، وفهرست الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله سرهم وحباهم بالجنان وسرهم وجعلنا من رفقائهم في الرفيق الأعلى بجاه سيد المرسلين وآله الطاهرين، وآخذ عليه ذلك ما أخذ علي من العهد بملازمة تقوى الله سبحانه فيما يأتي ويذر ودوام مراقبته والأخذ بالاحتياط التام في جميع أموره وخصوصا في الفتيا فإن المفتي على شفير جهنم، وبذل العلم لأهله وبذل الوسع في تحصيله وتحقيقه والإخلاص لله تعالى في طلبه وبذله، فليس وراء هذا السبب من مطلب إذا حصلت شريطته فقد روينا عن مولانا علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لأهل جميع العرصات وعليه حلة لا يقوم لأول سلك منها الدنيا بحذافيرها، وينادي مناد: هذا عالم من بعض تلامذة علماء آل محمد ألا فمن أخرجه من ظلمة جهله في الدنيا فليتشبث به يخرجه من حر ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فليخرج كل من كان في علمه خيرا وفتح عن قلبه من الجهل قفلا وأوضح له عن شبهة الحديث.(2/170)
فليرو هذا عني بهذه الطرق وغيرها مما ذكره الأصحاب في كتبهم وضمنوه إجازاتهم خصوصا كتاب الإجازات لكشف المغارات الذي جمعه السيد السعيد الطاهر رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الجسني،
والإجازة التي أجازها العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر للسيد الطاهر الأصيل أبي الحسن علي بن محمد بن زهرة، فإنها اشتملت على المهم من كتب الأصحاب وأكثر علماء الإسلام من الحديث والتفسير واللغة والعربية والنثر والنظم وغيرها، وكتاب فهرست الشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه، وفهرست الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله سرهم وحباهم بالجنان وسرهم وجعلنا من رفقائهم في الرفيق الأعلى بجاه سيد المرسلين وآله الطاهرين، وآخذ عليه ذلك ما أخذ علي من العهد بملازمة تقوى الله سبحانه فيما يأتي ويذر ودوام مراقبته والأخذ بالاحتياط التام في جميع أموره وخصوصا في الفتيا فإن المفتي على شفير جهنم، وبذل العلم لأهله وبذل الوسع في تحصيله وتحقيقه والإخلاص لله تعالى في طلبه وبذله، فليس وراء هذا السبب من مطلب إذا حصلت شريطته فقد روينا عن مولانا علي بن أبي طالب عليه السّلام أنه قال: من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء لأهل جميع العرصات وعليه حلة لا يقوم لأول سلك منها الدنيا بحذافيرها، وينادي مناد: هذا عالم من بعض تلامذة علماء آل محمد ألا فمن أخرجه من ظلمة جهله في الدنيا فليتشبث به يخرجه من حر ظلمة هذه العرصات إلى نزهة الجنان، فليخرج كل من كان في علمه خيرا وفتح عن قلبه من الجهل قفلا وأوضح له عن شبهة الحديث.
وعن مولانا العسكري عليه السّلام أنه قال: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أشد من يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه فلا يدري كيف حكمه فيما ابتلى به من شرائع دينه، إلا من كان من شيعتنا عالما بعلومنا فهذا الجاهل لشريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى.
نسأل الله سبحانه بنور وجهه الكريم ونتوسل إليه بأكرم أحمد عليه محمد وأهل بيته الطاهرين أن يصلي عليهم أجمعين وأن يحشرنا في زمرتهم وتحت لوائهم ويقفو بنا آثارهم ويجعلنا من عداد أوليائهم انه ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين. وكتب الأحرف بيده الفانية زين الدين بن علي الشهير بابن الخواجه تجاوز الله عن سيئاته ووفقه لمرضاته ليلة الخميس لثلاث ليال مضين من شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمئة. حامدا مصليا على رسول وآله مستغفرا من ذنوبه. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه انتهى كلامه أعلى الله مقامه.(2/171)
نسأل الله سبحانه بنور وجهه الكريم ونتوسل إليه بأكرم أحمد عليه محمد وأهل بيته الطاهرين أن يصلي عليهم أجمعين وأن يحشرنا في زمرتهم وتحت لوائهم ويقفو بنا آثارهم ويجعلنا من عداد أوليائهم انه ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين. وكتب الأحرف بيده الفانية زين الدين بن علي الشهير بابن الخواجه تجاوز الله عن سيئاته ووفقه لمرضاته ليلة الخميس لثلاث ليال مضين من شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمئة. حامدا مصليا على رسول وآله مستغفرا من ذنوبه. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
من قصائد الشيخ فرج الخطي
للشيخ فرج الخطي في مدح الأمير صلوات الله وسلامه عليه:
قد أفلح المؤمنون القائلون بما ... أقامه الله في أرض له وسما
الله ألهمه خير الدليل إلى ... نهج السبيل فكانوا قدوة العلما
لما توالوا أمير المؤمنين وقد ... أحله الله في أوج الهدى علما
لله من نور قدس قد تجسم في ... خير الهياكل والأجسام وانتظما
لولاه لم يخلق الأفلاك خالقها ... ولا أعد لها لوحا ولا قلما
ولا أضاءت لنا شمس ولا قمر ... ولا اهتدى أحد من حيرة وعمى
الله أذهب عنه الرجس إذ طهرت ... نفس له ربها زكى وقد عصما
وكان لطفا من الله الكريم له ... أقام حجته في الخلق إذ حكما
يكفي محبيه عن تعداد سؤدده ... وفضله بعض ما قالت به الخصما
وأثبتوه جميعا في صحائحهم ... فاعجب لأمر عظيم يبهر الحكما
فليشكر الله من والى عليّ فقد ... فازت يداه بحبل الله واعتصما
ومن يساوي أمير المؤمنين بمن ... ناواه في ظلمات الكفر إذ ظلما
أمن عبادته الأصنام عادته ... كسيد قد نشا في كسرها ونما
وصائم الصيف ندبا لا كمن شارب ... الصهبا نهارا بشهر الله في الندما
ومن يقول سلوني قبل مفتقدي ... كمن يقول أقيلوني وقد فحما
ويوم خيبر قد هد الحصون ومن ... أردى المحقرون كمن قد خاب وانهزما
ومن بأحد وقى الهادي بمهجته ... طوعا كمن فرّ لا استحيا ولا احتشما
ومن ببدر أباد المشركين كمن ... تلقاه تحت عريش الكرم مكتّما
من قد عمرو بن ود في النزال كمن ... الآمن الخوف الا يرفع القدما
ومن حباه إله العرش فاطمة ... كمن له بجهات الرد قد رجما
من بات يفدي رسول الله ليس كمن ... يغنى له ليلة فيها الدباب رمى
ومن قضى دين خير المرسلين كمن ... لا يعرف الورى من ذا إليه نمى
فلينظر العاقلون المنصفون إلى ... الضدين وليحكموا بالفرق بينهما
بعدا وسحقا لمن كانت أئمتهم ... شر البرية لم يسقوا بيوم ظما
لكنهم بايعوا ضبا فلا عجبا ... منهم إذا عبدوا بعد الهدى صنما
إني إلى الله أبرأ من عقائدهم ... واجعل الال لي ملجأ ومعتصما
يا سيدي يا ولي الله خذ بيدي ... إني لديك فقير أطلب الكرما
أولاكم الله أهل البيت عقد ولاء ... المسلمين فمن والاكم سلما
يرجو بكم فرج يا سادتي فرجا ... من كل هم وخوف دق أو عظما
ثم الصلاة عليكم والتحية والا ... كرام ما افتر ثغر الصبح وابتسما
وله أيضا عفا الله عنه في مدح القائم عليه السّلام:(2/172)
قد أفلح المؤمنون القائلون بما ... أقامه الله في أرض له وسما
الله ألهمه خير الدليل إلى ... نهج السبيل فكانوا قدوة العلما
لما توالوا أمير المؤمنين وقد ... أحله الله في أوج الهدى علما
لله من نور قدس قد تجسم في ... خير الهياكل والأجسام وانتظما
لولاه لم يخلق الأفلاك خالقها ... ولا أعد لها لوحا ولا قلما
ولا أضاءت لنا شمس ولا قمر ... ولا اهتدى أحد من حيرة وعمى
الله أذهب عنه الرجس إذ طهرت ... نفس له ربها زكى وقد عصما
وكان لطفا من الله الكريم له ... أقام حجته في الخلق إذ حكما
يكفي محبيه عن تعداد سؤدده ... وفضله بعض ما قالت به الخصما
وأثبتوه جميعا في صحائحهم ... فاعجب لأمر عظيم يبهر الحكما
فليشكر الله من والى عليّ فقد ... فازت يداه بحبل الله واعتصما
ومن يساوي أمير المؤمنين بمن ... ناواه في ظلمات الكفر إذ ظلما
أمن عبادته الأصنام عادته ... كسيد قد نشا في كسرها ونما
وصائم الصيف ندبا لا كمن شارب ... الصهبا نهارا بشهر الله في الندما
ومن يقول سلوني قبل مفتقدي ... كمن يقول أقيلوني وقد فحما
ويوم خيبر قد هد الحصون ومن ... أردى المحقرون كمن قد خاب وانهزما
ومن بأحد وقى الهادي بمهجته ... طوعا كمن فرّ لا استحيا ولا احتشما
ومن ببدر أباد المشركين كمن ... تلقاه تحت عريش الكرم مكتّما
من قد عمرو بن ود في النزال كمن ... الآمن الخوف الا يرفع القدما
ومن حباه إله العرش فاطمة ... كمن له بجهات الرد قد رجما
من بات يفدي رسول الله ليس كمن ... يغنى له ليلة فيها الدباب رمى
ومن قضى دين خير المرسلين كمن ... لا يعرف الورى من ذا إليه نمى
فلينظر العاقلون المنصفون إلى ... الضدين وليحكموا بالفرق بينهما
بعدا وسحقا لمن كانت أئمتهم ... شر البرية لم يسقوا بيوم ظما
لكنهم بايعوا ضبا فلا عجبا ... منهم إذا عبدوا بعد الهدى صنما
إني إلى الله أبرأ من عقائدهم ... واجعل الال لي ملجأ ومعتصما
يا سيدي يا ولي الله خذ بيدي ... إني لديك فقير أطلب الكرما
أولاكم الله أهل البيت عقد ولاء ... المسلمين فمن والاكم سلما
يرجو بكم فرج يا سادتي فرجا ... من كل هم وخوف دق أو عظما
ثم الصلاة عليكم والتحية والا ... كرام ما افتر ثغر الصبح وابتسما
وله أيضا عفا الله عنه في مدح القائم عليه السّلام:
متى يبل غليل الوجد واجده ... ويشتفى من زمان عض ناجده
وتسترد حقوق بعدما غصبت ... فيه فيعلو سنام المجد ماجده
ويستبين لخلق الله قاطبة ... طاغوتهم ومواليه وعائده
ودين آل رسول الله منتظم ... بأهله ولهم تثني وسائده
ويبدل الله خوف الأولياء بهم ... أمنا فيفلح من تصفو عقائده
والنغل فرعون مصلوب وصاحبه ... عجل الخوار على جذع نشاهده
والنار تخرج من جو فيهما وهما ... في لاهب من لظى يشتد واقده
هذا إذا ظهر المهدي وقام له ... داع إلى منهل تحلو موارده
والشمس تطلع من غرب لخجلتها ... من نوره مشرقا والنصر عاضده
ويرجع الدين دين المؤمنين إلى ... مسالك قعدت فيها قواعده
والسيف يصطاد أرواح اللئام على ... أيدي الكرام فلا تخطو مصائده
والعدل والأمن والإيمان منتشر ... على البسيطة بل يزداد زائده
إياه لا الجاه مقصود على رجل ... تأبى سوى طلب الدنيا مقاصده
ولا المحقق في الشرع الشريف له ... ما يشتهي منه والباقي يعانده
ولا يضيع حق الله في حيل ... مستهجنات كما يرويه جاحده
لكن عفاف وإيمان ومعرفة ... في دولة الحق لما قام قاعده
والشمل مجتمع والحق متبع ... والرزق متسع مدت موائده
فذلك الوقت سعد المؤمنين إذا ... استقام دين الهدى واشتد ساعده
فانهض إمام الهدى فالدين منقطع ... يبدو شكايته والله شاهده
وأنت أولى به يا سيدي وبمن ... ينقاد في حكمه بل أنت واحده
فمن لنا بإمام العصر ينقذنا ... من حادث الدهر حتى لا نكابده
ولا نعد من المستضعفين ولا ... يقودنا للبلاء والسوء قائده
ولا تذل رجال الله في يد من ... زنت به أمه الشوها ووالده
آه على الجبر بعد الكسر في زمن ... يؤمنا فيه من عمت محامده
ذاك الغنى والهنا والأمن من زلل ... والمستفاد الذي جلت فوائده
أكرم برجعة أهل البيت من وطن ... لم يقضه غير من طابت موالده
ومن نعيم مقيم لا نفاد له ... يبكي عليه بكى الثكلاء فاقده
يا رب عجل بذاك الفتح واعط به ... الراجي أبا الفتح ما يزداد زائده
سمعا أولى الأمر والدين المشاركه ... من مادح حسنت فيكم مدائحه
يقرب الله منكم من يقربه ... ويبعد الله منكم من يباعده
ثم السلام عليكم سادتي أبدا ... من خالق الخلق مبديه وعائده(2/173)
متى يبل غليل الوجد واجده ... ويشتفى من زمان عض ناجده
وتسترد حقوق بعدما غصبت ... فيه فيعلو سنام المجد ماجده
ويستبين لخلق الله قاطبة ... طاغوتهم ومواليه وعائده
ودين آل رسول الله منتظم ... بأهله ولهم تثني وسائده
ويبدل الله خوف الأولياء بهم ... أمنا فيفلح من تصفو عقائده
والنغل فرعون مصلوب وصاحبه ... عجل الخوار على جذع نشاهده
والنار تخرج من جو فيهما وهما ... في لاهب من لظى يشتد واقده
هذا إذا ظهر المهدي وقام له ... داع إلى منهل تحلو موارده
والشمس تطلع من غرب لخجلتها ... من نوره مشرقا والنصر عاضده
ويرجع الدين دين المؤمنين إلى ... مسالك قعدت فيها قواعده
والسيف يصطاد أرواح اللئام على ... أيدي الكرام فلا تخطو مصائده
والعدل والأمن والإيمان منتشر ... على البسيطة بل يزداد زائده
إياه لا الجاه مقصود على رجل ... تأبى سوى طلب الدنيا مقاصده
ولا المحقق في الشرع الشريف له ... ما يشتهي منه والباقي يعانده
ولا يضيع حق الله في حيل ... مستهجنات كما يرويه جاحده
لكن عفاف وإيمان ومعرفة ... في دولة الحق لما قام قاعده
والشمل مجتمع والحق متبع ... والرزق متسع مدت موائده
فذلك الوقت سعد المؤمنين إذا ... استقام دين الهدى واشتد ساعده
فانهض إمام الهدى فالدين منقطع ... يبدو شكايته والله شاهده
وأنت أولى به يا سيدي وبمن ... ينقاد في حكمه بل أنت واحده
فمن لنا بإمام العصر ينقذنا ... من حادث الدهر حتى لا نكابده
ولا نعد من المستضعفين ولا ... يقودنا للبلاء والسوء قائده
ولا تذل رجال الله في يد من ... زنت به أمه الشوها ووالده
آه على الجبر بعد الكسر في زمن ... يؤمنا فيه من عمت محامده
ذاك الغنى والهنا والأمن من زلل ... والمستفاد الذي جلت فوائده
أكرم برجعة أهل البيت من وطن ... لم يقضه غير من طابت موالده
ومن نعيم مقيم لا نفاد له ... يبكي عليه بكى الثكلاء فاقده
يا رب عجل بذاك الفتح واعط به ... الراجي أبا الفتح ما يزداد زائده
سمعا أولى الأمر والدين المشاركه ... من مادح حسنت فيكم مدائحه
يقرب الله منكم من يقربه ... ويبعد الله منكم من يباعده
ثم السلام عليكم سادتي أبدا ... من خالق الخلق مبديه وعائده
في عطش الحسين وأصحابه
روى صاحب كتاب ثاقب المناقب نقلا من الجزء السادس والثمانين من كتاب البستان تصنيف محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان بن محمد بن سنان قال: سئل علي بن موسى الرضا عن الحسين بن علي عليهم السّلام أنه قتل عطشانا؟
قال: من أين ذلك وقد بعث الله له أربعة أملاك من عظماء الملائكة فهبطوا وقالوا:
الله ورسوله يقرآن عليك السلام ويقولان اختر إن شئت أن تختار الدنيا وما فيها بأسرها ومكنتك من كل عدو لك أو الرفع إلينا، فقال الحسين عليه السّلام: وعلى رسول الله السلام بل الرفع إليه، ودفعوا إليه شربة ماء فشربها وقال: لا تظمأ بعدها أبدا.
وروى أيضا عن الرضا عليه السّلام أنه هبط على الحسين عليه السّلام ملك وقد شكا إليه أصحابه العطش فقال: إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك: هل من حاجة؟
فقال الحسين عليه السّلام: وقد شكا إلي أصحابي ما هو أعلم به مني من العطش، فأوحى الله إلى الملك قل للحسين خط لهم بأصبعك خلف ظهرك يرووا فخط الحسين بأصبعه السبابة فجرى نهر أبيض من اللبن واحلى من العسل فشرب منه أصحابه، فقال الملك: يابن رسول الله أتأذن لي أن أشرب منه فإنه لكم خاصة وهو الرحيق المختوم الذي ختامه مسك؟ فقال الحسين عليه السّلام: إن كنت تحب أن تشرب منه فدونك.
وروى ابن شهر آشوب قال: لما منع الحسين عليه السّلام من الماء أخذ سهما وعد فوق خيام النساء تسع خطوات فحفر الموضع فنبع ماء رطب فشربوا وملأوا قربهم
وروى أن القاسم لما رجع إلى عمه الحسين عليه السّلام من قتال البغاة الخوارج قال: يا عماه العطش أدركني بشربة من الماء، فصبره الحسين عليه السّلام وأعطاه
خاتمه وقال له: حطه في فمك ومصه. قال القاسم: فلما وضعته في فمي كأنه عين ماء فارتويت وانقلبت إلى الميدان.(2/174)
وروى أن القاسم لما رجع إلى عمه الحسين عليه السّلام من قتال البغاة الخوارج قال: يا عماه العطش أدركني بشربة من الماء، فصبره الحسين عليه السّلام وأعطاه
خاتمه وقال له: حطه في فمك ومصه. قال القاسم: فلما وضعته في فمي كأنه عين ماء فارتويت وانقلبت إلى الميدان.
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده عن المفضل بن عمر قال:
قال أبو عبد الله عليه السّلام: لما منع الحسين عليه السّلام الماء نادى فيهم من كان ظمآنا فليجىء، فأتاه رجل رجل وهو يجعل إبهامه في راحة أحدهم ولم يزل يشرب الرجل بعد الرجل حتى ارتووا، فقال بعضهم لبعض: والله لقد شربت شرابا ما شربه أحد في دار الدنيا.
قال شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني قدس الله سره بعد نقل هذه الأخبار ما لفظه: هذه الأخبار مخالفة لما اشتهر غاية الاشتهار بين أهل السير ونقلة الآثار من أنه صلوات الله عليه وأصحابه قتلوا معطشين ظامئين ومن الفرات ممنوعين، فلعل الوجه في الجمع بينها بأن العطش إنما كان قبل معاينة الحمام والانتقال إلى جوار الملك العلام، وإنما حصل لهم الشرب في الدنيا عند الاحتضار أو قبيله بيسير، أو أن الأخبار التي دلت على المنع إنما هو من شرب ماء الدنيا. وهذه الأخبار محمولة على أنهم شربوا من ماء الجنة، أو أن تلك محمولة على ما ظهر للناس دون ما في الواقع ونفس الأمر والله أعلم انتهى كلامه زيد مقامه.
أحاديث وقصص
روى في الحديث: أبناء الدنيا كالذباب لا يقع من البدن إلا على جراحات البدن وعيوبه.
وفيه أيضا: مثل الذي يسمع الكلام والمواعظ فلا يحكي إلا ما يستقبحه منها مثل رجل عنده قطيع غنم معها كلبها فطلب منه رجل حيوانا منها فقال: امض إليها واختر ما تريد، فمضى وأخذ بأذن الكلب وخلى القطيع. ومن ثم ورد في الرواية:
أخوا هذا. الزمان جواسيس العيوب.
وروي عن البهلول (ره) أنه مر على جماعة يتذاكرون الحديث ويروون عن عائشة أنها قالت: لو أدركت ليلة القدر لما سألت ربي إلا العفو والعافية، فقال البهلول: والظفر على علي بن أبي طالب.
وفي الحديث: أن رجلا من الشيعة دخل على الرضا عليه السّلام فقال: يابن
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إن فلانا من شيعتك صار سنيا رأيته في بغداد والناس معه يطوفون به في الأسواق وعليه الخلع الفاخرة وينادي عليه المتادي: ألا أيها الناس إن هذا الرجل كان رافضيا فتاب، ثم يقال له: تكلم. فيقول: أيها الناس إن خير الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا بكر، يفعل هذا مرارا. فقال عليه السّلام: إذا خلوت فأعد علي هذا الكلام، فلما خلا المجلس أعدت عليه الكلام فقال: لم يقل ذلك الرجل إلا خيرا لأنه لو قال أبو بكر بالرفع لكان قد فضله على أمير المؤمنين وإنما قال أبا بكر على النداء فكأنه قال خير الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب عليه السّلام يا أبا بكر فقال هذا دفعا لوقوع الضرورية.(2/175)
وفي الحديث: أن رجلا من الشيعة دخل على الرضا عليه السّلام فقال: يابن
رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إن فلانا من شيعتك صار سنيا رأيته في بغداد والناس معه يطوفون به في الأسواق وعليه الخلع الفاخرة وينادي عليه المتادي: ألا أيها الناس إن هذا الرجل كان رافضيا فتاب، ثم يقال له: تكلم. فيقول: أيها الناس إن خير الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا بكر، يفعل هذا مرارا. فقال عليه السّلام: إذا خلوت فأعد علي هذا الكلام، فلما خلا المجلس أعدت عليه الكلام فقال: لم يقل ذلك الرجل إلا خيرا لأنه لو قال أبو بكر بالرفع لكان قد فضله على أمير المؤمنين وإنما قال أبا بكر على النداء فكأنه قال خير الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علي بن أبي طالب عليه السّلام يا أبا بكر فقال هذا دفعا لوقوع الضرورية.
وفي الحديث: أيضا أن رجلا من خواص هارون الرشيد قال لرجل من أعظم الشيعة: إنك تزعم أن موسى بن جعفر إمام وأمير المؤمنين الرشيد غير إمام؟ فقال:
أما أنا فأزعم أن موسى بن جعفر غير إمام ومن زعم غير هذا فعليه لعنة الله، فاستحسن قوله ذلك الرجل ووصله، فأخذ الكلام بعض الشيعة شاكيا عليه عند الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام وحكي له قول ذلك الرجل، فقال عليه السّلام: إنه أثبت إمامتي بذلك القول.
قال: بعض مشائخنا بعد نقل هذا الخبر.
(أقول) وذلك أنه نصب لفظ غير فيكون مفعولا لفعل محذوف ومعناه: أنا أزعم أن موسى بن جعفر عليه السّلام يغاير غير إمام، يعني يغاير من هو غير إمام وهارون الرشيد وكافة الخلق غير إمام، فإذا كان موسى عليه السّلام مغايرا لهم يكون هو الإمام وهذا من ألفاظ التقية وأغرب التورية.
حديث المتكلمة بالقرآن
قال عبد الله بن المبارك: خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام فبينما أنا في بعض لطريق إذا أنا بسواد يلوح فإذا هي عجوز فقلت: السلام عليك. فقالت:
سلام قولا من رب رحيم. فقلت لها: يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان؟
قالت: ومن يضلل الله فلا هادي له، فعلمت أنها ضالة عن الطريق فقلت لها: أين تريدين؟ فقالت: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت لها: أنت كم في هذا الموضع؟ فقالت: ثلاث ليال سويا. فقلت: ما أرى معك طعاما تأكلين؟
قالت: هو يطعمني ويسقين. قلت: فبأي شيء تتوضين؟ قالت: فإن لم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا. قلت: إن معي طعاما فهل تأكلين؟ قالت: وأتموا الصيام إلى الليل. قلت: ليس هذا شهر رمضان. قالت: ومن تطوع خيرا فهو خير له. قلت:(2/176)
قالت: هو يطعمني ويسقين. قلت: فبأي شيء تتوضين؟ قالت: فإن لم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا. قلت: إن معي طعاما فهل تأكلين؟ قالت: وأتموا الصيام إلى الليل. قلت: ليس هذا شهر رمضان. قالت: ومن تطوع خيرا فهو خير له. قلت:
قد أبيح لنا الإفطار في السفر. قالت: وإن تصوموا خير لكم. قلت: فهل تتكلمين مثل كلامي؟ قالت: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. فقلت: من أي الناس أنت؟ قالت: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا. قلت: قد أخطأت فاجعليني في حل. قالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم. قلت: هل لك أن أحملك على ناقتي فتدركي القافلة؟ قالت:
وما تفعلوا من خير يعلمه الله فأنخت ناقتي فقالت: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم. فغضضت بصري عنها فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها قالت: فما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم. قلت لها: اصبري حتى أعقلها.
قالت: ففهمناها سليمان. فشددت لها الناقة وقلت: اركبي. فركبت فقالت: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. قال: فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح فقالت: واقصد في مشيك واغضض من صوتك، فجعلت امشي رويدا وأترنم بالشعر فقالت: واقرأوا ما تيسر من القرآن. فقلت لها:
لقد أوتيت خيرا كثيرا. قالت: وما يتذكر إلا أولوا الألباب. فلما مشيت بها قليلا قلت لها: ألك زوج؟ قلت: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم. فسرت حتى أدركت القافلة فقلت لها: هذه القافلة من لك فيها؟ قالت:
المال والبنون زينة الحياة الدنيا. فعلمت أن لها أولادا قلت: فما شأنهم في الحج؟
قالت: وعلامات وبالنجم هم يهتدون. فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بها القباب والعماريات فقلت: هذه القباب فمن لك فيها؟ قالت: واتخذ الله إبراهيم خليلا، وكلم الله موسى تكليما، يا يحيى خذ الكتاب بقوة. فناديت يا موسى يا إبراهيم يا يحيى فإذا بشبان كأنهم الدنانير قد أقبلوا فلما استقرّ بهم الجلوس قالت:
فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه، فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه فقالت: كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية وقلت: الآن طعامكم علي حرام فأخبروني بأمرها. فقالوا: إنها أمنا ولها منذ أربعين سنة لا تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن.
سئل محمد بن سيرين عن الرجل يقرأ عليه القرآن فيصعق، فقال: ميعادنا بيننا وبينهم على حائط فقرأ عليهم القرآن فإن سقط فهو كما قالت.
كتب ابن رقيق العبد إلى ابن نباته وهو في سفره:
كم ليلة فيها وصلت السرى ... لا نعرف الغمض ولا نستريح
وكادت الأنفس مما بها ... تزهق والأرواح منها تطيح
واختلف الأصحاب ماذا الذي ... يزيل من شكواهم أو يريح
فقيل تعريسهم ساعة ... فقيل بل ذكراك وهو الصحيح
فأجابه ابن نباته.(2/177)
كتب ابن رقيق العبد إلى ابن نباته وهو في سفره:
كم ليلة فيها وصلت السرى ... لا نعرف الغمض ولا نستريح
وكادت الأنفس مما بها ... تزهق والأرواح منها تطيح
واختلف الأصحاب ماذا الذي ... يزيل من شكواهم أو يريح
فقيل تعريسهم ساعة ... فقيل بل ذكراك وهو الصحيح
فأجابه ابن نباته.
في ذمة الله وفي حفظه ... مسراك والعود بعزم نجيح
لو جاز أن تسلك أجفاننا ... إذا فرشنا كل جفن قريح
لكنها بالبعد معتلة ... وأنت لا تسلك إلا الصحيح
قال بعض العلماء: أنا أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان لأنه يقول سبحانه: {(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطََانِ كََانَ ضَعِيفاً)} وقال سبحانه في النساء: {(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)}.
إذا قيل: كم يحصل من تركيب حروف المعجم كلمة ثنائية سواء أن كانت مهملة أو مستعملة؟ فاضرب ثمانية وعشرين في سبعة وعشرين فالحاصل الجواب.
فإن قيل: كم تركب منها كلمة ثلاثية بشرط أن لا يجتمع حرفان من جنس؟
فاضرب ثمانية وعشرين في سبعة وعشرين ثم المبلغ في ستة وعشرين يكون تسعة عشر ألفا وستمئة وستة وخمسين.
وإن سئل عن الرباعية؟ فاضرب هذا المبلغ في خمسة وعشرين. والقياس فيه مطرد في الخماسي فما فوقه.
كان ابن الأثير صاحب النهاية محظى عند الملوك وتولى لهم المناصب الجليلة، فعرض له مرض في يديه ورجليه فانقطع في منزله وترك المناصب الجليلة فحضر له بعض الأطباء والتزم بعلاجه، فلما قارب الصحة دفع إليه شيئا من الذهب وقال له: امض لسبيلك. فلامه أصحابه وقالوا له: هلا أبقيته إلى وقت الشفاء؟
فقال لهم: إني متى عوفيت طلبت المناصب ودخلت فيها وكلفت قبولها وأما ما دمت على هذه الحالة فإني لا أصلح لذلك فأصلح أوقاتي في تكميل نفسي ومطالعة كتب العلم ولا أدخل معهم فيما يغضب الله ويرضيهم والرزق لابد منه، وفي تلك المدة ألف كتاب جامع الأصول والنهاية وغيرهما من الكتب المعتبرة.
قيل لإبراهيم بن الأدهم: ألا تصحب الناس؟ فقال: إن صحبت من هو
دوني آذاني بجهله وإن صحبت من هو فوقي تكبر عليّ وإن صحبت من هو مثلي حسدني فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملال ولا في وصله انقطاع ولا في الانس به وحشة.(2/178)
قيل لإبراهيم بن الأدهم: ألا تصحب الناس؟ فقال: إن صحبت من هو
دوني آذاني بجهله وإن صحبت من هو فوقي تكبر عليّ وإن صحبت من هو مثلي حسدني فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملال ولا في وصله انقطاع ولا في الانس به وحشة.
سئل بعض الرهبان: متى عيدكم؟ قال: يوم لا يعصى الله فيه ليس العيد لمن لبس الفاخرة إنما العيد لمن آمن بالآخرة.
وصف ضرار لعلي عند معاوية
عن ضرار بن ضمرة قال: دخلت على معاوية قبل موت أمير المؤمنين عليه السّلام فقال لي: صف عليا، فقلت: اعفني، فقال: لابد أن تصفه، فقال: أما إذا، فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزخرفها، ويأنس بالليل ووحشته، غزير العبرة طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله، فاشهد الله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغابت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا غري غيري أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وخطرك يسير وعيشك حقير، آه آه من طول السفر وقلة الزاد ووحشة الطريق.
فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار، فقلت: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقى عبرتها ولا تسكن حرتها. فالتفت معاوية إلى أصحابه وقال: لو فارقتموني من كان منكم يثني علي كما أثنى هذا الرجل على صاحبه؟ فقال بعضهم: الصاحب على قدر صاحبه.
قصيدة لأبي السعود المفسر
للفاضل المحقق أبي السعود صاحب التفسير:
أبعد سليمى مطلب ومرام ... وغير هواها لوعة وغرام
ومحوت نقوش الجاه عن لوح خاطري ... فأضحى كأن لم تجر فيه قلام
آنست بآفاق الزمان وذله ... فيا عزة الدنيا عليك سلام
دهور نقضت بالمسرة ساعة ... وعام تولى بالمساءة عام
ولله در الغم حيث أمدني ... بطول حياة والغموم سهام
خبت نار أعلام المعارف والهدى ... وشبت لنيران الضلال ضرام
وكان سرير العلم صرحا ممردا ... يناغي القباب السبع وهي عظام
يلوح سنا برق الهدى من بروجه ... كبرق بدا بين السحاب بشام
فجرت عليها الراسيات ذيولها ... فجرت عروش منه ثم دعام
وسيق إلى دار المهانة أهله ... مساق أسير لا يزال يضام
فما كل قيل قيل علم وحكمة ... وما كل أفراد الحديد حسام
ومن يك في الدنيا فلا يقبلنها ... فليس عليها معتب وملام
سل الأرض عن حال الملوك التي ... لهم فوق فرق الفرقدين مقام
بحبك عن أسرار الشؤون التي جرت ... عليهم جوابا ليس فيه كلام
بأن المنايا أقصدتهم نبالها ... وما طاش عن مرمى لهن سهام
وسيقوا مساق الغابرين إلى الردى ... واقفر منهم منزل ومقام
وحلوا محلا غير ما يعهدونه ... فليس لهم حتى القيام مقام
ألم بهم ريب المنون فغالهم ... فهم تحت أطباق الرغام رغام(2/179)
أبعد سليمى مطلب ومرام ... وغير هواها لوعة وغرام
ومحوت نقوش الجاه عن لوح خاطري ... فأضحى كأن لم تجر فيه قلام
آنست بآفاق الزمان وذله ... فيا عزة الدنيا عليك سلام
دهور نقضت بالمسرة ساعة ... وعام تولى بالمساءة عام
ولله در الغم حيث أمدني ... بطول حياة والغموم سهام
خبت نار أعلام المعارف والهدى ... وشبت لنيران الضلال ضرام
وكان سرير العلم صرحا ممردا ... يناغي القباب السبع وهي عظام
يلوح سنا برق الهدى من بروجه ... كبرق بدا بين السحاب بشام
فجرت عليها الراسيات ذيولها ... فجرت عروش منه ثم دعام
وسيق إلى دار المهانة أهله ... مساق أسير لا يزال يضام
فما كل قيل قيل علم وحكمة ... وما كل أفراد الحديد حسام
ومن يك في الدنيا فلا يقبلنها ... فليس عليها معتب وملام
سل الأرض عن حال الملوك التي ... لهم فوق فرق الفرقدين مقام
بحبك عن أسرار الشؤون التي جرت ... عليهم جوابا ليس فيه كلام
بأن المنايا أقصدتهم نبالها ... وما طاش عن مرمى لهن سهام
وسيقوا مساق الغابرين إلى الردى ... واقفر منهم منزل ومقام
وحلوا محلا غير ما يعهدونه ... فليس لهم حتى القيام مقام
ألم بهم ريب المنون فغالهم ... فهم تحت أطباق الرغام رغام
المنظومة الزاهرة للبهائي
قال شيخنا بهاء الملة والحق قدس سره بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله العلى العالي ... ذي المجد والافضال والجلال
ثم الصلاة والسلام السامي ... على النبي المصطفى التهامي
وآله الأئمة الأطهار ... ما اختلف الليل مع النهار
يقول راجي العفو يوم الدين ... المذنب الجاني بهاء الدين
تجاوز الرحمن عن ذنوبه ... وأسبل الستر على عيوبه
بليت في قزوين وقتا برمد ... مقرحا للقلب من فرط الكمد
يمنع من صرف النهار فيما ... يرضى اللبيب الحاذق الفهيما
من بحث أو تلاوة أو ذكر ... أو درس أو عبادة أو فكر
حتى سئمت من لزوم منزلي ... والنفس عن أشغالها بمعزل
ولم تكن من عادتي البطالة ... لأنها من شيم الجهالة
فرمت شيئا مشغلا لبالي ... عما أقاسيه من البلبال
فلم أجد أبهى من الأشعار ... وليس نظم الشعر من شعازي
وكنت في فكر بأدنى وادي ... ألقي جياد الفكر في اضطرادي
فبينما الأمر كذا إذا سألا ... مني بعض الأصدقاء النبلا
أن أصف الهراة في أبياتي ... جامعة للنثر والشتات
معربة عنها على الحقيقة ... مطربة لكل ذي سليقة
فقلت والدمع بجفنه سخا ... على الخبير قد سقطت يا أخا
ثم نظمت هذه الأرجوزة ... رائقة بديعة وجيزة
قضيت في نظمي لها نهاري ... كما تقضي الليل بالأسمار
سميتها إذا كملت بالزاهرة ... فهاكها مئة بيت فاخرة
مقدمة في وصفها على الاجمال:(2/180)
الحمد لله العلى العالي ... ذي المجد والافضال والجلال
ثم الصلاة والسلام السامي ... على النبي المصطفى التهامي
وآله الأئمة الأطهار ... ما اختلف الليل مع النهار
يقول راجي العفو يوم الدين ... المذنب الجاني بهاء الدين
تجاوز الرحمن عن ذنوبه ... وأسبل الستر على عيوبه
بليت في قزوين وقتا برمد ... مقرحا للقلب من فرط الكمد
يمنع من صرف النهار فيما ... يرضى اللبيب الحاذق الفهيما
من بحث أو تلاوة أو ذكر ... أو درس أو عبادة أو فكر
حتى سئمت من لزوم منزلي ... والنفس عن أشغالها بمعزل
ولم تكن من عادتي البطالة ... لأنها من شيم الجهالة
فرمت شيئا مشغلا لبالي ... عما أقاسيه من البلبال
فلم أجد أبهى من الأشعار ... وليس نظم الشعر من شعازي
وكنت في فكر بأدنى وادي ... ألقي جياد الفكر في اضطرادي
فبينما الأمر كذا إذا سألا ... مني بعض الأصدقاء النبلا
أن أصف الهراة في أبياتي ... جامعة للنثر والشتات
معربة عنها على الحقيقة ... مطربة لكل ذي سليقة
فقلت والدمع بجفنه سخا ... على الخبير قد سقطت يا أخا
ثم نظمت هذه الأرجوزة ... رائقة بديعة وجيزة
قضيت في نظمي لها نهاري ... كما تقضي الليل بالأسمار
سميتها إذا كملت بالزاهرة ... فهاكها مئة بيت فاخرة
مقدمة في وصفها على الاجمال:
إن الهراة بلد لطيفة ... بديعة شايقة شريفة
رشيقة نفيسة منيعة ... أنيقة أنيسة بديعة
خندقها متصل بالماء ... وسورها سام إلى السماء
ذات فضاء يشرح الصدورا ... ويورث النشاط والسرورا
حوت من المحاسن الجليلة ... والصور البديعة الجميلة
ما ليس في بقية الأمصار ... ولم يكن في سائر الأعصار
لست ترى في أهلها سقيما ... طوبى لمن كان بها مقيما
ما مثلها في الماء والهواء ... كلا ولا الأثمار والنساء
كذلك الباغات والمدارس ... فمالها في هذه مجانس
فصل في وصف هوائها:
هواؤها من الوباء جنّة ... كأنها من نفحات الجنة
ينشط الروح وينفي الكربا ... ويشرح الصدر ويشفي القلبا
لا عاصف منه تمل الحره ... ولا بطيء السير فرد مره
بل وسطا يهب باعتدال ... كغادة ترفل في أذيال
فمن رماه الدهر بالإفلاس ... حتى من المسكن واللباس
فلا يصاحب بلدة سواها ... لأنه يكفيه في هواها
جبنته واحدة في القر ... شربته واحدة في الحر
فهذه في حرها تكفيه ... وتلك عند بردها تكفيه
فصل في وصف مائها:(2/181)
هواؤها من الوباء جنّة ... كأنها من نفحات الجنة
ينشط الروح وينفي الكربا ... ويشرح الصدر ويشفي القلبا
لا عاصف منه تمل الحره ... ولا بطيء السير فرد مره
بل وسطا يهب باعتدال ... كغادة ترفل في أذيال
فمن رماه الدهر بالإفلاس ... حتى من المسكن واللباس
فلا يصاحب بلدة سواها ... لأنه يكفيه في هواها
جبنته واحدة في القر ... شربته واحدة في الحر
فهذه في حرها تكفيه ... وتلك عند بردها تكفيه
فصل في وصف مائها:
لو قيل أن الماء في الهراة ... يعدل ماء النيل والفرات
لم يك ذاك القول بالبعيد ... فكم على ذلك من شهيد
تراه في الأنهار صاف صافي ... كأنه لآلىء الأصداف
لا يحجب الناظر عن قراره ... بل يطلعنه على أسراره
تظن غزر عمقه شبرين ... من الصفا وهو على رمحين
يهضم ما صادف من طعام ... كأنما أكلته من عام
فصل في وصف نسائها:
نساؤها مثل الظباء النافرة ... ذوات ألحاظ مراض ساحرة
يسلبن حلم الناسك الأواه ... ويسلمنه إلى الدواهي
من كل خوذ عذبة الألفاظ ... تقتل من تشاء بالألحاظ
أضيق من عيش اللبيب ثغرها ... أضعف من حال الأديب خصرها
فاتكة قد شهدت خداها ... بما به تفعله عيناها
ترنو بطرف ناعس فتاك ... تفسد دين الزاهد النساك
والصدغ واو ليس واو العطف ... والثدي رمان عزيز القطف
والجسم في رقته كالماء ... والقلب مثل صخرة صماء
ولفظها وثغرها والردف ... سحر حلال أقحوان حقف
وقدها ونهدها والخد ... غصن ورمان طري ورد
والشعر والرضاب والأجفان ... صوارم مدامه ثعبان
غيد حميدات خصالهنه ... طوبى لمن كن وما لهنه
فصل في وصف ثمارها على الاجمال وهي هذه:
ثمارها في غاية اللطافة ... لا ضرر فيها ولا مخافة
عديمة القشور عند الحس ... تكاد أن تذوب حال اللمس
مع أنها بهذه الكيفية ... رخيصة عندهم ردية
يطرحها البقال فوق الحصر ... حتى إذا ما جاء وقت العصر
وقد بقي شيء من الثمار ... يطرحها في معلف الحمار
فصل في وصف عنبها:
ولست بالمحسن وصف العنب ... فإنه قد نال أعلى الرتب
أدق من فكر اللبيب قشره ... أرق من قلب الغريب قشره
أبيضه في لطفه والطول ... يحكي بنان غادة عطبول
أحمره أشهى إلى القلب الصدي ... من لثم خد ناصع مورد
أسوده أبهى لذي الطريف ... من غمز طرف فاتر ضعيف
أصنافه كثيرة في العد ... ليس لها في حسنها من حد
فمنه فخري وطائعي ... وكشمشي ثم صاحبي
وغيرها من سائر الأقسام ... فوق الثمانين بلا كلام
ترى الذي ما مثله في الفقر ... يبتاع منه الوتر بعد الوتر
وربما يعلفه الحميرا ... إن لم يصادف عنده شعيرا
فصل في وصف بطيخها:(2/182)
ولست بالمحسن وصف العنب ... فإنه قد نال أعلى الرتب
أدق من فكر اللبيب قشره ... أرق من قلب الغريب قشره
أبيضه في لطفه والطول ... يحكي بنان غادة عطبول
أحمره أشهى إلى القلب الصدي ... من لثم خد ناصع مورد
أسوده أبهى لذي الطريف ... من غمز طرف فاتر ضعيف
أصنافه كثيرة في العد ... ليس لها في حسنها من حد
فمنه فخري وطائعي ... وكشمشي ثم صاحبي
وغيرها من سائر الأقسام ... فوق الثمانين بلا كلام
ترى الذي ما مثله في الفقر ... يبتاع منه الوتر بعد الوتر
وربما يعلفه الحميرا ... إن لم يصادف عنده شعيرا
فصل في وصف بطيخها:
بطيخها من حسنه يحير ... في وصفه ذو الفطنة الخبير
جميعه حلو بغير حد ... أحلى من الوصال بعد صد
مهما يقول الواصفون فيه ... فإنه نزر بلا تمويه
يباع بالجنس القليل النزر ... لأنه واف بغير حصر
يأتي به المرء من الصحاري ... ولا يفي بأجرة المكاري
فصل في وصف مدرسة الميرزا:
وما بني فيها من المدارس ... ليس لها في الحسن من مجانس
أشهرها مدرسة الميرزاء ... مدرسة رفيعة البناء
رشيقة رايقة مكينة ... كأنها في سعة مدينة
في غاية الزينة والسداد ... عديمة النظير في البلاد
بالذهب الأحمر قد تزخرفت ... كأنها جنة عدن أزلفت
في صحنها نهر لطيف جاري ... مرصف جنباه بالأحجار
في وسطه بيت لطيف مبني ... كأنه بعض بيوت عدن
من الرخام كله مبني ... كأنه صانعه جنيي
وكلما يقوله البيل ... في وصفه فإنه قليل
فصل في وصف كارزكاه:
وبقعة تدعى بكارزكاه ... ليس لها في حسنها مباهي
هواؤها يحيي النفوس إن بدا ... وماؤها يجلو عن القلب الصدى
والسر في رياضها المطبوعة ... كخرد أذيالها مرفوعة
فيها البساتين بغير حصر ... يقصدها الناس بعيد العصر
من كل صنف ذكر وأنثى ... وحرة وأمة وخنثى
لا هم عندهم ولا نكاد ... كأنهم قد حوسبوا وعادوا
كأنهم كالخيل في الطراد ... وكل شخص منهم ينادي
لا شيء في ذا اليوم غير جائز ... إلا نكاح المرء للعجائز
خاتمة في التحسر على فراقها وبعد مداها:(2/183)
وبقعة تدعى بكارزكاه ... ليس لها في حسنها مباهي
هواؤها يحيي النفوس إن بدا ... وماؤها يجلو عن القلب الصدى
والسر في رياضها المطبوعة ... كخرد أذيالها مرفوعة
فيها البساتين بغير حصر ... يقصدها الناس بعيد العصر
من كل صنف ذكر وأنثى ... وحرة وأمة وخنثى
لا هم عندهم ولا نكاد ... كأنهم قد حوسبوا وعادوا
كأنهم كالخيل في الطراد ... وكل شخص منهم ينادي
لا شيء في ذا اليوم غير جائز ... إلا نكاح المرء للعجائز
خاتمة في التحسر على فراقها وبعد مداها:
يا حبذا أيامنا اللواتي ... مضت لنا إذ نحن في الهراة
نسترق اللذات والأفراحا ... ولا نمل الهزل والمزاحا
وعيشنا في ظلها رغيد ... والدهر مسعف بما نريد
واها إلى العود إليها واها ... فما يطيب العيش في سواها
سقيت يا ليالي الوصال ... بصوب غيث وابل هطال
وأنت يا سوالف الأيام ... عليك مني أطيب السلام
تمت الأرجوزة والحمد لله رب العالمين.
تعلم يحيى البرمكي الكرم من عمارة بن حمزة
ذكر ابن خلكان أنه قيل للفضل بن يحيى البرمكي: ما أحسن كرمك لولا تيه فيك؟ فقال: تعلمت الكرم والتيه من عمارة بن حمزة لأن أبي كان عاملا على فارس فانكسر في مال الخليفة وبقي عليه ثلاثة آلاف ألف درهم لا يعرف لها وجها وكان بينه وبين عمارة منافرة شديدة، فقال لي وأنا صبي: امض إلى عمارة واطلب منه هذا المبلغ قرضا، فخرجت حتى أتيت داره فوجدته في صدر الإيوان ووجهه إلى الحائط وكان لا يجلس إلا مثله لتيهه، فوقفت أسفل الإيوان وسلمت فلم يرد السلام فقصصت عليه القصة فقال: حتى ننظر، فخرجت نادما بالحرمان وعزمت أن لا أعود إلى أبي حيث أنه كلفني الإذلال، فجئت بعد ساعة فوجدت أبغالا محملة في الباب وقالوا: إن عمارة قد سير المال، فدخلت على أبي فأخبرته فمكثنا قليلا وعاد إلى أبي الولاية فرفع إلى ذلك المال وقال: تحمله إليه، فجئت به فوجدته على الهيئة الأولى فسلمت عليه فلم يرد وعرفته بوصل المال فقال لي: ويحك أصيرفيا كنت لأبيك اخرج عني لا بارك الله فيك هو لك، فخرجت ورددت المال إلى أبي فقال: خذ منه ألف ألف درهم واترك لأبيك ألفي ألف درهم، فتعلمت
الكرم والتيه منه وكان ذلك في أيام المهدي وقال المهدي لمن يطالبه أن أدى المال قبل يومنا هذا وإلا فاتني برأسه، وكان المهدي مغضبا عليه. وعمارة المذكور من أولاد عكرمة مولى ابن عباس، وكان كاتب المنصور وكان تائها معجبا كريما بليغا فصيحا أعورا، وكان المنصور وولده المهدي يقدمانه ويحتملان أخلاقه لفضله وبلاغته، وولي لهما الأعمال الكبار.(2/184)
ذكر ابن خلكان أنه قيل للفضل بن يحيى البرمكي: ما أحسن كرمك لولا تيه فيك؟ فقال: تعلمت الكرم والتيه من عمارة بن حمزة لأن أبي كان عاملا على فارس فانكسر في مال الخليفة وبقي عليه ثلاثة آلاف ألف درهم لا يعرف لها وجها وكان بينه وبين عمارة منافرة شديدة، فقال لي وأنا صبي: امض إلى عمارة واطلب منه هذا المبلغ قرضا، فخرجت حتى أتيت داره فوجدته في صدر الإيوان ووجهه إلى الحائط وكان لا يجلس إلا مثله لتيهه، فوقفت أسفل الإيوان وسلمت فلم يرد السلام فقصصت عليه القصة فقال: حتى ننظر، فخرجت نادما بالحرمان وعزمت أن لا أعود إلى أبي حيث أنه كلفني الإذلال، فجئت بعد ساعة فوجدت أبغالا محملة في الباب وقالوا: إن عمارة قد سير المال، فدخلت على أبي فأخبرته فمكثنا قليلا وعاد إلى أبي الولاية فرفع إلى ذلك المال وقال: تحمله إليه، فجئت به فوجدته على الهيئة الأولى فسلمت عليه فلم يرد وعرفته بوصل المال فقال لي: ويحك أصيرفيا كنت لأبيك اخرج عني لا بارك الله فيك هو لك، فخرجت ورددت المال إلى أبي فقال: خذ منه ألف ألف درهم واترك لأبيك ألفي ألف درهم، فتعلمت
الكرم والتيه منه وكان ذلك في أيام المهدي وقال المهدي لمن يطالبه أن أدى المال قبل يومنا هذا وإلا فاتني برأسه، وكان المهدي مغضبا عليه. وعمارة المذكور من أولاد عكرمة مولى ابن عباس، وكان كاتب المنصور وكان تائها معجبا كريما بليغا فصيحا أعورا، وكان المنصور وولده المهدي يقدمانه ويحتملان أخلاقه لفضله وبلاغته، وولي لهما الأعمال الكبار.
لمجنون قيس العامري:
روت لي أحاديث الغرام صبابة ... بإسنادها عن جبيرة العلم الفرد
وحدثنا مر النسيم عن الصبا ... عن الدوح عن وادي الغضى عن ربا نجد
عن الدوح عن جفني القريح عن الجوى ... عن السوق عن قلبي الجريح عن الوجد
بأن غرامي والأسى قد تحالفا ... على تلفي حتى أوسد في لحدي
الفارابي في مجلس سيف الدولة
نادرة لطيفة ورد أبو نصر الفارابي إلى دمشق على سيف الدولة وهو إذ ذاك سلطانها فلما دخل عليه وهو بزي الأتراك وكان ذلك زيه دائما وقف فقال سيف الدولة: اجلس. فقال: حيث أنا أو حيث أنت؟ فقال: حيث أنت، فتخطى رقاب الناس حتى أقبل إلى مسند سيف الدولة وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه، وكان على رأس سيف الدولة مماليك وله معهم لسان خاص يساورهم به، فقال لهم بذلك اللسان: إن هذا الشيخ قد ساء الأدب وإني مسائله عن أشياء لم يعرف بها اخرقوا به. فقال له أبو نصر: أيها الأمير اصبر فإن الأمور بعواقبها. فتعجب سيف الدولة منه وعظم عنده ثم أخذ يتكلم مع العلماء الحاضرين في كل فن فلم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتى صمت الكل وبقي يتكلم وحده، ثم أخذوا يكتبون ما يقوله وصرفهم سيف الدولة وخلا فقال: هل لك في أن تأكل؟ قال: لا. قال:
فهل تشرب؟ قال: لا. قال: فهل تسمع؟ قال: نعم، فأمر بإحضار الفتيان فحضر كل ماهر في الصنعة بأنواع الملاهي فخطّأ الجميع فقال سيف الدولة: وهل تحسن هذه الصنعة؟ فقال: نعم. ثم أخرج من وسطه خريطة ففتحها وأخرج منها عيدانا وركبها ثم لعب بها فضحك كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيبا آخر فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وغير تركيبها وحركها فنام كل من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياما وخرج. وهو الذي وضع القانون وكان لا يجالس الناس، ومدة إقامته بدمشق لا يكون غالبا إلا عند مجتمع المياه ومشتد الرياض، وكان يؤلف كتبه هناك، وكان أزهد الناس في الدنيا، وكان مقرره من بيت المال أربعة
دراهم لم يقبل غيرها. وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة بدمشق وصلى عليه سيف الدولة، وقد بلغ ثمانين سنة ودفن في ظاهر دمشق خارج باب الصغير. كذا قاله صاحب كتاب ثمرات الأوراق في علم الأدب.(2/185)
فهل تشرب؟ قال: لا. قال: فهل تسمع؟ قال: نعم، فأمر بإحضار الفتيان فحضر كل ماهر في الصنعة بأنواع الملاهي فخطّأ الجميع فقال سيف الدولة: وهل تحسن هذه الصنعة؟ فقال: نعم. ثم أخرج من وسطه خريطة ففتحها وأخرج منها عيدانا وركبها ثم لعب بها فضحك كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيبا آخر فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وغير تركيبها وحركها فنام كل من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياما وخرج. وهو الذي وضع القانون وكان لا يجالس الناس، ومدة إقامته بدمشق لا يكون غالبا إلا عند مجتمع المياه ومشتد الرياض، وكان يؤلف كتبه هناك، وكان أزهد الناس في الدنيا، وكان مقرره من بيت المال أربعة
دراهم لم يقبل غيرها. وتوفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمئة بدمشق وصلى عليه سيف الدولة، وقد بلغ ثمانين سنة ودفن في ظاهر دمشق خارج باب الصغير. كذا قاله صاحب كتاب ثمرات الأوراق في علم الأدب.
نادرة ابن منقذ مع صاحب حلب
نادرة بديعة: منقولة عن أبي الحسن علي بن منقذ صاحب قلعة شيراز وهو أنه كان يتردد إلى حلب قبل تملكه قلعة شيراز وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح، فجرى أمرا خاف علي بن منقذ على نفسه منه فخرج من حلب إلى طرابلس الشام وصاحبها يومئذ جلال الملك بن عثمان فأقام عنده، فتقدم محمود صاحب حلب إلى كاتبه أبي نصر محمد بن الحسين أن يكتب إلى علي بن منقذ كتابا يتشوقه فيه ويستدعيه إلى حلب، ففهم الكاتب أنه يريد به الشر، فكتب الكتاب كما أمر به مخدومه إلى أن بلغ إلى آخره وهو إن شاء الله تعالى فشدد النون وفتحها، فلما وصل الكتاب عرضه على ابن عثمان صاحب طرابلس وخواصه فاستحسنوا ما فيه فقال: إني أرى ما لا ترون في الكتاب ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال وكتب في جملة الكتاب: إنّا الخادم المقر بالإنعام، وكسر الهمزة من أنا وشدد النون، فلما وصل الكتاب إلى محمود سر بما فيه وقال لأصدقائه:
علمت أن الذي كتبته لا يخفى على مثله، وكان الكاتب قد قصد قوله تعالى: {(إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ)}، فأجاب بقوله: {(إِنََّا لَنْ نَدْخُلَهََا أَبَداً مََا دََامُوا فِيهََا)} فكانت هذه النادرة معدودة من شدة يقظته وفهمه.
قال ابن خلكان في ترجمة أبي علي الفارسي: إنه كان يوما يساير عضد الدولة ابن بويه في ميدان شيراز فقال: لماذا انتصب المستثنى في قولنا «قام القوم إلا زيدا» قال: بفعل محذوف مقدر تقديره «استثني زيدا» فقال له عضد الدولة:
هلا رفعته وقدرت الفعل «امتنع زيد» فانقطع وقال: هذا جواب ميداني. ثم لما رجع إلى منزله وضع في ذلك كلاما حسنا وحمله إليه فاستحسنه.
بعض ما ورد في الرمان
في الحديث: أن في كل رمانة حبة من حب رمان الجنة، وأن الكافر إذا أكل الرمانة بعث الله ملكا يختطف تلك الحبة.
روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: إن أبي كان يحب المشاركة في
المأكولات إلا الرمانة رغبة في تلك الحبة، وأنه كان يأخذ الرمانة يصعد إلى السطح ويأكلها وحده حتى لا يراه الصبيان.(2/186)
روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: إن أبي كان يحب المشاركة في
المأكولات إلا الرمانة رغبة في تلك الحبة، وأنه كان يأخذ الرمانة يصعد إلى السطح ويأكلها وحده حتى لا يراه الصبيان.
من كتاب زهر الربيع للسيد العالم المحدث السيد نعمة الله الجزائري: ومن عجيب الاتفاق أن رجلا كافرا في ذلك الزمان أتى برمانة إلى جماعة من المسلمين وقال: آكلها كلها وحدي حتى تلك الحبة وأنتم تقولون إن طعام الجنة حرام على الكفار، فأكل تلك الرمانة إلى آخرها فقال: أين ما قلتم؟ وكان له لحية طويلة كثيفة، فلما نفض لحيته كان قد تعلقت بها حبة من الرمانة فسقطت إلى الأرض فالتقطها ديك كان هناك فأخزاه الله تعالى.
وعنه أيضا: نقل أن أعظم الأكاسرة شاه عباس الماضي لما أراد المسير إلى بغداد استخار بالقرآن المجيد فجاءت الآية: {(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)} ثم تفاءل في ديوان خواجه حافظ فجاء الفال (بياكه نوبت بغداد ووقت تبريز است) فسار عليها وفتحها.
ومنه أيضا: تاريخ شهادة شيخنا الشهيد الثاني على ما قاله الشيخ بهاء الدين:
تاريخ وفاة ذلك الأواه ... الجنة مستقره والله
وتاريخ وفاة بهاء الملة والدين على ما قاله الشيخ الجليل الشيخ صالح البحراني.
شمس العراقين خفي ضوؤه ... ونير الشامي وبدر الحجاز
أردت تاريخا فلم أهتد ... له فألهمت قال الشيخ فاز
وعن الصادق عليه السّلام: سمي الدرهم درهما لأنه دارهم، وسمي الدينار لأنه دين النار.
قال الشاعر:
النار آخر دينار نطقت به ... والهم آخر هذا الدرهم الجاري
والمرء ما زال مشغوفا بحبهما ... معذب بين ذاك الهم والنار
في وقت فضيلة الظهر والعصر
مسألة: قال في شرح اللمعة في مبحث الزوال: ويناسبه المنقول من فعل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام (اه) أقول: وجه المناسبة أنه لما كان المروي
عنهم عليهم السّلام هو أداء النافلة والفريضة في وقت واحد، بناء على أن وقت فضيلة الظهر هو مجموع المثل الأول والعصر هو من أول المثل الثاني مع محافظتهم عليهم السّلام على أوقات الفضائل لا جرم كان وقت النافلة حينئذ هو المثل والمثلين الذي هو وقت الفضيلة، كما هو مدلول بعض الأخبار التي أشار إليه.(2/187)
مسألة: قال في شرح اللمعة في مبحث الزوال: ويناسبه المنقول من فعل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام (اه) أقول: وجه المناسبة أنه لما كان المروي
عنهم عليهم السّلام هو أداء النافلة والفريضة في وقت واحد، بناء على أن وقت فضيلة الظهر هو مجموع المثل الأول والعصر هو من أول المثل الثاني مع محافظتهم عليهم السّلام على أوقات الفضائل لا جرم كان وقت النافلة حينئذ هو المثل والمثلين الذي هو وقت الفضيلة، كما هو مدلول بعض الأخبار التي أشار إليه.
وأنت خبير بما فيه (أما أولا) فما ادعاه من أفضليته تأخير العصر إلى المثل الثاني وإن كان مشهورا بينهم إلا أنه خلاف المستفاد من الأخبار المستفيضة، فإنها متفقة الدلالة على أنه لا يستحب تأخير العصر إلا بمقدار ما يصلي نافلتها بعد الظهر، فمن ذلك صحيحة ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: متى أصلي الظهر؟ فقال: صل الزوال ثمانية ثم صل الظهر ثم صل سبحتك طالت أم قصرت ثم صل العصر. ورواية سماعة بن مهران قال: قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: إذا زالت الشمس فصل ثماني ركعات ثم صل الفريضة أربعا فإذا فرغت من سبحتك قصرت أو طولت فصل العصر. وصحيحة زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السّلام: ما بين الظهر والعصر حد معروف؟ قال: لا. وموثقة ذريح قال: سأل أبا عبد الله عليه السّلام أناس وأنا حاضر فقال: إذا زالت الشمس فهو وقت لا يحبسك منها إلا سبحتك تطيلها أو تقصرها، فقال بعض القوم: إنا نصلي الأولى إذا كانت على قدمين والعصر على أربعة أقدام؟ فقال أبو عبد الله عليه السّلام:
النصف من ذلك أحب إلي، وغيرها من الأخبار الكثيرة، مضافا إلى الأخبار الدالة على أفضلية أول الوقت.
وأما ثانيا: فما ادعاه من دلالة بعض الأخبار على الامتداد بامتداد وقت فضيلتي الظهر والعصر لم نقف عليه في كتب الأخبار، ولعله أراد بذلك صحيحة زرارة عن أبي حفص الدالة على أن حائط مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان قامة، وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر، بحمل القامة فيه على الذراع كما حمله عليه في المعتبر، فإنه استدل عليه في المعتبر على هذا المطلب ففيها مع الإغماض عن المناقشة في إطلاق القامة على ذلك ما ينافي هذا الحمل في عجز الخبر وهو قوله عليه السّلام: أتدري لم جعل الله الذراع والذراعين؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة لك أن تنتقل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيك ذراع بدأت الفريضة وتركت النافلة الخبر. فإنه كما ترى صريح في اعتبار القامة فيه بمعنى قامة الإنسان، وإنما أراد به الروايات الدالة على اعتبار المماثلة كموثقة زرارة الدالة على أن صلاة الظهر بعد
صيرورة ظل الشخص مثله والعصر بعد صيرورته مثليه وإضرابها.(2/188)
وأما ثانيا: فما ادعاه من دلالة بعض الأخبار على الامتداد بامتداد وقت فضيلتي الظهر والعصر لم نقف عليه في كتب الأخبار، ولعله أراد بذلك صحيحة زرارة عن أبي حفص الدالة على أن حائط مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان قامة، وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر، بحمل القامة فيه على الذراع كما حمله عليه في المعتبر، فإنه استدل عليه في المعتبر على هذا المطلب ففيها مع الإغماض عن المناقشة في إطلاق القامة على ذلك ما ينافي هذا الحمل في عجز الخبر وهو قوله عليه السّلام: أتدري لم جعل الله الذراع والذراعين؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة لك أن تنتقل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيك ذراع بدأت الفريضة وتركت النافلة الخبر. فإنه كما ترى صريح في اعتبار القامة فيه بمعنى قامة الإنسان، وإنما أراد به الروايات الدالة على اعتبار المماثلة كموثقة زرارة الدالة على أن صلاة الظهر بعد
صيرورة ظل الشخص مثله والعصر بعد صيرورته مثليه وإضرابها.
وقد صرح بعضهم بأن من ذهب إلى أن وقت النافلة مقدار المثل والمثلين أخذ بظاهر هذه الروايات. ففيه أن إطلاق الأخبار لا يساعد على هذه المناسبة، إذا الظاهر من تلك الأخبار أن هذا الوقت بأجمعه للنافلة لا تزاحمها الفريضة في شيء منه، ففي بعضها «إذا صار ظلك مثلك فصل الظهر وإذا صار ظلك مثليك فصل العصر» وفي بعضها «قامة للظهر وقامة للعصر» وهي كما ترى دالة على أن صلاة كل من الظهر والعصر إنما هو بعد المثل والمثلين والقامة والقامتين، حتى أشكل ذلك شيخنا البهائي قدس سره في الحبل المتين فقال: إن ما تضمنه هذا الحديث من توقيت الظهر بصيرورة الظل مثل الشخص مشكل جدا ولم يقل به أحد فيما أظن، ونقل عن بعض الأصحاب تخصيصه ببعض البلاد ببعض الأوقات كبلد يكون ظل الزوال فيه حال القيض خمسة أقدام مثلا فإذا صار مع الزيادة الحاصلة بعد الزوال مساويا للشخص يكون قد زاد قدمين فينطبق على أحاديث الأقدام. ثم قال قدس الله سره: ولا يخفى أنه محمل بعيد ومع ذلك لا يتمشى في قوله عليه السّلام:
«إذا كان ظلك مثليك فصل العصر» انتهى.
هذا وقد صرح الشارح قدس سره في المسالك بأن ظاهر الأصحاب أن هذا الوقت أعني المثل والمثلين بأجمعه للنافلة فيبقى فيه أداء ولا تزاحم الفريضة شيئا منه.
وقال في المدارك: واعلم أن ظاهر الروايات استيثار النافلة بجميع الذراع والذراعين والمثل والمثلين، بمعنى أنه لو بقي من ذلك الوقت قدر النافلة خاصة أوقعها فيه وأخر الفريضة انتهى.
نعم عبارة الشيخ في المبسوط والمجمل والخلاف صريحة في استثناء قدر إيقاع الفريضة من المثل والمثلين.
قال في المدارك: والأخبار لا تساعده. وأقول: الظاهر أن الشيخ لما كان قائلا بتعين هذا الوقت للمختار بحيث لا يجوز له التأخير عنه إلا لعذر أو ضرورة فلا معدل عنه عن استثناء وقت للفريضة تزاحم فيه النافلة، وإن خالف في ذلك ظاهر هذه الأخبار، وكأنه يخصص هذه الأخبار بالأخبار الدالة على ما ذهب إليه من تعين هذا الوقت للمختار، وأما من عداه ممن لم يساعد على هذه المقالة فمع وقوفه على ظاهر هذه الأخبار لا مجال له عن الالتزام بما ذكر، وحينئذ فهذه
الأخبار الدالة على اعتبار المثل والمثلين منافية بظاهرها لما هو المشهور بين الأصحاب من جعل هذا الوقت وقتا للفضيلة، إذ ظاهرها كما عرفت هو استيثار النافلة بذلك الوقت والقول بمزاحمة الفريضة لما فيه خروج عن ظاهرها، والظاهر أن كل من ذهب إلى اعتبار المثل والمثلين للنافلة واستدل عليه بهذه الأخبار أخرجها عن ظاهرها وحملها على استثناء قدر الفريضة من ذلك الوقت، كالشارح هنا فإن كلامه صريح في مزاحمة الفريضة لها في ذلك الوقت.(2/189)
قال في المدارك: والأخبار لا تساعده. وأقول: الظاهر أن الشيخ لما كان قائلا بتعين هذا الوقت للمختار بحيث لا يجوز له التأخير عنه إلا لعذر أو ضرورة فلا معدل عنه عن استثناء وقت للفريضة تزاحم فيه النافلة، وإن خالف في ذلك ظاهر هذه الأخبار، وكأنه يخصص هذه الأخبار بالأخبار الدالة على ما ذهب إليه من تعين هذا الوقت للمختار، وأما من عداه ممن لم يساعد على هذه المقالة فمع وقوفه على ظاهر هذه الأخبار لا مجال له عن الالتزام بما ذكر، وحينئذ فهذه
الأخبار الدالة على اعتبار المثل والمثلين منافية بظاهرها لما هو المشهور بين الأصحاب من جعل هذا الوقت وقتا للفضيلة، إذ ظاهرها كما عرفت هو استيثار النافلة بذلك الوقت والقول بمزاحمة الفريضة لما فيه خروج عن ظاهرها، والظاهر أن كل من ذهب إلى اعتبار المثل والمثلين للنافلة واستدل عليه بهذه الأخبار أخرجها عن ظاهرها وحملها على استثناء قدر الفريضة من ذلك الوقت، كالشارح هنا فإن كلامه صريح في مزاحمة الفريضة لها في ذلك الوقت.
وقال في المسالك بعد ذكر ما أسلفنا نقله عنه: ويحتمل استثناء قدر الفريضة من آخره إيثار الفضيلة الواجب وخروجا من خلاف المانع من تأخيرها اختيارا ولأن الخطب في النافلة أسهل، وهو حسن لولا ما عرفت. ولعل هذا هو وجه الإشكال الذي أشار إليه في كتاب الحبل المتين، إذ كل من عمل بهذه الأخبار وجعلها مستندا لمذهبه أخرجها من مقتضى ظاهرها ولم ينقل عن أحد منهم الوقوف مقتضى ظاهرها والقول به صريحا، فالعمل بها على ظاهرها مشكل جدا.
هذا وقد صرح بعض الأصحاب بأن الأولى في هذه الرواية الحمل على الإيراد المأمور به في الأخبار، وهو حسن لكن الإيراد المأمور به إنما هو في صلاة الظهر خاصة.
وأيضا فالظاهر من كلام الأصحاب (رض) أن الإيراد لا يبلغ هذا المقدار ولعل الأولى حملها عليه وإن خالف ظاهر كلامهم، ويتأيد ذلك بما رواه الكشي في رجاله بسنده عن ابن بكير قال: دخل زرارة على أبي عبد الله عليه السّلام وقال:
إنكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الإبراد بها؟ وفتح ألواحه ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد الله عليه السّلام بشيء فأطبق ألواحه وقال: إنما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم وخرج، ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السّلام فقال: إن زرارة سألني عن شيء ولم أجبه وقد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه فقل: صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان مثليك، وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير.
ما ورد في الحسد
لا يخفى أنه قد ورد في الأخبار بل استفاضت به أن الحسد من جملة الذنوب الموجبة لدخول النار وأنه يأكل الأعمال كما تأكل النار الحطب، مع أنه قد
ورد في بعض الأخبار ما يدل على أنه لا يجوز منه أحد وأنه من الأمور الجميلة في الطبيعة البشرية مثل ما رواه الصدوق عطر الله مرقده ومثله ما رواه الشيخ ورام في كتابه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ثلاث لا ينجو منهن أحد: الظن والطيرة والحسد، وسأحدثكم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق، وإذا نظرت فامض، وإذا حسدت فلا تبغ.(2/190)
لا يخفى أنه قد ورد في الأخبار بل استفاضت به أن الحسد من جملة الذنوب الموجبة لدخول النار وأنه يأكل الأعمال كما تأكل النار الحطب، مع أنه قد
ورد في بعض الأخبار ما يدل على أنه لا يجوز منه أحد وأنه من الأمور الجميلة في الطبيعة البشرية مثل ما رواه الصدوق عطر الله مرقده ومثله ما رواه الشيخ ورام في كتابه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: ثلاث لا ينجو منهن أحد: الظن والطيرة والحسد، وسأحدثكم بالمخرج من ذلك: إذا ظننت فلا تتحقق، وإذا نظرت فامض، وإذا حسدت فلا تبغ.
لإبراهيم بن دريد صاحب كتاب الجمهرة يهجو نفطويه بهذه الأبيات:
وشاعر يدعى بنصف اسمه ... مستأهل للصفع في أخدعيه
أحرقه الله بنصف اسمه ... وصير الباقي صراخا عليه
فأجاب نفطويه يهجو ابن دريد:
ابن دريد بقره ... وفيه عي وشره
ويدعي من حمقه ... وضع كتاب الجمهره
وهو كتاب العين ... إلا أنه قد غيره
أقول: وكتاب العين في اللغة ينسب للخليل بن أحمد إلا أن جل الفضلاء أنكروا نسبته إليه لاشتماله على أغلاط يجل الخليل عن مثلها كما بسط الكلام فيه في كتاب المزهر.
سؤال حول إحياء عيسى يحيى
سؤال للسيد الجليل الأعظم الأفخم جمال الدين أحمد بن المقدس السيد زين العابدين في الحديث: وأوصى عيسى بن مريم إلى شمعون الصفا بن حمون وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا. هذا بظاهره ينافي ما في الكافي بقوله: علي ابن محمد عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم عن عبد الله بن سليم العامري عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: إن عيسى بن مريم عليه السّلام جاء إلى قبر يحيى بن زكريا وكان سأل ربه أن يحيي يحيى له، فدعاه فأجابه وخرج له من القبر وقال: ما تريد مني؟ فقال: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا. فقال له: يا عيسى ما سكنت علي حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا وتعود إلي حرارة الموت، فتركه فعاد إلى قبره.
وجه دفع التناقض بما وصل إليه فهم أحمد بن عبد السلام البحراني لا زالت فضائلكم مشهورة وبيوتكم بأنوار الإفادة معمورة على تقديم تسليم الحديثين وأنهما
خارجان من آفاق الصدق وبازغان من مطالع الحق يمكن رفع التنافي في المفهوم من ظاهرهما أن عيسى حيث كان باقيا بنشأته الصورية في عالم الأفلاك إلى آخر الزمان كانت الوصية الصادرة من عيسى عليه السّلام إلى شمعون عند خروجه بقالبه الصوري إلى السماء وسؤاله من ربه أن يحيي له يحيى بعد وصية شمعون إليه وشهادته على يد الأشقياء، ولا محذور في ذلك بل لولا ذلك لوقع التنافي في الحديث الثاني بعضه ببعض كما يظهر لك أخيرا.(2/191)
وجه دفع التناقض بما وصل إليه فهم أحمد بن عبد السلام البحراني لا زالت فضائلكم مشهورة وبيوتكم بأنوار الإفادة معمورة على تقديم تسليم الحديثين وأنهما
خارجان من آفاق الصدق وبازغان من مطالع الحق يمكن رفع التنافي في المفهوم من ظاهرهما أن عيسى حيث كان باقيا بنشأته الصورية في عالم الأفلاك إلى آخر الزمان كانت الوصية الصادرة من عيسى عليه السّلام إلى شمعون عند خروجه بقالبه الصوري إلى السماء وسؤاله من ربه أن يحيي له يحيى بعد وصية شمعون إليه وشهادته على يد الأشقياء، ولا محذور في ذلك بل لولا ذلك لوقع التنافي في الحديث الثاني بعضه ببعض كما يظهر لك أخيرا.
فإن قيل: هذا الكلام يخالف الظاهر في الحديث الثاني أن عيسى بن مريم عليه السّلام جاء إلى قبر يحيى بن زكريا عليه السّلام لأن الظاهر من ذلك أن وقوع ذلك اليوم إذ كان عيسى في العالم العنصري قبل عروجه للعالم الفلكي.
فالجواب أن عروجه إلى العالم الفلكي غير مانع من ذلك، فإن المفهوم من الروايات أنه يزور قبور الأنبياء والأئمة عليهم السّلام والاستحالة في ذلك إذ مجيئه عليه السّلام لقبور شركائه في النبوة والولاية أقرب مدركا من الحكم بمجيء الأرواح المفارقة لأجسامها في هذه النشأة مع ثبوت ذلك بالروايات الصحيحة الصريحة على أن الظاهر من الحديث أن المجيء إلى القبر مجيء روحاني أو مثالي لا صوري وكذا إجابة يحيى وخروجه من القبر إليه، إذ لو كان محمولا على هذه النشأة العنصرية والحياة الفانية لم يكن الاستعفاء ويجيء من العود المتعلق بالقلب الصوري وجه يركن إليه، ولم يفعله لتعليقه عدم قبول إلى التعلق الجسماني بالخوف من حرارة الموت محل يعتمد عليه، لأن حمله على ظاهره يستدعي وقوع التعلق الجسماني وحصول المغايرة التي كانت موجودة قبل الموت، فكيف يتحقق الاستعفاء مما وقع أم كيف يعلل طلب الاستعفاء بالخوف من لحوق حرارة الموت الذي لابد من وقوعه حينئذ على تقدير عوده إلى حالته التي كان عليها من المفارقة الواقعة قبل طلب عيسى عليه السّلام، فعلمنا من ذلك كله أن سؤال عيسى عليه السّلام وإجابة يحيى وخروجه كل ذلك أما في عالم الأرواح أو عالم المثال، وحينئذ فلا يتحقق التنافي بين الحديثين. وهذا ما وعدنا به سابقا من قولنا كما يظهر لك أخيرا والله أعلم بالصواب، وفي الحديثين طول لا يسع المقام ذكره والسلام عليكم. والمأمول من الألطاف الأحمدية دامت فيوضاتها أن يجري العبد الكاتب دائما على صفحات باله الشريف وخياله المقدس المنيف، خصوصا عند ظهور لوامع إشراقاته وتأرج نفحات أنفاسه كتب المحب أقل العباد عملا وعلما أحمد بن عبد السلام البحراني.
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذه الخبر: وهذا الشيخ النجيب (ره) كان من
أجلاء فضلاء البحرين وكان معاصرا للشيخ العلامة المحدث الذي هو أول من نشر علم الحديث بديار البحرين الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني صاحب الحواشي على كتب الحديث الموعوز إليها ع س، وهذا الشيخ النجيب كان خطيبا مصقعا وكان هو الخطيب يوم الجمعة لشيخنا الشيخ علي المذكور لبلاغته وفصاحته وحسن صوته، وكان الشيخ قدس الله سره بعد فراغه من الخطبة يرقي المنبر ويخطب خطبة خفيفة احتياطا، وله معه قدس الله روحيهما صحبة أكيدة وأخوة خالصة، وكان الشيخ أحمد المشار إليه ابن فاضل يسمى الشيخ حسن، وكان مبرزا في الحكمة البدنية ومرجعا لبلاد البحرين في ذلك، إلا أنه على ما سمعت من غير واحد ممن أثق به واعتمد عليه كان مختبطا في أصوله وله مع العامة ربط في الباطن حتى أن ابن عمه الشيخ إبراهيم الملقب بطوير الجنة وكان تقيا ورعا متناهيا في حب أهل البيت عليهم السّلام كان يلعنه ويدير السبحة بلعنه ويأمر الناس بذلك، وكان من جملة مخترعات الشيخ حسن المذكور أنه أوصى أن يوضع في قبره ويغطى وجه القبر ولا يدفن إلى مدة ثلاثة أيام والله أعلم بحقائق عباده.(2/192)
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذه الخبر: وهذا الشيخ النجيب (ره) كان من
أجلاء فضلاء البحرين وكان معاصرا للشيخ العلامة المحدث الذي هو أول من نشر علم الحديث بديار البحرين الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني صاحب الحواشي على كتب الحديث الموعوز إليها ع س، وهذا الشيخ النجيب كان خطيبا مصقعا وكان هو الخطيب يوم الجمعة لشيخنا الشيخ علي المذكور لبلاغته وفصاحته وحسن صوته، وكان الشيخ قدس الله سره بعد فراغه من الخطبة يرقي المنبر ويخطب خطبة خفيفة احتياطا، وله معه قدس الله روحيهما صحبة أكيدة وأخوة خالصة، وكان الشيخ أحمد المشار إليه ابن فاضل يسمى الشيخ حسن، وكان مبرزا في الحكمة البدنية ومرجعا لبلاد البحرين في ذلك، إلا أنه على ما سمعت من غير واحد ممن أثق به واعتمد عليه كان مختبطا في أصوله وله مع العامة ربط في الباطن حتى أن ابن عمه الشيخ إبراهيم الملقب بطوير الجنة وكان تقيا ورعا متناهيا في حب أهل البيت عليهم السّلام كان يلعنه ويدير السبحة بلعنه ويأمر الناس بذلك، وكان من جملة مخترعات الشيخ حسن المذكور أنه أوصى أن يوضع في قبره ويغطى وجه القبر ولا يدفن إلى مدة ثلاثة أيام والله أعلم بحقائق عباده.
كتاب المؤلف إلى ابنه محمد
كتاب: كتبته لابني محمد حفظه الله تعالى وقت التوجه للعتبات العالية في المرة الثانية في الطريق بتاريخ سلخ شهر رجب الأصب السنة الرابعة والخمسين والمئتين والألف.
أما بعد حمد الملك المنان على ما أنعم من الجود والإحسان، والصلاة على سيد ولد عدنان بل سيد الإنس والجان وآله أمناء الرحمن: فإني أوصيك بوصيتي فهذه وصيتي إليك أيها الولد العزيز ثمرة القلب والمهجة المرجو للسرور والبهجة لوصيتي هذه فاتبعها وأهديك نصيحتي هذه فخذها ولا تضيعها.
اعلم هداك الله تعالى سبيل التوفيق وجعله لك خير صاحب ورفيق إني قد أتعبت في تأديبك قلبي وقالبي، وجعلتك همي في دنياي ومأربي، وأطلت في غرفات تكميلك وقوفي، وشحذت لمعركة أمرك ونهيك سيوفي، وكشفت عن جوهر فهمك خبث الغباوة، وصقلت مرآة فهمك بما أزال عنها صدى الغشاوة حتى إذا أيقنت أن جوهرك صاف من الأكدار ولؤلؤك يفوق لآلي البحار طفقت أحمد الله الواهب على جزيل العطايا والمواهب أسأله إتمام تلك الرغائب بإسبال ذيول العناية عليك في جميع المآرب، وهدايتك إلى أعلى المراتب فاحرص وفقك الله تعالى
على ما به سعادة داريك ونجح أمريك وهو العلم الذي به تدخل في حقيقة الإنسان الذي هو أشرف نوع الحيوان عند الملك المنان، وله أعدت المنازل العالية في أعلى قصور الجنان وهيئت له الحور والولدان وسخرت له الملائكة والإنس والجان، ومن تخلى عن العلم وإن تحلى بحلية الإنسان وشابهه في الجوارح والأركان فهو إنسان فشرى وبسر قسرى، فإنك إذا حققته لم تجده إلا من أحد البهائم أو السباع لما قد اكتسبه منها من الأخلاق والطباع.(2/193)
اعلم هداك الله تعالى سبيل التوفيق وجعله لك خير صاحب ورفيق إني قد أتعبت في تأديبك قلبي وقالبي، وجعلتك همي في دنياي ومأربي، وأطلت في غرفات تكميلك وقوفي، وشحذت لمعركة أمرك ونهيك سيوفي، وكشفت عن جوهر فهمك خبث الغباوة، وصقلت مرآة فهمك بما أزال عنها صدى الغشاوة حتى إذا أيقنت أن جوهرك صاف من الأكدار ولؤلؤك يفوق لآلي البحار طفقت أحمد الله الواهب على جزيل العطايا والمواهب أسأله إتمام تلك الرغائب بإسبال ذيول العناية عليك في جميع المآرب، وهدايتك إلى أعلى المراتب فاحرص وفقك الله تعالى
على ما به سعادة داريك ونجح أمريك وهو العلم الذي به تدخل في حقيقة الإنسان الذي هو أشرف نوع الحيوان عند الملك المنان، وله أعدت المنازل العالية في أعلى قصور الجنان وهيئت له الحور والولدان وسخرت له الملائكة والإنس والجان، ومن تخلى عن العلم وإن تحلى بحلية الإنسان وشابهه في الجوارح والأركان فهو إنسان فشرى وبسر قسرى، فإنك إذا حققته لم تجده إلا من أحد البهائم أو السباع لما قد اكتسبه منها من الأخلاق والطباع.
وإذا أردت بيان حقيقة هذا الكلام لئلا تظنه مجازا أو من جملة الأوهام فاعلم أنه قد أطبق أرباب الحقيقة وقصاد تلك الطريقة أن الإنسان ليس إنسانا باللحم والجسد ولا بالجوارح المركبة فيه مدى الأبد بل بالروح والنفس الناطقة لا من حيث هي كذلك بل من حيث استكمالها بكمالاتها اللائقة بما هنالك، ولله در من قال:
يا خادم الجسم كم تشقى بغلته ... وتطلب الربح مما فيه خسران
فلازم وفقك الله تعالى له الدروس والنظر:
اقبل على النفس واستكمل طرائقها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
واتخذ الخلوة والعزلة حجابا عن البشر فليس في الصحبة إلا الوبال والضرر وإياك والرغبة فيما لا يهمك ولا يعنيك بل ربما يغمك ويعييك من أمور هذه الدار المملوءة بالهموم والأكدار والاشتغال بكثرة الكتابة للمجاميع والقراطيس مما يمنعك عن نيل ذلك الجوهر النفيس، فاصرف أيدك الله تعالى للعلم همتك وبيض لأجله لمتك واغلق له دكانك وشدد له أركانك واهجر له صحبك وإخوانك واعطه كلك عسى أن يعطيك بعضه ولا يوليك هجره وبغضه، وانتهز الفرصة فإنها تمر مر السحاب وخذ الأهبة قبل أن يغلق الباب فليس أبوك بباق لك مدى الأوقات ولا زمانك يفي لك بالسلامة من الآفات والمخافات (شعر):
عليك بالعلم وتحصيله ... والسعي كل السعي في نيله
والسعى فى تحقيق أبوابه ... والشرب من كاسات تبجيله
واجعل له الليل نهارا عسى ... تكشف عن فجر دجى ليله
والزم له العزلة في خلوة ... كيما ترى أنوار تأويله
واعطه كلك كي ربما ... يعطيك منه بعض تفضيله
ودع لداعي الجهل أربابه ... فالكل مشغول بتضليله
وأوص على التقوى لتقوى به ... على العلى في حمل إكليله
فإن بالعلم تنال المنى ... في الدين والدنيا بتفضيله
وتغتدي رأسا تدوس الورى ... فيهرع الكل لتقبيله
تخدمك الأملاك في أرضها ... نصا عن الصادق في قيله
والإنس والجن كما قد روي ... فضلا من الله ومن طوله
وترتجي ذخرا إذا ما عرى ... خطب يشيب الرأس من هوله
يعنو لك السلطان في جنده ... يبدي لك العز بتذليله
بني ظني فيك لا تنسه ... وحقق الظن بمأموله
فاشرب بكأس النصح من والد ... يرجو لك العز بتكميله
فإنني أرجوك عند الوغى ... من صارم الهند ومصقوله
وفقك الله لما ارتجى ... من العلى والجد في نيله
وقد أرسلت إليك بنظمي ونثري ولم آل جهدا في نصحك دهري، فاختر لنفسك أحد النجدين وأوقفها على أحد الحدين. هداك الله تعالى بمنّة سبيل الرشاد وأيدك بالتوفيق والسداد والسلام الختام.(2/194)
عليك بالعلم وتحصيله ... والسعي كل السعي في نيله
والسعى فى تحقيق أبوابه ... والشرب من كاسات تبجيله
واجعل له الليل نهارا عسى ... تكشف عن فجر دجى ليله
والزم له العزلة في خلوة ... كيما ترى أنوار تأويله
واعطه كلك كي ربما ... يعطيك منه بعض تفضيله
ودع لداعي الجهل أربابه ... فالكل مشغول بتضليله
وأوص على التقوى لتقوى به ... على العلى في حمل إكليله
فإن بالعلم تنال المنى ... في الدين والدنيا بتفضيله
وتغتدي رأسا تدوس الورى ... فيهرع الكل لتقبيله
تخدمك الأملاك في أرضها ... نصا عن الصادق في قيله
والإنس والجن كما قد روي ... فضلا من الله ومن طوله
وترتجي ذخرا إذا ما عرى ... خطب يشيب الرأس من هوله
يعنو لك السلطان في جنده ... يبدي لك العز بتذليله
بني ظني فيك لا تنسه ... وحقق الظن بمأموله
فاشرب بكأس النصح من والد ... يرجو لك العز بتكميله
فإنني أرجوك عند الوغى ... من صارم الهند ومصقوله
وفقك الله لما ارتجى ... من العلى والجد في نيله
وقد أرسلت إليك بنظمي ونثري ولم آل جهدا في نصحك دهري، فاختر لنفسك أحد النجدين وأوقفها على أحد الحدين. هداك الله تعالى بمنّة سبيل الرشاد وأيدك بالتوفيق والسداد والسلام الختام.
مدح المؤلف لأمير المؤمنين عليه السّلام
ومما جرى: به قلم جامع هذا الكتاب عفا الله عنه في مدح سيده أمير المؤمنين صلوات الله عليه حين التوجه إلى زيارته صلوات الله عليه في العام المقدم ذكره آنفا على طريق أصفهان وذلك في الطريق بين شيراز وأصفهان، وقد لامه بعض الناصحين من الأخوان على السفر في ذلك الوقت لأسباب منها وقوع الحرب بين الشاه المؤيد حرمته الله تعالى وبين ملك الروم ومنها البرد الشديد في تلك الطريق حيث أن السفر كان في مبادىء الخريف، والعبد مصمم العزم على السفر وجرت هذه الأبيات على الخاطر في أثناء الطريق بتاريخ عشرين من شهر رجب الأصب السنة السادسة والخمسين بعد المئة والألف:
إليك أمير المؤمنين وفودي ... فأنت منائي من جميع قصودي
هجرت لذيذ الغمض إذ لذ لي الولا ... وإذ بي في الوادي المقدس نودي
قطعت الفيافي في تلاف جزائر ... تجر إلى وقد بذات وقود
وخضت بحورا كي أفوز بحورها ... بخلد بها أرجو هناك خلودي
تركت هوى ليلى وسعدى بمنزل ... لمنزل سعد بل وسعد سعودي
رمتني سهام العدل من كل ناصح ... ببرد شتاء وازدحام جنود
وجسم بأسقام الزمان مشطر ... لأيسر برد يحتمي ببرود
عذرت عذولي حيث لم يدر أنني ... يلين لعزمي صم صخر وجلمود
يهون لنفسي في المعالي ركوبها ... رؤوس العوالي كل أبيض مبرودي
عذولي عذولي لا يرام فإنني ... أسير هوى لا يستطاع حيودي
أخوض بحار الموت في حب سيد ... به سؤددي دينا وبطن لحودي
فيا روح روحي في هواه وسارعي ... لديه وجودي فهو أصل وجودي
بل الأصل في كل الوجود كما به ... أفي النصّ حقا في صحيح ورودي
ولولاه حوّا ما حوى بطنها فتى ... ولا ولدت يوما هناك بمولود
ولا قبلت منها وآدم توبة ... مدى الدهر بل آبا نجيبة مطرود
ولا آب أيوب كشف بلائه ... ولا عن خليل خليت نار نمرود
وطوفان نوح منه نوح به انجلى ... سفينته إذ ذاك قرت على الجودي
شهاب لساني ثاقب غير أنه ... عن المدح يخبو ناكصا بخمود
أمولاي ماذا يبلغ المدح في فتى ... به الخلق تاهت بين عبد ومعبود
محبوه اخفوا فضله خيفة العدى ... وبغضا عداه قابلوا بجحود
وشاع له من بين ذين مناقب ... أبت أن تضاهي في الحساب لمعدود
أمولاي يا من جوده ووجوده ... رضيعا لبان كن بطن ولود
ويا من على أعتابه وببابه ... وفوق الثريا سيد ومسود
ويا من يناديه المقدس للندى ... موائد مدت لازدحام وفرد
ركائب آمالي تؤمل مرتعا ... بوادي نداك الآن يا خير مقصودي
فيا خيبتا إن خاب طالع طالعي ... وصرت لا صار بذلة مردود
فما هكذا أنبئت يا أكرم الورى ... وليس ذميم البخل منك بمعدود
ألست الذي يمسي ويصبح طاويا ... وما لك للوفاد أكرم منفود
الست عزيز الجار إن جار حادث ... وحامي الحمى يوما لكل ودود
فخذ بيدي مولاي والأهل جملة ... وصحبي أخا الإحسان والفضل والجود
عليك صلاة الله يا خير من مشى ... وماست به في بيدها قلص القود(2/195)
إليك أمير المؤمنين وفودي ... فأنت منائي من جميع قصودي
هجرت لذيذ الغمض إذ لذ لي الولا ... وإذ بي في الوادي المقدس نودي
قطعت الفيافي في تلاف جزائر ... تجر إلى وقد بذات وقود
وخضت بحورا كي أفوز بحورها ... بخلد بها أرجو هناك خلودي
تركت هوى ليلى وسعدى بمنزل ... لمنزل سعد بل وسعد سعودي
رمتني سهام العدل من كل ناصح ... ببرد شتاء وازدحام جنود
وجسم بأسقام الزمان مشطر ... لأيسر برد يحتمي ببرود
عذرت عذولي حيث لم يدر أنني ... يلين لعزمي صم صخر وجلمود
يهون لنفسي في المعالي ركوبها ... رؤوس العوالي كل أبيض مبرودي
عذولي عذولي لا يرام فإنني ... أسير هوى لا يستطاع حيودي
أخوض بحار الموت في حب سيد ... به سؤددي دينا وبطن لحودي
فيا روح روحي في هواه وسارعي ... لديه وجودي فهو أصل وجودي
بل الأصل في كل الوجود كما به ... أفي النصّ حقا في صحيح ورودي
ولولاه حوّا ما حوى بطنها فتى ... ولا ولدت يوما هناك بمولود
ولا قبلت منها وآدم توبة ... مدى الدهر بل آبا نجيبة مطرود
ولا آب أيوب كشف بلائه ... ولا عن خليل خليت نار نمرود
وطوفان نوح منه نوح به انجلى ... سفينته إذ ذاك قرت على الجودي
شهاب لساني ثاقب غير أنه ... عن المدح يخبو ناكصا بخمود
أمولاي ماذا يبلغ المدح في فتى ... به الخلق تاهت بين عبد ومعبود
محبوه اخفوا فضله خيفة العدى ... وبغضا عداه قابلوا بجحود
وشاع له من بين ذين مناقب ... أبت أن تضاهي في الحساب لمعدود
أمولاي يا من جوده ووجوده ... رضيعا لبان كن بطن ولود
ويا من على أعتابه وببابه ... وفوق الثريا سيد ومسود
ويا من يناديه المقدس للندى ... موائد مدت لازدحام وفرد
ركائب آمالي تؤمل مرتعا ... بوادي نداك الآن يا خير مقصودي
فيا خيبتا إن خاب طالع طالعي ... وصرت لا صار بذلة مردود
فما هكذا أنبئت يا أكرم الورى ... وليس ذميم البخل منك بمعدود
ألست الذي يمسي ويصبح طاويا ... وما لك للوفاد أكرم منفود
الست عزيز الجار إن جار حادث ... وحامي الحمى يوما لكل ودود
فخذ بيدي مولاي والأهل جملة ... وصحبي أخا الإحسان والفضل والجود
عليك صلاة الله يا خير من مشى ... وماست به في بيدها قلص القود
قصة الرجل وأطفال الزنا
من كتاب زهر الربيع: للسيد نعمة الله الجزائري رحمه الله حكي لي أن رجلا من أهل شوشتر كان في شيراز عند صديق له فخرج يوما فرأى امرأة محتضنة لشيء
لا يعلمه فقالت: أيها الرجل لي إليك حاجة فيها ثواب جزيل، فأعطته شيئا من الدراهم وقالت: إن زوجي في بلدة أخرى وأرسل خط طلاقي وضاع مني وأريد التزويج والعلماء لا يجيزون إلا بالخط فامض معي إلى عالم وقل: إني أنا زوج هذه المرأة وأريد طلاقها حتى يطلقني ولك به ثواب جزيل، فلما قبض الدراهم أتى مع المرأة إلى رجل من أهل المدرسة وتنازعا عنده وأشار عليهما بالصلح فلم يقبلا وحلف الرجل أنه لا يجتمع مع المرأة، فأوقع ذلك العالم صيغة الطلاق وكتب الخط، فلما أراد الرجل المضي لزمته المرأة وقالت: أيها العالم طلقني هذا الرجل وهذا ولده رضيع عندي كيف أعمل به؟ فقال له: خذ ولدك من المرأة، والرجل لا يقدر على الإنكار فأخذ الولد ومضت المرأة فأتى به إلى بيت صديقه فضحك وقال: ما عندك؟ فحكى له القصة وقال: لا تخرج إذا صار وقت السحر فاخرج به إلى المسجد الجامع واطرحه فيه، فخرج به وقت السحر فلما طرحه في المسجد كان خادم المسجد يكنسه وسمع بكاء الصبي والرجل يريد الخروج فلحقه وجعل يضربه بالمكنسة ضربا وجيعا ويقول له: إن هذا المسجد ما بناه الناس لتضع أنت فيه أولاد الزنا، وكان قبله طرح صبي آخر في المسجد فقال له: احملهما فأخذهما هذا على كتف وهذا على آخر وأتى منزل صديقه فضحك وقال: خرجت بواحد وأتيت باثنين فحكى له وضحك فقالت امرأة الصديق: لا تجزع خذهما وامض بهما إلى الحمام الفلاني وناد خادمة الحمام وقل لها إنّ صالحة تقول لك: خذي هذين الطفلين حتى أجيء إلى الحمام فسلمهما إلى الخادمة، والظاهر أنه كان في المحلة امرأة اسمها صالحة تنفست في تلك الأيام وبقي الصبيان في عنق خادمة الحمام.(2/196)
من كتاب زهر الربيع: للسيد نعمة الله الجزائري رحمه الله حكي لي أن رجلا من أهل شوشتر كان في شيراز عند صديق له فخرج يوما فرأى امرأة محتضنة لشيء
لا يعلمه فقالت: أيها الرجل لي إليك حاجة فيها ثواب جزيل، فأعطته شيئا من الدراهم وقالت: إن زوجي في بلدة أخرى وأرسل خط طلاقي وضاع مني وأريد التزويج والعلماء لا يجيزون إلا بالخط فامض معي إلى عالم وقل: إني أنا زوج هذه المرأة وأريد طلاقها حتى يطلقني ولك به ثواب جزيل، فلما قبض الدراهم أتى مع المرأة إلى رجل من أهل المدرسة وتنازعا عنده وأشار عليهما بالصلح فلم يقبلا وحلف الرجل أنه لا يجتمع مع المرأة، فأوقع ذلك العالم صيغة الطلاق وكتب الخط، فلما أراد الرجل المضي لزمته المرأة وقالت: أيها العالم طلقني هذا الرجل وهذا ولده رضيع عندي كيف أعمل به؟ فقال له: خذ ولدك من المرأة، والرجل لا يقدر على الإنكار فأخذ الولد ومضت المرأة فأتى به إلى بيت صديقه فضحك وقال: ما عندك؟ فحكى له القصة وقال: لا تخرج إذا صار وقت السحر فاخرج به إلى المسجد الجامع واطرحه فيه، فخرج به وقت السحر فلما طرحه في المسجد كان خادم المسجد يكنسه وسمع بكاء الصبي والرجل يريد الخروج فلحقه وجعل يضربه بالمكنسة ضربا وجيعا ويقول له: إن هذا المسجد ما بناه الناس لتضع أنت فيه أولاد الزنا، وكان قبله طرح صبي آخر في المسجد فقال له: احملهما فأخذهما هذا على كتف وهذا على آخر وأتى منزل صديقه فضحك وقال: خرجت بواحد وأتيت باثنين فحكى له وضحك فقالت امرأة الصديق: لا تجزع خذهما وامض بهما إلى الحمام الفلاني وناد خادمة الحمام وقل لها إنّ صالحة تقول لك: خذي هذين الطفلين حتى أجيء إلى الحمام فسلمهما إلى الخادمة، والظاهر أنه كان في المحلة امرأة اسمها صالحة تنفست في تلك الأيام وبقي الصبيان في عنق خادمة الحمام.
قصة القاضي الذي أراد مجامعة دابة
ومنه أيضا: كان رجل من قضاة العامة يقرأ علي في علوم العربية في شيراز فبقي مدة طويلة في شيراز، فسألته يوما: ألا تسافر إلى بلادك؟ فضحك ثم قال:
ما أقدر على معاشرة أهل بلادي لقضية وقعت علي بها. فقلت: ما هي؟ قال: إن المتعة في بلادي حرام وقد غلبت علي العزوبية وشبق الجماع وما كنت قادرا على التزويج فمضيت إلى خارج القرية فرأيت رجلا يرعى حيوانات تلك القرية فحكيت له قصتي فقال: في هذه الحيوانات أتان صبور، يعني حمارة فعينها لي وقال:
خذها إلى المكان المنخفض واقض حاجتك منها فأعطيته بعض الفلوس وأتيت إلى الحمارة في ذلك الموضع فلما أوقفتها لقضاء الحاجة خفت إنها في الأثناء تركض عني وكانت لي عمامة طويلة فشددت مئزري في رقبتها وأخذت طرفيه من الطرفين
وشددت بهما وسطي حتى ألصق بها وقت الحاجة، فلما شرعت في حاجتي أخذت الأتان بالزقط بالجوز وركضت وأنا محلول السراويل وأخذت تسحبني على الشوك فما شعرت الا وأنا في وسط السوق والحمارة تجرني مكشوف العورة، فصاح علي أهل السوق: هذا القاضي فخلصوني منها، وفي ذلك اليوم خرجت إلى شيراز فكيف أطيق الرجوع إليها.(2/197)
خذها إلى المكان المنخفض واقض حاجتك منها فأعطيته بعض الفلوس وأتيت إلى الحمارة في ذلك الموضع فلما أوقفتها لقضاء الحاجة خفت إنها في الأثناء تركض عني وكانت لي عمامة طويلة فشددت مئزري في رقبتها وأخذت طرفيه من الطرفين
وشددت بهما وسطي حتى ألصق بها وقت الحاجة، فلما شرعت في حاجتي أخذت الأتان بالزقط بالجوز وركضت وأنا محلول السراويل وأخذت تسحبني على الشوك فما شعرت الا وأنا في وسط السوق والحمارة تجرني مكشوف العورة، فصاح علي أهل السوق: هذا القاضي فخلصوني منها، وفي ذلك اليوم خرجت إلى شيراز فكيف أطيق الرجوع إليها.
قال بعض الحكماء: لو كان للخطايا ريح لافتضح الناس ولم يتجالسوا، وهو مأخوذ من قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لو تكاشفتم لما تدافنتم».
قال بعض مشايخنا: إن الذنوب لها ريح لكن المذنب لا يشمها لتكيف شامته بها وأما المقربون فيشمونها. ولذا ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السّلام وقد سئل عن الملائكة الكاتبين كيف يطلعون على النيات حتى يكتبونها؟ فقال عليه السّلام:
إن المؤمن إذا نوى الخير خرج من فمه مثل رائحة المسك فيشمونها ويعلمون أنه نوى الطاعة فكيتبونها، وإذا نوى الشر خرج من فمه مثل رائحة الكنيف فيتكرهون به ويعلمون أنه نوى الشر فيكتبونها عليه. وهذا إحدى معاني «ويسر على الكرام الكاتبين مؤنتنا».
حكاية اليهودي مع الرجل المسلم
حكى بعض من يوثق به أن رجلا من المسلمين كانت عنده امرأة حسنة وكانت تحب رجلا يهوديا فاحتالت في إخراج زوجها إلى السفر حتى تخلو باليهودي فقالت لليهودي: اعطه بضاعة يخرج بها إلى بعض البلدان: فطلبه اليهودي وقال: أقرضك دراهم وأسترهن من بدنك مئة مثقال من اللحم، فكتب عليه كتابا وأعطاه الدراهم وخرج إلى التجارة وبقيت امرأته مع اليهودي، فلما خرج من البلد قطع عليه الطريق وأخذ المال منه فرجع وسمع به اليهودي فخرج إليه يطلب ماله أو الرهن فلزمه وأراد إحضاره عند القاضي فمرّا على رجل كان حماره في الوحل فاستعان بالرجل فلزم ذنب حماره ليخرجه من الوحل فانقطع فلزمه بقيمة الحمار فصارا مدعيين، فأتوا إلى مسجد ينامون فيه إلى الصباح فجعل الرجل داخل المسجد وباتا على الباب لئلا يهرب منهما، فلما ناما صعد على سطح المسجد ورمى بنفسه ليخلص منهما فاتفق أن رجلا مع ولده كانا نائمين تحت جدار المسجد فوقع على الرجل النائم فأهلكه فلزمه الولد بدم أبيه وصاح حتى انتبه الرجلان فصاروا ثلاثة، فأخذوه إلى بيت القاضي فسألوا عن القاضي فقيل لهم: إنه في
خلوته، فلما جلسوا قال ذلك الرجل: أنا أرمي بنفسي إلى القاضي في خلوته لعله يفتكر في حالي فركض ودخل على القاضي فوجد غلاما يلوط به فجلس حتى فرغ القاضي وحكى له الحكاية فقال له القاضي: اشرط على نفسك أن لا تحكي بما رأيت وأنا أخلصك من هذه الدعاوى كلها، فشرط له وحلف فخرج القاضي إلى دار القضاء فتقدم اليهودي وقد كان شرط عليه القاضي أن لا ينكر شيئا من الدعاوى فقال اليهودي: أريد أما دراهمي أو رهني مئة مثقال من لحمه، فصدقه الرجل فقال القاضي: خذ واقطع من لحمه مائة مثقال لا تزيد ولا تنقص وإلا فعليك القصاص. فتحير اليهودي ثم قال: أسقطت عنه دعواي عليه، فقال القاضي: ألا كنت أسقطت عنه قبل حضورك دار القضاء، فأخذ منه القاضي مثل الدراهم الذي يطلبها من الرجل وخلّى عنه.(2/198)
حكى بعض من يوثق به أن رجلا من المسلمين كانت عنده امرأة حسنة وكانت تحب رجلا يهوديا فاحتالت في إخراج زوجها إلى السفر حتى تخلو باليهودي فقالت لليهودي: اعطه بضاعة يخرج بها إلى بعض البلدان: فطلبه اليهودي وقال: أقرضك دراهم وأسترهن من بدنك مئة مثقال من اللحم، فكتب عليه كتابا وأعطاه الدراهم وخرج إلى التجارة وبقيت امرأته مع اليهودي، فلما خرج من البلد قطع عليه الطريق وأخذ المال منه فرجع وسمع به اليهودي فخرج إليه يطلب ماله أو الرهن فلزمه وأراد إحضاره عند القاضي فمرّا على رجل كان حماره في الوحل فاستعان بالرجل فلزم ذنب حماره ليخرجه من الوحل فانقطع فلزمه بقيمة الحمار فصارا مدعيين، فأتوا إلى مسجد ينامون فيه إلى الصباح فجعل الرجل داخل المسجد وباتا على الباب لئلا يهرب منهما، فلما ناما صعد على سطح المسجد ورمى بنفسه ليخلص منهما فاتفق أن رجلا مع ولده كانا نائمين تحت جدار المسجد فوقع على الرجل النائم فأهلكه فلزمه الولد بدم أبيه وصاح حتى انتبه الرجلان فصاروا ثلاثة، فأخذوه إلى بيت القاضي فسألوا عن القاضي فقيل لهم: إنه في
خلوته، فلما جلسوا قال ذلك الرجل: أنا أرمي بنفسي إلى القاضي في خلوته لعله يفتكر في حالي فركض ودخل على القاضي فوجد غلاما يلوط به فجلس حتى فرغ القاضي وحكى له الحكاية فقال له القاضي: اشرط على نفسك أن لا تحكي بما رأيت وأنا أخلصك من هذه الدعاوى كلها، فشرط له وحلف فخرج القاضي إلى دار القضاء فتقدم اليهودي وقد كان شرط عليه القاضي أن لا ينكر شيئا من الدعاوى فقال اليهودي: أريد أما دراهمي أو رهني مئة مثقال من لحمه، فصدقه الرجل فقال القاضي: خذ واقطع من لحمه مائة مثقال لا تزيد ولا تنقص وإلا فعليك القصاص. فتحير اليهودي ثم قال: أسقطت عنه دعواي عليه، فقال القاضي: ألا كنت أسقطت عنه قبل حضورك دار القضاء، فأخذ منه القاضي مثل الدراهم الذي يطلبها من الرجل وخلّى عنه.
ثم تقدم طالب الدم فأقر الرجل بأنه قتل أباه بالسقوط عليه فقال القاضي:
امص إلى الرجل واضجعه مكان أبيك واسقط عليه من فوق السطح واقتله كما قتل أباك، فتحير الرجل بالسقوط وأنه ربما مات من السقطة فقال: وهبته دم أبي، فقال القاضي: ألا كان ذلك قبل حضور دار القضاء، فأخذ منه القاضي مالا كثيرا وخلّى عنه، فلمّا رأى صاحب الحمار قضية الرجلين أسرع في العدو فقال له القاضي:
إلى أين؟ قال: أتي بشهود يشهدون على أن حماري ما كان له ذنب حتى لا تقضي علي بهذا القضاء.
من مهاترات ابن العربي والغزالي
من عظماء الصوفية: محي الدين بن عربي وذكر في فتوحاته أن إبليس سيد الموحدين، وذلك أن الله سبحانه لما أمره بالسجود لآدم لم يقل أني لم أسجد مطلقا بل أبى عن السجود لبشر مثله مشيرا إلى أنه لا يسجد إلا لله تعالى، على أنه لحظ أن الله سبحانه أراد من سجود الملائكة أنهم إذا اشتغلوا بالسجود علم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء كلها والشيطان أراد أن لا يزيد علم آدم على علمه فلذا لم يسجد حرصا على سماع العلوم الملكوتية، ومن هذا كان أعلم العلماء والملائكة.
وذكر أيضا، أن قوم نوح عليه السّلام حكم عليهم ربهم بأنهم مغرقون يعني في بحر الرحمة وإن نوحا ومن ركب السفينة معه كانوا مبعدين محفوظين عن تلك الرحمة بركوب السفينة فهي سفينة النجاة من الرحمة لا من الهلاك.
أقول: وهذا الزنديق من أعظم مشائخ الصوفية ويستندون إليه في أكثر عقائدهم ويعتمدون على كتبه وما ينقل منه.(2/199)
وذكر أيضا، أن قوم نوح عليه السّلام حكم عليهم ربهم بأنهم مغرقون يعني في بحر الرحمة وإن نوحا ومن ركب السفينة معه كانوا مبعدين محفوظين عن تلك الرحمة بركوب السفينة فهي سفينة النجاة من الرحمة لا من الهلاك.
أقول: وهذا الزنديق من أعظم مشائخ الصوفية ويستندون إليه في أكثر عقائدهم ويعتمدون على كتبه وما ينقل منه.
وأما الغزالي فذكر في الإحياء في باب اللعن فصلا طويلا وقال: إن لعن اليهود وأهل الكتاب لا يجوز مطلقا، نعم يجوز على طريقة الشرط والتقييد ويقول:
لعن الله فلانا اليهودي إن لم يمت على الإسلام، لأن صدور الإسلام منه جائز، بل قال: إن لعن يزيد غير جائز وأنكر قتله للإمام الحسين عليه السّلام قال: وعلى تقدير قتله فلو قتل مسلم مسلما لا يكون القاتل كافرا مع احتمال التوبة من ذلك. وقد نقل عنه ذلك ابن خلكان في تاريخه ومناقب الأعيان ونقلناه نحن عنه في رسالة الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، ثم قال في باب اللعن من كتاب الأحياء:
نعم يجوز اللعن على الرافضة مطلقا من غير شرط لحصول القطع بأن الرافضي لا يتوب ولا يرجع عن مذهبه ورفضه. هذا وبعض أصحابنا توهم رجوعه في آخر عمره إلى مذهب الشيعة واغتر بمقالته التي في كتاب سر العالمين في تحقيق الخلافة، والحق أن تلك العبارة لا تدل على ذلك بل هي مما أظهره الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه من مساوىء مشايخه كما وقع للتفتازاني في شرح المقاصد ولابن أبي الحديد في شرح النهج وللشهرستاني في كتاب الملل والنحل كما نقلناه جميعا في رسالتنا المتقدمة ذكرها نعم كلامه في هذا الكتاب مما يؤذن برجوعه عما كان عليه من النصب الشديد وقت تصنيفه الأحياء، وكلامه في تتمة المقالة المذكورة يشعر بما ذكرناه من بقائه على نصبه ورجوعه عما كان عليه من ذلك التعصب، فراجع ذلك يظهر لك الحال.
أبو السعادات: كان له صاحب انقطع عنه أياما فنسيه بالكتاب فكتب إليه صاحبه:
لا تزر من تحب في كل شهر ... غير يوم ولا تزده عليه
فاجتلاء الهلال في الشهر يوم ... ثم لا تنظر العيون إليه
فقال في جوابه:
إذا حققت من خل ودادا ... فزره ولا تخف منه ملالا
وكن كالشمس تطلع كل يوم ... ولاتك في زيارته هلالا
مشاورة أرسطو على الاسكندر
ذكر الصفدي: أنه لما استولى الاسكندر على ملك فارس كتب إلى أرسطو
يأخذ برأيه في ذلك، فكتب إليه: الرأي أن توزع ممالكهم بينهم وكل من وليته ناحية سمه بالملك وأفرده بملك ناحيته واعقد التاج على تارحه وإن صغر ملكه، فإن المسمى لا يجتمع إلى غيره ثم يقع بينهم تغالب على الملك فيعود حربهم لك حرب بينهم فإن دنوت بينهم دانوا لك وإن نأيت تعززوا بك، وفي ذلك شغل لهم عنك وأمان لأحداثهم بعدك شيئا فلما بلغ الاسكندر ذلك علم أنه الصواب وفرق القوم في الممالك فسموا ملوك الطوائف فيقال: إنهم لم يزالوا برأي أرسطو مختلفين أربعمئة سنة ولم يتنظم لهم أمر.(2/200)
ذكر الصفدي: أنه لما استولى الاسكندر على ملك فارس كتب إلى أرسطو
يأخذ برأيه في ذلك، فكتب إليه: الرأي أن توزع ممالكهم بينهم وكل من وليته ناحية سمه بالملك وأفرده بملك ناحيته واعقد التاج على تارحه وإن صغر ملكه، فإن المسمى لا يجتمع إلى غيره ثم يقع بينهم تغالب على الملك فيعود حربهم لك حرب بينهم فإن دنوت بينهم دانوا لك وإن نأيت تعززوا بك، وفي ذلك شغل لهم عنك وأمان لأحداثهم بعدك شيئا فلما بلغ الاسكندر ذلك علم أنه الصواب وفرق القوم في الممالك فسموا ملوك الطوائف فيقال: إنهم لم يزالوا برأي أرسطو مختلفين أربعمئة سنة ولم يتنظم لهم أمر.
معاهدة المأمون لملوك النصارى
حكى: الصفدي أن المأمون لما هادن بعض ملوك النصارى أظنه صاحب جزيرة قبرص طلب منه خزانة كتب اليونان، وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد، فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك فكلهم أشاروا بعدم تجهيزها إليه إلا عالم واحد منهم قال: جهزوها فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها. وكان الشيخ تقي الدين يقول:
ما أظن أن الله يغفل عن المأمون ولابد أن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها. ويحيى بن خالد البرمكي عرب لأجله كتاب المجسطي من كتب اليونان. والمشهور أن أول من عرب من كتب اليونان خالد بن يزيد بن معاوية لما أولع بكتب الكيمياء.
وللتراجمة في النقل طريقان:
أحدهما: طريق يوحنا بن البطريق وابن ناعمة الحمصي وغيرهما، وهو أن ينظر إلى كل كلمة مفردة من الكلمات اليونانية وما يدل عليه من المعنى فيأتي بلفظه مفردة من الكلمات العربية ترادفها في الدلالة على ذلك فينينها، وينتقل إلى الأخرى كذلك حتى يأتي على جملة ما يريد تعريبه. وهذه الطريقة ردية لوجهين:
أحدهما: أنه لا يوجد في العربية كلمة تقابل جميع الكلمات اليونانية، ولهذا وقع خلال هذا التعريب كثير من الألفاظ اليونانية على حالها.
الثاني: إن خواص التركيب والنسب الإسنادية لا تطابق نظيرها من لغة أخرى دائما وإنما يقع الخلل من جهة استعمال المجازات وهي كثيرة في جميع اللغات.
الطريق الثاني: من التعريب طريق حنين بن إسحاق والجوهري وغيرهما وهو
أن يأتي إلى الجملة فيحصل معناها في ذهنه ويعبر عنها من اللغة الأخرى بكلمة تطابقها سواء ساوتها الألفاظ أو خالفتها. وهذه الطريقة أجود، ولهذا لم يحتج كتب حنين بن إسحاق إلى تهذيب إلا في العلوم الرياضية فأما أوقليدس فقد هذّبه ثابت ابن قرة وكذا المجسطي والمتوسطات بينهما.(2/201)
الطريق الثاني: من التعريب طريق حنين بن إسحاق والجوهري وغيرهما وهو
أن يأتي إلى الجملة فيحصل معناها في ذهنه ويعبر عنها من اللغة الأخرى بكلمة تطابقها سواء ساوتها الألفاظ أو خالفتها. وهذه الطريقة أجود، ولهذا لم يحتج كتب حنين بن إسحاق إلى تهذيب إلا في العلوم الرياضية فأما أوقليدس فقد هذّبه ثابت ابن قرة وكذا المجسطي والمتوسطات بينهما.
قال السيد نعمة الله قدس الله سره في كتابه زهر الربيع بعد نقل ذلك أقول:
أما قبرص فهو عمل من أعمال الجزيرة ومحل من محالها قد شاهدنا آثار قلاعه وعظمة بناءاته، والأظهر أن المراد به هنا بلدة من بلاد الروم. واليونان موضع كان بأرض الروم وبه مدن وقرى كثيرة وكانت منشأ حكم اليونانيين فاستولى عليها الماء، ومن عجائبها أن من حفظ شيئا بتلك الأرض لا ينساه. وحكى التجار أنهم إذا وصلوا ذلك الموضع ذكروا ما غاب عنهم وينسب إليها سقراط أستاذ أفلاطون شهدوا عليه أنه كان يحب الصبيان فقتلوه بالسم وينسب إليها أفلاطون أستاذ أرسطاطاليس كان يقول بالتناسخ.
وحكى أن اسكندر ذهب إليه فكان أفلاطون بشرقة من الشمس قد أسند ظهره إلى حائط فقال له: هل من حاجة؟ فقال: حاجتي أن تزيل عني ظلك فقد منعتني الرفق بالشمس. وينسب إليها أرسطاطاليس ويقال له (المعلم الأول) لأنه نقح علم الحكمة. وينسب إليها بطليموس الذي عرف حركات الأفلاك وينسب إليها بلبياس صاحب الطلسمات. وينسب إليها فيثاغورس صاحب علم عمل الموسيقى زعموا أنه وضع الألحان على أصوات حركات الفلك بذكائه وينسب إليها إقليموس وهو صاحب الفراسة. وينسب إليها أوقليدس واضع علم اعداد الوفق. وينسب إليها بقراط صاحب كليات الطب. وينسب إليها جالينوس.
وهؤلاء الحكماء استغنوا عن متابعة الأنبياء عليهم السّلام بعقولهم وعلومهم العقلية حتى أنه نقل أن أفلاطون قال للمسيح عليه السّلام لما دعاه إلى دينه: أرسلك علة العلل إلى تكميل العقول الناقصة وإرشادهم وأما أنا وأمثالي فلا حاجة بنا إليك.
وأما قول بطريقهم أي عالمهم أنه ما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها فهو كما قال، لأن مبنى تلك العلوم على عقول الفلاسفة المباينة لقواعد الشرائع، وحيث أن علم الفلاسفة علم يميل الطبع إليه يؤثر في النفوس كما هو الواقع منه في هذه الأعصار وما قبلها وأصول مسائله على خلاف ما جاءت به النبوات، مضافا إلى ما وقع في التعريب من الأمور السابقة وأن أكثر المعربين كانوا من علماء النصارى وادخلوا في مسائل الفلسفة وقت التعريب ما أفسد شرائع
الإسلام. ويعجبني كلام بعض المفسرين حيث ذكر في قوله تعالى: {(مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمََّا عَلَّمَكُمُ اللََّهُ)} إن الله سبحانه خلق الكلاب. وجاء في الرواية أنها أحسن المخلوقات وفي الرواية عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لو لم تكن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلبا» ومع ذلك لما ورد الحكم من الله سبحانه بحل ما يقتله الكلب من الصيد أمر بأنكم لا تعلمونهم لأجل الصيد إلا العلم الذي علمك الله تعالى وهو العلم المذكور في كتب الفقهاء ولم يرض لكلب الصيد أن يعلموه ما اخترعته عقولهم، فكيف رضي الحكماء من الفلاسفة وغيرهم أن يعلموا أشرف المخلوقات وهو الإنسان العلم الذي أوجدوه بإنكارهم الفاسدة. على أنك لو تصفحت كلام الأنبياء والأوصياء عليهم السّلام وجدت كلما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه فينقل عنهم في كتب الأخبار ومن أراد أن يدون كتابا مفردا في آداب الكنيف وأحوالها أمكنه ذلك فما سمعنا في خبر من الأخبار باسم الهيولة ولا الصورة ولا العقول العشرة ولا قدم العالم ولا نحو ذلك بل الوارد عنهم عليهم السّلام نقيض هذه الأمور.(2/202)
وأما قول بطريقهم أي عالمهم أنه ما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها فهو كما قال، لأن مبنى تلك العلوم على عقول الفلاسفة المباينة لقواعد الشرائع، وحيث أن علم الفلاسفة علم يميل الطبع إليه يؤثر في النفوس كما هو الواقع منه في هذه الأعصار وما قبلها وأصول مسائله على خلاف ما جاءت به النبوات، مضافا إلى ما وقع في التعريب من الأمور السابقة وأن أكثر المعربين كانوا من علماء النصارى وادخلوا في مسائل الفلسفة وقت التعريب ما أفسد شرائع
الإسلام. ويعجبني كلام بعض المفسرين حيث ذكر في قوله تعالى: {(مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمََّا عَلَّمَكُمُ اللََّهُ)} إن الله سبحانه خلق الكلاب. وجاء في الرواية أنها أحسن المخلوقات وفي الرواية عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لو لم تكن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلبا» ومع ذلك لما ورد الحكم من الله سبحانه بحل ما يقتله الكلب من الصيد أمر بأنكم لا تعلمونهم لأجل الصيد إلا العلم الذي علمك الله تعالى وهو العلم المذكور في كتب الفقهاء ولم يرض لكلب الصيد أن يعلموه ما اخترعته عقولهم، فكيف رضي الحكماء من الفلاسفة وغيرهم أن يعلموا أشرف المخلوقات وهو الإنسان العلم الذي أوجدوه بإنكارهم الفاسدة. على أنك لو تصفحت كلام الأنبياء والأوصياء عليهم السّلام وجدت كلما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه فينقل عنهم في كتب الأخبار ومن أراد أن يدون كتابا مفردا في آداب الكنيف وأحوالها أمكنه ذلك فما سمعنا في خبر من الأخبار باسم الهيولة ولا الصورة ولا العقول العشرة ولا قدم العالم ولا نحو ذلك بل الوارد عنهم عليهم السّلام نقيض هذه الأمور.
مدح الإمام المنتظر للبهائي
لشيخنا البهائي قدس سره في مدح صاحب الأمر صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين.
سرى البرق من نجد فهيج تذكاري ... عهود بحزوى والعذيب وذي قار
وهيج من أشواقنا كل كامن ... وأجج في أحشائنا لاهب النار
إلا يا لييلات الغوير وحاجر ... سقيت بها من هاتن المزن مدار
ويا جيرة بالمازمين خيامهم ... عليكم سلام الله من نازح الدار
خليلي مالي والزمان كأنما ... يطالبني في كل آن بأوتار
فابعد أحبابي واخلي مرابعي ... وأبدلني من كل صفو بأكدار
وعادل بي من كان أقصى حرامه ... من المجد أن يسمو إلى عشر معشار
ألم يدر أني لا أذل لخطبه ... وإن سامني خسفا وأرخص أسعاري
مقامي بفرقد الفرقدين فما الذي ... يؤثره مسعاه في خفض مقداري
وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي ... ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى ... عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري
وأظهر أني مثلهم تستفزني ... صروف الليالي باختلاء وامرار
وإني ضاري القلب مستوفر النهي ... أسر بيسر أو أساء بإعساري
ويضجرني الأمر المهول لقاءه ... ويطربني الشادي بعود ومزمار
ويصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب ... بأسمر خطار وأحور سحار
وإني لأسخي بالدموع لوقفة ... على طلل بال ودارس أحجار
وما علموا أني امرؤ لا يروعني ... توالي الرزايا في عشى وإبكار
إذا دك طود الصبر من وقع حادث ... فطود اصطباري شامخ غير منهار
وخطب يزيل الروع أيسر وقعه ... كؤود كوخز بالأسنة مسعار
تلقيته والحتف دون لقائه ... بقلب وقور في الهزاهز صبار
ووجه طليق لا يمل لقاءه ... وصدر رحيب في ورود وإصدار
ولم أبده كيلا يساء لوقعه ... صديقي ويأسي من تسعره جاري
ومعضلة دهماء لا يهتدى لها ... طريق ولا يهدى إلى ضرها الساري
تشيب النواصي عند حل رموزها ... ويحجم أغوارها كل مغوار
أجلت جياد الفكر في حلباتها ... ووجهت تلقاها صوائب أنظاري
فأبرزت من مستورها كل غامض ... وثقفت منها كل أصور موار
وأضرع للبلوى وأغضي على القذى ... وأرضى بما يرضى به كل خوار
إذا لاوري زندي ولا عز جانبي ... ولا بزغت في قمة المجد أقماري
ولا بل كفي بالسماع أو لا سرت ... بطيب أحاديثي ركايب أخباري
ولا انتشرت في الخافقين فضائلي ... ولا كان في المهدي رائق أشعاري
خليفة رب العالمين وظله ... على ساكني الغبراء من كل ديار
هو العروة الوثقى الذي من بذيله ... تمسك لا يخشى عظائم أوزار
إمام هدى لاذ الزمان بظله ... وألقى إليه الدهر مقواد حوار
ومقتدر لو كلف الصم نطقه ... باجدارها فاهت إليه باجدار
علوم الورى في جنب أبحر علمه ... كغرفة كف أو كغمسّة منقار
فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه ... ولم يغشه عنها سواطع أنوار
رأى حكمة قدسية لا يشوبها ... شوايب أنظار وأدناس أفكار
بإشراقها كل العوالم أشرقت ... لما لاح في الكونين من نورها الساري
إمام الهدى طود النهي منبع الهدى ... وصاحب سر الله في هذه الدار
به العالم السفلي ليسمو ويعتلي ... على العالم العلوي من دون إنكار
ومنه العقول العشر تبغي كمالها ... وليس عليها في التعلم من عار
همام لو السبع الطباق تطابقت ... على نقض ما يقضيه من حكمة الجار
لنكس من أبراجها كل شامخ ... وسكن من أفلاكها كل دوار
ولا انتشرت منه الثوابت خيفة ... وعاف السرافي سورها كل سيار
أبا حجة الله الذي ليس جاريا ... بغير الذي يرضاه سابق أقدار
ويا من مقاليد الزمان بكفه ... وناهيك من مجد به خصه الباري
أغث حوزة الإسلام واعمر ربوعه ... فلم يبق منها غير دارس آثار
وأنقذ كتاب الله من يد عصبة ... عصوا وتمادوا في عتو واضرار
يحيدون عن آياته لرواية ... رواها أبو شعبون عن كعب أحبار
وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا ... باحرائهم تخبيط عشوى معشار
وأنعش قلوبا في انتظارك أقرحت ... واضجرها الأعداء أية إضجار
وخلص عباد الله من كل غاشم ... وطهر بلاد الله من كل كفار
وعجل فداك العالمون بأسرهم ... وبادر على اسم الله من غير أنظار
تجد من جنود الله خير كتائب ... وأكرم أعوان وأشرف أنصار
بهم من بني همدان أخلص فتية ... يخوضون أغمار الوغا غير نكار
بكل شديد البأس عبل شمردل ... إلى الحتف مقدام على الهول مصبار
تحاذره الأبطال في كل موقف ... وترهبه الفرسان في كل مضمار
أيا صفوة الرحمن دونك مدحة ... كدر عقود في ترايب أبكار
يهني ابن هاني إن أتى بنظيرها ... ويعنو لها الطائي من بعد بشار
إليك البهائي الحقير يزفها ... كغانية مياسة القد معطار
تغام إذا قيست لطافة نظمها ... بنفحة أزهار ونسمة أسحار
إذا ردت زادت قبولا كأنها ... أحاديث نجد لا تمل بتكرار(2/203)
سرى البرق من نجد فهيج تذكاري ... عهود بحزوى والعذيب وذي قار
وهيج من أشواقنا كل كامن ... وأجج في أحشائنا لاهب النار
إلا يا لييلات الغوير وحاجر ... سقيت بها من هاتن المزن مدار
ويا جيرة بالمازمين خيامهم ... عليكم سلام الله من نازح الدار
خليلي مالي والزمان كأنما ... يطالبني في كل آن بأوتار
فابعد أحبابي واخلي مرابعي ... وأبدلني من كل صفو بأكدار
وعادل بي من كان أقصى حرامه ... من المجد أن يسمو إلى عشر معشار
ألم يدر أني لا أذل لخطبه ... وإن سامني خسفا وأرخص أسعاري
مقامي بفرقد الفرقدين فما الذي ... يؤثره مسعاه في خفض مقداري
وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي ... ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى ... عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري
وأظهر أني مثلهم تستفزني ... صروف الليالي باختلاء وامرار
وإني ضاري القلب مستوفر النهي ... أسر بيسر أو أساء بإعساري
ويضجرني الأمر المهول لقاءه ... ويطربني الشادي بعود ومزمار
ويصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب ... بأسمر خطار وأحور سحار
وإني لأسخي بالدموع لوقفة ... على طلل بال ودارس أحجار
وما علموا أني امرؤ لا يروعني ... توالي الرزايا في عشى وإبكار
إذا دك طود الصبر من وقع حادث ... فطود اصطباري شامخ غير منهار
وخطب يزيل الروع أيسر وقعه ... كؤود كوخز بالأسنة مسعار
تلقيته والحتف دون لقائه ... بقلب وقور في الهزاهز صبار
ووجه طليق لا يمل لقاءه ... وصدر رحيب في ورود وإصدار
ولم أبده كيلا يساء لوقعه ... صديقي ويأسي من تسعره جاري
ومعضلة دهماء لا يهتدى لها ... طريق ولا يهدى إلى ضرها الساري
تشيب النواصي عند حل رموزها ... ويحجم أغوارها كل مغوار
أجلت جياد الفكر في حلباتها ... ووجهت تلقاها صوائب أنظاري
فأبرزت من مستورها كل غامض ... وثقفت منها كل أصور موار
وأضرع للبلوى وأغضي على القذى ... وأرضى بما يرضى به كل خوار
إذا لاوري زندي ولا عز جانبي ... ولا بزغت في قمة المجد أقماري
ولا بل كفي بالسماع أو لا سرت ... بطيب أحاديثي ركايب أخباري
ولا انتشرت في الخافقين فضائلي ... ولا كان في المهدي رائق أشعاري
خليفة رب العالمين وظله ... على ساكني الغبراء من كل ديار
هو العروة الوثقى الذي من بذيله ... تمسك لا يخشى عظائم أوزار
إمام هدى لاذ الزمان بظله ... وألقى إليه الدهر مقواد حوار
ومقتدر لو كلف الصم نطقه ... باجدارها فاهت إليه باجدار
علوم الورى في جنب أبحر علمه ... كغرفة كف أو كغمسّة منقار
فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه ... ولم يغشه عنها سواطع أنوار
رأى حكمة قدسية لا يشوبها ... شوايب أنظار وأدناس أفكار
بإشراقها كل العوالم أشرقت ... لما لاح في الكونين من نورها الساري
إمام الهدى طود النهي منبع الهدى ... وصاحب سر الله في هذه الدار
به العالم السفلي ليسمو ويعتلي ... على العالم العلوي من دون إنكار
ومنه العقول العشر تبغي كمالها ... وليس عليها في التعلم من عار
همام لو السبع الطباق تطابقت ... على نقض ما يقضيه من حكمة الجار
لنكس من أبراجها كل شامخ ... وسكن من أفلاكها كل دوار
ولا انتشرت منه الثوابت خيفة ... وعاف السرافي سورها كل سيار
أبا حجة الله الذي ليس جاريا ... بغير الذي يرضاه سابق أقدار
ويا من مقاليد الزمان بكفه ... وناهيك من مجد به خصه الباري
أغث حوزة الإسلام واعمر ربوعه ... فلم يبق منها غير دارس آثار
وأنقذ كتاب الله من يد عصبة ... عصوا وتمادوا في عتو واضرار
يحيدون عن آياته لرواية ... رواها أبو شعبون عن كعب أحبار
وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا ... باحرائهم تخبيط عشوى معشار
وأنعش قلوبا في انتظارك أقرحت ... واضجرها الأعداء أية إضجار
وخلص عباد الله من كل غاشم ... وطهر بلاد الله من كل كفار
وعجل فداك العالمون بأسرهم ... وبادر على اسم الله من غير أنظار
تجد من جنود الله خير كتائب ... وأكرم أعوان وأشرف أنصار
بهم من بني همدان أخلص فتية ... يخوضون أغمار الوغا غير نكار
بكل شديد البأس عبل شمردل ... إلى الحتف مقدام على الهول مصبار
تحاذره الأبطال في كل موقف ... وترهبه الفرسان في كل مضمار
أيا صفوة الرحمن دونك مدحة ... كدر عقود في ترايب أبكار
يهني ابن هاني إن أتى بنظيرها ... ويعنو لها الطائي من بعد بشار
إليك البهائي الحقير يزفها ... كغانية مياسة القد معطار
تغام إذا قيست لطافة نظمها ... بنفحة أزهار ونسمة أسحار
إذا ردت زادت قبولا كأنها ... أحاديث نجد لا تمل بتكرار(2/204)
سرى البرق من نجد فهيج تذكاري ... عهود بحزوى والعذيب وذي قار
وهيج من أشواقنا كل كامن ... وأجج في أحشائنا لاهب النار
إلا يا لييلات الغوير وحاجر ... سقيت بها من هاتن المزن مدار
ويا جيرة بالمازمين خيامهم ... عليكم سلام الله من نازح الدار
خليلي مالي والزمان كأنما ... يطالبني في كل آن بأوتار
فابعد أحبابي واخلي مرابعي ... وأبدلني من كل صفو بأكدار
وعادل بي من كان أقصى حرامه ... من المجد أن يسمو إلى عشر معشار
ألم يدر أني لا أذل لخطبه ... وإن سامني خسفا وأرخص أسعاري
مقامي بفرقد الفرقدين فما الذي ... يؤثره مسعاه في خفض مقداري
وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي ... ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى ... عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري
وأظهر أني مثلهم تستفزني ... صروف الليالي باختلاء وامرار
وإني ضاري القلب مستوفر النهي ... أسر بيسر أو أساء بإعساري
ويضجرني الأمر المهول لقاءه ... ويطربني الشادي بعود ومزمار
ويصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب ... بأسمر خطار وأحور سحار
وإني لأسخي بالدموع لوقفة ... على طلل بال ودارس أحجار
وما علموا أني امرؤ لا يروعني ... توالي الرزايا في عشى وإبكار
إذا دك طود الصبر من وقع حادث ... فطود اصطباري شامخ غير منهار
وخطب يزيل الروع أيسر وقعه ... كؤود كوخز بالأسنة مسعار
تلقيته والحتف دون لقائه ... بقلب وقور في الهزاهز صبار
ووجه طليق لا يمل لقاءه ... وصدر رحيب في ورود وإصدار
ولم أبده كيلا يساء لوقعه ... صديقي ويأسي من تسعره جاري
ومعضلة دهماء لا يهتدى لها ... طريق ولا يهدى إلى ضرها الساري
تشيب النواصي عند حل رموزها ... ويحجم أغوارها كل مغوار
أجلت جياد الفكر في حلباتها ... ووجهت تلقاها صوائب أنظاري
فأبرزت من مستورها كل غامض ... وثقفت منها كل أصور موار
وأضرع للبلوى وأغضي على القذى ... وأرضى بما يرضى به كل خوار
إذا لاوري زندي ولا عز جانبي ... ولا بزغت في قمة المجد أقماري
ولا بل كفي بالسماع أو لا سرت ... بطيب أحاديثي ركايب أخباري
ولا انتشرت في الخافقين فضائلي ... ولا كان في المهدي رائق أشعاري
خليفة رب العالمين وظله ... على ساكني الغبراء من كل ديار
هو العروة الوثقى الذي من بذيله ... تمسك لا يخشى عظائم أوزار
إمام هدى لاذ الزمان بظله ... وألقى إليه الدهر مقواد حوار
ومقتدر لو كلف الصم نطقه ... باجدارها فاهت إليه باجدار
علوم الورى في جنب أبحر علمه ... كغرفة كف أو كغمسّة منقار
فلو زار أفلاطون أعتاب قدسه ... ولم يغشه عنها سواطع أنوار
رأى حكمة قدسية لا يشوبها ... شوايب أنظار وأدناس أفكار
بإشراقها كل العوالم أشرقت ... لما لاح في الكونين من نورها الساري
إمام الهدى طود النهي منبع الهدى ... وصاحب سر الله في هذه الدار
به العالم السفلي ليسمو ويعتلي ... على العالم العلوي من دون إنكار
ومنه العقول العشر تبغي كمالها ... وليس عليها في التعلم من عار
همام لو السبع الطباق تطابقت ... على نقض ما يقضيه من حكمة الجار
لنكس من أبراجها كل شامخ ... وسكن من أفلاكها كل دوار
ولا انتشرت منه الثوابت خيفة ... وعاف السرافي سورها كل سيار
أبا حجة الله الذي ليس جاريا ... بغير الذي يرضاه سابق أقدار
ويا من مقاليد الزمان بكفه ... وناهيك من مجد به خصه الباري
أغث حوزة الإسلام واعمر ربوعه ... فلم يبق منها غير دارس آثار
وأنقذ كتاب الله من يد عصبة ... عصوا وتمادوا في عتو واضرار
يحيدون عن آياته لرواية ... رواها أبو شعبون عن كعب أحبار
وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا ... باحرائهم تخبيط عشوى معشار
وأنعش قلوبا في انتظارك أقرحت ... واضجرها الأعداء أية إضجار
وخلص عباد الله من كل غاشم ... وطهر بلاد الله من كل كفار
وعجل فداك العالمون بأسرهم ... وبادر على اسم الله من غير أنظار
تجد من جنود الله خير كتائب ... وأكرم أعوان وأشرف أنصار
بهم من بني همدان أخلص فتية ... يخوضون أغمار الوغا غير نكار
بكل شديد البأس عبل شمردل ... إلى الحتف مقدام على الهول مصبار
تحاذره الأبطال في كل موقف ... وترهبه الفرسان في كل مضمار
أيا صفوة الرحمن دونك مدحة ... كدر عقود في ترايب أبكار
يهني ابن هاني إن أتى بنظيرها ... ويعنو لها الطائي من بعد بشار
إليك البهائي الحقير يزفها ... كغانية مياسة القد معطار
تغام إذا قيست لطافة نظمها ... بنفحة أزهار ونسمة أسحار
إذا ردت زادت قبولا كأنها ... أحاديث نجد لا تمل بتكرار
معارضة الخطي قصيدة البهائي
نقل أنه لما دخل الشيخ جعفر الخطي رحمه الله أصبهان اجتمع بالشيخ بهاء الدين رحمه الله وعرض عليه أدبه فاقترح عليه الشيخ معارضة قصيدته الرائية المذكورة هنا، ونقل أن الشيخ رحمه الله قال له: قد أمهلتك شهرا، فقال الشيخ جعفر رحمه الله: بل يوما بل في مجلسي هذا، فاعتزل ناحية وأنشأ هذه القصيدة البديعة في غاية الجودة وهي:
هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري ... فسقيا فأجدى الدمع ما كان للدار
ولا تضتضع دمعا تريق مصونه ... لعزته ما بين نويا وأحجار
فأنت امرؤ بالأمس قد كنت جارها ... وللجار حق قد علمت على الجار
عشوت إلى اللذات فيها على سنى ... سناء شموس ما يغبن وأقمار
فأصبحت قد أنفقت أطيب ما مضى ... من العمر فيها بين عون وإبكار
نواصع بيض لو أفضين على الدجى ... سناهن لاستغنى عن الأنجم الساري
حرائر يبصون الأصول بأوجه ... تغص بأمواه النضارة أحرار
معاطير لم تغمس يد في لطيمة ... لهن ولا استعبقن جونة عطار
أبحنك ممنوع الوصال نوازلا ... على حكم ناه كيف شاء وأمار
إذا بتّ تستسقي الثغور مدامة ... أتتك فحيتك الخدود بأزهار
أموسم لذاتي وسوق مآربي ... ومجني لباناتي ومنهب أوطاري
سقتك برغم المحل أخلاق مزنة ... تلف إذا جاشت سهولا بأوعار
وفج كما شاء المجال حشوته ... بعزمة عواد على الهول كرار
تمرس بالأسفار حتى تركنه ... لدقته كالقدح أرهفه الباري
إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى ... إلى معشر بيض أماجد أخيار
ومضطلع بالفضل زر قميصه ... على كنز أثار وعيبة أسرار
سمي النبي المصطفى وأمينه ... على الدين في إيراد حكم وإصدار
به قام بعد الميل وانتصبت به ... دعائم قد كانت على جرف هار
فلما أناخت بي على باب داره ... مطاياي لم أذمم مغبة أسفاري
نزلت بمعشى الرواقين داره ... مثابة طواف وكعبة زوار
فكان نزولي إذ نزلت بمغدق ... على المجد فصل البرد عار من العار
أساغ على رغم الحوادث مشربي ... وأعذب ورد العيش لي بعد امرار
وأنقذني من قبضة الدهر بعدما ... ألح بأنياب علي وأظفار
جهلت على معروف فضلي فلم يكن ... سواه من الأقوام يعرف مقداري
ولما انتهى في الإنشاد إلى هذا البيت قال الشيخ له وأشار إلى جماعة من سادات البحرين وأعيانهم وكانوا عنده: «وهؤلاء يعرفون قدرك إن شاء الله تعالى».(2/205)
هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري ... فسقيا فأجدى الدمع ما كان للدار
ولا تضتضع دمعا تريق مصونه ... لعزته ما بين نويا وأحجار
فأنت امرؤ بالأمس قد كنت جارها ... وللجار حق قد علمت على الجار
عشوت إلى اللذات فيها على سنى ... سناء شموس ما يغبن وأقمار
فأصبحت قد أنفقت أطيب ما مضى ... من العمر فيها بين عون وإبكار
نواصع بيض لو أفضين على الدجى ... سناهن لاستغنى عن الأنجم الساري
حرائر يبصون الأصول بأوجه ... تغص بأمواه النضارة أحرار
معاطير لم تغمس يد في لطيمة ... لهن ولا استعبقن جونة عطار
أبحنك ممنوع الوصال نوازلا ... على حكم ناه كيف شاء وأمار
إذا بتّ تستسقي الثغور مدامة ... أتتك فحيتك الخدود بأزهار
أموسم لذاتي وسوق مآربي ... ومجني لباناتي ومنهب أوطاري
سقتك برغم المحل أخلاق مزنة ... تلف إذا جاشت سهولا بأوعار
وفج كما شاء المجال حشوته ... بعزمة عواد على الهول كرار
تمرس بالأسفار حتى تركنه ... لدقته كالقدح أرهفه الباري
إلى ماجد يعزى إذا انتسب الورى ... إلى معشر بيض أماجد أخيار
ومضطلع بالفضل زر قميصه ... على كنز أثار وعيبة أسرار
سمي النبي المصطفى وأمينه ... على الدين في إيراد حكم وإصدار
به قام بعد الميل وانتصبت به ... دعائم قد كانت على جرف هار
فلما أناخت بي على باب داره ... مطاياي لم أذمم مغبة أسفاري
نزلت بمعشى الرواقين داره ... مثابة طواف وكعبة زوار
فكان نزولي إذ نزلت بمغدق ... على المجد فصل البرد عار من العار
أساغ على رغم الحوادث مشربي ... وأعذب ورد العيش لي بعد امرار
وأنقذني من قبضة الدهر بعدما ... ألح بأنياب علي وأظفار
جهلت على معروف فضلي فلم يكن ... سواه من الأقوام يعرف مقداري
ولما انتهى في الإنشاد إلى هذا البيت قال الشيخ له وأشار إلى جماعة من سادات البحرين وأعيانهم وكانوا عنده: «وهؤلاء يعرفون قدرك إن شاء الله تعالى».
على أنه لم يبق في ما أظنه ... من الأرض شبر لم تطبقه أخباري
ولا عزوفا لاكسير أكبر شهرة ... وما زال من جهل به تحت أستار
متى بل بي كف فليس بأسيف ... على درهم إن لم ينله ودينار
فيا ابن الأولى أثنى الوصي عليهم ... بما ليس تثني وجهه يد إنكاري
بصفين إن لم يلف من أوليائه ... وقد عض ناب الوغا غير فرار
وأبصر منهم جن حرب تهافتوا ... على الموت اسراع الفراش على النار
سراعا إلى داعي الحروب يرونها ... على شربها الأعمار مورد إعماري
أطاروا غمود البيض واتكلوا على ... مفارق قوم فارقوا الحق فجار
وأرسوا وقد لاؤوا على الركب الحبي ... بروكا كهدي أبركوه لجزار
فقال وقد طابت هنالك نفسه ... رضى وأقروا عينه أي إقرار
فلو كنت بوابا على باب جنة ... كما أفصحت عنه صحيحات آثار
يشير بذلك إلى همدان وهي قبيلة من اليمن إليهم ينتهي نسب الممدوح، وكانوا قد أبلوا يوم صفين بلاء حسنا فروى أنهم في بعض أيامها حين اشتجر القتل ورأوا فرار الناس عمدوا إلى عمود سيوفهم فكسروها وعقلوا أنفسهم بعمائمهم وجثوا للركب وبركوا للقتل فقال فيهم أمير المؤمنين عليه السّلام:(2/206)
على أنه لم يبق في ما أظنه ... من الأرض شبر لم تطبقه أخباري
ولا عزوفا لاكسير أكبر شهرة ... وما زال من جهل به تحت أستار
متى بل بي كف فليس بأسيف ... على درهم إن لم ينله ودينار
فيا ابن الأولى أثنى الوصي عليهم ... بما ليس تثني وجهه يد إنكاري
بصفين إن لم يلف من أوليائه ... وقد عض ناب الوغا غير فرار
وأبصر منهم جن حرب تهافتوا ... على الموت اسراع الفراش على النار
سراعا إلى داعي الحروب يرونها ... على شربها الأعمار مورد إعماري
أطاروا غمود البيض واتكلوا على ... مفارق قوم فارقوا الحق فجار
وأرسوا وقد لاؤوا على الركب الحبي ... بروكا كهدي أبركوه لجزار
فقال وقد طابت هنالك نفسه ... رضى وأقروا عينه أي إقرار
فلو كنت بوابا على باب جنة ... كما أفصحت عنه صحيحات آثار
يشير بذلك إلى همدان وهي قبيلة من اليمن إليهم ينتهي نسب الممدوح، وكانوا قد أبلوا يوم صفين بلاء حسنا فروى أنهم في بعض أيامها حين اشتجر القتل ورأوا فرار الناس عمدوا إلى عمود سيوفهم فكسروها وعقلوا أنفسهم بعمائمهم وجثوا للركب وبركوا للقتل فقال فيهم أمير المؤمنين عليه السّلام:
لهمدان أخلاق ودين يزينها ... وبأس إذا لاقوا وحسن كلام
ولو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
وقال علي عليه السّلام يوم الجمل: «لو تمت عدتهم ألفا لعبد الله حق عبادته» وكان إذا رآهم تمثل بقول الشاعر:
ناديت همدان والأبواب مغلقة ... ومثل همدان سنى فتحة الباب
كالهندواني لم تفلل مضاربه ... وجه جميل وقلب غير وجاب
منها:
لا ثفلت ظهري بالصنيع فلم أكن ... أبواء بأعباء ثقلن وأوقاري
وروضت فكري بعدما صح بنته ... بمنعبق من ماء فضلك مدرار
وكلفتني جريا وراءك بعدما ... بلغت مكانا دونه يقف الجاري
فجشمتنيها خطة لا ينالها ... توثب مستوف الجناحين طيار
وأين مجاراة السكيت مجليا ... تناول سوء السبق في كل مضمار
وألزمتني مدح امرىء لو مدحته ... بشعر بني حوا ودع عنك أشعاري
لقصرت عن مقدار ما يستحقه ... علاه فإقلالي سواء وإكثاري
إمام هدى طهر نقي إذا انتهى ... إلى سادة عن الشمائل أطهار
وبر لبر ما نسبت فصاعدا ... إلى آدم لم ينمه غير إبرار
ومنتظر ما أخر الله وقته ... لشي سوى إبراز حق وإظهار
له عزمة تثني القضاء وهمة ... تؤلف بين الشاة والأسد الضار
وغصب أغبته الغمود وينتضي ... لإدراك ثارات سبقن وأوتار
أبا القاسم انهض واشف غل عصابة ... قضى وطرا من ظلمها كل كفار
إلام وحتام المنى وانتظارنا ... سحائب قد ظللنا دون أمطار
ذوت نظرة الصبر الجميل وآذنت ... بيأس لإهمال تمادى وأنظار
ابح حرم الجور المنيع جنابه ... بجر خميس يملأ الأرض جرار
به كل مسجور العزيمة مظهر ... على خشية الجبار هيبة جبار
إذا انحطم الرمح انتضى السيف مغمدا ... لاسمر عمال وأبيض بتار
أزرتك مئزر الثناء فلم يكن ... جزائي على مقدار شعري ومقداري
ودونكما عذراء لم يجل مثلها ... على أحد إلاك أسار أفكاري
ولا زال تسليم المهيمن واصلا ... إليك به يسري عشيا وأبكاري
قال الغنوي وهو منشد الخطي وروايته: أنه لما فرغ من إنشاد القصيدة المذكورة على الشيخ بهاء الدين قدس الله سره كتب الشيخ قدس سره عليها مقرظا: أيها الأخ الأعز الفاضل الألمعي بدر سماء أدباء الأعصار وغرة سيماء بلغاء الأمصار أيم الله إني كلما سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء ورويت رائد الفكر في حياض خريدتك الغدراء زاد بها ولوعي وهيامي واشتد إليها ولهي وأرامي فكأنما عناها من قال:(2/207)
لا ثفلت ظهري بالصنيع فلم أكن ... أبواء بأعباء ثقلن وأوقاري
وروضت فكري بعدما صح بنته ... بمنعبق من ماء فضلك مدرار
وكلفتني جريا وراءك بعدما ... بلغت مكانا دونه يقف الجاري
فجشمتنيها خطة لا ينالها ... توثب مستوف الجناحين طيار
وأين مجاراة السكيت مجليا ... تناول سوء السبق في كل مضمار
وألزمتني مدح امرىء لو مدحته ... بشعر بني حوا ودع عنك أشعاري
لقصرت عن مقدار ما يستحقه ... علاه فإقلالي سواء وإكثاري
إمام هدى طهر نقي إذا انتهى ... إلى سادة عن الشمائل أطهار
وبر لبر ما نسبت فصاعدا ... إلى آدم لم ينمه غير إبرار
ومنتظر ما أخر الله وقته ... لشي سوى إبراز حق وإظهار
له عزمة تثني القضاء وهمة ... تؤلف بين الشاة والأسد الضار
وغصب أغبته الغمود وينتضي ... لإدراك ثارات سبقن وأوتار
أبا القاسم انهض واشف غل عصابة ... قضى وطرا من ظلمها كل كفار
إلام وحتام المنى وانتظارنا ... سحائب قد ظللنا دون أمطار
ذوت نظرة الصبر الجميل وآذنت ... بيأس لإهمال تمادى وأنظار
ابح حرم الجور المنيع جنابه ... بجر خميس يملأ الأرض جرار
به كل مسجور العزيمة مظهر ... على خشية الجبار هيبة جبار
إذا انحطم الرمح انتضى السيف مغمدا ... لاسمر عمال وأبيض بتار
أزرتك مئزر الثناء فلم يكن ... جزائي على مقدار شعري ومقداري
ودونكما عذراء لم يجل مثلها ... على أحد إلاك أسار أفكاري
ولا زال تسليم المهيمن واصلا ... إليك به يسري عشيا وأبكاري
قال الغنوي وهو منشد الخطي وروايته: أنه لما فرغ من إنشاد القصيدة المذكورة على الشيخ بهاء الدين قدس الله سره كتب الشيخ قدس سره عليها مقرظا: أيها الأخ الأعز الفاضل الألمعي بدر سماء أدباء الأعصار وغرة سيماء بلغاء الأمصار أيم الله إني كلما سرحت بريد نظري في رياض قصيدتك الغراء ورويت رائد الفكر في حياض خريدتك الغدراء زاد بها ولوعي وهيامي واشتد إليها ولهي وأرامي فكأنما عناها من قال:
قصيدتك الغراء يا فرد دهره ... تنوب عن الماء الزلال لمن يظمى
فنودي متى نروي بدايع لفظها ... ونظمى إذا لم نزر يوما لها نظمي
ولعمري لا أراك إلا آخذا بأزمة أوابد اللسن تقودها حيث أردت وتوردها أنّى شئت وارتدت حتى كأن الألفاظ تتحاسد على التسابق على لسانك والمعاني تتغاير في الامتثال على جنابك. وكتب المحب الاخلاصي بهاء الدين العاملي محمد.
مدح الشيخ عيسى للشيخ جعفر البحراني
قال الشيخ عيسى بن صالح بن عصفور الدرازي يمدح بها الشيخ العلامة الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني يوم كان في الهند، وقد وفد عليه فأجازه جائزة سنية، وهذا الشيخ هو عم جدي الشيخ إبراهيم بن الحاج أحمد بن صالح ابن عصفور:
الهند بعد صلاة الليل في القدم ... يا ضيعة العمر بل يا زلة القدم
وبعد تعفير خد وابتهال يد ... بين الحطيم وبين الحجر والحرم
وبعدما عرفت واستشعرت ورمت ... وأثرت في منى من أعظم النعم
وبعدما وقفت واستأذنت ودنت ... من حجرة حل فيها أفضل الأمم
وبعد ما عطرت بالعفو تربتها ... في داره بين طواف ومستلم
وبعدما جددت عقد الولاء لمن ... حل البقيع ونالت أوفر القسم
وبعدما غسلت أدرانها ونقت ... أديانها رجعت بالخسر والندم
تبا لها يا لها من حالها غفلت ... أم ساقها ما جرى في اللوح والقلم
قالت لدي حديث إن صغوت له ... كفيت من خطرات الهم والألم
فكن لما أنت لا ترجو على ثقة ... وما رجوت له فاعزب ولا تقم
فرب طالب نار جاء مصطليا ... ورب طالب سحر جاء بالسلم
إني لأوردك الكهف الذي قصرت ... عن دون محتده الأملاك في القدم
أرح الأعنة طوبى إن ظفرت به ... يغنيك عن عوض منسي وبي بهم
وعن شيتا وعن أم الخشيب وعن فيض ... المدامع والدلماء والقرم
فقلت من ذا فقالت جعفر فغدا ... يسوقني الشوق للمستكمل الشيم
حتى أنخت بواديه الكريم فيا ... بشرى لما وفق الرحمن في القسم
رأيت شخصا كأن الله قلده ... أعباء وحي تلاها الروح بالحكم
فتى إذا المرء عاداه الزمان دعا ... بجاهه جاءه في جملة الخدم
ابن الأكابر والسادات من هجر ... شم الأنوف سقاه المحل بالديم
أعطى الإله يمينا في خلائقه ... أن لا يقل ولا يلوي لها بفم
أمسى يمير عشار المزن وابله ... ليضحك البحر والأشجار في الأجم
فكنت لأفواهها الأصداف من علمت ... بوبله فغدت باللؤلؤ الرخم
مست يدي حاتم يمناه فافتخرت ... في صلب آدم بين الماء والأدم
لا غرو إن أخجل الأنواء نائله ... فالأرض لولا نكا جدواه لم يقم
شمس بلا كسف بدر بلا كلف ... بحر بلا تلف قد فاض بالنعم
أضحت إليه وفود الركب شاكرة ... والنوق شاكية والسفن في اليمم
وافيته فسمعت الجود ينشدني ... من أم باب جواد فاء بالنعم
أبواب غيرك ما فيها لنا ارب ... ولا لغيرك تثني العيس بالرمم
أسدي إليك يد سر البنين بها ... وأدخل الروح للآباء في الرمم
خذ يا أخا الدهر فيما سدت محمدة ... فأبعد الله من لم يجز بالنعم
صلى الإله على المبعوث من مضر ... وآله ما حدا الحادي بذي سلم
وأشار بقوله في صدر القصيدة «في القدم» إلى مسجد كان يصلي فيه صلاة الليل في قرية الدراز، وبقوله «يغنيك عن عوض منسى» وما بعده إلى مواضع في
البحر يغوصونها أهل البحر من البحرين إذ كان مدار أهل البحرين سيما طائفة الشيخ المذكور على الغوص.(2/208)
الهند بعد صلاة الليل في القدم ... يا ضيعة العمر بل يا زلة القدم
وبعد تعفير خد وابتهال يد ... بين الحطيم وبين الحجر والحرم
وبعدما عرفت واستشعرت ورمت ... وأثرت في منى من أعظم النعم
وبعدما وقفت واستأذنت ودنت ... من حجرة حل فيها أفضل الأمم
وبعد ما عطرت بالعفو تربتها ... في داره بين طواف ومستلم
وبعدما جددت عقد الولاء لمن ... حل البقيع ونالت أوفر القسم
وبعدما غسلت أدرانها ونقت ... أديانها رجعت بالخسر والندم
تبا لها يا لها من حالها غفلت ... أم ساقها ما جرى في اللوح والقلم
قالت لدي حديث إن صغوت له ... كفيت من خطرات الهم والألم
فكن لما أنت لا ترجو على ثقة ... وما رجوت له فاعزب ولا تقم
فرب طالب نار جاء مصطليا ... ورب طالب سحر جاء بالسلم
إني لأوردك الكهف الذي قصرت ... عن دون محتده الأملاك في القدم
أرح الأعنة طوبى إن ظفرت به ... يغنيك عن عوض منسي وبي بهم
وعن شيتا وعن أم الخشيب وعن فيض ... المدامع والدلماء والقرم
فقلت من ذا فقالت جعفر فغدا ... يسوقني الشوق للمستكمل الشيم
حتى أنخت بواديه الكريم فيا ... بشرى لما وفق الرحمن في القسم
رأيت شخصا كأن الله قلده ... أعباء وحي تلاها الروح بالحكم
فتى إذا المرء عاداه الزمان دعا ... بجاهه جاءه في جملة الخدم
ابن الأكابر والسادات من هجر ... شم الأنوف سقاه المحل بالديم
أعطى الإله يمينا في خلائقه ... أن لا يقل ولا يلوي لها بفم
أمسى يمير عشار المزن وابله ... ليضحك البحر والأشجار في الأجم
فكنت لأفواهها الأصداف من علمت ... بوبله فغدت باللؤلؤ الرخم
مست يدي حاتم يمناه فافتخرت ... في صلب آدم بين الماء والأدم
لا غرو إن أخجل الأنواء نائله ... فالأرض لولا نكا جدواه لم يقم
شمس بلا كسف بدر بلا كلف ... بحر بلا تلف قد فاض بالنعم
أضحت إليه وفود الركب شاكرة ... والنوق شاكية والسفن في اليمم
وافيته فسمعت الجود ينشدني ... من أم باب جواد فاء بالنعم
أبواب غيرك ما فيها لنا ارب ... ولا لغيرك تثني العيس بالرمم
أسدي إليك يد سر البنين بها ... وأدخل الروح للآباء في الرمم
خذ يا أخا الدهر فيما سدت محمدة ... فأبعد الله من لم يجز بالنعم
صلى الإله على المبعوث من مضر ... وآله ما حدا الحادي بذي سلم
وأشار بقوله في صدر القصيدة «في القدم» إلى مسجد كان يصلي فيه صلاة الليل في قرية الدراز، وبقوله «يغنيك عن عوض منسى» وما بعده إلى مواضع في
البحر يغوصونها أهل البحر من البحرين إذ كان مدار أهل البحرين سيما طائفة الشيخ المذكور على الغوص.(2/209)
الهند بعد صلاة الليل في القدم ... يا ضيعة العمر بل يا زلة القدم
وبعد تعفير خد وابتهال يد ... بين الحطيم وبين الحجر والحرم
وبعدما عرفت واستشعرت ورمت ... وأثرت في منى من أعظم النعم
وبعدما وقفت واستأذنت ودنت ... من حجرة حل فيها أفضل الأمم
وبعد ما عطرت بالعفو تربتها ... في داره بين طواف ومستلم
وبعدما جددت عقد الولاء لمن ... حل البقيع ونالت أوفر القسم
وبعدما غسلت أدرانها ونقت ... أديانها رجعت بالخسر والندم
تبا لها يا لها من حالها غفلت ... أم ساقها ما جرى في اللوح والقلم
قالت لدي حديث إن صغوت له ... كفيت من خطرات الهم والألم
فكن لما أنت لا ترجو على ثقة ... وما رجوت له فاعزب ولا تقم
فرب طالب نار جاء مصطليا ... ورب طالب سحر جاء بالسلم
إني لأوردك الكهف الذي قصرت ... عن دون محتده الأملاك في القدم
أرح الأعنة طوبى إن ظفرت به ... يغنيك عن عوض منسي وبي بهم
وعن شيتا وعن أم الخشيب وعن فيض ... المدامع والدلماء والقرم
فقلت من ذا فقالت جعفر فغدا ... يسوقني الشوق للمستكمل الشيم
حتى أنخت بواديه الكريم فيا ... بشرى لما وفق الرحمن في القسم
رأيت شخصا كأن الله قلده ... أعباء وحي تلاها الروح بالحكم
فتى إذا المرء عاداه الزمان دعا ... بجاهه جاءه في جملة الخدم
ابن الأكابر والسادات من هجر ... شم الأنوف سقاه المحل بالديم
أعطى الإله يمينا في خلائقه ... أن لا يقل ولا يلوي لها بفم
أمسى يمير عشار المزن وابله ... ليضحك البحر والأشجار في الأجم
فكنت لأفواهها الأصداف من علمت ... بوبله فغدت باللؤلؤ الرخم
مست يدي حاتم يمناه فافتخرت ... في صلب آدم بين الماء والأدم
لا غرو إن أخجل الأنواء نائله ... فالأرض لولا نكا جدواه لم يقم
شمس بلا كسف بدر بلا كلف ... بحر بلا تلف قد فاض بالنعم
أضحت إليه وفود الركب شاكرة ... والنوق شاكية والسفن في اليمم
وافيته فسمعت الجود ينشدني ... من أم باب جواد فاء بالنعم
أبواب غيرك ما فيها لنا ارب ... ولا لغيرك تثني العيس بالرمم
أسدي إليك يد سر البنين بها ... وأدخل الروح للآباء في الرمم
خذ يا أخا الدهر فيما سدت محمدة ... فأبعد الله من لم يجز بالنعم
صلى الإله على المبعوث من مضر ... وآله ما حدا الحادي بذي سلم
وأشار بقوله في صدر القصيدة «في القدم» إلى مسجد كان يصلي فيه صلاة الليل في قرية الدراز، وبقوله «يغنيك عن عوض منسى» وما بعده إلى مواضع في
البحر يغوصونها أهل البحر من البحرين إذ كان مدار أهل البحرين سيما طائفة الشيخ المذكور على الغوص.
وهذا الشيخ الممدوح عطر الله مرقده كان علما علامة فقيها محدثا نحويا عروضيا قارئا، وكان في البحرين فضاقت به المعيشة هو والشيخ العالم الشيخ صالح بن عبد الكريم الكزركاني البحراني فخرجا من البحرين معا واستوطنا دار العلم شيراز مدة ثم اتفق رأيهما على أن يمضي أحدهما إلى ديار الهند والآخر يقيم بولاية إيران وأيهما آثر وإلا يمد الآخر بالمال منه، فسافر الشيخ جعفر بن كمال الدين قدس الله سره إلى ديار الهند واستوطن حيدر آباد وبقي الشيخ صالح في شيراز فبعد وقت يسير ارتفع شأن كل منهما في محله وصار هو المشار إليه بالبنان من بين من فيها من الأجلاء والأعيان، ولنا إليهما قدس الله سرهما طرق في الإجازة منهما وهما يرويان عن جملة من الأعلام منهم السيد نور الدين أخ السيد محمد صاحب المدارك وغيره. والشيخ جعفر المشار إليه من جملة مشايخ السيد نعمة الله الجزائري قدس سره.
قصة الجارية وابنتها وزوجها
روى البيهقي عن ذي النون المصري قال: كنت في الطواف وإذا أنا بجاريتين قد أقبلتا وأنشأت إحداهما تقول:
صبرت وكان الصبر خير معيشة ... وهل جزع مني بمجد فأجزع
صبرت على ما لو تحمل بعضه ... جبال برضوى أصبحت تتصدع
ملكت دموع العين ثم رددتها ... إلى ناظري فالعين في القلب تدمع
فقلت: ممّ ذا يا جارية؟ قالت: من مصيبة نالتني لم تصب أحد قط. فقلت:
وما هي؟ قالت: كان لي شبلان يلعبان أمامي وكان أبوهما ضحى لهما بكبشين فقال أحدهما لأخيه: يا أخي أريك كيف ضحى أبوك بكبشه؟ فقام وأخذ شفرة فنحره وهرب القائل، فدخل أبوهما فقلت: إن ابنك قتل أخاه وهرب فخرج في طلبه فوجده قد افترسه السبع، فرجع الأب فمات في الطريق عطشا وجوعا.
للشيخ جعفر الخطي المادح عفا الله عنه بمنه وكرمه:
يا مسرعا للجحيم علك أن ... تسأل فيها المزنم ابن حجر
هل أحرقت غيره صواعقه ... لو ألقمت مثله العين حجر(2/210)
يا مسرعا للجحيم علك أن ... تسأل فيها المزنم ابن حجر
هل أحرقت غيره صواعقه ... لو ألقمت مثله العين حجر
مدح الأزري لسلمان الفارسي وحذيفة اليماني
مما قاله محمد كاظم الأزري في مدح سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان (رض):
بين وادي النقي وبين المصلى ... زمن مراحبل برش ما ألذ وأحلا
إن يوم اللقى لأعظم يوم ... جلبته لنا المنى فاستهلا
حي ذاك المحل من حي نعم ... طاب ما كان بالنعيم محلا
فانثنى ذلك الزمان زمان ... وذاك المحل جذبا ومحلا
لا تلم بالسواد صحيف الليالي ... خط في لوحها القضاء فأملى
قم بنا نسأل الفلا والمطايا ... كيف نيل العلا وأين استقلا
إن أيدي النياق أذرع عز ... تذرع الحادثات حزنا وسهلا
كيف ترجي الحياة لولا المعالي ... وإذا الروح فارق الجسم ولى
خلها في السرى تمد خطاها ... فعساها ترى الثريا محلا
يترامى بها إلى خير واد ... ذاك شوق يصحه من أعلا
لا تلمها في تركها كل مرعى ... من يرى نجد إن يجد عنه شغلا
إن براها السرى فحل براها ... لبست عقد عزمة لن تحلا
شامت البارق الإلهي وهنا ... فترامت كأنما هي ثكلا
أخذتها تلك المطامع حتى ... عقلتها تلك الأشعة عقلا
وبدا خير طالع من معالي ... خادم المصطفى فأهلا وسهلا
نور علم لا يمتري الظن فيه ... إنه الشمس بل أجل وأعلا
ويقول النبي سلمان منا ... شرف يحتذى من الشمس نعلا
أحدقت في الوجود منه أمور ... بالغات غدا الدهر طفلا
صيرت ذاته العيوب حيارى ... ليس تدري أصدره اللوح أم لا
حل منه النهى بتمثال لطف ... كان بالجوهر الربوبي شكلا
كلما حاولت مني راحتيه ... غصن أكرومة دنا فتدلى
ذاك وروح القدس الذي مذ حوته ... هيكل الدهر كان للدهر مثلا
جوهر لو يقاس بالجوهر الفرد ... علاه لكان أعلى وأغلا
هيكل طلسمته أيدي المعالي ... فخشت جانبي هيولاه فضلا
بأبي ناظر بمرآة علم ... أوجه الغيب دونها تتجلى
بأبي من له المعالي تخلت ... مخلصات وللمعالي تخلى
بأبي الماجد الذي اتخذته ... كل بكر من الفضائل بعلا
يا أخا المكرمات إن ذنوبي ... حملتني إلى معادي ثقلا
إن تكن شافعي فغير عجيب ... أنت يا سيد المشفع أولى
من معيني على مدائح ندب ... صح عنه الكمال نقلا وعقلا
وأخيه الفتى حذيفة لا ير ... هج قولا ولا يرنق فعلا
وأمين النبي في كل سر ... كان للمخبر الإلهي أهلا
قد رمى في الحشا لحاظا صحاحا ... فأصابت هادي الورى والمضلا
كيف يطوي النفاق أهلوه عن من ... حشى العلم فيه حاشا وكلا
لحظت مقلة الشجاعة منه ... أسد لم يزل له الموت شبلا
سيد يلتقي صدور المعالي ... مثلما تلتقي الجواهر وبلا
سل قنا الخط أو ضيا الهند عنه ... تلق عز الدنيا بكفيه ذلا(2/211)
بين وادي النقي وبين المصلى ... زمن مراحبل برش ما ألذ وأحلا
إن يوم اللقى لأعظم يوم ... جلبته لنا المنى فاستهلا
حي ذاك المحل من حي نعم ... طاب ما كان بالنعيم محلا
فانثنى ذلك الزمان زمان ... وذاك المحل جذبا ومحلا
لا تلم بالسواد صحيف الليالي ... خط في لوحها القضاء فأملى
قم بنا نسأل الفلا والمطايا ... كيف نيل العلا وأين استقلا
إن أيدي النياق أذرع عز ... تذرع الحادثات حزنا وسهلا
كيف ترجي الحياة لولا المعالي ... وإذا الروح فارق الجسم ولى
خلها في السرى تمد خطاها ... فعساها ترى الثريا محلا
يترامى بها إلى خير واد ... ذاك شوق يصحه من أعلا
لا تلمها في تركها كل مرعى ... من يرى نجد إن يجد عنه شغلا
إن براها السرى فحل براها ... لبست عقد عزمة لن تحلا
شامت البارق الإلهي وهنا ... فترامت كأنما هي ثكلا
أخذتها تلك المطامع حتى ... عقلتها تلك الأشعة عقلا
وبدا خير طالع من معالي ... خادم المصطفى فأهلا وسهلا
نور علم لا يمتري الظن فيه ... إنه الشمس بل أجل وأعلا
ويقول النبي سلمان منا ... شرف يحتذى من الشمس نعلا
أحدقت في الوجود منه أمور ... بالغات غدا الدهر طفلا
صيرت ذاته العيوب حيارى ... ليس تدري أصدره اللوح أم لا
حل منه النهى بتمثال لطف ... كان بالجوهر الربوبي شكلا
كلما حاولت مني راحتيه ... غصن أكرومة دنا فتدلى
ذاك وروح القدس الذي مذ حوته ... هيكل الدهر كان للدهر مثلا
جوهر لو يقاس بالجوهر الفرد ... علاه لكان أعلى وأغلا
هيكل طلسمته أيدي المعالي ... فخشت جانبي هيولاه فضلا
بأبي ناظر بمرآة علم ... أوجه الغيب دونها تتجلى
بأبي من له المعالي تخلت ... مخلصات وللمعالي تخلى
بأبي الماجد الذي اتخذته ... كل بكر من الفضائل بعلا
يا أخا المكرمات إن ذنوبي ... حملتني إلى معادي ثقلا
إن تكن شافعي فغير عجيب ... أنت يا سيد المشفع أولى
من معيني على مدائح ندب ... صح عنه الكمال نقلا وعقلا
وأخيه الفتى حذيفة لا ير ... هج قولا ولا يرنق فعلا
وأمين النبي في كل سر ... كان للمخبر الإلهي أهلا
قد رمى في الحشا لحاظا صحاحا ... فأصابت هادي الورى والمضلا
كيف يطوي النفاق أهلوه عن من ... حشى العلم فيه حاشا وكلا
لحظت مقلة الشجاعة منه ... أسد لم يزل له الموت شبلا
سيد يلتقي صدور المعالي ... مثلما تلتقي الجواهر وبلا
سل قنا الخط أو ضيا الهند عنه ... تلق عز الدنيا بكفيه ذلا
بنقل أهل الحساب
إذا وقع العقد في السرطين تموت المرأة، والبطين يموت الزوج، في الثريا تلذذ، الدابران نحس، والهقعة تأتي المرأة عبوس، الهنعة تلد المرأة إناث، الذراع حسن جدا، النثرة نحس، الطرف المرأة تكره زوجها، الجبهة يجري الفراق بين الزوجين، الزبرة حسنة جدا، الصرفة نحسة جدا، والعواء نحسة جدا، السماك حسن ومليح، العفر ليس فيه نحس ومليح الزنان، قبيح، الإكليل ليس وراءه إلا الفقر القلب نحس والشوله مثله النعائم حسنة والبلدة سعيدة الذابح ذابح للزوج، بلع بالع للمرأة، سعد السعود سعود، الأخبية حسنة، فرع المقدم والمؤخر فيه تقم النساء، حسنة.
الكلام على ضبط سداد
ذكر أبو عبيد في مثالب أهل البصرة أن النضر بن إسحاق النحوي كان عالما بفنون العلم وهو من أصحاب الخليل بن أحمد، فاتفق أن ضاقت به المعيشة فخرج يريد خراسان فشيعه من أهل البصرة ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو لغوي أو إخباري أو فقيه، فلما أبعدوا عن البلد جلس فقال: يا أهل البصرة يعز علي فراقكم والله لو وجدت كل يوم كيلجة باقلا ما فارقتكم فلم يكن منهم من يتكلف له ذلك القدر اليسير، وسار إلى خراسان فإذا فيها مال عظيم فمن ذلك أنه أخذ على حرف واحد ثمانين ألف درهم قال: كنت أدخل على المأمون
في سمره فدخلت ذات يوم فذكر النساء فقال: حدثني هشام عن مجاهد عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان سداد من عوز بفتح السين فقلت: حدثنا عوف عن أبي جميلة عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز بكسر السين فقال: يا نظر كيف قلت سداد قلت: نعم لأن سداد بالفتح هنا لحن فقال: أو تلحنني؟ قلت: إنما هو لحن هشام فتبع أمير المؤمنين لفظه قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح القصد في الدنيا والسبيل، والسداد بالكسر البلغة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد قال:(2/212)
ذكر أبو عبيد في مثالب أهل البصرة أن النضر بن إسحاق النحوي كان عالما بفنون العلم وهو من أصحاب الخليل بن أحمد، فاتفق أن ضاقت به المعيشة فخرج يريد خراسان فشيعه من أهل البصرة ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو لغوي أو إخباري أو فقيه، فلما أبعدوا عن البلد جلس فقال: يا أهل البصرة يعز علي فراقكم والله لو وجدت كل يوم كيلجة باقلا ما فارقتكم فلم يكن منهم من يتكلف له ذلك القدر اليسير، وسار إلى خراسان فإذا فيها مال عظيم فمن ذلك أنه أخذ على حرف واحد ثمانين ألف درهم قال: كنت أدخل على المأمون
في سمره فدخلت ذات يوم فذكر النساء فقال: حدثني هشام عن مجاهد عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان سداد من عوز بفتح السين فقلت: حدثنا عوف عن أبي جميلة عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سداد من عوز بكسر السين فقال: يا نظر كيف قلت سداد قلت: نعم لأن سداد بالفتح هنا لحن فقال: أو تلحنني؟ قلت: إنما هو لحن هشام فتبع أمير المؤمنين لفظه قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح القصد في الدنيا والسبيل، والسداد بالكسر البلغة وكل ما سددت به شيئا فهو سداد قال:
أو تعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم هذا العرجي يقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... اليوم كريهة وسداد ثغر
فقال المأمون، قبح الله من أدب له، ثم قال: ألا أفديك مالا؟ قلت: إني لذلك محتاج، فأخذ القرطاس وكتب وقال لخادمه: امض معه إلى الفضل بن سهل، فلما قرأ الكتاب قال: يا نظر إن أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألف درهم فما كان السبب؟ فأخبرته فقال: لحنت أمير المؤمنين؟ قلت: إنما لحن هشام وتبعه أمير المؤمنين وقد تتبع ألفاظ رواة الآثار ثم أمر لي الفضل بثلاثين ألف درهم.
منقبة علوية
نقل العلامة قدس الله سره في كتابه المسمى بمنهاج اليقين في فضائل مولانا أمير المؤمنين عمن رواه أنه وقع في بعض السنين قتال بقم وكان بها جماعة من العلويين فتفرق أهل البلاد، وكان فيها امرأة صالحة وكان لها أربع بنات صغار من ابن عمها وقد أصيب في ذلك القتال فخرجت مع بناتها فقدمت إلى بلخ أيام الشتاء فبقيت متحيرة ما تدري أين تذهب، فقيل أن بالبلد رجلا من أكابرها معروف بالإيمان والصلاح يأوي الغرباء فقصدته فلقيته جالسا على باب داره وحوله غلمانه وأصحابه فقالت: أيها الملك إني امرأة علوية أنا وبناتي قدمنا هذه البلدة وليس لنا من نأوي إليه فقال: ومن يعرف أنك علوية ائتيني على ذلك بشهود، فلما سمعت كلامه خرجت من عنده باكية فبقيت واقفة في الطريق متحيرة فمر بها رجل سوقي فقال: مالك أيتها المرأة واقفة والثلج يقع عليك وهذه الأطفال معك فقالت: أنا امرأة غريبة فقال: امضي خلفي حتى أدلك على الخان الذي تأوي إليه الغرباء فمضت خلفه وكان بمجلس ذلك الملك رجل مجوسي فلما رأى العلوية وكيف
ردها الملك وطلب منها الشهود وقعت الرحمة في قلبه فقام مسرعا في طلبها فلحقها وأخذها معه إلى منزله فأفرد لها بيتا من خيار بيوته وجاء لها بالنار والحطب وحدث امرأته بقصتها مع الملك ولم تزل امرأته وجواريه يخدمنها، فلما دخل وقت الصلاة قالت للمرأة: ألا تقومين لقضاء الفرض؟ فقالت: أنا امرأة مجوسية ولسنا على دينكم وزوجي مجوسي لكن وقع حبك في قلبه لأجل جدك فقالت العلوية:(2/213)
نقل العلامة قدس الله سره في كتابه المسمى بمنهاج اليقين في فضائل مولانا أمير المؤمنين عمن رواه أنه وقع في بعض السنين قتال بقم وكان بها جماعة من العلويين فتفرق أهل البلاد، وكان فيها امرأة صالحة وكان لها أربع بنات صغار من ابن عمها وقد أصيب في ذلك القتال فخرجت مع بناتها فقدمت إلى بلخ أيام الشتاء فبقيت متحيرة ما تدري أين تذهب، فقيل أن بالبلد رجلا من أكابرها معروف بالإيمان والصلاح يأوي الغرباء فقصدته فلقيته جالسا على باب داره وحوله غلمانه وأصحابه فقالت: أيها الملك إني امرأة علوية أنا وبناتي قدمنا هذه البلدة وليس لنا من نأوي إليه فقال: ومن يعرف أنك علوية ائتيني على ذلك بشهود، فلما سمعت كلامه خرجت من عنده باكية فبقيت واقفة في الطريق متحيرة فمر بها رجل سوقي فقال: مالك أيتها المرأة واقفة والثلج يقع عليك وهذه الأطفال معك فقالت: أنا امرأة غريبة فقال: امضي خلفي حتى أدلك على الخان الذي تأوي إليه الغرباء فمضت خلفه وكان بمجلس ذلك الملك رجل مجوسي فلما رأى العلوية وكيف
ردها الملك وطلب منها الشهود وقعت الرحمة في قلبه فقام مسرعا في طلبها فلحقها وأخذها معه إلى منزله فأفرد لها بيتا من خيار بيوته وجاء لها بالنار والحطب وحدث امرأته بقصتها مع الملك ولم تزل امرأته وجواريه يخدمنها، فلما دخل وقت الصلاة قالت للمرأة: ألا تقومين لقضاء الفرض؟ فقالت: أنا امرأة مجوسية ولسنا على دينكم وزوجي مجوسي لكن وقع حبك في قلبه لأجل جدك فقالت العلوية:
اللهم بحق جدي وحرمته عند الله أن يوفق زوجك لدين جدي ثم قامت العلوية إلى الصلاة والدعاء طول ليلها بأن يهدي الله ذلك المجوسي لدين الإسلام، فلما أخذ المجوسي مضجعه ونام مع أهله تلك الليلة رأى في منامه أن القيامة قد قامت والناس في المحشر وقد أخذهم العطش والمجوسي في أعظم ما يكون من ذلك فأتى إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته وهم يسقون من نهر الكوثر وعلي واقف على شفير الحوض وبيده الكأس والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس وحوله أهل بيته، فطلب المجوسي منه الماء فقال له علي عليه السّلام: إنك لست على ديننا فنسقيك، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي اسقه إنه آوى ابنتك فلانة وبناتها فكنهم عن البرد وأطعمهم من الجوع وها هي الآن في منزله مكرمة. فقال علي عليه السّلام: ادن مني فدنا منه فناوله الكأس بيده فشرب منه شربة وجد فيها بردها على قلبه فانتبه المجوسي وهو يجد بردها على قلبه ورطوبتها على شفتيه ولحيته، فانتبه مرتاعا فقالت له زوجته: ما شأنك؟
فحدثها بما رأى وأراها رطوبة الماء على لحيته وشفتيه فقالت له: يا هذا إن الله ساق إليك خيرا بما فعلت مع هذه المرأة العلوية والأطفال العلويين. فقال: نعم والله لا أطلب أثرا بعد عين، فقام الرجل من ساعته وأسرج الشمع وخرج هو وزوجته حتى دخل على العلوية وحدثها بما رأى فسجدت لله شكرا وقالت: والله إني لم أزل ليلتي هذه أطلب من الله هدايتك إلى الإسلام والحمد لله على استجابة دعائي فيك. فقال لها: اعرضي علي الإسلام، فعرضته عليه فأسلم هو وزوجته وجميع من في بيته.
وأما ما كان من الملك فإنه رأى في تلك الليلة مثلما رآه المجوسي وأنه قد أقبل إلى الكوثر فقال: يا أمير المؤمنين اسقني فإني ولي من أوليائكم، فقال علي اطلب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإني لا أسقي أحدا إلا بإذنه، فطلب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الماء وقال: إني ولي من أوليائكم فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: آتني على ذلك بشهود. فقال: يا رسول الله كيف تطلبون مني الشهود دون غيري من أوليائكم؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم وكيف طلبت الشهود من ابنتنا العلوية لما أتتك، ثم انتبه وهو شديد الظمأ فوقع في الحسرة والندامة على ما فرط منه في حق العلوية، فلما أصبح ركب يطلب العلوية
فقصدها إلى دار المجوسي وطرق الباب فقيل: من بالباب؟ فقيل له: الملك واقف ببابك يطلبك، فخرج إليه مسرعا فلما رآه الملك وجد عليه أثر الإسلام ونوره فقال الرجل للملك: ما سبب مجيئك إلى منزلي؟ قال: من أجل هذه المرأة العلوية وقد جئت في طلبها ولكن أخبرني عن حال هذه الحلية التي عليك فإني أراك قد صرت مسلما؟ فقال: نعم ببركة هذه العلوية ودخولها منزلي فأسلمت أنا وجميع من في منزلي. فقال: وما السبب في ذلك؟ فحدثه بحديثه ثم قال: وأنت أيها الملك ما السبب في حرصك على التفتيش عنها بعد إعراضك عنها وطردك لها؟ فحدثه الملك بما رأى في منامه وما وقع له مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم دخل الرجل على العلوية وأخبرها بحال الملك فبكت وخرت لله ساجدة على ما عرفه من حقها، فدخل عليها الملك وحدثها بما جرى له مع جدها وسألها الانتقال إلى منزله فأبت، وقال صاحب المنزل: إني قد وهبتك هذا المنزل وما أعددت فيه من الأهبة وأنا وأهلي وبناتي كلهن في خدمتك، فأتى الملك بيته وأرسل لها ثيابا وهدايا كثيرة وجملة من المال فردت ذلك ولم تقبله منه.(2/214)
وأما ما كان من الملك فإنه رأى في تلك الليلة مثلما رآه المجوسي وأنه قد أقبل إلى الكوثر فقال: يا أمير المؤمنين اسقني فإني ولي من أوليائكم، فقال علي اطلب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإني لا أسقي أحدا إلا بإذنه، فطلب من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الماء وقال: إني ولي من أوليائكم فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: آتني على ذلك بشهود. فقال: يا رسول الله كيف تطلبون مني الشهود دون غيري من أوليائكم؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم وكيف طلبت الشهود من ابنتنا العلوية لما أتتك، ثم انتبه وهو شديد الظمأ فوقع في الحسرة والندامة على ما فرط منه في حق العلوية، فلما أصبح ركب يطلب العلوية
فقصدها إلى دار المجوسي وطرق الباب فقيل: من بالباب؟ فقيل له: الملك واقف ببابك يطلبك، فخرج إليه مسرعا فلما رآه الملك وجد عليه أثر الإسلام ونوره فقال الرجل للملك: ما سبب مجيئك إلى منزلي؟ قال: من أجل هذه المرأة العلوية وقد جئت في طلبها ولكن أخبرني عن حال هذه الحلية التي عليك فإني أراك قد صرت مسلما؟ فقال: نعم ببركة هذه العلوية ودخولها منزلي فأسلمت أنا وجميع من في منزلي. فقال: وما السبب في ذلك؟ فحدثه بحديثه ثم قال: وأنت أيها الملك ما السبب في حرصك على التفتيش عنها بعد إعراضك عنها وطردك لها؟ فحدثه الملك بما رأى في منامه وما وقع له مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم دخل الرجل على العلوية وأخبرها بحال الملك فبكت وخرت لله ساجدة على ما عرفه من حقها، فدخل عليها الملك وحدثها بما جرى له مع جدها وسألها الانتقال إلى منزله فأبت، وقال صاحب المنزل: إني قد وهبتك هذا المنزل وما أعددت فيه من الأهبة وأنا وأهلي وبناتي كلهن في خدمتك، فأتى الملك بيته وأرسل لها ثيابا وهدايا كثيرة وجملة من المال فردت ذلك ولم تقبله منه.
فضيلة علوية
ومن الكتاب المذكور رواه بإسناده إلى عبد الله بن المبارك قال: كنت ولعا بالحج إلى بيت الله الحرام شديد المداومة في كل عام على حضوره، ففي بعض السنين لما قرب التأهب للحج تأهبت أنا أيضا، فقمت وشددت على وسطي كيسا فيه خمسمئة دينار وخرجت إلى سوق الإبل لأشتري جمالا للحج فلم يقع في يدي ما يصلح للطريق فرجعت إلى المنزل فرأيت في الطريق امرأة جالسة على مزبلة وقد أخذت دجاجة ميتة كانت على الكناسة وهي تنتف ريشها من حيث لا يشعر بها أحد، فقمت من ورائها بالقرب منها وقلت: لم تفعلين هكذا يا أمة الله؟ فقالت:
امض لشأنك واتركني. فقلت: سألتك بالله الا ما أعلمتيني بحالك. فقالت: نعم إذ ناشدتني بالله اعلم أني امرأة علوية ولي ثلاث بنات علويات صغار وقد مات قيمنا ولنا ثلاث ليال بأيامهن على الطوى لم نطعم شيئا ولم نجده وقد خرجت عنهن وهن يتضورن جوعا لألتمس لهن شيئا لم يقع في يدي غير هذه الدجاجة الميتة فأردت إصلاحها كلها وقد حلت لنا الميتة، فلما سمعت ما قالت وقف شعري واقشعر جلدي وقلت في نفسي: يابن المبارك وأي حج أعظم من هذا؟ فقلت:
أيتها العلوية إن هذه الدجاجة قد حرمت عليك افتحي حجرك حتى أعطيك شيئا من
النفقة، ثم حليت الكيس وصببت الدنانير في حجرها بأجمعها، فقامت مسرورة عجلة ثم دعت لي بخير فرجعت إلى منزلي ونزع الله إرادة الحج من قلبي فلزمت منزلي واشتغلت بعبادة الله تعالى وخرجت القافلة إلى الحج، فلما قدم الحاج من مكة خرجت للقاء الحاج والأخوان فصافحتهم فكنت لم ألق أحدا ممن يعرفني إلا وهو يقول لي: يابن المبارك ألم تكن معنا ألم أشاهدك في موضع كذا وموقف كذا فتعجبت من ذلك فلما رجعت إلى منزلي وبت تلك الليلة رأيت في منامي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يقول: يابن المبارك إنك لما أعطيت الدنانير لابنتنا وفرجت كربتها وأصلحت شأنها وشأن أيتامها بعث الله ملكا على صورتك فهو يحج عنك في كل عام ويجعل ثواب الحج لك إلى يوم القيامة فما عليك إن حججت بعد أولم تحج فإن ذلك الملك لا يترك الحج عنك إلى يوم القيامة، فانتبهت وأنا أحمد الله على هذا التوفيق قال الراوي: ولقد سمعت كثيرا من المحدثين أن الحجّاج يشاهدون في كل عام ابن المبارك بمكة يحج مع الحاج وأنه يقيم بالعراق.(2/215)
أيتها العلوية إن هذه الدجاجة قد حرمت عليك افتحي حجرك حتى أعطيك شيئا من
النفقة، ثم حليت الكيس وصببت الدنانير في حجرها بأجمعها، فقامت مسرورة عجلة ثم دعت لي بخير فرجعت إلى منزلي ونزع الله إرادة الحج من قلبي فلزمت منزلي واشتغلت بعبادة الله تعالى وخرجت القافلة إلى الحج، فلما قدم الحاج من مكة خرجت للقاء الحاج والأخوان فصافحتهم فكنت لم ألق أحدا ممن يعرفني إلا وهو يقول لي: يابن المبارك ألم تكن معنا ألم أشاهدك في موضع كذا وموقف كذا فتعجبت من ذلك فلما رجعت إلى منزلي وبت تلك الليلة رأيت في منامي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يقول: يابن المبارك إنك لما أعطيت الدنانير لابنتنا وفرجت كربتها وأصلحت شأنها وشأن أيتامها بعث الله ملكا على صورتك فهو يحج عنك في كل عام ويجعل ثواب الحج لك إلى يوم القيامة فما عليك إن حججت بعد أولم تحج فإن ذلك الملك لا يترك الحج عنك إلى يوم القيامة، فانتبهت وأنا أحمد الله على هذا التوفيق قال الراوي: ولقد سمعت كثيرا من المحدثين أن الحجّاج يشاهدون في كل عام ابن المبارك بمكة يحج مع الحاج وأنه يقيم بالعراق.
من غرائب كلمات الأمير عليه السّلام
من جواهر كلام الإمام عليه السّلام تسع كلمات قطعت أطماع البلغاء ثلاث في المناجاة وثلاث في العلم وثلاث في الأدب: فأما التي في المناجاة فقوله عليه السّلام «كفاني عزا أن تكون لي ربا، وكفاني فخرا أن أكون لك عبدا، أنت لي كما أحب فوفقني لما تحب» وأما التي في العلم فقوله عليه السّلام «المرء مخبوء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه، ما هلك امرؤ عرف قدره، تكلموا تعرفوا» وأما التي في الأدب فقوله عليه السّلام: «أنعم على ما شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى ما شئت تكن أسيره».
من ترجمة الغزالي
نقل شيخنا البهائي قال: حكى بعض الصلحاء قال: رأيت الغزالي في البرية وعليه مرقعة وبيده ركوة وعصا فقلت: أيها الإمام أليس تدريس العلم ببغداد خير من هذا؟ فنظر إلي نظر الازدراء وقال: لما بزغ بدر السعادة من فلك الإرادة وجنحت شمس الأصول إلى مغارب الوصول:
تركت هوى ليلى وسعدى بمنزل ... وعدت إلى مصحوب أول منزل
وناديت في الأسواق مهلا فهذه ... منازل من تهوى رويدك فانزل
وبعد اعتزاله كتب إليه الوزير نظام الملك يستدعيه إلى بغداد فأبى وكتب إليه كتابا شافيا انتهى.(2/216)
تركت هوى ليلى وسعدى بمنزل ... وعدت إلى مصحوب أول منزل
وناديت في الأسواق مهلا فهذه ... منازل من تهوى رويدك فانزل
وبعد اعتزاله كتب إليه الوزير نظام الملك يستدعيه إلى بغداد فأبى وكتب إليه كتابا شافيا انتهى.
وعنه أيضا حجة الإسلام أبو حامد الغزالي وهو تلميذ إمام الحرمين، اشتغل عليه في نيسابور مدة وخرج منها بعد موته وقد صار ممن تعقد عليه الخناصر، ثم ورد بغداد فأعجب به فضلاء العراق واشتهر به وفوض إليه تدريس النظامية. وكان يحضر مجلس تدريسه نحوا من ثلاثمئة من الأعيان المدرسين في بغداد ومن أبناء الأمراء أكثر من مئة، ثم ترك جميع ذلك وتزهد وآثر العزلة واشتغل بالعبادة وأقام بدمشق مدة وبها صنف الأحياء ثم انتقل إلى بيت المقدس ثم إلى مصر وأقام بالاسكندرية ثم ألقى عصاه بوطنه الأصلي وآثر الخلوة وصنف الكتب المفيدة.
ونسبته إلى غزالة قرية من قرى طوس انتهى.
أقول: ونقل الفيومي في كتاب المصباح المنير عن ابن بنت الغزالي بسنده فيه إليه أنه قال: أخطأ الناس في تثقيل اسم جدنا وإنما هو مخفف نسبة إلى غزالة القرية المشهورة.
نقل بعض المعاصرين: عن التفسير المنسوب إلى فراة بن إبراهيم من قدماء أصحابنا في جملة حديث عن أحدهم أنه قال: يا فلان مخاطبا له باسمه أما علمت أن للحيطان آذانا إن لنا أعداء من الجن ينقلون أخبارنا إلى أعدائنا من الإنس الحديث.
لبعضهم وقد أجاد:
بقدر لغات المرء يكثر نفعه ... وهن له عند الشدائد أعوان
فهافت على حفظ اللغات مبادرا ... فكل لسان في الحقيقة إنسان
من جوابات أبي القاسم الفندرسكي
زهر الربيع للسيد المحدث نعمة الله الجزائري قال: حكى لي بعض من أثق به أن العالم الجليل الأمير أبا القاسم الفندرسكي لما كان في الهند عند سلطانها فاتفق أنه كان في السفر مع علماء العامة فبال في البرية ولم يتفق له الماء فجفف موضع البول بالتراب وقام، فقال له اعلم علمائهم: هذا الذي صنعت إنما يوافق مذهبنا لا مذهبكم. فقال الأمير أبو القاسم: نعم بلت اليوم على مذهبكم.
وكان (ره) حاضر الجواب فقال له سلطان الهند يوما: لأي شيء تجوزون
اللعن على معاوية وهو خال المؤمنين ومن جملة كتاب الوحي؟ فقال: أعز الله السلطان إذا اتفق لك عسكران يتحاربان وكان مقدم أحدهما أمير المؤمنين عليه السّلام ومقدم الآخر معاوية فيكون السلطان أعزه الله مع أي عسكر يقاتل؟ فقال: في عسكر أمير المؤمنين أقاتل من يقاتله. فقال: إذا أتى معاوية يضرب أمير المؤمنين بسيفه فقال لك أمير المؤمنين اقتل معاوية تقتله أم لا؟ فقال: نعم يجب علي أن أضرب عنقه. فقال أعز الله السلطان: إذا وجب قتله فكيف لا يجوز لعنه، فضحك السلطان ولعن معاوية. عليه وعلى ابنه يزيد من تضاعيف اللعن مما يربو على ذلك ويزيد.(2/217)
وكان (ره) حاضر الجواب فقال له سلطان الهند يوما: لأي شيء تجوزون
اللعن على معاوية وهو خال المؤمنين ومن جملة كتاب الوحي؟ فقال: أعز الله السلطان إذا اتفق لك عسكران يتحاربان وكان مقدم أحدهما أمير المؤمنين عليه السّلام ومقدم الآخر معاوية فيكون السلطان أعزه الله مع أي عسكر يقاتل؟ فقال: في عسكر أمير المؤمنين أقاتل من يقاتله. فقال: إذا أتى معاوية يضرب أمير المؤمنين بسيفه فقال لك أمير المؤمنين اقتل معاوية تقتله أم لا؟ فقال: نعم يجب علي أن أضرب عنقه. فقال أعز الله السلطان: إذا وجب قتله فكيف لا يجوز لعنه، فضحك السلطان ولعن معاوية. عليه وعلى ابنه يزيد من تضاعيف اللعن مما يربو على ذلك ويزيد.
رسالة الإمام الصادق عليه السّلام إلى زرارة
روى الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال عن حمدويه بن نصير عن اليقطيني عن يونس عن عبد الله بن زرارة وحدثنا محمد بن قولويه والحسين بن الحسن معا عن سعد عن هارون عن الحسن بن محبوب عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين عند عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله: اقرأ مني على والدك السلام وقل له: إنما أعيبك دفاعا مني فإن الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربنا وحمدنا مكانه لإدخال الأذى فيمن نحبه ونقربه ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه مني ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ويحمدون كل من عيناه نحن وإن حمد أمره، وإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك ولميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين يعيبك وينقصك ويكون ذلك منا دافعا لهم شرهم يقول الله عزّ وجلّ: {(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكََانَتْ لِمَسََاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهََا وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)} هذا التنزيل من عند الله صالحة، والله ما عابها إلا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ، والحمد لله فافهم المثل يرحمك الله فإنك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي عليه السّلام حيا وميتا فأنت أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر وإن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يركب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهند ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها ورحمة الله عليك حيا ورحمته عليك ميتا، ولقد أدى إلى ابنيك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين، فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك به أبي وأمرتك به وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه
إلا بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق الذي أمرناكم فردوا إلينا الأمر وسلموا لنا واصبروا لأحكامنا وارضوا بها، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلفه وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها فإن شاء فرق بينها لتسلم ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها ومن خوف عدوها، وفي إيثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمر من مأمنه والفرج من عنده عليكم بالتسليم والرد إلينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم فلو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكارا شديدا لم تستقيموا على دين الله وطريقته إلّا من تحت حد السيف فوق رقابكم. إن الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ركب الله بهم سنة من كان قبلكم فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شيء عليه الناس اليوم إلا وهو محرف عما نزل به الوحي من الله فاحسب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث تدعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا، وعليك بالصلاة الستة والأربعين وعليك بالحج أن تهل بالأفراد وتنوي الفسح إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الإهلال بالحج مفردا إلى منى وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة كذلك حج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسحوا ما أهلوا به ويقبلوا الحج عمرة، وإنما أقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على إحرامه ليسوق الذي ساق معه فإن السائق قارن والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله ومحل النحر بمنى فإذا بلغ أحل، فهذا الذي أمرناك به حج التمتع فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شيء منه الحق
و(2/218)
روى الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال عن حمدويه بن نصير عن اليقطيني عن يونس عن عبد الله بن زرارة وحدثنا محمد بن قولويه والحسين بن الحسن معا عن سعد عن هارون عن الحسن بن محبوب عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين عند عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله: اقرأ مني على والدك السلام وقل له: إنما أعيبك دفاعا مني فإن الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربنا وحمدنا مكانه لإدخال الأذى فيمن نحبه ونقربه ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه مني ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ويحمدون كل من عيناه نحن وإن حمد أمره، وإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك ولميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين يعيبك وينقصك ويكون ذلك منا دافعا لهم شرهم يقول الله عزّ وجلّ: {(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكََانَتْ لِمَسََاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهََا وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)} هذا التنزيل من عند الله صالحة، والله ما عابها إلا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ، والحمد لله فافهم المثل يرحمك الله فإنك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي عليه السّلام حيا وميتا فأنت أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر وإن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يركب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهند ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها ورحمة الله عليك حيا ورحمته عليك ميتا، ولقد أدى إلى ابنيك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين، فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك به أبي وأمرتك به وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه
إلا بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق الذي أمرناكم فردوا إلينا الأمر وسلموا لنا واصبروا لأحكامنا وارضوا بها، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلفه وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها فإن شاء فرق بينها لتسلم ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها ومن خوف عدوها، وفي إيثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمر من مأمنه والفرج من عنده عليكم بالتسليم والرد إلينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم فلو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرائع الدين والأحكام والفرائض كما أنزل الله على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنكر أهل البصائر فيكم ذلك اليوم إنكارا شديدا لم تستقيموا على دين الله وطريقته إلّا من تحت حد السيف فوق رقابكم. إن الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ركب الله بهم سنة من كان قبلكم فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شيء عليه الناس اليوم إلا وهو محرف عما نزل به الوحي من الله فاحسب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث تدعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا، وعليك بالصلاة الستة والأربعين وعليك بالحج أن تهل بالأفراد وتنوي الفسح إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الإهلال بالحج مفردا إلى منى وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة كذلك حج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسحوا ما أهلوا به ويقبلوا الحج عمرة، وإنما أقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على إحرامه ليسوق الذي ساق معه فإن السائق قارن والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله ومحل النحر بمنى فإذا بلغ أحل، فهذا الذي أمرناك به حج التمتع فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شيء منه الحق
ولا يضاده.
روى عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام أنه قال: ما من مؤمن إلا وقد جعل الله له من إيمانه أنسا يسكن إليه حتى لو كان على قمة جبل لم يستوحش.
أوحى الله سبحانه إلى بعض أنبيائه: إن أردت لقائي غدا في حضيرة القدس فكن في الدنيا غريبا وحيدا محزونا مستوحشا كالطير الوحداني يطير في السماء ويأوي الأرض المقفرة ويأكل من رؤوس الأشجار المثمرة، فإذا كان الليل آوى إلى وكره ولم يكن مع الطير استيناسا بي واستيحاشا من الناس.
عن أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أرى شيئا أضر بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم.
لله در من قال:(2/219)
عن أمير المؤمنين عليه السّلام: ما أرى شيئا أضر بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم.
لله در من قال:
أنست بوحدتي ولزمت بيتي ... وطاب الانس لي وصفا السرور
وأدبني الزمان فلا أبالي ... بأني لا أزار ولا أزور
ولست بسائل ما عشت يوما ... أسار الجند أم ركب الأمير
حكي أن رجلا كان شاعرا وكان له عدو، فبينما هو سائر ذات يوم وإذا بعدوه إلى جانبه فعلم الشاعر أن عدوه قاتله لا محالة فقال: يا هذا اعلم أن المنية قد حضرت ولكني سألتك بالله إذا أنت قتلتني امض إلى داري وقف بالباب وناد:
«ألا أيتها البنتان إن أباكما» وكانت للشاعر ابنتان فلما سمعتا قول الرجل «ألا أيتها البنتان إن أباكما» أجابتاه «قتيل خذا بالثأر ممن أتاكما» ثم تعلقتا بالرجل وحملاه إلى الحاكم ثم طلبتا دم أبيهما فاستقروه فأمر بقتله وقتل بأبيهما.
لبعضهم:
لا تنكرن لأهل مكة قسوة ... والبيت فيهم والحطيم وزمزم
آذوا رسول الله وهو نبيهم ... حتى حموه أهل طيبة منهم
خاف الإله على الذي قد جاءه ... سلبا فلا يأتيه إلا محرم
في التصحيف الواقع في الكلام
ومن كتاب الشيخ إبراهيم الكفعمي قدس الله روحه: في التصحيف يسمى جناس الخط، وهو ما تغاير ركناه بالنقط كقوله: {(وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)}. وقوله: {(وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذََا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)} وقوله:
{(هََذََا مََا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيََا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفََّارٍ عَنِيدٍ)}. وقوله: {(إِنََّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجََارَةً أَوْ حَدِيداً)}. وقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: عليكم بالأبكار فإنهن أشد حبا وأقل خبا. وقول علي عليه السّلام: قصر ثوبك فهو أتقى وأنقى وأبقى. ومن محاسن الكلام: خلف الوعد خلق الوعد. ومن كلام أحمد بن إبراهيم الضبي: إذا بقي ما فاتك فلا تيأس على ما فاتك. إلى أن قال: التصحيف المنتظم وهو عدم الفصل بين الحروف، قال المقداد في تجويده: وهو كقولهم الحبيب المجيب وهو سر البأس أي الخبيث المخبث وهو شر الناس. وفي كتاب حذيفة: أنه من محاسن الشعر المصحف أن تمدح بالألفاظ إذا صحف كان هجوا كقوله:
أنت والفتى وأنت أفخر من مشى ... لا زلت بين الأغنياء محببا
وتفسيره معروف. ومن هذا النوع قولهم: «خل ببتنا يقتل» أي خل بيننا ثقيل «كل عنب الكرم نعطيه» أي كلّ عيب الكرم يغطّيه، وأمثلته كثيرة.(2/220)
أنت والفتى وأنت أفخر من مشى ... لا زلت بين الأغنياء محببا
وتفسيره معروف. ومن هذا النوع قولهم: «خل ببتنا يقتل» أي خل بيننا ثقيل «كل عنب الكرم نعطيه» أي كلّ عيب الكرم يغطّيه، وأمثلته كثيرة.
ثم هذا التصحيف قد يقع في القرآن وقد يقع في الحديث وقد يقع في الشعر وقد يقع في النشر، والأقسام أربعة:
الأول: وقوعه في القرآن لمن قرأه في المصحف من غير أخذ من أفواه العلماء فنقول: حدث أبو الحسن الدارقطني في كتاب التصحيف: أن حماد الراوية حفظ القرآن من المصحف من غير تلقين فسعى به إلى الأمير عقبة بن مسلم الباهلي فامتحنه بقراءة القرآن فصحف هذه الآيات التي نذكرها إلا أنها صحيحة المعاني وهي اثني عشر مكانا: (أ) صنعة الله ومن أحسن من الله صنعة وصنعة بالعين المهملة (ب) قال عذابي أصيب به من أساء بالسين المهملة (ج) ومن الشجر ومما يغرسون بالغين المعجمة والسين المهملة (د) وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها أباه بالباء المفردة (هـ) وهم أحسن أثاثا وزيا بالزاي المعجمة (و) ليكون لهم عدوا وحربا بالراء المهملة والباء الموحدة (ز) وما يجحد بآياتنا إلا كل جبار بالجيم والباء المفردة (ح) بل الذين كفروا في غرة وشقاق بالغين المعجمة والراء المهملة (ط) ويعززوه ويوقروه بالزاءين المعجمتين (ي) سلام عليكم لا نتبع الجاهلين بالعين المهملة من الأتباع (يا) فاستعانه الذي من شيعته على الذي من عدوه بالعين المهملة والنون (يب) والغاديات صبحا بالغين المعجمة والصاد المهملة المضمومة.
وذكر ابن الجوزي في كتابه المسمى (آفة أصحاب الحديث) إن عبد الله بن عمر قرأ ويغوث ويعوق وبشرا بالباء الموحدة والشين المعجمة وقرأ محمد بن حميد الرازي: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يجرحوك بالجيم والحاء من الجراح. وقرأ أبو بكر الساعدي: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هويا بالياء المثناة من تحت المشددة. وقرأ عثمان بن أبي شيبة وجعل السقاية في رجل أخيه بالجيم.
وفي كتاب المحيط قال بعضهم: رأيت رجلا يقرأ في المصحف وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: أكلت اليوم مع الجواري مخيض ثم نظرت في المصحف فرأيت يسألونك عن المخيض فاعتزلوا النساء في المخيض، فقلت له:
إنه قد بين في الصحف كل شيء حتى أكل اللبن مع الجواري.
وتفاءل بعضهم لامرأة غاب ولدها فطلع في السطر السابع (وحسن مآب) فقال لها: ما اسم ابنك؟ قالت: حسن. قال: إنه مات لأنه يقول وحسن مات فأقامت أمه وأهله المأتم.(2/221)
إنه قد بين في الصحف كل شيء حتى أكل اللبن مع الجواري.
وتفاءل بعضهم لامرأة غاب ولدها فطلع في السطر السابع (وحسن مآب) فقال لها: ما اسم ابنك؟ قالت: حسن. قال: إنه مات لأنه يقول وحسن مات فأقامت أمه وأهله المأتم.
قال الجاحظ: سمعت من يقرأ (ض والفران) بالضاد المعجمة، وقرأ آخرون (وفرش مرقوعة) بالقاف.
قال صاحب المحاضرات: حتى أن بعضهم صحف وأول لأنه قرأ (فأوجس في نفسه جيفة موسى) فقيل له: بل خيفة بالخاء. فقال: بل بالجيم وذلك أن موسى عليه السّلام توضأ ونسي ولم يغسل فرجه. وقرأ بعضهم (في روضة يخبزون، بالخاء المعجمة والزاي من خبز العجين فقيل له: أخشكار أم جواري؟ فقال ما أرادوا ففيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. وقرأ آخرون (فاسأل به جبيرا) فقيل:
من جبير؟ قال: ولد سعيد. فقيل له: أتصحيف وتفسير؟ وقرأ آخرون (بل عجنت ويشجرون) فقيل له: أحسنت فمع العجن شجر التنور.
القسم الثاني في تصاحيف وقعت في الحديث. قال ابن الجوزي في كتابه (آفة أصحاب الحديث) إن محمد بن عباد المهلبي حدث «أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ضحى بهرة» وإنما هي بقرة إلا أنه التصقت الهاء بالقاف. وحدث بعضهم أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «بلع قديدا» وإنما هو بلغ قديد. وحدث آخر «أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يحب العسل يوم الجمعة» وإنما هو الغسل. وعن بعضهم قال: حضرت شيخا يروي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ. وحدث بعضهم «أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يغسل خصى الحمار» وإنما هو حصى الجمار فقال: وما أراد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك؟ قال: التواضع.
وذكر ابن الجوزي عنهم في هذا المعنى ما يطول.
تتمة. كتب الوليد بن عبد الملك إلى واليه بالمدينة «أحصى من قبلك من الزناة» فرنم الذباب على الحاء فقرأ الكاتب أخص فخصا منهم جماعة ثم تبين لهم التصحيف.
ونقل أن جعفر بن يحيى نقش على خاتمه اسمه واسم أبيه وكان يختم بذلك على صناديق ماله، فمضت واحدة من سرائره إلى الصائغ وكانت قد أمرت رجلين أن يأتيا إليها عند الصائغ وأن يقول كل واحد منهما أن اسمه جعفر إذا سألته عن اسمه، فلما أتيا سألتهما فقال كل واحد منهما أن اسمه جعفر. فقالت للصائغ:
انقش لي على فص هذا الخاتم جعفر بن يحيى فقد تفاءلت باسمه، فنقش لها
الصائغ ذلك على فص خاتمها فأخذته وانصرفت إلى منزلها، ثم عمدت إلى صندوق من صناديق جعفر فأخذت نصف ما فيه من أكياس الذهب ثم ختمته بخاتمها كما كان، ثم بعد مدة اضطر جعفر إلى ما في الصندوق ففتحه فوجد الأكياس ناقصة ولم يشك في ختمه فتحير، فأخبرته السرية بفعلها فتعجب من ذلك وقال: لا والله لا ختمت عليك صندوقا أبدا.(2/222)
انقش لي على فص هذا الخاتم جعفر بن يحيى فقد تفاءلت باسمه، فنقش لها
الصائغ ذلك على فص خاتمها فأخذته وانصرفت إلى منزلها، ثم عمدت إلى صندوق من صناديق جعفر فأخذت نصف ما فيه من أكياس الذهب ثم ختمته بخاتمها كما كان، ثم بعد مدة اضطر جعفر إلى ما في الصندوق ففتحه فوجد الأكياس ناقصة ولم يشك في ختمه فتحير، فأخبرته السرية بفعلها فتعجب من ذلك وقال: لا والله لا ختمت عليك صندوقا أبدا.
وفي كتاب معجم أهل الأدب أنه روي عن علي بن أحمد بن المهلبي وكان إماما في النحو واللغة ورواية الأخبار وتفسير الشعر قال: وقع بيني وبين المتنبي في قول العدواني:
يا عمرو الا تدع شمتي ومنقصتي ... أضربك حتى تقول الهامة اسقوني
وذلك أن المتنبي قال: إن الناس يغلطون في هذا البيت والصواب «اشقوني» بالشين المعجمة من شقأت رأسه بالمشقاة وهو المشط. قال المهلبي: فقلت له:
أخطأت من وجوه:
الأول: أنه لم يرو إلا السين المهملة.
الثاني: أنه يقال «شقأت» بالهمز ولا همزة في اسقوني.
الثالث: إني أظنك لا تعرف الخبر فيه وما تقول العرب في الهامة، وذلك أنه لم يثأر بصاحبها لا تزل تقول اسقوني اسقوني فإذا ثأروا به سكن كأنه شرب ذلك الدم.
ومن ذلك ما ذكره صاحب المحاضرات: أنه حضر المقدم الهذلي عند جعفر ابن سليمان الهاشمي فقال له أنت القائل في:
يابن الزواني من بني معاوية ... أنت لعمري منهم ابن الزانية
ثم قال: وهذا خطك. قال: صدقت هو خطي ولكن إنما قلت:
يابن المراثي أنت وابن الراثية ... أي اللواتي ينحن على موتاهم
ومنها أنه اجتمع جماعة من الصوفية على علوية الشاعر وقالوا له: أنت قلت «طاب لنا الرفض بغير حشمة» فقال إنما قلت «طاب لنا الرقص» بالقاف فانصرفوا عنه.
قلت: وقول الكفعمي يسمع في علم البديع الموارية وهو أعلم من التصحيف
مأخوذ من رب العرق إذا أفسد فكأن المتكلم افسد ظاهر كلامه وهو أن يقول المتكلم كلاما يتوجه عليه فيه المواجدة كما ذكر آنفا من حكاية أبي المقدم وحكاية علوية الشاعر فإذا أنكر عليه تخلص أما تحريف كلمة أو تصحيفها أو بزيادة أو نقص أو إعراب ليخرج بذلك من الإنكار على كلامه الأول، كما روى أن أبا نؤاس هجا خالصة سرية المأمون لما مدحه ولم يجد شيئا وكان عليها حينئذ ثلاثة عقود جواهر فقال:(2/223)
قلت: وقول الكفعمي يسمع في علم البديع الموارية وهو أعلم من التصحيف
مأخوذ من رب العرق إذا أفسد فكأن المتكلم افسد ظاهر كلامه وهو أن يقول المتكلم كلاما يتوجه عليه فيه المواجدة كما ذكر آنفا من حكاية أبي المقدم وحكاية علوية الشاعر فإذا أنكر عليه تخلص أما تحريف كلمة أو تصحيفها أو بزيادة أو نقص أو إعراب ليخرج بذلك من الإنكار على كلامه الأول، كما روى أن أبا نؤاس هجا خالصة سرية المأمون لما مدحه ولم يجد شيئا وكان عليها حينئذ ثلاثة عقود جواهر فقال:
لقد ضاع شعري على بابكم ... كما ضاع حلي على خالصه
فلما أنكر عليه المأمون قال: لم أقل ذلك وإنما قلت:
لقد ضاء شعري على بابكم ... كما ضاء حلي على خالصه
فقال المأمون: هذا بيت قلعت عيناه فأبصر.
ويحكى أن أبا نؤاس سمع بعض سراري المأمون تقول:
أنا نفحة المسك ... على الورد مرشوش
فقال:
بكس طوله شبر ... عليه الشعر منفوش
فلما أنكر عليه قال: إني لم أقل ذلك وإنما قلت:
بكأس طوله شبر ... عليه الشعر منقوش
ومن التصاحيف الشعرية ما قال بعضهم في بخيل:
رأى الصيف مكتوبا على باب داره ... فصحفه ضيفا فمات من الخوف
فقلت له خير فظن بأنني ... أقول له خبز فقام إلى السيف
وقول المتنبي في مدح كافور الأخشيدي ملك مصر.
جرى الخلف إلا فيك إنني واحد ... وإنك ليث والملوك ذئاب
وإنك إن قويست صحف قاري ... ذبابا ولم يخط فقال ذياب
وقول الصفي:
وذي مرح عارضته في طريقه ... فلما رآني قال امض لشانكا
فقلت له: قال سعيد ميسر ... بتصحيفه إني امص لسانكما
وهجا أبو نؤاس أبان اللاحقي بقوله:(2/224)
وذي مرح عارضته في طريقه ... فلما رآني قال امض لشانكا
فقلت له: قال سعيد ميسر ... بتصحيفه إني امص لسانكما
وهجا أبو نؤاس أبان اللاحقي بقوله:
صحفت أمك إذ ... سمتك في المهد أبانا
قد علمنا ما أرادت ... لم ترد إلا أتانا
ولبعضهم:
أياديه ما شحت وسحت تكرما ... وكم أنشأت ألفا وكم أنشأت ألفا
وكم عمرت أرضا وكم عمر رضى ... وكم وهبت ضعفا وما وهنت ضعفا
ومن التصاحيف التي كلها متتالية ما ذكره الراغب في محاضراته أن عبد الله ابن طاهر استؤمر في بناء موضع من نواحي بغداد يقال له لبنا فوقع في ذلك نبنا لبنا لبنا لبناء لبنا ورقع في رقعة أخرى معونة معاوية ليحيى لحبي خراج جراح فقد فقد.
ومن محاسن هذا النوع ما ذكره ميثم (ره) في تجويده أن عليا عليه السّلام كتب إلى معاوية «غرك عزك فصار قصار ذلك ذلك فاخش فاحش فعلك تهدا بهذا».
في التشريع والمراجعة والاكتفاء وتشابه الأطراف والقهقرى
ومن الكتاب المذكور: في التشريع والمراجعة والاكتفاء وتشابه الأطراف والقهقرى فههنا خمسة مباحث.
الأول: التشريع ويسمى ذا القافيتين وسماه ابن أبي الأصبغ التوأم وهو أن يبني القصيدة على وزنين وقافيتين يصح المعنى عند الوقوف على كل منهما كقول الحريري:
يا خاطب الدنيا الدنية إنها ... شرك الردي وقرارة الأكدار
دار متى ما أضحكت في يومها ... أبكت غدا تبا لها من دار
إلى آخر الأبيات وقال الصفي (ره) في بديعته:
فلو رأيت مصابي عندما رحلوا ... رأيت لي من عذابي يوم بينهم
وقول مخزوم في تخميس بديعة الصفي:
بلوعتي واكتئابي يضرب المثل ... أظهرت في الحب ما بي والهوى الجلل
فخل عنك خطابي أيها الرجل
الثاني: في المراجعة ومنهم من يسمي هذا النوع السؤال والجواب، وهو أن يحكي المتكلم ما جرى بينه وبين الغير من سؤال وجواب بأوجز عبارة وألطف معنى كقوله تعالى: {(قََالَ فِرْعَوْنُ وَمََا رَبُّ الْعََالَمِينَ. قََالَ رَبُّ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَمََا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. قََالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلََا تَسْتَمِعُونَ. قََالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبََائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. قََالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. قََالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمََا بَيْنَهُمََا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. قََالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلََهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ. قََالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. قََالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصََّادِقِينَ)} ومن ذلك ما جرى بين فرعون وبين موسى وما جرى بين بني يعقوب وقوم يوسف في سورة يوسف ومن أمثلته الشعرية قول الكفعمي:(2/225)
بلوعتي واكتئابي يضرب المثل ... أظهرت في الحب ما بي والهوى الجلل
فخل عنك خطابي أيها الرجل
الثاني: في المراجعة ومنهم من يسمي هذا النوع السؤال والجواب، وهو أن يحكي المتكلم ما جرى بينه وبين الغير من سؤال وجواب بأوجز عبارة وألطف معنى كقوله تعالى: {(قََالَ فِرْعَوْنُ وَمََا رَبُّ الْعََالَمِينَ. قََالَ رَبُّ السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ وَمََا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. قََالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلََا تَسْتَمِعُونَ. قََالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبََائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. قََالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. قََالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمََا بَيْنَهُمََا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. قََالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلََهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ. قََالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. قََالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصََّادِقِينَ)} ومن ذلك ما جرى بين فرعون وبين موسى وما جرى بين بني يعقوب وقوم يوسف في سورة يوسف ومن أمثلته الشعرية قول الكفعمي:
وقائله ما الحال قلت لها ارحمي ... قتيل الهوى فالوجه أصفر فاقع
ومن ذاريات الدمع في مرسلاته ... أرى مهجتي في النازعات تنازع
فقالت وصالي لا يليق بناقص ... فهل لك فضل قلت كالشمس شايع
فقالت وقدر قلت كالبدر ظاهر ... فقالت وذكر قلت كالمسك واقع
فقالت وعز قلت كالحصن مانع ... فقالت ومال قلت كالبحر واسع
فقالت وسهم قلت كاللحظ صائب ... فقالت وسيف قلت كالبين قاطع
فقالت وضد قلت أي وهو آفل ... فقالت وجد قلت بالسعد طالع
قاضت تفديني وبت منعما ... يجي وعيشي باللذائذ جامع
ومنها:
أتيت عمروا زايرا ... وذاك عار لازم
فقلت إني قاعد ... فقال إني نائم
الثالث: في الاكتفاء وهو أن يأتي الشاعر ببيت وقافية متعلقة بمحذوف لدلالة اللفظ عليه، ويكتفي المعلوم في الذهن عن إتمامه ومن أمثلته القرآنية قوله تعالى:
{(وَإِذََا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مََا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمََا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)} فجواب إذا محذوف تقديره وإذا قيل لهم اتقوا الآية اعرضوا، وكذا قوله تعالى: {(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مََا آتََاهُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ)} فإن جواب لو محذوف وتقديره لكان خيرا لهم وروى أن المهاجرين قالوا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن الأنصار قد فصلونا وفعلوا بنا كذا وكذا فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ألستم تعرفون ذلك؟ قالوا: بلى. قال: فإن ذلك قال أبو عبيد: والمعنى فإن ذاك مكافأة، أي معرفتكم إحصانهم مكافأة لهم. ومنه قول أمير المؤمنين عليه السّلام:
كل ماض فكأن لم ... كل آت قد ومن
هذا المعنى قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: كفى بالسيف شيئا، أي شاهدا قاله الطبرسي ومن أمثلته النثرية قول ابن أبي حجلة المغربي في مقامة له وقد وعده بعض أخوانه الإتيان إلى مأدبة له: وقد تقدم من وعده مولانا الصادق ما هو به أعلم ونحن الآن نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أي ويعلم أن قد صدقتنا. وقوله في كتابه مجتبى الأدباء في ترجمة أهل العصر: وله في تصانيفه الدساس والرطب واليابس فرد من علومه العذب المورد واجن الثمار وخل القود، وهو إشارة إلى قول بعضهم:(2/226)
{(وَإِذََا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مََا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمََا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)} فجواب إذا محذوف تقديره وإذا قيل لهم اتقوا الآية اعرضوا، وكذا قوله تعالى: {(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مََا آتََاهُمُ اللََّهُ وَرَسُولُهُ)} فإن جواب لو محذوف وتقديره لكان خيرا لهم وروى أن المهاجرين قالوا للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن الأنصار قد فصلونا وفعلوا بنا كذا وكذا فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ألستم تعرفون ذلك؟ قالوا: بلى. قال: فإن ذلك قال أبو عبيد: والمعنى فإن ذاك مكافأة، أي معرفتكم إحصانهم مكافأة لهم. ومنه قول أمير المؤمنين عليه السّلام:
كل ماض فكأن لم ... كل آت قد ومن
هذا المعنى قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: كفى بالسيف شيئا، أي شاهدا قاله الطبرسي ومن أمثلته النثرية قول ابن أبي حجلة المغربي في مقامة له وقد وعده بعض أخوانه الإتيان إلى مأدبة له: وقد تقدم من وعده مولانا الصادق ما هو به أعلم ونحن الآن نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أي ويعلم أن قد صدقتنا. وقوله في كتابه مجتبى الأدباء في ترجمة أهل العصر: وله في تصانيفه الدساس والرطب واليابس فرد من علومه العذب المورد واجن الثمار وخل القود، وهو إشارة إلى قول بعضهم:
خذ من علومي ولا تنظر إلى عملي ... واجن الثمار وخل القود للنار
ومن أمثلته الشعرية ما ذكره ابن حجلة في كتاب الأغاني قال: من أطرف ما وقفت عليه في هذا المعنى قول شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز الحمري:
راموا قطامي عن هوى ... غذيته طفلا وكهلا
فوضعت في جيبي يدي ... وقلت خلوني وإلا
قوله أيضا:
اغضب العشاق من أنني ... لم أبع في حبه رشدي بغي
قلت قد أضنيت جسمي قال قد ... قلت كي تذهب روحي كي
ومنه قول الكفعمي (ره):
وبدر ترشفت معسوله ... فكان ألذ من القرقف
وقبلت في خده خاله ... وسبحت يا مولج الليل في
وله:
تبا لقوم عذروا وخانوا ... وعن طريق رشدهم قد بانوا
تلوت لم أهلكوا وهانوا ... وما ظلمناهم ولكن كانوا
وحكي أن الأمير بدر الدين الخازندار أحضر إلى البلاد المصرية تاجرا كان يحسن إليه وهو في رقه فلما باعه ونقلت به الأيام إلى ما صار إليه من الأمر والحكم وافتقر التاجر فيما بعد حضر إليه إلى الديار المصرية وكتب إليه رقعة فيها:
كنا جميعين في بؤس نكابده ... والقلب والطرف منا في أذى وقذا
والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوى فلا تنسني أن الكرام إذا
يشير إلى قول الشاعر:(2/227)
كنا جميعين في بؤس نكابده ... والقلب والطرف منا في أذى وقذا
والآن أقبلت الدنيا عليك بما ... تهوى فلا تنسني أن الكرام إذا
يشير إلى قول الشاعر:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
فلما فهم هذه الإشارة أعطاه عشرة آلاف درهم.
ومن هذا الباب أن إنسانا بعث إلى بعض الرؤساء يسأله في شفاعة فكتب إليه ذلك الرئيس «هذا الأمر علي فيه مشقة» فلما وصلت إليه الورقة كتب تحت قوله هذا الأمر عليّ مشقة «لولا المشقة» ثم أعادها إليه وقصد بذلك قول أبي الطيب المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يقفو والاقدام قتال
فلما وقف عليها وفهم إشارته قام معه وقضى حاجته.
الرابع: في تشابه الأطراف وسماه بعضهم الموصول، وهو أن يعيد لفظ القافية من كل بيت في أول الذي يليه وأمثلته كثيرة منها:
ما أن تريم فؤاده أشجانه ... كثرت به يوم النوى أحزانه
أحزانه لما جرت بعظامه ... من حب من شهدت له أجفانه
أجفانه شهدت له أن الورى ... طرا أذاب رقابهم سلطانه
سلطانه برع الحمال بوجهه ... وروادف خضعت لها أركانه
أركانه أبدا تميد إذا مشى ... ويكاد يقطر كفه وبنانه
وبنانه كالخيزران وقده ... قد القضيب به زهت أغصانه
الخامس: في القهقرى وهو أن يعكس المتكلم كلامه فيقرأه من آخره إلى أوله كالرسالة التي ذكرها الحريري في مقاماته أولها «الإنسان صنعه الإحسان» إلى آخرها، وقد تقع في النظم كقول بعضهم:
رق لي من شجو قلبي يا خلي ... يا خلي من شجو قلبي رق لي
لا يلي فيك بحالي عاشق ... عاشق فيك بحالي لا يلي
إن لي فيك فؤادا هائما ... هائما فيك فؤادا أن لي
غن لي باسم حبيبي دائما ... دائما باسم حبيبي غن لي
أمل لي كأس مدامي مترعا ... مترعا كأس مدامي أمل لي
تنجلي عني همومي كلما ... كلما عني همومي تنجلي
ومن ذلك بل أجل صناعة وأجل صياغة قول الكفعمي (ره): بيتان يقرآن
على وجوه متعددة غير أنهما إذا قرئا طردا كانا مدحا وإن قرئا عكسا كانا قدحا:(2/228)
رق لي من شجو قلبي يا خلي ... يا خلي من شجو قلبي رق لي
لا يلي فيك بحالي عاشق ... عاشق فيك بحالي لا يلي
إن لي فيك فؤادا هائما ... هائما فيك فؤادا أن لي
غن لي باسم حبيبي دائما ... دائما باسم حبيبي غن لي
أمل لي كأس مدامي مترعا ... مترعا كأس مدامي أمل لي
تنجلي عني همومي كلما ... كلما عني همومي تنجلي
ومن ذلك بل أجل صناعة وأجل صياغة قول الكفعمي (ره): بيتان يقرآن
على وجوه متعددة غير أنهما إذا قرئا طردا كانا مدحا وإن قرئا عكسا كانا قدحا:
قد ما شكروا وما نكثت لهم ذمم ... ستروا وما هتكت لهم حرم
صبروا وما كلمت لهم قمم ... نصروا وما وهنت لهم همم
عداء ابن الزبير لبني هاشم وقبائحه
نقل الشيخ عز الدين ابن أبي الحديد المعتزلي في كتاب شرح نهج البلاغة قال: قطع عبد الله بن الزبير في الخطبة ذكر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جمعا كثيرة فاستعظم الناس ذلك فقال: إني لا أرغب عن ذكره ولكن له أهيل سوء إن أنا ذكرته اتلعوا أعناقهم فأنا أحب أن أكبتهم.
وقال: لما كاشف عبد الله بن الزبير بني هاشم وأظهر بغضهم وعابهم بما هم به في أمرهم ولم يذكر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في خطبته لا يوم جمعة ولا غيرها عاتبه على ذلك قوم من خاصته وتشاءموا بذلك منه وخافوا عاقبة أمره فقال: والله ما تركت ذلك علانية إلا وأنا أقوله سرا وأكثر منه، ولكني رأيت بني هاشم إذا سمعوا ذكره اشرأبوا واحمرت ألوانهم وطالت رقابهم، والله ما كنت أتي لهم سرورا وأنا أقدر عليه، والله لقد هممت أن أحفر لهم حفيرا ثم أضرمها عليهم نارا فإني لا أقتل منهم إلا آثما كفارا سحارا، الا إنما هم والله، ولا بارك عليهم بيت سوء لا أول لهم ولا آخر لهم، والله ما ترك نبي الله فيهم خيرا استفرغ نبي الله صدقهم فهم أكذب الناس، فقام إليه محمد بن سعد بن أبي وقاص فقال: وفقك الله يا أمير المؤمنين أنا أول من أعاونك في أمورهم، فقام عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي فقال: والله ما قلت صوابا ولا هممت برشد رهط رسول الله تعيب وإياهم تقتل والعرب حولك، والله لو أن قتلت عدتهم أهل بيت من الترك مسلمين ما سوغه الله لك، والله لو لم ينصرهم الناس منك لنصرهم الله بنصره. فقال: اجلس أبا صفوان فلست بناموس.
فبلغ الخبر عبد الله بن العباس فخرج مغضبا ومعه ابنه حتى أتى المسجد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال: أيها الناس إن ابن الزبير يزعم أن لا أول لرسول الله ولا آخر فيا عجب كل العجب لافترائه وكذبه، والله إن اول من أخذ الايلاف وحمى عيرات قريش لهاشم، وإن أول من سقى بمكة عذبا وجعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب، والله لقد نشأت ناشئتنا مع ناشئة قريش وإنا كنا لقالتهم إذا قالوا وخطباؤهم إذا خطبوا وما عد مجد كمجد أولنا ولا
كان في قريش مجد لغيرنا لا في كفر ماحق ودين فاسق وضلة وضلالة في عشواء عمياء حتى اختار الله لنا نورا وبعث لنا سراجا فانتجبه طيبا من طيبين لا ينسب بمسه ولا يبغي عليه غائله، فكان أحدنا وولدنا وعمنا وابن عمنا ثم إن أسبق السابقين إليه منا وابن عمنا، ثم تلاه في السبق أهلنا ولحمتنا واحد بعد واحد، ثم أنا لخير الناس بعده أكرمهم أدبا وأشرفهم حسبا وأقربهم منه رحما. واعجبا كل العجب لابن الزبير يعيب بني هاشم وإنما شرف هو وأبوه وجدته بمصاهرتهم، أما والله انه لمصلوب قريش ومتى كان عوام بن خويلد يطمع في صفية بنت عبد المطلب، قيل للبغل: من أبوك يا بغل؟ قال: خالي الفرس.(2/229)
فبلغ الخبر عبد الله بن العباس فخرج مغضبا ومعه ابنه حتى أتى المسجد فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال: أيها الناس إن ابن الزبير يزعم أن لا أول لرسول الله ولا آخر فيا عجب كل العجب لافترائه وكذبه، والله إن اول من أخذ الايلاف وحمى عيرات قريش لهاشم، وإن أول من سقى بمكة عذبا وجعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب، والله لقد نشأت ناشئتنا مع ناشئة قريش وإنا كنا لقالتهم إذا قالوا وخطباؤهم إذا خطبوا وما عد مجد كمجد أولنا ولا
كان في قريش مجد لغيرنا لا في كفر ماحق ودين فاسق وضلة وضلالة في عشواء عمياء حتى اختار الله لنا نورا وبعث لنا سراجا فانتجبه طيبا من طيبين لا ينسب بمسه ولا يبغي عليه غائله، فكان أحدنا وولدنا وعمنا وابن عمنا ثم إن أسبق السابقين إليه منا وابن عمنا، ثم تلاه في السبق أهلنا ولحمتنا واحد بعد واحد، ثم أنا لخير الناس بعده أكرمهم أدبا وأشرفهم حسبا وأقربهم منه رحما. واعجبا كل العجب لابن الزبير يعيب بني هاشم وإنما شرف هو وأبوه وجدته بمصاهرتهم، أما والله انه لمصلوب قريش ومتى كان عوام بن خويلد يطمع في صفية بنت عبد المطلب، قيل للبغل: من أبوك يا بغل؟ قال: خالي الفرس.
ثم نزل. وقال خطب ابن الزبير بمكة على المنبر وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر فقال: إن ها هنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره، يزعم أن المتعة حلال من الله ورسوله ويفتي في القملة وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس وترك المسلمين بها يرتضحون النوى، وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل أم المؤمنين وحواري رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن وقاه بيده. فقال ابن عباس لقائده سعيد بن جبير بن هشام مولى بني أسد بن خزامة: استقبل بي وجه ابن الزبير وارفع من صدري وكان ابن عباس قد كف بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير وأقام قامته وحسر عن ذراعيه ثم قال: يابن الزبير.
قد أنصف الفارة من راماها ... أنا إذا ما فئة نلقاها
نرد أولاها على أخراها ... حتى تصير حرضا دعواها
فأما العمى فإن الله تعالى يقول: {(فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)}، وأما فتياي في القملة والنملة فإن فيهما حكمين لا تعلمها أنت ولا أصحابك، وما حملي المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطيناه كل ذي حق حقه وبقيت بقية هي دوننا حقنا في كتاب الله فأخذنا بحقنا، وأما المتعة فسل أمك اسما إذا نزلت عن بردي، عوسجة، وأما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك فانطلق أبوك وخالك إلى حجاب مده الله عليهما فهتكا عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها وصانا خلائلهما في بيوتهما، فلا أنصف الله ولا محمدا من أنفسهما إذا بارزا زوجة نبيه وصانا حلائلهما، وأما قتالنا إياكم فإنا لقيناكم زحفا فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا وإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا، وايم الله لولا مكان صفية فيكم ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزي عظما إلا كسرته.
فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردي عوسجة فقالت: ألم أنهك عن ابن عباس وعن بني هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا. فقال: بلى وعصيتك فقالت: يا بني احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الانس والجن، واعلم أن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها فإياك وإياه آخر الدهر. فقال ايم ابن خزيم بن فاتك الأسدي:(2/230)
قد أنصف الفارة من راماها ... أنا إذا ما فئة نلقاها
نرد أولاها على أخراها ... حتى تصير حرضا دعواها
فأما العمى فإن الله تعالى يقول: {(فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)}، وأما فتياي في القملة والنملة فإن فيهما حكمين لا تعلمها أنت ولا أصحابك، وما حملي المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطيناه كل ذي حق حقه وبقيت بقية هي دوننا حقنا في كتاب الله فأخذنا بحقنا، وأما المتعة فسل أمك اسما إذا نزلت عن بردي، عوسجة، وأما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك فانطلق أبوك وخالك إلى حجاب مده الله عليهما فهتكا عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها وصانا خلائلهما في بيوتهما، فلا أنصف الله ولا محمدا من أنفسهما إذا بارزا زوجة نبيه وصانا حلائلهما، وأما قتالنا إياكم فإنا لقيناكم زحفا فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا وإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا، وايم الله لولا مكان صفية فيكم ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزي عظما إلا كسرته.
فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردي عوسجة فقالت: ألم أنهك عن ابن عباس وعن بني هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا. فقال: بلى وعصيتك فقالت: يا بني احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الانس والجن، واعلم أن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها فإياك وإياه آخر الدهر. فقال ايم ابن خزيم بن فاتك الأسدي:
يابن الزبير لقد لاقيت بائقة ... من البوائق فالطف لطف محتال
لافيته هاشميا طاب منبته ... في مغرسيه كريم العم والخال
ما زال يقرع العظم مقتدرا ... على الجواب بصوت مسمع عالي
حتى رأيتك مثل الكلب منحجرا ... خلف الغبيط وكنت الباذخ العالي
لان ابن عباس المعروف حكمته ... خير الأنام له حال من الحال
عيرته المتعة المتبوع سنتها ... وبالقتال وقد عيرت بالمال
لما رماك على رسل بأسهمه ... جرت عليك كسوف الحال والبال
فاحتز مقولك إلا على بشفرته ... حرا وحيا بلا قال
إلى أن قال:
واعلم بأنك إن عاودت غيبته ... عادت عليك مخاز ذات أذيال
قال: روى عثمان بن طلحة العبدي قال: شهدت من ابن عباس (ره) مشهدا ما سمعته من رجل من قريش، كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن حكم وهو يومئذ أمير المدينة سرير آخر أصغر من سريره فيجلس عليه عبد الله بن العباس إذا دخل وتوضع الوسائد فيما عدا ذلك، فأذن مروان يوما للناس وإذا بسرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان فأقبل ابن عباس فجلس على سريره وجاء عبد الله بن الزبير وجلس على السرير المحدث وسكت مروان والقوم، فإذا يد ابن الزبير تتحرك فعلم أنه يريد أن ينطق ثم نطق فقال: إن ناسا يزعمون أن بيعة أبي بكر كانت غلطا وفلتة ومغالبة إلا أن شأن أبي بكر كان أعظم من أن يقال فيه هذا، ويزعمون أنه لولا ما وقع لكان الأمر لهم وفيهم والله ما كان من أصحاب محمد أحد أثبت إيمانا ولا أعظم سابقة من أبي بكر، فمن قال غير ذلك فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر فلم يكن إلا ما قال؟
ثم ألقى عمر خطهم في خطوط وجدهم في حدود فقسمت تلك الخطوط فأحز الله سممهم وأدحض حجتهم وولى الأمر عليهم من كان أقوم منهم فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه غرة ثم قتلهم الله كل قبيلة به وصاروا مطرودين تحت بطون الكواكب.
قال ابن عباس (ره): على رسلك أيها القائل في أبي بكر وعمر والخلافة، أما والله ما نالاها ولا نال أحد منهم شيئا إلا وصاحبنا خير ممن نال ولا أنكرنا.(2/231)
ثم ألقى عمر خطهم في خطوط وجدهم في حدود فقسمت تلك الخطوط فأحز الله سممهم وأدحض حجتهم وولى الأمر عليهم من كان أقوم منهم فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه غرة ثم قتلهم الله كل قبيلة به وصاروا مطرودين تحت بطون الكواكب.
قال ابن عباس (ره): على رسلك أيها القائل في أبي بكر وعمر والخلافة، أما والله ما نالاها ولا نال أحد منهم شيئا إلا وصاحبنا خير ممن نال ولا أنكرنا.
تقدم من تقدم لعيب عبناه عليه، ولو تقدم صاحبنا لكان أهلا وفوق الأهل، ولولا أنك إنما تذكر حظ غيرك وشرف أمر سواك لكلمتك ولكن ما أنت وما لاحظ لك فيه، اقتصر على حظك ودع تيما لتيم وعديا لعدي وأمية لأمية، ولو كلمني تيمي أو عدوي أو أموي لكلمته وأخبرته خبر حاضر عن حاضر ولا خبر غائب عن غائب، ولكن ما أنت وما ليس لك فإن يكن في أسد بن عبد العزى شيء فهو لك. أما والله لنحن أقرب بك عهدا وأبيض عندك يدا ولو في عندك نعمة ممن أميت، تظن أنك تصول به علينا وما أخلق ثوب صفية بعد. والله المستعان على ما تصفون.
وقال المسعودي في كتاب مروج الذهب: إن عبد الله بن الزبير حبس الحسن ابن محمد بن الحنفية في حبس مظلم وأراد قتله، فأعمل الحيلة حتى تخلص من السجن وتعسف الطريق على الجبال حتى أتى منى وفيها أبوه محمد بن الحنفية ثم إن عبد الله جمع بني هاشم كلهم في سجن عارم وأراد أن يحرقهم بالنار وجعل في فم الشعب حطبا كثيرا فأرسل المختار أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف، فقال أبو عبد الله لأصحابه: ويحكم ان بلغ ابن الزبير الخبر عجل على بني هاشم فأتى عليهم فانتدب هو بنفسه في ثمانمئة فارس من جريدة فما شعر بهم ابن الزبير إلا والرايات تخفق بمكة فقصد قصد الشعب فأخرج الهاشميين منه ونادى بشعار محمد ابن الحنفية وسماه المهدي وهرب ابن الزبير فلاذ بأستار الكعبة فنهاهم محمد بن الحنفية عن طلبه وعن الحرب وقال: لا أريد الخلافة إلا أن طلبني الناس كلهم واتفقوا علي ولا حاجة لي في الحرب.
قال المسعودي: وكان عروة بن الزبير يعذر عبد الله أخاه في حصر بني هاشم في الشعب وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول: إنما أريد بذلك أن لا تنشر الكلمة ولا يختلف المسلمون وأن يدخلوا في الطاعة فتكون الكلمة واحدة كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر فإنه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار انتهى ما أردنا نقله عن ابن أبي الحديد.
يقول جامع هذا الكشكول وحاكي هذه النقول: انظر أيها العاقل المنصف إلى ما ينقله هذا الفاضل وأمثاله من علماء أهل السنة تصديقا للشيعة من قصد عمر حرق بيت فاطمة عليها السّلام وتراهم في مقام البحث ينكرونه أتم الإنكار وينسبونه إلى
متفردات الشيعة وأنه كان من أكاذيبهم حمية على أصحابهم الأبرار.(2/232)
يقول جامع هذا الكشكول وحاكي هذه النقول: انظر أيها العاقل المنصف إلى ما ينقله هذا الفاضل وأمثاله من علماء أهل السنة تصديقا للشيعة من قصد عمر حرق بيت فاطمة عليها السّلام وتراهم في مقام البحث ينكرونه أتم الإنكار وينسبونه إلى
متفردات الشيعة وأنه كان من أكاذيبهم حمية على أصحابهم الأبرار.
ثم أقول: لا عجب مما جبل عليه ابن الزبير من عداوة بني هاشم سنام العلا والمكارم وذروة الشرف كارما من كارم، فإن الأصل عتيق الذي قصد بيت النبوة بالحريق كما اعترف به هذا الزنديق والخالة الكافلة المربية له ذات الهودج التي قد غدت من بين النساء لحرب بني هاشم يبرج فهو مما جبل عليه من البعض لهم خليق وأي خليق وما مكي به العداوة حقيق وأي حقيق.
منتخبات من نهج البلاغة وشرحه
كتاب نهج البلاغة قيل له بأي شيء غلبت الأقران؟ فقال: ما لقيت أحدا إلا أعانني على نفسه. يومي عليه السّلام إلى تمكن هيبته في القلوب.
قال الشارح ابن أبي الحديد: قالت الحكماء: الوهم مؤثر وهذا حق لأن المريض إذا تقرر في وهمه أنه مرض قاتل له ربما هلك بالوهم، وكذا من تلسعه الحية ويقع في خياله أنها قاتلة فإنه لا يكاد يسلم منها، وقد ضربوا لذلك مثالا «الماشي على جذع معترض على مهواة» فإن وهمه ونخيل السقوط يقتضي سقوطه، وإلا فمشيه عليه وهو منصوب على المهواة كمشيه عليه وهو ملقى على الأرض لا فرق بينهما إلا الوهم والخوف والإشفاق والحذر، فكذلك الذين بارزوا عليا عليه السّلام من الاقران لما كان قد طار صيته واجتمعت الكلمة أنه ما بارزه أحد إلا كان المقتول غلب الوهم عليهم فقصرت أنفسهم عن مقاومته وانخذلت أيديهم وجوارحهم عن مناهضته، وكان هو في الغاية القصوى من الشجاعة والإقدام يقتحم عليهم فيقتلهم.
ومن الكتاب المذكور قال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فقال عليه السّلام: إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفّت أرجلكم من ماء البحر حتى قلتم لنبيكم {(اجْعَلْ لَنََا إِلََهاً كَمََا لَهُمْ آلِهَةٌ)} قال إنكم قوم تجهلون.
قال الشارح المذكور: ما أحسن قوله: «اختلفنا عنه لا فيه» وذلك أن الاختلاف لم يكن في التوحيد والنبوة بل في فروع خارجة عن ذلك نحو الإمامة والميراث والخلاف في الزكاة هل هي واجبة أم لا، واليهود لم يختلفوا كذلك بل في التوحيد الذي هو الأصل.
وقد روى حديث اليهودي على وجه آخر قال اليهودي لعلي عليه السّلام: اختلفتم
بعد نبيكم ولم يجف ماؤه يعني غسله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ فقال عليه السّلام: وأنتم قلتم اجعل لنا إلها ولم يجف ماؤكم.(2/233)
وقد روى حديث اليهودي على وجه آخر قال اليهودي لعلي عليه السّلام: اختلفتم
بعد نبيكم ولم يجف ماؤه يعني غسله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ فقال عليه السّلام: وأنتم قلتم اجعل لنا إلها ولم يجف ماؤكم.
ومنه قال عليه السّلام لكاتبه عبد الله بن أبي رافع: الق دواتك واطل جلفة قلمك وفرج بين السطور وقرمط الحروف، فإن ذلك أجدر بصباحة الخط.
ومنه قال عليه السّلام: مودة الآباء قرابة بين الأبناء والقرابة أحوج إلى المودة إلى القرابة. قال الشارح: وكأن يقال: الحب يتوارث والبغض يتوارث. قال الشاعر:
ابقي الضغائن ابناء لنا سلفوا ... فلن تبيدوا للآباء أبناء
ولا خير في القرابة من دون مودة فقد قال القائل لما قيل له أيما أحب أقريبك أم صديقك؟ إنما أحب أخي إذا كان صديقا، فالقربى محتاجة إلى المودة والمودة مستغنية عن القربى.
وقال: إن للقلوب إقبالا وإدبارا فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض.
وقال لابنه محمد: يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه.
وقال عليه السّلام: الفقر منقصة للدين ومدهشة للعقل وداعية للمقت. وقال عليه السّلام: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون ما في يد الله سبحانه أوثق منه بما في يده.
وقال عليه السّلام: اتقوا ظنون المؤمنين فإن الله جعل الحق على ألسنتهم.
وقال عليه السّلام: رسولك ترجمان عقلك وكتابك أبلغ من أن ينطق عنك.
وقال عليه السّلام: ما قال الناس بشيء طوبى له إلا وقد خبأ له الدهر يوم سوء.
قال الشارح: كان محمد بن عبد الله بن طاهر أمير بغداد في قصره على دجلة وإذا بحشيش على وجه الماء في وسطه قصبة عليها رقعة، فأمر بأخذها وإذا فيها:
تاه الأعيرج واستعلى به النظر ... فقيل له خير ما استعملته الحذر
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
فما أنفع لنفسه بعده.
قال يحيى بن خالد: أعطانا الدهر فأسرف ثم مال علينا فأجحف.
قال عليه السّلام: قليل يدوم عليه أرجى من كثير مملوك. وقال عليه السّلام: من
تذكر بعد السفر استعد. وقال عليه السّلام: يابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. وقال عليه السّلام: إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهواتها وإقبالها فإن القلب إذا أكره عمى. وقال عليه السّلام: متى أشفي غيظي إذ غضبت أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي لو صبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي لو غفرت. وقال عليه السّلام: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة. وقال عليه السّلام: إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة. وقال عليه السّلام: لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك فقد يشكرك عليه من لا يستمع بشيء منه، وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر ما أضاع الكافر والله يحب المحسنين.(2/234)
قال عليه السّلام: قليل يدوم عليه أرجى من كثير مملوك. وقال عليه السّلام: من
تذكر بعد السفر استعد. وقال عليه السّلام: يابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك. وقال عليه السّلام: إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهواتها وإقبالها فإن القلب إذا أكره عمى. وقال عليه السّلام: متى أشفي غيظي إذ غضبت أحين أعجز عن الانتقام فيقال لي لو صبرت، أم حين أقدر عليه فيقال لي لو غفرت. وقال عليه السّلام: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة. وقال عليه السّلام: إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة. وقال عليه السّلام: لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك فقد يشكرك عليه من لا يستمع بشيء منه، وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر ما أضاع الكافر والله يحب المحسنين.
قال بعض الشعراء في هذا المعنى:
لعمرك ما المعروف في غير أهله ... وفي أهله إلا كبعض الودائع
فمستودع ضاع الذي كان عنده ... ومستودع ما عنده كان ضائع
ومن الناس في شكر الصنيعة عندهم ... وفي كفرها إلا كبعض المزارع
فمزرعة طابت وأضعف نبتها ... ومن زرعة أكدت على كل زارع
وقال علي عليه السّلام: كل وعاء يضيق بما وضع فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع.
وقال عليه السّلام: أول غوص الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل.
وقال عليه السّلام: إن لم تكن حليما فتحلم فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم. وقال عليه السّلام: عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله. وقال عليه السّلام: من لان عوده كثفت أغصانه. وقال الشارح: ومعنى هذه الكلمة أن من حسن خلقه ولانت كلمته كثر محبوه وأعوانه وأتباعه، ونحو ذلك من لانت كلمته وجبت محبته.
وقال عليه السّلام: الخلاف يهدم الرأي. قال الشارح: هذا مثل قوله في موضع آخر:
«لا رأي لمن لا يطاع» ويروي «لا مرة لمن لا يطاع» وقال علي عليه السّلام: في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال. قال الشارح: معناه لا يعلم أخلاق الإنسان إلا بالتجربة واختلاف الأحوال عليه قال الشاعر:
لا تجمدن امرأ حتى تجربه ... ولا تذمنه من غير تجريب
وقالوا: التجربة محك. وقال عليه السّلام: حسد الصديق من سقم المودة.
وقال عليه السّلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. وقال عليه السّلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنة. وقال عليه السّلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على
العباد. وقال عليه السّلام: من أشرف أفعال الكريم غفلته عن ما يعلم. وقال عليه السّلام:(2/235)
وقال عليه السّلام: أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع. وقال عليه السّلام: ليس من العدل القضاء على الثقة بالظنة. وقال عليه السّلام: بئس الزاد إلى المعاد العدوان على
العباد. وقال عليه السّلام: من أشرف أفعال الكريم غفلته عن ما يعلم. وقال عليه السّلام:
من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وقال عليه السّلام: بكثرة الصمت تكون الهيبة، وبالنصفة يكثر الواصلون، وبالأفضال يعظم الاقتدار، وبالتواضع تتم النعمة، وباحتمال المؤن يجب السؤدد، وبالسيرة العادلة يقهر المناوىء، وبالحلم عن السفيه يكثر الأنصار عليه. وقال عليه السّلام: كفى بالقناعة ملكا وبحسن الخلق نعيما.
وسئل عليه السّلام عن قوله عزّ وجلّ: {(فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيََاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ)} فقال:
هي القناعة. وقال عليه السّلام: شاركوا الذي أقبل عليه الرزق فإنه أخلق بالغنا واجدر بإقبال الحظ. وقال عليه السّلام: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم. وقال عليه السّلام: اتق الله بعض التقى وإن قل واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق. وقال عليه السّلام: إن لله تعالى في كل نعمة حقا فمن أداه زاده منها ومن قصر عنه خاطر بزوال نعمته. وقال عليه السّلام: إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة وقال عليه السّلام: احذروا نفاد النعم فما كل شارد بمردود. وقال عليه السّلام: حلفوا الظالم إذا أردتم بيمينه أنه بريء من حول الله وقوته فإنه إذا حلف بها كاذبا عوجل، وإذا حلف بالله الذي لا إله إلا هو لم يعاجل لأنه قد وحد الله تعالى.
وقال الشارح: روى أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين إن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام لما أمنه الرشيد بعد خروجه بالديلم فصار إليه بالغ في إكرامه وبره، فسعى بعد مدة عبد الله ابن مصعب الزبيري إلى الرشيد وكان يبغضه وقال له: إنه قد عاد يدعو إلى نفسه سرا وحسن نقض أمانه، فأحضره وجمع بينه وبين عبد الله بن مصعب ليناظره فيما فرقه به ورفعه عليه، فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وادعى عليه الحركة في الخروج وشق العصا، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين أتصدق هذا علي وتستنصحه وهو عبد الله بن الزبير الذي جلس أباك عبد الله وولده بالشعب وأضرم عليهم النار حتى خلصه ابن عبد الله الجدلي صاحب علي بن أبي طالب منه عنوة، وهو الذي ترك الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أربعين جمعة في خطبته فلما التفت عليه الناس قال: «له أهيل سوء إذا صليت عليه وذكرته اتلعوا أعناقهم وسروا الزكاة فأكره أن أسرهم وأقر أعينهم» وهو الذي كان يشتم أباك ويلصق به العيوب حتى ورا كبده، ولقد ذبحت بقرة يوما لأبيك فوجدت كبدها قد تفتت. فقال علي ابنه: أما ترى كبد هذه البقرة يا أبت، فقال: يا بني هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف فلما أحضرته الوفاة قال لعلي ابنه: يا بني إذا مت فالحق بقومك من بني
عبد مناف بالشام ولا تقم في بلد فيه لابن الزبير أمرة، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير، والله إن عداوة هذا يا أمير المؤمنين لنا جميعا بمنزلة سواء ولكنه قوي علي وضعف عنك فقرب لي إليك ليظفر منك في بما يريد إذا لم يقدر على مثله منك، وما ينبغي منك أن تسوغه ذلك في، فإن معاوية بن أبي سفيان وهو أبعد نسبا منك إلينا، ذكر الحسن بن علي يوما بسبه فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك فزجره وانتهره فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين. فقال: إن الحسن لحمى أكله ولا أوكله ومع هذا فهو الخارج مع محمد أخي على أبيك المنصور أبي جعفر والقائل لأخي في قصيدة طويلة أولها:(2/236)
وقال الشارح: روى أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين إن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام لما أمنه الرشيد بعد خروجه بالديلم فصار إليه بالغ في إكرامه وبره، فسعى بعد مدة عبد الله ابن مصعب الزبيري إلى الرشيد وكان يبغضه وقال له: إنه قد عاد يدعو إلى نفسه سرا وحسن نقض أمانه، فأحضره وجمع بينه وبين عبد الله بن مصعب ليناظره فيما فرقه به ورفعه عليه، فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وادعى عليه الحركة في الخروج وشق العصا، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين أتصدق هذا علي وتستنصحه وهو عبد الله بن الزبير الذي جلس أباك عبد الله وولده بالشعب وأضرم عليهم النار حتى خلصه ابن عبد الله الجدلي صاحب علي بن أبي طالب منه عنوة، وهو الذي ترك الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أربعين جمعة في خطبته فلما التفت عليه الناس قال: «له أهيل سوء إذا صليت عليه وذكرته اتلعوا أعناقهم وسروا الزكاة فأكره أن أسرهم وأقر أعينهم» وهو الذي كان يشتم أباك ويلصق به العيوب حتى ورا كبده، ولقد ذبحت بقرة يوما لأبيك فوجدت كبدها قد تفتت. فقال علي ابنه: أما ترى كبد هذه البقرة يا أبت، فقال: يا بني هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف فلما أحضرته الوفاة قال لعلي ابنه: يا بني إذا مت فالحق بقومك من بني
عبد مناف بالشام ولا تقم في بلد فيه لابن الزبير أمرة، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير، والله إن عداوة هذا يا أمير المؤمنين لنا جميعا بمنزلة سواء ولكنه قوي علي وضعف عنك فقرب لي إليك ليظفر منك في بما يريد إذا لم يقدر على مثله منك، وما ينبغي منك أن تسوغه ذلك في، فإن معاوية بن أبي سفيان وهو أبعد نسبا منك إلينا، ذكر الحسن بن علي يوما بسبه فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك فزجره وانتهره فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين. فقال: إن الحسن لحمى أكله ولا أوكله ومع هذا فهو الخارج مع محمد أخي على أبيك المنصور أبي جعفر والقائل لأخي في قصيدة طويلة أولها:
إن الحماية يوم السغب من وتن ... هاجت فؤاد محب دائم الحزن
يحرض أخي فيها على الوثوب والنهوض إلى الخلافة ويمدحه ويقول له:
لا عز ركنا نزار عند سطوتها ... إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن
ألست أكرمهم عودا إذا نسبوا ... يوما وأطهرهم يوما من الدرن
وأعظم الناس عند الناس منزلة ... وأبعد الناس من عيب ومن وهن
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتها ... إن الخلافة فيكم يا بني حسن
إن التأمل أن يرتد ألفتنا ... بعد التدابر والبغضاء والأحن
حتى يثاب على الإحسان محسننا ... ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن
وتنقضي دولة أحكام قادتها ... فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فطالما قد برت بالجور أعظمنا ... نرى الضياع قداح البيع بالسفن
فتغير وجه الرشيد عند سماع هذا الشعر وتغيض على ابن مصعب، فابتدى ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو وبإيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وأنه لسديف، فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قال غيره وما حلفت صادقا ولا كاذبا بالله قبل هذا، وإن الله عزّ وجلّ إذا مجده العبد في يمينه فقال: والله الطالب الغالب الرحمن الرحيم استحى أن يعاقبه، فدعني أحلفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل. قال: فحلفه. فقال له: قل برئت من حول الله وقوته واعتصمت بحولي وقوتي وتقلبت الحول والقوة من دون الله استكبارا على الله واستعلاء عليه واستغناء عنه إن كنت قلت هذا الشعر، فامتنع عبد الله من الحلف بذلك فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع: يا عبس ما له لا يحلف إن كان صادقا هذا طيلساني علي وهذه ثيابي لو حلّفني بهذه اليمين أنها لي لخلفت، فوكز الفضل عبد الله برجله وكان له فيه هوى وقال له: احلف ويحك، فجعل يحلف
بهذه اليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحيى بين كتفيه وقال: يابن مصعب قطعت عمرك لا تفلح بعدها أبدا. قالوا فما برح من موضعه حتى عرض له إعراض الجذام استدارت عيناه وتفقأ وجهه وقام إلى بيته فتقطع وتشقق لحمه وانتثر شعره ومات بعد ثلاث، وحضر الفضل بن الربيع جنازته فلما جعل في القبر انخسف اللحد به حتى خرجت منه غبرة شديدة وجعل الفضل يقول: التراب التراب قد خرجت منه رائحة مفرطة النتن فرأيت أحمال شوك تمر في الطريق فقلت: علي بذلك الشوك فأتيت به فطرحت به على موضع قبره فطرح في تلك الوهدة، فما استقر حتى انخسف ثانية فقلت: علي بألواح ساج فطرحت على موضع قبره وطرح التراب عليها فانخسف فلم يستطيعوا سده حتى شغف عشب وطم عليه، فكان الرشيد يقول بعده للفضل: رأيت يا عباسي ما أسرع ما أديل يحيى من ابن مصعب.(2/237)
لا عز ركنا نزار عند سطوتها ... إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن
ألست أكرمهم عودا إذا نسبوا ... يوما وأطهرهم يوما من الدرن
وأعظم الناس عند الناس منزلة ... وأبعد الناس من عيب ومن وهن
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتها ... إن الخلافة فيكم يا بني حسن
إن التأمل أن يرتد ألفتنا ... بعد التدابر والبغضاء والأحن
حتى يثاب على الإحسان محسننا ... ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن
وتنقضي دولة أحكام قادتها ... فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فطالما قد برت بالجور أعظمنا ... نرى الضياع قداح البيع بالسفن
فتغير وجه الرشيد عند سماع هذا الشعر وتغيض على ابن مصعب، فابتدى ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو وبإيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وأنه لسديف، فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قال غيره وما حلفت صادقا ولا كاذبا بالله قبل هذا، وإن الله عزّ وجلّ إذا مجده العبد في يمينه فقال: والله الطالب الغالب الرحمن الرحيم استحى أن يعاقبه، فدعني أحلفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل. قال: فحلفه. فقال له: قل برئت من حول الله وقوته واعتصمت بحولي وقوتي وتقلبت الحول والقوة من دون الله استكبارا على الله واستعلاء عليه واستغناء عنه إن كنت قلت هذا الشعر، فامتنع عبد الله من الحلف بذلك فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع: يا عبس ما له لا يحلف إن كان صادقا هذا طيلساني علي وهذه ثيابي لو حلّفني بهذه اليمين أنها لي لخلفت، فوكز الفضل عبد الله برجله وكان له فيه هوى وقال له: احلف ويحك، فجعل يحلف
بهذه اليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحيى بين كتفيه وقال: يابن مصعب قطعت عمرك لا تفلح بعدها أبدا. قالوا فما برح من موضعه حتى عرض له إعراض الجذام استدارت عيناه وتفقأ وجهه وقام إلى بيته فتقطع وتشقق لحمه وانتثر شعره ومات بعد ثلاث، وحضر الفضل بن الربيع جنازته فلما جعل في القبر انخسف اللحد به حتى خرجت منه غبرة شديدة وجعل الفضل يقول: التراب التراب قد خرجت منه رائحة مفرطة النتن فرأيت أحمال شوك تمر في الطريق فقلت: علي بذلك الشوك فأتيت به فطرحت به على موضع قبره فطرح في تلك الوهدة، فما استقر حتى انخسف ثانية فقلت: علي بألواح ساج فطرحت على موضع قبره وطرح التراب عليها فانخسف فلم يستطيعوا سده حتى شغف عشب وطم عليه، فكان الرشيد يقول بعده للفضل: رأيت يا عباسي ما أسرع ما أديل يحيى من ابن مصعب.
وقال عليه السّلام الحدة ضرب من الجنون لأن صاحبها يندم وإن لم يندم فجنونه مستحكم. وقال عليه السّلام: إذا ملكتم فتاجروا الله بالصدقة. وقال علي عليه السّلام:
الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله والغدر بأهل الوفاء وفاء عند الله. وقال عليه السّلام:
في الدنيا عاملان: عامل عمل في الدنيا للدنيا قد شغلته دنياه عن آخرته يخشى على من يخلف الفقر ويأمنه على نفسه فيفني عمره في منفعة غيره، وعامل عمل في الدنيا لما بعدها فجاء الذي له في الدنيا بغير عمل فأحرز الحظين معا وملك الدارين جميعا فأصبح وجيها عند الله لا يسأل الله شيئا فيمنعه. وقال عليه السّلام:
أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك: صديقك، وصديق صديقك وعدو عدوك، وأعداؤك: عدوك، وعدو صديقك، وصديق عدوك.
وقال عليه السّلام: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا أذلّ شيء نفسا، يكره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل غمه بعيد همه كثير صمته مشغول وقته شكور صبور، مغمور بفكرته ضنين بخلته، سهل الخليقة لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد وهو أذل من العبد. وقال عليه السّلام: المسؤول حر حتى يعد. وقال عليه السّلام: يابن آدم الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك على هم يومك كفاك كل يوم ما فيه، فإن تكن السنة من عمرك فإن الله سبحانه وتعالى سيؤتيك في كل يوم جديد بما قسم لك. وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهم لما ليس لك، ولن يسبقك إلى رزقك طالب ولن يغلبك عليه غالب ولن يبطىء عنك ما قدر لك.
وقال عليه السّلام: وقد سئل عن معنى قولهم: «لا حول ولا قوة إلا بالله» إنا لا نملك مع الله شيئا ولا نملك إلا ما ملكنا فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا. قال الشارح: معنى هذا الكلام أنه عليه السّلام جعل الحول عبارة عن الملكية والتصرف وجعل القوة عبارة عن التكليف، كأنه يقول لا تملك ولا تصرف إلا بالله ولا تكليف لأمر من الأمور إلا بالله، فنحن لا نملك مع الله شيئا أي لا نستقل أن نملك شيئا لأنه لولا اقداره إيانا وخلقته لنا أحياء لم نكن مالكين ولا متصرفين، فإذا ملكنا شيئا هو أملك به أي أقدر عليه مناصرنا مالكين له كالمثال مثلا حقيقة وكالعقل والجوارح والأعضاء مجازا وحينئذ يكون مكلف لنا أمرا يتعلق بما ملكناه إياه، نحو أن يكلفنا الزكاة عند تكليفنا الماء ويكلفنا النظر عند تمليكنا العقل وتكليفنا الجهاد والصلاة والحج وغير ذلك عند تملكنا الأعضاء والجوارح، ومتى أخذ منا المال وضع عنا تكليف الزكاة ومتى أخذ العقل سقط تكليف النظر ومتى أخذ الأعضاء والجوارح سقط تكليف الجهاد وما يجري مجراه.(2/238)
وقال عليه السّلام: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدرا أذلّ شيء نفسا، يكره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل غمه بعيد همه كثير صمته مشغول وقته شكور صبور، مغمور بفكرته ضنين بخلته، سهل الخليقة لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد وهو أذل من العبد. وقال عليه السّلام: المسؤول حر حتى يعد. وقال عليه السّلام: يابن آدم الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك على هم يومك كفاك كل يوم ما فيه، فإن تكن السنة من عمرك فإن الله سبحانه وتعالى سيؤتيك في كل يوم جديد بما قسم لك. وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهم لما ليس لك، ولن يسبقك إلى رزقك طالب ولن يغلبك عليه غالب ولن يبطىء عنك ما قدر لك.
وقال عليه السّلام: وقد سئل عن معنى قولهم: «لا حول ولا قوة إلا بالله» إنا لا نملك مع الله شيئا ولا نملك إلا ما ملكنا فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا. قال الشارح: معنى هذا الكلام أنه عليه السّلام جعل الحول عبارة عن الملكية والتصرف وجعل القوة عبارة عن التكليف، كأنه يقول لا تملك ولا تصرف إلا بالله ولا تكليف لأمر من الأمور إلا بالله، فنحن لا نملك مع الله شيئا أي لا نستقل أن نملك شيئا لأنه لولا اقداره إيانا وخلقته لنا أحياء لم نكن مالكين ولا متصرفين، فإذا ملكنا شيئا هو أملك به أي أقدر عليه مناصرنا مالكين له كالمثال مثلا حقيقة وكالعقل والجوارح والأعضاء مجازا وحينئذ يكون مكلف لنا أمرا يتعلق بما ملكناه إياه، نحو أن يكلفنا الزكاة عند تكليفنا الماء ويكلفنا النظر عند تمليكنا العقل وتكليفنا الجهاد والصلاة والحج وغير ذلك عند تملكنا الأعضاء والجوارح، ومتى أخذ منا المال وضع عنا تكليف الزكاة ومتى أخذ العقل سقط تكليف النظر ومتى أخذ الأعضاء والجوارح سقط تكليف الجهاد وما يجري مجراه.
هذا هو تفسير قوله عليه السّلام، وأما غيره فقد فسره بشيء آخر قال أبو عبد الله جعفر ابن محمد عليه السّلام: لا حول على الطاعة ولا قوة على ترك المعاصي إلا بالله.
وقال قوم وهم المجبرة لا فعل من الأفعال إلا وهو صادر من الله وليس في اللفظ ما يدل على ما ادعوا وإنما فيه أنه لا اقتدار إلا بالله، وليس يلزم من نفي الاقتدار إلا بالله صدق قولنا لا فعل من الأفعال إلا وهو صادر عن الله. والأولى في تفسير هذه اللفظة أن تحمل على ظاهرها وذلك أن الحول هو القوة والقوة هي الحول كلاهما مترادفان. ولا ريب أن القدرة من الله تعالى فهو أقدر للمؤمن على الإيمان والكافر على الكفر ولا يلزم من ذلك مخالفة العدل لأن القدرة ليست موجبة.
فإن قلت: فأي فائدة في ذكر ذلك وقد علم كل أحد أن الله تعالى خلق القدرة في جميع الحيوانات؟ قلت: المراد بذلك الرد على من أثبت صانعا غير الله كالمجوس والوثنية فإنهم قالوا بآلهين: أحدهما يخلق قدرة الخير، والآخر يخلق قدرة الشر انتهى.
وقال عليه السّلام: ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله. قال الشارح: قال الشاعر:
قنعت فأعتقت نفسي ولم ... أملك ذا ثروة رقها
ونزهتها عن سؤال الرجال ... ومنة من لم يرحقها
وإن القناعة كنز اللبيب ... إذا ارتبقت فتقت رتقها
سيبعث رزق الشفاه الغراث ... وخمص البطون الذي شفها
فما فارقت مهجة جسمها ... لعمرك إن وفيت رزقها
مواعيد ربك مصدوقة ... إذ غيرها فقدت صدقها
وقال عليه السّلام: القلب مصحف البصر. قال الشارح: يقول عليه السّلام كما أن الإنسان إذا نظر إلى المصحف قرأ ما فيه كذلك إذا أبصر الإنسان صاحبه فإنه يرى قلبه بواسطة رؤية وجهه ثم يعلم ما في قلبه من حب أو بغض أو غيرهما كما يعلم برؤية الخط الذي في المصحف ما يدل الخط عليه قال الشاعر:(2/239)
قنعت فأعتقت نفسي ولم ... أملك ذا ثروة رقها
ونزهتها عن سؤال الرجال ... ومنة من لم يرحقها
وإن القناعة كنز اللبيب ... إذا ارتبقت فتقت رتقها
سيبعث رزق الشفاه الغراث ... وخمص البطون الذي شفها
فما فارقت مهجة جسمها ... لعمرك إن وفيت رزقها
مواعيد ربك مصدوقة ... إذ غيرها فقدت صدقها
وقال عليه السّلام: القلب مصحف البصر. قال الشارح: يقول عليه السّلام كما أن الإنسان إذا نظر إلى المصحف قرأ ما فيه كذلك إذا أبصر الإنسان صاحبه فإنه يرى قلبه بواسطة رؤية وجهه ثم يعلم ما في قلبه من حب أو بغض أو غيرهما كما يعلم برؤية الخط الذي في المصحف ما يدل الخط عليه قال الشاعر:
إن العيون لتبدي في تقلبها ... ما في الضمائر من ود ومن حنق
أقول: وهو من قبيل قوله عليه السّلام في هذا الكتاب أيضا: ما أضمر أحدكم شيئا إلا أظهره الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه.
وقال عليه السّلام: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه ومن أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله فيما بينه وبين الناس.
وقال عليه السّلام: إذا أقبلت الدنيا على قوم أعارتهم محاسن غيرهم وإذا أدبرت عنهم سلبتهم محاسن أنفسهم. وقال عليه السّلام: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا على القدرة. وقال عليه السّلام: صدر العاقل صندوق سره والبشاشة حبالة المودة والاحتمال قبر العيوب. وقال عليه السّلام: من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه.
وقال عليه السّلام: البخل عار والجبن منقصة والفقر يخرس الفطن عن حاجته والمقل غريب في بلدته إلى هذا ينتهي ما اخترنا نقله.
في الشعر المشجر
وقال الكفعمي في كتابه المتقدم ذكره: (المشجر) هذا النوع لم يذكره الصفي (ره) في بديعته ولا السكاكي في مفتاحه ولا ابن أبي الأصبع في تحريره ولا التفتازاني في تلخيصه ولا ميثم في تجريده ولا المقداد في تجويده، وذكر الشيخ العالم أبو سعيد شعبان بن محمد القرشي المصري في قصيدته المسماة عقد البديع في مدح الشفيع يسمى عند علماء البديع بالتشجير والمشجر والفرع بالعين المهملة والبيت معه يسمى الشجرة الفنوي يسمى بذلك لكثرة شعباته تشبيها بالفنوى أي ذات الافنان والأغصان، وصفته أن يأتي الشاعر إلى بيت فيجزأه أجزاء يشتمل كل جزء من تلك على بيتين إذا قرىء البيت من أول، وأحسنه ما كثرت أجزاؤه لأن ذلك فيه تكثير الأبيات، وهو دليل على قوة الشاعر ومهارته وسعة استطاعته مثل قول الكفعمي:(2/240)
وقال الكفعمي في كتابه المتقدم ذكره: (المشجر) هذا النوع لم يذكره الصفي (ره) في بديعته ولا السكاكي في مفتاحه ولا ابن أبي الأصبع في تحريره ولا التفتازاني في تلخيصه ولا ميثم في تجريده ولا المقداد في تجويده، وذكر الشيخ العالم أبو سعيد شعبان بن محمد القرشي المصري في قصيدته المسماة عقد البديع في مدح الشفيع يسمى عند علماء البديع بالتشجير والمشجر والفرع بالعين المهملة والبيت معه يسمى الشجرة الفنوي يسمى بذلك لكثرة شعباته تشبيها بالفنوى أي ذات الافنان والأغصان، وصفته أن يأتي الشاعر إلى بيت فيجزأه أجزاء يشتمل كل جزء من تلك على بيتين إذا قرىء البيت من أول، وأحسنه ما كثرت أجزاؤه لأن ذلك فيه تكثير الأبيات، وهو دليل على قوة الشاعر ومهارته وسعة استطاعته مثل قول الكفعمي:
ما جرى عند شيخ الحنابلة من السب
نقل ابن أبي الحديد عن مقدم الحنابلة إسماعيل بن علي الحنبلي قال: دخل عليه واحد من الحنابلة فجعل الشيخ يسأله عن حاله وعن قصده حتى قال: يا شيخ لو شاهدت الزيارة يوم الغدير وما يجري عند قبر علي عليه السّلام من الأقوال والفضائح وسب الصحابة جهارا بأصوات مرتفعة من غير مراقبة ولا خيفة؟ فقال إسماعيل: وأي ذنب لهم والله ما أجرأهم على ذلك ولا فتح الباب إلا صاحب ذلك القبر. فقال: علي؟ فقال: يا سيدي هو الذي علمهم؟ قال: نعم هو ذلك.
قال: يا سيدي فإن كان محقا فما لنا نتولى فلانا وفلانا وإن كان مبطلا فما لنا
نتولاه، ينبغي أن نتبرأ منه أو منهما، فقام إسماعيل مسرعا فلبس نعليه وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل ابن الفاعلة إن كان يعرف جواب هذه المسألة ودخل حرمه انتهى.(2/241)
قال: يا سيدي فإن كان محقا فما لنا نتولى فلانا وفلانا وإن كان مبطلا فما لنا
نتولاه، ينبغي أن نتبرأ منه أو منهما، فقام إسماعيل مسرعا فلبس نعليه وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل ابن الفاعلة إن كان يعرف جواب هذه المسألة ودخل حرمه انتهى.
قال بعض أصحابنا بعد نقل ذلك عن ابن أبي الحديد: ولقد أنصف الشارح حيث لم ينكر هذه المقالة ولم يتعرض لجوابها مع تصلبه في حماية أشياخه فتأمل انتهى.
تحقيق ابن الجوزي في حديث الغدير
فائدة قال ابن الجوزي الحنبلي في كتاب تاريخ الخلفاء في المجلد الرابع منه فيما يختص بأمير المؤمنين عليه السّلام وأولاده بعد ذكر أخبار حديث الغدير وحملته من طرقه ما هذه صورته: (الكلام على الحديث) اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، وكان معه من الصحابة ومن الأعراب من يسكن حول مكة والمدينة مئة وعشرون ألفا، وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة. قال أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره: ولما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار فبلغ ذلك النعمان بن الحارث الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد ثم علقها ودخل المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس فيه فجاء حتى جلس بين يديه أو جثي ثم قال: يا محمد إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك أقوالك، وأنك أمرتنا أن نصلي الخمس صلوات في الليل واليوم وصوم شهر رمضان ونزكي أموالنا ونحج البيت فقبلنا منك ذلك، ثم لم نرض بهذا حتى رفعت ضبعي ابن عمك ففضلته على الناس وقلت: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فهذا شيء من الله أو منك؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد احمرت عيناه: والله الذي لا إله إلا هو أنه من الله وليس مني، قالها ثلاثا فقام النعمان وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك (وفي رواية ان كان ما يقول محمد حقا) فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. قال: فو الله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء فوقع على هامته فخرج من دبره فمات فنزل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم {(سَأَلَ سََائِلٌ بِعَذََابٍ وََاقِعٍ)} الآية.
ولا بد من تفسير لفظة المولى وما المراد بها فنقول: اختلف علماء العربية فيها على أقوال:
أحدها: أنها ترد بمعنى المالك قال الله تعالى: {(ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لََا يَقْدِرُ عَلى ََ شَيْءٍ)} و {(هُوَ كَلٌّ عَلى ََ مَوْلََاهُ)} أي مالك رقه.(2/242)
ولا بد من تفسير لفظة المولى وما المراد بها فنقول: اختلف علماء العربية فيها على أقوال:
أحدها: أنها ترد بمعنى المالك قال الله تعالى: {(ضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لََا يَقْدِرُ عَلى ََ شَيْءٍ)} و {(هُوَ كَلٌّ عَلى ََ مَوْلََاهُ)} أي مالك رقه.
والثاني: المولى المعتق بكسر التاء.
والثالث: المولى المعتق بفتح التاء.
والرابع: بمعنى الناصر، ومنه وقوله تعالى: {(ذََلِكَ بِأَنَّ اللََّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكََافِرِينَ لََا مَوْلى ََ لَهُمْ)}.
والخامس: ابن العم ومنه قوله أنشد ماهلا:
بني عمنا مهلا موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
السادس: الحليف ومنه قول الذبيان: موالي حلف لا موالي قرابة، ويقول:
هم خلفاء لا أبناء عم.
والسابع: المتوالي لضمان الجريرة وحيازة الميراث وكان ذلك في الجاهلية ثم نسخ بآية الميراث.
والثامن: الجار لماله من الحقوق بالمجاورة.
والتاسع: السيد المطاع وهو المولى المطلق.
والعاشر: بمعنى الأولى ومنه قوله تعالى: {(فَالْيَوْمَ لََا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلََا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوََاكُمُ النََّارُ هِيَ مَوْلََاكُمْ)} أي أولى بكم، وإذا ثبت هذا لم يجز حمل لفظة المولى على مالك الرق ولا على المعتق بفتح التاء لأن أمير المؤمنين عليه السّلام كان حرا ولا على الناصر لأنه كان ينصره ولا على ابن العم لأنه كان ابن عمه ولا على الحليف لأن الحليف يكون بين الغرباء للتعاضد والتناصر وهذا المعنى موجود فيه ولا على المتولي ضمان الجريرة لأن ذلك مسوخ ولا على الجار لأنه يكون لغوا من الكلام فتعين السيد المطاع والأولى ومعناه: من كنت مولاه فعلي أولى به مولاه.
وقد صرح بهذا الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الأصفهاني الثقفي في كتابه المسمى بمرج البحرين ومقصود هذا الحديث وقال: فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد علي عليه السّلام وقال: «من كنت وليه فعلي وليه» هذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته وكذا قوله: «وأدر الحق معه حيثما دار» نصّ صريح في ذلك وإجماع
الأمة منعقد على أنه ما جرى خلاف بينه وبين أحد من الصحابة إلا وكان الحق مع أمير المؤمنين، ألا ترى أن السفهاء استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفين وقد أكثر الشعراء في يوم الغدير فقال حسان بن ثابت:(2/243)
وقد صرح بهذا الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الأصفهاني الثقفي في كتابه المسمى بمرج البحرين ومقصود هذا الحديث وقال: فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد علي عليه السّلام وقال: «من كنت وليه فعلي وليه» هذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته وكذا قوله: «وأدر الحق معه حيثما دار» نصّ صريح في ذلك وإجماع
الأمة منعقد على أنه ما جرى خلاف بينه وبين أحد من الصحابة إلا وكان الحق مع أمير المؤمنين، ألا ترى أن السفهاء استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفين وقد أكثر الشعراء في يوم الغدير فقال حسان بن ثابت:
يناديهم يوم الغدير نبيهم ... بخم وأسمع بالنبي مناديا
وقال فمن مولاكم ووليكم ... فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وأنت ولينا ... وما لك منافي الولاية عاصيا
فقال له: قم يا علي فإنني ... رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه ... وكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه ... وكن للذي عادى عليا معاديا
فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نافحت عنا بلسانك.
وقال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وأنشدها بين يدي أمير المؤمنين كرم الله وجهه:
قلت لما بغلا العدو علينا ... حسبنا الله ونعم الوكيل
وعلي إمامنا وإمام لمن ... سوانا حقا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه ... فهذا مولاه خطب جليل
إنما قال الرسول على الأمة ... حتم ما فيه قال وقيل
وقال الكميت (ره):
نفى عن عينك الأرق الهجوعا ... ومما يمترى عنها الدموعا
لذي الرحمن يشفع بالمثاني ... وكان لنا أبو حسن شفيعا
ويوم الدوح دوح غدير خم ... بأن له الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تدافعوها ... فلم أر مثلها خطبا شنيعا
ولهذه الأبيات قصة عجيبة حكاها لي بعض أخواننا قال: أنشدت ليلة هذه الأبيات وبت متفكرا فيها فنمت فرأيت أمير المؤمنين عليه السّلام في منامي فقال:
أنشدني أبيات الكميت، فأنشدته إياها فلما أنهيتها قال عليه السّلام: فلم أر مثل ذلك ولم أر مثله حقا أضيعا. قال: فانتبهت مذعورا.
قال السيد الحميري:
يا بائع الأخرى بدنياه ... ليس بهذا أمر الله
من أين أبغضت علي الرضا ... وأحمد قد كان يرضاه
من الذي أحمد من بينهم ... يوم غدير الخم ناداه
أقامه من بين أصحابه ... وهم حواليه فسماه
هذا علي بن أبي طالب ... مولى لمن قد كنت مولاه
فوال من والاه يا ذا العلى ... وعاد من قد كان عاداه
وقال بديع الزمان الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني:(2/244)
قال السيد الحميري:
يا بائع الأخرى بدنياه ... ليس بهذا أمر الله
من أين أبغضت علي الرضا ... وأحمد قد كان يرضاه
من الذي أحمد من بينهم ... يوم غدير الخم ناداه
أقامه من بين أصحابه ... وهم حواليه فسماه
هذا علي بن أبي طالب ... مولى لمن قد كنت مولاه
فوال من والاه يا ذا العلى ... وعاد من قد كان عاداه
وقال بديع الزمان الفضل أحمد بن الحسين الهمذاني:
يا دار منتجع الرسالة ... يا بيت منتجع الملائك
يابن الفواطم والعواتك ... والترائك والأرائك
أنا حائك إن لم أكن ... مولى ولائك وابن حائك
انتهى ما أردنا نقله.
وقال أيضا في الكتابع المذكور: (حديث في ذكر شيعته) قال ابن الغطريف بهذا الإسناد أخبرنا عمر الكاغدي أخبرنا محمد بن يحيى الصوفي حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات أخبرنا عبد الله بن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: نظر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى علي كرم الله وجهه فقال: هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.
حديث رد الشمس
أخبرنا أبو القاسم عبد الحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي أخبرنا أبو الحسين بن النقور أخبرنا ابن حنانة حدثنا البغدادي حدثنا طالوت بن عباد عن إبراهيم بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت عميس قالت: كان رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حجر علي كرم الله وجهه وهو يوحى إليه، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، فردها الله له. وقد ضعف قوم هذا الحديث وذكره جدي في كتاب الموضوعات وقال: في إسناده جماعة ضعفاء وسماهم ثم قال: وصلاة العصر صارت قضاء فلا يفيد رجوع الشمس.
قلت: قد حكى القاضي عياض في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى عن الطحاوي أنه ذكره في شرح مشكل الحديث قال: روي من طريقين صحيحين عن
أسماء بنت عميس أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان رأسه في حجر علي عليه السّلام وهو يوحى إليه وذكره فيه فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أصليت العصر؟ قال: لا. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:(2/245)
قلت: قد حكى القاضي عياض في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى عن الطحاوي أنه ذكره في شرح مشكل الحديث قال: روي من طريقين صحيحين عن
أسماء بنت عميس أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان رأسه في حجر علي عليه السّلام وهو يوحى إليه وذكره فيه فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أصليت العصر؟ قال: لا. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت أسماء: فرأيتها طلعت بعدما غربت ووقفت على رؤوس الجبال وذلك بالصهباء في خيبر.
قال الطحاوي: وهاتان الروايتان ثابتتان ورواهما الثقاة. قال الطحاوي كان أحمد بن صالح يقول: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث أسماء لأنه من علامات النبوة، وقوله: «صارت صلاة العصر قضاء» قلت: إذا كان رجوع الشمس من علامات صحة نبوة نبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم فكيف تصير صلاة العصر أداء حكما لأن القضاء يحكي الفائت، والعجب من هذا وقد ثبت في الصحيح أن الشمس حبست ليوشع بن نون ولا يخلو إما أن يكون ذلك معجزة لموسى أو ليوشع فإن كان لموسى فنبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم أفضل وعلي كرم الله وجهه أقرب إليه من يوشع بن نون، وإن كان معجزة ليوشع فلا خلاف أن عليا كرم الله وجهه أفضل من يوشع بن نون لأن أدنى أحواله أن يكون كواحد وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» فعلم أن الحديث ثابت.
وفي الباب: حكاية عجيبة حكاها جماعة من مشايخنا قالوا: جلس أبو منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ بالناجية مدرسة بباب أبرز ببغداد بعد النصر وذكر حديث رد الشمس وشرع في فضائل أهل البيت، فنشأت سحابة غطت الشمس حتى ظن الناس أنها قد غابت فقام ابن منصور على المنبر قائما وأومأ إلى الشمس وارتجل في الحال:
لا تغربي يا شمس حتى ينقضي ... مدحي لآل المصطفى ولنجله
وأثنى عنانك إن أردت ثناءهم ... أنسيت إن كان الوقوف لأجله
إن كان للمولى وقوفك فليكن ... هذا الوقوف لنخيله ولرجله
فطلعت الشمس فلا يدري ما رمي عليه من الأموال والثياب.
وفي حديث رد الشمس يقول الصاحب كافي الكفاة ابن عباد:
من كمولاي علي ... والوغا تحمي لظاها
من يصيد الصيد فيها ... بالضبا حين انتضاها
كم وكم حرب ضروس ... سد بالمرهف فاها
اذكرا أفعال بدر ... لست أبغي ما سواها
اذكرا غزوة أحد ... انه شمس ضحاها
اذكرا حرب حنين ... انه بدر دجاها
اذكرا الأحزاب قدما ... انه ليث شراها
اذكرا مهجة عمرو ... حين أفناها تجاها
اذكرا أمر برات ... وأصدقاني من تلاها
حاله حالة هارون ... لموسى فافهماها
أعلى حب علي ... لا مني القوم سفاها
أول الناس صلاة ... جعل التقوى حلاها
ردت الشمس عليه ... بعدما غابت سناها
انتهى ما أردنا نقله من الكتاب المذكور من ذلك الموضع.(2/246)
من كمولاي علي ... والوغا تحمي لظاها
من يصيد الصيد فيها ... بالضبا حين انتضاها
كم وكم حرب ضروس ... سد بالمرهف فاها
اذكرا أفعال بدر ... لست أبغي ما سواها
اذكرا غزوة أحد ... انه شمس ضحاها
اذكرا حرب حنين ... انه بدر دجاها
اذكرا الأحزاب قدما ... انه ليث شراها
اذكرا مهجة عمرو ... حين أفناها تجاها
اذكرا أمر برات ... وأصدقاني من تلاها
حاله حالة هارون ... لموسى فافهماها
أعلى حب علي ... لا مني القوم سفاها
أول الناس صلاة ... جعل التقوى حلاها
ردت الشمس عليه ... بعدما غابت سناها
انتهى ما أردنا نقله من الكتاب المذكور من ذلك الموضع.
أقول: انظر إلى ما نقله هذا الفاضل وأمثاله من علمائهم في حديث غدير خم، وتصريحهم بكونه نصا في ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام مع عدو لهم عنه وتقديم غيره عليه، وما أدري ما الحجة لهم في ذلك بعد اعترافهم بما هنالك، ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
قصيدة الشفهيني
مما قاله الشيخ علي الشفهيني نور الله ضريحه وطيب ريحه:
أبرق تراءى عن يمين ثغورها ... أم تبسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرت بليل في بليل عراصها ... بنا سحرا أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدر أم تراءت عن النوى ... لعينك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها ... بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت ... جلاء العين ذرة من ذرورها
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا ... بها شغفا إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب برئته ... من الريب ذاتي مع ذوات خدورها
أتم جميل من جميل وسؤدد ... وأكثر كسب للعلى من كثيرها
وبت بريئا من دنو دناءة ... أغابت من مخطورها وخطيرها
لعلي إلي في المعاد مناقش ... حسابا على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخى بنفس نفيسة ... فارخص بذلا سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى إلى المجد عزوة ... بدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها
اعذر لمبيض العذار إذا صبا ... وأكبر مقتا صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهيا لذي النهى ... وتبصرة فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب ... لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا ... بليل عذراي السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت ... إليه نفورا في عداد نفورها
تقود إليه القود في كل جحفل ... إلى غارة معتدة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به ... وقائع صفين ويوم هريرها
وعاضدها في غيها شر أمة ... على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تعطلت ... طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت ... نواظرها مزورة غب زورها
وقد أوسعت في الدين خرقا ولا سعت ... إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاه عصابة ... غرار الضبا مشحودة من غرورها
قؤولا لأنصار لديه وأسرة ... لدى العرش سر مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا ... بمغفرة مرضية من غفورها
فاجمل في رد الندى كل ذي ندى ... ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي ... وحيدا بلا عون شرار شرورها
وما العذر في يوم العصيب لعصبة ... وقد خفرت يوما ذمام خفيرها
وهل سكنت روح إلى روح جنة ... وقد خالفت في الدين أمر أميرها
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا ... ونصبح نهبا في أكف نشورها
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم ... أسود الشرى في كرها وزبيرها
تهش إلى الأقدام علما بأنها ... تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها ... وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت ... إلى قاصرات الطرف بيّن قصورها
وما أنسى لا أنسى الحسين مجاهدا ... بنفس خلت من خلها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأودت ... لنزع قسي أعجبت من صريرها
ترى الخيل من أقدامها منه ما ترى ... محاذرة أن أمها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه ... كما جفلت كدر القطا من صقورها
تحيرها مات الكماة حسامه ... له بدلا عن جفنها وجفيرها
فلا فرقة إلا وأوسع سيفه ... بها فرقا أو فرقة في نفورها
أجدك هل سمر العوالي تجتني ... لكم عسلا مستعذبا من مريرها
أم استكبرت أنس الحياة نفاسة ... نفوسكم فاستبدلت أنس حورها
بنفسي مجروح الجوارح آيسا ... من النصر خلوا ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفرا ... على ظمأ من فوق حر صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونها ... حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا ... وغودر مقتولا دوين غديرها
هلال دجى أمسى يحد غزوها ... غريبا على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولا علت بهجة العلا ... به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارون قرن الشمس كسف ولم تعد ... تطايرها حزنا لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحا واعولت ... له الجن في قيعانها ووعورها
وكان تمور الأرض من فرط حسرة ... على السبط لولا رحمة من مميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم ... مرير عذاب مهلك بمرورها
أسفت وقد آبوا نجيا ولم يرح ... لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها ... لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عينا لا تجف دموعها ... ونارا يذيب القلب حر زفيرها
على مثل هذا الحزن يستحسن البكا ... وتقلع منا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أما ووالدا ... وأكرم خلق الله وابن نذيرها
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي ... وحوش الفلا ريانة من نميرها
أجل حسينا أن يمثل شخصه ... بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه ... سنان إلا شلت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلا ... أسيرا ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلا في القيود ممثلا ... لا كفر خلق الله وابن كفورها
ويمشي يزيد رافلا في حريره ... ويمسي حسين عاريا في حرورها
ودار بني صخر بن حرب أنيسة ... بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظل على صوت البغايا بغاتها ... بها زمرة تلحن بلحن زمورها
ودار علي والبتول وأحمد ... وشبرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها ... وزايرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها ... لوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياما أهلها ففطورها ... التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جن ليل زان فيه صلاتهم ... صلاة فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن عدا ... مقيما على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلا ... معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها ... وأظلم ظالما جوها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى ... فأهبطها من أوجه في قبورها
كواشر عقبان عليها تعاقبت ... بغاث إذ ناءت عن وكورها
عراة عراها وحشة فأذاقها ... وقد رمت بالهجر حر هجيرها
قضت عطشا والماء طام فلم يجد ... له منهلا إلا دماء نحورها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة ... وتندبها الأصداء عند بكورها
ستسألك تيم عنهم وعديها ... أوائلها ما أكدت لا خيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله ... مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جو رامية ... على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلما فاعقب ظلمة ... تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك أنك ... المشوم وإن طال المدى من دهورها
لانت وإن عظمت أعظم فجعة ... وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جل خطبها ... تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خيرة ذي العلا ... بمدحكم من مدحة لخبيرها
كفى ما أتى في هل أتى من مديحكم ... وأعرافها للعارفين وطورها
إذا رمت أن أجلو جمان جميلكم ... وهل حصر ينهي صفات حصورها تضيق بكم مدحا بحور عروضها ... ويحسدكم سحا عريض بحورها منحتكم شكرا وليس بضائع ... بضايع مدحي منحة من شكورها قيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة ... تقال إذا كم تشفعوا لعثورها فلي سيئات بت من خوف نشرها ... على وجل أخشى عقاب نشورها فما مالك يوم المعاد بمالكي ... إذا كنتم لي جنة من سعيرها وإني لمشتاق إلى نور بهجة ... سنا فجرها يجلو ظلام فجورها ظهور أخي عدل له الشمس آية ... من الغرب تبدو معجزا في ظهورها متى يجمع الله الشتات وتجبر ... القلوب التي لا جابر لكسيرها متى يظهر المهدي من آل هاشم ... على سيرة لم يبق غير يسيرها متى تقدم الرايات من أرض مكة ... ويضحكني بشرا قدوم بشيرها وتنظر عيني بهجة علوية ... ويسعد يوما ناظري من نظيرها وتهبط أملاك السما كتائبا ... لنصرته عن قدرة من قديرها وفتيان صدق من لوي بن غالب ... تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخالهم فوق الخيول أهلة ... ظهرن من الأفلاك أعلى ظهورها هنالك تعلق همة طال همها ... لإدراك ثار سالف من مثيرها فإن حان حيني بعد ذاك ولم يكن ... لنفس على نصرة من نصيرها قضى ظاميا قبل انقضاء مراده ... وليس يضيع الله أجر صبورها أبو(2/247)
أبرق تراءى عن يمين ثغورها ... أم تبسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرت بليل في بليل عراصها ... بنا سحرا أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدر أم تراءت عن النوى ... لعينك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها ... بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت ... جلاء العين ذرة من ذرورها
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا ... بها شغفا إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب برئته ... من الريب ذاتي مع ذوات خدورها
أتم جميل من جميل وسؤدد ... وأكثر كسب للعلى من كثيرها
وبت بريئا من دنو دناءة ... أغابت من مخطورها وخطيرها
لعلي إلي في المعاد مناقش ... حسابا على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخى بنفس نفيسة ... فارخص بذلا سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى إلى المجد عزوة ... بدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها
اعذر لمبيض العذار إذا صبا ... وأكبر مقتا صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهيا لذي النهى ... وتبصرة فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب ... لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا ... بليل عذراي السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت ... إليه نفورا في عداد نفورها
تقود إليه القود في كل جحفل ... إلى غارة معتدة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به ... وقائع صفين ويوم هريرها
وعاضدها في غيها شر أمة ... على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تعطلت ... طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت ... نواظرها مزورة غب زورها
وقد أوسعت في الدين خرقا ولا سعت ... إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاه عصابة ... غرار الضبا مشحودة من غرورها
قؤولا لأنصار لديه وأسرة ... لدى العرش سر مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا ... بمغفرة مرضية من غفورها
فاجمل في رد الندى كل ذي ندى ... ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي ... وحيدا بلا عون شرار شرورها
وما العذر في يوم العصيب لعصبة ... وقد خفرت يوما ذمام خفيرها
وهل سكنت روح إلى روح جنة ... وقد خالفت في الدين أمر أميرها
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا ... ونصبح نهبا في أكف نشورها
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم ... أسود الشرى في كرها وزبيرها
تهش إلى الأقدام علما بأنها ... تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها ... وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت ... إلى قاصرات الطرف بيّن قصورها
وما أنسى لا أنسى الحسين مجاهدا ... بنفس خلت من خلها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأودت ... لنزع قسي أعجبت من صريرها
ترى الخيل من أقدامها منه ما ترى ... محاذرة أن أمها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه ... كما جفلت كدر القطا من صقورها
تحيرها مات الكماة حسامه ... له بدلا عن جفنها وجفيرها
فلا فرقة إلا وأوسع سيفه ... بها فرقا أو فرقة في نفورها
أجدك هل سمر العوالي تجتني ... لكم عسلا مستعذبا من مريرها
أم استكبرت أنس الحياة نفاسة ... نفوسكم فاستبدلت أنس حورها
بنفسي مجروح الجوارح آيسا ... من النصر خلوا ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفرا ... على ظمأ من فوق حر صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونها ... حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا ... وغودر مقتولا دوين غديرها
هلال دجى أمسى يحد غزوها ... غريبا على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولا علت بهجة العلا ... به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارون قرن الشمس كسف ولم تعد ... تطايرها حزنا لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحا واعولت ... له الجن في قيعانها ووعورها
وكان تمور الأرض من فرط حسرة ... على السبط لولا رحمة من مميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم ... مرير عذاب مهلك بمرورها
أسفت وقد آبوا نجيا ولم يرح ... لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها ... لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عينا لا تجف دموعها ... ونارا يذيب القلب حر زفيرها
على مثل هذا الحزن يستحسن البكا ... وتقلع منا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أما ووالدا ... وأكرم خلق الله وابن نذيرها
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي ... وحوش الفلا ريانة من نميرها
أجل حسينا أن يمثل شخصه ... بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه ... سنان إلا شلت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلا ... أسيرا ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلا في القيود ممثلا ... لا كفر خلق الله وابن كفورها
ويمشي يزيد رافلا في حريره ... ويمسي حسين عاريا في حرورها
ودار بني صخر بن حرب أنيسة ... بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظل على صوت البغايا بغاتها ... بها زمرة تلحن بلحن زمورها
ودار علي والبتول وأحمد ... وشبرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها ... وزايرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها ... لوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياما أهلها ففطورها ... التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جن ليل زان فيه صلاتهم ... صلاة فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن عدا ... مقيما على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلا ... معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها ... وأظلم ظالما جوها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى ... فأهبطها من أوجه في قبورها
كواشر عقبان عليها تعاقبت ... بغاث إذ ناءت عن وكورها
عراة عراها وحشة فأذاقها ... وقد رمت بالهجر حر هجيرها
قضت عطشا والماء طام فلم يجد ... له منهلا إلا دماء نحورها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة ... وتندبها الأصداء عند بكورها
ستسألك تيم عنهم وعديها ... أوائلها ما أكدت لا خيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله ... مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جو رامية ... على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلما فاعقب ظلمة ... تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك أنك ... المشوم وإن طال المدى من دهورها
لانت وإن عظمت أعظم فجعة ... وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جل خطبها ... تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خيرة ذي العلا ... بمدحكم من مدحة لخبيرها
كفى ما أتى في هل أتى من مديحكم ... وأعرافها للعارفين وطورها
إذا رمت أن أجلو جمان جميلكم ... وهل حصر ينهي صفات حصورها تضيق بكم مدحا بحور عروضها ... ويحسدكم سحا عريض بحورها منحتكم شكرا وليس بضائع ... بضايع مدحي منحة من شكورها قيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة ... تقال إذا كم تشفعوا لعثورها فلي سيئات بت من خوف نشرها ... على وجل أخشى عقاب نشورها فما مالك يوم المعاد بمالكي ... إذا كنتم لي جنة من سعيرها وإني لمشتاق إلى نور بهجة ... سنا فجرها يجلو ظلام فجورها ظهور أخي عدل له الشمس آية ... من الغرب تبدو معجزا في ظهورها متى يجمع الله الشتات وتجبر ... القلوب التي لا جابر لكسيرها متى يظهر المهدي من آل هاشم ... على سيرة لم يبق غير يسيرها متى تقدم الرايات من أرض مكة ... ويضحكني بشرا قدوم بشيرها وتنظر عيني بهجة علوية ... ويسعد يوما ناظري من نظيرها وتهبط أملاك السما كتائبا ... لنصرته عن قدرة من قديرها وفتيان صدق من لوي بن غالب ... تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخالهم فوق الخيول أهلة ... ظهرن من الأفلاك أعلى ظهورها هنالك تعلق همة طال همها ... لإدراك ثار سالف من مثيرها فإن حان حيني بعد ذاك ولم يكن ... لنفس على نصرة من نصيرها قضى ظاميا قبل انقضاء مراده ... وليس يضيع الله أجر صبورها أبو(2/248)
أبرق تراءى عن يمين ثغورها ... أم تبسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرت بليل في بليل عراصها ... بنا سحرا أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدر أم تراءت عن النوى ... لعينك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها ... بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت ... جلاء العين ذرة من ذرورها
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا ... بها شغفا إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب برئته ... من الريب ذاتي مع ذوات خدورها
أتم جميل من جميل وسؤدد ... وأكثر كسب للعلى من كثيرها
وبت بريئا من دنو دناءة ... أغابت من مخطورها وخطيرها
لعلي إلي في المعاد مناقش ... حسابا على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخى بنفس نفيسة ... فارخص بذلا سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى إلى المجد عزوة ... بدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها
اعذر لمبيض العذار إذا صبا ... وأكبر مقتا صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهيا لذي النهى ... وتبصرة فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب ... لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا ... بليل عذراي السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت ... إليه نفورا في عداد نفورها
تقود إليه القود في كل جحفل ... إلى غارة معتدة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به ... وقائع صفين ويوم هريرها
وعاضدها في غيها شر أمة ... على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تعطلت ... طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت ... نواظرها مزورة غب زورها
وقد أوسعت في الدين خرقا ولا سعت ... إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاه عصابة ... غرار الضبا مشحودة من غرورها
قؤولا لأنصار لديه وأسرة ... لدى العرش سر مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا ... بمغفرة مرضية من غفورها
فاجمل في رد الندى كل ذي ندى ... ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي ... وحيدا بلا عون شرار شرورها
وما العذر في يوم العصيب لعصبة ... وقد خفرت يوما ذمام خفيرها
وهل سكنت روح إلى روح جنة ... وقد خالفت في الدين أمر أميرها
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا ... ونصبح نهبا في أكف نشورها
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم ... أسود الشرى في كرها وزبيرها
تهش إلى الأقدام علما بأنها ... تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها ... وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت ... إلى قاصرات الطرف بيّن قصورها
وما أنسى لا أنسى الحسين مجاهدا ... بنفس خلت من خلها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأودت ... لنزع قسي أعجبت من صريرها
ترى الخيل من أقدامها منه ما ترى ... محاذرة أن أمها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه ... كما جفلت كدر القطا من صقورها
تحيرها مات الكماة حسامه ... له بدلا عن جفنها وجفيرها
فلا فرقة إلا وأوسع سيفه ... بها فرقا أو فرقة في نفورها
أجدك هل سمر العوالي تجتني ... لكم عسلا مستعذبا من مريرها
أم استكبرت أنس الحياة نفاسة ... نفوسكم فاستبدلت أنس حورها
بنفسي مجروح الجوارح آيسا ... من النصر خلوا ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفرا ... على ظمأ من فوق حر صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونها ... حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا ... وغودر مقتولا دوين غديرها
هلال دجى أمسى يحد غزوها ... غريبا على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولا علت بهجة العلا ... به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارون قرن الشمس كسف ولم تعد ... تطايرها حزنا لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحا واعولت ... له الجن في قيعانها ووعورها
وكان تمور الأرض من فرط حسرة ... على السبط لولا رحمة من مميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم ... مرير عذاب مهلك بمرورها
أسفت وقد آبوا نجيا ولم يرح ... لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها ... لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عينا لا تجف دموعها ... ونارا يذيب القلب حر زفيرها
على مثل هذا الحزن يستحسن البكا ... وتقلع منا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أما ووالدا ... وأكرم خلق الله وابن نذيرها
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي ... وحوش الفلا ريانة من نميرها
أجل حسينا أن يمثل شخصه ... بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه ... سنان إلا شلت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلا ... أسيرا ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلا في القيود ممثلا ... لا كفر خلق الله وابن كفورها
ويمشي يزيد رافلا في حريره ... ويمسي حسين عاريا في حرورها
ودار بني صخر بن حرب أنيسة ... بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظل على صوت البغايا بغاتها ... بها زمرة تلحن بلحن زمورها
ودار علي والبتول وأحمد ... وشبرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها ... وزايرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها ... لوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياما أهلها ففطورها ... التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جن ليل زان فيه صلاتهم ... صلاة فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن عدا ... مقيما على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلا ... معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها ... وأظلم ظالما جوها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى ... فأهبطها من أوجه في قبورها
كواشر عقبان عليها تعاقبت ... بغاث إذ ناءت عن وكورها
عراة عراها وحشة فأذاقها ... وقد رمت بالهجر حر هجيرها
قضت عطشا والماء طام فلم يجد ... له منهلا إلا دماء نحورها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة ... وتندبها الأصداء عند بكورها
ستسألك تيم عنهم وعديها ... أوائلها ما أكدت لا خيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله ... مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جو رامية ... على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلما فاعقب ظلمة ... تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك أنك ... المشوم وإن طال المدى من دهورها
لانت وإن عظمت أعظم فجعة ... وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جل خطبها ... تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خيرة ذي العلا ... بمدحكم من مدحة لخبيرها
كفى ما أتى في هل أتى من مديحكم ... وأعرافها للعارفين وطورها
إذا رمت أن أجلو جمان جميلكم ... وهل حصر ينهي صفات حصورها تضيق بكم مدحا بحور عروضها ... ويحسدكم سحا عريض بحورها منحتكم شكرا وليس بضائع ... بضايع مدحي منحة من شكورها قيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة ... تقال إذا كم تشفعوا لعثورها فلي سيئات بت من خوف نشرها ... على وجل أخشى عقاب نشورها فما مالك يوم المعاد بمالكي ... إذا كنتم لي جنة من سعيرها وإني لمشتاق إلى نور بهجة ... سنا فجرها يجلو ظلام فجورها ظهور أخي عدل له الشمس آية ... من الغرب تبدو معجزا في ظهورها متى يجمع الله الشتات وتجبر ... القلوب التي لا جابر لكسيرها متى يظهر المهدي من آل هاشم ... على سيرة لم يبق غير يسيرها متى تقدم الرايات من أرض مكة ... ويضحكني بشرا قدوم بشيرها وتنظر عيني بهجة علوية ... ويسعد يوما ناظري من نظيرها وتهبط أملاك السما كتائبا ... لنصرته عن قدرة من قديرها وفتيان صدق من لوي بن غالب ... تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخالهم فوق الخيول أهلة ... ظهرن من الأفلاك أعلى ظهورها هنالك تعلق همة طال همها ... لإدراك ثار سالف من مثيرها فإن حان حيني بعد ذاك ولم يكن ... لنفس على نصرة من نصيرها قضى ظاميا قبل انقضاء مراده ... وليس يضيع الله أجر صبورها أبو(2/249)
أبرق تراءى عن يمين ثغورها ... أم تبسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرت بليل في بليل عراصها ... بنا سحرا أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدر أم تراءت عن النوى ... لعينك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها ... بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت ... جلاء العين ذرة من ذرورها
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا ... بها شغفا إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب برئته ... من الريب ذاتي مع ذوات خدورها
أتم جميل من جميل وسؤدد ... وأكثر كسب للعلى من كثيرها
وبت بريئا من دنو دناءة ... أغابت من مخطورها وخطيرها
لعلي إلي في المعاد مناقش ... حسابا على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخى بنفس نفيسة ... فارخص بذلا سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى إلى المجد عزوة ... بدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها
اعذر لمبيض العذار إذا صبا ... وأكبر مقتا صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهيا لذي النهى ... وتبصرة فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب ... لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا ... بليل عذراي السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت ... إليه نفورا في عداد نفورها
تقود إليه القود في كل جحفل ... إلى غارة معتدة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به ... وقائع صفين ويوم هريرها
وعاضدها في غيها شر أمة ... على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تعطلت ... طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت ... نواظرها مزورة غب زورها
وقد أوسعت في الدين خرقا ولا سعت ... إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاه عصابة ... غرار الضبا مشحودة من غرورها
قؤولا لأنصار لديه وأسرة ... لدى العرش سر مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا ... بمغفرة مرضية من غفورها
فاجمل في رد الندى كل ذي ندى ... ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي ... وحيدا بلا عون شرار شرورها
وما العذر في يوم العصيب لعصبة ... وقد خفرت يوما ذمام خفيرها
وهل سكنت روح إلى روح جنة ... وقد خالفت في الدين أمر أميرها
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا ... ونصبح نهبا في أكف نشورها
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم ... أسود الشرى في كرها وزبيرها
تهش إلى الأقدام علما بأنها ... تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها ... وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت ... إلى قاصرات الطرف بيّن قصورها
وما أنسى لا أنسى الحسين مجاهدا ... بنفس خلت من خلها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأودت ... لنزع قسي أعجبت من صريرها
ترى الخيل من أقدامها منه ما ترى ... محاذرة أن أمها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه ... كما جفلت كدر القطا من صقورها
تحيرها مات الكماة حسامه ... له بدلا عن جفنها وجفيرها
فلا فرقة إلا وأوسع سيفه ... بها فرقا أو فرقة في نفورها
أجدك هل سمر العوالي تجتني ... لكم عسلا مستعذبا من مريرها
أم استكبرت أنس الحياة نفاسة ... نفوسكم فاستبدلت أنس حورها
بنفسي مجروح الجوارح آيسا ... من النصر خلوا ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفرا ... على ظمأ من فوق حر صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونها ... حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا ... وغودر مقتولا دوين غديرها
هلال دجى أمسى يحد غزوها ... غريبا على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولا علت بهجة العلا ... به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارون قرن الشمس كسف ولم تعد ... تطايرها حزنا لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحا واعولت ... له الجن في قيعانها ووعورها
وكان تمور الأرض من فرط حسرة ... على السبط لولا رحمة من مميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم ... مرير عذاب مهلك بمرورها
أسفت وقد آبوا نجيا ولم يرح ... لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها ... لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عينا لا تجف دموعها ... ونارا يذيب القلب حر زفيرها
على مثل هذا الحزن يستحسن البكا ... وتقلع منا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أما ووالدا ... وأكرم خلق الله وابن نذيرها
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي ... وحوش الفلا ريانة من نميرها
أجل حسينا أن يمثل شخصه ... بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه ... سنان إلا شلت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلا ... أسيرا ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلا في القيود ممثلا ... لا كفر خلق الله وابن كفورها
ويمشي يزيد رافلا في حريره ... ويمسي حسين عاريا في حرورها
ودار بني صخر بن حرب أنيسة ... بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظل على صوت البغايا بغاتها ... بها زمرة تلحن بلحن زمورها
ودار علي والبتول وأحمد ... وشبرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها ... وزايرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها ... لوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياما أهلها ففطورها ... التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جن ليل زان فيه صلاتهم ... صلاة فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن عدا ... مقيما على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلا ... معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها ... وأظلم ظالما جوها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى ... فأهبطها من أوجه في قبورها
كواشر عقبان عليها تعاقبت ... بغاث إذ ناءت عن وكورها
عراة عراها وحشة فأذاقها ... وقد رمت بالهجر حر هجيرها
قضت عطشا والماء طام فلم يجد ... له منهلا إلا دماء نحورها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة ... وتندبها الأصداء عند بكورها
ستسألك تيم عنهم وعديها ... أوائلها ما أكدت لا خيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله ... مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جو رامية ... على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلما فاعقب ظلمة ... تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك أنك ... المشوم وإن طال المدى من دهورها
لانت وإن عظمت أعظم فجعة ... وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جل خطبها ... تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خيرة ذي العلا ... بمدحكم من مدحة لخبيرها
كفى ما أتى في هل أتى من مديحكم ... وأعرافها للعارفين وطورها
إذا رمت أن أجلو جمان جميلكم ... وهل حصر ينهي صفات حصورها تضيق بكم مدحا بحور عروضها ... ويحسدكم سحا عريض بحورها منحتكم شكرا وليس بضائع ... بضايع مدحي منحة من شكورها قيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة ... تقال إذا كم تشفعوا لعثورها فلي سيئات بت من خوف نشرها ... على وجل أخشى عقاب نشورها فما مالك يوم المعاد بمالكي ... إذا كنتم لي جنة من سعيرها وإني لمشتاق إلى نور بهجة ... سنا فجرها يجلو ظلام فجورها ظهور أخي عدل له الشمس آية ... من الغرب تبدو معجزا في ظهورها متى يجمع الله الشتات وتجبر ... القلوب التي لا جابر لكسيرها متى يظهر المهدي من آل هاشم ... على سيرة لم يبق غير يسيرها متى تقدم الرايات من أرض مكة ... ويضحكني بشرا قدوم بشيرها وتنظر عيني بهجة علوية ... ويسعد يوما ناظري من نظيرها وتهبط أملاك السما كتائبا ... لنصرته عن قدرة من قديرها وفتيان صدق من لوي بن غالب ... تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخالهم فوق الخيول أهلة ... ظهرن من الأفلاك أعلى ظهورها هنالك تعلق همة طال همها ... لإدراك ثار سالف من مثيرها فإن حان حيني بعد ذاك ولم يكن ... لنفس على نصرة من نصيرها قضى ظاميا قبل انقضاء مراده ... وليس يضيع الله أجر صبورها أبو(2/250)
أبرق تراءى عن يمين ثغورها ... أم تبسمت عن لؤلؤ من ثغورها
ومرت بليل في بليل عراصها ... بنا سحرا أم نفحة من عبيرها
وطلعة بدر أم تراءت عن النوى ... لعينك ليلى من خلال ستورها
نعم هذه ليلى وهاتيك دارها ... بسقط اللوى يغشاك لألاء نورها
سلام على الدار التي طالما غدت ... جلاء العين ذرة من ذرورها
وما عطفت عطفي ميلا إلى الصبا ... بها شغفا إلا بدور بدورها
قضيت بها عصر الشباب برئته ... من الريب ذاتي مع ذوات خدورها
أتم جميل من جميل وسؤدد ... وأكثر كسب للعلى من كثيرها
وبت بريئا من دنو دناءة ... أغابت من مخطورها وخطيرها
لعلي إلي في المعاد مناقش ... حسابا على قطميرها ونقيرها
وما كنت من يسخى بنفس نفيسة ... فارخص بذلا سعرها بسعيرها
وأجمل ما يعزى إلى المجد عزوة ... بدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها
اعذر لمبيض العذار إذا صبا ... وأكبر مقتا صبوة من كبيرها
كفى بنذير الشيب نهيا لذي النهى ... وتبصرة فيها هدى لبصيرها
وما شبت إلا من وقوع شوائب ... لأصغرها يبيض رأس صغيرها
ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا ... بليل عذراي السبط وخط قتيرها
رمته بحرب آل حرب وأقبلت ... إليه نفورا في عداد نفورها
تقود إليه القود في كل جحفل ... إلى غارة معتدة من مغيرها
وما عدلت في الحكم بل عدلت به ... وقائع صفين ويوم هريرها
وعاضدها في غيها شر أمة ... على الكفر لم تسعد برأي مشيرها
خلاف سطور في طروس تعطلت ... طلايع غدر في خلال سطورها
فحين أتاها واثق القلب أصبحت ... نواظرها مزورة غب زورها
وقد أوسعت في الدين خرقا ولا سعت ... إلى جورها إلا لترك أجورها
بنفسي إذ وافى عصاه عصابة ... غرار الضبا مشحودة من غرورها
قؤولا لأنصار لديه وأسرة ... لدى العرش سر مودع في صدورها
أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا ... بمغفرة مرضية من غفورها
فاجمل في رد الندى كل ذي ندى ... ينافس عن نفس بما في ضميرها
أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي ... وحيدا بلا عون شرار شرورها
وما العذر في يوم العصيب لعصبة ... وقد خفرت يوما ذمام خفيرها
وهل سكنت روح إلى روح جنة ... وقد خالفت في الدين أمر أميرها
أبى الله إلا أن تراق دماؤنا ... ونصبح نهبا في أكف نشورها
وثابوا إلى كسب الثواب كأنهم ... أسود الشرى في كرها وزبيرها
تهش إلى الأقدام علما بأنها ... تحل محل القدس عند مصيرها
قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها ... وسادت على أحبارها بحبورها
وهان عليها الصعب حين تأملت ... إلى قاصرات الطرف بيّن قصورها
وما أنسى لا أنسى الحسين مجاهدا ... بنفس خلت من خلها وعشيرها
يصول إذا زرق النصول تأودت ... لنزع قسي أعجبت من صريرها
ترى الخيل من أقدامها منه ما ترى ... محاذرة أن أمها من هصورها
فتصرف عن بأس مخافة بأسه ... كما جفلت كدر القطا من صقورها
تحيرها مات الكماة حسامه ... له بدلا عن جفنها وجفيرها
فلا فرقة إلا وأوسع سيفه ... بها فرقا أو فرقة في نفورها
أجدك هل سمر العوالي تجتني ... لكم عسلا مستعذبا من مريرها
أم استكبرت أنس الحياة نفاسة ... نفوسكم فاستبدلت أنس حورها
بنفسي مجروح الجوارح آيسا ... من النصر خلوا ظهره من ظهيرها
بنفسي محزوز الوريد معفرا ... على ظمأ من فوق حر صخورها
يتوق إلى ماء الفرات ودونها ... حدود شفار أحدقت بشفيرها
قضى ظاميا والماء يلمع طاميا ... وغودر مقتولا دوين غديرها
هلال دجى أمسى يحد غزوها ... غريبا على قيعانها ووعورها
فيا لك مقتولا علت بهجة العلا ... به ظلمة من بعد ضوء سفورها
وقارون قرن الشمس كسف ولم تعد ... تطايرها حزنا لفقد نظيرها
وأعلنت الأملاك نوحا واعولت ... له الجن في قيعانها ووعورها
وكان تمور الأرض من فرط حسرة ... على السبط لولا رحمة من مميرها
ومرت عليهم زعزع لتذيقهم ... مرير عذاب مهلك بمرورها
أسفت وقد آبوا نجيا ولم يرح ... لهم دابر مقطوعة بدبورها
واعجب إذ شالت كريم كريمها ... لتكبيرها في قتلها لكبيرها
فيا لك عينا لا تجف دموعها ... ونارا يذيب القلب حر زفيرها
على مثل هذا الحزن يستحسن البكا ... وتقلع منا أنفس عن سرورها
أيقتل خير الخلق أما ووالدا ... وأكرم خلق الله وابن نذيرها
ويمنع من ماء الفرات وتغتدي ... وحوش الفلا ريانة من نميرها
أجل حسينا أن يمثل شخصه ... بمثلة قتل كان غير جديرها
يدير على رأس السنان برأسه ... سنان إلا شلت يمين مديرها
ويؤتى بزين العابدين مكبلا ... أسيرا ألا روحي الفدا لأسيرها
يقاد ذليلا في القيود ممثلا ... لا كفر خلق الله وابن كفورها
ويمشي يزيد رافلا في حريره ... ويمسي حسين عاريا في حرورها
ودار بني صخر بن حرب أنيسة ... بنشد أغانيها وسكب خمورها
تظل على صوت البغايا بغاتها ... بها زمرة تلحن بلحن زمورها
ودار علي والبتول وأحمد ... وشبرها مولى الورى وشبيرها
معالمها تبكي على علمائها ... وزايرها يبكي لفقد مزورها
منازل وحي أقفرت فصدورها ... لوحشتها تبكي لفقد صدورها
تظل صياما أهلها ففطورها ... التلاوة والتسبيح فضل سحورها
إذا جن ليل زان فيه صلاتهم ... صلاة فلا يحصى عداد يسيرها
وطول على طول الصلاة ومن عدا ... مقيما على تقصيره في قصيرها
قفا نسأل الدار التي درس البلا ... معالمها من بعد درس زبورها
متى أفلت عنها شموس نهارها ... وأظلم ظالما جوها من بدورها
بدور بأرض الطف طاف بها الردى ... فأهبطها من أوجه في قبورها
كواشر عقبان عليها تعاقبت ... بغاث إذ ناءت عن وكورها
عراة عراها وحشة فأذاقها ... وقد رمت بالهجر حر هجيرها
قضت عطشا والماء طام فلم يجد ... له منهلا إلا دماء نحورها
ينوح عليها الوحش من طول وحشة ... وتندبها الأصداء عند بكورها
ستسألك تيم عنهم وعديها ... أوائلها ما أكدت لا خيرها
ويسأل عن ظلم الوصي وآله ... مشير غواة القوم من مستشيرها
وما جر يوم الطف جو رامية ... على السبط إلا جرأة ابن أجيرها
تقمصها ظلما فاعقب ظلمة ... تعقب ظلم في قلوب حميرها
فيا يوم عاشوراء حسبك أنك ... المشوم وإن طال المدى من دهورها
لانت وإن عظمت أعظم فجعة ... وأشهر عندي بدعة من شهورها
فما محن الدنيا وإن جل خطبها ... تشاكل من بلواك عشر عشيرها
بني الوحي هل من بعد خيرة ذي العلا ... بمدحكم من مدحة لخبيرها
كفى ما أتى في هل أتى من مديحكم ... وأعرافها للعارفين وطورها
إذا رمت أن أجلو جمان جميلكم ... وهل حصر ينهي صفات حصورها تضيق بكم مدحا بحور عروضها ... ويحسدكم سحا عريض بحورها منحتكم شكرا وليس بضائع ... بضايع مدحي منحة من شكورها قيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة ... تقال إذا كم تشفعوا لعثورها فلي سيئات بت من خوف نشرها ... على وجل أخشى عقاب نشورها فما مالك يوم المعاد بمالكي ... إذا كنتم لي جنة من سعيرها وإني لمشتاق إلى نور بهجة ... سنا فجرها يجلو ظلام فجورها ظهور أخي عدل له الشمس آية ... من الغرب تبدو معجزا في ظهورها متى يجمع الله الشتات وتجبر ... القلوب التي لا جابر لكسيرها متى يظهر المهدي من آل هاشم ... على سيرة لم يبق غير يسيرها متى تقدم الرايات من أرض مكة ... ويضحكني بشرا قدوم بشيرها وتنظر عيني بهجة علوية ... ويسعد يوما ناظري من نظيرها وتهبط أملاك السما كتائبا ... لنصرته عن قدرة من قديرها وفتيان صدق من لوي بن غالب ... تسير المنايا رهبة لمسيرها
تخالهم فوق الخيول أهلة ... ظهرن من الأفلاك أعلى ظهورها هنالك تعلق همة طال همها ... لإدراك ثار سالف من مثيرها فإن حان حيني بعد ذاك ولم يكن ... لنفس على نصرة من نصيرها قضى ظاميا قبل انقضاء مراده ... وليس يضيع الله أجر صبورها أبو
الفتح محمد الشهرستاني صاحب الملل والنحل منسوب إلى شهرستان أهم لثلاث مدن:
الأولى: في خراسان بين نيشابور وخوارزم.
والثانية: قصبة بناحية نيشابور.
والثالثة: مدينة بينها وبين أصفهان ميل، ونسبة أبي الفتح المذكور إلى الأولى.
للمحقق التفتازاني:
طويت لإحراز الفنون ونيلها ... رداء شبابي والجنون فنون
فلما تعاطيت الفنون وخضتها ... بين لي أن الفنون جنون
الصفي الحلي:
قالت كحلت الجفن بالوسن ... قلت ارتقابا لطيفك الحسن
قالت تسليت بعد فرقتنا ... فقلت عن مسكني وعن سكني
قالت تشاغلت عن محبتنا ... قلت بفرط البكاء والحزن
قالت تنافيت قلت عافيتي ... قالت تسليت قلت عن وطني
قالت تخليت قلت عن جلدي ... قالت تغيرت قلت في بدني
سمي المال مالا لأنه مال بالناس عن طاعة الله.
وصف أديب لجمل هزيل
سأل بعض الأدباء بعض الوزراء جملا فأرسل إليه جملا ضعيفا، فكتب الأديب إليه: حضر الجمل فرأيته متقادم الميلاد كأنه من نتائج قوم عاد قد أفنته الدهور وتعاقبته العصور، فظننته أحد الزوجين اللذين جعلهما الله لنوح في سفينته وحفظ بها جنس الجمال لذريته ناحلا ضئيلا باليا هزيلا، يعجب المعاقل من الحياة به وتأني الحركة فيه لأنه عظم مجلد وصوف مبلد، لو ألقي للسبع لأباه ولو ألقي
للذئب لعافه وقلاه، قد طال للكلاء فقده وبعد بالمرعاء عهده، لم يرع إلا نائما ولم يعرف الشعير إلا حالما، وقد خيرتني بين أن أقتنيه ففيه غناء الدهر أو ذبحه فيكون فيه عظيم الذخر فملت إلى استقنائه لما تعلم من محبتي التوفير ورغبتي في التمييز وجمعي للولد وادخاري للغد فلم أجد فيه مدلفا لفناء ولا مستمتعا لبقاء لأنه ليس بأنثى فيحمل ولا فتى فينسل ولا صحيح فيرعى ولا سليم فيبقى فملت إلى الآخر من رأييك وعملت على الثاني من قوليك فقلت اذبحه فيكون وضيفة للعيال وأقيمه رطبا مقام قد الغزال، فأنشدني وقد أضرمت النار وجددت الشفار وشمر الجزار وقال: ما الفائدة في ذبحي وأنا لم يبق مني إلا نفس خافت ومقلة إنسانها تاهت، لست بذي لحم فأوكل لأن الدهر قد أكل لحمي ولا جلدي يصلح للدباغ لأن الأيام مزقت أديمي ولا صوفي يصلح للغزل لأن الحوادث قد خربت وبري، فإن أردتني للوقود فاكتف ببعري عن ناري ولن تفي حرارة جمري بريح فقاري، فوجدته صادقا في مقالته ناصحا في مشورته ولم أدر من أي أمر به أعجب أمن مماطلته الدهر بالبقاء أم صبره على الضر والبلاء أم قدرتك عليه مع إعواز مثله أم تأهيلك الصديق به مع خساسة قدره، فما هو إلا كقائم من القبور أو ناشر عند نفخ الصور والسلام.(2/251)
سأل بعض الأدباء بعض الوزراء جملا فأرسل إليه جملا ضعيفا، فكتب الأديب إليه: حضر الجمل فرأيته متقادم الميلاد كأنه من نتائج قوم عاد قد أفنته الدهور وتعاقبته العصور، فظننته أحد الزوجين اللذين جعلهما الله لنوح في سفينته وحفظ بها جنس الجمال لذريته ناحلا ضئيلا باليا هزيلا، يعجب المعاقل من الحياة به وتأني الحركة فيه لأنه عظم مجلد وصوف مبلد، لو ألقي للسبع لأباه ولو ألقي
للذئب لعافه وقلاه، قد طال للكلاء فقده وبعد بالمرعاء عهده، لم يرع إلا نائما ولم يعرف الشعير إلا حالما، وقد خيرتني بين أن أقتنيه ففيه غناء الدهر أو ذبحه فيكون فيه عظيم الذخر فملت إلى استقنائه لما تعلم من محبتي التوفير ورغبتي في التمييز وجمعي للولد وادخاري للغد فلم أجد فيه مدلفا لفناء ولا مستمتعا لبقاء لأنه ليس بأنثى فيحمل ولا فتى فينسل ولا صحيح فيرعى ولا سليم فيبقى فملت إلى الآخر من رأييك وعملت على الثاني من قوليك فقلت اذبحه فيكون وضيفة للعيال وأقيمه رطبا مقام قد الغزال، فأنشدني وقد أضرمت النار وجددت الشفار وشمر الجزار وقال: ما الفائدة في ذبحي وأنا لم يبق مني إلا نفس خافت ومقلة إنسانها تاهت، لست بذي لحم فأوكل لأن الدهر قد أكل لحمي ولا جلدي يصلح للدباغ لأن الأيام مزقت أديمي ولا صوفي يصلح للغزل لأن الحوادث قد خربت وبري، فإن أردتني للوقود فاكتف ببعري عن ناري ولن تفي حرارة جمري بريح فقاري، فوجدته صادقا في مقالته ناصحا في مشورته ولم أدر من أي أمر به أعجب أمن مماطلته الدهر بالبقاء أم صبره على الضر والبلاء أم قدرتك عليه مع إعواز مثله أم تأهيلك الصديق به مع خساسة قدره، فما هو إلا كقائم من القبور أو ناشر عند نفخ الصور والسلام.
قال الأصمعي: العميان أكثر الناس نكاحا والخصيان أصح الناس ابصارا لأنهما طرفان ما نقص من أحدهما زاد في الآخر.
وحكي أنه جاء الطفيليون إلى وليمة فسد الباب فعلوا الجدار فرآهم صاحب الوليمة وقال: انتظروني إلى حرمنا ونسائنا وبناتنا، فقالوا: قد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد.
قال طفيلي: حضرت يوما في دعوة بعض الأكابر وعنده طبق لوز فأخذ واحد وأعطاني فقلت إن الهكم لواحد، فأعطاني ثانيا فقلت: إذ أرسلنا إليهم اثنين، وثالثا فعرزناه بثالث، ورابعا فخذ أربعة من الطير، وخامسا ويقولون خمسة سادسهم كلبهم، وسادسا خلق السموات في ستة أيام، وفي السابع وبنينا فوقكم سبعا شدادا، وفي الثامن ثمانية أيام حسوما، وفي التاسع وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض، وفي العاشر وتلك عشرة كاملة، وفي الحادي عشر إني رأيت أحد عشر كوكبا، وفي الثاني عشر إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، ثم وضع الطبق بين يدي وقال: إني أخاف أن تقرأ فأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون.
لعلي بن عبد الله وصيف الشاعر المشهور وكان شيعيا:(2/252)
قال طفيلي: حضرت يوما في دعوة بعض الأكابر وعنده طبق لوز فأخذ واحد وأعطاني فقلت إن الهكم لواحد، فأعطاني ثانيا فقلت: إذ أرسلنا إليهم اثنين، وثالثا فعرزناه بثالث، ورابعا فخذ أربعة من الطير، وخامسا ويقولون خمسة سادسهم كلبهم، وسادسا خلق السموات في ستة أيام، وفي السابع وبنينا فوقكم سبعا شدادا، وفي الثامن ثمانية أيام حسوما، وفي التاسع وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض، وفي العاشر وتلك عشرة كاملة، وفي الحادي عشر إني رأيت أحد عشر كوكبا، وفي الثاني عشر إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، ثم وضع الطبق بين يدي وقال: إني أخاف أن تقرأ فأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون.
لعلي بن عبد الله وصيف الشاعر المشهور وكان شيعيا:
إني ليهجرني الصديق تجنبا ... فأريه أن لهجره أسبابا
وأخاف إن عاتبته أغويته ... فأرى له ترك العتاب عتابا
وإذا بليت بجاهل متعاقل ... يدعو المحال من الأمور صوابا
وليته مني السكوت وربما ... كان السكوت عن الجواب جوابا
بعض ما جرى للعلامة في مجلس خدابنده
كتاب مجالس المؤمنين في ترجمة العلامة قدس الله سره: (وآن لطائف كلماتى كه جناب شيخ را در جواب سيد موصلي واقع شده انست كه روزي در مجلس سلطان محمد خدابنده مناظره مخالفان اشتغال نمود، بعد از اتمام مطلب خود برسم شكر كزاري خطبه مشتمله بر حمد الهى وصلوات حضرت رسالة بناهي وآل ولاية جاهي اداء كرد چهـ در مذهب إماميه جائز است صلوات بر آل بر سبيل انفراد فرستاد، سيد مذكور جون در ادله شيخ دخل نتوانست نمود مناسب چنان ديد كه در منع جواز توجيه صلوات بر آل مناقشه بيش آرد شايد در انجا كاري تواند ساخت لا جرم با شيخ كفت كه: دليل دارى بر جواز توجيه صلوات بر غير أنبياء؟ شيخ در جواب گفت كه:
دليل آيه كريمه است {(الَّذِينَ إِذََا أَصََابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قََالُوا إِنََّا لِلََّهِ وَإِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوََاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)} ان ناسيداز غاية عناد واضاعه حقوق اباء وأجداد كفت علي بن أبي طالب وأولاد أو را چهـ مصيبت رسيده؟ جناب شيخ مصائب مشهوره اهل بيت را به ظهور وا كذاشته انفعال او فرمود: كه را مصيبت از اين بدتر باشد مانند تو فرزندى ايشانرا بهم رسيده كه تفضيل بعض از منافقان بريشان ميدهي ورجحان كروهي از جهان وايشان ميمائي حاضرون از قوت بديهية جناب شيخ تعجب نموده برنا سيد مذكور خنديدند، وبعض فضلاء شعراء كه در آن مجلس حاظر بودند اين بيت را در شأن آن ناسيد نظم كردى:
وكان الكلب خير منه طبعا ... لأن الكلب طبع أبيه فيه
من قصص بهلول ومناظراته
ومنه أيضا في ترجمة البهلول: اورده اند كه روزى بهلول را بر در خانه أبو حنيفة كذار افتاد استماع نمود كه باتلامذه خود ميگويد كه إمام جعفر الصادق عليه السّلام ميكويد جهتي كه من انرا نمى پسندم ميكويد: شيطان به آتش معذب خواهد شد چون توند بود كه از اتش است به اتش معذب كردد، وديكر
ميكويد كه خداى تعالى بران نميتواند ديد وجون تواند بود كه جيز كه موجود باشد انرا نتوانديد، ديكر انكه ميكويد كه بنده فاعل فعل خود است وحال انكه نصوص بر خلاف ان وارد است؟ جون اين سخن تمام شد بهلول كلوخى از زمين برداشت وحواله أبو حنيفة كرد بحسب اتفاق ان كلوخ بر پيشاني أبو حنيفة خورده كوفته وآزرده شد، أبا حنيفة با تلامذه از عقب أو دويدند او را كرفتند جون خويش خليفة بود او را آزار نتوانستند نمود لاجرم أو را بخدمت خليفة برد إظهار شكايت نمود، بهلول با أبو حنيفة كفت كه: از من جه ستم به تو رسيده؟ أبو حنيفه كفت:(2/253)
ومنه أيضا في ترجمة البهلول: اورده اند كه روزى بهلول را بر در خانه أبو حنيفة كذار افتاد استماع نمود كه باتلامذه خود ميگويد كه إمام جعفر الصادق عليه السّلام ميكويد جهتي كه من انرا نمى پسندم ميكويد: شيطان به آتش معذب خواهد شد چون توند بود كه از اتش است به اتش معذب كردد، وديكر
ميكويد كه خداى تعالى بران نميتواند ديد وجون تواند بود كه جيز كه موجود باشد انرا نتوانديد، ديكر انكه ميكويد كه بنده فاعل فعل خود است وحال انكه نصوص بر خلاف ان وارد است؟ جون اين سخن تمام شد بهلول كلوخى از زمين برداشت وحواله أبو حنيفة كرد بحسب اتفاق ان كلوخ بر پيشاني أبو حنيفة خورده كوفته وآزرده شد، أبا حنيفة با تلامذه از عقب أو دويدند او را كرفتند جون خويش خليفة بود او را آزار نتوانستند نمود لاجرم أو را بخدمت خليفة برد إظهار شكايت نمود، بهلول با أبو حنيفة كفت كه: از من جه ستم به تو رسيده؟ أبو حنيفه كفت:
كلوخي بر پيشاني من زده وسر من درد ميكند؟ بهلول كفت: درد ترا بمن بنماى، أبو حنيفة كفت: درد را جون توان ديد؟ بهلول كفت: پيش فوجي اعتراض بر امام جعفر عليه السّلام ميكردى وميكفتي كه: جه معني دارد كه خداى تعالى موجود باشد وراتا نتوان ديد؟ ديكر تو را خواندن آزردكي كلوخ كاذبي زيرا كه ان كلوخ خاك بود وتو از خاكي ايد كه خاك از خاك متأثر نشود ومعذب نكردد وبر قياس اعتراض كه تو بر إمام ميكردى شيطان از اتش است وجه كونه از اتش معذب شود، ديكر تو استبعاد قول إمام مينمودى كه بنده فاعل فعل خود است كفته وهركاه بنده فاعل فعل خود بنا شد اس جراتو مرا پش خليفة آورده دعوى قصاص ميكني أبو حنيفة ديد جون سخني معقول در برابر نتوانست كفت شرمنده كشته از مجلس برخواست.
ومنه أيضا وشيخ أجل متكلم محمد بن جرير بن رستم الطبري در كتاب إيضاح رواية كرده كه بهلول روزي در يكي از كوجهاي بصره ميرفتى جماعتي را ديد كه بشير از او به شتاب ميرفتند به يكي از ان مردم كفت كه: با وجود كه اين حيوانات بي شبان به كجا ميروند؟ انكس از روي خوش طبعي كفت كه: به طلب آب وعلف ميروند، بهلول كفت كه: با وجود قلت حمى وقرب علف كجا بهم ميرسد والله كه علف بسيار بود اما انرا در بردند وارزانى بود اتش در ان زدند وبعد از ان اين أبيات را انشاد نمود:
برئت إلى الله من ظالم ... لسبط النبي أبي القاسم
ودنت إلهي بحب الوصي ... إمام الورى من بني هاشم
وذلك حرز من النائبات ... ومن كل متهم غاشم
بهم ارتجى الفوز يوم المعاد ... وانجو غدا من لظى ضارم
وجون انجماعت سخنان او را شنيدند بر كرديدند وكفتند ان جماعت مجلس محمد بن سليمان كه پسر عم هارون وحاكم بصره است ميروند، كفت: از براي
جه پيش. أو ميروند؟ كفتند كه: عمر بن عطا عدولي كه از اولاد عمر بن الخطاب واز علماء زمان است در مجلس حاضر آمده ميخواهند كه تحقيق حال ومبلغ فضل وكمال او نمايند واگر تو نيز با ما موافقت كنى كه ما با او مناظره كنيم سزاوار خواهد بود. بهلول گفت: واي بر شما مجادله با عاصي موجب زيادتي جرات أو بر عصيان مي شود وصاحبان بصيرة را گاه باشد كه در شبهه اندازد ودر نزد خداى تعالى شكي نيست ودر حق او اشتباه والتباسي نه، اگر شما از أهل معارف عيبي ديديد قناعت مينموديد به انچهـ از أهل عرفان أخذ آن نموده أيد وجون انجماعة از بهلول نوميد گرديدند وبمجلس محمد بن سليمان حاضر شدند قصه خود را با بهلول نزد أو ظاهر ساختند، انكاه أو خادمان خود را امر نمود كه أو را حاضر سازند، چون بهلول نزديك در خانه محمد بن سليمان رسيد عمر بن عطاي بر خواست واز محمد بن سليمان التماس رخصت مناظره با بهلول نمود، محمد أو را رخصت داد و چون بهلول بخانعه در امده گفت: السلام على من اتبع الهدى وتجنب الضلالة والغوى، عمر بن عطا گفت: وعلى المسلمين اجلس يا بهلول.(2/254)
برئت إلى الله من ظالم ... لسبط النبي أبي القاسم
ودنت إلهي بحب الوصي ... إمام الورى من بني هاشم
وذلك حرز من النائبات ... ومن كل متهم غاشم
بهم ارتجى الفوز يوم المعاد ... وانجو غدا من لظى ضارم
وجون انجماعت سخنان او را شنيدند بر كرديدند وكفتند ان جماعت مجلس محمد بن سليمان كه پسر عم هارون وحاكم بصره است ميروند، كفت: از براي
جه پيش. أو ميروند؟ كفتند كه: عمر بن عطا عدولي كه از اولاد عمر بن الخطاب واز علماء زمان است در مجلس حاضر آمده ميخواهند كه تحقيق حال ومبلغ فضل وكمال او نمايند واگر تو نيز با ما موافقت كنى كه ما با او مناظره كنيم سزاوار خواهد بود. بهلول گفت: واي بر شما مجادله با عاصي موجب زيادتي جرات أو بر عصيان مي شود وصاحبان بصيرة را گاه باشد كه در شبهه اندازد ودر نزد خداى تعالى شكي نيست ودر حق او اشتباه والتباسي نه، اگر شما از أهل معارف عيبي ديديد قناعت مينموديد به انچهـ از أهل عرفان أخذ آن نموده أيد وجون انجماعة از بهلول نوميد گرديدند وبمجلس محمد بن سليمان حاضر شدند قصه خود را با بهلول نزد أو ظاهر ساختند، انكاه أو خادمان خود را امر نمود كه أو را حاضر سازند، چون بهلول نزديك در خانه محمد بن سليمان رسيد عمر بن عطاي بر خواست واز محمد بن سليمان التماس رخصت مناظره با بهلول نمود، محمد أو را رخصت داد و چون بهلول بخانعه در امده گفت: السلام على من اتبع الهدى وتجنب الضلالة والغوى، عمر بن عطا گفت: وعلى المسلمين اجلس يا بهلول.
گفت: واي بر تو كه امر ميكنى مرا به چيزي كه در ان ترا مدخلتي نيست وتقدم مينمائي در ان بر كسي كه فضل أو بر تو ظاهر است، ومثل تو در اين باب مثل كسي است كه خود طفيلي خان ديگران باشد وخواهد كه از آن خان بر ديگران منت نهد ودر طفيلي واحسان او چيزي نيست عمر بن عطا در جواب او مبهوت ماند انگاه محمد بن سليمان به عمر بن عطا گفت كه: تو ميخواستي كه أو با تو سخن گويد و چون با تو در سخن باز نمود تو ساكت ومبهوت شدي؟ بهلول گفت:
اين امر نزد خداي تو را كه {(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللََّهُ لََا يَهْدِي الْقَوْمَ الظََّالِمِينَ)} پس محمد بن سليمان با بهلول گفت كه: بنشين كه مجلس منست ومن ترا اذن ميدهم بهلول او را دعا كرده گفت: عمر الله مجلسك وأسبغ نعمه عليك وأوضح برهان الحق لديك وأراك الحق حقا وأعانك علي اتباعه وإدراك الباطل باطلا وأعانك على اجتنابه.
پس عمر بن عطا گفت: اي بهلول طريق حق را التزام كن. واز هزل دور باش وسخن نيكو گوي، بهلول گفت: واي بر تو ايتهواز كلام الهي سخن ميباشد وجدي در غير او هست، پس تو سخن خود را پاكيزه ساز واشاره بعيب ديگران منماي پيش از انكه مر عيب خود اگاه گردي. انگاه عمر بن عطا گفت: اي بهلول خود را از مشهوران زمان ميداني ودعواي اطلاع بر معارف مينمائي ميخوهم كه تو از من سؤال كنى يا من از تو، بهلول گفت: دوست نميدارم كه سائل باشم ونه
مسؤول؟ عدوي گفت: چرا؟ بهلول گفت: زيرا كه اگر از تو چيزي را سؤال كنم كه نميداني جواب انرا نميتواني واكر تو از من سؤال كمني ميدانم كه از من سؤال به طريق تعنت وعناد خواهي كرد وقصد آن خواهي كرد كه حق را به باطل خود ضايع سازي وأمر واضح را بجدل خود پنهان گرداني، واين هنگام تو از آن جمله كه خداي تعالى نهي از مجالسه وهمراهي ايشان نموده انجا كه ميفرمايد {(وَإِذََا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيََاتِنََا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتََّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمََّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطََانُ فَلََا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ََ مَعَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ)}.(2/255)
پس عمر بن عطا گفت: اي بهلول طريق حق را التزام كن. واز هزل دور باش وسخن نيكو گوي، بهلول گفت: واي بر تو ايتهواز كلام الهي سخن ميباشد وجدي در غير او هست، پس تو سخن خود را پاكيزه ساز واشاره بعيب ديگران منماي پيش از انكه مر عيب خود اگاه گردي. انگاه عمر بن عطا گفت: اي بهلول خود را از مشهوران زمان ميداني ودعواي اطلاع بر معارف مينمائي ميخوهم كه تو از من سؤال كنى يا من از تو، بهلول گفت: دوست نميدارم كه سائل باشم ونه
مسؤول؟ عدوي گفت: چرا؟ بهلول گفت: زيرا كه اگر از تو چيزي را سؤال كنم كه نميداني جواب انرا نميتواني واكر تو از من سؤال كمني ميدانم كه از من سؤال به طريق تعنت وعناد خواهي كرد وقصد آن خواهي كرد كه حق را به باطل خود ضايع سازي وأمر واضح را بجدل خود پنهان گرداني، واين هنگام تو از آن جمله كه خداي تعالى نهي از مجالسه وهمراهي ايشان نموده انجا كه ميفرمايد {(وَإِذََا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيََاتِنََا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتََّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمََّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطََانُ فَلََا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ََ مَعَ الْقَوْمِ الظََّالِمِينَ)}.
پس عدوي باو گفت كه: تو از اهل ايماني بگوي كه ايمان چيست؟ بهلول گفت: مولاي ما (صادق) جعفر بن محمد عليه السّلام فرموده است كه: «الإيمان عقد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان» عدوي گفت: از صادق گفتن تو إمام خود را چنان معلوم ميشود كه در زمان او صادقي ديگر نبود؟ بهلول گفت چنين است وبا وجود اين سخن تو جارى ميشود در انكه جد تو عمر أبا بكر را صديق نام كرد چهـ در اينجا ميكويم كه مگر در زمان أبي بكر ديگر صديقي نبود؟
عدوي گفت بلي نبود. بهلول گفت: اين سخن تو رد است بر كتاب وسنة، اما كتاب زيرا كه خداي تعالى هر كس را كه ايمان بخدا ورسول آورده باشد صديق ناميده وفرمود: {(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ أُولََئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ)} وأما سنة زبرا كه حضرت رسالة بناه صلّى الله عليه وآله وسلّم با بعض از أصحاب خود فرموده اند كه (إذا فعلت الخير كنت صديقا) عدوى گفت: بواسطه ان ابو بكر را صديق نام كردند كه أول كسي بود كه تصديق حضرت رسالة نمود. بهلول گفت: با انكه اوليت او ممنوعست وتخصيص ان خطاست در لفت ودر است بروايتي كه مذكور شدي عدوي از آن شاخ بشاخ ديگر پرواز نموده واز بهلول پرسيد كه: إمام تو كيست؟ بهلول گفت:
«إمامي من سبح في كفه الحصى وكلمه الذئب إذ عوى وردت الشمس له بين الملا وأوجب الرسول على الخلق الولا وتكاملت فيه الخيرات وتنزه عن الخلائق الدنيات فذلك إمامي وإمام البريات» بس گفت واي بر تو مگر هارون الرشيد إمام خود نميداني كه اين صفات ومحامد را بر آن ميتواني؟ بهلول گفت: تو بر چهـ كه أمير المؤمنين را از اين صفات مذكوره ومحامد مأثوره خالي وعاري ميدانى، والله كه من تو را گمان ندارم إلا انكه دشمن او باشي وخلاف أو بهتان ميداري وخلافة او را اظهار ميكني، وبخدا سوگند كه اگر اين خبر او رسد ترا تأديب بليغ خواهد نمود.
محمد بن سليمان مضمون اين كلام لطافة مشحون فهميده بخنده در آمد وبا
عمر بن عطا خطاب نموده گفت: والله بهلول ترا ضايع وناچيز گردانيد ودر ورطه تضييع شنيع كه تو ميخواستي كه او را بيندازي او ترا انداخت، و چهـ خوبست كه ادمي خود را دور دارد از آنچهـ او را بكار نيايد، و چهـ قبيحست كه خود را آراسته نمايد به آنچهـ زيبنده آن نيست انساه به يكى از غلامان خود امر نمود كه دست عمر بن عطا وا گرفته از مجلس إخراج نمود پس بهلول خطاب نموده گفت: «ما الفضل إلا فيك وما الفضل إلا عندك والمجنون من سماك مجنونا» أي بهلول بمن خبر ده كه علي بن أبي طالب افضلست يا أبا بكر؟ بهلول گفت: اصلح الله الأمير، أن عليا من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والصنو من الصنو كالعضد من الذراع وأبو بكر ليس منه ولا يوازيه في فضله إلا مثله ولكل فاضل فضله» ديگر بار محمد از او پرسيد كه بگوي كه أولاد علي بخلافة احقند يا اولاد عباس؟ در اين مرتبه بهلول از خوف محمد كه عباسي بود ساكت شد، محمد گفت: جرا سخن نميكني؟ بهلول گفت:(2/256)
محمد بن سليمان مضمون اين كلام لطافة مشحون فهميده بخنده در آمد وبا
عمر بن عطا خطاب نموده گفت: والله بهلول ترا ضايع وناچيز گردانيد ودر ورطه تضييع شنيع كه تو ميخواستي كه او را بيندازي او ترا انداخت، و چهـ خوبست كه ادمي خود را دور دارد از آنچهـ او را بكار نيايد، و چهـ قبيحست كه خود را آراسته نمايد به آنچهـ زيبنده آن نيست انساه به يكى از غلامان خود امر نمود كه دست عمر بن عطا وا گرفته از مجلس إخراج نمود پس بهلول خطاب نموده گفت: «ما الفضل إلا فيك وما الفضل إلا عندك والمجنون من سماك مجنونا» أي بهلول بمن خبر ده كه علي بن أبي طالب افضلست يا أبا بكر؟ بهلول گفت: اصلح الله الأمير، أن عليا من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والصنو من الصنو كالعضد من الذراع وأبو بكر ليس منه ولا يوازيه في فضله إلا مثله ولكل فاضل فضله» ديگر بار محمد از او پرسيد كه بگوي كه أولاد علي بخلافة احقند يا اولاد عباس؟ در اين مرتبه بهلول از خوف محمد كه عباسي بود ساكت شد، محمد گفت: جرا سخن نميكني؟ بهلول گفت:
ديوانگانرا كجا قوت تميز وسر سوادي تحقيق اين أمور است بكن از ذكر گنشتكان و چيزي، پيش آر كه صلاح ما در آن باشد والحال من گرسنه ام. محمد بن سليمان گفت كه: از خوردنيها چهـ چيز ترا مطلوب است؟ بهلول گفت: آنچهـ سد باب جوع مينماند پس محمد فرمود كه چند رنك طعام با چند نان پيش أو حاضر ساختند أو را أمر بخوردن نمود. بهلول گفت: «أصلح الله الأمير طعام طاب المحشي ولا المغشي» يعني در تاريكي ودر ميان جماعت طعام خوردن نيكو نميماند اگر مرا اذن ميدهي كه اين طعام را بيرون برم بر من وارا خواهد شد محمد او را اذن خروج نمود، انگاه بهلول آن أطعمه را بر كنار خود ريخت وفرياد كنان بيرون رفته اين أبيات را بزبان راند:
فالزم جفونك في جد وفي لعب
إياك من أن يقولوا عاقل فطن ... فتبتلى بطويل الكد والنصب
مولاك يعلم ما تطويه من خلق ... فما يضرك إن سبوك بالكذب
پس كودكان بر او جمع آمدند وطعامي كه در كنار او بود از او بربودند واز ايشان گريخته در مسجد كه در ان نزديكي بود در آمد ودر مسجد را بسته بر پشت بام بر امد واين آيه را بايشان ميخواند: {(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بََابٌ بََاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظََاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذََابُ)} چون محمد بن سليمان ماجراي بهلول با كود كان مشاهده نمود بخنده آمد وفرمود كه: كودكان را از أو دور كردند وگفت لا إله إلا الله لقد رزق الله علي بن أبي طالب كل ذي لب.
نقلست كه جمعي ظريف كه عقيده بهلول را ميدانستند به أو گفتند كه: در اخبار وارد شده كه أبو بكر وعمر را با ساير أمت وزن كردند ايشان راجح آمدند.(2/257)
فالزم جفونك في جد وفي لعب
إياك من أن يقولوا عاقل فطن ... فتبتلى بطويل الكد والنصب
مولاك يعلم ما تطويه من خلق ... فما يضرك إن سبوك بالكذب
پس كودكان بر او جمع آمدند وطعامي كه در كنار او بود از او بربودند واز ايشان گريخته در مسجد كه در ان نزديكي بود در آمد ودر مسجد را بسته بر پشت بام بر امد واين آيه را بايشان ميخواند: {(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بََابٌ بََاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظََاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذََابُ)} چون محمد بن سليمان ماجراي بهلول با كود كان مشاهده نمود بخنده آمد وفرمود كه: كودكان را از أو دور كردند وگفت لا إله إلا الله لقد رزق الله علي بن أبي طالب كل ذي لب.
نقلست كه جمعي ظريف كه عقيده بهلول را ميدانستند به أو گفتند كه: در اخبار وارد شده كه أبو بكر وعمر را با ساير أمت وزن كردند ايشان راجح آمدند.
بهلول در بديهه گفت كه: اگر اين خبر صحيحست البته در ميزان قصوري بود.
آورده اند كه بهلول بمجلس جمعي رسيد كه مذاكره حديث ميكردند در ان أثناء از عائشة روايت كردند كه ميگفته كه: «لو أدركت ليلة القدر ما سألت ربي إلا العفو والعافية» بهلول چون آن كلام شنيد گفت: نصف ديگر اين دعا را گذاشته ايد. گفتند: كدام است؟ گفت «والظفر على علي بن أبي طالب».
در تاريخ گزيده مسطور است كه روزي بهلول نزد هارون الرشيد رفت هارون در عمارتي گفت: بنويس، بهلول پاره فحم برداشت در انجا بنوشت كه:
«رفعت الطين ووضعت الدين ورفعت الجص ووضعت النص، فإن كان من مالك فقد أسرفت والله لا يحب المسرفين وإن كان من مال غيرك فقد ظلمت والله لا يحب الظالمين».
نقلست كه هارون روزى بهلول را در راهي ديد كه بر اسب بني سوار شده با كودكان ميدوانيد. پيش رفته بر أو سلام كرد والتماس پندي از او نمود بهلول گفت: اي هارون هر كه را خداي تعالى مالي وجمالي داده باشد واو بآن برائيت سازد هارون الرشيد از اين سخن حسن طلبي فهميده كفت: امر كرديم كه دين ترا بدهند، بهلول كفت: حاشا هركز دين بدين ديگر نده كه نميشود چهـ آنچهـ در دست تست دين مردم است كه به ايشان باز ده وبر من منت نه هارون گفت:
پدندى ديگر بده. گفت هذه قبورهم وهذه قصورهم يعني مشاهدة قصور سلاطين ماضيه وقبور ايشان پندي عظيم است هارون گفت: حاجتي از من بخواه بهلول گفت: حاجة انست كه تو مرا نبيني ومن ترا، بعد از ان بأسب خود بحركت در امده گفت: دور شويد كه اسب من لكد ميزند.
نقلست كه شخصي از اهل سنة كه قائل بتعصيب در ميراث شد به طريق استهزاء از بهلول پرسيد كه: شخصي مرده ووارث از ما دري ودختري وزوجه مانده واز مال چيزي نكذاشته به هر يك چهـ ميرسد؟ بهلول در جواب گفت: دختر را سمي ميرسد ومادر ابنوحه واضطراب وزوجه را خانه خراب وباقي نصيب عصبة والله أعلم بالصواب.
كشكول البهائي من تفسير النيشابوري عند قوله تعالى: {(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا
حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ)} والآية في سورة الزمر ما لفظه: كان أبو فتح المهنى قد برع في الفقه وتقدم عند القوم وحصل له مال كثير ودخل بغداد وفوض إليه تدريس النظامية وأدركه الموت بهمذان فلما دنت وفاته قال لأصحابه:(2/258)
كشكول البهائي من تفسير النيشابوري عند قوله تعالى: {(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يََا
حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ)} والآية في سورة الزمر ما لفظه: كان أبو فتح المهنى قد برع في الفقه وتقدم عند القوم وحصل له مال كثير ودخل بغداد وفوض إليه تدريس النظامية وأدركه الموت بهمذان فلما دنت وفاته قال لأصحابه:
اخرجوا، فخرجوا فطفق يلطم وجهه ويقول: (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) ويقول أيا أبا الفتح ضيعت العمر في طلب الدنيا وتحصيل الجاه والمال والتردد إلى أبواب السلاطين وينشد:
عجبت لأهل العلم كيف تغافلوا ... يجرون ثوب الحرص عند المهالك
يدورون حول الظالمين كأنهم ... يطوفون حول البيت وقت المناسك
ويردد هذه الآية حتى مات. إلى هنا بلفظ النيشابوري نعوذ بالله من الموت في هذه الحال ونسأله جل شأنه أن يمن علينا بالتوفيق للخلاص من هذا الوبال والضلال.
حوادث بالبصرة والكوفة
ذكر في الكامل سنة ألف ومئتين وثمانية وخمسين أنه حدث بالبصرة ريح صفراء ثم خضراء ثم سوداء ثم تتابعت الأمطار وسقط برد وزن كل واحدة مئة وخمسون درهما. وفي هذه السنة حدث بالكوفة ريح صفراء وبقيت إلى المغرب ثم اسودت فتضرع الناس، ثم حصل مطر عظيم ومطرت قرية من نواحي الكوفة تسمى (أحمدي باد) حجارة.
قال الشيخ الفقيه أمين الإسلام الطبرسي عند قوله تعالى: {(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللََّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهََالَةٍ)} اختلف في معنى قوله بجهالة على وجوه:
أحدها: إن كل معصية يفعلها العبد جهالة وإن كانت على سبيل العهد، لأنه يدعو إليها الجهل ويزينها للعبد عن ابن عباس وعطا ومجاهد وقتادة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: كل ذنب عمله العبد وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى سبحانه قول يوسف عليه السّلام لأخوته: {(هَلْ عَلِمْتُمْ مََا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جََاهِلُونَ)} فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.
وثانيها: إن معنى الجهالة أنتم لا تعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشيء ضرورة عن الفراء.
ثالثها: إن معناه أنهم يجهلون أنها ذنوب ومعاص فيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه وإما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي، وضعف الرماني هذا القول بأنه خلاف ما أجمع عليه المفسرون، ولأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله تعالى: {(إِنَّمَا التَّوْبَةُ)} تفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم.(2/259)
وثانيها: إن معنى الجهالة أنتم لا تعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشيء ضرورة عن الفراء.
ثالثها: إن معناه أنهم يجهلون أنها ذنوب ومعاص فيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه وإما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي، وضعف الرماني هذا القول بأنه خلاف ما أجمع عليه المفسرون، ولأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله تعالى: {(إِنَّمَا التَّوْبَةُ)} تفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم.
لأبي فراس في أهل البيت
مما قاله الأمير أبو فراس:
الحق مهتضم والدين مخترم ... وفيء آل رسول الله مقتسم
والناس عندك لأناس فتحفظهم ... سوم الرعاة ولا شاؤوا ولا نعم
إني أبيت قليل النوم أرقني ... قلب تصارع فيه الهم والهمم
وعزمة لا ينام الليل صاحبها ... إلا على ظفر في طيه كرم
يصان مهري لأمر لا أبوح به ... والدرع والرمح والصمصامة الخدم
وكل مأثرة الضبعين مسرحها ... رمث الجريرة والخدراف والعدم
وفيه قلبهم قلب إذا ركبوا ... ورأيهم في الورى رأيا إذا عزموا
يا للرجال أما لله منتصر ... من الطغاة أما لله منتقم
بنو على رعايا في ديارهم ... والأمر تملكه النسوان والخدم
مجليون فأصفا شربهم ومثلا ... وعند الورود وأوفى وردهم لمم
والأرض إلا على ملاكها سعة ... والمال إلا على أربابه ديم
وما السعيد بها إلا الذي ظلموا ... وما الشقي بها إلا الذي ظلموا
للمتقين من الدنيا عواقبها ... وإن تعجل فيها الظالم الأثم
لا يظنين بني العباس ملكهم ... بنو علي مواليهم وإن زعموا
أتفخرون عليهم لا أبا لكم ... حتى كأن رسول الله جدكم
وما توازن يوما بينكم شرف ... ولا تسارت بكم في موطن قدم
ولا تجدكم مسعات جدهم ... ولا نثيلتكم من أمهم أمم
قام النبي لها يوم الغدير لهم ... والله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها ... باتت تنازعها الذيان والرخم
وصبرت بينهم شورى كأنهم ... لا يعرفون ولات الأمر أين هم
تالله ما جهل الأقوام موضعها ... لكنهم ستروا وجه الذي علموا
ثم ادعاها بنو العباس ملكهم ... وما لهم قدم فيها ولا قدموا
لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا ... ولا يحكم في أمر لهم حكموا
ولا رآهم أبو بكر وصاحبه ... أهلا لما طلبوا منها وما زعموا
فهل هم ودعوها غير واجبة ... أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا
أما علي فقد أدنى قرابتكم ... عند الولاية أنى تكفر النعم
هل ينكر الحبر عبد الله نعمته ... أبوكم أم عبيد الله أم قثم
بئس الجزاء جزيتم في أبي حسن ... أبوهم العلم الهادي وجدهم
لا بيعة ردعتكم عن دمائهم ... ولا يمين ولا قربى ولا ذمم
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب ... كالصافحين ببدر عن أسيركم
هلا كففتم عن الديباج ألسنكم ... وعن بنات رسول الله شمتكم
ما نزهت لرسول الله مهجته ... عن الشياط فالأنزه الحرم
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت ... تلك الجرائم إلا دون نيلكم
كم غدرة لكم في الدين واضحة ... وكم دم لرسول الله عندكم
أأنتم اله فيما ترون وفي ... أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
هيهات لا قربت قربى ولا نسب ... يوما إذا أفضت الأخلاق والشيم
كانت مودة سلمان لهم رحما ... ولم يكن بين نوح وابنه رحم
يا جاهدا في مساويهم يكتما ... غدر الرشيد ويحيى كيف ينكتم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا ... مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
ذاق الزبيري الخنف وانكشفت ... عن ابن فاطمة الأقوال والتهم
باؤوا بقتل الرضا من بعد بيعته ... وأبصروا بعض يوم رشدهم فعموا
يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت ... ومعشر هلكوا من بعد ما سلموا
لبئسما لقيت منهم وإن بليت ... بجانب الطف تلك الأعظم الرمم
لا عن أبي مسلم في نصحه صفحوا ... ولا العبيري تجاه الحلف والقسم
ولا الأمان لازد الموصل اعتمدوا ... فيه الوفاء ولا عن عمهم حلموا
أبلغ لديك بني العباس مالكة ... لا تدعوا ملكها ملاكها العجم
ذوي المفاخر أضحت في منابركم ... وغيركم آمر فيها ومحتكم
وهل يزيدكم من مفخر علم ... وبالخلاف عليكم يخفق العلم
خلوا الفخار لعلامين إن سئلوا ... يوم السؤال وعلما لبن إن علموا
لا يغضبون لغير الله إن غضبوا ... ولا يضيعون حق الله إن حكموا
تثنى التلاوة في أبياتهم أبدا ... وفي بيوتكم الأوتار والنعم
منكم علية أم منهم وكان لكم ... شيخ المغنين إبراهيم أم لهم
أمن تشاد له الألحان سائرة ... عليهم ذو المعالي أمّ عليكم
إذا تلى سورة غنى أمامكم ... قف بالديار التي لم يعفها القدم
ما في ديارهم للخمر معتصر ... ولا بيوتهم للسوء معتصم
ولا تبيت لهم خنثى تنادمهم ... ولا يرى لهم قرد ولا حشم
البيت والركن والأستار منزلهم ... وزمزم والصفا والخيف والكرم
صلى الإله عليهم كلما سجعت ... ورق فهم للورى كهف ومعتصم
توضيح: قوله «مجليون» يعني مطرودون، يقال جلأت الناقة عن الحوض أي طردتها. و «الوشل» الماء القليل. و «اللمم(2/260)
الحق مهتضم والدين مخترم ... وفيء آل رسول الله مقتسم
والناس عندك لأناس فتحفظهم ... سوم الرعاة ولا شاؤوا ولا نعم
إني أبيت قليل النوم أرقني ... قلب تصارع فيه الهم والهمم
وعزمة لا ينام الليل صاحبها ... إلا على ظفر في طيه كرم
يصان مهري لأمر لا أبوح به ... والدرع والرمح والصمصامة الخدم
وكل مأثرة الضبعين مسرحها ... رمث الجريرة والخدراف والعدم
وفيه قلبهم قلب إذا ركبوا ... ورأيهم في الورى رأيا إذا عزموا
يا للرجال أما لله منتصر ... من الطغاة أما لله منتقم
بنو على رعايا في ديارهم ... والأمر تملكه النسوان والخدم
مجليون فأصفا شربهم ومثلا ... وعند الورود وأوفى وردهم لمم
والأرض إلا على ملاكها سعة ... والمال إلا على أربابه ديم
وما السعيد بها إلا الذي ظلموا ... وما الشقي بها إلا الذي ظلموا
للمتقين من الدنيا عواقبها ... وإن تعجل فيها الظالم الأثم
لا يظنين بني العباس ملكهم ... بنو علي مواليهم وإن زعموا
أتفخرون عليهم لا أبا لكم ... حتى كأن رسول الله جدكم
وما توازن يوما بينكم شرف ... ولا تسارت بكم في موطن قدم
ولا تجدكم مسعات جدهم ... ولا نثيلتكم من أمهم أمم
قام النبي لها يوم الغدير لهم ... والله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها ... باتت تنازعها الذيان والرخم
وصبرت بينهم شورى كأنهم ... لا يعرفون ولات الأمر أين هم
تالله ما جهل الأقوام موضعها ... لكنهم ستروا وجه الذي علموا
ثم ادعاها بنو العباس ملكهم ... وما لهم قدم فيها ولا قدموا
لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا ... ولا يحكم في أمر لهم حكموا
ولا رآهم أبو بكر وصاحبه ... أهلا لما طلبوا منها وما زعموا
فهل هم ودعوها غير واجبة ... أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا
أما علي فقد أدنى قرابتكم ... عند الولاية أنى تكفر النعم
هل ينكر الحبر عبد الله نعمته ... أبوكم أم عبيد الله أم قثم
بئس الجزاء جزيتم في أبي حسن ... أبوهم العلم الهادي وجدهم
لا بيعة ردعتكم عن دمائهم ... ولا يمين ولا قربى ولا ذمم
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب ... كالصافحين ببدر عن أسيركم
هلا كففتم عن الديباج ألسنكم ... وعن بنات رسول الله شمتكم
ما نزهت لرسول الله مهجته ... عن الشياط فالأنزه الحرم
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت ... تلك الجرائم إلا دون نيلكم
كم غدرة لكم في الدين واضحة ... وكم دم لرسول الله عندكم
أأنتم اله فيما ترون وفي ... أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
هيهات لا قربت قربى ولا نسب ... يوما إذا أفضت الأخلاق والشيم
كانت مودة سلمان لهم رحما ... ولم يكن بين نوح وابنه رحم
يا جاهدا في مساويهم يكتما ... غدر الرشيد ويحيى كيف ينكتم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا ... مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
ذاق الزبيري الخنف وانكشفت ... عن ابن فاطمة الأقوال والتهم
باؤوا بقتل الرضا من بعد بيعته ... وأبصروا بعض يوم رشدهم فعموا
يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت ... ومعشر هلكوا من بعد ما سلموا
لبئسما لقيت منهم وإن بليت ... بجانب الطف تلك الأعظم الرمم
لا عن أبي مسلم في نصحه صفحوا ... ولا العبيري تجاه الحلف والقسم
ولا الأمان لازد الموصل اعتمدوا ... فيه الوفاء ولا عن عمهم حلموا
أبلغ لديك بني العباس مالكة ... لا تدعوا ملكها ملاكها العجم
ذوي المفاخر أضحت في منابركم ... وغيركم آمر فيها ومحتكم
وهل يزيدكم من مفخر علم ... وبالخلاف عليكم يخفق العلم
خلوا الفخار لعلامين إن سئلوا ... يوم السؤال وعلما لبن إن علموا
لا يغضبون لغير الله إن غضبوا ... ولا يضيعون حق الله إن حكموا
تثنى التلاوة في أبياتهم أبدا ... وفي بيوتكم الأوتار والنعم
منكم علية أم منهم وكان لكم ... شيخ المغنين إبراهيم أم لهم
أمن تشاد له الألحان سائرة ... عليهم ذو المعالي أمّ عليكم
إذا تلى سورة غنى أمامكم ... قف بالديار التي لم يعفها القدم
ما في ديارهم للخمر معتصر ... ولا بيوتهم للسوء معتصم
ولا تبيت لهم خنثى تنادمهم ... ولا يرى لهم قرد ولا حشم
البيت والركن والأستار منزلهم ... وزمزم والصفا والخيف والكرم
صلى الإله عليهم كلما سجعت ... ورق فهم للورى كهف ومعتصم
توضيح: قوله «مجليون» يعني مطرودون، يقال جلأت الناقة عن الحوض أي طردتها. و «الوشل» الماء القليل. و «اللمم(2/261)
الحق مهتضم والدين مخترم ... وفيء آل رسول الله مقتسم
والناس عندك لأناس فتحفظهم ... سوم الرعاة ولا شاؤوا ولا نعم
إني أبيت قليل النوم أرقني ... قلب تصارع فيه الهم والهمم
وعزمة لا ينام الليل صاحبها ... إلا على ظفر في طيه كرم
يصان مهري لأمر لا أبوح به ... والدرع والرمح والصمصامة الخدم
وكل مأثرة الضبعين مسرحها ... رمث الجريرة والخدراف والعدم
وفيه قلبهم قلب إذا ركبوا ... ورأيهم في الورى رأيا إذا عزموا
يا للرجال أما لله منتصر ... من الطغاة أما لله منتقم
بنو على رعايا في ديارهم ... والأمر تملكه النسوان والخدم
مجليون فأصفا شربهم ومثلا ... وعند الورود وأوفى وردهم لمم
والأرض إلا على ملاكها سعة ... والمال إلا على أربابه ديم
وما السعيد بها إلا الذي ظلموا ... وما الشقي بها إلا الذي ظلموا
للمتقين من الدنيا عواقبها ... وإن تعجل فيها الظالم الأثم
لا يظنين بني العباس ملكهم ... بنو علي مواليهم وإن زعموا
أتفخرون عليهم لا أبا لكم ... حتى كأن رسول الله جدكم
وما توازن يوما بينكم شرف ... ولا تسارت بكم في موطن قدم
ولا تجدكم مسعات جدهم ... ولا نثيلتكم من أمهم أمم
قام النبي لها يوم الغدير لهم ... والله يشهد والأملاك والأمم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها ... باتت تنازعها الذيان والرخم
وصبرت بينهم شورى كأنهم ... لا يعرفون ولات الأمر أين هم
تالله ما جهل الأقوام موضعها ... لكنهم ستروا وجه الذي علموا
ثم ادعاها بنو العباس ملكهم ... وما لهم قدم فيها ولا قدموا
لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا ... ولا يحكم في أمر لهم حكموا
ولا رآهم أبو بكر وصاحبه ... أهلا لما طلبوا منها وما زعموا
فهل هم ودعوها غير واجبة ... أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا
أما علي فقد أدنى قرابتكم ... عند الولاية أنى تكفر النعم
هل ينكر الحبر عبد الله نعمته ... أبوكم أم عبيد الله أم قثم
بئس الجزاء جزيتم في أبي حسن ... أبوهم العلم الهادي وجدهم
لا بيعة ردعتكم عن دمائهم ... ولا يمين ولا قربى ولا ذمم
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب ... كالصافحين ببدر عن أسيركم
هلا كففتم عن الديباج ألسنكم ... وعن بنات رسول الله شمتكم
ما نزهت لرسول الله مهجته ... عن الشياط فالأنزه الحرم
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت ... تلك الجرائم إلا دون نيلكم
كم غدرة لكم في الدين واضحة ... وكم دم لرسول الله عندكم
أأنتم اله فيما ترون وفي ... أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
هيهات لا قربت قربى ولا نسب ... يوما إذا أفضت الأخلاق والشيم
كانت مودة سلمان لهم رحما ... ولم يكن بين نوح وابنه رحم
يا جاهدا في مساويهم يكتما ... غدر الرشيد ويحيى كيف ينكتم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا ... مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
ذاق الزبيري الخنف وانكشفت ... عن ابن فاطمة الأقوال والتهم
باؤوا بقتل الرضا من بعد بيعته ... وأبصروا بعض يوم رشدهم فعموا
يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت ... ومعشر هلكوا من بعد ما سلموا
لبئسما لقيت منهم وإن بليت ... بجانب الطف تلك الأعظم الرمم
لا عن أبي مسلم في نصحه صفحوا ... ولا العبيري تجاه الحلف والقسم
ولا الأمان لازد الموصل اعتمدوا ... فيه الوفاء ولا عن عمهم حلموا
أبلغ لديك بني العباس مالكة ... لا تدعوا ملكها ملاكها العجم
ذوي المفاخر أضحت في منابركم ... وغيركم آمر فيها ومحتكم
وهل يزيدكم من مفخر علم ... وبالخلاف عليكم يخفق العلم
خلوا الفخار لعلامين إن سئلوا ... يوم السؤال وعلما لبن إن علموا
لا يغضبون لغير الله إن غضبوا ... ولا يضيعون حق الله إن حكموا
تثنى التلاوة في أبياتهم أبدا ... وفي بيوتكم الأوتار والنعم
منكم علية أم منهم وكان لكم ... شيخ المغنين إبراهيم أم لهم
أمن تشاد له الألحان سائرة ... عليهم ذو المعالي أمّ عليكم
إذا تلى سورة غنى أمامكم ... قف بالديار التي لم يعفها القدم
ما في ديارهم للخمر معتصر ... ولا بيوتهم للسوء معتصم
ولا تبيت لهم خنثى تنادمهم ... ولا يرى لهم قرد ولا حشم
البيت والركن والأستار منزلهم ... وزمزم والصفا والخيف والكرم
صلى الإله عليهم كلما سجعت ... ورق فهم للورى كهف ومعتصم
توضيح: قوله «مجليون» يعني مطرودون، يقال جلأت الناقة عن الحوض أي طردتها. و «الوشل» الماء القليل. و «اللمم
» مصدر لم به لمما. قوله: «نثيلتكم من أمهم أمم» الأمم القصد وهنا بمعنى القرب يريد أنها ما تقاربها في الحسب والشرف، ونثيلة هذه أم العباس وأم عبد الله أبي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأم أبي طالب فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم المخزومية شريفة في قومها فأما نثيلة هذه ابنة كليب بن مالك بن حباب بن النمر كانت تعاب في الجاهلية.
قوله: «أما علي فقد أدنى قرابتكم» يشير إلى أنه بعد أن أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فإنه ولى عبد الله بن العباس البصرة وولى أخاه قثم مكة وولى أخاه عبد الله اليمن.
وقوله: «بئس الجزاء جزيتم في بني حسن» إشارة إلى ما فعله العباسيون في أولاد الحسن عليه السّلام ومنه ما فعله المنصور بمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن وجماعة من أهلهم من حملهم من المدينة في أسوأ حال وحبسهم في أضيق مكان وقتلهم.
وقوله: «لا بيعة ردعتكم» إشارة إلى ما وقع بعد موت مروان الحمار آخر ملوك بني أمية واجتماع بني هاشم على بيعة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السّلام وفيهم السفاح والمنصور وبعد أن أفضى الأمر إلى المنصور بعد موت السفاح تتبع محمد وأخاه إبراهيم وضيق عليهما حتى قتلهما وجماعة من أهل بيتهما.
قوله: «هلا صفحتم عن الأسرى» يشير إلى أن فعل المنصور بأبناء الحسن عليه السّلام وإلى صفح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم بدر عن العباس. ونقل أنه لما وصل إلى الربذة يريد الحج وفيها أبناء الحسن مغلغلين مكبلين بالحديد عليهم المسوخ فخرج المنصور راكبا بغلة شفرا ومعه الربيع فناداه عبد الله بن الحسن يا أبا جعفر ما
هكذا بأسراكم يوم بدر فلم يجبه ولم يعرج عليه.(2/262)
قوله: «هلا صفحتم عن الأسرى» يشير إلى أن فعل المنصور بأبناء الحسن عليه السّلام وإلى صفح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم بدر عن العباس. ونقل أنه لما وصل إلى الربذة يريد الحج وفيها أبناء الحسن مغلغلين مكبلين بالحديد عليهم المسوخ فخرج المنصور راكبا بغلة شفرا ومعه الربيع فناداه عبد الله بن الحسن يا أبا جعفر ما
هكذا بأسراكم يوم بدر فلم يجبه ولم يعرج عليه.
قوله: «هلا كففتم عن الديباج» محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن نظر إليه المنصور فقال: أنت الديباج الأصفر؟ قال: نعم. قال: والله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من أهل بيتك، ثم أمر باسطوانة مبنية ففرقت ثم أدخل فيها وبنى عليه وهو حي وكان الناس يختلفون إليه ينتظرون إلى حسه بعد مماته.
من أخبار أبي الحسن العسكري الأديب
أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن سعيد العسكري أحد أئمة الأدب في الآداب والحفظ وله تصانيف مهذبة، وكان الصاحب بن عباد يؤول إلى الاجتماع به ولا يجد له سبيلا فقال لمخدومه مزيد الدولة: إن البلد الفلاني قد اختل حاله واحتاج إلى كشف، فأذن له في ذلك، ولما وصل الصاحب توقع أن يزوره أحمد المذكور لم يزره فكتب إليه ابن عباد هذه الأبيات:
ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ... ضعفنا فلم نقدر على الرخذان
أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... وكم منزل بكر لنا وعوان
وكتب مع ذلك شيئا من النثر، فأجاب أحمد بنثر وبالبيت المشهور:
أهم بأمر الحزم لا أستطيعه ... وقد جبل بين العير والنزوان
فتعجب الصاحب من اتفاق هذا البيت.
وذكر أنه لو عرف أن يتفق له هذا البيت لغير الروي والبيت المذكور لأخي الخنساء صخر بن عمر بن الشريد، وكان قد حضر محاربة بني أسد فطعنه ربيعة بن ثور الأسدي فأدخل بعض حلقات الدرع في جنبه وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض وأمه وزوجته سلمى يعللانه، فضجرت زوجته منه فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله فقالت: لا هو حي يرجى ولا ميت ينسى، فسمعها صخر فأنشد:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليما مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغتر بالحدثان
لعمري لقد نبّهت من كان نائما ... وأيقظت من كانت له اذنان
وأي امرىء واسى بأم حليله ... فلا عاش إلا في شقى وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فلا موت خير من حياة كأنها ... معرس يعسوب برأس سنان(2/263)
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليما مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغتر بالحدثان
لعمري لقد نبّهت من كان نائما ... وأيقظت من كانت له اذنان
وأي امرىء واسى بأم حليله ... فلا عاش إلا في شقى وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان
فلا موت خير من حياة كأنها ... معرس يعسوب برأس سنان
قصة ابن معمر التميمي والجارية
نقل أنه اشترى عبد الله بن معمر التميمي جارية فارهة بعشرين ألف دينار، وكانت تسمى (الكاملة) لكمالها في علم الغناء وجودة الضرب ومعرفة اللسان والقرآن والشعر والكتابة وفنون الطبخ والعطر، وكانت عند فتى أدبها لنفسه وكان معجبا بها واجدا بها وجدا شديدا فلم يزل ينفق عليها حتى أملق واحتاج وجعل يسأل أخوانه، فمكث بذلك حينا هو وهي في أكدر العيش وضيق شديد في معيشتهما فقالت الجارية: والله إني لأرى لك وأشفق عليك وأرغب بك عما أنت فيه ولو أنك بعتني نلت غنى الدهر ولعل الله يصنع بنا جميلا فحملها إلى عبد الله ابن معمر فأعجبته فاشتراها بالثمن المذكور، فلما قبض الفتى الثمن استعبر كل واحد منهما فأنشأت الجارية تقول:
هنيئا لك المال الذي قد حويته ... ولم يبق في فكري إلا تفكري
أقول لنفسي وهي في حال كربة ... أقلى فقد بان الحبيب أو اكثري
إذا لم يكن للمرء عندك حيلة ... ولم تجدي شيئا سوى الصبر فاصبر
قال فأجابها الفتى يقول:
ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن ... لفرقتنا شيء سوى الموت فاعذري
أبوء بحزن من فراقك موجع ... أناجي به قلبا طويل التفكر
عليك سلام لا زيادة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر
فقال عبد الله وقد رق لهما: خذ بيدها وانصرفا راشدين والمال الذي نقدته في ثمنها أنفقه عليها والله لا أخذت منه درهما واحدا.
تعابير رؤيا لابن سيرين
حكي أن امرأة جاءت إلى ابن سيرين وهو يتغدى فقالت: يا أبا بكر رأيت رؤيا، فقال تقصين أو تتركين حتى آكل؟ فقالت: بل أتركك حتى تأكل، فلما فرغ قال لها: قصي علي رؤياك. فقالت: رأيت القمر قد دخل في الثريا ونادى مناد من خلفي امضي إلى ابن سيرين فقصي عليه هذا. قال: فقبض ابن سيرين يده وقال:
ويلك كيف رأيت؟ فأعادت فاصفر وجهه وقام وهو آخذ ببطنه فقالت له: مالك؟
قال: زعمت هذه المرأة أني ميت بعد سبعة أيام فعددت من ذلك اليوم سبعة أيام فمات في اليوم السابع.
وحكي أنه جاءه رجل فقال: إني رأيت طائرا سمينا ما أعرف ما هو قد تدلى من السماء فوقع على شجرة وجعل يلتقط الزهر ثم طار، فتغير وجه ابن سيرين وقال: هذا موت العلماء فمات في ذلك العام الحسن البصري ومحمد بن سيرين.(2/264)
قال: زعمت هذه المرأة أني ميت بعد سبعة أيام فعددت من ذلك اليوم سبعة أيام فمات في اليوم السابع.
وحكي أنه جاءه رجل فقال: إني رأيت طائرا سمينا ما أعرف ما هو قد تدلى من السماء فوقع على شجرة وجعل يلتقط الزهر ثم طار، فتغير وجه ابن سيرين وقال: هذا موت العلماء فمات في ذلك العام الحسن البصري ومحمد بن سيرين.
مما يتعلق بجرير والفرزدق
توفي جرير والفرزدق في السنة الخامسة بعد المئة وكان بينهما مهاجات ومن أخبار جرير ان دخل على عبد الملك بن مروان فأنشده قصيدة أولها:
أتصحو أم فؤادك غير صاح ... عشية هم صحبك بالرواح
تقول العاذلات علاك شيب ... أهذا الشيب يمنعني مزاح
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
سأشكر إن رددت إلي ريشي ... وأثبت القوادم في الجناحي
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
قال جرير: فلما انتهيت إلى هذا البيت كان عبد الملك متكئا فاستوى جالسا وقال: من مدحنا منكم فليمدحنا بمثل هذا وإلا فليسكت، ثم التفت إلي وقال: يا جرير أترى حرب ترويها مئة ناقة بني كلب؟ قلت: يا أمير المؤمنين نحن مشايخ وليس بأحدنا فضل من الروحات والابل إباقه فلو أمرت لي بالرعاة، فأمر لي بثمانية مماليك وكان بين يديه صحاف من ذهب وبيده قضيب فقلت: يا أمير المؤمنين المحلب؟ وأشرت إلى الصحاف فنبذها إلي بالقضيب وقال: خذها.
ولما مات الفرزدق بكى عليه جرير وقال: إني والله لأعلم أني قليل البقاء ولقد كنا نجبا واحدا، وكل منهما مشغول بصاحبه وقل ما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه، وكذلك كان.
وكانت وفاة جرير باليمامة وعمره نيف وثمانون سنة.
وعن أبي عمر قال: حضرت موت الفرزدق وهو يجود بنفسه فما رأيت أحسن ثقة منه بالله، فلم ألبث أن قدم جرير من اليمامة فاجتمع إليه الناس فأنشدهم فما وجدوه كما عهدوه، فقلت له بذلك؟ فقال: أطفأ موت الفرزدق جمرتي والله وأسال عبرتي وقرب مني منيتي، ثم شخص إلى اليمامة.
مدح الفرزدق الإمام السجاد عليه السّلام
وينسب إلى الفرزدق مكرمة يرجى بها الفوز إلى الجنة والنجاة من النار وهي
أنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف وجهد أن يسعى إلى الحجر يستلمه فلم يقدر لكثرة الناس والزحام، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس وزوال الزحام ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السّلام فطاف بالبيت فتنحى عنه الناس حتى استلم الحجر فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي هابته الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه وخاف هو أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضرا قال: أنا أعرفه. فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس؟ فقال شعرا:(2/265)
وينسب إلى الفرزدق مكرمة يرجى بها الفوز إلى الجنة والنجاة من النار وهي
أنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف وجهد أن يسعى إلى الحجر يستلمه فلم يقدر لكثرة الناس والزحام، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس وزوال الزحام ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السّلام فطاف بالبيت فتنحى عنه الناس حتى استلم الحجر فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي هابته الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه وخاف هو أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضرا قال: أنا أعرفه. فقال الشامي: من هذا يا أبا فراس؟ فقال شعرا:
يا سائلي أين حل الجود والكرم ... عندي بيان إذا طلابه قدموا
إذا أتاني فتى يستأمني ... خبرا فإن فضل علي ليس ينكتم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمي إلى الذروة العليا التي قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
لو يعلم البيت من قد جاء يلثمه ... لخر يلثم منه ما وطأ القدم
في كفه خيزران ريحه عبق ... في كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... ولا يكلم إلا حين يتبسم
من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت لها الأمم
يبين نور الهدى من نور غرته ... كالشمس ينجاب عن إشراقها الكتم
مشتقة من رسول الله بنعته ... طابت عناصره والخيم والشيم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
الله شرّفه قدما وعظمه ... جرى بذاك له في لوحة القلم
وليس قولك من هذا؟ بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما ... يستوي كفان فلا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق والشيم
حمال أثقال أقوام إذا قدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده النعم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته ... رحب الفناء أزيب حين يعتزم
ما قال لا قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاؤه نعم
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياهب والأملاك والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير خلق الله قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والناس تحترم
لا يقبض العسر بسطا من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع الشر والبلوى بحبهم ... فيسترب به الإحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم أن يحل الضيم ساحتهم ... خيم كريم وأيد بالندى ضخم
من يعرف الله يعرف أولوية ذا ... الدين من بيت هذا ناله الأمم
قال: فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب وحبس الفرزدق فأنفذ له زين العابدين عشرة آلاف درهم فردها وقال: مدحة لله لا للعطاء، قال زين العبادين: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده فقبلها الفرزدق.(2/266)
يا سائلي أين حل الجود والكرم ... عندي بيان إذا طلابه قدموا
إذا أتاني فتى يستأمني ... خبرا فإن فضل علي ليس ينكتم
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمي إلى الذروة العليا التي قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
لو يعلم البيت من قد جاء يلثمه ... لخر يلثم منه ما وطأ القدم
في كفه خيزران ريحه عبق ... في كف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... ولا يكلم إلا حين يتبسم
من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت لها الأمم
يبين نور الهدى من نور غرته ... كالشمس ينجاب عن إشراقها الكتم
مشتقة من رسول الله بنعته ... طابت عناصره والخيم والشيم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
الله شرّفه قدما وعظمه ... جرى بذاك له في لوحة القلم
وليس قولك من هذا؟ بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما ... يستوي كفان فلا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق والشيم
حمال أثقال أقوام إذا قدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده النعم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته ... رحب الفناء أزيب حين يعتزم
ما قال لا قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاؤه نعم
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياهب والأملاك والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير خلق الله قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والناس تحترم
لا يقبض العسر بسطا من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع الشر والبلوى بحبهم ... فيسترب به الإحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم أن يحل الضيم ساحتهم ... خيم كريم وأيد بالندى ضخم
من يعرف الله يعرف أولوية ذا ... الدين من بيت هذا ناله الأمم
قال: فلما سمع هشام هذه القصيدة غضب وحبس الفرزدق فأنفذ له زين العابدين عشرة آلاف درهم فردها وقال: مدحة لله لا للعطاء، قال زين العبادين: إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده فقبلها الفرزدق.
ومن هذه الحكاية: يعلم كونه من شيعة أهل البيت، وكذلك عده في كتاب مجالس المؤمنين ونقل فيه بعض الثقات أنه لقى الرسول ونقل فيه أنه بلغ من العمر مئة سنة، وقيل مئة وثلاثين سنة، وأنه مات في سنة العشرين بعد المئة، ونقل بعض أهل التواريخ أنه توفي في البصرة قبل جرير بأربعين يوما.
من ظرائف أبي دلامة
أبو دلامة ابن الجون وكان صاحب نوادر وحكايات وأدب ونظم ذكر ابن الجوزي أنه توفي لأبي جعفر المنصور ابنة عم فحضر جنازتها وهو متألم لفقدها، فأقبل أبو دلامة وجلس قريبا منه، فقال له أبو جعفر المنصور: ويحك ما أعددت لهذا المكان؟ فقال ابنة عم الملك أمير المؤمنين، فضحك المنصور حتى استلقى على قفاه وقال: ويحك فضحتنا بين الناس.
نقل أنه لما قدم المهدي ابن المنصور من الري إلى بغداد إذ دخل عقبه أبو دلامة للسلام والتهنئة بقدومه فقال المهدي: كيف أنت يا أبا دلامة؟ فأنشد:
إني حلفت لأن رأيتك سالما ... تغزو العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد ... ولتملأن دراهما حجري
فقال المهدي: أما الأولى فنعم، وأما الثانية فلا فقال: جعلني الله فداك إنهما
كلمتان لا يفرق بينهما فقال: يملأ حجر أبي دلامة دراهم، فقعد فبسط حجره فملأه دراهم وقال له: قم الآن يا أبا دلامة. فقال: ينخرق قميصي يا أمير المؤمنين، فردها، إلى الأكياس ثم قام.(2/267)
إني حلفت لأن رأيتك سالما ... تغزو العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد ... ولتملأن دراهما حجري
فقال المهدي: أما الأولى فنعم، وأما الثانية فلا فقال: جعلني الله فداك إنهما
كلمتان لا يفرق بينهما فقال: يملأ حجر أبي دلامة دراهم، فقعد فبسط حجره فملأه دراهم وقال له: قم الآن يا أبا دلامة. فقال: ينخرق قميصي يا أمير المؤمنين، فردها، إلى الأكياس ثم قام.
ومن أخباره أنه أوصى ولده فاستدعى له طبيبا وشرط له جعلا معلوما، فلما برىء قال له: والله ما عندنا شيء نعطيك ولكن ادع على فلان اليهودي وكان ذا مال بمقدار الجعل وأنا وولدي نشهد لك بذلك، فمضى الطبيب إلى القاضي وادعى على اليهودي بذلك المبلغ فأنكر اليهودي فقال: لي عليك بينة، فخرج لإحضارهما فأحضر أبو دلامة وولده فدخل المجلس فخاف أبو دلامة أن يطالبه القاضي بالتزكية وأنشد في الدهليز قبل دخوله إعلاما للقاضي بحيث يسمعه:
لئن ستروا عيبي سترت عيوبهم ... وإن بحثوا عني فعنهم أباحث
وإن نبشوا بيري نبشت بيارهم ... لتعلم مني كيف تلك النبائش
ثم حضرا بين يدي القاضي وأديا الشهادة فقال له القاضي: كلامك وشهادتك مقبولة. ثم غرم القاضي المبلغ المذكور من عنده ومسموع أطلق اليهودي، وما أمكنه أن يرد شهادتهما خوفا من لسانه. وكان القاضي يومئذ محمد بن عبد الله بن أبي ليلى، وقد قيل عبد الله بن شبرمة.
حكى أن روح المهلبي كان واليا على البصرة وخرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة زيد بن الجون، فخرج رجل من صف العدو مبارزا فخرج إليه جماعة من أصحاب روح فقتلهم الفارس واحدا بعد واحد، فتقدم روح ابن خانم إلى أبي دلامة وأشار عليه أن يبارز الفارس، فامتنع أبو دلامة فألزمه روح في ذلك فاستعفاه فلم يعفه فأنشد:
إني أعوذ بروح أن يقدمني ... إلى القتال فتجزى بي بنو أسد
إلى المهلب حب الموت إرثكم ... ولم أرث قط حب الموت من أحد
إن الذنوب من الأعداء أعلمه ... مما يفرق بين الروح والجسد
فأقسم عليه ليخرجن فقال له: لماذا تأخذ رزق السلطان؟ قال: لأقاتل عنه.
قال: فما بالك الآن لا تدنو من العدو؟ قال: أيها الأمير إن جئت إليه لحقت بمن مضى وما الشرط أن أقتل عن السلطان بل أقاتل عنه فحلف روح ليخرجن إليه لتقتله أو تأسره أو تقتل دون ذلك فلما رأى أبو دلامة الجد من روح قال: أيها الأمير اعلم أن هذا اليوم أول أيام الآخرة ولابد من الزوادة، فأمر له بذلك فأخذ
رغيفا مطويا على دجاجة ولحم وسطيحة من شراب وشيئا من نقل وشهر سيفه وحمل، وكان تحته فرس جواد فأقبل يحرك فرسه ويلعب بالرمح وكان مليحا في الميدان والفارس يلاحظه ويطلب منه غرة وغفلة، حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل، لا تعجل واسمع عني عافاك الله كلمات ألقيها إليك فإنما أتيتك في مهم، فوقف الفارس مقابله فقال: ما هو المهم؟(2/268)
قال: فما بالك الآن لا تدنو من العدو؟ قال: أيها الأمير إن جئت إليه لحقت بمن مضى وما الشرط أن أقتل عن السلطان بل أقاتل عنه فحلف روح ليخرجن إليه لتقتله أو تأسره أو تقتل دون ذلك فلما رأى أبو دلامة الجد من روح قال: أيها الأمير اعلم أن هذا اليوم أول أيام الآخرة ولابد من الزوادة، فأمر له بذلك فأخذ
رغيفا مطويا على دجاجة ولحم وسطيحة من شراب وشيئا من نقل وشهر سيفه وحمل، وكان تحته فرس جواد فأقبل يحرك فرسه ويلعب بالرمح وكان مليحا في الميدان والفارس يلاحظه ويطلب منه غرة وغفلة، حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل، لا تعجل واسمع عني عافاك الله كلمات ألقيها إليك فإنما أتيتك في مهم، فوقف الفارس مقابله فقال: ما هو المهم؟
قال: أتعرفني؟ قال: لا قال: أنا أبو دلامة زيد بن الجون. قال: سمعت بك فكيف برزت إلي وطمعت في بعدما قتلت أصحابك؟ قال: أنا أبو دلامة ما خرجت لأقتلك ولكني رأيت لياقتك وشهامتك فاشتبهت أن تكون لي صديقا وأدلك على ما هو أحسن من قتالنا قال: قل لي على بركات الله. قال أبو دلامة: أراك قد تعبت وأنت سغبان ظمآن. قال الخراساني: كذلك هو. قال أبو دلامة: ما علينا من خراسان ولا من العراق إن معي خبزا ولحما وشرابا ونقلا كما يتمنى المتمني وهذا غدير بالقرب منا فهلم بنا إليه نتغدى ونضطجع وأترنم إليك بشيء من حدي العرب فقال الخراساني: هذا غاية أملي فقال أبو دلامة: ها أنا أستطرد بين يديك فاتبعني حتى نخرج من حلقة النضال، ففعلا.
هذا وروح يطلب صاحبه فلا يجده والخراسانية تطلب صاحبها فلم تجده، فلما طابت نفس الخراساني من الأكل والشرب قال له أبو دلامة: إن أميرنا روح كما علمت من أبناء الملوك الكرام وحسبك من ابن المهلب جوادا وأنه يبذل لك خلعة فاخرة وفرسا جوادا ومركبا مفضضا وسيفا محلّى ورمحا طويلا ويزيد لك في كثرة العطاء، وهذا خاتمه معي لك فقال له الفارس: ويحك ما أصنع بأهلي وعيالي؟ فقال: استخر الله واسرع معي ودع عيالك فالكل يخلفه عليك، فقال: سر بنا على بركات الله تعالى.
فسار حتى قدما من وراء العسكر فهجما على الأمير روح فقال: يا أبا دلامة وإن كنت في حاجتك أما قتل الرجل فلا أطيقه وأما سفك دمي فلا طبت له نفسا وأما الرجوع خائبا فلا أقدر عليه فقد تلطفت بالرجل وأتيتك بالرجل أسير كرمك وقد بذلت عنك كيت وكيت قال روح: تمضي إذا وتوثق منه قال: بماذا؟ قال: بنقل أهله. قال الرجل:
أهلي عليّ بعيد ولا يمكن نقلهم ولكن أمدد يدك أيها الأمير احلف لك متبرعا بطلاق الزوجة إني لا أخونك فإذا لم أوف لك إذا حلفت بطلاقها لم ينفعك نقلها قال:
صدقت، فحلف له وعاهده ووفى بما ضمنه أبو دلامة وزاد عليه وانقلب الخراساني معهم يقاتل الخراسانية، وكان أكبر أسباب ظفر روح بن حاتم المهلبي به.
نقل أنه كان المنصور قد أمر بهدم دور كثيرة منها دار أبي دلامة، فكتب إلى المنصور:
يابن عم النبي دعوة شيخ ... قد دنا هدم داره وبواره
فهي كالماخض التي أعيا ... بها الطلق فقرت وما يقر قراه
لكم الأرض كلها فأعيروا ... عبدكم ما احتوى عليه جداره
في السنة الستمئة والستة والخمسين دخلت التتار بغداد ووضعوا فيهم السيف واستمر بهم القتل والسبي نيفا وثلاثين يوما، وقيل إن القتلى ألف ألف وثمانية ألف ذكر. وكان سبب دخولهم بغداد أن المؤيد بن العلقمي كاتبهم وحرضهم على دخول بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الشيعة من الذل والإهانة، وكان يكاتبهم سرا فأشار الوزير ابن العلقمي على الخليفة المعتصم بالله بأني أخرج إليهم لتقرير الصلح فخرج وتوثق لنفسه وأخوانه بالإيمان المغلظة ثم رجع وقال للخليفة: إن الملك قد رغب أن يزوج ابنته بابنك الأمين أبو بكر وأن يكون له كما كان يفعله أجدادك مع الملوك السلجوقية ثم يرتحل عنك، فخرج المستعصم في أعيان الدولة ثم استدعى العلماء والوزراء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه، فخرجوا فضربت رقاب الجميع وصار يخرج طائفة بعد طائفة فيضرب أعناقهم حتى قتل من أهل الدولة وغيرهم ما قتل من العدد المذكور. وكان المعتصم آخر الخلفاء العباسيين وكانت دولتهم خمسمئة وأربعة وعشرين سنة.(2/269)
نقل أنه كان المنصور قد أمر بهدم دور كثيرة منها دار أبي دلامة، فكتب إلى المنصور:
يابن عم النبي دعوة شيخ ... قد دنا هدم داره وبواره
فهي كالماخض التي أعيا ... بها الطلق فقرت وما يقر قراه
لكم الأرض كلها فأعيروا ... عبدكم ما احتوى عليه جداره
في السنة الستمئة والستة والخمسين دخلت التتار بغداد ووضعوا فيهم السيف واستمر بهم القتل والسبي نيفا وثلاثين يوما، وقيل إن القتلى ألف ألف وثمانية ألف ذكر. وكان سبب دخولهم بغداد أن المؤيد بن العلقمي كاتبهم وحرضهم على دخول بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الشيعة من الذل والإهانة، وكان يكاتبهم سرا فأشار الوزير ابن العلقمي على الخليفة المعتصم بالله بأني أخرج إليهم لتقرير الصلح فخرج وتوثق لنفسه وأخوانه بالإيمان المغلظة ثم رجع وقال للخليفة: إن الملك قد رغب أن يزوج ابنته بابنك الأمين أبو بكر وأن يكون له كما كان يفعله أجدادك مع الملوك السلجوقية ثم يرتحل عنك، فخرج المستعصم في أعيان الدولة ثم استدعى العلماء والوزراء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه، فخرجوا فضربت رقاب الجميع وصار يخرج طائفة بعد طائفة فيضرب أعناقهم حتى قتل من أهل الدولة وغيرهم ما قتل من العدد المذكور. وكان المعتصم آخر الخلفاء العباسيين وكانت دولتهم خمسمئة وأربعة وعشرين سنة.
عدد ملوك بني أمية
أولهم عثمان بن عفان ثم معاوية بن أبي سفيان ثم يزيد بن معاوية ثم معاوية ابن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك ثم أخوته الثلاثة سليمان ويزيد وهشام أولاد عبد الملك بن مروان ثم عمر بن عبد العزيز ثم الوليد بن يزيد ثم يزيد بن عبد الملك ثم مروان بن محمد بن الحكم بن أبي العاص وهو آخر ملوك بني أمية.
عدد ملوك بني العباس
وأما عدد ملوك بني العباس أولهم السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثم أخوه جعفر عبد الله المنصور ثم المهدي بن المنصور ثم الهادي موسى بن المهدي ثم الرشيد هارون المهدي ثم الأمين محمد بن هارون الرشيد ثم أخوه المأمون عبد الله بن هارون ثم أخوهما المعتصم محمد بن هارون ثم الواثق المعتصم ثم المتوكل جعفر بن المعتصم ثم المستنصر محمد بن المتوكل ثم المستعين ثم المعتصم ثم المعتز بن المتوكل ثم المهدي محمد بن الواثق ثم
المعتمد أحمد بن المتوكل ثم المعتضد أحمد بن الموفق ثم المكتفي علي بن المعتضد ثم المقتدر جعفر بن المعتضد ثم القاهر أحمد بن محمد بن المعتضد ثم الراضي بن المقتدر ثم المتقي بن المقتدر ثم المستكفي بن محمد المكتفي ثم المطيع الفضل بن المقتدر ثم الطائع عبد الكريم بن المطيع ثم القادر بن المقتدر ثم القائم بن القادر ثم المقتدي بن القائم ثم المستظهر بن المقتدي ثم المسترشد بن المستظهر ثم الراشد بن المسترشد ثم المكتفي بن المستظهر ثم المستنجد بن المكتفي ثم المستضيء بن المستنجد ثم الناصر بن المستضي ثم الطاهر بن الناصر ثم المستنصر أحمد بن الناصر ثم المعتصم عبد الله بن المستنصر وهو آخر ملوكهم لعن الله المخالف منهم.(2/270)
وأما عدد ملوك بني العباس أولهم السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثم أخوه جعفر عبد الله المنصور ثم المهدي بن المنصور ثم الهادي موسى بن المهدي ثم الرشيد هارون المهدي ثم الأمين محمد بن هارون الرشيد ثم أخوه المأمون عبد الله بن هارون ثم أخوهما المعتصم محمد بن هارون ثم الواثق المعتصم ثم المتوكل جعفر بن المعتصم ثم المستنصر محمد بن المتوكل ثم المستعين ثم المعتصم ثم المعتز بن المتوكل ثم المهدي محمد بن الواثق ثم
المعتمد أحمد بن المتوكل ثم المعتضد أحمد بن الموفق ثم المكتفي علي بن المعتضد ثم المقتدر جعفر بن المعتضد ثم القاهر أحمد بن محمد بن المعتضد ثم الراضي بن المقتدر ثم المتقي بن المقتدر ثم المستكفي بن محمد المكتفي ثم المطيع الفضل بن المقتدر ثم الطائع عبد الكريم بن المطيع ثم القادر بن المقتدر ثم القائم بن القادر ثم المقتدي بن القائم ثم المستظهر بن المقتدي ثم المسترشد بن المستظهر ثم الراشد بن المسترشد ثم المكتفي بن المستظهر ثم المستنجد بن المكتفي ثم المستضيء بن المستنجد ثم الناصر بن المستضي ثم الطاهر بن الناصر ثم المستنصر أحمد بن الناصر ثم المعتصم عبد الله بن المستنصر وهو آخر ملوكهم لعن الله المخالف منهم.
لابن عساكر صاحب التاريخ وهو علي بن حسن بن هبة الله عساكر:
ألا إن الحديث أجل علم ... وأشرفه أحاديث الغوالي
وأنفع كل نوع منه عندي ... وأحسنه الفوائد في الأمالي
وإنك لا ترى للعلم شيئا ... يحققه كأفواه الرجال
فكن يا صاح ذا حرص عليه ... وخذه من الرجال بلا ملال
ولا تأخذه من صحف فترمى ... من التصحيف بالداء العضال
الفضل بن يحيى مع الأعرابي
قال الأصمعي إن أعرابيا قصد الفضل بن يحيى البرمكي وكان عندي من أخيه جعفر وذلك الأعرابي لم يعرفه قبل ذلك اليوم وقال فيه:
ألم تر أن الجود من لدن آدم ... تحدر حتى صار يملكه الفضل
فلو أم طفل مضها جوع طفلها ... غذته باسم الفضل لم يفطم الفضل
فقال له الفضل: أحسنت والله يا أخا العرب فإن قال لك الفضل: هذان البيتان قالهما شاعر غيرك وأخذ الجائزة عليهما فأنشد غيرهما فما كنت قائلا؟
قال: إذن والله كنت أقول أيها الأمير:
قد كان آدم حين حان مماته ... أوصال وهو يجود بالجوباء
ببنيه أن ترحاهم فرعيتهم ... وكفيت آدم عيلة الأبناء
قال: أحسنت يا أخا العرب فإن قال لك الفضل: هذان البيتان مسروقان أنشدني غيرهما فما كنت قائلا؟
فقال الأعرابي: لأن زاد الفضل امتحاني لأقول أربعة أبيات ما سبقني إليها عربي ولا عجمي، ولأن زاد في امتحاني لأدخلن قوائم ناقتي في رحم أم الفضل ولأرجعن إلى قضاعة خائبا.(2/271)
قد كان آدم حين حان مماته ... أوصال وهو يجود بالجوباء
ببنيه أن ترحاهم فرعيتهم ... وكفيت آدم عيلة الأبناء
قال: أحسنت يا أخا العرب فإن قال لك الفضل: هذان البيتان مسروقان أنشدني غيرهما فما كنت قائلا؟
فقال الأعرابي: لأن زاد الفضل امتحاني لأقول أربعة أبيات ما سبقني إليها عربي ولا عجمي، ولأن زاد في امتحاني لأدخلن قوائم ناقتي في رحم أم الفضل ولأرجعن إلى قضاعة خائبا.
قال: فنكس الفضل رأسه ثم قال: يا أخا العرب سمعني الأبيات الأربعة فقال:
ولائمة لامتك يا فضل في الردى ... فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر
أرادت لتنهى الفضل عن بذل ماله ... ومن ذا الذي ينهى السحاب عن القطر
كأن نوال الفضل من كل وجهة ... تحدر صوب المزن في مهمه قفر
كأن وفود الناس من كل بلدة ... إلى الفضل لاقوا عنده ليلة القدر
قال: فخر الفضل على وجهه ضاحكا وقال: يا أخا العرب أنا الفضل قال الأعرابي: وقد عرفت أيها الأمير أنك الفضل أقلني ما مضى من الكلام قال: أقلتك والله اذكر حاجتك قال: عشرة آلاف دينار فأمر له بعشرة آلاف مثلها.
وفاة أبي نؤاس وبعض نوادره
توفي أبو نؤاس الحسن بن هاني الشاعر المشهور في سنة مئة وستة وتسعين، قيل هو من الطبقة الأولى من المولدين.
قيل: كان المأمون يقول: لو وصفت لي الدنيا نفسها لما وصفت مثل قول أبي نؤاس:
ألا كل حي هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
وإنما قيل له (أبو نؤاس) لذؤابتين كانتا يتوسطان على عاتقه.
قال أبو حاتم السجستاني كانت المعاني مدفونة حتى آثارها أبو نؤاس وقال:
لولا أن العامة استبدلت بهذين البيتين لكتبا بماء الذهب لأبي نؤاس رحمه الله:
ولو أني استزدتك فوق ما بي ... من البلوى لأعوزك المزيد
لو عرضت على الموتى حياتي ... بعيش مثل عيشي لم يريدوا
لطيفة لأبي نؤاس
ويحكى له من النوادر والمخترعات والعجائب، فمن ذلك ما حكى عن
هارون الرشيد أنه كان ذات ليلة يطوف في داره فرأى جارية من جواريه وكان يجبها حبا شديدا ويجد بها وجدا ويلتمس منها حاجة فوجدها في تلك الليلة سكرى فخمشها فانحل إزارها وسقط خمارها فقالت أمهلني الليلة فغدا أصل إليك فخلاها، فلما أصبح أرسل إليها خادمه فقال: أجيبي أمير المؤمنين: فقالت: ارجع إليه وقل له «كلام الليل يمحوه النهار» فعرفه بذلك فقال: انظر من على الباب من الشعراء فرجع إليه فقال: الرقاشي وأبا مصعب وأبا نؤاس. فقال: أدخلهم إلي فلما حضروا بين يديه قال لهم: عرفتم لماذا طلبتكم؟ فقال: لا. قال: يقول كل واحد منكم شعرا آخره «كلام الليل يمحوه النهار».(2/272)
ويحكى له من النوادر والمخترعات والعجائب، فمن ذلك ما حكى عن
هارون الرشيد أنه كان ذات ليلة يطوف في داره فرأى جارية من جواريه وكان يجبها حبا شديدا ويجد بها وجدا ويلتمس منها حاجة فوجدها في تلك الليلة سكرى فخمشها فانحل إزارها وسقط خمارها فقالت أمهلني الليلة فغدا أصل إليك فخلاها، فلما أصبح أرسل إليها خادمه فقال: أجيبي أمير المؤمنين: فقالت: ارجع إليه وقل له «كلام الليل يمحوه النهار» فعرفه بذلك فقال: انظر من على الباب من الشعراء فرجع إليه فقال: الرقاشي وأبا مصعب وأبا نؤاس. فقال: أدخلهم إلي فلما حضروا بين يديه قال لهم: عرفتم لماذا طلبتكم؟ فقال: لا. قال: يقول كل واحد منكم شعرا آخره «كلام الليل يمحوه النهار».
فقال الرقاشي:
متى تصحو وقلبك مستطار ... وقد منع القرار فلا قرار
وقد تركتك صبا مستهاما ... فتاة لا تزور ولا تزار
إذا وعدتك صدت ثم قالت ... كلام الليل يمحوه النهار
وقال مصعب:
أما والله لو تجدين وجدي ... لأذهب باكرا عنك السرار
فكيف وقد تركت العين عبرا ... وفي الأحشاء من ذكراك نار
فقالت أنت مغرور بوعدي ... كلام الليل يمحوه النهار
وقال أبو نؤاس:
وليلة أقبلت في القصر سكرى ... ولكن زين السكرى الوقار
وهز الريح أردافا ثقالا ... وصدر فيه رمان صغار
وقد سقط الردى عن منكبيها ... من التخميش وانحل الإزار
فقلت لها تعالي عانقيني ... فقالت في غد طاب المزار
فقلت الوعد سيدتي فقالت ... كلام الليل يمحوه النهار
فأمر الخليفة لكل من الاثنين بألف دينار وقال: علي بسيف ونطع لأجدن رقبة أبي نؤاس فقال: ولما ذاك؟ قال لأنك معنا البارحة فقال: والله ما بت إلا في داري وإنما استدللت بكلامك، فقيل منه وأمر له بعشرة آلاف دينار.
حال أبي نؤاس مع هارون
ومما نقل من غرائب أبي نؤاس أن هارون الرشيد طرقه ذات ليلة قلق وسهاد
فمنعه الراحة والرقاد، فافتكر فيما يزيل عنه الهم والسهد ويجلب له النوم والفرح فدار في مواضع حتى دخل على بعض سرائره فوجدها نائمة وجواريها يضربن المعازف عند رأسها، فلما دخل الخليفة انصرفن من حولها فكشف عن وجهها وقبل موضع خال في خدها، فانتبهت وهي فزعة فقالت: من هذا؟ فقال ضيف فقالت: نكرم الضيف بسمعي والبصر فلما أصبح استدعى بأبي نؤاس فقال أبو نؤاس قل للخليفة ثيابي مرهونة عند الخمار على ستمئة دينار إن استفكها إلي لبستها وجئت إليه فالتزم الرشيد بذلك القدر فجاء وقال: أريد منك أن تظم لي شعرا آخره «نكرم الضيف بسمعي والبصر» فقال في الحال:(2/273)
ومما نقل من غرائب أبي نؤاس أن هارون الرشيد طرقه ذات ليلة قلق وسهاد
فمنعه الراحة والرقاد، فافتكر فيما يزيل عنه الهم والسهد ويجلب له النوم والفرح فدار في مواضع حتى دخل على بعض سرائره فوجدها نائمة وجواريها يضربن المعازف عند رأسها، فلما دخل الخليفة انصرفن من حولها فكشف عن وجهها وقبل موضع خال في خدها، فانتبهت وهي فزعة فقالت: من هذا؟ فقال ضيف فقالت: نكرم الضيف بسمعي والبصر فلما أصبح استدعى بأبي نؤاس فقال أبو نؤاس قل للخليفة ثيابي مرهونة عند الخمار على ستمئة دينار إن استفكها إلي لبستها وجئت إليه فالتزم الرشيد بذلك القدر فجاء وقال: أريد منك أن تظم لي شعرا آخره «نكرم الضيف بسمعي والبصر» فقال في الحال:
طال ليلي ثم عادني السهر ... ثم فكرت وأحسنت النظر
جئت أمشي في زويات الحما ... ثم طورا في مقاصير الحجر
إذ بوجه مقمر قد لاح لي ... زانه الرحمن من بين البشر
ثم أقبلت إليه مسرعا ... ثم طأطأت وقبلت الأثر
فاستفاقت فزعا قائلة ... يا أمين الله ما هذا الخبر
قلت ضيف طارق في داركم ... هل تضيفوه إلى وقت السحر
فأجابت بسرور سيدي ... نكرم الضيف بسمعي والبصر
فقال هارون: يا فاعل يا تارك كنت البارحة معنا تحت السرير تسمع كلامنا أضربوا عنقه فحلف أبو نؤاس ما هذا كان مني وشفعوا فيه فقال: إن كنت صادقا فقل شعرا في شيء أنا أبصره هذا الساعة. وكانت جارية واقفة قبالة الرشيد تضرب سترا في أصل سدرتين لابسة في أحد كفيها خاتمين وهي في مكان لا يراها أبو نؤاس ولا أحد من الناس غير الرشيد فقال في الحال:
نظرت عيني لحيني ... واشتكى وجدي لبيني
تحت ظل السدرتين ... شبحا مثل اللجين
يضرب السدر بكف ... وبأخرى خاتمين
فقال: أنت تبصرها يا فاعل يا تارك فاقتلوه فحلف أبو نؤاس إن لم يبصر شيئا وشفع فيه فلم يقبل الخليفة، فقالت جارية بالقرب من الرشيد لا ينظرها غيره ولا يبلغ كلامها إلى أحد سواه بالله يا سيدي خله عنا فأشار إليها الرشيد أن لا أخليه حتى تمشي إلي عريانة فخلعت ثيابها ومشت حتى جاءته فخلى عنه وعفا فلما صار أبو نؤاس عند الباب قال: أي والله يا سيدي:
ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا ... بل الشفيع الذي يأتيك عريانا
فخرج هاربا.(2/274)
نظرت عيني لحيني ... واشتكى وجدي لبيني
تحت ظل السدرتين ... شبحا مثل اللجين
يضرب السدر بكف ... وبأخرى خاتمين
فقال: أنت تبصرها يا فاعل يا تارك فاقتلوه فحلف أبو نؤاس إن لم يبصر شيئا وشفع فيه فلم يقبل الخليفة، فقالت جارية بالقرب من الرشيد لا ينظرها غيره ولا يبلغ كلامها إلى أحد سواه بالله يا سيدي خله عنا فأشار إليها الرشيد أن لا أخليه حتى تمشي إلي عريانة فخلعت ثيابها ومشت حتى جاءته فخلى عنه وعفا فلما صار أبو نؤاس عند الباب قال: أي والله يا سيدي:
ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا ... بل الشفيع الذي يأتيك عريانا
فخرج هاربا.
أبو العتاهية: إسماعيل بن القاسم العنبري الشاعر المشهور، من شعره ما حكاه أشجع المشهور وقال: أذن الخليفة المهدي للناس في الدخول عليه فدخلنا وأمرنا بالجلوس واتفق أن جلس بجنبي بشار بن برد وكان مكفوفا فسكت المهدي وسكت الناس فسمع بشار حسا فقال: من هذا؟ فقلت: أبو العتاهية. فقال: أتراه ينشد في هذا المحفل؟ قلت: احسبه، فأمره المهدي أن ينشد فأنشد:
ألا ما لسيدتي ما لها ... أدلت فأجمل إدلالها
لقد أتعب الله قلبي بها ... فألف من اللوم عذالها
فلما بلغ إلى قوله:
كان بعيني من ابن ما ... نظرت من الأرض تمثالها
فنخسني بشار وقال: هل جروه برجله؟ قلت: لا، حتى بلغ إلى قوله:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
ولم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
فقال: انظر ويلك يا أشجع هل طار الخليفة عن سريره؟ قلت: لا ولكنه رجف حتى صار إلى جانب السرير، فو الله ما انصرف من ذلك المجلس بجائزة غيره.
ومن شعره هذه الأبيات:
إني أمنت من الزمان وصرفه ... لما عقلت من الأمير حبالا
لو تستطيع الناس من إجلاله ... جعلوا له حسن الخدود نعالا
إن المطايا تشتكيك لأنها ... قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بها وردن خفايفا ... وإذا صدرن بها صدرن ثقالا
قال: فأعطاه سبعين ألفا وخلع عليه، فغار الشعراء بذلك فجمعهم فقال: يا معشر الشعراء ما أشد حسدكم وبغضكم بعضا لبعض إن أحدكم يأتينا يمدحنا بقصيدة يشيب فيها بصديقه بخمسين بيتا فما يبلغنا حتى يذهب لذاذة مدحه ورونق
وقد أتى أبو العتاهية بأبيات يسيرة ثم قال كذا وكذا وأنشد الأبيات المذكورة فما لكم تغارون.(2/275)
إني أمنت من الزمان وصرفه ... لما عقلت من الأمير حبالا
لو تستطيع الناس من إجلاله ... جعلوا له حسن الخدود نعالا
إن المطايا تشتكيك لأنها ... قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بها وردن خفايفا ... وإذا صدرن بها صدرن ثقالا
قال: فأعطاه سبعين ألفا وخلع عليه، فغار الشعراء بذلك فجمعهم فقال: يا معشر الشعراء ما أشد حسدكم وبغضكم بعضا لبعض إن أحدكم يأتينا يمدحنا بقصيدة يشيب فيها بصديقه بخمسين بيتا فما يبلغنا حتى يذهب لذاذة مدحه ورونق
وقد أتى أبو العتاهية بأبيات يسيرة ثم قال كذا وكذا وأنشد الأبيات المذكورة فما لكم تغارون.
ولما انتهت وفاة أبي العتاهية قال: اشتهي أن يحيا فلان المغني ويغني تحت رأسي بهذين البيتين:
إذا ما انفضت مني عن الدهر مدتي ... فإن عزاء الباكيات قليل
سيعرض عن ذكري وينسى مودتي ... ويحدث بعدي للخليل خليل
قصة العنقاء في إثبات القضاء والقدر
كتاب بدء المخلوقات للغزالي قصة العنقاء في إثبات القدر والقضاء عن جعفر عن أبيه عن محمد قال: عاتب سليمان الطيور يوما في بعض عتابه فقالت الطيور: تالله رب السماوات والثرى إنا لنحرص على الهدى ولكن قضاء الله وقدره لا ملجأ منه. فقال سليمان: صدقتم لا حيلة في القضاء فقالت العنقاء: لست أومن بهذا فقال لها سليمان: ألا أخبرك بأعجب العجب؟ قالت: بلى. قال: إنه ولد الليلة غلام في المغرب وجارية في المشرق هذا ابن الملك وهذه ابنة الملك يجتمعان في أشنع موضع وأهوله على سفاح بقدرة الله فيهما. قالت العنقاء: هل اختبرت بهما ما اسمهما واسم أبويهما؟ قال: نعم اسمهما كذا وكذا. فقالت: أنا أفرق بينهما وأبطل القدر وأثبت المشيئة قال سليمان: لا تقدرين على ذلك فقالت:
بلى فأشهد سليمان عليها الطيور وكفلها البومة.
ومرت العنقاء لذلك وكانت في أكبر جبل ووجهها وجه إنسان وثديها كذلك ويداها وأصابعها كذلك فتعلقت في الهوى حتى أشرفت على الدنيا وأبصرت كل دار حتى أبصرت الجارية في مهدها وحولها حي الأضار، فاختلست الجارية مع المهد وطارت حتى انتهت إلى جبل شاهق وسط البحر وعليه شجرة عالية في السماء لا ينالها الطيور إلا بجهد لها ألف غصن كل غصن كأعظم شجرة فاتخذت لها وكرا عظيما عجيبا واسعا فارتضعتها واحتضنتها وتأتيها بأنواع الطعام والشراب وتنكها من الحر والبرد وتؤنسها بالليل ولا تخبر أحدا بشأنها وتغدو إلى سليمان وتروح إلى وكرها، فعلم سليمان بذلك ولم يبدها لها.
فبلغ الغلام إلى مبلغ الرجال وكان صار ملكا من الملوك وكان مولعا بالصيد فقال لأصحابه: صيد البر قد نلته فلو ركبت البحر وآتي من صيده فأي بأس؟ فقال
أصحابه: نعم ما رأيت، فأمر الغلمان الجهاز وهيأ فركب السفر هو والغلمان والوزراء والعلماء والطباخون والخبّازون والدواب والبازات والصقور والكلاب وغير ذلك مما يريده ويشتهيه من الملاهي والشراب ومر في البحر يتصيد ويتلذذ حتى صار مسيرة شهر فأرسل الله على سفينته ريحا فضربتها وساقتها إلى جبل العنقاء والجارية مسيرة خمسمئة سنة ثم ركدت السفينة بإذن الله تعالى فأصبح الغلام فرأى سفينة راكدة فشال رأسه فإذا هو بجبل شاهق في ناحية البحر في لون الزعفران وطوله لا يدرى ولا عرضه، فإذا هو بشجرة خضراء ملتفة كثيرة الأغصان والورق ليس لها ثمر ولا نوى بيضاء الساق، فقال: إني أرى عجبا جبلا شاهقا وشجرة حسناء فحرك سفينته ونادى بأن قربوها إلى هذا الجبل فجاذبوها فسمعت الجارية التي في عش العنقاء صوت الماء وصوت الآدميين ولم تكن سمعت قبل ذلك فأخرجت رأسها من عشها فرأى الغلام صورتها في الماء فتعجب من جمالها وكثرة شعرها وذوائبها، فرفع رأسه وبادر إلى الشجرة فإذا هو بالجارية مطلعة عليه، فناداها: من أنت؟ فألهمها الله لغته فقالت: أنا بنت العنقاء فقالت تغدو إلى ملكها سليمان فتسلم عليه وتقيم عنده إلى الليل ثم تجيء إلي وإنه لملك عظيم على ما تصف لي أمي العنقاء فخاف الغلام وقال: عرفته وهو الذي قتل أبي وأمي وأنا لمن طلقائه وأنا ممن يؤدي إليه الخراج ورسله الطير والرياح، ثم بكى الغلام ساعة فقالت له: وما يبكيك؟ قال: على وحدتك في مثل هذا الموضع وأمثالك على وجه الأرض من المدر والحجر كلهم في النعم والتلذذ والأزواج أرأيت إن هاجت الريح وأزعجتك من وكرك ووقعت في البحر فمن ذا الذي يخرجك؟ ففزعت الجارية وقالت: فكيف لي بأن تكون معي وتحفظني عما ذكرت؟ فقال: إن الله الذي اتخذ سليمان نبيا يرحمك وساقني إليك لأكون لك وليفا وصاحبا وإني من أولاد الملوك فقالت الجارية: كيف تصير إلي وهذه تروح إلى عند ملكها سليمان وتجيء؟ فقال الغلام: أكثري من بكاك وجزعك على وحدتك ووحشتك في نهارك فانظري ماذا تقول فأخبريني.(2/276)
فبلغ الغلام إلى مبلغ الرجال وكان صار ملكا من الملوك وكان مولعا بالصيد فقال لأصحابه: صيد البر قد نلته فلو ركبت البحر وآتي من صيده فأي بأس؟ فقال
أصحابه: نعم ما رأيت، فأمر الغلمان الجهاز وهيأ فركب السفر هو والغلمان والوزراء والعلماء والطباخون والخبّازون والدواب والبازات والصقور والكلاب وغير ذلك مما يريده ويشتهيه من الملاهي والشراب ومر في البحر يتصيد ويتلذذ حتى صار مسيرة شهر فأرسل الله على سفينته ريحا فضربتها وساقتها إلى جبل العنقاء والجارية مسيرة خمسمئة سنة ثم ركدت السفينة بإذن الله تعالى فأصبح الغلام فرأى سفينة راكدة فشال رأسه فإذا هو بجبل شاهق في ناحية البحر في لون الزعفران وطوله لا يدرى ولا عرضه، فإذا هو بشجرة خضراء ملتفة كثيرة الأغصان والورق ليس لها ثمر ولا نوى بيضاء الساق، فقال: إني أرى عجبا جبلا شاهقا وشجرة حسناء فحرك سفينته ونادى بأن قربوها إلى هذا الجبل فجاذبوها فسمعت الجارية التي في عش العنقاء صوت الماء وصوت الآدميين ولم تكن سمعت قبل ذلك فأخرجت رأسها من عشها فرأى الغلام صورتها في الماء فتعجب من جمالها وكثرة شعرها وذوائبها، فرفع رأسه وبادر إلى الشجرة فإذا هو بالجارية مطلعة عليه، فناداها: من أنت؟ فألهمها الله لغته فقالت: أنا بنت العنقاء فقالت تغدو إلى ملكها سليمان فتسلم عليه وتقيم عنده إلى الليل ثم تجيء إلي وإنه لملك عظيم على ما تصف لي أمي العنقاء فخاف الغلام وقال: عرفته وهو الذي قتل أبي وأمي وأنا لمن طلقائه وأنا ممن يؤدي إليه الخراج ورسله الطير والرياح، ثم بكى الغلام ساعة فقالت له: وما يبكيك؟ قال: على وحدتك في مثل هذا الموضع وأمثالك على وجه الأرض من المدر والحجر كلهم في النعم والتلذذ والأزواج أرأيت إن هاجت الريح وأزعجتك من وكرك ووقعت في البحر فمن ذا الذي يخرجك؟ ففزعت الجارية وقالت: فكيف لي بأن تكون معي وتحفظني عما ذكرت؟ فقال: إن الله الذي اتخذ سليمان نبيا يرحمك وساقني إليك لأكون لك وليفا وصاحبا وإني من أولاد الملوك فقالت الجارية: كيف تصير إلي وهذه تروح إلى عند ملكها سليمان وتجيء؟ فقال الغلام: أكثري من بكاك وجزعك على وحدتك ووحشتك في نهارك فانظري ماذا تقول فأخبريني.
فجاءت العنقاء فوجدت الجارية باكية حزينة فقالت لها: ما بالك تبكين؟
فقالت: من الوحشة في نهاري. فقالت: لا تحزني فأنا أستأذن من سليمان أنا آتيه يوما بعد يوم فأكون معك فلما أصبحت أخبرت الغلام بجوابها فقال الغلام: إني أريد أن أنحر فرسا وأبقر بطنها وأخرج جميع ما فيها وألفيه على مؤخر السفينة وأدخل أنا في جوفها، فإذا جاءت العنقاء قولي لها احملي هذا الشيء الذي هو ملقى على مؤخر السفينة إلي فاستأنس به ولا تلبثي عندي نهارا لأن مجيئك بأخبار
سليمان إلي أحب من أن تكوني معي فلما جاءت العنقاء قالت لها ذلك فقالت العنقاء: هي دابة ميتة ألقوها قالت: فاحمليها إلي أنظر إليها، فحملتها العنقاء إلى عشها فقالت: يا أماه ما أحسن هذه فضحكت وخرجت العنقاء بعد ذلك ثم طارت إلى سليمان وخرج الغلام من جوف الفرس ولاعبها ولامسها وافتضها وأحبلها وفرح كل واحد منهما بصاحبه وقد جاءت الريح سليمان بخبرهما واجتماعهما فوافت العنقاء، وكان مجلس سليمان يومئذ مجلس الطير فجلس سليمان ودعا عرفاء الطيور وأمرهم أن لا يدعوا طيرا إلا اجتمع عنده ثم طلب الجن والشياطين ثم الانس ثم من كل دابة واشتد الخوف وقالوا: نشهد بالله أن نبي الله سليمان بن داود قد أهمه أمر فأول سهم خرج في تقديم الطيور سهم الحدأة وكان الطير لا يتقدم للحكم إلا بالسهام وكذلك الشياطين والجن والانس يضرب لهم بالسهام فتقدمت الحدأة وقالت: يا نبي الله إن زوجي يفسدني أي يجامعني حتى إذا احتضنت على بيضتي وأخرجت ولدي جحدني وقال: ما هذا ولدي فقال سليمان لزوجها: ما تقول؟ قال: يا نبي الله إنها لا تمنع نفسها فلا أدري متى حملت مني أم من غيري فقال سليمان: أين ولدك؟ فأوتي به فوجده يشبه أباه فلحقه به ثم قال للأنثى: لا تمكنيه من سفاد أي جماع أبدا حتى تشهدي على ذلك الطير كي لا يجحد. بعد ذلك قال: فمتى سفدها ذكرها كانت تصيح وتقول: يا طيور اشهدوا فإنه سفدني ثم رمى السهم الثاني فخرجت العنقاء فتقدمت فقال سليمان: أين الشرط الذي بيني وبينك زعمت أنك بقوتك تفارقين بين الجارية والغلام؟ فقالت:(2/277)
فقالت: من الوحشة في نهاري. فقالت: لا تحزني فأنا أستأذن من سليمان أنا آتيه يوما بعد يوم فأكون معك فلما أصبحت أخبرت الغلام بجوابها فقال الغلام: إني أريد أن أنحر فرسا وأبقر بطنها وأخرج جميع ما فيها وألفيه على مؤخر السفينة وأدخل أنا في جوفها، فإذا جاءت العنقاء قولي لها احملي هذا الشيء الذي هو ملقى على مؤخر السفينة إلي فاستأنس به ولا تلبثي عندي نهارا لأن مجيئك بأخبار
سليمان إلي أحب من أن تكوني معي فلما جاءت العنقاء قالت لها ذلك فقالت العنقاء: هي دابة ميتة ألقوها قالت: فاحمليها إلي أنظر إليها، فحملتها العنقاء إلى عشها فقالت: يا أماه ما أحسن هذه فضحكت وخرجت العنقاء بعد ذلك ثم طارت إلى سليمان وخرج الغلام من جوف الفرس ولاعبها ولامسها وافتضها وأحبلها وفرح كل واحد منهما بصاحبه وقد جاءت الريح سليمان بخبرهما واجتماعهما فوافت العنقاء، وكان مجلس سليمان يومئذ مجلس الطير فجلس سليمان ودعا عرفاء الطيور وأمرهم أن لا يدعوا طيرا إلا اجتمع عنده ثم طلب الجن والشياطين ثم الانس ثم من كل دابة واشتد الخوف وقالوا: نشهد بالله أن نبي الله سليمان بن داود قد أهمه أمر فأول سهم خرج في تقديم الطيور سهم الحدأة وكان الطير لا يتقدم للحكم إلا بالسهام وكذلك الشياطين والجن والانس يضرب لهم بالسهام فتقدمت الحدأة وقالت: يا نبي الله إن زوجي يفسدني أي يجامعني حتى إذا احتضنت على بيضتي وأخرجت ولدي جحدني وقال: ما هذا ولدي فقال سليمان لزوجها: ما تقول؟ قال: يا نبي الله إنها لا تمنع نفسها فلا أدري متى حملت مني أم من غيري فقال سليمان: أين ولدك؟ فأوتي به فوجده يشبه أباه فلحقه به ثم قال للأنثى: لا تمكنيه من سفاد أي جماع أبدا حتى تشهدي على ذلك الطير كي لا يجحد. بعد ذلك قال: فمتى سفدها ذكرها كانت تصيح وتقول: يا طيور اشهدوا فإنه سفدني ثم رمى السهم الثاني فخرجت العنقاء فتقدمت فقال سليمان: أين الشرط الذي بيني وبينك زعمت أنك بقوتك تفارقين بين الجارية والغلام؟ فقالت:
قد فعلت. قال سليمان: أتيني بها الساعة والخلق شهود لأعلم تصديق قولك، وأمر عريف الطيور أن يكون معها لا يفارقها، فمرت العنقاء وكانت الجارية إذا قربت منها العنقاء تسمع حفيف أجنحتها، فلما سمعها دخل الغلام جوف الفرس فأتت وقالت للجارية ان لك شأنا وان سليمان قد أمرني بإحضارك الساعة لأمر كان جرى بيني وبينه مالي أراك وأنا أرجو نصري اليوم بك قالت: كيف تحملينني؟
قالت: على ظهري. قالت: إني أخاف فلا آمن أن أزل فأسقط في البحر فأهلك.
قالت: ففي منقاري. قال: كيف أكون في منقارك؟ قالت: العنقاء وكيف ولابد من إحضارك إلى عند سليمان وهذا عريف الطيور معنا. فقالت: أدخل أنا في جوف الفرس هذه ثم تحملين الفرس على ظهرك أو في مناقيرك فلا أرى شيئا ولا أفزع قالت: أصبت، فدخلت جوف الفرس واجتمعت مع الغلام وحملت العنقاء الفرس وطارت حتى وضعتها بين يدي سليمان وقالت يا نبي الله هي الآن في جوف الفرس قد أتيت بها فأين الغلام؟ فتبسم سليمان طويلا ثم قال لها: أتؤمنين
بالقضاء والقدر أنه لا حيلة لدفع القضاء والقدر قالت العنقاء: القضاء والقدر من الله وأقول أن المشيئة للعباد فمن شاء فليعمل شرا ومن شاء فليعمل خيرا. فقال:(2/278)
قالت: ففي منقاري. قال: كيف أكون في منقارك؟ قالت: العنقاء وكيف ولابد من إحضارك إلى عند سليمان وهذا عريف الطيور معنا. فقالت: أدخل أنا في جوف الفرس هذه ثم تحملين الفرس على ظهرك أو في مناقيرك فلا أرى شيئا ولا أفزع قالت: أصبت، فدخلت جوف الفرس واجتمعت مع الغلام وحملت العنقاء الفرس وطارت حتى وضعتها بين يدي سليمان وقالت يا نبي الله هي الآن في جوف الفرس قد أتيت بها فأين الغلام؟ فتبسم سليمان طويلا ثم قال لها: أتؤمنين
بالقضاء والقدر أنه لا حيلة لدفع القضاء والقدر قالت العنقاء: القضاء والقدر من الله وأقول أن المشيئة للعباد فمن شاء فليعمل شرا ومن شاء فليعمل خيرا. فقال:
كذبت ما جعل الله من المشيئة للعباد شيئا ولا يدفع قضاء الله وقدره بحيلة وإن الغلام الذي ولد بالمغرب والجارية التي ولدت بالمشرق قد اجتمعا الآن في مكان واحد على سفاح وقد حملت الجارية منه. فقالت العنقاء: لا تقل يا نبي الله هكذا فإن الجارية في جوف هذه الفرس فقال سليمان: الله أكبر أين البومة المتكلفة بالعنقاء؟ قالت: ها أنا. قال سليمان على مثل قول العنقاء أنت؟ قالت: نعم فأخرجتهما من جوف الفرس فتاهت العنقاء وفزعت وطارت في جوف السماء وأخذت نحو المغرب واختفت في بحر من بحاره وآمنت بالقضاء والقدر وحلفت أن لا تنظر الطيور في وجهها حياء منها وأما البومة فلزمت الآجام والآكام والجبال وقالت: أما بالنهار فلا أخرج، فهي إذا خرجت نهارا تحفها الطيور ويقلن لها يا قدرية فهي تخضع لهم. فهذا آخر ما كان من شأن العنقاء والغلام والبومة والجارية.
وصف بساط سليمان
ومن الكتاب المذكور: قال مقاتل بن سليمان: نسجت الشياطين لسليمان بساطا فرسخا في فرسخ ذهبا في ابريسم، وكان يوضع له منبرا من ذهب في وسطه فيقعد عليه، وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة تجلس الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن وحول الجن الشياطين وتظلهم الطير بأجنحتها لا تقع عليهم الشمس. وترفعه ريح الصبا مسيرة شهر من الصباح إلى الرواح وشهر من الرواح إلى الصباح، وكان عسكره مئة فرسخ خمسة وعشرون للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحوش وخمسة وعشرون للطيور، وكان له بيت من قوارير على الخشب فيه ثلاثمئة مهبرة من وجه وسبعمئة سرير، فأمر الرياح العاصف فحملته فأوحى الله إليه: إني قد زدت في ملكك انه لا يتكلم أحد من الخلائق بشيء إلا جاءت الرياح وأخبرتك به.
صفة قصر بلقيس
صفة قصر بلقيس قال الشعبي: يروى أن بلقيس لما ملكت أمرت أن يجلب لها خمسمئة اسطوانة طول كل أسطوانة خمسون ذراعا وأمرت بها فنصبت على تل
قريب من مدينة صنعاء، وجعلت بين كل أسطوانتين عشرة أذرع ثم جعلت عليها سقفا مبسوطا بأنواع الرخام وألحمت بعضها بعضا بالرصاص حتى صارت لوحا واحدا، ثم بنت فوق ذلك قصرا مربعا من آجر وجص في كل زاوية من زواياه قبة من ذهب وفضة مشرقة في الهوى فيما بين ذلك مجالس حيطانها من ذهب وفضة مرصعة بأنواع الجواهر وجعلت فيها شرفا مطليا بماء الذهب مفضضة بأنواع الجواهر، وكان إذا طلعت الشمس عليه التهب الذهب والجواهر كالتهاب النيران تكاد تغشى الأعين، وجعلت باب ذلك القصر مما يلي المدينة بدرج من الرخام الأبيض والأحمر والأخضر في جانبيها حجرا ملججا بها وبوابها وخدامها وحراسها على قدر مراتبهم، وعرشها كان مقدمه من ذهب مفصصا بالياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ومؤخره من فضة مكللة بأنواع الجواهر، وله أربع قوائم قائمة من ياقوت أحمر وأخرى من ياقوت أحمر والثالثة من زمرد أخضر والرابعة من در، وصفائح السرير من ذهب وعليه سبعة أبيات وكل بيت مغلق، وكان عرضه ثمانين ذراعا وطوله في الهواء ثمانون ذراعا، فذلك قوله تعالى: {(وَلَهََا عَرْشٌ عَظِيمٌ)}.(2/279)
صفة قصر بلقيس قال الشعبي: يروى أن بلقيس لما ملكت أمرت أن يجلب لها خمسمئة اسطوانة طول كل أسطوانة خمسون ذراعا وأمرت بها فنصبت على تل
قريب من مدينة صنعاء، وجعلت بين كل أسطوانتين عشرة أذرع ثم جعلت عليها سقفا مبسوطا بأنواع الرخام وألحمت بعضها بعضا بالرصاص حتى صارت لوحا واحدا، ثم بنت فوق ذلك قصرا مربعا من آجر وجص في كل زاوية من زواياه قبة من ذهب وفضة مشرقة في الهوى فيما بين ذلك مجالس حيطانها من ذهب وفضة مرصعة بأنواع الجواهر وجعلت فيها شرفا مطليا بماء الذهب مفضضة بأنواع الجواهر، وكان إذا طلعت الشمس عليه التهب الذهب والجواهر كالتهاب النيران تكاد تغشى الأعين، وجعلت باب ذلك القصر مما يلي المدينة بدرج من الرخام الأبيض والأحمر والأخضر في جانبيها حجرا ملججا بها وبوابها وخدامها وحراسها على قدر مراتبهم، وعرشها كان مقدمه من ذهب مفصصا بالياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ومؤخره من فضة مكللة بأنواع الجواهر، وله أربع قوائم قائمة من ياقوت أحمر وأخرى من ياقوت أحمر والثالثة من زمرد أخضر والرابعة من در، وصفائح السرير من ذهب وعليه سبعة أبيات وكل بيت مغلق، وكان عرضه ثمانين ذراعا وطوله في الهواء ثمانون ذراعا، فذلك قوله تعالى: {(وَلَهََا عَرْشٌ عَظِيمٌ)}.
قصة أحمد اليتيم مع الجارية
كتاب المستطرف في كل فن مستظرف: ذكر عبد الكريم وكان مطلعا على أحوال أحمد بن طولون عارفا بأموره عالما بوروده وصدوره فقال: ما معناه: إن أحمد بن طولون وجد عند سقايته طفلا مطروحا فالتقطه ورباه وسماه أحمد وشهره باليتيم، فلما كبر ونشأ كان أكثر الناس ذكاء وفطنة وأحسنهم زيا وصورة صار يرعاه ويعلمه حتى تهذب وتمرس.
فلما حضرت أحمد بن طولون الوفاة أوصى ولده أبا الجيش به بأخذه إليه، فلما مات أحمد بن طولون أحضره الأمير أبو الجيش إليه وقال: أنت عندي بمنزلة أرعاك بها ولكن عادتي أن آخذ العهد على كل من أصرفه في شيء من حوائجي أنه لا يخونني، فعاهده ثم حكمه في أمواله وقدمه في أشغاله فصار أحمد اليتيم مستحوذا على المقام حاكما على جميع الحاشية الخاص والعام، والأمير أبو الجيش ابن طولون يحسن إليه كلما رأى خدمته متصفة بالنصح ومساعيه مستقيمة بالنجح، فركن إليه واعتمد في أسباب بيوته عليه فقال له يوما: يا أحمد امض إلى الحجرة الفلانية ففي المجلس حيث أجلس سبحة جوهر فجئني بها، فمضى إلى الحجرة فوجد جارية من مغنيات الأمير وحظاياه مع شاب من الفراشين ممن هو من الأمير بمحل قرب، فلما رأياه خرج الفتى فجاءت الجارية وعرضت نفسها عليه ودعت
إلى قضاء وطره فقال: معاذ الله أن أخون الأمير وقد أحسن إلي وأخذ العهد عليّ، ثم تركها وأخذ السبحة وانصرف إلى الأمير وسلم السبحة إليه وبقيت الجارية شديدة الخوف من أحمد لا يذكر حالها للأمير فأقامت أياما لا تجد من الأمير ما غيره عليها.(2/280)
فلما حضرت أحمد بن طولون الوفاة أوصى ولده أبا الجيش به بأخذه إليه، فلما مات أحمد بن طولون أحضره الأمير أبو الجيش إليه وقال: أنت عندي بمنزلة أرعاك بها ولكن عادتي أن آخذ العهد على كل من أصرفه في شيء من حوائجي أنه لا يخونني، فعاهده ثم حكمه في أمواله وقدمه في أشغاله فصار أحمد اليتيم مستحوذا على المقام حاكما على جميع الحاشية الخاص والعام، والأمير أبو الجيش ابن طولون يحسن إليه كلما رأى خدمته متصفة بالنصح ومساعيه مستقيمة بالنجح، فركن إليه واعتمد في أسباب بيوته عليه فقال له يوما: يا أحمد امض إلى الحجرة الفلانية ففي المجلس حيث أجلس سبحة جوهر فجئني بها، فمضى إلى الحجرة فوجد جارية من مغنيات الأمير وحظاياه مع شاب من الفراشين ممن هو من الأمير بمحل قرب، فلما رأياه خرج الفتى فجاءت الجارية وعرضت نفسها عليه ودعت
إلى قضاء وطره فقال: معاذ الله أن أخون الأمير وقد أحسن إلي وأخذ العهد عليّ، ثم تركها وأخذ السبحة وانصرف إلى الأمير وسلم السبحة إليه وبقيت الجارية شديدة الخوف من أحمد لا يذكر حالها للأمير فأقامت أياما لا تجد من الأمير ما غيره عليها.
ثم اتفق أن الأمير اشترى جارية وقدمها على حظاياه وعمها بعطاياه واشتغل بها عمن سواها وأعرض عن الشفقة بها عن كل من عنده حتى كاد لا يذكر جارية غيرها ولا يراها، وكان أولا مشغولا بتلك الجارية الخائنة، فلما أعرض عنها اشتغالا بالجديدة المجيدة المسعدة السعيدة الرصيفة الموصوفة الأليفة المألوفة صرف لبهجة محاسنها وآدابها وجهه عن ملاعبة أترابها وشغلته بعذوبة رضابها عن ارتشاف رضاب اضرابها، وكانت تلك الأولى لحسنها متأمرة فكبر عليها إعراضه عنها ونسبت ذلك إلى أحمد اليتيم واطلاعه على ما كان منها، فدخلت على الأمير وقد ارتدت من الكآبة بجلباب مكرها وأعلنت بالكآبة لديه لإتمام كيدها وقالت: إن أحمد اليتيم قد راودني عن نفسي فلما سمع الأمير بذلك استشاط غيظا وغضبا وهم في الحال بقتله، ثم عاوده حاكم عقله فتأنّى في فعله واستحضر خادما يعتمد عليه وقال له: إذا أرسلنا إليك إنسانا ومعه طبق ذهب وقلت له على لسانه: املأ هذا الطبق مسكا فاقتل ذلك الإنسان واجعل رأسه في الطبق وأحضره معظما.
ثم إن الأمير أبا الجيش جلس لشربه وأحضر عنده ندماءه الخواص وأدناهم من مجلس قربه وأحمد اليتيم واقفا بين يديه آمن في سربه لم يخطر في خاطره شيء ولا هجس في قلبه، فلما تمثل الأمير وأخذ منه الشراب قال: يا أحمد خذ هذا الطبق وامض به إلى فلان الخادم وقل له يملأه مسكا، فأخذه أحمد اليتيم ومضى فاجتاز في طريقه الندماء والخواص فقاموا وسألوه الجلوس معهم فقال: أنا ماض في حاجة الأمير أمرني بإحضارها في هذا الطبق فقالوا: أرسل من ينوب عنك في إحضارها وخذها أنت وأحضرها إلى الأمير، فأدار عينه فرأى الفتى الفراش الذي كان مع الجارية فأعطاه الطبق وقال له: امض إلى فلان الخادم وقل له يقول لك الأمير املأ هذا مسكا، فمضى ذلك الفراش إلى الخادم وذكر ذلك له فقتله وقطع رأسه وجعله في الطبق وغطاه وأقبل به فناوله لأحمد اليتيم وليس عنده علم من باطن الأمر، فلما دخل به على الأمير كشفه وتأمله وقال: ما هذا؟ فقص عليه القصة وقعوده مع المغنين وبقية الندماء وسؤالهم له الجلوس معهم وما كان من إنفاذه الطبق والرسالة مع الفراش وأنه لا علم عنده غير ما ذكر. قال: أفتعرف
لهذا الفراش خبرا يستوجب ما جرى عليه؟ فقال: أيها الأمير أنا الذي ثم عليه مما ارتكبه من الجناية وقد كنت رأيت الإعراض عن إعلام الأمير بذلك، وأخذ أحمد اليتيم بما شاهده وما جرى من حديث الجارية من أوله إلى آخره لما أنفذه لإحضار السبحة الجوهر، فدعا الأمير أبو الجيش تلك الجارية واستقرها فأقرت بصحة ما ذكره أحمد، فأعطاه الجارية وأمره بقتلها ففعل وازدادت مكانة أحمد عنده وعلت منزلته لديه وجعل جميع ما يتعلق به بيديه.(2/281)
ثم إن الأمير أبا الجيش جلس لشربه وأحضر عنده ندماءه الخواص وأدناهم من مجلس قربه وأحمد اليتيم واقفا بين يديه آمن في سربه لم يخطر في خاطره شيء ولا هجس في قلبه، فلما تمثل الأمير وأخذ منه الشراب قال: يا أحمد خذ هذا الطبق وامض به إلى فلان الخادم وقل له يملأه مسكا، فأخذه أحمد اليتيم ومضى فاجتاز في طريقه الندماء والخواص فقاموا وسألوه الجلوس معهم فقال: أنا ماض في حاجة الأمير أمرني بإحضارها في هذا الطبق فقالوا: أرسل من ينوب عنك في إحضارها وخذها أنت وأحضرها إلى الأمير، فأدار عينه فرأى الفتى الفراش الذي كان مع الجارية فأعطاه الطبق وقال له: امض إلى فلان الخادم وقل له يقول لك الأمير املأ هذا مسكا، فمضى ذلك الفراش إلى الخادم وذكر ذلك له فقتله وقطع رأسه وجعله في الطبق وغطاه وأقبل به فناوله لأحمد اليتيم وليس عنده علم من باطن الأمر، فلما دخل به على الأمير كشفه وتأمله وقال: ما هذا؟ فقص عليه القصة وقعوده مع المغنين وبقية الندماء وسؤالهم له الجلوس معهم وما كان من إنفاذه الطبق والرسالة مع الفراش وأنه لا علم عنده غير ما ذكر. قال: أفتعرف
لهذا الفراش خبرا يستوجب ما جرى عليه؟ فقال: أيها الأمير أنا الذي ثم عليه مما ارتكبه من الجناية وقد كنت رأيت الإعراض عن إعلام الأمير بذلك، وأخذ أحمد اليتيم بما شاهده وما جرى من حديث الجارية من أوله إلى آخره لما أنفذه لإحضار السبحة الجوهر، فدعا الأمير أبو الجيش تلك الجارية واستقرها فأقرت بصحة ما ذكره أحمد، فأعطاه الجارية وأمره بقتلها ففعل وازدادت مكانة أحمد عنده وعلت منزلته لديه وجعل جميع ما يتعلق به بيديه.
مدح الصاحب بن عباد للرضا عليه السّلام
للصاحب بن عباد في مدح الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام:
يا سائرا زائرا إلى طوس ... مشهد طهر وأرض تقديس
أبلغ سلامي الرضا وحط على ... أكرم رمس لخير مرموس
والله والله حلفة صدرت صادق ... من مخلص في الولاء مغموس
إني لو كنت مالكا اربي ... كان بطوس الغناء تعريسي
وكنت أمضي الغويم مرتحلا ... منتسفا فيه قوة العيس
لمشهد بالزكاء ملتحف ... وبالسنا والثناء مأنوس
يا سيدي وابن سادة ضحكت ... وجوه دهري بعقب تعبيس
لما رأيت النواصب انتكست ... راياتها في ضمان تنكيس
صدعت بالحق في ولائكم ... والحق مذ كان غير منكوس
يا ابن النبي الذي به قمع الله ... ظهور الجبابرة الشوس
وابن الوصي الذي تقدم في ... الفضل على البزل القناعيس
وحائز الفضل غير منتكص ... ولابس المجد غير تلبيس
إن بني النصب كاليهود وقد ... يخلط تهويدهم بتمجيس
كم دفنوا في القبور من بخس ... أولا به الطرح في النواويس
عالمهم عندما أباحثه ... في جلد ثور ومسك جاموس
إذا تأملت شؤم جبهته ... عرفت فيها إشراك إبليس
لم يعلموا أو الأذان يرفعكم ... صوت أذان أم قرع ناقوس
أنتم حبالى اليقين أعقلها ... ما وصل العمر حبل تنفيس
كم فرقت فيكم تكفرني ... ذللت هاماتها بتفطيس
قمعتها بالحجاج فانخذلت ... تجفل عني بطير منحوس
إن ابن عباد استجار بكم ... فما يخاف الليوث في الخيس
كونوا يا سادتي وسائله ... يفسح له الله في الفراديس
كم مدحة فيكم أحبرها ... كأنها حلة الطواويس
وهذه كم يقول قائلها ... قد نثر الدر في القراطيس
يملك رق القرائض قائلها ... ملك سليمان عرش بلقيس
بلغه الله ما يؤمله ... حتى يزور الإمام في طوس
وله أيضا عادله الله بغفرانه واسكنه نعيم جنانه:(2/282)
يا سائرا زائرا إلى طوس ... مشهد طهر وأرض تقديس
أبلغ سلامي الرضا وحط على ... أكرم رمس لخير مرموس
والله والله حلفة صدرت صادق ... من مخلص في الولاء مغموس
إني لو كنت مالكا اربي ... كان بطوس الغناء تعريسي
وكنت أمضي الغويم مرتحلا ... منتسفا فيه قوة العيس
لمشهد بالزكاء ملتحف ... وبالسنا والثناء مأنوس
يا سيدي وابن سادة ضحكت ... وجوه دهري بعقب تعبيس
لما رأيت النواصب انتكست ... راياتها في ضمان تنكيس
صدعت بالحق في ولائكم ... والحق مذ كان غير منكوس
يا ابن النبي الذي به قمع الله ... ظهور الجبابرة الشوس
وابن الوصي الذي تقدم في ... الفضل على البزل القناعيس
وحائز الفضل غير منتكص ... ولابس المجد غير تلبيس
إن بني النصب كاليهود وقد ... يخلط تهويدهم بتمجيس
كم دفنوا في القبور من بخس ... أولا به الطرح في النواويس
عالمهم عندما أباحثه ... في جلد ثور ومسك جاموس
إذا تأملت شؤم جبهته ... عرفت فيها إشراك إبليس
لم يعلموا أو الأذان يرفعكم ... صوت أذان أم قرع ناقوس
أنتم حبالى اليقين أعقلها ... ما وصل العمر حبل تنفيس
كم فرقت فيكم تكفرني ... ذللت هاماتها بتفطيس
قمعتها بالحجاج فانخذلت ... تجفل عني بطير منحوس
إن ابن عباد استجار بكم ... فما يخاف الليوث في الخيس
كونوا يا سادتي وسائله ... يفسح له الله في الفراديس
كم مدحة فيكم أحبرها ... كأنها حلة الطواويس
وهذه كم يقول قائلها ... قد نثر الدر في القراطيس
يملك رق القرائض قائلها ... ملك سليمان عرش بلقيس
بلغه الله ما يؤمله ... حتى يزور الإمام في طوس
وله أيضا عادله الله بغفرانه واسكنه نعيم جنانه:
يا زائرا قد نهضا ... مبتدرا قد ركضا
وقد مضى كأنه ... البرق إذا ما أومضا
أبلغ سلامي زاكيا ... بطوس مولاي الرضا
سبط النبي المصطفى ... وابن الوصي المرتضى
من حاز عزا أقعسا ... وشاد مجدا أبيضا
وقل له عن مخلص ... يرى الولا مفترضا
في الصدر لفح حرقة ... تترك قليم حرضا
من ناصبين غادروا ... قلب الموالي ممرضا
صرحت عنهم معرضا ... ولم أكن معرضا
نابذتهم ولم أبل ... إن قيل قد ترفضا
يا حبذا رفضي لمن ... نابذكم وأبغضا
ولو قدرت زرته ... ولو على جمر الغضا
لكنني معتقل ... بقيد خطب عرضا
جعلت مدحي بدلا ... من قصده وعوضا
أمانة موردة ... على الرضا ليرتضا
رام أم ابن عباد بها ... شفاعة لن تدحضا
مسألة شرعية في النذر
مسألة سأل عنها بعض الأخوان من القاطنين ببلدة بهبهان وكان قد اتفق وقوعها في ذلك الزمان، وهذه صورة ما كتبه: رجل نذر إن وفق للحج أن يتصدق بجميع ما يملكه على الفقراء في النجف الأشرف على مشرفه السلام فوفق للحج ومات بعده وانعقد النذر وكانت عليه ديون، فما حكم الديون فهل تخرج من أصل التركة وما بقي يصرف في وجه النذر أو أن التركة وما خلفه ينتقل إلى الفقراء المنذور لهم لتعلق النذر به ويبقى الدين في ذمة الميت الناذر إلى يوم القيامة، فإن
بعض علمائنا يقولون: إن المال انتقل إلى الفقراء والدين يبقى في ذمة الميت، فما كلام الأصحاب في ذلك وما اعتقادكم وما الدليل على ذلك فتفضلوا بإنجاز رد الجواب وإرساله بيد من يقدم عاجلا لأن الواقعة في البين ونحن في غاية الاحتياج، وهل فرق بين الدين والخمس ورد المظالم؟(2/283)
مسألة سأل عنها بعض الأخوان من القاطنين ببلدة بهبهان وكان قد اتفق وقوعها في ذلك الزمان، وهذه صورة ما كتبه: رجل نذر إن وفق للحج أن يتصدق بجميع ما يملكه على الفقراء في النجف الأشرف على مشرفه السلام فوفق للحج ومات بعده وانعقد النذر وكانت عليه ديون، فما حكم الديون فهل تخرج من أصل التركة وما بقي يصرف في وجه النذر أو أن التركة وما خلفه ينتقل إلى الفقراء المنذور لهم لتعلق النذر به ويبقى الدين في ذمة الميت الناذر إلى يوم القيامة، فإن
بعض علمائنا يقولون: إن المال انتقل إلى الفقراء والدين يبقى في ذمة الميت، فما كلام الأصحاب في ذلك وما اعتقادكم وما الدليل على ذلك فتفضلوا بإنجاز رد الجواب وإرساله بيد من يقدم عاجلا لأن الواقعة في البين ونحن في غاية الاحتياج، وهل فرق بين الدين والخمس ورد المظالم؟
فكتب له ما صورته الجواب ومنه سبحانه إفاضة الصواب: إن من المقرر في كلام الجمهور من أصحابنا (رض) وعليه دلت أخبارنا أنه لا ينعقد من النذر إلا ما كان طاعة الله سبحانه لاشتراطه بالقربة نصا وإجماعا، ولا تقرب بالمرجوح من مكروه أو حرام نصا وإجماعا وكذلك المباح المتساوي الطرفين على الاستهزاء الأظهر لما ذكرنا، والمخالف نادر ودليله غير ناهض، ومما يدل على اشتراط القربة في النذر المستلزم لكونه طاعة لله قوله في صحيحة منصور فيمن قال عليه السّلام: عليّ المشي إلى بيت الله الحرام وهو محرم لحجه «فليس بشيء لله على المشي إلى بيته» وفي صحيحة الكناني «ليس النذر بشيء حتى تسمي لله شيئا صياما أو صدقة أو هديا أو حجا» ومن المقرر المجمع عليه أيضا أنه يشترط في انعقاد النذر كون ما نذر به من أفراد الطاعات مشروعا على الوجه الذي نذر قبل النذر والألم ينعقد نذره إلا ما خرج بدليل على خلاف فيه أيضا.
وحينئذ فنقول: من نذر التصدق بجميع ماله ولا يملكه مع أنه مشغول الذمة يومئذ بديون وحقوق واجبة فلا ريب أن نذره هذا مخالف لمقتضى القواعد المقررة المبرهن عليها بالأخبار المعتبرة، فإن هذا التصدق قبل النذر به مكروه بل الظاهر أنه غير جائز شرعا (أو أولا) فلاستلزمه الإخلال بأداء الديون أواجبة يقينا، سيما مع الفورية كرد المظالم والحال من الديون. (وأما ثانيا) فلاستلزمه إدخال الضرر على نفسه، ولا سيما إذا كان من ذوي الوجاهة والوقار والثروة واليسار بلبس ثياب الذل والانكسار وبذل ماء الوجه المنهي عنه في صحاح الأخبار. (وأما ثالثا) فللأخبار المستفيضة بالنهي في الاتفاق عن الإسراف والأمر بالاقتصاد في ذلك والكفاف، فمنها رواية حماد اللحام المروية في الكافي وتفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل الله من سبل الله ما كان أحسن ولا وفق للخير، أليس الله تبارك وتعالى يقول: {(وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)} يعني المقتصدين، وهي صريحة الدلالة على المراد منطبقة على السؤال حسبما يراد ورواية هشام بن المثنى عن أبي عبد الله عليه السّلام الواردة في تفسير قوله تعالى: {(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ وَلََا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لََا
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)} فقال: «كان فلان بن فلان الأنصاري سماه وكان له حرث فكان إذا أخذ يتصدق به يبقى هو وعياله بغير شيء فجعل الله ذلك سرفا» وفي صحيحة الوليد بن صبيح قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام فجاءه سائل فأعطاه ثم جاء آخر فأعطاه ثم جاء آخر فقال: يوسع الله عليك، ثم قال: «إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقى منها إلا وضعها في حق فيبقى لا مال له فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم» قلت: من هم؟ قال: «أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في وجهه ثم قال: يا رب ارزقني، فيقال له: ألم أرزقك» ومن الظاهر البين أنه متى كان مؤاخذا بإنفاقه غير مستجلب لذلك دعاؤه فهو دليل على كون إنفاقه ذلك معصية، لأن المعاصي هي التي تحبس الرزق كما ورد في الأدعية والأخبار عن العترة الأطهار.(2/284)
وحينئذ فنقول: من نذر التصدق بجميع ماله ولا يملكه مع أنه مشغول الذمة يومئذ بديون وحقوق واجبة فلا ريب أن نذره هذا مخالف لمقتضى القواعد المقررة المبرهن عليها بالأخبار المعتبرة، فإن هذا التصدق قبل النذر به مكروه بل الظاهر أنه غير جائز شرعا (أو أولا) فلاستلزمه الإخلال بأداء الديون أواجبة يقينا، سيما مع الفورية كرد المظالم والحال من الديون. (وأما ثانيا) فلاستلزمه إدخال الضرر على نفسه، ولا سيما إذا كان من ذوي الوجاهة والوقار والثروة واليسار بلبس ثياب الذل والانكسار وبذل ماء الوجه المنهي عنه في صحاح الأخبار. (وأما ثالثا) فللأخبار المستفيضة بالنهي في الاتفاق عن الإسراف والأمر بالاقتصاد في ذلك والكفاف، فمنها رواية حماد اللحام المروية في الكافي وتفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل الله من سبل الله ما كان أحسن ولا وفق للخير، أليس الله تبارك وتعالى يقول: {(وَلََا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللََّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)} يعني المقتصدين، وهي صريحة الدلالة على المراد منطبقة على السؤال حسبما يراد ورواية هشام بن المثنى عن أبي عبد الله عليه السّلام الواردة في تفسير قوله تعالى: {(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصََادِهِ وَلََا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لََا
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)} فقال: «كان فلان بن فلان الأنصاري سماه وكان له حرث فكان إذا أخذ يتصدق به يبقى هو وعياله بغير شيء فجعل الله ذلك سرفا» وفي صحيحة الوليد بن صبيح قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام فجاءه سائل فأعطاه ثم جاء آخر فأعطاه ثم جاء آخر فقال: يوسع الله عليك، ثم قال: «إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقى منها إلا وضعها في حق فيبقى لا مال له فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم» قلت: من هم؟ قال: «أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في وجهه ثم قال: يا رب ارزقني، فيقال له: ألم أرزقك» ومن الظاهر البين أنه متى كان مؤاخذا بإنفاقه غير مستجلب لذلك دعاؤه فهو دليل على كون إنفاقه ذلك معصية، لأن المعاصي هي التي تحبس الرزق كما ورد في الأدعية والأخبار عن العترة الأطهار.
هذه والآيات الواردة بالنهي عن الإسراف والتبذير والأمر بالاقتصاد والقوام في الإنفاق، وكذلك الأخبار الواردة في ذلك أكثر من أن يسع المقام نشرها. فإذا ثبت تحريم هذا التصدق قبل تعلق النذر به فلا إشكال ولا خلاف في عدم انعقاد نذره إذ هو معصية فكيف يصح التقرب به؟ ولو نوقش في التحريم فلا أقل من الكراهة المستلزمة للمرجوحية وهي كافية في عدم انعقاد النذر.
لا يقال: إن الصدقة عبادة ومكروه العبادة بمعنى الأقل ثوابا فلا ينافي انعقاد النذر لأنا نقول: الذي ترجح عندنا من الأخبار هو التحريم لكن لو تنزلت المنازع ينازع في ذلك فلا أقل من الكراهة وليست الكراهة كما مر بما يتوهم كراهة متعلقة بالصدقة لأن الإنفاق على هذا الوجه لا يدخل في باب الصدقة بوجه، كيف وهو داخل في باب الإسراف الذي لا يحب الله تعالى صاحبه وداخل في باب الإلقاء لليد إلى التهلكة مسجلا عليه بأن صاحبه ما أحسن ولا وفق للخير أو داخل فيما يمنع إجابة الدعاء، بل المراد بهذه الكراهة إلحاقه بالمباحات المكروهة.
فإن قيل: قد ورد في صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق عليه السّلام فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله أنه يقوّم ماله من منزل ومتاع وجميع ما يملكه بقيمة عادلة ثم يضمنها في ذمته ويعود إلى ماله ويتصرف فيه كما كان أولا، ثم يتصدق بما ضمنه في ذمته من القيمة شيئا فشيئا تدريجا على وسعه حتى ينعقد، فإنه دال على انعقاد النذر المذكور. قلت: لا ريب أنه قد علم مما قدمنا بيانه كون هذا النذر مخالفا لمقتضى القواعد المقررة المؤيدة بالأخبار الصحيحة الصريحة المشتهرة، وبموجب ذلك يجب طرح ما عارضها من هذه الرواية وغيرها لكن
حيث كانت الرواية صحيحة الإسناد متلقاة بالقبول بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجب الوقوف على موردها من الحكم بصحة النذر المذكور إذا أمكن التخرج منه على الوجه المقرر في الرواية، بأن يكون الناذر حيا غير مطالب بحقوق واجبة مالية سيما إذا كانت فورية فيقوم أملاكه ويضمن القيمة في ذمته وينصرف في أملاكه كما كان أولا ثم يتصدق بالقيمة كما ذكرنا.(2/285)
فإن قيل: قد ورد في صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي عن الصادق عليه السّلام فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله أنه يقوّم ماله من منزل ومتاع وجميع ما يملكه بقيمة عادلة ثم يضمنها في ذمته ويعود إلى ماله ويتصرف فيه كما كان أولا، ثم يتصدق بما ضمنه في ذمته من القيمة شيئا فشيئا تدريجا على وسعه حتى ينعقد، فإنه دال على انعقاد النذر المذكور. قلت: لا ريب أنه قد علم مما قدمنا بيانه كون هذا النذر مخالفا لمقتضى القواعد المقررة المؤيدة بالأخبار الصحيحة الصريحة المشتهرة، وبموجب ذلك يجب طرح ما عارضها من هذه الرواية وغيرها لكن
حيث كانت الرواية صحيحة الإسناد متلقاة بالقبول بين أصحابنا رضوان الله عليهم وجب الوقوف على موردها من الحكم بصحة النذر المذكور إذا أمكن التخرج منه على الوجه المقرر في الرواية، بأن يكون الناذر حيا غير مطالب بحقوق واجبة مالية سيما إذا كانت فورية فيقوم أملاكه ويضمن القيمة في ذمته وينصرف في أملاكه كما كان أولا ثم يتصدق بالقيمة كما ذكرنا.
بل ربما يقال: إن هذه الرواية بالدلالة على ما ندعيه من بطلان هذا النذر المسؤول عنه هنا أشبه، لأنه لو كان النذر على هذا الوجه المذكور في الرواية صحيحا منعقدا بمجرد إيقاع صيغة النذر كذلك لأمره عليه السّلام ذلك الرجل بالخروج من أملاكه جميعا بها، ولما جاز نقلها إلى الذمة بالقيمة إذ مقتضى النذر هو الصدقة بالأعيان فيجب الصدقة بها حينئذ، ولكن أمره بنقلها إلى ذمته بالقيمة ثم التصدق بها حينئذ تدريجا، على وجه يندفع به الضرر الموجب لبطلان النذر.
ولو لم يكن كذلك كما هو مقتضى الأخبار وكلام الأصحاب علمنا أن ثبوت هذه للأشياء مما له مدخل في الصحة البتة. فعلى هذا لابد في صحة النذر المذكور في السؤال وانعقاده من أن يقوّم الناذر جميع أملاكه المنذور بها ويضمن قيمتها في ذمته فتكون عليه كسائر ديونه، وحينئذ فلو مات قبل إخراجها كلّها أو بعضا منها صارت من قبيل الديون التي متى تزاحمت حكم بينها بالتقسيط.
وأنت خبير بأن إجراء هذا الوجه المصحح للنذر الرافع للضرر كما تضمنه الخبر في محل السؤال غير متجه، فإن الناذر المذكور لم يقوم أمواله المذكورة ولم ينقل القيمة إلى ذمته، وبدون ذلك لا ينتقل القيمة إلى الذمة وبدون الانتقال إلى الذمة لا يمكن الحكم بالصحة لخروج ذلك عن مورد الخبر، فإذا كان مقتضى الأصل بطلان هذا النذر وهذا الخبر الذي أوجبنا الوقوف على مورده لا يشمله فكيف يمكن الحكم بصحته؟
ولا أعرف خلافا في أن مضمون هذه الرواية جار على خلاف مقتضى قواعدهم كما صرح به غير واحد منهم وأنهم إنما قالوا بها من حيث اندفاع الضرر بما ذكره عليه السّلام من التقويم ثم ضمان القيمة ثم التصدق تدريجا، حتى أن بعضا منهم كالمحدث الكاشاني (ره) في المفاتيح حمل الرواية المذكورة على الاستحباب جمعا بينها وبين مقتضى تلك القواعد الدالة على الإبطال، وأن أشعر آخر كلامه بالتوقف من حيث عدم القائل بذلك، وحينئذ فالقول بصحة هذا النذر وانعقاده من غير توقف على شيء ورأى مجرد صيغته، رد لكلام عامة الأصحاب وخلاف على
الأصول الصحيحة الصريحة الواردة عن أبواب الملك الوهاب وخروج عن مقتضى تلك الصحيحة التي هي المستند في ذلك الباب.(2/286)
ولا أعرف خلافا في أن مضمون هذه الرواية جار على خلاف مقتضى قواعدهم كما صرح به غير واحد منهم وأنهم إنما قالوا بها من حيث اندفاع الضرر بما ذكره عليه السّلام من التقويم ثم ضمان القيمة ثم التصدق تدريجا، حتى أن بعضا منهم كالمحدث الكاشاني (ره) في المفاتيح حمل الرواية المذكورة على الاستحباب جمعا بينها وبين مقتضى تلك القواعد الدالة على الإبطال، وأن أشعر آخر كلامه بالتوقف من حيث عدم القائل بذلك، وحينئذ فالقول بصحة هذا النذر وانعقاده من غير توقف على شيء ورأى مجرد صيغته، رد لكلام عامة الأصحاب وخلاف على
الأصول الصحيحة الصريحة الواردة عن أبواب الملك الوهاب وخروج عن مقتضى تلك الصحيحة التي هي المستند في ذلك الباب.
وبالجملة فإنه لما اتفقت كلمة الأصحاب المؤيدة بالأخبار على أن النذر المستلزم للنظر دنيا أو دينا غير منعقد، وهذا الفرد الذي تضمنته الرواية إنما انعقد من حيث زوال الضرر بما ذكر فيها، وما نحن فيه من محل السؤال لا مدفع للضرر عنه كما عرفت، فلا وجه للقول فيه بالصحة والانعقاد بل الوجه هو البطلان وقوفا على تلك القواعد المقررة لعدم المخرج عنها.
والقول بانعقاد النذر فيما زاد من التركة على الديون لا أعرف لها وجها، لأنه نذر واحد فإن صح ففي جميع ما اشتمل عليه وإلا بطل في الجميع، على أن ما شرحناه من القول بالبطلان لا يتوقف على وجود ديون في البين والقائل الذي نقلتم عنه القول بالصحة والانعقاد وإبقاء الديون في ذمة الميت أن سلم كون هذا النذر جار على خلاف القواعد الشرعية والضوابط المرعية فلا بد له في الحكم بصحته من الدليل المخصص، والصحيحة المذكورة لا تنهض له حجة لكونها مخالفة للأصول كما عرفت مقصورة على موردها كما أوضحناه.
والفرق بين موردها وبين ما نحن فيه ظاهر كما بيناه، على أن ما تضمنته لا ينطق على المنقول عنه، حيث أنه ذهب إلى التصدق بتلك الأعيان والصحيحة المذكورة دلت على نقلها إلى الأثمان وجعلها في الذمة فتصير من جملة الديون كما عرفت، وإن منع ذلك فهو محجوج بما أجمع عليه الأصحاب من تلك القواعد المنصوصة التي يدور عليها النذر صحة وبطلانا. والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق أحكامه.
قصيدة للمؤلف في رثاء الحسين عليه السّلام
هذه القصيدة مما سمحت به القريحة الجامدة في رثاء مولانا أبي عبد الله الحسين عليه السّلام:
برق تألق بالحما لحماتها ... أم لامع الأنوار من وجناتها
وعبير ند عطر الأكوان أم ... ذا عنبر أهدته من نفحاتها
أكريمة الحسين هل من ذروة ... تشفي المعنا من عنى حسراتها
شاب العذار ولم تشربوا هجركم ... منها بشيء لا ولا بعداتها
جودوا ولو بالطيف أن خيالكم ... يطفي من الأحشاء لظى لهباتها
قم يا خليل فخل عن تذكارهم ... واحبس سخين الدمع من عبراتها
يا هل رأيت متيما تمت له ... في هذه الدنيا سوى نكباتها
وأعد عليّ حديث وقعة نينوى ... ولواعج الأشجان في ساحاتها
لله أية وقعة لمحمد ... في كربلا ريب على وقعاتها
ضربت عران الذل في أنف الهدى ... فغدا يقاد به بنو قاداتها
لله من يوم به قد نكست ... تلك الكماة الصيد عن صهواتها
لله أنصار هناك وفتية ... سادت بما حفظته من ساداتها
فوق الخيول تخالها كاهلة ... وبدور حسن لجن في هالاتها
وإذا سطت تخشى الأسود لكرها ... في الحرب من وثباتها وثباتها
شربت بكأس الحتف حين بدا لها ... في نصر خيرتها سنا خيراتها
الجسم منها بالعراء وروحها ... في سندس الفردوس من جناتها
نفسي لآل محمد في كربلا ... محروقة الأحشاء من كرباتها
ترنو الفرات بغلة لا تنطفي ... عطشا وما ذاقت لطعم فراتها
جوى لفقد حماتها وولاتها ... والسوط يعلوها على هاماتها
أطفالها غرثى أضربها الطوى ... وهداتها صرعى على وهداتها
يا حسرة لا تنقضي ومصيبة ... تترقص الأحشاء من زفراتها
دار النبي بلاقع من أهلها ... للبوم نوح في فنا عرصاتها
تبكي معالمها لفقد علومها ... أسفى وحسن صلاتها وصلاتها
وديار حرب بالملاهي والغنا ... قد شيدت وبها شدى قيناتها
معمورة بخمورها وفجورها ... وبغاتها نشوى على نغماتها
وحريم آل محمد محرومة ... بين العدا تقتاد في فلواتها
شعثا حيارى لا تفيق من البكا ... قد فارق الأجفان طيب سناتها
ونساء آل أمية في صونها ... وحصونها جلست على غرفاتها
في غبطة من دهرها مأنوسة ... مسرورة بالعز من دولاتها
نفسي لزينب في السبايا حاسر ... تبكي ومنظرها إلى أخواتها
تستعطف القوم اللئام فلا ترى ... إلا وجيع الضرب من شفراتها
فلذاك خاطبت الزمان وأهله ... بشكاية الشعراء في أبياتها
قد قلت للزمن المضر بأهله ... ومغير السادات عن عاداتها
إن كان عندك يا زمان بقية ... مما تهين به الكرام فهاتها
يا للرجال لوقعة ما مثلها ... إذ كنت بقلب المصطفى جذواتها
يا للرجال لعصبة علوية ... تبعت أمية بعد فقد حماتها
من مخبر الزهراء أن حسينها ... طعم الردي والعز من ساداتها
ترى درت أن الحسين على الثرى ... بين الورى عار على تلعاتها
ورؤوس ابناها على سمر القنا ... وبناتها تهدى إلى شاماتها
يا فاطم الزهراء قومي واندبي ... أسراك في أشراك ذل عداتها
يا عين جودي بالبكاء وساعدي ... ست البنات على مصاب بناتها
نفس تذوب وحسرة لا تنقضي ... وجوى عراما مد في سنواتها
هذي المصائب لا يداوي جرحها ... إلا بسكب الدمع من عبراتها
إني إذا هل المحرم هاج لي ... حزنا يذيق النفس طعم مماتها
يا يوم عاشورا كم لك لوعة ... تتفتت الأكباد من صدماتها
يا أمة ضاعت حقوق نبيها ... وبنيه بين طغاتها وبغاتها
في أي دين أمية حللت ... لكم دماء من ذوي قرباتها
زعمت بأن الدين حلل قتلها ... أوليس هذا الدين من أبياتها
ضربت بسيف محمد أبناءه ... ورأت له الأغماد من هاماتها
شادت أمية بالدلام وحبتر ... قد أسسوا من سالفات هناتها
فعلى الدلام وحبتر وأمية ... أضعاف ما لله من لعباتها
ومتى إمام العصر يظهر في الورى ... ينحيي الشريعة بعد طول مماتها
ومتى نرى الرايات تشرق نورها ... وكتائب الأملاك في خدماتها
يا سعد حظي في الورى أن ساعدا ... لتوفيق في نصري لدين هداتها
لأرى العدى طعم الردى بصوارم ... ولأمرين الأرض من هاماتها
يا رب عجل نصره وانصر به ... أشياعه الهفا وخذ ثاراتها
يا سادة قرنت سجايا جودها ... لوجودها فالنجح من عاداتها
واليتكم وبرئت من أعدائكم ... أبغي بذاك الفوز في درجاتها
ما لابن أحمد يوسف لذنوبه ... إلا كم يرجوه في شداتها
وإليكم أهدي عروسا غادة ... في الحسن قد فاقت على غاداتها
قد زفها والمهر حسن قبولكم ... يا ساداتي والعفو عن زلاتها
وعلى النبي وآله صلواته ... ما غرد القمري في باناتها(2/287)
برق تألق بالحما لحماتها ... أم لامع الأنوار من وجناتها
وعبير ند عطر الأكوان أم ... ذا عنبر أهدته من نفحاتها
أكريمة الحسين هل من ذروة ... تشفي المعنا من عنى حسراتها
شاب العذار ولم تشربوا هجركم ... منها بشيء لا ولا بعداتها
جودوا ولو بالطيف أن خيالكم ... يطفي من الأحشاء لظى لهباتها
قم يا خليل فخل عن تذكارهم ... واحبس سخين الدمع من عبراتها
يا هل رأيت متيما تمت له ... في هذه الدنيا سوى نكباتها
وأعد عليّ حديث وقعة نينوى ... ولواعج الأشجان في ساحاتها
لله أية وقعة لمحمد ... في كربلا ريب على وقعاتها
ضربت عران الذل في أنف الهدى ... فغدا يقاد به بنو قاداتها
لله من يوم به قد نكست ... تلك الكماة الصيد عن صهواتها
لله أنصار هناك وفتية ... سادت بما حفظته من ساداتها
فوق الخيول تخالها كاهلة ... وبدور حسن لجن في هالاتها
وإذا سطت تخشى الأسود لكرها ... في الحرب من وثباتها وثباتها
شربت بكأس الحتف حين بدا لها ... في نصر خيرتها سنا خيراتها
الجسم منها بالعراء وروحها ... في سندس الفردوس من جناتها
نفسي لآل محمد في كربلا ... محروقة الأحشاء من كرباتها
ترنو الفرات بغلة لا تنطفي ... عطشا وما ذاقت لطعم فراتها
جوى لفقد حماتها وولاتها ... والسوط يعلوها على هاماتها
أطفالها غرثى أضربها الطوى ... وهداتها صرعى على وهداتها
يا حسرة لا تنقضي ومصيبة ... تترقص الأحشاء من زفراتها
دار النبي بلاقع من أهلها ... للبوم نوح في فنا عرصاتها
تبكي معالمها لفقد علومها ... أسفى وحسن صلاتها وصلاتها
وديار حرب بالملاهي والغنا ... قد شيدت وبها شدى قيناتها
معمورة بخمورها وفجورها ... وبغاتها نشوى على نغماتها
وحريم آل محمد محرومة ... بين العدا تقتاد في فلواتها
شعثا حيارى لا تفيق من البكا ... قد فارق الأجفان طيب سناتها
ونساء آل أمية في صونها ... وحصونها جلست على غرفاتها
في غبطة من دهرها مأنوسة ... مسرورة بالعز من دولاتها
نفسي لزينب في السبايا حاسر ... تبكي ومنظرها إلى أخواتها
تستعطف القوم اللئام فلا ترى ... إلا وجيع الضرب من شفراتها
فلذاك خاطبت الزمان وأهله ... بشكاية الشعراء في أبياتها
قد قلت للزمن المضر بأهله ... ومغير السادات عن عاداتها
إن كان عندك يا زمان بقية ... مما تهين به الكرام فهاتها
يا للرجال لوقعة ما مثلها ... إذ كنت بقلب المصطفى جذواتها
يا للرجال لعصبة علوية ... تبعت أمية بعد فقد حماتها
من مخبر الزهراء أن حسينها ... طعم الردي والعز من ساداتها
ترى درت أن الحسين على الثرى ... بين الورى عار على تلعاتها
ورؤوس ابناها على سمر القنا ... وبناتها تهدى إلى شاماتها
يا فاطم الزهراء قومي واندبي ... أسراك في أشراك ذل عداتها
يا عين جودي بالبكاء وساعدي ... ست البنات على مصاب بناتها
نفس تذوب وحسرة لا تنقضي ... وجوى عراما مد في سنواتها
هذي المصائب لا يداوي جرحها ... إلا بسكب الدمع من عبراتها
إني إذا هل المحرم هاج لي ... حزنا يذيق النفس طعم مماتها
يا يوم عاشورا كم لك لوعة ... تتفتت الأكباد من صدماتها
يا أمة ضاعت حقوق نبيها ... وبنيه بين طغاتها وبغاتها
في أي دين أمية حللت ... لكم دماء من ذوي قرباتها
زعمت بأن الدين حلل قتلها ... أوليس هذا الدين من أبياتها
ضربت بسيف محمد أبناءه ... ورأت له الأغماد من هاماتها
شادت أمية بالدلام وحبتر ... قد أسسوا من سالفات هناتها
فعلى الدلام وحبتر وأمية ... أضعاف ما لله من لعباتها
ومتى إمام العصر يظهر في الورى ... ينحيي الشريعة بعد طول مماتها
ومتى نرى الرايات تشرق نورها ... وكتائب الأملاك في خدماتها
يا سعد حظي في الورى أن ساعدا ... لتوفيق في نصري لدين هداتها
لأرى العدى طعم الردى بصوارم ... ولأمرين الأرض من هاماتها
يا رب عجل نصره وانصر به ... أشياعه الهفا وخذ ثاراتها
يا سادة قرنت سجايا جودها ... لوجودها فالنجح من عاداتها
واليتكم وبرئت من أعدائكم ... أبغي بذاك الفوز في درجاتها
ما لابن أحمد يوسف لذنوبه ... إلا كم يرجوه في شداتها
وإليكم أهدي عروسا غادة ... في الحسن قد فاقت على غاداتها
قد زفها والمهر حسن قبولكم ... يا ساداتي والعفو عن زلاتها
وعلى النبي وآله صلواته ... ما غرد القمري في باناتها(2/288)
برق تألق بالحما لحماتها ... أم لامع الأنوار من وجناتها
وعبير ند عطر الأكوان أم ... ذا عنبر أهدته من نفحاتها
أكريمة الحسين هل من ذروة ... تشفي المعنا من عنى حسراتها
شاب العذار ولم تشربوا هجركم ... منها بشيء لا ولا بعداتها
جودوا ولو بالطيف أن خيالكم ... يطفي من الأحشاء لظى لهباتها
قم يا خليل فخل عن تذكارهم ... واحبس سخين الدمع من عبراتها
يا هل رأيت متيما تمت له ... في هذه الدنيا سوى نكباتها
وأعد عليّ حديث وقعة نينوى ... ولواعج الأشجان في ساحاتها
لله أية وقعة لمحمد ... في كربلا ريب على وقعاتها
ضربت عران الذل في أنف الهدى ... فغدا يقاد به بنو قاداتها
لله من يوم به قد نكست ... تلك الكماة الصيد عن صهواتها
لله أنصار هناك وفتية ... سادت بما حفظته من ساداتها
فوق الخيول تخالها كاهلة ... وبدور حسن لجن في هالاتها
وإذا سطت تخشى الأسود لكرها ... في الحرب من وثباتها وثباتها
شربت بكأس الحتف حين بدا لها ... في نصر خيرتها سنا خيراتها
الجسم منها بالعراء وروحها ... في سندس الفردوس من جناتها
نفسي لآل محمد في كربلا ... محروقة الأحشاء من كرباتها
ترنو الفرات بغلة لا تنطفي ... عطشا وما ذاقت لطعم فراتها
جوى لفقد حماتها وولاتها ... والسوط يعلوها على هاماتها
أطفالها غرثى أضربها الطوى ... وهداتها صرعى على وهداتها
يا حسرة لا تنقضي ومصيبة ... تترقص الأحشاء من زفراتها
دار النبي بلاقع من أهلها ... للبوم نوح في فنا عرصاتها
تبكي معالمها لفقد علومها ... أسفى وحسن صلاتها وصلاتها
وديار حرب بالملاهي والغنا ... قد شيدت وبها شدى قيناتها
معمورة بخمورها وفجورها ... وبغاتها نشوى على نغماتها
وحريم آل محمد محرومة ... بين العدا تقتاد في فلواتها
شعثا حيارى لا تفيق من البكا ... قد فارق الأجفان طيب سناتها
ونساء آل أمية في صونها ... وحصونها جلست على غرفاتها
في غبطة من دهرها مأنوسة ... مسرورة بالعز من دولاتها
نفسي لزينب في السبايا حاسر ... تبكي ومنظرها إلى أخواتها
تستعطف القوم اللئام فلا ترى ... إلا وجيع الضرب من شفراتها
فلذاك خاطبت الزمان وأهله ... بشكاية الشعراء في أبياتها
قد قلت للزمن المضر بأهله ... ومغير السادات عن عاداتها
إن كان عندك يا زمان بقية ... مما تهين به الكرام فهاتها
يا للرجال لوقعة ما مثلها ... إذ كنت بقلب المصطفى جذواتها
يا للرجال لعصبة علوية ... تبعت أمية بعد فقد حماتها
من مخبر الزهراء أن حسينها ... طعم الردي والعز من ساداتها
ترى درت أن الحسين على الثرى ... بين الورى عار على تلعاتها
ورؤوس ابناها على سمر القنا ... وبناتها تهدى إلى شاماتها
يا فاطم الزهراء قومي واندبي ... أسراك في أشراك ذل عداتها
يا عين جودي بالبكاء وساعدي ... ست البنات على مصاب بناتها
نفس تذوب وحسرة لا تنقضي ... وجوى عراما مد في سنواتها
هذي المصائب لا يداوي جرحها ... إلا بسكب الدمع من عبراتها
إني إذا هل المحرم هاج لي ... حزنا يذيق النفس طعم مماتها
يا يوم عاشورا كم لك لوعة ... تتفتت الأكباد من صدماتها
يا أمة ضاعت حقوق نبيها ... وبنيه بين طغاتها وبغاتها
في أي دين أمية حللت ... لكم دماء من ذوي قرباتها
زعمت بأن الدين حلل قتلها ... أوليس هذا الدين من أبياتها
ضربت بسيف محمد أبناءه ... ورأت له الأغماد من هاماتها
شادت أمية بالدلام وحبتر ... قد أسسوا من سالفات هناتها
فعلى الدلام وحبتر وأمية ... أضعاف ما لله من لعباتها
ومتى إمام العصر يظهر في الورى ... ينحيي الشريعة بعد طول مماتها
ومتى نرى الرايات تشرق نورها ... وكتائب الأملاك في خدماتها
يا سعد حظي في الورى أن ساعدا ... لتوفيق في نصري لدين هداتها
لأرى العدى طعم الردى بصوارم ... ولأمرين الأرض من هاماتها
يا رب عجل نصره وانصر به ... أشياعه الهفا وخذ ثاراتها
يا سادة قرنت سجايا جودها ... لوجودها فالنجح من عاداتها
واليتكم وبرئت من أعدائكم ... أبغي بذاك الفوز في درجاتها
ما لابن أحمد يوسف لذنوبه ... إلا كم يرجوه في شداتها
وإليكم أهدي عروسا غادة ... في الحسن قد فاقت على غاداتها
قد زفها والمهر حسن قبولكم ... يا ساداتي والعفو عن زلاتها
وعلى النبي وآله صلواته ... ما غرد القمري في باناتها(2/289)
برق تألق بالحما لحماتها ... أم لامع الأنوار من وجناتها
وعبير ند عطر الأكوان أم ... ذا عنبر أهدته من نفحاتها
أكريمة الحسين هل من ذروة ... تشفي المعنا من عنى حسراتها
شاب العذار ولم تشربوا هجركم ... منها بشيء لا ولا بعداتها
جودوا ولو بالطيف أن خيالكم ... يطفي من الأحشاء لظى لهباتها
قم يا خليل فخل عن تذكارهم ... واحبس سخين الدمع من عبراتها
يا هل رأيت متيما تمت له ... في هذه الدنيا سوى نكباتها
وأعد عليّ حديث وقعة نينوى ... ولواعج الأشجان في ساحاتها
لله أية وقعة لمحمد ... في كربلا ريب على وقعاتها
ضربت عران الذل في أنف الهدى ... فغدا يقاد به بنو قاداتها
لله من يوم به قد نكست ... تلك الكماة الصيد عن صهواتها
لله أنصار هناك وفتية ... سادت بما حفظته من ساداتها
فوق الخيول تخالها كاهلة ... وبدور حسن لجن في هالاتها
وإذا سطت تخشى الأسود لكرها ... في الحرب من وثباتها وثباتها
شربت بكأس الحتف حين بدا لها ... في نصر خيرتها سنا خيراتها
الجسم منها بالعراء وروحها ... في سندس الفردوس من جناتها
نفسي لآل محمد في كربلا ... محروقة الأحشاء من كرباتها
ترنو الفرات بغلة لا تنطفي ... عطشا وما ذاقت لطعم فراتها
جوى لفقد حماتها وولاتها ... والسوط يعلوها على هاماتها
أطفالها غرثى أضربها الطوى ... وهداتها صرعى على وهداتها
يا حسرة لا تنقضي ومصيبة ... تترقص الأحشاء من زفراتها
دار النبي بلاقع من أهلها ... للبوم نوح في فنا عرصاتها
تبكي معالمها لفقد علومها ... أسفى وحسن صلاتها وصلاتها
وديار حرب بالملاهي والغنا ... قد شيدت وبها شدى قيناتها
معمورة بخمورها وفجورها ... وبغاتها نشوى على نغماتها
وحريم آل محمد محرومة ... بين العدا تقتاد في فلواتها
شعثا حيارى لا تفيق من البكا ... قد فارق الأجفان طيب سناتها
ونساء آل أمية في صونها ... وحصونها جلست على غرفاتها
في غبطة من دهرها مأنوسة ... مسرورة بالعز من دولاتها
نفسي لزينب في السبايا حاسر ... تبكي ومنظرها إلى أخواتها
تستعطف القوم اللئام فلا ترى ... إلا وجيع الضرب من شفراتها
فلذاك خاطبت الزمان وأهله ... بشكاية الشعراء في أبياتها
قد قلت للزمن المضر بأهله ... ومغير السادات عن عاداتها
إن كان عندك يا زمان بقية ... مما تهين به الكرام فهاتها
يا للرجال لوقعة ما مثلها ... إذ كنت بقلب المصطفى جذواتها
يا للرجال لعصبة علوية ... تبعت أمية بعد فقد حماتها
من مخبر الزهراء أن حسينها ... طعم الردي والعز من ساداتها
ترى درت أن الحسين على الثرى ... بين الورى عار على تلعاتها
ورؤوس ابناها على سمر القنا ... وبناتها تهدى إلى شاماتها
يا فاطم الزهراء قومي واندبي ... أسراك في أشراك ذل عداتها
يا عين جودي بالبكاء وساعدي ... ست البنات على مصاب بناتها
نفس تذوب وحسرة لا تنقضي ... وجوى عراما مد في سنواتها
هذي المصائب لا يداوي جرحها ... إلا بسكب الدمع من عبراتها
إني إذا هل المحرم هاج لي ... حزنا يذيق النفس طعم مماتها
يا يوم عاشورا كم لك لوعة ... تتفتت الأكباد من صدماتها
يا أمة ضاعت حقوق نبيها ... وبنيه بين طغاتها وبغاتها
في أي دين أمية حللت ... لكم دماء من ذوي قرباتها
زعمت بأن الدين حلل قتلها ... أوليس هذا الدين من أبياتها
ضربت بسيف محمد أبناءه ... ورأت له الأغماد من هاماتها
شادت أمية بالدلام وحبتر ... قد أسسوا من سالفات هناتها
فعلى الدلام وحبتر وأمية ... أضعاف ما لله من لعباتها
ومتى إمام العصر يظهر في الورى ... ينحيي الشريعة بعد طول مماتها
ومتى نرى الرايات تشرق نورها ... وكتائب الأملاك في خدماتها
يا سعد حظي في الورى أن ساعدا ... لتوفيق في نصري لدين هداتها
لأرى العدى طعم الردى بصوارم ... ولأمرين الأرض من هاماتها
يا رب عجل نصره وانصر به ... أشياعه الهفا وخذ ثاراتها
يا سادة قرنت سجايا جودها ... لوجودها فالنجح من عاداتها
واليتكم وبرئت من أعدائكم ... أبغي بذاك الفوز في درجاتها
ما لابن أحمد يوسف لذنوبه ... إلا كم يرجوه في شداتها
وإليكم أهدي عروسا غادة ... في الحسن قد فاقت على غاداتها
قد زفها والمهر حسن قبولكم ... يا ساداتي والعفو عن زلاتها
وعلى النبي وآله صلواته ... ما غرد القمري في باناتها
في تصغير يحيى وصرفه
من كتاب الفوائد النجفية لشيخنا علامة الزمان وأعجوبة الدوران الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني قدس الله سره: (فائدة) سئلت قديما عن لغز الشيخ ابن الحاجب وهو هذا:
أيها العالم بالتصريف ... لا زلت تحيا
قال قوم إن يحيى ... إن يصغر فيحيى
فأبى قوم وقالوا ... ليس هذا الرأي حيا
إنما كان صوابا ... لو أجابوا بيحيا
كيف قد ردوا تحيا ... والذي اختاروا يحيا
أتراهم في ضلال ... أم ترى وجها محيى
فكتب في هذا الجواب ما هذا لفظه: لابد من تقديم أمور يتوقف عليها توجيه هذا اللغز.
الأول: إن أهل العربية قد اختلفوا في وزن يحيى فقيل فعلا وقيل يفعل، قيل والأول أرجح لأن فيه دعوى الزيادة حيث لا حاجة.
الثاني: إن الحرف التالي لياء التصغير حقه الكسر كالتالي لألف التكسير حملا لعلامة التقليل على علامة التكسير حملا للنقيض، وقد استثنى من ذلك صعد منها ما كان متلوا بألف التأنيث كحبلى فلا يكسر صونا لها من الانقلاب.
الثالث: أنه إذا اجتمع في آخر المصغر ثلاث ياءات فإن كانت الياء زائدة وجب بالإجماع حذف الثانية منه لا منوية كغطاء إذا صغر تقول غطييي بثلاث ياءات ياء التصغير والياء المنقلبة عن ألف المد والياء المنقلبة عن لام الكلمة فتحذف الثالثة ويوقع الاعراب على ما قبلها، وإن كان غير زائد قال أبو عمرو: لا تحذف لأن الاستثقال إنما كان متأكدا لكون اثنتين منها زائدتين، وقد ذكروا في نحو أخرى ويحيى أنه لما كانت تجتمع فيه ثلاث ياءات بسبب قلب العين ياء فبعد حذف الثالث اختلفوا في شأنه، فكان سيبويه يمنع صرفه لأنه وإن كان زال عن وزن الفعل لفظا أو تقديرا أيضا بسبب حذف اللام نسيا لكن الهمزة ترشد إليه كما منع صرف يعد ودي اتفاقا وإن نقص عن وزن الفعل بحذف الفاء والعين وجوبا، وكان عيسى بن عمر ويصرفه نظرا إلى نقصان الكلمة عن وزن الفعل نقصانا لازما وفيه ما لا يخفى، وكان أبو عمرو بن العلى لا يحذف الثالثة نسيا بل إنما يحذفها
مع التنوين كما حذف ياء قاض.(2/290)
الثالث: أنه إذا اجتمع في آخر المصغر ثلاث ياءات فإن كانت الياء زائدة وجب بالإجماع حذف الثانية منه لا منوية كغطاء إذا صغر تقول غطييي بثلاث ياءات ياء التصغير والياء المنقلبة عن ألف المد والياء المنقلبة عن لام الكلمة فتحذف الثالثة ويوقع الاعراب على ما قبلها، وإن كان غير زائد قال أبو عمرو: لا تحذف لأن الاستثقال إنما كان متأكدا لكون اثنتين منها زائدتين، وقد ذكروا في نحو أخرى ويحيى أنه لما كانت تجتمع فيه ثلاث ياءات بسبب قلب العين ياء فبعد حذف الثالث اختلفوا في شأنه، فكان سيبويه يمنع صرفه لأنه وإن كان زال عن وزن الفعل لفظا أو تقديرا أيضا بسبب حذف اللام نسيا لكن الهمزة ترشد إليه كما منع صرف يعد ودي اتفاقا وإن نقص عن وزن الفعل بحذف الفاء والعين وجوبا، وكان عيسى بن عمر ويصرفه نظرا إلى نقصان الكلمة عن وزن الفعل نقصانا لازما وفيه ما لا يخفى، وكان أبو عمرو بن العلى لا يحذف الثالثة نسيا بل إنما يحذفها
مع التنوين كما حذف ياء قاض.
إذا تقرر هذا فنقول: من قال إن يحيى فعلا قال في تصغيره يحيى كما تقول في تصغير حبلى حبيلى وعلى هذا ينزل قول الناظم:
إنما كان صوابا ... لو أجابوا بيحيى
وذلك لأنه استعمله مجرورا ففتحه لمنع صرفه، ثم أشبع الفتحة فصارت ألفا للقافية وبه كمل ما أراد من الألغاز حيث صار في اللفظ على الصورة الأولى التي ذكرها الأولون، والفرق بينهما ما ذكرناه من أن الألف في الصورة الأولى للتأنيث وفي الصورة الثانية للإشباع، فالألف الأولى من تمام الكلمة وبها يحصل الجواب والألف الثانية من عند الناظم بعد تمام الكلمة.
ما كتبه الثوري عن الإمام الصادق عليه السّلام
روى ثقة الإسلام في الكافي عن محمد بن الحسن عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم بن مسكين عن رجل من قريش من أهل مكة قال: قال سفيان الثوري: اذهب بنا إلى جعفر بن محمد عليه السّلام فذهبت معه إليه فوجدناه وقد ركب دابته فقال له سفيان: يا أبا عبد الله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مسجد الخيف قال: دعني حتى أذهب في حاجتي فإني قد ركبت فإذا جئت حدثتك.
فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما حدثتني قال: فنزل له فقال له سفيان:
مر بدواة وقرطاس حتى أثبته، فدعا به ثم قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم.
خطبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مسجد الخيف: نظر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم تبلغه.
أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم. فإن دعوتهم محيطة من ورائهم والمؤمنون أخوة تكافىء دمائهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم.
فكتبه سفيان ثم عرضه وركب أبو عبد الله عليه السّلام وجئت أنا وسفيان فلما صرنا في بعض الطريق قال لي: كما أنت، ثم نظر في الحديث وقلت له: قد والله ألزم أبو عبد الله عليه السّلام رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شيء ذلك؟ فقلت: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم إخلاص العمل لله قد عرفنا
والنصيحة لأئمة المسلمين من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وكل من لا يجوز شهادته عندنا ولا تجوز الصلاة خلفهم، وقوله «واللزوم لجماعتهم» فأي الجماعة: مرجىء يقول من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمه فهو على إيمان جبرائيل وميكائيل، وقدري يقول لا يكون ما شاء الله ويكون ما شاء إبليس، أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب ويشهد عليه بالكفر، أو جهني يقول إنما هي معرفة الله وحده ليس الإيمان بشيء غيرها؟ فقال: ويحك أي شيء يقولون؟(2/291)
فكتبه سفيان ثم عرضه وركب أبو عبد الله عليه السّلام وجئت أنا وسفيان فلما صرنا في بعض الطريق قال لي: كما أنت، ثم نظر في الحديث وقلت له: قد والله ألزم أبو عبد الله عليه السّلام رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شيء ذلك؟ فقلت: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مسلم إخلاص العمل لله قد عرفنا
والنصيحة لأئمة المسلمين من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وكل من لا يجوز شهادته عندنا ولا تجوز الصلاة خلفهم، وقوله «واللزوم لجماعتهم» فأي الجماعة: مرجىء يقول من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمه فهو على إيمان جبرائيل وميكائيل، وقدري يقول لا يكون ما شاء الله ويكون ما شاء إبليس، أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب ويشهد عليه بالكفر، أو جهني يقول إنما هي معرفة الله وحده ليس الإيمان بشيء غيرها؟ فقال: ويحك أي شيء يقولون؟
فقلت: يقولون إن علي بن أبي طالب عليه السّلام والله الإمام الذي يجب نصيحته ولزوم جماعتهم أهل بيته. قال: فأخذ الكتاب فخرقه ثم قال: لا تخبر بها أحد.
وفي هذا الخبر ما يكشف عن معنى المرجىء والقدري والجهني والحروري.
قصة الطفيلي الداخل بين الزنادقة وإبراهيم بن المهدي
ذكر ثمامة بن أشرس قال: بلغ المأمون خبر عشرة من الزنادقة ممن يذهب إلى قول ماني بالنور والظلمة من أهل البصرة، فأمر بحملهم إليه بعد أن سموا إليه واحدا بعد واحد، فلما جمعوا نظر إليهم طفيلي فقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لصنيع، فدخل في وسطهم ومضى معهم وهو لا يعلم بشأنهم حتى صار بهم الموكلون إلى السفينة فما كان بأسرع من أن جيء بالقيود فقيد القوم والطفيلي معهم فقال الطفيلي: بلغ أمر تطفيلي إلى القيود، ثم أقبل على الشيوخ فقال: فديتكم ايش أنتم؟ قالوا: بلى من أنت وايش أنت ومن أخواننا أنت؟ قال: والله ما أدري ما أنتم غير أني رجل طفيلي خرجت في هذا اليوم من منزلي فلقيتكم فرأيت منظرا جميلا وعوارض حسنة ونعمة ظاهرة فقلت شيوخ وكهول وشبان جمعوا لوليمة فدخلت في وسطكم وحاديت بعضكم كأني في جملة أحدكم فصرتم إلى هذا الرزق فرأيت قد فرش بهذه الفرش ورأيت سفرة مملوءة وجوفا وسلالا فقلت نزهة يمضون إليها إلى بعض القصور والبساتين إن هذا اليوم مبارك، فابتهجت سرورا إذ جاء الموكل بكم وقيدكم وقيدني معكم فورد على ما قد زال عقلي، فأخبروني ما الخبر؟
فضحكوا منه وتبسموا وفرحوا به سرورا ثم قالوا له: الآن قد حصلت في الإحصاء وثقلت في الحديد وأما نحن فميانية غمز بنا إلى المأمون وسندخل عليه ويسائلنا عن أحوالنا ويكشف عن مذهبنا ويدعونا إلى التوبة والرجوع عنه وامتحاننا بضروب من المحن منها إظهار صورة ماني لنا ويأمرننا أن نتفل عليها ونتبرأ منها ويأمرنا بذبح طائرها وهو التدرج فمن أجابه ذلك نجا ومن تخلف عنه قتل، فإذا ادعيت
وامتحنت فاخبر عن نفسك باعتقادك على حسب ما توديك الدلالة إلى القول به.(2/292)
فضحكوا منه وتبسموا وفرحوا به سرورا ثم قالوا له: الآن قد حصلت في الإحصاء وثقلت في الحديد وأما نحن فميانية غمز بنا إلى المأمون وسندخل عليه ويسائلنا عن أحوالنا ويكشف عن مذهبنا ويدعونا إلى التوبة والرجوع عنه وامتحاننا بضروب من المحن منها إظهار صورة ماني لنا ويأمرننا أن نتفل عليها ونتبرأ منها ويأمرنا بذبح طائرها وهو التدرج فمن أجابه ذلك نجا ومن تخلف عنه قتل، فإذا ادعيت
وامتحنت فاخبر عن نفسك باعتقادك على حسب ما توديك الدلالة إلى القول به.
فلما وصلوا إلى بغداد وادخلوا على المأمون وجعل يدعوهم بأسمائهم رجلا رجلا فيسأله عن مذهبه فيخبره بالإسلام فيمتحنه ويدعوه إلى البراءة من ماني ويظهر له صورته ويأمره بالتفل عليها والبراءة منها فيأبون فيمر بهم على السيف، حتى فرغ من العشرة وبلغوا إلى الطفيلي وقد استوعبوا عدد القوم فقال المأمون للموكلين:
من هذا؟ قالوا: والله ما ندري غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به. فقال المأمون: ما خبرك؟ قال: يا أمير المؤمنين امرأته طالق إن كان يعرف من أقوالهم شيئا وإنما أنا رجل طفيلي، وقص عليه القصة من أولها إلى آخرها فضحك المأمون ثم أظهرت له الصورة فلعنها وتبرأ منها وقال: أعطنيها حتى أسلح عليها والله ما أدري ما ماني يهوديا كان أو نصرانيا أو مسلما، فقال المأمون يؤدب على فرط تطفيله ومخاطرته بنفسه.
وكان إبراهيم بن المهدي قائما بين يدي المأمون فقال: يا أمير المؤمنين هب لي ذنبه وأحدثك بحديث عجيب في التطفيل قال: قل يا إبراهيم قال: يا أمير المؤمنين خرجت يوما فمررت في سكك بغداد متطرقا حتى انتهيت إلى موضع سماه فشممت رائحة أبا زير من جناح في دار عالية وقدور قد فاح قتارها فتاقت نفسي إليها فوقفت على خياط فقلت: لمن هذه الدار؟ فقال: لرجل من التجار البزازين قلت: فما اسمه؟ قال: فلان بن فلان، فرفعت طرفي إلى الجناح فإذا فيه شباك فنظرت إلى كف قد خرجت من الشباك ومعصم ما رأيت مثله قط فشغلني يا أمير المؤمنين حسن الكف والمعصم عن رائحة القدور فبقيت مهموما قد ذهب عقلي.
ثم قلت للخياط: هو ممن يشرب النبيذ؟ قال: نعم وأحسب أن عنده اليوم دعوة لا ينادم إلا تجارا مثله مستورين، فإني كذلك إذ أقبل رجلان نبيلان راكبان من رأس الدرب فقال لي الخياط: هذان منادماه. فقلت: ما اسمهما وما كناهما؟
فقال: فلان وفلان، فحركت دابتي حتى دخلت بينهما وقلت: جعلت فداكما قد استبطأكما فلان أعزه الله، وسايرتهما حتى انتهينا إلى الباب فقدماني فدخلت ودخلا، فلما رآني صاحب المنزل لم يشك إلا أني منهما بسبيل، فرحب بي وأجلسني في أجل موضع فجيء يا أمير المؤمنين بالمائدة وعليها خبز نظيف وآتينا بتلك الألوان فكان طعمها أطيب من رائحتها، فقلت في نفسي هذه الألوان قد أكلتها وبقي الكف والمعصم، ثم رفع الطعام فغسلنا أيدينا ثم سرنا إلى مجلس
المنادمة فإذا أنبل مجلس وأجل فرش وجعل صاحب المنزل يلطف بي ويقبل علي بالحديث والرجلان لا يشكان أني منه بسبيل، وإنما كان ذلك الفعل منه في لما ظن أني منهما بسبيل، حتى إذا شربنا أقداحا خرجت علينا جارية تتثنى كأنها جان فأقبلت وسلمت غير خجلة وثنيت لها وسادة وأتى بعود فوضع في حجرها فحسبته فتبينت الحذق في حسبها ثم اندفعت تغني:(2/293)
فقال: فلان وفلان، فحركت دابتي حتى دخلت بينهما وقلت: جعلت فداكما قد استبطأكما فلان أعزه الله، وسايرتهما حتى انتهينا إلى الباب فقدماني فدخلت ودخلا، فلما رآني صاحب المنزل لم يشك إلا أني منهما بسبيل، فرحب بي وأجلسني في أجل موضع فجيء يا أمير المؤمنين بالمائدة وعليها خبز نظيف وآتينا بتلك الألوان فكان طعمها أطيب من رائحتها، فقلت في نفسي هذه الألوان قد أكلتها وبقي الكف والمعصم، ثم رفع الطعام فغسلنا أيدينا ثم سرنا إلى مجلس
المنادمة فإذا أنبل مجلس وأجل فرش وجعل صاحب المنزل يلطف بي ويقبل علي بالحديث والرجلان لا يشكان أني منه بسبيل، وإنما كان ذلك الفعل منه في لما ظن أني منهما بسبيل، حتى إذا شربنا أقداحا خرجت علينا جارية تتثنى كأنها جان فأقبلت وسلمت غير خجلة وثنيت لها وسادة وأتى بعود فوضع في حجرها فحسبته فتبينت الحذق في حسبها ثم اندفعت تغني:
توهمه طرفي فألم خده ... فصار مكان الوهم من ناظري أثر
وصافحه كفي فألم كفه ... فمن لمس كفي في أنامله عقر
ومر بفكري خاطرا فجرحته ... ولم أر شيئا قط يجرحه الفكر
فهيجت عليّ يا أمير المؤمنين بلا بلى وطربت لحسن غنائها وحذقها ثم اندفعت تغني:
أشرت إليها هل علمت مودتي ... فردت بطرف العين أني على العهد
فحدت عن الأظهار عمدا لسرها ... وحادت على الإظهار أيضا على عمد
فجاءني من الطرب ما لم أملك معه النفس والضمير، ثم اندفعت تغني بهذه:
أليس عجيبا أن بيتا يضمنا ... وإياك لا تخلو ولا نتكلم
سوى أعين تشكو الهوى بجفوننا ... وترجع أحشاء على النار تضرم
إشارة أفواه وغمز حواجب ... وتكسير أجفان وقلب مسلم
فحسدتها والله يا أمير المؤمنين على حذقها ومعرفتها بالغناء وإصابتها معنى الشعر وأنها لم تخرج من الفن الذي ابتدأت به، فقلت: بقي عليك يا جارية شيء، فغضبت وضربت بعودها الأرض وقالت: متى كنتم تحضرون مجالسكم البغضاء، فندمت على ما كان مني ورأيت القوم قد تغيروا عليّ، فقلت: أليس ثم عود؟
قالوا: بلى يا سيدنا، فأتيت بعود فأصلحت من شأني واندفعت أغني:
ما للمنازل لا يحين حزينا ... إصمن أمن بعد المدى فبلينا
راحوا العشية روحة مذكورة ... إن متن متن وإن حيين حينا
فما أسمعته جيدا حتى خرجت الجارية فأكبت على رجلي تقبلهما وهي تقول: المعذرة والله إليك يا سيدي ما سمعت من يغني هذا الصوت مثلك، وقام مولاها وكل من كان عنده فصنعوا كصنعها وطربوا واستحثوا الشراب فشربوا بالكاسات ثم اندفعت أغني شعرا:
أبا لله هل ممتسين لا تذكرينني ... وقد سجمت عيناي من ذكرك الدما
إلى الله أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل مني وتبدل علقما
فردّي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه ذا هل العقل مغرما
إلى الله أشكو أنها أجنبية ... وأني لها بالود ما عشت مكرما
فجاء من طرب القوم يا أمير المؤمنين ما خشيت أن يخرجوا من عقولهم فأمسكت ساعة حتى إذا هدأ القوم اندفعت أغني الثالث:(2/294)
ما للمنازل لا يحين حزينا ... إصمن أمن بعد المدى فبلينا
راحوا العشية روحة مذكورة ... إن متن متن وإن حيين حينا
فما أسمعته جيدا حتى خرجت الجارية فأكبت على رجلي تقبلهما وهي تقول: المعذرة والله إليك يا سيدي ما سمعت من يغني هذا الصوت مثلك، وقام مولاها وكل من كان عنده فصنعوا كصنعها وطربوا واستحثوا الشراب فشربوا بالكاسات ثم اندفعت أغني شعرا:
أبا لله هل ممتسين لا تذكرينني ... وقد سجمت عيناي من ذكرك الدما
إلى الله أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل مني وتبدل علقما
فردّي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه ذا هل العقل مغرما
إلى الله أشكو أنها أجنبية ... وأني لها بالود ما عشت مكرما
فجاء من طرب القوم يا أمير المؤمنين ما خشيت أن يخرجوا من عقولهم فأمسكت ساعة حتى إذا هدأ القوم اندفعت أغني الثالث:
هذا محبك مطوى على كمده ... صب مدامعه تجري على جسده
له يد تسأل الرحمن راحته ... مما به ويد أخرى على كبده
يا من رأى كلفا مستهترا أسفا ... كانت منيته في قبضه ويده
فجعلت الجارية يا أمير المؤمنين تصيح: السلام هذا والله الغناء يا مولاي وسكر القوم وخرجوا من عقولهم وكان صاحب المنزل جيد الشراب ونديماه دونه، فأمر غلمانه مع غلمانهم يحفظونهم وصرفهم إلى منازلهم، وخلوت معه وشربنا أقداحا ثم قال: يا سيدي ذهب والله ما خلا من أيامي إذا كنت لا أعرفك من أنت يا مولاي؟ فلم يزل يلح عليّ حتى أخبرته فقبل رأسي وقال: يا سيدي وأنا أعجب وأنى يكون هذا الأدب إلا لمثلك، وسألني عن قصتي وكيف حملت نفسي على ما فعلته، فأخبرته خبر الطعام والكف والمعصم فقال: يا فلانة لجارية له قولي لفلانه تنزل محفلا ينزل إلي جواريه جارية جارية فانظر إلى كفها فأقول: ليس هي حتى قال: والله ما بقي غير أمي وأختي لأنزلهما إليك، فعجبت من كرمه وسعة صدره وقلت له: جعلت فداك ابدأ بالأخت قبل الأم فعسى أن تكون صاحبي فقال:
صدقت ففعل فلما رأيت كفها ومعصمها قلت: هي جعلت فداك فأمر غلمانه من فوره فصاروا من فورهم إلى عشرة مشايخ من جلة جيرانهم فأحضروا وجيء ببذرتين فيهما عشرون ألف درهم ثم قال: هذه أختي فلانة وأنا أشهدكم أني قد زوجتها من سيدي إبراهيم بن المهدي ومهرتها عنه عشرة آلاف درهم، فرضيت وقبلت النكاح ودفعت إليها البدرة الواحدة وفرقت الأخرى على المشائخ وقال لهم: اعذروا فهذا الذي حضر في هذا الوقت، فقبضوها وانصرفوا فقال لي: يا سيدي أمهد لك بعض البيوت فتنام مع أهلك، فاحشمني والله يا أمير المؤمنين ما رأيت من كرمه وسعة صدره فقلت: بل أحضر عمارية وأحملها إلى منزلي، فوحقك يا أمير المؤمنين لقد حل إلي من الجهاز ما ضاق عنه بعض بيوتي فتعجب المأمون من كرم هذا الرجل وسعة صدره وأطلق الطفيلي وأجازهم جائزة سنية وأمر
إبراهيم بإحضار ذلك الرجل فصار بعد من خواص المأمون وأمر دونه ولم يزل معه على أفضل الأحوال السارة في المنادمة وغيرها.(2/295)
صدقت ففعل فلما رأيت كفها ومعصمها قلت: هي جعلت فداك فأمر غلمانه من فوره فصاروا من فورهم إلى عشرة مشايخ من جلة جيرانهم فأحضروا وجيء ببذرتين فيهما عشرون ألف درهم ثم قال: هذه أختي فلانة وأنا أشهدكم أني قد زوجتها من سيدي إبراهيم بن المهدي ومهرتها عنه عشرة آلاف درهم، فرضيت وقبلت النكاح ودفعت إليها البدرة الواحدة وفرقت الأخرى على المشائخ وقال لهم: اعذروا فهذا الذي حضر في هذا الوقت، فقبضوها وانصرفوا فقال لي: يا سيدي أمهد لك بعض البيوت فتنام مع أهلك، فاحشمني والله يا أمير المؤمنين ما رأيت من كرمه وسعة صدره فقلت: بل أحضر عمارية وأحملها إلى منزلي، فوحقك يا أمير المؤمنين لقد حل إلي من الجهاز ما ضاق عنه بعض بيوتي فتعجب المأمون من كرم هذا الرجل وسعة صدره وأطلق الطفيلي وأجازهم جائزة سنية وأمر
إبراهيم بإحضار ذلك الرجل فصار بعد من خواص المأمون وأمر دونه ولم يزل معه على أفضل الأحوال السارة في المنادمة وغيرها.
الفرق بين المجتهدين والإخباريين
فائدة جليلة وجوهرة نبيلة قد كثر السؤال في كلام الطلبة عن الفرق بين المجتهد والإخباري وأكثر المسؤولين عن وجوه الفروق بينهما حتى أنهانا شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني قدس الله سره في كتاب منية الممارسين في أجوبة الشيخ يس إلى نيف وأربعين، وقد كنت في أول الأمر ممن ينتظم لمذهب الإخباريين وقد أكثرا البحث فيه مع بعض علمائنا المجتهدين (رض) وأورد عنا كتابنا الموسوم (بالمسائل الشيرازية) جملة وافرة من الأبحاث الشافية في مقالة مبسوطة تؤيد ما اخترناه وتدل على ما ادعيناه إلا أن الذي ظهر لنا بعد إعطاء التأمل حقه في المقام وإمعان النظر في كلام علمائنا الأعلام هو الإغماض عن هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب وإن كان قد فتحه أقوام وأوسعوا فيه دائرة النقض والإبرام.
أما أولا: فلاستلزامه القدح في علماء الطرفين والإرزاء بفضلاء الجانبين كما قد طعن به من كل علماء الفريقين على الآخر، بل ربما انجر إلى القدح في الدين سيما من الخصوم المعاندين، كما شنع به عليهم الشيعة من انقسام مذهبهم إلى المذاهب الأربعة وشنع كل منهم على الآخر.
وأما ثانيا: فلأن ما ذكروه في وجوه الفرق بينهما جله بل كله عند التأمل لا يثمر فرقا في المقام، فإن من أظهر ما اعتمدوه فرقا في المقام هو كون الأدلة عند المجتهدين أربعة الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل الذي هو عبارة عن البراءة الأصلية والاستصحاب خاصة، وأما عند الإخباريين فالأولان منها، وفي هذا أوجه نظر فإن الإجماع وإن ذكره الأصحاب في الكتب الأصولية واستسلقوه في الكتب الفروعية إلا أنك تراهم في مقام التحقيق يناقشون في ثبوته وحصوله وينازعون في تحققه وعدم وجود مدلوله حتى يضمحل أثره بالكلية كما لا يخفى على من تصفح الكتب الاستدلالية كالمسالك والمدارك والمعتبر ونحوها.
وأما دليل العقل فالخلاف في حجيته بين المجتهدين مصرح به في غير موضع والمحققون منهم على منعه، وقد فصل المحقق قدس سره في كتاب المعتبر والمحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم وغيرهما في غيرهما الكلام في البراءة
الأصلية والاستصحاب على وجه يرفع تمسك الخصم به في هذا الباب فليراجع ذلك من أحب الوقوف عليه وقد أوضحنا ذلك أيضا في كتاب المسائل الشيرازية بما لا مزيد عليه.(2/296)
وأما دليل العقل فالخلاف في حجيته بين المجتهدين مصرح به في غير موضع والمحققون منهم على منعه، وقد فصل المحقق قدس سره في كتاب المعتبر والمحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم وغيرهما في غيرهما الكلام في البراءة
الأصلية والاستصحاب على وجه يرفع تمسك الخصم به في هذا الباب فليراجع ذلك من أحب الوقوف عليه وقد أوضحنا ذلك أيضا في كتاب المسائل الشيرازية بما لا مزيد عليه.
ومن الفروق التي ذكروها أن الأشياء عند الإخباريين إما حلال بين أو حرام بين أو شبهة وعند المجتهدين ليس إلا الأولان خاصة، ومنشأ ذلك العمل بالبراءة الأصلية وعدمه. وفي هذا الوجه أيضا أن الشيخ في العدة وقبله الشيخ المفيد قائل بالتثليث كما هو المنسوب إلى الإخباريين مع أنهما من أساطين المجتهدين، وكلام الصدوق في كتاب الاعتقادات ظاهر في التثنية حيث قال: (باب الاعتقاد) في الحضر والإباحة. قال الشيخ رضي الله عنه: اعتقادنا في ذلك أن الأشياء كلها مطلقة حتى يرد في شيء منها نهي انتهى. وهو مضمون الخبر المروي عنهم عليهم السّلام من قولهم: «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» فالأشياء عنده إما حلال أو حرام كما عليه المجتهدون مع أن الصدوق رئيس الإخباريين، إلى غير ذلك من المواضع التي يطول بنقلها الكلام.
وأما ثالثا: فلأن العصر الأول كان مملوءا من المحدثين والأصوليين مع أنه لم يرتفع صيت هذا الخلاف ولم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف، وإن ناقش بعضهم بعضا في جزئيات المسائل واختلفوا في تطبيق تلك الدلائل فالأولى والأليق بذوي الإيمان والأخرى والأنسب في هذا الشأن أن يقال:
إن عمل الفرقة المحقة (أيدهم الله بالنصر والتمكين) إنما هو على مذهب أئمتهم فإن جلالة شأنهم وسطوع برهانهم وورعهم وتقواهم المشهور بل المتواتر على ممر الدهور يمنعهم عن الخروج من تلك الجادة القويمة والصراط المستقيم، ولكن ربما حاد بعضهم عن الطريق غفلة أو توهما أو لقصور إطلاع أو قصور فهمهم أو نحو ذلك في بعض المسائل. أو في بعض تلك الدلائل فهو لا يوجب تشنيعا ولا قدحا، وكل من تلك المسائل التي جعلوها مناط الفرق من هذا القبيل كما لا يخفى على من خاض بحار التحصيل.
وإنا نرى كلا من المجتهدين والإخباريين يختلفون في آحاد المسائل بل ربما خالف أحدهم نفسه مع أنه لا يوجب تشنيعا ولا قدحا، وقد ذهب رئيس الإخباريين الصدوق (ره) إلى مذاهب غريبة لم يوافقه عليها مجتهد ولا إخباري، مع أنه لم يقدح ذلك في علمه وفضله ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقوع هذا الاختلاف إلا من صاحب الفوائد المدنية سامحه الله تعالى برحمته المرضية.
وبالجملة فالأحسن والأليق في الدين هو حسم هذه المادة وركوب ما ذكرنا من الجادة.(2/297)
وإنا نرى كلا من المجتهدين والإخباريين يختلفون في آحاد المسائل بل ربما خالف أحدهم نفسه مع أنه لا يوجب تشنيعا ولا قدحا، وقد ذهب رئيس الإخباريين الصدوق (ره) إلى مذاهب غريبة لم يوافقه عليها مجتهد ولا إخباري، مع أنه لم يقدح ذلك في علمه وفضله ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقوع هذا الاختلاف إلا من صاحب الفوائد المدنية سامحه الله تعالى برحمته المرضية.
وبالجملة فالأحسن والأليق في الدين هو حسم هذه المادة وركوب ما ذكرنا من الجادة.
في مدح الشيعة
روضة الكليني: حدثنا ابن محبوب عن أبي يحيى كوكب الدم عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: إن حواربّي عيسى كانوا شيعة، وإن شيعتنا كانوا حواريّينا، وما كان حواريّو عيسى عليه السّلام بأطوع من حواريينا لنا، وإنما قال عيسى عليه السّلام للحواريين: {(مَنْ أَنْصََارِي إِلَى اللََّهِ قََالَ الْحَوََارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصََارُ اللََّهِ)} فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ينصروننا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان جزاهم الله عنا خيرا.
وقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام: والله لو ضربت خيشوم محبّينا بالسيف ما أبغضونا، والله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم من المال ما أحبونا.
ومنها: أيضا محمد بن أحمد بن فضال عن الرضا عليه السّلام في قوله تعالى:
{(فَأَنْزَلَ اللََّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهََا)} قلت: هكذا؟ قال: هكذا نقرأها وهكذا تنزيلها.
ومنها: أيضا محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن ذريح عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: لما خرجت قريش إلى بدر وأخرجوا بني عبد المطلب معهم خرج طالب بن أبي طالب فنزل رجازهم وهم يرتجزون ونزل طالب ابن أبي طالب يرتجز ويقول:
يا رب أما تقررن بطالب ... في منقب من هذه المناقب
بجعله المسلوب غير السالب ... وجعله المغلوب غير الغالب
وقالت قريش: إن هذا ليغلبنا فردوه. وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السّلام أنه كان أسلم.
ومنها: سهل بن زياد عن بكر بن صالح عن محمد بن سنان عن معاوية بن وهب قال: تمثل أبو عبد الله عليه السّلام ببيت شعر لابن عقبة:
وينحر بالزوراء منهم لدى ضحى ... ثمانون ألفا مثلما تنحر البدن
وروي غيره «البزل» ثم قال لي: تعرف الزوراء؟ قلت: جعلت فداك يقولون إنها بغداد. قال: لا، ثم قال: دخلت الري؟ قلت: نعم. قال: أتيت سوق الدواب؟ قلت: نعم. قال: رأيت الجبل الأسود عن يمين الطريق، تلك الزوراء يقتل فيها ثمانون ألفا منهم ثمانون رجلا من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة. قلت:(2/298)
وينحر بالزوراء منهم لدى ضحى ... ثمانون ألفا مثلما تنحر البدن
وروي غيره «البزل» ثم قال لي: تعرف الزوراء؟ قلت: جعلت فداك يقولون إنها بغداد. قال: لا، ثم قال: دخلت الري؟ قلت: نعم. قال: أتيت سوق الدواب؟ قلت: نعم. قال: رأيت الجبل الأسود عن يمين الطريق، تلك الزوراء يقتل فيها ثمانون ألفا منهم ثمانون رجلا من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة. قلت:
من يقتلهم جعلت فداك؟ قال: يقتلهم أولاد الأعاجم.
ومنها: محمد بن يحيى بن المبارك بن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار أو غيره قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام نحن بنو هاشم وشيعتنا العرب وسائر الناس الأعراب.
سهل عن الحسن بن محبوب عن حنان عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام: نحن قريش وشيعتنا العرب وسائر الناس علوج.
ومنها: علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قال إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك إلا شنى عليك الناس، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إن كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى، إن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول:
لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين يزداد فيها كل يوم إحسانا: فرجل يتدارك منيته بالتوبة وإلى الله والتوبة فو الله إن سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عزّ وجلّ منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، أو من عرف حقنا أو رجا الثواب بنا رضي بقوته نصف مد لكل يوم وما يستر به عورته وما أكن به رأسه، وهم مع ذلك والله خائفون وجلون أن لا يقبل منهم ودوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عزّ وجلّ حيث يقول: {(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مََا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)} ما الذي أتوا به أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا. ثم قال: إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا تزائي ولا تتضيع ولا تداهن. قال: نعم صومعة المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عزّ وجلّ قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المتكبرين فقلت: إن من يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذ رآه مرتكبا للمعاصي فقال: هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت قصة سحرة موسى عليه السّلام
ثم قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج يستر الله عليه وكم من مفتون بثناء الناس عليه؟ ثم قال: إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه.(2/299)
لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين يزداد فيها كل يوم إحسانا: فرجل يتدارك منيته بالتوبة وإلى الله والتوبة فو الله إن سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله عزّ وجلّ منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، أو من عرف حقنا أو رجا الثواب بنا رضي بقوته نصف مد لكل يوم وما يستر به عورته وما أكن به رأسه، وهم مع ذلك والله خائفون وجلون أن لا يقبل منهم ودوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عزّ وجلّ حيث يقول: {(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مََا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)} ما الذي أتوا به أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا. ثم قال: إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا تزائي ولا تتضيع ولا تداهن. قال: نعم صومعة المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله عزّ وجلّ قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا فهو من المتكبرين فقلت: إن من يرى أن له عليه فضلا بالعافية إذ رآه مرتكبا للمعاصي فقال: هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت قصة سحرة موسى عليه السّلام
ثم قال: كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه وكم من مستدرج يستر الله عليه وكم من مفتون بثناء الناس عليه؟ ثم قال: إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه.
الأمة إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر، وصاحب هوى، والفاسق المعلن. ثم تلا: {(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللََّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ)} ثم قال لي: يا حفص الحب أفضل من الخوف. ثم قال: والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا، ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالى، فبكى رجل فقال: أتبكي لو أن أهل السماوات كلهم أجمعين اجتمعوا يتضرعون إلى الله تعالى أن ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم يشفعوا فيك! ثم قال: يا حفص كن ذنبا ولا تكن رأسا، يا حفص قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من خاف الله كل لسانه» ثم قال: بينا موسى بن عمران عليه السّلام مع بعض أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه فأوحى الله عزّ وجلّ إليه يا موسى قل له لا تشق قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك. ثم قال له: مر موسى ابن عمران على رجل من أصحابه وهو ساجد فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله فقال موسى عليه السّلام: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله تعالى إليه يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب.
رسائل من المؤلف إلى بعض أخوانه
نبذة من المكاتبات التي كتبتها فمن ذلك ما كتبته للأخوان لما سافروا إلى الهند سنة ألف ومئة وإحدى وأربعين من الهجرة المحمدية:
يا راكبا يطوي الفيافي ميمما ... إذا ما أتيت الهند قصدا فخيما
وحط بجهنباد أرض بها سرت ... بدر ومسراتي فأصبحت مظلما
فها هو يعلو نورها وضياؤها ... لأقمار حسن قد تجلت من السما
وها أنا في غيم الغيوم مقاسيا ... اليوم كلوم صرت منها مكلما
وحط بوادي قدسهم فخيامهم ... هناك به واخضع لديها وسلما
وعفر رعاك الله خديك عندها ... ففيها شفاء للقلوب من الظما
وقل لهم يا جيرة الحي جرتم ... على مدنف أضحى عليكم متيما
سرت سحرا عند جمال جمالكم ... وغنى بها الحادي وسار ميمما
وخلفتم في قلبه جمرة الجوا ... لفرط النوى أضحت لهيبا مضرما
حليف أسى قد فارق الغمض جفنه ... مريض حشا يشكو إلى بارىء السما
ويدعو بجمع الشمل من خالق الورى ... بإحسانه واللطف منه تكرما
فيا حضرة الألفاف لطفا بمعشر ... سقتهم يد التفريق صابا وعلقما
ويا نفحة القدس اعطفي نحو جيرة ... كستها قسي الجوز نبلا وأسهما
ويا طرس بلغهم لآلىء تحيتي ... ودر سلامي والثناء منظما
وصف لهم حالي وفرط تشوقي ... فها هو وجدي ظاهر لن يكتما
وقل لهم مني السلام عليكم ... فما غيره بالله أسطيع سلما
قد أوجب قد أن ماء المواجهة والمخاطبة التيمم بصعيد أرض الموات سلة والمكاتبة وحتم شرع القرآن على ذوي الاتفاق بخلع ملابس الحضور والاعتناق، فأبت تلك الأرواح الروحانية إلا التعلق بالمحبوب فعاقها دون نيل مرامها القدر الذي على جباهها مضروب، فرجعت إذ ذاك معترفة بالعجز عن نيل ذلك المطلوب مزمعة على الركوب مطية كل مكتوب، فقنعت بالوشل بعد شرابها علا واستبدلت بخمرها خلا وبمائها طلا، فها هي تبدي من التسليمات ما قد خجل بنشره الروض الأنيق الرائق وأورى بعطر المسك الفتيق العابق، ومن الأثنية ثناء طرزت بأنامل الأرض بروده واقتطفت من أشجار الاختصاص وروده، ومن الأدعية دعاء نظمت في سلك الوفاء عقوده وأورق في سماء الإجابة عوده لبدور آفاق الكمال المشرقة في بروج العدالة والاعتدال، أجلت جلت نور هداها أبصار البصائر فنار بنورها مدلهمات حنادس الجهل وحوالك الدياجر المشايخ الأجلاء العظام والأعلام السامية على كل مقام، لا زالت سحائب الألطاف بواديهم الأقدس ماطرة وركائب التوفيقات لمحلهم الأنفس عامرة وأيامهم الغراء باسمة الثغور وأعلامهم النور مشرقة البدور.(2/300)
يا راكبا يطوي الفيافي ميمما ... إذا ما أتيت الهند قصدا فخيما
وحط بجهنباد أرض بها سرت ... بدر ومسراتي فأصبحت مظلما
فها هو يعلو نورها وضياؤها ... لأقمار حسن قد تجلت من السما
وها أنا في غيم الغيوم مقاسيا ... اليوم كلوم صرت منها مكلما
وحط بوادي قدسهم فخيامهم ... هناك به واخضع لديها وسلما
وعفر رعاك الله خديك عندها ... ففيها شفاء للقلوب من الظما
وقل لهم يا جيرة الحي جرتم ... على مدنف أضحى عليكم متيما
سرت سحرا عند جمال جمالكم ... وغنى بها الحادي وسار ميمما
وخلفتم في قلبه جمرة الجوا ... لفرط النوى أضحت لهيبا مضرما
حليف أسى قد فارق الغمض جفنه ... مريض حشا يشكو إلى بارىء السما
ويدعو بجمع الشمل من خالق الورى ... بإحسانه واللطف منه تكرما
فيا حضرة الألفاف لطفا بمعشر ... سقتهم يد التفريق صابا وعلقما
ويا نفحة القدس اعطفي نحو جيرة ... كستها قسي الجوز نبلا وأسهما
ويا طرس بلغهم لآلىء تحيتي ... ودر سلامي والثناء منظما
وصف لهم حالي وفرط تشوقي ... فها هو وجدي ظاهر لن يكتما
وقل لهم مني السلام عليكم ... فما غيره بالله أسطيع سلما
قد أوجب قد أن ماء المواجهة والمخاطبة التيمم بصعيد أرض الموات سلة والمكاتبة وحتم شرع القرآن على ذوي الاتفاق بخلع ملابس الحضور والاعتناق، فأبت تلك الأرواح الروحانية إلا التعلق بالمحبوب فعاقها دون نيل مرامها القدر الذي على جباهها مضروب، فرجعت إذ ذاك معترفة بالعجز عن نيل ذلك المطلوب مزمعة على الركوب مطية كل مكتوب، فقنعت بالوشل بعد شرابها علا واستبدلت بخمرها خلا وبمائها طلا، فها هي تبدي من التسليمات ما قد خجل بنشره الروض الأنيق الرائق وأورى بعطر المسك الفتيق العابق، ومن الأثنية ثناء طرزت بأنامل الأرض بروده واقتطفت من أشجار الاختصاص وروده، ومن الأدعية دعاء نظمت في سلك الوفاء عقوده وأورق في سماء الإجابة عوده لبدور آفاق الكمال المشرقة في بروج العدالة والاعتدال، أجلت جلت نور هداها أبصار البصائر فنار بنورها مدلهمات حنادس الجهل وحوالك الدياجر المشايخ الأجلاء العظام والأعلام السامية على كل مقام، لا زالت سحائب الألطاف بواديهم الأقدس ماطرة وركائب التوفيقات لمحلهم الأنفس عامرة وأيامهم الغراء باسمة الثغور وأعلامهم النور مشرقة البدور.
مراسلة بليغة ومن كتاب كتبه للعيال بعد خروجه من أوال وتقلب الدهر فيها وتراكم الأهوال: أما بعد حمد الله سبحانه على ما أبرمته أيدي الأقضية والأقدار وأتاحته تصاريف الأدوار والشكر له جل ثناؤه على السراء والضراء والشدة والرخاء وإن بعدت الدار وشط المرار، والصلاة على خير مبعوث من بني نزار وأشرف من عقد عليه النطاق وشد عليه الإزار، وآله القائمين بأعباء رسالته في السر والإجهار.
فالغرض الداعي من إرسال جياد الأقلام في ميادين الأوراق والمطلب الكلي من إطلاق أعنتها في ميادين السباق هو بث أحاديث الوجد ونشر صحائف كسر والاشتياق وسورة مرارة الفراق التي لا تطاق وتلاوة مثاني التذكار الذي أقل الهجوع وقراءة زبور التزفار الذي أحرق الظلوم.
قلبي لأجل فراقكم موجوع ... هل لي إلى ذاك الوصال رجوع
وحياتكم من بعدكم ما لذلي ... عيش وإني بالخيال قنوع
رقوا لصب زينت أجفانه ... ببكائها طول المدى ينبوع
كيف التصبر والحشا قد ضمه ... ماء ونار والهوى مجموع
وإني وحق العلي العظيم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم كلما جاش ذكركم في خاطري وتردد بين صدري وحناجري نغص على لذيذ طعامي وشرابي وترادف علي همي واكتئابي وتصاعدت لذلك زفراتي وعلا نحيبي وتضاعفت حسراتي وهجرني قراباتي.(2/301)
قلبي لأجل فراقكم موجوع ... هل لي إلى ذاك الوصال رجوع
وحياتكم من بعدكم ما لذلي ... عيش وإني بالخيال قنوع
رقوا لصب زينت أجفانه ... ببكائها طول المدى ينبوع
كيف التصبر والحشا قد ضمه ... ماء ونار والهوى مجموع
وإني وحق العلي العظيم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم كلما جاش ذكركم في خاطري وتردد بين صدري وحناجري نغص على لذيذ طعامي وشرابي وترادف علي همي واكتئابي وتصاعدت لذلك زفراتي وعلا نحيبي وتضاعفت حسراتي وهجرني قراباتي.
تباعدتم لا أبعد الله داركم ... وأوحشتم لا أوحش الله منكم
تباعدتم عن ناظري وسكنتم ... ضميري وحليتم به وأقمتم
فلا عين إلا مثل عيني قريحة ... ولا قلب إلا مثل قلبي متيم
وها أنا وحقكم حليف الوجد والأسى مشطر الجسم بين لعل وعسى، قد ترادفت علي لعظم الهموم والأمراض وتناوشتني لما أنا فيه يد الأمراض حتى صرت في ذلك مدة دنيف الفساد قلق الفؤاد عديم الرقاد، ولقد أشغل نار الهم والتزفار وأشغل الفكر وأطال التذكار ذكر الأولاد وما هم فيه من التضور والانكسار والتضرر الذي لا يرجى له انجبار إلا بتوفيق من بيده أزمة الأمور والأقضية والأقدار لجمع الشمل بهم في تلك الديار.
أحبتنا الغادون لاشت شملكم ... ولا ذقتم من لوعة البين ما عندي
تحملتم لي كلكم شوق واحد ... وحملتموني شوق أجمعكم وحدي
فيا ليت عين الدهر الذي رمانا بالشتات والفراق وسقانا علقم البعد المر المذاق وجرعنا كؤوس البين بعد الالتئام والنأي بعد الاجتماع والانتظام أن يغلب علينا النوم عن نظرنا والوسن أو يرميها الله بالعمى فيما بقي من الزمن، فتهب علينا عند ذلك نفحة من الجناب الأقدس السبحاني وتمر بنا لمحة من لمحات وجوده الصمداني وتعيد علينا تلك اللوتلات الأنيسة وتجود لدينا بتلك الأيام النفيسة وتمن بالقرب والتلاق فقد ضاق بجنود الهموم الخناق وبلغت الروح منها إلى التراق:
رعى الله أيامي بكم يا أحبتي ... وحيا زمانا كنتم فيه جيرتي
لقد كان لي بالقرب منكم بقية ... رحلتم فأفنى البعد مني بقيتي
أنوح على ما فاتني من وصالكم ... وتجري عليكم بالمدامع عبرتي
ثم إن أحببتم الوقوف والاطلاع على بعض ما جرى لنا في هذه البقاع وما
لقينا في هذه الأصقاع فإنا قد بقينا مدة في الزمان وجلسنا برهة من الأوان في محلة يقال لها (بيميد) قوم قلوبهم أقسى من الحديد وريح طباعهم أنتن من الحديد، لا يأوون فيها غريبا لغربته ولا يعطفون على ملهوف لتنفيس كربته، يضنون برد السلام خوفا من الطمع لما لديهم من الطعام، فكأنما عناهم من قال:(2/302)
رعى الله أيامي بكم يا أحبتي ... وحيا زمانا كنتم فيه جيرتي
لقد كان لي بالقرب منكم بقية ... رحلتم فأفنى البعد مني بقيتي
أنوح على ما فاتني من وصالكم ... وتجري عليكم بالمدامع عبرتي
ثم إن أحببتم الوقوف والاطلاع على بعض ما جرى لنا في هذه البقاع وما
لقينا في هذه الأصقاع فإنا قد بقينا مدة في الزمان وجلسنا برهة من الأوان في محلة يقال لها (بيميد) قوم قلوبهم أقسى من الحديد وريح طباعهم أنتن من الحديد، لا يأوون فيها غريبا لغربته ولا يعطفون على ملهوف لتنفيس كربته، يضنون برد السلام خوفا من الطمع لما لديهم من الطعام، فكأنما عناهم من قال:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار
فضيقت فرجها شحا ببولتها ... ولا تبددها إلا بمقدار
حتى هجرنا بسبب جلوسنا فيها الحميم والصديق وفرّعنا لذلك الخيل والرفيق، حيث ان صحبتهم لنا ليست إلا لقصد الطمع والتحصيل، فلما لم يجدوا إلى ذلك من سبيل بعض خفية وبعض جهارا وألبسونا بين الناس ذلا وعارا وخزيا وشنارا. وإلى الله المشتكى من زمان تهجر فيه الأخوان وتفر فيه الخلان. نسأل الله تعالى بكرم منه أن يختم الأمور بما تنشرح له الصدور ويزول به المحذور في الورود والصدور. والسلام عليكم كلما اشتاق الفؤاد إليكم.
ومن كتاب كتبه لبعض الخلان الأجلاء ما لروض الأنيق المفتحة فيه أزهار العرار والشقيق ولا السلاف العتيق المقتول بمختوم أريج الرحيق بأزهر ولا أحلى ولا ألذ ولا أشهى من تسليمات يتفجر من خلالها عيون الإخلاص وتحيات يتضوع من نشرها أريج الاختصاص ودعوات جمعت شرائط الإجابة وقرنت بالقبول والاستجابة للجناب العالي الذي جر على ظهره المجرة أذياله وحسدته الثوابت أن تنال مناله، والمقام السامي الذي هو ملاذ الأرباب والأكابر وكعبة أرباب المكارم والمفاخر المرتقى ذروة الحكم النظرية والعملية والممتطي صهوة السعادة الدينية والدنيوية مجمع بحر العلوم والأعمال ومنبع زلال الفضل والإفضال نور حدقة الأيالة والرئاسة والإقبال ونور حديقة البسالة والسياسة والإجلال، البحر الزاخر والدر الفاخر والبدر الزاهر في سماء المفاخر، البدر المضيء والكوكب الدري والمورد الروي، حرس الله تعالى شمس كماله عن الكسوف وصان بدر جماله عن الخسوف ولا برحت تلك الحضرة القدسية حرما آمنا يجبى ثمرات كل شيء إليه وحصنا حصينا لكل من لاذ به واعتمد عليه.
أما بعد: فمن الغني عن البيان والمكتفي بالضرورة عن البرهان وقوف المحب الإخلاصي على عهد الوداد وثبات المخلص الحقيقي على منهاج الاتحاد والقيام بالمقدور من مطوى نشر الثناء والميسور من بسط كف الابتهال والرجال، وكذلك جملة من معنا من الأخلاء الأجلاء الأعلام العلماء ما حالوا عن سنة
المحبة القديمة ولا مالوا عن طريقة المودة المستقيمة، ولا يزالون مستنشقين أخبار تلك الذات مستغرقين في الدعاء باعتدال تلك الأوقات.(2/303)
أما بعد: فمن الغني عن البيان والمكتفي بالضرورة عن البرهان وقوف المحب الإخلاصي على عهد الوداد وثبات المخلص الحقيقي على منهاج الاتحاد والقيام بالمقدور من مطوى نشر الثناء والميسور من بسط كف الابتهال والرجال، وكذلك جملة من معنا من الأخلاء الأجلاء الأعلام العلماء ما حالوا عن سنة
المحبة القديمة ولا مالوا عن طريقة المودة المستقيمة، ولا يزالون مستنشقين أخبار تلك الذات مستغرقين في الدعاء باعتدال تلك الأوقات.
ومن كتاب آخر أبهى ما نشرته أيدي الأقلام في طي مصحف والرسائل وأولى ما نطقت به الألسن فتضوع في أرجاء أوقات الفضائل عرائس تسليمات تتأرج الأرجاء بشذاها وتتألق آفاق السماء بسماها، وخرائد دعوات تعجز الأوهام عن نظمها في سمط التحرير وتقصر الأفهام عن وصفها في كليات الحصر والتقرير، وصوافي أثنية تزري لطافة النسيم وتنسي حلاوة ماء التسنيم لعالي جناب خريدة الأفاضل الأعلام وبيت قصيد الأماثل الكرام، قناص أو أبد الدقائق بفطنته الوقادة ورباط شوارد اللطائف لبصيرته النفادة قاطع البراهين والدلائل وفاتح معلقات المسائل. أدام الله تعالى وداده وثبت قواعد إخلاصه واتحاده واسبل عليه شآبيب إسعافه وإمداده ورفع رايات جده واجتهاده.
وبعد: فالاشتياق إلى ذي الحضرة البهية والطلعة المضية لا طمس الدهر لها من صفحات الوجود اسما مما لا يحصر سلسلة آحاده ولا ينطبق برهان التطبيق على مراتب إعداده، فالواجب ضرب الصفح عن هذا الباب وترك التغلغل بهذه الشعاب، والابتهال إلى الله تعالى، بأن يكسر سورة الاشتياق بسلسبيل التلاق، وأن يمد أشعة تلك الطامة الشروقية في أسعد قران، وبجعله منارا يهدي به الساري وبرهانا لطالب البرهان وشمسا طالعة في آفاق المعالي ومجليا في مضمار الفضل والبيان.
كتاب آخر ما الرياض الممطورة بسطت الرفوف والعبقري الحسان قد تفتحت أنوارها بأنوار الدر والعقيان وقامت أزهار على زبرجد القضبان مائسة في حل الأوراق متمائلة التقبيل والاعتناق وتغنت أطيارها بضروب النغمات والألحان وتجاوبت عندليبها وهزارها على بواسق الأفنان بأجلب المسرات والأفراح وأطيب عند النفوس والأرواح من سلام ربطت بأكيد المحبة والأخوة أطنابه وضربت بين رياض الإلفة والمروة قبابه ودعاء تألقت في سماء الاستجابة أنواره وثناء أخذت في عالم الأرواح عهوده وافتفت من أشجار الاتحاد وروده لمن امتطى مطي الفضل والكمال وصعد ذرى المجد التي تقاصر عنها أعاظم الرجال محقق حقائق الآمال ومقتنص شوارد الأفضال مولانا المهذب الصفي المرتقى من العليا أعلى مكان علا، لا زالت شموس فضله من آفاق العيان مشرقة وعرائس جوده في حقائق البيان مورقة وغرائس وجوده في أنواع الخيرات مغدقة أمين أمين لا أرضى بواحدة. أما بعد.
ومما كتبته للعلامة المحقق ذي الفضل البديع أخوند ملا محمد رفيع المجاور في المشهد المقدس الرضوي حيا وميتا تغمده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحة جنانه طالبا منه الجواب عن بعض المسائل المغلقات: بعد الحمد لله تعالى على سوانح آلائه الغامرة والشكر له جل ثناؤه على ترادف نعمائه الفاخرة، والصلاة على من هو علة الوجود في الدنيا والآخرة وآله الأعلام الزاهرة فيقول العبد الفقير الجاني والقن الأسير العاني تراب أقدام العلماء العاملين وخادم أبواب الفضلاء الصالحين يوسف ابن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني ملكه الله نواصي الأماني وذلل له شواس المعاني: إني طالما اختلج في خاطري بعض المسائل الدينية المشكلة علي ودار في خلدي شيء من الأحكام اليقينية المعضلة لدي، ولم أجد من ألجأ إليه في تحقيق الحق فيها والصواب ولا من اعتمد عليه في تمييز القشر منها عن اللباب، حتى بقيت مدة من الزمان في زاوية الخمول ونسجت عليها عناكب النسيان والذهول، فلما تدولتني في هذا الزمن أيدي الحل والترحال وترامت بي عن الوطن حوادث الأيام والليال أعظم ما جرى علي في تلك البلاد بل على جملة من فيها من العلماء الأمجاد والكبراء من ذوي الفضل والسداد على أيدي ذوي النصب والفساد الشاربين بكأس الكفر والإلحاد حتى خرقوا شملهم في أقاضي البلدان ومزقوا جمعهم بحسام الجور والطغيان بعد أن جرعوهم غصص المصائب والعدوان وأذاقوهم كؤوس النوائب والخذلان، وكنت ممن رمته أيدي تلك المصائب الشنعاء في دار الأمان وقذفته منجنيقات تلك الحوادث الشوهاء في هذا المكان المعمور بالأخوان والخلان، فإذا مناد في هذه الديار قد هتف! الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف أين أنت عن تلك المسائل المخزونة وهلا استخرجت من تلك الدرر المؤنة، فها أنت قد حللت بحلّال مشكلاتها الذي عليه المعول ونزلت بمزيل معضلاتها الذي ليس عنه محول، بحر العلوم الذي لا ينتهي إلى ساحل وكعبة الفضائل التي تطوي إليها المراحل، موضح مناهج الحق بمصابيح أنظاره الثاقبة وفاتح رباح الدقائق بمفاتيح أفكاره الصائبة، واسطة عقد العلماء فلم يزل عليه الخناصر تعقد وعمدة أعيان الفضلاء فما قيس إليه في فن من الفنون إلا قيل هذا أحمد، نور حدقة الزمان بل إنسان عين الإنسان، الكهف الالهي المنيع مولانا أخوند ملا محمد رفيع لا زالت سحائب التوفيقات الربانية بواديه الأقدس ماطرة وضرائب الواردات الصمدانية بناديه الأنفس هامرة، ولكن حيث لم تساعده الاستخارة الربانية على الوصول لخدمته في هذه الأوقات ولم تعارضه الاستشارة الصمدانية على التشريف بطلعته في هذه الساعات، وما ذاك إلا لضعف طالعي الضالع في جميع الحالات
ونقص حظي الشاسع في جميع الانات، وما هو حظي بأول فايت مني ثم في فيما أردت مرام لا جرم إني بعثت بذلك لعالي خدمته السامية وصدعت بما هنالك رفيع حضرته النامية، راجيا منه تعالى أن يطلع من آفاق القرب عزته اللامعة ويضيء بطلعته النيرة مرابع الأنس ومجامعه. ولقد اكتفينا عن شرح قصص الأشواق الموقدة في الجوانح نيرانها بذكر عهود الولاء الموثقة في عالم الأرواح أركانها علما بأن صلة المحبة الموصولة بربط التعارف الأولى مستغنية عن العائد وقضبة الاشتياق بعد ثبوتها باستفاضة العبرات لا تحتاج إلى حجة ولا شاهد، والمرجو من جميل ألطافه الهامرة وجزيل أذياله الغامرة أن يتفضل بالتوجيه للجواب ويمن بهداية قنه لما هو الحق عنده في ذلك والصواب، ويرخي عنان القلم مهما اقتضى ذلك المقام
و(2/304)
كتاب آخر ما الرياض الممطورة بسطت الرفوف والعبقري الحسان قد تفتحت أنوارها بأنوار الدر والعقيان وقامت أزهار على زبرجد القضبان مائسة في حل الأوراق متمائلة التقبيل والاعتناق وتغنت أطيارها بضروب النغمات والألحان وتجاوبت عندليبها وهزارها على بواسق الأفنان بأجلب المسرات والأفراح وأطيب عند النفوس والأرواح من سلام ربطت بأكيد المحبة والأخوة أطنابه وضربت بين رياض الإلفة والمروة قبابه ودعاء تألقت في سماء الاستجابة أنواره وثناء أخذت في عالم الأرواح عهوده وافتفت من أشجار الاتحاد وروده لمن امتطى مطي الفضل والكمال وصعد ذرى المجد التي تقاصر عنها أعاظم الرجال محقق حقائق الآمال ومقتنص شوارد الأفضال مولانا المهذب الصفي المرتقى من العليا أعلى مكان علا، لا زالت شموس فضله من آفاق العيان مشرقة وعرائس جوده في حقائق البيان مورقة وغرائس وجوده في أنواع الخيرات مغدقة أمين أمين لا أرضى بواحدة. أما بعد.
ومما كتبته للعلامة المحقق ذي الفضل البديع أخوند ملا محمد رفيع المجاور في المشهد المقدس الرضوي حيا وميتا تغمده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحة جنانه طالبا منه الجواب عن بعض المسائل المغلقات: بعد الحمد لله تعالى على سوانح آلائه الغامرة والشكر له جل ثناؤه على ترادف نعمائه الفاخرة، والصلاة على من هو علة الوجود في الدنيا والآخرة وآله الأعلام الزاهرة فيقول العبد الفقير الجاني والقن الأسير العاني تراب أقدام العلماء العاملين وخادم أبواب الفضلاء الصالحين يوسف ابن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني ملكه الله نواصي الأماني وذلل له شواس المعاني: إني طالما اختلج في خاطري بعض المسائل الدينية المشكلة علي ودار في خلدي شيء من الأحكام اليقينية المعضلة لدي، ولم أجد من ألجأ إليه في تحقيق الحق فيها والصواب ولا من اعتمد عليه في تمييز القشر منها عن اللباب، حتى بقيت مدة من الزمان في زاوية الخمول ونسجت عليها عناكب النسيان والذهول، فلما تدولتني في هذا الزمن أيدي الحل والترحال وترامت بي عن الوطن حوادث الأيام والليال أعظم ما جرى علي في تلك البلاد بل على جملة من فيها من العلماء الأمجاد والكبراء من ذوي الفضل والسداد على أيدي ذوي النصب والفساد الشاربين بكأس الكفر والإلحاد حتى خرقوا شملهم في أقاضي البلدان ومزقوا جمعهم بحسام الجور والطغيان بعد أن جرعوهم غصص المصائب والعدوان وأذاقوهم كؤوس النوائب والخذلان، وكنت ممن رمته أيدي تلك المصائب الشنعاء في دار الأمان وقذفته منجنيقات تلك الحوادث الشوهاء في هذا المكان المعمور بالأخوان والخلان، فإذا مناد في هذه الديار قد هتف! الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف أين أنت عن تلك المسائل المخزونة وهلا استخرجت من تلك الدرر المؤنة، فها أنت قد حللت بحلّال مشكلاتها الذي عليه المعول ونزلت بمزيل معضلاتها الذي ليس عنه محول، بحر العلوم الذي لا ينتهي إلى ساحل وكعبة الفضائل التي تطوي إليها المراحل، موضح مناهج الحق بمصابيح أنظاره الثاقبة وفاتح رباح الدقائق بمفاتيح أفكاره الصائبة، واسطة عقد العلماء فلم يزل عليه الخناصر تعقد وعمدة أعيان الفضلاء فما قيس إليه في فن من الفنون إلا قيل هذا أحمد، نور حدقة الزمان بل إنسان عين الإنسان، الكهف الالهي المنيع مولانا أخوند ملا محمد رفيع لا زالت سحائب التوفيقات الربانية بواديه الأقدس ماطرة وضرائب الواردات الصمدانية بناديه الأنفس هامرة، ولكن حيث لم تساعده الاستخارة الربانية على الوصول لخدمته في هذه الأوقات ولم تعارضه الاستشارة الصمدانية على التشريف بطلعته في هذه الساعات، وما ذاك إلا لضعف طالعي الضالع في جميع الحالات
ونقص حظي الشاسع في جميع الانات، وما هو حظي بأول فايت مني ثم في فيما أردت مرام لا جرم إني بعثت بذلك لعالي خدمته السامية وصدعت بما هنالك رفيع حضرته النامية، راجيا منه تعالى أن يطلع من آفاق القرب عزته اللامعة ويضيء بطلعته النيرة مرابع الأنس ومجامعه. ولقد اكتفينا عن شرح قصص الأشواق الموقدة في الجوانح نيرانها بذكر عهود الولاء الموثقة في عالم الأرواح أركانها علما بأن صلة المحبة الموصولة بربط التعارف الأولى مستغنية عن العائد وقضبة الاشتياق بعد ثبوتها باستفاضة العبرات لا تحتاج إلى حجة ولا شاهد، والمرجو من جميل ألطافه الهامرة وجزيل أذياله الغامرة أن يتفضل بالتوجيه للجواب ويمن بهداية قنه لما هو الحق عنده في ذلك والصواب، ويرخي عنان القلم مهما اقتضى ذلك المقام
و(2/305)
كتاب آخر ما الرياض الممطورة بسطت الرفوف والعبقري الحسان قد تفتحت أنوارها بأنوار الدر والعقيان وقامت أزهار على زبرجد القضبان مائسة في حل الأوراق متمائلة التقبيل والاعتناق وتغنت أطيارها بضروب النغمات والألحان وتجاوبت عندليبها وهزارها على بواسق الأفنان بأجلب المسرات والأفراح وأطيب عند النفوس والأرواح من سلام ربطت بأكيد المحبة والأخوة أطنابه وضربت بين رياض الإلفة والمروة قبابه ودعاء تألقت في سماء الاستجابة أنواره وثناء أخذت في عالم الأرواح عهوده وافتفت من أشجار الاتحاد وروده لمن امتطى مطي الفضل والكمال وصعد ذرى المجد التي تقاصر عنها أعاظم الرجال محقق حقائق الآمال ومقتنص شوارد الأفضال مولانا المهذب الصفي المرتقى من العليا أعلى مكان علا، لا زالت شموس فضله من آفاق العيان مشرقة وعرائس جوده في حقائق البيان مورقة وغرائس وجوده في أنواع الخيرات مغدقة أمين أمين لا أرضى بواحدة. أما بعد.
ومما كتبته للعلامة المحقق ذي الفضل البديع أخوند ملا محمد رفيع المجاور في المشهد المقدس الرضوي حيا وميتا تغمده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحة جنانه طالبا منه الجواب عن بعض المسائل المغلقات: بعد الحمد لله تعالى على سوانح آلائه الغامرة والشكر له جل ثناؤه على ترادف نعمائه الفاخرة، والصلاة على من هو علة الوجود في الدنيا والآخرة وآله الأعلام الزاهرة فيقول العبد الفقير الجاني والقن الأسير العاني تراب أقدام العلماء العاملين وخادم أبواب الفضلاء الصالحين يوسف ابن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني ملكه الله نواصي الأماني وذلل له شواس المعاني: إني طالما اختلج في خاطري بعض المسائل الدينية المشكلة علي ودار في خلدي شيء من الأحكام اليقينية المعضلة لدي، ولم أجد من ألجأ إليه في تحقيق الحق فيها والصواب ولا من اعتمد عليه في تمييز القشر منها عن اللباب، حتى بقيت مدة من الزمان في زاوية الخمول ونسجت عليها عناكب النسيان والذهول، فلما تدولتني في هذا الزمن أيدي الحل والترحال وترامت بي عن الوطن حوادث الأيام والليال أعظم ما جرى علي في تلك البلاد بل على جملة من فيها من العلماء الأمجاد والكبراء من ذوي الفضل والسداد على أيدي ذوي النصب والفساد الشاربين بكأس الكفر والإلحاد حتى خرقوا شملهم في أقاضي البلدان ومزقوا جمعهم بحسام الجور والطغيان بعد أن جرعوهم غصص المصائب والعدوان وأذاقوهم كؤوس النوائب والخذلان، وكنت ممن رمته أيدي تلك المصائب الشنعاء في دار الأمان وقذفته منجنيقات تلك الحوادث الشوهاء في هذا المكان المعمور بالأخوان والخلان، فإذا مناد في هذه الديار قد هتف! الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف أين أنت عن تلك المسائل المخزونة وهلا استخرجت من تلك الدرر المؤنة، فها أنت قد حللت بحلّال مشكلاتها الذي عليه المعول ونزلت بمزيل معضلاتها الذي ليس عنه محول، بحر العلوم الذي لا ينتهي إلى ساحل وكعبة الفضائل التي تطوي إليها المراحل، موضح مناهج الحق بمصابيح أنظاره الثاقبة وفاتح رباح الدقائق بمفاتيح أفكاره الصائبة، واسطة عقد العلماء فلم يزل عليه الخناصر تعقد وعمدة أعيان الفضلاء فما قيس إليه في فن من الفنون إلا قيل هذا أحمد، نور حدقة الزمان بل إنسان عين الإنسان، الكهف الالهي المنيع مولانا أخوند ملا محمد رفيع لا زالت سحائب التوفيقات الربانية بواديه الأقدس ماطرة وضرائب الواردات الصمدانية بناديه الأنفس هامرة، ولكن حيث لم تساعده الاستخارة الربانية على الوصول لخدمته في هذه الأوقات ولم تعارضه الاستشارة الصمدانية على التشريف بطلعته في هذه الساعات، وما ذاك إلا لضعف طالعي الضالع في جميع الحالات
ونقص حظي الشاسع في جميع الانات، وما هو حظي بأول فايت مني ثم في فيما أردت مرام لا جرم إني بعثت بذلك لعالي خدمته السامية وصدعت بما هنالك رفيع حضرته النامية، راجيا منه تعالى أن يطلع من آفاق القرب عزته اللامعة ويضيء بطلعته النيرة مرابع الأنس ومجامعه. ولقد اكتفينا عن شرح قصص الأشواق الموقدة في الجوانح نيرانها بذكر عهود الولاء الموثقة في عالم الأرواح أركانها علما بأن صلة المحبة الموصولة بربط التعارف الأولى مستغنية عن العائد وقضبة الاشتياق بعد ثبوتها باستفاضة العبرات لا تحتاج إلى حجة ولا شاهد، والمرجو من جميل ألطافه الهامرة وجزيل أذياله الغامرة أن يتفضل بالتوجيه للجواب ويمن بهداية قنه لما هو الحق عنده في ذلك والصواب، ويرخي عنان القلم مهما اقتضى ذلك المقام
ويطلق له لجريان في إبرام النقض ونقض الإبرام، وأن يقرط آذان تلك الأجوبة بعد التمام ويزيلها بعد الفراغ بتوفيق الملك العلام بإجازة منه مشتملة على طرقه دام ظله لمشايخه العظام ويشرق محبته بحصله من جملة القائمين فأعباء ذلك التمام.
ومن كتاب كتبته لبعض الأخلاء العلماء جواب كتاب مراسلة أرسله إلي وكنت يومئذ في كرمان وهو في بم من توابع كرمان، وقد تمتع فيها بامرأة والفقير قد تمتع بامرأة من سرجون قبل ذلك، فكتب إلي يوبخني على ذلك ظرافة وملاحة فكتبت إليه الجواب وأغلظت له في ذلك الباب فظنه خروجا عما عليه كافة الأصحاب فأفرط الجواب وأخرج إلى مخرج العتاب بل الضراب، فأردفته بهذا الكتاب.
أما بعد حمد الله سبحانه وإن كلب الزمان وخانت الأخوان، والصلاة على من مدت له الفصاحة رواقها من بني عدنان وشدت عليه البلاغة نطاقها من بين الانس والجان محمد المحمود في مقام البيان وآله أقطاب الوجود وصفوة الملك الديان.
أما بعد فالغرض الداعي لتخضيب وجوه الأوراق ومباشرة الإقدام لها باللثم والاعتناق هو إسراج خيول الخطاب وتجريد مرهفات الجواب وإرسال جنود العتاب بل أسود الضراب لمن أطلق أعنة الاقدام في مضامير الفراق ورمى بتواتر السهام جيوش الاخاء والوفاق وحز حيزوم الأخوة بهدير فلتات كلامه لا عن التفات وبرى حلقوم المروة بصرير حركات أقلامه لا عن تدبر وثبات وأهرق ماء المحيا المصون، وبذل ذرة العزيز المكنون بما أودعه في كتابه من الهرج الذي لا يرجع
إلى طائل والمرج الذي لا يعود إلى حاصل، تسجيعات منمقة بالحمرة ومن ثياب البلاغة عارية بالمرة، وكلمات ملفقة في تلك الربوع وهي لا تسمن ولا تغني من جوع، فكأنها صدرت من غير روية ولا شعور وكأنما بدت من فم محرز ومثبور، ولعل ذلك ناش عن شدة الخوف المستوعب للجوف من أولئك الجماعة حتى يخيل إليك أنهم يشاهدون حركاتك وسكناتك في كل ساعة، أو أنه مسبب عن الحب المذيب اللب لهذه العروس الأعجمية حتى أعمت منك عين البصيرة بالكلية، وإلا فقد عهدتك منطيقا لا تجاري في ميادين الفصاحة ونحريرا لا تباري في فرسان الملاحة، فما بال خيول سباقك قد ضلعت في هذا الميدان وعجزت عن إدراك شأو أولئك الفرسان، ولقد كنت أظنك عند الهزاهز وقورا وفي جميع المواكر صبورا لا تعتريك خفة ولا طيش ولا يلحفك ترق ولو تكدر منك العيش، ولم أعرف لما كتبت وجه سبب ولا جناية ولا موجب لسلوكك في أودية تلك الغواية سوى نكتنا لتلك القرحة المقرحة ولمسنا لتلك الجراحة المترحة، ولا شك من أوذي في قرحته يصرخ صراخ الثكلى ومن بلي في مهجته يصيح صياح العذراء، فيذب عن نفسه بما طاله ساعده ولسانه ويمنع عن نفسه بما ناله سيفه وسنانه، ومن أحسن ما يقال في هذا المقام وأنسب ما يدخل في حيز هذا الكلام المثل الجاري على الألسن وهو من قولهم: «فقحة المجرم تطن» وهذا وإن كان عند البلغاء مثل مستهجن إلا أنه في جواب ذلك الكتاب مستحسن.(2/306)
أما بعد فالغرض الداعي لتخضيب وجوه الأوراق ومباشرة الإقدام لها باللثم والاعتناق هو إسراج خيول الخطاب وتجريد مرهفات الجواب وإرسال جنود العتاب بل أسود الضراب لمن أطلق أعنة الاقدام في مضامير الفراق ورمى بتواتر السهام جيوش الاخاء والوفاق وحز حيزوم الأخوة بهدير فلتات كلامه لا عن التفات وبرى حلقوم المروة بصرير حركات أقلامه لا عن تدبر وثبات وأهرق ماء المحيا المصون، وبذل ذرة العزيز المكنون بما أودعه في كتابه من الهرج الذي لا يرجع
إلى طائل والمرج الذي لا يعود إلى حاصل، تسجيعات منمقة بالحمرة ومن ثياب البلاغة عارية بالمرة، وكلمات ملفقة في تلك الربوع وهي لا تسمن ولا تغني من جوع، فكأنها صدرت من غير روية ولا شعور وكأنما بدت من فم محرز ومثبور، ولعل ذلك ناش عن شدة الخوف المستوعب للجوف من أولئك الجماعة حتى يخيل إليك أنهم يشاهدون حركاتك وسكناتك في كل ساعة، أو أنه مسبب عن الحب المذيب اللب لهذه العروس الأعجمية حتى أعمت منك عين البصيرة بالكلية، وإلا فقد عهدتك منطيقا لا تجاري في ميادين الفصاحة ونحريرا لا تباري في فرسان الملاحة، فما بال خيول سباقك قد ضلعت في هذا الميدان وعجزت عن إدراك شأو أولئك الفرسان، ولقد كنت أظنك عند الهزاهز وقورا وفي جميع المواكر صبورا لا تعتريك خفة ولا طيش ولا يلحفك ترق ولو تكدر منك العيش، ولم أعرف لما كتبت وجه سبب ولا جناية ولا موجب لسلوكك في أودية تلك الغواية سوى نكتنا لتلك القرحة المقرحة ولمسنا لتلك الجراحة المترحة، ولا شك من أوذي في قرحته يصرخ صراخ الثكلى ومن بلي في مهجته يصيح صياح العذراء، فيذب عن نفسه بما طاله ساعده ولسانه ويمنع عن نفسه بما ناله سيفه وسنانه، ومن أحسن ما يقال في هذا المقام وأنسب ما يدخل في حيز هذا الكلام المثل الجاري على الألسن وهو من قولهم: «فقحة المجرم تطن» وهذا وإن كان عند البلغاء مثل مستهجن إلا أنه في جواب ذلك الكتاب مستحسن.
فيا أيها الأخ النبخ السابح في بحور الجفاء والحماقة والمخل الخل السايح في ميادين عدم الوفاء والطلاقة أي ذنب قد أذنبه أخوك الناقص الطالع حتى كبا جواد حظه عندك فهو ناقض ضالع ولم يستوجب منك مجرد دعاء وسلام لا في الابتداء ولا بعد الختام بل تكتب له بما يوحش منه القلب والخاطر ويسهر منه العين والناظر، من غير ما ذنب أذنبته في جهتكم ولا جرم أجرمته في حرمتكم أبغير الواقع لكم قد كتب أو في شيء من إخباراته قد كتب، فليت شعري هكذا مقتضى طباع المتخلقين بطباع العجم أم ذاك ناش بالخصوص من هوى بم أم من ورقها البيض المجتمعة بعد العدم حتى أذهبت منك صفاء الوقار والعلم وعطلت منك زوايا الاعتبار والحلم، فهب أن أخاك الخاطىء أخطأ بجهله عليك وفيما كتبه لم يتأدب لديك، أليس قد رويت وروينا في الأخبار وعلمت وعلمنا عن الأئمة الأبرار «احمل أخاك المؤمن من الخير على سبعين محمل» ومع عدم واحد منها فراجع نفسك وعاتبها وتأمل وقل: يا نفس إنه أخوك في الإيمان وله عليك بذلك شأن وأي شأن، فلعل لمراده معنى، لم تصلي إليه وسرا في الباطن لم تعثري
عليه، فارجعي بجهلك عما ارتكبت في جنابه واعتذري بكلمك مما أخطأت في معنى خطابه، مضافا إلى ما ورد عنهم في تأكيد حقوق الأخوة وتواتر في تشييد مراسم المروة، وكأنك عن هذه الأخبار قد عميت أو تعاميت وعن الاعتبار بتلك الآثار المهمة قد نسيت أو تناسيت، فأينا أحق بالوعظ الذي أودعته في كتاب الفخري ومن الأحرى منا بذلك الخطاب المرزي، فراجع في ذلك نفسك إن رجعت إلى الإنصاف واركب جادة السداد وسلها عما هنالك إن تجنبت الاعتساف وسلكت وادي الرشاد.(2/307)
فيا أيها الأخ النبخ السابح في بحور الجفاء والحماقة والمخل الخل السايح في ميادين عدم الوفاء والطلاقة أي ذنب قد أذنبه أخوك الناقص الطالع حتى كبا جواد حظه عندك فهو ناقض ضالع ولم يستوجب منك مجرد دعاء وسلام لا في الابتداء ولا بعد الختام بل تكتب له بما يوحش منه القلب والخاطر ويسهر منه العين والناظر، من غير ما ذنب أذنبته في جهتكم ولا جرم أجرمته في حرمتكم أبغير الواقع لكم قد كتب أو في شيء من إخباراته قد كتب، فليت شعري هكذا مقتضى طباع المتخلقين بطباع العجم أم ذاك ناش بالخصوص من هوى بم أم من ورقها البيض المجتمعة بعد العدم حتى أذهبت منك صفاء الوقار والعلم وعطلت منك زوايا الاعتبار والحلم، فهب أن أخاك الخاطىء أخطأ بجهله عليك وفيما كتبه لم يتأدب لديك، أليس قد رويت وروينا في الأخبار وعلمت وعلمنا عن الأئمة الأبرار «احمل أخاك المؤمن من الخير على سبعين محمل» ومع عدم واحد منها فراجع نفسك وعاتبها وتأمل وقل: يا نفس إنه أخوك في الإيمان وله عليك بذلك شأن وأي شأن، فلعل لمراده معنى، لم تصلي إليه وسرا في الباطن لم تعثري
عليه، فارجعي بجهلك عما ارتكبت في جنابه واعتذري بكلمك مما أخطأت في معنى خطابه، مضافا إلى ما ورد عنهم في تأكيد حقوق الأخوة وتواتر في تشييد مراسم المروة، وكأنك عن هذه الأخبار قد عميت أو تعاميت وعن الاعتبار بتلك الآثار المهمة قد نسيت أو تناسيت، فأينا أحق بالوعظ الذي أودعته في كتاب الفخري ومن الأحرى منا بذلك الخطاب المرزي، فراجع في ذلك نفسك إن رجعت إلى الإنصاف واركب جادة السداد وسلها عما هنالك إن تجنبت الاعتساف وسلكت وادي الرشاد.
أمن فصم عرى الأخاء بهفوات خطابه وقصم ظهر المودة بسطوات جوابه وخالف في ذلك المعقول والمنقول واستوجب أن يقال فيه من كل قائل ما يقول وخرج من ربقة شريعة أرباب الإنفاق والوفاء ومزق عن طريقة منهاج ذوي الوفاق والصفاء تعدى القواعد المعصومية وتجاوز الحدود النبوية، أم من أقام ببنان الإخلاص بجزيل دعائه وسلامه وشيد مباني الاختصاص بجميل ثنائه وكلامه وأعلى منار الصفاء بما اصطفى من درر أهداها ومرجان وجلى أبصار الوفاء بما استوفى من حور أبدانها لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان وأحيا رسوم السنة النبوية المطهرة وأقام أودها على ما وردت به الأخبار المعصومية المنورة، فعاجل نفسك بالتوبة قبل حلول الثوبة وتدارك أمرك بالندم فقد زلت منك القدم واعمد إلى إهليلج الاستغفار فدقه دقا في جيد هاون الاصطبار، ثم انظر إذ انتصف الليل وهدأت العيون فاستق بدلاء المناجاة من الشؤون المتحادر من مقرحات الجفون وصبه عليه حتى يكون به معجونا وأي معجون، ثم الق الجميع في طنجة التضرع والابتهال وأوقد تحته بنار الخوف والخشية لذي الجلال وإن أضفت إلى ذلك بليج التوكل والرضاء وآملة التسليم لما يجري به القضاء كان غاية في الوصول إلى المأمول ونهاية في القبول ونيل المحصول، حتى إذا اشتد قوامه واعتدل واستقام نظامه على الوجه الأكمل فداوم على تناوله سيما في الأسحار فإنه أنفع شيء في جلب اليسار لقلوب الأبرار وأعظم مانع من طوارف الأكدار المختلفة في الليل والنهار.
وأما ما اطلعت به الكتاب وسجلت به الخطاب في دختر سرحون فهي ثقبة ثقب بها صدرك تبني بأنك بما أنت فيه مفتون وبما خامرك من حب البهية مجنون وأي مجنون، فما ذكرته حق لكن في حقك وصدق أنباء عن ناطق سرك، وليس يقاس يا أخي النوخذا بالبحار ولا الأجير بأكابر التجار، فوالهفا عليك ادرأت من
بعد ذلك عينك البحرين ووا أسفا مما يحل بك من مكحولة العين، وكأني برنة عليك بعد الدخول وثياب مقطعة منك بعد ضرب مهمول وأنت مع ذلك تستغيث فلا تغاث، ومن أين من أيدي الصقور الخلاص للبغات وأنّى لك بالخلاص ولات حين مناص حتى إذا انتهزت الفرصة للهرب بعد أن سقيت كأس الغصة وقضوا ملك الارب اختفيت ببيت الهمة وانتدبت بها لهذه الملمة، وشغفت بها في محض ذلك الرين ولو استعنت بها في ذلك بالشيخ حسين، ولكن هيهات هيهات كيف يمحي ذلك من ألواح قلوبهم أو تندمل عليه في المضاجع جراح جنوبهم، يتوقعون قدوم ذلك المولود الأعجمي عليهم صبحا وعصرا ويتجرعون من نظره علقما ودفاعا مرا، ولكن لعل بواسطة كون الشيخ هو الملتمس يرخصون لك بالجلوس في ناحية من المجلس شعرا:(2/308)
وأما ما اطلعت به الكتاب وسجلت به الخطاب في دختر سرحون فهي ثقبة ثقب بها صدرك تبني بأنك بما أنت فيه مفتون وبما خامرك من حب البهية مجنون وأي مجنون، فما ذكرته حق لكن في حقك وصدق أنباء عن ناطق سرك، وليس يقاس يا أخي النوخذا بالبحار ولا الأجير بأكابر التجار، فوالهفا عليك ادرأت من
بعد ذلك عينك البحرين ووا أسفا مما يحل بك من مكحولة العين، وكأني برنة عليك بعد الدخول وثياب مقطعة منك بعد ضرب مهمول وأنت مع ذلك تستغيث فلا تغاث، ومن أين من أيدي الصقور الخلاص للبغات وأنّى لك بالخلاص ولات حين مناص حتى إذا انتهزت الفرصة للهرب بعد أن سقيت كأس الغصة وقضوا ملك الارب اختفيت ببيت الهمة وانتدبت بها لهذه الملمة، وشغفت بها في محض ذلك الرين ولو استعنت بها في ذلك بالشيخ حسين، ولكن هيهات هيهات كيف يمحي ذلك من ألواح قلوبهم أو تندمل عليه في المضاجع جراح جنوبهم، يتوقعون قدوم ذلك المولود الأعجمي عليهم صبحا وعصرا ويتجرعون من نظره علقما ودفاعا مرا، ولكن لعل بواسطة كون الشيخ هو الملتمس يرخصون لك بالجلوس في ناحية من المجلس شعرا:
ولقد عهدتك منصفا متورعا ... في القول والأفعال لا متشرعا
قد كنت ألف منك قدما شرعة ... للسالكين تضيء وهجا مهيعا
وطريقا للطارقين مساعة ... أودعتها بحرا لحلمك مترعا
وجناب قدسي قد تقدس إن أمري ... متلوث بصدى الصدور مصدعا
والآن لاح لدي منك بوارق ... برقت سحائبها وسخت يرمعا
وهدير أقلام الملام لقد عدا ... من طوره متجاوزا متتابعا
من بين وعظ تارة وشتيمة ... أخرى فما أحراه لو قد ضيعا
فعلام خالفت الصفاء أخا الوفا ... ورميت خلا بالخصاصة مولعا
ولقيته بوقاحة وقباحة ... ما كان يأمل أن يكون تضيعا
وهذه نفثة مصدور جرى بها القلم ووعكة مضرور أدبه الألم، وكأني بمن يقول: سيأتي الجواب عن هذه الرسالة بما يصدع مقالها. فقلت له: إن عادت العقرب عدنا لها. ولسنا بحمد الله ممن يعتدي ويتعدى الحدود أو يرتدي برد الخمول لتصعر منه الخدود، ولا ممن تداس منه الأكناف ولو برشق الحواجب ولا من تركب منه الأكتاف ولو نال به أعلى المطالب، فكيف وأنّى ومتى ذلك يكون وأنا ابن من لا يجاري في فن من الفنون إلا خلد صناديده في أضيق السجون ولا ترشق لديه نصال السهام إلا بدر راميها بضربة على الهام فألقاه مقطرا على الرغام متجرعا كؤوس الحمام، وهذه اللبوة من ذلك الأسد تقفو أثره في كل وجه سديد وأسد وتحذو حذوه لا تثنى ولا ترد، ولنقطع الكلام على حمد الملك العلام والصلاة على خيرته من الأنام ليكون على حذو الافتتاح الاختتام.
ومن كتاب آخر ما الغيث الهامر في الجريان والتقاطر ولا البحر الزاخر بالأمواج التي لا نهاية لها ولا آخر بأسرع جريا من دمعي الهتون المتقاطر ولا أعظم دفعا من ماء شوقي الهتون التحادر دفع قد أججته نيران الوجد والأشواق وماء قد أخرجه لهيب البعد المر المذاق فأجمع من ماء مجتمع مع النار أي عجب وذلك من خواص المحترقين بنار الحب والطرب.(2/309)
ولقد عهدتك منصفا متورعا ... في القول والأفعال لا متشرعا
قد كنت ألف منك قدما شرعة ... للسالكين تضيء وهجا مهيعا
وطريقا للطارقين مساعة ... أودعتها بحرا لحلمك مترعا
وجناب قدسي قد تقدس إن أمري ... متلوث بصدى الصدور مصدعا
والآن لاح لدي منك بوارق ... برقت سحائبها وسخت يرمعا
وهدير أقلام الملام لقد عدا ... من طوره متجاوزا متتابعا
من بين وعظ تارة وشتيمة ... أخرى فما أحراه لو قد ضيعا
فعلام خالفت الصفاء أخا الوفا ... ورميت خلا بالخصاصة مولعا
ولقيته بوقاحة وقباحة ... ما كان يأمل أن يكون تضيعا
وهذه نفثة مصدور جرى بها القلم ووعكة مضرور أدبه الألم، وكأني بمن يقول: سيأتي الجواب عن هذه الرسالة بما يصدع مقالها. فقلت له: إن عادت العقرب عدنا لها. ولسنا بحمد الله ممن يعتدي ويتعدى الحدود أو يرتدي برد الخمول لتصعر منه الخدود، ولا ممن تداس منه الأكناف ولو برشق الحواجب ولا من تركب منه الأكتاف ولو نال به أعلى المطالب، فكيف وأنّى ومتى ذلك يكون وأنا ابن من لا يجاري في فن من الفنون إلا خلد صناديده في أضيق السجون ولا ترشق لديه نصال السهام إلا بدر راميها بضربة على الهام فألقاه مقطرا على الرغام متجرعا كؤوس الحمام، وهذه اللبوة من ذلك الأسد تقفو أثره في كل وجه سديد وأسد وتحذو حذوه لا تثنى ولا ترد، ولنقطع الكلام على حمد الملك العلام والصلاة على خيرته من الأنام ليكون على حذو الافتتاح الاختتام.
ومن كتاب آخر ما الغيث الهامر في الجريان والتقاطر ولا البحر الزاخر بالأمواج التي لا نهاية لها ولا آخر بأسرع جريا من دمعي الهتون المتقاطر ولا أعظم دفعا من ماء شوقي الهتون التحادر دفع قد أججته نيران الوجد والأشواق وماء قد أخرجه لهيب البعد المر المذاق فأجمع من ماء مجتمع مع النار أي عجب وذلك من خواص المحترقين بنار الحب والطرب.
قلبي لأجل فراقكم موجوع ... هل لي إلى ذاك الوصال رجوع
كيف التصبر والحشا قد ضمه ... ماء ونار والهوى مجموع
وحينئذ فمع تعذر الاجتماع بالأحباب والانتساب معهم في تلك الرحاب لضرب أعنة الصفح وترخي دونه الحجاب، ونعال النفوس بما يزيل عنها بعض البؤس من إرسال حظ سلام أو كتاب منمقة أسطاره بزواهر جواهر دعوات، فحيث تعذر الاجتماع بأخوان الصفا والتلاق وامتنع الجري معهم في ميادين الوفاء والاتفاق لا مندوحة عن ركوب مطي المكاتبة والمراسلة والتيمم بصعيد أرض المؤانسة والمواصلة فها نحن نهدي من التسليمات ما يخجل بنشره العتيق الفائق ويزري بعطره الند العتيق العابق، ومن التحيات ما يطرب بسماع ألحانها غريب ذلك النادي ويميل بضرب قيانها أهيل ذلك الوادي، ومن الدعوات ما غردت به حمائمها على رؤوس الأغصان وترنمت به عنادلها في عوالي الأفنان لمن قرط أذان الأخوان بأقراط الجود والإحسان وطوق أعناق الجلال بأطواق الفضل والامتنان، بالوداد الصافي الذي لا يشوبه كدر والاتحاد الوافي الذي لا تعتريه الغير.
أبيات كتبتها في صدر كتابي لأخي الشيخ محمد في مكة المشرفة لما رجع من الهند:
أحادي ركب الحاج رفقا بخاطري ... ومهلا فقد فطرت أقصى مرائري
وكدرت عيشي حين قوضت راجلا ... فرفقا فقد أجريت دمعة ناظري
وصبرا قليلا أن لي بك حاجة ... لها أحوجتني فادحات الفواتر
رمتني سهام الجور منها وشتتت ... رجالي فكسري بعدهم غير جابر
ولا سيما من بينهم من وداده ... تملك أقصى مهجتي وضمائري
فسمعا هداك الله مني رسالة ... أسالت أماقي بالدموع الهوامر
إذا ما أنخت الركب في أرض مكة ... بابطحها فاقصد هناك وبادر
وسل لي من سل من جفني الكرى ... وشب لظى هجرانه في سرائري
محمد المحمود في كل ما أتى ... وذخري وغوثي في الزمان وناصري
فإذ ما ترى عيناك صفحة وجهه ... وتسعد يا حادي بأسعد طائر
فقبل محياه وجي جماله ... وكن حافيا ماش له بتصاغر
وقل يا غريبا قد رمته يد النوى ... بأسهم جور عن قي الأعاصر
أخوك غريب الدار بعدك قد غدا ... قريح على فقد الحما والعشائر
ترامى به البلدان شرقا ومغربا ... يقلب كفا حائرا أي حائر
فيوما ببيميد ويوما بشهرها ... ويوما بشيراز لدور الدوائر
له زفرة لو أن بعض زفيرها ... يمر على حي رمى في الحقائر
يمر ببالي ذكركم فأبل من ... دموعي ربوعي بالبكا المتواتر
إذ جال تذكار الديار بخاطري ... وذكر أهيل الحي أهل المآثر
وذكر اجتماع الشمل منا ونحن في ... سرور نعيم دائم وتفاخر
يكاد فؤادي أن يذوب صبابة ... ونفسي أن تصبو لسكنى المقابر
ألا يا لحي الله الزمان فإنه ... عدو لأرباب العلى والمفاخر
نوائبه تترى على كل فاضل ... وأفضاله تهدى إلى كل فاجر
متى تصدح الورقاء يوما بقربنا ... وتنشر أعلام الهنا والبشائر
فلله يوم لا يشق غباره ... ودهر كريم إن وفى غير ماكر
ولله نذر إن رأيت بياضه ... لأسجد شكرا ضارعا بتصاغر
فدم في سرور يا أخيّ ونعمة ... مجللة لا يعتري حصر حاصري
عليك سلام من سلام مهيمن ... من واله قد صار في زي صابر
ومن كتاب كتبته لبعض الأخوان الأخلاء من العلماء الأجلاء، وكل منا يومئذ في السفر: ما الروض الممطور تفتحت آكامه بأزهار الجواهر والعقيان، ولا الخرد الحور المشرفة من أعلى القصور الجنان، ولا المسك الفتيق الفايق عطر بنشره الأكوان، ولا الند الأنيق الرابق عبق ريحه بكل مكان بألذ ولا أحلى في القلوب والخواطر ولا أهدى ولا أجلى العيون والنواظر من تسليمات سبكتها يد المحبة والوداد بعد أن أذابتها في بواتق الإلفة والاتحاد وتحيات سرحت مطربة بالسرور أطيارها مغردة بالحبور حجلها وهزارها، ودعوات تدعو إلى الشرب بزلال رحيق التلاقي الأصفى وتنادي بالقرب والاغتراف بكأس الاعتناق الأوفى لمطلع شمس العلوم والمعارف ومنبع فيوض الحقائق واللطائف مجلى حلبة المسائل في ميدان السباق والفائز بالعلى من قداح الفضائل على الإطلاق يتيمة عقد الأخوة المتعالية عن أن يحيط بها الوصف وجوهرة قلادة المروة متجلية عن أن يدركها الطرف
الساحب ذيول المعالي سحبان وائل والسابق في مضمار البلاغة الأواخر والأوائل موضح مشكلات البيان بفهمه الصائب ومنقح عويصات الدلائل بذهنه الثاقب الأوحد الأمجد فلا محمدة إلا وهو فيها الأحمد، لا زالت كواكب سعده في بروج التوقيعات مشرقة ولا برحت ثواقب شهب مجده لأعدائه راجمة محرقة وذاته العلية مقصدا للواردات السبحانية ومحلته السنية موردا للفيوضات الربانية وأيامه الغر باسمة الثغور وأعوامه النوراء مشرقة البدور بمحمد المتوج بغيايم النور وآله الأقمار المشرقة في طخياء الديجور.(2/310)
أحادي ركب الحاج رفقا بخاطري ... ومهلا فقد فطرت أقصى مرائري
وكدرت عيشي حين قوضت راجلا ... فرفقا فقد أجريت دمعة ناظري
وصبرا قليلا أن لي بك حاجة ... لها أحوجتني فادحات الفواتر
رمتني سهام الجور منها وشتتت ... رجالي فكسري بعدهم غير جابر
ولا سيما من بينهم من وداده ... تملك أقصى مهجتي وضمائري
فسمعا هداك الله مني رسالة ... أسالت أماقي بالدموع الهوامر
إذا ما أنخت الركب في أرض مكة ... بابطحها فاقصد هناك وبادر
وسل لي من سل من جفني الكرى ... وشب لظى هجرانه في سرائري
محمد المحمود في كل ما أتى ... وذخري وغوثي في الزمان وناصري
فإذ ما ترى عيناك صفحة وجهه ... وتسعد يا حادي بأسعد طائر
فقبل محياه وجي جماله ... وكن حافيا ماش له بتصاغر
وقل يا غريبا قد رمته يد النوى ... بأسهم جور عن قي الأعاصر
أخوك غريب الدار بعدك قد غدا ... قريح على فقد الحما والعشائر
ترامى به البلدان شرقا ومغربا ... يقلب كفا حائرا أي حائر
فيوما ببيميد ويوما بشهرها ... ويوما بشيراز لدور الدوائر
له زفرة لو أن بعض زفيرها ... يمر على حي رمى في الحقائر
يمر ببالي ذكركم فأبل من ... دموعي ربوعي بالبكا المتواتر
إذ جال تذكار الديار بخاطري ... وذكر أهيل الحي أهل المآثر
وذكر اجتماع الشمل منا ونحن في ... سرور نعيم دائم وتفاخر
يكاد فؤادي أن يذوب صبابة ... ونفسي أن تصبو لسكنى المقابر
ألا يا لحي الله الزمان فإنه ... عدو لأرباب العلى والمفاخر
نوائبه تترى على كل فاضل ... وأفضاله تهدى إلى كل فاجر
متى تصدح الورقاء يوما بقربنا ... وتنشر أعلام الهنا والبشائر
فلله يوم لا يشق غباره ... ودهر كريم إن وفى غير ماكر
ولله نذر إن رأيت بياضه ... لأسجد شكرا ضارعا بتصاغر
فدم في سرور يا أخيّ ونعمة ... مجللة لا يعتري حصر حاصري
عليك سلام من سلام مهيمن ... من واله قد صار في زي صابر
ومن كتاب كتبته لبعض الأخوان الأخلاء من العلماء الأجلاء، وكل منا يومئذ في السفر: ما الروض الممطور تفتحت آكامه بأزهار الجواهر والعقيان، ولا الخرد الحور المشرفة من أعلى القصور الجنان، ولا المسك الفتيق الفايق عطر بنشره الأكوان، ولا الند الأنيق الرابق عبق ريحه بكل مكان بألذ ولا أحلى في القلوب والخواطر ولا أهدى ولا أجلى العيون والنواظر من تسليمات سبكتها يد المحبة والوداد بعد أن أذابتها في بواتق الإلفة والاتحاد وتحيات سرحت مطربة بالسرور أطيارها مغردة بالحبور حجلها وهزارها، ودعوات تدعو إلى الشرب بزلال رحيق التلاقي الأصفى وتنادي بالقرب والاغتراف بكأس الاعتناق الأوفى لمطلع شمس العلوم والمعارف ومنبع فيوض الحقائق واللطائف مجلى حلبة المسائل في ميدان السباق والفائز بالعلى من قداح الفضائل على الإطلاق يتيمة عقد الأخوة المتعالية عن أن يحيط بها الوصف وجوهرة قلادة المروة متجلية عن أن يدركها الطرف
الساحب ذيول المعالي سحبان وائل والسابق في مضمار البلاغة الأواخر والأوائل موضح مشكلات البيان بفهمه الصائب ومنقح عويصات الدلائل بذهنه الثاقب الأوحد الأمجد فلا محمدة إلا وهو فيها الأحمد، لا زالت كواكب سعده في بروج التوقيعات مشرقة ولا برحت ثواقب شهب مجده لأعدائه راجمة محرقة وذاته العلية مقصدا للواردات السبحانية ومحلته السنية موردا للفيوضات الربانية وأيامه الغر باسمة الثغور وأعوامه النوراء مشرقة البدور بمحمد المتوج بغيايم النور وآله الأقمار المشرقة في طخياء الديجور.(2/311)
أحادي ركب الحاج رفقا بخاطري ... ومهلا فقد فطرت أقصى مرائري
وكدرت عيشي حين قوضت راجلا ... فرفقا فقد أجريت دمعة ناظري
وصبرا قليلا أن لي بك حاجة ... لها أحوجتني فادحات الفواتر
رمتني سهام الجور منها وشتتت ... رجالي فكسري بعدهم غير جابر
ولا سيما من بينهم من وداده ... تملك أقصى مهجتي وضمائري
فسمعا هداك الله مني رسالة ... أسالت أماقي بالدموع الهوامر
إذا ما أنخت الركب في أرض مكة ... بابطحها فاقصد هناك وبادر
وسل لي من سل من جفني الكرى ... وشب لظى هجرانه في سرائري
محمد المحمود في كل ما أتى ... وذخري وغوثي في الزمان وناصري
فإذ ما ترى عيناك صفحة وجهه ... وتسعد يا حادي بأسعد طائر
فقبل محياه وجي جماله ... وكن حافيا ماش له بتصاغر
وقل يا غريبا قد رمته يد النوى ... بأسهم جور عن قي الأعاصر
أخوك غريب الدار بعدك قد غدا ... قريح على فقد الحما والعشائر
ترامى به البلدان شرقا ومغربا ... يقلب كفا حائرا أي حائر
فيوما ببيميد ويوما بشهرها ... ويوما بشيراز لدور الدوائر
له زفرة لو أن بعض زفيرها ... يمر على حي رمى في الحقائر
يمر ببالي ذكركم فأبل من ... دموعي ربوعي بالبكا المتواتر
إذ جال تذكار الديار بخاطري ... وذكر أهيل الحي أهل المآثر
وذكر اجتماع الشمل منا ونحن في ... سرور نعيم دائم وتفاخر
يكاد فؤادي أن يذوب صبابة ... ونفسي أن تصبو لسكنى المقابر
ألا يا لحي الله الزمان فإنه ... عدو لأرباب العلى والمفاخر
نوائبه تترى على كل فاضل ... وأفضاله تهدى إلى كل فاجر
متى تصدح الورقاء يوما بقربنا ... وتنشر أعلام الهنا والبشائر
فلله يوم لا يشق غباره ... ودهر كريم إن وفى غير ماكر
ولله نذر إن رأيت بياضه ... لأسجد شكرا ضارعا بتصاغر
فدم في سرور يا أخيّ ونعمة ... مجللة لا يعتري حصر حاصري
عليك سلام من سلام مهيمن ... من واله قد صار في زي صابر
ومن كتاب كتبته لبعض الأخوان الأخلاء من العلماء الأجلاء، وكل منا يومئذ في السفر: ما الروض الممطور تفتحت آكامه بأزهار الجواهر والعقيان، ولا الخرد الحور المشرفة من أعلى القصور الجنان، ولا المسك الفتيق الفايق عطر بنشره الأكوان، ولا الند الأنيق الرابق عبق ريحه بكل مكان بألذ ولا أحلى في القلوب والخواطر ولا أهدى ولا أجلى العيون والنواظر من تسليمات سبكتها يد المحبة والوداد بعد أن أذابتها في بواتق الإلفة والاتحاد وتحيات سرحت مطربة بالسرور أطيارها مغردة بالحبور حجلها وهزارها، ودعوات تدعو إلى الشرب بزلال رحيق التلاقي الأصفى وتنادي بالقرب والاغتراف بكأس الاعتناق الأوفى لمطلع شمس العلوم والمعارف ومنبع فيوض الحقائق واللطائف مجلى حلبة المسائل في ميدان السباق والفائز بالعلى من قداح الفضائل على الإطلاق يتيمة عقد الأخوة المتعالية عن أن يحيط بها الوصف وجوهرة قلادة المروة متجلية عن أن يدركها الطرف
الساحب ذيول المعالي سحبان وائل والسابق في مضمار البلاغة الأواخر والأوائل موضح مشكلات البيان بفهمه الصائب ومنقح عويصات الدلائل بذهنه الثاقب الأوحد الأمجد فلا محمدة إلا وهو فيها الأحمد، لا زالت كواكب سعده في بروج التوقيعات مشرقة ولا برحت ثواقب شهب مجده لأعدائه راجمة محرقة وذاته العلية مقصدا للواردات السبحانية ومحلته السنية موردا للفيوضات الربانية وأيامه الغر باسمة الثغور وأعوامه النوراء مشرقة البدور بمحمد المتوج بغيايم النور وآله الأقمار المشرقة في طخياء الديجور.
أما بعد فأحاديث الاشتياق إلى تلك الذات المحمودة الأخلاق لا يحيط بها العدو مرارة سورة الفراق المر المذاق لا ينبغي مداها إلى حد ونار الوجد قبل شب لظاها بين الضلوع وأليم الوقد منها قد أجرى الدموع وأقدّ الهجوع ولا سيما إذا انتظم إلى ذلك تذكار الغوير وحاجر وظباه الصائبة لحبات القلوب بسهام المحاجر والسالبة للبمّات العقول ببواتر النواظر رشف سلسبيل رضابهن الذي هو مصفى العسل أحلى وأعذب وشرب زلال لعابهن الذي هو من كرى المقل أشهى وأطيب فعسى نفحة من الجناب الأقدس السبحاني ولمحة من المولد الأنفس الصمداني تهب على هذه الجسوم المحرقة فتجعلها بمياه الوصل مورقة مغدقة وتودن لنا ولكم باجتناب تفاح الخدود من أغصان تلك القدود واقتطاف رمان النهود من بين هاتيك الورود، ويمن علينا وعليكم بلثم حجر الحسن الذي ركب منهن في الحنك بعد طوافي بهن بين هاتيك السكك.
ثم الإيلاج في ذلك الباب المربوط بالتكك ثم إن عطفت عواطف المحبة والأخوة ورشحت رواشح الإلفة والمروة بالفخر والسؤال عن أحوال من لا حال عن العهد القديم ولا طال ولم يغيره عن ذلك النهج القويم مرور الليالي ولا تكدر الأحوال، فهو بحمد الملك المتعال في أطيب عيش وأرخى بال بيد أن الخاطر لما ألبس من ثياب النوى في أعوال القلب لما اعتراه من ألم الجوى في بلبال والفكر لما لحقه من هم الحل والترحال في اشتعال هذا واشتعال محبكم في علم من لا يزول ولا يزال دائم الفحص والاستخبار عما يراد من آثار ذلك المقام العالي المنى ورافعا يد الضراعة والابتهال لحضرة ذي الجلال الذي لا يزال أن يحرس بدركما لكم عن الأفول ويصون غصن جمالكم عن الذبول.
ومن كتاب كتبه الشيخ المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن الحاج صالح لوالدي قدس الله سرهما وبحضيرة القدس خصهما وسرهما يتضمن العتاب في
بعض الأبواب وهذه صورته: النهي من صالح الأمنية وأكمل التسليم وخالص الأدعية وأجل التعظيم لمولانا عمدة العلماء الأعلام وقدوة الأمناء الكرام فقيه العصر ومرجع أهله وموضع عقده وحله العلامة الفهامة والحبر العارج على معارج الكرامة والناهج مناهج الاستقامة، شيخنا المحقق المدقق الأوحد الأمجد العالم العامل والفاضل الكامل أدام الله تعالى مجده ووجوده وأشرق في أقطار الأرض سعوده وأكمد باستقامة أحواله في صلاح النشأتين عدوه وحسوده بحق محمد الأمين وآله الميامين.(2/312)
ومن كتاب كتبه الشيخ المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن الحاج صالح لوالدي قدس الله سرهما وبحضيرة القدس خصهما وسرهما يتضمن العتاب في
بعض الأبواب وهذه صورته: النهي من صالح الأمنية وأكمل التسليم وخالص الأدعية وأجل التعظيم لمولانا عمدة العلماء الأعلام وقدوة الأمناء الكرام فقيه العصر ومرجع أهله وموضع عقده وحله العلامة الفهامة والحبر العارج على معارج الكرامة والناهج مناهج الاستقامة، شيخنا المحقق المدقق الأوحد الأمجد العالم العامل والفاضل الكامل أدام الله تعالى مجده ووجوده وأشرق في أقطار الأرض سعوده وأكمد باستقامة أحواله في صلاح النشأتين عدوه وحسوده بحق محمد الأمين وآله الميامين.
وبعد فلا يخفاكم أدام الله علاكم إن المحب العذري والأخ المخلص الحقيقي لا تغره زخارف الوشاة عن الإخلاص القديم ولا تزعجه عواصف أرباب الغايات في الانقلاب عن ذلك النهج المعلوم القويم ولا تتداخله فيكم الشبهات في معارضة اليقين ولا ينقلع بما يبلغنا عنكم عن أمور يفوح من روائح ناقلها التفريق والتفتين، فأنا الثابت القدم في محبتكم على جميع الأحوال والناشر العلم في ولايتكم بالأقوال والأفعال معتقدا نصحكم على أبلغ وجه وأكمله وأفضل أمر وأجمله، وكلما أشرتم به علينا ووجهتموه إلينا فهو إنما صدر عن إخلاص وورد على وجه الاتحاد والاختصاص، لكن يا مولانا وشيخنا وأخانا واعتمادنا ورجانا إنما اطلعتم على الظاهر ولم تتطلعوا على حقائق الأول والآخر، والأمر الحقيقي في الباطن والظاهر لا يعلمه من الناس أحد غيري وغير أخي الشيخ ناصر فخذ منه الحقيقة واستبن منه الطريقة، والعذر إلى الله تعالى واليكم من عدم قبول ما أشرتم به عليّ ووجهتموه لدي من تخليص المرأة من يدي فإنه كان بحسب ما ظهر لكم أن الأمر كما ذكرتم والرأي كما أشرتم لكن لا تحمل أخاك إلا على أحسن الوجوه ولا تنسبه إلى الدخول في أمر مشتبه أو مكروه فإن في علم الله تعالى، والله يعلم أنه في هذه القضية التي وقعت علينا فيها البلية وعظمت الرزية في اعتقاده فيما بينه وبين الله تعالى إنه لم يخرج عن سبيل الورع والعفاف ولم يتطرق إلى مسائل الشبهة وتقحم موارد الخلاف والخروج عن طريقة الإنصاف، وعندي والله يعلم أن الطلاق صحيح لا شبهة فيه ولا مرية تعتريه وكذا العقد عليها إن شاء الله تعالى يقع سالما من الارتياب جامعا لشرائط الصحة الموافقة لقواعد السنة ومحكمات الكتاب، وما اشتهر بين الناس وشاع وملأ الأصقاع والأسماع وظهر عندكم ما اعترفنا به لكم وسنخبركم بحقيقته وسنعرفكم بجليته ودقيقته عند أحكام الأمر وتمامه وإيجابه وإبرامه فلا تظن بأخيك إلا خيرا وإن كنا ليس من أهله فأنتم من أهله ولا تخرج من الأصول المحكمة بالمشتبهات الظنية التي يتطرق فيها
الاحتمالات وتتسع فيها ميادين المقالات، واحمل أخاك على سبعين محملا من الخير كذب سمعك وكذب بصرك عن أخيك وأكثر من هذا ما أوصيك فإنه كناقل الماء إلى هجر والحوت إلى قطر.(2/313)
وبعد فلا يخفاكم أدام الله علاكم إن المحب العذري والأخ المخلص الحقيقي لا تغره زخارف الوشاة عن الإخلاص القديم ولا تزعجه عواصف أرباب الغايات في الانقلاب عن ذلك النهج المعلوم القويم ولا تتداخله فيكم الشبهات في معارضة اليقين ولا ينقلع بما يبلغنا عنكم عن أمور يفوح من روائح ناقلها التفريق والتفتين، فأنا الثابت القدم في محبتكم على جميع الأحوال والناشر العلم في ولايتكم بالأقوال والأفعال معتقدا نصحكم على أبلغ وجه وأكمله وأفضل أمر وأجمله، وكلما أشرتم به علينا ووجهتموه إلينا فهو إنما صدر عن إخلاص وورد على وجه الاتحاد والاختصاص، لكن يا مولانا وشيخنا وأخانا واعتمادنا ورجانا إنما اطلعتم على الظاهر ولم تتطلعوا على حقائق الأول والآخر، والأمر الحقيقي في الباطن والظاهر لا يعلمه من الناس أحد غيري وغير أخي الشيخ ناصر فخذ منه الحقيقة واستبن منه الطريقة، والعذر إلى الله تعالى واليكم من عدم قبول ما أشرتم به عليّ ووجهتموه لدي من تخليص المرأة من يدي فإنه كان بحسب ما ظهر لكم أن الأمر كما ذكرتم والرأي كما أشرتم لكن لا تحمل أخاك إلا على أحسن الوجوه ولا تنسبه إلى الدخول في أمر مشتبه أو مكروه فإن في علم الله تعالى، والله يعلم أنه في هذه القضية التي وقعت علينا فيها البلية وعظمت الرزية في اعتقاده فيما بينه وبين الله تعالى إنه لم يخرج عن سبيل الورع والعفاف ولم يتطرق إلى مسائل الشبهة وتقحم موارد الخلاف والخروج عن طريقة الإنصاف، وعندي والله يعلم أن الطلاق صحيح لا شبهة فيه ولا مرية تعتريه وكذا العقد عليها إن شاء الله تعالى يقع سالما من الارتياب جامعا لشرائط الصحة الموافقة لقواعد السنة ومحكمات الكتاب، وما اشتهر بين الناس وشاع وملأ الأصقاع والأسماع وظهر عندكم ما اعترفنا به لكم وسنخبركم بحقيقته وسنعرفكم بجليته ودقيقته عند أحكام الأمر وتمامه وإيجابه وإبرامه فلا تظن بأخيك إلا خيرا وإن كنا ليس من أهله فأنتم من أهله ولا تخرج من الأصول المحكمة بالمشتبهات الظنية التي يتطرق فيها
الاحتمالات وتتسع فيها ميادين المقالات، واحمل أخاك على سبعين محملا من الخير كذب سمعك وكذب بصرك عن أخيك وأكثر من هذا ما أوصيك فإنه كناقل الماء إلى هجر والحوت إلى قطر.
وأما الإعراض عن هذه المقدمة والانفكاك عنها والتبري والخلاص منها فأمر لا يجوز لي ارتكابه ولا يسعني اجتنابه، أما أولا فلأن الدغدغة الشرعية عندي منتفية، وأما الإعراض عن كلام الناس فلا مجال عنه ولا محيص ولا نجاة منه ولا تخليص لأن الطلاق إن كان غير صحيح فالتزويج بها مطلقا فيه دغدغة من الله وكلام الناس فيه واقع، وإن كان من جهة العقد عليها مع الخلوة على قول الشيخ وتخليصها من هذه الجهة فإن كان مع العلم فالطلاق إنما حصل بعد ما وقع من الكلام فالكلام واقع لا محالة وأنه لم يصدر الطلاق عن رغبة من الفقير، فهو إما مرتكب للشبهة أو فار عن الجهالة، وأنا في علم الله ليس عندي من هذه الشبهة شيء حتى على هذا القول، أما ظاهرا فقد أخبرتكم به وأما باطنا فسنخبركم إن شاء الله تعالى.
بقي أمر ثالث وهو إعضال عن الأزواج والفقير يعتقد فيما بينه وبين الله أنه أمر محرم عليه وردها إلي العقد الأول بعقد جديد على ابن عمها محال، فما بقي إلا عضالها عن الزواج مطلقا وهو لا يجوز في اعتقادي مع أن هذا الكلام فيه واقع من الناس لا محالة قطعا أو إطلاقها للغير وهو خلاف المروة وعدم القيام بحقوق الأبوة والأخوة مع ما عرفت من كلام الشيخ دام ظله، ثم أنه بعدما خرجنا من عند الشيخ دام ظله وترخصنا من خدمتكم بعد أن ذكرت لكم ما سمعتم من الشيخ وأشرتم بالاستخارة بعد أن لم ترضوا بها أو لا استخرنا بذات الرقاع في يوم الخميس فخرجت نهيا في أربع من الفكاك، والوالد والوالدة سلمهم الله تعالى أيضا غير راضين بذلك والوالد يقول أنا ما رضيت بزوجة تزوجتها إلا بهذه لأن هذه بنت لنا وأنت وهي في المنزلة سواء هكذا صورة جوابه، وأما رضى الناس فغاية لا تنال مع أني ما دخلت في هذه المقدمة في أول الأمر ابتداء مني في علم الله تعالى وإنما أردت تشبيكها بالغير وإيقاع الطلاق على وجه غير هذا الوجه، لكن القضاء إذ قضى سبب الله تعالى له أسبابا، ولعل السر في ذلك امتحان بما امتحن به من هو أقرب منا عند الله منزلة وأعظم لديه وسيلة، ولولا وقوع ما وقع لرأيت كيف الأمر بلغ وإن كان قد وقع على أخيكم كسر لا ينجبر في عرضه وجرح لا يندمل في حقه من كلام الناس حتى شمت به الشامتون واستسبر به الحاسدون ولم ينصره
ناصر ظاهر ولم يجبر خاطره جابر غير الشيخ دام ظله فإنه جزاه الله خيرا قد سدد وأيد وأعان وشيد، وأما أنتم فإن وقع منكم تسديد فلا عجب وإن لم يكن فلا عتب، أما الأول فللاتحاد الذي بيننا والأخوة المربوطة بالعهد والمؤاخات التي صدرت عنا، وأما الثاني فلأنه قد ظهر لكم الذي ظهر عندي في نفس الأمر.(2/314)
بقي أمر ثالث وهو إعضال عن الأزواج والفقير يعتقد فيما بينه وبين الله أنه أمر محرم عليه وردها إلي العقد الأول بعقد جديد على ابن عمها محال، فما بقي إلا عضالها عن الزواج مطلقا وهو لا يجوز في اعتقادي مع أن هذا الكلام فيه واقع من الناس لا محالة قطعا أو إطلاقها للغير وهو خلاف المروة وعدم القيام بحقوق الأبوة والأخوة مع ما عرفت من كلام الشيخ دام ظله، ثم أنه بعدما خرجنا من عند الشيخ دام ظله وترخصنا من خدمتكم بعد أن ذكرت لكم ما سمعتم من الشيخ وأشرتم بالاستخارة بعد أن لم ترضوا بها أو لا استخرنا بذات الرقاع في يوم الخميس فخرجت نهيا في أربع من الفكاك، والوالد والوالدة سلمهم الله تعالى أيضا غير راضين بذلك والوالد يقول أنا ما رضيت بزوجة تزوجتها إلا بهذه لأن هذه بنت لنا وأنت وهي في المنزلة سواء هكذا صورة جوابه، وأما رضى الناس فغاية لا تنال مع أني ما دخلت في هذه المقدمة في أول الأمر ابتداء مني في علم الله تعالى وإنما أردت تشبيكها بالغير وإيقاع الطلاق على وجه غير هذا الوجه، لكن القضاء إذ قضى سبب الله تعالى له أسبابا، ولعل السر في ذلك امتحان بما امتحن به من هو أقرب منا عند الله منزلة وأعظم لديه وسيلة، ولولا وقوع ما وقع لرأيت كيف الأمر بلغ وإن كان قد وقع على أخيكم كسر لا ينجبر في عرضه وجرح لا يندمل في حقه من كلام الناس حتى شمت به الشامتون واستسبر به الحاسدون ولم ينصره
ناصر ظاهر ولم يجبر خاطره جابر غير الشيخ دام ظله فإنه جزاه الله خيرا قد سدد وأيد وأعان وشيد، وأما أنتم فإن وقع منكم تسديد فلا عجب وإن لم يكن فلا عتب، أما الأول فللاتحاد الذي بيننا والأخوة المربوطة بالعهد والمؤاخات التي صدرت عنا، وأما الثاني فلأنه قد ظهر لكم الذي ظهر عندي في نفس الأمر.
وبالجملة فبعد وقوع هذه المقدمات كلها فقد وجب على الفقير الإقدام على هذا المرام تقريبا بذلك إلى مالك الأنام فإن كسر قلب عبد مؤمن أو أمة مؤمنة بغير ذنبه مع كونه خلاف الوفاء وضد الصفاء أمر لا يجوز لي الإقدام إليه والإصرار عليه بمجرد كلام الناس وأهل الشك والوسواس، مع أنه لا يخلص من كلام الناس أيضا.
على كل حال فليس لنا مجال إلا الإقدام على ما فيه رضى الله ورضى الوالدين ورضى شيخ الإسلام، وليس هذا أمر دنيوي بل الأمر ديني في علم الله والله إنه لقسم عظيم وحق الأخوة والمروة، هذا الآن قصدي وهو معتمدي وإلا فربما في أول الأمر كان مشوبا بشيء آخر بعدما حصحص الحق ان ليس وعندهم شيء من المال ولا مزيد جمال. نعم إنهم في غاية من الديانة والكمال والمرأة الصالحة عزيزة الوجود جدا وهو الآن يستحثني على هذا الأمر العظيم والخطب الجسيم، أيضا فإنه ربما ينالنا من حسنات الناس حتى من أخواننا ما لم نعمل بشيء من الجوارح ولم نكدح فيه أنفسنا بالعمل الصالح ومن يكره الهدية الدنيوية فكيف الهدية الأخروية، فإن كففتم عنا ألسنة الطاعنين ورددتم عنا ألسنة اللاعنين فذلك المؤمل منكم والمعدود عنكم، وإن خذلتم مع جملة الخاذلين وتركتمونا عرضا لسهام القائلين ومضغة لألسنة القائلين وزلتم عن اعتقادكم السابق فينا وأعرضتم عن إحسانكم إلينا فنحن لا نعارضكم إلا بالصفاء ولا نقابلكم بالإعراض والجفاء، وعندنا من العلم القاطع والبرهان الساطع إنكم لا تعاملون بذلك ولا تسلكون بنا في هذه المسالك التي توجب المهالك، لأنكم لا تعتقدون كما أفدتمونا على تقدير الخلاف كما ظهر للناس إلا الصحة في الطلاق وكذا العقد على تقديرنا الخلوة، وإن كان قد شاع بين الناس الجهال إنكم تنكرون على مرتكب هذا الأمر وتعتقدون عدم الصحة في كلا الأمرين فإنه لا شبهة عندنا في بطلان ما ينقله النمامون الملاقون فاحذروهم كما بلغكم الله أنى يؤفكون فإنهم يريدون تفرقة الكلمة وشق العصا بين الأمة.
وبعد: فالمأمول منكم الاستيناس بالجواب في رد الكتاب ليحصل لنا به
الأنس عند الوحشة والأمن عند وقوع الدهشة، عرفونا بما في خاطركم الشريف والمأمول منكم الدعاء والعفو عن الخطأ فإنه لكم منا مبذول ومنكم مسؤول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(2/315)
وبعد: فالمأمول منكم الاستيناس بالجواب في رد الكتاب ليحصل لنا به
الأنس عند الوحشة والأمن عند وقوع الدهشة، عرفونا بما في خاطركم الشريف والمأمول منكم الدعاء والعفو عن الخطأ فإنه لكم منا مبذول ومنكم مسؤول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فكتب له الوالد قدس الله سره: بسم الله والحمد لله بعد إهداء عرائس أنفاس الدعوات الخالصة عن شوب الأكدار وإبهاء صحائف شرائف التسليمات الناشئة من صفاء الإخلاص في الإسرار والإجهار للجانب الفاخر والمقام الباهر والعلم الظاهر والورع الطاهر والبدر الزاهر في سماء المفاخر الشيخ الأواه والأخ في الله دام علاه وبلغ مناه وعم نداه بمحمد وآله الهداة، فقد وصل الكتاب من خلاصة الأصحاب وصفوة الأحباب فسرحت بريد نظري في مبانيه وأرسلت جواد فكري في تأمل دقائقه ومعانيه فوجدته مشحونا بنفائس الخطاب وقوارع العقاب مملوءة بلطائف شرائف عبارات في زواهر إشارات وجوامع درر كلم في لوامع غرر حكم، موميا بها إلى تصحيح مقدمات ديانته وأمانته العرية عن الشك والارتياب وتمهيد قواعد أخوته ومروته الخالية عن الريب والاضطراب وتشييد مباني محبته القديمة ومودته المستقيمة البرية عن وصمة المين والكذب وإقامة البرهان اللمي والآني على رسوخ إخلاصه واختصاصه، وعدم قبول الانقلاب وتأكيد البيان بعد إقامة البرهان على عدم إقلاعه وارتفاعه عن رواسخ الوداد وتعيين الاعتقاد بترهات أباطيل أهل الباطل وتمويهات أهل البغي والفساد، وعدم قبول لوح قلبه الملكوتي لنقوش زخارف أضاليل الوشاة وأهل الكساد، وعدم تلوث. مرآة خاطره الشريف لأكدار أهل الاعتساف، وعدم تزلزل اعتقاده الثابت الأركان المتطابق فيه اللسان والجنان بتوارد شبهات أهل التفتين والخلاف، فلا غرو فهو الثابت المقدم والناشر للعلم في مقام الولاء والاختصاص والإنصاف، وثابت الجنان وقوي الأركان في مزالق الإقدام ومداحض الأفهام وهزاهز الاختلاف، حتى أنه كما ذكر سلمه الله تعالى لا تتداخله فينا الشبهات في معارضة اليقين ولا ينزعج بما يبلغه عنا من أمور يفوح من روائح نقلها التفريق والتفتين، وكل ذلك حق لا ريب فيه وصدق لا شك يعتريه بل تلك المقدمات والأخبار صارت في الوضوح والاشتهار كالشمس في رابعة النهار، لكن إلقاءها للعالم بها ولازمها لا يحسن مثله من العلماء الأبرار والخلصاء الأخيار إلا بضرب من التأويل وسلوك طريق التنزيل إخراجه عن لوازم تحصيل الحاصل بجعل العالم منزلة الجاهل، وذلك لعدم الجري على موجب العلم الجليل الموجب لطرحه في منزلة التجهيل أو تنزيله منزلة المنكر، إذ لاح عليه إمارة الإنكار وصدر منه خلاف الإذعان والتسليم لتلك الأخبار وحاشا مثله دام ظله عن قصد هذه
الأمور التي تضيق لأجلها متسع الصدور ولكن لسان الحال نفث بهذا المقال تحرزا من بقائه في زاوية الكمون وتنزيه ساحة النفس الإخلاصية عن كونه معتقدا، إلا أن ما بعد هذه المقدمات الحقة اليقينية والقضايا الضرورة البديهية من شرح حال تلك القضية التي شاعت بين البرية وعمت بها البلية وطمحت إليها طوامح الافهام وعارضت فيها العقول الأوهام بل صارت هدفا لألسنة الأنام التي هي أحد من السهام وأشد من الأمراض والآلام ومطمحا لآراء ذوي الأحلام بالنقض والإبرام فهم ما بين غال مفرط في الاهتمام بشأن هذا المرام وأحكامه أي أحكام واعتقاده أنه الأصلح بل الواجب الإلتزام وأنه من أعظم القربات للملك العلام وما بين شأن مفرط في العتب والملام على الدخول والإقدام والنهوض في هذا المقام والطعن به، خصوصا على العلماء الأعلام الذين هم قدوة الأنام ومعتمد الإسلام ونوائب الأئمة عليهم السّلام.(2/316)
فكتب له الوالد قدس الله سره: بسم الله والحمد لله بعد إهداء عرائس أنفاس الدعوات الخالصة عن شوب الأكدار وإبهاء صحائف شرائف التسليمات الناشئة من صفاء الإخلاص في الإسرار والإجهار للجانب الفاخر والمقام الباهر والعلم الظاهر والورع الطاهر والبدر الزاهر في سماء المفاخر الشيخ الأواه والأخ في الله دام علاه وبلغ مناه وعم نداه بمحمد وآله الهداة، فقد وصل الكتاب من خلاصة الأصحاب وصفوة الأحباب فسرحت بريد نظري في مبانيه وأرسلت جواد فكري في تأمل دقائقه ومعانيه فوجدته مشحونا بنفائس الخطاب وقوارع العقاب مملوءة بلطائف شرائف عبارات في زواهر إشارات وجوامع درر كلم في لوامع غرر حكم، موميا بها إلى تصحيح مقدمات ديانته وأمانته العرية عن الشك والارتياب وتمهيد قواعد أخوته ومروته الخالية عن الريب والاضطراب وتشييد مباني محبته القديمة ومودته المستقيمة البرية عن وصمة المين والكذب وإقامة البرهان اللمي والآني على رسوخ إخلاصه واختصاصه، وعدم قبول الانقلاب وتأكيد البيان بعد إقامة البرهان على عدم إقلاعه وارتفاعه عن رواسخ الوداد وتعيين الاعتقاد بترهات أباطيل أهل الباطل وتمويهات أهل البغي والفساد، وعدم قبول لوح قلبه الملكوتي لنقوش زخارف أضاليل الوشاة وأهل الكساد، وعدم تلوث. مرآة خاطره الشريف لأكدار أهل الاعتساف، وعدم تزلزل اعتقاده الثابت الأركان المتطابق فيه اللسان والجنان بتوارد شبهات أهل التفتين والخلاف، فلا غرو فهو الثابت المقدم والناشر للعلم في مقام الولاء والاختصاص والإنصاف، وثابت الجنان وقوي الأركان في مزالق الإقدام ومداحض الأفهام وهزاهز الاختلاف، حتى أنه كما ذكر سلمه الله تعالى لا تتداخله فينا الشبهات في معارضة اليقين ولا ينزعج بما يبلغه عنا من أمور يفوح من روائح نقلها التفريق والتفتين، وكل ذلك حق لا ريب فيه وصدق لا شك يعتريه بل تلك المقدمات والأخبار صارت في الوضوح والاشتهار كالشمس في رابعة النهار، لكن إلقاءها للعالم بها ولازمها لا يحسن مثله من العلماء الأبرار والخلصاء الأخيار إلا بضرب من التأويل وسلوك طريق التنزيل إخراجه عن لوازم تحصيل الحاصل بجعل العالم منزلة الجاهل، وذلك لعدم الجري على موجب العلم الجليل الموجب لطرحه في منزلة التجهيل أو تنزيله منزلة المنكر، إذ لاح عليه إمارة الإنكار وصدر منه خلاف الإذعان والتسليم لتلك الأخبار وحاشا مثله دام ظله عن قصد هذه
الأمور التي تضيق لأجلها متسع الصدور ولكن لسان الحال نفث بهذا المقال تحرزا من بقائه في زاوية الكمون وتنزيه ساحة النفس الإخلاصية عن كونه معتقدا، إلا أن ما بعد هذه المقدمات الحقة اليقينية والقضايا الضرورة البديهية من شرح حال تلك القضية التي شاعت بين البرية وعمت بها البلية وطمحت إليها طوامح الافهام وعارضت فيها العقول الأوهام بل صارت هدفا لألسنة الأنام التي هي أحد من السهام وأشد من الأمراض والآلام ومطمحا لآراء ذوي الأحلام بالنقض والإبرام فهم ما بين غال مفرط في الاهتمام بشأن هذا المرام وأحكامه أي أحكام واعتقاده أنه الأصلح بل الواجب الإلتزام وأنه من أعظم القربات للملك العلام وما بين شأن مفرط في العتب والملام على الدخول والإقدام والنهوض في هذا المقام والطعن به، خصوصا على العلماء الأعلام الذين هم قدوة الأنام ومعتمد الإسلام ونوائب الأئمة عليهم السّلام.
وناهيك بهذا المقام الذي هو فوق كل مقام وأنا أقول الحق في هذا المقام:
لزم الوسط وترك جادة الشطط، فإن العدل في كل الأنام بلزوم الأوساط ومجانبة جانبي التفريط والإفراط كما تحقق في فن الحكمة التي هي شفاء للناس الأكمه والأبرص، فإن الظاهر عندي في هذه المعاملة التي قد كثرت فيها المجادلة بمقتضى الدليل الراجح والمستند الواضح صحه التزويج بها لمن تحقق عنده كون الطلاق صلاحا للمجنون كما هو الشرط الذي عليه العلماء المجوزون، وأما القول بالمنع من الطلاق كما عليه بعض الحذاق فهو غير واضح السبيل ولا بين الدليل.
وأما شبهة العقد في العدة بناء على قول الشيخ قدس سره فهي تندفع عن الجاهل بالخلوة بالعقد في ثاني مرة، فلا إشكال بمقتضى ذلك في الحل والصحة في التزويج بها والسعي في أسبابها والدخول في أبوابها، فالعتب والملام من جهة الصحة بالتهجم على الحرام لا تجوز من أحد من الأنام في حق مثلكم الخلي عن وصمة الآثام ولا سيما من العلماء الأعلام والأخيار العظام، وأما أن الأصلح والأولى في هذا الباب التنزه عن التعريض المتعنف والعتاب وصون العرض عن التدنس بأكدار الملام من الخواص والعوام وحفظ سيرة العلماء الأعلام عن الطعن بألسنة الأنام فهو من الأمر المعلوم المتلقى بالقبول عند الفحول بل مقتضى الأمر المسلم عند ذوي الألباب والعقول، فإن الاحتياط في مقام الخلاف شيمة أهل الإنصاف وسجية أهل التقوى والعفاف والاختباط في موارد الشبهة ومواضع الاختلاف سجية أهل الاعتساف الذين ينتهزون فرصة مطالبهم وأغراضهم ولا يبالون
بالقدح في اعراضهم، أولئك الذين غطت على مزايا نفوسهم عواشي الأكدار والأطماع واستولت على أنوار قلوبهم ظلمات الجهل حتى غطت على الأبصار والأسماع فهم في حيرتهم لا يجدون طريقا ولا يهتدون سبيلا أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا.(2/317)
وأما شبهة العقد في العدة بناء على قول الشيخ قدس سره فهي تندفع عن الجاهل بالخلوة بالعقد في ثاني مرة، فلا إشكال بمقتضى ذلك في الحل والصحة في التزويج بها والسعي في أسبابها والدخول في أبوابها، فالعتب والملام من جهة الصحة بالتهجم على الحرام لا تجوز من أحد من الأنام في حق مثلكم الخلي عن وصمة الآثام ولا سيما من العلماء الأعلام والأخيار العظام، وأما أن الأصلح والأولى في هذا الباب التنزه عن التعريض المتعنف والعتاب وصون العرض عن التدنس بأكدار الملام من الخواص والعوام وحفظ سيرة العلماء الأعلام عن الطعن بألسنة الأنام فهو من الأمر المعلوم المتلقى بالقبول عند الفحول بل مقتضى الأمر المسلم عند ذوي الألباب والعقول، فإن الاحتياط في مقام الخلاف شيمة أهل الإنصاف وسجية أهل التقوى والعفاف والاختباط في موارد الشبهة ومواضع الاختلاف سجية أهل الاعتساف الذين ينتهزون فرصة مطالبهم وأغراضهم ولا يبالون
بالقدح في اعراضهم، أولئك الذين غطت على مزايا نفوسهم عواشي الأكدار والأطماع واستولت على أنوار قلوبهم ظلمات الجهل حتى غطت على الأبصار والأسماع فهم في حيرتهم لا يجدون طريقا ولا يهتدون سبيلا أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
وأنتم دام ظلكم ممن لا شك في انتهاجه على سبل التقوى وتمسكه في ذلك بما هو السبب الأعظم والأقوى والواجب لرعاية جلالة شأنكم ورفعة قدركم ومكانكم التنزه عن المطلوب، خصوصا في أبواب الفروج التي أمرها شديد بأوساخ الشبهة وأكدار الخلاف وإن كان في المحل السعيد، لأن زيادة صفاء جوهر نفوسكم القدسية مما يدعو إلى تأثرها بمجرد ما يرد عليها من الكدورات الدينية كما أن زيادة صفاء المرأة الحسنة أشد في تكدرها بما يرد عليها من الغواشي الظلمانية، فنزه عرضك المصون أيها الأخ إلى الإخلاص عن مطاعن أسنة ألسنة الجهال وإن كانت في مواضع الحلال وارفع بنفسك العلوية عن حضيض الكدورات الدنيوية الداعية إلى الاختلال ولا تعلل نفسك بأن الأصح هو الصحة في هذه الحادثة وتجادل في ذلك أي جدال فإن التقوى غير التقوى كما اشتهر بين العلماء الأبدال، على أن من الورع على ما ذكره الفضلاء العظام وصرحت به الأخبار عن أهل العصمة عليهم السّلام ترك الحلال الذي يتخوف أن ينجر إلى الحرام، ففيما ورد عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما بأس به وذلك بمثل التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبة، وهذا المقام ورع المتقين كما صرح به علماؤنا المحققون، دون هذا المقام مقام ورع الصالحين بالتوقي عن الشبهات والتحرز عنها من جميع الجهات، فإن من رتع حول الحما أوشك أن يدخله وهو المأمور فيه بالاحتياط عنهم عليهم السّلام والمعنى بقوله عليه السّلام:
دع ما لا يريبك إلى ما يريبك إذ ليس المراد بالشبهات هنا في هذا المقام مواضع اشتباه الحكم الشرعي أما لعدم قيام الدليل عليه أو لتعارض الدليلين لديه، بل قد تطلق الشبهة في مقام طرف الاحتمال وإن كان مخالفا لظاهر الحكم الشرعي في الحال، والشبهة بهذا المعنى غير عزيزة الوجود في الأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال الديار.
وقد روى الشيخ قدس الله سره في التهذيب مسندا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لا تحامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة، يقول إذا بلغك أنك أرضعت من لبنها أو أنها لك محرم وما أشبه ذلك فإذا الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام
في الهلكة، فإن الظاهر أن المراد بذلك مع عدم قيامه وجه شرعي على أنه أرضعته أو محرم له وإلا فليس ذلك حينئذ بشبهة بل حرام محض.(2/318)
وقد روى الشيخ قدس الله سره في التهذيب مسندا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لا تحامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة، يقول إذا بلغك أنك أرضعت من لبنها أو أنها لك محرم وما أشبه ذلك فإذا الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام
في الهلكة، فإن الظاهر أن المراد بذلك مع عدم قيامه وجه شرعي على أنه أرضعته أو محرم له وإلا فليس ذلك حينئذ بشبهة بل حرام محض.
وبالجملة فالشبهة المأخوذ تركها في ورع الصالحين ليس الدخول فيها حراما ولا يوجب ارتكابها فسقا وإن كان خلاف ورع التائبين على ما ذكرت وهو أدنى مراتب الورع، وإن من نزل عنه فهو فاسق لأنه على ما عرفوه بأنه يخرج عن كونه فاسقا، فإذا تكون الشبهة في ذلك المقام جائزة شرعا لكنها مرتفعة ورعا وأن من استعملها غير ورع بورع الصالحين وإن كان ورعا بورع التائبين، وكل ذلك معلوم عند مولانا بيقين لكن المطلوب بيان المسألة المذكورة من هذا القبيل وتسليكها في هذا السبيل فإنها من الشبهات وموارد الخلاف كما لا يخفى على ذوي الإنصاف، وإن ادعى مولانا سلمه الله غير ذلك فهو أعرف بما هنالك فإن الذي ظهر لي من أخبار غير واحد ممن نعتمد على أخباره وصدقه في أسراره وأجماره أن الزوج المعلوم بيقين وأنه لا يصح الطلاق الواقع منه نفسه على التعيين وصحة طلاق وليه وإن كان هو الصحيح الراجح والقول المشهور الواضح إلا أنه ليس بذلك البرء عن الخلاف لوقوع النزاع فيه والاختلاف.
هذا ما عند المحب الإخلاصي في هذا المقام كما سمعته في سابق الأيام لا يحول عنه ولا يزول ولا يرى لك الصلاح في الدخول في هذا الأمر بل العدول، فإن صديقك من صدقك وأخاك من محضك النصح وما مذقك، وكلما ذكرناه يا مولانا في هذا المقام فهو على طريق الإلزام والحتف عن الخروج من هذا المرام بل على طريق الاستصلاح وإبداء ما عندي من وجه الصلاح، إلا فقد سمعت ما سمعت من شيخ الإسلام وحثه على الإقدام على هذا المرام وكذا ما نقلته عن الوالدين الكرام اللذين طاعتهما من طاعة الملك العلام وغيرهم من أهل الإعزاز والإعظام وأهل الفضل والإنعام، وأمر هؤلاء واجب مطاع وحقيق بالامتثال والاتباع، خصوصا موافقة اعتقادك الجازم وقولك اللازم.
وبالجملة فقد بان لك النجدين ووصلت في ذلك منتهى الحدين فاسلك من النجدين أزكى مسلك لا لمم وإن كنت تهوى القوم فاسلك سبيلهم، ومحبك الداعي ومخلصك الراعي باق على محض الوداد وإخلاص الاتحاد لا تأخذه فيك لومة لائم ولا عذل عاذل ولا يستفزه عن محض النصح لك في كل الأمور عدم المساعد أو خذل خاذل، وأما ما ذكرته في هذا الكتاب من إبداء الاعتذار ومقدمات العتاب فلا حاجة لنا إلى التعريض لإيجادها والجواب عن كل واحد من أفرادها،
لكن في النفس شيء من قول مولانا أنك لم تطلعني إلا على الظاهر ومن ثم وقع الغيب علي في الخاطر، ولو أطلعتني على الباطن الذي اختصصت به مع الشيخ الفاخر الشيخ ناصر فزال الملام بتلك الآلام وعلام لم تتطلعني عليه وكأنك لم تجدني مؤتمنا لديه، ولكن يا أخي لا ينفع صلاح الباطن مع فساد الظاهر وتحدث الرعاع به في المجالس والمحاضر ونقله بلسان البادي والحاضر، ولعل ما تبديه من الباطن الذي أنت به معذور أنك مغلوب على أمرك ومقهور، وهذا لا يروج سماعه من أمثالك السالكين في الورع والعفاف أحسن المسالك، وكذا قولك في ذلك الكتاب تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى إن المحب كاف عن نصرتك موافق لأهل الطعن والملام في جهتك، وإني لك في هذه القضية من الخاذلين وغير دافع عنك ألسنة النائلين ولا ترهات أقاويل القائلين وتمويهات أباطيل المبطلين وحاشا مثلي في مثلك من الخروج عن الصفاء ومجانبة جانب الود والوفاء وسلوك جادة الإعراض والجفاء والاتباع لأولئك الجهال المبطلين والاقتفاء وأخذ عرضك في هذه القضية زيادة على ما وقع من البلية، ولكن يا مولانا كف ألسنة الأنام سيما أهل المطالب والعوام غير مقدور لأحد من الأعلام، وقد قيل في أهل العصمة من الأنام ما قيل من شنيع الكلام بل قيل فيما هو فوق هذا المقام، فكيف يسع لمثلي كف ألسنة العوام مع أن هذه طريقتهم المذمومة في جميع الأيام، على أن المحب قد صار عليه من الشناع ما طبق جميع الأصقاع من السباب والشتم وفظيع الكلام ما هو أشد من الأمراض والأسقام من سفهاء بني جمرة، وقد سمعت أذنك وغيرك مرة بعد مرة وكرة بعد كرة ونقلت لك كما نقلت لغيرك أخبارهم واطلعت على أفعالهم وتصانيف أشعارهم بحيث لا يمكن ولا يسوغ إنكاره من أحد لعظم انتشاره واشتهاره، وها هم إلى الآن يتلون صحائف أورادهم بالسباب في جميع أوقاتهم وأيامهم ومقدمهم في العتب والسباب من هو لك أعظم الأصحاب وأقدم الكتاب، وقد أمهضته النصح والوداد وبلغته في الصداقة والخلة فوق المراد مع ما علمت من أقوال الكمل من الرجال وغوابط أهل العلم والكمال أن صديق العدو أحد الأعداء كما أن عدو العدو أحد الأصدقاء أراني لم تعتريني فيك المؤاخذة ولا عتبت عليك بعدم المساعدة بل أغضيت طرفي عن ذلك وحملتك على أحسن المسالك لعلمي بحسن سيرتك وصفاء سريرتك، فكيف يحسن من مثلك في مثلي العتاب على مؤاخذة أهل الباطل والكذاب وأنت تعلم أنه غير مقدور لي ولا لك يحسن التعرض في ذلك لأولئك وأن الدواء لدفع دائهم الباطل المكنون الكف عن سببه الداعي إلى بذل غرضك المصون وتنزيهها مما كان أو يكون، كلا لو تعلمون ثم كلا لو
تعلمون بما تلوكه من عرضكم الجاهلون وما تهتز به طربا وتضحك منه عجبا الخاذلون وتوسع له الرضا وتمنحه القبول والانغضاء الحاسدون ويتحدث به الذاكرون في محافلها والنسوان في مغازلها ويسير به المسافرون لعدلتم البتة عن هذه المادة أبلغ العدول ولو كان لكم فيها غاية المأمول ومنتهى السؤول، ولكن كما أشرتم في كتابكم أنه يجوز أن يكون ذلك من الأمر المعلوم والقضاء المبرم المحتوم فلا يسعكم الخروج عن القبول وعدم الدخول والعدول، وهذا كلام لا يعجبني منكم لأنه يفوح منه رائحة الجبر والاضطرار الذي عليه الأشاعرة الخارجون عن الاعتبار.(2/319)
وبالجملة فقد بان لك النجدين ووصلت في ذلك منتهى الحدين فاسلك من النجدين أزكى مسلك لا لمم وإن كنت تهوى القوم فاسلك سبيلهم، ومحبك الداعي ومخلصك الراعي باق على محض الوداد وإخلاص الاتحاد لا تأخذه فيك لومة لائم ولا عذل عاذل ولا يستفزه عن محض النصح لك في كل الأمور عدم المساعد أو خذل خاذل، وأما ما ذكرته في هذا الكتاب من إبداء الاعتذار ومقدمات العتاب فلا حاجة لنا إلى التعريض لإيجادها والجواب عن كل واحد من أفرادها،
لكن في النفس شيء من قول مولانا أنك لم تطلعني إلا على الظاهر ومن ثم وقع الغيب علي في الخاطر، ولو أطلعتني على الباطن الذي اختصصت به مع الشيخ الفاخر الشيخ ناصر فزال الملام بتلك الآلام وعلام لم تتطلعني عليه وكأنك لم تجدني مؤتمنا لديه، ولكن يا أخي لا ينفع صلاح الباطن مع فساد الظاهر وتحدث الرعاع به في المجالس والمحاضر ونقله بلسان البادي والحاضر، ولعل ما تبديه من الباطن الذي أنت به معذور أنك مغلوب على أمرك ومقهور، وهذا لا يروج سماعه من أمثالك السالكين في الورع والعفاف أحسن المسالك، وكذا قولك في ذلك الكتاب تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى إن المحب كاف عن نصرتك موافق لأهل الطعن والملام في جهتك، وإني لك في هذه القضية من الخاذلين وغير دافع عنك ألسنة النائلين ولا ترهات أقاويل القائلين وتمويهات أباطيل المبطلين وحاشا مثلي في مثلك من الخروج عن الصفاء ومجانبة جانب الود والوفاء وسلوك جادة الإعراض والجفاء والاتباع لأولئك الجهال المبطلين والاقتفاء وأخذ عرضك في هذه القضية زيادة على ما وقع من البلية، ولكن يا مولانا كف ألسنة الأنام سيما أهل المطالب والعوام غير مقدور لأحد من الأعلام، وقد قيل في أهل العصمة من الأنام ما قيل من شنيع الكلام بل قيل فيما هو فوق هذا المقام، فكيف يسع لمثلي كف ألسنة العوام مع أن هذه طريقتهم المذمومة في جميع الأيام، على أن المحب قد صار عليه من الشناع ما طبق جميع الأصقاع من السباب والشتم وفظيع الكلام ما هو أشد من الأمراض والأسقام من سفهاء بني جمرة، وقد سمعت أذنك وغيرك مرة بعد مرة وكرة بعد كرة ونقلت لك كما نقلت لغيرك أخبارهم واطلعت على أفعالهم وتصانيف أشعارهم بحيث لا يمكن ولا يسوغ إنكاره من أحد لعظم انتشاره واشتهاره، وها هم إلى الآن يتلون صحائف أورادهم بالسباب في جميع أوقاتهم وأيامهم ومقدمهم في العتب والسباب من هو لك أعظم الأصحاب وأقدم الكتاب، وقد أمهضته النصح والوداد وبلغته في الصداقة والخلة فوق المراد مع ما علمت من أقوال الكمل من الرجال وغوابط أهل العلم والكمال أن صديق العدو أحد الأعداء كما أن عدو العدو أحد الأصدقاء أراني لم تعتريني فيك المؤاخذة ولا عتبت عليك بعدم المساعدة بل أغضيت طرفي عن ذلك وحملتك على أحسن المسالك لعلمي بحسن سيرتك وصفاء سريرتك، فكيف يحسن من مثلك في مثلي العتاب على مؤاخذة أهل الباطل والكذاب وأنت تعلم أنه غير مقدور لي ولا لك يحسن التعرض في ذلك لأولئك وأن الدواء لدفع دائهم الباطل المكنون الكف عن سببه الداعي إلى بذل غرضك المصون وتنزيهها مما كان أو يكون، كلا لو تعلمون ثم كلا لو
تعلمون بما تلوكه من عرضكم الجاهلون وما تهتز به طربا وتضحك منه عجبا الخاذلون وتوسع له الرضا وتمنحه القبول والانغضاء الحاسدون ويتحدث به الذاكرون في محافلها والنسوان في مغازلها ويسير به المسافرون لعدلتم البتة عن هذه المادة أبلغ العدول ولو كان لكم فيها غاية المأمول ومنتهى السؤول، ولكن كما أشرتم في كتابكم أنه يجوز أن يكون ذلك من الأمر المعلوم والقضاء المبرم المحتوم فلا يسعكم الخروج عن القبول وعدم الدخول والعدول، وهذا كلام لا يعجبني منكم لأنه يفوح منه رائحة الجبر والاضطرار الذي عليه الأشاعرة الخارجون عن الاعتبار.(2/320)
وبالجملة فقد بان لك النجدين ووصلت في ذلك منتهى الحدين فاسلك من النجدين أزكى مسلك لا لمم وإن كنت تهوى القوم فاسلك سبيلهم، ومحبك الداعي ومخلصك الراعي باق على محض الوداد وإخلاص الاتحاد لا تأخذه فيك لومة لائم ولا عذل عاذل ولا يستفزه عن محض النصح لك في كل الأمور عدم المساعد أو خذل خاذل، وأما ما ذكرته في هذا الكتاب من إبداء الاعتذار ومقدمات العتاب فلا حاجة لنا إلى التعريض لإيجادها والجواب عن كل واحد من أفرادها،
لكن في النفس شيء من قول مولانا أنك لم تطلعني إلا على الظاهر ومن ثم وقع الغيب علي في الخاطر، ولو أطلعتني على الباطن الذي اختصصت به مع الشيخ الفاخر الشيخ ناصر فزال الملام بتلك الآلام وعلام لم تتطلعني عليه وكأنك لم تجدني مؤتمنا لديه، ولكن يا أخي لا ينفع صلاح الباطن مع فساد الظاهر وتحدث الرعاع به في المجالس والمحاضر ونقله بلسان البادي والحاضر، ولعل ما تبديه من الباطن الذي أنت به معذور أنك مغلوب على أمرك ومقهور، وهذا لا يروج سماعه من أمثالك السالكين في الورع والعفاف أحسن المسالك، وكذا قولك في ذلك الكتاب تصريحا في مواضع وتلويحا في أخرى إن المحب كاف عن نصرتك موافق لأهل الطعن والملام في جهتك، وإني لك في هذه القضية من الخاذلين وغير دافع عنك ألسنة النائلين ولا ترهات أقاويل القائلين وتمويهات أباطيل المبطلين وحاشا مثلي في مثلك من الخروج عن الصفاء ومجانبة جانب الود والوفاء وسلوك جادة الإعراض والجفاء والاتباع لأولئك الجهال المبطلين والاقتفاء وأخذ عرضك في هذه القضية زيادة على ما وقع من البلية، ولكن يا مولانا كف ألسنة الأنام سيما أهل المطالب والعوام غير مقدور لأحد من الأعلام، وقد قيل في أهل العصمة من الأنام ما قيل من شنيع الكلام بل قيل فيما هو فوق هذا المقام، فكيف يسع لمثلي كف ألسنة العوام مع أن هذه طريقتهم المذمومة في جميع الأيام، على أن المحب قد صار عليه من الشناع ما طبق جميع الأصقاع من السباب والشتم وفظيع الكلام ما هو أشد من الأمراض والأسقام من سفهاء بني جمرة، وقد سمعت أذنك وغيرك مرة بعد مرة وكرة بعد كرة ونقلت لك كما نقلت لغيرك أخبارهم واطلعت على أفعالهم وتصانيف أشعارهم بحيث لا يمكن ولا يسوغ إنكاره من أحد لعظم انتشاره واشتهاره، وها هم إلى الآن يتلون صحائف أورادهم بالسباب في جميع أوقاتهم وأيامهم ومقدمهم في العتب والسباب من هو لك أعظم الأصحاب وأقدم الكتاب، وقد أمهضته النصح والوداد وبلغته في الصداقة والخلة فوق المراد مع ما علمت من أقوال الكمل من الرجال وغوابط أهل العلم والكمال أن صديق العدو أحد الأعداء كما أن عدو العدو أحد الأصدقاء أراني لم تعتريني فيك المؤاخذة ولا عتبت عليك بعدم المساعدة بل أغضيت طرفي عن ذلك وحملتك على أحسن المسالك لعلمي بحسن سيرتك وصفاء سريرتك، فكيف يحسن من مثلك في مثلي العتاب على مؤاخذة أهل الباطل والكذاب وأنت تعلم أنه غير مقدور لي ولا لك يحسن التعرض في ذلك لأولئك وأن الدواء لدفع دائهم الباطل المكنون الكف عن سببه الداعي إلى بذل غرضك المصون وتنزيهها مما كان أو يكون، كلا لو تعلمون ثم كلا لو
تعلمون بما تلوكه من عرضكم الجاهلون وما تهتز به طربا وتضحك منه عجبا الخاذلون وتوسع له الرضا وتمنحه القبول والانغضاء الحاسدون ويتحدث به الذاكرون في محافلها والنسوان في مغازلها ويسير به المسافرون لعدلتم البتة عن هذه المادة أبلغ العدول ولو كان لكم فيها غاية المأمول ومنتهى السؤول، ولكن كما أشرتم في كتابكم أنه يجوز أن يكون ذلك من الأمر المعلوم والقضاء المبرم المحتوم فلا يسعكم الخروج عن القبول وعدم الدخول والعدول، وهذا كلام لا يعجبني منكم لأنه يفوح منه رائحة الجبر والاضطرار الذي عليه الأشاعرة الخارجون عن الاعتبار.
وبالجملة قد أطلنا في الكتاب وأشبعنا في الجواب على أن الخاطر غير متفرع للإطناب والبال مشوش عن الإطالة والإسهاب وإلا لتجاوزنا هذا المقدار في الجواب والمبالغة في محض النصح والصواب، والمرجع في ذلك كله ما يجوز في الخاطر العاطر ويرقم في فكركم الباهر فاعملوا بما ترون لكم من الصلاح وتعتقدونه من جادة الفلاح ولا عليكم ممن يقول إذا لم يصادف محلا من الصحة والقبول، واعذروا وسامحوا في ذلك لا زلتم محروسين بعين عناية الرب المالك في جميع المسالك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تخميس صفي الدين الحلي لقصيدة السموأل
للصفي الحلي عند نزوله بدمشق مخمسا لقصيدة السموأل.
قبيح بمن ضاقت عن الرزاق أرضه ... وطول الفلا رحب لديه وعرضه
ولم يبل سرباك الدجى فيه ركضه ... إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويعلى من النفس النفيسة سومها
أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمها
فليس إلى حسن الشاه جميل
وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... فبانت ومنها ضدنا وحسودنا
إذا عجزت عن فعل كيد بكيدنا ... تعيرنا إنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
رفعنا على هام السماك محلنا ... فما ملك إلا تفيأ ظلنا
وقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما ذل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهول
يواري الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنا على هام المجرة دارنا
ويأمن من صرف الزمان جوارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
ولما حللنا الشام تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه ووزيره
وبالنير إلا على الذي عز طوره ... لنا جبل يحتله من يجيره
منيع يرد الطرف وهو كليل
يريك الشر يا من خلا لشعابه ... وتحدق شهب الأفق حول هضابه
ويقصر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
وقصر على الشقراء قد فاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره
وقا شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره
يعز على من رامه ويطول
إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأرا ولنبلغ رتبة
نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى الموت سبة
إذا ما رأته عامر وسلول
أبادت ملاقات الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملو قتالنا
لأنا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا
وتكرهه آجالهم فتطول
فمنا معيد الليث في قبض كفه ... ومورده في أسره كأس حتفه
ومنا مبيد الألف في يوم زحفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه
ولا طل منا حيث كان قتيل
إذا خاف ضيما جارنا أو جليسنا ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا
وإن اجتنب نار الوقائع سوشنا ... تسيل على حد الضباء نفوسنا
وليس على غير الضباء تسيل
جنى نفعنا الأعداء طورا وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا
ومذ خطبوا قدما صفانا وبرنا ... صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا
اناث أطابت حملنا ومحول
لقد وفت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت من منشأ الأصل شرطنا
فمذ حاولت في ساعة العز هبطنا ... علونا على الخير الظهور وحطنا
لوقت إلى خير البطون نزول
تقر لنا الأعداء عند انتسابنا ... وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا
لقد بالغت أيدي العلا في انتجابنا ... فنحن كماء المزن ما في سحابنا
جهام ولا فينا يعد بخيل
نفيت بنو الدنيا ونحن لحولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم
ونحن أناس تحسد السحب طولهم ... وننكر إن شئنا عن الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول
لأشياخنا سعى به الملك أيد ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد
فما زال منا في الدسوت مؤيد ... إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول بما قال الكرام فعول
سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعمم عطانا كل راج ووامق
وكم قد جنت في المحل نار منافق ... وما خمدت نار لنا دون طارق
ولاذ منا في النازلين نزيل
علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا
فماذا يسر الضد في يوم سونا ... وأيامنا مشهورة في عدونا
لنا غرر مجلوة وجحول
لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت بالعدى كل مضرب
وأحسابنا من عهد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قرار الدارعين فلول
أبدنا الأعادي حين ساء فعالها ... فعاد علينا كيدها ووبال
يبيض جلاليل العجاج صقالها ... معودة إلا تسل نصالها
فتغمد حتى يستباح قتيل
هم هونوا في قدر من لا يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لا يخنهم
فإن شئت خير الحال منا ومنهم ... سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
لئن ثلموا الأعداء عرضي بسومهم ... فكم حملوني في الكرى عند نومهم
وإن أصبحوا قطبا لأبناء يومهم ... فإن بني الريان قطبا لقومهم
تدور رحاهم حولهم فتجول(2/321)
قبيح بمن ضاقت عن الرزاق أرضه ... وطول الفلا رحب لديه وعرضه
ولم يبل سرباك الدجى فيه ركضه ... إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويعلى من النفس النفيسة سومها
أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمها
فليس إلى حسن الشاه جميل
وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... فبانت ومنها ضدنا وحسودنا
إذا عجزت عن فعل كيد بكيدنا ... تعيرنا إنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
رفعنا على هام السماك محلنا ... فما ملك إلا تفيأ ظلنا
وقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما ذل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهول
يواري الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنا على هام المجرة دارنا
ويأمن من صرف الزمان جوارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
ولما حللنا الشام تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه ووزيره
وبالنير إلا على الذي عز طوره ... لنا جبل يحتله من يجيره
منيع يرد الطرف وهو كليل
يريك الشر يا من خلا لشعابه ... وتحدق شهب الأفق حول هضابه
ويقصر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
وقصر على الشقراء قد فاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره
وقا شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره
يعز على من رامه ويطول
إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأرا ولنبلغ رتبة
نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى الموت سبة
إذا ما رأته عامر وسلول
أبادت ملاقات الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملو قتالنا
لأنا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا
وتكرهه آجالهم فتطول
فمنا معيد الليث في قبض كفه ... ومورده في أسره كأس حتفه
ومنا مبيد الألف في يوم زحفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه
ولا طل منا حيث كان قتيل
إذا خاف ضيما جارنا أو جليسنا ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا
وإن اجتنب نار الوقائع سوشنا ... تسيل على حد الضباء نفوسنا
وليس على غير الضباء تسيل
جنى نفعنا الأعداء طورا وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا
ومذ خطبوا قدما صفانا وبرنا ... صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا
اناث أطابت حملنا ومحول
لقد وفت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت من منشأ الأصل شرطنا
فمذ حاولت في ساعة العز هبطنا ... علونا على الخير الظهور وحطنا
لوقت إلى خير البطون نزول
تقر لنا الأعداء عند انتسابنا ... وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا
لقد بالغت أيدي العلا في انتجابنا ... فنحن كماء المزن ما في سحابنا
جهام ولا فينا يعد بخيل
نفيت بنو الدنيا ونحن لحولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم
ونحن أناس تحسد السحب طولهم ... وننكر إن شئنا عن الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول
لأشياخنا سعى به الملك أيد ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد
فما زال منا في الدسوت مؤيد ... إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول بما قال الكرام فعول
سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعمم عطانا كل راج ووامق
وكم قد جنت في المحل نار منافق ... وما خمدت نار لنا دون طارق
ولاذ منا في النازلين نزيل
علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا
فماذا يسر الضد في يوم سونا ... وأيامنا مشهورة في عدونا
لنا غرر مجلوة وجحول
لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت بالعدى كل مضرب
وأحسابنا من عهد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قرار الدارعين فلول
أبدنا الأعادي حين ساء فعالها ... فعاد علينا كيدها ووبال
يبيض جلاليل العجاج صقالها ... معودة إلا تسل نصالها
فتغمد حتى يستباح قتيل
هم هونوا في قدر من لا يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لا يخنهم
فإن شئت خير الحال منا ومنهم ... سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
لئن ثلموا الأعداء عرضي بسومهم ... فكم حملوني في الكرى عند نومهم
وإن أصبحوا قطبا لأبناء يومهم ... فإن بني الريان قطبا لقومهم
تدور رحاهم حولهم فتجول(2/322)
قبيح بمن ضاقت عن الرزاق أرضه ... وطول الفلا رحب لديه وعرضه
ولم يبل سرباك الدجى فيه ركضه ... إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويعلى من النفس النفيسة سومها
أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمها
فليس إلى حسن الشاه جميل
وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... فبانت ومنها ضدنا وحسودنا
إذا عجزت عن فعل كيد بكيدنا ... تعيرنا إنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
رفعنا على هام السماك محلنا ... فما ملك إلا تفيأ ظلنا
وقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما ذل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهول
يواري الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنا على هام المجرة دارنا
ويأمن من صرف الزمان جوارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
ولما حللنا الشام تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه ووزيره
وبالنير إلا على الذي عز طوره ... لنا جبل يحتله من يجيره
منيع يرد الطرف وهو كليل
يريك الشر يا من خلا لشعابه ... وتحدق شهب الأفق حول هضابه
ويقصر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
وقصر على الشقراء قد فاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره
وقا شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره
يعز على من رامه ويطول
إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأرا ولنبلغ رتبة
نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى الموت سبة
إذا ما رأته عامر وسلول
أبادت ملاقات الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملو قتالنا
لأنا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا
وتكرهه آجالهم فتطول
فمنا معيد الليث في قبض كفه ... ومورده في أسره كأس حتفه
ومنا مبيد الألف في يوم زحفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه
ولا طل منا حيث كان قتيل
إذا خاف ضيما جارنا أو جليسنا ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا
وإن اجتنب نار الوقائع سوشنا ... تسيل على حد الضباء نفوسنا
وليس على غير الضباء تسيل
جنى نفعنا الأعداء طورا وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا
ومذ خطبوا قدما صفانا وبرنا ... صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا
اناث أطابت حملنا ومحول
لقد وفت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت من منشأ الأصل شرطنا
فمذ حاولت في ساعة العز هبطنا ... علونا على الخير الظهور وحطنا
لوقت إلى خير البطون نزول
تقر لنا الأعداء عند انتسابنا ... وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا
لقد بالغت أيدي العلا في انتجابنا ... فنحن كماء المزن ما في سحابنا
جهام ولا فينا يعد بخيل
نفيت بنو الدنيا ونحن لحولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم
ونحن أناس تحسد السحب طولهم ... وننكر إن شئنا عن الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول
لأشياخنا سعى به الملك أيد ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد
فما زال منا في الدسوت مؤيد ... إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول بما قال الكرام فعول
سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعمم عطانا كل راج ووامق
وكم قد جنت في المحل نار منافق ... وما خمدت نار لنا دون طارق
ولاذ منا في النازلين نزيل
علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا
فماذا يسر الضد في يوم سونا ... وأيامنا مشهورة في عدونا
لنا غرر مجلوة وجحول
لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت بالعدى كل مضرب
وأحسابنا من عهد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قرار الدارعين فلول
أبدنا الأعادي حين ساء فعالها ... فعاد علينا كيدها ووبال
يبيض جلاليل العجاج صقالها ... معودة إلا تسل نصالها
فتغمد حتى يستباح قتيل
هم هونوا في قدر من لا يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لا يخنهم
فإن شئت خير الحال منا ومنهم ... سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
لئن ثلموا الأعداء عرضي بسومهم ... فكم حملوني في الكرى عند نومهم
وإن أصبحوا قطبا لأبناء يومهم ... فإن بني الريان قطبا لقومهم
تدور رحاهم حولهم فتجول(2/323)
قبيح بمن ضاقت عن الرزاق أرضه ... وطول الفلا رحب لديه وعرضه
ولم يبل سرباك الدجى فيه ركضه ... إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويعلى من النفس النفيسة سومها
أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يحمل عن النفس ضيمها
فليس إلى حسن الشاه جميل
وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... فبانت ومنها ضدنا وحسودنا
إذا عجزت عن فعل كيد بكيدنا ... تعيرنا إنا قليل عديدنا
فقلت لها إن الكرام قليل
رفعنا على هام السماك محلنا ... فما ملك إلا تفيأ ظلنا
وقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما ذل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهول
يواري الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنا على هام المجرة دارنا
ويأمن من صرف الزمان جوارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
ولما حللنا الشام تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه ووزيره
وبالنير إلا على الذي عز طوره ... لنا جبل يحتله من يجيره
منيع يرد الطرف وهو كليل
يريك الشر يا من خلا لشعابه ... وتحدق شهب الأفق حول هضابه
ويقصر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به
إلى النجم فرع لا ينال طويل
وقصر على الشقراء قد فاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره
وقا شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره
يعز على من رامه ويطول
إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأرا ولنبلغ رتبة
نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى الموت سبة
إذا ما رأته عامر وسلول
أبادت ملاقات الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملو قتالنا
لأنا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا
وتكرهه آجالهم فتطول
فمنا معيد الليث في قبض كفه ... ومورده في أسره كأس حتفه
ومنا مبيد الألف في يوم زحفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه
ولا طل منا حيث كان قتيل
إذا خاف ضيما جارنا أو جليسنا ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا
وإن اجتنب نار الوقائع سوشنا ... تسيل على حد الضباء نفوسنا
وليس على غير الضباء تسيل
جنى نفعنا الأعداء طورا وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا
ومذ خطبوا قدما صفانا وبرنا ... صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا
اناث أطابت حملنا ومحول
لقد وفت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت من منشأ الأصل شرطنا
فمذ حاولت في ساعة العز هبطنا ... علونا على الخير الظهور وحطنا
لوقت إلى خير البطون نزول
تقر لنا الأعداء عند انتسابنا ... وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا
لقد بالغت أيدي العلا في انتجابنا ... فنحن كماء المزن ما في سحابنا
جهام ولا فينا يعد بخيل
نفيت بنو الدنيا ونحن لحولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم
ونحن أناس تحسد السحب طولهم ... وننكر إن شئنا عن الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول
لأشياخنا سعى به الملك أيد ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد
فما زال منا في الدسوت مؤيد ... إذا مات منا سيد قام سيد
قؤول بما قال الكرام فعول
سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعمم عطانا كل راج ووامق
وكم قد جنت في المحل نار منافق ... وما خمدت نار لنا دون طارق
ولاذ منا في النازلين نزيل
علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا
فماذا يسر الضد في يوم سونا ... وأيامنا مشهورة في عدونا
لنا غرر مجلوة وجحول
لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت بالعدى كل مضرب
وأحسابنا من عهد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب
بها من قرار الدارعين فلول
أبدنا الأعادي حين ساء فعالها ... فعاد علينا كيدها ووبال
يبيض جلاليل العجاج صقالها ... معودة إلا تسل نصالها
فتغمد حتى يستباح قتيل
هم هونوا في قدر من لا يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لا يخنهم
فإن شئت خير الحال منا ومنهم ... سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
لئن ثلموا الأعداء عرضي بسومهم ... فكم حملوني في الكرى عند نومهم
وإن أصبحوا قطبا لأبناء يومهم ... فإن بني الريان قطبا لقومهم
تدور رحاهم حولهم فتجول
أبيات غزلية لشعراء مختلفين
وغيره لغيره:
أحبانا بنتم عن الدار فاشتكت ... لبعدكم أصالها وضحاها
وفارقتم الدار الأنيسة فاستوت ... رسوم معانيها وفاح كلاها
لأنكم يوم الفراق رحلتم ... بنومي فعيني لا يطيب كراها
وكنت شحيحا من دموعي بقطرة ... فقد صرت سمحا بعدكم بدماها
يراني بساما خليلي يظن بي ... سرورا وأحشاها الهموم ملاها
وكم ضحكة في القلب مني حرارة ... يشب لظاها لو كشفت غطاها
رعى الله ليلات بطيب حديثكم ... تقضت وحياها الحيا وسقاها
لصالح بن عبد القدوس:
ما تبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذا الضنا عاد إلى نكسه
وإن من عذبته في الصبا ... كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا يا ناظرا ... بعد الذي أبصرت من يبسه
وله أيضا:
المرء يجمع والزمان يفرق ... ويظل يرقع والخطوب تمزق
ولئن يعادي عاقلا خير له ... من أن يكون له صديقا أحمق
فارغب بنفسك أن تعاشر أحمقا ... إن الصديق على الصديق مصدق
وزن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي عقول ذوي العقول المنطق
لا ألفينك ثاويا في غربة ... إن الغريب بكل سهم يرشق
غيره لغيره:
تباعدتم لا أبعد الله داركم ... وأوحشتم لا أوحش الله منكم
تباعدتم عن ناظري وسكنتم ... ضميري وحليتم به وأقمتم
فلا عين إلا مثل عيني قريحة ... ولا قلب إلا مثل قلبي ميتم
ولست ألاقي رايحا عن دياركم ... ولا غاديا إلا واسأل عنكم
غيره لغيره:(2/324)
تباعدتم لا أبعد الله داركم ... وأوحشتم لا أوحش الله منكم
تباعدتم عن ناظري وسكنتم ... ضميري وحليتم به وأقمتم
فلا عين إلا مثل عيني قريحة ... ولا قلب إلا مثل قلبي ميتم
ولست ألاقي رايحا عن دياركم ... ولا غاديا إلا واسأل عنكم
غيره لغيره:
وحق الهوى ما ملت يوما عن الهوى ... ولكن نجمي في المحبة قد هوى
ومن كنت أرجو قربه قتلتي نوى ... وأضنى فؤادي بالقطيعة والنوى
غيره لغيره:
ليس في الهوى عجب ... إن أصابني النصب
حامل الهوى تسب ... يستفزه الطرب
غيره:
خوالج لا ينفك صبا متيما ... غريق دموع قلبه يشتكي الظما
لفرط البكا قد صار جلدا وأعظما ... فلا عجب أن يمزج الدمع بالدما
الغرام أنحله ... إذا أصاب مقتله
إن بكى يحق له ... ليس ما به لعب
ألا قل لذات الخال يا ربة الذكا ... ومن بضياء الوجه فاقت على ذكا
شكوت غرامي لو رثيت لمن شكى ... وأطلقت دمعي لو شفى الدمع من بكى
فانثنيت ساهية ... والقلوب واهية
تضحكين لاهية ... والحبيب ينتحب
أسرت فؤادي حين أطلقت عبرتي ... وبدلتني من مييتي بمنيتي
ولما رأيت السقم انحل مهجتي ... تعبت من سقمي وأنكرت قتلتي
صرت إذا بدا المي ... عندما أرقت دمي
تعجبين من سقمي ... صحتي هي التعب
تحجبت عن عيني فأيقنت بالشقا ... وآيسني فرط الحجاب من اللقى
فلما أمنت الستر وارتحت باللقاء ... غضبت بلا ذنت وغادرتني لفا
حين ترفع الحجب ... منك يغلى لهب
كلما قضى سبب ... منك عادتي
حكى الإسكافي في مقاماته بإسناد ذكره أن أبا سفيان حضر مجلس عثمان وقد كف بصره فأذن المؤذن وكان علي عليه السّلام حاضرا فقال أبو سفيان: هل علينا من عين؟ فقال عثمان: لا وإنما قال ذلك لأنه يمكنه أن يقول علي عين علينا، فقال: انظروا أخا هاشم أين وضع اسمه فقال علي عليه السّلام: أسخن الله عينيك يا أبا سفيان ما وضع اسمه حيث وضعه إلا بعد أن وضعه الله حيث يقول: {(وَرَفَعْنََا لَكَ
ذِكْرَكَ)} فقال أبو سفيان: بل أسخن الله عيني من قال ما علينا من عين.(2/325)
الجزء الثالث
تواريخ جملة من العلماء
الشيخ محمد بن يعقوب الكليني: صاحب الكافي مات سنة تسع وعشرين وقيل ثمان وعشرين وثلاثمئة.
الشيخ علي بن الحسين بن بابويه: مات سنة تسع وعشرين وثلاثمئة.
الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه: صاحب الفقيه وغيره مات في السنة الحادية والسبعين بعد الثلاثمئة.
جعفر بن محمد بن موسى بن قولويه: أستاذ الشيخ المفيد مات سنة تسع وستين وثلاثمئة وقيل الثامنة والستين بعد الثلاثمئة.
الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد: ولد يوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة الثلاث وقيل الثامنة والثلاثين بعد الثلاثمئة. ومات قدس الله سره ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان سنة الثالثة عشرة بعد الأربعمئة ودفن في داره سنين ثم نقل إلى مقابر قريش بالقرب من الإمام أبي جعفر الجواد عليه السّلام إلى جانب قبر شيخه ابن قولويه وصلى عليه الشريف المرتضى.
أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي: صاحب كتاب الرجال كان مولده في صفر في السنة الثالثة والسبعين بعد الثلاثمئة، ووفاته في جمادى الأولى سنة الخمسين بعد الأربعمئة.
الحسين بن عبد الله القصاري: شيخ الشيخ الطوسي والنجاشي معا مات سنة الحادية عشرة بعد الأربعمئة.
الشيخ محمد بن الحسن الطوسي: شيخ الطائفة ولد في شهر رمضان سنة الخامسة والثمانين بعد الثلاثمئة وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشرة شهر المحرم سنة الستين بعد الأربعمئة.
السيد المرتضى: علي بن الحسين علم الهدى كان مولده في شهر رجب سنة الخامسة والخمسين بعد الثلاثمئة ووفاته في شهر الربيع لخمس بقين منه سنة السادسة والثلاثين بعد الأربعمئة.(3/5)
السيد الرضي. محمد بن الحسين مولده سنة التاسعة والخمسين بعد الثلاثمئة وتوفي في السادس من المحرم سنة السادسة بعد الأربعمئة.
الشيخ الرئيس: أبو علي بن سينا مولده في صفر سنة 370ووفاته في شهر رمضان سنة 428.
الشيخ عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني: مولده في رجب سنة 389 ووفاته سنة الحادية وقيل الرابعة والسبعين بعد الأربعمئة.
الإمام الرازي: فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر مولده في 15شهر رمضان سنة الثالثة وقيل الرابعة والأربعين بعد الخمسمئة وتوفي سنة السادسة بعد الستمئة.
أبو حامد الغزالي: محمد بن محمد بن أحمد حجة الإسلام مولده سنة 450 ووفاته يوم الإثنين رابع عشر جمادى الآخر سنة 550.
أخوه أبو الفتوح: أحمد بن محمد الغزالي توفي سنة 20وقيل سنة 517.
الخواجة نصير الدين: محمد بن محمد الطوسي مولده يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى وقت طلوع الشمس والطالع الحوت سنة 597ووفاته آخر نهار الإثنين ثامن عشر ذي الحجة وقت غروب الشمس سنة 672ببغداد ودفن بالمشهد الشريف الكاظمي على مشرفه السلام.
الرضي الاسترابادي: محمد بن الحسن شارح الكافية والشافية توفي سنة 676.
العلامة جار الله محمود بن عمر الزمخشري: مولده يوم الأربعاء السابع والعشرين من رجب سنة 467وتوفي ليلة عرفة سنة 538بجرجانية خوارزم.
العلامة سراج الدين السكاكي: المعتزلي صاحب المفتاح مولده وقت الصبح من يوم الثلاثاء ثالث جمادى الأولى سنة 555بخوارزم وتوفي في أوائل رجب سنة 626.
الكاتبي: علي بن عمر القزويني صاحب الشمسية وحكمة العين ووفاته سنة 675.
المولى بهاء الدين: الوزير على بن عيسى الأربلي صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة مولده سنة 625ووفاته سنة 692.(3/6)
الكاتبي: علي بن عمر القزويني صاحب الشمسية وحكمة العين ووفاته سنة 675.
المولى بهاء الدين: الوزير على بن عيسى الأربلي صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة مولده سنة 625ووفاته سنة 692.
القاضي ناصر الدين: عبد الله بن عمر بن محمد بن علي القاضي البيضاوي صاحب التفسير المشهور مات سنة 692.
الصاحب: أبو القاسم إسماعيل بن عباد الوزير مولده لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 326وتوفي ليلة الجمعة رابع عشر شهر صفر سنة 375.
محي الدين بن العربي: مولده من شهر رمضان سنة 565ووفاته في عشري من ربيع الأولى سنة 638.
الخليل بن أحمد الفراهيدي: مولده سنة 105ووفاته سنة 170وقيل سنة 175.
أبو الفضل: أحمد بن الحسين المعروف ببديع الزمان الهمذاني توفي يوم الجمعة الحادي عشر من جمادى الآخرة سنة 398.
أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري: مولده سنة 5وقيل 97وتوفي في البصرة سنة 161.
محمد بن سيرين: ذو اليد الطولى في التعبير مولده لستين بقيتا من خلافة عثمان وتوفي تاسع شوال يوم الجمعة بالبصرة سنة 115.
أياس بن معاوية المزني: المضروب به المثل في الذكاء والفطنة توفي سنة 122وعمره يومئذ 67سنة.
النعمان بن ثابت: أبو حنيفة مولده سنة 85ووفاته سنة 155.
سيبويه: أبو بشر عمرو بن عثمان توفي سنة 196وعمره 32سنة وقبره بشيراز معروف.
أبو منصور الثعالبي: عبد الملك بن محمد صاحب يتيمة الدهر مولده سنة 355ووفاته سنة 429.
أبو بكر محمد بن زكريا: الطبيب المشهور توفي سنة 311.
الحسن بن أبي الحسن البصري: مولده لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب ووفاته بالبصرة مستهل رجب سنة 151.(3/7)
الكسائي علي بن حمزة: توفي سنة 172بطوس.
مالك بن أنس: الإمام مولده سنة 95ومدة الحمل به ثلاث سنين كما نقله علماؤهم ووفاته في شهر ربيع الأول سنة 129.
محمد بن يعقوب الفيروزابادي: صاحب القاموس مولده في ربيع سنة 739 ووفاته بزبيد ليلة العشرين من شهر شوال سنة 817.
أبو النظر إسماعيل بن حماد الجوهري: صاحب الصحاح مات سنة 373.
أبو القاسم الجنيد: ابن محمد الزاهد المشهور مات سنة 70وقيل 298.
جلال الدين الدواني: مات سنة 959.
عبد الرحمن الجامي: نسبة إلى جام من أعمال نيسابور مات سنة 898.
المولى عبد الغفور: تلميذ الجامي وصاحب الحاشية على شرح الجامي مات سنة 912.
ميرزا جامي: الشيرازي مات سنة 995.
الحكيم داود البصير المصري: صاحب التذكرة في الطب مات سنة 559.
حسن چلبى: صاحب حاشية المطول والبيضاوي مات سنة 886.
مير حصن الميبدي: اليزدي مات سنة 958.
جلال الدين السيوطي: مات سنة 911.
العلامة عمر بن مسعود التفتازاني: الشافعي مات سنة 792.
ملا عصام الإسفرائيني: مات سنة 944.
ابن حجر العسقلاني: مات سنة 852.
الأمير ابن المقرب: الشاعر المشهور مات سنة 504.
الإمام محمد بن إدريس الشافعي: مولده سنة 155ومات يوم الجمعة آخر يوم من شهر رجب سنة 254.
الإمام أحمد بن حنبل: مولده في ربيع الأول سنة 214وتوفي سنة 241.
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: صاحب الصحيح مولده في شوال سنة 194ومات ليلة عيد الفطر سنة 256.(3/8)
القاضي شمس الدين: أحمد بن خلكان صاحب التاريخ مولده يوم الخميس حادي عشر ربيع الآخر سنة 658ومات يوم السبت 16شهر رجب بدمشق سنة 681.
أبو نصر: محمد بن محمد بن طرخان الفارابي الحكيم المشهور توفي سنة 339.
الحريري: محمد بن القاسم بن علي صاحب المقامات مولده سنة 446 ووفاته سنة 16وقيل سنة 51.
مسلم بن الحجاج: صاحب الصحيح توفي في رجب بنيسابور سنة 261 وعمره 55.
العلامة الحلي: الحسن بن يوسف بن المطهر مولده على ما نص عليه في الخلاصة تاسع عشر شهر رمضان سنة 648ووفاته تغمده الله برحمته حادي عشر محرم الحرام سنة 726.
السيد رضي الدين: علي بن موسى بن طاوس صاحب الكرامات مولده يوم الخميس منتصف شهر محرم سنة 579ووفاته صبح يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة 664وكانت ولايته للنقابة ثلاث سنين وأحد عشر شهرا.
المحقق نجم الدين: جعفر بن سعيد مات ثالث عشر جمادى الآخر سنة 696.
نجيب الدين: يحيى بن سعيد صاحب الجامع توفي ليلة عرفة في الثلث الأول من الليل شهر ذي الحجة سنة 689.
الشيخ حسين بن عبد الصمد: والد شيخنا البهائي مولده كان أول يوم من المحرم سنة 918وتوفي بقرية المصلى من قرى البحرين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة 984.
الشيخ محمد بن مكي الشهير بالشهيد الأول: قتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق تاسع عشر شهر جمادى الأولى سنة 786لعن الله الساعي والقاتل والراضي والمعين.(3/9)
السيد محمد صاحب المدارك: مولده سنة 946وتوفي ليلة السبت ثامن عشر ربيع الأول من السنة 1059.
السيد نور الدين بن أبي الحسن: أخ السيد محمد المذكور لأبيه كانت ولادته سنة 980ووفاته لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة 1068.
الشيخ زين الدين الشهير بالشهيد الثاني: توفي سنة 965وكانت ولادته في سنة 891لعن الله الساعي لقتله والآمر والفاعل والراضي.
الشيخ بهاء الدين: محمد بن الحسين بن عبد الصمد مولده ببلدة بعلبك غروب الشمس يوم الخميس لثلاث عشر بقين من شهر محرم الحرام سنة 953 وتوفي قدس الله سره لاثني عشر خلون من شهر شوال سنة 1031.
الشيخ عبد الصمد: أخي الشيخ بهاء الدين توفي سنة 205حوالي المدينة المنورة ونقل جسده الشريف إلى النجف الأشرف.
السيد حسين بن السيد محمد: صاحب المدارك توفي سنة 1068.
الشيخ حسن: بن شيخنا الشهيد الثاني ولادته سنة 949وتوفي سنة 1016.
الشيخ محمد: بن الشيخ حسن المذكور توفي سنة 1035.
الشيخ زين الدين: ابن الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين توفي سنة 1062.
المحقق الشيخ علي بن عبد العالي: توفي سنة 945.
الشيخ علي بن عبد العال الميسي: توفي سنة 930.
الميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترابادي: صاحب كتب الرجال الثلاث توفي في مكة لثلاث عشرة خلون من ذي القعدة سنة 1028.
ملا محمد أمين: صهره صاحب الفوائد المدنية المجاور بمكة المشرفة توفي بها سنة 1033.
السيد حسين: الشهير بخليفة سلطان صهر سلطان العجم توفي سنة 1066.
صدر الدين: محمد بن إبراهيم الشيرازي الشهير بملا صدرا توفي بالبصرة وهو متوجه للحج سنة 1055.(3/10)
ميرزا رفيع الدين: الشهير بميرزا رفيعا توفي سنة 1085.
السيد ماجد: بن هاشم بن علي بن مرتضى بن علي بن ماجد الحسيني البحراني توفي سنة 1028وقبره بشيراز معروف في مشهد السيد أحمد المشهور بشاه چراغ.
السيد أبو محمد: بن حسين بن حسن بن أحمد بن سليمان الغريفي البحراني صاحب كتاب الغيبة توفي سنة 1051.
ملا أحمد الأردبيلي: توفي شهر صفر سنة 993.
الشيخ جمال الدين: أبي العباس أحمد بن محمد بن فهد الحلي توفي سنة 841وقد بلغ من العمر 88سنة.
مير محمد باقر: الشهير بالداماد توفي سنة 1041.
الشيخ محمد باقر الشهير بالمجلسي: توفي سنة 1111وتاريخه غم وحزن وقال قدس الله سره في حاشية له على كتاب بحار الأنوار عند ذكره هذه التسمية ما صورته: ومن الغرائب أنه وافق تاريخ ولادتي عدد جامع كتاب بحار الأنوار كما تفطن له بعض أصحابنا الأخيار انتهى. ومنه يظهر أن مولده كان سنة 1035فعلى هذا كان عمره قدس الله سره 84سنة.
الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني: المستوطن في حيدر آباد من ولاية الهند توفي بها سنة 1088.
الشيخ علي: ابن سليمان بن حسن بن سليمان بن درويش بن حاتم القدمي توفي في سنة 1044.
الشيخ أحمد: ابن الشيخ محمد بن يوسف المقابي البحراني توفي جوار الكاظم عليه السّلام سنة 1152.
الشيخ محمد بن يوسف: والده توفي بعده في السنة 1153.
السيد هاشم التوبلي البحراني: توفي سنة 1157.
الشيخ سليمان: بن علي بن سليمان بن راشد بن أبي ظبية توفي سنة 1151.
الشيخ سليمان: بن صالح بن أحمد بن عصفور أحد أجداد الفقير توفي في سنة 1085في جوار سيد الشهداء في كربلاء.(3/11)
أخوه الحاج أحمد بن صالح وإن لم يكن من جملة العلماء إلا أنا استطردنا بذكره لكونه جدنا توفي سنة 1075.
جدي: الشيخ إبراهيم بن الحاجي أحمد المذكور استطردنا بذكره أيضا لما ذكرنا توفي في جوار الكاظميين عليهم السلام سنة 1125.
والدي الشيخ أحمد بن إبراهيم المذكور: والد الفقير توفي في بلدة القطيف سنة 1131وعمره يومئذ 47سنة وقد قدمنا ترجمته في هذا الكتاب وعدد مصنفاته.
الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي: البحراني مولده في شهر رمضان من السنة 1075في ليلة النصف منه وتوفي باليوم السادس عشر من شهر رجب سنة 1121.
الشيخ حسين: ابن الشيخ مفلح بن حسن الصميري توفي في البحرين في قرية سلماباد مفتتح شهر محرم الحرام سنة 1235ينيف على ثلاثين سنة.
الشيخ عبد الله: ابن صالح بن جمعة السماهيجي البحراني توفي ليلة الأربعاء 9جمادى 2سنة 1136.
الشيخ أحمد: ابن صالح بن حاجي بن علي بن عبد الحسين بن شنبه الدرازي البحراني المتوطن بجهرم من توابع شيراز وبها توفي سنة 1124وكان مولده على ما رأيته بخطه في سنة 1057.
الشيخ علي: ابن جعفر بن الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني توفي سنة 1131.
الشيخ محمد: ابن يوسف بن علي بن كنبار البلادي توفي شهر ذي القعدة سنة 1135.
الشيخ أحمد: بن عبد الله بن حسن البلادي كانت وفاته غروب الشمس من يوم الإثنين رابع عشر رمضان سنة 1138.
أبو طالب: محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر فخر الدين الحلي مولده ليلة الإثنين نصف الليل تقريبا ليلة العشرين من جمادى الأولى سنة 682ووفاته ليلة الجمعة 25شهر جمادى الآخرة سنة 771.(3/12)
الشيخ محمد بن نمى: توفي بعد رجوعه من زيارة الغدير في ذي الحجة سنة 645
السيد عبيد الله: عبد المطلب ولد ليلة النصف من شهر شعبان سنة 681 بالحلة وتوفي ليلة الإثنين عاشر شعبان سنة 754ببغداد ونقل إلى المشهد الغروي على مشرفه السلام.
الشيخ أبو علي الطبرسي: صاحب التفسير توفي في شهور السنة 948في شيراز ثم نقل إلى المشهد المقدس الرضوي على مشرفه السلام.
السيد علي صدر الدين: السيد بهي صاحب السلافة وغيرها الشيرازي مولده سنة 1052وتاريخه بي غم ووفاته سنة 1118في شيراز وقبره في مشهد السيد أحمد المذكور بشاه چراغ معروف وتاريخ وفاته سر مقر شيراز.
جامع هذا الكتاب: الشيخ الفاضل الأوحد الشيخ يوسف بن الشيخ أحمد بن إبراهيم البحراني قدس الله سره ميلاده على ما صرح في غير موضع سنة 1117 ووفاته في رابع ربيع الأول سنة 1186في كربلاء المعلى ودفن في سرداب قريب إلى الشهداء رضوان الله عليهم وبابه من خارج الحرم. وكتب هذين السطرين ولده حسن عفا الله عنهم وتاريخ وفاته رحمه الله تعالى بكاه يوسف تأويل الأحاديث.
مبغض علي عليه السّلام ابن زنا أو ابن حيضة
لطيفة حسنة: نقل شيخنا أبو الحسن قدس الله سره في كتاب رسالة الذخيرة في الحشر في نسب عمر: إنه ذكر العلامة قدس الله سره في بعض كبته وأظنه (كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين) أن جماعة من حاضري مجلس أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي تذاكروا الحديث الوارد عنهم عليهم السّلام إنه قال لعلي عليه السّلام: يا علي لا يبغضك إلا ابن زنا وابن حيضة. فقال ابن لأبي دلف:
هذا الحديث غير صحيح وبالغ في إنكاره وقال: ايخان الأمير في أهله؟ فقالوا:
لا، فقال: ها أنا أبغض عليا أشد البغض، فدخل أبو دلف المجلس وهم يتشاجرون في ذلك فسألهم عما يتشاجرون فيه فكتموا فحلف عليهم إلا أخبروه فأخبروه بالخبر وبما قال إبنه ثم قال أبو دلف: الخبر صحيح، ثم قال لابنه: أنت ابن زنا وابن حيضة معا، وحكى لهم إنه كان مريضا عند أخيه وان أم الغلام المذكور كانت جارية أخيه فبعثها إليه لتخدمه وتحمل إليه طعامه وشرابه، فمالت
نفسه إلى مخالطتها فدعاها إلى ذلك فأبت واعتذرت بأنها حائض قال: فلم التفت إليها وأكرهتها وجامعتها حائضا فحملت بالولد المذكور.(3/13)
لا، فقال: ها أنا أبغض عليا أشد البغض، فدخل أبو دلف المجلس وهم يتشاجرون في ذلك فسألهم عما يتشاجرون فيه فكتموا فحلف عليهم إلا أخبروه فأخبروه بالخبر وبما قال إبنه ثم قال أبو دلف: الخبر صحيح، ثم قال لابنه: أنت ابن زنا وابن حيضة معا، وحكى لهم إنه كان مريضا عند أخيه وان أم الغلام المذكور كانت جارية أخيه فبعثها إليه لتخدمه وتحمل إليه طعامه وشرابه، فمالت
نفسه إلى مخالطتها فدعاها إلى ذلك فأبت واعتذرت بأنها حائض قال: فلم التفت إليها وأكرهتها وجامعتها حائضا فحملت بالولد المذكور.
يقول جامع هذا الكشكول وناظم هذه النقول: قد اطلعت قديما على هذه الحكاية على وجه أبسط من هذا النقل إلا أنه لا يحضرني الآن اسم الكتاب المنقول عنه وملخص ذلك أن الجماعة الحاضرين في المجلس تذاكروا الحديث المشار إليه بزيارة ملوط في عجانه على ابن الزنا وابن الحيضة، فلما دخل أبو دلف المجلس. وسأل عما يتشاجرون عنه فيه كتموا الأمر عنه فلما ألح عليهم فأخبروه فقال: نعم إن هذا الملعون يعني إبنه كمل الثلاث الخصال، فحكى لهم أن أخاه كان ببلدة بعيدة عنه وانه اشتاق إلى لقائه فسافر إليه، ثم أتفق أن مرض هناك فعين له أخوه حجرة على حدة وعين له جارية تخدمه، فلما طاب من مرضه مالت نفسه إلى الجارية فواقعها واتفق أنها حائض ثم انه سافر بعد ذلك ورجع إلى بلده فما مضت الأيام حتى ظهر الحمل بالجارية المشار إليها، فأنكر منها سيدها ذلك فأخبرته أن أخاه هو الذي فعل بها ذلك يوم كان عنده فلما سمع ذلك أرسل إلى أخيه وأعطاه اياها فوضعت عنده بهذا الغلام. قال: إني في بعض الأيام خرجت إلى المكان الذي فيه الخدم فإذا واحد من الخدم يلوط بهذا الملعون، فلا تعجبوا من بغضه عليا فتعجب الحاضرون من ذلك أتم العجب.
أقول: والذي وقفت عليه من الأخبار في هذا المعنى ما رواه شيخنا الصدوق عطر الله مرقده في كتاب العلل بإسناده عن جابر الجعفي عن إبراهيم القرشي قال:
كنت عند أم سلمة فقالت: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا علي لا يبغضنك إلا ثلاثة ولد الزنا والمنافق ومن حملته أمه وهي حائض.
وما رواه فيه أيضا بإسناده عن جابر قال: قال أبو أيوب الأنصاري: أعرضوا حب علي على أولادكم فمن أحبه فهو منكم ومن لم يحبه فاسألوا أمه من أين جاءت به فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السّلام: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق أو ولد زنية أو من حملت به أمه وهي حائض.
وما رواه الحميري في كتاب قرب الإسناد عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي جعفر عليه السّلام عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي عليه السّلام فقال: جعلني الله فداك إني أحبكم أهل البيت. قال: وكان فيه لين فاثنى عليه عدة فقال له: كذبت ما يحبنا مخنث ولا ديوث ولا ولد زنا ولا من حملت به أمه وهي في حيضها.(3/14)
قال: فذهب الرجل فلما كان يوم صفين قتل مع معاوية.
وقد أكثر الشعراء في هذا المعنى. قال صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي رحمه الله تعالى:
أمير المؤمنين أراك لما ... ذكرتك عند ذي حسب صغى لي
وإن كررت ذكرك عند نغل ... تكدر عيشه وبغى قتالي
فصرت إذا شككت بأصل امرء ... ذكرتك بالجمير من المقال
فليس يطيق سمع سناك إلا ... كريم الأصل محمود الفعال
فها أنا قد عرفت بك البرايا ... فأنت محك أولاد الحلال
وقال الشيخ علي بن حماد البصري رحمه الله:
طابت موالدنا بحب أئمة ... هم طاهرون من العيوب أطائب
وموالد النصاب قد خبثت ... ففيها شبهة معروفة وشوائب
إبليس يشرك فيهم أباؤهم ... فالخبث فيهم لا محالة لازب
وقال الصاحب بن عباد قدس سره:
بحب علي تزول الشكوك ... وتزكو النفوس ويصفو النجار
فمهما رأيت محبا له ... فثم الزكاء وثم الفخار
ومهما رأيت عدوا له ... ففي أصله نسب مستعار
فلا تعذلوه على فعله ... فحيطان دار أبيه قصار
وقال الأمير سيف الدولة:
حب علي بن أبي طالب ... للناس مقياس ومعيار
يخرج ما في أصلهم مثلما ... يخرج غش الذهب النار
وقال عبد الله بن أبي طالب القمي:
ما شك في فضل آل فاطمة ... إلا امرؤ ما لأمه بعل
نغل إذا الحر طاب مولده ... وكيف يهوى أولي الهدي نغل
خدي لأقدام آل فاطمة ... إذا تخطوا على الثرى نعل
وقال أبو الأسود الدؤلي:
امفندي في حب آل محمد ... حجر بفيك فدع ملامك أوزد
من لم يكن بحبالهم متمسكا ... بل يعترف بولادة لم ترشد
وقال السلطان سليم أحد سلاطين الروم:(3/15)
امفندي في حب آل محمد ... حجر بفيك فدع ملامك أوزد
من لم يكن بحبالهم متمسكا ... بل يعترف بولادة لم ترشد
وقال السلطان سليم أحد سلاطين الروم:
من كان ذا علم وذا فطنة ... وبغض أهل البيت ما شانه
فإنما الذنب على أمه ... إذ حملت من بعض جيرانه
ولبعضهم وهو مشهور:
لا عذب الله أمي إنها شربت ... حب الوصي وأسقتنيه في اللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن ... فكنت من ذا وذا أهوى أبا حسن
وروى الصدوق قدس الله سره في كتاب عيون أخبار الرضا عن معمر بن خلاد وجماعة قال علي الرضا عليه السّلام فقال له بعضنا: جعلني الله فداك ما لي أراك متغير الوجه فقال: إني بقيت الليلة ساهرا متفكرا في قول مروان بن أبي حفصة:
انى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
ثم نمت فإذا بقائل وقد أخذ بعضادتي الباب وهو يقول:
أنّى يكون وليس ذاك بكائن ... للمشركين دعائم الإسلام
لبني البنات نصيبهم من جدهم ... والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث وإنما ... سجد الطليق مخافة الصمصام
فائدة: المستفاد من الأخبار التي يضيق عن نقلها المقام أن صحة النسب وحب أهل البيت عليهم السلام متلازمان كما أن نقيضيهما كذلك، ومن هنا ذهب جمع من الأصحاب إلى كفر ولد الزنا والأخبار الدالة عليه كثيرة.
وقد روى السيد الجليل رضي الدين بن طاوس في كتاب ربيع الشيعة عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: إذا كان يوم القيامة دعى الناس كلهم بأسماء أمهاتهم ما سوى شيعتنا فإنهم يدعون بأسماء أبائهم لطيب مواليدهم.
من جملة أسباب الزنا أكل الخمس
وقد تواترت الأخبار معنى بتحليل الخمس للشيعة لتطيب ولادتهم، وفي بعضها أن الزنا وخبث الولادة إنما دخل على المخالفين من جهة الخمس، ففي رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا قلت: فكيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال: يا أبا حمزة كتاب الله المنزل ان الله جعل لنا أهل البيت
سهاما ثلاثة في جميع الفيء. ثم قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمََا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلََّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ََ وَالْيَتََامى ََ وَالْمَسََاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، فنحن أصحاب الخمس والفيء، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا، والله يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس يخمس ويضرب على شيء منها إلا كان حراما على ما كان يصيبه فرحا كان أو مالا، ولو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يريد، حتى أن الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقنا ذلك الحديث.(3/16)
وقد تواترت الأخبار معنى بتحليل الخمس للشيعة لتطيب ولادتهم، وفي بعضها أن الزنا وخبث الولادة إنما دخل على المخالفين من جهة الخمس، ففي رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا قلت: فكيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال: يا أبا حمزة كتاب الله المنزل ان الله جعل لنا أهل البيت
سهاما ثلاثة في جميع الفيء. ثم قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمََا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلََّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ََ وَالْيَتََامى ََ وَالْمَسََاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، فنحن أصحاب الخمس والفيء، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا، والله يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس يخمس ويضرب على شيء منها إلا كان حراما على ما كان يصيبه فرحا كان أو مالا، ولو قد ظهر الحق لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يريد، حتى أن الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقنا ذلك الحديث.
وفي صحيحة ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله: أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ قال: لا أدري. فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين فإنه يحل لهم لميلادهم إلى غير ذلك من الأخبار.
عن الصادق عليه السّلام: أن من شرب الماء من قيام بالنهار أدر للعرق وأقوى للبدن.
وفي المحاسن: عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن علي عليه السّلام إنه كان يشرب وهو قائم.
عن أبي عبد الله: الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان بالفقر.
وقال: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من سره أن يكون خير في بيته فليتوضأ عند حضور طعامه. فقال عليه السّلام من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة وعوفي في بلوى جسده.
قال: وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ابدأوا بالملح في أول الطعام فلو علم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب.
طول آدم وحوا
علي بن إبراهيم: عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن مقاتل بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام كم كان طول آدم عليه السّلام حين هبط إلى الأرض وكم كان طول حوا؟ قال: وجدنا في كتاب علي عليه السّلام أن الله عز وجل لما أهبط آدم إلى الأرض وزوجه حوا كان رجلاه بثنة الصفا ورأسه دون أفق السما، وإنه شكى إلى الله عز وجل من حر الشمس فأوحى الله إلى جبرئيل عليه السّلام أن آدم قد شكى ما يصيبه من حر الشمس فاغمزه غمزة وصير طوله سبعين ذراعا واغمز حوا غمزة وصير طولها خمسة وثلاثين ذراعا بذراعها.(3/17)
احصاء من قتله الحجاج صبرا
تاريخ ابن الجوزي: عن هشام بن حسان قال: أحصينا من قتله الحجاج صبرا فبلغ مئة ألف وعشرون ألفا. قال: ووجد في سجنه ثلاثة وثلاثون ألفا ما يجب على أحد منهم قطع ولا صلب ولا قتل، وكان سجنه حائطا محوطا لا سقف فيه، فإذا آوى المسجونين إلى ظل الجدار يستظلون به من حر الشمس رمتهم الحسرس بالحجارة، وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا بالملح والرماد، وكان لا يلبث الرجل في سجنه إلا يسيرا حتى يسود ويصير كأنه زنجي، حتى أن غلاما حبس فيه فجاءت إليه أمه بعد أيام تتعرف خبره فلما تقدم إليها أنكرته وقالت: ليس هذا إبني هذا بعض الزنج فقال: لا والله يا أماه أنت فلانة بنت فلان وأنا فلان، فلما عرفته شهقت شهقة كانت فيها خروج نفسها، وكانت إمارة الحجاج على العراق عشرين سنة وآخر من قتل سعيد بن جبير فوقعت الأكلة في بطنه، وأخذ الطبيب لحما فشده في خيط وأمره بابتلاعه ثم استخرجه فإذا قد لصق به دود كثير فعلم انه ليس بناج.
في حمل الأئمة عليه السّلام
من كتاب الهداية: للحسين بن حمدان الحضيني عن الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري في حديث مولد القائم عليه السّلام في كلامه لعمته حكيمة انا معاشر الأوصياء ليس نحمل في البطون وإنما نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام وإنما نخرج من الفخذ الأيمن عن أمهاتنا لأننا نور الله الذي لا تناله الدناسات.
ومنه أيضا: عند ذكر فاطمة عليها السلام انها ولدت الحسن والحسين عليهما السلام من فخذها الأيمن وزينب وأم كلثوم من فخذها الأيسر.
قال: ومثله روي عن وهب بن منبه أن مريم عليها السلام ولدت المسيح عليه السّلام من فخذها الأيمن وان النفخة كانت من جنبها والكلمة كانت في قلبها.
وفي تفسير: جابر عن الباقر عليه السّلام في قوله عز وجل: {أَحْصَنَتْ فَرْجَهََا فَنَفَخْنََا فِيهِ مِنْ رُوحِنََا} إن النفخة كانت في جنبها والكلمة على قلبها، وصح أن النفخة في آدم عليه السّلام لم تكن في فرجه وإنما كانت في جنبه إنتهى.
أقول: ان الذي في كتب الرجال أن الحسين بن حمدان الحضيني كان فاسد
المذهب كذابا صاحب مقالة ملعون لا يلتفت إليه، وظاهر لمن تدبر هذا الكتاب وهو الهداية إنه من أجلاء الإمامية والله أعلم.(3/18)
أقول: ان الذي في كتب الرجال أن الحسين بن حمدان الحضيني كان فاسد
المذهب كذابا صاحب مقالة ملعون لا يلتفت إليه، وظاهر لمن تدبر هذا الكتاب وهو الهداية إنه من أجلاء الإمامية والله أعلم.
فائدة رجالية
من فوائد: شيخنا العلامة أبي الحسن الشيخ سليمان قدس سره كتاب الفصول المهمة من تصانيف الشيخ الجليل علي بن محمد المكي المالكي كما ذكره مولانا العلامة الأردبيلي قدس الله سره في آيات الأحكام والشافعي كما ذكره مولانا المحقق مير نور الله التستري المرعشي في كتاب مصائب النواصب فعلى التقديرين فأمره عجيب لأن الذي يظهر من حاله في هذا أما إنه إمامي صحيح العقيدة والظاهر انه كذلك في الواقع وان إظهاره أحد المذهبين نقية واستصلاح وقد وقع مثله في رجالنا كثيرا منهم محمد بن إبراهيم بن يوسف الكاتب فقد ذكر أصحابنا أنه كان على الظاهر تفقه على مذهب الشافعي ويرى رأي الشيعة الإمامية في الباطن وله كتب على المذهبين، ومنهم الشيخ الجليل والعالم النبيل زين الدين الحسن بن قرطة الحلي صاحب كتاب مراصد العرفان ومقاصد الإيمان ومنهم صاحب كتاب روضة الأحباب وغيرهم ممن يطول تعدادهم إنتهى كلامه قدس الله سره.
حكي في المثل السائر: قال: كان عمر بن هبيرة الفزاري وشريك النميري سائرين في طريق فتقدمت بغلة شريك في المسير فصاح به عمر أغضض لجامها، فقال شريك: أصلح الله الأمير إنها مكتوبة فتبسم عمر وقال: ويحك إني لم أرد هذا، فقال شريك: والله ولا أنا رددته، كأن عمر أراد قول جرير:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فأراد شريك قول الآخر:
لا تأمنن فزاريا نزلت به ... على قلوصك واكبتها باسيار
من قصص مجنون ليلى
قال ابن الجوزي في تاريخه: لما تزوجت ليلى جاء المجنون إلى زوجها وهو يصطلي في يوم شات، فوقف وقال له:
بربك هل ضممت إليك ليلى ... قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى ... رفيف الأقحوانة في رباها
فقال: اللهم إذ حلفتني فنعم فقبض بكلتا يديه قبضة من الجمر فما فارقهما حتى سقط مغشيا عليه فسقط الجمر مع لحم يديه. توفي المجنون سنة سبعين من الهجرة كذا نقل في كشكول شيخنا البهائي (ره).(3/19)
بربك هل ضممت إليك ليلى ... قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى ... رفيف الأقحوانة في رباها
فقال: اللهم إذ حلفتني فنعم فقبض بكلتا يديه قبضة من الجمر فما فارقهما حتى سقط مغشيا عليه فسقط الجمر مع لحم يديه. توفي المجنون سنة سبعين من الهجرة كذا نقل في كشكول شيخنا البهائي (ره).
(ومنه أيضا) توبة بن الحمير كان يعشق ليلى الأخيلية وهو أشهر من أن يذكر توفي سنة خمس وسبعين ومن شعره قاله:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت ... علي ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ... إليها صدى من جانب القبر صائح
وله أيضا:
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
لضل صدى صوتي وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهسن ويطرب
قال ابن الجوزي: في كتابه صفوة الصفوة أن ليلى الأخيلية تزوجت بعد موت توبة، ثم أن زوجها مر في بعض الأيام بقبر توبة وليلى معه فقال لها: يا ليلى هل تعرفين هذا القبر؟ قالت: لا، قال: هذا قبر توبة فسلمي عليه. فقالت: امض لشأنك فما تريد من توبة وقد بليت عظامه. قال: أريد أن تكذبيه في قوله: «ولو أن ليلى الأخيلية سلمت» البيتين، فو الله لا برحت أو تسلمي عليه فقالت: السلام عليك يا توبة ورحمة الله وبركاته وبارك الله لك فيما صرت فيه، فإذا طائر خرج من القبر فضرب صدرها فماتت في المكان.
الأحاديث المروية عن أبي موضوعة
قال السيد الشريف: في حواشي الكشاف في آخر تفسير الفاتحة أن أكثر الأحاديث المروية عن أبي بن كعب في فضائل السور موضوعة، قال الصنعاني:
وضعها رجل من عبادان فلما قيل له في ذلك اعتذر بأن الناس قد اشتغلوا بالأشعار وفقه أبي حنيفة وغير ذلك ونبذوا القرآن فأردت أن أرغبهم فيه إنتهى.
قال شيخنا البهائي: بعد نقل ذلك عنه أقول: رأيت في بعض الكتب انه قيل لهذا الرجل: أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» فقال: أنا لم أكذب عليه بل كذبت له.
من كشكول البهائي: قدس الله سره ذهب البيضاوي في تفسير قوله تعالى:
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضََّالِّينَ} إلى أن الفاعل غير نائب الفاعل كما هو
مذهب ابن الحاجب وابن مالك. وفي تفسير سورة الجن ذهب إلى أن نائب الفاعل فاعل فقال في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} انه استمع فاعل أوحى كما قال: جار الله العلامة.(3/20)
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضََّالِّينَ} إلى أن الفاعل غير نائب الفاعل كما هو
مذهب ابن الحاجب وابن مالك. وفي تفسير سورة الجن ذهب إلى أن نائب الفاعل فاعل فقال في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} انه استمع فاعل أوحى كما قال: جار الله العلامة.
مراتب أهل العصمة
كتاب قبس المصباح: للشيخ الصهرشتي أخبرنا الشيخ الصدوق أبو الحسين أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي المعروف بإبن الكوفي ببغداد في أواخر شهر ربيع الأول سنة 442وكان شيخا بهيا ثقة صدوق اللسان عند المؤالف والمخالف رضي الله عنه قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي قراءة عليه قال: حكى أبو الوفا الشيرازي وكان صديقا لي إنه قبض علي أبو علي الياس صاحب كرمان. قال: فقيدني وكان الموكلون بي يقولون إنه قد هم فيك فتلفت لذلك وجعلت أناجي الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم والأئمة عليه السّلام فلما كانت الجمعة فرغت من صلاتي ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وهو يقول: لا تتوسل بي ولا بإبني لشيء من أعراض الدنيا إلا بما تبتغيه من طاعة الله ورضوانه، وأما أبو الحسن أخي فإنه ينتقم لك ممن ظلمك. قال: فقلت يا رسول الله: كيف ينتقم لي ممن ظلمني وقد لبب في حبل فلم ينتقم فغضب عليه ولم يتكلم قال: فنظر إلي كالمتعجب وقال: ذلك عهد عهدته إليه فلم يجز له إلا القيام به وقد أدى الحق فيه إلا أن الويل لمن تعرض لولي الله وأما علي بن الحسين فللنجاة من السلاطين، وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللآخرة وما يتبعه من طاعة الله عز وجل، وأما موسى بن جعفر فالتمس به العافية من الله عز وجل، وأما علي بن موسى فاطلب به السلامة في البراري والبحار، وأما محمد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، وأما علي ابن محمد للنوافل وبر الأخوان وما يتبعه من طاعة الله عز وجل، وأما الحسن بن علي فللآخرة، وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف إلى هنا ووضع يده على حلقه فأستعن به فإنه يعينك فناديت في نومي: يا مولاي يا صاحب الزمان أدركني فقد بلغ بي مجهودي. قال أبو الوفا: فانتبهت والموكلون يأخذون قيودي.
قلت: الصهرشتي هو شارح النهاية وهو من تلاميذ الشيخ الطوسي (ره) واسمه سليمان بن محمد بن سليمان، كما ذكره الشيخ الجليل منتجب الدين علي بن عبد الله بن بابويه في كتاب فهرست من تأخر عن الشيخ قدس الله سره.
في كتاب الأمالي: عن الصادق عليه السّلام أنه سئل عن قول الله تعالى: {فَلِلََّهِ
الْحُجَّةُ الْبََالِغَةُ} فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: كنت عالما؟ فإن قال:(3/21)