الجزء الاول
مقدمة المؤلف للكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شق ليل العدم بفلق نهار الوجود، واظهر صنعه من خفاه اللبس إلى فضاء الأنس والشهود، وابرز عينه إلى عرصة الظهور والجنان بعد ان كان كامنا تحت سرادقات غيب الإمكان، دلع لسان صباح وجوده بنطق تبلجه وسرح قطع ليل عدمه بغياهب تلجلجه وشعشع ضياء شمس ابداعه بنور تأججه واتقن صنع فلك تكوينه في مقادير تبرجه، والصلاة على نبيه الهادي إليه بعد ما وقب غاسق الجهالة والدليل عليه بعد ما احتجب وجه الهدي بظلم الضلالة محمد وآله الراكبين على متون العز والأيالة والسابقين في مضامير الفخر والبسالة.
أما بعد: فيقول الفقير إلى جود ربه الكريم يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني (ملكه الله نواصي الأماني وذلل له شواس المعاني): غير خفي على ذوي الأفهام الوقادة والأذهان النقادة والعقول السليمة والطباع القويمة ان الإنسان في هذه الدار لما كان غرضا للهموم والأكدار وهدفا للغموم والآصار سيما عند امتطاء مطايا الأسفار وارتكاب مشقة الغربة في الأمصار، وعند عروضها يتوزع منه البال ويعتريه الضجر والملال وتعتوره ايدي السآمة والاختلال فلربما منعه ذلك من مطالعة العلوم الدينية والاقتطاف من لذيذ ثمارها الجنية بل التقلب في جملة أموره الضرورية فيضطر إلى ترطيب الدماغ بلطائف المدعبات وترويح الروح بطرائف المطايبات من ايراد النكت الفائقة والنوادر الرائقة اراحة لتلك الأفكار المعتلة وتنشيطا لتلك القلوب المختلة لما روي عن الإمام الصادق الصادع بالحكمة والناطق الذي بنور علمه انكشف دياجير الظلمة: «إن الأرواح تكل كما تكل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة».
وعن جده سيد الساجدين ومصباح المتهجدين: سلام من الرحمن نحو جنابهم فإن سلامي لا يليق ببابهم «إن للقلوب اقبالا وادبارا فإذا اقبلت فأقبلوا على النوافل وإذا أدبرت فدعوها»، وما روي عن ابن عباس (رض) أنه كان إذا فرغ من التدريس ورواية الأحاديث يقول لتلاميذه: حمضونا حمضونا، فيخوضون عند ذلك في الأشعار والطرائف والأخبار. وهذا الأمر وإن كان قد يحصل بالإجتماع باخوان الصفا من أولي الألباب وخلان الوفا من الأحباب إلا أنهم في مثل هذا الزمان الخوان لا يدخلون في حيز الوجود بل ولا في حيز الامكان، فرأيت أن اصنع كتابا متضمنا لطرائف الحكم والأشعار مشتملا على نوادر القصص والآثار قد حاز جملة من الأحاديث المعصومية والمسائل العلمية والنكات الغريبة والطرائف العجيبة يروح الخاطر عند الملال ويشحذ الذهن عند الكلال جليس انيس يأمن الناس شره بذكر أنواع المكارم والنهى ويأمر بالإحسان والبر والتقى وينهى عن الطغيان والشر والأذى. وقد وسمته بعد الإتمام بتوفيق الملك العلام وبركة أهل الذكر عليهم الف صلاة وسلام ب (أنيس المسافر وجليس الخاطر) حيث أن المسافر مع الوحدة يحتاج إلى الأنيس والخاطر مع فقد المسامر يضطر إلى الجليس.(1/5)
أما بعد: فيقول الفقير إلى جود ربه الكريم يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني (ملكه الله نواصي الأماني وذلل له شواس المعاني): غير خفي على ذوي الأفهام الوقادة والأذهان النقادة والعقول السليمة والطباع القويمة ان الإنسان في هذه الدار لما كان غرضا للهموم والأكدار وهدفا للغموم والآصار سيما عند امتطاء مطايا الأسفار وارتكاب مشقة الغربة في الأمصار، وعند عروضها يتوزع منه البال ويعتريه الضجر والملال وتعتوره ايدي السآمة والاختلال فلربما منعه ذلك من مطالعة العلوم الدينية والاقتطاف من لذيذ ثمارها الجنية بل التقلب في جملة أموره الضرورية فيضطر إلى ترطيب الدماغ بلطائف المدعبات وترويح الروح بطرائف المطايبات من ايراد النكت الفائقة والنوادر الرائقة اراحة لتلك الأفكار المعتلة وتنشيطا لتلك القلوب المختلة لما روي عن الإمام الصادق الصادع بالحكمة والناطق الذي بنور علمه انكشف دياجير الظلمة: «إن الأرواح تكل كما تكل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة».
وعن جده سيد الساجدين ومصباح المتهجدين: سلام من الرحمن نحو جنابهم فإن سلامي لا يليق ببابهم «إن للقلوب اقبالا وادبارا فإذا اقبلت فأقبلوا على النوافل وإذا أدبرت فدعوها»، وما روي عن ابن عباس (رض) أنه كان إذا فرغ من التدريس ورواية الأحاديث يقول لتلاميذه: حمضونا حمضونا، فيخوضون عند ذلك في الأشعار والطرائف والأخبار. وهذا الأمر وإن كان قد يحصل بالإجتماع باخوان الصفا من أولي الألباب وخلان الوفا من الأحباب إلا أنهم في مثل هذا الزمان الخوان لا يدخلون في حيز الوجود بل ولا في حيز الامكان، فرأيت أن اصنع كتابا متضمنا لطرائف الحكم والأشعار مشتملا على نوادر القصص والآثار قد حاز جملة من الأحاديث المعصومية والمسائل العلمية والنكات الغريبة والطرائف العجيبة يروح الخاطر عند الملال ويشحذ الذهن عند الكلال جليس انيس يأمن الناس شره بذكر أنواع المكارم والنهى ويأمر بالإحسان والبر والتقى وينهى عن الطغيان والشر والأذى. وقد وسمته بعد الإتمام بتوفيق الملك العلام وبركة أهل الذكر عليهم الف صلاة وسلام ب (أنيس المسافر وجليس الخاطر) حيث أن المسافر مع الوحدة يحتاج إلى الأنيس والخاطر مع فقد المسامر يضطر إلى الجليس.
ولعمري لا جليس ولا انيس احسن من الكتاب لا امين ولا معين اعود نفعا منه في هذا الباب ولا سيما في زماننا هذا الذي قد التبست فيه الأصحاب بالذباب وتبدلت فيه الأحباب بالكلاب، وحاشا الكلاب والذئاب مما عليه اولئك الأحباب والأصحاب من قبح البواطن والسرائر والاظهار لخلاف ما اضمرت عليه الضمائر.
قال المسعودي قالت الحكماء: الكتاب نعم الجليس والقعيد ان شئت ألهتك نوادره وإن شئت اشجتك مواعظه وإن شئت تعجبت من فوائده، وهو يجمع لك الأول والآخر والناقص والوافر والشاهد والغائب والبادي والحاضر والشكل وخلافه والحسن وضده، وهو ميت ينطق عن الموتى ويترجم عن الأحياء، وهو مؤنس ينشط بنشاطك وينام بنومك ولا ينطق إلا بما تهواه، ولا تعلم جارا ولا خليطا ولا رفيقا اطوع ولا معلما أجمع ولا صاحبا اظهر كفاية ولا أقل جناية ولا آبد نفعا ولا أحمد أخلاقا ولا أدوم سرورا ولا اسكت غيبة ولا اعجل مكافأة ولا اخف مؤنة، إن نظرت فيه اطال امتاعك وشحذ طباعك وايد فهمك وأكثر علمك، وتعرف منه في شهر ما لا تأخذه من أفواه الرجال إلا في دهر، ويغنيك عن كد الطلب والخضوع فمن أثبت منه أصلا واشمخ منه فرعا؟ وهو المعلم الذي لا يجفوك وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، وهو الذي يصحبك في السفر كصحبته لك في الحضر. فقد كان عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر لا يجالس
الناس ونزل مقبرة وكان لا يرى إلا في يده كتاب يقرأه فسئل عن ذلك فقال: لم أر واعظا أوعظ من قبر ولا ممتعا امتع من كتاب ولا شيء اسلم من الوحدة. وقال بعضهم فيمن يجمع الكتب ولا يعمل بما فيها:(1/6)
قال المسعودي قالت الحكماء: الكتاب نعم الجليس والقعيد ان شئت ألهتك نوادره وإن شئت اشجتك مواعظه وإن شئت تعجبت من فوائده، وهو يجمع لك الأول والآخر والناقص والوافر والشاهد والغائب والبادي والحاضر والشكل وخلافه والحسن وضده، وهو ميت ينطق عن الموتى ويترجم عن الأحياء، وهو مؤنس ينشط بنشاطك وينام بنومك ولا ينطق إلا بما تهواه، ولا تعلم جارا ولا خليطا ولا رفيقا اطوع ولا معلما أجمع ولا صاحبا اظهر كفاية ولا أقل جناية ولا آبد نفعا ولا أحمد أخلاقا ولا أدوم سرورا ولا اسكت غيبة ولا اعجل مكافأة ولا اخف مؤنة، إن نظرت فيه اطال امتاعك وشحذ طباعك وايد فهمك وأكثر علمك، وتعرف منه في شهر ما لا تأخذه من أفواه الرجال إلا في دهر، ويغنيك عن كد الطلب والخضوع فمن أثبت منه أصلا واشمخ منه فرعا؟ وهو المعلم الذي لا يجفوك وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، وهو الذي يصحبك في السفر كصحبته لك في الحضر. فقد كان عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر لا يجالس
الناس ونزل مقبرة وكان لا يرى إلا في يده كتاب يقرأه فسئل عن ذلك فقال: لم أر واعظا أوعظ من قبر ولا ممتعا امتع من كتاب ولا شيء اسلم من الوحدة. وقال بعضهم فيمن يجمع الكتب ولا يعمل بما فيها:
روامل للأسفار لا علم عندهم ... يجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأوساقه أو راح ما في الغرائر
فيما ورد في المزاح والمداعبة
فائدة: روى ثقة الإسلام في الكافي عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام فقلت: جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم الكلام يمزحون ويضحكون؟ فقال لا بأس ما لم يكن، فظننت أنه عنى الفحش ثم قال:
إن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم كان يأتيه الاعرابي فيهديه الهدية ثم يقول مكانه: أعطنا ثمن هديتنا، فيضحك رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وكان إذا اغتم يقول: ما فعل الاعرابي ليته اتانا.
وروي فيه عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: ما من مؤمن إلا وفيه دعابة. قلت: وما الدعابة؟ قال: المزاح. وروي فيه عن يونس الشيباني قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام: كيف مداعبة بعضكم بعضا؟ قلت: قليل. قال: فلا تفعلوا فإن المداعبة من حسن الخلق وإنك لتدخل بها السرور على اخيك ولقد كان رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يداعب الرجل يريد أن يسره. قال بعض شراح الحديث: قوله عليه السّلام:
«فلا تفعلوا» أي فلا تفعلوا ما تفعلون من قلة المداعبة بل كونوا على حد الوسط فيها لما يأتي من ذم كثرتها
أقول: والأظهر حمل قوله عليه السّلام: فلا تفعلوا على الإستفهام بحذف همزته كما يعطيه التعليل بعده. وروى الصدوق عطر الله مرقده في كتاب معاني الأخبار عن الصادق عليه السّلام قال: المروءة مروءتان مروءة الحضر ومروءة السفر فأما مروءة الحضر فتلاوة القرآن وحضور المساجد وصحبة أهل الخير والنظر في الفقه، وأما مروءة السفر فبذل الزاد والمزاح في غير ما يسخط الله وقلة الخلاف على من صحبك وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم.
هذا: وقد روي في ذم المزاح ايضا أخبار عنهم عليهم السّلام منها ما رواه في الكافي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: إياكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه. ويمكن الجمع بين هذا الخبر وما بمعناه وبين الأخبار المتقدمة إما بحمل أخبار النهي على
ما إذا تضمن فحشا كما دل عليه الخبر الأخير وهو الظاهر من الأول أيضا، ويدل عليه أيضا ما روي عن الباقر عليه السّلام قال: «إن الله يحب المداعب في الجماعة بلا رفث» أو على ما كثر منه كما روي عن احدهما قال: «كثرة المزاح تذهب بماء الوجه» ولقد أجاد من قال:(1/7)
هذا: وقد روي في ذم المزاح ايضا أخبار عنهم عليهم السّلام منها ما رواه في الكافي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: إياكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه. ويمكن الجمع بين هذا الخبر وما بمعناه وبين الأخبار المتقدمة إما بحمل أخبار النهي على
ما إذا تضمن فحشا كما دل عليه الخبر الأخير وهو الظاهر من الأول أيضا، ويدل عليه أيضا ما روي عن الباقر عليه السّلام قال: «إن الله يحب المداعب في الجماعة بلا رفث» أو على ما كثر منه كما روي عن احدهما قال: «كثرة المزاح تذهب بماء الوجه» ولقد أجاد من قال:
إياك إياك المزاح فإنه ... يجرىء عليك الطفل والدنس النذلا
ويذهب ماء الوجه بعد اختفائه ... ويورث بعد العز اصحابه الذلا
أو على ما تضمن استهزاء وسخرية كما يدل عليه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «إياكم والمزاح فإنه يجر السخيمة ويورث الضغينة وهو السب الأصغر»، وحينئذ فتحمل أخبار الجواز والأمر به على ما عدا ذلك. ولله در من قال وهو أبو الفتح كما نص عليه الجزائري في أول كتابه:
أفد طبعك المصدور بالجد راحة ... يجم وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما يعطي الطعام من الملح
ومن هذا: روي أنه صلّى الله عليه واله وسلّم كان ذات يوم يأكل رطبا مع ابن عمه أمير المؤمنين عليه السّلام وكان يضع النوى مما يلي عليا فلما فرغ من الأكل كان النوى كله مجتمعا عند علي فقال له: يا علي إنك لأكول! يا رسول الله الأكول من يأكل الرطب ونواه. وروي عنه أنه ذات يوم اتته امرأة عجوز من الأنصار فقالت: يا رسول الله أدع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: أما علمت أن الجنة لا يدخلها العجائز؟ فولت المرأة تبكي فتبسم رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقال لها: أما قرأت قول الله تعالى: {إِنََّا أَنْشَأْنََاهُنَّ إِنْشََاءً. فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً. عُرُباً أَتْرََاباً}. وروي أنه أتته إمرأة في حاجة لزوجها فقال لها: ومن زوجك؟ قالت: فلان، قال: الذي في عينيه بياض؟ فقالت: لا، فقال: بلى، فانصرفت عجلا إلى زوجها وجعلت تتأمل في عينيه. فقال: ما شأنك؟ فقالت: أخبرني رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أن في عينيك بياضا. فقال لها: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها. وروي عنه صلّى الله عليه واله وسلّم أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله احملني على جمل، فقال: لا احملك إلا على ولد الناقة، فقال: لا يطيقني، فقال الناس: ويحك وهل الجمل إلا ولد الناقة؟!. وكان نعيمان الصحابي من أولع الناس بالمزاح وكان بدويا. قيل أنه ذكر عند النبي صلّى الله عليه واله وسلّم انه يكثر المزاح ويضحك فقال: انه يدخل الجنة وهو يضحك. فمن مزح نعيمان أنه مر يوما بخزيمة بن نوفل وهو ضرير، فقال له: قدني أبول، فأخذ بيده حتى أتى به إلى المسجد فأجلسه في مؤخره فصاح الناس به: إنك في المسجد، فقال: من قادني؟
قالوا: نعيمان. قال: لله علي أن أضربه بعصاتي هذه ان وجدته. فبلغ ذلك نعيمان فجاء إليه وقال: يا أبا المسور هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، قال: ها هو قائم يصلي. وجاء به إلى عثمان بن عفان وهو يصلي فقال: هذا نعيمان، فعلاه بعصاه فصاح الناس به: أمير المؤمنين، فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. فقال: والله لا تعرضت له بسوء أبدا. وحكى عطا بن سائب قال: كان سعيد بن جبير يقص علينا حتى يبكينا وربما لم يقم حتى يضحكنا. وكان رجل يسمى (تاج الواعظ) يعظ الناس ويقص عليهم حتى يبكيهم ثم لم يقم حتى يضحكهم ويبسط آمالهم. ومن لطائفه أنه حكى يوما بعد فراغه من وعظ فقال: سمعت الناس يتكلمون في التصحيف وكنت لا أعرفه فوقع في قلبي ان اتعلمه فدخلت سوق الكتابين واشتريت كتابا في التصحيف فمن أول ما تصفحته وجدت فيه سكباج نيك تاج فرميت الكتاب من يدي وحلفت أن لا اشتغل به، فضحك الناس من قوله حتى غشي عليهم.(1/8)
أفد طبعك المصدور بالجد راحة ... يجم وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما يعطي الطعام من الملح
ومن هذا: روي أنه صلّى الله عليه واله وسلّم كان ذات يوم يأكل رطبا مع ابن عمه أمير المؤمنين عليه السّلام وكان يضع النوى مما يلي عليا فلما فرغ من الأكل كان النوى كله مجتمعا عند علي فقال له: يا علي إنك لأكول! يا رسول الله الأكول من يأكل الرطب ونواه. وروي عنه أنه ذات يوم اتته امرأة عجوز من الأنصار فقالت: يا رسول الله أدع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: أما علمت أن الجنة لا يدخلها العجائز؟ فولت المرأة تبكي فتبسم رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقال لها: أما قرأت قول الله تعالى: {إِنََّا أَنْشَأْنََاهُنَّ إِنْشََاءً. فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً. عُرُباً أَتْرََاباً}. وروي أنه أتته إمرأة في حاجة لزوجها فقال لها: ومن زوجك؟ قالت: فلان، قال: الذي في عينيه بياض؟ فقالت: لا، فقال: بلى، فانصرفت عجلا إلى زوجها وجعلت تتأمل في عينيه. فقال: ما شأنك؟ فقالت: أخبرني رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أن في عينيك بياضا. فقال لها: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها. وروي عنه صلّى الله عليه واله وسلّم أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله احملني على جمل، فقال: لا احملك إلا على ولد الناقة، فقال: لا يطيقني، فقال الناس: ويحك وهل الجمل إلا ولد الناقة؟!. وكان نعيمان الصحابي من أولع الناس بالمزاح وكان بدويا. قيل أنه ذكر عند النبي صلّى الله عليه واله وسلّم انه يكثر المزاح ويضحك فقال: انه يدخل الجنة وهو يضحك. فمن مزح نعيمان أنه مر يوما بخزيمة بن نوفل وهو ضرير، فقال له: قدني أبول، فأخذ بيده حتى أتى به إلى المسجد فأجلسه في مؤخره فصاح الناس به: إنك في المسجد، فقال: من قادني؟
قالوا: نعيمان. قال: لله علي أن أضربه بعصاتي هذه ان وجدته. فبلغ ذلك نعيمان فجاء إليه وقال: يا أبا المسور هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، قال: ها هو قائم يصلي. وجاء به إلى عثمان بن عفان وهو يصلي فقال: هذا نعيمان، فعلاه بعصاه فصاح الناس به: أمير المؤمنين، فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. فقال: والله لا تعرضت له بسوء أبدا. وحكى عطا بن سائب قال: كان سعيد بن جبير يقص علينا حتى يبكينا وربما لم يقم حتى يضحكنا. وكان رجل يسمى (تاج الواعظ) يعظ الناس ويقص عليهم حتى يبكيهم ثم لم يقم حتى يضحكهم ويبسط آمالهم. ومن لطائفه أنه حكى يوما بعد فراغه من وعظ فقال: سمعت الناس يتكلمون في التصحيف وكنت لا أعرفه فوقع في قلبي ان اتعلمه فدخلت سوق الكتابين واشتريت كتابا في التصحيف فمن أول ما تصفحته وجدت فيه سكباج نيك تاج فرميت الكتاب من يدي وحلفت أن لا اشتغل به، فضحك الناس من قوله حتى غشي عليهم.(1/9)
أفد طبعك المصدور بالجد راحة ... يجم وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما يعطي الطعام من الملح
ومن هذا: روي أنه صلّى الله عليه واله وسلّم كان ذات يوم يأكل رطبا مع ابن عمه أمير المؤمنين عليه السّلام وكان يضع النوى مما يلي عليا فلما فرغ من الأكل كان النوى كله مجتمعا عند علي فقال له: يا علي إنك لأكول! يا رسول الله الأكول من يأكل الرطب ونواه. وروي عنه أنه ذات يوم اتته امرأة عجوز من الأنصار فقالت: يا رسول الله أدع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال لها: أما علمت أن الجنة لا يدخلها العجائز؟ فولت المرأة تبكي فتبسم رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقال لها: أما قرأت قول الله تعالى: {إِنََّا أَنْشَأْنََاهُنَّ إِنْشََاءً. فَجَعَلْنََاهُنَّ أَبْكََاراً. عُرُباً أَتْرََاباً}. وروي أنه أتته إمرأة في حاجة لزوجها فقال لها: ومن زوجك؟ قالت: فلان، قال: الذي في عينيه بياض؟ فقالت: لا، فقال: بلى، فانصرفت عجلا إلى زوجها وجعلت تتأمل في عينيه. فقال: ما شأنك؟ فقالت: أخبرني رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أن في عينيك بياضا. فقال لها: أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها. وروي عنه صلّى الله عليه واله وسلّم أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله احملني على جمل، فقال: لا احملك إلا على ولد الناقة، فقال: لا يطيقني، فقال الناس: ويحك وهل الجمل إلا ولد الناقة؟!. وكان نعيمان الصحابي من أولع الناس بالمزاح وكان بدويا. قيل أنه ذكر عند النبي صلّى الله عليه واله وسلّم انه يكثر المزاح ويضحك فقال: انه يدخل الجنة وهو يضحك. فمن مزح نعيمان أنه مر يوما بخزيمة بن نوفل وهو ضرير، فقال له: قدني أبول، فأخذ بيده حتى أتى به إلى المسجد فأجلسه في مؤخره فصاح الناس به: إنك في المسجد، فقال: من قادني؟
قالوا: نعيمان. قال: لله علي أن أضربه بعصاتي هذه ان وجدته. فبلغ ذلك نعيمان فجاء إليه وقال: يا أبا المسور هل لك في نعيمان؟ قال: نعم، قال: ها هو قائم يصلي. وجاء به إلى عثمان بن عفان وهو يصلي فقال: هذا نعيمان، فعلاه بعصاه فصاح الناس به: أمير المؤمنين، فقال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. فقال: والله لا تعرضت له بسوء أبدا. وحكى عطا بن سائب قال: كان سعيد بن جبير يقص علينا حتى يبكينا وربما لم يقم حتى يضحكنا. وكان رجل يسمى (تاج الواعظ) يعظ الناس ويقص عليهم حتى يبكيهم ثم لم يقم حتى يضحكهم ويبسط آمالهم. ومن لطائفه أنه حكى يوما بعد فراغه من وعظ فقال: سمعت الناس يتكلمون في التصحيف وكنت لا أعرفه فوقع في قلبي ان اتعلمه فدخلت سوق الكتابين واشتريت كتابا في التصحيف فمن أول ما تصفحته وجدت فيه سكباج نيك تاج فرميت الكتاب من يدي وحلفت أن لا اشتغل به، فضحك الناس من قوله حتى غشي عليهم.
منتخب من كتاب الأوائل
أول ما خلق الله: القلم. أول جبل وضع على وجه الأرض: أبو قبيس. أول مسجد وضع: المسجد الحرام. أول ولد ولد لآدم: قابيل. أول من خط وخاط:
إدريس. أول من اختتن، وضاف الضيف، إبراهيم. أول من دخل الحمام:
سليمان. أول من طبخ الآجر هامان. أول من سيب السوائب: عمرو بن يحيى أول من سن الدية من الابل: عبد المطلب. أول من قطع في السرقة في الجاهلية، وقضى بالقسامة، وخلع نعليه عند دخول الكعبة: الوليد بن المغيرة. أول عربي قسم للذكر مثل حظ الأنثيين: عامر بن خيثم. أول ما نزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. أول آية نزلت في القتال {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقََاتَلُونَ}. أول من أسلم: علي بن أبي طالب عليه السّلام. أول من هاجر إلى الحبشة: خاطب بن عمرو، والي المدينة:
مصعب بن عمير، ومن النساء: أم كلثوم بنت عقبة. أول من أذن: بلال. أول من بنى مسجدا في الإسلام: عمار. أول شهيد في الإسلام: سمية. أول ظهار كان في الإسلام: ظهار اويس بن صامت من المجادلة. أول خلع كان في الإسلام: حبيبة بنت سهل بن ثابت بن قيس. أول لعان كان في الإسلام: لعان هلال بن أمية مع زوجته. أول مرجوم كان في الإسلام: ما عز. أول من أوصى بثلث ماله: البراء بن معرور. أول من دفن بالبقيع: عثمان بن مظعون. أول من وضع النحو: أبو الأسود الدؤلي، أخذه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أول من نقط المصاحف: يحيى بن معمر. أول ما يرفع من الناس: الخشوع. أول ما تفقدون من دينكم: الأمانة. أول الآيات طلوع الشمس من مغربها.
روى الصدوق (رض) في كتاب الأمالي عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: أنه قال: «إن موسى عليه السّلام سأل ربه عز وجل ان يعرفه بدء الدنيا: منذ كم خلقت؟ فأوحى الله
إليه أتسالني عن غوامض علمي؟ فقال يا رب: أحب أن أعلم ذلك. فقال: يا موسى خلقتها منذ مئة الف الف عام عشر مرات، وكانت خرابا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها، فعمرتها: خمسين الف عام. ثم خلقت فيها خلقا على مثل البقر يأكلون رزقي، ويعبدون غيري: خمسين الف عام. ثم أمتهم كلهم في ساعة واحدة. ثم خربت الدنيا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها فمكثت عامرة: خمسين الف عام. ثم خلقت فيها بحرا، فمكث البحر خمسين الف عام، لا شيء في الدنيا محتاجا يشرب منه. ثم خلقت دابة وسلطتها على ذلك البحر فشربته بنفس واحد. ثم خلقت خلقا أصغر من الزنبور وأكبر من البق، فسلطت ذلك الخلق على هذه الدابة، فلدغها فقتلها، فمكثت الدنيا خرابا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها فمكثت خمسين الف عام. ثم جعلت الدنيا كلها آجام القصب، فخلقت السلاحف وسلطتها عليها فأكلتها حتى لم يبق منها شيء. ثم أهلكتها في ساعة واحدة، فمكثت الدنيا خرابا خمسين الف عام.(1/10)
روى الصدوق (رض) في كتاب الأمالي عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: أنه قال: «إن موسى عليه السّلام سأل ربه عز وجل ان يعرفه بدء الدنيا: منذ كم خلقت؟ فأوحى الله
إليه أتسالني عن غوامض علمي؟ فقال يا رب: أحب أن أعلم ذلك. فقال: يا موسى خلقتها منذ مئة الف الف عام عشر مرات، وكانت خرابا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها، فعمرتها: خمسين الف عام. ثم خلقت فيها خلقا على مثل البقر يأكلون رزقي، ويعبدون غيري: خمسين الف عام. ثم أمتهم كلهم في ساعة واحدة. ثم خربت الدنيا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها فمكثت عامرة: خمسين الف عام. ثم خلقت فيها بحرا، فمكث البحر خمسين الف عام، لا شيء في الدنيا محتاجا يشرب منه. ثم خلقت دابة وسلطتها على ذلك البحر فشربته بنفس واحد. ثم خلقت خلقا أصغر من الزنبور وأكبر من البق، فسلطت ذلك الخلق على هذه الدابة، فلدغها فقتلها، فمكثت الدنيا خرابا خمسين الف عام. ثم بدأت في عمارتها فمكثت خمسين الف عام. ثم جعلت الدنيا كلها آجام القصب، فخلقت السلاحف وسلطتها عليها فأكلتها حتى لم يبق منها شيء. ثم أهلكتها في ساعة واحدة، فمكثت الدنيا خرابا خمسين الف عام.
ثم بدأت في عمارتها، فمكثت عامرة خمسين الف عام. ثم خلقت ثلاثين الف آدم، وجعلت عمر كل آدم ثلاثين الف عام. ومن كل آدم إلى آدم ثلاثين الف سنة. فافنيتهم كلهم بقضائي وقدري. ثم خربتها فمكثت خرابا خمسين الف عام.
ثم بدأت بعمارتها. ثم خلقت فيها الف الف مدينة من الفضة البيضاء وخلقت في كل مدينة مئة الف الف قصر من الذهب الأحمر فملأت المدن والقصور خردلا إلى أن سد الهواء. والخردل يومئذ الذّ من الشهد وأحلى من العسل وأبيض من الثلج. ثم خلقت طيرا واحدا أعمى وجعلت طعامه في كل سنة حبة من الخردل، فأكلها حتى فنيت ثم خربتها، فبقيت خرابا خمسين الف سنة. ثم بدأت في عمارتها، فمكثت عامرة خمسين الف عام. ثم خلقت فيها أباك آدم بيدي يوم الجمعة، وقت الظهر، ولم اخلق من الطين غيره أخرجت من صلبه محمد المصطفى صلّى الله عليه واله وسلّم.
أقول: وروى هذا الحديث أيضا صاحب كتاب جامع الأخبار في الكتاب المشار إليه قال: بعض الفضلاء (ذيل) هذا الخبر: وتحته معاني الفاظ هذا الخبر، من لمعان الأسرار وغوامض واغوار، لا نهتدي إلى رموزها ولا يمكننا أن نعثر على كنوزها، وليس لنا منها إلا الاعتراف بالعجز والقصور. سوى ما يفهم من ظاهرها من طول امتداد مدد الأزمنة والدهور من جهة بدء العالم، وكثرة أعداد آدم وبني آدم إنتهى.(1/11)
أقول: وروى هذا الحديث أيضا صاحب كتاب جامع الأخبار في الكتاب المشار إليه قال: بعض الفضلاء (ذيل) هذا الخبر: وتحته معاني الفاظ هذا الخبر، من لمعان الأسرار وغوامض واغوار، لا نهتدي إلى رموزها ولا يمكننا أن نعثر على كنوزها، وليس لنا منها إلا الاعتراف بالعجز والقصور. سوى ما يفهم من ظاهرها من طول امتداد مدد الأزمنة والدهور من جهة بدء العالم، وكثرة أعداد آدم وبني آدم إنتهى.
في اشتراك اسماء الرجال
فائدة: اختلف علماؤنا في تعيين (اسحاق بن عمار) الواقع في الأسانيد واتحاده وتعدده، فالأكثر، ومنهم العلامة في (الخلاصة) وميرزا محمد في (كتاب الرجال)، والشيخ عبد النبي الجزائري في (الحاوي) وشيخنا العلامة أبو الحسن في (حواشي الخلاصة) وشيخنا المجلسي (رض عليهم): على القول بالاتحاد.
وذهب جماعة منهم شيخنا البهائي في (كتاب مشرق الشمسين)، وتلميذه الشيخ علي بن سليمان في (حواشي كتب الحديث): إلى التعدد، وإنهما اثنان:
احدهما اسحاق بن عمار بن موسى الساباطي، وهو واقفي. والثاني اسحاق بن عمار بن حيان إمامي. حتى أن الشيخ علي (قدس) صرح في حواشي الحديث: بأنه متى وردت رواية اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله، فهو ابن حيان الثقة الإمامي.
ويظهر منه أن اسحاق بن عمار الساباطي لم يدرك الصادق عليه السّلام. وحينئذ فاحتمال الإشتراك إنما يحصل فيما إذا روى إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السّلام
أقول: والأظهر عندي هو القول بالتعدد، كما هو المستفاد من التتبع في كتب الرجال والمعلوم من القرائن والإمارات الواردة في هذا المجال، والظاهر أن منشأ الشبهة عند من ذهب إلى الاتحاد، هو كلام العلامة في الخلاصة، حيث أنه جمع بين عبارتي النجاشي والفهرست على وجه كأنهما عبارة واحدة والعبارتان عند الرجوع إلى الكتابين على غاية من التنافي.
قال النجاشي في كتابه: اسحاق بن عمار بن حيان، مولى بني تغلب الصيرفي: شيخ من أصحابنا ثقة واخوته: يونس، ويوسف، وقيس، واسماعيل.
وهو في بيت كبير من الشيعة. وابناء أخيه: علي بن اسماعيل وبشر بن اسماعيل كانا من وجوه من روى الحديث. روى اسحاق عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليه السّلام انتهى.
وقال في الفهرست: اسحاق بن عمار الساباطي له أصل، وكان فطحيا إلا أنه ثقة وأصله معتمد عليه انتهى.
والعلامة في الخلاصة جمع بين أخذه من العبارتين، فقال: اسحاق بن عمار ابن حيان مولى بني تغلب، أبو يعقوب الصيرفي، كان شيخا في أصحابنا ثقة، روى عن الصادق، والكاظم عليه السّلام، وكان فطحيا، قال الشيخ: إلا أنه ثقة وأصله معتمد عليه. وكذا قال النجاشي: فالأولى عندي التوقف فيما ينفرد به إنتهى.
ومن هذه العبارة سرى الوهم والاشتباه عند من تأخر عنه ممن لم يحقق الحال ولم يتدبر في قرائن الأحوال. ومما يدل على التعدد أن المذكور في (جش) اسحاق بن عمار بن حيان، وأنه صيرفي وأن له أخوة وأبناء أخوة مشاركين له في النسب، والنسبة. والمذكور في (ست) ابن عمار بن موسى الساباطي، وله أخوة أيضا متصفون بهذه النسبة، ولم يذكر في ترجمة أحد من ولد عمار بن حيان مع تعددهم في كتب الرجال، ورواياتهم للأخبار أنه ساباطي، ولا في احد من ولد عمار بن موسى أنه صيرفي، مع استقصاء علماء الرجال لذكر الصفات المميزة، ففي ترجمة قيس من (صه) أنه قيس بن عمار بن حيان، قريب الأمر، وفي ترجمة اسماعيل: أنه اسماعيل بن عمار بن حيان الصيرفي الكوفي وانه أخو اسحاق، وفي الحديث أن الصادق عليه السّلام كان إذا رآهما قال: «وقد يجمعهما لاقوام» يعني الدنيا والآخرة. وفي الكافي في الصحيح عن عمار بن حيان قال: أخبرت أبا عبد الله عليه السّلام ببرّ اسماعيل ابني بي، فقال لقد كنت أحبه، وقد ازددت له حبا.(1/12)
والعلامة في الخلاصة جمع بين أخذه من العبارتين، فقال: اسحاق بن عمار ابن حيان مولى بني تغلب، أبو يعقوب الصيرفي، كان شيخا في أصحابنا ثقة، روى عن الصادق، والكاظم عليه السّلام، وكان فطحيا، قال الشيخ: إلا أنه ثقة وأصله معتمد عليه. وكذا قال النجاشي: فالأولى عندي التوقف فيما ينفرد به إنتهى.
ومن هذه العبارة سرى الوهم والاشتباه عند من تأخر عنه ممن لم يحقق الحال ولم يتدبر في قرائن الأحوال. ومما يدل على التعدد أن المذكور في (جش) اسحاق بن عمار بن حيان، وأنه صيرفي وأن له أخوة وأبناء أخوة مشاركين له في النسب، والنسبة. والمذكور في (ست) ابن عمار بن موسى الساباطي، وله أخوة أيضا متصفون بهذه النسبة، ولم يذكر في ترجمة أحد من ولد عمار بن حيان مع تعددهم في كتب الرجال، ورواياتهم للأخبار أنه ساباطي، ولا في احد من ولد عمار بن موسى أنه صيرفي، مع استقصاء علماء الرجال لذكر الصفات المميزة، ففي ترجمة قيس من (صه) أنه قيس بن عمار بن حيان، قريب الأمر، وفي ترجمة اسماعيل: أنه اسماعيل بن عمار بن حيان الصيرفي الكوفي وانه أخو اسحاق، وفي الحديث أن الصادق عليه السّلام كان إذا رآهما قال: «وقد يجمعهما لاقوام» يعني الدنيا والآخرة. وفي الكافي في الصحيح عن عمار بن حيان قال: أخبرت أبا عبد الله عليه السّلام ببرّ اسماعيل ابني بي، فقال لقد كنت أحبه، وقد ازددت له حبا.
وفي ذلك، ما يشهد بجلالتهما.
وفي ترجمة محمد بن اسحاق من (كش) و (صه): محمد بن اسحاق بن عمار بن حيان التغلبي الصيرفي: ثقة عين.
وروي في كتاب العلل عن اسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السّلام فخبرته أنه ولد لي غلام فقال: «ألا سميته محمدا» فقلت: قد فعلت، فقال: «لا تشتمه، جعله الله لك قرة عين في حياتك وخلف صدق بعدك».
وفي هذا الحديث المتضمن لدعاء الإمام عليه السّلام لمحمد المذكور ما يدفع ما ذهب إليه ابن بابويه من كونه واقفيا.
وفي ترجمة يونس بن عمار الصيرفي تغلبي وفي ترجمة يوسف من الخلاصة ابن عمار بن حيان ثقة، وبشر بن اسماعيل المشار إليه في ترجمة اسحاق بن عمار من (جش)، ولم يذكر له ترجمة في كتب الرجال لكن وقفت على حديث رواه في (يب) في باب الزيادات في فقه الحج وفيه: فلقي اسماعيل بن حميد بشر بن اسماعيل بن عمار الصيرفي، فأخبره، فدخل فسأله عنها، فقال: نعم واجب الحديث. وأنت خبير بأن المستفاد من جميع ذلك كون اسحاق بن عمار المذكور في (جش) من الشيعة الإمامية وأن جميع أخوته وأبناء أخوته المذكورين كذلك، وإن جهل الأمر في بعض ولم يوصف أحد منهم بالفطحية ولا بكونه ساباطيا بخلاف عمار بن موسى الساباطي فإنه حيث يذكر هو أو أحد من ولده وأخوته
يوصف بذلك، ففي عبارة (الفهرست) في اسحاق ما عرفت، وفي ترجمة عمار أنه ابن موسى الساباطي أخو عمار الساباطي ثقة وفي ترجمة أخيه صباح من (صه) أنه ابن موسى الساباطي أخو صباح الساباطي ثقة، وفي حواشي شيخنا الشهيد الثاني على (صه): ولم يكن فطحيا كاخيه عمار.(1/13)
وفي ترجمة يونس بن عمار الصيرفي تغلبي وفي ترجمة يوسف من الخلاصة ابن عمار بن حيان ثقة، وبشر بن اسماعيل المشار إليه في ترجمة اسحاق بن عمار من (جش)، ولم يذكر له ترجمة في كتب الرجال لكن وقفت على حديث رواه في (يب) في باب الزيادات في فقه الحج وفيه: فلقي اسماعيل بن حميد بشر بن اسماعيل بن عمار الصيرفي، فأخبره، فدخل فسأله عنها، فقال: نعم واجب الحديث. وأنت خبير بأن المستفاد من جميع ذلك كون اسحاق بن عمار المذكور في (جش) من الشيعة الإمامية وأن جميع أخوته وأبناء أخوته المذكورين كذلك، وإن جهل الأمر في بعض ولم يوصف أحد منهم بالفطحية ولا بكونه ساباطيا بخلاف عمار بن موسى الساباطي فإنه حيث يذكر هو أو أحد من ولده وأخوته
يوصف بذلك، ففي عبارة (الفهرست) في اسحاق ما عرفت، وفي ترجمة عمار أنه ابن موسى الساباطي أخو عمار الساباطي ثقة وفي ترجمة أخيه صباح من (صه) أنه ابن موسى الساباطي أخو صباح الساباطي ثقة، وفي حواشي شيخنا الشهيد الثاني على (صه): ولم يكن فطحيا كاخيه عمار.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه في عدة من الأخبار وصف عمار بكونه صيرفيا، ففي باب إخراج القيمة في زكاة الفطرة من الاستبصار رواية اسحاق بن عمار الصيرفي عن أبي عبد الله عليه السّلام والواجب النظر إلى ما ذكرنا حمله على المذكور في (جش) فيكون حديثه صحيحا وصاحب المدارك عده في الموثق بناء على حكمه بالاتحاد في باب من افتى المحرم بتقليم الظفر فأدماه فعليه شاة: زكريا المؤمن عن اسحاق بن عمار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام الحديث.
ومما ورد، دالا على روايته عن الكاظم عليه السّلام ما رواه في كتاب (ثواب الأعمال) عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه سليمان الديلمي عن اسحاق بن عمار الصيرفي عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام وفي باب الصرف من كتب الأخبار روايات عن اسحاق بن عمار عنه عليه السّلام والواجب حمله على ابن حيان المذكور في (جش) فتكون احاديثه مع السلامة عن مطعون فيه صحيحة. وفي حاشية (كتاب الرجال الصغير) ما يدل على عدول (المصنف) إلى القول بالتعدد، حيث قال:
والظاهر من التتبع: إن اسحاق بن عمار اثنان: ابن عمار بن حيان الكوفي، وهو المذكور في (جش) واسحاق بن عمار بن موسى الساباطي وهو المذكور في (ست) وإن الثاني فطحي دون الأول إنتهى.
قصة أبي المنيع قرواش
حكى أبو الهيجاء عمران بن شاهين قال: كنت أساير معتمد الدولة (أبا المنيع قرواش) بن المقلد ما بين سنجار ونصيبين، فنزلنا ثم استدعاني بعد الزوال وقد نزل بقصر هناك يعرف بقصر العباس بن عمرو الغنوي وكان مطلا على بساتين ومياه كثيرة، فدخلت عليه، فوجدته قائما يتأمل كتابة على الحائط فقرأتها فإذا هي:
يا قصر عباس بن عمرو ... كيف فارقك ابن عمروك
قد كنت تغتال الدهور ... فكيف غالك ريب دهرك
واها لعزك بل لجودك ... بل لمجدك بن لفخرك
وتحتها مكتوب (كتبه علي بن عبد الله بن حمدان بخطه في سنة إحدى
وثلاثين وثلاثمائة) وهذا الكاتب هو سيف الدولة بن حمدان ممدوح المتنبي.(1/14)
يا قصر عباس بن عمرو ... كيف فارقك ابن عمروك
قد كنت تغتال الدهور ... فكيف غالك ريب دهرك
واها لعزك بل لجودك ... بل لمجدك بن لفخرك
وتحتها مكتوب (كتبه علي بن عبد الله بن حمدان بخطه في سنة إحدى
وثلاثين وثلاثمائة) وهذا الكاتب هو سيف الدولة بن حمدان ممدوح المتنبي.
وقال الراوي وكان تحت ذلك مكتوب:
يا قصر ضعضعك الزمان ... وحطّ من علياء قدرك
ومحا محاسن أسطر ... شرفت بهنّ متون جدرك
واها لكاتبها الكريم ... وقدره الموفي بقدرك
وتحته مكتوب (وكتبه الغضنفر بن الحسن بن علي بن حمدان بخطه في سنة اثنين وستين وثلاثمائة) وهذا الكاتب هو عدة الدولة بن ناصر الدولة، الحسن أخو سيف الدولة وتحت ذلك أيضا مكتوب:
يا قصر ما فعل الأولى ... ضربت قبابهم بعقرك
اخنى الزمان عليهم ... وطواهم بطويل نشرك
واها لقاصر عمر من ... يختال فيك وطول عمرك
وتحته مكتوب (وكتبه المقلد بن المسيب بن رافع بخطه سنة 388) وهذا الكاتب هو أبو حسان المقلد بن حسام الدولة المسيب العقيلي صاحب الموصل وتحت ذلك مكتوب:
يا قصر ما صنع الكرام ... الساكنون قديم عقرك
عاصرتهم فبددتهم ... وشأوتهم طرّا بصبرك
ولقد أثار تفجعي ... يابن المسيب رقم سطرك
وعلمت أني لا حق ... بك دائب في قفو أثرك
وتحته مكتوب (وكتبه قرواش بن المقلد بن المسيب بخطه في سنة احدى وأربعمائة) قال الراوي: فتعجبت من ذلك وقلت لقرواش الساعة كتبت هذا؟ قال:
نعم، وقد هممت بهدم هذا القصر فإنه مشوم قد دفن الجماعة فدعوت له بالسلامة وانصرفنا ولم يهدم القصر.
وبين ما كتبه سيف الدولة وما كتبه قرواش سبعون سنة، ذكر ذلك ابن خلكان في تاريخه (وفيات الأعيان)
من كشكول البهائي الحب كيف يصنع
حكى بعض الثقات قال: اجتزت في بعض أسفاري بحي بني عذرة، فنزلت
في بيت من بيوته فرأيت جارية قد ألبست من الجمال حلة الكمال، فأعجبني حسنها وجمالها وكلامها فخرجت في بعض الأيام أدور في الحي، وإذا أنا بشاب حسن الوجه عليه أثر الوجد، أضعف من الهلال وانحف من الخلال، وهو يوقد نارا تحت قدر ويردد أبياتا ودموعه تجري على خديه فمما حفظت منه قوله:(1/15)
حكى بعض الثقات قال: اجتزت في بعض أسفاري بحي بني عذرة، فنزلت
في بيت من بيوته فرأيت جارية قد ألبست من الجمال حلة الكمال، فأعجبني حسنها وجمالها وكلامها فخرجت في بعض الأيام أدور في الحي، وإذا أنا بشاب حسن الوجه عليه أثر الوجد، أضعف من الهلال وانحف من الخلال، وهو يوقد نارا تحت قدر ويردد أبياتا ودموعه تجري على خديه فمما حفظت منه قوله:
فلا عنك لي صبر ولا فيك حيلة ... ولا عنك لي بد ولا عنك مهرب
ولي الف باب قد عرفت طريقها ... ولكن بلا قلب إلى اين أذهب
فلو كان لي قلبان عشت بواحد ... وافردت قلبا في هواك يعذب
فسألت عن الشاب وشأنه، فقيل: هوى الجارية التي أنت نازل في بيت أبيها، وهي محتجبة عنه منذ أعوام، فرجعت إلى البيت، وذكرت لها ما رأيت، فقالت: ذاك ابن عمي، فقلت يا هذه إن للضيف لحرمة، فنشدتك الله إلا ما متعته بالنظر إليك في يومك هذا، فقالت: صلاح حاله أن لا يراني، فحسبت أن امتناعها فتنة فما زلت أقسم عليها حتى أظهرت القبول، وهي مكرهة، فلما قبلت مني قلت لها: أنجزي وعدك، فداك أبي وأمي، فقالت: تقدمني فاني ناهضة في أثرك فأسرعت نحو الغلام وقلت: أبشر بحضور من تريد فإنها مقبلة نحوك الآن. فبينما أنا أتكلم معه إذ خرجت من خباها مقبلة تجر أذيالها، وقد أثارت الريح غبار أقدامها حتى ستر الغبار شخصها، فقلت للشاب: هذه قد اقبلت، فلما نظر إلى الغبار سقط وخر على النار على وجهه، فما أقعدته إلا وقد أخذت النار من صدره ووجهه، فرجعت الجارية وهي تقول: من لا يطيق مشاهدة غبارها كيف يطيق مطالعة جمالها.
لبعضهم وما الفضل إلا ما أقرت به العدا ... لصاحبه والشمس لا تتستر
مما نسب لأمير المؤمنين عليه السّلام
إذا عاش الفتى سبعين عاما ... فنصف العمر محقه الليالي
ونصف النضف من سهو ولهو ... ولا يدري يمينا عن شمال
ونصف الربع آمال وحرص ... وشغل بالمكاسب والعيال
وباقي العمر أمال وشيب ... تدل على زوال وانتقال
فحب المرء طول الدهر جهل ... وقسمته على هذا المثال(1/16)
إذا عاش الفتى سبعين عاما ... فنصف العمر محقه الليالي
ونصف النضف من سهو ولهو ... ولا يدري يمينا عن شمال
ونصف الربع آمال وحرص ... وشغل بالمكاسب والعيال
وباقي العمر أمال وشيب ... تدل على زوال وانتقال
فحب المرء طول الدهر جهل ... وقسمته على هذا المثال
ما جاء في فضل الحلة من كتاب بحار الأنوار
أقول: وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي (ره) قال الشيخ محمد بن مكي (ره): وجدت بخط جمال الدين بن المطهر وجدت بخط والدي (ره) قال:
وجدت رقعة مكتوب عليها بخط عتيق ما صورته (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أخبرنا به الشيخ الأجل العالم عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي، املاء من لفظه عند نزوله بالحلة السيفية، وقد وردها حاجا سنة أربع وسبعين وخمسمائة ورأيته يلتفت يمنة ويسرة فسألته عن سبب ذلك فقال: إني لأعلم أن لمدينتكم هذه فضلا جزيلا، قلت: وما هو؟ قال: أخبرني أبي عن أبيه عن جعفر بن محمد بن قولويه عن الكليني قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي حمزة الثمالي عن اصبغ بن نباته، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام عند وروده إلى صفين، وقد وقف على تل عريرا ثم أومى إلى اجمة ما بين بابل والتل، وقال: (مدينة وأي مدينة) فقلت له: يا مولاي أراك تذكر مدينة أهنا كان مدينة وانمحت آثارها؟ فقال: (لا وستكون مدينة يقال لها الحلة السيفية يمدنها رجل من بني أسد يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبر قسمه). (بيان) عرير: بالمهملتين أي صفرد قال في القاموس العرير الغريب في القوم أو بالمعجمتين أي منيع رفيع، والحلة بالكسر بلدة معروفة، ووصفها بالسيفية، لأنها بناها سيف الدولة.
قصة طوق خالد
حديث شريف وخبر لطيف: روى الديلمي (قده) في كتابه عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن عباس، قال: كنا جلوسا عند أبي بكر في ولايته وقد آضى النهار، وإذا بخالد بن الوليد المخزومي قد وافى في جيش قام غباره، وكثر صواهل خيله، وإذا بقطب رحى ملوي في عنقه قد فتل فتيلا فاقبل حتى نزل عن فرسه، ودخل المسجد، ووقف بين يدي أبي بكر، فرمقه الناس بأعينهم، فهالهم منظره ثم قال: إعدل يابن أبي قحافة حيث جعلك الناس في هذا الموضع الذي لست له بأهل وما ارتفعت إلى هذا المكان إلا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء، وإنما يطفو ويعلو حين لا حراك به، ما لك ولسياسة الجيوش وتقديم العساكر، وأنت بحيث أنت من لين الحسب ونقص النسب. وضعف القوى وقلة التحصيل، لا تحمي ذمارا ولا تضرم نارا، فلا جزى الله أخا ثقيف، وولد صهاك خيرا اني رجعت منكفيا من الطائف إلى جدة في طلب المرتدين، فرأيت علي بن
أبي طالب ومعه رهط عتاة من الذين شزرت حماليق أعينهم من حسدك وبدرت حنقا عليك، وقرمت آماقهم بمكانك منهم ابن ياسر، والمقداد، وابن جنادة أخو غفار، وابن العوام، وغلامان أعرف احدهما بوجهه وغلام أسمر لعله من ولد عقيل أخيه فتبين لي المنكر في وجوههم والحسد في احمرار اعينهم، وقد توشح علي بدرع رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ولبس رداءه السحاب، ولقد أسرج له دابته العقاب، وقد نزل على عين ماء اسمها روية، فلما رآني اشمأز وبرز وأطرق موحشا يقبص على لحيته، فبادرته بالسلام استكفاء لشره واتقاء وحشته، واستغنمت سعة المناخ، وسهولة المنزل، فنزلت ومن معي، بحيث نزلوا اتقاء مراوغته فبدأني ابن ياسر بقبيح لفظه، ومحض عداوته، فقرعني هزءا بما تقدمت به الي بسوء رأيك، فالتفت الي أصلع الرأس وقد ازدحم الكلام في حلقه. كهمهمة الأسد أو قعقعة الرعد، فقال لي بغضب منه: (أو كنت فاعلا يا أبا سليمان) فقلت أي والله لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك فأغضبه قولي إذ صدقته وأخرجه الي طبعه الذي أعرفه به عند الغضب، فقال: (يا بن اللخناء أمثلك من يقدم على مثلي أو يجسر أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة، ويلك إني لست من قتلاك، ولا من قتلى صاحبك، وإني لأعرف بمنيتي منك بنفسك) ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي وجعل يسوقني دعا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي، فعمد الي القطب الغليظ، فمد عنقي بكلتي يديه وأداره في عنقي ينفتل له كالعكك المسخن، وأصحابي هؤلاء وقوف ما أغنوا عني شرته، فلا جزاهم الله عني خيرا، فإنهم لما نظروا كأنهم نظروا إلى ملك موتهم، فو الذي رفع السماء بلا أعماد، لقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من اشد العرب فما قدروا على فك دور، فدلني عجز الناس عن فكه أنه سحر منه أو قوة الف ملك قد ركبت فيه، ففكه الآن عني إن كنت فاكه، وخذ لي بحقي إن كنت آخذه، وإلا لحقت بدار عزي، ومستقر مكرمتي قد البسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار.(1/17)
حديث شريف وخبر لطيف: روى الديلمي (قده) في كتابه عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن عباس، قال: كنا جلوسا عند أبي بكر في ولايته وقد آضى النهار، وإذا بخالد بن الوليد المخزومي قد وافى في جيش قام غباره، وكثر صواهل خيله، وإذا بقطب رحى ملوي في عنقه قد فتل فتيلا فاقبل حتى نزل عن فرسه، ودخل المسجد، ووقف بين يدي أبي بكر، فرمقه الناس بأعينهم، فهالهم منظره ثم قال: إعدل يابن أبي قحافة حيث جعلك الناس في هذا الموضع الذي لست له بأهل وما ارتفعت إلى هذا المكان إلا كما يرتفع الطافي من السمك على الماء، وإنما يطفو ويعلو حين لا حراك به، ما لك ولسياسة الجيوش وتقديم العساكر، وأنت بحيث أنت من لين الحسب ونقص النسب. وضعف القوى وقلة التحصيل، لا تحمي ذمارا ولا تضرم نارا، فلا جزى الله أخا ثقيف، وولد صهاك خيرا اني رجعت منكفيا من الطائف إلى جدة في طلب المرتدين، فرأيت علي بن
أبي طالب ومعه رهط عتاة من الذين شزرت حماليق أعينهم من حسدك وبدرت حنقا عليك، وقرمت آماقهم بمكانك منهم ابن ياسر، والمقداد، وابن جنادة أخو غفار، وابن العوام، وغلامان أعرف احدهما بوجهه وغلام أسمر لعله من ولد عقيل أخيه فتبين لي المنكر في وجوههم والحسد في احمرار اعينهم، وقد توشح علي بدرع رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ولبس رداءه السحاب، ولقد أسرج له دابته العقاب، وقد نزل على عين ماء اسمها روية، فلما رآني اشمأز وبرز وأطرق موحشا يقبص على لحيته، فبادرته بالسلام استكفاء لشره واتقاء وحشته، واستغنمت سعة المناخ، وسهولة المنزل، فنزلت ومن معي، بحيث نزلوا اتقاء مراوغته فبدأني ابن ياسر بقبيح لفظه، ومحض عداوته، فقرعني هزءا بما تقدمت به الي بسوء رأيك، فالتفت الي أصلع الرأس وقد ازدحم الكلام في حلقه. كهمهمة الأسد أو قعقعة الرعد، فقال لي بغضب منه: (أو كنت فاعلا يا أبا سليمان) فقلت أي والله لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك فأغضبه قولي إذ صدقته وأخرجه الي طبعه الذي أعرفه به عند الغضب، فقال: (يا بن اللخناء أمثلك من يقدم على مثلي أو يجسر أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة، ويلك إني لست من قتلاك، ولا من قتلى صاحبك، وإني لأعرف بمنيتي منك بنفسك) ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي وجعل يسوقني دعا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي، فعمد الي القطب الغليظ، فمد عنقي بكلتي يديه وأداره في عنقي ينفتل له كالعكك المسخن، وأصحابي هؤلاء وقوف ما أغنوا عني شرته، فلا جزاهم الله عني خيرا، فإنهم لما نظروا كأنهم نظروا إلى ملك موتهم، فو الذي رفع السماء بلا أعماد، لقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من اشد العرب فما قدروا على فك دور، فدلني عجز الناس عن فكه أنه سحر منه أو قوة الف ملك قد ركبت فيه، ففكه الآن عني إن كنت فاكه، وخذ لي بحقي إن كنت آخذه، وإلا لحقت بدار عزي، ومستقر مكرمتي قد البسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار.
فالتفت أبو بكر إلى عمر، وقال: ما ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل كأنّ ولايتي ثقل على كاهله أو شجى في صدره، فالتفت إليه عمر، فقال: فيه دعابة لا يدعها حتى تورده، فلا تصدره، وجهل، وحسد قد استحكما في خلده، فجريا منه مجرى الدم، لا يدعانه حتى يهينا منزلته، ويورطاه ورطة الهلكة: ثم قال أبو بكر لمن بحضرته ادعوا لي سياف النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، وكان (قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري) فليس لفك هذا القطب غيره، قال: وكان قيس رجلا طويلا طوله ثمانية عشر شبرا
في عرض خمسة اشبار، وكان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين عليه السّلام فحضر قيس، فقال له: يا قيس إنك من شدة البدن بحيث أنت، ففك هذا القطب من عنق أخيك خالد، فقال قيس: ولم لا يفكه خالد من عنقه؟ قال لا يقدر عليه.(1/18)
فالتفت أبو بكر إلى عمر، وقال: ما ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل كأنّ ولايتي ثقل على كاهله أو شجى في صدره، فالتفت إليه عمر، فقال: فيه دعابة لا يدعها حتى تورده، فلا تصدره، وجهل، وحسد قد استحكما في خلده، فجريا منه مجرى الدم، لا يدعانه حتى يهينا منزلته، ويورطاه ورطة الهلكة: ثم قال أبو بكر لمن بحضرته ادعوا لي سياف النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، وكان (قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري) فليس لفك هذا القطب غيره، قال: وكان قيس رجلا طويلا طوله ثمانية عشر شبرا
في عرض خمسة اشبار، وكان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين عليه السّلام فحضر قيس، فقال له: يا قيس إنك من شدة البدن بحيث أنت، ففك هذا القطب من عنق أخيك خالد، فقال قيس: ولم لا يفكه خالد من عنقه؟ قال لا يقدر عليه.
قال: فما لا يقدر عليه أبو سليمان وهو نجم عسكركم، وسيفكم على أعدائكم، فكيف أقدر عليه أنا. قال عمر: دعنا من هزئك وهزلك، وخذ فيما أحضرت له، فقال أحضرت لمسألة تسألونها طوعا أو كرها تجبروني عليه، فقال له إن كان طوعا، وإلا فكرها، قال قيس: يا بن صهاك، خذل الله من يكرهه مثلك إن بطنك لعظيمة، وإن كرشك لكبيرة، فلو فعلت أنت ذلك ما كان منك بعجب، فخجل عمر من كلام قيس، وجعل ينكت أسنانه بأنامله، فقال أبو بكر: وما بدلك منه أقصد لما سئلت، فقال قيس: والله لو أقدر على ذلك لما فعلت، فدونكم وحدادي المدينة، لأنهم أقدر على ذلك مني، فأتوا بجماعة من الحدادين، فقالوا لا ينفتح حتى تحميه بالنار، فالتفت أبو بكر إلى قيس مغضبا، فقال: والله ما بك من ضعف عن فكه، ولكنك لا تفعل فعلا يعيب عليك فيه إمامك وحبيبك أبو الحسن، وليس هذا بأعجب من أن أباك رام الخلافة ليبغي الإسلام عوجا فحصد الله شوكته واذهب نخوته وأعز الإسلام بوليه وأقام دينه بأهل طاعته. وأنت الآن في حال قيد وشقاق. قال: فاستشاط غضبا وامتلأ غيظا فقال: يابن أبي قحافة ان لك عندي جوابا حميا بلسان طلق وقلب جريء ولولا البيعة التي لك في عنقي لسمعته مني. والله لئن بايعتك يدي لم يبايعك قلبي، ولا لساني ولا حجة لي في علي بعد يوم الغدير، ولا كانت بيعتي لك إلا {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً}
أقول قولي هذا غير هائب منك ولا خائف من معرتك، ولو سمعت هذا القول منك بداءة، لما فتح لك مني صلاح إن كان أبي رام الخلافة، فحقيق يرومها بعد من ذكرته، لأنه رجل لا يقعقع بالشنان، ولا يغمز حاجبه كغمز التيه ضخم صنديد، وسمك منيف، وعز باذخ أشوس، فقام بخلافك والله أيها النعجة العرجاء والديك الناقش، لا عز صميم، ولا حسب كريم، وايم الله لئن عاودتني في أبي لألجمنك بلجام من القول يمج فوك منه دما دعنا نخوض في عمايتك، ونتردى من غوايتك على معرفة منا بترك الحق واتباع الباطل. وأما قولك إن عليا إمامي، ما أنكر امامته، ولا أعدل عن ولايته، وكيف انقض، وقد أعطيت الله عهدا بإمامته وولايته يسألني عنه، فانا إن الق الله بنقض بيعتك أحب إلي من أن انقض عهد الله ورسوله وعهد وليه ووصيه وخليله. وما أنت إلا أمير قومك إن شاؤوا تركوك وإن شاؤوا عزلوك فتب إلى الله فيما اجترمته وتنصل إليه فيما ارتكبته، وسلم الأمر إلى من هو
أولى منك من نفسك، فقد ركبت عظيما بولايتك دونه وجلوسك في موضعه، وتسميتك باسمه، وكأنك بالقليل من دنياك وقد انقشع عنك كما ينقشع السحاب، وتعلم أي الفريقين شر مكانا وأضعف جندا.(1/19)
قال: فما لا يقدر عليه أبو سليمان وهو نجم عسكركم، وسيفكم على أعدائكم، فكيف أقدر عليه أنا. قال عمر: دعنا من هزئك وهزلك، وخذ فيما أحضرت له، فقال أحضرت لمسألة تسألونها طوعا أو كرها تجبروني عليه، فقال له إن كان طوعا، وإلا فكرها، قال قيس: يا بن صهاك، خذل الله من يكرهه مثلك إن بطنك لعظيمة، وإن كرشك لكبيرة، فلو فعلت أنت ذلك ما كان منك بعجب، فخجل عمر من كلام قيس، وجعل ينكت أسنانه بأنامله، فقال أبو بكر: وما بدلك منه أقصد لما سئلت، فقال قيس: والله لو أقدر على ذلك لما فعلت، فدونكم وحدادي المدينة، لأنهم أقدر على ذلك مني، فأتوا بجماعة من الحدادين، فقالوا لا ينفتح حتى تحميه بالنار، فالتفت أبو بكر إلى قيس مغضبا، فقال: والله ما بك من ضعف عن فكه، ولكنك لا تفعل فعلا يعيب عليك فيه إمامك وحبيبك أبو الحسن، وليس هذا بأعجب من أن أباك رام الخلافة ليبغي الإسلام عوجا فحصد الله شوكته واذهب نخوته وأعز الإسلام بوليه وأقام دينه بأهل طاعته. وأنت الآن في حال قيد وشقاق. قال: فاستشاط غضبا وامتلأ غيظا فقال: يابن أبي قحافة ان لك عندي جوابا حميا بلسان طلق وقلب جريء ولولا البيعة التي لك في عنقي لسمعته مني. والله لئن بايعتك يدي لم يبايعك قلبي، ولا لساني ولا حجة لي في علي بعد يوم الغدير، ولا كانت بيعتي لك إلا {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً}
أقول قولي هذا غير هائب منك ولا خائف من معرتك، ولو سمعت هذا القول منك بداءة، لما فتح لك مني صلاح إن كان أبي رام الخلافة، فحقيق يرومها بعد من ذكرته، لأنه رجل لا يقعقع بالشنان، ولا يغمز حاجبه كغمز التيه ضخم صنديد، وسمك منيف، وعز باذخ أشوس، فقام بخلافك والله أيها النعجة العرجاء والديك الناقش، لا عز صميم، ولا حسب كريم، وايم الله لئن عاودتني في أبي لألجمنك بلجام من القول يمج فوك منه دما دعنا نخوض في عمايتك، ونتردى من غوايتك على معرفة منا بترك الحق واتباع الباطل. وأما قولك إن عليا إمامي، ما أنكر امامته، ولا أعدل عن ولايته، وكيف انقض، وقد أعطيت الله عهدا بإمامته وولايته يسألني عنه، فانا إن الق الله بنقض بيعتك أحب إلي من أن انقض عهد الله ورسوله وعهد وليه ووصيه وخليله. وما أنت إلا أمير قومك إن شاؤوا تركوك وإن شاؤوا عزلوك فتب إلى الله فيما اجترمته وتنصل إليه فيما ارتكبته، وسلم الأمر إلى من هو
أولى منك من نفسك، فقد ركبت عظيما بولايتك دونه وجلوسك في موضعه، وتسميتك باسمه، وكأنك بالقليل من دنياك وقد انقشع عنك كما ينقشع السحاب، وتعلم أي الفريقين شر مكانا وأضعف جندا.
وأما تعييرك إياي بأنه مولاي فهو والله مولاي ومولاك ومولى المؤمنين أجمعين، آه آه لي بثبات قدم أو تمكن وطأة حتى الفظك لفظ المنجنيق الحجر، ولعل ذلك يكون قريبا، ويكتفي بالعيان عن الخبر، ثم قام ونفض أثوابه ومضى.
وندم أبو بكر عما أسرع إليه من القول إلى قيس، وجعل خالد يدور في المدينة والقطب في عنقه أياما. ثم إني آت إلى أبي بكر، فقال له: قد وافى علي بن أبي طالب الساعة من سفره، وقد عرق جبينه واحمر وجهه: فأنفذ إليه أبو بكر الأقرع بن سراقة الباهلي والأشوس بن الأشجع الثقفي يسألانه المضي إلى أبي بكر في مسجد رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فأتياه وقالا له: يا أبا الحسن إن أبا بكر يدعوك لأمر قد أحزنه وهو يسألك أن تصير إليه في مسجد رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فلم يجبهما فقالا: يا أبا الحسن ما ترد علينا فيما جئناك له؟ فقال: بئس والله الأدب أدبكم أليس يجب على القادم أن لا يصير إلى الناس في إجابتهم إلا بعد دخوله منزله، فإن كان لكم حاجة فاطلعوني عليها في منزلي حتى أقضيها إن كانت ممكنة إن شاء الله تعالى، فصارا إلى أبي بكر فاعلماه بذلك، فقال أبو بكر: قوموا بنا إليه.
ومضى الجميع بأسرهم إلى منزله فوجدوا الحسين عليه السّلام على الباب يقلب سيفا ليبتاعه، فقال له أبو بكر: يا أبا عبد الله إن رأيت أن تستأذن لنا على أبيك، قال: نعم. ثم استأذن للجماعة، فدخلوا، ومعهم خالد بن الوليد فبدا به الجمع بالسلام، فرد عليهم مثل ذلك فلما نظر إلى خالد قال: نعمت صباحا يا أبا سليمان نعم القلادة قلادتك، فقال والله يا علي لا نجوت مني إن ساعدني الأجل، فقال له علي عليه السّلام: أف لك يابن دميمة إنك ومن فلق الحبة وبرأ النسمة عندي لأهون، وما روحك في يدي لو أشاء إلا كذبابة وقعت على ادام حار، فطفقت منه، فاغن عن نفسك غناها، ودعنا حكماء علماء، وإلا لألحقنك بمن أنت أحق بالقتل منه، ودع عنك يا أبا سليمان ما قد مضى. وخذ فيما بقي، والله ما تجرعت من الجرار المختمة إلا علقمها والله لقد رأيت منيتي ومنيتك، وروحي وروحك، فروحي في الجنة وروحك في النار.
قال: وحجز الجميع بينهما وسألوه قطع الكلام، فقال أبو بكر لعلي عليه السّلام:
إنّا ما جئناك لما تفاوض فيه، وإنما حضرنا لغيره وأنت لم تزل يا أبا الحسن مقيما
على خلافي، والاجتراء على أصحابي، وقد تركناك، فاتركنا ولا تردنا فيرد عليك منا ما يوحشك ويزيدك سوءا على سوأتك فقال له علي عليه السّلام: لقد أوحشني الله منك ومن جمعك وانس بي كل مستوحش: وأما ابن الوليد الخاسر فاني أقص عليك نبأه إنه لما رآى تكاثف جنوده وكثرة جمعه زها في نفسه فأراد الوضع مني في موضع رفع، ومحل ذي جمع ليصول بذلك عند أهل الجمع، فوضعت منه عندما خطر بباله وهمّ بي، وهو عارف بي حق معرفته وما كان الله ليرضى بفعله، فقال له أبو بكر:(1/20)
إنّا ما جئناك لما تفاوض فيه، وإنما حضرنا لغيره وأنت لم تزل يا أبا الحسن مقيما
على خلافي، والاجتراء على أصحابي، وقد تركناك، فاتركنا ولا تردنا فيرد عليك منا ما يوحشك ويزيدك سوءا على سوأتك فقال له علي عليه السّلام: لقد أوحشني الله منك ومن جمعك وانس بي كل مستوحش: وأما ابن الوليد الخاسر فاني أقص عليك نبأه إنه لما رآى تكاثف جنوده وكثرة جمعه زها في نفسه فأراد الوضع مني في موضع رفع، ومحل ذي جمع ليصول بذلك عند أهل الجمع، فوضعت منه عندما خطر بباله وهمّ بي، وهو عارف بي حق معرفته وما كان الله ليرضى بفعله، فقال له أبو بكر:
فتضيف هذا إلى تقاعدك عن نصرة الإسلام وقلة رغبتك في الجهاد أفبهذا أمرك الله ورسوله أم عن نفسك تفعل هذا؟ فقال له علي عليه السّلام: يا أبا بكر أو على مثلي يتنكر الجاهلون ان رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أمركم ببيعتي وفرض عليكم طاعتي وجعلني فيكم كبيت الله الحرام يؤتى ولا يأتي فقال: يا علي ستغدر بك الأمة بعدي كما غدرت الأمم بعد مضي الأنبياء بأوصيائها إلا قليل وسيكون لك ولهم بعدي هناة وهناة فاصبر أنت كبيت الله من دخله كان آمنا ومن رغب عنه كان كافرا. قال الله عز وجل {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثََابَةً لِلنََّاسِ وَأَمْناً} وأنا وأنت سواء إلا النبوة فاني خاتم النبيين وأنت خاتم الوصيين، وأعلمني عن ربي بأني لست أسل سيفا إلا في ثلاثة مواطن بعد وفاته فقال: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولم يقرب أوان ذلك بعد، فقلت فما افعل يا رسول الله بمن ينكث بيعتي منهم ويجحد حقي؟ قال: فاصبر حتى تلقاني وتستسلم لمحنتك حتى تلقى ناصرا عليهم فقلت: افتخاف علي منهم أن يقتلوني؟ فقال تالله لما أخاف عليك منهم قتلا ولا جراحا واني عارف بمنيتك وسببها وقد أعلمني ربي ولكني خشيت أن تفنيهم بسيفك فيبطل الدين وهو حديث فيرتد القوم عن التوحيد، ولولا أن ذلك كذلك وقد سبق ما هو كائن لكان لي فيما أنت فيه شأن من الشأن فاروي أسيافا وقد ظمئت إلى شرب الدماء وعند قراءتك صحيفتك تعرف نبأ ما احتملت من وزري ونعم الخصم محمد والحكم لله.
فقال أبو بكر: يا أبا الحسن إنا لم نرد هذا كله ونحن نأمرك أن تفك لنا الآن عن عنق خالد هذه الحديدة فقد آلمه ثقلها واثر في حلقه بحملها وقد شفيت غليل صدرك فقال علي عليه السّلام: لو أردت أن أشفي غليل صدري لكان السيف أشفى للداء وأقرب للفناء، ولو قتلته والله ما قدرته برجل ممن قتلهم يوم فتح مكة وفي كرته هذه وما يخالجني الشك في أن خالدا ما احتوى قلبه من الأيمان على مقدار جناح بعوضة.
وأما الحديد الذي في عنقه فلعلي إلا أقدر على فكه، فيفكه خالد عن نفسه
أو فكوه أنتم عنه فأنتم أولى به إن كان ما تدعونه صحيحا. فقام إليه بريدة الأسلمي وعامر بن الأشجع فقالا: والله يا أبا الحسن لا يفكه من عنقه إلا من حمل باب خيبر بفرد يد، ودحى به وراه وحمله وجعله جسرا يعبر الناس عليه وهو فوق زنده، وقام إليه عمار بن ياسر فخاطبه فلم يجب أحدا إلى أن قال له أبو بكر:(1/21)
وأما الحديد الذي في عنقه فلعلي إلا أقدر على فكه، فيفكه خالد عن نفسه
أو فكوه أنتم عنه فأنتم أولى به إن كان ما تدعونه صحيحا. فقام إليه بريدة الأسلمي وعامر بن الأشجع فقالا: والله يا أبا الحسن لا يفكه من عنقه إلا من حمل باب خيبر بفرد يد، ودحى به وراه وحمله وجعله جسرا يعبر الناس عليه وهو فوق زنده، وقام إليه عمار بن ياسر فخاطبه فلم يجب أحدا إلى أن قال له أبو بكر:
سألناك بالله وبحق أخيك المصطفى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إلا ما رحمت خالدا وفككته من عنقه، فلما سأله بذلك استحيا وكان علي عليه السّلام كثير الحياء فجذب خالدا إليه وجعل يحذف من الطوق قطعة قطعة ويفتلها في يده فتنفتل كالشمع ثم ضرب بالأولى رأس خالد ثم الثانية فقال: آه يا أمير المؤمنين فقال له: (يا أمير المؤمنين) قلتها على كره منك ولو لم تقلها لا خرجت الثالثة من أسفلك ولم يزل يقطع الحديد جميعه إلى أن ازاله عن عنقه وجعل الجماعة يكبرون ويهللون ويتعجبون من القوة التي أعطاها الله سبحانه أمير المؤمنين عليه السّلام وانصرفوا شاكرين إلى هنا ما في تلك الرواية.
وفي رواية أخرى زيادة على ما تقدم شاكرين له وهم متعجبون من ذلك فقال أبو بكر: لا تعجبوا من أبي الحسن، والله لقد كنت بجنب رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يوم قلع علي عليه السّلام باب خيبر فرأيت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قد ضحك حتى بدت ثناياه ثم بكى حتى اخضلت لحيته فقلت: يا رسول الله اضحك وبكاء في ساعة واحدة؟! فقال (نعم. أما ضحكي ففرح بقلع عليّ الباب. وأما بكائي فلعليّ فإنه ما قلعه إلا وهو صائم منذ ثلاثة أيام على الماء القراح ولو كان فاطرا على طعام لدحى به من وراء السور) انتهى.
بيان: قال بعض الاعلام في ذيل هذا الخبر «الذمار وما يلزمك حفظه ورعايته، فلا جزى الله أخا ثقيف» أراد بأخي ثقيف المغيرة بن شعبة، وقيل أريد به عمر وهو كناية عن الخلل في نسبه، ويؤيده ان في الرواية الأخرى «فلا جزاك الله من ابن صهاك وأخي ثقيف أجلسك مجلسا لست له بأهل آه يابن الخنا» قال في الصحاح (الخن) السقاء أي انتن ومنه قولهم: امة لخناء ويقال: اللخنّا التي لم تختن و (الشنان) بالكسر جمع شن وهو القربة الخلوة كانوا إذا أرادوا حث الإبل على السير حركوا الدابة اليابسة لتفزع فتسرع وقعقعة الشنان يضرب مثلا للرجل الصعب الذي لا يفزع لما ينزل به من حوادث الدهر ولا يروعه ما لا حقيقة له.
و (غمر التين) كناية عن سرعة الانقياد ولين الجانب فإنه إذا غمر في ظرف أو غيره انعم سريعا. و (الشوس) بالتحريك النظر بمؤخر العين تكبرا وتغيظا (لا تجرّعت من
الجرار المختمة إلا علقمها) أي لم أشرب من الكيزان التي ختمت رؤوسها ولم يعلم ما فيها إلا مرّها يعني إني لا أبالي بالشدائد والفتن ولم يقدر في الدنيا من الأمور إلا شدائدها و (الزهو) التكبر والهناة الداهية.(1/22)
و (غمر التين) كناية عن سرعة الانقياد ولين الجانب فإنه إذا غمر في ظرف أو غيره انعم سريعا. و (الشوس) بالتحريك النظر بمؤخر العين تكبرا وتغيظا (لا تجرّعت من
الجرار المختمة إلا علقمها) أي لم أشرب من الكيزان التي ختمت رؤوسها ولم يعلم ما فيها إلا مرّها يعني إني لا أبالي بالشدائد والفتن ولم يقدر في الدنيا من الأمور إلا شدائدها و (الزهو) التكبر والهناة الداهية.
الفص الذي وجد في مسجد الكوفة
نقل شيخنا البهائي: عطر الله مرقده في كتاب الكشكول أن أباه الشيخ حسين ابن عبد الصمد الحارثي وجد في مسجد الكوفة فصا من عقيق عليه مكتوب:
انا در من ني السماء تشروني ... يوم تزويج والد السبطين
كنت اصفى من اللجين بياضا ... صبغتني دماء نحر الحسين
قال السيد علي خان الشهير بصدر الدين في كشكوله بعد نقل ذلك: ووجدنا في نهر تستر صخرة صفراء أخرجها الحفارون من تحت الأرض وعليها مكتوب بخط من لونها: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله.
أنا مدينة العلم وعلي بابها
روي: عن سلمان الفارسي أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال «أنا مدينة العلم وعلي بابها» فلما سمع الخوارج بذلك حسدوا عليا عليه السّلام على ذلك فاجتمع عشرة نفر من رؤوساء الخوارج، وقالوا: يسأل كل واحد عليّا مسألة واحدة لننظر كيف يجيبنا فيها، فإن أجاب كل واحد منا جوابا واحدا علمنا أنه لا علم له، فجاء واحد منهم وقال له: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فأجاب «إن العلم أفضل» فقال له بأي دليل فقال: «لأن العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث قارون وهامان وفرعون وعاد وشداد»، فذهب الرجل إلى أصحابه بهذا الجواب، فاعلمهم فنهض آخر منهم وسأله كما سأل الأول فقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فقال: «العلم أفضل» فقال بأي دليل، فقال: «لأن المال تحرسه والعلم يحرسك» فرد إلى أصحابه فأخبرهم، فقالوا صدق علي، فنهض الثالث، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟
فقال: «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل فقال: «لأن لصاحب المال أعداء كثيرين، ولصاحب العلم أصدقاء كثيرين» فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فنهض الرابع، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فقال: «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل،
فقال «لأن المال إذا تصرفت فيه ينقص والعلم إذا تصرفت فيه يزيد» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك، فقام الخامس وقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فقال «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل، فقال «لأن صاحب المال يدعى باسم البخل واللوم، وصاحب العلم يدعى باسم الاكرام والاعظام» فرد إلى أصحابه واعلمهم بذلك، فنهض السادس، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال، فقال عليه السّلام «بل العلم» فقال بأي دليل، فقال: «لأن المال يخشى عليه من السارق والعلم لا يخشى عليه» فذهب إلى أصحابه واعلمهم بذلك فنهض السابع، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال، فأجاب «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل، فقال: «لأن المال يندرس بطول المدة ومرور الزمان والعلم لا يندرس ولا يبلى» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك [وأما الثامن فساقط من الأصل] فنهض التاسع وقال: يا علي العلم أفضل أم المال قال: «بل العلم» فقال بأي دليل فقال: «لأن المال يقسي القلب والعلم ينور القلب» فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بذلك فقام العاشر وقال: يا علي العلم أفضل أم المال فقال: «العلم» فقال بأي دليل فقال: «لأن صاحب المال يتكبر ويتعظم بنفسه وربما ادعى الربوبية وصاحب العلم خاشع ذليل مسكين» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك فقالوا صدق الله ورسوله ولا شك أن عليا باب العلوم كلها، فعند ذلك قال علي عليه السّلام: «والله لو سألني الخلق كلهم ما دمت حيّا لم اتبرم، ولأجبت كل واحد منهم بجواب غير جواب الآخر إلى آخر الدهر من فضل الله علينا ونعمته».(1/23)
فقال: «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل فقال: «لأن لصاحب المال أعداء كثيرين، ولصاحب العلم أصدقاء كثيرين» فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فنهض الرابع، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فقال: «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل،
فقال «لأن المال إذا تصرفت فيه ينقص والعلم إذا تصرفت فيه يزيد» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك، فقام الخامس وقال: يا علي العلم أفضل أم المال؟ فقال «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل، فقال «لأن صاحب المال يدعى باسم البخل واللوم، وصاحب العلم يدعى باسم الاكرام والاعظام» فرد إلى أصحابه واعلمهم بذلك، فنهض السادس، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال، فقال عليه السّلام «بل العلم» فقال بأي دليل، فقال: «لأن المال يخشى عليه من السارق والعلم لا يخشى عليه» فذهب إلى أصحابه واعلمهم بذلك فنهض السابع، وقال: يا علي العلم أفضل أم المال، فأجاب «بل العلم أفضل» فقال بأي دليل، فقال: «لأن المال يندرس بطول المدة ومرور الزمان والعلم لا يندرس ولا يبلى» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك [وأما الثامن فساقط من الأصل] فنهض التاسع وقال: يا علي العلم أفضل أم المال قال: «بل العلم» فقال بأي دليل فقال: «لأن المال يقسي القلب والعلم ينور القلب» فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بذلك فقام العاشر وقال: يا علي العلم أفضل أم المال فقال: «العلم» فقال بأي دليل فقال: «لأن صاحب المال يتكبر ويتعظم بنفسه وربما ادعى الربوبية وصاحب العلم خاشع ذليل مسكين» فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بذلك فقالوا صدق الله ورسوله ولا شك أن عليا باب العلوم كلها، فعند ذلك قال علي عليه السّلام: «والله لو سألني الخلق كلهم ما دمت حيّا لم اتبرم، ولأجبت كل واحد منهم بجواب غير جواب الآخر إلى آخر الدهر من فضل الله علينا ونعمته».
في الخبر: عن جابر عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «خرجت أنا ورسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إلى صحراء المدينة، فلما صرنا في الحدائق من النخل صاحت نخلة لنخلة: هذا النبي المصطفى، وذا علي المرتضى. ثم صاحت ثالثة لرابعة هذا موسى، وذا هارون. ثم صاحت خامسة لسادسة هذا خاتم النبيين وذا خاتم الوصيين. فعند ذلك تبسم النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وقال: يا أبا الحسن أما سمعت قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما يسمى هذا النخل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: تسميه الصيحاني، لأنهم صاحوا بفضلي وفضلك».
عمر آدم واولاده من الأنبياء
روى الصدوق: (عطر الله مرقده) بإسناده عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن جده عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: عاش آدم أبو البشر سبعمئة وثلاثين سنة وعاش نوح الفي سنة وأربعمئة سنة وخمسين عاما. وعاش إبراهيم مئة وعشرين سنة، وعاش
اسحاق بن ابراهيم مئة وثمانين سنة. وعاش اسماعيل بن ابراهيم مئة وعشرين سنة، وعاش يعقوب بن اسحاق مئة واربعين سنة، وعاش يوسف بن يعقوب مئة وعشرين سنة، وعاش موسى بن عمران مئة وستا وعشرين سنة، وعاش هارون مئة وثلاثا وثلاثين سنة، وعاش داود مئة سنة، منها أربعون سنة ملكه، وعاش سليمان بن داود سبعمئة سنة واثنتي عشرة سنة.(1/24)
روى الصدوق: (عطر الله مرقده) بإسناده عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن جده عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: عاش آدم أبو البشر سبعمئة وثلاثين سنة وعاش نوح الفي سنة وأربعمئة سنة وخمسين عاما. وعاش إبراهيم مئة وعشرين سنة، وعاش
اسحاق بن ابراهيم مئة وثمانين سنة. وعاش اسماعيل بن ابراهيم مئة وعشرين سنة، وعاش يعقوب بن اسحاق مئة واربعين سنة، وعاش يوسف بن يعقوب مئة وعشرين سنة، وعاش موسى بن عمران مئة وستا وعشرين سنة، وعاش هارون مئة وثلاثا وثلاثين سنة، وعاش داود مئة سنة، منها أربعون سنة ملكه، وعاش سليمان بن داود سبعمئة سنة واثنتي عشرة سنة.
منتخب من كتاب نهج البلاغة
من كتاب نهج البلاغة قال عليه السّلام: لقد علق نياط هذا الانسان بصفة هي أعجب ما فيه، وهو القلب، وذلك أن له مواد من الحكمة، واضدادها من خلافها فإن سنح له الرجاء إذ له الطمع، وإن هاج به الطمع اهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعده الرضى نسي التحفظ، وإن غلبه الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته العزة، وان اصابته مصيبة فضحه الجزع، وان أفاد مالا اطغاه الغنى، وان عضته الفاقة شغله البلاء وان جهده الجوع قعد به الضعف، وإن افرط به الشبع كظّته البطنة، فكل تقصير به مضر وكل افراط له مفسدة.
ومنه أيضا قال عليه السّلام: غيرة المرأة كفر، وغيرة الرجل إيمان.
وقال عليه السّلام: لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لا صلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو اضرّ منه.
ومنه أيضا قال عليه السّلام: تنزل المعونة على قدر المؤنة، ما عال من اقتصد.
قلة العيال احد اليسرين والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم. ينزل الصبر على قدر المصيبة، ومن ضرب يده على فخذه حبط اجره. المرء مخبوء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه.
ما رواه هارون الرشيد في فضل علي عليه السّلام
إن هارون الرشيد: كان كل يوم يجمع العلماء يتناظرون عنده في العلوم العقلية والنقلية، فأرسل الي يوما فمضيت والمجلس غاص بالعلماء، وكان الشافعي جالسا على يمينه، فنظر هارون وقال: كم تروي حديثا في فضائل علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت: خمسة عشر الف حديث مسندة، ومثلها مرسلة. ثم نظر إلى محمد بن اسحاق ومحمد بن يوسف فقالا له مثلما قلت، فسأل الشافعي فقال: انا
أروي خمسمائة حديث في فضائله، فقال هارون: عندي حديث خير من كل ما تروون لأنه بالمشاهدة، فقلت له: اروه لنا قال: كتب ابن عمي لي وقد جعلته واليا على الشام أن بها خطيبا يسب علي بن أبي طالب في كل جمعة وينال منه، فكتبت إليه أرسله إلي مقيدا بالحديد، فلما حضر بين يدي أخذ بالسب، فقلت له:(1/25)
إن هارون الرشيد: كان كل يوم يجمع العلماء يتناظرون عنده في العلوم العقلية والنقلية، فأرسل الي يوما فمضيت والمجلس غاص بالعلماء، وكان الشافعي جالسا على يمينه، فنظر هارون وقال: كم تروي حديثا في فضائل علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت: خمسة عشر الف حديث مسندة، ومثلها مرسلة. ثم نظر إلى محمد بن اسحاق ومحمد بن يوسف فقالا له مثلما قلت، فسأل الشافعي فقال: انا
أروي خمسمائة حديث في فضائله، فقال هارون: عندي حديث خير من كل ما تروون لأنه بالمشاهدة، فقلت له: اروه لنا قال: كتب ابن عمي لي وقد جعلته واليا على الشام أن بها خطيبا يسب علي بن أبي طالب في كل جمعة وينال منه، فكتبت إليه أرسله إلي مقيدا بالحديد، فلما حضر بين يدي أخذ بالسب، فقلت له:
يا ملعون ولأي شيء تسبه؟ فقال: إنه قتل آبائي واجدادي، فقلت: أما علمت أنه ما قتل إلّا من وجب عليه القتل، فقال: أنا لا أترك عداوته، فأمرت به فضرب خمسمائة سوط حتى غشي عليه ثم أمرت به فحبس وبقيت ليلتي متفكرا في كيفية قتله، فتارة قلت احرقه بالنار، وتارة قلت ارميه بالماء، فأخذني النوم آخر الليل فرأيت أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم نزل من السماء، ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السّلام وجبرائيل عليه السّلام نزلوا في قصري. وبيد جبرائيل عليه السّلام قدح من لؤلؤ يأخذ شعاعه بالأبصار، فأخذه النبي صلّى الله عليه واله وسلّم ونادى: يا شيعة آل محمد قوموا من منامكم واشربوا من هذا الماء، وكان الذي يحرسني في تلك الليلة خمسة آلاف. فقام من اعاظمهم أربعون رجلا اعرفهم بأسمائهم، لأني أراهم كل يوم فاتوا إليه، وشربوا من ذلك الماء. ثم قال صلّى الله عليه واله وسلّم: أين الخطيب الدمشقي؟ فقام رجل من المجلس واتى به، فلزمه بيده، وقال: يا كلب غير الله ما بك من نعمة لأي شيء تسب علي بن أبي طالب؟! فنسخ الخطيب من ساعته كلبا أسود، فأمر برده إلى الحبس وضرب عليه الأقفال، وصعد النبي صلّى الله عليه واله وسلّم ومن معه إلى السماء فاستيقظت فزعا مرعوبا تضطرب عظام مفاصلي، فطلبت مسرور الخادم وقلت له علي بالخطيب الدمشقي، فمضى إلى دار الحبس واتى قابضا أذني كلب اسود يجرّه على وجه الأرض واذنه كأذن الآدمي، وقال لي ما رأيت في الحبس إلا هذا الكلب الأسود. فقلت: رده إلى الحبس هذا هو الخطيب الدمشقي فهذا هو في المحبس إن اردتم النظر إليه، فقال الشافعي: نحب ذلك فأمر مسرور ومضى إلى المحبس واتى بالكلب الأسود يجره من أذنه، فقال له الشافعي: يا ملعون أرأيت عذاب الله؟
فبكى وحول رأسه، فقال الشافعي: أبعده عنا فإنا نخاف من نزول العذاب فأمر به إلى المحبس، فبعد ساعة سمعنا صوتا هائلا، فقالوا: نزلت عليه صاعقة من السماء فاحرقته والمحبس الذي كان فيه.
قال جامع هذا الكشكول: وحاكي هذه النقول: ومن هذا القبيل ما رواه غير واحد من اصحابنا رضوان الله عليهم وغيرهم من ان الحجاج بن يوسف كتب إلى الحسن البصري، وإلى عمرو بن عبيد، وإلى واصل بن عطاء وإلى عامر الشعبي،
أن يذكروا ما عندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر.(1/26)
قال جامع هذا الكشكول: وحاكي هذه النقول: ومن هذا القبيل ما رواه غير واحد من اصحابنا رضوان الله عليهم وغيرهم من ان الحجاج بن يوسف كتب إلى الحسن البصري، وإلى عمرو بن عبيد، وإلى واصل بن عطاء وإلى عامر الشعبي،
أن يذكروا ما عندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر.
فكتب إليه الحسن البصري: إن أحسن ما انتهى الي ما سمعت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام انه قال: «اتظن أن الذي نهاك دهاك إنما دهاك اسفلك واعلاك والله بريء من ذلك».
وكتب إليه عمرو بن عبيد: أحسن ما سمعته في القضاء والقدر قول علي بن أبي طالب عليه السّلام: «لو كان الوزر في الأصل محتوما كان الوازر في القصاص مظلوما».
وكتب إليه فاضل بن عطا: احسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام: «ايدلّك على الطريق ويأخذ عليك المضيق».
وكتب إليه الشعبي: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام: «كلما استغفرت الله منه فهو منك، وكلما حمدت الله عليه فهو منه».
فلما وصلت كتبهم إلى الحجاج ووقف عليها قال: لقد أخذوها من عين صافية.
تخميس أبيات للشريف الرضي
للسيد حسن الأعرجي: مخمسا للأبيات المنسوبة إلى السيد الرضي الموسوي وهي قوله:
إلى كم بنيران الأسى كبدي تكوى ... واصبح في بلوى وامسي في بلوى
اقلب طرفي لا أرى موضع الشكوى ... أرى حمرا ترعى وتأكل ما تهوى
واسد ظمايا تطلب الماء وما تروى
وقوما إذا فتشتهم وبلوتهم ... تجد تحت اطباق الحضيض بيوتهم
ينالون من لذاتهم لن تفوتهم ... واشراف قوم ما ينالون قوتهم
وانذال قوم تأكل المن والسلوى
وابطرهم في الدهر لبس شفوفهم ... واكلهم من دانيات قطوفهم
فطالوا على أهل النهى بأنوفهم ... ولم يبلغوا هذا بحد سيوفهم
ولكن قضاه عالم السر والنجوى
واحوجني دهري وخان رؤفه ... على انني خدن التقى وحليفه
وبيتي من المجد الأثيل منيفه ... لحا الله دهرا صيرتني صروفه
اذل لمن يسوى ومن لم يكن لا يسوى
قال ره: وقد كان البيت يروى مع الأبيات الثلاثة ولا أظنه من شعر السيد (ره) ولكن اقتضى الحال تخميسه إذ كان متضمنا لشكوى الزمان فخمساه.(1/27)
إلى كم بنيران الأسى كبدي تكوى ... واصبح في بلوى وامسي في بلوى
اقلب طرفي لا أرى موضع الشكوى ... أرى حمرا ترعى وتأكل ما تهوى
واسد ظمايا تطلب الماء وما تروى
وقوما إذا فتشتهم وبلوتهم ... تجد تحت اطباق الحضيض بيوتهم
ينالون من لذاتهم لن تفوتهم ... واشراف قوم ما ينالون قوتهم
وانذال قوم تأكل المن والسلوى
وابطرهم في الدهر لبس شفوفهم ... واكلهم من دانيات قطوفهم
فطالوا على أهل النهى بأنوفهم ... ولم يبلغوا هذا بحد سيوفهم
ولكن قضاه عالم السر والنجوى
واحوجني دهري وخان رؤفه ... على انني خدن التقى وحليفه
وبيتي من المجد الأثيل منيفه ... لحا الله دهرا صيرتني صروفه
اذل لمن يسوى ومن لم يكن لا يسوى
قال ره: وقد كان البيت يروى مع الأبيات الثلاثة ولا أظنه من شعر السيد (ره) ولكن اقتضى الحال تخميسه إذ كان متضمنا لشكوى الزمان فخمساه.
يقول جامع هذه الطرف وحامل هذه التحف: لعل استبعاد كون البيت الأخير للسيد (ره) من جهة كونه يتضمن كون قائله في ضيق من العيش وضنك من الدهر مع أن السيد (ره) ليس كذلك بل بعكس ما هنالك، وفيه أولا أن ذلك ليس بمناف على قاعدة الشعراء، بل مطلق البلغاء في كلامهم، وثانيا أن السيد (ره) كان على غاية من علو الهمة وشرف النفس، وتمنى المقامات العالية، كما هو مذكور في ترجمة من كتاب الدرجات الرفيعة، وربما كانت نفسه تنازعه التوصل إلى الخلافة وحينئذ فهذا البيت في موضعه، ولعلنا نذكر ترجمته في اثناء هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
للسراج الوراق: وقد بلغ في اللطافة وفاق. وقد قال:
قلت للأهيف الذي فضح الغصن ... كلام الوشاة ما ينبغي لك
قال قول الوشاة عندي ريح ... قلت اخشى يا غصن ان يستميلك
ومثله قول الآخر:
لقد غرس القضيب على كثيب ... فاتبع بالمساء وبالصباح
ومال مع الوشاة ولا عجيب ... لغصن ان يميل مع الرياح
خبر تزويج سجاح بمسيلمة الكذاب
ومن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني: كان من خبر سجاح وادعائها النبوة، وتزويج مسيلمة بها: أن سجاح التميمية ادعت النبوة بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم واجتمع عليها بنو تميم، وكان فيما ادعته أنه انزل عليها (يا أيها المؤمنون المتقون لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يبغون) فاجتمعت بنو تميم كلها وكان مؤذنهم شبث بن ربعي الرياحي، فعمدت في جيشها إلى مسيلمة الكذاب وهو باليمامة، وقالت: يا معشر تميم أقصدوا اليمامة، فاضربوا فيها كل هامة حتى تتركوها سوداء كالحمامة. وقالت: يا بني تميم ان الله لم يجعل هذا الأمر في ربيعة وإنما جعله في مضر، فاقصدوا هذا الجمع، فإذا فضضتموه عكرتم على قريش، فسارت في قومها وهم الدهم الدّاهم.
وبلغ مسيلمة خبرها فضاق ذرعا وتحصن في حجر حصن اليمامة، وجاءت في جيوشها فأحاطت به، فارسل إلى وجوه قومه وقال: ما ترون؟ قالوا: نرى ان تسلم هذا الأمر إليها وتدعها، فإن لم تفعل فهو البوار. وكان مسيلمة داهيا فقال:(1/28)
ومن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني: كان من خبر سجاح وادعائها النبوة، وتزويج مسيلمة بها: أن سجاح التميمية ادعت النبوة بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم واجتمع عليها بنو تميم، وكان فيما ادعته أنه انزل عليها (يا أيها المؤمنون المتقون لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يبغون) فاجتمعت بنو تميم كلها وكان مؤذنهم شبث بن ربعي الرياحي، فعمدت في جيشها إلى مسيلمة الكذاب وهو باليمامة، وقالت: يا معشر تميم أقصدوا اليمامة، فاضربوا فيها كل هامة حتى تتركوها سوداء كالحمامة. وقالت: يا بني تميم ان الله لم يجعل هذا الأمر في ربيعة وإنما جعله في مضر، فاقصدوا هذا الجمع، فإذا فضضتموه عكرتم على قريش، فسارت في قومها وهم الدهم الدّاهم.
وبلغ مسيلمة خبرها فضاق ذرعا وتحصن في حجر حصن اليمامة، وجاءت في جيوشها فأحاطت به، فارسل إلى وجوه قومه وقال: ما ترون؟ قالوا: نرى ان تسلم هذا الأمر إليها وتدعها، فإن لم تفعل فهو البوار. وكان مسيلمة داهيا فقال:
انظروا في هذا الأمر ثم بعث إليها: ان الله عز وجل أنزل عليك وحيا وأنزل علي فهلمي نجتمع فنتدارس ما أنزل علينا، فمن عرف الحق تبعه الآخر واجتمعنا، فاكلنا العرب أكلا بقومي وقومك فبعثت إليه افعل فأمر بقبة أدم، فضربت وأمر بالعزيمة، والعود المندلي يسجر فيها، وقال: أكثروا من الطيب فإن المرأة إذا شمت رائحة الطيب تذكرت المياه ففعلوا ذلك وجاءها رسوله يخبرها بأمر القبة المضروبة لا جتماعهما فاتته، فقالت: هات ما انزل اليك، فقال: (ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى اخرج منها نسمة تسعى من بين ضياق وحشا من بين ذكر وانثى وامرأه وأحيا. ثم إلى ربك المنتهى) قالت: وماذا؟ قال: (الم تر أن الله خلقنا أفواجا وجعل النساء لنا أزواجا فنولج فيهن قعسا ايلاجا ونخرجه منهن إذا شئنا إخراجا) قالت: باي شيء أمرك؟ قال:
الا قومي إلى المخدع ... فقد هيّء لك المضجع
فإن شئت ففي البيت ... وإن شئت ففي المخدع
وإن شئت شلقناك ... وإن شئت على أربع
وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع
فقالت: لا إلّا به أجمع. قال: فقال: كذلك أوحي إلي، فواقعها، فلما قام عنها قالت إن مثلي لا يجري أمرها هكذا، فتكون رخنة علي وعلي قومي، ولكني مسلمة اليك النبوة فاخطبني من أوليائي ليزوجوك ثم اقود تميما معك، وخرج وخرجت معه وخرج الحيان من حنيفة وتميم، فقالت لهم سجاح: انه قرأ علي ما انزل عليه، فوجدته حقّا فاتبعته. ثم خطبها فتزوجها فزوجوه اياها وسألوه المهر، فأسقط عنهم صلاة العشاء الآخرة ونادى مناديه بذلك. قال: فبنو تميم إلى الآن بالرمل لا يصلونها، ويقولون: هذا حق لنا ومهر كريمتنا لا نرده، قال: وقال شاعر من بني تميم يذكر أمر سجاح في كلمة له:
اضحت نبيتنا أنثى نطوف بها ... واصبحت انبياء الناس ذكرانا
فلعنة الله والأقوام كلهم ... على سجاح ومن بالافك اغرانا
اعني مسيلمة الكذاب لا سقيت ... اصداؤه ماء مزن حيثما كانا
قال وسمع الزبرقان بن بدر الأحنف يومئذ وقد ذكر مسيلمة وما تلا عليهم،
فقال الأحنف: تالله ما رأيت احمق من هذه الأنبياء قط. قال الزبرقان: والله لأخبرن بذلك مسيلمة، فقال إذا والله انك كذبت فيصدقني ويكذبك قال: فامسك الزبرقان وعلم أنه قد صدق، واسلمت سجاح بعد ذلك وبعد قتل مسيلمة انتهى.(1/29)
اضحت نبيتنا أنثى نطوف بها ... واصبحت انبياء الناس ذكرانا
فلعنة الله والأقوام كلهم ... على سجاح ومن بالافك اغرانا
اعني مسيلمة الكذاب لا سقيت ... اصداؤه ماء مزن حيثما كانا
قال وسمع الزبرقان بن بدر الأحنف يومئذ وقد ذكر مسيلمة وما تلا عليهم،
فقال الأحنف: تالله ما رأيت احمق من هذه الأنبياء قط. قال الزبرقان: والله لأخبرن بذلك مسيلمة، فقال إذا والله انك كذبت فيصدقني ويكذبك قال: فامسك الزبرقان وعلم أنه قد صدق، واسلمت سجاح بعد ذلك وبعد قتل مسيلمة انتهى.
يقول جامع الكشكول وناظم هذه النقول: من مزخرفات مسيلمة في قرآنه قوله:
(والزارعات زرعا والحاصدات حصدا والذاريات ذروا والطاحنات طحنا والآكلات أكلا) قال بعض الظرفاء وينبغي اتمام الآية: (والخاريات خروا) ومن مصحفه أيضا:
(إن الذين يغسلون ثيابهم ولا يجدون ما يلبسون اولئك هم المفلسون). ومنه أيضا (وقال الذين اقرضوا الذين استقرضوا لئن لم توفونا حقنا لنذيقنكم مرارة الإفلاس بما كنتم تزلقون) ومنه أيضا (وضرب بينهم بسنور له ناب).
وفي الاثران مسيلمة الكذاب اتى النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فأسلم ثم ارتد ورجع إلى اليمامة فأفسد بها وادعى النبوة، فكتب إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله (أما بعد فإن الأرض لي ولك نصفان فلا تعتد علينا) ولما انتشر موت النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أعلن مسيلمة نبوته وتابعه أهل اليمامة، فأرسل إليه أبو بكر خالد بن الوليد في جيش كثير فتفرد بقتله أبو دجانة ووحشي.
وكان أهل اليمامة يأتون مسيلمة بأولادهم ويقولون: إن محمدا يمسح يده على رأس صبيان المدينة يتبركون به فامسح انت على رؤوس صبياننا، فكان كل من يمسح على رأسه يصير أقرعا، واتاه بعض من في عينيه رمد يدعو له. فدعا له فصار أعمى. وأتوه أهل الآبار يشكون قلة مائها وقالوا: إن رسول المدينة يمج الماء من فيه في الآبار فيطغو ماؤها. ففعل مسيلمة فيبست الآبار، فقالوا: كيف هذا؟ فقال: إن المعجزة خرق العادة، فاما أن يكون من هذا الطرف أو من هذا الطرف. لبعضهم وقد اجاد:
سلوا غير طرفي إن سألتم عن الكرى ... فما لجفون العاشقين منام
قصة الأحدبين مع الجن
لطيفة: نقل أنه كان نديمان أحدبان احدهما لطيف والآخر كثيف ولكل منهما حدبة في ظهره وحدبة في صدره، فانفرد اللطيف يوما عن صاحبه فاشترى له مدامة وفاكهة وانعزل عن الناس ودخل الحمام وانفرد في خلوة، فبينما هو يتناول ما معه من الشراب ويغني ويبسط وإذا بالحائط قد انشق وخرج منه عفريت في صورة فيل، فقال: يا إنسي، فلما رآه الأحدب لم يخف ولم ينزعج، وكلمه كلاما لطيفا وبسط
له الأنس وعزم عليه فقال له الجني: والله انك احدب لطيف يا انسي ما حاجتك؟(1/30)
لطيفة: نقل أنه كان نديمان أحدبان احدهما لطيف والآخر كثيف ولكل منهما حدبة في ظهره وحدبة في صدره، فانفرد اللطيف يوما عن صاحبه فاشترى له مدامة وفاكهة وانعزل عن الناس ودخل الحمام وانفرد في خلوة، فبينما هو يتناول ما معه من الشراب ويغني ويبسط وإذا بالحائط قد انشق وخرج منه عفريت في صورة فيل، فقال: يا إنسي، فلما رآه الأحدب لم يخف ولم ينزعج، وكلمه كلاما لطيفا وبسط
له الأنس وعزم عليه فقال له الجني: والله انك احدب لطيف يا انسي ما حاجتك؟
فقال: والله إن هاتين الحدبتين قد أبلياني بالبلاء واحرموني الناس مما يعيروني بهما، ويتثاقلان علي، فمسكهما بيده فاقتلعهما، وجعلهما على رأس الحائط الذي في الخلوة ومد له صدره وظهره بيده فاستوى قائما وخرج فرحا مسرورا، فلما رآه رفيقه الأحدب قال له: ما شأنك يا صاحبي؟ وما الذي جعلك مقوّما بعد ان كنت احدب؟ فقص له القصة، فمضى الأحدب الكثيف إلى السوق، وكان معه منديل فباعه بثلاثة دراهم ونصف، واشترى بها مداما ونقلا ودخل الخلوة، فلم يستقر لحظة إلا والجني قد سمع صوته فقال: والله ان صاحبنا اللطيف قد جاء الينا فشق الحائط وخرج إليه، فلما رآه الأحدب وهو على هيئة الفيل فزع وجعل يعيط ويصيح ويقول: حديد حدايد، فقال العفريت: والله ان هذا خارج فتحيل عليه ولا طفه إلى ان سكت فمد زلومته واخذ الحدبتين من أعلى الحائط فلصقهما في الأحدب واحدة عن يمينه وواحدة عن يساره، فخرج وله أربع حدبات وهو فرجة من الفرج فوافاه بعض الناس فقال: ما هذا؟ فقال: هاتان الحدبتان اللتان في ظهري وصدري خلقهما الله تعالى واللتان في الجنبين اشتريتهما بثلاثة دراهم ونصف من الحمام الفلاني.
في ذكر إسلام الأسقف النصراني
من كتاب كنز الطالب وفخر المناقب في فضائل علي بن أبي طالب عليه السّلام الباب الثالث والستون: في ذكر سبب إسلام الأسقف النصراني: ذكر ابن الجوزي في كتاب الواعظي عن محمد بن ادريس قال: رأيت بمكة اسقفا وهو يطوف بالكعبة، فقلت: ما الذي رغب بك عن دين آبائك؟ فقال: تبدلت خيرا منه، فقلت له: كيف ذلك قال: ركبت البحر فلما توسطنا انكسر بنا المركب فعلوت لوحا فلم تزل الأمواج تدفعني حتى رمتني بجزيرة من جزائر البحر فيها اشجار كثيرة ولها ثمر احلى من الشهد وألين من الزبد وفيها نهر جار، فحمدت الله تعالى على ذلك وقلت: آكل من هذا الثمر واشرب من هذا النهر حتى يأتيني الله بالفرج فلما ذهب النهار خفت على نفسي من الدواب، فعلوت شجرة من تلك الأشجار فنمت على غصن منها، فلما كان في جوف الليل وإذا بدابة على وجه الأرض تسبح وتقول:
«لا إله إلا الله العزيز الجبار محمد رسول الله النبي المختار علي بن أبي طالب سيف الله على الكفار فاطمة وابنيها صفوة الجبار على مبغضيهم لعنة الجبار ومأواهم جهنم وبئس القرار» فلم تزل تكرر هذه الكلمات حتى طلع الفجر ثم
قالت: «لا إله إلا الله صادق الوعد والوعيد محمد رسول الله الهادي الرشيد علي ذو البأس الشديد فاطمة وبنيها خيرة الرب المجيد فعلى مبغضيهم لعنة الرب المجيد» فلما وصلت إلى البر فإذا دابة رأسها رأس نعامة ووجهها وجه إنسان وقوائمها قوائم بعير وذنبها ذنب سمكة، فخشيت منها على نفسي الهلكة فهربت بنفسي منها فوقفت ثم قالت لي: قف يا إنسان وإلا هلكت، فوقفت فقالت لي: ما دينك؟ فقلت: دين النصرانية، فقالت: ويحك ارجع إلى دين الإسلام فقد حللت بقوم من مسلمي الجن لا ينجو منهم إلا من كان مسلما، فقلت: فكيف الإسلام؟(1/31)
«لا إله إلا الله العزيز الجبار محمد رسول الله النبي المختار علي بن أبي طالب سيف الله على الكفار فاطمة وابنيها صفوة الجبار على مبغضيهم لعنة الجبار ومأواهم جهنم وبئس القرار» فلم تزل تكرر هذه الكلمات حتى طلع الفجر ثم
قالت: «لا إله إلا الله صادق الوعد والوعيد محمد رسول الله الهادي الرشيد علي ذو البأس الشديد فاطمة وبنيها خيرة الرب المجيد فعلى مبغضيهم لعنة الرب المجيد» فلما وصلت إلى البر فإذا دابة رأسها رأس نعامة ووجهها وجه إنسان وقوائمها قوائم بعير وذنبها ذنب سمكة، فخشيت منها على نفسي الهلكة فهربت بنفسي منها فوقفت ثم قالت لي: قف يا إنسان وإلا هلكت، فوقفت فقالت لي: ما دينك؟ فقلت: دين النصرانية، فقالت: ويحك ارجع إلى دين الإسلام فقد حللت بقوم من مسلمي الجن لا ينجو منهم إلا من كان مسلما، فقلت: فكيف الإسلام؟
قالت: تشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فقلتها ثم قالت: تمم الإسلام بموالاتك لعلي بن أبي طالب عليه السّلام وأولاده الطيبين والصلاة والبراءة من اعدائهم، فقلت: ومن اتاكم بذلك؟ قال: قوم حضروا عند رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فسمعوه يقول: إذا كان يوم القيامة تأتي الجنة فتنادي بلسان طلق: يا إلهي وعدتني ان تشد أركاني وتزينني، فيقول الجليل جل جلاله: اليس قد شددت أركانك وزينتك بابنة حبيبي فاطمة الزهراء وبعلها علي بن أبي طالب وابنيهما الحسن والحسين والتسعة من ذرية الحسين؟ ثم قالت الدابة: هذا المقام تريد أم الرجوع إلى أهلك؟ قلت:
الرجوع، قالت: اصبر حتى يجتاز مركب وإذا بمركب أقبل فاشارت إليهم فدفعوا زورقا عندهم فلما علوت المركب وإذا عندهم في المركب إثنا عشر كلهم من النصارى فاخبرتهم بخبري فأسلموا عن آخرهم.
ولله در القائل حيث يقول:
روى فضله الحساد من عظم شأنه ... وأكبر فضل راح يرويه حاسد
محبوه اخفوا فضله خيفة العدى ... واخفاه بغضا حاسد ومعاند
وشاع له من بين ذين مناقب ... تجل بأن تحصى وإن عد قاصد
إمام له في جبهة المجد انجم ... علت فعلت ان يدن هاتيك راصد
مناقب إذ جلّت جلت كل كربة ... وطابت فطابت من شذاها المشاهد
لها فوق مرفوع السماك منابر ... وفي عنق الجوزاء منها قلائد
فتى تاه فيه الخلق طرّا فعابد ... له ومقر بالولاء وجاحد
إمام مبين كل فضل له حوى ... بمدحته التنزيل والذكر شاهد
محاورة امرأة مع الإمام الباقر عليه السّلام
ظريفة قال يزيد بن عرق: لما مات كثير عزة لم تتخلف إمرأة بالمدينة ولا رجل عن جنازته، وغالب النساء يبكينه ويذكرن عزة في ندبتهن له، فقال أبو جعفر
الباقر عليه السّلام: افرجوا لي عن جنازة كثير لأربعها، قال: فجعلنا ندفع عنها النساء وجعل الباقر عليه السّلام يضربهن بكمه ويقول: تنحين يا صويحبات يوسف، فانتدبت له إمرأة منهن فقالت: يابن رسول الله لقد صدقت انا لصواحباته وقد كنا خيرا منكم له، فقال أبو جعفر لبعض مواليه: احتفظ بها حتى تجيئني بها إذا انصرفت، فلما انصرف اتى بتلك المرأة كأنها شرار النار، فقال الباقر عليه السّلام: انت القائلة انكن ليوسف خير منا؟ قالت: نعم تؤمننى غضبك يابن رسول الله؟ فقال: انت آمنة، فقالت: دعوناه إلى اللذات من المطعم والمشرب والتمتع والنعم، وانتم معاشر الرجال القيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان وحبستموه في السجن، فأينا كان أرأف به؟ فقال الباقر عليه السّلام: لله درك لن تغالب امرأة إلا غلبت ثم قال لها: ألك بعل؟ قالت: لي من الرجال من انا بعله. فقال أبو جعفر عليه السّلام: ما اصدقك مثلك من تملك زوجها ولا يملكها.(1/32)
ظريفة قال يزيد بن عرق: لما مات كثير عزة لم تتخلف إمرأة بالمدينة ولا رجل عن جنازته، وغالب النساء يبكينه ويذكرن عزة في ندبتهن له، فقال أبو جعفر
الباقر عليه السّلام: افرجوا لي عن جنازة كثير لأربعها، قال: فجعلنا ندفع عنها النساء وجعل الباقر عليه السّلام يضربهن بكمه ويقول: تنحين يا صويحبات يوسف، فانتدبت له إمرأة منهن فقالت: يابن رسول الله لقد صدقت انا لصواحباته وقد كنا خيرا منكم له، فقال أبو جعفر لبعض مواليه: احتفظ بها حتى تجيئني بها إذا انصرفت، فلما انصرف اتى بتلك المرأة كأنها شرار النار، فقال الباقر عليه السّلام: انت القائلة انكن ليوسف خير منا؟ قالت: نعم تؤمننى غضبك يابن رسول الله؟ فقال: انت آمنة، فقالت: دعوناه إلى اللذات من المطعم والمشرب والتمتع والنعم، وانتم معاشر الرجال القيتموه في الجب وبعتموه بأبخس الأثمان وحبستموه في السجن، فأينا كان أرأف به؟ فقال الباقر عليه السّلام: لله درك لن تغالب امرأة إلا غلبت ثم قال لها: ألك بعل؟ قالت: لي من الرجال من انا بعله. فقال أبو جعفر عليه السّلام: ما اصدقك مثلك من تملك زوجها ولا يملكها.
شيء مما يتعلق بالمقدس الأردبيلي
ومن كتاب التذكرة: للسيد علي صدر الدين الشيرازي قال: وحدثني من اثق به ان المولى احمد الأردبيلي عطر الله مرقده ونور ضريحه لما كان في المشهد العلوي على مشرفه السلام التجأ رجل من امراء السلطان العادل الشاه عباس الأول قد قصر في الخدمة، فالتمس من المولى أحمد ان يكتب له كتابا يطلب العفو فكتب إليه بالفارسية هكذا: «باني ملك عاريت عباس بداند اگرچهـ اين مرد أول ظالم بود اكنون مظلوم مينمايد چنانچهـ از تقصير أو بگذري شايد كه حق سبحانه وتعالى از پاره از تقصيرات تو بگذرد كتبه بنده شاه ولايت احمد الأردبيلي» جواب «بعرض ميرساند عباس خدماتي كه فرموده بوديد بجان منت دانسته بتقديم رسانيد اميد كه اين محب را از دعاي خير فراموش نكند كتبه كلب آستانه علي عباس».
ومن كتاب الأنوار النعمانية: للسيد نعمة الله الجزائري قال: وكان قريبا من عصرنا مولانا الورع العالم المولى أحمد الأردبيلي، وقد كان من سكان النجف الأشرف، ومن شدة ورعه أنه كان يستأجر دابة من النجف ويأخذها من صاحبها ويمضي بها إلى زيارة الكاظميين والعسكريين فإذا أراد الرجوع ربما أعطاه بعض أهل بغداد من الشيعة كتابا ليوصله إلى بعض أهل النجف، فيضع الكتاب في جيبه ويمشي ويسوق الدابة وهو يمشي من بغداد إلى النجف ويقول: إن صاحب الدابة لم يأذن لي في حمل هذا الكتاب على دابته، وكان إذا خرج من منزله يضع على رأسه عمامة كبيرة حتى إذا طلب منه أحد عمامة أو مقنعة قطع له من تلك العمامة،
فإذا رجع إلى المنزل ربما بقي على رأسه منها ذراع واقل، وقد كان عام الغلاء يقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة ويبقى لنفسه مثل سهم واحد منهم.(1/33)
ومن كتاب الأنوار النعمانية: للسيد نعمة الله الجزائري قال: وكان قريبا من عصرنا مولانا الورع العالم المولى أحمد الأردبيلي، وقد كان من سكان النجف الأشرف، ومن شدة ورعه أنه كان يستأجر دابة من النجف ويأخذها من صاحبها ويمضي بها إلى زيارة الكاظميين والعسكريين فإذا أراد الرجوع ربما أعطاه بعض أهل بغداد من الشيعة كتابا ليوصله إلى بعض أهل النجف، فيضع الكتاب في جيبه ويمشي ويسوق الدابة وهو يمشي من بغداد إلى النجف ويقول: إن صاحب الدابة لم يأذن لي في حمل هذا الكتاب على دابته، وكان إذا خرج من منزله يضع على رأسه عمامة كبيرة حتى إذا طلب منه أحد عمامة أو مقنعة قطع له من تلك العمامة،
فإذا رجع إلى المنزل ربما بقي على رأسه منها ذراع واقل، وقد كان عام الغلاء يقاسم الفقراء ما عنده من الأطعمة ويبقى لنفسه مثل سهم واحد منهم.
وقد اتفق أنه فعل في بعض السنين الغالية هكذا فغضبت عليه زوجته وقالت: تركت أولادنا في مثل هذه يتكففون الناس، فتركها ومضى إلى مسجد الكوفة للاعتكاف، فلما كان اليوم الثاني جاء رجل مع دواب حملها من الطعام الطيب والحنطة الصافية والطحين الناعم فقال: هذا بعثه اليكم صاحب المنزل وهو معتكف في مسجد الكوفة، فلما جاء المولى من اعتكافه اخبرته زوجته بأن الطعام الذي بعثته مع الأعرابي طعام حسن. فحمد الله واثنى عليه وما كان له خبر منه.
وقد حدثني اوثق مشايخي علما وعملا: أن لهذا الرجل وهو المولى الأردبيلي تلميذا من أهل تفريش اسمه مير غلام، وقد كان بمكان من الفضل والورع قال ذلك التلميذ: إنه قد كانت لي حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة، فاتفق اني فرغت من مطالعتي وقد مضى جانب كبير من الليل فخرجت من الحجرة أنظر في حوش الحضرة وكانت ليلة شديدة الظلام، فرأيت رجلا مقبلا إلى الحضرة الشريفة فقلت: لعل هذا سارق جاء ليسرق شيئا من القناديل. فنزلت وأتيت إلى قربه وهو لا يراني فمضى إلى الباب ووقف، فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب الثاني والثالث على هذه الحال فأشرف على القبر فسلم، فاتى من جانب القبر رد السلام فعرفت صوته فإذا هو يتكلم مع الإمام في مسألة علمية. ثم خرج من البلدة متوجها إلى مسجد الكوفة فخرجت خلفه وهو لا يراني فلما وصل إلى محراب المسجد سمعته يتكلم مع رجل آخر بتلك المسألة فرجع ورجعت خلفه وهو لا يراني فلما بلغ إلى باب البلد اضاء الصبح فاعلنت نفسي له وقلت: يا مولانا كنت معك من الأول إلى الآخر، فاعلمني من كان الرجل الأول الذي كلمته في القبة ومن الرجل الآخر الذي كلمك في الكوفة؟ فأخذ علي المواثيق اني لا أخبر أحدا بسره حتى يموت فقال لي يا ولدي ان بعض المسائل تشتبه علي فربما خرجت بعض الليل إلى قبر مولانا علي عليه السّلام وكلمته في المسألة وسمعت منه الجواب، وفي هذه الليلة أحالني على مولانا صاحب الزمان وقال لي: إن ولدي المهدي عليه السّلام هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه واسأله عن هذه المسألة وكان ذلك الرجل هو المهدي عليه السّلام. وهذه نبذة من بعض أحواله فاعتبر احواله الباقية.(1/34)
وقد حدثني اوثق مشايخي علما وعملا: أن لهذا الرجل وهو المولى الأردبيلي تلميذا من أهل تفريش اسمه مير غلام، وقد كان بمكان من الفضل والورع قال ذلك التلميذ: إنه قد كانت لي حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة، فاتفق اني فرغت من مطالعتي وقد مضى جانب كبير من الليل فخرجت من الحجرة أنظر في حوش الحضرة وكانت ليلة شديدة الظلام، فرأيت رجلا مقبلا إلى الحضرة الشريفة فقلت: لعل هذا سارق جاء ليسرق شيئا من القناديل. فنزلت وأتيت إلى قربه وهو لا يراني فمضى إلى الباب ووقف، فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب الثاني والثالث على هذه الحال فأشرف على القبر فسلم، فاتى من جانب القبر رد السلام فعرفت صوته فإذا هو يتكلم مع الإمام في مسألة علمية. ثم خرج من البلدة متوجها إلى مسجد الكوفة فخرجت خلفه وهو لا يراني فلما وصل إلى محراب المسجد سمعته يتكلم مع رجل آخر بتلك المسألة فرجع ورجعت خلفه وهو لا يراني فلما بلغ إلى باب البلد اضاء الصبح فاعلنت نفسي له وقلت: يا مولانا كنت معك من الأول إلى الآخر، فاعلمني من كان الرجل الأول الذي كلمته في القبة ومن الرجل الآخر الذي كلمك في الكوفة؟ فأخذ علي المواثيق اني لا أخبر أحدا بسره حتى يموت فقال لي يا ولدي ان بعض المسائل تشتبه علي فربما خرجت بعض الليل إلى قبر مولانا علي عليه السّلام وكلمته في المسألة وسمعت منه الجواب، وفي هذه الليلة أحالني على مولانا صاحب الزمان وقال لي: إن ولدي المهدي عليه السّلام هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض إليه واسأله عن هذه المسألة وكان ذلك الرجل هو المهدي عليه السّلام. وهذه نبذة من بعض أحواله فاعتبر احواله الباقية.
نصيحة للإمام الصادق عليه السّلام
روى: شيخ الطائفة في التهذيب في اوائل كتاب المكاسب بستند حسن أو صحيح عن الحسن بن محبوب عن حريز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول:
«اتقوا الله وصونوا أنفسكم بالورع وقووه بالتقية والاستغناء بالله عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان. واعلم أنه من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه عن دينه طلبا لما في يديه من دنياه احمله الله تعالى مقته عليه ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه وصار إليه منه شيء نزع الله جل اسمه منه البركة ولم يؤجره على شيء بنفقه منه في حج ولا عتق رقبة ولا بر».
قال شيخنا البهائي: عطر الله مرقده في الكشكول بعد نقل هذا الخبر الشريف ما نصه: أقول صدق عليه السّلام فإنا قد جربنا ذلك وجربه المجربون قبلنا واتفقت الكلمة منا ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال وسرعة نفادها واضمحلالها، وهو أمر ظاهر محسوس يعرفه من حصل شيئا من تلك الأموال الملعونة، فنسأل الله تعالى حلالا طيبا يكفينا ويكفّ اكفنا عن مدها إلى هؤلاء وامثالهم انه سميع الدعاء لطيف لما يشاء انتهى.
يقول جامع هذه الطرف وحامل هذه التحف: لا شبهة ولا ريب فيما قاله الإمام الصادق عليه السّلام ولسان العيان فضلا عن البيان به ناطق، فقد وقع لي برهة من الزمان اتصال عظيم بالسلطان وأجرى علي من الوظيفة والانعام والامداد ما يزيد في نظري على قدر الحاجة والمراد. ومع ذلك فكلما تعمدت احراز شيء من ذلك لبعض المطالب والمسالك توجهت لذهابه اسباب ليست في الخاطر ولا في البال وانفتحت له الأبواب لا تمر بالذهن والخيال، نسأل الله الكريم بمزيد فضله الجسيم أن يفتح علينا من أبواب كرمه واحسانه وجوده وامتنانه ما يغنينا به عمن سواه ويعيننا به على التوصل إلى رضاه انه القادر على ما يشاء وبيده ازمة الأشياء وإليه المفزع والملتجا.
قال الحكماء: الفهم والحفظ لا يجتمعان على سبيل الكمال، لأن الفهم يستدعي رطوبة في الدماغ والحفظ مزيد يبوسة فيه والجميع بينهما محال.
روي: أنه لما مات جالينوس وجد في جيبه رقعة مكتوب فيها: ما اكلته مقتصدا فلجسمك وما تصدقت به فلروحك وما خلفته فلغيرك، والمحسن حي وإن نقل إلى دار البلا والمسيء ميت وإن بقي في الدنيا، والقناعة تستر الخلة، والتدبير يكثر القليل، وليس لابن آدم انفع من التوكل على الله سبحانه.(1/35)
روي: أنه لما مات جالينوس وجد في جيبه رقعة مكتوب فيها: ما اكلته مقتصدا فلجسمك وما تصدقت به فلروحك وما خلفته فلغيرك، والمحسن حي وإن نقل إلى دار البلا والمسيء ميت وإن بقي في الدنيا، والقناعة تستر الخلة، والتدبير يكثر القليل، وليس لابن آدم انفع من التوكل على الله سبحانه.
السلافة البهية في الترجمة الميثمية
بسم الله الرحمن الرحيم بعد الحمد والصلاة: فقد سألني بعض الأخوان المخلصين والخلان المتدينين أن اترجم له ترجمة العالم الرباني والعارف البحراني كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني من كتاب مجالس المؤمنين للشهيد الثالث القاضي الشوشتري فأجبته إلى ذلك مع توزع البال وتفاقم الأهوال وتشتت الأحوال، وأضفت إلى ذلك زيادات انيقة تهش له الأسماع ونكات رشيقة تستعذبها الطباع، وسميتها ب (السلافة البهية في الترجمة الميثمية)
فاقول: هو الفيلسوف المحقق والحكيم المدقق قدوة المتكلمين وزبدة الفقهاء والمحدثين العالم الرباني كمال الدين ميثم البحراني غواص بحر المعارف ومقتنص شوارد الحقائق واللطائف، ضم إلى احاطته بالعلوم الشرعية واحراز قصبات السبق في العلوم الحكمية والفنون العقلية ذوقا جيدا في العلوم الحقيقية والأسرار العرفانية. كان ذا كرامات باهرة ومآثر ظاهرة، ويكفيك دليلا على جلالة شأنه وسطوع برهانه اتفاق كلمة ائمة الأعصار واساطين الفضلاء في جميع الأمصار على تسميته بالعالم الرباني وشهادتهم له بأنه لم يوجد مثله في تحقيق الحقائق وتنقيح المباني. والحكيم الفيلسوف سلطان المحققين واستاد الحكماء والمتكلمين نصير الملة والدين محمد الطوسي شهد له بالتبحر في الحكمة والكلام ونظم غرر مدائحه في ابلغ نظام.
واستاد البشر والعقل الحادي عشر سيد المحققين الشريف الجرجاني على جلالة قدره في اوائل فن علم البيان من شرح المفتاح قد نقل عن بعض تحقيقاته الأنيقة وتدقيقاته الرشيقة أنه عبر عنه ببعض مشائخنا ناظما لنفسه في سلك تلامذته ومفتخرا بالانخراط في سلك المستفيدين من حضرته المقتبسين من مشكاة فطرته.
والسيد السند والفيلسوف الأوحد مير صدر الدين محمد الشيرازي أكثر النقل عنه في حاشية شرح التجريد، سيما في مبحث الجواهر والأعراض، والتقط فرائد التحقيقات التي ابدعها (عطر الله مرقده) في كتاب المعراج السماوي وغيره من مؤلفاته التي لم تسمح بمثلها الأعصار ما دار الفلك الدوار.
وفي الحقيقة من اطلع على شرحه لنهج البلاغة الذي صنفه للصاحب خواجة عطا ملك الجويني وهو عدة مجلدات، شهد له بالتبريز في جميع الفنون الإسلامية والأدبية والحكمية والاسرار العرفانية. ومن مآثر طبعه اللطيف وخلقه الشريف على
ما حكاه في مجالس المؤمنين أنه (عطر الله مرقده) في اوائل الحال كان معتكفا في زاوية العزلة والخمول، مشتغلا بتحقيق حقائق الفروع والأصول، فكتب إليه فضلاء الحلة والعراق صحيفة تحتوي على عذله وملامته على هذه الأخلاق وقالوا:(1/36)
وفي الحقيقة من اطلع على شرحه لنهج البلاغة الذي صنفه للصاحب خواجة عطا ملك الجويني وهو عدة مجلدات، شهد له بالتبريز في جميع الفنون الإسلامية والأدبية والحكمية والاسرار العرفانية. ومن مآثر طبعه اللطيف وخلقه الشريف على
ما حكاه في مجالس المؤمنين أنه (عطر الله مرقده) في اوائل الحال كان معتكفا في زاوية العزلة والخمول، مشتغلا بتحقيق حقائق الفروع والأصول، فكتب إليه فضلاء الحلة والعراق صحيفة تحتوي على عذله وملامته على هذه الأخلاق وقالوا:
العجب منك انك على شدة مهارتك في جميع العلوم والمعارف وحذاقتك في تحقيق الحقائق وابداع اللطائف قاطن في طلول الاعتزال ومخيم في زاوية الخمول الموجب لخمود نار الكمال. فكتب في جوابهم هذه الأبيات:
طلبت فنون العلم ابغي بها العلا ... فقصر بي عما سموت به القل
تبين لي ان المحاسن كلها ... فروع وان المال فيها هو الأصل
فلما وصلت هذه الأبيات إليهم كتبوا إليه أنك أخطات في ذلك خطأ ظاهرا وحكمك باصالة المال عجيب بل اقلب تصب، فكتب في جوابهم هذه الأبيات وهي لبعض الشعراء المتقدمين:
قد قال قوم بغير علم ... ما المرء إلا بأكبريه
فقلت قول امرىء حكيم ... ما المرء إلا بدرهميه
من لم يكن درهم لديه ... لم تلتفت عرسه إليه
ثم انه (عطر الله مرقده) لما علم أن مجرد المراسلات والمكاتبات لا تنفع الغليل ولا تشفي العليل توجه إلى العراق لزيارة الأئمة المعصومين عليهم السّلام وإقامة الحجة على الطاعنين، ثم انه بعد الوصول إلى تلك المشاهد العلية لبس ثيابا خشنة عتيقة وتزيا بهيئة رثة بالاطراح والاحتقار خليقه ودخل بعض مدارس العراق المشحونة بالعلماء والحذاق فسلم عليهم فرد بعضهم عليه السلام بالاستثقال والامتناع التام، فجلس (عطر الله مرقده) في صف النعال ولم يلتفت إليه احد منهم ولم يقضوا واجب حقه، وفي اثناء المباحثة وقعت بينهم مسألة مشكلة دقيقة كلت عنها افهامهم وزلت فيها اقدامهم، فاجاب (روح الله تعالى روحه) وتابع فتوجه بتسعة جوابات في غاية الجودة والدقة، فقال له بعضهم بطريق السخرية والتهكم: يا حيلك طالب علم، ثم بعد ذلك احضر الطعام فلم يؤاكلوه (قدس الله سره) بل افروده بشيء قليل في طرف على حدة واجتمعوا هم على المائدة، فلما انقضى ذلك المجلس قام (قدس الله سره).
ثم انه عاد في اليوم الثاني إليهم، وقد لبس ملابسا فاخرة وهيئة الأكمام واسعة وعمامة كبيرة رائقة فلما قرب وسلم عليهم قاموا إليه تعظيما واستقبلوه
تكريما وبالغوا في ملاطفته ومطايبته فاجتهدوا في تكريمه وتوقيره، وأجلسوه في صدر ذلك المشحون بالأفاضل المحققين والأكابر المدققين. ولما شرعوا في المباحثة والمذاكرة تكلم معهم بكلمات عليلة لا وجه لها عقلا ولا شرعا، فقابلوا كلماته العليلة بالتحسين والتسليم والاذعان على وجه التعظيم، فلما حضرت مائدة الطعام بادروا معه بأنواع الأدب، فألقى الشيخ (قدس الله سره) كمه في ذلك الطعام مستعتبا على اولئك الأعلام وقال كل يا كمي، فلما شهدوا ذلك الحال العجيبة اخذوا في التعجب والاستغراق واستفسروه (قدس الله سره) عن معنى هذا الخطاب، فأجاب عطر الله مرقده: إنكم إنما اتيتم بهذه الأطعمة النفيسة لأجل اكمامي الواسعة لا للنفس القدسية اللامعة وإلا فأنا صاحبكم بالأمس وما رأيت تعظيما ولا تكريما ولا منه عينا ولا اثرا، إني جئتكم امس بهيئة الفقراء وسجية العلماء واليوم جئتكم بلباس الجبارين وتكلمت بكلام الجاهلين فقد رجحتم الجهالة على العلم والغنى على الفقر، وأنا صاحب الأبيات التي في اصالة المال وفرعية صفات الكمال التي ارسلتها اليكم وعرضتها عليكم وقابلتموها بالتخطئة وزعمتم انعكاس القضية فاعترف الجماعة بالخطأ في تخطئتهم واعتذروا مما صدر منهم من التقصير في شأنه (قدس الله سره)(1/37)
ثم انه عاد في اليوم الثاني إليهم، وقد لبس ملابسا فاخرة وهيئة الأكمام واسعة وعمامة كبيرة رائقة فلما قرب وسلم عليهم قاموا إليه تعظيما واستقبلوه
تكريما وبالغوا في ملاطفته ومطايبته فاجتهدوا في تكريمه وتوقيره، وأجلسوه في صدر ذلك المشحون بالأفاضل المحققين والأكابر المدققين. ولما شرعوا في المباحثة والمذاكرة تكلم معهم بكلمات عليلة لا وجه لها عقلا ولا شرعا، فقابلوا كلماته العليلة بالتحسين والتسليم والاذعان على وجه التعظيم، فلما حضرت مائدة الطعام بادروا معه بأنواع الأدب، فألقى الشيخ (قدس الله سره) كمه في ذلك الطعام مستعتبا على اولئك الأعلام وقال كل يا كمي، فلما شهدوا ذلك الحال العجيبة اخذوا في التعجب والاستغراق واستفسروه (قدس الله سره) عن معنى هذا الخطاب، فأجاب عطر الله مرقده: إنكم إنما اتيتم بهذه الأطعمة النفيسة لأجل اكمامي الواسعة لا للنفس القدسية اللامعة وإلا فأنا صاحبكم بالأمس وما رأيت تعظيما ولا تكريما ولا منه عينا ولا اثرا، إني جئتكم امس بهيئة الفقراء وسجية العلماء واليوم جئتكم بلباس الجبارين وتكلمت بكلام الجاهلين فقد رجحتم الجهالة على العلم والغنى على الفقر، وأنا صاحب الأبيات التي في اصالة المال وفرعية صفات الكمال التي ارسلتها اليكم وعرضتها عليكم وقابلتموها بالتخطئة وزعمتم انعكاس القضية فاعترف الجماعة بالخطأ في تخطئتهم واعتذروا مما صدر منهم من التقصير في شأنه (قدس الله سره)
وله (قدس سره) من المصنفات البديعة والرسائل الجليلة ما ليس يسمح بها الزمان ولم يظفر بمثلها احد من الأعيان، منها (شرح نهج البلاغة) وهو حقيق ان يكتب بالنور على الأحداق لا بالحبر على الأوراق وهو عدة مجلدات، ومنها (شرحه الصغير على نهج البلاغة) جيد مفيد جدا رأيته في حدود (سنة 1091) الف واحدى وتسعين، و (كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة) لم يعمل مثله وهو عندي نسخة صحيحة عتيقة جدا، و (كتاب شرح اشارات) استاذه العالم الكامل قدوة الحكماء وإمام الفضلاء الشيخ السعيد الشيخ علي بن سليمان البحراني وهو في غاية المتانة والدقة على قواعد الحكماء المتألهين، وله (كتاب القواعد) في علم الكلام، و (كتاب المعراج السماوي)، و (كتاب بحر الخضم)، و (رسالة في الوحي والالهام) وسمعت من بعض الثقاة أن له شرحا ثالثا على كتاب نهج البلاغة الكبير. مات عطر الله مرقده (سنة 679) تسع وسبعين وستمائة ذكر ذلك الشيخ البهائي في المجلد الثالث من الكشكول.
تتمة: هو ميثم بفتح الميم والياء المثناة من تحت الساكنة والثاء والمثلثة المفتوحة وبالميم أخيرا كما ذكره بعض المحققين في حواشي خلاصة الأقوال في
ترجمة ميثم أحمد بن الحسن الميثمي ما نصه: هو منسوب إلى ميثم التمار، وميثم بكسر الميم ولم يأت مفتوحا إلا إسم ميثم البحراني من المتأخرين انتهى. ويلقب بكمال الدين كما في شرح زاد المسافرين للفاضل المحقق ابن أبي جمهور الأحسائي في المباحث النبوية، وفي شرح الفصول النصيرية للشيخ الخضر، وفي حاشية الفاضل الكلبي في أوائل مباحث البيان وفي الكشكول للشيخ البهائي في أول المجلد الرابع، وكذا في حاشيته على تفسير القاضى البيضاوي، وفي مسألة وجوب الأصلح عليه سبحانه، وفي مجالس المؤمنين لقبه بمفيد الدين في موضعين في ترجمة (يب) افضل المحققين خواجة نصير الدين الطوسي طيب الله مشهده وعطر مرقده. وله في هذه الترجمة غلط فظيع نسبته إلى زلة القلم اهون من نسبته إلى زلة القدم، ولا بأس بالتنبية عليه فنقول: ذكر (قدس الله سره) نقلا عن اجازة العلامة (قده) لأولاد زهرة ان افضل الحكماء نصير الدين الطوسي لما قدم الحلة لزيارة افضل المحققين نجم الدين بن سعيد اجتمع علماء الحلة وفضلاء الإمامية بمجلس نجم الدين بن سعيد فسأل الخواجة السعيد المحقق نجم الدين عن افضلهم؟ فأجاب الشيخ نجم الدين بأن قال: كلهم فضلاء علماء ما برز احدهم في فن إلا وبرز آخر في آخر، فقال الخواجة: أيهم أفضل في علم الكلام وأصول الفقه؟ فاشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر وإلى الشيخ مفيد الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني. هذا حاصل ما نقله (قده) في مجالس المؤمنين وهو نقل عجيب يضحك الثكلى وكأنه من سهو قلم النساخ، فإن الموجود في الرسالة ان الخواجة لما سأل المحقق نجم الدين عن أفضل الجماعة في الأصولين، فاشار المحقق إلى الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر وإلى الشيخ مفيد الدين محمد بن الجهم الحلي وقال: هذان أفضل هؤلاء الجماعة في علم الكلام وأصول الفقه، فتكدر خاطر الفقيه يحيى بن سعيد ابن عم المحقق وارسل إلى ابن عمه مكتوبا يعتب عليه وقال: كيف ذكرت ابن المطهر وابن الجهم ولم تذكرني وضمنه هذه الأبيات:(1/38)
تتمة: هو ميثم بفتح الميم والياء المثناة من تحت الساكنة والثاء والمثلثة المفتوحة وبالميم أخيرا كما ذكره بعض المحققين في حواشي خلاصة الأقوال في
ترجمة ميثم أحمد بن الحسن الميثمي ما نصه: هو منسوب إلى ميثم التمار، وميثم بكسر الميم ولم يأت مفتوحا إلا إسم ميثم البحراني من المتأخرين انتهى. ويلقب بكمال الدين كما في شرح زاد المسافرين للفاضل المحقق ابن أبي جمهور الأحسائي في المباحث النبوية، وفي شرح الفصول النصيرية للشيخ الخضر، وفي حاشية الفاضل الكلبي في أوائل مباحث البيان وفي الكشكول للشيخ البهائي في أول المجلد الرابع، وكذا في حاشيته على تفسير القاضى البيضاوي، وفي مسألة وجوب الأصلح عليه سبحانه، وفي مجالس المؤمنين لقبه بمفيد الدين في موضعين في ترجمة (يب) افضل المحققين خواجة نصير الدين الطوسي طيب الله مشهده وعطر مرقده. وله في هذه الترجمة غلط فظيع نسبته إلى زلة القلم اهون من نسبته إلى زلة القدم، ولا بأس بالتنبية عليه فنقول: ذكر (قدس الله سره) نقلا عن اجازة العلامة (قده) لأولاد زهرة ان افضل الحكماء نصير الدين الطوسي لما قدم الحلة لزيارة افضل المحققين نجم الدين بن سعيد اجتمع علماء الحلة وفضلاء الإمامية بمجلس نجم الدين بن سعيد فسأل الخواجة السعيد المحقق نجم الدين عن افضلهم؟ فأجاب الشيخ نجم الدين بأن قال: كلهم فضلاء علماء ما برز احدهم في فن إلا وبرز آخر في آخر، فقال الخواجة: أيهم أفضل في علم الكلام وأصول الفقه؟ فاشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر وإلى الشيخ مفيد الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني. هذا حاصل ما نقله (قده) في مجالس المؤمنين وهو نقل عجيب يضحك الثكلى وكأنه من سهو قلم النساخ، فإن الموجود في الرسالة ان الخواجة لما سأل المحقق نجم الدين عن أفضل الجماعة في الأصولين، فاشار المحقق إلى الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر وإلى الشيخ مفيد الدين محمد بن الجهم الحلي وقال: هذان أفضل هؤلاء الجماعة في علم الكلام وأصول الفقه، فتكدر خاطر الفقيه يحيى بن سعيد ابن عم المحقق وارسل إلى ابن عمه مكتوبا يعتب عليه وقال: كيف ذكرت ابن المطهر وابن الجهم ولم تذكرني وضمنه هذه الأبيات:
لا تهن من عظيم قدر وان كنت ... مشارا إليه بالتعظيم
فاللبيب الكريم ينقص قدرا ... بالتجري على اللبيب الكريم
ولع الخمر بالعقول رمي ... الخمر بتنجيسها وبالتحريم
فأجابه (قده) بما حاصله: إنه ربما سألك الخواجة مسألة فوقفت فيحصل لنا الحياء هذا حاصل ما في الرسالة المذكورة وهي عندي بنسخة عتيقة صحيحة. ومما
يشهد أيضا بأن ما في مجالس المؤمنين سهو صريح ان الشيخ كمال الدين ميثم ليس من علماء الحلة، وأيضا وجدت بخط بعض الأفاضل المعتمدين ان الحواجة (قده) تلمذ على الشيخ كمال الدين ميثم في الفقه والشيخ كمال الدين ميثم تلمذ على الخواجة في الحكمة، بالجملة فما في مجالس المؤمنين غلط بغير ريبة.(1/39)
لا تهن من عظيم قدر وان كنت ... مشارا إليه بالتعظيم
فاللبيب الكريم ينقص قدرا ... بالتجري على اللبيب الكريم
ولع الخمر بالعقول رمي ... الخمر بتنجيسها وبالتحريم
فأجابه (قده) بما حاصله: إنه ربما سألك الخواجة مسألة فوقفت فيحصل لنا الحياء هذا حاصل ما في الرسالة المذكورة وهي عندي بنسخة عتيقة صحيحة. ومما
يشهد أيضا بأن ما في مجالس المؤمنين سهو صريح ان الشيخ كمال الدين ميثم ليس من علماء الحلة، وأيضا وجدت بخط بعض الأفاضل المعتمدين ان الحواجة (قده) تلمذ على الشيخ كمال الدين ميثم في الفقه والشيخ كمال الدين ميثم تلمذ على الخواجة في الحكمة، بالجملة فما في مجالس المؤمنين غلط بغير ريبة.
خاتمة: قد كثر استفادة المشائخ المتأخرين واقتباسهم من مشكاة تحقيقات شيخنا كمال الدين ميثم المذكور، ولا بأس بالإشارة إلى بعض ذلك فنقول: من تلك الجملة ما نقله عنه السيد الشريف الجرجاني في شرح المفتاح وفي حاشية المطول معبرا عنه في شرح المفتاح ببعض مشائخنا، وفي حاشية المطول ببعض الأفاضل: قال في شرح المفتاح في تحقيق كون التشبيه أصلا من أصول البيان ما نصه: والصواب في هذا المقام ما حققه بعض مشائخنا وهو ان اللفظ بتوسط الوضع انما يفيد المعنى الموضوع له أو واله علامة معه بحيث ينتقل الذهن من الموضوع له في الجملة وهو المسمى عندهم باللازم، واللفظ إن استعمل في الموضوع له كان له حقيقة، وإن استعمل في لازمه فأما أن يكون هناك علاقة المشابهة أو غيرها فعلى الأول ان كان معه قرينة تنافي ارادة المعنى الموضوع له كان استعارة وإن لم يكن كان تشبيها، وعلى الثاني أيضا إن كان معه تلك القرينة المانعة كان مجازا مرسلا وإن لم يكن كان كناية انتهى.
ثم قال بعد ذلك في الرد على من قال المقصود الأصلي في التشبيهات هو المعاني الوضعية: إنه ليس بشيء، فإن قولك وجه كالبدر مثلا لا تريد به ما هو مفهومه وضعا بل تريد به ان ذلك الوجه في الحسن ونهاية اللطافة، لكن ارادة هذا المعنى لا تنافي ارادة المعنى الوضعي انتهى. وعليها في بعض الحواشي ان المراد ببعض المشايخ كمال الدين ميثم البحراني (قده).
وقال في حاشية المطول: فائدة قال بعض الأفاضل: إذا قلت وجهه كالبدر ولم ترد به ما هو مفهومه وضعا بل اردت أنه في غاية الحسن ونهاية اللطافة لكن إرادة هذا المعنى لا تنافي إرادة المفهوم الوضعي كما في الكناية انتهى. قال الفاضل المحقق الچلبي في حاشية المطول: أن الفائدة المذكورة منقولة من كلام كمال الدين ميثم البحراني وهذا التحقيق الذي أفاده في غاية الجودة والمتانة وعليه السيد السند في شرح المفتاح، وفي آخر كلامه في حاشية المطول: وأما قوله في أوله «الحق أن التشبيه أصل برأسه من أصول هذا الفن وفيه من النكت واللطائف البيانية ما لا يحصى وله مراتب مختلفة في الوضوح، والخفاء مع أن دلالته
مطابقية» فليس بمدافع لذلك كما قد يتوهم لأنه بناء على ما ذكره التفتازاني في شرح المفتاح من أن دلالة التشبيه وضعية، وغرضه توجيه الكلام على ذلك لا أنه مختاره، كيف وقد زيفه في شرح المفتاح، وفي الحاشية المذكورة ما نقله في الفائدة عن العالم الرباني (قده) قد تنبه لذلك الفاضل الچلبي في حاشية المطول، ويخطر بالبال أيضا في توجيه كلامه أنه أراد أن المعنى الوضعي مراد أيضا وهو مدلول مطابقي، لأن دلالته على تمام المعنى المراد مطابقية.(1/40)
وقال في حاشية المطول: فائدة قال بعض الأفاضل: إذا قلت وجهه كالبدر ولم ترد به ما هو مفهومه وضعا بل اردت أنه في غاية الحسن ونهاية اللطافة لكن إرادة هذا المعنى لا تنافي إرادة المفهوم الوضعي كما في الكناية انتهى. قال الفاضل المحقق الچلبي في حاشية المطول: أن الفائدة المذكورة منقولة من كلام كمال الدين ميثم البحراني وهذا التحقيق الذي أفاده في غاية الجودة والمتانة وعليه السيد السند في شرح المفتاح، وفي آخر كلامه في حاشية المطول: وأما قوله في أوله «الحق أن التشبيه أصل برأسه من أصول هذا الفن وفيه من النكت واللطائف البيانية ما لا يحصى وله مراتب مختلفة في الوضوح، والخفاء مع أن دلالته
مطابقية» فليس بمدافع لذلك كما قد يتوهم لأنه بناء على ما ذكره التفتازاني في شرح المفتاح من أن دلالة التشبيه وضعية، وغرضه توجيه الكلام على ذلك لا أنه مختاره، كيف وقد زيفه في شرح المفتاح، وفي الحاشية المذكورة ما نقله في الفائدة عن العالم الرباني (قده) قد تنبه لذلك الفاضل الچلبي في حاشية المطول، ويخطر بالبال أيضا في توجيه كلامه أنه أراد أن المعنى الوضعي مراد أيضا وهو مدلول مطابقي، لأن دلالته على تمام المعنى المراد مطابقية.
ومنها: ما نقله عنه شيخنا الشهيد الثاني (ره) في شرح اللمعة في مسألة الحج ماشيا من أن الحج راكبا أفضل إذا كان الباعث له على المشي توفير المال لأن دفع رذيلة الشح عن النفس من أفضل الطاعات، وكذا في شرح الشرائع معبرا عنه في الأول ببعضهم وفي الثاني ببعض الأفاضل قائلا فيها بعد نقله «وهو حسن» وفي المدارك صرح بنسبته إليه (قده) فقال بعد نقله: اختاره الإمام الرباني ميثم البحراني في شرح النهج وهو جيد لأن الشح جامع لمساوي العيوب كما ورد في الخبر، فيكون دفعه أولى من العبادة بالمشي. ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني (ره) عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المشي والركوب؟ فقال: إن كان الرجل ماشيا ليكون أفضل من نفقته فالركوب أفضل.
ومنها: ما نقله عنه شيخنا البهائي (قدس الله سره) في شرح الحديث السابع عشر من كتاب الأربعين في الرد على الأشاعرة حيث تمسكوا بالآية الكريمة اعني قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكََانَهُ فَسَوْفَ تَرََانِي} على جواز رؤيته سبحانه قالوا: إنه سبحانه علق رؤية موسى عليه السّلام له تعالى على استقرار الجبل وهو في نفسه ممكن والمعلق على الممكن ممكن. وحاصل الرد انه ليس المعلق عليه هو استقرار الجبل مطلقا فإن الجبل كان وقت هذا التعليق مستقرا أيضا بل استقراره حال التجلي، وهو حينئذ غير ممكن لأنه سبحانه قد علق عليه وقوع الرؤية بعد أخباره تعالى بعدم وقوعها بقوله: {لَنْ تَرََانِي} ووقوع الرؤية بعد أخباره تعالى بعدم وقوعها محال، فاستقرار الجبل الذي علق عليه هذا المحال محال، وتعليق وقوع ما علم امتناع وقوعه على أمر صريح في امتناع وقوع ذلك الأمر كما تقول لمن يجادلك في أمر ان كان كلامك هذا حقا فشريك الباري تعالى موجود، تريد بهذا أن حقية كلامه محال كوجود الشريك للباري، وظاهر أنه لا يلزم من هذا الكلام الاعتراف بوجود الشريك لتعليقه على الممكن في ذاته وهو الصدق. ثم قال شيخنا البهائي (قده) بعد ذكره فتدبر وكتب في الحاشية: كل هذا الكلام للشيخ المحقق
كمال الدين ميثم البحراني، ووجه التدبر ابتداء تمامية هذا الكلام على كون لن للنفي التأبيدي، إذ لو كان المعنى لن تراني في الدنيا لم يتم كما لا يخفى انتهى.(1/41)
ومنها: ما نقله عنه شيخنا البهائي (قدس الله سره) في شرح الحديث السابع عشر من كتاب الأربعين في الرد على الأشاعرة حيث تمسكوا بالآية الكريمة اعني قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكََانَهُ فَسَوْفَ تَرََانِي} على جواز رؤيته سبحانه قالوا: إنه سبحانه علق رؤية موسى عليه السّلام له تعالى على استقرار الجبل وهو في نفسه ممكن والمعلق على الممكن ممكن. وحاصل الرد انه ليس المعلق عليه هو استقرار الجبل مطلقا فإن الجبل كان وقت هذا التعليق مستقرا أيضا بل استقراره حال التجلي، وهو حينئذ غير ممكن لأنه سبحانه قد علق عليه وقوع الرؤية بعد أخباره تعالى بعدم وقوعها بقوله: {لَنْ تَرََانِي} ووقوع الرؤية بعد أخباره تعالى بعدم وقوعها محال، فاستقرار الجبل الذي علق عليه هذا المحال محال، وتعليق وقوع ما علم امتناع وقوعه على أمر صريح في امتناع وقوع ذلك الأمر كما تقول لمن يجادلك في أمر ان كان كلامك هذا حقا فشريك الباري تعالى موجود، تريد بهذا أن حقية كلامه محال كوجود الشريك للباري، وظاهر أنه لا يلزم من هذا الكلام الاعتراف بوجود الشريك لتعليقه على الممكن في ذاته وهو الصدق. ثم قال شيخنا البهائي (قده) بعد ذكره فتدبر وكتب في الحاشية: كل هذا الكلام للشيخ المحقق
كمال الدين ميثم البحراني، ووجه التدبر ابتداء تمامية هذا الكلام على كون لن للنفي التأبيدي، إذ لو كان المعنى لن تراني في الدنيا لم يتم كما لا يخفى انتهى.
وما أفاده (قده) في وجه التدبر واضح السقوط لأن كلام الشيخ كمال الدين ميثم (قده) يرجع إلى منع قول الخصوم إن المعلق عليه أمر ممكن وهو الاستقرار، وما ذكره مستند للمنع ويكفي فيه التجويز والاحتمال، وحينئذ فلو منع الخصم كون لن للتأبيد كان كلاما على السند وهو غير مسموع وقد تقرر في موضعه.
ومنها: ما نقله الشيخ البهائي (قده) أيضا عنه في حاشية البيضاوي في تحقيق مسألة وجوب الاصلح عليه سبحانه من أن القائلين بوجوب الأصلح لا يزيدون أن كل ما هو أصلح بحال العبد فهو واجب عليه تعالى. قال (قده): والمحققون منهم على ان هذه القضية جزئية، وقد نبه جهابذتهم على ذلك ومنهم المحقق الطوسي (قده) في التجريد وإن لم يتنبه لذلك الشارح القديم والجديد، ويريدون أن كل أصلح لو لم يفعله لكان مناقضا لغرضه فهو واجب عليه تعالى، وقد صرح بذلك بعض الأعلام. وكتب (قده) في الحاشية ما نصه: المراد به الشيخ المحقق كمال الدين ميثم البحراني صاحب شرح نهج البلاغة.
ومنها: ما نقله (قده) في المجلد الرابع من الكشكول عنه (عطر الله مرقده) قال: في شرح النهج للشيخ كمال الدين بن ميثم: إن قلت كيف يجوز أن يتجاوز الإنسان في تفسير القرآن عن المسموع وقد قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» في النهي عن ذلك آثار كثيرة؟ قلت: الجواب عنه من وجوه أ: أنه معارض بقوله صلّى الله عليه واله وسلّم: إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا» وبقول أمير المؤمنين عليه السّلام: «إلا أن يؤتي عبد فهما في القرآن» ولو لم يكن سوى الترجمة المنقولة فما فائدة في ذلك الفهم ب: لو لم يكن غير المنقول لاشترط أن يكون مسموعا من الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم وذلك لا يصادف إلا في بعض القرآن، فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود وغيرهم من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ولا يقال هو تفسير بالرأي ج: إن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات وقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها، وسماع ذلك من رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم محال فكيف يكون الكل مسموعا؟ د: انه صلّى الله عليه واله وسلّم دعا لابن عباس فقال: «اللهم فهمه في الدين وعلمه التأويل» فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل ومحفوظا مثله فلا معنى لتخصيص ابن عباس بذلك هـ: قوله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فأثبت للعلماء استنباطا ومعلوم أنه وراء المسموع، فإذا الواجب أن يحمل التفسير بالرأي
على أحد معنيين: (أحدهما) أن يكون للإنسان في شيء رأي وله إليه ميل بطبعه فيتأول القرآن على وفق طبعه ورأيه، حتى لو لم يكن له ذلك الميل لما خطر ذلك التأويل بباله سواء كان ذلك الرأي مقصدا صحيحا أو غير صحيح، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيستبدل على تصحيح غرضه من القرآن بقوله تعالى:(1/42)
ومنها: ما نقله (قده) في المجلد الرابع من الكشكول عنه (عطر الله مرقده) قال: في شرح النهج للشيخ كمال الدين بن ميثم: إن قلت كيف يجوز أن يتجاوز الإنسان في تفسير القرآن عن المسموع وقد قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» في النهي عن ذلك آثار كثيرة؟ قلت: الجواب عنه من وجوه أ: أنه معارض بقوله صلّى الله عليه واله وسلّم: إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا» وبقول أمير المؤمنين عليه السّلام: «إلا أن يؤتي عبد فهما في القرآن» ولو لم يكن سوى الترجمة المنقولة فما فائدة في ذلك الفهم ب: لو لم يكن غير المنقول لاشترط أن يكون مسموعا من الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم وذلك لا يصادف إلا في بعض القرآن، فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود وغيرهم من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ولا يقال هو تفسير بالرأي ج: إن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات وقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها، وسماع ذلك من رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم محال فكيف يكون الكل مسموعا؟ د: انه صلّى الله عليه واله وسلّم دعا لابن عباس فقال: «اللهم فهمه في الدين وعلمه التأويل» فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل ومحفوظا مثله فلا معنى لتخصيص ابن عباس بذلك هـ: قوله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فأثبت للعلماء استنباطا ومعلوم أنه وراء المسموع، فإذا الواجب أن يحمل التفسير بالرأي
على أحد معنيين: (أحدهما) أن يكون للإنسان في شيء رأي وله إليه ميل بطبعه فيتأول القرآن على وفق طبعه ورأيه، حتى لو لم يكن له ذلك الميل لما خطر ذلك التأويل بباله سواء كان ذلك الرأي مقصدا صحيحا أو غير صحيح، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيستبدل على تصحيح غرضه من القرآن بقوله تعالى:
{اذْهَبْ إِلى ََ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ََ} ويشير إلى أن قلبه هو المراد بفرعون كما يستعمله بعض الوعاظ تحسينا للكلام وترغيبا للمستمع وهو ممنوع (الثاني) أن يشرع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن وما فيها من الألفاظ المبهمة وما يتعلق به من الاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير والمجاز، فمن لم يحكم بظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي، مثاله قوله تعالى: {وَآتَيْنََا ثَمُودَ النََّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهََا} فالناظر إلى ظاهر العربية ربما يظن أن المراد أن الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء وإنما المعنى آية مبصرة انتهى.
أقول: قد سبقه إلى التأويل الأول أبو حامد الغزالي في أوائل الإحياء، فإنه بعد أن بالغ في الرد على الباطنية ومن يحذر حذوهم قال: ومثال تأويل أهل الطاعات قول بعضهم في تأويل قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلى ََ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ََ} إنه أشار إلى قلبه قال: المراد بفرعون هو الطاغي على كل إنسان، وفي قوله تعالى:
{أَلْقِ عَصََاكَ} كلما تتوكّأ عليه وتعتمد مما سوى الله تعالى: وذكر أمثلة أخرى مما تجري هذا المجرى ثم قال: فهذه امور تدرك بالتواتر والحس بطلانها وبعضها يعلم بغالب الظن، وذلك في امور لا يتعلق بها الإحساس فكل ذلك حرام وضلالة وإفساد للدين على الخلق، ولم ينقل شيء من ذلك عن الصحابة ولا التابعين ولم يظهر لقول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» معنى الا هذا النمط، وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير أمر وتحقيقه، فيستخير شهادة القرآن عليه وتحميله عليه من غير أن يشهد لتنزيله عليه دلالة لفظية لغوية أو نقلية. وينبغي أن يفهم منه أنه يجب أن لا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر، فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والتابعين والمفسرين خمسة معاني وستة وسبعة وتعلم أن جميعها غير مسموعة من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فإنها قد تكون متنافية لا تقبل الجمع، فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لابن عباس: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» انتهى.
ومنها: ما نقله الشيخ الفاضل المحقق الخضر بن محمد الرازي الجارودي (قده) في شرح الفصول النصيرية في مبحث أنه لا يصح الإشارة إليه حسا في تحقيق قوله عليه السّلام في نهج البلاغة: «من أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده» وهذه عبارته قال شارحه كمال الدين البحراني: (الرابع عشر) كونه غير مشار إليه، وأراد مطلق الإشارة وبين ذلك بقياس قوله: «فمن أشار إليه فقد حده» إلى قوله: «فقد عده» بيان الأولى أن الإشارة إما حسية أو عقلية، أما الحسية فلأنها تستلزم الوضع والكون في المحل والحيز، وما كان كذلك فلا بد أن يكون له حدّا أو حدودا. وأما الإشارة العقلية فلأن المشار إليه حقيقة شيء زاعما أنه وجده وتصوره فقد أوجب له حدّا يقف عنده ذهنه ويميزه به عن غيره، وبيان الثانية أن من حده بالإشارة الحسية فقد جعله مركبا من أمور متعددة، إذ الواحد في الوضع لا بمجرد الوحدة فقط وإلا لم تتعلق الإشارة الحسية بل لا بد معها من أمور أخر مشخصة مخصصة له، فكان في نفسه معدودا لكثرته من تلك الجهة، ومن حده بالإشارة العقلية فلا بد وان يحكم بتركيبه كما علمت أن كل محدود مركب في المعنى فكان أيضا ذا كثرة معدودة، فإذا الإشارة المطلقة ممتنعة في حقه تعالى مستلزمة للجهل به انتهى.(1/43)
{أَلْقِ عَصََاكَ} كلما تتوكّأ عليه وتعتمد مما سوى الله تعالى: وذكر أمثلة أخرى مما تجري هذا المجرى ثم قال: فهذه امور تدرك بالتواتر والحس بطلانها وبعضها يعلم بغالب الظن، وذلك في امور لا يتعلق بها الإحساس فكل ذلك حرام وضلالة وإفساد للدين على الخلق، ولم ينقل شيء من ذلك عن الصحابة ولا التابعين ولم يظهر لقول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» معنى الا هذا النمط، وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير أمر وتحقيقه، فيستخير شهادة القرآن عليه وتحميله عليه من غير أن يشهد لتنزيله عليه دلالة لفظية لغوية أو نقلية. وينبغي أن يفهم منه أنه يجب أن لا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر، فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والتابعين والمفسرين خمسة معاني وستة وسبعة وتعلم أن جميعها غير مسموعة من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فإنها قد تكون متنافية لا تقبل الجمع، فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لابن عباس: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» انتهى.
ومنها: ما نقله الشيخ الفاضل المحقق الخضر بن محمد الرازي الجارودي (قده) في شرح الفصول النصيرية في مبحث أنه لا يصح الإشارة إليه حسا في تحقيق قوله عليه السّلام في نهج البلاغة: «من أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده» وهذه عبارته قال شارحه كمال الدين البحراني: (الرابع عشر) كونه غير مشار إليه، وأراد مطلق الإشارة وبين ذلك بقياس قوله: «فمن أشار إليه فقد حده» إلى قوله: «فقد عده» بيان الأولى أن الإشارة إما حسية أو عقلية، أما الحسية فلأنها تستلزم الوضع والكون في المحل والحيز، وما كان كذلك فلا بد أن يكون له حدّا أو حدودا. وأما الإشارة العقلية فلأن المشار إليه حقيقة شيء زاعما أنه وجده وتصوره فقد أوجب له حدّا يقف عنده ذهنه ويميزه به عن غيره، وبيان الثانية أن من حده بالإشارة الحسية فقد جعله مركبا من أمور متعددة، إذ الواحد في الوضع لا بمجرد الوحدة فقط وإلا لم تتعلق الإشارة الحسية بل لا بد معها من أمور أخر مشخصة مخصصة له، فكان في نفسه معدودا لكثرته من تلك الجهة، ومن حده بالإشارة العقلية فلا بد وان يحكم بتركيبه كما علمت أن كل محدود مركب في المعنى فكان أيضا ذا كثرة معدودة، فإذا الإشارة المطلقة ممتنعة في حقه تعالى مستلزمة للجهل به انتهى.
ومنها: ما ذكره الشيخ الفاضل محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي (قده) في شرح زاد المسافرين في مباحث القدره نقلا عنه (قده) في كتاب القواعد من أن القادر المختار هو الذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل.
ومنها: ما ذكره (قدس الله سره) أيضا في مباحث النبوة من أن أعجاز القرآن لاشتماله على العلوم الغريبة. ومن نفائس فرائده في شرح النهج ما أفاد في سر النهي عن تعلم النجوم، وهو أن الأحكام النجومية اخبارات عن أمور ستكون وهي تشبه الاطلاع على الأمور الغيبية، وأكثر الخلق من العوام والنساء والصبيان لا يميزون بينها وبين علم الغيب والإخبار به، فكان تعلم تلك الأحكام والحكم لها موجبا لضلال كثير من الخلق وموهنا لاعتقاداتهم في المعجزات، إذ الأخبار عن الكائنات منها وكذلك في عظمة باريهم يشككهم في عموم صدق قوله تعالى: {قُلْ لََا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللََّهُ} و {عِنْدَهُ مَفََاتِحُ الْغَيْبِ لََا يَعْلَمُهََا إِلََّا هُوَ وَيَعْلَمُ مََا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} وقوله تعالى: {عِنْدَهُ عِلْمُ السََّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مََا فِي الْأَرْحََامِ وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ مََا ذََا تَكْسِبُ غَداً وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فالمنجم إذا حكم لنفسه بأنه يصيب كذا في وقت كذا فقد ادعى أن
نفسه تعلم ماذا تكسب غد وبأي أرض تموت وذلك عين التكذيب للقرآن انتهى.(1/44)
ومنها: ما ذكره (قدس الله سره) أيضا في مباحث النبوة من أن أعجاز القرآن لاشتماله على العلوم الغريبة. ومن نفائس فرائده في شرح النهج ما أفاد في سر النهي عن تعلم النجوم، وهو أن الأحكام النجومية اخبارات عن أمور ستكون وهي تشبه الاطلاع على الأمور الغيبية، وأكثر الخلق من العوام والنساء والصبيان لا يميزون بينها وبين علم الغيب والإخبار به، فكان تعلم تلك الأحكام والحكم لها موجبا لضلال كثير من الخلق وموهنا لاعتقاداتهم في المعجزات، إذ الأخبار عن الكائنات منها وكذلك في عظمة باريهم يشككهم في عموم صدق قوله تعالى: {قُلْ لََا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمََاوََاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللََّهُ} و {عِنْدَهُ مَفََاتِحُ الْغَيْبِ لََا يَعْلَمُهََا إِلََّا هُوَ وَيَعْلَمُ مََا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} وقوله تعالى: {عِنْدَهُ عِلْمُ السََّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مََا فِي الْأَرْحََامِ وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ مََا ذََا تَكْسِبُ غَداً وَمََا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فالمنجم إذا حكم لنفسه بأنه يصيب كذا في وقت كذا فقد ادعى أن
نفسه تعلم ماذا تكسب غد وبأي أرض تموت وذلك عين التكذيب للقرآن انتهى.
وقد أوردناه أيضا في رسالتنا المعمولة في حكم تعلم النجوم، وإنما أطلنا الكلام في نقل جملة مما نقل عنه أعاظم العلماء للتنبيه على جلالة شأنه وسطوع برهانه واعتماد الأئمة الأعلام على كلامه وحذوهم في نقضه وابرامه وكتب مؤلف الترجمة الموسومة بالسلافة الميثمية سليمان بن عبد الله البحراني حامدا مصليا مسلما مستغفرا في الليلة السابعة والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة (1104) الرابعة والمائة وألف من الهجرة النبوية بعد ربع الليل تقريبا. إلى هنا بخطه (قده).
من كتاب اخلاق الناصري: من تصانيف أفضل المحققين الطوسي (ره):
سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... وإن كثرت منه علي الجرائم
وما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم
فاما الذي فوقي فأعرف قدره ... واتبع فه الحق والحق لازم
وأما الذي دوني فإن قال صنت ... عن إجابته عرضي وإن لام لائم
وأما الذي مثلي فإن زلّ أو هفا ... تفضلت إن الفضل بالحق حاكم
احاديث في فضل علي عليه السّلام
كتاب التذكرة: للسيد البارع السيد علي صدر الدين الشيرازي المشهور بسيد علي خان (قده) الحمد لله الذي أكمل بنبيه أحمد نظام الدين وشرح بوصيه علي صدر الدين صلى لله عليهما وعلى أبنائهما الهادين أئمة الأمة والخلفاء الراشدين.
وبعد: فيقول الفقير إلى ربه الغني علي صدر الدين بن أحمد نظام الدين الحسيني الحسني انالهما الله من فضله السني: حدثنا والدي السيد الأجل أحمد نظام الدين عن والده السيد الجليل محمد معصوم عن شيخه المحقق المولى محمد امين الاسترابادي عن شيخه طرار المحدثين الميرزا محمد الاسترابادي عن السيد أبي محمد محسن قال: حدثني أبي علي شرف الآباء عن أبيه منصور غياث الدين استاذ البشر عن أبيه محمد صدر الحقيقة عن أبيه منصور غياث الدين عن أبيه محمد صدر الدين عن أبيه إبراهيم شرف الملة عن أبيه محمد صدر الدين عن أبيه اسحاق عز الدين عن أبيه علي ضياء الدين عن أبيه عزتشاه زين الدين عن أبيه أبي الحسن عن أبيه نجيب الدين عن أبيه أميري خطير الدين عن أبيه أبي علي الحسن جمال الدين عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي عن أبيه أبي سعيد علي عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعشم عن أبيه أبي شجاع علي عن أبيه أبي عبد الله محمد عن أبيه أبي عبد الله جعفر عن أبيه أحمد السكين عن أبيه جعفر عن أبيه أبي جعفر محمد
عن أبيه زيد الشهيد عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين سيد الشهداء عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يقول وقد سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج قال: خاطبني بلسان علي فالهمني ان قلت: يا رب خاطبتني أم علي؟ فقال: يا أحمد أنا شيء ليس كالأشياء لا اقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك، اطلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك.(1/45)
وبعد: فيقول الفقير إلى ربه الغني علي صدر الدين بن أحمد نظام الدين الحسيني الحسني انالهما الله من فضله السني: حدثنا والدي السيد الأجل أحمد نظام الدين عن والده السيد الجليل محمد معصوم عن شيخه المحقق المولى محمد امين الاسترابادي عن شيخه طرار المحدثين الميرزا محمد الاسترابادي عن السيد أبي محمد محسن قال: حدثني أبي علي شرف الآباء عن أبيه منصور غياث الدين استاذ البشر عن أبيه محمد صدر الحقيقة عن أبيه منصور غياث الدين عن أبيه محمد صدر الدين عن أبيه إبراهيم شرف الملة عن أبيه محمد صدر الدين عن أبيه اسحاق عز الدين عن أبيه علي ضياء الدين عن أبيه عزتشاه زين الدين عن أبيه أبي الحسن عن أبيه نجيب الدين عن أبيه أميري خطير الدين عن أبيه أبي علي الحسن جمال الدين عن أبيه أبي جعفر الحسين العزيزي عن أبيه أبي سعيد علي عن أبيه أبي إبراهيم زيد الأعشم عن أبيه أبي شجاع علي عن أبيه أبي عبد الله محمد عن أبيه أبي عبد الله جعفر عن أبيه أحمد السكين عن أبيه جعفر عن أبيه أبي جعفر محمد
عن أبيه زيد الشهيد عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين سيد الشهداء عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يقول وقد سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج قال: خاطبني بلسان علي فالهمني ان قلت: يا رب خاطبتني أم علي؟ فقال: يا أحمد أنا شيء ليس كالأشياء لا اقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك، اطلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك.
توضيح: أقول: هذا الحديث الشريف رواه أيضا أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي المعروف بأخطب خوارزم في الباب السادس من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام بسند آخر وبتغيير يسير في متنه ونصه: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن علي بن زيران المقري حدثنا والدي أبو بكر محمد قال: حدثنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن أحمد النيسابوري حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الناينحي البغدادي حدثنا محمد بن جرير الطبري حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا العلا بن الحسين الهمداني حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وسئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج قال: خاطبني بلغة علي فالهمني أن قلت: يا رب خاطبتني أم علي؟
فقال: يا أحمد أنا شيء لا كالأشياء لا اقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت عليّا من نورك، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد أحدا إلى قلبك احب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك انتهى.
واللغة كاللسان كما يطلق على ما يعبر به كل قوم عن أغراضهم كلغة العرب ولغة العجم يطلق على ما يعبر به الإنسان الواحد عن غرضه من النطق وتقطيع الصوت اللذين يمتاز بهما الأشخاص بعضها عن بعض، ويعبر عنها باللهجة فيقول السائل في الحديث: بأي لغة خاطبك ربك يحتمل المعينى. قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «خاطبني بلسان علي» أي بلغة علي كما في رواية الخوارزمي مرادا به المعنى الثاني، وهو يتضمن الجواب عن المعنى الأول أيضا إن كان مرادا لأن لغة علي عليه السّلام كانت عربية. «وقاس الشيء بالشيء» قدره به، أي جعله على مقداره. «والشبهات» جميع شبهة كغرفة وغرفات، قال في القاموس: الشبهة بالضم الالتباس والمثل انتهى.
وارادة المعنى الثاني هنا أظهر، أي لا يوصف بالأمثال وإن كان المعنى الأول أيضا ظاهرا.
رجع: وحدثنا والدي بالسند المذكور أنه قال صلّى الله عليه واله وسلّم: «ان عليّا لأخيشن في ذات الله» توضيح: الأخيشن تصغير اخشن أفعل تفضيل من خشن خشونة ضد لأن، قال في الأساس: ومن المجاز فلان خشن في دينه إذا كان متشددا فيه انتهى. والتصغير هنا للتعظيم كقوله: (دويهية تصفر منها الأنامل). واخيشن ممنوع من الصرف لوزن الفعل المفتح بزيادة هي بالفعل أولى من الصفة لأن مدار وزن الفعل المذكور على وجود الزيادة وإن زالت صورته، وهذه فائدة قلّ من نبه عليها.(1/46)
وارادة المعنى الثاني هنا أظهر، أي لا يوصف بالأمثال وإن كان المعنى الأول أيضا ظاهرا.
رجع: وحدثنا والدي بالسند المذكور أنه قال صلّى الله عليه واله وسلّم: «ان عليّا لأخيشن في ذات الله» توضيح: الأخيشن تصغير اخشن أفعل تفضيل من خشن خشونة ضد لأن، قال في الأساس: ومن المجاز فلان خشن في دينه إذا كان متشددا فيه انتهى. والتصغير هنا للتعظيم كقوله: (دويهية تصفر منها الأنامل). واخيشن ممنوع من الصرف لوزن الفعل المفتح بزيادة هي بالفعل أولى من الصفة لأن مدار وزن الفعل المذكور على وجود الزيادة وإن زالت صورته، وهذه فائدة قلّ من نبه عليها.
«وذات الله» عبارة عما يضاف إليه سبحانه من الأوامر والحدود والأحكام كجنب الله في قوله تعالى: {يََا حَسْرَتى ََ عَلى ََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللََّهِ} وفيه شاذ على استعمال «ذات الله» بهذا المعنى ورد على ما انكره على أنه قد حكى عن صاحب التكملة جعل الله ما بيننا في ذاته وقال أبو تمام: (ويضرب في ذات الاله) ويرجع والمعنى أنه عليه السّلام شديد التصلب والتشدد في الأمور الالهيه لا يداري فيها ولا يداهن ولا يأخذه لومة لائم.
رجع: وبالسند المذكور ايضا أنه قال صلّى الله عليه واله وسلّم: «إن عليّا عليه السّلام ممسوس في ذات الله» توضيح في الأمساس: رجل ممسوس مجنون، وفي الجمل: الممسوس الذي فيه مس من جن انتهى. وهو أما على التشبيه بحذف الأداة أو على الاستعارة كقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} ولأئمة البيان خلاف في هل يسمى ذلك تشبيها أو استعارة والمحققون على تسميته تشبيها بليغا لا استعارة. ولبعضهم في ذلك تفصيل ذكرناه في أنوار الربيع. والحاصل انه صلّى الله عليه واله وسلّم شبهه عليه السّلام في تشدده وتصلبه في الأمور الإلهية وعدم ملاحظته للوم لائم أو رعاية جانب بالمجنون الذي لا يبالي بما يقال فيه من لوم أو مذمة، ولذلك نسبه اعداؤه إلى الحمق وعدم المعرفة بتدبير الحروب واستمالة قلوب الرجال حتى فارقه كثير من اصحابه والتحقوا بمعاوية، وهو عليه السّلام لا يلتفت إلى شيء من ذلك في التصميم على ايثار الحق والعدل والعمل بهما ولو كره الكافرون.
حكى الشعبي: قال: دخلت الكوفة وأنا غلام في غلمان، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب عليه السّلام قائما على صبرتين من ذهب وفضة، فقسم ما بين الناس حتى لم يبق شيء ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا ولا كثيرا، فرجعت إلى أبي وقلت:
لقد رأيت اليوم خير الناس أو احمق الناس. قال: من هو؟ قلت: علي بن أبي طالب عليه السّلام رأيته يصنع كذا فقصصت عليه فبكى وقال: يا بني بل رأيت خير الناس.
وقال ابن أبي الحديد: كان عليه السّلام شديد السياسة خشنا في ذات الله لم يراقب ابن عمه في عمل كان ولّاه اياه ولا راقب اخاه عقيلا في كلام جبهه به واحرق قوما بالنار وقطع جماعة وصلب آخرين، ولم يبلغ كل سائس في الدنيا في فتكه وبطشه وانتقامه مبلغ العشر مما فعل عليه السّلام في حروبه بيده واعوانه انتهى.(1/47)
لقد رأيت اليوم خير الناس أو احمق الناس. قال: من هو؟ قلت: علي بن أبي طالب عليه السّلام رأيته يصنع كذا فقصصت عليه فبكى وقال: يا بني بل رأيت خير الناس.
وقال ابن أبي الحديد: كان عليه السّلام شديد السياسة خشنا في ذات الله لم يراقب ابن عمه في عمل كان ولّاه اياه ولا راقب اخاه عقيلا في كلام جبهه به واحرق قوما بالنار وقطع جماعة وصلب آخرين، ولم يبلغ كل سائس في الدنيا في فتكه وبطشه وانتقامه مبلغ العشر مما فعل عليه السّلام في حروبه بيده واعوانه انتهى.
ويحتمل ان يكون وجه التشبيه له بالممسوس ما كان يعتريه عليه السّلام من الغشية والهزة لخشية الله تعالى عند اشتغال سره بملاحظة جلال الله ومراقبة عظمته سبحانه كما تضمنه حديث أبي الدرداء الذي حكى فيه شدة عبادته عليه السّلام حتى قال: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك فأتيت منزله مبادرا أنعاه، فقالت فاطمة عليها السّلام: ما كان من شأنه فأخبرتها فقالت: هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله. وعن زين العابدين عليه السّلام لما نزلت الآيات الخمس في (طس) أم من جعل الأرض قرارا انتفض علي انتفاض العصفور، فقال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: ما بالك يا علي؟ قال: عجبت يا رسول الله من كفرهم وحلم الله تعالى عنهم الحديث. والله أعلم بمقاصد انبيائه.
رجع: وبالسند المتقدم ان عليّا عليه السّلام قال: «كان لرسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم سر قلّما عثر عليه» توضيح: ما المتصلة بقلّ زائدة كافة للفعل عن عمل الرفع وطلب الفاعلية عند الجمهور، ولا تتصل إلا بقلّ أو كثر أو طال. وزعم بعضهم أنها في ذاك مصدرية لا كافة وهي وصلتها فاعل قل أي قل عثور عليه. وعلى كل تقدير فلقل حين اتصال ما بها استعمالان: (احدهما) استعمالها بمعنى النفي لأن القليل اقرب شيء إلى النفي فيقوم مقامه وهو الأكثر، ومنه قول الشاعر:
قلّما يبرح اللبيب إلى ما ... يورث المجد داعيا ومجيبا
أي لا يبرح العاقل على احد هاتين الحالتين أما داعيا إلى ما يورث المجد أو مجيبا لما يدعو اليه. (والثاني) استعمالها بمعنى التقليل حقيقة، فتدل على وجود الشيء نزرا لا على نفيه وهذا هو الأصل فيها. إذا عرفت ذلك فالظاهر أن المراد هنا المعنى الثاني لا الأول إذ كان مفاد اخباره بهذا السر لرسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم اطلاعه هو عليه دون غيره وإلا فلكل أحد سره قلما عثرنا عليه، ولولا اطلاعه عليه لما علم ولا أخبر بأن له صلّى الله عليه واله وسلّم سرّا بهذه المثابة، وفائدة الأخبار بذلك تحدثه بما أنعم الله عليه به من اختصاصه برسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم واطلاعه على سره دون غيره مضافا إلى سائر خصائصه الشريفة التي كانت له من رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم. وتنكير المسند إليه من قوله:
«سر» أما للنوعية أي من نوع السر غير ما يتعارفه الناس، أو للتعظيم أي سر عظيم
بلغ في شأنه ان لا يمكن أن يعثر عليه كل أحد. والله أعلم بمقاصد أوليائه.(1/48)
«سر» أما للنوعية أي من نوع السر غير ما يتعارفه الناس، أو للتعظيم أي سر عظيم
بلغ في شأنه ان لا يمكن أن يعثر عليه كل أحد. والله أعلم بمقاصد أوليائه.
رجع: وحدثنا والدي (قده) بالسند المذكور متصلا إلى زيد الشهيد أنه قال:
سمعت أخي الباقر عليه السّلام يقول: سمعت أبي زين العابدين عليه السّلام يقول: سمعت أبي الحسين يقول: سمعت علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يقول: «نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وقد خرب، ولا عاوانا كلب إلا وقد جرب، ومن لم يصدق فليجرب» توضيح: قوله: «بيت» أي أهل بيت كقوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نََادِيَهُ} وقوله: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}، وقول: «وما عاوانا» أي عوي علينا، وايثار صيغة المفاعلة لإفادة المبالغة فإن الفعل متى غولب فيه بولغ قطعا، وعليه قوله تعالى: {يُخََادِعُونَ اللََّهَ} على ما قاله الزمخشري وغيره من المفسرين، ومفاد المبالغة في الخبران مضمونه مقصور على من تمادى في عناده ولج واصرّ على خصامه دون من وقع ذلك منه نادرا ثم تاب واصلح، والكلب مستعار لمن هو في الخسة بمثابته. والله أعلم.
قال راقم هذه السطور: علي صدر الدين بن أحمد نظام الدين بن محمد معصوم بن أحمد نظام الدين بن إبراهيم بن سلام الله بن مسعود بن محمد صدر الحقيقة ابن منصور غياث الدين المذكور في سلسلة السند: هذه الأخبار الخمسة من مسلسل الحديث بالآباء بسبعة وعشرين أبا، وقل ما اتفق لنا ذلك في أخبار الخاصة حتى قال شيخنا الشيخ زين الدين الشهيد (قده) في شرح الدراية بعد ايراده الحديث المسلسل المروي عن أبي محمد الحسين بن أبي طالب البلخي باربعة عشر ابا: هذا أكثر ما اتفق لنا روايته من الأحاديث المسلسلة بالاباء انتهى، قال راقمه: واتفق توضيح ما لعله يحتاج إلى التوضيح عجالة حال رقم الأخبار في هذه التذكره، ولم اقف على شيء من ذلك لأحد من السلف فإن اصبت فببركات أهل البيت عليهم السّلام والله يقول الحق وهدى السبيل، ورقم ذلك عشية يوم السبت لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة (1109) تسع ومائة والف احسن الله ختامها.
من الكتاب المذكور: من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام: كل حقد حقدته قريش على رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم اظهرته فيّ وسيظهر في ولدي من بعدي، مالي ولقريش إنما وترتهم بأمر الله وأمر رسوله فهذا جزاء من أطاع الله ورسوله إن كانوا مؤمنين.
ومنه: قال لي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «ان اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك وإلا فالصق كلكلك بالأرض» فلما تفرقوا عني جررت على المكروه ذيلي واغضيت على القذى جفني وألصقت بالأرض كلكلي.(1/49)
ومنه: قال لي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «ان اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك وإلا فالصق كلكلك بالأرض» فلما تفرقوا عني جررت على المكروه ذيلي واغضيت على القذى جفني وألصقت بالأرض كلكلي.
ما يتعلق بالعلقمي وزير المعتصم
ومن الكتاب المذكور: الوزير مؤيد الدين محمد بن عبد الملك العلقمي كان وزيرا للمعتصم بالله أبي أحمد عبد الله بن المنتصر، وكان المعتصم بالله ناظم حاشيتي المنظوم وناصب رايتي المعقول والمنقول جبلي الكرم غريزي الاريحة، ومن شعره:
وقالوا فلان في الورى لك شاتم ... وانت له بين الخلائق تمدح
فقلت ذروه ما به وطباعه ... فكل اناء بالذي فيه ينضح
إذ الكلب لا يؤذيك عند نبيحه ... فدعه إلى يوم القيامة ينبح
وكان الخليفة المستعصم قد اكب على اللعب والطرب واللهو والتمتع بالملاهي وألقى ازمة أموره إلى الوزير المذكور، فاستبد بالحل والعقد والأخذ والرد، إلا أن مقربي الحضرة لم يكونوا يحترمونه ولا يجرونه مجرى الوزراء في آداب التوقير والاحترام، فكان كثيرا ما يتألم لذلك حتى تغيرت نيته وتكدر صفو إخلاصه وجرت لذلك أسباب أخر أقواها أن الأمير أبا بكر بن المستعصم حمله التعصب وحمية الجاهلية على أن بعث طائفة من الجند إلى محلة الكرخ الذي هو موطن الشيعة فغاروا عليه وعاثوا فيه وقتلوا جماعة من الشيعة وأسروا بعض السادة العلويين وأخرجوا نساءهم وبناتهم حفاة عراة حواسر، وكان الوزير المذكور غاليا في مذهب التشيع فامتعض من هذه الواقعة وقامت عليه القيامة ونوى عليه ما نوى وكتب إلى السيد محمد بن نصر الحسني وكان من أكابر السادة هذا الكتاب وابدى ما انطوى عليه أمرا خفيّا وأبان به أن تحت الضلوع داء دويا، والكتاب هو هذا: «منخدم بدعاء ليلي وثناء عطر مندلي وينهى أنه خدم بها من النيل إلى سامي مجده الأثيل ومجمل شوقه يغني عن التفصيل وأبان عن شدة القرم إلى شريف تلك الشيم وينهي بعد الدعاء لأيامه لا اخلانا الله من انعامه أنه قد نهب الكرخ المعظم وديس البساط النبوي المكرم وقد نهبوا العترة العلوية واستأسروا العصابة الهاشمية، وقد حسن التمثل بقول شخص من غزية:
أمور يضحك السفهاء منها ... ويبكي من عواقبها اللبيب
فلهم أسوة بالحسين عليه السّلام إذ نهب حرمه واريق دمه أمرتهم بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الأضحى الغدى، وقد عزموا لا أتم الله عرفهم ولا نفذ أمرهم على نهب الحلة والنيل بل سولت لهم أنفسهم أمرا فصبر جميل، وينهى أن الحازم
أسلفهم الانذار واحلسهم الأعذار وخاطبهم إسرارا وراسلهم جهارا:(1/50)
أمور يضحك السفهاء منها ... ويبكي من عواقبها اللبيب
فلهم أسوة بالحسين عليه السّلام إذ نهب حرمه واريق دمه أمرتهم بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الأضحى الغدى، وقد عزموا لا أتم الله عرفهم ولا نفذ أمرهم على نهب الحلة والنيل بل سولت لهم أنفسهم أمرا فصبر جميل، وينهى أن الحازم
أسلفهم الانذار واحلسهم الأعذار وخاطبهم إسرارا وراسلهم جهارا:
أرى تحت الرماد وميض جمر ... ويوشك أن يكون له ضرام
وإن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث ضخام
فقلت من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام
وكان جوابهم بعد خطابي أن لا بد من الشنيعة وقتل الشيعة واحراق النهامة وتمزيق الذريعة وإن لم تكن لكلامنا مطيعا جرّ عناك الحمام تجريعا وكلامك كلام وجوابك سلام، ولتتركن في بغداد أضل من الحنا عند الأقرع ومن الخاتم عند الأقطع ولتهملن اهمال الفلاسفة مخطورات الشرائع، وتلقى أهل القرى شرار الطبائع.
وزير رضى من بأسه وانتقامه ... بطي رقاع حشوها النظم والنثر
كما تسجع الورقاء وهي حمامة ... وليس لها نهى يطاع ولا أمر
ولأفعلن بلبي كما قال المتني:
قوم إذا أخذوا الأقلام من غضب ... ثم استمدوا بها ماء المنيات
نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا ... ما لم ينالوا بحد المشرفيات
فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون:
وديعة من سر آل محمد ... أودعكها إن كنت من امنائها
فإذا رأيت الكوكبين تقارنا ... في الجري عند صباحها ومسائها
فهناك يأخذ ثار آل محمد ... طلابه بالترك من أعدائها
فكن لهذا الأمر بالمرصاد وترقب أول النحل وآخر صاد:
سهام الليل منجحة المساعي ... إذا رميت بأوتار الخشوع
تصاب بها المقابل حيث كانت ... فتنفذ في الجواشن والدروع
انتهت الرسالة. ثم دبر من الأمر ما دبر حتى أهلك تلك الدولة ودمر. وآخر سورة (ص) قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}. وأول النحل قوله تعالى:
{أَتى ََ أَمْرُ اللََّهِ فَلََا تَسْتَعْجِلُوهُ} وفي الوزير المذكور يقول ابن أبي الحديد:
بآل العلقمي ورت زنادي ... وقامت بين أهل الفضل سوقي
فكم ثوب أنيق نلت منهم ... ونلت بهم وكم طرف عتيق
آدام الله دولتهم وانخى ... على اعدائهم بالخنعقيق
عن الشقرائي: مولى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: خرج العطاء أيام أبي جعفر ومالي شفيع فبقيت على الباب متحيرا فإذا أنا بجعفر بن محمد عليه السّلام فقمت إليه فقلت:(1/51)
بآل العلقمي ورت زنادي ... وقامت بين أهل الفضل سوقي
فكم ثوب أنيق نلت منهم ... ونلت بهم وكم طرف عتيق
آدام الله دولتهم وانخى ... على اعدائهم بالخنعقيق
عن الشقرائي: مولى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: خرج العطاء أيام أبي جعفر ومالي شفيع فبقيت على الباب متحيرا فإذا أنا بجعفر بن محمد عليه السّلام فقمت إليه فقلت:
جعلني الله فداك أنا مولاك الشقرائي، فرحب بي وذكرت له حاجتي فنزل ودخل وخرج وعطائي في كمه فصبه في كمي ثم قال: يا شقرائى ان الحسن من كل أحد حسن وانه منك أحسن لمكانك منا والقبيح من كل أحد قبيح وهو منك أقبح لمكانك منا. وإنما قال له ذلك لأن الشقرائى كان يصيب من الشراب: فانظر كيف أحسن السعي في استنجاز طلبته وكيف رحب به واكرمه مع اطلاعه على حاله وكيف وعظه على جهة التعريض وما هو إلا من اخلاق الأنبياء قال في القاموس:
شقران كعثمان مولى للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم واسمه صالح.
كان يقال: أربعة لم يكونوا ومحال أن يكونوا: زبيري سخي، ومخزومي متواضع، وشامي صحيح النسب، وقرشي يحب آل محمد صلّى الله عليه واله وسلّم
قعد رجل: في سفينة وركب معه يهودي قد احتضن سلة فيها قديد، فاستولى عليها الرجل فأخذ يأكلها حتى لم يبق الا عظيمات، فلما أراد الخروج منها رأى اليهودي السلة فارغة فسأل عن ذلك فقيل له. إن هذا الرجل أكل ما فيها، فولول اليهودي فقال: أكلت أبي فسأل عن ذلك فقال: إن أبي كان أوصى أن يدفن ببيت المقدس فلما مات قددناه ليسهل حمله فأكله هذا.
اسماء الأعضاء على حروف المعجم
حكى: أن عبد الملك بن مروان جلس يوما وعنده جماعة من خواصه فقال:
ايكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه وله علي ما يتمناه؟ فقام إليه سويد بن غفلة فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين، فقال: هات قال: أنف بطن ترقوة ثغر جمجمة حلق خد دماغ ذكر رقبة زند ساق شفه صدر ضلع طحال ظهر عين غنية فم قفا كف لسان منخر نغنوغ وجه هامة يافوخ وهذه آخر حروف المعجم والسلام. فقام بعض الحاضرين وقال: يا أمير المؤمنين أنا أقولها من جسد الانسان مرتين، فضحك عبد الملك وقال لسويد: اسمعت ما قال؟ قال: اصلح الله الأمير أنا اقولها ثلاثا، فقال عبد الملك: ولك ما تتمناه فأنشد شعرا: أنف اسنان اذن بطن بنصر بر ترقوة تمرة تينه ثغر ثنايا ثدي جمجمة جنب جبهة حلق حنك حاجب خد خنصر خاصره دبر دماغ درا درادير ذكر ذقن ذراع رقبة رأس ركبة زند زردم زب ساق سره
سبابة شفة شعر شارب صدر صدغ صلفة ضلع ضفيرة طرس طحال طرة طيز ظهر ظفر ظر عين عنق عاتق غيبة غلصمة غنمة فك فم فؤاد قلب قفا قدم كف كتف كعب لسان لحية لوح مرفق منخر منكب نغنوغ ناب ني هامة هيئة هيف وجه وجنه ورك يمين يسار يافوخ، ثم نهض مسرعا فقبل الأرض بين يدي عبد الملك فأعطاه ما تمناه.(1/52)
ايكم يأتيني بحروف المعجم في بدنه وله علي ما يتمناه؟ فقام إليه سويد بن غفلة فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين، فقال: هات قال: أنف بطن ترقوة ثغر جمجمة حلق خد دماغ ذكر رقبة زند ساق شفه صدر ضلع طحال ظهر عين غنية فم قفا كف لسان منخر نغنوغ وجه هامة يافوخ وهذه آخر حروف المعجم والسلام. فقام بعض الحاضرين وقال: يا أمير المؤمنين أنا أقولها من جسد الانسان مرتين، فضحك عبد الملك وقال لسويد: اسمعت ما قال؟ قال: اصلح الله الأمير أنا اقولها ثلاثا، فقال عبد الملك: ولك ما تتمناه فأنشد شعرا: أنف اسنان اذن بطن بنصر بر ترقوة تمرة تينه ثغر ثنايا ثدي جمجمة جنب جبهة حلق حنك حاجب خد خنصر خاصره دبر دماغ درا درادير ذكر ذقن ذراع رقبة رأس ركبة زند زردم زب ساق سره
سبابة شفة شعر شارب صدر صدغ صلفة ضلع ضفيرة طرس طحال طرة طيز ظهر ظفر ظر عين عنق عاتق غيبة غلصمة غنمة فك فم فؤاد قلب قفا قدم كف كتف كعب لسان لحية لوح مرفق منخر منكب نغنوغ ناب ني هامة هيئة هيف وجه وجنه ورك يمين يسار يافوخ، ثم نهض مسرعا فقبل الأرض بين يدي عبد الملك فأعطاه ما تمناه.
شيء من ترجمة الحجاج الثقفي
وفي مروج الذهب للمسعودي: ان أم الحجاج ولدته لا دبر له ثقب له دبر وأبى أن يقبل الثدي. وفي الحديث: أن ابليس تصور لهم بصورة الحارث بن كلدة زوج أمه الأول فقال: اذبحوا له تيسا والعقوه من دمه واطلوا به وجهه وبدنه ففعلوا به ذلك فقبل الثدي، فلأجل ذلك لا يصبر عن سفك الدماء. وكان يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته في سفك الدماء وارتكاب أمور لا يقدر عليها غيره، واحصي من قتل بأمره سوى من قتل في حروبه فكانوا مائة الف وعشرين الفا، ووجد في سجنه خمسون الف رجل وثلاثون الف إمرأة لم يجب على أحد منهم حد قتل ولا قطع، وكان يحبس الرجال والنساء في مكان واحد. وقيل: لو جاءت كل أمة بخبيثها وفاسقها وجئنا بالحجاج وحده لزدنا عليهم. وفي الأثر: أن هند بنت النعمان كانت أحسن أهل زمانها فتزوجها الحجاج وشرط لها بعد الصداق مائتي الف درهم، فأقامت عنده ما شاء الله ثم دخل عليها في بعض الأيام وكانت تنظر في المراة فتقول شعرا:
وما هند إلا مهرة عربية ... سليلة افراس تحللها بغل
فإن ولدت فحلا فلله درّها ... وإن ولدت بغلا فجاء به الفحل
فانصرف الحجاج ولم تكن علمت به فأرسل إليها عبد الله بن طاهر مع مائتي الف درهم وقال: طلقها بكلمتين، فدخل عليها فقال لها: الحجاج يقول لك كنت فبنت وهذه المائتي الف درهم باقي صداقك، فقالت: يا ابن طاهر كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه المائتي الف درهم بشارة لك بخلاصي من كلب ثقيف.
ثم بعد ذلك بلغ خبرها عبد الملك بن مروان فأرسل يخطبها فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد التحية: إن الاناء ولغ فيه الكلب، فلما قرأ الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فاغسلوه سبعا إحداهن بالتراب فاغسلي الاناء يحل الاستعمال، فكتبت إليه: اتزوجك بشرط وهو أن يحمل
الحجاج محملي من المعرة بلدي الى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليه التي كان عليها أولا، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك، فامتثل الأمر فركبت في محملها وركب حولها جواريها وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده فجعلت هند تضحك عليه مع الهيفاء دايتها. فلما قربت من عبد الملك رمت بدينار على الأرض ونادت يا جمال إنه سقط منا درهم فادفعه إلينا، فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا دينارا فناولها إياه فقالت: الحمد لله سقط منا درهم عوضنا الله دينارا، فخجل الحجاج وسكت.(1/53)
ثم بعد ذلك بلغ خبرها عبد الملك بن مروان فأرسل يخطبها فأرسلت إليه كتابا تقول فيه بعد التحية: إن الاناء ولغ فيه الكلب، فلما قرأ الكتاب ضحك من قولها وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فاغسلوه سبعا إحداهن بالتراب فاغسلي الاناء يحل الاستعمال، فكتبت إليه: اتزوجك بشرط وهو أن يحمل
الحجاج محملي من المعرة بلدي الى بلدك التي أنت فيها ويكون ماشيا حافيا بحليه التي كان عليها أولا، فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك، فامتثل الأمر فركبت في محملها وركب حولها جواريها وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده فجعلت هند تضحك عليه مع الهيفاء دايتها. فلما قربت من عبد الملك رمت بدينار على الأرض ونادت يا جمال إنه سقط منا درهم فادفعه إلينا، فنظر الحجاج إلى الأرض فلم يجد إلا دينارا فناولها إياه فقالت: الحمد لله سقط منا درهم عوضنا الله دينارا، فخجل الحجاج وسكت.
ولله در القائل: إذا نعمت نفسي فأنت نعيمها ... وإن تلفت وجدا فأنت سقيمها
بأسمائك الحسنى أروح خاطري ... إذا هبّ من روض الجنان نسيمها
هواي قديم في هواك وجدته ... وأفضل أهواء الرجال قديمها
أبا حسن إن كان حبك مدخلي ... جهنم كان الفوز عندي جحيمها
وكيف يخاف النار من هو موقن ... بأنك مولاها وانت قسيمها
فواعجبا من أمة كيف ترتجي ... من الله غفرانا وأنت خصيمها
فياليتني يوم القيامة خائضا ... دماء نفوس حاربتك حسومها
ستعلم ليلى أي دين تداينت ... وأي غريم في التقاضي غريمها
وفي تأريخ ابن الجوزي: عن هشام بن حسان قال: احصينا من قتله الحجاج صبرا فبلغ مئة ألف وعشرين ألفا قال: ووجد في سجنه ثلاثة وثلاثون ألفا ما يجب على أحدهم قطع ولا صلب ولا قتل، وكان سجنه حائطا محوطا لا سقف فيه، وإذا آوى المسجونون إلى الجدران يستظلون بها من حر الشمس رمتهم الحرس بالحجارة وكان يطعمهم خبز الشعير مخلوطا بالملح والرماد، وكان لا يلبث الرجل في سجنه إلا يسيرا حتى يسود ويصير كأنه زنجي، حتى أن غلاما حبس فيه فجاءت إليه أمه بعد أيام تتعرف خبره فلما تقدم إليها انكرته وقالت: ليس هذا ابني هذا بعض الزنج، فقال: لا والله يا أماه أنت فلانة واني فلان فلما عرفته شهقت شهقة كان فيها نفسها، وكانت إمارة الحجاج على العراق عشرين سنة. وآخر من قتل سعيد بن جبير فوقعت الأكلة في بطنه وأخذ الطبيب لحما فشده في خيط وأمره بابتلاعه ثم استخرجه فإذا قد لصق به دود كثير فعلم أنه ليس بناج،
من الديوان المرتضوي: عن الأصبغ بن نباته قال: دخل الحارث الأعور على أمير المؤمنين عليه السّلام كئيبا حزينا متغير اللون فقال له: يا حارث مالي أراك كئيبا
حزينا متغير اللون؟ فقال: يا أمير المؤمنين وكيف لا أكون كذلك وقد كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي، فقال عليه السّلام:(1/54)
من الديوان المرتضوي: عن الأصبغ بن نباته قال: دخل الحارث الأعور على أمير المؤمنين عليه السّلام كئيبا حزينا متغير اللون فقال له: يا حارث مالي أراك كئيبا
حزينا متغير اللون؟ فقال: يا أمير المؤمنين وكيف لا أكون كذلك وقد كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي، فقال عليه السّلام:
يا حار همدان من يمت يرني ... من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه ... بنعته واسمه وما فعلا
وأنت عند الصراط معترضي ... فلا تخف عثرة ولا زللا
أقول للنار حين توقف ... للعرض لا تقربين ذا الرجلا
ذريه لا تقربيه إن له ... حبلا بحبل الوصي متصلا
اسقيك من بارد على ظمأ ... تخاله في الحلاوة العسلا
قول علي لحارث عجب ... كم تم اعجوبة له جملا
منظومة نغمة الأغاني
نغمة الأغاني: للسيد علي المعروف بصدر الدين الشيرازي صاحب الفنون البديعة.
يقول راجي الصمد ... علي بن أحمد ... حمدا لمن هداني
بالنطق والبيان ... وأشرف الصلاة ... من واهب الصلاة
علي النبي الهادي ... وآله الأمجاد ... وبعد فالكلام
لحسنه أقسام ... والقول ذو فنون ... في الجد والمجون
وروضة الأريضي ... السجع والقريض ... والشعر ديوان العرب
وكم أنال من أرب ... فاقبل إذا رمت الأدب ... إليه من كل حدب
رواية الأشعار ... تكسو الأديب العاري ... وترفع الوضيعا
وتكرم الشفيعا ... وتطرب الاخوانا ... وتذهب الأحزانا
وتنعش العشاقا ... وتونس المشتاقا ... وتنسخ الأحقادا
وتثبت الودادا ... وتقدم الجبانا ... وتعطف الغضبانا
وتنعت الحبيبا ... والرشأ المريبا ... وخيره ما أطربا
مستمعا وأعجبا ... وهذه الأرجوزة ... في فنها وجيزة
بديعة الألفاظ ... تسهل للحفاظ ... تطرب كل سامع
بحسن لفظ جامع ... أبياتها قصير ... ما شأنها قصور
ضمنتها معاني ... في عشرة الأخوان ... تشرح للألباب
محاسن الآداب ... فإن حسن العشره ... ما حاز قوم عشرة
وأكثر الأخوان ... في العصر والأوان ... صحبتهم نفاق
ما زانها وفاق ... يلقي الخليل خله ... بظا اتى محله
بظاهر مموه ... وباطن مشوه ... يظهر من صداقته
ما هو فوق طاقته ... والقلب منه خالي ... كفارغ المخالي
حتى إذا ما انصرفا ... أعرض عن ذاك الصفا ... وإن يكن ثمّ حسد
انشب إنشاب الأسد ... في عرضه مخالبه ... مستقصيا مثالبه
مجتهدا في غيبته ... لم يرع حق غيبته ... فهذه صحبة من
تراه في هذا الزمن ... فلا تكن معتمدا ... على صديق أبدا
وإن اطقت إلا ... تصحب منهم خلا ... فإنك الموفق
بل السعيد المطلق ... وإن قصدت الصحبة ... فخذ لها في الأهبه
واحرص على آدابها ... تعدّ من أربابها ... واستنب عن شروطها
والزم عرى مشروطها ... وإن أردت علمها ... وحدها ورسمها
فاستمله من رجزي ... هذا البديع الموجز ... فإنه كفيل
بشرحه حفيل ... فصلته فصولا ... تقرّب الوصولا
لمنهج الآداب ... في صحبة الأصحاب ... تهدي جميع الصحب
إلي الطريق الرحب ... سميتها إذ طربا ... بنظمه وأغربا
بنغمة الأغاني ... في عشرة الأخوان ... والله ربي اسأل
وهو الكريم المفضل ... الهامي الامدادا ... ومنجي السدادا(1/55)
يقول راجي الصمد ... علي بن أحمد ... حمدا لمن هداني
بالنطق والبيان ... وأشرف الصلاة ... من واهب الصلاة
علي النبي الهادي ... وآله الأمجاد ... وبعد فالكلام
لحسنه أقسام ... والقول ذو فنون ... في الجد والمجون
وروضة الأريضي ... السجع والقريض ... والشعر ديوان العرب
وكم أنال من أرب ... فاقبل إذا رمت الأدب ... إليه من كل حدب
رواية الأشعار ... تكسو الأديب العاري ... وترفع الوضيعا
وتكرم الشفيعا ... وتطرب الاخوانا ... وتذهب الأحزانا
وتنعش العشاقا ... وتونس المشتاقا ... وتنسخ الأحقادا
وتثبت الودادا ... وتقدم الجبانا ... وتعطف الغضبانا
وتنعت الحبيبا ... والرشأ المريبا ... وخيره ما أطربا
مستمعا وأعجبا ... وهذه الأرجوزة ... في فنها وجيزة
بديعة الألفاظ ... تسهل للحفاظ ... تطرب كل سامع
بحسن لفظ جامع ... أبياتها قصير ... ما شأنها قصور
ضمنتها معاني ... في عشرة الأخوان ... تشرح للألباب
محاسن الآداب ... فإن حسن العشره ... ما حاز قوم عشرة
وأكثر الأخوان ... في العصر والأوان ... صحبتهم نفاق
ما زانها وفاق ... يلقي الخليل خله ... بظا اتى محله
بظاهر مموه ... وباطن مشوه ... يظهر من صداقته
ما هو فوق طاقته ... والقلب منه خالي ... كفارغ المخالي
حتى إذا ما انصرفا ... أعرض عن ذاك الصفا ... وإن يكن ثمّ حسد
انشب إنشاب الأسد ... في عرضه مخالبه ... مستقصيا مثالبه
مجتهدا في غيبته ... لم يرع حق غيبته ... فهذه صحبة من
تراه في هذا الزمن ... فلا تكن معتمدا ... على صديق أبدا
وإن اطقت إلا ... تصحب منهم خلا ... فإنك الموفق
بل السعيد المطلق ... وإن قصدت الصحبة ... فخذ لها في الأهبه
واحرص على آدابها ... تعدّ من أربابها ... واستنب عن شروطها
والزم عرى مشروطها ... وإن أردت علمها ... وحدها ورسمها
فاستمله من رجزي ... هذا البديع الموجز ... فإنه كفيل
بشرحه حفيل ... فصلته فصولا ... تقرّب الوصولا
لمنهج الآداب ... في صحبة الأصحاب ... تهدي جميع الصحب
إلي الطريق الرحب ... سميتها إذ طربا ... بنظمه وأغربا
بنغمة الأغاني ... في عشرة الأخوان ... والله ربي اسأل
وهو الكريم المفضل ... الهامي الامدادا ... ومنجي السدادا
فصل في تعريف الصديق والصداقة
قالوا الصديق من صدق ... في حبه وما مذق ... وقيل من لم يعطنا
في قوله أنت أنا ... وقيل لفظ لا يرى ... معناه في هذا الورى
وفسروا الصداقة ... بالحب حسب الطاقة ... وقال من قد اطلقا
هي الوداد مطلقا ... وآخرون نصوا ... بأنها اخص
وهو الصحيح الراجح ... والحق فيه واضح ... إذ خلة الصديق
عند أولي التحيق ... محبة بلا غرض ... والصدق فيها مفترض
ومطلق الحب أعم ... ومن أبى فقد زعم ... وحدها المعقول
عندي ما أقول ... هي بلا اشتباه ... أخوة في الله
فضل فيما ينبغي أن يصادق ويصافى، ويصاحب ويوافى
إذا اصحبت فاصحب ... ذا حسب ونسب ... رب صلاح وتقى
ينهاه عما يتقى ... من غية وغدر ... وخدعة ومكر
مهذب الأخلاق ... يطرب للتلاقي ... يحفظ حق غيبتك
يصون ما في عيبتك ... يزينه ما زانكا ... يشينه ما شانكا
يظهر منك الحسنا ... ويذكر المستحسنا ... ويكتم المعيبا
ويحفظ المغيبا ... يسره ما سرّكا ... ولا يذيع سرّكا
إن قال قولا صدقك ... أو قلت أنت صدّقك ... وإن شكوت عسرا
افدت منه يسرا ... يلقاك بالأمان ... من حادث الزمان
يهدي لك النصيحة ... بنية صحيحة ... خلّته مدانية
في العسر والعلانية ... صحبته لا لغرض ... فذاك في القلب مرض
لم يتغير ان ولي ... عن الوداد الأول ... يرعى عهود الصحبة
لا سيما في النكبة ... لا يسلم الصديقا ... إن بال يوما ضيقا
يعين ان أمر عنا ... ولا يفوه بالخنا ... يولي ولا يعتذر
عما عليه يقدر ... هذا هو الأخ الثقة ... المستحق للمقة
إن ظفرت يداكا ... به فكد عداكا ... فإنه السلاح
والكف والجناح ... وقد روى الرواة ... السادة الثقاة
عن الإمام المرتضى ... سيف الآله المنتضى ... في الصحب والإخوان
إنهما صنفان ... اخوان صدق وثقة ... وانفس متفقة
هم الجناح واليد ... والكهف والمستند ... والأهل والأقارب
أذنتهم التجارب ... فافدهم بالروح ... في القرب والنزوح
واسلك بحيث سلكوا ... وابذل لهم ما تملك ... فلا يزول مالكا
من دونهم لما لكا ... وصاف من صافاهم ... وناف من نافاهم
واحفظهم وصنهم ... وانف الظنون عنهم ... فهم اعز في الورى
إن عنّ خطب أو عرى ... من أحمر الياقوت ... بل من حلال القوت
واخوة للأنس ... ونيل حظ النفس ... هم عصبة المجاملة
لا الصدق في المعاملة ... منهم تصيب لذتك ... إذ الهموم بدتك
فضلهم ما وصلوا ... وابذل لهم ما بذلوا ... من ظاهر الصداقة
بالبشر والطلاقة ... ولا تسل ان ظهروا ... للود عما اضمروا
واطوهم مد الحقب ... طي السجل للكتب ... وقال بشر الحافي
بل عدة الأصناف ... ثلاثة فالأول ... للدين وهو الأفضل
وآخر للدنيا ... يهديك نجد العليا ... وثالث للأنس
لكونه ابن جنس ... فأعط كلا ما يجب ... وعن سواهم فاحتجب(1/56)
إذا اصحبت فاصحب ... ذا حسب ونسب ... رب صلاح وتقى
ينهاه عما يتقى ... من غية وغدر ... وخدعة ومكر
مهذب الأخلاق ... يطرب للتلاقي ... يحفظ حق غيبتك
يصون ما في عيبتك ... يزينه ما زانكا ... يشينه ما شانكا
يظهر منك الحسنا ... ويذكر المستحسنا ... ويكتم المعيبا
ويحفظ المغيبا ... يسره ما سرّكا ... ولا يذيع سرّكا
إن قال قولا صدقك ... أو قلت أنت صدّقك ... وإن شكوت عسرا
افدت منه يسرا ... يلقاك بالأمان ... من حادث الزمان
يهدي لك النصيحة ... بنية صحيحة ... خلّته مدانية
في العسر والعلانية ... صحبته لا لغرض ... فذاك في القلب مرض
لم يتغير ان ولي ... عن الوداد الأول ... يرعى عهود الصحبة
لا سيما في النكبة ... لا يسلم الصديقا ... إن بال يوما ضيقا
يعين ان أمر عنا ... ولا يفوه بالخنا ... يولي ولا يعتذر
عما عليه يقدر ... هذا هو الأخ الثقة ... المستحق للمقة
إن ظفرت يداكا ... به فكد عداكا ... فإنه السلاح
والكف والجناح ... وقد روى الرواة ... السادة الثقاة
عن الإمام المرتضى ... سيف الآله المنتضى ... في الصحب والإخوان
إنهما صنفان ... اخوان صدق وثقة ... وانفس متفقة
هم الجناح واليد ... والكهف والمستند ... والأهل والأقارب
أذنتهم التجارب ... فافدهم بالروح ... في القرب والنزوح
واسلك بحيث سلكوا ... وابذل لهم ما تملك ... فلا يزول مالكا
من دونهم لما لكا ... وصاف من صافاهم ... وناف من نافاهم
واحفظهم وصنهم ... وانف الظنون عنهم ... فهم اعز في الورى
إن عنّ خطب أو عرى ... من أحمر الياقوت ... بل من حلال القوت
واخوة للأنس ... ونيل حظ النفس ... هم عصبة المجاملة
لا الصدق في المعاملة ... منهم تصيب لذتك ... إذ الهموم بدتك
فضلهم ما وصلوا ... وابذل لهم ما بذلوا ... من ظاهر الصداقة
بالبشر والطلاقة ... ولا تسل ان ظهروا ... للود عما اضمروا
واطوهم مد الحقب ... طي السجل للكتب ... وقال بشر الحافي
بل عدة الأصناف ... ثلاثة فالأول ... للدين وهو الأفضل
وآخر للدنيا ... يهديك نجد العليا ... وثالث للأنس
لكونه ابن جنس ... فأعط كلا ما يجب ... وعن سواهم فاحتجب(1/57)
إذا اصحبت فاصحب ... ذا حسب ونسب ... رب صلاح وتقى
ينهاه عما يتقى ... من غية وغدر ... وخدعة ومكر
مهذب الأخلاق ... يطرب للتلاقي ... يحفظ حق غيبتك
يصون ما في عيبتك ... يزينه ما زانكا ... يشينه ما شانكا
يظهر منك الحسنا ... ويذكر المستحسنا ... ويكتم المعيبا
ويحفظ المغيبا ... يسره ما سرّكا ... ولا يذيع سرّكا
إن قال قولا صدقك ... أو قلت أنت صدّقك ... وإن شكوت عسرا
افدت منه يسرا ... يلقاك بالأمان ... من حادث الزمان
يهدي لك النصيحة ... بنية صحيحة ... خلّته مدانية
في العسر والعلانية ... صحبته لا لغرض ... فذاك في القلب مرض
لم يتغير ان ولي ... عن الوداد الأول ... يرعى عهود الصحبة
لا سيما في النكبة ... لا يسلم الصديقا ... إن بال يوما ضيقا
يعين ان أمر عنا ... ولا يفوه بالخنا ... يولي ولا يعتذر
عما عليه يقدر ... هذا هو الأخ الثقة ... المستحق للمقة
إن ظفرت يداكا ... به فكد عداكا ... فإنه السلاح
والكف والجناح ... وقد روى الرواة ... السادة الثقاة
عن الإمام المرتضى ... سيف الآله المنتضى ... في الصحب والإخوان
إنهما صنفان ... اخوان صدق وثقة ... وانفس متفقة
هم الجناح واليد ... والكهف والمستند ... والأهل والأقارب
أذنتهم التجارب ... فافدهم بالروح ... في القرب والنزوح
واسلك بحيث سلكوا ... وابذل لهم ما تملك ... فلا يزول مالكا
من دونهم لما لكا ... وصاف من صافاهم ... وناف من نافاهم
واحفظهم وصنهم ... وانف الظنون عنهم ... فهم اعز في الورى
إن عنّ خطب أو عرى ... من أحمر الياقوت ... بل من حلال القوت
واخوة للأنس ... ونيل حظ النفس ... هم عصبة المجاملة
لا الصدق في المعاملة ... منهم تصيب لذتك ... إذ الهموم بدتك
فضلهم ما وصلوا ... وابذل لهم ما بذلوا ... من ظاهر الصداقة
بالبشر والطلاقة ... ولا تسل ان ظهروا ... للود عما اضمروا
واطوهم مد الحقب ... طي السجل للكتب ... وقال بشر الحافي
بل عدة الأصناف ... ثلاثة فالأول ... للدين وهو الأفضل
وآخر للدنيا ... يهديك نجد العليا ... وثالث للأنس
لكونه ابن جنس ... فأعط كلا ما يجب ... وعن سواهم فاحتجب
فصل في شروط الصداقة وآدابها
صداقة الأخوان ... الخلص الأعوان ... لها شروط عدة
على الرخا والشدة ... والرفق والتلطف ... والود والتعطف
وكثرة التعهد ... لهم بكل معهد ... البر بالأصحاب
من أحكم الأسباب ... والنصح للاخوان ... من أعظم الإنسان
والصدق والتصافي ... من أحسن الأوصاف ... دع خدع المودة
للأوجه المسودة ... فالمحض في الإخلاص ... كالذهب الخلاص
حفظ العهود والوفا ... حق لأخوان الصفا ... عاملهم بالصدق
واصحب بحسن الخلق ... والعدل والإنصاف ... وقلة الخلاف
ولاقهم بالبشر ... وحيهم بالشكر ... صفهم بما يستحسن
واخف ما يستهجن ... وإن رأيت هفوة ... فانصحهم في الخلوة
بالرمز والإشارة ... والطف العبارة ... إياك والتعنيفا
والعذل والعنيفا ... وإن ترد عتابهم ... فلا تسىء خطابهم
وأحسن العتاب ... ما كان في كتاب ... فالعتب في المشافهة
ضرب من المسافهة ... وعن إمام النحل ... قاتل كلّ فحل
عابت أخاك الجائي ... بالبر والإحسان ... حافظ على الصديق
في الوسع والمضيق ... فهو نصيب الروح ... ومرهم الجروح
وفي الحديث الناطق ... عن الإمام الصادق ... من كان ذا حميم
نجا من الجحيم ... لقول أهل النار ... وعصبة الكفار
فما لنا من شافع ... ولا صديق نافع ... والقرب في الخلائق
امن من البوائق ... فقارب الأخوانا ... وكن لهم معوانا
لا تسمع المقالا ... فيهم وان توالا ... فمن اطاع الواشي
سار بليل غاش ... وضيع الصديقا ... وكذب الصديقا
وإن سمعت قيلا ... يحتمل التأويلا ... فاحمله خير محمل
فعل الرجال الكمل ... وإن رأيت وهنا ... فلا تسمهم طعنا
فالطعن بالكلام ... عند ذوي الأحلام ... أنفذ في الجنان
من طعنة السنان ... فعد من زلاتهم ... وسد من خلاتهم
سل عنهم إن غابوا ... وزرهم إن آبوا ... واستنب عن أحوالهم
وعف عن اموالهم ... اطعهم إن أمروا ... وصلهم إن هجروا
فقاطع الوصالا ... كقاطع الأوصالا ... إن نصحوك فاقبل
وإن دعوك فأقبل ... واصدقهم في الوعد ... فالخلف حق الوغد
واقبل إذا ما اعتذروا ... اليك مما ينكر ... وارع صلاح حالهم
واشفق على امحالهم ... وكن لهم غياثا ... إذ الزمان عاثا
واطهم ما أملوا ... إن أخصوا أو أمحلوا(1/58)
صداقة الأخوان ... الخلص الأعوان ... لها شروط عدة
على الرخا والشدة ... والرفق والتلطف ... والود والتعطف
وكثرة التعهد ... لهم بكل معهد ... البر بالأصحاب
من أحكم الأسباب ... والنصح للاخوان ... من أعظم الإنسان
والصدق والتصافي ... من أحسن الأوصاف ... دع خدع المودة
للأوجه المسودة ... فالمحض في الإخلاص ... كالذهب الخلاص
حفظ العهود والوفا ... حق لأخوان الصفا ... عاملهم بالصدق
واصحب بحسن الخلق ... والعدل والإنصاف ... وقلة الخلاف
ولاقهم بالبشر ... وحيهم بالشكر ... صفهم بما يستحسن
واخف ما يستهجن ... وإن رأيت هفوة ... فانصحهم في الخلوة
بالرمز والإشارة ... والطف العبارة ... إياك والتعنيفا
والعذل والعنيفا ... وإن ترد عتابهم ... فلا تسىء خطابهم
وأحسن العتاب ... ما كان في كتاب ... فالعتب في المشافهة
ضرب من المسافهة ... وعن إمام النحل ... قاتل كلّ فحل
عابت أخاك الجائي ... بالبر والإحسان ... حافظ على الصديق
في الوسع والمضيق ... فهو نصيب الروح ... ومرهم الجروح
وفي الحديث الناطق ... عن الإمام الصادق ... من كان ذا حميم
نجا من الجحيم ... لقول أهل النار ... وعصبة الكفار
فما لنا من شافع ... ولا صديق نافع ... والقرب في الخلائق
امن من البوائق ... فقارب الأخوانا ... وكن لهم معوانا
لا تسمع المقالا ... فيهم وان توالا ... فمن اطاع الواشي
سار بليل غاش ... وضيع الصديقا ... وكذب الصديقا
وإن سمعت قيلا ... يحتمل التأويلا ... فاحمله خير محمل
فعل الرجال الكمل ... وإن رأيت وهنا ... فلا تسمهم طعنا
فالطعن بالكلام ... عند ذوي الأحلام ... أنفذ في الجنان
من طعنة السنان ... فعد من زلاتهم ... وسد من خلاتهم
سل عنهم إن غابوا ... وزرهم إن آبوا ... واستنب عن أحوالهم
وعف عن اموالهم ... اطعهم إن أمروا ... وصلهم إن هجروا
فقاطع الوصالا ... كقاطع الأوصالا ... إن نصحوك فاقبل
وإن دعوك فأقبل ... واصدقهم في الوعد ... فالخلف حق الوغد
واقبل إذا ما اعتذروا ... اليك مما ينكر ... وارع صلاح حالهم
واشفق على امحالهم ... وكن لهم غياثا ... إذ الزمان عاثا
واطهم ما أملوا ... إن أخصوا أو أمحلوا
فصل في اعانة الأخوان في نوائب الحدثان وحوادث الزمان وهو كما رقم
حقيقة الصديق ... تعرف عند الضيق ... وتخبر الأخوان
إذا جفا الزمان ... لا خير في اخاء ... يكون في الرخاء
وإنما الصداقة ... في العسر والاضاقة ... لا تدخر المودة
إلا ليوم السدة ... ولا تعدّ الخلةّ ... إلا لسد الخلّة
أعن اخاك واعضد ... وكن له كالعضد ... لا سيما إن قعدا
به الزمان أو عدى ... بئس الخليل من نكل ... من خله إذا اتكل
لا تجف في حال أخا ... ضر الزمان أوسخا ... وإن شكا من خطبه
فزد من اللطف به ... واسع لكشف كربته ... واحفظ عهود صحبته
وكن له كالنور ... في ظلمة الديجور ... ولا تدع ولا تذر
ما تستطيع من نظر ... حتى يزول الهمّ ... ويكشف الملم
إن الصديق الصادقا ... من فرّج المضائقا ... وأكرم الإخوانا
إذا شكوا هوانا ... وأسعف الحميما ... من حمله العظيما
وانجد الأصحابا ... إن ريب دهر نابا ... أعانهم بماله
ونفسه وآله ... ولا يرى مقصرا ... في بذل مال وقرا
فعل أبي إمامة ... مع خلة الحمامة
فإن أردت فاسمع ... حديثهم كيما تعي
حديث الفار والحمامة وهو مثل لمعاونة الأخوان في نوائب الزمان
روى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن سرب طير سارب
من الحمام الراعبي ... بكّر يوما سحرا ... وسار حتى اسحرا
في طلب المعاش ... وهو ربيط الجاش ... فابصروا على الثرى
حبا منقّا منثرا ... فاحمدوا الصباحا ... واستيقنوا النجاحا
واسرعوا إليه ... وأقبلوا عليه ... حتى إذا ما اصطفوا
حذاءه اصفوا ... فصاح منهم حازم ... لنصحهم ملازم
مهلا فكم من عجلة ... أدنت لحي أجله ... تمهلوا لا تقعوا
وانصتوا لي واسمعوا ... إليّة بالرب ... ما نثر هذا الحب
في هذه الفلاة ... إلا لأمر عاتي ... إني أرى حبالا
قد ضمنت وبالا ... وهذه الشباك ... في ضمنها الهلاك
فكابدوا المجاعة ... وأنظروني ساعة ... حتى أرى واختبر
والفوز حقّ المصطبر ... فأعرضوا عن قوله ... واستضحكوا من هوله
قالوا: وقد غطّى القدر ... للسمع منهم والبصر ... ليس على الحق مرا
حبّ معدّ للقرا ... ألقي في التراب ... للأجر والثواب
ما فيه محذور ... لجائع مضرور ... اغدوا على الغذاء
فالجوع شر داء ... فسقطوا جميعا ... للقطه سريعا
وما دروا أن الرّدى ... أكمن في ذاك الغدا ... فوقعوا في الشبكة
وايقنوا بالهلكة ... وندموا وما الندم ... مجد وقد زلّ القدم
فأخذوا في الخبط ... لحل ذاك الربط ... فالتوت الشباك
والتفّت الأشراك ... فصاح ذاك الناصح ... ما كلّ سعي ناجح
هذا جزاء من عصى ... نصيحة وانتقصا ... للحرص طعم مرّ
وشره شمّر ... وكم غدت أمنية ... جالبة منية
وكم شقى في نعم ... ونقم في لقم ... فقالت الجماعة
دع الملام الساعة ... إن أقبل القناص ... فما لنا مناص
والفكر في الفكاك ... من ورطة الهلاك ... أولى من الملام
وكثرة الكلام ... وما يفيد اللاحي ... في القدر المتاح
فاحتل على الخلاص ... كحيلة ابن العاص ... فقال ذاك الحازم
طوع النصيح لازم ... فإن أطعتم نصحي ... ظفرتم بالنجح
وإن عصيتم أمري ... خاطرتم بالعمر ... فقال كلّ هات
فكرك في النجاة ... جميعنا مطيع ... لما ترى سريع
وليس كلّ وقت ... يضل عقل الثبت ... فقال لا ترتبكوا
فتستمر الشبك ... واتفقوا في الهمة ... لهذه الملمة
حتى تطيروا بالشرك ... وتأمنوا من الدرك ... ثم الخلاص بعد
لكم عليّ وعد ... فقبلوا مقاله ... وامتثلوا ما قاله
واجتمعوا في الحركة ... وارتفعوا بالشبكة ... فقال سيروا عجلا
سيرا يفوت الأجلا ... ولا تملوا فالملل ... يعوق والخطب جلل
فأمهم وراحو ... كأنهم رياح ... وأقبل الحبّال
في مشيه يختال ... يحسب أن البركة ... قد وقعت في الشبكة
فأبصر الحماما ... قد حلقت أماما ... وفلّت الحبالة
واوقعت خياله ... فعضّ غيظا كفّه ... على ذهاب الكفه
فراح يعدو خلفها ... يرجو اللحاق سفها ... حتى إذا مايئسا
عادلها مبتئسا ... وأقبل الحمام ... كأنه غمام
على فلاة قفر ... من الأنام صفر ... فقالت الحمامة
بشراكم السلامة ... هذا مقام الأمن ... من كل خوف يغني
وإن أردتم فقعوا ... لا يعتريكم فزع ... فهذه المومات
لنا بها النجاة ... ولي بها خليل ... إحسانه جزيل
ينعم بالفكاك ... من ربقة الشباك ... فلجأوا إليها
ووقعوا عليها ... فنادت الحمامة ... أقبل أبا امامة
فأقبلت فويرة ... كأنها نويرة ... تقول من ينادي
أبي بهذا الوادي ... قال لها المطوق ... أنا الخليل الشبق
قولي له فليخرج ... وأذنيه بالمجي ... فرجعت واقبلا
فار يهد الجبلا ... فأبصر المطوقا ... فضمه واعتنقا
فقال أهلا بالفتى ... ومرحبا بمن أتى ... قدمت خير مقدم
على الصديق الأعظم ... فادخل بيمن داري ... وشرفن مقداري
وأنزل برحب ودعه ... وجفنة مدعدعة ... واشف جوى القلوب
بوصلك المحبوب ... فالشوق للتلاق ... قد بلغ التراقي
فقال كيف انعم ... أم كيف يهني المنعم ... وهل يطيب عيش
أم هل يقرّ طيش ... واسرتي في الأسر ... يشكون كل عسر
أعناقهم في غل ... وكلهم في ذل ... فقال مرني ائتمر
عداك نحس مستمر ... قال اقرض الحباله ... قرضا بلا ملالة
وخلص الأصحابا ... واغتنم الثوابا ... وحلّ قيد أسرهم
وفكّهم من أسرهم ... قال أمرت طائعا ... وعبد ودّ سامعا
فقرض الشباكا ... وقطع الأشراكا ... وخلص الحماما
وقد رأى الحماما ... فاعلنوا بحمده ... واعترفوا بمجده
فقال قروا عينا ... ولا شكوتم اينا ... وقدم الحبوبا
للأكل والمشروبا ... وقام بالضيافة ... بالبشر واللطافة
اضافهم ثلاثا ... من بعد ما أغاثا ... فقال ذاك الخلّ
الخير لا يملّ ... فقت أبا امامة ... جودا على ابن مامة
وجيت بالصداقة ... بالصدق فوق الطاقة ... ألبستنا أطواقا
وزدتنا اطواقا ... من فضلك الجميل ... وفعلك الجزيل
مثلا من يدخر ... لريب دهر يحذر ... وترتجيه الصّحب
إن عز يوم خطب ... فاذن بالانصراف ... لنا بلا تجافي
دام لك الإنعام ... ما غرّد الحمام ... ودمت مشكور النّعم
ما رنّ شاد بنغم ... فقال ذاك الفار ... جفا الصديق عار
ولست أرضى بعدكم ... لا ذقت يوما فقدكم ... ولا أرى خلافكم
إن رمتم انصرافكم ... عمتكم السلامة ... في الظعن والإقامة
فودعوا وانصرفوا ... والدمع منهم يذرف ... فأعجب لهذا المثل
المعرّب المؤثل ... أو ردته ليحتذى ... إذا عرى الخلّ اذى(1/59)
روى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن سرب طير سارب
من الحمام الراعبي ... بكّر يوما سحرا ... وسار حتى اسحرا
في طلب المعاش ... وهو ربيط الجاش ... فابصروا على الثرى
حبا منقّا منثرا ... فاحمدوا الصباحا ... واستيقنوا النجاحا
واسرعوا إليه ... وأقبلوا عليه ... حتى إذا ما اصطفوا
حذاءه اصفوا ... فصاح منهم حازم ... لنصحهم ملازم
مهلا فكم من عجلة ... أدنت لحي أجله ... تمهلوا لا تقعوا
وانصتوا لي واسمعوا ... إليّة بالرب ... ما نثر هذا الحب
في هذه الفلاة ... إلا لأمر عاتي ... إني أرى حبالا
قد ضمنت وبالا ... وهذه الشباك ... في ضمنها الهلاك
فكابدوا المجاعة ... وأنظروني ساعة ... حتى أرى واختبر
والفوز حقّ المصطبر ... فأعرضوا عن قوله ... واستضحكوا من هوله
قالوا: وقد غطّى القدر ... للسمع منهم والبصر ... ليس على الحق مرا
حبّ معدّ للقرا ... ألقي في التراب ... للأجر والثواب
ما فيه محذور ... لجائع مضرور ... اغدوا على الغذاء
فالجوع شر داء ... فسقطوا جميعا ... للقطه سريعا
وما دروا أن الرّدى ... أكمن في ذاك الغدا ... فوقعوا في الشبكة
وايقنوا بالهلكة ... وندموا وما الندم ... مجد وقد زلّ القدم
فأخذوا في الخبط ... لحل ذاك الربط ... فالتوت الشباك
والتفّت الأشراك ... فصاح ذاك الناصح ... ما كلّ سعي ناجح
هذا جزاء من عصى ... نصيحة وانتقصا ... للحرص طعم مرّ
وشره شمّر ... وكم غدت أمنية ... جالبة منية
وكم شقى في نعم ... ونقم في لقم ... فقالت الجماعة
دع الملام الساعة ... إن أقبل القناص ... فما لنا مناص
والفكر في الفكاك ... من ورطة الهلاك ... أولى من الملام
وكثرة الكلام ... وما يفيد اللاحي ... في القدر المتاح
فاحتل على الخلاص ... كحيلة ابن العاص ... فقال ذاك الحازم
طوع النصيح لازم ... فإن أطعتم نصحي ... ظفرتم بالنجح
وإن عصيتم أمري ... خاطرتم بالعمر ... فقال كلّ هات
فكرك في النجاة ... جميعنا مطيع ... لما ترى سريع
وليس كلّ وقت ... يضل عقل الثبت ... فقال لا ترتبكوا
فتستمر الشبك ... واتفقوا في الهمة ... لهذه الملمة
حتى تطيروا بالشرك ... وتأمنوا من الدرك ... ثم الخلاص بعد
لكم عليّ وعد ... فقبلوا مقاله ... وامتثلوا ما قاله
واجتمعوا في الحركة ... وارتفعوا بالشبكة ... فقال سيروا عجلا
سيرا يفوت الأجلا ... ولا تملوا فالملل ... يعوق والخطب جلل
فأمهم وراحو ... كأنهم رياح ... وأقبل الحبّال
في مشيه يختال ... يحسب أن البركة ... قد وقعت في الشبكة
فأبصر الحماما ... قد حلقت أماما ... وفلّت الحبالة
واوقعت خياله ... فعضّ غيظا كفّه ... على ذهاب الكفه
فراح يعدو خلفها ... يرجو اللحاق سفها ... حتى إذا مايئسا
عادلها مبتئسا ... وأقبل الحمام ... كأنه غمام
على فلاة قفر ... من الأنام صفر ... فقالت الحمامة
بشراكم السلامة ... هذا مقام الأمن ... من كل خوف يغني
وإن أردتم فقعوا ... لا يعتريكم فزع ... فهذه المومات
لنا بها النجاة ... ولي بها خليل ... إحسانه جزيل
ينعم بالفكاك ... من ربقة الشباك ... فلجأوا إليها
ووقعوا عليها ... فنادت الحمامة ... أقبل أبا امامة
فأقبلت فويرة ... كأنها نويرة ... تقول من ينادي
أبي بهذا الوادي ... قال لها المطوق ... أنا الخليل الشبق
قولي له فليخرج ... وأذنيه بالمجي ... فرجعت واقبلا
فار يهد الجبلا ... فأبصر المطوقا ... فضمه واعتنقا
فقال أهلا بالفتى ... ومرحبا بمن أتى ... قدمت خير مقدم
على الصديق الأعظم ... فادخل بيمن داري ... وشرفن مقداري
وأنزل برحب ودعه ... وجفنة مدعدعة ... واشف جوى القلوب
بوصلك المحبوب ... فالشوق للتلاق ... قد بلغ التراقي
فقال كيف انعم ... أم كيف يهني المنعم ... وهل يطيب عيش
أم هل يقرّ طيش ... واسرتي في الأسر ... يشكون كل عسر
أعناقهم في غل ... وكلهم في ذل ... فقال مرني ائتمر
عداك نحس مستمر ... قال اقرض الحباله ... قرضا بلا ملالة
وخلص الأصحابا ... واغتنم الثوابا ... وحلّ قيد أسرهم
وفكّهم من أسرهم ... قال أمرت طائعا ... وعبد ودّ سامعا
فقرض الشباكا ... وقطع الأشراكا ... وخلص الحماما
وقد رأى الحماما ... فاعلنوا بحمده ... واعترفوا بمجده
فقال قروا عينا ... ولا شكوتم اينا ... وقدم الحبوبا
للأكل والمشروبا ... وقام بالضيافة ... بالبشر واللطافة
اضافهم ثلاثا ... من بعد ما أغاثا ... فقال ذاك الخلّ
الخير لا يملّ ... فقت أبا امامة ... جودا على ابن مامة
وجيت بالصداقة ... بالصدق فوق الطاقة ... ألبستنا أطواقا
وزدتنا اطواقا ... من فضلك الجميل ... وفعلك الجزيل
مثلا من يدخر ... لريب دهر يحذر ... وترتجيه الصّحب
إن عز يوم خطب ... فاذن بالانصراف ... لنا بلا تجافي
دام لك الإنعام ... ما غرّد الحمام ... ودمت مشكور النّعم
ما رنّ شاد بنغم ... فقال ذاك الفار ... جفا الصديق عار
ولست أرضى بعدكم ... لا ذقت يوما فقدكم ... ولا أرى خلافكم
إن رمتم انصرافكم ... عمتكم السلامة ... في الظعن والإقامة
فودعوا وانصرفوا ... والدمع منهم يذرف ... فأعجب لهذا المثل
المعرّب المؤثل ... أو ردته ليحتذى ... إذا عرى الخلّ اذى(1/60)
روى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن سرب طير سارب
من الحمام الراعبي ... بكّر يوما سحرا ... وسار حتى اسحرا
في طلب المعاش ... وهو ربيط الجاش ... فابصروا على الثرى
حبا منقّا منثرا ... فاحمدوا الصباحا ... واستيقنوا النجاحا
واسرعوا إليه ... وأقبلوا عليه ... حتى إذا ما اصطفوا
حذاءه اصفوا ... فصاح منهم حازم ... لنصحهم ملازم
مهلا فكم من عجلة ... أدنت لحي أجله ... تمهلوا لا تقعوا
وانصتوا لي واسمعوا ... إليّة بالرب ... ما نثر هذا الحب
في هذه الفلاة ... إلا لأمر عاتي ... إني أرى حبالا
قد ضمنت وبالا ... وهذه الشباك ... في ضمنها الهلاك
فكابدوا المجاعة ... وأنظروني ساعة ... حتى أرى واختبر
والفوز حقّ المصطبر ... فأعرضوا عن قوله ... واستضحكوا من هوله
قالوا: وقد غطّى القدر ... للسمع منهم والبصر ... ليس على الحق مرا
حبّ معدّ للقرا ... ألقي في التراب ... للأجر والثواب
ما فيه محذور ... لجائع مضرور ... اغدوا على الغذاء
فالجوع شر داء ... فسقطوا جميعا ... للقطه سريعا
وما دروا أن الرّدى ... أكمن في ذاك الغدا ... فوقعوا في الشبكة
وايقنوا بالهلكة ... وندموا وما الندم ... مجد وقد زلّ القدم
فأخذوا في الخبط ... لحل ذاك الربط ... فالتوت الشباك
والتفّت الأشراك ... فصاح ذاك الناصح ... ما كلّ سعي ناجح
هذا جزاء من عصى ... نصيحة وانتقصا ... للحرص طعم مرّ
وشره شمّر ... وكم غدت أمنية ... جالبة منية
وكم شقى في نعم ... ونقم في لقم ... فقالت الجماعة
دع الملام الساعة ... إن أقبل القناص ... فما لنا مناص
والفكر في الفكاك ... من ورطة الهلاك ... أولى من الملام
وكثرة الكلام ... وما يفيد اللاحي ... في القدر المتاح
فاحتل على الخلاص ... كحيلة ابن العاص ... فقال ذاك الحازم
طوع النصيح لازم ... فإن أطعتم نصحي ... ظفرتم بالنجح
وإن عصيتم أمري ... خاطرتم بالعمر ... فقال كلّ هات
فكرك في النجاة ... جميعنا مطيع ... لما ترى سريع
وليس كلّ وقت ... يضل عقل الثبت ... فقال لا ترتبكوا
فتستمر الشبك ... واتفقوا في الهمة ... لهذه الملمة
حتى تطيروا بالشرك ... وتأمنوا من الدرك ... ثم الخلاص بعد
لكم عليّ وعد ... فقبلوا مقاله ... وامتثلوا ما قاله
واجتمعوا في الحركة ... وارتفعوا بالشبكة ... فقال سيروا عجلا
سيرا يفوت الأجلا ... ولا تملوا فالملل ... يعوق والخطب جلل
فأمهم وراحو ... كأنهم رياح ... وأقبل الحبّال
في مشيه يختال ... يحسب أن البركة ... قد وقعت في الشبكة
فأبصر الحماما ... قد حلقت أماما ... وفلّت الحبالة
واوقعت خياله ... فعضّ غيظا كفّه ... على ذهاب الكفه
فراح يعدو خلفها ... يرجو اللحاق سفها ... حتى إذا مايئسا
عادلها مبتئسا ... وأقبل الحمام ... كأنه غمام
على فلاة قفر ... من الأنام صفر ... فقالت الحمامة
بشراكم السلامة ... هذا مقام الأمن ... من كل خوف يغني
وإن أردتم فقعوا ... لا يعتريكم فزع ... فهذه المومات
لنا بها النجاة ... ولي بها خليل ... إحسانه جزيل
ينعم بالفكاك ... من ربقة الشباك ... فلجأوا إليها
ووقعوا عليها ... فنادت الحمامة ... أقبل أبا امامة
فأقبلت فويرة ... كأنها نويرة ... تقول من ينادي
أبي بهذا الوادي ... قال لها المطوق ... أنا الخليل الشبق
قولي له فليخرج ... وأذنيه بالمجي ... فرجعت واقبلا
فار يهد الجبلا ... فأبصر المطوقا ... فضمه واعتنقا
فقال أهلا بالفتى ... ومرحبا بمن أتى ... قدمت خير مقدم
على الصديق الأعظم ... فادخل بيمن داري ... وشرفن مقداري
وأنزل برحب ودعه ... وجفنة مدعدعة ... واشف جوى القلوب
بوصلك المحبوب ... فالشوق للتلاق ... قد بلغ التراقي
فقال كيف انعم ... أم كيف يهني المنعم ... وهل يطيب عيش
أم هل يقرّ طيش ... واسرتي في الأسر ... يشكون كل عسر
أعناقهم في غل ... وكلهم في ذل ... فقال مرني ائتمر
عداك نحس مستمر ... قال اقرض الحباله ... قرضا بلا ملالة
وخلص الأصحابا ... واغتنم الثوابا ... وحلّ قيد أسرهم
وفكّهم من أسرهم ... قال أمرت طائعا ... وعبد ودّ سامعا
فقرض الشباكا ... وقطع الأشراكا ... وخلص الحماما
وقد رأى الحماما ... فاعلنوا بحمده ... واعترفوا بمجده
فقال قروا عينا ... ولا شكوتم اينا ... وقدم الحبوبا
للأكل والمشروبا ... وقام بالضيافة ... بالبشر واللطافة
اضافهم ثلاثا ... من بعد ما أغاثا ... فقال ذاك الخلّ
الخير لا يملّ ... فقت أبا امامة ... جودا على ابن مامة
وجيت بالصداقة ... بالصدق فوق الطاقة ... ألبستنا أطواقا
وزدتنا اطواقا ... من فضلك الجميل ... وفعلك الجزيل
مثلا من يدخر ... لريب دهر يحذر ... وترتجيه الصّحب
إن عز يوم خطب ... فاذن بالانصراف ... لنا بلا تجافي
دام لك الإنعام ... ما غرّد الحمام ... ودمت مشكور النّعم
ما رنّ شاد بنغم ... فقال ذاك الفار ... جفا الصديق عار
ولست أرضى بعدكم ... لا ذقت يوما فقدكم ... ولا أرى خلافكم
إن رمتم انصرافكم ... عمتكم السلامة ... في الظعن والإقامة
فودعوا وانصرفوا ... والدمع منهم يذرف ... فأعجب لهذا المثل
المعرّب المؤثل ... أو ردته ليحتذى ... إذا عرى الخلّ اذى(1/61)
روى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن سرب طير سارب
من الحمام الراعبي ... بكّر يوما سحرا ... وسار حتى اسحرا
في طلب المعاش ... وهو ربيط الجاش ... فابصروا على الثرى
حبا منقّا منثرا ... فاحمدوا الصباحا ... واستيقنوا النجاحا
واسرعوا إليه ... وأقبلوا عليه ... حتى إذا ما اصطفوا
حذاءه اصفوا ... فصاح منهم حازم ... لنصحهم ملازم
مهلا فكم من عجلة ... أدنت لحي أجله ... تمهلوا لا تقعوا
وانصتوا لي واسمعوا ... إليّة بالرب ... ما نثر هذا الحب
في هذه الفلاة ... إلا لأمر عاتي ... إني أرى حبالا
قد ضمنت وبالا ... وهذه الشباك ... في ضمنها الهلاك
فكابدوا المجاعة ... وأنظروني ساعة ... حتى أرى واختبر
والفوز حقّ المصطبر ... فأعرضوا عن قوله ... واستضحكوا من هوله
قالوا: وقد غطّى القدر ... للسمع منهم والبصر ... ليس على الحق مرا
حبّ معدّ للقرا ... ألقي في التراب ... للأجر والثواب
ما فيه محذور ... لجائع مضرور ... اغدوا على الغذاء
فالجوع شر داء ... فسقطوا جميعا ... للقطه سريعا
وما دروا أن الرّدى ... أكمن في ذاك الغدا ... فوقعوا في الشبكة
وايقنوا بالهلكة ... وندموا وما الندم ... مجد وقد زلّ القدم
فأخذوا في الخبط ... لحل ذاك الربط ... فالتوت الشباك
والتفّت الأشراك ... فصاح ذاك الناصح ... ما كلّ سعي ناجح
هذا جزاء من عصى ... نصيحة وانتقصا ... للحرص طعم مرّ
وشره شمّر ... وكم غدت أمنية ... جالبة منية
وكم شقى في نعم ... ونقم في لقم ... فقالت الجماعة
دع الملام الساعة ... إن أقبل القناص ... فما لنا مناص
والفكر في الفكاك ... من ورطة الهلاك ... أولى من الملام
وكثرة الكلام ... وما يفيد اللاحي ... في القدر المتاح
فاحتل على الخلاص ... كحيلة ابن العاص ... فقال ذاك الحازم
طوع النصيح لازم ... فإن أطعتم نصحي ... ظفرتم بالنجح
وإن عصيتم أمري ... خاطرتم بالعمر ... فقال كلّ هات
فكرك في النجاة ... جميعنا مطيع ... لما ترى سريع
وليس كلّ وقت ... يضل عقل الثبت ... فقال لا ترتبكوا
فتستمر الشبك ... واتفقوا في الهمة ... لهذه الملمة
حتى تطيروا بالشرك ... وتأمنوا من الدرك ... ثم الخلاص بعد
لكم عليّ وعد ... فقبلوا مقاله ... وامتثلوا ما قاله
واجتمعوا في الحركة ... وارتفعوا بالشبكة ... فقال سيروا عجلا
سيرا يفوت الأجلا ... ولا تملوا فالملل ... يعوق والخطب جلل
فأمهم وراحو ... كأنهم رياح ... وأقبل الحبّال
في مشيه يختال ... يحسب أن البركة ... قد وقعت في الشبكة
فأبصر الحماما ... قد حلقت أماما ... وفلّت الحبالة
واوقعت خياله ... فعضّ غيظا كفّه ... على ذهاب الكفه
فراح يعدو خلفها ... يرجو اللحاق سفها ... حتى إذا مايئسا
عادلها مبتئسا ... وأقبل الحمام ... كأنه غمام
على فلاة قفر ... من الأنام صفر ... فقالت الحمامة
بشراكم السلامة ... هذا مقام الأمن ... من كل خوف يغني
وإن أردتم فقعوا ... لا يعتريكم فزع ... فهذه المومات
لنا بها النجاة ... ولي بها خليل ... إحسانه جزيل
ينعم بالفكاك ... من ربقة الشباك ... فلجأوا إليها
ووقعوا عليها ... فنادت الحمامة ... أقبل أبا امامة
فأقبلت فويرة ... كأنها نويرة ... تقول من ينادي
أبي بهذا الوادي ... قال لها المطوق ... أنا الخليل الشبق
قولي له فليخرج ... وأذنيه بالمجي ... فرجعت واقبلا
فار يهد الجبلا ... فأبصر المطوقا ... فضمه واعتنقا
فقال أهلا بالفتى ... ومرحبا بمن أتى ... قدمت خير مقدم
على الصديق الأعظم ... فادخل بيمن داري ... وشرفن مقداري
وأنزل برحب ودعه ... وجفنة مدعدعة ... واشف جوى القلوب
بوصلك المحبوب ... فالشوق للتلاق ... قد بلغ التراقي
فقال كيف انعم ... أم كيف يهني المنعم ... وهل يطيب عيش
أم هل يقرّ طيش ... واسرتي في الأسر ... يشكون كل عسر
أعناقهم في غل ... وكلهم في ذل ... فقال مرني ائتمر
عداك نحس مستمر ... قال اقرض الحباله ... قرضا بلا ملالة
وخلص الأصحابا ... واغتنم الثوابا ... وحلّ قيد أسرهم
وفكّهم من أسرهم ... قال أمرت طائعا ... وعبد ودّ سامعا
فقرض الشباكا ... وقطع الأشراكا ... وخلص الحماما
وقد رأى الحماما ... فاعلنوا بحمده ... واعترفوا بمجده
فقال قروا عينا ... ولا شكوتم اينا ... وقدم الحبوبا
للأكل والمشروبا ... وقام بالضيافة ... بالبشر واللطافة
اضافهم ثلاثا ... من بعد ما أغاثا ... فقال ذاك الخلّ
الخير لا يملّ ... فقت أبا امامة ... جودا على ابن مامة
وجيت بالصداقة ... بالصدق فوق الطاقة ... ألبستنا أطواقا
وزدتنا اطواقا ... من فضلك الجميل ... وفعلك الجزيل
مثلا من يدخر ... لريب دهر يحذر ... وترتجيه الصّحب
إن عز يوم خطب ... فاذن بالانصراف ... لنا بلا تجافي
دام لك الإنعام ... ما غرّد الحمام ... ودمت مشكور النّعم
ما رنّ شاد بنغم ... فقال ذاك الفار ... جفا الصديق عار
ولست أرضى بعدكم ... لا ذقت يوما فقدكم ... ولا أرى خلافكم
إن رمتم انصرافكم ... عمتكم السلامة ... في الظعن والإقامة
فودعوا وانصرفوا ... والدمع منهم يذرف ... فأعجب لهذا المثل
المعرّب المؤثل ... أو ردته ليحتذى ... إذا عرى الخلّ اذى
فصل باتحاد الصديقين واتصاف كل منهما بصفات الآخر
الصدق في الوداد ... يقضي بالاتحاد ... في النعت والصفات
والحال والهيئات ... فيكتسى المشوق ... ما كسي المعشوق
حتى يظن أنه ... من الجيب كنهه ... لشدة العلاقة
والصدق في الصداقة ... وهذه القضيه ... في حكمها مرضية
اثبتها البيان ... والنقل والعيان ... لذاك قال الأول
والحقّ لا يؤوّل ... نحن من المساعدة ... نحيا بروح واحدة
ومثلوا بالجسد ... والروح ذي التجرد ... فالروح إن أمر عنا
تقول للجسم أنا ... وقال جدّ الناظم ... مستند الأعاظم
من للعلوم قد نشر ... منصور استاذ البشر ... ولم هذا الحكم
لم يقترن بعلم ... وأنه قد ظهرا ... مشاهدا بلا مرا
فمنه ما جرى لي ... في غابر الليالي ... أصابني يوم ألم
من غير إنذار ألمّ ... فاحترت منه عجبا ... لمّا فقدت السببا
واستغرقتني الفكر ... حتى أتاني الخبر ... إن صديقا لي عرض
لجسمه هذا المرض ... فازداد عند علمي ... تصديق هذا الحكم
فالصدق في المحبة ... توجب هذي النسبة ... فكن صديقا صادقا
ولا تكن مماذقا ... حتى تقول معلنا ... اني ومن أهوى أنا(1/62)
الصدق في الوداد ... يقضي بالاتحاد ... في النعت والصفات
والحال والهيئات ... فيكتسى المشوق ... ما كسي المعشوق
حتى يظن أنه ... من الجيب كنهه ... لشدة العلاقة
والصدق في الصداقة ... وهذه القضيه ... في حكمها مرضية
اثبتها البيان ... والنقل والعيان ... لذاك قال الأول
والحقّ لا يؤوّل ... نحن من المساعدة ... نحيا بروح واحدة
ومثلوا بالجسد ... والروح ذي التجرد ... فالروح إن أمر عنا
تقول للجسم أنا ... وقال جدّ الناظم ... مستند الأعاظم
من للعلوم قد نشر ... منصور استاذ البشر ... ولم هذا الحكم
لم يقترن بعلم ... وأنه قد ظهرا ... مشاهدا بلا مرا
فمنه ما جرى لي ... في غابر الليالي ... أصابني يوم ألم
من غير إنذار ألمّ ... فاحترت منه عجبا ... لمّا فقدت السببا
واستغرقتني الفكر ... حتى أتاني الخبر ... إن صديقا لي عرض
لجسمه هذا المرض ... فازداد عند علمي ... تصديق هذا الحكم
فالصدق في المحبة ... توجب هذي النسبة ... فكن صديقا صادقا
ولا تكن مماذقا ... حتى تقول معلنا ... اني ومن أهوى أنا
فصل في تزاور الأخوان وتلاقيهم
تزاور الأخوان ... من خالص الإيمان ... إن التآخي شجرة
لها التلاقي ثمرة ... لا تترك الزيارة ... فتركها حقارة
كل أخ زوار ... وإن تناءت دار ... وقد رأوا آراء
واختلفوا أهواء ... في الحدّ للزيارة ... والمدة المختارة
فقيل كلّ يوم ... كالشمس بين القوم ... وقيل كلّ شهر
مثل طلوع القمر ... وقيل ما نصّ الأثر ... عليه نصّا واشتهر
زر من تحب غبا ... تزدد إليه حبا ... واختلفوا في السغب
عن أي معنى ينبي ... فقيل عن أيام ... خوفا من الإبرام
وقيل عن اسبوع ... وقفا على المسموع ... وقيل بل معناه زر
يوما ويوما لا تزر ... فاعمل بما تراه ... في وصل من تهواه
وزر أخاك عارفا ... بحقه ملاطفا ... وإن حللت منزله
فاجعل صنيع الفضل له ... واقبل إذا ما راما ... منه له الأكراما
فمن أبى الكرامة ... حلّت به الملامة ... وإن أتاك زائرا
فانهض إليه شاكرا ... وقل مقال من شكر ... فضل الصديق وذكر
إن زارني بفضله ... أو زرته لفضله ... فالفضل في الحالين له
ووصل من تهوى صله ... والضمّ والمصافحة ... من سنّة المصالحة
أو كان يوم عيد ... أو جاء من بعيد ... هذا هو المشهور
يصنعه الجمهور ... وقد اتى في الأثر ... عن النبي المنذر
تصافح الأخوان ... يسن كلّ آن
ما افترقا واجتمعا ... يغشاهما الخير معا
فصل في محادثة الأخوان
إن رمت أن تحدثا ... بما مضى أو حدثا ... لتونس الأصحابا
فأحسن الخطابا ... واختصر العبارة ... ولا تكن مهذارا
واختر من الكلام ... ما لاق بالمقام ... من فائق العلوم
ورائق المنظوم ... واذكر من المنقول ... ما صح في العقول
واجتنب الغرائبا ... كيلا تظنّ كاذبا ... وإن أخوك أسمعا
فكن له مستمعا ... والزم له السكانا ... وأحسن الإنصاتا
ولا تكن ملتفتا ... عنه إلى أن يسكتا ... وإن اتى بنقل
سمعته من قبل ... فلا تقل هذا الخبر ... علمته فيما غبر
فلا تكذب ما روى ... ودع سبيل من غوى(1/63)
إن رمت أن تحدثا ... بما مضى أو حدثا ... لتونس الأصحابا
فأحسن الخطابا ... واختصر العبارة ... ولا تكن مهذارا
واختر من الكلام ... ما لاق بالمقام ... من فائق العلوم
ورائق المنظوم ... واذكر من المنقول ... ما صح في العقول
واجتنب الغرائبا ... كيلا تظنّ كاذبا ... وإن أخوك أسمعا
فكن له مستمعا ... والزم له السكانا ... وأحسن الإنصاتا
ولا تكن ملتفتا ... عنه إلى أن يسكتا ... وإن اتى بنقل
سمعته من قبل ... فلا تقل هذا الخبر ... علمته فيما غبر
فلا تكذب ما روى ... ودع سبيل من غوى
فصل في مزاح الأخوان ومداعبتهم
المزح والدعابة ... من شيم الصحابة ... فإنه في الخلق
عنوان حسن الخلق ... تولي به السرورا ... خليلك المصدورا
فامزح مزاح من قسط ... وكن على حد وسط ... واجتنب الا يحاشا
ولا تكن فحاشا ... فالفحش في المزاح ... ضرب من السلاح
يجر للسخيمة ... والوظنة الوخيمة ... وجانب الاكثارا
وحاذر العثارا ... وكثرة الدعابة ... تذهب بالمحابة
وعثرة اللسان ... توقع بالإنسان ... وأحمل مزاح الأخوة
وخلّ عنك النخوة ... فالبسط في المصاحبة ... يفضى إلى المداعبة
وإن سمعت نادرة ... فلا تفه ببادرة ... لا تغضبن فالغضب
في المدح من سوء الأدب ... وانظر إلى المقام ... وقايل المقام
فإن يكن وليا ... وصاحبا صفيا ... فقوله وإن نبا
فهو الولاء المجتبى ... وإن يكن عدوا ... وكاشحا مجفوا
فقوله وإن خلا ... لسامع هو البلا ... الا ترى للعرب
تقول عند العجب ... قاتله الله ولا ... تقول ذاك عن قلا
فصل في ضيافة الأخوان
إذا صديق طرقا ... من غير وعد سبقا ... فقدّمنّ ما حضر
فليس في البر خطر ... ولا ترم تكلفا ... خير الطعام ما كفى
وأعلم بأن الالفة ... مسقطة للكلفة ... وإن دعوت فاحتفل
ولا تكن كمن بخل ... وقم بحق الضيف ... في شتوة وصيف
واسأله عما يشتهى ... من طرق التفكه ... وأت بما يقترح
فاللطف لا يستقبح ... واعمل بقول الأول ... الضيف ربّ المنزل
وأظهر الإناسا ... ولا تكن عباسا ... فالبشر واللطافة
خير من الضيافة ... وخدمة الاضياف ... سجية الأشراف
أحرص على سرورهم ... بالبسط في حضورهم ... لا تشك دهرا عندهم
ولا تكدر وردهم ... واعلم عن الخدام ... في الفعل والكلام
وإن أساؤوا الأدبا ... كيلا يروك مغضبا ... وقدم الخوانا
واكرم الأخوانا ... عن انتظار من يجي ... فذاك فعل المهرج
وقد رووا فيما ورد ... أعظم ما يضني الجسد ... مائدة تنتظر
يأكلها من يحضر ... انسهم في الأكل ... فعل الكريم الجزل
وأطل الحديثا ... ولا تكن حثيثا ... فاللبث بالطعام
من شيم الكرام ... وشيع الاضيافا ... إن طلبوا انصرافا
وإن دعاك من تحب ... إلى طعام فأجب ... إجابة الصدّيق
فرض على التحقيق ... فإن عجبت دعوته ... فأحذر وجانب جفوته
ولا تذر بصاحب ... أو أحد الأقارب ... واجلس بحيث اجلسك
وأنس به ما آنسك ... لا تأب من كرامته ... وكف عن غرامته
إياك والتنقيلا ... ولا تكن ثقيلا ... لا تحتقر ما احضرا
ولا تعب ما حضرا ... فالذم للطعام ... من شيمة الطغام
لا تحتشم من أكل ... كفعل أهل الجهل
ما جيء بالطعام ... إلا للالتقام(1/64)
إذا صديق طرقا ... من غير وعد سبقا ... فقدّمنّ ما حضر
فليس في البر خطر ... ولا ترم تكلفا ... خير الطعام ما كفى
وأعلم بأن الالفة ... مسقطة للكلفة ... وإن دعوت فاحتفل
ولا تكن كمن بخل ... وقم بحق الضيف ... في شتوة وصيف
واسأله عما يشتهى ... من طرق التفكه ... وأت بما يقترح
فاللطف لا يستقبح ... واعمل بقول الأول ... الضيف ربّ المنزل
وأظهر الإناسا ... ولا تكن عباسا ... فالبشر واللطافة
خير من الضيافة ... وخدمة الاضياف ... سجية الأشراف
أحرص على سرورهم ... بالبسط في حضورهم ... لا تشك دهرا عندهم
ولا تكدر وردهم ... واعلم عن الخدام ... في الفعل والكلام
وإن أساؤوا الأدبا ... كيلا يروك مغضبا ... وقدم الخوانا
واكرم الأخوانا ... عن انتظار من يجي ... فذاك فعل المهرج
وقد رووا فيما ورد ... أعظم ما يضني الجسد ... مائدة تنتظر
يأكلها من يحضر ... انسهم في الأكل ... فعل الكريم الجزل
وأطل الحديثا ... ولا تكن حثيثا ... فاللبث بالطعام
من شيم الكرام ... وشيع الاضيافا ... إن طلبوا انصرافا
وإن دعاك من تحب ... إلى طعام فأجب ... إجابة الصدّيق
فرض على التحقيق ... فإن عجبت دعوته ... فأحذر وجانب جفوته
ولا تذر بصاحب ... أو أحد الأقارب ... واجلس بحيث اجلسك
وأنس به ما آنسك ... لا تأب من كرامته ... وكف عن غرامته
إياك والتنقيلا ... ولا تكن ثقيلا ... لا تحتقر ما احضرا
ولا تعب ما حضرا ... فالذم للطعام ... من شيمة الطغام
لا تحتشم من أكل ... كفعل أهل الجهل
ما جيء بالطعام ... إلا للالتقام
فصل في عيادة الإخوان
عيادة العليل ... فرض على الخليل ... فعد أخاك إن مرض
واعمل بحكم ما فرض ... واسأله عن أحواله ... باللطف في سؤاله
وسله عما به ... يسل عن اكتآبه ... وادع له بالعافية
والصحة الموافية ... واحذر من التطويل ... يضجّر العليل
فمكث ذي الصداقة ... قدر احتلاب الناقة ... إلا إذا ما التمسا
بنفسه أن تجلسا ... والعود للعيادة ... بعد ثلاث عادة
هذا لمن أحبا ... وإن نشأ فغبا ... وسنة المعتل
ايذان كل حل ... ليقصدوا وفادته ... ويغنموا عيادته
وليترك الشكاية ... ويكتم النكاية ... عن عائد وزائر
فعل الكريم الصابر ... وليحمد الله على ... بلائه بما ابتلى
ليحرز الثوابا ... والأجر والصوابا
فصل في مكاتبة الأخوان
تواصل الأحباب ... في البعد بالكتاب ... فكاتب الأخوانا
ولا تكن خوّانا ... فتركك المكاتبة ... ضرب من المجانبة
والبدء للمسافر ... في الكتب لا للحاضر
والرد للجواب ... فرض بلا ارتياب(1/65)
تواصل الأحباب ... في البعد بالكتاب ... فكاتب الأخوانا
ولا تكن خوّانا ... فتركك المكاتبة ... ضرب من المجانبة
والبدء للمسافر ... في الكتب لا للحاضر
والرد للجواب ... فرض بلا ارتياب
فصل في التحذير من صحبة الأحمق
لا تصحبن الأحمقا ... المائق الشمقمقا ... عدو سوء عاقل
ولا صديق جاهل ... ان اصطحاب المائق ... من أعظم البوائق
فإنه لحمقه ... وغوصه في عمقه ... يحب جهلا فعله
وأن تكون مثله ... يستحسن القبيحا ... ويبغض النّصيحا
بيانه فهاهة ... وحمله سفاهة ... وربما تمطى
وكشف المغطى ... لا يحفظ الأسرارا ... ولا يخاف عارا
يعجب من غير عجب ... يغضب من غير غضب ... كثيره وجيز
ليس له تمييز ... وربما إذا نظر ... أراد نفعا فأضر
كفعل ذاك الدّب ... بخله المحبّ
حكاية الدب وانعكاس فعله الجميل
رووا أولو الأخبار ... عن رجل سيّار ... ابصر في صحراء
فسيحة الأرجاء ... دبا عظيما موثقا ... في سرحة معلقا
يعوي عواء الكلب ... من شدة وكرب ... فأدركته الشفقة
عليه حتى أطلقه ... وحلّه من قيده ... لأمنه من كيده
ونام تحت الشجرة ... منام من قد ضجّره ... طول الطريق والسفر
فنام من فرط الضجر ... فجاء ذاك الدبّ ... عن وجهه يدبّ
وقال ذاك الخلّ ... جفاه لا يحلّ ... أنقذني من اسري
وفك قيد عسري ... فحقه أن أرصده ... من كل سوء قصده
فاقبلت ذبابة ... ترن كالربابة ... فوقعت لحينه
على شفار عينه ... فجاش غيظ الدب ... وقال لا وربي
لا أدع الذبابا ... يسومه عذابا ... فأسرع الدبيبا
لصخرة قريبا ... فقلها واقبلا ... يسعى إليه عجلا
حتى إذا حاذاه ... صك بها مجلاه ... ليقتل الذبابة
من غير ما أرابه ... فرضّ منه الرأسا ... وفرق الأضراسا
وأهلك الخليلا ... بقصده الجليلا ... فهذه الرواية
تنهي عن الغواية ... في طلب الصداقة ... عند أولي الحماقة
إن كان فعلّ الدبّ ... هذا لفرط الحبّ ... وجاء في الصحيح
نقلا عن المسيح ... عالجت كلّ أكمه ... وابرص مشوّه
لكنني لم أطق ... قطّ علاج الأحمق(1/66)
رووا أولو الأخبار ... عن رجل سيّار ... ابصر في صحراء
فسيحة الأرجاء ... دبا عظيما موثقا ... في سرحة معلقا
يعوي عواء الكلب ... من شدة وكرب ... فأدركته الشفقة
عليه حتى أطلقه ... وحلّه من قيده ... لأمنه من كيده
ونام تحت الشجرة ... منام من قد ضجّره ... طول الطريق والسفر
فنام من فرط الضجر ... فجاء ذاك الدبّ ... عن وجهه يدبّ
وقال ذاك الخلّ ... جفاه لا يحلّ ... أنقذني من اسري
وفك قيد عسري ... فحقه أن أرصده ... من كل سوء قصده
فاقبلت ذبابة ... ترن كالربابة ... فوقعت لحينه
على شفار عينه ... فجاش غيظ الدب ... وقال لا وربي
لا أدع الذبابا ... يسومه عذابا ... فأسرع الدبيبا
لصخرة قريبا ... فقلها واقبلا ... يسعى إليه عجلا
حتى إذا حاذاه ... صك بها مجلاه ... ليقتل الذبابة
من غير ما أرابه ... فرضّ منه الرأسا ... وفرق الأضراسا
وأهلك الخليلا ... بقصده الجليلا ... فهذه الرواية
تنهي عن الغواية ... في طلب الصداقة ... عند أولي الحماقة
إن كان فعلّ الدبّ ... هذا لفرط الحبّ ... وجاء في الصحيح
نقلا عن المسيح ... عالجت كلّ أكمه ... وابرص مشوّه
لكنني لم أطق ... قطّ علاج الأحمق
فصل في التحذير عن مودة البخيل
مودة البخيل ... جهل بلا تأويل ... يستكثر القليلا
ويحرم الخليلا ... يبخل ان جدب عرا ... ولا يجود بالقرا
يمنع ذا الودادا ... موارد الإمدادا ... يقول لا إن سألا
بخلا ويوليه القلا ... يحرمه ما عنده ... ولا يراعي ودّه
إن رام منه قرضا ... رأى البعاد فرضا ... يضنّ بالزهيد
في الزمن الشديد ... فصحبة الشحيح ... تمسك بالريح
لا تحسب المودة ... تحلّ منه عقدة ... إن وجوه الحيلة
في البخل مستحيلة ... واسمع حديثا عجبا ... قد نقلته الأدبا
في البخل عن مزبد ... مع ربرب لتهتدي
حكاية مزبد وربرب المدنية
حكى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن غادة عطبول
تلعب بالعقول ... بطرفها الكحيل ... وخصرها النحيل
وخدها المورّد ... وصدغها المزرّد ... وقدّها القضيب
وردفها الكثيب ... وتعمر المغاني ... برنّة الأغاني
كانت تسمى ربربا ... تحي النفوس طربا ... وكانت الأشراف
والسادة الظرّاف ... يجمعهم مغناها ... ليسمعوا غناها
وكان مولاها فتى ... بكل ظرف نعتا ... فاجتمعت جماعة
للبسط والخلاعة ... واستطردوا في النقل ... لذكر أهل البخل
فاتفقوا بأسرهم ... إن لم يروا في عصرهم ... ولا رأوا فيما مضى
من الزمان وانقضى ... بل لا يكون أبدا ... شخصا على مزبدا
في بخله والشح ... وحرصه الملح ... فقالت الفتاة لا
الغادة إلّا ليا ... إني لكم كفيلة ... بأخذه بالحيلة
حتى يجود بالذهب ... ويستقلّ ما وهب ... فقال مولاها لها
أشهد أرباب النّهى ... إن تخدعي مزبدا ... عليك حين ما بدا
لا نثرنّ الذّهبا ... عليك حتى يذهبا ... قالت إذا جاء فلا
تحجبه عني عجلا ... وخلّ عنك الغيرة ... ولا تنفّر طيرة
فقال اقسمت بمن ... حلاك بالخلق الحسن ... لارفعنّ الغيرة
ولو حباك ايره ... فأرسلوا رسولا ... يسأله الوصولا
فجاءهم عشية ... وأحسن التحية ... فأهّلوا ورجبوا
حتى إذا ما شربوا ... تساكروا عن عمد ... وهوموا عن قصد
كيما يروا ويسمعوا ... لربرب ما تصنع ... فعندها رأتهم
قد سكروا وهوموا ... مالت إلى مزبد ... بالبشر والتودد
واقبلت عليه ... مشيرة إليه ... قالت أبا اسحق
نعمت بالتلاق ... كانني بنفسك ... إذ غرقت بأنسك
تهوى بأن أغنّي ... سار الفريق عني ... فقال زوجي طالق
وخدمي عتائق ... إن لم تكوني عارفة ... بالغيب أو مكاشفة
فأسمعته وطرب ... ثم سقته وشرب ... وخاطبته ثانية
بلطفها مدانية ... قالت أبا اسحاق ... يا سيّد الرفاق
إني أظنّ قلبك ... يهوى جلوسي قربك ... لتلثم الخدودا
وتقطف الورودا ... فقال مالي صدقة ... وامرأتي مطلقة
إن لم تكوني في الورى ... ممن مضى وغبرا ... عالمة بالغيب
حقا بغير ريب ... فنهضت إليه ... وجلست لديه
فضمها وقبّلا ... وقال نلت الأملا ... يا غرّة الغواني
ومنتهى الأماني ... تفديك أمي وأبي ... وكلّ شاد مطرب
فحين ظنت أنها ... قد أوسعته منّها ... قالت له ألا نرى؟
لزلة لن تغفرا ... من هؤلاء القوم ... في مثل هذا اليوم
يدعونني للطرب ... وكلّهم يأنس بي ... ولم يكن منهم فتى
للبرّ بي ملتفتا ... فيشتري ريحانا ... بدرهم مجانا
فهات أنت درهما ... وفقهم تكرّما ... فقام منها ووثب
وصاح يدعو من كثب ... وقال مه أي زانية ... صليت نارا آنية
دنّست علم الغيب ... منك بكل عيب ... فضحك الأقوام
من فعله وقاموا ... وعلموا أن الخدع ... لم تجد في ذاك اللكع
فأقبلت باللوم ... عليه بين القوم ... فسبها واغضبا
وسار عنهم مغضبا ... فهذه الحكاية ... تكفي أولي الهداية
في شيمة البخيل ... ودائه الدخيل(1/67)
حكى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن غادة عطبول
تلعب بالعقول ... بطرفها الكحيل ... وخصرها النحيل
وخدها المورّد ... وصدغها المزرّد ... وقدّها القضيب
وردفها الكثيب ... وتعمر المغاني ... برنّة الأغاني
كانت تسمى ربربا ... تحي النفوس طربا ... وكانت الأشراف
والسادة الظرّاف ... يجمعهم مغناها ... ليسمعوا غناها
وكان مولاها فتى ... بكل ظرف نعتا ... فاجتمعت جماعة
للبسط والخلاعة ... واستطردوا في النقل ... لذكر أهل البخل
فاتفقوا بأسرهم ... إن لم يروا في عصرهم ... ولا رأوا فيما مضى
من الزمان وانقضى ... بل لا يكون أبدا ... شخصا على مزبدا
في بخله والشح ... وحرصه الملح ... فقالت الفتاة لا
الغادة إلّا ليا ... إني لكم كفيلة ... بأخذه بالحيلة
حتى يجود بالذهب ... ويستقلّ ما وهب ... فقال مولاها لها
أشهد أرباب النّهى ... إن تخدعي مزبدا ... عليك حين ما بدا
لا نثرنّ الذّهبا ... عليك حتى يذهبا ... قالت إذا جاء فلا
تحجبه عني عجلا ... وخلّ عنك الغيرة ... ولا تنفّر طيرة
فقال اقسمت بمن ... حلاك بالخلق الحسن ... لارفعنّ الغيرة
ولو حباك ايره ... فأرسلوا رسولا ... يسأله الوصولا
فجاءهم عشية ... وأحسن التحية ... فأهّلوا ورجبوا
حتى إذا ما شربوا ... تساكروا عن عمد ... وهوموا عن قصد
كيما يروا ويسمعوا ... لربرب ما تصنع ... فعندها رأتهم
قد سكروا وهوموا ... مالت إلى مزبد ... بالبشر والتودد
واقبلت عليه ... مشيرة إليه ... قالت أبا اسحق
نعمت بالتلاق ... كانني بنفسك ... إذ غرقت بأنسك
تهوى بأن أغنّي ... سار الفريق عني ... فقال زوجي طالق
وخدمي عتائق ... إن لم تكوني عارفة ... بالغيب أو مكاشفة
فأسمعته وطرب ... ثم سقته وشرب ... وخاطبته ثانية
بلطفها مدانية ... قالت أبا اسحاق ... يا سيّد الرفاق
إني أظنّ قلبك ... يهوى جلوسي قربك ... لتلثم الخدودا
وتقطف الورودا ... فقال مالي صدقة ... وامرأتي مطلقة
إن لم تكوني في الورى ... ممن مضى وغبرا ... عالمة بالغيب
حقا بغير ريب ... فنهضت إليه ... وجلست لديه
فضمها وقبّلا ... وقال نلت الأملا ... يا غرّة الغواني
ومنتهى الأماني ... تفديك أمي وأبي ... وكلّ شاد مطرب
فحين ظنت أنها ... قد أوسعته منّها ... قالت له ألا نرى؟
لزلة لن تغفرا ... من هؤلاء القوم ... في مثل هذا اليوم
يدعونني للطرب ... وكلّهم يأنس بي ... ولم يكن منهم فتى
للبرّ بي ملتفتا ... فيشتري ريحانا ... بدرهم مجانا
فهات أنت درهما ... وفقهم تكرّما ... فقام منها ووثب
وصاح يدعو من كثب ... وقال مه أي زانية ... صليت نارا آنية
دنّست علم الغيب ... منك بكل عيب ... فضحك الأقوام
من فعله وقاموا ... وعلموا أن الخدع ... لم تجد في ذاك اللكع
فأقبلت باللوم ... عليه بين القوم ... فسبها واغضبا
وسار عنهم مغضبا ... فهذه الحكاية ... تكفي أولي الهداية
في شيمة البخيل ... ودائه الدخيل(1/68)
حكى أولو الأخبار ... وناقلوا الآثار ... عن غادة عطبول
تلعب بالعقول ... بطرفها الكحيل ... وخصرها النحيل
وخدها المورّد ... وصدغها المزرّد ... وقدّها القضيب
وردفها الكثيب ... وتعمر المغاني ... برنّة الأغاني
كانت تسمى ربربا ... تحي النفوس طربا ... وكانت الأشراف
والسادة الظرّاف ... يجمعهم مغناها ... ليسمعوا غناها
وكان مولاها فتى ... بكل ظرف نعتا ... فاجتمعت جماعة
للبسط والخلاعة ... واستطردوا في النقل ... لذكر أهل البخل
فاتفقوا بأسرهم ... إن لم يروا في عصرهم ... ولا رأوا فيما مضى
من الزمان وانقضى ... بل لا يكون أبدا ... شخصا على مزبدا
في بخله والشح ... وحرصه الملح ... فقالت الفتاة لا
الغادة إلّا ليا ... إني لكم كفيلة ... بأخذه بالحيلة
حتى يجود بالذهب ... ويستقلّ ما وهب ... فقال مولاها لها
أشهد أرباب النّهى ... إن تخدعي مزبدا ... عليك حين ما بدا
لا نثرنّ الذّهبا ... عليك حتى يذهبا ... قالت إذا جاء فلا
تحجبه عني عجلا ... وخلّ عنك الغيرة ... ولا تنفّر طيرة
فقال اقسمت بمن ... حلاك بالخلق الحسن ... لارفعنّ الغيرة
ولو حباك ايره ... فأرسلوا رسولا ... يسأله الوصولا
فجاءهم عشية ... وأحسن التحية ... فأهّلوا ورجبوا
حتى إذا ما شربوا ... تساكروا عن عمد ... وهوموا عن قصد
كيما يروا ويسمعوا ... لربرب ما تصنع ... فعندها رأتهم
قد سكروا وهوموا ... مالت إلى مزبد ... بالبشر والتودد
واقبلت عليه ... مشيرة إليه ... قالت أبا اسحق
نعمت بالتلاق ... كانني بنفسك ... إذ غرقت بأنسك
تهوى بأن أغنّي ... سار الفريق عني ... فقال زوجي طالق
وخدمي عتائق ... إن لم تكوني عارفة ... بالغيب أو مكاشفة
فأسمعته وطرب ... ثم سقته وشرب ... وخاطبته ثانية
بلطفها مدانية ... قالت أبا اسحاق ... يا سيّد الرفاق
إني أظنّ قلبك ... يهوى جلوسي قربك ... لتلثم الخدودا
وتقطف الورودا ... فقال مالي صدقة ... وامرأتي مطلقة
إن لم تكوني في الورى ... ممن مضى وغبرا ... عالمة بالغيب
حقا بغير ريب ... فنهضت إليه ... وجلست لديه
فضمها وقبّلا ... وقال نلت الأملا ... يا غرّة الغواني
ومنتهى الأماني ... تفديك أمي وأبي ... وكلّ شاد مطرب
فحين ظنت أنها ... قد أوسعته منّها ... قالت له ألا نرى؟
لزلة لن تغفرا ... من هؤلاء القوم ... في مثل هذا اليوم
يدعونني للطرب ... وكلّهم يأنس بي ... ولم يكن منهم فتى
للبرّ بي ملتفتا ... فيشتري ريحانا ... بدرهم مجانا
فهات أنت درهما ... وفقهم تكرّما ... فقام منها ووثب
وصاح يدعو من كثب ... وقال مه أي زانية ... صليت نارا آنية
دنّست علم الغيب ... منك بكل عيب ... فضحك الأقوام
من فعله وقاموا ... وعلموا أن الخدع ... لم تجد في ذاك اللكع
فأقبلت باللوم ... عليه بين القوم ... فسبها واغضبا
وسار عنهم مغضبا ... فهذه الحكاية ... تكفي أولي الهداية
في شيمة البخيل ... ودائه الدخيل
فصل في التحذير من صحبة الكذاب
صحابة الكذاب ... كلا مع السراب ... يخلف ما يقول
معلومه مجهول ... يقرّب البعيدا ... ويأمن الوعيدا
ويخلف الموعودا ... ولا يلين عودا ... يمين في اليمين
وليس بالأمين ... وفي كلام الأدبا ... العلماء النجبا
لم ير في القبائح ... وجملة الفضائح ... كالكذب أو هي سببا
ولا أضلّ مذهبا ... ولا أعز طالبا ... ولا اذل صاحبا
يسلم من يعتصم ... به ومن يلتزم ... طلوعه أفول
وفضله فضول ... غليله لا ينقع ... وخرقه لا يرقع
صاحبه مكذب ... وفي غد معذب ... فجانب الكذابا
وأوله اجتنابا ... فاسمع حديثا عجبا ... في ذم من قد كذبا
حكاية الفتى البغدادي مع الأمير المهلبي
روى أولو الأخبار ... وناقلو الآثار ... عن حدث ذي أدب
وخلق مهذّب ... ليسكن في بغداد ... في نعمه تلادي
فارق يوما والده ... وطرفه وتالده ... وحلّ أرض البصرة
بلوعة وحسرة ... فظل فيها حائرا ... يكابد الفواقرا
ولم يزلّ ذا فحص ... يسأل كلّ شخص ... عمن بها من نازل
وفاضل مشاكل ... فوصفوا نديما ... ذا أدب كريما
ينادم المهلّب ... وهو أمير العرب ... فأمّه وقصده
وحين حلّ معهده ... عرّفه بأمره ... وحلوه ومرّه
فقال أنت تصلح ... بل خير من يستملح ... لصحبة الأمير
السيد الخطير ... إن كنت ممن يصبر ... لخصلة يستنكر
فقال أي خصلة ... فيه تنافي وصله ... فقال هذا رجل
لا يعتريه الملل ... من افتراه الكذب ... في حزن وطرب
فإن أردت طوله ... فصدقن قوله ... في كل ما يختلق
ويفترى وينطق ... حتى تنال نائله ... ولا ترى غوائله
قال الفتى سأفعل ... ذاك ولست أجهل ... فذهب النديم
وهو به زعيم ... فعرف الأميرا ... بفضله كثيرا
حتى دعاه فحضر ... وسرّه عند النظر ... فراشه في الحال
بكسوة ومال ... فلازم الملازمة ... للأنس والمنادمة
ولم يزل يصدقه ... في كلّ افك يخلقه ... فقال يوما وافترى
بهتا وكذبا منكرا ... لي عادة مستحسنة ... أفعلها كل سنة
اطبخ للحجاج ... من لحم الدجاج ... في فرد قدر نزلا
يكفي الجميع أكلا ... فحار ذلك الفتى ... من قوله وبهتا
وقال ليت شعري ... ما قدر هذا القدر ... هل هي بئر زمزم
أم هي بحر القلزم ... أم هي في الفضاء ... بادية الدهناء
فغضب الأمير ... وغاظه النكير ... فقال ردوا صلته
منه وقدوا خلعته ... وأخرجوه الآنا ... عنا فلا يرانا
فندم الأديب ... وساءه التكذيب ... وعاود النديما
لعذره مقيما ... وقال منذ دهري ... لم اشتعل بسكر
فغالني الشراب ... وحاق بي العذاب ... وقلت ما لا أعقل
والهفو قد يحتمل ... فسل لي الاغضاء ... والعفو والرضاء
قال النديم إني ... أرضيه بالتأني ... بشرط أن تنيبا
وتترك التكذيبا ... فراجع الأميرا ... واستوهب التقصيرا
واستأنف الإنعاما ... عليه والإكراما ... فعاد للمنادمة
باللطف والملاءمة ... فكان كلما كذب ... وقال إفكا وانتدب
صدّقه وأقسما ... بكونه مسلّما ... حتى جرى في خبر
ذكر كلاب عبقر ... ووصفها بالصغر ... وخلقها المختصر
قال الأمير وابتكر ... ليس العيان كالخبر ... قد كان منذ مدة
لديّ منها عدة ... أضعها في مكحلة ... للهزل والخزعبلة
وكان عندي مسخرة ... أكحل منها بصره ... فكانت الكلاب
في عينه تنساب ... وهي على مجونه ... تنبح في جفونه
فقام ذلك الفتى ... يقول لا عشت متى ... صدقت هذا الكذبا
شاء الأمير أو ابى ... ورد ما كساه ... به وما حباه
وراح يعدو عاريا ... من البلاء ناجيا(1/69)
روى أولو الأخبار ... وناقلو الآثار ... عن حدث ذي أدب
وخلق مهذّب ... ليسكن في بغداد ... في نعمه تلادي
فارق يوما والده ... وطرفه وتالده ... وحلّ أرض البصرة
بلوعة وحسرة ... فظل فيها حائرا ... يكابد الفواقرا
ولم يزلّ ذا فحص ... يسأل كلّ شخص ... عمن بها من نازل
وفاضل مشاكل ... فوصفوا نديما ... ذا أدب كريما
ينادم المهلّب ... وهو أمير العرب ... فأمّه وقصده
وحين حلّ معهده ... عرّفه بأمره ... وحلوه ومرّه
فقال أنت تصلح ... بل خير من يستملح ... لصحبة الأمير
السيد الخطير ... إن كنت ممن يصبر ... لخصلة يستنكر
فقال أي خصلة ... فيه تنافي وصله ... فقال هذا رجل
لا يعتريه الملل ... من افتراه الكذب ... في حزن وطرب
فإن أردت طوله ... فصدقن قوله ... في كل ما يختلق
ويفترى وينطق ... حتى تنال نائله ... ولا ترى غوائله
قال الفتى سأفعل ... ذاك ولست أجهل ... فذهب النديم
وهو به زعيم ... فعرف الأميرا ... بفضله كثيرا
حتى دعاه فحضر ... وسرّه عند النظر ... فراشه في الحال
بكسوة ومال ... فلازم الملازمة ... للأنس والمنادمة
ولم يزل يصدقه ... في كلّ افك يخلقه ... فقال يوما وافترى
بهتا وكذبا منكرا ... لي عادة مستحسنة ... أفعلها كل سنة
اطبخ للحجاج ... من لحم الدجاج ... في فرد قدر نزلا
يكفي الجميع أكلا ... فحار ذلك الفتى ... من قوله وبهتا
وقال ليت شعري ... ما قدر هذا القدر ... هل هي بئر زمزم
أم هي بحر القلزم ... أم هي في الفضاء ... بادية الدهناء
فغضب الأمير ... وغاظه النكير ... فقال ردوا صلته
منه وقدوا خلعته ... وأخرجوه الآنا ... عنا فلا يرانا
فندم الأديب ... وساءه التكذيب ... وعاود النديما
لعذره مقيما ... وقال منذ دهري ... لم اشتعل بسكر
فغالني الشراب ... وحاق بي العذاب ... وقلت ما لا أعقل
والهفو قد يحتمل ... فسل لي الاغضاء ... والعفو والرضاء
قال النديم إني ... أرضيه بالتأني ... بشرط أن تنيبا
وتترك التكذيبا ... فراجع الأميرا ... واستوهب التقصيرا
واستأنف الإنعاما ... عليه والإكراما ... فعاد للمنادمة
باللطف والملاءمة ... فكان كلما كذب ... وقال إفكا وانتدب
صدّقه وأقسما ... بكونه مسلّما ... حتى جرى في خبر
ذكر كلاب عبقر ... ووصفها بالصغر ... وخلقها المختصر
قال الأمير وابتكر ... ليس العيان كالخبر ... قد كان منذ مدة
لديّ منها عدة ... أضعها في مكحلة ... للهزل والخزعبلة
وكان عندي مسخرة ... أكحل منها بصره ... فكانت الكلاب
في عينه تنساب ... وهي على مجونه ... تنبح في جفونه
فقام ذلك الفتى ... يقول لا عشت متى ... صدقت هذا الكذبا
شاء الأمير أو ابى ... ورد ما كساه ... به وما حباه
وراح يعدو عاريا ... من البلاء ناجيا
فصل في التحذير من صحبة الأشرار
وصحبة الأشرار ... اعظم في الأضرار ... من خدعة الأعداء
ومن عضال الداء ... يقبّحون الحسنا ... ودأبهم قول الخنا
شأنهم النميمة ... والشيم الذميمة ... إذا أردت تصنع
خيرا بشخص منعوا ... الغلّ فيهم والحسد ... والشر حبل من مسد
إن منعوا ما طلبوا ... تنمروا وكلبوا ... واعرضوا إعراضا
ومزقوا الأعراضا ... ليس لهم صلاح ... حرامهم مباح
لا يتقون قبحا ... ولا يعون نصحا ... يغرون بالقبيح
والضرّ والتبريح ... كلامهم إفحاش ... وأنسهم إيحاش
الخير منهم وأن ... والشرّ منهم دان ... شيطانهم مطاع
ودينهم مضاع ... لا يرقبون إلّا ... ولا يرون خلا
إخلاصهم مداهنة ... وودهم مشاحنة ... صلاحهم فساد
رواجهم كساد ... عزيزهم ذليل ... صحيحهم عليل
ضياؤهم ظلام ... وعذرهم ملام ... تقريبهم تبعيد
ورعدهم وعيد ... إذا سألت ضنّوا ... أو منحوك منّوا
وإن عدلت مالوا ... وإن سألت قالوا ... ربحهم خسران
وشكرهم كفران ... شرابهم سراب ... وعذبهم عذاب
وفاقهم نفاق ... انجاحهم إخفاق ... وفاؤهم محال
وخصبهم إمحال ... ودادهم خداع ... وسرّهم مذاع
إذعانهم لجاج ... معينهم أجاج ... وليس فيهم عار
من ادراع العار ... البعد عنهم خير ... والقرب منهم ضير
فاحذرهم كلّ الحذر ... لحاك لاح أو عذر ... واسمع مقالّ الناصح
سمع اللبيب الراجح ... وقال أرباب الحكم ... العالمين بالأمم
إن شئت أن تصاحبا ... من الأنام صاحبا ... من حالة تريدها
أو حاجة تفيدها ... فإن أشار ناصحا ... بالخير كان صالحا
فأوله الصداقة ... ولا تخف شقاقه ... فالخير فيه طبع
وأصله والفرع ... وإن أشار مغريا ... بالشر كان مغويا
فاجتنب اصطحابه ... وأوجب اجتنابه ... فالشيم الردية
اضحت له سجية ... هذا وقد تم الرجز ... بعون ربي ونجز
وهاكها أحكاما ... أحكمتها إحكاما ... كدرر البحور
على نحور الحور ... تشنّف المسامعا ... وتطرب المجامعا
تفحم كلّ ناظم ... وصادع وباغم ... والحمد لله على
إبلاغه المؤملا ... ثم الصلاة أبدا ... على النبي أحمدا
وآله الأطهار ... وصحبه الأبرار
ما طار طير وشدا ... ولاح فجر وبدا
ثم رقمها في هذه التذكرة على يد ناظمها عشية يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة الحرام احدى شهور سنة (1104) الألف والمائة والأربع بدار السرور يرها بنور هكذا صورة خط الناظم رحمه الله تعالى في ذيل هذه المنظومة ومن خطه نقلت.(1/70)
وصحبة الأشرار ... اعظم في الأضرار ... من خدعة الأعداء
ومن عضال الداء ... يقبّحون الحسنا ... ودأبهم قول الخنا
شأنهم النميمة ... والشيم الذميمة ... إذا أردت تصنع
خيرا بشخص منعوا ... الغلّ فيهم والحسد ... والشر حبل من مسد
إن منعوا ما طلبوا ... تنمروا وكلبوا ... واعرضوا إعراضا
ومزقوا الأعراضا ... ليس لهم صلاح ... حرامهم مباح
لا يتقون قبحا ... ولا يعون نصحا ... يغرون بالقبيح
والضرّ والتبريح ... كلامهم إفحاش ... وأنسهم إيحاش
الخير منهم وأن ... والشرّ منهم دان ... شيطانهم مطاع
ودينهم مضاع ... لا يرقبون إلّا ... ولا يرون خلا
إخلاصهم مداهنة ... وودهم مشاحنة ... صلاحهم فساد
رواجهم كساد ... عزيزهم ذليل ... صحيحهم عليل
ضياؤهم ظلام ... وعذرهم ملام ... تقريبهم تبعيد
ورعدهم وعيد ... إذا سألت ضنّوا ... أو منحوك منّوا
وإن عدلت مالوا ... وإن سألت قالوا ... ربحهم خسران
وشكرهم كفران ... شرابهم سراب ... وعذبهم عذاب
وفاقهم نفاق ... انجاحهم إخفاق ... وفاؤهم محال
وخصبهم إمحال ... ودادهم خداع ... وسرّهم مذاع
إذعانهم لجاج ... معينهم أجاج ... وليس فيهم عار
من ادراع العار ... البعد عنهم خير ... والقرب منهم ضير
فاحذرهم كلّ الحذر ... لحاك لاح أو عذر ... واسمع مقالّ الناصح
سمع اللبيب الراجح ... وقال أرباب الحكم ... العالمين بالأمم
إن شئت أن تصاحبا ... من الأنام صاحبا ... من حالة تريدها
أو حاجة تفيدها ... فإن أشار ناصحا ... بالخير كان صالحا
فأوله الصداقة ... ولا تخف شقاقه ... فالخير فيه طبع
وأصله والفرع ... وإن أشار مغريا ... بالشر كان مغويا
فاجتنب اصطحابه ... وأوجب اجتنابه ... فالشيم الردية
اضحت له سجية ... هذا وقد تم الرجز ... بعون ربي ونجز
وهاكها أحكاما ... أحكمتها إحكاما ... كدرر البحور
على نحور الحور ... تشنّف المسامعا ... وتطرب المجامعا
تفحم كلّ ناظم ... وصادع وباغم ... والحمد لله على
إبلاغه المؤملا ... ثم الصلاة أبدا ... على النبي أحمدا
وآله الأطهار ... وصحبه الأبرار
ما طار طير وشدا ... ولاح فجر وبدا
ثم رقمها في هذه التذكرة على يد ناظمها عشية يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة الحرام احدى شهور سنة (1104) الألف والمائة والأربع بدار السرور يرها بنور هكذا صورة خط الناظم رحمه الله تعالى في ذيل هذه المنظومة ومن خطه نقلت.(1/71)
وصحبة الأشرار ... اعظم في الأضرار ... من خدعة الأعداء
ومن عضال الداء ... يقبّحون الحسنا ... ودأبهم قول الخنا
شأنهم النميمة ... والشيم الذميمة ... إذا أردت تصنع
خيرا بشخص منعوا ... الغلّ فيهم والحسد ... والشر حبل من مسد
إن منعوا ما طلبوا ... تنمروا وكلبوا ... واعرضوا إعراضا
ومزقوا الأعراضا ... ليس لهم صلاح ... حرامهم مباح
لا يتقون قبحا ... ولا يعون نصحا ... يغرون بالقبيح
والضرّ والتبريح ... كلامهم إفحاش ... وأنسهم إيحاش
الخير منهم وأن ... والشرّ منهم دان ... شيطانهم مطاع
ودينهم مضاع ... لا يرقبون إلّا ... ولا يرون خلا
إخلاصهم مداهنة ... وودهم مشاحنة ... صلاحهم فساد
رواجهم كساد ... عزيزهم ذليل ... صحيحهم عليل
ضياؤهم ظلام ... وعذرهم ملام ... تقريبهم تبعيد
ورعدهم وعيد ... إذا سألت ضنّوا ... أو منحوك منّوا
وإن عدلت مالوا ... وإن سألت قالوا ... ربحهم خسران
وشكرهم كفران ... شرابهم سراب ... وعذبهم عذاب
وفاقهم نفاق ... انجاحهم إخفاق ... وفاؤهم محال
وخصبهم إمحال ... ودادهم خداع ... وسرّهم مذاع
إذعانهم لجاج ... معينهم أجاج ... وليس فيهم عار
من ادراع العار ... البعد عنهم خير ... والقرب منهم ضير
فاحذرهم كلّ الحذر ... لحاك لاح أو عذر ... واسمع مقالّ الناصح
سمع اللبيب الراجح ... وقال أرباب الحكم ... العالمين بالأمم
إن شئت أن تصاحبا ... من الأنام صاحبا ... من حالة تريدها
أو حاجة تفيدها ... فإن أشار ناصحا ... بالخير كان صالحا
فأوله الصداقة ... ولا تخف شقاقه ... فالخير فيه طبع
وأصله والفرع ... وإن أشار مغريا ... بالشر كان مغويا
فاجتنب اصطحابه ... وأوجب اجتنابه ... فالشيم الردية
اضحت له سجية ... هذا وقد تم الرجز ... بعون ربي ونجز
وهاكها أحكاما ... أحكمتها إحكاما ... كدرر البحور
على نحور الحور ... تشنّف المسامعا ... وتطرب المجامعا
تفحم كلّ ناظم ... وصادع وباغم ... والحمد لله على
إبلاغه المؤملا ... ثم الصلاة أبدا ... على النبي أحمدا
وآله الأطهار ... وصحبه الأبرار
ما طار طير وشدا ... ولاح فجر وبدا
ثم رقمها في هذه التذكرة على يد ناظمها عشية يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة الحرام احدى شهور سنة (1104) الألف والمائة والأربع بدار السرور يرها بنور هكذا صورة خط الناظم رحمه الله تعالى في ذيل هذه المنظومة ومن خطه نقلت.
القضاء لغير المجتهد عند فقد المجتهد
فائدة: هل لغير المجتهدين من طلبة العلم الناقلين عن المجتهدين الماضين القضاء بين الناس مع فقد المجتهد؟ قال بعض المتأخرين بالجواز للضرورة، واختاره الشيخ الصالح الشيخ حسين بن مفلح الصيمري عطر الله مرقده في رسالة عملها في المسألة، ونقل فيها عن الشيخ الفاضل الشيخ حسين بن منصور صاحب الحلوى قال: فإنه قال فيه: لو لم يوجد جامع الشرائط جاز نصب فاقد بعضها مع عدالته للحاجة إليه، بل يجب من جهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقتصر على حكمه بما يتحققه غيره من المسائل الاجتهادية فيعتمد فيها الصلح فإن تعذر تركه، ولا يعمل بما في كتب الفقهاء ولو المشهورين بالتحقيق، نعم لو افتاه جامع الشرائط وجب أن يقول بقوله انتهى.
قال شيخنا أبو الحسن (قده) في كتاب الفوائد النجفية بعد نقل ذلك عنه قلت: هذا الكتاب عندي بنسخة صحيحة في الغاية وقد وجدت فيه العبارة المنقولة، وقد ينسب هذا الكتاب للعلامة ركن الدين محمد بن علي الجرجاني، ووجدت بعض المعاصرين ينسبه إلى العلامة الحلي (عطر الله مرقده) وهو غلط لا أدري ما حمله عليه كما قبله، لأن شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد نقل عن حاوي الجرجاني تعريف الطهارة بما له صلاحية رفع الحدث واستباحة الصلاة مع بقائه والذي في الحاوي الموجود بأيدينا تعريفها بفعل ماء أو تراب مفتقرا إلى النية انتهى. ونقل أيضا في الرسالة المذكورة نحوه عن محرر العامة من كتب الشافعية وهذه عبارته المنقولة فيها: وإذا تعذرت هذه الشرائط وولي سلطان ذو شوكة فاسدا أو مقلدا نفذ قضاؤه للضرورة انتهى. ثم قال صاحب الرسالة: فقد ثبت على المذهبين جواز القضاء للمقلد للضرورة والحاجة إليه، لكن يجب أن يعتمد على ما قاله صاحب الحاوي لأنه أحوط انتهى.
أقول: الذي صرح به أكثر لأصحاب المنع من ذلك قال شيخنا الشهيد (طاب ثراه) في قواعده: يجوز للآحاد مع تعذر الأحكام تولية احاد التصرفات الحكمية على الأصح، كدفع ضرورة التييم لعموم {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ}
وقوله عليه السّلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «كل معروف صدقة» وهل يجوز قبض الزكاة والأخماس من الممتنع وتفريقها في أربابها وكذا بقية وظائف الحكام غير ما يتعلق بالدعاوى وجهان، ووجه الجواز لما ذكرناه وأنه لو منع من ذلك لفاتت مصالح صرف تلك الأموال وهي مطلوبة لله تعالى قال بعض متأخري العامة: لا شك أن القيام بهذه المصالح أتم من ترك هذه الأموال بأيدي الظلمة يأكلونها بغير حقها ويصرفونها لغير مستحقها، فإن توقع إمام يصرف ذلك في وجهه حفظ المتمكن منه تلك الأموال إلى حين التمكن من صرفها إليه وإن يئس من ذلك كما في هذا الزمان تعين صرفه على الفور في مصارفه لما في إبقائه من التعزير وحرمان مستحقه من تعجيل أخذه مع مسيس حاجتهم إليه انتهى كلامه زيد اكرامه.(1/72)
قال شيخنا أبو الحسن (قده) في كتاب الفوائد النجفية بعد نقل ذلك عنه قلت: هذا الكتاب عندي بنسخة صحيحة في الغاية وقد وجدت فيه العبارة المنقولة، وقد ينسب هذا الكتاب للعلامة ركن الدين محمد بن علي الجرجاني، ووجدت بعض المعاصرين ينسبه إلى العلامة الحلي (عطر الله مرقده) وهو غلط لا أدري ما حمله عليه كما قبله، لأن شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد نقل عن حاوي الجرجاني تعريف الطهارة بما له صلاحية رفع الحدث واستباحة الصلاة مع بقائه والذي في الحاوي الموجود بأيدينا تعريفها بفعل ماء أو تراب مفتقرا إلى النية انتهى. ونقل أيضا في الرسالة المذكورة نحوه عن محرر العامة من كتب الشافعية وهذه عبارته المنقولة فيها: وإذا تعذرت هذه الشرائط وولي سلطان ذو شوكة فاسدا أو مقلدا نفذ قضاؤه للضرورة انتهى. ثم قال صاحب الرسالة: فقد ثبت على المذهبين جواز القضاء للمقلد للضرورة والحاجة إليه، لكن يجب أن يعتمد على ما قاله صاحب الحاوي لأنه أحوط انتهى.
أقول: الذي صرح به أكثر لأصحاب المنع من ذلك قال شيخنا الشهيد (طاب ثراه) في قواعده: يجوز للآحاد مع تعذر الأحكام تولية احاد التصرفات الحكمية على الأصح، كدفع ضرورة التييم لعموم {وَتَعََاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ََ}
وقوله عليه السّلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «كل معروف صدقة» وهل يجوز قبض الزكاة والأخماس من الممتنع وتفريقها في أربابها وكذا بقية وظائف الحكام غير ما يتعلق بالدعاوى وجهان، ووجه الجواز لما ذكرناه وأنه لو منع من ذلك لفاتت مصالح صرف تلك الأموال وهي مطلوبة لله تعالى قال بعض متأخري العامة: لا شك أن القيام بهذه المصالح أتم من ترك هذه الأموال بأيدي الظلمة يأكلونها بغير حقها ويصرفونها لغير مستحقها، فإن توقع إمام يصرف ذلك في وجهه حفظ المتمكن منه تلك الأموال إلى حين التمكن من صرفها إليه وإن يئس من ذلك كما في هذا الزمان تعين صرفه على الفور في مصارفه لما في إبقائه من التعزير وحرمان مستحقه من تعجيل أخذه مع مسيس حاجتهم إليه انتهى كلامه زيد اكرامه.
وقال المحقق المدقق نور الدين الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (قده) في حاشية الشرائع: لا كلام في أن غير المتصف بالأوصاف المذكورة التي من جملتها الاجتهاد لا يجوز له الحكم بين الناس ولو حكم كان حكمه لاغيا لا يعتد به، وكذا لا يجوز له الفتوى بحيث يسند الفتوى إلى نفسه أو يطلق بحيث لا يتميز، فاما إذا حكاها عن المجتهد الذي يجوز العمل بفتواه فإنه جائز، ويجوز التمسك به مع عدالته، ولا تعد الحكاية فتوى إنما هي حكاية لها، ولو اطلقت عليها الفتوى فإنما هي بالمجاز. ثم بالغ في عدم جواز تقليد الميت وأكثر الكلام في ذلك ثم قال: فعلى هذا فما يصنع المكلفون إذا خلا العصر عن المجتهد قلنا حينئذ يجب على جميع المكلفين الاجتهاد لأنه واجب على الكفاية، فإذا لم يقم به أحد من أهل العصر تعلق التكليف لجميعهم ويجب عليهم جميعا استفراغ الوسع في تحصيل هذا الغرض. ثم قال: فإن قيل: فما يصنعون في تكاليفهم وقت السعي والاكتساب للاجتهاد؟ قلنا: عند تضييق وقت الصلاة مثلا يأتي المكلف بها على حسب الممكن كما يقال فيمن لا يحسن القراءة ولا الذكر عند الضيق يقف بقدر زمان القراءة ثم يركع، وعلى هذا النهج حكم سائر التكاليف، وليس ببعيد في هذه الحالة الاستعانة بكتب المتقدمين على معرفة بعض الأحكام. ثم قال: فإن قيل:
فما تقول فيما نقل عن الشيخ السعيد فخر الدين أنه نقل عن والده جواز التقليد للموتى في هذه الحالة. قلت: هذا بعيد جدا لأنه (ره) صرح في الكتب الفقهية بأن
الميت لا قول له، وإذا كان بحسب الواقع لا قول له لا يتفاوت وعدم الرجوع في حال الضرورة والاختيار، ولعله (رحمه الله) أراد الاستعانة بقول المتقدمين في معرفة صورة المسائل والأحكام مع انتفاء المرجع ليأتي بالعبادة على وجه الضرورة لأنه أراد جواز تقليدهم حينئذ فيحصل من ذلك توهم غير المراد انتهى كلامه زيد إكرامه.(1/73)
فما تقول فيما نقل عن الشيخ السعيد فخر الدين أنه نقل عن والده جواز التقليد للموتى في هذه الحالة. قلت: هذا بعيد جدا لأنه (ره) صرح في الكتب الفقهية بأن
الميت لا قول له، وإذا كان بحسب الواقع لا قول له لا يتفاوت وعدم الرجوع في حال الضرورة والاختيار، ولعله (رحمه الله) أراد الاستعانة بقول المتقدمين في معرفة صورة المسائل والأحكام مع انتفاء المرجع ليأتي بالعبادة على وجه الضرورة لأنه أراد جواز تقليدهم حينئذ فيحصل من ذلك توهم غير المراد انتهى كلامه زيد إكرامه.
وممن بالغ في ذلك أيضا: وحكم بضمان من يتولى الحكم من هؤلاء للأموال والدّماء الشيخ الفاضل المتكلم محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي (قده) في كتاب قبس الاهتداء في آداب الإفتاء والاستفتاء، ونقله عن شيخيه الجليلين المتبحرين الشيخ حسن بن عبد الكريم الفتّال النجفي والشيخ زين الدين بن علي بن هلال الجزائري (روح الله روحيهما) وقال شيخنا الشهيد الثاني (عطر الله مرقده): في رسالته المعمولة في المسألة بعد أن نقل جواز الحكم كذلك عن كثير من أهل عصره: أنه مبني على تقليد الميت، وهو على تقدير جوازه وتحقق طريقه إنما يكون في آحاد المسائل الجزئية التي تتعلق بالمكلف في صلاته وباقي عباداته، فكيف سوغه أهل زماننا في كل شيء حتى جوزوا به الحكم والقضاء وتحليف المنكر وما ماثله وتفريق مال الغائب ونحو ذلك من وظائف المجتهدين؟ فإن ذلك غير جائز ولا هو محل الوهم لتصريح الفقهاء بمنعه، بل الأغلب منهم ذكره مرتين في كتابه الأولى منهما في كتاب الأمر بالمعروف والأخرى في كتاب القضاء.
ولا يحتاج بأن ينقل عباراتهم المصرحة بذلك فإنها في الموضعين شهيرة واضحة الدلالة جازمة الفتوى بغير خلاف في ذلك بينهم، بل صرحوا أيضا بأن ذلك إجماعي، وممن ذكر الإجماع على عدم جواز الحكم لغير المجتهد العلامة في المختلف في كتاب القضاء في مسألة استحباب احضار القاضي من أهل العلم من ينبهه، قال في آخرها: إنما اجتمعنا على أنه لا يجوز أن يلي القضاء المقلد بل هذا اجماع المسلمين قاطبة، فإن العامة أيضا يشترطون في الحكم الاجتهاد، وإنما يجوزون قضاء غيره بشرط أن يوليه ذو الشوكة وهو السلطان المتغلب، وجعلوا ذلك ضرورة، فالقول بجواز القضاء لمن قصر عن الدرجة من غير تولية ذي الشوكة كما هو الواقع مخالف لإجماع المسلمين، وحينئذ فالقول في هذه المسألة الإجماعية والحكم لأهل التقليد حكم واضح بغير ما أنزل الله سبحانه وعين عنوان الجرأة عليه، فكيف تعملون بفتواهم مرة وتخالفونها أخرى والكلّ موجود في كتاب
واحد، فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟! بل قد ذكر الأصحاب في كتبهم ما هو أغرب من ذلك وأعجب، وهو أنه لا يتصور حكم المقلد بوجه ولا تولية المجتهد الحي له في حكم الوكالة وذكروا في باب الوكالة أن مما لا يقبل النيابة القضاء، لأن النائب إن كان مجتهدا في حال الغيبة لم يتوقف حكمه على نيابة وإلّا لم تجز استنابته.(1/74)
ولا يحتاج بأن ينقل عباراتهم المصرحة بذلك فإنها في الموضعين شهيرة واضحة الدلالة جازمة الفتوى بغير خلاف في ذلك بينهم، بل صرحوا أيضا بأن ذلك إجماعي، وممن ذكر الإجماع على عدم جواز الحكم لغير المجتهد العلامة في المختلف في كتاب القضاء في مسألة استحباب احضار القاضي من أهل العلم من ينبهه، قال في آخرها: إنما اجتمعنا على أنه لا يجوز أن يلي القضاء المقلد بل هذا اجماع المسلمين قاطبة، فإن العامة أيضا يشترطون في الحكم الاجتهاد، وإنما يجوزون قضاء غيره بشرط أن يوليه ذو الشوكة وهو السلطان المتغلب، وجعلوا ذلك ضرورة، فالقول بجواز القضاء لمن قصر عن الدرجة من غير تولية ذي الشوكة كما هو الواقع مخالف لإجماع المسلمين، وحينئذ فالقول في هذه المسألة الإجماعية والحكم لأهل التقليد حكم واضح بغير ما أنزل الله سبحانه وعين عنوان الجرأة عليه، فكيف تعملون بفتواهم مرة وتخالفونها أخرى والكلّ موجود في كتاب
واحد، فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟! بل قد ذكر الأصحاب في كتبهم ما هو أغرب من ذلك وأعجب، وهو أنه لا يتصور حكم المقلد بوجه ولا تولية المجتهد الحي له في حكم الوكالة وذكروا في باب الوكالة أن مما لا يقبل النيابة القضاء، لأن النائب إن كان مجتهدا في حال الغيبة لم يتوقف حكمه على نيابة وإلّا لم تجز استنابته.
ومن هنا يعم على الطبقات السالفة التي بين الناقل وبين المجتهدين، فإنكم تعلمون علما يقينا بأنّ كلّهم أو جلّهم أو من شاهدتم منهم أنهم كانوا يتحاشون عن الأحكام ويقع منهم مرارا وكفى جرحا في فعل ما خالف الإجماع المصرح من مثل العلامة جمال الدين (ره) وغيره، بل ترتب على هذا ضمانهم الأموال التي حكموا بها واحتسبوها من مال الغائب وغيره واستقرارهم في وقتهم كما هو معلوم مفرد في بابه مقطوع به في فتواهم بأن من هو قاصر عن درجة الفتوى يضمن ما أخطأ فيه من الأحكام في ماله ويضمن ما تصرف فيه من مال الغائب انتهى كلامه علت في جنة الخلد أقدامه.
أقول: والحق في المسألة ما ذكره هؤلاء الأفاضل، ولكنهم (رضوان الله عليهم) إنما اخلدوا في ذلك إلى الإجماع مع أن احاديث أهل الذكر (صلوات الله عليهم) صريحة الدلالة في المقام مكشوفة القناع وهي أحق واولى بالاقتداء بها والاتباع لكن بالنسبه إلى ما به عنوه (رض) من الاختصاص بالمجتهد المبني فتواه في بعض الأحكام الشرعية على مجرد وجوه مخترعة ظنية أو وهمية، بل الذي تضمنته تلك الأخبار هو الرجوع إلى من تمسك بذيل الكتاب والسنة وأمن العثار، ومدار احكامه إنما هو عليهما في الإيراد والإصدار، فالعمل بحكمه عمل بحكمهم عليهم السّلام والراد عليه راد عليهم في حلال أو حرام. فمن الأخبار الدالة على هذا المقام ما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لشريح: «يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبيّ أو وصي نبيّ أو شقي» وما رواه فيه أيضا عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي» وما رواه فيه في الصحاح عن أبي عبيدة قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه» وما رواه فيه عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب
به شيئا من جوارح فيقول: أي ربي عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا؟ فيقال له:(1/75)
أقول: والحق في المسألة ما ذكره هؤلاء الأفاضل، ولكنهم (رضوان الله عليهم) إنما اخلدوا في ذلك إلى الإجماع مع أن احاديث أهل الذكر (صلوات الله عليهم) صريحة الدلالة في المقام مكشوفة القناع وهي أحق واولى بالاقتداء بها والاتباع لكن بالنسبه إلى ما به عنوه (رض) من الاختصاص بالمجتهد المبني فتواه في بعض الأحكام الشرعية على مجرد وجوه مخترعة ظنية أو وهمية، بل الذي تضمنته تلك الأخبار هو الرجوع إلى من تمسك بذيل الكتاب والسنة وأمن العثار، ومدار احكامه إنما هو عليهما في الإيراد والإصدار، فالعمل بحكمه عمل بحكمهم عليهم السّلام والراد عليه راد عليهم في حلال أو حرام. فمن الأخبار الدالة على هذا المقام ما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسنده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام لشريح: «يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبيّ أو وصي نبيّ أو شقي» وما رواه فيه أيضا عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي» وما رواه فيه في الصحاح عن أبي عبيدة قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه» وما رواه فيه عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب
به شيئا من جوارح فيقول: أي ربي عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئا؟ فيقال له:
خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي لأعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك» وما رواه فيه عن أحمد عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «القضاء أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة».
ومما يدل: على المنع من التقليد لغيرهم ممن يعمل على الإجتهاد المؤدي إلى أخذ الأحكام بمجرد الاستنباطات الظنية والتخريجات الوهمية. وأما الناقل عمن لا يعمل إلا بقولهم ولا يتمسك إلا بحكمهم فهو ناقل عنهم كما تقدمت الإشارة إليه، روى في الكافي أيضا في الصحيح عن أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قلت له: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله؟ فقال: «أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون» وما رواه فيه أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «من اصغى إلى ناطق فقد عبده. فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان» وما رواه فيه أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام في حديث قال: «إنا والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله ما جعل الله لأحد في خلافنا أمرا» وما رواه فيه أيضا عنه عليه السّلام قال: «حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد من خلافنا خيرا» وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى الغنا، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك» وما رواه في الإحتجاج عن أبي محمد العسكري عليه السّلام في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتََابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هََذََا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ} قال: هذه لقوم من اليهود إلى أن قال: وقال رجل للصادق عليه السّلام: إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود إلا كعوامنا مقلدون علماءهم؟ إلى أن قال: فقال عليه السّلام: بين عوامنا وعوام اليهود فرقة من جهة وتسوية من جهة، أما من حيث الاستواء فإن الله ذم عوامنا بتقليد علمائهم كما ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فإن عوام اليهود كانوا قد عرفوا
علماءهم بالكذب الصراح وأكل الحرام والرشا وتغيير الأحكام واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ولذلك ذمهم، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على الدنيا وحرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعد فقهاء الشيعة لا كلّهم، فإن ركب من القبائح والفواحش مراكب العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة الحديث.(1/76)
ومما يدل: على المنع من التقليد لغيرهم ممن يعمل على الإجتهاد المؤدي إلى أخذ الأحكام بمجرد الاستنباطات الظنية والتخريجات الوهمية. وأما الناقل عمن لا يعمل إلا بقولهم ولا يتمسك إلا بحكمهم فهو ناقل عنهم كما تقدمت الإشارة إليه، روى في الكافي أيضا في الصحيح عن أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قلت له: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله؟ فقال: «أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون» وما رواه فيه أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «من اصغى إلى ناطق فقد عبده. فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان» وما رواه فيه أيضا عن أبي عبد الله عليه السّلام في حديث قال: «إنا والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله ما جعل الله لأحد في خلافنا أمرا» وما رواه فيه أيضا عنه عليه السّلام قال: «حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد من خلافنا خيرا» وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى الغنا، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك» وما رواه في الإحتجاج عن أبي محمد العسكري عليه السّلام في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتََابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هََذََا مِنْ عِنْدِ اللََّهِ} قال: هذه لقوم من اليهود إلى أن قال: وقال رجل للصادق عليه السّلام: إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود إلا كعوامنا مقلدون علماءهم؟ إلى أن قال: فقال عليه السّلام: بين عوامنا وعوام اليهود فرقة من جهة وتسوية من جهة، أما من حيث الاستواء فإن الله ذم عوامنا بتقليد علمائهم كما ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فإن عوام اليهود كانوا قد عرفوا
علماءهم بالكذب الصراح وأكل الحرام والرشا وتغيير الأحكام واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ولذلك ذمهم، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على الدنيا وحرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعد فقهاء الشيعة لا كلّهم، فإن ركب من القبائح والفواحش مراكب العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة الحديث.
إذا عرفت: ذلك فاعلم أن المأمور بتقليده في احكامهم والقبول عنه ما ينقل عنهم هو الذي أشار إليه عليه السّلام في مقبولة عمر بن حنظلة بقوله: «ينظر إلى من كان منكم وقد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا ردّ والرادّ علينا كالرادّ على الله وهو على حد الشرك بالله» الحديث ورواية أبي خديجة قال: بعثني أبو عبد الله عليه السّلام إلى اصحابنا فقال:
«قل لهم: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو حكومة في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا» وروى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في الفقيه قال: قال علي عليه السّلام قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «اللهم ارحم خلفائي ثلاثا» قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون بعدي يروون حديثي وسنتي» وروي في كتاب اكمال الدين واتمام النعمة عن اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل إلي كتابا قد سألت فيه عن مسائل اشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان: أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا المضمار.
سؤال: ما يقول مشائخ الإسلام وفقهاء أهل البيت عليهم السّلام في أهل قرية حضرهم مأتم له وقف ينفذ فيه في موضع معين وفيهم مستور الظاهر وغيره فينفذوه حسب التعيين من غير استئذان العدول المشاهير من المؤمنين في زمن فقد المجتهد أو تفسيره، هل وقع ذلك موقعه أم لا؟ وهل فرق بين ما إذا كان المعقود عن الاستئذان
جهلا أو اقتصارا أم لا؟ وهل يفتقر إلى التعدد في الاستئذان أم يكفي استئذان واحد؟(1/77)
سؤال: ما يقول مشائخ الإسلام وفقهاء أهل البيت عليهم السّلام في أهل قرية حضرهم مأتم له وقف ينفذ فيه في موضع معين وفيهم مستور الظاهر وغيره فينفذوه حسب التعيين من غير استئذان العدول المشاهير من المؤمنين في زمن فقد المجتهد أو تفسيره، هل وقع ذلك موقعه أم لا؟ وهل فرق بين ما إذا كان المعقود عن الاستئذان
جهلا أو اقتصارا أم لا؟ وهل يفتقر إلى التعدد في الاستئذان أم يكفي استئذان واحد؟
وهل اعتقاد بعض أهل القرية في واحد يكفي استئذانهم له في موقوفاته وأموال غيبهم أم لا؟ وهل لذلك المعتقد فيه التصرف هو بنفسه فيه من غير رخصة من العدول والمشاهير من المؤمنين أم لا؟ افتونا مأجورين مع تحقيق كل سؤال بعينه، وإن حصل على ذلك بعض الاستدلال كان حسنا دام ظلكم العالي.
الجواب: لشيخنا العلامة الشيخ سليمان بن علي بن أبي ظبية الشاخوري البحراني إذا كان المجتهد متعذرا أما بفقد والعياذ بالله أو تعسرا لوصول وصرحوا كذلك كان مستور الظاهر مأمونا مضى صرفهم ونفذ. ولا حاجة إلى العدول والمشاهير لأن المؤمنين عندنا على العدالة كما هو مذهب ابن الجنيد والشيخ في الخلاف والمفيد في كتاب الأشراف بدلالة رواية ابن سيابة قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن شهادة من يلعب بالحمام؟ قال: لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق. ورواية ابن المغيرة عن الرضا عليه السّلام قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته وصحيحة، أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عمن يرد من الشهود؟ قال:
الظنين والمتهم والخصم، قال: قلت: الفاسق والخائن؟ قال: كل هذا يدخل في الظنين. ورواية عبد الله بن سنان وسليمان بن خالد وقول علي لشريح «كل المسلمين عدول بعضهم على بعض» كما رواه الكليني عن سلمة بن كميد وصحيحة حريز وغيره لا مدفع له والله أعلم حرره سليمان بن علي عفى الله عنهما.
الكلام على سيحون وجيحون
فائدة: جيحون هو النهر العظيم الفاصل بين خوارزم وبلاد خراسان وبين بخارى وسمرقند وتلك البلاد، فكل ما كان من تلك الناحية فهو ما وراء النهر.
والمراد بالنهر هو هذا، وهو أحد أنهار الجنة الذي جاء ذكره في الحديث إنه يخرج منها أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران النيل والفرات، والباطنان سيحون وجيحون، وسيحون وراء جيحون فيما يلي بلاد الترك، وبينهما مسافة خمسة عشر يوما وهذان النهران مع عظمهما وسعة عرضهما يجمدان في زمن الشتاء وتعبر القوافل عليهما بدوابهما واثقالهما ويقيمان كذلك مقدار ثلاثة أشهر.
قصة عبد الملك بن مروان وأهل البحرين
وجدت في كتاب يشتمل على جملة من فضائل سيدنا أمير المؤمنين عليه السّلام
وأخبار تدخل في ذلك الباب قال فيه بعد نقل تملك المختار (رض) الكوفة وقتل مصعب بن الزبير له ما هذا لفظه: وأما ما كان من خبر أهل الشام فإنه لما قتل عامر بن الطفيل بن ربيعة الشيباني وجاءت الأخبار بذلك إلى الشام وكان قد مات مروان بن الحكم وتولى الأمر من بعده ولده عبد الملك بن مروان فسار بنفسه إلى الكوفة في ألوف لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وقد آلى على نفسه أن لا يبقي بها أحدا من شيعة علي عليه السّلام إلا قتله، فلما سمع بذلك إبراهيم بن مالك الأشتر وصعصعة بن صوحان وعمرو بن عامر الهمداني المعلم وجماعة من خواص الشيعة (رضوان الله عليهم أجمعين) هربوا من عبد الملك إلى جزيرة البحرين وكان زيد بن صوحان العبدي وصعصعة بن صوحان واليا عليها من قبل الحسن عليه السّلام ولم يتمكن من عزله بنو أمية خوفا من أهل البحرين لأنهم لم يسلموا أمرا إلى بني أمية ابدا وهم كانوا أشجع أهل الدنيا واقواهم جنانا وافصحهم لسانا واحبهم لأمير المؤمنين عليه السّلام قلبا، قال: فبقي زيد بن صوحان حاكما في البحرين إلى زمان عبد الملك بن مروان إلى أن هربوا عنده الجماعة المذكورين، فتبعهم عبد الملك إلى القطيف وارسل إليهم في البحرين فدفعت عنهم أهل البحرين وقتلوا جميع من أرسلهم عبد الملك، فجاء إليه الخبر وهو في القطيف بأن أهل البحرين قتلوا جميع أصحابه الذين أرسلهم إلى أهل الكوفة، فلما سمع بذلك حشم عليهم من الأعراب والبوادي ما لم يعلم عددهم إلا الله تعالى وانحدر على أهل البحرين عبد الملك بنفسه وجلس في الطرف الغربي وكان مجيئهم من أول الدراز إلى بني جمره حتى ملأت عساكره الأماكن والفلوات، وقلعة البحرين يومئذ في البلاد القديم عند المشهد وهو القلعة التي بناها الملك دقيانوس وهو الذي كان يدعي الربوبية وهربوا عنه أصحاب الكهف والرقيم إلى جبل في الاحساء وكان زمان هذا الملك في الفترة التي ما بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليه السّلام وبقيت هذه القلعة إلى زمان رسول الله صلّى الله عليه واله وسلم وإلى زمان بني أمية، وكانت بيوت أهل البحرين يومئذ متصلة من خلف القطع الجنوبي إلى بربورا وإلى كرز كان، وكان الرجل من أهل البحرين في ذلك الزمان يعد بألف فارس. قال: ثم أنه لما انحدر عليهم عبد الملك جعل زيد ابن صوحان على القلعة من يحرسها وخرج مع أهل البحرين إلى قتال عبد الملك وجعل إبراهيم بن مالك الأشتر سندا ومعهما عسكر كثير في وسط البلد، وجعل سهلان بن علي ومعه أهل الأطراف الشرقية، وجعل صعصعة أخاه وهو أغلب عسكره في الطرف الجنوبي اقصاه، وجلس الأمير زيد بن صوحان في كرز كان ومعه أهل الأطراف الغربية.
ثم وقع الحرب بينهم وبين عبد الملك ووقعت بينهم مقاتلة عظيمة يطول شرحها في هذا المكان. قال: فلما رأى عبد الملك الشجاعة من أهل البحرين وقوة بأسهم على الحروب ورآهم افرس أهل الدنيا، وكان يخرج عليهم بالخمسين ألف وبالمائة ألف من أصحابه فيحصدهم أهل البحرين حصد السنبل حتى كادوا يقتلون عبد الملك، فأشار عليه بعد ذلك أرباب أهل دولته بأن يستميل أهل البحرين بالرشاء والعطاء، فاستمال جهالهم واشرارهم بذلك واغرى بعضهم على بعض فقتل شرارهم خيارهم على الطمع وقتلوا إبراهيم بن مالك وسهلان وصعصعة ابن صوحان العبدي وقتلوا أخاه زيد بن صوحان والجماعة الذين خرجوا معهم من أهل الكوفة والذين نصروهم من أهل البحرين. قال: فلما ظفر عبد الملك بالبحرين وأهلها أحضر أهل الأطراف الذين نصروه والذين استأمنوا ودعاهم إلى الخروج من التشيع فأبوا أن يخرجوا من دينهم وتعصبوا وامتنعوا عليهم وقد اخذهم الندم على قتلهم أخيارهم، فلما نظر عبد الملك إلى غضبهم وإظهارهم العداوة خاف منهم خوفا شديدا فقال لهم: طيبوا نفوسكم فإني أترككم على دينكم ولكم عندي ما أردتم ولكن أريد منكم أن تكونوا في جزيرتكم هذه ولا أحد منكم يحمل السيف ولا العصا ولا يشد وسطه إلى حرب ابدا ولا أحد ينقل السلاح ولكم علي أن لا آخذ منكم شيئا من خراج بلدكم ولا اتعرض لكم(1/78)
وجدت في كتاب يشتمل على جملة من فضائل سيدنا أمير المؤمنين عليه السّلام
وأخبار تدخل في ذلك الباب قال فيه بعد نقل تملك المختار (رض) الكوفة وقتل مصعب بن الزبير له ما هذا لفظه: وأما ما كان من خبر أهل الشام فإنه لما قتل عامر بن الطفيل بن ربيعة الشيباني وجاءت الأخبار بذلك إلى الشام وكان قد مات مروان بن الحكم وتولى الأمر من بعده ولده عبد الملك بن مروان فسار بنفسه إلى الكوفة في ألوف لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وقد آلى على نفسه أن لا يبقي بها أحدا من شيعة علي عليه السّلام إلا قتله، فلما سمع بذلك إبراهيم بن مالك الأشتر وصعصعة بن صوحان وعمرو بن عامر الهمداني المعلم وجماعة من خواص الشيعة (رضوان الله عليهم أجمعين) هربوا من عبد الملك إلى جزيرة البحرين وكان زيد بن صوحان العبدي وصعصعة بن صوحان واليا عليها من قبل الحسن عليه السّلام ولم يتمكن من عزله بنو أمية خوفا من أهل البحرين لأنهم لم يسلموا أمرا إلى بني أمية ابدا وهم كانوا أشجع أهل الدنيا واقواهم جنانا وافصحهم لسانا واحبهم لأمير المؤمنين عليه السّلام قلبا، قال: فبقي زيد بن صوحان حاكما في البحرين إلى زمان عبد الملك بن مروان إلى أن هربوا عنده الجماعة المذكورين، فتبعهم عبد الملك إلى القطيف وارسل إليهم في البحرين فدفعت عنهم أهل البحرين وقتلوا جميع من أرسلهم عبد الملك، فجاء إليه الخبر وهو في القطيف بأن أهل البحرين قتلوا جميع أصحابه الذين أرسلهم إلى أهل الكوفة، فلما سمع بذلك حشم عليهم من الأعراب والبوادي ما لم يعلم عددهم إلا الله تعالى وانحدر على أهل البحرين عبد الملك بنفسه وجلس في الطرف الغربي وكان مجيئهم من أول الدراز إلى بني جمره حتى ملأت عساكره الأماكن والفلوات، وقلعة البحرين يومئذ في البلاد القديم عند المشهد وهو القلعة التي بناها الملك دقيانوس وهو الذي كان يدعي الربوبية وهربوا عنه أصحاب الكهف والرقيم إلى جبل في الاحساء وكان زمان هذا الملك في الفترة التي ما بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليه السّلام وبقيت هذه القلعة إلى زمان رسول الله صلّى الله عليه واله وسلم وإلى زمان بني أمية، وكانت بيوت أهل البحرين يومئذ متصلة من خلف القطع الجنوبي إلى بربورا وإلى كرز كان، وكان الرجل من أهل البحرين في ذلك الزمان يعد بألف فارس. قال: ثم أنه لما انحدر عليهم عبد الملك جعل زيد ابن صوحان على القلعة من يحرسها وخرج مع أهل البحرين إلى قتال عبد الملك وجعل إبراهيم بن مالك الأشتر سندا ومعهما عسكر كثير في وسط البلد، وجعل سهلان بن علي ومعه أهل الأطراف الشرقية، وجعل صعصعة أخاه وهو أغلب عسكره في الطرف الجنوبي اقصاه، وجلس الأمير زيد بن صوحان في كرز كان ومعه أهل الأطراف الغربية.
ثم وقع الحرب بينهم وبين عبد الملك ووقعت بينهم مقاتلة عظيمة يطول شرحها في هذا المكان. قال: فلما رأى عبد الملك الشجاعة من أهل البحرين وقوة بأسهم على الحروب ورآهم افرس أهل الدنيا، وكان يخرج عليهم بالخمسين ألف وبالمائة ألف من أصحابه فيحصدهم أهل البحرين حصد السنبل حتى كادوا يقتلون عبد الملك، فأشار عليه بعد ذلك أرباب أهل دولته بأن يستميل أهل البحرين بالرشاء والعطاء، فاستمال جهالهم واشرارهم بذلك واغرى بعضهم على بعض فقتل شرارهم خيارهم على الطمع وقتلوا إبراهيم بن مالك وسهلان وصعصعة ابن صوحان العبدي وقتلوا أخاه زيد بن صوحان والجماعة الذين خرجوا معهم من أهل الكوفة والذين نصروهم من أهل البحرين. قال: فلما ظفر عبد الملك بالبحرين وأهلها أحضر أهل الأطراف الذين نصروه والذين استأمنوا ودعاهم إلى الخروج من التشيع فأبوا أن يخرجوا من دينهم وتعصبوا وامتنعوا عليهم وقد اخذهم الندم على قتلهم أخيارهم، فلما نظر عبد الملك إلى غضبهم وإظهارهم العداوة خاف منهم خوفا شديدا فقال لهم: طيبوا نفوسكم فإني أترككم على دينكم ولكم عندي ما أردتم ولكن أريد منكم أن تكونوا في جزيرتكم هذه ولا أحد منكم يحمل السيف ولا العصا ولا يشد وسطه إلى حرب ابدا ولا أحد ينقل السلاح ولكم علي أن لا آخذ منكم شيئا من خراج بلدكم ولا اتعرض لكم(1/79)
وجدت في كتاب يشتمل على جملة من فضائل سيدنا أمير المؤمنين عليه السّلام
وأخبار تدخل في ذلك الباب قال فيه بعد نقل تملك المختار (رض) الكوفة وقتل مصعب بن الزبير له ما هذا لفظه: وأما ما كان من خبر أهل الشام فإنه لما قتل عامر بن الطفيل بن ربيعة الشيباني وجاءت الأخبار بذلك إلى الشام وكان قد مات مروان بن الحكم وتولى الأمر من بعده ولده عبد الملك بن مروان فسار بنفسه إلى الكوفة في ألوف لا يحصي عددهم إلا الله تعالى وقد آلى على نفسه أن لا يبقي بها أحدا من شيعة علي عليه السّلام إلا قتله، فلما سمع بذلك إبراهيم بن مالك الأشتر وصعصعة بن صوحان وعمرو بن عامر الهمداني المعلم وجماعة من خواص الشيعة (رضوان الله عليهم أجمعين) هربوا من عبد الملك إلى جزيرة البحرين وكان زيد بن صوحان العبدي وصعصعة بن صوحان واليا عليها من قبل الحسن عليه السّلام ولم يتمكن من عزله بنو أمية خوفا من أهل البحرين لأنهم لم يسلموا أمرا إلى بني أمية ابدا وهم كانوا أشجع أهل الدنيا واقواهم جنانا وافصحهم لسانا واحبهم لأمير المؤمنين عليه السّلام قلبا، قال: فبقي زيد بن صوحان حاكما في البحرين إلى زمان عبد الملك بن مروان إلى أن هربوا عنده الجماعة المذكورين، فتبعهم عبد الملك إلى القطيف وارسل إليهم في البحرين فدفعت عنهم أهل البحرين وقتلوا جميع من أرسلهم عبد الملك، فجاء إليه الخبر وهو في القطيف بأن أهل البحرين قتلوا جميع أصحابه الذين أرسلهم إلى أهل الكوفة، فلما سمع بذلك حشم عليهم من الأعراب والبوادي ما لم يعلم عددهم إلا الله تعالى وانحدر على أهل البحرين عبد الملك بنفسه وجلس في الطرف الغربي وكان مجيئهم من أول الدراز إلى بني جمره حتى ملأت عساكره الأماكن والفلوات، وقلعة البحرين يومئذ في البلاد القديم عند المشهد وهو القلعة التي بناها الملك دقيانوس وهو الذي كان يدعي الربوبية وهربوا عنه أصحاب الكهف والرقيم إلى جبل في الاحساء وكان زمان هذا الملك في الفترة التي ما بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليه السّلام وبقيت هذه القلعة إلى زمان رسول الله صلّى الله عليه واله وسلم وإلى زمان بني أمية، وكانت بيوت أهل البحرين يومئذ متصلة من خلف القطع الجنوبي إلى بربورا وإلى كرز كان، وكان الرجل من أهل البحرين في ذلك الزمان يعد بألف فارس. قال: ثم أنه لما انحدر عليهم عبد الملك جعل زيد ابن صوحان على القلعة من يحرسها وخرج مع أهل البحرين إلى قتال عبد الملك وجعل إبراهيم بن مالك الأشتر سندا ومعهما عسكر كثير في وسط البلد، وجعل سهلان بن علي ومعه أهل الأطراف الشرقية، وجعل صعصعة أخاه وهو أغلب عسكره في الطرف الجنوبي اقصاه، وجلس الأمير زيد بن صوحان في كرز كان ومعه أهل الأطراف الغربية.
ثم وقع الحرب بينهم وبين عبد الملك ووقعت بينهم مقاتلة عظيمة يطول شرحها في هذا المكان. قال: فلما رأى عبد الملك الشجاعة من أهل البحرين وقوة بأسهم على الحروب ورآهم افرس أهل الدنيا، وكان يخرج عليهم بالخمسين ألف وبالمائة ألف من أصحابه فيحصدهم أهل البحرين حصد السنبل حتى كادوا يقتلون عبد الملك، فأشار عليه بعد ذلك أرباب أهل دولته بأن يستميل أهل البحرين بالرشاء والعطاء، فاستمال جهالهم واشرارهم بذلك واغرى بعضهم على بعض فقتل شرارهم خيارهم على الطمع وقتلوا إبراهيم بن مالك وسهلان وصعصعة ابن صوحان العبدي وقتلوا أخاه زيد بن صوحان والجماعة الذين خرجوا معهم من أهل الكوفة والذين نصروهم من أهل البحرين. قال: فلما ظفر عبد الملك بالبحرين وأهلها أحضر أهل الأطراف الذين نصروه والذين استأمنوا ودعاهم إلى الخروج من التشيع فأبوا أن يخرجوا من دينهم وتعصبوا وامتنعوا عليهم وقد اخذهم الندم على قتلهم أخيارهم، فلما نظر عبد الملك إلى غضبهم وإظهارهم العداوة خاف منهم خوفا شديدا فقال لهم: طيبوا نفوسكم فإني أترككم على دينكم ولكم عندي ما أردتم ولكن أريد منكم أن تكونوا في جزيرتكم هذه ولا أحد منكم يحمل السيف ولا العصا ولا يشد وسطه إلى حرب ابدا ولا أحد ينقل السلاح ولكم علي أن لا آخذ منكم شيئا من خراج بلدكم ولا اتعرض لكم
بعد سنتي هذه، وهذا الشرط بيني وبينكم وعلي في ذلك عهد الله وميثاقه. قال: فحالفه أهل البحرين على ذلك وكتب الله عليهم الذلة فلم يشدوا أوساطهم بعد ذلك إلى حرب ولم ينقلوا السلاح إلى يومنا هذا. ثم ان عبد الملك دفن عين السجور وكانت أقوى عين في البحرين ودفن عيونا كثيرة منها لأن مراده ضعف أهل البحرين وولى راجعا عنها بعد ذلك انتهى.
يقول جامع هذه الطرف ومهدي هذه التحف: وحكاية الحكاية وإن كانت لا تخلو من ركاكة في التعبير وخلل في التحبير مع إصلاح كثير منها حال النقل إلا أن مضمونها موافق لما هو الموجود الآن في تلك البلاد ومشهور بين الخلف والسلف من قبور أولئك الأمجاد، فإن قبور هؤلاء المشار إليهم كلهم موجودة في البحرين وقد اتخذوها مزارات يتبركون بها وينذرون إليها ويقصدونها من كل جانب ومكان، سيما قبر صعصعة وأخوه زيد بن صوحان. وأما عين السجور بالسين المهملة ثم الجيم المشار إليها في آخر الخبر فموقعها في قريتنا من البحرين المعروفة بالدراز بالدال المهملة ثم الراء ثم الزاي بعد الألف، وهي في الطرف الغربي من البحرين
بقرب الساحل والنظر فيما ظهر من آثار تلك العين وسعة دائرتها الموجودة الآن يدل على قوتها وغزارة مائها، وكان ذلك الملعون قد أحكم رجمها بالحجارة الهائلة والصخور الثقيلة واخفى أثرها بالكلية، وبقيت كذلك إلى زمن الحاجي يوسف بن ناصر وكان من أكابر أهل البحرين وأعيانهم المشار إليهم وكان ذا حدس صائب وفكر ثاقب في استخراج المياه من الأرض، وقد استخرج عيونا كثيرة مبتكرة فعمد من جهة الغرب إلى إخراج مائها وضرب خيامه عندها ووضع العملة فيها وأخرج منها احجارا وصخورا على ما ذكرنا يعجز مئة رجل عن سحب واحدة منها، وكان قد نحتها ذلك الملعون من جزيرة بقرب البحرين تسمى قدا وبقي العمل فيها حتى لما قرب خروج أول مائها جاء رجل من الفعلة إلى الحاج يوسف المرقوم وقال: إني رأيت في المنام أن هذه العين في صورة إمرأة وهي تريد ثورا سمينا، فأسرّ الحاجي يوسف في نفسه أنه ذلك الثور السمين وأخذته الواهمة فمرض وثقل حاله في ذلك المرض حتى مات وبقيت على ما هي عليه إلى الآن.(1/80)
يقول جامع هذه الطرف ومهدي هذه التحف: وحكاية الحكاية وإن كانت لا تخلو من ركاكة في التعبير وخلل في التحبير مع إصلاح كثير منها حال النقل إلا أن مضمونها موافق لما هو الموجود الآن في تلك البلاد ومشهور بين الخلف والسلف من قبور أولئك الأمجاد، فإن قبور هؤلاء المشار إليهم كلهم موجودة في البحرين وقد اتخذوها مزارات يتبركون بها وينذرون إليها ويقصدونها من كل جانب ومكان، سيما قبر صعصعة وأخوه زيد بن صوحان. وأما عين السجور بالسين المهملة ثم الجيم المشار إليها في آخر الخبر فموقعها في قريتنا من البحرين المعروفة بالدراز بالدال المهملة ثم الراء ثم الزاي بعد الألف، وهي في الطرف الغربي من البحرين
بقرب الساحل والنظر فيما ظهر من آثار تلك العين وسعة دائرتها الموجودة الآن يدل على قوتها وغزارة مائها، وكان ذلك الملعون قد أحكم رجمها بالحجارة الهائلة والصخور الثقيلة واخفى أثرها بالكلية، وبقيت كذلك إلى زمن الحاجي يوسف بن ناصر وكان من أكابر أهل البحرين وأعيانهم المشار إليهم وكان ذا حدس صائب وفكر ثاقب في استخراج المياه من الأرض، وقد استخرج عيونا كثيرة مبتكرة فعمد من جهة الغرب إلى إخراج مائها وضرب خيامه عندها ووضع العملة فيها وأخرج منها احجارا وصخورا على ما ذكرنا يعجز مئة رجل عن سحب واحدة منها، وكان قد نحتها ذلك الملعون من جزيرة بقرب البحرين تسمى قدا وبقي العمل فيها حتى لما قرب خروج أول مائها جاء رجل من الفعلة إلى الحاج يوسف المرقوم وقال: إني رأيت في المنام أن هذه العين في صورة إمرأة وهي تريد ثورا سمينا، فأسرّ الحاجي يوسف في نفسه أنه ذلك الثور السمين وأخذته الواهمة فمرض وثقل حاله في ذلك المرض حتى مات وبقيت على ما هي عليه إلى الآن.
وينقل أن ذلك الرجل إنما قال له مداعبة يريد منه أن يطعمهم لحما وطبيخا وإلى الآن بعض تلك الأحجار موجودة حول العين وبعض قد سحبه الناس ووضعوه في أساس البيوت، وكانوا إذا هموا بسحب شيء منها تجتمع لها جموع عديدة من الرجال والله العالم بحقائق الأحوال.
ومما قاله: صفي الدين الحلي قدس الله سره:
إذا ضاق صدر المرء من سر نفسه ... فصدر الذي يستودع السر أضيق
إذ المرء أفشى سره بلسانه ... ولام عليه غيره فهو احمق
وله أيضا:
عيون لها مرأى الأحبة أثمد ... عجبت لها في عمرها كيف ترمد
وعين خلت من نور وجه خليلها ... عجبت لها في عمرها كيف ترقد
نبذة من أخبار العرب
قال الحجاج: ليحيى بن سعيد إنك تشبه ابليس فقال وما ينكر الأمير أن يكون سيد الأنس سيد الجن فأعجبه جوابه.
قال: بعض الأعراب في محاوراته: اسكت يابن الأمة، فقال: لهي والله اعذر منك حيث لم ترض الا حرا.
قال المنتصر: لأبي العيناء ما أحسن الجواب؟ قال: ما اسكت المبطل وحير المحق.(1/81)
قال: بعض الأعراب في محاوراته: اسكت يابن الأمة، فقال: لهي والله اعذر منك حيث لم ترض الا حرا.
قال المنتصر: لأبي العيناء ما أحسن الجواب؟ قال: ما اسكت المبطل وحير المحق.
قال ابن عباس: أبهم عن البهائم كل الأمور إلا أربع: معرفة صانعها، وابتغاء النسل، وطلب المعاش، وحذر الموت.
خرج المهدي: الخليفة يتصيد فغار به فرسه حتى وقع إلى خباء أعرابي فقال: يا أعرابي هل من طعام؟ فأخرج له قرص شعير ولبنا ثم أتى إليه بماء فلما شرب قال: يا أخا العرب اتدري من أنا؟ قال: لا، قال: أنا من خدم الخليفة الخاصة، ثم شرب أخرى فقال: أنا من قواد الخليفة، ثم شرب أخرى: يا أعرابي أنا الخليفة، فأخذ الأعرابي الركوة فصبها وقيل: والله لو شربت الرابعة لا دعيت انك رسول الله فضحك المهدي حتى غشى عليه ثم احاطت به الخيل فطار قلب الأعرابي فقال له: لا بأس عليك، فأمر له بعطاء جزيل.
قيل: لبعض الأعراب: إن شهر رمضان قد جاء، فقال: والله لأفرقنه بالأسفار.
وسمع أعرابي: قارئا يقرأ القرآن فقرأ {الْأَعْرََابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفََاقاً} فقال: لقد هجانا، ثم سمعه بعد ذلك يقرأ: {وَمِنَ الْأَعْرََابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
فقال: لا بأس هجا ومدح
هجوت زهيرا ثم إني مدحته ... وما زالت الأشراف تهجى وتمدح
جاس: أعرابي على مائدة يزيد بن مزيد فقال لأصحابه: افرجوا لأخيكم، فقال الأعرابي: لا حاجة لي إلى افراجكم إن اطنابي طوال يعني سواعدي، فلما مد يده ضرط فضحك يزيد وقال: يا أخا العرب أظن أن طنبا من أطنابك قد انقطع؟
فقال: صدقت.
وسرق: أعرابي غاشية سرج ثم دخل المسجد يصلي فقرأ الإمام: {هَلْ أَتََاكَ حَدِيثُ الْغََاشِيَةِ} فقال: يا فقية لا تدخل في الفضول، فلما قرأ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خََاشِعَةٌ} قال: خذوا غاشيتكم ولا يخشع وجهي لا بارك الله لكم فيها، ثم رماها من يده.
حضر أعرابي: في مجلس قوم يتذاكرون قيام الليل فقال: يا أبا أمامة اتقوم الليل؟ قال: نعم، قال: ما تصنع؟ قال: أبول وارجع أنام.
حضر أعرابي: على مائدة الحجاج وكان عليها حلوى فأكل لقمة، فقال الحجاج: من أكل من هذا شيئا ضربت عنقه، فامتنع الناس وبقي الأعرابي ينظر إلى الحلوى مرة وإلى الحجاج أخرى ثم قال: أيها الأمير أوصيك بأهلي خيرا، ثم اندفع يأكل فضحك الحجاج وأمر له بصلة.(1/82)
حضر أعرابي: في مجلس قوم يتذاكرون قيام الليل فقال: يا أبا أمامة اتقوم الليل؟ قال: نعم، قال: ما تصنع؟ قال: أبول وارجع أنام.
حضر أعرابي: على مائدة الحجاج وكان عليها حلوى فأكل لقمة، فقال الحجاج: من أكل من هذا شيئا ضربت عنقه، فامتنع الناس وبقي الأعرابي ينظر إلى الحلوى مرة وإلى الحجاج أخرى ثم قال: أيها الأمير أوصيك بأهلي خيرا، ثم اندفع يأكل فضحك الحجاج وأمر له بصلة.
دفع: أعرابي ابنه إلى المعلم فغاب عنه مدة ثم قال: في أي سورة أنت؟
فقال: في قل يا أيها الكافرون، فقال: بئس العصابة أنت فيهم، ثم تركه مدة ثم قال: في أي سورة أنت؟ فقال: في إذا جاءك المنافقون، فقال: والله ما تقلب إلّا على أوتاد الكفر عليك بغنمك فارعها.
سرق: اعرابي صرة فيها دراهم ثم دخل المسجد يصلي وكان اسمه موسى فقرأ الإمام: {وَمََا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يََا مُوسى ََ} فقال: والله إنك لساحر. ثم رمى الصرة وخرج.
دخل إعرابي: يصلي في المسجد وكان اسمه موسى فقرأ الإمام: {يََا مُوسى ََ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النََّاصِحِينَ} فترك الصلاة وولى هاربا فجلس على باب المسجد وبيده عصاه فقرأ الإمام: {مََا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يََا مُوسى ََ قََالَ هِيَ عَصََايَ} قال: يا فقيه إن خرجت إلى عندي عملت لك قبرا على باب المسجد.
وحكى: الأصمعي قال: خرجت في طلب إبل لي وكان البرد شديدا فإذا بجماعة يصلون الظهر وبقربهم شيخ ملتف بكساء من شدة البرد وهو يقول:
أيا رب ان البرد أصبح كالحا ... وأنت بحالي عالم لا تعلم
فإن كنت يوما في جهنم مدخلي ... ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم
قال الأصمعي: فقلت: يا شيخ ما تستحي أن تقطع الصلاة وأنت شيخ كبير؟
فأنشأ هذه الأبيات يقول:
ايطمع ربي أن أصلي عاريا ... ويكسو غيري كسوة البرد والحر
فو الله لا صليت ما دمت عاريا ... عشاء ولا وقت المغيب ولا الفجر
ولا الظهر إلا يوم شمس دفية ... وإن غيمت فالويل للظهر والعصر
وإن يكسني ربي قميصا وجبة ... أصلي له مهما أعيش من الدهر
فأعجبني شعره فنزعت قميصا وجبة ووهبتها له وقلت له: قم فصل، فاستقبل
القبلة فصلى جالسا على غير وضوء فقلت له: تصلي وانت جالس بلا وضوء؟(1/83)
ايطمع ربي أن أصلي عاريا ... ويكسو غيري كسوة البرد والحر
فو الله لا صليت ما دمت عاريا ... عشاء ولا وقت المغيب ولا الفجر
ولا الظهر إلا يوم شمس دفية ... وإن غيمت فالويل للظهر والعصر
وإن يكسني ربي قميصا وجبة ... أصلي له مهما أعيش من الدهر
فأعجبني شعره فنزعت قميصا وجبة ووهبتها له وقلت له: قم فصل، فاستقبل
القبلة فصلى جالسا على غير وضوء فقلت له: تصلي وانت جالس بلا وضوء؟
فأنشأ يقول:
إليك اعتذاري من صلاتي جالسا ... على غير طهر موميا نحو قبلتي
فمالي ببرد الماء يا رب طاقة ... ورجلاي لا تقوى على ثني ركبتي
ولكنني استغفر الله شاتيا ... واقضيكها يا رب في وجه صيفتي
وإن أنا لم أفعل فأنت محكم ... بما شئت من ضيفي ومن نتف لحيتي
فضحكت منه وتركته.
صلى: أعرابي مع قوم فقرأ الإمام: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللََّهُ وَمَنْ مَعِيَ}
فقال، الاعرابي: بل أهلكك الله وحدك ايش كار الذي معك؟ فقطع القوم الصلاة من شدة الضحك.
حكى الأصمعي: إن عجوزا من الأعراب جلست إلى فتيان يشربون نبيذا فسقوها ثم سقوها فتبسمت فقالت: خبروني عن نسائكم أيشربن النبيذ؟ قالوا: نعم قالت: انكن ورب الكعبة والله لئن صدقتم فما منكم من يعرف أبوه.
صلى: أعرابي خلف إمام فقرأ: {إِنََّا أَرْسَلْنََا نُوحاً إِلى ََ قَوْمِهِ} ثم وقف وجعل يرددها فقال الأعرابي: أرسل غيره يرحمك الله وارحنا وأرح نفسك.
وصلى: أعرابي خلف إمام فقرأ: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتََّى يَأْذَنَ لِي أَبِي}
فوقف وجعل يرددها فقال الأعرابي: يا فقيه إن لم يأذن لك أبوك الليلة نظل نحن وقوفا إلى الصباح، ثم تركه وانصرف.
انفرد: يوما الرشيد عن عسكره ومعه الفضل بن يحيى فإذا هما بشيخ من الأعراب على حمار وهو رطب العينين فقال له الفضل: هل أدلك على دواء لعينك؟ فقال: ما احوجني إلى ذلك، خذ عيدان الهوى وغبار الماء فصيره في قشر بيض الذر واكتحل به ينفعك، فانحنى الشيخ وضرط ضرطة قوية فقال: هذه أجرة دوائك وإن زدتنا زدناك فضحك الرشيد.
خرج: معن بن زائدة للصيد فتبع ظبيا وانفرد عن عسكره، ثم إنه رأى رجلا معه حمار فقال له: من اين إلى اين؟ فقال معي خيار في غير وقته قصدت به معن ابن زائدة لكرمه المشهور، قال: وكم املت منه؟ قال: ألف دينار، قال: كثير، قال: خمسمائة دينار، قال: كثير، قال: ثلاثة مائة دينار، قال: كثير، قال خمسين
دينارا، قال: فلا أقل من الثلاثين، قال: فإن قال لك كثير، قال: أدخل أربع قوائم حماري في فرج امرأته وارجع إلى أهلي خائبا. فضحك معن منه وسار حتى لحق بعسكره وقال لحاجبه: إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فأدخله علي، فأتى بعد ساعة وأدخله عليه فلم يعرفه لجلالته فقال له: ما الذي أتى بك يا أخا العرب؟ فقال:(1/84)
خرج: معن بن زائدة للصيد فتبع ظبيا وانفرد عن عسكره، ثم إنه رأى رجلا معه حمار فقال له: من اين إلى اين؟ فقال معي خيار في غير وقته قصدت به معن ابن زائدة لكرمه المشهور، قال: وكم املت منه؟ قال: ألف دينار، قال: كثير، قال: خمسمائة دينار، قال: كثير، قال: ثلاثة مائة دينار، قال: كثير، قال خمسين
دينارا، قال: فلا أقل من الثلاثين، قال: فإن قال لك كثير، قال: أدخل أربع قوائم حماري في فرج امرأته وارجع إلى أهلي خائبا. فضحك معن منه وسار حتى لحق بعسكره وقال لحاجبه: إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فأدخله علي، فأتى بعد ساعة وأدخله عليه فلم يعرفه لجلالته فقال له: ما الذي أتى بك يا أخا العرب؟ فقال:
املت الأمير واتيته بقثاء على غير أوانه، قال: فكم املت منه، قال: ألف دينارا، قال: كثير، قال: خمسمائة، قال: كثير، قال: ثلاثة مائة، قال: كثير، قال:
مائتين، قال كثير، قال: مائة، قال: كثير، قال: كان والله ذلك الرجل شؤما علي ثم قال: خمسين دينارا، قال: كثير، قال: فلا أقل من الثلاثين، فضحك معن فعلم الأعرابي أنه صاحبه فقال: يا سيدي إن لم تجب الثلاثين فالحمار مربوط بالباب وها معن جالس. فضحك ثم دعا بوكيله فقال: أعطه ألف دينار وخمسمائة دينار وثلاث مائة دينار ومائتين دينار ومائة دينار وخمسين دينار وثلاثين دينار ودع الحمار مكانه. فبهت الاعرابي وتسلم الألفي دينار ومائة وثلاثين دينارا. وقال الحسين بن مطر يرثي معن بن زائدة:
ألمّا على معن فقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا
فيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الأرض خطت للسماحة مضجعا
ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البرّ والبحر مترعا
بلى قد وسعت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا
فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا
ولما مضى معن مضى الجود وانقضى ... وأصبح عرنين المكارم أجذعا
روى: شيخنا البهائي (قده) إن أبا نؤاس على ما قالوا ملك الشعراء وقد اسرته الروم مرة وبقي عندهم محبوسا في القيد فنظر يوما إلى حمامة على شجرة تنوح وتغني بالألحان فاسترق طبعه فأنشد:
اقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتي هل تشعرين بحالي
فماذا الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت عنك الهموم ببالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي اقاسمك الهموم تعالي
ايضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غالي
في كلام القدماء: من الحكماء: شر العلماء من لازم الملوك وخير الملوك من لازم العلماء ومن كلامهم: إذا رأيت العالم لازم السلطان فاعلم أنه لص وإياك
ان تخدع بما يقال إنه يرد مظلمة أو يدفع عن مظلوم فإن هذه خدعة إبليس اتخذها فجّار العلماء.(1/85)
اقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتي هل تشعرين بحالي
فماذا الهوى ما ذقت طارقة النوى ... ولا خطرت عنك الهموم ببالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا ... تعالي اقاسمك الهموم تعالي
ايضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنت أولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعي في الحوادث غالي
في كلام القدماء: من الحكماء: شر العلماء من لازم الملوك وخير الملوك من لازم العلماء ومن كلامهم: إذا رأيت العالم لازم السلطان فاعلم أنه لص وإياك
ان تخدع بما يقال إنه يرد مظلمة أو يدفع عن مظلوم فإن هذه خدعة إبليس اتخذها فجّار العلماء.
كتب المنصور: العباسي إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام لم لم تغشنا كما يغشانا الناس؟ وأجابه: «ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له ولا أنت في نعمة فنهنيك ولا في نقمة فنعزيك» فكتب المنصور إليه: فاصحبنا لتنصحنا فكتب إليه أبو عبد الله عليه السّلام: «من يطلب الدنيا لا ينصحك ومن يطلب الآخرة لا يصحبك».
عن عيسى (على نبينا وآله وعليه السلام) قال: مثل عالم السوء مثل صخرة وضعت في فم النهر لا هي تشرب الماء ولا هي تترك الماء ليخلص إلى الزرع.
قصائد للشيخ البهائي (قده)
للشيخ البهائي: قدس الله سره من سوانح المجاز:
قد صرفنا العمر في قيل وقال ... يا نديمي قم فقد ضاق المجال
واسقني تلك المدام السلسبيل ... إنها تهدي إلى خير السبيل
واخلع الغل بها يا ذا النديم ... إنها نار اضاءت للكليم
هاتها صهباء من خمر الجنان ... دع كؤوسا واسقنيها بالدنان
ضاق وقت العمر عن آلاتها ... هاتها من غير عصر هاتها
قم أزل عني بها رسم الهموم ... إن عمري ضاع في علم الرسوم
أيها القوم الذي في المدرسة ... كلما حصلتموه وسوسة
فكركم إن كان في غير الحبيب ... ما لكم في النشأة الأخرى نصيب
فاغسلوا بالراح عن لوح الفؤاد ... كل هم ليس ينجي في المعاد
ومنها أيضا:
يا نديمي ضاع عمري وانقضى ... قم لا ستدراك وقت قد مضى
واغسل الأدناس عنا بالمدام ... واملأ الأقداح منها يا غلام
واسقني كأسا فقد لاح الصباح ... والثريا غربت والديك صاح
زوج الصهباء بالماء الزلال ... واجعلن عقلي لها مهرا حلال
هاتها من غير مهل يا نديم ... خمرة يحيى بها العظم الرميم
بنت كرم تجعلن الشيخ شاب ... من يذق منها عن الكونين غاب
حمرة من نار موسى نورها ... دنها قلبي وصدري طورها
قم ولا تمهل فما في العمر مهل ... لا تصعّب شربها فالأمر سهل
قل لشيخ قلبه منها نفور ... لا تخف فالله تواب غفور
يا مغني إن عندي كل غم ... قم فألق الناي فيها بالنغم
غن لي دورا فقد دار القدح ... والصبا قد ناح والقمري صدح
وإذكرن عندي احاديث الحبيب ... إن عيشي من سواها لا يطيب
واحذرن ذكرى احاديث الفراق ... إن ذكر البعد مما لا يطاق
روحن روحي أشعار العرب ... كي يتم الأنس فيها والطرب
وافتتح منها بنظم مستطاب ... قلته في بعض أيام الشباب
قد صرفنا العمر في قيل وقال ... يا نديمي قم فقد ضاق المجال
ثم أطربني بأشعار العجم ... واطردن هما على قلبي هجم
وابتدىء منها ببيت المثنوى ... للحكيم المولوي المعنوي
بشنوا زني چون حكايت ميكند ... واز جدائيها شكايت ميكند
قم وخاطبني بكل الألسنة ... على قلبي ينتبه من ذي السنة
إنه في غفلة عن حاله ... خابط في قيله مع قاله
كل آن فهو في قيد جديد ... قائلا من جهله هل من مزيد
تابه في الغي قد ضل الطريق ... قط من سكر الهوى لا يستفيق
عاكف دهرا على اصنامه ... يهزأ الكفار من إسلامه
كم أنادي وهو لا يصغى التناد ... وافؤادي وافؤادي وافؤاد
يا بهائي اتخذ قلبا سواه ... فهو ما معبوده إلا هواه
وله أيضا من كتاب رياض الأرواح:(1/86)
يا نديمي ضاع عمري وانقضى ... قم لا ستدراك وقت قد مضى
واغسل الأدناس عنا بالمدام ... واملأ الأقداح منها يا غلام
واسقني كأسا فقد لاح الصباح ... والثريا غربت والديك صاح
زوج الصهباء بالماء الزلال ... واجعلن عقلي لها مهرا حلال
هاتها من غير مهل يا نديم ... خمرة يحيى بها العظم الرميم
بنت كرم تجعلن الشيخ شاب ... من يذق منها عن الكونين غاب
حمرة من نار موسى نورها ... دنها قلبي وصدري طورها
قم ولا تمهل فما في العمر مهل ... لا تصعّب شربها فالأمر سهل
قل لشيخ قلبه منها نفور ... لا تخف فالله تواب غفور
يا مغني إن عندي كل غم ... قم فألق الناي فيها بالنغم
غن لي دورا فقد دار القدح ... والصبا قد ناح والقمري صدح
وإذكرن عندي احاديث الحبيب ... إن عيشي من سواها لا يطيب
واحذرن ذكرى احاديث الفراق ... إن ذكر البعد مما لا يطاق
روحن روحي أشعار العرب ... كي يتم الأنس فيها والطرب
وافتتح منها بنظم مستطاب ... قلته في بعض أيام الشباب
قد صرفنا العمر في قيل وقال ... يا نديمي قم فقد ضاق المجال
ثم أطربني بأشعار العجم ... واطردن هما على قلبي هجم
وابتدىء منها ببيت المثنوى ... للحكيم المولوي المعنوي
بشنوا زني چون حكايت ميكند ... واز جدائيها شكايت ميكند
قم وخاطبني بكل الألسنة ... على قلبي ينتبه من ذي السنة
إنه في غفلة عن حاله ... خابط في قيله مع قاله
كل آن فهو في قيد جديد ... قائلا من جهله هل من مزيد
تابه في الغي قد ضل الطريق ... قط من سكر الهوى لا يستفيق
عاكف دهرا على اصنامه ... يهزأ الكفار من إسلامه
كم أنادي وهو لا يصغى التناد ... وافؤادي وافؤادي وافؤاد
يا بهائي اتخذ قلبا سواه ... فهو ما معبوده إلا هواه
وله أيضا من كتاب رياض الأرواح:
ألا يا خائضا بحر الأماني ... هداك الله ما هذا التواني
أضعت العمر عصيانا وجهلا ... فمهلا أيها المغرور مهلا
مضى عنك الشباب وأنت غافل ... وفي ثوب العمى والغي رافل
وقلبك لا يفيق من المعاصي ... فويلك يوم يؤخذ بالنواصي
بلال الشيب نادى في المفارق ... بحيّ على الذهاب وأنت غارق
ببحر الإثم لا تصغي لواعظ ... ولو أطرى واطنب في المواعظ
وقلبك هائم في كل واد ... وجهلك كلّ يوم في ازدياد
على تحصيل دنياك الدنية ... مجدّا في الصباح وفي العشية
وجهد المرء في الدنيا شديد ... وليس ينال منها ما يريد
وكيف ينال في الأخرى مرامه ... ولم يجهد لمطلبها قلامه
إشارة إلى حال من صرف العمر في جمع الكتب وادخارها قال:(1/87)
ألا يا خائضا بحر الأماني ... هداك الله ما هذا التواني
أضعت العمر عصيانا وجهلا ... فمهلا أيها المغرور مهلا
مضى عنك الشباب وأنت غافل ... وفي ثوب العمى والغي رافل
وقلبك لا يفيق من المعاصي ... فويلك يوم يؤخذ بالنواصي
بلال الشيب نادى في المفارق ... بحيّ على الذهاب وأنت غارق
ببحر الإثم لا تصغي لواعظ ... ولو أطرى واطنب في المواعظ
وقلبك هائم في كل واد ... وجهلك كلّ يوم في ازدياد
على تحصيل دنياك الدنية ... مجدّا في الصباح وفي العشية
وجهد المرء في الدنيا شديد ... وليس ينال منها ما يريد
وكيف ينال في الأخرى مرامه ... ولم يجهد لمطلبها قلامه
إشارة إلى حال من صرف العمر في جمع الكتب وادخارها قال:
على كتب العلوم صرفت مالك ... وفي تصحيحها اتعبت بالك
وانفقت البياض مع السواد ... على ما ليس ينفع في المعاد
تظل من المساء إلى الصباح ... تطالعها وقلبك غير صاحي
وتصبح مولعا من غير طائل ... لتحرير المقاصد والدلائل
وتوضيح الخفا من كل باب ... وتوجيه السؤال مع الجواب
لعمري قد أضلتك الهداية ... ضلالا ما له أبدا نهاية
وبالمحصول حاصلك الندامة ... وحرمان إلى يوم القيامة
وتذكرة المواقف والمراصد ... تسد عليك أبواب المقاصد
فلا تنجو النجاة من الضلالة ... ولا تشفى الشفاء من الجهالة
وبالارشاد لم يحصل رشاد ... وبالتبيان ما بان السداد
وبالايضاح أشكلت المدارك ... وبالمصباح أظلمت المسالك
وبالتلويح ما لاح الدليل ... وبالتوضيح ما اتضح السبيل
صرفت خلاصة العمر العزيز ... على تنقيح أبحاث الوجيز
بهذا النحو صرف العمر جهل ... فقم فاجهد فما في العمر مهل
ودع عنك الشروح مع الحواشي ... فهن على البصائر كالغواشي
إشارة إلى حال من صرف العمر الذي للتدارس في زماننا هذا:
مرادك أن ترى في كل يوم ... وبين يديك قوم أي قوم
كلاب عاويات مع ذئاب ... ولكن فوق أظهرهم ثياب
إذا ما قلت اصغوا للمقال ... وإن حدثت بالأمر المحال
فليس لهم جميعا من بضاعة ... سوى سمعا لمولانا وطاعة
فإن شمّرت عن ساق الإفادة ... جلست لهم على عالي الرفاده
ولبّست السؤال لمن تكلّم ... ودلّست الجواب لكي يسلّم
وقررت المسائل والمطالب ... فليس بذي لوجه الله طالب
وسقت لهم كلاما في كلام ... وقلبك من ظلام في ظلام
وإن ناظرت ذا فكر دقيق ... وفكر في مطالبه عميق
عدلت به عن النهج القويم ... وزغت عن الصراط المستقيم
مكابرة على الحقّ الصريح ... وإن ناجاك في النقل الصحيح
طفقت تروغ عن نهج السبيل ... وتكدح في الكلام بلا دليل
وأوّلت المراد من العبارة ... بتأويل كثلج في خيارة
وعبت ائمة قالوا بذاكا ... وفي تجهيلهم قعّرت فاكا
وازعجت العظام الدارسات ... وبعثرت القبور الدراسات
لئن لم ترتدع عن ذي الزعامة ... فبئس الحال حالك في القيامة(1/88)
مرادك أن ترى في كل يوم ... وبين يديك قوم أي قوم
كلاب عاويات مع ذئاب ... ولكن فوق أظهرهم ثياب
إذا ما قلت اصغوا للمقال ... وإن حدثت بالأمر المحال
فليس لهم جميعا من بضاعة ... سوى سمعا لمولانا وطاعة
فإن شمّرت عن ساق الإفادة ... جلست لهم على عالي الرفاده
ولبّست السؤال لمن تكلّم ... ودلّست الجواب لكي يسلّم
وقررت المسائل والمطالب ... فليس بذي لوجه الله طالب
وسقت لهم كلاما في كلام ... وقلبك من ظلام في ظلام
وإن ناظرت ذا فكر دقيق ... وفكر في مطالبه عميق
عدلت به عن النهج القويم ... وزغت عن الصراط المستقيم
مكابرة على الحقّ الصريح ... وإن ناجاك في النقل الصحيح
طفقت تروغ عن نهج السبيل ... وتكدح في الكلام بلا دليل
وأوّلت المراد من العبارة ... بتأويل كثلج في خيارة
وعبت ائمة قالوا بذاكا ... وفي تجهيلهم قعّرت فاكا
وازعجت العظام الدارسات ... وبعثرت القبور الدراسات
لئن لم ترتدع عن ذي الزعامة ... فبئس الحال حالك في القيامة
الملا محسن مع السيد ماجد البحراني
للسيد نعمة الله الجزائري قدس الله سره في كتاب زهر الربيع كان استادنا المحقق المولى محمد محسن القاشاني صاحب الوافي وغيره مما يقارب مائتي كتاب ورسالة وكان نشوؤه في بلدة قم، فسمع بقدوم السيد الأجل المحقق المدقق الإمام الهمام السيد ماجد البحراني الصادقي إلى شيراز فأراد الارتحال إليه لأخذ العلوم عنه، فتردد والده في الرخصة له ثم بنوا الرخصة وعدمها على الاستخارة، فلما فتح القرآن جاءت الآية: {فَلَوْلََا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} والآية أصرح وأنص وأدل على هذا المطلب مثلها، ثم بعد ذلك تفاءل بالديوان المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام فجاءت الأبيات هكذا:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج همّ واكتساب معيشة ... وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الاسفار همّ وغربة ... وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته ... بدار هوان بين واش وحاسد
وهذه أيضا انسب في المطلوب سيما قوله: (وصحبة ماجد) فسافر إلى شيراز واخذ العلوم الشرعية عنه وقرأ العلوم العقلية على الحكيم الفيلسوف المولى صدر الدين الشيرازي وتزوج بابنته يقول: مؤلف هذا الكتاب نعمة الله الموسوي الحسني عفا الله عنه: ولما وردت شيراز لم أصل إلا إلى ولد صدر الدين، وكان جامعا للعلوم العقلية والنقلية، فأخذت عنه شطرا وافيا من الحكمة والكلام وقرأت عليه حاشية على حاشية شمس الدين الخفري على شرح التجريد، وكان اعتقاده في الأصول خير من اعتقاد أبيه، وكان يتمدح ويقول: اعتقادي في أصول الدين مثل اعتقاد العوام. وقد أصاب في هذا التشبيه، واسمه ميرزا إبراهيم.(1/89)
تغرب عن الأوطان في طلب العلا ... وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج همّ واكتساب معيشة ... وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الاسفار همّ وغربة ... وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته ... بدار هوان بين واش وحاسد
وهذه أيضا انسب في المطلوب سيما قوله: (وصحبة ماجد) فسافر إلى شيراز واخذ العلوم الشرعية عنه وقرأ العلوم العقلية على الحكيم الفيلسوف المولى صدر الدين الشيرازي وتزوج بابنته يقول: مؤلف هذا الكتاب نعمة الله الموسوي الحسني عفا الله عنه: ولما وردت شيراز لم أصل إلا إلى ولد صدر الدين، وكان جامعا للعلوم العقلية والنقلية، فأخذت عنه شطرا وافيا من الحكمة والكلام وقرأت عليه حاشية على حاشية شمس الدين الخفري على شرح التجريد، وكان اعتقاده في الأصول خير من اعتقاد أبيه، وكان يتمدح ويقول: اعتقادي في أصول الدين مثل اعتقاد العوام. وقد أصاب في هذا التشبيه، واسمه ميرزا إبراهيم.
قصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض
ومن كتاب بحار الأنوار: أقول: وجدت رسالة مشتهرة بقصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض احببت ايرادها لاشتمالها على ذكر من رآه عليه السّلام ولما فيه من الغرائب، وإنما فردت لها بابا لأني لم أظفر بها في الأصول المعتبرة ولنذكرها بعينها كما وجدتها.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا لمعرفته، والشكر له على ما منحنا للاقتداء بسنن سيد بريته محمد الذي اصطفى من بين خليقته، وخصنا بمحبة علي والأئمة المعصومين من ذريته، صلى الله عليهم اجمعين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.
وبعد: فقد وجدت في خزانة أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السّلام بخط الشيخ الفاضل والعالم العامل الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الكوفي (قده) ما هذا صورته: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (وبعد) فيقول الفقير إلى عفو ربه ورضوانه سبحانه وتعالى الفضل بن يحيى بن علي الطيبي الإمامي الكوفي عفا الله عنه: قد كنت سمعت من الشيخين الفاضلين العالمين العاملين شيخ شمس الدين ابن نجيح الحلي والشيخ جلال الدين عبد الله بن الحرام الحلي (قدس الله روحيهما ونوّر ضريحهما) في مشهد سيد الشهداء وخامس أصحاب الكساء مولانا وإمامنا أبي عبد الله الحسين عليه السّلام في النصف من شهر شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة من الهجرة النبوية (على مشرفها محمد أفضل الصلاة ثم التحية) حكاية ما سمعناه من الشيخ الصالح التقي والفاضل الورع الزكي زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري (على مشرفه السلام) حيث اجتمعا به في مشهد الإمامين الزكيين الطاهرين المعصومين السعيدين عليهما السّلام بسرّ من رأى، وحكى لهما حكاية ما شاهده ورأى في البحر الأبيض والجزيرة الخضراء من الغرائب، فمر بي باعث الشوق إلى رؤياه وسألت تيسير لقياه والاستماع لهذا الخبر من نقله فيه باسقاط روايته، وعزمت على الانتقال إلى سر من رأى للاجتماع به، فاتفق أن الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني انحدر من سر من رأى إلى الحلة في أوائل شهر شوال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم في المشهد الغروي.
فلما سمعت بدخوله إلى الحلة وكنت يومئذ بها انتظر قدومه فإذا أنا به وقد اقبل راكبا يريد دار السيد الحسيب ذي النسب الرفيع والحسب المنيع السيد فخر
الدين الحسن بن علي الموسوي المازندراني نزيل الحلة (اطال الله بقاه) ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ المذكور ولكن خرج في خاطري أنه هو، فلما غاب عن عيني تبعته إلى دار السيد المذكور، فلما وصلت إلى باب الدار رأيت السيد فخر الدين واقفا على باب داره مستبشرا فلما رآني مقبلا ضحك في وجهي وعرفني بحضوره، فاستطار قلبي فرحا وسرورا ولم املك نفسي على الصبر عن الدخول إليه في غير ذلك الوقت فدخلت الدار مع السيد فخر الدين فسلمت عليه وقبلت يديه، فسأل السيد عن حالي فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم، فنهض واقفا وأقعدني في مجلسه ورحب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنه كان عارفا بهما سابقا ولم أكن في تلك الأوقات حاضرا بل كنت في بلدة واسط اشتغل في طلب العلم عند الشيخ العامل العالم الشيخ أبي اسحاق إبراهيم بن محمد الواسطي الإمامي تغمده الله برحمته وحشره في زمرة ائمته، فتحادثت مع الشيخ الصالح المذكور متع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه إمارات تدل على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث والعربية بأقسامها، وطلبت منه شرح ما حدّث به الرجلان الفاضلان العالمان العاملان المؤملان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحليان المذكوران سابقا (عفا الله عنهما) فقص لي القصة من أولها إلى آخرها بحضور السيد الجليل السيد فخر الدين نزيل الحلة صاحب الدار وحضور جماعة من علماء الحلة والأطراف قد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور (وفقه الله) وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال من سنة تسع وتسعين وستمائة، وهذه صورة ما سمعته من لفظه (اطال الله بقاه) وربما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير لكن المعاني واحدة، قال (حفظه الله تعالى): قد كنت مقيما في دمشق الشام منذ سنين مشتغلا بطلب العلم عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي (وفقه الله لنور الهداية) في علمي الأصول والعربية وعند الشيخ زين الدين علي المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنه كان عالما فاضلا عارفا بالقراءات السبع، وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف والنحو والمنطق والمعاني والأصولين، وكان لين الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته، فكان إذا جرى ذكر الشيعة قال: علماء الإمامية بخلاف غيرهم من المدرسين فإنهم يقولون عند ذكر الشيعة:(1/90)
فلما سمعت بدخوله إلى الحلة وكنت يومئذ بها انتظر قدومه فإذا أنا به وقد اقبل راكبا يريد دار السيد الحسيب ذي النسب الرفيع والحسب المنيع السيد فخر
الدين الحسن بن علي الموسوي المازندراني نزيل الحلة (اطال الله بقاه) ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ المذكور ولكن خرج في خاطري أنه هو، فلما غاب عن عيني تبعته إلى دار السيد المذكور، فلما وصلت إلى باب الدار رأيت السيد فخر الدين واقفا على باب داره مستبشرا فلما رآني مقبلا ضحك في وجهي وعرفني بحضوره، فاستطار قلبي فرحا وسرورا ولم املك نفسي على الصبر عن الدخول إليه في غير ذلك الوقت فدخلت الدار مع السيد فخر الدين فسلمت عليه وقبلت يديه، فسأل السيد عن حالي فقال له: هو الشيخ فضل بن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم، فنهض واقفا وأقعدني في مجلسه ورحب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنه كان عارفا بهما سابقا ولم أكن في تلك الأوقات حاضرا بل كنت في بلدة واسط اشتغل في طلب العلم عند الشيخ العامل العالم الشيخ أبي اسحاق إبراهيم بن محمد الواسطي الإمامي تغمده الله برحمته وحشره في زمرة ائمته، فتحادثت مع الشيخ الصالح المذكور متع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه إمارات تدل على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث والعربية بأقسامها، وطلبت منه شرح ما حدّث به الرجلان الفاضلان العالمان العاملان المؤملان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحليان المذكوران سابقا (عفا الله عنهما) فقص لي القصة من أولها إلى آخرها بحضور السيد الجليل السيد فخر الدين نزيل الحلة صاحب الدار وحضور جماعة من علماء الحلة والأطراف قد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور (وفقه الله) وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوال من سنة تسع وتسعين وستمائة، وهذه صورة ما سمعته من لفظه (اطال الله بقاه) وربما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير لكن المعاني واحدة، قال (حفظه الله تعالى): قد كنت مقيما في دمشق الشام منذ سنين مشتغلا بطلب العلم عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي (وفقه الله لنور الهداية) في علمي الأصول والعربية وعند الشيخ زين الدين علي المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنه كان عالما فاضلا عارفا بالقراءات السبع، وكان له معرفة في أغلب العلوم من الصرف والنحو والمنطق والمعاني والأصولين، وكان لين الطبع لم يكن عنده معاندة في البحث ولا في المذهب لحسن ذاته، فكان إذا جرى ذكر الشيعة قال: علماء الإمامية بخلاف غيرهم من المدرسين فإنهم يقولون عند ذكر الشيعة:
قال علماء الرافضة فاختصصت به وتركت التردد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان اقرأ عليه في العلوم المذكورة، فاتفق أنه عزم على السفر من دمشق الشام يريد الديار المصرية فلكثرة المحبة التي كانت بيننا عزّ علي مفارقته وهو أيضا
كذلك. فآلى الأمر إلى أنه (هداه الله) ضمم العرب على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي يقرأون عليه فصحبه أكثرهم فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة وهي أكبر المدائن كلها، فأقام بالمسجد الأزهر مدة يدرس فتسامع فضلاء مصر بقدومه فوردوا كلهم لزيارته والإنتفاع بعلومه، فأقام في فاخرة مصر مدة تسعة أشهر ونحن معه على أحسن حال، وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومعها رجل معه كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور ويعرف فيه بمرض شديد قد عرض له وإنه يتمنى الإجتماع به قبل الممات ويحثه فيه على عدم التأخير، فرق الشيخ من كتاب أبيه فبكى وصمم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته ومن الجملة أنا لأنه (هداه الله) كان قد احبني محبة شديدة وحسن إلي المسير معه.(1/91)
قال علماء الرافضة فاختصصت به وتركت التردد إلى غيره، فأقمنا على ذلك برهة من الزمان اقرأ عليه في العلوم المذكورة، فاتفق أنه عزم على السفر من دمشق الشام يريد الديار المصرية فلكثرة المحبة التي كانت بيننا عزّ علي مفارقته وهو أيضا
كذلك. فآلى الأمر إلى أنه (هداه الله) ضمم العرب على صحبتي له إلى مصر، وكان عنده جماعة من الغرباء مثلي يقرأون عليه فصحبه أكثرهم فسرنا في صحبته إلى أن وصلنا مدينة بلاد مصر المعروفة بالفاخرة وهي أكبر المدائن كلها، فأقام بالمسجد الأزهر مدة يدرس فتسامع فضلاء مصر بقدومه فوردوا كلهم لزيارته والإنتفاع بعلومه، فأقام في فاخرة مصر مدة تسعة أشهر ونحن معه على أحسن حال، وإذا بقافلة قد وردت من الأندلس ومعها رجل معه كتاب من والد شيخنا الفاضل المذكور ويعرف فيه بمرض شديد قد عرض له وإنه يتمنى الإجتماع به قبل الممات ويحثه فيه على عدم التأخير، فرق الشيخ من كتاب أبيه فبكى وصمم العزم على المسير إلى جزيرة الأندلس، فعزم بعض التلامذة على صحبته ومن الجملة أنا لأنه (هداه الله) كان قد احبني محبة شديدة وحسن إلي المسير معه.
فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أول قرية من الجزيرة المذكورة عرض لي حمّى منعتني عن الحركة، فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رق لي وبكى وقال: يعز علي مفارقتك فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم وأمره أن يتعاهدني حتى لا يكون مني أحد الأمرين وإن منّ الله علي بالعافية اتبعه إلى بلده، هكذا عهداني بذلك (وفقه الله لنور الهداية إلى صراط الحق المستقيم) ثم مضى إلى بلد الأندلس ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام، فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيام لا استطيع الحركة لشدة ما اصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى وخرجت ادور في سكة تلك القرية، فرأيت قفلا قد وصل من جبال قريبة من شاطىء البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن حالهم فقيل: إن هؤلآء يجيئون من جهة قريبة من أرض البويرة وهي قريبة من جزائر الرافضة، فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إن المسافة خمسة وعشرين يوما منها يومان بغير عمارة ولا ماء وبعد ذلك فالقرى متصلة، فاكتريت معهم من رجل حمار بمبلغ ثلاثة دراهم لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلما قطعنا تلك المسافة ووصلنا ارضهم العامرة فمشيت راجلا وتنقلت على اختياري من قرية إلى أخرى إلى أن وصلت إلى أول تلك الأماكن فقيل لي: إن جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم اتأخر فوصلت إلى جزيرة ذات اسوار أربعة ولها أبراج محكمات عاليات شاهقات، وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطىء البحر، فدخلت من باب كبير يقال له باب البربر فدرت في سككها اسأل عن مسجد البلد فهديت عليه ودخلت إليه
فرأيته جامعا كبيرا معظما واقعا على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذن يؤذن للظهر ونادى بحي على خير العمل ولما فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان عليه السّلام فأخذتني العبرة بالبكاء فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد وشرعوا في الوضوء على عين ماء تحت شجرة في الجانب الشرقي من المسجد وأنا أنظر إليهم فرحا مسرورا لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمة الهدى (سلام الله عليهم)، فلما فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهي الصورة عليه السكينة والوقار فتقدم إلى المحراب وأقام الصلاة فاعتدلت الصفوف وراءه وصلى بهم إماما وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمتنا عليهم السّلام على الوجه المرضاة فرضا ونقلا وكذا التعقيب والتسبيح، ومن شدة ما لقيته من وعثاء السفر وتعبي في الطريق لم يمكني أن أصلي معهم الظهر.(1/92)
فسافرت إلى الأندلس في صحبته فحيث وصلنا إلى أول قرية من الجزيرة المذكورة عرض لي حمّى منعتني عن الحركة، فحيث رآني الشيخ على تلك الحالة رق لي وبكى وقال: يعز علي مفارقتك فأعطى خطيب تلك القرية التي وصلنا إليها عشرة دراهم وأمره أن يتعاهدني حتى لا يكون مني أحد الأمرين وإن منّ الله علي بالعافية اتبعه إلى بلده، هكذا عهداني بذلك (وفقه الله لنور الهداية إلى صراط الحق المستقيم) ثم مضى إلى بلد الأندلس ومسافة الطريق من ساحل البحر إلى بلده خمسة أيام، فبقيت في تلك القرية ثلاثة أيام لا استطيع الحركة لشدة ما اصابني من الحمى ففي آخر اليوم الثالث فارقتني الحمى وخرجت ادور في سكة تلك القرية، فرأيت قفلا قد وصل من جبال قريبة من شاطىء البحر الغربي يجلبون الصوف والسمن والأمتعة، فسألت عن حالهم فقيل: إن هؤلآء يجيئون من جهة قريبة من أرض البويرة وهي قريبة من جزائر الرافضة، فحيث سمعت ذلك منهم ارتحت إليهم وجذبني باعث الشوق إلى أرضهم فقيل لي: إن المسافة خمسة وعشرين يوما منها يومان بغير عمارة ولا ماء وبعد ذلك فالقرى متصلة، فاكتريت معهم من رجل حمار بمبلغ ثلاثة دراهم لقطع تلك المسافة التي لا عمارة فيها، فلما قطعنا تلك المسافة ووصلنا ارضهم العامرة فمشيت راجلا وتنقلت على اختياري من قرية إلى أخرى إلى أن وصلت إلى أول تلك الأماكن فقيل لي: إن جزيرة الروافض قد بقي بينك وبينها ثلاثة أيام، فمضيت ولم اتأخر فوصلت إلى جزيرة ذات اسوار أربعة ولها أبراج محكمات عاليات شاهقات، وتلك الجزيرة بحصونها راكبة على شاطىء البحر، فدخلت من باب كبير يقال له باب البربر فدرت في سككها اسأل عن مسجد البلد فهديت عليه ودخلت إليه
فرأيته جامعا كبيرا معظما واقعا على البحر من الجانب الغربي من البلد، فجلست في جانب المسجد لأستريح وإذا بالمؤذن يؤذن للظهر ونادى بحي على خير العمل ولما فرغ دعا بتعجيل الفرج للإمام صاحب الزمان عليه السّلام فأخذتني العبرة بالبكاء فدخلت جماعة بعد جماعة إلى المسجد وشرعوا في الوضوء على عين ماء تحت شجرة في الجانب الشرقي من المسجد وأنا أنظر إليهم فرحا مسرورا لما رأيته من وضوئهم المنقول عن أئمة الهدى (سلام الله عليهم)، فلما فرغوا من وضوئهم وإذا برجل قد برز من بينهم بهي الصورة عليه السكينة والوقار فتقدم إلى المحراب وأقام الصلاة فاعتدلت الصفوف وراءه وصلى بهم إماما وهم به مأمومون صلاة كاملة بأركانها المنقولة عن أئمتنا عليهم السّلام على الوجه المرضاة فرضا ونقلا وكذا التعقيب والتسبيح، ومن شدة ما لقيته من وعثاء السفر وتعبي في الطريق لم يمكني أن أصلي معهم الظهر.
فلما فرغوا ورأوني انكروا علي بعدم الاقتداء بهم فتوجهوا نحوي بأجمعهم وسألوني عن حالي ومن أين أصلي وما مذهبي؟ فشرحت لهم احوالي وإني عراقي الأصل وأما مذهبي فإني رجل مسلم أقول: «اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون» فقالوا لي: لا تنفعك هاتان الشهادتان الا تحقن دمك في دار الدنيا لم لا تقول الشهادة الأخرى لتدخل الجنة بغير حساب؟ فقلت لهم: وما تلك الشهادة الأخرى اهدوني إليها يرحمكم الله؟ فقال لي إمامهم: الشهادة الثالثة هي أن تشهد أن أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وقائد الغر المحجلين علي بن أبي طالب والأئمة الأحد عشر من ولده أوصياء رسول الله وخلفاؤه من بعده بلا فاصلة قد أوجب الله عز وجل طاعتهم على عباده وجعلهم أولياء أمره ونهيه وحججا على خلقه في أرضه وأمانا لبريته لأن الصادق الأمين محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم سماهم واحدا بعد واحد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فلما سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك وحصل عندي أكمل السرور وذهب عني تعب الطريق من الفرح وعرفتهم أني على دينهم، فتوجهوا إلىّ توجه اشفاق وعينوا لي مكانا في زوايا المسجد وما زالوا يتعاهدوني بالعزة والإكرام مدة إقامتي عندهم، وصار إمام المسجد لا يفارقنى ليلا ونهارا فسألته عن ميرة أهل بلده من اين تأتيهم فلا أرى لهم أرضا مزروعة؟ فقال: تأتي لهم ميرة من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض من جزائر أولاد الإمام صاحب الأمر عليه السّلام فقلت له:
كم تأتيكم ميرتكم في السنة؟ فقال: مرتين وقد أتت مرة وبقيت أخرى، فقلت كم بقي حتى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر، فتأثرت لطول المدة ومكثت عندهم مقدار أربعين يوما أدعو لله ليلا ونهارا بتعجيل مجيئهم وكنت عندهم في غاية الإعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدة فخرجت إلى شاطىء البحر أنظر إلى جهة الغرب التي ذكر أهل البلد ان ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة فرأيت شبحا من بعيد يتحرك فسألت عن شيخ من أهل البلدة وقلت له:(1/93)
فلما سمعت مقالتهم هذه حمدت الله سبحانه على ذلك وحصل عندي أكمل السرور وذهب عني تعب الطريق من الفرح وعرفتهم أني على دينهم، فتوجهوا إلىّ توجه اشفاق وعينوا لي مكانا في زوايا المسجد وما زالوا يتعاهدوني بالعزة والإكرام مدة إقامتي عندهم، وصار إمام المسجد لا يفارقنى ليلا ونهارا فسألته عن ميرة أهل بلده من اين تأتيهم فلا أرى لهم أرضا مزروعة؟ فقال: تأتي لهم ميرة من الجزيرة الخضراء من البحر الأبيض من جزائر أولاد الإمام صاحب الأمر عليه السّلام فقلت له:
كم تأتيكم ميرتكم في السنة؟ فقال: مرتين وقد أتت مرة وبقيت أخرى، فقلت كم بقي حتى تأتيكم؟ قال: أربعة أشهر، فتأثرت لطول المدة ومكثت عندهم مقدار أربعين يوما أدعو لله ليلا ونهارا بتعجيل مجيئهم وكنت عندهم في غاية الإعزاز والإكرام، ففي آخر يوم من الأربعين ضاق صدري لطول المدة فخرجت إلى شاطىء البحر أنظر إلى جهة الغرب التي ذكر أهل البلد ان ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة فرأيت شبحا من بعيد يتحرك فسألت عن شيخ من أهل البلدة وقلت له:
هل يكون في البحر طير أبيض؟ فقال لي: لا فهل رأيت شيئا؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كل سنة من بلاد أولاد الإمام عليه السّلام فما كان إلا قليل حتى قدمت تلك المراكب وعلى قولهم إن مجيئها كان في غير الميعاد، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتى كملت سبعا فصعد من المركب الكبير شيخ مربوع القامة بهي المنظر حسن الزي ودخل المسجد فتوضأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمة الهدى عليهم السّلام وصلى الظهرين فلما فرغ من صلاته التفت نحوي مسلّما علي فرددت عليه فقال لي: ما اسمك وأظن أن اسمك علي؟ قلت: صدقت، فحادثني محادثة من يعرفني فقال: إسم أبيك ويوشك أن يكون فاضلا؟ قلت: نعم، ولم أكن اشك في أنه قد كان في صحبتنا من دمشق الشام إلى مصر. فقلت أيها الشيخ: ما أعرفك بي وبأبي هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق الشام إلى مصر؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر، قلت له: ومن أين تعرفني باسمي وإسم أبي؟ قال: أعلم أنه قد تقدم إلي وصفك وأصلك ومعرفة إسمك وشخصك وهيئتك وإسم أبيك (رحمه الله) وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء، فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم إسم، وكان من عادته أنه لا يقيم عندهم إلا ثلاثة أيام فأقام أسبوعا وأوصل الميرة إلى أصحابها المقررة لهم، فلما أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرر لهم عزم على السفر وحملني معه وسرنا في البحر، فلما كان اليوم السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض فجعلت أطيل النظر إليه فقال لي الشيخ واسمه محمد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إني أراه على غير لون ماء البحر فقال لي: هو البحر الأبيض وتلك الجزيرة الخضراء وهذا الماء مستدير حولها مثل السّور أي من أي الجهات أتيته وجدته وبحكمة الله تعالى إن مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليه السّلام فاستعملته وشربت منه فإذا هو كماء الفرات.
ثم إنا قطعنا ذلك الماء الأبيض ووصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة، ثم صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد فرأيته محصنا بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطىء البحر ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوعة، وفيها أسواق كثيرة وحمامات عديدة وأكثر عمارتها برخام شفاف، وأهلها في أحسن الزي والبهي. فاستطار عقلي سرورا لما رأيته. ثم مضى بي رفيقي محمد بعد ما استرحنا في منزله إلى الجامع المعظم فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر أصفه والناس يخاطبونه بالسيد شمس الدين محمد العالم ويقرأون عليه في القرآن والفقه والعربية بأقسامها وأصول الدين والفقه الذي يقرأونه عن صاحب الأمر عليه السّلام مسألة مسألة وقضية قضية وحكما حكما، فلما مثلت بينه يديه رحب بي وأجلسني في القرب منه واحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرفني أنه تقدم إليه كل أحوالي وأن رفيقي الشيخ محمّدا إنما جاء بي بأمر من السيد شمس الدين العالم (اطال الله بقاه) ثم أمر بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك فاسترحت فيه إلى وقت العصر وإذا أنا بالموكل بي قد أتى إلي وقال لي: لا تبرح من مكانك حتى يأتيك السيد (سلمه الله تعالى) وقد أقبل ومعه أصحابه فجلسوا ومدّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيد الأجل صلاة المغرب والعشاء، فلما فرغنا من الصلاتين ذهب السيد إلى منزله ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحالة مدة ثمانية عشر يوما ونحن في صحبته (اطال الله بقاه) فأول جمعة صلينا معهم رأيت السيد صلى الجمعة ركعتين فريضة واجبة، فلما انقضت الصلاة قلت:(1/94)
هل يكون في البحر طير أبيض؟ فقال لي: لا فهل رأيت شيئا؟ قلت: نعم، فاستبشروا وقالوا: هذه المراكب التي تأتي إلينا في كل سنة من بلاد أولاد الإمام عليه السّلام فما كان إلا قليل حتى قدمت تلك المراكب وعلى قولهم إن مجيئها كان في غير الميعاد، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتى كملت سبعا فصعد من المركب الكبير شيخ مربوع القامة بهي المنظر حسن الزي ودخل المسجد فتوضأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمة الهدى عليهم السّلام وصلى الظهرين فلما فرغ من صلاته التفت نحوي مسلّما علي فرددت عليه فقال لي: ما اسمك وأظن أن اسمك علي؟ قلت: صدقت، فحادثني محادثة من يعرفني فقال: إسم أبيك ويوشك أن يكون فاضلا؟ قلت: نعم، ولم أكن اشك في أنه قد كان في صحبتنا من دمشق الشام إلى مصر. فقلت أيها الشيخ: ما أعرفك بي وبأبي هل كنت معنا حيث سافرنا من دمشق الشام إلى مصر؟ فقال: لا، قلت: ولا من مصر إلى الأندلس؟ قال: لا ومولاي صاحب العصر، قلت له: ومن أين تعرفني باسمي وإسم أبي؟ قال: أعلم أنه قد تقدم إلي وصفك وأصلك ومعرفة إسمك وشخصك وهيئتك وإسم أبيك (رحمه الله) وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء، فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم إسم، وكان من عادته أنه لا يقيم عندهم إلا ثلاثة أيام فأقام أسبوعا وأوصل الميرة إلى أصحابها المقررة لهم، فلما أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرر لهم عزم على السفر وحملني معه وسرنا في البحر، فلما كان اليوم السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض فجعلت أطيل النظر إليه فقال لي الشيخ واسمه محمد: ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له: إني أراه على غير لون ماء البحر فقال لي: هو البحر الأبيض وتلك الجزيرة الخضراء وهذا الماء مستدير حولها مثل السّور أي من أي الجهات أتيته وجدته وبحكمة الله تعالى إن مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليه السّلام فاستعملته وشربت منه فإذا هو كماء الفرات.
ثم إنا قطعنا ذلك الماء الأبيض ووصلنا إلى الجزيرة الخضراء لا زالت عامرة، ثم صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد فرأيته محصنا بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطىء البحر ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوعة، وفيها أسواق كثيرة وحمامات عديدة وأكثر عمارتها برخام شفاف، وأهلها في أحسن الزي والبهي. فاستطار عقلي سرورا لما رأيته. ثم مضى بي رفيقي محمد بعد ما استرحنا في منزله إلى الجامع المعظم فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر أصفه والناس يخاطبونه بالسيد شمس الدين محمد العالم ويقرأون عليه في القرآن والفقه والعربية بأقسامها وأصول الدين والفقه الذي يقرأونه عن صاحب الأمر عليه السّلام مسألة مسألة وقضية قضية وحكما حكما، فلما مثلت بينه يديه رحب بي وأجلسني في القرب منه واحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرفني أنه تقدم إليه كل أحوالي وأن رفيقي الشيخ محمّدا إنما جاء بي بأمر من السيد شمس الدين العالم (اطال الله بقاه) ثم أمر بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد وقال لي: هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة، فنهضت ومضيت إلى ذلك فاسترحت فيه إلى وقت العصر وإذا أنا بالموكل بي قد أتى إلي وقال لي: لا تبرح من مكانك حتى يأتيك السيد (سلمه الله تعالى) وقد أقبل ومعه أصحابه فجلسوا ومدّت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيد الأجل صلاة المغرب والعشاء، فلما فرغنا من الصلاتين ذهب السيد إلى منزله ورجعت إلى مكاني وأقمت على هذه الحالة مدة ثمانية عشر يوما ونحن في صحبته (اطال الله بقاه) فأول جمعة صلينا معهم رأيت السيد صلى الجمعة ركعتين فريضة واجبة، فلما انقضت الصلاة قلت:
يا سيدي رأيتكم صليتم الجمعة ركعتين فريضة واجبة؟ قال: نعم لأن شروطها المعلومة قد حضرت ووجبت، فقلت في نفسي: ربما كان الإمام عليه السّلام حاضرا ثم في وقت آخر سألت منه في الخلوة هل كان الإمام حاضرا؟ فقال: لا ولكني أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليه السّلام فقلت: يا سيدي وهل رأيت الإمام عليه السّلام؟
قال: لا ولكن حدثني أبي (رحمه الله) انه سمع حديثه ورأى شخصه، فقلت له:
ولم ذلك يا سيدي يختص بذلك رجل دون آخر؟ فقال: يا أخي إن الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده وذلك بحكمة بالغة وعظمة قاهرة كما أن الله اختصّ من عباده الأنبياء والمرسلين والأوصياء المنتجبين فجعلهم أعلاما لخلقه وحججا على بريته ووسيلة بينهم وبينه ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولم يخل أرضه بغير حجة على عباده، ولا بد لكل حجة من سفير يبلغ عنه.
ثم ان السيد (سلمه الله تعالى) اخذ بيدي إلى خارج مدينتهم وجعل يسير معي نحو البساتين فرأيت فيها انهارا جارية وبساتين كثيرة مشتملة على أنواع الفواكه عظيمة الحسن والحلاوة من العنب والرمان والكمثرى وغيرها ما لم أرها في العراقين ولا في الشامات كلها. فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مر بنا رجل بهي الصورة مشتمل ببردتين من صوف أبيض، فلما قرب منا سلم علينا وانصرف عنا فأعجبتني هيئته فقلت للسيد سلمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أنظر إلى هذا الجبل الشاهق، قلت: نعم، قال: إن في وسطه لمكان حسن وفيه عين جارية تحت شجرة ذات أغصان كثيرة وعندها قبة مبنية بالآجر وإن هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبة وأنا أمضي إلى هناك في كل صباح جمعة وازور الإمام عنها منها وأصلي ركعتين واجد هناك ورقه مكتوب فيها ما احتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمنته الورقه أعمل بها فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السّلام من القبة، فذهبت إلى الجبل فرأيت القبة على ما وصف لي (سلمه الله تعالى) ووجدت هناك خادمين فرحب بي الذي مرّ علينا وانكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإني رأيته في صحبة السيد شمس الدين العلم، فتوجه الي ورحب بي وحادثاني واتياني بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبة وتؤضأت وصليت ركعتين وسألت الخادمين عن رؤية الإمام، فقالا لي: الرؤية غير ممكنة إذ ليس معنا إذن في اخبار أحد. فطلبت منهما الدعاء فدعيا لي وانصرفت عنهما ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة. فلما وصلت إليها ذهبت إلى دار السيد شمس الدين العالم فقيل لي: إنه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل واجتماعي بالخادمين وانكار الخادم علي، فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان سوى السيد شمس الدين وأمثاله فلهذا وقع الإنكار منه عليك. فسألته عن أحوال السيد شمس الدين (ادام الله افضاله) فقال: انه من أولاد الإمام عليه السّلام وإن بينه وبين الإمام خمسة آباء وأنه النائب الخاص عن أمر صدر منه.(1/95)
ولم ذلك يا سيدي يختص بذلك رجل دون آخر؟ فقال: يا أخي إن الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده وذلك بحكمة بالغة وعظمة قاهرة كما أن الله اختصّ من عباده الأنبياء والمرسلين والأوصياء المنتجبين فجعلهم أعلاما لخلقه وحججا على بريته ووسيلة بينهم وبينه ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولم يخل أرضه بغير حجة على عباده، ولا بد لكل حجة من سفير يبلغ عنه.
ثم ان السيد (سلمه الله تعالى) اخذ بيدي إلى خارج مدينتهم وجعل يسير معي نحو البساتين فرأيت فيها انهارا جارية وبساتين كثيرة مشتملة على أنواع الفواكه عظيمة الحسن والحلاوة من العنب والرمان والكمثرى وغيرها ما لم أرها في العراقين ولا في الشامات كلها. فبينما نحن نسير من بستان إلى آخر إذ مر بنا رجل بهي الصورة مشتمل ببردتين من صوف أبيض، فلما قرب منا سلم علينا وانصرف عنا فأعجبتني هيئته فقلت للسيد سلمه الله: من هذا الرجل؟ قال لي: أنظر إلى هذا الجبل الشاهق، قلت: نعم، قال: إن في وسطه لمكان حسن وفيه عين جارية تحت شجرة ذات أغصان كثيرة وعندها قبة مبنية بالآجر وإن هذا الرجل مع رفيق له خادمان لتلك القبة وأنا أمضي إلى هناك في كل صباح جمعة وازور الإمام عنها منها وأصلي ركعتين واجد هناك ورقه مكتوب فيها ما احتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين، فمهما تضمنته الورقه أعمل بها فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور الإمام عليه السّلام من القبة، فذهبت إلى الجبل فرأيت القبة على ما وصف لي (سلمه الله تعالى) ووجدت هناك خادمين فرحب بي الذي مرّ علينا وانكرني الآخر فقال له: لا تنكره فإني رأيته في صحبة السيد شمس الدين العلم، فتوجه الي ورحب بي وحادثاني واتياني بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبة وتؤضأت وصليت ركعتين وسألت الخادمين عن رؤية الإمام، فقالا لي: الرؤية غير ممكنة إذ ليس معنا إذن في اخبار أحد. فطلبت منهما الدعاء فدعيا لي وانصرفت عنهما ونزلت من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة. فلما وصلت إليها ذهبت إلى دار السيد شمس الدين العالم فقيل لي: إنه خرج في حاجة له، فذهبت إلى دار الشيخ محمد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل واجتماعي بالخادمين وانكار الخادم علي، فقال لي: ليس لأحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان سوى السيد شمس الدين وأمثاله فلهذا وقع الإنكار منه عليك. فسألته عن أحوال السيد شمس الدين (ادام الله افضاله) فقال: انه من أولاد الإمام عليه السّلام وإن بينه وبين الإمام خمسة آباء وأنه النائب الخاص عن أمر صدر منه.
قال الشيخ الصالح زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري (على مشرفه السلام) واستأذنت السيد شمس الدين (اطال الله بقاه) في نقل بعض المسائل الذي يحتاج إليها عنه وقراءة القرآن المجيد ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بد من ذلك فابدأ أولا بقراءة القرآن العظيم، فكان كلما قرأت شيئا فيه خلاف بين القرآن أقول:
قرأ حمزة كذا وقرأ الكسائي وقرأ عاصم كذا وأبو عمرو وابن كثير كذا، فقال السيد: نحن لا نعرف هؤلاء وإنما القرآن نزل على سبعة أحرف قبل الهجرة من مكة إلى المدينة وبعدها لما حج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم حجة الوداع نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمد اتل علي القرآن حتى أعرفك أوائل السور وأواخرها وشأن نزولها، فاجتمع إليه علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين عليهم السّلام وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعة من الصحابة (رضي الله عن المنتجبين منهم) فقرأ النبي صلّى الله عليه واله وسلّم القرآن من أوله إلى آخره، فكان كلما مرّ بموضع فيه اختلاف بينه له جبرئيل وأمير المؤمنين عليه السّلام يكتب ذلك في درج من أدم، فالجميع قراءة أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين فقلت له: يا سيدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها وبما بعدها وكان فهمي القاصر لم يصل إلى غروبة ذلك؟ فقال: نعم الأمر كما رأيته وذلك لما انتقل سيد البشر محمد بن عبد الله صلّى الله عليه واله وسلّم من دار الفناء إلى دار البقاء وفعلا صنما قريش ما فعلاه من غصب الخلافة الظاهرة جمع أمير المؤمنين عليه السّلام القرآن كله ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أن أعرضه إليكم بقيام الحجة عليكم يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قراءتك، فقال له عليه السّلام: قد اخبرني حبيبي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بقولك هذا وإنما أردت بذلك القاء الحجة عليكم. فرجع أمير المؤمنين عليه السّلام به إلى منزله وهو يقول: لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لا رادّ لما سبق في علمك ولا مانع لما اقتضته حكمتك فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك. فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين وقال لهم: كل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح وعثمان وسعيد بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن وأسقطوا مما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم بعد وفاة سيد المرسلين صلّى الله عليه واله وسلّم، فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة، والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السّلام بخطه محفوظ عند صاحب الأمر عليه السّلام فيه كل شيء حتى أرش الخدش، وأما هذا القرآن فلا شك ولا شبهة في صحته وإنه كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر عليه السّلام.(1/96)
قال الشيخ الصالح زين الدين علي بن فاضل المازندراني المجاور بالغري (على مشرفه السلام) واستأذنت السيد شمس الدين (اطال الله بقاه) في نقل بعض المسائل الذي يحتاج إليها عنه وقراءة القرآن المجيد ومقابلة المواضع المشكلة من العلوم الدينية وغيرها فأجاب إلى ذلك وقال: إذا كان ولا بد من ذلك فابدأ أولا بقراءة القرآن العظيم، فكان كلما قرأت شيئا فيه خلاف بين القرآن أقول:
قرأ حمزة كذا وقرأ الكسائي وقرأ عاصم كذا وأبو عمرو وابن كثير كذا، فقال السيد: نحن لا نعرف هؤلاء وإنما القرآن نزل على سبعة أحرف قبل الهجرة من مكة إلى المدينة وبعدها لما حج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم حجة الوداع نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمد اتل علي القرآن حتى أعرفك أوائل السور وأواخرها وشأن نزولها، فاجتمع إليه علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين عليهم السّلام وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعة من الصحابة (رضي الله عن المنتجبين منهم) فقرأ النبي صلّى الله عليه واله وسلّم القرآن من أوله إلى آخره، فكان كلما مرّ بموضع فيه اختلاف بينه له جبرئيل وأمير المؤمنين عليه السّلام يكتب ذلك في درج من أدم، فالجميع قراءة أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين فقلت له: يا سيدي أرى بعض الآيات غير مرتبطة بما قبلها وبما بعدها وكان فهمي القاصر لم يصل إلى غروبة ذلك؟ فقال: نعم الأمر كما رأيته وذلك لما انتقل سيد البشر محمد بن عبد الله صلّى الله عليه واله وسلّم من دار الفناء إلى دار البقاء وفعلا صنما قريش ما فعلاه من غصب الخلافة الظاهرة جمع أمير المؤمنين عليه السّلام القرآن كله ووضعه في إزار وأتى به إليهم وهم في المسجد فقال لهم: هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أن أعرضه إليكم بقيام الحجة عليكم يوم العرض بين يدي الله تعالى، فقال له فرعون هذه الأمة ونمرودها: لسنا محتاجين إلى قراءتك، فقال له عليه السّلام: قد اخبرني حبيبي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بقولك هذا وإنما أردت بذلك القاء الحجة عليكم. فرجع أمير المؤمنين عليه السّلام به إلى منزله وهو يقول: لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لا رادّ لما سبق في علمك ولا مانع لما اقتضته حكمتك فكن أنت الشاهد لي عليهم يوم العرض عليك. فنادى ابن أبي قحافة بالمسلمين وقال لهم: كل من عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها، فجاءه أبو عبيدة بن الجراح وعثمان وسعيد بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وحسان بن ثابت وجماعات المسلمين وجمعوا هذا القرآن وأسقطوا مما كان فيه من المثالب التي صدرت منهم بعد وفاة سيد المرسلين صلّى الله عليه واله وسلّم، فلهذا ترى الآيات غير مرتبطة، والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين عليه السّلام بخطه محفوظ عند صاحب الأمر عليه السّلام فيه كل شيء حتى أرش الخدش، وأما هذا القرآن فلا شك ولا شبهة في صحته وإنه كلام الله سبحانه هكذا صدر عن صاحب الأمر عليه السّلام.
قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل: ونقلت عن السيد شمس الدين (حفظه الله
تعالى) مسائل كثيرة تنوف على تسعين مسألة وهي عندي جمعتها في مجلد واحد وسميتها بالفوائد الشمسية ولا أطلع عليها إلا الخلص من المؤمنين وستراه إن شاء الله، فلما كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جمع الشهر وفرغنا من الصلاة وجلس السيد (سلمه الله تعالى) في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجا ومرجا وجزلة عظيمة خارج المسجد فسألت من السيد عما سمعته فقال لي: إن أمراء عسكرنا يركبون في كل جمعة من وسط كل شهر وينتظرون الفرج، فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي فخرجت لرؤيتهم وإذا هم جمع كثير يسبحون الله ويحمدونه ويهللونه جلّ وعزّ ويدعون الفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله محمد بن الحسن المهدي الخلف الصالح صاحب الزمان عليه السّلام ثم عدت إلى مسجد السيد (سلمه الله تعالى) فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت أمراءهم؟ فقلت: لا، قال: عدتهم ثلثمائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصرا ويعجل الله لوليه الفرج بمشيئته انه جواد كريم. فقلت: يا سيدي ومتى يكون الفرج؟ فقال: يا أخي إنما العلم عند الله والأمر متعلق بمشيئته سبحانه وتعالى حتى أنه ربما كان الإمام عليه السّلام لا يعرف ذلك بل له علامات وإمارات تدل على خروجه من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه ويتكلم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله فاقتل أعداء الله، ومنها ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلهم: الصوت الأول أزفة الآزفه يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني الا لعنة الله على القوم الظالمين لآل محمد، والثالث يظهره الله فيرى في قرن الشمس يقول: إن الله بعث صاحب الأمر محمد بن الحسن المهدي عليه السّلام فاسمعوا له واطيعوا. فقلت: يا سيدي قد روينا عن مشائخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السّلام انه قال لما أمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب، فقال: فيكم من يراه؟ فقال: صدقت انه عليه السّلام انما قال ذلك في ذلك الزمان لكثره أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العباس حتى إن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وآيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعتاتهم، وببركته عليه السّلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا، قلت: يا سيدي قد روت علماء الشيعة حديثا عن الإمام عليه السّلام أنه أباح الخمس لشيعته فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم إنه رخص وأباح الخمس لشيعته من ولد علي عليه السّلام وقال: هم في حل من ذلك، فقلت: وهل رخص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامة؟ قال: نعم ومن سبي غيرهم لأنه عليه السّلام قال: عاملوهم
بما عاملوا به أنفسهم. وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سميتها لك.(1/97)
قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل: ونقلت عن السيد شمس الدين (حفظه الله
تعالى) مسائل كثيرة تنوف على تسعين مسألة وهي عندي جمعتها في مجلد واحد وسميتها بالفوائد الشمسية ولا أطلع عليها إلا الخلص من المؤمنين وستراه إن شاء الله، فلما كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جمع الشهر وفرغنا من الصلاة وجلس السيد (سلمه الله تعالى) في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجا ومرجا وجزلة عظيمة خارج المسجد فسألت من السيد عما سمعته فقال لي: إن أمراء عسكرنا يركبون في كل جمعة من وسط كل شهر وينتظرون الفرج، فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي فخرجت لرؤيتهم وإذا هم جمع كثير يسبحون الله ويحمدونه ويهللونه جلّ وعزّ ويدعون الفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله محمد بن الحسن المهدي الخلف الصالح صاحب الزمان عليه السّلام ثم عدت إلى مسجد السيد (سلمه الله تعالى) فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت أمراءهم؟ فقلت: لا، قال: عدتهم ثلثمائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصرا ويعجل الله لوليه الفرج بمشيئته انه جواد كريم. فقلت: يا سيدي ومتى يكون الفرج؟ فقال: يا أخي إنما العلم عند الله والأمر متعلق بمشيئته سبحانه وتعالى حتى أنه ربما كان الإمام عليه السّلام لا يعرف ذلك بل له علامات وإمارات تدل على خروجه من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه ويتكلم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله فاقتل أعداء الله، ومنها ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلهم: الصوت الأول أزفة الآزفه يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني الا لعنة الله على القوم الظالمين لآل محمد، والثالث يظهره الله فيرى في قرن الشمس يقول: إن الله بعث صاحب الأمر محمد بن الحسن المهدي عليه السّلام فاسمعوا له واطيعوا. فقلت: يا سيدي قد روينا عن مشائخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السّلام انه قال لما أمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب، فقال: فيكم من يراه؟ فقال: صدقت انه عليه السّلام انما قال ذلك في ذلك الزمان لكثره أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العباس حتى إن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وآيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعتاتهم، وببركته عليه السّلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا، قلت: يا سيدي قد روت علماء الشيعة حديثا عن الإمام عليه السّلام أنه أباح الخمس لشيعته فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم إنه رخص وأباح الخمس لشيعته من ولد علي عليه السّلام وقال: هم في حل من ذلك، فقلت: وهل رخص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامة؟ قال: نعم ومن سبي غيرهم لأنه عليه السّلام قال: عاملوهم
بما عاملوا به أنفسهم. وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سميتها لك.(1/98)
قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل: ونقلت عن السيد شمس الدين (حفظه الله
تعالى) مسائل كثيرة تنوف على تسعين مسألة وهي عندي جمعتها في مجلد واحد وسميتها بالفوائد الشمسية ولا أطلع عليها إلا الخلص من المؤمنين وستراه إن شاء الله، فلما كانت الجمعة الثانية وهي الوسطى من جمع الشهر وفرغنا من الصلاة وجلس السيد (سلمه الله تعالى) في مجلس الإفادة للمؤمنين وإذا أنا أسمع هرجا ومرجا وجزلة عظيمة خارج المسجد فسألت من السيد عما سمعته فقال لي: إن أمراء عسكرنا يركبون في كل جمعة من وسط كل شهر وينتظرون الفرج، فاستأذنته في النظر إليهم فأذن لي فخرجت لرؤيتهم وإذا هم جمع كثير يسبحون الله ويحمدونه ويهللونه جلّ وعزّ ويدعون الفرج للإمام القائم بأمر الله والناصح لدين الله محمد بن الحسن المهدي الخلف الصالح صاحب الزمان عليه السّلام ثم عدت إلى مسجد السيد (سلمه الله تعالى) فقال لي: رأيت العسكر؟ فقلت: نعم، قال: فهل عددت أمراءهم؟ فقلت: لا، قال: عدتهم ثلثمائة ناصر وبقي ثلاثة عشر ناصرا ويعجل الله لوليه الفرج بمشيئته انه جواد كريم. فقلت: يا سيدي ومتى يكون الفرج؟ فقال: يا أخي إنما العلم عند الله والأمر متعلق بمشيئته سبحانه وتعالى حتى أنه ربما كان الإمام عليه السّلام لا يعرف ذلك بل له علامات وإمارات تدل على خروجه من جملتها أن ينطق ذو الفقار بأن يخرج من غلافه ويتكلم بلسان عربي مبين: قم يا ولي الله على اسم الله فاقتل أعداء الله، ومنها ثلاثة أصوات يسمعها الناس كلهم: الصوت الأول أزفة الآزفه يا معشر المؤمنين، والصوت الثاني الا لعنة الله على القوم الظالمين لآل محمد، والثالث يظهره الله فيرى في قرن الشمس يقول: إن الله بعث صاحب الأمر محمد بن الحسن المهدي عليه السّلام فاسمعوا له واطيعوا. فقلت: يا سيدي قد روينا عن مشائخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر عليه السّلام انه قال لما أمر بالغيبة الكبرى: من رآني بعد غيبتي فقد كذب، فقال: فيكم من يراه؟ فقال: صدقت انه عليه السّلام انما قال ذلك في ذلك الزمان لكثره أعدائه من أهل بيته وغيرهم من فراعنة بني العباس حتى إن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره، وفي هذا الزمان تطاولت المدة وآيس منه الأعداء وبلادنا نائية عنهم وعن ظلمهم وعتاتهم، وببركته عليه السّلام لا يقدر أحد من الأعداء على الوصول إلينا، قلت: يا سيدي قد روت علماء الشيعة حديثا عن الإمام عليه السّلام أنه أباح الخمس لشيعته فهل رويتم عنه ذلك؟ قال: نعم إنه رخص وأباح الخمس لشيعته من ولد علي عليه السّلام وقال: هم في حل من ذلك، فقلت: وهل رخص للشيعة أن يشتروا الإماء والعبيد من سبي العامة؟ قال: نعم ومن سبي غيرهم لأنه عليه السّلام قال: عاملوهم
بما عاملوا به أنفسهم. وهاتان المسألتان زائدتان على المسائل التي سميتها لك.
وقال السيد (سلمه الله تعالى) أنه عليه السّلام يخرج من مكة بين الركن والمقام في سنة وتر فليرتقبها المؤمنون، فقلت: يا سيد قد احببت المجاورة عندكم إلى أن يأذن الله لي بالفرج، فقال لي: اعلم يا أخي أنه تقدم إلي كلام بعودك إلى وطنك ولا يمكنني وإياك المخالفة لأنك ذو عيال وغبت عنهم مدة مديدة ولا يجوز لك التخلف عنهم بأكثر من هذا.
فتأثرت من ذلك فبكيت وقلت: يا مولاي وهل يجوز المراجعة في أمري؟
قال: لا، قلت: يا مولاي وهل تأذن لي أن أحكي كلما رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس بأن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم إلا كيت وكيت وعين ما لا أقوله، فقلت: يا سيدي أما يمكن النظر إلى جماله وبهائه عليه السّلام؟ قال: لا ولكن اعلم يا أخي أن كل مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه، فقلت: يا سيدي أنا من جملة عبيده المخلصين ولا رأيته، فقال لي: بل رأيته مرتين مرة لما أتيت إلى سر من رأى وهي أول مرة جئتها وسبقك أصحابك وتخلفت عنهم حتى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء وبيده رمح طويل وله سنان دمشقي، فلما رأيته خفت على ثيابك فلما وصل إليك قال: لا تخف إذهب إلى أصحابك فإنهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة، فاذكرني والله ما كان فقلت: قد كان ذلك يا سيدي، قال: والمرة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصرا مع شيخك الأندلسي وانقطعت عن القافلة وخفت خوفا شديدا فعارضك فارس على فرس غراء محجلة وبيده رمح أيضا وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه ولا تبق منهم فإنهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق مؤمنون مخلصون يدينون بدين علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين المعصومين من ذريته عليه السّلام أكان ذلك يابن فاضل؟ قلت: نعم وذهبت عند أهل القرية وتمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبهم فقالوا لي من غير تقية مني: نحن على مذهب أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين علي بن أبي طالب والأئمة المعصومين من ذريته عليه السّلام، فقلت لهم: من اين لكم هذا المذهب ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حين نفاه عثمان إلى الشام ونفاه معاوية إلى ارضنا هذه فعمتنا بركته، فلما أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهزوا معي رجلين ألحقاني بها بعد ان صرحت لهم بمذهبي، فقلت له: يا سيدي هل يحج الإمام عليه السّلام في كل مدة بعد؟ قال لي: يابن
فاضل الدنيا خطوة مؤمن فكيف بمن لم تقم الدنيا إلا بوجوده ووجود آبائه عليهم السّلام نعم يحج في كل عام ويزور آبائه في المدينة والعراق وطوس (على مشرفها السلام) ويرجع إلى أرضنا هذه.(1/99)
قال: لا، قلت: يا مولاي وهل تأذن لي أن أحكي كلما رأيته وسمعته؟ قال: لا بأس بأن تحكي للمؤمنين لتطمئن قلوبهم إلا كيت وكيت وعين ما لا أقوله، فقلت: يا سيدي أما يمكن النظر إلى جماله وبهائه عليه السّلام؟ قال: لا ولكن اعلم يا أخي أن كل مؤمن مخلص يمكن أن يرى الإمام ولا يعرفه، فقلت: يا سيدي أنا من جملة عبيده المخلصين ولا رأيته، فقال لي: بل رأيته مرتين مرة لما أتيت إلى سر من رأى وهي أول مرة جئتها وسبقك أصحابك وتخلفت عنهم حتى وصلت إلى نهر لا ماء فيه فحضر عندك فارس على فرس شهباء وبيده رمح طويل وله سنان دمشقي، فلما رأيته خفت على ثيابك فلما وصل إليك قال: لا تخف إذهب إلى أصحابك فإنهم ينتظرونك تحت تلك الشجرة، فاذكرني والله ما كان فقلت: قد كان ذلك يا سيدي، قال: والمرة الأخرى حين خرجت من دمشق تريد مصرا مع شيخك الأندلسي وانقطعت عن القافلة وخفت خوفا شديدا فعارضك فارس على فرس غراء محجلة وبيده رمح أيضا وقال لك: سر ولا تخف إلى قرية على يمينك ونم عند أهلها الليلة وأخبرهم بمذهبك الذي ولدت عليه ولا تبق منهم فإنهم مع قرى عديدة جنوبي دمشق مؤمنون مخلصون يدينون بدين علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين المعصومين من ذريته عليه السّلام أكان ذلك يابن فاضل؟ قلت: نعم وذهبت عند أهل القرية وتمت عندهم فأعزوني وسألتهم عن مذهبهم فقالوا لي من غير تقية مني: نحن على مذهب أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين علي بن أبي طالب والأئمة المعصومين من ذريته عليه السّلام، فقلت لهم: من اين لكم هذا المذهب ومن أوصله إليكم؟ قالوا: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حين نفاه عثمان إلى الشام ونفاه معاوية إلى ارضنا هذه فعمتنا بركته، فلما أصبحت طلبت منهم اللحوق بالقافلة فجهزوا معي رجلين ألحقاني بها بعد ان صرحت لهم بمذهبي، فقلت له: يا سيدي هل يحج الإمام عليه السّلام في كل مدة بعد؟ قال لي: يابن
فاضل الدنيا خطوة مؤمن فكيف بمن لم تقم الدنيا إلا بوجوده ووجود آبائه عليهم السّلام نعم يحج في كل عام ويزور آبائه في المدينة والعراق وطوس (على مشرفها السلام) ويرجع إلى أرضنا هذه.
ثم ان السيد شمس الدين حث علي بعدم التأخير بالرجوع إلى العراق وعدم الإقامة في بلاد المغرب وذكر لي أن دراهمهم مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله محمد بن الحسن القائم بأمر الله وأعطاني السيد منها خمسة دراهم وهي محفوظة عندي للبركة. ثم إنه (سلمه الله) وجهني مع المراكب التي اتيت معها إلى أن وصلنا إلى تلك البلدة التي أول ما دخلتها من أرض البربر وكان قد أعطاني حنطة وشعيرا فبعتها في تلك البلدة بمائة وأربعين دينارا ذهبا من معاملة بلاد المغرب، فتوجهت منها إلى طرابلس من مدن العرب ولم اجعل طريقي على الأندلس امتثالا لأمر السيد شمس الدين العالم (اطال الله بقاه) وسافرت منها مع الحاج المغربي إلى مكة شرفها الله تعالى وحججت إلى العراق واريد المجاورة في الغري (على مشرفها السلام) حتى الممات.
قال الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني: ولم أر العلماء الإمامية عندهم ذكر سوى خمسة السيد المرتضى الموسوي والشيخ أبو جعفر الطوسي ومحمد بن يعقوب الكليني وابن بابويه والشيخ أبو القاسم جعفر بن إسماعيل الحلي (قده). وهذا آخر ما سمعته من الشيخ الفاضل التقي والصالح الزكي علي بن فاضل المذكور (أدام الله أفضاله وكثر من علماء الدهر واتقيائه أمثاله) والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على خير خلقه سيد البرية محمد وعلى آله الطاهرين المعصومين وسلم تسليما كثيرا.
أقول: ولنلحق بتلك الحكاية بعض الحكايات التي سمعتها عمن قرب من زماننا.
فضيلة للأردبيلي
فمنها: ما أخبرني به جماعة عن السيد الفاضل أمير غلام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري (على مشرفها السلام) وقد ذهب كثير من الليل فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة فأقبلت إليه فلما قربت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم الزكي النقي مولانا
أحمد الأردبيلي (قده) فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقا فانفتح له عند وصوله إليه ودخل الروضة فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحدا ثم خرج وأغلق الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة فكنت خلفه حيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين عليه السّلام عنده ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد واقبل نحو الغري فكنت خلفه حتى قربت من الجبانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه فالتفت إلي فعرفني وقال:(1/100)
فمنها: ما أخبرني به جماعة عن السيد الفاضل أمير غلام قال: كنت في بعض الليالي في صحن الروضة المقدسة بالغري (على مشرفها السلام) وقد ذهب كثير من الليل فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت شخصا مقبلا نحو الروضة المقدسة فأقبلت إليه فلما قربت منه عرفت أنه أستاذنا الفاضل العالم الزكي النقي مولانا
أحمد الأردبيلي (قده) فأخفيت نفسي عنه حتى أتى الباب وكان مغلقا فانفتح له عند وصوله إليه ودخل الروضة فسمعته يتكلم كأنه يناجي أحدا ثم خرج وأغلق الباب فمشيت خلفه حتى خرج من الغري وتوجه نحو مسجد الكوفة فكنت خلفه حيث لا يراني حتى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استشهد أمير المؤمنين عليه السّلام عنده ومكث طويلا ثم رجع وخرج من المسجد واقبل نحو الغري فكنت خلفه حتى قربت من الجبانة فأخذني سعال لم أقدر على دفعه فالتفت إلي فعرفني وقال:
أنت مير غلام؟ قلت: نعم قال: ما تصنع هاهنا؟ قلت: كنت معك حيث دخلت الروضة المقدسة إلى الآن وأقسم عليك بحق صاحب هذا القبر أن تخبرني بما جرى عليك في هذه الليلة من البداية إلى النهاية؟ فقال: أخبرك على أن لا تخبر به أحدا ما دمت حيّا فلما توثق ذلك مني قال: كنت أفكر في بعض المسائل وقد اغلقت علي فوقع في قلبي أن آتي أمير المؤمنين عليه السّلام وأسأله عن ذلك فلما وصلت إلى الباب فتح لي بغير مفتاح كما رأيت ودخلت الروضة وابتهلت إلى الله سبحانه في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعت صوتا من القبر أن ائت مسجد الكوفة واسأل القائم عليه السّلام فإنه إمام زمانك فأتيت عند المحراب وسألته عنها واجبت وها أنا راجع إلى بيتي.
قصة الأمير الأسترابادي
ومنها: ما أخبرني به والدي (ره) قال: كان في زماننا رجل شريف كان يقال له أميرا يسمى الأسترابادي، وكان قد حج أربعين حجة ماشيا، وكان قد اشتهر بين الناس أنه تطوى له الأرض فورد في بعض السنين بلدة اصفهان فأتيته وسألته عما اشتهر فيه فقال: كان سبب ذلك اني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين الى بيت الله الحرام فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني وضللت عن الطريق وتحيرت وغلبني العطش حتى آيست من الحياة فناديت: يا صالح ارشدونا إلى الطريق يرحمكم الله فتراءى لي في منتهى البادية شبح فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير، فرأيته شابا حسن الوجه نقي الثياب أسمر على هيئة الشرفاء راكبا على جمل ومعه أداوة فسلمت عليه فرد علي السلام وقال: أنت عطشان؟ قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت ثم قال: تريد أن تلحق القافلة؟ قلت: نعم، فأردفني خلفه وتوجهت نحو مكة وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم فأخذت في قراءته فقال في بعض المواضع: إقرأ هكذا قال: فما مضى إلّا زمان يسير حتى قال
لي: تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: انزل فلما نزلت رجع وغاب عني فعند ذلك عرفت أنه القائم عليه السّلام فندمت وتأسفت على مفارقته وعدم معرفته، فلما كان بعد سبعة أيام أتت القافلة فرأوني في مكة بعدما ايسوا من حياتي فلهذا اشتهرت بطي الأرض. قال الوالد (ره) فقرأت عنده الحرز اليماني وصححته واجازني والحمد الله.(1/101)
ومنها: ما أخبرني به والدي (ره) قال: كان في زماننا رجل شريف كان يقال له أميرا يسمى الأسترابادي، وكان قد حج أربعين حجة ماشيا، وكان قد اشتهر بين الناس أنه تطوى له الأرض فورد في بعض السنين بلدة اصفهان فأتيته وسألته عما اشتهر فيه فقال: كان سبب ذلك اني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين الى بيت الله الحرام فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني وضللت عن الطريق وتحيرت وغلبني العطش حتى آيست من الحياة فناديت: يا صالح ارشدونا إلى الطريق يرحمكم الله فتراءى لي في منتهى البادية شبح فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير، فرأيته شابا حسن الوجه نقي الثياب أسمر على هيئة الشرفاء راكبا على جمل ومعه أداوة فسلمت عليه فرد علي السلام وقال: أنت عطشان؟ قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت ثم قال: تريد أن تلحق القافلة؟ قلت: نعم، فأردفني خلفه وتوجهت نحو مكة وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم فأخذت في قراءته فقال في بعض المواضع: إقرأ هكذا قال: فما مضى إلّا زمان يسير حتى قال
لي: تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فإذا أنا بالأبطح فقال: انزل فلما نزلت رجع وغاب عني فعند ذلك عرفت أنه القائم عليه السّلام فندمت وتأسفت على مفارقته وعدم معرفته، فلما كان بعد سبعة أيام أتت القافلة فرأوني في مكة بعدما ايسوا من حياتي فلهذا اشتهرت بطي الأرض. قال الوالد (ره) فقرأت عنده الحرز اليماني وصححته واجازني والحمد الله.
قصة الوزير مع أهل البحرين وحيلته بالرمان
ومنها: ما أخبرني به بعض الأفاضل الكرام والثقات الأعلام قال: أخبرني بعض من اثق به يرويه عمن يثق به ويطريه أنه قال: لما كانت بلدة البحرين تحت ولاية الافرنج جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشد نصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت عليهم السّلام ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة، فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي فإذا مكتوب عليها: «لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول الله» فتأمل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بينة وحجة قوية على ابطال مذهب الرافضة فما رأيك في أهل البحرين؟ فقال له: أصلحك الله إن هؤلاء جماعة متعصبون متنكبون عن البراهين وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمانة فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك وإن أبوا إلا المقام على ضلالتهم فخيرهم بين ثلاث إما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وأولادهم وتأخذ الغنيمة من أموالهم. فاستحسن الوالي رأيه وارسل إلى العلماء والأفاضل الأخيار والنجباء والسادات الأبرار من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة وأخبرهم بما رأى فيهم ان لم يأتوا بجواب شاف من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيروا في أمرها ولم يقدروا على الجواب وتغيرت وجوههم وارتعدت فرائصهم فقال كبراؤهم:
أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا بما شئت فأمهلهم فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيرين، فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة ففعلوا ذلك، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى
الصحراء واعبد الله فيها واستغث بإمام زماننا وحجة الله علينا لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء، فخرج وبات طوال ليلته متعبدا خاشعا باكيا يدعو الله ويستغيث بالإمام حتى أصبح ولم ير شيئا فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر فازداد قلقهم وجزعهم، فأحضروا الثالث وكان تقيّا فاضلا إسمه محمد بن عيسى فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسرا للرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان، فلما كان في آخر الليل إذ هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة ولماذا خرجت في هذه البرية؟ فقال: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم لا أذكره إلا إلى إمامي ولا اشكوه إلا لمن يقدر على كشفه عني. فقال: يا محمد بن عيسى أنا صاحب الأمر فاذكر لي حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم حاجتي وقصتي ولا تحتاج أن اشرحها إليك، فقال له: نعم خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال: فلما سمعت ذلك منه توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا فقال عليه السّلام: يا محمد بن عيسى ان الوزير (لعنه الله) في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة: وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعها على الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها وصارت هكذا فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له: جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة فقل للوالي: لا اجيبك إلا في تلك الغرفة، وسيأتي الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولم ترض إلا بصعودها، فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها امام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال، وأيضا يا محمد بن عيسى قل للوالي: إن لي معجزة أخرى أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان، وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته. فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا وقبل ما بين يدي الإمام وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور، فلما اصبحوا مضوا إلى الوالي وفعل محمد بن عيسى كل ما أمره به الإمام وظهر كل ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا
وحجة الله علينا. فقال: ومن أمامكم؟ فأخبره بالأئمة واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان عليه السّلام فقال الوالي: مد يدك فأنا اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأن الخليفة من بعده أمير المؤمنين علي عليه السّلام ثم أقر بالأئمة إلى آخرهم وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين واحسن إليهم وأكرمهم. قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمد بن عيسى معروف تزوره الناس انتهى ما أردنا نقله من بحار الأنوار.(1/102)
أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا بما شئت فأمهلهم فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيرين، فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة ففعلوا ذلك، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى
الصحراء واعبد الله فيها واستغث بإمام زماننا وحجة الله علينا لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء، فخرج وبات طوال ليلته متعبدا خاشعا باكيا يدعو الله ويستغيث بالإمام حتى أصبح ولم ير شيئا فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر فازداد قلقهم وجزعهم، فأحضروا الثالث وكان تقيّا فاضلا إسمه محمد بن عيسى فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسرا للرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان، فلما كان في آخر الليل إذ هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة ولماذا خرجت في هذه البرية؟ فقال: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم لا أذكره إلا إلى إمامي ولا اشكوه إلا لمن يقدر على كشفه عني. فقال: يا محمد بن عيسى أنا صاحب الأمر فاذكر لي حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم حاجتي وقصتي ولا تحتاج أن اشرحها إليك، فقال له: نعم خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال: فلما سمعت ذلك منه توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا فقال عليه السّلام: يا محمد بن عيسى ان الوزير (لعنه الله) في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة: وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعها على الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها وصارت هكذا فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له: جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة فقل للوالي: لا اجيبك إلا في تلك الغرفة، وسيأتي الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولم ترض إلا بصعودها، فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها امام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال، وأيضا يا محمد بن عيسى قل للوالي: إن لي معجزة أخرى أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان، وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته. فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا وقبل ما بين يدي الإمام وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور، فلما اصبحوا مضوا إلى الوالي وفعل محمد بن عيسى كل ما أمره به الإمام وظهر كل ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا
وحجة الله علينا. فقال: ومن أمامكم؟ فأخبره بالأئمة واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان عليه السّلام فقال الوالي: مد يدك فأنا اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأن الخليفة من بعده أمير المؤمنين علي عليه السّلام ثم أقر بالأئمة إلى آخرهم وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين واحسن إليهم وأكرمهم. قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمد بن عيسى معروف تزوره الناس انتهى ما أردنا نقله من بحار الأنوار.(1/103)
أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا بما شئت فأمهلهم فخرجوا من عنده خائفين مرعوبين متحيرين، فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة ففعلوا ذلك، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى
الصحراء واعبد الله فيها واستغث بإمام زماننا وحجة الله علينا لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء، فخرج وبات طوال ليلته متعبدا خاشعا باكيا يدعو الله ويستغيث بالإمام حتى أصبح ولم ير شيئا فأتاهم وأخبرهم، فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر فازداد قلقهم وجزعهم، فأحضروا الثالث وكان تقيّا فاضلا إسمه محمد بن عيسى فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسرا للرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى وتوسل إلى الله سبحانه وتعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان، فلما كان في آخر الليل إذ هو برجل يخاطبه ويقول: يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة ولماذا خرجت في هذه البرية؟ فقال: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم لا أذكره إلا إلى إمامي ولا اشكوه إلا لمن يقدر على كشفه عني. فقال: يا محمد بن عيسى أنا صاحب الأمر فاذكر لي حاجتك، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم حاجتي وقصتي ولا تحتاج أن اشرحها إليك، فقال له: نعم خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به، قال: فلما سمعت ذلك منه توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا فقال عليه السّلام: يا محمد بن عيسى ان الوزير (لعنه الله) في داره شجرة رمان فلما حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة: وجعلها نصفين وكتب في داخل كل نصف بعض تلك الكتابة ثم وضعها على الرمانة وشدهما عليها وهي صغيرة فأثر فيها وصارت هكذا فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له: جئتك بالجواب ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة فقل للوالي: لا اجيبك إلا في تلك الغرفة، وسيأتي الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولم ترض إلا بصعودها، فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثم ضعها امام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال، وأيضا يا محمد بن عيسى قل للوالي: إن لي معجزة أخرى أن هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان، وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته. فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا وقبل ما بين يدي الإمام وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور، فلما اصبحوا مضوا إلى الوالي وفعل محمد بن عيسى كل ما أمره به الإمام وظهر كل ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا
وحجة الله علينا. فقال: ومن أمامكم؟ فأخبره بالأئمة واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان عليه السّلام فقال الوالي: مد يدك فأنا اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأن الخليفة من بعده أمير المؤمنين علي عليه السّلام ثم أقر بالأئمة إلى آخرهم وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين واحسن إليهم وأكرمهم. قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمد بن عيسى معروف تزوره الناس انتهى ما أردنا نقله من بحار الأنوار.
يقول جامع هذه الظرائف وناقل هذه اللطائف: قد وقفت في بعض كتب أخرى يتضمن بيان تلك الجزائر العامرة أحببت حكايتها على نحو ما رأيته وهذه صورته:
قصة جزر أولاد صاحب الزمان عليه السّلام
روى الشريف الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن عبد الرحمان العلوي الحسيني في كتابه بإسناده عن الأجل العالم حجة الإسلام سعيد ابن أحمد بن الرضي عن الشيخ الأجل المقري خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث وأنه حكى في داري بالنظر فيه بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شوال سنة أربع وأربعين وخمسمئة قال: حدثني شيخي العالم أبو القاسم عثمان بن عبد الباقي بن أحمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة قال: حدثني الأجل العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة السلام ليلة الخميس عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة قال: كنا عند الوزير العزيز عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها ونحن على طبقه وعنده جماعة، فلما أفطر من كان حاضرا وتقوض أكثر من حضر أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسّي عنده، وكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه ولم أكن رأيته من قبل ورأيت الوزير يكثر إكرامه ويقرب مجلسه ويصغي إليه ويسمع قوله دون الحاضرين، فتجارينا الحديث والمذاكرة حتى أمسينا وأردنا الانصراف فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نتمسى عنده فأخذنا نتحادث فأفضى بنا الحديث حتى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام وتفرق المذاهب فيه فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه وهم الأقل من أهلها، وأخذ يذم أحوالهم ويحمد الله على قلتهم في أقاضي الأرض، فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه مصغيا إليه فقال: أدام الله
أيامك أحدّث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعزب عنه، فصمت الوزير ثم قال: قل ما عندك، فقال: خرجت مع والدي سنة اثنين وعشرين وخمسمئة من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية ولها الرستاق الذي تعرفه التجار وعدة ضياعها ألف ومئتا ضيعة في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى وهم قوم من نصارى وجميع الجزائر التي كانت حولهم على مذهبهم ومسير بلادهم عشرون يوما وكل من في البر وغيرهم نصارى ويتصل بالحبشة والنوبة وكلهم نصارى ويتصل بالبربر وهم على دينهم، فإن حد هذا كان يملأ من في الأرض ولم نصف إليهم الإفرنج والروم، وغير خفي عليكم من بالشام والحجاز والعراق، واتفق أنا سرنا في البحر وأوغلنا وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الأشجار مليحة الجدران فيها المدن المدورة والرساتيق، فأول مدينة وصلنا إليها وأرسى الركب فيها وقد سألنا النوخذا: أي شيء هذه الجزيرة؟ فقال: والله إن هذه الجزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها وأنا وانتم في معرفتها سواء.(1/104)
روى الشريف الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن عبد الرحمان العلوي الحسيني في كتابه بإسناده عن الأجل العالم حجة الإسلام سعيد ابن أحمد بن الرضي عن الشيخ الأجل المقري خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث وأنه حكى في داري بالنظر فيه بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شوال سنة أربع وأربعين وخمسمئة قال: حدثني شيخي العالم أبو القاسم عثمان بن عبد الباقي بن أحمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة قال: حدثني الأجل العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة السلام ليلة الخميس عاشر شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة قال: كنا عند الوزير العزيز عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها ونحن على طبقه وعنده جماعة، فلما أفطر من كان حاضرا وتقوض أكثر من حضر أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسّي عنده، وكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه ولم أكن رأيته من قبل ورأيت الوزير يكثر إكرامه ويقرب مجلسه ويصغي إليه ويسمع قوله دون الحاضرين، فتجارينا الحديث والمذاكرة حتى أمسينا وأردنا الانصراف فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل وأنه يمنع من يريد الخروج، فأشار الوزير أن نتمسى عنده فأخذنا نتحادث فأفضى بنا الحديث حتى تحادثنا في الأديان والمذاهب ورجعنا إلى دين الإسلام وتفرق المذاهب فيه فقال الوزير: أقل طائفة مذهب الشيعة وما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه وهم الأقل من أهلها، وأخذ يذم أحوالهم ويحمد الله على قلتهم في أقاضي الأرض، فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه مصغيا إليه فقال: أدام الله
أيامك أحدّث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعزب عنه، فصمت الوزير ثم قال: قل ما عندك، فقال: خرجت مع والدي سنة اثنين وعشرين وخمسمئة من مدينتنا وهي المعروفة بالباهية ولها الرستاق الذي تعرفه التجار وعدة ضياعها ألف ومئتا ضيعة في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى وهم قوم من نصارى وجميع الجزائر التي كانت حولهم على مذهبهم ومسير بلادهم عشرون يوما وكل من في البر وغيرهم نصارى ويتصل بالحبشة والنوبة وكلهم نصارى ويتصل بالبربر وهم على دينهم، فإن حد هذا كان يملأ من في الأرض ولم نصف إليهم الإفرنج والروم، وغير خفي عليكم من بالشام والحجاز والعراق، واتفق أنا سرنا في البحر وأوغلنا وتعدينا الجهات التي كنا نصل إليها ورغبنا في المكاسب ولم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الأشجار مليحة الجدران فيها المدن المدورة والرساتيق، فأول مدينة وصلنا إليها وأرسى الركب فيها وقد سألنا النوخذا: أي شيء هذه الجزيرة؟ فقال: والله إن هذه الجزيرة لم أصل إليها ولا أعرفها وأنا وانتم في معرفتها سواء.
فلما أرسينا بها وصعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة وسألنا ما اسمها فقيل: هي المباركة، فسألنا عن سلطانها وما اسمه فقالوا: اسمه الطاهر، فقلنا:
وأين سرير مملكته؟ فقالوا: بالزاهرة، فقلنا: وأين الزاهرة؟ فقالوا: بينكم وبينها عشر ليال في البحر وخمس وعشرون ليلة في البر وهم قوم مسلمون، فقلنا:
من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقالوا: تحضرون عند نائب السلطان، فقلنا: وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له وهو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده فيسلم إليه فتعجّبنا من ذلك وقلنا: ألا تدلوّنا عليه، قالوا: بلى، وجاء معنا من أدخلنا داره فرأينا رجلا صالحا عليه عباءة وتحته عباءة وهو مفترشها وبين يديه دواة وهو يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا وقال: من أين أقبلتم؟ فقلنا: من كذا وكذا، فقال: كلكم مسلمون؟ فقلنا: لا بل فينا المسلم واليهودي والنصراني، فقال يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته ويناظر المسلم عن مذهبه، فوزن والدي عن خمسة نصارى عنه وعني وعن ثلاثة نفر كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقالوا للمسلمين: هاتوا مذهبكم، فشرعوا معه في مذاهبهم فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم تحل للمسلم المؤمن وليس بمسلم من لا يؤمن بالله ورسوله وبالوصي والأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان عليه السّلام فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم، ثم قال لنا: يا
أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم حيث أخذت الجزية منكم.(1/105)
من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع والابتياع؟ فقالوا: تحضرون عند نائب السلطان، فقلنا: وأين أعوانه؟ فقالوا: لا أعوان له وهو في داره وكل من عليه حق يحضر عنده فيسلم إليه فتعجّبنا من ذلك وقلنا: ألا تدلوّنا عليه، قالوا: بلى، وجاء معنا من أدخلنا داره فرأينا رجلا صالحا عليه عباءة وتحته عباءة وهو مفترشها وبين يديه دواة وهو يكتب منها من كتاب ينظر إليه، فسلمنا عليه فرد علينا السلام وحيانا وقال: من أين أقبلتم؟ فقلنا: من كذا وكذا، فقال: كلكم مسلمون؟ فقلنا: لا بل فينا المسلم واليهودي والنصراني، فقال يزن اليهودي جزيته والنصراني جزيته ويناظر المسلم عن مذهبه، فوزن والدي عن خمسة نصارى عنه وعني وعن ثلاثة نفر كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا وقالوا للمسلمين: هاتوا مذهبكم، فشرعوا معه في مذاهبهم فقال: لستم مسلمين وإنما أنتم خوارج وأموالكم تحل للمسلم المؤمن وليس بمسلم من لا يؤمن بالله ورسوله وبالوصي والأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان عليه السّلام فضاقت بهم الأرض ولم يبق إلا أخذ أموالهم، ثم قال لنا: يا
أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم حيث أخذت الجزية منكم.
فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب سألوه أن يحملهم إلى سلطانه، فأجاب سؤالهم وتلا {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى ََ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} وقلنا للربان: هؤلآء قوم قد عاشرناهم وصاروا رفقة وما نحب أن نتخلف عنهم أينما يكونون نكون معهم حتى نعلم ما يسفر حالهم عنه، فقال الربان: والله ما أعلم هذا البحر اين المسير فيه فاستاحرنا ربانا ورجالا وقلعنا القلع وسرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتى كان قبل طلوع الشمس أو الفجر كبر الربان فقال: هذه والله أعلام الزاهرة ومنابرها وجدرانها قد بانت، فسرنا حتى تضاحى النهار فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون مثلها ولا أحسن منها ولا اخف على القلوب ولا أرق من نسيمها ولا أطيب من هواها ولا أعذب من مائها، وهي راكبة البحر على جبل من صخر أبيض كأنه لون الفضة وعليها سور إلى ما يلي البر والبحر، والأنهار منحرفة في وسطها يشرب منه أهل الدور والأسواق وتأخذ منها الحمامات وفواضل الأنهار ترمي على البحر، ومدى الأنهار فرسخ ونصف أو دونه وفي تحت ذلك الجبل بساتين المدينة وأشجارها ومزارعها عند العيون، وثمار تلك الأشجار لا يرى اطيب منها ولا أعذب، ويرعى الذئب والنعجة عيانا، ولو قصد قاصد تخلية دابته في زرع غيره لما رعته ولا قطعت منه قطعة، ولقد شاهدت السباع والهوام رابضة في غيص في جنب تلك المدينة وبنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم.
فلما قدمنا المدينة وأرسى المركب فيها وما صحبنا من الشوالي والذبائح من المباركة بشريعة الزاهرة صعدنا فرأينا مدينة عظيمة كثيرة الخلق وسيعة الربقة فيها الأسواق الكثيرة والمعاش العظيم ويرد إليها الخلق من البر والبحر، وأهلها على الحسن قاعدة لم يكن على وجه الأرض من الملل والأديان مثلهم وأمانتهم، حتى إن المتعيش بسوق المدينة يرد إليه من يبتاع منه حاجة أما بالوزن أو بالذراع فيبيعه عليها ثم يقول: يا هذا زن لنفسك واتزن لنفسك وهذه صورة مبايعتهم لا يسمع منهم لغو المقال ولا النميمة ولا يسب بعضهم بعضا وإذا نادى المؤذن للأذان لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو أنثى إلا سعى إلى الصلاة حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت صلاة أخرى فيكون الحال كما كانت.
فلما دخلنا المدينة وأرسينا بمشرعتها أمر بحضورنا عند السلطان فحضرنا داره ودخلنا إلى بستان صور في وسطه قبة من فضة، والسلطان في تلك القبة وعنده
جماعة، وفي باب القبة ساقية تجري، فوافينا القبة وقد أقام المؤذن للصلاة فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس واقيمت الصلاة وصلى بهم جماعة، فلا والله لم تنظر عيني أخضع لله منه ولا الين جانبا لرعيّته فصلى من صلى مأموما، فلما قضيت الصلاة التفت وقال: هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له ومخاطبتهم له: يابن صاحب الأمر فقال: على خير مقدم، فقال: أنتم تجار أم ضيفان؟ فقلنا: تجار، فقال: من فيكم المسلم ومن فيكم من أهل الكتاب؟(1/106)
فلما دخلنا المدينة وأرسينا بمشرعتها أمر بحضورنا عند السلطان فحضرنا داره ودخلنا إلى بستان صور في وسطه قبة من فضة، والسلطان في تلك القبة وعنده
جماعة، وفي باب القبة ساقية تجري، فوافينا القبة وقد أقام المؤذن للصلاة فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس واقيمت الصلاة وصلى بهم جماعة، فلا والله لم تنظر عيني أخضع لله منه ولا الين جانبا لرعيّته فصلى من صلى مأموما، فلما قضيت الصلاة التفت وقال: هؤلاء القادمون؟ قلنا: نعم، وكانت تحية الناس له ومخاطبتهم له: يابن صاحب الأمر فقال: على خير مقدم، فقال: أنتم تجار أم ضيفان؟ فقلنا: تجار، فقال: من فيكم المسلم ومن فيكم من أهل الكتاب؟
فعرفناه ذلك، فقال: إن للإسلام فرقا وشعبا فمن أي قبيل أنتم وكان معنا شخص يدعى بالمغرى اسمه آدربهان بن أحمد الأهوازي يزعم أنه على مذهب الشافعي فقال: أنا رجل شافعي. قال: فمن على مذهبك من الجماعة؟ فقال: كلنا إلا هذا حسان بن عنب فإنه رجل مالكي، فقال: أنت تقول بالإجماع؟ قال: نعم، قال: إذا تعمل بالقياس، ثم قال: بالله يا شافعي تلوت ما أنزل يوم المباهلة؟ قال نعم، قال ما هو؟ قال قوله تعالى {فَقُلْ تَعََالَوْا نَدْعُ أَبْنََاءَنََا وَأَبْنََاءَكُمْ وَنِسََاءَنََا وَنِسََاءَكُمْ وَأَنْفُسَنََا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللََّهِ عَلَى الْكََاذِبِينَ} فقال: بالله عليك من أبناء الرسول ومن نساؤه ومن نفسه؟ فأمسك آدربهان، فقال بالله هل بلغك أو أتاك أن غير الرسول والوصي والبتول والسبطين دخل تحت الكساء؟ قال لا، فقال والله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم ولا خص بها سواهم، ثم قال بالله عليك هل تلوت قوله تعالى: {إِنَّمََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}؟ قال نعم، قال بالله عليك من عنى بذلك؟ فأمسك، فقال والله ما عنى بها إلا أهلها ثم بسط لسانه وتحدث بحديث أمضى من السهام واقطع من الحسام، فقطع الشافعي ووافقه عند ذلك: فقال: عفوا عفوا يابن صاحب الأمر انسب لي نسبك، فقال: أنا طاهر بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام الذي أنزل الله فيه {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنََاهُ فِي إِمََامٍ مُبِينٍ} هو والله الإمام المبين ونحن الذين أنزل الله في حقنا {ذُرِّيَّةً بَعْضُهََا مِنْ بَعْضٍ وَاللََّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يا شافعي نحن ذرية الرسول نحن أولو الأمر. فخر الشافعي مغشيّا عليه لما سمع منه ثم أفاق وآمن به فقال: الحمد لله الذي منحني الإسلام والإيمان ونقلني من التقليد إلى اليقين.
ثم أمر لنا بإقامة الضيافة فبقينا على ذلك ثمانية أيام ولم يبق في المدينة أحد إلا جاء إلينا وحادثنا، فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة إن يقوموا لنا بالضيافة ففتح لهم في ذلك، فكثرت الأطعمة والفواكه وعملت لنا الولائم وبقينا في
تلك المدينة سنة كاملة فعلمنا وتحققنا أن ملك المدينة مسيرة شهرين وبعدها مدينة إسمها الرائقة سلطانها القاسم بن صاحب الأمر مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم، وبعدها مدينة اسمها الصافية سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبد الرحمن بن صاحب الأمر مسيرة رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس سلطانها هاشم بن صاحب الأمر وهي اعظم دخله ومسير ملكها أربعة أشهر، فيكون مسيرة هذه المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والضياع غير الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الأرض مثلهم ولو جمع أهل الدنيا لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان والمذاهب، ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم، فإنهم زعموا بأنها سنة وروده فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه.(1/107)
ثم أمر لنا بإقامة الضيافة فبقينا على ذلك ثمانية أيام ولم يبق في المدينة أحد إلا جاء إلينا وحادثنا، فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة إن يقوموا لنا بالضيافة ففتح لهم في ذلك، فكثرت الأطعمة والفواكه وعملت لنا الولائم وبقينا في
تلك المدينة سنة كاملة فعلمنا وتحققنا أن ملك المدينة مسيرة شهرين وبعدها مدينة إسمها الرائقة سلطانها القاسم بن صاحب الأمر مسيرة ملكها شهرين وهي على تلك القاعدة ولها دخل عظيم، وبعدها مدينة اسمها الصافية سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر وبعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبد الرحمن بن صاحب الأمر مسيرة رستاقها وضياعها شهران، وبعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس سلطانها هاشم بن صاحب الأمر وهي اعظم دخله ومسير ملكها أربعة أشهر، فيكون مسيرة هذه المدن الخمس والمملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط والضياع غير الموحد القائل بالبراءة والولاية الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، سلاطينهم أولاد إمامهم يحكمون بالعدل وبه يأمرون، وليس على وجه الأرض مثلهم ولو جمع أهل الدنيا لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان والمذاهب، ولقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم، فإنهم زعموا بأنها سنة وروده فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه.
فأما آدربهان وحسان فإنهما أقاما بالزاهرة يترقبان رؤيته وقد كنا لما استكثرنا هذه المدن واهلها ودخلنا سألنا عنها فقيل: إنها عمارة صاحب الأمر واستخراجه فلما سمع عون الدين نهض ودخل حجرة لطيفة وقد تقضى الليل فأمر بإحضارنا واحدا بعد واحد وقال: اياكم إعادة ما سمعتم وادراءه على الفاظكم وتأكد علينا فخرجنا من عنده ولم يعد أحد منا مما سمعه حرفا واحدا حتى هلك، وكنا إذا حضرنا موضعا واجتمع احدنا بصاحبه قال: اتذكر شهر رمضان؟ فيقول: ستر الحلال شرط، فهذا ما سمعته ورويته والحمد لله رب العالمين.
أقول: قد وقع في بعض توقيعاته عليه السّلام السلام إلى شيخنا المفيد (قده) إننا باليمن بواد يقال له شمروخ وشمويخ، ولعل هذا هو اسم للمكان الذي يختص به عليه السّلام
اشعار لمحمد رضي الأزري
شعر: لمحمد رضي الأزري:
أتعجب من أصحاب أحمد اذ رضوا ... بتأخير ذي فضل وتقديم ذي جهل
وأصحاب موسى في زمان حياته ... رضوا بدلا عن بارىء الخلق بالعجل
ومن كشف الرحمن عن عينه العمى ... رآني وهاتي حذو النعل بالنعل
والا أفي علم وبأس ومحتد ... يداني أخو تيم أخا خاتم الرّسل
وهل قائل في ذاك والأمر واحد ... كما العالم العلوي والعالم السّفلي
وله ايضا: رحمه الله تعالى:(1/108)
أتعجب من أصحاب أحمد اذ رضوا ... بتأخير ذي فضل وتقديم ذي جهل
وأصحاب موسى في زمان حياته ... رضوا بدلا عن بارىء الخلق بالعجل
ومن كشف الرحمن عن عينه العمى ... رآني وهاتي حذو النعل بالنعل
والا أفي علم وبأس ومحتد ... يداني أخو تيم أخا خاتم الرّسل
وهل قائل في ذاك والأمر واحد ... كما العالم العلوي والعالم السّفلي
وله ايضا: رحمه الله تعالى:
أبا حسن والدمع لا ينقع الجوى ... حنانيك هل في الحي ورد لحايم
فجدي كبا والسيل قد بلغ الزّبى ... اغاثة ملهوف ونجعة شايمي
وهل هي إلا لو تعطّفت نظرة ... وحسب الرياض الهيم جود الغمائم
أما ومعال قد اقمت قتاتها ... وذاك يمين برّة في الأكارم
لأنت حسام الله في كل مأزق ... وأنت سراج الله في كلّ قاتم
وإني وإن لم أعط مدحك حقّه ... فلي ثقة في ودّك المتقادم
وإن أك قد جشّمت نفسي خطة ... بمدحك يعيي نيلها كلّ ناظم
فلست لغاب الليث أول طارق ... ولست للجّ البحر أول قاحم
ولأخيه: محمد كاظم:
يا من بدائع حسنه قد أبدعت ... في العاشقين فأنجدوا وأغاروا
ماذا الذي أغراك أن تقلي فتى ... تجري بواديك الصّبا فيغار
حكاية الأصمعي مع الأعرابي
وحكى الأصمعي قال: مررت في يوم شديد المطر ببعض الطرقات فرأيت رجلا عليه فرو مقلوب والمطر قد غمره فقلت لأصحابي: الا اضحككم على هذا الأعرابي؟ قالوا: نعم، فقلت: له تدري كيف أنت يا أعرابي؟ قال: لا، فقلت شعرا:
كأنك كعكة في وسط رش ... أصاب الرش رشا بعد رش
فقال: تدري كيف أنت؟ قلت: لا، فقال:
كأنك بعرة في ثقب كبش ... مدلّاة وذاك الكبش يمشي
فضحكت وقلت له: لعلك تعرف شيئا من شعر العرب؟ قال: بل العرب تحفظ من شعري، فقلت له: انشدني شيئا من شعرك، فقال: على أي قافية شئت؟
فلم أجد قافية أصعب من قافية الواو فقال شعرا:
قوم بخاقان عهدناهم ... سقاهم الله من النو
قلت: نو ماذا؟ فقال:(1/109)
قوم بخاقان عهدناهم ... سقاهم الله من النو
قلت: نو ماذا؟ فقال:
نو السماكين ورياهما ... برق ترى إيماضه ضو
قلت: ضو ماذا؟ فقال:
ضوتلألأ في دجى ليلة ... حالكة مظلمة لو
قلت: لو ماذا؟ فقال:
لو مر فيها سائر مدلج ... على هضيم الكشح منطو
قلت: منطو ماذا؟ فقال:
منطوي الكشح هظيم الجشا ... كالباز ينقضّ من الجو
فقلت: جو ماذا؟ فقال:
جو السما والريح تهوي به ... مثل الرجال الحي يدعو
قلت: يدعو ماذا؟ فقال:
يدعو جميعا والقنا شرعا ... كفيت ما لاقوا ويلقوا
فقلت: يلقوا ماذا؟ فقال:
يلقوا بأسياف يمانية ... فعن قليل سوف يلقوا
إن كنت لا تفهم ما قلته ... فأنت عندي رجل بو
قلت: بو ماذا؟ فقال: وقد قبض مقبض سيفه:
البو لا يحجب عن أمه ... يألف قرنان تقم أو
قال الأصمعى. فسكت. وفي نقل آخر فقلت: أو ماذا؟ قال:
أو أضرب الرأس بصوانة ... تقول في ضربتها قو
قال الأصمعي: فخفت أن أقول قو ماذا؟ فيجعل عوض القافية ضربة على رأسي قال الأصمعي: فأخذته إلى منزلي فذبحت أربع دجاجات فلما نضجن جئت بهن إليه فقلت له: اقسمهن علي وعليك وعلى زوجتي وولدي، فقال: اقسمهن زوجا أو فردا فقلت: زوجا، فقال: أنت وزوجتك وولدك دجاجة أربعة والأربعة زوج، وأنا وثلاث دجاجات أربعة والأربعة زوج فأخذت الدجاجة ومضيت فلما
كانت في الليلة الثانية اتيت إليه بثلاث دجاجات وقلت له: فاقسمهن فردا فقال:(1/110)
أو أضرب الرأس بصوانة ... تقول في ضربتها قو
قال الأصمعي: فخفت أن أقول قو ماذا؟ فيجعل عوض القافية ضربة على رأسي قال الأصمعي: فأخذته إلى منزلي فذبحت أربع دجاجات فلما نضجن جئت بهن إليه فقلت له: اقسمهن علي وعليك وعلى زوجتي وولدي، فقال: اقسمهن زوجا أو فردا فقلت: زوجا، فقال: أنت وزوجتك وولدك دجاجة أربعة والأربعة زوج، وأنا وثلاث دجاجات أربعة والأربعة زوج فأخذت الدجاجة ومضيت فلما
كانت في الليلة الثانية اتيت إليه بثلاث دجاجات وقلت له: فاقسمهن فردا فقال:
ولدان وأنت وأمهما ودجاجة خمسة فردا وأنا ودجاجتان ثلاثة والثلاثة فرد، فأخذت الدجاجة ومضيت فلما كان في الليلة الثالثة احضرت إليه دجاجة فقال: الجناحان للجناحين وناولهما الولدين ثم قال: العجز للعجوز والرأس للرئيس وأنت رأس يا أصمعي والصدر للصدر، فلما كان وقت الانصراف خرجت لأودعه فقال لي:
ارجع فخذ ما تركته مكاني، فرجعت فوجدته قد ترك لي دنانير كثيرة فأخذتها وقيل لي بعد ذلك: إنه من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام.
صحة العمل برواية غير الإمامي
روي الشيخ: قدس الله سرّه في كتاب الفقيه بسنده فيه عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح (رض) قال: سئل الشيخ يعني أبا القاسم عن كتب ابن أبي العراقر بعدما ذم وخرجت فيه اللعنة. فقيل له: فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملأى؟ فقال: أقول فيها ما قال أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام: خذوا بما رووا وذروا ما رأوا.
يقول جامع هذا الكشكول وحاكي هذا المنقول: ما نقله الشيخ المشار إليه عن مولانا العسكري عليه السّلام قد رواه جماعة من علمائنا الأعلام منهم أنه سئل عليه السّلام عن العمل بكتب بني فضال الذين هم من عمد الفطحية؟ فقال: «خذوا بما رووا ودعوا ما رأوا» وفيه حجة واضحة على صحة العمل برواية غير الإمامي إذا لم تكن من متفرداته الباطلة ولا من مخترعاته العاطلة، وهو موافق لما عليه أصحابنا المتقدمين وجملة من علمائنا المتأخرين وهو الحق الحقيق بالاتباع والله العالم.
وروى: أنه قال لقمان لابنه: يا بني اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوما يذكرون الله عزّ وجلّ فاجلس معهم، فإنك إن تك عالما ينفعك علمك ويزيدونك علما وإن كنت جاهلا علموك، ولعل الله يظلهم برحمة فتعمّك معهم، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله تعالى فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالما لا ينفعك علمك وإن تك جاهلا يزيدوك جهلا، ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم بيان: اختر المجالس على عينك أي على بصيرة منك أو بعينك، فإن على قد يجيء بمعنى الباء وأرجحها على عينك كذا ذكره بعض مشائخنا المتأخرين (قده)
بشارة فاخرة للشيعة
بشارة للشيعة وخزي لأعدائهم وشنيعة: روى ثقة الإسلام في الكافي بسنده
عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام إذ دخل عليه أبو بصير وقد حصره النّفس فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا محمد ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك يابن رسول الله كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي مع اني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي؟ فقال أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا محمد إنك لتقول هذا؟ قلت: جعلت فداك وكيف لا أقول: فقال: يا أبا محمد أما علمت أن الله عز وجل يكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول؟! قال: جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحي من الكهول؟ فقال: يكرم والله الشباب ان يعذبهم ويستحي من الكهول ان يحاسبهم، قال قلت: جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال فقال: لا والله لكم خاصة دون العالم. قال قلت: جعلت فداك فانا قد نبزنا بنبز انكسرت له ظهورنا وماتت له افئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم، قال: فقال أبو عبد الله عليه السّلام: الرافضة؟(1/111)
بشارة للشيعة وخزي لأعدائهم وشنيعة: روى ثقة الإسلام في الكافي بسنده
عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام إذ دخل عليه أبو بصير وقد حصره النّفس فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا محمد ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك يابن رسول الله كبر سني ودق عظمي واقترب أجلي مع اني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي؟ فقال أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا محمد إنك لتقول هذا؟ قلت: جعلت فداك وكيف لا أقول: فقال: يا أبا محمد أما علمت أن الله عز وجل يكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول؟! قال: جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحي من الكهول؟ فقال: يكرم والله الشباب ان يعذبهم ويستحي من الكهول ان يحاسبهم، قال قلت: جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال فقال: لا والله لكم خاصة دون العالم. قال قلت: جعلت فداك فانا قد نبزنا بنبز انكسرت له ظهورنا وماتت له افئدتنا واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم، قال: فقال أبو عبد الله عليه السّلام: الرافضة؟
قال قلت: نعم قال: والله ما هم سموكم به بل الله سماكم به أما علمت يا أبا محمد ان سبعين رجلا من بني اسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى عليه السّلام لما استبان لهم هذه فسموا في عسكر موسى الرافضة لأنهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما عليهم السّلام فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السّلام: ان أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد سميتهم به ونحلتهم اياه، فأثبت موسى عليه السّلام الاسم لهم ثم ادخر الله تعالى لكم هذا الإسم حتى نحلكموه، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرفة وتشعبوا كل شعبه فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم عليهم السّلام وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختار الله لكم واردتم من اراد الله، فابشروا ثم ابشروا فانتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأت الله تعالى بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد إن لله عزّ وجلّ ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه، وذلك قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجََالٌ صَدَقُوا مََا عََاهَدُوا اللََّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى ََ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمََا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو لم
تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول: {وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ} يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكرنا الله تعالى وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه فقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لََا يَعْلَمُونَ إِنَّمََا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبََابِ} فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولو الألباب، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عزّ وجلّ بأحد من أوصياء الأنبياء ولا اتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق: {يَوْمَ لََا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلََّا مَنْ رَحِمَ اللََّهُ} يعني بذلك عليا وشيعته، يا أبا محمد فهل سررتك؟(1/112)
قال قلت: نعم قال: والله ما هم سموكم به بل الله سماكم به أما علمت يا أبا محمد ان سبعين رجلا من بني اسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم فلحقوا بموسى عليه السّلام لما استبان لهم هذه فسموا في عسكر موسى الرافضة لأنهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما عليهم السّلام فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السّلام: ان أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني قد سميتهم به ونحلتهم اياه، فأثبت موسى عليه السّلام الاسم لهم ثم ادخر الله تعالى لكم هذا الإسم حتى نحلكموه، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرفة وتشعبوا كل شعبه فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم عليهم السّلام وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختار الله لكم واردتم من اراد الله، فابشروا ثم ابشروا فانتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأت الله تعالى بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ولم يتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد إن لله عزّ وجلّ ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه، وذلك قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجََالٌ صَدَقُوا مََا عََاهَدُوا اللََّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى ََ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمََا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو لم
تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم حيث يقول: {وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ} يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكرنا الله تعالى وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه فقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لََا يَعْلَمُونَ إِنَّمََا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبََابِ} فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولو الألباب، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد والله ما استثنى الله عزّ وجلّ بأحد من أوصياء الأنبياء ولا اتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته فقال في كتابه وقوله الحق: {يَوْمَ لََا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلََا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلََّا مَنْ رَحِمَ اللََّهُ} يعني بذلك عليا وشيعته، يا أبا محمد فهل سررتك؟
قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} والله ما أراد بهذا غيركم فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إِنَّ عِبََادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطََانٌ} والله ما أراد بهذا إلا الأئمة وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {فَأُولََئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدََاءِ وَالصََّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً} فرسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتمسكوا بالصلاح كما سماكم الله تعالى، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: {قََالُوا مََا لَنََا لََا نَرى ََ رِجََالًا كُنََّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرََارِ أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ} والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم صرتم عند هذا العالم أشرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا، وما من آية والله نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سررتك؟ فقال قلت: حسبي.(1/113)
قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: {يََا عِبََادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى ََ أَنْفُسِهِمْ لََا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللََّهِ إِنَّ اللََّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} والله ما أراد بهذا غيركم فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إِنَّ عِبََادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطََانٌ} والله ما أراد بهذا إلا الأئمة وشيعتهم، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {فَأُولََئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللََّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدََاءِ وَالصََّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً} فرسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتمسكوا بالصلاح كما سماكم الله تعالى، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: {قََالُوا مََا لَنََا لََا نَرى ََ رِجََالًا كُنََّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرََارِ أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ} والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم صرتم عند هذا العالم أشرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون، يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا، وما من آية والله نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال قلت: جعلت فداك زدني، فقال: يا أبا محمد ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سررتك؟ فقال قلت: حسبي.
أحاديث في فضل الشيعة
روى في الكتاب المذكور: بسنده فيه عن الحكم بن جعفر قال: بينا أنا مع أبي جعفر عليه السّلام والبيت غاص بأهله إذ أقبل شيخ يتوكأ على عنزة له حتى وقف على الباب فقال: السلام عليك يابن رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم سكت فقال أبو جعفر: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل المحل وقال السلام عليكم، ثم سكت حتى أجابه القوم جميعا وردوا عليه السلام، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السّلام وقال: يابن رسول الله ادنني منك جعلني الله فداك فو الله إني لأحبكم واحب من يحبكم وو الله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا، وإني لأبغض عدوكم وأبرأ منه وو الله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه، والله إني لأحل حلالكم وأحرم حرامكم وأنتظر أمركم فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إلي إلي حتى أقعده إلى جنبه ثم قال: أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين عليه السّلام أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني، فقال له: أبي ان مت ترد على رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وعلى علي عليه السّلام والحسن والحسين عليه السّلام ويثلج قلبك ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين، ولو قد بلغت نفسك هاهنا وأهوى بيده إلى حلقه وإن تعش تر ما يقرّ الله به عينيك وتكن معنا في السنام الأعلى، فقال الشيخ: كيف قلت يا أبا جعفر؟ فأعاد عليه الكلام، فقال الشيخ: الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا متّ فأرد على رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السّلام وتقر عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي واستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي هاهنا وإن أعش أر ما يقر الله به عيني فاكون معكم في السنام الأعلى! ثم أقبل الشيخ ينتحب وينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض، فأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما يرون من حال الشيخ، وأقبل أبو جعفر عليه السّلام يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها، ثم رفع الشيخ رأسه وقال لأبي جعفر عليه السّلام: يابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك، فناوله يده فقبلها ووضعها على عينيه وخده ثم حسر، عن بطنه وصدره فوضع يده على بطنه وصدره ثم قام فقال: السلام عليكم، وأقبل أبو جعفر عليه السّلام ينظر في قفاه وهو مدبر ثم أقبل بوجهه على القوم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فقال الحكم بن جعفر: لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس.
وروي في الكتاب المشار إليه: بسنده فيه عن عبد الله بن الوليد الكندي قال:
دخلنا على أبى عبد الله عليه السّلام في زمن مروان فقال: من أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة، فقال: ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة، إن الله تعالى هداكم لأمر جهله الناس واحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا فاشهدوا على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر الله عينيه وان يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذا واهوى بيده إلى حلقه الحديث.(1/114)
وروي في الكتاب المشار إليه: بسنده فيه عن عبد الله بن الوليد الكندي قال:
دخلنا على أبى عبد الله عليه السّلام في زمن مروان فقال: من أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة، فقال: ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة، إن الله تعالى هداكم لأمر جهله الناس واحببتمونا وأبغضنا الناس واتبعتمونا وخالفنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا فاشهدوا على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر الله عينيه وان يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هذا واهوى بيده إلى حلقه الحديث.
وروي: أيضا في الكتاب المشار إليه بسنده فيه عن أبي بصير قال: قلت له:
جعلت فداك الراد على هذا الأمر فهو كالراد عليكم؟ فقال: يا أبا محمد من رد عليك هذا الأمر فهو كالراد على رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وعلى الله تعالى، يا أبا محمد إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد. قال: قلت: وإن مات على فراشه؟ فقال: أي والله على فراشه حي عند ربه يرزق.
وروى البرقي في المحاسن: بإسناده عن زيد بن أرقم عن الحسين بن علي قال: ما شيعتنا إلا صديق شهيد، قال: جعلت فداك أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فراشهم؟ فقال: أما تتلو كتاب الله في سورة الحديد {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ أُولََئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدََاءُ} قال: فقلت: كأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ قط، قال: لو كان الشهداء ليس منها تقول كان الشهداء قليلا.
قال: بعض الفضلاء اقول: كأن الوجه في ذلك أن المؤمن إنما تقبض روحه على حضور من قلبه وتهيؤ منه للموت كما إن الشهيد متهيّء للشهادة محضر قلبه للرحيل، ولذا سمي شهيدا. ووجه آخر هو أن الأعمال إنما هي بالنيات والمؤمن يود دائما أن لو كان مع إمامه الظاهر في دولة الحق مجاهد مع عدوه ويستشهد في سبيل الله، فيعامل معه على حسب نيته ويثاب ثواب الشهيد. ووجه ثالث وهو أن من رضي أمرا فقد دخل فيه ومن سخط أمرا فقد خرج منه، والمؤمن قد رضي وسلم لإمامه حق الجهاد مع عدوه فكأنه معه.
روى: هذا المعنى بعينه البرقي في محاسنه بإسناده عن الحكم بن عتيبة قال: لما قتل أمير المؤمنين عليه السّلام الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف وقتلنا معك هؤلاء الخوارج، فقال أمير المؤمنين:
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناسا لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد، فقال الرجل: وكيف شهدنا قوما لم يخلقوا؟ قال: بل قوم يكونوا في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه ويسلمون لنا فأولئك شركاؤنا فيه حقا حقا انتهى.
وروي في الكافي: أيضا عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة؟ يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إن الميت والله منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.(1/115)
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد شهدنا في هذا الموقف أناسا لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد، فقال الرجل: وكيف شهدنا قوما لم يخلقوا؟ قال: بل قوم يكونوا في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه ويسلمون لنا فأولئك شركاؤنا فيه حقا حقا انتهى.
وروي في الكافي: أيضا عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة؟ يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إن الميت والله منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.
وروي في الكتاب المذكور: بسنده عن يزيد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول الله تعالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلََّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلََا هُمْ يَحْزَنُونَ} قال: هم والله شيعتنا حين صارت أرواحهم إلى الجنة واستقبلوا الكرامة من الله تعالى، علموا واستيقنوا أنهم كانوا على الحق وعلى دين الله تعالى، فاستبشروا بمن يلحق بهم من أخوانهم من خلفهم من المؤمنين الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. أقول: المراد بالجنة هنا هو وادي السلام والذي تحشر إليه أرواح المؤمنين بعد الموت، فإنه قطعة من جنة عدن كما ورد عنهم عليه السّلام.
وروي فيه أيضا: بسنده عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول: خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا أنا بأناس من الشيعة فسلم أبي عليهم ثم قال: والله إني لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوا على ذلك بورع واجتهاد، فاعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله أنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا إلى ولايتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة. وقد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وضمان رسول الله بأعلى درجة الجنة، أكثر أو أحبى منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حورا عينا وكل مؤمن صديق، ولقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقنبر: يا قنبر أبشر وبشر واستبشر فو الله لقد مات رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، الا وإن لكل شيء عزّ وعزّ الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء شرف وشرف الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء سيد وسيد المجالس الشيعة، الا وان لكل شيء إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة
من نصيب، كل ناصب، وإن تعبد واجتهد فمنسوب إلى هذه الآية {عََامِلَةٌ نََاصِبَةٌ تَصْلى ََ نََاراً حََامِيَةً} كل ناصب خالفهم مجتهد فعمله هباء منثورا، شيعتنا ينطقون بنور الله تعالى ومن خالفهم ينطق بنقلة، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله روحه إلى السماء فيبارك عليها فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه فإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردّها إلى الجسد الذي خرجت منه لتكن فيه، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله تعالى، وإن فقراءكم لأهل الغنى وإن اغنياءكم لأهل القناعة وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته.(1/116)
وروي فيه أيضا: بسنده عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول: خرجت أنا وأبي حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا أنا بأناس من الشيعة فسلم أبي عليهم ثم قال: والله إني لأحب رياحكم وأرواحكم فأعينوا على ذلك بورع واجتهاد، فاعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد، ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله، أنتم شيعة الله أنتم أنصار الله وأنتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون والسابقون في الدنيا إلى ولايتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة. وقد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وضمان رسول الله بأعلى درجة الجنة، أكثر أو أحبى منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حورا عينا وكل مؤمن صديق، ولقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام لقنبر: يا قنبر أبشر وبشر واستبشر فو الله لقد مات رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، الا وإن لكل شيء عزّ وعزّ الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء شرف وشرف الإسلام الشيعة، الا وإن لكل شيء سيد وسيد المجالس الشيعة، الا وان لكل شيء إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة، والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشبا أبدا، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة
من نصيب، كل ناصب، وإن تعبد واجتهد فمنسوب إلى هذه الآية {عََامِلَةٌ نََاصِبَةٌ تَصْلى ََ نََاراً حََامِيَةً} كل ناصب خالفهم مجتهد فعمله هباء منثورا، شيعتنا ينطقون بنور الله تعالى ومن خالفهم ينطق بنقلة، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله روحه إلى السماء فيبارك عليها فإن كان قد أتى عليها أجلها جعلها في كنوز رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه فإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة ليردّها إلى الجسد الذي خرجت منه لتكن فيه، والله إن حاجكم وعماركم لخاصة الله تعالى، وإن فقراءكم لأهل الغنى وإن اغنياءكم لأهل القناعة وإنكم كلكم لأهل دعوته وأهل إجابته.
وروي فيه أيضا: بسنده عن عمرو بن المقدام عن أبي عبد الله عليه السّلام مثله وزاد فيه: الا وإن لكل شيء جوهرا وجوهر ولد آدم محمد ونحن وشيعتنا بعدنا حبذا هو لسلمت عليهم الملائكة قبلا، والله ما من عبد يتلو القرآن في صلاته قائما إلا وله بكل حرف مائة حسنة ولا قرأ في صلاته جالسا إلا وله بكل حرف خمسون حسنة ولا في غير صلاته إلا وله بكل حرف عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا الأجر من قرأ القرآن عمن خالفه، أنتم والله على فرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، أنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصافين في سبيله، أنتم والله الذي قال الله تعالى: {وَنَزَعْنََا مََا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوََاناً عَلى ََ سُرُرٍ مُتَقََابِلِينَ} إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين عينان في الرأس وعينان في القلب، الا والخلق كلهم كذلك، إلا أن الله تعالى فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم.
وروي فيه أيضا: بسنده عن ميسرة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السّلام فقال: كيف اصحابك؟ فقلت: جعلت فداك لنحن عندهم شر من اليهود والنصارى والمجوس، وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال: كيف؟ قلت: والله لنحن عندهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين اشركوا بالله فقال: والله لا يدخل النار منكم إثنان لا والله ولا واحد، والله إنكم الذين قال الله تعالى:
{وَقََالُوا مََا لَنََا لََا نَرى ََ رِجََالًا كُنََّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرََارِ أَتَّخَذْنََاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زََاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصََارُ إِنَّ ذََلِكَ لَحَقٌّ تَخََاصُمُ أَهْلِ النََّارِ} ثم قال: طلبوكم والله في النار فما وجدوا منكم أحدا.
وروي فيه أيضا: بسنده عن عنبسة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: إذا استقر في النار أهل النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا فيقول بعضهم لبعض: ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، قال:
وذلك قول الله تعالى: {إِنَّ ذََلِكَ لَحَقٌّ تَخََاصُمُ أَهْلِ النََّارِ} يتخاصمون فيكم كما كانوا يقولون في الدنيا.(1/117)
وروي فيه أيضا: بسنده عن عنبسة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: إذا استقر في النار أهل النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا فيقول بعضهم لبعض: ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار، قال:
وذلك قول الله تعالى: {إِنَّ ذََلِكَ لَحَقٌّ تَخََاصُمُ أَهْلِ النََّارِ} يتخاصمون فيكم كما كانوا يقولون في الدنيا.
وروي فيه أيضا: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام: يا أبا محمد إن لله تعالى ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح من الشجرة في أوان سقوطه، وذلك قول الله تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} والله ما أراد بهذا غيركم.
وروي فيه أيضا: عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: سمعته يقول: إذا بلغ المؤمن أربعين سنة آمنه الله من الأدواء الثلاثة البرص والجذام والجنون فإذا بلغ الخمسين خفف الله تعالى حسابه، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله تعالى الانابة إليه، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر الله تعالى بإثبات حسناته وإلقاء سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب أسير الله في أرضه.
وروى: الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسير بسنده عن أبي الورد عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله تعالى الناس في صعيد واحد حفاة عراة، فيقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد انفاسهم فيمكثون في ذلك بمقدار خمسين عاما وهو قوله الله عزّ وجلّ: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوََاتُ لِلرَّحْمََنِ فَلََا تَسْمَعُ إِلََّا هَمْساً} ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: اين النبي الأمي؟ قال:
فتقول الناس: قد اسمعت فسم، فينادي: أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله، فيتقدم رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم امام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين ايلة وصنعاء، ثم ينادي صاحبكم يعني أمير المؤمنين عليه السّلام فيتقدم امام الناس معه ثم يؤذن للناس فيمرون بين وارد للحوض وبين مصروف عنه، فإذا رأى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم من ينصرف من محبينا بكى وقال: يا رب شيعة علي، فيأتيه ملك يقول له: إن الله تعالى يقول: قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لك عن ذنوبهم وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولونه وجعلتهم في زمرتك وأوردتهم حوضك قال أبو جعفر عليه السّلام فكم من باك وباكية يومئذ ولا يبقى أحد كان يتولانا ويتبرأ من عدونا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.
وروى الصدوق: قدس الله سره بإسناده إلى العسكري عليه السّلام قال: قال الإمام: قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له وهو
في شدة علته وعظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله وعياله واقتطع دون أمانيه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: ما لك تجزع؟ فيقول: لاضطراب أحوالي واقتطاعي دون آمالي فيقول له ملك الموت: وهل يجزع عاقل من فقد درهم زائف وقد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا، فيقول: لا؟ فيقول له ملك الموت:(1/118)
وروى الصدوق: قدس الله سره بإسناده إلى العسكري عليه السّلام قال: قال الإمام: قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له وهو
في شدة علته وعظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله وعياله واقتطع دون أمانيه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: ما لك تجزع؟ فيقول: لاضطراب أحوالي واقتطاعي دون آمالي فيقول له ملك الموت: وهل يجزع عاقل من فقد درهم زائف وقد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا، فيقول: لا؟ فيقول له ملك الموت:
فانظر فوقك، فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني فيقول له ملك الموت: هذه منازلك ونعمك وأموالك وعيالك ومن كان من ذريتك صالحا فهم هناك معك افترضى به بدلا مما هاهنا؟ فيقول: بلى والله، ثم يقول له ملك الموت: أنظر فينظر فيرى محمدا صلّى الله عليه واله وسلّم وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين، فيقول: أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمتك هم هناك جلاسك وأناسك فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هاهنا؟ فيقول: بلى وربي فذلك ما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قََالُوا رَبُّنَا اللََّهُ ثُمَّ اسْتَقََامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلََائِكَةُ أَلََّا تَخََافُوا} هم أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه {وَلََا تَحْزَنُوا} على ما تخلفونه من الذراري والعيال والأموال فهذا شاهدتموه في الجنان بدلا منهم {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} هذه منازلكم وهؤلاء أناسكم وجلاسكم {نَحْنُ أَوْلِيََاؤُكُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهََا مََا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهََا مََا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}.
وروي: في مكارم الأخلاق عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام قال: رفع القلم عن شيعتنا، فقلت: يا سيدي كيف ذلك؟ قال: لأنهم أخذوا إليه العهد بالتقية في دولة بني أمية الباطل يأمن الناس ويخالفون ويكفرون فينا ولا نكفر فيهم ويقتلون بنا ولا نقتل بهم، ما من أحد من شيعتنا ارتكب ذنبا عمدا أو خطأ إلا ناله في ذلك غم يمحص عنه ذنوبه، ولو أنه أتى بذنوب بعدد قطر المطر وبعدد الحصى والرمل وبعدد الشوك والشجر فإن لم ينله في نفسه ففي أهله وماله، فإن لم ينله في أمر دنياه ما يغتم به تخيل له في منامه ما يغتم به فيكون ذلك تمحيصا لذنوبه.
وروى: أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن سعيد في كتاب التمحيص عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: ما من أحد من شيعتنا يفارق أمرا نهينا عنه فيموت حتى يبتلي ببلية تتمحّص بها ذنوبه إما في مال أو ولد وإما في نفسه حتى يلقى الله محبنا وما له ذنب، ولو بقي عليه شيء من ذنوبه يشدد عليه عند موته فتمحص ذنوبه
وروي أيضا فيه: عن السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: إني لأرى
من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة؟ قال: فقال: يا عمر لا تشنع على أولياء الله إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى تمحص عنه الذنوب، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله، فإن عافاه في ولده ابتلاه في أهله فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يمحص ذنوبه، فإن عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتى يلقى الله حين يلقى الله وهو عنه راض قد أوجبت له الجنة.(1/119)
وروي أيضا فيه: عن السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: إني لأرى
من أصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة؟ قال: فقال: يا عمر لا تشنع على أولياء الله إن ولينا ليرتكب ذنوبا يستحق بها من الله العذاب فيبتليه الله في بدنه بالسقم حتى تمحص عنه الذنوب، فإن عافاه في بدنه ابتلاه في ماله، فإن عافاه في ولده ابتلاه في أهله فإن عافاه في أهله ابتلاه بجار سوء يمحص ذنوبه، فإن عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتى يلقى الله حين يلقى الله وهو عنه راض قد أوجبت له الجنة.
وروى: فرات بن أحنفة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام إذ دخل عليه من هؤلاء الملاعين فقال: والله لأسو أنّه في شيعته فقال: يا أبا عبد الله أقبل إلي، فلم يقبل إليه فعادها فلم يقبل إليه ثم أعادها الثالثة فقال: ها أنا ذا مقبل فقل ولن تقول خيرا فقال: إن شيعتكم يشربون النبيذ، فقال: ما بأس بالنبيذ، وأخبرني أبي عن جابر بن عبد الله أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم كانوا يشربون النبيذ، فقال: ليس النبيذ وإنما أعنيك المسكر فقال: إن شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس المسكر، فإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا رؤوفا ونبيا بالاستغفار له عطوفا ووليا عند الحوض ولوفا. ثم قال الصادق عليه السّلام: أخبرني أبي عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ انه قال: يا محمد إني حرمت الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما إلا من اقترف منهم كبيرة فإني ابلوه في ماله أو بخوف من سلطانه حتى تلقاه بالروح والريحان وأنا عليه غير غضبان، فيكون ذلك جزاء لما كان منه فهل عند أصحابك هؤلاء شيء من هذا فلم أودع.
وروى: أبو الصباح الكناني قال: كنت أنا وزرارة عند أبي عبد الله عليه السّلام فقال: لا تطعم النار أحدا وصف هذا الأمر زرارة إن من يصف هذا الأمر يعمل الكبائر، فقال: أو تدري ما كان أبي يقول في ذلك؟ إنه كان يقول: إذا ما أصاب المؤمن من تلك الموجبات شيء ابتلاه الله تعالى ببلية في جسده أو بخوف يدخله الله عليه حتى يخرج من الدنيا وقد خرج من ذنوبه.
وروى: صاحب كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى وفي غيره أيضا أنه دخل رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم على علي بن أبي طالب مسرورا مستبشرا فسلم عليه فرد عليه السلام فقال: ما رأيتك اقبلت علي في مثل هذا اليوم؟ فقال صلّى الله عليه واله وسلّم: جئت ابشرك اعلم أن في هذه الساعة نزل علي جبرئيل وقال: الحق يقرئك السلام
ويقول: بشر عليا ان شيعته الطائع والعاصي من أهل الجنة. فلما سمع مقالته خرّ ساجدا ورفع يديه إلى السماء ثم قال: أشهد الله علي أني وهبت لشيعتي نصف حسناتي، فقالت فاطمة عليها السّلام أشهد الله علي أني قد وهبت لشيعة علي نصف حسناتي، فقال الحسن عليه السّلام مثلما قالا وقال الحسين عليه السّلام مثل ذلك وقال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: كذلك ما أنتم بأكرم مني اشهد عليّ يا رب أني وهبت لشيعة علي نصف حسناتي، وقال الله عزّ وجلّ: ما أنتم بأكرم مني إني قد غفرت لشيعة علي ومحبيه ذنوبهم جميعا.(1/120)
وروى: صاحب كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى وفي غيره أيضا أنه دخل رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم على علي بن أبي طالب مسرورا مستبشرا فسلم عليه فرد عليه السلام فقال: ما رأيتك اقبلت علي في مثل هذا اليوم؟ فقال صلّى الله عليه واله وسلّم: جئت ابشرك اعلم أن في هذه الساعة نزل علي جبرئيل وقال: الحق يقرئك السلام
ويقول: بشر عليا ان شيعته الطائع والعاصي من أهل الجنة. فلما سمع مقالته خرّ ساجدا ورفع يديه إلى السماء ثم قال: أشهد الله علي أني وهبت لشيعتي نصف حسناتي، فقالت فاطمة عليها السّلام أشهد الله علي أني قد وهبت لشيعة علي نصف حسناتي، فقال الحسن عليه السّلام مثلما قالا وقال الحسين عليه السّلام مثل ذلك وقال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: كذلك ما أنتم بأكرم مني اشهد عليّ يا رب أني وهبت لشيعة علي نصف حسناتي، وقال الله عزّ وجلّ: ما أنتم بأكرم مني إني قد غفرت لشيعة علي ومحبيه ذنوبهم جميعا.
يقول جامع هذه الطرف وحامل هذه التحف: فإن قيل: إنه قد ورد بإزاء هذه الأخبار ما يعارضها ومما يدل على أن الشيعي من كان عالما ورعا تقيا صائما قائما وهي مستفيضة متكاثرة؟ قلنا: نعم قد ورد ذلك ولا منافاة فإن ما دل على ذلك محمول على كمال الشيعة وبلوغ الرتبة العليا من التشيع، وما سردناه من الأخبار مما يؤذن بالمنافاة محمول على غير الكامل، وهذا شائع في الكلام حتى في كلام الملك العلام قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذََا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيََاتُهُ زََادَتْهُمْ إِيمََاناً وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} فإنه لا خلاف لأحد من علماء الإسلام في عدم اشتراط هذه الأوصاف في الإيمان مركبا كان أو بسيطا، فالآية محمولة على الفرد الأكمل منه. وشواهد ما ذكرنا فيما قدمناه من الأخبار ظاهرة سيما الخبر الأخير منها وسابقيه بلا فصل وغيرها فإنها قد تظافرت بأن الله سبحانه يبتلي العاصين من الشيعة في الدنيا بما يمحص به ذنوبهم ولو عند الموت فيشدد عليهم سكراته ليخرجوا من الدنيا ولا ذنب عليهم فيكونون كلهم في الجنة ببركة أئمتهم صلوات الله عليهم ويحتمل: أيضا أن يكون مرادهم عليهم السّلام بهذه الأخبار زجر الشيعة ومنعهم عن المعاصي، فإنهم عليهم السّلام حكماء القلوب فيوقفون شيعتهم العاصين بين حدي اليأس والرجاء، إذ لو تركوهم وهذه الأخبار الدالة على الرجاء خاصة لربما انهمكوا في المعاصي وضربوا صفحا عن الطاعات إعتمادا على ذلك فربما انجر ذلك والعياذ بالله الطبع على القلب فلا يرجع صاحبه إلى خير، ويحصل له بسبب ذلك ما يخرجه عن أصل الإيمان كما ورد في الخبر عنهم عليهم السّلام من أن كل مؤمن في قلبه نقطة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرجت في تلك النقطة البيضاء نقطة سوداء فإن تاب انمحى ذلك السواد وإن تمادى في المعاصي تزايد ذلك السواد حتى يغطي البياض فلا يتوقع صاحبه إلى خير أبدا وذلك قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ} فإذا زجروهم بهذه الأخبار انزجروا وادكروا
وتابوا وأنابوا. وفي بعض تلك الأخبار ما معناه في معنى براءة من النار: من كان لله مطيعا كان لنا وليّا ومن كان عدوا وإنهم لا يتكلون على حب علي فإنه لو احب أحد رسول الله خير من علي لما نفعه حبه اياه شيئا إذا لم يعمل بطاعة الله سبحانه وتعالى، فإن هذا الخبر وامثاله إنما ينطبق على الوجه الثاني كما لا يخفى وبالجملة: فالمستفاد من أخبارهم عليهم السّلام أن جملة شيعتهم ومحبيهم في الجنة معهم عليهم السّلام ومن عداهم من الجاهلين بهم والمستضعفين ونحوهم فقد استفاضت الأخبار بأنهم من المرجئين لأمر الله أما يعذبهم وأما يتوب عليهم، وربما دل بعض الأخبار على دخولهم الجنة فربما يعذبون ثم يدخلون الجنة بعفو الله ورحمته، وأما المخالفون المنكرون لإمامتهم فهم مخلدون في النار.(1/121)
يقول جامع هذه الطرف وحامل هذه التحف: فإن قيل: إنه قد ورد بإزاء هذه الأخبار ما يعارضها ومما يدل على أن الشيعي من كان عالما ورعا تقيا صائما قائما وهي مستفيضة متكاثرة؟ قلنا: نعم قد ورد ذلك ولا منافاة فإن ما دل على ذلك محمول على كمال الشيعة وبلوغ الرتبة العليا من التشيع، وما سردناه من الأخبار مما يؤذن بالمنافاة محمول على غير الكامل، وهذا شائع في الكلام حتى في كلام الملك العلام قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذََا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيََاتُهُ زََادَتْهُمْ إِيمََاناً وَعَلى ََ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} فإنه لا خلاف لأحد من علماء الإسلام في عدم اشتراط هذه الأوصاف في الإيمان مركبا كان أو بسيطا، فالآية محمولة على الفرد الأكمل منه. وشواهد ما ذكرنا فيما قدمناه من الأخبار ظاهرة سيما الخبر الأخير منها وسابقيه بلا فصل وغيرها فإنها قد تظافرت بأن الله سبحانه يبتلي العاصين من الشيعة في الدنيا بما يمحص به ذنوبهم ولو عند الموت فيشدد عليهم سكراته ليخرجوا من الدنيا ولا ذنب عليهم فيكونون كلهم في الجنة ببركة أئمتهم صلوات الله عليهم ويحتمل: أيضا أن يكون مرادهم عليهم السّلام بهذه الأخبار زجر الشيعة ومنعهم عن المعاصي، فإنهم عليهم السّلام حكماء القلوب فيوقفون شيعتهم العاصين بين حدي اليأس والرجاء، إذ لو تركوهم وهذه الأخبار الدالة على الرجاء خاصة لربما انهمكوا في المعاصي وضربوا صفحا عن الطاعات إعتمادا على ذلك فربما انجر ذلك والعياذ بالله الطبع على القلب فلا يرجع صاحبه إلى خير، ويحصل له بسبب ذلك ما يخرجه عن أصل الإيمان كما ورد في الخبر عنهم عليهم السّلام من أن كل مؤمن في قلبه نقطة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرجت في تلك النقطة البيضاء نقطة سوداء فإن تاب انمحى ذلك السواد وإن تمادى في المعاصي تزايد ذلك السواد حتى يغطي البياض فلا يتوقع صاحبه إلى خير أبدا وذلك قوله تعالى: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ} فإذا زجروهم بهذه الأخبار انزجروا وادكروا
وتابوا وأنابوا. وفي بعض تلك الأخبار ما معناه في معنى براءة من النار: من كان لله مطيعا كان لنا وليّا ومن كان عدوا وإنهم لا يتكلون على حب علي فإنه لو احب أحد رسول الله خير من علي لما نفعه حبه اياه شيئا إذا لم يعمل بطاعة الله سبحانه وتعالى، فإن هذا الخبر وامثاله إنما ينطبق على الوجه الثاني كما لا يخفى وبالجملة: فالمستفاد من أخبارهم عليهم السّلام أن جملة شيعتهم ومحبيهم في الجنة معهم عليهم السّلام ومن عداهم من الجاهلين بهم والمستضعفين ونحوهم فقد استفاضت الأخبار بأنهم من المرجئين لأمر الله أما يعذبهم وأما يتوب عليهم، وربما دل بعض الأخبار على دخولهم الجنة فربما يعذبون ثم يدخلون الجنة بعفو الله ورحمته، وأما المخالفون المنكرون لإمامتهم فهم مخلدون في النار.
قال الفاضل الدواني: بعد نقل حديث «ستفترق أمتي» لا اشتباه في قوله: ستفرق لأن السين يجوز حملها على معناه الحقيقي، لأن الاختلاف متراخ عن حياته عليه السّلام ويجوز حملها على التأكيد فإن ما هو متحقق الوقوع قريب كقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ََ} ولا في العدد لإخباره عليه السّلام. وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذهب فهي أقلّ من هذا العدد وإن حمل ما يشمل الفروع فهي أكثر منه توهم ولا مستند له لجواز كون الأصول بينها مخالفة مفيدة لهذا العدد. وقد يقال: لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات. ثم قال في قوله: كلها في النار إلا واحدة من حيث الاعتقاد فلا يرد أنه لو أريد الخلود فيها فهو خلاف الإجماع فإن المؤمنين لا يخلدون فيها، وإن أريد مجرد الدخول فهو مشترك بين الفرق إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة، والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد جدا. ولا يبعد أن يكون المراد استقلال مكثهم في النار بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد انتهى.
قال: الفاضل الشيخ إبراهيم سليمان القطيفي الحلي (ره) في كتاب الفرقة الناجية بعد نقل ذلك: أقول كلامه هذا بأجمعه ليس منه بصحيح ولا تام، لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد وغرضه من ذلك إن المراد العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود، معللا بأنه خلاف الإجماع لأن المؤمنين لا يخلدون.
وفيه نظر لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد غير مسلم لجواز أن يكون منه ومن العمل معا، قال الله تعالى: {وَقََالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النََّارُ إِلََّا أَيََّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللََّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ بَلى ََ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحََاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولََئِكَ أَصْحََابُ النََّارِ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ} سلمنا لكن نفيه
الخلود غير مسلم، والإجماع الذي نقله ممنوع فإن جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحقة كفار وأنهم مخلدون في النار قوله: لأن المؤمنين لا يخلدون مسلم لكن الخلاف في المؤمنين، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الأصول الخمسة ومنها عندهم إمامة الإثني عشر. وقوله: «إن مجرد الدخول مشترك» ممنوع. قوله: «إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة» مسلم إلا أن قوله: «والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد» ممنوع اشد المنع بل الظاهر ذلك فإنما البعيد استبعاده فإن ظاهر الخبر يقتضيه، وقوله: «ولا يبعد أن يكون استقلال لبثهم بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد» اشد بعدا لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث، والحق ان معنى الحديث إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا وغيرها في النار أما خلودا أو مكثا من غير خلود في الجميع أو في بعض الخلود وفي بعض المكث من غير خلود، وهو ظاهر الخبر من غير تكلف. ولقولنا: «إن الفرقة الناجية لا تمسها»، شاهد من الحديث. ثم ذكر قدس الله سره ما قدمناه من حديث الحسن بن علي بن شعبة المنقول من كتاب التمحيص والذي بعده من حديث السابري وحديث فرات بن احنف وجملة مما يدخل في هذا الباب إلى آخر كلامه أفاض الله عليه سوانح إكرامه.(1/122)
وفيه نظر لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد غير مسلم لجواز أن يكون منه ومن العمل معا، قال الله تعالى: {وَقََالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النََّارُ إِلََّا أَيََّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللََّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللََّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللََّهِ مََا لََا تَعْلَمُونَ بَلى ََ مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحََاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولََئِكَ أَصْحََابُ النََّارِ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ} سلمنا لكن نفيه
الخلود غير مسلم، والإجماع الذي نقله ممنوع فإن جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحقة كفار وأنهم مخلدون في النار قوله: لأن المؤمنين لا يخلدون مسلم لكن الخلاف في المؤمنين، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الأصول الخمسة ومنها عندهم إمامة الإثني عشر. وقوله: «إن مجرد الدخول مشترك» ممنوع. قوله: «إذ ما من فرقة إلا وبعضها عصاة» مسلم إلا أن قوله: «والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد» ممنوع اشد المنع بل الظاهر ذلك فإنما البعيد استبعاده فإن ظاهر الخبر يقتضيه، وقوله: «ولا يبعد أن يكون استقلال لبثهم بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد» اشد بعدا لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث، والحق ان معنى الحديث إن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا وغيرها في النار أما خلودا أو مكثا من غير خلود في الجميع أو في بعض الخلود وفي بعض المكث من غير خلود، وهو ظاهر الخبر من غير تكلف. ولقولنا: «إن الفرقة الناجية لا تمسها»، شاهد من الحديث. ثم ذكر قدس الله سره ما قدمناه من حديث الحسن بن علي بن شعبة المنقول من كتاب التمحيص والذي بعده من حديث السابري وحديث فرات بن احنف وجملة مما يدخل في هذا الباب إلى آخر كلامه أفاض الله عليه سوانح إكرامه.
أقول: ومما يؤيد كون المراد بالفرقة الناجية هم الإمامية الإثني عشرية ما رواه الحافظ الشيرازي نقلا عن التفاسير الإثني عشر التي من كتبهم حيث قال: تتمة حديث الفرق المشار إليه: فقال أمير المؤمنين عليه السّلام فلم الفرقة الناجية؟ قال: المتمسك بها أنت وأصحابك. وقد أوردنا الخبر المذكور مع تحقيق لنا في ذلك في آخر هذا الكراس فليراجع فإنه واضح في المطلوب والمراد لا يقبل التأويل ولا الإيراد.
ومما يدل أيضا: على خلود ما عدا الفرقة الناجية في النار تنظيره صلّى الله عليه واله وسلّم بافتراق أمة موسى في ذلك الخبر على واحد وسبعين فرقة، وأمة عيسى على اثنين وسبعين فرقة، وإن الناجي من كل الأمتين فرقة واحدة والباقون في النار، فإنه لا ريب في أن الفرقة الناجية ثمة هي المتبعة للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم ووصيه من بعده العاملين بدينه وشريعته وإمّا ما عداها فهو في النار على جهة الخلود فكذلك في هذه الأمة، وإلا لم تكن للتنظير فائدة. وهذا يحمد الله ظاهر لا سترة عليه.
فيما يتعلق بالعجب
فائدة: قد استفاض في الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السّلام ذم العجب وأنه
مهلك كما ورد في جملة منها: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» والعجب على ما ذكره بعض المحققين عبارة عن استعظام العمل الصالح واستكثاره والابتهاج به والادلال به، وان يرى نفسه خارجا من حد التقصير. وقيل انه عبارة عن هيئة نفسانية تنشأ من تصور الكمال في النفس والفرح به والركون إليه من حيث أنه قائم به وصفة له مع الغفلة عن قياس النفس إلى الغير بكونها أفضل منه وبهذا القيد ينفصل عن الكبر اذ لا بد في الكبر أن يرى الإنسان لنفسه مرتبة ولغيره مرتبة ثم زيادة مرتبته على مرتبة الغير. وهذا التعريف أعم من الأول بحمل الكمال فيه على ما هو أعمّ من أن يكون كمالا في نفس الأمر أو لم يكن كسوء العمل إذا رآه حسنا فابتهج به، وهو الأنسب بأخبار الباب وأولى، أعم من أن يكون فعله كالأعمال الصالحة أولا كالصورة الحسنة والنسب الرفيع.(1/123)
فائدة: قد استفاض في الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السّلام ذم العجب وأنه
مهلك كما ورد في جملة منها: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» والعجب على ما ذكره بعض المحققين عبارة عن استعظام العمل الصالح واستكثاره والابتهاج به والادلال به، وان يرى نفسه خارجا من حد التقصير. وقيل انه عبارة عن هيئة نفسانية تنشأ من تصور الكمال في النفس والفرح به والركون إليه من حيث أنه قائم به وصفة له مع الغفلة عن قياس النفس إلى الغير بكونها أفضل منه وبهذا القيد ينفصل عن الكبر اذ لا بد في الكبر أن يرى الإنسان لنفسه مرتبة ولغيره مرتبة ثم زيادة مرتبته على مرتبة الغير. وهذا التعريف أعم من الأول بحمل الكمال فيه على ما هو أعمّ من أن يكون كمالا في نفس الأمر أو لم يكن كسوء العمل إذا رآه حسنا فابتهج به، وهو الأنسب بأخبار الباب وأولى، أعم من أن يكون فعله كالأعمال الصالحة أولا كالصورة الحسنة والنسب الرفيع.
والمفهوم من الأخبار أن للعجب مراتب:
منها: ان يزين الشيطان للإنسان سوء عمله فيراه حسنا لعدم التفاته إلى مفاسده الظاهرة بأدنى تأمل وإخراجه نفسه من حد التقصير ويحسب أنه يحسن صنعا وإليه يشير قوله سبحانه: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} وقوله سبحانه: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيََاةِ الدُّنْيََا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}
قال بعض المتأخرين: أكثر الجهلة على هذه الصفة فإنهم يفعلون أفعالا قبيحة عقلا ونقلا ويعتادون عليها حتى تصير تلك الأعمال بتسويل أنفسهم وتزيين قربتهم من صفات الكمال عندهم، فيذكرونها ويتفاخرون بها ويقولون انا فعلنا كذا وكذا اعجابا بشأنهم واظهارا لكمالهم انتهى.
أقول: ويدخل في هذه المرتبة أصحاب المقالات المبتدعة والأهواء المخترعة المخالفين للشرائع المحقة والخارجين عن النواميس الحقة الداخلين في ذلك بمجرد العقول الحائرة الفاسدة والأوهام البائرة الكاسدة، فمن طبع الشيطان على قلبه وأخذ بمجامع عقله ولبه.
ومنها: أن يمن عليّ الله سبحانه بطاعتة مع كونها باقداره سبحانه وتعالى وتوفيقه وتمكينه، وله تعالى المنة فيها وفي غيرها، وإليه يشير قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لََا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلََامَكُمْ بَلِ اللََّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدََاكُمْ لِلْإِيمََانِ}
وعلى هاتين المرتبتين يدل صحيح علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال:
سألته عن العجب الذي بعد الأعمال؟ فقال: العجب درجات: منها أن يزيّن للعبد سوء عمله فرآه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا، ومنها أن يؤمن العبد بربه
فيمن على الله ولله فيه المن، ومنها استكثار ما يأتي به من الطاعات واستعظامه.(1/124)
سألته عن العجب الذي بعد الأعمال؟ فقال: العجب درجات: منها أن يزيّن للعبد سوء عمله فرآه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا، ومنها أن يؤمن العبد بربه
فيمن على الله ولله فيه المن، ومنها استكثار ما يأتي به من الطاعات واستعظامه.
ومنه ما ورد في رواية عمّار عن الصادق عليه السّلام قال: أتى عالم عابدا فقال: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي من يسأل عن صلاته وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا؟! فقال:
كيف بكاؤك؟ فقال: ابكي حتى تجري دموعي. فقال له: فإن ضحكت وأنت خائف افضل من بكائك وانت مدل ان المدل لا يصعد من عمله شيء. وفي مرسلة أحمد بن أبي داود عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليه السّلام قال: يدخل المسجد رجلان أحدهما عابد والآخر فاسق فيخرجان من المسجد والفاسق صدّيق والعابد فاسق، وذلك أنه يدخل العابد مدلا بعبادته يدل بها فيكون فكرته في ذلك، ويكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه ويستغفر الله عزّ وجلّ مما صنع من الذنوب. وفي صحيح أبي عبيد الحذاء عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: قال الله تعالى: إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيجتهد إلى الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له وابقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها، ولو اخلى بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصير العجب إلى التيه بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورصاه عن نفسه، حتى يظن أنه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد بذلك عني وهو يظن أنه يتقرب الي الحديث.
ولا ريب أن العجب بالمعنيين الأولين مفسد للعمل، بل ربما كان نوعا من الكفر مع الاعتقاد الجازم، أما بالنسبة إلى الأول فإن اعتقاد سوء العمل حسن مع دلالة الكتاب والسنة على قبحه ابداع في الدين وإن غفل عنه صاحبه اعتمادا على مجرد عقله وانهماكه فيه تبعا لدواعي نفسه الامارة، ويرشد إلى ذلك ظاهر الآيتين خصوصا الثانية حيث دلت بأبلغ وجه على أنهم الأخسرون أعمالا مختصا بقوله سبحانه: {أُولََئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيََاتِ رَبِّهِمْ وَلِقََائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمََالُهُمْ فَلََا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ وَزْناً} ومن هنا يعلم صحة ما ذكرنا من دخول المقالات المبتدعة. ويؤيد ما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمََالًا} إنهم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع. واما بالنسبة إلى الثاني فلأن الاعتقاد بأن له المنة على الله تعالى بشيء من الأعمال لا ينشأ من قلب مؤمن عارف بالله سبحانه ادنى معرفة، لأن من أدناها معرفة أنه الخالق الرزاق وهما يستغرقان جميع النعم اصولا وفروعا وإنما ينشأ من كافر مكذب بالإيمان لقوله
تعالى: {وَمََا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللََّهِ} أو من مبدع مفوض يعتقد أن الله سبحانه لا يقدر على سلب قدرة العبد على الفعل وقت الفعل وإن كان هو الذي حوله أياه أولا. وقد عرفت كفر أصحاب البدع مما سبق في الآية المتقدمة، بل استظهر بعض مشائخنا المتأخرين أن مطلق تجويز الخلاف فيما علم بدليل قطعي من كتاب أو سنّة كفر وإبداع لأنه لا يتم إلا بإخراج الدليل عن كونه دليلا، وهي هذه معنى تكذيب الرسل أو المرسل وهو حسن.(1/125)
ولا ريب أن العجب بالمعنيين الأولين مفسد للعمل، بل ربما كان نوعا من الكفر مع الاعتقاد الجازم، أما بالنسبة إلى الأول فإن اعتقاد سوء العمل حسن مع دلالة الكتاب والسنة على قبحه ابداع في الدين وإن غفل عنه صاحبه اعتمادا على مجرد عقله وانهماكه فيه تبعا لدواعي نفسه الامارة، ويرشد إلى ذلك ظاهر الآيتين خصوصا الثانية حيث دلت بأبلغ وجه على أنهم الأخسرون أعمالا مختصا بقوله سبحانه: {أُولََئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيََاتِ رَبِّهِمْ وَلِقََائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمََالُهُمْ فَلََا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ وَزْناً} ومن هنا يعلم صحة ما ذكرنا من دخول المقالات المبتدعة. ويؤيد ما رواه الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن الباقر عليه السّلام في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمََالًا} إنهم النصارى والقسيسون والرهبان وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع. واما بالنسبة إلى الثاني فلأن الاعتقاد بأن له المنة على الله تعالى بشيء من الأعمال لا ينشأ من قلب مؤمن عارف بالله سبحانه ادنى معرفة، لأن من أدناها معرفة أنه الخالق الرزاق وهما يستغرقان جميع النعم اصولا وفروعا وإنما ينشأ من كافر مكذب بالإيمان لقوله
تعالى: {وَمََا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللََّهِ} أو من مبدع مفوض يعتقد أن الله سبحانه لا يقدر على سلب قدرة العبد على الفعل وقت الفعل وإن كان هو الذي حوله أياه أولا. وقد عرفت كفر أصحاب البدع مما سبق في الآية المتقدمة، بل استظهر بعض مشائخنا المتأخرين أن مطلق تجويز الخلاف فيما علم بدليل قطعي من كتاب أو سنّة كفر وإبداع لأنه لا يتم إلا بإخراج الدليل عن كونه دليلا، وهي هذه معنى تكذيب الرسل أو المرسل وهو حسن.
وأما العجب بالمعنى الثالث فالظاهر أنه لا يخلو عن إجمال، ووجه التفصيل فيه أنه إن كان استكثاريا يأتي به من الطاعة واستعظامه بالنسبة إلى ما يستحقه سبحانه من الطاعة أو ما لله سبحانه عليه من النعم فهو راجع في التحقيق إلى المعنى الثاني، إذ يلزم منه أن طاعته حينئذ زائدة على مستحقه تعالى فتكون منه منة على الله تعالى، ولا ريب أنه بذلك يمتنع القصد إليها من حيث كونها طاعة له سبحانه مستحقة وأنه اهلها، وإن كان استكثاره ذلك في مقابلة معاصيه بمعنى أن يعتقد أن طاعته زائدة على معاصيه أعم من أن يكون ذلك مطابقا للواقع كما ربما يتخيل أولا كما هو المحقق فالظاهر كما اختاره بعض مشائخنا المتأخرين إن ذلك لا يقتضي كفرا ولا إبداعا بل ولا فساد عمل وإن كان خطأ في الاعتقاد ونقصا في كمال الإيمان لكونه الذنب الذي إذا أذنبه الإنسان استحوذ عليه الشيطان.
قال: ويرشد إلى كونه خطأ في الاعتقاد موثقة الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال لي أكثر من أن تقول: «لا تجعلني من العارين ولا تخرجني من التقصير» قال: قلت: أما العارين فقد عرفت فما معنى لا تخرجني من التقصير؟
قال: كل عمل تعمله تريد به وجه الله عزّ وجلّ فكن فيه مقصرا عند نفسك، فإن الناس كلهم في أعمالهم فيأتيهم وبين الله مقصرون، ويدل على كونه نقصا في كمال الإيمان لكونه ذنبا مرسلة يونس عن بعض اصحابنا عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: بينما موسى عليه السّلام جالس إذ أقبل ابليس وعليه برنس ذو ألوان فلما دنا من موسى سلم عليه إلى أن قال: قال له موسى عليه السّلام: أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ فقال: إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله وصغر في عينيه ذنبه. وقال: قال الله عزّ وجلّ لداود: بشر المذنبين وانذر الصديقين أن يعجبوا بأعمالهم، فإنه ليس عبد أنصبه للحساب إلا هلك.
وما ورد في أخبار كثيرة من تفضيل العبد حالة الذنب الذي عليه حالة
العجب كحسنة عبد الرحمن بن الحجاج قال: إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل العمل فيسره فيتراخى عن حاله تلك: فلأن يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه. وروايته الأخرى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل من البر فيدخله شبه العجب به؟ فقال: هو في الحالة الأولى وهو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه.(1/126)
وما ورد في أخبار كثيرة من تفضيل العبد حالة الذنب الذي عليه حالة
العجب كحسنة عبد الرحمن بن الحجاج قال: إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل العمل فيسره فيتراخى عن حاله تلك: فلأن يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه. وروايته الأخرى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السّلام: الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل من البر فيدخله شبه العجب به؟ فقال: هو في الحالة الأولى وهو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه.
وحاصل ما ذكر: إن غاية ما يستفاد من الأخبار بالشبه إلى هذا النوع كونه ذنبا موجبا لنقصان كمال الإيمان، ولا دلالة فيها على إفساد العمل به بمعنى أنه يوجب القضاء وإن أحبطه واسقط ثوابه، لأن غايته أنه من الذنوب المهكلة المحبطة لاعتقاد خلاف ما هو الواقع من خروجه من حد التقصير فيما يجب عليه، ولا تعلق له بإخلاص الطاعة له سبحانه والتقريب إليه واداء ما يجب من حقوقه تعالى مثل المعاني المتقدمة، وكان استكثار ذلك بالنسبة إلى أبناء نوعه المشاركين له في ذلك العمل كاستكثار العالم علمه بالنسبة إلى من يشاركه في العلم والعابد عبادته بالنسبة إلى غيره من العباد، وهكذا مع قطع النظر أن يرى نفسه خارجا بذلك عن حد التقصير، فالظاهر أنه بهذا المعنى لا يكون محرما ولا مهلكا فضلا عن أن يكون مبطلا وإن أخطأ في ظنه نعم ربما كان ذلك سبيلا إلى الوقوع في سابق هذه المرتبة من العجب الذي يرى به نفسه خارجا من حد التقصير، وربما خطر هذا الخاطر للمعصومين كما ورد في رواية خالد الصيقل عن أبي جعفر عليه السّلام قال:
إن الله فوض الأمر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات وسبع أرضين، فلما أن رأى أن الأشياء قد انقادت إليه قال: من مثلي؟ فأرسل الله إليه نويرة من النار، قلت: وما النويرة؟ قال: نار مثل الأنملة فاستقبلها بجميع ما خلق الله فتحللت حتى وصلت إلى نفسه لما دخله العجب، ومنه أيضا
ما روي عن الرضا عليه السّلام في قضية تسوّر الملكين المحراب على داود وتخاصمهما عنده حيث ظن أن ما خلق الله عزّ وجلّ أعلم منه فبعث إليه الملكين فعجل داود على المدعي عليه فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك، ولم يقل على المدعي فيقول له: ما يقول، وما رواه أيضا في شأن موسى عليه السّلام في قضية أمره باتباع الخضر عليه السّلام من أنه قال في نفسه: ما خلق الله خلقا أعلم مني، فأوحى الله إلى جبرئيل أدرك موسى فقد هلك وأعلمه أن عند ملتقى البحرين رجلا أعلم منك فسر إليه وتعلم من علمه فنزل جبرئيل عليه السّلام على موسى فأخبره ودلّ موسى في نفسه أخطأ ودخله الرعب.
وفي آخر أيضا فبينما موسى قاعد في ملأ من بني إسرائيل إذ قال له رجل:(1/127)
ما روي عن الرضا عليه السّلام في قضية تسوّر الملكين المحراب على داود وتخاصمهما عنده حيث ظن أن ما خلق الله عزّ وجلّ أعلم منه فبعث إليه الملكين فعجل داود على المدعي عليه فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك، ولم يقل على المدعي فيقول له: ما يقول، وما رواه أيضا في شأن موسى عليه السّلام في قضية أمره باتباع الخضر عليه السّلام من أنه قال في نفسه: ما خلق الله خلقا أعلم مني، فأوحى الله إلى جبرئيل أدرك موسى فقد هلك وأعلمه أن عند ملتقى البحرين رجلا أعلم منك فسر إليه وتعلم من علمه فنزل جبرئيل عليه السّلام على موسى فأخبره ودلّ موسى في نفسه أخطأ ودخله الرعب.
وفي آخر أيضا فبينما موسى قاعد في ملأ من بني إسرائيل إذ قال له رجل:
ما أرى احدا أعلم بالله منك؟ قال موسى: ما أرى، فأوحى الله إليه: بل عبدي الحديث.
وفي وقوعه من هؤلاء عليهم السّلام دلالة على عدم التحريم وأنه ليس بذنب لكونهم معصومين من ذلك، وإن سمّي بالنسبة إليهم هلاكا كما في الحديث الأول من حديثي موسى عليه السّلام واستوجب مؤاخذته كما في حديث الملك.
بقي هنا شيئان: أنه قد ورد في رواية يونس بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال: قيل له وأنا حاضر: رجل يكون في صلاته خاليا فيدخله العجب؟ إذا كان أول صلاته يريد بها ربه فلا يضره ما دخله وبعد ذلك فليمض في صلاته ليخسأ الشيطان، فإنه ربما أشعر بأن العجب المنافي للإخلاص إنما هو الواقع في ابتداء العمل، وأما الواقع في اثنائه بعد أن يكون افتتاحه على جهة الإخلاص فلا، وهو خلاف الأخبار إذا لا فرق في إبطاله العمل ومنافاته الإخلاص إذا وقع على احد تلك المعاني بين الابتداء والأثناء. والظاهر أن المراد بالعجب هنا مجرد الوسوسة التي لا صنع للعباد فيها المسماة بالنزغ في قوله تعالى: {وَإِمََّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطََانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللََّهِ} المأمور بالذكر عنده في قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذََا مَسَّهُمْ طََائِفٌ مِنَ الشَّيْطََانِ تَذَكَّرُوا} والمراد من الخبر المذكور أن الصلاة إذا اتيت على نية صحيحة فلا يضره ما دخله بعد ذلك على جهة الوسواس من الشيطان، كما يدل عليه قوله: «وليخسأ الشيطان».
وثانيهما أنه ينبغي أن يعلم أنه لا يدخل في باب العجب محبة ظهور الخير له بين الناس وسروره برؤيتهم له كذلك إذا لم يكن ذلك باعثا له على الفعل، وكذلك مجرد سروره به (أما الأول) فلما في حسنة زرارة عن الباقر عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ قال: لا بأس، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يكن يصنع ذلك لذلك.
(وأما الثاني) فلما في رواية أبي العباس قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام: من سرته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن وفي رواية أخرى عنه عليه السّلام حين سئل عن خيار العباد قال: الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا اساؤوا استغفروا الحديث.
قال بعض المحققين: لا ريب ان عمل الأعمال الصالحة مثل صيام النهار وقيام الليالي وأمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج، فإن كان من حيث كونه عطية من
الله ونعمة من الله عليه وكان مع ذلك خائفا من نقصها مشفقا من زوالها طالبا من الله الازدياد منها لم يكن ذلك الابتهاج عجبا، وإن كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير بها وصار كأنه يمن على الله سبحانه فذلك هو العجب المهلك انتهى.(1/128)
قال بعض المحققين: لا ريب ان عمل الأعمال الصالحة مثل صيام النهار وقيام الليالي وأمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج، فإن كان من حيث كونه عطية من
الله ونعمة من الله عليه وكان مع ذلك خائفا من نقصها مشفقا من زوالها طالبا من الله الازدياد منها لم يكن ذلك الابتهاج عجبا، وإن كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير بها وصار كأنه يمن على الله سبحانه فذلك هو العجب المهلك انتهى.
دخل: بعض الأعراب على ثعلب النحوي فقال: انشدني يا إمام الأدب أرق بيت قالته العرب؟ قال: لا أجد أرق من قول جرير:
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلتنا ثم لا يحيين قتلانا
يصر عن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن اضعف خلق الله اركانا
فقال الأعرابي: هذا بيت لاكته السفلة بألسنتها هات غيره، فقال ثعلب: افدنا مما عندك يا أخا العرب، فقال الأعرابي: قول مسلم بن الوليد صريع الغواني:
نبارز ابطال الوغى فنقدهم ... وتقتلنا في السلم لحظ الكواعب
وليست سهام الحرب تفني نفوسنا ... ولكن سهام فوقت في الحواجب
فقال ثعلب لحضاره: اكتبوها على الحناجر ولو بالحناجر.
في الخبر عنه: صلّى الله عليه واله وسلّم إن الله جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثيرة فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالسماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.
قصة الملك اردشير مع الجارية
لطيفة: نقل ابن الأثير في تاريخ الكامل وصاحب المستطرف: ان اردشير الملك كان ذا مملكة متسعة وقد وصف له بنت مالك بحر الأردن بالجمال البارع فأرسل يخطبها، فامتنع أبوها من إجابته فعظم على اردشير ذلك وحلف ليغزونه وليقتلنه هو وابنته وسائر خواصه، فسار إليه في جيوشه فقاتله وقتله اردشير وقتل سائر خواصه، ثم سأل عن ابنته المخطوبة فبرزت إليه جارية من القصر من أجلّ الناس واجملهم واكملهن حسنا فقالت: أيها الملك إني من البلد الفلاني الذي غزاه هذا الملك قبل أن تقتله وإنه اسرني واتى بي إلى هذا القصر فرأتني ابنته التي خطبتها فأحبتني وسألته أن يتركني لتستأنس بي فتركني لها فكنت أنا وهي كالروحين
في جسد واحد، فلما سيرت خطبتها خاف عليها منك فأرسلها إلى بعض جزائر البحر المالح عند بعض اقاربه من الملوك. فقال اردشير: وددت اني قد ظفرت بها لكنت اقتلها شر قتلة ثم انه تأمل الجارية فرآها فائقة الجمال فمالت نفسه إليها فاخذها للتسري وقال: هذه اجنبية ولا أحنث في يميني بأخذها، ثم أنه واقعها فحملت منه فلما ظهر عليها الحمل اتفق انها تحدثت معه يوما ورأته منشرحا فقالت له: أنت غلبت أبي وأنا غلبتك، فقال لها: ومن أبوك؟ فقالت له: هو ملك بحر الأردن وأنا ابنته التي خطبتها منه وإني سمعت انك اقسمت لتقتلني فيمن يقتل فاحتججت عليك بما سمعت والآن فهذا ولدك في بطني فلا يهنأ لك قتلي، فعظم ذلك على اردشير قهرته إمرأة وتحيلت عليه حتى خلصت من يده، فانتهرها وخرج من عندها مغضبا وعول على قتلها، ثم ذكر لوزيره ما اتفق له معها فلما رأى الوزير عزمه قويا على قتلها وعرف أنه يخشى أن تتحدث الملوك عنه بمثل هذا وانه لا يقبل فيها شفاعة شفيع فقال له: أيها الملك إن الرأي خطر لك والمصلحة هي التي رأيتها وقتل هذه في هذا الوقت أولى من أن يقال: إن إمرأة قهرت رأي الملك واحنثته في يمينه لأجل شهوة النفس ثم قال: أيها الملك إن صورتها مرحومة وحمل الملك معها وهي أولى بالستر ولا أرى في قتلها استر ولا اهون من الغرق، فقال له الملك: نعم ما رأيت خذها وأغرقها، فأخذها الوزير ثم خرج بالليل إلى بحر الأردن ومعه ضوء ورجال وأعوان فتحيل لي أن طرح شيئا في البحر أوهم من كان معه أنها الجارية ثم أخفاها عنده، فلما أصبح جاء إلى الملك فأخبره أنه أغرقها فشكره على ما فعل.(1/129)
لطيفة: نقل ابن الأثير في تاريخ الكامل وصاحب المستطرف: ان اردشير الملك كان ذا مملكة متسعة وقد وصف له بنت مالك بحر الأردن بالجمال البارع فأرسل يخطبها، فامتنع أبوها من إجابته فعظم على اردشير ذلك وحلف ليغزونه وليقتلنه هو وابنته وسائر خواصه، فسار إليه في جيوشه فقاتله وقتله اردشير وقتل سائر خواصه، ثم سأل عن ابنته المخطوبة فبرزت إليه جارية من القصر من أجلّ الناس واجملهم واكملهن حسنا فقالت: أيها الملك إني من البلد الفلاني الذي غزاه هذا الملك قبل أن تقتله وإنه اسرني واتى بي إلى هذا القصر فرأتني ابنته التي خطبتها فأحبتني وسألته أن يتركني لتستأنس بي فتركني لها فكنت أنا وهي كالروحين
في جسد واحد، فلما سيرت خطبتها خاف عليها منك فأرسلها إلى بعض جزائر البحر المالح عند بعض اقاربه من الملوك. فقال اردشير: وددت اني قد ظفرت بها لكنت اقتلها شر قتلة ثم انه تأمل الجارية فرآها فائقة الجمال فمالت نفسه إليها فاخذها للتسري وقال: هذه اجنبية ولا أحنث في يميني بأخذها، ثم أنه واقعها فحملت منه فلما ظهر عليها الحمل اتفق انها تحدثت معه يوما ورأته منشرحا فقالت له: أنت غلبت أبي وأنا غلبتك، فقال لها: ومن أبوك؟ فقالت له: هو ملك بحر الأردن وأنا ابنته التي خطبتها منه وإني سمعت انك اقسمت لتقتلني فيمن يقتل فاحتججت عليك بما سمعت والآن فهذا ولدك في بطني فلا يهنأ لك قتلي، فعظم ذلك على اردشير قهرته إمرأة وتحيلت عليه حتى خلصت من يده، فانتهرها وخرج من عندها مغضبا وعول على قتلها، ثم ذكر لوزيره ما اتفق له معها فلما رأى الوزير عزمه قويا على قتلها وعرف أنه يخشى أن تتحدث الملوك عنه بمثل هذا وانه لا يقبل فيها شفاعة شفيع فقال له: أيها الملك إن الرأي خطر لك والمصلحة هي التي رأيتها وقتل هذه في هذا الوقت أولى من أن يقال: إن إمرأة قهرت رأي الملك واحنثته في يمينه لأجل شهوة النفس ثم قال: أيها الملك إن صورتها مرحومة وحمل الملك معها وهي أولى بالستر ولا أرى في قتلها استر ولا اهون من الغرق، فقال له الملك: نعم ما رأيت خذها وأغرقها، فأخذها الوزير ثم خرج بالليل إلى بحر الأردن ومعه ضوء ورجال وأعوان فتحيل لي أن طرح شيئا في البحر أوهم من كان معه أنها الجارية ثم أخفاها عنده، فلما أصبح جاء إلى الملك فأخبره أنه أغرقها فشكره على ما فعل.
ثم ان الوزير دفع للملك حقا مختوما قال: أيها الملك إني نظرت مولدي فرأيت أجلي قد دنا على ما يقتضيه حكماء الفرس في النجوم، وإن لي أولادا وعندي مال قد ادخرته من نعمتك فخذه إذا أنا مت إن رأيت، وهذا الحق فيه جواهر أسأل الملك ان يقسم على أولادي فإنه إرثي من أبي، وليس عندي شيء لم اكتسبه من نعمتك إلا هذه الجواهر. فقال له الملك: يطول الرب في عمرك ومالك لك ولأولادك سواء كنت حيا أو ميتا، فألح عليه الوزير أن يودع عنده الحق، فأخذه الملك وأودعه عنده في صندوق، ثم مضت أشهر الجارية فولدت ولدا ذكرا جميل الوجه والخلق، فلاحظ الوزير جانب الأدب في تسمية الولد فسماه (شاه بور) ومعناه بالفارسية ابن ملك، فإن شاه ملك وبور ابن، ولم يزل يلطف بالجارية والولد إلى أن بلغ الولد فعلمه كلما يصلح لأولاد الملوك من الخط والحكمة والفروسية وهو يوهم الناس أنه مملوك له اسمه شاه بور، إلى ان راهق البلوغ.
هذا كله واردشير ليس له ولد وقد طعن في السن واقعده الهرم فمرض واشرف على الموت فقال للوزير: أيها الوزير قد هرم جسمي وضعف وإني ميت لا محالة وهذا الملك يأخذه بعدي من قضي له به، فقال الملك: لقد ندمت على تغريق تلك الجارية ولو كنت ابقيتها لتضع فلعل حملها يكون ذكرا، فلما شاهد الوزير منه الرضا قال: أيها الملك إنها عندي وقد وضعت ولدا ذكرا من أحسن الغلمان خلقا وخلقا.(1/130)
ثم ان الوزير دفع للملك حقا مختوما قال: أيها الملك إني نظرت مولدي فرأيت أجلي قد دنا على ما يقتضيه حكماء الفرس في النجوم، وإن لي أولادا وعندي مال قد ادخرته من نعمتك فخذه إذا أنا مت إن رأيت، وهذا الحق فيه جواهر أسأل الملك ان يقسم على أولادي فإنه إرثي من أبي، وليس عندي شيء لم اكتسبه من نعمتك إلا هذه الجواهر. فقال له الملك: يطول الرب في عمرك ومالك لك ولأولادك سواء كنت حيا أو ميتا، فألح عليه الوزير أن يودع عنده الحق، فأخذه الملك وأودعه عنده في صندوق، ثم مضت أشهر الجارية فولدت ولدا ذكرا جميل الوجه والخلق، فلاحظ الوزير جانب الأدب في تسمية الولد فسماه (شاه بور) ومعناه بالفارسية ابن ملك، فإن شاه ملك وبور ابن، ولم يزل يلطف بالجارية والولد إلى أن بلغ الولد فعلمه كلما يصلح لأولاد الملوك من الخط والحكمة والفروسية وهو يوهم الناس أنه مملوك له اسمه شاه بور، إلى ان راهق البلوغ.
هذا كله واردشير ليس له ولد وقد طعن في السن واقعده الهرم فمرض واشرف على الموت فقال للوزير: أيها الوزير قد هرم جسمي وضعف وإني ميت لا محالة وهذا الملك يأخذه بعدي من قضي له به، فقال الملك: لقد ندمت على تغريق تلك الجارية ولو كنت ابقيتها لتضع فلعل حملها يكون ذكرا، فلما شاهد الوزير منه الرضا قال: أيها الملك إنها عندي وقد وضعت ولدا ذكرا من أحسن الغلمان خلقا وخلقا.
فقال له الملك: احقا ما تقول؟ فأقسم الوزير ثم قال: أيها الملك إن في الولد روحانية تشهد بأبوة الأب وفي الولد روحانية تشهد ببنوة الولد لا يكاد ذلك أن يخرم ابدا، وانني آت بالغلام بين عشرين صبيا في سنة وهيئته ولباسه وكلهم ذو أباء معروفة خلا هو واعطي كل واحد منهم صولجانا وأكرة وأمرهم أن يبلغوا بين يديك في مجلسك، هذا والملك يتأمل شمائلهم وصورهم فمن مالت نفسه إليه فهو هو. فقال الملك: نعم ما قلت، فأحضرهم الوزير على هذه الصورة ولعبوا بين يدي الملك فكان الصبي إذا ضرب الأكرة وقربت من مجلس اردشير تمنعه الهيبة أن يقدم يأخذها حتى ترمى إليه إلا شاه بور فإنه كان إذا ضربها وجاءت إلى مرتبة أبيه تقدم وأخذها ولا يهابه. فلاحظ اردشير ذلك مرارا فقال له: أيها الغلام ما اسمك؟ فقال: شاه بور، فقال له: صدقت أنت ابني، ثم ضمه إلى صدره وقبله. فقال له الوزير: هو هذا أيها الملك، ثم احضر آباء بقية الصبيان ومعهم عدول فأثبت لكل صبي منهم والده بحضرة الملك، فتحقق الصدق.
ثم جاء بالجارية وقد تضاعف حسنها وجمالها فقبلت يدي الملك فرضي عليها، فقال الوزير: أيها الملك قد دعت الضرورة في هذا الوقت إلى احضار الحق المختوم، فأمر الملك بإحضاره ففك الوزير ختمه وفتحه ثم أخرج ذكره وانثييه مقطوعة مصانة فيه من قبل أن يتسلم الجارية من الملك، وأحضر عدولا من الحكماء كانوا فعلوا به ذلك فشهدوا عند الملك أن هذا الفعل فعلناه به قبل أن يتسلم الجارية بليلة. فدهش اردشير من فعل الوزير وخدمته ومناصحته وتضاعف سروره بإثبات صيانة الجارية واثبات الحاق نسبه بالولد.
ثم إن الملك عوفي من مرضه الذي كان به وصح جسمه ولم يزل يتقلب في نعمته إلى أن حضرته الوفاة ورجع الملك إلى ابنه شاه بور بعد موته. وقد نقل هذه الحكاية السيد المحقق السيد نعمة الله الجزائري في شرحه على التهذيب في بيان معنى النياب السابرية. قال (قده): السابري كما قال في الصحاح ثوب رقيق جدا هو نسبة إلى شاه بور الملك، وهو معرب شاه بور، والبور في الفرس القديم معناه
الولد، فشاه بور ولد السلطان، ثم نقل الحكاية المذكورة ومنه نقلنا.(1/131)
ثم إن الملك عوفي من مرضه الذي كان به وصح جسمه ولم يزل يتقلب في نعمته إلى أن حضرته الوفاة ورجع الملك إلى ابنه شاه بور بعد موته. وقد نقل هذه الحكاية السيد المحقق السيد نعمة الله الجزائري في شرحه على التهذيب في بيان معنى النياب السابرية. قال (قده): السابري كما قال في الصحاح ثوب رقيق جدا هو نسبة إلى شاه بور الملك، وهو معرب شاه بور، والبور في الفرس القديم معناه
الولد، فشاه بور ولد السلطان، ثم نقل الحكاية المذكورة ومنه نقلنا.
قصة الملك النعمان مع نديميه
لطيفة: روي أنه كان ينادم النعمان بن المنذر رجلان من العرب هما خالد بن المفضل وعمرو بن مسعود الأسديان، فشرب معهما ليلة فراجعاه الكلام فغضب عليهما وأمر بأن يجعلا في تابوتين ويدفنا بظهر الكوفة، فلما اصبح سأل عنهما فأخبر بصنيعه فقدم وركب حتى عليهما وأمر ببناء الغريين وجعل لنفسه كل سنة يوم نعم ويوم بؤس، وكان يضع سريره بينهما فإذا كان يوم نعمه فأول من يطلع عليه يعطيه مائة من الإبل وإذا كان يوم بؤسه فأول من يطلع عليه يعطيه رأس طربال وهي دويبة منتنة الرائحة ويأمر بقتله ويعزي به قبريهما. وبقي هذا حاله إلى إن كان في سنة يوم بؤسه طلع عليه رجل طائي رماه الدهر بسهام الفقر فخرج في طلب القوت لعياله فعلم الطائي أنه المقتول فقال: حيّا الله الملك إن لي صبية صغارا وأهلا جياعا خرجت في طلب الرزق لهم فاوقعني سوء الحظ في هذا اليوم العبوس ولن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار وآخره فإن رأى الملك أن أوصل إليهم هذا القوت وأوصي بهم أهل المروة في الحي لئلا يهلكوا ضياعا ثم أعود للملك وأسلم نفسي لنفاذ أمره؟ فرق له النعمان وقال له: لا آذن لك إلا أن يضمنك رجل معنا فإن لم ترجع قتلناه. وكان شريك بن عدي نديم النعمان معه، فالتفت الطائي إلى شريك فقال: اضمني وأنا ارجع قبل الليل فقال شريك: أنا ضامنه. فمر الطائي مسرعا وصار النعمان يقول لشريك: جاء وقتك فتأهب للقتل، فقال له شريك ليس للملك علي سبيل حتى يأتي المساء، فلما قرب المساء قال النعمان: تأهب للقتل.
فقال شريك: هذا شخص قد لاح من بعيد مقبلا وأرجو أن يكون الطائي وإلا فأمرك ممتثل. فبينما هم كذلك وإذا بالطائي قد اشتد في عدوه مسرعا حتى وصل فقال: خشيت أن ينقضي النهار قبل وصولي فعدوت ثم وقف قائما وقال: أيها الأمير مر بأمرك، فاطرق النعمان برأسه إلى السماء فقال: ما رأيت بأعجب منك أما أنت يا طائي فما تركت لأحد في الوفاء مقاما يقوم فيه ولا ذكرا يفتخر به، وأما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء فلا أكون أنا ألأم الثلاثة، الا وإني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس ونقضت عادتي كرما لوفاء الطائي وكرم شريك. فقال النعمان للطائي: ما حملك على الوفاء وفيه اتلاف نفسك؟
فقال: ديني من لا وفاء له لا دين له فأحسن له النعمان ووصله أقول: هذا هو الأصل في التسمية بالغريين إلا أنه الآن اشتهر بالغري.(1/132)
فقال: ديني من لا وفاء له لا دين له فأحسن له النعمان ووصله أقول: هذا هو الأصل في التسمية بالغريين إلا أنه الآن اشتهر بالغري.
الفرقة الناجية من الفرق الإسلامية
فائدة: روى فخر المحققين عن والده العلامة (قده) قال: حكى لنا والدي عن أفضل المتأخرين الخواجة نصير الحق والدين الطوسي (طيب الله ثراه) قال: إني وقفت على جميع المذاهب أصولها وفروعها فوجدت من عدى الإمامية مشتركين في الأصول المعتبرة في الإيمان وإن اختلفوا في أشياء تساوي إثباتها ونفيها بالنسبة إلى الإيمان، ثم وجدت أنّ طائفة الإمامية يخالفون الكل في أصولهم، فلو كانت فرقة من عداهم ناجية لكان الكل ناجين، فيدل على ان الناجين هم الإمامية لا غير انتهى.
قال: الفاضل المحدث السيد نعمة الله الجزائري بعد نقل ذلك وتحريره: إن جميع الفرق متفقون على أن مشاعر النجاة ودخول الجنة هو الاقرار بالشهادتين، وخالفهم الإمامية وقالوا: لا بد من ضم ولاية أهل البيت عليهم السّلام والبراءة من أعدائهم وهي التي يدور عليها النجاة والهلاك. قال: وأجاب نصير الدين والملة الطوسي جوابا آخر حيث قال: إنه صلّى الله عليه واله وسلّم عين الفرقة الناجية والهالكة في حديث أو صحيح متفق عليه، وهو قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» وهذا الحديث متفق عليه رواه الجمهور من طرق متعددة والإمامية، وهم مختصون بركوب هذه السفينة لأنهم أخذوا مذهبهم عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام ولقب مذهبهم بالجعفري، وهو أخذه عن أبيه باقر العلوم، وهو أخذه عن أبيه زين العابدين، وهو أخذه عن أبيه سيد الشهداء، وهو أخذه عن أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام وهو أخذه عن أخيه وابن عمه رسول الثقلين صلّى الله عليه واله وسلّم، وهو أخذه عن جبرئيل عليه السّلام وهو أخذه عن رب العزة جل شأنه، وكل فرقة غيرهم أخذت دينها عن إمامها كأصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب المالكي.
وهذا ظاهر لا يحتاج إلى البيان، على أن الحديث روي بعدة أسانيد هكذا قال صلّى الله عليه واله وسلّم: افترقت أمة موسى على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي اتبعت خليفته يوشع بن نون، وافترقت أمة عيسى على إثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي اتبعت وصّيه شمعون، وستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي تتبع وصيي عليا إنتهى كلامه زيد مقامه.
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذا الخبر: قد وقع لي تحقيق في هذا المقام
قبل الوقوف على كلام هؤلاء الأعلام أذكره هنا بلفظه: أقول: من أقوى الإلزامات للمخالفين وأظهر الحجج والبراهين على صحة هذا المذهب وهو مذهب الإمامية قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة والباقون في النار» وقوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق». والحديث الأول مما اجتمع على نقله المؤالف والمخالف، وقد صنف الشهرستاني كتاب الملل والنحل في ضبط تلك الفرق تصديقا للخبر المذكور، ومقتضاه يجب أن يحكم بنجاة فرقة واحدة من تلك الفرق لا أزيد، وإلا لزم تكذيبه صلّى الله عليه واله وسلّم والرد عليه فيما قال: وهو كفر محض. وأما الحديث الثاني فقد استفاض بل تواتر نقله من طريق الجمهور أيضا بألفاظ عديدة رواه أحمد في مسنده ونقله صاحب المشكاة عن أبي ذر قال وهو متعلق بأستار الكعبة: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بأذني هاتين وإلا صمتا يقول: «ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى» وقد روى ابن المغازلي الشافعي هذا المعنى في كتاب المناقب بعدة أسانيد وبعبارات مختلفة. ويعضد هذا الخبر أيضا ما تواتر عنه صلّى الله عليه واله وسلّم من قوله: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما» وقد رواه في مسنده من ثلاث طرق بعبارات متقارنة، ورواه مسلم في صحيحه والتغلبي في تفسيره وابن المغازلي في مناقبه ورزين العبدى في الجمع بين الصحاح الستة إلى غير ذلك من المواضع.(1/133)
يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذا الخبر: قد وقع لي تحقيق في هذا المقام
قبل الوقوف على كلام هؤلاء الأعلام أذكره هنا بلفظه: أقول: من أقوى الإلزامات للمخالفين وأظهر الحجج والبراهين على صحة هذا المذهب وهو مذهب الإمامية قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة والباقون في النار» وقوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق». والحديث الأول مما اجتمع على نقله المؤالف والمخالف، وقد صنف الشهرستاني كتاب الملل والنحل في ضبط تلك الفرق تصديقا للخبر المذكور، ومقتضاه يجب أن يحكم بنجاة فرقة واحدة من تلك الفرق لا أزيد، وإلا لزم تكذيبه صلّى الله عليه واله وسلّم والرد عليه فيما قال: وهو كفر محض. وأما الحديث الثاني فقد استفاض بل تواتر نقله من طريق الجمهور أيضا بألفاظ عديدة رواه أحمد في مسنده ونقله صاحب المشكاة عن أبي ذر قال وهو متعلق بأستار الكعبة: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بأذني هاتين وإلا صمتا يقول: «ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى» وقد روى ابن المغازلي الشافعي هذا المعنى في كتاب المناقب بعدة أسانيد وبعبارات مختلفة. ويعضد هذا الخبر أيضا ما تواتر عنه صلّى الله عليه واله وسلّم من قوله: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما» وقد رواه في مسنده من ثلاث طرق بعبارات متقارنة، ورواه مسلم في صحيحه والتغلبي في تفسيره وابن المغازلي في مناقبه ورزين العبدى في الجمع بين الصحاح الستة إلى غير ذلك من المواضع.
وأنت خبير بأنه لا معنى لكونهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك كما تضمنه الخبر الثاني ولا معنى للتمسك بهم كما تضمنه الخبر الثالث إلا الأخذ بأقوالهم والاقتداء بأفعالهم والتدين بدينهم وشريعتهم والاقتداء بطريقتهم وسنتهم. وقد اعترف بذلك المخالفون قال التفتازاني في شرح المقاصد: فإن قيل:
«إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى» إلى آخره وقال: «إني تارك فيكم ما إن أخذتم بهم لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي» ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره؟ قلت نعم لا تصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب، ألا ترى انه عليه السّلام قرنهم في كون التمسك بهم منقذا من الضلال ولا معنى للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه الهداية وكذا العترة انتهى.
وقال الطيبي في شرح المشكاة: شبه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والأهواء الزائعة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق
بعض وقد أحاط بأكناف وأطراف الأرض كلها وليس منه خلاص ولا مناص إلا بتلك السفينة انتهى.(1/134)
وقال الطيبي في شرح المشكاة: شبه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والأهواء الزائعة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق
بعض وقد أحاط بأكناف وأطراف الأرض كلها وليس منه خلاص ولا مناص إلا بتلك السفينة انتهى.
وحينئذ فنقول: من البين الواضح البيان والمستغني بذلك عن الحجة والبرهان أنه لم يركب أحد من الأمة في تلك السفينة المنجية من الضلال ولم يتخذها أحد من تلك الفرق العديدة ملجأ من الأهوال ولم يتمسك بحبل ولاء الأئمة الطاهرين عليهم السّلام غير الشيعة الإثني عشرية، فإنهم من زمن الائمة عليهم السّلام هم القائلون بإمامتهم والعاكفون على احياء طريقتهم وسنتهم، فلا يعتمدون في معالم دينهم أصولا وفروعا إلّا على أخبارهم عاكفون على زيارة قبورهم مقيمون شعار احزانهم وتعزيتهم صابرون على الأذى بل القتل في حبهم. وهذا كله ظاهر لا ينكره إلا من ينكر المحسوسات الوجدانية ويقابل بالتمويهات السوفسطائية وبه يظهر أن الناجية من تلك الفرق الثلاث والسبعين هي فرقة الشيعة الإثني عشرية وان ما عداها من الهالكين.
ومن العجب نقل أولئك الفضلاء منهم لهذه الأخبار واعترافهم بكون التمسك بهم منقذا من الضلالة وإن التمسك بهم عبارة من الأخذ بما فيه الهداية من أقوالهم وأفعالهم مع أنهم من العاكفين على خلافهم والتاركين للاقتداء بشريف اخلاقهم وأوصافهم، فتراهم لا يروون بواسطة أحد منهم رواية ولا يعدونه من جملة من اعتمدوه من ذوي الغواية فضلا عن أن يتخذوه منارا للهداية ومقصدا فيها وغاية (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). فليت شعري بماذا يجيبون غدا عند الله سبحانه وعند الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم بعد روايتهم لهذه الأخبار وبماذا يعتذرون بين يدي العزيز الجبار؟!.
وأعجب من ذلك ما رواه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من بعض علماء السنة على ما نقله عنه جمع من أصحابنا منهم السيد الزاهد المجاهد رضي الدين ابن طاووس في الطرائف والقاضي نور الله الشوشتري في احقاق الحق روى ذلك في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الإثني عشر: تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، وتفسير ابن جريح، وتفسير مقاتل بن سليمان، وتفسير وكيع بن جراح، وتفسير يوسف بن موسى القطان، وتفسير قتادة، وتفسير أبو عبيدة القاسم بن سلام، وتفسير علي بن حرب، وتفسير السدي، وتفسير مجاهد، وتفسير مقاتل بن مقاتل بن حيان، وتفسير أبي صالح وكلهم من أهل السنة رووا عن أنس بن
مالك قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فتذاكرنا رجلا يصلي ويصوم ويتصدق ويزكي، فقال لنا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا أعرفه، فقلنا: يا رسول الله إنه يعبد الله ويسبحه ويقدسه ويهلله، فقال: لا أعرفه. فبينما نحن في ذكر الرجل إذ طلع علينا فقلنا: يا رسول الله هوذا، فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وقال لأبي بكر: خذ سيفي هذا وامض إلى هذا الرجل واضرب عنقه فإنه من يجيء في حزب الشيطان، فدخل أبو بكر المسجد فرآه راكعا فقال: والله لا اقتله فإن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم نهانا عن قتل المصلين، فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقال: يا رسول الله إني وجدت الرجل راكعا وأنت نهيتنا عن قتل المصلين الراكعين، فقال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إجلس فلست بصاحبه، ثم قال: قم يا عمر فخذ سيفي من يد أبي بكر وادخل المسجد واضرب عنقه، قال عمر: فأخذت السيف من يد أبي بكر ودخلت المسجد فرأيت الرجل ساجدا فقلت: والله لا أقتله فقد استأذنه من هو خير مني، فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقلت: يا رسول الله إني وجدت الرجل ساجدا. فقال رسول الله: اجلس فلست بصاحبه قم يا علي فإنك قاتله فإن وجدته فاقتله فإنك إن قتلته لم يبق بين أمتي اختلاف ابدا، قال علي: فأخذت السيف ودخلت المسجد فلم أره فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقلت: يا رسول الله ما رأيته فقال: يا أبا الحسن إن أمة موسى افترقت على واحد وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وإن أمة عيسى افترقت على إثنتين وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وستفترق أمة محمد صلّى الله عليه واله وسلّم على ثلاث وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون من النار. فقلت: يا رسول الله فما الفرقة الناجية؟ قال: التمسك بها أنت وأصحابك فأنزل الله: {ثََانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} يقول: هذا أول من يظهر من أصحاب البدع والضلالات.(1/135)
وأعجب من ذلك ما رواه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من بعض علماء السنة على ما نقله عنه جمع من أصحابنا منهم السيد الزاهد المجاهد رضي الدين ابن طاووس في الطرائف والقاضي نور الله الشوشتري في احقاق الحق روى ذلك في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الإثني عشر: تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان، وتفسير ابن جريح، وتفسير مقاتل بن سليمان، وتفسير وكيع بن جراح، وتفسير يوسف بن موسى القطان، وتفسير قتادة، وتفسير أبو عبيدة القاسم بن سلام، وتفسير علي بن حرب، وتفسير السدي، وتفسير مجاهد، وتفسير مقاتل بن مقاتل بن حيان، وتفسير أبي صالح وكلهم من أهل السنة رووا عن أنس بن
مالك قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فتذاكرنا رجلا يصلي ويصوم ويتصدق ويزكي، فقال لنا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا أعرفه، فقلنا: يا رسول الله إنه يعبد الله ويسبحه ويقدسه ويهلله، فقال: لا أعرفه. فبينما نحن في ذكر الرجل إذ طلع علينا فقلنا: يا رسول الله هوذا، فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وقال لأبي بكر: خذ سيفي هذا وامض إلى هذا الرجل واضرب عنقه فإنه من يجيء في حزب الشيطان، فدخل أبو بكر المسجد فرآه راكعا فقال: والله لا اقتله فإن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم نهانا عن قتل المصلين، فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقال: يا رسول الله إني وجدت الرجل راكعا وأنت نهيتنا عن قتل المصلين الراكعين، فقال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إجلس فلست بصاحبه، ثم قال: قم يا عمر فخذ سيفي من يد أبي بكر وادخل المسجد واضرب عنقه، قال عمر: فأخذت السيف من يد أبي بكر ودخلت المسجد فرأيت الرجل ساجدا فقلت: والله لا أقتله فقد استأذنه من هو خير مني، فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقلت: يا رسول الله إني وجدت الرجل ساجدا. فقال رسول الله: اجلس فلست بصاحبه قم يا علي فإنك قاتله فإن وجدته فاقتله فإنك إن قتلته لم يبق بين أمتي اختلاف ابدا، قال علي: فأخذت السيف ودخلت المسجد فلم أره فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فقلت: يا رسول الله ما رأيته فقال: يا أبا الحسن إن أمة موسى افترقت على واحد وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وإن أمة عيسى افترقت على إثنتين وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وستفترق أمة محمد صلّى الله عليه واله وسلّم على ثلاث وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون من النار. فقلت: يا رسول الله فما الفرقة الناجية؟ قال: التمسك بها أنت وأصحابك فأنزل الله: {ثََانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللََّهِ} يقول: هذا أول من يظهر من أصحاب البدع والضلالات.
قال ابن عباس: والله ما قتل ذلك الرجل إلا أمير المؤمنين عليه السّلام يوم النهروان، ثم قال الله تعالى: {لَهُ فِي الدُّنْيََا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيََامَةِ عَذََابَ الْحَرِيقِ} أي بقتاله علي بن أبي طالب عليه السّلام يوم صفين.
أقول: فانظر أيها العاقل المنصف إلى رواية هؤلاء الأجلاء الأعلام لهذا الحديث المتضمن للنص الجلي على أن الفرقة الناجية هم علي وشيعته من بين تلك الفرق الثلاثة والسبعين فرقة، وإلى ما تضمنه من النص الجلي على مخالفة أبي بكر وعمر له صلّى الله عليه واله وسلّم في حياته بحضوره ولم يمتثلا أمره بقتل رجل لو قتل لم يقع بين أمته اختلاف ويتعللان باشتغاله بالركوع والسجود، مع أنه صلّى الله عليه واله وسلّم عالم بذلك، سيما مع تقدم وصفه والثناء عليه بذلك والله سبحانه يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطََاعَ اللََّهَ} فإذا كانت هذه حالهم معه صلّى الله عليه واله وسلّم في حياته فكيف يستبعد منهم ذلك بعد مماته،
فهل يجوز عقلا أو نقلا أن يروي أحد مثل هذه الرواية ثم يتخذه إماما يدين الله تعالى بطاعته ويجعله واسطة بينه وبين الله تعالى يتقرب إليه بولايته؟!، ولكن سخ الطيبة الردية قد غلب ذلك على الأمة الغوية {فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} وإلى الله سبحانه المشتكى منهم.(1/136)
أقول: فانظر أيها العاقل المنصف إلى رواية هؤلاء الأجلاء الأعلام لهذا الحديث المتضمن للنص الجلي على أن الفرقة الناجية هم علي وشيعته من بين تلك الفرق الثلاثة والسبعين فرقة، وإلى ما تضمنه من النص الجلي على مخالفة أبي بكر وعمر له صلّى الله عليه واله وسلّم في حياته بحضوره ولم يمتثلا أمره بقتل رجل لو قتل لم يقع بين أمته اختلاف ويتعللان باشتغاله بالركوع والسجود، مع أنه صلّى الله عليه واله وسلّم عالم بذلك، سيما مع تقدم وصفه والثناء عليه بذلك والله سبحانه يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطََاعَ اللََّهَ} فإذا كانت هذه حالهم معه صلّى الله عليه واله وسلّم في حياته فكيف يستبعد منهم ذلك بعد مماته،
فهل يجوز عقلا أو نقلا أن يروي أحد مثل هذه الرواية ثم يتخذه إماما يدين الله تعالى بطاعته ويجعله واسطة بينه وبين الله تعالى يتقرب إليه بولايته؟!، ولكن سخ الطيبة الردية قد غلب ذلك على الأمة الغوية {فَإِنَّهََا لََا تَعْمَى الْأَبْصََارُ وَلََكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} وإلى الله سبحانه المشتكى منهم.
كتاب الخصال: بسنده عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: أربع تميت القلب: الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء يعني محادثتهن، ومماراة الأحمق يقول وتقول ولا يرجع إلى خير، ومجالسة الموتى فقيل: يا رسول الله وما الموتى؟ قال: كل غني مترف.
وعنه: صلّى الله عليه واله وسلّم انه قال لأصحابه: اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم الموقفة: لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه، حتى يجد له موضعا فرب متكلم في غير موضعه جنى على نفسه في كلامه، ولا يمارينّ أحدكم سفيها ولا حليما فإنه من مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالاحترام بيان الدهم جمع أدهم أي خير لكم من الخيول السود التي أوقفت لكم ولحوائجكم.
في علم الله تعالى بالأشياء
فائدة: من إفادات مولانا العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن يوسف البحراني (قدس سره) اعلم أيدك الله وسددك ان علم الله سبحانه بالأشياء لما كان بمعنى حضورها عنده وانكشافها، وكان نسبة ذاته لجميع الأشياء نسبة واحدة في القرب والبعد فليس بعض الموجودات الحادثة من الأزمنة وما في الأزمنة أقرب إلى ذاته من البعض وأبعد فإن كان وجوده ذاتيا قبل الزمان وبعده فلا مجال لتعلق نسبة القرب والبعد إليه، ويرشد إلى ذلك ما رواه في الروايات من تفسير قوله تعالى:
{الرَّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ََ} من أن المراد استوى على كل شيء فليس هو أقرب إليه من شيء، وإنما يتحقق نسبة القرب والبعد لشيئين حادثين إذا قيس أحدهما إلى ثالث، وذلك واضح عند التأمل الصادق فنقول: سلسلة الحوادث زمانها وزمانيها ممحوها ومثبتها محوها واثباتها معلومة أي حاضرة عنده منكشفة له على النهج التي هي عليه لا ترتيب بينها بالنسبة إليه تعالى بل بنسبة بعضها إلى
البعض بالقياس إلى بعض آخر ثالث. ولا ريب أنه لا تغير في العلم بهذا المعنى إذ لا تغير في الحضور والانكشاف، وإنما التغير في الحاصل المنكشف المسمى بالمعلوم، وهو المراد بالبداء المفسر بالمحو والإثبات وتسميته بالبداء لا باعتبار ظهور ذلك التغير لله تعالى بعد ان لم يكن ظاهرا بل بمعنى بروزه إلى فضاء الوجود بعد ان لم يكن بالنسبة إلينا، فمعنى «بدا لله في الشيء الفلاني» إنه ظهر منه أثر في ذلك الشيء بالنسبة إلى غيره لم يكن ظاهرا. قيل له: فما تضمنته الأحاديث الكثيرة من أن لله علمين: علم مخزون مكنون لا يعلمه إلا هو منه يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله فهو المختوم فإنه سيكون، والمراد من العلم في ذلك إسم المفعول أي المعلوم والمراد أن المعلومات شيئت واريدت وقضيت وحتم امضاؤها فليست محلا للبداء بمعنى وجوب وقوع ذلك المعلوم على النهج الذي وقع عليه التقدير والقضاء من غير تغيير ولا تبديل، والوجوب في ذلك وجوب عارض بمعنى اقتضاء المصلحة والحكمة لوقوعه على ذلك النهج لا بمعنى رفع الاختيار عنه أو إلى البعد المؤدي إلى الإجبار.(1/137)
{الرَّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ََ} من أن المراد استوى على كل شيء فليس هو أقرب إليه من شيء، وإنما يتحقق نسبة القرب والبعد لشيئين حادثين إذا قيس أحدهما إلى ثالث، وذلك واضح عند التأمل الصادق فنقول: سلسلة الحوادث زمانها وزمانيها ممحوها ومثبتها محوها واثباتها معلومة أي حاضرة عنده منكشفة له على النهج التي هي عليه لا ترتيب بينها بالنسبة إليه تعالى بل بنسبة بعضها إلى
البعض بالقياس إلى بعض آخر ثالث. ولا ريب أنه لا تغير في العلم بهذا المعنى إذ لا تغير في الحضور والانكشاف، وإنما التغير في الحاصل المنكشف المسمى بالمعلوم، وهو المراد بالبداء المفسر بالمحو والإثبات وتسميته بالبداء لا باعتبار ظهور ذلك التغير لله تعالى بعد ان لم يكن ظاهرا بل بمعنى بروزه إلى فضاء الوجود بعد ان لم يكن بالنسبة إلينا، فمعنى «بدا لله في الشيء الفلاني» إنه ظهر منه أثر في ذلك الشيء بالنسبة إلى غيره لم يكن ظاهرا. قيل له: فما تضمنته الأحاديث الكثيرة من أن لله علمين: علم مخزون مكنون لا يعلمه إلا هو منه يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله فهو المختوم فإنه سيكون، والمراد من العلم في ذلك إسم المفعول أي المعلوم والمراد أن المعلومات شيئت واريدت وقضيت وحتم امضاؤها فليست محلا للبداء بمعنى وجوب وقوع ذلك المعلوم على النهج الذي وقع عليه التقدير والقضاء من غير تغيير ولا تبديل، والوجوب في ذلك وجوب عارض بمعنى اقتضاء المصلحة والحكمة لوقوعه على ذلك النهج لا بمعنى رفع الاختيار عنه أو إلى البعد المؤدي إلى الإجبار.
ولا شك أن المعلومات التي أخبر الله تعالى بوقوعها ملائكته ورسله على نهج مخصوص ولم يستثن عليهم في ذلك بمشيئته بما اقتضت المصلحة والحكمة باعتبار الاحتراز عن الكذب وجب وقوعها على النهج المخبر، ومنها معلومات مخزونة مكنونة عنده لم يطلع عليها أحدا، فهي عندنا بالنسبة إلى الله تعالى موقوفة بمعنى أنا نجوز فيها الوقوع واللاوقوع ويجوز على الله فيها الإيقاع أو اللّاإيقاع وإن كانت بالنسبة إلى علمه غير موقوفة بل منكشفة الوقوع واللا وقوع واللاإيقاع، وهذه المعلومات هي محل البداء. ومعنى كونها محلا له إنه ربما ظهر من الله تعالى أثر أو آثار مؤدية لوجود ذلك المعلوم بحيث ربما حكمنا بكونه ثم يمحو الله تلك الآثار ويثبت، أو آثار مانعة لكونه مؤدية إلى عدمه وربما ظهر عكس ذلك.
ومن هنا يظهر معنى ما تضمنه كثير من الأخبار من أنه لم يبدأ لله في شيء ما بدا له في إسماعيل، وهو أنه ظهر لله تعالى فيه بالنسبة إلينا من الآثار والاثارات المؤدية إلى حكمنا بكونه هو الإمام بعد أبيه جعفر عليه السّلام المستلزم لبقائه بعد أبيه ما لم يظهر منه تعالى لنا في غيره، ثم محا ذلك بموته قبل أبيه المستلزم لعدم إمامته. والسر في البداء وكونه ما عظم الله بشيء مثله أعلام العباد ببقاء قدرته تعالى على حبس ما لم يبرز إلى فضاء الوجود وإن تحصلت جملة من أسبابه وطائفة من
مقدماته المقتضية لحكم مثلنا ظاهرا بالوقوع، وذلك لقدرته على إعدام تلك الأسباب واحداث الموانع من أن يعمل مقتضاها سوى ذلك الأمر من فعله أو فعلها وفي اعتقاد بقاء الاختيار بيده تعالى وكونه قابضا لوازم الفعل والترك بيمينه من تعظيم يسلب العجز عنه وكونه غالبا في سلطانه لا مغلوبا به، كما هو قول المفوضة الذين أخرجوا من حيز القدرة على عبيده الذين بما أعطاهم من القدرة قد رووا بما ملكهم من الاختيار اختيار وأما لا يخفى على ذي لب.(1/138)
ومن هنا يظهر معنى ما تضمنه كثير من الأخبار من أنه لم يبدأ لله في شيء ما بدا له في إسماعيل، وهو أنه ظهر لله تعالى فيه بالنسبة إلينا من الآثار والاثارات المؤدية إلى حكمنا بكونه هو الإمام بعد أبيه جعفر عليه السّلام المستلزم لبقائه بعد أبيه ما لم يظهر منه تعالى لنا في غيره، ثم محا ذلك بموته قبل أبيه المستلزم لعدم إمامته. والسر في البداء وكونه ما عظم الله بشيء مثله أعلام العباد ببقاء قدرته تعالى على حبس ما لم يبرز إلى فضاء الوجود وإن تحصلت جملة من أسبابه وطائفة من
مقدماته المقتضية لحكم مثلنا ظاهرا بالوقوع، وذلك لقدرته على إعدام تلك الأسباب واحداث الموانع من أن يعمل مقتضاها سوى ذلك الأمر من فعله أو فعلها وفي اعتقاد بقاء الاختيار بيده تعالى وكونه قابضا لوازم الفعل والترك بيمينه من تعظيم يسلب العجز عنه وكونه غالبا في سلطانه لا مغلوبا به، كما هو قول المفوضة الذين أخرجوا من حيز القدرة على عبيده الذين بما أعطاهم من القدرة قد رووا بما ملكهم من الاختيار اختيار وأما لا يخفى على ذي لب.
إذا عرفت هذا: فاعلم أنه استفاض في الروايات أن كل كائن في السماوات والأرض سواء ما كان من فعل الله تعالى أو من فعل العبد خيرا أو شرا لا يكون إلا بمشيئة وإرادة وقدر وقضاء، ومحصل ذلك أنه لا بد من تعلق المشيئة وأخواتها المذكورة بالطرف الواقع من الفعل، والقول الخير من الله ومن العبد والشر منه كما يرشد إليه ما ورد من «أن الله تعالى، أمر ولم يشأ وشاء ولم يأمر: أمر ابليس أن يسجد لآدم ولم يشأ أن يسجد ولو شاء لسجد، وشاء آدم أن يأكل من الشجرة ولم يأمر به ولو شاء لم يأكل» وغير ذلك من الأحاديث.
وتوضيحه وحل ما فيه من الإشكال الذي به يزول توهم الاجبار ما نطقت به الأخبار من أن لله تعالى، مشيئة عزم واختيار ومشيئة حتم وإجبار، وكذلك الإرادة والقدرة والقضاء. وشرح ذلك أن الله تعالى لما علم أن فلانا الفلاني يفعل الفعل الفلاني المتشخص بجميع متشخصاته في الوقت الفلاني باختياره وعزمه، وقد شاء الله وأراد وقدر وقضى أن يقع الفعل أو الترك الذين هما متعلق التكليف من العبد باختياره لا بإجبار منه تعالى، فكلما تعلق به اختيار العبد ودواعيه من فعل أو ترك أو طاعة أو معصية فقد تعلق به مشيئة الله تعالى وأخواتها مما عطف عليها وما لم يتعلق به مشيئة الله تعالى، لأن تعلق مشيئة الله بما يعلم أنه لا يقع من المكلف إلا بالإجبار مع عدم مشيئته تعالى ذلك، ومشيئته تعالى، صدور ذلك الفعل بالاختيار مما لا يعلق ويجوز أن يتعلق به أمره ونهيه، لأن صحة الأمر والنهي لا يتوقف على وقوع المأمور به وترك المنهي عنه، بل يكفي فيهما إمكانهما الذاتي مع قطع النظر عن سوء إختيار العبد. والثمرة حاصلة بإظهار عذر الآمر والناهي عند المأمورين والمنهيين بتقديمه الأمر والنهي ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
وأما تحقيق المشيئة واخواتها فلم نؤت من علمها إلا قليلا وما هو إلا إجمال دون التفصيل، وهي أنها آثار سماوية وأرضية مفضية إلى فعل شيء أو تركه مختلفة
في الاقتضاء إليهما بحسب القرب من المعلول والعبد منه مترتبة في الوجود وكل لاحق منها مؤكد لسابقه أو أنها أرقام وأحكام محدثة في لوح المحو والإثبات يحكي ما يقع عليه الفعل خارجا بحيث يكون بأزآء كلما يصدر عن العبد من الأسباب المقتضية للفعل أو الترك من همه بالفعل وقصده إليه ثم جده فيه وعزمه عليه ثم تقدير ما عليه الفعل من المقادير والأشكال والصفات المشخصة له ثم القصد إلى إصداره وحكمه به حكما جازما حكم ورقم من الله في ذلك اللوح، فالحكم والرقم المحدث منه تعالى الموازي للهم بالفعل في الجملة يسمى من الله مشيئة مثلا، والموازي فيه للجد والعزم عليه بتعيين بعض صفاته أو بدونه يسمى إرادة وهي كالمؤكد للأول والموازي لتقدير ما عليه الفعل من المقادير، وتصور ما عليه العقل من بعض الصفات المشخصة يسمى تقديرا والموازي للقصد إلى إصداره قصدا جازما وحكما حاتما يسمى قضاء فلله تعالى المشيئة في هذه الأرقام والأحكام بالمحو والإثبات حتى يجوز الفعل إلى قضاء الوجود أو يصدر منه تعالى أعلام ملائكته ورسله بالوقوع، فيصير المحو والإثبات فيهما ممتنعا بالغير لا ليقتضي سلب الاختيار عنه تعالى.(1/139)
وأما تحقيق المشيئة واخواتها فلم نؤت من علمها إلا قليلا وما هو إلا إجمال دون التفصيل، وهي أنها آثار سماوية وأرضية مفضية إلى فعل شيء أو تركه مختلفة
في الاقتضاء إليهما بحسب القرب من المعلول والعبد منه مترتبة في الوجود وكل لاحق منها مؤكد لسابقه أو أنها أرقام وأحكام محدثة في لوح المحو والإثبات يحكي ما يقع عليه الفعل خارجا بحيث يكون بأزآء كلما يصدر عن العبد من الأسباب المقتضية للفعل أو الترك من همه بالفعل وقصده إليه ثم جده فيه وعزمه عليه ثم تقدير ما عليه الفعل من المقادير والأشكال والصفات المشخصة له ثم القصد إلى إصداره وحكمه به حكما جازما حكم ورقم من الله في ذلك اللوح، فالحكم والرقم المحدث منه تعالى الموازي للهم بالفعل في الجملة يسمى من الله مشيئة مثلا، والموازي فيه للجد والعزم عليه بتعيين بعض صفاته أو بدونه يسمى إرادة وهي كالمؤكد للأول والموازي لتقدير ما عليه الفعل من المقادير، وتصور ما عليه العقل من بعض الصفات المشخصة يسمى تقديرا والموازي للقصد إلى إصداره قصدا جازما وحكما حاتما يسمى قضاء فلله تعالى المشيئة في هذه الأرقام والأحكام بالمحو والإثبات حتى يجوز الفعل إلى قضاء الوجود أو يصدر منه تعالى أعلام ملائكته ورسله بالوقوع، فيصير المحو والإثبات فيهما ممتنعا بالغير لا ليقتضي سلب الاختيار عنه تعالى.
فإن قلت: قد ورد أنه تعالى خلق الشقاوة والسعادة من قبل أن يخلق خلقه، فمن خلقه سعيدا لم يبغضه وإن عمل شرا أبغض عمله ومن خلقه شقيا لم يحبه أبدا وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب شيئا لم يبغضه أبدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا وظاهره يوهم الجبر ويمنع وقوع البداء في الشقاوة والسعادة المستتبعين للمحبة من الله والبغضة، وينافي ما تواتر معنى عن أهل العصمة من الدعوات «اللهم إنك إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا فامح من الكتاب شقائي واكتبني سعيدا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب».
قلنا: كل ذلك مندفع وذلك لأن الخلق خلقان خلق تقدير وخلق تكوين، وقد علمت أن تقدير الله متعلق بكل كائن المراد بخلق الله للسعادة والشقاوة وتقديره لهما، والمراد بالسعادة حالة موافقة للموت يستوجب بها صاحبها وكونه من أهل الشقاوة حاله كذلك يستوجب بها صاحبها كونه من أصحاب النار أو موافاته للموت على أحد الحالين. وتقديره تعالى، للسعادة والشقاوة تابع لعلمه باختيار العبد لإحدى الحالين التابع للاختيار المذكور، فاندفع توهم الجبر إذ خلقهما بمعنى تقديرهما قبل خلق الخلق بهذا المعنى غير ظاهر، وحيث جاز أن يقدر الله تعالى، فيمن قدر سعادته ان يسلك به مسالك الأشقياء ويعمل أعمالهم حتى يقال ما أشبهه
بهم بل هو منهم، وفيمن قدر شقاوته أن يسلك به مسالك السعداء حتى يقال ما اشبهه بهم بل هو منهم، ثم يدرك كلا من الفريقين ما قد صح البداء في الشقاوة والسعادة بهذا المعنى وصح طلب محو الشقاوة من الداعي واثبات السعادة، لأن المراد بالشقاوة المكتوبة المطلوب محوها واثبات السعادة مكانها هو سلوك مسالك الأشقياء في أثناء العمر لا موافاة للأجل على تلك الحال وذلك قابل للمحو والإثبات. وأما موافاة الأجل على تلك الحال وذلك هو المحو والإثبات فلا ينافي لاختلاف معنى السعادة والشقاوة حينئذ فيختلف مورد السلب والإيجاب فلا تناقض. والله أعلم. إلى هنا الموجود في ذلك وصلّى الله على محمد وآله.(1/140)
قلنا: كل ذلك مندفع وذلك لأن الخلق خلقان خلق تقدير وخلق تكوين، وقد علمت أن تقدير الله متعلق بكل كائن المراد بخلق الله للسعادة والشقاوة وتقديره لهما، والمراد بالسعادة حالة موافقة للموت يستوجب بها صاحبها وكونه من أهل الشقاوة حاله كذلك يستوجب بها صاحبها كونه من أصحاب النار أو موافاته للموت على أحد الحالين. وتقديره تعالى، للسعادة والشقاوة تابع لعلمه باختيار العبد لإحدى الحالين التابع للاختيار المذكور، فاندفع توهم الجبر إذ خلقهما بمعنى تقديرهما قبل خلق الخلق بهذا المعنى غير ظاهر، وحيث جاز أن يقدر الله تعالى، فيمن قدر سعادته ان يسلك به مسالك الأشقياء ويعمل أعمالهم حتى يقال ما أشبهه
بهم بل هو منهم، وفيمن قدر شقاوته أن يسلك به مسالك السعداء حتى يقال ما اشبهه بهم بل هو منهم، ثم يدرك كلا من الفريقين ما قد صح البداء في الشقاوة والسعادة بهذا المعنى وصح طلب محو الشقاوة من الداعي واثبات السعادة، لأن المراد بالشقاوة المكتوبة المطلوب محوها واثبات السعادة مكانها هو سلوك مسالك الأشقياء في أثناء العمر لا موافاة للأجل على تلك الحال وذلك قابل للمحو والإثبات. وأما موافاة الأجل على تلك الحال وذلك هو المحو والإثبات فلا ينافي لاختلاف معنى السعادة والشقاوة حينئذ فيختلف مورد السلب والإيجاب فلا تناقض. والله أعلم. إلى هنا الموجود في ذلك وصلّى الله على محمد وآله.
رسالة أبي غالب الزراري إلى ابن ابنه
حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الواسطي أبو غالب أحمد ابن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكر بن اعين الشيباني منه إلى ابن ابنه محمد ابن عبيد الله بن أحمد: سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو الحق مبدع الخلق الموفق للخير والمعين عليه، واسأله أن يصلي على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
أما بعد: فانا أهل بيت أكرمنا الله عزّ وجلّ بمنه علينا بدينه واختصنا بصحبة أوليائه وحججه على خلقه من أول نسبنا إلى وقت الفتنة التي امتحنت بها الشيعة، فلقي عمنا حمران سيدنا وسيد العابدين علي بن الحسين عليه السّلام وكان حمران من أكبر مشائخ الشيعة المفضلين الذين لا يشك فيهم فكان أحد حملة القرآن ومن يعدو يذكر اسمه في كتب القرآن، وروي أنه قرأ على أبي جعفر محمد بن علي عليه السّلام وكان مع ذلك عالما بالنحو واللغة، ولقي حمران وجدنا زرارة وبكير أبا جعفر محمد بن علي وأبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السّلام ولقي بعض اخوتهم وجماعة من أولادهم مثل حمزة بن حمران وعبيد بن زرارة ومحمد بن حمران وغيرهم أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السّلام ورووا عنه، كان عبيد وافدا للشيعة بالكوفة إلى المدينة عند وقوع الشبهة في أمر عبد الله بن جعفر، وله في ذلك أحاديث كثيرة قد ذكرت، وله في الكتب وآل أعين أكثر أهل بيت الشيعة وأكثرهم حديثا وفقها وذلك موجود في كتب الحديث ومعروف عند رواته. وكان عبد الله بن بكير فقيه كثير الحديث (سقط في الأصل).
ولقي عبيد الله بن زرارة وغيره من بني أعين أبا الحسن موسى بن
جعفر عليه السّلام وكان جدنا الأدنى الحسن بن الجهم من خواص سيدنا ومولانا أبي الحسن الرضا عليه السّلام وله كتاب معروف قد رويته عن أبي عبد الله أحمد بن محمد العاصمي لأنه كان ابن أخت علي بن عاصم (ره)، وكان علي بن عاصم شيخ الشيعة في وقته ومات في حبس المعتضد، وكان حمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه فجلس من بينهم في الطامير فمات على سبيل ما واطلق الباقون، وكان سعى به رجل يعرف بابن أبي الدواب وله قصة طويلة، وكان للحسن بن الجهم جدنا سليمان ومحمد والحسين أبناء الحسن ولا أدري أيهم أسن ولم يبق لمحمد والحسين ولد، وقد روى محمد بن الحسن بن الجهم الحديث روى عنه علي بن الحسن بن فضال عن عبد الله بن ميمون القداح وغيره، وكانت أم الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة، ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد بكير، وكنا قبل ذلك نعرف بولد الجهم وأنا درب في خطة اسعد بين محلتهم وهو في ظهر دار من دورنا وقف لم يبق لبني اعين في تلك المحلة دار غيرها، وأنا أذكر حالها بعد إن شاء الله تعالى. وبين خطة بني تميم وكان يعرف بدرب الجهم إلى أن فني به أعين فنسب إلى بقال على بابه فهو يعرف به إلى هذا الوقت. وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان نسبه إليه أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر عليه السّلام، وكان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره: «قال الزراري» تورية عنه وسترا له ثم اتسع ذلك وسمينا به: وكان عليه السّلام يكاتبه في أمور له بالكوفة وبغداد وأمه أم ولد يقال لها: (رومية). وكان الحسن بن الجهم اشتراها جلبا ومعها ابنة لها صغيرة فرباها فخرجت بارعة الجمال وأدبها فأحسن أدبها فاشتريت لعبد الله بن طاهر فأولدها عبيد الله بن عبد الله وكان سليمان خال عبيد الله. وانتقل إليه من الكوفة وباع عقاره بها في محلة بني أعين، وخرج معه إلى خراسان عند خروجه إليهما فتزوج بنيسابور امرأة من وجوه أهلها وأرباب النعم فولدت بنيسابور إبنا سماه أحمد مات في حياة أبيه وولدت له جدي محمد بن سليمان وعم علي بن أبي سليمان وأختا لهم تزوجها عند عود سليمان إلى الكوفة محمد بن يحيى المغاري فأولدها محمد بن محمد بن يحيى وأخته فاطمة بنت محمد.(1/141)
ولقي عبيد الله بن زرارة وغيره من بني أعين أبا الحسن موسى بن
جعفر عليه السّلام وكان جدنا الأدنى الحسن بن الجهم من خواص سيدنا ومولانا أبي الحسن الرضا عليه السّلام وله كتاب معروف قد رويته عن أبي عبد الله أحمد بن محمد العاصمي لأنه كان ابن أخت علي بن عاصم (ره)، وكان علي بن عاصم شيخ الشيعة في وقته ومات في حبس المعتضد، وكان حمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه فجلس من بينهم في الطامير فمات على سبيل ما واطلق الباقون، وكان سعى به رجل يعرف بابن أبي الدواب وله قصة طويلة، وكان للحسن بن الجهم جدنا سليمان ومحمد والحسين أبناء الحسن ولا أدري أيهم أسن ولم يبق لمحمد والحسين ولد، وقد روى محمد بن الحسن بن الجهم الحديث روى عنه علي بن الحسن بن فضال عن عبد الله بن ميمون القداح وغيره، وكانت أم الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة، ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد بكير، وكنا قبل ذلك نعرف بولد الجهم وأنا درب في خطة اسعد بين محلتهم وهو في ظهر دار من دورنا وقف لم يبق لبني اعين في تلك المحلة دار غيرها، وأنا أذكر حالها بعد إن شاء الله تعالى. وبين خطة بني تميم وكان يعرف بدرب الجهم إلى أن فني به أعين فنسب إلى بقال على بابه فهو يعرف به إلى هذا الوقت. وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان نسبه إليه أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر عليه السّلام، وكان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره: «قال الزراري» تورية عنه وسترا له ثم اتسع ذلك وسمينا به: وكان عليه السّلام يكاتبه في أمور له بالكوفة وبغداد وأمه أم ولد يقال لها: (رومية). وكان الحسن بن الجهم اشتراها جلبا ومعها ابنة لها صغيرة فرباها فخرجت بارعة الجمال وأدبها فأحسن أدبها فاشتريت لعبد الله بن طاهر فأولدها عبيد الله بن عبد الله وكان سليمان خال عبيد الله. وانتقل إليه من الكوفة وباع عقاره بها في محلة بني أعين، وخرج معه إلى خراسان عند خروجه إليهما فتزوج بنيسابور امرأة من وجوه أهلها وأرباب النعم فولدت بنيسابور إبنا سماه أحمد مات في حياة أبيه وولدت له جدي محمد بن سليمان وعم علي بن أبي سليمان وأختا لهم تزوجها عند عود سليمان إلى الكوفة محمد بن يحيى المغاري فأولدها محمد بن محمد بن يحيى وأخته فاطمة بنت محمد.
وقد روى محمد بن يحيى طرفا من الحديث، وروى محمد بن محمد بن يحيى بن عمه أيضا صدرا صالحا من الحديث ولم تطل أعمارهما فيكثر النقل عنهما، فلما انصرف آل طاهر عن خراسان أراد سليمان أن ينقل عياله بها وولده إلى العراق فامتنعت زوجته وظنت بعمتها وأهلها، فاحتال عليها بالحج ووعدها
الرجوع بها إلى خراسان فرغبت في الحج فأجابته إلى ذلك فخرج بها وبولده منها فحج بها ثم عاد إلى الكوفة وليس بها دار فنزل دور أهله ومحلتهم وفيهم إذ ذاك بقية، فنزل بالقرب من الجامع رغبة فيه على قوم من التجار يعرفون بني عباذ حزازين في بني زهرة، ثم ابتاع في موضعه دورا واسعة بقيت في أيدي ولده، وقد خلف من الولد بعد ابنه الذي مات في حياة جدي محمد بن سليمان وكان أسنّ ولده وعليا أخاه من أمه وحسنا وحسينا وجعفرا وأربع بنات احداهن زوجة المغازي من المرأة النيسابورية وباقي البنين والبنات من أمهات الأولاد، وخلّف ضيعة في بساتين الكوفة المعروفة بالحواشة قرية في الفلوجة تعرف بقرية منير وأيضا واسعة جميعها في النجف مما يلي الحيرة لا أعرف أي قرية هي، وكان قد استخرج لها عينا يجريها إليها في قنا يحملها من حد قبة تعرف بقبة الشنبق قد رأيت أنا أثر القناة وأدركت شيخا كان قد قام له عليها، وكان سبب استخراجه العين أن بعض أهل زوجته من خراسان ورد حاجا فاشتهى أن يرى الحياة فخرج معها إليها وكان قبة الشنبق أحد الأشياء التي يقصدها الناس للنزهة وكانت مما يلي النجف وقبة عظين مما يلي الكوفة وهي باقية إلى هذا الوقت ولا أعرق خبر قبة الشنبق هل هي باقية أم لا، فلما جلسوا للطعام قال الخراساني: هاهنا ماء إن استنبط ظهر، ثم ساروا فرأوا النجف وعلوه على الأرض التي اسفله فقال: يوشك أن يسيح ذلك الماء على هذه الأرض. فابتاع سليمان ذلك الأرض وجمع منها ما أمكن ثم عمل على استنباط العين فأنفق عليها مالا فظهر له من الماء ما ساقه في القناة إلى تلك الأرض، وكان له حديث حدثت به فذهب عني في أمر العين إلا أن الذي رزق من المال كان يسيرا فلم تزل تلك الضياع في يده إلى أن مات، ثم خرج ولده كلهم عن قرية ميسر وعن هذه الأرض التي في النجف، وجمع جدي (ره) مع ما خصه من الضيعة في الحواشية بعض أموال إخوته فكانت تأتيه في ذلك إلى أن مات وخلفه لي ولأختي فلم تزل في أيدينا إلى أن امتحنت في سنة أربع عشرة وثلاث مائة وما بعدها فخرج ذلك عن يدي في المحن وخراب الكوفة بالفتن.(1/142)
وقد روى محمد بن يحيى طرفا من الحديث، وروى محمد بن محمد بن يحيى بن عمه أيضا صدرا صالحا من الحديث ولم تطل أعمارهما فيكثر النقل عنهما، فلما انصرف آل طاهر عن خراسان أراد سليمان أن ينقل عياله بها وولده إلى العراق فامتنعت زوجته وظنت بعمتها وأهلها، فاحتال عليها بالحج ووعدها
الرجوع بها إلى خراسان فرغبت في الحج فأجابته إلى ذلك فخرج بها وبولده منها فحج بها ثم عاد إلى الكوفة وليس بها دار فنزل دور أهله ومحلتهم وفيهم إذ ذاك بقية، فنزل بالقرب من الجامع رغبة فيه على قوم من التجار يعرفون بني عباذ حزازين في بني زهرة، ثم ابتاع في موضعه دورا واسعة بقيت في أيدي ولده، وقد خلف من الولد بعد ابنه الذي مات في حياة جدي محمد بن سليمان وكان أسنّ ولده وعليا أخاه من أمه وحسنا وحسينا وجعفرا وأربع بنات احداهن زوجة المغازي من المرأة النيسابورية وباقي البنين والبنات من أمهات الأولاد، وخلّف ضيعة في بساتين الكوفة المعروفة بالحواشة قرية في الفلوجة تعرف بقرية منير وأيضا واسعة جميعها في النجف مما يلي الحيرة لا أعرف أي قرية هي، وكان قد استخرج لها عينا يجريها إليها في قنا يحملها من حد قبة تعرف بقبة الشنبق قد رأيت أنا أثر القناة وأدركت شيخا كان قد قام له عليها، وكان سبب استخراجه العين أن بعض أهل زوجته من خراسان ورد حاجا فاشتهى أن يرى الحياة فخرج معها إليها وكان قبة الشنبق أحد الأشياء التي يقصدها الناس للنزهة وكانت مما يلي النجف وقبة عظين مما يلي الكوفة وهي باقية إلى هذا الوقت ولا أعرق خبر قبة الشنبق هل هي باقية أم لا، فلما جلسوا للطعام قال الخراساني: هاهنا ماء إن استنبط ظهر، ثم ساروا فرأوا النجف وعلوه على الأرض التي اسفله فقال: يوشك أن يسيح ذلك الماء على هذه الأرض. فابتاع سليمان ذلك الأرض وجمع منها ما أمكن ثم عمل على استنباط العين فأنفق عليها مالا فظهر له من الماء ما ساقه في القناة إلى تلك الأرض، وكان له حديث حدثت به فذهب عني في أمر العين إلا أن الذي رزق من المال كان يسيرا فلم تزل تلك الضياع في يده إلى أن مات، ثم خرج ولده كلهم عن قرية ميسر وعن هذه الأرض التي في النجف، وجمع جدي (ره) مع ما خصه من الضيعة في الحواشية بعض أموال إخوته فكانت تأتيه في ذلك إلى أن مات وخلفه لي ولأختي فلم تزل في أيدينا إلى أن امتحنت في سنة أربع عشرة وثلاث مائة وما بعدها فخرج ذلك عن يدي في المحن وخراب الكوفة بالفتن.
وكان دارنا بالكوفة من حدود بني عباد في دار الخران بن حريث الشارع من جانبيه بقية من سليمان ودارا بناها جدي محمد بن سنان ودارا بنيتها أنا ودار اصطبل ودور للسكان ليس في المشارع دور لغيرنا إلا دار لعمي علي بن سليمان ودار لعمات أبي الثلاث وكن مقيمات ببغداد في دار عبيد الله بن طاهر، وربما وردن الكوفة للزيارة فنزلن في دارهن إلى أن مات عبد الله وتبين قتله وبعده بيسير، فأقام سليمان في دوره بالكوفة وعبيد الله بن عبد الله ابن أخته إذ ذاك ببغداد يتقلدها
وله المنزلة الرفيعة من السلطان، وكان عمال الحرب والخراج يركبون إلى سليمان وسيدنا أبو الحسن يكاتبه وكان يحمل عليه من غلة زوجته في كل سنة مع الحاج ما يحمل، فمات سليمان في طريق مكة بعد خمسين ومئتين بمدة ليس يحصلها، وكانت الكتب ترد بعد ذلك على جدي محمد بن سليمان إلى أن مات جدي (ره) في أول سنة ثلاثمائة ويحمل إليه ما لم أكن أحصله لصغر سني، وكان آخر ما وردت عليه الكتب في ذكري في سنة تسع وتسعين وحملت إليه هدايا من هدايا خراسان، فكاتبه ابن خاله وكان يعرف بعلي بن محمد بن شجاع حفظت ذلك لأن جدي (ره) كان يطالبني بقراءة كتبه وكانت ترد بألفاظ غريبة وكلام متعسف، فوردت الكتب عليه وعاد الحاج وقد مات في المحرم سنة ثلاث مائة وست وثلاثون وكان مولده بنيسابور سنة سبع وثلاثين ومائتين فعرف من عاد من الحاج ممن جاء بالكتب خبر موته، ولم تكن لي همة استعلم به حاله وأكاتب ابن خاله الذي كان يكاتبه وانقطعت الكتب عنا وما كان يحمل بعد سنة ثلاثمئة، وكاتب الصاحب جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه إلى أن وقعت الغيبة وقلّ رجل منها إلا وقد روى الحديث.(1/143)
وكان دارنا بالكوفة من حدود بني عباد في دار الخران بن حريث الشارع من جانبيه بقية من سليمان ودارا بناها جدي محمد بن سنان ودارا بنيتها أنا ودار اصطبل ودور للسكان ليس في المشارع دور لغيرنا إلا دار لعمي علي بن سليمان ودار لعمات أبي الثلاث وكن مقيمات ببغداد في دار عبيد الله بن طاهر، وربما وردن الكوفة للزيارة فنزلن في دارهن إلى أن مات عبد الله وتبين قتله وبعده بيسير، فأقام سليمان في دوره بالكوفة وعبيد الله بن عبد الله ابن أخته إذ ذاك ببغداد يتقلدها
وله المنزلة الرفيعة من السلطان، وكان عمال الحرب والخراج يركبون إلى سليمان وسيدنا أبو الحسن يكاتبه وكان يحمل عليه من غلة زوجته في كل سنة مع الحاج ما يحمل، فمات سليمان في طريق مكة بعد خمسين ومئتين بمدة ليس يحصلها، وكانت الكتب ترد بعد ذلك على جدي محمد بن سليمان إلى أن مات جدي (ره) في أول سنة ثلاثمائة ويحمل إليه ما لم أكن أحصله لصغر سني، وكان آخر ما وردت عليه الكتب في ذكري في سنة تسع وتسعين وحملت إليه هدايا من هدايا خراسان، فكاتبه ابن خاله وكان يعرف بعلي بن محمد بن شجاع حفظت ذلك لأن جدي (ره) كان يطالبني بقراءة كتبه وكانت ترد بألفاظ غريبة وكلام متعسف، فوردت الكتب عليه وعاد الحاج وقد مات في المحرم سنة ثلاث مائة وست وثلاثون وكان مولده بنيسابور سنة سبع وثلاثين ومائتين فعرف من عاد من الحاج ممن جاء بالكتب خبر موته، ولم تكن لي همة استعلم به حاله وأكاتب ابن خاله الذي كان يكاتبه وانقطعت الكتب عنا وما كان يحمل بعد سنة ثلاثمئة، وكاتب الصاحب جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه إلى أن وقعت الغيبة وقلّ رجل منها إلا وقد روى الحديث.
وحدثني أبو عبد الله بن الحجاج (ره) وأنه كان من رواة الحديث أنه قد جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلا وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشائخه إن بني أعين بقوا أربعين سنة لا يموت منهم رجل إلا ولد فيهم غلام وهم على ذلك يستولون على بني شيبان في خطة بنى أسد ابن همام، ولهم مسجد الخطة يصلون فيه وقد دخله سيدنا أبو عبد الله عليه السّلام جعفر بن محمد وصلى فيه، وهذه المحلة دور بني أعين متقاربة وقد بقي منها إلى هذا الوقت دار وقفها محمد بن عبد الرحمن بن حمران على أهله ثم على الأقرب فالأقرب إليه، وكانت في أيدي بني عقبة الشيباني ولم يتكلم فيها أحد من أهلي ولا تعرض لي حتى تكلمت أنا فيها في سنة أربع وستين وثلاثمئة فأشهدت علي الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن عقبة الشيباني الذي كانت في يده على بني أعين وأخذت من إجارتها ما سلمت إلى ولد عم أبي جعفر بن سليمان، ولم يكن في كتاب الوقف زيادة في النسب على محمد بن عبد الرحمن بن حمران. وكان في الكتاب شهادة علي بن الحسن فضال ومحمد بن محمد بن عقبه الشيباني ومحمد بن هديم الشيباني واظنه محمد بن عبد الرحمن بن حمران بن أعين.
وكان أعين غلاما روميا اشتراه رجل من بني شيبان من حلب فرباه وتبناه
وأحسن تأديبه وحفظه القرآن وعرف الأدب فخرج بارعا أديبا، فقال له مولاه استحلقك؟ فقال: لا ولائي منك أحب إلي من النسب. فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم وكان راهبا اسمه سننسا وذكر أنه غسان مما دخل بلاد الروم في أول الإسلام.(1/144)
وكان أعين غلاما روميا اشتراه رجل من بني شيبان من حلب فرباه وتبناه
وأحسن تأديبه وحفظه القرآن وعرف الأدب فخرج بارعا أديبا، فقال له مولاه استحلقك؟ فقال: لا ولائي منك أحب إلي من النسب. فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم وكان راهبا اسمه سننسا وذكر أنه غسان مما دخل بلاد الروم في أول الإسلام.
وقيل: انه كان يدخل بلاد الإسلام بأمان فيزور ابنه أعين ثم يعود إلى بلاده فولد أعين على ما حدثنى به أبو طالب الأنباري قال: حدثني محمد بن الحسن أن علي بن الصباح سلام المدائني قال: حدثني أبي وعمي قالا: حدثنا أحمد بن الحسن ابن علي بن فضال عن ولد أعين قال: ولد أعين عبد الملك وحمران وزرارة وبكير وعبد الرحمن بن أعين هؤلاء كبراؤهم معروفون وقعنب ومالك ومليك بن أعين غير معروفين، فذلك ثمانية أنفس، وبغير هذا الإسناد: ولهم أخت يقال لها (أم الأسود) ويقال لها أنها أول من عرف هذا الأمر منهم من جهة أبي خالد الكاهلي. وبالإسناد الأول: ولد زرارة الحسين ويحيى ورومي والحسن وعبيد الله وعبد الله فذلك ثمانية أنفس، فولد بكير عبد الله وعبد الحميد وعبد الأعلى والجهم ابني بكير فذلك خمسة أنفس، وولد حمران حمزة وعقبة. وبغير هذا الإسناد: ومحمد، وولد عبد الملك محمد أو ظريس وعلى بني عبد الملك، فذلك ثلاثة أنفس، وولد عبد الرحمن بن أعين بن عبد الرحمن وحمران وسميعا وعباسا وإبراهيم وإسحاق بن عبد الرحمن فذلك ستة أنفس، وولد عبد الله بن بكير رحبان وكان اسمه محمد والحسين وعليا بني عبد الله بن بكير. وقال أبو طالب: وسقط بقية النسب من كتاب ابن جعفر بن الصباح وكان زرارة يكنى أبا علي. وذكره الجاحظ في كتاب الحيوان واورد عنه شعرا نسبة إليه في ذكر المهدي، وروى له أيضا شعرا في كتاب النساء وذكر له بيتا في كتاب العرجان الأشراف ولا أدري صدق الجاحظ في ذلك أم لا. وقال في كتاب الحيوان: وكان زرارة بن أعين مولى بني أسعد بن هشام وكان رئيس التمية، وكان بكير يكنى أبا الجهم وحمران يكنى أبا حمزة وعبد الله بن بكير يكنى أبا علي، ومن ولد زرارة محمد بن عبد الله بن زرارة وكان لكنيّ كثيرا (الحديث). وروى عنه علي ابن الحسن بن علي بن فضال حديثا كثيرا. ووجدت في كتاب الصابوني المصري يونس بن عبد الملك بن أعين وجعفر بن تغلب بن أعين ممن روى عن أبي عبد الله، وذكر في الكتاب أن ولد جعفر بالضيوم، وروي أن من عرف هذا الأمر عبد الملك عرفه صالح بن ميثم ثم عرفه حمران عن أبي خالد الكاهلي رحمهم الله تعالى.
وروي أن زرارة كان وسيما جسيما أبيض فكان يخرج إلى الجمعة وعلى
رأسه برنس أسود وبين عينيه سجاوة وفي يده عصا ويقوم له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته فربما رجع عن طريقه، وكان خصما جدلا لا يقوم أحد بحجته إلا أن العبادة اشغلته عن الكلام والمتكلمون من الشيعة تلاميذه، ويقال أنه عاش تسعين سنة، ولآل أعين من الفضائل وما روى فيهم أكثر من أن أكتبه وهو موجود في كتب الحديث.(1/145)
وروي أن زرارة كان وسيما جسيما أبيض فكان يخرج إلى الجمعة وعلى
رأسه برنس أسود وبين عينيه سجاوة وفي يده عصا ويقوم له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته فربما رجع عن طريقه، وكان خصما جدلا لا يقوم أحد بحجته إلا أن العبادة اشغلته عن الكلام والمتكلمون من الشيعة تلاميذه، ويقال أنه عاش تسعين سنة، ولآل أعين من الفضائل وما روى فيهم أكثر من أن أكتبه وهو موجود في كتب الحديث.
وحدثني أبو الحسن محمد بن أحمد داود قال: حدثنا أبو القاسم علي بن عيسى بن قرني قال: حدثني الحسين بن أحمد بن فضال قال: حدثني جدك الحسين بن يوسف بن مهران قال أبو غالب (رض): وأقول أنا إنه جده لأمه لأن أم علي بنت الحسين عليه السّلام، يوسف وهم أهل بيت يعرفون ببني السفانجي قال ابن فضال: وكان جدك أليفا لبني فضال وجارهم. قال: خرج الحسن بن علي بن فضال فقال لي: قم يا حسين حتى تمضي إلى مليك بن أعين فهو عليل وقد جاءني رسوله، فقمت معه فاعتمد على يدي فدخلنا على مليك وهو يجود بنفسه فقال له الحسن: حاجتك؟ فقال: أوصي إليك وأعهد إليك، فقال: ما تقول فيها؟ فقال:
ما تسمح نفسي أن أقول إلا خيرا، فضرب بيده إلى يدي فنسلها فقال: قم يا حسين، ثم التفت إليه فقال: مت أي ميتة شئت، وكان مليك وقعنب ابنا أعين يذهبان مذهب العامة مخالف لإخوتهم فقال ابن فضال في هذا الحديث: وخلف أعين حمران وزرارة وبكير وعبد الملك وعبد الرحمن ومالك وموسى وضريس ومليك وقعنب فذلك عشرة أنفس هذا من هذه الرواية، وقد ذكرت الرواية ووقع الاختلاف في عدد ولد أعين وقد ذكرت الأصل الذي كنت أعرفه وما رواه لي أبو طالب الأنباري وما رواه لي أبو الحسن بن داود (ره) عن أبي القاسم بن قونى عن ابن فضال، وروى لي ابن المغيرة عن أبي محمد بن حمزة العلوي عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي المشهور بكثرة الحديث أنهم سبعة عشر رجلا إلا أنه لم يذكر أسماءهم وما يتهم في معرفته ولا يشك في علمه وجدتي أم أبي فاطمة بنت جعفر بن الحسن بن محمد القرشي النوار مولى لبني مخزوم. وقد روى محمد بن الحسن الحديث وكان أحد حفاظ القرآن وقد نقلت عنه قراءات وكبرت منزلته فيها. وأخوها أبو العباس محمد بن جعفر الزراري وهو أحد رواة الحديث ومشائخ الشيعة، وكان له أخ اسمه الحسن بن جعفر، وقد روى ايضا الحديث إلا أن عمره لم يطل فينقل عنه، وكان مولد محمد بن جعفر سنة ستة وثلاثين ومئتين ومات سنة ست عشرة وثلاثمئة وسنّه ثمانون سنة. وكان من محله في الشيعة أنه كان الوافد عنهم إلى المدينة عند وقوع الغيبة سنة ستين ومائتين وأقام
بها سنة وعاد وقد ظهر له من أمر الصاحب عليه السّلام ما احتاج إليه. وأمه وأم أخته فاطمة جدتي محمد بن عيسى القيسي التستري وأنا أذكر حاله بعد ذكر أمي، وأمي الحسين بنت عيسى بن علي بن محمد بن عيسى بن زياد القيسي التستري، وأمها أم ولد رومية.(1/146)
ما تسمح نفسي أن أقول إلا خيرا، فضرب بيده إلى يدي فنسلها فقال: قم يا حسين، ثم التفت إليه فقال: مت أي ميتة شئت، وكان مليك وقعنب ابنا أعين يذهبان مذهب العامة مخالف لإخوتهم فقال ابن فضال في هذا الحديث: وخلف أعين حمران وزرارة وبكير وعبد الملك وعبد الرحمن ومالك وموسى وضريس ومليك وقعنب فذلك عشرة أنفس هذا من هذه الرواية، وقد ذكرت الرواية ووقع الاختلاف في عدد ولد أعين وقد ذكرت الأصل الذي كنت أعرفه وما رواه لي أبو طالب الأنباري وما رواه لي أبو الحسن بن داود (ره) عن أبي القاسم بن قونى عن ابن فضال، وروى لي ابن المغيرة عن أبي محمد بن حمزة العلوي عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي المشهور بكثرة الحديث أنهم سبعة عشر رجلا إلا أنه لم يذكر أسماءهم وما يتهم في معرفته ولا يشك في علمه وجدتي أم أبي فاطمة بنت جعفر بن الحسن بن محمد القرشي النوار مولى لبني مخزوم. وقد روى محمد بن الحسن الحديث وكان أحد حفاظ القرآن وقد نقلت عنه قراءات وكبرت منزلته فيها. وأخوها أبو العباس محمد بن جعفر الزراري وهو أحد رواة الحديث ومشائخ الشيعة، وكان له أخ اسمه الحسن بن جعفر، وقد روى ايضا الحديث إلا أن عمره لم يطل فينقل عنه، وكان مولد محمد بن جعفر سنة ستة وثلاثين ومئتين ومات سنة ست عشرة وثلاثمئة وسنّه ثمانون سنة. وكان من محله في الشيعة أنه كان الوافد عنهم إلى المدينة عند وقوع الغيبة سنة ستين ومائتين وأقام
بها سنة وعاد وقد ظهر له من أمر الصاحب عليه السّلام ما احتاج إليه. وأمه وأم أخته فاطمة جدتي محمد بن عيسى القيسي التستري وأنا أذكر حاله بعد ذكر أمي، وأمي الحسين بنت عيسى بن علي بن محمد بن عيسى بن زياد القيسي التستري، وأمها أم ولد رومية.
وكان عيسى بن زياد انتقل من نواحي البصرة في أيام الغيبة بعد قتل إبراهيم ابن عبد الله بن حسن فنزل تستر وتستر أحد طساسيج الكوفة واسمه موجود في كل كتاب عمل لذكر طساسيج السواد فنزل قرية منه يقال لها (بقرونا) وهي ثلاثة وروم فنزل ورما يقال له (صقلينا) وهي على عمود الفرات الأعظم الذي يحمل من الكوفة إلى نجران ويجتاز إلى نجران ويجتاز إلى جنتلا ويلونا وهي مدينة عظيمة فتحها خالد بن الوليد في أول الإسلام، وبقرونا ينسب إليها الرستاق وهي في شرقي الفرات وصقلينا في غربيه، فملك ضياعا واسعة وحفر فيها نهرا يسمى نهر عيسى وبقي في يدي من تلك الضياع بالميراث شيء إلى أشياء كنت استردتها إلى أن خرج الجميع من يدي في المحن التي امتحنت بها من شر الأعراب اياي، وغير ذلك وخراب السواد بالفتن المتصلة بعد دخول الهجرتين الكوفة إلا شيء يسير يطل علي بالحال التي جرت بيني وبين عمران بن يحيى العلوي في سنة خمس وعشرين وثلاثمئة، وكان محمد بن عيسى أحد مشائخ الشيعة ومن كان يكاتب، وكان قد خرج توقيع إليه جواب كتاب كتبه على يدي أيوب بن نوح (رض) في أمر عبد الله ابن جعفر حدثني بذلك خالي أبو العباس الزرار جوابا مستقصا لم أقف على حفظه وغابت عني نسخته والجواب موجود في الحديث، وكتب بعد ذلك إلى الصاحب يسأل مثل ذلك فكتب قد خرج منا إلى التستري في هذا المعنى ما فيه كفاية أو كلام هذا معناه، وكان محمد بن عيسى أحد رواة الحديث حدثني عنه خالي أبي محمد بن جعفر الزرار وهو جده أبو أمه عن الحسن بن فضال الحديث منه كتاب البشارات لابن فضال، وحدثني عنه بكتاب عيسى بن عبد الله العلوي وهو كتاب معروف، وابنه علي بن محمد بن عيسى جد امي وخالي أبي العباس الزرار فقد روى أيضا صدرا من الحديث، وكانت دورهم في موضع من الكوفة يعرف بلجام البكريين وهو في ظهر خطة بني أسد بن همام، وقد خرب واتصل بخرابات أبي عجل إلى حدود حمراء ديلم لم أدرك أنا من الناحية إلا خرابا قد زرع فيها اشنان، وكان في دورنا منه شيء فكنا نأخذ منه في كل سنة شنانا تغزانا ودراهم اجرة الأقرحة، ومضيت إليها مرة وأنا صبي مع من كان يمضي فجئنا بالدراهم والأشنان فرأيتها ورأيت فيها بينها قبر محمد بن عيسى وقبور بعض ولده.
وكان جدي أبو طاهر أحد رواة الحديث لقي محمد بن خالد الطيالسي فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عمرة وكتاب العلا بن زرين وكتاب اسماعيل بن عبد الخالق واشياء غير ذلك. وروى محمد بن الحسن بن أبي الخطاب شيئا كثيرا منه كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، وكانت روايته عنه هذا الكتاب في سنة سبع وخمسين ومئتين وسنّه إذ ذاك عشرون سنة، وروى عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي وعن رجال غيره، ومات أبي محمد بن محمد بن سليمان وسنّه نيف وعشرون سنة وسنّي إذ ذاك خمس سنين وأشهر، وكان مولدي ليلة الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين ومئتين، ومات جدي محمد بن سليمان (ره) في غرة المحرم سنة ثلاثمئة فرويت عنه بعض حديثه، وسمعني من عبد الله بن جعفر الحميري وكان دخل الكوفة في سنة سبع وتسعين ومئتين، وجدت هذا التاريخ بخط عبد الله بن جعفر في كتاب الصوم للحسين بن سعيد ولم أكن حفظت الوقت للحداثة وسني إذ ذاك إثنا عشر سنة وشهور.(1/147)
وكان عيسى بن زياد انتقل من نواحي البصرة في أيام الغيبة بعد قتل إبراهيم ابن عبد الله بن حسن فنزل تستر وتستر أحد طساسيج الكوفة واسمه موجود في كل كتاب عمل لذكر طساسيج السواد فنزل قرية منه يقال لها (بقرونا) وهي ثلاثة وروم فنزل ورما يقال له (صقلينا) وهي على عمود الفرات الأعظم الذي يحمل من الكوفة إلى نجران ويجتاز إلى نجران ويجتاز إلى جنتلا ويلونا وهي مدينة عظيمة فتحها خالد بن الوليد في أول الإسلام، وبقرونا ينسب إليها الرستاق وهي في شرقي الفرات وصقلينا في غربيه، فملك ضياعا واسعة وحفر فيها نهرا يسمى نهر عيسى وبقي في يدي من تلك الضياع بالميراث شيء إلى أشياء كنت استردتها إلى أن خرج الجميع من يدي في المحن التي امتحنت بها من شر الأعراب اياي، وغير ذلك وخراب السواد بالفتن المتصلة بعد دخول الهجرتين الكوفة إلا شيء يسير يطل علي بالحال التي جرت بيني وبين عمران بن يحيى العلوي في سنة خمس وعشرين وثلاثمئة، وكان محمد بن عيسى أحد مشائخ الشيعة ومن كان يكاتب، وكان قد خرج توقيع إليه جواب كتاب كتبه على يدي أيوب بن نوح (رض) في أمر عبد الله ابن جعفر حدثني بذلك خالي أبو العباس الزرار جوابا مستقصا لم أقف على حفظه وغابت عني نسخته والجواب موجود في الحديث، وكتب بعد ذلك إلى الصاحب يسأل مثل ذلك فكتب قد خرج منا إلى التستري في هذا المعنى ما فيه كفاية أو كلام هذا معناه، وكان محمد بن عيسى أحد رواة الحديث حدثني عنه خالي أبي محمد بن جعفر الزرار وهو جده أبو أمه عن الحسن بن فضال الحديث منه كتاب البشارات لابن فضال، وحدثني عنه بكتاب عيسى بن عبد الله العلوي وهو كتاب معروف، وابنه علي بن محمد بن عيسى جد امي وخالي أبي العباس الزرار فقد روى أيضا صدرا من الحديث، وكانت دورهم في موضع من الكوفة يعرف بلجام البكريين وهو في ظهر خطة بني أسد بن همام، وقد خرب واتصل بخرابات أبي عجل إلى حدود حمراء ديلم لم أدرك أنا من الناحية إلا خرابا قد زرع فيها اشنان، وكان في دورنا منه شيء فكنا نأخذ منه في كل سنة شنانا تغزانا ودراهم اجرة الأقرحة، ومضيت إليها مرة وأنا صبي مع من كان يمضي فجئنا بالدراهم والأشنان فرأيتها ورأيت فيها بينها قبر محمد بن عيسى وقبور بعض ولده.
وكان جدي أبو طاهر أحد رواة الحديث لقي محمد بن خالد الطيالسي فروى عنه كتاب عاصم بن حميد وكتاب سيف بن عمرة وكتاب العلا بن زرين وكتاب اسماعيل بن عبد الخالق واشياء غير ذلك. وروى محمد بن الحسن بن أبي الخطاب شيئا كثيرا منه كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، وكانت روايته عنه هذا الكتاب في سنة سبع وخمسين ومئتين وسنّه إذ ذاك عشرون سنة، وروى عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي وعن رجال غيره، ومات أبي محمد بن محمد بن سليمان وسنّه نيف وعشرون سنة وسنّي إذ ذاك خمس سنين وأشهر، وكان مولدي ليلة الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين ومئتين، ومات جدي محمد بن سليمان (ره) في غرة المحرم سنة ثلاثمئة فرويت عنه بعض حديثه، وسمعني من عبد الله بن جعفر الحميري وكان دخل الكوفة في سنة سبع وتسعين ومئتين، وجدت هذا التاريخ بخط عبد الله بن جعفر في كتاب الصوم للحسين بن سعيد ولم أكن حفظت الوقت للحداثة وسني إذ ذاك إثنا عشر سنة وشهور.
وسمعت أنا بعد ذلك من عم أبي علي بن سليمان ومن خال أبي محمد بن جعفر الزرار وأحمد بن أدريس القمي وأحمد بن محمد بن العاصمي وجعفر بن محمد بن مالك القرارى البزاز، وكان كالذي رباني لأن جدي محمد بن سليمان حين أخرجني من الكتّاب جعلني في البزازين عند ابن عمه الحسين بن علي بن مالك وكان أحد فقهاء الشيعة وزهادهم، وظهر بعد موته من زهده مع كثرة ما كان يجري على يده أمر عجيب ليس هذا موضع ذكره، وسمعت من أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار الأهوازي وغيرهم (رحمهم الله تعالى) وسمعت من حميد بن زياد وأبي عبد الله بن ثابت وأحمد بن رباح وهؤلاء من رجال الواقعة إلا أنهم كانوا فقهاء ثقاة في حديثهم كثيرين الدراية، وسمعت بعد ذلك من جماعة غير من سميت فعندي بعض ما سمعته منهم وذهب بعضهم فيما ذهب من كتبي ثم امتحنت محنا شغلتني، وأخرجت أكثر كتبي التي سمعتها عن يدي السرقة والضياع، ورزقت أباك وسني ثمان وعشرون سنة وفي سنة ولادته امتحنت محنة أخرجت أكثر ملكي من يدي وأخرجتني إلى السفر والاغتراب وشغلتني عن حفظ ما كنت جمعت قبل ذلك، ولما صلح أبوك لسماع الحديث وسلوك طريقة أجدادهم جذبته إلى ذلك فلم ينجذب وشغلنا طلب المعاش والبعد عن مشاهدة العلماء عن العلم وعلت سني فأيست من الولد وبلغ أبوك سبعا وثلاثين سنة ولم يرزق ولدا ورزقني الله عزّ وجلّ الحج ومجاورة الحرمين سنة فجعلت كدّي وأكثر دعائي في المواضع التي يرجى فيها قبول دعاء أن يرزق الله تعالى ولدا ذكرا يجعله
خلفا لآل أعين، ثم قدمت العراق فزوجت أباك من أمك فبفضل الله عز وجل أن رزقناك في أسرع وقت وزمن بأن جعلك سويّ الخلقة مقبول الصورة صحيح العقل إلى أن كتبت إليك الكتاب، وكان مولده في قصر عيسى ببغداد يوم الأحد لثلاث خلون من شوال سنة اثنتين وخمسين وثلاثمئة وقد خفت أن يسبق أجلي ادراكك وتمكنك في سماع الحديث وتمكني من حديثك ما سمعته من الحديث وإن أفرط في شيء من ذلك كما فرط جدي وخال أبي (ره) ان لم يجذباني إلى سماعي جميع حديثهما مع ما شاهداه من رغبتي في ذلك، ولم يبق في وقتي من آل أعين واحد يروي الحديث ولا يطلب علما، وشححت على أهل هذا البيت الذي لم يخل من محدث أن يضمحل ذكرهم ويندرس رسمهم ويبطل حديثهم من أولادهم، وقد بينت لك آخر كتابي هذا أسماء الكتب التي بقيت عندي من كتبي وما حفظت اسناده وتيقنت روايته، فإن كان قد غاب عني وشرحت لك ممن سمعت ذلك وأجزت لك خاصة روايتها عني على حسب ما أشرحه لك من ذلك عند ذكري أسماءها واخرجت لك ما عندي من الكتب القديمة، وذكرت لك ما منها بخط جدي محمد بن سليمان (ره) وما فيها بخط من عرفت خطه وما جددت لك من الكتب التي اخلقت، وجعلت جميع ذلك عند والدتك وديعة لك ووصيتها ان تسلمها إليك إذا ابلغت وتحفظها عليك إلى حين علمك بمحلها وموضعها ان حدث بي حادث الموت قبل بلوغك هذه الحال، فإن حدث بي حدث قبل ذلك أن توصي بها من تثق به لك وعليك، فاتق الله عز وجلّ واحفظ هذه الكتب فإن لك فيها ما قرىء على عبد الرحمن بن أبي نجران في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو كتاب داود بن سرحان وفيها ما قرأ جدي محمد بن سليمان على محمد بن الحسين بن أبي الخطاب في سنة سبع وخمسين ومئتين، وتاريخ ذلك في أواخر الكتب واروها عني حسبما رسمته لك وتوخ سلوك طريقة أجداد أبيك (رحمهم الله) وتقبل اخلاقهم وتشبه بهم في افعالهم واجتهد في حفظ الحديث والتفقه فيه وواظب على ما يقربك من الله عزّ وجلّ، واعلم أنه ما أسن قط أحد إلا ندم على ما فاته من التقرب إلى الله عزّ وجلّ بطاعته في شيبته وعلى ما دخل فيه من المحظورات في حداثته حين لا تنفعه الندامة ولا يمكنه استدراك ما فاته من عمره، واصحب من مشائخ أصحابك من تتزين بصحبته(1/148)
وسمعت أنا بعد ذلك من عم أبي علي بن سليمان ومن خال أبي محمد بن جعفر الزرار وأحمد بن أدريس القمي وأحمد بن محمد بن العاصمي وجعفر بن محمد بن مالك القرارى البزاز، وكان كالذي رباني لأن جدي محمد بن سليمان حين أخرجني من الكتّاب جعلني في البزازين عند ابن عمه الحسين بن علي بن مالك وكان أحد فقهاء الشيعة وزهادهم، وظهر بعد موته من زهده مع كثرة ما كان يجري على يده أمر عجيب ليس هذا موضع ذكره، وسمعت من أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار الأهوازي وغيرهم (رحمهم الله تعالى) وسمعت من حميد بن زياد وأبي عبد الله بن ثابت وأحمد بن رباح وهؤلاء من رجال الواقعة إلا أنهم كانوا فقهاء ثقاة في حديثهم كثيرين الدراية، وسمعت بعد ذلك من جماعة غير من سميت فعندي بعض ما سمعته منهم وذهب بعضهم فيما ذهب من كتبي ثم امتحنت محنا شغلتني، وأخرجت أكثر كتبي التي سمعتها عن يدي السرقة والضياع، ورزقت أباك وسني ثمان وعشرون سنة وفي سنة ولادته امتحنت محنة أخرجت أكثر ملكي من يدي وأخرجتني إلى السفر والاغتراب وشغلتني عن حفظ ما كنت جمعت قبل ذلك، ولما صلح أبوك لسماع الحديث وسلوك طريقة أجدادهم جذبته إلى ذلك فلم ينجذب وشغلنا طلب المعاش والبعد عن مشاهدة العلماء عن العلم وعلت سني فأيست من الولد وبلغ أبوك سبعا وثلاثين سنة ولم يرزق ولدا ورزقني الله عزّ وجلّ الحج ومجاورة الحرمين سنة فجعلت كدّي وأكثر دعائي في المواضع التي يرجى فيها قبول دعاء أن يرزق الله تعالى ولدا ذكرا يجعله
خلفا لآل أعين، ثم قدمت العراق فزوجت أباك من أمك فبفضل الله عز وجل أن رزقناك في أسرع وقت وزمن بأن جعلك سويّ الخلقة مقبول الصورة صحيح العقل إلى أن كتبت إليك الكتاب، وكان مولده في قصر عيسى ببغداد يوم الأحد لثلاث خلون من شوال سنة اثنتين وخمسين وثلاثمئة وقد خفت أن يسبق أجلي ادراكك وتمكنك في سماع الحديث وتمكني من حديثك ما سمعته من الحديث وإن أفرط في شيء من ذلك كما فرط جدي وخال أبي (ره) ان لم يجذباني إلى سماعي جميع حديثهما مع ما شاهداه من رغبتي في ذلك، ولم يبق في وقتي من آل أعين واحد يروي الحديث ولا يطلب علما، وشححت على أهل هذا البيت الذي لم يخل من محدث أن يضمحل ذكرهم ويندرس رسمهم ويبطل حديثهم من أولادهم، وقد بينت لك آخر كتابي هذا أسماء الكتب التي بقيت عندي من كتبي وما حفظت اسناده وتيقنت روايته، فإن كان قد غاب عني وشرحت لك ممن سمعت ذلك وأجزت لك خاصة روايتها عني على حسب ما أشرحه لك من ذلك عند ذكري أسماءها واخرجت لك ما عندي من الكتب القديمة، وذكرت لك ما منها بخط جدي محمد بن سليمان (ره) وما فيها بخط من عرفت خطه وما جددت لك من الكتب التي اخلقت، وجعلت جميع ذلك عند والدتك وديعة لك ووصيتها ان تسلمها إليك إذا ابلغت وتحفظها عليك إلى حين علمك بمحلها وموضعها ان حدث بي حادث الموت قبل بلوغك هذه الحال، فإن حدث بي حدث قبل ذلك أن توصي بها من تثق به لك وعليك، فاتق الله عز وجلّ واحفظ هذه الكتب فإن لك فيها ما قرىء على عبد الرحمن بن أبي نجران في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو كتاب داود بن سرحان وفيها ما قرأ جدي محمد بن سليمان على محمد بن الحسين بن أبي الخطاب في سنة سبع وخمسين ومئتين، وتاريخ ذلك في أواخر الكتب واروها عني حسبما رسمته لك وتوخ سلوك طريقة أجداد أبيك (رحمهم الله) وتقبل اخلاقهم وتشبه بهم في افعالهم واجتهد في حفظ الحديث والتفقه فيه وواظب على ما يقربك من الله عزّ وجلّ، واعلم أنه ما أسن قط أحد إلا ندم على ما فاته من التقرب إلى الله عزّ وجلّ بطاعته في شيبته وعلى ما دخل فيه من المحظورات في حداثته حين لا تنفعه الندامة ولا يمكنه استدراك ما فاته من عمره، واصحب من مشائخ أصحابك من تتزين بصحبته
بين الناس، وإن صحبت أحدا من أترابك فلا تدع صحبة المشائخ مع ذلك، أجاب الله فيك دعوتي وأحسن عليك خلافتي، وإن رزق الله عزّ وجلّ الحياة ومد في الأجل إلي أن تكتب لي على ما امليه عليك وتحفظ ما اسنده لك فذلك مناي وإلى الله عزّ وجلّ أرغب فيه، وإن
تكن الأخرى ونفذت أيامي قبل ذلك فالله عزّ وجلّ خليفتي عليك وإياه اسأل أن يحفظني فيك ويحفظ صالح أجدادك من بكير والي كما حفظ الغلامين بصلاح أبيهما. فقد مر في بعض الحديث أنه كان بين أبيهما الذي حفظا له وبينهما سبعمئة سنة والله عزّ وجلّ حسبي وفي نفسي ونعم الوكيل.(1/149)
بين الناس، وإن صحبت أحدا من أترابك فلا تدع صحبة المشائخ مع ذلك، أجاب الله فيك دعوتي وأحسن عليك خلافتي، وإن رزق الله عزّ وجلّ الحياة ومد في الأجل إلي أن تكتب لي على ما امليه عليك وتحفظ ما اسنده لك فذلك مناي وإلى الله عزّ وجلّ أرغب فيه، وإن
تكن الأخرى ونفذت أيامي قبل ذلك فالله عزّ وجلّ خليفتي عليك وإياه اسأل أن يحفظني فيك ويحفظ صالح أجدادك من بكير والي كما حفظ الغلامين بصلاح أبيهما. فقد مر في بعض الحديث أنه كان بين أبيهما الذي حفظا له وبينهما سبعمئة سنة والله عزّ وجلّ حسبي وفي نفسي ونعم الوكيل.
وعملت هذه الرسالة في ذي القعده سنة ست وخمسين وثلاثمائة وجددت هذه النسخة في رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة.
ثبت الكتب التي أخبرت لك روايتها على الحال التي قدمت ذكرها واسماء الرجال الذين رويتها عنهم: فمن ذلك كتاب الصوم للحسين بن سعيد وزيادات ابن مهزيار. قال أبو غالب: حدثني به أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن سعيد وهي ثلاثة أبواء، وقال عبد الله بن جعفر: وما كانت هذه الرواية عن علي بن مهزيار فإنه حدثني به إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي وما كان عن العباس بن معروف فهو فيما صنفه علي بن مهزيار، حدثني بهذا الكتاب الحميري على الشرح في شعبان سنة سبع وستين ومائتين، وله رواية أخرى أيضا حدثنا بها أبو علي أحمد بن أدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد. كتاب الصوم لابن رباح حدثني به ابن رباح كتاب الأشربة للحسين بن سعيد حدثني به أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه. كتاب ما يبتلى به المؤمن لابن سعيد حدثني عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد. كتاب الإيمان والنذور له حدثني به الحميري عبد الله بن جعفر عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد. كتاب الزكاة ليونس حدثني به الحميري عن محمد ابن عيسى بن عبيد عن يونس. كتاب محمد الحلبي حدثني به عبد الله بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد الحلبي. كتاب الديات للحسن بن طريف حدثني به عبد الله بن جعفر عن الحسن بن طريف.
كتاب التجمل والمروة للحسين بن سعيد حدثني به الحميري عن أحمد بن محمد ابن عيسى عنه كتاب اعيص بن القاسم ويعقوب بن شعيب حدثني به عبد الله بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان عن يعقوب بن شعيب وفيه أحاديث أخر عن أيوب بن نوح. كتاب السفر في المحاسن حدثني به عبد الله بن جعفر عن أحمد ابن أبي عبد الله وهو مصنفه وحدثني مؤدبي أبو الحسن علي بن الحسين السعدابادي به وبكتب المحاسن إجازة عن أحمد بن أبي عبد الله عن خاله. كتاب الحج تصنيف موسى بن الحسن بن عامر روايتي عن الحميري عنه وروى الحميري
لنا ما رواه موسى عن رجال سماهم لنا بالسماع في آخر الكتاب بخط جدي (ره).(1/150)
كتاب التجمل والمروة للحسين بن سعيد حدثني به الحميري عن أحمد بن محمد ابن عيسى عنه كتاب اعيص بن القاسم ويعقوب بن شعيب حدثني به عبد الله بن جعفر عن أيوب بن نوح عن صفوان عن يعقوب بن شعيب وفيه أحاديث أخر عن أيوب بن نوح. كتاب السفر في المحاسن حدثني به عبد الله بن جعفر عن أحمد ابن أبي عبد الله وهو مصنفه وحدثني مؤدبي أبو الحسن علي بن الحسين السعدابادي به وبكتب المحاسن إجازة عن أحمد بن أبي عبد الله عن خاله. كتاب الحج تصنيف موسى بن الحسن بن عامر روايتي عن الحميري عنه وروى الحميري
لنا ما رواه موسى عن رجال سماهم لنا بالسماع في آخر الكتاب بخط جدي (ره).
كتاب عبد الله بن علي الحلبي حدثني به جدي أبو طاهر محمد بن سليمان عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله زرارة عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي. كتاب عبد السلام بن سالم حدثني به جدي وعم أبي محمد وعلي ابناء سليمان رحمهما الله تعالى عن أبي جعفر محمد بن الحسين الهمداني عن الحسن بن علي بن بقاح عن عبد السلام. كتاب عمر بن اذنية حدثني به جدي عن علي بن الحسين بن فضال عن محمد بن عبد الله زرارة عن ابن أبي عمير عن ابن اذنية جزاء وهو الثالث من كتاب آخر لابن اذنية وفي آخره كتاب إبراهيم بن بلال أخبرني به خال أبي أبو العباس عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن أذنية.
كتاب عبد الرحمن بن الحجاج حدثني به أبو طاهر جدي (ره) عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن، وفي الكتاب احاديث خرجت الروايات فيها بها عن النهشلي عن ابن ناجية عن عبد الرحمن، وكان سماعي ذلك منه مؤرخا بخطي في ذي القعدة سنة سبع وتسعين ومائتين. كتاب لعبد الرحمن بن الحجاج أيضا حدثني به عم جدي علي ومحمد ابنا سليمان عن أبي جعفر محمد بن الحسين الهمداني عن صفوان عن عبد الرحمن. كتاب داود بن سرحان حدثني به جدي أبو طاهر عن الحسين بن حريز عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة عن محمد بن ارومة عن ابن سعيد. كتاب معاوية بن وهب البجلي، حدثني به عم أبي علي بن سليمان (ره) عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير وعبد الله بن جبلة عن معاوية بن وهب. كتاب معاوية بن وهب ايضا حدثني به حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسين الميثمي عنه. كتاب غياث بن إبراهيم حدثني به جدي (ره) عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث مجلس لابن هلال، حدثني به جدي (ره) عن أحمد بن هلال. كتاب جميل بن دراج، وفيه كتاب معمر بن خلاد حدثني به عم أبي علي بن سليمان عن أحمد بن عبد الرحمن ابن سراج عن علي بن حديد المدائني عن جميل، وبكتاب معمر عن أحمد بن عبد الرحمن عن معمر. كتاب أبان عن عثمان حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي عن الحسن بن علي بن زياد الخزاز عنه. كتاب هارون بن حمزة الغنوي حدثني به جدي أبو طاهر (ره) عن علي بن فضال عن يزيد بن اسحاق شغر عن هارون وحدثني به خال أبي عن خاله وجدي علي بن محمد بن عيسى عن يزيد بن اسحاق عن هارون. كتاب عبد الله
ابن ميمون القداح ثلاثة اجزاء، حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين عن ابن الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن القداح. كتاب الجامع ليونس بن عبد الرحمن، وهو جامع الآثار أربعة اجزاء حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن اسماعيل بن بزي عن يونس، وحدثني به أيضا أبو العباس الحميري، فقد صار الأصل الذي فيه سماعي من الحميري أتى رجل من أهل باب الطاق يعرف بابن سبق والسماع بخط جدي. كتاب جابر الجعفي حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن القاسم بن الربيع عن ابن سنان عن عمار عن منجل عن جابر وعن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن ابن سنان عن عمار عن منجل عن جابر. كتاب التجمل والمروة عن العبيدي حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن عيسى العبيدي. كتاب حنان ابن سدير نسخة حدثني بها خالد خال أبي الزرار عن يحيى بن زكريا عن محمد بن بكر بن جناح عن حنان. كتاب جامع البزنطي حدثني به خال أبي محمد بن جعفر وعم أبي علي بن سليمان عن محمد بن الحسين عن البزنطي. كتاب حماد بن سدير نسخة أخرى حدثني به أبو العباس الحميري عن محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمد القميين عن حنان بخطي. رسالة النياح المدائني حدثني بها أبو العباس الزرار عن القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان عن نياح المدائني عن مفضل بن عمر، وكتاب بشر بن سلام وغيره حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن يحيى بن زكريا عن بشر بن سلام من الرجال هو بخطي مقتل حجر حدثني به جدي محمد بن سليمان عن حمدان القلانسي عن عمرو بن عمر الجلال عن هشام بن محمد السائب الكلبي. كتاب الزكاة لابن فضال حدثني به جعفر بن محمد بن مالك عن علي بن فضال. الجزء الأول من كتاب الزهد لعمرو بن خلاد ومسائل معمر حدثني به أبو العباس الزرار عن جده محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد. الجزء الثاني من كتاب جعفر بن بشر حدثني به الحميري عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشر. المعرفة تصنيف العبيدي حدثني بها الزرار خال أبي عن محمد بن عيسى العبيدي. كتاب الوصايا ليونس حدثني به جدي محمد بن سليمان عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد ابن(1/151)
كتاب عبد الرحمن بن الحجاج حدثني به أبو طاهر جدي (ره) عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن، وفي الكتاب احاديث خرجت الروايات فيها بها عن النهشلي عن ابن ناجية عن عبد الرحمن، وكان سماعي ذلك منه مؤرخا بخطي في ذي القعدة سنة سبع وتسعين ومائتين. كتاب لعبد الرحمن بن الحجاج أيضا حدثني به عم جدي علي ومحمد ابنا سليمان عن أبي جعفر محمد بن الحسين الهمداني عن صفوان عن عبد الرحمن. كتاب داود بن سرحان حدثني به جدي أبو طاهر عن الحسين بن حريز عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة عن محمد بن ارومة عن ابن سعيد. كتاب معاوية بن وهب البجلي، حدثني به عم أبي علي بن سليمان (ره) عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير وعبد الله بن جبلة عن معاوية بن وهب. كتاب معاوية بن وهب ايضا حدثني به حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسين الميثمي عنه. كتاب غياث بن إبراهيم حدثني به جدي (ره) عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث مجلس لابن هلال، حدثني به جدي (ره) عن أحمد بن هلال. كتاب جميل بن دراج، وفيه كتاب معمر بن خلاد حدثني به عم أبي علي بن سليمان عن أحمد بن عبد الرحمن ابن سراج عن علي بن حديد المدائني عن جميل، وبكتاب معمر عن أحمد بن عبد الرحمن عن معمر. كتاب أبان عن عثمان حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي عن الحسن بن علي بن زياد الخزاز عنه. كتاب هارون بن حمزة الغنوي حدثني به جدي أبو طاهر (ره) عن علي بن فضال عن يزيد بن اسحاق شغر عن هارون وحدثني به خال أبي عن خاله وجدي علي بن محمد بن عيسى عن يزيد بن اسحاق عن هارون. كتاب عبد الله
ابن ميمون القداح ثلاثة اجزاء، حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين عن ابن الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن القداح. كتاب الجامع ليونس بن عبد الرحمن، وهو جامع الآثار أربعة اجزاء حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن اسماعيل بن بزي عن يونس، وحدثني به أيضا أبو العباس الحميري، فقد صار الأصل الذي فيه سماعي من الحميري أتى رجل من أهل باب الطاق يعرف بابن سبق والسماع بخط جدي. كتاب جابر الجعفي حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن القاسم بن الربيع عن ابن سنان عن عمار عن منجل عن جابر وعن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن ابن سنان عن عمار عن منجل عن جابر. كتاب التجمل والمروة عن العبيدي حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن عيسى العبيدي. كتاب حنان ابن سدير نسخة حدثني بها خالد خال أبي الزرار عن يحيى بن زكريا عن محمد بن بكر بن جناح عن حنان. كتاب جامع البزنطي حدثني به خال أبي محمد بن جعفر وعم أبي علي بن سليمان عن محمد بن الحسين عن البزنطي. كتاب حماد بن سدير نسخة أخرى حدثني به أبو العباس الحميري عن محمد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمد القميين عن حنان بخطي. رسالة النياح المدائني حدثني بها أبو العباس الزرار عن القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان عن نياح المدائني عن مفضل بن عمر، وكتاب بشر بن سلام وغيره حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن يحيى بن زكريا عن بشر بن سلام من الرجال هو بخطي مقتل حجر حدثني به جدي محمد بن سليمان عن حمدان القلانسي عن عمرو بن عمر الجلال عن هشام بن محمد السائب الكلبي. كتاب الزكاة لابن فضال حدثني به جعفر بن محمد بن مالك عن علي بن فضال. الجزء الأول من كتاب الزهد لعمرو بن خلاد ومسائل معمر حدثني به أبو العباس الزرار عن جده محمد بن عيسى عن معمر بن خلاد. الجزء الثاني من كتاب جعفر بن بشر حدثني به الحميري عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشر. المعرفة تصنيف العبيدي حدثني بها الزرار خال أبي عن محمد بن عيسى العبيدي. كتاب الوصايا ليونس حدثني به جدي محمد بن سليمان عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن محمد ابن
أسلم. كتاب فيه أحاديث ثمانية أوراق حدثني بها جعفر بن محمد بن مالك.
كتاب التقية للحسين بن سعيد حدثني به الحميري عن محمد بن أحمد بن عيسى عنه. كتاب مسائل الرضا للبزنطي حدثني بها جدي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي بصير البزنطي عنه عليه السّلام. كتاب حريز بخط حميد بن زياد
حدثني به حميد بن زياد عن عبد الله بن أحمد بن نهيك عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن عبد الله السجستاني. كتاب الدلائل للحميري أخبرني به أبو العباس الحميري هو مصنفه، نسخة أخرى للعيص بن القاسم حدثني بها حميد ابن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن بن هشام أو علي بن رباط وصفوان بن يحيى عن العيص. كتاب أحاديث عن العباس بن عقدة ومن مسائل علي بن جعفر كتاب الغيبة للحميري عنه جزء بخط الزرار عنه جزء فضائل الكوفة. كتاب عبد الله بن بكير رواه جدي محمد بن سليمان عن أحمد بن الحسن بن فضال عن أبيه عن ابن بكير جزء صغير من حديث جعفر بن محمد بن مالك عنه.(1/152)
كتاب التقية للحسين بن سعيد حدثني به الحميري عن محمد بن أحمد بن عيسى عنه. كتاب مسائل الرضا للبزنطي حدثني بها جدي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي بصير البزنطي عنه عليه السّلام. كتاب حريز بخط حميد بن زياد
حدثني به حميد بن زياد عن عبد الله بن أحمد بن نهيك عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن عبد الله السجستاني. كتاب الدلائل للحميري أخبرني به أبو العباس الحميري هو مصنفه، نسخة أخرى للعيص بن القاسم حدثني بها حميد ابن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن بن هشام أو علي بن رباط وصفوان بن يحيى عن العيص. كتاب أحاديث عن العباس بن عقدة ومن مسائل علي بن جعفر كتاب الغيبة للحميري عنه جزء بخط الزرار عنه جزء فضائل الكوفة. كتاب عبد الله بن بكير رواه جدي محمد بن سليمان عن أحمد بن الحسن بن فضال عن أبيه عن ابن بكير جزء صغير من حديث جعفر بن محمد بن مالك عنه.
كتاب صغير عن هارون بن أبي بردة قال: حدثني جدي (ره) عن يحيى بن زكريا عن هارون بن أبي بردة، وحدثني به عم أبي أبو الحسن علي بن سليمان عن يحيى بن زكريا. كتاب مثنى الخياط حدثني به جدي عن الحسن بن محمد بن خالد الطيالسي عن الحسن بن علي بن بنت الياس الخزاز عن مثنى. كتاب الطرائف لمحمد بن سنان حدثني به جدي أبو طاهر محمد بن سليمان عن محمد ابن الحسين عن محمد بن سنان. كتاب لموسى بن سعدان حدثني جدي عن محمد بن الحسين سعدان. كتاب عبد الرحمن بن الحجاج نسخة أخرى حدثني بها جدي وعم أبي محمد وعلي ابنا سليمان عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان بن عبد الرحمن. كتاب جميل بن دراج حدثني به جدي عن علي بن الحسن بن فضال عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عنه، وعن علي بن فضال عن جعفر بن محمد بن حكيم عنه. كتاب الزكاة لحماد بن عيسى حدثني به عم أبي علي بن سليمان عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسماعيل عن إسماعيل ابن سهل عن حماد بن عيسى. كتاب الملاحم عن اسماعيل بن مهران حدثني به عم أبي أبو الحسن علي بن سليمان عن جدي محمد بن سليمان عن أبي جعفر أحمد بن الحسن عن إسماعيل.
كتاب نوادر الحكمة حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن محمد بن حمد بن يحيى وهو مصنفه. كتاب البشارات لابن فضال حدثني به خال أبي أبو العباس الزرار عن جدنا محمد بن عيسى بن زياد التستري عن الحسن بن فضال.
كتاب البشارات لابن سماعة حدثني به حميد بن زياد عنه. كتاب الوصافي حدثني به أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين عن أبي جعفر محمد بن سنان عن ابن
مسكان عن الوصافي. ذكر الطلاق عن معاوية بن حكيم حدثني به أبو العباس عن معاوية بن حكيم. حديث عن الحسن بن محبوب حدثني به الزرار ومحمد بن الحسين عن ابن محبوب. جزء جلد صغير بخط الزرار عن خالد وهو جد أمي علي بن محمد بن عيسى التسترى عن يزيد بن اسحاق عن هارون بن حمزة الغنوي وغيره.(1/153)
كتاب البشارات لابن سماعة حدثني به حميد بن زياد عنه. كتاب الوصافي حدثني به أبو العباس الزرار عن محمد بن الحسين عن أبي جعفر محمد بن سنان عن ابن
مسكان عن الوصافي. ذكر الطلاق عن معاوية بن حكيم حدثني به أبو العباس عن معاوية بن حكيم. حديث عن الحسن بن محبوب حدثني به الزرار ومحمد بن الحسين عن ابن محبوب. جزء جلد صغير بخط الزرار عن خالد وهو جد أمي علي بن محمد بن عيسى التسترى عن يزيد بن اسحاق عن هارون بن حمزة الغنوي وغيره.
كتاب نوادر لمحمد بن سنان بخط أبي طاهر جدي حدثني به أبو الحسن محمد بن محمد المغازي عن جدي أبي طاهر محمد بن سليمان عن محمد بن سلمان عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان. كتاب لمحمد بن سنان أيضا حدثني به خالي عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن محمد بن سنان. كتاب الأظلة وشيء من فواضل إنا أنزلناه ونوادر لمحمد بن محسن بن زياد العطار حدثني به حميد بن زياد عن علي بن صالح عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير بكتاب الأظلة، وحدثني به حميد أيضا بالإسناد بفضل إنا أنزلناه، وحدثني به حميد عن محمد بن أبي الحسن بن زياد بنوادره، وبعد ذلك حديث الفضل بن يونس الكاتب حدثني به حميد عن عبيد بن أحمد بن نهيك عن سعيد بن صالح عن الحسن بن عمر عن أبيه. كتاب بريهة العبادي بخطي حدثني به حميد عن أبي جعفر محمد بن غالب عن علي بن الحسن عن الحسن بن أيوب عن محمد بن الحسن الصيرفي عن عمار بن مروان عن بريهة. نوادر محمد بن الحسن بن شمعون البصري حدثني به أبو علي محمد بن همام عن عبد الله بن العلى المدارى.
ورقتان بخط جدي أبو طاهر فوقع عليها بخطي أحاديث عن جعفر بن مالك، وحدثني بها أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن الحسين الصائغ خمسة اجزاء في مجلد، حدثني بما فيها محمد بن المعاوي عن محمد بن يحيى العطار وفيها أحاديث عن أحاديث عن عبد الله بن جعفر الحميري. وجميع كتاب الكافي تصنيف أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني روايتي عنه بعضه قراءة وبعضه إجازة، وقد نسخت منه كتاب الصوم والصلاة في نسخة وكتاب الطهر والحيض في جزء والجميع مجلد، وعزمي أن أنسخ بقية الكتاب في جرء واحد ورق طلحي.
كتاب هشام بن الحكم وكتاب رفاعة وكتاب يعقوب بن شعيب حدثني بذلك حميد ابن زياد عن عبيد الله بن أحمد عن ابن أبي عمير عن هشام وعن رفاعة، وبالإسناد عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب. جزء بخطي فيه أخبار من كتاب حماد بن عيسى حدثني بها أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي داود بن
مهزيار، وحدثني حماد بن عيسى وأجاز لي رواية جمع ما رواه عنه الموصليّان، وقد أجزت لك رواية ما أجاز لي روايته. كتاب جدنا الحسن بن الجهم في جلود مخلق وارجو أن أجدده، حدثني به أبو عبد الله أحمد بن محمد العاصمي، وسمي العاصمي لأنه كان ابن أخت علي بن عاصم (ره) قال: حدثني الحسين بن أحمد بن فضال عن أبيه عن علي بن سياب عن الحسن بن الجهم، وكان توقيعا عليه بخط جدي حدثني به القمي عن علي بن اسباط عن الحسن بن الجهم اجزاء بخطي فبها دعاء السر حدثني به أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني عن الرجال المذكورين في الكتاب. جز آن بخطي فيهما ثمانية أوراق حدثني بأحدهما حميد بن زياد وحدثني بالآخر أبو الحسن أحمد بن محمد بن رباح. ست ورقات بخطي في حياة جدي (ره) أخبار في الصوم عنه عن الرجال. أخبار مجموعة عن الحميري وعن جدي وخالي رحمهما الله عن حميد. جزء لطيف بخطي أخبار علي بن سليمان بن المبارك القمي وفيه اجازة لي بخطي. كتاب سعد وكتاب سوارات أحمد بن محمد ابن عيسى وغير ذلك. جزء بخطي في ظهور ادلة أحاديث جمعتها في الحج وفي آخره أشياء اخترتها من كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله فيه خطبة النبي صلّى الله عليه واله وسلّم يوم الغدير رواية الخليل كان أبوك وابن عمه حضرا بعض سماعه. كتاب وصية النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لأمير المؤمنين إلى العباس بن عقدة، وعلى ظهره اجازة لي جميع حديثه بخطه، وقد أجزت لك رواية ذلك. جزء فيه أشياء جمعتها وأخبار اخترتها من كتاب بصائر الدرجات لسعد. كتاب فيه قراءة القرآن عن الصفواني. جزء في طهور بخطي فيه خطب لأمير المؤمنين عليه السّلام رواية الواقدي حدثني به عمر بن الفضل ورّاق الطبري عن رجاله. كتاب فيه رسالة قاضي المدينة في الرد على من يحلل المسكر كثيرة وأخبار وغير ذلك. جز آن مربعان فيهما كتاب الأنبياء لابن فضال رواية ابن سعيد ونوادر ابن أبي عمير وهما ستة أجزاء رويتها عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير. كتاب خلود موقع عليه. كتاب ابن الحسن وفيه عن أحمد بن محمد ومحمد بن إسماعيل ومعمر بن خلاد. وكتاب لعلي بن رباب حدثني به جدي عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عنه. كتاب حكم بن مسكين حدثني به خالي عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين.(1/154)
كتاب هشام بن الحكم وكتاب رفاعة وكتاب يعقوب بن شعيب حدثني بذلك حميد ابن زياد عن عبيد الله بن أحمد عن ابن أبي عمير عن هشام وعن رفاعة، وبالإسناد عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب. جزء بخطي فيه أخبار من كتاب حماد بن عيسى حدثني بها أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي داود بن
مهزيار، وحدثني حماد بن عيسى وأجاز لي رواية جمع ما رواه عنه الموصليّان، وقد أجزت لك رواية ما أجاز لي روايته. كتاب جدنا الحسن بن الجهم في جلود مخلق وارجو أن أجدده، حدثني به أبو عبد الله أحمد بن محمد العاصمي، وسمي العاصمي لأنه كان ابن أخت علي بن عاصم (ره) قال: حدثني الحسين بن أحمد بن فضال عن أبيه عن علي بن سياب عن الحسن بن الجهم، وكان توقيعا عليه بخط جدي حدثني به القمي عن علي بن اسباط عن الحسن بن الجهم اجزاء بخطي فبها دعاء السر حدثني به أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني عن الرجال المذكورين في الكتاب. جز آن بخطي فيهما ثمانية أوراق حدثني بأحدهما حميد بن زياد وحدثني بالآخر أبو الحسن أحمد بن محمد بن رباح. ست ورقات بخطي في حياة جدي (ره) أخبار في الصوم عنه عن الرجال. أخبار مجموعة عن الحميري وعن جدي وخالي رحمهما الله عن حميد. جزء لطيف بخطي أخبار علي بن سليمان بن المبارك القمي وفيه اجازة لي بخطي. كتاب سعد وكتاب سوارات أحمد بن محمد ابن عيسى وغير ذلك. جزء بخطي في ظهور ادلة أحاديث جمعتها في الحج وفي آخره أشياء اخترتها من كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله فيه خطبة النبي صلّى الله عليه واله وسلّم يوم الغدير رواية الخليل كان أبوك وابن عمه حضرا بعض سماعه. كتاب وصية النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لأمير المؤمنين إلى العباس بن عقدة، وعلى ظهره اجازة لي جميع حديثه بخطه، وقد أجزت لك رواية ذلك. جزء فيه أشياء جمعتها وأخبار اخترتها من كتاب بصائر الدرجات لسعد. كتاب فيه قراءة القرآن عن الصفواني. جزء في طهور بخطي فيه خطب لأمير المؤمنين عليه السّلام رواية الواقدي حدثني به عمر بن الفضل ورّاق الطبري عن رجاله. كتاب فيه رسالة قاضي المدينة في الرد على من يحلل المسكر كثيرة وأخبار وغير ذلك. جز آن مربعان فيهما كتاب الأنبياء لابن فضال رواية ابن سعيد ونوادر ابن أبي عمير وهما ستة أجزاء رويتها عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير. كتاب خلود موقع عليه. كتاب ابن الحسن وفيه عن أحمد بن محمد ومحمد بن إسماعيل ومعمر بن خلاد. وكتاب لعلي بن رباب حدثني به جدي عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عنه. كتاب حكم بن مسكين حدثني به خالي عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين.
كتاب عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن علي بن اسباط حدثني به خالي عن يحيى.
كتاب علا بن رزين القلا حدثني به خالي وعم أبي وجدي عن محمد ابن أحمد الطيالسي عن العلا. كتاب آداب ومواعظ حدثني به جدي عن رجاله. كتاب مسعدة بن زياد الربعى حدثني به خالي عن هارون بن مسلم عن سعد بن زياد. كتاب عبد
الله بن سنان ونوادر له حدثني به جدي عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان. كتاب الدعاء لابن مهزيار حدثني به أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه الحسن بن علي عن علي بن مهزيار كتاب المكاسب للبرقي بالإسناد في المحاسن. كتاب أحمد بن محمد البزنطي حدثني به عم أبي علي بن سليمان وخال أبي محمد بن جعفر الزرار عن محمد بن الحسين عنه. كتاب الحجال حدثني به الحميري، الجزء الثالث من كتاب الحجال حدثني به الحميري عن محمد بن الحسين عن الحجال، كتاب عيسى بن عبد الله العلوي حدثني به خالي عن جدنا محمد بن عيسى بن زياد التستري عن عيسى. كتاب الفرائض لابن سماعة بخط حميد حدثني به حميد عنه. كتاب تغلبة بن ميمون حدثني به حميد عن الرجال عن تغلبة. هذا آخر ما وجدته في فهرست أحمد بن محمد الزرار والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.(1/155)
كتاب علا بن رزين القلا حدثني به خالي وعم أبي وجدي عن محمد ابن أحمد الطيالسي عن العلا. كتاب آداب ومواعظ حدثني به جدي عن رجاله. كتاب مسعدة بن زياد الربعى حدثني به خالي عن هارون بن مسلم عن سعد بن زياد. كتاب عبد
الله بن سنان ونوادر له حدثني به جدي عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان. كتاب الدعاء لابن مهزيار حدثني به أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه الحسن بن علي عن علي بن مهزيار كتاب المكاسب للبرقي بالإسناد في المحاسن. كتاب أحمد بن محمد البزنطي حدثني به عم أبي علي بن سليمان وخال أبي محمد بن جعفر الزرار عن محمد بن الحسين عنه. كتاب الحجال حدثني به الحميري، الجزء الثالث من كتاب الحجال حدثني به الحميري عن محمد بن الحسين عن الحجال، كتاب عيسى بن عبد الله العلوي حدثني به خالي عن جدنا محمد بن عيسى بن زياد التستري عن عيسى. كتاب الفرائض لابن سماعة بخط حميد حدثني به حميد عنه. كتاب تغلبة بن ميمون حدثني به حميد عن الرجال عن تغلبة. هذا آخر ما وجدته في فهرست أحمد بن محمد الزرار والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
قال شيخنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: وجدت في المنتخبات التي أجازنا إياها جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن علي بن يقطين عن مروك بن عبيك عن محمد بن مقرون الكوفي قال: حدثني المشائخ من أصحابنا أنّ حمران وزرارة وعبد الملك وبكير وعبد الرحمن بن أعين كانوا مستقيمين فمات منهم أربعة في زمن أبي عبد الله عليه السّلام وكانوا من أصحاب أبي جعفر عليه السّلام وبقي إلى أن مات أبو عبد الله وكان أفقههم فلقي من الناس ما لقي، وكان له أخوان ليسا في شيء من هذا الأمر مالك وقعنب، وكان لزرارة أربعة بنين عبيد الله وعبد الله والحسن والحسين ولم يذكر رزين في هذا الخبر وقد وجدت أيضا زيادة لزرارة إبنا اسمه محمد أخبرني محمد بن موسى القزويني أخبرني اسماعيل بن علي الدعيلي حدثني أبو علي الدعيلي حدثني أبو جعفر البجلي الكوفي حدثني يحيى بن المعلّا حدثني سلامة بن نوح الكوفي حدثني محمد بن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السّلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام فقال في خطبته: أنا الجانب والجنب والآخر والأول والحافظ والوادع.
ووجدت أيضا فيما حكى رواه الحسن بن حمزة عن علي بن عبد الله العلوي الحسيني الطبري (رض) قال: سمعت محمد بن أميذوار الطبري يقول: حضرت مجلس الحسن بن علي الموسوم بالناصر صاحب طبرستان وقد روى حديثا عن حمران بن أعين قال أبو جعفر بن أميذوار: فنظر إليّ الشيخ ثم أومى بيده إلي
هكذا الأخوان يعني حمران وزرارة وقد زانهما أخوان فقط، فقال: ليس لهما ثالث، قال: الحسن بن حمزة: وكنت على هذا دهرا إلى أن اجتمعت مع أبي جعفر أحمد بن عبد الله البرقي ومحمد بن جعفر المودة فجاريتهما بعدما كان جرى لي مع أبي جعفر بن اميذوار فقال لي: ولا رد عليك بل هم اثنا عشر إخوة وكنت على هذا دهرا إلى أن اجتمعت مع أبي العباس بن عقدة سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة فجرى بيني وبينه ما تقدم ذكره فقال لي: يا أبا محمد هم ستة عشر إخوة وسماهم أو سبعة عشر، قال أبو محمد: الشك مني. حدثني عن آل أعين قال: كل واحد منهم كان فقيها يصلح أن يكون مفتي بلد ما خلا عبد الرحمن بن أعين، فسألته عن العلة فيه فقال: كان يتعاطى الفترة إلى أيام الحجاج، فلما قدم الحجاج العراق قال: لا يستقيم لنا الملك تحت الحجر فاختفوا وتواروا فلما اشتد الطلب عنهم ظفر بعبد الرحمن هذا المستفتي من بين إخوته فأدخل على الحجاج فلما بصر به قال: لم تأتوني بآل أعين وجئتموني بزمارها وخلى سبيله.(1/156)
ووجدت أيضا فيما حكى رواه الحسن بن حمزة عن علي بن عبد الله العلوي الحسيني الطبري (رض) قال: سمعت محمد بن أميذوار الطبري يقول: حضرت مجلس الحسن بن علي الموسوم بالناصر صاحب طبرستان وقد روى حديثا عن حمران بن أعين قال أبو جعفر بن أميذوار: فنظر إليّ الشيخ ثم أومى بيده إلي
هكذا الأخوان يعني حمران وزرارة وقد زانهما أخوان فقط، فقال: ليس لهما ثالث، قال: الحسن بن حمزة: وكنت على هذا دهرا إلى أن اجتمعت مع أبي جعفر أحمد بن عبد الله البرقي ومحمد بن جعفر المودة فجاريتهما بعدما كان جرى لي مع أبي جعفر بن اميذوار فقال لي: ولا رد عليك بل هم اثنا عشر إخوة وكنت على هذا دهرا إلى أن اجتمعت مع أبي العباس بن عقدة سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة فجرى بيني وبينه ما تقدم ذكره فقال لي: يا أبا محمد هم ستة عشر إخوة وسماهم أو سبعة عشر، قال أبو محمد: الشك مني. حدثني عن آل أعين قال: كل واحد منهم كان فقيها يصلح أن يكون مفتي بلد ما خلا عبد الرحمن بن أعين، فسألته عن العلة فيه فقال: كان يتعاطى الفترة إلى أيام الحجاج، فلما قدم الحجاج العراق قال: لا يستقيم لنا الملك تحت الحجر فاختفوا وتواروا فلما اشتد الطلب عنهم ظفر بعبد الرحمن هذا المستفتي من بين إخوته فأدخل على الحجاج فلما بصر به قال: لم تأتوني بآل أعين وجئتموني بزمارها وخلى سبيله.
وجدت بخط أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي (ره) قال أبو علي محمد بن علي بن همام (ره): حدثني أبو الحسن علي بن سليمان بن الحسن بن الحهم بكير بن أعين المعروف بالرازي: أن بني أعين كانوا عشرة عبد الملك وعبد الأعلى وحمران وزرارة وعبد الرحمن وعيسى وقعنب وبكير وضرسي وسميع وأنكر أن يكون فيهم ملك فقال ملك أعين الجهني، وذكر أن أعين كان رجلا من الفرس فقصد أمير المؤمنين ليسلم على يديه وتوالى إليه فاعترضه في طريقه قوم من بني شيبان بدعوة حتى تولى إليهم وقال أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي في كتاب الرجال: من بني أعين عبيد والحسين والحسن بنو زرارة بن أعين وعبيد الله بن بكير وحمزة بن حمران وضريس بن عبد الملك بن أعين وجعفر بن قعنب بن أعين، وكان ولد قعنب بالفيوم من أرض مصر وفيها قبر غسان بن عبد الملك بن أعين، فهؤلاء أولادهم الذين رووا عن أبي عبد الله عليه السّلام.
وروي أن بني أعين أقاموا أربعين سنة أربعين رجلا كلما مات منهم رجل ولد فيهم ذكر. وهذا الحديث الذي ذكره ابن همّام (ره) ولم يقع لأبي غالب (رض) ولو وقع إليه أو كان سمعه من عم أبيه لحدثنا به وذكر في هذه الرسالة لأنه كان شديد الحرص على جمع شيء من آثار أهله (رحمهم الله تعالى) وكان أيضا يكره سنسن جد بكير وبني أعين وولاه بني شيبان وأنه من الرومي، وإنما وجدت هذا بعد
وفاته (ره) في سنة ثلاث وتوفي أحمد بن محمد الزراري الشيخ الصالح (رض) في جمادى الأولى سنة ثمان وستين وثلاثمئة وتوليت جهازه وحملته إلى مقابر قريش (على صاحبها السلام) ثم أتى الكوفة ونفذت ما أوصى بإنفاذه واعانني على ذلك هلال بن محمد (رض) ثم توفي هلال بن محمد في شوال من هذه السنة فتوليت أمره وجهازه ووصيته وحملته إلى الشهيدين بمقابر قريش ثم إلى الكوفة وقبراهما (ره) بالغري، ثم توفي في هذه السنة في ذي الحجة محمد بن أحمد بن داود (رض) بالبطيحة من شفتني ودفن هناك ثم نقل إلى بغداد وحيل بيني وبين إنفاذ وصيته والقيام بأمره. رضي الله عنه وعن جميع شيوخنا وجمع بيننا في جنان النعيم صلى الله على عباده الذين اصطفى.(1/157)
وروي أن بني أعين أقاموا أربعين سنة أربعين رجلا كلما مات منهم رجل ولد فيهم ذكر. وهذا الحديث الذي ذكره ابن همّام (ره) ولم يقع لأبي غالب (رض) ولو وقع إليه أو كان سمعه من عم أبيه لحدثنا به وذكر في هذه الرسالة لأنه كان شديد الحرص على جمع شيء من آثار أهله (رحمهم الله تعالى) وكان أيضا يكره سنسن جد بكير وبني أعين وولاه بني شيبان وأنه من الرومي، وإنما وجدت هذا بعد
وفاته (ره) في سنة ثلاث وتوفي أحمد بن محمد الزراري الشيخ الصالح (رض) في جمادى الأولى سنة ثمان وستين وثلاثمئة وتوليت جهازه وحملته إلى مقابر قريش (على صاحبها السلام) ثم أتى الكوفة ونفذت ما أوصى بإنفاذه واعانني على ذلك هلال بن محمد (رض) ثم توفي هلال بن محمد في شوال من هذه السنة فتوليت أمره وجهازه ووصيته وحملته إلى الشهيدين بمقابر قريش ثم إلى الكوفة وقبراهما (ره) بالغري، ثم توفي في هذه السنة في ذي الحجة محمد بن أحمد بن داود (رض) بالبطيحة من شفتني ودفن هناك ثم نقل إلى بغداد وحيل بيني وبين إنفاذ وصيته والقيام بأمره. رضي الله عنه وعن جميع شيوخنا وجمع بيننا في جنان النعيم صلى الله على عباده الذين اصطفى.
حكم مسألة التقية
فائدة: اعلم أن التقية جائزة وربما وجبت، والمراد بها إظهار موافقة أهل الخلاف فيما يدينون به خوفا، والأصل فيه قبل الإجماع ما اشتهر من أقوال أهل البيت عليهم السّلام وأفعالهم. وقد قيل في قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللََّهِ أَتْقََاكُمْ} إن معناه أعلمكم بالتقية، وعن الصادق عليه السّلام: «التقية ديني ودين آبائي» وناهيك بقول أمير المؤمنين: «فأما السب فسبوني فإنها لي زكاة ولكم نجاة».
إذا تقرر ذلك فأعلم انها قد تكون في العبادات وقد تكون في غيرها من المعاملات وربما كان متعلقها مأذونا فيه بخصوصه كغسل الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة وقد لا يكون مأذونا فيه بخصوصه بل جواز التقية فيه مستفاد من العمومات السالفة ونحوها، فما ورد فيه نص بخصوصه إذا فعل على الوجه المأذون فيه كان صحيحا مجزيا سواء كان للمكلف مندوحة عن فعله كذلك أم لم يكن التفاتا إلا أن الشارع أقام ذلك الفعل مقام المأمور به حين التقية فكان الإتيان به امتثالا فيقضي الأجزاء، وعلى هذا فلا يجب الإعادة ولو تمكن منها على غير وجه التقية قبل خروج الوقت. ولا أعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب.
وما لم يرد فيه نص بخصوصه كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ ومع الاحلال بالموالاة بحيث يجف البلل كما يراه بعض العامة ونكاح الحليلة مع تخلل الفاصل بين الإيجاب والقبول، فإن المكلف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه إظهار الموافقة لهم بحيث لو أمكنه أن يأتي بالواجب عند
أهل الحق مع إظهار الموافقة وحب كما في المقارنة بالنية لأول الحجر في الطواف مع محاذاة أول جزء من مقاديم بدنه، ومع التعذر فإن كان له مندوحة عن ذلك الفعل لم يجب الإتيان به وإلا أتى به مجزيا، ثم ان أمكن الإعادة في الوقت بعد الإتيان به لوفق التقية وجبت ولو خرج الوقت نظر في دليل يدل على وجوب القضاء فإن حصل الظفر به أوجبناه وإلّا فلا لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد في هذه العبادات، وأما في المعاملات فلا يحل له باطنا وطي المنكوحة للتقية على خلاف مذهب أهل الحق ولا التصرف في المال المأخوذ من المضمون عنه لو اقتضت التقية أخذه ولا تزوج الخامسة لو طلق الرابعة على مقتضى مذهب أهل الخلاف دون المذهب الحق. ومعيار الباب وجود نص بخصوصه في فعل مخصوص فحيث وجد ثبت الحكم الأول وحيث انتفي انتفى.(1/158)
وما لم يرد فيه نص بخصوصه كفعل الصلاة إلى غير القبلة والوضوء بالنبيذ ومع الاحلال بالموالاة بحيث يجف البلل كما يراه بعض العامة ونكاح الحليلة مع تخلل الفاصل بين الإيجاب والقبول، فإن المكلف يجب عليه إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه إظهار الموافقة لهم بحيث لو أمكنه أن يأتي بالواجب عند
أهل الحق مع إظهار الموافقة وحب كما في المقارنة بالنية لأول الحجر في الطواف مع محاذاة أول جزء من مقاديم بدنه، ومع التعذر فإن كان له مندوحة عن ذلك الفعل لم يجب الإتيان به وإلا أتى به مجزيا، ثم ان أمكن الإعادة في الوقت بعد الإتيان به لوفق التقية وجبت ولو خرج الوقت نظر في دليل يدل على وجوب القضاء فإن حصل الظفر به أوجبناه وإلّا فلا لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد في هذه العبادات، وأما في المعاملات فلا يحل له باطنا وطي المنكوحة للتقية على خلاف مذهب أهل الحق ولا التصرف في المال المأخوذ من المضمون عنه لو اقتضت التقية أخذه ولا تزوج الخامسة لو طلق الرابعة على مقتضى مذهب أهل الخلاف دون المذهب الحق. ومعيار الباب وجود نص بخصوصه في فعل مخصوص فحيث وجد ثبت الحكم الأول وحيث انتفي انتفى.
وربما قيل بعدم الفرق بين المقامين في كون المأتي به شرعا مجزيا على كل تقدير وهو مردود: لنا إن الشارع كلف بالعبادة على وجه مخصوص ورتب الأثر في المعاملة بوقوعها على وجه مخصوص فلا يثبت الأجزاء والصحة بمعنى ترتب الأثر من دونهما وهو ظاهر، والاذن في التقية من جهة الاطلاق لا يقتضي أزيد من اظهار الموافقة، أما كون المأتي به هو المكلف به أو المعاملة المعتبرة عند أهل البيت عليهم السّلام فأمر زائد على ذلك لا يدل عليه الإذن من جهة الاطلاق بإحدى الدلالات.
ثم نقول: يلزم القائل بعدم الفرق بين المقامين صحة الصلاة إلى غير القبلة سواء كان إلى محض اليمين والشمال أو إلى دبر القبلة للتقية، وفي جلد الكلب فكذلك، ومع الاخلال بالموالاة كما سبق، وجوازه في الحلية بنكاحهم، وتزويج الخامسة بإيقاع الطلاق عندهم الضرورة التقية، وأخذ المال من المضمون عنه لأجلها والتصرف فيه. ويلزمه أيضا عدم وجوب الإعادة وإن بقي الوقت في العبادة لكن المأتي به عنده شرعيا مجزيا. ويلزم أيضا عدم اشتراط المندوحة في المقام الثاني كالأول وجميع اللوازم باطلة. وقد نازع في الستر بجلد الكلب وادعى أن المكلف إذا لم يتمكن من نزعه لأجل التقية وضاق الوقت ويصلي فيه تكون الصلاة صحيحة مجزية، واحتج عليه مع التقية بأن الستر ليس شرطا في الصلاة بالإجماع للأمر الدال على الوجوب في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} وغيره مما هو كثير.
وقد جوز الشارع الصلاة بغير ساتر وفي الثوب المتنجس وفي الحرير للرجل في مواضع مخصوصة فلذلك لم يكن الستر شرطا مطلقا.
نعم لا يجوز تعدي هذه المواضع ونحوها مما هو مستفاد من النصوص، لأن العالم إذا خص كان حجة فيما بقي وكذا المطلق إذا قيد. وأما دعوى الإجماع فيتوقف على إثباته باستقراء فتاوى الفقهاء في هذه المسألة وكونها على وفق ما يدعيه. وأنّى لذلك.(1/159)
وقد جوز الشارع الصلاة بغير ساتر وفي الثوب المتنجس وفي الحرير للرجل في مواضع مخصوصة فلذلك لم يكن الستر شرطا مطلقا.
نعم لا يجوز تعدي هذه المواضع ونحوها مما هو مستفاد من النصوص، لأن العالم إذا خص كان حجة فيما بقي وكذا المطلق إذا قيد. وأما دعوى الإجماع فيتوقف على إثباته باستقراء فتاوى الفقهاء في هذه المسألة وكونها على وفق ما يدعيه. وأنّى لذلك.
وربما يقال: انه يحتج بعبارة شيخنا في المقدمة المشهورة في الصلاة المعروفة بالألفية، وهي كذا باقي الشروط فيصح القضاء من فاقدها لا فاقد الطهارة. وجوابه إن هذه العبارة لو كانت حجة يعول عليها لم تدل على مطلوبه، لأن جلد الكلب من موانع الصلاة والعبادة إنما تدل على الجواز من دون الشرط، ولا دلالة لها على حكم المانع بوجه من الوجوه. وقد ورد في مرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «لا تصل في شيء من جلد الميته ولا شسع» وقد تقرر في الأصول أن النهي في العبادة يدل على الفساد، وهو دال على المراد في محل النزاع لمن كان له ملاحظة الإنصاف. وهذه الفائدة وجدتها منسوبة لشيخنا المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العاني (قدس سره).
قيل: اصابع الشيطان. كان يقال لمن ولاه السلطان «اصبعة الشيطان».
قال الشاعر:
قد كنت أكرم صاحب وأبرّه ... حتى دهتك أصابع الشيطان
جز الإله بنابها وأبانها ... كم غيرت خلقا من الإنسان
كتاب نهج البلاغة: ما مزح امرؤ مزحة إلا مج من عقله مجة. زهدك في راغب فيك نقصان حظ ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس. ما لابن آدم والفخر أوله نطفة وآخره جيفة لا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه الغنى والفقر بعد العرض على الله تعالى.
فائدة غريبة في لفظة عاد
فائدة غريبة: لم أجدها في كلام أحد من النحويين واللغويين، قال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن علي بن عجيل في كتابه المسمى بالمذاكرة: اعلم أن لفظة (عاد) لها ستة أمكنة تكون اسما وتكون فعلا تاما وتكون فعلا ناقصا وتكون
بمعنى أن وتكون بمعنى هل وتكون جواب الجملة المتضمنة معنى النفي مبنية على الكسر متصله بالمضمرات: (الأول) تكون اسما متمكنا جاريا بتصاريف الاعراب كما قال الله تعالى: {وَعََاداً وَثَمُودَ} فنصبه بإضمار أذكر. (الثاني) أن تكون فعلا تاما بمعنى رجع أو زار يقول: «عاد يعود» أي رجع يرجع أو زار يزور. (الثالث) أن تكون فعلا ناقصا مفتقرا إلى الخبر بمنزلة كان بشرط أن يتقدمها حرف عطف، وعليه قول حسان:(1/160)
فائدة غريبة: لم أجدها في كلام أحد من النحويين واللغويين، قال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن علي بن عجيل في كتابه المسمى بالمذاكرة: اعلم أن لفظة (عاد) لها ستة أمكنة تكون اسما وتكون فعلا تاما وتكون فعلا ناقصا وتكون
بمعنى أن وتكون بمعنى هل وتكون جواب الجملة المتضمنة معنى النفي مبنية على الكسر متصله بالمضمرات: (الأول) تكون اسما متمكنا جاريا بتصاريف الاعراب كما قال الله تعالى: {وَعََاداً وَثَمُودَ} فنصبه بإضمار أذكر. (الثاني) أن تكون فعلا تاما بمعنى رجع أو زار يقول: «عاد يعود» أي رجع يرجع أو زار يزور. (الثالث) أن تكون فعلا ناقصا مفتقرا إلى الخبر بمنزلة كان بشرط أن يتقدمها حرف عطف، وعليه قول حسان:
ولقد صبوت بها وعاد شبابها ... غضا وعاد مزارها مستطرفا
أي وكان شبابها غضا وكان مزارها مستطرفا. (الرابع) أن يكون حرف عطف عاملا نصبا بمنزلة (أن) مبنيا على أصل الحرفية محركا لالتقاء الساكنين مكسورا على الأصل فيهما بشرط أن يتقدمها جملة فعلية وحرف عطف كقولك: «رقدت وعاد أباك ساهرا» أي وإن أباك، ومنه مشطور حسان أنشد مشعوفا بشطر قبله:
علقتها وعاد قلبي هله ... وعاد أيام الصبا مستقبله
وقال آخر:
أن تعاد زيدا فعاد عمرا ... وعاد عمرا بعده وعمرا
أي فإن عمرا موجود، (الخامس) أن يكون حرف استفهام بمنزلة هل مبني على الكسر للعلة المذكورة أيضا مفتقرا إلى الجواب كقولك: «عاد أبوك مقيم؟» مثل هل أبوك مقيم، (السادس) أن يكون جوابا بمعنى الجملة المتضمنة معنى النفي بلم أو بما فقط مبنية على الكسر أيضا، وهذا إذا اتصلت بالمضمرات يقول المستفهم: «هل صليت؟» فيقول: «عادني» أي انني لم أصلّ أو أنني ما صليت، وبعض الحجازيين يحذف نون الوقاية فيقول: «عادي» واللغتان فصيحتان إذا كان عادى هاهنا بمعنى أن، ولا يمتنع أن يكون أني وأنني. هذا إذا اتصلت عاد بياء النفس خاصة وإن اتصلت بغيرها من المضمرات كقول المجيب لمن سألك عن شيء عاده أو عادنا، وكذا باقي المضمرات فإثبات نون الوقاية ممتنع تشبيها بأن.
(فصل) وربما فاه المستفهم عاد: خرج زيد، فيقول مجيبا له عاد أي أنه لم يخرج أو أنه ما خرج نقلته من خط الشيخ العرفي الحنبلي مفتي الحنابلة بمكة المشرفة انتهى ما نقلناه من الكتاب المشار إليه، والحمد لله حق حمده وصلى الله على خير خلقه محمد وآله.(1/161)
(فصل) وربما فاه المستفهم عاد: خرج زيد، فيقول مجيبا له عاد أي أنه لم يخرج أو أنه ما خرج نقلته من خط الشيخ العرفي الحنبلي مفتي الحنابلة بمكة المشرفة انتهى ما نقلناه من الكتاب المشار إليه، والحمد لله حق حمده وصلى الله على خير خلقه محمد وآله.
كلمة عبد لها عشرون جمعا
قال الجلال السيوطي في خطبة شرح عقود الجمان في المعاني والبيان: وعبد في الأصل وصف غلبت عليه الاسمية، وله عشرون جمعا نظم ابن مالك منها احدى عشر في بيتين واستدركت عليه الباقي في آخرين، فقال ابن مالك:
عباد عبيد جمع عبد وأعبد ... وعابد معبود معبدة عبد
كذلك عبدان وعبدان اثبتا كذلك ... العبد وامدد إن شئت أن تمد
وقلت:
وقد زيد اعباد عبودة عبدة ... وخفف بفتح مع عبدان أن تشد
واعبدة عبدون ثمة بعدها ... عبدون معبودا بقصر فجد تسد
كلام على كلمة راق
فائدة: راق الشيء يروق إذا أعجب، وراق السراب بريق إذا لمع فوق الأرض، وقد جمع بينهما أبو عبد الله في قوله:
ويروقي موعد هذا الرشا ... وإنه مثل سراب يريق
خداه نعمان ومن بارق ... مبسمه والشفتان العقيق
ولقد أحسن الإمام أبو عبد الله بن شرف القيروان حيث قال:
له عرف وليس لديه عرف ... كبارقة تروق ولا تريق
فائدة: الصقعاء الشمس، قالت ابنة أبي الأسود لأبيها في يوم شديد الحر: يا أبتي ما أشد الحر؟ قال: إذا أكلت الصقعاء من فوقك والرمضاء من تحتك فقلت أردت أن الحر لشديد فقال: قولي: ما أشد الحر! فحينئذ وضع باب التعجب.
فائدة: مما أدخلت فيه الهاء وهو صفة للمذكر قولهم: رجل راوية، كثير الرواية، والعلامة أكثر علما من العالم، والفقاقة الأحمق، ويقال فقاقة أيضا ففقاقة، والبقباقة الكثير الفضول، والخجابة بالتخفيف الكبير السن، والهبلاجة الكسلان.
وروي: أنه سئل أبو القبعثر الأعرابي فقال: الهبلاجة الأحمق المايق الكسلان الذي لا يقوم عمله بضرسه.
فائدة: أهل البصرة يقولون: قلوت في كل شيء يقلا وقليت في البغض، وأهل الكوفة يقولون: قليت الشريق وهو مقلا وقلوت البسر فهو مقلو كذا نقله في فصيح ثعلب.(1/162)
فائدة: أهل البصرة يقولون: قلوت في كل شيء يقلا وقليت في البغض، وأهل الكوفة يقولون: قليت الشريق وهو مقلا وقلوت البسر فهو مقلو كذا نقله في فصيح ثعلب.
في أوقات الدعاء
فائدة: ذكر يعقوب بن اسحاق في رسالة مقصورة على أوقات الدعاء: ان القمر وعطارد إذا قارنا كف الخضيب كان وقتا للدعاء بالغنى والشجاعة ويستجاب له في وسط عمره، وان قارنه زحل مسعودا أسعد الداعي من وسط عمره إلى آخره، وان كان منحوسا افتقر وضعف، وذلك إنّ من الأدعية ما ينعكس على داعيه فيصير إلى ضد ما يرتجيه، كما يحكى أن أهل طبرستان أجدبوا أيام الحسن بن زائد العلوي فخرجوا يستسقون فما فرغوا من دعائهم إلا والحريق مضطرم في اطراف البلد حتى قال أبو الغمر:
خرجوا يسألون صواب عمام ... فأجيبوا بصيب من حريق
جاءهم ضد ما تمنوه ... إذ جاءت قلوب محشوة بفسوق
قال يعقوب: ان قارن كف الخضيب المشتري نظر الداعي على ظالمه، وان قارنته الزهرة اجيبت دعوته في المال وقل عمره، وان قارنه المريخ كان الداعي وقت دعائه ظالما على من يدعو عليه وحرم الاجابة. قال السيد علي المشهور بالصدر الشيرازي: وهذا لا استبعاد فيه فقد ذهب طائفة كثيرون من الأوائل والأخر إلى أنه إذا استعين في الأدعية بأشكال من الكواكب في أوقات مسعودة كانت مرجوة، وكما يستعان فيها بتجريد الفكر وتصحيح النية والبروز في الجماعات إلى الصحراء وغير ذلك. والله اعلم. ولله در القائل:
اتلعب بالدعاء وتزدريه ... فسوف يبين ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطىء ولكن ... لها امد وللأمد انقضاء
وليمتان في الإسلام لم يكن أكبر منهما
ذكر صاحب تحفة العروس قال: اخبرنا ابو ياسر البغدادي قال: وليمتان الإسلام لم يكن مثلهما ولا يكون ابدا الأولى وليمة الرشيد عند دخوله بزبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، كانت أواني الذهب تملأ من الفضة وأواني الفضة تملأ من الذهب وتدفع إلى وجوه الناس. ويقال: ان العود الهندي انما فضل على العود القماري في هذه الوليمة لأنهما امتحنا فوجد الهندي اطيب وابقى في الثوب.
قال ابو ياسر: كانت النفقة في هذه الوليمة من بيت خاصة المهدي سوى ما أنفقه الرشيد خمسين ألف ألف دينار.
والثانية: وليمة المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل. قال ابو الفرج: لما خطبها المأمون استعد لها استعدادا يجل عن الوصف، وخرج المأمون إلى فم الصلح وهي بلدة في سنة عشرة ومئتين فأملك بها، وفعل الحسن في هذه الوليمة ما لم يفعله ملك في الجاهلية ولا في الإسلام، نثر على الهاشميين والقواد والكتاب بنادق مسك فيها رقاع باسماء ضياع واسماء جوار وتعيين صلاة وغير ذلك من كل شيء نفيس، فكان إذا وقع شيء من ذلك في يد من نثر عليه فتحه وتوجه فاستوفى وقبض ما فيه، ثم نثر بعد ذلك على عامة الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وقطع العنبر، واقام الوظائف والنفقات لجميع ما اشتمل عليه عسكر المأمون لكل رجل على قدره. ويقال: ان العسكر اشتمل على ستة وثلاثين ألف ملاح.(1/163)
قال ابو ياسر: كانت النفقة في هذه الوليمة من بيت خاصة المهدي سوى ما أنفقه الرشيد خمسين ألف ألف دينار.
والثانية: وليمة المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل. قال ابو الفرج: لما خطبها المأمون استعد لها استعدادا يجل عن الوصف، وخرج المأمون إلى فم الصلح وهي بلدة في سنة عشرة ومئتين فأملك بها، وفعل الحسن في هذه الوليمة ما لم يفعله ملك في الجاهلية ولا في الإسلام، نثر على الهاشميين والقواد والكتاب بنادق مسك فيها رقاع باسماء ضياع واسماء جوار وتعيين صلاة وغير ذلك من كل شيء نفيس، فكان إذا وقع شيء من ذلك في يد من نثر عليه فتحه وتوجه فاستوفى وقبض ما فيه، ثم نثر بعد ذلك على عامة الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وقطع العنبر، واقام الوظائف والنفقات لجميع ما اشتمل عليه عسكر المأمون لكل رجل على قدره. ويقال: ان العسكر اشتمل على ستة وثلاثين ألف ملاح.
قال ابو الفرج: لما جليت بوران فرش لها حصير من ذهب وجيء بإناء مملوء درا فنثر على الحصير، وكان فيمن حضر من النساء زبيدة بنت جعفر وحمدونة بنت الرشيد وغيرهما من بنات الخلفاء فلم تلتقط واحدة منهن شيئا من الدر، فقال المأمون: أكرمنها بالتقاطكن لها، فمدت كل واحدة يدها واخذت واحدة وبقي الدر على حصير الذهب، فقال المأمون: قاتل الله الحسن بن هاني كأنه كان حاضرا حيث قال في صفة الخمر:
قامت تريني وامر الليل مجتمع ... صبحا تولد بين الماء والعنب
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
قال: وقد تلك الليلة شمعة عنبر وزنها ثلاثون رطلا فأنكر المأمون ذلك وقال: هذا سرف، فأمر زبيدة برفعها وقالت: هاتوا الشمع المستعمل قال: وسأل المأمون زبيدة عما أنفقه الحسن فقالت: ما بين خمسة وثلاثين ألف ألف إلى سبعة وثلاثين ألف ألف، فبلغ ذلك الحسن فقال: أو كانت النفقة على يدها والله لقد حصرتها فكانت ثمانين ألف ألف، واقامت البغال وعدتها أربعة الآف تنقل الحطب قبل الوليمة أربعة أشهر وفي أثناء الوليمة أحوجهم الحطب فكانوا يوقدون الكتان عوضا عن الحطب.
قال الطبري: ودخلوا الليلة الثالثة من وصوله إلى فم الصلح، فلما جلس معها نثرت عليها جدتها ألف درة، فأمر المأمون بجمع الدر وقال: كم هو؟
فقالت: ألف حبة، فأخذه ووضعه في حجرها وقال: هذا نحلتك وسلي حوائجك، فقالت لها جدتها: كلمك صاحبك فكلميه فقد أذن لك، فسألته الرضا عن إبراهيم ابن المهدي لأدبه، فقال: قد فعلت.
ويقال: إنه لما أدخلت عليه وأراد غشيانها حاضت فقالت: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) فنام في فراش آخر، فلما قعد للناس من الغد دخل عليه يوسف بن أحمد الكاتب وقال: يا أمير المؤمنين هناك الله بما أخذت من الأمر باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة، فأنشده المأمون:(1/164)
فقالت: ألف حبة، فأخذه ووضعه في حجرها وقال: هذا نحلتك وسلي حوائجك، فقالت لها جدتها: كلمك صاحبك فكلميه فقد أذن لك، فسألته الرضا عن إبراهيم ابن المهدي لأدبه، فقال: قد فعلت.
ويقال: إنه لما أدخلت عليه وأراد غشيانها حاضت فقالت: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) فنام في فراش آخر، فلما قعد للناس من الغد دخل عليه يوسف بن أحمد الكاتب وقال: يا أمير المؤمنين هناك الله بما أخذت من الأمر باليمن والبركة وشدة الحركة والظفر في المعركة، فأنشده المأمون:
فارس ماض بحربته ... طاعن بالرمح في الظلم
رام أن يرمي فريسته ... فاستجارت من دم بدم
وأكثرت الشعراء في هذه الأملاك واستطرف منها قول أبي حازم الباهلي:
بارك الله للحسن ولبوران في الختن ... بابن هارون قد ظفرت ولكن ببنت من
فلما نمي إلى المأمون قال: والله ما تدري أخيرا أراد أم شرا.
وكان اسحاق يقول: ما رأيت في الملوك مثل المأمون ولا شاهدت امرأة تقارب بوران فهما وعقلا وأدبا وفضلا، وما أظن أحدا وقف على شيء من العلوم على ما وقفت عليه. ولم تزل في صحبة المأمون إلى أن توفي عنها سنة ثمان عشرة ومائتين وعاشت بعده إلى سنة إحدى وسبعين ومئتين وعمرها ثمانون سنة.
وحكى: أن المأمون خلا بها يوما فقال لها: غني، فغنت شعرا:
جعلتك مشتكى حزني ... ومعتصري على الزمن
وجدتك خائنا غدرا ... فيا اسفي على بدني
تريد ما كان من غدر المأمون بعمّها الفضل، فقال المأمون: لقد كنت عن هذا غنيا لولا شقائي.
سبب تزويج بوران بالمأمون
وما نقل في سبب تزويجه بوران واسمها خديجة وكانت من أهل الأدب. نقل أهل التواريخ والسّير أنّ إبراهيم بن اسحاق الموصلي قال: قال لي المأمون يوما:
هذا يوم سرور، ثم قال للغلمان: خذوا علينا الباب واحضروا الشراب، فبقينا بقية يومنا في أنس وشرب، فلما كان الليل قال لي: يا أبا اسحاق إني أريد الصبوح فكن مكانك حتى أدخل الحرم واخرج إليك. فلما استبطأت الخروج قلت: إشتغل عني وغلب عليه النبيذ ونسيني وكانت عندي صبية بكر كنت اشتريتها فتطلعت لها نفسي فنهضت، فقال لي العبيد: قد انصرف عبدك بدابتك، فتمشيت على رجلي فلما
صرت في بعض الطريق أحسست بالبول فعدلت عن الطريق فلما صرت إلى الجدار قضيت حاجتي وأردت أن أتمسح ببعض الحيطان فإذا بشيء معلق من حائط، وإذا بزنبيل كبير معلق قد لبس بالديباج فيه أربعة أحبل ابريسم فقلت: إن له امرا فتجاسرت ودخلت فيه، فلما أحس بثقلي جذب وإذا بأربع جوار يقلن بالرحب والسعة صديق أم جديد؟ فقلت: بل جديد، فسارت إحداهنّ بين يدي حتى أدخلتني إلى مجلس لم أرمثله قط فجلست في أدنى مجالسه وإذا بوظائف في أيديهن الشمع والمجامر يسجر فيها العود وبينهن جارية كالبدر الطالع ذات دلّ وشكل، فنهضت عند دخولها فقالت: مرحبا بالضيف، ثم رفعتني وسألتني عن دخولي؟ فقلت: عن غير قصد، فقالت: ما السبب؟ فقلت: إنصرفت من عند بعض الأخوان فلما رأيت ذلك الزنبيل حملني النبيذ على الدخول فيه، قالت: فما صناعتك؟ قلت: بزاز، قالت: ما مولدك؟ قلت: بغداد، قالت: ومن أي الناس أنت؟ قلت: من أوساطهم، قالت: حياك الله هل رويت من الأشعار؟ قلت: شيء ضعيف، قالت: فذاكرني، قلت: إن للداخل دهشة ولكن ابدئيني فالشيء بالمذاكرة، قالت: فهل تحفظ قصيدة فلان الذي يقول فيها كذا وكذا؟ ثم اسندتني إلى جماعة من القدماء والمحدثين فلم أدر من أي احوالها أعجب من حسنها أو من حسن إنشادها أو حسن أدبها أو ضبطها للغريب من النحو واللغة، ثم قالت: قد ذهب عنك بعض الحصر؟ قلت:(1/165)
هذا يوم سرور، ثم قال للغلمان: خذوا علينا الباب واحضروا الشراب، فبقينا بقية يومنا في أنس وشرب، فلما كان الليل قال لي: يا أبا اسحاق إني أريد الصبوح فكن مكانك حتى أدخل الحرم واخرج إليك. فلما استبطأت الخروج قلت: إشتغل عني وغلب عليه النبيذ ونسيني وكانت عندي صبية بكر كنت اشتريتها فتطلعت لها نفسي فنهضت، فقال لي العبيد: قد انصرف عبدك بدابتك، فتمشيت على رجلي فلما
صرت في بعض الطريق أحسست بالبول فعدلت عن الطريق فلما صرت إلى الجدار قضيت حاجتي وأردت أن أتمسح ببعض الحيطان فإذا بشيء معلق من حائط، وإذا بزنبيل كبير معلق قد لبس بالديباج فيه أربعة أحبل ابريسم فقلت: إن له امرا فتجاسرت ودخلت فيه، فلما أحس بثقلي جذب وإذا بأربع جوار يقلن بالرحب والسعة صديق أم جديد؟ فقلت: بل جديد، فسارت إحداهنّ بين يدي حتى أدخلتني إلى مجلس لم أرمثله قط فجلست في أدنى مجالسه وإذا بوظائف في أيديهن الشمع والمجامر يسجر فيها العود وبينهن جارية كالبدر الطالع ذات دلّ وشكل، فنهضت عند دخولها فقالت: مرحبا بالضيف، ثم رفعتني وسألتني عن دخولي؟ فقلت: عن غير قصد، فقالت: ما السبب؟ فقلت: إنصرفت من عند بعض الأخوان فلما رأيت ذلك الزنبيل حملني النبيذ على الدخول فيه، قالت: فما صناعتك؟ قلت: بزاز، قالت: ما مولدك؟ قلت: بغداد، قالت: ومن أي الناس أنت؟ قلت: من أوساطهم، قالت: حياك الله هل رويت من الأشعار؟ قلت: شيء ضعيف، قالت: فذاكرني، قلت: إن للداخل دهشة ولكن ابدئيني فالشيء بالمذاكرة، قالت: فهل تحفظ قصيدة فلان الذي يقول فيها كذا وكذا؟ ثم اسندتني إلى جماعة من القدماء والمحدثين فلم أدر من أي احوالها أعجب من حسنها أو من حسن إنشادها أو حسن أدبها أو ضبطها للغريب من النحو واللغة، ثم قالت: قد ذهب عنك بعض الحصر؟ قلت:
أجل لقد كان ذلك، قالت: فأنشدني، قال: فأنشدتها فجعلت تسألني عن أشياء تمر بي في الشعر كالمختبر ثم قالت: والله ما نظرت فيك ولا توهمت في أبناء التجار مثلك، قالت: كيف معرفتك بالأخبار وأيام الناس؟ قلت: نظرت في شيء من ذلك، ثم أمرت بالطعام فلما أكلنا واحضرت النبيذ فشربت قدحا وقالت: هذا أوان المذاكرة، فاندفعت وقلت: بلغني كذا وكذا وكان رجل من قصته كذا وكذا، فقالت: ليس هذه الأحاديث من التجار وإنما هي من أحاديث الملوك، قلت: إنه كان لنا جار ينادم بعض الملوك فكنت أدعوه بعض الأوقات إلى منزلي وكلّ ما تسمعين فمن عنده أخذت، فقالت: يمكن هذا، فقالت: لو كان عندك شيء واحد لكنت عاملا تحرك بعض الملاهي أو تترنم، قلت: لا أحسن من هذا شيئا على انني مولع بسماعه، قالت: يا جارية آتيني بعود فأحضرت عودا فضربت واحسنت وغنت غناء بديعا ثم قالت: هذا الغناء لإسحاق، وقد كنت كتمت نفسي لها فلم تزل على ذلك حتى إذا كان عند الفجر قالت: المجالس بالأمانات، ثم انصرفت وأخرجت من باب صغير فانتهيت إلى داري. فأرسل المأمون إلي فمشيت إليه وبقيت عنده إلى وقت البارحة ودخل المأمون إلى حرمه وقال لي: لا تبرح فخرجت
إلى ذلك المكان فدخلت في الزنبيل فقالت: ضيفنا؟ قلت: نعم وما اظن قد ثقلت قالت: مادح نفسه يقرئك السلام، فقلت: هفوة فمنّي بالصفح، قالت: فعلنا ولا تعد، فلما كان عند الصباح صنعت صنيعها البارحة وخرجت إلى داري. فلما كان الليلة الثالثة رجعت على عادتي فوضعت نفسي في الزنبيل ووصلت إليها قالت: نعم أي والله، قالت: جعلتها دار تمام، قلت: الضيافة ثلاثة أيام فإن رجعت فأنت في حل من دمي، فلما قرب من ذلك الوقت تفكرت في أمر المأمون وعلمت أنه لا يخلصني منه إلا أن أخبره الخبر وعلمت أنه من شغفه بالنساء سيطالبني بالمشي إليها، فقلت لها: جعلت فداك اتأذنين لي في ذكر شيء حضر؟ قالت: قد أذنت لك، قلت: أراك ممن تحب الغناء وتعجب بالآلات ولي ابن عم هو من أهل الحسن والأدب وبالغناء هو أعرف خلق الله تعالى سيما بغناء اسحاق الذي اسمعك تثنين عليه وكانت إذا غنت تقول: هذا لإسحاق؟ قالت: طفيلي وتقترح! قلت: إنما ذكرت لك وأنت المحكمة، قالت: فإن كان كما ذكرت فما أنكره، قلت: فالليلة؟(1/166)
أجل لقد كان ذلك، قالت: فأنشدني، قال: فأنشدتها فجعلت تسألني عن أشياء تمر بي في الشعر كالمختبر ثم قالت: والله ما نظرت فيك ولا توهمت في أبناء التجار مثلك، قالت: كيف معرفتك بالأخبار وأيام الناس؟ قلت: نظرت في شيء من ذلك، ثم أمرت بالطعام فلما أكلنا واحضرت النبيذ فشربت قدحا وقالت: هذا أوان المذاكرة، فاندفعت وقلت: بلغني كذا وكذا وكان رجل من قصته كذا وكذا، فقالت: ليس هذه الأحاديث من التجار وإنما هي من أحاديث الملوك، قلت: إنه كان لنا جار ينادم بعض الملوك فكنت أدعوه بعض الأوقات إلى منزلي وكلّ ما تسمعين فمن عنده أخذت، فقالت: يمكن هذا، فقالت: لو كان عندك شيء واحد لكنت عاملا تحرك بعض الملاهي أو تترنم، قلت: لا أحسن من هذا شيئا على انني مولع بسماعه، قالت: يا جارية آتيني بعود فأحضرت عودا فضربت واحسنت وغنت غناء بديعا ثم قالت: هذا الغناء لإسحاق، وقد كنت كتمت نفسي لها فلم تزل على ذلك حتى إذا كان عند الفجر قالت: المجالس بالأمانات، ثم انصرفت وأخرجت من باب صغير فانتهيت إلى داري. فأرسل المأمون إلي فمشيت إليه وبقيت عنده إلى وقت البارحة ودخل المأمون إلى حرمه وقال لي: لا تبرح فخرجت
إلى ذلك المكان فدخلت في الزنبيل فقالت: ضيفنا؟ قلت: نعم وما اظن قد ثقلت قالت: مادح نفسه يقرئك السلام، فقلت: هفوة فمنّي بالصفح، قالت: فعلنا ولا تعد، فلما كان عند الصباح صنعت صنيعها البارحة وخرجت إلى داري. فلما كان الليلة الثالثة رجعت على عادتي فوضعت نفسي في الزنبيل ووصلت إليها قالت: نعم أي والله، قالت: جعلتها دار تمام، قلت: الضيافة ثلاثة أيام فإن رجعت فأنت في حل من دمي، فلما قرب من ذلك الوقت تفكرت في أمر المأمون وعلمت أنه لا يخلصني منه إلا أن أخبره الخبر وعلمت أنه من شغفه بالنساء سيطالبني بالمشي إليها، فقلت لها: جعلت فداك اتأذنين لي في ذكر شيء حضر؟ قالت: قد أذنت لك، قلت: أراك ممن تحب الغناء وتعجب بالآلات ولي ابن عم هو من أهل الحسن والأدب وبالغناء هو أعرف خلق الله تعالى سيما بغناء اسحاق الذي اسمعك تثنين عليه وكانت إذا غنت تقول: هذا لإسحاق؟ قالت: طفيلي وتقترح! قلت: إنما ذكرت لك وأنت المحكمة، قالت: فإن كان كما ذكرت فما أنكره، قلت: فالليلة؟
قالت: نعم. ثم انصرفت على عادتها وانصرفت على عادتي فما وصلت داري حتى أتاني رسول المأمون فمشيت إليه فإذا هو على حنق فقال: يا أبا إسحاق آمرك بشيء لا تقف عنده، وكان يدخل حرمه ويأمرني بانتظاره فأتذكر مجالسة تلك الجارية فأنسى عقوبته. قلت: لي قصة أحتاج فيها إلى خلوة فأومى إلى من كان واقفا فتنحّى. قلت: كان من خبري كيت وكيت، فلما فرغت من كلامي قال: اتدري ما تقول؟ قلت: نعم، قال: كيف لي بمشاهدة ذلك الموضع؟ قلت: قد علمت أنك تطالبني بهذا وقد قلت لي ابن عم من صفته وحديثه كيت وكيت ثم جلسنا على عادتنا نشرب وهو يسليني عن حديثها حتى جاء الليل فسرنا جميعا إلى الموضع وقلت له: دعني من نخوة الملوك والخلافة وكن كأنك تبعا لي قال: نعم، فلما وصلنا ذلك الموضع الفينا زنبيلين فدخل في واحد ودخلت في الآخر فلما صرنا في البيت جلست أنا في صدره وجلس هو تحتي فلما أتت قالت: حيا الله أضيافنا بالسلام، ثم رفعت مجلسه وقالت: هذا ضيف وأنت من أهل البيت ولكل جديد لذة، وقعد المأمون في صدر المجلس واقبلت عليه تحدثه وهو يأخذ معها في كل فن فيسكتها ويفحمها، فالتفتت إلي وقالت: وفيت بوعدك، ثم أحضرت النبيذ وجعلنا نشرب وهي مقبلة علينا ثم قالت: وابن عمك هذا من أولاد التجار أيضا؟
قلت: نعم، قالت: إنكما لغريبان من أولاد التجار ثم حديثكما وأدبكما لمن أحاديث الملوك وليس للتجار هذه المنزلة في الأحاديث والأدب. ثم قالت لي:
وعدك؟ قلت: إنه ليجيب ولكن متى يسمع شيئا، قالت: وذاك، ثم أخذت العود
وغنت فشربنا عليه رطلا ثم ثانيا ثم ثالثا وفي كل ذلك تشرب فلما شرب المأمون ثلاثة أرطال ارتاح وطرب فكان الصوت الثالث مما يقترحه على المأمون أبدا، فلما سمعه وقد دخله السكر نظر إلي نظر الأسد إلى الفريسة وقال: يا أبا إسحاق هذا الصوت فلما رأتني قد أخذت في العود ووقفت بين يديه أغنيه علمت اني أبو اسحاق وانه المأمون فنهضت وقال لها: وأومى إلى كلة مضروبة فدخلتها فلما فرغت من ذلك الصوت قال: يا أبا اسحاق أنظر من صاحب هذا الدار؟ فقلت لتلك العجوز: من صاحب هذا المنزل؟ قالت: الحسن بن سهل، قلت: ومن هذه؟(1/167)
وعدك؟ قلت: إنه ليجيب ولكن متى يسمع شيئا، قالت: وذاك، ثم أخذت العود
وغنت فشربنا عليه رطلا ثم ثانيا ثم ثالثا وفي كل ذلك تشرب فلما شرب المأمون ثلاثة أرطال ارتاح وطرب فكان الصوت الثالث مما يقترحه على المأمون أبدا، فلما سمعه وقد دخله السكر نظر إلي نظر الأسد إلى الفريسة وقال: يا أبا إسحاق هذا الصوت فلما رأتني قد أخذت في العود ووقفت بين يديه أغنيه علمت اني أبو اسحاق وانه المأمون فنهضت وقال لها: وأومى إلى كلة مضروبة فدخلتها فلما فرغت من ذلك الصوت قال: يا أبا اسحاق أنظر من صاحب هذا الدار؟ فقلت لتلك العجوز: من صاحب هذا المنزل؟ قالت: الحسن بن سهل، قلت: ومن هذه؟
قالت: ابنته بوران، فرجعت فأعلمته فقال: علي به الساعة، فأحضرته فوقف بين يديه فقال: لك بنت؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: زوجنيها، هي أمتك وأمرها إليك قال: فإني أتزوجها على ثلاثين ألفا نحملها إليك صبيحة غد فإذا نفذ إليك المال فاحملها إلينا، قال: نعم يا أمير المؤمنين. ثم نهض ففتح الباب فخرجنا فلما صرنا إلى الدار قال: يا أبا اسحاق لا تقص على أحد ما وقفت عليه فإن المجالس بالأمانات، فقلت: يا أمير المؤمنين مثلي ما يحتاج إلى وصية بهذا، قال: فلما أصبحنا أمر بحمل المال إليه ونقلت إليه من يومها.
قال أبو اسحاق: فما فهت بالخبر إلا بعد وفاة المأمون وذلك انه لما أراد أن يعرس بها أمر أن تخرج الفساطيط والأخبيه وتضرب على ضفة دجلة في موضع منخفض وخرج وجوه الناس لذلك العرس وعامة الناس للتنزه، وكانت النفقة من عند الحسن بن سهل على كل من كان حضر ذلك العرس فيقال له: إنه كان الإنفاق فيها على جميع الناس وكان عدد الملاحين منهم خاصة سوى الزواريق والزلاليات وما يشاكلها الذين كانوا حملوا الناس في مراكبهم إلى ذلك الموضع تنيف على عشرة الآف ملّاح سوى سواد الناس، ويذكر أنه لما بسطت القبة التي دخل فيها المأمون على بوران فخير الناس الحسن بن سهل الخاصة ممن حضر ذلك العرس بين مائة دينار وحلة أو قبضة من أرض تلك القبة فيقال ان القابض بكفيه في أرض تلك القبة كان أرجح ممن أخذ مائة دينار وحلة فإنه ربما يخرج في قبضته حجر ياقوت أو حجر زمرد أو درة نفيسة تساوي أضعاف ذلك العدد، وهو أول من تسمى بالمأمون وتسمى به بعد ذلك ولد المعتمد بن عباد وسمي يحيى بن ذي النون صاحب طليطلة.
منتخب من كتاب المزهر
من كتاب المزهر في علم اللغة لجلال الدين السيوطي.
الفصل الأول في الملاحن: وقد ألف في ذلك ابن دريد تأليفا لطيفا، وقد كانت العرب تتعمد ذلك وتقصده إذا أرادت التورية.(1/168)
من كتاب المزهر في علم اللغة لجلال الدين السيوطي.
الفصل الأول في الملاحن: وقد ألف في ذلك ابن دريد تأليفا لطيفا، وقد كانت العرب تتعمد ذلك وتقصده إذا أرادت التورية.
قال الغالي في أماليه: قرأت على أبي عمر المطرز قال: حدثنا أحمد بن يحيى ان ابن الأعرابي قال: أسر طيّ رجلا شابا من العرب فقدم أبوه وعمه ليفدياه فاشترطوا عليهما في الغداة فاعطيا عطية لم يرضوها، فقال أبوه: لا والذي جعل الفرقدان يمسيان ويصبحان على جبل طي لأزيدكم على ما اعطيتكم ثم انصرفا، فقال الأب للعم: لقد القيت إلى ابني كلمة لئن كان فيه خير لينجون، فما لبث أن نجا فاطرد قطعة من ابلهم، فكان أباه قال له: الزم الفرقدين على جبل طي فإنهما طالعان عليه وهما لا يغيبان عنه.
قال ابن دريد في كتاب الملاحن: وسميناه الملاحن واشتققنا هذا الاسم من اللغة العربية الفصيحة التي لا يشوبها اللكدة ولا يستولي عليها التكلف لأن اللحن عند العرب الفطنة، ومنه قول النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: «لعل أحدكم ألحن بحجته» أي أفطن لها وأعرض عليها، وذلك أنّ اللحن أن تريد شيئا فتوري عنه بقول آخر، كقول العنبري اسيرا كان في بكر بن وائل حين سألهم رسولا إلى قومه فقالوا: لا ترسل إلا بحضرتنا، لأنهم كانوا أزمعوا غزو قومه فخافوا أن ينذرهم، فجيء بعبد أسود فقال: أبلغ قومي التحية وقل لهم ليكرموا فلانا يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر فإن قومهم لي مكرمون وقل لهم: ان العرفج قد أدبى وقد شكت النساء وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد اطالوا ركوبها وان يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا واسألوا الحارث عن خبري، فلما ادى العبد الرسالة قالوا:
لقد جن العنبري وانهد ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا اصهب، ثم سرحوا العبد ودعوا الحارث فقصوا عليه القصة فقال: لقد أنذركم، أما قوله أدبى العرفج يريد أن الرجال قد استلاموا ولبسوا السلاح، وقوله شكت النساء أي اتخذت الشكا للسفر، وقوله الناقة الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصماء وهو الجمل الأصهب، وقوله أكلت معكم حيسا يريد أن أخلاطا من الناس قد غررنا لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط، فامتثلوا ما قال وعرفوا لحن كلامه.
واخذ هذا المعنى أيضا رجل كان أسيرا في بني تميم فكتب إلى قومه شعرا:
حلوا عن الناقة الحمراء رحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا
إن الذباب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكرا إذا اشبعوا
يريد الناس إذا اخصبوا أعداؤكم كبكر بن وائل.
وقال أبو عبيدة في كتاب أيام العرب: أخبرنا فراس بن خندف قال: جمعت اللهازم لتغير على بني تميم وهم غارون، فرأى ذلك ناشب الأعور بن بشامة العنبري وهو اسير في بني سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقال لهم:(1/169)
حلوا عن الناقة الحمراء رحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا
إن الذباب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكرا إذا اشبعوا
يريد الناس إذا اخصبوا أعداؤكم كبكر بن وائل.
وقال أبو عبيدة في كتاب أيام العرب: أخبرنا فراس بن خندف قال: جمعت اللهازم لتغير على بني تميم وهم غارون، فرأى ذلك ناشب الأعور بن بشامة العنبري وهو اسير في بني سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فقال لهم:
أعطوني رسولا أرسل إلى أهلي أوصيهم في بعض حاجتي، وكانوا اشتروه من بني أبي ربيعة فقالت بنو اسعد ترسله ونحن حضور ذلك، فخافه أن ينذر قومه، قال:
نعم فأرسلوا له غلاما مولدا لعمر لما أتوه به اتيتموني بأحمق فقال الغلام: والله لا أنا بأحمق، فقال الأعور: إني أراك مجنونا قال: ما أنا بمجنون، قال: فالنيران أكثر أم الكواكب؟ قال: الكواكب وكل كثير. وقال آخر: انه قال له: والله ما أنا بأحمق، فقال الأعور: إنك لعيني أحمق وما أراك مبلغا عني؟ قال: بل لعمري لأبلغن عنك فملأ الأعور كفه من الرمل فقال: كم في كفي؟ قال: لا أدري وانه لكثير ما احصيه، فأومى إلى الشمس بيديه فقال: ما تلك؟ قال: الشمس، قال: ما أراك إلا عاقلا شريفا اذهب إلى أهلي: فأبلغهم عني التحية وقل لهم ليحسنوا إلى أسيرهم ويكرموه فاني عند قوم محسنين إلي مكرمين إلي وقل لهم: فليعروا جملي الأحمر ويركبوا ناقتي العيسا وليرعوا حاجتي في بني مالك وأخبرهم أن العوسج قد أورق وان النّساء قد اشتكت وليعصوا همام بن بشامة فإنه مشوم محدود وليطيعوا هذيل بن الأحنس فإنه حازم ميمون، فقال له بنو قيس: ومن بنو مالك؟ قال: بنو أخي وكره أن يعلم القوم. وزعم سليمان بن مزاحم أنه قال: وإذا أتيت أم قدامة فقل لها: انكم قد اسأتم إلى جملي الأحمر وانهكتموه ركوبا فاعفوه وعليكم ناقتي الصهباء فافتقدوها، فلما أتاهم الرسول فأبلغهم لم يدر عمر بن تميم ما الذي أرسل به الأعور وقالوا: ما نعرف هذا الكلام ولقد جن الأعور بعدنا، فقال هذيل للرسول: اقتص عليّ أول القصة، فقص عليه أول ما كلمه به الأعور ما رجعه إليه حتى أتى على آخره. قال الهذيل: ابلغه التحية إذا أتيته فأخبره بما أوصى به، فنادى هذيل بلغته فقال: لقد بين لكم صاحبكم أن الرمل الذي جعل في يده فإنه يخبركم أنه أتاكم عدو لا يحصى، وأما الشمس التي أومأ إليها يقول ذلك أوضح من الشمس، وأما جمله الأحمر فهو الصماء، وأما ناقته العيسا أو قال الصهباء فهي الدهنا يأمركم أن تتحرزوا فيها، وأما بنو مالك يأمرهم أن تنذروهم وأن تمسكوا بحلف ما بينكم وبينهم، وأما ورق العوسج فإن القوم قد اكتسوا سلاحا، وأما اشتكاء النساء فإنه يخبركم أنه قد عملن لهن عجلا يقرون بها والعجل الروايا الصغار.
ذكر امثلة من ذلك: قال ابن دريد: والله ما سألت فلانا حاجة قط، والحاجة ضرب من الشجر له شوك، وما رأيته أي بما ضربته، ولا كلته أي جرحته ولا اعلمته أي ما جعلته أي أعلم ما شققت شفته العليا ولا أخذت كلبا وهو السمار في قائم السيف، ولا فهدا فهو المسمار في وسط الرجل، ولا جارية وهي السفينة، ولا شعيرة وهي رأس المسمار من الفضة، ولا صفراء وهو دبس الرطب، ولا كسرت له سنا وهو قطعة من العشب تتفرق في الأرض، ولا ضرسا وهو قطعه من المطر يقع متفرقة في الأرض، ولا خرجت له رحى وهو من الأضراس، ولا لبست له جبة وهي جبة السنان وهو الموضع الذي يدخل فيه رأس الرمح، ولا ظلمت فلانا أي ما سقيته ظليما وهو اللبن قبل أن يروب، ولا أعرف لفلان ليلا ولا نهارا فالليل ولد الكروان والنهار ولد الحبارى، ولا حمارا وهو احدى الحجرين الذي ينصب عليهما المعلا وهي صخرة رقيقة يجفف عليها الأقط، ولا أتانا وهي صخرة تكون بوسط الوادي تسمى اتان الصخل الماء، ولا جحشة وهي الصوف الملفوف كالحلقة يجعلها الرجل في ذراعه ثم يغزلها، ولا دجاجة وهي الكبة من الغزل، ولا قروحا وهي الدراعة، ولا بقرة وهي العيال الكثير، ولا ثورا وهي القطعة الكبيرة من الأقط، ولا عنزا وهي الأكمة السوداء، ولا سبيت لفلان أما وهي الدماغ، ولا جدا وهو الخط، ولا خالا وهو السحاب الخليق للمطر، ولا خالة وهي الأكمة الصغيرة، ولا ضربت له يدا وهي واحد الأيادي المصطنعة، ولا رجلا وهي القطعة العظيمة من الجراد، ولا أخبرته أي ما ذبحت له خبره وهي شاة يشتريها قوم يقتسمونها بينهم، ولا جلست له على حصير وهي اللحمة المعترضة في جنب الفرس، ولا أخذت له قلوصا وهو فرخ الحبارى، ولا كرما وهو القلادة، ولا رأيت سعدا وهو نجم، ولا سعيدا
و(1/170)
نعم فأرسلوا له غلاما مولدا لعمر لما أتوه به اتيتموني بأحمق فقال الغلام: والله لا أنا بأحمق، فقال الأعور: إني أراك مجنونا قال: ما أنا بمجنون، قال: فالنيران أكثر أم الكواكب؟ قال: الكواكب وكل كثير. وقال آخر: انه قال له: والله ما أنا بأحمق، فقال الأعور: إنك لعيني أحمق وما أراك مبلغا عني؟ قال: بل لعمري لأبلغن عنك فملأ الأعور كفه من الرمل فقال: كم في كفي؟ قال: لا أدري وانه لكثير ما احصيه، فأومى إلى الشمس بيديه فقال: ما تلك؟ قال: الشمس، قال: ما أراك إلا عاقلا شريفا اذهب إلى أهلي: فأبلغهم عني التحية وقل لهم ليحسنوا إلى أسيرهم ويكرموه فاني عند قوم محسنين إلي مكرمين إلي وقل لهم: فليعروا جملي الأحمر ويركبوا ناقتي العيسا وليرعوا حاجتي في بني مالك وأخبرهم أن العوسج قد أورق وان النّساء قد اشتكت وليعصوا همام بن بشامة فإنه مشوم محدود وليطيعوا هذيل بن الأحنس فإنه حازم ميمون، فقال له بنو قيس: ومن بنو مالك؟ قال: بنو أخي وكره أن يعلم القوم. وزعم سليمان بن مزاحم أنه قال: وإذا أتيت أم قدامة فقل لها: انكم قد اسأتم إلى جملي الأحمر وانهكتموه ركوبا فاعفوه وعليكم ناقتي الصهباء فافتقدوها، فلما أتاهم الرسول فأبلغهم لم يدر عمر بن تميم ما الذي أرسل به الأعور وقالوا: ما نعرف هذا الكلام ولقد جن الأعور بعدنا، فقال هذيل للرسول: اقتص عليّ أول القصة، فقص عليه أول ما كلمه به الأعور ما رجعه إليه حتى أتى على آخره. قال الهذيل: ابلغه التحية إذا أتيته فأخبره بما أوصى به، فنادى هذيل بلغته فقال: لقد بين لكم صاحبكم أن الرمل الذي جعل في يده فإنه يخبركم أنه أتاكم عدو لا يحصى، وأما الشمس التي أومأ إليها يقول ذلك أوضح من الشمس، وأما جمله الأحمر فهو الصماء، وأما ناقته العيسا أو قال الصهباء فهي الدهنا يأمركم أن تتحرزوا فيها، وأما بنو مالك يأمرهم أن تنذروهم وأن تمسكوا بحلف ما بينكم وبينهم، وأما ورق العوسج فإن القوم قد اكتسوا سلاحا، وأما اشتكاء النساء فإنه يخبركم أنه قد عملن لهن عجلا يقرون بها والعجل الروايا الصغار.
ذكر امثلة من ذلك: قال ابن دريد: والله ما سألت فلانا حاجة قط، والحاجة ضرب من الشجر له شوك، وما رأيته أي بما ضربته، ولا كلته أي جرحته ولا اعلمته أي ما جعلته أي أعلم ما شققت شفته العليا ولا أخذت كلبا وهو السمار في قائم السيف، ولا فهدا فهو المسمار في وسط الرجل، ولا جارية وهي السفينة، ولا شعيرة وهي رأس المسمار من الفضة، ولا صفراء وهو دبس الرطب، ولا كسرت له سنا وهو قطعة من العشب تتفرق في الأرض، ولا ضرسا وهو قطعه من المطر يقع متفرقة في الأرض، ولا خرجت له رحى وهو من الأضراس، ولا لبست له جبة وهي جبة السنان وهو الموضع الذي يدخل فيه رأس الرمح، ولا ظلمت فلانا أي ما سقيته ظليما وهو اللبن قبل أن يروب، ولا أعرف لفلان ليلا ولا نهارا فالليل ولد الكروان والنهار ولد الحبارى، ولا حمارا وهو احدى الحجرين الذي ينصب عليهما المعلا وهي صخرة رقيقة يجفف عليها الأقط، ولا أتانا وهي صخرة تكون بوسط الوادي تسمى اتان الصخل الماء، ولا جحشة وهي الصوف الملفوف كالحلقة يجعلها الرجل في ذراعه ثم يغزلها، ولا دجاجة وهي الكبة من الغزل، ولا قروحا وهي الدراعة، ولا بقرة وهي العيال الكثير، ولا ثورا وهي القطعة الكبيرة من الأقط، ولا عنزا وهي الأكمة السوداء، ولا سبيت لفلان أما وهي الدماغ، ولا جدا وهو الخط، ولا خالا وهو السحاب الخليق للمطر، ولا خالة وهي الأكمة الصغيرة، ولا ضربت له يدا وهي واحد الأيادي المصطنعة، ولا رجلا وهي القطعة العظيمة من الجراد، ولا أخبرته أي ما ذبحت له خبره وهي شاة يشتريها قوم يقتسمونها بينهم، ولا جلست له على حصير وهي اللحمة المعترضة في جنب الفرس، ولا أخذت له قلوصا وهو فرخ الحبارى، ولا كرما وهو القلادة، ولا رأيت سعدا وهو نجم، ولا سعيدا
وهو النهر يسقي الأرض منفردا بها، ولا جعفرا وهو النهر الكبير، ولا ربيعا وهو خط الأرض من الماء في كل ربع ليلة أو ربع يوم، ولا عمدا وهو واحد عمود الاسنان، ولا قطعنا ولا أبانا وهما جبلان معروفان، ولا أويسا ولا أويسا وهما من أسماء الذئب، ولا حسنا وهو كثيب معروف، ولا سهلا وهو ضد الحزن، ولا سهيلا وهو نجم معروف، وما طويت لفلان أرضا وهي باطن حافر الفرس، ولا اخذت له جرابا وهو ما حول البير من باطنها، ولا بيضة وهي بيضة الحديد، ولا فرخا وهو فرخ الهامة وهو مستقر الدماغ، ولا عسلا وهو عدو من عدو الذئب، ولا خلا وهو الطريق في الرمل. وما عرفت له طريقا وهو النخل الذي ينال باليد، ولا احببت كذا من قولك احب البعير إذا برك فلم يسر، ولا أكريت أي تأخرت، ولا رأيت فلانا راكعا ولا
ساجدا فالراكع العاثر الذي كبا لوجهه والساجد المدمن النظر في الأرض، وما عند فلان نبيذ وهو الصبي المنبوذ، ولا اتلفت لفلان ثمرة وهي طرف السوط، وما رويت هذا الحديث وما ذريته فرويت أي شددت بالرواء وهو الجبل وذريته أي خلته، ولا أخذت لفلان حرزا وهو الوسط، ولا مسست له خداء وهو الأخدود في الأرض، ولا كسرت له ظفرا وهو ما تدار مقعد الوتر من القوس العربية، ولا كسرت ساقه وهو الذكر من الحمام، وما أنا بصاحب مكر وهو ضرب من النبت، ولا أخذت لفلان فروة وهي جلدة الرأس، ولا كشفت لفلانة قناعا ولا عرفت لها وجها فالقناع والوجه القصد، ومالي مركوب وهو ثنية بالحجاز معروفة، ومالي في هذا الكتاب خط وهو سيف البحر، ومالي فرش وهو الصغار من الابل، وما رأيت لفلان بطنا ولا فخذا وهما من العرب، ولا لعبت أي ما سال لعابي، وما جلست من قولهم جلس فلان إذا دخل المجلس وهو يحد وما والاه، وما عرفت لفلانة بعلا وهو النخل يشرب ماء السماء، ولا زوجا وهي الغطة يطرح عليها الهودج، وما ابصرته أي لم أقشر بصره قشر أعلاه الجلد، ومالي جمل وهو سمك من سمك البحر، وما طرقت فلانا أي لم أضربه بمطرقة ومالي تبن وهو جبل معروف.(1/171)
هو النهر يسقي الأرض منفردا بها، ولا جعفرا وهو النهر الكبير، ولا ربيعا وهو خط الأرض من الماء في كل ربع ليلة أو ربع يوم، ولا عمدا وهو واحد عمود الاسنان، ولا قطعنا ولا أبانا وهما جبلان معروفان، ولا أويسا ولا أويسا وهما من أسماء الذئب، ولا حسنا وهو كثيب معروف، ولا سهلا وهو ضد الحزن، ولا سهيلا وهو نجم معروف، وما طويت لفلان أرضا وهي باطن حافر الفرس، ولا اخذت له جرابا وهو ما حول البير من باطنها، ولا بيضة وهي بيضة الحديد، ولا فرخا وهو فرخ الهامة وهو مستقر الدماغ، ولا عسلا وهو عدو من عدو الذئب، ولا خلا وهو الطريق في الرمل. وما عرفت له طريقا وهو النخل الذي ينال باليد، ولا احببت كذا من قولك احب البعير إذا برك فلم يسر، ولا أكريت أي تأخرت، ولا رأيت فلانا راكعا ولا
ساجدا فالراكع العاثر الذي كبا لوجهه والساجد المدمن النظر في الأرض، وما عند فلان نبيذ وهو الصبي المنبوذ، ولا اتلفت لفلان ثمرة وهي طرف السوط، وما رويت هذا الحديث وما ذريته فرويت أي شددت بالرواء وهو الجبل وذريته أي خلته، ولا أخذت لفلان حرزا وهو الوسط، ولا مسست له خداء وهو الأخدود في الأرض، ولا كسرت له ظفرا وهو ما تدار مقعد الوتر من القوس العربية، ولا كسرت ساقه وهو الذكر من الحمام، وما أنا بصاحب مكر وهو ضرب من النبت، ولا أخذت لفلان فروة وهي جلدة الرأس، ولا كشفت لفلانة قناعا ولا عرفت لها وجها فالقناع والوجه القصد، ومالي مركوب وهو ثنية بالحجاز معروفة، ومالي في هذا الكتاب خط وهو سيف البحر، ومالي فرش وهو الصغار من الابل، وما رأيت لفلان بطنا ولا فخذا وهما من العرب، ولا لعبت أي ما سال لعابي، وما جلست من قولهم جلس فلان إذا دخل المجلس وهو يحد وما والاه، وما عرفت لفلانة بعلا وهو النخل يشرب ماء السماء، ولا زوجا وهي الغطة يطرح عليها الهودج، وما ابصرته أي لم أقشر بصره قشر أعلاه الجلد، ومالي جمل وهو سمك من سمك البحر، وما طرقت فلانا أي لم أضربه بمطرقة ومالي تبن وهو جبل معروف.
الفصل الثاني في الألغاز: وهي أنواع: الألغاز قصدتها العرب والغاز قصدتها أئمة اللغة، والأبيات لم تقصد العرب الألغاز بها وإنما قالتها فصادف أن تكون الغازا، وهي نوعان: فإنها تارة تقع الألغاز بها من حيث معانيها وأكثر أبيات المعاني من هذا النوع وقد ألف ابن قتيبة في هذا النوع مجلدا حسنا وكذلك ألف غيره، وإنما سموا هذا النوع أبيات المعاني لأنها تحتاج إلى أن يسأل عن معانيها ولا تفهم من أول وهلة وتارة تقع الألغاز بها من حيث اللفظ والتركيب والإعراب ونحن ذاكرون من كل نوع من هذه الأربعة عدة أمثلة على غير ترتيب. فمن الأبيات التي قصد بها العرب الألغاز بها قال القالي في أماليه أنشدنا أبو بكر الأنباري قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب:
ولقد رأيت مطية معكوسة ... تمشي بكلكلها ويرحيها الصبا
ولقد رأيت سبيبة من أرضها ... تسبي القلوب وما تنيب إلى هوى
ولقد رأيت الخيل أو اشباهها ... تبني معطفة إذا ما تجتلى
ولقد رأيت جواريا من فازة ... تجري بغير قوائم عند الجرا
ولقد رأيت عضيضة مركولة ... رود الشباب غريره عادت فتى
لقد رأيت مكفرا ذا نعمة ... جهدوه في الأعمال حتى قد ونى
قال ثعلب: أراد بالمطية السفينة، وبالسبيبة الخمر، وبالخيل تصاوير في وسائد، وبالجواري السراب، وبالمكفر السيف وقوله عادت فتى من العيادة.(1/172)
ولقد رأيت مطية معكوسة ... تمشي بكلكلها ويرحيها الصبا
ولقد رأيت سبيبة من أرضها ... تسبي القلوب وما تنيب إلى هوى
ولقد رأيت الخيل أو اشباهها ... تبني معطفة إذا ما تجتلى
ولقد رأيت جواريا من فازة ... تجري بغير قوائم عند الجرا
ولقد رأيت عضيضة مركولة ... رود الشباب غريره عادت فتى
لقد رأيت مكفرا ذا نعمة ... جهدوه في الأعمال حتى قد ونى
قال ثعلب: أراد بالمطية السفينة، وبالسبيبة الخمر، وبالخيل تصاوير في وسائد، وبالجواري السراب، وبالمكفر السيف وقوله عادت فتى من العيادة.
وقال القالي: حدثني أبو بكر بن دريد أن أبا حاتم أنشدهم عن أبي زيد:
وزهرا أن كفنتها فهو عيشها ... وإن لم أكفنها فموت معجل
يعني النار. هي زهر أي بيضاء تزهر. يقول: إن قدحتها فخرجت فلم أدركها بحرقة أو غير ذلك ماتت.
وأنشد الجوهري في الصحاح:
وما ذكر فإن يكبر فأنثى ... شديد اللزم ليس له ضروس
قال: هو القراد لأنه إذا كان صغيرا كان قرادا فإذا كبر سمي حمله.
وقال ابن درستويه في شرح الفصيح: أنشد الخليل لأبي المقدام الخزاعي:
وعجوز اتت تبيع دجاجا ... لم يفرخن قد رأيت عضالا
ثم عاد الدجاج من عجب الدهر ... فراريج صبية اطفالا
وقال: يعني دجاجة وهي الكبا أو ما يخرج عن الغزل، ويعني بالفراريج الأقبية.
ومن أبيات المعاني قول حسان أيضا:
اتانا فلم نعدل سواه بغيره ... نبي غدا في ظلمة الليل هاديا
فيقال: سواه غيره فكأنه قال: فلم يعدل غيره بغيره. والجواب أن الهاء في بغيره للسوى، فكأنه قال: لم يعدل سواه به. كذا أخرجه الإمام جمال الدين بن هشام.
قال الشيخ بدر الدين الزرشكي في كراسة سماها (عمل من طب من أحب):
ولا حاجة إلى هذا التكلف، فإن سوى في هذا البيت بمعنى نفسه نص على ذلك الأزهري في التهذيب وأنشد عليه البيت ونقله عنه وأقراه عليه الشيخ جمال الدين ابن مالك في كتاب المقصور والممدود.
من أبيات المعاني قول الراعي:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ... ورمي فلم أر مثله مخذولا
روى العسكري في كتاب التصحيف: ان الرشيد سأل أهل مجلسه عن هذا البيت فقال: أي احرام هذا؟ فقال الكساء: أراد أنه احرام بالحج، فقال الأصمعي:(1/173)
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ... ورمي فلم أر مثله مخذولا
روى العسكري في كتاب التصحيف: ان الرشيد سأل أهل مجلسه عن هذا البيت فقال: أي احرام هذا؟ فقال الكساء: أراد أنه احرام بالحج، فقال الأصمعي:
والله ما احرام ولا عنى الشاعر هذا ولو قلت أحرم دخل في الشهر الحرام كما يقال: أشهر دخل في الشهر كان أشبه، قال الكسائي: فما أراد بالإحرام؟ قال كل من لم يأت شيئا يستحل به عقوبة فهو محرم. خبرني عن قول عدي بن زيد:
قتلوا كسرى بليل محرم ... فتولى لم يمتع بكفن
أي إحرام كان لكسرى فسكت الكسائي، فقال الرشيد: يا أصمعي ما نطاق في الشعر.
وفي أمالي الزجاج: في البيت قولان: (أحدهما) المحرم للمسك عن قتالهم، قال أبو العباس الفضل بن محمد اليزيدي: فقيل للفضل أعندك في هذا شعر جاهلي؟ قال: نعم أنشدني محمد بن حبيب الأخضر بن عبد المازني وهو جاهلي.
فلست أراكم محرمون التي ... كرهت ومنها في القلوب تذوب
و (الثاني) أن في الشهر الحرام لأنه قتل في أيام التشريق وبه جزم المبرد في الكامل.
وقال ابن خالويه في شرح الدريدية أنشد أبو عبد الله بن حوشد عن أبي حنيفة الدينوري قال: أحسن ما قيل في أبيات المعاني قول الشاعر:
إذا القوس وترها أيد رمى ... فأصاب الذرى والكلا
فأصبحت والليل محسنكك ... وأصبحت الأرض بحر طما
يريد بالقوس قوس السماء الذي تقول له العامة قوس قزح، وترها أيد يعني الله تعالى رمى أي بالمطر فأصاب ذرى الجبال وكلاها فأصبحت أي اسرجت المصباح، والليل محسنكك أي شديد السواد، واصبحت الثاني من الصباح والأرض بحر طمى من كثرة المطر.
حكاية شمس الرؤساء
من المضحكات: قيل: كان شخص يسمى شمس الرؤساء وكان إذا مدحه أحد من الشعراء لم يعطه شيئا، فاحتال عليه بعض الشعراء وكتب له في رقعة:
«بال حماري وفسا» فناوله الرقعة فلما قرأها قال لغلامه: أعطه خمسمائة درهم،
فقالت له زوجته: وما هذي عادتك أن تعطي الشعراء شيئا؟ فقال لها: خوفا منه أن بكمل هذا البيت فيقول:(1/174)
«بال حماري وفسا» فناوله الرقعة فلما قرأها قال لغلامه: أعطه خمسمائة درهم،
فقالت له زوجته: وما هذي عادتك أن تعطي الشعراء شيئا؟ فقال لها: خوفا منه أن بكمل هذا البيت فيقول:
بال حماري وفسا ... في ذقن شمس الرؤسا
ومنها: حكى أن جحا أرسله أبوه يوما يشتري له رأسا من الطباخ، فاشتراه وقعد في الطريق فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وسلخ وجهه وأحضر لوالده ما بقي، فنظر إليه والده فقال: ويحك ما الذي اتيت به؟ قال: الرأس الذي طلبته، فقال: أين عيناه؟ قال: كان أعمى، فقال: أي أذناه؟ فقال: كان أصم، فقال: أين لسانه؟ قال: كان أخرس، فقال: أين دماغه؟ فقال: كان فقيها يقرىء الصبيان، قال: أين سلخ رأسه؟ قال: كان سائلا يسأل الناس في المساجد، فقال: رده على صاحبه فقل له: اشتريناه بشرط البراءة من كل عيب.
قصيدة للبهائي (قده)
وللبهائي: قدس الله سره:
يا نديمي بمهجتي افديك ... قم واملأ الكؤس من هاتيك
هاتها هاتها مشعشعة ... افسدت دين التقي النسيك
قهوة ان ظللت ساحتها ... فسنا نور كأسها يهديك
يا كلام الفؤاد داو بها ... قلب المبتلي لكي يشفيك
هي نار الكليم فاجتلها ... واخلع النعل واترك التشكيك
صاح ناهيك بالمدام فدم ... في احتساها مخالفا ناهيك
عمرك الله قل لنا كرما ... يا حمام الأراك ما يبكيك
اترى غاب عنك أهل منى ... بعد ما قد توطنوا واديك
إن لي بين ربعهم رشا ... طرفه أن تمت أسى يحييك
ذو قوام كأنه غصن ... مال لمّا بدا به التحريك
لست أنساه إذ أتى سحرا ... وحده وحده بغير شريك
طرق الباب خائفا وجلا ... قلت من قال كلها يرضيك
قلت صرح قال تجهل من ... سيف ألحاظه تحكم فيك
بات يسقي وبت أشربها ... قهوة تترك المقل مليك
ثم جاذبته الرداء وقد ... خامر النوم طرفه الفتيك
قال لي: ما تريد؟ قلت: لي ... يا منى القلب قبلة من فيك
قال: خذها فمذ ظفرت بها ... قلت: زدني. قال: لا وأبيك
ثم وسدته اليمين إلى أن ... دنا الصبح قال لي يكفيك
قلت مهلا قال قم فلقد ... فاح ريح الصبا وصاح الديك
لطيفة: قيل كان بعض الملوك يحب النساء مفتون بهن، وكان له وزير ينهاه عن حبهن فمال قلبه عن محبتهن، فقالت له واحدة من خواصه لما تغير عليهن من هذا الحال: يا مولاي غفلت عنا؟ قال لها: ان وزيري فلان قد نهاني عن حبكن، فقالت الجارية: أيها الملك هبني له وسترى ما اصنع به، فوهبها للوزير فلما خلا بها الوزير تمنعت عليه حتى تمكن حبها من قلبه قالت: لا والله لا تقربني حتى أركبك وتمشي بي خطوات، فأجابها إلى ذلك فوضعت عليه سرجا ولجاما ثم ركبته ومشى بها خطوات وقد كان الملك هجم عليهم وهما في تلك الحالة فقال له: ما هذا يا أيها الوزير أنت كنت تنهاني عن حبهن وهذه حالتك معهن؟ فقال له الوزير:(1/175)
يا نديمي بمهجتي افديك ... قم واملأ الكؤس من هاتيك
هاتها هاتها مشعشعة ... افسدت دين التقي النسيك
قهوة ان ظللت ساحتها ... فسنا نور كأسها يهديك
يا كلام الفؤاد داو بها ... قلب المبتلي لكي يشفيك
هي نار الكليم فاجتلها ... واخلع النعل واترك التشكيك
صاح ناهيك بالمدام فدم ... في احتساها مخالفا ناهيك
عمرك الله قل لنا كرما ... يا حمام الأراك ما يبكيك
اترى غاب عنك أهل منى ... بعد ما قد توطنوا واديك
إن لي بين ربعهم رشا ... طرفه أن تمت أسى يحييك
ذو قوام كأنه غصن ... مال لمّا بدا به التحريك
لست أنساه إذ أتى سحرا ... وحده وحده بغير شريك
طرق الباب خائفا وجلا ... قلت من قال كلها يرضيك
قلت صرح قال تجهل من ... سيف ألحاظه تحكم فيك
بات يسقي وبت أشربها ... قهوة تترك المقل مليك
ثم جاذبته الرداء وقد ... خامر النوم طرفه الفتيك
قال لي: ما تريد؟ قلت: لي ... يا منى القلب قبلة من فيك
قال: خذها فمذ ظفرت بها ... قلت: زدني. قال: لا وأبيك
ثم وسدته اليمين إلى أن ... دنا الصبح قال لي يكفيك
قلت مهلا قال قم فلقد ... فاح ريح الصبا وصاح الديك
لطيفة: قيل كان بعض الملوك يحب النساء مفتون بهن، وكان له وزير ينهاه عن حبهن فمال قلبه عن محبتهن، فقالت له واحدة من خواصه لما تغير عليهن من هذا الحال: يا مولاي غفلت عنا؟ قال لها: ان وزيري فلان قد نهاني عن حبكن، فقالت الجارية: أيها الملك هبني له وسترى ما اصنع به، فوهبها للوزير فلما خلا بها الوزير تمنعت عليه حتى تمكن حبها من قلبه قالت: لا والله لا تقربني حتى أركبك وتمشي بي خطوات، فأجابها إلى ذلك فوضعت عليه سرجا ولجاما ثم ركبته ومشى بها خطوات وقد كان الملك هجم عليهم وهما في تلك الحالة فقال له: ما هذا يا أيها الوزير أنت كنت تنهاني عن حبهن وهذه حالتك معهن؟ فقال له الوزير:
أيها الملك من هذا كنت أخاف عليك يا مولاي فاستحسنته لنفسي دونك. قال الراوي: ونعم ما أجاب الوزير.
قصة السنانير وملك الهند ووزيره
ومن النوادر الغريبة: قيل كان ملك من ملوك الهند وكان له وزير مجرب خبير يتقلب الزمان وكان الملك لا يعمل شيئا إلا برأيه لعقله وتدبيره، ثم ان الملك مات وتولى من بعده ولده وكان معجبا برأيه ولم يلتفت إلى وزير أبيه ولم يهتم بمشورته فقيل له: إن أباك ما كان يقطع أمرا بنفسه، فقال: كان أبي غلطانا، فقال له ناس: امتحنه لترى من عقله، فأرسل إليه فقال: أيها الوزير أخبرني أيها أغلب على الرجل الطبع أو الأدب؟ فقال الوزير: الطبع أغلب فإنه أصل والأدب فرع ثم إن الملك دعا بسفرة الطعام والشراب واحضر له سنانير بأيديها الشمع فوقفوا حول تلك السفرة وقال للوزير: اعتبر كان الطبع أغلب من الأدب. فسكت الوزير ساعة ثم قال: امهلني إلى الليلة المقبلة، ثم ذهب الوزير إلى داره فقال لغلامه: إمسك لي فارا واربطه بخيط برجله، فأتاه الغلام بفار في رجله خيطا فأخذه في كمه ومضى إلى عند الملك فلما حضرت السفرة أقبلت السنانير بأيديها الشمع، فعند ذلك أخرج الوزير الفارة من كمه فلما رأته السنانير رمت الشمع وتبعت الفارة فكاد البيت أن يحترق بالنار جميعه، فقال له الوزير: أيها الملك كيف غلب الطبع على الأدب ورجع الفرع إلى أصله! قال: صدقت أيها الوزير، فرجع إلى رأيه كما كان يفعل أبوه.(1/176)
ومن النوادر الغريبة: قيل كان ملك من ملوك الهند وكان له وزير مجرب خبير يتقلب الزمان وكان الملك لا يعمل شيئا إلا برأيه لعقله وتدبيره، ثم ان الملك مات وتولى من بعده ولده وكان معجبا برأيه ولم يلتفت إلى وزير أبيه ولم يهتم بمشورته فقيل له: إن أباك ما كان يقطع أمرا بنفسه، فقال: كان أبي غلطانا، فقال له ناس: امتحنه لترى من عقله، فأرسل إليه فقال: أيها الوزير أخبرني أيها أغلب على الرجل الطبع أو الأدب؟ فقال الوزير: الطبع أغلب فإنه أصل والأدب فرع ثم إن الملك دعا بسفرة الطعام والشراب واحضر له سنانير بأيديها الشمع فوقفوا حول تلك السفرة وقال للوزير: اعتبر كان الطبع أغلب من الأدب. فسكت الوزير ساعة ثم قال: امهلني إلى الليلة المقبلة، ثم ذهب الوزير إلى داره فقال لغلامه: إمسك لي فارا واربطه بخيط برجله، فأتاه الغلام بفار في رجله خيطا فأخذه في كمه ومضى إلى عند الملك فلما حضرت السفرة أقبلت السنانير بأيديها الشمع، فعند ذلك أخرج الوزير الفارة من كمه فلما رأته السنانير رمت الشمع وتبعت الفارة فكاد البيت أن يحترق بالنار جميعه، فقال له الوزير: أيها الملك كيف غلب الطبع على الأدب ورجع الفرع إلى أصله! قال: صدقت أيها الوزير، فرجع إلى رأيه كما كان يفعل أبوه.
مناظرات ركن الدولة مع ابن بابويه
ظريفة: في ذكر المجلس الذي جرى للشيخ الإمام أبي جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن بابويه القمي مع الملك ركن الدولة أبي علي الحسين بن بابويه الديلمي. قيل: انه وصف للملك المذكور حال أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه وما يقعده في المجلس وما عليه من الآثار وما يجيب عنه من المسائل والأخبار ورجوع الإمامية إليه وإلى أقواله في البلدان والامصار، فأحب لقاءه ومساءلته فقدم إلى حاجبه البرمكي احضاره، فركب الحاجب إليه واحضره إلى مجلس السلطان فلما دخل عليه قربه وادناه وأكرمه ورفع مجلسه، فلما استقر به المجلس قال له السلطان: أيها الشيخ الفقيه العالم اختلف الحاضرون في القوم الذين طعنوا فيهم الشيعة، فقال بعضهم يجب الطعن وقال بعضهم لا يجب ولا يجوز فما عندك في هذا؟ فقال الشيخ (ره): أيها الملك إن الله تعالى لم يقبل من عباده الإقرار بتوحيده حتى ينفوا كلّ إله سواه وكل صنم عبد من دون الله الم تر انا أمرنا أن نقول: «لا إله إلا الله» فلا اله ففي كل اله عبد من دونه وقوله إلا الله إثبات لله عزّ وجلّ، وكذلك لم يقبل الإقرار بنبوة محمد نبينا صلّى الله عليه واله وسلّم حتى ينفوا كل متنبي كان في وقته مثل مسيلمة الكذاب وسجاح بنت الأسود العبسي واشباههم، وهكذا لا يقبل القول بإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام إلا بعد نفي كل ضد نصب للإمامة دونه. قال الملك هذا هو الحق وأخبرني أيها الشيخ بشيء جلي واضح من أمر انتصب للإمامة دونه. قال الشيخ: أيها الملك اجتمعت الأمة على نقل خبر سورة براءة وفيه خروج أبي بكر من الإسلام وفيه نزول ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام من السماء وعزل أبي بكر وفيه أنه لم يكن من النبي، قال الملك: وكيف ذلك؟ فقال الشيخ رحمه الله: روى جميع أهل النقل منا ومن مخالفينا انه لما نزلت سورة براءة على رسوله صلّى الله عليه واله وسلّم دعا أبا بكر فقال: يا أبا بكر خذ هذه السورة فأدها عني بالموسم بمكة، فأخذها أبو بكر وسار فلما بلغ بعض الطريق هبط جبرئيل عليه السّلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فدعا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أمير المؤمنين عليه السّلام وأمره أن يلحق أبا بكر ويأخذ منه سورة براءة ويؤديها عن الله تعالى أيام الموسم بمكة، فلحقه أمير المؤمنين عليه السّلام وأخذ منه سورة براءة وأداها عن الله تعالى حيث أنهم أخّروا من قدّمه الله تعالى وقدّموا من أخّره الله استهانة بالله سبحانه.
وقد صح أن أبا بكر ليس من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لقول جبرئيل عليه السّلام: لا يؤدي عنك
إلا أنت أو رجل منك، فإذا لم يكن من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يكن تابعا له، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} وإن لم يكن متبعا للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يكن محبا لله عزّ وجلّ لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللََّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وإذا لم يكن محبا كان مبغضا وبغض النبي صلّى الله عليه واله وسلّم كفر. وقد صح بنفس هذا الخبر أن عليا عليه السّلام من النبي. هذا مع ما رواه المخالف في تفسير قوله: {أَفَمَنْ كََانَ عَلى ََ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شََاهِدٌ مِنْهُ} ان الذي على بينة من ربه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم والشاهد الذي يتلوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام. وما رواه عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أنه قال: علي مني وأنا من علي. وما رواه من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لينتهين أو لأبعثن عليه رجلا نفسه نفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي. ومما روى عن جبرئيل عليه السّلام في غزاة أحد أنه نزل على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فنظر إلى علي عليه السّلام وجهاده بين يدي رسول الله فقال جبرئيل: هذه المواساة، فقال: يا جبرئيل لأنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السّلام: وأنا منكما. فكيف يصلح أيها الملك للإمامة رجل لم يأتمنه الله تعالى على تبليغ آيات من كتابه أن يؤديها إلى الناس أيام الموسم فكيف يجوز أن يكون مؤتمنا على أن يؤدي جميع دين الله عزّ وجلّ بعد النبي ويكون واليا عليهم وقد عزله الله عزّ وجلّ وولّى عليا عليه السّلام وكيف لا يكون عليا مظلوما وقد اخذوا ولايته وقد نزل بها جبرئيل من السماء؟ فقال الملك: هذا بين واضح.(1/177)
وقد صح أن أبا بكر ليس من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لقول جبرئيل عليه السّلام: لا يؤدي عنك
إلا أنت أو رجل منك، فإذا لم يكن من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يكن تابعا له، قال الله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} وإن لم يكن متبعا للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يكن محبا لله عزّ وجلّ لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللََّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللََّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وإذا لم يكن محبا كان مبغضا وبغض النبي صلّى الله عليه واله وسلّم كفر. وقد صح بنفس هذا الخبر أن عليا عليه السّلام من النبي. هذا مع ما رواه المخالف في تفسير قوله: {أَفَمَنْ كََانَ عَلى ََ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شََاهِدٌ مِنْهُ} ان الذي على بينة من ربه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم والشاهد الذي يتلوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام. وما رواه عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أنه قال: علي مني وأنا من علي. وما رواه من النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لينتهين أو لأبعثن عليه رجلا نفسه نفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي. ومما روى عن جبرئيل عليه السّلام في غزاة أحد أنه نزل على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فنظر إلى علي عليه السّلام وجهاده بين يدي رسول الله فقال جبرئيل: هذه المواساة، فقال: يا جبرئيل لأنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السّلام: وأنا منكما. فكيف يصلح أيها الملك للإمامة رجل لم يأتمنه الله تعالى على تبليغ آيات من كتابه أن يؤديها إلى الناس أيام الموسم فكيف يجوز أن يكون مؤتمنا على أن يؤدي جميع دين الله عزّ وجلّ بعد النبي ويكون واليا عليهم وقد عزله الله عزّ وجلّ وولّى عليا عليه السّلام وكيف لا يكون عليا مظلوما وقد اخذوا ولايته وقد نزل بها جبرئيل من السماء؟ فقال الملك: هذا بين واضح.
وكان رجل واقف على رأس الملك يقال له (أبو القاسم): فاستأذنه في كلامه فأذن له فقال: أيها الشيخ كيف يجوز أن تجتمع هذه الأمة على خطأ مع قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا تجتمع أمتي على ضلالة؟ فقال الشيخ: ان صح هذا الحديث فيجب أن تعرفه الأمة ومعناها أن الأمة في اللغة هي الجماعة وأقل الجماعة رجل وامرأة وقد قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً} فسمى واحدا أمة. قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: رحم الله قسا يحشر يوم القيامة أمة واحدة فما ينكر أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم إن كان قال هذا الحديث عنى به عليا عليه السّلام ومن تبعه. فقال: عنى به الأعظم ومن هو كان أكثر عددا؟ فقال الشيخ (ره): وجدنا الكثرة في كتاب الله عزّ وجلّ مذمومة والقلة مرحومة محمودة في قوله عزّ وجلّ: {لََا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوََاهُمْ}، {وَأَكْثَرُهُمْ لََا يَعْقِلُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ}، {أَكْثَرُهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَشْكُرُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}، {أَكْثَرُهُمْ فََاسِقُونَ}، {وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ}
وقال الله تعالى في مدح القلة: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ وَقَلِيلٌ مََا هُمْ}، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ}، {وَمََا آمَنَ مَعَهُ إِلََّا قَلِيلٌ} وذكر تعالى في قول
موسى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسى ََ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}.(1/178)
وكان رجل واقف على رأس الملك يقال له (أبو القاسم): فاستأذنه في كلامه فأذن له فقال: أيها الشيخ كيف يجوز أن تجتمع هذه الأمة على خطأ مع قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: لا تجتمع أمتي على ضلالة؟ فقال الشيخ: ان صح هذا الحديث فيجب أن تعرفه الأمة ومعناها أن الأمة في اللغة هي الجماعة وأقل الجماعة رجل وامرأة وقد قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً} فسمى واحدا أمة. قال النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: رحم الله قسا يحشر يوم القيامة أمة واحدة فما ينكر أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم إن كان قال هذا الحديث عنى به عليا عليه السّلام ومن تبعه. فقال: عنى به الأعظم ومن هو كان أكثر عددا؟ فقال الشيخ (ره): وجدنا الكثرة في كتاب الله عزّ وجلّ مذمومة والقلة مرحومة محمودة في قوله عزّ وجلّ: {لََا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوََاهُمْ}، {وَأَكْثَرُهُمْ لََا يَعْقِلُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَعْلَمُونَ}، {أَكْثَرُهُمْ لََا يُؤْمِنُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لََا يَشْكُرُونَ}، {وَلََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}، {أَكْثَرُهُمْ فََاسِقُونَ}، {وَمََا وَجَدْنََا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنََا أَكْثَرَهُمْ لَفََاسِقِينَ}
وقال الله تعالى في مدح القلة: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ وَقَلِيلٌ مََا هُمْ}، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ الشَّكُورُ}، {وَمََا آمَنَ مَعَهُ إِلََّا قَلِيلٌ} وذكر تعالى في قول
موسى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسى ََ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}.
قال الملك: كيف يجوز الارتداد على العدد الكثير مع قرب العهد بموت صاحب الشريعة صلّى الله عليه واله وسلّم؟ فقال الشيخ (ره): وكيف لا يجوز الارتداد عليهم مع قوله تعالى: {وَمََا مُحَمَّدٌ إِلََّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مََاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى ََ أَعْقََابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى ََ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللََّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللََّهُ الشََّاكِرِينَ}، وليس ارتدادهم ذلك بأعجب من ارتداد بني إسرائيل حين مضى موسى عليه السّلام لميقات ربه واستخلف عليهم أخاه هارون وقال: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلََا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} ووعد قومه بأنه يعود إليهم بعد ثلاثين ليلة وأتمها الله بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة فلم يصبر قومه إلى أن خرج فيهم السامري وصنع لهم من حليهم عجلا جسدا له خوار فقال لهم هذا الهكم وإله موسى، واستضعفوا هارون خليفة موسى واطاعوا السامري في عبادة العجل، ولم يحفظوا في هارون وصية موسى به ولا خلافته عليهم، فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال:
بئسما خلفتموني من بعدي اعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه، قال: ابن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين.
هذا مما قص الله تعالى من تمام هذه القصة، وإذا جاز على بني إسرائيل وهم من أمة أولي العزم أن يرتدوا بغيبة موسى عليه السّلام بزيادة عشر ليال حتى خالفوا وصيه واطاعوا السامري في عبادة العجل فكيف لا يجوز على هذه الأمة بعد موت النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أن تخالف وصيه وخليفته وخير الخلق بعده وتطيع سامري هذه الأمة؟ وإنما علي عليه السّلام بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعد محمد صلّى الله عليه واله وسلّم لما روي عن جميع أهل النقل.
فقال الملك للشيخ الفاضل: ما سمعت في المعنى كلاما أحسن من هذا ولا أبين. فقال الشيخ (ره): أيها الملك زعم القائلون بإمامة سامري هذه الأمة أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم مضى ولم يستخلف واستخلفوا رجلا وأقاموه، فإن كان ما فعله النبي صلّى الله عليه واله وسلّم على زعمهم من ترك الاستخلاف حقا فالذي أثبته القوم من الاستخلاف باطل، وإن كان الذي أثبته الأمة من الاستخلاف صوابا فالذي فعله النبي صلّى الله عليه واله وسلّم خطأ فمن لم يحكم بالخطأ عليه يحكم به على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وعليهم. فقال الملك: بل عليهم، قال الشيخ (ره): فكيف يجوز أن يخرج النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الدنيا ولا يوصي بأمر الأمة إلى
أحد ونحن لا نرضى من عقل أكار في قرية إذا مات وخلف مسحاة وفأسا لا يوصي به إلى أحد من بعده؟.(1/179)
فقال الملك للشيخ الفاضل: ما سمعت في المعنى كلاما أحسن من هذا ولا أبين. فقال الشيخ (ره): أيها الملك زعم القائلون بإمامة سامري هذه الأمة أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم مضى ولم يستخلف واستخلفوا رجلا وأقاموه، فإن كان ما فعله النبي صلّى الله عليه واله وسلّم على زعمهم من ترك الاستخلاف حقا فالذي أثبته القوم من الاستخلاف باطل، وإن كان الذي أثبته الأمة من الاستخلاف صوابا فالذي فعله النبي صلّى الله عليه واله وسلّم خطأ فمن لم يحكم بالخطأ عليه يحكم به على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وعليهم. فقال الملك: بل عليهم، قال الشيخ (ره): فكيف يجوز أن يخرج النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الدنيا ولا يوصي بأمر الأمة إلى
أحد ونحن لا نرضى من عقل أكار في قرية إذا مات وخلف مسحاة وفأسا لا يوصي به إلى أحد من بعده؟.
فقال الملك: القول كما تقوله لا كما يقوله المخالفون، فقال الشيخ: وهنا حكاية أخرى وهي أنهم زعموا أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يتخلف فخالفوه باستخلافهم من أقاموه وخالف النبي من أقامه بالأمر فلما حضرته الوفاة لم يعتد بالنبي صلّى الله عليه واله وسلّم في ترك الاستخلاف على رغمه واستخلف بعده الثاني، والثاني لم يعتدوا به ولا بالنبي صلّى الله عليه واله وسلّم حتى جعل الأمر شورى في قوم معدودين، وأيّ بيان أوضح من هذا؟ فقال الملك: هذا بيّن واضح فأي شبهة ولدوها في إمامة هذا الرجل وإقامته؟ فقال الشيخ: إنهم زعموا أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قدّمه للصلاة وهذا خبر لا يضر وقد اختلفوا فيه فمنهم من روى أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قال لعائشة: أمرت أباك أن يصلي بالناس، وأن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لما عرف تقدم أبي بكر خرج متكئا على علي عليه السّلام وعلى الفضل بن العباس حتى دخل المسجد فنحى أبا بكر وصلى بالناس قاعدا وأبو بكر خلفه والناس كانت خلف أبي بكر ومنهم من روى أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أمر حفصة أن تأمر أباها أن يصلي بالناس، وهذا الخبر لا يصح لأن المهاجرين والأنصار لم يحتجوا به ولا ذكروه يوم السقيفة، ولو صح هذا الخبر لما وجبت إمامة أبي بكر ولو وجبت الإمامة بالتقديم إلى الصلاة لوجب أن يكون عبد الرحمن بن عوف أولى بالإمامة، لأنهم رووا عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أنه صلى خلفه ولم يختلفوا في ذلك، وكيف يلزمنا أيها الملك قبول خبر عائشة وحفصة يجرهما النفع إلى أبيهما وإلى أنفسهما؟ ولا يلزمهم قبول قول فاطمة عليها السّلام وهي سيدة نساء العالمين فيما ادعته من أمر فدك وان أباها نحلها اياه مع كون فدك في يدها سنين من حياته صلّى الله عليه واله وسلّم مع شهادة علي والحسن والحسين عليهم السّلام وشهادة أم أيمن لها؟ وكيف يصح هذا الخبر عندهم وقد رووا أن شهادة البنت لأبيها غير جائزة، وقولهم: ان شهادة النساء لا تجوز في عشرة دراهم ولا أقل إذا لم يكن معهن رجل، ومع قولهم: إن شهادة النساء على النصف من شهادة الرجال؟ فقال الملك: قولهم في هذا غير صحيح والحق والصدق فيما قاله الشيخ الفاضل.
ثم قال الملك: أيها الشيخ لم قلت إن الإئمة إثنا عشر ولله عزّ وجلّ مئة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي؟ فقال الشيخ: أيها الملك ان الإمامة فريضة من فرائض الله وما أوجب الله فريضة غير معدودة، ألا ترى أن فرض الصلاة في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة، وفرض الزكاة معلوم وهي عندنا على تسعة أشياء،
ووجوب الصوم معلوم وهو ثلاثون يوما، وبين مناسك الحج وهي معدودة، وكذلك تكون الائمة عددا لا يجوز أن يقال بأكثر ولا أقل. فقال الملك: فهل بيّن الله لذلك مجملا والنبي صلّى الله عليه واله وسلّم بين عددها في سنّته لأن السنن إلى النبي صلّى الله عليه واله وسلّم؟ فقال الشيخ: نعم قد بين الفرائض والسّنن كلها بأمر الله تعالى قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنََا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنََّاسِ مََا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وأن الله تعالى قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ} ولم يبين عدد ركعاتها وبينها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوََالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهََا} ولم يبين عدد الأصناف التي تجب عليها الزكاة وقال الله تعالى:(1/180)
ثم قال الملك: أيها الشيخ لم قلت إن الإئمة إثنا عشر ولله عزّ وجلّ مئة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي؟ فقال الشيخ: أيها الملك ان الإمامة فريضة من فرائض الله وما أوجب الله فريضة غير معدودة، ألا ترى أن فرض الصلاة في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة، وفرض الزكاة معلوم وهي عندنا على تسعة أشياء،
ووجوب الصوم معلوم وهو ثلاثون يوما، وبين مناسك الحج وهي معدودة، وكذلك تكون الائمة عددا لا يجوز أن يقال بأكثر ولا أقل. فقال الملك: فهل بيّن الله لذلك مجملا والنبي صلّى الله عليه واله وسلّم بين عددها في سنّته لأن السنن إلى النبي صلّى الله عليه واله وسلّم؟ فقال الشيخ: نعم قد بين الفرائض والسّنن كلها بأمر الله تعالى قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنََا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنََّاسِ مََا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وأن الله تعالى قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلََاةَ} ولم يبين عدد ركعاتها وبينها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوََالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهََا} ولم يبين عدد الأصناف التي تجب عليها الزكاة وقال الله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيََامُ كَمََا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ولم يبين حدوده وهيئته وبينها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وقال الله تعالى: {وَلِلََّهِ عَلَى النََّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ولم يبين مناسك الحج فبينها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم كذلك قال الله تعالى: {يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللََّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} {وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلََاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكََاةَ وَهُمْ رََاكِعُونَ} ولم يبين عدد الأئمة فبينها النبي صلّى الله عليه واله وسلّم في سننه كما بين سائر الفرائض.
فقال الملك: إن أمر الإمامة لم يوافقكم عليه مخالفوكم كما وافقوكم على عدد الفرائض، فقال الشيخ (ره): ليس يبطل قولنا في الإمامة بمخالفة مخالفينا كما لا يبطل الإسلام ومعجزات النبي بمخالفة اليهود والنصارى والمجوس والبراهمة ولو بطل بشيء من مخالفة المخالفين لم يثبت في العالم شيء لأن ما من شيء إلا وفيه خلاف. فقال الملك: صدقت هذا هو الحق وأنتم عليه واولى الملك في تلك الساعة لأمير المؤمنين عليه السّلام وسب اعداءه ومن شايعهم على ذلك. والحمد لله رب العالمين.
قصة عبيد مع الليث
كتاب المستطرف: حكى القاضي يحيى بن أكثم قال: دخلت يوما على الخليفة هارون الرشيد ولد المهدي وهو مطرق مفكر فقال لي: أتعرف قائل هذا البيت:
الخير أبقى وإن طال الزمان به ... والشرّ أخبث ما أودعت من زاد
فقلت: يا أمير المؤمنين إن لهذا البيت شأنا مع عبيد بن الأبرص، فقال:
علي بعبيد، فلما حضر بين يديه قال: أخبرني عن قصة هذا البيت؟ قال: كنت يا أمير المؤمنين في بعض السنين حاجا فلما توسطت البادية في يوم شديد الحر
سمعت ضجة عظيمة في القفل لحقت أوله بآخره فسألت عن القصة فقال رجل من القوم: تقدم تر ما بالناس، فتقدمت إلى أول القافلة فإذا أنا بشجاع أسود فاغر فاه كالجذع وهو يخور كما يخور الثور ويرغو كرغاء الابل، فهالني أمره وبقيت لا أهتدي إلى ما أصنع في أمره فعدلنا عن طريقه إلى ناحية أخرى فعارضنا ثانيا فعلمت أنه ليث ولم يجترىء أحد من القوم أن يقربه، فقلت: أفدي هذا العالم بنفسي وأتقرب إلى الله تعالى بخلاص هذه القافلة من هذا، فأخذت قربة من الماء فتقلدتها وسللت سيفي وتقدمت، فلما رآني منه سكن وبقيت متوقعا منه وثبة يبلغني فيها فلما رأى القرية فتح فاه وجعلت فم القربة في فيه وصببت الماء كما يصب في اناء، فلما فرغت القربة تسيب في الرمل ومضى، فتعجبت من تعرضه لنا وانصرافه عنا من غير سوء لحقنا منه، ومضينا لحجنا ثم عدنا في طريقنا ذلك وحطينا في منزلنا ذلك في ليلة مظلمة مدلهمة فأخذت شيئا من الماء وعدلت إلى ناحية من الطريق فقضيت حاجتي ثم توضأت وصليت وجلست أذكر الله سبحانه فأخذت عيناي النوم فنمت مكاني فلما استيقظت من النوم لم أجد للقافلة حسا وقد ارتحلوا وبقيت منفردا ولم أهتد إلى ما أفعله واخذتني حيرة وجعلت اضطرب، وإذا بصوت هاتف اسمع صوته ولا أرى شخصه يقول:(1/181)
علي بعبيد، فلما حضر بين يديه قال: أخبرني عن قصة هذا البيت؟ قال: كنت يا أمير المؤمنين في بعض السنين حاجا فلما توسطت البادية في يوم شديد الحر
سمعت ضجة عظيمة في القفل لحقت أوله بآخره فسألت عن القصة فقال رجل من القوم: تقدم تر ما بالناس، فتقدمت إلى أول القافلة فإذا أنا بشجاع أسود فاغر فاه كالجذع وهو يخور كما يخور الثور ويرغو كرغاء الابل، فهالني أمره وبقيت لا أهتدي إلى ما أصنع في أمره فعدلنا عن طريقه إلى ناحية أخرى فعارضنا ثانيا فعلمت أنه ليث ولم يجترىء أحد من القوم أن يقربه، فقلت: أفدي هذا العالم بنفسي وأتقرب إلى الله تعالى بخلاص هذه القافلة من هذا، فأخذت قربة من الماء فتقلدتها وسللت سيفي وتقدمت، فلما رآني منه سكن وبقيت متوقعا منه وثبة يبلغني فيها فلما رأى القرية فتح فاه وجعلت فم القربة في فيه وصببت الماء كما يصب في اناء، فلما فرغت القربة تسيب في الرمل ومضى، فتعجبت من تعرضه لنا وانصرافه عنا من غير سوء لحقنا منه، ومضينا لحجنا ثم عدنا في طريقنا ذلك وحطينا في منزلنا ذلك في ليلة مظلمة مدلهمة فأخذت شيئا من الماء وعدلت إلى ناحية من الطريق فقضيت حاجتي ثم توضأت وصليت وجلست أذكر الله سبحانه فأخذت عيناي النوم فنمت مكاني فلما استيقظت من النوم لم أجد للقافلة حسا وقد ارتحلوا وبقيت منفردا ولم أهتد إلى ما أفعله واخذتني حيرة وجعلت اضطرب، وإذا بصوت هاتف اسمع صوته ولا أرى شخصه يقول:
يا أيها الشخص المدل بركبه ... ما عنده من ذي رشاد يصحبه
دونك هذا البكر منا فاركبه ... وبكرك الميمون هذا فاجنبه
حتى إذا ما الليل زال غيهبه ... فحط عنه رحله وسيبه
فنظرت فإذا أنا ببكر قائم عندي وبكري إلى جانبي، فأنخته وركبته وجنبت بكري فلما سرت قدر عشرة أميال لاحت لي القافلة وانفجر الفجر ووقف البكر، فعلمت أنه قد حان نزولي فتحولت إلى بكري وقلت:
يا أيها الركب فد انجيت من كرب ... ومن هموم تضل المدلج الهادي
الا تخبرنا بالله خالقنا ... من ذا الذي جعل المعروف في الوادي
وارجع حميدا فقد أبلغت مأمننا ... بوركت من ذي سنام رائح غادي
فالتفت البكر إلي وسمعته يقول:
أنا الشجاع الذي الفيتني رمضا ... والله يكشف ضر الحائر الصادي
فجدت بالماء لما ظنّ حامله ... تكرّما منك لم تمنن بانكادي
فالخير أبقى وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت من زاد
هذا جزاؤك مني لا أمن به ... فاذهب حميدا رعاك الخالق الهادي
فعجب الرشيد من قوله وأمر بالقصة والأبيات فكتبت عنده وقال: لا يضيع المعروف أين وضع.(1/182)
أنا الشجاع الذي الفيتني رمضا ... والله يكشف ضر الحائر الصادي
فجدت بالماء لما ظنّ حامله ... تكرّما منك لم تمنن بانكادي
فالخير أبقى وإن طال الزمان به ... والشر أخبث ما أوعيت من زاد
هذا جزاؤك مني لا أمن به ... فاذهب حميدا رعاك الخالق الهادي
فعجب الرشيد من قوله وأمر بالقصة والأبيات فكتبت عنده وقال: لا يضيع المعروف أين وضع.
وصف ابن الأعمى داره
ولقد أحسن الأديب كمال الدين علي بن محمد بن المبارك الشهير بابن الأعمى في ذم دار يسكنها:
دار سكنت بها أقل صفاتها ... إن تكثر الحشرات في جنباتها
الخير عنها نازح متباعد ... والشر دان من جميع جهاتها
من بعد ما فيها البعوض عدمته ... كم أعدم الأجفان طيب سناتها
وتبيت تشعرها براغيث متى ... غنت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه ... قد قدمت فيه على اخواتها
وبها ذئاب كالضبا يسدن عين ... الشمس ما طربي سوى غناتها
اين الصوارم والفتى من فتكها ... فينا واين الأسد من وثباتها
وبها من الخطاف ما هو معجز ... ابصارنا عن حصر كيفياتها
وبها خفافيش تطير نهارها ... مع ليلها ليست على عاداتها
وبها من الجرذان ما قد قصرت ... عند العتاق الدهم في حملاتها
وبها خنافس كالطنافس افرشت ... في أرضها وعلت على جنباتها
لو شم أهل الحرب منتن فسوها ... أردى الكماة الصيد عن صهواتها
وبنات وردان وأشكال لها ... مما يفوت العين كنه ذواتها
أبدا تمص دماءنا وكأنها ... حجامة ليدت على كاساتها
وبها من النمل السليماني ما ... قد قل ذر الشمس عن ذراتها
ما راعني شيء سوى وزغاتها ... فنعوذ بالرحمن من نزعاتها
سجعت على أوكارها فظننتها ... ورق الحمام سجعن في شجراتها
وبها زنابير تظنّ عقاربا ... يتوقد الأحشاء من زفراتها
وبها عقارب كالأقارب رتّعا ... فينا حمانا الله لدغ حماتها
كيف السبيل إلى النجاة ولا نجا ... ولا حياة لمن رأى حياتها
منسوجة بالعنكبوت سماؤها ... والأرض قد نسجت ثرى آفاتها
واليوم عاكفة على ارجائها ... والدود تبحث في ثرى عرصاتها
والنار جزء من تلهب حرها ... وجهنم تعزو إلى نفحاتها
شاهدت مكتوبا على أرجائها ... ورأيت مسطورا على جنباتها
لا تقربوا منها وخافوها ولا ... تلقوا بأيديكم إلى هلكاتها
أبدا تقول الداخلون ببابها ... يا رب نج الناس من آفاتها
قالوا إذا ندب الغراب منازلا ... يتفرقون الناس من ساحاتها
وبدارنا الفا غراب ناعق ... كذب الرواة فأين صدق رواتها
صبرا لعل الله يعقب راحة ... للنفس إذ غلبت على شهواتها
دار تبيت الجن تحرس نفسها ... فيها وتنذر باختلاف لغاتها
كم بت فيها مفردا والعين من ... شوق الصباح تسح من عبراتها
وأقول يا رب السماوات العلا ... يا رازقا للوحش في فلواتها
أسكنتني بجهنم الدنيا ففي ... أخراي هب لي الخلد في جناتها
واجمع بمن أهواه شملي عاجلا ... يا جامع الأرواح بعد شتاتها
قال: رجل لولده وهو في المكتب: في أي سورة أنت؟ فقال: في لا أقسم بهذا البلد ووالد بلا ولد، فقال: لعمري من كنت أنت ولده فهو بلا ولد.(1/183)
دار سكنت بها أقل صفاتها ... إن تكثر الحشرات في جنباتها
الخير عنها نازح متباعد ... والشر دان من جميع جهاتها
من بعد ما فيها البعوض عدمته ... كم أعدم الأجفان طيب سناتها
وتبيت تشعرها براغيث متى ... غنت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه ... قد قدمت فيه على اخواتها
وبها ذئاب كالضبا يسدن عين ... الشمس ما طربي سوى غناتها
اين الصوارم والفتى من فتكها ... فينا واين الأسد من وثباتها
وبها من الخطاف ما هو معجز ... ابصارنا عن حصر كيفياتها
وبها خفافيش تطير نهارها ... مع ليلها ليست على عاداتها
وبها من الجرذان ما قد قصرت ... عند العتاق الدهم في حملاتها
وبها خنافس كالطنافس افرشت ... في أرضها وعلت على جنباتها
لو شم أهل الحرب منتن فسوها ... أردى الكماة الصيد عن صهواتها
وبنات وردان وأشكال لها ... مما يفوت العين كنه ذواتها
أبدا تمص دماءنا وكأنها ... حجامة ليدت على كاساتها
وبها من النمل السليماني ما ... قد قل ذر الشمس عن ذراتها
ما راعني شيء سوى وزغاتها ... فنعوذ بالرحمن من نزعاتها
سجعت على أوكارها فظننتها ... ورق الحمام سجعن في شجراتها
وبها زنابير تظنّ عقاربا ... يتوقد الأحشاء من زفراتها
وبها عقارب كالأقارب رتّعا ... فينا حمانا الله لدغ حماتها
كيف السبيل إلى النجاة ولا نجا ... ولا حياة لمن رأى حياتها
منسوجة بالعنكبوت سماؤها ... والأرض قد نسجت ثرى آفاتها
واليوم عاكفة على ارجائها ... والدود تبحث في ثرى عرصاتها
والنار جزء من تلهب حرها ... وجهنم تعزو إلى نفحاتها
شاهدت مكتوبا على أرجائها ... ورأيت مسطورا على جنباتها
لا تقربوا منها وخافوها ولا ... تلقوا بأيديكم إلى هلكاتها
أبدا تقول الداخلون ببابها ... يا رب نج الناس من آفاتها
قالوا إذا ندب الغراب منازلا ... يتفرقون الناس من ساحاتها
وبدارنا الفا غراب ناعق ... كذب الرواة فأين صدق رواتها
صبرا لعل الله يعقب راحة ... للنفس إذ غلبت على شهواتها
دار تبيت الجن تحرس نفسها ... فيها وتنذر باختلاف لغاتها
كم بت فيها مفردا والعين من ... شوق الصباح تسح من عبراتها
وأقول يا رب السماوات العلا ... يا رازقا للوحش في فلواتها
أسكنتني بجهنم الدنيا ففي ... أخراي هب لي الخلد في جناتها
واجمع بمن أهواه شملي عاجلا ... يا جامع الأرواح بعد شتاتها
قال: رجل لولده وهو في المكتب: في أي سورة أنت؟ فقال: في لا أقسم بهذا البلد ووالد بلا ولد، فقال: لعمري من كنت أنت ولده فهو بلا ولد.
وأرسل: رجل ولده يشتري له وشاء للبئر طوله عشرون ذراعا فوصل إلى نصف الطريق ثم رجع فقال: يا أبت عشرون في عرض كم؟ فقال في عرض مصيبتي فيك.
كان: لمحمد بن بشير الشاعر ابن جسيم ولد فأرسله في حاجة فابطأ عليه ثم عاد ولم يقضها، فنظر إليه ثم قال:
عقله عقل طائر ... وهو في خلقة الجمل
فأجابه:
شعبة منك يا أبي ... ليس لي منه منتقل
قصة الضرتين مع معاوية ومروان
كان: لأعرابي إمرأتان فولدت إحداهما جارية والأخرى غلاما فرقّصته أمه يوما وقالت مغايرة لضرتها:
الحمد لله الحميد العالي ... انقذني العام من الخوالي
من كل شوهاء كشن بالي ... لا ترفع الضيم عن العيال
فسمعت ضرتها فأقبلت ترقص بنتها وتقول:(1/184)
الحمد لله الحميد العالي ... انقذني العام من الخوالي
من كل شوهاء كشن بالي ... لا ترفع الضيم عن العيال
فسمعت ضرتها فأقبلت ترقص بنتها وتقول:
وما علي أن تكون جارية ... تغسل رأسي وتكون الغالية
وترفع الساقط من خماريه ... حتى إذا ما بلغت ثمانية
أزرتها منقبة يمانية ... أنكحها مروان أو معاوية
اصهار صدق ومهور غالية
قال: فسمعها مروان فتزوجها على مئة ألف وقال: لحق أن لا تكذب ظن أمها ولا يخان بعهدها، فقال معاوية: لولا أن مروان سبقنا إليها لأضعفنا لها المهر ولكن لا تحرم الصلة، فبعث إليها بمئة درهم. والله أعلم.
للبدر الدماميني: في مدح العذار:
يحدث ليل عارضه بأني ... سأسلوه وينقطع المزار
فأشرق صبح غرته ينادي ... حديث الليل يمحوه النهار
قصة حاتم الأصم
حكي: أن حاتم الأصم كان رجلا كثير العيال وكان له أولاد ذكور وبنات ولم يكن يملك حبة واحدة، وكان قدمه التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم فعرضوا بذكر الحج فدخل الشوق في قلبه فدخل على أولاده وجلس معهم يحدثهم ثم قال: لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا ويدعو لكم ماذا عليكم لو فعلتم؟ فقال له أولاده وزوجته: أنت على هذه الحالة لا نحملك شيئا ونحن على ما ترى من الفاقة فكيف تريد ذلك، وكانت له ابنة صغيرة فقالت: ماذا عليكم لو أذنتم له ولا نهكم ذلك دعوه يذهب حيث شاء فإنه أكال للرزق وليس برازق فذكر لهم ذلك فقالوا: صدقت والله يا هذه الصغيرة. يا أبانا إنطلق حيث أحببت فقام من وقته وساعته واحرم بالحج وخرج مسافرا وأصبح أهل بيته يدخلون عليهم ويوبخونهم ويقولون لهم: كيف أذنتم بالحج؟ وتأسف على فراقه جيرانه وأصحابه وجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون: لو سكتت ما تكلمنا، فرفعت الصبية رأسها إلى السماء وقالت: إلهي ومولاي وسيدي وعليك القوم بفضلك وأنت لا تضيعهم فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم
فبينما هم على تلك الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع من عسكره وأصابه عطش شديد فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء وقرع الباب فقالوا: من أنت؟ قال: الامير ببابكم يستسقيكم، فرفعت زوجة حاتم
طرفها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي سبحانك بتنا البارحة جياعا واليوم يقف الأمير ببابنا يستسقينا ثم أنها أخذت كوزا وملأته ماء وقالت للمتناول منها:(1/185)
فبينما هم على تلك الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع من عسكره وأصابه عطش شديد فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء وقرع الباب فقالوا: من أنت؟ قال: الامير ببابكم يستسقيكم، فرفعت زوجة حاتم
طرفها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي سبحانك بتنا البارحة جياعا واليوم يقف الأمير ببابنا يستسقينا ثم أنها أخذت كوزا وملأته ماء وقالت للمتناول منها:
أعذرونا، فأخذ الأمير الكوز فشرب منه فاستطاب ذلك الماء فقال: هذه الدار لأمير؟ فقالوا: لا بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم، قال:
الأمير: لقد سمعت به، فقال الوزير: لقد سمعت يا سيدي أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا وأخبرت بأنهم البارحة باتوا جياعا، فقال الأمير ونحن قد ثقلنا عليهم اليوم أيضا وليس هذا من المروءة يثقل مثلنا على مثلهم.
ثم ان الأمير حل منطقته ورمى بها في الدار ثم قال: من أحبني فليلق منطقته فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا، فقال الوزير: السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق، فلما نزل الأمير رجع إليهم الوزير بثمن المناطق مالا جزيلا، فلما رأت الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا فقالوا لها: ما هذا البكاء إنما يجب أن تفرحي فإن الله تعالى قد وسع علينا؟ فقالت: والله إنما أبكي كيف بتنا جياعا نظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا، فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد. اللهم أنظر إلى أبينا ودبره بأحسن التدبير.
وأما ما كان من أمر حاتم فإنه لما خرج محرما ولحق بالقوم فتوجع أمير الركب فطلب طبيبا فلم يجد فقال: هل هنا من عبد صالح؟ فدل على حاتم الأصم فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعوفي الأمير فأمر له بما يركب وبما يأكل وبما يشرب، فنام تلك الليلة متفكرا في أمر عياله فقيل له في منامه: يا حاتم من أصلح معاملته معنا اصلحنا معاملتنا معه ثم أخبر بما كان من أمر عياله فأكثر من الثناء على الله تعالى، فلما قضى الحج ورجع تلقاه أولاده فعانق الصغيرة وبكى ثم قال:
صغار قوم كبار قوم آخرين ان الله لا ينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى أعرفكم به، فعليكم بمعرفته والاتكال عليه فإنه من يتوكل على الله كفاه.
قصة الرشيد مع الأموي الدمشقي
رفع: إلى الرشيد أن بدمشق رجلا من بني أمية عظيم الجاه والمال كثير الخيل والجند يخشى على المملكة منه وكان الرشيد يومئذ بالكوفة. قال منارة:
فاستدعاني الرشيد وقال: اركب الساعة إلى دمشق وخذ معك مائتي غلام واتني بفلان الأموي، وهذا كتابي إلى العامل لا توصله إلا إذا امتنع عليك فإذا أجاب فقيده وعادله بعد أن تحصي جميع ما تراه وما يتكلم به، واذكر لي حاله وماله وقد
اجلت لذهابك ستا ولمجيئك ستا ولاقامتك يوما واحدا فهمت؟ قال: نعم، قال:(1/186)
فاستدعاني الرشيد وقال: اركب الساعة إلى دمشق وخذ معك مائتي غلام واتني بفلان الأموي، وهذا كتابي إلى العامل لا توصله إلا إذا امتنع عليك فإذا أجاب فقيده وعادله بعد أن تحصي جميع ما تراه وما يتكلم به، واذكر لي حاله وماله وقد
اجلت لذهابك ستا ولمجيئك ستا ولاقامتك يوما واحدا فهمت؟ قال: نعم، قال:
فسر على بركة الله. فخرجت اطوي المنازل ليلا ونهارا لا أنزل إلا للصلاة ولقضاء حاجتي حتى وصلت الليلة السابعة باب دمشق، فلما فتح الباب دخلت قاصدا نحو دار الأموي فإذا هي دار عظيمة هائلة وخدم وحشم ونعمة ظاهرة وحشمة وافرة ومصاطب متسعة وغلمان فيها فتهجمت الدار بغير اذن فبهتوا وسألوا عني فقيل:
هذا رسول أمير المؤمنين، فلما صرت في وسط الدار رأيت أقواما محتشمين ظننت أن المطلوب فيهم، فسألت عنه فقيل لي: انه في الحمام، فأكرموني واجلسوني وأمروا بمن كان معي ومن صحبني إلى مكان آخر وأنا اتفقد الدار وأتأمّل الأحوال، حتى إذا أقبل الرجل من الحمام ومعه جماعة كثيرة من كهول وشبان وجند وغلمان فسلم خفيا وسألني عن أمير المؤمنين، فأخبرته أنه بعافية فحمد الله تعالى ثم حضرت له اطباق الفاكهة فقال: تقدم يا منارة فتألمت ألما شديدا إذ لم يكنّني فقلت: ما آكل، فلم يعاودني ورأيت ما لم أره إلا في الخليفة، ثم قدم الطعام فو الله ما رأيت أحسن ترتيبا ولا أعطر رائحة ولا أكثر منه، فقال: تقدم يا منارة فكل، فقلت: ليس لي به حاجة فلم يعاود، ونظرت إلى أصحابي فلم أجد أحدا منهم عندي فجزعت لكثرة حفدته وعدم ما عندي فلما أتمّ أكله غسل يده واحضر له البخور فتبخر ثم قام فصلى الظهر فأكثر من الركوع والسجود.
فلما فرغ استقبلني وقال: ما أقدمك يا منارة؟ فناولته كتاب أمير المؤمنين فقبله ووضعه على رأسه ثم فضه وقرأه فلما فرغ استدعى جميع بنيه وخواصه وسائر غلمانه فضاقت الدار بهم على سعتها فطار عقلي وما شككت إلا أنه يريد القبض علي فقال: الطلاق يلزمه والحج والعتق والصدقة وسائر ايمانه البقية لا يجتمع منكم إثنان في مكان واحد حتى ينكشف أمره، ثم أوصاهم على الحريم واستقبلني وقدم رجليه وقال: هات اقيادك يا منارة، فدعوت الحداد فقيده وحمل حتى وضع في المحمل وركبت معه في المحمل وسرنا، فلما وصلنا ظاهر دمشق ابتدأ يحدثني بانبساط ويقول: هذه الضيعة لي تعمل في كل سنة بكذا وكذا وهذا البستان لي وفيه من غرائب الأشجار وطيب الأثمار كذا وكذا وهذه المزارع يحصل لي فيها كل سنة كذا وكذا، فقلت: يا هذا الست تعلم أن أمير المؤمنين أهمه ذلك حتى انفذني خلفك وهو بالكوفة ينتظرك وأنت ذاهب إليه ما تدري ماذا تقدم عليه وقد أخرجتك من منزلك وأهلك ونعمتك فريدا وحيدا وأنت تحدثني حديثا غير مفيد ولا نافع لك ولا سألتك عنه وكان شغلك بنفسك أولى لك؟ فقال: انا لله وانا إليه راجعون لقد اخطأت فراستي فيك يا منارة ما ظننت انك عند الخليفة بهذه المكانة وأنت إذا
جاهل عامي لا تصلح لمخاطبة الخلفاء أما حروجي على ما ذكرت فإني على ثقة من ربي الذي بيده ناصية أمير المؤمنين، فهو لا يضر ولا ينفع إلا بمشيئة ربي فإن كان قد قضى علي بأمر فلا حيلة لي في رفعه ولا قدرة لي في دفعه، وإن لم يكن قدر علي بشيء فلو اجتمع أمير المؤمنين وسائر من معه على وجه الأرض أن يضروني لم يستطيعوا أن يضروني، وما لي ذنب فأخاف وإنما هذا واش وشى عند أمير المؤمنين ببهتان، وأمير المؤمنين كامل العقل فإذا اطلع على براءتي فهو لا يستحل مضرتي وعليّ عهد الله لا كلمتك بعدها إلا جوابا.(1/187)
فلما فرغ استقبلني وقال: ما أقدمك يا منارة؟ فناولته كتاب أمير المؤمنين فقبله ووضعه على رأسه ثم فضه وقرأه فلما فرغ استدعى جميع بنيه وخواصه وسائر غلمانه فضاقت الدار بهم على سعتها فطار عقلي وما شككت إلا أنه يريد القبض علي فقال: الطلاق يلزمه والحج والعتق والصدقة وسائر ايمانه البقية لا يجتمع منكم إثنان في مكان واحد حتى ينكشف أمره، ثم أوصاهم على الحريم واستقبلني وقدم رجليه وقال: هات اقيادك يا منارة، فدعوت الحداد فقيده وحمل حتى وضع في المحمل وركبت معه في المحمل وسرنا، فلما وصلنا ظاهر دمشق ابتدأ يحدثني بانبساط ويقول: هذه الضيعة لي تعمل في كل سنة بكذا وكذا وهذا البستان لي وفيه من غرائب الأشجار وطيب الأثمار كذا وكذا وهذه المزارع يحصل لي فيها كل سنة كذا وكذا، فقلت: يا هذا الست تعلم أن أمير المؤمنين أهمه ذلك حتى انفذني خلفك وهو بالكوفة ينتظرك وأنت ذاهب إليه ما تدري ماذا تقدم عليه وقد أخرجتك من منزلك وأهلك ونعمتك فريدا وحيدا وأنت تحدثني حديثا غير مفيد ولا نافع لك ولا سألتك عنه وكان شغلك بنفسك أولى لك؟ فقال: انا لله وانا إليه راجعون لقد اخطأت فراستي فيك يا منارة ما ظننت انك عند الخليفة بهذه المكانة وأنت إذا
جاهل عامي لا تصلح لمخاطبة الخلفاء أما حروجي على ما ذكرت فإني على ثقة من ربي الذي بيده ناصية أمير المؤمنين، فهو لا يضر ولا ينفع إلا بمشيئة ربي فإن كان قد قضى علي بأمر فلا حيلة لي في رفعه ولا قدرة لي في دفعه، وإن لم يكن قدر علي بشيء فلو اجتمع أمير المؤمنين وسائر من معه على وجه الأرض أن يضروني لم يستطيعوا أن يضروني، وما لي ذنب فأخاف وإنما هذا واش وشى عند أمير المؤمنين ببهتان، وأمير المؤمنين كامل العقل فإذا اطلع على براءتي فهو لا يستحل مضرتي وعليّ عهد الله لا كلمتك بعدها إلا جوابا.
ثم أعرض عني وأقبل على التلاوة وما زال كذلك حتى وافينا الكوفة بكرة يوم الثالث عشر، وإذا النجب قد استقبلت من عند أمير المؤمنين تكشف عن أخبارنا فلما دخلت على أمير المؤمنين قبلت الأرض فقال: هات يا منارة أخبرني من يوم خروجك عني إلى يوم قدومك علي فابتدأت أحدثه بأموري كلها مفصلة والغضب يطير في وجهه، فلما انتهيت إلى جمعه لأولاده وغلمانه وضيق الدار بهم وتفقدي لأصحابي فلم أر منهم أحدا اسود وجهه، فلما ذكرت يمينه عليهم تلك اليمين المغلظة تهلل وجهه، فلما قلت: انه مد رجليه اسفر واستبشر، فلما أخبرته بحديثي معه في ضياعه وبساتينه وما قلت له وما قال لي قال: هذا رجل محسود على نعمته ومكذوب عليه، وقد ازعجناه وارعبناه وشوشنا عليه وعلى أولاده وأهله، أخرج إليه وانزع قيوده وأدخله علي مكرّما. ففعلت فلما دخل قبل الأرض فرحب به أمير المؤمنين واجلسه واعتذر إليه فتكلم بكلام فصيح فقال له أمير المؤمنين: سل حوائجك؟ قال: سرعة رجوعي إلى بلدي وجمع شملي بأهلي وولدي، قال: هذا كائن فسل غيره، قال: عدل أمير المؤمنين في عماله ما أحوجني إلى سؤال، قال: فخلع أمير المؤمنين عليه ثم قال: يا منارة لتركب الساعة حتى ترده إلى المكان الذي جئت به منه، قم في حفظ الله ورعايته ولا تقطع أخبارك عنا وحوائجك.
مناظرة الصادق عليه السّلام مع الشامي
كتاب إرشاد المفيد قدس سره: أخبرني أبو القاسم بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن جماعة عن رجاله عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة
أصحابك، فقال أبو عبد الله عليه السّلام: كلامك هذا من كلام رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بعضه ومن عندي بعض، فقال له أبو عبد الله: فأنت إذا شريك رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم؟ قال: لا، قال: فسمعت الوحي عن الله عزّ وجلّ يخبرك؟ قال: لا، قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم؟(1/188)
كتاب إرشاد المفيد قدس سره: أخبرني أبو القاسم بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن جماعة عن رجاله عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال له: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة
أصحابك، فقال أبو عبد الله عليه السّلام: كلامك هذا من كلام رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بعضه ومن عندي بعض، فقال له أبو عبد الله: فأنت إذا شريك رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم؟ قال: لا، قال: فسمعت الوحي عن الله عزّ وجلّ يخبرك؟ قال: لا، قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم؟
قال: لا، فالتفت أبو عبد الله إلي فقال: يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم، ثم قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته، قال يونس: فيا لها من حسرة، فقلت: جعلت فداك إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد وهذا ينساق وهذا لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السّلام إنما قلت فويل لقوم تركوا قولي وذهبوا إلى ما يريدون، ثم قال: أخرج إلى الباب وانظر من ترى من المتكلمين فأدخله، قال: فخرجت فوجدت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ومحمد بن النعمان الأحول وكان متكلما وهشام بن سالم وقيس الماصر وكانا متكلمين فأدخلتهم عليه، فلما استقر بهم المجلس وكنا في خيمة لأبي عبد الله عليه السّلام على طرف جبل في طرف الحرم وذلك قبل أيام الحج بأيام إذ أخرج أبو عبد الله عليه السّلام رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام ورب الكعبة، قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة لأبي عبد الله عليه السّلام فإذا هو هشام بن الحكم قد ورد وهو أول ما اختطت لحيته وليس فينا إلا من هو أكبر منه سنا قال: فوسع له أبو عبد الله عليه السّلام وقال: ناصرنا بقلبه ولسانه ويده، ثم قال لحمران: كلم الرجل يعني الشامي فكلمه حمران فظهر عليه، ثم قال:
يا طافي كلمه فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان، ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه فتفارقا، ثم قال لقيس الماصر: كلمه فكلمه وأقبل أبو عبد الله عليه السّلام يبتسم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ثم قال للشامي: كلم هذا يعني هشام بن الحكم، فقال: نعم، ثم قال الشامي لهشام: يا غلام سلني في إمامة هذا يعني أبا عبد الله عليه السّلام، فغضب هشام حتى أرعد ثم قال له: أخبرني يا هذا أربّك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه، قال: ففعل بنظره لهم ماذا؟ قال: كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلّفهم وأراح في ذلك عللهم، فقال له هشام: فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي: هو رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال هشام: فبعد رسول الله من؟ قال: الكتاب والسنة، قال له هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه حتى يرفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي: نعم، قال هشام: فلم اختلفنا نحن وأنت وجئتنا من الشام تخالفنا وتزعم أن الرأي طريق
الدين وأنت مقرّ بأن الرأي لا يجمع إلى القول الواحد المختلفين؟ فسكت الشامي كالمفكر.(1/189)
يا طافي كلمه فكلمه فظهر عليه محمد بن النعمان، ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه فتفارقا، ثم قال لقيس الماصر: كلمه فكلمه وأقبل أبو عبد الله عليه السّلام يبتسم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ثم قال للشامي: كلم هذا يعني هشام بن الحكم، فقال: نعم، ثم قال الشامي لهشام: يا غلام سلني في إمامة هذا يعني أبا عبد الله عليه السّلام، فغضب هشام حتى أرعد ثم قال له: أخبرني يا هذا أربّك أنظر لخلقه أم هم لأنفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي أنظر لخلقه، قال: ففعل بنظره لهم ماذا؟ قال: كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلّفهم وأراح في ذلك عللهم، فقال له هشام: فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي: هو رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال هشام: فبعد رسول الله من؟ قال: الكتاب والسنة، قال له هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه حتى يرفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي: نعم، قال هشام: فلم اختلفنا نحن وأنت وجئتنا من الشام تخالفنا وتزعم أن الرأي طريق
الدين وأنت مقرّ بأن الرأي لا يجمع إلى القول الواحد المختلفين؟ فسكت الشامي كالمفكر.
فقال له أبو عبد الله عليه السّلام: ما لك لا تتكلم؟ فقال: إن قلت ما اختلفنا كابرت وإن قلت إن الكتاب والسنة يرفعان الاختلاف ابطلت لأنهما يحتملان الوجوه، ولكن لي عليه مثل ذلك. فقال أبو عبد الله عليه السّلام: سله تجده مليا، فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم انفسهم؟ فقال هشام: بل ربهم أنظر، قال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ويبين لهم حقهم من باطلهم؟ قال هشام: نعم، قال الشامي: من هو؟ قال هشام: أما في ابتداء الشريعة فرسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأما بعد النبي فغيره، فقال الشامي: ومن هو غير النبي صلّى الله عليه واله وسلّم القائم مقامه في حجته؟ قال هشام: في وقتنا هذا أم قبله؟ قال الشامي: بل في وقتنا هذا، قال هشام: هذا الجالس يعني أبا عبد الله عليه السّلام الذي تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن أب عن جد، قال الشامي: وكيف لي بعلم ذلك؟
قال هشام: سله عما بدا لك، قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال له أبو عبد الله عليه السّلام: أنا أكفيك المسألة يا شامي أخبرك عن مسيرك وسفرك يوم كذا وكان طريقك كذا ومررت على كذا وكذا ومر بك كذا وكذا، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول: صدقت والله، ثم قال له الشامي: اسلمت لله الساعة، فقال له أبو عبد الله عليه السّلام: بل آمنت بالله الساعة ان الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون. قال الشامي:
صدقت فأنا اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وانك وصي الأوصياء.
قال: واقبل أبو عبد الله عليه السّلام على حمران فقال: يا حمران تجري الكلام على الأثر فتصيب، والتفت إلى هشام بن سالم فقال: تريد الأثر ولا تعرفه، ثم التفت إلى الأحول فقال: قياس رواغ تكسر باطلا إلا أن باطلك أظهر، ثم التفت إلى قيس الماصر فقال: تتكلم وأقرب ما يكون من الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ابعد ما تكون منه تمزج الحق بالباطل وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، أنت والأحول قفازان حاذقان، قال يونس بن يعقوب: فظننت والله أنه يقول لهشام بن الحكم قريبا مما قال لهما، فقال: يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس إتّق الزلة والشفاعة من ورائك.
ومنه أيضا: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد القمي عن محمد بن يعقوب
عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي أن ابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى وابن المقفع في نفر من الزنادقة كانوا مجتمعين في الموسم بالمسجد الحرام وأبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام فيه إذ ذاك يفتي الناس ويفسر لهم القرآن ويجيب عن المسائل بالحجج والبينات، فقال القوم لابن أبي العوجاء: هل لك في تغليطك هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به فقد ترى فتنة الناس به وهو علامة زمانه، فقال لهم ابن أبي العوجاء: نعم، ثم تقدم ففرق الناس ثم قال: يا أبا عبد الله ان المجالس أمانات ولا بد لكل من له سؤال يسأل فتأذن لي في السؤال، فقال له أبو عبد الله عليه السّلام:(1/190)
ومنه أيضا: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد القمي عن محمد بن يعقوب
عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن العباس بن عمر الفقيمي أن ابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى وابن المقفع في نفر من الزنادقة كانوا مجتمعين في الموسم بالمسجد الحرام وأبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام فيه إذ ذاك يفتي الناس ويفسر لهم القرآن ويجيب عن المسائل بالحجج والبينات، فقال القوم لابن أبي العوجاء: هل لك في تغليطك هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به فقد ترى فتنة الناس به وهو علامة زمانه، فقال لهم ابن أبي العوجاء: نعم، ثم تقدم ففرق الناس ثم قال: يا أبا عبد الله ان المجالس أمانات ولا بد لكل من له سؤال يسأل فتأذن لي في السؤال، فقال له أبو عبد الله عليه السّلام:
سل ان شئت، فقال له ابن أبي العوجاء: إلى كم تدرسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الجهر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر وتهرولون هرولة البعير إذا نفر من فكر في ذلك وتدبر علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر؟ فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسّه ونظامه، فقال له الصادق عليه السّلام: إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق فلم يستعذبه وصار الشيطان وليه وربه يورد مناهل الهلكة ولا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه حثهم على تعظيمه وزيارته وجعله قبلة للمصلين، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال، خلقه الله تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما زجر الله تعالى المنشىء للأرواح والصور، فقال له ابن أبي العوجاء: ذكرت أبا عبد الله فأحلت على غائب! فقال الصادق عليه السّلام: كيف يكون يا ويلك غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد يسمع كلامهم ويعلم أسرارهم لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون من مكان أقرب من مكان، يشهد له بذلك آثاره ويدل عليه أفعاله، والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد صلّى الله عليه واله وسلّم جاءنا بهذه العبادة، فإن شككت في شيء من أمر فاسأل عنه أوضحه.
قال: فأبلس ابن أبي العوجاء ولم يدر ما يقول وانصرف من بين يديه، فقال لأصحابه: سألتكم أن تلتمسوا إلى جمرة فألقيتموني على جمرة، فقالوا له: اسكت فو الله لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك، وما رأينا أحقر منك اليوم في مجلسه. فقال لهم: أتقولون هذا انه من حلق رؤس من ترون وأومأ بيده إلى أهل الموسم.
بيان: الطوب بالضم الآجر. يقال لطعام «وخيم» أي غير موافق واستوخمه لم يستمره. وقوله الله المنشىء خبر لقوله أحق. ويقال ابلس أي يئس وتحير.
والجمرة بالفتح النار المتقدة والحصاة والمراد بالأول الثاني وبالثاني الأول أي سألتكم أن تطلبوا لي حصاة العب بها وأرميها فألقيتموني في نار متقدة ولم يمكني التخلص منها، تمت حكاية ابن أبي العوجاء مع بيان ألفاظها.(1/191)
بيان: الطوب بالضم الآجر. يقال لطعام «وخيم» أي غير موافق واستوخمه لم يستمره. وقوله الله المنشىء خبر لقوله أحق. ويقال ابلس أي يئس وتحير.
والجمرة بالفتح النار المتقدة والحصاة والمراد بالأول الثاني وبالثاني الأول أي سألتكم أن تطلبوا لي حصاة العب بها وأرميها فألقيتموني في نار متقدة ولم يمكني التخلص منها، تمت حكاية ابن أبي العوجاء مع بيان ألفاظها.
قصة تزويج الجواد عليه السّلام بأم الفضل
في بحار الأنوار عن الريان بن شبيب قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم واستنكروه منه وخافوا أن ينتهي الأمر معه إلى ما انتهى مع الرضا عليه السّلام فخاضوا في ذلك واجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه فقالوا، ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم هذا الأمر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا فإنا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكنا الله تعالى وينزع منا عزا قد ألبسناه الله عزّ وجلّ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا وما كان عليه الخلفاء الراشدين قبلك بتعبيدهم والتصغير بهم، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا عليه السّلام ما علمت فكفانا الله الهم من ذلك، فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره.
فقال لهم المأمون: أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم، وأما ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان قاطعا للرحم وأعوذ بالله من ذلك، والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا ولقد سألته أن يقوم بالأمر وأنزعه عن نفسي فأبى وكان أمر الله قدرا مقدورا، وأما أبو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل مع صغر سنه والأعجوبة فيه بذلك، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه.
فقالوا له: ان هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه فأمهله ليتأدب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك. فقال لهم: ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم وأن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده والهامه لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدّين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصف لكم من حاله! قالوا: قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه، فقال لهم المأمون: شأنكم وذلك متى أردتم.
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم وهو يومئذ قاضي الزمان على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك، فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر دست ويجعل له فيه مستورتان، ففعل ذلك وخرج أبو جعفر عليه السّلام وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المستورتين وجلس يحيى بن أكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر. فقال يحيى بن أكثم للمأمون: يأذن لي أمير المؤمنين أن اسأل أبا جعفر عن مسألة؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: اتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: سل إن شئت.(1/192)
فقالوا له: ان هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه فأمهله ليتأدب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك. فقال لهم: ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم وأن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده والهامه لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدّين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصف لكم من حاله! قالوا: قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه، فقال لهم المأمون: شأنكم وذلك متى أردتم.
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم وهو يومئذ قاضي الزمان على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك، فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر دست ويجعل له فيه مستورتان، ففعل ذلك وخرج أبو جعفر عليه السّلام وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المستورتين وجلس يحيى بن أكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر. فقال يحيى بن أكثم للمأمون: يأذن لي أمير المؤمنين أن اسأل أبا جعفر عن مسألة؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: اتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: سل إن شئت.
قال يحيى: ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام:
قتله في حل أو في حرم عالما كان المحرم أو جاهلا قتله عمدا أو خطأ حرا كان المحرم أو عبدا صغيرا كان أو كبيرا مبتدئا بالقتل أو معيدا من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها من صغار الصيد ام من كبارها مصرا على ما فعل أو نادما في الليل كان قتله للصيد ام في النهار محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج؟ فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس أمره، فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي، ثم نظر إلى أهل بيته فقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟! ثم أقبل على أبي جعفر عليه السّلام فقال له: اتخطب يا أبا جعفر؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون: اخطب لنفسك وأنا مزوجك أم الفضل ابنتي وان رغم قوم لذلك، فقال أبو جعفر عليه السّلام: الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريته والأصفياء من عترته. أما بعد، فكان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيََامى ََ مِنْكُمْ وَالصََّالِحِينَ مِنْ عِبََادِكُمْ وَإِمََائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرََاءَ يُغْنِهِمُ اللََّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللََّهُ وََاسِعٌ عَلِيمٌ} ثم أن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون وقد بذل لها من الصداق مهر جدتها فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه واله وسلّم وهو خمسمئة درهم خيادا، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور؟ فقال المأمون:
نعم قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور فهل قبلت النكاح؟ قال أبو جعفر عليه السّلام: قد رضيت وقبلت به فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة.
قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الإبريسم على عجلة مملوءة من الغالية، ثم أمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى دار العامة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم، فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي قال المأمون لأبي جعفر عليه السّلام: ان رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه الذي فصلته من وجوه قتل المحرم لعلمه ونستفيده.(1/193)
نعم قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور فهل قبلت النكاح؟ قال أبو جعفر عليه السّلام: قد رضيت وقبلت به فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة.
قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الإبريسم على عجلة مملوءة من الغالية، ثم أمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى دار العامة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم، فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي قال المأمون لأبي جعفر عليه السّلام: ان رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه الذي فصلته من وجوه قتل المحرم لعلمه ونستفيده.
فقال أبو جعفر عليه السّلام: نعم ان المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، فإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ فإذا كان من الوحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبيا فعليه شاة، وإن كان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحوه بمنى وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمل عليه المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفارة على الحر في نفسه وعلى السيد في عبده، والصغير لا كفارة عليه وهي على الكبير واجبة، والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الآخرة، والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة.
فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر وأحسن الله إليك، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام ليحيى: اسألك؟ فقال: فإن ذلك إليك جعلت فداك فإن عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه فلما ارتفع النهار حلت له فلما زالت الشمس حرمت عليه فلما كان وقت العصر حلت له فلما غربت الشمس حرمت عليه فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلت له فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه فلما طلع الفجر حلت له؟ ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه؟ فقال له يحيى: لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه، فإن رأيت أن تفيدنا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراما، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما كان الظهر اعتقها
فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء تزوجها وكفر عن الظهار فحلت له، فلما كان في نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.(1/194)
فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر وأحسن الله إليك، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام ليحيى: اسألك؟ فقال: فإن ذلك إليك جعلت فداك فإن عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك، فقال له أبو جعفر عليه السّلام: أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراما عليه فلما ارتفع النهار حلت له فلما زالت الشمس حرمت عليه فلما كان وقت العصر حلت له فلما غربت الشمس حرمت عليه فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلت له فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه فلما طلع الفجر حلت له؟ ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه؟ فقال له يحيى: لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف الوجه فيه، فإن رأيت أن تفيدنا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراما، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما كان الظهر اعتقها
فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء تزوجها وكفر عن الظهار فحلت له، فلما كان في نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.
قال: وأقبل المأمون على من حضر من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟
قالوا: لا والله إن امير المؤمنين أعلم بما رأى، فقال لهم: ويحكم ان أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل، وان صغر السن فيهم لا يمنعهم عن الكمال، أما علمتم أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وهو ابن عشر سنين وقبل منه الإسلام وحكم له به ولم يدع أحدا في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين عليهما السّلام وهما ابنان دون الست ولم يبايع صبي غيرهما، أفلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم وأنهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟ قالوا: صدقت والله يا أمير المؤمنين.
ثم نهض القوم، فلما كان من الغد أحضر الناس واحضر أبا جعفر وصار القواد والحجاب والخاصة والعامة لتهنئة المأمون وأبي جعفر عليه السّلام، فأخرجت ثلاثة أطباق من الفضة فيها بنادق مسك وزعفران معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنية واقطاعات، فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصته، وكان كل من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق له ووضعت البذر فنثر ما كان فيها على القواد وغيرهم، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا. وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين ولم يزل مكرما لأبي جعفر عليه السّلام معظما لقدره مدة حياته يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته إنتهى ما أردنا نقله.
حكى: أبو الفرج المعافي في كتاب الأنيس والجليس قال: بينا أبو إسحاق ذات يوم جالس إذ جاءه أصحابه فقالوا له: يا أبا اسحاق هل لك في الخروج بنا إلى العقيق وإلى قبا وإلى أحد ناحية قبور الشهداء؟ قالوا: هذا يوم كما ترى طيب، فقال: اليوم يوم الأربعاء ولست أبرج من منزلي، فقالوا: وما تكره من يوم الأربعاء وهو يوم ولد فيه يونس بن متى؟ فقال: بأبي وأمي صلوات الله عليه فقد التقمه الحوت، فقالوا: نصر فيه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يوم الأحزاب؟ فقال: أجل ما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.
حكي: أن الرشيد سأل جعفرا عن جواريه فقال: يا أمير المؤمنين كنت في الليلة الماضية مضطجعا وعندي جاريتان وهما يكبساني فتناومت عنهما لأنظر ما يصنعا وإحداهما مكية والأخرى مدنية، فمدت المدنية يدها إلى ذلك الشيء فلعبت به فانتصب قائما فوثبت المكية فقعدت عليه، فقالت المدنية: أنا أحق لأني حدثت عن نافع بن عمر عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قال: من أحيا أرضا ميتة فهي له، فقالت المكية:(1/195)
حكى: أبو الفرج المعافي في كتاب الأنيس والجليس قال: بينا أبو إسحاق ذات يوم جالس إذ جاءه أصحابه فقالوا له: يا أبا اسحاق هل لك في الخروج بنا إلى العقيق وإلى قبا وإلى أحد ناحية قبور الشهداء؟ قالوا: هذا يوم كما ترى طيب، فقال: اليوم يوم الأربعاء ولست أبرج من منزلي، فقالوا: وما تكره من يوم الأربعاء وهو يوم ولد فيه يونس بن متى؟ فقال: بأبي وأمي صلوات الله عليه فقد التقمه الحوت، فقالوا: نصر فيه رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يوم الأحزاب؟ فقال: أجل ما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.
حكي: أن الرشيد سأل جعفرا عن جواريه فقال: يا أمير المؤمنين كنت في الليلة الماضية مضطجعا وعندي جاريتان وهما يكبساني فتناومت عنهما لأنظر ما يصنعا وإحداهما مكية والأخرى مدنية، فمدت المدنية يدها إلى ذلك الشيء فلعبت به فانتصب قائما فوثبت المكية فقعدت عليه، فقالت المدنية: أنا أحق لأني حدثت عن نافع بن عمر عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قال: من أحيا أرضا ميتة فهي له، فقالت المكية:
وأنا حدثت عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قال: ليس الصيد لمن أثاره إنما الصيد لمن قبضه. فضحك الرشيد حتى استلقى على ظهره فقال: من يسلو عنهما، فقال جعفرهما: ومولاهما بحكمك يا أمير المؤمنين وحملهما إليه.
كتب: العباس بن معلى الكاتب إلى القاضي ابن فريعة فتوى: ما يقول القاضي أدام الله أيامه في يهودي زنا بنصرانية فولدت له ولدا جسمه كالبشر ووجهه كالبقر فما يرى القاضي في ذلك؟ فليفتنا مأجورا فأجاب: هذا من أعدل الشهود على الملاعين اليهود أنهم أشربوا حب العجل في صدورهم فخرج من أيورهم، وأرى أن يعلق على اليهودي رأس العجل ويربط النصراني الساق مع الرجل ويسحبان سحبا على الأرض وينادى عليهما (ظلمات بعضها فوق بعض).
شعر لابن الفارض
أوميض برق بالأببرل لاحا ... أم في ربى نجد أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامرية أسفرت ... ليلا فصيرت المساء صباحا
يا راكب الوجناء بلغت المنى ... ان جئت حزنا أو طويت بطاحا
وسلكت نعمان الأراك فعج إلى ... واد هناك عهدته فياحا
فبأيمن العلمين من شرقيه ... عرج وشم أريجه الفواحا
وإذا وصلت إلى ثنيات اللوى ... فأنشد فؤادا بالأبيطح طاحا
وأقر السلام عربية عني وقل ... غادرته لجنابكم ملتاحا
يا ساكني نجد أما من رحمة ... لأسير ألف لا يريد سراحا
هلا بعثتم للمشوق تحية ... في طي صافية الرياح رواحا
يحيا بها من كان يحسب هجركم ... مزحا ويعتقد المزاح مزاحا
يا عاذل المشتاق جهلا بالذي ... يلقى مليا لا بلغت نجاحا
اتعبت نفسك في نصيحة من يرى ... أن لا يرى الإقبال والافلاحا
اقصر عدمتك واطرح من اثخنت ... أحشاؤه نجل العيون جراحا
كنت الصديق قبيل نصحك مغرما ... أرأيت صبّا يألف النصاحا
إن رمت إصلاحي فاني لم أدر ... بفساد قلبي في الهوى اصلاحا
ماذا يريد العاذلون بعذل من ... لبس الخلاعة واستراح وراحا
يا أهل ودي هل لراجي وصلكم ... طمع فينعم باله استرواحا
مذ غبتم عن ناظري لي أنة ... ملأت نواحي أوض مصر نواحا
وإذا ذكرتكم أميل كأنني ... من طيب ذكركم سقيت الراحا
وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم ... ألفيت اشجاني بذاك شحاحا
سقيا لأيام مضت مع جيرة ... كانت ليالينا بهم أفراحا
حيث الحمى وطني وسكان الغضى ... سكني ووردي الماء فيه مباحا
وأهيله أربى وظل نخيله ... طربى ورملة وادييه مراحا
واها على ذاك الزمان وطيبه ... أيام كنت من اللغوب مراحا
قسما بمكة والمقام ومن أتى ... البيت الحرام ملبيا سياحا
ما رنحت ريح الصبا من نحوكم ... إلا وأهدت منكم أرواحا
وله أيضا:(1/196)
أوميض برق بالأببرل لاحا ... أم في ربى نجد أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامرية أسفرت ... ليلا فصيرت المساء صباحا
يا راكب الوجناء بلغت المنى ... ان جئت حزنا أو طويت بطاحا
وسلكت نعمان الأراك فعج إلى ... واد هناك عهدته فياحا
فبأيمن العلمين من شرقيه ... عرج وشم أريجه الفواحا
وإذا وصلت إلى ثنيات اللوى ... فأنشد فؤادا بالأبيطح طاحا
وأقر السلام عربية عني وقل ... غادرته لجنابكم ملتاحا
يا ساكني نجد أما من رحمة ... لأسير ألف لا يريد سراحا
هلا بعثتم للمشوق تحية ... في طي صافية الرياح رواحا
يحيا بها من كان يحسب هجركم ... مزحا ويعتقد المزاح مزاحا
يا عاذل المشتاق جهلا بالذي ... يلقى مليا لا بلغت نجاحا
اتعبت نفسك في نصيحة من يرى ... أن لا يرى الإقبال والافلاحا
اقصر عدمتك واطرح من اثخنت ... أحشاؤه نجل العيون جراحا
كنت الصديق قبيل نصحك مغرما ... أرأيت صبّا يألف النصاحا
إن رمت إصلاحي فاني لم أدر ... بفساد قلبي في الهوى اصلاحا
ماذا يريد العاذلون بعذل من ... لبس الخلاعة واستراح وراحا
يا أهل ودي هل لراجي وصلكم ... طمع فينعم باله استرواحا
مذ غبتم عن ناظري لي أنة ... ملأت نواحي أوض مصر نواحا
وإذا ذكرتكم أميل كأنني ... من طيب ذكركم سقيت الراحا
وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم ... ألفيت اشجاني بذاك شحاحا
سقيا لأيام مضت مع جيرة ... كانت ليالينا بهم أفراحا
حيث الحمى وطني وسكان الغضى ... سكني ووردي الماء فيه مباحا
وأهيله أربى وظل نخيله ... طربى ورملة وادييه مراحا
واها على ذاك الزمان وطيبه ... أيام كنت من اللغوب مراحا
قسما بمكة والمقام ومن أتى ... البيت الحرام ملبيا سياحا
ما رنحت ريح الصبا من نحوكم ... إلا وأهدت منكم أرواحا
وله أيضا:
أرج النسيم سرى من الزوراء ... سحرا فأحيا ميت الأحياء
أهدى لنا أرواح عرفه ... فالجو منه معطر الأرجاء
وروى الأحاديث الأحبة مسندا ... عن اذخر بإذا خر وشجاء
فسكرت من ريا حواشي برده ... وسرت حميا البرق في احشائي
يا راكب الوجناء بلغت المنى ... عج بالحمى إن جزت بالجرعاء
متيمما تلعات وادي ضارج ... متيامنا عن قلقة الوشناء
فإذا وصلت اثيل سلع فالتقى ... فالرقمتين فلعلع فشظاء
فكذا عن العلمين من شرقيه ... مل عاجلا للحلة الفيحاء
وأقر السلام أهيل ذياك اللوى ... من مغرم دنف كئيب نائي
صب متى قفل الحجيج تصاعدت ... زفراته بتنفس الصعداء
يا ساكني البطحاء هل من عودة ... احيا بها يا ساكني البطحاء
أن ينقضي صبري فليس بمنقض ... وجدي القديم بكم ولا برحاء
ولئن جفا الوسمى ما حل تربكم ... فمدامعي تربو على الأنواء
واحسرتي ضاع الزمان ولم اثن ... منكم أهيل مودتي بلقاء
ومتى يؤمل راحة من يومه ... يومان يوم قلا ويوم ثناء
وحياتكم يا أهل مكة وهي لي ... قسما لقد كلفت بكم احشائي
حبي لكم في الناس اضحى مذهبي ... وهواكم ديني وعقد ولائي
يا لائمي في حب من من أجله ... قد جد بي وجدي وعز عزائي
هلا نهاك عن لوم امرىء ... لم يلف غير منعم وشقائي
لو تدر فيم عذلتني لعذرتني ... خفض عليك وخلني وبلائي
وإذا أذى ألم ألمّ بمهجتي ... فشذا أعشاب الحجاز دوائي
أإذا ذعن عذب الورود بارضه ... واحاد عنه وفي بقاه بقائي
وربوعه أربى أجل وربيعه ... طربى وصارف أزمة اللأواء
وخياله لي مربع ورماله ... لي مرتع وظلاله افيائي
وترابه ندى الذكي وماؤه ... عذبي الروي وفي ثراه ثراء
وشعايه لي جنّة وقبابه ... لي جنّة وعلى صفاء صفاء
حيّا الحيا تلك المنازل والرّبى ... ما جرّهم بمجامع الأهواء
وسقى المشاعر والمحصب من مني ... سحّا وجاد مواقف الأنضاء
ورعى الإله بها أصيحابي الألى ... سامرتهم بمجامع الأهواء
ورعى ليالي الخيف ما كانت سوى ... حلم مضى مع يقظة الاغفاء
واها على ذاك الزمان وما جرى ... طيب المكان بغفلة الرقباء
أيام ارتع في ميادين المنى ... جذلا وأرفل في ذيول حيائي
ما أعجب الأيام توجب للفتى ... ضحى وتمنحه بسلب عطاء
يا هل لماضي عيشنا من أوبة ... يوما واسمح بعده ببقاء
هيهات خاب السعي وانفصمت عرى ... حل المنى وانحل عقد رجائي
وكفى غراما أن أبيت متيما ... شوقي أمامي والقضاء ورائي(1/197)
أرج النسيم سرى من الزوراء ... سحرا فأحيا ميت الأحياء
أهدى لنا أرواح عرفه ... فالجو منه معطر الأرجاء
وروى الأحاديث الأحبة مسندا ... عن اذخر بإذا خر وشجاء
فسكرت من ريا حواشي برده ... وسرت حميا البرق في احشائي
يا راكب الوجناء بلغت المنى ... عج بالحمى إن جزت بالجرعاء
متيمما تلعات وادي ضارج ... متيامنا عن قلقة الوشناء
فإذا وصلت اثيل سلع فالتقى ... فالرقمتين فلعلع فشظاء
فكذا عن العلمين من شرقيه ... مل عاجلا للحلة الفيحاء
وأقر السلام أهيل ذياك اللوى ... من مغرم دنف كئيب نائي
صب متى قفل الحجيج تصاعدت ... زفراته بتنفس الصعداء
يا ساكني البطحاء هل من عودة ... احيا بها يا ساكني البطحاء
أن ينقضي صبري فليس بمنقض ... وجدي القديم بكم ولا برحاء
ولئن جفا الوسمى ما حل تربكم ... فمدامعي تربو على الأنواء
واحسرتي ضاع الزمان ولم اثن ... منكم أهيل مودتي بلقاء
ومتى يؤمل راحة من يومه ... يومان يوم قلا ويوم ثناء
وحياتكم يا أهل مكة وهي لي ... قسما لقد كلفت بكم احشائي
حبي لكم في الناس اضحى مذهبي ... وهواكم ديني وعقد ولائي
يا لائمي في حب من من أجله ... قد جد بي وجدي وعز عزائي
هلا نهاك عن لوم امرىء ... لم يلف غير منعم وشقائي
لو تدر فيم عذلتني لعذرتني ... خفض عليك وخلني وبلائي
وإذا أذى ألم ألمّ بمهجتي ... فشذا أعشاب الحجاز دوائي
أإذا ذعن عذب الورود بارضه ... واحاد عنه وفي بقاه بقائي
وربوعه أربى أجل وربيعه ... طربى وصارف أزمة اللأواء
وخياله لي مربع ورماله ... لي مرتع وظلاله افيائي
وترابه ندى الذكي وماؤه ... عذبي الروي وفي ثراه ثراء
وشعايه لي جنّة وقبابه ... لي جنّة وعلى صفاء صفاء
حيّا الحيا تلك المنازل والرّبى ... ما جرّهم بمجامع الأهواء
وسقى المشاعر والمحصب من مني ... سحّا وجاد مواقف الأنضاء
ورعى الإله بها أصيحابي الألى ... سامرتهم بمجامع الأهواء
ورعى ليالي الخيف ما كانت سوى ... حلم مضى مع يقظة الاغفاء
واها على ذاك الزمان وما جرى ... طيب المكان بغفلة الرقباء
أيام ارتع في ميادين المنى ... جذلا وأرفل في ذيول حيائي
ما أعجب الأيام توجب للفتى ... ضحى وتمنحه بسلب عطاء
يا هل لماضي عيشنا من أوبة ... يوما واسمح بعده ببقاء
هيهات خاب السعي وانفصمت عرى ... حل المنى وانحل عقد رجائي
وكفى غراما أن أبيت متيما ... شوقي أمامي والقضاء ورائي
من حكايات الشيخ وكلامه في الطلاق
قال الشيخ أيده الله تعالى: قد الزم الفضل بن شاذان فقهاء العامة على قولهم في الطلاق أن يحل للمرأة الحرة المسلمة أن تمكن من وطئها في اليوم الواحد عشرة أنفس على سبيل النكاح، وهذا شنيع في الدين منكر في الإسلام قال الشيخ أيده الله: ووجه الزامه لهم ذلك بأن قال: خبروني عن رجل تزوج امرأة على الكتاب والسنة وساق إليها مهرها أليس قد حل له وطئها؟ فقالوا وقال المسلمون كلهم: بلى، قال لهم: فإن كرهها عقيب الوطي اليس يحل له خلعها على مذهبكم في تلك الحال؟ قالت العامة خاصة: نعم قال لهم: فإن خلعها ثم بدا له بعد ساعة في العود إليها أليس يحل له أن يخطبها لنفسه ويحل له أن ترغب فيه؟ قالوا: بلى،
قال لهم: فإن عقد عليها عقدة النكاح أليس قد عادت إلى ما كانت عليه من النكاح وسقط عنها عدة الخلع؟ قالوا: بلى، قال لهم: فإن رجع إلى نيته في فراقها ففارقها عقيب العقد الثاني من غير أن يدخل بها ثانية أليس قد بانت منه ولا عدة عليها بنص القرآن من قوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمََا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهََا}؟ فقالوا: نعم، ولا بد لهم من ذلك مع التمسك بالدين، قال لهم: قد حلت من وقتها للأزواج إذ ليس عليها عدة بنص القرآن، قالوا: بلى، قال: فما تقولون ان صنع بها الثاني كصنع الأول أليس يكون قد نكحها اثنان في بعض يوم من غير خطر في ذلك على اصولكم في الأحكام؟ فلا بد من بلي، قال: وكذلك لو نكحها ثالث ورابع إلى أن يتم نكاح عشرة أنفس وأكثر إلى آخر النهار أليس ذلك يكون جائزا حلالا؟ وهذه من الشناعة التي لا تليق بأهل الإسلام.(1/198)
قال الشيخ أيده الله تعالى: قد الزم الفضل بن شاذان فقهاء العامة على قولهم في الطلاق أن يحل للمرأة الحرة المسلمة أن تمكن من وطئها في اليوم الواحد عشرة أنفس على سبيل النكاح، وهذا شنيع في الدين منكر في الإسلام قال الشيخ أيده الله: ووجه الزامه لهم ذلك بأن قال: خبروني عن رجل تزوج امرأة على الكتاب والسنة وساق إليها مهرها أليس قد حل له وطئها؟ فقالوا وقال المسلمون كلهم: بلى، قال لهم: فإن كرهها عقيب الوطي اليس يحل له خلعها على مذهبكم في تلك الحال؟ قالت العامة خاصة: نعم قال لهم: فإن خلعها ثم بدا له بعد ساعة في العود إليها أليس يحل له أن يخطبها لنفسه ويحل له أن ترغب فيه؟ قالوا: بلى،
قال لهم: فإن عقد عليها عقدة النكاح أليس قد عادت إلى ما كانت عليه من النكاح وسقط عنها عدة الخلع؟ قالوا: بلى، قال لهم: فإن رجع إلى نيته في فراقها ففارقها عقيب العقد الثاني من غير أن يدخل بها ثانية أليس قد بانت منه ولا عدة عليها بنص القرآن من قوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمََا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهََا}؟ فقالوا: نعم، ولا بد لهم من ذلك مع التمسك بالدين، قال لهم: قد حلت من وقتها للأزواج إذ ليس عليها عدة بنص القرآن، قالوا: بلى، قال: فما تقولون ان صنع بها الثاني كصنع الأول أليس يكون قد نكحها اثنان في بعض يوم من غير خطر في ذلك على اصولكم في الأحكام؟ فلا بد من بلي، قال: وكذلك لو نكحها ثالث ورابع إلى أن يتم نكاح عشرة أنفس وأكثر إلى آخر النهار أليس ذلك يكون جائزا حلالا؟ وهذه من الشناعة التي لا تليق بأهل الإسلام.
قال الشيخ: والموضع الذي لزمت منه هذه الشناعة فقهاء العامة دون الشيعة الإمامية أنهم يجيزون الخلع والطلاق والظهار في الحيض وفي الطهر الذي قد حصل فيه جماع من غير استبانة حمل، والإمامية تمنع من ذلك وتقول: ان هذا أجمع لا يقع بالحاضرة التي تحيض إلا بعد أن تكون طاهرة من الحيض طهرا لم يحصل فيه جماع فلذلك سلمت مما وقع فيه المخالفون.
قال الشيخ: أيده الله تعالى: وقد جرت هذه المسألة حتى زعم بعضهم وقد ألزمته بتضمنها أن المطلقة بعد الرجعة عليها عن الخلع يلزمها العدة وإن كانت مطلقة من غير دخول بها فرد القرآن ردا ظاهرا، فقلت لهذا القائل: من أين أوجبت عليها العدة وقد طلقها الرجل من غير أن يدخل بها مع نص القرآن؟ فقال: لأنه قد دخل بها مرة قبل هذا الطلاق، فقلت له: ان اعتبرت هذا الباب لزمك أن يكون من تزوج امرأة وقد كان طلقها ثلاثا فاستحلت ثم اعتدت وتزوجها بعد العدة ثم طلقها قبل أن يدخل بها في الثاني أن تكون العدة واجبة عليها لأنه قد دخل بها مرة؟ وهذا خلاف دين الإسلام، فقال: الفرق بينهما أن هذه التي ذكرت قد قضت منه عدة الأولى ولم تقض العدة، فقلت: اليس قد اسقطت الرجعة لها بعد الخلع العدة عنها باتفاق؟ قال: بلى، فقلت له: فمن أين يرجع عليها ما كان قد سقط عنها وكيف يصح ذلك في الأحكام الشرعية؟ وأنت لا يمكنك أن تلزمها العدة الساقطة عنها بنكاح لا يجب فيه عدة بظاهر القرآن، وهذا أمر متناقض، فلم يأت بشيء
يقول جامع هذا الكشكول وحاكي هذه النقول: صريح كلام هذين الشيخين
المعتمدين هو ظاهر سيدنا المرتضى أيضا، بل ظاهر كلام أكثر اصحابنا رضوان الله عليهم سقوط العدة عن المختلعة والمطلقة ثلاثا لو عقد عليها الرجوع بعد ذلك قبل انقضاء العدة ثم طلقها قبل الدخول، وأنه يجوز لغيره في تلك الحال التزويج بها لدخولها تحت عموم الآية المتقدمة. والذي وقفت عليه في كلام بعض متأخري أصحابنا هو المنع من ذلك، وهو الظاهر عندي نظرا إلى أن العدة الأولى إنما سقطت بالنسبة إلى الزوج خاصة، وهذا الطلاق الثاني والواقع قبل الدخول وإن لم يترتب عليه العدة اتفاقا لكن الكلام في العدة الأولى فإنها واجبة بالنص آية وسنة وبالإجماع، وغاية ما يستفاد سقوطها بالنسبة إلى الزوج فيجوز له العقد قبل انقضائها لعدم وجوب الاستبراء من مائه وأما غيره فلا، وطلاقه لها بعد العقد المجرد عن الدخول لا يؤثر في سقوط تلك العدة وإنما يؤثر في سقوط عدة هذا الطلاق.(1/199)
يقول جامع هذا الكشكول وحاكي هذه النقول: صريح كلام هذين الشيخين
المعتمدين هو ظاهر سيدنا المرتضى أيضا، بل ظاهر كلام أكثر اصحابنا رضوان الله عليهم سقوط العدة عن المختلعة والمطلقة ثلاثا لو عقد عليها الرجوع بعد ذلك قبل انقضاء العدة ثم طلقها قبل الدخول، وأنه يجوز لغيره في تلك الحال التزويج بها لدخولها تحت عموم الآية المتقدمة. والذي وقفت عليه في كلام بعض متأخري أصحابنا هو المنع من ذلك، وهو الظاهر عندي نظرا إلى أن العدة الأولى إنما سقطت بالنسبة إلى الزوج خاصة، وهذا الطلاق الثاني والواقع قبل الدخول وإن لم يترتب عليه العدة اتفاقا لكن الكلام في العدة الأولى فإنها واجبة بالنص آية وسنة وبالإجماع، وغاية ما يستفاد سقوطها بالنسبة إلى الزوج فيجوز له العقد قبل انقضائها لعدم وجوب الاستبراء من مائه وأما غيره فلا، وطلاقه لها بعد العقد المجرد عن الدخول لا يؤثر في سقوط تلك العدة وإنما يؤثر في سقوط عدة هذا الطلاق.
والتمسك بظاهر هذه الآية في المقام معارض بما دلّ على وجوب العدة من الآية والرواية والإجماع فيجب تقييدها بذلك. على أن الآية إنما تدل على سقوط العدة بالنسبة إلى هذا الطلاق الأخير الخالي عن الدخول، وهذا لا نزاع فيه إذ العدة التي أوجبناها إنما هي عدة الطلاق الأول والخلع، والجنوح في سقوطها إلى عقد الزوج عليها إنما يتم بالنسبة إليه خاصة. فقول شيخنا المفيد (ره) اليس قد اسقطت الرجعة على اطلاقه غير مسلم إذ الإسقاط إنما وقع في حق الزوج خاصة.
ومما حضرني من الأخبار مرسلة ابن أبي عمير المروية في الكافي قال: ان الرجل إذا تزوج المرأة متعة كان عليها عدة لغيره فإذا أراد هو أن يتزوجها لم يكن عليها منه عدة يتزوجها إذا شاءت، وأنت خبير بأنه لا فرق في هذا الحكم بين الزوجة الدائمة والمنقطعة فإن كلا منهما يسقط عنها العدة بعد الفراق مع عدم الدخول، وعلى هذا فيجري الإشكال الذي أورده الفضل (ره) على العامة في المتعة على مقتضى كلامه فإنه لو تزوج الرجل امرأة متعة ودخل بها ثم ابرأها من المدة ثم عقد عليها عقدا منقطعا أو دائما ثم ابرأها أو طلقها فإنه يجوز لغيره أن يأخذها كذلك فينكحها في بعض يوم واحد عشرة أو ازيد كما الزم به أولئك، ولا أظنه يقول باختصاص الآية بالزوجة فلا يجزي في المتعة ولا وجه له، فإن الأخبار دالة على المتعة، على أنه لو ابرأها قبل الدخول فلا عدة عليها ودلالتها كالآية.
وإني كنت قبل الوقوف على كلام هؤلاء الأعلام أحمل كلام بعض متأخري
أصحابنا في رد هذا القول على مجرد الفرض دون وجود قائل به، ولم ينقل أحد ممن وقفت على كلامه وجود قائل بذلك على التعيين. والله سبحانه العالم باليقين.(1/200)
وإني كنت قبل الوقوف على كلام هؤلاء الأعلام أحمل كلام بعض متأخري
أصحابنا في رد هذا القول على مجرد الفرض دون وجود قائل به، ولم ينقل أحد ممن وقفت على كلامه وجود قائل بذلك على التعيين. والله سبحانه العالم باليقين.
وأنت خبير بأنه قد مر في مسألة الجواد عليه السّلام ليحيى بن أكثم القاضي ما يتضمن جواز الظهار في الطهر الذي ينكحها فيه ولعله على التقية.
من شعر الشريف المرتضى (ره)
قال: السيد المرتضى ذو المجدين علم الهدى طاب ثراه ذاكرا بعض الأصدقاء قول أبي ذهيل:
فابرزتها بطحاء مكة بعدما ... أضاء المنادي بالصلاة فأعتما
فسألني إجازة هذا البيت بأبيات تنضم إليه، بأن أجعل ذلك كناية عن امرأة لا عن ناقة فقلت في الحال:
فطيب رياها المقام وضوأت ... باشراقها بين الحطيم وزمزها
فيا رب ان لقيت وجها تحية ... فحي وجوها بالمدينة سهما
تجافين عن مس الدهان وطالما ... عصمن عن الحناء كفا ومعصما
وكم من جليد لا يخامره الهوى ... شنن عليه الوجد حتى تتيما
أهان لهن النفس وهي كريمة ... وأكفا إليهن الحديث المكتما
تسفهت لما أن مررت بدارها ... وعوجلت دون الحلم أن أتحلما
فعجت أعزي دارسا متنكرا ... واسأل مصروفا عن النطق أعجما
ويوم وقفنا للوداع وكلنا ... يعد مطيع الشوق من كان احزما
نطرت بقلب لا ينعف في الهوى ... وعين متى استمطرتها مطرت دما
وتتبع الشيخ محي الدين الجامعي السيد (ره) فقال:
فضاء فضاء المازمين وطاب من ... شذاها ثرى أم القرى فتبسما
ولاح لحادي الركب ضوء جبينها ... فيمم بالركب الحمى فترنما
رآها على بعد أخو الزهد فانثنى ... وصلى عليها بالفؤاد وسلما
رنت فصبا ركن الحطيم وزمزم ... إليها وباحا بالغرام وزمزما
من اللائي يسلبن الحليم وقاره ... ويقتلن باللحظ الكمي المعجما
ويورين نار الوجد في قلب ذي النهى ... فيضحى وإن نادى ذوي العشق مغرما
قضت مقلتا سلمى على القلب حبها ... فها هو منقاد إليها مسلما
أعان عليه الهجر والليل والهوى ... وطال وأعنى وادلهم واظلما
دعاء لميقات الغرام جمالها ... فهام بها شوفا ولبى وأحرما(1/201)
فضاء فضاء المازمين وطاب من ... شذاها ثرى أم القرى فتبسما
ولاح لحادي الركب ضوء جبينها ... فيمم بالركب الحمى فترنما
رآها على بعد أخو الزهد فانثنى ... وصلى عليها بالفؤاد وسلما
رنت فصبا ركن الحطيم وزمزم ... إليها وباحا بالغرام وزمزما
من اللائي يسلبن الحليم وقاره ... ويقتلن باللحظ الكمي المعجما
ويورين نار الوجد في قلب ذي النهى ... فيضحى وإن نادى ذوي العشق مغرما
قضت مقلتا سلمى على القلب حبها ... فها هو منقاد إليها مسلما
أعان عليه الهجر والليل والهوى ... وطال وأعنى وادلهم واظلما
دعاء لميقات الغرام جمالها ... فهام بها شوفا ولبى وأحرما
قصيدة لابن زريق البغدادي
لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
جاوزت في لومه حدا اضرّ به ... من حيث قدّرت أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا ... من عذله فهو مضني القلب موجعه
يكفيه من لوعة التفنيد أن له ... من النوى كلّ يوم ما يروعه
ما آب من سفر إلّا وأزعجه ... رأى إلى سفر بالبين يجمعه
كانما هو عن حل ومرتحل ... موكل بفضاء الأرض يذرعه
استودع الله في بغداد لي فهوى ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي أن يودعني ... طيب الحياة وإني لا أودعه
كم قد تشفع لي ألّا أفارقه ... وللضرورة حال لا يشفعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى ... وادمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله ثوب الصبر منخرق ... عني بفرقته لكني أرقعه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني ... به ولا أن بي الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيد ... عسراء تمنعني حقي وتمنعه
قد كنت من ريب دهر جازعا فزعا ... فلم أوقّ الذي قد كنت اجزعه
بالله يا منزل العيش الذي درست ... آثاره وعفت قد بنت أربعه
هل الزمان معيد فيك عيشتنا ... أم الليالي التي امضت ترجعه
في ذمة الله من اصبحت منزله ... وجاد غيث على مغناك يمرعه
ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكري يصدعه
لا اصبرن لدهر لا يمتعني ... به ولا بي في حال يمتعه
علما بأن اصطباري معقبا فرجا ... فأضيق الضيق أن فكرت أوسعه
عسى الليالي التي اضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعني يوما وتجمعه
سؤال ابن لؤلؤ للشيخ عن المتعة
من كتاب المجالس المتقدم ذكره: ومن كلام الشيخ في المتعة قال الشيخ (أيده الله): حضرت بعض قواد الدولة وكان بالحضرة شيخ من الاسماعيلية يعرف بابن لؤلؤ فسألني ما الدليل على إباحة المتعة؟ فقلت له: الدلالة عليها قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مََا وَرََاءَ ذََلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوََالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسََافِحِينَ فَمَا}
{اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ فِيمََا تَرََاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلِيماً حَكِيماً} فأحل جل اسمه نكاح المتعة بصريح لفظها وبذكر أوصافها من الأجر عليها والتراضي بعد الفرض من الازدياد في الأجل وزيادة الأجر فيها. فقال: ما أنكرت أن تكون هذه الآية منسوخة بقوله جل اسمه:(1/202)
من كتاب المجالس المتقدم ذكره: ومن كلام الشيخ في المتعة قال الشيخ (أيده الله): حضرت بعض قواد الدولة وكان بالحضرة شيخ من الاسماعيلية يعرف بابن لؤلؤ فسألني ما الدليل على إباحة المتعة؟ فقلت له: الدلالة عليها قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مََا وَرََاءَ ذََلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوََالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسََافِحِينَ فَمَا}
{اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلََا جُنََاحَ عَلَيْكُمْ فِيمََا تَرََاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلِيماً حَكِيماً} فأحل جل اسمه نكاح المتعة بصريح لفظها وبذكر أوصافها من الأجر عليها والتراضي بعد الفرض من الازدياد في الأجل وزيادة الأجر فيها. فقال: ما أنكرت أن تكون هذه الآية منسوخة بقوله جل اسمه:
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حََافِظُونَ إِلََّا عَلى ََ أَزْوََاجِهِمْ أَوْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى ََ وَرََاءَ ذََلِكَ فَأُولََئِكَ هُمُ العََادُونَ} فحظر الله النكاح إلا لزوجة أو ملك يمين، وإذا لم تكن المتعة زوجة ولا ملك يمين فقد سقط من أجلها. فقلت له: قد اخطأت في هذه المعارضة من وجهين: (احدهما) إنك ادعيت أن المستمتع بها ليست بزوجة ومخالفك يدفعك عن ذلك ويثبتها زوجة في الحقيقة. (والثاني) سورة المؤمنين مكية وسورة النساء مدنية والمكي متقدم للمدني فكيف يكون ناسخا له وهو متأخر عنه وهذه غلطة شديدة؟ فقال: لو كانت المتعة زوجة لكانت ترث ويقع بها الطلاق، وفي إجماع الشيعة أنها غير وارثة ولا مطلقة دليل على فساد هذا القول. فقلت له: وهذا أيضا غلط منك وفي ذلك أن الزوجة لم يجب لها الميراث ويقع بها الطلاق من حيث كانت زوجة فقط، وإنما حصل ذلك لصفة لها تزيد على الزوجية، والدليل على ذلك أن الأمة إن كانت زوجة لم ترث ولا تورث والمقاتلة لا ترث والذمية لا ترث والأمة المبيعة تبين من غير طلاق والملاعنة تبين بغير طلاق وذلك أن المختلعة والمرتد عنها زوجها والمرضعة قبل الفطام بما يوجب التحريم من لبن الأم أو الزوجة تبين بغير طلاق، وكل من عددناه زوجات بالحقيقة فيبطل ما توهمت فلم يأت بشيء. فقال صاحب المجلس وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعمل الظواهر أنا اسألك في هذا الباب عن مسألة خبرني هل تزوج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلم متعة أو تزوج أمير المؤمنين عليه السّلام؟ فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته. فقال لي: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأمير المؤمنين؟ فقلت: أيها القائل ليس كل ما يفعله رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم كان محرما، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم والأئمة عليهم السّلام كانوا كافة لم يتزوجوا بالاماء ولا نكحوا الكتابيات ولا تزوجوا بالزنج ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلى الأمصار ولا جلسوا باعة التجار وليس ذلك كله محرما ولا محظورا إلا ما اختصت به الشيعة دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات. فقال: دع هذا وخبرني عن رجل ورد من قم يريد الحج فدخل إلى مدينة السلام فاستمتع فيها بامرأة ثم انقضى أجلها فتركها وخرج إلى الحج وكانت حاملا ولم يعلم بحالها فحج ومضى إلى بلده وعاد بعد عشرين سنة وقد ولدت بنتا فاستمتع بها وهو لا يعلم قد نكح بنته، وهذا فضيح
جدا. فقلت له: ان أوجب هذا الذي ذكره القائل تحريم المتعة وتقبيحها أوجب تحريم نكاح المهيرات وكل نكاح وتقبيحه، وذلك انه يتفق فيه ما ذكرت وجعلته طريقا إلى حظر المتعة، وذلك انه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل مدينة السلام فيحتاج إلى النكاح فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلمس له إمرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلى إمام المحلة صاحب مسجدها فيحضر رجلين ممن يصلي معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يرى المتعة ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلى وقت رحيل الحاج إلى مكة فيستدعي الشيخ الذي عقد عليها النكاح ويطلقها بحضرته ويعطيها مهرها وما يجب لها من نفقتها ثم يخرج ويحج وينصرف من مكة على طريق البصرة إلى بلده، وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلى مدينة السلام للحج فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها فيسأل عن غيرها فتأتيه ويعقد عليها كما عقد على أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطأ بنته، فيجب أن يحرم بهذا الذي ذكرناه كل نكاح.(1/203)
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حََافِظُونَ إِلََّا عَلى ََ أَزْوََاجِهِمْ أَوْ مََا مَلَكَتْ أَيْمََانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى ََ وَرََاءَ ذََلِكَ فَأُولََئِكَ هُمُ العََادُونَ} فحظر الله النكاح إلا لزوجة أو ملك يمين، وإذا لم تكن المتعة زوجة ولا ملك يمين فقد سقط من أجلها. فقلت له: قد اخطأت في هذه المعارضة من وجهين: (احدهما) إنك ادعيت أن المستمتع بها ليست بزوجة ومخالفك يدفعك عن ذلك ويثبتها زوجة في الحقيقة. (والثاني) سورة المؤمنين مكية وسورة النساء مدنية والمكي متقدم للمدني فكيف يكون ناسخا له وهو متأخر عنه وهذه غلطة شديدة؟ فقال: لو كانت المتعة زوجة لكانت ترث ويقع بها الطلاق، وفي إجماع الشيعة أنها غير وارثة ولا مطلقة دليل على فساد هذا القول. فقلت له: وهذا أيضا غلط منك وفي ذلك أن الزوجة لم يجب لها الميراث ويقع بها الطلاق من حيث كانت زوجة فقط، وإنما حصل ذلك لصفة لها تزيد على الزوجية، والدليل على ذلك أن الأمة إن كانت زوجة لم ترث ولا تورث والمقاتلة لا ترث والذمية لا ترث والأمة المبيعة تبين من غير طلاق والملاعنة تبين بغير طلاق وذلك أن المختلعة والمرتد عنها زوجها والمرضعة قبل الفطام بما يوجب التحريم من لبن الأم أو الزوجة تبين بغير طلاق، وكل من عددناه زوجات بالحقيقة فيبطل ما توهمت فلم يأت بشيء. فقال صاحب المجلس وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعمل الظواهر أنا اسألك في هذا الباب عن مسألة خبرني هل تزوج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلم متعة أو تزوج أمير المؤمنين عليه السّلام؟ فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته. فقال لي: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وأمير المؤمنين؟ فقلت: أيها القائل ليس كل ما يفعله رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم كان محرما، وذلك أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم والأئمة عليهم السّلام كانوا كافة لم يتزوجوا بالاماء ولا نكحوا الكتابيات ولا تزوجوا بالزنج ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلى الأمصار ولا جلسوا باعة التجار وليس ذلك كله محرما ولا محظورا إلا ما اختصت به الشيعة دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات. فقال: دع هذا وخبرني عن رجل ورد من قم يريد الحج فدخل إلى مدينة السلام فاستمتع فيها بامرأة ثم انقضى أجلها فتركها وخرج إلى الحج وكانت حاملا ولم يعلم بحالها فحج ومضى إلى بلده وعاد بعد عشرين سنة وقد ولدت بنتا فاستمتع بها وهو لا يعلم قد نكح بنته، وهذا فضيح
جدا. فقلت له: ان أوجب هذا الذي ذكره القائل تحريم المتعة وتقبيحها أوجب تحريم نكاح المهيرات وكل نكاح وتقبيحه، وذلك انه يتفق فيه ما ذكرت وجعلته طريقا إلى حظر المتعة، وذلك انه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل مدينة السلام فيحتاج إلى النكاح فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلمس له إمرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلى إمام المحلة صاحب مسجدها فيحضر رجلين ممن يصلي معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يرى المتعة ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلى وقت رحيل الحاج إلى مكة فيستدعي الشيخ الذي عقد عليها النكاح ويطلقها بحضرته ويعطيها مهرها وما يجب لها من نفقتها ثم يخرج ويحج وينصرف من مكة على طريق البصرة إلى بلده، وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلى مدينة السلام للحج فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها فيسأل عن غيرها فتأتيه ويعقد عليها كما عقد على أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطأ بنته، فيجب أن يحرم بهذا الذي ذكرناه كل نكاح.
فاعترض الشيخ السائل أولا فقال: عندنا أنه يجب على هذا الرجل أن يوصي إلى جيرانه باعتبار حالها وهذا يسقط هذه الشناعة فقلت له: ان كان هذا عندكم واجبا فعندنا أوجب منه واشد لزوما، وهو أن يوصي المستمتع بها فإن لم يجد أحدا أوصى قوما من أهل البلد وذكر لهم أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة، وهذا شرط عندنا فقد سقط أيضا ما توهمته.
ثم اقبلت على صاحب المجلس فقلت له: ان أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب وذلك أنهم يطبقون على تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم على أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم اذن فيها وأنها عملت على عهده مع ظاهر الكتاب في تحليلها وإجماع آل محمد عليهم السّلام على إباحتها والإتفاق على أن عمر حرمها في أيامه مع إقراره على أنها كانت حلالا على عهد رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم، فلو كنا على ضلالة فيها لكنا على شبهة تمنع ممن يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا وليس في من يخالف إلا من يقول في النكاح وغيره بضد القرآن وخلاف الإجماع ونص شرع الإسلام والمنكر في الطباع عند ذوي المروات ولا يرجع في ذلك إلى شبهة تسوغ قوله، وهم معه يتولى بعضهم بعضا وليس ذلك إلا لاختصاص من قولنا بآل محمد صلّى الله عليه واله وسلّم فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد. هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت
يقول: لو أن رجلا عقد على أمة عقد نكاح وهو يعلم أنها أمة ثم وطأها لسقط عنه الحد ولحق به الولد، وكذلك قوله في الأخت والبنت وسائر المحرمات، ويزعم أن هذا النكاح شبهة أوجب سقوط الحد عنه، ويقول: لو أن رجلا استأجر خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ووثب عليها ووطأها وحملت منه لأسقطت عنه الحد، ويقول: إذا لف الرجل حريرة وأولجه في قبل إمرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا يجب عليه الحد، ويقول: ان الرجل إذا تلوط بالغلام لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والأدب والخفقة بالنعل والخفقتين وما اشبه ذلك، ويقول: ان شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق وهو سنة وتحريمه بدعة. قال الشافعي: إذا فجر الرجل بامرأة وحملت منه وولدت بنتا فإنه يحل للفاجر ان يتزوج بهذه البنت ويوطأها ويولدها ألا حرج عليه في ذلك فأحل نكاح البنات، وقال: لو أن رجلا اشترى أخته من الرضاعة ووطأها لما وجب عليه الحد، وكان يجيز الغناء بالدف وما اشبهه. وقال مالك بن أنس: وطي النساء في احشائهن حلال طلق، وكان يرى سماع الغناء بالدف واشباهه من الملاهي، ويزعم أن ذلك سنة في المعرسات والولائم. وقال داود بن علي الأصبهاني أن الجمع في الملك اليمين حلال طلق والجمع بين الأم والبنت غير محظور، فأقام هؤلآء الفجور وكل منكر فيما بينهم واستحلق ولم ينكر بعضهم على بعض مع أن الكتاب والسنة والإجماع بضلالهم في ذلك، ثم عظموا أمر المتعة والقرآن شاهد بتحليلها والسنة والإجماع يشهدان بذلك، فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل محمد عليهم السّلام: فاستعظم صاحب المجلس ذلك وأنكره وأظهر البراءة من معتقده وسهل عليه أمر المتعة والقول به.(1/204)
ثم اقبلت على صاحب المجلس فقلت له: ان أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب وذلك أنهم يطبقون على تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم على أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم اذن فيها وأنها عملت على عهده مع ظاهر الكتاب في تحليلها وإجماع آل محمد عليهم السّلام على إباحتها والإتفاق على أن عمر حرمها في أيامه مع إقراره على أنها كانت حلالا على عهد رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم، فلو كنا على ضلالة فيها لكنا على شبهة تمنع ممن يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا وليس في من يخالف إلا من يقول في النكاح وغيره بضد القرآن وخلاف الإجماع ونص شرع الإسلام والمنكر في الطباع عند ذوي المروات ولا يرجع في ذلك إلى شبهة تسوغ قوله، وهم معه يتولى بعضهم بعضا وليس ذلك إلا لاختصاص من قولنا بآل محمد صلّى الله عليه واله وسلّم فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد. هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت
يقول: لو أن رجلا عقد على أمة عقد نكاح وهو يعلم أنها أمة ثم وطأها لسقط عنه الحد ولحق به الولد، وكذلك قوله في الأخت والبنت وسائر المحرمات، ويزعم أن هذا النكاح شبهة أوجب سقوط الحد عنه، ويقول: لو أن رجلا استأجر خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ووثب عليها ووطأها وحملت منه لأسقطت عنه الحد، ويقول: إذا لف الرجل حريرة وأولجه في قبل إمرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا يجب عليه الحد، ويقول: ان الرجل إذا تلوط بالغلام لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والأدب والخفقة بالنعل والخفقتين وما اشبه ذلك، ويقول: ان شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق وهو سنة وتحريمه بدعة. قال الشافعي: إذا فجر الرجل بامرأة وحملت منه وولدت بنتا فإنه يحل للفاجر ان يتزوج بهذه البنت ويوطأها ويولدها ألا حرج عليه في ذلك فأحل نكاح البنات، وقال: لو أن رجلا اشترى أخته من الرضاعة ووطأها لما وجب عليه الحد، وكان يجيز الغناء بالدف وما اشبهه. وقال مالك بن أنس: وطي النساء في احشائهن حلال طلق، وكان يرى سماع الغناء بالدف واشباهه من الملاهي، ويزعم أن ذلك سنة في المعرسات والولائم. وقال داود بن علي الأصبهاني أن الجمع في الملك اليمين حلال طلق والجمع بين الأم والبنت غير محظور، فأقام هؤلآء الفجور وكل منكر فيما بينهم واستحلق ولم ينكر بعضهم على بعض مع أن الكتاب والسنة والإجماع بضلالهم في ذلك، ثم عظموا أمر المتعة والقرآن شاهد بتحليلها والسنة والإجماع يشهدان بذلك، فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل محمد عليهم السّلام: فاستعظم صاحب المجلس ذلك وأنكره وأظهر البراءة من معتقده وسهل عليه أمر المتعة والقول به.
فصل: قال الشيخ أيده الله: وقد كنت استدللت بالآية التي قدمت تلاوتها على تحليل المتعة في مجلس كان صاحب رئيس زمانه، فاعترضني أبو القاسم الداركي فقال لي: ما أنكرت أن يكون المراد بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} إنما أراد به نكاح الدوام، وأشار بالاستمتاع إلى الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي هو مذهب الشيعة؟ قلت له: ان الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ فإنه علق بذكر النكاح واطلق بغير تقييد لم يرد به إلّا نكاح المتعة خاصة لكونه علما عليها في الشريعة، ألا ترى أنه لو قال قائل نكحت أمس امرأة متعة أو هذه المرأة نكاحي لها أو عقدي عليها للمتعة وان فلانا استحل نكاح المتعة لما فهم من قوله الا النكاح الذي تذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطء الإماء الحرائر على الدوام، كما أن الوطي في اللغة وهو وطي القدم
ومماسة باطنه للشيء على سبيل الاعتماد، ولو قال قائل وطأت جارتي ومن وطأ امرأة غيره فهو زان وفلان يطأ إمرأته وهي حائض لم يعقل من ذلك مطلع على أصل الشريعة إلا النكاح دون وطي القدم، وكذلك الغائط هو الشيء المحوط، وقيل هو الشيء المنهبط ولو قال قائل هل يجوز أن آتي الغائط لأتوضأ وأصلي أو قال فلانا أما الغائط ولم يستتر لم يفهم من قوله إلا الحدث الذي يجب منه الوضوء واشباه ذلك مما قد تقرر في الشريعة.(1/205)
فصل: قال الشيخ أيده الله: وقد كنت استدللت بالآية التي قدمت تلاوتها على تحليل المتعة في مجلس كان صاحب رئيس زمانه، فاعترضني أبو القاسم الداركي فقال لي: ما أنكرت أن يكون المراد بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} إنما أراد به نكاح الدوام، وأشار بالاستمتاع إلى الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي هو مذهب الشيعة؟ قلت له: ان الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ فإنه علق بذكر النكاح واطلق بغير تقييد لم يرد به إلّا نكاح المتعة خاصة لكونه علما عليها في الشريعة، ألا ترى أنه لو قال قائل نكحت أمس امرأة متعة أو هذه المرأة نكاحي لها أو عقدي عليها للمتعة وان فلانا استحل نكاح المتعة لما فهم من قوله الا النكاح الذي تذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطء الإماء الحرائر على الدوام، كما أن الوطي في اللغة وهو وطي القدم
ومماسة باطنه للشيء على سبيل الاعتماد، ولو قال قائل وطأت جارتي ومن وطأ امرأة غيره فهو زان وفلان يطأ إمرأته وهي حائض لم يعقل من ذلك مطلع على أصل الشريعة إلا النكاح دون وطي القدم، وكذلك الغائط هو الشيء المحوط، وقيل هو الشيء المنهبط ولو قال قائل هل يجوز أن آتي الغائط لأتوضأ وأصلي أو قال فلانا أما الغائط ولم يستتر لم يفهم من قوله إلا الحدث الذي يجب منه الوضوء واشباه ذلك مما قد تقرر في الشريعة.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد ثبت أن لفظ المتعة لا يقع إلا على النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه.
واعترضني القاضي أبو محمد بن معروف فقال: هذا الاستدلال أوجب عليك ألا يكون الله تعالى أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة لأنها لا تتضمن سواه، وفي الإجماع على انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل على بطلان ما اعتمدته. فقلت له:
ليس يدخل هذا الكمال على أصل الاستدلال ولا يتضمن معتمدي ما ألزمنيه القاضي فيه، وذلك أن قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مََا وَرََاءَ ذََلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوََالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسََافِحِينَ} فحين يتضمن تحليل المناكح المخالفة للسفاح في الجملة ويدخل فيه نكاح الدوام من الحرائر وإلا ما يختص نكاح المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} ويجري ذلك مجرى قول القائل: قد حرم الله عليك نساء بأعيانهن وحرم عليك واحل لك عداهن فإن استمتعت منهن فالحكم فيه كذا وكذا فإن نكحت نكاح الدوام فالحكم فيه كيت وكيت، فيذكر له المحللات بالجملة ويبين له نكاح بعضهن كما يذكرهن له ثم يبين له أحكام نكاحهن كلهن فما أعلمه زاد علي شيئا.
مما قاله الأمير أبو فراس
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل اضواني بسطت له الهوى ... واذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والهجر
تعللني بالوصل والموت دونه ... إذا مت عطشانا فلا نزل القطر
بدوت واهلي حاضرون وانني ... أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت أهلي في هواك وانني ... وإياك لولا حبك الماء والخمر
تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك قالت أيّهم وهم كثر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين أنساني الح بي الهجر
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولها العذر
وإني لنزال بكل مخوفة ... كثير إلى انزالها النظر الشزر
فأصدر حتى ترتوي البيض والقنا ... واسغب حتى يرتوي الذيب والنسر
ويا رب دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى وأنا الفجر
وحي وردت الخيل حتى ملكته ... هزيما وردتني البراقع والخمر
وما حاجتي بالمال ابغي وفوره ... إذا لم افر عرضي فلا وفر الوفر
هو الموت فاختر ما حلالك ذكره ... ولم يمت الإنسان ما حيى الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة ... كما ردها يوما بسوءته عمرو
فإن عشت فالطعن الذي تعرفونه ... وتلك القنا والبيض والضمر السمر
وإن مت فالإنسان لا بد ميت ... وإن طالت الأيام وانفسح العمر
سيذكرني قومي إذا جد جدّهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو ينفق الصفر
ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغله المهر(1/206)
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر
إذا الليل اضواني بسطت له الهوى ... واذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والهجر
تعللني بالوصل والموت دونه ... إذا مت عطشانا فلا نزل القطر
بدوت واهلي حاضرون وانني ... أرى أن دارا لست من أهلها قفر
وحاربت أهلي في هواك وانني ... وإياك لولا حبك الماء والخمر
تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك قالت أيّهم وهم كثر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين أنساني الح بي الهجر
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولها العذر
وإني لنزال بكل مخوفة ... كثير إلى انزالها النظر الشزر
فأصدر حتى ترتوي البيض والقنا ... واسغب حتى يرتوي الذيب والنسر
ويا رب دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى وأنا الفجر
وحي وردت الخيل حتى ملكته ... هزيما وردتني البراقع والخمر
وما حاجتي بالمال ابغي وفوره ... إذا لم افر عرضي فلا وفر الوفر
هو الموت فاختر ما حلالك ذكره ... ولم يمت الإنسان ما حيى الذكر
ولا خير في دفع الردى بمذلة ... كما ردها يوما بسوءته عمرو
فإن عشت فالطعن الذي تعرفونه ... وتلك القنا والبيض والضمر السمر
وإن مت فالإنسان لا بد ميت ... وإن طالت الأيام وانفسح العمر
سيذكرني قومي إذا جد جدّهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو ينفق الصفر
ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغله المهر
بعض الوقائع التاريخية
نقل: أنه في سنة 297وثب العلوي صاحب الزنج والسودان على الأيله فاستباحها واحرقها وقتل منها نحو ثلاثين ألفا، فساق الخليفة لحربه سعيد الحاجب فالتقوا فانهزم سعيد ثم دخلت الزنج البصرة واحرقوا الجامع وقتل فيها اثني عشر ألفا، وهرب باقي أهلها بأسوأ حال وخربت.
وفي: سنة 299غارت الزنج على واسط وهجرت أهلها حفاة عراة واخربت ديارها واحرقت، فوجه المعتمد على الله بن المتوكل أخاه الموفق بن المتوكل إلى حربهم فالتقى المسلمون وقائد الزنج واجتمع مع الموفق بن المتوكل ثمانية الآف مقاتل فانهزم الخبيث واصحابه وتبعهم اصحاب الموفق يقتلون ويأسرون، ثم
استقبل القائد وفرسانه الناس وحمل عليهم فهزموهم وأزالوهم فحمل عليه الموفق والتحم القتال وإذا بفارس من اصحاب الموفق قد أقبل ورأس الخبيث في يده فلم يصدقه الموفق فعرفه جماعة من الناس فحينئذ ترجل الموفق وابنه المعتضد والأمراء فخروا سجدا لله تعالى وكبر رؤساء الموفق فدخل بالرأس بغداد وكان مشهورا، واسترجعوا البلدان التي أخذها الخبيث، وكانت أيامه خمس عشرة سنة، قال بعض المؤرخين: انه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمئة ألف، وقتل في يوم واحد من البصرة ثلاثمئة ألف، وكان خارجيا يسب عثمان وعليا وقيل كان زنديقا.(1/207)
وفي: سنة 299غارت الزنج على واسط وهجرت أهلها حفاة عراة واخربت ديارها واحرقت، فوجه المعتمد على الله بن المتوكل أخاه الموفق بن المتوكل إلى حربهم فالتقى المسلمون وقائد الزنج واجتمع مع الموفق بن المتوكل ثمانية الآف مقاتل فانهزم الخبيث واصحابه وتبعهم اصحاب الموفق يقتلون ويأسرون، ثم
استقبل القائد وفرسانه الناس وحمل عليهم فهزموهم وأزالوهم فحمل عليه الموفق والتحم القتال وإذا بفارس من اصحاب الموفق قد أقبل ورأس الخبيث في يده فلم يصدقه الموفق فعرفه جماعة من الناس فحينئذ ترجل الموفق وابنه المعتضد والأمراء فخروا سجدا لله تعالى وكبر رؤساء الموفق فدخل بالرأس بغداد وكان مشهورا، واسترجعوا البلدان التي أخذها الخبيث، وكانت أيامه خمس عشرة سنة، قال بعض المؤرخين: انه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمئة ألف، وقتل في يوم واحد من البصرة ثلاثمئة ألف، وكان خارجيا يسب عثمان وعليا وقيل كان زنديقا.
اغارات القرامطة على العراق والشام والحجاز
وفي: سنة 258مبدأ ظهور القرامطة بسواد الكوفة، وهم خوارج زنادقة مارقون من الدين.
وفي: سنة 311دخل أبو طاهر القرمطي على أبي سعيد القرمطي البصرة ليلا في ألف وسبعمئة فارس فنصبوا السلاسل على السور فنزلوا فوضعوا فيهم السيف وأحرقوا الجامع وسبوا الحريم.
وفي: سنة 312عارض أبو طاهر القرمطي حاج العراق ومعه ألف فارس وألف راجل، وأمير الحاج أبو الهيجاء بن حمدان، فوضعوا السيف في الحجاج وساقوا الأجمال والأحمال والأموال واخذوا أبا الهيجاء اسيرا، ثم أن القرمطي اطلقه وأرسل معه يطلب كل ما في البصرة والأهواز من العبيد.
وفي: سنة 313سافر الركب العراقي ومعهم ألف فارس فعارضهم القرمطي فرد الحاج ولم يحجوا تلك السنة ونزل القرمطي الكوفة فقتلوه فغلب على البلد ونهبه.
وفي: سنة 314لم يحج أحد من العراق خوفا من القرامطة.
وفي: سنة 316نزلت القرامطة الكوفة فسار يوسف بن السباح فقاتلهم فأسروا يوسف وانهزم عسكره وسار القرمطي إلى أن نزل غربي الأنبار فقطع المسلمون الجسر فأخذ يتحيل في العبور حتى عبر وخرج نصر الخادم وموسى الخادم فعسكروا بباب الأنبار وخرج أبو الهيجاء بن حمدان واخوته ثم ردت القرامطة ولم يهجم العسكر ووقع عليهم الخذلان وكانت القرامطة الف وسبعمائة فارس وراجل وكانت العسكر يومئذ أربعين الف فارس ثم أن القرمطي قتل ابن
السباح وجماعة معه ودخل الوزير علي بن عيسى على المقتدر وقال قد تمكنت هيبة هذا الكافر من القلوب فخاطب السيدة في مال تنفقه على العسكر فأخبر المقتدر أمه بذلك فأخرجت خمسمئة الف دينار وأخرج المقتدر ثلاثمئة الف دينار ونهض علي بن عيسى في استدامة العساكر وجددت على بغداد الخنادق وعدمت هيبة المقتدر من القلوب.(1/208)
وفي: سنة 316نزلت القرامطة الكوفة فسار يوسف بن السباح فقاتلهم فأسروا يوسف وانهزم عسكره وسار القرمطي إلى أن نزل غربي الأنبار فقطع المسلمون الجسر فأخذ يتحيل في العبور حتى عبر وخرج نصر الخادم وموسى الخادم فعسكروا بباب الأنبار وخرج أبو الهيجاء بن حمدان واخوته ثم ردت القرامطة ولم يهجم العسكر ووقع عليهم الخذلان وكانت القرامطة الف وسبعمائة فارس وراجل وكانت العسكر يومئذ أربعين الف فارس ثم أن القرمطي قتل ابن
السباح وجماعة معه ودخل الوزير علي بن عيسى على المقتدر وقال قد تمكنت هيبة هذا الكافر من القلوب فخاطب السيدة في مال تنفقه على العسكر فأخبر المقتدر أمه بذلك فأخرجت خمسمئة الف دينار وأخرج المقتدر ثلاثمئة الف دينار ونهض علي بن عيسى في استدامة العساكر وجددت على بغداد الخنادق وعدمت هيبة المقتدر من القلوب.
وفي: سنة 316رجل القرمطي بناحية الشام واستباحها ثم نزل الرقة وقتل جماعة وتحول هيت فرموه بالحجارة وقتلوا صاحبه أبا الدرداء وسار إلى الكوفة ثم انصرف وبنى دار الهجرة ولم يحج أحد في هذه السنة واستعفى علي بن عيسى من الوزارة وتولى بعده علي بن مقلة.
وفي: سنة 317حج بالناس منصور الديلمي فدخلوا مكة سالمين، فوافاهم يوم التروية أبو طاهر القرمطي فقتل الحاج قتلا ذريعا في المسجد وفي فجاج مكة، وقتل أمير مكة واقتلعوا باب الكعبة والحجر الأسود وأخذوه إلى هجر ولم يرد إلا بعد نيف وعشرين سنة، وصعد الملعون على البيت وقال شعرا:
أنا بالله وبالله أنا ... يخلق الخلق ويفنيهم أنا
فلما قلع الحجر الأسود قال شعرا يدل على كفره:
ولو كان هذا البيت معبد ربنا ... لصب علينا النار من فوقه صبا
لأنا حججنا حجة جاهلية ... محالة لم تبق شرقا ولا غربا
وانا تركنا بين زمزم والصفا ... جنائز لا تبغي سوى ربها ربا
وفي: سنة 339أعادت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه، وكان بعض الأمراء دفع إليهم خمسين ألف دينارا فأبوا بيعه.
إلزام معز الدولة أهل بغداد بإقامة مآتم الحسين عليه السّلام
وفي: سنة 352الزم معز الدولة أهل بغداد يوم عاشوراء النوح وإقامة المآتم على الحسين بن علي عليه السّلام وأمر بغلق الأبواب وعلقت عليها المسوح ومنع الطباخين من الأطعمة وخرجت نساء الشيعة منشورات الشعور مخمشات الوجوه يلطمن الخدود وفي يوم الثامن عشر من ذي الحجة عملت الشيعة عيد الغدير.
وفيها أو في الذي قبلها توفي الوزير المهلبي وزير معز الدولة ابن بويه الديلمي، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة في المعيشة ولقي في
سفره مشقة عظيمة فاشتهى اللحم فلم يقدر على ثمنه فقال ارتجالا:(1/209)
وفيها أو في الذي قبلها توفي الوزير المهلبي وزير معز الدولة ابن بويه الديلمي، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة في شدة عظيمة من الضرورة في المعيشة ولقي في
سفره مشقة عظيمة فاشتهى اللحم فلم يقدر على ثمنه فقال ارتجالا:
الا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه
الا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد ... فودي انني مما يليه
الا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه
وكان معه رفيق يقال له (أبو عبد الله الصوفي) فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما فأطعمه اياه، وتنقلت بالمهلبي الأحوال وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة وضاقت الأحوال برفيقه الذي اشترى له اللحم وبلغه وزارة المهلبي فقصده وكتب إليه:
ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقالة مذكر ما قد نسيه
اتذكر إذ تقول لضيق عيش ... ألا موت يباع فأشتريه
فلما وقف عليها المهلبي ذكر وهزّ به أريحية الكرم وأمر له بسبعمئة درهم، ووقع في رقعته {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوََالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللََّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنََابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ} ثم دعا به وخلع عليه وقلده عملا يفتنني به عن الناس. وقال أبو اسحق الصابي: كنت يوما عند الوزير المهلبي فأخذ ورقة وكتب فيها على البدي:
له يد برعت جودا بنائلها ... ومنطق دره في السطر ينتثر
فحاتم كامن في بطن راحته ... وفي انامله سحبان ينتشر
وكان المهلبي من رجال الدهر عزما ورأيا وسؤددا.
ترجمة المتنبي ووفاته
وفي: سنة 354توفي الملقب بأبي الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكوفي ثم الكندي منزلا، قدم الشام في صباه وجال في الاقطار واشتغل بفنون الأدب ومهر فيها، وكان من المكثرين في نقل اللغة والمطلعين على غريبها قيل: إن أبا علي الفارسي قال: كم لنا من الجموع على وزمن فعلى بكسر الفاء وسكون العين وفتح اللام؟ فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربي، فقال أبو علي: فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال لأجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد. وأما شعر المتنبي فشهرته تغني عن مدحه ولقد افتتن العلماء بديوانه فشرحوه، قال
بعضهم: وقفت على أربعين شرحا بين المطولات والمختصرات. وأما تلقيبه بالمتنبي فقيل أنه ادعى النبوة في بادية سماوة وتبعه خلق كثير من تلك الناحية، فعند ظهور تلك الدعوة خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الأخشيد فأسره وتفرق اصحابه ثم استتابه وأطلقه. وقيل غير ذلك، ثم التحق بالأمير سيف الدولة ابن حمدان في سنة 507سبع وخمسمئة ثم فارقه ودخل مصر ومدح كافور الأخشيدي، وكان لسيف الدولة مجلس تحضره العلماء كل ليلة يتكلمون بحضرته فوقع بين المتنبي وبين ابن خالويه النحوي كلام فوثب ابن خالويه وضرب وجهه بمفتاح كان في يده فشجه وسال دمه على ثيابه، فغضب وخرج إلى مصر ومدح كافور ثم خلى عنه وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة الديلمي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة من شعبان لثمان خلون منه عرض فاتك ابن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتلهم المتنبي وابنه محمّد بضم الميم وفتح الحاء والسين المشددة المهملتين من الجانب الغربي من سواد بغداد. وذكر ابن رشيق في كتاب العمدة في باب منافع الشعر ومضاره: أن أبا الطيب لما فرّ حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا تتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل شعرا:(1/210)
وفي: سنة 354توفي الملقب بأبي الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكوفي ثم الكندي منزلا، قدم الشام في صباه وجال في الاقطار واشتغل بفنون الأدب ومهر فيها، وكان من المكثرين في نقل اللغة والمطلعين على غريبها قيل: إن أبا علي الفارسي قال: كم لنا من الجموع على وزمن فعلى بكسر الفاء وسكون العين وفتح اللام؟ فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربي، فقال أبو علي: فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال لأجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد. وأما شعر المتنبي فشهرته تغني عن مدحه ولقد افتتن العلماء بديوانه فشرحوه، قال
بعضهم: وقفت على أربعين شرحا بين المطولات والمختصرات. وأما تلقيبه بالمتنبي فقيل أنه ادعى النبوة في بادية سماوة وتبعه خلق كثير من تلك الناحية، فعند ظهور تلك الدعوة خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الأخشيد فأسره وتفرق اصحابه ثم استتابه وأطلقه. وقيل غير ذلك، ثم التحق بالأمير سيف الدولة ابن حمدان في سنة 507سبع وخمسمئة ثم فارقه ودخل مصر ومدح كافور الأخشيدي، وكان لسيف الدولة مجلس تحضره العلماء كل ليلة يتكلمون بحضرته فوقع بين المتنبي وبين ابن خالويه النحوي كلام فوثب ابن خالويه وضرب وجهه بمفتاح كان في يده فشجه وسال دمه على ثيابه، فغضب وخرج إلى مصر ومدح كافور ثم خلى عنه وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة الديلمي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصدا إلى بغداد ثم إلى الكوفة من شعبان لثمان خلون منه عرض فاتك ابن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتلهم المتنبي وابنه محمّد بضم الميم وفتح الحاء والسين المشددة المهملتين من الجانب الغربي من سواد بغداد. وذكر ابن رشيق في كتاب العمدة في باب منافع الشعر ومضاره: أن أبا الطيب لما فرّ حين رأى الغلبة قال له غلامه: لا تتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل شعرا:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فكر راجعا حتى قتل وكان سبب قتله هذا البيت.
وفي: سنة 338توفي المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي بالله علي بن المعتضد بالله أحمد. وفيها توفي عماد الدولة علي بن بويه بضم الموحدة وفتح الواو وسكون المثناة من اسفل والهاء كان أبوه صياد السمك وكانوا ثلاثة أخوة عماد الدولة وركن الدولة ومعز الدولة والجميع ملكوا، وكان عماد الدولة وهو أكبرهم سبب سعادتهم وانتشار صيتهم واستولوا على البلاد وملكوا العراقين والأهواز وفارس وساسوا أمور الرعية بأحسن سياسة، ثم ملك عضد الدولة ابن مالك الدولة اتسعت مملكته وزادت عمارا كما كانت لا سلافه. قيل إن عماد الدولة اتفقت له اسباب عجيبة كانت سببا لإثبات ملكه (منها) أنه لما اجتمع أصحابه في أول مملكته وطالبوه بأموال ولم يكن عنده ما يرضيهم به فاغتم لذلك غما شديدا فبينما هو يفكر وقد استلقى على قفاه في مجلسه إذ رأى حية خرجت من موضع آخر فخاف أن تسقط عليه فدعا الفراشين وأمرهم بإحضار سلم وأن تخرج الحية فلما صعدوا وبحثوا عن الحية وجدوا ذلك الغار يفضي إلى غرفة بين السقفين،
فعرفوه بذلك فأمرهم بفتحها ففتحت فوجدوا فيها عدة صناديق من المال قدر خمسمئة الف دينار، فحمل المال بين يديه ففرقه وانفقه في رجاله وثبت أمره بعد أن أشفى على الزوال (منها) أنه قطع ثيابا وسأل عن خياط حاذق فوصف له خياط كان لصاحب البيت، فأمر بإحضاره وكان أطرشا فوقع في نفس الخياط أنه سعى به في وديعة كانت عنده لصاحب الدار فطلبه لهذا السبب، فلما احضر خاطبه فحلف أنه ليس عنده إلا إثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها، فتعجب عماد الدولة من جوابه ووجه معه من يحملها فوجد فيها أموالا وثيابا بأموال عظيمة، فكانت هذه بعض الأسباب المقررة لمملكته الدالة على سعادته.(1/211)
وفي: سنة 338توفي المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي بالله علي بن المعتضد بالله أحمد. وفيها توفي عماد الدولة علي بن بويه بضم الموحدة وفتح الواو وسكون المثناة من اسفل والهاء كان أبوه صياد السمك وكانوا ثلاثة أخوة عماد الدولة وركن الدولة ومعز الدولة والجميع ملكوا، وكان عماد الدولة وهو أكبرهم سبب سعادتهم وانتشار صيتهم واستولوا على البلاد وملكوا العراقين والأهواز وفارس وساسوا أمور الرعية بأحسن سياسة، ثم ملك عضد الدولة ابن مالك الدولة اتسعت مملكته وزادت عمارا كما كانت لا سلافه. قيل إن عماد الدولة اتفقت له اسباب عجيبة كانت سببا لإثبات ملكه (منها) أنه لما اجتمع أصحابه في أول مملكته وطالبوه بأموال ولم يكن عنده ما يرضيهم به فاغتم لذلك غما شديدا فبينما هو يفكر وقد استلقى على قفاه في مجلسه إذ رأى حية خرجت من موضع آخر فخاف أن تسقط عليه فدعا الفراشين وأمرهم بإحضار سلم وأن تخرج الحية فلما صعدوا وبحثوا عن الحية وجدوا ذلك الغار يفضي إلى غرفة بين السقفين،
فعرفوه بذلك فأمرهم بفتحها ففتحت فوجدوا فيها عدة صناديق من المال قدر خمسمئة الف دينار، فحمل المال بين يديه ففرقه وانفقه في رجاله وثبت أمره بعد أن أشفى على الزوال (منها) أنه قطع ثيابا وسأل عن خياط حاذق فوصف له خياط كان لصاحب البيت، فأمر بإحضاره وكان أطرشا فوقع في نفس الخياط أنه سعى به في وديعة كانت عنده لصاحب الدار فطلبه لهذا السبب، فلما احضر خاطبه فحلف أنه ليس عنده إلا إثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها، فتعجب عماد الدولة من جوابه ووجه معه من يحملها فوجد فيها أموالا وثيابا بأموال عظيمة، فكانت هذه بعض الأسباب المقررة لمملكته الدالة على سعادته.
وفي: سنة 349وقعة عظيمة بين السنة والشيعة، وقرت الشيعة ببني هاشم ومعز الدولة بن بويه وعطلت الصلاة في الجامع، ثم رأى معز الدولة المصلحة في القبض على جماعه من الهاشميين فسكنت الفتنة. وفيها كان إسلام الترك. قال ابن الجوزي: أسلم من الترك مئتا ألف.
وفاة معز الدولة الديلمي
وفي: سنة 356توفي معز الدولة أحمد بن بويه الديلمي وكان في صباه يحتطب وأبوه يصيد السمك، فما زال يرتقي في أمور الدنيا حتى تسلط على بغداد وملكها نيفا وعشرين سنة، وكان حازما عالما شيعي المذهب، وكان هو عم عضد الدولة وسيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى. وفيها توفي صاحب كتاب الأغاني أبو الفرج الأصبهاني علي بن الحسين القرشي الأموي المرواني. قال بعض اصحاب الحديث من العجائب أن مروانيا شيعيا، وله تصانيف كثيرة منها كتاب الأغاني الذي وقع الاتفاق على أنه يعمل مثله في بابه، قيل إنه جمعه في خمسين سنة وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار. وفيها توفي سيد الدولة الأمير الجليل علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الحزري صاحب الشام توفي بحلب وعمره بضع وخمسون سنة، وكان بطلا جوادا شجاعا شاعرا أديبا ممدوحا. قال الثعالبي في يتيمة الدهر: كان بنو حمدان ملوكا وأوجههم للصباحة وألسهم للفصاحة وأيديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة، وسيف الدولة مشهور بسيادتهم فواسطة قلادتهم.
وفاة أبي فراس الحمداني
وفي: سنة 357توفي أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان ابن عم سيف
الدولة، قال: الثعالبي في وصفه: كان وحيد دهره وشمس عصره أدبا وكرما وفضلا ومجدا وبلاغة وفروسية، وشعره مشهور قد جمع الحسن والجودة والسهولة والجلالة، كان ابن عباد يقول: بدأ الشعر بملك وختم بملك يعنى امرأ القيس وأبا فراس، وكان المتنبي يشهد له بالتقديم والتبريز ويتحامى جانبه.(1/212)
وفي: سنة 357توفي أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان ابن عم سيف
الدولة، قال: الثعالبي في وصفه: كان وحيد دهره وشمس عصره أدبا وكرما وفضلا ومجدا وبلاغة وفروسية، وشعره مشهور قد جمع الحسن والجودة والسهولة والجلالة، كان ابن عباد يقول: بدأ الشعر بملك وختم بملك يعنى امرأ القيس وأبا فراس، وكان المتنبي يشهد له بالتقديم والتبريز ويتحامى جانبه.
وفاة الشاعر ابن هانىء الأندلسي
وفي: سنة 360توفي شاعر الأندلس محمد بن الحسن بن هاني الأندلسي وله مع المتنبي قصة عجيبة عند وصوله إلى قابس لمدح صاحب الأمر فيها، قيل إنه لما صار المتنبي بازاء قصر الأمير وهو في زي أمير في الحشم والغلمان والخدم والخيل والأتباع ففزع صاحب قابس من ذلك وسأل عنه، فقيل إنه شاعر أتى يمدحك فكره ذلك وقال: أي شيء يرضي صاحب هذه الهيئة ويسده من الجائزة؟
فقال: محمد بن الحسن بن هاني: أنا أرده عنك، فقال: بأي شيء ترده؟ فقال:
بوجه جميل، فقال: أفعل، فأخذ ابن هاني شاة رديه ولبس ثياب بدوي وجعل يقود الشاة متوجها إلى منزل المتنبي وهو في مخيم له، فلما قرب منه قال: طرقوا لي إلى الأمير، فصاروا يضحكون عليه ويتعجبون منه، فلما وصل إليه وهو يقود الشاة في تلك الهيئة ضحك منه المتنبي ومن حوله وقال: ما هذه الشاة؟ قال ابن هاني: هذه جائزتي من عند الأمير، قال: جائزة؟ قال: نعم، قال: جائزة على ماذا؟ قال: على مدحي له، فتعجب من ذلك المتنبي وقال: عسى أن يكون جائزته على قدر مدحه فقال: اسمعني كيف قلت؟ فأنشد:
ضحك الزمان وكان قدما عابسا ... لما فتحت بحد عزمك قابسا
انكحتها عذراء وما امهرتها ... إلا قنا وصوارما وفوارسا
ومن كان بالسمر العوالي خاطبا ... جليت له بيض الحصون عرايسا
فتحير المتنبي عند سماع شعره وقال: أنا ما اقدر أقول مثل هذا الذي أجازه عليه بهذه الشاة، ثم ارتحل المتنبي راحلا من حيث جاء راجعا.
وفاة عضد الدولة
وفي: سنة 372توفي عضد الدولة ابن الملك ركن الدولة وهو أول من خوطب بشاه في الإسلام، وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد الخليفة، وكان أديبا فاضلا يحب الفضلاء ويعرف فنونا من العلم، وله صنف أبو علي
الفارسي كتاب التكملة والإيضاح في النحو، وكان شيعيا مطاعا حازما ليس في زمانه مثله، وهو الذي أظهر قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وبنى مشهده ودفن فيه.(1/213)
وفي: سنة 372توفي عضد الدولة ابن الملك ركن الدولة وهو أول من خوطب بشاه في الإسلام، وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد الخليفة، وكان أديبا فاضلا يحب الفضلاء ويعرف فنونا من العلم، وله صنف أبو علي
الفارسي كتاب التكملة والإيضاح في النحو، وكان شيعيا مطاعا حازما ليس في زمانه مثله، وهو الذي أظهر قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وبنى مشهده ودفن فيه.
ما وقع بين الشيعة والسنة في بغداد
وفي: سنة 398ثارت فتنة عظيمة بين السنة والشيعة في بغداد فقصد رجل سني الشيخ مفيد واسمعه ما يكره، فثار تلامذته واستفزوا الشيعة واتوا قاضي القضاة أبا محمد الأكفاني وأبا حامد الأسفرائيني فسبوهما فثارت الفتنة ووقع القتال بين الشيعة والسنة، فبعث القادر خيلا لمعاونة السنة فانهزمت الشيعة وأحرق بعض دورهم، وأمر عيد الجيوش بإخراج ابن المعلم الشيخ المفيد فأخرج وحبس جماعة من الشيعة
ترجمة القاضي أبي بكر الباقلاني
وفي: سنة 403تولى القاضي أبو بكر الباقلاني المتكلم الأشعري المالكي، قيل: كان يكتب في كل ليلة بعد أن يقضي ورده خمس وثلاثون ورقة تصنيفا من حفظه، وإليه انتهث الرئاسة في هذا العلم. وفيها توفي قابوس بن أبي طاهر الحلي أمير جرجان وبلاد الجبل وطبرستان ومن مشهور ما نسب إليه من الشعر قوله:
قل للذي بصروف الدهر عيّرنا ... هل عاند الدهر إلا من له خطر
أما ترى البحر يعلو فوقه جيف ... ويستقر بأعلى قعره الدرر
وإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا ... ونالنا من تمادي بؤسه الضرر
ففي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس يخسف الا الشمس والقمر
وفاة الشريف الرضي
وفي: سنة 404توفي الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الحسيني الشيعي، بقية الأشراف صاحب ديوان الشعر. قال الثعالبي في اليتيمة: ابتدأ بالشعر بعد أن جاوز عشر سنين بقليل، وهو اليوم أبرع أهل زمانه وأنجب سادات العراق، ومن شعره ما كتبه إلى الخليفة القادر بالله أحمد بن المقتدر:
عطفا أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبدا كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق
وذكر أبو الفتح ابن جنّي أن الشريف الرّضي دفع إلى السيرافي ليعلمه النحو وهو صغير لم يبلغ عشر سنين، فقعد يوما في الحلقة فذاكره بشيء من الأعراب على عادة التعليم فقال له السيرافي: إذا قلنا رأيت عمر ما علامة نصب عمر؟ فقال له الرضي بغض علي عليه السّلام فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة فهمه وخاطره.(1/214)
عطفا أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبدا كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق
وذكر أبو الفتح ابن جنّي أن الشريف الرّضي دفع إلى السيرافي ليعلمه النحو وهو صغير لم يبلغ عشر سنين، فقعد يوما في الحلقة فذاكره بشيء من الأعراب على عادة التعليم فقال له السيرافي: إذا قلنا رأيت عمر ما علامة نصب عمر؟ فقال له الرضي بغض علي عليه السّلام فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة فهمه وخاطره.
وفاة الشيخ المفيد
وفي: سنة 413توفي الشيخ المفيد (ره) المعروف بابن المعلم، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية، وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة، وكان عضد الدولة يزوره، وكان شيخا ربعا اسمر ثقة عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف، ويوم مات شيعه ثمانون ألفا من الشيعة.
وفي: سنة 443حصلت فتنة عظيمة بين الشيعة والسنة، وعمد الشيعة إلى سور الكرخ واحكموه وكتبوا على الأبراج «محمد وعلي خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر» واضطرمت نار الفتنة وأغلقت أبواب الأسواق، واجتمع للسنة جمع لم ير مثله وهجموا على دار الخليفة وأحرقوه وقتلوا مدرسهم أبا سعيد.
ترجمة الحريري ووفاته
وفي: سنة 516توفي الحريري صاحب المقامات، وكان سبب وضعه لها ما حكاه ابنه أبو القاسم عبد الله قال: كان أبي جالسا في مسجد لبني خزام فدخل ذو طمرين عليه أهبة السفر وهو رث الحال فصيح الكلام حسن العبارة فسألته الجماعة من ابن الشيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته، قال: أبو زيد المذكور فاشتهرت فبلغ خبرها الوزير شرف الدولة القاشاني وزير الخليفة المسترشد بالله، فلما وقف عليها أعجبته وأشار إلى أن يضم إليها غيره فضم إليها خمسين مقامة.
وإلى الوزير المذكور أشار الحريري في خطبة المقامات بقوله: «فأشار من إشارته حكم وطاعته غنم» وأما تسمية الراوي بالحارث بن همام فإنما عنى نفسه هكذا قاله ابن خلكان قال: وقفت عليه في شرح المقامات وهو مأخوذ من قول النبي صلّى الله عليه واله وسلّم:
كلكم حارث وكلكم همام، فالحارث الكاسب والهمام كثير الاهتمام. ويحكى: أن الحريري كان دميما قبيح المنظر، فجاءه رجل غريب يزوره ويأخذ عنه فلما رآه استزرى شكله، ففهم الحريري ما في نفسه فأبى أن يملي عليه وقال أكتب:(1/215)
وإلى الوزير المذكور أشار الحريري في خطبة المقامات بقوله: «فأشار من إشارته حكم وطاعته غنم» وأما تسمية الراوي بالحارث بن همام فإنما عنى نفسه هكذا قاله ابن خلكان قال: وقفت عليه في شرح المقامات وهو مأخوذ من قول النبي صلّى الله عليه واله وسلّم:
كلكم حارث وكلكم همام، فالحارث الكاسب والهمام كثير الاهتمام. ويحكى: أن الحريري كان دميما قبيح المنظر، فجاءه رجل غريب يزوره ويأخذ عنه فلما رآه استزرى شكله، ففهم الحريري ما في نفسه فأبى أن يملي عليه وقال أكتب:
ما أنت أول سار غره قمر ... وزائر أعجبته خضرة الدمن
فاختر لنفسك غيري إنني رجل ... مثل المعيدي تسمع بي ولم ترني
فخجل ذلك الرجل وانصرف عنه.
نبذة تشتمل على تعداد الخلفاء والملوك وتواريخهم
أبو بكر بن أبي قحافة: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعيد بن تميم بن مرة قيل: ولد أبو بكر قبل النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، وقيل بالعكس. مات يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وكان مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرين يوما، وكان عمره ست وستون سنة، وقيل ستون سنة.
عمر بن الخطاب: بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن مرة، طعنه أبو لؤلؤة يوم الإثنين لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ومكث ثلاثة أيام ثم مات، وكان مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر واربع ليالي.
عثمان بن عفان: بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وله يومئذ إثنتان وثمانون سنة وكانت مدة خلافته إثنتي عشرة سنة.
علي بن أبي طالب عليه السّلام: استشهد في شهر رمضان من سنة الأربعين وله يومئذ ثلاث وستون سنة، ومدة خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وواحد وعشرين يوما.
الحسن بن علي: عمره سبع وأربعون سنة ومدة خلافته ستة أشهر.
معاوية بن أبي سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، مات سنة سبع وخمسين من الهجرة، وكانت مدة خلافته بعد الصلح عشرين سنة.
يزيد بن معاوية: وكانت مدة ملكه أربع سنين، قتل الحسين عليه السّلام في الأولى وقتل أهل المدينة في الثانية وهدم الكعبة في الثالثة.(1/216)
معاوية بن أبي سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، مات سنة سبع وخمسين من الهجرة، وكانت مدة خلافته بعد الصلح عشرين سنة.
يزيد بن معاوية: وكانت مدة ملكه أربع سنين، قتل الحسين عليه السّلام في الأولى وقتل أهل المدينة في الثانية وهدم الكعبة في الثالثة.
معاوية بن يزيد: كانت مدة خلافته أربعة أشهر ثم خلع نفسه، وقيل إنه كان شيعيا أمر الناس بالرجوع إلى علي بن الحسن عليه السّلام وقال: إن هذا حق له، ومما ينسب إليه:
يا ليت لي بيزيد حين انتسب ... أبا سواه وإن أزري به النسب
برئت من فعله والله يشهد لي ... إني برئت وذا في الله قد يجب
مروان بن الحكم: بويع له بعد خلع معاوية بن يزيد مات سنة خمس وستين، وقيل إن زوجته وضعت على وجهه مخدة وهو نائم ووقعت هي وجواريها فوقه حتى مات، وعمره ثلاث وثمانون سنة، وكانت خلافته عشرة أشهر.
عبد الملك بن مروان: مات سنة ست وثمانين وله إثنتان وستون سنة، ومدة خلافته إحدى وعشرون سنة.
الوليد بن عبد الملك: مدة ملكه تسع سنين واشهر، وفي زمانه توفي علي ابن الحسين عليه السّلام.
سليمان عبد الملك: مدة ملكه سنتان وثمانية أشهر.
عمر بن عبد العزيز: بن عبد الملك، مدة ملكه أربع سنين وستة أشهر، توفي في حمص يوم الجمعة من رجب سنة إحدى ومائة.
هشام بن عبد الملك: كان مدة ملكه تسع عشرة سنة وأشهر ثم خلعوه من الخلافة.
يزيد بن الوليد: بن عبد الملك، مدة ملكه ستة أشهر وإثنا عشر يوما.
إبراهيم بن الوليد: كانت مدة ملكه ثلاثة أشهر وأياما، خرج عليه مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وأخذ منه الملك ثم قتله.
مروان بن محمد: الملقب بالأصغر وبالحمار، كانت مدة خلافته خمس سنين وأشهر، خرج عليه العباسيون وأخذوا منه الملك، فهو آخر ملوك بني أمية.
عبد الله بن محمد: بن علي بن عبد الله بن العباس السفاح، كانت مدة ملكه أربع سنين وثمانية أشهر، وكان ذلك في زمن الصادق عليه السّلام فوكل أمور الشرع
إليه لما اشتهر عنه نقل الحديث وروايته، مات في السنة السادسة والثلاثين بعد المائة.(1/217)
عبد الله بن محمد: بن علي بن عبد الله بن العباس السفاح، كانت مدة ملكه أربع سنين وثمانية أشهر، وكان ذلك في زمن الصادق عليه السّلام فوكل أمور الشرع
إليه لما اشتهر عنه نقل الحديث وروايته، مات في السنة السادسة والثلاثين بعد المائة.
أبو جعفر المنصور: الدوانيقي أخ السفاح، كانت مدة خلافته اثنتين وعشرين سنة، عاش ثلاث وستون سنة. وفي زمانه مات الصادق عليه السّلام، وبنى مدينة بغداد في سنة خمس وأربعين ومائة، مات سنة ثمان وخمسين في شهر ذي القعدة.
المهدي بالله محمد بن عبد الله بن المنصور: مدة خلافته عشر سنين وأشهر، عاش ثلاثا وأربعين سنة، مات السنة التاسعة والستين بعد المائة.
الهادي بالله: موسى بن المهدي محمد بن عبد الله، كانت مدة خلافته سبع سنين، وقيل سنة واحدة وثلاثة اشهر، مات سنة السبعين بعد المائة. قيل مات من قرحة أصابته، وقيل قتلته أمه الخيزران لما همّ بقتل أخيه هارون الرشيد.
أبو جعفر: هارون بن محمد الرشيد، كانت مدة خلافته ثلاثا وعشرين سنة مات سنة تسعين ومئة.
الأمين محمد بن هارون: كانت مدة خلافته أربع سنين وسبعة أشهر، وحاصره جيش المأمون ببغداد ثم قتل السنة السابعة والتسعين بعد المائة.
المأمون عبد الله بن هارون: كانت مدة خلافته سبعا وعشرين سنة وخمسة أشهر، مات سنة ثماني عشرة ومئتين.
المعتصم بالله محمد بن هارون: سمي بالمثمن لأنه ثامن الخلفاء والبطن الثامن من العباس، وكان مدة خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وكان له ثمانية بنين وثمان بنات، وقتل في زمانه ثمانية نفر يدعي الملك، وله ثمانية آلاف غلام، وترك ثمانية آلاف ألف دينار لورثته، مات سنة سبع وعشرين ومئتين.
الواثق بالله المعتصم: كانت مدة خلافته خمس سنين وتسعة اشهر، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئتين.
المتوكل على الله جعفر بن المعتصم: كانت مدة خلافته أربع عشرة سنة ثم ضعف بعده خلفاء بني العباس، قتله ابنه المنتصر سنة أربع ومئتين.
المنتصر بالله محمد بن المتوكل على الله: مدة خلافته ستة أشهر ثم مات بالخناق.
المستعين بالله أحمد: بن محمد بن المعتصم، وكانت مدة خلافته سنتين ثم خلعوه، ومات سنة اثنتين وخمسين ومئتين.(1/218)
المنتصر بالله محمد بن المتوكل على الله: مدة خلافته ستة أشهر ثم مات بالخناق.
المستعين بالله أحمد: بن محمد بن المعتصم، وكانت مدة خلافته سنتين ثم خلعوه، ومات سنة اثنتين وخمسين ومئتين.
المعتز بالله: أبو عبد الله محمد بن المتوكل، مدة خلافته أربع سنين ثم أخذه الأتراك وضربوه حتى خلع نفسه ثم حبسوه ومنعوه الطعام حتى مات جوعا، وفي زمنه مات الإمام علي بن محمد الهادي عليه السّلام السنة الثالثة والخمسين بعد المئتين وهي سنة خلعه من الخلافة.
المهدي بالله: محمد بن الواثق، كانت مدة خلافته سنة واحدة.
المعتمد على الله: أحمد بن المتوكل، كانت مدة خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أشهر، مات فجأة السنة التاسعة والسبعين بعد المئتين.
المعتضد بالله: أحمد بن طلحة بن المتوكل، كانت مدة خلافته تسع سنين وسبعة أشهر.
المكتفي بالله: علي بن أحمد بن طلحة، كانت مدة خلافته ست سنين وسبعة أشهر.
المقتدر بالله: جعفر بن المعتضد أحمد بن طلحة، كانت مدة خلافته خمسا وعشرين سنة، وفي عهده خرج ناصر الحق الحسن بن علي الحسيني مع الديالمة، وفي زمانه قوي القرامطة، قتل السنة الأربعين بعد الثلاثمئة.
القاهر بالله: محمد بن المعتضد، كانت مدة خلافته ستة أشهر ثم خلعوه.
الراضي بالله: محمد بن المقتدر، كانت مدة خلافته ست سنين وشهرين، وكان وزيره ابن مقلة، مات السنة السابعة والعشرين بعد الثلاثمئة.
المتقي بالله: إبراهيم بن أحمد بن جعفر المقتدر، كانت مدة خلافته أربع سنين ثم أخذوه وأدخلوا الحديدة في عينيه فكف بصره.
المستكفي بالله: عبد الله بن علي المكتفي بن أحمد، ملكه سنة وأربعة أشهر، ثم أخذه معز الدولة من آل بويه وحبسه وخلعه وكحله لأذاه لبعض الشيعة، وكان معز الدولة شيعيا، ومات المستكفي بالله سنة 338.
المطيع بالله: الفضل بن جعفر، كانت مدة خلافته بسبب معز الدولة لأنه الذي وضعه احدى وثلاثين سنة ثم خلع نفسه وفوض أمر الخلافة إلى ابنه.
الطايع بأمر الله: عبد الكريم بن الفضل، كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة ثم خلعه بهاء الدولة بن عضد الدولة وبايع ابن عمه أحمد بن اسحاق.(1/219)
المطيع بالله: الفضل بن جعفر، كانت مدة خلافته بسبب معز الدولة لأنه الذي وضعه احدى وثلاثين سنة ثم خلع نفسه وفوض أمر الخلافة إلى ابنه.
الطايع بأمر الله: عبد الكريم بن الفضل، كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة ثم خلعه بهاء الدولة بن عضد الدولة وبايع ابن عمه أحمد بن اسحاق.
القادر بالله: أحمد بن اسحاق بن المقتدر، كانت مدة خلافته احدى وأربعين سنة وأربعة أشهر، وكان الشريف المرتضى أو الرضي في زمانه.
القائم بأمر الله: أبو جعفر عبد الله بن القادر، كانت مدة خلافته أربعا واربعين سنة وأربعة أشهر.
المقتدي بالله: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن القائم، كانت مدة خلافته تسع عشرة سنة ثم مات فجأة بالطاعون السنة السابعة والثمانين بعد الأربعمئة.
المستظهر بالله: أبو العباس أحمد بن المقتدي، كانت مدة خلافته خمسا وعشرين سنة.
المسترشد بالله: أبو منصور الفضل بن المستظهر، كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة ثم جاء في زمانه سلطان مسعود السلجوقي وحاصر بغداد فأخذ المسترشد وحبسه وقتله بالسكين.
الرشيد بالله: أبو جعفر منصور بن المسترشد، كانت مدة خلافته عشرة أشهر وأياما فقتل.
المقتفي بالله: أبو عبد الله محمد بن المستظهر، كانت مدة خلافته عشرين سنة وأربعة أشهر، مات في السنة الخامسة والخمسين والخمسمائة.
المستنجد بالله: بن المظفر يوسف بن الثقفي، كانت مدة خلافته إحدى عشرة سنة.
المستضيء بنور الله: أبو محمد بن المستنجد، كانت مدة خلافته عشرين سنة وأربعة أشهر ثم مات في السنة الخامسة والسبعين والخمسمئة.
الناصر لدين الله: أبو العباس أحمد بن المستضيء، كانت مدة خلافته خمسا وأربعين سنة مات في السابعة بعد الستمئة.
الظاهر بالله: أبو نصر محمد بن الناصر، كانت مدة خلافته ستة أشهر، مات في السنة الثالثة والستين والستمئة.
المنتصر بالله: أبو جعفر المنصور بن الظاهر، كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وسبعة أشهر.
المعتصم بالله: أبو أحمد عبد الله بن المستنصر، كانت مدة خلافته خمس عشرة سنة وسبعة أشهر، وهو آخر خلفاء العباسيين، وكان خاجا ياقوت الخطاط من غلمانه قتل في سنة ست وخمسين وستمئة إنتهى.(1/220)
المنتصر بالله: أبو جعفر المنصور بن الظاهر، كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وسبعة أشهر.
المعتصم بالله: أبو أحمد عبد الله بن المستنصر، كانت مدة خلافته خمس عشرة سنة وسبعة أشهر، وهو آخر خلفاء العباسيين، وكان خاجا ياقوت الخطاط من غلمانه قتل في سنة ست وخمسين وستمئة إنتهى.
نبذة تشتمل على تاريخ جملة من العلماء
قد وقفت في جملة كتب سيدنا الأجل الأواه السيد نصر الله الحسيني الحائري (أفاض الله تعالى عليه رواشح أفضاله) على كتاب لبعض تلامذة شيخنا المجلسي قد صنفه وجمع فيه علماء الشيعة ولكنه كان مسودة وقد رتبه على حروف المعجم ولم يبرز منه إلا بعض من حروف الألف. ونحن نذكر أولا ما نقلنا منه ثم نذكر غيره ممن وقفنا على أخبارهم وتواريخهم.
الشيخ الفقيه آدم بن يونس بن المهاجر النسفي: قرأ على الشيخ أبي جعفر تصانيفه قاله الشيخ منتجب الدين في فهرسته والنسفي نسبة إلى النسف وهي بلدة من بلاد ما وراء النهر.
ترجمة الشيخ ابراهيم العاملي البازدريني
الشيخ إبراهيم بن إبراهيم بن فخر الدين العاملي البازدريني. من أفاضل تلامذة الشيخ البهائي. قال في كتاب أمل الآمل في بيان علماء جبل عامل: كان فاضلا عالما صالحا شاعرا أديبا من المعاصرين، قرأ على الشيخ بهاء الدين وعلى الشيخ محمد بن الشيخ الحسن بن الشهيد الثاني وغيرهما، توفي بطوس في زماننا ولم أره، وله ديوان شعر صغير عندي بخطه، وله رسم سماه (رحلة المسافر وغنية عن المسافر) أخبرني به جماعة منهم السيد محمد بن محمد الحسيني العاملي عنه، ومن شعره قوله من قصيدة يرثي بها الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي:
شيخ الأنام بهاء الدين لا برحت ... سحائب العفو ينشيها له الباري
مولى به اتضحت سبل الهدى وغدا ... لفقده الدين في ثوب من النار
والمجد أقسم لا تبدو نواجده ... حزنا وشق عليه فضل اطمار
والعلم قد درست آثاره وعفت ... منه رسوم أحاديث وأخبار
كم بكر فكر غدت للكفو فاقدة ... ما دنستها الورى يوما بإنظار
كم خر لما قضى للعلم طود علا ... ما كنت أحسبه يوما بمنهار
وكم بكته محاريب المساجد إذ ... كانت تضىء دجى منه بأنوار
فاق الكرام ولم تبرح سجيته ... إطعام ذي سغب مع كسوة العاري
جل الذي اختار في طوس له جدثا ... في ظل حامي حماها نجل اطهار
الثامن الضامن الجنات أجمعها ... يوم القيامة من جود لزوار
وقوله: من قصيدة يمدح بها الشيخ زين الدين محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني:(1/221)
شيخ الأنام بهاء الدين لا برحت ... سحائب العفو ينشيها له الباري
مولى به اتضحت سبل الهدى وغدا ... لفقده الدين في ثوب من النار
والمجد أقسم لا تبدو نواجده ... حزنا وشق عليه فضل اطمار
والعلم قد درست آثاره وعفت ... منه رسوم أحاديث وأخبار
كم بكر فكر غدت للكفو فاقدة ... ما دنستها الورى يوما بإنظار
كم خر لما قضى للعلم طود علا ... ما كنت أحسبه يوما بمنهار
وكم بكته محاريب المساجد إذ ... كانت تضىء دجى منه بأنوار
فاق الكرام ولم تبرح سجيته ... إطعام ذي سغب مع كسوة العاري
جل الذي اختار في طوس له جدثا ... في ظل حامي حماها نجل اطهار
الثامن الضامن الجنات أجمعها ... يوم القيامة من جود لزوار
وقوله: من قصيدة يمدح بها الشيخ زين الدين محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني:
كمولاي زين الدين لا زال راكبا ... سوابق مجد في يديه زمامها
إذا انقض منهم كوكب لاح كوكب ... به ظلمات الجهل يجلو ظلامها
فما زال مجد نلتم من سواكم ... ولا انفك منكم للبرايا إمامها
مطايا العلا ما انقدن يوما لغيركم ... وموضعكم دون البرايا سنامها
حللتم بفرق الفرقدين وشدتم ... رسول علا قد طال منها انهدامها
محط رجال الطالبين خيامكم ... وما ضربت إلا لديكم خيامها
إذا تليت في الناس آيات ذكركم ... لما سجدت أخيارها وطغامها
وقوله: من قصيدة يمدح بها السيد حسين بن السيد محمد بن أبي الحسن الموسوي العاملي:
هداية شمس للعلى طلعت ... من أفق سعد بها للحائرين هدى
وآي بدر كمال في الورى سطعت ... أنواره فانجلى سحب العمى أبدا
قد اصبحت كعبة العافين حضرته ... يطوف من حولها آمال من وفدا
لا زلت إنسان عين الدهر ما رشقت ... شمس الضحى من ثغور الدهر ريق ندى
والبار ذريق قرية ينسب إليها إنتهى.
ترجمة السيد ميرزا ابراهيم ظهر الدين الصوفي
السيد ميرزا إبراهيم ظهر الدين: ويقال أيضا: رفيع الدين بن ميرزا حسين ابن الحسن الحسيني الهمداني فاضل عالم حكيم فقيه صوفي المشرب محقق مدقق، كان معاصرا للشيخ البهائي والسيد الداماد في عصر السلطان شاه عباس، وله من المؤلفات شرح إلهيّات الشفاء لابن سينا كبير في مجلدين، وقد ذكر في ديباجته نموذج علومه أن المجلد الأول منه قد ضاع في سفر الحج، وله أيضا حاشية على شرح الإشارات، وله حاشية على شرح الجديد للتجريد وحاشية على الكشاف ورسالة الأنموذج الإبراهيمية المشار إليها آنفا ورسائل في علم الكلام، وقد توفي في سنة خمس وعشرين وألف في زمن دولة السلطان شاه عباس، وقد
قرأ العقليات على الأمير فخر الدين السماكي وكتب له إجازة واثنى عليه، ومن العجب أنه نقل أن هذا السيد لم يكن عارفا بالمسائل الشرعية ولا واقفا على الآثار المعصومية والأقوال الفقهية، حتى نقل أنه لعدم معرفته بالمسائل الدينية كان لا يحترز عن الدم بل ويلطخ المسجد به ولم يعلم أنه نجس والله يعلم.(1/222)
السيد ميرزا إبراهيم ظهر الدين: ويقال أيضا: رفيع الدين بن ميرزا حسين ابن الحسن الحسيني الهمداني فاضل عالم حكيم فقيه صوفي المشرب محقق مدقق، كان معاصرا للشيخ البهائي والسيد الداماد في عصر السلطان شاه عباس، وله من المؤلفات شرح إلهيّات الشفاء لابن سينا كبير في مجلدين، وقد ذكر في ديباجته نموذج علومه أن المجلد الأول منه قد ضاع في سفر الحج، وله أيضا حاشية على شرح الإشارات، وله حاشية على شرح الجديد للتجريد وحاشية على الكشاف ورسالة الأنموذج الإبراهيمية المشار إليها آنفا ورسائل في علم الكلام، وقد توفي في سنة خمس وعشرين وألف في زمن دولة السلطان شاه عباس، وقد
قرأ العقليات على الأمير فخر الدين السماكي وكتب له إجازة واثنى عليه، ومن العجب أنه نقل أن هذا السيد لم يكن عارفا بالمسائل الشرعية ولا واقفا على الآثار المعصومية والأقوال الفقهية، حتى نقل أنه لعدم معرفته بالمسائل الدينية كان لا يحترز عن الدم بل ويلطخ المسجد به ولم يعلم أنه نجس والله يعلم.
وقال في تقويم البلدان ما معناه: إن ميرزا إبراهيم الهمداني المشهور بقاضي زاده همدان كان من علماء دولة الشاه طهماسب وبعده ومن السادة الطباطبا الحسيني، وكان والده قاضيا بهمدان ومتصديا للشرعيات بها، وولده ميرزا إبراهيم هذا كان في قزوين مشتغلا باكتساب العلوم العقلية عند علّامة العلماء أمير فخر الدين السماكي الاسترابادي، وقد ترقى في العلوم الحكمية واعتلى أمره، وبعد وفاة السلطان المذكور وموت والده صار هو قاضيا بهمدان ولكن لا يشتغل هو بنفسه لذلك إلا نادرا وله نواب لذلك الأمر، وكان هو يصرف خلاصة أوقاته في المباحثة والمطالعة، وبعد جلوس السلطان الشاه عباس الماضي الصفوي جاء إلى معسكر السلطان وصار معززا عنده ومكرما وأعطاه سيوزعات لا وافرة وإدرارات وانعامات كثيرة، حتى أنه أعطاه صرة سبعمئة تومان لأجل اداء ديونه، وكان قوله في المعقولات معتبرا عند العلماء والفضلاء في عصره وفي سنة ست وعشرين وألف ترخص من السلطان المذكور حين كان ذلك السلطان في غزوة كرجستان وتوجه إلى همدان فاتفق وفاته في الطريق. وقد قال المولى نصير الدين الهمداني الذي كان من علماء العصر وفرائد الدهر والماهر في الشعر والإنشاء في تاريخ وفاته بالفارسية:
تاشد همه دان از همدان ... با آل عبا كرد بفردوس قران
باشد عدد آل عبا تاريخش ... چون ضرب كني در همه دان همدان
هذا ما أورده صاحب التاريخ المذكور. ونقل أنه كان بين السيد وبين شيخنا البهائي من المؤاخاة والمصافاة ما يفوق الوصف، وكان شيخنا البهائي يمدح هذا السيد ويصف علمه وفضله ويرجحه على السيد الداماد المعاصر لهما، وقد كتب الشيخ البهائي إلى هذا السيد مكتوبا جوابا عن كتاب تقدمت منه إليه وسنذكره في ترجمة شيخنا البهائي إن شاء الله تعالى وصورة المكتوب:
يا غايبا عن عيني لا عن بالي ... القرب إليك منتهى آمالي
أيام نواك لا تسل كيف مضت ... والله مضت بأسوأ الأحوال
قد نورت عيون قلوب المهجورين لمعان الرفقة القدسية المباني وعطلت مشام أرواح المشتاقين نسمات أزهار المفاوضة اللاهوتية المعاني المنطوية على كنوز الحقائق الدينية التي لا تصل إلى غوامضها أكثر الأذهان المحتوية على رموز الأسرار العرفانية التي هي فوق مدارك أبناء الزمان:(1/223)
يا غايبا عن عيني لا عن بالي ... القرب إليك منتهى آمالي
أيام نواك لا تسل كيف مضت ... والله مضت بأسوأ الأحوال
قد نورت عيون قلوب المهجورين لمعان الرفقة القدسية المباني وعطلت مشام أرواح المشتاقين نسمات أزهار المفاوضة اللاهوتية المعاني المنطوية على كنوز الحقائق الدينية التي لا تصل إلى غوامضها أكثر الأذهان المحتوية على رموز الأسرار العرفانية التي هي فوق مدارك أبناء الزمان:
جانا سخت گر چهـ معمارنك است ... اين زمزه را بگوش باران چنگ است
مخروش كه مرغان چمن ميدانت ... كين نغمه ناقوس لك أم أهنك است
ولقد جرني كل سطر منها إلى شطر، ودلني كل فصل على أصل، وكل اشارة الى بشارة فإن كان جميع تلك الأشطار المتخالفة والفصول المتكاثرة والاثارات المتعاندة راجعة في الحقيقة إلى شيء وجداني لا تعدد فيه وأمر فوداني لا كثرة تعتريه (شعر):
نواي عشق بازان خوش نوائيست ... كه هر آهنگ آنراره بجائيست
اگر چهـ صد نوا خيزد از آن چنگ ... چونيكو بنگرى باشد بد آهنگ
وقد اشرتم (خلد الله ظلالكم) إلى الفحص عن حال مخلصكم الحقيقي والسؤال عن أوضاع خادمكم التحقيقي وها أنا أعرضها على سبيل الإجمال وإن كان استماعها مفضيا إلى فرط الملال كما قال من قال: (آزرده دل كند آل جمعي را) فأقول: ان بوائق الأيام قد كدرت مشاربي وطوارق الآلام قد ضيقت مشاربي وقلبي القاسي العاصي قد سودته الذنوب والمعاصي واحاطت به ظلمة الغفلة والقساوة فصارت على اعزته الغشاوة (شعر):
آه از اين دل كز گريبان غمي سر برزند ... صد مصيبت رقت ودست شيونى بر سر زند
ومع هذا فإن جنود الضعف قد استولت على ممالك قواي وذهبت مع الراكب اليماني هواي ومناي حتى سمت من المستلذات الرسمية بأسرها وبرئب من الحظوظ المعادية عن آخرها (مصرع):
مرغ آتش خواره كي ... لذه شناسد دانه
وقد قلت في المثنوي شعرا:
اندرين ويرانه پر وسوسه ... دل گرفت از خانقاه ومدرسه
نه ز مسجد كأم يردنه ز دير ... نه ز خلوت طرف بستم نه ز سير
عالمي خواهم از اين عالم بدر ... تا بكام خود كنم خاكي بسر
لكن كلما تراكمت عليّ أفواج الهموم وتلاطمت لدي أمواج الغموم لا يحصل لقلبي الحزين المبتلى التسلي إلا بتذكر العهد الشريف الذي عاهدناه في خدمتكم العلية وتدبر الميثاق المنيف الذي أوثقناه في طارمتكم السنية (شعر):(1/224)
اندرين ويرانه پر وسوسه ... دل گرفت از خانقاه ومدرسه
نه ز مسجد كأم يردنه ز دير ... نه ز خلوت طرف بستم نه ز سير
عالمي خواهم از اين عالم بدر ... تا بكام خود كنم خاكي بسر
لكن كلما تراكمت عليّ أفواج الهموم وتلاطمت لدي أمواج الغموم لا يحصل لقلبي الحزين المبتلى التسلي إلا بتذكر العهد الشريف الذي عاهدناه في خدمتكم العلية وتدبر الميثاق المنيف الذي أوثقناه في طارمتكم السنية (شعر):
با بيم وهمين زمزمه عشق وفقاني بيد است
فقم يا مطاع المعارضين حتى تنفض من اذيالنا الغبار المتعلق بتمويهات عالم الزور وانهض يا سلطان المتألهين لكي تخلص رقابنا من ربقة ملاقاة أهل دار الغرور ثم ترنم بلسان حالنا بهذا المقال مع اطمئنان القلب وفراغ البال (شعر):
از خلق جهان كناره كرديم ... سر رشته عقل پاره كرديم
وقد قيل: لا راحة إلا في قطع العلائق، ولا عز إلا في العزلة عن الخلائق إلى آخر الكتاب.
ترجمة الشيخ ابراهيم تقي الدين الآملي
الشيخ تقي الدين: إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي فاضل فقيه من تلامذة العلامة وولده فخر المحققين. قال: وقد رأيت نسخة من الإرشاد في بلدة أردبيل وعليها إجازة من العلامة وولده المذكورين لهذا الشيخ بخطهما وقد قرأ هو عليهما ذلك الإرشاد، وكان حطيما رديا كما هو دأب خطوط الفضلاء في الأغلب سيما خط العلامة، وقد أثنى عليه كلا الإمامين فأحببت إيرادهما بعبارتهما وصورة إجازة العلامة هكذا: قرأ هذا الكتاب الموسوم بإرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان في الفقة الشيخ العالم الفاضل الزاهد الورع أفضل المتأخرين تقي الدين إبراهيم بن الحسين الآملي أدام الله تعالى أيامه حفظه ومزيده قراءة بحث واتقان وسأل في إثناء قراءته وتضاعيف مباحثته عما اشكل عليه في فقه الكتاب فبينت له ذلك بيانا واضحا واجزت له رواية هذا الكتاب وغيره من مصنفاتي ورواياتي وإجازاتي وجميع كتب اصحابنا المتقدمين (رضوان الله عليهم اجمعين) على الشروط المعتبرة في الإجازة وكتب الحسن بن يوسف بن المطهر في محرم سنة تسع وسبعمئة حامدا مصليا إنتهى.
وصورة إجازة ولده له هكذا: قرأ علي الشيخ الأجل الأوحد العالم الفاضل الفقيه الورع المحقق رئيس الأصحاب تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي (أدام الله فضله وامتع ببقائه الدين واهله) كتاب ارشاد الأذهان إلى أحكام
الإيمان تصنف والدي (أدام الله أيامه) من أوله إلى آخره قراءة مطلع على مقاصده عارف بمصادره وموارده باحث عن دقائق أغواره غير قانع بدون الوقوف على حقائق اسراره مناقش على الألفاظ المتضمنة للعقائد مطالب لما لا يرتاب فيه من الدلائل والشواهد فأخبر مشمرا عن ساق الاجتهاد مشيرا إلى ما عليه الاعتماد وإليه الاستناد فأخذ ذلك ضابطا لعيونه وغرره جامعا لمتبدده ومنتشره وأجزت له رواية الكتاب عن والدي المصنف (أدام الله أيامه) فليرو ذلك متى شاء وأحب لمن شاء واحب محتاطا لي وله وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به عمن سواه محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي في ثاني عشر شهر رمضان المبارك سنة ست وسبعمئة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا إنتهى.(1/225)
وصورة إجازة ولده له هكذا: قرأ علي الشيخ الأجل الأوحد العالم الفاضل الفقيه الورع المحقق رئيس الأصحاب تقي الدين إبراهيم بن الحسين بن علي الآملي (أدام الله فضله وامتع ببقائه الدين واهله) كتاب ارشاد الأذهان إلى أحكام
الإيمان تصنف والدي (أدام الله أيامه) من أوله إلى آخره قراءة مطلع على مقاصده عارف بمصادره وموارده باحث عن دقائق أغواره غير قانع بدون الوقوف على حقائق اسراره مناقش على الألفاظ المتضمنة للعقائد مطالب لما لا يرتاب فيه من الدلائل والشواهد فأخبر مشمرا عن ساق الاجتهاد مشيرا إلى ما عليه الاعتماد وإليه الاستناد فأخذ ذلك ضابطا لعيونه وغرره جامعا لمتبدده ومنتشره وأجزت له رواية الكتاب عن والدي المصنف (أدام الله أيامه) فليرو ذلك متى شاء وأحب لمن شاء واحب محتاطا لي وله وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به عمن سواه محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي في ثاني عشر شهر رمضان المبارك سنة ست وسبعمئة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا إنتهى.
ترجمة السيد ميرزا ابراهيم النيشابوري
السيد الميرزا إبراهيم: الحسيني النيشابوري ثم الطوسي المشهدي فاضل عالم محقق ماهر في العلوم الرياضية وقد صار من مدرسي الحضرة القدسية، توفي في شهور سنة ألف واثنتي عشرة ودفن بالروضة المقدسة وله رسالة في مسألة صلاة الجمعة بالفارسية ورسالة المولودية في تحقيق أن مولد النبي صلّى الله عليه واله وسلّم يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول لا الثاني عشر منه كما قيل والرسالة النيروزية في تحقيق أن يوم النيروز بعينه ما هو معروف الان من تحويل الشمس من الحوت إلى الحمل بالفارسية، وقد صارت هذه المسألة مطرحا لآراء الفضلاء ومعركة عظمى بينهم حتى صنف المولى أقا رضي القزويني رسالة في بطلان كون النيروز ما هو المعمول الآن وألّف الأميرزا محمد حسين بن الميرزا أبو الحسن القايني أيضا رسالة في صحة ذلك وألف الميرزا رضي الدين محمد المستوفي للخاصة بأصبهان أيضا رسالة في هذا المعنى وأثبت فيها أيضا صحة ذلك.
ترجمة الشيخ ابراهيم القطيفي الحلي
الشيخ إبراهيم: بن سليمان القطيفي ثم الغروي الحلي الإمام الفقيه الفاضل العالم الكامل المحقق المدقق العاصر للشيخ علي الكركي العاملي، وكان هو والشيخ عز الدين الآملي والشيخ على الكركي شركاء الدرس عند الشيخ علي بن هلال الجزائري على ما قيل لكن الذي يظهر من إجازة الشيخ إبراهيم هذا للمولى شمس الدين محمد بن الحسن الاسترابادي أنه يروي عن الشيخ علي بن هلال
المذكور بالواسطة الواحدة، وقال فيها: ان عدة من الفضلاء اجازه ولكن أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن الشهير بالوراق بن الشيخ علي بن هلال الجزائري المذكور والله أعلم، وكان تاريخ الإجازة سنة عشرين وتسعمئة في أيام مجاورته بالروضة المقدسة الغروية، وكان يسكن المشهد المقدس الغروي، ويروي عنه أيضا جماعة من العلماء كما يظهر من إجازاته، منهم تلميذ السيد معز الدين محمد بن تقي الدين محمد الحسيني الأصفهاني، وله منه إجازة تاريخها سنة ثمان وعشرين وتسعمئة في المشهد المقدس الغروي وقد رأيتها بخطه الشريف على ظهر الشرائع التي كانت لتلميذه المذكور وخطه لا يخلو من رداءة، ومنهم ايضا السيد شريف الدين الحسيني المرعشي التستري والد القاضي نور الله التستري صاحب مجالس المؤمنين على ما صرح به القاضي نور الله في حواشي المجالس المذكور، ومنهم السيد الآميرزا نعمة الله الحلي كما سيجيء في ترجمته، وكان (ره) زاهدا عابدا ورعا مشهورا تاركا للدنيا برمتها، وتكثرت المعارضات في المسائل بينه وبين الشيخ علي الكركي حتى ان أكثر الإيرادات التي أوردها الشيخ علي في بعض رسائله في الرضاع والخراج وغيرهما ردّ عليه. وقد سمعنا من المشائخ أنه كان رحمه الله بمشهد الحسين عليه السّلام أو المشهد الغروي على مشرفه أفضل الصلاة والسلام واتفق ورود الشيخ علي المذكور هناك واجتمعا خلف القبر المبارك في الرواق، وكان السلطان شاه طهماسب قد أرسل في تلك الأوقات الشيخ إبراهيم المذكور وجائزة وردّها الشيخ واعتذر عن ذلك بأنه لا حاجة له في أخذها. فقال له الشيخ علي ورد عليه: بأنك اخطأت في ذلك الرد وارتكبت أما محظورا أو مكروها، واستدل على ذلك القول بأن مولانا الحسن عليه السّلام قد قبل جوائز معاوية ومتابعته والتأسي به أما واجب أو مندوب وتركها أما حرام أو مكروه كما تحقق في الأصول، وهذا السلطان لم يكن انقص درجة من معاوية وأنت لم تكن أعلى رتبة من الحسن عليه السّلام، وأجابه الشيخ بجواب.(1/226)
الشيخ إبراهيم: بن سليمان القطيفي ثم الغروي الحلي الإمام الفقيه الفاضل العالم الكامل المحقق المدقق العاصر للشيخ علي الكركي العاملي، وكان هو والشيخ عز الدين الآملي والشيخ على الكركي شركاء الدرس عند الشيخ علي بن هلال الجزائري على ما قيل لكن الذي يظهر من إجازة الشيخ إبراهيم هذا للمولى شمس الدين محمد بن الحسن الاسترابادي أنه يروي عن الشيخ علي بن هلال
المذكور بالواسطة الواحدة، وقال فيها: ان عدة من الفضلاء اجازه ولكن أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن الشهير بالوراق بن الشيخ علي بن هلال الجزائري المذكور والله أعلم، وكان تاريخ الإجازة سنة عشرين وتسعمئة في أيام مجاورته بالروضة المقدسة الغروية، وكان يسكن المشهد المقدس الغروي، ويروي عنه أيضا جماعة من العلماء كما يظهر من إجازاته، منهم تلميذ السيد معز الدين محمد بن تقي الدين محمد الحسيني الأصفهاني، وله منه إجازة تاريخها سنة ثمان وعشرين وتسعمئة في المشهد المقدس الغروي وقد رأيتها بخطه الشريف على ظهر الشرائع التي كانت لتلميذه المذكور وخطه لا يخلو من رداءة، ومنهم ايضا السيد شريف الدين الحسيني المرعشي التستري والد القاضي نور الله التستري صاحب مجالس المؤمنين على ما صرح به القاضي نور الله في حواشي المجالس المذكور، ومنهم السيد الآميرزا نعمة الله الحلي كما سيجيء في ترجمته، وكان (ره) زاهدا عابدا ورعا مشهورا تاركا للدنيا برمتها، وتكثرت المعارضات في المسائل بينه وبين الشيخ علي الكركي حتى ان أكثر الإيرادات التي أوردها الشيخ علي في بعض رسائله في الرضاع والخراج وغيرهما ردّ عليه. وقد سمعنا من المشائخ أنه كان رحمه الله بمشهد الحسين عليه السّلام أو المشهد الغروي على مشرفه أفضل الصلاة والسلام واتفق ورود الشيخ علي المذكور هناك واجتمعا خلف القبر المبارك في الرواق، وكان السلطان شاه طهماسب قد أرسل في تلك الأوقات الشيخ إبراهيم المذكور وجائزة وردّها الشيخ واعتذر عن ذلك بأنه لا حاجة له في أخذها. فقال له الشيخ علي ورد عليه: بأنك اخطأت في ذلك الرد وارتكبت أما محظورا أو مكروها، واستدل على ذلك القول بأن مولانا الحسن عليه السّلام قد قبل جوائز معاوية ومتابعته والتأسي به أما واجب أو مندوب وتركها أما حرام أو مكروه كما تحقق في الأصول، وهذا السلطان لم يكن انقص درجة من معاوية وأنت لم تكن أعلى رتبة من الحسن عليه السّلام، وأجابه الشيخ بجواب.
وأنا أقول: إن كليهما طودي الحلم وعلمي العلم ولا يليق بمثلي أن يحاكم بينهما لكن نقول على وجه الإجمال: إن كلام المحقق الثاني يتراءى منه آثار المغالطة: (أما أولا) فلأن أخذ الحسن عليه السّلام جوايز معاوية فهو استيفاء بعض حقوقه عليه السّلام فإن الدنيا مع ما فيها برمتها لهم عليه السّلام فكيف بما في يد ذلك الطاغي الباغي فلا يصح المدانسة ويبطل حديث التأسي لأنه يجب أو يستحب فيما لم يعلم فيه جهة اختصاص وهو ظاهر، (وأما ثانيا) فلان باب التقية والضرورة في شأنه عليه السّلام واضح مفتوح في أخذه تلك الجوائز لأنه عليه السّلام كان قد صالح ظاهرا
مع ذلك الملحد تقية لشيعته وحقنا لدم زمرة تبعته فلو لم يقبل الجوائز منه لتخيل ذلك الشقي أنه لم يقر على عهده وصلحه، ولعله يخطر بباله أنه يريد الخروج عليه ثانيا، وعلى هذا أيضا لا وجه للاستدلال من فعله عليه السّلام من جهة التأسي (وأما ثالثا) فإن الله تعالى يقول: {وَلََا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النََّارُ} وأخذ تلك الجوائز من السلطان الجائر مستلزم له البتة، فهو حينئذ ممنوع من باب أن مقدمة المحظور محظورة أيضا إذا كانت مستلزمة له، إذ قل ما ينفك الركون مع الإحسان كما قيل الإنسان عبد الإحسان خرج عنه ما خرج من وقت الضرورة ونحوها فيبقى الباقي تحت المنع.(1/227)
وأنا أقول: إن كليهما طودي الحلم وعلمي العلم ولا يليق بمثلي أن يحاكم بينهما لكن نقول على وجه الإجمال: إن كلام المحقق الثاني يتراءى منه آثار المغالطة: (أما أولا) فلأن أخذ الحسن عليه السّلام جوايز معاوية فهو استيفاء بعض حقوقه عليه السّلام فإن الدنيا مع ما فيها برمتها لهم عليه السّلام فكيف بما في يد ذلك الطاغي الباغي فلا يصح المدانسة ويبطل حديث التأسي لأنه يجب أو يستحب فيما لم يعلم فيه جهة اختصاص وهو ظاهر، (وأما ثانيا) فلان باب التقية والضرورة في شأنه عليه السّلام واضح مفتوح في أخذه تلك الجوائز لأنه عليه السّلام كان قد صالح ظاهرا
مع ذلك الملحد تقية لشيعته وحقنا لدم زمرة تبعته فلو لم يقبل الجوائز منه لتخيل ذلك الشقي أنه لم يقر على عهده وصلحه، ولعله يخطر بباله أنه يريد الخروج عليه ثانيا، وعلى هذا أيضا لا وجه للاستدلال من فعله عليه السّلام من جهة التأسي (وأما ثالثا) فإن الله تعالى يقول: {وَلََا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النََّارُ} وأخذ تلك الجوائز من السلطان الجائر مستلزم له البتة، فهو حينئذ ممنوع من باب أن مقدمة المحظور محظورة أيضا إذا كانت مستلزمة له، إذ قل ما ينفك الركون مع الإحسان كما قيل الإنسان عبد الإحسان خرج عنه ما خرج من وقت الضرورة ونحوها فيبقى الباقي تحت المنع.
ومن المعلوم أن ذلك الاحتمال أعني الضرورة عن هذا الشيخ مرتفع على ما صرح به هو نفسه فيرتفع، فلا وجه لتجويزه له ولا يقوم النقض بفعل الحسن عليه السّلام بالنسبة إلى معاوية لأنهم عليهم السّلام مأمونون معصومون عن هذه الخطرات فضلا عن تلك المقاصد والنيات، وكان هو أحد القائلين بحرمة صلاة الجمعة في زمن الغيبة على ما قال بعض الأفاضل وقد ألف في كل موضع ألف فيه الشيخ علي الكركي للرد عليه، ومن جملة ذلك الرسالة الخراجية المسماة بالسراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج قد وضعتها في حرمة الخراج ردّا على الشيخ علي رسالة قاطعة اللجاج التي أطلقها في حل الخراج، وله رسالة في شرح عدد محرمات الذبيحة لطيفة مختصرة، وله الرسالة الصومية نسبها إليه الفاضل الأردبيلي في بحث صوم الإرشاد ونقل عنها بعض الفتاوى، وله رسالة في حرمة صلاة الجمعة في زمن الغيبة مطلقا ردا على الشيخ علي في القول بوجوبها مع وجود المجتهد الجامع لشرائط الفتوى، وله شرح على الألفية الشهيدية في الفقه على ما صرح به الشيخ عز الدين حسين العاملي في حواشيه على الألفية المذكورة، وله تعليقات أيضا على الشرائع. وقد كتب بخطه الشريف إجازة لتلميذه الأمير معز الدين محمد بن تقي الدين الحسيني الأصبهاني، ويظهر من تلك الإجازة أن الشيخ علي بن هلال المذكور كان عم هذا الشيخ وكان تاريخ الإجازة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وله رسالة في الشكيات.
وقد رأيت بخط بعض العلماء أنه حكى عن بعض أهل البحرين في حق الشيخ إبراهيم هذا (قدس الله سره) أن هذا الشيخ قد دخل عليه الإمام الحجة عليه السّلام في صورة رجل يعرفه الشيخ وسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم؟ فقال الشيخ: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيََاتِنََا لََا يَخْفَوْنَ عَلَيْنََا أَفَمَنْ}
{يُلْقى ََ فِي النََّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيََامَةِ اعْمَلُوا مََا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فقال: صدقت يا شيخ، ثم خرج عنه فسأل بعض أهل البيت أخرج فلان؟(1/228)
وقد رأيت بخط بعض العلماء أنه حكى عن بعض أهل البحرين في حق الشيخ إبراهيم هذا (قدس الله سره) أن هذا الشيخ قد دخل عليه الإمام الحجة عليه السّلام في صورة رجل يعرفه الشيخ وسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم؟ فقال الشيخ: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيََاتِنََا لََا يَخْفَوْنَ عَلَيْنََا أَفَمَنْ}
{يُلْقى ََ فِي النََّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيََامَةِ اعْمَلُوا مََا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمََا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فقال: صدقت يا شيخ، ثم خرج عنه فسأل بعض أهل البيت أخرج فلان؟
فقالوا: ما رأينا أحدا داخلا ولا خارجا إنتهى.
ثم مؤلفاته حاشية الإرشاد للعلامة نسبه إليه القاضي نور الله في مجالس المؤمنين، وله أيضا الرسالة الرضاعية ردا على الشيخ علي في رضاعيته.
وقال بعض الأجلة من تلامذة الشيخ علي الكركي في رسالة ذكر اسامي المشائخ: ومنهم الشيخ الأجل الشيخ إبراهيم القطيفي قد صنف كتبا منها كتاب الفرقة الناجية وغيرها مات في مدينة الجزائر إنتهى.
وله كتاب تحقيق الفرقة الناجية في إنهاء الإمامية، وله كتاب نفحات الفوائد ومفردات الزوائد وهذا الكتاب في صورة الأسئلة والأجوبة إن سأل سائل كذا فنقول كذا، ومن مؤلفاته أيضا شرح أسماء الله الحسنى طويل الذيل جيد الفوائد، وقد فرغ منه في سنة أربع وثلاثين وتسعمئة. وقد سمعت من الأستاد الاستناد (أيده الله) أنه لم يكن له كثير فضل وان ليس له رتبة المعارضة مع الشيخ علي الكركي، وقد سمعت منه مشافهة أيضا ما يدل على القدح في فضله بل في تدينه حيث أنه ينقل لي أنه رأى مجموعة بخط الشيخ إبراهيم هذا وقد ذكر فيها افتراءات على الشيخ علي، ويقول: اين فضله من فضل الشيخ علي وعلمه وتبحره والله أعلم
ترجمة الشيخ ابراهيم العاملي الميسي
الشيخ ظهير الدين: أبو اسحاق إبراهيم بن الشيخ نور الدين أبي القاسم علي ابن تاج الدين عبد العالي العاملي الميسي، وكان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب الصفوي فقيه عالم وهو ولد الشيخ علي الميسي المشهور الذي أجاز الشيخ علي الكركي والده الشيخ علي الميسي وأجاز والده المذكور الشهيد الثاني، فالشيخ إبراهيم هذا في درجة الشهيد الثاني، ويروي الميرزا محمد الاسترابادي عن الشيخ إبراهيم هذا عن والده الشيخ علي المذكور على ما يظهر من آخر رجالة الكبير، ومن إجازته للمولى محمد أمين الاسترابادي، ثم اعلم أن المولى عبد الله بن المولى محمود التستري. ثم الخراساني المقتول المشهور بالشهيد الثالث أيضا يروي عن الشيخ إبراهيم، وكذا المولى أحمد الأردبيلي أيضا على ما يظهر من إجازة الشيخ محمد تقي الغروي للشيخ محمد بن خليفة الجزائري، واعلم أن
الشيخ علي الكركي المعروف قد أجاز هذا الشيخ ووالده حين استجازه لنفسه ولولده على الخصوص بإجازة ذكرناها في ترجمة والد هذا الشيخ وكان في جملتها، وحيث تضمن الاستجازة على القانون المعتبر من أهل الصناعات العلمية من العقلية والنقلية لما ثبت لي حق روايته من أصنافها على تفاوتها واختلافها إجازة عامة لنجله الأسعد الفاضل الأوحد ظهير الدين أبي إسحاق إبراهيم (ابقاه الله تعالى في ظل والده الجليل دهرا طويلا) وقد استفيد من المكتوب الشريف استدعاء نحو ذلك لنفسه النفيسة إلى آخر ما نقلناه في ترجمة والد هذا الشيخ.(1/229)
الشيخ ظهير الدين: أبو اسحاق إبراهيم بن الشيخ نور الدين أبي القاسم علي ابن تاج الدين عبد العالي العاملي الميسي، وكان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب الصفوي فقيه عالم وهو ولد الشيخ علي الميسي المشهور الذي أجاز الشيخ علي الكركي والده الشيخ علي الميسي وأجاز والده المذكور الشهيد الثاني، فالشيخ إبراهيم هذا في درجة الشهيد الثاني، ويروي الميرزا محمد الاسترابادي عن الشيخ إبراهيم هذا عن والده الشيخ علي المذكور على ما يظهر من آخر رجالة الكبير، ومن إجازته للمولى محمد أمين الاسترابادي، ثم اعلم أن المولى عبد الله بن المولى محمود التستري. ثم الخراساني المقتول المشهور بالشهيد الثالث أيضا يروي عن الشيخ إبراهيم، وكذا المولى أحمد الأردبيلي أيضا على ما يظهر من إجازة الشيخ محمد تقي الغروي للشيخ محمد بن خليفة الجزائري، واعلم أن
الشيخ علي الكركي المعروف قد أجاز هذا الشيخ ووالده حين استجازه لنفسه ولولده على الخصوص بإجازة ذكرناها في ترجمة والد هذا الشيخ وكان في جملتها، وحيث تضمن الاستجازة على القانون المعتبر من أهل الصناعات العلمية من العقلية والنقلية لما ثبت لي حق روايته من أصنافها على تفاوتها واختلافها إجازة عامة لنجله الأسعد الفاضل الأوحد ظهير الدين أبي إسحاق إبراهيم (ابقاه الله تعالى في ظل والده الجليل دهرا طويلا) وقد استفيد من المكتوب الشريف استدعاء نحو ذلك لنفسه النفيسة إلى آخر ما نقلناه في ترجمة والد هذا الشيخ.
ثم أقول: هذا الشيخ مع كونه من مشاهير علماء أهل جبل عامل لم أجد ترجمته في أمل الآمل، وأغرب منه كونه مذكورا في سند إجازة الشيخ المعاصر كما يظهر من آخر كتاب وسائل الشيعة للشيخ المعاصر المذكور، ويروي عنه بثلاث وسائط أنه لم يذكر له ترجمة في أمل الآمل للشيخ الأجل تقي الدين إبراهيم ابن علي بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل العاملي الكفعمي مولدا واللويزي محتدا والجبعي أبا والحارثي نسبا والتقي لقبا والإمامي مذهبا العالم الفاضل الكامل الفقيه المعروف بالكفعمي من أجلة علماء الأصحاب، وكان عصره متصلا بزمن خروج الغازي في سبيل الله شاه اسماعيل الماضي الصفوي، ويروي الكفعمي (ره) عن جماعة عديدة منهم والده.
ثم له (عفا الله عنه) يد طولى في أنواع العلوم سيما العربية والأدب جامع حافل كثير التتبع في الكتب، وكان عنده كتب كثيرة جدا وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة، وسماعي أنه (قدس سره) ورد المشهد الغروي وأقام به وطالع في كتب الخزانة الحضرة الغروية، ومن تلك الكتب ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم ومن تلك الكتب مؤلفاته وليس له هذه المؤلفات الصفات المشتملة على غرائب الأخبار، وبذلك صرح في بعض مجاميعه التي رأيتها بخطه أنه رضي الله عنه كان معاصرا للشيخ زين الدين البياضي العاملي صاحب كتاب الصراط المستقيم بل كان من تلامذته. قال في كتاب أمل الآمل: كان ثقة فاضلا أديبا شاعرا عابدا زاهدا ورعا له كتب منها المصباح وهو الجنة الواقية والجنة الباقية وهو كثير الفوائد تاريخه سنة خمس وتسعين وثمانمئة، وله مختصر منها لطيف، وله كتاب البلد الأمين في العبادات أيضا أكبر من المصباح وفيه شرح الصحيفة، وله شعر كثير ورسائل متعددة إنتهى.
ومن مؤلفاته أيضا الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة على ما صرح به
نفسه في حواشي المصباح وعندنا منها نسخة، وكتاب صفوة الصفات في شرح دعاء السمات نسبه إلى نفسه في حواشي المصباح وكذا الاستاذ في البحار، ورسالة لمع البرق في معرفة الفرق، وكتاب زهر الربيع في شواهد البديع، وكتاب نهاية الارب في أمثال العرب، وكتاب نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع، وكتاب الكواكب الدري، وكتاب حديقة أنوار الجنان الفاخرة وحدقة أنوار الجنان الناظرة، وكتاب العين المبصرة، وكتاب حجلة العروس، وكتاب مشكاة الأنوار وهو غير مشكاة الأنوار لسبطه الشيخ أبي علي الطبرسي. وهذه الكتب كلها قد نسبها إلى نفسه في مصباحه وحواشيه، وله أيضا من المؤلفات رسالة محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة وقد ترجمها بعض سادات عصرنا بالفارسية، وله أيضا كتاب مجموع الغرائب وموضوع الرغائب وله أيضا كتاب اللفظ الوجيز في قراءة الكتاب العزيز وله مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد مشتملة على مؤلفات عديدة رأيتها بخطه في بلدة إيران من بلاد آذربيجان، وكان تاريخ اتمام كتابه بعضها في سنة ثمان وأربعين وثمانمئة لخمس بقين من شهر رمضان، وتاريخ بعضها سنة تسع وأربعين وثمانمئة وتاريخ بعضها سنة إثنين وخمسين وثمانمئة وكان فيها عدة كتب من مؤلفاته أيضا منها كتاب اختصار الغريبين للهروي وكتاب اختصار معرب اللفظ للمطرزي واختصار كتاب غريب القرآن لمحمد بن عزيز السجستاني وكتاب اختصار جوامع الجامع للشيخ الطبرسي واختصار كتاب تفسير علي بن إبراهيم واختصار زبدة البيان مختصر مجمع البيان للطبرسي للشيخ زين الدين البياضي واختصار علل الشرائع للصدوق واختصار القواعد الشهيدية واختصار كتاب المجازات النبوية للسيد الرضي واختصار كتاب الحدود والحقائق في تفسير الألفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها، وله كتاب حياة الأرواح ومشكاة الصباح وعندنا منه نسخة وهو مشتمل على ثمان وسبعين بابا في اللطائف والأخبار والآثار فرغ من تأليفه سنة ثلاث وخمسين وثمانمئة وله كتاب التلخيص في المسائل العويص من الفقه رأيته بخطه الشريف في مجموعة بإيران، وله أيضا كتاب مشكاة الأنوار نسبه إلى نفسه في حواشي مصباحه.(1/230)
ومن مؤلفاته أيضا الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة على ما صرح به
نفسه في حواشي المصباح وعندنا منها نسخة، وكتاب صفوة الصفات في شرح دعاء السمات نسبه إلى نفسه في حواشي المصباح وكذا الاستاذ في البحار، ورسالة لمع البرق في معرفة الفرق، وكتاب زهر الربيع في شواهد البديع، وكتاب نهاية الارب في أمثال العرب، وكتاب نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع، وكتاب الكواكب الدري، وكتاب حديقة أنوار الجنان الفاخرة وحدقة أنوار الجنان الناظرة، وكتاب العين المبصرة، وكتاب حجلة العروس، وكتاب مشكاة الأنوار وهو غير مشكاة الأنوار لسبطه الشيخ أبي علي الطبرسي. وهذه الكتب كلها قد نسبها إلى نفسه في مصباحه وحواشيه، وله أيضا من المؤلفات رسالة محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة وقد ترجمها بعض سادات عصرنا بالفارسية، وله أيضا كتاب مجموع الغرائب وموضوع الرغائب وله أيضا كتاب اللفظ الوجيز في قراءة الكتاب العزيز وله مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد مشتملة على مؤلفات عديدة رأيتها بخطه في بلدة إيران من بلاد آذربيجان، وكان تاريخ اتمام كتابه بعضها في سنة ثمان وأربعين وثمانمئة لخمس بقين من شهر رمضان، وتاريخ بعضها سنة تسع وأربعين وثمانمئة وتاريخ بعضها سنة إثنين وخمسين وثمانمئة وكان فيها عدة كتب من مؤلفاته أيضا منها كتاب اختصار الغريبين للهروي وكتاب اختصار معرب اللفظ للمطرزي واختصار كتاب غريب القرآن لمحمد بن عزيز السجستاني وكتاب اختصار جوامع الجامع للشيخ الطبرسي واختصار كتاب تفسير علي بن إبراهيم واختصار زبدة البيان مختصر مجمع البيان للطبرسي للشيخ زين الدين البياضي واختصار علل الشرائع للصدوق واختصار القواعد الشهيدية واختصار كتاب المجازات النبوية للسيد الرضي واختصار كتاب الحدود والحقائق في تفسير الألفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها، وله كتاب حياة الأرواح ومشكاة الصباح وعندنا منه نسخة وهو مشتمل على ثمان وسبعين بابا في اللطائف والأخبار والآثار فرغ من تأليفه سنة ثلاث وخمسين وثمانمئة وله كتاب التلخيص في المسائل العويص من الفقه رأيته بخطه الشريف في مجموعة بإيران، وله أيضا كتاب مشكاة الأنوار نسبه إلى نفسه في حواشي مصباحه.
ثم من مؤلفاته أيضا كتاب مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء تأليف كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الأنباري، وله أيضا اختصار كتاب لسان الحاضر والنديم وله أيضا كتاب فرج الكرب وفرح القلب في علم الأدب بأقسامه وهو يقرب من عشرين ألف بيت وفي كون الجنة الواقية أعني المختصر له، ولذلك قال الاستاذ في أول البحار أنه لبعض المتأخرين وربما ينسب إلى الكفعمي إنتهى.
وفي آخر كتابه حياة الأرواح ومشكاة المصباح هكذا: إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن إسماعيل اللويزي جد الجبعي الأب العمادي المولد، وفي أوائله هكذا: إبراهيم بن علي الجباعي ولكن الكل واجد. وقال في آخر مصباحه:(1/231)
ثم من مؤلفاته أيضا كتاب مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء تأليف كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الأنباري، وله أيضا اختصار كتاب لسان الحاضر والنديم وله أيضا كتاب فرج الكرب وفرح القلب في علم الأدب بأقسامه وهو يقرب من عشرين ألف بيت وفي كون الجنة الواقية أعني المختصر له، ولذلك قال الاستاذ في أول البحار أنه لبعض المتأخرين وربما ينسب إلى الكفعمي إنتهى.
وفي آخر كتابه حياة الأرواح ومشكاة المصباح هكذا: إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن إسماعيل اللويزي جد الجبعي الأب العمادي المولد، وفي أوائله هكذا: إبراهيم بن علي الجباعي ولكن الكل واجد. وقال في آخر مصباحه:
فرغ منه جامعه العبد المحتاج إلى المنزه عن الأولاد والأزواج وبارىء الخليقة من نطفة امشاج أكثر الناس زللا وأقلهم عملا الكفعمي مولدا اللويزي محتدا الجبعي أبا التقي لقبا الإمامي مذهبا إبراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن صالح (أصلح الله شأنه وصانه عما شانه) وذلك في عدة مواطن آخرها أصيل يوم الثلاثاء لثلاث ليالي بقين من شهر ذي القعدة الحرام أختم بالخير والإنعام وما بعده من الشهور والأعوام سنة خمس وتسعين بعد ثمانمئة من هجرة سيد المرسلين صلّى الله عليه وعلى آله أجمعين. ويقال: اللويزي أيضا من باب زيادات النسب، واللويزي بضم اللام وفتح الواو وسكون الياء المثناة التحتانية والزاي نسبة إلى ويزة قرية من جبع وهي الآن خربة ولكن جبع معمورة هكذا وجدته بخط الشيخ علي سبط الشهيد الثاني، والجبعي بضم الجيم وسكون الباء الموحدة والعين المهملة أيضا نسبة إلى جبع وهي على ما قيل قرية من قرى جبل عامل، وقيل أبو هذه القبيلة من أهل جبل عامل فلاحظ، ويؤيد الأخير قول الكفعمي الجبعي أبا ويقال أيضا الجباعي من باب زيادات النسب. والحارثي نسبة إلى حارث همدان الذي كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام المخاطب بالأبيات المشهوره، وله من الأشعار والنظم كثير في أنحاء فنون الشعر ولا سيما فيما يتعلق بصناعة البديع وكذا نثره وخطه ورسائله فإنها أيضا غزيرة في الغاية وكلها في نهاية من الحسن واللطافة والطرافة يشهد بذلك تتبع مؤلفاته ولا سيما مطاوي كتاب فرج الكرب وفرح القلب، وله من منظوماته قصائد في مدح النبي صلّى الله عليه واله وسلّم والأئمة عليهم السّلام وفي مقتل الحسين عليه السّلام، ومن جملتها أرجوزة مشتملة على ألف بيت في مقتل الحسين عليه السّلام وأصحابه ومن قتل معه من أهل بيته بأسمائهم وأشعارهم. قال في كتاب فرج الكرب المشار إليه أنه لم يصنف مثل تلك الأجوزة في معناها مأخوذة من كتب متعددة ومظان مقيدة.
ترجمة الشيخ ابراهيم الخانيساري الأصفهاني
الشيخ برهان الدين أبو اسحاق: إبراهيم بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن جمال الدين أبي يعقوب الحاج يوسف بن يوسف بن علي الخانيساري الأصفهاني كان من أجلة تلامذة الشيخ علي الكركي وقرأ عليه طائفة من الكتب الفقهية وغيرها وله منه إجازة قد رأيتها بخط الشيخ علي الكركي المجيز المشار إليه
على ظهر كتاب كشف الغمة لعلي بن عيسى الأربلي، وكان تاريخها سنة أربع وعشرين وتسعمئة في المشهد المقدس الغروي، وكان ابتداء شروعه في كشف الغمة على ما كتبه الشيخ علي المذكور ثاني عشر ذي الحجة الحرام سنة إثنتين وعشرين وتسعمئة في النجف الأشرف، وقد مدحه في تلك الإجازة واثنى عليه، وروى في تلك الإجازة عن شيخه الشيخ علي بن هلال الجزائري فقال في اثناء الإجازة المذكورة: وقد ثبت لي الرواية الخاصة والعامة بالقراءة والإجازة من شيخنا الإمام الأعظم الأعلم شيخ الإسلام في عصره زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري (قدس الله سره) ثم ساق الكلام.(1/232)
الشيخ برهان الدين أبو اسحاق: إبراهيم بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن جمال الدين أبي يعقوب الحاج يوسف بن يوسف بن علي الخانيساري الأصفهاني كان من أجلة تلامذة الشيخ علي الكركي وقرأ عليه طائفة من الكتب الفقهية وغيرها وله منه إجازة قد رأيتها بخط الشيخ علي الكركي المجيز المشار إليه
على ظهر كتاب كشف الغمة لعلي بن عيسى الأربلي، وكان تاريخها سنة أربع وعشرين وتسعمئة في المشهد المقدس الغروي، وكان ابتداء شروعه في كشف الغمة على ما كتبه الشيخ علي المذكور ثاني عشر ذي الحجة الحرام سنة إثنتين وعشرين وتسعمئة في النجف الأشرف، وقد مدحه في تلك الإجازة واثنى عليه، وروى في تلك الإجازة عن شيخه الشيخ علي بن هلال الجزائري فقال في اثناء الإجازة المذكورة: وقد ثبت لي الرواية الخاصة والعامة بالقراءة والإجازة من شيخنا الإمام الأعظم الأعلم شيخ الإسلام في عصره زين الدين أبي الحسن علي بن هلال الجزائري (قدس الله سره) ثم ساق الكلام.
ترجمة الميرزا ابراهيم بن ملا صدر الدين الشيرازي
الميرزا إبراهيم: بن المولى صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي، كان فاضلا عالما متكلما فقيها جليلا نبيلا متدينا جامعا لأكثر العلوم ماهرا في أكثر الفنون سيما في العقليات والرياضيات، وهو في الحقيقة مصداق قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} قد قرأ على جماعة منهم والده ولم يسلك مسلكه وكان على ضد طريقة والده في التصوف والحكمة، وقد توفي (ره) في زمن دولة السلطان شاه عباس الثاني بشيراز في عشر السبعين بعد الألف، ومن مؤلفاته حاشية على شرح اللمعة إلى كتاب الزكاة كتاب تفسير العروة الوثقى أخذ هذا الإسم من الشيخ البهائي، وله أخ فاضل وهو الميرزا أحمد نظام الدين.
ترجمة الشيخ ابراهيم بن يحيى الاحسائي
الشيخ الأجل إبراهيم: بن يحيى الأحسائي، كان من علماء دولة السلطان شاه عباس الماضي الصفوي، وكان والده أيضا من العلماء وقد قال بعض العلماء في وصفه: أنه كان عالما زاهدا فاضلا بارعا: ثم قال: انه حكى لي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان من سنة سبع وتسعين وتسعمئة في الروضة المقدسة الرضوية عن أبيه في تفسير هذه اللعنة «اللهم العن زبيلان وزقلل وعندقا» ان هذه الثلاثة كانت القاب الخلفاء الثلاثة في أيام الجاهلية. ثم حكى عنه أيضا أنه قال:
قرأت في كتاب سماه أنه لما نزل قوله تعالى: {وَكَذََلِكَ جَعَلْنََا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيََاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} قيل: يا رسول الله الك أيضا شيطان من الإنس؟ قال:
بلى، قيل: فمن هو يا رسول الله؟ قال: زقلل. قال ابن عباس وهو الراوي:
فارتعدت فرائصنا وتعجبنا من قوله صلّى الله عليه واله وسلّم ذلك ولم ندر المعنى به إذ لم نسمع هذا
الإسم من قبل حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وكان في زمن خلافة الأول فكنا ذات يوم جلوس نتحدث عن أخبار الجاهلية إذ قال عمر: كنت في الجاهلية ملقبا بزقلل وأبو بكر بزبيلان وعثمان عندقا، قال ابن عباس فتذكرنا قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم واطمأنت قلوبنا وعلمنا أنه صلّى الله عليه واله وسلّم إنما عناه إنتهى.(1/233)
فارتعدت فرائصنا وتعجبنا من قوله صلّى الله عليه واله وسلّم ذلك ولم ندر المعنى به إذ لم نسمع هذا
الإسم من قبل حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وكان في زمن خلافة الأول فكنا ذات يوم جلوس نتحدث عن أخبار الجاهلية إذ قال عمر: كنت في الجاهلية ملقبا بزقلل وأبو بكر بزبيلان وعثمان عندقا، قال ابن عباس فتذكرنا قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم واطمأنت قلوبنا وعلمنا أنه صلّى الله عليه واله وسلّم إنما عناه إنتهى.
ترجمة الشيخ احمد أخي الحر العاملي
الشيخ أحمد بن الحسن: بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي المشعري أخي الشيخ محمد الحر المشهور. قال أخوه المشار إليه في كتاب أمل الآمل: فاضل صالح عارف بالتواريخ إلى آخر كلامه. والحر بضم الحاء المهملة وتشديد الراء المهملة لقب لهذه السلسلة، ولعلهم من أولاد الحر الشهيد كذا ذكره بعض المؤرخين.
ترجمة الشيخ ابو الحسن البكري
الشيخ الجليل أبو الحسن: أحمد بن عبد الله البكري صاحب كتاب الأنوار في مولد النبي المختار وغيره من المؤلفات المعروف تارة بالبكري وتارة بالشيخ أبي الحسن البكري، قال: في أوائل كتاب بحار الأنوار ما صورته: وكتاب الأنوار في مولد النبي المختار وكتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السّلام وكتاب وفاة فاطمة الزهراء عليها السّلام الثلاثة كلها للشيخ الجليل أبي الحسن البكري أستاذ الشهيد الثاني رحمة الله عليهما. ثم قال (قدس سره) في الفصل الثاني من أول البحار: وكتاب الأنوار قد أثنى بعض أصحاب الشهيد الثاني على مؤلفه وعده من مشايخه ومضامين أخباره موافقة للأخبار المعتبرة المنقولة بالاسانيد الصحيحة، وكان مشهورا بين علمائنا يتلونه في شهر ربيع الأول في المجالس والمجامع في يوم المولد الشريف، وكذا الكتابان الآخران معتبران أوردنا بعض أخبارهما في الكتاب إنتهى.
قال بعض المؤرخين بعد أن نقل نحو ذلك عن المجلسي ما لفظه: وأقول عندنا أيضا من كتاب الأنوار المذكور نسخة عتيقة تاريخ كتابتها سنة ست وتسعين وستمئة وما قلناه في إسمه ونسبه مذكور في أوائله في النسخة التي عندنا، لكن مؤلفه كما يظهر من سياقه قد كان في القدماء وكان من أصحابنا. واعلم أن جماعة من المتأخرين قد ينقلون عن كتاب الأنوار في مولد النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وينسبونه إلى أبي الحسن البكري من غير تصريح بإسمه. وفي البحار أيضا ما لم يصرح بإسمه وحينئذ فربما يحتمل التعدد في الاسم وإن اشتركا في الكنية والنسبة.(1/234)
قال بعض المؤرخين بعد أن نقل نحو ذلك عن المجلسي ما لفظه: وأقول عندنا أيضا من كتاب الأنوار المذكور نسخة عتيقة تاريخ كتابتها سنة ست وتسعين وستمئة وما قلناه في إسمه ونسبه مذكور في أوائله في النسخة التي عندنا، لكن مؤلفه كما يظهر من سياقه قد كان في القدماء وكان من أصحابنا. واعلم أن جماعة من المتأخرين قد ينقلون عن كتاب الأنوار في مولد النبي صلّى الله عليه واله وسلّم وينسبونه إلى أبي الحسن البكري من غير تصريح بإسمه. وفي البحار أيضا ما لم يصرح بإسمه وحينئذ فربما يحتمل التعدد في الاسم وإن اشتركا في الكنية والنسبة.
ترجمة الشيخ جمال الدين المتوج البحراني
الشيخ جمال الدين: ويقال فخر الدين، ويقال شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوج البحراني فاضل عالم جليل فقيه نبيه، وهو المجتهد الفقيه المشهور بابن المتوج: وقوله في كتب متأخري الأصحاب مذكور، وكان من تلامذة الشيخ فخر الدين ولد العلامة. وروى عنه الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس المقري الإحسائي المعروف بابن فهد كما يفهم من أول كتاب غوالي اللآلي لابن أبي جمهور، وقد قال في أول الغوالي المذكور: أنه يروى عن أحمد بن فهد المذكور عن شيخه خاتمة المجتهدين فتاواه في جميع العالمين فخر الدين أحمد بن المتوج بن عبد الله فليلاحظ، وقد كان السبعي المشهور من تلامذته، وقال السبعي المذكور في أول شرحه على القواعد للعلامة بعد نقل شرح هذا الشيخ المسمى بالوسيلة في وصفه هكذا: وقال شيخنا الإمام العلامة شيخ مشايخ الإسلام وقدوة أهل النقض والإبرام وارث الأنبياء والمرسلين جمال الملة والحق أحمد بن عبد الله بن المتوج (توجه الله بغفرانه واسكنه في أعلى جنانه) قد وضع في شرح مسائله الضئيلة كتابا سماه الوسيلة إلا أنه لم يتم ذلك الكتاب حتى انثلم النضاب إنتهى.
وله من المؤلفات رسالة في الآيات الناسخة والمنسوخة وله أيضا كتاب تفسير القرآن على ما صرح به في أول تلك الرسالة وقال: انه في ذلك التفسير على وجوه الآيات الناسخة والمنسوخة أيضا ولكن أفرد منه تلك الرسالة لتسهيل الأمر على الطلاب، وله أيضا كتاب منهاج الهداية في شرح كتاب الاحكام وهو مختصر متأخر عن التفسير المذكور نسبه إليه الشيخ ابن أبي جمهور الإحسائي في رسالة كاشف الحال عن أحوال الاستدلال، وله أيضا كتاب كفاية الطالبين في أحوال الدين نسبه إليه ابن أبي جمهور في الرسالة المذكورة أيضا. وكان ولده الشيخ جمال الدين ناصر بن أحمد وولده الشيخ عبد الله من العلماء أيضا. وللشيخ أحمد هذا شعر جيد كثير ومراثي على الحسين عليه السّلام، وله كتاب النهاية في خمسمئة آية التي عليها مدار الفقه. وكان هذا الشيخ معاصرا للشيخ المقداد صاحب كنز العرفان وهو المعني بقوله: «قال المعاصر» هناك، صرح به المولى نظام الدين في نظام الأقوال بعد أن ذكر له كتبا منها كتاب الوسيلة في فتح مقفلات القواعد وأنه يروي عن شيخه الشيخ فخر الدين ولد العلامة.(1/235)
وله من المؤلفات رسالة في الآيات الناسخة والمنسوخة وله أيضا كتاب تفسير القرآن على ما صرح به في أول تلك الرسالة وقال: انه في ذلك التفسير على وجوه الآيات الناسخة والمنسوخة أيضا ولكن أفرد منه تلك الرسالة لتسهيل الأمر على الطلاب، وله أيضا كتاب منهاج الهداية في شرح كتاب الاحكام وهو مختصر متأخر عن التفسير المذكور نسبه إليه الشيخ ابن أبي جمهور الإحسائي في رسالة كاشف الحال عن أحوال الاستدلال، وله أيضا كتاب كفاية الطالبين في أحوال الدين نسبه إليه ابن أبي جمهور في الرسالة المذكورة أيضا. وكان ولده الشيخ جمال الدين ناصر بن أحمد وولده الشيخ عبد الله من العلماء أيضا. وللشيخ أحمد هذا شعر جيد كثير ومراثي على الحسين عليه السّلام، وله كتاب النهاية في خمسمئة آية التي عليها مدار الفقه. وكان هذا الشيخ معاصرا للشيخ المقداد صاحب كنز العرفان وهو المعني بقوله: «قال المعاصر» هناك، صرح به المولى نظام الدين في نظام الأقوال بعد أن ذكر له كتبا منها كتاب الوسيلة في فتح مقفلات القواعد وأنه يروي عن شيخه الشيخ فخر الدين ولد العلامة.
ترجمة الطبرسي صاحب الاحتجاج
الشيخ أبو منصور: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي الفاضل العالم المعروف بالشيخ أبي منصور الطبرسي صاحب الاحتجاج وغيره كان من أجل العلماء ومشاهير الفضلاء، وهو غير أبي علي الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان وغيره وإن كان عصرهما متحدا وهما شيخ ابن شهر آشوب واستاذه وظني أن بينهما قرابة، وكذا بينهما وبين الشيخ حسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسن الطبرسي المعاصر للخواجة نصير الدين، ويظهر من كتاب المجلي لابن أبي جمهور الاحسائي أن كتاب الاحتجاج للشيخ أبي الفضل الطبرسي، قال في أول البحار بعد نسبة كتاب الاحتجاج لأحمد بن أبي طالب: وينسب هذا الكتاب إلى أبي علي الطبرسي وهو خطأ بل هو تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي كما صرح به السيد ابن طاوس في كتاب كشف المحجة، وسيظهر لك مما سننقل من كتاب المناقب لابن شهر آشوب. وقال قدس الله سره في الفصل الثاني: وكتاب الاحتجاج وإن كان أكثر أخباره مراسيل لكنها من الكتب المعروفة المتداولة، وقد أثنى السيد ابن طاوس على الكتاب وعلى مؤلفه، وقد أخذ عنه أكثر المتأخرين إنتهى.
ويروي أبو منصور المذكور عن جماعة منهم أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي كما صرح به في أول كتاب الاحتجاج المشار إليه، وما ذكروه في نسبه هو الذي يظهر من كلام علماء الرجال، وقد يعبر عنه بابن أحمد بن أبي طالب الطبرسي والظاهر انه من باب الاختصار في النسب فلا يتوهم التعدد، وقال في كتاب أمل الآمل: هو عالم فقيه فاضل محدث ثقه له كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج حسن كثير الفوائد يروي عن السيد العالم العابد مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي عن أبيه عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، وله طرق أخرى ومؤلفات أخرى. وذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء إلا أنه قال: شيخي أحمد بن أبي طالب الطبرسي له كتاب الكافي في الفقه الحسن والاحتجاج ومفاخرة الطالبية وتاريخ الأئمة عليهم السّلام وفضائل الزهراء عليها السّلام إنتهى.
وكثيرا ما ينقل الشيخ في شرح الإرشاد فتاواه وأقواله، فمن ذلك ما نقله في كتاب القصاص من شرح الإرشاد في مسألة أن للمولى القصاص من دون ضمان
الدية للديان بهذه العبارة: وجمع الشيخ أبو منصور الطبرسي بين الروايتين المتعارضتين في كتابه بأن القائل (اه)، ومن ذلك في كتاب القصاص وكتاب الديات، والطبرسي وكذا الطبري على المشهور نسبة إلى طبرستان وهي التي تعرف الآن بمازندران بل قد يقال طبرستان على جميع تلك البلاد حتى يشتمل استراباد وجرجان ونحوها، وبالجملة فطبرستان واقعة على طرف بحر الخزر وأعني بحيرة طبرستان. وقال الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره الفارسي عن ابن عباس ما معناه: إن تابوت بني إسرائيل وعصا موسى في البحيرة الطبريه في بحر طبرستان وتخرج منه قبل قيام القيامة وذلك في عهد صاحب الزمان على ما جاءت به الرواية عن الصادق عليه السّلام إنتهى.(1/236)
وكثيرا ما ينقل الشيخ في شرح الإرشاد فتاواه وأقواله، فمن ذلك ما نقله في كتاب القصاص من شرح الإرشاد في مسألة أن للمولى القصاص من دون ضمان
الدية للديان بهذه العبارة: وجمع الشيخ أبو منصور الطبرسي بين الروايتين المتعارضتين في كتابه بأن القائل (اه)، ومن ذلك في كتاب القصاص وكتاب الديات، والطبرسي وكذا الطبري على المشهور نسبة إلى طبرستان وهي التي تعرف الآن بمازندران بل قد يقال طبرستان على جميع تلك البلاد حتى يشتمل استراباد وجرجان ونحوها، وبالجملة فطبرستان واقعة على طرف بحر الخزر وأعني بحيرة طبرستان. وقال الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره الفارسي عن ابن عباس ما معناه: إن تابوت بني إسرائيل وعصا موسى في البحيرة الطبريه في بحر طبرستان وتخرج منه قبل قيام القيامة وذلك في عهد صاحب الزمان على ما جاءت به الرواية عن الصادق عليه السّلام إنتهى.
وقال صاحب مختصر تاريخ ابن خلكان في ترجمة أبي علي الحسن بن القاسم الطبرسي الشافعي: إن الطبري نسبة إلى طبرستان وهي ولاية كبيرة تشتمل على بلاد كثيرة، والنسبة إلى طبرية الشام طبراني إنتهى.
وبهذا يظهر فساد ما ينقل عن الشيخ المعاصر من أنه قال: انا لم نجد في الكتب الطبرسي في النسبة إلى طبرستان، وقال في تقويم البلدان: وطبرستان في شرقي كيلان، وإنما سميت طبرستان لأن طبر بالفارسية الفاس وهي من كثر اشتباك اشجارها لا يسلك فيها الجيش إلا بعد أن يقطع بالطبر الأشجار من بين أيديهم، واستان الناحية بالفارسي فسميت طبرستان أي ناحية الطبر، وقد يقال أيضا أن صاحب تاريخ قم المعاصر لابن العميد ذكر في ذلك التاريخ أن طبر معرب وهي ناحية معروفة بحوالي قم مشتملة على قرى ومزارع كثيرة، وإن هذا الطبرسي وسائر العلماء المعروفين بالطبرسي قد كانوا أهل هذه الناحية، ويستشهد له بقول الشهيد الثاني في بعض حواشيه على إرشاد العلامة عند نقل بعض الفتاوى: «ونسبه إلى الشيخ علي بن حمزة الطبرسي القمي» وعلى هذا فلا يبعد القول بكونهم من أهلها ولا حاجة إلى القول بأن الطبرسي أو الطبري من باب التغيير في النسب.
ترجمة الشيخ كمال الدين البحراني
الشيخ كمال الدين أبو جعفر: أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني متكلم جليل وعالم نبيل وكان معاصرا للخواجة نصير الدين الطوسي ولكنه مات قبل الخواجة، وقد قرأ عليه الشيخ جمال الدين أبو الحسن علي بن سليمان البحراني الفاضل المشهور المعاصر للخواجة نصير الطوسي، ومن مؤلفات الشيخ
أحمد رسالة في مسألة العالم وما يناسبها من صفاته تعالى ومجموع مسائلها أربع وعشرون مسألة وقد أرسلها تلميذه المذكور إلى الخواجة نصير الدين بعد وفاة استاذه أعني هذا الشيخ والتمس من الخواجة شرح مشكلاتها وقد شرحها الخواجة نصير الدين ورد عليه في مواضع منها ثم أرسلها إليه. ويروي الشيخ أحمد هذا عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي عن هبة الله بن رطبة السوراوي عن أبي علي ولد الشيخ الطوسي عن والده، ويروي عنه تلميذه علي بن سليمان المذكور رسالة استاذه المذكور وشرح الخواجة عليها في رسالة مفردة وهي المعروفة الآن بين الناس برسالة المعلم للخواجة نصير الدين.(1/237)
الشيخ كمال الدين أبو جعفر: أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني متكلم جليل وعالم نبيل وكان معاصرا للخواجة نصير الدين الطوسي ولكنه مات قبل الخواجة، وقد قرأ عليه الشيخ جمال الدين أبو الحسن علي بن سليمان البحراني الفاضل المشهور المعاصر للخواجة نصير الطوسي، ومن مؤلفات الشيخ
أحمد رسالة في مسألة العالم وما يناسبها من صفاته تعالى ومجموع مسائلها أربع وعشرون مسألة وقد أرسلها تلميذه المذكور إلى الخواجة نصير الدين بعد وفاة استاذه أعني هذا الشيخ والتمس من الخواجة شرح مشكلاتها وقد شرحها الخواجة نصير الدين ورد عليه في مواضع منها ثم أرسلها إليه. ويروي الشيخ أحمد هذا عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي عن هبة الله بن رطبة السوراوي عن أبي علي ولد الشيخ الطوسي عن والده، ويروي عنه تلميذه علي بن سليمان المذكور رسالة استاذه المذكور وشرح الخواجة عليها في رسالة مفردة وهي المعروفة الآن بين الناس برسالة المعلم للخواجة نصير الدين.
ترجمة الشيخ شهاب الدين الأحسائي
الشيخ شهاب الدين: أحمد بن فهد بن إدريس المقري الأحسائي الفاضل العالم المشهور بابن فهد أيضا من أجلة العلماء الإمامية وفقهائهم، يروى عن الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله المشهور بابن المتوج البحراني عن الشيخ فخر الدين ولد العلامة، ويروى عنه الشيخ جمال الدين حسن الشهير بالمطوع الجرواني الأحسائي كذا ذكره ابن أبي جمهور في أول كتاب غوالي اللآلي. واعلم أن ابن فهد هذا وابن فهد الأسدي المشهور متعاصران ولكل منهما شرح على إرشاد العلامة، وقد يتحد بعض مشائخنا أيضا ومن هذه الوجوه كثيرا ما يشتبه الأمر فيهما ولا سيما في شرحيهما على الإرشاد.
ترجمة الشيخ فخر الدين السبعي
الشيخ فخر الدين: أحمد بن محمد بن عبد الله بن علي بن حسن بن علي ابن محمد بن سبع بن رفاعة السبعي الفاضل الفقيه الجليل المعروف بالسبعي صاحب كتاب شرح القواعد، كان (قدس الله سره) من أجلة تلامذة الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني، وكان تاريخ فراغه من الشرح سنة ست وثلاثين وثمانمئة وما ذكرناه من تاريخ نسبه هو الذي وجدناه بخطه على ظهر كتاب الشرح المذكور والنسخة التي بخطه قد وصلت إلى آخر كتاب الوصية ولعله لم يخرج منه إلا هذا القدر.
ترجمة الشيخ جمال الدين بن فهد الحلي
الشيخ جمال الدين: أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الحلي
الأسدي الفاضل العالم العلامة الفهامة الثقة الجليل الزاهد العابد الورع العظيم القدر المعروف بابن فهد، وله قدس الله سره ميل إلى مذهب الصوفية وتفوه به في بعض مؤلفاته. يروى عن تلامذة الشيخ الشهيد وقد رأيت على آخر بعض نسخ الأربعين للشهيد منقولا عن خط ابن فهد المذكور ما صورته هكذا: حدثني بهذه الأحاديث الشيخ الفقيه ضياء الدين أبو الحسن علي بن الشيخ الإمام الشهيد أبي عبد الله شمس الدين محمد بن مكي جامع هذه الأحاديث قدس الله سره بقرية جزين حرسها الله تعالى من النوائب في اليوم الحادي عشر من شهر محرم الحرام إفتتاح سنة أربع وعشرين وثمانمئة وجاز لي روايتها بالاسانيد المذكورة وروايته ورواية غيرها من مصنفات والده وكتب أحمد بن محمد بن فهد عفا الله عنه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه الأكرمين، ويروى عن السيد المرتضى بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد النسابة الحسيني النجفي أيضا على ما يظهر من بحث النيروز من كتاب المهذب، ويروى عن الشيخ زين الدين الخازن عن الشهيد أيضا. وقال الشيخ المعاصر في أمل الآمل: الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي فاضل عالم ثقة صالح زاهد عابد ورع جليل القدر له كتب منها المهذب شرح المختصر النافع وعدة الداعي والمقتصر والموجز وشرح الألفية للشهيد والمحرر والتحصين والدر الفريد في التوحيد يروى عن تلامذة الشيخ إنتهى.(1/238)
الشيخ جمال الدين: أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الحلي
الأسدي الفاضل العالم العلامة الفهامة الثقة الجليل الزاهد العابد الورع العظيم القدر المعروف بابن فهد، وله قدس الله سره ميل إلى مذهب الصوفية وتفوه به في بعض مؤلفاته. يروى عن تلامذة الشيخ الشهيد وقد رأيت على آخر بعض نسخ الأربعين للشهيد منقولا عن خط ابن فهد المذكور ما صورته هكذا: حدثني بهذه الأحاديث الشيخ الفقيه ضياء الدين أبو الحسن علي بن الشيخ الإمام الشهيد أبي عبد الله شمس الدين محمد بن مكي جامع هذه الأحاديث قدس الله سره بقرية جزين حرسها الله تعالى من النوائب في اليوم الحادي عشر من شهر محرم الحرام إفتتاح سنة أربع وعشرين وثمانمئة وجاز لي روايتها بالاسانيد المذكورة وروايته ورواية غيرها من مصنفات والده وكتب أحمد بن محمد بن فهد عفا الله عنه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه الأكرمين، ويروى عن السيد المرتضى بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد النسابة الحسيني النجفي أيضا على ما يظهر من بحث النيروز من كتاب المهذب، ويروى عن الشيخ زين الدين الخازن عن الشهيد أيضا. وقال الشيخ المعاصر في أمل الآمل: الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي فاضل عالم ثقة صالح زاهد عابد ورع جليل القدر له كتب منها المهذب شرح المختصر النافع وعدة الداعي والمقتصر والموجز وشرح الألفية للشهيد والمحرر والتحصين والدر الفريد في التوحيد يروى عن تلامذة الشيخ إنتهى.
أقول: والمقتصر هو شرحه على الإرشاد للعلامة وله أيضا رسالة في معاني أفعال الصلاة وترجمة اذكارها حسنة الفوائد رأيتها بمازندران وله رسالة اللمعة الجلية في معرفة النية وقد تصحف باللمعة الحلية بالحاء المهملة وهو سهو، وله رسالة نبذة الباغي فيما لا بد منه من آداب الداعي وهو تلخيص كتاب عدة الداعي المذكور آنفا وقد رأيتها بأردبيل وهي مختصرة، وله رسالة مصباح المبتدي وهداية المعتمدي على ما نسبه إليه بعض الفضلاء وهو في فقه الصلاة، وله رسالة كفاية المحتاج في مناسك الحاج، وله رسالة موجزة جدا في نيات الحج ورسالة مختصرة في واجبات الصلاة ورسالة في تعقيبات الصلاة من الأدعية وآدابها ورسائل أخر مات سنة إحدى وأربعين وثمانمئة. وأقول: يروي أيضا عن الشيخ ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي والشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي الحائري عن الشيخ فخر الدين ولد العلامة. ويروي عنه أيضا جماعة من العلماء منهم الشيخ رضي الدين حسين الشهير بابن راشد الفطيقي كذا يظهر من أول غوالي اللآلي.(1/239)
أقول: والمقتصر هو شرحه على الإرشاد للعلامة وله أيضا رسالة في معاني أفعال الصلاة وترجمة اذكارها حسنة الفوائد رأيتها بمازندران وله رسالة اللمعة الجلية في معرفة النية وقد تصحف باللمعة الحلية بالحاء المهملة وهو سهو، وله رسالة نبذة الباغي فيما لا بد منه من آداب الداعي وهو تلخيص كتاب عدة الداعي المذكور آنفا وقد رأيتها بأردبيل وهي مختصرة، وله رسالة مصباح المبتدي وهداية المعتمدي على ما نسبه إليه بعض الفضلاء وهو في فقه الصلاة، وله رسالة كفاية المحتاج في مناسك الحاج، وله رسالة موجزة جدا في نيات الحج ورسالة مختصرة في واجبات الصلاة ورسالة في تعقيبات الصلاة من الأدعية وآدابها ورسائل أخر مات سنة إحدى وأربعين وثمانمئة. وأقول: يروي أيضا عن الشيخ ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي والشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي الحائري عن الشيخ فخر الدين ولد العلامة. ويروي عنه أيضا جماعة من العلماء منهم الشيخ رضي الدين حسين الشهير بابن راشد الفطيقي كذا يظهر من أول غوالي اللآلي.
ترجمة الشيخ أحمد بن يوسف البحراني
الشيخ أحمد بن يوسف البحراني: عالم فاضل محقق معاصر شاعر أديب. له كتاب رياض الدلائل وحياض المسائل في الفقه لم يتم ورسالة سماها المشكاة المضية في المنطق ورسالة سماها الأمور الخفية في المسائل المنطقية وله شرح جيد كذا قاله شيخنا المعاصر في أمل الآمل.
ترجمة السيد جمال الدين بن طاوس
السيد جمال الدين: أبو الفضائل أحمد بن السيد سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن طاوس العلوي الحسيني الحلي السيد السند الجليل المعروف بابن طاوس، وهو أحد الأخوين من أب وأم الفاضلين الفقيهين المعروفين بابني طاوس، وهو صاحب الملاذ والبشرى.
وطاوس جده هذا هو السيد أبو عبد الله محمد بن اسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام ولقب بهذا اللقب لكمال جماله وتمام كماله وغاية رعونته، وقد يقال أن الجد المذكور هو أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد بن جعفر الصادق عليه السّلام وليس بصواب لأن ابن طاوس حسني لا حسيني فلاحظ. قال ابن داود في رجالة سيدنا الطاهر الإمام المعظم فقيه أهل البيت جمال الدين أبو الفضائل مات سنة ثلاث وسبعين وستمئة، مصنف مجتهد كان أورع فضلاء زمانه قرأت عليه أكثر الملاذ والبشرى وغير ذلك من تصانيفه واجاز لي جميع تصانيفه ورواياته، وكان شاعرا مفلقا بليغا منشئا مجيدا من تصانيفه كتاب بشرى المحققين في الفقه ست مجلدات كتاب الملاذ في الفقه أربع مجلدات كتاب الكر مجلد إلى أن قال: وله غير ذلك تمام اثنين وثمانين مجلدا من أحسن التصانيف وأخفها وحقق الرجال والرواية والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه رباني وعلمني وأحسن إلي وأكثر فوائد هذا الكتاب ونكته من اشاراته وتحقيقاته جزاه الله عني أفضل الجزاء إنتهى.
ومن جملة مؤلفاته كتاب حل الإشكال في معرفة الرجال الفه على منوال اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي وقد حرره للشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني وسماه التحرير الطاوسي، وكان فراغ السيد من الكتاب المذكور يوم الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستمئة بالحلة مجاورا للدار التي
كانت لجده ورام بن أبي فراس. وقال بعض العلماء بعد نقل نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام كما نقلناه: أن أمه وأم أخيه رضي الدين علي بنت الشيخ سعود الورام ابن أبي الفراس فراس بني حمدان وأم أمه بنت الشيخ الطوسي وأجاز لها ولاختها أم الشيخ محمد بن إدريس جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب إنتهى.(1/240)
ومن جملة مؤلفاته كتاب حل الإشكال في معرفة الرجال الفه على منوال اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي وقد حرره للشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني وسماه التحرير الطاوسي، وكان فراغ السيد من الكتاب المذكور يوم الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستمئة بالحلة مجاورا للدار التي
كانت لجده ورام بن أبي فراس. وقال بعض العلماء بعد نقل نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام كما نقلناه: أن أمه وأم أخيه رضي الدين علي بنت الشيخ سعود الورام ابن أبي الفراس فراس بني حمدان وأم أمه بنت الشيخ الطوسي وأجاز لها ولاختها أم الشيخ محمد بن إدريس جميع مصنفاته ومصنفات الأصحاب إنتهى.
وقال بعض الفضلاء في كتابه: إن هذا السيد وأخاه رضي الدين علي قد قتلا واستشهدا.
وأقول: في وقوع شهادتهما وقتلهما محل نظر ولم اطلع في كتب الأصحاب على نقل شهادتهما ولو بالسم فلاحظ. وعد في البحار من كتبه كتاب بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية وكتاب عين العبرة في غبن العترة وقد عبر عن نفسه في هذا الكتاب بعبد الله بن اسماعيل الكاتب تقية مثل أخيه رضي الدين في الطرائف حيث عبر عن نفسه بعبد المحمود وعد منها أيضا كتاب زهر الرياض ونزهة المرتاض.
قال في كتاب انساب السادات وهو مختصر من كتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب: ومنهم الطاوس وهو محمد بن اسحاق بن الحسن المذكور سادة نقباء معظمون، منهم السيد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الطاوس وكان له أربع بنين: شرف الدين محمد وعز الدين الحسن وجمال الدين أبو الفضائل أحمد العالم الزاهد ورضي الدين أبو القاسم علي السيد العابد الزاهد صاحب الكرامات نقيب النقباء بالعراق، درج شرف الدين وأعقب عز الدين مجد الدين محمد السيد الجليل، خرج إلى السلطان هلاكو خان وسلم إليه الحلة والكوفة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ورد إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية فحكم في ذلك قليلا ثم مات دارجا وأخاه السيد قوام الدين أحمد أمير الحاج درج أيضا وانقرض السيد عز الدين، وولد جمال الدين السيد أحمد بن موسى غياث الدين عبد الكريم السيد العالم النسابة فولد غياث الدين رضي الدين أبا القاسم عليا درج وانقرض السيد جمال الدين، وولد السيد الزاهد رضي الدين النقيب جمال الدين محمدا يلقب المصطفى مات دارجا وأخاه والنقيب رضي الدين عليا أولد النقيب قوام الدين أحمد فأولد النقيب قوام الدين النقيب نجم الدين ابا بكر عبد الله واخاه عمر درج الأول فإن كان للآخر عقب والا فقد انقرض آل طاوس انتهى(1/241)
قال في كتاب انساب السادات وهو مختصر من كتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب: ومنهم الطاوس وهو محمد بن اسحاق بن الحسن المذكور سادة نقباء معظمون، منهم السيد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الطاوس وكان له أربع بنين: شرف الدين محمد وعز الدين الحسن وجمال الدين أبو الفضائل أحمد العالم الزاهد ورضي الدين أبو القاسم علي السيد العابد الزاهد صاحب الكرامات نقيب النقباء بالعراق، درج شرف الدين وأعقب عز الدين مجد الدين محمد السيد الجليل، خرج إلى السلطان هلاكو خان وسلم إليه الحلة والكوفة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ورد إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية فحكم في ذلك قليلا ثم مات دارجا وأخاه السيد قوام الدين أحمد أمير الحاج درج أيضا وانقرض السيد عز الدين، وولد جمال الدين السيد أحمد بن موسى غياث الدين عبد الكريم السيد العالم النسابة فولد غياث الدين رضي الدين أبا القاسم عليا درج وانقرض السيد جمال الدين، وولد السيد الزاهد رضي الدين النقيب جمال الدين محمدا يلقب المصطفى مات دارجا وأخاه والنقيب رضي الدين عليا أولد النقيب قوام الدين أحمد فأولد النقيب قوام الدين النقيب نجم الدين ابا بكر عبد الله واخاه عمر درج الأول فإن كان للآخر عقب والا فقد انقرض آل طاوس انتهى
ترجمة الشيخ صفي الدين جد الصفوية
السيد الجليل الشيخ صفي الدين: ابو الفتح اسحاق بن السيد امين الدين جبرئيل بن السيد الشيخ صالح بن الشيخ قطب الدين الأردبيلي الحسيني الموسوي جد السلاطين الصفوية ملوك ولاية إيران وقد كان (قدس سره) من علماء الشريعة الحقة وكبراء مشايخ الطريقة والحقيقة، وقد جمع من علوم البواطن والظواهر، وهو من اجلة سادة آل الإمام الهمام موسى بن جعفر عليه السّلام وقد رأيت بخط المولى الفاضل مولانا حسين بن عبد الحق الالهي الأردبيلي المعاصر للسلطان الغازي اسماعيل الصفوي ما هذا لفظه: انه بعد ما مضى من عمره اربع عشرة سنة سار في طلب المرشد ست سنين واخذ علم الشريعة من خدمة العالم رضي الملة والدين ثم استخبر بشيراز من علم الطريقة من مشايخها حتى دلوه على الشيخ الكبير الشهير بالزاهد فرحل اليه وله عشرون سنة وواظب سبع سنين على صحبته وتلقى تلقينه وتربيته فأجازه الشيخ باظهار الدعوة والتلقين وارشاد المسلمين فأرشد اربع عشرة سنة في حياته وتسعا وثلاثين بعده ووفاة هذا السيد في ثاني عشر المحرم سنة خمس وثلاثين وسبعمئة وله من العمر اربع وثمانون سنة انتهى ملخصا.
وقال المولى امين أحمد الرازي في كتاب هفت اقليم: ان السلطان محمد خدا بنده الملقب باولجايتو المعاصر للعلامة الحلي لما بنى بلدة سلطانية بين قزوين وتبريز وجمع الأكابر والأشراف والعلماء والفضلاء والمشايخ واضافهم فيها يوم شروعه في بنائها أو كمالها كان في جملتهم الشيخ صفي الدين.
واقول: قد ورد في بعض الأخبار اشارة إلى خروج السلطان شاه اسماعيل الماضي الصفوي أنار الله برهانه من أولاده (قدس سره)، وكان تاريخ ولادة السلطان شاه اسماعيل المذكور يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر رجب سنة إثنتين وتسعين وثمانمئة بطالع العقرب الذي هو طالع مولانا علي عليه السّلام وكان تاريخ خروجه من أرض كيلان الذي هو في الحقيقة بدء سلطنته في منتصف شهر المحرم سنة ستة وتسعمئة وكان عمره في ابتداء دعوته ثلاث عشرة سنة، وكان نوروزه في يوم الأربعاء عاشر شهر شعبان سنة خمس وتسعمئة وقيل في تاريخه (الحق مذهبك) وقيل (ومذهبنا حق) أيضا. وكان جلوسه على سرير السلطنة يوم النيروز يوم الأحد الثالث عشر من شهر رمضان سنة ثمان وتسعمئة في بلدة تبريز.
وفي هذه السنة بعينها أيضا أمر باللعن على الخلفاء الثلاثة وسائر أعداء آل محمد صلّى الله عليه واله وسلّم في تبريز مجاهرة وظهر الجماعة المعروفين بالبترائية وشاع في البلاد
كذا يظهر من تاريخ جهان أراء وغيره. وكان للسلطان شاه إسماعيل أخوان آخران.(1/242)
وفي هذه السنة بعينها أيضا أمر باللعن على الخلفاء الثلاثة وسائر أعداء آل محمد صلّى الله عليه واله وسلّم في تبريز مجاهرة وظهر الجماعة المعروفين بالبترائية وشاع في البلاد
كذا يظهر من تاريخ جهان أراء وغيره. وكان للسلطان شاه إسماعيل أخوان آخران.
وأما نسب السلطان المذكور إلى السيد الشيخ صفي الدين المشار إليه فهو بهذا النهج على ما أورده في تاريخ جهان أراء: السلطان شاه اسماعيل بن السلطان حيدر ابن السلطان جنيد بن السلطان الشيخ إبراهيم بن السلطان خواجة علي بن السلطان صدر الدين موسى بن السلطان الشيخ صفي الدين اسحاق إنتهى.
ثم اعلم أنه قد ورد في الديوان المنسوب إلى علي عليه السّلام أبيات لهذا المقام وهذا من جملتها.
صبي من الصبيان لا رأي عنده ... ولا عنده جد ولا هو يعقل
ومن غرائب الإتفاقات أن عدده لا يطابق إلا عدد شاه إسماعيل بن حيدر بن الجنيد الموسوي لأن عدد مجموع المصراعين 1178وأوله:
رموز خفيات الأمور محلها ... بتبيانه لم يبق منهن مشكل
بني إذا ما جاشت الترك فانتظر ... ولاية مهدي يقوم ويعدل
وذل ملوك الأرض من آل هاشم ... وبويع منهم من يلذ ويهرل
صبي من الصبيان لا رأي عنده ... ولا عنده جد ولا هو يعقل
فثم يقوم القائم الحق منكم ... وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل
سمي نبي الله روحي فداؤه ... فلا تخذلوه يا بني وعجلوا
قال: بعض الأفاضل: ومن عجيب الأسرار ان حاصل عدد «صبي من الصبيان» إلى آخره بحساب الجمل موافقا لعدد إسماعيل ولد حيدر بن الجنيد ولد إبراهيم الأردبيلي عز نصره كما لا يخفى.
ترجمة المحقق الحلي
الشيخ الأجل المحقق نجم الدين: أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي الهذلي الملقب بالمحقق، كان محقق الفقهاء ومدقق العلماء، وحاله في الفضل والنبالة والعلم والثقة والفصاحة والجلالة والشعر والأدب والإنشاء والبلاغة أشهر من أن يذكر وأكثر من أن يسطر، كان ميلاده في سنة ثمان وثلاثين وستمئة وتوفي ليلة السبت في عشر المحرم الحرام سنة ست وعشرين وسبعمئة. وقد روي عن جماعة من الفضلاء منهم الشيخ محمد بن نمى الحلي والسيد شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي. وقال ابن داود
تلميذ المحقق أيضا في رجاله بعد أن أثنى عليه وذكر أنه رباه صغيرا وكان له عليه إحسان عظيم وانه اجازه إنه توفي سنة ست وسبعين وستمئة.(1/243)
الشيخ الأجل المحقق نجم الدين: أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي الهذلي الملقب بالمحقق، كان محقق الفقهاء ومدقق العلماء، وحاله في الفضل والنبالة والعلم والثقة والفصاحة والجلالة والشعر والأدب والإنشاء والبلاغة أشهر من أن يذكر وأكثر من أن يسطر، كان ميلاده في سنة ثمان وثلاثين وستمئة وتوفي ليلة السبت في عشر المحرم الحرام سنة ست وعشرين وسبعمئة. وقد روي عن جماعة من الفضلاء منهم الشيخ محمد بن نمى الحلي والسيد شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي. وقال ابن داود
تلميذ المحقق أيضا في رجاله بعد أن أثنى عليه وذكر أنه رباه صغيرا وكان له عليه إحسان عظيم وانه اجازه إنه توفي سنة ست وسبعين وستمئة.
ونقل: أن المحقق الطوسي الخواجة نصير الدين الطوسي (قدس سره) ذات يوم حضر درس المحقق بالحلة حين ورود الخواجة بها والتمس منه إتمام الدرس فجرى البحث في مسألة استحباب تياسر المصلي للعراقي، فأورد الخواجة بأنه لا وجه لهذا الاستحباب لأن التياسر إن كان من القبلة إلى غير القبلة فهو حرام وإن كان من غيرها إليها فهو واجب، فأجابه المحقق في الحال بأنه من القبلة إلى القبلة فسكت المحقق الطوسي، ثم ألف المحقق الحلي في ذلك رسالة لطيفة وأرسلها إلى المحقق الطوسي فاستحسنها، وقد أوردها الشيخ أحمد بن فهد الحلي في المهذب البارع في شرح مختصر الشرائع بتمامها.
وأقول: قد يقال في دفع هذا الإشكال بحمل استحباب التياسر لهم على وجه آخر، وهو أن مساجد العراق جلها بل كلها مبنية على التيامن عن القبلة ولما لم يمكن الأئمة عليهم السّلام التصريح بذلك تقية وتخطئتهم في قبلتهم حقيقة عدلوا عن أصل المراد وكنوا بذلك بأمر شيعتهم بالتياسر والتوجيه والتعليل بأن الحرم من طرق اليسار ثمانية أميال ومن طرف اليمين أربعة أميال لكن الغرض منه هو قيامهم بحذاء القبلة الحقيقية من مساجدهم ومعابدهم وغيرها، ثم رأيت بخط بعض الأفاضل ما عبارته: في صبح يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وستمئة سقط الشيخ الفقيه أبو القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد الحلي (ره) من أعلى درجة في داره فخر ميتا لوقته من غير نطق ولا حركة، فتفجع الناس لوفاته واجتمع لجنازته خلق كثير وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السّلام وسئل عن مولده فقيل:
سنة اثنتين وستمئة. ومن شعره قوله وقد كتبه إلى أبيه:
لينهك اني كل يوم إلى العلى ... أقدم رجلا لا يزال بها النعل
وغير بعيد أن تراني مقدما ... على الناس حتى قيل ليس له مثل
تطاوعني بكر المعالي وعونها ... وتنقاد لي حتى كأني لها بعل
ويشهد لي بالفضل كل مبرز ... ولا فاضل الا ولي فوقه فضل
قال المحقق: فكتب لي فوق هذه الأبيات: لأن أحسنت في شعرك لقد اسأت في حق نفسك، أما علمت أن الشعر صناعة من خلع العفة ولبس الخرقة، والشاعر ملعون وإن أصاب ومنقوص وإن أتى بالشيء العجاب، وكأني بك قد دهمك الشعر تفضيلته فجعلت تنفق منه ما تنفق بين جماعة لا يرون لك فضلا غيره
فسموك به ولقد كان ذلك وصمة عليك آخر الدهر هو أما تسمع ولست أرضى أن يقال شاعر. قال: فوقف عند ذلك خاطري حتى كأني لم أقرع له بابا ولم أرفع له حجابا. ومن شعره أيضا:(1/244)
لينهك اني كل يوم إلى العلى ... أقدم رجلا لا يزال بها النعل
وغير بعيد أن تراني مقدما ... على الناس حتى قيل ليس له مثل
تطاوعني بكر المعالي وعونها ... وتنقاد لي حتى كأني لها بعل
ويشهد لي بالفضل كل مبرز ... ولا فاضل الا ولي فوقه فضل
قال المحقق: فكتب لي فوق هذه الأبيات: لأن أحسنت في شعرك لقد اسأت في حق نفسك، أما علمت أن الشعر صناعة من خلع العفة ولبس الخرقة، والشاعر ملعون وإن أصاب ومنقوص وإن أتى بالشيء العجاب، وكأني بك قد دهمك الشعر تفضيلته فجعلت تنفق منه ما تنفق بين جماعة لا يرون لك فضلا غيره
فسموك به ولقد كان ذلك وصمة عليك آخر الدهر هو أما تسمع ولست أرضى أن يقال شاعر. قال: فوقف عند ذلك خاطري حتى كأني لم أقرع له بابا ولم أرفع له حجابا. ومن شعره أيضا:
هجرت صوغ قوافي الشعر في زمن ... هيهات يرضى وان أغضبته رمنا
وعدت أوقظ أفكاري وقد هجعت ... عنفا وإن عجت عزمي بعد ما سكنا
إن الخواطر كالآبار إن نزحت طابت ... وإن يبق فيها ماؤها اجنا
وقوله:
يا راقدا والمنايا غير راقدة ... وغافلا وسهام الموت ترميه
فبم اغترارك والأيام مرصدة ... والدهر قد ملأ الأسماع داعيه
أما أرتك الليالي قبح دخلتها ... وغدرها الذي كانت تصافيه
رافقا بنفسك يا مغرور إنّ لها ... يوما تشيب النواصي من دواهيه
وقال في نظام الأقوال: توفي (ره) في شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وستمئة. روى عنه ابن أخته العلامة جمال الدين بن مطهر الحلي وأخوه علي بن يوسف بن المطهر والشيخ تقي الدين داود.
ترجمة الشيخ جواد الكاظمي
الشيخ جواد بن فاضل الكاظمي: فاضل عالم جليل جامع للعلوم العقلية والنقلية والآلية وكان من أجلة تلامذة شيخنا البهائي، كان شيخ الإسلام في استراباد ثم عزل المنازعة أهل البلد له حتى أنهم أخرجوه عنفا لأسباب يطول ذكرها، ثم جاء إلى السلطان شاه عباس الماضي الصفوي وشكا إليه ولما كان عمدة المباعثين على إخراجه هو السيد الأمير محمد باقر الاسترابادي المعروف بطالبان وكان السلطان من مريديه أمر بإخراج هذا الشيخ من جميع مملكته ورجع من تلك الشكوى بخفّي حنين وبعد ما مات السلطان المذكور جاء إلى بغداد وسكن الكاظميين الذي كان موطنه الأصلي برهة من الزمان وكان يعظمه حكام بغداد سيما يكتاش خان ثم خرج منه ودخل بلاد العجم ثانيا قبل مجيء السلطان مراد ملك الروم إلى بغداد وفتحه لها، وله مؤلفات عديدة منها شرح العروس في مجلدات لم تتم وفرغ من المجلد الأول منه غرة شهر شوال سنة ألف وإحدى وثلاثين من الهجرة بمشهد الكاظميين وشرح الزبدة للشيخ البهائي استاذه وشرح خلاصة الحساب له أيضا وله شرح الجعفرية في الصلاة وكتاب شرح آيات الأحكام وله كتب آخر أيضا.
يقول الجامع لهذه الطرف والحامل لهذه التحف: إلى هنا كلام ذلك الفاضل المذكور (خصه الله تعالى بالكرامة والحبور) ونحن نذكر بعده من وقفنا عليه من مشايخنا العظام وعلمائنا الأعلام.(1/245)
الشيخ جواد بن فاضل الكاظمي: فاضل عالم جليل جامع للعلوم العقلية والنقلية والآلية وكان من أجلة تلامذة شيخنا البهائي، كان شيخ الإسلام في استراباد ثم عزل المنازعة أهل البلد له حتى أنهم أخرجوه عنفا لأسباب يطول ذكرها، ثم جاء إلى السلطان شاه عباس الماضي الصفوي وشكا إليه ولما كان عمدة المباعثين على إخراجه هو السيد الأمير محمد باقر الاسترابادي المعروف بطالبان وكان السلطان من مريديه أمر بإخراج هذا الشيخ من جميع مملكته ورجع من تلك الشكوى بخفّي حنين وبعد ما مات السلطان المذكور جاء إلى بغداد وسكن الكاظميين الذي كان موطنه الأصلي برهة من الزمان وكان يعظمه حكام بغداد سيما يكتاش خان ثم خرج منه ودخل بلاد العجم ثانيا قبل مجيء السلطان مراد ملك الروم إلى بغداد وفتحه لها، وله مؤلفات عديدة منها شرح العروس في مجلدات لم تتم وفرغ من المجلد الأول منه غرة شهر شوال سنة ألف وإحدى وثلاثين من الهجرة بمشهد الكاظميين وشرح الزبدة للشيخ البهائي استاذه وشرح خلاصة الحساب له أيضا وله شرح الجعفرية في الصلاة وكتاب شرح آيات الأحكام وله كتب آخر أيضا.
يقول الجامع لهذه الطرف والحامل لهذه التحف: إلى هنا كلام ذلك الفاضل المذكور (خصه الله تعالى بالكرامة والحبور) ونحن نذكر بعده من وقفنا عليه من مشايخنا العظام وعلمائنا الأعلام.
ترجمة الشريف الرضي
الشريف الرضي: محمد بن الحسين بن موسى أخو السيد المرتضى (رض) رأيت بخط بعض الأعلام نقلا عن كتاب الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة للفاضل الشهيد علي الشهير بصدر الدين بن السيد أحمد نظام الدين صاحب السلافة: الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي أخو الشريف المرتضى، كان يلقب بالرضي ذي الحسبين لقبه بذلك الملك بهاء الدولة وكان يخاطبه بالشريف الأجل، مولده سنة تسع وخمسين وثلاثمئة ببغداد، كان عالما وفاضلا شاعرا مبرزا ذكره الثعالبي في اليتيمة فقال:
ابتدأ بقول الشعر بعد أن جاوز العشر السنين وهو اليوم أبدع أبناء الزمان وأنجب سادات العراق يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وفضل باهر وحظ من جميع المحاسن وافر ثم هو أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو قلت أنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدقة وسيشهد بما أجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القدح الممتنع عن القدح الذي يجمع إلى السلاسة متانة وإلى السهولة رصانة، وكان أبوه يتولى نقابة الطالبيين والحكم فيهم أجمعين والنظر في المظالم والحج بالناس، ثم ردت هذه الأعمال كلها إليه في سنة ثمانين وثلاثمئة وأبوه حي، وله من التصانيف كتابه المتشابه في القرآن وكتاب حقائق التنزيل وكتاب تفسير القرآن وكتاب مجازات الآثار النبوية وكتاب تعليق خلاف الفقهاء وكتاب تعليقة الإيضاح لأبي علي وكتاب خصائص الأئمة وكتاب نهج البلاغة وكتاب تلخيص البيان في مجازات القرآن وكتاب الزيادات في شعر أبي تمام وكتاب سيرة والده الطاهر وكتاب انتخاب شعر ابن الحاج وكتاب مختار شعر أبي إسحاق الصابي وكتاب ما دار بينه وبين أبي إسحاق من الرسائل ثلاثة مجلدات وكتاب ديوان شعره يدخل في أربعة مجلدات، قال أبو الحسن العمري: رأيت تفسيره للقرآن فرأيته من أحسن التفاسير يكون في كبر تفسير أبي جعفر الطوسي أو أكبر، وكانت له هيبة وجلالة وفيه ورع وعفة وتقشف، وفيه مراعاة للأهل والعشيرة، وهو أول طالبي جعل عليه السواد، وكان عالي الهمة شريف النفس لم يقبل من أحد صلة حتى أنه رد صلة أبيه وناهيك بذلك شرف
نفس وشدة ظلف، وأما الملوك من بني بويه فإنهم اجتهدوا على قبول صلاتهم فلم يقبل، وكان يرضى بالإكرام وصيانة الجانب واعزاز الأتباع والأصحاب. ذكر أبو الفتح ابن جنّي في بعض مجاميعه قال: أحضر الرضي إلى ابن السيرافي النحوي وهو طفل جدا لم يبلغ عمره عشر سنين فلقنه النحو وقعد يوما معه في الحلقة فذاكره بشيء من الأعراب على عادة التعليم فقال له: إذا قلنا «رأيت عمر» فما علامة نصب عمر؟ فقال له الرضي: بغض علي عليه السّلام فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره. وحكى أبو الحسن العمري قال: دخلت على الشريف المرتضى (رض) فأراني بيتين قد عملهما وهما:(1/246)
ابتدأ بقول الشعر بعد أن جاوز العشر السنين وهو اليوم أبدع أبناء الزمان وأنجب سادات العراق يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر وفضل باهر وحظ من جميع المحاسن وافر ثم هو أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين، ولو قلت أنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدقة وسيشهد بما أجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القدح الممتنع عن القدح الذي يجمع إلى السلاسة متانة وإلى السهولة رصانة، وكان أبوه يتولى نقابة الطالبيين والحكم فيهم أجمعين والنظر في المظالم والحج بالناس، ثم ردت هذه الأعمال كلها إليه في سنة ثمانين وثلاثمئة وأبوه حي، وله من التصانيف كتابه المتشابه في القرآن وكتاب حقائق التنزيل وكتاب تفسير القرآن وكتاب مجازات الآثار النبوية وكتاب تعليق خلاف الفقهاء وكتاب تعليقة الإيضاح لأبي علي وكتاب خصائص الأئمة وكتاب نهج البلاغة وكتاب تلخيص البيان في مجازات القرآن وكتاب الزيادات في شعر أبي تمام وكتاب سيرة والده الطاهر وكتاب انتخاب شعر ابن الحاج وكتاب مختار شعر أبي إسحاق الصابي وكتاب ما دار بينه وبين أبي إسحاق من الرسائل ثلاثة مجلدات وكتاب ديوان شعره يدخل في أربعة مجلدات، قال أبو الحسن العمري: رأيت تفسيره للقرآن فرأيته من أحسن التفاسير يكون في كبر تفسير أبي جعفر الطوسي أو أكبر، وكانت له هيبة وجلالة وفيه ورع وعفة وتقشف، وفيه مراعاة للأهل والعشيرة، وهو أول طالبي جعل عليه السواد، وكان عالي الهمة شريف النفس لم يقبل من أحد صلة حتى أنه رد صلة أبيه وناهيك بذلك شرف
نفس وشدة ظلف، وأما الملوك من بني بويه فإنهم اجتهدوا على قبول صلاتهم فلم يقبل، وكان يرضى بالإكرام وصيانة الجانب واعزاز الأتباع والأصحاب. ذكر أبو الفتح ابن جنّي في بعض مجاميعه قال: أحضر الرضي إلى ابن السيرافي النحوي وهو طفل جدا لم يبلغ عمره عشر سنين فلقنه النحو وقعد يوما معه في الحلقة فذاكره بشيء من الأعراب على عادة التعليم فقال له: إذا قلنا «رأيت عمر» فما علامة نصب عمر؟ فقال له الرضي: بغض علي عليه السّلام فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره. وحكى أبو الحسن العمري قال: دخلت على الشريف المرتضى (رض) فأراني بيتين قد عملهما وهما:
سرى طيف سعدي طارقا فاستفزني ... هبوبا وصبحي بالفلاة هجود
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعل خيالا طارقا سيعود
فخرجت من عنده ودخلت على أخيه الرضي فعرضت عليه البيتين فقال بديها:
رددت جوابا والدموع بوادر ... وقد آن للشمل المشت ورود
فهيهات من لقيا حبيب تعرضت ... لنا دون لقياه مهامه بيد
فعدت إلى المرتضى بالخبر فقال: يعز على أخي قتله الذكاء فما كان إلا يسيرا حتى مضى الرضي لسبيله، وذكر أبو الحسين ابن الصابي وابنه غرس النعمة في تاريخهما: أن القادر بالله عقد مجلسا أحضر فيه الطاهر أبا أحمد الموسوي وابنه أبا القاسم المرتضى وجماعة من القضاة والشهود، وأبرز لهم أبيات الرضي (رض) التي أولها:
ما مقامي على الهوان وعندي ... مقول صارم وانف حمي
وإباء محلق بي عن الضيم ... كما راغ طائر وحشي
أي عذر له إلى المجد إذا ... ذل غلام في عمده المشرفي
أحمل الضيم في بلاد الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي
من أبوه أبي ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيد الناس ... جميعا محمد وعلي
إن ذلي بذلك الجو عز ... وأوامي بذلك الصقع زي
قد بذل العزيز ما لم يشمر ... لانطلاق وقد يضام الأبي
ان شر علي اسراع عزمي ... في طلاب العلى وحظى بطي
أرضى بالأذي ولم يقف العزم ... قصورا ولم تعز المطي
تاركا اسرتي رجوعا إلى حيث ... عذير ورعني أبي
كالذي يخبط الظلام وقد ... أقمر من خلفه النهار المضي
وقال الحاجب عن لسان الخليفة للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا وأي ذل أصابه في ملكنا وما الذي يعمل به صاحب مصر لو مضى عليه أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا ألم نوله النقابة ألم نوله المظالم ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز وجعلناه أمير الحجيج فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا ما نظنه يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أفناء الطالبيين بمصر؟ فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر فما نسمعه منه ولا رأيناه بخطه ولا يبعد أن يكون بعض اعدائه نحله اياه وعزاه إليه، فقال: ان كان كذلك فليكتب محضر يتضمن القدح في انساب ولاة مصر ويكتب محمد خطه فيه، فكتب محضر بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو محمد وابنه المرتضى وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطه فيه حمله إليه أبوه وأخوه فامتنع من سطر خطه وقال: لا أكتب وأخاف من دعاة مصر وأنكر الشعر وأقسم له انه ليس شعره ولا يعرفه، فأجبره أبوه على أن يسطر خطه في المحضر فلم يفعل فقال: أخاف دعاة المصريين وغيلتهم لي فإنهم معروفون بذلك، فقال له أبوه: يا عجباه اتخاف من بينك وبينه ستمئة فرسخ ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع؟(1/247)
ما مقامي على الهوان وعندي ... مقول صارم وانف حمي
وإباء محلق بي عن الضيم ... كما راغ طائر وحشي
أي عذر له إلى المجد إذا ... ذل غلام في عمده المشرفي
أحمل الضيم في بلاد الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي
من أبوه أبي ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيد الناس ... جميعا محمد وعلي
إن ذلي بذلك الجو عز ... وأوامي بذلك الصقع زي
قد بذل العزيز ما لم يشمر ... لانطلاق وقد يضام الأبي
ان شر علي اسراع عزمي ... في طلاب العلى وحظى بطي
أرضى بالأذي ولم يقف العزم ... قصورا ولم تعز المطي
تاركا اسرتي رجوعا إلى حيث ... عذير ورعني أبي
كالذي يخبط الظلام وقد ... أقمر من خلفه النهار المضي
وقال الحاجب عن لسان الخليفة للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا وأي ذل أصابه في ملكنا وما الذي يعمل به صاحب مصر لو مضى عليه أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا ألم نوله النقابة ألم نوله المظالم ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز وجعلناه أمير الحجيج فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا ما نظنه يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أفناء الطالبيين بمصر؟ فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر فما نسمعه منه ولا رأيناه بخطه ولا يبعد أن يكون بعض اعدائه نحله اياه وعزاه إليه، فقال: ان كان كذلك فليكتب محضر يتضمن القدح في انساب ولاة مصر ويكتب محمد خطه فيه، فكتب محضر بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو محمد وابنه المرتضى وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطه فيه حمله إليه أبوه وأخوه فامتنع من سطر خطه وقال: لا أكتب وأخاف من دعاة مصر وأنكر الشعر وأقسم له انه ليس شعره ولا يعرفه، فأجبره أبوه على أن يسطر خطه في المحضر فلم يفعل فقال: أخاف دعاة المصريين وغيلتهم لي فإنهم معروفون بذلك، فقال له أبوه: يا عجباه اتخاف من بينك وبينه ستمئة فرسخ ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع؟
وحلف أن لا يكلمه وكذلك المرتضى فعلا ذلك خوفا وتقية من القادر وتسكينا له، ولما انتهى الأمر إلى القادر سكت عنه على سوء اضمره له وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة. وكان الطائع لله أكثر ميلا إلى الرضي من القادر وكان هو أشد حبا وأكثر ولاء للطائع منه للقادر، وهو القائل للقادر في قصيدته التي مدحه بها:
عطفا أمير المؤمنين فإننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبدا كلانا في المعالي مرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني ... أنا عاطل منها وأنت مطرق
فيقال: ان القادر قال له «على رغم الشريف».
وحضر الرضي يوما مجلس القادر فجعل يشم لحيته، فقال له القادر: أظنك تشم منها رائحة الخلافة؟ قال: لا بل رائحة النبوة، فابتهر القادر لهذا الجواب.
وكان الرضي لعلو همته وشرف نفسه تنازعه نفسه إلى الخلافة وربما كان يجيش بذلك خاطره وينظمه في شعره ولا يجد من الدهر عليه مساعد فيذوب كمدا ويفنى وجدا حتى توفي ولم يبلغ غرضا، فمن ذلك قوله:
ما أنا للعلياء ان لم يكن ... من ولدي ما كان من والدي
ولا مشت بي الخيل إن لم اطأ ... سرير هذا الأغلب الماجد
فإن أنلها فكما رمته ... أولا فقد يكذبني رائدي
والغاية الموت فما فكرتي ... اسايقي أصبح أم قائدي
وقوله: يعني فيه نفسه:(1/248)
وكان الرضي لعلو همته وشرف نفسه تنازعه نفسه إلى الخلافة وربما كان يجيش بذلك خاطره وينظمه في شعره ولا يجد من الدهر عليه مساعد فيذوب كمدا ويفنى وجدا حتى توفي ولم يبلغ غرضا، فمن ذلك قوله:
ما أنا للعلياء ان لم يكن ... من ولدي ما كان من والدي
ولا مشت بي الخيل إن لم اطأ ... سرير هذا الأغلب الماجد
فإن أنلها فكما رمته ... أولا فقد يكذبني رائدي
والغاية الموت فما فكرتي ... اسايقي أصبح أم قائدي
وقوله: يعني فيه نفسه:
فيا عجبا ممن يظن محمد ... وللظن في بعض المواطن غوار
يقدر أن الملك طوع يمينه ... ومن دون ما يرجو المقدر أقدار
له كل يوم منية وطماعة ... ونبذ قريض بالأماني سيار
لئن هو اغضى للخلافة لمة ... لها طرر فوق الجبين واطرار
وأبدى لنا وجها نقيا كأنه ... وقد نقشت فيه العوارض دينار
ورام العلى بالشعر والشعر داينا ... ففي الناس شعرا خاملون وشعار
وإني أرى زندا تواتر قدحه ... ويوشك يوما أن تشب له نار
وقوله: في مثل ذلك:
هذا أمير المؤمنين محمد ... كرمت مغارسه وطاب المحتد
أو ما كفاك بأن أمك فاطم ... وأبوك حيدرة وجدك أحمد
يمسي ومنزل ضيفه لا يحتوي ... كرما وبيت نظاره لا يقلد
وفي شعره الكثير الواسع من هذا النمط، وكان أبو اسحاق إبراهيم بن هلال الصابي صديقا له وكان يطعمه في الخلافة ويزعم أن طالعه يدل على ذلك، وكتب إليه في هذا النمط هذا الشعر:
أبا حسن لأبي في الرجال فراسة ... تعودت منها أن تقول فتصدقا
وقد خبرتني عنك انك ماجد ... سترقى من العلياء أبعد مرتقى
فوفيتك التعظيم قبل أوانه ... وقلت أطال الله للسيد البقا
وأضمرت منه لفظة لم أبح بها ... إلى أن أرى إظهارها لي مطلقا
فإن عشت أو ان مت فاذكر بشارتي ... وأوجب بها حقا عليك محققا
وكن لي في الأولاد والأهل خافظا ... إذا ما اطمأن القلب في مضجع البقا
فأجابه الرضي بقصيدة طويلة يعده فيها بإبلاغه آماله إن ساعده الدهر وتم المرام وأولها:
سننت لهذا الرمح عزم مدلقا ... واجريت في ذا الهند وإني رونقا
وسومت ذا الطرف الجواد وإنما ... شرعت له نهجا فحب واعنقا
لئن برقت مني مخائل عارض ... بعينيك تفضي أن يجود ويغدقا
فليس بساق قبل ربعك مربعا ... وليس براق قبل جوك مرتقا
وحكى أنه لما شاعت أبيات الصابي المذكورة أنكرها وقال: إنما عملتها في أبي الحسن علي بن عبد العزيز كاتب الطائع بالله وكان الأمر كما ادعاه ولكنه خاف على نفسه. وحكى أبو اسحاق الصابي قال: كنت عند الوزير أبي محمد المهدي ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فأذن له فلما دخل عليه قام إليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته ثم قام فقام وودعه فخرج، فلم يكن ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضي وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها ثم قام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده واعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه، فلما خرج الرضي خرج معه وشيعه إلى الباب ثم رجع فلما خف المجلس قلت له: ايأذن الوزير (أعزه الله تعالى) إلى أن اسأل عن شيء؟ قال: نعم وكأني بك تسأل عن زيادتي في اعظام الرضي على أخيه المرتضى والمرتضى اسن وأعلم؟ فقلت: نعم أيد الله الوزير، فقال: اعلم أنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك مقدار ستة عشر درهما ونحو ذلك، فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك مقدار عنه، وأما أخوه الرضي فبلغني أنه ذات يوم ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده فقال: قل للوزير إني لا أقبل من أحد شيئا، فرددته فقلت: إني لما أرسلته للقوابل، فرده ثانيا وقال: قل للوزير انا أهل بيت لم يطلع على أحوالنا قابلة غريبة وإنما عجائزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا وليس ممن يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة، فرددته إليه وقلت: يفرقه الشريف على ملازميه من طلبة العلم فلما جاءه الطبق وحوله الطلبة قال: ها هم حضور فليأخذ كل واحد ما يريد، فقام رجل واخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وامسكها ورد الدينار إلى الطبق، فسأله الشريف عن ذلك فقال: إني احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها دار العلم وعين لهم فيها جميع ما يحتاجون إليه، فلما سمع ذلك الرضي أمر في الحال أن يتخذ للخزانة
مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كل منهم مفتاحا ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه، ورد الطبق على هذه الصورة، فكيف لا أعظم من هذه حاله؟ ولذلك كان الرضي يقدم على المرتضى لمحله في نفوس العامة والخاصة.(1/249)
أبا حسن لأبي في الرجال فراسة ... تعودت منها أن تقول فتصدقا
وقد خبرتني عنك انك ماجد ... سترقى من العلياء أبعد مرتقى
فوفيتك التعظيم قبل أوانه ... وقلت أطال الله للسيد البقا
وأضمرت منه لفظة لم أبح بها ... إلى أن أرى إظهارها لي مطلقا
فإن عشت أو ان مت فاذكر بشارتي ... وأوجب بها حقا عليك محققا
وكن لي في الأولاد والأهل خافظا ... إذا ما اطمأن القلب في مضجع البقا
فأجابه الرضي بقصيدة طويلة يعده فيها بإبلاغه آماله إن ساعده الدهر وتم المرام وأولها:
سننت لهذا الرمح عزم مدلقا ... واجريت في ذا الهند وإني رونقا
وسومت ذا الطرف الجواد وإنما ... شرعت له نهجا فحب واعنقا
لئن برقت مني مخائل عارض ... بعينيك تفضي أن يجود ويغدقا
فليس بساق قبل ربعك مربعا ... وليس براق قبل جوك مرتقا
وحكى أنه لما شاعت أبيات الصابي المذكورة أنكرها وقال: إنما عملتها في أبي الحسن علي بن عبد العزيز كاتب الطائع بالله وكان الأمر كما ادعاه ولكنه خاف على نفسه. وحكى أبو اسحاق الصابي قال: كنت عند الوزير أبي محمد المهدي ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فأذن له فلما دخل عليه قام إليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته ثم قام فقام وودعه فخرج، فلم يكن ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضي وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها ثم قام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده واعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه، فلما خرج الرضي خرج معه وشيعه إلى الباب ثم رجع فلما خف المجلس قلت له: ايأذن الوزير (أعزه الله تعالى) إلى أن اسأل عن شيء؟ قال: نعم وكأني بك تسأل عن زيادتي في اعظام الرضي على أخيه المرتضى والمرتضى اسن وأعلم؟ فقلت: نعم أيد الله الوزير، فقال: اعلم أنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك مقدار ستة عشر درهما ونحو ذلك، فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك مقدار عنه، وأما أخوه الرضي فبلغني أنه ذات يوم ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده فقال: قل للوزير إني لا أقبل من أحد شيئا، فرددته فقلت: إني لما أرسلته للقوابل، فرده ثانيا وقال: قل للوزير انا أهل بيت لم يطلع على أحوالنا قابلة غريبة وإنما عجائزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا وليس ممن يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة، فرددته إليه وقلت: يفرقه الشريف على ملازميه من طلبة العلم فلما جاءه الطبق وحوله الطلبة قال: ها هم حضور فليأخذ كل واحد ما يريد، فقام رجل واخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وامسكها ورد الدينار إلى الطبق، فسأله الشريف عن ذلك فقال: إني احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها دار العلم وعين لهم فيها جميع ما يحتاجون إليه، فلما سمع ذلك الرضي أمر في الحال أن يتخذ للخزانة
مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كل منهم مفتاحا ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه، ورد الطبق على هذه الصورة، فكيف لا أعظم من هذه حاله؟ ولذلك كان الرضي يقدم على المرتضى لمحله في نفوس العامة والخاصة.(1/250)
أبا حسن لأبي في الرجال فراسة ... تعودت منها أن تقول فتصدقا
وقد خبرتني عنك انك ماجد ... سترقى من العلياء أبعد مرتقى
فوفيتك التعظيم قبل أوانه ... وقلت أطال الله للسيد البقا
وأضمرت منه لفظة لم أبح بها ... إلى أن أرى إظهارها لي مطلقا
فإن عشت أو ان مت فاذكر بشارتي ... وأوجب بها حقا عليك محققا
وكن لي في الأولاد والأهل خافظا ... إذا ما اطمأن القلب في مضجع البقا
فأجابه الرضي بقصيدة طويلة يعده فيها بإبلاغه آماله إن ساعده الدهر وتم المرام وأولها:
سننت لهذا الرمح عزم مدلقا ... واجريت في ذا الهند وإني رونقا
وسومت ذا الطرف الجواد وإنما ... شرعت له نهجا فحب واعنقا
لئن برقت مني مخائل عارض ... بعينيك تفضي أن يجود ويغدقا
فليس بساق قبل ربعك مربعا ... وليس براق قبل جوك مرتقا
وحكى أنه لما شاعت أبيات الصابي المذكورة أنكرها وقال: إنما عملتها في أبي الحسن علي بن عبد العزيز كاتب الطائع بالله وكان الأمر كما ادعاه ولكنه خاف على نفسه. وحكى أبو اسحاق الصابي قال: كنت عند الوزير أبي محمد المهدي ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فأذن له فلما دخل عليه قام إليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته ثم قام فقام وودعه فخرج، فلم يكن ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضي وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها ثم قام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده واعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه، فلما خرج الرضي خرج معه وشيعه إلى الباب ثم رجع فلما خف المجلس قلت له: ايأذن الوزير (أعزه الله تعالى) إلى أن اسأل عن شيء؟ قال: نعم وكأني بك تسأل عن زيادتي في اعظام الرضي على أخيه المرتضى والمرتضى اسن وأعلم؟ فقلت: نعم أيد الله الوزير، فقال: اعلم أنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك مقدار ستة عشر درهما ونحو ذلك، فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك مقدار عنه، وأما أخوه الرضي فبلغني أنه ذات يوم ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده فقال: قل للوزير إني لا أقبل من أحد شيئا، فرددته فقلت: إني لما أرسلته للقوابل، فرده ثانيا وقال: قل للوزير انا أهل بيت لم يطلع على أحوالنا قابلة غريبة وإنما عجائزنا يتولين هذا الأمر من نسائنا وليس ممن يأخذن أجرة ولا يقبلن صلة، فرددته إليه وقلت: يفرقه الشريف على ملازميه من طلبة العلم فلما جاءه الطبق وحوله الطلبة قال: ها هم حضور فليأخذ كل واحد ما يريد، فقام رجل واخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وامسكها ورد الدينار إلى الطبق، فسأله الشريف عن ذلك فقال: إني احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في دار قد اتخذها لهم سماها دار العلم وعين لهم فيها جميع ما يحتاجون إليه، فلما سمع ذلك الرضي أمر في الحال أن يتخذ للخزانة
مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كل منهم مفتاحا ليأخذ ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه، ورد الطبق على هذه الصورة، فكيف لا أعظم من هذه حاله؟ ولذلك كان الرضي يقدم على المرتضى لمحله في نفوس العامة والخاصة.
وكان الرضي ينسب إلى الإفراط في عقاب الجاني من أهله وله في ذلك حكايات: منها: أن امرأة علوية شكت إليه زوجها وانه يقامر بما يتحصل من خرقه يعانيها وان له أطفالا وهو ذو عيلة وحاجة وشهد لها من حضر بالصدق فيما ذكرت، فاستحضره الشريف وأمر به فبطح وأمر بضربه والمرأة تنظر أن يكف والأمر يزيد حتى جاوز ضربة مائة خشبة، فصاحت المرأة: وايتم أولادي كيف يكون حالنا إذا مات والدهم هذا؟ فقال لها الشريف: أظننت انك تشكينه إلى المعلم؟.
ورأيت في ديوانه انه بلغه عن قوم من أعدائه أنهم قالوا لبهاء الدولة: قد جرت عادة الرضي بإنشاد الخلفاء شعره وإنه إنما يتكبر عليك في ترك الإنشاد وكذبوا في ذلك لأنه لم ينشد قط ممدوحا، وهذه فضيلة تفرد فيها عن الشعراء فكتب بهذه الأبيات إليه مع قصيدة في الكتاب:
جناني شجاع ان مدحت وإنما ... لساني إذا سيم النشيد جبان
وما ضر قوالا أطاع جنانه ... إذا خانه عند الملوك لسان
وربّ حيي في السلام وقلبه ... وقاح إذا لف الجياد طعان
ورب وقاح الوجه تحمل كفه ... ينامل لم يعرف بهن عنان
وفخر الفتى بالقول لا بنشيده ... ويروى فلان مرة وفلان
وحكى بعضهم قال: إجتاز بعض الأدباء بدار الشريف الرضى ببغداد؟؟؟ لا يعرفها وقد أخنى عليه الزمان وذهبت بهجتها وخلقت ديباجتها؟؟؟ سومها تشهد لها بالنظارة وحسن البشارة، فوقف عليها متعجبا من صروف الزمان وطوارق الحدثان وتمثل بقول الرضي المذكور:
ولقد وقفت على ربوعهم ... وطلولها بيد البلى نهب
فوقفت حتى ضج من كغب ... نضوي ولج بعدلي الركب
وتلفتت عيني فمذ خفيت ... عني الطلول تلفت القلب
فمر به شخص وهو ينشد هذه الأبيات فقال له: هل تعرف هذه الدار لمن هي؟ فقال: لا، فقال: هذه الدار لصاحب هذه الأبيات الشريف الرضي، فتعجب من حسن هذا الإنفاق.
ومثل هذه الحكاية ما ذكره الحريري في كتاب درة الغواص في أوهام الخواص وهو على ما رواه عبيد بن سويه الجرهمي عاش ثلاثمئة سنة فادرك الإسلام فأسلم ودخل على معاوية بن أبي سفيان بالشام وهو خليفة فقال: حدثني بأعجب ما رأيت، فقال: مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم فلما انتهيت إليهم أغرورقت عيني بالدموع فتمثلت بقول الشاعر:(1/251)
ولقد وقفت على ربوعهم ... وطلولها بيد البلى نهب
فوقفت حتى ضج من كغب ... نضوي ولج بعدلي الركب
وتلفتت عيني فمذ خفيت ... عني الطلول تلفت القلب
فمر به شخص وهو ينشد هذه الأبيات فقال له: هل تعرف هذه الدار لمن هي؟ فقال: لا، فقال: هذه الدار لصاحب هذه الأبيات الشريف الرضي، فتعجب من حسن هذا الإنفاق.
ومثل هذه الحكاية ما ذكره الحريري في كتاب درة الغواص في أوهام الخواص وهو على ما رواه عبيد بن سويه الجرهمي عاش ثلاثمئة سنة فادرك الإسلام فأسلم ودخل على معاوية بن أبي سفيان بالشام وهو خليفة فقال: حدثني بأعجب ما رأيت، فقال: مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم فلما انتهيت إليهم أغرورقت عيني بالدموع فتمثلت بقول الشاعر:
يا قلب إنك من أسماء مغرور ... فاذكر وهل ينفعن ذا اليوم تذكير
فلست تدري وما تدري أعاجلها ... أدنى لرشدك أم ما فيه تأخير
فاستقدر الله خيرا وارضينّ به ... فبينما العسر إذ دارت مياسير
وبينما المرء في الأحياء مغتبط ... إذ هو بالرمس تعفوه الأعاصير
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ... وذو قرابته في الحي مسرور
قال: فقال لي رجل: اتعرف من قال هذا الشعر؟ فقلت: لا، فقال: إن قائله هو الذي دفناه الساعة وأنت الغريب تبكي عليه وهذا الذي خرج من قبره أمس الناس رحما به وأسرّهم بموته، فقال له معاوية: رأيت عجبا فمن الميت؟ قال:
عثير بن لبيد العامري.
وكانت وفاة الشريف الرضي (رض) بكرة يوم الأحد لست خلون من المحرم سنة ست وأربعمئة، وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه، ودفن في داره بمسجد الأنباريين، ومضى أخوه المرتضى من جزعه عليه إلى مشهد مولانا الكاظم عليه السّلام لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه، وصلى عليه فخر الملك أبو غالب ومضى بنفسه آخر النهار إلى أخيه المرتضى إلى المشهد الشريف الكاظمي فلزمه بالعود إلى داره، ثم نقل الرضي (رض) إلى مشهد الحسين عليه السّلام بكربلاء فدفن عند أبيه. ورثاه أخوه المرتضى بقصيدة وهذا منها:
يا للرجال لفجعة جذمت يدي ... وودت لو ذهبت علي براسي
ما زلت أحذر وردها حتى أتت ... فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمنا فلما صممت ... لم يثنها مطلي وطول مكاسي
لله عمرك من قصير طاهر ... ولربّ عمر طال بالأدناس
ونقل أن مهيار الديلمي أتى إلى قبر الشريف الرضي ليزوره فلما أن حاذى قبره تذكر أيامه فانهلت مدامعه وأنشأ:
من كان لم يطأ التراب برجله ... وطأ التراب بصفحة الخد
من كان بينك في التراب وبينه ... شبران كان بغاية البعد
لو بعثرت للناس اطباق الثرى ... لم يعرف المولى من العبد
ورثاه أيضا تلميذه مهيار بن مرزويه الكاتب بقصيدة لم أسمع في باب المراثي أبلغ منها، أولها:(1/252)
يا للرجال لفجعة جذمت يدي ... وودت لو ذهبت علي براسي
ما زلت أحذر وردها حتى أتت ... فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمنا فلما صممت ... لم يثنها مطلي وطول مكاسي
لله عمرك من قصير طاهر ... ولربّ عمر طال بالأدناس
ونقل أن مهيار الديلمي أتى إلى قبر الشريف الرضي ليزوره فلما أن حاذى قبره تذكر أيامه فانهلت مدامعه وأنشأ:
من كان لم يطأ التراب برجله ... وطأ التراب بصفحة الخد
من كان بينك في التراب وبينه ... شبران كان بغاية البعد
لو بعثرت للناس اطباق الثرى ... لم يعرف المولى من العبد
ورثاه أيضا تلميذه مهيار بن مرزويه الكاتب بقصيدة لم أسمع في باب المراثي أبلغ منها، أولها:
من جب غارب هاشم وسنامها ... ولوى لويا واستزل مقامها
وخزى قريشا بالبطاح فلفها ... عجلا وقوض عزها وخيامها
وأناخ في مضر بكلكل خفه ... يستام فاحتملت له ما سامها
من حل مكة فاستباح حريمها ... والبيت يشهد واستحل حرامها
ومضى يثرب من عجامن شامن ... تلك القبور الطاهرات عظامها
يبكي النبي ويستبيح لفاطم ... بالطف في أبنائها أيامها
الدين ممنوع الحما من رامه ... والدار عالية البنا من رامها
أتناكرت أيدي الرجال سيوفها ... فاستسلمت أم أنكرت اسلامها
أم غال ذي الحسبين حامى ذودها ... قدرا أراح على العدو سهامها
ومنها:
بكر النعي من الرضي بما لك ... غاياتها متعودا اقدامها
كلح الصباح بموته عن ليلة ... نقضت على وجه الصباح ظلامها
صدع الحمام صفاة آل محمد ... صدع الرداء به وحل نظامها
بالفارس العلوي شق غبارها ... والناطق العربي شق كلامها
سلب العشيرة يومه مصباحها ... بصلاحها عما لها علامها
برهان حجتها التي بهرت به ... أعداؤها وتقدمت أعمالها
النص مروي وكنت دلالة ... مشهورة لما نصبت إمامها
قدمت فضيلتها وحيث تبرزت ... سبقا خطى لك أحمدت أقدامها
دبرتها طفلا وسدت كهولها ... يرضى النفوس وكنت قبل غلامها
ومنها:
أبكيك الدنيا التي طلقتها ... وقد اصطفتك شبابها وغرامها
ورميت غاربها بفضلة جيلها ... زهدا وقد ألقت إليك زمامها
وهي قصيدة طويلة. وكان مهيار قد أنشد هذه القصيدة بحضور جماعة ممن
كان يحسد الرضي (رض) فشق عليهم ونسبوه إلى المبالغة في إطرائه، فرثاه بقصيدة أخرى أجاد فيها كل إجادة وعرض لهم فيها ليزدادوا غيظا مطلعها:(1/253)
أبكيك الدنيا التي طلقتها ... وقد اصطفتك شبابها وغرامها
ورميت غاربها بفضلة جيلها ... زهدا وقد ألقت إليك زمامها
وهي قصيدة طويلة. وكان مهيار قد أنشد هذه القصيدة بحضور جماعة ممن
كان يحسد الرضي (رض) فشق عليهم ونسبوه إلى المبالغة في إطرائه، فرثاه بقصيدة أخرى أجاد فيها كل إجادة وعرض لهم فيها ليزدادوا غيظا مطلعها:
أقريش لا لفم أراك ولا يد ... فتواكلي غاص الندى وخلى الندي
وما أحسن قوله في جملتها:
يا ناشد الحسنات طوف ... عنها وعاد كأنه لم ينشد
أهبط إلى مصر فسل حمراءها ... من صاح بالبطحاء يا نار اخمدي
بكر النعي فقال أمردي خيرها ... إن كان يصدق فالرضي هو الردي
فجعت بمعجز آية مشهودة ... ولربّ آيات بها لم تشهد
كانت إذا هي في الإمامة نوزعت ... ثم ادّعت بك حقها لم تجحد
تبعتك عاقدة عليك أمورها ... وعرى تميمك بعد لما تقعد
ورآك طفلا شيبها وكهولها ... فتزحزحوا لك عن مكان السيد
إلى هنا ما نقلناه ملخصا من كتاب الدرجات الرفيعة المتقدم ذكره.
ترجمة السيد المرتضى
السيد المرتضى: أبو القاسم علي بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد ابن موسى بن إبرهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الملقب ذي المجدين علم الهدى. كان أبوه النقيب أبو أحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه، وأما والدة الشريف المرتضى فهي فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الحسن الناصر الأصم وهو أبو محمد الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام، وهي أم أخيه أبي الحسن الرضي (ره). وكان الشريف المرتضى (ره) واحد أهل زمانه فضلا وعلما وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وجاها وكرما إلى غير ذلك، ولد (ره) في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وقرأ هو وأخوه الرضي على ابن نباته صاحب الخطب الآتي ذكرها وهما طفلان، ثم قرأ كلاهما على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (قدس الله روحه) وكان المفيد (ره) رأى في منامه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السّلام صغيرين فسلمتهما إليه وقالت له: علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين
يديها ابناها علي المرتضى ومحمد الرضي صغيرين فقام إليها فسلم عليها فقالت له: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه، فبكى الشيخ وقص عليها المنام وتولى تعليمهما وأنعم الله تعالى عليهما وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر.(1/254)
السيد المرتضى: أبو القاسم علي بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد ابن موسى بن إبرهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب الملقب ذي المجدين علم الهدى. كان أبوه النقيب أبو أحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه، وأما والدة الشريف المرتضى فهي فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الحسن الناصر الأصم وهو أبو محمد الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام، وهي أم أخيه أبي الحسن الرضي (ره). وكان الشريف المرتضى (ره) واحد أهل زمانه فضلا وعلما وكلاما وحديثا وشعرا وخطابة وجاها وكرما إلى غير ذلك، ولد (ره) في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وقرأ هو وأخوه الرضي على ابن نباته صاحب الخطب الآتي ذكرها وهما طفلان، ثم قرأ كلاهما على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (قدس الله روحه) وكان المفيد (ره) رأى في منامه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السّلام صغيرين فسلمتهما إليه وقالت له: علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين
يديها ابناها علي المرتضى ومحمد الرضي صغيرين فقام إليها فسلم عليها فقالت له: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه، فبكى الشيخ وقص عليها المنام وتولى تعليمهما وأنعم الله تعالى عليهما وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر.
وذكر الشيخ الشهيد (ره) في أربعينه قال: نقلت من خط السيد العالم صفي الدين محمد بن معد الموسوي بالمشهد المقدس الكاظمي في سبب تسمية الشريف المرتضى بعلم الهدى انه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن عبد الصمد سنة عشرين وأربعمئة فرأى في منامه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وهو يقول له:
قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ، فقال: يا أمير المؤمنين ومن علم الهدى؟
فقال: علي بن الحسين الموسوي، فكتب الوزير إليه بذلك، فقال المرتضى (رض):
ان قبولي هذا اللقب شناعة عليّ، فقال الوزير: ما أكتب إليك إلا بما لقبك به جدك أمير المؤمنين عليه السّلام، فعلم القادر الخليفة بذلك فكتب إلى المرتضى: تقبل يا علي بن الحسين ما لقبك به جدك، فقبل واسمع الناس. وكان (ره) نحيف الجسم حسن الصورة وكان يدرس في علوم كثيرة ويجري على تلامذته رزقا، فكان للشيخ أبي جعفر الطوسي أيام قراءته عليه كل شهر اثنا عشر دينارا، وأصاب الناس في بعض السنين قحط شديد فاحتال يهودي على تحصيل قوت يحفظ به نفسه فحضر يوما مجلس المرتضى وسأله أن يأذن له أن يقرأ عليه شيء من علم النجوم فأذن له وأمر له بجيرة تجري له كل يوم فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يديه، وكان قد وقف قرية على كاغد الفقهاء، وكان يلقب بالثمانيني لأنه أحرز من كل شيء ثمانين حتى مدة عمره كانت ثمانين سنة وثمانية أشهر، وتولى نقابة النقباء وإمارة الحاج والمظالم بعد وفاة أخيه الرضي أبي الحسن (ره) وهو منصب والديهما.
وذكر أبو القاسم بن فهد الهاشمي في تاريخه إتحاف الورى بأخبار أم القرى في حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمئة قال: فيها حج الشريفان المرتضى والرضي فاعتقلهما في أثناء الطريق ابن الجراح الطائي فأعطياه تسعة الآف دينار من أموالهما.
وللشريف المرتضى مصنفات كثيرة وديوان شعره يزيد على عشرين ألف بيت ذكر أبو القاسم التنوخي صاحب الشريف قال: حصرنا كتبه فوجدناها ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقروءاته. وقال الثعالبي في كتاب اليتيمة: إنما قومت بثلاثين ألف دينار بعد أن أهدي إلى الرؤساء والوزراء منها شطر عظيم،
وكانت وفاته (قدس سره) لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمئة وصلى عليه إبنه أبو جعفر محمد وتولى غسله أبو الحسين أحمد بن الحسين النجاشي ومعه الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي ودفن أولا في داره ثم نقل منها إلى جوار جده الحسين عليه السّلام فدفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه، وقد نقلنا هذه الترجمة إلى هنا من كتاب الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة للسيد علي صدر الدين الشيرازي.(1/255)
وللشريف المرتضى مصنفات كثيرة وديوان شعره يزيد على عشرين ألف بيت ذكر أبو القاسم التنوخي صاحب الشريف قال: حصرنا كتبه فوجدناها ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقروءاته. وقال الثعالبي في كتاب اليتيمة: إنما قومت بثلاثين ألف دينار بعد أن أهدي إلى الرؤساء والوزراء منها شطر عظيم،
وكانت وفاته (قدس سره) لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمئة وصلى عليه إبنه أبو جعفر محمد وتولى غسله أبو الحسين أحمد بن الحسين النجاشي ومعه الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي ودفن أولا في داره ثم نقل منها إلى جوار جده الحسين عليه السّلام فدفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه، وقد نقلنا هذه الترجمة إلى هنا من كتاب الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة للسيد علي صدر الدين الشيرازي.
بحث في حديث ذي اليدين
من كتاب الأنوار النعمانية للسيد الفاضل السيد نعمة الله الجزائري قال: من الأخبار المشكلة ما رواه الشيخ في الصحيح عن سعيد الأعرج قال: سمعت أبا عبد الله يقول: صلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: إنما صليت ركعتين، فقال: أكذلك يا ذا اليدين؟ وكان يسمى ذا الشمالين فقال: نعم، فبنى على صلاته فأتمّ الصلاة أربعا وقال: إن الله هو الذي أنساه رحمة للأمة، ألا ترى لو أن رجلا صنع هذا لعير وقيل: ما تقبل صلاتك ممن دخل عليه ذلك قال: قد سن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم وصارت أسوة. وسجد سجدتين لمكان الكلام.
أقول: هذا الخبر مما وقع فيه التشاجر والنزاع وهو المعركة العظمى بين الصدوق (ره) وبين أكثر علمائنا فإنهم نفوه رأسا وطرحوا الأخبار الدالة عليه وبالغوا في التشنيع عليه، فمن شنع عليه من المتأخرين شيخنا المحقق الشيخ بهاء الدين قال في جملة كلامه: إن نسبة السهو إلى ابن بابويه أولى من نسبتها إليه. وقال أيضا عند قول ابن بابويه وإن وفق الله صنعنا كتابا في كيفية سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: الحمد لله الذي لم يوفقه لتصنيف هذا الكتاب، وأما المتقدمون فمنهم سيدنا الأجل المرتضى فإنه قال بعدما حكى كلام الصدوق: اعلم أن الذي حكيت مما قد اثبتنا قد تكلف ما ليس من شأنه فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه، ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه ولا هو من صناعته ولا يهتدى إلى معرفة لكن الهوى مرد لصاحبه (نعوذ بالله من سلب التوفيق ونسأله العصمة من الضلال ونستهديه في سلوك نهج الحق وواضح السبيل) وقال بعد نقله خبر ذى اليدين: إن هذا الخبر من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا توجب عملا، ومن عمل على شيء منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين، وقد نهى الله تعالى عن اتباع الظن. وقال بعد كلام طويل: ولسنا ننكر ان يغلب النوم الأنبياء عليهم السّلام في أوقات
الصلاة حتى يخرج فيقضونها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولأن النائم لا عيب عليه، وليس كذلك السهو لأنه نقص عن الكمال بالإنسان وهو عيب يختص به من اعتراه، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون إلا من فعل الله فليس من مقدور العباد على حاله ولو كان من مقدورهم لا يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعموم جميع البشر وليس كذلك السهو، ولانه يمكن التحرز منه مولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الأعراض والاسقام، ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يروونه دوو السهو والنسيان من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة والفطنة والذكاء والحذاقة، فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرنا، ولو جاز ان يسهو في صلاته لجاز ان يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في شهر رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ويستدركون عليه الغلط وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه، ولجاز إن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا. ثم ذكر من هذا الباب أمورا كثيرة وقال: ان هذا لا يذهب إليه مسلم ولا غال ولا موحد ولا يجيزه ملحد وهو لازم لمن حكيت عنه فيما أفتى به من سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، ودل على ضعف عقله وسوء اختياره وفساد تخيله. وقال: ثم العجب حكمه بأن سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الله وسهو من سواه من أمته وكافة البشر من غيرها من الشيطان لغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء اللهم إلا أن يدعي الوحي في ذلك ويتبين به ضعف عقله لكافة الألباء. ثم العجب من قوله: «سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الله دون الشيطان لأنه ليس للشيطان على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم سلطان وإنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين» ثم هو يقول: إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر سوى الأنبياء والأئمة عليهم السّلام فكلهم أولياء الشيطان وإنهم غاوون، إذ كان للشيطان عليهم سلطان وكان سهوهم منه دون الرحمن، ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب كان في عداد الأموات إنتهى كلام المرتضى (ره).(1/256)
أقول: هذا الخبر مما وقع فيه التشاجر والنزاع وهو المعركة العظمى بين الصدوق (ره) وبين أكثر علمائنا فإنهم نفوه رأسا وطرحوا الأخبار الدالة عليه وبالغوا في التشنيع عليه، فمن شنع عليه من المتأخرين شيخنا المحقق الشيخ بهاء الدين قال في جملة كلامه: إن نسبة السهو إلى ابن بابويه أولى من نسبتها إليه. وقال أيضا عند قول ابن بابويه وإن وفق الله صنعنا كتابا في كيفية سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: الحمد لله الذي لم يوفقه لتصنيف هذا الكتاب، وأما المتقدمون فمنهم سيدنا الأجل المرتضى فإنه قال بعدما حكى كلام الصدوق: اعلم أن الذي حكيت مما قد اثبتنا قد تكلف ما ليس من شأنه فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه، ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه ولا هو من صناعته ولا يهتدى إلى معرفة لكن الهوى مرد لصاحبه (نعوذ بالله من سلب التوفيق ونسأله العصمة من الضلال ونستهديه في سلوك نهج الحق وواضح السبيل) وقال بعد نقله خبر ذى اليدين: إن هذا الخبر من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ولا توجب عملا، ومن عمل على شيء منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين، وقد نهى الله تعالى عن اتباع الظن. وقال بعد كلام طويل: ولسنا ننكر ان يغلب النوم الأنبياء عليهم السّلام في أوقات
الصلاة حتى يخرج فيقضونها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص لأنه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولأن النائم لا عيب عليه، وليس كذلك السهو لأنه نقص عن الكمال بالإنسان وهو عيب يختص به من اعتراه، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره والنوم لا يكون إلا من فعل الله فليس من مقدور العباد على حاله ولو كان من مقدورهم لا يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعموم جميع البشر وليس كذلك السهو، ولانه يمكن التحرز منه مولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداعه من يعتريه الأعراض والاسقام، ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يروونه دوو السهو والنسيان من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة والفطنة والذكاء والحذاقة، فعلم فرق ما بين السهو والنوم بما ذكرنا، ولو جاز ان يسهو في صلاته لجاز ان يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في شهر رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ويستدركون عليه الغلط وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه، ولجاز إن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا. ثم ذكر من هذا الباب أمورا كثيرة وقال: ان هذا لا يذهب إليه مسلم ولا غال ولا موحد ولا يجيزه ملحد وهو لازم لمن حكيت عنه فيما أفتى به من سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، ودل على ضعف عقله وسوء اختياره وفساد تخيله. وقال: ثم العجب حكمه بأن سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الله وسهو من سواه من أمته وكافة البشر من غيرها من الشيطان لغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء اللهم إلا أن يدعي الوحي في ذلك ويتبين به ضعف عقله لكافة الألباء. ثم العجب من قوله: «سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم من الله دون الشيطان لأنه ليس للشيطان على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم سلطان وإنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين» ثم هو يقول: إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر سوى الأنبياء والأئمة عليهم السّلام فكلهم أولياء الشيطان وإنهم غاوون، إذ كان للشيطان عليهم سلطان وكان سهوهم منه دون الرحمن، ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب كان في عداد الأموات إنتهى كلام المرتضى (ره).
والحق أن الأخبار قد استفاضت في الدلالة على ما ذهب إليه الصدوق وكأنه الأقوى، وقد اشبعنا الكلام والاستدلال على هذا المطب الجليل في شرحنا على تهذيب الحديث، ولكن حيث ذكرناه هنا فلا بأس بالإشارة إلى نبذة مما هناك فتقول: أما تشنيع شيخنا البهائي فهو من جملة مطايباته وظرائفه وتحقيق الوجه ما سيأتي، وأما علم الهدى (طاب ثراه) فهو وإن بالغ في التشنيع ولكنه ليس من عدم
علمه بجلالة الصدوق أو انه يعتقد ويعلم أن ما قاله في شأنه هو الواقع. نعم قد ذهب علماؤنا رضوان الله عليهم إلى تغليط بعضهم بعضا في مسائل الاجتهاد، ومن ذهب منهم إلى حكم من الأحكام تكلم عليه مخالفوه وطعنوا فيه وجرحوه ونسبوه إلى تخبط في القضية والفتوى حتى لا يتابعه أحد في ذلك، ويرون مثله واجبا وقد استثنى من مسائل الغيبة وأدخلوه في الجائز منها، مع أن هذه المسألة مسألة أصولية فكيف لا يطعنون على المخالف لهم فيها، وإلا فالمرتضى ومن شاركه في التشنيع كشيخنا المفيد أعلى الله مقامه قد اعتمدوا على الصدوق (ره) في الأخبار والأحكام ونقلوها عنه واعتمدوا على نقله فكيف يقبلونها منه وينسبونه إلى الخروج من الدين، فليس الوجه فيه إلا ما ذكرناه، وقد شاهدنا مثل هذا من أوثق مشايخنا وأورعهم وأتقاهم وأبعدهم عن الأغراض والمناقشات.(1/257)
والحق أن الأخبار قد استفاضت في الدلالة على ما ذهب إليه الصدوق وكأنه الأقوى، وقد اشبعنا الكلام والاستدلال على هذا المطب الجليل في شرحنا على تهذيب الحديث، ولكن حيث ذكرناه هنا فلا بأس بالإشارة إلى نبذة مما هناك فتقول: أما تشنيع شيخنا البهائي فهو من جملة مطايباته وظرائفه وتحقيق الوجه ما سيأتي، وأما علم الهدى (طاب ثراه) فهو وإن بالغ في التشنيع ولكنه ليس من عدم
علمه بجلالة الصدوق أو انه يعتقد ويعلم أن ما قاله في شأنه هو الواقع. نعم قد ذهب علماؤنا رضوان الله عليهم إلى تغليط بعضهم بعضا في مسائل الاجتهاد، ومن ذهب منهم إلى حكم من الأحكام تكلم عليه مخالفوه وطعنوا فيه وجرحوه ونسبوه إلى تخبط في القضية والفتوى حتى لا يتابعه أحد في ذلك، ويرون مثله واجبا وقد استثنى من مسائل الغيبة وأدخلوه في الجائز منها، مع أن هذه المسألة مسألة أصولية فكيف لا يطعنون على المخالف لهم فيها، وإلا فالمرتضى ومن شاركه في التشنيع كشيخنا المفيد أعلى الله مقامه قد اعتمدوا على الصدوق (ره) في الأخبار والأحكام ونقلوها عنه واعتمدوا على نقله فكيف يقبلونها منه وينسبونه إلى الخروج من الدين، فليس الوجه فيه إلا ما ذكرناه، وقد شاهدنا مثل هذا من أوثق مشايخنا وأورعهم وأتقاهم وأبعدهم عن الأغراض والمناقشات.
وأما قوله: «ان هذا خبر أحاد لا يوجب علما ولا عملا» فالجواب عنه (أما أولا) فلأنه مدار ثبات الأحكام في هذه الأعصار وما سبقها عليه، وذلك أن المرتضى (ره) كان قريب العهد بأعصار أجداده الطاهرين وكانت الأصول الأربعمئة والكتب الخمسة آلاف كلها موجودة عنده، وكان بينه وبين الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام مثلما بين مولانا صاحب الزمان عليه السّلام وبين الإمام موسى الكاظم عليه السّلام من الآباء، وقد كان متمكنا من معرفة الآحاد والمتواتر وبقية الكتب والأصول على هذا الحال إلى زمن ابن إدريس (ره) فلما كان زمانه حصل الضياع في الأصول والكتب بأسباب مختلفة: (منها) أن بعضها دخل خزائن الملوك فلم يخرج منها، و (منها) أن بعض سلاطين الجور وأئمتهم أحرقوا بعضها، و (منها) أن الشيعة لما رأوا هذه الأصول الأربعة مدونة وهي مرتبة وأسهل تناولا من تلك الأصول والكتب أهملوا استعمالها ونسخها الباعث لاستمرارها حتى انتهى الحال الينا فلم نجد في هذا العصر إلا ثلاثين أصلا تقريبا، فصار الإعتماد كله على أخبار الآحاد. (وأما ثانيا) فلأن حكاية سهو النبي صلّى الله عليه واله وسلّم قد روي مما يقارب عشرين سندا وفيها مبالغة وإنكار على من أنكره كما روي عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا عليه السّلام: يابن رسول الله في سواد الكوفة قوم يزعمون أن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم لم يقع عليه السهو في صلاته؟ قال: كذبوا لعنهم الله إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو. وبالجملة فهذا المضمون مرويّ بالطرق الصحيحة والحسان والمؤلفات والمجاهيل والضعاف فإنكاره مشكل.
وأما قوله: «ولسنا ننكر أن يغلب النوم» فيرد عليه انه إذا اعترف بهذا أن يعترف بالمتنازع فيه أما من النقل فلأنّ الأخبار الدالة على حكاية السهو أكثر من
الأخبار الدالة على حكاية النوم وقضاء الصلاة، وأما من جهة العقل فلأن تعيه النقص عن غلبة النوم واثباتها للسهو خلاف طور العقل والعادة، فإنه كما يمكن التحرز من غلبة السهو يمكن التحرز من النوم الكثير المفضي إلى قضاء الصلاة، بل هو هاهنا أمكن فإن الأماكن التي يظن الإنسان غلبة النوم في وقت الصلاة كشدة التعب أو السهر إلى آخر الليل ونحو ذلك يمكنه أن يقصد إنسانا يوقظه ذلك الوقت، كالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنه كان يكثر الأعوان والجنود لما نام بذلك الوادي الذي احتاج فيه إلى قضاء الصلاة بخلاف السهو. فإنه ليس له وقت خاص بتمكن الإنسان من التحرز فيه، وهذا ظاهر غير خفي مع أن كلام الصدوق تابع للأخبار في كون الذي أسهاه هو الله تعالى، وحينئذ فلا فرق بين النوم والسهو في انها فعله سبحانه وتعالى فعلهما في نبيه في موارد خاصة.(1/258)
وأما قوله: «ولسنا ننكر أن يغلب النوم» فيرد عليه انه إذا اعترف بهذا أن يعترف بالمتنازع فيه أما من النقل فلأنّ الأخبار الدالة على حكاية السهو أكثر من
الأخبار الدالة على حكاية النوم وقضاء الصلاة، وأما من جهة العقل فلأن تعيه النقص عن غلبة النوم واثباتها للسهو خلاف طور العقل والعادة، فإنه كما يمكن التحرز من غلبة السهو يمكن التحرز من النوم الكثير المفضي إلى قضاء الصلاة، بل هو هاهنا أمكن فإن الأماكن التي يظن الإنسان غلبة النوم في وقت الصلاة كشدة التعب أو السهر إلى آخر الليل ونحو ذلك يمكنه أن يقصد إنسانا يوقظه ذلك الوقت، كالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنه كان يكثر الأعوان والجنود لما نام بذلك الوادي الذي احتاج فيه إلى قضاء الصلاة بخلاف السهو. فإنه ليس له وقت خاص بتمكن الإنسان من التحرز فيه، وهذا ظاهر غير خفي مع أن كلام الصدوق تابع للأخبار في كون الذي أسهاه هو الله تعالى، وحينئذ فلا فرق بين النوم والسهو في انها فعله سبحانه وتعالى فعلهما في نبيه في موارد خاصة.
وأما قوله: «لأنا وجدنا الحكماء» إلى آخره. فالجواب عنه أن الحكماء إنما يجتنبون إيداع من كثر سهوه وكذلك الفقهاء إنما يجتنبون رواية من غلب عليه السهولا من سهى في مورد خاص وقد كان الباعث له على السهو ذلك الحكيم الذي أودعه، وقوله: «ولو جاز ان يسهو» إلى آخره. فالجواب عنه أن تجويز السهو عليه في الصوم وفيما ذكرت من الأمثلة ان كان رحمة للأمة جوزناه عليه لكنه جائز غير واقع، وإن لم يكن رحمة لأمته مع اشتماله على نوع نقص فلا يجوز خصوص في تبليغ الأحكام، فإن السهو فيها ظاهر النقص وهو ارتفاع الوثوق لوعده ووعيده.
وأما قوله: «ثم العجب» إلى آخره. فلا عجب فيه بعد وروده في الأخبار الصحيحة وحاشا الصدوق من أن يتجرى على هذا الخطب الجليل من غير مدرك يعتمد عليه. وأما تعجبه الأخير فلا يخفي ما فيه، وذلك لأن الصدوق (ره) أراد اقتباس الآية أو هو خبر نقل لفظه من غير إرادة منه لتفسير معنى التولي ومعناه إطاعة الشيطان فيما يلقيه من الوساوس، ومن ذا الذي يخلو من هذا سوى المعصومين عليه السّلام وأما الذين هم به مشركون والغاوون فهم فرق أخرى غير المؤمنين، فكأنه قال: ان سلطان الشيطان على المؤمنين وغيرهم أما المؤمنون فبإلقائه الوساوس ونحوها، وأما غيرهم فهو الإخراج من النور إلى الظلمات مع أنا لا نوافق الصدوق إلا فيما نطق به النص الصحيح وهو اسهاؤه له صلّى الله عليه وآله وسلّم في خصوص الصلاة.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي حدا الأصحاب (رض) على إنكاره هو أمور
ثلاثة: (الأول) الإجماع الذي نقلوه. (الثاني) قولهم إذا تعارض العقل والنقل قدم العقل وأول النقل ان أمكن والا طرح: (الثالث) ما رواه شيخ الطائفه بإسناده إلى ابن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام هل سجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سجدتي السهو قط؟ قال: لا ولا يسجدهما فقيه.(1/259)
إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي حدا الأصحاب (رض) على إنكاره هو أمور
ثلاثة: (الأول) الإجماع الذي نقلوه. (الثاني) قولهم إذا تعارض العقل والنقل قدم العقل وأول النقل ان أمكن والا طرح: (الثالث) ما رواه شيخ الطائفه بإسناده إلى ابن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام هل سجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سجدتي السهو قط؟ قال: لا ولا يسجدهما فقيه.
والجواب: أما عن الأول فهو ممنوع وذلك أن الصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد قد خالفاه صريحا وظاهر كثير من المحدثين الذهاب إليه حيث انهم نقلوا الأخبار الواردة في شأن السهو من غير تعرض منهم لردها فيكون كالموافقة السكوتية منهم، وأما المعاصرون في هذه الأوقات فقد ذهب منهم المحقق الكاشي وبعض مجتهدي العراق إليه (وأما عن الثاني) فقد تقدم القول فيه وان الدليل العقلي لا يقدم مطلقا بل يقدم إذا تأيد بالنقل فيكون من باب تعارض النقلين في الحقيقة، وإلا فالأدلة العقلية غير تامة في أنفسها فضلا عن إثبات الأحكام الشرعية بها. (وأما عن الثالث) فبأن رواية ابن بكير وحاله مشهور فهو لا يعارض الأخبار الصحيحة مع أن القول بظاهره خلاف الوجدان مع أن التأويل جاز فيه بأن يكون المراد انه لم يسجدهما كغيره في الكثرة أو الانتهاء إلى وساوس الشيطان فإن ذلك انتهاء من الرحمن فتأمل في هذا المقام راكبا جواد المرام.
ابطال الدليل العقلي
ومن الكتاب المذكور: قال بعد تقدم كلام يناسب المقام: إذا عرفت هذا كله فاعلم أن هنا بحثا شريفا حققناه في شرحنا على تهذيب الحديث ولا بأس بالإشارة هنا إلى مجمله، وحاصله: إن أكثر الأصحاب قد تبعوا جماعة من مخالفينا من أهل الرأي والقياس ومن أهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها، وطرحوا ما جاءت به الأنبياء عليهم السّلام حيث لم يأت على وفق عقولهم، حتى أنه نقل أن عيسى عليه السّلام لما ادعى أفلاطون إلى التصديق بما جاء به اجاب بأن عيسى رسول إلى ضعفاء العقول وأما أنا وأمثالي فلسنا نحتاج في المعرفة إلى إرسال الأنبياء. والحاصل انهم ما اعتمدوا في شيء من أمورهم إلا على العقل فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا: إنه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي وتأولناه على ما يرجع إلى العقل، ومن هنا تراهم في مسائل الأصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما يخيلون انه دليل عقلي، كقولهم بنفي الإحباط في العمل تعويلا على ما ذكروه في محله من مقدمات لا تفيد ظنا فضلا عن العلم وسنذكرها إن شاء الله
تعالى في أنوار القيامة مع وجود الدلائل من الكتاب والسنة، على أن الإحباط الذي هو الموازنة بين الأعمال واسقاط المتقابلين وابقاء الرجحان حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه، ومثل قولهم: ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى في صلاة قط تعويلا على ما قالوه من انه لو جاز السهو في الصلاة لجاز عليه في الأحكام، مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات والضعفاء والمجاهيل على حصول مثل هذا الإسهاء، وعلل في تلك الروايات بأنه رحمة للأمة لئلا يعبر الناس بعضهم بعضا بالسهو، وسنحقق هذه المسألة في نور من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، إلى غير ذلك من مسائل الأصول. وأما مسائل الفروع فمدارهم على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت إليه الاستحسانات العقلية وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون أولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيدا لها وعاضدا اياها، فيكون المدار والأصل إنما هو العقل. وهذا منظور فيه لأنا نسألهم عن معنى الدليل العقلي الذي جعلوه أصلا في الأصولين وفي الفروع فنقول: إذا أردتم ما كان مقبولا عند عامة العقول فلا يثبت ولا يبقى لكم دليل عقلي وذلك كما تحققت أن العقول مختلفة في مراتب الإدراك وليس لها حد يقف عنده، فمن ثم ترى كلا من اللاحقين يتكلم على دلائل السابقين ويأتي بدلائل أخرى على ما يذهب إليه، ولذلك لا ترى دليلا واحدا مقبولا عند عامة العقلاء والأفاضل، وإن كان المطلوب متحدا فإن جماعة من المحققين قد اعترفوا بأنه لم يتم دليل من الدلائل على إثبات الواجب، وذلك أن الدلائل ذكروها مبنية على بطلان التسلسل ولم يتم برهان على بطلانه فإذا لم يتم دليل على هذا المطلب الجليل الذي توجهت إلى الاستدلال عليه كافة الخلق فكيف يتم على غيره مما توجهت إليه أحاد المحققين؟ وإن كان المراد به ما كان مقبولا بزعم المستدل به واعتقاده فلا يجوز لنا تكفير الحكماء والزنادقة ولا تكفير المعتزلة والأشاعرة ولا الطعن على من ذهب إلى مذهب يخالف ما نحن عليه، وذلك أن أهل كل مذهب اسندوا في تقوية ذلك المذهب إلى دلائل كثيرة من العقل وكانت مقبولة في عقولهم معلومة لهم ولم يعارضها سوى دليل العقل لأهل القول الآخر أو لدلائل النقل، وكلاهما لا يصلح للمعارضة على ما قلتم لأن دليل النقل يجب تأويله ودليل العقل لهذا الشخص لا يكون حجة على غيره لأن عنده مسألة ويجب عليه العمل بذلك. مع أن الأصحاب (رضوان الله عليهم) ذهبوا إلى تكفير الفلاسفة ومن يحذو حذوهم وتفسيق أكثر طوائف المسلمين، وما ذاك إلا لأنهم لم يقبلوا منهم تلك الدلائل ولم يعدوها من دلائل العقل.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت من عدم الاعتماد على الدليل العقلي فلا يكون معتبرا بوجه من الوجوه.(1/260)
ومن الكتاب المذكور: قال بعد تقدم كلام يناسب المقام: إذا عرفت هذا كله فاعلم أن هنا بحثا شريفا حققناه في شرحنا على تهذيب الحديث ولا بأس بالإشارة هنا إلى مجمله، وحاصله: إن أكثر الأصحاب قد تبعوا جماعة من مخالفينا من أهل الرأي والقياس ومن أهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها، وطرحوا ما جاءت به الأنبياء عليهم السّلام حيث لم يأت على وفق عقولهم، حتى أنه نقل أن عيسى عليه السّلام لما ادعى أفلاطون إلى التصديق بما جاء به اجاب بأن عيسى رسول إلى ضعفاء العقول وأما أنا وأمثالي فلسنا نحتاج في المعرفة إلى إرسال الأنبياء. والحاصل انهم ما اعتمدوا في شيء من أمورهم إلا على العقل فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا: إنه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي وتأولناه على ما يرجع إلى العقل، ومن هنا تراهم في مسائل الأصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما يخيلون انه دليل عقلي، كقولهم بنفي الإحباط في العمل تعويلا على ما ذكروه في محله من مقدمات لا تفيد ظنا فضلا عن العلم وسنذكرها إن شاء الله
تعالى في أنوار القيامة مع وجود الدلائل من الكتاب والسنة، على أن الإحباط الذي هو الموازنة بين الأعمال واسقاط المتقابلين وابقاء الرجحان حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه، ومثل قولهم: ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى في صلاة قط تعويلا على ما قالوه من انه لو جاز السهو في الصلاة لجاز عليه في الأحكام، مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات والضعفاء والمجاهيل على حصول مثل هذا الإسهاء، وعلل في تلك الروايات بأنه رحمة للأمة لئلا يعبر الناس بعضهم بعضا بالسهو، وسنحقق هذه المسألة في نور من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، إلى غير ذلك من مسائل الأصول. وأما مسائل الفروع فمدارهم على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت إليه الاستحسانات العقلية وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون أولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيدا لها وعاضدا اياها، فيكون المدار والأصل إنما هو العقل. وهذا منظور فيه لأنا نسألهم عن معنى الدليل العقلي الذي جعلوه أصلا في الأصولين وفي الفروع فنقول: إذا أردتم ما كان مقبولا عند عامة العقول فلا يثبت ولا يبقى لكم دليل عقلي وذلك كما تحققت أن العقول مختلفة في مراتب الإدراك وليس لها حد يقف عنده، فمن ثم ترى كلا من اللاحقين يتكلم على دلائل السابقين ويأتي بدلائل أخرى على ما يذهب إليه، ولذلك لا ترى دليلا واحدا مقبولا عند عامة العقلاء والأفاضل، وإن كان المطلوب متحدا فإن جماعة من المحققين قد اعترفوا بأنه لم يتم دليل من الدلائل على إثبات الواجب، وذلك أن الدلائل ذكروها مبنية على بطلان التسلسل ولم يتم برهان على بطلانه فإذا لم يتم دليل على هذا المطلب الجليل الذي توجهت إلى الاستدلال عليه كافة الخلق فكيف يتم على غيره مما توجهت إليه أحاد المحققين؟ وإن كان المراد به ما كان مقبولا بزعم المستدل به واعتقاده فلا يجوز لنا تكفير الحكماء والزنادقة ولا تكفير المعتزلة والأشاعرة ولا الطعن على من ذهب إلى مذهب يخالف ما نحن عليه، وذلك أن أهل كل مذهب اسندوا في تقوية ذلك المذهب إلى دلائل كثيرة من العقل وكانت مقبولة في عقولهم معلومة لهم ولم يعارضها سوى دليل العقل لأهل القول الآخر أو لدلائل النقل، وكلاهما لا يصلح للمعارضة على ما قلتم لأن دليل النقل يجب تأويله ودليل العقل لهذا الشخص لا يكون حجة على غيره لأن عنده مسألة ويجب عليه العمل بذلك. مع أن الأصحاب (رضوان الله عليهم) ذهبوا إلى تكفير الفلاسفة ومن يحذو حذوهم وتفسيق أكثر طوائف المسلمين، وما ذاك إلا لأنهم لم يقبلوا منهم تلك الدلائل ولم يعدوها من دلائل العقل.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت من عدم الاعتماد على الدليل العقلي فلا يكون معتبرا بوجه من الوجوه.(1/261)
ومن الكتاب المذكور: قال بعد تقدم كلام يناسب المقام: إذا عرفت هذا كله فاعلم أن هنا بحثا شريفا حققناه في شرحنا على تهذيب الحديث ولا بأس بالإشارة هنا إلى مجمله، وحاصله: إن أكثر الأصحاب قد تبعوا جماعة من مخالفينا من أهل الرأي والقياس ومن أهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها، وطرحوا ما جاءت به الأنبياء عليهم السّلام حيث لم يأت على وفق عقولهم، حتى أنه نقل أن عيسى عليه السّلام لما ادعى أفلاطون إلى التصديق بما جاء به اجاب بأن عيسى رسول إلى ضعفاء العقول وأما أنا وأمثالي فلسنا نحتاج في المعرفة إلى إرسال الأنبياء. والحاصل انهم ما اعتمدوا في شيء من أمورهم إلا على العقل فتابعهم بعض أصحابنا وإن لم يعترفوا بالمتابعة فقالوا: إنه إذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلي وتأولناه على ما يرجع إلى العقل، ومن هنا تراهم في مسائل الأصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما يخيلون انه دليل عقلي، كقولهم بنفي الإحباط في العمل تعويلا على ما ذكروه في محله من مقدمات لا تفيد ظنا فضلا عن العلم وسنذكرها إن شاء الله
تعالى في أنوار القيامة مع وجود الدلائل من الكتاب والسنة، على أن الإحباط الذي هو الموازنة بين الأعمال واسقاط المتقابلين وابقاء الرجحان حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه، ومثل قولهم: ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى في صلاة قط تعويلا على ما قالوه من انه لو جاز السهو في الصلاة لجاز عليه في الأحكام، مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات والضعفاء والمجاهيل على حصول مثل هذا الإسهاء، وعلل في تلك الروايات بأنه رحمة للأمة لئلا يعبر الناس بعضهم بعضا بالسهو، وسنحقق هذه المسألة في نور من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، إلى غير ذلك من مسائل الأصول. وأما مسائل الفروع فمدارهم على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت إليه الاستحسانات العقلية وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون أولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيدا لها وعاضدا اياها، فيكون المدار والأصل إنما هو العقل. وهذا منظور فيه لأنا نسألهم عن معنى الدليل العقلي الذي جعلوه أصلا في الأصولين وفي الفروع فنقول: إذا أردتم ما كان مقبولا عند عامة العقول فلا يثبت ولا يبقى لكم دليل عقلي وذلك كما تحققت أن العقول مختلفة في مراتب الإدراك وليس لها حد يقف عنده، فمن ثم ترى كلا من اللاحقين يتكلم على دلائل السابقين ويأتي بدلائل أخرى على ما يذهب إليه، ولذلك لا ترى دليلا واحدا مقبولا عند عامة العقلاء والأفاضل، وإن كان المطلوب متحدا فإن جماعة من المحققين قد اعترفوا بأنه لم يتم دليل من الدلائل على إثبات الواجب، وذلك أن الدلائل ذكروها مبنية على بطلان التسلسل ولم يتم برهان على بطلانه فإذا لم يتم دليل على هذا المطلب الجليل الذي توجهت إلى الاستدلال عليه كافة الخلق فكيف يتم على غيره مما توجهت إليه أحاد المحققين؟ وإن كان المراد به ما كان مقبولا بزعم المستدل به واعتقاده فلا يجوز لنا تكفير الحكماء والزنادقة ولا تكفير المعتزلة والأشاعرة ولا الطعن على من ذهب إلى مذهب يخالف ما نحن عليه، وذلك أن أهل كل مذهب اسندوا في تقوية ذلك المذهب إلى دلائل كثيرة من العقل وكانت مقبولة في عقولهم معلومة لهم ولم يعارضها سوى دليل العقل لأهل القول الآخر أو لدلائل النقل، وكلاهما لا يصلح للمعارضة على ما قلتم لأن دليل النقل يجب تأويله ودليل العقل لهذا الشخص لا يكون حجة على غيره لأن عنده مسألة ويجب عليه العمل بذلك. مع أن الأصحاب (رضوان الله عليهم) ذهبوا إلى تكفير الفلاسفة ومن يحذو حذوهم وتفسيق أكثر طوائف المسلمين، وما ذاك إلا لأنهم لم يقبلوا منهم تلك الدلائل ولم يعدوها من دلائل العقل.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت من عدم الاعتماد على الدليل العقلي فلا يكون معتبرا بوجه من الوجوه.
قلت: بل الدليل العقلي ينبغي تقسيمه إلى أقسام ثلاثة (الأول) ما كان بديهيا ظاهرا في البداهة ولا يعارضه آخر، مثل الواحد نصف الإثنين وباقي درجته من البديهيات. (الثاني) ما كان دليلا عقليا عارضه نقلي إلا أن يكون ذلك العقلي قد يعارضه نقل آخر، فهذا أيضا ترجيح على الدليل النقلي عند التعارض، وكذا التعارض في الحقيقة إنما هو بين النقليات وذلك كما دل الدليل العقلي على أنه تعالى ليس في مكان ودل قوله تعالى: {الرَّحْمََنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ََ} على المكان ظاهرا فيجب ترجيح ذلك العقلي لتأيده بالنقليات الدالة على أنه تعالى منزه عن الكون والمكان: (الثالث) ما تعارض فيه محض العقل والنقل من غير تأييد بالنقل فهذا لا يرجح فيه العقل بل نعمل بالنقل. ولا تستغرب مثل هذا فإنه مدلول الأخبار الصحيحة الصريحة فيه، وذلك أنهم عليه السّلام نهوا عن الاعتماد على العقول لانها ضعيفه لا تدرك الأحكام ولا عللها، وما حصل محقق الأصحاب (رض) دلائلهم العقلية إلا بسبب ورود النقل بمضمونها فأيدوا النقل بذلك الدليل، لكنهم في كثير من المواضع يهملون مثل هذا ويعولون على العقل ويطرحون النقل لأجله
وقبل هذا الكلام: قال ما لفظه: قال الرازي: هذه الأشياء المسماة بالبراهين لو كانت في أنفسها براهين لكان كل من سمعها ووقف عليها وجب أن يقبلها وان لا ينكرها أصلا، وحيث نرى أن الذي يسميه أحد الخصمين برهانا فإن الخصم الثاني يسمعه ويعرفه ولا يفيد له ظنا ضعيفا علمنا أن هذه الأشياء ليست في أنفسها براهين بل هي مقدمات ضعيفة انضافت العصبية والمحبة لها فتخيل بعضهم كونها برهانا، مع أن الأمر في نفسه ليس كذلك. وأيضا فالشبه يحتج على القول بالتشبيه بحجة ويزعم أن تلك الحجة أفادته الجزم واليقين، فأما أن يقال: إن كل واحد من هاتين الحجتين صحيحة يقينية فحينئذ يلزم صدق النقيضين وهو باطل، وأما أن يقال: إن إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة إلا انه متى كان الأمر كذلك كانت مقدمة واحدة من مقدمات تلك الحجة باطلة في نفسها، مع أن الذي تمسك بتلك الحجة جزم بصحة تلك المقدمة ابتداء، فهذا يدل على أن العقل يجزم بصحة الفاسد ابتداء، فإذا كان كذلك كان العقل غير مقبول القول في البديهيات، وإذا كان كذلك فحينئذ تفسد جميع الدلائل. فإن قالوا: العقل إنما جزم بصحة ذلك الفاسد لشبهة متقدمة، فنقول: قد حصل في تلك الشبهة المتقدمة مقدمة فاسدة فإن كان
ذلك لشبهة أخرى لزم التسلسل وان كان ابتداء فقد توجه الطعن أيضا، فإنا نرى الدلائل القوية في بعض المسائل العقلية متعارضة مثل مسألة الجوهر الفرد فإنا نقول كل متحيز فإن يمينه عن يساره وكلما كان كذلك فهو منقسم ينتج أن كل متحيز منقسم، ثم نقول الآن لم يكن كله حاضرا بل بعضه وإذا كان غير منقسم كان أول عدمه في آن آخر متصل بآن وجوده فلزم تتالي الآنات ويلزم منه كون الجسم مركبا من اجزاء لا تتجزأ، فهذان الدليلان متعارضان ولا نجد جوابا شافيا عن احدهما ونعلم أن أحد الكلامين مشتمل على مقدمة باطلة وقد جزم العقل بصحتها أبدا فصار العقل مطعونا ثم أخذ في تفصيل هذه الوجوه بكلام طويل.(1/262)
وقبل هذا الكلام: قال ما لفظه: قال الرازي: هذه الأشياء المسماة بالبراهين لو كانت في أنفسها براهين لكان كل من سمعها ووقف عليها وجب أن يقبلها وان لا ينكرها أصلا، وحيث نرى أن الذي يسميه أحد الخصمين برهانا فإن الخصم الثاني يسمعه ويعرفه ولا يفيد له ظنا ضعيفا علمنا أن هذه الأشياء ليست في أنفسها براهين بل هي مقدمات ضعيفة انضافت العصبية والمحبة لها فتخيل بعضهم كونها برهانا، مع أن الأمر في نفسه ليس كذلك. وأيضا فالشبه يحتج على القول بالتشبيه بحجة ويزعم أن تلك الحجة أفادته الجزم واليقين، فأما أن يقال: إن كل واحد من هاتين الحجتين صحيحة يقينية فحينئذ يلزم صدق النقيضين وهو باطل، وأما أن يقال: إن إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة إلا انه متى كان الأمر كذلك كانت مقدمة واحدة من مقدمات تلك الحجة باطلة في نفسها، مع أن الذي تمسك بتلك الحجة جزم بصحة تلك المقدمة ابتداء، فهذا يدل على أن العقل يجزم بصحة الفاسد ابتداء، فإذا كان كذلك كان العقل غير مقبول القول في البديهيات، وإذا كان كذلك فحينئذ تفسد جميع الدلائل. فإن قالوا: العقل إنما جزم بصحة ذلك الفاسد لشبهة متقدمة، فنقول: قد حصل في تلك الشبهة المتقدمة مقدمة فاسدة فإن كان
ذلك لشبهة أخرى لزم التسلسل وان كان ابتداء فقد توجه الطعن أيضا، فإنا نرى الدلائل القوية في بعض المسائل العقلية متعارضة مثل مسألة الجوهر الفرد فإنا نقول كل متحيز فإن يمينه عن يساره وكلما كان كذلك فهو منقسم ينتج أن كل متحيز منقسم، ثم نقول الآن لم يكن كله حاضرا بل بعضه وإذا كان غير منقسم كان أول عدمه في آن آخر متصل بآن وجوده فلزم تتالي الآنات ويلزم منه كون الجسم مركبا من اجزاء لا تتجزأ، فهذان الدليلان متعارضان ولا نجد جوابا شافيا عن احدهما ونعلم أن أحد الكلامين مشتمل على مقدمة باطلة وقد جزم العقل بصحتها أبدا فصار العقل مطعونا ثم أخذ في تفصيل هذه الوجوه بكلام طويل.
وقال: الإمام الرازي:
نهاية أقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها ... رجال فزالوا والجبال جبال
الصوم لي وأنا أجزي به
ومن الكتاب المذكور: جاء في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، وهذا الحديث لا يخلو من الإشكال حيث أن ظاهره التفضيل على الصلاة مع أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «أفضل أعمالكم الصلاة» ومن هنا تصدى المحققون لتأويله فذكروا وجوها: منها: انه اختص بترك الشهوات والملاذ في الفرج والبطن، وذلك أمر عظيم يوجب التشريف. وأجيب بالمعارضة بالجهاد فإن فيه ترك الحياة فضلا عن الشهوات، وبالحج اذ فيه الإحرام ومتروكاته كثيرة.
ومنها: إنه أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه فلذلك شرف بخلاف الصلاة والجهاد وغيرهما. واجيب بأن الإيمان والإخلاص وأقوال القلب الحسية خفية مع تناول الحديث اياها، ومنها: أن خلاء الجوف تشبيه بأجل صفات الربوبية. وفيه أن العلم الذاتي وكذلك الإحسان إلى المؤمنين وتعظيم الأولياء والصالحين كل ذلك فيه التخلق والتشبيه بصفات الله تعالى. ومنها: أن جميع العبادات وقع التقرب بها إلى غير الله إلا الصوم فإنه لم يتقرب به إلا لله وحده. ويجيب أنه يفعله استخدام الكواكب ومنها: أن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بواسطة ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع ولذلك قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا تدخل الحكمة جوفا مليئا طعاما»
وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الإنسانية. واجيب بأن سائر العبادات إذا واظب عليها الإنسان أورثت ذلك وخصوصا الصلاة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا} وقال تعالى: {اتَّقُوا اللََّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}. قال بعضهم: لم أر فيه فرقا تقربه العين ويسكن إليه القلب، وقال شيخنا الشهيد (قده): ولقائل أن يقول: هب أن لكل واحد من هذه الأجوبة مدخولا بما ذكر فلم لا يكون مجموعها هو الفارق فإنه لا يجتمع فيه هذه الأمور المذكورة لغير الصوم وهذا أصح، ومنها: أن الله تعالى قد جعل لكل عبادة جزاء مذكورا مقرا سوى الصوم كذلك خيط هذا الثوب بكذا وذاك بكذا وهذا الثوب جعل مقدار إجرته إلي ولا يلزم منه أن يكون أفضل من غيره فتأمل.(1/263)
ومنها: إنه أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه فلذلك شرف بخلاف الصلاة والجهاد وغيرهما. واجيب بأن الإيمان والإخلاص وأقوال القلب الحسية خفية مع تناول الحديث اياها، ومنها: أن خلاء الجوف تشبيه بأجل صفات الربوبية. وفيه أن العلم الذاتي وكذلك الإحسان إلى المؤمنين وتعظيم الأولياء والصالحين كل ذلك فيه التخلق والتشبيه بصفات الله تعالى. ومنها: أن جميع العبادات وقع التقرب بها إلى غير الله إلا الصوم فإنه لم يتقرب به إلا لله وحده. ويجيب أنه يفعله استخدام الكواكب ومنها: أن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بواسطة ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع ولذلك قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا تدخل الحكمة جوفا مليئا طعاما»
وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الإنسانية. واجيب بأن سائر العبادات إذا واظب عليها الإنسان أورثت ذلك وخصوصا الصلاة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جََاهَدُوا فِينََا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنََا} وقال تعالى: {اتَّقُوا اللََّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}. قال بعضهم: لم أر فيه فرقا تقربه العين ويسكن إليه القلب، وقال شيخنا الشهيد (قده): ولقائل أن يقول: هب أن لكل واحد من هذه الأجوبة مدخولا بما ذكر فلم لا يكون مجموعها هو الفارق فإنه لا يجتمع فيه هذه الأمور المذكورة لغير الصوم وهذا أصح، ومنها: أن الله تعالى قد جعل لكل عبادة جزاء مذكورا مقرا سوى الصوم كذلك خيط هذا الثوب بكذا وذاك بكذا وهذا الثوب جعل مقدار إجرته إلي ولا يلزم منه أن يكون أفضل من غيره فتأمل.
وأما قوله: أجري به على صيغة المعلوم ومعناه مضاعفة الجزاء من غير عدد وحساب، لأن الكريم إذا تولى بنفسه الجزاء اقتضى عطيته وسعته، وتقديم الضمير للتخصيص أو للتأكيد والأول أنسب بالسياق أي أنا أجزي به لا غيري بخلاف باقي العبادات فإن جزاءها قد يفوض إلى الملائكة. وذهب شيخنا المعاصر إلى أن أجزي من باب المجهول، والمعنى أن عبادي لا يجازوني على نعمائي بمثل الصوم وهو كما ترى إنتهى.
كفر تارك الصلاة
ومن الكتاب المذكور قال: بعد الكلام في كفر تارك الصلاة للحديث الوارد فيه ما صورته: بقي الكلام في جواز اطلاق الكافر على تارك الصلاة استخفافا وتهاونا وعلى تارك الحج ونحوهما مما ورد في الروايات إطلاق هذا اللفظ عليه، وهو لا يخلو من إشكال وذلك أن كثيرا من الأحكام ورد في الروايات لها حكم ولا نقدر نحن على إطلاق ذلك الحكم أو اللفظ على من أطلق، مثلا ورد «من بات وحده في بيت فهو ملعون» و «من سافر وحده فهو ملعون» و «من أكل زاده وحده فهو ملعون» إلى غير ذلك، ولا يجوز لنا لعن من أتى شيئا من هذه الأمور، وذلك أنه يجوز أن يكون الشارع أطلق عليه مثل هذه الألفاظ وتلك تغليظا عليه حتى لا يقدم على ارتكاب تلك الأمور المنهي عنها كما ورد عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «لو شهدت جنازة شارب الخمر لما صليت عليه» مع وجوبها عليه إجماعا، ولما مات رجل من أصحابه مديون وحضر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جنازته ما صلى عليه حتى ضمن دينه أمير المؤمنين عليه السّلام، وروي انه هم بإحراق جماعة ما كانوا يحضرون الجماعة معه
وقد كانوا يصلون في بيوتهم إلى غير ذلك، وذلك أن صاحب الشرع يجوز له السياسات في الأفعال والأقوال حتى يرتدع الخلائق من أول الأمر عن ذلك القبيح.(1/264)
ومن الكتاب المذكور قال: بعد الكلام في كفر تارك الصلاة للحديث الوارد فيه ما صورته: بقي الكلام في جواز اطلاق الكافر على تارك الصلاة استخفافا وتهاونا وعلى تارك الحج ونحوهما مما ورد في الروايات إطلاق هذا اللفظ عليه، وهو لا يخلو من إشكال وذلك أن كثيرا من الأحكام ورد في الروايات لها حكم ولا نقدر نحن على إطلاق ذلك الحكم أو اللفظ على من أطلق، مثلا ورد «من بات وحده في بيت فهو ملعون» و «من سافر وحده فهو ملعون» و «من أكل زاده وحده فهو ملعون» إلى غير ذلك، ولا يجوز لنا لعن من أتى شيئا من هذه الأمور، وذلك أنه يجوز أن يكون الشارع أطلق عليه مثل هذه الألفاظ وتلك تغليظا عليه حتى لا يقدم على ارتكاب تلك الأمور المنهي عنها كما ورد عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «لو شهدت جنازة شارب الخمر لما صليت عليه» مع وجوبها عليه إجماعا، ولما مات رجل من أصحابه مديون وحضر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جنازته ما صلى عليه حتى ضمن دينه أمير المؤمنين عليه السّلام، وروي انه هم بإحراق جماعة ما كانوا يحضرون الجماعة معه
وقد كانوا يصلون في بيوتهم إلى غير ذلك، وذلك أن صاحب الشرع يجوز له السياسات في الأفعال والأقوال حتى يرتدع الخلائق من أول الأمر عن ذلك القبيح.
درجات الإيمان
خاتمة هذا الكلام: قد عرفت أن للإيمان درجات وأحوالا، وينبغي أن تعلم أيضا انه قد ورد الخلاف بين علماء الإسلام في حقيقة الإيمان والمذاهب فيه ثمانية: الأول: إنه التصديق القلبي بما علم ثبوته من الدين ضرورة كالدين والنبوة والبعث وهذا هو مذهب جمهور الاشاعرة، الثاني: ضم التصديق اللساني إليه، وهو مذهب الحنفية وعليه أكثر أصحابنا، الثالث: ما ذهب إليه الكرامية من أنه تصديق اللسان وحده، الرابع: إضافة الأعمال إلى ما تقدم، وهو قول المعتزلة والخوارج وبعض علمائنا، الخامس: ما ذهب إليه الجهم بن صفوان من أنه المعرفة بالله تعالى، السادس: إنه معرفة الله تعالى وما جاء به الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم إجمالا، وإليه صار بعض علماء الجمهور، السابع: إنه الطاعة المفترضة من الأفعال والتروك دون النوافل وعليه الجبائيان، الثامن: إنه الطاعات كلها فرائضها ونوافلها.
والذي يفهم من تتبع كلام الطاهرين عليهم السّلام أن النزاع الواقع بين أهل الملل لفظي، وذلك انه قد ورد في الأخبار اطلاق الإيمان على أمور متفاوتة ودرجات متبانية وكل واحد من تلك الأقوال الثمانية تندرج في اطلاق من تلك الإطلاقات:
(منها) إطلاقه على ما يرادف الإسلام فيتناول بهذا الإطلاق جميع المسلمين، وهو بهذا المعنى كثير الوقوع في الكتاب والسنة ولا فائدة له سوى حقن الدماء وحفظ الأموال في الدنيا واما صاحبه في الآخرة فهو مخلد في النار بالإجماع (ومنها) اطلاقه على التصديق القلبي والإقرار باللسان كما يكون في فساق المؤمنين الذين أصروا على ترك الأعمال، وفائدته الأخرى أن لا يخلد في النار وأما أصل الدخول فقد اختلف فيه لاختلاف الأخبار ومدلول الكثير منها أن مثل هذا المؤمن يدخل النار لكنه لا يخلد فيها (ومنها) اطلاقه على ما ذكر مع ترك الكبائر وفعل الفرائض التي يكون تركها فريضة كالصلاة والزكاة والحج، وعلى هذا قد دلت الأخبار الكثيرة وغايته دخول الجنة، وقد عرفت أن ما روي من أن تارك الصلاة والحج فالمراد بكفره خروجه عن هذه المرتبة (ومنها) إطلاقه على جميع الاعتقادات مع الاتيان بالواجبات وترك المحرمات، ويترتب عليه مع ما سبق رفع الدرجات والإقبال عليه بالكرامات، وقد تحققت أيضا أن ما ورد أيضا أن من فعل محرما من المحرمات خرج من الإيمان يكون المراد خروجه عن هذه المرتبة (ومنها) إطلاقه
على ما ذكر مع الإتيان بالمستحبات وترك سائر المكروهات، وفائدته تضاعف الدرجات، وما روي من أن من يؤمن بالله فلا ينامن وحده أو فلا يأكل وحده أو لا يبعث بحليلته إلى الحمام منزل هذه على الدرجة من الإيمان (ومنها) إطلاقه على ما ذكر مع التوجه بكله إلى عالم الملكوت وصرف الوقت في الإقبال على جنابه سبحانه وتعالى، وهذا هو الإيمان الكامل الذي لما وصفه عليه السّلام لهمام لم يطق سماعه بل غشي عليه، وهذه المرتبة ينافيها فعل المباحات ومن هذا تاب الأنبياء والائمة عليهم السّلام مما فيها من الأفعال وعدوها ذنوبا كما قال عليه السّلام: حسنات الأبرار سيئات المقربين.(1/265)
(منها) إطلاقه على ما يرادف الإسلام فيتناول بهذا الإطلاق جميع المسلمين، وهو بهذا المعنى كثير الوقوع في الكتاب والسنة ولا فائدة له سوى حقن الدماء وحفظ الأموال في الدنيا واما صاحبه في الآخرة فهو مخلد في النار بالإجماع (ومنها) اطلاقه على التصديق القلبي والإقرار باللسان كما يكون في فساق المؤمنين الذين أصروا على ترك الأعمال، وفائدته الأخرى أن لا يخلد في النار وأما أصل الدخول فقد اختلف فيه لاختلاف الأخبار ومدلول الكثير منها أن مثل هذا المؤمن يدخل النار لكنه لا يخلد فيها (ومنها) اطلاقه على ما ذكر مع ترك الكبائر وفعل الفرائض التي يكون تركها فريضة كالصلاة والزكاة والحج، وعلى هذا قد دلت الأخبار الكثيرة وغايته دخول الجنة، وقد عرفت أن ما روي من أن تارك الصلاة والحج فالمراد بكفره خروجه عن هذه المرتبة (ومنها) إطلاقه على جميع الاعتقادات مع الاتيان بالواجبات وترك المحرمات، ويترتب عليه مع ما سبق رفع الدرجات والإقبال عليه بالكرامات، وقد تحققت أيضا أن ما ورد أيضا أن من فعل محرما من المحرمات خرج من الإيمان يكون المراد خروجه عن هذه المرتبة (ومنها) إطلاقه
على ما ذكر مع الإتيان بالمستحبات وترك سائر المكروهات، وفائدته تضاعف الدرجات، وما روي من أن من يؤمن بالله فلا ينامن وحده أو فلا يأكل وحده أو لا يبعث بحليلته إلى الحمام منزل هذه على الدرجة من الإيمان (ومنها) إطلاقه على ما ذكر مع التوجه بكله إلى عالم الملكوت وصرف الوقت في الإقبال على جنابه سبحانه وتعالى، وهذا هو الإيمان الكامل الذي لما وصفه عليه السّلام لهمام لم يطق سماعه بل غشي عليه، وهذه المرتبة ينافيها فعل المباحات ومن هذا تاب الأنبياء والائمة عليهم السّلام مما فيها من الأفعال وعدوها ذنوبا كما قال عليه السّلام: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ويدل على تنوع الإيمان ما رواه شيخنا الكليني (قدس سره) بإسناده إلى الزبيري عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قلت له: أخبرني أيها العالم أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلا به، قلت: وما هو؟ قال: الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها خطا، قلت: الا تخبرني عن الإيمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الإيمان عمل والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بيّن في كتاب واضح نوره ثابتة حجته يشهد له الكتاب ويدعو إليه، قال قلت: صفه لي جعلت فداك، قال: الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: ان الإيمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لأن الله تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها فمنها قلبه الذي يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره وساق الحديث وذكر فيه تكاليف الأعضاء كلها، والحديث طويل ويفيد ما تقدم توضيحا إنه وقع في كلام الطاهرين عليهم السّلام بتشبيه الإيمان بشخص مشتمل على جميع ما في غيره من الأعضاء والجوارح والمزيات والمحسنات فمن تلك الأعضاء يكون قوام ذلك الشخص ووجوده به كالرأس والقلب وبأزائهما من الإيمان التصديق القلبي والإقرار اللساني (ومنها) ما يكون لجلب منافعه ودفع مضاره لا أصل وجوده، كاليدين والرجلين ونحوهما بأزائهما من الإيمان فعل الواجبات وترك المحرمات (ومنها) ما يكون له مدخل في تحسين صورة الشخص وتزيينها كالحاجبين وأهداب العينين ونحوهما. وبأزائه من الإيمان فعل المستحبات وترك المكروهات. وإلى هذا ينظر قول سيد الساجدين عليه السّلام في دعائه: وحلني بحلية المتقين.
وأما تزايده ونقصانه مما جاء في ذلك فإنما يجيء من تزايد الأعمال ونقصانها، وذلك انه قد ورد في الأحاديث تشبيه الإيمان بالعين النابعة، ولا ريب أن زيادة ماء العين ونقصانها إنما يكون بتشريع الأنهار وشقها منه حتى يخرج منها الماء على وجه الأرض فلا تعفيها الرياح، فكذلك عين الإيمان النابعة من القلب تحتاج إلى تشريع أنهار تجري منها على الجوارح والأعضاء، فإن كل عضو من الأعضاء بمنزلة نهر من أنهار العين. وأيضا العين تحتاج في كل زمان إلى تنقيتها من الحمّاء المفسدة وما يعرض بها يتطاول الأيام، وكذلك عين الإيمان تحتاج إلى التنقية مما يفسدها من حمى الحسد والنفاق والرياء والكبر والعجب حتى يصفو ماؤها فيبلغ بها الصفاء إلى قوله: «ولو كشف الغطاء لما ازددت يقينا».(1/266)
ويدل على تنوع الإيمان ما رواه شيخنا الكليني (قدس سره) بإسناده إلى الزبيري عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: قلت له: أخبرني أيها العالم أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلا به، قلت: وما هو؟ قال: الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها خطا، قلت: الا تخبرني عن الإيمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الإيمان عمل والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بيّن في كتاب واضح نوره ثابتة حجته يشهد له الكتاب ويدعو إليه، قال قلت: صفه لي جعلت فداك، قال: الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: ان الإيمان ليتم ويزيد وينقص؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لأن الله تعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها فمنها قلبه الذي يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره وساق الحديث وذكر فيه تكاليف الأعضاء كلها، والحديث طويل ويفيد ما تقدم توضيحا إنه وقع في كلام الطاهرين عليهم السّلام بتشبيه الإيمان بشخص مشتمل على جميع ما في غيره من الأعضاء والجوارح والمزيات والمحسنات فمن تلك الأعضاء يكون قوام ذلك الشخص ووجوده به كالرأس والقلب وبأزائهما من الإيمان التصديق القلبي والإقرار اللساني (ومنها) ما يكون لجلب منافعه ودفع مضاره لا أصل وجوده، كاليدين والرجلين ونحوهما بأزائهما من الإيمان فعل الواجبات وترك المحرمات (ومنها) ما يكون له مدخل في تحسين صورة الشخص وتزيينها كالحاجبين وأهداب العينين ونحوهما. وبأزائه من الإيمان فعل المستحبات وترك المكروهات. وإلى هذا ينظر قول سيد الساجدين عليه السّلام في دعائه: وحلني بحلية المتقين.
وأما تزايده ونقصانه مما جاء في ذلك فإنما يجيء من تزايد الأعمال ونقصانها، وذلك انه قد ورد في الأحاديث تشبيه الإيمان بالعين النابعة، ولا ريب أن زيادة ماء العين ونقصانها إنما يكون بتشريع الأنهار وشقها منه حتى يخرج منها الماء على وجه الأرض فلا تعفيها الرياح، فكذلك عين الإيمان النابعة من القلب تحتاج إلى تشريع أنهار تجري منها على الجوارح والأعضاء، فإن كل عضو من الأعضاء بمنزلة نهر من أنهار العين. وأيضا العين تحتاج في كل زمان إلى تنقيتها من الحمّاء المفسدة وما يعرض بها يتطاول الأيام، وكذلك عين الإيمان تحتاج إلى التنقية مما يفسدها من حمى الحسد والنفاق والرياء والكبر والعجب حتى يصفو ماؤها فيبلغ بها الصفاء إلى قوله: «ولو كشف الغطاء لما ازددت يقينا».
واعلم انه قد ظهر من التحقيق السابق أن النزاع لفظي، وذلك ان للإيمان مراتب فكل واحد من الأقوال الثمانية عبارة عن درجة من درجات الإيمان. نعم يمكن أن يكون النزاع معنويا في صورة من الصور وهي ما روي في قضاء حوائج المؤمن ومواساته وإعانته وزيارته ونحو ذلك فإن المراد بهذا المؤمن صاحب أي درجة من الدرجات الإيمانية؟ قال شيخنا المعاصر (أدام الله أيامه): المراد به من الصمت وترك الكبائر إلى حسن اعتقاده وكذلك لأن الفاسق لا جرعة له عند الله حتى يرغب في قضاء حوائجه كل ذلك الترغيب، وهو كما قال لكن يبقي الكلام في أن من علم منه الفسق أمس يحكم عليه اليوم بأنه فاسق أم لا؟ ذهب أكثر الأصوليين إلى الأول عملا بالاستصحاب والمستفاد من تتبع الأخبار عدم جواز الحكم عليه بالفسق الماضي، وذلك أن التوبة قائمة الاحتمال في كل ساعة فيجوز أن يكون قد تاب عن ذلك الذنب، ويؤيد هذا ما ورد في صلاة الأموات من قوله عليه السّلام: «اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا» وذلك أن الفاسق قد علم منه غير الخير فما وجه هذا الدعاء حينئذ؟ وأجاب عنه المحقق بما ذكرنا وهو أن احتمال التوبة قائمة فلعله قد تاب عن ذلك القبيح والإيمان منه معلوم فخيره معلوم وشره غير معلوم لأن أدنى الحال أن يشك في توبته وإذا قام الشك بطل العلم.
في حل أخبار مشكلة
ومنه أيضا: ومن الأخبار قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «لا يموت لمؤمن ثلاثة من الأولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم» وفي حله وجوه: (الأول) أن العرب إذا أرادوا تقليل مكث الشيء وتقصي مدته شبهوه بتحليل القسم، وذلك أن يقول الرجل بعد حلفه
إن شاء الله فيقولون: «ما يقم فلان عندنا إلا تحلة القسم» ومعناه لا تمسه النار إلا قليلا (الثاني) ما قاله بعضهم من أن لا زائدة دخلت للتوكيد وتحلة اليمين منصوب على الوقت والزمان ومعناه تمسه النار وقت تحلة القسم وإلا زائده (الثالث) وهو الأظهر أن القسم إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا كََانَ عَلى ََ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} فمعناه انه لا يرد النار إلا بمقدار ما يبرأ الله قسمه.(1/267)
ومنه أيضا: ومن الأخبار قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «لا يموت لمؤمن ثلاثة من الأولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم» وفي حله وجوه: (الأول) أن العرب إذا أرادوا تقليل مكث الشيء وتقصي مدته شبهوه بتحليل القسم، وذلك أن يقول الرجل بعد حلفه
إن شاء الله فيقولون: «ما يقم فلان عندنا إلا تحلة القسم» ومعناه لا تمسه النار إلا قليلا (الثاني) ما قاله بعضهم من أن لا زائدة دخلت للتوكيد وتحلة اليمين منصوب على الوقت والزمان ومعناه تمسه النار وقت تحلة القسم وإلا زائده (الثالث) وهو الأظهر أن القسم إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلََّا وََارِدُهََا كََانَ عَلى ََ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا} فمعناه انه لا يرد النار إلا بمقدار ما يبرأ الله قسمه.
ومن الأخبار: ما روي عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: خير الصدقة ما أبقت عني، واليد العليا خير من السفلى، وابدأ بمن تعول وأما قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «خير الصدقة ما أبقت غنى» فالظاهر أن المراد الحث على الوافرة، وذكر سيدنا المرتضى طاب ثراه معنى آخر وهو أن خير الصدقة ما تصدقت به من فضل قوتك وقوت عيالك فإذا خرجت صدقتك خرجت على استغناء منك، ويؤيده الحديث الآخر «إنما الصدقة عن ظهر غنى» وأما قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «اليد العليا خير من اليد السفلى» فقال قوم: يريد أن اليد المعطية خير من اليد الآخذة، وقال آخرون: إنّ العليا هي الآخذة والسفلى هي المعطية، قال ابن قتيبة: ولا أرى هؤلاء إلا قوما استطابوا السؤال فهم يحتجون الدناءة، وقال سيدنا المرتضى: إنّ اليد ها هنا هي العطية والنعمة، فكأنه صلّى الله عليه واله وسلّم أراد أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة. أقول: وهذا معنى قوي وإن كان المتبادر هو الأول إنتهى.
روي: عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أنه قال: قال الله تعالى: إني وضعت خمسة أشياء في خمسة والناس يطلبونها في خمسة أخرى غيرها فمتى يجدونها: إني وضعت العز في طاعتي والناس يطلبونه من أبواب السلاطين فمتى يجدونه، ووضعت لهم العلم والحكمة في الجوع والناس يطلبونه في الشبع فمتى يجدونه، ووضعت الراحة في الجنة والناس يطلبونه في الدنيا فمتى يجدونها، ووضعت الغنى في القناعة والناس يطلبونه بجمع المال فمتى يجدونه، ووضعت رضائي في مخالفة الهوى والناس يطلبونه في الهوى فلم يجدوه.
كيفية دراسة صاحب المدارك وصاحب المعالم
من كتاب الأنوار النعمانية: حدثني جماعة من الثقاة أن السيد المحقق السيد محمد صاحب المدارك وخاله الشيخ الفاضل الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ره) كانا يقرآن في النجف الأشرف عند الزاهد الورع المولى أحمد الأردبيلي، فقرآ عليه من شرع الشمسية ما يتوقف عليه الاجتهاد من مباحث الألفاظ وبعض أحوال القضايا
والقياسات والظاهر انه لا يزيد على عشرة دروس، وقرأ من شرح مختصر ابن الحاجب العضدي ما يتوقف أيضا عليه الاجتهاد وهي دروس معدودة، وكانت الجماعة الذين يقرأون عند المولى الأردبيلي يهزأون بهما على هذا النمط من القراءة، فقال لهم المولى: لا تهزأوا بهما فعن قليل يصلون إلى درجة الاجتهاد واحتاج أنا إلى أن آخذ تصديق إجتهادي منهم، فكان الحال كما قال بلغوا إلى رتبة التصنيف والاجتهاد في مدة ثمان سنين.(1/268)
من كتاب الأنوار النعمانية: حدثني جماعة من الثقاة أن السيد المحقق السيد محمد صاحب المدارك وخاله الشيخ الفاضل الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (ره) كانا يقرآن في النجف الأشرف عند الزاهد الورع المولى أحمد الأردبيلي، فقرآ عليه من شرع الشمسية ما يتوقف عليه الاجتهاد من مباحث الألفاظ وبعض أحوال القضايا
والقياسات والظاهر انه لا يزيد على عشرة دروس، وقرأ من شرح مختصر ابن الحاجب العضدي ما يتوقف أيضا عليه الاجتهاد وهي دروس معدودة، وكانت الجماعة الذين يقرأون عند المولى الأردبيلي يهزأون بهما على هذا النمط من القراءة، فقال لهم المولى: لا تهزأوا بهما فعن قليل يصلون إلى درجة الاجتهاد واحتاج أنا إلى أن آخذ تصديق إجتهادي منهم، فكان الحال كما قال بلغوا إلى رتبة التصنيف والاجتهاد في مدة ثمان سنين.
نبش قبر الحر الرياحي
ومن الكتاب المشار إليه: حدثني جماعة من الثقاة أن الشاه إسماعيل لما ملك بغداد اتى إلى مشهد الحسين عليه السّلام وسمع من بعض الناس الطعن على الحر اتى إلى قبره وأمر بنبشه فنبشوه فرأوه نايما كهيئته لما قتل ورأى على رأسه عصابة مشدودة فأراد الشاه أخذ تلك العصابة لما نقل في كتب السير والتواريخ أن تلك العصابة هي دسمال الحسين عليه السّلام شدّ بها رأس الحر لما أصيب في تلك الواقعة ودفن على تلك الهيئة، فلما حلوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى أمتلأ منه القبر فلما شدوا تلك العصابة انقطع الدم، فلما حلوها جرى الدم وكلما أرادوا أن يعالجوا قطع الدم بغير تلك العصابة لم يمكنهم فتبين لهم حسن حاله، فأمر فبني على قبره بناء وعين له خادما يخدم قبره إنتهى نقله من الكتاب المذكور.
فضل عائشة وفاطمة
وفيه أيضا: كان من مشايخنا رجل مزّاح وكان ذات يوم بمجلس سلطان البصرة، فسأله السلطان المذكور بمحضر جماعة من علماء المخالفين وكان ذلك السلطان منهم أيضا وقال: يا شيخ أيما أفضل فاطمة أم عائشة؟ فقال ذلك الشيخ:
عائشة أفضل فقال: ولم ذلك؟ فقال: لقول الله تعالى: {فَضَّلَ اللََّهُ الْمُجََاهِدِينَ عَلَى الْقََاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} وعائشة خرجت من المدينة إلى البصرة وجهزت العساكر وجاهدت عليا وبني هاشم وأكابر الصحابة حتى قتل بسببها خلق كثير، وأما فاطمة فقد لزمت بيتها وما خرجت منه إلا إلى المسجد لطلب فدك والعوالي من يد أبي بكر ولما منعها منه استقرت في مكانها إلى يوم موتها. فضحك السلطان والحاضرون وقال السلطان: يا شيخ هذا تشنيع لطيف.
ومنه أيضا: ويعجبني ذكر مباحثة جرت بين شيخنا البهائي (قدس سره) وبين عالم من علماء مصر وهو أعلمهم وأفضلهم، وكان شيخنا البهائي يظهر إلى ذلك
العالم أنه على دينه فقال له: ما تقول الرافضة الذين من قبلكم في الشيخين؟ فقال له البهائي: قد ذكروا لي حديثين فعجزت عن جوابهم، فقال: ما يقولون؟ قلت:(1/269)
ومنه أيضا: ويعجبني ذكر مباحثة جرت بين شيخنا البهائي (قدس سره) وبين عالم من علماء مصر وهو أعلمهم وأفضلهم، وكان شيخنا البهائي يظهر إلى ذلك
العالم أنه على دينه فقال له: ما تقول الرافضة الذين من قبلكم في الشيخين؟ فقال له البهائي: قد ذكروا لي حديثين فعجزت عن جوابهم، فقال: ما يقولون؟ قلت:
يقولون أن مسلما روى في صحيحه أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال: «من آذى فاطمة فقد آذاني ومن اذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فقد كفر» وروى أيضا مسلم بعد هذا الحديث بخمسة أوراق «أن فاطمة خرجت من الدنيا وهي ساخطة غاضبة على أبي بكر وعمر» فما أدري ما التوفيق بين الحديثين؟! فقال له العالم: دعني الليلة أنظر، فلما صار الصبح جاء ذلك العالم وقال للبهائي: ألم أقل لك أن الرافضة تكذب في نقل الحديث، البارحة طالعت الكتاب فوجدت بين الخبرين أكثر من خمس أوراق.
هذا اعتذاره عن معارضة الحديثين.
مقارنة اسم علي عليه السّلام باسم النبي صلّى الله عليه واله وسلّم
ومنه أيضا: بعد أن أورد الحديث الدال على أن الله خلق القمر وكتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وهو السواد الذي ترونه في القمر فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين: ويستفاد من قوله عليه السّلام «إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين» عموم استحباب المقارنة بين اسميهما عليهم السّلام إلا ما أخرجه الدليل كالتشهدات الواجبة في الصلاة لأنها وظائف شرعية، وأما الأذان فهو وإن كان من مقدمات الصلاة إلا أنه مخالف لها في أكثر الأحكام فلا يبعد القول من هذا الحديث باستحباب لفظة علي ولي الله أو أمير المؤمنين أو نحو ذلك في الأذان لأن الغرض الاتيان باسمه كما لا يخفى، ويؤيد هذا ما رأيته في الطيف ليلة عيد شهر رمضان المبارك والظاهر انها كانت ليلة الجمعة وقد حصل لي من النهار خشوع وتضرع فرأيت كأني في برية واسعة وإذا فيها بيت واحد والناس تقصده من كل طرف فقصدته معهم فرأيت رجلا جالسا على باب ذلك البيت وهو يفتي الناس بالمسائل، فسألت عنه فقالوا: هذا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فاستفر حب الناس وتقدمت إليه وقلت: يا جداه انه قد انتهى إلي دعاء من جانبكم يقرأ أول الصلاة وهو «اللهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه به اليك» الدعاء، ولم يذكر مع اسمك المبارك اسم علي بن أبي طالب والفقير يقرن بين اسميكما ويخاف أن يكون أبدع في الدعاء حيث أنه لم ينقل إليه عنكم إلا كما قلت، فقرن بين أصبعيه على ما أظن أن ذكر اسم علي مع اسمي ليس ببدعة، والظاهر انه أمرني بما ورد في هذا الحديث من انك إذا ذكرت اسمي فاذكر معه إسم علي عليه السّلام، فلما استيقظت
رأيت ذلك الدعاء في بعض الكتب وفيه إسم علي عليه السّلام(1/270)
ومنه أيضا: بعد أن أورد الحديث الدال على أن الله خلق القمر وكتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وهو السواد الذي ترونه في القمر فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين: ويستفاد من قوله عليه السّلام «إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين» عموم استحباب المقارنة بين اسميهما عليهم السّلام إلا ما أخرجه الدليل كالتشهدات الواجبة في الصلاة لأنها وظائف شرعية، وأما الأذان فهو وإن كان من مقدمات الصلاة إلا أنه مخالف لها في أكثر الأحكام فلا يبعد القول من هذا الحديث باستحباب لفظة علي ولي الله أو أمير المؤمنين أو نحو ذلك في الأذان لأن الغرض الاتيان باسمه كما لا يخفى، ويؤيد هذا ما رأيته في الطيف ليلة عيد شهر رمضان المبارك والظاهر انها كانت ليلة الجمعة وقد حصل لي من النهار خشوع وتضرع فرأيت كأني في برية واسعة وإذا فيها بيت واحد والناس تقصده من كل طرف فقصدته معهم فرأيت رجلا جالسا على باب ذلك البيت وهو يفتي الناس بالمسائل، فسألت عنه فقالوا: هذا رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فاستفر حب الناس وتقدمت إليه وقلت: يا جداه انه قد انتهى إلي دعاء من جانبكم يقرأ أول الصلاة وهو «اللهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه به اليك» الدعاء، ولم يذكر مع اسمك المبارك اسم علي بن أبي طالب والفقير يقرن بين اسميكما ويخاف أن يكون أبدع في الدعاء حيث أنه لم ينقل إليه عنكم إلا كما قلت، فقرن بين أصبعيه على ما أظن أن ذكر اسم علي مع اسمي ليس ببدعة، والظاهر انه أمرني بما ورد في هذا الحديث من انك إذا ذكرت اسمي فاذكر معه إسم علي عليه السّلام، فلما استيقظت
رأيت ذلك الدعاء في بعض الكتب وفيه إسم علي عليه السّلام
رؤية يحيى ابليس ومصائده
ومنه أيضا: روي أن إبليس كان يأتي الأنبياء عليهم السّلام من لدن آدم إلى أن بعث الله المسيح يتحدث عندهم ويسائلهم ولم يكن بأحد منهم أشد أنسا منه بيحيى ابن زكريا عليه السّلام فقال له يحيى: يا أبا مرة أحب أن تعرض علي مصائدك وفخوخك التي تصطاد بها بني آدم، فقال له ابليس: حبا وكرامة، وأوعده لغد فلما أصبح يحيى عليه السّلام قعد في بيته ينتظر الموعد وأغلق عليه بابه اغلاقا فما شعر حتى دخل عليه من خوخة كانت في بيته فإذا وجهه صورة وجه القرد وجسده على صورة الخنزير، وإذا عيناه مشقوقتان طولا وفمه مشقوق طولا، وإذا أسنانه عظم واحد بلا ذقن ولا لحية وله أربعة أيد يدان في صدره ويدان في منكبه، وإذا عراقيبه قدامه وأصابعه خلفه وعليه قباء وقد شد وسطه بمنطقة فيها خيوط بين أحمر وأصفر وأخضر وجميع الألوان، فإذا بيده جرس عظيم وعلى رأسه بيضة، وإذا في البيضة حديدة معلقة شبيهة الكلاب فلما تأمله يحيى عليه السّلام قال: ما هذه المنطقة التي في وسطك؟ قال: هذه المجوسية المراد بالمجوسية الطريقة التي عليها المجوس الآن التي سننتها وزينتها لهم، فقال: ما هذه الخيوط والألوان؟ قال: هذه جميع أصباغ النساء لا تزال المرأة تصبغ الصبغ حتى تقع مع لونها فيفتتن الناس بها، فقال له: فما هذا الجرس الذي بيدك؟ قال: مجمع كل لذة من طنبور وبربط ومغرفة وطبل وناي وصرناي، وإن القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فأحرك الجرس فيما بينهم فلما سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص ومن يفرقع أصابعه ومن بين من يشق ثيابه، فقال: وأي الأشياء أقر بعينك؟ قال: النساء هن فخوخي ومصائدي فإذا اجتمعت علي دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن، فقال له يحيى: فما هذه البيضة التي على رأسك؟ قال:
بها أتوقى دعوة الصالحين والمؤمنين، قال: فما هذه الحديدة التي أرى فيها؟ قال:
بهذه أقلب قلوب المؤمنين والصالحين، قال يحيى: فهل ظفرت بي ساعة قط؟
قال: لا ولكن فيك خصلة تعجبني، قال يحيى: وما هي؟ قال: أنت إذا أفطرت أكلت وشبعت فيمنعك ذلك من بعض صلاتك في قيامك بالليل، قال يحيى: فإني أعطي الله عهدا اني لا أشبع من الطعام حتى ألقاه، قال له ابليس: وأنا أعطي الله اني لا أنصح مسلما حتى ألقاه. فما عاد إليه بعد ذلك.
ومن الكتاب المذكور: قال نقل بعد نقل ما يدخل في حين هذا المقام من
الكلام على أولئك اللئام: وقد نازعني في بعض ما رأيت من علمائهم فمنه أنني في عشر الستين بعد الألف سافرت مع سلطان البصرة إلى موضع شط بغداد لإرادة التنزه، فكنت يوما أعقّب بعد صلاة الصبح إلى أن طلعت الشمس فأتى الخبر أن السلطان لم يصل إلى هذا الوقت، فسألت خواصه عن السبب فقالوا:(1/271)
ومن الكتاب المذكور: قال نقل بعد نقل ما يدخل في حين هذا المقام من
الكلام على أولئك اللئام: وقد نازعني في بعض ما رأيت من علمائهم فمنه أنني في عشر الستين بعد الألف سافرت مع سلطان البصرة إلى موضع شط بغداد لإرادة التنزه، فكنت يوما أعقّب بعد صلاة الصبح إلى أن طلعت الشمس فأتى الخبر أن السلطان لم يصل إلى هذا الوقت، فسألت خواصه عن السبب فقالوا:
إن إمام جماعته مشغول في الغسل من الجنابة وكان اسمه الشيخ يحيى وفسطاطه قريب من فسطاطنا وكان رجلا قد طعن في السن حتى تجاوز الثمانين فتعجبت وقلت: إن الإمام رجل كبير السن فكيف يحتلم، فضحك من كان حاضرا من خواصه وقال: ليس اغتساله من الاحتلام وإنما هو من ولد يخدمه اسمه قادر قد لاط فيه البارحة وما سخن له الماء إلى هذا الوقت، فلما فرغ من الغسل مضى إلى السلطان وصفت الصفوف خلفه فكبروا قام وصلى تلك الصلاة المقبولة له بذلك الغسل المشروع اعاذنا الله من ثوابها، وكان هذا الشيخ شافعيّا لا مالكيّا حتى يحلل هذا وأمثاله.
ومن ذلك أيضا: أن رجلا من علمائهم وهو الفن في تاريخ الكتاب موجود في مشهد الحسين عليه السّلام وهو إمام الجماعة في المشهد المقدس واسمه ملا حسين وعنده أولاد موجودون رأيناهم ورأينا أباهم، وقد حكى لي رجل عابد زاهد أثق بنقله وصلاحه عن ذلك الإمام فقال: إن هؤلاء وأولاده ولما كان وقتهم قبل البلوغ وكان الفساق يأخذونهم إلى منازلهم ويلوطون بهم، وكان إذا قدم إلى ذلك المشهد الشريف جماعة من أروام بغداد أرسلوا إلى أولاد ذلك الإمام فبقوا عندهم ليلا حتى يخرجوا من المشهد، فأتى جماعة من خواص ذلك الإمام إليه وقالوا له: إن أولادك يفعلون هذا الفعل وأنت غير عالم بهم فانهاهم عنه، فقال لهم: قولوا لي الصدق ان أحدهم إذا بات ليلة عند من يفعل به ذلك كم يعطيه درهما؟ قال:
يعطيه در همين، فقال لهم: ويل لكم والله ان أباهم يعني نفسه الشريفة لما كان في سنهم كان يرضى طول ليلة بنصف درهم فإذا أعطوا أحدهم در همين ما يريد، فسكتوا عنه. فهذا حال أئمتهم أهل العبادة والزهادة والجمعة والجماعة. وأما علماؤهم من أرباب العقول كان فاضلهم الملا ميرزا خان صاحب الحواشي والتحقيقات وكان عنده ولد يلوطونه فأخبره بعض تلاميذه عن حال ابنه فأجاب بأن هذا الفعل لا يتقص من قوته الداركة شيئا والأصل في الإنسان تلك القوة وقد خلق لحراستها واعمالها في العلوم والمعارف، وأما هذه الأعضاء اللحمية فلا يبالي العاقل بما يجري عليها.(1/272)
يعطيه در همين، فقال لهم: ويل لكم والله ان أباهم يعني نفسه الشريفة لما كان في سنهم كان يرضى طول ليلة بنصف درهم فإذا أعطوا أحدهم در همين ما يريد، فسكتوا عنه. فهذا حال أئمتهم أهل العبادة والزهادة والجمعة والجماعة. وأما علماؤهم من أرباب العقول كان فاضلهم الملا ميرزا خان صاحب الحواشي والتحقيقات وكان عنده ولد يلوطونه فأخبره بعض تلاميذه عن حال ابنه فأجاب بأن هذا الفعل لا يتقص من قوته الداركة شيئا والأصل في الإنسان تلك القوة وقد خلق لحراستها واعمالها في العلوم والمعارف، وأما هذه الأعضاء اللحمية فلا يبالي العاقل بما يجري عليها.
قصة ملا حسين وعبد الله سلام
ومن ذلك: أن الشيخ عبد الله سلام الذي كان في البصرة وبلغ في الزهد وعلو الدرجة حتى كتب سلاطينهم اسمه على الأعلام التي تنشر في الحروب لا إله إلا الله محمد رسول الله شيخ الإسلام عبد السلام ولي الله قد صعد المنبر ذات يوم فقال: من أراد أن يشتري مكانا في الجنة فليقبل، وأقبلت إليه البهائم فباع مواضع في الجنة ومساكنها كل على قدر حاله حتى أخذ منهم أموالا كثيرة، فلما فرغ من بيعها أقبل إليه رجل لم يكن حاضر البلد فقال له: يا شيخ أريد أن اشتري مكانا في الجنة وعندي أموال جزيلة أبذلها كلها على مكان فيها، فأجابه الشيخ بأنه لم يبق من الجنة إلا مكاني ومكان دابتي، فقال: بعني مكانك واكتف بمكان دابتك فباعه مكانه وبقي ولا مكان له في الجنة. وقد كان هذا الشيخ يصلي ذات يوم في المسجد فقال في أثناء الصلاة كخ كخ، فلما فرغ سأله أصحابه عن ذلك القول في الصلاة؟ فقال: إني رأيت وأنا في الصلاة كلبا قد دخل المسجد الحرام وانتهى إلى باب الكعبة فزجرته حتى خرج، فتعجب الحاضرون من هذا الكشف العظيم حتى رأى وهو في البصرة كلبا في الكعبة فأتى رجل من الحاضرين إلى زوجته وكانت شيعية وكان الرجل سنيّا وحكى لها كرامة الشيخ وحثها على متابعة دينه، فقالت له: إن كنت تريد أن تحولني إلى دينك فاطلب هذا الشيخ إلى الضيافة يوما حتى أتحول إلى مذهبك في حضوره، ففرح الرجل فوعد الشيخ يوما فقال للمرأة:
إصنعي هذا اليوم طعاما للشيخ وأصحابه، فلما جلسوا وضعت الصحون بين أيديهم وعلى رأس كل صحن دجاجة ودجاجة صحن الشيخ وضعتها تحت الطعام، فلما نظر الشيخ إلى صحنه غضب غضبا شديدا وامتنع عن الأكل وقال: كيف ما وضعتم لي دجاجة؟ وكانت المرأة واقفة تنظر إلى ما يصنع الشيخ، فلما رأت حالة الغضب أتت إلى صحنه وأخرجت الدجاجة من تحت الطعام قالت: يا شيخ إنك بالبصرة ورأيت الكلب وهو في مكة حتى قطعت الصلاة لأجله فكيف لا ترى الدجاجة التي هي أمامك وما بينك وبينها حائل سوى لقمة من الطعام، فقال الشيخ: هذه رافضية خبيثة، فقام وخرج ورجع زوج المرأة إلى دين زوجته.
ومن ذلك: أن الشيخ حبيب الكهمري قد كان في البصرة وكان من أعاظم عبادهم وزهادهم وقد كان فيه حصر البول، فكان يوما من الأيام جالسا مع الناس فأخذه حصر البول فتعصر وتشخّبت عروقه ساعة وبقي ساعة على ذلك الحال حتى خرج منه البول فابتل منه ثيابه فقيل له: لم جرى عليك هذا الحال؟ فقال: ان
مركبا من مراكب البحر كان قد أشرف على الغرق فرأيته وهو في البحر فتناولت حبال ذلك المركب حتى نجيتهم من الغرق وقد ابتلت ثيابي من ماء ذلك البحر، فأتوا إلى ثيابه ومسحوا ذلك الماء الذي في ثوبه على وجوههم ولحاهم.(1/273)
ومن ذلك: أن الشيخ حبيب الكهمري قد كان في البصرة وكان من أعاظم عبادهم وزهادهم وقد كان فيه حصر البول، فكان يوما من الأيام جالسا مع الناس فأخذه حصر البول فتعصر وتشخّبت عروقه ساعة وبقي ساعة على ذلك الحال حتى خرج منه البول فابتل منه ثيابه فقيل له: لم جرى عليك هذا الحال؟ فقال: ان
مركبا من مراكب البحر كان قد أشرف على الغرق فرأيته وهو في البحر فتناولت حبال ذلك المركب حتى نجيتهم من الغرق وقد ابتلت ثيابي من ماء ذلك البحر، فأتوا إلى ثيابه ومسحوا ذلك الماء الذي في ثوبه على وجوههم ولحاهم.
وإنه يعجبني نقل حكاية فعلها رجل بحراني مع ذلك الشيخ: وهو أن ذلك الرجل البحراني قال لأصحابه يوما: أمضوا بنا إلى الشيخ حبيب حتى نضحك على لحيته ونأخذ منه مبلغا من الدراهم، فقالوا له: ما نقدر على هذا الحال، فقال لهم: لكني أنا أقدر فأتوا إلى الشيخ وهو جالس بين تلاميذه فسلم عليه وقال: يا شيخ أنا رجل من الشيعة أمنتك أمانة وأريدها الآن، فقال: وما هي؟ فقال: إنني ركبت البحر في اليوم الفلاني وقد اشرفت السفينة على الغرق فرمت التجار أموالهم في الماء وقالوا يا ماء هذا أمانة الشيخ حبيب فلما رأيتهم صنعت أنا مثلهم وكان المال الف درهم وأظن الماء لا يخونك في الأمانة بل قد أداها إليك، ففكر الشيخ في نفسه واتباعه جالسون حوله، فقال: نعم يا بحراني صدقت في كلامك هذا إلا أن البحر قد دفع إلي أمانات كثيرة من أهل تلك السفينة فعلم علائم أمانتك، فقال:
إنها مصرورة في خرقة خضراء كذا وكذا صفتها، فقال: صدقت يا بحراني عندنا هذه الأمانة فدخل البيت ووضع دراهما من ماله في خرقة خضراء فأتى بها إلى البحراني ودفعها إليه. فقال البحراني نعم هذه أمانتنا.
بعض معاجز قبر ابي حنيفة
وأما الكرامات التي ظهرت من قبور أئمتهم الأربعة فهي أكثر من أن تحصى وأعظمها الكرامات التي شاهدها الناس من قبر أبي حنيفة، وذلك أن السلطان الأعظم شاه عباس الأول لما فتح بغداد أمر أن يجعل قبر أبي حنيفة كنيفا وقد أوقف وقفا شرعيا بغلتين وأمر بربطهما على رأس السوق حتى أن كل من يريد الغايط يركبها ويمضي إلى قبر أبي حنيفة لأجل قضاء الحاجة، وقد طلب خادم قبره يوما فقال له: ما تخدم في هذا القبر وأبو حنيفة الآن في درك الجحيم؟ فقال: إن في هذا القبر كلبا أسود دفنه جدك الشاه إسماعيل لما فتح بغداد فأخرج عظام أبي حنيفة وجعل موضعها كلبا أسود فأنا أخدم ذلك الكلب، وكان صادقا في مقالته لأن المرحوم الشاه إسماعيل فعل مثل هذا.
ومن كراماته أن حاكم بغداد طلب علماء أهل السنة وعبّادهم وقال لهم:
كيف ذلك الرجل الأعمى إذا بات تحت قبة موسى بن جعفر عليه السّلام يرتد إليه
بصره وأبو حنيفة مع أنه الإمام الأعظم لم نسمع له بمثل هذه الكرامة؟ فأجابوه بأن هذا يصير أيضا من بركات أبي حنيفة، فقال لهم: أحب أن أرى مثل هذا لأكون على بصيرة من ديني، فأتوا رجلا فقيرا وقالوا له: انا نعطيك كذا وكذا من الدراهم والدنانير وقل إني أعمى وامش متكئا على العصا يومين أو ثلاثة ثم تأت ليلة الجمعة عند قبر أبي حنيفة فإذا أصبحت فقل: الحمد لله ارتد بصري ببركات صاحب هذا القبر فقبل كلامهم ثم بات تلك الليلة تحت قبته فلما أصبح بحمد الله وهو أعمى لا يبصر شيئا، فصاح وقال: أيها الناس حكايتي كذا وكذا وأنا رجل صاحب عيال وحرفة، فاتصل خبره بصاحب البلد الحاكم فأرسل إليه فقص قصته واحتيالهم عليه فألزمهم بما يحتاج إليه من المعاش مدة حياته. ونحو ذلك من الكرامات التي لا يحتملها المقام.(1/274)
كيف ذلك الرجل الأعمى إذا بات تحت قبة موسى بن جعفر عليه السّلام يرتد إليه
بصره وأبو حنيفة مع أنه الإمام الأعظم لم نسمع له بمثل هذه الكرامة؟ فأجابوه بأن هذا يصير أيضا من بركات أبي حنيفة، فقال لهم: أحب أن أرى مثل هذا لأكون على بصيرة من ديني، فأتوا رجلا فقيرا وقالوا له: انا نعطيك كذا وكذا من الدراهم والدنانير وقل إني أعمى وامش متكئا على العصا يومين أو ثلاثة ثم تأت ليلة الجمعة عند قبر أبي حنيفة فإذا أصبحت فقل: الحمد لله ارتد بصري ببركات صاحب هذا القبر فقبل كلامهم ثم بات تلك الليلة تحت قبته فلما أصبح بحمد الله وهو أعمى لا يبصر شيئا، فصاح وقال: أيها الناس حكايتي كذا وكذا وأنا رجل صاحب عيال وحرفة، فاتصل خبره بصاحب البلد الحاكم فأرسل إليه فقص قصته واحتيالهم عليه فألزمهم بما يحتاج إليه من المعاش مدة حياته. ونحو ذلك من الكرامات التي لا يحتملها المقام.
اعجب ما رآه الخضر عليه السّلام
ومن الكتاب المذكور أنه سئل الخضر عليه السّلام عن أعجب شيء رأيته؟
فقال: أعجب ما رأيت أني مررت على مدينة لم أر على وجه الأرض أحسن منها فسألت بعضهم: متى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا وأجدادنا متى بنيت وما زالت كذلك من عهد الطوفان، ثم غبت عنها خمسمئة سنة وعبرت عليها بعد ذلك فإذا هي خاوية على عروشها ولم أر أحدا أسأله وإذا برعاة غنم فسألتهم عنها فقالوا: لا نعلم فغبت نحوا من خمسمئة عام ثم أتيت إليها فإذا موضع تلك المدينة بحر وإذا غواصون يخرجون منها اللؤلؤ، فقلت لبعض الغواصين: منذ كم هذا البحر ها هنا؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا إلا أن هذا البحر منذ بعث الله الطوفان، ثم غبت عنها نحوا من خمسمئة عام ثم انتهيت إليها فإذا ذلك البحر قد غاض ماؤه وإذا مكانه أجمة ملتفة بالقصب والبرد والسباع وإذا صيادون يصيدون السمك في زوارق صغار، فقلت لبعضهم: أين البحر الذي قد كان ها هنا؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا وأجدادنا أنه كان ها هنا بحر قط، فغبت عنها نحو من خمسمئة عام ثم أتيت إلى ذلك الموضع فإذا هو مدينة على حالته الأولى والحصون والقصور والأسواق قائمة، فقلت لبعضهم: اين الأجمة التي كانت ها هنا ومتى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا إلا أن هذه المدينة على حالها منذ بعث الله الطوفان، فغبت عنها نحوا من خمسئمة عام ثم انتهيت إليها فإذا عاليها سافلها وهي تدخن بدخان شديد فلم أر أحد أسأله عنها ثم رأيت راعيا فسألته عن المدينة التي كانت ها هنا ومتى حدث هذا الدخان؟
فقال: سبحان الله وما يذكر آباؤنا وأجدادنا إلا أن هذا الموضع كان هكذا منذ كان.(1/275)
فقال: أعجب ما رأيت أني مررت على مدينة لم أر على وجه الأرض أحسن منها فسألت بعضهم: متى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا وأجدادنا متى بنيت وما زالت كذلك من عهد الطوفان، ثم غبت عنها خمسمئة سنة وعبرت عليها بعد ذلك فإذا هي خاوية على عروشها ولم أر أحدا أسأله وإذا برعاة غنم فسألتهم عنها فقالوا: لا نعلم فغبت نحوا من خمسمئة عام ثم أتيت إليها فإذا موضع تلك المدينة بحر وإذا غواصون يخرجون منها اللؤلؤ، فقلت لبعض الغواصين: منذ كم هذا البحر ها هنا؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا إلا أن هذا البحر منذ بعث الله الطوفان، ثم غبت عنها نحوا من خمسمئة عام ثم انتهيت إليها فإذا ذلك البحر قد غاض ماؤه وإذا مكانه أجمة ملتفة بالقصب والبرد والسباع وإذا صيادون يصيدون السمك في زوارق صغار، فقلت لبعضهم: أين البحر الذي قد كان ها هنا؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا وأجدادنا أنه كان ها هنا بحر قط، فغبت عنها نحو من خمسمئة عام ثم أتيت إلى ذلك الموضع فإذا هو مدينة على حالته الأولى والحصون والقصور والأسواق قائمة، فقلت لبعضهم: اين الأجمة التي كانت ها هنا ومتى بنيت هذه المدينة؟ فقالوا: سبحان الله ما يذكر آباؤنا إلا أن هذه المدينة على حالها منذ بعث الله الطوفان، فغبت عنها نحوا من خمسئمة عام ثم انتهيت إليها فإذا عاليها سافلها وهي تدخن بدخان شديد فلم أر أحد أسأله عنها ثم رأيت راعيا فسألته عن المدينة التي كانت ها هنا ومتى حدث هذا الدخان؟
فقال: سبحان الله وما يذكر آباؤنا وأجدادنا إلا أن هذا الموضع كان هكذا منذ كان.
فهذا أعجب شيء رأيته في سياحتي.
ومنه أيضا: قال بعض مشايخنا من أهل الظرافة: قلت لنحوي وفي بطنه قرقرة: ما هذه القرقرة؟ فقال: يا جاهل في نحونا هذي تسمي الضرطة المضمرة.
قال: سيدنا المرتضى (قدس الله روحه) في عتاب الدنيا:
عتبت على الدنيا فقلت إلى متى ... أقاسي تعبا همه ليس ينجلي
فكل شريف قد علا بجدوده ... حرام عليه الرزق غير محللي
فقالت نعم يابن الحسين رميتكم ... بسهم عنادي حين طلقني علي
وجدت: هذه الأبيات على مدينة سيف بن ذي يزن وهو من أعظم الملوك:
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم ... فاستوطنوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم ... اين الأسرّة والتيجان والحلل
اين الوجوه التي كانت محجبة ... من دونها تضرب الاستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم ... تلك الوجوه عليها الدود ينتقل
قد طالما أكلوا يوما وما شربوا ... فأصبحوا بعد ذاك الأكل قد أكلوا
ووجد: مكتوبا على قبره أيضا:
من كان لا يطأ التراب برجله ... يطأ التراب بناعم الخد
من كان بينك في التراب وبينه ... شبران كان بغاية البعد
لو بعثرت للناس أطباق الثرى ... لم يعرف المولى من العبد
خبر شقيق البلخي مع الإمام الكاظم عليه السّلام
من الأخبار المروحة للخاطر العاطر: خبر شقيق البلخي قال: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومئة فنزلت القادسية، فبينما أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثياب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا وقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنّه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، ثم تركني ومضى فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي وتكلم باسمي
وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عني، فلما نزلت الواقصة فإذا هو به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه واستحله، فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق أتل {وَإِنِّي لَغَفََّارٌ لِمَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صََالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ََ} ثم تركني ومضى فقلت: إن هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلم على سري مرتين، فلما نزلت زبالة إذا بالفتى قائم بالبئر وبيده ركوة يريد أن يستسقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق إلى السماء وسمعته يقول شعرا:(1/276)
من الأخبار المروحة للخاطر العاطر: خبر شقيق البلخي قال: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومئة فنزلت القادسية، فبينما أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثياب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا وقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنّه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، ثم تركني ومضى فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي وتكلم باسمي
وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عني، فلما نزلت الواقصة فإذا هو به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه واستحله، فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق أتل {وَإِنِّي لَغَفََّارٌ لِمَنْ تََابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صََالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ََ} ثم تركني ومضى فقلت: إن هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلم على سري مرتين، فلما نزلت زبالة إذا بالفتى قائم بالبئر وبيده ركوة يريد أن يستسقي ماء فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق إلى السماء وسمعته يقول شعرا:
أنت ربي إذا ظميت من الماء ... وقوتي إذا أردت الطعاما
اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها، قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماؤه فمد يده وأخذ الركوة وملأها ماء فتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب، فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكر فو الله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا، فشبعت ورويت وبقيت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخشوع وأنين فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا فخرج فتبعته فإذا له حاشية وموالي وهو على خلاف ما رأيته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد. وقد نظمه بعض الشعراء.
من السير: ما كتبه العلامة المحقق الطوسي إلى صاحب حلب بعد فتح بغداد: أما بعد فقد نزلنا بغداد سنة خمس وستمئة فساء صباح المنذرين فدعونا ملكها إلى طاعتنا فأبى فحق عليه القول فأخذناه أخذا وبيلا وقد دعوناك إلى طاعتنا فإن أتيت فروح وريحان وجنة نعيم وان أبيت فلا سلطان منك عليك فلا تكن كالباحث بحتفه عن ظلفه والجادع مارن أنفه بكفه والسلام.(1/277)
من السير: ما كتبه العلامة المحقق الطوسي إلى صاحب حلب بعد فتح بغداد: أما بعد فقد نزلنا بغداد سنة خمس وستمئة فساء صباح المنذرين فدعونا ملكها إلى طاعتنا فأبى فحق عليه القول فأخذناه أخذا وبيلا وقد دعوناك إلى طاعتنا فإن أتيت فروح وريحان وجنة نعيم وان أبيت فلا سلطان منك عليك فلا تكن كالباحث بحتفه عن ظلفه والجادع مارن أنفه بكفه والسلام.
الكلام على حديث الطينة
في كتاب الأنوار النعمانية: قال بعد أن نقل جملة من أحاديث الطينة: ومن جملتها خبر إسحاق الليثي المشتمل على ذكر طينة المؤمن والناصب ما صورته:
الثاني في الكشف عن معناها فنقول: قد سلك أصحابنا رضوان الله عليهم فيها مسالك مختلفة (أولها) ما صار إليه سيدنا الأجل علم الهدى من انها أخبار آحاد مخالفة للكتاب والإجماع فوجب ردها، فلذلك طرحها كما هو مذهبه في أخبار الآحاد أينما وردت، وذلك لأن الكتاب والإجماع قد دل على أن صدور الحسنة والسيئة إنما هو باختيار العبد وليس فيه مدخل للطينة. والجواب أن أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالاسانيد المتكثرة في الأصول وغيرها فلم يبق مجال في إنكارها والحكم عليها بأنها أخبار آحاد، بل صارت أخبار مستفيضة بل متواترة، وأما مخالفتها للكتاب والسنة والإجماع فيأتي الجواب عنه (وثانيها) ما ذهب إليه ابن إدريس من انها أخبار متشابهة يجب الوقوف عندها وتسليم أمرها إليهم عليهم السّلام فإن كلامهم كالقرآن يتنوع إلى محكم ومتشابه ونحو ذلك، وهذا أقرب من الأول وأسلم عاقبة لكن يرد عليه أن هذه الأخبار قد ألقاها الأئمة عليهم السّلام إلى الشيعة للتفهم والتعليم وأن يعتقدوا معانيها كما ألقيت إليهم، ولعلهم قد فهموا معانيها بقرائن الحال والمقال. (وثالثها) ما صار إليه بعض المحدثين من حملها على المجاز والكناية كما يقال في العرب لمن أسدى خيرا إلى عباد الله وحسن خلقه:
«هذا رجل قد عجنت طينته بفعل الخير وحب الكرم والتقوى» وهذا في غاية البعد، بل حمل هذه الأخبار خصوصا الخبر الأول على مثل هذا غير محتمل بوجه من الوجوه وإن احتمله بعض أخبار هذا الباب. (ورابعها) هو المشهور في تأويل هذه الأخبار وما ضاهاها مما ظاهره الجبر ونفي الاختيار الوارد في كل الأخبار من انه منزل على العلم الآلهي، فإنه سبحانه قد علم الأشياء قبل وجودها كعلمه بها بعد وجودها، وقد علم في الأزل أحوال الخلق في الأبد وما يأتونه وما يذرونه باختيار منهم، فلما علم منهم هذه الأحوال وانها تقع باختيارهم عاملهم هذه المعاملة كالخلق من الطينة الخبيثة المنتنة والأحوال الصادقة. وروى الصدوق طاب ثراه بإسناده إلى ابن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن معنى قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه» فقال: الشقي من علم الله عزّ وجلّ وهو في بطن أمه انه سيعمل أعمال الأشقياء والسعيد من علم الله عزّ وجلّ وهو في بطن أمه انه سيعمل أعمال السعداء. قلت: فما معنى قوله عليه السّلام: اعملوا وكل ميسر لما خلق له؟ فقال: إن
الله عزّ وجلّ خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عزّ وجلّ: {وَمََا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلََّا لِيَعْبُدُونِ} فيسر كلا لما خلق له، فالويل لمن استحب العمى على الهدى. وهذا الحديث الشريف يكشف عن فرد واحد من أفراد هذه المقالة، ولكن الظاهر أن حكم ما عداه حكمه لاتحاد الطريق. (وخامسها) ما خطر بالبال ولكن أخذا من كلام الطاهرين عليهم السّلام وحاصله: إنك قد تحققت من الأنوار السابقة أن خلق الأرواح قد كان قبل خلق عالم الذر وقد أجّج سبحانه نارا وكلف تلك الأرواح بالدخول فمنهم من بادر إلى الامتثال ومنهم من تأخر عنه ولم يأت به فمن هناك جاء الإيمان والكفر ولكن بالإختيار، فلما أراد الله سبحانه أن يخلق لتلك الأرواح أبدانا تتعلق بها جعل لكل نوع من الأرواح نوعا مناسبا له من الأبدان، كأن جعل للأرواح الطيبة أبدانا مثلها وكذلك للأرواح الخبيثة أبدانا مثلها فيكون ما صنع سبحانه بها جزاء لذلك التكليف السابق. نعم لما مزج الطينتين أثر ذلك المزج في فعل الأعمال الحسنة وضدها.(1/278)
«هذا رجل قد عجنت طينته بفعل الخير وحب الكرم والتقوى» وهذا في غاية البعد، بل حمل هذه الأخبار خصوصا الخبر الأول على مثل هذا غير محتمل بوجه من الوجوه وإن احتمله بعض أخبار هذا الباب. (ورابعها) هو المشهور في تأويل هذه الأخبار وما ضاهاها مما ظاهره الجبر ونفي الاختيار الوارد في كل الأخبار من انه منزل على العلم الآلهي، فإنه سبحانه قد علم الأشياء قبل وجودها كعلمه بها بعد وجودها، وقد علم في الأزل أحوال الخلق في الأبد وما يأتونه وما يذرونه باختيار منهم، فلما علم منهم هذه الأحوال وانها تقع باختيارهم عاملهم هذه المعاملة كالخلق من الطينة الخبيثة المنتنة والأحوال الصادقة. وروى الصدوق طاب ثراه بإسناده إلى ابن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن معنى قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه» فقال: الشقي من علم الله عزّ وجلّ وهو في بطن أمه انه سيعمل أعمال الأشقياء والسعيد من علم الله عزّ وجلّ وهو في بطن أمه انه سيعمل أعمال السعداء. قلت: فما معنى قوله عليه السّلام: اعملوا وكل ميسر لما خلق له؟ فقال: إن
الله عزّ وجلّ خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عزّ وجلّ: {وَمََا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلََّا لِيَعْبُدُونِ} فيسر كلا لما خلق له، فالويل لمن استحب العمى على الهدى. وهذا الحديث الشريف يكشف عن فرد واحد من أفراد هذه المقالة، ولكن الظاهر أن حكم ما عداه حكمه لاتحاد الطريق. (وخامسها) ما خطر بالبال ولكن أخذا من كلام الطاهرين عليهم السّلام وحاصله: إنك قد تحققت من الأنوار السابقة أن خلق الأرواح قد كان قبل خلق عالم الذر وقد أجّج سبحانه نارا وكلف تلك الأرواح بالدخول فمنهم من بادر إلى الامتثال ومنهم من تأخر عنه ولم يأت به فمن هناك جاء الإيمان والكفر ولكن بالإختيار، فلما أراد الله سبحانه أن يخلق لتلك الأرواح أبدانا تتعلق بها جعل لكل نوع من الأرواح نوعا مناسبا له من الأبدان، كأن جعل للأرواح الطيبة أبدانا مثلها وكذلك للأرواح الخبيثة أبدانا مثلها فيكون ما صنع سبحانه بها جزاء لذلك التكليف السابق. نعم لما مزج الطينتين أثر ذلك المزج في فعل الأعمال الحسنة وضدها.
فإن قلت: إذا كان الحال على هذا المنوال فلأي شيء قال الصادق عليه السّلام لأبي اسحق الليثي: «لا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا وإن أطلعت غيره على هذا ابتليت في نفسك ومالك وأهلك» وما معنى هذه التقية ومن أي فريق تكون؟ قلت:
يجوز أن تكون هذه التقية من المخالفين فإنهم إذا فهموا هذا العلم علموا من القرائن أن ليس المراد بأهل الشمال المذكورين في الخبر الأهم ومثل هذا مما يتقي فيه قطعا، ويجوز أن تكون تقية أو اتقاء على الشيعة وإن عوامهم إذا سمعوا بمثل هذا أقبلوا على الإتيان بأنواع المحارم والذنوب، فيكونون قد أتوا ذنوبا تزيد على ما يقتضيه مزج الطينتين لأنك قد تحققت أن اللمم وهي الصغائر القليلة قد يفعله المؤمنون بمقتضى مادته وطبعه وأما الكبائر كالزنا واللواط ونحو ذلك فهذا إنما يفعلها بمقتضى ما وصل إليه من خلط الطينات، فإذا اطلع على مثل هذا الحديث تعمد أفعال الكبائر لحصول اللذة الدنيوية ولعلمه بأن وبالها الأخروي إنما هو على غيره فقد أتى بفعل من مادته وطبيعته وزاد على ما أتى إليه من حديث المزج لأن معاصي المزج هي المعاصي المتعارفة الوقوع في كل الأعصار بمقتضى الدواعي، وأما إذا كان الداعي ما عرفت من أنها ذنوب على الغير وإن فعلها هو فلا يكون مثلها من المعاصي المتعارفة فيكون إنما أتى بها منه ومن مادته لا من قضية المزج فتأمل وتفكر في هذا المقام وقد بقي هاهنا أبحاث شريفة وشّحنا بها شرحنا على الصحيفة.
كتب الإسكندر: إلى أرسطاطاليس: عظني فكتب إليه: إذا صفت لك
السلامة فجدد ذكر العطب، وإذا اطمأن بك الأمن فاستشعر الخوف، فإذا بلغت نهاية الأمل فاذكر الموت، وإذا أحببت نفسك فلا تجعل لها نصيبا في الاساءة.(1/279)
كتب الإسكندر: إلى أرسطاطاليس: عظني فكتب إليه: إذا صفت لك
السلامة فجدد ذكر العطب، وإذا اطمأن بك الأمن فاستشعر الخوف، فإذا بلغت نهاية الأمل فاذكر الموت، وإذا أحببت نفسك فلا تجعل لها نصيبا في الاساءة.
ولله در من قال: شعرا:
كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ... ولم تر بالباقين ما صنع الدهر
فإن كنت لا تدري بأن ديارهم ... عفاها مجال الريح بعدك والقطر
وهل أبصرت عيناك حيا بمنزل ... مدى الدهر إلا بالعراء له قبر
فلا تحسبن الوفر مالا جمعته ... ولكنّ ما قدمت من صالح وفر
مضى جامع الأموال لم يتزود بها ... سوى الفقر يا بؤسا لمن زاده الفقر
فحتّام لا تصحوا وقد قرب المدى ... وحتام لا ينجلي عن قلبك السكر
بلى سوف تصحو حين ينكشف الغطا ... وتذكر قولي حين لا ينفع الذكر
وما بين ميلاد الفتى ووفاته ... إذا انتصح الأقوام أنفسهم عمر
لأن الذي يأتي شبيه الذي مضى ... وما هو إلا وقتك الضيق النزر
فصبرا على الأيام حتى تجوزها ... فعما قليل بعدها يحمد الصبر
قصائد لابن ابي الحديد
يا مدهش الألباب والفطن ... ومحير التقوالة اللسن
أفنيت فيك العمر أنفقه ... والمال مجانا بلا ثمن
أطلب العليا وأسألهم ... وأجول في البلدان والمدن
وأخالط الملل التي اختلفت ... في الدين حتى عابد الوثن
وأظن اني بالغ غرضي ... لما اجتهدت ومبرئي شجني
امنت باحذر الأصم من ... الأعداد بل يا فتنة الفتن
فإذا الذي استكثرت منه ... هو الجاني على عظائم المحن
فغدوت أنكت في الثرى بيدي ... وأرغم تارة ذقني
وأقول يا من ليس يدركه ... شيء من الأحقاب والزمن
أن ليس تدركك العقول ... وإن الرأي ذو افن وذو افن
والكل أنت فكيف يدركه ... بعض في السر والعلن
لعبد الحميد بن أبي الحديد: عليه ما يستحق:
فيك يا أغلوطة الكون ... غدا الفكر كليلا
أنت بلبلت ذوي اللب ... ونهبت العقولا
كلما أعملت فكري ... فيك شبرا فرميلا
تائها يخبط في عشوى ... لا يهدى سبيلا
وله أيضا:(1/280)
فيك يا أغلوطة الكون ... غدا الفكر كليلا
أنت بلبلت ذوي اللب ... ونهبت العقولا
كلما أعملت فكري ... فيك شبرا فرميلا
تائها يخبط في عشوى ... لا يهدى سبيلا
وله أيضا:
تاه الأنام بسكرهم ... فلذلك صاح القوم عربد
ونجا من الشرك الكثيف ... مبرأ الغرمات مفرد
تالله لا موسى الكليم ... ولا المسيح ولا محمد
كلا ولا جبريل وهو ... إلى محل القدس يصعد
عرفوا ولا النفس البسيط ... لا ولا العقل المجرد
عن كنه ذاتك غير انك ... أوحدي الدهر سرمد
وجدوا اضافات وسلبا ... والحقيقة ليس يوجد
فليخسأ الحكماء عن ... حرم له الأملاك سجد
ما أنت يا رسطو ومن ... أفلاط بعدك يا مبلد
ومن ابن سينا حيث اسس ... ما بناه لكم وشيد
ما أنتم إلا الفراش ... رأى السراج وقد توقد
فدنا وأحرق نفسه ... ولو اهتدى رشدا لأبعد
لله در من قال:
اليس عجبا بأن امرءا ... لطيف الطباع حكيم الكلم
يموت وما حصلت نفسه ... سوى علمه إنه ما علم
سئل الحسن بن علي عليه السّلام: ما أعظم الناس قدرا؟ فقال: من يبال بالدنيا في يد من كانت.
سعد أيام الشهور ونحوستها
من بحار الأنوار: أقول: روي عن الصادق عليه السّلام أخبار في سعادة أيام الشهور ونحوساتها جمعت بينها مشيرا إلى مواضعها ومأخذها.
اليوم الأول: الدروع الباقية وقال السيد رضي الله عنه فيما نذكره من الرواية بأدعية ثلاثين فصلا لكل يوم من الشهر فصل منها مروية عن الصادق عليه السّلام بروايات متكثرة وهي اختيارات الأيام ودعاؤها لكل يوم جديد إلى أن قال: اليوم
الأول من الشهر عن الصادق عليه السّلام إنه خلق فيه آدم، وهو يوم مبارك لطلب الحوائج والدخول على السلطان وطلب العلم والتزويج والسفر والبيع والشراء واتخاذ الماشية، ومن هرب فيه أو ضل قدر عليه إلى ثمان ليال، والمريض فيه يبرأ، والمولود يكون سمحا مرزوقا مباركا. وقال سلمان الفارسي: هو (روز هرمز) اسم من أسمائه تعالى يوم مختار مبارك يصلح لطلب الحوائج والدخول على السلطان. قال السيد: وفي رواية أخرى بحذف الإسناد عن الصادق عليه السّلام وقد سأله سائل عن اختيارات الأيام، فقال عليه السّلام: اليوم الأول خلق فيه آدم عليه السّلام يوم صالح مسعود خاطب فيه السلطان وتزوج واعمل فيه كل شيء تريده من حاجة. المكارم عن الصادق عليه السّلام يصلح للقاء الأمراء وطلب الحوائج والشراء والبيع والمزارعة والسفر. زوائد الفرائد عن الصادق عليه السّلام: وهو يوم مبارك محمود فيه خلق الله تعالى آدم، وهو يوم سعيد لطلب الحوائج والدخول على السلطان وابتداء الأعمال والبيع والشراء والأخذ والعطاء، ومن ولد له كان محبوبا مقبولا مرزوقا مباركا، ومن مرض فيه يبرأ بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: من خرج فيه هاربا أو ضالا قدر عليه إلى ثمان ليال.(1/281)
اليوم الأول: الدروع الباقية وقال السيد رضي الله عنه فيما نذكره من الرواية بأدعية ثلاثين فصلا لكل يوم من الشهر فصل منها مروية عن الصادق عليه السّلام بروايات متكثرة وهي اختيارات الأيام ودعاؤها لكل يوم جديد إلى أن قال: اليوم
الأول من الشهر عن الصادق عليه السّلام إنه خلق فيه آدم، وهو يوم مبارك لطلب الحوائج والدخول على السلطان وطلب العلم والتزويج والسفر والبيع والشراء واتخاذ الماشية، ومن هرب فيه أو ضل قدر عليه إلى ثمان ليال، والمريض فيه يبرأ، والمولود يكون سمحا مرزوقا مباركا. وقال سلمان الفارسي: هو (روز هرمز) اسم من أسمائه تعالى يوم مختار مبارك يصلح لطلب الحوائج والدخول على السلطان. قال السيد: وفي رواية أخرى بحذف الإسناد عن الصادق عليه السّلام وقد سأله سائل عن اختيارات الأيام، فقال عليه السّلام: اليوم الأول خلق فيه آدم عليه السّلام يوم صالح مسعود خاطب فيه السلطان وتزوج واعمل فيه كل شيء تريده من حاجة. المكارم عن الصادق عليه السّلام يصلح للقاء الأمراء وطلب الحوائج والشراء والبيع والمزارعة والسفر. زوائد الفرائد عن الصادق عليه السّلام: وهو يوم مبارك محمود فيه خلق الله تعالى آدم، وهو يوم سعيد لطلب الحوائج والدخول على السلطان وابتداء الأعمال والبيع والشراء والأخذ والعطاء، ومن ولد له كان محبوبا مقبولا مرزوقا مباركا، ومن مرض فيه يبرأ بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: من خرج فيه هاربا أو ضالا قدر عليه إلى ثمان ليال.
بيان ما روي في سياق ما مر وسيأتي عن سلمان (رض) موافق لما رواه علماء النجوم وأصحاب التقاويم عن الفرس لكن في تصحيحها اختلافات نشير إليها قال:
اليوم الأول (روز هرمز) وبعضهم يسميه فرخ وبعضهم به روز:
اليوم الثاني: الدروع عن الصادق عليه السّلام: فيه خلقت حواء من آدم عليه السّلام يصلح للتزويج وبناء المنازل وكتب العهود والسفر وطلب الحوائج والاختيارات، ومن مرض فيه أول النهار خف أمره بخلاف آخره، والمولود فيه صالح للتربية، وقال سلمان: هو (روز بهمن) اسم ملك تحت العرش يوم مبارك للتزويج وقضاء الحوائج سعيد. وفي الرواية الأخرى: تزوج وآت أهلك من السفر واشتر وبع واطلب فيه الحوائج واتق فيه السلطان. المكارم عنه عليه السّلام: يصلح للسفر وطلب الحوائج. الزوائد عن الصادق عليه السّلام: يوم محمود خلق الله تعالى فيه حوا، وهو يوم يصلح للتزويج والتحويل والشراء والبيع والبناء والزرع والغرس والسلف والقرض والمعاملة والدخول بالأهل وطلب الحوائج ولقاء السلطان، ومن مرض فيه يبرأ، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا. وفي رواية أخرى: إنه يصلح لكتب العهد، ومن مرض في أوله كان مرضه خفيفا وفي آخره كان ثقيلا.
اليوم الثالث: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس مستمر نزع آدم
وحواء لباسهما وأخرجا من الجنة فاجعل شغلك فيه صلاح منزلك ولا تخرج من دارك إن أمكتك واتق فيه السلطان والبيع والشراء وطلب الحوائج والمعاملة والمشاركة، والهارب فيه يوجد والمريض فيه يجهد والمولود فيه يكون مرزوقا طويل العمر. وقال سلمان: هو (روز أردي بهشت) اسم الملك الموكل بالشقاء والنعم، يوم ثقيل نحس لا يصلح لأمر من الأمور. وفي الرواية الأخرى عنه: يوم نحس فيه سلب آدم وحواء لباسهما فلا تشتر فيه ولا تبع ولا تأت فيه السلطان ولا تطلب فيه حاجة. المكارم: رديء لا يصلح لشيء جملة، الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس فيه قتل هابيل أخوه قابيل عليه اللعنة والعذاب السرمد، وهو يوم مذموم لا تسافر فيه ولا تعمل عملا ولا تلق فيه أحدا واستعذ بالله من شره بعوذة أمير المؤمنين علي عليه السّلام، ومن ولد فيه كان منحوسا، ومن مرض فيه وفي ليلته كان يخاف عليه إلا أن يشاء الله غير ذلك. وفي رواية أخرى: أن من ولد فيه كان مرزوقا طويل العمر وفيه سلب آدم وحواء لباسهما وأخرجا من الجنة، والهارب فيه يوجد والمريض فيه يجهد، أقول: المضبوط عند الفرس (أردي بهشت) الأشجار والأراضي وظهور الأزهار.(1/282)
اليوم الثالث: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس مستمر نزع آدم
وحواء لباسهما وأخرجا من الجنة فاجعل شغلك فيه صلاح منزلك ولا تخرج من دارك إن أمكتك واتق فيه السلطان والبيع والشراء وطلب الحوائج والمعاملة والمشاركة، والهارب فيه يوجد والمريض فيه يجهد والمولود فيه يكون مرزوقا طويل العمر. وقال سلمان: هو (روز أردي بهشت) اسم الملك الموكل بالشقاء والنعم، يوم ثقيل نحس لا يصلح لأمر من الأمور. وفي الرواية الأخرى عنه: يوم نحس فيه سلب آدم وحواء لباسهما فلا تشتر فيه ولا تبع ولا تأت فيه السلطان ولا تطلب فيه حاجة. المكارم: رديء لا يصلح لشيء جملة، الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس فيه قتل هابيل أخوه قابيل عليه اللعنة والعذاب السرمد، وهو يوم مذموم لا تسافر فيه ولا تعمل عملا ولا تلق فيه أحدا واستعذ بالله من شره بعوذة أمير المؤمنين علي عليه السّلام، ومن ولد فيه كان منحوسا، ومن مرض فيه وفي ليلته كان يخاف عليه إلا أن يشاء الله غير ذلك. وفي رواية أخرى: أن من ولد فيه كان مرزوقا طويل العمر وفيه سلب آدم وحواء لباسهما وأخرجا من الجنة، والهارب فيه يوجد والمريض فيه يجهد، أقول: المضبوط عند الفرس (أردي بهشت) الأشجار والأراضي وظهور الأزهار.
اليوم الرابع: عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح للزرع والصيد والبناء واتخاذ الماشية ويكره فيه السفر، فمن سافر فيه خيف عليه القتل والسلب أو بلاء يصيبه، وفيه مولود هابيل، والمولود فيه يكون صالحا مباركا، ومن هرب فيه عسر طلبته ولجأ إلى من يمنعه. وقال سلمان: (روز شهربور) اسم الملك الذي خلقت فيه الجواهر ووكل بها وهو موكل ببحر الروم. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح للتزويج والصيد، ويذم فيه السفر، ومن سافر فيه سلب، وفيه ولد هابيل بن آدم.
المكارم عنه عليه السّلام: صالح للتزويج ويكره السفر فيه. الزوائد عنه عليه السّلام: هو يوم متوسط صالح لقضاء الحوائج، فيه ولد هبة الله شيث بن آدم عليه السّلام، ولا تسافر فيه فإنه مكروه ومن ولد فيه كان مباركا، ومن مرض فيه شفي ليلته بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى أن هابيل ولد فيه أيضا، ويخاف فيه على المسافر السلب والقتل وبلاء يصيبه، ومن هرب فيه نجا إلى من يمنع منه. أقول: اسمه عند الفرس (شهربور) لفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وكسر الراء المهملة وسكون الباء وفتح الواو.
اليوم الخامس: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس مستمر فيه ولد قابيل الشقي الملعون، وفيه قتل أخاه وفيه دعا بالويل على نفسه، وهو أول من
بكى في الأرض فلا تعمل فيه عملا ولا تخرج من منزلك، ومن حلف فيه كاذبا عجل له الجزاء ومن ولد فيه صلح حاله. وقال سلمان: (روز اسفندار) اسم الملك الموكل بالأرضين، يوم نحس فلا تطلب فيه حاجة ولا تلق فيه سلطان، وفي الرواية الأخرى عنه عليه السّلام: ولد فيه قابيل وفيه قتل أخاه ولا تطلب فيه حاجة.(1/283)
اليوم الخامس: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس مستمر فيه ولد قابيل الشقي الملعون، وفيه قتل أخاه وفيه دعا بالويل على نفسه، وهو أول من
بكى في الأرض فلا تعمل فيه عملا ولا تخرج من منزلك، ومن حلف فيه كاذبا عجل له الجزاء ومن ولد فيه صلح حاله. وقال سلمان: (روز اسفندار) اسم الملك الموكل بالأرضين، يوم نحس فلا تطلب فيه حاجة ولا تلق فيه سلطان، وفي الرواية الأخرى عنه عليه السّلام: ولد فيه قابيل وفيه قتل أخاه ولا تطلب فيه حاجة.
المكارم عنه عليه السّلام: روي أنه نحس. الزوائد: هو يوم نحس مستمر فيه لعن إبليس وهاروت وماروت وكل فرعون وجبار وفيه لعن وعذب، وهو يوم نحس نكد عسر لا خير فيه فاستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان مشؤوما فقيرا انكد الحياة عسير الرزق، ومن مرض فيه أو في ليلته ثقل مرضه وخيف عليه. وفي رواية أخرى: فيه قتل هابيل وينظر في إصلاح الماشية، ومن كذب عجل الله له الجزاء.
أقول: المشهور عند الفرس اسفندار ويقال اسبندار وسبيندار بالحاق مد في الجميع.
اليوم السادس الدروع: عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح للتزويج، ومن سافر فيه في بر أو بحر رجع إلى أهله بما يحبه، جيد لشراء الماشية، ومن ضل فيه أو أبق وجد، ومن مرض فيه برىء، ومن ولد فيه صلحت تربيته وسلم من الآفات. وقال سلمان الفارسي: (روز خرداد) اسم ملك موكل بالجن، يصلح للتزويج والمعاش وكل حاجة، والاحلام يظهر تأويلها بعد يوم أو يومين. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح للتزويج والصيد والمعاش وكل حاجة. المكارم عنه عليه السّلام: مبارك يصلح للتزويج وطلب الحوائج. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صالح ولد فيه نوح. يصلح للحوائج والسلطان والسفر والبيع والشراء والديون والقضاء والأخذ والعطاء والنزهة والصيد، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا موسعا عليه في حياته، ومن مرض فيه أو في ليلته لم يجاوز مرضه أسبوعا ثم يبرأ بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يصلح للتزويج وشراء الماشية. أقول: خرداد عندهم بضم الخاء المعجمة.
اليوم السابع: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لجميع الأمور، ومن بدأ فيه بالكتابة أكملها ومن بدأ فيه بعمارة أو غرس حمدت عاقبته، ومن ولد فيه صلحت تربيته ووسع عليه رزقه. وقال سلمان: (روز مردار) اسم ملك موكل بالناس وأرزاقهم، وهو يوم مبارك سعيد فافعل فيه ما تشاء من الخير. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح مثل السادس. المكارم عنه عليه السّلام: مبارك مختار يصلح لكل ما يراد ويسعى فيه. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم سعيد مبارك فيه ركب نوح السفينه،
فاركب البحر وسافر في البر والق العدو واعمل ما شئت فإنه يوم عظيم البركة محمود لطلب الحوائج والسعي فيها، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا على نفسه وأبويه خفيف النجم موسعا عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يصلح لابتداء الكتابة والعمارة وغرس الأشجار. أقول:(1/284)
اليوم السابع: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لجميع الأمور، ومن بدأ فيه بالكتابة أكملها ومن بدأ فيه بعمارة أو غرس حمدت عاقبته، ومن ولد فيه صلحت تربيته ووسع عليه رزقه. وقال سلمان: (روز مردار) اسم ملك موكل بالناس وأرزاقهم، وهو يوم مبارك سعيد فافعل فيه ما تشاء من الخير. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح مثل السادس. المكارم عنه عليه السّلام: مبارك مختار يصلح لكل ما يراد ويسعى فيه. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم سعيد مبارك فيه ركب نوح السفينه،
فاركب البحر وسافر في البر والق العدو واعمل ما شئت فإنه يوم عظيم البركة محمود لطلب الحوائج والسعي فيها، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا على نفسه وأبويه خفيف النجم موسعا عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يصلح لابتداء الكتابة والعمارة وغرس الأشجار. أقول:
مردار أيضا بالضم، وقال أبو ريحان: معناه دوام الخلق أبدا من غير فناء.
اليوم الثامن: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل حاجة من بيع أو شراء، ومن دخل على سلطان قضيت حاجته، ويكره فيه ركوب البحر والسفر في البر والخروج إلى حرب، ومن ولد صلحت ولادته، ومن هرب فيه لم يقدر عليه إلا بتعب، ومن ضل فيه لم يرشد الا بجهد، والمريض فيه يجهد. وقال سلمان: (روز تيادرا) اسم من أسمائه تعالى، وهو مبارك سعيد صالح لكل أمر تريد من الخير. وفي الرواية الأخرى: يوم مبارك صالح لكل حاجة إلا السفر.
المكارم: ويصلح لكل حاجة إلا السفر فإنه لا يكن فيه. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صالح للبيع والشراء فاشتر فيه وبع وخذ وأعط ولا تعرض للسفر فإنه يكره فيه سفر البر والبحر، ومن ولد فيه كان متوسط الحال طويل العمر، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يصلح للقاء السلطان وقضاء الحوائج منه، ومن هرب لم يقدر عليه إلا بتعب، ومن ضل فيه لم يرشد إلا بجهد. وقيل من مرض هلك. أقول: المعروف عندهم ديبادر.
اليوم التاسع: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم خفيف صالح لكل أمر تريده فابدأ فيه بالعمل واقترض فيه وازرع واغرس، ومن حارب فيه غلب ومن سافر فيه رزق مالا ورأى خيرا، ومن هرب فيه نجا، ومن مرض فيه ثقل، ومن ضل قدر عليه، ومن ولد فيه صلحت ولادته ووفق فيه في كل حالاته. وقال سلمان (روز اذر) اسم ملك موكل بالميزان يوم القيامة محمود الأحلام تصح فيه من يومها وفي الرواية الأخرى: يوم خفيف لكل أمر يريده، والمولود فيه يكون مرزوقا في معيشته ولا يصيبه ضيق. المكارم عنه عليه السّلام: مبارك يصلح لكل ما يريده الإنسان ومن سافر فيه رزق مالا ويرى في سفره كل خير. الزوائد عنه عليه السّلام:
يوم صالح محمود ولد فيه سام بن نوح، وهو يوم مبارك يصلح للحوائج والدخول على السلطان وجميع الأعمال والدين والقرض والأخذ والعطاء ومن ولد فيه كان محبوبا مقبولا عند الناس يطلب العلم ويعمل بأعمال الصالحين، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: من سافر فيه رزق ولقي خيرا،
ويصلح للغرس والزرع، ومن حارب فيه غلب، ومن هرب ولجأ إلى السلطان يمنع عليه، ومن مرض فيه ثقل أقول: عندهم آذر بالألف الممدودة ثم الدال المعجمة المفتوحة اسم النار والملك الموكل بها، وصحح بعضهم بضم الدال والأول أشهر.(1/285)
يوم صالح محمود ولد فيه سام بن نوح، وهو يوم مبارك يصلح للحوائج والدخول على السلطان وجميع الأعمال والدين والقرض والأخذ والعطاء ومن ولد فيه كان محبوبا مقبولا عند الناس يطلب العلم ويعمل بأعمال الصالحين، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: من سافر فيه رزق ولقي خيرا،
ويصلح للغرس والزرع، ومن حارب فيه غلب، ومن هرب ولجأ إلى السلطان يمنع عليه، ومن مرض فيه ثقل أقول: عندهم آذر بالألف الممدودة ثم الدال المعجمة المفتوحة اسم النار والملك الموكل بها، وصحح بعضهم بضم الدال والأول أشهر.
اليوم العاشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه ولد فيه نوح عليه السّلام، ومن ولد فيه يكبر ويهرم ويرزق، يصلح للبيع والشراء، والضالة فيه توجد والهارب فيه يظفر به ويحبس، وينبغي للمريض فيه أن يوصي. وقال سلمان: (روز أبان) اسم ملك موكل بالبحار والأودية، يوم خفيف مبارك، ومن هرب فيه من سلطان أخذ، ومن ولد فيه لم يصبه ضيق وكان مرزوقا، والأحلام فيه تظهر في مدة عشرين يوما. وفي الرواية الأخرى: فيه ولد نوح عليه السّلام يوم صالح للحرث والزرع وكل خير. المكارم: صالح لكل حاجة سوى الدخول على السلطان ومن فر من السلطان أخذ ومن ضلت له ضالة فيه وجدها، وهو جيد للبيع والشراء، ومن مرض فيه برىء. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم محمود رفع الله فيه إدريس مكانا عليا، وفيه أخذ موسى التوراة، يصلح لكتب الكتب والشروط والعهود وأعمال الدواوين والحساب، ومن ولد فيه كان مباركا حليما صالحا عفيفا، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه. وفي رواية أخرى: يصلح للبيع والشراء ومن ضلت له ضالة وجدها، ويستحب للمريض فيه، ومن هرب فيه ظفر فيه وسجن.
اليوم الحادي عشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه ولد فيه شيث، صالح لابتداء العمل والبيع والشراء والسفر ويجتنب فيه الدخول على السلطان، ومن هرب فيه رجع طائعا، ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ، ومن ضل فيه سلم، ومن ولد فيه طاب عيشه غير أنه لا يموت حتى يفتقر ويهرب من سلطان. وقال سلمان: (روز خور) اسم ملك موكل بالشمس يوم خفيف مثل الذي تقدمه. وفي الرواية الأخرى: من هرب فيه أخذ، ومن ولد فيه يكون مرزوقا في معيشته ويعمر حتى يهرم ولا يفتقر أبدا. المكارم عنه عليه السّلام: يصلح للشراء والبيع ولجميع الحوائج وللسفر ما خلا الدخول على السلطان وإن التواري فيه يصلح. الزوائد عنه عليه السّلام:
صالح للشراء والبيع والمعاملة والقرض، ويكره فيه الدخول على السلطان ومعاملته والتصرف فيه، ومن ولد فيه كان مباركا صالحا للتربية، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. أقول: عندهم خور بضم الخاء ومنهم من صححه بالفتح والأول أظهر، يؤيده دخول الواو في الكتابة. وفي رواية أخرى: إنه ولد فيه
شيث عليه السّلام ومن هرب فيه رجع طائعا ومن ضل فيه سلم، وذكر أيضا إنه يموت فقيرا ويهرب من السلطان.(1/286)
صالح للشراء والبيع والمعاملة والقرض، ويكره فيه الدخول على السلطان ومعاملته والتصرف فيه، ومن ولد فيه كان مباركا صالحا للتربية، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى. أقول: عندهم خور بضم الخاء ومنهم من صححه بالفتح والأول أظهر، يؤيده دخول الواو في الكتابة. وفي رواية أخرى: إنه ولد فيه
شيث عليه السّلام ومن هرب فيه رجع طائعا ومن ضل فيه سلم، وذكر أيضا إنه يموت فقيرا ويهرب من السلطان.
اليوم الثاني عشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح للتزويج وفتح الحوانيت والشركة وركوب البحار. تجتنب فيه الوسائط بين الناس والمريض يوشك أن يبرأ. والمولود فيه يكون حسن التربية. قال سلمان: (روز ماه) يوم مختار، وهو اسم ملك موكل بالقمر. وفي الرواية الأخرى: مثل الحادي عشر. المكارم عنه عليه السّلام: يوم صالح مبارك فاطلبوا فيه حوائجكم واسعوا لها فإنها تقضى.
الزوائد عنه عليه السّلام: يوم مبارك فيه قضى موسى الأجل، وهو يوم التزويج والمشاركة وفتح الحوانيت وعمارة المنازل والبيع والشراء والأخذ والعطاء، ومن ولد فيه يكون عفيفا ناسكا صالحا، ومن عرض فيه أو في ليلته من حمى خيف عليه إلا أن يشاء الله تعالى. وفي رواية أخرى: يستحب فيه ركوب الماء ولا يرتكب فيه الوسائط يعني الوسائط بين الناس.
اليوم الثالث عشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس فاتق فيه المنازعة والحكومة ولقاء السلطان وكل أمر ولا تدهن فيه ولا تحلق فيه شعرا، ومن ضل فيه أو هرب سلم، ومن مرض فيه أجهد، والمولود فيه ذكر إنه لا يعيش، وقال سلمان: (روز نيز) اسم ملك موكل بالنجوم، يوم نحس رديء فاتق فيه السلطان وجميع الأعمال، والأحلام تصح فيه بعد تسعة أيام. وفي الرواية الأخرى: يوم نحس لا تطلب فيه حاجة، المكارم عنه عليه السّلام: يوم نحس فاتقوا فيه جميع الأعمال. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس فيه هلك ابن نوح وامرأة نوح، وهو يوم مذموم فاستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان مشؤوما عسير الرزق كثير الحقد نكد الخلق، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه والله أعلم. وفي رواية أخرى: يتقى فيه المنازعات ولقاء السلاطين والحكومات وحلق الرأس ودهن الشعر، ومن هرب فيه سلم، وإن ولد فيه ذكر لم يعش.
اليوم الرابع عشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل شيء، ومن ولد فيه يكون غشوما، وهو جيد لطلب العلم. والبيع والشراء والسفر والاستعراض وركوب البحر، ومن هرب فيه أخذ ومن مرض فيه برىء. وقال سلمان: (روز جوش) اسم ملك موكل بالإنس والجن والريح، يوم مبارك سعيد يصلح لكل شيء وللقاء السلطان وأشراف الناس وعلمائهم، ومن ولد فيه يكون كاتبا أديبا يكثر ماله آخر عمره، والأحلام تصح بعد ستة وعشرين يوما. وفي
الرواية الأخرى: يوم سعيد صالح لكل حاجة، ومن ولد فيه عمر ويكون مشغولا بطلب العلم ويكثر ماله في آخر عمره. المكارم عنه عليه السّلام: جيد للحوائج وكل عمل. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صالح لما تريد من قضاء الحوائج ولقاء الملوك وطلب العلم وأعمال الديوان، ومن ولد فيه عاش سليما سعيدا وكان في أموره مسددا محمودا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء من مرضه ولم يطل والله أعلم. وفي رواية أخرى: أن من ولد فيه يكون في آخر عمره كثير المال ويكون غشوما ظلوما، يصلح للبيع والشراء والاستقراض والقرض وركوب البحر، ومن هرب فيه يؤخذ. أقول: جوش بضم الجيم وسكون الواو.(1/287)
اليوم الرابع عشر: الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل شيء، ومن ولد فيه يكون غشوما، وهو جيد لطلب العلم. والبيع والشراء والسفر والاستعراض وركوب البحر، ومن هرب فيه أخذ ومن مرض فيه برىء. وقال سلمان: (روز جوش) اسم ملك موكل بالإنس والجن والريح، يوم مبارك سعيد يصلح لكل شيء وللقاء السلطان وأشراف الناس وعلمائهم، ومن ولد فيه يكون كاتبا أديبا يكثر ماله آخر عمره، والأحلام تصح بعد ستة وعشرين يوما. وفي
الرواية الأخرى: يوم سعيد صالح لكل حاجة، ومن ولد فيه عمر ويكون مشغولا بطلب العلم ويكثر ماله في آخر عمره. المكارم عنه عليه السّلام: جيد للحوائج وكل عمل. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صالح لما تريد من قضاء الحوائج ولقاء الملوك وطلب العلم وأعمال الديوان، ومن ولد فيه عاش سليما سعيدا وكان في أموره مسددا محمودا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء من مرضه ولم يطل والله أعلم. وفي رواية أخرى: أن من ولد فيه يكون في آخر عمره كثير المال ويكون غشوما ظلوما، يصلح للبيع والشراء والاستقراض والقرض وركوب البحر، ومن هرب فيه يؤخذ. أقول: جوش بضم الجيم وسكون الواو.
اليوم الخامس عشر: في العدد القوية لدفع المخاوف اليومية للشيخ رضي الدين علي بن مطهر الحلي قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مبارك يصلح لكل حاجة والسفر وغيره فاطلبوا فيه الحوائج فإنها مقضية. وفي رواية أخرى محذور نحس في كل الأمور إلا من أراد أن يستقرض أو يقرض أو يشاهد ما يشري، ولد فيه قابيل وكان ملعونا وهو الذي قتل أخاه فاحذروا فيه كل الحذر ففيه خلق الغضب، ومن مرض فيه مات، وفي رواية أخرى: من مرض فيه برىء عاجلا، ومن هرب فيه ظفر به، ومن ولد فيه يكون سّيّء الخلق. وفي رواية أخرى من ولد فيه يكون ألتغ أو أخرس أو ثقيل اللسان. قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد فيه يكون أخرس وألتغ. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف، وفي رواية أخرى:
يوم مبارك يصلح لكل عمل وحاجة، والأحلام فيه تصح بعد ثلاثة أيام، يحمد فيه لقاء القضاء والعلماء والتعليم وطلب ما عند الرؤساء والكتاب. وقال سلمان: (ويمهروز) اسم من أسماء الله تعالى. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل الأمور إلا من أراد أن يستقرض أو يقرض، ومن مرض فيه برىء عاجلا، ومن هرب فيه ظفر به، والمولود فيه يكون ألتغ أو أخرس. وقال سلمان:
(روزيهر) اسم من أسمائه تعالى يصلح لكل حاجة، والأحلام فيه تصح بعد ثلاثة أيام، وفي الرواية الأخرى يوم صالح لكل أمر، والمولود يكون أخرس أو ألتغ.
المكارم: صالح لكل حاجة تريدها فاطلبوا فيه حوائجكم فإنها تقضى. الزوائد: يوم صالح لكل عمل أو حاجة ولقاء الأشراف والعظماء والرؤساء فاطلب فيه حوائجك والق سلطانك واعمل ما بدا لك فإنه يوم سعيد، ومن ولد فيه يكون ألتغ اللسان أو أخرس، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه إلا إن يشاء الله. وفي رواية أخرى: يوم محذور ويصلح للاستقراض والقرض ومشاهدة ما يشري، ومن مرض
فيه برىء. ومن هرب يظفر به بمكان قريب. (بيان) الألتغ محركة واللتغة بالضم تحول اللسان من السين إلى التاء أو من الراء إلى الغين أو اللام أو الياء أو من حرف إلى آخر أو لأن لا يتم رفع لسانه وفيه ثقل. لتغ كفرح وهو ألتغ. وتصحيح الاسم عندهم بالدال المفتوحة والياء الساكنة والباء المكسورة وفي نسخ الدروع سقوط الميم وفتح الفاء وإنما ابتدأنا النقل من العدد من هذا اليوم لأنه لم يصل إلينا من هذا الكتاب إلا من اليوم الخامس عشر إلى آخر الشهر ومن أول الشهر إلى هذا اليوم كان ساقطا.(1/288)
المكارم: صالح لكل حاجة تريدها فاطلبوا فيه حوائجكم فإنها تقضى. الزوائد: يوم صالح لكل عمل أو حاجة ولقاء الأشراف والعظماء والرؤساء فاطلب فيه حوائجك والق سلطانك واعمل ما بدا لك فإنه يوم سعيد، ومن ولد فيه يكون ألتغ اللسان أو أخرس، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه إلا إن يشاء الله. وفي رواية أخرى: يوم محذور ويصلح للاستقراض والقرض ومشاهدة ما يشري، ومن مرض
فيه برىء. ومن هرب يظفر به بمكان قريب. (بيان) الألتغ محركة واللتغة بالضم تحول اللسان من السين إلى التاء أو من الراء إلى الغين أو اللام أو الياء أو من حرف إلى آخر أو لأن لا يتم رفع لسانه وفيه ثقل. لتغ كفرح وهو ألتغ. وتصحيح الاسم عندهم بالدال المفتوحة والياء الساكنة والباء المكسورة وفي نسخ الدروع سقوط الميم وفتح الفاء وإنما ابتدأنا النقل من العدد من هذا اليوم لأنه لم يصل إلينا من هذا الكتاب إلا من اليوم الخامس عشر إلى آخر الشهر ومن أول الشهر إلى هذا اليوم كان ساقطا.
اليوم السادس عشر: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام إنه يوم نحس مستمر رديء فلا تسافر فيه ومن سافر فيه هلك ويناله مكروه فاجتنبوا فيه الحركات، واتقوا فيه الحوائج ما استطعتم فلا تطلبوا فيه حاجة، ويكره فيه لقاء السلطان. وفي رواية: يصلح للتجارة والبيع والشراء والمشاركة والخروج إلى البحر، ويصلح للأبنية ووضع الأساسات ويصلح لعمل الخير. وفي رواية: خلقت فيه المحبة والشهوات وهو يوم السفر فيه جيد في البر والبحر استأجروا فيه من شئتم وادفع فيه إلى من شئت، ومن ولد فيه يكون مجنونا لا محالة ويكون نحيلا.
وفي رواية: من ولد في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا وإن ولد بعد الزوال إلى آخره صلحت حاله، ومن هرب فيه يرجع، ومن ضل فيه سلم، ومن ضلت له ضالة وجدها، ومن مرض فيه برىء عاجلا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من مرض فيه خيف عليه الهلاك. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف. وفي رواية: إنه جيد لكل ما يراد من الأعمال والنيات والتصرفات، والمولود فيه يكون عاملا، وهو يوم لجميع ما يطالب فيه من الأمور الجيدة. وفي رواية: إنه يوم نحس مستمر من ولد فيه يكون مجنونا لا بد من ذلك، ومن سافر فيه يهلك، ويصلح لعمل الخير ويتقى فيه الحركة، والأحلام تصح فيه بعد يومين. قال سلمان الفارسي: (مهر روز) اسم الملك الموكل بالرحمة. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس لا يصلح لشيء سوى الأبنية والأساسات، ومن سافر فيه هلك، ومن هرب فيه رجع، ومن ضل فيه سلم، ومن مرض فيه برىء سريعا، والمولود يكون فيه مجنونا ان ولد قبل الزوال وإن ولد بعد الزوال صلحت حاله. وقال سلمان الفارسي: (روز مهر) اسم ملك موكل بالرحمة، وهو يوم نحس فاتق فيه الحركة، والأحلام تصح فيه بعد يومين. وفي الرواية الأخرى: يوم نحس ومن ولد فيه يكون مجنونا، ومن سافر فيه هلك. المكارم: رديء مذموم لكل شيء. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس رديء مذموم لا خير فيه فلا تسافر فيه ولا تطلب حاجة وتوقّ ما استطعت ونعوذ بالله من
شره، ومن ولد فيه يكون مشؤوما عسر التربية منحوسا في عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه ويطول مرضه والله أعلم. وفي رواية أخرى: من سافر فيه هلك، ويكره فيه لقاء السلطان ويصلح للتجارة والبيع والمشاركة والخروج إلى البحر والأبنية والأساسات، والذي يهرب فيه يرجع، ومن ضل فيه سلم، ومن ولد له في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا ومن بعد الزوال تكون أعماله صالحة أقول: مهر عندهم بكسر الميم وسكون الهاء.(1/289)
وفي رواية: من ولد في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا وإن ولد بعد الزوال إلى آخره صلحت حاله، ومن هرب فيه يرجع، ومن ضل فيه سلم، ومن ضلت له ضالة وجدها، ومن مرض فيه برىء عاجلا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من مرض فيه خيف عليه الهلاك. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف. وفي رواية: إنه جيد لكل ما يراد من الأعمال والنيات والتصرفات، والمولود فيه يكون عاملا، وهو يوم لجميع ما يطالب فيه من الأمور الجيدة. وفي رواية: إنه يوم نحس مستمر من ولد فيه يكون مجنونا لا بد من ذلك، ومن سافر فيه يهلك، ويصلح لعمل الخير ويتقى فيه الحركة، والأحلام تصح فيه بعد يومين. قال سلمان الفارسي: (مهر روز) اسم الملك الموكل بالرحمة. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس لا يصلح لشيء سوى الأبنية والأساسات، ومن سافر فيه هلك، ومن هرب فيه رجع، ومن ضل فيه سلم، ومن مرض فيه برىء سريعا، والمولود يكون فيه مجنونا ان ولد قبل الزوال وإن ولد بعد الزوال صلحت حاله. وقال سلمان الفارسي: (روز مهر) اسم ملك موكل بالرحمة، وهو يوم نحس فاتق فيه الحركة، والأحلام تصح فيه بعد يومين. وفي الرواية الأخرى: يوم نحس ومن ولد فيه يكون مجنونا، ومن سافر فيه هلك. المكارم: رديء مذموم لكل شيء. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس رديء مذموم لا خير فيه فلا تسافر فيه ولا تطلب حاجة وتوقّ ما استطعت ونعوذ بالله من
شره، ومن ولد فيه يكون مشؤوما عسر التربية منحوسا في عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه ويطول مرضه والله أعلم. وفي رواية أخرى: من سافر فيه هلك، ويكره فيه لقاء السلطان ويصلح للتجارة والبيع والمشاركة والخروج إلى البحر والأبنية والأساسات، والذي يهرب فيه يرجع، ومن ضل فيه سلم، ومن ولد له في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا ومن بعد الزوال تكون أعماله صالحة أقول: مهر عندهم بكسر الميم وسكون الهاء.
اليوم السابع عشر: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم صاف مختار لجميع الحوائج يصلح للبيع والشراء والتزويج والدخول على السلطان وغير ذلك، صالح لكل حاجة فاطلب فيه ما تريد فإنه جيد، خلقت فيه القوة وخلق فيه ملك الموت، وهو الذي بارك فيه الحق على يعقوب عليه السّلام جيد صالح للعمارة وفتق الأنهار وغرس الأشجار، والسفر فيه لا يتم، وفي رواية أخرى: هذا اليوم متوسط يحذر فيه المنازعة، ومن أقرض فيه شيئا لم يرد إليه وإن رد فيجهد، ومن استقرض فيه شيئا لم يرده. قال ابن معمر في رواية أخرى: إنه يوم ثقيل لا يصلح لطلب الحوائج فاحذر فيه وأحسن إلى ولدك وعبدك ومن مرض فيه يبرأ والرؤيا كاذبة والآبق فيه يوجد، ومن ولد فيه عاش طويلا وصلحت حاله وتربيته ويكون عيشه طيبا لا يرى فيه فقرا. وقالت الفرس:
إنه يوم خفيف. وفي رواية: إنه يوم ثقيل غير صالح لعمل الخير فلا تلتمس فيه الحاجة. وفي رواية أخرى: يوم جيد مختار يحمد فيه الزواج والتزويج والختان والشركة والتجارة ولقاء الإخوان والمضاربة للأموال، قال سلمان: (سروش روز) اسم الملك الموكل بحراسة العالم وهو جبرئيل عليه السّلام، الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم متوسط واحذر فيه المنازعة والقرض والاستقراض فمن أقرض فيه شيئا لم يرد إليه ومن استقرض لم يرده، ومن ولد فيه صلحت أحواله. وقال سلمان (روز سروش) اسم ملك موكل بحراسة العالم، وهو يوم ثقيل فلا تلتمس فيه حاجة وفي الرواية الأخرى: يوم صالح. وقال في رواية أخرى: إنه يوم ثقيل لا يصلح لطلب الحاجة. المكارم عنه عليه السّلام: صاف مختار فاطلبوا ما شئتم من حوائجكم وتزوجوا وبيعوا واشروا وازرعوا واثبتوا وادخلوا على السلطان في حوائجكم فإنها تقضى. الزوائد، عنه عليه السّلام: يوم صالح مختار محمود لكل عمل فاطلبوا فيه الحوائج واشتر وبع والق الكتاب والعمال ومن شئت، ومن ولد فيه كان مباركا سعيدا في كل أموره، ومن مرض فيه أو في ليلته خلص وبرىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: متوسط احذر فيه المنازعة
والقرض والاستقراض. أقول: سروش عندهم بالسين والراء المهملتين المضمومتين.(1/290)
إنه يوم خفيف. وفي رواية: إنه يوم ثقيل غير صالح لعمل الخير فلا تلتمس فيه الحاجة. وفي رواية أخرى: يوم جيد مختار يحمد فيه الزواج والتزويج والختان والشركة والتجارة ولقاء الإخوان والمضاربة للأموال، قال سلمان: (سروش روز) اسم الملك الموكل بحراسة العالم وهو جبرئيل عليه السّلام، الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم متوسط واحذر فيه المنازعة والقرض والاستقراض فمن أقرض فيه شيئا لم يرد إليه ومن استقرض لم يرده، ومن ولد فيه صلحت أحواله. وقال سلمان (روز سروش) اسم ملك موكل بحراسة العالم، وهو يوم ثقيل فلا تلتمس فيه حاجة وفي الرواية الأخرى: يوم صالح. وقال في رواية أخرى: إنه يوم ثقيل لا يصلح لطلب الحاجة. المكارم عنه عليه السّلام: صاف مختار فاطلبوا ما شئتم من حوائجكم وتزوجوا وبيعوا واشروا وازرعوا واثبتوا وادخلوا على السلطان في حوائجكم فإنها تقضى. الزوائد، عنه عليه السّلام: يوم صالح مختار محمود لكل عمل فاطلبوا فيه الحوائج واشتر وبع والق الكتاب والعمال ومن شئت، ومن ولد فيه كان مباركا سعيدا في كل أموره، ومن مرض فيه أو في ليلته خلص وبرىء بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: متوسط احذر فيه المنازعة
والقرض والاستقراض. أقول: سروش عندهم بالسين والراء المهملتين المضمومتين.
اليوم الثامن عشر: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار جيد مبارك سعيد يصلح للتزويج والسفر فمن سافر فيه قضيت حاجته مبارك لكل ما تريد أن تعمله ولطلب الحوائج صالح لكل حاجة من بيع وشراء وزرع فإنك تربح واسع في جميع حوائجك فإنها تقضى واطلب فيه ما شئت فإنك تظفر ويصلح للدخول على السلطان والقضاة والعمال. ومن خاصم فيه عدوه ظفر فيه بإذن الله تعالى وغلبه، ومن تزوج فيه يرى خيرا، ومن اقترض قرضا رده إلى من اقترض منه، ومن مرض فيه يوشك أن يبرأ، والمولود يصلح حاله ويكون عيشه طيبا ولا يرى فقرا ولا يموت إلا عن توبة. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف. وفي رواية أخرى تحمد فيه العمارات والأبنية وتشترى فيه البيوت والمنازل وتقضى فيه الحوائج والمهمات، ويصلح للسفر. وقال سلمان: (رش روز) اسم الملك الموكل بالنيران. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم سعيد صالح لكل شيء من بيع أو شراء أو زرع أو سفر، ومن خاصم فيه عدوه ظفر به، والقرض فيه يرد، والمريض فيه يبرأ، ومن ولد فيه صلحت أحواله. وقال سلمان: (روز رش) اسم ملك موكل بالنيران يصلح للسفر وطلب الحوائج. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح للسفر وكل ما تريده من حاجة. المكارم عنه عليه السّلام: مختار صالح للسفر ولطلب الحوائج، ومن خاصم فيه عدوه خصمه وظفر به بقدرة الله تعالى. الزوائد عنه عليه السّلام:
مختار للسفر والتزويج ولطلب الحوائج، ومن خاصم عدوه فيه خصمه وغلبه وقهره، ومن ولد فيه كان حسن التربية محمود العيش، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بإذن الله تعالى ونجا، وفي رواية أخرى: يصلح للبيع والشراء والزرع أقول: أكثرهم صححوا الاسم بفتح الراء المهملة وسكون الشين المعجمة والنون، وصحح بعضهم (رش) بغير نون كما في الدروع.
اليوم التاسع عشر: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم خفيف يصلح لكل شيء والسفر فمن سافر فيه قضى حاجته وقضيت أموره وكلما يريد يصل إليه، صالح للتزويج والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية سعيد مبارك، ولد فيه اسحاق بن إبراهيم عليه السّلام ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمسة عشر ليلة، ومن ولد فيه كان صالحا للحال متوقعا لكل خير. وفي رواية أخرى إنه يوم شديد كثر شره لا تعمل فيه عملا من أعمال الدنيا
والزم فيه بيتك وأكثر فيه ذكر الله عزّ وجلّ وذكر النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، ومن مرض فيه ينجو ولا تسافر فيه ولا تدفع فيه إلى أحد شيئا ولا تدخل على سلطان، ومن رزق له ولد فيه يكون سيّء الخلق، وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد فيه يكون مرزوقا مباركا، وقال الفرس: يوم ثقيل. وفي رواية أخرى: إنه يحمد فيه لقاء الملوك والسلاطين لطلب الحوائج وطلب ما عندهم وفي أيديهم وهو يوم مبارك. وقال سلمان الفارسي: (فروردين روز) اسم الملك الموكل بالأرواح وقبضها، وفي ليلة تسع عشرة من شهر رمضان يكتب وفد الحج ويستحب فيه الغسل، وفي ليلة الأربعاء تاسع عشر رمضان سنة أربعين من الهجرة ضرب مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم سعيد ولد فيه اسحاق، وهو صالح للسفر والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية، ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمس عشرة ليلة، ومن ولد فيه يكون صالحا موفقا للخيرات إن شاء الله تعالى. وقال سلمان الفارسي: (روز فروردين) اسم ملك موكل بالأرواح وقبضها وهو يوم مبارك. وفي الرواية الأخرى: مثل الثامن عشر. المكارم عنه عليه السّلام: مختار صالح لكل عمل، ومن ولد فيه يكون مباركا. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم مختار مبارك صالح لكل عمل تريد، وفيه ولد اسحاق بن إبراهيم فاطلب فيه الحوائج والق السلطان واكتب الكتب واعمل الأعمال، ومن ولد فيه كان كاتبا مباركا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه. وفي رواية أخرى: يصلح للسفر والمعاش وطلب العلم وشراء الرقيق والماشية، ومن ضل فيه أو هرب يقدر عليه بعد نصف شوال. أقول: فروردين عندهم بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الواو ثم سكون الراء وكسر الدال.(1/291)
اليوم التاسع عشر: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم خفيف يصلح لكل شيء والسفر فمن سافر فيه قضى حاجته وقضيت أموره وكلما يريد يصل إليه، صالح للتزويج والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية سعيد مبارك، ولد فيه اسحاق بن إبراهيم عليه السّلام ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمسة عشر ليلة، ومن ولد فيه كان صالحا للحال متوقعا لكل خير. وفي رواية أخرى إنه يوم شديد كثر شره لا تعمل فيه عملا من أعمال الدنيا
والزم فيه بيتك وأكثر فيه ذكر الله عزّ وجلّ وذكر النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، ومن مرض فيه ينجو ولا تسافر فيه ولا تدفع فيه إلى أحد شيئا ولا تدخل على سلطان، ومن رزق له ولد فيه يكون سيّء الخلق، وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد فيه يكون مرزوقا مباركا، وقال الفرس: يوم ثقيل. وفي رواية أخرى: إنه يحمد فيه لقاء الملوك والسلاطين لطلب الحوائج وطلب ما عندهم وفي أيديهم وهو يوم مبارك. وقال سلمان الفارسي: (فروردين روز) اسم الملك الموكل بالأرواح وقبضها، وفي ليلة تسع عشرة من شهر رمضان يكتب وفد الحج ويستحب فيه الغسل، وفي ليلة الأربعاء تاسع عشر رمضان سنة أربعين من الهجرة ضرب مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم سعيد ولد فيه اسحاق، وهو صالح للسفر والمعاش والحوائج وتعلم العلم وشراء الرقيق والماشية، ومن ضل فيه أو هرب قدر عليه بعد خمس عشرة ليلة، ومن ولد فيه يكون صالحا موفقا للخيرات إن شاء الله تعالى. وقال سلمان الفارسي: (روز فروردين) اسم ملك موكل بالأرواح وقبضها وهو يوم مبارك. وفي الرواية الأخرى: مثل الثامن عشر. المكارم عنه عليه السّلام: مختار صالح لكل عمل، ومن ولد فيه يكون مباركا. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم مختار مبارك صالح لكل عمل تريد، وفيه ولد اسحاق بن إبراهيم فاطلب فيه الحوائج والق السلطان واكتب الكتب واعمل الأعمال، ومن ولد فيه كان كاتبا مباركا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه. وفي رواية أخرى: يصلح للسفر والمعاش وطلب العلم وشراء الرقيق والماشية، ومن ضل فيه أو هرب يقدر عليه بعد نصف شوال. أقول: فروردين عندهم بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الواو ثم سكون الراء وكسر الدال.
اليوم العشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه جيد مبارك يصلح لطلب الحوائج والسفر فمن سافر فيه كانت حاجته مقضية، وجيد للبناء والتزويج والدخول على السلطان وغيره، وفي رواية أخرى: إنه ولد فيه إسحاق عليه السّلام محمود العاقبة جيد لطلب الحوائج طالب فيه بحقك وازرع ما شئت ولا تشتر فيه عبدا وفي رواية أخرى: تجنب فيه شراء العبد. وفي رواية أخرى: إنه يوم متوسط الحال صالح للسفر والبناء ووضع الأساس وحصاد الزرع وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية، من هرب فيه كان بعيد الدرك ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه. وفي رواية أخرى: من مرض فيه مات، ومن ولد فيه يكون في صعوبة العيش ويكون ضعيفا. وفي رواية أخرى: من ولد فيه
كان حليما فاضلا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من سافر فيه رجع سالما غانما وقضى الله حوائجه وحصنه من جميع المكاره. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف مبارك، وفي رواية أخرى: إنه يوم محمود يحمد فيه الطلب للمعاش والتوجه بالانتقال والاشتغال والأعمال المرضية والإبتداءات بالأمور. وقال سلمان: (بهرام روز). الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم متوسط صالح للسفر وقضاء الحوائج والبناء ووضع الأساس وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية، ومن هرب فيه بعد دركه ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه، ومن ولد فيه صعب عيشه. وقال سلمان: (روز بهرام) اسم ملك موكل بالنصر والخذلان والحروب والجدال، وهو جيد مبارك. وفي الرواية الأخرى: يوم مبارك يصلح للسفر ولطلب الحوائج. المكارم عنه عليه السّلام: جيد مختار للحوائج والسفر والبناء والغرس والدخول على السلطان يوم مبارك بإذن الله. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم جيد محمود صالح مسعود مبارك لما يؤتى فاشتر فيه وبع واعمل ما شئت، ومن ولد فيه كان طويل العمر ملكا يملك بلدا أو ناحية منه ومن مرض فيه أو في ليلته يخلص بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يوم متوسط يصلح للسفر والحوائج والبناء ووضع الأساسات وغرس الشجر والكرم واتحاذ الماشية، ومن هرب فيه كان بعيد الدرك ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه، ومن ولد فيه عاش في صعوبة. أقول: المضبوط عندهم بهرام بفتح الباء وسكون الهاء.(1/292)
اليوم العشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه جيد مبارك يصلح لطلب الحوائج والسفر فمن سافر فيه كانت حاجته مقضية، وجيد للبناء والتزويج والدخول على السلطان وغيره، وفي رواية أخرى: إنه ولد فيه إسحاق عليه السّلام محمود العاقبة جيد لطلب الحوائج طالب فيه بحقك وازرع ما شئت ولا تشتر فيه عبدا وفي رواية أخرى: تجنب فيه شراء العبد. وفي رواية أخرى: إنه يوم متوسط الحال صالح للسفر والبناء ووضع الأساس وحصاد الزرع وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية، من هرب فيه كان بعيد الدرك ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه. وفي رواية أخرى: من مرض فيه مات، ومن ولد فيه يكون في صعوبة العيش ويكون ضعيفا. وفي رواية أخرى: من ولد فيه
كان حليما فاضلا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من سافر فيه رجع سالما غانما وقضى الله حوائجه وحصنه من جميع المكاره. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف مبارك، وفي رواية أخرى: إنه يوم محمود يحمد فيه الطلب للمعاش والتوجه بالانتقال والاشتغال والأعمال المرضية والإبتداءات بالأمور. وقال سلمان: (بهرام روز). الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم متوسط صالح للسفر وقضاء الحوائج والبناء ووضع الأساس وغرس الشجر والكرم واتخاذ الماشية، ومن هرب فيه بعد دركه ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه، ومن ولد فيه صعب عيشه. وقال سلمان: (روز بهرام) اسم ملك موكل بالنصر والخذلان والحروب والجدال، وهو جيد مبارك. وفي الرواية الأخرى: يوم مبارك يصلح للسفر ولطلب الحوائج. المكارم عنه عليه السّلام: جيد مختار للحوائج والسفر والبناء والغرس والدخول على السلطان يوم مبارك بإذن الله. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم جيد محمود صالح مسعود مبارك لما يؤتى فاشتر فيه وبع واعمل ما شئت، ومن ولد فيه كان طويل العمر ملكا يملك بلدا أو ناحية منه ومن مرض فيه أو في ليلته يخلص بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: يوم متوسط يصلح للسفر والحوائج والبناء ووضع الأساسات وغرس الشجر والكرم واتحاذ الماشية، ومن هرب فيه كان بعيد الدرك ومن ضل فيه خفي أمره، ومن مرض فيه صعب مرضه، ومن ولد فيه عاش في صعوبة. أقول: المضبوط عندهم بهرام بفتح الباء وسكون الهاء.
اليوم الحادي والعشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
إنه يوم نحس مستمر يصلح فيه إراقة الدماء فاتقوا فيه ما استطعتم ولا تطلبوا فيه حاجة ولا تنازعوا فيه فإنه مذموم رديء منحوس، ولا تعلق فيه سلطان تتقيه فهو يوم رديء لسائر الأمور ولا تخرج من بيتك وتوقّ ما استطعت وتجنب فيه اليمين الصادقة وتجنب فيه الهوام فإن من لسع فيه مات، ولا تواصل فيه أحدا فهو أول يوم أريق فيه الدم وحاضت فيه حواء، ومن سافر فيه لم يرجع وخيف عليه ولم يربح، والمريض تشتد علته ولم يبرأ، ومن ولد فيه يكون محتاجا فقيرا. وفي رواية أخرى: ومن ولد فيه يكون صالحا. وقالت الفرس: إنه يوم جيد. وفي رواية أخرى: يصلح فيه إهراق الدم ولا تطلب فيه حاجة ويتقى فيه من الأذى. وفي أخرى: يكره فيه سائر الأعمال والفصد والحجامة ولقاء الأجناد والقواد والساسة، وقال سلمان: (رام روز) الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس رديء فلا تطلب فيه حاجة واتق فيه السلطان، ومن سافر فيه خيف عليه، ومن ولد فيه يكون
فقيرا محتاجا. وقال سلمان: (روز ماه) اسم ملك موكل بالفرج يصلح لإهراق الدماء حسب. وفي الرواية الأخرى: يوم نحس وهو يوم اراقة الدم فلا تطلب فيه حاجة. المكارم عنه عليه السّلام: يوم نحس مستمر، الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس مذموم أكل آدم فيه من الشجرة وعصى ربه فاحذره ولا تطلب فيه حاجة ولا تلق سلطانا ولا تعمل عملا ولا تشارك أحدا واقعد في منزلك واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان ضيق العيش نكد الحياة، ومن مرص فيه يخاف عليه. وفي رواية أخرى: شقي فيه السلطان والسفر. أقول: المضبوط عندهم رام بفتح الراء المهملة.(1/293)
إنه يوم نحس مستمر يصلح فيه إراقة الدماء فاتقوا فيه ما استطعتم ولا تطلبوا فيه حاجة ولا تنازعوا فيه فإنه مذموم رديء منحوس، ولا تعلق فيه سلطان تتقيه فهو يوم رديء لسائر الأمور ولا تخرج من بيتك وتوقّ ما استطعت وتجنب فيه اليمين الصادقة وتجنب فيه الهوام فإن من لسع فيه مات، ولا تواصل فيه أحدا فهو أول يوم أريق فيه الدم وحاضت فيه حواء، ومن سافر فيه لم يرجع وخيف عليه ولم يربح، والمريض تشتد علته ولم يبرأ، ومن ولد فيه يكون محتاجا فقيرا. وفي رواية أخرى: ومن ولد فيه يكون صالحا. وقالت الفرس: إنه يوم جيد. وفي رواية أخرى: يصلح فيه إهراق الدم ولا تطلب فيه حاجة ويتقى فيه من الأذى. وفي أخرى: يكره فيه سائر الأعمال والفصد والحجامة ولقاء الأجناد والقواد والساسة، وقال سلمان: (رام روز) الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس رديء فلا تطلب فيه حاجة واتق فيه السلطان، ومن سافر فيه خيف عليه، ومن ولد فيه يكون
فقيرا محتاجا. وقال سلمان: (روز ماه) اسم ملك موكل بالفرج يصلح لإهراق الدماء حسب. وفي الرواية الأخرى: يوم نحس وهو يوم اراقة الدم فلا تطلب فيه حاجة. المكارم عنه عليه السّلام: يوم نحس مستمر، الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس مذموم أكل آدم فيه من الشجرة وعصى ربه فاحذره ولا تطلب فيه حاجة ولا تلق سلطانا ولا تعمل عملا ولا تشارك أحدا واقعد في منزلك واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان ضيق العيش نكد الحياة، ومن مرص فيه يخاف عليه. وفي رواية أخرى: شقي فيه السلطان والسفر. أقول: المضبوط عندهم رام بفتح الراء المهملة.
اليوم الثاني والعشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
إنه يوم مختار حسن ما فيه مكروه يصلح لكل حاجة والشراء والبيع والصيد فيه والسفر ومن سافر فيه ربح ويرجع معافى إلى أهله سالما جيد لطلب الحوائج والمكارم وسائر الأعمال، والصدقة فيه مقبولة، ومن دخل على سلطان قضيت حاجته ويبلغ بقضاء الحوائج. وفي نسخة أخرى: ومن قصد السلطان وجد مخافة.
وفي رواية أخرى: خفيف صالح لكل شيء يلتمس فيه الرؤيا فيه مقصوصة والتجارة فيه مباركة ومن مرض فيه برىء سريعا، وقالت الفرس: إنه يوم يضل. وفي رواية أخرى: إنه يحمد فيه كل حاجة والأعمال السلطانية وسائر التصاريف في الأعمال المرضية وهو يوم خفيف يصلح لكل حاجة يراد قضاؤها قال سلمان: (باد روز).
الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لقضاء الحوائج والبيع والشراء والدخول على السلطان والصدقة فيه مقبولة والمريض فيه يبرأ سريعا والمسافر فيه يرجع معافى. وقال سلمان: (روز باد) اسم ملك موكل بالريح يوم خفيف يصلح لكل حاجة. وفي الرواية الأخرى: يوم صالح لكل شيء يلتمس فيه. المكارم عنه عليه السّلام: مختار صالح للشراء والبيع ولقاء السلطان والسفر والصدقة. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم سعيد مبارك مختار لما تريد من الأعمال فاعمل ما شئت والق من شئت فإنه مبارك، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا سعيدا، ومن مرض فيه أو في ليلته لا يخاف عليه يخلص، ويستحب فيه الشراء والبيع. بيان قوله عليه السّلام: «ويبلغ لقضاء الحوائج» أي حوائج غيره وهو تأكيد. مقصوصة أي ينبغي أن يقص لغيره ليعبرها.
اليوم الثالث والعشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
يوم سعيد مختار، ولد فيه يوسف عليه السّلام يصلح لكل حاجة ولكل ما تريدونه
وخاصة التزويج والتجارات كلها والدخول على السلطان والسفر، ومن سافر فيه غنم والذي قبله يصلح للبيع والشراء والرؤيا فيه كاذبة، والآبق فيه يوجد والضالة ترجع والمريض فيه يبرأ، ومن ولد فيه لا يموت إلا مقتولا ولد فيه فرعون. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: ولد فيه ابن يامين أخو يوسف عليه السّلام ومن ولد فيه يكون مرزوقا مباركا. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه التزويج والغفلة والسفر والأخذ والعطاء ولقاء السلطان، وصالح لسائر الأعمال ولقضاء الحوائج.(1/294)
يوم سعيد مختار، ولد فيه يوسف عليه السّلام يصلح لكل حاجة ولكل ما تريدونه
وخاصة التزويج والتجارات كلها والدخول على السلطان والسفر، ومن سافر فيه غنم والذي قبله يصلح للبيع والشراء والرؤيا فيه كاذبة، والآبق فيه يوجد والضالة ترجع والمريض فيه يبرأ، ومن ولد فيه لا يموت إلا مقتولا ولد فيه فرعون. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: ولد فيه ابن يامين أخو يوسف عليه السّلام ومن ولد فيه يكون مرزوقا مباركا. وقالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه التزويج والغفلة والسفر والأخذ والعطاء ولقاء السلطان، وصالح لسائر الأعمال ولقضاء الحوائج.
وقال سلمان: (تبدين روز) اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة وحراسة الأرواح حتى ترجع إلى الأبدان. وفي رواية: اسم من أسماء الله تعالى. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه ولد فيه يوسف عليه السّلام وهو يوم صالح لطلب الحوائج والتجارة والتزويج والدخول على السلطان ومن سافر فيه غنم وأصاب ومن ولد فيه كان حسن التربية. وقال سلمان: (روز تبدين) من أسماء الله تعالى يوم خفيف لسائر الحوائج. وفي رواية أخرى: مثل الثاني والعشرين. المكارم مختار جيد خاصة للتزويج والتجارات كلها والدخول على السلطان الزوائد عنه عليه السّلام: يوم سعيد مبارك لكل ما تريد للسفر والتحويل من مكان إلى مكان، وهو جيد للحوائج ولقاء الملوك، ومن ولد فيه كان سعيدا وعاش عيشا طيبا، ومن مرض فيه أو في ليلته نجا بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى: إن يوسف عليه السّلام ولد فيه يصلح للتزويج.
أقول: الاسم عندهم (ديتدين) بفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة التحتانية وكسر التاء أو فتحها وكسر الدال المهملة، ومنهم من صححه ديبادين وفي نسخ الدروع تصحيفات.
اليوم الرابع والعشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
إنه يوم نحس مستمر مذموم ميشوم ملعون ولد فيه فرعون، وهو يوم عسر نكد فاتقوا ما استطعتم، لا ينبغي أن تبتدىء فيه لحاجة ويكره فيه جميع الأعمال والأحوال ولا يحسن لكل أمر تطلب فيه، من سافر فيه مات في سفره. وفي رواية أخرى: من مرض فيه طال مرضه، ومن ولد فيه يكون سقيما حتى يموت نكدا في عيشه ولا يوفق لخير وإن مرض عليه جهد ويقتل في آخر عمره أو يغرق. وفي رواية أخرى: انه جيد للسفر والرؤيا فيه كاذبة. قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد في هذا اليوم علا أمره إلا انه يكون حزينا حقيرا، ومن مرض فيه طال مرضه.
وقالت الفرس: إنه يوم خفيف جيد وفي رواية أخرى: إنه رديء مذموم لا تطلب فيه حاجة، ولد فيه فرعون ذي الأوتاد. وقال سلمان: (دين روز) اسم الملك
الموكل بالسعي والحركة. وفي رواية أخرى: اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة وحراسة الأرواح حتى ترجع إلى الأبدان. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم رديء نحس فيه ولد فرعون فلا تطلب فيه أمرا من الأمور، ومن ولد فيه نكد عيشه ولم يوفق لخير يقتل آخر عمره أو يغرق، والمريض فيه يطول مرضه. وقال سلمان: (روز دين) اسم ملك موكل بالنوم والسعي والحركة وحراسة الأرواح إلى أن ترجع إلى الأبدان، يوم نحس مستمر مكروه لكل حال وعمل فاحذره، والمولود فيه كما ذكر انفا. وفي الرواية الأخرى: إنه يوم نحس مستمر فيه ولد فرعون، ومن ولد فيه يقتل ولا يكون موفقا وإن جهده ويكون عيشه نكدا، المكارم عنه عليه السّلام:(1/295)
وقالت الفرس: إنه يوم خفيف جيد وفي رواية أخرى: إنه رديء مذموم لا تطلب فيه حاجة، ولد فيه فرعون ذي الأوتاد. وقال سلمان: (دين روز) اسم الملك
الموكل بالسعي والحركة. وفي رواية أخرى: اسم الملك الموكل بالنوم واليقظة وحراسة الأرواح حتى ترجع إلى الأبدان. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم رديء نحس فيه ولد فرعون فلا تطلب فيه أمرا من الأمور، ومن ولد فيه نكد عيشه ولم يوفق لخير يقتل آخر عمره أو يغرق، والمريض فيه يطول مرضه. وقال سلمان: (روز دين) اسم ملك موكل بالنوم والسعي والحركة وحراسة الأرواح إلى أن ترجع إلى الأبدان، يوم نحس مستمر مكروه لكل حال وعمل فاحذره، والمولود فيه كما ذكر انفا. وفي الرواية الأخرى: إنه يوم نحس مستمر فيه ولد فرعون، ومن ولد فيه يقتل ولا يكون موفقا وإن جهده ويكون عيشه نكدا، المكارم عنه عليه السّلام:
يوم مذموم مشوم. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس مستمر مكروه لكل حال وعمل فاحذره ولا تعمل فيه عملا ولا تلق أحدا واقعد في بيتك واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان منحوسا ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه أو طال مرضه.
وفي رواية أخرى: فيه ولد فرعون والمولود فيه يقتل في آخر عمره إذا حرص في طلب الرزق أو يغرق. أقول: دين بكسر الدال وسكون الباء.
اليوم الخامس والعشرون: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
إنه يوم مذموم نحس وهو اليوم الذي أصاب مصر فيه تسعة ضروب من الآفات فلا تطلب فيه حاجة واحفظ نفسك فإنه اليوم الذي ضرب فيه أهل الايات مع فرعون وهو شديد البلاء، الآبق فيه يرجع ولا يحلف فيه صادقا ولا كاذبا وهو يوم مشوم، من سافر فيه لا يربح ومن مرض فيه أجهد ولم يفق في مرضه فاتقه. وفي رواية أخرى من ضرب فيه لا يكاد يبرأ وهو إلى الموت أقرب من الحياة، ومن مرض فيه لا ينجو ومن ولد فيه كان ملكا مرزوقا نجيبا من الناس تصيبه علة شديدة ويسلم منها. وفي رواية أخرى: من ولد فيه يكون فقيها، وفي رواية أخرى: إنه يوم جيد للبيع والشراء والزرع ويصلح لقضاء الحوائج، ومن ولد فيه كان كذابا نماما لا خير فيه، وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: استعيذوا فيه بالله، وقالت الفرس:
إنه يوم ثقيل رديء مكروه أصيب فيه أهل مصر بسبع ضربات من البلاء وهو نحس تفرغ فيه للدعاء والصلاة وعمل الخير. وقال سلمان الفارسي: (أرد رزو) اسم الملك الموكل بالجن. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس رديء فاحفظ نفسك فيه ولا تطلب فيه حاجة فإنه يوم شديد البلاء، ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات مع فرعون، والمريض فيه يجهد، والمولود فيه يكون مباركا مرزوقا نجيبا وتصيبه علة شديدة فيسلم منها. وقال سلمان: (روز أدر) اسم ملك موكل بالجن والشياطين يوم نحس ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات فتفرغ فيه للدعاء والصلاة
وعمل الخير. وفي الرواية الأخرى عنه عليه السّلام: يوم نحس مشوم ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات فاتقه بجهدك، ومن مرض فيه لم يفق من مرضه. المكارم عنه عليه السّلام رديء مذموم يحذر فيه من كل شيء. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس مكروه ثقيل نكد فلا تطلب فيه حاجة ولا تلق أحدا ولا تسافر فيه واقعد في منزلك واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان ثقيل العربية نكد الحياة، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه. وفي رواية أخرى: إنه يوم ضرب فيه أهل الآيات مع فرعون، والمولود فيه يكون نجيبا مباركا مرزوقا تصيبه علة شديدة ويسلم منها.(1/296)
إنه يوم ثقيل رديء مكروه أصيب فيه أهل مصر بسبع ضربات من البلاء وهو نحس تفرغ فيه للدعاء والصلاة وعمل الخير. وقال سلمان الفارسي: (أرد رزو) اسم الملك الموكل بالجن. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم نحس رديء فاحفظ نفسك فيه ولا تطلب فيه حاجة فإنه يوم شديد البلاء، ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات مع فرعون، والمريض فيه يجهد، والمولود فيه يكون مباركا مرزوقا نجيبا وتصيبه علة شديدة فيسلم منها. وقال سلمان: (روز أدر) اسم ملك موكل بالجن والشياطين يوم نحس ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات فتفرغ فيه للدعاء والصلاة
وعمل الخير. وفي الرواية الأخرى عنه عليه السّلام: يوم نحس مشوم ضرب الله فيه أهل مصر بالآيات فاتقه بجهدك، ومن مرض فيه لم يفق من مرضه. المكارم عنه عليه السّلام رديء مذموم يحذر فيه من كل شيء. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم نحس مكروه ثقيل نكد فلا تطلب فيه حاجة ولا تلق أحدا ولا تسافر فيه واقعد في منزلك واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان ثقيل العربية نكد الحياة، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه. وفي رواية أخرى: إنه يوم ضرب فيه أهل الآيات مع فرعون، والمولود فيه يكون نجيبا مباركا مرزوقا تصيبه علة شديدة ويسلم منها.
أقول: المشهور في تصحيح الاسم انه بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة ثم الدال المهملة قد تمد الهمزة، وبعضهم صححه بكسر الهمزة.
اليوم السادس والعشرين: العدد قال مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام:
إنه يوم صالح مبارك للسفر ضرب فيه موسى البحر فانفلق، يصلح لكل حاجة ما خلا التزويج والسفر فاجتنبوا فيه ذلك فإنه من تزوج فيه لم يتم تزويجه ويفارق أهله ومن سافر فيه لم يصلح له ذلك فليتصدق. وفي رواية أخرى: يوم صالح للسفر ولكل أمر يراد إلا التزويج فمن تزوج فيه فارق زوجته لأن فيه انفلق البحر لموسى عليه السّلام ولا تدخل فيه على أهلك إذا قدمت من سفر، والمريض فيه يجهد والمولود فيه يطول عمره وقال سلمان: (روز اشتاد) اسم ملك خلق عند ظهور الدين، يوم صالح لكل أمر إلا التزويج فمن تزوج فيه فرق بينهما كما فرق الله البحر. المكارم عنه عليه السّلام: صالح لكل حاجة سوى التزويج والسفر وعليكم بالصدقة تنتفعون بها. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صالح متوسط للبيع والشراء والسفر وقضاء الحوائج والبناء والغرس والزرع، وهو يوم جيد فسافر فيه والق من شئت تغلب وتقضى حوائجك، ومن ولد فيه كان متوسط الحال، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء بعد مدة ويكره فيه التزويج. وفي رواية أخرى: هو يوم ضرب فيه موسى بعصاه البحر فلا تدخل على أهلك إذا أتيت من سفرك، والمولود يطول عمره والمريض يجهد. أقول: المضبوط عندهم اشتاد بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح التاء ثم الألف ثم الدال المهملة، ونقل عن السيد ركن الدين الآملي انه بالسين المهملة.
اليوم السابع والعشرون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار جيد يصلح لطلب الحوائج والشراء والبيع والدخول على السلطان والبناء والزرع والخصومة ولقاء القضاة والسفر والابتداءات
والأساسات والتزويج، وهو يوم سعيد جيد وفيه ليلة القدر ما شئت خفيف لسائر الأحوال اتجر فيه وطالب بحقك واطلب عدوك والتزويج وادخل على السلطان والق فيه من شئت، ويكره فيه إخراج الدم، ومن مرض فيه مات، ومن ولد فيه يكون جميلا حسنا طويل العمر كثير الرزق قريبا إلى الناس محبا إليهم. وفي الرواية الأخرى: يكون غشوما مرزوقا. وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ولد فيه يعقوب عليه السّلام ومن ولد فيه يكون مرزوقا محبوبا عند أهله لكنه يكثر أحزانه ويفسد بصره. وقالت الفرس: إنه يوم جيد يحمد للحوائج وتسهيل الأمور والأعمال والتصرفات ولقاء التجار والسفر والمسافر يحمد فيه أمره، ومن ولد فيه يكون مرزوقا محبا إلى الناس طويلا عمره. وقال سلمان الفارسي: (أسمن روز) اسم الملك الموكل بالطير، الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر والمولود فيه يكون حسنا جميلا طويل العمر كثير الخير قريبا من الناس محبا إليهم، قال سلمان الفارسي: (روز إسمان) اسم ملك موكل بالطير والمولود فيه كما مر آنفا. وفي الرواية الأخرى: يوم سفره صالح لكل شيء تريده. المكارم: جيد مختار للحوائج وكلما يراد ولقاء السلطان. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صاف مبارك من النحوس صالح للحوائج إلى السلطان وإلى الأخوان والسفر إلى البلدان فالق فيه من شئت وسافر إلى حيث أردت، ومن ولد فيه كان مباركا خفيف التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته نجا. وفي رواية أخرى: إنه يكون طويل العمر كثير الخير، أقول: اسمان بالألف الممدودة كاسم المسماة ولذا قيل اسم ملك موكل بالطير.(1/297)
اليوم السابع والعشرون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار جيد يصلح لطلب الحوائج والشراء والبيع والدخول على السلطان والبناء والزرع والخصومة ولقاء القضاة والسفر والابتداءات
والأساسات والتزويج، وهو يوم سعيد جيد وفيه ليلة القدر ما شئت خفيف لسائر الأحوال اتجر فيه وطالب بحقك واطلب عدوك والتزويج وادخل على السلطان والق فيه من شئت، ويكره فيه إخراج الدم، ومن مرض فيه مات، ومن ولد فيه يكون جميلا حسنا طويل العمر كثير الرزق قريبا إلى الناس محبا إليهم. وفي الرواية الأخرى: يكون غشوما مرزوقا. وقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ولد فيه يعقوب عليه السّلام ومن ولد فيه يكون مرزوقا محبوبا عند أهله لكنه يكثر أحزانه ويفسد بصره. وقالت الفرس: إنه يوم جيد يحمد للحوائج وتسهيل الأمور والأعمال والتصرفات ولقاء التجار والسفر والمسافر يحمد فيه أمره، ومن ولد فيه يكون مرزوقا محبا إلى الناس طويلا عمره. وقال سلمان الفارسي: (أسمن روز) اسم الملك الموكل بالطير، الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر والمولود فيه يكون حسنا جميلا طويل العمر كثير الخير قريبا من الناس محبا إليهم، قال سلمان الفارسي: (روز إسمان) اسم ملك موكل بالطير والمولود فيه كما مر آنفا. وفي الرواية الأخرى: يوم سفره صالح لكل شيء تريده. المكارم: جيد مختار للحوائج وكلما يراد ولقاء السلطان. الزوائد عنه عليه السّلام: يوم صاف مبارك من النحوس صالح للحوائج إلى السلطان وإلى الأخوان والسفر إلى البلدان فالق فيه من شئت وسافر إلى حيث أردت، ومن ولد فيه كان مباركا خفيف التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته نجا. وفي رواية أخرى: إنه يكون طويل العمر كثير الخير، أقول: اسمان بالألف الممدودة كاسم المسماة ولذا قيل اسم ملك موكل بالطير.
وقيل بالممات والأمور المتعلقة بهذا اليوم.
اليوم الثامن والعشرون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم سعيد مبارك ولد فيه يعقوب عليه السّلام يصلح للسفر وجميع الحوائج وكل أمر والعمارة والبيع والشراء والدخول على السلطان قابل فيه أعداءك فإنك تظفر بهم والتزويج. وفي رواية أخرى: لا تخرج فيه الدم فإنه رديء، ومن مرض فيه يموت ومن أبق فيه رجع، ومن ولد فيه يكون حسنا جميلا محبوبا محبا إلى الناس وإلى أهله مشغوفا محزونا طول عمره وتصيبه الغموم ويبتلى في بدنه ويعافى في آخر عمره ويعمر طويلا ويبتلى في بصره. قال مولانا أمير المؤمنين:
من ولد فيه يكون صبيح الوجه مسعود الجد مباركا ميمونا، ومن طلب فيه شيئا تم له وكانت عاقبته محمودة. وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل منحوس. وفي رواية أخرى: يحمد فيه قضاء الحوائج ومبارك فيها قضاء الأمور والمهمات ورفع الضروريات ولقاء القواد والحجاب والأجناد وهو يوم مبارك سعيد والأحلام فيه
تصح من يومها. وقال سلمان: (رامياد روز) اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق. وروي اسم الملك الموكل بالسماوات. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر، ولد فيه يعقوب عليه السّلام فمن ولد فيه يكون محزونا وتصيبه الغموم ويبتلى في بدنه. وقال سلمان الفارسي: (روز أمياد) اسم ملك موكل بالسماوات، وقيل بالقضاء بين الخلق يوم مبارك سعيد والأحلام تصح في يومها.(1/298)
من ولد فيه يكون صبيح الوجه مسعود الجد مباركا ميمونا، ومن طلب فيه شيئا تم له وكانت عاقبته محمودة. وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل منحوس. وفي رواية أخرى: يحمد فيه قضاء الحوائج ومبارك فيها قضاء الأمور والمهمات ورفع الضروريات ولقاء القواد والحجاب والأجناد وهو يوم مبارك سعيد والأحلام فيه
تصح من يومها. وقال سلمان: (رامياد روز) اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق. وروي اسم الملك الموكل بالسماوات. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر، ولد فيه يعقوب عليه السّلام فمن ولد فيه يكون محزونا وتصيبه الغموم ويبتلى في بدنه. وقال سلمان الفارسي: (روز أمياد) اسم ملك موكل بالسماوات، وقيل بالقضاء بين الخلق يوم مبارك سعيد والأحلام تصح في يومها.
وفي الرواية الأخرى: يوم سعيد فيه ولد يعقوب عليه السّلام، ومن ولد فيه يكون مرزوقا محبّا إلى أهله وإلى الناس ويعمر طويلا وتصيبه الغموم ويبتلى في بصره.
المكارم ممزوج. الزوائد: يوم مبارك سعيد لكل عمل وحاجة وسفر وبناء وغرس، واعمل فيه ما شئت والق ما شئت فإنه يوم مبارك سعيد، ومن ولد فيه يكون مباركا مقبلا، ومن مرض فيه أو في ليلته برىء من مرضه. وفي رواية أخرى: أن يعقوب عليه السّلام ولد فيه، ومن ولد فيه يكون محزونا طويلا عمره يصيبه الغم ويبتلى في بدنه. أقول: المضبوط في الاسم راميا بفتح الراء المهملة ثم الألف وسكون الميم والياء المثناة التحتانية ثم الدال المهملة.
اليوم التاسع والعشرون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار يصلح لكل حاجة وإخراج الدم، وهو يوم سعيد لسائر الأمور والحوائج والأعمال، وفيه تبارك الله تعالى على الأرض المقدسة ويصلح للنقلة وشراء العبيد والبهائم ولقاء الأخوان والأصدقاء وفعل البر والحركة، ويكره فيه الدين والسلف والأيمان. من سافر فيه يصيبه مالا كثيرا إلا من كان كاتبا فإنه يكره له ذلك، والرؤيا فيه صادقة ولا تقصها إلا بعد يوم، والمريض فيه يموت والآبق فيه يوجد ولا تستخلف فيه أحدا ولا تأخذ فيه من أحد وادخل فيه على السلطان ولا تضرب فيه حرا ولا عبدا، ومن ضلت له ضالة وجدها. وفي رواية:
من مرض فيه برىء ومن ولد فيه يكون صالحا حليما، وفي رواية أخرى: إنه متوسط لا محمود ولا مذموم تجتنب فيه الحركة. وقالت الفرس: إنه يوم جيد تحمد فيه النقلة والسفر والحركة، والمولود فيه يكون شجاعا وهو صالح لكل حاجة ولقاء الأخوان والأصدقاء والأوداء وفعل الخير، والأحلام فيه تصح في يومها. وقال سلمان الفارسي: (مار اسفند روز) اسم الملك الموكل بالأفنية والأزمان والعقول والأسماع والأبصار. وفي رواية أخرى: الموكل بالافئدة. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر ومن ولد فيه يكون حليما ومن سافر فيه أصاب مالا جزيلا، ومن مرض فيه برىء سريعا ولا تكتب فيه وصية. وقال سلمان: (فارسفندا) اسم ملك موكل بالأفئدة والعقول والأسماع والأبصار، يصلح
للقاء الأخوان والأصدقاء وكل حاجة والأحلام تصح فيه من يومها. وفي الرواية الأخرى. يوم مبارك صالح لكل حاجة من لقاء السلطان والأصدقاء وفعل البر وغير ذلك. المكارم عنه عليه السّلام: مختار جيد لكل حاجة ما خلا الكتاب فإنه يكره له ذلك ولا اذن له ان يسعى في حاجة ان قدر على ذلك. ومن مرض فيه برىء سريعا، ومن سافر فيه أصاب مالا كثيرا، ومن أبق فيه رجع. الزوائد عنه عليه السّلام:(1/299)
من مرض فيه برىء ومن ولد فيه يكون صالحا حليما، وفي رواية أخرى: إنه متوسط لا محمود ولا مذموم تجتنب فيه الحركة. وقالت الفرس: إنه يوم جيد تحمد فيه النقلة والسفر والحركة، والمولود فيه يكون شجاعا وهو صالح لكل حاجة ولقاء الأخوان والأصدقاء والأوداء وفعل الخير، والأحلام فيه تصح في يومها. وقال سلمان الفارسي: (مار اسفند روز) اسم الملك الموكل بالأفنية والأزمان والعقول والأسماع والأبصار. وفي رواية أخرى: الموكل بالافئدة. الدروع عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم صالح لكل أمر ومن ولد فيه يكون حليما ومن سافر فيه أصاب مالا جزيلا، ومن مرض فيه برىء سريعا ولا تكتب فيه وصية. وقال سلمان: (فارسفندا) اسم ملك موكل بالأفئدة والعقول والأسماع والأبصار، يصلح
للقاء الأخوان والأصدقاء وكل حاجة والأحلام تصح فيه من يومها. وفي الرواية الأخرى. يوم مبارك صالح لكل حاجة من لقاء السلطان والأصدقاء وفعل البر وغير ذلك. المكارم عنه عليه السّلام: مختار جيد لكل حاجة ما خلا الكتاب فإنه يكره له ذلك ولا اذن له ان يسعى في حاجة ان قدر على ذلك. ومن مرض فيه برىء سريعا، ومن سافر فيه أصاب مالا كثيرا، ومن أبق فيه رجع. الزوائد عنه عليه السّلام:
يوم مبارك قريب الأمر يصلح للحوائج والتصرف فيها ولقاء الملوك والسفر والنقلة فاقض فيه كل حاجة وسافر والق من شئت، ومن ولد فيه كان مباركا، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه. وفي رواية أخرى: الذي يولد فيه يكون حليما والمسافر فيه يصيب مالا جزيلا كثيرا وتكره فيه الوصية. أقول: الاسم عندهم مار أسفند بفتح الميم ثم الألف والراء الساكنة ثم الهمزة المكسورة والسين المهملة الساكنة والفاء المفتوحة والنون الساكنة، وقيل مار اسفندان وقيل اسبندان بالباء المعجمة فيها.
اليوم الثلاثون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار جيد يصلح لكل شيء وللشراء والبيع والزرع والغرس والبناء والتزويج والسفر وإخراج الدم. وفي رواية أخرى: لا نسافر فيه ولا تتعرض لغيره إلا للمعاملة وقلل فيه السفر والحركة فيه، روي أن من ولد فيه يكون حليما مباركا وتعسر تربيته ويسوء خلقه ويرزق رزقا يكون لغيره ويمنع من التمنع بشيء منه. وفي رواية أخرى: من ولد فيه كفى كل أمر يؤذيه ويكون المولود فيه مباركا صالحا يرتفع أمره ويعلو شأنه، ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم عليه السّلام وفيه خلق الله العقل وأسكنه برؤوس من أحب من عباده، ومن هرب فيه أخذ ومن ضلت منه ضالة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا، ومن مرض فيه برىء سريعا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد فيه يكون حليما مباركا صادقا أمينا يعلو شأنه، ومن ضاع له شيء يجده بإذن الله تعالى. قالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه الأعمال والتصرفات ويصلح لشرب الأدوية المسهلة. وقال سلمان الفارسي: (انيران روز) اسم الملك الموكل بالدهر والأزمنة. الدروع الواقية عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم جيد للبيع والشراء والتزويج، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ويعسر تربيته ويسوء خلقه ويرزق رزقا يمنع منه، ومن هرب فيه أخذ، ومن ضلت له ضالة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا وقال سلمان: (روز انيران) اسم الموكل بالدهور والأزمنة يوم سعيد مبارك يصلح لكل شيء تريده. وفي الرواية الأخرى: لكل حاجة تلتمس. مكارم الأخلاق عنه عليه السّلام: مختار جيد لكل
شيء ولكل حاجة من شراء وبيع وتزويج، ومن مرض فيه برىء سريعا، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ويرتفع أمره ويكون صادق اللسان صاحب وفاء، زوائد الفوائد عن الصادق عليه السّلام: يوم مبارك ميمون مسعود مصلح منجح فاعمل فيه ما شئت والق من أردت وخذ واعط وسافر وانتقل وبع واشتر فإنه صالح لكل ما تريد موافق لكل ما يعمل، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا مقبلا حسن التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته لم تطل علته ونجا سالما بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى:(1/300)
اليوم الثلاثون: العدد قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: إنه يوم مختار جيد يصلح لكل شيء وللشراء والبيع والزرع والغرس والبناء والتزويج والسفر وإخراج الدم. وفي رواية أخرى: لا نسافر فيه ولا تتعرض لغيره إلا للمعاملة وقلل فيه السفر والحركة فيه، روي أن من ولد فيه يكون حليما مباركا وتعسر تربيته ويسوء خلقه ويرزق رزقا يكون لغيره ويمنع من التمنع بشيء منه. وفي رواية أخرى: من ولد فيه كفى كل أمر يؤذيه ويكون المولود فيه مباركا صالحا يرتفع أمره ويعلو شأنه، ولد فيه إسماعيل بن إبراهيم عليه السّلام وفيه خلق الله العقل وأسكنه برؤوس من أحب من عباده، ومن هرب فيه أخذ ومن ضلت منه ضالة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا، ومن مرض فيه برىء سريعا. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام: من ولد فيه يكون حليما مباركا صادقا أمينا يعلو شأنه، ومن ضاع له شيء يجده بإذن الله تعالى. قالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه الأعمال والتصرفات ويصلح لشرب الأدوية المسهلة. وقال سلمان الفارسي: (انيران روز) اسم الملك الموكل بالدهر والأزمنة. الدروع الواقية عن الصادق عليه السّلام: إنه يوم جيد للبيع والشراء والتزويج، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ويعسر تربيته ويسوء خلقه ويرزق رزقا يمنع منه، ومن هرب فيه أخذ، ومن ضلت له ضالة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا رده سريعا وقال سلمان: (روز انيران) اسم الموكل بالدهور والأزمنة يوم سعيد مبارك يصلح لكل شيء تريده. وفي الرواية الأخرى: لكل حاجة تلتمس. مكارم الأخلاق عنه عليه السّلام: مختار جيد لكل
شيء ولكل حاجة من شراء وبيع وتزويج، ومن مرض فيه برىء سريعا، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا ويرتفع أمره ويكون صادق اللسان صاحب وفاء، زوائد الفوائد عن الصادق عليه السّلام: يوم مبارك ميمون مسعود مصلح منجح فاعمل فيه ما شئت والق من أردت وخذ واعط وسافر وانتقل وبع واشتر فإنه صالح لكل ما تريد موافق لكل ما يعمل، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا مقبلا حسن التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته لم تطل علته ونجا سالما بإذن الله تعالى. وفي رواية أخرى:
يكره فيه السفر والمولود فيه يرزق رزقا واسعا يكون لغيره ويمنع من التمتع بشيء منه، ومن هرب فيه أخذ، وإذا ضلت فيه ضالة وجدت، والقرض فيه يعود سريعا والله أعلم وأحكم. أقول: الأنيرا عندهم بفتح الهمزة وكسر النون والياء الساكنة ثم الراء المهملة المفتوحة.
ثم اعلم أن الظاهر من أكثر هذه الروايات أن المراد بالأيام المذكورة فيها أيام الشهور العربية. ويظهر من بعضها كخبر سلمان الفارسي أن المراد بها الشهور العجمية وأيامها كما سيظهر من اسمائها وتوافقها لما نقله المنجمون عن الفرس في ذلك. ويمكن أن يقال لما كان في بدء خلق العالم شهر فروردين مطابقا على بعض الشهور العربية إبتداء وإنتهاء سرت العادة والنحوسة والسعادة في أيام الشهرين معا كما نقل أن أول خلق العالم كان الشمس في الحمل وعند افتراقهما واختصا باحدهما، ويمكن حمل اختلاف الأخبار أيضا على ذلك بأن يكون ما ورد في سعادة بعض الأيام في بعض الأخبار ونحوسة ذلك اليوم بعينه في الآخرين بسبب اختلاف المقصود من الشهر فيها وكون المراد في احدهما العربية وفي الأخرى الفرسية لكن باليقين والتخصيص مشكل، ولو أمكن رعايتهما معا كان أولى.
وسيأتي تمام القول في ذلك في الباب الآتي إن شاء الله.
أحكام النظر إلى هلال عاشوراء
قال السيد نعمة الله الجزائري في كتاب الأنوار النعمانية: وأما أحكام عاشوراء فقد روى الشيخ الراوندي في كتاب القصص عن الصدوق بإسناده إلى الصادق عليه السّلام قال: إن في كتاب دانيال عليه السّلام أن المحرم إذا كان يوم السبت يكون الشتاء باردا يكثر فيه الجليا وتكثر الكماة ويقل العسل وتغلو فيه الحنطة ويكثر فيه الوباء وموت الأطفال وتكثر الحما فيه وتسلم الزراعة من الأفات ويحصل في العنب وبعض الأشجار آفة وبعض الكروم، وترخص فيه الأسعار، ويقع الطاعون
في بلاد الروم، ويكون حرب بين الروم والعرب والظفر للعرب يغنمون أموال الروم ويأسرون ذراريهم ويكون لهم الظفر.(1/301)
قال السيد نعمة الله الجزائري في كتاب الأنوار النعمانية: وأما أحكام عاشوراء فقد روى الشيخ الراوندي في كتاب القصص عن الصدوق بإسناده إلى الصادق عليه السّلام قال: إن في كتاب دانيال عليه السّلام أن المحرم إذا كان يوم السبت يكون الشتاء باردا يكثر فيه الجليا وتكثر الكماة ويقل العسل وتغلو فيه الحنطة ويكثر فيه الوباء وموت الأطفال وتكثر الحما فيه وتسلم الزراعة من الأفات ويحصل في العنب وبعض الأشجار آفة وبعض الكروم، وترخص فيه الأسعار، ويقع الطاعون
في بلاد الروم، ويكون حرب بين الروم والعرب والظفر للعرب يغنمون أموال الروم ويأسرون ذراريهم ويكون لهم الظفر.
وإذا كان المحرم في يوم الأحد: يكون الشتاء معتدلا ويكون فيه مطر نافع ويصيب بعض الأشجار آفة ويكون فيه أنواع الموت والبلاء، ويكون العسل قليلا في تلك السنة، ويكون في الهواء أثر الطاعون والوباء والموتان، ويكون في آخر السنة غلاء قليلا في المأكولات، وتكون الغلبة للسلطان في آخره.
وإذا كان المحرم في يوم الإثنين: يكون الشتاء صالحا ويكون في الصيف حر شديد ويكثر المطر في أوانه ويكثر البقر والغنم ويكثر العسل ويرخص الطعام والأسعار في بلدان الجبال تكثر الفواكه في آذربيجان وعراق العجم والأهواز وبر فارس. وقيل المراد ببلاد الجبل همذان وما والاها، ويكثر في تلك السنة موت النساء، وفي آخر السنة يخرج خارجي على السلطان بنواحي المشرق ويصيب بعض فارس غم ويكثر الزكام في أرض الجبل.
وإذا كان المحرم في يوم الثلاثاء: فإنه يكون الشتاء شديد البرد ويكثر الثلج والجمد بأرض الجبل وناحية المشرق، ويكثر الغنم والعسل ويصيب بعض الأشجار من الكروم آفة، ويكون بناحية الشام والمغرب آفة من حدث يحدث في السماء ويموت فيه خلق كثير، ويخرج على السلطان خارجي قوي وتكون الغلبة للسلطان، ويكون في أرض فارس في بعض الغلات آفة وتغلى الأسعار في آخر السنة.
وإذا كان المحرم في يوم الأربعاء: فإن الشتاء يكون وسطا ويكون المطر في الصيف صالحا نافعا مباركا وتكثر الثمار والغلات في الجبال كلها وفي ناحية المشرق إلا انه يقع الموت في الرجال في آخر السنة، ويصيب الناس بأرض بابل وبالجبل آفة وترخص الأسعار وتسكن مملكة العرب في تلك السنة وتكون الغلبة للسلطان.
وإذا كان المحرم في يوم الخميس: فإنه يكون الشتاء ملائما ويكثر القمح والفواكه والعسل بجميع نواحي المشرق، وتكثر الحمى في أول السنة وفي آخره وبجميع أرض بابل في آخر السنة، ويكون المروم على المسلمين غلبة ثم تظهر العرب عليهم بناحية المغرب ويقع بأرض السند حروب والظفر لملوك العرب.
وإذا كان المحرم في يوم الجمعة: فإنه يكون الشتاء بلا برد ويقل المطر وماء الأودية والعيون، وتقل الغلات بناحية الجبال مائة فرسخ في مائة فرسخ، ويكثر الموت في جميع الناس وتغلى الأسعار بناحية المغرب ويصيب بعض الأشجار آفة، ويكون للروم على الفرس كرة شديدة.(1/302)
وإذا كان المحرم في يوم الخميس: فإنه يكون الشتاء ملائما ويكثر القمح والفواكه والعسل بجميع نواحي المشرق، وتكثر الحمى في أول السنة وفي آخره وبجميع أرض بابل في آخر السنة، ويكون المروم على المسلمين غلبة ثم تظهر العرب عليهم بناحية المغرب ويقع بأرض السند حروب والظفر لملوك العرب.
وإذا كان المحرم في يوم الجمعة: فإنه يكون الشتاء بلا برد ويقل المطر وماء الأودية والعيون، وتقل الغلات بناحية الجبال مائة فرسخ في مائة فرسخ، ويكثر الموت في جميع الناس وتغلى الأسعار بناحية المغرب ويصيب بعض الأشجار آفة، ويكون للروم على الفرس كرة شديدة.
الكلام في علامات الكسوف
وأما علامات كسوف الشمس في الاثنى عشر شهرا فإذا انكسفت الشمس في المحرم فإن السنة تكون خصبة إلا انه يصيب الناس أوجاع في آخرها وأمراض فيكون للسلطان الظفر على أعدائه وتكون زلزلة بعدها سلامة.
وإذا انكسفت في صفر: فانه يكون فزع وجوع في ناحية المغرب ويكون قتال في المغرب كثيرا ثم يقع الصلح في الربيع والظفر يكون للسلطان.
وإذا انكسفت في ربيع الأول: فإنه يكون بين الناس صلح ويقل الاختلاف والظفر للسلطان بالمغرب، ويقل البقر والغنم وتتسع في آخر السنة الأرزاق ويقع الوباء في الإبل والبدو.
وإذا انكسفت في ربيع الآخر: فإنه يكون بين الناس اختلاف كثير ويقتل منهم خلق كثير، ويخرج خارجي على الملك ويكون فزع وقتال، ويكثر الموت في الناس.
وإذا انكسفت في شهر جمادى الأولى: فإنه يكون السعة في جميع الناس بناحية المشرق والمغرب، ويكون للسلطان على الرعية نظر، ويحسن السلطان إلى أهل مملكته ويراعي جانبهم.
وإذا انكسفت في شهر جمادى الثانية: فإنه يموت رجل عظيم في المغرب ويقع ببلاد مصر قتال وحروب شديدة، ويكون ببلاد المغرب غلاء في آخر السنة.
وإذا انكسفت في شهر رجب: فإنه تعمر الأرض وتكون أمطار كثيرة بالجبال وبناحية المشرق. ويكون حرب بناحية فارس ولا يضرهم ذلك.
وإذا انكسفت في شهر شعبان: يكون سلامة في جميع الناس من السلطان،
ويكون للسلطان ظفر على أعدائه بالمغرب، ويقع بلاء في الجبال في آخر السنة وتكون عاقبته إلى سلامة.(1/303)
وإذا انكسفت في شهر شعبان: يكون سلامة في جميع الناس من السلطان،
ويكون للسلطان ظفر على أعدائه بالمغرب، ويقع بلاء في الجبال في آخر السنة وتكون عاقبته إلى سلامة.
إذا انكسفت في شهر رمضان: كان جملة الناس يطيعون جبل فارس، ويكون للروم على العرب كرة شديدة ثم يكون الغلب على الروم يسبى منهم ويغنم.
وإذا انكسفت في شوّال: فإنه يكون في أرض الهند والزنج قتال كثير ويكثر نبات الأرض بالمشرق.
وإذا انكسفت في ذي القعدة: فإنه يكون مطر كثير متواتر ويقع خراب عظيم وتغلو عليهم أسعارهم، ويخرج خارجي على الملك ويصيبه منه شدة، ويقل طعام أهل فارس ثم يرخص الطعام في السنة الثانية.
في علامات خسوف القمر طول السنة
إذا انخسف القمر في شهر المحرم فإنه يموت رجل عظيم وتنتقص الفاكهة في الجبال، ويقع في الناس حكة ويكثر الرمد بأرض بابل، ويقع الموت وتغلى أسعارها ويخرج خارجي على السلطان والظفر للسلطان ويقتلهم.
وإذا انخسف في شهر صفر: فإنه يكون جوع ومرض في بابل وبلادها حتى إنه يتخوف على الناس ثم تكون أمطار كثيرة فيحسن نبات الأرض وحال الناس وتكون في الجبال فاكهة كثيرة.
وإذا انخسف القمر في شهر ربيع الأول: فإنه يقع بالمغرب قتال ويصيب الناس يرقان وتكثر الفواكه بالبلاد بأرض ماه ويقع الدود في البقول بالجبل ويقع خراب كثير بماه.
وإذا انخسف في شهر ربيع الثاني: فإنه كثير الأنداء وهي الرطوبات والمياه بالجبال ويكثر الخصب والمياه وتكون السنة مباركة، ويكون للسلطان الظفر بالمغرب.
وإذا انخسف في شهر جمادى الأولى: فإنه يهرق دماء كثيرة بالبدو، ويصيب بعظيم الشام بلية شديدة، ويخرج على السلطان خارجي والظفر للسلطان.
وإذا انخسف في شهر جمادى الآخرة: فإنه تقل الأمطار والمياه بنينوى ويقع فيها جوع شديد وغلاء، ويصيب ملك بابل إلى الغرب بلاء عظيم.
وإذا انخسف في شهر رجب: فإنه يكون بالمغرب موت وجوع، ويكون بأرض بابل أمطار كثيرة، ويكثر وجع العين بالأمصار.(1/304)
وإذا انخسف في شهر جمادى الآخرة: فإنه تقل الأمطار والمياه بنينوى ويقع فيها جوع شديد وغلاء، ويصيب ملك بابل إلى الغرب بلاء عظيم.
وإذا انخسف في شهر رجب: فإنه يكون بالمغرب موت وجوع، ويكون بأرض بابل أمطار كثيرة، ويكثر وجع العين بالأمصار.
وإذا انخسف في شهر شعبان: فإن الملك يقتل أو يموت ويملك إبنه وتغلو الأسعار ويكثر جوع الناس.
وإذا انخسف في شهر رمضان: يكون بالجبال برد شديد وثلج ومطر وكثرة المياه، ويقع بأرض ماه موت كثير بالصبيان والنساء.
وإذا انخسف في شهر شوال: فإن الملك يغلب على أعدائه، ويكون في الناس شر وبلية.
وإذا انخسف في ذي القعدة: فإنه تفتح المدائن الشداد وتظهر الكنوز في بعض الأرضين والجبال.
وإذا انخسف في ذي الحجة: فإنه يموت رجل عظيم بالمغرب ويدعي رجل فاجر الملك.
الكلام في الملحمة الإسكندرية
قال مؤلف هذا الكتاب (عفا الله عنه): هذه الملاحم علامات وضعها الله تعالى لنبيه دانيال عليه السّلام ولقد جربناها فرأيناها صادقة في كل الموارد، وهو دليل على صحة الحديث الذي نقل فيه، وأما الملحمة الإسكندرية فهي ان لم تكن بالاعتبار مثل هذه الملحمة إلا أنها لا تخلو من قوة واعتبار وموافقة للتجارب، فلذلك أردنا اختصارها هاهنا فنقول: قد ذكر في تلك الملحمة أن الشمس إذا انكسفت في شهر ربيعها أيار مع طلوع الشمس دل على شمول الاضطراب سائر البلاد واضطراب أمير الجبال وانتقال الملك عن السلطان إلى غيره، على أن الملوك تتغير نياتهم على خواصهم ويستبدلون بهم، وعلى أن المواشي تتناسل وكذلك البقر. وإن انكسفت وأظلم النهار فإنه تشتد الرعود في تلك السنة وتكثر الأمطار إذا مضى من الشهر اثنان وعشرون يوما. وإن انكسفت والضياء باق كان الحر شديدا بالنهار، ونهب في الناس وتفريق في أهل المدائن وزروعها ودوابهم وامتعتهم، وقتال بين الملوك، ويكون في آذربيجان وقعة صعبة وأمر شديد يجتمع الملوك بعضها إلى بعض، وتذهب أموال الشرق والغرب. وإن كان كسوفها من قبل المشرق وذلك في أول النهار فإن الملك يظفر على أعدائه ويهلكهم.
وإن انكسفت في حزيران: في أول النهار يدل على تجدد سلطان في بلاد الجبل غير سلطانه، وعلى انه يقتل وجوه الناس ويدل على حسن حال المواشي وتناسلها ووقوع الوباء في السواحل والمواضع التي هي قريبة من البحور على انتقال الملك من بعض الملوك إلى ولده وقتل والديه وانتشار الأمور بالباطل واختلالها.(1/305)
قال مؤلف هذا الكتاب (عفا الله عنه): هذه الملاحم علامات وضعها الله تعالى لنبيه دانيال عليه السّلام ولقد جربناها فرأيناها صادقة في كل الموارد، وهو دليل على صحة الحديث الذي نقل فيه، وأما الملحمة الإسكندرية فهي ان لم تكن بالاعتبار مثل هذه الملحمة إلا أنها لا تخلو من قوة واعتبار وموافقة للتجارب، فلذلك أردنا اختصارها هاهنا فنقول: قد ذكر في تلك الملحمة أن الشمس إذا انكسفت في شهر ربيعها أيار مع طلوع الشمس دل على شمول الاضطراب سائر البلاد واضطراب أمير الجبال وانتقال الملك عن السلطان إلى غيره، على أن الملوك تتغير نياتهم على خواصهم ويستبدلون بهم، وعلى أن المواشي تتناسل وكذلك البقر. وإن انكسفت وأظلم النهار فإنه تشتد الرعود في تلك السنة وتكثر الأمطار إذا مضى من الشهر اثنان وعشرون يوما. وإن انكسفت والضياء باق كان الحر شديدا بالنهار، ونهب في الناس وتفريق في أهل المدائن وزروعها ودوابهم وامتعتهم، وقتال بين الملوك، ويكون في آذربيجان وقعة صعبة وأمر شديد يجتمع الملوك بعضها إلى بعض، وتذهب أموال الشرق والغرب. وإن كان كسوفها من قبل المشرق وذلك في أول النهار فإن الملك يظفر على أعدائه ويهلكهم.
وإن انكسفت في حزيران: في أول النهار يدل على تجدد سلطان في بلاد الجبل غير سلطانه، وعلى انه يقتل وجوه الناس ويدل على حسن حال المواشي وتناسلها ووقوع الوباء في السواحل والمواضع التي هي قريبة من البحور على انتقال الملك من بعض الملوك إلى ولده وقتل والديه وانتشار الأمور بالباطل واختلالها.
وإن انكسفت عند طلوعها وقع الشر والقتال بين ملكين ويهلكان جميعا، وإن كان عند غروبها يدل على هلاك أهل الغرب وهلاك رجل له قدر في بعض البلاد، وإن كانت في وسط السماء فأمر يحدث في الأرض وقتال بمصر ويقع فساد كثير في أرض بابل.
وإن انكسفت في تموز: عند طلوعها تكثر الفتن في سائر المدن الملاصقة للمشرق وظهور الوباء في تلك السنة، وإن كان في وسط السماء يدل على ارتفاع شأن ملك فارس وانقياد الملوك إليه، ويدل على كثرة البلاء والوباء في عموم البلاد في أكثر الأرض، وإن كان قبل المغرب يدل على خصب السنة وفساد التمور وتطيع الملوك كلها ملك بابل وتشتد الروم على العرب ويغلبونهم.
وإن انكسفت في آب: عند طلوعها يدل على قتال شديد وفتنة صعبة، وإن كانت وسط السماء يدل على توسط حال السنة إلا أن الحنطة يكثر بعضها وينقص بعض، وإن كان عند غروبها دل على كثرة الأراجيف المختلفة والقتال ويدل على امساك المقطر وحسن أمور الملك ويقتل أعداءه وتحسن نية السلطان وأولي الأمر في اتباعهم ورعاياهم
وإن انكشفت في أيلول: أوجبت الغلاء واتصال الفتن والشر، وإن كانت وسط السماء فإن بعض الملوك يقصد بلاد المغرب وتتصل الفتن في سائر البلاد ويقل المطر وتفسد الخمور وتتعذر في هذه السنة ويقع الشر في أرض بابل، وإن كان عند غروبها يدل على حسن حال أهل نينوى وخراسان وكثرة التمور في تلك السنة، وإن انكسفت ورأيت الشمس حمراء مستديرة في وقت الكسوف فإنه يدل على قتال شديد وسفك الدماء. وقال ذو القرنين: إنه يهلك الملك وتكون الأسعار صالحة ويهلك حصن من الحصون العظيمة وتكثر الأشجار وتصلح الأرض ويكون القتال والحرب في ناحية مصر.
وإن انكسفت في تشرين الأول: في أول النهار يدل على هلاك رجل عظيم القدر ويكون فساد في آذربيجان ويصيب الدواب والأغنام داء وينقطع الغيث مدة ثلاثة أشهر.
وإن انكسفت في تشرين الثاني: عند طلوعها ولم يتغير لونها ولم تسود فإن السلطان يضعف أمره ويقع الغلاء في أرض يونان مصر، وإن كانت في وسط السماء يدل على خصب السنة وحسن حالها وكثرة خيراتها مع كثرة العلل والأمراض التي تحدث آخر السنة، ويدل أيضا على تعدي السلاطين على أهل السواد وينتقل بعض الملوك من مقر سريره إلى مدينة أخرى ويكون هلاكه فيها، وإن كان في آخر النهار فإن الغلاء والوباء يقعان في بلاد الروم ويلحق العرب شدة ويقع بينهم السيف ويكثر الغيث في البلاد وتقوى شوكة المتلصصة وتنقطع الطرقات.(1/306)
وإن انكسفت في تشرين الأول: في أول النهار يدل على هلاك رجل عظيم القدر ويكون فساد في آذربيجان ويصيب الدواب والأغنام داء وينقطع الغيث مدة ثلاثة أشهر.
وإن انكسفت في تشرين الثاني: عند طلوعها ولم يتغير لونها ولم تسود فإن السلطان يضعف أمره ويقع الغلاء في أرض يونان مصر، وإن كانت في وسط السماء يدل على خصب السنة وحسن حالها وكثرة خيراتها مع كثرة العلل والأمراض التي تحدث آخر السنة، ويدل أيضا على تعدي السلاطين على أهل السواد وينتقل بعض الملوك من مقر سريره إلى مدينة أخرى ويكون هلاكه فيها، وإن كان في آخر النهار فإن الغلاء والوباء يقعان في بلاد الروم ويلحق العرب شدة ويقع بينهم السيف ويكثر الغيث في البلاد وتقوى شوكة المتلصصة وتنقطع الطرقات.
وإذا انكسفت في كانون الأول: دلت على كثرة الخرابات وتشتد الرياح العواصف ويقع الوباء في خراسان وفارس ويكثر السمك والعصافير ويقع القتال في بلاد العرب ويكون الغالب الاضطراب في سائر المدن ويزعج ملك مصر من موضعه وينحل نظام ملكه وإن كان بأسرها فإنه يكون جوع وموت ببابل وأرض موصل وبلد فارس ويظهر ملك من العرب، وإن كان بحمرة ينقص القمح ويكثر الشعير ويكون قتل وفزع في المدينة وتكثر الأشرار ويهلك رؤساء قوم في ثلج وتنقص الخيرات وتقع الحروب.
وإن انكسفت في كانون الثاني: إن كان حزويا يدل على خصب السنة وكثرة الخيرات ووفور الغلات والثمار واتصال الأمطار ويدل على هرب رجل عظيم القدر من بلاد الروم وقصد فارس ودخوله على سلطانها وتتحارب السلاطين ويموت ملك مصر وتتقدم السفل والسواقط وتنحط أهل الشرف ويكثر المطر والبرد ويظهر الجراد وتفسد الغلات ويكثر القتل والنهب في البلاد ويقهر الملك الصغير والكبير، وإن انكسفت كلها يهلك ملك حدث السن ويقع الغلاء والقتل بمصر ويقتل الزنج ملكهم وتقتل النساء.
وإن انكسفت في شباط: يدل على الغلاء وقلة الأمطار واتصال الثلوج وشمول الوباء وحسن حال بابل وخروج خارجي وانتصابه للملك اضطراب السواد مدة ثلاثة أشهر وظهور رجل عظيم القدر بجبال فارس وآذربيجان وتختلف الأراجيف في الأرض وتختلي السواحل وتغرق السفن وتكثر الأدهان والسمسم ويقع الوباء في الغنم وإن انكسفت كلها فإنه يقع قتل عظيم ببابل ويلحق أهل خراسان شدة عظيمة.
وإن انكسفت في آذار: يدل على حسن حال الثمار وكثرة الاندية والأمطار في
خراسان وعلى وقوع الوباء في أرمينية ويجيء المطر آخر السنة ويكون أكثر الاضطراب في المشرق والمغرب وتظهر في خراسان علة مختلفة، وإن انكسفت كلها ألحق ببعض السلاطين مكيدة من أعدائه ويقتل ملك عظيم وتزول سلطنته ويكون مرض شديد وأكثر ذلك يكون في العامة.(1/307)
وإن انكسفت في آذار: يدل على حسن حال الثمار وكثرة الاندية والأمطار في
خراسان وعلى وقوع الوباء في أرمينية ويجيء المطر آخر السنة ويكون أكثر الاضطراب في المشرق والمغرب وتظهر في خراسان علة مختلفة، وإن انكسفت كلها ألحق ببعض السلاطين مكيدة من أعدائه ويقتل ملك عظيم وتزول سلطنته ويكون مرض شديد وأكثر ذلك يكون في العامة.
أحكام انكساف الشمس في الشهور العربية
وأما الشهور العربية فإن انكسفت في المحرم تكون السنة خصبة ويلحق الناس حرارات وأمراض، وإن كان في شهر صفر فإنه يكون فزع وجوع وقتال في تلك السنة، وإن كان في ربيع الأول فإنه يقتل رجل من العظماء ويخرج رجل يدعي الملك وإن كان في ربيع الثاني وإن كان في جمادى الأولى فإن الأحوال تكون صالحة ويعم السكون والفرح والسلامة، وإن كان في جمادى الثانية يموت رجل كبير في هذه السنة من ناحية المغرب ويلحق جنده صعوبة عظيمة ويكون بمصر قتال واختلاف، وإن كان في شهر رجب فإن الحرب تعم ويظهر الجراد ويقل المطر ثلاثة أشهر، وإن كان في شعبان فإن السنة تخصب ويكون في آخرها مرض شديد وإن كان في رمضان فإنه يخرج الروم على العرب ويكون مطر وبرد ويصيب أهل فارس والبادية شدة وجوع وموت ويقع في العرب قتال شديد وجوع، وإن كان في شوال فإنه يقتل ملك الهند ويقتل ملك بابل أعاديه وتكون سنة مخصبة ويحسن حال النبات وتكثر الأمطار وتأكل الناس البراغيث، وإن كان في ذي القعدة فإن المطر يأتي ثلاثة أيام متواترة ويظهر الجراد ولا يضر الزرع ويصلح النبات، وإن كان في ذي الحجة الحرام فإنه يكون رياح ومطر وتخرج الخوارج وتكثر الغلة والطعام بفارس ونواحيها وقراها.
خسوف القمر في الأشهر الرومية
وأما خسوف القمر في الأشهر الرومية فإن كان في نيسان في أول الليل يدل على قتل رجل عظيم القدر بالحديد وتتغير نية الآباء على الأولاد ويقل سكونهم إليهم، ويدل أيضا على كثرة الثلوج والخصب والرخص، وإن كان في نصف الليل ولونه يضرب إلى الحمرة يدل على الغلاء والوباء وقلة الأمطار، وإن كان آخر الليل يدل على صلاح حال الملك ورعيته وعلى اتصال الأمطار وهلاك الوحوش وهلاك الغلات إلا انه يحسن حال الكرم.
وإن كان في أيار: في أول الليل يدل على ثوران الفتن وعلى أن يلحق الزرع
اليرقان وتموت البقر وتكون الأمطار متصلة ويحصل بين أهل طائفة من فارس قتال، وإن كان نصف الليل يدل على وقوع الوباء بنواحي بيت المقدس وحدوث الغلاء غير أن حال النخيل يحسن ويستولي على الأمور السلطانية إنسان غشوم مقعد ويكون بسبب تغيير نية السلطان على خواصه وتتصل الأمطار وتقع الحروب بأرض بابل ويقع الجوع بآذربيجان وتقتل أشراف الناس ويصيب الناس شدة، وإن كان آخر الليل يدل على سكون الناس وأمنهم وزوال أسقامهم ويكثر السمك والعصافير.(1/308)
وإن كان في أيار: في أول الليل يدل على ثوران الفتن وعلى أن يلحق الزرع
اليرقان وتموت البقر وتكون الأمطار متصلة ويحصل بين أهل طائفة من فارس قتال، وإن كان نصف الليل يدل على وقوع الوباء بنواحي بيت المقدس وحدوث الغلاء غير أن حال النخيل يحسن ويستولي على الأمور السلطانية إنسان غشوم مقعد ويكون بسبب تغيير نية السلطان على خواصه وتتصل الأمطار وتقع الحروب بأرض بابل ويقع الجوع بآذربيجان وتقتل أشراف الناس ويصيب الناس شدة، وإن كان آخر الليل يدل على سكون الناس وأمنهم وزوال أسقامهم ويكثر السمك والعصافير.
وإن انخسف في حزيران: فإن كان أول الليل يدل على خبث نية أصحاب الدول وسعيهم في خراب أمور الملك وتتصل الأمطار ويظهر الجراد ولا يفسد إلا قليلا ويكثر الجور بفارس وتكثر الأثمار وينقص القمح، وإن كان في نصف الليل يدل على الوباء وعلى اسقاط الحبوب، وإن كان في آخر الليل يدل على غزارة المياه وحسن حال مصر في آخر السنة وخروجهم على سلطانهم ويحسن حال الزرع والنخيل والأشجار.
وإن انخسف في تموز: في أول الليل يدل على كثرة الأمطار ووقوع الوباء في الناس والوحوش، فإن كان في نصف الليل يدل على وقوع الوباء في المغرب واتصال الفتن في كثير من البلدان وكثرة المطر، وإن كان في آخر الليل يدل على محاصرة بابل وكثرة الأراجيف ووقوع الوباء في مواضع كثيرة الأوجاع والعلل وظهور البرص.
وإن كان في آب: أول الليل يدل على محاصرة أهل بابل ووقوع القتال واضطراب السلطان ويعتري الناس ضيقة الصدر ولا يعرفون سببه ويعارضهم شبيه الوسواس وتكثر الأمطار، وإن كان في نصف الليل فإنه يقع تشويش وتكثر الأمطار وترخص الغلات.
وإن كان خسوفه في أيلول: في أول الليل يدل على فساد الزرع ويظهر الجراد وتكثر الأراجيف ويسير ملك من المشرق إلى المغرب ويملك بلادها ويضيفها إلى مملكته وتكون سنته خصبة ويعرض للناس وجع العين وتكثر الأمطار جدا، وإن كان في نصف الليل يدل على كثرة المياه وحسن حال الأنعام وكثرة العشب، وإن كان في آخر الليل يعم الخصب البلاد ويفرح الناس وتقل الأمراض ويهلك الملك ويرث ولده من بعده.
وإن كان في تشرين الأول: أول الليل يدل على اضطراب وتشويش ووقوع
الملك بخواصه فيحطهم عن مراتبهم ويدل على وقوع القتال في الجبال وعلى هلاك البقر والمواشي وحدوث الآفات في الكلاب وكثرة العلل والأمراض ويحسن الزرع وتكثر الأمطار بعد تأخيرها، وإن كان نصف الليل فإن السنة كثيرة الخيرات.(1/309)
وإن كان في تشرين الأول: أول الليل يدل على اضطراب وتشويش ووقوع
الملك بخواصه فيحطهم عن مراتبهم ويدل على وقوع القتال في الجبال وعلى هلاك البقر والمواشي وحدوث الآفات في الكلاب وكثرة العلل والأمراض ويحسن الزرع وتكثر الأمطار بعد تأخيرها، وإن كان نصف الليل فإن السنة كثيرة الخيرات.
وإن كان خسوفه في تشرين الثاني: أول الليل يدل على الوباء ووقوع الآفة في المزارع ويموت ملك العرب ويظهر الوجع في أهل الجبال بفارس، وإن كان نصف الليل يدل على اضطراب أمور الناس مع اتصال الأمطار ويظهر الجراد الكثير ويحسن الزرع ويفقد رجل كبير ويسير أهل المشرق إلى أهل المغرب ويكون بينهم حرب كثير.
وإن انخسف في كانون الأول: يدل على الوباء بأرض الأهواز وفارس وعلى عموم الرخص واتصاله وعلى هلاك أعداء الملك، وإن كان نصف الليل إلى الصبح فإنه يدل على وفورة المياه ويفسد السمسم ويحسن حال الثمار والغلات والصيفه وتهلك الوحوش مع كثرة العشب والزرع في الجبال ويتحدث الناس بأمور تظهر في المغرب ويموت ملك الشام ويكثر الموت في الابل، وقال ذو القرنين: يكون حروب وقتال يقع في المدائن ويقل الزرع والفواكه والقطن ويزيد في العيون ويظهر في الناس اليرقان ويهلك القمج والشعير وتخصب أرض بابل وتكثر الأمطار بآذربيجان ويكثر الثلج ويظهر الجراد ويكون في أصفهان جوع ووباء.
وإن كان في كانون الثاني: يدل على ارتفاع الأسعار في الأهواز، وإن كان نصف الليل أو آخره يدل على هلاك الوحوش وبوارها وظهور الجراد وكثرة الأمراض بأرض بابل مع كثرة الفواكه وتمكن النفاق في قلوب الناس ويحسن الزرع.
وإن انخسف في شباط: أول الليل يدل على وقوع الغلاء في بلاد المغرب ويصيب الناس اليرقان، وإن كان نصف الليل أو آخره يدل على اضطراب أهل البحر وهلاك راكبي السفن بالغرق وعلى اتصال الحرب وهلاك رجل عظيم بفارس وهلاك قوم من التجار واضطراب الملك إلا انه يظفر بأعدائه، وإن كان خسوفه بحمرة فأراجيف ورعد ويعصى على الملك أصحابه وتغلى الأسعار بأرض الترك ويظهر صوت شديد وتسفك الدماء.
وإن كان خسوفه في آذار: أول الليل يدل على الجزع الشديد بأهل البحر وعلى وقوع البلاء في بلاد الهند وموت ملكهم وعلى حسن حال المواشي ويكون
بمصر قتال شديد وتخرب بعض بلدانها ويقع البرد والثلج، وإن كان نصف الليل يدل على موت بأرض مصر ويموت ملك المغرب.(1/310)
وإن كان خسوفه في آذار: أول الليل يدل على الجزع الشديد بأهل البحر وعلى وقوع البلاء في بلاد الهند وموت ملكهم وعلى حسن حال المواشي ويكون
بمصر قتال شديد وتخرب بعض بلدانها ويقع البرد والثلج، وإن كان نصف الليل يدل على موت بأرض مصر ويموت ملك المغرب.
خسوف القمر في الأشهر العربية
فإن انخسف في محرم: يدل على موت رجل عظيم من أهل المغرب، وإن انخسف في شهر صفر يدل على كثرة الأمطار والفواكه وخوف شديد، وإن كان في ربيع الأول فيدل على القتال في الصيف، وإن كان في ربيع الثاني فإن المدن عامرة ويكثر الطعام، وإن كان في جمادى الأولى يدل على مصائب تصيب العلماء في نفوسهم وأموالهم، وإن كان في جمادى الثانية فإن الملوك تصطلح مع العلماء وتكون السنة كثيرة الخير، وإن كان في رجب يدل على الفتن والحروب، وإن كان في شعبان يدل على الاختلاف بين قبائل العرب والاشراف ويشتد الأمر على الفقراء ثم تستقيم الأمور بعد ذلك، وإن كان في شهر رمضان فإن الملك يظفر بأعدائه، وإن كان في شوال فإن الملك يقتل ويملك ولده من بعده ويغلو الطعام، وإن كان في ذي القعدة يدل على كثرة الحرب والجور وتهلك الناس بالاختلافات، وإن كان في ذي الحجة يدل على فتح مدينة محاصرة وتنهزم كل العسكر وتفتخر العبيد على مواليها ويكون جوع شديد.
إنكساف الشمس في البروج
وأما البروج فإن كان الكسوف في برج الحمل يدل على كثرة التمور ويقع الوباء في الناس وينقطع النسل مدة، وإن كان في الثور يدل على إسقاط أهل الجبال واختلاف أمر السلاطين ودخول بعضهم إلى مدينة بعنف وقلة ثباته فيها، وإن كان في الجوزاء يدل على الغلاء والبلاء لأهل بابل وخروج الناس من أماكنهم مدة ورجوعهم إليها من بعد ذلك، وإن كان في السرطان يدل على قلة الأمطار وظهور حيوان غريب الخلقة في أرض بابل، وإن كان في الأسد يدل على أمراض بأهل فارس وكثرة الوباء والحروب والفتن في بلاد الهند وظهور الجراد ولا يؤذي شيئا، وإن كان في السنبلة يدل على خصب السنة وكثرة الخيرات ونوران النباتات ووهن بعض السلاطين، وإن كان في الميزان يدل على هلاك الحشرات والهوام ووقوع الغلاء بأرض خراسان وشدة تلحق أهلها، وإن كان في العقرب يدل على اسقاط أهل الجبل ووقوع الغم وأسباب توجب البكاء إلا أن العاقبة محمودة، وإن كان في القوس يدل على الوباء في أشراف الناس وقلة الطعام وارتفاع إسقاط الناس
وتجادل بين العلماء وموت رجل عظيم وتغيير النقود وتقلب الأمور، وإن كان في الجدي يدل على اضطراب العالم وكثرة الأراجيف واختلاف الناس عن مواضعهم، وإن كان في الحوت يدل على قلة الربيع وقلة الغلات.(1/311)
وأما البروج فإن كان الكسوف في برج الحمل يدل على كثرة التمور ويقع الوباء في الناس وينقطع النسل مدة، وإن كان في الثور يدل على إسقاط أهل الجبال واختلاف أمر السلاطين ودخول بعضهم إلى مدينة بعنف وقلة ثباته فيها، وإن كان في الجوزاء يدل على الغلاء والبلاء لأهل بابل وخروج الناس من أماكنهم مدة ورجوعهم إليها من بعد ذلك، وإن كان في السرطان يدل على قلة الأمطار وظهور حيوان غريب الخلقة في أرض بابل، وإن كان في الأسد يدل على أمراض بأهل فارس وكثرة الوباء والحروب والفتن في بلاد الهند وظهور الجراد ولا يؤذي شيئا، وإن كان في السنبلة يدل على خصب السنة وكثرة الخيرات ونوران النباتات ووهن بعض السلاطين، وإن كان في الميزان يدل على هلاك الحشرات والهوام ووقوع الغلاء بأرض خراسان وشدة تلحق أهلها، وإن كان في العقرب يدل على اسقاط أهل الجبل ووقوع الغم وأسباب توجب البكاء إلا أن العاقبة محمودة، وإن كان في القوس يدل على الوباء في أشراف الناس وقلة الطعام وارتفاع إسقاط الناس
وتجادل بين العلماء وموت رجل عظيم وتغيير النقود وتقلب الأمور، وإن كان في الجدي يدل على اضطراب العالم وكثرة الأراجيف واختلاف الناس عن مواضعهم، وإن كان في الحوت يدل على قلة الربيع وقلة الغلات.
في الرعود
وأما الرعود: فإذا أرعدت والقمر في الحمل يدل على وقوع الخوف في العالم ووقوع الشتات ويدل على هبوب الرياح المزعجة وتجيء الأمطار في الشتاء ثم ينقطع مرة ويتصل بعد زيادة المياه والعيون واضطراب الأمور وكثرة الحمى والحصف وشدة الحرب في بابل وآذربيجان واختلاف الكرم فيها من كثرة البرد وشدة الوباء في هذه البلدان.
وإن أرعدت في الثور: يدل على حسن حال الغلات خصوصا الحنطة والأثمار ويدل أيضا على فرح سلطان المشرق ووقوع الحرب والقحط ببلاد الروم وحد الشمال حتى ينتهي أمر الناس في النواحي إلى أكل الميتة ويحسن حال الزرع أول السنة وتموت البقر وتعم الأوجاع وتهلك أعيان الناس وتظهر آية في السماء وشدة وقوع الناس فيها وذلك بمصر والسودان وهمذان والأكراد.
وإن أرعدت في الجوزاء: يدل على غم يلحق الناس معه مرض ويحسن حال الحنطة في الجبال وتتلف الأباطيخ ويقع الخوف مع السلامة ويدل على تقدم الأمطار أول الشتاء وهبوب الريح وهلاك الأشجار وكثرة الوباء في الهند وآذربيجان وتعذر الغلات في المشرق ووقوع الصاعقة من السماء واشتباك الحروب وهلاك رجل عظيم القدر وظهور الجراد في البلاد التي تتولاها الجوزاء كالهند أرمينية وآذربيجان.
وإن أرعدت في السرطان: يدل على جوع شديد في نواحي المشرق وكثرة الأراجيف وظهور الجراد وفساد الزرع والأشجار واشتباك الحرب والفتن وتمكن الأعداء من الرعية.
وإن أرعدت في الأسد: يدل على سلامة الغلات وظهور الحكة والثبور والحزب في الناس ويهرب الناس من الفتن وهلاك أهل السفن في البحر وانقطاع المطر وإتلاف الكروم وموت الأكابر وهلاك النساء عند الولادة وعلة الناس من أكل الثمرة.
وإن أرعدت في السنبلة: يدل على هلاك خواص الملوك ووقوع الفزع بمصر
وحسن حال الغلات وتهلك الأغنام والمواشي وتكثر الأمراض في أول السنة وتتصل الأمطار وتقل الغلات ويضطرب أمر السلطان ويتعذر القوت في الجزيرة والفرات من القحط.(1/312)
وإن أرعدت في السنبلة: يدل على هلاك خواص الملوك ووقوع الفزع بمصر
وحسن حال الغلات وتهلك الأغنام والمواشي وتكثر الأمراض في أول السنة وتتصل الأمطار وتقل الغلات ويضطرب أمر السلطان ويتعذر القوت في الجزيرة والفرات من القحط.
وإن أرعدت في الميزان: يدل على الحروب وحسن حال الأمطار ويدل على الفتن في العالم وظهور الذخاير والكنوز من تحت الأرض وخراب البقع والصوامع وبيوت العبادات واتصال الثلوج وهلاك الثمرات وكثرة الأمراض في الصيد وزوالها في آخر الشتاء واشتباك الحروب في بلاد المشرق وسفك الدماء في بلاد المغرب.
وإن أرعدت في العقرب: يدل على هلاك الطيور وشمول البلاء والغلاء في تلك السنة وخروج ملك المشرق وتوجهه نحو البلاد ليفتحها ويملكها ويدل على كثرة الأمراض وحسن حال الثمار والغلات واعتدال المواشي.
وإن أرعدت في القوس: يدل على حسن حال الغلات في الجبال وقلة الأمطار وكثرة الثلوج وآفة الكروم وكثرة الموت في الرجال.
وإن أرعدت في الجدي: يدل على اتصال الأمطار وكثرة الأراجيف وانقطاع الأمطار أول السنة عدة شهرين ونصف ويهلك الزرع والأشجار.
وإن أرعدت في الدلو: يدل على حروب كثيرة وأمراض صعبة وحسن حال الثمار والغلات وقلة المطر في بلاد الروم وكثرة الموت في الصيف.
وإن أرعدت في الحوت: يدل على قلة الحنطة واتصال الأمطار في البلاد التي يتولاها الحوت وهي اليمين.
حال الأمطار
وأما حال الأمطار فإذا جاء المطر في نيسان يدل على زكاة الغلات وربما يخرج خارجي مفسد، وإن أمطرت في أيار فيدل على كثرة القحط، وإن أمطرت في حزيران حدث في الناس أوجاع ردية ونقص حمل النساء، وإن أمطرت في تموز يدل على زيادة المياه، وإن كان في آب فيقع الموت في المواشي، وإن كان في أيلول فإنه يحسن حال الزرع. وهكذا حال بقية الشهور.
أحوال البرد
وأما أحوال البرد فإن وقع في نيسان فيدل على قوة السلطان ببابل، وإن كان
في أيار يدل على قتل الملك ومعه كبار حاشيته ويكون حرب كثير عظيم، وإن وقع في حزيران يدل على خصب السنة وحسن حالها، وإن وقع في تموز يدل على الغلاء الشديد وتضايق الأمور بالناس وافتقارهم، وإن وقع في آب يدل على قلة الغلات ويتلوه الرخص سريعا، وإن وقع في أيلول يدل على برد شديد، وإن وقع في تشرين الأول يدل على الوباء وخروج الخوارج في بابل، وإن وقع في تشرين الثاني يدل على الجوع خصوصا بمصر والبصرة ويخرج الخوارج ببابل ويكثر الموت في البلدان الذي وقع فيها البرد والثلج، وإن كان في كانون أول يدل على خروج خوارج على الملك ويقتلهم الملك، وإن كان في كانون الثاني يدل على اضطراب عظيم، وإن وقع في شباط يدل على ظهور الجراد وفساد الغلات وسخط السلطان على أصحابه والرعية وكثرة الحروب وتغلى الأسعار، وإن وقع في آذار يدل على تسارع الخيرات والخصب إلا انه يكون قتال شديد ومنازعات.(1/313)
وأما أحوال البرد فإن وقع في نيسان فيدل على قوة السلطان ببابل، وإن كان
في أيار يدل على قتل الملك ومعه كبار حاشيته ويكون حرب كثير عظيم، وإن وقع في حزيران يدل على خصب السنة وحسن حالها، وإن وقع في تموز يدل على الغلاء الشديد وتضايق الأمور بالناس وافتقارهم، وإن وقع في آب يدل على قلة الغلات ويتلوه الرخص سريعا، وإن وقع في أيلول يدل على برد شديد، وإن وقع في تشرين الأول يدل على الوباء وخروج الخوارج في بابل، وإن وقع في تشرين الثاني يدل على الجوع خصوصا بمصر والبصرة ويخرج الخوارج ببابل ويكثر الموت في البلدان الذي وقع فيها البرد والثلج، وإن كان في كانون أول يدل على خروج خوارج على الملك ويقتلهم الملك، وإن كان في كانون الثاني يدل على اضطراب عظيم، وإن وقع في شباط يدل على ظهور الجراد وفساد الغلات وسخط السلطان على أصحابه والرعية وكثرة الحروب وتغلى الأسعار، وإن وقع في آذار يدل على تسارع الخيرات والخصب إلا انه يكون قتال شديد ومنازعات.
ظهور قوس قزح
وأما ظهور قوس قزح فإن ظهر في نيسان يدل على اختلاف بين الناس وارتفاع المطر في ذلك الشهر، وإن ظهر في أيار يدل على الوباء في البقر وحسن حال الثمار ووقوع الصلح بين الملك وبين من يعاديه وكثرة الأمطار ووقوع الوباء في السودان. وإن ظهر في المغرب يدل على الغلاء واضطراب الناس في نواحي المغرب ويقوى أمر الملك ويقتل أعاديه، وإن ظهر في حزيران يدل على موت خواص الملك ويكون هلاكهم على يدي الملك، وإن ظهر في الغرب يدل على وقوع الغلاء في المغرب، وإن ظهر في آب من المشرق يدل على تشويش بين الملوك وغلاء في خراسان ثلاث سنين، وإن ظهر في أيلول من ناحية المشرق يدل على اشتباك الحروب بين ملك فارس والأهواز، وإن ظهر في تشرين الأول من ناحية المشرق يدل على اضطراب الروم وموت الحيوانات، وإن ظهر في المغرب يدل على السلامة والفرح وعلى نكد المماليك على مواليهم وحسن حال الثمار، وإن ظهر في تشرين الثاني من المشرق يدل على كلب الكلاب والسباع وتأذي الناس بها ووقوع البلاء والوباء والابتلاء ببابل ثلاث سنين، فإن ظهر بالمغرب يدل على كثرة الأمطار والتمور، وإن كان في ظهر كانون الأول من المشرق يدل على حسن الغلات والثمرات واتصال المطر مدة ثلاثة أشهر وكثرة الوباء والأوجاع والحرب واختلاف بين الناس وكثرة العشب، وإن ظهر من المغرب يدل على خصب السنة وظهور الجراد والمرض والقتال، وإن ظهر في كانون الثاني يدل على
وقوع الملك في أيدي أعاديه وكثرة الثلوج وحسن حال الروم والثمرات، وإن ظهر في المغرب يدل على كثرة الأمطار وزيادة الغلات ويشتد الغلاء في بلاد الروم، وإن ظهر في شباط من المشرق يدل على كثرة الحروب وظفر من الملك بأعدائه، وإن ظهر في آذار المشرق يدل على فتنة بين الملكين وظفر أحدهم بالآخر وعلى الأمطار وموت الأطفال، وإن ظهر في ناحية المغرب يدل على الوباء وانتقال الناس من أماكنهم وكثرة الغلات والعصافير ويظهر الجراد ويكون الغلاء بعده.(1/314)
وأما ظهور قوس قزح فإن ظهر في نيسان يدل على اختلاف بين الناس وارتفاع المطر في ذلك الشهر، وإن ظهر في أيار يدل على الوباء في البقر وحسن حال الثمار ووقوع الصلح بين الملك وبين من يعاديه وكثرة الأمطار ووقوع الوباء في السودان. وإن ظهر في المغرب يدل على الغلاء واضطراب الناس في نواحي المغرب ويقوى أمر الملك ويقتل أعاديه، وإن ظهر في حزيران يدل على موت خواص الملك ويكون هلاكهم على يدي الملك، وإن ظهر في الغرب يدل على وقوع الغلاء في المغرب، وإن ظهر في آب من المشرق يدل على تشويش بين الملوك وغلاء في خراسان ثلاث سنين، وإن ظهر في أيلول من ناحية المشرق يدل على اشتباك الحروب بين ملك فارس والأهواز، وإن ظهر في تشرين الأول من ناحية المشرق يدل على اضطراب الروم وموت الحيوانات، وإن ظهر في المغرب يدل على السلامة والفرح وعلى نكد المماليك على مواليهم وحسن حال الثمار، وإن ظهر في تشرين الثاني من المشرق يدل على كلب الكلاب والسباع وتأذي الناس بها ووقوع البلاء والوباء والابتلاء ببابل ثلاث سنين، فإن ظهر بالمغرب يدل على كثرة الأمطار والتمور، وإن كان في ظهر كانون الأول من المشرق يدل على حسن الغلات والثمرات واتصال المطر مدة ثلاثة أشهر وكثرة الوباء والأوجاع والحرب واختلاف بين الناس وكثرة العشب، وإن ظهر من المغرب يدل على خصب السنة وظهور الجراد والمرض والقتال، وإن ظهر في كانون الثاني يدل على
وقوع الملك في أيدي أعاديه وكثرة الثلوج وحسن حال الروم والثمرات، وإن ظهر في المغرب يدل على كثرة الأمطار وزيادة الغلات ويشتد الغلاء في بلاد الروم، وإن ظهر في شباط من المشرق يدل على كثرة الحروب وظفر من الملك بأعدائه، وإن ظهر في آذار المشرق يدل على فتنة بين الملكين وظفر أحدهم بالآخر وعلى الأمطار وموت الأطفال، وإن ظهر في ناحية المغرب يدل على الوباء وانتقال الناس من أماكنهم وكثرة الغلات والعصافير ويظهر الجراد ويكون الغلاء بعده.
أحوال الزلازل
وأما أحوال الزلازل فإن كان في نيسان نهارا دل على حسن حال الفواكه والعنب، وإن كان ليلا ينتقلون الناس من أماكنهم، وإن كان في أيار نهارا دلت على كثرة الرخص والخصب التام والمطر في أكثر البلاد، وإن كان ليلا فموت يقع في الناس والبقر والغنم وحرب تقع في خراسان، وإن كان في حزيران نهارا دلت على الغلاء في تلك السنة وقلة المراعي، وإن كان ليلا تخرب مدينة بابل ويقع الموت في النساء ويمرض خاصة الملك ويموت ملك نينوى، وإن كان في تموز نهارا يدل على موت رجل جليل القدر ببابل، وإن كان ليلا دلت على أن في خراسان مرضا وشرا عظيما في أيام الحصاد، وإن كان في آب نهارا دلت على حسن حال الطعام وكثرة القتال والسبي وتظهر اللصوص، وإن كان ليلا دلت على ظهور اللصوص وقطع الطريق وفوران الحروب، وإن كان في أيلول نهارا دلت على كثرة التناسل وحسن حال الغلات والثمار وموت رجل جليل القدر، وإن كان ليلا تقع الحرب، وإن كان في تشرين الأول نهارا دلت على ظهور ملك يستولي على الدنيا ويفتقر الاغنياء وتستغني الفقراء ويكون موت في خراسان، وإن كان ليلا يدل على إسقاط أهل الجبال، وإن كان في تشرين الثاني نهارا دلت على كثرة الأمراض، وإن كان في كانون الأول نهارا دلت على موت الحيوان، وإن كان في كانون الثاني دلت على موت الأطفال وكثرة الخيرات ويكون أمراض كثيرة، وإن كان ليلا يدل على اضطراب الناس، وإن كان في شباط نهارا تدل على اتصال الأمطار ومرض الأطفال واجتماع الجيوش وتعصّي الأولاد على آبائهم ولا يقبلون منهم ويقع الجوع والوباء وإن كان ليلا يدل على عموم الغم لسائر البلدان ويتكلم الجنين في بطن أمه ويكثر الشر والأمراض ويموت رجل عظيم، وإن كان في آذار نهارا يدل على كثرة اللصوص ويقتل الملك وتموت الناس ثم يكون في آخر السنة فرح كثير ويكثر الطعام ويقع الجوع في بلاد الروم ويكثر الموت في هذه السنة،
وإن كان ليلا يكون القتال بمصر وتكثر المياه ويظهر الموت في الناس ويصلح حال الأشجار والثمار. تم والحمد لله.(1/315)
وأما أحوال الزلازل فإن كان في نيسان نهارا دل على حسن حال الفواكه والعنب، وإن كان ليلا ينتقلون الناس من أماكنهم، وإن كان في أيار نهارا دلت على كثرة الرخص والخصب التام والمطر في أكثر البلاد، وإن كان ليلا فموت يقع في الناس والبقر والغنم وحرب تقع في خراسان، وإن كان في حزيران نهارا دلت على الغلاء في تلك السنة وقلة المراعي، وإن كان ليلا تخرب مدينة بابل ويقع الموت في النساء ويمرض خاصة الملك ويموت ملك نينوى، وإن كان في تموز نهارا يدل على موت رجل جليل القدر ببابل، وإن كان ليلا دلت على أن في خراسان مرضا وشرا عظيما في أيام الحصاد، وإن كان في آب نهارا دلت على حسن حال الطعام وكثرة القتال والسبي وتظهر اللصوص، وإن كان ليلا دلت على ظهور اللصوص وقطع الطريق وفوران الحروب، وإن كان في أيلول نهارا دلت على كثرة التناسل وحسن حال الغلات والثمار وموت رجل جليل القدر، وإن كان ليلا تقع الحرب، وإن كان في تشرين الأول نهارا دلت على ظهور ملك يستولي على الدنيا ويفتقر الاغنياء وتستغني الفقراء ويكون موت في خراسان، وإن كان ليلا يدل على إسقاط أهل الجبال، وإن كان في تشرين الثاني نهارا دلت على كثرة الأمراض، وإن كان في كانون الأول نهارا دلت على موت الحيوان، وإن كان في كانون الثاني دلت على موت الأطفال وكثرة الخيرات ويكون أمراض كثيرة، وإن كان ليلا يدل على اضطراب الناس، وإن كان في شباط نهارا تدل على اتصال الأمطار ومرض الأطفال واجتماع الجيوش وتعصّي الأولاد على آبائهم ولا يقبلون منهم ويقع الجوع والوباء وإن كان ليلا يدل على عموم الغم لسائر البلدان ويتكلم الجنين في بطن أمه ويكثر الشر والأمراض ويموت رجل عظيم، وإن كان في آذار نهارا يدل على كثرة اللصوص ويقتل الملك وتموت الناس ثم يكون في آخر السنة فرح كثير ويكثر الطعام ويقع الجوع في بلاد الروم ويكثر الموت في هذه السنة،
وإن كان ليلا يكون القتال بمصر وتكثر المياه ويظهر الموت في الناس ويصلح حال الأشجار والثمار. تم والحمد لله.
المثلثات اللغوية لقطرب البصري
قال أبو علي قطرب بن أحمد البصري: هذا كتاب المثلث وهو أن يكون الحرف واحدا ويتصرف على ثلاثة أوجه رفع ونصب وجر فمن ذلك (الغمر الغمر الغمر) فأما الغمر بالنصب فالماء الكثير وأما الغمر بكسر الغين فالحقد في الصدور وأما الغمر بالضم فالشاب القليل الحيلة الضعيف في حالاته (السّلام السّلام السّلام) أما السّلام بفتح السين فالتحية وأما السّلام بكسر السين فالحجارة وأما السّلام برفع السين فعروق الظهر (الكلام الكلام الكلام) فأما الكلام بفتح الكاف فالكلام بعينه وأما الكلام بكسر الكاف فالجراحات وأما الكلام بضم الكاف فالأرض الطلية فيها الحجارة والحصى. ومنه (حلم حلم حلم) فأما الحلم بفتح الحاء فمن الحلم في النوم وأما حلم بنصب الحاء وكسر اللام فهو إفساد الأديم وأما حلم بفتح الحاء وضم اللام فمن الحلم والاحتمال. ومنه (الحجر الحجر الحجر) فأما الحجر بالفتح فالمنع وجميع مقدم القميص وأما الحجر بكسر الحاء فالعقل قال الله تعالى في قسم {لِذِي حِجْرٍ} وأما الحجر بضم الحاء فهو اسم رجل، ومنه (الدعوة الدّعوة الدعوة) فأما الدعوة بنصب الدال فالرجل يناديك وأما الدعوة بكسر الدال فالرجل يدعى إلى قوم ليس منهم وأما الدعوة برفع الدال فالرجل يدعي إلى طعام وغيره.
ومنه (السبت والسبت والسبت) أما السبت بفتح السين فهو من الأيام وأما السبت بكسر السين فالنعال اليمانية وأما السبت برفع السين فنبت يشبه الخطمي (الحرة الحرة الحرة) فالحرة بنصب الحاء الأرض فيها حصاة سود وبيض وأما الحرة بكسر الحاء فأشد ما يكون من الحر والعطش وأما الحرة بضم الحاء فالحرة من النساء.
ومنه (السّهام السّهام السّهام) أما السّهام بنصب السين فشدة الحر وأما السّهام بكسر السين فالنبال وأما السّهام بضم السين فهو لعاب الشمس (الشّرب الشّرب الشّرب) أما الشّرب بفتح الشين فالقوم يجتمعون على طعام واحد وأما الشّرب بكسر الشين فموضع الماء وأما الشّرب برفع الشين فهو الشرب بعينه، ومنه (الخرق الخرق الخرق) فأما الخرق بفتح الخاء فالصحراء الواسعة البعيدة الأطراف وأما الخرق بكسر الخاء فالشاب النّضر الكامل في خصاله وأما الخرق بضم الخاء فهو الجهل والحمق. ومنه (الشّكل الشّكل الشّكل) أما الشّكل بفتح الشين فالمثل والشبيه وأما الشّكل بكسر الشين فهو القبح والذل وأما الشّكل بضم الشين فجميع شكال
الدابة (الرّقاق الرّقاق الرّقاق) فأما الرّقاق بفتح الراء والقاف فالرمال المتصلة وأما الرّقاق بكسر الراء فما نص عنه الماء من شطوط الأنهار والأودية وأما الرّقاق بضم الراء فالخبر الرقيق. ومنه (عمرت عمرت عمرت) فأما عمرت بنصب العين وكسر الميم فمن طول العمر وأما عمرت بفتح الميم فالدور والمنازل إذا صلحت وأما عمرت بضم الميم فمن عمارة الأرض والبلاد. ومنه (الطّلا الطّلا الطّلا) فأما الطّلا بنصب الطاء فالولد إذا سقط من أمه وأما الطّلا بكسر الطاء فهو الخمر وأما الطّلا برفع الطاء فهي الأعناق (الصّرة الصّرة الصّرة) فأما الصّرة بنصب الصاد فالجماعة من الناس قال الله عز وجل: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} فأما الصّرة بكسر الصاد فالليل البارد فأما الصّرة بضم الصاد فالخرقة يصر فيها الشيء. ومنه (الملا الملا الملا) فأما الملا بفتح الميم فالصحراء الواسعة التي لا ينبت فيها شيء وأما الملا بكسر الميم فجمع ملا كل آنية يقال قدح ملآن دماء وقداح ملا وأما الملا برفع الميم فالملا حف من الكتان وغيره. ومنه (اللحا اللحا اللحا) فأما اللحا بنصب اللام فالملاحات والمحل وأما اللحا بكسر اللام فجمع لحية وأما اللحا برفع اللام فجمع اللحي وهي العظم الذي ينبت عليه اللحية. ومنه (السّقط السّقط السّقط) فأما السّقط بنصب السين فهو الثلج وأما السّقط بكسر السين فعين النار وأما السّقط برفع السين فالولد لغير تمام (القسط القسط القسط) وأما القسط بنصب القاف فالجور قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْقََاسِطُونَ فَكََانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} وأما القسط بكسر القاف فالعدل والحق قال الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} وأما القسط بضم القاف هو ما يدخر به، ومنه (القّمة القمة القمة) فالقمة بفتح القاف فما أخذ الأسد بفيه وأما القمة بكسر القاف فاعلا السنام وأعلا الرأس وأما القّمة بضم القاف فجمع ما كنس وهي المزبلة. ومنه (العرف العرف العرف) فالعرف بفتح العين فما بدا لك من ريح طيبة وأما العرف بكسر العين فهو الصبر عند الشدائد والعرف بضم العين فالمعروف. ومنه (الجد الجد الجد) فأما الجد بفتح الجيم فمن القرابة وهو أب الأب والعظمة قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعََالى ََ جَدُّ رَبِّنََا} وأما الجد بكسر الجيم الحق والجد في الأمر وأما الجد بضم الجيم فالبئر القديمة. ومنه (الكلا الكلا الكلا) فأما الكلا بفتح الكاف فالنبت وما رعي وأما الكلا بكسر الكاف فجمع كلابة وهو الحفظ وأما الكلا برفع الكاف فجمع كليه (الجوار الجوار الجوار) وأما الجوار بفتح الجيم فجمع جارية والجواري وهي السفن قال الله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} وأما الجوار بكسر الجيم فهي المجاورة وأما الجوار بضم الجيم فالصوت العالي. ومنه (المسك المسك المسك) فأما المسك بفتح الميم فإنه
الاهاب وهو الجلد وأما المسك بكسر الميم فهو الطيب وأما المسك بضم الميم فما أمسك من طعام وغيره. ومنه (اللمة اللمة اللمة) اللّمة بنصب اللام فالطايف من صرع أو جنون وأما اللّمة بكسر اللام فالوفرة وأما اللّمة بضم اللام فالجماعة من الناس بعضهم على بعض. ومنه (الحمام الحمام الحمام) فأما الحمام بفتح الميم فالطير وأما الحمام بكسر الميم فهو الموت وأما الحمام بضم الحاء فاسم رجل.(1/316)
ومنه (السّهام السّهام السّهام) أما السّهام بنصب السين فشدة الحر وأما السّهام بكسر السين فالنبال وأما السّهام بضم السين فهو لعاب الشمس (الشّرب الشّرب الشّرب) أما الشّرب بفتح الشين فالقوم يجتمعون على طعام واحد وأما الشّرب بكسر الشين فموضع الماء وأما الشّرب برفع الشين فهو الشرب بعينه، ومنه (الخرق الخرق الخرق) فأما الخرق بفتح الخاء فالصحراء الواسعة البعيدة الأطراف وأما الخرق بكسر الخاء فالشاب النّضر الكامل في خصاله وأما الخرق بضم الخاء فهو الجهل والحمق. ومنه (الشّكل الشّكل الشّكل) أما الشّكل بفتح الشين فالمثل والشبيه وأما الشّكل بكسر الشين فهو القبح والذل وأما الشّكل بضم الشين فجميع شكال
الدابة (الرّقاق الرّقاق الرّقاق) فأما الرّقاق بفتح الراء والقاف فالرمال المتصلة وأما الرّقاق بكسر الراء فما نص عنه الماء من شطوط الأنهار والأودية وأما الرّقاق بضم الراء فالخبر الرقيق. ومنه (عمرت عمرت عمرت) فأما عمرت بنصب العين وكسر الميم فمن طول العمر وأما عمرت بفتح الميم فالدور والمنازل إذا صلحت وأما عمرت بضم الميم فمن عمارة الأرض والبلاد. ومنه (الطّلا الطّلا الطّلا) فأما الطّلا بنصب الطاء فالولد إذا سقط من أمه وأما الطّلا بكسر الطاء فهو الخمر وأما الطّلا برفع الطاء فهي الأعناق (الصّرة الصّرة الصّرة) فأما الصّرة بنصب الصاد فالجماعة من الناس قال الله عز وجل: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} فأما الصّرة بكسر الصاد فالليل البارد فأما الصّرة بضم الصاد فالخرقة يصر فيها الشيء. ومنه (الملا الملا الملا) فأما الملا بفتح الميم فالصحراء الواسعة التي لا ينبت فيها شيء وأما الملا بكسر الميم فجمع ملا كل آنية يقال قدح ملآن دماء وقداح ملا وأما الملا برفع الميم فالملا حف من الكتان وغيره. ومنه (اللحا اللحا اللحا) فأما اللحا بنصب اللام فالملاحات والمحل وأما اللحا بكسر اللام فجمع لحية وأما اللحا برفع اللام فجمع اللحي وهي العظم الذي ينبت عليه اللحية. ومنه (السّقط السّقط السّقط) فأما السّقط بنصب السين فهو الثلج وأما السّقط بكسر السين فعين النار وأما السّقط برفع السين فالولد لغير تمام (القسط القسط القسط) وأما القسط بنصب القاف فالجور قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْقََاسِطُونَ فَكََانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} وأما القسط بكسر القاف فالعدل والحق قال الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} وأما القسط بضم القاف هو ما يدخر به، ومنه (القّمة القمة القمة) فالقمة بفتح القاف فما أخذ الأسد بفيه وأما القمة بكسر القاف فاعلا السنام وأعلا الرأس وأما القّمة بضم القاف فجمع ما كنس وهي المزبلة. ومنه (العرف العرف العرف) فالعرف بفتح العين فما بدا لك من ريح طيبة وأما العرف بكسر العين فهو الصبر عند الشدائد والعرف بضم العين فالمعروف. ومنه (الجد الجد الجد) فأما الجد بفتح الجيم فمن القرابة وهو أب الأب والعظمة قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعََالى ََ جَدُّ رَبِّنََا} وأما الجد بكسر الجيم الحق والجد في الأمر وأما الجد بضم الجيم فالبئر القديمة. ومنه (الكلا الكلا الكلا) فأما الكلا بفتح الكاف فالنبت وما رعي وأما الكلا بكسر الكاف فجمع كلابة وهو الحفظ وأما الكلا برفع الكاف فجمع كليه (الجوار الجوار الجوار) وأما الجوار بفتح الجيم فجمع جارية والجواري وهي السفن قال الله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} وأما الجوار بكسر الجيم فهي المجاورة وأما الجوار بضم الجيم فالصوت العالي. ومنه (المسك المسك المسك) فأما المسك بفتح الميم فإنه
الاهاب وهو الجلد وأما المسك بكسر الميم فهو الطيب وأما المسك بضم الميم فما أمسك من طعام وغيره. ومنه (اللمة اللمة اللمة) اللّمة بنصب اللام فالطايف من صرع أو جنون وأما اللّمة بكسر اللام فالوفرة وأما اللّمة بضم اللام فالجماعة من الناس بعضهم على بعض. ومنه (الحمام الحمام الحمام) فأما الحمام بفتح الميم فالطير وأما الحمام بكسر الميم فهو الموت وأما الحمام بضم الحاء فاسم رجل.(1/317)
ومنه (السّهام السّهام السّهام) أما السّهام بنصب السين فشدة الحر وأما السّهام بكسر السين فالنبال وأما السّهام بضم السين فهو لعاب الشمس (الشّرب الشّرب الشّرب) أما الشّرب بفتح الشين فالقوم يجتمعون على طعام واحد وأما الشّرب بكسر الشين فموضع الماء وأما الشّرب برفع الشين فهو الشرب بعينه، ومنه (الخرق الخرق الخرق) فأما الخرق بفتح الخاء فالصحراء الواسعة البعيدة الأطراف وأما الخرق بكسر الخاء فالشاب النّضر الكامل في خصاله وأما الخرق بضم الخاء فهو الجهل والحمق. ومنه (الشّكل الشّكل الشّكل) أما الشّكل بفتح الشين فالمثل والشبيه وأما الشّكل بكسر الشين فهو القبح والذل وأما الشّكل بضم الشين فجميع شكال
الدابة (الرّقاق الرّقاق الرّقاق) فأما الرّقاق بفتح الراء والقاف فالرمال المتصلة وأما الرّقاق بكسر الراء فما نص عنه الماء من شطوط الأنهار والأودية وأما الرّقاق بضم الراء فالخبر الرقيق. ومنه (عمرت عمرت عمرت) فأما عمرت بنصب العين وكسر الميم فمن طول العمر وأما عمرت بفتح الميم فالدور والمنازل إذا صلحت وأما عمرت بضم الميم فمن عمارة الأرض والبلاد. ومنه (الطّلا الطّلا الطّلا) فأما الطّلا بنصب الطاء فالولد إذا سقط من أمه وأما الطّلا بكسر الطاء فهو الخمر وأما الطّلا برفع الطاء فهي الأعناق (الصّرة الصّرة الصّرة) فأما الصّرة بنصب الصاد فالجماعة من الناس قال الله عز وجل: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} فأما الصّرة بكسر الصاد فالليل البارد فأما الصّرة بضم الصاد فالخرقة يصر فيها الشيء. ومنه (الملا الملا الملا) فأما الملا بفتح الميم فالصحراء الواسعة التي لا ينبت فيها شيء وأما الملا بكسر الميم فجمع ملا كل آنية يقال قدح ملآن دماء وقداح ملا وأما الملا برفع الميم فالملا حف من الكتان وغيره. ومنه (اللحا اللحا اللحا) فأما اللحا بنصب اللام فالملاحات والمحل وأما اللحا بكسر اللام فجمع لحية وأما اللحا برفع اللام فجمع اللحي وهي العظم الذي ينبت عليه اللحية. ومنه (السّقط السّقط السّقط) فأما السّقط بنصب السين فهو الثلج وأما السّقط بكسر السين فعين النار وأما السّقط برفع السين فالولد لغير تمام (القسط القسط القسط) وأما القسط بنصب القاف فالجور قال الله تعالى: {وَأَمَّا الْقََاسِطُونَ فَكََانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} وأما القسط بكسر القاف فالعدل والحق قال الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} وأما القسط بضم القاف هو ما يدخر به، ومنه (القّمة القمة القمة) فالقمة بفتح القاف فما أخذ الأسد بفيه وأما القمة بكسر القاف فاعلا السنام وأعلا الرأس وأما القّمة بضم القاف فجمع ما كنس وهي المزبلة. ومنه (العرف العرف العرف) فالعرف بفتح العين فما بدا لك من ريح طيبة وأما العرف بكسر العين فهو الصبر عند الشدائد والعرف بضم العين فالمعروف. ومنه (الجد الجد الجد) فأما الجد بفتح الجيم فمن القرابة وهو أب الأب والعظمة قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعََالى ََ جَدُّ رَبِّنََا} وأما الجد بكسر الجيم الحق والجد في الأمر وأما الجد بضم الجيم فالبئر القديمة. ومنه (الكلا الكلا الكلا) فأما الكلا بفتح الكاف فالنبت وما رعي وأما الكلا بكسر الكاف فجمع كلابة وهو الحفظ وأما الكلا برفع الكاف فجمع كليه (الجوار الجوار الجوار) وأما الجوار بفتح الجيم فجمع جارية والجواري وهي السفن قال الله تعالى: {وَلَهُ الْجَوََارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلََامِ} وأما الجوار بكسر الجيم فهي المجاورة وأما الجوار بضم الجيم فالصوت العالي. ومنه (المسك المسك المسك) فأما المسك بفتح الميم فإنه
الاهاب وهو الجلد وأما المسك بكسر الميم فهو الطيب وأما المسك بضم الميم فما أمسك من طعام وغيره. ومنه (اللمة اللمة اللمة) اللّمة بنصب اللام فالطايف من صرع أو جنون وأما اللّمة بكسر اللام فالوفرة وأما اللّمة بضم اللام فالجماعة من الناس بعضهم على بعض. ومنه (الحمام الحمام الحمام) فأما الحمام بفتح الميم فالطير وأما الحمام بكسر الميم فهو الموت وأما الحمام بضم الحاء فاسم رجل.
ومنه (الصّل الصّل الصّل) فأما الصل بفتح الصاد الحديد يضرب بعضه على بعض وأما الصّل بكسر الصاد فحية صفراء دقيقة تكون في الرمل وأما الصّل بضم الصاد:
فما تغير من اللحم واللبن (الكرى الكرى الكرى) فأما الكرى بفتح الكاف فالنوم وأما الكرى بكسر الكاف فهو النوم أيضا وأما الكرى بضم الكاف فجمع الكرة (الرّشا الرّشا الرّشا) وأما الرّشا بفتح الراء فولد الظبية إذا قوي ومشى وتحرك وأما الرّشا بكسر الراء فالجبل وأما الرّشا بضم الراء فجمع رشوة (الجمام الجمام الجمام) فأما الجمام بفتح الجيم فالاستيناس وقلة التعب وأما الجمام بكسر الجيم فالماء إذا طال مكثه وأما الجّمام بضم الجيم فجمام القدح والمكيال مملوؤه. ومنه (القلب القلب القلب) وأما القلب بفتح القاف فالفؤاد وأما القلب بكسر القاف فطائر يشبه العصفور وأما القلب بضم القاف فالسوار (القرى القرى القرى) أما القرى بفتح القاف فالظهر وأما القرى بكسر القاف فمن قرى الأضياف وأما القرى بضم القاف فجمع قرية (اللّقا اللّقا اللّقا) فأما اللّقاء بفتح اللام فما ألقي خلف البيت والخباء من رذالة المتاع وأما اللّقا بكسر اللام فاللقا عند الحروب وأما اللّقا بضم اللام فالفالوده (الكما الكما الكما) فأما الكما بفتح الكاف يقال كماه وأما الكما بكسر الكاف فهم الأبطال الشداد وأما الكّما بضم الكاف فجمع كماه (السّنة السّنة السّنة) فأما السّنة بفتح السين فمن الدهر وأما السّنة بكسر السين فالنوم والنعاس وأما السّنة بضم السين فجمال الوجه (المرة المرة المرة) فأما المرة بفتح الميم فمن قولك وأتيه مرة واحدة وأما المرة بكسر الميم فأحكام القفل وغيره وأما المّرة بضم الميم فكل شجرة مرة (النّي النّي النّي) فأما النّي بفتح النون فهو اللحم الطري وأما النّي بكسر النون فهو الشحم وأما النّي بضم النون الحفرة حول الخيمة ينصب فيها ماء المطر (الحب الحب الحب) وأما الحب بفتح الحاء فحب الطعام وأما الحب بكسر الحاء فالذي يحب الشيء وأما الحب بضم الحاء فحك الشيء. ومنه (العدى العدى العدى) فأما العدى بفتح العين فهو البعد وأما العدى بكسر العين فالموالاة بين الشيئين وأما العدى بضم العين فالأعداء (الدّف الدّف الدّف) أما الدّف بفتح الدال فالجنب وأما الدّف بكسر الدال فمن الدناه وأما الدّف بضم الدال فالذي يلعب (البر البر البر) فأما البر
بفتح الباء فالرجل البار والديه وغيره وأما البر بكسر الباء فمصدر بررته وأما البر بضم الباء فمن الطعام (الجنة الجنة الجنة) أما الجنة بفتح الجيم فالبستان قال الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ} وأما الجنّة بكسر الجيم فجماعة الجن قال الله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ} وأما الجنة بضم الجيم فالسلاح (الحباب الحباب الحباب) فأما الحباب بفتح الحاء فطرايق الماء ورغوته وزبده وموجه وأما الحباب بكسر الحاء فجمع حب وأما الحباب بضم الحاء فهي الحبة (القبل القبل القبل) فأما القبل بفتح القاف فهو أن ترد الابل وتصب الابل في الحوض على أفواهها إذا لم يكن لها موضع شرب وأما القبل بكسر القاف فهو فوق طاقتك للشيء وأما القبل فهو الفرج (السّورة السّورة السّورة) فأما السّورة بفتح السين فسورة الجدة والوثوب وأما السّورة بكسر السين فالمذهب الجميل والقبيح يقال سار فيهم سيرة حسنة وقبيحة وأما السّورة بضم السين غير مهموز فالرقبة (الرّمة الرّمة الرّمة) وأما الرّمة بفتح الراء فمن الرمة للشيء تقول: «رممته رما حسنا» وأما الرّمة بالكسر فالعظم البالي وأما الرّمة بالضم فالحبل البالي (اللهى اللهى اللهى) فأما اللهى بالفتح فجمع لهاة يسقط من الإنسان فتعالج وهي بالصبيان خاصة أكثر سقوطا وأما اللهى بالكسر فجمع لهوة وهي قبضة من الطعام تلقى في قلب الرحا وأما اللهى بالضم فالمنح والاعطاء والبذل. (السّوار السّوار السّوار) فأما السّوار بالفتح فجمع سارية وأما السّوار بالكسر فسوارات المرأة وأما السّوار بالضم ففارس العجم وهو الرامي (الظّلم الظّلم الظّلم) وأما الظّلم بالفتح فسواد في اللثة يضرب إلى حمرة وهي أحسن ما يكون في اللثات وأما الظّلم بالكسر فهو ذكر ولد النعام الواحد ظليم وأما الظّلم بالضم فمن ظلم الناس بعضهم بعضا (العذرة العذرة العذرة) وأما العذرة بالفتح قطاع الأغدار يعمل للمحبوب وأما العذرة بالكسر فما اشتق من الاعتذار وأما العذرة بالضم فعذرة الحلق وهي التي تكون في حلق الصبي (العقار العقار العقار) فأما العقار بالفتح فما يورث من مسكن أو ضياع وأما العقار بالكسر فجمع عقر وهي الجراحات وأما عقار بالضم فهو من(1/318)
فما تغير من اللحم واللبن (الكرى الكرى الكرى) فأما الكرى بفتح الكاف فالنوم وأما الكرى بكسر الكاف فهو النوم أيضا وأما الكرى بضم الكاف فجمع الكرة (الرّشا الرّشا الرّشا) وأما الرّشا بفتح الراء فولد الظبية إذا قوي ومشى وتحرك وأما الرّشا بكسر الراء فالجبل وأما الرّشا بضم الراء فجمع رشوة (الجمام الجمام الجمام) فأما الجمام بفتح الجيم فالاستيناس وقلة التعب وأما الجمام بكسر الجيم فالماء إذا طال مكثه وأما الجّمام بضم الجيم فجمام القدح والمكيال مملوؤه. ومنه (القلب القلب القلب) وأما القلب بفتح القاف فالفؤاد وأما القلب بكسر القاف فطائر يشبه العصفور وأما القلب بضم القاف فالسوار (القرى القرى القرى) أما القرى بفتح القاف فالظهر وأما القرى بكسر القاف فمن قرى الأضياف وأما القرى بضم القاف فجمع قرية (اللّقا اللّقا اللّقا) فأما اللّقاء بفتح اللام فما ألقي خلف البيت والخباء من رذالة المتاع وأما اللّقا بكسر اللام فاللقا عند الحروب وأما اللّقا بضم اللام فالفالوده (الكما الكما الكما) فأما الكما بفتح الكاف يقال كماه وأما الكما بكسر الكاف فهم الأبطال الشداد وأما الكّما بضم الكاف فجمع كماه (السّنة السّنة السّنة) فأما السّنة بفتح السين فمن الدهر وأما السّنة بكسر السين فالنوم والنعاس وأما السّنة بضم السين فجمال الوجه (المرة المرة المرة) فأما المرة بفتح الميم فمن قولك وأتيه مرة واحدة وأما المرة بكسر الميم فأحكام القفل وغيره وأما المّرة بضم الميم فكل شجرة مرة (النّي النّي النّي) فأما النّي بفتح النون فهو اللحم الطري وأما النّي بكسر النون فهو الشحم وأما النّي بضم النون الحفرة حول الخيمة ينصب فيها ماء المطر (الحب الحب الحب) وأما الحب بفتح الحاء فحب الطعام وأما الحب بكسر الحاء فالذي يحب الشيء وأما الحب بضم الحاء فحك الشيء. ومنه (العدى العدى العدى) فأما العدى بفتح العين فهو البعد وأما العدى بكسر العين فالموالاة بين الشيئين وأما العدى بضم العين فالأعداء (الدّف الدّف الدّف) أما الدّف بفتح الدال فالجنب وأما الدّف بكسر الدال فمن الدناه وأما الدّف بضم الدال فالذي يلعب (البر البر البر) فأما البر
بفتح الباء فالرجل البار والديه وغيره وأما البر بكسر الباء فمصدر بررته وأما البر بضم الباء فمن الطعام (الجنة الجنة الجنة) أما الجنة بفتح الجيم فالبستان قال الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمََاوََاتُ وَالْأَرْضُ} وأما الجنّة بكسر الجيم فجماعة الجن قال الله تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنََّاسِ} وأما الجنة بضم الجيم فالسلاح (الحباب الحباب الحباب) فأما الحباب بفتح الحاء فطرايق الماء ورغوته وزبده وموجه وأما الحباب بكسر الحاء فجمع حب وأما الحباب بضم الحاء فهي الحبة (القبل القبل القبل) فأما القبل بفتح القاف فهو أن ترد الابل وتصب الابل في الحوض على أفواهها إذا لم يكن لها موضع شرب وأما القبل بكسر القاف فهو فوق طاقتك للشيء وأما القبل فهو الفرج (السّورة السّورة السّورة) فأما السّورة بفتح السين فسورة الجدة والوثوب وأما السّورة بكسر السين فالمذهب الجميل والقبيح يقال سار فيهم سيرة حسنة وقبيحة وأما السّورة بضم السين غير مهموز فالرقبة (الرّمة الرّمة الرّمة) وأما الرّمة بفتح الراء فمن الرمة للشيء تقول: «رممته رما حسنا» وأما الرّمة بالكسر فالعظم البالي وأما الرّمة بالضم فالحبل البالي (اللهى اللهى اللهى) فأما اللهى بالفتح فجمع لهاة يسقط من الإنسان فتعالج وهي بالصبيان خاصة أكثر سقوطا وأما اللهى بالكسر فجمع لهوة وهي قبضة من الطعام تلقى في قلب الرحا وأما اللهى بالضم فالمنح والاعطاء والبذل. (السّوار السّوار السّوار) فأما السّوار بالفتح فجمع سارية وأما السّوار بالكسر فسوارات المرأة وأما السّوار بالضم ففارس العجم وهو الرامي (الظّلم الظّلم الظّلم) وأما الظّلم بالفتح فسواد في اللثة يضرب إلى حمرة وهي أحسن ما يكون في اللثات وأما الظّلم بالكسر فهو ذكر ولد النعام الواحد ظليم وأما الظّلم بالضم فمن ظلم الناس بعضهم بعضا (العذرة العذرة العذرة) وأما العذرة بالفتح قطاع الأغدار يعمل للمحبوب وأما العذرة بالكسر فما اشتق من الاعتذار وأما العذرة بالضم فعذرة الحلق وهي التي تكون في حلق الصبي (العقار العقار العقار) فأما العقار بالفتح فما يورث من مسكن أو ضياع وأما العقار بالكسر فجمع عقر وهي الجراحات وأما عقار بالضم فهو من
أسماء الخمر (القلا القلا القلا) فأما القلا بالفتح فالأتان من الحمير وأما القلا بالكسر فالهجر والبغض وأما القلا بالضم فجمع قلة وقلا فكأنه الجمع الأول وقلا لجمع الجمع وهي خشبة تلعب عليها الصبيان (اللّبان اللّبان اللّبان) فأما اللّبان بالفتح فالصدر وأما اللّبان بكسر اللام الرضاع وأما اللّبان بالضم فشجرة الكندر (الطوال الطّوال الطّوال) فأما الطّوال بفتح الطاء فمن طول الدهر وأما الطّوال بكسر الطاء فجمع طويل وأما الطّوال بضم الطاء فمن قولك رجل طويل وطوال (المنة المنة المنة) فأما المنة بالفتح فمن الامتنان وكأنه
مصدر منها وأما المنة بكسر الميم فواحدة المنن وأما المنة بالضم فهي النفس نفس الرجل بعينها يقال إنه لشديد المّنة.(1/319)
أسماء الخمر (القلا القلا القلا) فأما القلا بالفتح فالأتان من الحمير وأما القلا بالكسر فالهجر والبغض وأما القلا بالضم فجمع قلة وقلا فكأنه الجمع الأول وقلا لجمع الجمع وهي خشبة تلعب عليها الصبيان (اللّبان اللّبان اللّبان) فأما اللّبان بالفتح فالصدر وأما اللّبان بكسر اللام الرضاع وأما اللّبان بالضم فشجرة الكندر (الطوال الطّوال الطّوال) فأما الطّوال بفتح الطاء فمن طول الدهر وأما الطّوال بكسر الطاء فجمع طويل وأما الطّوال بضم الطاء فمن قولك رجل طويل وطوال (المنة المنة المنة) فأما المنة بالفتح فمن الامتنان وكأنه
مصدر منها وأما المنة بكسر الميم فواحدة المنن وأما المنة بالضم فهي النفس نفس الرجل بعينها يقال إنه لشديد المّنة.
نظم كتاب المثلثات
هذه القصيدة نظم كتاب قطرب على ما تقدم الكلمة تنقسم إلى ثلاث معاني وهي هذه:
أريح ما يخطر في الجنان ... وخير ما يجري على اللسان
الحمد والإيمان للمنان ... منزل الآيات فينا والسور
ثم صلاة الملك الجبار ... على النبي المصطفى المختار
محمد وآله الأبرار ... أشرف مبعوث به الحق ظهر
سألتني نظم كتاب قطرب ... لتقتدي في الحفظ غير متعب
فاسمع بنيّ من أب خير أب ... حياه بالفضل على ابن مسطر
منازل الاعراب قد نظمته ... والضم قبل الفتح قد جعلته
والكسر قد تلاهما نظمته ... فجاء درا قد علا لمن نظر
فالأول البئر العميق الجد ... والبخث والذكر الجميل الجد
والضدّ للهزل المثير الجد ... يورث في القلب لذي التقوى أثر
والغارب الراي الجبان الغمر ... والماء إن كان كثيرا غمر
والحقد في طي القلوب غمر ... يوحش ما بين الرجال إن ظهر
وبعض أقطار البلاد قطر ... والمطر الهامي اليسير قطر
والمهل من درب النحاس قطر ... تشوى به إلا
وواسم الفتى كان قديما حجر ... ومقدم الثوب يسمى حجر
والعقل عند العارفين حجر ... له آله
وكل صوت فاعل جواري ... السفن في تيارها جواري
والقرب من دار الفتى جواري ... وعن أذى الجار إلهي قد زجر
والخمر من أسمائها عقار ... وكل أملاك الفتى عقار
ثم جراحات الفتى عقار ... يؤخذ فيها بالقصاص من عقر
والجمع في القرية للفظ قرى ... والصلب للشباب والشيب قرى
والطعم للزاد لدى الجوع قرى ... يكسب حمدا بين باد وحضر
وبعض اجناس البخور قسط ... والجور في فعل الرجال قسط
والعدل في حكم الولاة قسط ... به إلهي لذوي الأمر أمر
والخمر ما لم تصف فهي سقط ... والثلج في أعلا الجبال قد سقط
والولد المولود منها سقط ... ليس عليه في الحساب من وزر
وكلّ شيء صرّ فهو صرّة ... والعشر من جمع النساء صرّة
وليلة البرد الشديد صرة ... فإنها مانعة من السفر
والكاعب الحور الحسان حرّة ... وكل أرض ذات حزن حرة
والظمأ المردي الشديد حرة ... أعدّه الله الجبار كفر
والصوت من داعي الطعام دعوة ... وصوت من يدعو الإله دعوة
والإنتساب في الرجال دعوة ... سيان في ذلك أنثى وذكر
وكلّ جيل للنبي أمة ... والشجة المرتاع منها أمه
ونعمة تولي السرور امة ... يديمها على عبد شكر
وقوة النفس تسمى منة ... وحية تحكي السواد منة
ومصدر للإمتنان منة ... يكسبها عند الجناء من غفر
والإشتباك في اللقاء لمّة ... والعقل ان خالط عقلا لمة
ولحية المرء تسمى لمة ... إن نشرت وإن تركها المرء ظفر
وكلّما يكنس فهو قمة ... وعضة الليث الهصور قمة
وكل عال من سنام قمة ... وهي من الرأس السواء والشعر
والمنح والاعطاء والبذل لهى ... وهي لهاء المرء والجمع لهى
وقبضة الكف لدى الطحن لهى ... يقذفها قابضها تحت الحجر
والكرة الجو لها الجمع كرى ... والنوم للأجفان نسميه كرى
وقال قوم إنه أيضا كرى ... والكل في ذلك للحق ذكر
والجمع للرشوة في اللفظ رشا ... والطفل للظبية مقصورا رشى
والحبل تسميه ذوو العقل رشى ... والويل للمرء إذا الحبل انتشر
وكلية المرء لدى الجمع كلا ... وكل نبت تنبت الأرض كلا
والحفظ والرعي من الله كلا ... ليس ذليلا من له الله بصر
والعود إن ينحت للعب قلى ... ومن رماه الخلّ بالهجر قلا
والبغض والهجر لدى الناس قلا ... ومن رماه الخل بالهجر هجر
والجمع للأعناق للناس طلا ... وكلما يولد للريم طلا
والخمر إن كان غليظا فطلا ... يبدو لها عند المزاح كالشرر
والشرب للماء الزلال شرب ... والجمع في شرب المدام شرب
وكل مجرى فيه ماء شرب ... إلى كروم وزروع وشجر
وكلّ معروف الكرام عرف ... والنشر من طيب النسيم عرف
والصبر في كلّ الأمور عرف ... ولم يفت ليل الأماني من صبر
وماسك الروح فذاك مسك ... وجلد كلّ الحيوان مسك
والطيب عند الغانيات مسك ... يطرب من شمّ له وقت النظر
وأحمق الناس الجهول خرق ... والمهملة السرب الفضاء خرق
والسيد السمح الجواد خرق ... يثني عليه بالذي يولي البشر
وعرق ظهر الراحة السّلام ... والبشر والتحية السّلام
والصخرة النابتة السّلام ... تبدو كفرد بارز لمن نظر
ثم الحمى في الابل الحمام ... والطير في أوكارها الحمام
والموت ما بين الورى الحمام ... يأتي عليهم بقضاء وقدر
الأرض إذا عطلت كلام ... وكل ألفاظ الورى كلام
وكل جرح مؤلم كلام ... يعقب للصحة في الجسم ضرر
مملوء القدح والمكيال جمام ... وكلّ أفراح الورى جمام
والماء مع تغييره جمام ... وأي صفو لم يكدّره كدر
ثم لعاب الشمس فالسّهام ... والبرد في فصل الشتا السّهام
والنبل في يوم الوغا السّهام ... ترشق عن قسيها مثل المطر
وبعض رؤيا النائمين حلم ... ومفسد الجلد الأديم حلم
والصفح عن جرم الجناة حلم ... لا سيما إذا أتى ممن قدر
وفعل ما لا يستجار ظلم ... وكلّ عذب في الثغور ظلم
وجمع ظلمان النعام ظلم ... راتعة بين رمال ومدر
والشطن للخيل الجياد شكل ... والمثل في كل الأمور شكل
والذلّ والقبح جميعا شكل ... كما تضاهي الشمس في جو القمر
وموضع الماء القليل صلّ ... والصوت من وقع الحديد صلّ
وحية الرمل القتول صلّ ... وكلّ من تنظره على خطر
والخبز عند العرب الرّقاق ... والرمل إن يتصل الرّقاق
وكلّ شاطىء دجلة رقاق ... يزرعها الناس إذا جعل الماء جزر
ثم القوارير هي الزّجاج ... وبعده القرنفل الزّجاج
وجمع نصل جمعها زجاج ... أخرس إن زل عن القوس صفر
والجمع في وقت الزفاف عرس ... وموضع الليث الهصور عرس
والكاعب الخود الحسان عرس ... تسفر كالبدر إذا البدر سفر
فهذه الأبيات للكتاب ... محكمة عند ذوي الألباب
جامعة لسائر الآداب ... شرحتها الشرح الجليّ المختصر
قال(1/320)
وكل صوت فاعل جواري ... السفن في تيارها جواري
والقرب من دار الفتى جواري ... وعن أذى الجار إلهي قد زجر
والخمر من أسمائها عقار ... وكل أملاك الفتى عقار
ثم جراحات الفتى عقار ... يؤخذ فيها بالقصاص من عقر
والجمع في القرية للفظ قرى ... والصلب للشباب والشيب قرى
والطعم للزاد لدى الجوع قرى ... يكسب حمدا بين باد وحضر
وبعض اجناس البخور قسط ... والجور في فعل الرجال قسط
والعدل في حكم الولاة قسط ... به إلهي لذوي الأمر أمر
والخمر ما لم تصف فهي سقط ... والثلج في أعلا الجبال قد سقط
والولد المولود منها سقط ... ليس عليه في الحساب من وزر
وكلّ شيء صرّ فهو صرّة ... والعشر من جمع النساء صرّة
وليلة البرد الشديد صرة ... فإنها مانعة من السفر
والكاعب الحور الحسان حرّة ... وكل أرض ذات حزن حرة
والظمأ المردي الشديد حرة ... أعدّه الله الجبار كفر
والصوت من داعي الطعام دعوة ... وصوت من يدعو الإله دعوة
والإنتساب في الرجال دعوة ... سيان في ذلك أنثى وذكر
وكلّ جيل للنبي أمة ... والشجة المرتاع منها أمه
ونعمة تولي السرور امة ... يديمها على عبد شكر
وقوة النفس تسمى منة ... وحية تحكي السواد منة
ومصدر للإمتنان منة ... يكسبها عند الجناء من غفر
والإشتباك في اللقاء لمّة ... والعقل ان خالط عقلا لمة
ولحية المرء تسمى لمة ... إن نشرت وإن تركها المرء ظفر
وكلّما يكنس فهو قمة ... وعضة الليث الهصور قمة
وكل عال من سنام قمة ... وهي من الرأس السواء والشعر
والمنح والاعطاء والبذل لهى ... وهي لهاء المرء والجمع لهى
وقبضة الكف لدى الطحن لهى ... يقذفها قابضها تحت الحجر
والكرة الجو لها الجمع كرى ... والنوم للأجفان نسميه كرى
وقال قوم إنه أيضا كرى ... والكل في ذلك للحق ذكر
والجمع للرشوة في اللفظ رشا ... والطفل للظبية مقصورا رشى
والحبل تسميه ذوو العقل رشى ... والويل للمرء إذا الحبل انتشر
وكلية المرء لدى الجمع كلا ... وكل نبت تنبت الأرض كلا
والحفظ والرعي من الله كلا ... ليس ذليلا من له الله بصر
والعود إن ينحت للعب قلى ... ومن رماه الخلّ بالهجر قلا
والبغض والهجر لدى الناس قلا ... ومن رماه الخل بالهجر هجر
والجمع للأعناق للناس طلا ... وكلما يولد للريم طلا
والخمر إن كان غليظا فطلا ... يبدو لها عند المزاح كالشرر
والشرب للماء الزلال شرب ... والجمع في شرب المدام شرب
وكل مجرى فيه ماء شرب ... إلى كروم وزروع وشجر
وكلّ معروف الكرام عرف ... والنشر من طيب النسيم عرف
والصبر في كلّ الأمور عرف ... ولم يفت ليل الأماني من صبر
وماسك الروح فذاك مسك ... وجلد كلّ الحيوان مسك
والطيب عند الغانيات مسك ... يطرب من شمّ له وقت النظر
وأحمق الناس الجهول خرق ... والمهملة السرب الفضاء خرق
والسيد السمح الجواد خرق ... يثني عليه بالذي يولي البشر
وعرق ظهر الراحة السّلام ... والبشر والتحية السّلام
والصخرة النابتة السّلام ... تبدو كفرد بارز لمن نظر
ثم الحمى في الابل الحمام ... والطير في أوكارها الحمام
والموت ما بين الورى الحمام ... يأتي عليهم بقضاء وقدر
الأرض إذا عطلت كلام ... وكل ألفاظ الورى كلام
وكل جرح مؤلم كلام ... يعقب للصحة في الجسم ضرر
مملوء القدح والمكيال جمام ... وكلّ أفراح الورى جمام
والماء مع تغييره جمام ... وأي صفو لم يكدّره كدر
ثم لعاب الشمس فالسّهام ... والبرد في فصل الشتا السّهام
والنبل في يوم الوغا السّهام ... ترشق عن قسيها مثل المطر
وبعض رؤيا النائمين حلم ... ومفسد الجلد الأديم حلم
والصفح عن جرم الجناة حلم ... لا سيما إذا أتى ممن قدر
وفعل ما لا يستجار ظلم ... وكلّ عذب في الثغور ظلم
وجمع ظلمان النعام ظلم ... راتعة بين رمال ومدر
والشطن للخيل الجياد شكل ... والمثل في كل الأمور شكل
والذلّ والقبح جميعا شكل ... كما تضاهي الشمس في جو القمر
وموضع الماء القليل صلّ ... والصوت من وقع الحديد صلّ
وحية الرمل القتول صلّ ... وكلّ من تنظره على خطر
والخبز عند العرب الرّقاق ... والرمل إن يتصل الرّقاق
وكلّ شاطىء دجلة رقاق ... يزرعها الناس إذا جعل الماء جزر
ثم القوارير هي الزّجاج ... وبعده القرنفل الزّجاج
وجمع نصل جمعها زجاج ... أخرس إن زل عن القوس صفر
والجمع في وقت الزفاف عرس ... وموضع الليث الهصور عرس
والكاعب الخود الحسان عرس ... تسفر كالبدر إذا البدر سفر
فهذه الأبيات للكتاب ... محكمة عند ذوي الألباب
جامعة لسائر الآداب ... شرحتها الشرح الجليّ المختصر
قال(1/321)
وكل صوت فاعل جواري ... السفن في تيارها جواري
والقرب من دار الفتى جواري ... وعن أذى الجار إلهي قد زجر
والخمر من أسمائها عقار ... وكل أملاك الفتى عقار
ثم جراحات الفتى عقار ... يؤخذ فيها بالقصاص من عقر
والجمع في القرية للفظ قرى ... والصلب للشباب والشيب قرى
والطعم للزاد لدى الجوع قرى ... يكسب حمدا بين باد وحضر
وبعض اجناس البخور قسط ... والجور في فعل الرجال قسط
والعدل في حكم الولاة قسط ... به إلهي لذوي الأمر أمر
والخمر ما لم تصف فهي سقط ... والثلج في أعلا الجبال قد سقط
والولد المولود منها سقط ... ليس عليه في الحساب من وزر
وكلّ شيء صرّ فهو صرّة ... والعشر من جمع النساء صرّة
وليلة البرد الشديد صرة ... فإنها مانعة من السفر
والكاعب الحور الحسان حرّة ... وكل أرض ذات حزن حرة
والظمأ المردي الشديد حرة ... أعدّه الله الجبار كفر
والصوت من داعي الطعام دعوة ... وصوت من يدعو الإله دعوة
والإنتساب في الرجال دعوة ... سيان في ذلك أنثى وذكر
وكلّ جيل للنبي أمة ... والشجة المرتاع منها أمه
ونعمة تولي السرور امة ... يديمها على عبد شكر
وقوة النفس تسمى منة ... وحية تحكي السواد منة
ومصدر للإمتنان منة ... يكسبها عند الجناء من غفر
والإشتباك في اللقاء لمّة ... والعقل ان خالط عقلا لمة
ولحية المرء تسمى لمة ... إن نشرت وإن تركها المرء ظفر
وكلّما يكنس فهو قمة ... وعضة الليث الهصور قمة
وكل عال من سنام قمة ... وهي من الرأس السواء والشعر
والمنح والاعطاء والبذل لهى ... وهي لهاء المرء والجمع لهى
وقبضة الكف لدى الطحن لهى ... يقذفها قابضها تحت الحجر
والكرة الجو لها الجمع كرى ... والنوم للأجفان نسميه كرى
وقال قوم إنه أيضا كرى ... والكل في ذلك للحق ذكر
والجمع للرشوة في اللفظ رشا ... والطفل للظبية مقصورا رشى
والحبل تسميه ذوو العقل رشى ... والويل للمرء إذا الحبل انتشر
وكلية المرء لدى الجمع كلا ... وكل نبت تنبت الأرض كلا
والحفظ والرعي من الله كلا ... ليس ذليلا من له الله بصر
والعود إن ينحت للعب قلى ... ومن رماه الخلّ بالهجر قلا
والبغض والهجر لدى الناس قلا ... ومن رماه الخل بالهجر هجر
والجمع للأعناق للناس طلا ... وكلما يولد للريم طلا
والخمر إن كان غليظا فطلا ... يبدو لها عند المزاح كالشرر
والشرب للماء الزلال شرب ... والجمع في شرب المدام شرب
وكل مجرى فيه ماء شرب ... إلى كروم وزروع وشجر
وكلّ معروف الكرام عرف ... والنشر من طيب النسيم عرف
والصبر في كلّ الأمور عرف ... ولم يفت ليل الأماني من صبر
وماسك الروح فذاك مسك ... وجلد كلّ الحيوان مسك
والطيب عند الغانيات مسك ... يطرب من شمّ له وقت النظر
وأحمق الناس الجهول خرق ... والمهملة السرب الفضاء خرق
والسيد السمح الجواد خرق ... يثني عليه بالذي يولي البشر
وعرق ظهر الراحة السّلام ... والبشر والتحية السّلام
والصخرة النابتة السّلام ... تبدو كفرد بارز لمن نظر
ثم الحمى في الابل الحمام ... والطير في أوكارها الحمام
والموت ما بين الورى الحمام ... يأتي عليهم بقضاء وقدر
الأرض إذا عطلت كلام ... وكل ألفاظ الورى كلام
وكل جرح مؤلم كلام ... يعقب للصحة في الجسم ضرر
مملوء القدح والمكيال جمام ... وكلّ أفراح الورى جمام
والماء مع تغييره جمام ... وأي صفو لم يكدّره كدر
ثم لعاب الشمس فالسّهام ... والبرد في فصل الشتا السّهام
والنبل في يوم الوغا السّهام ... ترشق عن قسيها مثل المطر
وبعض رؤيا النائمين حلم ... ومفسد الجلد الأديم حلم
والصفح عن جرم الجناة حلم ... لا سيما إذا أتى ممن قدر
وفعل ما لا يستجار ظلم ... وكلّ عذب في الثغور ظلم
وجمع ظلمان النعام ظلم ... راتعة بين رمال ومدر
والشطن للخيل الجياد شكل ... والمثل في كل الأمور شكل
والذلّ والقبح جميعا شكل ... كما تضاهي الشمس في جو القمر
وموضع الماء القليل صلّ ... والصوت من وقع الحديد صلّ
وحية الرمل القتول صلّ ... وكلّ من تنظره على خطر
والخبز عند العرب الرّقاق ... والرمل إن يتصل الرّقاق
وكلّ شاطىء دجلة رقاق ... يزرعها الناس إذا جعل الماء جزر
ثم القوارير هي الزّجاج ... وبعده القرنفل الزّجاج
وجمع نصل جمعها زجاج ... أخرس إن زل عن القوس صفر
والجمع في وقت الزفاف عرس ... وموضع الليث الهصور عرس
والكاعب الخود الحسان عرس ... تسفر كالبدر إذا البدر سفر
فهذه الأبيات للكتاب ... محكمة عند ذوي الألباب
جامعة لسائر الآداب ... شرحتها الشرح الجليّ المختصر
قال(1/322)
وكل صوت فاعل جواري ... السفن في تيارها جواري
والقرب من دار الفتى جواري ... وعن أذى الجار إلهي قد زجر
والخمر من أسمائها عقار ... وكل أملاك الفتى عقار
ثم جراحات الفتى عقار ... يؤخذ فيها بالقصاص من عقر
والجمع في القرية للفظ قرى ... والصلب للشباب والشيب قرى
والطعم للزاد لدى الجوع قرى ... يكسب حمدا بين باد وحضر
وبعض اجناس البخور قسط ... والجور في فعل الرجال قسط
والعدل في حكم الولاة قسط ... به إلهي لذوي الأمر أمر
والخمر ما لم تصف فهي سقط ... والثلج في أعلا الجبال قد سقط
والولد المولود منها سقط ... ليس عليه في الحساب من وزر
وكلّ شيء صرّ فهو صرّة ... والعشر من جمع النساء صرّة
وليلة البرد الشديد صرة ... فإنها مانعة من السفر
والكاعب الحور الحسان حرّة ... وكل أرض ذات حزن حرة
والظمأ المردي الشديد حرة ... أعدّه الله الجبار كفر
والصوت من داعي الطعام دعوة ... وصوت من يدعو الإله دعوة
والإنتساب في الرجال دعوة ... سيان في ذلك أنثى وذكر
وكلّ جيل للنبي أمة ... والشجة المرتاع منها أمه
ونعمة تولي السرور امة ... يديمها على عبد شكر
وقوة النفس تسمى منة ... وحية تحكي السواد منة
ومصدر للإمتنان منة ... يكسبها عند الجناء من غفر
والإشتباك في اللقاء لمّة ... والعقل ان خالط عقلا لمة
ولحية المرء تسمى لمة ... إن نشرت وإن تركها المرء ظفر
وكلّما يكنس فهو قمة ... وعضة الليث الهصور قمة
وكل عال من سنام قمة ... وهي من الرأس السواء والشعر
والمنح والاعطاء والبذل لهى ... وهي لهاء المرء والجمع لهى
وقبضة الكف لدى الطحن لهى ... يقذفها قابضها تحت الحجر
والكرة الجو لها الجمع كرى ... والنوم للأجفان نسميه كرى
وقال قوم إنه أيضا كرى ... والكل في ذلك للحق ذكر
والجمع للرشوة في اللفظ رشا ... والطفل للظبية مقصورا رشى
والحبل تسميه ذوو العقل رشى ... والويل للمرء إذا الحبل انتشر
وكلية المرء لدى الجمع كلا ... وكل نبت تنبت الأرض كلا
والحفظ والرعي من الله كلا ... ليس ذليلا من له الله بصر
والعود إن ينحت للعب قلى ... ومن رماه الخلّ بالهجر قلا
والبغض والهجر لدى الناس قلا ... ومن رماه الخل بالهجر هجر
والجمع للأعناق للناس طلا ... وكلما يولد للريم طلا
والخمر إن كان غليظا فطلا ... يبدو لها عند المزاح كالشرر
والشرب للماء الزلال شرب ... والجمع في شرب المدام شرب
وكل مجرى فيه ماء شرب ... إلى كروم وزروع وشجر
وكلّ معروف الكرام عرف ... والنشر من طيب النسيم عرف
والصبر في كلّ الأمور عرف ... ولم يفت ليل الأماني من صبر
وماسك الروح فذاك مسك ... وجلد كلّ الحيوان مسك
والطيب عند الغانيات مسك ... يطرب من شمّ له وقت النظر
وأحمق الناس الجهول خرق ... والمهملة السرب الفضاء خرق
والسيد السمح الجواد خرق ... يثني عليه بالذي يولي البشر
وعرق ظهر الراحة السّلام ... والبشر والتحية السّلام
والصخرة النابتة السّلام ... تبدو كفرد بارز لمن نظر
ثم الحمى في الابل الحمام ... والطير في أوكارها الحمام
والموت ما بين الورى الحمام ... يأتي عليهم بقضاء وقدر
الأرض إذا عطلت كلام ... وكل ألفاظ الورى كلام
وكل جرح مؤلم كلام ... يعقب للصحة في الجسم ضرر
مملوء القدح والمكيال جمام ... وكلّ أفراح الورى جمام
والماء مع تغييره جمام ... وأي صفو لم يكدّره كدر
ثم لعاب الشمس فالسّهام ... والبرد في فصل الشتا السّهام
والنبل في يوم الوغا السّهام ... ترشق عن قسيها مثل المطر
وبعض رؤيا النائمين حلم ... ومفسد الجلد الأديم حلم
والصفح عن جرم الجناة حلم ... لا سيما إذا أتى ممن قدر
وفعل ما لا يستجار ظلم ... وكلّ عذب في الثغور ظلم
وجمع ظلمان النعام ظلم ... راتعة بين رمال ومدر
والشطن للخيل الجياد شكل ... والمثل في كل الأمور شكل
والذلّ والقبح جميعا شكل ... كما تضاهي الشمس في جو القمر
وموضع الماء القليل صلّ ... والصوت من وقع الحديد صلّ
وحية الرمل القتول صلّ ... وكلّ من تنظره على خطر
والخبز عند العرب الرّقاق ... والرمل إن يتصل الرّقاق
وكلّ شاطىء دجلة رقاق ... يزرعها الناس إذا جعل الماء جزر
ثم القوارير هي الزّجاج ... وبعده القرنفل الزّجاج
وجمع نصل جمعها زجاج ... أخرس إن زل عن القوس صفر
والجمع في وقت الزفاف عرس ... وموضع الليث الهصور عرس
والكاعب الخود الحسان عرس ... تسفر كالبدر إذا البدر سفر
فهذه الأبيات للكتاب ... محكمة عند ذوي الألباب
جامعة لسائر الآداب ... شرحتها الشرح الجليّ المختصر
قال
الشاعر:
ما عاينت عيناي في فضلي ... أقل من حظي ومن بختي
قد بعت عبدي وحماري وقد ... أصبحت لا فوقي ولا تحتي
وقال آخر:
سألت الندى هل أنت حر فقال لا ... ولكني عبد ليحيى بن خالد
فقلت شراء قال لا بل توارثا ... توارثني من والد بعد والد
حديث حسن
من التذكرة للعالم الأديب السيد علي صدر الدين الشيرازي قال أبو الفرج ابن الجوزي: قيل من قرابتك يا رسول الله الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام. وفي وصفهم أنزل الله تعالى: {إِنَّمََا يُرِيدُ اللََّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} يا حسين فإذا كنت غصن هذه الشجرة وشجاع هذه الجوهرة المطهرة كيف يباح دمك فقال يا قوم قضي الأمر وجف القلم وعمل الحاكم فيما حكم فأولياؤه وخواصه قد خصّوا في هذه الدار بالبلاء والنقم والعناء والسقم وصبت عليهم من البلايا ما لو صبت على جبل لانهدم أو ركن لا نثلم ومن أشبه أباه فلا ظلم أبي قتل مظلوما وجدي مات مسموما فلو لم أسلك سبيلهم لكنت فيهم ملوما فنحن السعداء في الحياة والشهداء في الممات، ولولا شرف الأبوة ما الحقت درجة النبوة، اما رمي في النار إبراهيم الخليل أما اضطجع للذبح إسماعيل أما ضني بالبلاء أيوب أما عمي بالبكاء يعقوب أما ناح نوح حتى ثوى أما بكى داود حتى دوى أما نشر بالمنشار زكريا أما ذبح الحصور يحيى فكيف لا أسلك سبيل الأنبياء وطريق الأولياء ونحن أهل بيت خصّصنا بالبلاء، كان جدي كلما كر عليه كرب الموت يقول: وا كرباه وكانت أمي تقول: وا كرباه لكربك يا أبتاه، فكان يقول لا كرب على أبيك بعد اليوم فأخذت من هذه العبارة إشارة فكنت كلما كرّ بلاء في كربلاء أقول لا كرب ولا حزن شعرا:
أما والذي لدمي حللا ... وخصص أهل الولا بالبلا
لأن ذقت فيك كروب الحمام ... لما قال قلبي لساقيه لا
ولا كنت ممن يشكي الجوى ... ولو قدني مفصلا مفصلا
رضيت وحقك كل الرضا ... إذا كان يرضيك أن أقتلا
أنا ابن البتول وسبط الرسول ... وجدي فيكم بجد علا
أنا ابن الفتى الهاشمي الذي ... لمرحب في خيبر جدلا
فلا غرو إن رمت موت الكرام ... كما مات في الحب من قد خلا
اتنكر بين الملا قتلتي ... وراسي يطاف به في الملا
فيا حبذا حين صلى عليّ ... صلاة الشهيد على كربلا
فمت كما مات أهل الهوى ... كما رسم الحب أن يفعلا
مضت سنة الله في خلقه ... بأن الحبيب هو المبتلا
يقول لهم عند بلواهم ... اليس لي الحكم قالوا بلا
فكم في الهوى من فتى عاشق ... على مركب الموت قد عولا
ومزق بالشوق أستاره ... وخالف في حبه العذلا
ونادى على نفسه جهرة ... كذا من تحب وإلا فلا
وفي كامل البهائي: إن معاوية كان يخطب على منبره يوم الجمعة فضرط ضرطة عظيمة فتعجب الناس من وقاحته فقطع الخطبة وقال: الحمد لله الذي خلق أبداننا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها راحة فربما انفلتت في غير وقتها فلا جناح على من جاء منه ذلك والسلام. فقام إليه صعصعة وقال: إن الله تعالى خلق أبداننا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها للنفس راحة ولكن جعل ارسالها في الكنيف سنة وعلى المنبر بدعة. ثم قال: قوموا يا أهل الشام فقد خرى أميركم فلا صلاة له ولا لكم ثم توجه إلى المدينة.(1/323)
أما والذي لدمي حللا ... وخصص أهل الولا بالبلا
لأن ذقت فيك كروب الحمام ... لما قال قلبي لساقيه لا
ولا كنت ممن يشكي الجوى ... ولو قدني مفصلا مفصلا
رضيت وحقك كل الرضا ... إذا كان يرضيك أن أقتلا
أنا ابن البتول وسبط الرسول ... وجدي فيكم بجد علا
أنا ابن الفتى الهاشمي الذي ... لمرحب في خيبر جدلا
فلا غرو إن رمت موت الكرام ... كما مات في الحب من قد خلا
اتنكر بين الملا قتلتي ... وراسي يطاف به في الملا
فيا حبذا حين صلى عليّ ... صلاة الشهيد على كربلا
فمت كما مات أهل الهوى ... كما رسم الحب أن يفعلا
مضت سنة الله في خلقه ... بأن الحبيب هو المبتلا
يقول لهم عند بلواهم ... اليس لي الحكم قالوا بلا
فكم في الهوى من فتى عاشق ... على مركب الموت قد عولا
ومزق بالشوق أستاره ... وخالف في حبه العذلا
ونادى على نفسه جهرة ... كذا من تحب وإلا فلا
وفي كامل البهائي: إن معاوية كان يخطب على منبره يوم الجمعة فضرط ضرطة عظيمة فتعجب الناس من وقاحته فقطع الخطبة وقال: الحمد لله الذي خلق أبداننا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها راحة فربما انفلتت في غير وقتها فلا جناح على من جاء منه ذلك والسلام. فقام إليه صعصعة وقال: إن الله تعالى خلق أبداننا وجعل فيها رياحا وجعل خروجها للنفس راحة ولكن جعل ارسالها في الكنيف سنة وعلى المنبر بدعة. ثم قال: قوموا يا أهل الشام فقد خرى أميركم فلا صلاة له ولا لكم ثم توجه إلى المدينة.
وسئل الشعبي: عن مسألة قال: لا علم لي بها، فقيل: الا تستحي؟ فقال ولم استحي مما لا استحت عنه الملائكة حين قالت: لا علم لنا.
قصة الملك مع غلامه فيروز
وحكي: أن بعض الملوك نظر من فوق قصره إلى امرأة أعجبته فقيل له: إنها زوجة غلامك فيروز، فكتب الملك إليه كتابا وأرسله إلى بعض النواحي فأتى فيروز إلى أهله وبات ليلته وخرج ولكنه نسي الكتاب، وأما الملك فإنه لما توجه فيروز أتى متخفيا إلى داره فدخل على امرأته فقال لها: أنا السلطان أتيت زائرا، فقالت:
أعوذ بالله من هذه الزيارة، ثم أنشدت شعرا عن الأوائل:
ساترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه
إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء ... إذا كان الكلاب ولغن فيه
ويرتجع الكريم خميص بطن ... ولا يرضى مناهمة السفيه
ثم قالت: تأتي أيها الملك إلى موضع شرب منه كلبك لتشرب منه، فاستحى من كلامها وخرج وتركها ونسي نعله. وأما ما كان من فيروز فإنه لما فقد الكتاب في عرض الطريق رجع إلى داره فوافق وصوله خروج الملك من داره ووجد نعله فيه فطاش عقله وعرف حيلة الملك في إرساله، فلما رجع العبد من سفره دفع إليه الملك مائة دينار فاشترى بها ثيابا ودفعها إلى زوجته وسرحها إلى أهلها وبقيت عندهم، ثم ان أخاها قال له: ما سبب غضبك عليها، فحاكمه إلى القاضي وكان القاضي عند الملك فقال أخو الزوجة: أيد الله القاضي إني آجرت هذا الغلام بستانا سالم الحيطان فيه عين جارية وأشجار مثمرة فأكل ثمرة وخرب حيطانه وأعمى عين مائه، فقال فيروز: أيها القاضي قد سلمت إليه البستان بأحسن ما كان، فقال له أخو الزوجة: قل له أي شيء السبب في رده؟ قال يا مولاي: ما رددت البستان كرها فيه وإنما جئت يوما من الأيام فوجدت أثر الأسد فيه فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراما للأسد وكان الملك متكئا فاستوى جالسا وقال: يا فيروز ارجع إلى بستانك مطمئن القلب فو الله ان الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثرا ولا التمس منه ورقا ولا ثمرا ولم يلبث غير لحظة يسيرة وخرج من غير بأس، فو الله ما رأى الأسد مثل بستانك ولا أشد احتراسا من حيطانه على شجره، فرجع فيروز إلى داره ورد زوجته ولم يعلم القاضي ولا غيره من ذلك شيئا.(1/324)
أعوذ بالله من هذه الزيارة، ثم أنشدت شعرا عن الأوائل:
ساترك ماءكم من غير ورد ... وذاك لكثرة الوراد فيه
إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء ... إذا كان الكلاب ولغن فيه
ويرتجع الكريم خميص بطن ... ولا يرضى مناهمة السفيه
ثم قالت: تأتي أيها الملك إلى موضع شرب منه كلبك لتشرب منه، فاستحى من كلامها وخرج وتركها ونسي نعله. وأما ما كان من فيروز فإنه لما فقد الكتاب في عرض الطريق رجع إلى داره فوافق وصوله خروج الملك من داره ووجد نعله فيه فطاش عقله وعرف حيلة الملك في إرساله، فلما رجع العبد من سفره دفع إليه الملك مائة دينار فاشترى بها ثيابا ودفعها إلى زوجته وسرحها إلى أهلها وبقيت عندهم، ثم ان أخاها قال له: ما سبب غضبك عليها، فحاكمه إلى القاضي وكان القاضي عند الملك فقال أخو الزوجة: أيد الله القاضي إني آجرت هذا الغلام بستانا سالم الحيطان فيه عين جارية وأشجار مثمرة فأكل ثمرة وخرب حيطانه وأعمى عين مائه، فقال فيروز: أيها القاضي قد سلمت إليه البستان بأحسن ما كان، فقال له أخو الزوجة: قل له أي شيء السبب في رده؟ قال يا مولاي: ما رددت البستان كرها فيه وإنما جئت يوما من الأيام فوجدت أثر الأسد فيه فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراما للأسد وكان الملك متكئا فاستوى جالسا وقال: يا فيروز ارجع إلى بستانك مطمئن القلب فو الله ان الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثرا ولا التمس منه ورقا ولا ثمرا ولم يلبث غير لحظة يسيرة وخرج من غير بأس، فو الله ما رأى الأسد مثل بستانك ولا أشد احتراسا من حيطانه على شجره، فرجع فيروز إلى داره ورد زوجته ولم يعلم القاضي ولا غيره من ذلك شيئا.
وحكى: عن ابن الجوزي أنه سئل وهو على المنبر وتحته جماعة من مماليك الخليفة وخاصته وهما فريقان سنة وشيعة فقيل له: من أفضل الخلق بعد رسول الله أبو بكر أو علي؟ فقال: أفضلهما بعد من كانت ابنته تحته، فأوهم على الحاضرين ولم يعرفوا مذهبه. فقالوا نسأله غير هذا، فقالوا: كم الخلفاء بعد رسول الله؟
فصاح: أربعة أربعة أربعة، إيماء إلى الأئمة إثنى عشر عليه السّلام.
خطاب درواش لهشام
وفي الكتاب: إن البادية قحطت في أيام هشام فدخلت عليه العرب وهابوه أن يكلموه وكان بينهم درواش بن حبيب وهو صبي فوقف بين يديه وقال: يا أمير
المؤمنين إن للكلام نشرا وطيا ولا يعرف ما في باطنه إلا بنشره فإن اذن لي أمير المؤمنين أن اتكلم نشرته، فأعجبه كلامه وقال: أنشره لله درك، فقال: يا أمير المؤمنين قد أصابتنا سنون ثلاث سنة أذابت الشحم وسنة أكلت اللحم وسنة أذابت العظم وفي أيديكم فضول مال فإن كانت لله ففرقوها في عباده وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم وإن الله يجزي المتصدقين.(1/325)
وفي الكتاب: إن البادية قحطت في أيام هشام فدخلت عليه العرب وهابوه أن يكلموه وكان بينهم درواش بن حبيب وهو صبي فوقف بين يديه وقال: يا أمير
المؤمنين إن للكلام نشرا وطيا ولا يعرف ما في باطنه إلا بنشره فإن اذن لي أمير المؤمنين أن اتكلم نشرته، فأعجبه كلامه وقال: أنشره لله درك، فقال: يا أمير المؤمنين قد أصابتنا سنون ثلاث سنة أذابت الشحم وسنة أكلت اللحم وسنة أذابت العظم وفي أيديكم فضول مال فإن كانت لله ففرقوها في عباده وإن كانت لهم فعلام تحبسونها عنهم وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم وإن الله يجزي المتصدقين.
فقال هشام: ما ترك لنا الغلام في واحدة من الثلاث عذرا، فأمر للبوادي بمئة ألف دينار وله بمئة ألف دينار ثم قال له: أما لك حاجة فقال: ما لي حاجة في خاصة نفسي دون المسلمين، فخرج من عنده وهو من أجل القوم.
خطاب الخالديين لبعض العلويين
من التذكرة: كان الخالديان قد مدحا بعض العلويين فأبطأ عليهما بالجائزة وأراد الخروج إلى بعض الجهات فدخلا عليه وأنشداه:
قل للشريف المستجار ... به إذا عدم المطر
وابن الأئمة من قريش ... والميامين الغرر
أقسمت بالريحان ... والنغم المضاعف والوتر
لأن الشريف مضى ... ولم ينعم لعبديه النظر
لنشاركن بني أمية ... في الضلال المشتهر
ونقول لم يغضب أبو بكر ... ولم يظلم عمر
ونرى معاوية إماما ... من يخالفه كفر
ونقول ان يزيد ما ... قتل الحسين ولا أمر
ونعد طلحة والزبير ... من الميامين الغرر
ويكون في عنق الشريف ... دخول عبديه سقر
وهذا الشريف هو أبو الحسن محمد بن عمر الراوندي الحسيني.
قصيدة ابن منير إلى ابن الراوندي
قلت: وعلى هذا الأسلوب نظم ابن منير قصيدته المشهورة التي انتهت الإشارة إليها في أسلوبها، وكان سبب نظمه لها انه كان بينه وبين الشريف نقيب الأشراف مودة أكيدة ومراسلات لأن الشريف كان رئيس المذهب الإمامي وكان منير من كبار الإمامية وأجلاء طرابلس. فيقال: إنه أرسل إلى الشريف بهدية مع عبد أسود فأرسل الشريف يعتبه فكتب إليه: أما بعد فلو علمت عددا أقل من الواحد أو
لونا شرا من السواد إبعث به إلينا والسلام. وكان الشريف معروفا بالشهامة وكان ابن منير يهوى مملوكا له يسمى (تتر) وكان لا يفارقه في نوم ولا يقظة حتى إنه متى اشتد غمه أو رأى محنة نظر إليه فيزول ما به فحلف ألا يرسل إلى الشريف هدية إلا مع أعز الناس إليه فجهز الهدايا مع مملوكه تتر وأخذ يقاسي مشاق فرقته، فلما وصل المملوك إلى الشريف توهم انه من جملة الهدايا تعويضا من ذنب العبد الأسود فمسكه وطال الأمر فلم ير ابن منير ما يشتكي به الشريف ويبعثه على إرسال المملوك إلا إظهار النزوع عن التشيع والدخول في مذهب السنة وإن ذلك دليل أمر خروجه عن العقل حتى فارق مذهبه فكتب إليه هذه القصيدة، وهي بديعة في بابها مع رقة الفاظها وانسجامها وهي هذه:(1/326)
قلت: وعلى هذا الأسلوب نظم ابن منير قصيدته المشهورة التي انتهت الإشارة إليها في أسلوبها، وكان سبب نظمه لها انه كان بينه وبين الشريف نقيب الأشراف مودة أكيدة ومراسلات لأن الشريف كان رئيس المذهب الإمامي وكان منير من كبار الإمامية وأجلاء طرابلس. فيقال: إنه أرسل إلى الشريف بهدية مع عبد أسود فأرسل الشريف يعتبه فكتب إليه: أما بعد فلو علمت عددا أقل من الواحد أو
لونا شرا من السواد إبعث به إلينا والسلام. وكان الشريف معروفا بالشهامة وكان ابن منير يهوى مملوكا له يسمى (تتر) وكان لا يفارقه في نوم ولا يقظة حتى إنه متى اشتد غمه أو رأى محنة نظر إليه فيزول ما به فحلف ألا يرسل إلى الشريف هدية إلا مع أعز الناس إليه فجهز الهدايا مع مملوكه تتر وأخذ يقاسي مشاق فرقته، فلما وصل المملوك إلى الشريف توهم انه من جملة الهدايا تعويضا من ذنب العبد الأسود فمسكه وطال الأمر فلم ير ابن منير ما يشتكي به الشريف ويبعثه على إرسال المملوك إلا إظهار النزوع عن التشيع والدخول في مذهب السنة وإن ذلك دليل أمر خروجه عن العقل حتى فارق مذهبه فكتب إليه هذه القصيدة، وهي بديعة في بابها مع رقة الفاظها وانسجامها وهي هذه:
عذبت طرفي بالسهر ... وأذبت قلبي بالفكر
ومزجت صفو مودتي ... من بعد بعدك بالكدر
ومنحت جثماني الضنا ... وكحلت عيني بالسهر
وجفوت صبا ماله ... عن حسن وجهك مصطبر
يا قلب ويحك كم تخادع ... بالغرور وكم تغر
والآم تكلف بالأغنّ ... من الضباء وبالأغر
ريم يفوق ان رماك ... بسهم ناظرة النظر
تركتك أعين تركها ... من يأسهن على خطر
ورمت فأصمت عن ... قسي لا يناط بها وتر
جرحتك جرحا لا يخيط ... بالخيوط ولا الإبر
تلهو وتلعب بالعقول ... عيون أبناء الخزر
فكأنهنّ صوالج ... وكأنهنّ لها أكر
تخفي الهوى وتسرّه ... وخفي سرّك قد ظهر
أفهل لوجدك من مدى ... يغضى إليه فينتظر
نفسي الفداء لشادن ... أنا من هواه على خطر
عذل العذول وما رآه ... فحين عاينه عذر
قمر يزين ضوء صبح ... جبينه ليل الشعر
وترى اللواحظ خدّه ... فيرى لها وجه أثر
هو كالهلال ملثّما ... والبدر حسنا إن سفر
ويلاه ما أحلاه في قلبي ... الشجيّ وما أمر
يومي المحرم بعده ... وربيع لذاتي صفر
بالله ربّك إن رأى ... بغداد طرفك أو نظر
قل للبغاددة السواة ... من الكرام أولي النّظر
وأولي الدعابة والفكاهة ... والخلاعة والسّمر
بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر
وبمن سعى فيه وطاف ... به ولبى واعتمر
لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر
أبدى الجحود ولم يرد ... الي مملوكي تتر
واليت آل أمية ... الطهر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر ... وعدلت عنه إلى عمر
وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صحّ الخبر
وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر
قلت المقدّم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر
ما سلّ قطّ ضبا على ... آل النبي وما شهر
كلا ولا صدّ البتول ... عن التراث ولا زجر
وأثابها الحسنى ولا ... شقّ الكتاب ولا بقر
وإن امرؤ طلب الدليل ... وردّ قولي واستمر
فيقال هذا مسلم ... أقول لا هذا كفر
وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر
وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر
وقرأت من أوراق ... مصحفه البراءة والزبر
ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر
وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر
وأقول أمّ المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر
ركبت على جمل لتصلح ... من بنيها في زمر
وأتت لتصلح بين ... جيش المؤمنين على غرر
فأتى أبو حسن وسلّ ... حسامه وسطى وكر
واذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر
ما لو كان كفّ ... وعفّ عنهم إذ قدر
وأقول إن إمامكم ... ولّى بصفين وفرّ
وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر
هذا ولم يغدر معاوية ... ولا عمرو مكر
بطل بسوأته يقاتل ... لا بصارمه الذكر
وجنيت من رطب ... الخوارج ما تنمر واختمر
وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر
لا ثائر بقتالهم ... في النهروان ولا أثر
والأشعريّ بما يؤل ... إليه أمرهما شعر
قال انصبوا لي منبرا ... فانا البريّ من الخطر
فعلا وقال خلعت صاحبكم ... وأوجز واختصر
وأقول إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر
ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر
وخلقت في عشر المحرم ... ما استطال من الشعر
والشمر ما قتل الحسين ... ولا ابن سعد ما غدر
وأباحهم ماء الفرات ... وما حماه وما حضر
ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أخر
ولبست فيه أجلّ ثوب ... للملابس يدّخر
وسهرت في طبخ الحبوب ... من العشاء إلى السّحر
وغديت مكتحلا أصافح ... من لقيت من البشر
وأقل لمن صافحته ... هنيت في عيد الظفر
ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر
وأكلت جرجير البقول ... بلحم جري الحفر
وجعلتها خير المآكل ... والفواكه والخضر
وغسلت رجلي كله ... ومسحت خفّي في السفر
وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر
واسنّ تسنيم القبور ... لكل قبر يحتفر
ولبست فيه من الملابس ... ما اضمحلّ وما دثر
وسكنت جلّق فاقتديت ... بهم وإن كانوا بقر
وأقول مثل مقالهم ... بالفاشرى ما قد فشر
مصطيختي مكسورة ... وفطيرتي فيها قصر
بقر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر
وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هدر
وطباعهم كجبالهم ... جليت وقدّت من حجر
ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر
وأقول في يوم ... تحار له البصيرة والبصر
هذا الشريف أضلّني ... بعد الهداية والنّظر
مالي مضل في الورى ... إلا الشريف أبا مضر
فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر
لواحة تسطو فما ... تبقى عليه ولا تذر
والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر
إلّا لمن جحد الوصيّ ... ولاءه ولمن كفر
فاخش الآله بسوء فعلك ... واحتذر كل الحذر
وإليكها بدوية رقت ... لرقتها الحضر
شامية لو شامها ... قسّ الفصاحة لافتخر
ودرى وأيقن انني ... بحر والفاظي درر
خيرتها فغدت كزهر ... الروض باكرة المطر
وبديعة كبديعة ... عذراء ترفل في الحبر
وإلى الشريف بعثتها ... لما قرأها وابتهر
رد الغلام وما استمر ... على الجحود ولا أصر
وأثابني فجزيته شكرا ... وقال لقد صبر
فلما(1/327)
عذبت طرفي بالسهر ... وأذبت قلبي بالفكر
ومزجت صفو مودتي ... من بعد بعدك بالكدر
ومنحت جثماني الضنا ... وكحلت عيني بالسهر
وجفوت صبا ماله ... عن حسن وجهك مصطبر
يا قلب ويحك كم تخادع ... بالغرور وكم تغر
والآم تكلف بالأغنّ ... من الضباء وبالأغر
ريم يفوق ان رماك ... بسهم ناظرة النظر
تركتك أعين تركها ... من يأسهن على خطر
ورمت فأصمت عن ... قسي لا يناط بها وتر
جرحتك جرحا لا يخيط ... بالخيوط ولا الإبر
تلهو وتلعب بالعقول ... عيون أبناء الخزر
فكأنهنّ صوالج ... وكأنهنّ لها أكر
تخفي الهوى وتسرّه ... وخفي سرّك قد ظهر
أفهل لوجدك من مدى ... يغضى إليه فينتظر
نفسي الفداء لشادن ... أنا من هواه على خطر
عذل العذول وما رآه ... فحين عاينه عذر
قمر يزين ضوء صبح ... جبينه ليل الشعر
وترى اللواحظ خدّه ... فيرى لها وجه أثر
هو كالهلال ملثّما ... والبدر حسنا إن سفر
ويلاه ما أحلاه في قلبي ... الشجيّ وما أمر
يومي المحرم بعده ... وربيع لذاتي صفر
بالله ربّك إن رأى ... بغداد طرفك أو نظر
قل للبغاددة السواة ... من الكرام أولي النّظر
وأولي الدعابة والفكاهة ... والخلاعة والسّمر
بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر
وبمن سعى فيه وطاف ... به ولبى واعتمر
لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر
أبدى الجحود ولم يرد ... الي مملوكي تتر
واليت آل أمية ... الطهر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر ... وعدلت عنه إلى عمر
وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صحّ الخبر
وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر
قلت المقدّم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر
ما سلّ قطّ ضبا على ... آل النبي وما شهر
كلا ولا صدّ البتول ... عن التراث ولا زجر
وأثابها الحسنى ولا ... شقّ الكتاب ولا بقر
وإن امرؤ طلب الدليل ... وردّ قولي واستمر
فيقال هذا مسلم ... أقول لا هذا كفر
وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر
وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر
وقرأت من أوراق ... مصحفه البراءة والزبر
ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر
وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر
وأقول أمّ المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر
ركبت على جمل لتصلح ... من بنيها في زمر
وأتت لتصلح بين ... جيش المؤمنين على غرر
فأتى أبو حسن وسلّ ... حسامه وسطى وكر
واذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر
ما لو كان كفّ ... وعفّ عنهم إذ قدر
وأقول إن إمامكم ... ولّى بصفين وفرّ
وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر
هذا ولم يغدر معاوية ... ولا عمرو مكر
بطل بسوأته يقاتل ... لا بصارمه الذكر
وجنيت من رطب ... الخوارج ما تنمر واختمر
وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر
لا ثائر بقتالهم ... في النهروان ولا أثر
والأشعريّ بما يؤل ... إليه أمرهما شعر
قال انصبوا لي منبرا ... فانا البريّ من الخطر
فعلا وقال خلعت صاحبكم ... وأوجز واختصر
وأقول إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر
ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر
وخلقت في عشر المحرم ... ما استطال من الشعر
والشمر ما قتل الحسين ... ولا ابن سعد ما غدر
وأباحهم ماء الفرات ... وما حماه وما حضر
ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أخر
ولبست فيه أجلّ ثوب ... للملابس يدّخر
وسهرت في طبخ الحبوب ... من العشاء إلى السّحر
وغديت مكتحلا أصافح ... من لقيت من البشر
وأقل لمن صافحته ... هنيت في عيد الظفر
ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر
وأكلت جرجير البقول ... بلحم جري الحفر
وجعلتها خير المآكل ... والفواكه والخضر
وغسلت رجلي كله ... ومسحت خفّي في السفر
وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر
واسنّ تسنيم القبور ... لكل قبر يحتفر
ولبست فيه من الملابس ... ما اضمحلّ وما دثر
وسكنت جلّق فاقتديت ... بهم وإن كانوا بقر
وأقول مثل مقالهم ... بالفاشرى ما قد فشر
مصطيختي مكسورة ... وفطيرتي فيها قصر
بقر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر
وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هدر
وطباعهم كجبالهم ... جليت وقدّت من حجر
ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر
وأقول في يوم ... تحار له البصيرة والبصر
هذا الشريف أضلّني ... بعد الهداية والنّظر
مالي مضل في الورى ... إلا الشريف أبا مضر
فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر
لواحة تسطو فما ... تبقى عليه ولا تذر
والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر
إلّا لمن جحد الوصيّ ... ولاءه ولمن كفر
فاخش الآله بسوء فعلك ... واحتذر كل الحذر
وإليكها بدوية رقت ... لرقتها الحضر
شامية لو شامها ... قسّ الفصاحة لافتخر
ودرى وأيقن انني ... بحر والفاظي درر
خيرتها فغدت كزهر ... الروض باكرة المطر
وبديعة كبديعة ... عذراء ترفل في الحبر
وإلى الشريف بعثتها ... لما قرأها وابتهر
رد الغلام وما استمر ... على الجحود ولا أصر
وأثابني فجزيته شكرا ... وقال لقد صبر
فلما(1/328)
عذبت طرفي بالسهر ... وأذبت قلبي بالفكر
ومزجت صفو مودتي ... من بعد بعدك بالكدر
ومنحت جثماني الضنا ... وكحلت عيني بالسهر
وجفوت صبا ماله ... عن حسن وجهك مصطبر
يا قلب ويحك كم تخادع ... بالغرور وكم تغر
والآم تكلف بالأغنّ ... من الضباء وبالأغر
ريم يفوق ان رماك ... بسهم ناظرة النظر
تركتك أعين تركها ... من يأسهن على خطر
ورمت فأصمت عن ... قسي لا يناط بها وتر
جرحتك جرحا لا يخيط ... بالخيوط ولا الإبر
تلهو وتلعب بالعقول ... عيون أبناء الخزر
فكأنهنّ صوالج ... وكأنهنّ لها أكر
تخفي الهوى وتسرّه ... وخفي سرّك قد ظهر
أفهل لوجدك من مدى ... يغضى إليه فينتظر
نفسي الفداء لشادن ... أنا من هواه على خطر
عذل العذول وما رآه ... فحين عاينه عذر
قمر يزين ضوء صبح ... جبينه ليل الشعر
وترى اللواحظ خدّه ... فيرى لها وجه أثر
هو كالهلال ملثّما ... والبدر حسنا إن سفر
ويلاه ما أحلاه في قلبي ... الشجيّ وما أمر
يومي المحرم بعده ... وربيع لذاتي صفر
بالله ربّك إن رأى ... بغداد طرفك أو نظر
قل للبغاددة السواة ... من الكرام أولي النّظر
وأولي الدعابة والفكاهة ... والخلاعة والسّمر
بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر
وبمن سعى فيه وطاف ... به ولبى واعتمر
لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر
أبدى الجحود ولم يرد ... الي مملوكي تتر
واليت آل أمية ... الطهر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر ... وعدلت عنه إلى عمر
وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صحّ الخبر
وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر
قلت المقدّم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر
ما سلّ قطّ ضبا على ... آل النبي وما شهر
كلا ولا صدّ البتول ... عن التراث ولا زجر
وأثابها الحسنى ولا ... شقّ الكتاب ولا بقر
وإن امرؤ طلب الدليل ... وردّ قولي واستمر
فيقال هذا مسلم ... أقول لا هذا كفر
وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر
وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر
وقرأت من أوراق ... مصحفه البراءة والزبر
ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر
وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر
وأقول أمّ المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر
ركبت على جمل لتصلح ... من بنيها في زمر
وأتت لتصلح بين ... جيش المؤمنين على غرر
فأتى أبو حسن وسلّ ... حسامه وسطى وكر
واذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر
ما لو كان كفّ ... وعفّ عنهم إذ قدر
وأقول إن إمامكم ... ولّى بصفين وفرّ
وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر
هذا ولم يغدر معاوية ... ولا عمرو مكر
بطل بسوأته يقاتل ... لا بصارمه الذكر
وجنيت من رطب ... الخوارج ما تنمر واختمر
وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر
لا ثائر بقتالهم ... في النهروان ولا أثر
والأشعريّ بما يؤل ... إليه أمرهما شعر
قال انصبوا لي منبرا ... فانا البريّ من الخطر
فعلا وقال خلعت صاحبكم ... وأوجز واختصر
وأقول إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر
ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر
وخلقت في عشر المحرم ... ما استطال من الشعر
والشمر ما قتل الحسين ... ولا ابن سعد ما غدر
وأباحهم ماء الفرات ... وما حماه وما حضر
ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أخر
ولبست فيه أجلّ ثوب ... للملابس يدّخر
وسهرت في طبخ الحبوب ... من العشاء إلى السّحر
وغديت مكتحلا أصافح ... من لقيت من البشر
وأقل لمن صافحته ... هنيت في عيد الظفر
ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر
وأكلت جرجير البقول ... بلحم جري الحفر
وجعلتها خير المآكل ... والفواكه والخضر
وغسلت رجلي كله ... ومسحت خفّي في السفر
وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر
واسنّ تسنيم القبور ... لكل قبر يحتفر
ولبست فيه من الملابس ... ما اضمحلّ وما دثر
وسكنت جلّق فاقتديت ... بهم وإن كانوا بقر
وأقول مثل مقالهم ... بالفاشرى ما قد فشر
مصطيختي مكسورة ... وفطيرتي فيها قصر
بقر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر
وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هدر
وطباعهم كجبالهم ... جليت وقدّت من حجر
ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر
وأقول في يوم ... تحار له البصيرة والبصر
هذا الشريف أضلّني ... بعد الهداية والنّظر
مالي مضل في الورى ... إلا الشريف أبا مضر
فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر
لواحة تسطو فما ... تبقى عليه ولا تذر
والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر
إلّا لمن جحد الوصيّ ... ولاءه ولمن كفر
فاخش الآله بسوء فعلك ... واحتذر كل الحذر
وإليكها بدوية رقت ... لرقتها الحضر
شامية لو شامها ... قسّ الفصاحة لافتخر
ودرى وأيقن انني ... بحر والفاظي درر
خيرتها فغدت كزهر ... الروض باكرة المطر
وبديعة كبديعة ... عذراء ترفل في الحبر
وإلى الشريف بعثتها ... لما قرأها وابتهر
رد الغلام وما استمر ... على الجحود ولا أصر
وأثابني فجزيته شكرا ... وقال لقد صبر
فلما(1/329)
عذبت طرفي بالسهر ... وأذبت قلبي بالفكر
ومزجت صفو مودتي ... من بعد بعدك بالكدر
ومنحت جثماني الضنا ... وكحلت عيني بالسهر
وجفوت صبا ماله ... عن حسن وجهك مصطبر
يا قلب ويحك كم تخادع ... بالغرور وكم تغر
والآم تكلف بالأغنّ ... من الضباء وبالأغر
ريم يفوق ان رماك ... بسهم ناظرة النظر
تركتك أعين تركها ... من يأسهن على خطر
ورمت فأصمت عن ... قسي لا يناط بها وتر
جرحتك جرحا لا يخيط ... بالخيوط ولا الإبر
تلهو وتلعب بالعقول ... عيون أبناء الخزر
فكأنهنّ صوالج ... وكأنهنّ لها أكر
تخفي الهوى وتسرّه ... وخفي سرّك قد ظهر
أفهل لوجدك من مدى ... يغضى إليه فينتظر
نفسي الفداء لشادن ... أنا من هواه على خطر
عذل العذول وما رآه ... فحين عاينه عذر
قمر يزين ضوء صبح ... جبينه ليل الشعر
وترى اللواحظ خدّه ... فيرى لها وجه أثر
هو كالهلال ملثّما ... والبدر حسنا إن سفر
ويلاه ما أحلاه في قلبي ... الشجيّ وما أمر
يومي المحرم بعده ... وربيع لذاتي صفر
بالله ربّك إن رأى ... بغداد طرفك أو نظر
قل للبغاددة السواة ... من الكرام أولي النّظر
وأولي الدعابة والفكاهة ... والخلاعة والسّمر
بالمشعرين وبالصفا ... والبيت أقسم والحجر
وبمن سعى فيه وطاف ... به ولبى واعتمر
لئن الشريف الموسوي ... ابن الشريف أبي مضر
أبدى الجحود ولم يرد ... الي مملوكي تتر
واليت آل أمية ... الطهر الميامين الغرر
وجحدت بيعة حيدر ... وعدلت عنه إلى عمر
وإذا جرى ذكر الغدير ... أقول ما صحّ الخبر
وإذا جرى ذكر الصحابة ... بين قوم واشتهر
قلت المقدّم شيخ تيم ... ثم صاحبه عمر
ما سلّ قطّ ضبا على ... آل النبي وما شهر
كلا ولا صدّ البتول ... عن التراث ولا زجر
وأثابها الحسنى ولا ... شقّ الكتاب ولا بقر
وإن امرؤ طلب الدليل ... وردّ قولي واستمر
فيقال هذا مسلم ... أقول لا هذا كفر
وبكيت عثمان الشهيد ... بكاء نسوان الحضر
وشرحت حسن صلاته ... جنح الظلام المعتكر
وقرأت من أوراق ... مصحفه البراءة والزبر
ورثيت طلحة والزبير ... بكل شعر مبتكر
وأزور قبرهما وأزجر ... من نهاني أو زجر
وأقول أمّ المؤمنين ... عقوقها إحدى الكبر
ركبت على جمل لتصلح ... من بنيها في زمر
وأتت لتصلح بين ... جيش المؤمنين على غرر
فأتى أبو حسن وسلّ ... حسامه وسطى وكر
واذاق إخوته الردى ... وبعير أمهم عقر
ما لو كان كفّ ... وعفّ عنهم إذ قدر
وأقول إن إمامكم ... ولّى بصفين وفرّ
وأقول إن أخطأ معاوية ... فما أخطأ القدر
هذا ولم يغدر معاوية ... ولا عمرو مكر
بطل بسوأته يقاتل ... لا بصارمه الذكر
وجنيت من رطب ... الخوارج ما تنمر واختمر
وأقول ذنب الخارجين ... على علي مغتفر
لا ثائر بقتالهم ... في النهروان ولا أثر
والأشعريّ بما يؤل ... إليه أمرهما شعر
قال انصبوا لي منبرا ... فانا البريّ من الخطر
فعلا وقال خلعت صاحبكم ... وأوجز واختصر
وأقول إن يزيد ما ... شرب الخمور ولا فجر
ولجيشه بالكف عن ... أبناء فاطمة أمر
وخلقت في عشر المحرم ... ما استطال من الشعر
والشمر ما قتل الحسين ... ولا ابن سعد ما غدر
وأباحهم ماء الفرات ... وما حماه وما حضر
ونويت صوم نهاره ... وصيام أيام أخر
ولبست فيه أجلّ ثوب ... للملابس يدّخر
وسهرت في طبخ الحبوب ... من العشاء إلى السّحر
وغديت مكتحلا أصافح ... من لقيت من البشر
وأقل لمن صافحته ... هنيت في عيد الظفر
ووقفت في وسط الطريق ... أقص شارب من عبر
وأكلت جرجير البقول ... بلحم جري الحفر
وجعلتها خير المآكل ... والفواكه والخضر
وغسلت رجلي كله ... ومسحت خفّي في السفر
وآمين أجهر في الصلاة ... كمن بها قبلي جهر
واسنّ تسنيم القبور ... لكل قبر يحتفر
ولبست فيه من الملابس ... ما اضمحلّ وما دثر
وسكنت جلّق فاقتديت ... بهم وإن كانوا بقر
وأقول مثل مقالهم ... بالفاشرى ما قد فشر
مصطيختي مكسورة ... وفطيرتي فيها قصر
بقر يرى برئيسهم ... طيش الظليم إذا نفر
وخفيفهم مستثقل ... وصواب قولهم هدر
وطباعهم كجبالهم ... جليت وقدّت من حجر
ما يدرك التشبيب ... تغريد البلابل في السحر
وأقول في يوم ... تحار له البصيرة والبصر
هذا الشريف أضلّني ... بعد الهداية والنّظر
مالي مضل في الورى ... إلا الشريف أبا مضر
فيقال خذ بيد الشريف ... فمستقر كما سقر
لواحة تسطو فما ... تبقى عليه ولا تذر
والله يغفر للمسيء ... إذا تنصل واعتذر
إلّا لمن جحد الوصيّ ... ولاءه ولمن كفر
فاخش الآله بسوء فعلك ... واحتذر كل الحذر
وإليكها بدوية رقت ... لرقتها الحضر
شامية لو شامها ... قسّ الفصاحة لافتخر
ودرى وأيقن انني ... بحر والفاظي درر
خيرتها فغدت كزهر ... الروض باكرة المطر
وبديعة كبديعة ... عذراء ترفل في الحبر
وإلى الشريف بعثتها ... لما قرأها وابتهر
رد الغلام وما استمر ... على الجحود ولا أصر
وأثابني فجزيته شكرا ... وقال لقد صبر
فلما
وصلت القصيدة إلى الشريف ضحك وقال: لقد أبطينا عليه فهو معذور، ثم جهز المملوك مع هدايا حسنة فمدحه ابن منير فقال:
إلى المرتضى حث المطي فإنه ... إمام على كل البرية قد سما
ترى الناس أرضا في الفضائل عنده ... ونجل الزكي الهاشمي هو السما
قال ابن حجة: إن ابن منير حين هادى الشريف كان الشريف ببغداد وقوله:
«وأقول مثل مقالهم» يفسره ما بعده من الكلمات المهملة التي يستعملها أهل الخلاعة. «والمصطيخة» خشبة في الأصل تجعل تحت دود القز وأهل دمشق يسمون الصولجان المنقوش مصطيخة ويكون معهم في المواسم، ولقد تطرف في الخلاعة والمجون حيث قلب اللفظ فنسب القصر إلى الفطرة والكسر إلى المصطيخة والمستعمل العكس فإنهم يضعون الصوالج قائمة فمن جاء صولجانه
قصيرا خرج من اللعب، فيقول: مصطيختي قصيرة وكذا من لعب الفطيرة، يريد من كان فطيرته مكسورة. وقوله إلى الشريف «بعثتها» قد يتوهم أنه ملحق بعد رد المملوك وليس كذلك وإنما قاله تفاؤلا وحسن ظن بالشريف واعتمادا على شهامته، وهذا من دهاء ابن منير لعلمه بسجايا الشريف إنتهى.(1/330)
«وأقول مثل مقالهم» يفسره ما بعده من الكلمات المهملة التي يستعملها أهل الخلاعة. «والمصطيخة» خشبة في الأصل تجعل تحت دود القز وأهل دمشق يسمون الصولجان المنقوش مصطيخة ويكون معهم في المواسم، ولقد تطرف في الخلاعة والمجون حيث قلب اللفظ فنسب القصر إلى الفطرة والكسر إلى المصطيخة والمستعمل العكس فإنهم يضعون الصوالج قائمة فمن جاء صولجانه
قصيرا خرج من اللعب، فيقول: مصطيختي قصيرة وكذا من لعب الفطيرة، يريد من كان فطيرته مكسورة. وقوله إلى الشريف «بعثتها» قد يتوهم أنه ملحق بعد رد المملوك وليس كذلك وإنما قاله تفاؤلا وحسن ظن بالشريف واعتمادا على شهامته، وهذا من دهاء ابن منير لعلمه بسجايا الشريف إنتهى.
قلت: وكثير من الناس يظن أن الشريف المذكور هو أبو القاسم علي بن طاهر ذي المناقب أحمد أبي الحسين الشهير بالشريف المرتضى علم الهدى أخو الشريف الرضى رحمهما الله تعالى، وليس به فإن ابن منير متأخر عن الشريف المرتضى ولم يدرك زمانه لأن وفاة الشريف المرتضى يوم الأحد الخامس من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمئة وولادة ابن منير سنة ثلاث وسبعين وأربعمئة، فيكون موت الشريف المرتضى قبل أن يخلق ابن منير بنحو من سبع وثلاثين سنة، فيتعين أن يكون الشريف الذي خاطبه ابن منير غير سيدنا الشريف المرتضى علم الهدى رحمهم الله جميعا.
ترجمة ابن منير الطرابلسي
يقول جامع هذه التحف وناقل هذه الطرف: وابن منير هو أبو الحسن أحمد ابن منير بن مفلح الطرابلسي الملقب مهدي الملك عين الزمان المشهور الشاعر.
قال ابن خلكان في تاريخه: ومنير بضم الميم وسكون الياء المثناة من تحت وبعدها راء وطرابلس مدينة بساحل الشام قريبة من بعلبك، وقال: من محاسن شعره القصيدة التي أولها:
من ركب البدر في صدر الرديني ... وموه السحر في حد اليماني
وأنزل النير الأعلى إلى فلك ... مداره في القباء الخسرواني
طرف رنا أم قراب سل صارمه ... وأغيد ماس أم أعطاف خطيي
أذلني بعد عز والهوى أبدا ... يستعبد الليث للظبي الكاسي
أما وذوائب مسك من ذوائبه ... على أعالي القضيب الخيزرانيي
وما يجن عقيقي الشفاة من آل ... ريق الرحيقي والثغر الجماني
لو قيل للبدر من في الأرض يحسده ... إذا تجلى لقال ابن الفلاني
أربى علي بشيء من محاسنه ... تألفت بين مسموع ومرئي
أباه فارس في لبن الشام مع آل ... طرف العراقي والنطق الحجازيي
وما المدامة بالألباب أفنك من ... فصاحة البدو في الفاظ تركيي(1/331)
من ركب البدر في صدر الرديني ... وموه السحر في حد اليماني
وأنزل النير الأعلى إلى فلك ... مداره في القباء الخسرواني
طرف رنا أم قراب سل صارمه ... وأغيد ماس أم أعطاف خطيي
أذلني بعد عز والهوى أبدا ... يستعبد الليث للظبي الكاسي
أما وذوائب مسك من ذوائبه ... على أعالي القضيب الخيزرانيي
وما يجن عقيقي الشفاة من آل ... ريق الرحيقي والثغر الجماني
لو قيل للبدر من في الأرض يحسده ... إذا تجلى لقال ابن الفلاني
أربى علي بشيء من محاسنه ... تألفت بين مسموع ومرئي
أباه فارس في لبن الشام مع آل ... طرف العراقي والنطق الحجازيي
وما المدامة بالألباب أفنك من ... فصاحة البدو في الفاظ تركيي
ما يتعلق بالخالديين
وقال: صاحب الكتاب المتقدم ذكره: الخالديان هما أبو محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم. قال الثعالبي في اليتيمة: إن هذان لساحران يغريان في ما يجلبان ويبدعان فيما يضنعان، وكان ما يجمعهما أخوة الأدب مثلما يجمعهما من أخوة النسب في الموافقة والمساعدة يحييان بروح واحدة ويشتركان في نظم الشعر وينفردان ولا يكادان في الحضر والسفر يفترقان، وكانا في التساوي والتشابك والتشاكل كما قال أبو تمام: رضيعي لبان شريكي عنان عتيقي رهان حليفي صفاء بل كما قال البحتري:
كالفرقدين إذا تأمل ناظر ... لم يعد موضع فرقد عن فرقد
بل كما قال أبو إسحاق الصابي فيهما:
أرى الشاعرين الخالديين سيرا ... قصائد يفني الدهر وهي تخلد
جواهر من أبكار لفظ وعونه ... يقصر عنها راجز ومقصد
تنازع قوم فيهما وتناقضوا ... ومر جدال بينهم يتردد
وصار إلى حكمي فأصلحت بينهم ... وما قلت إلا بالتي هي أرشد
هما في اجتماع الفضل روح مؤلف ... ومعناهما من حيث يثبت مفرد
كذا فرقد الظلماء لما تشاكلا ... علا اشكلا هذاك أم ذاك أمجد
فزوجهما ما مثله في اتفاقه ... وفردهما بين الكواكب أوحد
فقاموا على صلح وقال جميعهم ... رضينا وساوى فرقد الأرض فرقد
ومن محاسن: شعر أبي بكر وهو الأكبر منهما:
لو أشرقت لك شمس ذاك الهودج ... لأرتك سالفتي غزاك أدعج
أرعى النجوم كأنها في أفقها ... زهر الأقاحي في رياض بنفسج
والمشتري وسط السماء تخاله ... وسناه مثل الزيبق المترجرج
مسمار تبر أصفر ركيته ... في فص خاتم فضة فيروزج
وتمايل الجوزاء يحكي في الدجى ... ميلان شارب قهوة لم يمزج
وتنقبت بخفيف غيم أبيض ... هي فيه بين تخفّر وتبرج
كنفس الحسناء في المرآة إذ ... كملت محاسنها ولم تتزوج
وقوله: في مرثية الحسين عليه السّلام:
إذا تفكرت في مصابهم ... اثقب زند الهموم قادحه
فبعضهم قربت مصارعه ... وبعضهم بعدت مطارحه
أظلم في كربلاء يومهم ... ثم تجلى وهم دبايحه
لا برح الغيث كل شارقة ... تهمي غواديه أو روايحه
على ثرى حله غريب رسول ... الله مجروحة جوارحه
ذل حماه وقل ناصره ... ونال أقصى مناه كاشحه
ومنها أيضا:(1/332)
إذا تفكرت في مصابهم ... اثقب زند الهموم قادحه
فبعضهم قربت مصارعه ... وبعضهم بعدت مطارحه
أظلم في كربلاء يومهم ... ثم تجلى وهم دبايحه
لا برح الغيث كل شارقة ... تهمي غواديه أو روايحه
على ثرى حله غريب رسول ... الله مجروحة جوارحه
ذل حماه وقل ناصره ... ونال أقصى مناه كاشحه
ومنها أيضا:
عفرتم بالثرى جبين فتى ... جبريل بعد النبي ماسحه
يطل ما بينكم دم ابن ... رسول الله وابن السفاح سافحه
سيان عند الأنام كلهم ... خاذله منكم وذابحه
أسماء بلدان جبل عامل
هذه أسماء بلدان جبل عامل: بسم الله الرحمن الرحيم هذه يا مولانا أسماء بلدان جبل عامل وإن وفق الله نرسمها لجنابكم بدائرة جدول كل بلدة بالجهة التي بها ونبتدىء باسم بلد عبدكم ومخلصكم تبركا وهي أنصار، جباع، مشغرة، ميس، لويزة، حانين، عيناتة، كونين، الطيبة، مركبة، رب ثلثين، دير سريان، القنطرة، علما، عديسة، الزقية، مجدل سلم، عيديب، فرون، جل مرتبة، تبنين، صديقين، صفد البطيخ، الصوانة، شقرة، برعشيت، بنت جبيل، عثرون، المالكية، قدس، وهي تدين بلد شعيب عليه السّلام، بليدة وهي بجوارها وبها البئر الذي سقى منه موسى عليه السّلام غنم شعيب بلد يوشع به مسميه وبها مدفنه، راج، مارون الراس، يارون، مارون الركبة، صلحة، غينيب، الطيرة، حاريص، حداتة، تزميخة، البصة، الناقورة، مسرقية، المجادل، طيرزينة (الشهابية)، مارون، صريفة، بافليه، سحور، طير سخسات، طير فلسيه، معروب، حلوسية، دير قانون النهر، بدياس، برج رحال، العباسية، معركة، جويا، المزرعة، دوبيه، دير عامص، قانا، عيتيت، البازورية، قعقعية الجسر، مجدل زوين، شمع، بلد بها مدفن شمعون الصفا وصي عيسى عليه السّلام وله مقام عظيم، صور، العزية، القاسمية، حناوية بها مقام يحيى عليه السّلام وبها قبر حيرام (لع)، يارين الشمر (لع) خراب وبقربها قرب مئة قرية جميعهم خراب ونشفت آبارهم وغارت مياههم وهي بلدة عظيمة أثارها المعشوقة، أم الأعماد، بعال، الخيام، بلاط، دبين، كفركلا، البويضة، سحمر، كفرحونة، مليخ، بعل مليخ، الريحان، عرمثة، الجديدة، كفر رمان، المأذنة، طهرة، النبطية العليا، النبطية السفلى، حبوش، الكفور، دير الزهراني، النميرية، الدوير،
الشرقية، القطينية، شل بعل، ذمول، جب شيث، كفعم، حاروف، زبدين، شوكين، عبة، عدشيث تلفت لحاهم، ثوك وبها عين تصاد منها السمكة المشهورة بالشقنقور في شهر شباط القصير، القصيبة، بريقع، الأجنحية، القاقعية، صير، كفرصير، برج يالوش الذي ادعى النبوة وقتله الشهيد الأول وقتل بسببه قدس الله روحه، جزين، العيشية، بقيره القلعة المعروفة بالشقيف أرنون المذكورة في حديث العسكري عليه السّلام، زوطر، الحمره يحمر، السماحية، بصفور، كفر تبنيت، مربصع، سينية، قويص، المغيرية، الزريرية، أرزية، المطرية، المهدومة، السكينة، جهيم، الواسطة، الكوثرية، فريص، جدروث، الحارثية، الأنصارية، دير ثقلا، الصرفند أهلها نواصب وبها مقام لأبي ذر (ره)، عدلون، القبية، البيسارية، البابلية، قعقعية الصنوبر، تفاحة، الغسانية، المروانية، خرطوم، الغازية، صيدا مدينة البلاد وبها الباشة من قبل الروم غير الله دولتهم الحاواره، عنقون، جرجوع، عين قانة، حومين العليا، حومين السفلى، كفرحتة، الأسبغية، كفر ملكه، نصليه، العدوسية، الحلوسية، عقيه، زلوم، السكسكية، الداوودية، طيردبا، شارنيه، زفتة، كرك نوح عليه السّلام في بلاد بعلبك وبها مقام نوح عليه السّلام من أولاد نوح عليه السّلام ولإقامة الشيخ علي بن عبد العال العاملي بها عرف وهي سفر يومين عن بلاد جبل عامل ومن طرف البلاد سفر يوم، جون الجية وبها مقام يونس عليه السّلام ومحل يقال إنه خرج من بطن الحوت من هناك لانها بحد البحر جزين بلد الشهيد الأول وبها ذريته في هذا العصر وهم أهل صلاح وعلم، عرب صاليم، ياثر، علما، غمران، السماعية، رأس العين، الجارودية، الأسبغية، عيديب، عين بعال، دير بستين، روميين، أركية، دير قانون رأس العين، طير سخات، قنوية، الخالصة هذا يا مولانا ما حضرني من أسماء القرى المذكورة المعمورة وهي مع أعيانها وأعزائها كأنهم نصب عين المخلص نسأل جنابكم الشريف الدعاء لأهلها بالتوفيق وكف يد الظلم عنهم وإن يمن على مخلصكم بوصوله إلى تلك البقاع لأنها أول أرض مس جسمي ترابها فواشوقاه إليها وأنى لي بها فأتمثل:(1/333)
هذه أسماء بلدان جبل عامل: بسم الله الرحمن الرحيم هذه يا مولانا أسماء بلدان جبل عامل وإن وفق الله نرسمها لجنابكم بدائرة جدول كل بلدة بالجهة التي بها ونبتدىء باسم بلد عبدكم ومخلصكم تبركا وهي أنصار، جباع، مشغرة، ميس، لويزة، حانين، عيناتة، كونين، الطيبة، مركبة، رب ثلثين، دير سريان، القنطرة، علما، عديسة، الزقية، مجدل سلم، عيديب، فرون، جل مرتبة، تبنين، صديقين، صفد البطيخ، الصوانة، شقرة، برعشيت، بنت جبيل، عثرون، المالكية، قدس، وهي تدين بلد شعيب عليه السّلام، بليدة وهي بجوارها وبها البئر الذي سقى منه موسى عليه السّلام غنم شعيب بلد يوشع به مسميه وبها مدفنه، راج، مارون الراس، يارون، مارون الركبة، صلحة، غينيب، الطيرة، حاريص، حداتة، تزميخة، البصة، الناقورة، مسرقية، المجادل، طيرزينة (الشهابية)، مارون، صريفة، بافليه، سحور، طير سخسات، طير فلسيه، معروب، حلوسية، دير قانون النهر، بدياس، برج رحال، العباسية، معركة، جويا، المزرعة، دوبيه، دير عامص، قانا، عيتيت، البازورية، قعقعية الجسر، مجدل زوين، شمع، بلد بها مدفن شمعون الصفا وصي عيسى عليه السّلام وله مقام عظيم، صور، العزية، القاسمية، حناوية بها مقام يحيى عليه السّلام وبها قبر حيرام (لع)، يارين الشمر (لع) خراب وبقربها قرب مئة قرية جميعهم خراب ونشفت آبارهم وغارت مياههم وهي بلدة عظيمة أثارها المعشوقة، أم الأعماد، بعال، الخيام، بلاط، دبين، كفركلا، البويضة، سحمر، كفرحونة، مليخ، بعل مليخ، الريحان، عرمثة، الجديدة، كفر رمان، المأذنة، طهرة، النبطية العليا، النبطية السفلى، حبوش، الكفور، دير الزهراني، النميرية، الدوير،
الشرقية، القطينية، شل بعل، ذمول، جب شيث، كفعم، حاروف، زبدين، شوكين، عبة، عدشيث تلفت لحاهم، ثوك وبها عين تصاد منها السمكة المشهورة بالشقنقور في شهر شباط القصير، القصيبة، بريقع، الأجنحية، القاقعية، صير، كفرصير، برج يالوش الذي ادعى النبوة وقتله الشهيد الأول وقتل بسببه قدس الله روحه، جزين، العيشية، بقيره القلعة المعروفة بالشقيف أرنون المذكورة في حديث العسكري عليه السّلام، زوطر، الحمره يحمر، السماحية، بصفور، كفر تبنيت، مربصع، سينية، قويص، المغيرية، الزريرية، أرزية، المطرية، المهدومة، السكينة، جهيم، الواسطة، الكوثرية، فريص، جدروث، الحارثية، الأنصارية، دير ثقلا، الصرفند أهلها نواصب وبها مقام لأبي ذر (ره)، عدلون، القبية، البيسارية، البابلية، قعقعية الصنوبر، تفاحة، الغسانية، المروانية، خرطوم، الغازية، صيدا مدينة البلاد وبها الباشة من قبل الروم غير الله دولتهم الحاواره، عنقون، جرجوع، عين قانة، حومين العليا، حومين السفلى، كفرحتة، الأسبغية، كفر ملكه، نصليه، العدوسية، الحلوسية، عقيه، زلوم، السكسكية، الداوودية، طيردبا، شارنيه، زفتة، كرك نوح عليه السّلام في بلاد بعلبك وبها مقام نوح عليه السّلام من أولاد نوح عليه السّلام ولإقامة الشيخ علي بن عبد العال العاملي بها عرف وهي سفر يومين عن بلاد جبل عامل ومن طرف البلاد سفر يوم، جون الجية وبها مقام يونس عليه السّلام ومحل يقال إنه خرج من بطن الحوت من هناك لانها بحد البحر جزين بلد الشهيد الأول وبها ذريته في هذا العصر وهم أهل صلاح وعلم، عرب صاليم، ياثر، علما، غمران، السماعية، رأس العين، الجارودية، الأسبغية، عيديب، عين بعال، دير بستين، روميين، أركية، دير قانون رأس العين، طير سخات، قنوية، الخالصة هذا يا مولانا ما حضرني من أسماء القرى المذكورة المعمورة وهي مع أعيانها وأعزائها كأنهم نصب عين المخلص نسأل جنابكم الشريف الدعاء لأهلها بالتوفيق وكف يد الظلم عنهم وإن يمن على مخلصكم بوصوله إلى تلك البقاع لأنها أول أرض مس جسمي ترابها فواشوقاه إليها وأنى لي بها فأتمثل:
كيف الوصول إلى سعاد ودونها ... قلل الجبال ودونهنّ حتوف
الرجل حافية ومالي مركب ... والكفّ صفر والطريق مخوف
قصيدة لصاحب المعالم
للشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني: قدس الله سره:
قف بالديار وسلها عن أهاليها ... عسى ترد جوابا إذ تناديها
واستفهمن من لسان الحال ما فعلت ... أيدي الخطوب وماذا أبرمت فيها
فسوف تنبيك إن القوم قد رحلوا ... ولم تكن بلغت منهم أمانيها
وغادرتها صروف الدهر خالية ... قد هدمت أسفا منها مغانيها
وناب عن عزها ذل الكآبة إذ ... تغيرت بعدما بانوا معانيها
وله أيضا: قدس الله روحه:(1/334)
قف بالديار وسلها عن أهاليها ... عسى ترد جوابا إذ تناديها
واستفهمن من لسان الحال ما فعلت ... أيدي الخطوب وماذا أبرمت فيها
فسوف تنبيك إن القوم قد رحلوا ... ولم تكن بلغت منهم أمانيها
وغادرتها صروف الدهر خالية ... قد هدمت أسفا منها مغانيها
وناب عن عزها ذل الكآبة إذ ... تغيرت بعدما بانوا معانيها
وله أيضا: قدس الله روحه:
فؤادي ضاعن أثر النياق ... وجسمي قاطن أرض العراق
ومن عجب الزمان حياة شخص ... ترحل بعضه والبعض باقي
وحل السقم في جسمي فأمسى ... له ليل النوى ليل المحلق
وصبري راحل عما قليل ... لشدة لوعتي ولظى اشتياقي
وظمأني النوى وأراق دمعي ... فلا أروى ولا دمعي يراق
وقيدني على حال شديد ... فما حرز الرقي منه براقي
أبا لله المهيمن أن تراني ... عيون الخلق محلول الوثاق
أبيت لدى الزمان لنار وجدي ... على جمر يزيد به احتراقي
وما عيش امرىء في بحر غم ... يضاهي كربه كرب اشتياقي
يود من الزمان صفاء يوم ... يلوذ بظله مما يلاقي
سقتنا نائبات الدهر كأسا ... مريرا من أباريق الفراق
ولم يخطر ببالي قبل هذا ... لفرط الجهل أنّ الدهر ساق
وفاض الكأس البين حتى ... لعمري قد جرت منه سواقي
فليس لداء ما القى دواء ... يؤمّل نفعه إلا التلاق
وفرط الوجد أصبح لي خليعا ... ولما ينو في الدنيا فراقي
وتعبث ناره في الروح حينا ... فيوشك أن تبلغها التراقي
غيره لغيره:
ماذا على من أذى الأشواق تنهكه ... لو أفصح الدمع عنه حين يسفكه
يا لائمي في هوى من لست أتركه ... كم أكتم الوجد والأجفان تهتكه
وأطلق الحب والأحشاء تمسكه ... قالوا دع الحب يا هذا ومسلكه
فمن سعى فيه من صب فأهلكه ... فقلت والشوق داعي البين حركه
عصاني القلب لما أن تملكه ... غيري فوا أسفي لو كنت أملكه
السحب تروي حديث الغيث من جدتي ... والورق تنقل سجع النوح من قلقي
سل الذي نام عن شوقي وعن أرقي ... ما ضّر من لم يدع مني سوى رمقي
لو كان يسمح بالباقي ويتركه(1/335)
ماذا على من أذى الأشواق تنهكه ... لو أفصح الدمع عنه حين يسفكه
يا لائمي في هوى من لست أتركه ... كم أكتم الوجد والأجفان تهتكه
وأطلق الحب والأحشاء تمسكه ... قالوا دع الحب يا هذا ومسلكه
فمن سعى فيه من صب فأهلكه ... فقلت والشوق داعي البين حركه
عصاني القلب لما أن تملكه ... غيري فوا أسفي لو كنت أملكه
السحب تروي حديث الغيث من جدتي ... والورق تنقل سجع النوح من قلقي
سل الذي نام عن شوقي وعن أرقي ... ما ضّر من لم يدع مني سوى رمقي
لو كان يسمح بالباقي ويتركه
قصة آزاد مرد
حكى البهائي: في الكشكول إنه كان رجل اسمه أز آد مرد عند الحجاج فبدرت منه بادرة فخجل فأراد أن يرفع الخجل عنه فقال له قد وضعت عنك الخراج هل من حاجة غيرها؟ وكان قد أحضر الحجاج أعرابيا يريد قتله فقال له:
هب لي هذا الأعرابي، فوهبه له فخرج الأعرابي يقبل إسته ويقول: بأبي أست يحط الخراج ويفك من القتل لا يحق المدح والثناء إلا له.
وفي الأثر: إن الجاحظ كان من العلماء النواصب وهو قبيح الصورة حتى قال الشاعر:
لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ... ما كان إلا دون قبح الجاحظ
وقال يوما لتلامذته، ما خجلتني إلا إمرأة أتت بي إلى صائغ فقالت: هذا، فوقف حائرا فلما ذهب سألت الصائغ فقال الصائغ: استعملتني لأصوغ لها صورة شيطان ولا أدري كيف صورته؟ فأتت بك.(1/336)
لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ... ما كان إلا دون قبح الجاحظ
وقال يوما لتلامذته، ما خجلتني إلا إمرأة أتت بي إلى صائغ فقالت: هذا، فوقف حائرا فلما ذهب سألت الصائغ فقال الصائغ: استعملتني لأصوغ لها صورة شيطان ولا أدري كيف صورته؟ فأتت بك.
الفهرس
مقدمة المؤلف للكتاب 5
فيما ورد في المزاح والمداعبة 7
منتخب من كتاب الأوائل 10
في اشتراك أسماء الرجال 12
قصة أبي المنيع قرواش 14
الحب كيف يصنع 15
مما نسب لأمير المؤمنين (ع) 16
ما جاء في فضل الحلة 17
قصة طوق خالد 17
الفص الذي وجد في مسجد الكوفة 23
أنا مدينة العلم وعلي بابها 23
عمر آدم وأولاده من الأنبياء 24
منتخب من كتاب نهج البلاغة 25
ما رواه هارون الرشيد في فضل علي (ع) 25
تخميس أبيات للشريف الرضي 27
خبر تزويج سجاح بمسيلمة الكذاب 28
قصة الأحدبين مع الجن 30
في ذكر إسلام الأسقف النصراني 31
محاورة امرأة مع الإمام الباقر (ع) 32
ترجمة المولى الأردبيلي 33(1/337)
محاورة امرأة مع الإمام الباقر (ع) 32
ترجمة المولى الأردبيلي 33
نصيحة للإمام الصادق (ع) 35
السلافة البهية في الترجمة الميثمية 36
أحاديث في فضل علي (ع) 45
ما يتعلق بالعلقمي وزير المعتصم 50
أسماء الأعضاء على حروف المعجم 52
شيء من ترجمة الحجاج الثقفي 53
منظومة نغمة الأغاني للسيد علي صدر الدين الشيرازي 55
القضاء لغير المجتهد عند فقد المجتهد 72
الكلام على سيحون وجيحون 78
قصة عبد الملك بن مروان وأهل البحرين 78
نبذة من أخبار العرب وقصصها 81
قصائد للشيخ البهائي (قده) 86
الملا محسن مع السيد ماجد البحراني 89
قصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض 90
قصة للمولى الأردبيلي 100
قصة الأمير الاسترآبادي 101
قصة الوزير مع أهل البحرين وحيلته بالرمان 102
قصة جزر أولاد صاحب الزمان (ع) 104
أشعار لمحمد رضي الأزدي 108
حكاية الأصمعي مع الأعرابي 109
صحة العمل برواية غير الإمامي 111
بشارة فاخرة للشيعة 111
أحاديث في فضل الشيعة 114(1/338)