مقدمة
في كتاب العقد الفريد (1)، يتحدّث ابن عبد ربه عن الأمثال فيصفها بقوله بأنها «وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلي المعاني، والتي تخيّرتها العرب، وقدّمتها العجم، ونطق بها في كل زمان، وعلى كلّ لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عمّ عمومها، حتى قيل: أسير من مثل» ويتابع ابن عبد ربه رأيه قائلا: «وقد ضرب الله عزّ وجل الأمثال، في كتابه، وضربها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامه.
قال الله عز وجل: {يََا أَيُّهَا النََّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (2) وقال: {وَضَرَبَ اللََّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} (3). ومثل هذا كثير في القرآن الكريم».
ولا غرو، فالأمثال لدى جميع الشعوب، مرآة صافية لحياتها، تعكس بكل دقة وجلاء الصورة النقيّة لمعظم عاداتها وتقاليدها وعقائدها، كما تعكس بالتالي سلوك أفرادها ومجتمعاتها، بحيث غدت أو كادت أن تغدو، الميزان الرقيق لتلك الشعوب، في رقيها وانحطاطها وبؤسها ونعيمها وآدابها ولغاتها.
في هذا المجال، يقول الحسين بن وهب، في كتابه البرهان في وجوه البيان (4):
«وأمّا الأمثال، فإن الحكماء والعلماء والأدباء، لم يزالوا يضربون الأمثال ويبينون للناس تصرّف الأحوال، بالنظائر والأشباه والأمثال، ويرون هذا النوع من القول أنجح مطلبا،
__________
(1) ابن عبد ربه. العقد الفريد: 3/ 63.
(2) سورة الحج: 73.
(3) سورة النحل: 76.
(4) أبو الحسين بن وهب: البرهان في وجوه البيان: 145.(1/5)
وأقرب مذهبا ولذلك جعلت القدماء أكثر آدابها وما دوّنته من علومها، بالأمثال والقصص عن الأمم. ونطقت ببعضه على ألسن الطير والوحش. وإنّما أرادوا بذلك أن يجعلوا الأخبار مقرونة بذكر عواقبها، والمقدّمات مضمونة إلى نتائجها ولهذا بعينه، قصّ الله علينا أقاصيص من تقدّمنا ممن عصاه وآثر هواه فخسر دينه ودنياه، ومن اتبع رضاه فجعل الخير والحسنى عقباه، وصيّر الجنّة مثواه ومأواه.
فالأمثال، لها دلالة واضحة على حياة الأمة، فما بالنا بالأمثال العربيّة التي نمت بين أفياء أمتنا، وتناهت إلى أسماع الناس جيلا بعد جيل. إنها بلا شك تكشف عن طبيعة حياة العرب والمسلمين، وتجلي كثيرا من مظاهر هذه الحياة البسيطة أو المعقّدة، والتي لم يهتمّ بها الشعر كثيرا، عنيت بذلك صور الحياة اليوميّة المعاشة، التي يحياها الغني والفقير، والرجل والمرأة، وما ينهل بها من أسباب وأعمال وما يتداول فيها من حرف وما ينشأ عن ذلك من آلات وأدوات تطلبها ظروف العمل والكدح بصورة متعاقبة في البيئة الواحدة والبيئات المتجاورة.
حقّا إن العرب، بلغت شأوا لا يدرك في ضرب الأمثال، فسلكوا فيها كلّ مسلك، حتى أنه لم يخل كلام لهم من مثل في تضاعيفه. وكذلك زينوا بالأمثال فنون القول وتصاريفه. وهذا ما حدا باللغويين العرب، أن يجمعوا لنا منها قدرا كبيرا، منذ فجر التأليف في العربيّة. وقد تناولوها بالشرح والتفسير، كما جمعوا لنا قصصها التي حدثت بالفعل، أو حيكت حولها. فبينوا لنا موردها ومضربها، ورتبوها في ضروب متنوعة، ترتيبا وتبويبا.
فقد وجد الرواة والمؤرخون المسلمون الأوائل، أن الأمثال، لها قيمة عظيمة على صعيد التربية والتعليم والتثقيف والأخذ بالكلام البليغ والفصيح. ولذلك كانوا يحثّون تلامذتهم على حفظها، لأنهم كانوا يجدون فيها الأنغام اللغوية الصغيرة لأبناء جلدتهم أو دينهم، ينعكس فيها الشعور والتفكير، وعادات الأفراد وتقاليدهم على وجه العموم.
وكذلك يظهر فيها نموّ الحياة الاجتماعية في شرائح وطبقات، تمثل صعد مجتمعهم كافة.
وقد كان المفضل الضبيّ مربيا من جهة، وعالما لغويا من جهة أخرى. فهو مؤدب الخليفة العباسي المهدي بناء لطلب من أبيه أبي جعفر المتصور (1).
__________
(1) ياقوت، معجم الأدباء: 19/ 164.(1/6)
وهو أيضا الرواية واللغوي ورأس المدرسة الكوفية (1). ومن هنا فإن كتابه: أمثال العرب، يندرج في إطار هاتين المهمتين اللتين كان موكلا بهما.
إلى ذلك، فإن الأمثال كما يعرفها لنا أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ / 838م)، هي «حكمة العرب في الجاهلية والإسلام. وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق، بكتابة غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال:
إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى وحسن التشبيه» (2).
فالحكمة تنتج عن التجربة. ولذلك نجد مجموعة الأمثال عند العرب، هي حصيلة تجاربهم في الحياة، التي كانوا يخوّضون فيها بكل قوة. أمّا أسلوب الكتابة للتعبير غير المباشر، فلم يكن إلّا صيغة من الصيغ الأسلوبية المستعملة في التمثيل للابتعاد عن السردية المتصلة عادة بالتقرير المباشر.
وإذا تأملنا الخلال الثلاث التي أشار إليها أبو عبيد القاسم بن سلام في صفة المثل وهي: الإيجاز وإصابة المعنى وحسن التشبيه، فهي توجز لنا التعريف الرقيق للمثل من الناحية الفنيّة.
«فإيجاز اللفظ» تعبير مصيب، لأن التعبير بالمثل عن تجربة أو موقف معين، أسهل في الصياغة من الناحية اللغوية، وأكثر اختصارا من التعبير التجريدي المباشر الخالي من التصوير. وإذا كان أبو عبيد يعدّ حسن التشبيه من سمات الأمثال، فإنه دون ريب، لا يفكّر إلّا في الأمثال التصويرية، على الرغم من أنه ملأ كتابه «الأمثال»، بمجموعة ضخمة من الحكم الصائبة من حيث معانيها (3).
والسؤال الذي يطرح نفسه باستمرار على الباحث، هو تقدير البعد التاريخي للأمثال العربيّة القديمة. وقد ذهب كثير من الباحثين العرب والأجانب، إلى إمكانية تقدير المسافة الزمنية للقصص وأمثالها، من خلال الحوادث التاريخية التي تشير إليها.
وعلى الرغم أن «فرايتاج» كان قد صنع جداول، رتب فيها الأمثال مع «قصصها»
__________
(1) انباه الرواة للقفطي: 3/ 298.
(2) أبو عبيد القاسم بن سلام. كتاب الأمثال: ص 56.
(3) رودلف زلهايم. الأمثال العربية القديمة. ترجمة رمضان عبد التواب. مؤسسة الرسالة. بيروت 1984: 23.(1/7)
ترتيبا تاريخيا، غير أنه سارع إلى القول في الفصل الذي عقده بعنوان: «العصر الذي نشأت فيه الأمثال» عن كتابه «أمثال العرب» فقال: «لأن مثلا كهذا، لم يقل كما هو واضح قبل هذه الحادثة، كما أنه لم يستعمل بعدها زمنا طويلا. ولكن من يجرؤ على تحديد الزمن، الذي انتشر فيه هذا المثل» (1).
وهناك من يشير إلى أن تكون مثل هذه الأمثال التاريخيّة مخترعة اختراعا، فنسجت خيوطها على ضوء هذه الأمثال، تماما كما ترتبط القصص التبريرية، ببعض أبيات الشعر العربي. وهي إشارة واضحة إلى إمكانية أن تكون هذه الوقائع التاريخية التي تحكيها هذه القصص المتصلة بالأمثال، وقائع حقيقية، أو وقائع مزيفة. وقد شكّ أكثر من باحث من المستشرقين بصحة نسبة هذه الأمثال إلى تاريخ العرب قبل الإسلام، وقالوا إنما هي دونت مع الشعر في العصر العباسي (2)، بعد ما كانت قد جمعت في العصر الأموي.
فالأمثال وحكاياتها، كانت تشكل جزءا مهما من أدب المسامرة عند العرب في العصر الأموي. هذا الأدب الذي كان يتكوّن من أقاصيص القرآن الكريم والكتاب المقدّس وحكايات جنوبي الجزيرة العربية وأخبار السيرة النبويّة الشريفة والفتوحات الأولى وأيام العرب.
ولم يكن أدب المسامرة ولا الأمثال وحكاياتها أو الأيام وأخبارها، من صنع الخيال الشعبي، أو من صنع أعراب البادية، بل كان رواتها رجالا مشهورين مثل غسان بن ذهيل السليطي ومحمد بن كعب القرظي ودغفل وعبيد بن شرية، الذين كانوا يشكلون همزة الوصل بين أسماء البدو القدماء وأندية البلاطات الأموية.
وقد ذكر أن عبيد بن شرية الجرهمي حضر من الرقة إلى دمشق ليقص على الخليفة معاوية تاريخ العرب وقصص الأولين. وقد وضع كتابا في الأمثال ذكره كل من ابن النديم (3) وياقوت الحموي (4).
__________
(1) فراتياج. أمثال العرب المجلد الثالث: 2/ 67.
(2) رودلف زلهايم. الأمثال العربية القديمة: 50.
(3) ابن النديم. الفهرست. ترجمة عبيد بن شرية الجرهمي.
(4) ياقوت الحموي. معجم الأدباء. عبيد بن شرية الجرهمي.(1/8)
ومن المؤلفين في الأمثال في العصر الأموي، صحار بن العباس أو «عيّاش» العبدي (1)، وكان مثقفا واسع الشهرة في عصر معاوية. كذلك تحدّث أصحاب التراجم عن «علاقة بن كريم» وهو عند البكري كرشم وعند ياقوت الحموي كرسم الكلابي (2).
وبرأينا أن هذه الكتب من الأمثال التي صنعت في العصر الأموي، لم تكن لتختلف كثيرا في ترتيبها ومضمونها وحجمها عن كتاب الأمثال الذي ألّفه المفضّل الضبيّ الذي يفيض بالقصص التعليليّة للأمثال.
ففي كتاب أمثال العرب للمفضل الضبيّ، تتجلّى لنا صورة الأديب والمربي، الذي يهتمّ بالقصص المسليّة. فنحن نجد في هذا الكتاب أجمل الأقاصيص والخرافات والأساطير. وهي تنتهي بعبارة مأثورة لأحد أبطالها، وهم عادة ما يكونون من زعماء القبائل والعشائر والشيوخ، أو من جماعة الشعراء والحكماء، أو من الحمقى والمغفلين.
كذلك فنحن نجد قصصا من أخبار أيام العرب، تتعلّق بشخصيّة تاريخيّة معروفة، ولكنها على العكس تماما من أيام العرب، فإنها ذات طابع قصصي محض. فالمكان والزمان غير واضحين. أمّا الجوّ العام للقصّة فهو غامض أيضا، ولا يتّضح وضوحا تاما أيضا.
ولذلك لم يجد فيها المؤرخون قيمة تاريخيّة، اللهم إلّا بالنسبة للأسماء والهيكل العام للحوادث.
وقد حذّر (كاسكل: ص 333من اعتماد المؤرخين عليها في التاريخ الحضاري، لأنها ليست دقيقة (3).
أما ما يجدر ذكره، فهو انتقال معظم قصص الأمثال التي أوردها المفضل الضبيّ، وإن لم تكن بكامل تفاصيلها إلى مؤلفات اللغويين القدامى، من الكوفيين والبصريين. وقد أضيفت إليها تلك القصص التي رواها ابن الكلبي بأسلوبه البارع في صناعة الخرافات والأحاديث. وكذلك عمدته في أخباره الشرقي القطامي ويعرف بأبي المثنى الوليد بن
__________
(1) طبقات ابن سعد: 1/ 61.
(2) معجم الأدباء: 5/ 66.
(3) ريتر في مجلة: (): 2/ 280.(1/9)
الحسين الكلبي الشامي الأصل. ولا ننسى عوانة بن الحكم الذي كان يقوم بدور مماثل لدور الشرقي بن القطامي، في رواية القصص (1). وقد وضع كتاب سيرة معاوية بن أبي سفيان. ناهيك عن دور ابن دأب وهو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب (ت 171هـ / 717 م) الذي كان يضع الشعر وأحاديث السمر والأمثال وقصصها (2).
إننا إذ نقدّم هذا الكتاب: أمثال العرب للمفضل الضبي اليوم، إنما نعتبره الأصل الذي بنى عليه فيما بعد مصنفوا الأمثال كتبهم ومجاميعهم. وما دام الأمر كذلك باعتراف جميع الباحثين والمؤرخين، فحريّ بنا أن نعيره الاهتمام البالغ صنعة وتحقيقا وتدقيقا وفهرسة وتبويبا. حتى نتمكن من إخراجه بحلة علمية راقية ونفيسة معا في آن.
وأرجو أن يوفقنا الله إلى ذلك إنه نعم المولى ونعم النصير المحقق
__________
(1) الفهرست لابن النديم: 91، ومعجم الأدباء لياقوت: 6/ 93، وإنباه الرواة للقفطي: 2/ 361.
(2) مراتب النحويين: 991والمزهر للسيوطي: 2/ 414.(1/10)
المفضل الضبي في مدونات المترجمين
بالعودة إلى مدونات القدماء الكثيرة، وما كتبوه عن حياة المفضل الضبي، ارتأينا الاستئناس بما أورد كل من ياقوت الحموي في معجم الأدباء، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وابن النديم في الفهرست.
أما من مدونات المترجمين المحدثين، فقد أوردنا ما كتبه كل من خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، وجرجي زيدان في تاريخ الآداب العربية، والمستشرق رودلف زلهايم في كتابه الأمثال العربية القديمة، والدكتور عبد المجيد قطامش في كتابه الأمثال العربيّة.
وقد آثرنا تقديم النصوص مع حواشيها ضنا بالفائدة التي يمكن أن تجتنى منها.
1 - ياقوت الحموي. معجم الأدباء 19/ 164 (1).
المفضّل بن محمّد بن يعلى أبو عبد الرّحمن الضّبّيّ، الرّواية الأديب النّحويّ اللّغويّ، كان من أكابر علماء الكوفة، عالما بالأخبار والشّعر والعربيّة. أخذ عنه أبو عبد الله بن الأعرابيّ، وأبو زيد الأنصاريّ، وخلف الأحمر وغيرهم وكان ثقة ثبتا. قال ابن الأعرابيّ: سمعت المفضّل الضّبيّ يقول: قد سلّط على الشّعر من حمّاد الرّاوية ما أفسده فلا يصلح أبدا، فقيل له
__________
(1) معجم الأدباء. ياقوت الحموي. دار إحياء التراث العربي.(1/11)
وكيف ذلك؟ أيخطئ في روايته أو يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإنّ أهل العلم يردّون من أخطأ إلى الصّواب، ولكنّه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشّعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشّعر يشبّه به مذهب رجل ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق فتختلط أشعار القدماء ولا يتميّز الصّحيح منها إلّا عند عالم ناقد، وأين ذلك؟
وعن إبراهيم بن المهديّ قال: حدّثني السّعيديّ الرّواية وأبو إياد المؤدّب قالا (1): كنّا في دار أمير المؤمنين المهديّ بعيساباذ، وقد اجتمع فيها عدّة من الرّواة والعلماء بأيّام العرب وآدابها وأشعارها ولغاتها إذ خرج بعض أصحاب الحاجب فدعا المفضّل الضّبيّ الرّواية، فدخل فمكث مليّا ثمّ خرج إلينا ومعه حمّاد والمفضّل جميعا، وقد بان في وجه حمّاد الانكسار والغمّ، وفي وجه المفضّل السّرور والنّشاط، ثمّ خرج حسين الخادم فقال: يا معشر من حضر من أهل العلم، إنّ أمير المؤمنين يعلمكم أنّه قد وصل حمّادا الشّاعر بعشرين ألف درهم لجودة شعره، وأبطل روايته لزيادته في أشعار النّاس ما ليس منها، ووصل المفضّل بخمسين ألفا لصدقه وصحّة روايته، فمن أراد أن يسمع شعرا جيّدا محدثا فليسمع من حمّاد، ومن أراد رواية صحيحة فليأخذها عن المفضّل. فسألنا عن السّبب فأخبرنا أنّ المهديّ قال للمفضّل لمّا دعا به وحده: إنّي رأيت زهير بن أبي سلمى افتتح قصيدته بأن قال:
«دع ذا وعدّ القول في هرم»
ولم يتقدّم له قبل ذلك قول، فما أمر نفسه بتركه؟ فقال له المفضّل: ما سمعت يا أمير المؤمنين في هذا شيئا إلّا أنّي توهّمته، كان يفكّر في قول يقوله أو يروّي في أن يقول شعرا، فعدل عنه إلى مدح هرم وقال: دع ذا، أو كان مفكّرا في شيء من شأنه فتركه وقال: دع ذا فأمسك المهديّ عنه، ثمّ دعا بحمّاد فسأله عن مثل ما سأل عنه المفضّل فقال: ليس هكذا قال زهير يا أمير المؤمنين، قال فكيف قال؟ فأنشد:
لمن الدّيار بقنّة الحجر ... أقوين مذ حجج (2) ومذ دهر ... قفر بمندفع النّجائب من ... ضفوى أولات الضّال والسّدر ... دع ذا وعدّ القول في هرم ... خير البداة وسيّد الحضر
__________
(1) راجع الاغاني ج 5.
(2) أي درسن منذ سنين.(1/12)
قال فأطرق المهديّ ساعة ثمّ أقبل على حمّاد فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين عنك خبر لا بدّ من استحلافك عليه، ثمّ استحلفه بأيمان البيعة وكلّ يمين محرجة ليصدقنّ عن كلّ ما يسأله عنه، فحلف له بما توثّق منه، فقال له: اصدقني عن حال هذه الأبيات ومن أضافها إلى زهير؟ فأقرّ له حينئذ أنّه قائلها، فأمر له وللمفضّل بما أمر به من صلة وشهرة أمرهما وكشفه. وللمفضّل من التّصانيف: كتاب الألفاظ، كتاب العروض، المفضّليّات وهي أشعار مختارة جمعها للمهديّ وفي بعض نسخها زيادة ونقص، وأصحّها الّتي رواها عنه أبو عبد الله بن الأعرابيّ.
2 - الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد: 13/ 121 (1).
المفضل بن محمد الضبي المفضل بن محمد بن يعلى، الضبي الكوفي. سمع سماك بن حرب، وأبا إسحاق السبيعي، وعاصم بن أبي النجود، ومجاهد بن رومي، وسليمان الأعمش، وإبراهيم بن مهاجر، ومغيرة بن مقسم. روى عنه أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء، ومحمد بن عمر القصبي، وأبو كامل الجحدري، وأبو عبد الله محمد بن زياد بن الأعرابي وأحمد بن مالك القشيري، وغيرهم. وكان علامة راوية للآداب والأخبار، وأيام العرب، موثقا في روايته، وفد بغداد في أيام هارون الرشيد وأخبرنا الحسن بن أبي بكر أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي، وأخبرنا محمد بن عمر النرسي أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي. قال: حدثنا صالح بن محمد الرازي حدثنا محمد بن عمر القصى حدثنا مفضل بن محمد النحوي حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن من الشعر حكما، وإن من البيان سحرا» أخبرني الحسين بن محمد بن جعفر الخالع فيما إذن أن نرويه عنه أخبرنا علي بن محمد بن السرى الهمذاني. قال: قال لنا جحظة قال الرشيد للمفضل الضبي: ما أحسن ما قيل في الذئب ولك هذا الخاتم الذي في يده وشراؤه ألف وستمائة دينار؟ فقال قول الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقى ... بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
فقال: ما ألقى هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم، وحلق به اليه. فاشترته أم
__________
(1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. المكتبة السلفية. المدينة المنورة.(1/13)
جعفر بألف وستمائة دينار وبعثت به إليه وقالت: قد كنت أراك تعجب به. فألقاه إلى الضبي وقال خذه وخذ الدنانير، فما كنا نهب شيئا فنرجع فيه. أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم بن أبي سلمى بن ربيعة بن زبان بن عامر بن ثعلبة بن ذؤيب بن السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن حنبة. الرواية العلامة الكوفي. وجده يعلى بن عامر كان على خراج الري وهمذان والماهين (1) يروى المفضل عن عاصم بن أبي النجود القراءات والحديث، وعن أبي إسحاق السبيعي وسماك بن حرب وغيرهم. روى عنه علي بن حمزة الكسائي، ويحيى بن زياد الفراء وغيرهما.
3 - ابن النديم. الفهرست: 75 (2).
أخبار المفضّل الضبّى أبو العباس المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم بن أبي الريال من بني ثعلبة بن السيد بن شبّه ويقال ابن أبي الضبي هذا من خط اليوسفي. ويكنى أبا عبد الرحمن من خطّ ابن الكوفي. ويقال إنه خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فظفر به المنصور فعفا عنه وألزمه المهدي. وللمهدي عمل الأشعار المختارة المسماة المفضليّات. وهي مائة وثمانية وعشرون قصيدة. وقد تزيد وتنقص وتتقدّم القصائد وتتأخر بحسب الرواية عنه.
والصحيحة التي رواها عنه ابن الأعرابي قال: وأول النسخة لتأبّط شرا:
يا عيد مالك من شوق وأبراق ... ومرّ طيف على الأهوال طرّاق
وتوفي المفضل سنة وله من الكتب كتاب الاختيارات. وقد ذكرناه. كتاب الأمثال. كتاب العروض. كتاب معاني الشعر. «كتاب الألفاظ».
4 - خير الدين الزركلي الأعلام 7/ 280 (3)
. __________
(1) معجم البلدان، الري، همذان، ماهين.
(2) الفهرست لابن النديم، طبعة رضا تجرد دار المسيرة بيروت 1980.
(3) خير الدين الزركلي: الأعلام. دار العلم، بيروت 1980.(1/14)
المفضّل الضّبّي (168000؟ هـ 784000م) المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الضبي، أبو العباس: رواية، علامة بالشعر والأدب وأيام العرب. من أهل الكوفة. قال عبد الواحد اللغوي: هو أوثق من روى الشعر من الكوفيين. يقال: إنه خرج على المنصور العباسي، فظفر به وعفا عنه. ولزم المهدي، وصنف له كتابه «المفضليات» وسماه الاختيارات. قال ابن النديم: «وهي 128 قصيدة وقد تزيد وتنقص وتتقدم القصائد وتتأخر بحسب الرواة عنه، والصحيحة التي رواها عنه ابن الأعرابي». ومن كتبه «الأمثال» و «معاني الشعر» و «الألفاظ» و «العروض» (1).
5 - معجم المؤلفين لعمر رضا كحّالة: 12/ 316 (2).
المفضّل الضّبّي (168000هـ / 784م) المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر بن سالم الضبي (أبو العباس) أديب، نحوي، لغوي، عالم بالشعر وأيام العرب، من أهل الكوفة. لزم المهدي العباسي، وعمل له الأشعار المختارة المسماة المفضليات. من آثاره: معاني الشعر، الأمثال، الألفاظ، العروض، والمفضليات.
(خ) فهرس المؤلفين بالظاهرية.
__________
(1) إرشاد الأريب 7: 171وفهرست ابن النديم 1: 68، وغاية النهاية لابن الجزري 2: 307وميزان الاعتدال 3: 195، ولسان الميزان 6: 81وفيه، كما في المصدرين اللذين قبله، وفاته سنة 168، ونزهة الألبا 671 واللباب 2: 71، ومراتب النحويين 71و 150، وبغية الوعاة 396وفيه: «كان يكتب المصاحف ويقفها في المساجد، تكفيرا لما كتبه بيده من أهاجي الناس». وتاريخ بغداد 13: 121وفيه: «قدم بغداد في أيام هارون الرشيد وكانت ولاية الرشيد سنة 170وكان جده يعلى بن عامر على خراج الري وهمذان». والنجوم الزاهرة 2: 69وهو فيه من وفيات سنة 171وفي المفضليات الخمس، لعبد السلام هارون، ص 4، 5ترجيح وفاته «سنة 178» وأدلته جديرة بالنظر. وإنباه الرواة 3: 304ولم يؤرخ وفاته.
(2) معجم المؤلفين. عمر رضا كحالة. مكتبة المثنى. بيروت.(1/15)
(ط) ابن النديم: الفهرست 1: 68، 69، الأنباري: نزهة الألبا 6967، ياقوت: معجم الأدباء 19: 16764، ابن حجر: لسان الميزان 6: 81، ابن الأثير:
اللباب 2: 71: البغدادي: هدية العارفين 2: 468، المامقاني: تنقيح المقال 3: 243، البغدادي: إيضاح المكنون 2: 271، 506، 530.
:: 667، 668،:،.: 116،،: 36، 8، 179
8، 36:،، 116:.
6 - جرجي زيدان. تاريخ الآداب العربية 2/ 412 (1).
2 - المفضل الضبي توفى سنة 168هـ هو المفضل بن محمد الضبي، كان ثقة من أكابر الكوفيين أخذ عنه أبو زيد الأنصاري من البصريين لثقته. وقد أدرك المهدي العباسي فقربه وأدناه، فجمع له الأشعار المختارة التي سماها المفضليات كما جمع أبو تمام ديوان الحماسة. لكن هذا جمع الحماسة من كتب مدونة، وأما المفضل فأخذ أكثرها عن الألسنة. وهو غير المفضل بن سلمة اللغوي الآتي ذكره. وهذه مؤلفاته الباقية:
1 - المفضليات وتسمى الاختيارات: وهي عبارة عن مائة وست وعشرين قصيدة، وقد تزيد أو تنقص حسب الروايات. طبعت في ليبسك سنة 1885وفي مصر. ولها شرح خطي في المكتبة الخديوية لأبي بكر بن الأنباري.
2 - كتاب الأمثال: طبع في الآستانة سنة 1882.
وتجد أخباره في طبقات الأدباء 67، والفهرست 68، والعقد الفريد 131ج 3.
7 - المستشرق رودلف زلهايم الأمثال العربيّة القديمة: 72 (2).
__________
(1) تاريخ الآداب العربية. جرجي زيدان. مكتبة الحياة. بيروت.
(2) الأمثال العربيّة القديمة رودلف زلهايم. مؤسسة الرسالة. بيروت 1984.(1/16)
المفضل بن محمد يعلى الضبّي وأقدم مؤلف لكتاب في الأمثال، من هذا النوع، هو المفضل الضبي الكوفي، (الذي سبق أن ذكر في صفحة 29وما بعدها). انظر «بروكلمان»: 118 179. وقد اشترك المفضل هذا في عام 145هـ / 672م، في الثورة التي قام بها «إبراهيم بن عبد الله بن الحسن»، أحد العلويين، ضد الخليفة المنصور (1) (136هـ / 754م 158هـ / 775م). ودخل المفضل السجن، بعد وفاة إبراهيم، وهزيمة الثوار، [64] غير أن الخليفة عفا عنه، وعهد إليه بتأديب ولده المهدي، الذي صار خليفة بعد ذلك فجمع المفضل لهذا الأمير مختارات من القصائد العربية القديمة، اشتهرت فيما بعد باسم «المفضليات». وكان المفضل أديبا، ولم يكن لغويا فكان يهتم بأيام العرب، وأنساب البدو، وعلى الأخص الشعر العربي. ولم تكن تعنيه قضايا النحو واللغة. وكان من بين تلامذته، من علماء الكوفة: ربيبه ابن الأعرابي (17) وأبو عمرو الشيباني (10)، ومن البصريين: أبو زيد الأنصاري (12) وخلف الأحمر. ولا يعلم بالضبط متى توفي المفضل، ولعله مات حوالي سنة 170هـ / 786م (الفهرست 68والخطيب البغدادي 13/ 121والمزهر [الطبعة الثانية] 2/ 405و «فلوجل» 142وغير ذلك.)
وقد نشر كتاب الأمثال، للمفضل الضبي في سنة 1300هـ في القسطنطينية (مطبعة الجوائب، في 86صفحة، وهي النشرة التي استخدمناها هنا)، ثم طبع عن هذه النشرة مرة أخرى في القاهرة، سنة 1327هـ / 1909م. ويحتوي هذا الكتاب على مجموعة من الحكايات، والنتف التاريخية، والخرافات، التي تنتهي دائما بعبارة على لسان بطل القصة أو خصمه فتصير هذه العبارة مثلا (يعبر عن ذلك بعبارات: «فأرسلها مثلا» أو «فذهبت مثلا» أو «فذهب قوله مثلا» أو «فصار مثلا» وما شابه ذلك).
واعتاد المفضل الضبي أن يقدم لقصصه، بالعبارة العامة: «زعموا»، غير أنه يترك أحيانا هذا التقديم (ص 17في الوسط)، أو يذكر المثل، ثم يذكر قصته (ذيل صفحة
__________
(1) انظر بالنسبة لأقواله المشهورة، كتاب «جولدتسيهر»: 2/ 206ومقالتي بعنوان:، في مجلة: (19661965) 1918/ 140وما بعدها.(1/17)
23 - ص 55في الوسط). ولا يروي المفضل في الكتاب عن غيره إلا نادرا، وممن روي عنهم فيه: أبو النجم حبيب بن عيسى (ص 21في الوسط ص 22في الوسط ذيل ص 44ص 67في أعلى الصفحة)، وأبو عبد الله يزيد (ص 12في الوسط).
ويبدو أن كتاب الأمثال، للمفضل الضبي (حسب المطبوع منه بين أيدينا) قد دخلته إضافات، وتغييرات متأخرة. وعلى أية حال، فقد زاد فيه المتأخرون بعض الشروح، وتعرف أمثال هذه الزيادات بوضوح، في الأماكن التي يذكر فيها لغويون متأخرون عن المفضل مثل: الكسائي (انظر فيما يلي ص 27)، وابن الأعرابي (17): (ذيل ص 9ذيل ص 19وانظر أيضا أعلى صفحة 26ووسط صفحة 56وذيل صفحة 82). كما يظن أن التفسيرات اللغوية الموجودة في صفحات: 16125 2625لم يكتبها المؤلف بنفسه.
ويحتوي الكتاب على مائة وستين مثلا تقريبا (1)، يمكن أن تقسم بقصصها، على النحو التالي: [47].
وضع المفضل الضبي بوصفه من قبيلة بني ثعلبة بن السّيد بن ضبة (انظر:
«قستنفلد»:.) في مقدمة كتابه، ثلاثة أمثال بقصصها، لضبة بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن معد. وهناك أمثال أخرى، لقبيلة ضبة، في صفحات 64 7714. كما روى المفضل كثيرا من الأمثال، وقصص الأمثال، لقبيلة تميم بفروعها الكثيرة (انظر: «قستنفلد»:.) في علاقاتها مع القبائل الأخرى وملك الحيرة (انظر فيما مضى ص 93)، في صفحات: 48255 81. وهو يذكر بالتفصيل أمر «داحس» وما يتعلق بها من أمثال وقصائد (ص 26 44الميداني 2/ 5649)، وقد استغرق ذلك في طبعة الجوائب، فصلا كاملا مستقلا (وربما كان إضافة متأخرة). وفيما عدا ذلك، توجد أمثال وقصص للأمثال، لبني ذبيان (ص 49484644) وبني وائل (ص 626154وبعضها يتعلق بحرب «البسوس» انظر: «كاسكل»: ص 336) وإياد (ص 45 6146) وطيء (ص 50: 5352) وقضاعة (ص 796254) وجحينة (ص 54) وكلاب (ص 807862) وطسم (ص 74) وكلب (ص 8274)
__________
(1) منها ثمانية أمثال، على وزن: «أفعل من».(1/18)
وقريش (ص 80) وخزيمة (ص 80). ويورد المفضل الضبي كذلك، أمثالا وقصصا للأمثال، للزّبّاء وجذيمة (ص 684)، ولقمان وقبيلته عاد (ص 69 76) واللخميّين: (انظر فيما مضى ص 93) والمنذر بن ماء السماء (ص 208 79685250) وابنه عمرو (ص 82) وحفيده امرئ القيس بن عمرو (ص 82) وابن حفيده النعمان بن المنذر (ص 777615127) والغسانيين:
غسان (ص 54) والحارث بن جبلة (ص 79545048) ورجل من الغساسنة لم يسمه (ص 63). هذا إلى بعض الأمثال، التي ترجع إلى الشعراء: امرئ القيس (ص 5452) وطرفة والمتلمس (صحيفة المتلمس ص 8482وانظر:
«بلوخ» ص 185هامش 13) والنمر بن تولب (ص 18) ومسافر بن أبي عمرو (ص 77) والحطيئة (ص 62). ويندر أن يورد المفضل الضبي أمثالا (وقصصا للأمثال) لرجال أو نساء، لم يسمهم (ص 8079787653524847 85848281)، أو لم يذكر قبائلهم (ص 81دغة).
وهكذا نرى أن المفضل الضبي، قد جمع في كتابه قصصا تماثل أخبار أيام العرب (انظر «كاسكل»: ص 335)، التي دارت رحاها في شرقي الجزيرة العربية، ووسطها على الأخص. [48] والحصيلة التاريخية لهذه القصص، ضئيلة جدا، كما سبق أن ذكرنا ذلك في صفحة 30، وفي كثير من الأحيان، تبدو بوضوح الخاصية التبريرية () في هذه القصص. وعلى ذلك، فكتاب المفضل الضبي، عبارة عن مجموعة من القصص، تفسر الأمثال وما يحيث بها. وترجع بعض الحكايات إلى مصدر أجنبي، غير عربي مثل قصة الزّبّاء (زنوبيا)، وقصة زواج لقيط بن زرارة (ص 20وانظر كذلك: الأغاني 19/ 130)، وقصة ولادة عمرو بن عدي (انظر: «كاسكل»: جمهرة ابن الكبي 2/ 168) العجيبة (وكيف أن الجن أغوته في شبابه، ثم ملك تاج الحيرة فيما بعد ص 67وما بعدها)، وأخيرا حكاية المتلمس وطرفة (صفحة المتلمس ص 83وما بعدها).
ومثل ذلك قصة «بيت الحائض»، المذكورة في صفحة 24/ 20فإنها ترجع هي الأخرى إلى مصدر أجنبي (انظر: «كاسكل»: ص 333وكتاب «سميث». بعنوان توبنجن 1899). وقد رويت بعض القصص بضمير المتكلم، في بعض أجزائها (ص 49/ 1ص 59/ 16). وكثير من هذه القصص محشو بالأشعار، لشعراء معروفين أو مجهولين. كما
تبدأ بعض الحكايات بذكر بيت من أبيات الشعر (انظر «كاسكل»: ص 66 وما سبق في صفحة 34وما بعدها)، ولا يعلم إلى أي حدّ نصيب المفضل الضبي، في ذلك كله.(1/19)
ومثل ذلك قصة «بيت الحائض»، المذكورة في صفحة 24/ 20فإنها ترجع هي الأخرى إلى مصدر أجنبي (انظر: «كاسكل»: ص 333وكتاب «سميث». بعنوان توبنجن 1899). وقد رويت بعض القصص بضمير المتكلم، في بعض أجزائها (ص 49/ 1ص 59/ 16). وكثير من هذه القصص محشو بالأشعار، لشعراء معروفين أو مجهولين. كما
تبدأ بعض الحكايات بذكر بيت من أبيات الشعر (انظر «كاسكل»: ص 66 وما سبق في صفحة 34وما بعدها)، ولا يعلم إلى أي حدّ نصيب المفضل الضبي، في ذلك كله.
والقصص التي جمعها المفضل الضبي، في كتابه الأمثال (بالإضافة إلى الأمثال نفسها) قد نقلها عنه المتأخرون، من المؤلفين في الأمثال، وإن لم تكن بتفاصيلها، فيما عدا حوالي 30مثلا بقصصها، لا توجد في كتب الأمثال، حتى ولا في مجمع الأمثال للميداني. وفي كتاب أبي عبيد الضخم، في الأمثال، الذي ألف عقب وفاة المفضل الضبي، توجد قصص المفضل المعروفة (1)، إلى جانب أخرى تروى عنه، ولا وجود لها في كتابه (2). ولا يرجع سبب ذلك فيما أعتقد إلى أن نص المفضل قد وصل إلينا مختصرا بل إلى أن المفضل [49] أراد أن يضمن كتابه، مختارات مما جمعه. ولا بد أن حكاياته كانت محبوبة ومعروفة. هذه الحكايات التي ربما كان أبو عبيد يرى في بعضها، النسبة الكاذبة إلى المفضل الضبي. ولعل ما يدل على ذلك، تلك العبارة المتغافلة، التي يقدم بها أبو عبيد، للقصص التي يحكيها عن المفضل مثل: حكي عن المفضل روي عن المفضل ما بلغنا عنه وما أشبه ذلك.
وهو مع الرواة الآخرين، أكثر دقة في تبيين طرق الرواية.
وكان كتاب الأمثال، للمفضل الضبي، موضع دراسة علماء الكوفة في مجالسهم فقد قرأه (كما في طبعة الجوائب ص 4) الطوسي، على ربيب المفضل وتلميذه:
محمد بن زياد الأعرابي. وكان ابن الأعرابي (17) قد ولد بالكوفة، لرجل من موالي عباس بن محمد الهاشمي، أصله من السند، واشتهر هناك فيما بعد بأنه لغوي بارع ورواية ثقة (توفي 231هـ / 845م عن 81عاما. انظر طبقات الزبيدي 215وابن الأنباري
__________
(1) وهي خمسون موضعا على وجه التقريب منها: ك (مخطوطة كبريلي من أمثال أبي عبيد) 21أالضبي 4 ك 33أالضبي 23/ 2ك 47أالضبي 52/ 18ك 49أالضبي 12/ 23ك 80أالضبي 21/ 5ك 85أالضبي 15/ 24ك 158أالضبي 13/ 14ك 161ب الضبي 6/ 18ك 166 ب الضبي 71/ 24ك 170أالضبي 7/ 1وقد اختصر أبو عبيد قصص المفضل الضبي، اختصارا شديدا في بعض الأحيان.
(2) مثلا: ك 24أ 48أ 117ب 119أ 139ب 173أ 188أ 203أ 204ب 211ب 232ب 252أ.(1/20)
207 - وابن خلكان 3/ 23و «بروكلمان»: (119) ويظهر اهتمامه بالأمثال، لا في أنه روى أمثال المفضل فحسب، بل في أنه ألف كتابا، لم يصل إلينا، واسمه:
«تفسير الأمثال» والفهرست 99: «تفسير القبائل» وحاجي خليفة 1/ 150). وكثيرا ما يذكر ابن الأعرابي أيضا، لدى جماع الأمثال المتأخرين، عند تفسير بعض الأمثال، وكذلك عند الأدباء مثل القالي في كتابه الأمالي 1/ 195. أما علي بن عبد الله بن سنان التيمي، الملقب بالطوسي (الفهرست 71وياقوت 5/ 229و «فلوجل «156و «بلاشير» 113) فكان أكثر تلامذة ابن الأعرابي، أخذا عنه، كما روى كذلك عن أبي عبيد. وقد دبت العداوة بينه وبين ابن السكيت (19) لأنهما اختلفا بعد وفاة شيخهما: «نصران الخراساني» (الفهرست 7) في رواية كتبه اختلافا كبيرا.
وقد احتفظ لنا ابن خير الإشبيلي (انظر فيما يلي ص 86) في فهرسته (ص 384) بسلسلة أخرى مفصلة، لرواية كتاب الأمثال، للمفضل الضبي، تبدأ من ابن الأعرابي، عن طريق الأحول (انظر فيما يلي ص 48هامش) وثعلب (28) ونفطويه (29) وأبي بكر بن شذان (انظر فيما يلي ص 84هامش) وأبي ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبي سعيد الوراق، وعبد الله بن محمد، حتى تصل إلى عبد الملك بن محمد بن هشام، شيخ ابن خير. [50].
8 - الدكتور عبد المجيد قطامش. الأمثال العربية (1): 48.
كتاب الأمثال للمفضل بن محمد الضبي المفضل الضبي راوية أديب، من علماء الكوفة الأفذاذ، كان عالما بالأخبار والشعر والعربية (2)، وهو أوثق من روى الشعر من الكوفيين (3)، ويذكر ابن النديم أنه خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فظفر به المنصور فعفا عنه، وألزمه المهدي، فعمل له
__________
(1) الأمثال العربيّة. د. عبد المجيد قطامش. دار الفكر. دمشق 1988.
(2) ياقوت: 19/ 164، وتاريخ بغداد: 13/ 121.
(3) مراتب النحويين: 71.(1/21)
الأشعار المسماة «المفضليات» (1) وكانت وفاته نحو 170هـ.
ومن حسن حظنا أن كتابه في الأمثال قد أفلت من قبضة الضياع فوصل إلينا، فكان بذلك أول كتاب نقرؤه في الأمثال العربية (2).
والكتاب صغير الحجم إذا قيس بما ظهر بعده من كتب الأمثال، إذ يشتمل على مائة وسبعين مثلا فقط، منها ثمانية على وزن (أفعل من).
وأهم ما لاحظناه عليه أنه مفعم بالوقائع والأحداث الجاهلية التي تدور حول سادة القبائل والعشائر وشيوخها وشعرائها، والتي يتصل بعضها بأيام العرب في الجاهلية.
وقد أحصى المستشرق الألماني «زلهايم» هذه القبائل والعشائر وهؤلاء الشعراء في كتابه القيم عن الأمثال العربية القديمة (3).
ويبدأ الكتاب بقصة ضبّة بن أدّ بن طابخة وابنيه سعد وسعيد، وما أرسله ضبة خلالها من الأمثال الثلاثة المشهور (أسعد أم سعيد؟ إن الحديث ذو شجون، سبق السيف العذل: (4) وينتهي بخرافة «الحية والفأس» التي قيل فيها المثل السائر (كيف أعاودك وهذا أثر فأسك) (5).
وبين بدايته ونهايته تفصيل واف لبعض أيام العرب في الجاهلية، والوقائع التي حدثت فيها، وما قيل فيها من أمثال وأشعار، كحروب داحس والغبراء، وحرب البسوس.
وبينهما كذلك تفصيل دقيق لقصة الزبّاء وجذيمة الأبرش، تتخلله الأشعار والأمثال التي بلغت اثني عشر مثلا. وينطوي الكتاب كذلك على أخبار شتى عن لقمان العادي، تساق خلالها الأمثال التي أطلقها أو التي تتصل بهذه الأخبار. وفيه أخبار عن الشعراء:
__________
(1) الفهرست: 68 (فلوجل).
(2) طبع في مطبعة الجوائب بالقسطنطينية عام 1300هـ، وأعيد طبعه في القاهرة عام 1327هـ.
(3) طبع بالألمانية عام 1954، ثم قام بترجمته إلى العربية الدكتور رمضان عبد التواب (بيروت 1971) م وانظر فيه: ص 73وما بعدها (المترجم).
(4) ص 4، 5.
(5) ص 84.(1/22)
امرئ القيس، وطرفة، والمتلمّس، والسّليك بن سلكة، والنّمر بن تولب، والحطيئة.
وإذا قرأت الكتاب أحسست، لأول وهلة، أنه كتاب أخبار وأشعار وأنساب قبل أن يكون كتاب أمثال، ووجدت فيه قرابة المائة حادثة، سردت سردا قصصيا، يجيء خلاله، أو عقبه، المثل أو الأمثال، والبيت من الشعر أو الأبيات.
وقد اعتاد المفضل أن يقول عقب كل مثل عبارة من تلك العبارات المأثورة، وهي «فأرسلها مثلا» أو «فذهبت مثلا» أو «فصارت مثلا»، وهذا يشعر بأن الحادثة هي الأصل عنده، وفي أثناء سردها يجيء ما يتصل بها من أمثال وأشعار.
وهذا المسلك يذكرنا بما جاء في كتب الأخبار والتاريخ والأنساب من وقائع وأحداث، لم ينس مؤلفوها أن يذكروا معها ما يتصل بها من أمثال سائرة وأشعار.
ونضرب لذلك مثالا قوله في «حروب داحس والغبراء»: «وكان من أمر داحس وما قيل فيه من الأشعار والأمثال أن أمه كانت فرسا لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يقال لها: جلوى، وأن أباه ذا العقال كان لحوط بن أبي جابر بن أوس بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك، وإنما سمي داحسا أن بني يربوع احتملوا ذات يوم سائرين في نجعة» (1) ثم يذكر سبب التسمية، وينتقل إلى ذلك السبب في هذه الحروب، ووصف وقائعها التي استمرت أربعين عاما، ذاكرا خلال ذلك ما قيل فيها من أشعار وأمثال، إلى أن يقول: «تمّ حديث داحس، والحمد لله رب العالمين» (2).
وهذا المنزع في تناول الأمثال العربية يتفق وطبيعة المفضل ومواهبه، إذ كان بارعا في الرواية، ماهرا في معرفة أشعار العرب وأخبارهم القديمة، ولم يكن رجل غريب ولا نحو ولغة (3)، ومن ثم لم نجده يفسر كلمة غريبة واحدة من كلمات أمثاله التي تبلغ المائة والسبعين.
وكل هذا يجعلنا لا نتردد في أن نضع هذا الكتاب إلى جانب كتب: صحار وعبيد
__________
(1) ص 4426.
(2) ص 44.
(3) انظر: مراتب النحويين 71.(1/23)
وعلاقة والشرقي، ونسلكها في سلك واحد، فتصبح لدينا خمسة كتب تتشابه في طريقة تناولها للأمثال العربية.
ولم يلبث كتاب المفضل أن صادف قبولا كريما لدى العلماء، فأقبلوا على قراءته، واعتمد عليه كثير ممن أتى بعده من مدوني الأمثال، واقتبسوا منه قصص الأمثال وأخبارها وأوائل من قالها.
ويكفي أن نذكر من المتقدمين الذين اعتمدوا عليه القاسم بن سلام، الذي نقل عنه في سبعة وخمسين موضعا، ومن المتأخرين أبا الفضل الميداني، الذي صرح في مقدمة كتابه بأنه رجع إليه فقال: «ونظرت فيما جمعه المفضل بن محمد، والمفضل بن سلمة» ثم نقل عنه في مواضع كثيرة من كتابه.
وكما انتشر الكتاب في المشرق انتشر في الأندلس، إذ يذكر أبو بكر محمد بن خير الإشبيلي (ت 575هـ) أن كتاب المفضل كان معروفا في الأندلس (1).
__________
(1) فهرست ابن خير 384 (الطبعة الثانية بيروت 1963م).(1/24)
{بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ}
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الطوسي: أخبرنا محمد بن زياد ابن الأعرابي أبو عبد الله عن المفضل الضبي قال:
1 - أسعد أم سعيد.
2 - إن الحديث لذو شجون.
3 - سبق السيف العذل
زعموا أن ضبة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن معد وكان له ابنان يقال لأحدهما سعد والآخر سعيد، وأنّ إبل ضبة نفرت تحت الليل وهما معها، فخرجا يطلبانها، فتفرقا في طلبها، فوجدها سعد فجاء بها، وأما سعيد فذهب ولم يرجع، فجعل ضبة يقول بعد ذلك إذا رأى تحت الليل سوادا مقبلا أسعد أم سعيد (1) فذهب قوله مثلا.
ثم أتى على ذلك ما شاء الله أن يأتي لا يجيء سعيد ولا يعلم له خبر، ثم إن ضبة بعد ذلك بينما هو يسير والحارث بن كعب في الأشهر الحرم وهما يتحدثان إذ مرّا على سرحة بمكان فقال له الحارث:
أترى هذا المكان؟ فإني لقيت فيه شابا من هيئته كذا وكذا فوصف صفة سعيد فقتلته وأخذت بردا كان عليه، ومن صفة البرد كذا وكذا فوصف صفة البرد وسيفا كان عليه فقال ضبة: ما صفة السيف؟ قال: ها هو ذا عليّ، قال: فأرنيه، فأراه إياه فعرفه ضبة ثم قال إنّ الحديث لذو شجون (2) ثم ضربه حتى قتله، فذهب قوله هذا أيضا مثلا.
__________
(1) معجم مجمع الأمثال: 323والعسكري:
1/ 155وفصل المقال: 209والزاهر: 2/ 199 والمستقصى: المثل رقم 687.
(2) في الميداني بحذف «إن». انظره 187وجمهرة ابن دريد 2/ 97وفصل المقال 67وجمهرة العسكري 1/ 253.(1/25)
فلامه الناس وقالوا قتلت رجلا في الأشهر الحرم فقال ضبة: سبق السيف العذل (1) فأرسلها مثلا.
وقال الفرزدق يخاطب الخيار بن سبرة المجاشعي (2):
أأسلمتني للقوم أمّك هابل ... وأنت دلنظى المنكبين بطين ... خميص من المجد المقرضب بيننا ... من الشنء رابي القصريين سمين ... فان تك قد سالمت دوني فلا تقم ... بدار بها بيت الذليل يكون ... ولا تأمننّ الحرب إن اشتغارها (3)
كضبة إذ قال الحديث شجون (4)
الدلنظى: الضخم والهابل: الثاكل يقال شنئته أشنأه شنأ وشنأة أي أبغضه، والقصيري: الضلع التي تلي الخاصرة، وأنشد لامرأة:
فيا ربّ لا تجعل شبابي وبهجتي ... لشيخ يعنّيني ولا لغلام ... ولكنّ لعلّ (5) قد علا الشيب رأسه ... بعيد مناط القصريين حسام
واشتغارها: انتشارها وتفرقها وفي بعض الحديث أن امرأة افتخرت على زوجها فقال لها: ذهب الشغار بالفخار، يقال شغر الكلب رجله إذا رفعها ليبول.
4 - لعلني مضلّل كعامر
5 - إن المعافى غير مخدوع
وزعموا أن المستوغر (6) بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم عاش زمانا طويلا، وكان من فرسان العرب في الجاهلية، فزعموا أن رجلا شابا من قومه كان له صديق يقال له عامر، وكان ذلك الفتى يقول لعامر إن امرأة المستوغر صديقة لي وإني آتيها، وإنه يطيل الجلوس في المجلس حتى لا يبقى أحد إلا قام، فأحبّ أن تجلس معه حتى إذا أراد أن يقوم تمطيت وتثاءبت ورفعت صوتك تسمعني، فأنصرف من عند امرأته من قبل أن يفجأنا ونحن على حالنا تلك، وإنما كان ذلك
__________
(1) أمالي القالي: 1/ 106وشرح الأمالي: 324 والمستقصي: 1/ 168وجمهرة العسكري: 1/ 511واللسان: عزل وتمثال الأمثال: 2/ 449 والزاهر 2/ 199والوسيط: 37، والسمط:
324. وفصل المقال: 67، والبيان والتبيين: 1/ 389.
(2) الخيار بن سبرة: والي عمان من قبل الحجّاج.
ولمّا ثار يزيد بن المهلب وجه أخاه زيادا إلى عمان فقتل الخيار وصلبه. الاعلام: الخيار بن سبرة.
(3) في رواية أخرى (استعارها).
(4) ديوان الفرزدق 2/ 333.
(5) العل: الرجل المسن.
(6) المستوغر بن ربيعة: عمرو بن ربيعة بن كعب التميمي السعدي، أبو بيهس. شاعر وفارس في الجاهلية. عمر طويلا. أمر يهدم البيت الذي كانت تعظمه ربيعة في الجاهلية. أمالي المرتضى: 1/ 169، والشعر والشعراء: 1/ 391 والتاج والقاموس: وغر.(1/26)
صديقا لأمّ عامر، فكان الفتى يشغله بحفظ المستوغر لعامر وما يصنع، فاشتمل على السيف، حتى إذا لم يبق أحد غيره وغير عامر قال: ألا ترى والذي أحلف به لئن رفعت صوتك لأضربنّ عنقك، قال:
فسكت عامر، فقال له المستوغر: قم، فقاما إلى بيت المستوغر فإذا امرأته قاعدة بين بنيها، قال: هل ترى من بأس؟ قال:
لا أرى من بأس، قال له المستوغر: انطلق بنا إلى أهلك، فانطلقا، فإذا هو بذلك الفتى متبطنا أمّ عامر في ثوبها، فقال له المستوغر: انظر إلى ما ترى، ثم قال لعلني مضلّل كعامر (1) فأرسلها مثلا، ومما زاده في هذا الحديث المثل ما قاله المستوغر: إن المعافى غير مخدوع (2).
6 - أينما أوجه ألق سعدا
7 - في كل واد بنو سعد
وزعموا أنّ الأضبط بن قريع (3) بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم كان يرى من قومه وهو سيدهم بغيا عليه وتنقصا له فقال: ما في مجامعة هؤلاء خير، ففارقهم وسار بأهله حتى نزل بقوم آخرين، فإذا هم يفعلون بأشرافهم كما كان يفعل به قومه من التنقص له والبغي عليه، فارتحل عنهم وحلّ بآخرين، فإذا هم كذلك، فلما رأى ذلك انصرف وقال: ما أرى الناس إلا قريبا بعضهم من بعض، فانصرف نحو قومه وقال: أينما أوجّه ألق سعدا (4)
فأرسلها مثلا.
ألق سعدا أي أرى مثل قومي بني سعد.
ومما زاده قوله: في كل واد بنو سعد (5).
8 - اتبع الفرس لجامها
وزعموا أن ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة أغار على كلب ثم على بني عدي بن جناب من كلب، فأصاب فيما أصاب أهل عمرو بن ثعلبة أخي بني عدي بن جناب، وكان صديقا لضرار بن عمرو، ولم
__________
(1) يروي أيضا: «حسبتني مضلّا كعامر». انظر جمهرة العسكري: 1/ 382ومعجم مجمع الأمثال: 627.
(2) في معجم مجمع الأمثال: 62والجمع الأمثال 1/ 7حيث تختلف الرواية.
(3) الأضبط بن قريع التميمي: شاعر جاهلي قديم فر عن قومه لأنهم أساءوا إليه ولجأ إلى قوم آخرين.
الشعر والشعراء: 1/ 389والأغاني: 16/ 154 والاعلام: 1/ 324.
(4) المستقصى في الأمثال: 179والوسيط للواحدي: 61ومعجم مجمع الأمثال: 79 والشعر والشعراء: 1/ 379. وأمالي القالي: 1/ 132وسمط اللآلي: 326، 374والعبدري:
195.
(5) يروي أيضا: «في كل واد سعد بن زيد». معجم مجمع الأمثال: 79وأيضا البيان والتبيين: 3/ 294والحيوان: 1/ 358.(1/27)
يشهد القوم حين أغير عليهم، فلما جاءهم الخبر تبع ضرارا وكان فيما أخذ من أهله يومئذ سلمى بنت وائل الصائغ، وكانت أمة له وأمها واختين لها، وسلمى هي أمّ النعمان بن المنذر ابن ماء السماء، فلما لحق عمرو بن ثعلبة ضرارا قال له عمرو: أنشدك المودة والإخاء فإنك قد أصبت أهلي فارددهم عليّ، فجعل ضرار يردهم شيئا شيئا حتى بقيت سلمى وأختاها، وكانت سلمى قد أعجبت ضرارا، فسأله أن يردهن، فردهما غير سلمى، فقال عمرو بن ثعلبة: يا ضرار: أتبع الفرس لجامها (1)
فأرسلها مثلا، فردها عليه ومما زاده قوله:
والدلو رشاءها.
9 - الصيف ضيعت اللبن
10 - هذا ومزقة خير
وزعموا أن عمرو بن عمرو بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم تزوج بنت عمه دختنوس بنت لقيط بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بعد ما أسنّ، وكان أكثر قومه مالا وأعظمهم شرفا، فلم تزل تولع به وتؤذيه وتسمعه ما يكره وتهجره وتهجوه حتى طلقها، وتزوجها من بعده عمير بن معبد بن زرارة وهو ابن عمها، وكان رجلا شابا قليل المال، فمرت إبله عليها كأنها الليل من كثرتها فقالت لخادمتها: ويلك انطلقي إلى أبي شريح وكان عمرو يكنى بأبي شريح فقولي له فليسقنا من اللبن، فأتاه الرسول فقال: أن بنت عمك دختنوس تقول لك اسقنا من لبنك، فقال لها عمرو قولي لها الصيف ضيّعت اللبن (2). ثم أرسل إليها بلقوحين وراوية من لبن، فقال الرسول: أرسل إليك أبو شريح بهذا وهو يقول: الصيف ضيعت اللبن، فذهبت مثلا فقالت وزوجها عندها، وحطأت بين كتفيه، أي ضربت: هذا ومذقة خير (3) فأرسلتها مثلا. والمذقة شربة ممزوجة.
11 - الأبلق العقوق
وزعموا أن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم ابن مالك بن حنظلة بن مالك كان عند النعمان بن المنذر في الجاهلية، فوجده قد أسر ناسا من بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، فقال: من يكفل بهؤلاء؟ فقال خالد: أنا كفيل بهم، فقال النعمان: وبما أحدثوا،
__________
(1) يروي أيضا: اتبع الفرس لجامها والناقة زمامها.
جمهرة العسكري: 1/ 92والمستقصي: 17 وفصل المقال: 345ومعجم مجمع الأمثال:
113.
(2) مجمع الأمثال: 2/ 10والفاخر: 90والزاهر:
2/ 235وفصل المقال: 357.
(3) فصل المقال: 358والزاهر: 2/ 236وجمهرة العسكري: 1/ 576.(1/28)
قال: نعم وإن كان الأبلق العقوق، فقال له النعمان: وما الأبلق العقوق؟ قال: هو الوفاء، فذهب الأبلق العقوق (1) مثلا، قال الشاعر (2):
فلو قبلوا منا العقوق أتيتهم ... بألف أودية من المال أقرعا
أي تامّ.
طلب الأبلق العقوق فلما ... لم يصبه أراد بيض الأنوق (3)
12 - ولي الثكل بنت غيرك
13 - تسمع بالمعيدي خير من أن تراه
14 - إنما يعيش المرء بأصغريه
وزعموا أن كبيس بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة كان عارض أمة لزرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة يقال لها رشية، وكانت سبية أصابها زرارة من الرفيدات، ورفيدة قبيلة من كلب (4) فولدت له عمرا وذؤيبا وبرغوثا فمات كبيس وترعرعت الغلمة، فقال لقيط بن زرارة: يا رشيّة من أبو هؤلاء؟ قالت: كبيس بن جابر، وكان لقيط عدوا لضمرة بن جابر أخي كبيس (5)، قال: فاذهبي بهؤلاء الغلمة واقصدي (6)
بهم وجه ضمرة وأخبريه من هم، فانطلقت بهم إلى ضمرة فقال ما هؤلاء؟ قالت:
هم بنو أخيك كبيس بن جابر، فانتزع منها الغلمة ثم قال: الحقي بأهلك، فرجعت فأخبرت أهلها الخبر، فركب زرارة وكان حليما حتى أتى بني نهشل فقال: ردّوا عليّ غلمتي، فشتمه بنو نهشل وأهجروا له، فلما رأى ذلك انصرف حتى أتى قومه فقالوا له: ما صنعت، قال: خيرا، والله ما زال يستقبلني بنو عمي بما أحبّ حتى انصرفت عنهم من كثر ما أحسنوا إلي، ثم مكث عاما ثم أتاهم فأعادوا عليه أسوأ ما كانوا فعلوا، فانصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا، قد أحسن إليّ بنو عمي وأجملوا، فمكث كذلك سبع سنين يأتيهم كلّ سنة فيردونه أسوأ الردّ، فبينما بنو نهشل يسيرون ضحى إذ لحق بهم لاحق فأخبرهم أن زرارة قد مات، فقال ضمرة: لنسائه: قمن أقسم بينكنّ الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وامرأة سبية يقال لها
__________
(1) في رواية أخرى: أعزّ من الأبلق العقوق.
والعقوق: الفرس الحامل. الأبلق: صفة الذكر.
جمهرة العسكري: 2/ 64وثمار القلوب: 494 حيث يروى «بيض الأنوق». والحيوان: 6/ 324. وفي المثل أيضا: أعز من بيض الأنوق.
(2) تجده في اللسان والتاج: عقق.
(3) اللسان والتاج: أنق، لق.
(4) معجم قبائل العرب: رفيدة، وأيضا الاشتقاق لابن دريد: 537.
(5) في الفاخر والميداني: «كبيش».
(6) في الفاخر: «فغلّسي» وفي مجمع الأمثال أيضا:
ص 127.(1/29)
خليدة من بني عجل، وسبية من بني عبد القيس، وسبية من الأزد من بني طمثان، فكان لهن أولاد، غير خليدة، فقالت لهند وكانت لها مصافية: ولي الثكل بنت غيرك (1) فأرسلتها مثلا.
فأخذ ضمرة شقة بن ضمرة وأمه هند، وشهاب بن ضمرة وأمه العبدية، وعنوة بن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسلهم إلى لقيط بن زرارة فقال: هؤلاء رهن لك بغلمانك حتى أرضيك منهم، فلما وقع بنو ضمرة في يدي لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم، فقال في ذلك ضمرة بن جابر (2):
صرمت إخاء شقة يوم غول ... وإخوته فلا حلّت حلالي ... كأني إذ رهنت بنيّ قومي ... دفعتهم إلى الصّهب السبال ... فلم أرهنهم بدمي ولكن ... رهنتهم بصلح أو بمال ... صرمت إخاء شقة يوم غول ... وحقّ إخاء شقة بالوصال (3)
يريد إخائي شقة فحذف الياء، فأجابه لقيط بن زرارة:
أبا قطن إني أراك حزينا ... وإنّ العجول لا تبالي خدينا (4)
... أفي أن صبرتم نصف عام بحقّنا (5) ... وقبل صبرنا نحن سبع سنينا
العجول: التي مات ولدها وقال ضمرة بن جابر:
لعمرك إنني وطلاب حبّى ... وترك بنيّ في الشطر الأعادي ... لمن نوكى الشيوخ وكان مثلي ... إذا ما ضلّ لم ينعش بهادي (6)
ثم إن بني نهشل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم إلى لقيط، فقال لهم المنذر: نحوا عني وجوهكم، ثم أمر بخمر وطعام، ثم دعا لقيطا فأكلا وشربا، حتى [إذا] أخذت الخمر فيهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان ما تقول في رجل اختارك الليلة على ندامى مضر؟ قال: وما أقول فيه؟ أقول إنه لا يسألني الليلة شيئا إلا أعطيته إياه غير الغلمة، قال له المنذر: وما الغلمة؟ أما إذا استثنيت فلست قابلا منك حتى تعطيني كلّ شيء طلبته، قال: فذلك لك، قال: فإني أسألك الغلمة أن تهبهم لي، قال: سلني غيرهم، قال: ما أسألك غيرهم، فأرسل لقيط إليهم فدفعهم إلى المنذر، فلما أصبح لأمه
__________
(1) الفاخر: 53والزاهر 2/ 248ومجمع الأمثال 1/ 86.
(2) ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة من تميم. اشتهر بفصاحته وبيانه. صديق النعمان بن المنذر. انظر حكايته في البيان والتبيين: 1/ 171، والمفضليات:
325 - ومعجم مجمع الأمثال: 127.
(3) الأشعار في معجم مجمع الأمثال: 127، والفاخر: 53والزاهر: 2/ 248.
(4) في الميداني «لا تبالي هنينا» انظره 128.
(5) في الميداني: لحقنا انظره 128.
(6) معجم مجمع الأمثال: 128.(1/30)
أصحابه فقال لقيط في المنذر:
إنك لو غطّيت أرجاء هوة ... مغمسة لا يستبان ترابها
أرجاء البئر نواحيها، والهوة: البئر، مغمسة: خفية مظلمة.
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني ... لجئت إليها سادرا لا أهابها ... وأصبحت موجودا عليّ ملوّما ... كأن نضيت عن حائض لي ثيابها (1)
قوله: يطلبهم إلى لقيط يقال أطلبني حاجتي أي [أسعفني على] طلبها، وأحلبني أي أعنّي على الحلب، وألمسني حاجتي أي التمس معي، وقوله: نضيت يقال نضا الرجل ثوبه إذا نزعه، قال امرؤ القيس بن حجر الكندي:
تقول وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضّل
وأرسل المنذر إلى الغلمة وقد مات ضمرة، وكان ضمرة صديقا له، فلما دخل عليه الغلمة وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه، فلما رآه المنذر قال: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه (2) فأرسلها مثلا قال الكسائي: الطوسيّ يشدد الدال ويقول المعدّي ينسبه إلى معدّ قال له شقة:
أسعدك إلهك إنّ القوم ليسوا بجزر يعني الشاء إنما يعيش المرء بأصغريه، بقلبه ولسانه، والجزر: جمع جزرة وهي الشاة، فأعجب الملك كلامه وسرّه كلّ ما رأى منه فسماه ضمرة باسم أبيه، فهو ضمرة بن ضمرة، وذهب قوله إنما يعيش الرجل بأصغريه (3) مثلا.
15 - أعركتين بالضفير
زعموا أن تقن بنت شريق أحد بني عثم (4) من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم كانت تحت رجل من قومها، وكان أخوها الريب بن شريق من فرسان بني سعد وأشرافهم، وكانت لها ضرّة، ولضرتها ابن يقال له الحميت. فوقع بين تقن وضرتها شرّ فاستبّتا وتراجزتا، فغلبتها تقن وشتمتها شتما قبيحا، فلما سمع ذلك الحميت أخذ الرمح فطعن به في فخذ تقن فأنفذ فخذها، فلما رأى ذلك أبوه وكره أن يبلغ أخاها قال: اسكتي ولك ثلاثون من الإبل ولا يعلم بذلك أخوك، قالت فأخرجها، فأخرجها فوسمتها بميسم أخيها الريب بن شريق وألحقتها بابلها، فكانت في إبلها ما شاء الله.
ثم إن سفيان بن شريق أخا الريب ورد الماء بابله، فلقى الحميت على الماء، فكان بينهما كلام، فضربه الحميت، وكان
__________
(1) معجم مجمع الأمثال: 128.
(2) معجم مجمع الأمثال: 128وفصل المقال:
135 - وجمهرة العسكري: 1/ 266وجمهرة ابن دريد: 2/ 283والعقد الفريد: 3/ 93والخزانة:
1/ 151والشعر والشعراء: 532.
(3) معجم مجمع الأمثال: 128.
(4) عثم بن رغل بن ذبيان بن كعب بن جشم بن سعد بن زيد مناة.(1/31)
في عنق سفيان بن شريق قروح فأدمى تلك القروح، فأتى سفيان أخاه الريب فذكر له ذلك، فركب الريب فرسا له يقال له الهدّاج ثم لحق الحيّ وهم سائرون، فقال:
من أحسّ من بكر أورق ضلّ من إبلي؟
فيقولون: ما رأيناه، ويمضي حتى لحق بالحميت وهو يسير في أول سلف الحي، فقال: هل أحسست من بكر أورق ضلّ من إبلي، قال: ما رأيته.
ثم إن الريب ألقى سوطه كأنه وقع منه، فقال للحميت: ناولني سوطي، فأكبّ يناوله السوط فقال: أعركتين بالضفير الضفير: السير المضفور، والضفير موضع، ثم ضربه بالسيف على مجامع كتفيه ضربة كادت تقع في جوفه، ثم مضى على فرسه، فذهب قوله: أعركتين بالضفير مثلا. يقول: أعركتين مرة على أخي ومرة على أختي.
وقال الريب بن شريق:
بكت تقن فآذاني بكاها ... وعزّ عليّ أن وجعت نساها ... سأثأر منك عرس أبيك إني ... رأيتك لا تجأجئ عن حماها
يعني بالعرس هنا تقنا، يقال جأجأ بابله، إذا حثها على الشرب.
دلفت له بأبيض مشرفيّ ... ألمّ على الجوانح فاختلاها
دلفت: من الدليف وهو مشي سريع في تقارب خطو.
فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يهلك فآجال قضاها ... وكان مجربا سيفي صنيعا ... فيا لك نبوة سيفي نباها ... رأيت عجوزهم فصددت عنها ... لها رحم وواق من وقاها ... وخفت الصرم من حفص بن سود ... وأتبعت الجناية من جناها
الحفص: من قبيلة الحميت، وكان صديقا للريب بن شريق.
16 - لج مال ولجت الرجم
17 - استي أخبثي
18 - ساعداي أحرز
عموا (1) إن مالك بن زيد مناة بن تميم كان رجلا أحمق، فزوجه أخوه سعد بن زيد مناة النوار بنت جد (2) بن عدي بن عبد مناة بن أدّ ورجا سعد أن يولد لأخيه. فلما كان عند بنائه وأدخلت عليه امرأته انطلق به سعد حتى إذا كان بباب بيته قال له سعد:
__________
(1) جمهرة العسكري: 1/ 137، حيث تجد تفاصيل القصة، وقد ذكر العسكري أنه كان يلبس نعليه، وأن المرأة قالت له: اخلع نعليك، فأجابها:
رجلاي أحق بهما، راجع أيضا الدرة الفاخرة:
144 - والمستقصى: 66.
(2) في معجم مجمع الأمثال 311: «بنت حل»، وفي جمهرة العسكري: «بنت جل».(1/32)
لج بيتك، فأبى مالك، فعاتبه مرارا فقال له سعد: لج مال ولجت الرجم الرجم:
القبر فأرسلها مثلا ثم إن مالكا دخل ونعلاه معلقتان في ذراعيه فلما دنا من المرأة قالت له ضع نعليك قال: ساعداي أحرز لهما (1) فأرسلها مثلا، ثم أتي بطيب فجعل يجعله في استه فقالوا له: يا مالك ما تصنع؟ قال: استي أخبثي فأرسلها مثلا.
فولدت النوار لمالك بن زيد مناة حنظلة ومعاوية وقيسا وربيعة، فقال الشاعر الفرزدق (2):
ولولا أن يقول بنو عديّ ... ألم تك أمّ حنظلة النوارا ... إذن لأتى بني ملكان قول ... إذا ما قيل أنجد ثم غارا
ليس في العرب ملكان بالفتح إلا ملكان بن هند بن جرم في قضاعة.
19 - أسرع من نكاح أم خارجة
20 - ما له ألّ وغلّ.
زعموا أن أم خارجة (3) بنت سحمة بن سعد بن عبد الله بن قذاذ بن ثعلبة بن معاوية بن زيد بن الغوث بن أنمار البجلية وهي أم عدس كانت تحت رجل من أياد، وكان أبا عذرها، وكانت من أجمل نساء أهل زمانها، فخلعها منه دعج بن خلف بن دعج بن سحيمة بن سعد بن عبد الله بن قذاذ (4) بن عبد الله بن سعد بن قذاذ وهو ابن أخيها (5) فتزوجها بعده عمرو بن تميم، فولدت له أسيد بن عمرو بن تميم، والعنبر بن عمرو، والهجيم، والقليب. ثم خلف عليها بعده بكر بن عبد مناة من كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، فولدت له ليث بن بكر، والحارث بن بكر والديل بن بكر ثم خلف عليها مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة، فولدت له: غاضرة بن مالك، وعمرو بن مالك، وولدت في قبائل العرب. زعموا أن الخاطب كان يأتيها فيقول: خطب، فتقول نكح، فقيل: أسرع من نكاح أمّ خارجة (6) فصار مثلا.
وزعموا أنّ بعض ولدها كان يسوق بها
__________
(1) رواه الميداني ومعجم مجمع الأمثال: 311 وأيضا والمستقصى: 66والدرّة: 144.
(2) ديوان الفرزدق: 1/ 230.
(3) أم خارجة: عمرة بنت سعد بن عبد الله بن قدار بن ثعلبة. قال عنها الميداني إنها كانت ذوّاقة تطلق الرجل إذا جرّبته وتتزوّج آخر، فتزوجت نيفا وأربعين رجلا. معجم مجمع الأمثال:
320. وفي فصل المقال: 500هي بنت سعد بن قداد من بجيلة.
(4) في فصل المقال: 500قداد، وفي الميداني:
32 - قدار.
(5) في مجمع الأمثال: ابن اختها.
(6) الكامل للمبرد: 1/ 274وجمهرة ابن دريد: 1/ 237، وإعلام النساء: 1/ 312وجمهرة العسكري: 2/ 3وفصل المقال: 500وثمار القلوب: 311والدرّة الفاخرة: 89والزاهر:
2/ 272.(1/33)
يوما فرفع لهم راكب، فقالت: ما هذا؟
فقال ابنها: أخا له خاطبا، فقالت: يا بني هل تخاف أن يعجلنا أن نحلّ، ما له ألّ وغلّ (1)، فصار مثلا.
21 - يا معاوي بن سنان هل أوفيت
22 - نعم وتعليت.
وزعموا أنّ رجلا كانت له صديقة وكان لها زوج غائب، فكان صديق تلك المرأة يأتيها فيصيب منها، فجاء زوجها ولم يعلم به صديقها، وجاء الصديق كعادته فوجد الزوج مضطجعا بفناء البيت، فحسبه المرأة، فرفع برجليه، فوثب إليه الرجل فأخذه ودعا بالسيف ليقتله، وهو جار معاوية بن سنان بن جحوان بن عوف ابن كعب بن عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم، فنادى المأخذ: يا معاوي ابن سنان هل أوفيت؟ يقال وفى الرجل وأوفى بمعنى واحد فسمع معاوية فظنّ أنه مكروب حين سمع صوته فنادى: نعم وتعلّيت أي زدت على الوفاء فذهب مثلا، فقال له زوج المرأة:
أمنحبا أي ناذرا قال: نعم المنحب:
المراهن. والمنحب الدائب أيضا.
23 - حلم الأديم
زعموا أن خالد بن معاوية بن سنان بن جحوان بن عوف بن كعب بن عبشمس بن سعد سابّ رجلا من بني عثم وهو من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم عند النعمان بن المنذر، فقال لهم خالد وهو يرجز بهم (2):
دوموا بني عثم ولن تدوموا ... لنا ولا سيدكم مرحوم ... إنا سراة وسطنا قروم ... قد علمت أحسابنا تميم
في الحرب حين حلم الأديم (3).
24 - أما والله لتجدنه ألوى بعيد المستمر
25 - خير قويس سهما
26 - يتبعونه بأبلخ جهول
فذهب قوله حلم الأديم (4) مثلا.
__________
(1) وأل: طعن بالحربة. غلّ: أصيب بحرارة العطش.
(2) الزاهر: 2/ 281حيث تجد الرجز.
(3) في معجم مجمع الأمثال: 547حيث أورد المثل: كدابقة وقد حلم الأديم. وقال إن هذا المثل يروى عن الوليد بن عتبة إنه كتب إلى معاوية:
فإنّك والكتاب إلى علىّ ... كدابغة وقد حلم الأديم
فصل المقال: 179ومعجم مجمع الأمثال:
547.
(4) المستقصى: 233والزاهر: 2/ 280والعقد الفريد: 3/ 121حيث يروي: «قد حلم الأديم» والميداني: 547حيث يروي: كدابغة وقد حلم الأديم.(1/34)
وقال خالد وهو يرجز بهم (1):
إن لنا بآل عثم علما ... أستاه آم يعترين لحما ... أفواه أفراس أكلن هشما ... إذا لقيت انفحيا وخما (2)
... منهم طويلا في السماء ضخما ... لا يحتر النازل إلا لطما (3)
تركتهم خير قويس سهما القويس: القوس الرديئة، والحتر:
العطية، أي لما هجوت رؤساءهم صاروا أذلة فكيف بغيرهم، فذهب قوله خير قويس سهما (4) مثلا.
قال أبو عبد الله: يريد تركت من هجوته خير قومه وهو ذليل فإذا كان ذليلا وهو خير قومه فأي شيء حال قومه؟
وقال [خالد] وهو يرجز بالمنذر بن فدكي أخي بني عثم وكان سيّدهم يومئذ عند النعمان (5):
فإن عين المنذر بن فدكي ... عينا فتاة نقطت أمس هدي (6)
فرجز به شاعر بني عثم، فعقر به خالد بن معاوية، ومع خالد أخ له، فاستعدوا عليهما النعمان، فقال خالد: أبيت اللعن، أنا أركب وأخي ناقة، ثم نتعرض لهم كما تعرضوا لنا، فإن استطاعوا بنا، فأعجب ذلك النعمان وقال: قد أعطاكم بحقكم، قالوا: قد رضينا، قال النعمان: أما والله لتجدنّه ألوى بعيد المستمر (7) فأرسلها مثلا.
الألوى: المانع لما عنده، والمستمر:
استمرار عقله وحزمه.
فاكتفل خالد وأخوه ناقتهما بكفل وتأخر أحدهما على العجز وجعل وجهه من قبل الذنب، وتقدم أحدهما إلى الكتف، فجعل كلّ واحد يذبّ بسيفه مما يليه فلم يخلصوا إلى أن يعقروا بهما فأتى النعمان فقال:
أبيت اللعن قد أعطيناهم بحقهم فعجزوا عنه فنظر النعمان إلى جلسائه فقال: أترون قومه كانوا يتبعونه بأبلخ جهول (8)، فأرسلها مثلا.
__________
(1) الزاهر: 2/ 280.
(2) أكلن هشما: أي في أفواههنّ بخر. والانفحيّ:
العظيم السمين.
(3) يحتر: يمنح ويعطي.
(4) الزاهر: 2/ 282. وفي فصل المقال: 181، «تركتهم خير قويس سهما».
(5) الزاهر: 2/ 282.
(6) نقطت زيت الهدى: العروس وقد شبهه بها لتخنثه.
(7) الزاهر: 2/ 282وجمهرة العسكري: 1/ 32 (ألوى بعير المستمر) والميداني: 2/ 94وسمط الآلي: 299والعقد الفريد: 3/ 92. والألوى:
المعوّج.
(8) الزاهر: 2/ 282وفيه «يبيعون». والأبلخ:
العظيم في نفسه، وقيل هو الأحمق.(1/35)
27 - إن الليل طويل وأنت مقمر.
28 - أضرطا وأنت الأعلى
29 - العاشية تهيج الآبية.
زعموا أن السليك بن السلكة التميمي (1)
ثم أحد بني مقاعس، ومقاعس: الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة [كان] من أشد فرسان العرب وأنكرهم وأشعرهم، وكانت أمه سوداء، وكانوا يدعونه سليك المقانب، والمقنب ما بين الثلاثين إلى الخمسين وكان أدلّ الناس بالأرض، وأجودهم عدوا على رجليه لا تعلق به الخيل، زعموا أنه كان يقول (2):
اللهم إنك تهيئ ما شئت لما شئت، اللهم إني لو كنت ضعيفا كنت عبدا، ولو كنت امرأة كنت أمة، اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، فأما الهيبة فلا هيبة، أي لا أهاب أحدا.
فذكر أنه افتقر حتى لم يبق له شيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرة من بعض من يمر عليه فيذهب بابله، حتى أمسى في ليلة باردة مقمرة من ليالي الشتاء، فاشتمل الصماء واشتمال الصماء أن يردّ فضل ثوبه على عضده اليمنى ثم ينام عليها فبينا هو نائم إذ جثم عليه رجل (3) من الليل فقعد على جنبه فقال:
استأسر، فرفع السليك إليه رأسه فقال: إن الليل طويل وأنت مقمر (4) فأرسلها مثلا.
ثم جعل الرجل يلهزه ويقول: يا خبيث استأسر استأسر، فلما آذاه بذلك أخرج السليك يده فضمّ الرجل ضمة إليه ضرط منها وهو فوقه فقال له السليك: أضرطا وأنت الأعلى، (5) فأرسلها مثلا.
ثم قال له السليك: من أنت؟ قال: أنا رجل افتقرت فقلت لأخرجن فلا أرجعنّ حتى استغني فآتي أهلي وأنا غنيّ، قال:
فانطلق معي. قال: فانطلقا حتى وجدا رجلا قصته مثل قصتهما، فاصطحبوا جميعا، حتى آتوا الجوف جوف مراد الذي باليمن فلما أشرفوا على الجوف، إذ بنعم قد ملأ كلّ شيء من كثرته، فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها فيلحقهم الحيّ، فقال لهما السليك: كونا قريبا حتى آتي الرعاء فاعلم لكم علم الحيّ أقريب أم بعيد، فإن كانوا قريبا رجعت اليكما، وإن كانوا بعيدا قلت لكما قولا أوحي به لكما،
__________
(1) السليك بن السلكة (ت 17ق هـ / 605م).
من الشعراء الصعاليك. أسود عداء، لقب بالرئبال. خبير بالأرض ومفاوزها. قتل على يد أسد بن مدرك الخثعمي. الأغاني: 18/ 133 والشعر والشعراء: 1/ 372والكامل للمبرد: 1/ 251.
(2) الشعر والشعراء: 1/ 372، باختلاف.
(3) معجم مجمع الأمثال: 59.
(4) فصل المقال: 339وعيون الأخبار: 1/ 176 والمستقصى: 87والشعر والشعراء: 1/ 373 وجمهرة العسكري: 2/ 166والعقد الفريد: 3/ 123.
(5) فصل المقال: 339والشعر والشعراء: 1/ 373 واللسان والتاج: ضرط.(1/36)
فأغيروا فانطلق حتى أتى الرعاء فلم يزل يتسقطهم حتى أخبروه بمكان الحيّ، فإذا هم بعيد إن طلبوا لم يدركوا، فقال لهم السليك: ألا أغنيكم؟ فقالوا: بلى، فتغنى بأعلى صوته فقال (1):
يا صاحبيّ الا لا حيّ بالوادي ... إلا عبيد وآم بين أذواد
آم: جمع أمة إلى العشر، ثم إماء لما بعد العشر.
أتنظران قليلا ريث غفلتهم ... أم تعدوان فإن الريح للعادي (2)
فلما سمعا ذلك أتيا السليك فاطردوا الإبل فذهبوا بها فلم يبلغ الصريخ إلى الحيّ حتى مضوا بما معهم.
وزعموا أن السليك خرج ومعه عمرو وعاصم ابنا سري بن الحارث بن امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم يريد أن يغير في أناس من أصحابه، فمر على بني شيبان (3) في ربيع والناس مخصبون في عشية فيها ضباب ومطر، فإذا هو ببيت قد انفرد من البيوت عظيم، وقد أمسى، فقال لأصحابه: كونوا بمكان كذا وكذا حتى آتي أهل هذا البيت فلعلي أصيب لكم خيرا أو آتيكم بطعام، قالوا: فافعل، فانطلق وقد أمسى وجنّ عليه الليل، فإذا البيت بيت يزيد بن رويم الشيباني، وهو جد حوشب بن يزيد [بن الحارث بن يزيد] بن رويم، وإذا الشيخ وامرأته بفناء البيت، فأتى السليك البيت من مؤخره فدخله، فلم يلبث أن أراح ابن له ابله، فلما أن أراحها غضب الشيخ وقال لابنه: هلا كنت عشيتها ساعة من الليل؟! فقال ابنه: إنها أبت العشاء، فقال: العاشية تهيج الآبية (4)
فأرسلها مثلا.
العاشية: التي تتعشى، تهيج بي العشاء فيتعشى معها.
ثم غضب الشيخ فنفض ثوبه (5) في وجوهها فرجعت إلى مرتعها وتبعها الشيخ حتى مالت لأدنى روضة فرتعت فيها، وجلس الشيخ عندها للعشاء فغطى وجهه في ثوبه من البرد، وتبعه السليك، فلما وجد الشيخ مغترا ختله من ورائه ثم ضربه فأطار رأسه وصاح بالإبل فاطردها، فلم يشعر أصحابه وقد ساء ظنهم به وتخوفوا عليه حتى إذا هم بالسليك يطردها، فطردوها معه فقال السليك (6):
__________
(1) الزاهر 2/ 283.
(2) الريح: القوة والغلبة. والعادي: الذي يعدو أي يكر على العدو.
(3) بنو شيبان: بطن من بني سليم، يقال إن منهم سترته العزّى، جمهرة أنساب العرب: 317 والاشتقاق: 341ومعجم قبائل العرب: 2/ 622ولسان العرب: شيب.
(4) جمهرة العسكري: 2/ 80والحيوان: 5/ 212 وعيون الأخبار 3/ 225وجمهرة ابن دريد: 3/ 159والمستقصى: 133ومعجم مجمع الأمثال 421.
(5) في الفاخر لابن مسلمة: ونفض يده.
(6) الأبيات في فصل المقال: 517وفي معجم مجمع الأمثال: 422.(1/37)
وعاشية رجّ بطان ذعرتها ... بصوت قتيل وسطها يتسيّف (1)
... فبات لها أهل خلاء فناؤهم ... ومرّت بهم طير فلم يتعيفوا (2)
... وباتوا يظنون الظنون وصحبتي ... إذا ما علوا نشزا أهلّوا وأوجفوا (3)
... وما نلتها حتى تصعلكت حقبة ... وكدت لأسباب المنية أعرف (4)
... وحتى رأيت الجوع بالصيف ضرّني ... إذا قمت يغشاني ظلال فأسدف (5)
30 - إني آكل لحمي ولا أدعه لآكل.
31 - لا يملك مولى لمولى نصرا.
زعموا أن العيار بن عبد الله الضبي ثم أحد بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة وفد هو وحبيش بن دلف وضرار بن عمرو الضبيّان على النعمان فأكرمهم وأجرى عليهم نزلا، وكان العيار رجلا بطالا يقول الشعر ويضحك الملوك، وكان قد قال قبل ذلك (6):
لا أذبح النازي (7) الشبوب ولا ... أسلخ يوم المقامة العنقا ... لا آكل الغثّ في الشتاء ولا ... انصح ثوبي إذا هو انخرقا (8)
... ولا أرى أخدم النساء ول ... كن فارسا مرة ومنتطقا
وكان منزلهم واحدا، وكان النعمان باديا، فأرسل إليهم بجزر فيهن تيس، فأكلوهن غير التيس، فقال ضرار للعيار وهو أحدثهم سنا ليس عندنا من يسلخ لنا هذا التيس فلو ذبحته وسلخته وكفيتنا ذلك، فقال العيار:
فما أبالي أن أفعل، فذبح ذلك التيس ثم سلخه، فانطلق ضرار إلى النعمان فقال:
أبيت اللعن هل لك في العيار يسلخ تيسا؟
قال: أبعد ما قال؟ قال: نعم، فأرسل إليه النعمان فوجده يسلخ تيسا، فأتى به فضحك به ساعة وعرف العيار أن ضرارا هو الذي أخبر النعمان بما صنع، وكان النعمان يجلس بالهاجرة في ظل سرادقه، وكان كسا ضرارا حلة من حلله، وكان ضرار شيخا أعرج بادنا كثير اللحم، فسكت العيار حتى إذا كانت ساعة النعمان التي يجلس فيها في ظلّ سرادقه ويؤتي بطعامه عمد العيار إلى حلّة ضرار فلبسها، ثم خرج يتعارج، حتى إذا كان بحيال النعمان وعليه حلّة ضرار كشفها عنه فخرئ، فقال النعمان: ما لضرار
__________
(1) العاشية: الإبل. الرّج: الواسعة الأخفاف.
يتسيّف: يضرب بالسيف.
(2) تعيف: زجر الطير من أجل التنبؤ.
(3) أهلّ: رفع صوته للتلبية. أو جف: استحث الإبل على المشي.
(4) أعرف: بمعنى أصبر.
(5) أسدف: يظلم بصري من شدّة الجوع.
(6) فصل المقال: 212والفاخر: 56. وأيضا اللسان، والتاج: عنق.
(7) في فصل المقال: 212: «البازل».
(8) نصح الثوب: بمعنى خاطه. انخرق: ظهرت فيه فتوق.(1/38)
قاتله الله لا يهابني عند طعامي؟ فغضب على ضرار، فحلف ضرار أنه ما فعل، قال:
ولكني أرى العيار هو فعل هذا من أجل أني ذكرت لك سلخه التيس، فوقع بينهما كلام حتى تشاتما عند النعمان.
فلما كان بعد ذلك ووقع بين ضرار وبين أبي مرحب أخي بني يربوع ما وقع تناول أبو مرحب ضرارا عند النعمان، والعيار شاهد، فشتم العيار أبا مرحب ورجز به (1) فقال النعمان للعيار: أتشتم أبا مرحب في ضرار، وقد سمعتك تقول له شرا مما قال أبو مرحب؟! قال العيار أبيت اللعن وأسعدك إلهك: إني آكل لحمي ولا أدعه لآكل (2) فأرسلها مثلا، فقال النعمان:
لا يملك مولى لمولى نصرا (3).
32 - شولان البروق
وزعموا أن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة، وكان خطيبا كثير المال عظيم المنزلة من الملوك، وإنه كان مع بعض الملوك فقال له: إنه قد بلغني عن أخيك نهشل بن دارم خير، وقد أعجبني أن تأتيني به فأصنع خيرا إليه، وكان نهشل من أجمل الناس وأشجعهم، وكان عييّ اللسان قليل المنطق، فلم يزل ذلك الملك بمجاشع حتى أتاه بنهشل، فأدخله عليه وأجلسه، فمكث نهشل لا يتكلم، وقد كان أعجب الملك ما رأى من هيئته وجماله، فقال له الملك: تكلم، قال: الشر كثير، فسكت عنه، فقال له مجاشع: حدث الملك وكلمه، فقال له نهشل: إني والله ما أحسن تكذابك وتأثامك، تشول بلسانك شولان البروق، فأرسل: شولان البروق (4) مثلا.
البروق: الناقة التي تشيل ذنبها تري أهلها أنها لا قح وليس بلاقح.
33 - الفرار بقراب أكيس
زعموا إن شهاب بن قيس أخا بني خزاعيّ بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم خرج مع خاله أوفى بن مطر المازنيّ، ومعه رجل آخر من بني مازن يقال له جابر ابن عمرو، فكانوا ثلاثة، وكان جابر يزجر الطير، فبينما هم يسيرون إذ عرض لهم أثر رجلين يسوقان بعيرين ويقودان فرسين، قالوا: فلو طلبناهما، قال جابر: فإنى أرى أثر رجلين يسوقان بعيرين شديد كلبهما
__________
(1) الفاخر: وزجره.
(2) معجم مجمع الأمثال: 25حيث يروي: آكل لحمي ولا أدعه لآكل. وفصل المقال: 213 والوسيط: 42، والفاخر: 55.
(3) الفاخر: 56وفصل المقال: 212.
(4) في معجم مجمع الأمثال: 586: «لا أحسن تكذابك وتأثامك، تشول بلسانك شولان البروق». وفي اللسان (برق): 10/ 16دعني من تكذابك وتأثامك شولان البروق. جمهرة الأمثال للعسكري أيضا: 587والتاج (برق): 6/ 285.(1/39)
عزيز سلبهما الفرار بقراب أكيس (1)
فأرسلها مثلا، وفارقهما.
ومضى أوفى بن مطر وشهاب في أثر الرجلين وكان على أوفى بن مطر يمين لا يرمي بأكثر من سهمين، ولا يستجيره رجل أبدا إلا أجاره، ولا يغتر رجلا حتى يؤذنه، فهاجا بالرجلين وهما في ظل طلحة، وإذا هما من بني أسد ثم من بني فقعس، فلما رأى أوفى أحدهما قال له: استمسك فإنك معدو بك، أي محمول، فقال الأسدي:
إنك لا تعدو بعير أمّك وإنما تعدو بليث مثلك يجد بالمصاع كوجدك فقال أوفى بن مطر: يا شهاب ارم فإن يده في غمة، قال الأسدي (2):
لا تحسبن أنّ يدي في غمّه ... في قعر نحي أستثير حمة (3)
... ليس لواحد عليّ منّه (4) ... ألا ولا اثنين ولا أهمه
إلا الذي وصّى بثكل أمه
فقال أوفى بن مطر:
دع الرماء واقترب هلمّه ... إلى مصاع ليس فيه جمه
فذاك عندي ابن العجوز الهمة نصب ابن على النداء فرمى أوفى بن مطر الأسديّ فصرعه، ورمى شهابا الأسديّ الآخر فصرعه، فقال الآخر:
جوارا يا أوفى، فقال له: على مه؟ قال:
على أحد الفرسين وأحد البعيرين وعلى أن نداوي صاحبينا، فأيهما مات قبل قتلنا به صاحبه، فواثقا على ذلك، وانطلقا بهما وهما جريحان، حتى نزلا على وشل بجبلة الذي يقال له شعب جبلة، فمكثوا بذلك أربعتهم زمانا يغيرون ثم يأتون بغنيمتهم إلى جبلة فيقسمونها، فقال أوفى بن مطر في ذلك لجابر بن عمرو يعيره فراره (5):
إذا ما أتيت بني مازن ... فلا تسق فيهم ولا تغسل ... فليتك لم تدع من مازن ... وليتك في البطن لم تحمل ... وليت سنانك صنارة ... وليت قناتك من مغزل ... ونيط بحقويك ذو زرنب ... جميش يوكّل للفيشل (6)
... تجاوزت حمران من ساعة ... وخلت قساسا من الحرمل (7)
فمن مبلغ خلتي جابرا
__________
(1) جمهرة العسكري: 2/ 93والمستقصي: 135 واللسان: قرب ومعجم مجمع الأمثال: 485 حيث ذكر أن المثل لجابر بن عمرو المازني، وروى قصته.
(2) دون عزو في اللسان: (غمم وحمم).
(3) الغمة: قعر النحي وجوف القربة أو الجواب، والحمة: ما رسب في الغمة أي في القعر.
والثمة: طبق مصنوع من أغصان الشجر.
(4) في جمهرة العسكري: علي إمه. انظر: 2/ 97.
(5) جمهرة العسكري: 2/ 97.
(6) الزرنب: نوع من الطيب، ذو زرنب: الفرج.
الجميش: المحلوق. الفيشل: رأس ذكر الرجل.
(7) حمران: موضع. قساس: جبل. الحرمل: حب صغير.(1/40)
بأنّ خليلك لم يقتل تخاطأت النبل أحشاءه ... وأخر يومي فلم يعجل
34 - انجز حرّ ما وعد.
35 - أزمت شجعات بما فيهن.
كان مرباع مالك بن حنظلة في الجاهلية في زمان صخر بن نهشل بن دارم لصخر، فقال له الحارث بن عمرو بن آكل المرار الكندي: هل أدلّك يا صخر على غنيمة على أن لي خمسها، فقال له صخر: نعم، فدلّه على ناس من أهل اليمن، فأغار عليهم صخر بقومه فظفروا وغنموا، وملأ يديه من الغنائم وأيدي أصحابه فلما انصرف قال له الحارث: أنجز حرّ ما وعد (1) فأرسلها مثلا، فأدار صخر قومه على أن يعطوه ما كان جعل للحارث فأبوا عليه ذلك، وفي طريقهم ثنية متضايقة يقال لها شجعات، فلما دنا القوم منها سار صخر حتى وقف على رأس الثنية وقال:
أزمت شجعات بما فيهن (2) وأزمت أي ضاقت لا يجوزنّ أحد بذمة صخر، فأرسلها مثلا. فقال حمّرة بن ثعلبة بن جعفر بن يربوع: والله لا نعطيه شيئا من غنيمتنا، ثم مضى في الثنية، فحمل عليه صخر بن نهشل بن دارم فقتله، فلما رأى الجيش ذلك أعطوه أجمعون الخمس، فدفعه إلى الحارث بن عمرو فقال في ذلك نهشل بن حري (3) بن ضمرة بن جابر بن قطن بن دارم:
نحن منعنا الجيش أن يتأوبوا ... على شجعات والجياد بنا تجري ... حبسناهم حتى أقروا بحكمنا ... وأدّي أنفال الخميس إلى صخر (4)
36 - إني سأكفيك ما كان قولا.
زعموا أن النمر بن تولب العكلي كان أحبّ امرأة من بني أسد بن خزيمة يقال لها جمرة بنت نوفل، وقد أسنّ يومئذ، فاتخذها لنفسه وأعجب بها، وكان له بنو أخ فراودها بعضهم عن نفسها، فشكت ذلك إلى نمر وقالت: إن بني أخيك ربما
__________
(1) المستقصى 1/ 384واللسان: تجز والوسيط:
38 - وفصل المقال: 85والفاخر: 61وجمهرة العسكري: 1/ 30ومعجم مجمع الأمثال: 730 والشريشي: 1/ 143والعبدراني: 167.
(2) فصل المقال: 86ومعجم مجمع الأمثال: 23 حيث روى: أزمت شجعات بما فيها.
والجشعات: ثنية معروفة: البلدان: 3/ 325 والأزم: الضيق. والميداني: 73وجمهرة العسكري: 1/ 30والوسيط: 38وفصل المقال: 85واللسان والتاج: (زمع) و (شجع).
(3) نهشل بن حري: (ت 45هـ / 665م) شاعر جاهلي مخضرم. جدّه ضمرة بن ضمرة من فرسان العرب وساداتها. حضر وقعة صفين.
طبقات ابن سلام: 583والاشتقاق: 244 والأغاني: 7/ 44.
(4) فصل المقال: 86والمستقصى: 1/ 384.(1/41)
راودني بعضهم عن نفسي، ولست آمنهم أن يغلبوني فقال لها النمر: قولي لهم وقولي إن أرادوا شيئا من ذلك، وقالت جمرة: إني سأكفيك ما كان قولا (1)
فأرسلتها مثلا، تقول إن كان القول فإني سأكفيك القول.
37 - بمثل جارية فلتزن الزانية سرا أو علانية.
38 - عوف يرنأ في البيت.
زعموا أن جارية بن سليط بن الحارث بن يربوع بن حنظلة بن مالك وسليط هو كعب، وإنما سمي سليطا لسلاطة لسانه كان أحسن الناس وجها وأمدّهم جسما، وإنه أتى عكاظ وكانت من أشهر أسواق العرب في الجاهلية، فأبصرته جارية من خثعم فأعجبها، وتلطفت له حتى وقع عليها، فلما فرغ قالت: إنك أتيتني على طهر وإني لا أدري لعلي سأعلق لك ولدا فموعدك فصال ولدي إن حملت لك، فسمّى لها اسمه، حتى وافى عكاظ لرأس ثلاثة أحوال، فوجدها قد ولدت غلاما وفطمته، فأقبلت الجارية معها أمها وخالتها يلتمسنه بعكاظ حتى رأته الجارية فعرفته، فلما رأته قالت الجارية: هذا جارية، قالت أمها: بمثل جارية فلتزن الزانية سرا أو علانية (2). ثم دفعن إليه الغلام فسماه عوفا فشرف وساد قومه، وهو عوف الأصم.
فذكر أن بني مالك بن حنظلة وبني يربوع تخايلوا (3) يوما فقام عمرو بن همام بن رباح بن يربوع يخايل عن بني يربوع فقال الناس: ادخلوا عوفا الأصم البيت فإنه أن علم بما بينكم وشهد المخايلة أهلك هذين الحيين وأبى ذلك، فأولجوا عوفا قبة من قباب الملك لكيلا يسمع ما بينهم فظفر بنو مالك، ونادى مناد أين عوف؟ فقالت امرأته: عوف يرنأ في البيت (4) فأرسلتها مثلا، فسمع عوف الكلام فوثب فإذا الناس فئتان يتخايلون، وضرب خطم فرس الملك بالسيف وهو مربوط بفناء القبة، فنشب السيف في خطم الفرس وقطع الرسن، وجال في الناس فجعلوا يقولون جهجوه جهجوه أي ازجروه وكفوه، فذلك قول متمم بن نويرة في يوم جهجوه (5):
وفي يوم جهجوه حمينا ذماركم ... بعقر الصفايا والجواد المربب
قال العجاج:
لقد أرنّي ولقد أرنّي ... غرا كآرام الصريم الغنّ
قوله أرني من الرنوّ وهو النظر الدائم،
__________
(1) معجم مجمع الأمثال وقد روى: «سأكفيك ما كان قولا» أنظر: 310.
(2) جمهرة العسكري: 2/ 60والعبدري: 212.
والمستقصى: 2/ 15وتمثال الامثال: 1/ 386 ومعجم مجمع الأمثال 106.
(3) المخايلة: المباراة.
(4) في جمهرة العسكري: 2/ 59وفيه «يزنأ».
(5) اللسان: (جهجه).(1/42)
أي يلهو، جهجهة به وهجهج به إذا حبسه ومنعه، والصفايا من النوق الغزار، الواحد صفيّ.
39 - حرامه يركب من لا حلال له.
أغار جبيلة بن عبد الله أخو بني قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم على إبل جريّة بن أوس بن عامر أخي بني أنمار بن الهجيم بن عمرو بن تميم يوم مسلوق، فاطردوا ابله غير ناقة كانت فيها مما يحرّم أهل الجاهلية ركوبه، وكان في الإبل ابن أخت جرية، وكان فيها فرس لجرية يقال له العمود، وكان مربوطا بعرادة، فاجتذبها فبقيت في طرف رسنه، فذهب وذهب القوم بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فإنهم أخرجوها وكرهوا أن تكون في الإبل لأنها حرام، وبلغ جرية الخبر، فإذا القوم قد سبقوا بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فقال جرية لابن اخته: ردّ عليّ الناقة لعلي اركبها في أثر القوم، قال: إنها حرام، قال جرية: حرامه يركب من لا حلال له (1) فركب في أثر القوم حتى أدركهم، فأقبل عليه جبيلة فاختلفا بينهما طعنتين فقتله جرية وأحرز القوم الإبل فذهبوا بها، وذهب قوله: حرامه يركب من لا حلال له مثلا.
قال جريّة في ذلك:
إن تأخذوا إبلي فإن جبيلكم ... عند المزاحف ثوبه كالخيعل (2)
الخيعل: النطع والبيت من ادم والنقبة تلبسها الجارية من أدم.
أنحى السنان على مجامع زوّره (3) ... إذ جاء يزدلف ازدلاف المصطلي ... نرمي برامحنا خصاصة بيتنا ... زالت دعامة أيّنا لم ينزل ... إذ ينسلون بذي العراد وفاتني ... فرسي ولا يحزنك سعي مضلل ... ومقاضة زغف كأن قتيرها ... حدق الأساود لونها كالمجول ... تضفو على كفّ كما ضفا ... سيل الأضاء على حبيّ الأعبل ... أبغي نكيثة نفسه بمهنّد ... كعصا الجديدا في سنان منجل (4)
المفاضة: الدرع الواسعة، والقتير:
مسامير الدرع، وقال ابن الأعرابي:
المجول: الفضة، الأعبل: الجبل الأبيض، والحبي: ما تحبا أي اجتمع وحبيّ الأعبل:
ما اتصل منه وحبا بعضه إلى بعض أي دنا، والأعبل: حجارة بيض، والأضاء: الغدران
__________
(1) المثل في معجم مجمع الأمثال: 188وفي جمهرة العسكري: 1/ 380حيث يروي «حراما يركب» وفي المستقصى: 124.
(2) الخليع: قميص له كمّان. وبيت جريّة بن أوس في جمهرة العسكري: 1/ 380.
(3) في جمهرة العسكري: 1/ 380يقول: «محاسن زوره».
(4) النكيثة: مبلغ قوة النفس وجهدها.(1/43)
الواحدة أضاة فإذا كسرت في الجمع مددت وإذا فتحت قصرت، والجديداء: أثواب الحائك الذي يجده يقطعه، ومنجل: واسع الطعن، وعين نجلاء واسعة.
40 - ماء ولا كصداء.
زعموا أن زرارة بن عدس (1) بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك رأى يوما ابنه لقيطا مختالا وهو شاب فقال: والله إنك لتختال كأنك أصبت بنت قيس بن مسعود بن قيس بن خالد ومائة من هجائن المنذر بن ماء السماء، قال: فإن الله عليّ لا مسّ رأسي غسل ولا أشرب خمرا حتى آتيك بابنة قيس ومائة من هجائن المنذر أو أبلي في ذلك عذرا، فسار لقيط حتى أتى قيس بن مسعود بن قيس بن خالد، وكان سيد ربيعة وبيتهم، وكان عليه يمين ألا يخطب إليه إنسان علانية إلا ناله بشر، وسمّع به، فأتاه لقيط وهو جالس في القوم، فسلم عليه ثم خطب إليه علانية، فقال له قيس: ومن أنت؟ قال: أنا لقيط بن زرارة، قال: فما حملك على أن تخطب إليّ علانية؟ قال:
لأني قد عرفت إني إن أعالنك لا أشنك، وأن أناجك لا أخدعك، قال قيس: كفؤ كريم، لا جرم والله لا تبيت عندي عزبا ولا محروما، ثم أرسل إلى أمّ الجارية:
إني قد زوجت لقيطا القذور بنت قيس فاصنعيها حتى يبتني بها، وساق عنه قيس، فابتنى بها لقيط وأقام معهم ما شاء الله أن يقيم، ثم احتمل بأهله حتى أتى المنذر بن ماء السماء (2) فأخبره بما قال أبوه، فأعطاه مائة من هجائنه، ثم انصرف إلى أبيه ومعه بنت قيس ومائة من هجائن المنذر.
وزعموا أن لقيطا (3) لما أراد أن يرتحل بابنة قيس إلى أهله قالت له: أريد أن ألقى أبي فأسلم عليه وأودّعه ويوصيني، ففعلت، فأوصاها وقال: يا بنية كوني له أمة يكن لك عبدا، وليكن أطيب ريحك الماء حتى يكون ريحك ريح شنّ غبّ مطر والشنّ طيب الريح غب المطر وإن زوجك فارس من فرسان مضر، وإنه يوشك أن يقتل أو يموت، فإن كان ذلك
__________
(1) زرارة بن عدس: جدّ جاهليّ من بني دارم من تميم من عدنان. قاد تميم يوم شويحط. كان قاضيا وحكيما. من أبنائه حاجب بن زرارة والمنذر بن ساوي صاحب هجر. الاعلام: 3/ 43.
(2) المنذر بن ماء السماء: (ت 60ق. هـ / 563 م). هو المنذر بن امرئ القيس الثالث ابن النعمان بن الأسود اللخمي. وماء السماء أمه.
من ملوك الحيرة وثالث المناذرة. كان أرفعهم شأنا. بنى قصر الزوراء في الحيرة وبني الغريين بظاهر الكوفة. قتل في يوم حليمة على طريق الفرات إلى الشام في حربه الحارث بن أبي شمّر الغسانيّ. نقائض جرير والفرزدق: 1073 والمعارف: 510والأعلام: 7/ 292.
(3) لقيط بن زرارة بن عدس.(1/44)
لا تخمشي وجها ولا تحلقي شعرا.
فلما أصيب لقيط احتملت إلى قومها وقالت: يا بني عبد الله أوصيكم بالغرائب شرا فو الله ما رأيت مثل لقيط لم يخمش عليه وجه ولم يحلق عليه رأس، ولولا أني غريبة لخمشت وحلقت، فلما انصرفت إلى قومها تزوجها رجل منهم فجعل يسمعها تكثر ذكر لقيط، فقال لها: أي شيء رأيت من لقيط قطّ أحسن في عينك؟ قالت:
خرج في يوم دجن وقد تطيّب وشرب فطرد البقر وصرع منها وأتاني وبه نضح الدماء والطيب ورائحة الشراب، فضممته ضمة وشممته شمة، فودت أني كنت مت ثمة، فلم أر قطّ منظرا أحسن من لقيط، فسكت عنها زوجها حتى إذا كان يوم دجن شرب وطيب ثم ركب فصرع من البقر، فأتاها وبه نضح الدماء والطيب وريح الشراب، فضمته إليها، فقال: كيف ترينني أنا أحسن أم لقيط؟ فقالت: ماء ولا كصداء (1) فأرسلتها مثلا
وصداء ركية ليس في الأرض ماء أطيب منها مذكورة بطيب الماء قد ذكرها الشعراء، قال ضرار بن عتبة السعدي (2):
فإني وتهيامي بزينب كالذي ... يخالس من أحواض صدّاء مشربا ... يرى دون برد الماء هولا وذادة ... إذا شدّ صاحوا قبل أن يتحببا
يتحبب: يشرب حتى يروي، وقطّ إذا أريد بها الكفاية كسرت مثل قولك: كسبت درهما فقط، وإذا أريد بها الدهر رفعت كقولك ما رأيت قطّ.
قال حبيب بن عيسى: الحديث أنه كان بين لقيط بن زرارة وبين رجل من أهل بيته يقال له زيد بن مالك ملاحاة فعيره زيد بتركه النكاح وقال: إن أكفاء أهل بيتك يرغبون عنك، ومن غيرهم من العرب عنك أرغب، فلما زوجه قيس قال:
ألم يأت زيدا حيث أصبح أنني ... تزوجتها إحدى النساء المواجد ... عقيلة شيخ لم يكن لينالها ... سوى عدسي من زرارة ماجد ... إذا اتصلت يوما بنسبتها انتهت ... إلى آل مسعود بن قيس بن خالد ... كأن رضاب المسك دون لثاتها ... على شيم من ماء مزنة بارد
__________
(1) انظره في فصل المقال: 199والمستقصى:
307 - والعقد: 3/ 100وثمار القلوب: 560 وجمهرة العسكري: 2/ 241ومعجم مجمع الأمثال: 662وجمهرة ابن دريد: 1/ 73 وتمثال الأمثال: 2/ 556والأغاني: 19/ 132 حيث يروي: ماء ولا كصدّاء، ومرعىّ ولا كالسعدان.
(2) في رواية ياقوت هو «ضرار بن عمرو السعدي».
البلدان: 3/ 39وفي رواية العسكري: «ضرار بن عيينة» وفي الأغاني عزاه للتميمي، وفي فصل المقال اسم أبيه «عتبة»، وفي جمهرة العسكري:
«عبيدة» وفي مطبوعة الجوائب: «عينية». وقد ورد في هذه الفقرة شريحية نبغ زينت بالقلائد.
وفي المطبوعة «شريحته».(1/45)
لها بشر صافي الأديم كأنه ... لجين تراه دون حمر المجاسد ... إذا ارتفعت فوق الفراش حسبتها ... شريجة نبع زينت بالقلائد ... متى تبغ يوما مثلها تلق دونها ... مصاعد ليست سبلها كالمصاعد
41 - قد لا يقاد بي الجمل.
42 - والله لا أرعاها سنّ الحسل.
43 - واحد لا أسرح فيها ألوّة الفتى هبيرة ابن سعد.
44 - حتى يجتمع معزى الفزر.
كان سعد بن زيد مناة بن تميم وهو الفزر وكانت تحته الناقمية فولدت له فيما زعم الناس صعصعة أبا عامر قال شريح بن الأحوص وهو ينتمي إلى سعد:
تمناني ليلقاني لقيط ... أعام لك ابن صعصعة بن سعد
وقال المخبل (1):
كما قال سعد إذ يقود به ابنه ... كبرت فجنبني الأرانب صعصعا (2)
وأكثر في ذلك شعراء بني عامر وبني تميم فولدت له هبيرة بن سعد، وكان سعد قد كبر حتى لم يكن يطيق ركوب الجمل، إلا أن يقاد به ولم يملك رأسه، فقال سعد وصعصعة يوما يقود به جملة: قد لا يقاد بين الجمل (3) أي قد كنت لا يقاد بي الجمل، فذهبت مثلا.
وكان سعد كثير المال والولد، فزعموا أنه قال لابنه يوما هبيرة بن سعد: سرح في معزاك فارعها، قال: والله لا أرعاها سنّ الحسل، وهو ولد الضب ولم يوجد دابة قط أطول عمرا منه، وسن كل دابة يسقط إلا سن الحسل قال: يا صعصعة أسرح في غنمك، قال: لا والله لا أسرح فيها ألوّة الفتى هبيرة بن سعد ألوّة وألوة وأليّة بمعنى فغضب سعد وسكت على ما نفسه، حتى إذا أصبح بالمعزى بسوق عكاظ والناس مجتمعون بها فقال: ألا إن هذه معزاي فلا يحلّ لرجل أن يدع أن يأخذ منها شاة، ولا يحلّ لرجل أن يجمع منها شاتين، فانتهبها الناس وتفرقت فيقال:
__________
(1) المخبل السعدي: ربيع بن مالك بن عوف السعدي. كنيته أبو زيد. من بني أنف الناقة.
شاعر عاش في الجاهلية والإسلام. ومات في خلافة عمر. هجا الزبرقان، ومدح بني قريع، الأغاني: 12/ 38والشعر والشعراء: 1/ 417 وطبقات الشعراء: 149والاعلام: 3/ 15.
وبينه الشاهد في النقائض: 194والمعاني الكبير 211والأغاني 12/ 38والسمط: 857وفصل المقال: 133ومعجم ما استعجم: (مادة الأرانب).
(2) الأرانب: أحقاف من الرمل منحنية، يريد: خذ بي في طريق مستو، وقيل معناه جنبني الأمكنة التي تختبئ فيها الأرانب لأنها إذا نفجت ثار بعيري. البلدان: الأرانب.
(3) المثل في فصل المقال: 133 «لقد كنت وما يقاد بين البعير».(1/46)
حتى يجتمع معزى الفزر (1) فذهبت مثلا.
وقال شبيب ابن البرصاء (2):
ومرة ليسوا نافعيك ولن ترى ... لهم مجتمعا حتى ترى غنم الفزر
وقال حبيب بن عيسى: كان من حديث الفزر مع امرأته الناقمية أنه قال لصعصعة في يوم الناقمية فيه مراغمة له:
أخرج يا صعصعة في معزاك، فقالت أمه: لا يخرج صعصعة ويقعد كعب، فقال: اخرج يا هبيرة، قال: لا والذي يحجّ إليه على الركاب، قال: فاخرج أنت يا كعب، قال: وأليّة الفتى هبيرة لا أفعل، فألحّ على صعصعة فقالت امه:
ليس لك من شيخك إلا كدّه، فاخرج والله ما تصلح لغيرها، قال: إذا والله أحسن رعايتها اليوم، فخرج حتى اضطرها إلى أصل علم، ووافق ذلك نفور الناس من عكاظ، فجعل لا يمر به جمع إلّا حبسهم حتى إذا توافى بشر كثير أمرهم فانتهبوا غنمه، وسخطت الناقمية ما صنع ففارقته، فذلك قوله (3):
أجدّ فراق الناقمية فانتوت ... أم البين يحلولي لمن هو مولع ... لقد كنت أهوى الناقمية حقبة ... وقد جعلت أقران بين تقطّع ... فلولا بنيّاها: هبيرة إنه ... بنيّ الذي يشفي سقامي وصعصع ... لكان فراق (4) الناقمية غبطة ... وهان علينا وصلها حين يقطع
45 - إذا ساببنك فابدئيهن بعفال.
46 - رمتني بدائها وانسلت.
وزعموا أن سعد بن زيد مناة بن تميم كان تزوج رهم بنت الخزرج بن تيم الله بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، وكانت من أجمل الناس، فولدت له مالك ابن سعد وعوفا، وكان ضرائرها إذا ساببنها يقلن: يا عفلاء فقالت لها أمها: إذا ساببنك فابدئيهن بعفال (5). فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت يا عفلاء، فقالت ضرتها رمتني بدائها وانسلت (6)
فأرسلتها مثلا.
وبنو مالك بن سعد رهط العجاج، وكانوا يقال لهم بنو العفيل (7)، فقال اللعين
__________
(1) جمهرة العسكري: 1: 360والميداني 2: 108 والمستقصي: 202والسا (فزر) وانظر فصل المقال: 134 «لا افعل ذلك معزى الفزر» وربما قيل: «لا آتيك معزى الفزر».
(2) فصل المقال: 39، 134وانظر ترجمة شبيب في المؤتلف والمختلف: 68.
(3) روي بيتان من هذه الأبيات في نوادر أبي زيد:
160.
(4) «جعلت آسان» في نوادر أبي زيد: 160.
(5) في فصل المقال: 92اجبهيهنّ بعفال سبيت.
(6) جمهرة العسكري: 1/ 475والمستقصى: 220 والحيوان: 1/ 16والفاخر: 50واللسان والتاج: سلل. عفل.
(7) اللسان: عفل: العفيلي(1/47)
المنقري (1) وهو يعرض بهم (2):
ما في الدوائر من رجليّ من عقل ... عند الرهان وما أكوى من العفل (3)
47 - تلك بتلك فهل جزيتك
وزعموا أن عمرو بن جدير (4) بن سلمى ابن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة كانت عنده امرأة معجبة له جميلة، وكان ابن عمه يزيد بن المنذر بن سلمى بن جندل بها معجبا، وأن عمرا دخل ذات يوم بيته فرأى منه ومنها شيئا كرهه حتى خرج من البيت، فأعرض عنه، ثم طلق المرأة من الحياء منه، فمكث ابن جدير ما شاء الله لا يقدر يزيد بن المنذر على أن ينظر في وجهه من الحياء منه ولا يجالسه، ثم إن الحيّ أغير عليه، وكان فيمن ركب عمرو بن جدير، فلما لحق بالخيل ابتدره فوارس فطعنوه وصرعوه ثم تنازلوا عليه، ورآه يزيد بن المنذر فحمل عليهم فصرع بعضهم، وأخذ فرسه واستنقذه، ثم قال له: اركب وانج فلما ركب قال له يزيد: تلك بتلك فهل جزيتك (5) فذهبت مثلا.
48 - وأهل عمرو قد أضلّوه.
وزعموا أن عمرو بن الأحوص بن جعفر ابن كلاب كان أحبّ الناس إلى أبيه، فغزا بني حنظلة في يوم ذي نجب، فقتله خالد ابن مالك بن ربعيّ بن سلمى بن جندل بن نهشل، فزعموا أن أباه الأحوص بن جعفر وهو يومئذ سيد بني عامر قال: إن أتاكم الحماران طفيل بن مالك وعوف بن الأحوص يتحدثان ثم مضيا إلى البيوت فقد ظفر أصحابكم، وأن جاءا يتسايران حتى إذا كانا عند أدنى البيوت تفرقا فقد فضح أصحابكم وهزموا، فاقبلا حتى إذا كانت عند أدنى البيوت تفرقا، فقال الأحوص:
الفضيحة والله، ثم أرسل إليهما فأخبراه الخبر، فكان مما زعموا أن الأحوص إذا سمع باكية قال: وأهل عمرو قد أضلوه (6)
فأرسلها مثلا فيزعمون أن الأحوص مات من الوجود على عمرو ولم يلبث بعده إلا قليلا، فقال لبيد بن ربيعة في ذلك وفي عروة بن عتبة وقد قتله البراض (7):
ولا الأحوصين في ليال تتابعا ... ولا صاحب البراض غير المغير (8)
__________
(1) اللعين المنقري: منازل بن ربيعة. كان معاصرا لجرير والفرزدق. وترجم له صاحب الشعر والشعراء: 407والخزانة: 1/ 531والاشتقاق لابن دريد: 251.
(2) البيت في لسان العرب: عفل.
(3) العفل: غلظ في الرحم.
(4) في رواية أخرى هو عمرو بن جابر بن سلمى بن جندل بن نهشل. فصل المقال: 206و 207.
(5) في الميداني: «هذه بتلك فهل جزيتك». انظره:
754، جمهرة العسكري: 2/ 192. وفصل المقال: 206والوسيط: 183.
(6) معجم مجمع الأمثال: 778وجمهرة العسكري، 2/ 343.
(7) انظر ديوان لبيد: 48.
(8) الأحوصان: الأحوص بن جعفر بن ربيعة وابنه عمرو وقتلته بنو تميم يوم المرّوت. وصاحب البرّاض: عروة بن جعفر قتله البرّاض الكتاني.
المغمر: غير المجرّب.
وفي الأخبار أن عمرو قد غزا بني حنظلة في يوم ذي نجب، فقتله خالد بن مالك بن ربعي، وكان أبوه يحبّه، فكان كلّما سمع باكية قال: «وأهل عمرو قد أضلّوه» معجم مجمع الأمثال: 778 الحاشية رقم (2).(1/48)
49 - حنّت ولا تهنت وأني لك مقروع.
50 - لا رأي لمكذوب.
51 - فانج ولا أظنك ناجيا.
52 - تحلل غيل.
وزعموا أن عبد شمس بن سعد بن زيد مناة، وكان يلقب مقروعا، عشق الهيجمانة بنت العنبر بن عمرو بن تميم، فطرد عنها وقوتل، فجاء الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة ليدفع عن عمه فضرب على رجله فقطعت وشلت، فسمي الأعرج، فسار إليه عبشمس بن سعد في بني سعد فأناخ إلى العنبر بن عمرو ابن تيم ومازن بن مالك ابن عمرو بن تميم وغيلان بن مالك بن عمرو بن تميم يسألونهم أن يعطوهم بحقهم من رجل الأعرج، فضرب بنو عمرو بن تميم عليهم قبة، فقال لهم عبشمس: أن يرح إليكم مازن مترجلا وقد لبس ثيابه وتزين لكم فظنوا به شرا، وأن جاءكم شعث الرأس خبيث النفس فإني أرجو أن يعطوكم بحقكم. فلما كان بالعشيّ راح إليهم مازن مترجلا قد لبس ثيابه وتزين لهم، فارتابوا به، فتحدّث عندهم، فلما راح النّعم دسّ عبشمس بعض أصحابه إلى الرعاء ليسمع ما يقولون، فسمع رجلا من الرعاء يقول:
لا نعقل الرجل ولا نديها ... حتى نرى داهية تنسيها
أو يسف في أعينها سافيها
وكان غيلان بن مالك قد قال هذين البيتين قبل ذلك، فقال عبشمس حين خبره رسوله بما سمع وجن عليهم الليل: برزوا رحالكم، وكانوا ناحية، ففعلوا وتركوا قبتهم، فنادى مازن وأقبل إلى القبة: ألا حي بالقرى، فإذا الرجال قد جاءوا عليهم السلاح حتى اكتنفوا القبة، فإذا هي خالية وليس فيها أحد منهم، وهرب بنو سعد على ناحيتهم.
ثم إن عبشمس جمع لبني عمرو وغزاهم، فلما كان بعقوتهم ليلا نزل في ليلة ذات ظلمة ورعد وبرق، فأقام بمنزلة حتى يصبّحهم صباحا، فقام يحوطهم من الليل، وكانت بنت عمرو معجبة به، وكان معجبا بها، قد عرف ذلك منهما، وكانت عاركا وكانت العارك في ذلك الزمان تكون في بيت على حدة ولا تخالط أهلها فأضاء لها البرق فرأت ساقي مقروع، فأتت أباها تحت الليل فقالت: إني لقيت ساقي عبشمس في البرق فعرفته، فأرسل العنبر إلى بني عمرو فجمعهم، فلما أتوه
خبرهم الخبر فقال مازن: حنّت ولا تهنّت وأني لك مقروع (1) فأرسلها مثلا، وقد كانوا يعرفون إعجاب كلّ واحد منهما لصاحبه. ثم قال مازن للعنبر: ما كنت حقيقا أن تجمعنا لعشق جارية. ثم تفرقوا فقال لها العنبر: لا رأي لمكذوب (2)
فأرسلها مثلا، فأخبريني واصدقيني، قالت:(1/49)
ثم إن عبشمس جمع لبني عمرو وغزاهم، فلما كان بعقوتهم ليلا نزل في ليلة ذات ظلمة ورعد وبرق، فأقام بمنزلة حتى يصبّحهم صباحا، فقام يحوطهم من الليل، وكانت بنت عمرو معجبة به، وكان معجبا بها، قد عرف ذلك منهما، وكانت عاركا وكانت العارك في ذلك الزمان تكون في بيت على حدة ولا تخالط أهلها فأضاء لها البرق فرأت ساقي مقروع، فأتت أباها تحت الليل فقالت: إني لقيت ساقي عبشمس في البرق فعرفته، فأرسل العنبر إلى بني عمرو فجمعهم، فلما أتوه
خبرهم الخبر فقال مازن: حنّت ولا تهنّت وأني لك مقروع (1) فأرسلها مثلا، وقد كانوا يعرفون إعجاب كلّ واحد منهما لصاحبه. ثم قال مازن للعنبر: ما كنت حقيقا أن تجمعنا لعشق جارية. ثم تفرقوا فقال لها العنبر: لا رأي لمكذوب (2)
فأرسلها مثلا، فأخبريني واصدقيني، قالت:
يا أبتاه ثكلتك أمك أن لم أكن رأيت مقروعا، فانج ولا أظنك ناجيا (3) فأرسلتها مثلا، فنجا العنبر من تحت الليل وصبّحتهم بنو سعد وقتلوا منهم ناسا فيهم غيلان بن مالك وهو الذي قال: لا نعقل الرجل ولا نديها، فجعلت بنو سعد تحثو في عينه التراب وهو قتيل ويقولون: تحلل غيل (4) فذهب قولهم مثلا.
يقول تحلل من يمينك، وغيل غيلان، فرخم.
ثم إن عبشمس اتبع العنبر حتى أدركه وهو على فرسه وعليه إداته وهو يسوق إبله فقال له عبشمس: دع أهلك فإن لنا وإن لك، فقال العنبر: لا ولكن من تقدم منعته ومن تأخر عقرته، فجعل إذا تأخر شيء عقره، فدنا منه عبشمس فلما رأته الهيجمانة نزعت خمارها وكشفت عن وجهها وقالت: يا عبشمس نشدتك الرحم لما وهبته لي، فقال: لقد خفتك على هذه منذ الليلة، فوهبه لها. وقال ذؤيب صاحب راية عمرو في حروبها:
يا كعب إن أخاك منحمق ... فاشدد إزار أخيك يا كعب ... أتجود بالدم ذي المضنة في ال ... جلّى وتلوي الناب والسقب (5)
تلوي: تتبع، الناب: المسنة من النوق، والسقب: ولد الناقة.
تنبو المناطق عن جنوبهم ... وأسنة الخطيّ لا تنبو ... إني حلفت فلست كاذبه ... حلف الملبّد شفّه النحب
__________
(1) انظر فصل المقال: 37والميداني 1: 138 والعسكري 1: 276275.
(2) انظر المصادر السابقة والوسيط 150 «ليس لمكذوب رأي».
(3) العسكري 1/ 275وفصل المقال: 37.
(4) جمهرة العسكري: 1: 275والمستقصى:
189.
(5) الأبيات لذوائب، ورد منها ثلاثة في العقد: 5/ 237في خبر يوم «تياس» وعجز الأوّل: إن لم يكن بك مرة كعب. أمّا التاسع فقد روي على الإقواء دون ملاحظة للتخريج الذي أورده أحد المعلقين. وقد ورد في معجم المرزباني: 125 منسوبا إلى عوف بن عطية. أما البيت الأخير فقد جاء على النحو الآتي:
والحرب قد تضطر صاحبها ... نحو المضيق ودونه الرحب
وفي استعمال «نحو» بدل «إلى» نجاة من الزحاف. والبيت السابع:
الآن إذا أخذت مآخذها ... وتباعد الأفساع والقرب
والأفساع: الحزام، والقرب: الشاكلة. ويريد وقوع التباعد والعداوة. وفي مطبوعة الجوائب «الإنسان».(1/50)
ينفكّ عندي الدهر ذو خصل ... نهد الجزار منهب غرب
الجزارة: القوائم، ويقال فرس غرب وفرس بحر وفرس سكب (1) إذا كان كثير الجري.
يشتدّ حين يريد فارسه ... شذّ الجداية غمها الكرب
الجداية: الظبية، وهي من الظباء مثل الصناق من المعز.
الآن إذ أخذت مآخذها ... وتباعد الانساع والقرب
أي بعد أن وقعت العداوة يسعى في الصلح، أي ليس هذا من أوانه فحارب الآن ولا تبال.
أقبلت تعطي خطة غبنا ... وتركتها ومسدّها رأب ... جانيك من يجني عليك وقد ... تعدى الصحاح فتجرب الجرب ... والحرب قد تضطرّ جانيها ... إلى المضيق ودونه الرحب
يروي غير ابن الأعرابي تعدي الصحاح مبارك الجرب، وأراد مباركا فترك الألف لأن اللفظة لا تجري.
53 - ترك الخداع من أجرى مائة غلوة.
54 - جري المذكيات غلاب.
55 - إنك لا تركض مركضا.
56 - رويدا يعلنون الجدد.
57 - وحسبك من شرّ سماعه.
58 - اتق مأثور القول بعد اليوم.
59 - وما أراها ووألت منه.
أذل من قراد.
61 - باءت عرار بكحل.
62 - أشأم من داحس.
وكان من أمر داحس (2) وما قيل فيه من الأشعار والأمثال أن أمه كانت فرسا لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يقال لها جلوى، وأن أباه ذا العقّال كان لحوط بن أبي جابر بن أوس بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك، وإنما سميّ داحسا أن بني يربوع احتملوا ذات يوم سائرين في نجعة، وكان
__________
(1) في المطبوع: فرس سلب. أمّا السكب: فهو الجواد السريع الجري. ومثله الفيض والغمر.
والسكب: فرس رسول الله (ص).
(2) انظر حرب داحس والغبراء في الأغاني: 17:
140123 - والعقده: 160150وابن الأثير 1: 583566وكتب الأمثال سياق الخبر عند المفضل يشبه ما ورد في الأغاني وكذلك رواية أبي عبيدة عن الكلبي، شرح النقائض: 83 108والخزانة 3: 540537.(1/51)
ذو العقال مع ابنتي حوط ابن أبي جابر تجنبانه، فمرت به جلوى فرس قرواش، فلما رآها الفرس ودي أي انعظ فضحك شباب من الحيّ رأوه، فاستحيت الفتاتان فأرسلتاه، فنزا على جلوى، فوافق قبولها فأقصّت (1). ثم أخذه لهما بعض الحيّ فلحق بهم حوط، وكان [رجلا] شريرا سيّئ الخلق، فلما نظر إلى عين فرسه قال: والله لقد نزا فرسي فأخبراني ما شأنه، فأخبرتاه فقال: والله لا أرضى أبدا حتى آخذ (2) ماء فرسي، قال له بنو ثعلبة:
والله ما استكرهنا فرسك إنما كان منفلتا، فلم يزل الشرّ بينهم حتى عظم، فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: دونكم ماء فرسكم، فسطا عليها حوط فجعل يده في تراب وماء ثم أدخلها في رحمها حتى ظنّ أنه أخرج الماء واشتملت الرحم على ما فيها فنتجها قرواش مهرا فسمي داحسا بذلك، وخرج كأنه ذو العقال أبوه، وهو الذي قال ابن الخطفي فيه (3):
إنّ الجياد يبتن حول فنائنا
من آل أعوج أو لذي العقّال
فلما تحرك المهر شيئا مرّ (4) مع أمه وهو فلو يتبعها، وبنو ثعلبة منتجعون (5)
فرآه حوط فأخذه، فقالت بنو ثعلبة: يا بني رياح ألم تفعلوا فيه ما فعلتم أول مرة ثم هذا الآن، فقالوا: هو فرسنا ولن نترككم أو تدفعوه إلينا (6) فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: إذا لا نقاتلكم [عليه]، أنتم أعزّ علينا منه، هو فداؤكم، فدفعوه إليهم.
فلما رأى ذلك بنو رياح قالوا: والله لقد ظلمنا إخوتنا مرتين وحلموا عنا وكرموا فأرسلوا به إليهم معه لقوحان، فمكث عند قرواش ما شاء الله، وخرج من أجود خيول العرب.
ثم إن قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسيّ أغار على بني يربوع، فلم يصب غير ابنتي قرواش بن عوف ومائة من الإبل لقرواش وأصاب الحيّ وهم خلوف لم يشهد من رجالهم غير غلامين من بني أزنم (7) بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، فجالا في متن الفرس مرتدفيه وهو مقيد، فأعجلهما القوم عن حلّ قيده، واتبعهما القوم، فضبر بالغلامين (8) [ضبرا] حتى نجوا به، ونادتهما إحدى الجاريتين أن مفتاح القيد مدفون في مذود الفرس بمكان
__________
(1) أقصت: حملت.
(2) الأغاني: أخرج. انظر 17/ 124.
(3) البيت لجرير بن الخطفي في ديوانه: 957 وأنساب الخيل لابن الكلبي: 24والنقائض:
84، 303، واعوج: فرس لبني هلال وقيل كان لملك من ملوك كندة ثم صار إلى بني هلال بن عامر.
(4) الأغاني: سام.
(5) الأغاني 17/ 124والنقائض: 84 «سائرون».
(6) الأغاني والنقائض: ولن نترككم أو نقاتلكم عنه (عليه) أو تدفعوه إلينا.
(7) في طبعة الجوانب: أزيم، والتصويب عن الأغاني والنقائض.
(8) في طبعة الجوئب: فصبر الغلامان، والتصويب عن النقائض والأغاني والضبر: أن يجمع قوائمه ويثب.(1/52)
كذا وكذا، فسبقا إليه حتى أطلقاه حيث يرودونه (1). فلما رأى ذلك قيس بن زهير رغب في الفرس فقال: لكما حكمكما وادفعا إليّ الفرس، قالا: أو فاعل أنت هذا؟ قال: نعم، واستوثقا منه أن يردّ ما أصاب من قليل أو كثير ثم يرجع عوده على بدئه ويطلق الفتاتين ويخلي عن الإبل وينصرف عنهم راجعا، ففعل ذلك قيس، ودفعا إليه الفرس. فلما رأى ذلك أصحاب قيس قالوا: لا والله لا نصالحك أبدا، أصبنا مائة من الإبل وامرأتين فعمدت إلى غنيمتنا فجعلتها في فرس لك تذهب به دوننا، فعظم في ذلك الشر حتى اشترى منهم غنيمتهم بمائة من الإبل.
فلمّا جاء قرواش قال للغلامين: أين فرسي؟ فأخبراه الخبر فأبى أن يرضى إلا أن يدفع إليه فرسه، فعظم في ذلك الشر حتى تنافروا فيه، فقضي بينهم أن تردّ الفتاتان والإبل إلى قيس بن زهير ويردّ عليه الفرس، فلما رأى ذلك قرواش رضي بعد شرّ، وانصرف قيس معه داحس، فمكث ما شاء الله.
فزعم بعضهم أن الرهان إنما هاجه بين قيس وبين حذيفة بن بدر أن قيسا دخل على بعض الملوك وعنده قينة لحذيفة بن بدر تغنيه بشعر امرئ القيس (2):
دار لهرّ والرباب وفرتنا ... ولميس قبل حوادث الأيام
وهنّ فيما يذكر نسوة من بني عبس، فغضب قيس بن زهير فشتمها وشق رداءها، فغضب حذيفة، فبلغ ذلك قيسا فأتاه ليسترضيه، فوقف عليه فجعل يكلمه وهو لا يعرفه من الغضب، وعنده أفراس له، فعابه قيس وقال (3): ما يرتبط مثلك مثل هذه يا أبا مسهر، فقال حذيفة:
أتعيبها؟ قال: نعم، فتجاريا حتى تراهنا.
ويزعم بعضهم أنّ ما هاج الرهان أن رجلا من بني بن غطفان ثم أحد بني جوشن وهم أهل بيت شوم أتى حذيفة زائرا فعرض عليه حذيفة خيله فقال: ما أرى فيها جوادا مبرا (4)، قال حذيفة:
ويلك فعند من الجواد المبرّ؟ قال: عند قيس بن زهير قال: هل لك أن تراهنني عنه؟ قال: نعم قد فعلت، فراهنه على ذكر من خيله وأنثى، ثم إن العبديّ أتى قيسا فقال: إني قد راهنت على فرسين من خيلك ذكر وأنثى وأوجبت الرهان، فقال قيس: ما أبالي من راهنت غير حذيفة، قال: فإني راهنت حذيفة (5) قال له قيس:
إنك ما علمت لأنكد، قال: فأتى قيس حذيفة قال: ما غدا بك؟ قال: غدوت لأواضعك الرهان، قال: بل غدوت لتغلقه، قال: ما أردت ذاك، فأبى حذيفة
__________
(1) حيث يرودونه: لم ترد في النقائض والأغاني.
(2) ديوان امرئ القيس: 114.
(3) النقائض والأغاني: «فعابها وقال».
(4) المبر: الغالب وفي طبعة الجوائب: «مبرءا».
(5) النقائض والأغاني: «قال: ما راهنت غيره».(1/53)
إلا الرهان، قال قيس: أخيرك ثلاث خصال، إن بدأت فاخترت فلي خصلتان (1) ولك الأولى، وأن بدأت فاخترت فلي الأولى ولك خصلتان، قال حذيفة: فابدأ قال قيس: الغاية من مائة غلوة، قال حذيفة: المضمار أربعون ليلة أي يضمرون الخيل والمجرى من ذات الإصاد، ففعلا، ووضعا السبق على يدي غلّاق ابن غلاق أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان.
فزعموا أن حذيفة أجرى الخطّار فرسه والحنفاء، وزعم بعض بني فزارة أنه أجرى قرزلا والحنفاء، وأجرى قيس داحسا والغبراء.
وزعم بعضهم أنه هاج الرهان رجل من بني المعتم (2) بن قطيعة بن عبس يقال له سراقة راهن شبابا من بني بدر، وقيس غائب، على أربع جزائر من خمسين غلوة الغلوة ما بين ثلاثمائة ذراع إلى خمسمائة ذراع فلما جاء قيس كره ذلك وقال: إنه لم ينته رهان قطّ إلا إلى شرّ. ثم أتى بني بدر فسألهم المواضعة فقالوا: لا حتى تعرف (3) لنا سبقنا، فإن أخذنا فحقّنا وإن تركنا فحقّنا، فغضب قيس ومحك (4)، وقال: أما إذا فعلتم فأعظموا الخطر وأبعدوا الغاية، قالوا: فذاك لك، فجعل الغاية من واردات إلى ذات الإصاد، وتلك مائة غلوة، والثنية فيما بينهما، وجعلوا القصبة في يدي رجل من بني ثعلبة بن سعد يقال له حصين ويدي (5) رجل من بني العشراء (6)، من بني فزارة وهو ابن أخت لبني عبس، وملئوا البركة ماء، وجعلوا السابق أول الخيل يكرع فيها.
ثم إن حذيفة وقيس بن زهير أتيا المدى الذي أرسلن منه (7) ينظران إلى الخيل كيف خروجها [منه] فلما أرسلت عارضاها فقال حذيفة: خدعتك يا قيس، قال قيس: ترك الخداع من أجرى من مائة غلوة (8)، فأرسلها مثلا. ثم ركضا ساعة فجعلت خيل حذيفة تنزق خيل قيس فقال حذيفة:
سبقت يا قيس، فقال قيس جري المذكيات غلاب (9)، فأرسلها مثلا. ثم ركضا ساعة فقال حذيفة: إنك لا تركض مركضا [فأرسلها مثلا، ثم قال] سبقت خيلك
__________
(1) النقائض والأغاني: «خلتان».
(2) في طبعة الجوائب: المغنم وما أثبت هو من رواية النقائض وفي الأغاني: المعتمر.
(3) الأغاني: تعرف سبقنا النقائض: يعرف.
(4) محك: لج في الكلام، وفي طبعة الجوائب:
ضحك، ولا معنى له.
(5) النقائض والأغاني: ويقال.
(6) طبعة الجوائب: العشيراء، وأثبت ما في النقائض والأغاني.
(7) طبعة الجوائب أرسل فيه.
(8) غلوة: سقطت من النقائض والأغاني والمثل يتمّ دونها انظر جمهرة العسكري 1: 268 وفصل المقال: 154والميداني 1: 81 والمستقصي: 190والفاخر: 218.
(9) انظر جمهرة العسكري 1: 203والميداني 167 والمستقصي: 199واللسان (ذكا) وفصل المقال: 127والفاخر: 218والزاهر: 2:
377 - والخزانة: 3: 520. ومقاييس اللغة: 4/ 388والعقد الفريد: 4/ 151ويروى أيضا:
«جري المذكيات غلاء».(1/54)
يا قيس، فقال قيس: رويدا يعلون الجدد (1)
الجدد: الأرض الغليظة، فأرسلها مثلا، لأن الذكور في الوعوث أبقى وأصبر من الإناث، والإناث في الجدد أصبر وأسبق.
وقد جعل بنو فزارة كمينا بالثنية فاستقبلوا داحسا فعرفوه فأمسكوه، وهو السابق، ولم يعرفوا الغبراء وهي خلفه مصلّية، حتى مضت الخيل وأسهلت من الثنية، ثم أرسلوه فتمطّر (2) في آثارها فجعل يندرها (3) فرسا فرسا حتى انتهى (4)
إلى الغاية مصليا وقد طرح الخيل غير الغبراء، ولو تباعدت الغاية لسبقها، فاستقبلها بنو فزارة فلطموها ثم حلئوها (5)
عن البركة، ثم لطموا داحسا وقد جاءا متواليين، وكان الذي لطمه عمير بن نضلة فجفّت يده فسمي جاسئا، فجاء قيس وحذيفة في أخرى الناس، وقد دفعتهم بنو فزارة عن سبقهم ولطموا فرسيهم، ولو تطيقهم بنو عبس لقاتلوهم، وإنما كان (6)
من شهد ذلك من بني عبس أبياتا (7) وقال قيس إنه لا يأتي قوم إلى قومهم شرا من الظلم فأعطونا حقنا، فأبى بنو فزارة أن يعطوهم شيئا، وكان الخطر عشرين من الإبل، فقالت بنو عبس: فأعطوا (8) بعض سبقنا، فأبوا، قالوا: فأعطونا جزورا ننحرها ونطعمها أهل الماء فإنا نكره القالة في العرب، فقال رجل من بني فزارة: مائة جزور وجزور واحد سواء، والله ما كنا لنقرّ لك في السبق ولم تسبق (9) فقام رجل من بني مازن بن فزارة فقال: يا قوم إن قيسا قد كان كارها لأول هذا الرهان، وقد أحسن في آخره، وإنّ الظلم لا ينتهي إلا إلى شرّ، فأعطوه جزورا من نعمكم، فأبوا فقام رجل من بني فزارة إلى جزور من إبله فعلقها ليعطيها قيسا ويرضيه، فقام ابنه فقال: إنك لكثير الخطأ تريد أن تخالف قومك وتلحق بهم ما ليس عليهم (10)، فأطلق الغلام عقالها فلحقت بالنعم، فلما رأى ذلك قيس بن زهير احتمل هو عنهم ومن كان معه من بني عبس، فأتى على ذلك ما شاء الله.
ثم إن قيسا أغار فلقي عوف بن بدر فقتله وأخذ إبله، فبلغ ذلك بني فزارة وهمّوا بالقتال وغضبوا، فحمل الربيع بن
__________
(1) يروى أيضا: رويد يعدوان الجدد رويد يعلون الجد ويروي: «يعدون الخبار». الخبار: الأرض الرخوة، والجدد: الصلبة. انظر فصل المقال:
127 - والميداني: 296وجمهرة العسكري: 1:
318 - والفاخر: 218ومقاييس اللغة: 1/ 408.
(2) تمطر: أسرع.
(3) النقائض والأغاني: «يبدرها».
(4) النقائض والأغاني: «حتى سبقها».
(5) حلئوها: ذادوها وفي طبعة الجوائب: جلوها.
(6) في طبعة الجوائب: «وقال» ولا يستقيم به المعنى.
(7) زاد في الأغاني: «غير كثيرة» وفي النقائض:
«غير كثير».
(8) النقائض والأغاني: «فأعطونا».
(9) النقائض والأغاني: «لنقر بالسبق علينا ولم نسبق».
(10) النقائض والأغاني: «وتلحق بهم خزاية بما ليس عليهم».(1/55)
زياد (1) أخو بني عوذ (2) بن غالب بن قطيعة ابن عبس دية عوف بن بدر مائة عشراء (3)
متلية أي تلاها أولادها (4) وأم عوف وأم حذيفة وأخوته الخمسة هي سودة بنت نضلة بن عمير بن جويّة بن لوذان بن ثعلبة بن عديّ بن فزارة، فاصطلح القوم (5) فمكثوا ما شاء الله، ونضلة كان يسمى جابرا.
ثم إن مالك بن زهير أتى امرأة له يقال لها مليكة بنت حارثة من بني غراب بن ظالم بن فزارة فابتنى باللقاطة قريبا من الحاجر (6)، فبلغ ذلك حذيفة فدسّ له فرسانا على أفراس من مسان خيلهم فقال: لا تنظروا أن وجدتهم مالكا أن تقتلوه، وربيع بن زياد بن عبد الله بن سفيان [بن قارب العبسي] مجاور حذيفة بن بدر، وكانت تحت الربيع بن زياد معاذة بنت بدر، فانطلق القوم فلقوا مالكا فقتلوه ثم انصرفوا عنه، فجاءوا عشية وقد أجهدوا أفراسهم، فوقفوا أفراسهم (7) على حذيفة ومعه الربيع بن زياد، فقال حذيفة:
أقدرتم على حماركم؟ قالوا: نعم وعقرناه، قال الربيع: ما رأيت كاليوم قط، أهلكت أفراسك من أجل حمار، قال حذيفة لمّا أكثر الربيع عليه من اللائمة (8) وهو يحسب أن
__________
(1) الربيع بن زياد: «30000ق هـ / 000 590م) من سفيان بن ناشب العبسي. من دهاة العرب وفرسانها في الجاهلية. له شعر جيد.
اتصل بالنعمان بن المنذر ولبيد بن ربيعة.
الأغاني 16/ 20.
(2) النقائض: «عوف».
(3) العشراء: التي أتى على حملها عشرة أشهر من ملقحها اللسان عشر.
الذي أصابوا حمارا: إنا لم نقتل حمارا، ولكنا قتلنا مالك بن زهير بن عوف بن بدر، فقال الربيع: بئس لعمر الله القتيل قتلت، أما والله إني لأظنه سيبلغ ما تكره (9)، فتراجعا شيئا ثم تفرقا، فقام الربيع يطأ الأرض وطأ شديدا، وأخذ حمل بن بدر ذا النون سيف مالك بن زهير.
فزعموا أن حذيفة لما قام الربيع أرسل أمة مولدة فقال: اذهبي إلى معاذة بنت بدر امرأة الربيع فانظري ما ترين الربيع يصنع، فانطلقت الجارية حتى دخلت البيت فاندست بين الكفاء والنضد، فجاء الربيع فنفذ البيت حتى أتى فرسه، فقبض معرفته ومسح متنيه حتى قبض بعكوة ذنبه، ثم رجع إلى البيت ورمحه مركوز بفنائه فهزه هزا شديدا ثم ركزه كما كان، ثم قال لامرأته اطرحي لي شيئا فطرحت له شيئا فاضطجع عليه، وكانت قد طهرت تلك الليلة فدنت منه: فقال: إليك، قد حدث أمر، ثم تغنّى (10):
نام الخليّ وما أغمض حار ... من سيّئ النبأ الجليل الساري
(4) المتالي: التي قد نتج بعضها والباقي يتلوها في النتاج، التاج: تلو.
(5) النقائض والأغاني: «الناس».
(6) اللقاطة والحاجر: موضعان.
(7) «أفراسهم»: سقطت من النقائض والأغاني.
(8) النقائض والأغاني: «الملامة».
(9) الأغاني: «يكره».
(10) الأبيات في الأغاني: 16/ 20.(1/56)
من مثله تمسي النساء حواسرا ... وتقوم معولة مع الأسحار ... من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه (1) نهار
معناه أنه إذا نظر إلى النساء وما يصنعن لمقتل مالك علم أن رهطه لا يقرون لذلك حتى يدركوا بثأرهم:
يجد النساء حواسرا يندبنه ... يضربن أوجههنّ بالأسحار (2)
... قد كنّ يخبأن الوجوه تسترا ... فالآن حين بدون للنظار ... يخمشن حرّات الوجوه على امرئ ... سهل الخليقة طيب الأخبار ... أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو السناء عواقب الأطهار ... ما إن أرى في قتله لذوي النهي ... إلا المطيّ تشدّ بالأكوار ... ومجنّبات ما يذقن عذوفا ... يقذفن بالمهرات والأمهار (3)
... ومساعرا صدأ الحديد عليهم ... فكأنما تطلى (4) الوجوه بقار ... يا ربّ مسرور بمقتل مالك ... ولسوف يصرفه بشرّ محار (5)
قال: فرجعت الأمة فأخبرت حذيفة فقال: هذا حين استجمع (6) أمر أخيكم، ووقعت الحرب.
وقال الربيع لحذيفة وهو يومئذ جار له سيرني فإني جاركم، فسيره ثلاث ليال (7)
ووجّه معه قوما لهم: إنّ مع الربيع فضلة من خمر فإن وجدتموه قد هراقها فهو جادّ، وقد مضى فانصرفوا، وإن لم تجدوه هراقها فاتبعوه فإنكم تجدونه قد مال لأدنى روضة (8)
فرتع وشرب فاقتلوه، فتبعه القوم فوجوده قد شقّ الزقّ ومضى فانصرفوا.
فلما أتى الربيع قومه وقد كان بينه وبين قيس بن زهير شحناء، وذلك أن الربيع ساوم قيس بن زهير بدرع كانت عنده، فلما نظر إليها وهو راكب وضعها بين يديه ثم ركض بها فلم يرددها على قيس، فعرض قيس بن زهير لفاطمة بنت الخرشب الأنماريّة من بني أنمار بن بغيض (9) وهي أم الربيع بن زياد وهي تسير في ظعائن من بني عبس، فاقتاد
__________
(1) النقائض: «بنصف».
(2) لم يرد البيت في النقائض.
(3) أورده ابن منظور في مادة (عدف) ما يذقن عدوفة، (بالدال المهملة أي ما يذقن شيئا وكذلك عذف (بالذال المعجمة) تعني أصاب شيئا من الطعام، وفي طبعة الجوائب: عذوقا.
(4) النقائض والأغاني: طلي.
(5) طبعة الجوائب: بشر جار وفي النقائض: لشر محار والمحار: المرجع.
(6) النقائض والأغاني: «اجتمع».
(7) النقائض والأغاني: ومع الربيع فضلة من خمر، فلما سار الربيع دسّ حذيفة في أثره فوارس فقال اتبعوه فإذا مضت ثلاث ليال فإن معه فضلة من خمر فإن وجدتموه الخ.
(8) في رواية أخرى «لأدنى منزل».
(9) في الأغاني والنقائض: «وهي إحدى منجيات قيس».(1/57)
جملها يريد أن يرتهنها بالدرع حتى تردّ عليه، فقالت: ما رأيت كاليوم قطّ فعل رجل، أي يضل حلمك؟ أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد وقد أخذت أمهم فذهبت بها يمينا وشمالا فقال الناس في ذلك ما شاءوا أن يقولوا، وحسبك من شر سماعه (1)، فأرسلتها مثلا، فعرف قيس ما قالت له فخلى سبيلها وطرد إبلا لبني زياد حتى قدم بها مكة فباعها من عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، فقال قيس في ذلك (2):
ألم يبلغك (3) والإنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد ... ومحبسها لدى القرشيّ تشرى ... بأدراع وأسياف حداد ... كما لاقيت من حمل بن بدر ... وأخوته على ذات الإصاد ... هم فخروا عليّ بغير فخر ... وردّوا دون غايته جوادي ... وكنت إذا منيت بخصم سوء ... دلفت له بداهية نآد ... بداهية تدقّ الصلب منه ... فتقصم أو تجوب (4) عن الفؤاد ... وكنت إذا أتاني الدهر ربق (5) ... بداهية شددت له نجادي
قال العدوي: ربق وربيق الداهية، وأمّ الربيق الداهية، والنجاد حمائل السيف.
ألم يعلم بنو الميقاب أني ... كريم غير معتلث الزناد (6)
أي ليس بفاسد الأصل. الوقب: الأحمق والميقاب مثله، وقالوا [الميقاب]: التي تلد الحمقى ومعتلث لا خير فيه.
أطوّف ما أطوّف ثم آوي ... إلى جار كجار أبي دواد (7)
جار قيس بن زهير (8): ربيعة [الخير] بن قرط بن غيلان بن أبي بكر بن كلاب، ويقال جار أبي دواد الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، وكان أبو داود في جواره فخرج صبيان الحي يلعبون في غدير فغمسوا بنيّ أبي دواد فمات، فخرج الحارث فقال: لا يبقى في الحيّ صبيّ إلا
__________
(1) العقد الفريد: 2/ 12و 2/ 333وجمهرة العسكري: 1/ 344والفاخر: 265ومعجم مجمع الأمثال: 192والمستقصى: 204وخزانة الآداب: 3/ 536.
(2) ديوان الحماسة بشرح التبريزي: 3/ 27.
(3) في جمهرة العسكري: 1/ 44: «ألم يأتيك».
(4) تجوب: «تنقب».
(5) في جمهرة العسكري: 1/ 253 «الدهر يوما».
(6) في رواية أخرى «غير مفتلت الزناد».
(7) في المثل: «جار كجار أبي دؤاد». ويعنون كعب بن مامة الملقّب بالحذاقي. يقول طرفة بن العبد:
إني كفاني من أمر هممت به ... جار كجار الحذاقيّ الذي اتصفا
معجم مجمع الأمثال: 156و 157.
(8) قيس بن زهير العبسي: (ت 10هـ / 631م) سيّد غطفان وصاحب الحروب بين عبس وغطفان بسبب داحس الغبراء. شاعر من شعراء الجاهلية أدرك الإسلام وأسلم ثم ارتد وتنسك. له أقوال مأثورة. موسوعة الشعر العربي: 3/ 343.(1/58)
غرقته في الغدير، فودي ابن أبي دواد لذلك عدة ديات.
إليك ربيعة الخير بن قرط ... وهوبا للطريف وللتلاد ... كفاني ما أخاف أبو هلال ... ربيعة فانتهت عني الأعادي ... تظلّ جياده يجمزن حولي ... بذات الرّمث كالحدإ الغوادي ... كأني إذ أنخت إلى ابن قرط ... عقلت إلى يمامة أو نضاد
ويورى: إلى يلملم أو نضاد وهما جبلان.
وقال قيس بن زهير:
إن تك حرب فلم أجنها ... جنتها صبارتهم (1) أو هم
صبارتهم: خلفاؤهم.
حذار الردى إذ رأوا خيلنا ... مقدّمها سابح أدهم
السابح: الكثير الجري:
عليه كميّ وسرباله ... مضاعفة نسجها محكم ... وإن شمرت لك عن ساقها ... قويها ربيع فلا تسأموا ... زجرت ربيعا فلم ينزجر ... كما انزجر الحارث الأجذم (2)
إذا نصب ربيع أراد الترخيم يا ربيعة، فلما حذف الهاء للترخيم ترك العين مفتوحة، ومن رفع ذهب به مذهب الإسم التام المفرد وإن كان مرخما، كقول ذي الرمة:
فيا ميّ ما يدريك (3)
وكانت تلك الشحناء بين بني زياد وبين بني زهير، فكان قيس يخاف خذلانهم إياه، فزعموا أن قيسا دسّ غلاما [له] مولّدا فقال: انطلق كأنك تطلب إبلا فإنهم سيسألونك، فاذكر مقتل مالك ثم احفظ ما يقولون فأتاهم العبد فسمع الربيع يتغنّى بقوله:
أفبعد مقتل مالك بن زهير
ترجو النساء عواقب الأطهار
فلما رجع العبد إلى قيس أخبره بما سمع من الربيع بن زياد، فعرف قيس أنه قد غضب له، فاجتمعت بنو عبس على قتال بني فزارة، فأرسلوا إليهم أن ردوا إبلنا التي ودينا بها عوف بن بدر أخا حذيفة لأمه، قال: لا أعطيهم دية ابن أمي وإنما قتل صاحبكم حمل بن بدر وهو ابن الأسدية، فأنتم وهو أعلم.
ويزعم بعض الناس أنهم كانوا ودوا عوف بن بدر مائة متلية والمتالي التي في بطونها أولادها وقد تم حملها فإنما ينتظر نتاجها وأنه أتى على تلك الإبل أربع
__________
(1) في رواية الأغاني: خيارهم.
(2) الحارث الأجذم: هي رواية ابن الأعرابي، ويروي «الأضجم». وهو صاحب المرباع وهو رجل من بني ضبيعة بن ربيعة بن نزار.
(3) ميّ: منادى مرخم، وفي شعر ذي الرمة أمثلة كثيرة مثله: «فيا ميّ هل يجزي بكائي مثله»
«وأ لم تعلمي يا ميّ أنني وبيننا»(1/59)
سنين وقد توالدت، وأن حذيفة بن بدر أراد أن يردها بأعيانها فقال له سنان بن أبي حارثة: أتريد أن تلحق بنا خزاية فتعطيهم أكثر مما أعطونا فتسبّنا العرب بذلك؟
فأمسكها حذيفة، وأبى بنو عبس أن يقبلوا إلا إبلهم بأعيانهم، فمكث القوم ما شاء الله أن يمكثوا.
ثم إن مالك بن بدر خرج يطلب إبلا له فمر على جنيدب أخي بني رواحة فرماه بسهم فقتله يوم المعنقة فقالت ابنة مالك بن بدر (1):
لله عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم أن جرى فرسان ... فليتهما لم يشربا قطّ شربة (2) ... وليتهما لم يرسلا لرهان ... أحلّ به جنيدب أمس نذره ... فأيّ قتيل كان في غطفان ... إذا سجعت بالرقمتين حمامة ... أو الرسّ فأبكي فارس الكتفان (3)
ثم إن الأسلع بن عبد الله بن ناشب بن زيد بن هدم بن لدم (4) بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض مشى في الصلح ورهن بني ذبيان ثلاثة من بنيه وأربعة من بني أخيه حتى يصطلحوا، وجعلهم على يدي سبيع بن عمرو من بني ثعلبة بن ذبيان، فمات سبيع وهم على يديه (5) فأخذهم حذيفة من بنيه فقتلهم (6).
ثم إن بني فزارة تجمعوا هم وبنو ثعلبة وبنو مرة فالتقوا هم وبنو عبس بالخاثرة (7)
فهزمتهم بنو عبس وقتلوا منهم مالك بن سبيع بن عمرو الثعلبي قتله الحكم بن مروان بن زنباع العبسي وعبد العزى بن حذار الثعلبي والحارث بن بدر الفزاري، وقتلوا هرم بن ضمضم المري قتله ورد بن حابس العبسي ولم يشهد ذلك اليوم حذيفة بن بدر، فقالت نائحة (8) هرم بن ضمضم هو من بكر بن ضمضم:
يا لهف نفسي لهفة المفجوع ... ألّا أرى هرما على مودوع (9)
... من أجل سيدنا ومصرع جنبه ... علق الفؤاد بحنظل مصدوع
أي من أجله محترق فؤادها وكأنما أكل حنظلا.
ثم إن حذيفة جمع وتهيأ واجتمع معه بنو ذبيان بن بغيض، فبلغ بني عبس أنهم قد ساروا إليهم، فقال قيس بن زهير:
أطيعوني فو الله لئن لم تفعلوا لأتكئن على سيفي حتى يخرج من ظهري، فقالوا:
__________
(1) الشعر في معجم ياقوت: البلدان: (ذات الأصاد): 1/ 98.
(2) في رواية أخرى قطرة.
(3) الكتفان اسم فرسه (انظر اللسان، كتف).
والتاج: كتف.
(4) طبعة الجوائب: «ارم» وفي الأغاني: «أد».
(5) في رواية أخرى: «وهم عنده».
(6) راجع الأغاني: 16/ 20والنقائض: 1/ 93، حيث تجد تفصيلات كثيرة.
(7) في النقائض: 1/ 93: «بالخاثرة من جنب ذي بقر».
(8) في الأغاني: 16/ 21: «ناجية أخت هرم».
(9) مودوع: اسم فرس لهرم بن ضمضم.(1/60)
نطيعك، فأمرهم فسرّحوا السوام والضعفاء بليل وهم يريدون أن يظعنوا من منزلهم ذلك، ثم ارتحلوا في الصبح فأصبحوا على ظهر دوابّهم (1)، وقد مضى سوامهم وضعفاؤهم، فلما أصبحوا طلعت الخيل عليهم من الثنايا، فقال: خذوا غير طريق المال فإنه لا حاجة للقوم أن يقعوا في شوكتكم ولا يريدون بكم في أنفسكم (2)
شرا من ذهاب أموالكم، فأخذوا غير طريق المال. فلما أدرك حذيفة الأثر ورآه قال:
أبعدهم الله، وما خيرهم بعد ذهاب أموالهم؟! فاتبع المال، وسارت ظعن بني عبس والمقاتلة من ورائهم، وتبع حذيفة وبنو ذبيان المال، فلما أدركوه ردّوا أوله على آخره، ولم يفلت منهم شيء، وجعل الرجل يطرد ما قدر عليه من الإبل فيذهب بها، وتفرقوا واشتدّ الحر، فقال قيس بن زهير: يا بني عبس إن القوم قد فرق بينهم المغنم، فاعطفوا الخيل في آثارهم، ففعلوا فلم يشعر بنو ذبيان إلا بالخيل دواس (3)
يعني متتابعة فلم يقاتلهم كثير (4) أحد، وجعل بنو ذبيان إنما همة الرجل منهم في غنيمته أن يحوزها وينجو بها، فوضع بنو عبس السلاح فيهم حتى ناشدهم بنو زياد البقية، ولم يكن لهم هم غير حذيفة فأرسلوا مجنبتين يقتفون أثره، وأرسلوا خيلا مقدمة تنفض الناس وتسألهم حتى سقط على أثر حذيفة من الجانب الأيسر أبو عنترة شداد بن معاوية بن ذهل بن قراد بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس وعمرو بن الأسلع وقرواش بن هنيّ والحارث بن زهير وجنيدب بن زيد، وكان حذيفة استرخى حزام فرسه، فنزل عنه فوضع رجله على حجر مخالفة أن يقتصّ أثره، ثم شدّ الحزام فوضع صدر قدمه على الأرض فعرفوه بحنف (5) فرسه فاتبعوه، ومضى حذيفة حتى استغاث بجفر الهباءة (6)
الجفر: ما لم يطو من الآبار وقد اشتد عليه الحر فرمى بنفسه فيه، ومعه حمل بن بدر وحنش بن عمرو وورقاء بن بلال وأخوه، وهما من بني عدي بن فزارة، وقد نزعوا سروجهم وطرحوا سلاحهم ووقعوا في الماء فتمعكت دوابهم، وبعثوا ربيئة فجعل يطّلع وينظر فإذا لم ير شيئا رجع فنظر نظرة فقال: إني قد رأيت شخصا كالنعامة أو كالطير فوق القتادة من قبل مجيئنا، فقال حذيفة (7) هذا شداد على جروة، فحال بينهم وبين الخيل، ثم جاء عمرو بن
__________
(1) في رواية أخرى: «على ظهر المصنفة».
النقائض: 1/ 93و «على ظهر العقبة» في الأغاني: 16/ 21.
(2) طبعة الجوائب: انفسهم.
(3) النقائض والأغاني: دوائس.
(4) النقائض والأغاني: كبير.
(5) الحنف: أن تقبل إحدى اليدين على الأخرى.
(6) يوم الهباءة هو لعبس على فزارة وذبيان: 831.
(7) في رواية الأغاني وأيضا النقائض: «فقال حذيفة:
هنا وهنا على شداد على جروة وجروة فرس شدّاد. والمعنى: دع ذكر شدّاد عن يمينك وشمالك واذكر غيره لما كان يخاف من شدّاد فبينما هم يتكلّمون إذا هم بشدّاد ابن معاوية واقفا عليهم، فحال بينهم(1/61)
الأسلع ثم جاء قرواش حتى تتاموا خمسة، فحمل جنيدب على خيلهم فاطّردها وحمل عمرو بن الأسلع وشداد عليهم في الجفر فقال حذيفة: يا بني عبس فأين العقل (1)
وأين الأحلام؟ فضرب حمل بين كتفيه وقال: اتق مأثور القول بعد اليوم (2) فأرسلها مثلا، وقتل قرواش بن هنيّ حذيفة بن بدر وقتل الحارث بن زهير حملا وأخذ منه ذا النون سيف مالك بن زهير، وكان حمل بن بدر أخذه من مالك بن زهير يوم قتله، فقال الحارث بن زهير:
تركت على الهباءة غير فخر ... حذيفة حوله قصد العوالي (3)
... سيخبر قومه حنش بن عمرو ... إذا لاقاهم وابنا بلال ... ويخبرهم مكان النون مني ... وما أعطيته عرق الخلال
من المخالّة، أي ما أعطيته عن صداقة وصفاء ودّ.
فأجابه حنش بن عمرو أخو بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض:
سيخبرك الحديث بكم خبير ... يجاهدك العداوة غير آل (4)
... بداءتها لقرواش وعمرو ... وأنت تجول جوبك في الشمال
أي فعل قرواش هذا الفعل. العرق:
العطية، والخلال: المخالة، يقول: لم تعطوني السيف عن مودة ولكني قتلته وأخذته، وقوله وأنت تجول جوبك في الشمال، الجوب: الترس، يريد أن قرواشا وعمرو بن الأسلع اقتحما الجفر وقتلا من قتلا وأنت ترسك في يدك لم تغن شيئا، ويقال: لك البداءة ولفلان العوادة.
وقال قيس بن زهير في ذلك (5):
تعلّم أن خير الناس ميت ... على جفر الهباءة لا يريم ... ولولا ظلمه ما زلت أبكي ... عليه الدهر ما طلع النجوم ... ولكن الفتى حمل بن بدر ... بغى والبغي مرتعه وخيم ... أظنّ الحلم دلّ عليّ قومي ... وقد يستجهل الرجل الحليم ... ومارست الرجال ومارسوني ... فمعوجّ عليّ ومستقيم
وقال في ذلك شداد بن معاوية العبسي:
من يك سائلا عني فإني ... وجورة لا تباع (6) ولا تعار
__________
(1) في رواية النقائض: «العود» وفي رواية الأغاني:
«العقول».
(2) الحيوان: 3/ 117و 5/ 294: إياك والكلام المأثور.
(3) قصد العوالي الرماح المتكسرة.
(4) غير آل: غير مقصر.
(5) وردت الأبيات في الحماسة (رقم: 147) والعقد 5: 157، ومعجم البلدان: 4: 947وهي أتمّ من ذلك في النقائض: 9796، والأغاني:
139138.
(6) النقائض والأغاني: لا ترود.(1/62)
مقربة الشتاء ولا تراها
أمام الحيّ يتبعها المهار
ويروي أمام الخيل، يريد أنها فرس حرب لا يطلب نسلها.
لها بالصيف آصرة وجل ... وستّ من كرائمها غزار (1)
كرائم من الإبل تشرب هذه الفرس ألبانها.
ألا أبلغ بني العشراء عني ... علانية وما يغني السّرار ... قتلت سراتكم وحسلت منكم ... حسيلا مثل ما حسل الوبار (2)
الحسيل: الرديء، يقول: أنفيت شراركم، وقتلت خياركم وأبقيت رذالكم.
ولم أقتلكم سرّا ولكن ... علانية وقد سطع الغبار (3)
وكان ذلك اليوم يوم ذي حسي (4)
وحسى واد فيه ماء.
ويزعم بعض بني فزارة أن حذيفة كان أصاب فيما أصاب من بني عبس تماضر بنت الشريد السلمية أم قيس بن زهير فقتلها، وكانت في المال. ثم إن بني عيس ظعنوا فحلوا إلى كلب بعراعر، وقد اجتمع عليهم بنو ذبيان فخافوا، فقاتلتهم كلب فهزمهم بنو عبس وقتلوا مسعود بن مصاد الكلبي ثم أحد بني عليم بن جناب، فقال في ذلك عنترة (5):
ألا هل أتاها أنّ يوم عراعر ... شفى سقما لو كانت النفس تشتفي (6)
... أتونا على عمياء ما جمعوا لنا ... بأرعن لا خلّ ولا متكشّف (7)
... تماروا بنا إذ يمدرون حياضهم ... على ظهر مقضيّ من الأمر محصف (8)
... علالتنا في كلّ يوم كريهة ... بأسيافنا والقرح لم يتقرف (9)
... وما نذروا حتى غشينا بيوتهم ... بغيبة موت مسبل الودق مذعف (10)
أي تشككوا في رجوليتنا حتى استعملوا الحياض، علالتنا: أي بقيتنا.
فأجلتهم الحرب فلحقوا بهجر فامتاروا منها، ثم حلوا على بني سعد بالفروق وقد آمنهم بنو سعد ثلاث ليال فأقاموها، ثم شخصوا عنهم، فاتبعهم ناس من بني سعد فقاتلهم العبسيون فامتنعوا حتى رجع بنو سعد وقد خابوا منهم ولم يظفروا بشيء، فقال في ذلك عنترة بن شداد بن معاوية (11):
__________
(1) الآصرة: الحشيش.
(2) يقول: قتلت سراتكم وجعلتكم بعدهم حسالة، كما خلقت الوبار حسالة.
(3) إلى هنا تنتهي الرواية لدى الأصبهاني في ترجمة الربيع بن زياد.
(4) البلدان: 2/ 20ومعجم مجمع الأمثال: 518.
(5) ديوان عنترة: 228.
(6) عراعر: ماء لكلب.
(7) الأرعن: الجيش الكثيف الخلّ: المختل متكشف: منهزم.
(8) تماروا بنا: اختلفت مقالتهم فينا، يمدرون الحياض: يهيئونها بالمدر المحصف: المحكم.
(9) العلالة: البقية من القتال لم يتقرف لم يتقشر للبرء.
(10) الغيبة: الدفعة من المطر مذعف يقطر سما.
(11) ديوان عنترة: 224وفيها يذكر يوم الفروق:
ونحن منعنا بالفروق نساءنا ... نطرف عنها مشعلات غواشيا
ويوم الفروق لعبس على سعد تميم أيام العرب: 246.
ألا قاتل الله الطلول البواليا
وقاتل ذكراك السنين الخواليا
القصيدة كلها (1).(1/63)
ألا قاتل الله الطلول البواليا
وقاتل ذكراك السنين الخواليا
القصيدة كلها (1).
ثم سئل قيس بن زهير: كم كنتم يوم الفروق؟ قال: مائة فارس كالذهب لم نكثر فنفشل ولم نقلّ فنضعف.
ثم سار بنو عبس حتى وقعوا باليمامة، فقال قيس بن زهير: إنّ بني حنيفة قوم لهم عزّ وحصون فحالفوهم، فخرج قيس حتى أتى قتادة بن مسلمة الحنفي (2) وهو يومئذ سيدهم، فعرض عليهم قيس نفسه وقومه، فقال: ما يردّ مثلكم، ولكنّ لي في قومي أمراء لا بدّ من مشاورتهم، وما ننكر حسبك ولا نكايتك فلما خرج قيس من عنده قيل له: ما تصنع، أتعمد إلى أفتك العرب وأحزمهم (3) فتدخله أرضك ليعلم وجوه أرضك وعورة قومك ومن أين يؤتون؟! فقال: كيف أصنع وقد وعدت له على نفسي (4)، وأنا أستحيي من رجوعي؟
فقال له السمين الحنفي: أنا أكفيك قيسا، وهو رجل حازم متوثّق لا يقبل إلا الوثيقة، فلما أصبح قيس غدا عليه، ولقيه السمين فقال: إنك على خير وليست عليك عجلة، فلما رأى ذلك قيس ومرّ على جمجمة بالية فضربها برجله ثم قال: رب خسف قد أقرّت به هذه الجمجمة مخافة مثل هذا اليوم، وما أراها ووألت منه (5) وإن مثلي لا يرضى إلا القويّ من الأمر، فلما لم ير ما يحبّ احتمل فلحق ببني عامر بن صعصعة، فنزل هو وقومه على بني شكل، وهم بنو اختهم، وبنو شكل هم من بني الحريش ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكانت أمهم عبسية، فجاوروهم، فكانوا يرون عليهم (6) أثرة وسوء جوار وأشياء تريبهم، ويستخفّون بهم، فقال نابغة بني ذبيان (7):
لحا الله عبسا عبس آل بغيض (8) ... كلحى الكلاب العاويات وقد فعل ... فأصبحتم والله يفعل ذاكم ... يعزّكم مولى مواليكم شكل ... إذا شاء منهم ناشئ دربخت له ... لطيفة طيّ البطن رابية الكفل
دربخت المرأة: أي جبّت له وخضعت وقامت على أربع حتى يأتيها.
فمكثوا مع بني عامر، يتجنّون عليهم ويرون منهم ما يكرهون، حتى غزتهم بنو
__________
(1) عدة أبياتها في الديوان ثلاثة عشر.
(2) كان قتادة الحنفي أحد جراري ربيعة، والجرار من قاد ألف فارس (النقائض).
(3) النقائض: «وأجرأهم».
(4) النقائض: «وقد وأيت له» (وهي بمعنى وعدت).
(5) وما أراها ووألت منه: الجملة من النقائض ووألت: نجت.
(6) في طبعة الجوائب: «منه».
(7) ديوان النابغة (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم):
191.
(8) الديوان جزى الله عباس في المواطن كلها.(1/64)
ذبيان وبنو أسد ومن تبعهم من بني حنظلة يوم جبلة، فأصابوا يومئذ زبان بن بدر (1)
فكانوا معهم ما شاء لله.
ثم إن رجلا من الضباب أسرته بنو عبد الله بن غطفان [والضبابي هو أخو الحنبص] فدفعه الذي أسره إلى رجل من أهل تيماء يهودي، فاتهمه اليهوديّ بامرأته فخصاه، فقال الحنبص الضبابيّ لقيس بن زهير: أدّ إلينا ديته، فإن مواليك بني عبد الله بن غطفان أصابوا صاحبنا، وهم حلفاء بني عبس، فقال: ما كنا لنفعل، فقال: والله لو أصابه (2) مرّ الريح لوديتموه، فقال قيس بن زهير في ذلك:
لحا الله قوما أرّشوا الحرب بيننا ... سقونا بها مرا من الشّرب آجنا ... وحرملة الناهيهم عن قتالنا ... وما دهره ألّا يكون مطاعنا ... أكلّف ذا الخصيين إن كان ظالما ... وإن كان مظلوما وإن كان شاطنا ... خصاه امرؤ من أهل تيماء طابن ... ولا يعدم الإنسيّ والجنّ طابنا (3)
... فهلّا بني ذبيان وسط بيوتهم ... رهنت بمرّ الريح إن كنت راهنا ... وخالستهم حقي خلال بيوتهم ... وإن كنت ألقى من رجال ضغائنا ... إذا قلت قد أفلتّ من شر حنبص ... لقيت بأخرى حنبصا متباطنا ... فقد جعلت أكبادنا تجتويهم ... كما يجتوي سوق العضاة الكرازنا
العضاه: كل شجر له شوك، والكرازن:
المعاول، الواحد كرزين.
تدرّوننا بالمنكرات كأنما ... تدرّون ولدانا ترمّى الرهادنا (4)
تدروننا: تختلوننا، والرهادن: جمع رهدن وهو شبيه بالعصفور.
فقال النابغة الذبياني جوابا لقيس (5):
أبك بكاء النساء (6) إنك لن ... تهبط أرضا تحبّها أبدا ... نحن وهبناك للحريش وقد ... جاوزت في الحيّ جعفرا عددا
وأغار قرواش بن هني العبسي وبنو عبس يومئذ في بني عامر على بني فزارة، فأخذه أحد بني الشعراء الأخرم بن سيار [أو ثطبة بن سيار] بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سميّ بن مازن بن فزارة (7) أخذه تحت الليل، فقالوا له:
من أنت؟ فقال: رجل من بني البكاء، فعرفت كلامه فتاة من بني مازن، وكانت
__________
(1) في المطبوع: زمان بدر.
(2) في النقائض: أصابنا.
(3) لا يعدم طابنا أي فطنا وذكيّا.
(4) تجد البيت في اللسان (رهدن) وفي الأغاني:
16/ 329.
(5) لا تجد شعر النابغة في ديوانه.
(6) في طبعة الجوائب: «السداد» مكان النساء والصواب ما أثبتنا، نقلا عن النقائض.
(7) في معجم مجمع الأمثال: 522، أن طلحة بن سنان هو الذي أمر قراوش بن هني، وقد كنى قراوش عن نفسه فقال: «أنا ثور بن عاصم البكائي»، فعرفته امرأة عبسيّة، فقال: «ربّ شرّ حملته عبسيّة» فذهبت مثلا.(1/65)
[ناكحا] في بني عبس، فقالت: أبا شريح أما والله لنعم مأوى الأضياف وفارس الخيل أنت، فقالوا له: ومن أنت؟ قال:
قرواش بن هنّي، فدفعوه إلى بني بدر فقتلوه، وكان قتل حذيفة، ويزعم بعض الناس أنهم دعوه إلى بني سبيع فقتلوه بمالك بن سبيع، وكان قتل مالك بن سبيع الحكم بن مروان بن زنباع فقال نهيكة بن الحارث من بني مازن بن فزارة:
صبرا بغيض بن ريث إنها رحم ... قطعتموها أناختكم بجعجاع ... فما أشطّت سميّ أن هم قتلوا ... بني أسيد بقتلى آل زنباع ... لقد جزتكم بنو ذبيان ضاحية ... بما فعلتم ككيل الصاع بالصاع ... قتلا بقتل وتعقيرا بعقركم ... مهلا حميض فلا يسعى بها الساعي
وقال في ذلك عنترة (1):
هديّكم خير أبا من أبيكم ... أعفّ وأوفى بالجوار وأحمد (2)
... وأحمى لدى الهيجا (3) إذا الخيل صدّها ... غداة الصياح السمهريّ المقصّد ... فهلّا وفي الفوغاء عمرو بن جابر ... بذمّته وابن اللقيطة عصيد (4)
... سيأتيكم مني وإن كنت نائيا ... دخان العلندي حول بتي مذود (5)
... قصائد من بزّ امرئ يجتديكم ... وأنتم بجسمي فارتدوا وتقلدوا (6)
أي يطلب منكم الثأر.
وقال قيس بن زهير (7):
ما لي أرى إبلي تحنّ كأنها ... نوح تجاوب موهنا أعشارا (8)
نوح: نساء ينحن، والأعشار: جمع عشر وهو أن يرد الماء في اليوم التاسع، وهذا مثل، والموهن: بعد صدر من الليل.
لن تهبطي أبدا جنوب مويسل ... وقنا قراقرتين فالأمرارا ... أجهلت من قوم هرقت دماءهم ... بيدي ولم أدهم بجنب تعارا ... إن الهوادة لا هوادة بيننا ... إلا التجاهد فاجهدنّ فزارا ... إلا التزاور فوق كل مقلّص ... يهدي الجياد إذا الخميس أغارا ... فلأهبطنّ الخيل حرّ بلادكم ... لحق الأياطل تنبذ الأمهارا ... حتى تزور بلادكم وتروا بها ... منكم ملاحم تخشع الأبصارا
__________
(1) ديوان عنترة: 280.
(2) الهدي: الأسير.
(3) الديوان: وأطعن في الهيجا.
(4) الفوغاء: الطويلة الأسنان والثنايا ابن اللقيطة يعني عيينة بن حصن، أو حصن بن حذيفة، العصيد: المأتيّ.
(5) العلندي شجر كثير الدخان، يريد: سيأتيكم مني هجاء مؤذ كدخان العلندي يذود عني وعن بيتي.
(6) أي اجعلوا القصائد أردية تلبسونها وقلائد تتقلدونها، وهذا تهكم ووعيد.
(7) منها بيتان في معجم البلدان 1: 360وقد مرّت ترجمته معنا.
(8) الموهن: بعد صدر من الليل.(1/66)
وقال قيس بن زهير في مالك بن زهير ومالك بن بدر:
أخي والله خير من أخيكم ... إذا ما لم يجد بطل مقاما ... أخي والله خير من أخيكم ... إذا ما لم يجد راع مساما ... أخي والله خير من أخيكم ... إذا الخفرات أبدين الخداما ... قتلت به أخاك وخير سعد ... فإن حربا حذيف وإن سلاما ... تردّ الحرب ثعلبة بن سعد ... بحمد الله يرعون البهاما ... وكيف تقول صبر بني حجان ... إذا غرضوا ولم يجدوا مقاما (1)
... وتغني مرّة الأثرين عنّا ... عروج الشاء تتركهم قياما ... ولولا آل مرة قد رأيتم ... نواصيهنّ ينضون القتاما (2)
وقال نابغة بني ذبيان (3):
أبلغ بني ذبيان أن لا أخالهم ... بعبس إذا حلّوا الدماخ فأظلما (4)
... بجمع كلون الأعبل الجون لونه ... ترى في نواحيه زهيرا وحذيما (5)
... هم يردون الموت عند لقائه ... إذا كان ورد الموت لا بدّ أكرما
ثم إن بني عبس ارتحلوا عن بني عامر، فساروا يريدون بني تغلب، فأرسلوا إليهم أن أرسلوا إلينا وفدا فأرسلت إليهم بنو تغلب بستة عشر راكبا منهم ابن الخمس التغلبي قاتل الحارث بن ظالم، وفرح بهم بنو تغلب وأعجبهم ذلك. فلما أتى الوفد بني عبس قال قيس: انتسبوا نعرفكم، فانتسبوا، حتى مرّ بابن الخمس، فقال قيس: إن زمانا أمنتنا فيه لزمان سوء، قال ابن الخمس: وما أخاف منك، فو الله لأنت اذل من قراد بمنسم ناقتي (6) فقتله قيس، وإنما يقتله بالحارث بن ظالم، لأن الحارث كان قتل بزهير بن جذيمة خالد بن جعفر بن كلاب، فلما رأى ذلك قيس قال: يا بني عبس ارجعوا إلى قومكم فهم خير أناس لكم فصالحوهم، فأما أنا فلا أجاور بيتا غطفانيا أبدا، فلحق بعمان فهلك بها. ورجع الربيع وبنو عبس، فقال الربيع بن زياد في ذلك (7):
حرّق قيس عليّ البلاد ... حتى إذا استعرت أجذما
أجذم: ذهب، ويقال إنه لمجذام الركض إذا أسرع.
__________
(1) غرضوا: ملّوا.
(2) راجع المثل: «قد وقع بينهم حرب داحس والغبراء». في مجمع الأمثال: 515.
(3) ديوان النابغة: 104.
(4) الدماخ اجبل عظام وأظلم: اسم موضع أو جبل البلدان لياقوت.
(5) الأعبل: الجبل الأبيض الحجارة شبه بني عبس به لكثرة السلاح، والجون هنا الأبيض وزهير وحذيم ابنا جذيمة من بني عبس.
(6) النقائض: «تحت منسم بعيري».
(7) ديوان الحماسة بشرح المرزوقي: 1/ 163.(1/67)
جنيّة حرب جناها فما ... تفرّج عنه وما أسلما ... عشية يردف آل الرباب ... يعجل بالركض أن يلجما
في نسخة غداة مررت بآل الرباب، والرباب امرأة يعشقها قيس بن زهير.
ونحن فوارس يوم الهرير ... إذ تسلم الشفتان الفما (1)
... عطفنا وراءك أفراسنا ... وقد مال سرجك فاستقدما ... إذا نفرت (2) من بياض السيوف ... قلنا لها اقدمي مقدما
ولما انصرف الربيع وكان يسمى الكامل أتى بني ذبيان ومعه ناس من بني عبس، فأتى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري، فوقفوا عليه فقالوا له: أحسست لنا الحارث بن عوف وهو يعالج نحيا له فقال: هو في أهله، ثم رجعوا وقد لبس ثيابه، فقالوا: ما رأينا كاليوم قط مركوبا [إليه] قال: ومن أنتم، قالوا: بنو عبس ركبان الموت، قال: بل أنتم ركبان السلم والحياة، مرحبا بكم، لا تنزلوا حتى تأتوا حصن بن حذيفة، قالوا: أنأتي غلاما حديث السن قد قتلنا أباه وأعمامه ولم نره قط؟! قال الحارث: نعم [إن] الفتى حليم وأنه لا صلح حتى يرضى، فأتوه عند طعامه ولم يكن رآهم، فلما رآهم عرفهم، قال:
هؤلاء بنو عبس، فلما أتوه حيوه فقال: من أنتم قالوا: ركبان الموت، فحياهم وقال:
بل أنتم ركبان السلم والحياة، إن تكونوا احتجتم إلى قومكم فقد احتاج قومكم إليكم، هل أتيتم سيدنا الحارث بن عوف، قالوا: لم نأته، وكتموه اتيانهم إياه، فقال:
فأتوه، فقالوا: ما نحن ببارحيك حتى تنطلق معنا، فخرج يضرب أوراك أباعرهم قبله حتى أتوه، فلما أتوه حلف عليه حصن:
هل أتوك قبلي، قال نعم، قال: فقم بين عشيرتك فإني معينك بما أحببت، قال الحارث: أفأدعو معي خارجة بن سنان؟
قال نعم، فلما اجتمعا قالا لحصن: أتجيرنا من خصلتين: من الغدر بهم والخذلان لنا؟
قال: نعم، فقاما بينهما فباءوا بين القتلى، وأخرجا لبني ثعلبة بن سعد ألف ناقة أعانهما فيها حصن بخمسمائة ناقة.
وزعموا إنه لما اصطلح الناس، وكان حصين بن ضمضم المريّ قد حلف لا يمسّ غسلا حتى يقتل بأخيه هرم بن ضمضم الذي قتله ورد بن حابس العبسي، فأقبل رجل من بني عبس يقال له ربيعة بن [وهب بن] الحارث بن عدي بن بجاد، وأمه امرأة من بني فزارة، يريد أخواله، فلقي حصين بن ضمضم فقتله بأخيه، فقال حيان بن حصن (3) أحد بني مخزوم بن مالك بن قطيعة بن عبس:
سالم الله من تبرّأ من غي ... ظ وولّى أثامها يربوعا
__________
(1) يروي: «إذ تقلص»، يعني أن ذلك يحدث من شدة الهول.
(2) في رواية النقائض: «ذعرت».
(3) في رواية النقائض: حصين.(1/68)
قتلونا بعد المواثيق بالسّح ... م تراهنّ في الدماء كروعا (1)
... إن تعيدوا حرب القلبي علينا ... تجدوا أمرنا أحذّ جميعا
فلما بلغ فزارة قتل حصين بن ضمضم ربيعة بن وهب، غضبوا، وغضب حصن في قتل ابن اختهم، وفيما كان من عقد حصن لبني عبس، وغضبت بنو عبس فأرسل إليهم الحارث بابنه فقال: اللبن أحبّ إليكم أم أنفسكم يعني ابنه يقول:
إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فالدية، قالوا:
بل اللبن، فأرسل إليهم بمائة من الإبل دية ربيعة بن وهب فقبلوا الدية وتموا على الصلح، فقال في ذلك شييم بن خويلد الفزاري (2):
حلّت أمامة بطن التين فالرّقما ... واحتلّ أهلك أرضا تنبت الرتما (3)
... من ذات شكّ إلى الأعراج (4) من إضم ... وما تذكّره من عاشق أمما ... هم بعيد وشأو غير مؤتلف ... إلا بمزءودة لا تشتكي السأما (5)
... أنضيتها من ضحاها أو عشيتها ... في مستتب يشقّ البيد والأكما ... سمعت أصوات كدريّ الفراخ به ... مثل الأعاجم تغشي المهرق القلما (6)
... يا قومنا لا تعرّونا مضلمة ... يا قومنا واذكروا الآلاء والذمما (7)
... في جاركم وابنكم إذ كان مقتله ... شنعاء شيّبت الأصداغ واللمما ... عيّ المسود بها والسائدون ولم ... يوجد لها غيرنا مولى ولا حكما ... كنّا بها بعد ما طيخت عروضهم ... كالهبرقية ينفي ليطها الدّسما
أي ينقطر منها الدم، طيخت: دنّست، والطيخ الفساد، والهبرقية [السيوف] والهبرقي: الحدّاد، أراد كالسيوف التي تشنّ الدم، والليط: اللون، ليط الإنسان: جلده ولونه.
إني وحصنا كذي الأنف المقول له ... ما منك أنفك إن أعضضته الجلما
أي لا أستغني أنا عن حصن كما لا يستغنى عن الأنف.
أإن أجار لا أبا لكم ... حصن تقطّر آفاق السماء دما ... أدّوا ذمامة حصن أو خذوا بيد ... حربا تحشّ الوقود الجزل والضّرما
الضرم: صغار الحطب، أي اعطوا الرضى بدية أو غيرها أو ائذنوا بحرب.
وقال في ذلك عبد قيس بن بجرة (8)
__________
(1) السحم: الأسنة واحدها اسحم.
(2) في الجوائب: شيتم: ومعجم البلدان لياقوت:
بطن التين: 1/ 665.
(3) الرتم: نوع من الشجر واحدته رتمة.
(4) البلدان لياقوت: الأجراع: 3/ 311.
(5) المزء: الخائفة المرعوبة من ذكائها.
(6) المهرق: الصفحة شبه أصوات القطا الكدري بصوت القلم في الصحيفة.
(7) طبعة الجوائب: الآباء والقدماء.
(8) النقائض: بحرة. وعبد قيس بن بجرة أو قيس بن بجرة، شاعر فحل من شعراء غطفان وله شعر كثير. المؤتلف والمختلف: 237 والمرزباني: 199.
أخو بني شمخ بن فزارة، وهو ابن عنقاء، يعتذر عن حصين بن ضمضم المري:(1/69)
أخو بني شمخ بن فزارة، وهو ابن عنقاء، يعتذر عن حصين بن ضمضم المري:
إن تأت عبس وتنصرها عشيرتها ... فليس جار ابن يربوع بمخذول ... كلا الفريقين أغنى قتل صاحبه ... هذا القتيل بميت أمس (1) مطلول ... باءت عرار بكحل (2) والرفاق معا ... فلا تمنّوا أمانيّ الأضاليل (3)
وعرار: مثل حذام وقطام، أي اتفقوا واصطلحوا، وعرار وكحل، ثور وبقرة كانا في سبطين من بني إسرائيل، فعقر كحل فعقرت به عرار، فوقع الشرّ بينهم حتى كادوا أن يتفانوا فضربت العرب بهما مثلا.
وقال زهير بن أبي سلمى يذكر الحارث بن عوف وخارجة بن سنان وحملهما ما حمالا من دماء بني عبس وبني ذبيان (4):
لعمري لنعم السيدان وجدتما ... على كلّ حال من سحيل ومبرم
إلى آخر القصيدة.
وزعموا أن بني مرة وبني فزارة لما اصطلحوا وباءوا بين القتلى أقبلوا يسيرون حتى نزلوا على ماء يقال له قلهى، وعليه بنو ثعلبة بن سعد بن ذبيان، فقالت بنو مرة وبنو فزارة لبني ثعلبة: أعرضوا عن بني عبس فقد باءونا بعض القتلى ببعض، فقالت بنو ثعلبة: كيف تباوءون بعبد العزّى بن حذار ومالك بن سبيع؟
أتهدرونهما وهما سيدا قيس؟ فو الله لا نسم هذا بأنوفنا، فمنعوهم الماء حتى كادوا يموتون عطشا. فلما رأوا ذلك أعطوهم الدية، ويزعمون أنها كانت أول الحمالة.
فقال في ذلك معقل بن عوف بن سبيع الثعلبي:
لنعم الحيّ ثعلبة بن سعد ... إذا ما القوم عضّهم الحديد ... هم ردّوا القبائل من بغيض ... بغيظهم وقد حمي الوقود ... تطلّ دماؤهم والفضل فينا ... على قلهى ونحكم ما نريد
وقال الربيع بن زياد في حرب داحس (5):
إن تك حربكم أمست عوانا ... فإني لم أكن ممن جناها ... ولكن ولد سودة أرثوها ... وحشّوا نارها لمن اصطلاها
__________
(1) النقائض: غير.
(2) معجم مجمع الأمثال: 82.
(3) انظر المثل: «باءت عرار بكحل» في جمهرة العسكري: 1: 266والميداني: 1: 60 والمستقصى: 181واللسان: (عرر، كحل)، والتاج: (عرر وكحل).
(4) هو من معلقته المشهورة، انظر ديوانه: 14.
(5) لم لا تجد هذه الأبيات في رواية النقائض.(1/70)
فإني لست خاذلكم ولكن ... سأشفي الآن إذ بلغت إناها
ولد سودة: حذيفة وإخوته الخمسة، أمهم سودة بنت نضلة بن عمير بن جرية.
وقال عنترة بن شداد بن معاوية (1):
سائل عميرة حين اجلب جمعها ... عند الحروب بأيّ حيّ تلحق (2)
... أبحيّ قيس أم بعذرة بعد ما ... رفع اللواء لها وبئس الملحق ... وأسأل حذيفة حين أرّش بيننا ... حربا ذوائبها بموت تخفق (3)
... فلتعلمنّ إذا التقت فرساننا ... بلوى النجيرة (4) أنّ ظنك أحمق
فهذا ما كان من حديث داحس. وبلغنا أن الحرب التي كانت فيه أربعون سنة، وصار داحس مثلا ويقال: أشأم من داحس (5).
وقال بشير بن أبيّ العبسي:
إن الرباط النّكد من آل داحس ... جرين فلم يفلحن يوم رهان (6)
... فسببن بعد الله مقتل مالك ... وغرّبن قيسا من وراء عمان ... ويمنع منك السبق إن كنت سابقا ... وتلطم إن زلّت بك القدمان ... لطمن على ذات الإصاد وجمعهم ... يرون الأذى من ذلة وهوان
تمّ حديث داحس (7) والحمد لله رب العالمين.
63 - لكنّ بالأثلاث لحما لا يظلّل.
64 - لو خيّرك القوم لاخترت.
65 - ثكل أرأمها ولدا.
66 - يا حبّذا التراث لولا الذلّة.
67 - ألبس لكل حالة لبوسها. إما نعيمها وإمّا بوسها.
68 - مكره أخوك لا بطل.
وكان من حديث بيهس (8) أنه كان رجلا
__________
(1) لم يرد أيضا في النقائض، وانظر ديوان عنترة:
292.
(2) عميرة: حي من فزارة.
(3) الذوائب هنا بمعنى الرايات.
(4) في طبعة الجوائب: النحيرة: والثجيرة فيما ذكر البكري في معجم ما استعجم 1300أرض في ديار بني عبس أو ما يليها، واستشهد على ذلك ببيت عنترة.
(5) المثل في الدرة الفاخرة: 237وجمهرة العسكري: 1: 556معجم مجمع الأمثال:
341، والمستقصى: 75، وانظر ثمار القلوب:
360.
(6) الرباط من الخيل: الخمسة فما فوقها.
(7) راجع مادة أشأم من داحس في معجم مجمع الأمثال: 341وأيضا: «قد وقع بينهم حرب داحس والغبراء» ص: 515.
(8) بيهس بن هلال بن خلف بن جمحة بن غراب بن ظالم بن فزارة. ولقبه نعامة.
المؤتلف والمختلف: 85.(1/71)
من بني غراب بن فزارة بن ذبيان بن بغيض وكان سابع سبعة إخوة، فأغار عليهم ناس من أشجع وبينهم حرب، وهم في إبلهم، فقتلوا ستة وبقي بيهس، وكان يحمّق، وكان أصغرهم، فأرادوا قتله ثم قالوا: ما تريدون من قتل هذا يحسب عليكم برجل ولا خير فيه، فتركوه فقال:
دعوني أتوصل معكم إلى أهلي فإنكم أن تركتموني وحدي أكلتني السباع وقتلني العطش، ففعلوا فأقبل معهم، فلما كان في الغد نزلوا فنحروا جزورا في يوم شديد الحر فقالوا: اظلوا لحم جزوركم لا يفسد، فقال بيهس: لكنّ بالأثلات لحما لا يظلل (1) فقالوا: إنه لمنكر وهمّوا أن يقتلوه، ثم تركوه (2) ففارقهم حتى انشعب له طريق أهله فأتى أمه فأخبرها الخبر فقالت: ما جاءني بك من بين إخوتك؟
فقال: لو خيرك القوم لاخترت (3)، فأرسلها مثلا. ثم إن أمه عطفت عليه ورقت فقال الناس: أحبت أم بيهس بيهسا ورقت له، فقال بيهس: ثكل أرأمها ولدا (4) فأرسلها مثلا. ثم جعلت تعطيه ثياب إخوته ومتاعهم يلبسها فقال يا حبذا التراث لولا الذلة (5)، فأرسلها مثلا.
وقال حبيب بن عيسى لما أراد بيهس أن يمضي عنهم قال بعضهم: كيف يأتي هذا الشقي أهله بغير خفير؟ فقال لهم بيهس: دعوني فكفى بالليل خفيرا فأرسلها مثلا. ثم أتى على ذلك ما شاء الله، ثم إنه مرّ على نسوة من قومه يصلحن امرأة منهن يردن أن يهدينها لبعض القوم الذين قتلوا إخوته فكشف ثوبه عن استه وغطّى
__________
(1) الوسيط: 40ومعجم مجمع الأمثال: 636 وجماع أمثال بيهس عند الميداني عند قوله:
«ثكل أر أمها ولدا» 1: 101والنقل عن المفضل الضبي وفي جمهرة العسكري «الثكل ارأمها» 1: 290والفاخر: 63والمستقصى:
123 - والعقد 3: 101وقراءته في الميداني «لكن بالأثلات لحم» وفي جمهرة العسكري 2:
212 - أنه قال في هذا الموطن: «لكن لحام بشرمة لا تجن» وانظر قصة بيهس والأمثال المتصلة بها في الأغاني: 23: 535531 وراجع فصل المقال: 7978. ومعجم مجمع الأمثال: ثكل أرأمها ولدا: 145.
(2) زاد بعد هذا في الميداني: وظلوا يشوون من لحم الجزور ويأكلون فقال: أحدهم ما أطيب يومنا وأخصبه، فقال بيهس: «لكن على بلدح قوم عجفى» وانظر الميداني: 2: 106وجمهرة العسكري: 2: 183والمستقصى: 281 واللسان ومعجم البلدان (بلدح) واحسب هذا سقط من طبعة الجوائب.
(3) لو خيرت لاخترت في جمهرة العسكري: 2:
183، 2: 212والميداني: 643والمستقصى:
292.
(4) تقدم تخريجه (الحاشية: 1) وانظر أيضا الوسيط: 40، 89. ومعجم مجمع الأمثال:
643. وأمثال بيهس وقصته في الخزانة: 3/ 272 وفي جمهرة العسكري: 2/ 12. وأخوه بيهس تسعة هو عاشرهم وقد قتلهم بنو مازن. وسبب تلقبه بنعامة، كان لطول رجليه، عند العسكري:
2/ 37أو لشدّة صممه في مجمع الأمثال:
643.
(5) جمهرة العسكري: 2: 212، والميداني:
798، والوسيط: 40.(1/72)
به رأسه، فقلن: ويحك أيّ شيء تصنع؟
فقال (1):
البس لكل حالة لبوسها ... إما نعيمها وإما بوسها (2)
فأرسلها مثلا، فلما أتى على ذلك ما شاء الله جعل يتتبع قتلة إخوته فيقتلهم ويتقصّاهم حتى قتل منهم ناسا فقال بيهس (3):
يا لها من مهجة يا لها ... أنيّ لها الطعم والسلامة ... قد قتل القوم إخوانها ... في كلّ واد زقاء هامه ... لأطرقنهم وهم نيام ... فأبركن بركة النعامة ... قابض رجل وباسط أخرى ... والسيف أقدمه أمامه
نعامة: هو بيهس، لقب بنعامة لقوله:
فأبركن بركة النعامة.
ثم أخبر أن ناسا من أشجع في غار يشربون فيه، فانطلق بخال له يكنى أبا حشر (4) فقال له: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منهن؟ قال: نعم، فانطلق بيهس بأبي حشر حتى إذا قام على باب الغار دفع أبا حشر خاله في الغار فقال:
ضربا أبا حشر، فقال بعضهم: إن أبا حشر لبطل، فقال أبو حشر: مكره أخوك لا بطل (5) فأرسلها مثلا، فكان بيهس مثلا في العرب، قال المتلمس (6):
ومن حذر الأيام ما حزّ أنفه ... قصير ورام الموت بالسيف بيهس (7)
... نعامة لما صرّع القوم رهطه ... تبين في أثوابه كيف يلبس
وأول هذه الأبيات (8):
وما الناس إلا ما رأوا وتحدثوا ... وما العجز إلا أن يضاموا فيجلسوا ... فلا تقلبن ضيما مخافة ميتة ... وموتن بها حرّا وجلدك أملس
__________
(1) هذا المثل يجيء في مجمل أمثال بيهس، وانظر جمهرة العسكري: 1: 197، والفاخر: 62، والمستقصى: 121، واللسان (لبس).
(2) انظر هذا في ترجمة بيهس في المؤتلف والمختلف: 85ونسبه: بيهس بن هلال بن خلف بن جمحة بن غراب بن ظالم بن فزارة. مرّت ترجمته معنا.
(3) الأبيات الشعرية في الأغاني: 23: 534.
(4) الميداني: أبا حنش وسمّاه (2: 182) أبا جشر العسكري: جشر المؤتلف: الجشر، وفي الأغاني بالحاء المهملة.
(5) جمهرة العسكري: 2: 242، والفاخر: 63، والميداني: 696والبيان والتبيين: 1: 162، 174والمستقصى: 311، والوسيط: 156 والأغاني: 23: 537535حيث أورد قصة أخرى للمثل.
(6) الشعر في كتب الأمثال وديوان المتلمس (القصيدة رقم: 5ص: 107: وديوان الحماسة (شرح المرزوقي): 658والأغاني: 15: 256، 23: 530.
(7) في رواية: ومن طلب الأوتار وخاض الموت وقصير هو صاحب جذيمة الابرش الذي جرى فيه المثل: «لأمر ما جدع قصير انفه».
(8) أولها في ديوانه:
أعاذل أن المرء رهن مصيبة ... صريع لعافي الطير أو سوف يرمس(1/73)
ومن حذر الأيام إلخ.
وقال بعض الشعراء من بني تغلب وهو أبو اللحام (1):
لقمان منتصرا وقسّ ناطقا ... ولأنت أجرأ صولة من بيهس
يريد به الأسد وهاهنا وهذا البيت غلط من المفضل (2) لأن بيهسا هو الأسد وليس ببيهس الذي يلقب بنعامة، ويدلّك على ذلك البيت الذي بعده وهو لأبي اللحام التغلبي يمدح عباد بن عمرو بن كلثوم:
يقص السباع كأن فحلا فوقه ... ضخم مذمّره شديد الأفحس (3)
كان قس بن ساعدة (4) بن إياد مفوها ناطقا فوقف بسوق عكاظ على جمل له أحمر فقال: أيها الناس اجتمعوا ثم اسمعوا وعوا، كلّ من عاش مات، وكل من مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لمعتبرا، نجوم تمور، وبحار لا تبور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، ما للناس يذهبون ثم لا يرجعون، أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا، يحلف بالله قس بن ساعدة أن لله لدينا هو أحبّ إليه مما نحن فيه.
69 - هل تعدون الحيلة إلى نفسي.
زعموا أن رجلا من بني عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم يقال له عياض ابن ديهث أورد إبله على ماء، فصادف عليه رعاة الحارث بن ظالم المري مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن غيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان فأدلى عياض بن ديهث دلوه ليسقي ماشيته، فقصر رشاؤه واستعار بعض أرشيه رعاء الحارث بن ظالم فأعاروه حتى سقى إبله، ثم أصدرها، فلقيه بعض حشم النعمان فأخذ أهله وماله، فنادى يا حار يا حاراه، فركب الحارث حتى أتى النعمان، وقد كان لقي عياضا قبل ذلك، فقال له: ويلك ومتى أجرتك؟ قال: فإني عقدت رشائي برشاء رعائك فسقيت إبلي، وأخذت وذلك الماء في بطونها، فقال له الحارث: إن في هذا
__________
(1) أبو اللحام التغلبي وقد ورد ذكره في اللسان (قصر).
(2) هذا التعليق يدل على أن هناك مادة دخيلة على أصل المفضل الضبي ومثل هذا يرد في غير موضع من الكتاب.
(3) يصف الأسد بأنه ضخم العجز. وفي المطبوعة «شديد الأفخس» بالخاء المعجمة.
(4) يبدو أن هذا من زيادات أحد المعلقين أيضا وانظر خبر قس وخطبته في الأغاني: 15: 191 وانظر معجم المرزباني: 222وخزانة الأدب:
1: 267والإصابة: 5: 285والبداية: 2:
230 - والزاهر 2: 364. قس بن ساعدة الأيادية: خطيب العرب في العصر الجاهلي. كان يأتي الموسم في عكاظ. له أسجاع مشهورة وردت له في كتاب جمهرة خطب العرب. راجع أيضا معجم الأعلام للزركلي، وحاشيته أيضا، حيث يحيل إلى مصادر ترجمته في كتب التراث.(1/74)
لجوارا (1) ثم أتى النعمان فقال: أبيت اللعن، إنك أخذت إبل جاري وأهله وولده، فقال النعمان: أفلا تشدّ ما وهى من أديمك أول يعني قتل الحارث بن ظالم خالد بن جعفر وهو جار للأسود بن المنذر (2) بن ماء السماء أخي النعمان.
ثم إن النعمان أوعد الحارث وعيدا شديدا فقال له الحارث: هل تعدون الحيلة إلى نفسي (3)، فأرسلها مثلا، أي هل تريد بحيلتك أن تقتلني، هذا غايتك، يريد هل يكون شيء بعد الموت. ثم انصرف، فلما انصرف تدبر النعمان كلمته فندم على تركه، ثم طلبه فلم يجده.
وكانت سلمى (4) بنت ظالم أخت الحارث تحت سنان بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة، وكان النعمان قد دفع إلى سنان ابن أبي حارثة ابنا له يكون عنده، فجاء الحارث إلى أخته فقال: إن سنانا يقول لك: زيّني ابن النعمان حتى آتي به أباه لعله يصنع إلينا خيرا، ففعلت، فانطلق به الحارث فضرب عنقه، ثم هرب فلحق بمكة، وكان ردّ على ابن ديهث بعض ما أخذ منه، فقال الحارث بن ظالم (5):
قفا فاسمعا أخبر كما إذ سألتما ... محارب مولاه وثكلان نادم
مولاه: أبي عمه، أي إنا نحارب ابن عمي سنان بن أبي حارثة الذي كان عنده ابن النعمان.
فأقسم لولا من تعرّض دونه ... لخالطه ما في الحديدة صارم ... حسبت أبا قابوس أنك فائز ... ولما تذق ذلا (6) وأنفك راغم ... فإن تك أذواد أصبن ونسوة ... فهذا ابن سلمى رأسه (7) متفاقم ... علوت بذي الحيات مفرق رأسه ... ولا يركب المكروه لولا الأكارم (8)
... فتكت به كما فتكت بخالد ... وكان سلاحي تجتويه الجماجم (9)
... أخصيي حمار ظلّ يكدم نجمة ... أيؤكل جيراني وجارك سالم (10)
... بدأت بتيك وانثنيت بهذه (11) ... وثالثة تبيضّ منه المقادم
وقال الفرزدق يذكر ذلك (12):
__________
(1) في جمهرة العسكري: 2/ 366 «جوار ورب الكعبة».
(2) حديث الحارث بن ظالم مع الأسود بن المنذر تجده في كتب الأمثال عند المثل «است البائن أعلم». وقتله خالد بن جعفر ورد في الأغاني:
11: 89. ومعجم مجمع الأمثال: 312.
(3) جمهرة العسكري: 2: 366.
(4) الأغاني: 11: 96، 103102.
(5) المرجع نفسه: 103102.
(6) الأغاني: «فتكي».
(7) الأغاني: «أمره».
(8) ذو الحيات: سيف الحارث، وهو مشهور.
(9) وقع عجز هذا البيت عجزا للذي قبله، والعكس، في الأغاني: 11/ 102.
(10) النجمة: واحدة النجم، وهو من النبات ما لا ساق له.
(11) الأغاني: «بدأت بهذه ثم اثني بمثلها».
(12) ديوان الفرزدق: 1: 21والأغاني: 11: 99 والخزانة: 3: 185وجمهرة العسكري: 2:
368.(1/75)
كما كان أوفى إذ ينادي ابن ديهث ... وصرمته كالمغنم المتنهّب ... فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم ... وكان متى ما يسلل السيف يضرب ... وما كان جارا غير دلو تعلقت ... بحبليه في مستحصد العقد مكرب
مكرب: مشدود، وعقد الحبل على عراقي الدلو يقال له الكرب، ويقال للرجل اكرب دلوك.
وقال الفرزدق (1):
أعوذ ببشر والمعلّى كلاهما ... بني مالك أوفى جوارا وأكرم ... من الحارث المنجى عياض بن ديهث ... فردّ أبو ليلى له وهو أظلم ... وما كان جارا غير دلو تعلقت ... بعقد رشاء عقده لا يجذّم ... فرد أخا عمرو بن مسعود ذوده (2) ... جميعا وهنّ المغنم المتقسّم
فأتى على ذلك ما شاء الله.
ثم إن الحارث قدم الحيرة فأخذ، فأتي به النعمان فأمر به ابن الخمس التغلبيّ فضرب عنقه (3).
70 - ولو بأحد المغروّين.
زعموا أن رجلين من أهل هجر أخوين ركب أحدهما ناقة صعبة، وكانت العرب تحمّق أهل هجر، وأن الناقة ندّت، ومع الذي لم يركب منهما قوس ونبل، واسمه هنين، فناداه الراكب منهما: يا هنين أنزلني عنها ولو بأحد المغروين يعني سهمه فرماه أخوه فصرعه فمات فذهب قوله: ولو بأحد المغروّين (4) مثلا.
71 - ذكرني فوك حماري أهلي.
زعموا أن رجلا شابا غزلا خرج يطلب حمارين لأهله فمرّ على امرأة متنقبة جميلة في النقاب، فقعد بحذائها وترك طلب الحمارين، وشغله ما سمع من حسن حديثها وما رأى من جمالها في النقاب، فلما سفرت عن وجهها إذا لها أسنان مكفهرّة منكرة مختلفة، فلما رآها ذكر حمارية فقال: ذكرني فوك حماري أهلي (5)
فذهب قوله مثلا (6).
__________
(1) ديوان الفرزدق: 2: 248.
(2) الديوان: «عمرو بن سعد بذوده».
(3) في مقتل الحارث انظر الأغاني: 11: 111.
(4) جمهرة العسكري: 2: 331ومعجم مجمع الأمثال: 249والمستقصى: 50، واللسان (غرا) والرواية فيما عدا العسكري: أدركين
ولو بأحد المغروين والمغروان: السهمان، يقال غروت السهم: إذا أصلحته بالغراء وقال الميداني: المغرو السهم المريش.
(5) جمهرة العسكري: 1/ 463والميداني: 262 والمستقصى: 213.
(6) في المطبوعة: فذهب قوله مثلا وخلّى عنها.(1/76)
72 - عرفتني نسأها الله.
زعموا أن رجلا (1) في الجاهلية كانت له فرس مربّبة معلمة قد تألفها وعرفته، فبعثه قومه طليعة فمرّ بروضة فأعجبته، وهو لا يدري أن العدوّ قريب منه، فنزل فخلع لجام فرسه وخلّى عنها ترعى، فبينا هو على ذلك إذ طلعت عليه خيل العدو دواس أي يتبع بعضهم بعضا فأخذوه، وطلبوا الفرس فسبقتهم، فلم يقدروا عليها، فتعجبوا منها ومن جودتها فقالوا: إن دفعتها إلينا فأنت آمن وإلا قتلناك، فظنّ الرجل أنهم قاتلوه إن لم يفد نفسه، فدعاها فجاءت فقال عرفتني نسأها الله (2) أي أخّرها وزاد في أجلها، فصار مثلا.
73 - يداك أوكتا وفوك نفخ
وزعموا أن قوما كانوا في جزيرة من جزائر البحر في الدهر الأول، ودونها خليج من البحر، فأتاها قوم يريدون أن يعبروها فلم يجدوا معبرا، فجعلوا ينفخون أسقيتهم ثم يعبرون عليها، فعمد رجل منهم فأقلّ النفخ وأضعف الربط، فلما توسط الماء جعلت الريح تخرج حتى لم يبق في السقاء شيء، وغشيه الموت فنادى رجلا من أصحابه أن يا فلان إني قد هلكت. فقال:
ما ذنبي يداك أوكتا وفوك نفخ (3) فذهب قوله مثلا.
أو كيت رأس السقاء إذا شددته، وقال بعض الشعراء:
دعاؤك حذر البحر أنت نفخته ... بفيك وأوكته يداك لتسبحا
74 - يا حبذا المنتعلون قياما.
75 - إذا رمت الباطل أنجح بك.
زعموا أن شيخا كانت تحته امرأة شابة، فكانت تراه إذا أراد أن ينتعل قعد فانتعل، وكانت ترى الشبان ينتعلون قياما فقالت يا حبذا المنتعلون قياما (4) فسمع ذلك منها فذهب ينتعل قائما فضرط وهي تسمع فقالت: إذا رمت الباطل أنجح بك (5) أي
__________
(1) في بعض الروايات أن هذا المثل من الأمثال التي تتعلق ببيهس (انظر جمهرة العسكري: 2: 37) والقصة كما رواها المفضل مروية أيضا عن علاقة الكلبي يسندها إلى عبيد بن شرية (فصل المقال: 79).
(2) جمهرة العسكري: 2: 37وفصل المقال: 78، والميداني: 1/ 307والمستقصى: 241.
(3) يداك اوكتا وفوك نفخ: في جمهرة العسكري:
2: 430، وفصل المقال: 458، ومعجم مجمع الأمثال: 803، والعقد: 3: 120 والتلخيص للعسكري: 336، ونقل البكري عن ابن دريد قصة أخرى في المثل غير التي رواها المفضل.
(4) يبدو أن المفضل لم يعد هذا مثلا، ولكن البكري عده كذلك، انظر فصل المقال: 380 وورد في جمهرة العسكري: 1: 374يحذف «يا».
(5) يروى أيضا: إذا طلبت انظر فصل المقال:
380 - والميداني: 1: 29والمستقصى: 3وإذا ادعيت» في جمهرة العسكري: 1: 104 وذكره في 1: 374 «من ادعى الباطل انجح به».(1/77)
غلبك، فأرسلتها مثلا.
76 - ذلّ لو أجد ناصرا.
77 - لو نهي عن الأولى لم يعد للآخرة.
78 - ملكت فأسجح.
زعموا أن الحارث بن أبي شمر الغساني سأل أنس بن الحجيرة (1) عن بعض الأمر فأخبره به فلطمه فقال: ذل لو أجد ناصرا (2) ثم قال: الطموه، فقال أنس: لو نهى عن الأولى لم يعد للآخرة (3)، فأرسلها مثلا، فقال: زيدوه، فقال أنس أيها الملك ملكت فأسجح (4)، فأرسلها مثلا فأمر أن يكفّ عنه.
79 - است البائن أعلم.
زعموا أن قوما شردت إبل بني صحار بن وهب بن قيس بن طريف، وهو أخو (5) الطماح بن عمرو بن قعين، حتى وقعت في بلاد بني عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، فركب الجميح وهو منقذ ابن الطماح بن قيس (6) في طلب الإبل حتى وقع في بلاد بني مرة، قال: فانتهيت إلى بيت عظيم فأنخت إليه ووضعت رحلي عنده في عشية متغيمة، فإذا في البيت الذي انخت بفنائه رجل شاب مضاجع ربة البيت، قد غلبته عينه فنام، فحسبته ربّ هذا البيت، فلم ألبث إلا قليلا حتى راح الشاء فحبست في العطن، ثم راحت الإبل وفيها أفراس ومعها رعاؤها، فحبست في العطن، ثم طلع رجل على فرس يصهل فارتاحت له الخيل، وارتاحت العبيد لذلك، وجاء حتى وقف عليهم فقال: ماذا كم السواد بفناء البيت؟ قالوا: ضيف، قال: فلما رأيت ذلك عرفت أنه ربّ البيت، وأن الفتى ليس
__________
(1) حجير في جمهرة العسكري: 1: 460.
(2) المثل في جمهرة العسكري: 1: 460 والميداني: 1: 188والمستقصى: 213 والعقد: 3: 96.
(3) المثل في جمهرة العسكري: 2: 197وانظر الحاشية السابقة.
(4) انظر جمهرة العسكري: 2: 248ومعجم مجمع الأمثال: 697والمستقصى: 311واللسان (سجح) والعقد: 3: 104، والبيان والتبيين:
1/ 324وعيون الأخبار: 4/ 237.
(5) في المطبوعة: «وهو أبو الطمّاح» والخطأ واضح.
(6) الجميح: منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف بن عمرو الأسدي. (ت 53ق. هـ / 571م) من الفرسان الشعراء في الجاهلية قتل يوم جبلة وذلك يوم مولد النبي الكريم. له المفضليات 4و 7و 109. أبوه صاحب امرئ القيس الذي وشى به في بلاد الروم نهاية الأرب للنويري: 15/ 353والأعلام: 7/ 308.(1/78)
منها في شيء، فدخلت البيت فاحتملت الفتى حتى أبرزته من وراء البيت، فاستيقظ بي فقال: أمّا أنت فقد أنعمت عليّ فمن أنت؟ فقلت: أنا منقذ بن الطماح، قال:
أو في الإبل جئت؟ (1) قلت: نعم، فقال:
أدركت، أمكث ليلتك هذه عند صاحب رحلك، فإذا أصبحت فأت ذاك العلم الذي ترى، فقف عليه ثم ناد يا صباحاه، فإذا اجتمع إليك الناس فإني سآتيك على فرس ذنوب (2) بين بردين، فأعرّض لك الفرس مرتين حتى تثب عليه، فإذا فعلت ذلك فثب خلفي ثم ناد يا حار يا حار المخاض، فإنك إذا فعلت ذلك أدركت، قال: وإذا هو الحارث بن ظالم (3) فلما أصبحت فعلت الذي أمرني به، فناديت يا صباحاه، فأتاني الناس حتى جاءني آخر من جاء، فعرض لي فرسه فوثبت عليه فإذا أنا خلفه، فقلت يا حار يا حار المخاض، فأجارني وحولت رحلي إليه، فمكثت عنده أياما لا يصنع شيئا، ثم قال: سبني يغضب لحمي (4). فقلت: لا أسبك أبدا، قال:
فقل قولا يعذرني به قومي، قال: فمكثت حتى إذا أوردوا النعم جعلت أسقي وأرتجز فقلت وكانت في الإبل الذي ذهبت ناقة يقال لها اللفاع (5):
إني سمعت حنّة اللفاع ... في النعم المقسّم الأوزاع ... ناقة ما وليدة جياع ... أما إذا أجدبت المراعي ... فإنها تحلب في المجاع ... أما إذا أخصبت المراعي ... فإنها نهي من النقاع ... فادعي أبا ليلى ولا تراعي ... ذلك راعيك فنعم الراعي ... إلا يكن قام عليه ناعي ... لا تؤكلي العام ولا تضاعي ... منتطقا بصارم قطّاع
يفري (6) به مجامع الصداع فلما سمع بذلك الحارث وكان يكنى أبا ليلى أقبل يسعى مخترطا سيفه فقال (7):
هل يخرجن ذودك ضرب تشذيب ... ونسب في الحيّ غير مأشوب
هذا أواني وأوان المعلوب (8)
ثم نادى الحارث: من كان عنده من هذه الإبل شيء فلا يصدرنّ بشيء فلا من ذمتنا حتى يردها، قال: فردت جميعا مكانها غير الناقة التي يقال لها اللفاع، فانطلق وانطلقت معه نطوف عليها، فوجدناها مع رجلين
__________
(1) يعني: أجئت في طلب الإبل؟.
(2) الذنوب: الفرس الوافر الذنب.
(3) الحارث بن ظالم المري أبو ليلى (ت: 22ق هـ / 600م). من فتاك العرب في الجاهلية طلبه النعمان فهرب إلى الشام وقتل في حوران الطبري: 1/ 549.
(4) في جمهرة العسكري: 2/ 248سبني تغضب عشيرتي.
(5) ورد بعض هذا الرجز في الأغاني (11: 99) متصلا بقصة أخرى وانظر أيضا: 11: 102.
(6) الأغاني: 11/ 99: يشفي به.
(7) انظر الرجز برواية أخرى في الأغاني: 11: 99.
(8) المعلوب: سيف الحارث بن ظالم.(1/79)
يحلبانها فقال لهما الحارث: خليا عنها فليست لكما، فضرط البائن منهما البائن:
الذي يقف من جانب الحلوبة الأيمن، ويقال للحالبين البائن والمستعلي، والمستعلي الذي من جانب الناقة الأيسر فقال المستعلي: والله ما هي لكما، فقال الحارث: است البائن اعلم (1) فأرسلها مثلا وردّ الإبل على الجميح فانصرف بها.
80 - رويد الغزو ينمرق.
كانت امرأة من طيء (2) يقال لها رقاش كانت تغزو بهم ويتيمنون برأيها، وكانت كاهنة، وكان لها حزم ورأي، فأغارت بطيء وهي عليهم على إياد بن نزار بن معد يوم رحى حائر فظفرت بهم وغنمت وسبت، فكان فيما أصابت من إياد فتى شابّ جميل، فاتخذته خادما فرأت عورته فأعجبها فدعته إلى نفسها فوقع عليها فحملت فأتيت في إبان الغزو لتغزو بهم، فقالوا لها: هذا أوان الغزو فاغزي أن كنت تريدين الغزو، فجعلت تقول: رويد الغزو ينمرق (3) فأرسلتها مثلا. ثم جاءوا لعادتهم فرأوها نفساء مرضعا قد ولدت غلاما، فقال بعض شعراء طيء (4):
نبئت أنّ رقاش بعد شماسها ... حبلت وقد ولدت غلاما أكحلا (5)
... فالله يحظيها ويرفع ذكرها (6) ... والله يلحقها (7) كشافا مقبلا ... كانت رقاش تقود جيشا جحفلا ... فصبت وحقّ لمن صبا أن يحبلا ... دري رقاش فقد أصبت غنيمة ... فحلا يصورك أن تقودي جحفلا
81 - أتتك بحائن رجلاه.
زعموا أن المنذر بن امرئ القيس وهو جد النعمان بن المنذر، وكانت أمه ماء السماء امرأة من النمر بن قاسط قال للحارث بن العيف بن عبد القيس، والمنذر يومئذ محارب للحارث بن جبلة الغساني ملك الشام: اهج الحارث بن جبلة، فقال له الحارث بن العيّف (8):
__________
(1) جمهرة العسكري: 1: 138معجم مجمع الأمثال 312والمستقصى: 64والأغاني: 11:
99، 102، والخزانة: 3: 187والعبدري:
55.
(2) في اللسان (مرق) ينقل عن المفضل أنها رقاش الكنانية، والتصحيف وارد.
(3) المثل في جمهرة العسكري: 1: 483وفصل المقال: 338ومعجم مجمع الأمثال: 295 والمستقصى: 221واللسان (مرق) ويروى أيضا «يتمرق» وأورده ابن السراج بالزاي «يتمزق».
ويحيل البكري في رواية المثل على محمد بن حبيب ولا خلاف بن روايته ورواية المفضل.
(4) فصل المقال 339: وجمهرة العسكري: 1/ 314.
(5) فصل المقال: أصحلا.
(6) في رواية: ويرفع بضعها، أي يغلي مهرها.
(7) فصل المقال: يلقحها والكشاف الحمل على الناقة بعد نتاجها.
(8) انظر اللسان (زنى) وكتب الأمثال عند المثل «أتتك بحائن رجلاه».(1/80)
لا همّ إن الحارث بن جبله ... زنا على أبيه ثم قتله (1)
... وركب الشادخة المحجّلة (2) ... وكان في جاراته لا عهد له
فأيّ فعل سيّئ لا فعله وقال لحرملة بن عسلة (3) أخي بني مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة: اهج الحارث، وكانت أم حرملة امرأة من غسان فقال حرملة بن عسلة:
[ألم تر أني بلغت المشيبا ... لدى دار قومي عفّا كسوبا] ... وأن الإله تنصفته ... بأن لا أعقّ وأن لا أحوبا
(أي عبدته، والناصف: الخادم، قال الشاعر:
وتلقى حصان تنصف ابنة عمها ... كما كان يلقى الناصفات الخوادم) ... وأن لا أكافر (4) ذا نعمة ... وإلا أخيّبه مستثيبا (5)
... وغسان قوم هم والدي (6) ... فهل ينسينّهم أن أغيبا ... فأوزع بها بعض من يعتريك ... فإن لها من معدّ كليبا
(يقال كلب وكليب مثل معز ومعيز، والإيزاع: الإغراء).
وإن لخالك مندوحة ... وإن عليك بغيب رقيبا
فلما كان حين سار المنذر بن ماء السماء إلى الحارث بن جبلة فالتقوا بعين أباغ، فقتل المنذر بن ماء السماء وهزم جيشه، وكان فيهم أخلاط من العرب من ربيعة ومضر وغيرهم، فكان ابن عسلة في الجمع يومئذ مع المنذر فأسر هو، فأحسن إليه الحارث بن جبلة وحمله وكساه وخلّى سبيله، وكان في جيش المنذر يومئذ رجل من بني حنيفة، يقال له عمرو بن شمر بن عمرو، إنما خرج متوصلا بجيش المنذر يريد أن يلحق بأخواله من غسان، وكانت أمه منهم، فرأى مصرع المنذر فأتاه فأخذ
__________
(1) زنا مخفف من زنأ معنى ضيق.
(2) يريد أنه أتى فعله مشهورة قبيحة.
(3) حرملة بن عسلة: وعسلة أمه وهي بنت عامر بن شراكة، وهو حرملة بن حكيم بن غفير بن طارق بن قيس بن مرة بن همام الشيباني (المؤتلف والمختلف: 235، وكتاب من نسب إلى أمه لابن حبيب في نوادر المخطوطات: 1: 94والخزانة 4: 230)، وقد أبى أن يهجو الحارث بن جبلة وقيل أنه قال للملك اللخمي «أبيت اللعن أنهم أخوالي وإنه لا ينبغي لي أن أهجوهم،» وهذا أمر بين في أبياته البائية التي أوردها ابن حبيب في من نسب إلى أمه، وأعاد ذكرها في اسماء المغتالين (نوادر المخطوطات 2: 143) كما ذكرها البغدادي في الخزانة، والعسكري في الجمهرة: 1: 120وقد قيل إن الملك الغساني كافأه بأن وهب له قينتين. وقصة القينتين تتصل بالمفضلية رقم: 62 وهي قصيدة نسبها المفضل لأخيه عبد المسيح بن عسلة، ونسبها الآمدي لحرملة نفسه.
(4) العسكري: 1/ 483: «اكاثر».
(5) العسكري: 1/ 483: «وألا أرد امرأ مستثيبا».
(6) العسكري: 1/ 483: «وغسان قوم هم ما هم».(1/81)
بردا كان عليه، ثم أتى الحارث فأخبره أنه قتله وهذا برده، وكان ابن العيف العبديّ (1)
في الأسراء، فقال له الحارث بن جبلة حين رآه: أتتك بحائن رجلاه (2) فأرسلها مثلا. ثم قال له: إنه بلغني ما قلت، فاختر مني إحدى ثلاث خلال: إما أن أطرحك في جبّ فيه الأسد قد ضري وجوّع فتمكث معه ليلة، أو ارمي بك من رأس طمار يعني جبل دمشق، فإن نجوت نجوت وإن هلكت هلكت، أو يضربك الدلامس (3) سيافه الذي يقوم على رأسه، وهو أعظم الرجال وأشدهم بعمود له من حديد ضربة فإن نجوت نجوت وإن هلكت هلكت، فنظر في أمره فكره الأسد، وكره أن يلقى من رأس الجبل، واختار أن يضربه الدلامس تلك الضربة، فضربه على منكبه فدقّ منكبه ووركه، ثم أمر به فألقي، فاحتسب عليه راهب فداواه حتى برئ وهو مخبل (4).
82 - أصبح ليل.
كان امرؤ القيس بن حجر الكندي الشاعر رجلا مفركا لا تحبه النساء ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طيء فابتنى بها، فأبغضته من تحت ليلته فكرهت مكانه، فجعلت تقول: يا خير الفتيان أصبحت أصبحت، فيرفع رأسه فيرى الليل كما هو، فيقول: أصبح ليل (5) فلما أصبح قال لها: قد رأيت ما صنعت الليلة، وقد عرفت أن ما صنعت ذلك من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني؟
قالت: ما كرهتك، فلم يزل بها حتى قالت: كرهت منك إنك خفيف العجزة، ثقيل الصدرة، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، فلما سمع ذلك منها قال لها هو:
إنك لحديدة الركبة، سلسلة النقبة، سريعة الوثبة، وطلقها، وذهب قوله: أصبح ليل مثلا.
83 - إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر.
كان الناس يتبايعون على طلوع الشمس وغروب القمر من صبح ثلاث عشرة ليلة
__________
(1) الحارث بن العيف (بفتح العين وتشديد الياء وكسرها) هو عند ابن حبيب في كتاب من نسب إلى أمه: «عمارة بن العيف» ورجزه في خزانة الأدب 4: 229وفيه رواية أخرى: «عق أباه ظالما فقتله» وقال البغدادي (4: 231) وقد نسب هذا الشعر إلى شهاب بن العيف محمد بن حبيب والآمدي أيضا في كتاب أشعار بني شيبان، ووقع في كتاب الشعراء المنسوبين إلى أمهاتهم أن هذا الشعر لعامر بن العيف أخي شهاب.
(2) جمهرة العسكري: 119والفاخر: 191 (في قصة أخرى) والميداني والمتقصى: 19واللسان (يحن) والخزانة: 1: 324.
(3) الميداني: 371والعسكري: 192الدلامص.
(4) الخبل: الاسترخاء.
(5) أصبح ليل: معجم مجمع الأمثال: 371 والمستقصى: 82وجمهرة العسكري: 192.(1/82)
تخلو من الشهر: أتطلع بعد غروب القمر أم قبله، فتبايع رجلان على ذلك، فقال أحدهما: تطلع قبل غروب القمر، وقال آخر: يغيب القمر قبل طلوع الشمس، فكأنّ قوم اللذين تبايعا ضلعوا مع الذي قال إنّ القمر يغرب قبل طلوع الشمس، فقال الآخر: يا قوم إنكم تبغون عليّ، فقال له قائل إنّ يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر (1)، فذهبت مثلا.
84 - صكا ودرهماك لك، لا أفلح من أعجلك.
زعموا أن امرأة بغيا كانت تؤاجر نفسها، فاستأجرها رجل بدرهمين، فلما جامعها أعجبها جماعة، فجعلت تقول: صكا ودرهماك لك، لا أفلح من أعجلك (2)
فذهب قولها مثلا.
85 - من عزّ بزّ.
خرج رجل من طيء يقال له جابر بن رألان ثم أحد بني ثعل بن سنبس، ومعه صاحبان له، حتى إذا كانوا بظهر الحيرة، وكان للمنذر بن ماء السماء يوم يركب فيه في السنة لا يلقى فيه أحدا إلا قتله، فلقي في ذلك اليوم ابن رألان وصاحبيه، فأخذتهم الخيل بالثويّة، فأتي بهم المنذر الثوية: موضع بالحيرة وقال المنذر:
اقرعوا فأيكم قرع خلّيت عنه وقتلت الباقيين. فاقترعوا فقرعهم جابر، فخلى سبيله وقتل صاحبيه، فلما رآهما ابن رألان يقادان ليقتلا قال: من عزّ بزّ (3) فأرسلها مثلا وقال جابر في ذلك (4):
يا صاح حيّ الراني المتريّبا ... واقرأ عليه تحية أن يذهبا ... يا صاح ألمم إنها إنسية ... تبدي بنانا كالسيور مخضبا ... ولقد لقيت على الثويّة آمنا ... يسق الخميس بها وسيقا (5) احدبا ... كرها أقارع صاحبيّ ومن يفز ... منا يكن لأخيه بدءا مرهبا ... لله درّي يوم أترك طائعا ... أحدا لأبعد منهما أو أقربا
أحدا: أي أحد الأخوين، يلوم نفسه على تركه إياهما.
فعرفت جدي يوم ذلك إذ بدا ... أخذ الجدود مشرّقين وغربا
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 1: 34ومعجم مجمع الأمثال: 73والمستقصى: 151.
(2) جمهرة العسكري: 1: 579معجم مجمع الأمثال: 386.
(3) معنى المثل: من غلب سلب انظر جمهرة العسكري: 2: 288والفاخر: 72والزاهر:
1: 456. ومعجم مجمع الأمثال: 707 والمستقصى: 314واللسان (بزز) والوسيط:
153 - والتلخيص للعسكري: 195والخزانة:
1: 324ومقاييس. اللغة: 4/ 39والمقامات الزينية: 107.
(4) الشعر في الفاخر: 73.
(5) في المطبوعة «سيفا» وأكثر اللسان حرب 71أن الوسيق هو الاحدب أي السريع.(1/83)
كرّ الفنون (1) عليك دهرا قلّبا ... كرّ الثّقال يقوده أن يذهبا (2)
... ولقد أرانا مالكين لرأسه ... نزعا خزامة أنفه أن يشغبا (3)
86 - قد نراك فلست بشيء.
زعموا أن امرأة كان لها صديق، وهو لزوجها عدو، وكانت معجبة، قال لها: لا أشتفي أبدا حتى أجامعك وزوجك يراني، فاحتالي لي. وكان لزوجها بهم، فكان يرعاها بفناء بيته، فاصطنعت له سربا إلى جنبها ثم جعلت له غطاء، وكان رب البيت يرعى حول بيته، فلما تبرز من البيت وتباعد عنه وثب عليها صديقها، فرآه زوجها فأقبل مسرعا قد ذهب عقله، فلما رآه صديقها مقبلا دخل السرب، وجاء الرجل وقال للمرأة: ما هذا الذي رأيت معك؟ قالت: ما رأيت من شيء وهذا البيت فانظر فيه، فنظر فلم ير شيئا، فعاد إلى غنمه، وعاد صديقها إليها، فلما رآه زوجها أقبل، وعاد صديقها إلى سربه، فلما جاء قال: ما هذا؟ قالت:
وهل ترى من بأس؟ فنظر وانصرف إلى مكانه، فعاد صديقها إليها، حتى فعل ذلك مرارا يقبل الزوج فلا يرى شيئا ثم يعود صديقها إليها إذا ذهب زوجها، فلما أكثر قال زوج المرأة: قد نراك فلست بشيء (4)
فأرسلها مثلا.
87 - أعن صبوح ترقّق.
وأما هذا المثل: أعن صبوح ترقّق (5)
فإن العرب يدعون شراب الليل الغبوق، وشراب النهار الصبوح، فزعموا أن رجلا نزل ببيت من العرب ليس لهم مال، فآثروه على أنفسهم فغبقوه غبوقا قليلا فبات بهم ليستوجب أن يصبحوه، فقال: أين أغدو إذا صبحتموني أي أنه لا بد من أن يصبحوه فقالوا: أعن صبوح ترقق، فذهب قولهم مثلا.
الصبوح: شراب النهار، والغبوق:
شراب الليل.
88 - خذ من جذع ما أعطاك.
زعموا أن سليحا من قضاعة وغسان احتربوا، فظهرت عليهم سليح، وكانت غسان تؤدي إليهم دينارين على كلّ رجل منهم، وكان سبطة بن المنذر السليحي هو
__________
(1) الفاخر: 72المنون.
(2) الفاخر 72: بقيده أن يرهبا.
(3) في الفاخر (نرعى) بدل (نزعا).
(4) ورد بحذف «قد» في جمهرة العسكري: 2:
311.
(5) جمهرة العسكري: 1: 29وفصل المقال: 75 ومعجم مجمع الأمثال: 459 (عن صبوح) والمستقصى: 102واللسان (صبح) والعقد: 3:
86 - وأمالي القالي: 2: 18.(1/84)
يجبي الدينارين منهم لسليح، فأتى رجلا منهم يقال له جذع بن عمرو، وعليه ديناران، فقال: أعطني الدينارين، فقال:
أعجّل لك أحدهما وأخّر عليّ الآخر حتى أوسر، فقال سبطة: ما كنت لأؤخر عليك شيئا، فدخل جذع بيته وقال: اقعد حتى أعطيك حقك، فاشتمل جذع على السيف ثم خرج إلى سبطة فضربه حتى سكت ثم قال:
خذ من جذع ما أعطاك (1) فأرسلها مثلا، وامتنعت منهم غسان بعد ذلك اليوم.
89 - قد أنصف القارة من راماها.
زعموا أن رجلا من جهينة رمى رجلا من القارة (2) وهم بنو الهون بن خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر فقتله، فرمى رجل من القارة رجلا من جهينة، وكان القارة فيما يذكرون أرمى حيّ في العرب، فقال قائلهم: قد أنصف القارة من راماها (3) فأرسلها مثلا.
90 - مرعى ولا كالسعدان.
91 - اليوم خمر وغدا أمر.
زعموا أن امرأ القيس بن حجر الكندي كان مفركا لا يكاد يحظى عند امرأة، تزوج امرأة ثيبا فجعلت لا تقبل عليه ولا تريه من نفسها شيئا مما يحب، فقال لها ذات يوم:
أين أنا من زوجك الذي كان قبل؟ فقالت:
مرعى كالسعدان (4) فأرسلتها مثلا.
زعموا أن امرأ القيس لما بلغه أن بني أسد قتلوا حجرا وكان ذلك اليوم يشرب فقال: اليوم خمر وغدا أمر (5) فأرسلها مثلا.
92 - كل ذات صدار خالة لي.
زعموا أن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وكانت أمه لبنى بنت الحزمر بن كاهل، وكانت من بني أسد بن خزيمة أغار على بني أسد،
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 1: 421وفصل المقال: 343ومعجم مجمع الأمثال: 223 ومقايس اللغة: 1/ 437. والمستقصى: 208 والعقد: 3: 122والخزانة: 1: 272ويضرب في اغتنام ما يجود به البخيل.
(2) القارة: قبيلة عضل والديش ولدا الهون بن خزيمة وسموا قارة لالتفافهم واجتماعهم. مجمع الأمثال: 223.
(3) جمهرة العسكري: 1: 55 (بحذف قد) والفاخر: 140وفصل المقال: 304ومعجم مجمع الأمثال: 506واللسان (قور) والوسيط:
135 - ويروى: انصف القارة من راماها وهي المراماة بالحجارة.
(4) يقرن بالمثل المتقدم: ماء ولا كصداء، انظر جمهرة العسكري: 2: 242وفصل المقال:
199 - والوسيط: 157والعبدري: 394ومعجم مجمع الأمثال: 689ومقاييس اللغة: 3/ 75.
(5) جمهرة العسكري 2: 431والمستقصى: 143.
والخزانة: 1: 161. والعبدري: 154وتمثال الأمثال: 1/ 310مجمع الأمثال: 811.(1/85)
فقالت له امرأة منهم: أبخالاتك يا همام تفعل هذا؟ قال: كل ذات صدار خالة لي (1) فأرسلها مثلا.
93 - خلع الدرع بيد الزوج.
94 - إن التجريد لغير نكاح مثلة.
95 - بخ بخ ساق بخلخال.
زعموا أن كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة تزوج رقاش (2) بنت عمرو بن عثم بن تغلب بن وائل، وكانت من أجمل نساء الناس وأكملهن خلقا، فقال لها: اخلعي درعك فقالت: خلع الدرع بيد الزوج (3) ثم قال: اخلعي درعك لأنظر إليك فقالت: إن التجريد لغير نكاح مثلة (4)، فطلقها فتحملت إلى أهلها، فمرت بذهل بن شيبان بن ثعلبة فأتاها فسلم عليها وخطبها إلى نفسها فقالت لخادمها: انظري إليه إذا بال أيبعثر أم يقعّر، فنظرت إليه الأمة فقالت: يقعر، فتزوجته، وعنده امرأة من بني يشكر يقال لها الورثة بنت ثعلبة، وكانت لا تترك له امرأة إلا ضربتها وأجلتها فخرجت رقاش وعليها خلخالان، فقالت الورثة: بخ بخ ساق بخلخال (5)، فقالت رقاش: أجل، ساق بخلخال، من نحلة خال، ليس كخالك البخال، فوثبت عليها الورثة لتضربها، فضبطتها رقاش وغلبتها، حتى حجزها عنها الرجال، فقالت الورثة:
يا ويح نفسي اليوم أدركني الكبر ... أأبكي على نفسي العشية أم أذر ... فو الله لو أدركت في بقية ... للاقيت ما لاقى صواحبك الأخر
فولدت رقاش لذهل بن شيبان مرة وأبا ربيعة ومحلما والحارث.
96 - لو كنت منا حذوناك.
زعموا أن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة كانت الأكلة أصابت رجله، فأمر بقطعها من الركبة، فدعا بنيه ليقطعوها، فكلهم أبى أن يقطعها، فدعا نقيذا وهو همام بن مرة وكان من أجبنهم (6) في
__________
(1) جمهرة العسكري 2: 140وفصل المقال: 161 ومعجم مجمع الأمثال: 564والمستقصى:
268 - واللسان (صدر) وقال البكري في شرح المثل: لا تعتدي علي بالخئولة فليس ذلك بمانعي من الإغارة عليك، فكل امرأة يجب على الغيور من الكف عن محارمها ما يجب للخالة أخت الأم. والصدار: ثوب لا كمين له تتبذل فيه المرأة في بيتها.
(2) رقاش بنت عمرو: من فواضل النساء العربيات كانت لها أمثال وإسجاع. ذكرها كحالة في أعلامه 1/ 452.
(3) خلع الدرع بيد الزوج: في جمهرة العسكري:
1: 417وفصل المقال: 414ومعجم مجمع الأمثال: 235والمستقصى: 209وروى البكري القصة عن ابن كرشم.
(4) يروى: التجرد (أو التجريد) لغير نكاح مثلة.
(5) الميداني: 1: 73وانظر فصل المقال: 415 والميداني 1: 91.
(6) الميداني: من أجسرهم.(1/86)
نفسه فقال: اقطعها يا بنيّ، فجعل يهم به، فقال أبوه: إذا هممت فافعل، فسمّى هماما، فقطعها همام، فلما رآها قد بانت قال: لو كنت منا حذوناك (1) فأرسلها مثلا.
97 - أعز من كليب وائل.
98 - تجاوزت شبيثا والأحص.
99 - أشأم من ناقة البسوس.
100 - استه أضيق من ذاك.
101 - لا ناقة لي في هذا ولا جمل.
102 - آخر البز القلوص.
103 - أشأم من خوتعة.
104 - أثقل من حمل الدهيم.
105 - ائت فقد أنى لك.
أما قول الناس: أعز من كليب بن وائل (2) فإن كليب بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن عثم بن ثعلب بن وائل كان سيد ربيعة في زمانه، فكان الناس إذا حضروا المياه لم يسق أحد منهم إلا من سقاه، وإن بدا فأصابهم مطر لم يتحوّض إنسان منهم حوضا إلّا ما فضل عن كليب، وكان يقول: إني قد أجرت صيد كذا وكذا فلا يصاد منها شيء قال معبد بن سعنة (3)
الضبي كذا رواه المفضل، وهو الأسود ابن سعنة أخو معبد:
كفعل كليب كنت أخبرت أنه ... يخطّط أكلاء المياه ويمنع ... يجير على بكر بن وائل ... أرانب ضاح والظباء فترتع
__________
(1) جمهرة العسكري 2: 211ومعجم مجمع الأمثال 645والمستقصى: 293وحذوناك بمعنى أعطيناك وهذا المثل يضربه الرجل يحزن على أثر ما فارقه، هذا ما قاله العسكري، أما الميداني فقال: لو كنت صحيحة جعلنا لك حذاء، يضرب لمن أهمل إكرامه لخصلة سوء تكون فيه، وتفسير الميداني أصوب.
(2) المثل في الدرة الفاخرة: 300والوسيط: 46 وجمهرة العسكري: 2: 65والفاخر: 93 والمستقصى: 99والحيوان: 1: 320وثمار القلوب: 99والأغاني: 5: 29وقصة كليب وحرب البسوس على تباين في طولها في النقائض: 904والأغاني: 5: 29 (وقد جمع أبو الفرج رواية أبي عبيدة ورواية الكلبي ورواية المفضل، واختصر اللفظ). والعقد: 5: 213 وابن الأثير: 1: 523وسرح العيون: 92 والشريشي: 2: 371. وقد وردت أمة (قصة حرب البسوس في مواضع من خزانة الأدب:
1/ 301أعز من كليب وائل وكذلك أشأم من البسوس، تجاوزت شبيثا والأحص (الخزانة 3/ 254) والمثل: لا ناقة في هذا ولا جمل في 1/ 224و 303والمثل: «بؤ بشسع نعل كليب» الذي لم يعدّه المفضل، ورد في العبدري رقم 200.
(3) ضبط في اللسان والتاج بفتح السين. ومعجم مجمع الأمثال 440.(1/87)
فقيل أعز من كليب بن وائل، فذهبت عزته مثلا.
وكان لكليب أخ يقال له امرؤ القيس بن ربيعة وهو مهلهل وعدي بن ربيعة وكانت إبل كليب لا يسقى معها إبل حين ترد الماء حتى تصدر، وكان جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة، أمه الهالة (1) من بني عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانت أمها غنوية فجاورت امرأة من غني مع جساس بن مرة للخئولة، فوردت ناقة للغنوية مع إبل كليب وهي عطشى فشرعت في الحوض، فرآها فأنكرها فقال: ما هذه الناقة؟ قالوا: ناقة لجساس بن مرة من غني، فرماها بسهم فأصاب ضرعها، فندّت إلى بيت الغنوية، فرأتها تسيل دما، فأتت جساسا فصرخت إليه، قال: من فعل هذا بناقتك؟ قالت:
كليب، فخرج هو وعمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان إلى كليب، فطعنه طعنة أثقلته، وزعموا أن عمرو بن الحارث أجهز عليه فقال كليب حين غشيه الموت لجساس: اغثنى بشربة فقال (2) تجاوزت شبيثا والأحصّ (3) فأرسلها مثلا شبيث والأحص ماءان له.
زعموا أن اسم ناقة الغنوية البسوس فصارت مثلا وقال الناس: أشأم من ناقة البسوس (4) كذا قال المفضل: وإنما اسم الغنوية البسوس (5). واسم ناقتها سراب.
ثم إن جساس بن مرة ركب فرسه فركض ليؤذن أصحابه، فمرّ على مهلهل وهو وهمام بن مرة يضربان بالقداح، وكانا متصافيين متوافقين لا يكتم واحد منهما صاحبه شيئا أبدا، فلما رآه همام قال: هذا جساس وقد جاء لسوءة والله ما رأيت فخذه خارجة قبل اليوم (6)، فلما دنا من همام أخبره الخبر ثم مضى، وعاد همام إلى مهلهل وقد تغير لونه، قال: ما شأنك قد تغير لونك، ما أخبرك هذا؟ قال: لا شيء فذكره العهد والميثاق، قال: أخبرني أنه قتل كليبا قال له مهلهل: استه أضيق من ذاك، (7) فأرسلها مثلا.
__________
(1) الأغاني: هيلة.
(2) في إحدى الروايات أنه قال: ما عقلت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمك إلى ساعتك هذه.
(3) تجاوزت شبيثا والأحص: في جمهرة العسكري:
1: 279 (وزاد فيه: وماءهما) والميداني: 1:
96 - والمستقصى: 188.
(4) المثل: أشام من البسوس (أو أشأم من سراب) في جمهرة العسكري: 1: 556والدرة الفاخرة:
1: 236، 237، والفاخر: 93والوسيط: 46 وفصل المقال: 504ومعجم مجمع الأمثال:
338. والمستقصى: 72واللسان (بسس) وثمار القلوب: 307والأغاني: 5: 30.
(5) البسوس بنت منقذ التميمة من شواعر العرب في الجاهلية. ذكرها كحالة بين أعلامه من النساء.
اعلام النساء: 1/ 131.
(6) في إحدى الروايات أن أخت جساس هي التي قالت ذلك: «والله ما خرجت ركبتاه إلا لأمر عظيم» وأن الذي نقل الخبر إلى همام هو إحدى الإماء.
(7) في جمهرة العسكري: 142است المسئول أضيق (ولم يربطه بقصة كليب) وفي الأغاني:
33 - است أخيك اضيق من ذلك وفي رواية: هو أضيق است من ذلك وانظر المادة في اللسان والمثل المقترن بقصة كليب في جمهرة العسكري: 1: 132، معجم مجمع الأمثال 313.(1/88)
ووقعت الحرب وتمايز الحيان بكر وتغلب، فزعموا أنّ الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وكان رجلا حليما شجاعا لما رأى ما وقع من الشر قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل (1)
فأرسلها مثلا واعتزل فلم يدخل في شيء من أمرهم.
ثم إن بني تغلب قالوا (2): لا تعجلوا على إخوتكم حتى تعذروا فيما بينكم وبينهم، فانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل بن شيبان فعظموا ما بينهم وبينه وقالوا: اختر منا خصالا: إما أن تدفع إلينا جساسا فنقتله بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله، وإما أن تدفع إلينا هماما، أو تقيدنا من نفسك، فسكت وقد حضرته وجوه بكر بن وائل فقالوا: إنك غير مخذول (3) قال: أما جساس فإنه غلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف ولا علم لي به، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة وعمّ عشرة (4)، ولو دفعته إليكم صيّح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا [للقتل] بجريرة غيره فهل لكم إلى غير ذلك؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه وأما أنا فما أتعجل من الموت، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل، ولكن هل لكم إلى غير ذلك؟ قالوا: وما هو؟ قال:
لكم ألف ناقة يضمنها لكم بكر بن وائل (5)
فغضبوا وقالوا: لم نأتك لترذل لنا أي تعطينا رذال بنيك ولا تسومنا اللبن.
ثم تفرقوا فوقعت الحرب بينهم، فاعتزل الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.
ثم إن بني تغلب لقوا بجير بن الحارث بن عباد وهو غلام في إبله فأتوا به مهلهلا، وكان رئيس بني تغلب بعد كليب، وكان كليب يضعّفه ويقول: إنما أنت زير نساء، فلما أتي ببجير قال: من أنت (6) يا غلام؟ قال: أنا بجير بن الحارث بن عباد، وقد عرفت أن أبي قد كره أمر هذه الحرب واعتزل الدخول فيها، قال: من أمك؟
قال: فلانة بنت فلان، فأمر به مهلهل فضربت عنقه وقال: بؤ بشسع نعل كليب (7)، فبلغ الحارث بن عباد الخبر
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 2: 391 (لا ناقتي فيها ولا جملي) وانظر: فصل المقال: 388 (في قصة مختلفة) والعقد 3: 113 والمستقصى: 282والأغاني (5: 34، 39 (وروي: لا أنا من هذا ولا ناقتي ولا جملي ولا عدلي، وروي: لست من هذا ولا جملي لا رحلي).
(2) ينقل الأغاني هنا (5: 34) رواية المفضل.
(3) الأغاني: 5/ 34فقالوا: تكلم غير مخذول.
(4) «وعم عشرة»: لم ترد في الأغاني.
(5) من قوله: بجريرة غيره إلى هذا الموضع اختلاف في ترتيب السياق عما هو في الأغاني.
(6) في رواية: من خالك يا غلام؟.
(7) الأغاني: 5: 40وجمهرة العسكري 1: 26 (بؤ بشسع كليب).(1/89)
فقال: نعم القتيل قتيل أصلح بين ابني وائل وهدأت الحرب بينهم فيه، هو فداؤهم، فقيل له: إن مهلهلا حين قتله قال:
بؤ بشسع نعل كليب قال: وقد قال ذلك؟
قالوا نعم، قال: سوف يعلم، ثم قال الحارث بن عباد (1):
قرّبا مربط النعامة مني ... لقحت حرب وائل عن حيال (2)
... لم أكن من جناتها علم الله ... وإني بحرّها اليوم صال ... لا بجير أغنى قتيلا ولا ره ... ط كليب تزاجروا عن ضلال (3)
وقد كان رجل من بني تغلب يقال له امرؤ القيس بن أبان قال لمهلهل، حين أراد أن يقتل بجيرا: لا تقتل هذا الفتى فإن أباه اعتزل هذا الأمر ولم يدخل فيه، فلما أبى مهلهل إلا قتله قال ذلك التغلبي: والله ليقتلن بهذا الفتى رجل لا يسأل عن امه، يعني بشرفها هي أعرف من ذلك، فالتقى الحيان بكر وتغلب، وأبو بجير فيمن شهد القتال يومئذ، فرأى فارسا من أشدّ الناس فحمل عليه فأخذه أبو بجير فقال: ويلك دلّني على أحد ابني ربيعة مهلهل أو عدّي (4)
قال: فما لي إن دللتك على أحدهما؟ قال:
أخلي عنك؟ قال: فالله لي عليك بذلك؟
قال: نعم فلما استوثق منه قال: فإني عديّ بن ربيعة، قال أبو بجير: فأحلني على امرئ شريف كريم الدم، قال: فأحاله على عمرو بن أبان (5) بن كعب بن زهير، فحمل عليه أبو بجير فقتله، فقال أبو بجير في ذلك:
لهف نفسي على عديّ وقد أش ... عب للموت واحتوته اليدان (6)
... طل من طلّ في الحروب ولم أو ... تر بجيرا أبأته ابن أبان ... فارس يضرب الكتيبة بالسي ... ف وتسمو أمامه العينان
ثم إنه أتى على ذلك ما شاء الله أن يأتي.
ثم أغار كثيف (7) بن زهير التغلبي على بكر بن وائل فهزموه، فلحق به مالك وعمرو ابنا الصامت من بني عامر بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، فلما رآهما كثيف وكان رجلا شديد الخلق ألقى سيفه فتقلده مالك بن الصامت، وهو ابن كومة، فهاب مالك كثيفا أن يتقدم عليه فيأسره،
__________
(1) ورد الشعر في أكثر المصادر التي أوردت قصة الحرب.
(2) النعامة: اسم فرس الحارث بن عباد.
(3) قال في الأغاني: ولم يصحح عامر [بن عبد الملك] المسمعي ولا مسمع غير هذه الثلاثة الأبيات، والقصيدة في المصادر طويلة، يعنيان بذلك أن سائرها منحول.
(4) يفهم من رواية الأغاني: 5: 41أن عديا هو مهلهل نفسه، وقد فرّق بينهما المفضل في روايته فيما تقدم.
(5) في الأغاني 5/ 41أنه أحاله على امرئ القيس بن أبان.
(6) رواية البيت في الأغاني 5/ 41.
لهف نفسي على عدي ولم اع ... رف عديا إذ أمكنتي اليدان
(7) فصل المقال: 501كنيف بن عمرو التغلبي.(1/90)
فأدركهم عمرو بن الزبان بن مجالد الذهلي، فوثب على كثيف فأسره، فقال مالك بن كومة: أسيري، وقال عمرو بن الزبان: أسيري، فحكما كثيفا في ذلك فقال: لولا مالك ألفيت في أهلي ولولا عمرو لم أوسر، فغضب عمرو فلطم وجه كثيف، فلما رأى ذلك مالك وكان حليما تركه في يدي عمرو وكره أن يقع في شرّ، فأنطلق عمرو بكثيف إلى أهله فكان أسيرا عنده حتى اشترى نفسه، وقال كثيف: اللهم إن لم تصب بني زبان بقارعة قبل الحول لا أصلي لك صلاة أبدا.
فمكثوا غير كثير، ثم إن بني الزبان خرجوا، وهم سبعة نفر فيما يزعمون، في طلب إبل لهم، ومعهم رجل من غفيلة بن قاسط يقال له خوتعة، فلما وقعوا قريبا من بني تغلب انطلق خوتعة حتى أتى كثيف بن زهير فقال له: هل لك إلى بني الزبان بمكان كذا وكذا، وقد نحروا جزورا وهم في إبلهم، قال: نعم، فجمع لهم ثم أتاهم، فقال له عمرو بن الزبان: يا كثيف إن في وجهي وفاء من وجهك، فخذ لطمتك مني أو من إخوتي إن شئت، ولا تنشئن الحرب وقد اطفأها الله، ذلك فداؤنا، فأبى كثيف، فضرب أعناقهم وجعل رءوسهم في الجوالق فعلّقه في عنق ناقة لهم يقال لها الدهيم، وهي ناقة عمرو بن الزبان، ثم خلاها في الإبل، فراحت حتى أتت بيت الزبان بن مجالد، فقال لما رأى الجوالق: اظن بنيّ أصابوا بيض نعام، ثم أهوى بيده في الجوالق فأخرج رأسا، فلما رآه قال: آخر البز على القلوص (1) فذهبت مثلا، وقال الناس: أشأم من خوتعة (2)
فذهبت مثلا أي هم آخر المتاع، أي هذا آخر آثارهم وقال الناس: أثقل من حمل الدهيم (3) فذهبت مثلا.
قال: ثم إن الزبان دعا في بكر بن وائل فخذلوه فقال في ذلك:
بلغا مالك بن كومة ألّا ... يأتي الليل دونه والنهار ... كلّ شيء خلا دماء بني ذه ... ل من الحرب ما بقيت جبار ... أنسيتم قتلى كثيف وأنتم ... ببلاد بها تكون العشار
__________
(1) يقال ذلك عند آخر العهد بالشيء، وعند انقطاع أثره وذهاب أمره وانظر المثل في جمهرة العسكري: 1: 134معجم مجمع الأمثال: 16 والمستقصى: 4والقصة أكثر تفصيلا في الدرة الفاخرة عند ذكر المثل «أشأم من خوتعة» (انظر الحاشية التالية) وقد ذكر المثل: 241.
(2) جمهرة العسكري: 1: 135، 447، والدرة الفاخرة: 240وفصل المقال: 501 (هو أشأم) ومعجم مجمع الأمثال: 340 والمستقصى: 75واللسان (ختع)، واسم خوتعة عند البكري: عبد الله بن صبرة وقد لخصت القصة في الفاخر: 253عند شرح المثل «اليوم تقضي أم عمرو دينها».
(3) فصل المقال: 468وجمهرة العسكري 1:
135، 293والدرة الفاخرة: 104، 241 معجم مجمع الأمثال 1: 143والمستقصى:
20 - واللسان (دهم) وثمار القلوب: 273حيث يقول إن الدهيم ناقة حمل عليها كثيف التغلبي رءوس أبناء زبان الذهلي حين قتلهم، فجعلت العرب الدهيم من الدواهي.(1/91)
وكان أشدّ بكر بن وائل له خذلانا بنو لجيم، فقال الزبان في ذلك:
من مبلغ عنيّ الأفاكل مالكا ... وبنى القدار فأين حلفي الأقدم ... أبني لجيم من يرجّى بعدكم ... والحيّ قد حربوا وقد سفك الدم ... أبني لجيم لو جمحن عليكم ... جمح الكعاب لقد غضبنا نرعم
الجمح: التتابع بعض في أثر بعض، يريد الكعبين اللذين يلعب بهما النرد وغيره.
فجعل الزبان لله عليه نذرا ألا يحرم دم غفيليّ أبدا أو يدلوه كما دلوا عليه، فمكث فيما يزعمون عشر سنين، فبينا هو جالس بفناء بيته إذ هو براكب قال له: من أنت قال: رجل من غفيلة قال: ائت فقد أنى لك (1)، فأرسلها مثلا، قال الغفيلي: هل لك في أربعين بيتا من بني زهير متبدين بالأقطانتين؟ قال: نعم، فنادى في أولاد ثعلبة فاجتمعوا، ثم سار بهم حتى إذا كان قريبا من القوم بعث مالك بن كومة طليعة ينظر القوم وما حالهم، قال مالك: فنمت وأنا على فرسي فما شعرت حتى غبّت فرسي في مقراة (2) بين البيوت، فكبحتها فتأخرت على عقبها، فسمعت جارية تقول لأبيها: يا أبت أتمشي الخيل على أعقابها؟
قال: وما ذاك يا بنية؟ قالت: لقد رأيت فرسا تمشي على عقبها، قال: يا بنية نامي، أبغض الفتاة تكون كلوء العين بالليل ورجع مالك إلى الزبان فأخبره الخبر فأغار عليهم فقتل منهم فيما يذكر نيفا على أربعين رجلا، منهم أبو محياة بن زهير بن تميم، وأصاب فيهم جيرانا لهم من بني يشكر ثم من بني غبر بن غنم، فقال في ذلك مرقش أخو بني قيس بن ثعلبة (3):
أتاني لسان بني عامر ... فجلت أحاديثهم عن بصر ... بان بني الوخم (4) ساروا معا ... بجيش كضوء نجوم السحر ... فلم يشعر القوم حتى رأوا ... بريق القوانس فوق الغرر ... ففرّقنهم ثم جمّعنهم ... وأصدرنهم قبل غبّ الصدر ... فيا ربّ شلو تخطر فنه ... كريم لدى مزحف أو مكر
__________
(1) المثل في الدرة الفاخرة: 242وجمهرة العسكري: 1: 135ومعنى المثل: قرب هلاكك.
(2) المقراة: حيث يجتمع ماء المطر من كل جانب.
(3) الأبيات في جمهرة العسكري: 1: 136 المفضلية [رقم: 52دار الهلال، بيروت] والأغاني: 6: 128127.
شعر المرقش (ص: 136) وهو المفضلية رقم:
52 - حذف منه بيت بعد الثاني وهو:
بكل نسول السرى نهدة ... وكل كميت طوال أغر
فالضمير في قوله «ففرقنهم جمعنهم
وأصدرنهم» يعود إلى الخيل.
(4) بنو الوخم في البيت الثاني هم بنو عامر بن ذهل بن ثعلبة.(1/92)
أي أخذته باقتدار في سرعة، والشلو بقية البدن، وقد جعلوه البدن.
وآخر شاص ترى جلده ... كقشر القتادة غبّ المطر ... فكائن بحمران (1) من مزعف ... ومن خاضع خدّه منعفر
المزعف: المذرأ عن فرسه، الشاصي:
الرافع رجله.
فكأن الزبان (2) قذف جيفهم في (3)
الاقطانتين، وهي ركية، فقال السفاح التغلبي:
أبني أبي سعد وأنتم إخوة ... وعتاب بعد اليوم شيء افقم ... هلا خشيتم أن يصادف مثلها ... منكم فيترككم كمن لا يعلم ... ملئوا من الأقطانتين ركية ... منا وآبوا سالمين وغنموا
وقال الزّبان يعتذر إلى بني غبر اليشكريين فيمن أصيب منهم (4):
ألا أبلغ بني غبر بن غنم ... ولما يأت دونكم حبيب ... فلم نقتلكم بدم ولكن ... رماح الحرب تخطئ أو تصيب ... ولو أمّي علقت بحيث كانوا ... لبلّ ثيابها علق صبيب
قال: وكان السفاح قد قال في شأن بني الزبان لعمرو بن لأي التيمي:
ألا من مبلغ عمرو بن لأي ... فإن بيان غلمتهم لدينا ... فلم نقتلهم بدم ولكن ... للؤمهم وهونهم علينا وإني لن يفارقني نباك ... يرى التعداء والتقريب دينا (5)
وقال عمرو بن لأي:
__________
(1) حمران رويت جمران بالجيم في المفضليات والأغاني، وقيل: إنه موضع أو ماء ببلاد الرباب.
(2) والزبان بن مجالد: سمّاه في المفضليات:
المجالد بن الريان بن يثربي بن مالك. وفي الأغاني: الريان بن مجالد (بالراء المهملة في كليهما) غير أن لفظة «الزبان» هي الثابتة في جمهرة ابن الكلبي.
(3) الاقطانتين: كما أورده ياقوت وفي معجم ما استعجم (1: 181) الاقطانيون: موضع معروف بناحية الرقة فيه قتل الزبان الذهلي خمسة وأربعين بيتا من بني تغلب الخ، والشعر يردّ قوله: «ملئوا من الاقطانتين ركية».
(4) الأبيات في الفاخر: 253.
(5) هو عمرو بن لأي بن موألة بن عائذ من تيم اللات بن ثعلبة وكان من أشراف بكر بن وائل، وهو فارس مجلز (معجم المرزباني: 24 25)، في شعر السفاح التغلبي (ص: 137) «وإني لن يفارقني نباك» (وفي المطبوعة بتقديم الباء على النون «بناك») قال في تاج العروس نبك: ونباك كغراب فرس السفاح بن خالد، قاله أبو الندى، قال وقال فيه:
وإني لن يفارقني نباك ... يخال الشد والتقريب دينا
وفي أنساب الخيل لابن الكلبي: (87) النباك:
فرس خالد بن الشماخ بن خالد التغلبي، وله يقول: وإني لن يفارقني البيت.(1/93)
قفا ضبع تعالج خرج راع ... أجرنا في العقاب أم اهتدينا
106 - إذا عزّ أخوك فهن.
زعموا أن الهذيل بن هبيرة (1)، أخا بني ثعلبة بن حبيب بن غنم بن تغلب بن وائل، كان أغار على أناس من ضبة فغنم ثم انصرف، فخاف الطلب فأسرع السير، فقال له أصحابه: اقسم بيننا غنيمتنا، فقال: إني أخاف أن تشغلكم القسمة فيدرككم الطلب فتهلكوا، فأعادوا عليه ذلك مرارا فلما رآهم لا يفعلون قال: إذا عزّ أخوك فهن (2) فأرسلها مثلا، وتابعهم على القسمة.
107 - ربّ عجلة تهب ريثا.
108 - وربّ فروقة يدعى ليثا.
109 - وربّ غيث لم يكن غيثا.
زعموا أن ليث (3) بن عمرو بن أبي عمرو بن عوف بن محلم الشيباني تزوج ابنة عمه خماعة بنت عوف بن محلم بن أبي عوف بن أبي عمرو بن عوف بن محلم، فشام الغيث فتحمل باهله لينتجعه، فقال أخوه مالك بن عمرو: لا تفعل فاني أخاف عليك بعض مقانب العرب أن يصيبك، فقال: والله ما أخاف أحدا، وإني لطالب الغيث حيث كان، فسار بأهله، فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء وقد أخذ، أهله وماله، فقال له مالك: مالك؟ فقال:
أصابتني خيل مرّت عليّ قال مالك: رب عجلة تهب ريثا ورب فروقة يدعى ليثا ورب غيث لم يكن غيثا (4)، فذهب كلامه هذا أمثالا.
110 - اسق أخاك النمري يصطبح.
111 - رد كعب إنك ورّاد.
زعموا أن كعب بن مامة الإيادي خرج في ركب من إياد بن نزار وربيعة بن نزار
__________
(1) هذيل بن هبيرة بن قبيصة بن الحارث الثعلبي التغلبي. أحد الشعراء الفرسان في الجاهلية، اشتهر في «يوم إراب» كما أغار على بني ضبية في «ذي يهذى» باليمامة. جمهرة الأنساب لابن حزم: 307.
(2) المثل في جمهرة العسكري: 1: 65والفاخر:
52 - وفصل المقال: 235والميداني: 1: 44 والوسيط: 41والمستقصى: 53واللسان (هين) والبيان والتبيين: 1: 162وقد اختلف في قراءة «فهن» بضم الهاء أو كسرها (من يهون أو يهين).
(3) الفاخر والبكري: سنان بن مالك بن أبي عمرو (وذكر البكري اسم ليث بن عمرو في رواية أخرى عن الأمثال لابن السكيت).
(4) الفاخر 170169وفصل المقال: 350 ومعجم مجمع الأمثال: 279والمستقصى:
218 - واللسان (ريث) وجمهرة العسكري: 1:
482 - وفي نصائح اكثم بن صيفي في الجمهرة:
1: 494.(1/94)
حتى إذا كانوا بالدهناء في حمارّة القيظ عطشوا ومعهم شيء من ماء قليل إنما يشربونه بالحصى (1) فيقتسمونه، فشرب كلّ إنسان منهم بقدر تلك الحصاة، فشرب القوم حصّتهم، فلما أخذ كعب الإناء ليشرب نظر إليه شمر بن مالك النمري، فلما رآه كعب ينظر إليه ظن أنه عطشان، فقال: اسق أخاك النمريّ يصطبح (2)، فذهبت مثلا.
ثم ظعنوا وبالقوم مسكة غير كعب، فنزلوا فاقتسموا الماء، فلما بلغ كعبا نصيبه وأدركه الموت نظر إليه النمريّ فقال: اسق أخاك النمريّ يصطبح، فشرب النمري نصيبه، وأدركه الموت فنزل فاكتن في أصل شجرة فقيل له: إنا نرد الماء غدا فرد كعب إنك ورّاد (3) فأرسلها مثلا، وقال الفرزدق (4):
وكنّا كأصحاب ابن مامة إذ سقى ... أخا النمر العطشان يوم الضجاعم ... إذا قال كعب هل رويت ابن قاسط ... يقول له زدنى بلال الحلاقم ... وكنت ككعب غير أنّ منيتي ... تأخر عني يومها بالأخارم
وقال مامة بن عمرو (5):
أوفى على الماء كعب ثم قيل له ... رد كعب إنك ورّاد فما وردا ... ما كان من سوقة أسقى على ظمإ ... خمرا بماء إذا ناجودها بردا (6)
... من ابن مامة كعب ثم عيّ به ... زوّ المنية إلا حرّة وقدا
أي لم تهتد المنية إلى قتله إلا بالعطش.
وقال أبو كعب:
أمن عطش الدهنا وقلة مائها ... بقايا النطاف لا يكلمني كعب ... فلو أنني لاقيت كعبا مكسرا ... بأنقاء وهب حيث ركّبها وهب ... لآسيت كعبا في الحياة التي ترى ... فعشنا جميعا أو لكان لنا شرب
112 - عش رجبا تر عجبا.
زعموا أن الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة طلق بعض نسائه بعد ما اسن وخرف، فخلف عليها من بعده رجل كانت تظهر له من الوجد به ما لم تكن تظهره للحارث بن عباد، فلقي زوجها الحارث بن عباد فأخبره بمنزلته منها، فقال له الحارث: عش رجبا تر
__________
(1) الحصاة التي يقتسمون بها الماء تسمى المقلة فإن كانت من ذهب أو نحوه فهي البلدة.
(2) جمهرة العسكري: 1: 94وفصل المقال: 350 والميداني: 1: 244والمستقصى: 1/ 4 والسمط: 840والوسيط: 65والخزانة: 4:
110 - والعبدري: 143وتمثال الأمثال: 1/ 183 والكامل للمبرد: 1/ 231.
(3) المثل في بعض المصادر غير منفصل عما قبله بصيغة «رد كعب».
(4) ديوان الفرزدق 2: 298.
(5) الأبيات في كتب الأمثال والسمط: 840المعاني الكبير: 851والأزمنة والأمكنة: 2: 26 واللسان (وقد، روى).
(6) الناجود: الباطية.(1/95)
عجبا (1)، فأرسلها مثلا.
113 - ازلأم المعديّ ونفر.
زعموا أن مياد بن حنّ بن ربيعة بن حزام العذري من قضاعة نافر رجلا من أهل اليمن إلى حكم عكاظ في الشهر الحرام، فأقبل مياد بن حن على فرسه وسلاحه، فقال: أنا مياد بن حن، أنا ابن حبّاس الظعن، وأقبل اليماني عليه حلة يمانية، فقال مياد بن حن: احكم بيننا أيها الحكم، فقال الحكم: ازلأم المعديّ ونفر (2) نفر: غلب، وازلأم: سبق وأسرع فذهب قوله مثلا، وقضى لمياد بن حن على صاحبه.
114 - القيد والرتعة.
أسرت همدان عمرو بن خويلد (3) بن نفيل بن عمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فحبسوه عندهم زمانا وقيدوه، وكان رجلا خفيف اللحم لا يكاد يسمن، فلما أسر وطال حبسه كثر لحمه وسمن، فمكث أسيرا في همدان ما شاء الله، ثم افتدى نفسه فرجع إلى قومه وهو بادن كثير اللحم فقالوا: لقد سمنت وكثر لحكمك فقال: القيد والرّتعة (4) فأرسلها مثلا.
115 - مالي بين بنيّ.
116 - ويل للشعر من راوية الشعر.
117 - لا تراهن على الصعبة، ولا تنشد قريضا.
زعموا أن الحطيئة (5) لما حضره الموت اكتنفه أهله وبنو عمه فقالوا له: يا حطيء أوص، قال: فبم وما أوصي؟ مالي بين بني (6)، فأرسلها مثلا، فقالوا له: قد علمنا
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 2: 53والفاخر:
52 - وفصل المقال: 464والعقد: 3: 120 معجم مجمع الأمثال: 442والوسيط: 119 والمستقصى: 242حيث يقول: عش رجبا بعد رجب، أي إذا تطاول عليك الزمن رأيت عجبا)، وقال البكري: كان الجاهليون يرفعون مظالمهم إلى رجب ثم يأتون فيه الكعبة فيدعون الله عز وجل فلا تتأخر عقوبة الظالم فكان المظلوم يقول للظالم: عش رجبا تر عجبا ويروى عش رحبا بالحاء المهملة أي وقتا واسعا.
(2) يضرب في فوز أحد الخصمين، والمثل معجم مجمع الأمثال: 303وفيه «المعيدي» وه وأكثر تفصيلا.
(3) في فصل المقال والميداني والزاهر: عمرو بن الصعق بن خويلد.
(4) المثل في فصل المقال: 54ومعجم مجمع الأمثال: 537والزاهر: 2: 30.
(5) قصة الحطيئة حين نزل به الموت في فصل المقال: 326323والأغاني: 2: 41 والخزانية: 1: 408ومعجم مجمع الأمثال:
594، وحيث وردت ترجمته في أغلب الأحيان.
(6) الشعر والشعراء: ما لي للذكور من ولدي دون الإناث وفي الميداني: 594ورد تحت المثل لا تراهن على الصعبة (انظر ما يلي).(1/96)
أن مالك بين بنيك فأوص، قال: ويل الشعر من راوية الشعر (1)، فأرسلها مثلا، قالوا له أوص، قال أخبروا أهل ضابئ بن الحارث أنه كان شاعرا حيث يقول (2):
لكلّ جديد لذة غير أنني ... وجدت جديد الموت غير لذيد
وأنشد مثل هذا البيت:
ما لجديد الموت يا بشر لذة ... وكلّ جديد تستلذّ طرائقه
ثم مات.
وكانت له أمثال وهو الذي قال لا تراهن على الصعبة ولا تنشد قريضا (3) فأرسلها مثلا، يقول أن الصعبة لا تذهب على ما تريد، والقريض أول ما ينشد، يقول: لا تنشد الشعر حتى تحكمه.
118 - لا أطلب أثرا بعد عين.
زعموا أن بعض ملوك غسان كان يطلب في بطن من عاملة يقال لهم بنو ساعدة وعاملة من قضاعة ذحلا، فأخذ منهم رجلين يقال لهما مالك وسماك ابنا عمرو، فاحتبسهما عنده زمانا، ثم دعا بهما فقال:
إني قاتل أحدكما، فأيكما أقتل؟ فجعل كل واحد منهما يقول: اقتلني مكان أخي. فلما رأى ذلك قتل سماكا وخلّى سبيل مالك، فقال سماك حين ظن أنه مقتول:
ألا من شجت ليلة عامده ... كما أبدا ليلة واحده ... فأبلغ قضاعة إن جئتها ... وأبلغ (4) سراة بني ساعدة (5)
... وأبلغ نزارا على نأيها ... فإن الرماح هي العائدة ... فأقسم لو قتلوا مالكا ... لكنت لهم حية راصده ... برأس سبيل على مرصد (6) ... ويوما على طرق وارده ... أأمّ سماك فلا تجزعي ... فللموت ما تلد الوالده
وانصرف مالك إلى قومه فأقام فيهم ليالي، ثم إن ركبا مروا يسيرون وأحدهم يتغنى وهو يقول: فأقسم لو قتلوا مالكا إلخ، فسمعت ذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبّح الله الحياة بعد سماك، اخرج في الطلب بأخيك، فخرج في الطلب به حتى لقي قاتله يسير في ناس من قومه فقال: من أحسّ لي الجمل
__________
(1) فصل المقال: 323ويل للشعر من رواة السوء الميداني: 594ويل للشعر من رواية السوء.
(2) ينسب الشعر أيضا للحطيئة، انظر فصل المقال وجمهرة العسكري: 2: 18.
(3) لا تراهن على الصعبة (دون سائر المثل) في جمهرة العسكري: 2: 405ولم ينسبه للحطيئة وأورده الميداني كاملا: 594وشرحه والمستقصى: 277.
(4) الميداني: إن جئتهم، وخصّ.
(5) في طبعة الجوائب: عامدة.
(6) الميداني: مرقب.(1/97)
الأحمر؟ فقالوا له وعرفوه: لك مائة من الإبل فكفّ، فقال: لا أطلب أثرا بعد عين (1)، فأرسلها مثلا، وحمل على قاتل أخيه فقتله، وكان من غسان ثم من بني قمير، فقال مالك في ذلك:
يا راكبا بلّغن ولا تدعن ... بني قمير وإن هم جزعوا ... فليجدوا مثل ما وجدت فان ... ي كنت ميتا (2) قد مسّني وجع ... لا أسمع اللهو في النديّ (3) ولا ... ينفعني في الفراش مضطجع ... لا وجد ثكلى كما وجدت ولا ... وجد عجول أصلها ربع ... ولا كبير أضلّ ناقته ... يوم توافي الحجيج فاجتمعوا ... ينظر في أوجه الركاب فلا ... يعرف شيئا والوجه ملتمع ... جللته صارم الحديدة كاللج ... ة فيه سفاسق دفع ... أضربه باديا نواجذه ... يدعو صداه والرأس منصدع ... بني قمير قتلت سيدكم ... فاليوم لا فدية (4) ولا جزع ... بين قمير وباب جلّق في ... أثوابه من دمائه دفع (5)
... فاليوم قمنا على السواء فإن ... تجروا فدهري ودهركم جذع
119 - تمرّد مارد وعزّ الأبلق.
120 - لا يطاع لقصير رأي.
121 - وإنها لا يشق غبارها.
122 - ببقة صرم الأمر.
123 - أشوار عروس ترى.
124 - لا يحزنك دم هراقة أهله.
125 - يا ظلّ ما تجري به العصا.
126 - خير ما جاءت به العصا.
127 - أمنع من عقاب الجو.
128 - فأعنّي وخلّاك ذم.
129 - لأمر ما جدع قصير أنفه.
130 - قد جئت بما صأى وصمت.
131 - بيدي لا بيديك عمرو.
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 2: 389والزاهر:
2: 2وفصل المقال: 367معجم مجمع الأمثال: 587والمستقصى: 274وأورده الميداني مفصلا في «تطلب أثرا بعد عين»: 587 وانظر الوسيط: 202.
(2) الميداني: 130 «كنت حزينا».
(3) المرجع نفسه: 130. «في الحديث».
(4) المرجع نفسه: 130. «لا رنة».
(5) وقع هذا البيت عند الميداني ثامنا.(1/98)
132 - هذا جناي وخياره فيه إذ كلّ جان يده إلى فيه.
133 - أعطي العبد كراعا، فطلب ذراعا.
134 - شبّ عمرو عن الطوق.
وكان فيما يذكر من حديث ابنة الزباء (1):
إنها كانت امرأة من الروم، وأمها من العمالقة، فكانت تكلّم بالعربية، وكانت ملكة على الجزيرة وقنسرين، وكانت مدائنها على شطّ الفرات من الجانب الغربي والشرقي، وهي قائمة اليوم خربة، وكان فيما يذكر قد شقت الفرات وجعلت أنفاقا بين مدينتها أنفاق: (جمع نفق) وهو السّرب وكانت تغزو بالجنود وتقاتل، وهي فيما يذكر التي حاصرت ماردا حصن دومة الجندل فامتنع منها، وحاصرت الأبلق حصن تيماء فامتنع منها، فقالت: تمرّد مارد وعزّ الأبلق (2)، فأرسلت قولها مثلا.
وكان جذيمة الأبرش (3) رجلا من الأزد، وكان ملكا على الحيرة وما حولها، وكان ينزل الأنبار، وكان فيما يقال من أحسن الناس وجها وأجملهم، فذكر أن يخطبها وكان له ربيب ومولى يقال له قصير، وكان رجلا لبيبا عاقلا فنهاه عنها وقال: إنها لا حاجة لها في الرجال، قال:
وكان جذيمة أول من احتذى النعال ورمى بالمنجنيق ورفع له الشمع، فعصى قصيرا وكتب إليها يخطبها ويرغبها فيما عنده، فكتبت إليه: أن نعم وكرامة، أنا فاعلة، ومثلك رغب فيه، فإذا شئت فاشخص إليّ فدعا قصيرا وسار، حتى إذا كان بمكان فوق الأنبار يقال له البقة، فدعا نصحاءه فشاورهم فيها، فنهاه قصير، ورأى أصحابه هواه فزينوها له، فقال قصير حين رآه قد عزم: لا يطاع لقصير رأي (4) فأرسلها مثلا.
ومضى إليها في ناس كثير من أصحابه فأرسل إليها يعلمها أنه قد أتاها، فهيأت
__________
(1) في أكثر المصادر الحديث عن الزباء (بالهمز) وفي فصل المقال: 130الزبى (دون همز) وهي امرأة من العماليق عرفها الرومان بزنوبيا، ملكت تدمر وسيطرت على الجزيرة. معجم مجمع الأمثال: 135وجمهرة ابن دريد: 2/ 257.
(2) المثل في ثمار القلوب: 248وفي فصل المقال: 130وجمهرة العسكري: 1: 257 والعقد: 3: 91ومعجم مجمع الأمثال: 135 وجمهرة ابن دريد: 1: 320، 2: 257 والوسيط: 87وهو يضرب مثلا للعزيز المنيع الذي لا يقدر على اهتضامه. وفي الأوائل التي استحدثها جذيمة: جمهرة العسكري: 59وابن رستة: 192.
(3) قصة جذيمة الأبرش والزبّاء في الأغاني: 15:
251 - والخزانة: 3: 272271، 499497 وابن الأثير: 1: 342ومروج الذهب: 3:
190 - والطبري: 1: 770746ومعاهد التنصيص: 1: 312وسرح العيون: 8177 والأوائل: 59وكتب الأمثال، وسترد الإشارة إليها عند كل مثل على حدة.
(4) المثل في جمهرة العسكري 1: 234، 2: 394 والميداني: 615، لا يطاع لقصير أمره والمستقصى 284وورد عند العسكري 2:
203 - ليس لقصير أمر.(1/99)
له الخيول وقالت: استقبلوه حين يدنو، وقالت: صفوا صفين فإذا دخل بين صفيكم فتقوضوا عليه، فليسر من مرّ عليه خلفه حتى ينتهي إلى باب المدينة. وذكر أن قصيرا قد كان قال له حين عصاه وأبى إلا إتيانها، أن استقبلتك الخيل فصفّوا لك صفّين فتقوض من تمرّ به من خلفك فإنّ معك العصا فرسك، وإنها لا يشق غبارها (1) فأرسلها مثلا، فتجلل العصا ثم انج عليها، فلما لقيته الخيول وتقوضوا من خلفه عرف الشرّ وقال لقصير كيف الرأي؟ فقال له قصير: ببقة صرم الأمر (2)
وذهب قوله مثلا.
وسار جذيمة حتى دخل عليها وهي في قصر لها ليس فيه إلّا الجواري، وهي على سريرها فقالت: خذن بعضدي سيدكنّ، ففعلن، ثم دعت بنطع فأجلسته فعرف الشر، وكشفت عن عورتها فإذا هي قد عقدت استها بشعر الفرج من وراء وركيها، وإذا هي لم تعذر، فقالت: أشوار عروس ترى (3) فأرسلتها مثلا فقال جذيمة:
بل شوار بظراء تفلة، فقالت: والله ما ذاك من عدم مواس، ولا قلة أواس، ولكن شيمة من أناس، ثم أمرت برواهشه فقطعت فجعلت تشخب دماؤه في النطع كراهية أن يفسد مقعدها دمه، فقال جذيمة: لا يحزنك دم هراقة أهله (4)، فأرسلها مثلا. يعني نفسه.
ونجا قصير حين رأى من الشر ما رأى على العصا، فنظر إليه جذيمة والعصا مدبرة تجري فقال: يا ضلّ ما تجري به العصا (5)، فذهبت مثلا.
وكان جذيمة قد استخلف على ملكه عمرو بن عدي اللخمي، وهو ابن اخته، فكان يخرج كلّ غداة يرجو أن يلقى خبرا من جذيمة، فلم يشعر ذات يوم حتى إذا هو بالعصا عليها قصير، فلما رآها عمرو قال خير ما جاءت به العصا (6) فأرسلها مثلا، فلما جاءه قصير أخبره الخبر، فقال:
اطلب بثأرك قال: كيف أطلب من ابنة الزباء وهي أمنع من عقاب الجو (7) فأرسلها مثلا، فقال قصير: أما إذا أبيت فإني
__________
(1) انظر الميداني «ما يشق غباره»: 681وقد ورد في درج القصة عن المثل «خطب يسير
إلخ» انظر ما يلي وراجع «ما يشق غبارة» في العقد 3: 91.
(2) المثل في جمهرة العسكري: 1: 232 (وفيه قصة الزباء والأمثال) وفصل المقال: 125ومعجم مجمع الأمثال: 86، والمستقصى: 183واللسان (بقق) ومعجم البلدان (بقة) ويروي: ببقة تركت الرأي ويروى: تركت الرأي بثني بقة وقد وردت الأمثال المتصلة بهذه القصة عند الميداني لدى إيراده المثل: خطب يسير في خطب كبير ومعجم مجمع الأمثال: 229.
(3) المثل في جمهرة العسكري: 1: 234 والميداني: 229.
(4) جمهرة العسكري: 1: 235 «ما يحزنك
ضيعه أهله».
(5) جمهرة العسكري: 1: 234، 2: 428 والميداني: 799والمستقصى: 332. وتاريخ الطبري: 1/ 620.
(6) المثل في جمهرة العسكري: 1: 235.
(7) جمهرة العسكري: 2: 293 (دون قصة) والدرة الفاخرة: 386والفاخر: 188معجم مجمع الأمثال: 709والمستقصى: 148.(1/100)
سأحتال لها فأعنّي وخلاك ذمّ (1) فأرسلها مثلا، فعمد قصير إلى أنفه فجدعه، ثم خرج حتى أتى بنت الزباء فقيل: لأمر ما جدع قصير أنفه (2) صارت مثلا. فقيل للزباء هذا قصير خازن جذيمة قد أتاك، قال:
فأذنت له وقالت: ما جاء بك؟ قال:
اتهمني عمرو في مشورتي على خاله باتيانك فجدعني، فلا تقرّني نفسي مع من جدعني، فأردت أن آتيك فأكون عندك، قالت: فافعل، قال: فإن لي بالعراق مالا كثيرا، وإن بها طرائف مما تحبين أن يكون عندك، فأرسليني واعطيني شيئا بعلّة التجارة حتى آتيك بما قدرت عليه وأطرفك من طرائف العراق، ففعلت وأعطته مالا، فقدم العراق فأطرفها من طرائفها، وزادها مالا كثيرا إلى مالها، فقال لها: هذا ربح، فأعجبها ذلك وسرّت به، فزادته أموالا كثيرة وردّته الثانية، فأطرفها أكثر مما كان أتاها به قبل ذلك، ففرحت وأعجبها، ونزل منها بكلّ منزلة ولم يزل يتلطف حتى علم مواضع الاتفاق التي بين المدينتين، ثم ردته الثالثة وزادته أموالا كثيرة عظيمة فأتى عمرا فقال: احمل الرجال في التوابيت والمسوح عليهم الحديد حتى يدخلوا المدينة ثم أبادرها أنا وأنت إلى موضع النفق فنقتلها، فعمد عمرو إلى ألفي رجل من أشجع من يعلم، ثم كان هو فيهم، فلما دنوا أتاها قصيرا فقال: لو صعدت المدينة فنظرت إلى ما جئت به فإني قد جئت بما صأى وصمت (3)، فأرسلها مثلا صأى من الإبل والخيل، وصمت من الذهب وغيره وكانت لا تخاف قصيرا، قد أمنته، فصعدت المدينة، ورجع قصير إلى العير يحمل كلّ بعير رجلين دارعين عليهم السلاح كله، فلمّا رأت ثقل الأحمال على الإبل قالت:
أرى الجمال مشيها وئيدا ... أجندلا يحملن أم حديدا ... أم صرفانا باردا شديدا ... أم الرجال في المسوح سودا (4)
الصرفان: ضرب من التمر، ويقال إنه الرصاص.
ودخلت الإبل كلها فلم يبق منها شيء وتوسطوا المدينة، وكانت أفواه الجواليق مربوطة من قبل الرجال، لكنهم حلوها ووقعوا في الأرض مستلئمين، فشدّوا عليها وخرجت هاربة تريد السّرب، فاستقبلها قصير وعمرو عند باب السرب، وكان لها خاتم فيه سمّ فمصته وقالت: بيدي لا بيديك عمرو (5)، فذهب قولها مثلا، وضربها عمرو وقصير حتى ماتت:
__________
(1) جمهرة العسكري: 1: 235 «فدعني وخلاك ذم».
(2) الميداني: 581، 1: 158والوسيط: 203 الدرة الفاخرة: 386والفاخر: 188 والمستقصى: 148وجمهرة العسكري: 2/ 293 والأغاني: 15/ 251وشرح البسامة: 98.
(3) جمهرة العسكري: 1: 320 «جاء بما صاء وما صمت» والميداني: 151والحيوان: 1: 33.
وفصل المقال: 279.
(4) في رواية: أم الرجال جثما قعودا.
(5) جمهرة العسكري 1: 226، 235ومعجم مجمع الأمثال: 229.(1/101)
وقالت العرب في أمرها وأمر قصير فأكثروا، فقال عدي بن زيد العبادي يخاطب النعمان (1):
ألا يا أيها المثري المرجى ... ألم تسمع بخطب الأولينا
القصيدة كلها.
وقال نهشل بن حري الدارمي (2):
ومولى عصاني واستبدّ بأمره ... كما لم يطع بالبقتين قصير ... فلما رأى ما غبّ أمري وأمره ... وولّت بأعجاز المطيّ صدور ... تمنّى أخيرا أن يكون أطاعني ... وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقال المخبل السعدي:
يا أمّ عمرة هل هويت جماعكم ... ولكلّ من يهوى الجماع فراق ... بل كم رأيت الدهر زيّل بينه ... من تزايل بينه الأخلاق ... طلب ابنة الزباء وقد جعلت له ... دورا ومسربة لها أنفاق
وقال المتلمس (3):
ومن حذر الأيام ما حزّ أنفه ... قصير وخاض الموت بالسيف بيهس ... نعامة لما صرّع القوم رهطه ... تبين في أثوابه كيف يلبس
وقال أبو النجم حبيب بن عيسى: كان جذيمة قال لندمائه بلغني عن رجل من لخم يقال له عدي بن نصر ظرف وعقل، فلو بعثت إليه فوليته كأسي، قالوا: الرأي رأي الملك، فبعث إليه فأحضره وصيّر إليه أمر كأسه والقيام على ندمائه، فأبصرته رقاش أخت جذيمة فأعجبت به، فبعثت إليه: إذا سقيت القوم فامزج لهم واسق الملك صرفا، فإذا أخذت الخمر [منه] فاخطبني إليه، ففعل، وأجابه الملك وأشهد عليه القوم، وأدخلته عليها من ليلتها فواقعها، واشتملت على حمل، وأصبح جذيمة فرأى به آثار الخلوق، فقال: ما هذه الآثار يا عديّ؟ فقال: آثار العرس برقاش، فزفر جذيمة وأكب على الأرض واغتم يفكّر في الأرض، وأخذ عدي مهلة فلم يحسّ له أثر، وبعث جذيمة (4) إلى رقاش (5):
خبريني رقاش لا تكذبيني ... أبحر زنيت أم بهجين ... أم بعبد فأنت أهل لعبد ... أم بدون فأنت أهل لدون
فأرسلت إليه: لعمري ما زنيت ولكنك زوجتني، فرضيت ما رضيت لي. فنقلها
__________
(1) القصيدة في ديوان عديّ: 181.
(2) الأبيات في جمهرة العسكري: 1/ 226وياقوت مادة «بقة».
(3) معجم مجمع الأمثال: 229.
(4) جذيمة الوضّاح التنوخي القضاعي: ت 268م.
ثالث ملوك الحيرة في الدولة التنوخية قتلته الزباء. الأعلام 2/ 114.
(5) انظر الأغاني: 15: 250وما بعدها حيث ترد هذه الرواية مع اختلافات يسيرة، وجمهرة العسكري: 1: 547ومعجم مجمع الأمثال:
299.(1/102)
إلى حصن له فأنزلها إياه، وتم حملها، فولدت غلاما فسمته عمرا، حتى إذا ترعرع ألبسته من طرائف ثياب الملوك ثم أزارته خاله، فلما دخل عليه ألقيت عليه منه المودة، وقذف له في قلبه الرحمة.
ثم إن الملك خرج في سنة مكلئة خصيبة قد أكمأت، فبسط له في بعض الرياض، وخرج ولدان الحيّ يجتنون الكمأة، وخرج عمرو فيهم فكانوا إذا اجتنوا شيئا طيبا أكلوه، وإذا اجتناه جعله في ثوبه، ثم أقبلوا يتعادون، وأقبل معهم وهم يقول (1):
هذا جناي وخياره فيه ... إذ كلّ جان يده إلى فيه
ثم استطارته الجنّ فلم يحسسن، ثم اقبل رجلان من بلقين يقال لهما مالك وعقيل، قد اعتمدا جذيمة بهدية معهما، فنزلا في بعض الطريق، وعمدت قينة لهما فأصلحت طعامهما ثم قربته إليهما، فأقبل رجل طويل الشعر والأظافير حتى جلس منهما مزجر الكلب، ثم مدّ يده فناولته القينة من طعامهما، فلم يغن عنه شيئا، ثم أعاد يده فقالت القينة: أعطي العبد كراعا فطلب ذراعا (2)، فأرسلتها مثلا، ثم سقتهما شرابا لهما من زقّ معهما، ثم وكت الزقّ، فقال عمرو:
عدلت الكأس عنا أمّ عمرو (3)
ويروى صددت. فسألاه عن نسبه، فانتسب لهما، فنهضا إليه وقرباه، ثم غسلاه ونظفاه، وألبساه من طرائف ثيابهما وقدما به على جذيمة، فجعل لهما حكمهما، فقالا:
منادمتك ما بقيت وبقينا، فهما ندمانا جذيمة اللذان يقول متمم بن نويرة حين رثى أخاه يذكرهما (4):
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا ... فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول افتراق لم نبت ليلة معا
وقال آخر (5):
ألم تعلما (6) أن قد تفرّق قبلنا ... نديما صفاء مالك وعقيل
وأمر جذيمة بصرف عمرو إلى أمه، فتعهدته أياما حتى راجعته نفسه وذهب شحوبه، ثم ألبسته من طرائف ثياب
__________
(1) انظر أيضا الوسيط: 184.
(2) الأغاني: 15: 251 «إن يعط العبد كراعا يبتغ ذراعا» وجمهرة العسكري: 1: 107وفصل المقال: 397وجمهرة ابن دريد: 2: 386 والمستقصى: 149، واللسان (كرع).
(3) هما قوله:
صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا ... وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا.
(4) هي المفضلية رقم: 67وانظر «نديما جذيمة» في ثمار القلوب: 182. واللسان: ندم.
(5) هو أبو خراش الهذلي، وهذا البيت من قصيدة له في ديوان الهذليين: 1190والأغاني: 15:
252 - وجمهرة العسكري: 1: 108والعقد: 3:
372.
(6) الرواية الصحيحة: ألم تعلمي، لأنه يخاطب زوجة أخيه.(1/103)
الملوك، وجعلت في عنقه طوقا من ذهب، ثم أمرته بزيارة خاله، فلما رأى لحيته والطوق في عنقه قال: شب عمرو عن الطوق (1) فأرسلها مثلا، ثم أقام مع خاله قد كفاه أمره إلى أن خرج جذيمة إلى ابنة الزباء، فكان من أمره ما كان.
135 - بسلاح ما يقتلنّ القتيل.
زعموا أن المنذر بن ماء السماء لما هلك وترك عمرا وقابوسا وحسانا وأمهم هند بنت الحارث بن آكل المرار الكندي، والأسود بن المنذر وأمه امرأة من تيم الرباب، وعمرا الأصغر وأمه أمامة، وبنين غيرهم لعلات، وأن عمرا ملك بعد أبيه المنذر، وكان عمرو يدعى محرقا لأنه أحرق اليمامة، فاستعمل عمرو أخاه قابوسا على ما بدا له من عمله، وكان له الريف سواد العراق، فغضب عمرو بن أمامة فلحق باليمن، يريد أن يستنصرهم على أخيه عمرو ويغزو بهم، فقال عمرو بن أمامة في ذلك:
ألابن أمّك ما بدا ... ولك الخورنق والسدير ... فلأمنعنّ منابت الض ... مران إذ منع القصور ... بكتائب تردي كما ... تردي إلى الجيف النسور ... إنا بني العلات تق ... ضى دون شاهدنا الأمور
فنزل عمرو في مراد، فملكوه وعظموه، فتغطرس وجعل يريد أن يستعبدهم، فقتلوه قتله ابن الجعيد المرادي فقال في ذلك طرفة بن العبد (2):
أعمرو بن هند ما ترى رأي معشر ... أفاتوا أبا حسان جارا مجاورا ... دعا دعوة إذ شكت النبل صدره ... أمامة واستعدى بذاك معاشرا
فغزاهم عمرو بن هند حين بلغه قتل عمرو بن أمامة، فظفر بهم فقتل فيهم وأكثر، وأتى بابن الجعيد سالما فلما رآه قال: بسلاح ما يقتلنّ القتيل (3) فأرسلها مثلا، ثم أمر به فضرب بالعمد حتى مات.
136 - على أهلها تجني براقش.
137 - هذا حرّ معروف وكنت البارحة في حرّ منكر.
138 - ذئب صحر أنها أتحفته وأكرمته وصدقته فلطمها.
__________
(1) جمهرة العسكري: 1: 547والفاخر: 59 «كبر عمرو» وفصل المقال: 125والميداني:
2: 56وجمهرة ابن دريد: 3: 115والحيوان:
6: 209وثمار القلوب: 629.
(2) ديوان طرفة: 136 (في المنسوب له).
(3) المثل في معجم مجمع الأمثال: 95يضرب في مكافأة الشر بالشر، يعني يقتل من يقتل بأي سلاح.(1/104)
139 - إلا من كان غازيا فليغز.
140 - كأنّ برجل باتت.
141 - وبرحلها باتت لقم.
142 - أشبه شرج شرجا لوان أسيمرا.
143 - في نظم سيفك ما ترى يا لقم.
144 - لي الغادرة والمتغادرة والأفيل النادرة.
145 - سدّ ابن بيض الطريق.
وزعموا أن براقش ابنة تقن كانت امرأة لقمان بن عاد، وكان بنو تقن من عاد أصحاب إبل، وكان لقمان صاحب غنم، وكان لا يطعم لحوم الإبل، فأطعمته امراته براقش من لحوم الإبل فنحر إبلهم التي يحتلمون عليها فأكلها ثم قاتل إخوتها على إبلهم، فقيل: على أهلها تجني براقش (1)، فأرسلت مثلا (2).
وزعموا أن لقمان بن عاد كان زوّج أخته رجلا من قومه ضعيفا أحمق، فولدت له فأحمقت وأضعفت، فلما رأت ذلك أعجبها أن يكون لها ولد، له مثل أدب لقمان أخيها ودهاؤه، فقالت لامرأة لقمان: إني أمسيت الليلة على طهر، فهل لك على أن أجعل لك جعلا على أن تخليني وأخي فأكون معه الليلة؟ فقالت: نعم، فسقته حتى سكر، فباتت معه، فحملت له، فولدت غلاما فسمته لقيما، فلما أفاق من سكره وبات عند امرأته من الليلة المقبلة قال: هذا حر معروف وكنت البارحة في حر منكر (3)
فذهب قوله مثلا، قال النمر بن تولب العلكي يذكر عجائب الدهر:
لقيم بن لقمان من أخته ... وكان ابن أخت له وابنما ... ليالي حمقت فاستحصنت (4) ... إليه فغرّ بها مظلما ... فاحبلها رجل نابه ... فجاءت به رجلا محكما (5)
وزعموا أن لقيما خرج من أحزم الناس وأنكرهم، وأنه خرج هو ولقمان مغيرين، فأصابا إبلا، فحسد لقمان لقيما فقال له
__________
(1) ويروى على أهلها «دلّت» المثل في جمهرة العسكري: 2: 52معجم مجمع الأمثال: 451 والمستقصى: 243واللسان (برقش) والحيوان:
2: 21، 260، 291والبيان: 2/ 269والعقد 3: 54وعند بعضهم أن براقش كلبة تتبعت جيشا كانوا قصدوا أهلها وقد اختفوا فلما نبحتهم عرف مكانهم، فاجتاحهم الجيش، فقال العرب:
أشأم من براقش.
(2) وأنشد حمزة بن بيض:
لم تكن عن جناية لحقتني ... لا يساري ولا يميني رمتني ... بل جناها أخ عليّ كريم ... وعلى أهلها براقش تجني
(3) في معجم مجمع الأمثال: 752 «هذا حر معروف» وانظر القصة دون المثل في الزاهر:
2: 24.
(4) في معجم مجمع الأمثال: ليالي حمق فما استحقبت.
(5) البيان والتبيين: 753.(1/105)
لقمان: اختر إن شئت فسر بالليل وأسير أنا في النهار، وإن شئت فأقم بالنهار وأسير أنا بالليل، فاختار لقيم أن يسير بالليل ويقيم بالنهار، واختار لقمان أن يسير بالنهار، فأخذ لقيم حصّته من الإبل، فجعل إذا كان بالنهار رعى إبله ونام، حتى إذا كان بالليل سار بابله ليله حتى يصبح، وكان يرعاها بالنهار ويسير بالليل، وكان لقمان يسير بالنهار فتشغل ابله بالرعية عن السير وينام الليل، فجعلت إبله لا ترعى كثيرا فضمرت، وأبطأ في السير فسبقه لقيم، فلما أتى أهله نحر جزورا فأكلوها، وكان للقمان ابنة يقال لها صحر، فخبأت له من الجزور لحما تتحف به لقمان إذا جاء، فلما جاء لقمان طبخته أو شوته، ثم استقبلته به قبل أن ينتهي إلى الحيّ، فلما طعم من اللحم قال: ما هذا؟ قالت: من لحوم العريضات أثرا، قال: ومن أين لك هذا؟ قالت: جاء لقيم فنحر جزورا، وكان لقمان يحسب أنه قد سبق لقيما، فلما أخبرته أسف، فلطمها لطمة قال بعض من يحدّث: ماتت منها، وقال بعضهم: القى اضراسها، وقال الناس: ذنب صحر أنها اتحفته وأكرمته وصدقته فلطمها (1)، فصارت مثلا.
وقال خفاف بن ندبة السلمي (2):
وعباس يدبّ لي المنايا ... وما أذنبت إلا ذنب صحر ... وكيف يلومني في حبّ قوم ... أبي منهم وأمي أمّ عمرو
وزعموا أن لقمان بن عاد كان إذا اشتد الشتاء وكلب أشدّ ما يكون [شدّ] راحلة موطنة (3) لا ترغو ولا يسمع لها صوت فيشتدّها برحلها ثم يقول للناس، حين يكاد البرد يقتلهم: ألا من كان غازيا فليغز (4)، فلما شبّ لقيم ابن أخته اتخذ راحلة مثل راحلته فوطنها (5)، فلما كان حين نادى لقمان: من كان غازيا فليغز قال لقيم: أنا معك إذا شئت، فلما رآه قد شدّ رحلها ولم يسمع لها رغاء قال لقمان: كأن برحل باتت (6)، قال
__________
(1) يرد المثل «ذنب صحر» دون سائر العبارة كما يرد «ما لي ذنب إلا ذنب صحر» أو ما لي إلا ذنب صحر ولدى العسكري قصة غير التي أوردها الضبي وكذلك عند الجاحظ، انظر جمهرة العسكري: 2: 261والحيوان: 1: 2221 وفصل المقال: 385ومعجم مجمع الأمثال:
676 - حيث يرد المثل: ما لي ذنب إلّا ذنب صحر. واللسان (صحر) وثمار القلوب: 307.
(2) ترجمة خفاف في الشعر والشعراء: 258 والأغاني: 18: 22والخزانة: 2: 472 والمناقضات بينه وبين عباس بن مرداس واضحة في الأغاني وقد أورد العسكري في الجمهرة 2: 262الأول من بيتيه المذكورين هنا.
(3) فصل المقال: موطأة.
(4) زاد في فصل المقال: فلا يلحق به أحد وهو في الميداني: 2: 15تحت المثل «في ينظم سيفك» انظره: 501.
(5) فصل المقال: فوطأها.
(6) في فصل المقال: 226كأن برحلها باتت فقم، (وفقم اسم ناقة لقيم).(1/106)
لقيم: وبرحلها باتت لقم (1)، فذهب قولاهما مثلا.
ثم إنهما سارا فأغارا فأصابا إبلا، ثم انصرفا نحو أهلهما، فنزلا فنحرا ناقة، فقال لقمان للقيم: أتعشي أم أعشي لك؟
قال لقيم: أيّ ذلك شئت، قال لقمان:
اذهب فارع إبلك حتى النجم قمّ (2) ترأس، وحتى ترى الجوازاء كأنها قطا نوافر (3)، وحتى ترى الشعرى كأنها نار، فإلا تكنّ عشّيت فقد آنيت (4)، فقال له لقيم: نعم واطبخ أنت لحم جزورك، فأزّ ماء واغله حتى ترى الكراديس كأنها رءوس شيوخ (5)
صلع، وحتى ترى الضلوع كأنها نساء حواسر، وحتى ترى الوذر (6) كأنها قطا نوافر، وحتى ترى اللحم غطيا وغطفان (7)، فإلا تكن أنضجت فقد آنيت فانطلق لقيم في إبله، ومكث لقمان يطبخ لحمه، فلما أظلم لقمان وهو بمكان يقال له شرج وهو اليوم ماء لبني عبس قطع سمرات من شرج فأوقد النار حتى أنضج لحمه، ثم حفر دونه خندقا فملأه نارا ثم واراها، فلما أقبل لقيم إلى مكانهما عرف المكان وأنكر ذهاب السمر فقال: أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا (8)، فأرسلها مثلا.
ووقعت ناقة من إبله في تلك النار فنفرت، وعرف لقيم إنما صنع لقمان النار لتصيبه، وإنما حسده، فسكت عنه، ووجد لقمان قد نظم في سيفه لحما من لحم الجزور وكبدا وسناما حتى توارى سيفه، وهو يريد إذا ذهب لقيم ليأخذها أن ينحره بالسيف، ففطن له لقيم فقال: في نظم سيفك ما ترى يا لقم (9) فأرسلها مثلا.
وحسده لقمان الصحبة فقال: القسمة فقال لقمان: ما تطيب نفسي أن تقسم هذه الإبل إلا وأنا موثق فأوثقني، فأوثقه لقيم، فلما قسم الإبل سوّى القسمة وبقي من الإبل عشر أو نحوها، فجشعت نفس لقمان، فنحط نحطة تقطعت منها الانساع التي هو بها موثق، ثم قال لي الغادرة والمتغادرة والأفيل النادرة (10) فذهب قوله
__________
(1) لم يورده البكري.
(2) فصل المقال: قمة.
(3) فصل المقال: كأنها قطار.
(4) آنيت: تأخرت.
(5) فصل المقال والميداني: 348 «رجال».
(6) فصل المقال: «الودك» وما هنا شبيه لما في الميداني والوذر: قطع صغيرة من اللحم.
(7) فصل المقال: وكأن قدرك تدعو غنيا وغطفان يعني من شدة غليها) والميداني: وحتى ترى اللحم كأنه غطفان يقول: غط غط.
(8) المثل في فصل المقال: 226ومعجم مجمع الأمثال: 348وجمهرة العسكري: 1: 62 والمستقصى: 78واللسان (شرج) قال البكري:
ولم يرد بشرج في هذا المثل إلا واحد الشراج وهي مجاري الماء من الحرار إلى السهولة، واسيمر تصغير أسمر جمع سمر وهو من شجر الطلح وخبر أن محذوف كأنه قال: هنالك أو ثمّ.
(9) فصل المقال: 226ومعجم مجمع الأمثال:
501.
(10) المرجع نفسه: 501.(1/107)
مثلا. وقال لقيم: قبح الله النفس الخبيثة، هو لك، ثم افترقا.
والغادرة: الباقية (1)، والافيل تصغير إفال: الولد الصغير من الإبل.
وزعموا أن ابن بيض كان رجلا من عاد تاجرا مكثرا، فكان لقمان يجيز له تجارته ويجيره ويعطيه في كل عام جارية وجلّة وراحلة (2) فلما حضر ابن بيض الموت خاف لقمان على ماله فقال لابنه:
فسر إلى ارض كذا وكذا ولا تقارن (3)
لقمان في ارضه فانّ له في عامنا هذا حلة وجارية وراحلة، فسر بأهلك ومالك، حتى إذا كنت بثنيّة بمكان كذا وكذا فاقطعها بأهلك ومالك، وضع للقمان فيها حقه، فإذا هو قبله فهو حقه عرفناه له واتقيناه به، وإن لم يقبله وبغى أدركه الله بالبغي والعدوان، فصار الفتى حتى قطع الثنية بأهله وماله، ووضع للقمان حقه فيها، وبلغ لقمان الخبر، فلحقهم، فلما كان في الثنية وجد حقه فيها فأخذه وانصرف وقال: سدّ ابن بيض الطريق (4)
فأرسلها مثلا.
وقد ذكر ذلك شعراء العرب وقالوا فيه، قال عمرو بن أسود الطهوي (5):
سددنا كما سدّ ابن بيض سبيله ... فلم يجدوا فرط (6) الثنية مطلعا
وقال عوف بن الأحوص العامري (7):
سددنا كما سدّ ابن بيض فلم يكن ... سواها لذي احلام قومي مذهب
وقال المخبل السعدي (8):
لقد سدّ السبيل أبو حميد ... كما سدّ المخاطبة ابن بيض (9)
146 - هذا حظّ جدّ من المبناة.
زعموا أن رجلا من عاد كان لبيبا حازما يقال له جدّ نزل على رجل من عاد وهو مسافر فبات عنده، ووجد عنده أضيافا قد اكثروا من الطعام والشراب قبله، وإنما طرقهم جد طروقا، وبات وهو يريد الدلجة من عندهم بليل، ففرش لهم رب البيت مبناة والمبناة: النطع فناموا عنده، فسلح
__________
(1) الميداني: من قولهم غدرت الناقة إذا تخلفت عن الإبل.
(2) العسكري: ألفا وحلة وجارية.
(3) فصل المقال: تقارب العسكري: تجاورن.
(4) جمهرة العسكري: 1: 519وفصل المقال:
351 - والأغاني: 12: 40 (دار الكتب) ومعجم مجمع الأمثال: 314: 222والعقد: 3: 125 والعبدري: 270.
(5) عمرو بن أسود الطهوي أخو بني طهية ثم أحد بني عبد الله بن سعيدة بن عوف شاعر فارس، والبيت من قصيدة أورد بعضها الأمدي في المؤتلف: 50وانظر اللسان والتاج (بيض).
(6) فصل المقال: عند.
(7) كان عوف سيدا من سادات بني عامر شهد يومي جبلة ورحرحان ولقب الجزاز لأنه جزّ ناصية معاوية بن الجون وله من القصائد المفضلية رقم 35، 36، 107وبيته المذكور هنا ورد في التاج (بيض) معجم المرزباني: 123.
(8) البيت في كتب الأمثال والأغاني: 13: 195.
(9) أبو حميد هو بغيض بن شماس.(1/108)
بعض القوم الذين كانوا يشربون، فخاف جد أن يدلج فيظنّ ربّ البيت أنه هو فعل، فقطع حظه من النطع الذي نام عليه، ثم دعا رب المنزل حين أراد أن يدلج وقد طواه فقال: هذا حظّ جدّ من المبناة (1)، فأرسلها مثلا، يقول انظر إليه ليس فيه شيء مما تكره.
وقد ذكرته العرب في أشعارها، وقال مالك بن نويرة (2):
ولما أتيتم ما تمنّى عدوّكم ... عدلت (3) فراشي عنكم ووسادي ... وكنت كجدّ حين قد بسهمه ... حذار الخلاط حصّه بسواد
وقال خراش بن شمير المحاربي (4):
ألا يتقي من كاس إن ضاع ضائع ... وكلّ امرئ لله باد مقاتله ... فيأثر بالتقوى ويحتاز نفسه ... إذا بادر الميقات حينا يغاوله ... كما احتاز جدّ حظه من فراشه ... بمبراته في أمره إذ يزاوله
147 - رميت فرميت، وأثنيت فأثنيت، إلى ذلك ما حيّ حيّ أو مات ميت.
148 - لا فتى إلّا عمرو.
149 - حس، إحدى حظيات لقمان.
150 - أضرطا آخر اليوم وقد زال الظهر.
زعموا (5) أنه كان بين لقمان بن عاد وبين رجلين من عاد يقال لهما عمرو وكعب ابنا تقن مغاورة، وكانا من أشدّ عاد وأدهاها وأنكرها، وكانا ربّي إبل، وكان لقمان ربّ غنم، فأعجب لقمان الإبل، فأرادهما عنها فأبيا أن يبيعاه، فعمد إلى ألبان غنمه من ضأن ومعزى فجمع لبنا كثيرا ثم أتى تلعة هما بأسفلها، فأسال ذلك اللبن وفيه زبد كثير وأنافح من أنافح السخل، فلما رأيا ذلك قال: إحدى سحيبات لقمان هي، فلم يلتفتا إلى ذلك ولم يرغبا في ألبان الغنم، فلما رأى ذلك لقمان قال: خر خرير الانفح والنقد (6)
المذبح، اشترياها ابني تقن، أقبلت ميسا، وأدبرت هيسا (7)، وملأت البيت أقطا وحيسا، اشترياها ابني تقن، إنها الضأن تجزّ جفالا (8)، وتنتج رخالا (9) وتحلب كثبا ثقالا، قالا: انصرف لا نشتريها يا لقم،
__________
(1) المثل في معجم مجمع الأمثال: 753.
(2) المرجع نفسه: 753.
(3) الميداني: عزلت.
(4) في الميداني: خراش بن سمير وأورد البيت الأخير منها. معجم مجمع الأمثال: 753.
(5) قارن بالميداني عند المثل «إحدى حظيات لقمان» المرجع نفسه: 11.
(6) النقد: صغار الغنم.
(7) الميس: التبختر وقال في اللسان (هيس) عن ابن الأعرابي أن لقمان بن عاد قال في صفة النمل، اقبلت ميسا وادبرت هيسا، تهيس الأرض أي تدقا وقول في صفة «النمل» غريب.
(8) الجفال: الصوف الكثيف.
(9) الرخال: جمع رخل وهي الانثى من أولاد الضأن.(1/109)
إنها الإبل حملن فأثقلن (1)، وزجرن (2)
فأعنقن، وبغير ذلك اقلعن (3)، بغزرهن (4)
إذا قظن. فلما لم يبيعاه الإبل ولم يشتريا منه الغنم جعل يراودهما، وكانا يهابانه، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل فيطرها فلما كان ذات يوم أصابا أرنبا وهو يرصدهما رجاءة أن يصيب غفلتهما فيذهب بالإبل، فأخذ أحدهما صفيحة من الصفا فجعلها في أيديهما ثم جعل عليها كومة من التراب (5)، فملّا الأرنب، فلما أنضجاها نفضا عنها التراب فأكلاها (6) ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما ولم يجد فيهما مطمعا لقيهما ومع كلّ واحد منهما جفير مملوء نبلا، وليس معه غير سهمين، فخدعهما فقال: ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما؟ إنما هي حطب، فو الله ما أحمل غير سهمين، فإن لم أصب بهما فلست بمصيب، ثم قال رميت فرميت، وأثنيت فأثنيت، إلى ذلك ما حيّ حيّ أو مات ميت (7)، فأرسلها مثلا.
فعمدا إلى نبلهما فنثراها غير سهمين، فعمد إلى النبل فحواها، فلم يصب لقمان فيهما بعد ذلك غرة.
وكانت فما يذكرون لعمرو بن تقن امرأة فطلقها فتزوجها لقمان، فكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول: لا فتى إلا عمرو (8) فأرسلتها مثلا، فكان ذلك يغيظ لقمان ويسوؤه كثرة ذكرها عمرا فقال لقمان: قد أكثرت في عمرو، فو الله لأقتلنّ عمرا، فقالت: إنك لن تفعل (9)، وكانت لابني تقن سمرة عظيمة يستظلان فيها حتى ترد إبلهما فيسقياها، فصعد فيها لقمان، واتخذ فيها عشا، ورجا أن يصيب من ابني تقن غرة، فلما وردت الإبل تجرّد عمرو وأكبّ على البئر يستقي، فرماه لقمان من فوقه بسهم في ظهره، فقال: حس، إحدى حظيات لقمان (10) ثم أهوى إلى السهم فانتزعه، فرفع رأسه في الشجرة فإذا هو بلقمان، فقال: انزل، فنزل، فقال: استق بهذا الدلو، فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأ نهض فضرط، فقال له عمرو بن تقن: أضرطا آخر اليوم وقد زال الظهر (11)، فأرسلها مثلا.
ثم إن عمرا أراد أن يقتل لقمان، فتبسم
__________
(1) معجم مجمع الأمثال: 11 «فاتسقن».
(2) نفسه: 11 «وجرين».
(3) نفسه: 13 «أفلتن».
(4) نفسه: 12 «يغزرن».
(5) زاد في مجمع الأمثال: «قد احمياه».
(6) زاد في الميداني: «فقال لقمان يا ويله انيئه اكلاها أم الريح اقبلاها أم بالشيح اشتوياها».
(7) سقط هذا المثل من مجمع الأمثال: (11 12).
(8) المثل في فصل المقال: 103، 104، 498 والميداني 2: 126، 1: 24 (وزاد الميداني فيه: «لا فتى إلا عمرو بن تقن»).
(9) فصل المقال: «لئن تعرضت لذلك ليقتلنك».
(10) فصل المقال: 103وجمهرة العسكري: 1:
150 - والميداني: 1: 24والمستقصى: 28، واللسان (حظا) والحظيات: جمع حظية وهي تصغير حظوة، وهي التي لا نصل لها من المرامي.
(11) المثل في جمهرة العسكري 1: 150والميداني 1: 286، 1: 24واسقط العسكري منه: «وقد زال الظهر».(1/110)
لقمان، فقال عمرو: أضاحك أنت؟ فقال لقمان: ما أضحك إلا من نفسي، أما إني قد نهيت عمّا ترى، قال: ومن نهاك؟
قال: فلانة، قال: أفلي عليك إن وهبتك لها لتعلمنها ذلك؟ قال: نعم فخلى سبيله، فأتاها لقمان (1) فقال: لا فتى إلا عمرو، قالت: أقد لقيته؟ قال: نعم قد لقيته فكان كذا وكذا، ثم أسرني فأراد قتلي، ثم وهبني لك، فقالت: لا فتى إلا عمرو.
زعموا (2) أن لقمان كان يقول: إذا أمسى النجم، قم رأس، ففي الدثار فاخنس، وسمناهنّ فاحدس (3)، وأنهش بنيك وأنهس، وإن سئلت فاعبس.
أحدس: أضجعها فاذبحها، وأنهس: أي أطعم بنيك، خنس في البيت: إذا قعد.
وقال (4): إذا طلعت الشعري سفرا أي عشيا ولم تر فيها مطرا، فلا تغذون إمّرة ولا امرا، وأرسل العراضات أثرا، يبغينك في الأرض معمرا (5).
سفرا: غروب الشمس قبل أن يغيب الشفق، يقول لا تغذون جذعا جديا ولا عناقا على هذا القليل.
151 - سمّن كلبك يتبعك.
زعموا أنه كان لرجل من طسم كلب فكان يسقيه اللبن ويطعمه اللحم ويسمنه ويرجو أن يصيد به أو يحرس غنمه، فأتاه ذات يوم وهو جائع فوثب عليه الكلب فأكله فقيل: سمّن كلبك يأكلك (6)، فذهب مثلا.
وقال بعض الشعراء (7):
ككلب طسم وقد تربّبه ... يعلّه بالحليب في الغلس ... ظلّ عليه يوما يفرفره ... إلّا يلغ في الدماء ينتهس
__________
(1) لقمان بن عاد: أحد ملوك حمير القدماء. لقب بالرائش الأكبر. عمر طويلا حتى قيل إنه عاش عمر سبعة نسور. ديوان زهيرة لثعلب: 288 ودائرة المعارف لوجدي: 8/ 370.
(2) هذان النصان التاليان من الأسجاع، ولا مجال فيهما للأمثال.
(3) قال ابن كناسة: تقول العرب: إذا أمسى النجم قمّ الرأس فعظماها فاحدس أي انحر أعظم الإبل (اللسان: حدس) وقد ورد القول منسوبا للقمان في الأزمنة والأمكنة: 2: 180.
(4) ورد هذا النصّ في اللسان (عرض) وصدّره بقوله: قال الساجع وانظر الأزمنة والأمكنة:
2: 181.
(5) الأمر: الذكر من ولد الضأن الأمرة: الأنثى العراضات: الإبل، والمعمر: المنزل بدار معاش، أي أرسل الإبل العريضة الآثار عليها ركبانها ليرتادوا لك منزلا تنتجعه ونصب «أثرا» على التمييز.
(6) المثل في جمهرة العسكري: 1: 525والفاخر:
57 - وفصل المقال: 419 (أسمن كلبك) و 489 ومعجم مجمع الأمثال: 330والمستقصى 227 واللسان (سمن) والحيوان: 1: 191، 290 والعقد: 3: 117.
(7) نسبه في معجم مجمع الأمثال: 330إلى حازم بن المنذر الحمّاني انظر المنسوب إليه في ديوانه: 155.(1/111)
يفرفره: أي يحركه برأسه ويقطعه. وقال مالك بن أسماء (1):
هم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم ... ولو ظفروا بالحزم لم يسمن الكلب (2)
وقال عوف بن الأحوص لقيس بن زهير العبسي (3):
أراني وقيسا كالمسمّن كلبه ... فخدّشه أنيابه وأظافره
152 - أيسر من لقمان.
زعموا (4) أن لقمان بن عاد جاور حيا من العمالقة، وهم عرب، فملأ عسا له لبنا، ثم قال لجارية له: انطلقي بهذا العس إلى سيّد هذا الحيّ فأعطيه إياه وإياك أن تسألي عن اسمه واسم أبيه، فانطلقت حتى أتتهم، فإذا هم بين لاعب وعامل في ضيعته ومقبل على أمره، حتى مرّت بثمانية نفر منهم، عليهم وقار وسكينة، ولهم هيئة، فقامت تتفرّس فيهم أيهم تعطي العسّ، فمرت بها أمة، فقالت لها جارية لقمان: أن مولاي أرسلني إلى سيد هذا الحيّ بهذا العسّ، ونهاني أن أسأل عن اسمه واسم أبيه، فقالت لها الأمة: إني واصفتهم لك فخذي أيهم شئت أو ذري، وفيهم سيد الحيّ، فقالت الأمة: أما هذا فبيض مرض مرضة وقد أسنت القوم فعدل مرضه عندهم إسناتهم، وقد كانوا يريدون المسير فأقاموا عليه فأوسع الحيّ دقيقا نفيضا، ولحما غريضا، ومسكا رفيضا، وكساهم ثيابا بيضا. وأما هذا فحممة: غداؤه في كل يوم بكرة سنمة، وبقرة شحمة، ونعجة كدمة وأما هذا فطفيل: ليس في أهله بالمسرف النثر، ولا البخيل الحصر، ولا يمنع الحيّ من خير إن أتمروا. وأما هذا فذفافة: طرق الحي حشا من الليل، وولدان الحيّ يتحدثون عنده، فقام مشتملا، وسنان ثملا إلى جذعان الإبل، وهو يحسبها جندلا فقذفها إليهم قذفا لأولها زحيف، ولآخرها حفيف، ولأعناقها على أوساطها قصيف.
وأما هذا فمالك: أولنا إذا دعينا، وحامينا إذا غزينا، ومطعم أولادنا إذا شتونا، ومفرج كل كربة إذا أعيت علينا. وأما هذا فثميل:
غضبه حين يغضب ويل، وخيره حين يرضى سيل، في أهله عبد، وفي الجيش قيد، ولم تحمل أكرم منه على ظهورها إبل ولا خيل، وأما هذا ففرزعة إن لقي جائعا أشبعه، وإن لقي قرنا جعجعة أي رمى به إلى الأرض وقد خاب جيش لا يغزو معه. وأما هذا فعمار: صوات جار، لا تخمد له نار، للمطيّ عقار، أخاذ ووذار.
فناولت العسّ مالكا وكان سيدهم. فقال:
__________
(1) أورده العسكري 1: 525والفاخر.
(2) العسكري: ما سمنوا الكلبا.
(3) انظره في الميداني: 330والفاخر.
(4) انظر الدرة الفاخرة: 437وجمهرة العسكري:
2: 436معجم مجمع الأمثال: 806 والمستقصى: 179وكل هذه المصادر تتحدّث عن أيسار لقمان بإيجاز شديد عند إيراد المثل «أيسر من لقمان» وتسمى هؤلاء الأيسار الثمانية وهم بيض وحممة وطفيل وذفافة (وزفافة) ومالك وفرزعة (وقزعة، وفرعة) وثميل وعمار.(1/112)
من أنت يا جارية؟ قالت: جارية لقمان بن عاد، قال: وكيف هو؟ قالت: شيخ كبير وهو بخير، قال: ويلك وكيف بصره؟
قالت: كليل، والإله لقد كلّ بصره، واسترخى شفره، فما يبصر إلا شفا أي شيئا قليلا وإنه على ذلك ليعرف الشعرة البيضاء بين صريح اللبن والرغوة، قال: فما بقي من قيافته؟ قالت: هو والله لقد ضعف بصره، واشتبهت الآثار عليه، وأنه على ذلك ليعرف أثر الذرة الأنثى من الذرة الذكر، في الصفا الأملس في ليلة ظلمة ومطر، قال: وكيف أكله؟ قالت: قليل، والإله لقد كلّ ضرسه، وانطوت أمعاؤه وما بقي من أكله إلا أنه يتغدّى جزورا ويتعشّى آخر، ويأكل بين ذلك جذعة من الإبل، قال: فما بقي من رمايته؟ قالت: قليل، والإله لقد ضعف عضده، وارعشت يده، وما بقي من رمايته إلا أنه إذا رمى لم تقم رابضة، ولم تربض قائمة، ولم تمسك مخطاة ولدا قال: ويلك كيف قوته؟ قالت:
قليلة، والإله لقد رقّ عظمه، وانحنى ظهره، وضعفت قوته، وكبرت سنه، وما بقي من قوته إلا أنه إذا غدا في إبله احتفر لها ركية فأرواها، وإذا راح احتفر لها ركية فأرواها. وهؤلاء أيسار لقمان وإياهم عنى طرفة بقوله (1):
وهم أيسار لقمان إذا ... أغلت الشتوة أبداء الجزر (2)
وقال أوس بن حجر (3)
وأيسار لقمان بن عاد سماحة ... وجودا إذا ما الشّول أمست جرائرا
153 - وفي النوى يكذبك الصادق:
زعموا أن رجلا مضى في الدهر الأول كان له عبد لم يكذب قط، فبايعه رجل ليكذبنه، وجعلا الخطر بينهما أهلهما ومالهما، فلما تبايعا قال الذي زعم أن العبد يكذب لمولى العبد: أرسله فليبت عندي الليلة فإنه يكذبك إذا أصبح، فأرسله مولاه معه، فبات عنده، فأطعمه لحم حواء، وعمدوا إلى لبن حليب فجعلوه في سقاء قد حزر (4)، فخضخضوا ذلك اللبن الحليب فسقوه، وفيه طعم الحليب وفيه حزر السقاء، فلما أصبح الرجل احتمل وقال للعبد: الحق بأهلك، فلحق العبد حين احتمل القوم ولما يسيروا فلما توارى عنهم العبد حلّوا مكانهم في منزلهم الذي كانوا فيه، وأتى العبد سيده فقال له: ما قروك الليلة؟ فقال: أطعموني لحما لا غثا ولا سمينا، وسقوني لبنا لا محضا ولا حقينا، قال: على أية حال تركتهم؟ قال: تركتهم
__________
(1) ديوان طرفه: 67وموسوعة الشعر العربي: 2/ 424ومعجم مجمع الأمثال: 806، واللسان (بدأ، يسر).
(2) الإبداء: الأعضاء.
(3) ديوان أوس: 33.
(4) حزر: اشتدت حمضته.(1/113)
قد ظعنوا فاستقلوا، فما أدري أساروا بعد أو حلّوا: وفي النوى يكذبك الصادق (1)، فأرسلها مثلا، وأحرز مولاه مال الذي بايعه وأهله.
154 - بأبي وجوه اليتامى.
زعموا أن النعمان بن المنذر اتخذ مجلسا قريبا من قصره بالحيرة، فجعل تحته طاقات وجصّصه، فكان أبيض، وكان ذلك المجلس يسمى ضاحكا لبياضه، وكان للنعمان فرس يقال له اليحموم، وقد ذكرته العرب في أشعارها، قال لبيد بن ربيعة (2):
لو كان شيء (3) في الحياة مخلدا ... في الدهر أدركه أبو يكسوم ... والحارثان كلاهما ومحرّق ... والتبعان وفارس اليحموم
وقال الأعشى (4):
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بنعمته يعطي القطوط ويأفق (5)
... ويجبى إليه السّيلحون ودونها ... صريفون في أنهارها والخورنق ... ويأمر لليحموم كلّ عشية ... بقتّ وتعليق فقد كذا يسنق (6)
وكان للنعمان أخ من الرضاعة من أهل هجر (7) يقال له سعد القرقرة، وكان من أضحك الناس وأبطلهم، وكان يضحك النعمان ويعجبه، وسعد الذي يقول (8):
ليت شعري متى تخبّ بي الن ... اقة نحو العذيب فالصيبون (9)
... محقبا زكرة وخبز رقاق ... وحباقا وقطعة من نون
فزعموا أن النعمان قعد في مجلسه ذات يوم ضاحكا، فأتى بحمار وحش، فدعا بفرسه اليحموم، فقال: احملوا سعدا على اليحموم واعطوه مطردا وخلّوا عن هذا الحمار حتى يطلبه سعد فيصرعه، فقال سعد: إني إذن أصرع عن الفرس، وما لي ولهذا؟ قال النعمان: والله لتحملنه، فحمل على اليحموم، ودفع إليه المطرد، وخلّي الحمار، فنظر سعد إلى بعض بنيه قائما في النظارين فقال: بأبي وجوه اليتامى (10)
__________
(1) المثل: «عند النوى» في جمهرة العسكري 2: 85وفصل المقال: 53ومعجم مجمع الأمثال: 458، والمستقصى: 245والوسيط:
123.
(2) شرح ديوان لبيد: 108.
(3) الديوان: حي.
(4) ديوان الأعشى: 146.
(5) القطوط: الصكوك يأفق: يفضل غيره.
(6) يسنق: يبشم.
(7) هجر: قاعدة البحرين سميت باسم هجر بنت المكفف البلدان 5/ 393.
(8) ينسبان لأعشى بكر، انظر معجم ياقوت (صيبون) وديوانه: 260ورسالة الغفران: 168.
(9) الزكرة: وعاء الخمر والحباق: جرزة البقل، والنون: السمك.
(10) المثل «بأبي وجوه» أو «وا بأبي وجوه»
في فصل المقال: 210، وجمهرة العسكري:
2: 331والفاخر: 57ومعجم مجمع الأمثال:
82 - والوسيط: 75والعيني: 4: 5655 وينقل البكري روايته عن عبيد بن شربة وهي مشبهة لما عند المفضل، (وفي طبعة الجوائب «بانت وجوه» ويبدو أنه تصحيف) وانظر مزيا من الخبر عن سعد القرقرة في ثمار القلوب: 109والخزانية 4: 55.(1/114)
فأرسلها مثلا، فألقى الرمح وتعلّق بمعرفة الفرس، فضحك النعمان، ثم أدرك فأنزل، فقال سعد القرقرة (1):
نحن بغرس الوديّ أعلم من ... ابقود الجياد في السلف (2)
... يا لهف أمي وكيف أطعنه ... مستمسكا واليدان في العرف ... قد كنت أدركته فأدركني ... للصيد جدّ (3) من معشر عنف (4)
أي أدركني عرق من آبائي الذين كانوا عنفا للخيل، أي لم يكن له فروسية.
155 - قد يضرط العير والمكواة في النار.
زعموا أن مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس مرض واستسقى بطنه، فداواه عباديّ وأحمى مكاويه، فلما جعلها على بطنه، ورجل قريب منه ينظر إليه، جعل ذلك الرجل يضرط، فقال مسافر: قد يضرط العير والمكواة في النار (5) فأرسلها مثلا.
156 - من سرّة بنوه ساءته نفسه.
زعموا أن ضرار بن عمرو الضبي ولد له ثلاثة عشر ولدا وكلهم بلغ إن كان رجلا ورأسا، فاحتمل ذات يوم، فلما رأى رجالا معهم أهلوهم وأولادهم سرّه ما رأى من هيئتهم، ثم ذكر في نفسه أنهم لم يبلغوا ما بلغوا حتى رقّ وأسنّ وضعف وأنكر نفسه، فقال: من سرّه بنوه ساءته نفسه (6)، فأرسلها مثلا، فقال (7):
إذا الرجال ولدت أولادها ... فانتقضت (8) من كبر أعضادها ... وجعلت أوصابها (9) تعتادها ... فهي زروع قد دنا حصاؤها
__________
(1) الأبيات في المصادر السابقة والأول في اللسان (ودي).
(2) الودي: جمع ودية وهي النخلة.
(3) في رواية: عرق.
(4) انظر فصل المقال 211ومعجم مجمع الأمثال 82. وتمثال الأمثال 182/ 296.
(5) المثل في جمهرة العسكري 2: 123وفصل المقال: 432والفاخر: 58والميداني: 2: 28 (وأورد قصة أخرى عدا قصة مسافر) والحيوان 2: 257 «العير يضرط». والخزانة 4: 388 والعبذري: 145ومسافر بن أبي عمرو (ت 10 ق. هـ / 613م). شاعر جاهلي. المحبر:
137.
(6) المثل في جمهرة العسكري 2: 246ومعجم مجمع الأمثال 705والمستقصى: 314والعقد 3: 103والحيوان 6: 506والوسيط: 165 والبيان والتبيين 1: 193.
(7) لعل الصواب: فقال الشاعر اذ ذكره العسكري بعد المثل ثم قال: «وقريب من هذا المعنى قول بعضهم».
(8) في جمهرة الأمثال: «واضطربت».
(9) جمهرة الأمثال: «اسقامها».(1/115)
157 - ابنك من دمى عقبيك.
زعموا أن طفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب كانت تحته امرأة من بني القين بن جسر بن قضاعة، فولدت له نفرا منهم زيد وعقيل، فتبنت كبشة بنت عروة بن جعفر عقيلا، وكانت ضرّتها، فعرم بعض العرامة على أمه ففرّ منها فأدركته وهو يريد أن يلجأ إلى كبشة، فضربته أمه، فألقت كبشة نفسها عليه ثم قالت ابني ابني، فقالت القينية ابنك من دمى عقبيك (1)، فأرسلتها مثلا، فرجعت كبشة وقد ساءها ما قالت القينية فولدت عامر بن الطفيل بعد ذلك.
158 - نفس عصام سوّدت عصاما.
زعموا أن عصام بن شهير الجرمي كان أشدّ الناس بأسا، وأبينهم لسانا، وأحزمهم رأيا، ولم يكن في بيت قومه، وكان من صلحائهم، وكان على عامة أمر النعمان، قال قائل من الناس: وكيف نزل عصام بهذه المنزلة من النعمان وليس في بيت قومه وليس بسيدهم؟.
فقال عصام:
نفس عصام سوّدت عصاما (2) ... وجعلته ملكا هماما ... وعلّمته الكرّ والإقداما ... وألحقته السادة الكراما
وعصام بن شهبر الذي يقول له النابغة (3):
ألم اقسم عليك لتخبرنيّ ... أمحمول على النعش الهمام ... إني لا ألومك في دخول (4) ... ولكنّ ما وراءك يا عصام
159 - علقت معالقها وصرّ الجندر.
زعموا أن رجلا من العرب خطب إلى قوم من العرب فتاة لهم، ورغب في صهرهم، وكانت فتاتهم سوداء دميمة، فأجلسوا له مكانها امرأة جميلة، فأعجبته فتزوجها، فلما دخلت عليه إذا المرأة غير التي رأى، قال: ويلك من أنت، قالت:
فلانة ابنة فلان، اسم المرأة التي تزوج، قال: ما أنت بالتي رأيت، قالت: علقت معالقها وصر الجندب (5) فأرسلتها مثلا،
__________
(1) ابنك من دمى عقبيك: في جمهرة العسكري:
1: 39وفصل المقال: 223تعني الذي نفست به حتى أدمى النفاس عقبيك. في معجم مجمع الأمثال: (98): ابنك ابن أيرك، ليس ابن غيرك. وابنك ابن بوحك.
(2) انظر فصل المقال: 138137وجمهرة العسكري 2: 312والفاخر: 145ومعجم مجمع الأمثال 740. والمستقصى: 319واللسان (عصم) والعقد 3: 93وثمار القلوب: 136 والوسيط: 172، 158. وعصام بن شهير الجرمي: حاجب النعمان بن المنذر. معجم مجمع الأمثال: 740. والشريشي: 3/ 246 والخزانة: 4/ 97.
(3) انظر بعض المصادر المذكورة سابقا، وديوان النابغة: 103.
(4) الديوان: «فإني لا ألام على دخول»، يريد لا ألام على ترك الدخول عليه.
(5) المثل في جمهرة العسكري 2: 61ومعجم مجمع الأمثال 449والمستقصى: 244واللسان (علق) والمقاييس 4/ 128يضرب مثلا للشيء يثبت ويتأكد أمره وللرجل يجب ويلزم ذمامه قلت: هذا ما قاله العسكري وهو صواب، ولكن الأصحّ أن المثل يعني مثل قولهم: جفّ القلم فلا تتعب نفسك وفي اللسان (علق) قصة أخرى تتصل بالمثل، وصرير الجندب دليل على الحرّ أي جاء الحرّ ولا يمكنني الرحيل.
والعبدري: 284.(1/116)
قال: فإن كنت أنت فلانة فالحقي بأهلك فأنت طالق.
160 - اقلب قلّاب.
زعموا أن زهير بن جناب (1) بن هبل الكلبي وفد إلى بعض الملوك ومعه أخوه عدي بن جناب، وكان عديّ يحمق، فلما دخلا شكا الملك إلى زهير وكان ملاطفا له ان امه شديدة الوجع، فقال عديّ اطلب لها كمرة حارة، فغضب الملك وأمر به أن يقتل، فقال له زهير: أيها الملك إنما أراد عدي أن يبعث لك الكمأة، فأنا نستحبها ونتداوى بها في بلادنا فأمر به فردّ فقال له الملك: زعم زهير أنما أردت كذا وكذا، فنظر عديّ إلى زهير فقال: اقلب قلّاب (2)
فأرسلها مثلا.
161 - يوم كيوم القسطل.
زعموا أنّ سليحا من قضاعة طلبوا غسان في حرب كانت بينهم، فأدركوهم بالقسطل، فقالوا يوم كيوم القسطل (3)، فذهبت مثلا.
162 - تنهانا أمنا عن الغيّ وتغدو فيه
163 - صغراهن مراهن
زعموا أن امرأة كانت بغيا تؤاجر نفسها وكان لها بنات، فخافت أن يأخذن مأخذها، فكانت إذا غدت في شأنها قالت: احفظن انفسكنّ، وإياكنّ أن يقربكنّ أحد، فقالت إحداهن: تنهانا أمنا عن الغيّ وتغدو فيه (4)، فذهبت مثلا، فقالت الأم:
صغراهن مراهن (5) أي انكرهنّ وأدهاهن.
164 - يا حامل اذكر حلا.
زعموا أن قوما تحملوا وهم في سفر، فشدوا عقد حبلهم الذي ربطوا به متاعهم،
__________
(1) زهير بن جناب بن هبل الكلبي ت 60ق. هـ / 564م خطيب قضاعة وسفير قومه. دعي بالكهانة. الشعر والشعراء: 1/ 386.
(2) المثل في جمهرة العسكري: 1: 151ومعجم مجمع الأمثال: 28والمستقصى: 114واللسان (قلب).
(3) لم أجد له ذكرا في كتب الأمثال.
(4) المثل في جمهرة العسكري: 1: 272ومعجم مجمع الأمثال: 136والمستقصى: 193 والعبدري: 223.
(5) معجم مجمع الأمثال: 384 (شراهن) وله قصة مختلفة، والعبدري: 417صغراها مراها.(1/117)
فلما نزلوا عالجوا متاعهم فلم يقدروا على حله إلا بعد شر، فلما أرادوا أن يحملوا قال بعضهم: يا حامل اذكر حلا (1)، فأرسلها مثلا (2).
165 - ما يوم حليمة بسر.
زعموا أنه لما غزا المنذر بن ماء السماء غزاته التي قتل فيها قطع به الحارث بن جبلة ملك غسان، وفي جيش المنذر رجل من بني حنيفة ثم أحد بني سحيم يقال له شمر بن عمرو، وكانت أمه من غسان، فخرج يتوصل بجيش المنذر، يريد أن يلحق بالحارث بن جبلة، فلما تدانوا سار حتى لحق بالحارث، فقال: أتاك ما لا تطيق، فلما رأى ذلك الحارث ندب من أصحابه مائة رجل اختارهم رجلا رجلا ثم قال:
انطلقوا إلى عسكر المنذر فأخبروه أنا ندين له ونعطيه حاجته، فإذا رأيتم منه غرة فاحملوا عليه، ثم أمر لابنته حليمة بنت الحارث بمركن فيه خلوق، فقال: خلقيهم، فجعلت تخلقهم حتى مرّ عليها فتى منهم يقال له لبيد بن عمرو، فذهبت لتخلّقه، فلما دنت قبلها، فلطمته وبكت، وأتت أباها فأخبرته قال: ويلك اسكتي فهو أرجاهم عندي ذكاء قلب، ومضى القوم وشمر بن عمرو الحنفي حتى أتوا المنذر، فقالوا له:
أتيناك من عند صاحبنا، وهو يدين لك ويعطيك حاجتك، فتباشر أهل عسكر المنذر بذلك وغفلوا بعض الغفلة، فحملوا على المنذر فقتلوه ومن كان حوله، فقيل:
ما يوم حليمة بسرّ (3)، فذهبت مثلا، قال النابغة وهو يمدح غسان (4):
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب ... تخبّرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جرّبن كلّ التجارب
__________
(1) يروي أيضا: «يا عاقد» انظر جمهرة العسكري 2: 427 (وورد في حكم أكثم بن صيفي 2: 266) ومعجم مجمع الأمثال 800 والمستقصى: 331، فإذا قلت يا عاقد كان الحل مقابلا وإذا قلت يا حامل كان الحلول في المكان هو المقابل له. وانظر الخزانة 3: 129 ومقاييس اللغة 2/ 20.
(2) إلى هذا المثل يشير أبو نواس بقوله:
يا عاقد القلب مني ... هلا تذكرت حلا
معجم مجمع الأمثال: 800.
(3) المثل في جمهرة العسكري 2: 233وفصل المقال: 127، 486والعقد 3: 91والميداني 2: 150وثمار القلوب: 311والمستقصى:
107 - وديوان النابغة: 45واللسان (حلم) والخزانة 2: 11والعبدري: 385وتمثال الأمثال 1/ 554.
(4) ديوان النابغة: 4544. وهو البيت من معلقته التي يمدح بها عمرو بن الحارث الأعرج ومطلعها:
كلني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب(1/118)
166 - أساء سمعا فأساء إجابة.
167 - أشبه امرؤ بعض بزّه.
وزعموا أن سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤي كان تزوج صفية بنت أبي جهل ابن هشام، فولدت أنس بن سهيل، فخرج معه ذات يوم وقد خرج وجهة فوقفا بحزورة مكة، وأقبل الأخنس بن شريق الثقفي قال: من هذا؟ قال سهيل: ابني، قال: حياك الله يا فتى؟ أين أمّك؟ قال:
أمي في بيت أمّ حنظلة تطحن دقيقا، قال أبوه: أساء سمعا فأساء إجابة (1) فلما رجعا قال أبوه: فضحني اليوم ابنك عند الأخنس، قال كذا وكذا، قالت: إنما ابني صبي (2)، قال: أشبه امرؤ بعض بزّه (3)، فأرسلها مثلا.
168 - كفى برغائها مناديا.
زعموا أن رجلا بينما هو في بيته إذ جاءه ضيف فنزل ناحية فجعلت راحلته ترغو، فقال رب البيت: من هذا الذي آذانا رغاء راحلته ولم ينزل علينا فيستوجب حقّ الضيف؟ فقال الضيف: كفى برغائها مناديا (4).
169 - إليك يساق الحديث
زعموا أن رجلا أتى امرأة يخطبها فأنعظ وهي تكلمه فجعل كلما كلمته ازداد انعاظا، وجعل يستحيي ممن حضر من أهلها، ويقول، ويضع يده على ذكره:
اليك يساق الحديث (5)، فأرسلها مثلا.
170 - يا بوين ما أكيسني.
أغارت بنو فقعس بن طريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة على ناس من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فأصابوا إبلا من إبلهم فاقتسموها، فصار لشأس بن الأشد بن عمرو بن دثار بن فقعس لقحتان، وصارت لبني حذلم بن فقعس بكرة، أمها إحدى لقحتي شأس، فجعلها بنو حذلم في إبلهم، فجعلت تجالد إلى أمها عند شأس، فعمد شأس وقد نزلوا بوادي طلح فأحرق
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري 1: 14، 494والفاخر:
58 - وفصل المقال: 4948ومعجم مجمع الأمثال 309والمستقصى: 63والوسيط: 42ومقاييس اللغة 1/ 491، واللسان والتاج: جوب.
(2) العسكري 1/ 14قالت إنك تبغضه.
(3) المثل في جمهرة العسكري: 1: 25والفاخر:
59 - وفصل المقال: 49والمستقصى: 77 والبيان. والتبيين: 2: 264ومعجم مجمع الأمثال: 309.
(4) المثل في جمهرة العسكري: 2: 151ومعجم مجمع الأمثال: 557والمستقصى: 265 واللسان (رغا).
(5) المثل في جمهرة العسكري 1: 14وفصل المقال: 50ومعجم مجمع الأمثال 30.
والفاخر: 59والوسيط: 43.(1/119)
من شجرة ثم لطخها حتى اسودت، فجاء بنو حذلم ينشدون بكرتهم فقال لهم شأس: هذه بكرتكم، فغضبوا وقالوا:
أتسخر منا؟ قال: إنكم لا تعقلون، قالوا:
بل أنت لا تعقل، قال: فإن شئتم نافرتكم على نهبي ونهبكم انها بكرتكم، ففعلوا، فغسلها بالماء فعرفوها، فأخذ نهبهم. فأتوا خالد بن عمرو بن حذلم وكان يسمّى الميّس فذكروا ذلك له، فقال: أنتم ضيعتم نهبكم، قالوا: بل أنت تريد أن تخذلنا، قال: بل أعلم من القوم ما لا تعلمون: فإذا لقيتم أول غلام من بني دثار بن فقعس يعلم أنكم جئتم في هذا الأمر قاتلكم، فانطلق معهم فلقوا غلاما من بني دثار بن فقعس فقال لهم: هلم فلنحلب لكم، قالوا: لا حاجة لنا في لبنكم، قد ظلمتم وقطعتم، قال: وفي أي أمر أنتم؟ قالوا:
في الإبل التي أخذ شأس، فأخذ سهما فرمى خالدا فأخطأه وأصاب واسطة الرحل، فركض خالد حمله وقال قد اخبرتكم الخبر: وقال يا بوين ما أكيسني فأرسلها مثلا.
بوين: تصغير بان، وقال في ذلك خالد:
لعمري لقد حذّرتكم ونهيتكم ... وانأتكم أن لا غنيمة في شاس ... ولست بعبد يتقي سخط ربه ... إذا لم تلمني في مجاملة الناس
171 - نعم ويدعو أباه.
172 - أحمق من دغة.
173 - هيّن ليّن وأودت العين.
174 - القوم ما أطبون.
زعموا ان دغة بنت معنج (1) كانت امرأة من جرهم، فتزوجها رجل منهم قبل أن تبلغ المحيض، فحملت ولم تشعر بالحمل لحداثة سنها فأخذها الطلق وأهلها سائرون، فنزلت منزلا فانطلقت تبرز، فولدت وهي تبرز، فصاح الصبيّ، فرجعت إلى أمها فقالت: يا أمتاه، هل يفتح الجعر فاه، قالت: نعم ويدعو أباه (2)، فأرسلتها مثلا، فقيل أحمق من دغة (3).
وزعموا أن دغة كانت قد بلغت مبلغ النساء من الشرف والعقل، فحسدها
__________
(1) دغة: هي مارية بنت مغنج ومعج ربيعة بن عجل: زوّجت وهي صغيرة، وحمقت. معجم مجمع الأمثال 204.
(2) فصل المقال: 183والدرة الفاخرة: 145 (وجمع بعض حكايات حمقها معا) والفاخر:
24.
(3) فصل المقال: 183وجمهرة العسكري 1: 54، 389والدرة الفاخرة: 145والفاخر: 24 ومعجم مجمع الأمثال 204والمستقصى: 35 ودغة هي مارية بنت معنج (وظبطها صاحب الفاخر بالعين المهملة) وفي حمقها انظر ثمار القلوب: 309.(1/120)
ضرائرها أن أنساع بعيرها كنّ يلفين حمرا تزهر وتئط فقلن: إنا نخاف أن يمرّ بنا الرجال فيسمعوا هذا الأطيط، فيظنوا أن بعضنا قد أحدث فلو دهنت إنساعك فلم تئطّ كان ذلك أمثل، فعمدت إلى طرف نسعتها فدهنتها، وخافت أن يكن حسدنها حمرة سيورها وجمالهن، فدهنت طرف النسعة لتنظر كيف يكون، فاسودّ ما دهنت، فعرفت ما أردن بها فكفّت، فلقينها فسألنها: كيف رأيت الدهن للنسعة؟ قالت:
هين لين وأودت العين (1)، فأرسلتها مثلا، تقول ذهب حسه وحمرته ونبت العين عنه.
زعموا أن رهطا من قوم دغة تجاعلوا على نسائهم أيتهنّ أطوع لهم فأعظموا الخطر، فقالوا: يأمر كلّ رجل منكم امرأته تنزل على هذه القرية من النمل تنتعش، فجعلت امرأة الرجل منهنّ إذا مرت على القرية فأمرها زوجها أن تنزل أبت، حتى مررن كلهن، ثم مرّت دغة فقال لها زوجها: انزلي علي هذه القرية، ففعلت، فقال لها خادمها: أتنزلين من بين هؤلاء النساء على هذا النمل؟ أنت أضعفهنّ رأيا، فقالت: القوم ما أطبون (2)، أي القوم أعلم، فأرسلتها مثلا، وأخذ زوجها الخطر الذي كانوا خاطروا عليه، وكان فيما ذكروا الخطر على أهل الرجل وماله.
175 - نعم كلب من بؤس أهله.
زعموا أنّ قوما من العرب كانت لهم ماشية من إبل وغنم، فوقع فيها الموت فجعلت تموت فيأكل كلابهم من لحومها، فأخصبت وسمنت، فقيل: نعم كلب من بؤس أهله (3)، فذهبت مثلا.
176 - كالطاحنة.
زعموا أن ناسا من العرب كانت لهم في مملكتهم شدة، فكلفوا أمة لهم طحينا وأوعدوها إن لم تفرغ منه ضربوها، فطحنته، حتى إذا لم يبق إلا ما لا بال به ضجرت فاختنقت حتى قتلت نفسها، فقيل كالطاحنة (4) فذهبت مثلا، يضرب للذي يكسل عن الأمر بعد اتضاحه.
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 4: 366معجم مجمع الأمثال 774والمستقصى: 331.
(2) في معجم مجمع الأمثال: القوم طبون. ويروى:
القوم ما أطبون. انظر: 537.
(3) المثل في جمهرة العسكري: 2/ 234 (وورد في أمثال أكثم: 2: 265معجم مجمع الأمثال:
738 - والحيوان: 1: 271. وفصل المقال:
372. ويروى في الميدان (في بؤس أهله).
(4) معجم مجمع الأمثال: 571المثل: «كالمختنقة على آخر طحينها» وهو مشابه لما هنا وفي الإكراه على الطحن أورد قولهم «كارها يطحن كيسان» معجم مجمع الأمثال: 540.(1/121)
177 - قد تخرج الخمر من الضنين.
زعموا أن زهير بن جناب بن هبل الكلبي عاشر عشرة من مضر وربيعة إلى امرئ القيس بن عمرو بن المنذر بن ماء السماء فأكرمهم ونادمهم وأحسن إليهم، وأعطى لكلّ واحد منهم مائة من الإبل، فغضب زهير فقال: قد تخرج الخمر من الضنين (1).
فغضب امرؤ القيس فقال: أو مني يا زهير؟ قال: ومنك، فغضب الملك فأقسم لا يعطي رجلا منهم بعيرا، فلامه أصحابه فقالوا: ما حملك على ما قلت؟ قال:
حسدتكم أن ترجعوا إلى هذا الحيّ من نزار بتسعمائة بعير وأرجع إلى قضاعة بمائة من الإبل ليس غيرها.
178 - استنوق الجمل
179 - صحيفة المتلمس.
زعموا أنّ المتلمس صاحب الصحيفة كان أشعر أهل زمانه، وهو أحد بني ضبيعة بن ربيعة بن نزار، وأنه وقف ذات يوم على مجلس لبني قيس بن ثعلبة، وطرّفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة يلعب مع الغلمان، فاستنشد أهل المجلس المتلمس فلما أنشدهم أقبل طرفة بن العبد مع الغلمان يسمعون، فزعموا أن المتلمس أنشدهم هذا البيت (2):
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره ... بناج عليه الصيعرية مكدم
الصيعرية سمة يوسم بها النوق باليمن دون الجمال، فقال طرفة استنوق الجمل (3)، فأرسلها مثلا، فضحك القوم، وغضب المتلمس ونظر إلى لسان طرفة وقال: ويل لهذا من هذا يعني نفسه من لسانه كذا رواه المفضل وإنما الخبر بين المسيب بن علس الضبعيّ وبين طرفة (4).
زعموا أن (5) عمرو بن المنذر بن امرئ القيس، وكان عم النعمان، وكان رشح أخاه قابوس بن المنذر وهما لهند ابنة الحارث بن عمرو الكندي آكل المرار
__________
(1) المثل في جمهرة العسكري: 2: 128معجم مجمع الأمثال: 508.
(2) انظر ديوان المسيب بن علس: 359وهو أيضا في شعر المتلمس في اللسان والتاج (نوق) والأغاني: 23: 559والشعر والشعراء: 1/ 189وفصل المقال: 190.
(3) يروى المثل: «قد استنوق» انظر جمهرة العسكري 1: 54وفصل المقال: 190ومعجم مجمع الأمثال: 506: قد استنوق الجمل.
والمستقصى: 66واللسان (نوق)، وفي العقد:
3: 96كان جملا فاستنوق.
(4) لم يرجح البكري بل قال: هذا الشاعر هو المسيب وقيل هو المتلمس.
(5) تتصل هذه القصة بما أدرج في كتب الأمثال تحت: «صحيفة المتلمس» انظر جمهرة العسكري: 1: 579والفاخر: 60ومعجم مجمع الأمثال: 377واللسان (صحف) والأغاني: 23: 540وما بعدها وديوان طرفة:
99 - وثمار القلوب: 216والخزانة: 1: 446 والشريشي: 1: 433.(1/122)
ليملك بعده، فقدم عليه المتلمس وطرفة فجعلهما في صحابة قابوس، وأمرهما بلزومه، وكان قابوس (1) شابا يعجبه اللهو، وكان يركب يوما في الصيد فيركض فيتصيّد، وهما معه يركضان حتى يرجعا عشية وقد لغبا، فيكون قابوس من الغد في الشراب فيقفان ببابه النهار كلّه فلا يصلان إليه، فضجر طرفة فقال (2):
وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثا حول قبتنا تخور (3)
... من الزّمرات أسبل قادماها ... وضرّتها مركنة درور (4)
... يشاركنا لنا رخلان فيها ... ويعلوها الكباش فما تنور (5)
... لعمرك إنّ قابوس بن هند ... ليخلط ملكه نوك كثير ... قسمت الدهر في زمن رخي ... كذاك الحكم يقسط أو يجور ... لنا يوم وللكروان يوم ... تطير البائسات ولا نطير ... فأما يومهن فيوم سوء ... تطاردهنّ بالحدب الصقور (6)
... وأما يومنا فنظلّ ركبا ... وقوفا ما نحلّ وما نسير
وكان طرفة عدوا لابن عمه عبد عمرو بن بشر بن عمر بن مرثد، وكان عبد عمر كريما عند عمر بن هند، وكان سمينا بادنا فدخل مع عمرو الحمام فلما تجرد قال: لقد كان ابن عمك طرفه رآك حين قال ما قال وكان طرفة هجا عبد عمرو قبل ذلك فقال (7):
لا خير فيه غير أن قيل واجد (8) ... وأن له كشحا إذا اقام أهضما ... يظلّ نساء الحيّ يعكفن حوله ... يقلن عسيب من سرارة ملهما (9)
... له شربتان بالعشيّ وشربة (10) ... من الليل حتى آض جبسا (11) مورما ... كأن السلاح فوق شعبة بانة ... ترى نفخا ورد الأسرة أسحما (12)
__________
(1) قابوس بن المنذر اللخمي (ت 2ق. هـ / 582 م). من ملوك الحيرة. توفي بعد مقتل أخيه عمرو بن هند. تاريخ اليعقوبي: 1/ 211 والأعلام: 5/ 171.
(2) الشعر في كتب الأمثال وديوان طرفة: 96.
(3) الرغوث: النعجة المرضع تخور: تصوّت.
(4) الزمرات: القليلات الصوف وهن اغزر البانا والضرة: لحم الضرع مركنة: ذات أركان.
(5) الرخل: الانثى من ولد الضأن تنور: تنفر.
(6) الحدب: ما ارتفع من الأرض.
(7) الشعر في كتب الأمثال وديوان طرفة: 94.
(8) الديوان: غير أن له غنى.
(9) ملهم: اسم موضع باليمامة مشهور بالنخل والعسيب هو عسيب النخلة، وسرارة كل شيء وسطه وأفضله.
(10) الديوان: له شربتان بالنهار وأربع.
(11) الديوان: سخدا والسخد هو ماء الرحم الذي يخرج مع الولد، والجبس الغليظ.
(12) البانة شجرة ضعيفة، شبه جسمه بها في لينه ورخاوته، وأنه منتفخ أحمر أسرة البطن من النعمة، والأسرة: طرائق العكن والاسحم:
الأسود الذي ليس بخالص السواد، ويروى اصحما وهو الأسود إلى الصفرة.(1/123)
ويشرب حتى تخرر المحض قلبه ... وإن أعطه أترك لقلبي مجثما (1)
فلما قال ذلك قال له عبد عمرو (2): ما قال لك شر مما قال لي ثم أنشده قوله طرفة:
وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثا حول قبتنا تخور
قال عمرو: وما أصدقك عليه وقد صدقه، ولكنّ عمرا خاف أن ينذره وتدركه له الرحم فمكث غير كثير ثم دعا المتلمس وطرفة فقال: لعلكما قد اشتقتما إلى أهلكما، وسرّكما أن تنصرفا، قالا: نعم، فكتب لهما إلى عامله على هجر أن يقتلهما، وأخبرهما أنه قد كتب لهما بحباء ومعروف، فأعطى كلّ واحد منهما صحيفة، فخرجا وكان المتلمس قد أسنّ فمر بنهر الحيرة على غلمان يلعبون فقال المتلمس: هل لك أن ننظر في كتابنا فإن كان خيرا مضينا له، وإن كان شرا القيناه، فأبى عليه طرفة، فأعطى المتلمس كتابه بعض الغلمان فقرأه عليه فإذا فيه السوءة، فألقى كتابه في الماء وقال لطرفة: اطعني وألق كتابك، فأبى طرفة ومضى بكتابه حتى أتى به عامله فقتله، ومضى المتلمس حتى لحق بملوك جفنة بالشأم، فقال في ذلك المتلمس (3):
من مبلغ الشعراء عن أخويهم ... نبأ فتصدقهم بذاك الأنفس ... أودى الذي علق الصحيفة منهما ... ونجا حذار حبائه المتلمس ... أبقى صحيفته ونجّت رحله ... عنس مداخلة الفقارة عرمس (4)
القصيدة كلها، وهي أبيات. فقيل:
«صحيفة المتلمس» (5).
180 - كيف أعاودك وهذا أثر فأسك.
زعموا أن أخوين كانا فيما مضى في إبل لهما فأجدبت بلادهما، وكان قريبا منهما واد فيه حية (6) قد حمته من كل أحد، فقال أحدهما للآخر: يا فلان لو أني أتيت هذا الوادي الملكيء فرعيت فيه إبلي وأصحلتها، فقال له أخوه: إني أخاف عليك الحية، ألا ترى أن أحدا لم يهبط
__________
(1) المحض: الخالص، لعله يعني الخمرة أو اللبن، وفي الديوان: يغمر المحض يقول ولو أنني أعطيت لك الشراب لم أكثر من شربه وتركت لقلبي موضعا يجثم فيه.
(2) عبد عمرو بن بشر بن مرثد كان سيد أهل زمانه. وكان متزوجا من أخت طرفة بن العبد، وصديقا لعمرو بن هند، العشر والشعراء 1/ 191.
(3) الأغاني: 23: 544وديوان المتلمس (القصيدة رقم: 9).
(4) العنس: الناقة القوية، العرمس: الصلبة.
(5) معجم مجمع الأمثال: 377، حيث تجد خبر صحيفة المتلمس.
(6) قصة الحية وردت عند ابن قتيبة في الشعر والشعراء: 96 (نقلا عن المفضل) ومعجم مجمع الأمثال 574وكيف أعاودك وهذا أثر فأسك» وانظر الدميري 1: 73وهي قصة تتردد خارج نطاق الأدب العربي، فنجد شبيها لها عند ايسوب (دالي رقم 51) وملحق باريس رقم:
573، ويقال إنها ترجع إلى أصل هندي.(1/124)
ذاك الوادي إلا أهلكته؟ قال: فو الله لأهبطنّ، فهبط ذلك الوادي فرعى إبله به زمانا، ثم إن الحية لدغته فقتلته، فقال أخوه: ما في الحياة بعد أخي خير ولأطلبنّ الحية فأقتلها أو لأتبعنّ أخي، فهبط ذلك الوادي فطلب الحية ليقتلها، فقالت: ألست ترى أني قتلت أخاك، فهل لك في الصلح فأدعك بهذا الوادي فتكون به وأعطيك ما بقيت دينارا في كلّ يوم، قال: أفاعلة أنت؟ قالت: نعم، قال: فإني أفعل، فحلف لها وأعطاها المواثيق لا يضيرها، وجعلت تعطيه كلّ يوم دينارا فكثر ماله ونبتت إبله، حتى كان من أحسن الناس حالا، ثم إنه ذكر أخاه فقال: كيف ينفعني العيش وأنا أنظر إلى قاتل أخي فلان، فعمد إلى فأس فأحدّها ثم قعد لها فمرت به فتبعها فضربها فأخطأها ودخلت الجحر ووقع الفأس بالجبل فوق جحرها فأثر فيه، فلما رأت ما فعل قطعت عنه الدينار الذي كانت تعطيه، فلما رأى ذلك وتخوّف شرّها ندم، فقال لها: هل لك في أن نتواثق ونعود إلى ما كنّا عليه؟ فقالت: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك (1) وأنت فاجر لا تبالي العهد. فكان حديث الحية والفأس مثلا مشهورا من أمثال العرب. قال نابغة بني ذبيان (2):
ليهنأ لكم أن قد نفيتم بيوتنا ... مكان عبدّان المحلئ باقره (3)
... فلو شهدت سهم وأفناء مالك ... فتعذرني من مرّة المتناصرة (4)
... لجئوا بجمع لم ير الناس مثله ... تضاءل منه بالعشيّ قصائره (5)
... وإني لألقى من ذوي الضغن منهم ... وما أصبحت تشكو من الشجو ساهره ... كما لقيت ذات الصّفا من حليفها ... وكانت تديه المال غبا وظاهره (6)
... تذكّر أنّى يجعل الله جنّة ... فيصبح ذا مال ويقتل واتره ... فلما توفّى العقل إلا أقلّه ... وجارت به نفس عن الخير جائره (7)
... فلما رأى أنّ ثمر الله ماله ... وأثّل موجودا وسدّ مفاقره (8)
... أكبّ على فأس يحدّ غرابها ... مذكّرة بين المعاول باتره ... فقام لها من فوق جحر مشيّد ... ليقتلها أو يخطئ الكفّ بادره
__________
(1) معجم مجمع الأمثال: 574.
(2) الديوان: 153وما بعدها.
(3) الديوان: مندى عبيدان وعبيدان: عبد كان لرجل من عاد، كان يورد إبله أول الناس ثم غلب عليه رجل أقوى منه والمحلئ الذي يمنع من ورود الماء، والباقر: جماعة البقر.
(4) سهم ومالك ابنا مرة بن عوف من ذبيان وبنو مرة كانوا تحالفوا وتناصروا ضد قوم النابغة.
(5) يقول: من كثرة هذا الجيش تخشع قصائره وتصغر، وقصائره: أرض أو جبل.
(6) ذات الصفا هي الحية التي تتحدث عنها العرب وهنا ربط بين صدر بيت وعجز آخر. انظر الخزانة 3/ 559557.
(7) العقل: الدية.
(8) لاحظ وقوع إن المصدرية بعد فعل (علم) غير مؤول بالظن.(1/125)
فلما وقاها الله ضربة فأسه ... وللبرّ عين لا تغمّض ناظره ... تندّم لما فاته الذّحل عندها ... وكانت له إذ خاس بالعهد قاهرة ... فقال تعالي نجعل الله بيننا ... على مالنا أو تنجزي لي آخره ... فقالت يمين الله أفعل إنني ... رأيتك مسحورا يمينك فاجره ... أبى لي قبر لا يزال مقابلي ... وضربة فأس فوق رأسي فاقره(1/126)
الفهارس
فهرست المصادر والمراجع
القرآن الكريم
الألف
أخبار أبي تمام. أبو بكر الصولي. تحقيق محمد عبده عزّام. خليل عساكر. نظير الهندي. دار الآفاق بيروت 1980.
أساس البلاغة للزمخشري. تحقيق عبد الرحيم محمود. دار المعرفة. بيروت 1979.
الاستبصار في نسب الصحابة الأبرار للمقدسي. تحقيق علي نويهض. دار الفكر.
بيروت 1971.
الاشتقاق، ابن دريد. تحقيق عبد السلام هارون. دار المسيرة. بيروت 1979.
إصلاح المنطق لابن السكيت. (تحقيق شاكر هارون). دار المعارف. مصر 1979.
الإصابة في تمييز الصحابة. ابن حجر العسقلاني. دار الكتاب العربي. بيروت.
الأصنام لابن الكلبي. طبع بمصر 1343هـ.
الأصمعيات. اختيار الأصمعي (تحقيق شاكر هارون). دار المعارف. مصر.
1979.
الأمالي لأبي علي القالي. دار الكتب 1344هـ.
أمالي المرتضى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الكتاب العربي بيروت 1967.
الأمالي لابن الشجري، حيدر أباد 1349هـ.
الإمتاع والمؤانسة. أبو حيان التوحيدي. صححه أحمد أمين وأحمد الزين. لجنة التأليف والترجمة والنشر. مصر 1953.(1/127)
الأمثال. مؤرج السدوسي. تحقيق د. رمضان عبد التواب. ط الهيئة المصرية 1391هـ / 1971م.
أمثال العرب. المفضل بن محمد الضبي. تقديم وتحقيق إحسان عباس. دار الرائد العربي. بيروت 1981م.
الإعلام للزركلي. دار العلم للملايين. بيروت 1980م.
أعلام النساء. عمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة. بيروت 1984.
الأغاني. أبو الفرج الأصفهاني. طبعة بولاق المصورة. دار الفكر بيروت 1390هـ / 1970م.
إنباه الرواة على أنباء النحاة للقفطي، تحقيق أبو الفضل إبراهيم. دار الكتب 1379
هـ.
الإنصاف، لابن الأنباري. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. السعادة 1380هـ.
الأوراق للصولي. تحقيق ح. هيورث. الصاوي بيروت: 1934.
الباء
بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس. لابن عميرة الضبي. مجريط 1844م.
بغية الوعاة في طبقات النحاة. جلال الدين السيوطي. مصر 1326هـ.
البيان والتبيين للجاحظ. تحقيق عبد السلام هارون. لجنة التأليف 1381هـ.
التاء
تاج العروس لمحمد المرتضى الزبيدي. مصر (13071306هـ).
تاريخ ابن الأثير. دار صادر. بيروت 1982.
تاريخ الأمم والملوك للطبري. مصر 1326هـ.
تاريخ بغداد. الخطيب البغدادي. مطبعة السعادة 1931م.
تمثال الأمثال. أبو المحاسن محمد بن علي العبدري الشيبي، تحقيق د. أسعد ذبيان. دار المسيرة 1982.
التمثيل والمحاضرة للثعالبي. تحقيق عبد الفتاح الحلو. مصر 1961م.
تهذيب تاريخ ابن عساكر. عبد القادر بدران دمشق 13511329هـ.
التصريح بمضمون التوضيح للشيخ خالد. الأزهرية 1344.
التنبيه على أمالي القالي للبكري. دار الكتب 1934هـ.
تهذيب اللغة للأزهري المؤسسة المصرية للتأليف 1384.
تهذيب التهذيب لابن حجر حيدر أباد 1325هـ.(1/128)
الثاء
ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي. مصر 1326هـ.
الجيم
جمهرة أشعار العرب للقرشي. بيروت 1973.
جمهرة الأمثال للعسكري. تحقيق (إبراهيم مطامش) القاهرة 1964.
جمهرة اللغة لابن دريد. دار صادر بيروت. (نسخة مصورة) عن الطبعة الأولى التي ظهرت تحت إدارة مجلة دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد 1351هـ.
جمهرة الأنساب لابن حزم. تحقيق لجنة من العلماء. دار الكتب العلمية بيروت 1983.
جمهرة خطب العرب تأليف أحمد زكي صفوت. المكتبة العلمية. بيروت. نسخة مصورة عن طبعة القاهرة 1352هـ / 1934م.
الحاء
حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي نشر أحمد أمين وعبد السلام هارون. القاهرة 1951م.
حماسة البحتري. تحقيق الأب لويس شيخو. بيروت 1910م.
الحماسة لابن الشجري. حيدر أباد 1345هـ.
حياة الحيوان للدميري. مصر 1292هـ.
الحيوان للجاحظ. تحقيق عبد السلام هارون. القاهرة (19451938) م.
الخاء
خاص الخاص للثعالبي مكتبة الحياة بيروت 1966م.
خزانة الأدب للبغدادي. بولاق 1299هـ.
خريدة القصر للعماد الأصفهاني (قسم شعراء الشام 31) تحقيق شكري فيصل.
دمشق 1955م.
خريدة القصر (قسم العراق) تحقيق بهجة الأثري. بغداد 1973م.
خريدة القصر (قسم مصر) تحقيق شوقي ضيف القاهرة 1951م.
خريدة القصر (قسم المغرب) تحقيق الدسوقي وعبد العظيم. مصر 1964م.
خطط المقريزي. دار صادر. بيروت.
الخصائص لابن جني. تحقيق محمد علي النجار. دار الكتب 1376هـ.
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر. للمحبّي. مصر 1284هـ.(1/129)
الدال
دائرة المعارف الإسلامية. أصدرها باللغة العربية: أحمد الشنتناوي. إبراهيم زكي خورشيد. عبد الحميد يونس وراجعها د. محمد مهدي علّام من قبل وزارة المعارف.
دائرة المعارف في القرن العشرين. فريد وجدي. دار المعرفة بيروت 1971.
الدرة الفاخرة لحمزة الأصفهاني. تحقيق عبد المجيد قطامش. مصر 1972م.
الديارات للشابشتي. بغداد 1951 (تحقيق كروكيس عوّاد).
ديوان أبي تمام. تحقيق عبده عزام. دار المعارف 1964م.
ديوان امرئ القيس تحقيق أبو الفضل إبراهيم. القاهرة 1958م.
ديوان أمية بن أبي الصلت. تحقيق بهجة الحديثي. بغداد 1975م.
ديوان أوس بن حجر. (تحقيق نجم). بيروت 1960م.
ديوان البحتري. (تحقيق الصيرفي). دار المعارف 1975م.
ديوان بشار بن برد. بيروت 1973م.
ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي. تحقيق عزة حسن. دمشق 1379هـ.
ديوان جرير. تحقيق الصاوي. مكتبة الحياة بيروت.
ديوان حسان بن ثابت الأنصاري. مكتبة الأندلس. بيروت 1966م.
ديوان ذي الرّمّة. تحقيق د. عبد القدوس أبو صالح. مؤسسة الإيمان. بيروت لبنان 1982م / 1402هـ.
ديوان الراعي النميري. (تحقيق القيس. ناجي). المجمع العلمي العراقي 1980.
ديوان زهير بن أبي سلمى. دار الكتب المصرية 1944.
ديوان طرفة بن العبد (الأنجلو المصرية) 1958م.
ديوان العجاج (رواية الأصمعي). دمشق 1971م.
ديوان الفرزدق. دار صادر. بيروت 1966.
ديوان كثيّر عزّة. تحقيق إحسان عباس. دار الثقافة بيروت 1971م.
ديوان المتنبي. تحقيق عبد الوهاب عزّام. القاهرة 1944.
ديوان المعاني لأبي هلال العسكري. مكتبة القدسي. القاهرة 1352هـ.
ديوان النابغة الذبياني. تحقيق شكري فيصل. دار الفكر بيروت 1968.
الراء
روائع الأمثال العالمية. ميشال مراد. دار المشرق بيروت 1984.
الروض الأنف، في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوية لابن هشام. لعبد
الرحمن بن عبد الله السهيلي. مصر 1332هـ / 1914م.(1/130)
الروض الأنف، في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوية لابن هشام. لعبد
الرحمن بن عبد الله السهيلي. مصر 1332هـ / 1914م.
ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا. شهاب الدين الخفاجي. تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو (ط. البابي الحلبي. 1386هـ / 1967م).
الزاي
زهر الآداب وثمر الألباب للمصري. مصر 1953.
سمط اللآلي لعبد العزيز الميمني الرجكواتي. لجنة التأليف 1354هـ.
سنن ابن ماجة. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (ط. البابي الحلبي 1372هـ / 1952م).
سنن الترمذي. (الجامع الصحيح). تحقيق شاكر. القاهرة 19681937م.
سنن النسائي بشرح السيوطي. المطبعة المصرية بالأزهر 1348هـ / 1930م.
السيرة لابن هشام. تحقيق السقّا والأبياري وشلبي. القاهرة 1955.
شين
شرح أبيات سيبويه للشنتمري. هامش كتاب سيبويه. بولاق 1316هـ.
شرح أشعار الهندليين للسكري. تحقيق عبد الستار فراج. المدني 1384هـ.
شرح الفية ابن مالك للأشموني مع حاشية الصبان. عيسى الحلبي 1366هـ.
شرح بانت سعاد لابن هشام. الميمنية 1321هـ.
شرح شواهد الشافية للبغدادي. تحقيق محمد محي الدين وزميليه. حجازي: 1356
هـ.
شرح شواهد المغني للسيوطي. 2لبهية 1322هـ.
شرح لامية العرب للزمخشري. الجژوائب 1300هـ.
شرح المفصل لابن يعيش. محمد منير 1928.
شرح نهج البلاغة لابن أبي حديد. الحلبي 1329.
شرح سقط الزند. تحقيق لجنة إحياء تراث أبي العلاء 1368هـ.
الشعر والشعراء لابن قتيبة. تحقيق أحمد شاكر. الحلبي 1370هـ.
شعراء النصرانية للأب شيخو اليسوعي. بيروت 1891م.
الصاد
الصحاح للجوهري. دار العلم بيروت.
صحيح البخاري إدارة الطباعة المنيرية.
صحيح مسلم. القاهرة 1290هـ.(1/131)
صفوة الصفوة لابن الجوزي. حيدر أباد 1356هـ.
صلة تاريخ الطبري لعريب. مصر 1326هـ.
صلة الصلة لأبي جعفر ابن الزبير. تحقيق ليفي بروفنسال. الرباط 1937م.
الصناعتين للعسكري. (تحقيق البجاوي هـ إبراهيم). ط. عيسى الحلبي 1371هـ.
الضاد
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، للسخاوي، منشورات مكتبة الحياة. بيروت.
الطاء
طبقات الشافعية الكبرى. تاج الدين السبكي القاهرة 1324هـ.
طبقات الشعراء لابن المعتز. تحقيق أحمد فرّاج القاهرة 1956.
طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي. تحقيق محمود شاكر. القاهرة 1952.
الطبقات الكبرى لابن سعد. دار صادر بيروت 1970م.
طبقات النحويين واللغويين للزبيدي النحوي. تحقيق إبراهيم. القاهرة 1954م.
الطرائف الأدبية لعبد العزيز الميمني. لجنة التأليف 1937م.
العين
العبقريات الإسلامية. عباس محمود العقاد. المجلد الثاني. دار الكتاب العربي.
بيروت 1972.
العقد: لابن عبد ربه شرحه ووضع فهارسه أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الأبياري، لجنة التأليف والترجمة والنشر. 1384هـ / 1965م.
العمدة: لابن رشيق القيرواني. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. دار الجيل بيروت 1972.
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير. جمال الدين الأميوطي الشافعي القدسي. القاهرة 1356هـ / 1937م.
عيون الأخبار لابن قتيبة. دار الكتب. القاهرة. 1973.
عيون الأنباء في طبقات الأطباء، لابن أبي أصيبعة. مصر 1300هـ.
الفاء
الفائق في غريب الحديث للزمخشري. (ضبط البجاوي إبراهيم). القاهرة 1945.
الفاخر للمفضل بن سلمة بن عاصم. تحقيق الصحاوي. البابي الحلبي. القاهرة 1960.(1/132)
فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لأبي عبيد البكري. (تحقيق عابدين عباس) بيروت 1971.
الفصول والغايات للمعرّي. عناية محمود حسن زناتي. حجازي 1356هـ.
الفهرست لابن النديم. تحقيق رضا تجدد. طهران 1971.
فوات الوفيات والذيل عليها لمحمد بن شاكر الكتبي. تحقيق إحسان عباس. دار صادر بيروت 1973.
القاف
القاموس المحيط للفيروزآبادي. صنعة الطاهر أحمد الزاوي. دار المعرفة بيروت 1979.
قصص الأنبياء. عبد الوهاب النجار. مصر 1932.
قوانين الوزارة وسياسة الملك للماوردي. تحقيق د. رضوان السيد. بيروت 1979.
الكاف
الكامل: للمبرّد. مكتبة المعارف. بيروت.
الكامل في التاريخ لابن الأثير. مصر 1303هـ.
كتاب بغداد. أحمد بن طاهر. ابن طيفور. مصر 1948.
كتاب المعاني الكبير في أبيات المعاني. لابن قتيبة. حيدر أباد. 1949م.
كتاب المعمرين لسهل بن محمد السجستاني. مصر 1323هـ.
الكتاب لسيبويه. ط. بولاق 1318هـ.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري. مصر 1319هـ.
كشف الظنون. حاجي خليفة. استنبول 1941م.
الكنايات للثعالبي. السعادة. مصر 1326.
كنايات الأدباء للجرجاني. مصر 1908م.
لسان العرب لابن منظور. دار صادر دار بيروت للطباعة والنشر. بيروت 1955م.
لسان الميزان لابن حجر العسقلاني حيدرآباد 1331هـ.
الميم
مجالس ثعلب. تحقيق عبد السلام هارون. دار المعارف بمصر 1956م.
المجتنى لابن دريد الأزدي. حيدرآباد 1362هـ.
مجمع الأمثال للميداني دار الحياة بيروت 1971.
المحاسن والأضداد للجاحظ. القاهرة 1324م.(1/133)
المحبر لابن حبيب. حيدرآباد 1361هـ.
مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي. تحقيق أبي الفضل إبراهيم القاهرة 1955.
مروج الذهب للمسعودي. دار الأندلس. بيروت 1965م.
المزهر للسيوطي. بولاق 1282هـ.
المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي. بولاق 1292هـ.
المستقصى في أمثال العرب للزمخشري. حيدرآباد 1962.
مسند أحمد. منشورات المكتب الإسلامي 1380هـ.
المصباح المنير المعارف لابن قتيبة. تحقيق ثروة عكاشة. دار الكتب المصرية 1960.
معاهد التنصيص لعبد الرحيم العباسي. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.
القاهرة 1947.
معجم الأدباء لياقوت الحموي. مراجعة وزارة المعارف العمومية. دار المأمون.
القاهرة 1936م / 1355هـ.
معجم البلدان لياقوت الحموي دار صادر بيروت 1977.
معجم الشعراء في لسان العرب. ياسين الأيوبي دار العلم. بيروت 1980.
معجم الشعراء للمرزباني. طبع في مصر 1354هـ.
معجم شواهد العربية تحقيق عبد السلام هارون. مكتبة الخانجي. القاهرة 1972.
معجم قبائل العرب لعمر كحالة. دار العلم للملايين. بيروت 1968.
معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع لأبي عبيد البكري. تحقيق مصطفى السقا. القاهرة 1945م.
المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف عن الكتب الستة وعن مسند الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل: نشرة د. أ. ي. ونسنك. ليدن. (بريل 1936).
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: وضع محمد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء التراث. بيروت.
مفردات ابن البيطار (ط. بولاق).
المفضليات في اختيار المفضّل الضبي. (تحقيق شاكر وهارون). دار المعارف 1963م.
المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام. د. جواد علي. دار العلم. بيروت. مكتبة النهضة. بغداد 1976.
المقامات الزينيّة. لابن الصيقل الجزري. تحقيق عباس مصطفى الصالحي. دار
المسيرة بيروت: 1400هـ / 1980م.(1/134)
المقامات الزينيّة. لابن الصيقل الجزري. تحقيق عباس مصطفى الصالحي. دار
المسيرة بيروت: 1400هـ / 1980م.
مقامات الحريري. ط. بيروت 1873م.
مقامات الحريري. تحقيق البارون سلوستري دساسي. دار الطباعة الملكية. باريس 1822م.
المؤتلف والمختلف للآمدي. نشر. ف. كرنكو. (ط. القدسي. القاهرة).
الموشح للمرزباني. تحقيق علي محمد البجاوي. القاهرة 1965.
مقاييس اللغة لأبي حسين أحمد بن فارس. تحقيق عبد السلام هارون. إيران رقم.
خيابان ارم.
مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصبهاني. دار المعرفة. بيروت تحقيق أحمد صقر.
(نسخة مصورة).
موسوعة الشعر العربي اختيار وشرح وتقديم: مطاع صفدي إيليا حاوي. إشراف خليل حاوي. شركة خياط للكتب والنشر. شارع بلس. بيروت، لبنان 1974.
النون
نزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنباري. تحقيق إبراهيم السامرائي. بغداد 1959.
نسب قريش للزبيري. تحقيق إ. ليفي بروفنسال. دار المعارف 1953.
نقائض جرير والفرزدق. تحقيق بيغن. ليدن 19081905.
نقد الشعر لقدامة بن جعفر. ليدن 1956.
نهاية الأدب في فنون الأدب للنويري. دار الكتب. القاهرة 1954.
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير. مصر 1311.
نوادر أبي زيد. تحقيق سعيد الخوري. بيروت 1894م.
الهاء
هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي. طهران 1967.
همع الهوامع للسيوطي بتصحيح السيد محمد بدر الدين النعساني. السعادة 1327هـ.
الواو
الوافي بالوفيات للصفدي (41) دار النشر فرانز شتاينر بقيسبادن 1961.
الوساطة بين المتنبي وخصومه. للجرجاني. (تحقيق إبراهيم البجاوي). مطبعة البابي الحلبي 1370هـ / 1951.
الوسيط في الأمثال للواحدي. تحقيق د. عفيف محمد عبد الرحمن. مؤسسة دار
الكتب الثقافية. الكويت 1395هـ / 1975م.(1/135)
الوسيط في الأمثال للواحدي. تحقيق د. عفيف محمد عبد الرحمن. مؤسسة دار
الكتب الثقافية. الكويت 1395هـ / 1975م.
وفيات الأعيان لابن خلكان. د. إحسان عباس. بيروت 1972.
الياء
يتيمة الدهر للثعالبي. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. القاهرة 1375هـ / 1377هـ.(1/136)
فهرس الأعلام
إياد بن نزار بن معد 80، 94
أبو حشر 73
أبو عامر صعصعة 46، 47
أبو عبد الله 35
أبو كعب بن مامة 95
أبو اللحام التغلبي 74
أبو محياة بن زهير بن تميم 92
أبو مرحب 39
أبو النجم حبيب بن عيسى 102
الأحوص بن جعفر 48
الأخرم بن سيار 65
الأخنس بن شريق الثقفي 119
أزنم بن عبيد بن ثعلبة 52
أسد بن خزيمة 41
الأسلع بن عبد الله بن ناشب 60
الأسود بن سعنة 87
الأسود بن المنذر 75، 104
أسيد بن عمرو بن تميم 33
الأضبط بن قريع بن عوف 27
الأعشى الأكبر 114
أم خارجة بنت سحمة 33
أنس بن الحجيرة 78
أنس بن سهيل 119
أنمار بن الهجيم بن عمرو 43
أوس بن حجر 113
أوفى بن مطر المازنيّ 39، 40
ابن الأعرابي محمد بن زياد. 43، 51
ابن بيض 108
ابن الجعيد المرادي 104
ابن الخطفى جرير 52
ابن الخمس التغلبي 76، 77
امرؤ القيس بن حجر الكندي 31، 53، 82، 85
امرؤ القيس بن أبان 90
امرؤ القيس بن ربيعة 88(1/137)
امرؤ القيس بن عمرو 122
بجير بن الحارث بن عباد 89
البراض 48
براقش بنت تقن 105
بشير بن أبيّ العبسي 71
بكر بن عبد مناة 33
بنت الزباء 101
بيض 112
بيهس بن هلال بن خلف 71، 72، 73، 74
تقن بنت شريق 31
تماضر بنت الشريد السلمية 63
ثطبة بن سيار 65
ثعل بن سنبس 83
جابر بن أوس 52
جابر بن عمرو 39، 40
جارية بن سليط بن الحارث 42
جبيلة بن عبد الله 43
جدّ بني عاد 108
جذع بن عمرو 85
جذيمة الأبرش 99، 100، 101، 102، 103
جريّة بن أوس بن عامر 43
جساس بن مرة 88، 89
جشم بن سعد بن زيد 31، 34
جمرة بنت نوفل 41
الجميح 78
جنيدب بن زيد 60، 61
الحارث بن أبي شمر الغساني 78
الحارث بن بدر الفزاري 60
الحارث بن بكر 33
الحارث بن جبلة 81، 82، 118
الحارث بن زهير 61، 62
الحارث بن ظالم 67، 74، 75، 79، 80
الحارث بن عباد بن ضبيعة 89، 95
الحارث بن عمرو 36، 41
الحارث بن عوف 68، 70
الحارث بن العيف 80، 82
الحارث بن كعب 25، 49
الحارث بن همام بن مرة 58
حبيب بن عيسى 45، 47، 72
حبيش بن دلف 38
حذيفة بن بدر 53، 54، 55، 56، 57، 59، 60، 61، 62، 71(1/138)
حرملة بن عسلة 81
الحريش بن كعب بن ربيعة 64
حصن بن حذيفة 68
حصين بن بدر 54
حصين بن ضمضم المريّ 68، 69، 70
الحطيئة 96
الحفص 32
الحكم بن مروان بن زنباع 60، 66
حليمة بنت الحارث 118
حمرة بن ثعلبة بن جعفر 41
حمل بن بدر 59، 61، 62
الحميت 31، 32
حنش بن عمرو 61
حنظلة بن مالك بن زيد 33
حوشب بن يزيد 37
حوط بن أبي جابر بن أوس 51
خارجة بن سنان 68
خالد بن جعفر بن كلاب 67
خالد بن عمرو بن حذلم 120
خالد بن مالك بن ربعي 28، 48
خالد بن معاوية بن سنان 34، 35
خراش بن شمير المحاربي 109
خزاعيّ بن مازن بن مالك 39
خفاف بن ندبة السلم 106
خليدة 29، 30
خماعة بنت عوف 94
خوتعة 91
الخيار بن سبرة المجاشعي 26
دارم بن مالك بن حنظلة 29
دختنوس بنت لقيط بن زرارة 28
دعج بن خلف 33
دغة بنت معنج 120
الديل بن بكر 33
ذهل بن شيبان بن ثعلبة 86
ذو الرمة 59
ذؤيب بن زرارة 29
الرباب 68
الربيع بن زياد 56، 57، 59، 67، 68، 70
ربيعة بن قرط بن غيلان 58
ربيعة بن نزار 94
ربيعة بن وهب 68، 69
رشية 29
رقاش بنت عمرو 80، 86، 102
رهم بنت الخزرج بن تيم الله 47
الريب بن شريق 31، 32
الزباء 99(1/139)
زبان بن بدر 65
الزبان بن مجالد 91، 92، 93
زرارة بن عدس بن زيد 29، 44
زهير بن أبي سلمى 67، 70
زهير بن جناب الكلبي 117، 122
زيد بن طفيل 116
زيد بن مالك 45
سبطة بن المنذر السليحي 84
سبيع بن عمرو 60
سراقة العبسي 54
سري بن الحارث بن امرئ القيس 37
سعد بن زيد مناة 33، 46، 47
سعد بن ضبة 25
سعد القرقرة 114، 115
سعيد بن ضبة 25
السفاح التغلبي 93
سفيان بن شريق 31، 32
سلمى بنت ظالم 75
سلمى بنت وائل الصائغ 28
السيلك بن السلكة 36، 37
السمين الحنفي 64
سنان بن أبي حارثة 60، 75
سهيل بن عمرو 119
سودة بنت نضلة بن عمير 56، 71
السيد بن مالك بن بكر 38
شأس بن الأشد بن عمرو 119
شبيب بن البرصاء 47
شداد بن معاوية العبسي 61، 62
شريح بن الأحوص 46
شقة بن ضمرة 30
شقة بن ضمرة 31
شمر بن عمرو 118
شمر بن مالك النمري 95
شهاب بن ضمرة 30، 39
شييم بن خويلد الفزاري 69
صحار بن وهب بن قيس 78
صحر بنت لقمان 106
صخر بن نهشل بن دارم صخر 41
صفية بنت أبي جهل 119
ضابئ بن الحارث 97
ضبة بن أد 25، 26
ضبيعة بن ربيعة بن نزار 122
ضرار بن عتبة السعدي 45
ضرار بن عمرو بن مالك 27، 28، 39، 115
ضمرة بن جابر 29، 30، 31
طرفة بن العبد 104،(1/140)
113، 122، 123، 124
طفيل بن مالك 28، 116
الطماح بن عمرو 78
الطماح بن قيس 78
الطوسي 31
عاصم بن سري بن الحارث 37
عامر بن الطفيل 116
عامر بن لؤي 119
عباد بن عمرو بن كلثوم 74
عبد الله بن جدعان 58
عبد شمس بن سعد 49
عبد العزى بن حذار الثعلبي 60
عبد عمرو بن بشر 123، 124
عبد قيس بن بجرة 69
العجاج 42، 47
عدي بن جناب 27، 117
عدي بن ربيعة 88، 90
عدي بن زيد العبادي 102
عدي بن نصر 102
عروة بن عتبة 48
عصام بن شهبر الجرمي 116
عقيل بن نويرة 103
عمر بن جدير بن سلمى 48
عمر بن هند 123
عمرو الأصغر 104
عمرو بن الأحوص 48
عمرو بن الأسلع 61، 62
عمرو بن أسود الطهوي 108
عمرو بن بشر 124
عمرو بن تقن 110، 111
عمرو بن تميم 33
عمرو بن ثعلبة 27، 28
عمرو بن الحارث بن ذهل 88
عمرو بن خويلد
عمرو بن الزبان 91
عمرو بن سري بن الحارث 37
عمرو بن سعد بن زيد 74
عمرو بن شمر بن عمرو 81
عمرو بن عدي اللخمي 100، 101، 103
عمرو بن عمرو بن عدس 28
عمرو بن لأي التيمي 93
عمرو بن مالك 33
عمرو بن المنذر بن امرئ القيس 122
عمرو بن همام بن رباح 42
عمير بن معبد بن زرارة 28
عمير بن نضلة 55
العنبر بن عمرو 33، 49، 50
عنترة بن شداد 63، 71(1/141)
عنوة بن ضمرة 30
عوذ بن غالب بن قطيعة 56
عوف الأصم 42
عوف بن الأحوص 48، 108، 112
عوف بن بدر 55، 59
عوف بن سعد بن ذبيان 78
العيار بن عبد الله 38، 39
عياض بن ديهث 74، 75
غاضرة بن مالك 33
غراب بن فزارة بن ذبيان 72
غيلان بن مالك 49، 50
فاطمة بنت الخرشب الانماريّة 57
الفرزدق 26، 33، 66، 75، 95
الفزر سعد بن زيد مناة 46
فقعس بن طريف بن عمرو 119
قابوس بن المنذر 122، 123
قتادة بن مسلمة الحنفي 64
القذور بنت قيس 44
قرواش بن عوف 51، 52
قرواش بن هنيّ 61، 62، 66، 65
قريع بن عوف بن كعب 43
قس بن ساعدة بن إياد 74
قصير 99، 100، 101
القليب بن عمرو 33
قيس بن زهير 52، 54، 55، 57، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 68
قيس بن مسعود بن قيس 44
القين بن جسر بن قضاعة 116
كبشة بنت عروة بن جعفر 116
كبيس بن جابر بن قطن 29
كثيف بن زهير التغلبي 90، 91
الكسائي 31
كعب 47
كعب بن تقن 109
كعب بن مالك بن تيم الله 86
كعب بن مامة الإيادي 94
كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة أبو عامر صعصعة. 119
كليب بن وائل 87، 89، 90
كنانة بن خزيمة بن مدركة 33
لبنى بنت الحزمر بن كاهل 85
لبيد بن ربيعة 48، 114
لبيد بن عمرو 118
اللعين المنقري 47
لقمان بن عاد 11، 105،(1/142)
106، 107، 108، 109، 110، 112، 113
لقيط بن زرارة 29، 30، 31، 45
لقيط بن عدس 44
لقيم بن لقمان 106، 108
لقيم بن النعمان 105، 106، 108
ليث بن بكر 33
ليث بن عمرو بن أبي عمرو 94
ماء السماء 80
مازن بن مالك بن عمرو 28، 50
مالك بن أسماء 112
مالك بن بدر 60، 67
مالك بن ثعلبة بن دودان 33
مالك بن حنظلة 41، 42
مالك بن زهير 56، 57، 62، 67
مالك بن زيد مناة 32، 33
مالك بن سبيع 60، 66
مالك بن سعد 47
مالك بن عمرو 94
مالك بن كومة 91، 92
مالك بن نويرة 103، 109
مالك الصامت 90
مالك وسماك ابنا عمرو 97
مامة بن عمرو 95
المتلمس 42، 73، 102، 103، 122، 123، 124
متمم بن نويرة 42، 103
مجاشع بن دارم بن مالك 39
محمد بن زياد بن الأعرابي 25
المخبل السعدي 46، 102، 108
مرقش 92
مرة بن ذهل بن شيبان 86، 89
مسافر بن أبي عمرو 115
المستوغر بن ربيعة بن كعب 26، 27
مسعود بن مصاد 63
المسيب بن علس الضبعيّ 122
معاذة بنت بدر 56
معبد بن سعنة الضبي 87
المعتم بن قطيعة بن عبس 54
معقل بن عوف الثعلبي 70
المفضل الضبيّ 74، 87، 88
ملكان بن هند بن جرم 33
مليكة بنت حارثة 56
المنذر بن امرئ القيس 80
المنذر بن فدكي 35
المنذر بن ماء السماء 30، 31،(1/143)
44، 81، 83، 104، 118
منقذ بن الطماح 79
مهلهل بن ربيعة 88، 89، 90
مياد بن حنّ بن ربيعة 96
النابغة الذبياني 64، 65، 67، 116، 118، 125
الناقمية 47، 47
النعمان بن بدر 74
النعمان بن المنذر 28، 29، 34، 35، 38، 39، 75، 80، 102، 114، 116، 122
النمر بن تولب العكلي 41، 105
نهشل بن حري 41، 102
نهشل بن دارم 39
نهيكة بن الحارث 66
النوار بنت جد بن عدي 32
الهالة التميميّة 88
هبيرة بن سعد 46، 47
الهجيم بن عمرو 33
الهذيل بن هبيرة 94
هرم بن ضمضم 60، 68 88، 89
هند بنت الحارث 104
هند بنت الحارث بن عمرو الكندي آكل المرار حجر 122
هند بنت كرب 30، 30
هند بنت كرب بن صفوان 29
هنين 76
الهون بن خزيمة بن مدركة 85
الهيجمانة بنت العنبر 49، 50
الورثة بنت ثعلبة 86
ورد بن حابس العبسي 60
ورقاء بن بلال 61
يزيد بن رويم الشيباني 37
يزيد بن المنذر 48(1/144)
فهرس الأشعار
أأسلمتني للقوم أمّك هابل 26
أإن أجار لا أبا لكم 69
أبا قطن إني أراك حزينا 30
أبك بكاء النساء إنك لن 65
أبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم 67
أبني أبي سعد وأنتم إخوة 93
أتاني لسان بني عامر 92
أتنظران قليلا ريث غفلتهم 37
أجدّ فراق الناقمية فانتوت 47
أخي والله خير من أخيكم 67
إذا الرجال ولدت أولادها 115
إذا ما أتيت بني مازن 40
أراني وقيسا كالمسمّن كلبه 112
أرى الجمال مشيها وئيدا 101
أطوّف ما أطوّف ثم آوي 58
أعمرو بن هند ما ترى رأي معشر 104
أعوذ ببشر والمعلّى كلاهما 76
أفبعد مقتل مالك بن زهير 59
أقبلت تعطي خطة غبنا 51
الآن إذ أخذت مآخذها 51
ألا أبلغ بني الشعراء عني 63
ألا أبلغ بني غبر بن غنم 93
ألا قاتل الله الطلول البواليا 64
ألا من شجت ليلة عامده 97
ألا من مبلغ عمرو بن لأي 93
ألا هل أتاها أنّ يوم عراعر 63
ألا يا أيها المثري المرجى 102
ألا يتقي من كاس إن ضاع ضائع 109
ألابن أمّك ما بدا 104
ألم اقسم عليك لتخبرنيّ 116
ألم تر أني بلغت المشيبا 81
ألم تعلما أن قد تفرّق قبلنا 103
ألم يأت زيدا حيث أصبح أنني 45
ألم يبلغك والإنباء تنمي 58(1/145)
ألم يعلم بنو الميقاب أني 58
إليك ربيعة الخير بن قرط 59
أمن عطش الدهنا وقلة مائها 95
إن تأت عبس وتنصرها عشيرتها 70
إن تأخذوا إبلي فإن جبيلكم 43
إن تك حرب فلم أجنها 59
إن تك حربكم أمست عوانا 70
إنّ الجياد يبتن حول فنائنا 52
إن الرباط النّكد من آل داحس 71
إن لنا بآل عثم علما 35
أنحى السنان على مجامع زوّره 43
إنك لو غطّيت أرجاء هوة 31
إني سمعت حنّة اللفاع 79
إني وحصنا كذي الأنف المقول له 69
أوفى على الماء كعب ثم قيل له 95
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني 31
البس لكل حالة لبوسها 73
بكت تقن فآذاني بكاها 32
بلغا مالك بن كومة ألّا 91
تدرّوننا بالمنكرات كأنما 65
تركت على الهباءة غير فخر 62
تعلّم أن خير الناس ميت 62
تقول وقد نضت لنوم ثيابها 31
تمناني ليلقاني لقيط 46
تنبو المناطق عن جنوبهم 50
حذار الردى إذ رأوا خيلنا 59
حرّق قيس عليّ البلاد 67
حلّت أمامة بطن التين فالرّقما 69
خبريني رقاش لا تكذبيني 102
دار لهرّ والرباب وفرتنا 53
دع ذا وعدّ القول في هرم 12
دع الرماء واقترب هلمّه 40
دوموا بني عثم ولن تدوموا 34
سالم الله من تبرّأ من غي 68
سائل عميرة حين اجلب جمعها 71
سددنا كما سدّ ابن بيض سبيله 108
سددنا كما سدّ ابن بيض فلم يكن 108
سيخبرك الحديث بكم خبير 62
صبرا بغيض بن ريث إنها رحم 66
صرمت إخاء شقة يوم غول 30
طلب الأبلق العقوق فلما 29
عليه كميّ وسرباله 59
لله عينا من رأى مثل مالك 60
فأقسم لولا من تعرّض دونه 75
فإن عين المنذر بن فدكي 35
فإني وتهيامي بزينب كالذي 45
فلو قبلوا منا العقوق أتيتهم 29
فيا ربّ لا تجعل شبابي وبهجتي 26
قرّبا مربط النعامة مني 90(1/146)
قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما 75
كفعل كليب كنت أخبرت أنه 87
ككلب طسم وقد تربّبه 111
كما قال سعد إذ يقود به ابنه 46
كما كان أوفى إذ ينادي ابن ديهث 76
لا أذبح النازي الشبوب ولا 38
لا تحسبن أنّ يدي في غمّه 40
لا خير فيه غير أن قيل واجد 123
لا نعقل الرجل ولا نديها 49
لا همّ إن الحارث بن جبله 81
لحا الله عبسا عبس آل بغيض 64
لحا الله قوما أرّشوا الحرب بيننا 65
لعمرك إنني وطلاب حبّى 30
لعمري لقد حذّرتكم ونهيتكم 120
لعمري لنعم السيدان وجدتما 70
لقد أرنّي ولقد أرنّي 42
لقد سدّ السبيل أبو حميد 108
لقمان منتصرا وقسّ ناطقا 74
لقيم بن لقمان من أخته 105
لكلّ جديد لذة غير أنني 97
لمن الدّيار بقنّة الحجر 12
لن تهبطي أبدا جنوب مويسل 66
لنعم الحيّ ثعلبة بن سعد 70
لها بالصيف آصرة وجل 63
لهف نفسي على عديّ وقد أش 90
لو كان شيء في الحياة مخلدا 114
ليت شعري متى تخبّ بي الن 114
ليهنأ لكم أن قد نفيتم بيوتنا 125
ما لجديد الموت يا بشر لذة 97
مالي أرى إبلي تحنّ كأنها 66
من مبلغ الشعراء عن أخويهم 124
من مبلغ عنيّ الأفاكل مالكا 92
من يك سائلا عني فإني 62
نام الخليّ وما أغمض حار 56
نبئت أنّ رقاش بعد شماسها 80
نحن بغرس الوديّ أعلم من 115
نحن منعنا الجيش أن يتأوبوا 41
نفس عصام سوّدت عصاما 116
هديّكم خير أبا من أبيكم 66
هذا جناي وخياره فيه 103
هل يخرجن ذودك ضرب تشذيب 79
هم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم 112
وآخر شاص ترى جلده 93
وإن لخالك مندوحة 81
وأيسار لقمان بن عاد سماحة 113
وتلقى حصان تنصف ابنة عمها 81
وعاشية رجّ بطان ذعرتها 38
وعباس يدبّ لي المنايا 106
وفي يوم جهجوه حمينا ذماركم 42
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره 122(1/147)
وكنّا كأصحاب ابن مامة إذ سقى 95
وكنا كندماني جذيمة حقبة 103
ولا الأحوصين في ليال تتابعا 48
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم 118
ولا الملك النعمان يوم لقيته 114
ولم أقتلكم سرّا ولكن 63
ولما أتيتم ما تمنّى عدوّكم 109
ولولا أن يقول بنو عديّ 33
وليت لنا مكان الملك عمرو 123
وما الناس إلا ما رأوا وتحدثوا 73
ومن حذر الأيام ما حزّ أنفه 102
ومولى عصاني واستبدّ بأمره 102
ونحن فوارس يوم الهرير 68
وهم أيسار لقمان إذا 113
يا أمّ عمرة هل هويت جماعكم 102
يا راكبا بلّغن ولا تدعن 98
يا صاح حيّ الراني المتريّبا 83
يا عيد مالك من شوق وأبراق 14
يا كعب إن أخاك منحمق 50
يا لها من مهجة يا لها 73
يا لهف نفسي لهفة المفجوع 60
يا ويح نفسي اليوم أدركني الكبر 86
يا صاحبيّ الا لا حيّ بالوادي 37
يجد النساء حواسرا يندبنه 57
يشتدّ حين يريد فارسه 51
يقص السباع كأن فحلا فوقه 74
ينام بإحدى مقلتيه ويتقى 14
دع ذا وعدّ القول في هرم 12
لمن الدّيار بقنّة الحجر 12
ينام بإحدى مقلتيه ويتقى 14
يا عيد مالك من شوق وأبراق 14
أأسلمتني للقوم أمّك هابل 26
فيا ربّ لا تجعل شبابي وبهجتي 26
فلو قبلوا منا العقوق أتيتهم 29
طلب الأبلق العقوق فلما 29
صرمت إخاء شقة يوم غول 30
أبا قطن إني أراك حزينا 30
لعمرك إنني وطلاب حبّى 30
إنك لو غطّيت أرجاء هوة 31
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني 31
تقول وقد نضت لنوم ثيابها 31
بكت تقن فآذاني بكاها 32
ولولا أن يقول بنو عديّ 33
دوموا بني عثم ولن تدوموا 34
إن لنا بآل عثم علما 35
فإن عين المنذر بن فدكي 35
يا صاحبيّ الا لا حيّ بالوادي 37
وعاشية رجّ بطان ذعرتها 38
لا أذبح النازي الشبوب ولا 38(1/148)
لا تحسبن أنّ يدي في غمّه 40
دع الرماء واقترب هلمّه 40
إذا ما أتيت بني مازن 40
نحن منعنا الجيش أن يتأوبوا 41
وفي يوم جهجوه حمينا ذماركم 42
لقد أرنّي ولقد أرنّي 42
إن تأخذوا إبلي فإن جبيلكم 43
أنحى السنان على مجامع زوّره 43
فإني وتهيامي بزينب كالذي 45
ألم يأت زيدا حيث أصبح أنني 45
تمناني ليلقاني لقيط 46
كما قال سعد إذ يقود به ابنه 46
أجدّ فراق الناقمية فانتوت 47
ولا الأحوصين في ليال تتابعا 48
لا نعقل الرجل ولا نديها 49
يا كعب إن أخاك منحمق 50
تنبو المناطق عن جنوبهم 50
يشتدّ حين يريد فارسه 51
الآن إذ أخذت مآخذها 51
أقبلت تعطي خطة غبنا 51
إنّ الجياد يبتن حول فنائنا 52
دار لهرّ والرباب وفرتنا 53
نام الخليّ وما أغمض حار 56
يجد النساء حواسرا يندبنه 57
ألم يبلغك والإنباء تنمي 58
ألم يعلم بنو الميقاب أني 58
أطوّف ما أطوّف ثم آوي 58
إليك ربيعة الخير بن قرط 59
إن تك حرب فلم أجنها 59
حذار الردى إذ رأوا خيلنا 59
عليه كميّ وسرباله 59
أفبعد مقتل مالك بن زهير 59
لله عينا من رأى مثل مالك 60
يا لهف نفسي لهفة المفجوع 60
تركت على الهباءة غير فخر 62
سيخبرك الحديث بكم خبير 62
تعلّم أن خير الناس ميت 62
من يك سائلا عني فإني 62
لها بالصيف آصرة وجل 63
ألا أبلغ بني العشراء عني 63
ولم أقتلكم سرّا ولكن 63
ألا هل أتاها أنّ يوم عراعر 63
ألا قاتل الله الطلول البواليا 64
لحا الله عبسا عبس آل بغيض 64
لحا الله قوما أرّشوا الحرب بيننا 65
تدرّوننا بالمنكرات كأنما 65
أبك بكاء النساء إنك لن 65
صبرا بغيض بن ريث إنها رحم 66
هديّكم خير أبا من أبيكم 66
مالي أرى إبلي تحنّ كأنها 66(1/149)
لن تهبطي أبدا جنوب مويسل 66
أخي والله خير من أخيكم 67
أبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم 67
حرّق قيس عليّ البلاد 67
ونحن فوارس يوم الهرير 68
سالم الله من تبرّأ من غي 68
حلّت أمامة بطن التين فالرّقما 69
إني وحصنا كذي الأنف المقول له 69
أإن أجار لا أبا لكم 69
إن تأت عبس وتنصرها عشيرتها 70
لعمري لنعم السيدان وجدتما 70
لنعم الحيّ ثعلبة بن سعد 70
إن تك حربكم أمست عوانا 70
سائل عميرة حين اجلب جمعها 71
إن الرباط النّكد من آل داحس 71
البس لكل حالة لبوسها 73
يا لها من مهجة يا لها 73
ومن حذر الأيام ما حز انفه 73
وما الناس إلا ما رأوا وتحدثوا 73
لقمان منتصرا وقسّ ناطقا 74
يقص السباع كأن فحلا فوقه 74
قفا فاسمعا أخبركما إذ سألتما 75
فأقسم لولا من تعرّض دونه 75
كما كان أوفى إذ ينادي ابن ديهث 76
أعوذ ببشر والمعلّى كلاهما 76
دعاؤك حذر البحر أنت نفخته 77
إني سمعت حنّة اللفاع 79
هل يخرجن ذودك ضرب تشذيب 79
نبئت أنّ رقاش بعد شماسها 80
لا همّ إن الحارث بن جبله 81
ألم تر أني بلغت المشيبا 81
وتلقى حصان تنصف ابنة عمها 81
وإن لخالك مندوحة 81
يا صاح حيّ الراني المتريّبا 83
يا ويح نفسي اليوم أدركني الكبر 86
كفعل كليب كنت أخبرت أنه 87
قرّبا مربط النعامة مني 90
لهف نفسي على عديّ وقد أش 90
بلغا مالك بن كومة ألّا 91
من مبلغ عنيّ الأفاكل مالكا 92
أتاني لسان بني عامر 92
وآخر شاص ترى جلده 93
أبني أبي سعد وأنتم إخوة 93
ألا أبلغ بني غبر بن غنم 93
ألا من مبلغ عمرو بن لأي 93
وكنّا كأصحاب ابن مامة إذ سقى 95
أوفى على الماء كعب ثم قيل له 95
أمن عطش الدهنا وقلة مائها 95
لكلّ جديد لذة غير أنني 97
ما لجديد الموت يا بشر لذة 97(1/150)
ألا من شجت ليلة عامده 97
يا راكبا بلّغن ولا تدعن 98
أرى الجمال مشيها وئيدا 101
ألا يا أيها المثري المرجى 102
ومولى عصاني واستبدّ بأمره 102
يا أمّ عمرة هل هويت جماعكم 102
ومن حذر الأيام ما حزّ أنفه 102
خبريني رقاش لا تكذبيني 102
هذا جناي وخياره فيه 103
وكنا كندماني جذيمة حقبة 103
ألم تعلما أن قد تفرّق قبلنا 103
ألابن أمّك ما بدا 104
أعمرو بن هند ما ترى رأي معشر 104
لقيم بن لقمان من أخته 105
وعباس يدبّ لي المنايا 106
سددنا كما سدّ ابن بيض سبيله 108
سددنا كما سدّ ابن بيض فلم يكن 108
لقد سدّ السبيل أبو حميد 108
ولما أتيتم ما تمنّى عدوّكم 109
ألا يتقي من كاس إن ضاع ضائع 109
ككلب طسم وقد تربّبه 111
هم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم 112
أراني وقيسا كالمسمّن كلبه 112
وهم أيسار لقمان إذا 113
وأيسار لقمان بن عاد سماحة 113
لو كان شيء في الحياة مخلدا 114
ولا الملك النعمان يوم لقيته 114
ليت شعري متى تخبّ بي الن 114
نحن بغرس الوديّ أعلم من 115
إذا الرجال ولدت أولادها 115
نفس عصام سوّدت عصاما 116
ألم اقسم عليك لتخبرنيّ 116
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم 118
لعمري لقد حذّرتكم ونهيتكم 120
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره 122
وليت لنا مكان الملك عمرو 123
لا خير فيه غير أن قيل واجد 123
من مبلغ الشعراء عن أخويهم 124
ليهنأ لكم أن قد نفيتم بيوتنا 125(1/151)
فهرس الموضوعات
مقدمة 5
المفضل الضبي في مدونات المترجمين 11
أسعد أم سعيد 25
إن الحديث لذو شجون 25
سبق السيف العذل 25
لعلني مضلّل كعامر 26
إن المعافى غير مخدوع 26
أينما أوجه ألق سعدا 27
في كل واد بنو سعد 27
اتبع الفرس لجامها 27
الصيف ضيعت اللبن 28
هذا ومزقة خير 28
الأبلق العقوق 28
ولي الثكل بنت غيرك 29
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه 29
إنما يعيش المرء بأصغريه 29
أعركتين بالضفير 31(1/153)
لج مال ولجت الرجم 32
استي أخبثي 32
ساعداي أحرز 32
أسرع من نكاح أم خارجة 33
ما له ألّ وغلّ 33
يا معاوي بن سنان هل أوفيت 34
نعم وتعليت 34
يتبعونه بأبلخ جهول 34
أما والله لتجدنه ألوى بعيد المستمر 34
حلم الأديم 34
خير قويس سهما 34
إن الليل طويل وأنت مقمر 36
أضرطا وأنت الأعلى 36
العاشية تهيج الآبية 36
إني آكل لحمي ولا أدعه لآكل 38
لا يملك مولى لمولى نصرا 38
شولان البروق 39
الفرار بقراب أكيس 39
انجز حرّ ما وعد 41
أزمت شجعات بما فيهن 41
إني سأكفيك ما كان قولا 41
بمثل جارية فلتزن الزانية سرا أو علانية 42
عوف يرنأ في البيت 42
حرامه يركب من لا حلال له 43(1/154)
ماء ولا كصداء 44
قد لا يقاد بي الجمل 46
والله لا أرعاها سنّ الحسل 46
واحد لا أسرح فيها ألوّة الفتى هبيرة ابن سعد 46
حتى يجتمع معزى الفزر 46
إذا ساببنك فابدئيهن بعفال 47
رمتني بدائها وانسلت 47
تلك بتلك فهل جزيتك 48
وأهل عمرو قد أضلّوه 48
حنّت ولا تهنت وأني لك مقروع 49
لا رأي لمكذوب 49
فانج ولا أظنك ناجيا 49
تحلل غيل 49
ترك الخداع من أجرى مائة غلوة 51
جري المذكيات غلاب 51
إنك لا تركض مركضا 51
رويدا يعلنون الجدد 51
وحسبك من شرّ سماعه 51
اتق مأثور القول بعد اليوم 51
وما أراها ووألت منه
أذل من قراد 51
باءت عرار بكحل 51
أشأم من داحس 51
لكنّ بالأثلاث لحما لا يظلّل 71(1/155)
لو خيّرك القوم لاخترت 71
ثكل أرأمها ولدا 71
يا حبّذا التراث لولا الذلّة 71
ألبس لكل حالة لبوسها. إما نعيمها وإمّا بوسها 71
مكره أخوك لا بطل 71
هل تعدون الحيلة إلى نفسي 74
ولو بأحد المغروّين 76
ذكرني فوك حماري أهلي 76
عرفتني نسأها الله 77
يداك أوكتا وفوك نفخ 77
يا حبذا المنتعلون قياما 77
إذا رمت الباطل أنجح بك 77
ذلّ لو أجد ناصرا 78
لو نهي عن الأولى لم يعد للآخرة 78
ملكت فأسجح 78
است البائن أعلم 78
رويد الغزو ينمرق 80
أتتك بحائن رجلاه 80
أصبح ليل 82
إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر 82
صكا ودرهماك لك، لا أفلح من أعجلك 83
من عزّ بزّ 83
قد نراك فلست بشيء 84
أعن صبوح ترقّق 84(1/156)
خذ من جذع ما أعطاك 84
قد أنصف القارة من راماها 85
مرعى ولا كالسعدان 85
اليوم خمر وغدا أمر 85
كل ذات صدار خالة لي 85
خلع الدرع بيد الزوج 86
إن التجريد لغير نكاح مثلة 86
بخ بخ ساق بخلخال 86
لو كنت منا حذوناك 86
أعز من كليب وائل 87
تجاوزت شبيثا والأحص 87
أشأم من ناقة البسوس 87
استه أضيق من ذاك 87
لا ناقة لي في هذا ولا جمل 87
آخر البز القلوص 87
أشأم من خوتعة 87
أثقل من حمل الدهيم 87
ائت فقد أنى لك 87
إذا عزّ أخوك فهن 94
ربّ عجلة تهب ريثا 94
وربّ فروقة يدعى ليثا 94
وربّ غيث لم يكن غيثا 94
اسق أخاك النمري يصطبح 94
رد كعب إنك ورّاد 94(1/157)
عش رجبا تر عجبا 95
إزلأم المعديّ ونفر 96
القيد والرتعة 96
مالي بين بنيّ 96
ويل للشعر من راوية الشعر 96
لا تراهن على الصعبة، ولا تنشد قريضا 96
لا أطلب أثرا بعد عين 97
تمرّد مارد وعزّ الأبلق 98
لا يطاع لقصير رأي 98
وإنها لا يشق غبارها 98
ببقة صرم الأمر 98
أشوار عروس ترى 98
لا يحزنك دم هراقة أهله 98
يا ظلّ ما تجري به العصا 98
خير ما جاءت به العصا 98
أمنع من عقاب الجو 98
فأعنّي وخلّاك ذم 98
لأمر ما جدع قصير أنفه 98
قد جئت بما صأى وصمت 98
بيدي لا بيديك عمرو 98
هذا جناي وخياره فيه إذ كلّ جان يده إلى فيه 99
أعطي العبد كراعا، فطلب ذراعا 99
شبّ عمرو عن الطوق 99
بسلاح ما يقتلنّ القتيل 104(1/158)
على أهلها تجني براقش 104
هذا حرّ معروف وكنت البارحة في حرّ منكر 104
ذئب صحر أنها أتحفته وأكرمته وصدقته فلطمها 104
إلا من كان غازيا فليغز 105
كأنّ برجل باتت 105
وبرحلها باتت لقم 105
أشبه شرج شرجا لوان أسيمرا 105
في نظم سيفك ما ترى يا لقم 105
لي الغادرة والمتغادرة والأفيل النادرة 105
سدّ ابن بيض الطريق 105
هذا حظّ جدّ من المبناة 108
رميت فرميت، وأثنيت فأثنيت، إلى ذلك ما حيّ حيّ أو مات ميت 109
لا فتى إلّا عمرو 109
حس، إحدى حظيات لقمان 109
أضرطا آخر اليوم وقد زال الظهر 109
سمّن كلبك يتبعك 111
أيسر من لقمان 112
وفي النوى يكذبك الصادق 113
بأبي وجوه اليتامى 114
قد يضرط العير والمكواة في النار 115
من سرّة بنوه ساءته نفسه 115
ابنك من دمى عقبيك 116
نفس عصام سوّدت عصاما 116
علقت معالقها وصرّ الجندر 116(1/159)
اقلب قلّاب 117
يوم كيوم القسطل 117
تنهانا أمنا عن الغيّ وتغدو فيه 117
صغراهن مراهن 117
يا حامل اذكر حلا 117
ما يوم حليمة بسر 118
أساء سمعا فأساء إجابة 119
أشبه امرؤ بعض بزّه 119
كفى برغائها مناديا 119
إليك يساق الحديث 119
يا بوين ما أكيسني 119
نعم ويدعو أباه 120
أحمق من دغة 120
هيّن ليّن وأودت العين 120
القوم ما أطبون 120
نعم كلب من بؤس أهله 121
كالطاحنة 121
قد تخرج الخمر من الضنين 122
استنوق الجمل 122
صحيفة المتلمس 122
كيف أعاودك وهذا أثر فأسك 124
فهرست المصادر والمراجع 127
فهرس الأعلام 137
فهرس الأشعار 145(1/160)