[1611]
[المحال]:
قال: وحدثنا أبو بكر، عن أبي حاتم، عن ابن الأثرم، عن أبي عبيدة قال: معنى قوله عز وجل: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحََالِ} [الرعد: 13] شديد المكر والعقوبة.
[1612] وأنشدنا ابن الأنباري لعبد المطلب بن هاشم: [مجزوء الكامل]
لاهمّ إنّ المرء يم ... نع رحله فامنع حلالك (1)
لا يغلبنّ صليبهم ... ومحالهم غدرا محالك
[1613] وقال الأعشى: [الخفيف]
فرع نبع يهتزّ في غصن المجد ... غزير النّدى عظيم المحال
معناه: عظيم المكر، وقال نابغة بني شيبان: [الخفيف]
إنّ من يركب الفواحش سرّا ... حين يخلو بسرّه غير خالي
كيف يخلو وعنده كاتباه ... شاهداه وربّه ذو المحال
[1614] وقال الآخر (2): [الوافر]
أبرّ (3) على الخصوم فليس خصم ... ولا خصمان يغلبه جدالا
ولبّس بين أقوام فكلّ ... أعدّ له الشّغازب والمحالا
قال أبو علي: الشّغزبيّة: ضرب من الصّراع، يقال: اعتقله الشّغزبيّة، وهو أن يدخل المصارع رجله بين رجلي الآخر فيصرعه.
[1615] قال أبو بكر: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوي قال: يقال:
المحال مأخوذ من قول العرب: محل فلان بفلان إذا سعى به إلى السلطان وعرّضه لما يوبقه ويهلكه، وقال أبو بكر: ومن ذلك قولهم في الدعاء: اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا أي: لا تجعله شاهدا علينا بالتضييع والتقصير. ومن ذلك قول النبي (4) صلّى الله عليه وسلّم: «القرآن شافع مشفّع
__________
(1) الحلاء بالكسر: القوم المقيمون المتجاورون، يريد بهم سكان الحرم كذا في «اللسان» مادة «حلل» واستشهد بالبيت. ط
(2) انظر: «التنبيه» [128].
(3) البيتان من قصيدة مائة بيت لذي الرمة كما في ديوانه طبع كلية كمبريج (ص 445)، مطلعها:
أراح فريق جيرتك الجمالا ... كأنهم يريدون احتمالا
وذكر البيت الثاني هنا الثالث والسبعين وبعده:
فكلهم ألد أخو كظاظ ... أعد لكل حال القوم حالا
وبعده ذكر البيت الأول هنا. ط
(4) رواه ابن حبان (124)، والبزار (122) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وقال البزار: «لا نعلم أحدا يرويه عن جابر إلّا من هذا الوجه». وقال الهيثمي في «المجمع» (1/ 171):
«ورجال حديث جابر المرفوع ثقات».(1/510)
وماحل مصدّق من شفع له القرآن يوم القيامة نجا ومن محل به القرآن كبّه الله على وجهه في النار» وروى عن الأعرج (1) أنه قرأ: {شَدِيدُ الْمِحََالِ} [الرعد: 13] بفتح الميم أي: شديد الحول. وتفسير ابن عباس يدلّ على فتح الميم لأنه قال: وهو شديد الحول. والمحالة في كلام العرب على أربعة معان: المحالة: الحيلة، والمحالة: البكرة التي تعلّق على رأس البئر، والمحالة: الفقرة من فقر الظّهر وجمعها محال، والمحالة مصدر قولهم: حلت بين الشيئين.
قال أبو زيد: ماله حيلة ولا محالة ولا محال ولا محيلة ولا محتال ولا احتيال ولا حول ولا حويل، وأنشد: [الرجز]
قد أركب الآلة بعد الآله
وأترك العاجز بالجداله
منعفرا ليست له محاله
أي: حيلة. والجدالة: الأرض، يقال: تركت فلانا مجدّلا أي: ساقطا على الجدالة، وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري: [الكامل]
ما للرجال مع القضاء محالة ... ذهب القضاء بحيلة الأقوام
[1616]
[اليقين بالرزق، ولا حيلة فيه، وغني النفس، والعفاف، والحوقلة، والبسملة، والهيللة، والحيعلة]:
قال: وحدثني أبي قال: بعث سليمان المهلبّي إلى الخليل بن أحمد بمائة ألف درهم وطالبه لصحبته فردّ عليه المائة الألف وكتب إليه: [البسيط]
أبلغ سليمان أنّي عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال
شحّي بنفسي أنّي لا أرى أحدا ... يموت هزلا ولا يبقى على حال
الرّزق عن قدر لا العجز ينقصه ... ولا يزيدك فيه حول محتال
__________
وروي عن ابن مسعود موقوفا عليه: عزاه الهيثمي في «المجمع» (1/ 171) للبزار (121) موقوفا على ابن مسعود، وقال: «ورجال أثر ابن مسعود فيه المعلى الكندي وقد وثقه ابن حبان».
وهو عند عبد الرزاق (6010) من هذا الوجه موقوفا.
وروي عن ابن مسعود من وجه آخر مرفوعا.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (4/ 108)، والطبراني في «الكبير» (10450)، وفي إسناده الربيع بن بدر، وهو متروك الحديث.
وقال أبو نعيم: «غريب من حديث الأعمش تفرد به عنه الربيع».
وروي عن الحسن قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكره مرسلا.
أخرجه عبد الرزاق (6011) عن معمر عن رجل عن الحسن.
وإسناده ضعيف لجهالة الراوي عن الحسن.
(1) قال القرطبي في «تفسيره» (9/ 196): «وقرأ الأعرج: وهو شديد المحال بفتح الميم وجاء تفسيره على هذه القراءة عن ابن عباس أنه الحول ذكر هذا كله أبو عبيد الهروي» اهـ(1/511)
والفقر في النفس لا في المال تعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النّفس لا المال
قال أبو علي: والعرب تقول: حولق الرجل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنشدنا محمد بن القاسم: [الطويل]
فداك من الأقوام كلّ مبخّل ... يحولق إما ساله العرف سائل
أي يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقال: أحمد بن عبيد: حولق الرجل وحوقل:
إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. وبسمل الرجل: إذا قال: باسم الله. وقد أخذنا في البسملة، وأنشدنا ابن الأعرابي: [الطويل]
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... فيا بأبي ذاك الغزال المبسمل
وقال أبو عكرمة الضّبّي: قد هيلل الرجل: إذا قال: لا إله إلا الله، وقد أخذنا في الهيللة. وقال الخليل بن أحمد: حيعل الرجل: إذا قال حيّ على الصلاة، قال الشاعر:
[الوافر]
أقول لها ودمع العين جار ... ألم يحزنك حيعلة المنادي
[1617]
[الطخاء]:
وحدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي، قال: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز، قال: حدثنا عمرو بن أزهر الواسطي، عن أبان، عن أنس قال (1):
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أكل السّفرجل يذهب بطخاء القلب» قال أبو بكر: الطّخاء: الثّقل والظّلمة، يقال: ليلة طخياء وطاخية.
[1618] قال: وأنشدنا أبو العباس ثعلب، عن ابن الأعرابي:
ليت زماني عاد لي الأوّلّ ... وما يردّ ليت أو لعلّ
وليلة طخياء يرمعلّ ... فيها على السّاري ندى مخضلّ
قال أبو علي: يقال: ارمعلّ وارمعنّ: إذا سال، وقال: الطّخاء: الغيم الكثيف.
قال أبو علي: لم أسمع الطّخاء الغيم الكثيف إلا منه، فأما الذي عليه عامّة اللغويين فالطّخاء: الغيم الذي ليس بكثيف. وقال الأصمعي: الطّخاء والطّهاء والطّخاف والعماء:
الغيم الرقيق، كذلك روى عنه أبو حاتم. وقال أبو عبيد عنه: الطّخاء: السحاب المرتفع، وفسّر أبو عبيد حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: الطّخاء: الغشي والثّقل، وهذا شبيه بالقول الأول. قال أبو علي: وحقيقته عندي: أي: ما جلّل القلب حتى يسدّ الشّهوة، ولذا قيل للسّحاب:
طخاء لأنه يجلّل السماء، ولذلك قيل للّيلة المظلمة: طخياء لأنها تجلّل الأرض بظلمتها.
__________
(1) لم يزد الهندي في «الكنز» (28261) على عزوه لكتابنا هذا.
وهو في مادة «طخا» من «اللسان» و «التاج».(1/512)
[1619]
[خبر دريد بن الصمة، والدفاع عن الزوجات، وجزآء الإحسان]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: خرج دريد بن الصّمّة في فوارس من بني جشم حتى إذا كانوا في واد لبنى كنانة رفع لهم رجل في ناحية الوادي ومعه ظعينة، فلما نظر إليه قال لفارس من أصحابه: صح به: خلّ الظعينة وانج بنفسك، وهم لا يعرفونه، فانتهى إليه الفارس، فصاح به وألحّ عليه، فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة: [الرجز]
سيري على رسلك سير الآمن ... سير رداح ذات جأش ساكن
إنّ انثنائي دون قرني شائني ... أبلي بلائي واخبري وعايني
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه وأعطاه الظعينة، فبعث دريد فارسا آخر لينظر ما فعل صاحبه، فلما انتهى إليه ورآه صريعا صاح به فتصامّ عنه، فظنّ أنه لم يسمع فغشيه، فألقي زمام الراحلة إلى الظعينة ثم رجع وهو يقول: [الرجز]
خلّ سبيل الحرّة المنيعة
إنّك لاق دونها ربيعه
في كفّه خطّيّة مطيعه
أو لا فخذها طعنة سريعه ... والطّعن منّي في الوغى شريعه
ثم حمل عليه فصرعه، فلما أبطأ على دريد بعث فارسا ثالثا لينظر ما صنعا، فلما انتهى إليهما رآهما صريعين ونظر إليه يقود ظعينته ويجرّ رمحه فقال له: خلّ سبيل الظعينة، فقال للظعينة: اقصدي قصد البيوت، ثم أقبل عليه فقال: [الرجز]
ماذا تريد من شتيم عابس
ألم تر الفارس بعد الفارس
أرداهما عامل رمح يابس
ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه، وارتاب دريد وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل، فلحق ربيعة وقد دنا من الحي ووجد أصحابه قد قتلوا، فقال: أيها الفارس، إن مثلك لا يقتل ولا أرى معك رمحا، والخيل ثائرة بأصحابها فدونك هذا الرّمح فإنّي منصرف إلى أصحابي فمثبّطهم عنك، فانصرف دريد وقال لأصحابه: إن فارس الظعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع دمي ولا مطمع لكم فيه فانصرفوا، فانصرف القوم فقال دريد: [الكامل]
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... حامي الظعينة فارسا لم يقتل
أردى فوارس لم يكونوا نهزة ... ثم استمرّ كأنه لم يفعل
متهلّلا تبدو أسرّة وجهه ... مثل الحسام جلته كفّ الصّيقل
يزجي ظعينته ويسحب رمحه ... متوجّها يمناه نحو المنزل
وترى الفوارس من مخافة رمحه ... مثل البغات خشين وقع الأجدل
يا ليت شعري من أبوه وأمّه ... يا صاح من يك مثله لا يجهل
قال أبو علي: البغاث والبغاث، والبغاث أكثر وأشهر. وقال ربيعة: [الكامل](1/513)
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... حامي الظعينة فارسا لم يقتل
أردى فوارس لم يكونوا نهزة ... ثم استمرّ كأنه لم يفعل
متهلّلا تبدو أسرّة وجهه ... مثل الحسام جلته كفّ الصّيقل
يزجي ظعينته ويسحب رمحه ... متوجّها يمناه نحو المنزل
وترى الفوارس من مخافة رمحه ... مثل البغات خشين وقع الأجدل
يا ليت شعري من أبوه وأمّه ... يا صاح من يك مثله لا يجهل
قال أبو علي: البغاث والبغاث، والبغاث أكثر وأشهر. وقال ربيعة: [الكامل]
إن كان ينفعك اليقين فسائلي ... عنّي الظعينة يوم وادي الأخرم
إذ هي لأوّل من أتاها نهبة ... لولا طعان ربيعة بن مكدّم
إذ قال لي أدنى الفوارس ميتة ... خلّ الظّعينة طائعا لا تندم
فصرفت راحلة الظّعينة نحوه ... عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم
وهتكت بالرّمح الطويل إهابه ... فهوى صريعا لليدين وللفم
ومنحت آخر بعده جيّاشة ... نجلاء فاغرة كشدق الأضجم
ولقد شفعتهما بآخر ثالث ... وأبي الفرار لي الغداة تكرّمي
ثم لم تلبث بنو كنانة أن أغارت علي بني جشم فقتلوا وأسروا دريد بن الصّمّة، فأخفى نفسه، فبينا هو عندهم محبوس إذ جاءه نسوة يتهادين إليه، فصرخت إحداهن فقالت: هلكتم وأهلكتم! ماذا جرّ علينا قومنا! هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة! ثم ألقت عليه ثوبها وقالت: يال فراس، أنا جارة له منكم، هذا صاحبنا يوم الوادي، فسألوه: من هو؟
فقال: أنا دريد بن الصّمّة، فمن صاحبي؟ قالوا: ربيعة بن مكدّم، قال: فما فعل؟ قالوا:
قتلته بنو سليم، قال: فما فعلت الظعينة؟ قالت المرأة: أنا هيه وأنا امرأته، فحبسه القوم وآمروا أنفسهم، فقال بعضهم: لا ينبغي لدريد أن نكفر نعمته على صاحبنا، وقال آخرون:
والله لا يخرج من أيدنا إلا برضا المخارق الذي أسره، فانبعثت المرأة في الليل وهي ريطة بنت جذل الطّعان تقول: [الطويل]
سنجزي دريدا عن ربيعة نعمة ... وكلّ امرئ يجزى بما كان قدّما
فإن كان خيرا كان خيرا جزاؤه ... وإن كان شرّا كان شرّا مذمّما
سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة ... بإعطائه الرّمح الطويل المقوّما
فقد أدركت كفاه فينا جزاءه ... وأهل بأن يجزى الذي كان أنعما
فلا تكفروه حقّ نعماه فيكم ... ولا تركبوا تلك التي تملأ الفما
فلو كان حيّا لم يضق بثوابه ... ذراعا غنيّا كان أو كان معدما
ففكّوا دريدا من إسار مخارق ... ولا تجعلوا البؤسى إلى الشّرّ سلّما
فلما أصبحوا أطلقوه، فكسته وجهّزته ولحق بقومه، فلم يزل كافّا عن غزو بني فراس حتى هلك.
[1620]
[شعر مما استحسنه القالي من شعر قيس بن الخطيم]:
قال أبو علي: ومما استحسنته من شعر قيس بن الخطيم. قال: وقرأت شعر
قيس بن الخطيم على أبي بكر بن دريد رحمه الله: [الكامل](1/514)
قال أبو علي: ومما استحسنته من شعر قيس بن الخطيم. قال: وقرأت شعر
قيس بن الخطيم على أبي بكر بن دريد رحمه الله: [الكامل]
إن تلق خيل العامري مغيرة ... لا تلقهم متقنّعي الأعراف
وإذا تكون عظيمة في عامر ... فهو المدافع عنهم والكافي
الواترون المدركون بتبلهم ... والحاشدون على قرى الأضياف
[1621] قال: ومما اختار الناس لقيس بن الخطيم: [الكامل]
أنّى سربت وكنت غير سروب ... وتقرّب الأحلام غير قريب
ما تمنعي يقظى فقد تؤتينه ... في النّوم غير مصرّد محسوب
كان المنى بلقائها فلقيتها ... فلهوت من لهو امرئ مكذوب
فرأيت مثل الشمس عند طلوعها ... في الحسن أو كدنوّها لغروب
* * * [1622] قال: وحدثني أبو بكر بن دريد قال: قامت الأنصار إلى جرير في بعض قدماته المدينة فقالوا: أنشدنا يا أبا حزرة، قال: أنشد قوما منهم الذي يقول:
ما تمنعي يقظى فقد تؤتينه ... في النوم غير مصرد محسوب
[1623]
[شعر في الحب والهوى]:
قال: وأنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا عبد الرحمن، عن عمه لرجل من بني جعدة:
[البسيط]
لا خير في الحبّ وقفا لا تحرّكه ... عوارض اليأس أو يرتاحه الطّمع
لو كان لي صبرها أو عندها جزعي ... كنت أملك ما أتي وما أدع
إذا دعا باسمها داع ليحزنني ... كادت له شعبة من مهجتي تقع
لا أحمل اللّوم فيها والغرام بها ... ما حمّل الله نفسا فوق ما تسع
* * * [1624] قال: وأنشدني بعض أصحابنا: [الطويل]
أيا شجر (1) الخبور مالك مورقا ... كأنّك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يحبّ الزاد إلّا من التّقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف
ولا الذّخر إلّا كلّ جرداء صلدم ... وكلّ رقيق الشّفرتين حليف
__________
(1) الأبيات من قصيدة لليلى ابنة طريف التغلبية ترثي أخاها الوليد بن طريف التغلبي مطلعها:
بتل تباثا رسم قبر كأنه ... على جبل فوق الجبال منيف
كذا في حماسة البحتري طبع «ليدن» (ص 398). ط(1/515)
عليك سلام الله حتما فإنّني ... أرى الموت وقّاعا بكلّ شريف
قال أبو علي: الجرداء: القصيرة الشّعر، والصّلدم: الشديدة، يعني: فرسا.
والحليف: الحديد، حكى الأصمعي، عن العرب: إن فلانا لحليف اللسان طويل الأمّة أي: طويل القامة.
* * * [1625] قال: وأنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا أبو حاتم والرياشي، عن أبي زيد للأقرع القشيري: [الوافر]
فأبلغ مالكا عنّي رسولا ... وما يغني الرّسول إليك مال
تخادعنا وتوعدنا رويدا ... كدأب الذّئب يأدو للغزال
فلا تفعل فإنّ أخاك جلد ... على العزّاء فيها ذو احتيال
وإنّا سوف نجعل موليينا ... مكان الكليتين من الطّحال
ونغني في الحوادث عن أخينا ... كما تغني اليمن عن الشّمال
قال أبو علي: يأدو: يختل، أنشد أبو زيد: [مجزوء الوافر]
أدوت له لآخذه ... فهيهات الفتى حذرا
والعزّاء: الشّدّة. ومنه قيل: تعزّز لحم الفرس إذا اشتدّ [1626]
[التمحيص]:
قال أبو علي: قرأت على أبي بكر بن الأنباري في قوله جل وعز: {وَلِيُمَحِّصَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكََافِرِينَ} [آل عمران: 141] أقوال، قال قوم: يمحّصهم: يجردهم من ذنوبهم، واحتجّوا بقول أبي داود الإيادي يصف قوائم الفرس:
صمّ النّسور صحاح غير عاثرة ... ركّبن في محصات ملتقى العصب
النّسور: شبه النّوى التي تكون في باطن الحافر. ومحصات: أراد قوائم منجردات ليس فيها إلا العصب والجلد والعظم ومنه قولهم: اللهم محّص عتّا ذنوبنا. قال: وقال الخليل معنى قوله جل وعز: {وَلِيُمَحِّصَ} [آل عمران: 141] وليخلّص. وقال أبو عمرو إسحاق بن نزار الشيباني: وليمحّص: وليكشف، واحتجّ بقول الشاعر: [الكامل]
حتّى بدت قمراؤه وتمحّصت ... ظلماؤه ورأى الطّريق المبصر
قال: ومعنى قولهم: اللهم محّص عنّا ذنوبنا أي: اكشفها، وقال آخرون: اطرحها عنّا. قال أبو علي: هذه الأقوال كلها في المعنى واحد، ألا ترى أن التخليص تجريد، والتجريد كشف، والكشف طرح لما عليه.
[1627]
[تفسير البغي، وحلوان الكاهن]:
وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا أبو مصعب
الزّهري، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري قال (1): نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن ثمن الكلب ومهر البغيّ وحلوان الكاهن، قال أبو علي قال الأصمعي: البغيّ: الأمة، وجمعه بغايا. وفي الحديث:(1/516)
وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا أبو مصعب
الزّهري، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود الأنصاري قال (1): نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عن ثمن الكلب ومهر البغيّ وحلوان الكاهن، قال أبو علي قال الأصمعي: البغيّ: الأمة، وجمعه بغايا. وفي الحديث:
«قامت على روءسهم بالبغايا» وقال الأعشى: [الخفيف]
والبغايا يركضن أكسية الإض ... ريج والشّرعبيّ ذا الأذيال
وقال الآخر: [مجزوء الكامل]
فاخر البغيّ بحدج ربّ ... تها إذا ما الناس شلّوا
أي: طردوا. والبغيّ أيضا: الفاجرة، يقال: بغت تبغي إذا فجرت. والبغاء: الفجور في الإماء خاصّة قال الله عز وجل: {وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ} [النور: 33] والبغيّة:
الرّبيئة، قال الشاعر: [الطويل]
وكان وراء القوم منهم بغيّة ... فأوفى يفاعا من بعيد فبشّرا
وجمعها بغايا، وقال طفيل الغنويّ: [الطويل]
فألوت بغاياهم بنا وتباشرت ... إلى عرض جيش غير أن لم يكتّب
يكتّب: يجمع. وقال أبو بكر: في الحلوان أربعة أقوال: أحدها أن الحلوان أجرة ما يأخذه الكاهن على كهانته، والقول الثاني: أن الحلوان الرّشوة التي يرشاها الكاهن على كهانته وغير الكاهن، يقال: حلوت الرجل أحلوه حلوانا، قال الشاعر: [الطويل]
كأنّي حلوت (2) الشّعر يوم مدحته ... صفا صخرة صمّاء يبس بلالها
والقول الثالث: أن الحلوان ما يأخذه الرجل من مهر ابنته، ثم اتّسع فيه حتى قيل في الرشوة والعطية. قالت امرأة من العرب تمدح زوجها: [الرجز]
لا يأخذ الحلوان من بناتيا
والقول الرابع: أن الحلوان هو ما يعطاه الرجل مما يستحليه ويستطيبه، يقال منه:
حلوت الرجل إذا أعطيته ما يستحليه طعامآ كان أو غيره، كما تقول: عسلت الرجل إذا أطعمته العسل أو ما يستحليه كما يستحلي العسل.
__________
(1) رواه أحمد (4/ 120118)، والبخاري (2237)، ومسلم (1567)، وأبو داود (3481)، والترمذي (، 1133، 20711276)، والنسائي (7/ 309)، وابن ماجه (2159) من طريق ابن شهاب به.
وقال الترمذي: «حسن صحيح».
(2) البيت من قصيدة قصيرة لأوس بن حجر التميمي مطلعها:
إذا ناقة شدت برحل ونمرق ... إلى حكم بعدي فضل ضلالها
راجع: ديوانه طبع أوربا (ص 24). ط(1/517)
[1628]
[ضنّ بعض العلماء ببعض الأحاديث]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال: كان أبو حاتم يضنّ بهذا الحديث ويقول: ما حدثني به أبو عبيدة حتى اختلفت إليه مدّة وتحمّلت عليه بأصدقائه من الثّقفيّين وكان لهم مواخيا.
[1629]
[أحق الناس بالمقت والمنع والمعروف، وأكرمهم، وألأمهم، وأحلمهم، وأجودهم، وأحكمهم، وأغناهم، وأنعمهم عيشا، وغير ذلك]:
قال: وحدثنا أبو حاتم قال: حدثني أبو عبيدة قال: حدثني غير واحد من هوازان من أولي العلم وبعضهم قد أدرك أبوه الجاهلية أو جدّه، قال: اجتمع عامر بن الظّرب العدوانيّ وحممة بن رافع الدّوسي ويزعم النّسّاب أن ليلى بنت الظّرب أمّ دوس بن عدنان وزينب بنت الظرب أمّ ثقيف وهو قيسي قال: اجتمع عامر وحممة عند ملك من ملوك حمير فقال: تساءلا حتى أسمع ما تقولان، قال: قال عامر لحممة: أين تحبّ أن تكون أياديك؟ قال: عند ذي الرّثية العديم، وذي الخلّة الكريم، والمعسر الغريم، والمستضعف الهضيم. قال: من أحقّ الناس بالمقت؟ قال: الفقير المختال، والضّعيف الصّوّال، والعييّ القوّال. قال: فمن أحقّ الناس بالمنع؟ قال: الحريص الكاند، والمستميد الحاسد، والملحف الواجد. قال: فمن أجدر الناس بالصّنيعة؟ قال: من إذا أعطي شكر، وإذا منع عذر، وإذا موطل صبر، وإذا قدم العهد ذكر. قال: من أكرم الناس عشرة؟ قال: من إن قرب منح. وإن بعد مدح، وإن ظلم صفح، وإن ضويق سمح. قال: من ألأم الناس؟ قال: من إذا سأل خضع، وإذا سئل منع، وإذا ملك كنع، ظاهره جشع، وباطنه طبع، قال: فمن أحلم الناس؟
قال: من عفا إذا قدر، وأجمل إذا انتصر، ولم تطغه عزّة الظّفر، قال: فمن أحزم الناس؟
قال: من أخذ رقاب الأمور بيديه، وجعل العواقب نصب عينيه، ونبذ التّهيّب دبر أذنيه. قال:
فمن أخرق الناس؟ قال: من ركب الخطار، واعتسف العثار، وأسرع في البدار، قبل الاقتدار. قال: فمن أجود الناس؟ قال: من بذل المجهود، ولم يأس على المعهود. قال:
فمن أبلغ الناس؟ قال: من جلّى المعنى للمزيز باللفظ الوجيز وطبّق المفصل قبل التّحريز.
قال: من أنعم الناس عيشا؟ قال: من تحلّى بالعفاف، ورضي الكفاف، وتجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف. قال: فمن أشقى الناس؟ قال من حسد على النّعم، وتسخّط على القسم، واستشعر النّدم، على فوت ما لم يحتم. قال: من أغنى الناس؟ قال من استشعر الياس، وأبدى التّجمّل للناس، واستكثر قليل النّعم. ولم يسخط على القسم. قال: فمن أحكم الناس؟ قال: من صمت فادّكر، ونظر فاعتبر، ووعظ فازدجر. قال: من أجهل الناس؟ قال:
من رأى الخرق مغنما، والتّجاوز مغرما.
[1630] قال أبو علي: الرّثية: وجع المفاصل واليدين والرجلين، قال أبو عبيدة أنشدت يونس النحوي: [الرجز]
وللكبير رثيات أربع ... الرّكبتان والنّسا والأخدع
فقال: إي والله، وعشرون رثية. والخلّة: الحاجة. والخلّة: الصداقة. يقال: فلان خلّتي، وفلانة خلّتي، الذكر والأنثى فيه سواء. وخلّي وخليلي. والخلّ: الطريق في الرّمل.(1/518)
وللكبير رثيات أربع ... الرّكبتان والنّسا والأخدع
فقال: إي والله، وعشرون رثية. والخلّة: الحاجة. والخلّة: الصداقة. يقال: فلان خلّتي، وفلانة خلّتي، الذكر والأنثى فيه سواء. وخلّي وخليلي. والخلّ: الطريق في الرّمل.
والخلّ: الرجل الخفيف الجسم.
[1631] قال: وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله: [المديد]
فأسقنيها (1) يا سواد بن عمرو ... إنّ جسمي بعد خالي لخلّ
[1632] والخليل أيضا: المحتاج، قال زهير: [البسيط]
وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم
وقد استقصينا هذا الباب فيما مضى من الكتاب. والكاند: الذي يكفو النعمة.
والكنود: الكفور، ومنه قوله عز وجل: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6] وامرأة كنود: كفور للمواصلة. والمستميد مثل المستمير وهو المستعطي، ومنه اشتقاق المائدة لأنها تماد، ولا تسمّى مائدة حتى يكون عليها طعام، فإذا لم يكن عليها طعام فهي خوان وخوان، وجمع خوان خون. وكنع: تقبّض، يقال: قد تكنّع جلده إذا تقبّض يريد أنه ممسك بخيل. والجشع: أسوأ الحرص. والطّبع: الدّنس. ويقال: جعلت الشيء دبر أذني إذا لم ألتفت إليه. والاعتساف: ركوب الطريق على غير هداية وركوب الأمر على غير معرفة، والمزيز: من قولهم: هذا أمزّ من هذا أي أفضل منه وأزيد، قال: وحدثني أبو بكر بن دريد قال: سأل أعرابيّ رجلا درهما، فقال: لقد سألت مزيزا، الدرهم: عشر العشرة.
والعشرة: عشر المائة، والمائة: عشر الألف، والألف: عشر ديتك. والمطبّق من السيوف:
الذي يصيب المفاصل فيفصلها لا يجاوزها.
[1633]
[موعظة في الموت]:
قال: وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال: حدثنا عبد الرحمن، عن عمه قال: دخلت على امرأة من العرب بأعلى الأرض في خباء لها وبين يديها بنيّ لها قد نزل به الموت، فقامت إليه فأغمضته وعصّبته وسجّته، ثم قالت: يابن أخي، قلت: ما تشائين؟ قالت: ما أحق من ألبس النّعمة وأطيلت به النّظرة أن لا يدع التّوثّق من نفسه قبل حلّ عقدته والحلول بعقوته والمحالة بينه وبين نفسه، قال: وما يقطر من عينها قطرة صبرا واحتسابا، ثم نظرت إليه فقالت: والله ما كان مالك لبطنك ولا أمرك لعرسك! ثم أنشدت تقول: [الطويل]
رحيب الذّراع بالتي لا تشينه ... وإن كانت الفحشاء ضاق بها ذرعا
__________
(1) البيت من قصيدة لتأبط شرا أو لخلف الأحمر: كما في «ديوان الحماسة شرح التبريزي» طبع مدينة «بن» (ص 382)، ومطلعها:
أن بالشعب الذي دون سلع ... لقتيلا دمه ما يطل(1/519)
[1634] قال: وأنشدني أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي، قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد، قال: أنشدني الخثعمي لنفسه: [الخفيف]
أيّها النّعيان من تنعيان ... وعلى من أراكما تبكيان
نعيا الثّاقب الزّناد أبا إس ... حاق ربّ المعروف والإحسان
إذهبا بي إن لم يكن لكما عق ... ر إلى ترب قبره فاعقراني
وانضحا من دمي عليه فقد كا ... ن دمي من نداه لو تعلمان
* * * [1635] قال: وقرأت على أبي بكر بن الأنباري في كتابه وقرئ عليه في المعاني الكبير ليعقوب بن السّكيت وأنا أسمع. قال: وقرأت بعض هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد في كتاب النوادر لابن دريد قال ضمرة بن ضمرة: [الكامل]
بكرت تلومك بعد وهن في النّدى ... بسل عليك ملامتي وعتابي
ولقد علمت فلا تظنّي غيره ... أن سوف تخلجني سبيل صحابي
أأصرّها وبنيّ عمّي ساغب ... فكفاك من إبة عليّ وعاب
أرأيت إن صرخت بليل هامتي ... وخرجت منها باليا أثوابي
هل تخمشن إبلي عليّ وجوهها ... أم تعصبنّ رءوسها بسلاب
قال أبو علي: بكرت: عجلت، ومنه باكورة الرّطب والفاكهة وهو المتعجّل منه، ولم يرد الغدوّ، ألا تراه قال: بعد وهن أي: بعد نومة، والعرب تقول: أنا أبكّر إليك العشيّة أي: أعجّل ذلك وأسرعه، والبسل: الحرام هاهنا، قال زهير: [الطويل]
بلاد بها نادمتهم وألفتهم ... فإن تقويا منهم فإنّهما بسل
أي: حرام، وقال أبو حاتم يقال: للواحد والاثنين والجماعة والمؤنث والمذكر بسل بلفظ الواحد، كما يقال: رجل عدل وقوم عدل. والبسل في هذا: الحلال وهو من الأضداد.
[1636]
[شعر في الكيل بمكيالين]:
قال: أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال: أنشدنا أبو حاتم، عن أبي زيد:
[الطويل]
زيادتنا نعمان لا تحرمنّنا ... تق الله فينا والكتاب الذي نتلو
أيثبت ما زدتم وتلغى زيادتي ... دمي إن أسيغت هذه لكم بسل
أي: حلال. وتخلجني: تجذبني، ومنه قيل للماء: خليج لأنه انجذب إلى جهة من الجهات، ومنه قيل للّجام: خليج لأنه يجذب الدابة ويمكن أن يكون فعيلا في معنى مفعول لأنه يخلج أي: يجذب. والسّغب: الجوع، والمسغبة: المجاعة، والساغب:
الجائع. والإبة: الحياء، يقال: أو أبته فاتّأب مثل اتّعد.(1/520)
[1637] وحكى يعقوب عن أبي عمرو الشّيباني قال: حضرني أعرابي فقدمّت إليه طعاما فأكل منه فقلت له: ازدد، فقال: يا أبا عمرو ما طعامك بطعام تؤبة.
[1638] وقال أبو زيد لأعرابية بالعيون (1): مالك لا تصيرين إلى الرّفقة؟ فقالت:
أخزى أن أمشي في الرّفاق أي: أستحي، والخزاية: الحياء. والعاب: العيب، قال أبو زيد سمعت أعرابيّا يقول: إن الرّجز لعاب أي: عيب، والرّجز: أن يرعد عجز البعير إذا أراد النّهوض، وأنشد: [الكامل]
تجد القيام كأنّما هو نجدة ... حتى تقوم تكلّف الرّجزاء
والذّكر أرجز. والسّلاب: خرقة سوداء تتقنّع بها المرأة في المأتم.
* * * [1639] قال: وقرأت على أبي محمد عبد الله بن جعفر، قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد. قال: وأنشدني أبو بكر بن الأنباري قال: قرئ على أبي العباس أحمد بن يحيى: [الطويل]
رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشيّة أحجار الكناس رميم (2)
فلو (3) كنت أسطيع الرّماء رميتها ... ولكنّ عهدي بالنّضال قديم
رميم التي قالت لجارات بيتها ... ضمنت لكم ألّا يزال يهيم
* * * [1640] قال: أنشدني محمد بن السّري: [الخفيف]
قل لحادي المطيّ خفّض قليلا ... تجعل العيس سيرهن ذميلا
لا تقفها على السّبيل ودعها ... يهدها شوق من عليها السّبيلا
[1641]
[الوشاية، والنميمة]:
قال: وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري، قال: قرئ على أبي العباس لأبي حيّة النّميري وأنا أسمع: [الطويل]
وخبّرك الواشون أن لن أحبّكم ... بلى وستور الله ذات المحارم
أصدّ وما الصّدّ الذي تعلمينه ... عزاء بكم إلا ابتلاع العلاقم
حياء وبقيا أن تشيع نميمة ... بنا وبكم أفّ لأهل النّمائم
__________
(1) العيون: موضع بالبحرين، راجع «معجم ياقوت» (ج 3ص 766). ط
(2) الأبيات لأبي حية النميري كما في «ديوان الحماسة شرح التبريزي» طبع مدينة «بن» (ص 578).
ورميم اسم امرأة كما استشهد به عليها في «اللسان» مادة «رمم». ط
(3) رواية الحماسة: «قلو أنها لما رمتني رميتها». ط(1/521)
وإنّ دما لو تعلمين جنيته ... على الحيّ جاني مثله غير سالم
أما إنه لو كان غيرك أرقلت ... إليه القنا بالراعفات اللهاذم
ولكنّه والله ما طلّ مسلما ... كغرّ الثّنايا واضحات الملاغم
إذا هنّ ساقطن الأحاديث للفتى ... سقاط حصى المرجان من سلك ناظم
رمين فأقصدن القلوب ولن ترى ... دما مائرا إلّا جوى في الحيازم
قال أبو علي يقال: سنان لهذم ولسان لهذم أي: حاد. والملاغم: ما حول الفم، ومنه قيل: تلغّمت بالطّيب إذا جعلته هناك. والمائر: السائر.
[1642]
[شعر في الشباب والمشيب]:
قال: وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى: [الطويل]
فمالك إذ ترمين يا أمّ مالك ... حشاشة قلبي شلّ منك الأصابع
لها أسهم لا قاصرات عن الحشى ... ولا شاخصات عن فؤادي طوالع
فمنهنّ أيام الشّباب ثلاثة ... وسهم طرير بعد ما شبت رابع
[1643] قال: وأنشدنا أبو بكر محمد بن السّريّ السّرّاج قال: أنشدني ابن الرّومي لنفسه: [الطويل]
لما تؤذن الدّنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطّفل ساعة يوضع
علام بكى لمّا رآها وإنها ... لأرحب مما كان فيه وأوسع
قال: وأنشدنا أيضا لنفسه: [الكامل]
يأيّها الرجل المسوّد شيبه ... كيما يعدّ به من الشّبّان
أقصر فلو سوّدت كلّ حمامة ... بيضاء ما عدّت من الغربان
[1644]
[تفسير الفتح في كتاب الله]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري في قوله جل وعز: {وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ} [السجدة: 28] معناه متى هذا القضاء والحكم، وأنشد: [الوافر]
ألا أبلغ بني عصم رسولا ... فإنّي عن فتاحتكم غنيّ (1)
معناه عن محاكمتكم. ومن ذلك قول الله جل وعز: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 89] أي: اقض بيننا. وقال الفراء: وأهل عمان يسمّون القاضي الفتّاح.
فأما قوله جل وعز: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جََاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19] ففيه قولان، قال قوم: معناه إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء، وقال آخرون: إن تستنصروا فقد جاءكم
__________
(1) كذا بالأصل مطبوطا: والذي في «اللسان» مادة «فتح»: «إلا من مبلغ عمرا رسولا». ط(1/522)
النّصر، وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر: اللهم انصر أفضل الدّينين عندك، وأرضاه لديك، فقال الله عز وجل: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جََاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19]، ويروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين (1)، قال أبو عبيدة: معناه يستنصر، والصّعلوك الفقير في كلام العرب، قال حاتم ابن عبد الله: [الطويل]
غنينا (2) زمانا بالتّصعلك والغنى ... فكلّا سقاناه بكأسيهما الدّهر
يعني: بالفقر والغنى.
[1645]
[تفسير: تجمّ الفؤاد]:
قال: وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم، قال: حدثنا خلف بن عمرو العكبري، قال:
حدثنا أبو عبد الرحمن ابن عائشة قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله قال (3): رمى إليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسفرجلة فقال:
«دونكها يا أبا محمد فإنها تجمّ الفؤاد».
[1646] قال أبو بكر: قال: خلف بن عمرو: قال أبو عبد الرحمن بن عائشة: تجمّ الفؤاد معناه: تريحه. قال أبو بكر وقال غيره: تجمّ الفؤاد: تفتحه وتوسعه، من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته، قال امرؤ القيس يصف فرسا: [الطويل]
يجمّ على السّاقين بعد كلاله ... جموم عيون الحسي بعد المخيض
يعني: أنه إذا انقطع جريه جاءه جري مستأنف كما ينقطع ماء الحسي ثم يثوب فيأتي منه ماء آخر، قال أبو علي: الحسي: صلابة تمسك الماء وعليها رمل فلا تنشّفه الشمس لأن ذلك الرمل يستره ولا تقبله الأرض لصلابتها فإذا حفر خرج قليلا قليلا فربما حفر منه بئر قدر قعدة الرّجل.
[1647]
[أفضل الاقتصاد والعفو واللّين]:
قال: وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدثنا العكلي، عن
__________
(1) رواه الحاكم (4/ 452451رقم 5645) (5/ 588رقم 8315) من طريق عبد الرحمن بن حماد به.
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».
وتعقبه الذهبيّ بقوله: «ابن حماد قال فيه أبو حاتم منكر الحديث».
ورواه ابن ماجه (3369)، والطبراني في «الكبير» (219)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/ 165رقم 1085) من غير هذا الوجه عن طلحة بنحوه وفيه نظر أيضا.
وانظر: «لسان الميزان» لابن حجر (3/ 412).
وروي من حديث عبد الله بن الزبير وابن عباس وفيهما نظر ينظر في «العلل» لابن الجوزي (2/ 166165رقم 10871086).
(2) في نسخة حببنا، من الحياة.
(3) روى البخاري (2896) من حديث مصعب بن سعد قال: «رأى سعد رضي الله عنه أنّ له فضلا على من دونه فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: هل تنصرون إلّا بضعفائكم».(1/523)
الحرمازي قال: بلغني أن مسلمة دخل على عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعليه ريطة من رياط مصر فقال: بكم أخذت هذه يا أبا سعيد؟ فقال: بكذا وكذا، قال: فلو نقصت من ثمنها شيئا أكان ناقصا من شرفك؟ قال: لا، قال: فلو زدت في ثمنها شيئا أكان زائدا في شرفك؟
قال: لا، قال: فاعلم يا مسلمة أن أفضل الاقتصاد ما كان بعد الجدة، وأفضل العفو ما كان بعد القدرة، وأفضل اللّين ما كان بعد الولاية.
[1648]
[خبر الرجل الذي أتي عبد الملك فسأله ومدحه]:
قال وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا الرياشي،: قال: حدثنا مسعود بن بشر، عن رجل من ولد عمرو بن مرة الجهني. ولعمرو بن مرة صحبة. قال: قال رجل من بني ضنة أو قال: وفد رجل من بني ضنة (1) وبنو ضنة من سعد هذيم. وفي العرب ضنّتان (2): ضنّة هذا، وضنّة (3) ابن عبد الله بن نمير قال: فوفد هذا الضنيّ إلى عبد الملك بن مروان فقال: [الكامل]
والله ما ندري إذا ما فاتنا ... طلب إليك من الّذي نتطلّب
فلقد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحدا سواك إلى المكارم ينسب
فاصبر لعادتنا التي عوّدتنا ... أو لا فأرشدنا إلى من نذهب
فقال عبد الملك: إليّ إليّ! وأمر له بألف دينار، ثم أتاه في العام المقبل فقال:
[الطويل]
يربّ الذي يأتي من الخير إنه ... إذا فعل المعروف زاد وتمّما
وليس كبان حين تمّ بناؤه ... تتبّعه بالنّقض حتى تهدّما
فأعطاه ألفي دينار، ثم أتاه في العام الثالث فقال: [الطويل]
إذا استمطروا كانوا مغازير في النّدى ... يجودون بالمعروف عودا على بدء
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار.
* * * [1649] قال: وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: قال أعرابي لابن عمه: اطلب لي امرأة بيضاء حديدة فرعاء جعدة، تقوم فلا يصيب قميصها منها
__________
(1) في الطبعة الأولى «ضبة» وما أثبتناه عن كتاب «الأغاني» (ج 21ص 62طبعة أوربا) وكتاب «المعارف» لابن قتيبة (ص 51) طبعة أوربا «والقاموس» مادة «ضن». ط
(2) في «شرح القاموس» مادة «ضن»: وضنة بالكسر خمس قبائل من العرب: ضنة بن سعد هذيم في قضاعة. وضنة بن عبيد بن كبير في عذرة. وضنة بن الجلان في أسد خزيمة. وضنة بن العاص بن عمرو في الأزد. وضنة بن عبد الله بن الحارث في بني نمير. وفي الأصل: «ضبتان». ط
(3) كذا في كتاب «النقائض» بين جرير والفرزدق (ص 446) طبعة أوربا وفي «القاموس» مادة «ضن».
وفي الأصل «ضبة». ط(1/524)
إلا مشاشة منكبيها، وحلمتي ثدييها، ورانفتي أليتيها، ورضاف ركبتيها، إذا استلقت فرميت من تحتها بالأترجّة العظيمة نفذت من الجانب الآخر، وأنّى بمثل هذه إلا في الجنان!
قال أبو علي: الرّضاف: واحدتها رضفة وهي العظم المطبق على ملتقى مفصل الساق والفخذ.
[1650] قال: وحدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي قال: حدثنا أحمد بن يحيى الشّيباني، عن ابن الأعرابي قال: بلغني أن جماعة من الأنصار وقفوا على دغفل النّسّابة بعد ما كفّ فسلّموا عليه، فقال: من القوم؟ قالوا: سادة اليمن، فقال: أمن أهل مجدها القديم وشرفها العميم كندة؟ قالوا: لا، قال: فأنتم الطّوال قصبا، الممحّصون نسبا بنو عبد المدان، قالوا: لا، قال: فأنتم أقودها للزّحوف، وأخرقها للصّفوف، وأضربها بالسّيوف، رهط عمرو بن معد يكرب؟ قالوا: لا، قال: فأنتم أحضرها قراء، وأطيبها فناء، وأشدّها لقاء، رهط حاتم بن عبد الله؟ قالوا: لا، قال: فأنتم الغارسون للنّخل، والمطعمون في المحل، والقائلون بالعدل، الأنصار؟ قالوا: نعم.
قال أبو علي: القراء بفتح القاف ممدود: القرى، والقرى بكسر القاف مقصور.
سمع القاسم بن معن من العرب: هو قراء الضيف.
* * * [1651] قال: وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال:
أنشدني خلف الأحمر لأعرابي: [الرجز]
تهزأ (1) منّي أخت آل طيسله ... قالت أراه مبلطا لا شيء له
وهزئت من ذاك أمّ موءله ... قالت أراه دالفا قد دني له
مالك لا جنّبت تبريح الوله ... مردودة أو فاقدا أو مثكله
ألست أيام حضرنا الأعزله ... وقبل إذ نحن على الضّلضله
وقبلها عام ارتبعنا الجعله ... مثل الأتان نصفا جنعدله
وأنا في ضرّاب قيلان القله ... أبقى الزّمان منك نابا نهبله
ورحما عند اللّقاح مقفله ... ومضغة باللّؤم سحّا مبهله
وما تريني في الوقار والعله ... قاربت أمشي القعولى والفنجله
قال أبو علي: هكذا أنشدناه أبو بكر، وأنشدنا غيره: الفنجلى والقعوله
وتارة أنبث نبث النّقثله ... خزعلة الضّبعان راح الهنبله
وهل علمت فحشاء جهله ... ممغوثة أعراضهم ممرطله
__________
(1) في كتاب «مجموع أشعار العرب» المشتمل على الأصمعيات: أن القصيدة لصخير بن عمير التميمي كما في (ج 1ص 58) طبع مدينة «برلين». ط(1/525)
في كلّ ماء آجن وسمله ... كما تماث في الإناء الثّمله
عرضت من جفيلهم أن أجفله ... وهل علمت يا قفيّ التّتفله
ومرسن العجل وساق الحجله ... وغضن الضّبّ وليط الجعله
وكشّة الأفعى ونفخ الأصله ... أنّي أفأت المائة المؤبّله
ثم أفئ مثلها مستقبله ... ولم أضع ما ينبغي أن أفعله
وأفعل العارف قبل المسئله ... وهل أكبّ البائك المحفّله
وأمنح الميّاحة السّبحلله ... وأطعن السحساحة المشلشله
على غشاش دهش وعجله ... إذا أطاش الطّعن أيدي البعله
وصدق الفيل الجبان وهله ... أقصدتها فلم أحرها أنمله
من حيث يمّمت سواء المقتله ... وأضرب الخدباء ذات الرّعله
تردّ في نحر الطّبيب فتله ... وهل علمت بيتنا إلّا وله
شربة من غيرنا وأكله
[1652] قال أبو علي: طيسلة: اسم. والمبلط: الفقير، يقال: أبلط الرجل فهو مبلط. وقال الأصمعي: أبلط فهو مبلط إذا لصق بالبلاط وهي الأرض الملساء. وموءلة:
اسم. والدّالف: الذي يقارب الخطو في مشيه. والشيخ يدلف دليفا من الكبر. ودني له أي:
قوربت خطاه. والأعزلة: موضع. والضّلضلة: الأرض الغليظة تركبها حجارة، كذا روى البصريون، عن الأصمعي في هذا الرّجز، وفي كتاب الصّفات للأصمعي على مثال فعلله.
وذكره أبو عبيدة في باب فعللة وحكى عن الأصمعي: الضّلضلة: الأرض الغليظة، ثم ذكر في الباب: الخنثر: الشيء الخسيس من المتاع. والجعلة: أرض لبني عامر بن صعصعة.
والجنعدلة: الغليظة الجافية، والقيلان: جمع قال، والقال المقلى: العود الذي تضرب به القلة، والقلة: عود قدر شبر محدّد الطّرفين تلعب به الصّبيان. والنّهبلة: الهرمة، يقال: قد خنشلت المرأة ونهبلت إذا أسنّت، قال ثابت: [البسيط]
مأوى (1) الضياف ومأوى كلّ أرملة ... تأوي إلى نهبل كالنّسر علفوف
والعلفوف: الجافي. والمبهلة: التي لاصرار عليها، وهذا مثل. والعله: الجزع.
والقعولى: أن يمشي مشية الأحنف وهو أن يتباعد الكعبان ويقبل القدمان. والفنجلة: مقاربة الخطو. والنّقثلة: أن ينبث التراب في مشيته، وهو مثل النّعثلة. والخزعلة: الظّلع، يقال:
ناقة بها خزعال، وليس في الكلام فعلال غيره إلا ما كان مضاعفا مثل القلقال والزّلزال والقسقاس، والهنبلة: أن ينسف التراب في مشيته. وممغوثة: مدلوكة. وممرطلة: مبلولة.
والآجن: المتغيّر. والسّمل: القليل من الماء. وتماث: تمرس. والثّملة: بقية الهناء في
__________
(1) في «اللسان» مادة نهبل أن البيت لأبي زبيد، ورواه: مأوى اليتيم ومأوى كل نهبلة إلخ. ط(1/526)
الإناء. والجفيل: الجمع. والتّتفلة: الأنثى من أولاد الثعالب. والمرسن من الأنف: موضع الرّسن. والغضن: التكسّر. والغضون: الكسور في الجلد. وليط كلّ شيء: قشره، واللّيط:
اللّون أيضا. والكشّة والكشيش: صوت جلد الحية. والأصلة: حية عظيمة. والمؤبّلة:
المجتمعة. ويقال: التي حبست للقنية. والبائك: السمينة العظيمة السّنام. والسّبحللة:
العظيمة، يقال: سقاء سبحل وسحبل وسبحلل. والسّحساحة: التي تسحّ أي تصبّ.
والمشلشلة: المتداركة القطر. والغشاش: السّرعة والعجلة. والبعل: التحيّر. والوهل: الفزع.
والأنملة والأنملة لغتان: طرف الأصبع قال أبو بكر: والأنملة أفصح. والخدباء: الضربة التي تهجم على الجوف وأصل الخدب الهوج. والرّعلة: القطعة تبقى من اللحم معلّقة.
* * * [1653] قال: وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى: [الطويل]
خليلي هذي زفرة اليوم قد مضت ... فمن لغد من زفرة قد أطلّت
ومن زفرات لو قصدن قتلنني ... تقضّ التي تبقى التي قد تولّت
[1654]
[شعر في الحب مع العفاف عن الفواحش]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثني عبد الرحمن، عن عمه قال: أنشدتني عجوز بحمى ضريّة: [الطويل]
ومستخفيات ليس يخفين زرننا ... يسحّبن أذيال الصّبابة والشّكل
جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه ... نزعن وقد أكثرن فينا من القتل
مريضات رجع القول خرس عن الخنا ... تألّفن أهواء القلوب بلا بذل
موارق من حبل المحبّ عواطف ... بحبل ذوي الألباب بالجدّ والهزل
يعنّفني العذّال فيهنّ والهوى ... يحذّرني من أن أطيع ذوي العذل
قال الأصمعي: فما رأيت امرأة أحلى لفظا منها ولا أفصح لسانا.
[1655]
[شعر في غياب السادة والكرام، وسيادة الأدنى]:
قال: وأنشدنا علي بن سليمان لأبي علي البصير: [الوافر]
لعمر أبيك ما نسب المعلّى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكنّ البلاد إذا اقشعرّت ... وصوّح نبتها رعي الهشيم
قال أبو علي: صوّح: يبس وتشقّق.
[1656]
[شعر في جهل الفتى بمواطن السعادة في أحواله وإن حرص على الرّشد]:
قال: وأنشدنا إبراهيم بن محمد قال: أنشدنا أبو العباس: [الطويل]
لعمرك ما يدري الفتى أيّ أمره ... وإن كان محروصا على الرّشد أرشد
أفي عاجلات الأمر أم آجلاته ... أم اليوم أدنى للسّعادة أم غد
[1657](1/527)
لعمرك ما يدري الفتى أيّ أمره ... وإن كان محروصا على الرّشد أرشد
أفي عاجلات الأمر أم آجلاته ... أم اليوم أدنى للسّعادة أم غد
[1657]
[الشورى، وصفات المستشار]:
قال: وأنشدنا أيضا، عن أبي العباس: [الطويل]
إذا بلغ الرّاي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو مشورة حازم
ولا تحسب الشّورى عليك غضاضة ... مكان الخوافي نافع للقوادم
[1658]
[شعر في صدق الهوى، وألم الهجر]:
قال: وأنشدنا محمد بن السّريّ للعباس بن الأحنف: [الطويل]
لعمري لئن كان المقرّب منكم ... هوى صادقا إنّي لمستوجب القرب
سأرعى وما استوجبت منّي رعاية ... وأحفظ ما ضيّعت من حرمة الحبّ
متى تبصريني يا ظلوم تبيّني ... شمائل بادي البثّ منصدع القلب
بريّا تمنّى الذّنب لمّا هجرته ... لكيما يقال الهجر من سبب الذّنب
وقد كنت أشكو عتبها وعتابها ... فقد فجعتني بالعتاب بالعتب
[1659]
[طمع المحبين]:
قال: وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي، قال: أنشدنا أبو العباس، عن محمد بن يزيد قال: أنشدنا عليّ بن قطرب لأبيه: [البسيط]
أشتاق بالنّظرة الأولى قرينتها ... كأنّني لم أسلّف قبلها نظرا
[1660]
[تفسير الصّمد]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: في قوله عز وجل: {الصَّمَدُ}
[الإخلاص: 2] ثلاثة أقوال، قال جماعة من اللغويين: الصّمد: السيد الذي ليس فوقه أحد لأنه يصمد إليه الناس في أمورهم، قال: وأنشدنا: [البسيط]
سيروا جميعا بنصف اللّيل واعتمدوا ... ولا رهينة إلّا سيّد صمد
وقال الآخر: [البسيط]
علوته بحسام ثمّ قلت له ... خذها حذيف فأنت السّيّد الصّمد
يعني حذيفة بن بدر، وقال الآخر: [الطويل]
ألا بكر النّاعي بخيري بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد
قال أبو علي: قوله: يصمد أي: يقصد، قال طرفة: [الطويل]
وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني ... إلى ذروة البيت الكريم المصمّد
قال أبو علي: وهذا القول الذي يصح في الاشتقاق واللغة: قال: وحكى أبو بكر، عن الأعمش أنه قال: الصّمد: الذي لا يطعم. وحكى عن السّدي أنه قال: الصّمد: الذي لا جوف له.(1/528)
[1661]
[شرح حديث: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» الحديث]:
قال: وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال:
حدثنا سعيد بن سفيان الجحدريّ قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال (1): قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل» قال أبو بكر: تفسير «فبها»: فبالرّخصة أخذ، ويقال: بالسّنّة أخذ. ومعنى قوله: و «نعمت» أي: نعمت الخصلة الوضوء، ولا يجوز ونعمه بالهاء لأن مجرى التاء التي في نعمت مجرى التاء التي في قامت وقعدت.
* * * [1662] قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال: حدثني عمي الحسين، عن أبيه، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن الذّيّال بن نفر، عن الطّرمّاح بن حكيم قال: خرج خمسة نفر من طيّئ من ذوي الحجا والرأي: منهم برج بن مسهر وهو أحد المعمّرين، وأنيف بن حارثة بن لأم، وعبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم طيء، وعارف الشاعر، ومرّة بن عبد رضى، يريدون سواد بن قارب الدّوسي ليمتحنوا علمه، فلما قربوا من السّراة قالوا: ليخبأ كلّ رجل منا خبيئا ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه، فإن أصاب عرفنا علمه وإن أخطأ ارتحلنا عنه، فخبأ كل رجل منهم خبيئا ثم صاروا إليه فأهدوا له إبلا وطرفا من طرف الحيرة، فضرب عليهم قبّة ونحر لهم. فلما مضت ثلاث دعا بهم فدخلوا عليه، فتكلم برج وكان أسنّهم فقال: جاءك السّحاب، وأمرع لك الجناب، وضفت عليك النّعم الرّغاب، نحن أولو الآكال، والحدائق والأغيال، والنّعم الجفال، ونحن أصهار الأملاك، وفرسان العراك. يورّي عنهم أنهم من بكر بن وائل.
فقال سواد: والسماء والأرض، والغمر والبرض، والقرض والفرض، إنكم لأهل الهضاب الشّم، والنّخيل العم، والصّخور الصّم، من أجأ العيطاء، وسلمى ذات الرّقبة السّطعاء. قال:
أنا كذلك وقد خبأ لك كل رجل منّا خبيئا لتخبرنا باسمه وخبيئه. فقال لبرج: أقسم بالضّياء والحلك، والنّجوم والفلك، والشّروق والدّلك، لقد خبأت برثن فرخ، في إعليط مرخ، نحت آسرة الشّرخ. قال: ما أخطأت شيئا، فمن أنا؟ قال: أنت برج بن مسهر، عصرة الممعر، وثمال المحجّر. ثم قام أنيف بن حارثة فقال: ما خبيئي وما اسمي؟ فقال: والسّحاب والتراب، والأصباب والأحداب، والنّعم الكثاب، لقد خبأت قطامة فسيط، وقذة مريط، في مدرة من مدي مطيط، قال: ما أخطأت شيئا، فمن أنا؟ قال: أنت أنيف، قاري الضّيف، ومعمل السّيف، وخالط الشتاء بالصّيف. ثم قام عبد الله بن سعد فقال: ما خبيئي وما اسمي؟ فقال
__________
(1) رواه الترمذي (497) عن محمد بن المثنى، عن الجحدريّ به.
ورواه النسائي (2/ 94) من طريق شعبة به. ورواه أبو داود من طريق همام عن قتادة به.
وقال الترمذي: «حديث سمرة حديث حسن. وقد رواه بعض أصحاب قتادة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب. ورواه بعضهم عن قتادة عن الحسن عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرسل» اهـ(1/529)
سواد: أقسم بالسّوام العازب، والوقير الكارب، والمجدّ الراكب، والمشيح الحارب، لقد خبأت نفاثة فنن، في قطيع قد مرن، أو أديم قد جرن، قال: ما أخطأت حرفا، فمن أنا؟ قال:
أنت ابن سعد النّوال، عطاؤك سجال، وشرّك عضال، وعمدك طوال، وبيتك لا ينال. ثم قام عارف فقال: ما خبيئي وما اسمي؟ فقال سواد: أقسم بنفنف اللّوح، والماء المسفوح، والفضاء المندوح، لقد خبأت رقعة طلا أعفر، في زعنفة أديم أحمر، تحت حلس نضو أدبر. قال: ما أخطأت شيئا، فمن أنا؟ قال: أنت عارف ذو اللّسان العضب، والقلب النّدب، والمضّاء الغرب، منّاع السّرب، ومبيح النّهب. ثم قام مرّة بن عبد رضى فقال: ما خبيئي وما اسمي؟
فقال سواد: أقسم بالأرض والسماء، والبروج والأنواء، والظّلمة والضياء، لقد خبأت دمّة في رمّة، تحت مشيط لمّة. قال: ما أخطأت شيئا، فمن أنا؟ قال: أنت مرّة، السّريع الكرّة، البطيء الفرّة، الشديد المرّة. قالوا: فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك. فقال: والناظر من حيث لا يرى، والسامع قبل أن يناجى، والعالم بما لا يدرى، لقد عنّت لكم عقاب عجزاء، في شغانيب دوحة جرداء، تحمل جدلا، فتماريتم إما يدا وإما رجلا. فقالوا: كذلك، ثمّ مه؟ قال: سنح لكم قبل طلوع الشّرق، سيد أمق، على ماء طرق. قالوا: ثم ماذا؟ قال: ثم تيس أفرق، سند في أبرق، فرماه الغلام الأزرق، فأصاب بين الوابلة والمرفق. قالوا: صدقت، وأنت أعلم من تحمل الأرض، ثم ارتحلوا عنه، فقال عارف: [الوافر]
ألا لله علم لا يجارى ... إلى الغايات في جنبي سواد
أتيناه نسائله امتحانا ... ونحسب أن سيعمد بالعناد
فأبدى عن خفيّ مخبّآت ... فأضحى سرّها للناس بادي
حسام لا يليق ولا يثأثي ... عن القصد الميمّم والسّداد
كأنّ خبيئنا لما انتجينا ... بعينيه يصرّح أو ينادي
فأقسم بالعتائر حيث فلس ... ومن نسك الأقيصرم العباد
لقد حزت الكهانة عن سطيح ... وشقّ والمرفّل من إياد
[1663] قال أبو علي: أمرع: أخصب. والجناب: ما حول الدار. والضّافي: السابغ الكثير، يقال: خير فلان ضاف على قومه أي: سابغ عليهم. والرّغاب: الواسعة الكثيرة.
ويقال: فلان ذو أكل أي: ذو حظّ ورزق في الدنيا، والجمع آكال. والأغيال: جمع غيل، والغيل: الماء الجاري على وجه الأرض. وفي الحديث (1) «ما سقي بالغيل ففيه العشر وما سقي
__________
(1) رواه البخاري من حديث ابن عمر، ورواه مسلم من حديث جابر بنحو معناه، وله شواهد أخرى بغير هذا اللفظ المذكور هنا.
انظر: «إرواء الغليل» (3/ 275273رقم 799).
واللفظ الذي هنا ذكره في «النهاية» و «اللسان» و «التاج» في مادة «غيل».(1/530)
بالدّلو فنصف العشر». والغلل: الماء الذي يجري بين الشجر. والجفال: الكثيرة، وهذا الجمع قليل جدّا لم يأت منه إلا أحرف مثل رباب وهو جمع ربّى، والرّبّى: الحديثة النّتاج. وفرير:
لولد البقرة وجمعه فرار. ونعم كثاب: وهي الكثيرة. وقد جمع برئ براء على فعال. والغمر:
الماء الكثير، ويقال: رجل غمر الخلق إذا كان واسع الخلق سخيّا، قال كثير: [الكامل]
غمر الرّداء إذا تبسّم ضاحكا ... غلقت لضحكته رقاب المال
يريد بالرداء هاهنا البدن. والعرب تقول: فدى لك ردائي، وفدى لك ثوبي يريدون:
البدن. والبرض: الماء القليل، وجمعه براض، ويقال: فلان يتبرّض حقّه أي: يأخذه قليلا قليلا، وتبرّضت الماء. ومنه سمّي الرجل برّاضا. والشّمّ: الطّوال. والعمّ: الطّوال أيضا.
وأجأ وسلمى: جبلا طيء. والعيطاء: الطويلة. ويقال: ظبية عيطاء إذا كانت طويلة العنق.
والسّطعاء أيضا: الطويلة والدّلك (1): اصفرار الشمس عند المغيب، يقال: دلكت الشمس تدلك دلوكا. والبرثن: ظفر كل ما لا يصيد من السّباع والطير مثل الحمام والضّبّ والفأرة، قال امرؤ القيس: [الرمل]
وترى الضّبّ خفيفا ماهرا ... ثانيا برثنه ما ينعفر
أي: ما يصيبه العفر وهو التراب، وجمع البرثن براثن، فإذا كان مما يصيد قيل لظفره مخلب. والإعليط: وعاء ثمر المرخ، والعرب تشبّه به آذان الخيل. والمرخ: شجر تقدح منه النار. والآسرة والإسار: القدّ الذي يشدّ به خشب الرّحل. وشرخا الرّحل: جانباه. والممعر:
الذي ذهب ماله، ويقال: ما أمعر من أدمن الحجّ. والمحجّر: الملجأ المضيّق عليه.
والصّبب: ما انخفض من الأرض. والحدب: ما علا. والقطامة: ما قطمته بفيك، والقطم بأطراف الأسنان. والفسيط قلامة الظّفر. والقذّة: الريش، وجمعها قذذ. والمريط من السهام: الذي قد تمرّط ريشه أي: نتف. والمديّ: جديول يجري منه ما سال مما هرق من الحوض كذا قال الأصمعي وأنشد: [الرجز]
وعن مطيطات المديّ المدعوق
والمدعوق: الذي قد أكثر فيه الوطء يقال: دعقته الإبل إذا أكثرت فيه الوطء تدعقه دعقا، ودعق عليهم الغارة أي: دفعها. والسّوام: المال الراعي من الإبل. والعازب:
البعيد. والوقير والقرة: الغنم كذا قال أبو عبيدة وأنشد: [الرجز]
ما إن رأينا ملكا أغارا ... أكثر منه قرة وقارا
والقار: الإبل، وقال الفراء: الوقير: الغنم التي بالسّواد. والكارب: القريب وأنشد أبو بكر: [الكامل]
أجبيل إنّ أباك كارب يومه ... فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل
__________
(1) الذي في «اللسان»: أن الدلك محركا وقت الدلوك الذي هو اصفرار الشمس إلخ. ط(1/531)
والمشيح: الجادّ في لغة هذيل، وفي غيرها: الحاذر. والنّفاثة: ما تنفثه من فيك.
والفنن: واحد أفنان الأشجار وهي أغصانها. وجرن: لان. والنفنف واللّوح واحد وهما الهواء وإنما أضاف لما اختلف اللفظان فكأنه أضاف الشيء إلى غيره. والمسفوح:
المصبوب، يقال: سفحت الشيء صببته. والمندوح: الواسع. والزّمعة: الشّعرات المتدلّيات في رجل الأرنب، يقال: أرنب زموع إذا كانت تقارب الخطو كأنها تمشي على زمعتها.
وزعانف الأديم: أطرافه مثل اليدين والرجلين وما لا خير فيه، واحدتها زعنفة ومنه قيل لرذال الناس: الزّعانف. والحلس للبعير بمنزلة القرطاط للحافر، قال أبو علي يقال: قرطان وقرطاط والقرطاط: البرذعة، وإنما قيل له: حلس للزومه الظهر. والعرب تقول: فلان حلس بيته إذا كان يلزم بيته: وأحلسته أنا بيته إحلاسا إذا ألزمته إياه، والنّدب: الذّكيّ والغرب:
الحدّ. والسّرب: جماعة الإبل، يقال: جاء سرب بني فلان بفتح السين.
[من ألفاظ العرب في الطلاق أثناء الجاهلية]:
والعرب كانت تطلّق في الجاهلية (1) بقولهم: اذهبي فلا أنده سربك أي: لا أرد إبلك لتذهب حيث شاءت. والسّرب بكسر السين: القطيع من الظّباء والبقر والنساء والقطا، ويقال:
فلان آمن في سربه بكسر السين: في نفسه. والدّمّة: القملة. والرّمة: العظام البالية. والمرّة:
القوّة. والعجزاء: التي ابيضّ ذنبها، وفي غير هذا الموضع: التي كبرت عجيزتها.
والشّغانيب: ما تداخل من الأغصان. والدّوحة: الشجرة العظيمة. والجدل: العضو، وجمعه جدول. والشّرق: الشمس، والعرب تقول: «لا أفعل ذلك ما طلع شرق». وشرقت الشمس:
طلعت، وأشرقت: أضاءت. والسّيد: الذّئب. والأمقّ: الطويل. والطّرق: الماء الذي بوّلت فيه الإبل، يقال: ماء طرق ومطروق. والأبرق والبرقاء والبرقة: غلظ من الأرض فيه حجارة ورمل، وجبل أبرق إذا كان فيه لونان. والوابلة: رأس العضد الذي يل المنكب، وقال الأصمعي للرشيد: ما ألاقتني أرض حتى خرجت إليك يا أمير المؤمنين أي: ما أمسكتني.
ويثأثئ: يحبس، يقال: ثأثأت عنه غضبه أي: أطفأته. والعتائر: جمع عتيرة وهو ذبح كان يذبح للأصنام في الجاهلية. وفلس: صنم. والأقيصر: صنم.
[1664]
[قول أعرابية في حبّ ابنها]:
قال: وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال: أنشدنا أبو حاتم، عن الأصمعي لأعرابية ترقص ابنها وهي تقول: [الرجز]
أحبّه حبّ شحيح ماله ... قد ذاق طعم الفقر ثم ناله
إذا أراد بذله بدا له
__________
(1) مضى في هذا الكتاب إطلاق ذلك وعدم تقييده بالجاهلية. انظر الفقرة السابقة برقم [1593].(1/532)
[1665] قال: وأنشدنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى: [المتقارب]
أرى كلّ أمري إلى عاصم ... فما أنا لو كان لم يولد
فنفسي فداؤك مستيقظا ... ونفسي فداؤك في المرقد
ونفسي فداؤك رحب اليمي ... ن بالخير مجتنب الأفند
فلو كنت شيئا من الأشربات ... لكنت من الأسوغ الأبرد
[1666]
[شعر في الهوى، وظهوره على المحب، وما يترتب على ذلك]:
قال: وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: كانت امرأة بحمى ضريّة. أحسبها من غني. ذات يسار فكثر خطّابها، ثم إنها علقت غلاما من بني هلال، فضفتها ليلة وقد شاع في الحاضر شأنها فأحسنت ضيافتي، فلما تعشّيت جلست إليّ تحدثني فقلت لها: يا أمّ العلاء، إني أريد أن أسائلك عن أمر وأنا أهابك لما أعلم من عفّتك وفضل دينك وشرفك، فتبسمت ثم قالت: أنا أحدّثك قبل أن تسألني، ثم قالت: [الطويل]
ألهف أبي لمّا أدمت لك الهوى ... وأصفيت حتى الوجد بي لك ظاهر
وجاهرت فيك الناس حتى أضرّ بي ... مجاهرتي يا ويح فيمن أجاهر
فكنت كفئ الغصن بينا يظلّني ... ويعجبني إذ زعزعته الأعاصر
فصار لغيري واستدارت ظلاله ... سواى وخلّاني ولفح الهواجر
ثم غلب عليها البكاء فقامت عنّي، فلما أصبحت وأردت الرحيل قالت: يابن عمي، أنت والأرض فيما كان بيني وبينك، فقلت: إنّه، وانصرفت عنها.
* * * قال وأنشدني أبو بكر: [الرجز]
وضمّها (1) والبدن الحقاب ... جدّي لكلّ عامل ثواب
الرأس والأكرع والإهاب
قال أبو بكر: هذا صائد يخاطب كلبته، والبدن: الوعل المسنّ. والحقاب: جبل.
[1667] قال: وقرأت على أبي بكر: [الطويل]
وبيض رفعنا بالضّحى عن متونها ... سماوة جون كالخباء المقوّض
هجوم عليها نفسه غير أنه ... متى يرم في عينيه بالشّبح ينهض
البيض: أراد بها البيض. وسماوة كلّ شيء: شخصه، يعني: الظّليم. والجون:
الأسود. هجوم عليها يعني: على البيض، فإذا أبصر شخصا نهض عن البيض. والشّبح والشّبح لغتان: الشخص.
__________
(1) قبل هذا الشطر كما في «اللسان» مادة «بدن»: «قد قلت لما بدت العقاب» وضمها إلخ. ط(1/533)
[1668]
[من لطائف المحبين]:
قال وأنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا الرياشي لأعرابي: [الوافر]
لقد زاد الهلال إليّ حبّا ... عيون تلتقي عند الهلال
إذا ما لاح وهو شفى صغير ... نظرن إليه من خلل الحجال
[1669]
[غنى النّفس، وطغيان الغنى]:
قال: وأنشدنا إبراهيم بن محمد قال: أنشدنا أبو العباس لأحمد بن إبراهيم بن إسماعيل يخاطب بعض أهله: [الطويل]
أظنّك أطغاك الغنى فنسيتني ... ونفسك والدّنيا الدّنيّة قد تنسي
فإن كنت تعلو عند نفسك بالغنى ... فإنّي سيعليني عليك غنى نفسي
[1670]
[من مادة: دان يدين]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله في قوله عز وجل: {فَلَوْلََا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة: 86] معناه: غير مجزيّين قال: وأنشدنا: [الهزج]
ولم يبق سوى العدوا ... ن دنّاهم كما دانوا
أي: جازيناهم كما جازوا. ومن ذلك قوله جل وعز: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
[الفاتحة: 4] قال قتادة: معناه مالك يوم يدان فيه العباد أي: يجازون بأعمالهم. ويكون الدين أيضا الحساب، قال ابن عباس: معنى قوله مالك يوم الدين أي: يوم الحساب. ويكون الدّين أيضا السّلطان، قال زهير: [البسيط]
لئن حللت بجوّ في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فدك
معناه في سلطان. ويكون الدّين أيضا الطاعة، من ذلك قوله جل وعز: {مََا كََانَ لِيَأْخُذَ أَخََاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76] معناه: في طاعة الملك. ويكون الدّين أيضا العبودية والذّلّ، وجاء في الحديث (1): «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت»
__________
(1) رواه ابن المبارك في «الزهد» (171) عن أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكره.
ومن طريق ابن المبارك: رواه الترمذي (2459)، والحاكم (1/ 230رقم 198) (5/ 357رقم 7714)، والبيهقي في «الشّعب» (10546)، وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 267) (8/ 174)، والخطيب في «التاريخ» (12/ 50)، والطبراني في «الكبير» (7143).
ورواه الترمذي (2459)، وابن ماجه (4260) من غير هذا الوجه عن أبي بكر بن أبي مريم به.
وقال الترمذيّ: «حديث حسن»، وصححه الحاكم فتعقّبه الذهبيّ في الموضع الأول بقوله:
«لا والله أبو بكر واه».
وقال أبو نعيم في الموضع الأول: «هذا حديث مشهور بابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم مثله، ورواه عنه المتقدمون، ورواه عمرو بن بشر بن السرح عن أبي بكر بن أبي مريم مثله».(1/534)
فمعناه: استعبد نفسه وأذلّها لله عز وجل، قال الأعشى: [الخفيف]
هو دان الرّباب إذ كرهوا الدّي ... ن دراكا بغزوة وصيال
ثم دانت بعد الرّباب وكانت ... كعذاب عقوبة الأقوال
يعني: أنه أذلّهم فذلّوا، وقال القطامي: [الكامل]
رمت المقاتل من فؤادك بعد ما ... كانت نوار تدينك الأديانا
معناه تستعبدك بحبّها. ويكون الدّين أيضا الملّة كقولك: نحن على دين إبراهيم.
ويكون الدّين العادة، قال المثقّب العبدي: [الوافر]
تقول إذا درأت لها وضيني ... أهذا دينه أبدا وديني
أكلّ الدّهر حلّ وارتحال ... أما يبقي عليّ وما يقيني
ويكون الدّين أيضا الحال، قال النّضر بن شميل: سألت أعرابيّا، عن شيء فقال: لو لقيتني على دين غير هذه لأخبرتك. وروى أبو عبيدة قول امرئ القيس: [الطويل]
كدينك من أمّ الحويرث قبلها ... وجارتها أمّ الرّباب بمأسل
أي: كعادتك. والعرب تقول: ما زال هذا دينه ودأبه وديدنه وديدانه وديدبونه أي:
عادته (1).
[1671]
[تفسير: الثرثارين، والمتفيهقين، والمتشدّقين]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن ناجية، قال: حدثنا أبو وائل خالد بن محمد بن خالد وأحمد بن الحسن بن خراش ويحيى بن محمد بن السّكن البزاز، قال: حدثنا حبان بن هلال، قال: حدثنا المبارك بن فضالة، عن عبد ربّه بن سعيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال (2): قال رسول الله
__________
وقال في الموضع الثاني: «مشهور من حديث ابن المبارك رواه الإمام أحمد عن أبي النضر».
وله طريق أخرى رواها أبو نعيم في «الحلية» (1/ 268267)، والطبراني في «الكبير» (1741) من طريق عمرو بن بكر السكسكي، عن ثور بن يزيد وغالب بن عبد الله، عن مكحول، عن ابن غنم، عن شداد به. والسكسكي متروك الحديث.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في «تخريج المشكاة» (5289): «وإسناده ضعيف» اهـ.
وللحديث شواهد أخرى بمعناه لا يخل شيء منها من نظر في إسناده راجعها مع الكلام عليها في «القسطاس في تصحيح حديث الأكياس» لشيخنا محمد عمرو بن عبد اللطيف حفظه الله.
(1) وانظر: «أباطيل وأسمار» للشيخ محمود شاكر رحمه الله (ص 518فما بعد).
(2) رواه الترمذي (2018) عن أحمد بن الحسن بن خراش به.
وقال: «وفي الباب عن أبي هريرة. وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وروى بعضهم هذا الحديث عن المبارك بن فضالة عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يذكر فيه (عن عبد ربّه بن سعيد) وهذا أصح. والثّرثار: هو الكثير الكلام، والمتشدّق: الذي يتطاول على الناس في الكلام ويبذو عليهم» اهـ(1/535)
صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وأبغضكم إليّ وأبعدكم منّي مجلسا يوم القيامة الثّرثارون المتشدّقون المتفيهقون» قالوا: يا رسول الله: قد عرفنا الثرثارين والمتشدّقين، فمن المتفيهقون؟ قال: «المتكبّرون».
قال أبو بكر: قال اللغويون. منهم يعقوب بن السّكّيت الثرثارون: الذين يكثرون القول ولا يكون إلا قولا باطلا، ويقال: نهر ثرثار إذا كان ماؤه مصوّتا، ومطر ثرثار، وسحاب ثرثار، وأنشد يعقوب: [الرجز]
لشخبها في الصّحن للأعشار ... بربرة كصخب المماري
من قادم منهمر ثرثار
وكان أبو بكر بن دريد، يقول: نهر ثرثار إذا كان ماؤه كثيرا، ولذلك سمّي النهر المعروف بالثّرثار. وناقة ثرّة إذا كانت غزيرة اللبن، وسحابة ثرّة: كثيرة المطر. وعين ثرّة:
كثيرة الدموع، وأنشدني: [الرجز]
يا من لعين ثرّة المدامع ... يحفشها الوجد بماء هامع
يحفشها: يستخرج كلّ ما فيها، ومثل قول أبي بكر قاله أبو العباس محمد بن يزيد.
قال أبو علي: حدثني بذلك عبد الله بن جعفر النحوي، وأنشدنا أبو العباس لعنترة بن شداد: [الكامل]
جادت عليها كلّ عين ثرّة ... فتركن كلّ قرارة كالدّرهم
وقال أبو بكر يقال: ثررت الشيء وثرثرته إذا فرّقته وبدّدته. قال أبو علي: ومنه قيل:
ناقة ثرور، وهي مثل الفتوح وهي الواسعة الأحاليل، وقد فتحت وأفتحت لأن الواسعة الأحاليل يخرج شخبها متفرقا منتشرا. وقال غير يعقوب: المتفيهق: الذي يتّسع شدقه وفوه بالكلام الباطل، وأصله من الفهق وهو الامتلاء، قال الأعشى: [الطويل]
تروح على آل المحلّق جفنة ... كجابية الشّيخ العراقي تفهق
وكان أبو محرز خلف يروى: كجابية السّيح، ويقول: الشيخ تصحيف، والسّيح: الماء الذي يسيح على وجه الأرض أي: يذهب ويجري. والجابية: الحوض الذي يجبى فيه الماء أي: يجمع وجمعها جواب، قال الله عز وجل: {وَجِفََانٍ كَالْجَوََابِ} [سبأ: 13].
* * * [1672] قال: وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال:
قال أبو زرارة بجّال بن حاجب العلقمي. من ولد علقمة بن زرارة.: خرج يزيد بن شيبان بن علقمة حاجّا، فرأى حين شارف البلد شيخا يحفّه ركب على إبل عتاق برحال ميس ملبسة أدما، قال: فعدلت فسلّمت عليهم وبدأت به وقلت: من الرجل؟ ومن القوم؟ فأرمّ القوم ينظرون إلى الشيخ هيبة له، فقال الشيخ: رجل من مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن
قضاعة، فقلت: حيّاكم الله! وانصرفت، فقال الشيخ: قف أيها الرجل، نسبتنا فانتسبنا لك ثم انصرفت ولم تكلمنا. قال أبو بكر: وروى السّكن بن سعيد، عن محمد بن عباد: شاممتنا مشامّة الذّئب الغنم ثم انصرفت. قلت: ما أنكرت سوءا، ولكني ظننتكم من عشيرتي فأناسبكم فانتسبتم نسبا لا أعرفه ولا أراه يعرفني. قال: فأمال الشيخ لثامه وحسر عمامته، وقال:(1/536)
قال أبو زرارة بجّال بن حاجب العلقمي. من ولد علقمة بن زرارة.: خرج يزيد بن شيبان بن علقمة حاجّا، فرأى حين شارف البلد شيخا يحفّه ركب على إبل عتاق برحال ميس ملبسة أدما، قال: فعدلت فسلّمت عليهم وبدأت به وقلت: من الرجل؟ ومن القوم؟ فأرمّ القوم ينظرون إلى الشيخ هيبة له، فقال الشيخ: رجل من مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن
قضاعة، فقلت: حيّاكم الله! وانصرفت، فقال الشيخ: قف أيها الرجل، نسبتنا فانتسبنا لك ثم انصرفت ولم تكلمنا. قال أبو بكر: وروى السّكن بن سعيد، عن محمد بن عباد: شاممتنا مشامّة الذّئب الغنم ثم انصرفت. قلت: ما أنكرت سوءا، ولكني ظننتكم من عشيرتي فأناسبكم فانتسبتم نسبا لا أعرفه ولا أراه يعرفني. قال: فأمال الشيخ لثامه وحسر عمامته، وقال:
لعمري لئن كنت من جذم من أجذام العرب لأعرفنك، فقلت: فإنّي من أكرم أجذامها، قال:
فإن العرب بنيت على أربعة أركان، مضر، وربيعة، واليمن، وقضاعة، فمن أيهم أنت؟
قلت: من مضر، قال: أمن الأرحاء أم من الفرسان؟ فعلمت أن الأرحاء خندف وإن الفرسان قيس، قلت: من الأرحاء، قال: فأنت إذا من خندف، قلت: أجل، قال: أفمن الأرنبة أم من الجمجمة؟ فعلمت أن الأرنبة مدركة وأن الجمجمة طابخة، فقلت: من الجمجمة، قال:
فأنت إذا من طابخة، قلت: أجل، قال: أفمن الصّميم أم من الوشيظ؟ فعلمت أن الصّميم تميم وأن الوشيظ الرّباب، قلت: من الصميم، قال: فأنت إذا من تميم، قلت: أجل، قال:
أفمن الأكرمين أم من الأحلمين أم من الأقلّين؟ فعلمت أنّ الأكرمين زيد مناة، وأن الأحلمين عمرو بن تميم، وأن الأقلين الحارث بن تميم، قلت: من الأكرمين، قال: فأنت إذا من زيد مناة، قلت: أجل، قال: أفمن الجدود، أم من البحور، أم من الثّماد؟ فعلمت أن الجدود مالك، وأن البحور سعد، وأن الثماد امرؤ القيس بن زيد مناة، قلت: من الجدود، قال:
فأنت إذا من بني مالك، قلت: أجل، قال: أفمن الذّرى، أم من الأرداف؟ فعلمت أن الذّرى حنظلة، وأن الأرداف ربيعة ومعاوية وهما الكردوسان، قلت: من الذّري، قال: فأنت إذا من بني حنظلة، قلت: أجل، قال: أمن البدور، أم من الفرسان، أم من الجراثيم؟ فعلمت أن البدور مالك، وأن الفرسان يربوع، وأن الجراثيم البراجم، قلت: من البدور، قال: فأنت إذا من بني مالك بن حنظلة، قلت: أجل، قال: أفمن الأرنبة، أم من اللّحيين، أم من القفا؟
فعلمت أن الأرنبة دارم، وأن اللّحيين طهيّة والعدوية، وأن القفا ربيعة بن حنظلة، قلت: من الأرنبة، قال: فأنت إذا من دارم، قلت: أجل، قال: أفمن اللّباب، أم من الهضاب، أم من الشّهاب؟ فعلمت أن اللباب عبد الله، وأن الهضاب مجاشع، وأن الشّهاب نهشل، قلت: من اللّباب، قال: فأنت إذا من بني عبد الله، قلت: أجل، قال: أفمن البيت، أم من الزّوافر، فعلمت أن البيت بنو زرارة، وأن الزّوافر الأحلاف، قلت: من البيت، قال: فأنت إذا من بني زرارة، قلت: أجل، قال: فإنّ زرارة ولد عشرة، حاجبا، ولقيطا، وعلقمة، ومعبدا، وخزيمة، ولبيدا، وأبا الحارث، وعمرا، وعبد مناة، ومالكا، فمن أيهم أنت؟ قلت: من بني علقمة، قال: فإن علقمة ولد شيبان ولم يلد غيره، فتزوج شيبان ثلاث نسوة: مهدد بنت حمران بن بشر بن عمرو بن مرثد فولدت له يزيد، وتزوج عكرشة بنت حاجب بن زرارة بن عدس فولدت له المأمور (1)، وتزوج عمرة بنت بشر بن عمرو بن عدس فولدت له المقعد،
__________
(1) كذا بالأصل بميمين بوزن مفعول. ط(1/537)
فلأيتهنّ أنت؟ قلت: لمهدد، قال: يابن أخي، ما افترقت فرقتان بعد مدركة إلا كنت في أفضلها حتى زاحمك أخواك، فإنهما أن تلدني أمّاهما أحبّ إلى من أن تلدني أمّك! يابن أخي، أتراني عرفتك؟ قلت: إي: وأبيك أيّ معرفة!
قال أبو علي: الميس: ضرب من الشجر يعمل منه الرّحال. وأرمّ القوم: سكتوا.
والوشيظ: الخسيس من الرجال. والصميم: الخالص.
[1673]
[علو الهمة، وقتيل الحب]:
قال: وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال: حدثنا الرّياشي، عن العمري، عن الهيثم قال:
قال لي صالح بن حسّان: ما بيت شطره أعرابي في شملة، والشّطر الآخر مخنّث يتفكّك؟
قلت: لا أدري، قال: قد أجّلتك حولا، قلت: لو أجّلتني حولين لم أعرف، قال: أفّ لك قد كنت أحسبك أجود ذهنا مما أرى، قلت: ما هو؟ قال أما سمعت قول جميل: [الطويل]
ألا أيّها النّوّام ويحكم هبّوا
أعرابي في شملة، ثم أدركه اللّين وضرع الحبّ فقال:
نسائلكم هل يقتل الرّجل الحبّ
كأنه والله من مخنّثي العقيق.
[1674]
[قصيدة لجميل في حبّ بثينة، وألم الفراق، والوشاة، وقتيل الحبّ]:
قال أبو علي: وأملي علينا أبو بكر بن الأنباري هذه القصيدة لجميل، قال: وقرأت على أبي بكر بن دريد في شعر جميل. وفي الروايتين اختلاف في تقديم الأبيات وتأخيرها وفي ألفاظ بعض البيوت.: [الطويل]
ألا ليت أيام الصّفاء جديد ... ودهرا تولّى يا بثين يعود
فنغنى كما كنّا نكون وأنتم ... صديق وإذا ما تبذلين زهيد
وما أنس ملأ شياء لا أنس قولها ... وقد قرّبت نضوي أمصر تريد
ولا قولها لولا العيون التي ترى ... أتيتك فاعذرني فدتك جدود
خليليّ ما أخفي من الوجد ظاهر ... ودمعي بما أخفي الغداة شهيد
ألا قد أرى والله أن ربّ عبرة ... إذا الدار شطّت بيننا ستزيد
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحبّ قالت ثابت ويزيد
وإن قلت ردّي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قالت ذاك منك بعيد
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ... ولا حبّها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثين ملامة ... إذا ما خليل بان وهو حميد
وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ... من الله ميثاق له وعهود
وقد كان حبّيكم طريفا وتالدا ... وما الحبّ إلا طارف وتليد
وإن عروض الوصل بيني وبينها ... وإن سهّلته بالمنى لصعود
فأفنيت عيشي بانتظاري نوالها ... وأبليت ذاك الدّهر وهو جديد
فليت وشاة الناس بيني وبينها ... يدوف لهم سمّا طماطم سود
وليت لهم في كلّ ممسى وشارق ... تضاعف أكبال لهم وقيود
ويحسب نسوان من الجهل أنّني ... إذا جئت إيّاهن كنت أريد
فأقسم طرفي بينهن فيستوي ... وفي الصّدر بون بينهنّ بعيد
ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة ... بوادي القرى إنّي إذا لسعيد
وهل أهبطن أرضا تظلّ رياحها ... لها بالثّنايا القاويات وئيد
وهل ألقين سعدى من الدّهر مرة ... وما رثّ من حبل الصّفاء جديد
وقد تلتقي الأهواء من بعد يأسة ... وقد تطلب الحاجات وهي بعيد
وهل أزجرن حرفا علاة شملّة ... بخرق تباريها سواهم قود
على ظهر مرهوب كأنّ نشوزه ... إذا جاز هلّاك الطّريق رقود
سبتني بعيني جؤذر وسط ربرب ... وصدر كفاثور اللّجين وجيد
تزيف كما زافت إلى سلفاتها ... مباهية طيّ الوشاح ميود
إذا جئتها يوما من الدّهر زائرا ... تعرّض منقوض اليدين صدود
يصدّ ويغضي عن هواي ويجتني ... ذنوبا عليها إنه لعنود
فأصرمها خوفا كأنّي مجانب ... ويغفل عنّا مرّة فنعود
فمن يعط في الدّنيا قرينا كمثلها ... فذلك في عيش الحياة رشيد
يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعود
يقولون جاهد يا جميل بغزوة ... وأيّ جهاد غيرهن أريد
لكلّ حديث بينهنّ بشاشة ... وكلّ قتيل بينهن شهيد
ومن كان في حبّي بثينة يمتري ... فبرقاء ذي ضال عليّ شهيد
ألم تعلمي يا أمّ ذي الودع أنّني ... أضاحك ذكراكم وأنت صلود
[1675] قال: وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: أنشدنا أبو العباس بن مروان الخطيب لخالد الكتاب قال: وسمعت شعر خالد من خالد: [البسيط](1/538)
ألا ليت أيام الصّفاء جديد ... ودهرا تولّى يا بثين يعود
فنغنى كما كنّا نكون وأنتم ... صديق وإذا ما تبذلين زهيد
وما أنس ملأ شياء لا أنس قولها ... وقد قرّبت نضوي أمصر تريد
ولا قولها لولا العيون التي ترى ... أتيتك فاعذرني فدتك جدود
خليليّ ما أخفي من الوجد ظاهر ... ودمعي بما أخفي الغداة شهيد
ألا قد أرى والله أن ربّ عبرة ... إذا الدار شطّت بيننا ستزيد
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحبّ قالت ثابت ويزيد
وإن قلت ردّي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قالت ذاك منك بعيد
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ... ولا حبّها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثين ملامة ... إذا ما خليل بان وهو حميد
وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ... من الله ميثاق له وعهود
وقد كان حبّيكم طريفا وتالدا ... وما الحبّ إلا طارف وتليد
وإن عروض الوصل بيني وبينها ... وإن سهّلته بالمنى لصعود
فأفنيت عيشي بانتظاري نوالها ... وأبليت ذاك الدّهر وهو جديد
فليت وشاة الناس بيني وبينها ... يدوف لهم سمّا طماطم سود
وليت لهم في كلّ ممسى وشارق ... تضاعف أكبال لهم وقيود
ويحسب نسوان من الجهل أنّني ... إذا جئت إيّاهن كنت أريد
فأقسم طرفي بينهن فيستوي ... وفي الصّدر بون بينهنّ بعيد
ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة ... بوادي القرى إنّي إذا لسعيد
وهل أهبطن أرضا تظلّ رياحها ... لها بالثّنايا القاويات وئيد
وهل ألقين سعدى من الدّهر مرة ... وما رثّ من حبل الصّفاء جديد
وقد تلتقي الأهواء من بعد يأسة ... وقد تطلب الحاجات وهي بعيد
وهل أزجرن حرفا علاة شملّة ... بخرق تباريها سواهم قود
على ظهر مرهوب كأنّ نشوزه ... إذا جاز هلّاك الطّريق رقود
سبتني بعيني جؤذر وسط ربرب ... وصدر كفاثور اللّجين وجيد
تزيف كما زافت إلى سلفاتها ... مباهية طيّ الوشاح ميود
إذا جئتها يوما من الدّهر زائرا ... تعرّض منقوض اليدين صدود
يصدّ ويغضي عن هواي ويجتني ... ذنوبا عليها إنه لعنود
فأصرمها خوفا كأنّي مجانب ... ويغفل عنّا مرّة فنعود
فمن يعط في الدّنيا قرينا كمثلها ... فذلك في عيش الحياة رشيد
يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعود
يقولون جاهد يا جميل بغزوة ... وأيّ جهاد غيرهن أريد
لكلّ حديث بينهنّ بشاشة ... وكلّ قتيل بينهن شهيد
ومن كان في حبّي بثينة يمتري ... فبرقاء ذي ضال عليّ شهيد
ألم تعلمي يا أمّ ذي الودع أنّني ... أضاحك ذكراكم وأنت صلود
[1675] قال: وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: أنشدنا أبو العباس بن مروان الخطيب لخالد الكتاب قال: وسمعت شعر خالد من خالد: [البسيط]
راعى النجوم فقد كادت تكلّمه ... وانهلّ بعد دموع يالها دمه
أشفى على سقم يشفى الرقيب به ... لو كان أسقمه من كان يرحمه
يا من تجاهل عمّا كان يعلمه ... عمدا وباح بسرّ كان يكتمه
هذا خليلك نضوا لا حراك به ... لم يبق من جسمه إلّا توهّمه
[1676](1/539)
راعى النجوم فقد كادت تكلّمه ... وانهلّ بعد دموع يالها دمه
أشفى على سقم يشفى الرقيب به ... لو كان أسقمه من كان يرحمه
يا من تجاهل عمّا كان يعلمه ... عمدا وباح بسرّ كان يكتمه
هذا خليلك نضوا لا حراك به ... لم يبق من جسمه إلّا توهّمه
[1676]
[معنى: الأمّة]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد وأبو بكر بن الأنباري في قوله عز وجل: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة ك: 134، 141] الأمّة: القرن من الناس بعد القرن، والأمّة أيضا: الجماعة من الناس، والأمّة أيضا: الملّة والسّنّة، ومنه قوله عز وجل:
{إِنََّا وَجَدْنََا آبََاءَنََا عَلى ََ أُمَّةٍ} [الزخرف:، 2322] أي: على دين، وكذلك قوله عز وجل: {وَلَوْلََا أَنْ يَكُونَ النََّاسُ أُمَّةً} [الزخرف: 33] أي: لولا (1) يكون الناس كفارا كلّهم. والأمّة أيضا: الحين، قال الله جل وعز: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] أي: بعد حين، وقرأ ابن عباس وعكرمة: وادّكر بعد أمه مثل عمه ووله أي: بعد نسيان. والأمّة أيضا: الإمام، ويقال:
الرجل الصالح، قال الله عز وجل: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً} [النحل: 120] والأمّة أيضا: القامة وجمعها أمم، قال الأعشى: [المتقارب]
وأنّ معاوية الأكرمين ... حسان الوجوه طوال الأمم
والأمّهة والأمّة والأمّ والإمّ: الوالدة، قال الشاعر: [الطويل]
تقبّلتها من أمّة لك طالما ... تنوزع في الأسواق عنها خمارها
وقال آخر: [الرجز]
أمّهتي خندف واليأس أبي
[1677]
[المال، والفضة، والذّهب]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا قتادة، عن مطرّف بن عبد الله، عن أبيه أنه أتى على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ: {أَلْهََاكُمُ التَّكََاثُرُ} [التكاثر: 1] فقال:
يقول ابن آدم: «مالي مالي ومالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو تصدّقت فأمضيت أو لبست فأبليت» (2). قال أبو بكر: المال عند العرب: الإبل والغنم. والفضّة: الرّقة والورق.
والذّهب: النّضر والنّضير والعقيان (3).
[1678] قال: وحدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى، قال: المال عند العرب أقله: ما تجب فيه الزكاة، وما نقص من ذلك فلا يقع عليه مال. قال: وأنشدنا أبو العباس: [الوافر]
ألا يا قرّ لاتك سامريّا ... فتترك من يزورك في جهاد
__________
(1) كذا في الأصل والظاهر أنه على حذف أن. ط
(2) رواه مسلم (2958)، والترمذي (3354)، والنسائي (6/ 238) من حديث عبد الله وهو ابن الشخير به.
وله شاهد من حديث أبي هريرة بنحوه عن مسلم (2959).
(3) زاد في «القاموس» النضار كغراب والأنضر كأحمر. ط(1/540)
أتعجب أن رأيت عليّ دينا ... وأن ذهب الطريف مع التّلاد
ملأت يدي من الدّنيا مرارا ... فما طمع العواذل في اقتصادي
ولا وجبت عليّ زكاة مال ... وهل تجب الزكاة على جواد
وأنشد أيضا: [البسيط]
والله ما بلغت لي قطّ ماشية ... حدّ الزّكاة ولا إبل ولا مال
[1679]
[هي صحيفتك فأمّل فيها ما شئت]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال: حدثنا أبو الحسن بن البراء، قال: حدثنا الزّبير، قال: حدثنا عبد الملك ابن عبد العزيز وهو الماجشون قال: شتم رجل الوليد بن أبي خيرة، فقال الوليد: هي صحيفتك فأمل فيها ما شئت.
[1680]
[حقيقة الزّاهد]:
قال: وحدثنا أبو الحسن بن البراء قال: حدثنا الزبير قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال:
قيل لابن شهاب: ما الزاهد؟ قال: من لم يمنع الحلال شكره، ولم يغلب الحرام صبره.
[1681]
[حلّا بمعنى كلّا]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثني مسعود بن بشر، عن وهب بن جرير، عن الوليد بن يسار الخزاعي قال: قال عمرو بن معديكرب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! أأبرام بنو مخزوم؟ قال: وما ذاك؟ قال تضيّفت خالد بن الوليد فأتى بقوس وكعب وثور. قال: إن في ذلك لشبعة، قلت:
لي أولك؟ قال: لي ولك، قال: حلّا يا أمير المؤمنين (1) فيما تقول، وإني لأكل الجذع من الإبل أنتقيه عظما عظما وأشرب التّبن من اللّبن رثيثة وصريفا.
قال أبو علي قال الأصمعي: القوس: البقيّة من التمر تبقى في الجلّة. وقال أبو بكر: الكعب: القطعة من السّمن. والثّور: القطعة من الأقط. قال الأصمعي يقال: أعطاه ثورة عظاما.
قال أبو علي: والعرب تقول: «حلّا» في الأمر تكرهه بمعنى «كلّا».
[1682] قال: وحدثنا غير واحد من مشايخنا منهم ابن دريد بإسناد له وأبو بكر بن الأنباري، قال: حدثني أبي، عن أبي عليّ العنزي، قال: حدثنا مسعود بن بشر، قال: حدثنا أبو الحسن المدائني قال: قال الأحنف بن قيس لمصعب بن الزبير:. وكلّمه في رجل وجد عليه. فقال: مصعب بلّغني عنه الثّقة، فقال الأحنف: حلّا أيها الأمير، إن الثقة لا يبلّغ.
وروى أبو بكر بن الأنباري كلا. قال وقال أبو بكر: التّبن: أعظم الأقداح.
__________
(1) كذا بالأصل مضبوطا ولم نجد حلا بمعنى كلا. ط(1/541)
[1683]
[أسماء القدح]:
قال أبو علي: الغمر: القدح الصغير الذي لا يروي، ومنه قيل: تغمّرت من الشراب أي: لم أرو. ثم القعب: وهو فوقه قليلا. والصّحن: قدح عريض قصير الجدار.
والجنبل: قدح ضخم خشب نحيت. والوأب: القدح المقعّر، قال أبو علي: وخبرني الغالبي، عن أبي الحسن بن كيسان قال: سمعت بندارا يقول: الوأب: الذي ليس بالكبير ولا الصغير، ومنة قيل: حافر وأب والعلبة: قدح من جلود الإبل. والرّفد: القدح العظيم أيضا، قال الأعشى: [الخفيف]
ربّ رفد هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال
قال أبو بكر والرّثيئة: التي قد صبّ عليها ماء، وكذلك المرضّة، قال الشاعر (1):
[الوافر]
إذا شرب المرضّة قال أوكي ... على ما في سقائك قد روينا
والصّريف: اللبن الذي ينصرف به عن الضّرع حارّا.
[1684]
[خطأ الطيالسي في قراءة القرآن]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا العنزيّ، قال: حدثنا أبو خيرة قال: كنا عند أبي داود الطّيالسي وهو يملي التفسير ولم يكن يحفظ القرآن، فقال: «إليه يصعد الكلم الطّيب والعمل الصّالح يرفعه» فقال المستملي: ليس هكذا القراءة، فقال: هكذا الوقف عليها.
[1685]
[الفرج بعد الشدّة]:
قال: وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنا أبو حاتم: [الوافر]
إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق بما به الصّدر الرّحيب
وأوطنت المكاره واطمأنّت ... وأرست في مكامنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضّرّ وجها ... ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث ... يمنّ به اللطيف المستجيب
وكلّ الحادثات وإن تناهت ... فمقرون بها الفرج القريب
[1686]
[الرضى بالقضاء]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو عثمان، عن التّوّزي، عن أبي عبيدة قال:
أنشدني رجل من ولد هشام بن عبد الملك لمعاوية بن أبي سفيان: [البسيط]
قد عشت في الدّهر ألوانا على خلق ... شتّى وقاسيت فيه اللّين والطّبعا
__________
(1) هو ابن أحمر يخاطب امرأته. والمرضة بضم الميم وكسر الراء وبكسر الميم وفتح الراء انظر:
«اللسان» مادة «رضض». ط(1/542)
كلّا لبست فلا النّعماء تبطرني ... ولا تعوّدت من مكروهها جشعا
لا يملأ الأمر صدري قبل مصدره ... ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا
* * * [1687] قال: وأنشدنا أبو بكر، عن أبي عثمان، عن التّوزي، عن أبي عبيدة:
[الطويل]
أمات الهوى حتى تجنّبه الهوى ... كما اجتنب الجاني الدّم الطالب الدّما
وأكثر ما تلقاه في الناس صامتا ... فإن قال بذّ القائلين وأفهما
وكان يرى الدّنيا صغيرا كبيرها ... وكان لأمر الله فيها معظّما
[1688]
[علو الهمة، والمخاطرة بالنّفس لنيل المطلوب، وذم الإحجام]:
قال: وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة:
خاطر بنفسك لا تقعد بمعجزة ... فليس حرّ على عجز بمعذور
إن لم تنل في مقام ما تطالبه ... فأبل عذرا بإدلاج وتهجير
لن يبلغ المرء بالإحجام همّته ... حتّى يباشرها منه بتغرير
حتى يواصل في أنحاء مطلبها ... سهلا بحزن وإنجادا بتغوير
[1689] قال أبو علي: حدثني أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عبيد أنه قال: أحجم الرجل، عن الأمر إذا كعّ، وأحجم إذا أقدم. وقال يعقوب وأحمد بن يحيى: أحجم وأجحم إذا كعّ.
[1690]
[ذي الوجهين، وأدب الأخوة، والميل للغنيّ دون الفقير]:
وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله: [الكامل]
كم من أخ لك لست تنكره ... ما دمت من دنياك في يسر
متصنّع لك في مودّته ... يلقاك بالتّرحيب والبشر
يطري الوفاء وذا الوفاء ويل ... حى الغدر مجتهدا وذا الغدر
فإذا عدا والدّهر ذو غير ... دهر عليك عدا مع الدّهر
فارفض بإجمال مودّة من ... يقلي المقلّ ويعشق المثري
وعليك من حالاه واحدة ... في العسر إما كنت واليسر
لا تخلطنّهم بغيرهم ... من يخلط العقيان بالصّفر
[1691]
[ألم الفراق، أدب الولد مع أبيه والتلميذ مع شيخه، وبرّ الوالد والشيخ]:
وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: أراد قرّة بن حنظلة الخزاعيّ الهجرة، فقال أبو حنظلة: [المتقارب]
أقول لقرّة إذ سوّلت ... له النفس ترك الكبير اليفن
أقرّة ربّتما ليلة ... غبقتك فيها ضريح اللّبن
أحين فشا الشّيب في لمّتي ... وأفنى شبابي مرّ الزّمن
تروّحت في النّفر الرائحين ... وخلّيت شيخك بادي الحزن
وأفردته والها في الدّيار ... يصرّفه الدهر في كلّ فن
قليل الكلام بطيء القيا ... م يبكي لوحدته ذا شجن
أردت به الأجر فيما زعمت ... وتركك شيخك عين الغبن
قال أبو علي: اليفن: الكبير. والغبوق: شرب العشي. والصّبوح: شرب الغداة.(1/543)
أقول لقرّة إذ سوّلت ... له النفس ترك الكبير اليفن
أقرّة ربّتما ليلة ... غبقتك فيها ضريح اللّبن
أحين فشا الشّيب في لمّتي ... وأفنى شبابي مرّ الزّمن
تروّحت في النّفر الرائحين ... وخلّيت شيخك بادي الحزن
وأفردته والها في الدّيار ... يصرّفه الدهر في كلّ فن
قليل الكلام بطيء القيا ... م يبكي لوحدته ذا شجن
أردت به الأجر فيما زعمت ... وتركك شيخك عين الغبن
قال أبو علي: اليفن: الكبير. والغبوق: شرب العشي. والصّبوح: شرب الغداة.
والجاشريّة: حين جشر الصّبح. والقيل: شرب نصف النهار. والغبن: في البيع، والغبن: في الرّأي، يقال: غبن رأيه يغبن غبنا، وغبنت فلانا أغبنه غبنا.
[1692]
[شعر في طلب الوصل من المحبوب]:
وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي نفطويه لعمر بن أبي ربيعة:
[الخفيف]
إنّ طيف الخيال حين ألمّا ... هاج لي ذكرة وأحدث همّا
جدّدي الوصل يا سكين وجودي ... لمحبّ رحيله قد أحمّا
قال أبو علي: وكان الأصمعي يروي: قد أجمّا، ويقول: أجمّ: إذا دنا وحان، وحمّ:
إذا قدّر، ويروى بيت لبيد: [الكامل]
أن قد أجمّ من الحتوف حمامها
وغيره يروى: أن قد أحمّ، ويقول: معناه دنا وقرب على ما قال الأصمعي في معنى أجمّ: [الخفيف]
ليس دون الرّحيل والبين إلّا ... أن يرودّوا جمالهم فتزمّا
[1693] قال: وحدثني أبو عبد الله عند قراءتي عليه هذا البيت قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، عن ابن مقمّة، عن أمه قالت: سمعت معبدا بالأخشبين وهو يغنّي: [الخفيف]
ليس بين الحياة والموت إلّا ... أن يردّوا جمالهم فتزمّا
ولقد قلت مخفيا لغريض ... هل ترى ذلك الغزال إلا جمّا
هل ترى فوقه من الناس شخصا ... أحسن اليوم صورة وأتمّا
إن تنيلي أعش بخير وإن لم ... تبذلي الودّ متّ بالهمّ غمّا
[1694]
[رفض هجر المحبوب لقول واش]:
قال: وقرأت عليه أيضا لعمر: [الوافر]
أيا من كان لي بصرا وسمعا ... وكيف الصّبر عن بصري وسمعي
وعمّن حين يذكره فؤادى ... يفيض كما يفيض الغرب دمعي
يقول العاذلون نأت فدعها ... وذلك حين تهيامي وولعي
أأهجرها فأقعد لا أراها ... وأقطعها وما همّت بقطعي
وأصرم حبلها لمقال واش ... وأفجعها وما همّت بفجعي
وأقسم لو خلوت بهجر هند ... لضاق بهجرها في النّوم ذرعي
[1695](1/544)
أيا من كان لي بصرا وسمعا ... وكيف الصّبر عن بصري وسمعي
وعمّن حين يذكره فؤادى ... يفيض كما يفيض الغرب دمعي
يقول العاذلون نأت فدعها ... وذلك حين تهيامي وولعي
أأهجرها فأقعد لا أراها ... وأقطعها وما همّت بقطعي
وأصرم حبلها لمقال واش ... وأفجعها وما همّت بفجعي
وأقسم لو خلوت بهجر هند ... لضاق بهجرها في النّوم ذرعي
[1695]
[تفسير الحصير]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل: {وَجَعَلْنََا جَهَنَّمَ لِلْكََافِرِينَ حَصِيراً}
[الإسراء: 8] قال: معناه سجنا وحبسا، ويقال: حصرت الرجل أحصره حصرا إذا حبسته وضيّقت عليه، قال الله عز وجل: {أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] أي:
ضاقت صدروهم، وقرأ الحسن: (حصرة صدورهم) معناه ضيّقة صدورهم، ويقال:
أحصره المرض إذا حبسه. والحصير: الملك لأنه حصر أي: منع وحجب من أن يراه الناس، قال الشاعر (1): [الكامل]
ومقامة غلب الرّقاب كأنّهم ... جنّ لدى باب الحصير قيام
[1696]
[معنى الصرف، والعدل، والأختان، والأصهار والأحماء، وأنتق أرحاما]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا بشر بن موسى الأسديّ وخلف بن عمرو العكبري قالا: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا محمد بن طلحة التيمي، عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة، عن أبيه، عن جده قال (2): قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأختانا وأصهارا فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة
__________
(1) هـ ولبيد، ويروى وقماقم غلب قال الجوهري: غلب بدل من مقامة كأنه قال: ورب غلب الرقاب، ويروى: لدى طرف الحصير قيام والمقامة: الجماعة يجتمعون في المجلس، كذا في «اللسان» مادة «حصر». ط
(2) رواه الحاكم في «المستدرك» (4/ 833رقم 6715) وأبو نعيم في «الحلية» من طريق بشر بن موسى بإسناده.
ورواه الطبراني في «الكبير» (17/ 140رقم 349)، من طريق الحميدي به.
وصححه الحاكم.
ورواه ابن أبي عاصم في «السنة» (2/ 483رقم 1000) عن دحيم، عن محمد بن طلحة به.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج «السنة»: «إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن سالم وأبيه، وسوء حفظ محمد بن طلحة كما هو مبيّن في «الضعيفة» (3036») اهـ
وروي نحوه عن أنس بن مالك عند العقيلي (1/ 126) وفي إسناده أحمد بن عمران الأخنسي وهو منكر الحديث، وقد اختلف في إسناده.
وورد من وجه آخر عن أنس عند الخطيب في «التاريخ» (2/ 99) وفي إسناده محمد بن بشر الدعا أورد فيه الخطيب قول ابن معين: ليس بثقة، وقول الدارقطني: ليس بالقوي في حديثه.(1/545)
والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا». وقال رسول الله (1) صلّى الله عليه وسلّم:
«عليكم بالأبكار فإنّهنّ أطيب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير».
[1697] قال أبو بكر: قوله صرفا ولا عدلا: الصّرف: الحيلة، والعدل: الفدية.
ويقال: الصّرف: الاكتساب، والعدل: الفدية. ويقال: الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة.
ويقال: الصرف: الدّية، والعدل: الزيادة على الدية. ويقال العدل: الدية، والصرف:
الزيادة. قال أبو علي قوله والصّرف: الحيلة، والصرف: الاكتساب، والعدل: الفدية، والعدل: الدية صحيح في الاشتقاق، فأما قوله الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة، والصرف: الدية، والعدل: الزيادة على الدية فغير صحيح في الاشتقاق. قال أبو بكر:
والأختان: أهل المرأة. والأحماء: أهل الرجل. والأصهار: يقع على الأختان والأحماء.
وقوله: «فإنهن أنتق أرحاما» يعني: أكثر ولدا، يقال: امرأة منتاق إذا كثر ولدها.
قال أبو علي: ويقال: امرأة ناتق إذا كثر ولدها، وأنشد الأصمعي للنابغة: [الكامل]
لم يحرموا حسن الغذاء وأمّهم ... طفحت عليك بناتق مذكار
[1698]
[موعظة في الموت، والتوبة، وترك الذنوب]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا أبو عبد الله المقدمي القاضي، قال:
حدثنا أحمد بن منصور، قال: حدثنا عمرو بن صالح الكلابي، قال: حدثنا إياس بن أبي تميمة الأفطس، قال: شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء العطاردي وهو على بغلة والفرزدق يسايره على نجيب وكنت على حمار لي، فدنوت منهما فسمعت الفرزدق يقول للحسن: يا أبا سعيد، أتدري ما يقول أهل الجنازة؟ قال: وما يقولون؟ قال يقولون: هذا خير شيخ بالبصرة، وهذا شرّ شيخ بالبصرة، قال: إذا يكذبوا يا أبا فراس ربّ شيخ بالبصرة مشرك بالله فذلك شرّ من أبي فراس، ورب شيخ بالبصرة ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرّه، فذلك خير من الحسن يا أبا فراس، ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله مذ ثمانون سنة، ثم قال: يا أبا سعيد، هل إلى التوبة من سبيل؟ قال: إي والله، إن باب التوبة لمفتوح من قبل المغرب عرضه أربعون (2) لا يغلق حتى تطلع الشمس من قبله، قال: يا أبا سعيد، فكيف أصنع بقذف المحصنات؟ قال: تتوب الآن وتعاهد الله ألا تعود، قال: فإني أعاهد الله ألّا أقذف. أو قال أسبّ. محصنة بعد يومي هذا.
__________
(1) رواه الطبراني في «الكبير» (17/ 140رقم 350) بإسناد الحديث السابق هنا من طريق الحميدي به.
ورواه ابن ماجه (1861) من وجه آخر عن محمد بن طلحة به.
وهو معلّ بما سبق من علل هذا الإسناد في الحديث السابق هنا.
لكن انظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني رحمه الله (2/ 196192رقم 623).
(2) هكذا بالنسخ: «أربعون» دون ذكر التمييز. ط(1/546)
[1699]
[وصية أبي جعفر لعمر بن عبد العزيز، في العدل، والبر والصلة، ودوام المعروف]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى أبو بشر العكليّ، قال: حدثني أو حدّثت عن أسد بن سعيد. الشك من أبي بكر. قال: حدثني أبي، عن جدي، عن عفير قال: دخل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال:
يا أبا جعفر أوصنى! قال: أوصيك أن تتّخذ صغير المسلمين ولدا، وأوسطهم أخا، وكبيرهم أبا، فارحم ولدك، وصل أخاك، وبرّ أباك، وإذا صنعت معروفا فربّه.
قال أبو علي: قوله فربّه أي: أدمه، يقال: ربّ بالمكان وأربّ أي: أقام به ودام، قال بشر: [الوافر]
أربّ على مغانيها ملثّ ... هزيم ودقه حتّى عفاها
[1700]
[من أخبار الحمقى والمغفلين، وعدم معرفة الناس بالقرآن]:
وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: اختصم أعرابيان إلى شيخ منهم، فقال أحدهما: أصلحك الله، ما يحسن صاحبي هذا آية من كتاب الله عز وجل، فقال الآخر: كذب والله، إنّي لقارئ كتاب الله، قال: فاقرأ، فقال: [مجزوء الرمل]
علق القلب ربابا ... بعد ما شابت وشابا
فقال الشيخ: لقد قرأتها كما أنزلها الله فقال صاحبه: والله أصلحك الله، ما تعلّمها إلا البارحة.
[1701]
[خبر الأمير مع السفيه، وشهادة الحمير]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد، قال: أخبرنا المدائني قال: كان بمكة رجل سفيه يجمع بين الرجال والنساء، فشكا ذلك أهل مكة إلى الوالي فغرّبه إلى عرفات، فأتّخذها منزلا ودخل مكة مستترا، فلقى حرفاءه من الرجال والنساء فقال: ما يمنعكم؟ قالوا: وأين بك وأنت بعرفات؟ قال: حمار بدرهمين وقد صرتم إلى الأمن والنّزهة، قالوا: نشهد أنك صادق، وكانوا يأتونه وكثر ذلك حتى أفسد على أهل مكة أحداثهم وسفاءهم وحواشيهم، فعادوا بالشّكاية إلى أمير مكة، فأرسل إليه فأتي به فقال: أي عدوّ الله! طردتك من حرم الله فصرت إلى المشعر الأعظم تفسد فيه وتجمع الفساق! فقال: أصلح الله الأمير، يكذبون علي ويحسدونني، قالوا: بيننا وبينه واحدة، قال:
ما هي؟ قال: تجمع حمير المكارين وترسلها بعرفات، فإن لم تقصد إلى بيته لما تعرف من إتيان الخرّاب والسّفهاء إياه، فالقول ما قال، فقال الوالي: إن في هذا لدليلا، وأمر بحمير فجمعت ثم أرسلت فقصدت نحو منزله فأتاه بذلك أمناؤه، فقال: ما بعد هذا شيء: جرّدوه، فلما نظر إلى السّياط، قال: لا بدّ من ضربي، أصلح الله الأمير؟ قال: لا بد منه، قال: اضرب فو الله ما في هذا شيء أشدّ علينا من أن تسخر منّا أهل العراق فيقولون: أهل مكة يجيزون
شهادة الحمير فضحك الأمير، وقال: الله لا أضربك اليوم وأمر بتخلية سبيله.(1/547)
ما هي؟ قال: تجمع حمير المكارين وترسلها بعرفات، فإن لم تقصد إلى بيته لما تعرف من إتيان الخرّاب والسّفهاء إياه، فالقول ما قال، فقال الوالي: إن في هذا لدليلا، وأمر بحمير فجمعت ثم أرسلت فقصدت نحو منزله فأتاه بذلك أمناؤه، فقال: ما بعد هذا شيء: جرّدوه، فلما نظر إلى السّياط، قال: لا بدّ من ضربي، أصلح الله الأمير؟ قال: لا بد منه، قال: اضرب فو الله ما في هذا شيء أشدّ علينا من أن تسخر منّا أهل العراق فيقولون: أهل مكة يجيزون
شهادة الحمير فضحك الأمير، وقال: الله لا أضربك اليوم وأمر بتخلية سبيله.
[1702]
[من شعر عمر بن أبي ربيعة في الحبّ والهوى، وعذر الحبيب]:
قال: وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدى لعمر بن أبي ربيعة: [البسيط]
ما كنت أشعر إلا مذ عرفتكم ... أنّ المضاجع تمسي تنبت الإبرا
لقد شقيت وكان الحين لي سببا ... أن علّق القلب قلبا يشبه الحجرا
قد لمت قلبي فأعياني بواحدة ... وقال لي لا تلمني وادفع القدرا
إن أكره الطّرف يحسر دون غيركم ... ولست أحسن إلا نحوك النّظرا
قالوا صبوت فلم أكذب مقالتهم ... وليس ينسى الصّبا إن واله كبرا
[1703] قال: وقرأت عليه له أيضا: [مجزوء الوافر]
بعثت وليدتي سحرا ... وقلت لها خذي حذرك
وقولي في ملاطفة ... لزينب نوّلي عمرك
فإن داويت ذا سقم ... فأخزى الله من كفرك
فهزّت رأسها عجبا ... وقالت هكذا أمرك
أهذا سحرك النّسوا ... ن قد خبّرتني خبرك
وقلن إذا قضى وطرا ... وأدرك حاجة هجرك
[1704] وقرأت عليه أيضا له: [الخفيف]
من لعين تذري من الدّمع غربا ... معملا جفنها اختلاجا وضربا
لو شرحت الغداة يا هند صدري ... لم تجد لي يداك في الصّدر قلبا
فصلي مغرما بحبّك قد كا ... ن على ما أوليته بك صبّا
فاعذريني إن كنت صاحب عذر ... وغفري لي إن كنت أحدثت ذنبا
لو تحرّجت أو تذمّمت منّي ... ما تباعدت كلّما ازددت قربا
[1705]
[مادة: مرج]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري في قوله عز وجل: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5] قال: معناه في أمر مختلط، يقال: مرج أمر الناس أي: اختلط، وأنشد: [الرمل]
مرج الدّين فأعددت له ... مشرف الحارك محبوك الكتد
وكذا فسر ابن عباس واستشهد بقول أبي ذؤيب (1): كأنه خوط مريج (2) يعني: سهما قد
__________
(1) انظر: «التنبيه» [129].
(2) صدره كما في «اللسان» مادة: «مرج»: «فجالت فالتمست به حشاها» فخر كأنه إلخ. والخوط بالضم: الغصن. ط(1/548)
اختلط به الدم، ويقال: أمرجت الدابة أي: رعيتها، ومرجتها: خلّيتها، قال الله عز وجل: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيََانِ} [الرحمن: 19] يعني: أرسلهما وخلاهما.
[1706]
[من طرائف أشعب، وسؤاله الناس بحديث ينهي عن السؤال، طرائف المسألة، ونسيان الراوي لبعض الحديث]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا عبد الله بن ناجية، قال: حدثنا محمد بن عتّاب بن موسى الواسطى العكليّ. ولقبه سندويه، قال: حدثني أبي، قال:
حدثنا غياث بن إبراهيم، قال: حدثنا أشعب الطامع وهو أشعب بن جبير. قال: أتيت سالم بن عبد الله بن عمر وهو يقسم صدقة عمر رضي الله عنه، فقلت: سألتك بالله إلّا أعطيتني، فقال: تعطى وإن لم تسأل. وحدثني أبي، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال (1): إنّ الرجل ليسأل حتّى يأتي يوم القيامة وما على وجهه مزعة من لحم قد أخلق من المسئلة» قال غياث بن إبراهيم: وإنما كتبنا هذا الحديث، عن أشعب لأنه كان عليه (2) يحدّث به ويسأل الناس.
قال أبو بكر رحمه الله: حدثني أبي، عن الرّستمي، عن يعقوب قال: المزعة: الشيء اليسير من اللحم، والنّتفة بمنزلتها.
[1707] قال: وحدثنا أبو بك، ر قال: حدثني محمد بن أبي يعقوب الدّينوري، قال:
حدثنا روح بن محمد السّكوني قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن راشد الرّحبي، قال:
قيل لأشعب: قد أدركت الناس، فما عندك من العلم؟ قال: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس قال (3): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله على عبده نعمتان». ثم سكت أشعب فقيل له: وما النعمتان؟ فقال: نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأخرى.
[1708]
[آخر خطبة خطبها معاوية، وقوله لرعيته فيمن يأتيهم بعده، وحبّه لقاء الله]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا أبو حاتم، عن العتبي قال: كان آخر خطبة خطبها معاوية رحمه الله أن صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قبض على لحيته وقال: أيّها الناس، إني من زرع قد استحصد، وقد طالت عليكم إمرتي حتى مللتكم ومللتموني، وتمنّيت فراقكم وتمنيتم فراقي، وإنه لا يأتيكم بعدي إلا من هو شرّ منّي، كما لم يأتكم قبلي إلا من كان خيرا منّي، وإنه من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه، اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي، ثم نزل فما صعد المنبر حتى مات.
[1709]
[من أخبار معاوية وفضله وعدله وقوته، وخبره مع مصقلة بن هبيرة]:
قال: وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا العتبيّ قال: مرض معاوية
__________
(1) رواه البخاري (، 14751474)، ومسلم (1040)، والنسائي (5/ 94).
(2) هذه الكلمة في الأصل والسياق يأباها. ط
(3) رواه الخطيب في ترجمة «أشعب» من «التاريخ» (7/ 39) عن محمد بن أبي يعقوب به.(1/549)
رحمه الله! فأرجف به مصقلة بن هبيرة فحمله زياد إلى معاوية وكتب إليه: إن مصقلة بن هبيرة يجتمع إليه مرّاق من أهل العراق يرجفون بأمير المؤمنين، وقد حملته إلى أمير المؤمنين ليرى فيه رأيه، فوصل مصقلة ومعاوية قد برأ، فلما دخل عليه أخذ بيده وقال يا مصقلة: [مجزوء الكامل]
أبقى الحوادث من خليل ... ك مثل جندلة المراجم
قد رامني الأعداء قب ... لك فامتنعت عن المظالم
صلبا إذا خار الرّجا ... ل أبلّ ممتنع الشّكائم
ثم جذبه فسقط، فقال مصقلة: يا أمير المؤمنين، قد أبقى الله منك بطشا وحلما راجحا، وكلأ ومرعى لوليك، وسمّا ناقعا لعدوّك، ولقد كانت الجاهلية فكان أبوك سيّدا، وأصبح المسلمون اليوم وأنت أميرهم. فوصله معاوية وردّه، فسئل عن معاوية فقال: زعمتم أنه كبر وضعف، والله لقد جبذني جبذة كاد يكسر منّي عضوا، وغمز يدي غمزة كاد يحطمها!
[1710]
[إتيان ما يستطاع، وإجابة المسألة]:
قال أبو علي: أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أنشدنا أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابي لكعب الغنوي يقول لابنه على: [الكامل]
أعليّ إن بكرت تجاوب هامتي ... هاما بأغبر نازح الأركان
وعلمت ما أنا صانع ثم انتهى ... عمري وذلك غاية الفتيان
وإذا رأيت المرء يشعب أمره ... شعب العصا ويلجّ في العصيان
فاعمد لما تعنو فما لك بالّذي ... لا تستطيع من الأمور يدان
وإذا سئلت الخير فاعلم أنه ... نعمى تخصّ بها من الرّحمن
شيم تعلّق بالرّجال وإنما ... شيم الرجال كهيئة الألوان
[1711]
[وصية شيخ كبير لشابّ في اغتنام الشباب، وأغنى الناس، وغير ذلك]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال: حدثنا السّكن بن سعيد، عن هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه قال: رأيت ببيشة رجلا من أزد السّراة أعمى يقوده شابّ جميل وهو يقول له: يا سمي، لا يغرّنّك أن فسّح الشّباب خطوك، وخلّى سربك، وأرفه وردك، فكأنك بالكبر قد أرب ظوفك، وأثقل أوقك، وأوهن طوقك، وأتعب سوقك، فهدجت بعد الهملجة، ودججت بعد الدّعلجة، فخذ من أيام التّرفيه لأيّام الانزعاج، ومن ساعات المهلة لساعة الإعجال، يا بن أخي، إنّ اغترارك بالشّباب كالتذاذك بسمادير الأحلام، ثم تنقشع فلا تتمسّك منها إلا بالحسرة عليها، ثم تعرّى راحلة الصّبا، وتشرب سلوة عن الهوى، وأعلم أن أغنى الناس يوم الفقر من قدّم ذخيرة، وأشّدّهم اغتباطا يوم الحسرة من أحسن سريرة.(1/550)
قال أبو علي: السّرب: الطريق والوجه، قال ذو الرمة: [البسيط]
خلّى لها سرب أولاها وهيّجها ... من خلفها لاحق الصّقلين همهيم
والرّفه: أن تشرب الإبل في كلّ يوم. وأرب: شدّ، يقال: أربت العقد إذا شددته، والأربة: العقدة. وقال أبو بكر يقال: ظفت البعير أظوفه إذا دانيت بين قينيه، والقينان:
موضعا القيد من الوظيف.
قال أبو علي: الأوق: الثّقل، والهملجة: سرعة في المشي. قال يعقوب بن السّكّيت:
دجّ يدجّ دجيجا إذا مرّ مرّا ضعيفا، قال الأصمعي: هو الدّججان، أنشد أبو علي: [الرجز]
تدعو (1) بذاك الدّججان الدّارجا
قال قطرب: الدّعلجة: ضرب من المشي، والدّعلجة: الدّحرجة، والدّعلجة:
الظّلمة، والدّعلج: الحمار، والدّعلجة: الذهاب والمجيئ والدّعلجة: لعبة للصبيان، والدّعلجة: الأكل بنهم، وأنشد: [الكامل]
يأكلن (2) دعلجة ويشبع من عفا
والسمادير: ما يتراءى للإنسان في نومه من الأباطيل، وما يتراءاه السكران في سكره، وقد قال بعض اللغويين: قد اسمدرّ بصره إذا ضعف.
[1712]
[ما جري بن يزيد والمهلّب، وشعر في الوصل والجفاء، ولؤم من شبع وصاحبه جائع]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا السّكن بن سعيد، عن محمد بن عبّاد قال:
استعمل المهلّب يزيد على حرب خراسان، واستعمل المغيرة على خراجها، ولم يولّ البختريّ بن المغيرة بن أبي صفرة، فكتب إليه: [الكامل]
اقر السّلام على الأمير وقل له ... إن المقام على الهوان بلاء
أصل الغدوّ إلى الرواح وإنما ... أذني وأذن الأبعدين سواء
أجفى ويدعى من ورائي جالسا ... ما بالكرامة والهوان خفاء
فوجد عليه المهلب وألزمه منزله، فكتب إليه: [الطويل]
جفاني الأمير والمغيرة قد جفا ... وأمسى يزيد لي قد ازورّ جانبه
وكلّهم قد نال شبعا لبطنه ... وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه
فيا عمّ مهلا واتّخذني لنوبة ... تلمّ فإن الدهر جمّ نوائبه
__________
(1) صدره كما في «اللسان» مادة «دعلج»: «باتت تداعى قربا أفايجا» أي: باتت تداعى قرب الماء فوجا فوجا.
(2) صدره كما في «اللسان» مادة: «دجج»: «باتت كلاب الحي تسنح بيننا» ذكر كثرة اللحم. ويشبع من عفا. يشبع من يأتينا.(1/551)
أنا السيف إلّا أنّ للسيف نبوة ... ومثلي لا تنبو عليك مضاربه
فرضي عنه وعزل المغيرة وولّاه.
[1713]
[شعر في عتاب المحبين، وثبات الحب مع الغياب]:
قال: وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر بن أبي ربيعة:
[البسيط]
يا ربّة البغلة الشّهباء هل لكم ... أن ترحمي عمرا لا ترهقي حرجا
قالت بدائك مت أو عش تعالجه ... فما نرى لك فيما عندنا فرجا
قد كنت حمّلتني غيظا أعالجه ... فإن تقدني فقد عنّيتنا حججا
حتّى لو اسطيع مما قد فعلت بنا ... أكلت لحمك من غيظ وما نضجا
فقلت لا والذي حجّ الحجيج له ... ما محّ حبّك من قلبي وما نهجا
ولا رأى القلب من شيء يسرّ به ... مذ بان منزلكم عنّا وما ثلجا
كالشمس صورتها غراء واضحة ... تغشي إذا برزت من حسنها السّرجا
ضنّت بنائلها عنه فقد تركت ... من غير جرم أبا الخطّاب مختلجا
[1714] قال: وحدثني أحمد بن يحيى، عن حماد بن إسحاق الموصلي، عن أبيه إسحاق قال: دخل عمر بن أبي ربيعة المسجد الحرام وهو يحاصر رجلا من قريش، فنظر إلى عائشة بنت طلحة جالسة بفناء الكعبة، فعدلا إليها وحادثاها، فقال عمر: ألا أنشدك ما قلت في موسمنا هذا؟ قالت: بلى، فأنشدها: [البسيط]
يا ربة البلغة الشهباء هل لك في ... أن تنشري عمرا لا ترهقي حرجا
قالت بدائك مت أو عش تعالجه ... فما نرى لك فيما عندنا فرجا
قد كنت حملتنا ثقلا نعالجه ... فإن تقدنا فقد عنيتنا حججا
فقالت: لا وربّ هذه البنيّة، يا أبا الخطاب، ما عنّيتنا قطّ طرفة عين.
[1715]
[قصيدة قيس بن ذريح في لبنى، وغرامه بها]:
قال أبو علي: وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري، قال: أنشدنا محمد بن المرزبانيّ لقيس بن ذريح وقرأت جميعها على أبي بكر، وأنشدني أحمد بن يحيى بعضها وهي أطول كلمة لقيس: [الطويل]
عفا سرف من أهله فسراوع ... فجنبا أريك فالتّلاع الدّوافع
فغيقة فالأخياف أخياف ظبية ... بها من لبينى مخرف ومرابع
لعلّ لبينى أن يحمّ لقاؤها ... ببعض البلاد إنّ ما حمّ واقع
بجزع من الوادي خلاء أنيسه ... عفا وتخطّته العيون الخوادع
ولما بدا منها الفراق كما بدا ... بظهر الصّفا الصّلد الشّقوق الشّوائع
تمنّيت أن تلقى لبيناك والمنى ... تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع
وما من حبيب وامق لحبيبه ... ولا ذي هوى إلّا له الدّهر فاجع
وطار غراب البين وانشقّت العصى ... ببين كما شقّ الأديم الصّوانع
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع
وإنك لو أبلغتها قيلك اسلمي ... طوت حزنا وارفضّ منها المدامع
تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت غيّه وهو طائع
فلا تبكين في إثر شيء ندامة ... إذا نزعته من يديك النّوازع
فليس لأمر حاول الله جمعه ... مشثّ ولا ما فرّق الله جامع
كأنك لم تغنه إذا لم تلاقها ... وإن تلقها فالقلب راض وقانع
فيا قلب خبّرني إذا شطّت النّوى ... بلبنى وصدّت عنك ما أنت صانع
أتصبر للبين المشتّ مع الجوى ... أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع
فما أنا إن بانت لبينى بهاجع ... إذا ما استقلّت بالنّيام المضاجع
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى ... ضجيع الأسى فيه نكاس روادع
فلا خير في الدّنيا إذا لم تواتنا ... لبينى ولم يجمع لنا الشّمل جامع
أليست لبينى تحت سقف يكنّها ... وإيّاي هذا إن نأت لي نافع
ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا ... ونبصر ضوء الصّبح والفجر ساطع
تطأ تحت رجليها بساطا وبعضه ... أطاه برجلي ليس يطويه مانع
وأفرح إن تمسي بخير وإن يكن ... بها الحدث العادي ترعني الرّوائع
كأنك بدع لم تر الناس قبلها ... ولم يطّلعك الدّهر فيمن يطالع
فقد كنت أبكي والنّوى مطمئنّة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع
وأهجركم هجر البغيض وحبّكم ... على كبدي منه كلوم صوادع
وأعجل للإشفاق حتّى يشفّني ... مخافة شحط الدار والشّمل جامع
وأعمد للأرض التي من ورائكم ... ليرجعني يوما عليك الرّواجع
فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى ... ويا حبّها قع بالذي أنت واقع
لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه ... من النّاس ما اختيرت عليه المضاجع
ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها ... وللبين غمّ ما يزال ينازع
إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به ... جوى حرق قد ضمّنتها الأضالع
أبائنة لبنى ولم تقطع المدى ... بوصل ولا صرم فييأس طامع
يظلّ نهار الوالهين نهاره ... وتهدنه في النائمين المضاجع
سواي فليلي من نهاري وإنما ... تقسّم بين الهالكين المصارع
ولولا رجاء القلب أن تعطف النّوى ... لما حملته بينهنّ الأضالع
له وجبات إثر لبنى كأنها ... شقائق برق في السحاب لوامع
نهاري نهار الناس حتى إذا دجا ... لي اللّيل هزّتني إليك المضاجع
أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني بالليل والهمّ جامع
وقد نشأت في القلب منكم مودّة ... كما نشأت في الراحتين الأصابع
أبى الله أن يلقى الرّشاد متيّم ... ألا كلّ أمر حمّ لا بدّ واقع
هما برحا بي معولين كلاهما ... فؤاد وعين ماقها الدّهر دامع
إذا نحن أنفدنا البكاء عشيّة ... فموعدنا قرن من الشمس طالع
وللحبّ آيات تبيّن بالفتى ... شحوب وتعرى من يديه الأشاجع
وما كلّ ما منّتك نفسك خاليا ... تلاقي ولا كلّ الهوى أنت تابع
تداعت له الأحزان من كلّ وجهة ... فحنّ كما حنّ الظّؤار السّواجع
وجانب قرب الناس يخلو بهمّه ... وعاوده فيها هيام مراجع
أراك اجتنبت الحيّ من غير بغضة ... ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع
كأنّ بلاد الله ما لم تكن بها ... وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع
ألا إنما أبكي لما هو واقع ... وهل جزع من وشك بينك نافع
أحال عليّ الدهر من كل جانب ... ودامت ولم تقلع عليّ الفجائع
فمن كان محزونا غدا لفراقنا ... فملآن فليبكي لما هو واقع
[1716] قال أبو علي: سرف وسراوع (1) وأريك: مواضع. والتّلاع: واحدها تلعة وهي مسيل ما ارتفع من الأرض إلى بطن الوادي، فإذا صغرت التّلعة فهي شعبة، فإذا عظمت التّلعة حتى تصير مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء، فإذا عظمت فوق ذلك فهي ميثاء جلواخ. والدوافع: جمع دافعة وهي التي تدفع الماء. وأخياف ظبية: موضع. والمخرف:(1/552)
عفا سرف من أهله فسراوع ... فجنبا أريك فالتّلاع الدّوافع
فغيقة فالأخياف أخياف ظبية ... بها من لبينى مخرف ومرابع
لعلّ لبينى أن يحمّ لقاؤها ... ببعض البلاد إنّ ما حمّ واقع
بجزع من الوادي خلاء أنيسه ... عفا وتخطّته العيون الخوادع
ولما بدا منها الفراق كما بدا ... بظهر الصّفا الصّلد الشّقوق الشّوائع
تمنّيت أن تلقى لبيناك والمنى ... تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع
وما من حبيب وامق لحبيبه ... ولا ذي هوى إلّا له الدّهر فاجع
وطار غراب البين وانشقّت العصى ... ببين كما شقّ الأديم الصّوانع
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع
وإنك لو أبلغتها قيلك اسلمي ... طوت حزنا وارفضّ منها المدامع
تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت غيّه وهو طائع
فلا تبكين في إثر شيء ندامة ... إذا نزعته من يديك النّوازع
فليس لأمر حاول الله جمعه ... مشثّ ولا ما فرّق الله جامع
كأنك لم تغنه إذا لم تلاقها ... وإن تلقها فالقلب راض وقانع
فيا قلب خبّرني إذا شطّت النّوى ... بلبنى وصدّت عنك ما أنت صانع
أتصبر للبين المشتّ مع الجوى ... أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع
فما أنا إن بانت لبينى بهاجع ... إذا ما استقلّت بالنّيام المضاجع
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى ... ضجيع الأسى فيه نكاس روادع
فلا خير في الدّنيا إذا لم تواتنا ... لبينى ولم يجمع لنا الشّمل جامع
أليست لبينى تحت سقف يكنّها ... وإيّاي هذا إن نأت لي نافع
ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا ... ونبصر ضوء الصّبح والفجر ساطع
تطأ تحت رجليها بساطا وبعضه ... أطاه برجلي ليس يطويه مانع
وأفرح إن تمسي بخير وإن يكن ... بها الحدث العادي ترعني الرّوائع
كأنك بدع لم تر الناس قبلها ... ولم يطّلعك الدّهر فيمن يطالع
فقد كنت أبكي والنّوى مطمئنّة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع
وأهجركم هجر البغيض وحبّكم ... على كبدي منه كلوم صوادع
وأعجل للإشفاق حتّى يشفّني ... مخافة شحط الدار والشّمل جامع
وأعمد للأرض التي من ورائكم ... ليرجعني يوما عليك الرّواجع
فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى ... ويا حبّها قع بالذي أنت واقع
لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه ... من النّاس ما اختيرت عليه المضاجع
ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها ... وللبين غمّ ما يزال ينازع
إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به ... جوى حرق قد ضمّنتها الأضالع
أبائنة لبنى ولم تقطع المدى ... بوصل ولا صرم فييأس طامع
يظلّ نهار الوالهين نهاره ... وتهدنه في النائمين المضاجع
سواي فليلي من نهاري وإنما ... تقسّم بين الهالكين المصارع
ولولا رجاء القلب أن تعطف النّوى ... لما حملته بينهنّ الأضالع
له وجبات إثر لبنى كأنها ... شقائق برق في السحاب لوامع
نهاري نهار الناس حتى إذا دجا ... لي اللّيل هزّتني إليك المضاجع
أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني بالليل والهمّ جامع
وقد نشأت في القلب منكم مودّة ... كما نشأت في الراحتين الأصابع
أبى الله أن يلقى الرّشاد متيّم ... ألا كلّ أمر حمّ لا بدّ واقع
هما برحا بي معولين كلاهما ... فؤاد وعين ماقها الدّهر دامع
إذا نحن أنفدنا البكاء عشيّة ... فموعدنا قرن من الشمس طالع
وللحبّ آيات تبيّن بالفتى ... شحوب وتعرى من يديه الأشاجع
وما كلّ ما منّتك نفسك خاليا ... تلاقي ولا كلّ الهوى أنت تابع
تداعت له الأحزان من كلّ وجهة ... فحنّ كما حنّ الظّؤار السّواجع
وجانب قرب الناس يخلو بهمّه ... وعاوده فيها هيام مراجع
أراك اجتنبت الحيّ من غير بغضة ... ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع
كأنّ بلاد الله ما لم تكن بها ... وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع
ألا إنما أبكي لما هو واقع ... وهل جزع من وشك بينك نافع
أحال عليّ الدهر من كل جانب ... ودامت ولم تقلع عليّ الفجائع
فمن كان محزونا غدا لفراقنا ... فملآن فليبكي لما هو واقع
[1716] قال أبو علي: سرف وسراوع (1) وأريك: مواضع. والتّلاع: واحدها تلعة وهي مسيل ما ارتفع من الأرض إلى بطن الوادي، فإذا صغرت التّلعة فهي شعبة، فإذا عظمت التّلعة حتى تصير مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء، فإذا عظمت فوق ذلك فهي ميثاء جلواخ. والدوافع: جمع دافعة وهي التي تدفع الماء. وأخياف ظبية: موضع. والمخرف:(1/553)
عفا سرف من أهله فسراوع ... فجنبا أريك فالتّلاع الدّوافع
فغيقة فالأخياف أخياف ظبية ... بها من لبينى مخرف ومرابع
لعلّ لبينى أن يحمّ لقاؤها ... ببعض البلاد إنّ ما حمّ واقع
بجزع من الوادي خلاء أنيسه ... عفا وتخطّته العيون الخوادع
ولما بدا منها الفراق كما بدا ... بظهر الصّفا الصّلد الشّقوق الشّوائع
تمنّيت أن تلقى لبيناك والمنى ... تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع
وما من حبيب وامق لحبيبه ... ولا ذي هوى إلّا له الدّهر فاجع
وطار غراب البين وانشقّت العصى ... ببين كما شقّ الأديم الصّوانع
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ... أحاذر من لبنى فهل أنت واقع
وإنك لو أبلغتها قيلك اسلمي ... طوت حزنا وارفضّ منها المدامع
تبكي على لبنى وأنت تركتها ... وكنت كآت غيّه وهو طائع
فلا تبكين في إثر شيء ندامة ... إذا نزعته من يديك النّوازع
فليس لأمر حاول الله جمعه ... مشثّ ولا ما فرّق الله جامع
كأنك لم تغنه إذا لم تلاقها ... وإن تلقها فالقلب راض وقانع
فيا قلب خبّرني إذا شطّت النّوى ... بلبنى وصدّت عنك ما أنت صانع
أتصبر للبين المشتّ مع الجوى ... أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع
فما أنا إن بانت لبينى بهاجع ... إذا ما استقلّت بالنّيام المضاجع
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى ... ضجيع الأسى فيه نكاس روادع
فلا خير في الدّنيا إذا لم تواتنا ... لبينى ولم يجمع لنا الشّمل جامع
أليست لبينى تحت سقف يكنّها ... وإيّاي هذا إن نأت لي نافع
ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا ... ونبصر ضوء الصّبح والفجر ساطع
تطأ تحت رجليها بساطا وبعضه ... أطاه برجلي ليس يطويه مانع
وأفرح إن تمسي بخير وإن يكن ... بها الحدث العادي ترعني الرّوائع
كأنك بدع لم تر الناس قبلها ... ولم يطّلعك الدّهر فيمن يطالع
فقد كنت أبكي والنّوى مطمئنّة ... بنا وبكم من علم ما البين صانع
وأهجركم هجر البغيض وحبّكم ... على كبدي منه كلوم صوادع
وأعجل للإشفاق حتّى يشفّني ... مخافة شحط الدار والشّمل جامع
وأعمد للأرض التي من ورائكم ... ليرجعني يوما عليك الرّواجع
فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى ... ويا حبّها قع بالذي أنت واقع
لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه ... من النّاس ما اختيرت عليه المضاجع
ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها ... وللبين غمّ ما يزال ينازع
إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به ... جوى حرق قد ضمّنتها الأضالع
أبائنة لبنى ولم تقطع المدى ... بوصل ولا صرم فييأس طامع
يظلّ نهار الوالهين نهاره ... وتهدنه في النائمين المضاجع
سواي فليلي من نهاري وإنما ... تقسّم بين الهالكين المصارع
ولولا رجاء القلب أن تعطف النّوى ... لما حملته بينهنّ الأضالع
له وجبات إثر لبنى كأنها ... شقائق برق في السحاب لوامع
نهاري نهار الناس حتى إذا دجا ... لي اللّيل هزّتني إليك المضاجع
أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني بالليل والهمّ جامع
وقد نشأت في القلب منكم مودّة ... كما نشأت في الراحتين الأصابع
أبى الله أن يلقى الرّشاد متيّم ... ألا كلّ أمر حمّ لا بدّ واقع
هما برحا بي معولين كلاهما ... فؤاد وعين ماقها الدّهر دامع
إذا نحن أنفدنا البكاء عشيّة ... فموعدنا قرن من الشمس طالع
وللحبّ آيات تبيّن بالفتى ... شحوب وتعرى من يديه الأشاجع
وما كلّ ما منّتك نفسك خاليا ... تلاقي ولا كلّ الهوى أنت تابع
تداعت له الأحزان من كلّ وجهة ... فحنّ كما حنّ الظّؤار السّواجع
وجانب قرب الناس يخلو بهمّه ... وعاوده فيها هيام مراجع
أراك اجتنبت الحيّ من غير بغضة ... ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع
كأنّ بلاد الله ما لم تكن بها ... وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع
ألا إنما أبكي لما هو واقع ... وهل جزع من وشك بينك نافع
أحال عليّ الدهر من كل جانب ... ودامت ولم تقلع عليّ الفجائع
فمن كان محزونا غدا لفراقنا ... فملآن فليبكي لما هو واقع
[1716] قال أبو علي: سرف وسراوع (1) وأريك: مواضع. والتّلاع: واحدها تلعة وهي مسيل ما ارتفع من الأرض إلى بطن الوادي، فإذا صغرت التّلعة فهي شعبة، فإذا عظمت التّلعة حتى تصير مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء، فإذا عظمت فوق ذلك فهي ميثاء جلواخ. والدوافع: جمع دافعة وهي التي تدفع الماء. وأخياف ظبية: موضع. والمخرف:
المنزل الذي يقيم فيه في الخريف، وجمعه مخارف. والمربع: المنزل الذي يقيم فيه في الربيع، وجمعه مرابع. ويحمّ: يقدّر. وجزع الوادي: منعطفه، وكذلك صوحه ومنحناه ومنثناه. وعفا: درس. والخوادع واحدها خادعة: وهي التي لا تنام، يقال: خدعت عينه تخدع إذا لم تنم، وأتيناهم بعد ما خدعت العين، وقال الممزّق: [الطويل]
أرقت فلم تخدع بعيني نعسة ... ومن يلق ما لا قيت لا بدّ يأرق
__________
(1) كذا هو بضم السين المهملة عن الفارسي: وقال غيره إنما هو بفتحها ولم يحك سيبويه فعاول بالضم، ويروى: فشراوع أي: بضم الشين المعجمة وهي رواية العامة: كذا في «اللسان» مادة «سرع». ط(1/554)
أراد: من يلق ما لاقيت يأرق على المجازاة لا بدّ، وقال الأصمعي: خدع الرّيق:
نقص، وإذا نقص خثر وإذا خثر. أنتن، قال سويد بن أبي كاهل: [الرمل]
أبيض اللّون لذيذا طعمه ... طيّب الريق إذا الرّيق خدع
ويروى في الحديث (1): «إنّ قبل الدّجّال سنين خدّاعة» يرون أن معناها: ناقصة الزكاة. والصّفا: الصخرة. والصّلد: الصّلب الذي إذا أصابه شيء صلد أي: صوّت.
والشّوائع: جمع شائعة وهي الظاهرة. وقوله: وانشقّت العصا أي: تفرقت الجماعة، والعصا: الجماعة. وارفضّ يرفضّ ارفضاضا: إذا سال ولا يكون إلا سيّالا مع تفرّق.
ومشتّ: مفرّق. وشطّت: بعدت. والنّوى: النية والمستشعر: الذي لبس شعارا وهو الثوب الذي يلي الجسد. والجوى: الهوى الباطن. والأسى: الحزن، يقال: أسي يأسى أسى.
ونكاس جمع نكس مثل ترس وتراس، وقرط وقراط. وروادع: جمع رادعة: وهي التي تردعه عن الحركة والتصرف. ودجا: ألبس بظلمته كلّ شيء. والبساط: الأرض الواسعة، والبساط: ما بسط من الفرش. وترعني: تفزعني. والمدى: الغاية. والصّرم: القطيعة، والصّريمة: القطعة تنقطع من معظم الرمل، والصّريمة: العزيمة التي قطع عليها صاحبها، والصّريم: الصبح سمّي بذلك لأنه انصرم عن الليل، والصّريم: الليل لأنه انصرم عن النهار وليس هو عندنا ضدّا، والصّرمة: القطعة من الإبل، وسيف صارم: قاطع. وتهدنه:
تسكّنه. ووجبات: خفقات. والمأق من العين: الجانب الذي يلي الأنف. واللّحاظ: الذي
__________
(1) رواه ابن إسحاق على وجوه، فرواه مرة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعيّ مرفوعا.
أخرجه الطحاوي في «المشكل» (1/ 404رقم 464)، والطبراني في «الكبير» (ج 18رقم 125) من طريق أبي كريب عن يونس عن ابن إسحاق.
وتابعه على هذا الوجه: مسلمة بن علي وإسماعيل بن عياش كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة به.
أخرجه الطبراني في «الكبير» (ج 18رقم 123، 124).
ورواه ابن إسحاق مرة ثانية فقال: عن عبد الله بن دينار عن أنس.
أخرجه الطحاوي في «المشكل» (465) والبزار (3373كشف الأستار) عن يونس، وأحمد (3/ 220) والطحاوي (466) والبزار (3373) من طريق عبد الله بن إدريس كلاهما عن ابن إسحاق به.
وأعلّ أبو حاتم حديث ابن إسحاق هذا، وذكر له وجها آخر عن ابن دينار وقال: «لو كان حديث ابن إسحاق صحيحا لكان قد رواه الثقات عنه» يعني: عن ابن دينار. انظر: «علل ابن أبي حاتم رحمهما الله» (2/ 428رقم 2792) ورواه ابن إسحاق مرة ثالثة فقال: عن محمد بن المنكدر عن أنس به.
أخرجه أحمد (3/ 221) من طريق عباد بن العوّام عن ابن إسحاق به.
وروي الحديث عن أنس من وجه آخر عنه ليس فيه ابن إسحاق: أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3282) وفي إسناده ابن لهيعة والكلام فيه مشهور.(1/555)
يلي الصّدغ. والآيات: العلامات واحدتها آية. وشحوب: هزال. والأشاجع: عروق ظاهر الكفّ، واحدها أشجع. والظّؤار: جمع ظئر وهي التي عطفت على ولد غيرها. والسواجع:
واحدتها ساجعة وهي التي تمدّ حنينها على جهة واحدة، يقال: سجعت تسجع سجعا.
والهيام: داء يأخذ البعير مثل الحمّى، فيسخن جلده ويكثر شربه للماء وينحل جسمه، يقال:
بعير هيمان، وإبل هيام كقولك عطشان وعطاش، وناقة هيمى.
[1717]
[عصيان البطن والفرج، وآثار ذلك]:
قال: وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لحاتم بن عبد الله: [الطويل]
أكفّ يدي عن أن ينال التماسها ... أكفّ صحابي حين حاجاتنا معا
أبيت هضيم الكشح مضطمر الحشا ... من الجوع أخشى الذّمّ أن أتضلّعا
وإني لأستحيي رفيقي أن يرى ... مكان يدي من جانب الزاد أقرعا
وإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا
[1718]
[دعاء أعرابيّ عشية عرفة، والدعاء بالصلاح والمعافاة، ودوام النّعم]:
قال أبو علي رحمه الله! وحدثنا أبو بكر بن البستنبان، قال: حدثنا أبو يعلى، عن الأصمعي قال: شهدت أعرابيّا عشية عرفة بالموقف فسمعته يقول: اللهم إن هذه العشيّة من عشايا منحتك، وأحد أيام زلفتك، فيها يقضّ إليك بالهمم، بكل لسان تدعى، وكلّ خيرك فيها يبغى، أتتك الضّوامر من الفجّ العميق، وجابت إليك المهارق من شعب المضيق، ترجو ما لا خلف له من وعدك، ولا متّرك له من عظيم أجرك، أبرزت إليك وجوهها المصونة صابرة على لفح السّمائم، وبرد ليل التّمائم، ليدركوا بذلك رضوانك، ثم انتحب وبكى ورفع يديه وطرفه إلى السماء ثم أنشأ يقول: إلهي إن كنت مددت يدي إليك داعيا، فطالما كفيتني ساهيا، نعمتك تظاهرها عليّ عند القفلة (1)، فكيف أيأس منها عند الرّجعة، ولا أترك رجاءك لما قدّمت من اقتراف آثامك، وإن كنت لا أصل إليك إلا بك، فهب لي يا ربّ الصّلاح في الولد، والأمن في البلد، وعافني من شرّ الحسد، ومن شر الدّهر النّكد.
[1719]
[دعاء حرمة بنت النعمان لسعد بن أبي وقاص، واللئيم والكريم والعبد الصالح]:
قال: وحدثنا أبو يعلى، عن الأصمعي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن بلال بن سعد قال: قضى سعد بن أبي وقاص لحرقة بنت النّعمان حاجة سألته إياها، فكان من دعائها له: لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا أزال لك عن كريم نعمة، ولا زالت عن عبد صالح نعمة إلا جعلك سببا لردّها.
__________
(1) أصل القفل: الرجوع من السفر ويطلق على الابتداء في السفر كما هنا تفاؤلا بالرجوع. كما في «اللسان» مادة «قفل». ط(1/556)
[1720]
[شعر في الاستعداد للموت، وصروف الدهر]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد، عن بعض أشياخه قال: كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كثيرا ما ينشد شعر عبد الله بن عبد الأعلى القرشي: [البسيط]
تجهّزي بجهاز تبلغين به ... يا نفس قبل الرّدى لم تخلقي عبثا
وسابقي بغتة الآجال وانكمشي ... قبل اللّزام فلا منجى ولا غوثا
ولا تكدّي لمن يبقى وتفتقري ... إنّ الرّدى وارث الباقي وما ورثا
واخشي حوادث صرف الدّهر في مهل ... واستيقني لا تكوني كالذي انتجثا
عن مدية كان فيها قطع مدّته ... فوافق الحرث موفورا كما حرثا
لا تأمني فجع دهر مورط خبل ... قد استوى عنده ما طاب أو خبثا
يا ربّ ذي أمل فيه على وجل ... أضحى به آمنا أمسى وقد جئثا
من كان حين تصيب الشمس جبهته ... أو الغبار يخاف الشّين والشّعثا
ويألف الظّلّ كي تبقى بشاشته ... فسوف يسكن يوما راغما جدثا
في قعر موحشة غبراء مقفرة ... يطبل تحت الثّرى في رمسها اللّبثا
قال الكسائي: جئث الرجل جأثا فهو مجئوث، وجثّ جثّا فهو مجثوث، وزئد زؤدا وزءودا فهو مزءود، قال أبو كبير الهذلي: [الكامل]
حملت به في ليلة مزءودة ... كرها وعقد نطاقها لم يحلل
وقال أبو زيد: شئف شأفا فهو مشئوف إذا فزع. وقال غيره: الوهل: الفزع. والاجئلال مثل الاجعلال: الفضزع، وأنشد: [مخلع البسيط]
للقلب (1) من خوفه اجئلال
وقال أبو عمرو: أذأب فهو مذئب إذا فزع. وقال الفراء: وترته بغير همز إذا زفزعته، وقال الأصمعي: والعله: الذي يستخفّ فيذهب ويجئ من الفزع. وقال أبو عمرو: ضاعني الشيء: أفزعني، قال أبو علي: والضّوع عندي: الحركة من فزع كان أو غيره، قال الشاعر. وهو أبو ذؤيب الهذلي.: [الطويل]
فريخان ينضاعان في الفجر كلّما ... أحسّا دويّ الرّيح أو صوت ناعب
ومنه قيل: تضوّع المسك: أي: تحرك ريحه. وقال غيره: الإفزاز: الإفزاع، وأنشد لأبي ذؤيب: [الكامل]
والدّهر لا يبقى على حدثانه ... شبب أفزّته الكلاب مروّع
__________
(1) صدر هذا البيت: «وغائط قد هبطت وحدي» ويزعمون أن قائله امرؤ القيس كذا في «اللسان» مادة «جال». ط(1/557)
قال أبو علي: الشّبب والشّبوب والمشبّ: المسنّ من الثيران، قال: والإفزاز عندي: الاستخفاف، وأفزّته: استخفّته، ومنه قيل لولد البقرة: فزّ لأنه يستخفّه كلّ شيء رآه أو أحسّ به. قال أبو زيد يقال: أخذني منه الأزيب أي: الفزع.
[1721]
[مراث لبعض الشعراء]:
وقرأت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي، عن ابن الأعرابي هذه الأبيات: [المنسرح]
أين خليلي الذي أصافيه ... قد بان عنّي فما ألاقيه
حلّ برمس فما يكلّمني ... شغلا وإن كنت قد أناديه
قد كان برّا فكيف أجفوه ... أيام يدني وكنت أدنيه
يا بعد من حلّ في الثّرى أبدا ... عنك وإن حلّ حيث تأتيه
أيام نلهو وبيننا أمد ... نرجوه فيه وقد يرجّيه
يبسطني مرّة ويوعدني ... فضلا طريفا إلى أياديه
أيام إن قلت قال في سرع ... وإن كرهنا بدا تأبّيه
مساعد مونق أخو كرم ... فليس شبه له يدانيه
إذ نحن في سلوة وفي غفل ... عن ريب دهر دعت دواعيه
[1722] وقرأت على أحمد بن عبد الله، عن أبيه: [البسيط]
أبكى أخا كان يلقاني بنائله ... قبل السّؤال ويلقى السيف من دوني
إنّ المنايا أصابتني مصائبها ... فاستعجلت بأخ قد كان يكفيني
وقرأت عليه أيضا، عن أبيه وأنشدنا أبو بكر بن دريد أيضا: [الطويل]
أيغسل رأسي أو تطيب مشاربي ... ووجهك معفور وأنت سليب
سيبكيك من أمسى يناجيك طرفه ... وليس لمن وارى التراب نسيب
وإني لأستحيي أخي وهو ميّت ... كما كنت أستحييه وهو قريب
[1723] وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: حدثني أبي، عن بعض أصحابه، عن الأصمعي قال: رأيت امرأة جالسة عند قبر تبكي وتقول: [مخلع البسيط]
هل خبّر القبر سائليه ... أم قرّ عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما ... بالجسد المستكنّ فيه
لو يعلم القبر من يواري ... تاه على كلّ ما يليه
تحلو نعم عنده سماحا ... ولم تدر قطّ لا بفيه
أنعى بريدا لمعتفيه ... أنعى بريدا لمجتديه
أنعى بريدا إلى حروب ... تحسر عن منظر كريه
أندب من لا يحيط علما ... بكنهه بلغ نادبيه
يا جبلا كان ذا امتناع ... وطود عزّ لمن يليه
ونخلة طلعها نضيد ... يقرب من كفّ مجتنيه
ويا مريضا على فراش ... تؤذيه أيدي ممرّضيه
ويا صبورا على بلاء ... كان به الله يبتليه
يا دهر إذا أردت منّي ... أخلفت ما كنت أرتجيه
دهر رماني بفقد إلفي ... أشكو زماني وأشتكيه
آمنك الله كلّ روع ... وكلّ ما كنت تتّقيه
[1724](1/558)
هل خبّر القبر سائليه ... أم قرّ عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما ... بالجسد المستكنّ فيه
لو يعلم القبر من يواري ... تاه على كلّ ما يليه
تحلو نعم عنده سماحا ... ولم تدر قطّ لا بفيه
أنعى بريدا لمعتفيه ... أنعى بريدا لمجتديه
أنعى بريدا إلى حروب ... تحسر عن منظر كريه
أندب من لا يحيط علما ... بكنهه بلغ نادبيه
يا جبلا كان ذا امتناع ... وطود عزّ لمن يليه
ونخلة طلعها نضيد ... يقرب من كفّ مجتنيه
ويا مريضا على فراش ... تؤذيه أيدي ممرّضيه
ويا صبورا على بلاء ... كان به الله يبتليه
يا دهر إذا أردت منّي ... أخلفت ما كنت أرتجيه
دهر رماني بفقد إلفي ... أشكو زماني وأشتكيه
آمنك الله كلّ روع ... وكلّ ما كنت تتّقيه
[1724]
[ما يقال لمن يصلح المال على يديه]:
قال الفراء يقال: إنه لترعيّة مال إذا كان يصلح المال: على يديه ويحسن رعيته، والتّرعيّة: الحسن القيام على المال والرّعي له، وأنشد (1): [الرجز]
ترعيّة قد ذرئت مجاليه ... يقلي الغواني والغواني تقليه
وقال يعقوب: ترعيّة وترعيّة بضم التاء وكسرها، قال: ويقال للراعي الحسن الرّعية للمال: إنه لبلو من أبلائها، قال عمر بن لجأ: [الرجز]
فصادفت أعسل من أبلائها ... يعجبه النّزع على ظمائها
وإنه لعسل من أعسالها، وإنه لزرّ من أزرارها. ويقال: إن لفلان على ماله إصبعا أي:
أثرا حسنا، قال الراعي: [الطويل]
ضعيف العصا بادي العروق ترى له ... عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا
أي: يشار إليها بالأصابع إذا روئيت. ويقال: إنه لخال مال، وخائل مال إذا كان حسن القيام عليه. وإنه لسرسور مال. وإنه لصدى مال. وإنه لسؤبان مال. وقال أبو عمرو: وإنه لمحجن مال، وأنشد: [الرجز]
قد عنّت الجلعد شيخا أعجفا ... محجن مال أينما تصرّفا
الجلعد: الناقة القوية الشديدة، ويقال للمرأة إذا أسنّت وفيها قوّة: إنها جلعد. ويقال:
هو إزاء مال، وإزاء معاش إذا كان يقوم به قياما حسنا، وقال حميد بن ثور الهلالي: [الطويل]
إزاء معاش لا يزال نطاقها ... شديدا وفيها سورة وهي قاعد
أي: وقوب وارتفاع، ويروى: وفيها سؤرة أي: بقيّة من شباب. وقال الأصمعي في قول زهير بن أبي سلمى: [الطويل]
تجدهم على ما خيّلت هم إزاؤها ... وإن أفسد المال الجماعات والأزل
أي: هم الذي يقومون بها المقام المحمود.
__________
(1) هو أبو محمد الفقعسي كما في «اللسان» مادة «ذرا» وروايته: مقوسا قد ذرئت إلخ. ط(1/559)
[1725]
[مراث للعتبي والجوهري، والحزن على الفراق]:
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة للعتبي: [الوافر]
ينام المسعدون ومن يلوم ... وتوقظني وأوقظها الهموم
صحيح بالنهار لمن يراني ... وليلي لا ينام ولا ينيم
كأنّ الليل محبوس دجاه ... فأوّله وآخره مقيم
لمهلك فتية تركوا أباهم ... وأصغر ما به منهم عظيم
يذكّرنيهم ما كنت فيه ... فسيّان المساءة والنّعيم
فبالخدّين من دمعي ندوب ... وبالأحشاء من وجدي كلوم
فإن يهلك بنيّ فليس شيء ... على شيء من الدّنيا يدوم
[1726] قال: وأنشدني إسحاق بن الجنيد، قال: أنشدني أحمد الجوهري: [مخلع البسيط]
واحزني من فراق قوم ... هم المصابيح والحصون
والأسد والمزن والرّواسي ... والخفض والأمن والسّكون
لم تتنكّر لنا الليالي ... حتى توفّتهم المنون
فكلّ نار لنا قلوب ... وكل ماء لنا عيون
[1727] وأملى علينا على بن سليمان الأخفش، قال: قال عمرو بن مالك بن يثربي يرثي مسعود بن شداد. قال: وقال يعقوب: هي لأبي الطّمحان القيني ثم شك، قال:
والصحيح أنها لعمرو، وقد قالوا: إنها لامرأة من جرم، وإنما وقع الخلاف هاهنا.
قال أبو علي: وقرأتها على أبي عمر المطرّز، عن أبي العباس، عن ابن الأعرابي لفارعة (1) بنت شدّاد ترثي أخاها مسعود بن شداد. وفي الروايتين اختلاف وتقديم وتأخير وزيادة ونقصان. ورواية أبي الحسن على الأخفش أتمّ، وهي هذه الأبيات: [البسيط]
يا عين بكّي لمسعود بن شدّاد ... بكاء ذي عبرات شجوه بادي
من لا يذاب له شحم السّديف ولا ... يجفو العيال إذا ما ضنّ بالزّاد
ولا يحلّ إذا ما حلّ منتبذا ... يخشى الرّزيّة بين الماء والباد
قال أبو علي: لم يرو هذا البيت ولا الذي قبله ابن الأعرابي، ويروي: معتنزا مكان منتبذا وهما سواء، وقال لنا أبو الحسن الأخفش: وحفظي والنادى:
قوّال محكمة نقّاض مبرمة ... فتّاح مبهمة حبّاس أوراد
__________
(1) في النسخة الخطية المحفوظة بدار الكتب الأهلية بباريز «لرفاعة» بدلا عن «لفارعة» وفي النسخة الخطية المحفوظة تحت يد المسيو «كرنكو» لبارعة، وقد نبه على هذا في تعليقاته التي أشرنا إليها. ط(1/560)
وروى ابن الأعرابي: فرّاج مبهمة.
حلّال ممرعة فرّاج مفظعة ... حمّال مضلعة طلّاع أنجاد
قتّال طاغية ربّاء مرقبة ... منّاع مغلبة فكّاك أقياد
وروى ابن الأعرابي:
قتّال طاغية نحّار راغية ... حلّال رابية.
حمّال ألوية شدّاد أنجية ... سدّاد أوهية فتّاح أسداد
وروى ابن الأعرابي:
شهّاد أنجية رفّاع ألوية
وزاد هاهنا بيتين وهما هذان:
جمّاع كلّ خصال الخير قد علموا ... زين القرين ونكل الظالم العادي
أبا زرارة لا تبعد فكلّ فتى ... يوما رهين صفيحات وأعواد
هلّا سقيتم بني جرم أسيركم ... نفسي فداؤك من ذي كربة صادي
نعم الفتى ويمين الله قد علموا ... يخلو به الحيّ أو يغدو به الغادي
هو الفتى يحمد الجيران مشهده ... عند الشّتاء وقد همّوا بإخماد
الطاعن الطّعنة النّجلاء يتبعها ... مثعنجر بعد ما تغلي بإزباد
والسّابئ الزّقّ للأصحاب إذ نزلوا ... إلى ذراه وغيث المحوج الجادي
لاه ابن عمّك لا أنساك من رجل ... حتى يجيء من القبر ابن ميّاد
قال أبو الحسن ويروى:
لاه ابن عمك لا أنسى ابن شداد ... حتى يجيء من الرّمس
ويروى:
لاه ابن عمك لا أنساك يا رجلا ... حتى يجيء من الرّمس
إنّي وإياهم حتّى نصيب به ... منهم أخا ثقة في ثوب حدّاد
لم يرو ابن الأعرابي من قوله: أبا زرارة إلى هذا البيت إني وإياهم، وروى:
يا من يرى بارقا قد بتّ أرمقه ... يسري على الحرّة السّوداء فالوادي
ويروى: قد بتّ أرقبه، وروى ابن الأعرابي: جودا على الحرة السوداء، وأتبع هذا البيت البيت الذي هو أول القصيدة: [البسيط]
برقا تلألأ غوريّا جلست له ... ذات العشاء وأصحابي بأفناد
بتنا وباتت رياح الغور تزجله ... حتّى استتبّ تواليه بأنجاد
ألقى مراسي غيث مسبل غدق ... دان يسحّ سيوبا ذات إرعاد
أسقى به قبر من أعني وحبّ به ... قبرا إليّ ولمّا يفده فادي
[1728] قال أبو علي: السّديف: شحم السّنام وهو أجود شحم البعير، يقول: لا يستأثر به دون ضيفه وعياله. والمعتنز والمنتبذ: المتنحّي المنفرد. وقوله: بين الماء والبادي يعني:(1/561)
برقا تلألأ غوريّا جلست له ... ذات العشاء وأصحابي بأفناد
بتنا وباتت رياح الغور تزجله ... حتّى استتبّ تواليه بأنجاد
ألقى مراسي غيث مسبل غدق ... دان يسحّ سيوبا ذات إرعاد
أسقى به قبر من أعني وحبّ به ... قبرا إليّ ولمّا يفده فادي
[1728] قال أبو علي: السّديف: شحم السّنام وهو أجود شحم البعير، يقول: لا يستأثر به دون ضيفه وعياله. والمعتنز والمنتبذ: المتنحّي المنفرد. وقوله: بين الماء والبادي يعني:
بين الحضر والبدو، فأما النادي والنّديّ فالمجلس. قوّال محكمة يعني: خطبة أو قصيدة.
والمبرمة: الأمور التي قد أبرمت أي: أحكمت. وقوله: قتّال طاغية، قال أبو علي قال أبو الحسن: الهاء في طاغية للمبالغة، وإنما أراد طاغيا وربّاء: فعّال من قولهم ربأ للقوم يربأ إذا صار لهم ربيئة أي: ديدبانا. والأنجية: القوم يتناجون أي: يتسارّون، واحدهم نجيّ. والنّكل:
القيد، وجمعه أنكال. والصّادي: العطشان هاهنا. قال أبو الحسن: قوله همّوا بإخماد، يقال:
خمدت النار إذا سكن لهبها، ولم يطفأ جمرك، وهمدت إذا طفئ جمرها. قال أبو علي ومنه قيل: همد الرجل إذا مات، وهمد الثوب إذا أخلق فلم يكن فيه مرقع، وإنما قال: وقد همّوا بإخماد أي: همّوا بأن يطفئوا لهب نيرانهم لئلا يبصرها بالليل المتنوّر فيأتيهم للقرى.
والنّجلاء: الواسعة. قال أبو الحسن: المثعنجر: الدم الكثير. قال: والسابئ: المبتاع للخمر، يقال: سبأت الخمر أسبؤها سبأ إذا اشتريتها، قال أبو علي: ولا يكون السّباء إلا في الخمر وحدها. والجادي: السائل والمعطى وهو من الأضداد، قال الشاعر: [الطويل]
جدوت أناسا موسرين فما جدوا ... ألا الله فاجدوه إذا كنت جاديا
قال أبو الحسن قوله: ثوب حدّاد يعني: ثوب وسخ. والبارق: السحاب الذي فيه برق. والغور: تهامة. والجلس: نجد، وجلسنا أتينا الجلس.
وأنشدني: أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى (1): [الطويل]
إذا (2) ما جلسنا لا تزال ترومنا ... تميم لدى أبياتنا وهوازن
قال أبو الحسن: أفناد: موضع. كذا أنشدناه تزجله أي: تدفعه ولا أحسب هذا (3)
محفوظا وإنما هو: تزجله أي: تدفعه. قال أبو الحسن: استتبّ: تهيّأ والتأم. وأنجاد:
جمع نجد.
* * * [تم بحمد الله تعالى الجزء الثاني من الأمالي. ويليه كتاب ذيل الأمالي والنوادر وأوله قال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي رحمه الله تعالى أخبرنا أبو بكر إلخ].
__________
(1) انظر: «التنبيه» [130].
(2) البيت لمالك بن خالد كما في كتاب «أشعار الهذليين» طبع لندن (ص 154). والشطر الثاني فيها:
سليم لدى أطنابنا وهوزان
(3) قوله ولا أحسب هذا أي: تزجله من أزجل الرباعي ولم نجده في كتب اللغة التي عندنا فهو كما قال رحمه الله لا أحسبه محفوظا وإنما هو تزجله أي: ثلاثيا من باب نصر. ط(1/562)
كتاب ذيل الامالى
بسم الله الرحمن الرحيم [1] قال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي رحمه الله تعالي (1): أخبرنا أبو بكر بن دريد الأزدي، قال: حدثنا الرياشي، عن محمد بن سلام قال: كتب الحجاج بن يوسف إلى قتيبة بن مسلم: إني نظرت في عمري فإذا أنا قد بلغت خمسين سنة وأنت نحوى في السّنّ وإن امرأ قد سار إلى منهل خمسين عاما لقمن أن يكون دنا منه، فسمع التيمي منه هذا فقال: [الطويل]
وإن امرأ قد سار خمسين حجّة ... إلى منهل من ورده لقريب
* * * [2]
[مرثية محارب بن دثار لعمر بن عبد العزيز]:
قال أبو علي: قال أبو بكر: وحدثنا عبد الأول بن مرثد، قال: حدثني أحمد بن المعذّل، قال: رثى محارب بن دثار عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال هذه الأبيات: [البسيط]
كم من شريعة حقّ قد أقمت لهم ... كانت أميتت وأخرى منك تنتظر
يا لهف نفسي ولهف الواجدين معي ... على النجوم التي تغتالها الحفر
ثلاثة ما رأت عين لهم شبها ... يضمّ أعظمهم في المسجد المدر
فأنت تتبعهم لم تأل مجتهدا ... سقيا لها سننا بالحق تقتفر
لو كنت أملك والأقدار غالبة ... تأتي صباحا وتبياتا وتبتكر
صرفت عن عمر الخيرات مصرعه ... بدير سمعان (2) لكن يغلب القدر
[3]
[رثاء امرأة لأخيها، وقولها: فأنت اليوم أوعظ منك حيّا]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالي قال: حدثنا أبو الحسن
__________
(1) وجد بهامش الأصل ملحقا بهذا الموضع وعليه علامة الصحة ما نصه: وحدثنا النيسابوري قال:
حدثنا حاجب بن سليمان، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائما أو جهز غازيا كان له مثل أجره». ط
(2) دير سمعان بكسر السين وفتحها: دير بنواحي دمشق في موضع نزه وبساتين محدقة به وعنده قصور ودور وبه قبر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. ط(1/563)
الأسدي، قال: حدثنا الرياشي، عن العتبي، عن أبيه قال: رأيت امرأة بضريّة (1) جالسة عند قبر تبكي وتقول هذه الأبيات (2): [الوافر]
ألا من لي بأنسك يا أخيّا ... ومن لي أن أبثّك ما لديّا
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشرا وطيّا
فلو نشرت قواك لي المنايا ... شكوت إليك ما صنعت إليّا
بكيتك يا أخيّ بدمع عيني ... فلم يغن البكاء عليك شيّا
وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليوم أوعظ منك حيّا
[4]
[مرثية الأبيرد الرياحي لأخيه بريدة]:
قال: وأنشدنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش للأبيرد بن المعذّر الرّياحي يرثي أخاه بريدا: [الطويل]
تطاول ليلي لم أنمه تقلّبا ... كأنّ فراشي حال من دونه الجمر
أراقب من ليل التّمام نجومه ... لدن غاب قرن الشمس حتّى بدا الفجر
تذكّر علق بان منا بنصره ... ونائله، يا حبّذا ذلك الذّكر
فإن تكن الأيّام فرّقن بيننا ... فقد عذرتنا في صحابته العذر
وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ... ألا لا بل الموت التّفرّق والهجر
أحقّا عباد الله أن لست لاقيا ... بريدا طوال الدّهر ما لألأ العفر
فتى ليس كالفتيان إلّا خيارهم ... من القوم جزل لا ذليل ولا غمر
فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... وإن كان فقر لم يؤد متنه الفقر
وسامى جسيمات الأمور فنالها ... على العسر حتى يدرك العسرة اليسر
ترى القوم في العزّاء ينتظرونه ... إذا شكّ رأي القوم أو حزب الأمر
فليتك كنت الحيّ في الناس باقيا ... وكنت أنا الميت الذي ضمّه القبر
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... إذا السّنة الشّهباء قلّ بها القطر
كأن لم يصاحبنا بريد بغبطة ... ولم تأتنا يوما بأخباره البشر
لعمري لنعم المرء عالى نعيّه ... لنا ابن عرين بعد ما جنح العصر
تمضّت به الأخبار حتى تغلغلت ... ولم تثنه الأطباع عنا ولا الجدر
__________
(1) ضرية: قرية بنجد في طريق البصرة إلى مكة وينسب إليها حمى ضرية، ينزلها حاج البصرة لها ذكر في أيام العرب وأشعارهم. ط
(2) الأبيات لأبي العتاهية يرثي علي بن ثابت وكان مؤاخيا له. انظر: «أمالي الزجاجي» (ص 95).
و «الأغاني» (4/ 1258).(1/564)
فلما نعي الناعي بريدا تعوّلت ... بي الأرض فرط الحزن وانقطع الظهر
عساكر تغشى النفس حتى كأنّنى ... أخو نشوة دارت بهامته الخمر
إلى الله أشكو في بريد مصيبتي ... وبثّي وأحزانا يجيش بها الصّدر
وقد كنت أستعفي الإله إذا اشتكى ... من الأجر لي فيه وإن سرّني الأجر
وما زال في عينيّ بعد غشاوة ... وسمعي عما كنت أسمعه وقر
على أنني أقنى الحياء وأتّقي ... شماتة أقوام عيونهم خزر
فحيّاك عنّي الليل والصبح إذ بدا ... وهوج من الأرواح غدوتها شهر
سقى جدثا لو أستطيع سقيته ... بأود فروّاه الرّواعد والقطر
ولا زال يسقى من بلاد ثوى بها ... نبات إذا صاب الرّبيع بها نضر
حلفت بربّ الرافعين أكفّهم ... وربّ الهدايا حيث حلّ بها النّحر
ومجتمع الحجاج حيث تواقفت ... رفاق من الآفاق تكبيرها جأر
يمين امرئ آلى وليس بكاذب ... وما في يمين بتّها صادق وزر
لئن كان أمسى ابن المعذّر قد ثوى ... بريد لنعم المرء غيّبه القبر
هو المرء للمعروف والبرّ والنّدى ... ومسعر حرب لا كهام ولا غمر
أقام ونادى أهله فتحمّلوا ... وصرّمت الأسباب واختلف النّجر
فأيّ امرئ غادرتم في محلّكم ... إذا هي أمست لون آفاقها حمر
إذا الشّول (1) راحت وهي حدب ظهورها ... عجافا (2) ولم يسمع لفحل لها هدر
كثير رماد النار يغشى فناؤه ... ولم تثنه الزطباع عنا ولا الجدر
فلما نعى الناعي بريدا تغولّت ... إذا نودي الأيسار واحتضر الجزر
فتى كان يغلي اللحم نيئا ولحمه ... رخيص بكفّيه إذا تنزل القدر
يقسّمه حتى يشيع ولم يكن ... كآخر يضحي من غبيبته ذخر
فتى الحيّ والأضياف إن روّحتهم ... بليل وزاد القوم إن أرمل السّفر
إذا جهد القوم المطيّ وأدرجت (3) ... من الضّمر حتى يبلغ الحقب الضّفر
وخفّت بقايا زادهم وتواكّلوا ... وأكسف بال القوم مجهولة قفر
__________
(1) الشول جمع شائلة وهي الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها سبعة أشهر أو ثمانية من وقت نتاجها فلم يبق في ضروعها إلا شول من اللبن أي: بقية مقدار ثلث ما كانت تحلب حدثان نتاجها. ط
(2) عجاف: هزلي وهو جمع أعجف وعجفاء. ط
(3) الإدراج: أن يضمر البعير فيضطرب بطانه حتى يستأخر إلى الحقب فيستأخر الحمل وإنما يسنف بالسناف مخالفة الإدراج. ط(1/565)
رأيت له فضلا عليهم بقوّة ... والعقر لمّا كان زادهم العقر
إذا القوم أسروا ليلهم ثم أصبحوا ... غدا وهو ما فيه سقاط (1) ولا فتر
وإن خشعت أصواتهم وتضاءلت ... من الأين جلّى مثل ما ينظر الصّقر
وإن جارة حلّت إليه وفى لها ... فباتت ولم يهتك لجارته ستر
عفيف عن الفحشاء ما التبست به ... صليب فما يلفى بعود له كسر
سلكت سبيل العالمين فمالهم ... وراء الذي لاقيت معدى ولا قصر
وأبليت خيرا في الحياة وإنما ... ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشّعر
ليفدك مولى أو أخ ذو ذمامة (2) ... قليل الغناء لا عطاء ولا نصر (3)
قال أبو علي: قال أبو الحسن: من روى لم أنمه جعله مفعولا على السعة، كما قالوا اليوم صمته، والمعنى لم أنم فيه وصمت في اليوم، جعله مثل زيد ضربته ونصب تقلّبا بالمعنى، كأنه قال: أتقلب تقلبا لأن لم أنمه بدل منه.
قال أبو علي: ليل التّمام بالكسر لا غير، ولا تنزع منه الألف واللام فيقال ليل تمام، فأما في الولد فيجوز الكسر والفتح ونزع الألف واللام، فيقال: ولد الولد لتمام ولتمام، وأما ما سواهما فلا يكون فيه إلا الفتح، يقال: خذ تمام حقّك، وبلغ الشيء تمامه، فأما المثل فبالكسر، وهو قولهم: «أبى قائلها إلّا تمّا». وقرن الشمس: حرفها. قال أبو الحسن من رفع تذكّر فكأنه قال: أمرى تذكّر علق، ومن نصب فكأنه قال: أتذكّر، وما قبله من الكلام بدل منه.
قال أبو علي: العلق هو الشيء النفيس من كل شيء. والعلق: الحبّ، والعلاقة أيضا:
الحبّ، والعرب تقول: «نظرة من ذي علق» أي: من ذي حب. والعلق: الدود الذي يكون في الماء. والعلق: الدم. فأما العلاقة بالكسر فهو ما يعلّق به السّوط وما أشبهه. قال أبو الحسن: أنّث عذرتنا لأن العذر في معنى المعذرة والعذرة والعذرى، فكأنه قال: عذرتنا المعذرة. قال: وأخبرني محمد بن يزيد قال: العذر جمع عذرة مثل بسرة وبسر. قال: وهو أبلغ في المعنى الذي أراد لأنه يكون فيه معنى التكثير، يقال: عذره عذرا بعد عذر، كأنه قال: عذرتنا المعاذير. والصّحابة والصّحبة واحد، قال أبو علي: وهذا أمثل لأنه جعل للعذر صحابة. قال أبو الحسن وسرق عبد الصمد بن المعذّل معنى قوله: [الطويل]
وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ... ألا لا بل الموت التفرق والهجر
فقال [مجزوء الكامل]:
الموت عندي والفرا ... ق كلاهما ما لا يطاق
__________
(1) يقال: ساقط الفرس العدو سقاطا إذا جاء مسترخيا. ط
(2) الذمامة بفتح الذال وكسرها: العهد. ط
(3) انظر: القصيدة في «الأغاني» لأبي الفرج (13/ 4648).(1/566)
يتعاوران على النفو ... س فذا الحمام وذا السّياق (1)
لو لم يكن هذا كذا ... ما قيل موت أو فراق
قال أبو الحسن قوله: أحقّا عند أهل العربية في موضع ظرف، كأنه قال أفي حقّ عباد الله. ولألأ: حرّك، قال أبو علي: العرب تقول: لا آتيك ما لألأ العفر أي: ما حركت أذنابها، قال عدي بن زيد: [الوافر]
يلألئن الأكفّ على عدي ... ويعطف رجعهنّ إلى الجيوب
قال أبو الحسن: خيارهم بدل من الفتيان، وهذا بدل البعض من الكل، كأنه قال: فتى ليس إلا كخيار الفتيان. والجزل: القويّ، ومنه قيل: حطب جزل إذا كان قويّا غليظا، قال أبو علي: قال الأصمعي: الجزل من الرجال الجيّد الرأي.
قال أبو علي: الغمر والمغمّر: الذي لم يجرّب الأمور. والغمر بالفتح: السّخي الكثير العطاء، قال كثيّر: [الكامل]
غمر الرّداء إذا تبسّم ضاحكا ... غلقت لضحكته رقاب المال
وإنما قال: غمر الرداء لأنه أراد بقوله سخيّ الرجال. والعرب تفعل هذا فتقول: فدى لك ردائي، وفدى لك إزاري، ويريدون بذلك أبدانهم. والغمر: الغزير من الماء، والغمر:
القدح الصغير الذي يسع دون الرّيّ، ومنه قيل: تغمّرت أي شربت الغمر. والغمر الذي يعلق باليد من الزّهومة: بفتح الغين والميم، يقال: يد غمرة. والغمر: الحقد، يقال: غمر صدره عليّ. ودخلت في غمار الناس وخمار الناس، وغمر الناس، وخمر الناس أي: في جماعتهم. والغمرة بفتح العين وسكون الميم: الحيرة.
قال أبو الحسن: وتخرّق: توسّع، والخرق: الواسع من الأرض. قال أبو علي:
والخرق بكسر الخاء: السّخيّ من الرجال الذي يتوسّع في العطاء. قال أبو الحسن: يؤد:
يثقل، قال الله عز وجل: {وَلََا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمََا} [البقرة: 255] أي: لا يثقله. قال أبو علي:
وسامى: عالى. قال أبو الحسن: يقال: العسرة والعسر، ولا يقال: اليسرة كما يقال اليسر، وقال أبو الحسن: العزّاء: الذي يعزّك أي: يغلبك ويقهرك.
قال أبو علي: الشّهباء: السنة التي يكثر الجليد فيها من شدة البرد، وهذا أكثر ما يكون عندهم من الشّمال لأنها في بلادهم باردة يابسة تفرّق السحاب، ولذلك سمّوها «محوة» غير مصروفة لأنها تمحو السحاب. قال أبو الحسن: البشر جمع بشير، قال: وكان ينبغي أن يقول البشر فأسكن للضرورة. قال أبو علي: وهذا عندي جائز حسن مثل كتب وكتب ورسل ورسل. وبالتخفيف يقرأ أبو عمرو بن العلاء في أكثر القرآن. قال أبو الحسن: وجنح: مال.
والعصر: العشي. قال أبو علي: والعصران: الغداة والعشيّ، وكذلك البردان. قال أبو
__________
(1) يقال: ساق المريض سوقا وسباقا: شرع في نزع الروح، كأن روحه تساق لتخرج من بدنه. ط(1/567)
الحسن: تغلغلت: دخلت، ويقال: غلّ في الشيء وانغلّ فيه إذا دخل فيه. قال أبو الحسن:
والأطباع أراد بها الخواتم. والطابع: الخاتم فحذف الزائد فصار طبعا، فجمعه على أطباع مثل قتب وأقتاب وجمل وأجمال. قال: ويروى: الأصناع يريد المصانع، وواحدها مصنعة، فحذف الهاء لأنها بمنزلة اسم ضم إلى اسم، ثم حذف الزائدة الأولى فصار صنعا فجمعه أصناعا. قال أبو علي: أصناع جمع صنع وهو محبس الماء. قال أبو الحسن: تغوّلت بي الأرض أي: ذهبت بي، ومنه: «غالته غول» أي: أذهبته وأهلكته، ومنه الغضب غول الحلم.
قال أبو علي: تغوّلت: تلونت، كأنه استدارت به الأرض فتلونت في عينه مما أصابه.
قال أبو الحسن: أقنى: ألزم، يقال: قني حياءه إذا لزمه. قال أبو الحسن: أود:
موضع، ويروى: أود أيضا، فلا أدري أهما اسمان لموضع واحد جاءا على لغتين أو أود غير أود، فأما في بيت جرير فلا يروى إلا بالضم وهو قوله: [الكامل]
أهوى أراك برامتين وقودا ... أم بالجنيبة من مدافع أودا
قال أبو علي: الوقود بفتح الواو: الحطب، وبضمها: اللهب. والجأر: مصدر جأر يجأر جأرا، والجؤار: الاسم، وهو صوت مع تضرّع. قال أبو علي: والكهام الكليل الحدّ من السوف، وأراد به هاهنا الرّجل. والنّجر والنّجار والنّجار: الأصل، والنّجار أيضا: اللون. قال أبو الحسن: وقد يكون النّجار جمع نجر. قال: والغبيبة:
اللحم المتغير الريح. قال أبو علي: والبليل الريح الباردة التي معها بلل. قال: وأرمل السّفر: نفدت أزوادهم، وكذلك أقووا، وهما عندي من الرّمل والقواء وهو القفر، كأنه صار بموضع ليس فيه شيء غير الرمل وبالموضع الخالي الذي لا يجد فيه شيئا، ثم كثر ذلك حتى قيل لكل من نفد زاده: قد أرمل وقد أقوى، قال الله تعالى: {نَحْنُ جَعَلْنََاهََا تَذْكِرَةً وَمَتََاعاً لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 73]. قال: والضّفر: حبل مضفور يجعل في أعالي الحمل، والحقب في أسفله، فيقول: من شدّة ضمره بلغ الأعلى الأسفل. وأكسف: غيّر. والبال:
الحال. وتضاءلت: ضعفت. وجلّى: بيّن، كذا قال أبو الحسن، قال أبو علي: وهو جيد في الاشتقاق، وقد رأى أبو عبيدة: وجلّى ببصره إذا رمى به. ويلفى: يوجد، ويروى: يلقى بالقاف. قال أبو الحسن: ينطق الشّعر، ينطق هاهنا: يبيّن.
[5]
[مراثي الآباء للأبناء]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال: حدثنا سعيد بن هارون، عن التّوّزي، عن أبي عبيدة قال: لما هلك أبان بن الحجّاج، وأمّه أم أبان بنت النعمان بن بشير، فلما دفنه قام الحجاج على قبره فتمثّل بقول زياد الأعجم: [الكامل]
ألآن لما كنت أكمل من مشى ... وافترّ نابك عن شباة القارح
وتكاملت فيك المروءة كلها ... وأعنت ذلك بالفعال الصالح
فلما انصرف إلى منزله قال: أرسلوا خلف ثابت بن قيس الأنصاري، فأتاه. فقال:(1/568)
ألآن لما كنت أكمل من مشى ... وافترّ نابك عن شباة القارح
وتكاملت فيك المروءة كلها ... وأعنت ذلك بالفعال الصالح
فلما انصرف إلى منزله قال: أرسلوا خلف ثابت بن قيس الأنصاري، فأتاه. فقال:
أنشدني مرثيتك في ابنك الحسن، فأنشده: [المنسرح]
قد أكذب الله من نعى حسنا ... ليس لتكذيب موته ثمن
أجول في الدّار لا أراك وفي الدا ... ر أناس جوارهم غبن
بدّلتهم منك ليت أنّهم ... أضحوا وبيني وبينهم عدن
فقال له الحجاج: ارث ابني أبانا، فقال له: إني لا أجد به ما كنت أجد بحسن. قال:
وما كنت تجد به؟ قال: ما رأيته قطّ. فشبعت من رؤيته، ولا غاب عني قط إلا اشتقت إليه.
فقال الحجاج: كذلك كنت أجد بأبان.
[6]
[قصيدة ابن الأحمر]:
قال أبو علي: وحدثني أبو عبد الله عند قراءتي عليه قصيدة ابن الأحمر: [البسيط]
شطّ المزار بجدوى وانتهى الأمل
قال: مدح بهذه القصيدة النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري، وبشير بن سعد عقبيّ (1)
بدري (2)، أنصاري، والنعمان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار، وآخر من ولي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان، وقتلته كلب في فتنة مروان، وكان عثمانيا.
[7]
[مرثية زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب]:
وقرأت قصيدة زياد الأعجم على أبي بكر بن دريد فقال: زياد الأعجم كنيته أبو أمامة، وكان في كتابي للصّلتان فقال هو: هي لزيادة الأعجم، وكان ينزل إصطخر، ورثى بهذه القصيدة المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة. قال: وأنشدنا هذه القصيدة أبو الحسن الأخفش لزياد الأعجم، وفي الروايتين اختلاف وتقديم وتأخير في الأبيات، ورواية أبي بكر أتم، أولها في روايته: [الكامل]
يا من بمغدى الشمس أو بمراحها ... أو من يكون بقرنها المتنازح
وروى أبو الحسن: أو من يحلّ بقرنها، وروى هذا البيت في وسط القصيدة: [الكامل]
قل للقوافل والغزاة إذا غزوا ... للباكرين وللمجدّ الرائح
وروى أبو الحسن: والغزيّ إذا غزوا والباكرين، وهذا البيت أول القصيدة:
إن السّماحة والمروءة ضمّنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم الجلاد وكلّ طرف سابح
ويروى: طرف طامح: [الكامل]
وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دم وذبائح
__________
(1) عقبي: حضر بيعة العقبة. ط
(2) بدري: حضر غزوة بدر. ط(1/569)
واظهر ببزّته وعقد لوائه ... واهتف بدعوة مصلتين شرامح
آب الجنود معقّلا أو قافلا ... وأقام رهن حفيرة وضرائح
وأرى المكارم يوم زيل بنعشه ... زالت بفضل فواضل ومدائح
رجفت لمصرعه البلاد وأصبحت ... منّا القلوب لذاك غير صحائح
ألآن لما كنت أكمل من مشى ... وافترّ نابك عن شباة القارح
وتكاملت فيك المروءة كلّها ... وأعنت ذلك بالفعال الصالح
فكفى لنا حزنا ببيت حلّه ... إحدى المنون فليس عنه ببارح
فعفت منابره وحطّ سروجه ... عن كل طامحة وطرف طامح
وإذا يناح على امرئ فتعلّمن ... أنّ المغيرة فوق نوح النائح
تبكي المغيرة خيلنا ورماحنا ... والباكيات برنّة وتصايح
مات المغيرة بعد طول تعرّض ... للموت بين أسنّة وصفائح
والقتل ليس إلى القتال ولا أرى ... سببا (1) يؤخر للشفيق الناصح
لله در منيّة فاتت به ... فلقد أراه يردّ غرب الجامح
ولقد أراه مجفّفا أفراسه ... يغشى الأسنّة فوق نهد قارح
في جحفل لجب ترى أبطاله ... منه تعضّل بالفضاء الفاسح
يقص الحزونة والسهولة إذ غدا ... بزهاء أرعن مثل ليل جانح
ولقد أراه مقدّما أفراسه ... يدني مراجح في الوغى لمراجح
فتيان عادية لدى مرسى الوغى ... سنّوا بسنّة معلمين جحاجح
لبسوا السّوابغ في الحروب كأنها ... غدور تحيّز في بطون أباطح
قال أبو علي: كذا أنشدناه أبو الحسن «تحيز» بالزاي، فزاد أبو بكر «تحيّر» بالراء ولم ينكر تحيز، وكلاهما عندي جائز حسن. وروى أبو الحسن رحمه الله تعالي: «في متون أباطح»: [الكامل]
وإذا الضّراب عن الطّعان بدا لهم ... ضربوا بمرهفة الصدور جوارح
لو عند ذلك قارعته منيّة ... قرع (2) الحواء (3) وضمّ سرح السارح
كنت الغياث لأرضنا فتركتنا ... فاليوم نصبر للزمان الكالح
فانع المغيرة للمغيرة إذ غدت ... شعواء مجحرة لنبح النابح
صفّان مختلفان حين تلاقيا ... آبوا بوجه مطلّق أو ناكح
__________
(1) في نسخة أخرى: «ميتا». ط
(2) قرع: خلا. ط
(3) الحواء: مجتمع بيوت الحي. ط(1/570)
ومدجّج كره الكماة نزاله ... شاكي السلاح مسايف أو رامح
قد زار كبش كتيبة بكتيبة ... يردي لكوكبها برأس طامح
غيران دون نسائه وبناته ... حامي الحقيقة للحروب مكاوح
سبقت يداك له بعاجل طعنة ... شهقت لمنفذها أصول جوانح
والخيل تضبح (1) بالكماة وقد جرت ... فوق النحور دماؤها بسرائح
يا لهفتا يا لهفتا لك كلما ... خيف الغرار على المدرّ الماسح
تشفي بحلمك لابن عمّك جهله ... وتذبّ عنه كفاح كل مكافح
وإذا يصول بك ابن عمّك لم يصل ... بمواكل وكل غداة تجالح
صلّ يموت سليمه قبل الرّقى ... ومخاتل لعدوّه بتصافح
وإذا الأمور على الرجال تشابهت ... وتنوزعت بمغالق ومفاتح
فتل السّحيل بمبرم ذي مرّة ... دون الرجال بفضل عقل راجح
وأرى الصّعالك للمغيرة أصبحت ... تبكي على طلق اليدين مسامح
كان الرّبيع لهم إذا انتجعوا الندى ... وخبت لوامع كل برق لامح
كان المهلّب بالمغيرة كالذي ... ألقى الدّلاء إلى قليب المائح
فأصاب جمّة ما استقى فسقى له ... في حوضه بنوازع ومواتح
أيام لو يحتلّ وسط مفازة ... فاضت معاطشها بشرب سائح
لم يرو أبو الحسن رحمه الله تعالي من قوله: «إن المهالب» إلى قوله: «رفاع ألوية».
إن المهالب لن يزال لها فتى ... يمري قوادم كل حرب لاقح
بالمقربات (2) لواحقا (3) آطالها (4) ... تجتاب سهل سباسب (5) وصحاصح
متلببا (6) تهفو الكتائب حوله ... ملح المتون من النّضيح الراشح
ملك أغرّ متوّج يسمو له ... طرف الصديق بغضّ طرف الكاشح
رفّاع ألوية الحروب إلى العدا ... بسعود طير سانح وبوارح
قال أبو علي: قال الأصمعي: الجلد: الكبار من الإبل التي لا صغار فيها، وأنشد: [الطويل]
تواكلها الأزمان حتى أجأنها ... إلى جلد منها قليل الأسافل
__________
(1) تضبح: تعدو عدوا دون التقريب. ط
(2) المقربات: الخيل التي تدنى وتقرب وتكرم. ط
(3) لواحق: جمع لاحق يقال لحق الفرس يلحق لحوقا: ضمر. ط
(4) آطال: جمع أطل بالكسر وبكسرتين وهو الخاصرة. ط
(5) سباسب وصحاصح: جمع سبسب وصحصح وكلاهما الأرض المستوية. ط
(6) المتلبب: المتحزم بالسلاح. ط(1/571)
والأسافل: الصغار هاهنا. قال أبو علي: وجمعها جلاد، وإنما قيل للكبار جلد لأنها قد اشتدّت وصلبت، ولم يقل للصغار لأنها لينة رطبة. قال أبو علي: وقوله مصلتين يعني أصلتوا سيوفهم أي: سلّوها. والشّرامح: جمع شرمح وهم الطّوال. وقوله مجفّفا أفراسه يعني: ألبسها التّجافيف. وتعضّل: تنشب، ومنه: عضّلت القطاة إذا نشب بيضها فلم يخرج.
وتحيّز: تدافع. والمكافح: المجالد بنفسه، ومنه لقيته كفاحا. والمكاوح بالواو: المجاهد.
قال أبو علي: ويقال: فلان شاكي السلاح وشائك السلاح إذا كانت لسلاحه شوكة.
وفلان شاكّ في السلاح إذا دخل في الشّكّة، والشّكّة: السلاح. والسّرائح: السّيور واحدها سريحة وهي سيور نعال الإبل. والوكل: الذي يتّكل على غيره. والتّجالح: التكاشف.
[8]
[مرثية أخت ربيعة بن مكدم فيه]:
قال: وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالي قال: أنشدنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة لأم عمرو أخت ربيعة بن مكدّم (1) ترثى أخاها ربيعة وقتلته بنو سليم: [البسيط]
ما بال عينك منها الدمع مهراق ... سحّا فلا عازب عنها ولا راقي (2)
أبكي على هالك أودى فأورثني ... بعد التفرق حزنا حرّه باقي
لو كان يرجع ميتا وجد ذي رحم ... أبقى أخي سالما وجدي وإشفاقي
أو كان يفدي لكان الأهل كلّهم ... وما أثمّر من مال له واقي
لكن سهام المنايا من نصبن له ... لم ينجه طبّ ذي طبّ ولا راقي
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل ... لاقى التي كلّ حيّ مثلها لاقي
فسوف أبكيك ما ناحت مطوّقة ... وما سريت مع الساري على ساقي
أبكي لذكرته عبرى مفجّعة ... ما إن يجفّ لها من ذكرة ماقي
[9]
[قصيدة لأبي بكر بن دريد]:
وأنشدنا أبو علي لأبي بكر بن دريد رحمه الله تعالي: [الطويل]
على أيّ رغم ظلت أغضي وأكظم ... وعن أي حزن بات دمعي يترجم
أجدّك ما تنفكّ ألسن عبرة ... تصرّح عمّا كنت عنه تجمجم (3)
كأنّك لم تركب غروب فجائع ... شباهنّ من هاتا أحدّ وأكلم
بلى غير أن القلب ينكؤه الأسى ال ... ملمّ وإن جلّ الجوى المتقدّم
__________
(1) ربيعة بن مكدّم كان من فرسان العرب المشهورين ويحكى عنه أنه تغلب على عمرو بن معدي يكرب ودريد بن الصمة وقال عنه أبو عمرو بن العلاء: لا نعلم قتيلا ولا ميتا حمى ظعائن غيره. انظر:
خبره والأبيات في «الأغاني» (16/ 5821).
(2) هكذا في الأصل وفيه الأقواء وهو اختلاف العروض والضرب في حركة الإعراب. ط
(3) الجمجمة: إخفاء الشيء في الصدر. ط(1/572)
وكم نكبة زاحمت بالصبر ركنها ... فلم يلف صبري واهيا حين يزحم
ولو عارضت رضوى بأيسر درئها ... لظلّت ذرى أقذافها تتهدّم
وقد عجمتني الحادثات فصادفت ... صبورا على مكروهها حين تعجم
ومن يعدم الصبر الجميل فإنه ... وجدّك لا من يعدم الوفر معدم
أصارفة عنّي بوادر حدّها ... فجائع للعلياء توهي وتحطم
لها كلّ يوم في حمى المجد وطأة ... تظلّ لها أسبابه تتجذّم
إذا أجشمت جيّاشة مصمئلّة (1) ... قفت إثرها دهياء صمّاء صيلم (2)
أم الدّهر أن لن تستفيق صروفه ... مصرّفة نحوي فجائع يقسم
وساءلت عن حزم أضيع وهفوة ... أطيعت وقد ينبو الحسام المصمّم
فلا تشعري لذع الملام فؤاده ... فإنك ممّن رعت باللّوم ألوم
ولم تر ذا حزم وعزم وحنكة ... على القدر الجاري عليه يحكّم
متى دفع المرء الأريب بحيلة ... بوادر ما يقضى عليه فيبرم
ولو كنت محتالا على القدر الذي ... نبابي لم أسبق بما هو أحزم
ولكنّ من تملك عليه أموره ... فمالكها يمضي القضاء فيحتم
وما كنت أخشى أن تضاءك همّتي ... فأضحي على الأجن (3) الصّرى أتلوّم
كأنّ نجيّا كان يبعث خاطري ... قرين إسار أو نزيف مهوّم
وما كنت أرضى بالدّناءة خطّة ... ولي بين أطراف الأسنّة مقدم
وما ألفت ظلّ الهوينى صريمتي (4) ... وكيف وحدّاها من السيف أصرم
ألم تر أنّ الحرّ يستعذب المنى (5) ... تباعده من ذلّة وهي علقم
ويقذف بالأجرام بين لها الرّدى ... إذا كان فيه العزّ لا يتلعثم
سأجعل نفسي للمتالف عرضة ... وأقذفها للموت والموت أكرم
بأرضك فارتع أو إلى القبر فارتحل ... فإن غريب القوم لحم موضّم
تندّمت والتفريط يجني ندامة ... ومن ذا على التفريط لا يتندّم
يصانع أو يغضي العيون على القذى ... ويلذع بالمرّى فلا يترمرم
على أنني والحكم لله واثق ... بعزم يفضّ الخطب والخطب مبهم
__________
(1) المصمئلة: الداهية. ط
(2) صيلم: شديدة. ط
(3) الأجن: الماء المتغير الطعم واللون. والصرى بالفتح والكسر: الماء يطول مكثه. ط
(4) صريمتي: عزيمتي. ط
(5) المني: المنية. ط(1/573)
وقلب لو أنّ السيف عارض صدره ... لغادر حدّ السيف وهو مثلّم
إلى مقول ترفضّ عن عزماته ... أوابد للصمّ الشّوامخ تقضم
صوائب يصرعن القلوب كأنّما ... يمجّ عليها السّمّ أربد أرقم
وما يدّري (1) الأعداء من متدرّع ... سرابيل حتف رشحها المسك والدّم
أبلّ (2) نجيد (3) بين أحناء سرجه ... شهاب وفي ثوبيه أضبط (4) ضيغم
إذا الدهر أنحى نحوه حدّ ظفره ... ثناه وظفر الدهر عنه مقلّم
وإن عضّه خطب تلوّى بنابه ... وأقلع عنه الخطب والناب أدرم
ولم تر مثلى مغضيا وهو ناظر ... ولم تر مثلي صامتا يتكلّم
وبالشّعر يبدي المرء صفحة عقله ... فيعلن منه كلّ ما كان يكتم
وسيّان من لم يمتط اللّب شعره ... فيملك عطفيه وآخر مفحم
جوائب أرجاء البلاد مطلّة ... تبيد الليالي وهي لا تتخرّم (5)
ألم تر ما أدّت إلينا وسيّرت ... على قدم الأيام عاد وجرهم
هم اقتضبوا الأمثال صعبا قيادها ... فدلّ لهم منها الشّريس الغشمشم
وقالوا الهوى يقظان والعقل راقد ... وذو العقل مذكور وذو الصّمت أسلم
ومما جرى كالوسم في الدهر قولهم ... على نفسه يجني الجهول ويجرم
وكالنار في يبس الهشيم مقالهم ... ألا إنّ أصل العود من حيث يقضم
فقد سيّروا مالا يسيّر مثله ... فصيح على وجه الزمان وأعجم
[عثيثة تقرم جلدا أملسا]:
قال: وحدثني أبو مسهر: أن الأحنف بن قيس خرج من عند معاوية رضي الله عنه، فخلفه بعض من كان في المجلس فقدح فيه: فبلغ ذلك الأحنف فقال:
«عثيثة (6) تقرم جلدا أملسا» (7).
__________
(1) يقال: أدرى الصيد: ختله يريد: وماذا عسى الأعداء يبلغون مني. ط
(2) الأبل: الخصم الألد القوي في الخصومة. ط
(3) النجيد: الشجاع الماضي فيما يعجز غيره. ط
(4) الأضبط: الأسد. ط
(5) تتخرم: تموت. ط
(6) العثيثة: مصغر عثة وهي سوسة تلحس الصوف، يضرب للمجتهد في الشيء لا يقدر عليه.
(7) أورده الميداني في «مجمع الأمثال». (2/ 362رقم 2494) وهي تضرب عند احتقار الرجل وكلامه، والعثيثة تصغير عثة، وهي دويبة تأكل الأدم. قال المخبّل:
فإن تشتمونا على لؤمكم ... فقد تقرم العثّ ملس الأدم(1/574)
[10]
[الوشاية وما يترتب عليها، وصداقة أقوى من الظنون]:
قال: وأخبرني عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: نشأ في قريش ناشئان: رجل من بني مخزوم، ورجل من بني جمح، فبلغا في الوداد ما لم يبلغ بالغ حتى كان إذا رؤي أحدهما فكأن قد رئيا جميعا، ثم دخلت وحشة بينهما من غير شيء يعرفانه فتغيرا. فلما كان ليلة من الليالي، استيقظ المخزومي ففكّر ما الذي شجر بينهما، وكان المخزومي يقال له محمد والجمحي يحيى، فنزل من سطحه وخرج حتى دقّ عليه بابه فاستيقظ له فنزل إليه، فقال له: ما جاء بك هذه الساعة؟ قال: جئتك لهذا الذي حدث ما أصله؟ وما هو؟ قال فقال:
والله ما أعرف له أصلا. قال عبد الله: فبكيا حتى كادا يصبحان، ثم عاد كل واحد منهما إلى منزله، فأصبح المخزومي وهو يقول: [السريع]
كنت ويحيى كيدي واحد ... نرمي جميعا ونرامى معا
يسرّني الدهر إذا سرّه ... وإن رمينا بالأذى أوجعا
حتّى إذا ما الشّيب في مفرقي ... لاح وفي عارضه أسرعا
وشى وشاة فرّقوا بيننا ... فكاد حبل الوصل أن يقطعا
وزاد غير عبد الله بن إبراهيم:
فلم ألم يحيى على وصله ... ولم أقل خان ولا ضيّعا
[11]
[أبو مسعدة الفزاري يصف العود]:
قال: وقال حدثنا أبو سعيد السكري قال: أتي عبد الملك بعود، فقال للوليد بن مسعدة الفزاري: ما هذا يا وليد؟ قال: عود يشقّق ثم يرقّق ثم يلصق ثم تعلق عليه أوتار ويضرب به فيضرب الكرام رءوسها بالحيطان، وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس إلا ويعلم منه مثل ما أعلم، أنت أوّلهم يا أمير المؤمنين:
[12] قال إسحاق أنشدني غرارة الخيّاط يهجو أبا السّميّ المغنّي: [الوافر]
كأن أبا السّمي إذا تغنّى ... يحاكي عاطسا في عين شمس
يلوك بلحيه طورا وطورا ... كأنّ بلحيه ضربان ضرس
[13]
[علاج ما يكون بين الرجل وامرأته من شرّ وهجر]:
قال إسحاق: وقع بين رجل وامرأته شرّ فتهاجرا أياما، ثم وثب عليها فأخذ برجلها، فلما فرغ قالت: أخزاك الله! كلّما وقع بيني وبينك شر جئتني بشفيع لا أقدر على ردّه!
[14]
[ما قاله حسّان في حدّة اللسان]:
وأنشد لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه: [البسيط]
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلب ذكيّ وعقل غير ذلك رذل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
قال أبو الحسن: حفظي غير ذلك دخل(1/575)
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلب ذكيّ وعقل غير ذلك رذل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
قال أبو الحسن: حفظي غير ذلك دخل
[15] قال: وقال: بعث روح بن حاتم إلى كاتب له بثلاثين ألف درهم وكتب إليه: قد بعثت إليك بثلاثين ألف درهم لا أقلّلها تكبّرا ولا أكثّرها تمنّنا ولا أستثيبك عليها ثناء ولا أقطع بها عنك رجاء والسلام. وأنشد: [الطويل]
أمدّ يدا عند الوداع قصيرة ... وأبسطها عند اللقاء فأعجل
[16]
[شعر في الاسترسال في طاعة الهوى في الفساد]:
وأنشد أبو هفان، عن إسحاق لنفسه: [الطويل]
سأشرب ما دامت تغنّي ملاحظ ... وإن كان لي في الشيب عن ذاك واعظ
ملاحظ غنّينا بعيشك وليكن ... عليك لما استحسنته منك حافظ
فأقسم ما غنّى غناءك حاذق ... مجيد ولم يلفظ كلفظك لافظ
وفي بعض هذا القول مني مساءة ... وغيظ شديد للمغنّين غائظ
* * * [17]
[أبو عمرو بن العلاء وفصاحة أعرابيّ]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدثنا أبو حاتم، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: لقيت أعرابيّا بمكة، فقلت له: ممن أنت؟ قال:
أسديّ، قلت: ومن أيّهم؟ قال: نهديّ، قلت: من أي البلاد؟ قال: من عمان، قلت: فأنّى لك هذه الفصاحة؟ قال: إنا سكنّا قطرا لا نسمع فيه ناجخة التّيّار، قلت: صف لي أرضك، قال: سيف أفيح، وفضاء صحصح، وجبل صردح، ورمل أصبح، قلت: فما مالك؟ قال:
النّخل، قلت: فأين أنت عن الإبل؟ قال: إن النّخل حملها غذاء، وسعفها ضياء، وجذعها بناء، وكربها (1) صلاء، وليفها رشاء، وخوصها وعاء، وقروها إناء.
قال أبو علي: الناجخة: الصوت، يقال للمرأة إذا كان يسمع لفرجها صوت عند الجماع: نجّاخة، وفي رجز رؤبة: [الرجز]
وازج بني النّجاخة الفشوش
والتّيّار: الموج. والسّيف: شاطئ البحر. وأفيح: واسع. الفضاء: الواسع من الأرض. والصّحصح: الصحراء. والصّردح: الصّلب. والأصبح: الذي يعلو بياضه حمرة.
والرّشاء: الحبل. والقرو: وعاء من جذع النخل ينبذ فيه، وقال الكسائي: القرو: القدح كما قال الشاعر (2): [السريع]
وأنت بين القرو والعاصر
__________
(1) الكرب بالتحريك: أصول السعف الغلاظ العراض. ط
(2) هو الأعشى كما في «اللسان» مادة «قرا» وصدر البيت:
أرمى بها البيداء إذا أعرضت ط(1/576)
وقال غيره: القرو: نقير من خشب يجعل فيه العصير والشراب، قال أبو عبيد: وهذا أشبه.
[18]
[ثبيت البصري وأعراب نزلوا عليه، وإكرام الضيفان، وواجبات الأوقات]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالي قال: أخبرنا أبو عثمان، عن التّوّزي، عن أبي عبيدة قال: كان بالبصرة رجل من موالي بني سعد يقال له ثبيت، وكان كثير الصلاة صالحا وكانت الأعراب تنزل عليه، فنزل به قوم منهم ليلة فلم يعشّهم وقام يصلّي، فقال رجل منهم: [الوافر]
لخبز يا ثبيت عليه لحم ... أحبّ إليّ من صوت القران
تبيت تدهور القرآن حولى ... كأنّك عند رأسى عقربان
فلو أطعمتني خبزا ولحما ... حمدتك والطّعام له مكان
واختلفوا في العقربان، فقال قوم: وهو ذكر العقارب، وقال قوم: هو دخّال الأذن، وهو الوجه.
[19]
[هجاء المتطفلين]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا دماذ، قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: كان بالبصرة طفيليّ صفيق الوجه لا يبالي ما أقدم عليه، فقال فيه بعض البصريين: [السريع]
يمشي إلى المدعاة مستثفرا (1) ... مشي أبي الحارث ليث العرين
لم تر عيني آكلا مثله ... يأكل باليسرى معا واليمين
تلعب في القصعة أطرافه ... لعب أخي الشطرنج بالشاه بين
وعن دماذ أيضا قال: كان بالبصرة طفيلي قد آذى الناس، فقال فيه بعض ظرفاء البصريين هذه الأبيات: [الوافر]
وضعت يديك في التطفيل حتّى ... كأنك من بني جشم بن سعد
أو الجعراء جندبها وكعب ... فشيشة أو لضبّة بنت أدّ
أو الصّعر الأنوف بني هجيم ... لريح قليّة العود المغدّي
[20]
[سلطان الحب، وتأبّيه على الكتمان]:
قال أبو علي: وأنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي:
[الكامل]
من كان يزعم أن سيكتم حبّه ... حتى يشكّك فيه فهو كذوب
الحبّ أغلب للفؤاد بقهره ... من أن يرى للسّتر فيه نصيب
وإذا بدا سرّ الّلبيب فإنه ... لم يبد إلا والفتى مغلوب
__________
(1) الاستثفار: أن يدخل الرجل إزاره بين فخذيه ملويا يريد أنه يمشي إليها جادا مشمرا كالأسد. ط(1/577)
إنّي لأبغض عاشقا متسترا ... لم تتّهمه أعين وقلوب
[اتباع الأثر، والإتيان على مدح الناس للشخص]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى لعروة بن الورد يقوله للحكم بن زنباع العبسي: [الوافر]
ولم أسألك شيئا قبل هذا ... ولكنّي على أثر الدّليل
قال أبو علي: قال أبو العباس يقول: دلّني عليك من يحمدك، وهذا مثل معنى قول الأعشى [المتقارب]:
فأقبلت أرتاد ما خبّروا ... ولولا الذي خبّروا لم ترن
[21]
[من قيل فيه: إذا رأته مومسة سقط خمارها وإذا رأته العيدان تحرّكت أوتارها]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر، قال: حدثني أبي، عن العباس بن ميمون، قال: حدثني العتبي، قال: قال أعرابي: فلان إذا نظرت إليه مومسة سقط خمارها، وإذا رأته العيدان تحرّكت أوتارها.
[22] [تفسير قوله تعالى فاليوم ننجّيك ببدنك]: قال أبو بكر: وحدثني أبي، قال:
حدثني أبو سعيد الحارثي عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا محمد بن سلام قال:
سمعت يونس النحوي يقول في قوله جل وعلا: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: 92] ننجّيك: نجعلك على نجوة من الأرض وهي المكان المرتفع. ببدنك: بدرعك. وأنشد لأوس بن حجر: [البسيط]
دان مسفّ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالراح
فمن بنجوته كمن بعقوته (1) ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح
* * * [23]
[خبر الوابصي الذي دخل في الكفر بعد الإسلام، وشعر في التغنّي بالمحبوب، وألم فراقه، والوشاة]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن خلف، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا أبو عبد الله القرشي، قال: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز، قال:
أخبرنا ابن العلاء أحسبه أبا عمرو بن العلاء أو أخاه عن جويرية بن أسماء، عن إسماعيل بن أبي حكيم، قال: بعثني عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه في الفداء حين ولي، فبينا أنا أجول في القسطنطينية إذ سمعت صوتا يتغنّى: [الوافر]
أرقت وبان عنّي من يلوم ... ولكن لم أنم أنا والهموم
__________
(1) العقوة: الساحة حول الدار أو قريبا منها. ط(1/578)
كأنّي من تذكّر ما ألاقي ... إذا ما أظلم الليل البهيم
سليم ملّ منه أقربوه ... وودّعه المداوي والحميم
وكم بين العقيق إلى المصلّى ... إلى أحد إلى ما حاز ريم
إلى الجمّاء من وجه أسيل ... نقيّ الخدّ ليس به كلوم
يضيء دجى الظلام إذا يراه ... كضوء البدر منظره وسيم
ولما أن دنا منّا ارتحال ... وقرّب ناجيات السّير كوم
أتين مودّعات والمطايا ... علا أكوارها خوص هجوم
فقائلة ومثنية علينا ... تقول وما لها فينا صميم
وأخرى لبّها معنا ولكن ... تستّر وهي واجمة كظوم
تعدّ لنا الّليالي تحتصيها ... متى هو حائن منّا قدوم
متى تر غفلة الواشين عنّا ... تجد بدموعها العين السّجوم
قال أبو عبد الله القرشي: والشعر لبقيلة الأشجعي (1). قال: وسمعت العتبيّ قد صحّف في اسمه فقال: نفيلة. قال إسماعيل بن أبي حكيم: فسألته حين دخلت عليه، فقلت له: من أنت؟ قال: أنا الوابصيّ الذي أخذت فعذّبت فجزعت فدخلت في دينهم، فقلت: إن أمير المؤمنين بعثني في الفداء، وأنت والله أحبّ من أفديه إليّ إن لم تكن بطنت في الكفر، قال:
والله لقد بطنت في الكفر، فقلت له: أنشدك الله، قال: أأسلم وقد تزوجت امرأة منهم وهذان ابناي! وإذا دخلت المدينة قال أحدهم يا نصراني! وقيل لولديّ وأمّهم كذلك! لا والله لا أفعل! فقلت له: لقد كنت قارئا للقرآن! قال: والله لقد كنت من أقرإ الناس، فقلت: ما بقي معك من القرآن؟ قال: لا شيء غير هذه الآية {رُبَمََا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كََانُوا مُسْلِمِينَ}
[الحجر: 2] فعلمت أن الشقاوة غلبت عليه.
[24] [صولة الغانيات]: قال أبو علي: أنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا عبد الله بن خلف قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن جميل: [الطويل]
غزتني بجيش من محاسن وجهها ... فعبّا لها طرفي ليدفع عن قلبي
فلما التقي الجمعان أقبل طرفها ... يريد اغتصاب القلب قسرا على الحرب
ولما تجارحنا بأسياف لحظنا ... جعلت فؤادي في يديها على الغصب
وناديت من وقع الأسنّة والقنا ... على كبدي يا صاح مالي وللحب
فصرت صريعا للهوي وسط عسكر ... قتيل عيون الغانيات بلا ذنب
[25]
[أجواد البلاد]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: أجواد أهل الحجاز
__________
(1) انظر: «الأغاني» طبع بولاق (ج 5ص 183ففيه تفصيل تحسن مراجعته في قائل هذه الأبيات). ط(1/579)
ثلاثة: عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس، وسعيد بن العاص. وأجواد أهل الكوفة ثلاثة: عتّاب بن ورقاء، وأسماء بن خارجة، وعكرمة بن ربعيّ. وأجواد أهل البصرة ثلاثة:
عبيد الله بن أبي بكرة، وعبيد الله بن معمر، وطلحة بن عبد الله الخزاعي.
[26]
[ضبط حروف «البصرة»]:
وسأل رجل أبا حاتم عن قول العامة: البصرة فقال: هو خطأ، إنما سميت البصرة للحجارة البيض التي في المربد، وأنشد: [الطويل]
سقى البصرة الوسميّ من غير حبّها ... فإنّ بها منّي صدى لا يرمها
وأنشدنا التوزي لعمر بن أبي ربيعة وكان قدم البصرة وأقام بها أياما: [مجزؤ الرمل]
حبّذا البصرة أرضا ... في ليال مقمرات
قال: وأنشدنا أبو حاتم لأعرابي من بني تميم قدم البصرة فرأى أهلها: [الرجز]
ما أنا بالبصرة بالبصريّ ... ولا شبيه زيّهم بزيّي
قال أبو حاتم: ولو كانت البصرة كما قيل، ونسبت إليها لقلت: بصريّ، كما قالوا:
نمريّ.
[تقلب الدنيا] وأنشدنا أبو حاتم: [البسيط]
لا تأمن الدّهر في طرف ولا نفس ... وإن تمنّعت بالحجّاب والحرس
فكم رأيت سهام الموت نافذة ... في جنب مدّرع منا ومتّرس
وأنشدنا قال: أنشدنا الرياشي: [الطويل]
وقد تغدر الدنيا فيضحي غنيّها ... فقيرا ويغنى بعد بؤس فقيرها
فلا تقرب الأمر الحرام فإنه ... حلاوته تفنى ويبقى مريرها
فكم قد رأينا من تكدّر عيشة ... وأخرى صفا بعد اكدرار غديرها
[27]
[تفاصح لحّانتين]:
وأخبرنا قال: أخبرنا أبو عثمان، عن التوزي، عن الأصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: كان عندنا رجل لحّانة فلقي لحّانة مثله، فقال: من أين أقبلت؟ فقال: من عند أهلونا، فحسده الآخر، فقال: أنا والله أعلم من أين أخذتها، أخذتها من المنزل، قال الله عز وجل:
{شَغَلَتْنََا أَمْوََالُنََا وَأَهْلُونََا} [الفتح: 11].
[28]
[أخبار حاتم الطائي وكرمه، وقصته مع البرجمي صاحب الحمالة]:
وأخبرنا قال: أخبرنا السكن بن سعيد قال: أخبرنا العباس بن هشام بن محمد بن السائب قال: كان أبو جبيل [عبد] (1) قيس بن خفاف البرجمي أتى حاتم طيء في دماء
__________
(1) أورده ابن الجوزي في «كتاب الحمقى والمغفلين» (117) باب «المغفلين من المتحزلقين».(1/580)
حملها عن قومه، فأسلموه فيها وعجز عنها فقال: والله لآتينّ من يحملها عني وكان شريفا شاعرا، فلما قدم عليه قال: إنه وقعت [بيني و] بين قومي دماء فتواكلوها، وإني حملتها في مالي وأملي (1) فقدّمت مالي وكنت أملي، فإن تحملها فرب حقّ قد قضيته، وهم قد كفيته، وإن حال دون ذلك حائل لم أذمم يومك ولم أيأس من غدك، ثم أنشأ يقول: [الطويل]
حملت دماء للبراجم جمّة ... فجئتك لما أسلمتني البراجم
وقالوا سفاها لم حملت دماءنا ... فقلت لهم يكفي الحمالة حاتم
متى آته فيها يقل لي مرحبا ... وأهلا وسهلا أخطأتك الأشائم
فيحملها عني وإن شئت زادني ... زيادة من حلّت إليه المكارم
يعيش النّدى ما عاش حاتم طيء ... فإن مات قامت للسّخاء مآتم
ينادين مات الجود معك فلا ترى ... مجيبا له ما حام في الجوّ حائم
وقال رجال أنهب العام ماله ... فقلت لهم إنّي بذلك عالم
ولكنّه يعطي من اموال طيء ... إذا جلّف (2) المال الحقوق اللوازم
فيعطي التي فيها الغنى وكأنه ... لتصغيره تلك العطيّة جارم
لذلك أوصاه عديّ وحشرج ... وسعد وعبد الله تلك القماقم
فقال له حاتم: إن كنت لأحبّ أن يأتيني مثلك من قومك، هذا مرباعي من الغارة على بني تميم، فخذه وافرا، فإن وفى بالحمالة وإلا أكملتها لك، وهو مائتا بعير سوى نيبها وفصالها، مع أني لا أحب أن توبس قومك بأموالهم، فضحك أبو جبيل وقال: لكم ما أخذتم منا، ولنا ما أخذنا منكم، وأيّ بعير دفعته إلى ليس ذنبه في يد صاحبه فأنت منه برئ، فدفعها إليه وزاده مائة بعير، فأخذها وانصرف راجعا إلى قومه، فقال حاتم في ذلك: [الوافر]
أتاني البرجميّ أبو جبيل ... لهمّ في حمالته طويل
فقلت له خذ المرباع رهوا ... فإني لست أرضى بالقليل
على حال ولا عوّدت نفسي ... على علّاتها علل البخيل
فخذها إنها مائتا بعير ... سوى الناب الرّذيّة (3) والفصيل
فلا منّ عليك بها فإني ... رأيت المنّ يزري بالجزيل
__________
(1) الزيادة عن كتاب «الأغاني» (ج 7ص 152). ط
كذا في الأصل وعبارة «الأغاني»: «وإني حملتها في مالي وأهلي فقدمت مالي وأخرت أهلي وكنت أوثق الناس به في نفسي فإن تحملتها فكم من حق قضيته وهم كفيته» (راجع ج 7ص 152طبعة بولاق). ط
(2) جلف المال: أذهبه وأفناه. ط
(3) الرذية: المهزولة. ط(1/581)
فآب البرجميّ وما عليه ... من اعباء الحمالة من فتيل
يجرّ الذّيل ينفض مذرويه (1) ... خفيف الظهر من حمل ثقيل
[29]
[بين حاتم وابنته في الكرم]:
قال: وأخبرنا السكن بن سعيد، عن العباس بن هشام، عن أبي مسكين الدارمي قال:
كانت سفّانة بنت حاتم من أجود نساء العرب، وكان أبوها يعطيها الصّرمة من الإبل فتهبها وتعطيها الناس، فقال لها أبوها: يا بنيّة، إن الغويين إذا اجتمعا في المال أتلفاه، فإما أن أعطي وتمسكي، وإما أن أمسك وتعطي، فإنه لا يبقى على هذا شيء، فقالت: والله لا أمسك أبدا، فقال: وأنا والله لا أمسك أبدا، قالت: فلا نتجاور، فقاسمها ماله وتباينا.
[30]
[كرم أم حاتم الطائيّ (2)، وحجر إخواتها عليها لذلك]:
وحدثنا قال: حدثنا السكن بن سعيد، عن العباس، عن أبيه قال: كانت عنبة بنت عفيف بن عمرو بن عبد القيس وهي أم حاتم من أسخى النساء وأقراهم للضيف، وكانت لا تليق شيئا تملكه، فلما رأى إخوتها إتلافها حجروا عليها ومنعوها مالها، فمكثت دهرا لا تصل إلى شيء ولا يدفع إليها شيء من مالها، حتى إذا ظنوا أنها قد وجدت ألم ذلك أعطوها صرمة من إبلها، فجاءتها امرأة من هوازن كانت تأتيها كل سنة تسألها، فقالت لها: دونك هذه الصّرمة فخذيها، فقد والله مسّني من ألم الجوع ما آليت معه ألّا أمنع الدهر سائلا شيئا، ثم أنشأت تقول: [الطويل]
لعمري لقدما عضّني الجوع عضّة ... فآليت ألّا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني ... فإن أنت لم تفعل فعضّ الأصابعا
فماذا عسيتم أن تقولوا لأختكم ... سوى عذلكم أو عذل من كان مانعا
ولا ما ترون (3) الخلق إلا طبيعة ... فكيف بتركي يا ابن أم الطبائعا
[31]
[بين كعب بن زهير وزيد الخيل]:
وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو بن العلاء قال:
خرج بجير بن زهير بن أبي سلمى في غلمة يجتنون جنى الأرض، فانطلق الغلمة وتركوا ابن زهير، فمرّ به زيد الخيل الطائي فأخذه، ودار طيء متاخمة لدور بني عبد الله بن غطفان، فسأل الغلام من أنت؟ قال: أنا بجير بن زهير، فحمله على ناقة وأرسل به إلى أبيه، فلما أتى الغلام أباه أخبره أن زيدا أخذه ثم خلّاه وحمله. وكان لكعب بن زهير فرس من جياد خيل العرب، وكان كعب جسيما، وكان زيد الخيل من أعظم الناس وأجسمهم، وكان لا يركب دابة إلا
__________
(1) يقال: جاء ينفض مذرويه إذا جاء باغيا متهددا. ط
(2) أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (314).
(3) في بعض المجاميع وماذا ترون اليوم إلا طبيعة. إلخ ط(1/582)
أصابت إبهامه الأرض، فقال زهير: ما أدري ما أثيب به زيدا إلّا فرس كعب، فأرسل به إليه وكعب غائب، فلما جاء كعب سأل عن الفرس، فقيل له: قد أرسل به أبوك إلى زيد، فقال كعب لأبيه: كأنك أردت أن تقوّي زيدا على قتال غطفان، فقال له زهير: هذه إبلي فخذ منها عن فرسك ما شئت. وكان بين بني زهير وبين بني ملقط الطائيين إخاء، وكان عمرو بن ملقط وفّادا إلى الملوك، وهو الذي أصاب بني تميم مع عمرو بن هند يوم أوارة فسأله فيهم فأطلقهم له، فقال كعب شعرا يريد أن يلقي بين بني ملقط وبين رهط زيد الخيل شرّا، فعرف زهير حين سمع الشعر ما أراد به، وعرف ذلك زيد الخيل وبنو ملقط، فأرسلت إليه بنو ملقط بفرس نحو فرسه، وكانت عند كعب امرأة من غطفان لها شرف وحسب، فقالت له: أما استحييت من أبيك لشرفه وسنه أن تؤبّسه (1) في هبته عن أخيك، ولا مته، وكان قد نزل بكعب قبل ذلك ضيفان فنحر لهم بكرا كان لامرأته، فقال لها: ما تلومينني إلا لمكان بكرك الذي نحرت لضيوفي، فلك به بكران وكان زهير كثير المال، وكان كعب مجدودا فقال كعب: [الطويل]
ألا بكرت عرسي بليل تلومني ... وأكثر أحلام النساء إلى الرّدى (2)
وذكر في كلمته زيدا، فقال زهير لابنه: هجوت رجلا غير مفحم، وإنه لخليق أن يظهر عليك، فأجابه زيد فقال: [الطويل]
أفي كل عام مأتم تجمعونه ... على محمر عود أثيب وما رضى (3)
تجدّون خمشا بعد خمش كأنّما ... على سيّد من خير قومكم نعى
يحضّض جبّارا عليّ ورهطه ... وما صرمتي منهم لأول من سعى
ترعّى بأذناب الشّعاب ودونها ... رجال يصدّون الظّلوم عن الهوى
ويركب يوم الرّوع فيها فوارس ... بصيرون في طعن الأباهر والكلى
تقول أرى زيدا وقد كان مصرما ... أراه لعمري قد تموّل واقتنى
وذاك عطاء الله في كل غارة ... مشمّرة يوما إذا قلص الخصى
فلولا زهير أن أكدّر نعمة ... لقاذعت كعبا ما بقيت وما بقى
[32]
[سؤال معاوية لدغفل عن قبائل العرب]:
وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: أخبرنا العتبي قال: قدم وفد العراق على معاوية رضي الله تعالى عنه وفيهم دغفل، فقال له معاوية: يا دغفل، أخبرني عن ابني نزار ربيعة ومضر أيهما كان أعزّ جاهليّة وعالمية؟ فقال: يا أمير المؤمنين، مضر بن نزار كان أعزّ جاهلية وعالمية، قال معاوية: وأيّ مضر كان أعز؟ قال: بنو النضر بن كنانة، كانوا
__________
(1) تؤبسه: تصغره وتحقره. ط
(2) في رواية: «وأقرب بأحلام النساء من الردى». ط
(3) رضي مبني للمفعول وفتحت منه الضاد فتقلب الياء ألفا وهي لغة طائية. ط(1/583)
أكثر العرب أمجادا، وأرفعهم عمادا، وأعظمهم رمادا، قال: فأيّ بني كنانة كان بعدهم أعز؟
قال: بنو مالك بن كنانة، كانوا يعلون من ساماهم، ويكفّون من ناواهم، ويصدقون من عاداهم، قال: فمن بعدهم؟ قال: بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، كانوا أعزّ بنيه وأمنعهم، وأجودهم وأنفعهم، قال: ثمّ من بعدهم؟ قال: بنو بكر بن عبد مناة، كان بأسهم مرهوبا، وعدوّهم منكوبا، وثأرهم مطلوبا، قال: فأخبرني عن مالك بن عبد مناة بن كنانة، وعن مرّة وعامر ابني عبد مناة، قال: كانوا أشرافا كراما، وليس للقوم أكفاء ولا نظراء. قال: فأخبرني عن بني أسد، قال: كانوا يطعمون السّديف، ويكرمون الضّيوف، ويضربون في الزّحوف، قال: فأخبرني عن هذيل، قال: كانوا قليلا أكياس، أهل منعة وباس، ينتصفون من الناس، قال: فأخبرني عن بني ضبّة، قال: كانوا جمرة من جمرات العرب الأربع، لا يصطلى بنارهم، ولا يفاتون بثارهم، قال: فأخبرني عن مزينة، قال: كانوا في الجاهلية أهل منعة، وفي الإسلام أهل دعة، قال: فأخبرني عن تميم، قال: كانوا أعز العرب قديما، وأكثرها عظيما، وأمنعها حريما، قال: فأخبرني عن قيس، قال: كانوا لا يفرحون إذا أديلوا (1)، ولا يجزعون إذا ابتلوا، ولا يبخلون إذا سئلوا. قال: فأخبرني عن أشرافهم في الجاهلية، قال: غطفان بن سعد، وعامر بن صعصعة، وسليم بن منصور، فأما غطفان فكانوا كراما سادة، وللخميس قادة، وعن البيض ذادة، وأما بنو عامر فكثير سادتهم، مخشيّة سطوتهم، ظاهرة نجدتهم، وأما بنو سليم فكانوا يدركون الثار، ويمنعون الجار، ويعظمون النار، قال: فأخبرني عن قومك بكر بن وائل واصدقني، قال: كانوا أهل عز قاهر، وشرف ظاهر، ومجد فاخر، قال: فأخبرني عن إخوتهم تغلب، قال: كانوا أسودا ترهب، وسماما لا تقرب، وأبطالا لا تكذب، قال: فأخبرني كم أديلوا عليكم في قتلكم كليبا؟ قال: أربعين سنة، لا ننتصف منهم في موطن نلقاهم فيه حتى كان يوم التّحاليق: يوم الحارث بن عباد بعد قتلة ابنه بجير وكان أرسله في الصلح بين القوم فقتله مهلهل وقال: بؤ بشسع نعل كليب، فقال الغلام: إن رضيت بهذا بنو بكر رضيت، فبلغ الحارث، فقال: نعم القتيل قتيلا إن أصلح الله به بين بكر وتغلب وباء بكليب، فقيل له: إنما قال مهلهل ما قال الكلمة (2)، فتشمّر الحارث للحرب وأمرنا بحلق رءوسنا أجمعين وهو يوم التّحاليق وله خبر طويل، وقال [الخفيف]:
قرّبا مربط النّعامة (3) منّي ... لقحت حرب وائل عن حيال (4)
__________
(1) أدبلوا: نصروا على أعدائهم. ط
(2) هكذا في الأصل والكلمة هي قوله بوء بشسع نعل كليب كما تقدم. ط
(3) النعامة: فرس مشهورة للحارث بن عباد. ط
(4) قال الفرزدق يذكر ذلك في مدح ابنته:
أبوها الذي أدنى النعامة بعد ما ... أبت واثل في الحرب غير تماد
«الأغاني» (9/ 3463).(1/584)
لم أكن من جناتها علم الله ... وإني بحرّها اليوم صالي
قرّبا مربط النّعامة منّي ... إنّ بيع الكرام بالشّسع غالي
فأدلنا عليهم يومئذ، فلم نزل منهم ممتنعين إلى يومنا هذا. قال: فمن ذهب بذكر ذلك اليوم؟ قال: الحارث بن عباد أسر مهلهلا في ذلك اليوم وقال له: دلّني على مهلهل بن ربيعة، قال: مالي إن دللتك عليه؟ قال: أطلقك، قال: على الوفاء؟ [قال: نعم] (1)، حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال: قال له: أنا مهلهل، قال: «ويحك! دلّني على كفء كريم، قال: امرؤ القيس، وأشار بيده إليه عن قرب، فأطلقه الحارث وانطلق إلى امرئ القيس فقتله.
وبكر كلها صبرت وأبلت فحسن بلاؤها إلا ما كان من ابن لجيم: حنيفة وعجل، ويشكر بن بكر، فإن سعد بن مالك بن ضبيعة جد طرفة بن العبد هجاهم في ذلك اليوم فقال: [السريع]
إنّ لجيما عجزت كلّها ... أن يرفدوني فارسا واحدا
ويشكر العام على خترها ... لم يسمع الناس لهم حامدا
وقال فيهم أيضا: [مجزوء الكامل]
يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط فاستراحوا
إنا وإخوتنا غدا ... كثمود حجر يوم طاحوا
بالمشرفيّة لا نفر ... ولا نباح ولن نباحوا (2)
من صدّ عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح
فقال معاوية: أنت والله يا دغفل أعلم الناس قاطبة بأخبار العرب.
[33]
[رثاء الأحنف بن قيس]:
قال: وأخبرنا أبو حاتم، قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: مات الأحنف بن قيس بالكوفة أيام خرج مع مصعب بن الزبير إلى قتال المختار، فنزل دار عبد الله بن أبي عصيفير الثقفي، فلما حملت جنازته ودلّي في قبره، جاءت امرأة من قومه من بني منقر عليها قبول من النساء، فوقفت على قبره فقالت: لله درك من مجنّ في جنن، ومدرج في كفن، إنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله الذي فجعنا بموتك، وابتلانا بفقدك، أن يوسع لك في قبرك، وأن يغفر لك يوم حشرك، وأن يجعل سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشاد دليلك، ثم أقبلت بوجهها على الناس فقالت: معشر الناس، إنّ أولياء الله في بلاده، شهود على عباده، وإنا قائلون حقا، ومثنون صدقا وهو أهل لحسن الثناء، وطيب الدعاء، أما والذي كنت من أجله في عدّة، ومن الضمان إلى غاية، ومن الحياة إلى نهاية، الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك، لقد عشت حميدا مودودا، ولقد متّ فقيدا سعيدا، وإن كنت لعظيم السّلم، فاضل الحلم،
__________
(1) إضافة يستقيم بها السياق. ط
(2) كذا في الأصل ولعل هنا تحريفا ووجه الكلام: ولا نباح كمن يباح. ط(1/585)
وإن كنت من الرجال لشريفا، وعلى الأرامل عطوفا، وفي العشيرة مسوّدا، وإلى الخلفاء موفدا، ولقد كانوا لقولك مستمعين، ولرأيك متبعين. ثم انصرفت.
* * * [34]
[مكارم الأخلاق، وموت العلية وارتفاع السّفلة]:
قال: وحدثنا أبو حاتم، عن الأصمعي، عن ابن عيينة قال: قال عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه: موت ألف من العلية خير من ارتفاع واحد من السّفلة.
[35]
[عوّد لسانك الخير تسلم]:
وقال: وحدثنا أيضا قال: حدثنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: سمعت أعرابيّا يقول:
عوّد لسانك الخير تسلم من أهل الشر.
[36]
[حفظ الجارة، والأمانة، وترك السوء]:
قال: وحدثني العكلي، عن ابن خالد، عن الهيثم بن عدي، قال: حدثنا ملحان بن عركي، عن أبيه قال: حدثنا عدي بن حاتم قال: شهدت حاتما وهو يجود بنفسه فقال لي:
يا بنيّ أعهدك من نفسي ثلاثا: ما خالفت إلى جارة لسوء قط، ولا ائتمنت على أمانة قطّ إلا أدّيتها، ولا أتى أحدا من قبلى سوء.
[37]
[العفاف، واللؤم، والحياء]:
وأنشدنا أبو بكر، قال: أنشدنا أبو حاتم، عن الأصمعي لأعرابي: [الطويل]
أما والذي لا يعلم الغيب غيره ... ومن هو يحيي العظم وهي رميم
لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى ... محافظة من أن يقال لئيم
وإنّي لأستحي أكيلي ودونه ... ودون يدي داجي الظلام بهيم
[38]
[شعر في ذم التمدّح بالماضي وترك العمل في الحاضر]:
وأنشدنا أيضا قال: أنشدنا أبو حاتم ولم يسم له قائلا: [الوافر]
إذا ما الحيّ عاش بذكر ميت ... فذاك الميت حيّ وهو ميت
يقول بنى أبي وبنت جدودي ... وهدّمت البناء وما بنيت
ومن يك بيته بيتا رفيعا ... ويهدمه فليس لذاك بيت
[39]
[شعر في الموت وطول العمر]:
قال: وأخبرنا أبو حاتم، قال: أخبرنا شيخ من أهل البصرة، قال: أتى سليمان بن يزيد العدويّ رجل فقال: إني قد قلت بيتا فأجزه لي، قال: هات، فقال الرجل: [الوافر]
فأنّك لو رأيت مسير عمري ... إذا لعلمت أنّي قد فنيت
فقال سليمان: [الوافر]
فإن تك قد فنيت فبعد قوم ... طوال العمر بادوا قد بقيتا
فحظّك ما استطعت فلا تضعه ... كأنّك في أهيلك قد أتيتا
كأنّك والحتوف لها سهام ... مقدّرة بسهمك قد رميتا
وصرت وقد حملت إلى ضريح ... مع الأموات قبلك قد نسيتا
بعيد الدار مغتربا وحيدا ... بكأس الموت مثلهم سقيتا
قال: فخرّ الرجل مغشيا عليه فما حمل إلا على أيدي الرجال.(1/586)
فإن تك قد فنيت فبعد قوم ... طوال العمر بادوا قد بقيتا
فحظّك ما استطعت فلا تضعه ... كأنّك في أهيلك قد أتيتا
كأنّك والحتوف لها سهام ... مقدّرة بسهمك قد رميتا
وصرت وقد حملت إلى ضريح ... مع الأموات قبلك قد نسيتا
بعيد الدار مغتربا وحيدا ... بكأس الموت مثلهم سقيتا
قال: فخرّ الرجل مغشيا عليه فما حمل إلا على أيدي الرجال.
[40]
[أحمق العرب مالك وسعد ابنا زيد مناة]:
وحدثنا قال: أخبرنا السكن بن سعيد، عن العباس بن هشام قال: سألت أبي عن حمقى العرب المذكورين فقال: زهير بن جناب الكلبي، ومالك بن زيد مناة بن تميم، وكان يرعى على أخيه سعد بن زيد مناة، فزوّجه أخوه وهو غائب عنها نوار بنت جلّ بن عديّ بن عبد مناة، فلما رجع من الإبل ممسيا دخل عليها وعلبته في يده ونعلاه في رجليه وكساؤه على منكبيه، فجلس ناحية ينظر إليها، فقالت له: ضع نعليك، فقال: رجلاي أحرز لهما، قالت:
ضع علبتك، قال: يدي أحفظ لها، قالت: ضع كساءك، قال: عاتقي أحمل له، فأعطته طيبا فأهوى به إلى استه، فقالت: ادهن به وجهك، فقال: أطيّب به مناتني أولى، فدنت منه وقد تطيّبت وتعطّرت فانتشر عليها فتجلّلها، فلما أصبح غدا عليه سعد، فقال له: يا مال، اغد على إبلك، فقال: والله لا أرعاها أبدا، اطلب لها راعيا سواي، فأورد سعد إبله فانتشرت عليه، فأنشأ يقول ويعرض بأخيه مالك: [الرجز]
يظلّ يوم وردها مزعفرا ... وهي خناطيل تجوس الخضرا
فقالت له امرأته: أجبه، قال: وما أقول؟ قالت: قل: [الرجز]
أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الإبل
[41] [كلاب وكعب وعامر ابناء ربيعة]: قال: وكان كلاب وكعب وعامر أبناء ربيعة بن عامر بن صعصعة أحمقين جميعا، فاشترى كلاب عجلا وهو يظن أنه مهر، فركبه فصرعه، وركبه كعب فصرعه، وركبه أخوهما عامر فثبت عليه فسمّي الثابت، فكان كلاب يحسبه مهرا حتى نجم قرناه.
[42]
[وصل الغواني، ومن أحبّ امرأة لا تحبه]:
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال: حدثنا عبد الله بن خلف قال: دخلت على إبراهيم بن محمد بن عبد الجليل، وكانت له جارية يحبها وتبغضه، فسامته البيع فباعها، فأنشدني وهو حزين هذه الأبيات: [الكامل]
نأت الغداة بوصلها غرّار ... فدموع عينك ما تجفّ غزار
واستبدلت بك صاحبا ومؤانسا ... وكذا الغواني وصلهنّ معار
[43](1/587)
نأت الغداة بوصلها غرّار ... فدموع عينك ما تجفّ غزار
واستبدلت بك صاحبا ومؤانسا ... وكذا الغواني وصلهنّ معار
[43]
[الكرم التقوى والحسب المال]:
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن كثير بن زياد، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: الكرم التقوى والحسب المال (1).
[44]
[أكرم أبيات قالتها العرب]:
وحدثنا أيضا، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الله بن نطاح، قال: حدثنا أبو عبيدة، عن عبد الأعلى القرشي قال: قال عبد الملك بن مروان لجلسائه: أنشدوني أكرم أبيات قالتها العرب، فقال روح بن زنباع: [الكامل]
اليوم نعلم ما يجئ به ... ومضى بفصل قضائه أمس
منع البقاء تقلّب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسى
تبدو لنا بيضاء صافية ... وتغيب، في صفراء كالورس
فقال له: أحسنت، فأنشدني أكرم بيت وصف به رجل قومه في حرب، فقال: قول كعب بن مالك حيث يقول: [الكامل]
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
[قول حاتم الطائيّ في الجود، وما يترتب عليه من طيب الذّكر، وترك البغي بالغنى، أو الازدراء بالفقر]:
قال له: أحسنت، فأنشدني أفضل ما قيل في الجود. قال: قول حاتم الطائي: [الطويل]
ألم تر ما أفنيت لم يك ضرّني ... وأنّ يدي مما بخلت به صفر
ألم تر أن المال غاد ورائح ... ويبقى من المال الأحاديث والذّكر
غنينا زمانا بالتّصعلك والغنى ... وكلّا سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة ... غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر
[أشعر العرب]:
قال: فمن أشعر العرب؟ قال: الذي يقول وهو امرؤ القيس: [الطويل]
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب
والذي يقول: [الطويل]
كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالي
__________
(1) أخرجه الترمذي (3271)، وابن ماجه (4219) وأحمد (5/ 10) والطبراني في «الكبير» (6913)، والدارقطني (3/ 302) والحاكم (2/ 163) و (4/ 325)، وأبو نعيم في «الحلية» (6/ 190)، والبيهقي (7/ 135)، والبغوي في «شرح السنة» (3545) من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/588)
[45]
[اللّحن في الدعاء هل يخرجه من دائرة الإجابة؟]:
قال: وحدثنا عبد الله بن خلف، قال: حدثنا محمد بن الفضل، قال: حدثنا العباس بن الفرج قال: سمع الأصمعي رجلا يدعو ربه ويقول في دعائه: يا ذو الجلال والإكرام، فقال له الأصمعي: ما اسمك؟ قال: ليث، فقال الأصمعي: [الوافر]
يناجي ربّه باللّحن ليث ... لذاك إذا دعاه لا يجاب
[46]
[طرفة لبشار في عوض من ذهب بصره]:
وحدثنا أيضا قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا إسحاق بن محمد النخعي، قال: حدثنا ابن عائشة قال: قال رجل لبشار: إنه لم يذهب بصر رجل إلّا عوّض من بصره شيئا، فما عوّضت أنت من بصرك؟ قال: أن لا أراك فأموت غمّا.
[47]
[قول عبد الله بن خازم حين ثأر لابنه محمد من أهل فرناباذ]:
وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حاتم قال: قال عبد الله بن خازم بعد قتله أهل فرناباذ (1) من بني تميم، وكان قتل نيّفا وسبعين رجلا من وجوههم صبرا، وذلك أنهم قتلوا ابنه محمدا: قتله شمّاس بن دثار العطاردي بهراة، وذلك معنى قول ابن عرادة:
[الوافر]
فإن تك هامة بهراة تزقو ... فقد أرقيت بالمروين هاما
وقال يوما وحوله بنو سليم وبنو عامر وناس من سائر قيس، وبلغه أن بني تميم قالوا:
لا نرضى بقتل أحد دونه فإنه ثأرنا المنيم (2)، فقال: [الوافر]
دمي غال وفيه بواء قوم ... أصيبوا من سراة بني تميم
فليسوا قابلين دما سواه ... ولا يشفي الصّميم سوى الصّميم
أبينا أن ندرّ على المخازي ... وكنا القوم ندرك بالوغوم (3)
قتلنا منهم قوما كراما ... بيوم عابس قسر مشوم
فإن فاءت وراجعت الهوينى ... كففنا والتّفضّل للحليم
وإن ضاقت صدورهم وهمّوا ... بإقدام على الكلإ الوخيم
ففي أسيافنا ناه لغاو ... شديد شنؤه جمّ الهموم
فكان ذلك مما أوغر صدورهم عليه، ثم قال يوما آخر بعد ما قتل أهل فرناباذ هذه الأبيات: [الطويل]
__________
(1) قرية كبيرة بينها وبين مرو خمسة فراسخ. ط
(2) الثأر المنيم: الذي فيه وفاء طلبة ولي الدم. ط
(3) الوغوم جمع وغم وهو الثأر. ط(1/589)
[شعر في الشجاعة وثبات القلب عند اللقاء]:
ما أنا (1) ممّن يجمع المال ما خلا ... سلاحي وإلا ما يسوس بشير
سلاح وأفراس وبيضاء نثرة ... وذلك من مال الكريم كثير
وقلب إذا ما صيح في القوم لم يكن ... هيوبا ولكن في اللّقاء وقور
ولسنا كأقوام هراة محلّهم ... لهم سلف في أهلها وحوير
ولكنّنا قوم بدار مرابط ... يغار علينا مرّة ونغير
فزادهم ذلك عليه حنقا حتى كان من أمره ما كان.
[48]
[المهلب والخوارج]:
وحدثنا قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما بعث خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد أخاه عبد العزيز لقتال الأزارقة، قام إليه عرهم أخو بني العدويّة فقال:
أصلح الله الأمير، إن هذا الحي من تميم تئطّ بقريش منهم رحم داسّة ماسّة، وإن الأزارقة ذؤبان العرب وسباعها، وليس صاحبهم إلا المباكر المناكر المحرّب المجرّب، الذي أرضعته الحرب بلبانها، وجرّسته وضرّسته، وذلك أخو الأزد المهلّب بن أبي صفرة، والله إنّ غثّك أحب إلينا من سمينه، ولكني أخاف عدوات الدّهر وغدره، وليس المجرّب كمن لا يعلم، ولا الناصح المشفق كالغاشّ المتّهم. قال له خالد: اسكت ما أنت وذا؟ فلما هزمت الأزارقة عبد العزيز وأخذوا امرأته وفرّ عنها قال عرهم: [الطويل]
[رد النصيحة وما يترتب على ذلك]:
لعمري لقد ناجيت بالنصح خالدا ... وناديته حتى أبى وعصانيا
ولجّ وكانت هفوة من مجرّب ... عصاني فلاقى ما يسّرّ الأعاديا
نصحت فلم يقبل وردّ نصيحتي ... وذو النصح مظّنّ (2) بما ليس آتيا
وقلت الحروريّون من قد عرفتهم ... حماة كماة يضربون الهواديا
فلا ترسلن عبد العزيز وسرّحن ... إليهم فتى الأزد الألدّ المساميا
فتى لا يلاقي الموت إلا بوجهه ... جريئا على الأعداء للحرب صاليا
فلما أبى ألقيت حبل نصيحتي ... على غارب قد كان زهمان ناويا
وشمّرت عن ساقيّ ثوبي إذ بدت ... كتائبهم تزجي إلينا الأفاعيا
يهزّون أرماحا طوالا بأذرع ... شداد إذا ما القوم هزّوا العواليا
__________
(1) تقدم غير مرة في مثل هذا البيت أنه دخله الخرم وهو حذف الفاء في فعولن. ط
(2) مظن بوزن مفتعل: متهم. ط(1/590)
[49]
[عدوّ عاقل خير من صديق أحمق]:
وحدثنا، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن عمه قال: سمعت أعرابيّا يقول لابنه: كن للعاقل المدبر أرجى منك للأحمق المقبل، ثم أنشد: [المتقارب]
عدوّك ذو الحلم أبقى عليك ... وأرعى من الوامق الأحمق
[50]
[ما أبعد ما فات وما أسرع ما هو آت]:
قال: وأخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: كتب حكيم إلى حكيم: عظني فكتب إليه: أما بعد فما أبعد ما فات، وما أسرع ما هو آت، والسلام.
[51]
[الرضى بالقليل مع السلامة خير من الكثير مع ذهاب الدين، وأجور العاملين موفاة]:
وأخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: كتب حكيم إلى حكيم: ارض من الدنيا بالقليل مع سلامة أمرك، كما رضي قوم بالكثير مع ذهاب دينهم، واعلم أنّ أجور العاملين موفّاة فاعمل ما شئت، والسلام.
[52]
[التلازم بين العقل والأدب]:
قال: وأنشدنا عبد الرحمن، عن عمه: [البسيط]
إن يكن العقل مولودا فلست أرى ... ذا العقل مستغنيا عن حادث الأدب
إني رأيتهما كالماء مختلطا ... بالتّرب تظهر عنه زهرة العشب
وكلّ من أخطأته في موالده ... غريزة العقل حاكي البهم في النسب
ولم يكن عقله المولود مكتفيا ... فيما يحاوله من حادث الأدب
[53]
[وصف النساء في أعمارهن المختلفة]:
قال: وأخبرنا أبو عثمان، قال: اجتمع خالد بن صفوان وأناس من تميم في جامع البصرة وتذاكروا النساء، فجلس إليهم أعرابي من بني العنبر، فقال العنبري: قد قلت شعرا فاسمعوا: [الطويل]
إنّي لمهد للنساء هديّة ... سيرضى بها غيّابها وشهودها
إذا ما لقيتم بنت عشر فإنها ... قليل إذا تلقى الحزوّر (1) جودها
يمدّ إليها بالنّوال فتأتلي ... وتلطم خدّيها إذا يستزيدها
ولكن بنفسي ذات عشرين حجّة ... فتلك التي ألهو بها وأريدها
وذات الثلاثين التي ليس فوقها ... هي النعت لم تكبر ولم يعس (2) عودها
وصاحب ذات الأربعين بغبطة ... وخير النساء سروها وخرودها
__________
(1) الحزور: الغلام القوي. ط
(2) لم يعس عودها: لم ييبس. ط(1/591)
وصاحبة الخمسين فيها منافع ... ونعم المتاع للمفيد يفيدها
وصاحبة السّتّين تغدو قويّة ... على المال والإسلام صلب عمودها
وإمّا لقيتم ذات سبعين حجة ... هديا فقل ها خيبة يستفيدها
وذات الثمانين التي قد تسعسعت ... من الكبر العاسي وناس وريدها
وصاحبة التسعين فيها أذى لهم ... فتحسب أن الناس طرّا عبيدها
وإن مائة أوفت لأخرى فجئتها ... تجد بيتها رثّا قصيرا عمودها
فقال خالد: لله درك! لقد أتيت على ما في نفوسنا (1).
[54]
[ملاحاة بين رجل وامرأته في إتيانه الجارية واعتذاره باتحادهن في السواد، ومرض عينه]:
وأخبرنا أبو عثمان، عن التوزي، قال: أخبرني رجل من ولد عبد الله بن مصعب الزّبيري قال: كنت مع أبي لما سعى على بني كليب، فجاءتنا امرأة تستعدي على زوجها، وذكرت أنه واقع جاريتها، فقال الرجل: هي سوداء وجاريتها سوداء وفي عينيّ قدع، ويضرب الليل بأرواقه فآخذ ما دنا.
* * * [55] وحدثنا أبو حاتم قال: قال ابن أبي تميمة وأسرته التّرك: [الطويل]
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... وسادي كفّ في السّوار خضيب
وبين بني سلمى وهمدان مجلس ... على نأيه منّي إليّ حبيب
كرام المساعي يأمن الجار فيهم ... وقائلهم يوم الخطاب مصيب
[56]
[مرثية أوس بن حجر]:
قال ابن دريد: أخبرنا أبو عثمان، عن التوزي قال: سمعت الأصمعي يقول: لم يبتدئ أحد من الشعراء مرثية أحسن من ابتداء مرثية أوس بن حجر (2): [المنسرح]
أيّتها النفس أجملي جزعا ... إنّ الذي تحذرين قد وقعا
إن الذي جمّع السماحة والنّ ... جدة والحزم والقوى جمعا
الألمعيّ الذي يظنّ بك ال ... ظن كأن قد رأى وقد سمعا
قال أبو علي: ويلي هذه الأبيات، «والمخلف المتلف» وأنا ذاكرها إلى تمام القصيدة:
والمخلف المتلف المرزّأ لم ... يمتع بضعف ولم يمت طبعا
والحافظ الناس في تحوط إذا ... لم يرسلوا تحت عائذ ربعا
__________
(1) «أمالي الزجاجي» (ص 97). وهو من شعر ضمرة بن ضمرة قاله ردا على سؤال النعمان بن المنذر.
مع بعض الاختلاف.
(2) انظر قصة ذلك الرثاء في «الأغاني» (11/ 3860).(1/592)
وعزّت الشّمأل الرّياح وإذ ... بات كميع الفتاة ملتفعا
وشبّه الهيدب العبام من الأقو ... ام سقبا ملبّسا فرعا
وكانت الكاعب المخبّأة الح ... سناء في زاد أهلها سبعا
أودى فلا تنفع الإشاحة من ... أمر لمن قد يحاول البدعا
ليبكك الشّرب والمدامة والفت ... يان طرّا وطامع طمعا
وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا
والحيّ إذا حاذروا الصّباح وإذ ... خافوا مغيرا وسائرا تلعا
وازدحمت حلقتا البطان بأقوام ... وجاشت نفوسهم جزعا
قال أبو علي: تحوط: السّنة الشديدة. والعائذ من الإبل: التي وضعت حديثا. والرّبع:
الذي ولد في الرّبيع. وعزّت: غلبت. والكميع: الضّجيع. والهيدب: الذي عليه أهدابه تذبذب كأنها هيدب من السّحاب. والعبام: الثّقيل. والفرع: ذبح كان أهل الجاهلية يذبحونه على أصنامهم ويلبسون جلده سقبا آخر. والإشاحة: الجدّ في الأمور. والهدم: الأخلاق من الثياب. والنّواشر: عروق ظاهر الكف. والجدع: السّيّيء الغذاء.
[57]
[الصبر على المصيبة، والسلوة بموت النبي صلى الله عليه سلم]:
وأنشدنا أبو عثمان قال: كتب بعض الشعراء إلى أخيه يعزّيه على ابن له يقال له محمد:
[الكامل]
اصبر لكل مصيبة وتجلّد ... واعلم بأنّ المرء غير مخلّد
وإذا ذكرت محمدا ومصابه ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
[58]
[رثاء بعض الشعراء لأخيه]:
وقال: وأنشدنا أبو عثمان قال: أنشدني التوزي لبعض الشعراء يرثي أخا له: [الطويل]
طوى الموت ما بيني وبين محمد ... وليس لما تطوي المنيّة ناشر
لئن أوحشت ممّن أحبّ منازل ... لقد أنست بمن أحبّ المقابر
وكنت عليه أحذر الموت وحده ... فلم يبق لي شيء عليه أحاذر
* * * [59] قال: وأنشدنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي [الرجز]:
يا ليت أمّ العمر كانت صاحبي ... ورابعتني تحت ليل ضارب (1)
بساعد فخم وكفّ خاضب ... مكان من أنشا على الرّكائب
قال: أنشأ وأقبل واحد.
__________
(1) هذان البيتان لأمية بن أبي الصلت كما في «ديوانه» طبع أوربا سنة. 1911ط(1/593)
[60]
[شعر في حتمية الموت على النفس]:
قال: وأنشدنا، عن ابن الأعرابي: [المنسرح]
من لم يمت عبطة يمت هرما ... للموت كاس لا بدّ ذائقها (1)
ما لذّة النّفس في الحياة وإن ... عاشت قليلا فالموت لاحقها
يقودها قائد إليه ويحدوها ... حثيثا إليه سائقها
* * * [61] قال: وأنشدنا ثعلب: [المتقارب]
ويوم عماس (2) تكاءدته ... طويل النّهار قصير الغد
بضرب هذاذ وطعن خلاس ... يجيش من العلق الأسود
وصدع رأبت فدانيته ... وقد بان فوت يد من يد
وليل هديت به فتية ... سقوا بصباب الكرى الأغيد
وبات سهيل يؤمّ الرّكا ... ب حيران كاللهق المفرد
* * * [62] قال: وأنشدنا العبدي، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي: [الطويل]
لا تقتلوني (3) إنّ قتلي محرّم ... عليكم ولكن أبشري أمّ عامر
قال: الضّبع تأتي القبور فتبحث عنها، ثم تستخرج الموتى فتأكلهم، فيقول: فلا تعجلوا بقتلي فإني سأموت فتفعل بي الضّبع هذا.
[63]
[معنى امرأة قرزح]:
قال: وحدثنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي قال يقال: امرأة قرزح (4) أي: قصيرة.
[64] [شعر في الرثاء]: قال: أنشدنا ابن الأعرابي: [الكامل]
آب الغزاة ولم يؤب عمرو ... للهما وارى (5) به القبر
يا عمرو للضّيفان إذ نزلوا ... والحرب حين ذكا لها الجمر
يا عمرو للشّرب الكرام إذا ... أزم الشّتاء وعزّت الخمر
أصبحت بعد أخي ومصرعه ... كالصّقر خان جناحه كسر
__________
(1) الذي في «اللسان» وغيره من كتب الأدب: «للموت كأس والمرء ذائقها». ط
(2) عماس: شديد. ط
(3) البيت للشنفري الأزدي كما في «شرح ديوان الحماسة» للتبريزي جزء أول (ص 242) طبع أوربا، وروايته: لا تقبروني أن قربي إلخ. ط
(4) كذا في الأصل والذي في «القاموس» و «اللسان»: قرزحة بالتاء. ط
(5) الذي في الأصل: لله درماواري بزيادة لفظ در ولا يستقيم وزن الشعر بزيادتها كما لا يخفى. ط(1/594)
[65]
[مادة: نبل]:
قال: وأخبرنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي قال: معنى قوله: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبل على أعمامه» (1) أي: يناولهم النّبل. وقال: النابل: الحاذق، وتنبّل الموت المال إذا أخذ أفضله.
وأنشدنا: [البسيط]
فانبل بقومك إمّا كنت حاشرهم ... فكلّ حاشر أقوام له نبل (2)
[66]
[معنى: أجد في عيني حثرا]:
وقال أبو العباس، عن أبي نصر: خرج علينا الأصمعي ذات يوم، فقال: أجد في عيني حثرا أي: انسلاقا.
[67]
[حديث هريم بن أبي طحمة مع سعد بن نجد القردوسي]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حاتم أحسبه قال، عن أبي عبيدة قال: قال هريم بن أبي طحمة المجاشعي: كنا مع قتيبة بن مسلم بن عمرو الباهلي نقاتل العدو، فهاجت قسطلانيّة، فتلقّاني سعد بن نجد القردوسي وهو قاتل قتيبة بن مسلم، فطعنته فصرعته، فقال: ما صنعت! ويلك! فعرفته، فقلت: يموت من الطّعنة، فإن مضيت عنه ومرّ به رجل من الأزد فيقول له: من طعنك؟ فيقول: هريم، فيطلبوني بدمه، فهممت بقتله وانتضيت سيفي، ففطن فلها وقال: ويلك يا حمار! ما عليّ بأس، أعنّي حتى أركب، فأعنته فركب ومرض من الطعنة، فكنت أعوده مع أصحابه فلا يخبرهم حتى أفاق، فلقيني يوما فضحك وقال: ويلك! أردت أن تقتلني! فقلت: نعم، وأخبرته بما قلت في نفسي، فقال:
علمت ذاك ولكن اسمع، وأنشأ يقول: [الطويل]
لقد كنت في نيل الشهادة راغبا ... فزهّدني فيها لقاء ابن أطحما
ولو كان أرداني لكنت مخاصما ... لدى موقف الحشر اللّئيم الملطّما
وكان بوائي لو أصابته أسرتي ... أذلّ بني حوّاء طرّا وألأما
وأقسم لولا أن تعرّض دونه ... قتام يريك الصّبح أسحم مظلما
لخضخضت في صدر التّميميّ صعدة ... تزجّي سنانا كالوذيلة (3) لهذما (4)
ولولا اعتياص المهر إذ ملت واجبا ... لجلّلته عضب الغرارين مهذما
__________
(1) «سيرة ابن هشام» (1/ 243)، و «البداية والنهاية» (3/ 453) في الحديث عن حرب الفجار.
(2) في «اللسان» مادة «نبل» في هامشه أنه لصخر الغى وفسره بقوله: أي أرفق بقومك فكل سيد قوم يحشرهم ويجمعهم له رفق بهم، وكتب في هامشه بأن النبل بمعنى الرفق بفتحتين وبضمتين. ط
(3) الوذيلة: المرآة. ط
(4) اللهذم: القاطع. ط(1/595)
فإن تشد الجعراء يوما بذكرها ... فقد أحرزت فخرا بها متقدّما
وثوبا أبي رهن بها أن أبيئها ... بشروى لها جيّاشة تقلس الدّما
ثم قال: خذها يا أخا تميم.
[68]
[أول من أطعم الناس الفالوذج]:
وحدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثني الرياشي، قال: حدثنا محمد بن سلام قال: قال أمية بن أبي الصّلت: أتيت نجران فدخلت على عبد المدان بن الدّيّان، فإذا به على سريره، وكأنّ وجهه قمر، وبنوه حوله كأنّهم الكواكب، فدعا بالطعام، فأتي بالفالوذج، فأكلت طعاما عجيبا، ثم انصرفت وأنا أقول: [الكامل]
ولقد رأيت القائلين وفعلهم ... فرأيت أكرمهم بني الدّيّان
ورأيت من عبد المدان خلائقا ... فضل الأنام بهنّ عبد مدان
البرّ يلبك بالشّهاد طعامه ... لا ما يعلّلنا بنو جدعان
فبلغ ذلك عبد الله بن جدعان، فوجّه إلى اليمن من جاءه بمن يعمل الفالوذج بالعسل، فكان أوّل من أدخله مكة، ففي ذلك يقول ابن أبي الصلت: [الوافر]
له داع بمكّة مشمعلّ (1) ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردح (2) من الشّيزى عليها ... لباب البرّ يلبك بالشّهاد
[69]
[ما يطلق على الرجل في مراحل عمره المختلفة]:
قال: وحدثنا أبو عمر، قال: حدثنا ثعلب قال: يقال للصبي إذا ولد: رضيع وطفل، ثم فطيم، ثم دارج، ثم جفر، ثم يفعة ويافع، ثم شدخ، ثم حزوّر، ثم مراهق، ثم محتلم، ثم خرج وجهه ويقال: بقل وجهه، ثم اتّصلت لحيته، ثم مجتمع، ثم كهل والكهل من ثلاث وثلاثين سنة، ثم فوق الكهل طعن في السّنّ، ثم خصّفه القتير، ثم أخلس شعره، ثم شمط، ثم شاخ، ثم كبر، ثم توجّه، ثم دلف، ثم دبّ، ثم عوّد، ثم ثلب.
[70]
[بين أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر في إعراب: ليس الطيب إلا المسك]:
قال: وحدثنا أبو حاتم، قال: سمعت الأصمعي يقول: جاء عيسى بن عمر الثقفي ونحن عند أبي عمرو بن العلاء، فقال: يا أبا عمرو، ما شيء بلغني عنك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال: بلغني عنك أنك تجيز ليس الطّيب إلا المسك بالرفع، فقال أبو عمرو: نمت يا أبا عمر وأدلج الناس، ليس في الأرض حجازيّ إلا وهو ينصب، وليس في الأرض تميميّ إلا وهو يرفع، ثم قال أبو عمرو: قم يا يحيى يعني اليزيدي.، وأنت يا خلف يعني خلفا الأحمر فاذهبا إلى أبي مهديّة فلقناه الرفع فإنه لا يرفع، واذهبا إلى المنتجع ولقّناه النصب
__________
(1) مشمعل: مشرف عال. ط
(2) ردح: جمع رداح وهي الجفنة العظيمة. والشيزي خشب أسود تعمل منه الجفان أو هو الآبنوس. ط(1/596)
فإنه لا ينصب، قال: فذهبا فأتيا أبا المهدي وإذا هو يصلي، وكان به عارض وإذا هو يقول:
أخسأناه عنّي، ثم قضى صلاته والتفت إلينا وقال: ما خطبكما؟ قلنا: جئنا نسألك عن شيء، قال: هاتيا، فقلنا: كيف تقول ليس الطّيب إلا المسك؟ فقال: أتأمراني بالكذب على كبرة سنّي! فأين الجادي؟ وأين كذا؟ وأين بنّة الإبل الصادرة؟ فقال له خلف الأحمر: ليس الشراب إلا العسل، فقال: فما يصنع سودان هجر؟ ما لهم شراب غير هذا التمر. قال اليزيدي: فلما رأيت ذلك منه قلت له: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها، فقال: هذا كلام لا دخل فيه، ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله، فقال اليزيدي: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها، فقال: ليس هذا لحني ولا لحن قومي، فكتبنا ما سمعنا منه، ثم أتينا المنتجع فأتينا رجلا يعقل، فقال له خلف: ليس الطّيب إلا المسك، فلقّنّاه النصب وجهدنا فيه فلم ينصب وأبى إلّا الرفع، فأتينا أبا عمرو فأخبرناه وعنده عيسى بن عمر لم يبرح، فأخرج عيسى بن عمر خاتمه من يده وقال: ولك الخاتم بهذا! والله فقت الناس (1).
[71]
[ما يعجب أبا عبيدة من كل شعر أبي نواس]:
قال أبو علي: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن الجنيد ورّاق أبي بكر بن دريد قال:
قال أبو محمد التوزي: سمعت أبا عبيدة يقول: يعجبني من شعر أبي نواس كله بيتان، قوله:
[الطويل]
ضعيفة كرّ الطّرف تحسب أنها ... حديثة عهد بالإفاقة من سقم
وإني لآتي الأمر من حيث يتّقى ... وتعلم قوسي حين أقصد من أرمي
[72]
[ابن هرمة والمنصور]:
وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: دخل الشعراء على المنصور وفيهم طريح بن إسماعيل الثقفي وابن ميّادة وغيرهم، فأذن لهم في الإنشاد، فأنشدوه من وراء حجاب، حتى دخل ابن هرمة في آخرهم، فأنشده حتى بلغ إلى قوله من شعره: [الطويل]
إليك أمير المؤمنين تجاوزت ... بنا بيد أجواز الفلاة الرّواحل
يزرن امرأ لا يصلح القوم أمره ... ولا ينتجي الأدنون فيما يحاول
إذا ما أتى شيئا مضى كالذي أتى ... وإن قال إني فاعل فهو فاعل
كريم له وجهان وجه لدى الرّضا ... أسيل ووجه في الكريهة باسل
له لحظات عن حفافي سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل
فأمّ الذي آمنت آمنة الرّدى ... وأمّ الذي حاولت بالثّكل ثاكل
رأيتك لم تعدل عن الحقّ معدلا ... سواه ولم تشغلك عنه الشّواغل
__________
(1) «أمالي الزجاجي» (243241).(1/597)
فقال: يا غلام، ارفع الحجاب، وأمر له بعشرة آلاف، والدينار يومئذ بسبعة، وأعطى الباقين ألفين ألفين.
[73]
[الفرزدق ونصيب ينشدان سليمان بن عبد الملك]:
وأخبرنا أبو حاتم، قال: أخبرنا أبو عبيدة، عن يونس قال: دخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك ومعه نصيب الشاعر، فقال للفرزدق: أنشدني وهو يرى أنه ينشد مديحه، فأنشده: [الطويل]
وركب كأن الرّيح تطلب منهم ... لها سلبا من جذبها بالعصائب
سروا يركبون الليل وهي تلفهم ... على شعب الأكوار من كل جانب
إذا استوضحوا نارا يقولون ليتها ... وقد خصرت أيديهم نار غالب
فتغير وجه سليمان، فلما رأى نصيب ذلك قال: يا أمير المؤمنين، ألا أنشدك! فأنشده:
[الطويل]
وقلت لركب قافلين لقيتهم ... قفا ذات أوشال ومولاك قارب
قفوا خبّرونا عن سليمان إنني ... لمعروفه من آل ودّان طالب
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
فسرّ سليمان لذلك وأجازه.
[74]
[مدح آل المهلب]:
وأنشدنا أبو عثمان: [البسيط]
آل المهلّب قوم خوّلوا حسبا ... ما ناله عربيّ لا ولا كادا
لو قيل للمجد حد عنهم وخلّهم ... بما احتكمت من الدنيا لما حادا
إن المكارم أرواح يعدّ لها ... آل المهلب دون الناس أجسادا
* * * [75] قال أبو علي: سألت أبا بكر وكان يقرأ عليه شيء فيه: «سيشمظه»، فقال:
شمظته عن الشيء إذا منعته عنه.
[76]
[بعث خالد بن الوليد لهدم «ودّ»، وشعر في صروف الدهر، وقولهم: ليت أمك لم تولد ولم تلد]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال: أخبرنا السكن بن سعيد، عن محمد بن عباد، عن ابن الكلبي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه من غزوة تبوك لهدم «ودّ»، فحالت بينه وبين هدمه بنو عبد ودّ وبنو عامر الأجدار، فقاتلهم خالد فهزمهم وكسرهم، فقتل يومئذ غلام من بني عبد ودّ يقال له قطن بن شريح، فأقبلت أمه وهو مقتول فقالت متمثّلة: والشعر لرجل من ثقيف.: [الوافر](1/598)
ألا تلك المسرّة لا تدوم ... ولا يبقى على الدّهر النّعيم
ولا يبقى على الحدثان غفر ... بشاهقة له أمّ رءوم
ثم قالت: [البسيط]
يا جامعا جامع الأحشاء والكبد ... يا ليت أمّك لم تولد ولم تلد
ثم أقبلت عليه تقبله وتشهق حتى ماتت.
[77]
[الذّل للإخوان، والعفو عند المقدرة: طريق للمجد، وقضاء الحوائج، وإغاثة الملهوف]:
قال: وحدثنا أبو بكر قال: أخبرنا عبد الأول بن مرثد قال: سمعت ابن عائشة ينشد:
[البسيط]
لا يبلغ المجد أقوام وإن كرموا ... حتى يذلّوا وإن عزّوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرة ... لا عفو ذلّ ولكن عفو أحلام
وزاد بيتين آخرين عبد الأول، قال أبو بكر رحمه الله تعالي: وليس هو في عقب هذه: [البسيط]
وإن دعا الجار لبّوا عند دعوته ... في النائبات بإسراج وإلجام
مستلئمين لهم عند الوغى زجل ... كأنّ أسيافهم أغرين بالهام
[78]
[حكمة راهب]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو مسلم قتيبة، عن المدائني قال: لقي عالم من العلماء راهبا من الرّهبان، فقال له: يا راهب، كيف ترى الدهر؟ قال: يخلق الأبدان، ويجدّد الآمال، ويباعد الأمنيّة، ويقرّب المنيّة، قال: فما حال أهله؟ قال: من ظفر به نصب، ومن فاته تعب، قال: فما الغنى عنه؟ قال: قطع الرجاء منه، قال: فأيّ الأصحاب أبرّ وأوفى؟
قال: العمل الصالح. قال: فأيهم أضرّ وأبلى؟ قال: النفس والهوى. قال: فأين المخرج؟
قال: في سلوك المنهج، قال: وفيم ذاك؟ قال: في خلع الراحات وبذل المجهود.
[79]
[دعاء غلام أن يحول الله بينه وبين المعاصي، وإعجاب عمر بذلك]:
وحدثنا عبد الأول قال: حدثنا عفّان، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون قال: سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه غلاما يدعو ويقول:
اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه، فحل بيني وبين خطاياي فلا أعمل بشيء منها، فسرّ عمر بقوله ودعا له بخير (1).
__________
(1) أخرجه أحمد في «الزهد» (ص 24) باب زهد عمر بن الخطاب، وأورده السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 177) وعزاه إلى أحمد في الزهد وابن المنذر.(1/599)
[80]
[عبد الملك بن مروان وجرير، وفضل الجهاد، والغيرة على النساء، وإنزال الملائكة للنصر، وهياج الهوى، وصبوة الشاب والشيخ]:
وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: أخبرنا أبو عثمان، قال: أخبرنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن عطيّة بن الخطفي قال: كان جرير عند الحجاج بالعراق، وكان آمنه بعد ما أخافه أشد الخوف، فقدم الحجاج البصرة، وجرير والفرزدق يتسابّان سبع سنين قبل قدومه، وجرير مقيم بالبصرة، وكان قبل ذلك مقيما بالبادية، فكتب إليه بنو يربوع: أنت مقيم بالبادية وليس أحد يروى عنك، والفرزدق قد ملأ عليك العراق فانحدر إلى جماعة الناس فأشد بالرّجل كما يشيد بك، فانحدر وأقام بالبصرة، فلذلك يقول: [الكامل]
وإذا شهدت لثغر قومي مشهدا ... آثرت ذاك على بنيّ ومالي
فأوجهه الحجاج وملأ بمدحه الأرض، وبلغ أهل الشام وأمير المؤمنين ورواه الناس.
ثم إن الحجاج أوفده مع ابنه محمد عاشر عشرة من أهل العراق بعد ما أجازه بعشرة من الرقيق وأموال كثيرة، قال: فقدمنا على عبد الملك، فخطب بين يديه، ثم أجلسه على سريره عند رجليه، ثم دعا بالوفد منا رجلا رجلا وكلّنا له خطبة، فجعل كلّما خطب رجل قطع خطبته، وتكلم جرير فقطع خطبته، ثم قال: من هذا يا محمد؟ فقال: هذا يا أمير المؤمنين ابن الخطفى، قال: مادح الحجاج؟ قلت: ومادحك يا أمير المؤمنين فأذن لي أنشدك، فقال:
هات ما قلت في الحجاج، فاندفعت في قولي: [الوافر]
صبرت النفس يا بن أبي عقيل ... محافظة فكيف ترى الثوابا
ولو لم يرض ربّك لم ينزّل ... مع النصر الملائكة الغضابا
إذا سعر الخليفة نار حرب ... رأى الحجاج أثقبها شهابا
فقال: صدقت، وورائي الأخطل جالسا ولا أراه، ثم قال: هات بالحجاج، فأنشدته:
[الطويل]
طربت لعهد هيّجته المنازل ... وكيف تصابي المرء والشّيب شامل
فما فرغت منها حتى خيّلت في وجه أمير المؤمنين الغضب، وقال: هات بالحجاج، فأنشدته: [الكامل]
هاج الهوى لفؤادك المهتاج ... فانظر بتوضح باكر الأحداج
حتى أتيت على قولي:
من سدّ مطّلع النّفاق عليهم ... أم من يصول كصولة الحجاج
أم من يغار على النساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج
فتكلم الأخطل وقال: أين أمير المؤمنين يابن المراغة! فعلمت أنه الأخطل، فذببت حيال وجهي بكمّي وقلت: اخسأ، ومضيت حتى أنشدته كلّها، فقال الخليفة: اجلس،
فجلست، ثم قال: قم يا أخطل، هات مديح أمير المؤمنين، فقام حيالي فأنشد أشعر الناس وأمدح الناس، فقال له الخليفة: أنت شاعرنا ومادحنا، اركبه، فرمى بردائه وألقى قميصه على منكبه ووضع يده على عنقي، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن النصراني الكافر لا يعلو ولا يظهر على المسلم ولا يركبه، فقال أهل المجلس: صدق يا أمير المؤمنين، فقال: دعه، وانتقض المجلس وخرجنا، فدخل الوفد عليه ثمانية أيام مع محمد كلّهن أحجب فلا أدخل عليه، ثم دخلوا في التاسع وأخذوا جوائزهم وتهيّأوا في العاشر للدخول والتوديع للرحيل، فقال محمد: يا أبا حزرة، ما لي لا أراك تتجهز؟ قلت: وكيف وأمير المؤمنين عليّ ساخط! ما أنا ببارح أو يرضى عنّى، فلما دخل عليه محمد ليودّعه، قال: يا أمير المؤمنين، إن ابن الخطفي مادحك وشاعرك ومادح الحجّاج سيفك وأمينك، وقد لزمتنا له صحبة وذمام، فإن رأيت أن تأذن له! فإنه أبى أن يخرج معنا وأنت غضبان، وآلى أنه لا يخرج أو ترضى عنه، فيدخل ويودّعك، فأذن لي، فدخلت عليه ودعوت له، فقال: إنما أنت للحجاج، قلت: ولك يا أمير المؤمنين، ثم استأذنته في الإنشاد، فسكت ولم يأذن لي، فاندفعت فقلت: [الوافر](1/600)
من سدّ مطّلع النّفاق عليهم ... أم من يصول كصولة الحجاج
أم من يغار على النساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج
فتكلم الأخطل وقال: أين أمير المؤمنين يابن المراغة! فعلمت أنه الأخطل، فذببت حيال وجهي بكمّي وقلت: اخسأ، ومضيت حتى أنشدته كلّها، فقال الخليفة: اجلس،
فجلست، ثم قال: قم يا أخطل، هات مديح أمير المؤمنين، فقام حيالي فأنشد أشعر الناس وأمدح الناس، فقال له الخليفة: أنت شاعرنا ومادحنا، اركبه، فرمى بردائه وألقى قميصه على منكبه ووضع يده على عنقي، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن النصراني الكافر لا يعلو ولا يظهر على المسلم ولا يركبه، فقال أهل المجلس: صدق يا أمير المؤمنين، فقال: دعه، وانتقض المجلس وخرجنا، فدخل الوفد عليه ثمانية أيام مع محمد كلّهن أحجب فلا أدخل عليه، ثم دخلوا في التاسع وأخذوا جوائزهم وتهيّأوا في العاشر للدخول والتوديع للرحيل، فقال محمد: يا أبا حزرة، ما لي لا أراك تتجهز؟ قلت: وكيف وأمير المؤمنين عليّ ساخط! ما أنا ببارح أو يرضى عنّى، فلما دخل عليه محمد ليودّعه، قال: يا أمير المؤمنين، إن ابن الخطفي مادحك وشاعرك ومادح الحجّاج سيفك وأمينك، وقد لزمتنا له صحبة وذمام، فإن رأيت أن تأذن له! فإنه أبى أن يخرج معنا وأنت غضبان، وآلى أنه لا يخرج أو ترضى عنه، فيدخل ويودّعك، فأذن لي، فدخلت عليه ودعوت له، فقال: إنما أنت للحجاج، قلت: ولك يا أمير المؤمنين، ثم استأذنته في الإنشاد، فسكت ولم يأذن لي، فاندفعت فقلت: [الوافر]
أتصحو أم فؤادك غير صاح
فقال: بل فؤادك
عشيّة همّ صحبك بالرواح
حتى فرغت منها وعلمت أني إن خرجت بغير جائزة كان إسقاطي آخر الدهر، فلما بلغت إلى شكوى أم حزرة قلت في أثر ذلك:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
فجعل يقول: نحن كذلك، ثم قال: ردّها عليّ، فرددتها فطرب لذلك، وقال: ويحك! أتراها ترويها مائة من الإبل؟ قلت: نعم إن كانت من نعم كلب، وقد كنت رأيت خمسمائة من نعم كلب مخصّفة ذراها ثنيانا وجذعانا، فقال: أخرجوا له مائة من النعم التي جاءت من عند كلب ولا ترذلوها، فشكرت له وشكر له أصحابي ومن شهدني من العرب، ثم قلت: يا أمير المؤمنين، إنما نحن أشياخ من أهل العراق وليس في واحد منا فضل عن راحلته، قال:
أفنعجل لك أثمانها؟ قلت: لا، ولكن الرّعاء يا أمير المؤمنين، فنظر جنبتيه ثم قال لجلسائه ك كم يجزي مائة من الإبل؟ قالوا: ثمانية يا أمير المؤمنين، فأمر بثمانية أعبد: أربعة صقالبة، وأربعة نوبيّة، وإذا قد أهدى إليه بعض الدّهاقين ثلاث صحاف فضة وهنّ بين يديه يقرعهنّ بالخيزرانة، فقلت: المحلب يا أمير المؤمنين. فندس (1) إليّ منهن واحدة وقال: خذها لا نفعتك! قلت: بلى، كلّ ما أخذته منك ينفعني إن شاء الله، وانصرفنا وودّعناه. وكتب محمد إلى أبيه بالحديث كلّه، فلما قدمنا على الحجاج قال لي: أما والله لولا أن يبلغ أمير المؤمنين
__________
(1) ندس إلى منهن واحدة: قذفني بها. ط(1/601)
فيجد عليّ لأعطيتك مثلها، ولكن هذه خمسون راحلة وأحمالها حنطة تأتي بها أهلك فتميرهم، فقبضتها وانصرفت.
[81]
[شعر الرقاشي عند احتضاره]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالي قال: حدثنا أبو حاتم، قال:
أخبرني بعض أشياخ البصريين، قال: حدثني أبو منجوف قال: حضرت وفاة الرّقاشي ودخل عليه الطبيب وجسّ عرقه، فلما انصرف اتبعته فأيأسني منه، فكأنّ الرقاشيّ أحسّ بذلك، فلما رآني قال: [الوافر]
سألتك بالمودّة والجوار ... وقرب الدار من قرب المزار
بما ناجاك إذ ولّى سعيد ... فقد أوجست من ذاك السّرار
[82]
[شعر في صروف الدهر، وترك الفرح بالمولود، والحزن على الميت]:
وأنشدنا الحسن بن خضر، قال: أنشدنا أبو هلال: [البسيط]
هذا الزمان الذي كنّا نخبّره ... فيما يحدّث كعب وابن مسعود
إن دام ذا العيش لم نحزن على أحد ... ممن يموت ولم نفرح بمولود
[83] قال: وحدثنا، قال: أخبرنا أبو حاتم، عن الأصمعي، عن سلم بن قتيبة قال:
كانت إياد ترد المياه فيرى منهم مائتا شابّ على مائتي فرس بشية واحدة، وكانوا أعدّ العرب، وإنهم استقلّوا بعشرين ألف غلام أغرل، فأوغلوا حتى وقعوا ببلاد الروم، فأسر رجل منهم فأردفه آسره خلفه وهو يظنه روميّا فسمعه يقول: [الوافر]
ترى بين الأثيل وفيد مجرى ... فوارس من نمارة غير ميل
ولا جزعين إن ضرّاء نابت ... ولا فرحين بالخير القليل
فأراد الرومي أن يشد وثاقه، فاخترط العربي سيف الرومي فقتله به وركب فرسه ولحق بأصحابه. والله أعلم.
[84]
[أبو عطاء السندي يمدح المثني بن يزيد]:
وأنشدنا العكلى، قال: أنشدني أبو عامر الفقيمي لأبي عطاء السندي، يقوله في المثنّى بن يزيد بن عمر بن هبيرة: [البسيط]
أمّا أبوك فعين الجود نعرفه ... وأنت أشبه خلق الله بالجود
لولا أبوك ولولا قبله عمر ... ألقت إليك معدّ بالمقاليد
لا ينبت العود إلا في أرومته ... ولا يكون الجنى إلا من العود
[85]
[غزليات]:
قال: وأنشدنا عبد الرحمن، عن عمه لعبد من عبيد بني عامر بن ذهل: [الطويل]
أيا حبّ ليلى داخلا متولّجا ... شعوب الحشا هذا عليّ شديد
ويا حبّ ليلى عافني منك مرّة ... وكيف تعافيني وأنت تزيد
ويا حبّ ليلى أعطني الحكم واحتكم ... عليّ فما يبغى عليّ شهيد
قال: وأنشدنا أيضا عبد الرحمن، عن عمه: [الوافر](1/602)
أيا حبّ ليلى داخلا متولّجا ... شعوب الحشا هذا عليّ شديد
ويا حبّ ليلى عافني منك مرّة ... وكيف تعافيني وأنت تزيد
ويا حبّ ليلى أعطني الحكم واحتكم ... عليّ فما يبغى عليّ شهيد
قال: وأنشدنا أيضا عبد الرحمن، عن عمه: [الوافر]
أليس الله يعلم أن قلبي ... يحبّ الفتية المتبرقعينا
هم الفتيان إلا أنّ فيهم ... دماليجا وأنّ لهم برينا
[86]
[ابن عبدل ولطف مسألته]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا أبو عثمان، عن التوزي قال: صحب ابن عبدل الأسدي معروف بن بشر حينا، فأبطأ عنه بصلته فتغيّب عنه أياما ثم أتاه، فقال: أين كنت؟
قال: أصلح الله الأمير، خطبت بنت عمّ لي فأرسلت إليّ: أنّ لي أشاوى (1) على الناس وديونا، فانطلق فاجمع ذلك ثم ائتني أفعل، ففعلت، فلما أتيتها بحاجتها كتبت إلى تؤيّسني وتقول: [الوافر]
سيخطئك الذي أمّلت منّي ... إذا انتقضت عليك قوى حبالي
كما أخطاك معروف ابن بشر ... وكنت تعدّه لك رأس مال
فلا والله لو كرهت شمالي ... يميني ما وصلت بها شمالي
فضحك ابن بشر وقال: ما ألطف ما سألت، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
[88]
[ناسك رغم أنفه!]:
قال: وأخبرنا أبو عثمان قال: كان الجمّاز منقطعا إلى أبي جزء الباهلي، فتنسّك أبو جزء وقال للجماز: لا أحب أن تخالطني إلا أن تتنسّك، فأظهر الجمّاز النّسك وأنشأ يقول:
[الخفيف]
قد جفاني الأمير حين تقرّا (2) ... فتقرّيت مكرها لجفائه
والذي أنطوي عليه المعاصي ... علم الله نيّتي من سمائه
ما قراة لمكره بقراة ... قد رواه الأمير عن فقهائه
[89]
[أنساب مذحج]:
قال: وحدثنا قال: حدثنا، السكن بن سعيد قال: كان أبو نواس سأل هشاما: ما أنساب مذحج؟ فأبطأ عليه، فكتب إليه: [الطويل]
أبا منذر ما بال أنساب مذحج ... مرجّمة دوني وأنت صديق
فإن تأتني يأتك ثنائي ومدحتي ... وإن تأب لا يسدد عليّ طريق
فبعث بها إليه.
__________
(1) أشاوى: جمع شيء. ط
(2) تقرأ مسهل تقرأ بمعنى تنسك. ط(1/603)
[90]
[شاعر يصف نساءه الأربع]:
قال: وحدثنا السكن بن سعيد الجرموزي، عن محمد بن عباد، عن ابن الكلبي قال:
قال الحجاج يوما وعنده أصحابه: أما إنه لا يجتمع لرجل لذّة حتى تجتمع أربع حرائر في منزله يتزوجهن، فسمع ذلك شاعر من أصحابه يقال له الضحاك، فعمد إلى كل ما يملك فباعه وتزوج أربع نسوة فلم توافقه واحدة منهنّ، فأقبل إلى الحجاج فقال: سمعتك أصلحك الله تقول: لا تجتمع لرجل لذة حتى يتزوج أربع حرائر، فعمدت إلى قليلي وكثيري فبعته وتزوجت أربعا فلم توافقني واحدة منهنّ: أما واحدة منهنّ فلا تعرف الله ولا تصلّي ولا تصوم، والثانية حمقاء لا تتمالك، والثالثة مذكّرة متبرّجة، والرابعة ورهاء (1) لا تعرف ضرّها من نفعها، وقد قلت فيهنّ شعرا. قال: هات ما قلت لله أبوك! فقال: [الطويل]
تزوّجت أبغي قرّة العين أربعا ... فيا ليتني والله لم أتزوّج
ويا ليتني أعمى أصمّ ولم أكن ... تزوجت بل يا ليتني كنت مخدج (2)
فواحدة لا تعرف الله ربّها ... ولم تدر ما التقوى ولا ما التّحرّج
وثانية حمقاء تزني مخانة ... تواثب من مرّت به لا تعرّج
وثالثة ما إن توارى بثوبها ... مذكّرة مشهورة بالتّبرج
ورابعة ورهاء في كل أمرها ... مفرّكة (3) هوجاء من نسل أهوج
فهنّ طلاق كلهن بوائن ... ثلاثا بتاتا فاشهدوا لا ألجلج
فضحك الحجاج وقال: ويلك! كم مهرتهنّ؟ قال: أربعة آلاف أيها الأمير، فأمر له باثني عشر ألف درهم.
[91]
[عذر أقبح من ذنب]:
قال: وأخبرنا أبو بكر، قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: سمعت أعرابيّا يعذل صاحبا له في الشراب فقال له: [الوافر]
فإنّك لو شربت الخمر حتى ... يظلّ لكل أنملة دبيب
إذا لعذرتني وعلمت أني ... بما أتلفت من مالي مصيب
[92]
[مسافر في كل حين]:
قال أبو بكر رحمه الله تعالي: وأنشدنا عبد الرحمن، عن عمه: [الطويل]
تقول سليمى سار أهلك فارتحل ... فقلت وهل تدرين ويحك من أهلي
__________
(1) الورهاء: الخرقاء. ط
(2) كذا في الأصل وفيه مع الأبيات بعده الأقواء وهو اختلاف حركة الروي في الإعراب. والمخدج:
ناقص الخلق. ط
(3) المفركة: المرأة التي يبغضها الرجال. ط(1/604)
وهل لي أهل غير ظهر مطيّتي ... أروح وأغدو ما يفارقها رحلي
[93]
[الترغيب في الزواج]:
قال أبو علي: وقرئ على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش، وأنا أسمع، وذكر أنه قرأ جميع ما جاء عن أبي محلّم، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمه الله تعالي، فذكر أنه سمع ذلك مع أبيه من أبي محلم، قال أبو محلم: أخبرني سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاووس: لتتزوّجنّ أو لأقولنّ لك ما قال عمر لأبي الزوائد، قلت له: ما قال؟ قال له: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور. أبو الزوائد هذا من أهل مكة (1).
* * * [94] قال: وقال لي أبو محلم: حدثني جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألك امرأة؟ قال: قلت: لا، قال:
فتزوج، فإن خير هذه الأمة من كان أكثرها نساء (2).
[95] وأنشدنا أبو محلم لخنّوص أحد بني سعد هذين البيتين: [الطويل]
ألا عائذ بالله من سرف الغنى ... ومن رغبة يوما إلى غير مرغب
ومن لا يرح إلا سواما لغيره ... وإن كان ذا قربى من الناس يعزب
السّوام: المال، يقال: أراح فلان إذا كان له مال، وأعزب إذا لم يكن له مال. وأنشد:
[الطويل]
إذا حدّثتك النفس أنك قادر ... على ما حوت أيدي الرجال فكذّب
فإن أنت لم تفعل ومال بك الهوى ... إلى بعض ما منّتك يوما فجرّب
فإن تك ذا لبّ يزدك صلابة ... على المال محجى ذو العطاء المثرّب
محجى أي: ممسكا. يقال: حجا الرجل ماله إذا أمسكه. قال أبو محلم وذكر أعرابي امرأته فقال: ما تحجو دوننا شيئا أي: ما تمسك.
وأنشد للفرزدق: [الطويل]
وذلك خير من عطاء مثرّب ... منون ومن شبعان تحجى دراهمه
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه ولا تثرّبوا» أي: لا تعيّروا، ومنه قول الله عزّ وجلّ: {لََا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] أي: لا لوم ولا تأنيب، وأنشدنا أبو محلم شاهدا على المنون: [الوافر]
سألتهم الجزيل فليس فيهم ... بخيل بالعطاء ولا منون
__________
(1) انظر: «إحياء علوم الدين» (2/ 23) باب «فوائد النكاح وآفاته».
(2) أخرجه البخاري (5069) موقوف على ابن عباس.(1/605)
[96]
[شعر في تغيّر الحال، والبكاء لفقد الجود والأدب]:
وأنشدنا قال: أنشدنا أبو العباس المبرد قال: أنشدني ابن المصفّى: [الخفيف]
ربّ بيت رأيت قد زيّنوه ... لم يزل أسرع البيوت خرابا
فيه غضّ الشّباب قد متّعوه ... بمتاع وألبسوه ثيابا
[97] وأنشدنا لعبد الله بن طاهر: [الطويل]
ألا من لقلب مسلم للنّوائب ... أطافت به الأحزان من كل جانب
يخبّر يوم البين أنّ اعتزامه ... على الصّبر من إحدى الظّنون الكواذب
[98] وأنشدنا لعبيد الله بن عبد الله: [الطويل]
وإني لأعطي كلّ أمر بقسطه ... إذا الخطب عن حزم الرّويّة أجهضا
فأستعتب الأحباب والخدّ ضارع ... وأستعتب الأعداء والسّيف منتضى
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة في أبي بكر بن دريد رحمة الله تعالى عليه:
[البسيط]
فقدت بابن دريد كلّ فائدة ... لمّا غدا ثالث الأحجار والتّرب
وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا ... فصرت أبكي لفقد الجود والأدب
[99] قال: وحدثنا أبو الحسن، قال: أنشدنا أبو محلم للمخارق بن شهاب أحد بني خزاعيّ بن مالك بن عمرو بن تميم: [الكامل]
كم شامت بي إن هلكت وقائل ... لا يبعدنّ مخارق بن شهاب
المشتري حسن الثناء بماله ... والمالئ الجفنات للأصحاب
مأوى الأرامل والضّريك إذا اشتكى ... وثمال كلّ معيّل قرضاب
وأخي إخاء قد غدا متقلّدا ... سيفا وراحلتي له وثيابي
الضريك: الفقير. والقرضاب: الذي لا شيء له، هكذا قال أبو محلم. قال أبو علي:
وأنا أقول القرضاب والقرضوب أيضا: اللّصّ.
* * * [100] قال: وأنشدنا أبو محلم لأبي حزرة يعني: جريرا في ابنه: [الرجز]
إن بلالا لم تشنه أمّه ... لم يتناسب خاله وعمّه
يشفي الصّداع ريحه وشمّه ... كأن ريح المسك مستحمّه
ويذهب الغليل عنّي ضمّه ... يقضي الأمور وهو سام همّه
فآله آلي وسمّي سمّه
آل الرجل: شخصه. وسمّه: خليقته.(1/606)
[101]
[من أيمان العرب]:
قال أبو علي: ومن أيمان العرب ما حدثنا به أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش، عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: تقول العرب: «لا وقائت نفسي القصير» القائت: من القوت يعطيه قليلا قليلا. وتقول: «لا والذي لا أتّقيه إلا بمقلتة» أي: الموت في عنقي، فكل شيء حتف، من القلت أي: الموت.
قال أبو علي: وقرأت في نوادر ابن الأعرابي على أبي عمر: «لا والذي لا أتّقيه إلا بمقتله» أي: كل شيء مني مقتل، من حيث شاء قتلني.
قال: ومن أيمانهم: «لا ومقطّع القطر». «لا وفالق الإصباح». «لا ومهبّ الرياح». «لا ومنشر الأرواح». «لا والذي مسحت أيمن كعبته». «لا والذي جلّد الإبل جلودها». «لا والذي شقّ الجبال للسّيل والرجال للخيل». «لا والذي شقّهن خمسا من واحدة» يعنون الأصابع. «لا والذي وجهي زمم بيته» والزّمم: المقابلة. «لا والذي هو أقرب إليّ من حبل الوريد». «لا والذي يقوتني نفسي». «لا وبارئ الخلق». «لا والذي يراني من حيث ما نظر».
«لا والذي نادى الحجيج له». «لا والذي رقصن ببطحائه». «لا والرّاقصات ببطن جمع». «لا والذي أمدّ إليه بيد قصيرة». «لا والذي يراني ولا أراه». «لا والذي كلّ الشّعوب تدينه».
قال وقال أبو زيد: العقيليّون يقولون: «حرام الله لا آتيك» كقولك: «يمين الله لا آتيك». وجير: يمين خفضت للياء. وعوض: يمين رفعت للواو التي فيها.
* * * [102] وأنشدنا أبو الحسن، قال: أنشدنا أبو محلم: [الطويل]
ألا ليت شعري عن عوارضتي قنا ... لطول الليالي هل تغيّرتا بعدي (1)
وعن جارتينا بالبتيل أدامتا ... على عهدنا أم لم تدوما على العهد
وعن علويّات الرّياح إذا جرت ... بريح الخزامى هل تهبّ على نجد
البتيل: موضع. قال: ويقال: علوي وعلوي: قال وقال أبو محلم يقال: زينة وزين، وأنشد للقلاخ بن حزن بن جناب السعدي: [الرجز]
وزانه الشّحم وللشّحم زين
[103] وأنشد أيضا لزبّان بن سيّار الفزاري يتفجّع على قومه: [الوافر]
لئن فجّعت بالقرباء منّي ... لقد متّعت بالأمل البعيد
وما تبغي المنيّة حين تأتي ... على أدنى الأحبّة من مزيد
خلقنا أنفسا وبني نفوس ... ولسنا بالسّلام ولا الحديد
__________
(1) الشعر لمجنون ليلى كما في ياقوت. ط(1/607)
قال أبو محلم: ومن كلامهم: «كان ذاك والسّلام رطاب» وهو مثل. وأنشد لرؤبة بن العجّاج: [الرجز]
والصّخر مبتلّ كطين الوحل
[104] قال: وقال أبو محلم: يقال: ندسه بالرمح: إذا طعنه، وتندّس فلان الأخبار:
إذا استخبر عنها.
* * * [105] وأنشد للحارث بن ضبّ يهجو حبيب بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي: [الكامل]
أوصت صفيّة نسلها بوصيّة ... مرعيّة ختمت بأير الكاتب
أن لا تدوم لهم كرامة مكرم ... فيهم وأن ينبوا بحق الصاحب
وبذكر مرّ الفقر عند غناهم ... والشّحّ عند حضور حقّ واجب
والبخل بالمعروف والصّلة التي ... أوصى الإله بها لحقّ الراغب
فأرى ابنها حفظ الوصيّة كلّها ... وازداد لؤم طبائع وضرائب
يدعى الحرون عن المكارم كلها ... وإلى الملائم فهو أوّل واثب
ولقد أتاني وازع بمقالة ... عنه تقوّلها وليس بكاذب
أن لست خاتمها ولست بليّن ... ما عشت للجار المخاشن جانبي
لا تختمن صحيفة من بعدها ... إلا ببظر غزالة المتشاغب
فلقد رأيت أباك ماضي عمره ... في الصّهر ليس عن اللئام براغب
[106]
[حديث غالب أبي الفرزدق وسحيم الرياحي]:
قال أبو علي: وقرأنا على أبي الحسن قال: قال أبو محلم: حدثني جماعة من بني تميم، عن آبائهم، عن أجدادهم قالوا: أسنت بنو تميم زمن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فانتجعوا أرضا من أرض كلب من طرف السّماوة يقال لها صوأر، من الكوفة على عقبة أو مآبة وهو يوم عطوّد (1) طويل، فصنع غالب بن صعصعة وهو أبو الفرزدق طعاما ونحر نحائر وجفّن جفانا وجعل يقسمها على أهل المزايا، وهم أهل القدر، فأتت جفنة منها سحيم بن وثيل الرياحي الشاعر، فكفأها وضرب الخادم التي أتته بها، واحتفظ (2) غالب من
__________
(1) في هامش بعض نسخ «الأمالي» شاهدا على قوله عطود ما نصه: قلت قال الراجز:
أتم آديم يومها العطودا ... مثل سرى ليلتها أو أبعدا
وقال آخر: [الرجز]
لقد لقينا سفرا عطودا ... يترك ذا اللون النضير أسودا
وواو عطود زائدة، فوزنه فعول اهـ. ط
(2) يقال: أحفظه فاحتفظ أي: أغضبه فغضب. ط(1/608)
ذلك فعاتب سحيما، فسرى القول بينهما حتى تداعيا إلى المعاقرة، وكان سحيم رجلا فيه شنغيرة (1) وأذى للناس، وكان الناس شآفي القلوب عليه أي: وغراء الصدور عليه وكانت إبله خوامس قد أغبّت خمسا لم ترد، فوردت عليه إبل غالب، فطفق غالب يعقرها، وطافت الوغدان والفتيان بالإبل فجعلت تحوزها من أطرافها إليه، ومع الفرزدق هراوة يردّها على أبيه، فيقول غالب: ردّ أي بنيّ، فيقول الفرزدق: اعقر أبت، حتى نحر سائرها وكانت مائتين، فقال طارق بين ديسق بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع وكان يهاجي سحيما.: [الكامل]
أبلغ سحيما إن عرضت وجحدرا ... أن المخازي لا ينام قرادها
أقدحتما حتى إذا أوريتما ... للحرب ناركما لخبا إيقادها
لو كان شاهدنا الجميل ومالك ... لحبت لقاح ولّه أولادها
أطردتها نيبا تحنّ إفالها ... من أن يكون لسيفه إيرادها
وقال جرير للفرزدق حين هاجاه: [الطويل]
وألفيت خيرا من أبيك فوارسا ... وأكرم أياما سحيما وجحدرا
هم تركوا عمرا وقيسا كلاهما ... يمجّ نجيعا من دم الجوف أحمرا
وقال المحل بن كعب أخو بني قطن بن نهشل: [الطويل]
وقد سرّني أن لا تعدّ مجاشع ... من المجد إلا عقرنيب بصوأر
وقال جرير للفرزدق يهاجيه أيضا: [الطويل]
فنورد يوم الرّوع خيلا مغيرة ... وتورد نابا تحمل الكير صوأرا
شقيت بأيام الفجار فلم تجد ... لقومك إلا عقرنيبك مفخرا
وقال طارق بن ديسق يعيّر سحيما: [الطويل]
لعمري وما عمري عليّ بهيّن ... لقد ساء ما جازيت بابن وثيل
مددت بذي باع عن المجد جيدر ... وسيف عن الكوم الخيار كليل
وقال ذو الخرق الطّهوي (2) يتعصّب لغالب لأنه من بني مالك بن حنظلة: [المتقارب]
أبلغ (3) رياحا على نأيها ... ورهط المحلّ شفاة الكلب
فلا تبعثوا منكم فارطا ... عظيم الرّشاء كبير الغرب (4)
__________
(1) الشنغيرة ومثلها الشنغرة: سوء الخلق والفحش والبذاءة. ط
(2) هو شمر بن هلال بن قرط بن جشم بن سعد كما في «النقائض» (طبع ليدن صفحة 1070).
(3) بالأصل ألا أبلغن وهو خطأ ظاهر لأن البيت يكون مخزوما بخمسة أحرف والخزم لم يسمع ألا بأربعة فقط، والتصحيح عن كتاب «النقائض» (طبع ليدن صفحة 1070). ط
(4) الذي بالنقائض: «قصير الرشاء صغير الغرب». ط(1/609)
يعارض بالدّلو فيض الفرات ... تصكّ أواذيّه (1) بالخشب
فما كان ذنب بني مالك ... بأن سبّ منهم غلام فسب
عراقيب كوم طوال الذّرى ... تخرّ بوائكها (2) للرّكب
قال أبو علي: وأنشدني أبو بكر بن دريد [المتقارب]:
بأبيض يهتزّ في كفّه ... يقطّ العظام ويبري العصب
بأبيض ذي شطب (3) باتر ... يقطّ الجسوم ويفري الرّكب
تسامى قروم بني مالك ... فسامى بهم غالب إذ غلب
فأبقى سحيم على ماله ... وهاب السؤال وخاف الحرب
قال: فأقبلت إبل سحيم حتى وردت عليه، فأوردها كناسة (4) الكوفة، وجعل يعقرها وهو يقول: [الرجز]
كيف ترى جحيدرا يرعاها ... بالسيف يخليها إذا استخلاها
ينتثر الخزيز من ذراها
فلم ينفعه عقره إياها وقد سبقه غالب بالعقر. قال: وأخبرني عبيد الله بن موسى، قال:
أخبرني ربعيّ بن عبد الله بن الجارود الهذلي، عن أبيه، قال: قال علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: لا تأكلوا منها شيئا فإنها مما أهلّ به لغير الله، وأمر فطرد الناس عنها. وقال سحيم بن وثيل في معاقرته: [الطويل]
لهان بما يجني عفير وجحدر ... وذو السيف قد دنّى لها كلّ مقرم
ألا لا أبالي أن تعدّ غرامة ... عليّ إذا ما حوضكم لم يهدّم
فسبّحت في الظّلماء لمّا رأيتهم ... نجيّا وما يخفى عن الله يعلم
[107]
[من صيغ العرب في الدعاء على الإنسان]:
قال أبو العباس: يدعى على الإنسان، فيقال: «ماله آم وعام»، و «رماه الله بالأيمة والعيمة» أي: ماتت امرأته، يقال: رجل أيّم وامرأة أيّم إذا كان بغير امرأة وكانت بغير رجل، قال أبو الحسن: ولو قال: امرأة أيّمة، يخرجها على آمت لكان جيّدا لأنه يقال: آمت تئيم، كما يقال: باعت تبيع، ومثله كثير، وعام: هلكت ماشيته حتى يشتهي اللبن. قال ويقال:
«ماله حرب وحرب وجرب وذرب» حرب: ذهب ماله، وحرب هو في نفسه. وجربت إبله.
__________
(1) وأذى: جمع آذى وهو الموج. ط
(2) بوائك: جمع بائكة وهي الناقة السمينة. ط
(3) شطب السيف: طرائقه التي في متنه. ط
(4) كناسة الكوفة: محلة بها عندها أوقع يوسف بن عمر الثقفي يزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ط(1/610)
وذرب: ورم جسده. والذّربة: ورمة تخرج في عنق البعير. وماله شلّ عشره. ويدي من يده.
وأشلّ الله عشره. وأبرد الله مخّه أي: هزله. وأبرد الله غبوقه أي: لا كان له لبن حتى يشرب الماء. وقلّ خيسه أي: خيره. وعثر جدّه. ورماه الله بغاشية وهي وجع يأخذ على الكبد يكوى منه. ورماه الله بالسّحاف، وهو وجع يأخذ بين الكتفين وينفث صاحبه مثل العصب.
قال أبو علي وقال غيره: السّحاف السّلّ، ورجل مسحوف أي مسلول. ورماه الله بالعرفة، وهي قرحة تأخذ في اليد والرّجل وربما أشلّت. و «رماه الله بالحبن والقداد»، وهو داء يأخذه في بطنه، ومنه طائرة حبناء أي: في بطنها علّة. وقرع فناؤه وصفر إناؤه، أي: أخذت إبله فلا يكون له في فنائه شيء ولا في إنائه لبن، ويقال: ماله جدّت حلائبه أي: لا كانت له إبل. وإن كان كاذبا فاستراح الله رائحته أي: ذهب الله بها. «ورماه الله بأفعى حارية» أي: قد رجع سمّها فيها فأحرقها فهو أشد لضربتها. وذبلته الذّبول أي: ثكلته أمه، وأنشد: [المتقارب]
طعان الكماة وركض الجياد ... وقول الحواضن ذبلا ذبيلا
ويروى بالدال غير معجمة وهو أجود، يقال: دبلته الدّبول بالدال غير معجمة مثل ثكلته الثّكول أي: ثكلته أمّه. قال ثعلب: وقلت لابن الأعرابي قلت: له ذبلا ذبيلا، وقلت لي الآن دبلا دبيلا، فقال: بالدال غير معجمة أجود، قال: والذال يجوز.
* * * [108] وقال أبو محلم: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا عطس خمّر وجهه أي غطّاه (1). ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول: «خمّروا أسقيتكم وأجيفوا أبوابكم وأحذروا على صبيانكم فحمة العشاء» (2) وفحمة العشاء بفتح الفاء والحاء: ما بين العشاء الأولى والعشاء الآخرة.
وأنشد لبشير (3) بن النّكث الكلبي: [الوافر]
أجدّي فاشربي بحياض قوم ... عليهم من فعالهم حبير (4)
فإن بني رفاعة في معدّ ... هم اللّجأ المؤمّل والنّصير
هم الأخيار منسكة وهديا ... وفي الهيجا كأنّهم الصّقور
عن الفحشاء كلّهم عمي (5) ... وبالمعروف كلّهم بصير
__________
(1) أخرجه أبو داود (5029) والترمذي (2745) وأحمد (2/ 439) والحميدي (1157) وأبو يعلى (6663) والبغوي (3346) والحاكم (4/ 264) والبيهقي في «سننه الكبرى» (2/ 290) من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه البخاري (6295). ومسلم (، 2012، 2013، 2014).
(3) كذا ضبط في «اللسان» مادة «نكث». ط
(4) أي: أثر بين. ط
(5) كذا بالأصل والأنسب أن تكون عميّ.(1/611)
خلائق بعضهم فيها كبعض ... يؤمّ كبيرهم فيها الصغير (1)
[109]
[جرير يمدح حراسه]:
قال أبو علي: قرأت على أبي الحسن قال أبو محلم: كان المهاجر بن عبد الله الكلابي عاملا على اليمامة لهشام بن عبد الملك، وكان قد أقطع جريرا دارا، وأمر خمسين رجلا من جند أهل الشام أن يلزموا باب دار جرير، وأن يكونوا معه في ركوبه إلى باب دار المهاجر إشفاقا عليه من ربيعة، فاعتلّ جرير فقال يوم دخلوا عليه: [البسيط]
نفسي الفداء لقوم زيّنوا حسبي ... وإن مرضت فهم أهلي وعوّادي
لو حال دوني أبو شبلين ذو لبد ... لم يسلموني لليث الغابة العادي
إن تجر طير بأمر فيه عافية ... أو بالفراق فقد أحسنتم زادي
[110]
[معنى أبلّ]:
قال أبو محلم: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك (2) لأن القاذف المحدود لا شهادة له، فقال أبو بكرة: أشهد أنّ المغيرة زان، فقال عمر: إنّك لفاجر أبلّ، ومؤمن لا يفلّ. والأبلّ: الذي يمضي على أمره وشأنه لا يرجع عنه. وأنشد: [الرجز]
مجرّس (3) يخلط إفكا بجدل ... أبلّ إن قيل اتق الله احتفل
[111]
[متابعة مبحث دعاء العرب]:
قال وقال أبو العباس: «ماله غالته غول»، «شعبته شعوب». قال الأصمعي: شعوب بغير ألف ولام معرفة لا تنصرف لأنها اسم للمنيّة. و «ولعته الولوع»، ولعته: ذهبت به.
و «رماه الله بليلة لا أخت لها» أي: بليلة موت. «ورماه الله بما يقبّض عصبه» أي: بما يجمعه. وقولهم «: «قمقم الله عصبه» معناه أيبس عصبه فاجتمع، وأصل ذلك من القمقام وهو وسط البحر ومجتمع مائه. وقال أبو عمرو: يقال لما يبس من البسر القمقم. «لا ترك الله له هاربا ولا قاربا» أي: لا صادرا عن الماء ولا واردا. «شتّت الله شعبه» أي: أباد الله أهله. «مسح الله فاه» أي: مسحه من الخير. «رماه الله بالذّبحة» وهي وجع يكون في الحلق يطوّقه. «رماه الله بالطّسأة» مهموز وهي داء يأخذ الصبيان. قال أبو علي: الذي أحفظه الطّشّة، وأبو العباس ثقة حافظ فلا أدري أوقع الخطأ من الناقل إلينا أم من سهو أبي العباس أو تكون لغة غير الطّشّة. «سقاه الله الذّيفان» وهو السّمّ السريع القتل. وحكى عن الباهلي:
__________
(1) أي: يقتدي الصغير بالكبير. ط
(2) قصة شهادة أبي بكرة أخرجها البخاري (5/ 255) في الشهادات معلقة، والبيهقي (10/ 152) والطبري في «تاريخه» (4/ 70) وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (6/ 280) وقال: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح». وانظر: «سير أعلام النبلاء» (3/ 6).
(3) يقال: رجل مجرس: مجرب للأمور ومجرس: أي جربته الأمور وأحكمته. ط(1/612)
«جعل الله رزقه فوت فمه» أي: قريبا منه ويخطئه، أي: ينظر إليه قدر ما يقرب من فمه ثم لا يقدر عليه. «رماه الله في نيطه» وهو الوتين أي قتله. وقال أبو صاعد: «قطع الله به السّبب» أي: قطع سببه الذي به الحياة. «قطع الله لهجته» أي: أماته. «قدّ الله أثره» أي: أماته. وقال بعضهم في أتان له شرود: جعل الله عليها راكبا قليل الحداجة، بعيد الحاجة، والحداجة:
الحلس وهو الكساء الذي يحمل على الجمل. «عليه العفاء» أي: محو الأثر. «رغما دغما شنّغما» دعاء وهو إتباع. قال أبو الحسن: رغما أي: أرغم الله أنفه، ودغما: مثله، وشنّغما:
توكيد. «ماله جدّ ثدي أمّه» إذا دعا عليه بألا يكون له مثل. «لا أهدى الله له عافية» أي: من يطلب رفده وفضله، أي: كان فقيرا. «ثلّ عرشه» أي: ذهب عزّه. «ثلل ثلله». و «أثلّ الله ثلله» أي: أذهب الله عزه. «عيل ما عاله»، قال أبو عبيدة: هو في التمثيل أهلك هلاكه، أراد الدعاء عليه فدعا على الفعل، ويقال ذلك في المدح، أي: من قام بأمره فهو في خفض.
«حتّه الله حتّ البرمة»، والبرمة: ثمر الأراك. «لا تبع له ظلف ظلفا». «زال زواله» و «زيل زويله» أي: ذهب ومات. «سلّ» و «شلّ» و «غلّ» و «ألّ»، سلّ من السّلّ، وغلّ من الغلّ أي:
جنّ حتى يشدّ، وألّ: طعن بالألّة فقتل، والألة: الحربة، قال أبو الحسن: المعروف عند جميع العلماء ولا أعلم فيه اختلافا أنه يقال: شلّت يده وأشلّت، وحكى ثعلب: شلّ، وأظنه جرى على هذا لمزاوجة الكلام، لأن قبله سلّ وكذلك الذي يليه. وكذلك «لا عدّ من نفره» أي: مات، والنفر: أهل الرجل وأقاربه ممن ينفر معه في الشدة والخطب الجليل. وقال أبو زيد: «رماه الله بالطّلاطلة» بضم الطاء الأولى، والطّلطلة بضم الطاء أيضا على فعللة، قال وقال الراجز يذكر دلوا: [الرجز]
قتلتني رميت بالطّلاطله ... كأنّ في عرقوتيك بازله
وهي الداء العضال. «رماه الله بكل داء يعرف وكل داء لا يعرف». «سحفه الله» أي:
ذهب به وأفقره. «لا أبقى الله له سارحا ولا جارحا»، السارحة: الماشية، الإبل والبقر والغنم، لأنها تسرح في المرعى، والجارح: الفرس والحمار، ولا يكون البعير جارحا، وإنما قيل للفرس والحمار جارح لأن الفرس والحمار تجرح الأرض بوطئها أي: تؤثر فيها بحوافرها، والإبل لا أثر لها. «رماه الله بالقصمل» ويقال: القصمل وهو وجع يأخذ الدابة في ظهرها. ويقال: «قصمله» أي: دقّه. «بفيه الأثلب» والإثلب والكثكث والكثكث أيضا أي:
التراب، والدّقعم والحصلب وهو التراب. «بفيه البرى» قال أبو علي: التراب، قال وأنشد الفراء: [الرجز]
بفيك من ساع إلى القوم البرى (1)
«ألزق الله به الحوبة» أي: المسكنة، قال: ويقال: «برحا له وترحا» إذا تعجّب منه، أي: عناء له كما تقول للرجل إذا تكلم فأجاد: «قطع الله لسانه». قال وقال أبو مهدي: «بسلا
__________
(1) الرجز لمدرك ابن حصن الأسدي. انظر: «لسان العرب» مادة «يرى».(1/613)
له وأسلا»، كما تقول للإنسان إذا دعى عليه: «تعسا له ونكسا». «لحاه الله كما يلحى العود» أي: قشره كما يقشر العود إذا أخذ لحاؤه وهو القشر الرقيق الذي يلي العود. «لا ترك الله له شفرا ولا ظفرا» الشّفر: شفر العين، والشّفر: شفر المرأة.
وقال أبو علي: كذا يقال بالفتح «رماه الله بالسّكات». «رماه الله بخشاش أخشن، ذي ناب أحجن» يعني الذئب. «قرع مراحه» أي: لا كانت له إبل، قال عروة ابن الورد: [الوافر]
إذا آداك مالك فامتهنه ... لجاديه وإن قرع المراح (1)
«لأمّه العبر والعبر» أي: الثّكل، والعبر البكاء. «له الويل والأليل» وهو الأنين، قال ابن ميّادة: [الطويل]
وقولا لها ما تأمرين بعاشق ... له بعد نومات العشاء أليل
«ماله ساف ماله»، وأساف الرجل إذا هلك ماله، قال حميد بن ثور: [الطويل]
فما لهما من مرسلين لحاجة ... أسافا من المال التّلاد وأعدما
ويقال في مثل: «أساف حتّى ما يشتكي السّواف» أي: قد ألف ذلك ودرب به، يقال ذلك للذي امتحن الدهر وجرّبه ومرّ به خيره وشرّه. «ماله خاب كهده» الكهد: المراس والجهد. «ماله طال عسفه» أي: هوانه. «رماه الله بوامئة» أي: ببلاء وشر.
«اقتثمه الله إليه» أي: قبضه إليه. و «ابتاضه الله» و «ابتاضهم الله» وابتاض بنو فلان بني فلان إذا أتوا عليهم وعلى أموالهم، والبيضة: المعظم، ومنه: هذا البلد بيضة الإسلام أي:
مجتمعه كما تجمع البيضة التي على الرأس الشّعر. «أباد الله عترته» أي: ذهب بأهل بيته.
«سحقه الله». «أهلكه الله». «أباد الله غضراءه» أي: نضارته وحسن دنياه، والغضراء: الطينة العلكة. ويقال للإنسان إذا سعل: «عنّس بكدد» عنّس: طال مكثه أي: طال مكث السّعال عليه وقوي، والكدد والكديد: ما صلب من الأرض، وقال أبو محمد اليزيدي يقال للإنسان إذا سعل: «وتد عسير نكد». ويقال: «وريا وزيد بريا»، الوري: داء يكون في الجوف فلا يزال حتى يقتل، وبريا أي: يبرى حتى يذهب لحمه وبدنه. قال ويقال للذي يسعل: «أشمت الله عاديه» و «أشمت عدوّه». ويقال من الدعاء: «تركه الله حتّا بتّا فتّا لا يملك كفّا». ويقال:
«عبر وسهر». «أحانه الله وأذاله وأبانه». «أبلطه الله»، وإن فلانا لميلط أي: لا شيء له.
«ألزقه الله بالصّلّة» أي: بالأرض. وإذا أقبل الرجل وطلعته تكره قيل: «حداد حدّيه» أي:
مناع امنعيه، والحدّ: المنع، «صراف اصرفيه». «جدعه الله جدعا موعبا» أي: مستأصلا، يقال: أوعب بنو فلان إذا خرجوا من عند آخرهم. «رماه الله بمهدئ الحركة». «رماه الله بالواهنة» وهي وجع يأخذ في المنكب فلا يقدر الرجل أن يرمي حجرا. قال وقال الهلالي:
«ماله وبّد الله به» أي: أبعده، من تأبّد إذا توحش، قال أبو الحسن: حق هذا على ما ذكر أن
__________
(1) في «تاج العروس» الشعر لابن أذينة وآداك: أعانك.(1/614)
يكون أبّد الله به، وإثبات الواو جائز على بعد. ويقال للبعير والحمار: «لا حمل الله عليك إلا الرّخم» أي: أماتك الله حتى تقع عليك فتأكل لحمك. «رماه الله بالأنّة» أي: بالأنين.
«أبدى الله شواره» أي: مذاكيره. و «شوّر به»: أبدى عورته. «تربت يداه»: افتقر، قال الأصمعي: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عليك بذات الدّين تربت يداك» (1) أراد به الاستحثاث كما تقول: انج ثكلتك أمّك وأنت لا تريد أن يثكل، قال أبو عمرو: أي أصابهما التراب ولم يدع عليهما بالفقر، ومنه قول عباس بن مرداس السّلمي رضي الله تعالي عنه: [الوافر]
فأيّي ما وأيّك كان شرّا ... فقيد إلى المقامة لا يراها
ويروى: فسيق. والمقامة: المجلس، أي: عمى فلا يبصر حتى يقاد. «ماله بئي بطنه» مثل بعي أي: شقّ بطنه، وأنشد لمعقل بن ريحان: [الوافر]
بأوتهم وقد حبنوا فصحّوا ... وقد يشفي من الداء الطبيب
أي: عالجتهم حتى أنقادوا. «ماله شيب غبوقه» أي: قلّت ماشيته حتى يقلّ لبنه فيخلطه بالماء. «ماله عرن في أنفه» أي: طعن. «ماله مسحه الله برصا، واستخفّه (2) رقصا». و «لا ترك له خفّا يتبع خفّا». «عبلته العبول» ولقد عبلت فلانا عنا عابلة أي: شغلته عنا شاغلة، قال الشاعر: [الوافر]
وما بي ضعفة عن آل ورد ... ولا عبلت يداي ولا لساني
ورد بن عوف بن ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب. وقال يونس: تقول العرب إذا لقي الرجل شرّا: «ثبت لبده» و «أثبت الله لبده»، يدعون بذلك عليه، أي: دام عليه البلاء.
ويقال للذي يبكي: «دما لا دمعا» والقوم يدعى عليهم فيقال: «قطع الله بذارتهم»، والبذارة من البذر، كأنه أراد النّسل. و «أثلّ ثلله» أي: شغل عن بيته. «أتعس الله جدّه وأنكسه». قال:
وقال أبو مهدي: «طنية طانية»، والطّنّة بضم الطاء: الحتف. ويقال: «يا حرّة يدك» ويا حرّة أيديكم من الشدّة لا تفعلوا كذا وكذا. و «يا حرة صدري» ويا حرّة صدوركم بالغيظ. «وأخابه الله وأهابه»: جعله يتهيّب. و «عضله الله». ويقال: «قلّ قليله». و «قلّ خيسه» والخيس:
العدد. ويقال لمن شمت به: «لليدين وللفم». «به لا بظبي بالصّريمة أعفرا». و «تعسه الله ونكسه وأتعسه وأنكسه». التّعس: أن يخرّ على وجهه، والنّكس: أن يخرّ على رأسه. وقال الكسائي: «قبحا وشقحا» أي: كسرا، شقحه: كسره. «ألزق الله به العطش والنّطش» وألزق الله به الجوع والنّوع». النّوع: العطش. و «القلّ والذّلّ». «ماله سبد نحره ووبد» أي: سبد من الوجد على المال والكسب لا يجد شيئا، وقد سبد الرجل ووبد إذا لم يكن عنده شيء، وهو رجل سبد قاله أبو صاعد، وقال أبو الغمراء: إنما نعرفه من دعاء النساء «مالها سبد نحرها».
__________
(1) أخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة.
(2) قوله واستخفه إلخ كذا في أصله وحرر ضبطه ومعناه فإنا لم نعثر عليه. ط(1/615)
وقالت امرأة لأخرى: «خفّ حجرك وطاب نشرك» أي: لا كان لك ولد، والحجر: مجتمع مقدّم القميص. «رماه الله بسهم لا يشويه ولا يطنيه» أي: لا يمرضه ولا يخطئ مقتله ولا يلبثه. و «رماه الله بنيطه» أي: بالموت. ويقال: «أسكت الله نأمته ورخمته وزأمته» أي:
كلامه. «هبلته الهبول» و «ثكلته الثّكول» و «عبلته العبول» و «ثكلته الرّعبل» أي: أمّه الحمقاء، قال وأنشدنا الباهلي واسمه غيث: [الرجز]
وقال ذو العقل لمن لا يعقل ... اذهب إليك هبلتك الرّعبل
يعني: أمّه الحمقاء. و «ثكلته الجثل» أي: أمّه. «لا ترك الله له واضحة» أي: ذهب الله بثغره. «أرقأ الله به الدّم» أي: ساق إلى قومه حيّا يطلبون بقتيل فيقتل فيرقأ دم غيره به. «أرانيه الله أغرّ محجّلا» أي: مقتولا محلوق الرأس مقيدا لأنهم يأخذون النواصي. «أطفأ الله ناره» أي: أعمى عينيه. «رأيته حاملا جنبه» أي: مجروحا. «لا ترك الله له شامتة» والشّوامت:
القوائم. «خلع الله نعليه» أي: جعله مقعدا. «أسكّ الله مسامعه» أي: أصمّه. «لا درّ درّه» أي: لا أتي بخير. «فجع الله به ولودا ودودا». «جذّه الله جذّ الصلّيان» أي: لا ترك منه شيئا.
قال أبو صاعد: «سقاه الله دم جوفه» لأنه إذا هريق دمه هلك. قال أبو العباس ثعلب: قال أبو صاعد: «سبد الرجل ووبد» إذا لم يكن عنده شيء، وهو رجل سبد، والسّبد: البلاء بعضه على بعض، ويقال: «نعوذ بالله من النار وصائرة إليها ومن السّيل الجارف والجيش الجائح» جاحوا أموالهم يجوحونها جوحا، و «مصائب الغرائب وجاهد البلاء (1) ومعضلات الأدواء»، ويقال: «بهم اليوم قطرة من البلاء». و «نعوذ بالله من وطأة العدو وغلبة الرجال وضلع الدّين». و «نعوذ بالله من العين اللّامّة» أي: عين الحاسد، من ألمّ به يلمّ إذا أتاه لينظر إلى جميع ماله ويتأمله لا يخفى عليه منه شيء. ويقال: «نعوذ بالله من كل هامّة وعين لامّة» الهامّة: الحيّة، والهوامّ: دوابّ الأرض التي تهمّ بالإنسان تقصد له بما يكره، واللامّة: العين الحاسدة تلمّ بكل شيء تراه وتتفقّده حتى لا يفوتها شيء، ويقال: «نعوذ بالله من الهيبة والحيبة». «نعوذ بالله من أمواج البلاء (2) وبوائق الفتن وخيبة الرجاء وصفر الفناء».
قال أبو علي: هذا آخر الأيمان والدعاء. ومن الدعاء ما هو خارج عن الكتاب، قال الباهلي «رصف الله في حاجتك» أي: لطف لك فيها. وقال أبو مهدي يقال: «تأوّبك الله بالعافية وقرّة العين». وإذا وعدك الرجل عدة قلت: «عهد ولا برح» أي: ليكن ذلك. قال:
«ثوّبها الله الجنّة» أي: جعلها ثوابها. قال أبو مهدي: ووعدت بعض الأعراب شيئا فقال لها:
«سبّع الله خطاك». ويقال: «نشر الله حجرتك» أي: كثر الله مالك وولدك، والحجرة بفتح الحاء هاهنا: الناحية.
__________
(1) المعروف من الحديث جهد البلاء. ط
(2) المعروف في الحديث جهد البلاء. ط(1/616)
[112] قال أبو محلم: ويقال: الظّنون: الوشل أو البئر التي تكون قليلة الماء، وأنشد: [الوافر]
لعمرك إنّني وطلاب حبّى ... لكالمتبرّض الثّمد الظّنونا
يطيف به ويعجبه ثراه ... وضيق مجمّه قطع العيونا
يعني عيون الماء. والمتبرض: الذي يأخذ البرض وهو القليل من الماء ومن كل شيء، وأنشد للشّمردل بن شريك اليربوعي يرثي أخاه: [الطويل]
وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله
تبرّض بعد الجهد من عبراتها ... بقيّة دمع شجوها لك باذله
[113] وأنشدنا لرجل من بني ضبّة: [البسيط]
لقد علمت وإن قطّعتني عذلا ... ماذا تفاوت بين البخل والجود
إن لا أكن ورقا تغنى العفاة به ... للمعتفين فإنّي ليّن العود
قال أبو الحسن: الأجود: إن لا يكن ورق.
[114]
[شعر لحاتم الطائي في العفو]:
وأخبرنا أبو الحسن علي بن سليمان النحوي، قال: أنشدنا أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري، قال: أنشدني إبراهيم بن إسحاق المعمري التيمي، قال: أنشدني أبو البلاد التغلبي لحاتم طيّئ: [الطويل]
وعوراء جاءت من أخ فرددتها ... بسالمة العينين طالبة عذرا
ولو أنني إذ قالها قلت مثلها ... ولم أعف عنها أورثت بيننا غمرا (1)
فأعرضت عنه وانتظرت به غدا ... لعلّ غدا يبدي لمنتظر أمرا
وقلت له عد للأخوّة بيننا ... ولم أتّخذ ما كان من جهله قمرا
لأنزع ضبّا (2) كامنّا في فؤاده ... وأقلم أظفارا أطال بها الحفرا
[115]
[مجنون بني عامر يطلق طبية لشبهها بليلى]:
قال: وقال المعمري: أخبرني أبو مسلمة الكلابي قال: كان مجنون بني عامر في بعض مجالسه، وكان يكثر الوحدة والتوحش، فمرّ به أخوه وابن عمه قد قنصا ظبية فهي معهما، فقال: [البسيط]
يا أخويّ اللّذين اليوم قد قنصا ... شبها لليلى بحبل ثمّ غلّاها
إني أرى اليوم في أعطاف شاتكما ... مشابها أشبهت ليلى فحلّاها
__________
(1) الغمر: الحقد. ط
(2) الضب: الغيظ والحقد. ط(1/617)
فامتنعا بها فهمّ بهما، وكان نجدا قبل ما أصيب، فخافاه فدفعاها إليه، فأرسلها فولّت تفرّ، ثم أقبلت تنظر إليه فقال: [الطويل]
أيا شبه ليلى لا تراعي فإنّني ... لك اليوم من وحشيّة لصديق
تفرّ وقد أطلقتها من وثاقها ... فأنت لليلى ما حييت عتيق
فعيناك عيناها وجيدك جيدها ... ولكنّ عظم الساق منك دقيق
* * * [116] [أسماء الداهية]: وقال أبو العباس: الرّقم والرّقمة: الداهية، وأنشد: [البسيط]
قالوا استقدها وأعط الحكم واليها ... فإنّها بعض ما تزبي لك الرّقم
تزبي: تسوق، وأنشد: [الرمل]
وأبي حجر أتته رقمة ... أنشبته في شبا ظفر وناب
وعلقته خنفقيق وحنفقيقة وحبوكرى: اسم للداهية، وأمّ حبوكرى أيضا. وحبوكرى هي الرّملة التي يضلّ فيها، ثم صارت اسما للداهية.
قال أبو علي: وصلّ أصلال أي: داهية، قال أبو العباس وأنشد الأصمعي: [البسيط]
ويلمّه صلّ أصلال إذا جعلوا ... يرون دون مضيّ القول مغلاقا
فات الرّواة أبو البيداء مختلسا ... ولم يغادر له في الناس مطراقا
مطراقا: مثلا، يقال: هذا طراق هذا ومطراقه أي: مثله. ويقال: وقع في أغويّة وفي وامئة أي: داهية. وجاءوا بالوامئة الومآء والسّبد والقرطيط، وأنشد، عن أبي عمرو:
[الطويل]
سألناهم أن يرفونا فأجبلوا ... وجاءت بقرطيط من الأمر زينب
والأباجير والأزامع، الواحد أزمع وهي الدواهي، وقال عبيد الله بن سمعان التغلبي:
[الطويل]
وعدت ولم تنجز وقدما وعدتني ... فأخلفتني وتلك إحدى الأزامع (1)
والتّماسي: الدواهي، وأنشد لمرداس: [الطويل]
أداورها كيما تلين وإنّني ... لألقى على العلّات منها التّماسيا
وقال ابن الأعرابي يقال: جاء بذات الرّعد والصّليل، أي: جاء بداهية لا شيء بعدها، وأنشد للكميت: [الطويل]
كأنّ أكفّ الناس إذ بنت عطّفت ... عليها جثاة القبر ذات الرّواعد
أي: كأنما حصلت في أيديهم ذات الرّواعد أي: الرّعد. قال الأصمعي يقال: رماه
__________
(1) حدث في هذا البيت العقل وهو حذف الخامس المتحرك من مفاعيلن.(1/618)
بأقحاف رأسه إذا رماه بالأمور العظام، وبثالثة الأثافيّ أي: الداهية وهي القطعة من الجبل، وأنشد: [الوافر]
فلمّا أن طغوا وبغوا علينا ... رميناهم بثالثة الأثافي
ويقال: جاء بأذني عناق أي: بالداهية وهي عناق الأرض. ويقال قضّتهم القاضّة مثل البائقة. والعناق: الخيبة، والأزلم والدّآليل والفاقرة والعنقاء والخناسير، واحدتها خنسيرة، قال أبو علي: وهي الدواهي. والقنطر: الداهية، وأنشد أبو العباس: [الطويل]
وكنت إذا قوم رموني رميتهم ... بمسقطة الأحبال فقماء قنطر
وأنشد لمعن بن أوس: [الطويل]
إذ النّاس ناس والعباد بغرّة ... وإذ نحن لم تدبب إلينا الشّبادع
أي: لم نكن فيما نكره. والشبادع: العقارب. الواحدة شبدع. ويقال: أمور دبس وربس ودلمسات بضم الدال وفتح اللام والدّغاول والزّبير والزّفير والعراهية الأزيب. قال أبو العباس: الأزيب هو الدّعيّ، والأزيب في بيت الأعشى: الدّنيء، والأزيب من الرياح:
الجنوب. ويقال: رجل عضّ وذمر وذمير وذمرّ بتشديد الراء كله: الداهي. والحبل: الداهية من الرجال، وأنشد ابن الأعرابي: [الطويل]
عجبت من الخود الكريم نجارها ... ترأرىء بالعينين للرّجل الحبل
وللّفت لفّت في الثياب فأقعدت ... تذبذب في حبل البجابجة القصل
الحبل: الداهية. واللّفت: العجوز التي لفتها الدهر عن حالها وصرفها. قال ويقال:
خنثر وخناثير، وأنشد: [الرجز]
أنا القلاخ بن جناب بن جلا ... أبو خناثير أقود الجملا
ويقال: جاء بالزّعنفة وهي الداهية، ورجل زعنفة وهو القصير القامة. ودبلتهم الدّبيلة.
وحقّتهم الحاقّة وأمّ الدّهيم واللهيم. اللهيم: الموت لأنه يلتهم كلّ شيء. وأمّ الرّقوب:
الداهية، وأنشد: [الخفيف]
خخخ إنّ كسرى عدا علي الملك النّعمان حتّى سقاه أمّ الرّقوب
وقال اليزيدي أبو محمد: سقاه أمّ البليل، قال أبو الحسن: هكذا حفظي. والرّبيس:
الداهية وأنشد: [الرجز]
يكفيك عند الشدة الرّبيسا ... العضّ ذا المرانة الدّحوسا
ويروى: الدحيسا. قال أبو الحسن: حفظي عن الأحول: داهية ربس وربيس. قال أبو العباس ويقال: داهية هتر ذمر ونآد. وهو يتكلم بالهتر ويهتك السّتر، وداهية حولة وحولاء.
وداهية مرمريس أي: شديدة. وقال جرير بن الخطفى: [الوافر]
قرنت الظالمين بمرمريس ... يذلّ له العفارية المريد
يريد شعرا هكذا وقع. والعفارية: القويّ الشديد. والمريد المتمرّد. ويقال: قافية مرمريس من المراسة وهي الشّدة. ويقال للشيطان: عفرية، وأنشد: [البسيط](1/619)
قرنت الظالمين بمرمريس ... يذلّ له العفارية المريد
يريد شعرا هكذا وقع. والعفارية: القويّ الشديد. والمريد المتمرّد. ويقال: قافية مرمريس من المراسة وهي الشّدة. ويقال للشيطان: عفرية، وأنشد: [البسيط]
كأنّه كوكب في إثر عفرية ... مسوّم في سواد الليل منقضب (1)
ويقال: جاءوا بالعلق والفلق، وجاءوا بعلق وفلق، وجاءوا بعلق وفلق يجرى ولا يجرى. وجاءوا بالفلق وأسرتها أي: بالداهية وأخواتها. وجاءوا بمطفئة الرّضف أي: أشدّ من الأولى. ويقال: داهية شنعاء متمّ وصلعاء، متمّ أي: بارزة بيّنة وجاءوا ببديدة، والجمع بدائد، أي: كأنها تفرّق من مرّت به. وجاءوا بالبهاليل والبآليل. وجئتك بالداهية العبقس والوامئة الومآء. ويقال: وقع في هند الأحامس. ويقال: وقع في التّرّه والتّيه والسّمّهى والسّمّيهى أي الباطل. ويقال: وقع في دؤلول أي: في أمر عظيم. ووقع في تيه من الأتاويه.
ووقع في السّمّة أي: في الباطل، وإنّه لداه وده ودهى. وإنه للتحة من اللّتح وهو الذي يعتو في الشّعر ويصيب في الرمي، وأنشد: [الرجز]
وجدوى لتحة من اللّتح
ويقال: جاء بالسّختيت والسّماق والبحت والصّراح أي: الكذب الذي لا يشوبه شيء من الحقّ، ومنه سمّي الرجل سماقا، كأنه أريد به المبالغة في الكذب، يقال: كذب واخترق وسرج وتسرّج بالجيم، كله بمعنى. قال أبو الحسن: يقال خلق واختلق وخرق إذا كذب.
ويقال: فرشه وولقه وإنّه لولوق أي: كذوب. والسّهوق. الكذّاب. والتّمسح والتّمساح:
الكذّاب. ويقال: كذوب ممزج أي: يخلط حقّا بباطل، وأنشد: [الرجز]
لا تقبلي قول كذوب ممزج ... أطلس وغد في دريس منهج
قال: ومنهج من أنهج الثوب أيضا. ويقال: إنه لضبّ تلعة لا يؤخذ مذنّبا ولا يدرك حفرا، أي: لا يؤخذ بذنبه ولا يلحق لبعد حفره ولبعد أغويّتة وهي الحفرة.
ويقال: جاءنا بالكذب الفلقان والحبريت والسّختيت. ويقال: عجب عاجب وعجيب وعجاب بمعنى معجب.
[117]
[إنشاد بن أبي ربيعة وكثير وجميل عبد الملك أرق شعرهم]:
قال: وحدثنا أبو الحسن وابن درستويه، قالا: حدثنا السكري، قال: حدثني المعمري، قال: سمعت أبا مسهر يحكي أن عمر بن أبي ربيعة وكثيّر عزّة وجميل بن معمر قال أبو علي: وقرأت أنا هذا الخبر أيضا على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قالوا:
اجتمع هؤلاء بباب عبد الملك بن مروان فأذن لهم فدخلوا، فقال: أنشدوني أرقّ ما قلتم في الغواني، فأنشده جميل بن معمر: [الطويل]
حلفت يمينا يا بثينة صادقا ... فإن كنت فيها كاذبا فعميت
__________
(1) البيت لذي الرمة، كما في «ديوانه» طبع أوربا (ص 27). ط(1/620)
إذا كان جلد غير جلدك مسّني ... وباشرني دون الشّعار شريت (1)
ولو أن راقي الموت يرقي جنازتي ... بمنطقها في الناطقين حييت
وأنشد كثير عزة: [الكامل]
بأبي وأمّي أنت من مظلومة ... طبن (2) العدوّ لها فغيّر حالها
لو أنّ عزّة خاصمت شمس الضحى ... في الحسن عند موفّق لقضى لها
وسعى إليّ بصرم عزّة نسوة ... جعل المليك خدودهنّ نعالها
وأنشد ابن أبي ربيعة المخزومي القرشي: [الطويل]
ألا ليت قبري يوم تقضى منيّتي ... بتلك التي من بين عينيك والفم (3)
وليت طهوري كان ريقك كلّه ... وليت حنوطي من مشاشك والدّم
ألا ليت أم الفضل كانت قرينتي ... هنا أو هنا في جنّة أو جهنّم
فقال عبد الملك لحاجبه: أعط كل واحد منهم ألفين وأعط صاحب جهنم عشرة آلاف.
[118]
[عتاب ليعقوب بن سليمان]:
قال وقال المعمري: سمعت إبراهيم بن عبد الرحمن بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يقول: كان يعقوب بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله شاعرا، وكان يشبّب بامرأة من قومه، فخالجه منها شيء فأرسل إليها:
[الطويل]
وقد كنت لي حسبا من الناس كلّهم ... ترى بك نفسي مقنعا لو تملّت
أرى عرض الدنيا وكلّ مصيبة ... يسيرا إذا عنك الحوادث زلّت
فأبليتني ما لم أكن منك أهله ... وأشكعت (4) نفسا لم تكن عنك ملّت
فقلت كما قد قال قبلي كثيّر ... لعزّة لمّا أعرضت وتولّت
فقلت لها يا عزّ كلّ مصيبة ... إذا وطّنت يوما لها النفس ذلّت
فإن سأل الواشون فيم صرمتها ... فقل نفس حرّ سلّيت فتسلّت
[119]
[فصاحة أبي زيد الأشجعي]:
قال أبو الحسن وابن درستويه قال المعمري: لقيت أبا زيد الأشجعي، وكان والله
__________
(1) يقال: شرى جلده: خرج عليه الشرى وهو بثور صغار حمر حكاكة مكربة تحدث دفعة واحدة غالبا ليلا لبخار حار يثور في البدن دفعة. ط
(2) طبن: فطن. ط
(3) المعروف:
ألا ليت أني يوم تقضى منيتي ... لشمت الذي ما بين عينيك والفم». ط
(4) أشكعت: أغضبت. ط(1/621)
فصيحا، فقلت له: كيف ولدك؟ قال: بشرّ لا بارك الله فيه، لقيته على فرس محملج اليدين، بعيد ما بين الفهدتين، أعنق حديد النّظر صهّال واسع المنخرين مقلّص الشاكلة، لا بارك الله له فيه. فقلت له: يا أبا زيد، ألا تضرب على يده! قال: وهل لي به طوقة (1). فقلت له:
تقول طوقة! قال: وأنت والله أيضا تقولها إلا أنك تستثبت.
قال: وجئت أبا زيد وإذا شاة له مطروحة في جحر، فقلت له: ما هذه الشاة؟ قال:
أخذها الذئب، فقلت له: فكيف لم تدفعه عنها؟ قال: إنه كان خلجا (2) ملجا مسطوح الذراعين يعجبني والله أن أقول له هج.
* * * [120] قال: وقال المعمري: قال لي بعض من سألته من أهل البادية: قلت لأعرابي:
أيّ شيء تحسن من القرآن؟ قال: إنّ معي ما لا أحتاج معه إلى أكثر منه: مدحة الرب وهجاء أبي لهب.
[121]
[أبو العتاهية وأبيات في الموت]:
وقال المعمري: أخبرني إسحاق قال: رأيت أبا العتاهية واقفا في طرف المقابر وهو ينشد: [الطويل]
تنافس في الدنيا ونحن نعيبها ... وقد حذّرتناها لعمري خطوبها
وما نحسب الأيام تنقص مدّة ... بلى إنّها فينا سريع دبيبها
كأنّي برّهطي يحملون جنازتي ... إلى حفرة يحثى عليها كثيبها
فكم ثمّ من مسترجع متوجع ... ونائحة يعلو عليّ نحيبها
وباكية تبكي عليّ وإنني ... لفي غفلة عن صوتها ما أجيبها
أيا هاذم (3) اللّذات ما منك مهرب ... تحاذر نفسي منك ما سيصيبها
[122]
[كتاب يحيى بن أحمد السلمي إلى طاهر بن عبد الله، وشعر في قضاء الحوائج]:
قال: وكتب يحيى بن أحمد بن عبد الله بن يزيد بن أسد السلمي إلى طاهر بن عبد الله: [مجزوء الرمل]
أنا بالعسكر وقف ... للتّعازي والتّهاني
ولتشييع فلان ... والتّلقّي لفلان
أو لبيع أو لرهن ... أو لدين بالضمان
__________
(1) في هامش الأصل أنه بضم الطاء وسكون الواو ولم نجده فيما بيدنا من كتب اللغة. ط
(2) بهامش الأصل أنه بضم الأول والثاني من الكلمتين. ط
(3) هاذم اللذات: قاطعها. ط(1/622)
[123]
[فضل وفضيل]:
قال التميمي: وحدثني ركّاض بن فروة المرّي القتالي قال: كان في بني مرة فضل وفضيل أخوان لأب وأم، ولا أعلم أني رأيت تبارّهما لأحد قطّ، ولا رأيت أكمل منهما في رجال الناس قط، ولا أجمل جمالا ولا أفرس فروسيّة ولا أسخى ولا أشجع، فرمي في جنازة (1) أحدهما فمات، فخرجنا بجنازته وأخوه معنا يهادي حتى وقفنا على قبره فدلّيناه فيه وهو ينظر إليه قد احنونى وانعقف حتى صار كأنه سية، فلما رضمنا عليه لبنه قال هذا البيت: [الطويل]
سأبكيك لا مستبقيا فيض عبرة ... ولا مبتغ بالصّبر عاقبة الصّبر
ثم انكبّ لوجهه، فحملناه إلى منزل أبيه فمات في الثاني أو الثالث.
* * * [124] وأنشدنا أبو البلاد لحاتم الطائي: [الطويل]
ذريني ومالي إن مالك وافر ... وإنّ فعالي تحمدي غبّه غدا
ألم تعلمي أني إذا الضيف أمّني ... وعزّ القري أقري السّديف (2) المسرهدا
سأحبس من مالي دلاصا (3) وسابحا ... وأسمر خطّيّا وعضبا مهنّدا
[125]
[فصاحة أم الهيثم]:
قال التميمي: أخبرني عمر بن خالد العثماني قال: قدمت علينا عجوز من بني منقر تسمّى أم الهيثم، فغابت عنا، فسأل عنها أبو عبيدة فقالوا: إنها عليلة، فقال: هل لكم أن نعودها؟ فجئنا فاستأذنّا، فقالت لجوا، فسلّمنا عليها، فإذا عليها أهدام وبجد (4) وقد طرحتها عليها، فقلنا: يا أم الهيثم كيف تجدينك؟ قالت: كنت وحمى للدّكة، فشهدت مأدبة، فأكلت جبجبة، من صفيف هلّعة، فاعترتنى زلّخة. فقلنا: يا أم الهيثم، أيّ: شيء تقولين؟ فقالت:
أو للناس كلامان! والله ما كلمتكم إلا بالعربي الفصيح.
* * * [126] قال التميمي: حدثني القحذمي قال: قيل لأعرابي: إن فلانا شتمك، قال:
المطليّ باللّؤم وجها، الزّلق عن المجد رجلا، قد ينبح الكلب القمر.
[127] قال: وحدثني أبو هفان، عن إسحاق قال: سمعت يحيى بن جعفر البرمكي يقول لرجل اعتذر إليه: يا هذا، أحتجّ عليك بغالب القضاء، وأعتذر إليك بصادق النية.
__________
(1) في «اللسان»: تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان: «رمى في جنازته». ط
(2) السديف: شحم السنام. والمسرهد: السمين. ط
(3) الدلاص: الدرع الملساء اللينة. ط
(4) البجد: جمع بجاد وهو كساء مخطط. ط(1/623)
[128] وحدثني ابن حبيب، عن ابن الكلبي قال: حدثني رجل من طئ يقال له ابن زريق من بني لام، عن أبيه قال: كان منا رجل يقال له عرام بن المنذر بن زبيد بن قيس ابن حارثة بن لام، قد أدرك الجاهلية وأدرك عمر بن العزيز رضي الله تعالى عنه، فدخل على عمر ليزمّن، فقال له عمر: ما زمانتك؟ فقال: [الطويل]
وو الله ما أدري أأدركت أمّة ... على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما
متى تنزعا عنّي القميص تبيّنا ... جناجن لم يكسين لحما ولا دما
الجناجن: عظام الصدر. فقال عمر: ويحكم! دعوا هذا وزمّنوه فإنه لا يدري متى ميلاده.
[129] قال أبو هفّان: أنشدني إسحاق لنفسه في آل خزيمة بن خازم وكان يدّعي ولاءهم: [الطويل]
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم
عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي الثّريّا قاعدا غير قائم
[130] قال: وأنشدنا أبو هفان، عن إسحاق لامرأة: [الطويل]
قصارك منّي النّصح مادمت حيّة ... وودّ كماء المزن غير مشوب
وآخر شيء أنت في كلّ مرقدي ... وأوّل شيء أنت عند هبوبي
[131]
[جواب مسكت]:
قال ابن حبيب: قرع باب ابن الرّقاع الشاعر، فخرجت بنيّة له صغيرة، فقالت: من هاهنا؟ قالوا: نحن الشعراء، قالت: وما تريدون؟ قالوا: نهاجي أباك، فقالت: [الطويل]
تجمّعتم من كل أوب وبلدة ... على واحد لازلتم قرن واحد
فاستحيوا ورجعوا.
[132] قال: وحدثنا ابن حبيب، عن هشام قال: سأل معاوية رضي الله تعالى عنه النّخّار العذري، عن قضاعة، فقال: كلب ساداتها وأوتادها، والقين فرسانها وأسنّتها، وعذرة شعراؤها وفتيانها، وجهينة خيرها نبأ في الإسلام. ويقال: نثا.
[133] قال: وقال إبراهيم بن إسحاق التميمي: كتب إليّ أخي يعقوب بن إسحاق: يا أخي، إن كنت تصدّقت بما مضى من عمرك على الدنيا وهو الأكثر فتصدّق بما بقى على الآخرة وهو الأقل.
[134] وقال إسحاق قيل لعقيبة المديني: ألا تغزو وقد أقدرك الله عليه! فقال: والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف إليه أمضي ركضا.
[135] وقال إسحاق: جاور ابن سيابة قوما فأزعجوه، فقال: لم تخرجونني من جواركم؟ قالوا: أنت مريب، قال: فمن أذلّ من مريب وأخسّ جوارا منكم.(1/624)
[136]
[كتاب الحجاج إلى عبد الملك، ووصية عبد الملك إلى الحجاج في القتال]:
قال: وقال أبو سعيد قال: حدثنا محمد بن عمران، قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم المؤدب قال: كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يعظّم أمر قطريّ بن الفجاءة المازني، فكتب إليه عبد الملك: أوصيك بما أوصي به البكريّ زيدا، فقال الحجاج لحاجبه: ناد في الناس من أخبر الأمير بما أوصى به البكري زيدا فله عشرة آلاف درهم، فقال رجل للحاجب:
أنا أخبره، فأدخله عليه، فقال له: ما قال البكري لزيد؟ قال: قال لابن عمه زيد:. والشعر لموسى بن جابر الحنفي.: [الطويل]
أقول لزيد لا تترتر (1) فإنّهم ... يرون المنايا دون قتلك أو قتلي
فإن وضعوا حربا فضعها وإن أبوا ... فشبّ وقود الحرب بالحطب الجزل
فإن عضّت الحرب الضّروس بنابها ... فعرضة نار الحرب مثلك أو مثلي
فقال الحجاج: صدق أمير المؤمنين، عرضة نار الحرب مثلي أو مثله.
* * * [137] قال: وقال أنشدنا أبو جعفر لملحان: [الطويل]
وأبيض مجتاب إذا اللّيل جنّه ... رعى حذر النار النّجوم الطّوالعا
إذا استثقل الأقوام نوما رأيته ... حذار عقاب الله لله ضارعا
المجتاب: الذي يخترق الدّور والظلمات.
* * * [138] قال أبو علي: وأنشدنا أبو الحسن لأبي كريمة في صفة الخمر. وهو بصري.:
[البسيط]
كأنّها عرض في كفّ شاربها ... تخالها فارغا والكأس ملآن
[139] وأنشدنا لعمرو القصافيّ. وهو تميمي بصري. يصف نوقا: [البسيط]
خوص نواج إذا صاح الحداة بها ... رأيت أرجلها قدّام أيديها
[140] ولعبد الله بن عبد الرحمن أبي الأنوار المهلّبي البصري: [البسيط]
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا من رتاج الباب والدار
لا يقبس الجار منهم فضل نارهم ... ولا تكفّ يد عن حرمة الجار
[141] وللمزّق الحضرمي البصري: [الوافر]
إذا ولدت حليلة باهليّ ... غلاما زيد في عدد اللئام
ولو كان الخليفة باهليا ... لقصّر عن مساماة الكرام
__________
(1) الترترة: إكثار الكلام، قال في «اللسان» مادة «ترتر»: وقد روي: «لا تثرثر» و «لا تبربر» وكل ذلك كثرة الكلام. ط(1/625)
[142] ولبعض اليشكريين البصريين: [السريع]
كنّا نداريها فقد مزّقت ... واتسع الخرق على الراقع
كالثوب إذ أنهج فيه البلى ... أعيا على ذي الحيلة الصانع
[143]
[قصيدة سيار بن هبيرة]:
قال أبو علي: وقرأنا على أبي الحسن، عن جعفر، وذكر جعفر أنه سمع ذلك من أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن، وسمع ذلك مع أبيه أيضا من أبي محلم، وقال أبو محلم:
أنشدني مكوزة وأبو محضة وجماعة من بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة لسيّار بن هبيرة بن ربيعة بن المنحوّ أحد بني ربيعة (1) الجوع بن مالك بن زيد مناة يعاتب خالدا أو زيادا أخويه ويمدح أخاه منخّلا: [الطويل]
تناس هوى عصماء إمّا نأيتها ... وكيف تناسيك الذي لست ناسيا
لعمري لئن عصماء شطّ مزارها ... لقد زوّدت زادا وإن قلّ باقيا
وما هي من عصماء إلا تحيّة ... تودّعنيها إذ أحمّ ارتحاليا
ليالي حلّت بالقريّين حلّة ... وذي مرخ يا حبّذا لك واديا
خليليّ من دون الأخلّاء لا تكن ... حبالكما أنشوطة من حباليا
ولا تشقيا قبل الممات بصحبتي ... ولا تلبساني لبس من عاش قاليا
فإن فراقي عبرة تخلفنكما ... وشيكا وإن صاحبتماني لياليا
أرى أخويّ اليوم شحّا كلاهما ... عليّ وهمّا أن يقولا الدّواهيا
يؤذّنني هذا ويمنع فضله ... وهذا كمعن أو أشدّ تقاضيا
يؤذّنني: يحرمني، وأنشد: [الرجز]
أدّننا شرابث رأس الدّير ... شيخا وصبيانا كنغران الطّير
قال أبو محلم: ومعن: رجل كان كلّاء بالبادية يبيع بالكالئ أي: بالنسيئة، وكان يضرب به المثل في شدة التقاضي، وفيه يقول القائل: قال أبو الحسن أنشدناه المبرد للفرزدق.:
[الطويل]
لعمرك ما معن بتارك حقّه ... ولا منسئ معن ولا متيسّر
والقريّان وذو مرخ: ببلاد بني حنظلة، وهي مسايل الماء.
لقد كان في أيديكم ذو حواشة ... فآليت لا تعطيه إلا مفاديا
تحلّل هداك الله ربي ألا ترى ... تخاذل إخواني وقلّة ماليا
وعضّ زمان عضّ بالناس لم يدع ... شريدا من الأموال إلا عناصيا
__________
(1) في بعض النسخ بن نبطي بن المجر أحد بني ربيعة إلخ وليحرر النسب. ط(1/626)
قال أبو علي: عناصيا: بقايا، وعناصي الشّعر: بقاياه، واحدتها عنصوة. وذو حواشة:
ذو ذمة وقرابة، ويقال: تحوّشت من فلان أي: تذمّمت منه:
فألحق أقواما كراما فأصبحوا ... شريدين بالأمصار ملقى وعاريا
كفى حزنا عن لا تحنّ جمالكم ... إليّ وقد شفّ الحنين جماليا
وعن لا أرى شوقا إليّ يصوركم ... ولا حاجة من ترك بيتي خاليا
وإني لعفّ الفقر مشترك الغنى ... سريع إذا لم أرض داري احتماليا
كلانا غنيّ عن أخيه حياته ... ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا
أخالد فامنع فضل رفدك إنّما ... أجاع وأعرى الله من كنت كاسيا
رأيتك تقفيني بكل عظيمة ... عرتك وتقفي باللبّان سوائيا
قال أبو الحسن: الصواب تقفوني بكل عظيمة. قال أبو محلم: تقفي: تكرم وهي القفيّة. قال أبو علي: تقفو: تكرم أيضا وهي القفية، والصواب عندي ما قال أبو الحسن.
وعرتك: نزلت بك.
وتؤثر من لو أنّه متّ لم يجد ... كوجدي ولا يبليك مثل بلائيا
وأهوننا أن مات فقدا عليكم ... وأهون دفعا عنك أن كنت جانيا
ولو متّ سالت بعض نفسي حسرة ... عليك وأمسى عنك في الحي لاهيا
إذا نحن داوانا المؤسّون بالأسى ... شفوه ولا يشفي المؤسّون مابيا
المؤسّون هاهنا: المعزّون، يقول: إذا عزّونا سلا ذاك عنك، ولا يشفى المؤسون وجدي عنك، يقال: أسّاه أي: عزّاه، ويقال: هلمّ نؤسّي فلانا أي: نعزّيه، والأسى:
السّلوّ والصبر.
جزى الله ربّ الناس عنّي منخّلا ... وإن بان عني خير ما كان جازيا
أخاك الذي إن زلّت النّعل لم يقل ... تعست ولكن علّ نعلك عاليا
علّ: يقول أعل، أي: رفعك الله.
وعوراء قد قيلت فلم أستمع لها ... ولا مثلها من مثل من قالها ليا
فأعرضت عنها أن أقول بقيلها ... جوابا وما أكثرت عنها سؤاليا
وإني لأستحيي لنفسي أن أرى ... أفتّ ذئار النّيب فوق بنانيا
أفتّ الذّئار، يعني: بعر الإبل على خلف الناقة إذا صرّت.
وإني لأستحييك والخرق بيننا ... من الأرض أن تلفى أخا لي قاليا
وإني لأستحي أخي أن أرى له ... عليّ من الحقّ الذي لا يرى ليا
ولكنّني قد كنت مما أشدّها ... بأنساع ميس ثم تعلو الفيافيا
عليها فتى لا يجعل النوم همّه ... دليل إذا ما الليل ألقى المراسيا
[144](1/627)
وإني لأستحييك والخرق بيننا ... من الأرض أن تلفى أخا لي قاليا
وإني لأستحي أخي أن أرى له ... عليّ من الحقّ الذي لا يرى ليا
ولكنّني قد كنت مما أشدّها ... بأنساع ميس ثم تعلو الفيافيا
عليها فتى لا يجعل النوم همّه ... دليل إذا ما الليل ألقى المراسيا
[144]
[رثاء حكيم بن معية لأخيه]:
وأنشد لحكيم بن معيّة أحد بني ربيعة الجوع يرثي أخاه عطية بن معية: [الطويل]
لو لم يفارقني (1) عطيّة لم أهن ... ولم أعطي أعدائي الذي كنت أمنع
شجاع إذا لاقى ورام إذا رمى ... وهاد إذا ما ادلمّس الليل مصدع
سأبكيك حتى تنفد العين ماءها ... ويشفي منّي الدّمع ما أتوجع
[145]
[ما قيل في حلق ثور رأس أخيه يزيد بن المنتشر لغوايته]:
وأنشد ليزيد بن المنتشر من بني قشير:. وكان غاويا فأخذه ثور أخوه فحلق رأسه.:
[الطويل]
أقول لثور وهو يحلق لمّتي ... بعقفاء مردود عليها نصابها
ترفّق بها يا ثور ليس ثوابها ... بهذا ولكن عند ربّي ثوابها
فراح بها ثور ترفّ كأنّها ... سلاسل درع لينها وانسكابها
خداريّة كالشّرية الفرد جادها ... من الصيف أنواء رواء سحابها
فأصبح رأسي كالصّخيرة أشرفت ... عليها عقاب ثم طارت عقابها
ألا ربّما يا ثور قد غلّ وسطها ... أنامل رخصات حديث خضابها
قوله: خداريّة أي: سوداء. والشّرية: شجرة الحنظل تشبّه اللّمم بها لحسنها لأنها غطشة جعدة.
[146]
[ما قيل في أثر ذكر المحبوب، وتأبية على اللين للحبيب]:
وأنشد ليزيد بن الطّثريّة: [الطويل]
ألا طرقت ليلى فأحزن ذكرها ... وكم قد طرانا طيف ليلى فأحزنا
ومعترض فوق القتود تخاله ... متاعا معلّى أو قتيلا مكفّنا
جلوت الكرى عنه بذكرك بعد ما ... دنا الليل والتجّ الظلام فأغدنا
ألا علّ ليلى إن تشكّيت عندها ... تباريح لوعات الهوى أن تليّنا
على أنها خاست بعهدي وحاذرت ... عيون الأعادي والصّبيّ الملحّنا
الملحّن: الذي يومئ إليك بما يريد ولا يصرّح به. والطّثر: أن يغلي اللّبن فيكثّع في رأس اللبن ثخن، يقال: قد طثر اللّبن إذا علا ذلك فوقه.
[147]
[بين الحجاج والفرزدق]:
قال أبو محلم: لمّا كان يوم من أيام دير الجماجم حمل حاجب بن خشينة العبشمي أحد بني الخطّاب بن الأعور بن عوف بن كعب بن عبد شمس في الخيل على أهل العراق
__________
(1) هذا البيت دخله الخرم وتقدم مثله غير مرة. ط(1/628)
مع الحجّاج فأزال صفوفهم، فقال الحجاج للفرزدق وهو عنده: ألا ترى ما أكرم حملة بن عمّك؟ فقال: أيها الأمير، إنه رجل جواد، وقد سفر ماله فحمل حملة مفلس، فقال له الحجاج: فهل لك أن تحمل كما حمل وألحق عطاءك بعطائه؟ فقال: إني أخاف إذا حملت أن ينقطع أصل العطاء.
قال أبو محلم يقال: سفر الرجل ماله أي: مزّقة. وسفر الرجل شعره وجلمطه وجلطه وسحفه أي: حلقه. قال ثعلب: كان ابن الأعرابي ينشد: [الخفيف]
مولعات بهات هات وإن شفّ ... ر مال طلبن منك الخلاعا
فجعل المال هو الفاعل، ولا ينكر أن يكون أبو محلم لم يسمع البيت، فجعل الرجل فاعلا. قال أبو الحسن: حفظي بالسين غير المعجمة مخففا ومثقلا والشين منكرة (1)، فإما أن يكون ابن الأعرابي سها أو سها الحاكي عنه. قال أبو علي: سفر من سفرت البيت أن كنسته، فكأنه لما مزّق ماله كنسه. وشفّر بالشين يجوز على وجه بعيد، كأنه أنفق ماله فبقى المال على شفير. ويمكن أن تكون الشين بدلا من السين كما قالوا: الجحاس والجحاش.
[148] وأنشد لرجل من عكل يقال له السّمهريّ بن أسد: [الطويل]
أقول لأدنى صاحبيّ نصيحة ... وللأسمر المغوار ما تريان
الأسمر هنا: رجل من طيّئ:
فقال الذي أبدى لي النّصح منهما ... أرى الرّأي أن تجتاز نحو عمان
فإن لا تكن في حاجب وبلاده ... نجاة فقد زلّت بك القدمان
فتى من بني الخطّاب يهتزّ للنّدى ... كما اهتزّ عضب الشّفرتين يمان
هو السيف إن لا ينته لان متنه ... وغرباه إن خاشنته خشنان
حاجب هذا هو حاجب بن خشينة العبشمي.
[149]
[شفاعة الفرزدق في خنيس]:
قال أبو محلم: كان تميم بن زيد القيني. والقين بن جسر من قضاعة. عاملا للحجاج على السّند، وكان معه في البعث رجل من بكر بن وائل يقال له خنيس، وكانت أمّه رقوبا لم يكن لها ولد غيره، فطال تجميرهم إيّاه. قوله رقوبا، الرّقوب: التي لا تلد إلا واحدا. والتجمير: أن يطول مقامه في البعث، يقال: جمّر فلان أي: حبس عن أهله. فاشتاقت إليه أمه، فدلّت على قبر غالب بن صعصعة أبي الفرزدق، فعاذت بقبره. وقبره بكاظمة وهو موضع بين اليمامة والبصرة على البحر وفيه رباط. فوجّه الفرزدق إلى تميم رجلا وكتب معه: [الطويل]
تميم بن زيد لا تكوننّ حاجتي ... بظهر ولا يعيا عليّ جوابها
__________
(1) أورد البيت صاحب المحكم في مادة شفر بالمعجمة وخلع وحكى أن تشفير المال قلته. ط(1/629)
قال أبو علي وأنا أقول: ولا يعيي أجود.
فخلّ خنيسا واتّخذ فيه منّة ... لحوبة أمّ ما يسوغ شرابها
أتتني فعاذت يا تميم بغالب ... وبالحفرة السافي عليها ترابها
فنظر تميم فلم يعلم: اسم الرجل خنيس أم حبيش، فقال له كاتبه: تراجعه، فقال بعد قوله ولا يعيا عليّ جوابها: ولكن خلّ كلّ من في الجيش من خنيس وحبيش، فخلّاهم فرجعوا إلى أهليهم.
* * * [150] وأنشدنا أيضا لعويف يمدح طلحة بن عبد الله بن عوف أخي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما: [الطويل]
فقدت حياة بعد طلحة حلوة ... إذا شعبته أن يجيب شعوب
يصمّ رجال يدعون للنّدى ... ويدعى ابن عوف للندى فيجيب
وذاك امرؤ من أيّ عطفيه يلتفت ... إلى المجد يحو المجد وهو قريب
[151]
[شعراء النقائض: الفرزدق وجرير والأخطل]:
قال أبو محلم: أنشد جرير قول الأخطل: [الطويل]
وإنّي لقوّام مقاوم لم يكن ... جرير ولا مولى جرير يقومها
يعني الفرزدق، فلما بلغ جريرا ذلك قال: صدق، يقوم عند است القسّ يأخذ القربان.
وقال أبو محلم: قال أبو الخنساء العنبري للفرزدق: قد كفاكه جرو هراش، يعني جريرا لم يكله إلى هجائك، فقال له الفرزدق: قد علمت في طول عنقك أنك أحمق.
[152]
[قصيدة مسعود بن وكيع]:
وأنشد لمسعود بن وكيع أحد بني عبد شمس: [الرجز]
ليت (1) شبابي عاد لي الأوّلّي ... وعيش عصر قد مضى أغرلّى
هفهفة أظلاله مظلّى ... إذ ذاك لم يقل ولم يملّى
ومأد غيساني متمهلّي ... أروح قد أرخي لي الطّولّي
قال أبو علي يقال: عيش أغرل وأرغل أي: تام لم ينقص منه شيء، والأغرل من الرجال: الأقلف. ومتمهلّ: تامّ. والغيسان: الشباب والنشاط، قال أبو علي وقال غيره:
الغيسان: أول الشباب. ومأده: تثنّيه.
ولم يحرني الكبر الهدملّي ... ويلتفع بالشّمط المسحلّي
ولم يبن غيداني المضلّي ... كأنّما بي من نحولي سلّي
__________
(1) كذا وقعت هذه الأرجوزة في الأصل مضبوطا رويها بالرفع تارة والجر أخرى ومرة بهما معا كما ترى هذا الضبط بقلم الشيخ محمد الشنقيطي في نسخته. ط(1/630)
أو من نطاة خيبر بي ملّي ... وما تردّ ليت أو لعلّي
قال أبو علي: الهدمل: الذي انتهى عمره. والمسحلان: جانبا الرأس. ويلتفع:
يلتحف. والغيدان: الشباب والنشاط. وخيبر: محمّة، وإليها تنسب الحمى وهي قريتان:
نطاة والشّقّ. وملّ: حرّ.
وليلة طخياء ترمعلّ ... فيها على الساري سدا مخضلّي
لها من اثناء الظّلام جلّي ... كأنما طعم سراها الخليّ
أسأدتها إذا الضّعاف كلّوا ... وسئموا دلجتها وملّوا
قال أبو علي: طخياء: مظلمة. والسّدا: ما سقط من السماء من النّدى. وأثناء الظلام:
المتراكمة قد تثنّى بعضها على بعض. وأسأدتها: سرت فيها: [الرجز]
وهابها الجثّامة الهولّ ... إن جار هاديها ولم يندليّ
أو ضلّ في الموماة لم أضلّ ... ماض على ما هوّلت مدلّ
كما تقضّى إذا غدا الأجدلّ
قال أبو علي: الجثّامة: الذي يجثم في مكانه. والهولّ: الذي يهوله الشيء والأجدل:
الصّقر. وتقضّى: انقضّ.
[153] قال أبو محلم: النّدى: ما كان من ندى الأرض. والسّدى: ما كان من ندى السماء. وقال حكيم بن معيّة الراجز: [الرجز]
قد أغتدى والطّير ما يطير ... وللنّدى من السّدى غدير
[154]
[من أمثال العرب]:
قال أبو محلم يقال في بعض أمثال العرب: «إنّ تحت طرّيقته عند أوة»، طرّيقته:
إطراقه وسكونه. وعند أوة: داهية.
[155] وأنشد أبو محلم: للبردخت علي بن خالد الضّبّي أحد بني السّيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة: [الوافر]
إذا كان الزمان زمان عكل ... وتيم فالسّلام على الزمان
زمان صار فيه العزّ ذلّا ... وصار الزّجّ (1) قدّام السّنان
قال أبو الحسن: حفظي: قادمة السّنان لعل زماننا سيعود يوما ... كما عاد الزمان على بطان
بطان بن بشر الضّبّي:
أبعد محمّد وأبي حصين ... وبعد القرم عتّاب الطّعان
__________
(1) الزج: الحديدة في أسفل الرمح. ط(1/631)
وبعد أبي سليمان إذا ما ... تروّح للندى سبط البنان
ترجّي الخير أو ترجو ثراء ... إذا شنجت (1) بنائلها اليدان
فما ضربت ضرار فيك عرقا ... متى جرت الكوادن (2) في الرّهان
محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة. وأبو حصين: زيد بن حصين الضّبّي أحد بني السّيد وكان على أصبهان، وعتّاب بن ورقاء الرّياحي. وأبو سليمان: خالد بن عتّاب بن ورقاء.
[156] وأنشد أبو محمل للمعلوط السّعدي: [الكامل]
نعر الخليط نوى عليك شطونا (3) ... وأراد يوم عنيزة ليبينا
غيران شمّصه (4) الوشاة فنفّروا ... وحشا عليك عهدتهنّ سكونا
إن الظّعائن يوم حزم عنيزة ... أبكين يوم فراقهن عيونا
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
أعصيت يوم لوى الغمير فإننا ... يوم المجيمر مثل ذاك عصينا
لولا الخليل يخاف لوم خليله ... لا تزمعنّ لنا الملامة حينا
إن الليالي يالهنّ لياليا ... قرّت بهنّ عيوننا ورضينا
كنا قبيل فنائهن بغبطة ... يا ليتهنّ بذي السّلام بقينا
ما بال قولك قد غبنت ولم أكن ... عند المواطن في الأمور غبينا
أفلم تريني للكرام مكرّما ... وبني اللّئام وللسّوام مهينا
* * * [158] قال أبو محلم يقال: جل دلعوس ومجامج ودحامس وجلفزيز إذا كان عظيما ضخما، وأنشد: [الرجز]
يا ربّ خال لك بالحزيز (5) ... خبّ على لقمته جروز (6)
مهتضم في ليلة الأزيز ... كلّ كثير اللحم جلفزيز (7)
بين سميراء وبين توز
__________
(1) شنجت: تقبضت. ط
(2) الكودان من الخيل: الهجان. ط
(3) نوى شطون: بعيدة. ط
(4) التشميص في الأصل: نخس الدابة لتسرع في السير والمراد هنا أن الوشاة نفروه حتى فعل فعل الدابة الشموص. ط
(5) الحزيز: موضع. ط
(6) الجروز: السريع الأكل. ط
(7) جلفريز: الناقة الصلبة الغليظة.(1/632)
قال أبو علي: كذا أملى علينا الأزيز بزايين، وهو عندي الأريز براء وزاي وهو شدة البرد. ومهتضم: يأخذ الناقة فيسرقها ويصيّرها في أهضام الوادي وهي ما خفى منه.
[159]
[عبد الملك بن مروان وأدبه في استماع الحديث]:
قال أبو علي: قال أبو الحسن الأخفش: قرأت على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمه الله تعالى، وذكر أبو جعفر أنه سمع ذلك مع أبيه من أبي محلّم، قال أبو محلم: حدثني أبو نعيم الفضل بن دكين، عن زكرياء بن أبي زائدة، عن الشّعبي قال: ربما حدّثت أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى وقد هيأ اللقمة، فيمسكها في يده مقبلا عليّ، فأقول: أحرها يا أمير المؤمنين، فإن الحديث من ورائها، فيقول: الحديث أشهى إليّ منها. أحرها أي: ازدردها.
قال: وكان من كلامهم: ما رأيت أحدا أطرّ ضرسا ولا أسرع إحارة للرغيف منه.
أطرّ: أحدّ.
[160]
[شعر حريث بن سلمة في النصرة وإغاثة الملهوف، والشجاعة والجود والبخل، والاشتراك في الحلو والمرّ، وكون الحرب سجال]:
قال: وأنشدنا أبو محلم لحريث بن سلمة بن مرارة بن محفّض أحد بني خزاعي بن مازن هذه الأبيات: [الطويل]
ألم تر قومي إذ دعاهم أخوهم ... أجابوا وإن يركب إلى الحرب يركبوا
هم حلفوا عند الحليس ومدرك ... وعند بلال لا أسير ويشربوا
قال: هؤلاء سلاطين كلهم، يقول: إني إن سيّرت، أي: حلّئت عن الماء لم يشربوا هم.
وهم حفظوا غيبي كما كنت حافظا ... لهم غيب أخرى مثلها لو تغيّبوا
بنو الحرب لم تقعد بهم أمّهاتهم ... وآباؤهم آباء صدق فأنجبوا
وإنّي لأجلو عن فوارسي العمى ... إذا ضنّ بالنفس الجبان الموجّب
الموجّب: الذي يجب قلبه من الجبن:
أجود إذا نفس البخيل تطلّعت ... وأصبر نفسي والجماجم تضرب
[161] وأنشدنا أيضا لحريث بن سلمة: [الطويل]
إن تك درعي يوم صحراء كلية ... أصيبت فما ذاكم عليّ بعار
ألم تك من أسلابكم قبل هذه ... على الوقبى يوما ويوم سفار
يوم صحراء كلية، وهي موضع وقعة كانت بينهم وبين بكر بن وائل. والوقبي وكذلك سفار: ماء لبنى مازن.
فتلك سرابيل ابن داود بيننا ... عواري والأيام غير قصار
قال أبو علي: السّرابيل: الدروع لداود فجعلها لسليمان.(1/633)
وكائن أخذنا منكم من أخيذة ... من البيض شنباء اللّثاث نوار
ومن سيّد ضخم كأن مجرّه ... بحيث تلاقينا مجرّ حوار
وسابغة زغف (1) ونهد مقلّص (2) ... وأدماء من سرّ الهجان حضار
ونحن طردنا الحيّ بكر بن وائل ... إلى سنة مثل السّنان ونار
قال أبو علي: سنة، أراد أسكنّاهم السواد وهو بلد وباء.
وحمّى وطاعون وموم وحصبة ... وذي لبد يغشى المهجهج (3) ضاري
وحكم عدوّ لا هوادة عنده ... ومنزل ذلّ في الحياة وعار
فإنّ تميما لم تدع بطن تلعة ... لكم بين ذي قار وبين وبار
قال أبو علي: وقع في الكتاب وبار بكسر الواو، والصواب وبار بفتحها.
أزاحتكم عنها الرّماح وفتية ... مساعير حرب كلّ يوم غوار
فأقعوا على أذنابكم وتنكّبوا ... مهاداتنا في كل يوم فخار
وطاعنت جمع القوم حتى رأيتهم ... على قلص تعدو بهم وبكار
فأضحوا بدرنى (4) والوجوه كأنها ... وجوه كلاب يهترشن (5) حرار
وكانت يمينا قبل ذاك جعلتها ... عليّ فقد أوقعتها بقرار
لألتمسن منكم كميّا بضربة ... إذا ما أنا شاهدت يوم ذمار
فإن هي نالت نفسه لم أبالها ... وإن ينج منها فهي ذات حبار (6)
قوله: أوقعتها بقرار أي: أوقعتها موقعها.
وقال أبو محلم يقال: وقع هذا الأمر بقرّه وبقرّ، أي: وقع موقعه، وأنشد: [الرمل]
فتناهيت وقد صابت بقرّ (7)
[162]
[خطاب المحبين بالوجه والإشارات دون الكلام]:
قال: وأنشد للفرزدق: [الكامل]
هل تذكرين إذ الرّكاب مناخة ... برحالها لرواح أهل الموسم
إذ نحن نسترق الحديث وفوقنا ... مثل العجاج من الغبار الأقتم
__________
(1) الزغف: الدرع اللينة الواسعة المحكمة أو الرقيقة الحسنة السلاسل، ويوصف بها المفرد والجمع. ط
(2) مقلص: وثاب. ط
(3) يقال: هجهج بالسبع إذا صاح به ليكف. ط
(4) درني: موضع باليمامة. ط
(5) الاهتراش: تحرش الكلاب بعضها ببعض. ط
(6) ذات حبار: ذات أثر فيه وإن لم تقلته. ط
(7) هذا عجز بيت لطرفة بن العبد صدره: «سادرا أحسب غبى رشدا».(1/634)
وكذاك نخبر بالحواجب بيننا ... ما في النفوس ونحن لم نتكلّم
[163] وأنشدنا أبو محلم لربيعة بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وهو جاهلي.
يتفجع على قومه: [الطويل]
ألا إنّما هذا الملال الذي ترى ... وإدبار جسمي ردّي العبرات
وكم من كريم قد تجلّدت بعده ... تقطّع نفسي إثره حسرات
[164] قال أبو محلم: أنشدني يونس لرجل من قدماء الشعراء في الجاهلية [مجزوء الكامل]:
إن يغدروا أو يكذبوا ... أو يختروا (1) لا يحفلوا
يغدوا عليك مرجّلي ... ن كأنهم لم يفعلوا
كأبي براقش كلّ لو ... ن لونه يتحوّل
أبو براقش: دويّبة مثل العظاية تراها مرّة خضراء ومرة حمراء ومرة صفراء في وقت واحد.
[165] قال: وأنشد لسنان بن محرّش السّعدي: [الرجز]
وبتّ بالحصنين غير راض ... يمنع منّي أرقي تغماضي
كأنما أغضي على مضاض ... من الحلوء صادق الإمضاض
في العين لا يذهب بالتّرحاض
الحلوء: شيء يكحل به الصبيان يجعل فيه زيت ويحكّ على شيء ويصيّر في خرقة.
والتّرحاض: الغسل، يقال: رحضت الشيء إذا غسلته.
[166] قال: وأنشدنا أبو محلم للخطيم بن نويرة العكلي: [الطويل]
ألا يا لقومي للشّباب الذي مضى ... حميدا وأخدان (2) الصّبا والكواعب
وللعصر الخالي وللعيش بهجة ... وللقلب إذ يهوى هوى ابنة ناشب
وجاراتها اللاتي كأن عيونها ... عيون المها يفقهننا بالحواجب
قال أبو الحسن الأخفش: معناه يقبضنها.
حديثا مسدّى من نسيج ينرنه ... من الودّ قد يلحمنه بالمعاتب
[167] وأنشد لمدرك: [الطويل]
ومدّد عينيه وبلّت دموعه ... ضماريط وجه قد تثنّت غضونها
قال أبو محلم: الضماريط: الغضون، واحدها ضمروط. والضّمروط أيضا: الغامض من الأرض، قال جرير: [الرجز]
إن عرينا وبني سليط ... مخلّفون كنف الضّمروط
__________
(1) الختر: الغدر والخديعة أو أقبح الغدر. ط
(2) أخدان الصبا: رفاق الصبا. ط(1/635)
عرين بن ثعلبة بن يربوع رهط واقد بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بدريا وأوّل من قتل في الإسلام رجلا من المشركين، قال أبو محلّم: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن واقدا قتل عمرو بن الحضرمي، فقال عليه الصلاة والسلام: «واقد وقدت الحرب عليهم والحضرميّ حضرت الحرب» وتفاءل بذلك صلوات الله عليه (1).
[168] وقال أبو الحسن: أنشدنا أبو محلم: [الطويل]
هجرتك أياما بذي الغمر إنني ... على هجر أيّام بذي الغمر نادم
فلما انقضت أيام ذي الغمر وارتمى ... بنا الدهر لامتني عليك اللوائم
هجرتك أخشى أن تلامي وإنني ... كعازبة عن طفلها وهي رائم
وليس علينا أن تجود بك النّوى ... سوانا ولا من عن تموت التمائم
ولكنّما بي أن تجودي بنائل ... سواى وتبقى لي عليك الذّمائم
[169] قال: وأنشدنا أبو محلم لرجل من بني العنبر، وقيل إنها لبعض شعراء طيء:
[الكامل]
إنّي وإن كان ابن عمّي كاشحا ... لمزابن من دونه وورائه
ومعيره نصري وإن كان امرأ ... متزحزحا في أرضه وسمائه
وإذا تخرّق في غناه وفرته ... وإذا تصعلك كنت من قرنائه
وإذا تجلّفت الجوالف ماله ... عطفت صحيحتنا على جربائه
وإذا غدا يوما ليركب مركبا ... صعبا قعدت له على سيسائه
سيساؤه: متنه وظهره، ويقال: ما بين الكتفين وهو ملتقى العنق والظهر.
وإذا اكتسى ثوبا قشيبا لم أقل ... يا ليت إنّ عليّ فضل ردائه
[170]
[صدق الأخوة، والاشتراك في الفرح والحزن، وما قيل في الدعاء للمرء في الحزن ونسيانه في الفرح]:
قال أبو العباس: أنشدني ابن الأعرابي: [الكامل]
أأخيّ (2) أخبرني ولست بصادقي ... وأخوك ينفعك الذي لا يكذب
أمن القضيّة أن إذا استغنيتم ... وأمنتم فأنا الغريب الأجنب
وإذا الشدائد بالشدائد مرّة ... أشجينكم فأنا المحبّ الأقرب (3)
__________
(1) كان ذلك في سرية عبد الله بن جحش. وجبرها عند البيهقي في «دلائل النبوة» (3/ 17). وابن إسحاق (2/ 288). و «أسد الغابة» لابن الأثير (5/ 432).
(2) قائل هذه الأبيات: هني بن أحمر الكناني، وقيل: أنها لزرافة الباهلي كذا باللسان مادة «حيس». ط
(3) الذي باللسان في مادة حيس:
وإذا الكتائب بالشدائد مرة ... حجرتكم فأنا الحبيب الأقرب ط(1/636)
وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
ولجندب سهل البلاد وعذبها ... ولي الملاح وجنبهنّ المجدب
عجبا لتلك قضيّة وإقامتي ... فيكم على تلك القضية أعجب
تلك الظّلامة قد عرفت مكانها ... لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب
[171]
[الحجاج والأعرابي الفصيح]:
قال أبو محلم قال الحجاج لأعرابي كلّمه فوجده فصيحا: كيف تركت الناس وراءك؟
فقال: تركتهم أصلح الله الأمير حين تفرّقوا في الغيطان، وأخمدوا النيران، وتشكّت النساء، وعرض الشّاء، ومات الكلب. فقال الحجاج لجلسائه: أخصبا نعت أم جدبا؟ قالوا: بل جدبا. قال: بل خصبا. قوله: تفرقوا في الغيطان معناه أنها أعشبت فإبلهم وغنمهم ترعى.
وأخمدوا النيران معناه استغنوا باللبن عن أن يشتووا لحوم إبلهم وغنمهم ويأكلوها. وتشكّت النساء أعضادهنّ من كثرة ما يمخضن الألبان. وعرض الشاء: استنّ من كثرة العشب والمرعى. قال أبو علي: الصواب عرض الشاء وليس عرض بشيء. ومات الكلب: لم تمت أغنامهم وإبلهم فيأكل جيفها. ومن أمثال العرب: «نعم كلب في بؤس أهله» لأنه إنما ينعم في القحط ويموت في الخصب.
* * * [172] قال أبو علي: حدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر جحظة البرمكي، قال: حدثنا حرمي، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن هارون: حدثني يعقوب بن بشر قال: كنت مع إسحاق بن إبراهيم الموصلي في نزهة لنا، فمر بنا أعرابيّ فوجّه إسحاق خلفه بغلامه زياد الذي يقول فيه إسحاق: [الطويل]
وقولا لساقينا زياد أرقّها ... فقد هرّ بعض القوم سقي زياد
ومعنى هرّ كره، قال الشاعر: [الوافر]
أحين بلغت من كبري أشدّي ... وهرّ لقائي الأسد الهصور
قال: فوافانا الأعرابي، فلما شرب وسمع حنين الدواليب قال: [الكامل]
باتت تحنّ وما بها وجدي ... وأحنّ من وجد إلى نجد
فدموعها تحيا الرياض بها ... ودموع عيني أحرقت خدّي
وبساكني نجد كلفت وما ... يغني لهم كلفي ولا وجدي
لو قيس وجد العاشقين إلى ... وجدي لزاد عليه ما عندي
قال: فما مضى إسحاق إلى منزله إلا محمولا سكرا.
[173]
[من فضائل المأمون، وتعزية الخلفاء لرعيتهم، ومن كان جديرا بالبكاء عليه]:
قال: وحدثني أبو الحسن، قال: حدثني ميمون بن هارون قال: لما قتل الفضل بن
سهل دخل المأمون على أمه فوجدها تبكي، فقال لها: أنا ابنك مكانه فدعي البكاء، فقالت:(1/637)
قال: وحدثني أبو الحسن، قال: حدثني ميمون بن هارون قال: لما قتل الفضل بن
سهل دخل المأمون على أمه فوجدها تبكي، فقال لها: أنا ابنك مكانه فدعي البكاء، فقالت:
إن ابنا ترك لي ابنا مثلك لجدير أن يبكى عليه (1).
[174]
[بنان وفضل الشاعرة]:
وحدثنا أبو الحسن، قال: حدثني علي بن يحيى قال: كان بنان يتعشّق فضل الشاعرة وكانت تتعشّقه، فبلغه عنها ما يكره، فتجنّبها. فصارت إليّ مستعتبة له، وسألتني أن أجمع بينهما لتحلف له، ففعلت، فلما حلفت له قبل وأقام عندي، فلما دار النبيذ بينهما دعت بالدواة فكتبت: [السريع]
يا فضل صبرا إنّها ميتة ... يجرعها الكاذب والصادق
ظنّ بنان أنّني خنته ... روحي إذا من بدني طالق
[175]
[الغنى والفقر والرياسة وأثرهم على النفس والتصرّفات]:
قال أبو علي: قال لي أبو الحسن جحظة قالت: حبشيّة: بات عندي المتوكل ليلة وخرج من عندي نصف الليل، فغلبتني عيني، فرأيت قائلا يقول لي في النوم: يا حبشية، حملت الليلة بأشأم خلق الله، فكان المنتصر، فجلس يوما على البساط الذي بسط له على البركة المربعة بعد قتل أبيه، فرأى على البساط صورة مكتوبة عند رأسها بالفارسة، فدعا ببعض الفرس فقرأها، فكانت هذه صورة بابك بن بابكان الذي قتل أباه، فما عاش بعده إلا ستة أشهر، وكذلك اتّفق للمنتصر.
[176] قال: وأنشدنا أبو الحسن، قال: أنشدنا حماد، عن أبيه: [المتقارب]
جفانا أبو صالح بعدما ... أقام زمانا لنا واصلا
يروح ويغدو بألواحه ... إلى الباب مسترشدا سائلا
فلما ترأس في نفسه ... وليس لذلك مستاهلا
تنبّل عنّا فلم يأتنا ... وما كنت أحسبه فاعلا
فعاد كحيران في جهله ... كما كان من قبله جاهلا
[177] قال فأجابه [الطويل]:
بخلت وأقبت الجفاء وإنما ... يؤاخى من الفتيان كلّ فتى سمح
ولست بسمح لا ولا في أرومة ... ولكنّ مطبوعا على اللؤم والشحّ
[178] قال: وأنشدنا أبو الحسن قال: أنشدنا أبو هفّان لبعض المحدثين: [الطويل]
تعوّذ إذا أصبحت من دولة الغنى ... أبا حسن وادعو إلهك بالفقر
رأيناك ما استغنيت لا تحمل الغنى ... وتلبس جلبابا من التّيه والكبر
__________
(1) انظر: «وفيات الأعيان» (4/ 44).(1/638)
وأنت إذا أعسرت خلّ موافق ... تبرّ وتلقى بالمودّة والبشر
فليتك ما أعسرت فينا مخلّد ... وليتك ما أيسرت في ظلمة القبر
[179] قال أبو على: أنشدنا جحظة لنفسه [مجزوء الوافر]:
فلا تيأس وإن صحّت ... عزيمتهم على الدّلج
فإنّ إلى غداة غد ... يجيء الله بالفرج
[180]
[شعر في الهوى، وتلامس أعضاء المحبين، وسهرهم]:
قال: وغنّى ثمرة للمستعين بالله هذين البيتين: [المتقارب]
وما أنس لا أنس ذاك الخضوع ... وفيض الدموع وغمز اليد
وخدّي مضاف إلى خدها ... قياما إلى الصبح لم نرقد
[181] قال: وأنشدنا أبو العبر لنفسه: [الطويل]
وفي ساعدي ممّن تعلّقت عضّة ... تذكّرني ذاك الشّنيب المفلّجا
وآثار خدش في يديّ مليحة ... أقام عليها القلب منّي وعرّجا
أما والذي أمسيت أرجو ثوابه ... لقد حلّ ما أخشاه وانقطع الرجا
[182]
[المشيب طليعة للموت]:
قال: وأنشدنا، قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب: [مجزوء الكامل]
دبّ المشيب إلى الشبا ... ب دبيب ذي ختل مسارق
إن المشيب طليعة ... للموت في كل الخلائق
[183] [شعر في سحر الحب، وزيادة الشوق بالبعد]: وأيضا: [الخفيف]
زعموا أن حبّها كان سحرا ... ظلموها وسورة الأنفال
ما رأت بابلا ولا تحسن السح ... ر سليمى إلا بحسن الدلال
[184] قال: وأنشدنا عبد الله بن طاهر لنفسه: [المتقارب]
يزيدني البعد شوقا إليك ... وطول صدودك حرصا عليك
ولو كنت أملك ما تملكين ... من الصبر ما طال شوقي إليك
[185]
[صروف الدهر، وتبدّل الأحوال]:
قال: وأنشدنا أبو هفان: [المتقارب]
أمثلى يروّع بالنائبات ... ويضخشى بوائق صرف الزمن
أذاقنى الله مرّ الهوان ... وأدخلني في حر امّي إذن
[186] قال: وأنشدنا الناشئ لنفسه: [المتقارب]
وكان لنا أصدقاء حماة ... وأعداء سوء فلم يخلدوا
تساقوا جميعا كئوس الحمام ... فمات الصّديق ومات العدو
[187](1/639)
وكان لنا أصدقاء حماة ... وأعداء سوء فلم يخلدوا
تساقوا جميعا كئوس الحمام ... فمات الصّديق ومات العدو
[187]
[إسحاق الموصلي وتقدمه في مختلف العلوم]:
قال: وحدثني أبو الحسن، قال: سمعت ميمون بن هارون يقول قال: حميد الطّوسي:
كنت حاضرا دهليز المأمون، فدعا بالناس لقبض أرزاقهم، فكان أول من دخل إسحاق الموصلي مع الوزراء، ثم دعا بالقواد فكان أول من دخل إسحاق الموصلي، ثم دعا بالقضاة فكان أول من دخل إسحاق، ثم دعا بالفقهاء والمعدّلين فكان أول من دخل هو، ثم دعا بالشعراء فكان أول من دخل هو، ثم دعا بالمغنّين فكان أول من دخل هو، ثم دعا بالرّماة في الهدف فكان أول من دخل هو، فعجبت من كثرة علمه وفنونه.
* * * [188] قال: وحدثنا أبو الحسن، قال: أنشدني خالد الكاتب لنفسه: [المتقارب]
كتبت إليك بماء الجفون ... وقلبي بماء الهوى مشرب
فكفّي تخطّ وقلبي يملّ ... وعيناي تمحو الذي أكتب
فليس يتم كتابي إليك ... لشوقي فمن هاهنا أعجب
[189]
[لقاء الأحبة بعد الدهر الطويل]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر محمد بن مزيد أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني أبو غزيّة الأنصاري ثم أحد بني مازن بن النجار قال: حدثني مجمع بن يعقوب الأنصاري قال: أدركت حسّان بن الغدير شيخا كبيرا من أجمل الشيوخ وأحسنهم، فحدثني قال: سارت علينا سائرة من بني جشم بن بكر، فرأيت فيهم فتاة ما رأيت في نساء العرب مثلها حسنا، فكنت أخطبها، فلم يقدّر لي تزويجها، فضرب الدهر بيننا، فإني بعد ذلك بأربعين سنة لفي بلادي إذ أهلوها قد ساروا، وإذا بها عجوز تسأل عني، فلما دفعت إلي ورأت كبري قالت: أأنت ابن الغدير؟ فقلت: نعم، قالت: لقد أكل الدهر عليك وشرب! قال: فذلك قولي فيها وقد كبرت أيضا وتغيرت: [الكامل]
قالت أمامة يوم برقة واسط ... يا بن الغدير لقد جعلت تنكّر
أصبحت بعد شبابك الغضّ الذي ... ولّت شبيبته وغصنك أخضر
شيخا دعامتك العصا ومشيّعا ... لا تبتغي خبرا ولا تستخبر
فأجبتها أن من يعمّر يعترف ... ما تزعمين وينب عنه المنظر
ولقد رأيت شبيه ما عيّرتني ... يسري عليّ به الزمان ويبكر
وجعلت يغضبني اليسير وملّني ... أهلي وكنت مكرّما لا أكهر (1)
__________
(1) لا أكهر: لا أنهر. ط(1/640)
وشربت في القعب الصغير وقادني ... نحو الجماعة من بنيّ الأصغر
[190] قال أبو علي: أخبرنا أبو بكر محمد بن مزيد أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير، قال: أنشدني أبي لحكيم بن عكرمة: [المتقارب]
تقول بثينة إذ أنكرت ... قنوءا من الشّعر الأحمر
برأسي كبرت وأودى الشباب ... فقلت مجيبا لها أقصري
أما كنت أبصرتني مرّة ... ليالي نحن بذي جوهر
ليالي أنتم لنا جيرة ... ألا تذكرين! بلى فاذكري
وإذا أنا أغيد غضّ الشباب ... أجرّ الرّداء مع المئزر
أنشدنيه الزبير بطرح الواو، وأصحاب العروض يسمّونه المخروم.
وإذا لمّتي كجناح الغراب ... ترجّل بالمسك والعنبر
فغيّر ذلك ما تعلمين ... تغيّر ذا الزمن المنكر
وأنت كلؤلؤة المرزبان ... بماء شبابك لم يعصر
وقد كان مضمارنا واحدا ... فأنّى كبرت ولم تكبري
[191]
[إنشاد الحجاج شعر مالك بن أسماء]:
قال أبو علي: وحدثني أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: أخبرنا الزبير بن بكار في صفر سنة ست وأربعين ومائتين، قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي، قال: حدثنا سعيد بن سليم: كان الحجاج بن يوسف ينشد قول مالك بن أسماء: [المنسرح]
يا منزل الغيث بعد ما قنطوا ... ويا وليّ النّعماء والمنن
يكون ما شئت أن يكون وما ... قدّرت أن لا يكون لم يكن
لو شئت إذ كان حبّها عرضا ... لم ترني وجهها ولم ترني
يا جارة الحيّ كنت لي سكنا ... إذ ليس بعض الجيران بالسّكن
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفا من حديثها الحسن
ومن حديث يزيدني مقة ... ما لحديث الموموق من ثمن
ثم يقول: أحسن! فضّ الله فاه (1)!
[192]
[حديث جابر الرازمي مع أوفى بن مطر]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: حدثني محمد بن يزيد، قال: حدثني التوزي، عن أبي عبيد قال: خرج ثلاثة نفر من بني مازن وهم أوفى بن مطر الخزاعي وجابر
__________
(1) هذه الجملة إن لم تكن «لا» فهيا سقطت من الناسخ فهي جملة مراد بها التعجب لا الدعاء كقولهم:
قاتله الله ما أحسنه. ط(1/641)
ومالك الرّزاميّان ليغيروا على بني أسد بن خزيمة، فلقوا أعداءهم، فقتل مالك وارتثّ (1) أوفي جريحا، فقال أوفى لجابر: احملني، قال: إن بني أسد قريب وأنت ميّت لا محالة، وأن يقتل واحد خير من أن يقتل اثنان، قال: ويحك! فازحف بي إلى عماية، قال: عماية أرض فضاء ولا يسترك منها شيء، قال: فانهض بي إلى قساس، قال: ما قساس إلا حرملة لبني أسد، قال: فماوان، قال: إنما ذلك تحت أقدامهم، ونجا. فأتى الحيّ فأخبرهم أن أوفى ومالكا قد قتلا، وتحامل أوفى إلى بعض هذه المياه فتعالج به حتى برأ، ثم أقبل. فقال رجل من القوم وجابر فيهم: لولا أن الموتى لم يئن بعثها لأنبأتكم أن هذا أوفى! قال أبو عبيدة: فانسلّ جابر من القوم فما يدرى أين وقع ولا ولده إلى الساعة استحياء من القوم من كذبته التي كذبها، وخبّر أوفى بما قال جابر، ففي ذلك يقول: [المتقارب]
ألا أبلغا خلّتي جابرا ... بأن خليلك لم يقتل
تخطّأت النّبل أحشاءه ... وأخّر يومي فلم يعجل
تجاوزت ماوان عن ساعة ... وقلت فساس من الحرمل
وقلت عماية أرض فضاء ... فلأيّا أؤوب إلى معقل
فليتك لم تك من مازن ... وليتك في الرّحم لم تحمل
وليت سنانك صنّارة ... وليت رميحك من مغزل
وليت بحقويك ذا ذرنب ... جميشا يركّل بالفيشل
قال أبو علي: الزّرنب: لحم الفرج من خارج. والكين: لحمه من داخل.
[193]
[شعر في الحب والهوى]:
قال أبو علي: وأنشدنا، قال: أنشد أحمد بن يحيى لوزير بن عبد الرحمن الأسدي:
[الطويل]
أيا كبدا ماذا ألاقي من الهوى ... إذا الرّسّ في آل السّراب بدا ليا
ضمنت الهوى للرّسّ في مضمر الحشا ... ولم يضمن الرّسّ الغداة الهوى ليا
أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة ... للقيان لاه ما يعدّ اللياليا
[194] قال أبو علي: وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: أنشدني أحمد بن يحيى لنمير بن كهيل الأسدي: [الوافر]
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج ... بمكّة والقلوب لها وجيب
فقلت ونحن في بلد حرام ... به لله أخلصت القلوب
أتوب إليك يا رحمن مما ... عملت فقد تظاهرت الذّنوب
__________
(1) أرتث: حمل من المعركة رثيثا أي: جريحا. ط(1/642)
وأمّا من هوى سعدى وحبّي ... زيارتها فإني لا أتوب
وكيف وعندها قلبي رهين ... أتوب إليك منها أو أنيب
[195] قال: وأنشدنا أيضا قال: أنشدني أحمد بن يحيى لبعض الأعراب:
[الطويل]
تمرّ الصّبا صفحا بساكن ذي الغضا ... ويصدع قلبي أن تهبّ هبوبها
قريبة عهد بالحبيب وإنما ... هوى كلّ نفس حيث كان حبيبها
[196]
[من مرويات جحظة البرمكي]:
قال: وحدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر جحظة البرمكي قال: من عجيب ما أنشدنا أبو العباس ثعلب: [الطويل]
وإني لمطوي الطّلوع على هوى ... هو المثل الأعلى بما يغلب المردي
ولو أن خلقا كان يكتم نفسه ... هواها لما أطلعت نفسي على وجدي
[197] قال: وحدثنا قال: ومن عجيب الأخبار أن جعفر بن يحيى البرمكي سأل المنجّمين: متى يركب إلى داره التي بناها على الشّطّ؟ فأشاروا عليه بيوم، فركب فيه فأخذه من الرّعد والبرق والمطر ما لم ير مثله في سالف دهره، فركب على كل حال، فمرّ بسكران قد ارتطم (1) وهو يقول: [الوافر]
ويعمل بالنّجوم وليس يدري ... وربّ النّجم يفعل ما يشاء
فقال: ما خاطبني هذا السكران إلا بلسان غيره، ورجع.
[198]
[أكبر الملذات]
(2):
قال: وأنشدنا جحظة، قال: أنشدني ابن العطوي، عن أبيه أبي عبد الرحمن: [مخلع البسيط]
أحسن من غفلة الرّقيب ... ولحظة الوعد من حبيب
والنّقر والنّغم من كعاب ... مصيبة القول والقضيب
ومن بنات الكروم راحت ... في راحتي شادن ربيب
كتب أديب إلى أديب ... طالت به مدّة المغيب
فنمّقت كفّه سطورا ... تنمّق الصّفو في القلوب
يا بادئا بالكتاب فضلا ... والفضل من شيمة الأديب
نحن على الودّ أيّ شيء ... أقبح من غادر أريب
منحت ضيفي عبوس وجهي ... وسائلي شدّة القطوب
__________
(1) ارتطم السكران: تخبط وتعثر. ط
(2) وانظر: الفقرة الآتية هنا برقم (249).(1/643)
وعشت في الناس مستهاما ... يا أطوع الناس للرقيب
إن كان ودي لأهل ودي ... قصّر من باعه الرّحيب
وأنت منهم فكن قريبا ... أو نائيا وافر النصيب
وأبل ما شئت صفو ودّي ... تجده في ثوبه القشيب
[199]
[قضاء الحوائج، ولذّة المرء عند سماع الثناء عليه]:
قال: وحدثنا جحظة قال: حدثنا ميمون بن هارون بن مخلد بن أبان، قال: كان عندنا بالبصرة رجل يتعب دوابّه وغلمانه في قضاء حوائج الناس بغير مرزية (1)، فسألته عن ذلك، فقال: يا أبا عثمان، سمعت تغريد الأطيار بالأسحار، في أعالي الأشجار: وتمتّعت بمخزونة الدّنان، على سماع القيان، فما طربت طربي على ثناء رجل أحسن إليه رجل.
[200]
[بين أبي نواس وأبي العتاهية، وما قيل في وصف الدنيا]:
قال: وأنشدني جحظة، قال: أنشدني حماد لأبي نواس: [الطويل]
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت ... له عن عدو في ثياب صديق
فلما سمع هذا البيت أبو العتاهية قال: لو نطقت الدنيا لما وصفت نفسها بفوق هذا الوصف.
ولما قال أبو نواس: [الوافر]
جريت مع الصّبا طلق الجموح ... وهان عليّ مأثور القبيح
وإنّي عالم أن سوف تنأي ... مسافة بين جثماني وروحي
قال أبو العتاهية: لقد جمع في هذين البيتين خلاعة ومجونا وإحسانا وعظة.
* * * [201] قال أبو علي: حدثنا أحمد بن جعفر جحظة، قال: حدثنا حماد بن إسحاق الموصلي، قال: حدثني أبي قال: رأيت ثلاثة يذوبون إذا رأوا ثلاثة: الهيثم بن عديّ إذا رأى ابن الكلبي، وعلّوية إذا رأى مخارقا، وأبا نواس إذا رأى أبا العتاهية.
[202]
[المفاضلة بين أبي تمام والبحتري]:
قال أبو علي: وحدثنا جحظة قال: تحادثنا يوما في الطائي والبحتري أيّهما أشعر، فقال بعض من حضر مجلسنا: هل يحسن الطائي أن يقول: [الطويل]
تسرّع حتّى قال من شهد الوغى ... لقاء عدوّ أم لقاء حبيب
فقلت من الطائي سرقه حيث يقول: [البسيط]
حنّ إلى الموت حتى قال جاهله ... بأنه حنّ مشتاقا إلى وطن
__________
(1) أي: بغير أن يرزأ أحدا من الناس شيئا أي: يأخذ منهم أجرا على قضاء حوائجهم. ط(1/644)
[203]
[شعر في الخوف]:
قال: وأنشدني أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: أنشدني أحمد بن الحارث الخزّاز صاحب المدائني لعبد الله بن عاصم: [الطويل]
إذا أنت لم تعمل بأمر تخافه ... عليك حسبت الماء إن ذقته دما
وسدّ عليك الخوف أمرك كلّه ... وصرت قعودا حيثما سيق يمّما
[204]
[وصية الزبير بآل عليّ وتحمّله آذاهم]:
قال: وحدثنا، قال: حدثني الزّبير، قال: كان الزبير إذا جاءه من ناحية ولد عليّ أذى وجاءه مثله من ناحية آل عمر، قال: لأن يظلمني والله آل عليّ أحبّ إليّ، وينشد: [الطويل]
فإن كنت مقتولا فكن أنت قاتلي ... فبعض منايا القوم أكرم من بعض
[205]
[شعر في الشيب والموت، وأنّ الإنسان لحظات إذا مرّ بعضها مرّ بعضه]:
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة لنفسه: [الوافر]
أرى الأعياد تتركني وتمضي ... وأوشك أنها تبقى وأمضي
علامة ذاك شيب قد علاني ... وضعفي عند إبرامي ونقضي
وما كذب الذي قد قال قبلي ... إذا ما مرّ يوم مرّ بعضي
أرى الأيام قد ختمت كتابي ... وأحسبها ستعقبه بغضّ
[206]
[كتاب أبي هفان لرجل بالبصرة، وزيارة الإخوان]:
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة، قال: أنشدني أبو هفان، قال: كتبت إلى مؤاجر بالبصرة وكنت آلفه: [المنسرح]
يا حسنا وجهه ومئزره ... ومن يروق العباد منظره
زرنا لتحيا بك النفوس فما ... يطيب عيش ولست تحضره
قال فكتب إليّ [المنسرح]:
دعني من المدح والهجاء وما ... أصبحت تطويه لي وتنشره
لو ضرب الدرهم الصحيح على ال ... فؤاد عندي لذاب أكثره
* * * [207] قال: وحدثنا جحظة، قال: حدثني أبو بكر بن الأعرابي قال: حدثني أبو علي البصير أن خشاخشا المديني نظر إليه يوم عيد الفطر وهو فوق تل يصيح صياحا شديدا، فقيل له: ما هذا؟ قال: أنعر في قفا شهر رمضان، فغاب عنّي أبو علي البصير أياما، ثم جاءني فأنشدني: [الوافر]
أقول لصاحبيّ وقد رأينا ... هلال الفطر من خلل الغمام
غدا نغدو إلى ما قد ظمئنا ... إليه من الملاهي والمدام
ونسكر سكرة شنعاء جهرا ... وننعر في قفا شهر الصيام
[208] قال جحظة: ومن بديع ما أنشدناه خالد الكاتب لنفسه: [الكامل](1/645)
أقول لصاحبيّ وقد رأينا ... هلال الفطر من خلل الغمام
غدا نغدو إلى ما قد ظمئنا ... إليه من الملاهي والمدام
ونسكر سكرة شنعاء جهرا ... وننعر في قفا شهر الصيام
[208] قال جحظة: ومن بديع ما أنشدناه خالد الكاتب لنفسه: [الكامل]
قد قلت لما أن بدا متبخترا ... والرّدف يجذب خصره من خلفه
يا من يسلّم خصره من ردفه ... سلّم فؤاد محبّه من طرفه
[209] قال: وأنشدنا جحظة قال: أنشدنا دعبل لنفسه: [البسيط]
اذكر أبا جعفر حقّا أمتّ به ... أنّي وإيّاك مشغوفان بالأدب
وأننا قد رضعنا الكأس درّتها ... والكأس درّتها حظّ من النّسب
[210]
[ليس الخبر كالمعاينة، والعشق قبل الرؤية، وما تحبه النساء في الرجال]:
قال: وحدثني جحظة، قال: حدثني أبو العيناء، قال: تعشّقتني امرأة قبل أن تراني، فلما رأتني استقبحتني فأنشدتها: [الطويل]
وفاتنة لما رأتني تنكّرت ... وقالت دميم أحول ماله جسم
فإن تنكري منّي احولالا فإنني ... أديب أريب لا عييّ ولا فدم
فقالت لي: يا هذا، لم أردك لتولية ديوان الزّمام.
[211]
[شعر في الهوى والحب عن طريق النظر، وما قيل في كفّ المحبوب]:
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة، قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب: [الطويل]
أبت ظبية الإحرام أن تتنقّبا ... فأبصرت وجها كان عنّي مغيّبا
وعارضتها حتى رأتني أمامها ... فقلت لها أهلا وسهلا ومرحبا
ولست بناسيها غداة رأيتها ... وقد وقفت ترمي الجمار المحصّبا
فيا حصيات كنّ في لمس كفّها ... رزقتنّ ريّا من نشا المسك أطيبا
[212] قال وقال: أنشدني ابن المنجم: [البسيط]
ومستطيل على الصّهباء باكرها ... في فتية باصطباح الراح حذّاق
فكلّ كفّ رآها ظنّها قدحا ... وكلّ شخص رآه ظنّه الساقي
* * * [213] [علي بن جبلة العكوك وحميد الطوسي]: قال أبو علي: وحدثنا جحظة، قال:
حدثني المرواني، قال: قال لي أبو سعيد المخزومي: دخلت يوما على حميد الطّوسي وإلى جنبه رجل ضرير، فأنشدته البائية، وجعل الضرير كلما ذكرت بيتا يقول: أحسن الخبيث! فأمر لي بخلعة وخمسة آلاف درهم، فلما خرجت قام إليّ البوّابون، فقلت: لا أهب لكم شيئا أو تقولوا لي من هذا الضرير؟ فقالوا: هذا عليّ بن جبلة العكوّك، فارفضضت والله عرقا.
[214] قال جحظة: وعلي بن جبلة الذي يقول في حميد الطوسي [سريع]:
دجلة تسقي وأبو غانم ... يطعم من تسقي من الناس
والناس جسم وإمام الهدى ... رأس وأنت العين في الراس
[215] [من شعر أبي هفّان]: قال: وحدثنا قال: اعتلّ أبو هفّان في منزل ابن أبي طاهر فأبطئوا عليه يوما بالغداء، فقال [مجزوء الرمل]:(1/646)
دجلة تسقي وأبو غانم ... يطعم من تسقي من الناس
والناس جسم وإمام الهدى ... رأس وأنت العين في الراس
[215] [من شعر أبي هفّان]: قال: وحدثنا قال: اعتلّ أبو هفّان في منزل ابن أبي طاهر فأبطئوا عليه يوما بالغداء، فقال [مجزوء الرمل]:
أنا في منزل خلّ ... مشفق برّ رفيق
رجل أعمر من من ... زله ظهر الطريق
ليس لي أكل سوى لح ... مي وشرب غير ريقي
[216] قال أبو علي: قال أبو الحسن جحظة: أنشدنا أبو هفان يفتخر وهو أجود ما قيل في الافتخار: [الطويل]
فإن تسألي في الناس عنا فإننا ... حليّ العلى والأرض ذات المناكب
وليس بنا عيب سوى أن جودنا ... أضرّ بنا والبأس من كلّ جانب
فأفنى الرّدى أعمارنا غير ظالم ... وأفنى النّدى أموالنا غير عائب
أبونا أب لو كان للناس كلّهم ... أبا واحدا أغناهم بالمناقب
[217]
[جحظة وعبد الله بن محمد بن عبد الملك الزيات]:
قال: وحدثني جحظة، قال: كتب إليّ عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزيات وهو مقيم بالمطيرة (1) وعنده جاريته شمول، وكانت من المحسنات، وكان الناس يقصدونها لسماعها: [الوافر]
شربنا بالمطيرة ألف يوم ... صبوحا قبل أن يبدو النهار
وأفنينا العقار بها جهارا ... فلم يصبح بحانتها عقار
وضجّ البائعون بها وقالوا ... أناس يشربون أم البحار
هم ناس ولكن أيّ ناس ... لصحبة مثلهم خلع العذار
قال: فصنعته هزجا، فلما سمعه بدر. يعني: الأستاذ. وصلني في دفعتين بأربعمائة دينار، قال: فكتبت إلى عبد الله بن محمد جواب شعره: [مجزوء الكامل]
لي من تذكّري المطيره ... عين مسهّدة مطيره
سخنت لفقد مواطن ... كانت بها قدما قريره
أيام للأيّام إح ... سان وأفعال نضيره
أيام نحوي حيث كن ... ت لعاشق كفّ مشيره
في فتية لم يعرفوا ... لدوام نيلهم ذخيره
فغلبت عليه.
__________
(1) قرية من نواحي سامراء وكانت من متنزهات بغداد وسامراء قال البلاذري أنها محدثة بنيت في خلافة المأمون. ط(1/647)
[218]
[شعر لدعبل الخزاعي في الكرم، والرزق]:
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة قال: أنشدنا ثعلب لدعبل: [البسيط]
بانت سليمي وأمسى حبلها انقضبا ... وزوّدوك ولم يرثو لك الوصبا
قالت سلامة أين المال قلت لها ... المال ويحك لاقي الحمد فاصطحبا
الحمد فرّق مالي في الجفون فما ... أبقين ذمّا ولا أبقين لي نشبا
قالت سلامة دع هذي اللّبون لنا ... لصبية مثل أفراخ القطا زغبا
قلت أحبسيها ففيها متعة لهم ... إن لم ينخ طارق يبغي القري سغبا
لمّا احتبى الضّيف واعتلّت حلوبتها ... بكي العيال وغنّت قدرنا طربا
هذى سبيلي وهذا فاعلمي خلقي ... فارضي به أوفكوني بعض من غضبا
مالا يفوت وما قد فات مطلبه ... فلن يفوتني الرزق الذي كتبا
أسعى لأطلبه والرزق يطلبني ... والرزق أكثر لي منّي له طلبا
هل أنت واجد شيء لو عنيت به ... كالأجر والحمد مرتادا ومكتسبا
قوم جوادهم فرد وفارسهم ... فرد وشاعرهم فرد إذا نسبا
[219]
[ما قيل في السفاهة والمعاصي بعد سنّ الأربعين]:
قال: وأنشدني ثعلب: [الكامل]
الجهل بعد الأربعين قبيح ... فزع الفؤاد وإن ثناه جموح
وبع السّفاهة بالوقار وبالنّهى ... ثمن لعمرك إن عقلت ربيح
فلقد حدا بك حاديان إلى البلى ... ودعاك داع للرّحيل فصيح
قال ميمون بن إبراهيم: أنشد المأمون هذه الأبيات، فقال: مالي وما لهذا المعنى من الشعر! قال اليزيدي فقلت: [الكامل]
يسعى إليك بها غلام أهيف ... من جيبه ريّا العبير تفوح
ميسان أمّا دلّه فمخنّث ... غنج وأمّا وجهه فصبيح
* * * [220] قال جحظة: أنشدت هذه الأبيات عبيد الله بن عبد الله، فقال: والله لو سمعها دعبل لحسدك عليها، وهي هذه: [الطويل]
مددت يدي يوما إلى فرخ باخل ... كما يفعل الخلّ الصديق المؤانس
فأوما إلى غلمانه فتواثبوا ... إليّ ووجه النّذل إذ ذاك عابس
فهذا لبطني حين أسقط دائس ... وذاك لجنبي حين أنهض رافس
فأنشدت بيتا قاله ذو صرامة ... وقد ناوشته بالرّماح الفوارس
ومن يطلب المال الممنّع بالقنا ... يعش مثريا أو يود فيمن يمارس
[221](1/648)
مددت يدي يوما إلى فرخ باخل ... كما يفعل الخلّ الصديق المؤانس
فأوما إلى غلمانه فتواثبوا ... إليّ ووجه النّذل إذ ذاك عابس
فهذا لبطني حين أسقط دائس ... وذاك لجنبي حين أنهض رافس
فأنشدت بيتا قاله ذو صرامة ... وقد ناوشته بالرّماح الفوارس
ومن يطلب المال الممنّع بالقنا ... يعش مثريا أو يود فيمن يمارس
[221]
[شعر في العشق والحب، والتداوي بوصل المعشوق]:
قال أبو علي: وحدثني جحظة، قال: حدثني الأمير عبيد الله بن عبد الله، قال:
حدثني الزبير قال: كنت أؤدّب المعتزّ، فهوي جارية لأمّه قبيحة، فصبر فنحل جسمه وحمّ، فسألته عن خبره، فأنشدني: [البسيط]
جزعت للحبّ والحمّى صبرت لها ... إنّي لأعجب من صبري ومن جزعي
وخبّرني فيما بيني وبينه بعشقه للجارية، قال: فأخبرت قبيحة بالقصّة، فوهبتها له فعوفي. قال جحظة: فحدثني عبد الله بن المعتز أنها أمّه.
[222]
[إسحاق الموصلي وكرم البرامكة]:
قال: وحدثني جحظة، قال: حدثني حماد بن الموصلي، قال: قال أحمد بن عبيد لأبي: يا أبا محمد لو ذهبت إلى إخوانك وتركت التّيه! فقال: لا والله لا أدخل إلى واحد منهم إلا بخمسين ألف درهم وفرس وخلعة، فو الله لقد دخلت على الفضل بن يحيى فأجلسني معه على مصلّاه، وخرج خادم فقال: لقد رزق الله الأمير ولدا، فقلت: [الطويل]
ويفرح بالمولود من آل برمك ... بغاة النّدى والرّمح والسّيف والنّصل
وتنبسط الآمال فيه لفضله ... ولا سيّما إن كان من ولد الفضل
فقال: يا صالح، ادفع لأبي محمد مائة ألف درهم، فصنعت له لحنا، فلما غنّيته به أمر لي بمائة ألف درهم أخرى، أفترى لي أن أغنّي بعد هؤلاء!
[223]
[الجود والكرم]:
قال أبو علي: وأنشدنا جحظة لنفسه: [الطويل]
أنا ابن أناس موّل الناس جودهم ... فأضحوا حديثا بالنوال المشهّر
فلم يخد من إحسانهم لفظ مخبر ... ولم يخل من تقريظهم بطن دفتر
[224]
[دعني أمشي في ضوء رضاك، والاعتذار من الأخطاء وقبول ذلك]:
قال: وحدثني جحظة قال: دخل رجل على عمر بن فرج، فتنصّل إليه من ذنب له فرضي عنه، فلما خرج قال: يا غلام، خذ الشّمعة بين يديه، فقال: دعني أمش في ضوء رضاك، فاستحسن ذلك منه وأمر له بصلة حسنة.
[225]
[أخبار لحزين الكناني من لم يثبه]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير قال: كان الحزين سأله سليمان بن نوفل بن مساحق أن يرثي أباه نوفلا، ففعل فلم يثبه شيئا. قال الزبير: أخبرني بذلك مصعب بن عثمان، فقال الحزين: [الطويل]
فما كان من شأني وشأن ابن نوفل ... وشأن بكائي نوفل بن مساحق
بلى إنّها كانت سوابق عبرة ... على نوفل من كاذب غير صادق
فهلّا على قبر الوليد بكيتما ... وقبر سليمان الذي دون دابق (1)
وقبر أبي حفص أخي وأخيكما ... بكيت بحزن في الجوانح لاصق
قال الزبير: يعني بالوليد وسليمان ابني عبد الملك. وقال مصعب: يريد بأبي حفص عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ويريد بقوله أخي وأخيكما يزيد بن عبد الملك. قال الزبير قال لي يونس بن عبد الله بن سالم: أراد بأبي حفص سهل بن عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل العامري.(1/649)
فما كان من شأني وشأن ابن نوفل ... وشأن بكائي نوفل بن مساحق
بلى إنّها كانت سوابق عبرة ... على نوفل من كاذب غير صادق
فهلّا على قبر الوليد بكيتما ... وقبر سليمان الذي دون دابق (1)
وقبر أبي حفص أخي وأخيكما ... بكيت بحزن في الجوانح لاصق
قال الزبير: يعني بالوليد وسليمان ابني عبد الملك. وقال مصعب: يريد بأبي حفص عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ويريد بقوله أخي وأخيكما يزيد بن عبد الملك. قال الزبير قال لي يونس بن عبد الله بن سالم: أراد بأبي حفص سهل بن عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل العامري.
* * * [226] قال أبو بكر، قال: الزبير، قال: الحزين لثابت بن سباع بن عبد العزى حليف بن زهرة: [الطويل]
كلّ قريش قد حباني بنعمة ... وأحسن إلا ثابت بن سباع
هجين لئيم لا يقوم ببيته ... وليس بذي فضل ولا بشجاع
[227] قال: وأنشدنا أحمد، قال: أنشدني محمد بن يزيد لأعرابي: [الرجز]
لا تعجبي يا سلم من نحولي ... ووضح أوفى على خصيلي
فإن نعت الفرس الرّجيل ... يتمّ بالغرّة والتّحجيل
[228] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لوضّاح اليمن: [الوافر]
صبا قلبي ومال إليك ميلا ... وأرّقني خيالك يا أثيلا
يمانية تلمّ بنا فتبدي ... رقيق محاسن وتكنّ غيلا
الغيل: الذّراع الممتلئة لحما.
[229] وأنشدنا قال: أنشدني أحمد بن يحيى لأعرابي: [الطويل]
تبعت الهوى يا طيب حتّى كأنني ... من أجلك مضروس الجرير (2) قئود
تعجرف دهرا ثم طاوع قلبه ... فصرّفه الرّواض حيث تريد
وإن ذياد الحبّ عنك وقد بدت ... لعيني آيات الهوى لشديد
وما كلّ ما في النفس يا طيب مظهر ... ولا كلّ ما لا تستطيع تذود
وإني لأرجو الوصل منك كما رجا ... صدى الجوف من باد صداه صلود
__________
(1) دابق بكسر الباء وقد روى بفتحها: قرية قرب حلب من أعمال عزاز بينها وبين حلب أربعة فراسخ عندها مرج معشب نزه كان ينزله بنومر وان إذا غزوا الصائفة إلى ثغر المصيصة، وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان. ط
(2) الجرير: حبل من أدم يخطم به البعير، قال في «اللسان»: إذا أرادوا أن يذللوا الجمل الصعب لاثوا على ما يقع على خطمه قدا، فإذا يبس حزوا على خطم الجمل حزا ليقع ذلك القد عليه إذا يبس فيؤلمه فيذل: فذلك القد هو الضرس وقد ضرسته وضرسته اهـ. ط(1/650)
وكيف طلابي وصل من لو سألته ... قذى العين لم يطلب (1) وذاك زهيد
ومن لو رأى نفسي تسيل لقال لي ... أراك صحيحا والفؤاد جليد
فيأيّها الرّثم المحلّى لبانه ... بكرمين كرمي فضّة وفريد
أجدّك لا أمشي برمّان (2) خاليا ... وغضور (3) إلّا قيل أين تريد
[230]
[من أمثال العرب]:
قال: وحدثني محمد بن يزيد، قال: من أمثال العرب: «أراك بشر ما أحار مشفر» يريد: إذا رأيت جسمه أغناك عن طعمه. ومثله من أمثالهم: «الجواد عينه فراره» يعني:
الفرس إذا رأيته كفاك أن تفرّه، قال وقال أبو إسحاق الأحول: إنما هو فراره بضم الفاء، ولم أسمعها أنا إلا بالكسر من محمد بن يزيد.
[231] وأنشدني محمد بن يزيد أيضا لأعرابي: [الطويل]
سقيا لأيّام ذهبن من الصّبا ... وليل لنا بالأبرقين قصير
وتكذيب ليلى الكاشحين وسيرنا ... بنجد مطايانا لغير مسير
وإذ نلبس الحوك (4) الرقيق وإذ لنا ... جمام تري المكروه كلّ غيور
فلما علا الشّيب الشباب وبشّرت ... ذوي الحلم أعلى لمّتي بقتير
وخفت انقلاب الدهر أن يصدع العصا ... وأن تغدر الأيام غير غدور
رجعت إلى الأولى وفكّرت في التي ... إليها أو الأخرى يكون مصيري
وليس امرؤ لاق بلاء بيائس ... من الله أن ينتاشه بجدير (5)
[232] قال أبو علي: قال أبو بكر محمد بن أبي الأزهر، أنشدنا الرياشي لرجل من بني الحارث هذين البيتين: [الطويل]
منى إن تكن حقّا تكن أحسن المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا
أمانيّ من سعدى حسان كأنما ... سقتك بها سعدى على ظمإ بردا
* * * [233] قال: وأنشدنا أحمد بن يحيى لجران العود: [الوافر]
وجدت بشاشة لمّا التقينا ... لأقضي ما عليّ من النّذّور
__________
(1) أطلبه: أعطاه ما طلب. ط
(2) رمان: جبل في بلاد طيئ في غربي سلمى وهو أحد جبلى طيئ. ط
(3) غضور: ماء على يسار رمان. ط
(4) الحوك: الثياب. ط
(5) كذا في الأصل بالجيم والدال المهملة ولعلها محرفة عند جرير بالراء وقد تقدم شرحه في الصفحة السابقة. ط(1/651)
فلست بعائد لمّا التقينا ... بروض بين محنية وقور
إذا قبّلتها كرعت بفيها ... كروع العسجديّة في الغدير
فيأخذني العناق وبرد فيها ... بموت في عظامي أو فتور
فنحيا تارة ونموت أخرى ... ونخلط ما نموّت بالنّشور
وأقحل (1) حين أدخل في حشاها ... قحول القدّ في عنق الأسير
[234] قال: وحدثنا الرياشي قال: حدثنا الأصمعي قال: كان معاوية رحمه الله تعالى يقول: أنا للأناة وعمرو للبديهة، وزياد للصّغار والكبار، والمغيرة للأمر العظيم.
[235] قال: وأنشدنا أحمد بن يحيى لأعرابي من بني عبد الله بن غطفان، وأنشدنيه بندار بن لرّة الكرجيّ لجميل بن معمر: [الطويل]
ومما شجاني أنّها يوم أعرضت ... تولت وماء العين في الجفن حائر
فلما أعادت من بعيد بنظرة ... إليّ التفاتا أسلمته المحاجر
يقولون لا تنظر وتلك بليّة ... بلى كلّ ذي عينين لا بدّ ناظر
ألام إذا حنّت قلوصي من الهوى ... ولا ذنب لي في أن تحن الأباعر
[236] قال: وأنشدنا بندار: [الطويل]
أيا حبّ ليلى عافني منك مرّة ... وكيف تعافيني وأنت تزيد
ويا حبّ ليلى أعطني الحكم واحتكم ... عليّ فما يبغى عليّ شهود
[237] قال: وأنشدني أحمد بن يحيى لبعض الأعراب: [الطويل]
وفي الموت لي من لوعة الحبّ راحة ... ولكنّني أخشى ندامتها بعدي
أقول لها بقيا عليها من الهوى ... وقاك إله الناس أن تجدي وجدي
[238] قال: وأنشدنا: [الطويل]
فحتّى متى أهوى أما ينفد الهوى ... وحتى متى كفّي على موضع القلب
فها أنا للعشّاق يا عزّ قائد ... وبي تضرب الأمثال في الشرق والغرب
[239] قال: وأنشدنا للأقرع بن معاذ القشيري: [الطويل]
ألا أيّها الواشي بليلى ألا ترى ... إلى من تشي أو من به جئت واشيا
لعمر الذي لم يرض حتّى أطيعه ... بليلى إذا لا يصبح الدهر راضيا
إذا نحن رمنا هجرها ضمّ حبّها ... صميم الحشا ضمّ الجناح الخوافيا
[240] قال: وأنشدنا أيضا لنافذ بن عطارد العبشمي: [الوافر]
ويذكي الشّوق حين أقول يخبو ... بكاء حمامة فيلج حينا
__________
(1) أقحل: أيبس يريد أنه حين يحضنها يلتصق بها حتى يصير كالقد اليابس إذا دار بعنق الأسير. ط(1/652)
مطرّقة (1) الجناح إذا استقلّت ... على فنن سمعت لها رنينا
يميل بها ويرفعها مرارا ... ويشغف صوتها قلبا حزينا
[241]
[قصيدة ليزيد بن الطثرية]:
قال: وأنشدنا أحمد بن يحيى ليزيد بن الطّثريّة:. وفي هذه القصيدة بيتان ذكر الرّياشي أنهما لجميل بن معمر في قصيدته.: [الطويل]
ألا يا صبا نجد لقد هجت من نجد ... فهيّج لي مسراك وجدا على وجدي
ألا هل من البين المفرّق من بدّ ... وهل لليال قد تسلّفن من ردّ
وهل مثل أيّامي بنعف سويقة (2) ... رواجع أيّام كما كنّ بالسّعد
وهل أخواي اليوم إن قلت عرّجا ... على الأثل من ودّان (3) والمشرب البرد
مقيمان حتّى يقضيا لي لبانة ... فيستوجبا أجرى ويستكملا حمدي
وإلّا فروحا والسّلام عليكما ... فما لكما غيّي وما لكما رشدي
وما بيديّ اليوم من حبلي الذي ... أنازع من إرخائه لا ولا شدّ
ولكن بكفّي أمّ عمرو فليتها ... إذا وليت رهنا تلى الرّهن بالقصد
ويا ليت شعري ما الذي تحدثنّ لي ... نوى غربة بعد المشقة والبعد
نوى أم عمرو حيث تغترب النوى ... بها ثم يخلو الكاشحون بها بعدي
أتصرم للأي الّذين (4) هم العدا ... لتشمتهم بي أم تدوم على الودّ
وظنّي بها والله أن لي يضيرني ... وشاة لديها لا يضيرونها عندي
وقد زعموا أن المحبّ إذا نأى ... يملّ وأن النّأي يشفي من الوجد
بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد
هواى بهذا الغور غور تهامة ... وليس بهذا الجلس (5) من مستوى نجد
فو الله ربّ البيت لا تجدينني ... تطلّبت قطع الحبل منك على عمد
ولا أشترى أمرا يكون قطيعة ... لما بيننا حتّى أغيّب في لحدي
فمن حبّها أحببت من ليس عنده ... يد بيد تجزى ولا منّة عندي
__________
(1) يقال: طرق جناح الطائر: لبس الريش الأعلى الريش الأسفل يريد أن ريش جناحها طرائق بعضها فوق بعض. ط
(2) نعف سويقة: موضع ذكره ياقوت ولم يبينه، وقد ورد في قول الأحوص:
وما تركت أيام نعف سويقة ... لقلبك من سلماك صبرا ولا عزما ط
(3) قال أبو زيد: ودان من الجحفة على مرحلة بينها وبين الأبواء على طريق الحاج في غربيها سثة أميال. ط
(4) هكذا في الأصل، ولعل الثاني بدل من الأول وإن اختلف المدلول كما لا يخفى. ط
(5) الجلس: الغليظ من الأرض. ط(1/653)
ألا ربّما أهدى لي الشوق والجوى ... على النأى منها ذكرة قلّما تجدى
[242]
[رواة الشعر ورواة الحديث]:
قال: وحدثنا الزبير، قال: حدثنا محمد بن سلام، قال: حدثني يحيى بن سعيد القطان قال: رواة الشّعر أعقل من رواة الحديث لأن رواة الحديث يروون مصنوعا كثيرا، ورواة الشعر ساعة ينشدون المصنوع ينتقدونه ويقولون: هذا مصنوع (1).
* * * [243] قال: وحدثني محمد بن يزيد قال: كنت بسرّ من رأى أيام المتوكل، وكانت الجيوش متكاثفة، فما كان أحد من مرّار الطريق يعدم حصاة تتلقاه من خذف حوافر الخيل، فأنشدني بعضهم: [البسيط]
لا تقعدنّ بسامرّا على الطّرق ... إن كنت يوما على عينيك ذا شفق
حوافر الخيل أقواس وأسهمها ... صمّ الحجارة والأغراض في الحدق
ويروى: ملس الحجارة.
[244] قال: وقال لنا الرياشي، قال: العتبي قال: رجل من محارب يعزّي ابن عم له على ولده: [الطويل]
وإنّ أخاك الكاره الورد وارد ... وإنك مرأى من أخيك ومسمع
وإنك لا تدري بأيّة بلدة ... صداك ولا عن أي جنبيك تصرع
أتجزع إن نفس أتاها حمامها ... فهلّا التي عن بين جنبيك تدفع (2)
[245] قال وقال الرياشي: أنشدني العتبي لرجل من بني دارم لابن عم (3) له يعاتب قريبه: [الطويل]
تطلّع منه بغضة ما يجنّها ... إليّ ودوني غمرة ما يخوضها
وجدت أباك شانئا فشنئتني ... شبيه بفرخي بيضة من يبيضها
[246]
[رؤيا إسحاق الموصلي]:
قال: وحدثنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، قال: حدثني أبي إسحاق قال:
رأيت في منامي كأنّ شيخا دخل عليّ وفي يده كبّة شعر فجعل يدسّها في فيّ، فقلت: من
__________
(1) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (2/ 1027) (1963) (2/ 1030) (1974). باب ذكر من ذمّ الإكثار من الحديث دون التفهم له والتفقه فيه من طريق الزبير بن بكار بإسناد أبي علي بلفظ «يتفقدونه بدلا من ينتقدونه».
(2) ذكر ابن هشام في «المغني» من أوجه عن أن تكون زائدة للتعويض من أخرى محذوفة واستشهد بقوله: أتجزع أن نفس البيت ثم قال قال ابن جنى: أراد فهلا تدفع عن التي بين جنبيك فحذفت عن من أول الموصول وزيدت بعده. ط
(3) المراد أن الشاعر وهو رجل من بني دارم يعاتب بهذا الشعر ابن عم له. ط(1/654)
أنت؟ قال: أنا جرير، فقصصت الرؤيا على أبي، فقال: إن صدقت رؤياك نلت من الشّعر حاجتك، قال حماد قال أبي: فرأيت رجلا أشبه الناس بذلك الشيخ، فسألته عن نسبه، فإذا هو عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير.
[247]
[ترك التشاؤم، وتبدّل الأحوال]:
وقرأت عليه قال: حدثني أبي، قال: قيل لعقيل بن علّفة وأراد سفرا: أين غيرتك على من تخلّف أهلك؟ قال: أخلّف معهم الحافظين: الجوع والعري، أجيعهنّ فلا يمرحن، وأعريهنّ فلا يبرحن.
وأنشدنا حمّاد قال: أنشدني أبي إسحاق: [مجزوء الكامل]
لا يمنعنّك من بغا ... ء الخير تعقاد التّمائم (1)
ولا التّشاؤم بالعطا ... س ولا التّقسّم بالأزالم
ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واق (2) وحاتم (3)
فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم
وكذاك لا خير ولا ... شرّ على أحد بدائم
قد خطّ ذلك في الزّبو ... ر الأوّليّات القدائم
* * * [248] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي: [البسيط]
إن الضّيوف تحاموني وحقّ لهم ... ما منهم إبلي يوما ولا شائي
إذا الضّريك (4) عرانا بات ليلته ... دون البيوت بلا خبز ولا ماء
[249]
[فضل الرجال ذوي العقول وقلّتهم]:
قال وأنشدنا محمد بن يزيد: [الوافر]
وكلّ لذاذة ستملّ إلا ... محادثة الرجال ذوي العقول
وقد كنا نعدّهم قليلا ... فقد صاروا أقلّ من القليل
* * * [250] قال: وقال المسمعي أنشدني دماذ:. والشعر لبشّار بن برد.: [السريع]
شطّ بسلمى عاجل البين ... وجاورت أسد بني القين
__________
(1) الشعر لمرقش السدوسي وقيل هو لخزز بن لوذان كما في «اللسان» مادة «حتم». ط
(2) الواقي: الصرد، قال أبو الهيثم: قيل للصرد واق لأنه ينبسط في مشيه فشبه بالواقي من الدواب إذا حفى. ط
(3) الحاتم: الغراب الأسود أو غراب البين وهو أحمر المنقار والرجلين. ط
(4) الضريك: الفقير السيئ الحال. ط(1/655)
وحنّت النّفس لها حنّة ... كادت لها تنقدّ نصفين
يابنة من لا أشتهي ذكره ... أخشى عليك علق الشّين
طالبها قلبي فراغت به ... وأمسكت قلبي مع الدّين
فكنت كالهقل (1) غدا يبتغي ... قرنا فلم يرجع بأذنين
[251] قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني عمر بن إبراهيم السعدي ثم الغويثي قال: قال لابنة الخسّ أبوها يوما:
أيّ شيء في بطنك؟ أخبريني به وإلا ضربت رأسك، فقالت: أرأيتك إن أخبرتك بما في بطني أيكفّ ذاك عني عذابك اليوم؟ قال: نعم، قالت: أسفله طعام، وأعلاه غلام، فاسأل عما شئت. قال: أيّ المال خير؟ قالت: النّخل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، قال: وأيّ شيء؟ قالت: الضأن قرية لا وباء بها، تنتجها رخالا (2)، وتحلبها علالا، وتجزّ لها جفالا (3)، ولا أرى مثلها مالا، قال: فالإبل مالك تؤخّرينها؟ قالت: هي أذكار الرجال، وأرقاء الدماء، ومهور النساء، قال: فأي الرجال خير؟ قالت: [المنسرح]
خير الرجال المرهّقون كما ... خير تلاع الأرض أوطؤها (4)
قال: أيّهم؟ قالت: الذي يسأل ولا يسأل، ويضيف ولا يضاف، ويصلح ولا يصلح، قال: فأيّ الرجال شر؟ قالت: الثّطيط النّطيط، الذي معه سويط، الذي يقول: أدركوني من عبد بني فلان فإني قاتله أو هو قاتلي. قال: فأي النساء خير؟ قالت: التي في بطنها غلام، تحمل على وركها غلام (5)، يمشي وراءها غلام. قال: فأي الجمال خير؟ قالت: السّبحل الرّبحل، الراحلة الفحل، قال: أرأيتك الجذع؟ قالت: لا يضرب ولا يدع. قال: أرأيتك الثّني؟ قالت: يضرب وضرابه ونيّ. قال أبو علي: الصواب أنيّ أي: بطئ قال: أرأيتك السّدس؟ قالت: ذاك العرس. قال أبو عبد الله: الثّطيط: الذي لا لحية له. والنّطيط:
الهذريان وهو الكثير الكلام يأتي بالخطإ والصواب عن غير معرفة. والسّبحل والرّبحل:
البجيل الكثير اللحم.
[252]
[إنشاد أمية بن الأسكر عمر بن الخطاب شعره في ولده]:
قال: وقال: حدثنا الزبير، قال: حدثنا محمد بن الضحاك، قال: حدثني عبد
__________
(1) الهقل: الفتى من النعام. ط
(2) الرخال: جمع رخل بالكسر وبهاء وككتف: الأنثى من ولد الضأن. ط
(3) أي: نجز مرة وذلك أن الضائنة إذا جزت لم يسقط من صوفها شيء إلى الأرض حتى يؤتي عليه. ط
(4) في «اللسان» مادة رهق أنه لابن هرمة، وقد رواه:
خير تلاع البلاد اكلؤها ... وهو الذي يستقيم به الوزن
وقد سبق هذا البيت في كتاب «الأمالي» برقم (419).
(5) كذا بالأصل والإعراب يقتضى النصب ولعله وقف عليها بالسكون. ط(1/656)
العزيز بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن كلاب بن أميّة بن الأسكر خرج في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وأمية يومئذ شيخ كبير، وخرج معه أخ له آخر، فانبعث أمية يقول: [البسيط]
يا أم هيثم ماذا قلت أبلاني ... ريب المنون وهذان الجديدان
إمّا تري حجري قد ركّ (1) جانبه ... فقد يسرّك صلبا غير كذّان (2)
إمّا تريني لا أمضي إلى سفر ... إلّا معى واحد منكم أو اثنان
ولست أهدى (3) بلادا كنت أسكنها ... قد كنت أهدى بها نفسي وصحباني
يا ابني أمية إني عنكما غاني ... وما الغنى غير أني مرعش فاني
يا ابني أمية إن لا تشهدا كبري ... فإن نأيكما والثّكل مثلان
إذا يحمل الفرس الأحوى ثلاثتنا ... وإذ فراقكما والموت سيّان
أصبحت هزءا لراعي الضّأن أعجبه ... ماذا يريبك منّي راعي الضان
انعق بضأنك في نجم تحفّره ... من الأباطح واحبسها بجمدان
إن ترع ضأنا فإنّي قد رعيتهم ... بيض الوجوه بني عمّي وإخواني
وقال أيضا: [الوافر]
لمن شيخان قد نشدا كلابا ... كتاب الله إن رقب الكتابا
ننفّض مهده شفقا عليه ... ونجنبه أباعرنا الصّعابا
إذا هتفت حمامة بطن واد ... على بيضاتها دعوا كلابا
تركت أباك مرعشة يداه ... وأمّك ما تسيغ لها شرابا
أناديه وولّاني قفاه ... فلا وأبي كلاب ما أصابا
فإنّ مهاجرين تكنّفاه ... ليترك شيخه خطئا وخابا
وإن أباك حيث علمتماه ... يطارد أينقا شسبا (4) طرابا
إذا بلغ الرّسيم فكان شدّا ... يخرّ فخالط الذّقن الترابا
فلما أنشدها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، كتب إلى سعد بن أبي وقاص: أن رحّل كلاب بن أميّة بن الأسكر، فرحّله. فقدم على عمر بن الخطاب فأمر به فأدخل، ثم أرسل إلى أمية فتحدث معه ساعة، ثم قال: يا أبا كلاب، ما أحبّ الأشياء إليك اليوم؟ قال: ما أحب اليوم شيئا، ما أفرح بخير، ولا يسوءني شر، فقال عمر رضي الله عنه:
__________
(1) ر ك: ضعف وانهار. ط
(2) الكذان: الرخو. ط
(3) كذا في الأصل بالدال المهملة في هذين الفعلين ولتحرر الرواية. ط
(4) شسب: جمع شاسب وهو النحيف اليابس من الضمر. ط(1/657)
بلى عليّ ذلك، قال: بلى، كلاب أحبّ أنه عندي فأشمّه، فأمر بكلاب فأخرج إليه، فلما رآه الشيخ وثب إليه فجعل يشمه ويبكي، وجعل عمر رضي الله تعالى عنه أيضا يبكي (1).
* * * [253] قال: وأنشدنا أحمد بن يحيى لعبد الله بن حسن أو لبعض الهاشميين:
[البسيط]
لا خير في الودّ ممّن لا تزال له ... مستشعرا أبدا من خيفة وجلا
إذا تغيّب لم تبرح تسئ به ... ظنّا وتسأل عما قال أو فعلا
[254]
[الأصمعي وأبناء الكرام]:
قال أبو علي: وقرأت عليه قال: حدثني أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي، قال:
حدثني أبو عثمان المازني، عن الأصمعي قال: سرت في تطوافي في العرب بجبلي طيئ، فدفعت إلى قوم منهم يحتلبون اللّبن ثم يصيحون: الضّيف الضيف، فإن جاء من يضيفهم وإلا أراقوه فلا يذوقون منه شيئا دون الضيف إلا أن يجهدهم الجوع، ثم دفعت إلى رجل من ولد حاتم بن عبد الله فسألته القرى، فقال: القرى والله كثير، ولكن لا سبيل إليه. فقلت: ما أحسب عندك شيئا، فأمر بالجفان فأخرجت مكرّمة بالثريد عليها وذر (2) اللحم، وإذا هو جادّ في المنع، فقلت: والله ما أشبهت أباك حيث يقول: [الطويل]
وأبرز قدري بالفناء قليلها ... يرى غير مضنون به وكثيرها
فقال: إلّا أشبهه في هذا فقد أشبهته في قوله: [الطويل]
أماويّ إمّا مانع فمبيّن ... وإمّا عطاء لا ينهنهه الزّجر
فأنا والله مانع مبيّن، فرحلت عنه ودفعت إلى امرأة من ولد ابن هرمة فسألتها القرى، فقالت: إني والله مرملة مسنتة ما عندي شيء، فقلت: أما عندك جزور؟ فقالت: والله ولا شاة ولا دجاجة ولا بيضة، فقلت: أما ابن هرمة أبوك؟ فقالت: بلى، والله إنّي لمن صميمهم، قلت: قاتل الله أباك! ما كان أكذبه حيث يقول: [المنسرح]
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلّا قريبة الأجل
إني إذا ما البخيل آمنّها ... باتت ضموزا منّي على وجل
وولّيت، فنادت: اربع أيها الراكب، فعله والله ذلك أقلّه عندنا، فقلت: إلّا تكوني أو سعتينا قرى فقد أوسعتينا جوابا.
يقال: ضموز (3) بالفتح للواحدة، وضموز بالضم للجماعة.
__________
(1) خبر أمية ابن الأسكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرجه أبو الفرج (23/ 8161).
(2) وذر: جمع وذرة وهي قطعة اللحم الصغيرة لا عظم فيها أو ما قطع منه مجتمعا عرضا. ط
(3) يقال: ناقة ضامز وضموز: تضم فاها لا تسمع لها رغاء. ط(1/658)
[255] وحدثنا قال: قال الزبير: حدثني ابن يحيى بن محمد، قال: حدثني عمي، عن إبراهيم بن محمد قال: نزلت بأبيات ابن هرمة بعد أن هلك، فرأيت حالهم سيئة، فقلت لبعض بناته: قد كان أبو كنّ حسن الحال فما ترك لكن شيئا؟ قالت: كيف وهو الذي يقول: [المنسرح]
لا غنمي مدّ في البقاء لها ... إلّا دراك القرى ولا إبلي
ذاك أفناها ذاك أفناها.
* * * [256] قال: وأنشدني محمد بن يزيد لعبد الصمد بن المعذّل: [الطويل]
هي النفس تجزي الودّ بالودّ أهله ... وإن سمتها الهجران فالهجر دينها
إذا ما قرين بتّ منها حباله ... فأهون مفقود عليها قرينها
لبئس معار الودّ من لا يربّه ... ومستودع الأسرار من لا يصونها
[257] وقال: وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثني ابن عائشة في إسناد ذكره قال: قال علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه: من أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم.
[258] وقال معاوية رحمه الله تعالى: الرجل بلا إخوان كيمين بغير شمال.
[259] قال: وأنشدنا أبو العباس: [الوافر]
وكنت إذا الصّديق أراد غيظي ... وأشرقني على حنق بريقي
غفرت ذنوبه وصفحت عنه ... مخافة أن أعيش بلا صديق
[260] قال: وأخبرنا ابن أبي الأزهر، قال: أخبرنا أبو عبد الله قال: دعا مالك بن أسماء بن خارجة جارية له لتخضبه، فقالت: كم أرقع خلقك؟ فقال: [البسيط]
عيّرتني خلقا أبليت جدّته ... وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا (1)
[261] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لدعبل بن علي الخزاعي: [الطويل]
نعوني ولمّا ينعني غير شامت ... وغير عدوّ قد أصيبت مقاتله
يقولون إن ذاق الردى مات شعره ... وهيهات عمر الشّعر طالت طوائله
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره ... ويكثر من أهل الرواية حامله
يموت ردئ الشعر من قبل أهله ... وجيده يبقى وإن مات قائله
[262] قال أبو العباس: وأخذ هذا المعنى أيضا من نفسه، فقال في قصيدة أولها هذه الأبيات: [البسيط]
__________
(1) انظر: ما سبق في هذا «الذيل» برقم (190189).(1/659)
إذا غزونا فمغزانا بأنقرة ... وأهل سلمى بسيف البحر من جرت (1)
هيهات هيهات بين المنزلين لقد ... أنضيت شوقي وقد طوّلت ملتفتي
أحببت أهلي ولم أظلم بحبّهم ... قالوا تعصّب جهلا قول ذي بهت
لهم لساني بتقريظي وممتدحي ... نعم وقلبي وما تحويه مقدرتي
دعني أصل رحمي إن كنت قاطعها ... لا بدّ للرّحم الدّنيا من الصّلة
فاحفظ عشيرتك الأدنين إنّ لهم ... حقّا يفرّق بين الزّوج والمرت
قومي بنو حمير والأزد إخوتهم ... وآل كندة والأحياء من علت
ثبت الحلوم فإن سلّت حفائظهم ... سلّوا السيوف فأردوا كلّ ذي عنت
نفسي تنافسني في كلّ مكرمة ... إلى المعالي ولو خالفتها أبت
وكم زحمت طريق الموت معترضا ... بالسيف ضيقا فأدّاني إلى السّعت
قال العواذل أودى المال قلت لهم ... ما بين أجر وفخر لي ومحمدت
أفسدت مالك قلت المال يفسدني ... إذا بخلت به والجود مصلحتي
لا تعرضنّ بمزح لامرئ طبن ... ماراضه (2) قلبه أجراه في الشّفت
فربّ قافية بالمزح قاتلة ... مشئومة لم يرد إنماؤها نمت
ردّ السّلى مستتمّا بعد قطعته ... كردّ قافية من بعد ما مضت
إنّي إذا قلت بيتا مات قائله ... ومن يقال له والبيت لم يمت
[263] قال: وقال أنشدني الرياشي لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: [الكامل]
غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرّد (3)
يا عمرو لو نبّهته لوجدته ... لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
ثكلتك أمّك إن قتلت لمسلما ... وجبت عليك عقوبة المتعمّد
[264] قال: وقال وحدثني الرياشي، قال: حدثنا الأصمعي، عن ابن عون قال:
رأيت قاتل الزبير وقد حمل عليه الزبير، فقال له: أنشدك الله، قال: ثم حمل عليه الزبير، فقال: أنشدك الله ثلاثا، فلما انصرف عنه حمل على الزبير، فقال الزبير: قاتله الله! يذكّر بالله وينساه (4)!
__________
(1) جرت بضم فسكون قرية من قرى صنعاء باليمن وقد حرك لضرورة الشعر. ط
(2) في نسخة راده بدال مهملة وكلاهما له معنى صحيح فحرر الرواية. ط
(3) يقال: عرد الرجل عن قرنه إذا أحجم عنه ونكل. ط
(4) انظر: قصة قتل الزبير رضي الله عنه في «البداية والنهاية» (6/ 250) «وأسد الغابة» لابن الأثر (2/ 252) و «الإصابة» (1/ 546) و «الاستيعاب» في هامش «الأصابة» (1/ 584). والطبري في «تاريخه» (4/ 534).(1/660)
[265] قال: وقال حدثني الرياشي، عن الأصمعي، عن ابن أبي الزناد قال: أنشد ابن عمر قول حسان بن ثابت الأنصاري: [المنسرح]
يأبي لي السّيف واللسان وقو ... م لم يضاموا كلبدة الأسد
[266] فقال ابن عمر: أفلا قال: يأبي لي الله ولا حول ولا قوّة إلا بالله، قال: وقال أنشدنا الرياشي قال: أنشدني مؤرج لنفسه: [البسيط]
فزّعت بالبين حتى ما يفزّعني ... وبالمصائب في أهلي وجيراني
لم يترك الدهر لي علقا أضمّ به ... إلا اصطفاه بموت أو بهجران
قال ثم قتل (1) أمير المؤمنين الزبير، فقمت فما التقينا.
[267] قال: وأخبرنا الزبير، قال: حدثني أخي هارون، عن عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي، عن أبيه، عن وهب بن مسلم، عن أبيه قال: دخلت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مع نوفل بن مساحق، فمررنا بسعيد بن المسيب فسلمنا عليه فرد، ثم قال: يا أبا سعيد، من أشعر أصحابنا أم صاحبكم؟ يريد: عمر بن أبي ربيعة وابن قيس الرّقيّات، فقال له ابن مساحق: حين يقولان ماذا؟ قال: حين يقول صاحبنا: [الطويل]
خليليّ ما بال المطايا كأننا ... نراها على الأدبار بالقوم تنكص
وقد أتعب الحادي سراهنّ وانتحى ... بهنّ فما يألو عجول مقلّص
يزدن بنا قربا فيزداد شوقنا ... إذا زاد قرب الدار والبعد ينقص
وقد قطّعت أعناقهن صبابة ... فأنفسها مما تكلّف شخّص
ويقول صاحبكم ما شاء، فقال له نوفل: صاحبكم أشعر بالغزل وصاحبنا أكثر أفانين شعر، فلما انقضى ما بينهما استغفر الله سعيد مائة مرة يعدّ بالخمس.
[268] قال أبو علي: أنشدني أبو بكر محمد بن أبي الأزهر، قال: أنشدني أحمد بن إسحاق أبو المدوّر قال أنشدني ابن الأعرابي:. واسمه محمد بن زياد: [الكامل]
ولئن (2) سألت بني سليم أيّنا ... أدنى لكل أرومة وفعال
لينبئنّك رهط معن أنهم ... بالعلم للأتقون من سمّال (3)
إنّ السماء لنا عليك نجومها ... والشمس مشرقة وكلّ هلال
تبكي المراغة بالرّغام على ابنها ... والنائحات يهجن بالأعوال
سوقى النّواهق مات من يبكينه ... وتعرّضي لمصعد القفّال
__________
(1) هكذا في الأصل ولا ارتباط بين هذه العبارة وما قبلها فلعل هنا كلاما سقط من الناسخ. ط
(2) الأبيات للفرزدق راجع: كتاب «النقائض» طبع مدينة ليدن (ص 278). ط
(3) هو سمال بن عوف جد لمجاشع بن مسعود الصحابي وهو أبو قبيلة سمى بذلك لأنه لطم رجلا فسمل عينه. ط(1/661)
قال محمد: رأيته في شعر الفرزدق: مصاعد، ورأيت في شرح البيت النواهق والناهقات: ذكران الحمير، يقول: مات من يبكيه إلا الحمير.
وسرت مدامعها تنوح على ابنها ... بالرّمل قاعدة على جلّال (1)
قال محمد: ولم يأت هذا البيت في القصيدة.
قالوا لها احتسبي جريرا إنه ... أودى الهزبر به أبو الأشبال
ألقى عليه يديه ذو قوميّة (2) ... ورد فدقّ مجامع الأوصال
قد كنت لو نفع النّذير نهيته ... ألّا يكون فريسة الرّئبال (3)
إنّي رأيتك إذا أبقت فلم تئل ... خيّرت نفسك من ثلاث خلال
بين الرّجوع إليّ وهي بغيضة ... في فيك مدنية من الآجال
أو بين حيّ أبي نعامة هاربا ... أو باللّحاق بطيّئ الأجبال
يريد بحيّ أبي نعامة: إذ هو حيّ، يقال: فعلت ذلك في حيّ فلان أي: وفلان حي.
وأبو نعامة: قطريّ بن الفجاءة من بني مازن.
فاسأل فإنّك من كليب واتّبع ... بالعسكرين بقيّة الأطلال
واسأل بقومك يا جرير ودارم ... من ضمّ بطن منى من النّزّال
النّزّال هاهنا: الحجّاج، قال عامر بن الطّفيل: [الطويل]
أنازلة أسماء أم غير نازله ... أبيني لنا يا اسم ما أنت فاعله
تجد المكارم والعديد كليهما ... في مالك ورغائب الآكال
* * * [269] قال وقال: وأنشدني أبو علي أحمد بن إسحاق: [الطويل]
وأبيض يغشى المعتفون فناءه ... له حسب زاك ومجد مؤثّل
ولا تكره الجارات أن يعتفينه ... إذا قام بالعبد الأسير المرجّل
قال: الأسير المرجّل: الزّق، يريد أن يشتري زقّا بعبد.
[270] [تفسير ابن الأعرابي قوله تعالى وأنتم سامدون]: قال ابن الأعرابي في قول الله عز وجل: {وَأَنْتُمْ سََامِدُونَ} قال: السامد: المنتصب همّا وحزنا، وأنشد للكميت ابن معروف الأسدي: [الوافر]
رمى (4) المقدار نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا
فردّ شعورهنّ السّود بيضا ... وردّ خدودهن البيض سودا
__________
(1) جلال كشداد: طريق نجد إلى مكة. ط
(2) القومية: القوام. ط
(3) الرئبال: الأسد. ط
(4) المشهور في كتب اللغة وغيرها رمى الحدثان إلخ، ولعلهما روايتان. ط(1/662)
فإنك لو شهدت بكاء هند ... ورملة إذ تصكّان (1) الخدودا
بكيت بكاء معولة حزين ... أصاب الدهر واحدها الفقيدا
[271]
[صيانة العرض، وخشية الخالق، والحياء، والكرم]:
قال أبو علي: قال أبو بكر: وأنشدني محمد بن يزيد: [الطويل]
إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ... وتستحى مخلوقا فما شئت فاصنع
قال: وأنشدني مسعود بن بشر لقريف الكلبي: [الكامل]
إنّي امرؤ نبه وإن عشيرتي ... كرم وإن سماءهم تستمطر
حدبوا عليّ كما حدبت عليهم ... فلئن فخرت بهم لنعم المفخر
[272]
[قول رجل في امرأته وقد تزوّجت غيره]:
قال: قال: وأنشدني محمد بن يزيد قال: أنشدني دعبل لرجل من أهل الكوفة في امرأته وقد (2) تزوّجت غيره: [المتقارب]
إذا ما نكحت فلا بالرّفاء ... وإمّا ابتنيت فلا بالبنينا
تزوّجت أصلع في غربة ... تجنّ الحليلة منه جنونا
إذا ما نقلت إلى بيته ... أعدّ لجنبيك سوطا متينا
يشمّك أخبث أعراضه (3) ... إذا ما دنوت لتستنشقينا
كأنّ المساويك في شدقه ... إذا هنّ أكرهن يقلعن طينا
[273] قال أبو علي: وأنشدنا، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى، قال: أنشدني العتبي في السّريّ بن عبد الله بن الحارث: [الطويل]
كأنّ الذي يأتي السّريّ لحاجة ... أناخ إليه بالذي كان يطلب
إذا ما ابن عبد الله خلّى مكانه ... فقد حلّقت بالجود عنقاء مغرب
[274] قال وقال لي محمود بن يزيد: ما سمعت أهجى من هذا البيت، وأنشدنيه لأخي دعبل بن علي الخزاعي: [البسيط]
قوم إذا ذعروا أو نابهم فزع ... كانت حصونهم الأعراض والحرم
[275] قال: وأنشدني محمد بن يزيد قال: أنشدني بلال بن هانئ بن عقيل بن بلال بن جرير لجماهر بن عبد الحكيم الكلبي: [الطويل]
قضى كلّ ذي دين ووفّى غريمه ... ودينك عند الزاهرية ما يقضى
أكاتم في حبّي ظريفة بالتي ... إذا استبصر الواشون ظنّوا به بغضا
__________
(1) تصكان الخدود: تلطمانها. ط
(2) ذكر في «اللسان» في مادة «حرم» عن ابن برى أن الشعر لرجل خطب امرأة من قومه فردته. ط
(3) أعراض: جمع عرض وهو الجسد ومنه الحديث (يجرى من أعراضهم مثل ريح المسك). ط(1/663)
صدودا عن الحيّ الذين أودّهم ... كأنّي عدوّ لا يطور (1) لهم أرضا
ولم يدع باسم الزاهرية ذاكر ... على آلة إلا ظللنا لها مرضى
وما نقع الهيمان بالشرب بعدهم ... ولا ذاقت العينان مذ فارقوا غمضا
فلا وصل إلا أن تقرّب بيننا ... غريريّة تشكو الأخشّة (2) والغرضا (3)
[276] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد المبرد قال: أنشدني التوزيّ، عن الأصمعي لنافع بن خليفة الغنوي: [الطويل]
تغطّي نمير بالعمائم لؤمها ... وكيف يغطّي اللؤم طيّ العمائم
فإن تضربونا بالسّياط فإننا ... ضربناكم بالمرهفات الصوارم
وإن تحلقوا من الرءوس فإننا ... خلقنا رءوسا باللّحي والغلاصم
وإن تمنعوا منا السلاح فعندنا ... سلاح لنا لا يشترى بالدراهم
جلاميد أملاء الأكفّ كأنّها ... رءوس رجال حلّقت في المواسم
[277]
[ما قيل في الملل، والوصل، والهجر والقلى، وعدم الاكتراث بذلك]:
قال وقال أنشدنا محمد بن يزيد: [الوافر]
فلا هجر القلى هجرتك نفسي ... ولا هجرتك هجران الدّلال
ولكنّ الملال سما إليها ... فعاذت بالصّدود من الملال
وشجّعني على الهجران أني ... رأيتك حين أهجر لا تبالي
فديتك لا أبالي سوء حالي ... إذا ما كنت أنت بخير حال
سأمنح بعدك الإخوان هجرا ... وأقلى الوصل غابرة الليالي
[278]
[إنشاد الخنساء وحسان بن ثابت النابغة]:
قال أبو علي: قرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير، قال:
حدثنا محمد بن الحسن المخزومي، عن رجل من الأنصار نسي اسمه قال: جاء حسان بن ثابت رضي الله عنه إلى النابغة، فوجد الخنساء حين قامت من عنده، فأنشده قوله: [الكامل]
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
الأبيات، فقال: إنك لشاعر، وإن أخت بني سليم لبكّاءة.
__________
(1) لا يطور لهم أرضا: لا يحوم حولها. ط
(2) الأخشة: جمع خشاش بالكسر وهو ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب. ط
(3) الغرض للرحل كالحزام للسرج. ط(1/664)
[279]
[ترك الافتخار بالأنساب، وكونها لا ترفع أحدا أو تحطّه إنما العبرة بعمل المرء]:
قال قال: وأنشدنا الرياشي: [الكامل]
ليس الكريم بمن يدنّس عرضه ... ويرى مروءته تكون بمن مضى
حتى يشيد بناءهم ببنائه ... ويزين صالح ما أتوه بما أتى
[280] قال قال: وأنشدنا محمد بن يزيد: [الكامل]
لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يوما على الأحساب نتّكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل كالذي فعلوا
[281] قال: وأنشدنا أيضا محمد: [الطويل]
إنّي (1) وإن كنت ابن فارس عامر ... وفي السّرّ منها والصّريح المهذّب
فما سوّدتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب
ولكنّني أحمي حماها وأتّقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب
* * * [282] قال أبو علي: وقرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر، قال: أنشدنا أبو العباس لعبد الله رحمه الله: [الكامل] (2)
سبّبت لي من حاجتي سببا ... بجميل رأيك يا أبا الفضل
حتى إذا قرّبت أبعدها ... ووقفتها في الموقف السّهل
أرجأتها فكأنّما سقطت ... مكسورة الرّجلين في الوحل
[283]
[الصبر على سوء فعل الصديق وهجره، وشعر في ألم هجر المحبوب]:
قال: وأنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد للعباس بن الأحنف: [الطويل]
ألا كتبت تنهى وتأمر بالهجر ... فقلت لها لو أنّ قلبك في صدري
سأصبر كي ترضي وأهلك حسرة ... وحسبي بأن ترضي ويهلكني صبري
[284] قال: وأنشدنا الرياشي: [الطويل]
إذا ما خليلي ساءني سوء فعله ... ولم يك عمّا ساءني بمفيق
صبرت على ما كان من سوء فعله ... مخافة أن أبقى بغير صديق
[285] قال: وأنشدنا أيضا محمد بن يزيد: [الكامل]
بيد الذي شغف الفؤاد بكم ... فرج الذي يلقى من الهمّ
__________
(1) هذا بيت دخله الخرم وقد تقدم له نظائر. ط
(2) هكذا في جميع النسخ، وانظر: من هو من العبادلة. ط(1/665)
فاستيقني أن قد كلفت بكم ... ثمّ افعلي ما شئت عن علم
[286] قال: وأنشدني أبو العباس محمد بن يزيد، قال: أنشدني دعبل لرجل من أهل الكوفة: [الطويل]
بكت دار بشر شجوها أن تبدّلت ... هلال بن قعقاع ببشر بن غالب
وما هي إلا كالعروس تنقّلت ... على رغمها من هاشم في محارب
[287] قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو زيد، قال: حدثنا ابن عائشة، قال:
حدثني دريد بن مجاشع، عن غالب القطان، عن مالك بن دينار، عن الأحنف بن قيس قال:
قال لي عمر: يا أحنف، من كثر ضحكه قلّت هيبته، ومن مزح استخفّ به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه مات قلبه (1).
[288] قال: وحدثنا أبو زيد، قال: حدثنا محمد بن سلّام، قال: حدثني يونس بن حبيب قال: صنع رجل لأعرابي ثريدة ليأكلها، فقال له: لا تسقعها ولا تشرمها ولا تقعرها.
قال له: فمن أين آكل لا أبالك؟ معنى تسقعها: تقشر أعلاها، وتشرمها: تخرقها، وتقعرها:
تأكل من أسفلها.
* * * [289] قال: وحدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا داود بن إبراهيم الجعفري، عن رجل من أهل البادية قال: قيل لابنة الخسّ: أي الرجال أحبّ إليك؟ قالت: السّهل النّجيب، السّمح الحسيب، النّدب الأريب، السيد المهيب، قيل لها:
فهل بقي أحد من الرجال أفضل من هذا؟ قالت: نعم، الأهيف الهفهاف، الأنف العيّاف، المفيد المتلاف، الذي يخيف ولا يخاف، قيل لها: فأيّ الرجال أبغض إليك؟ قالت الأوره (2)
النّئوم (3)، الوكل السّئوم، الضعيف الحيزوم (4)، اللّئيم الملوم، قيل لها: فهل بقي أحد شر من هذا؟ قالت: نعم، الأحمق النّزّاع، الضائع المضاع، الذي لا يهاب ولا يطاع، قالوا: فأي النساء أحب إليك؟ قالت: البيضاء العطرة، كأنها ليلة قمرة، قيل: فأي النساء أبغض إليك؟
قالت العنفص القصيرة، التي إن استنطقتها سكتت، وإن سكتّ عنها نطقت.
[290]
[الفرزدق وكثير عزة]:
قال أبو علي: قال لنا أبو بكر: يروى عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: لقي الفرزدق كثيّرا بقارعة البلاط وأنا معه، فقال: أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث تقول: [الطويل]
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تمثّ لي ليلى بكل سبيل
__________
(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت وآداب اللسان» (، 39453) والبيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 263) (5019). وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص 56).
(2) الأوره: الأحمق. ط
(3) الوكل: العاجز. ط
(4) الحيزوم وسط الصدر أو ما يشد عليه الحزام. ط(1/666)
فقال له كثير: وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول: [الطويل]
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا
وهذان البيتان لجميل سرق أحدهما كثير والآخر الفرزدق، فقال له الفرزدق: يا أبا صخر، هل كانت أمّك ترد البصرة؟ فقال: لا، ولكن أبي كان يردها (1). قال طلحة بن عبد الله: والذي نفسي بيده لعجبت من كثير وجوابه، وما رأيت أحدا قط أحمق منه، رأيتني أنا وقد دخلت عليه ومعي جماعة من قريش، وكان عليلا فقلنا: كيف تجدك يا أبا صخر؟ قال:
بخير، هل سمعتم الناس يقولون شيئا؟ وكان يتشيّع. فقلنا: نعم، يتحدّثون أنك الدجال.
قال: والله لئن قلت ذاك أني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام (2).
* * * [291] قال: وأنشدنا الزبير لبعض البصريين القشيريين: [الطويل]
ولما تبيّنت المنازل باللّوي ... ولم تقض لي تسليمة المتزود
زفرت إليها زفرة لو حشوتها ... سرابيل أبدان الحديد المسرّد
لفضّت حواشيها وظلت لحرّها ... تلين كما لانت لداود في اليد
[292]
[خطبة محمد بن عبد الله بن الحسن في الخروج على الدولة العباسية، والدعاء على سلاطينها، وفضل المهاجرين والأنصار وأبنائهم]:
قال: وحدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني مصعب بن عثمان قال: لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن، قام على منبر المدينة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنه قد كان من أمر هذا الطاغية أبي جعفر من بنائه القبة الخضراء التي بناها معاندة لله في ملكه وتصغيره الكعبة الحرام، وإنما أخذ الله فرعون حين قال: أنا ربكم الأعلى، وإن أحق الناس بالقيام في هذا الدين أبناء المهاجرين الأوّلين والأنصار المواسين. اللهم إنهم قد أحلّوا حرامك، وحرّموا حلالك، وعملوا بغير كتابك، وغيّروا عهد نبيك صلى الله عليه وسلم، وآمنوا من أخفت، وأخافوا من آمنت، فأحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق على الأرض منهم أحدا.
[293]
[الصبر عند المصيبة، وترك البكاء لموت بعض الناس لا يعني عدم الاكتراث]:
قال: وأنشدنا الزبير لأعرابي: [الطويل]
وقالوا ألا تبكي خريم بن عامر ... فقلت وهل يبكي الذّلول الموقّع (3)
__________
(1) العنفص: المرأة البذية القليلة الحياء. ط
(2) وردت القصة في «الأغاني» (9/ 3461) أنهما كانا يقصدان تعتير بعض السرقة.
(3) الموقع: الذي بظهره آثار الدبر لكثرة ما حمل عليه وركب فهو ذلول مجرب، يريد: وهل أبكى وأنا حكيم مجرب قد أصابني من البلاء ما أصابني. ط(1/667)
صبرت وكان الصبر خير مغبّة ... وهل جزع مجد عليّ فأجزع
ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ... عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
وإني وإن أظهرت صبرا وحسبة ... وصانعت أعدائي عليه لموجع
وأعددته ذخرا لكلّ ملمّة ... وسهم المنايا بالذخائر مولع
[294] قال: وأنشدني محمد بن يزيد من هذه الأبيات ثلاثة أبيات أولها: [الطويل]
ألم ترني أبني على الليث بيته ... وأحثو عليه الترب لا أتخشّع
أردّ بقايا برده فوق سنّة ... إخال بها ضوءا من البدر يسطع
[295]
[شعر جميل في الصبر على هجر بثينة]:
قال: وأنشدنا الزبير، قال: قرأها عليّ عمر بن أبي بكر لجميل، قال أبو بكر بن أبي الأزهر وأنشدني محمد بن يزيد هذه الأبيات ما خلا السّتّ الأول: [الطويل]
فقد لان أيام الصّبا ثمّ لم يكد ... من الدهر شيء بعدهنّ يلين
ظعائن ما في قربهنّ لذي هوى ... من الناس إلا شقوة وفتون
وواكلنه والهمّ ثم تركنه ... وفي القلب من وجد بهنّ رهين
فواحسرتا إن حيل بيني وبينها ... ويا حين نفسي كيف فيك تحين
فشيّب روعات الفراق مفارقي ... وأنشزن نفسي فوق حيث تكون
شهدت بأنّي لم تغيّر مودّتي ... وأني بكم حتّى الممات ضنين
وأن فؤادي لا يلين إلى هوى ... سواك وإن قالوا بلى سيلين
وإني لأستغشى وما بي نعسة ... لعلّ لقاء في المنام يكون
ولما علوت اللّابتين تشوّقت ... قلوب إلى وادي القرى وعيون
كأنّ دموع العين يوم تحمّلت ... بثينة يسقيها الرّشاش معين
ورحن وقد أودعن عندي لبانة ... لبثنة سرّ في الفؤاد كمين
كسرّ الثّرى لم يعلم الناس أنه ... ثوى في قرار الأرض وهو دفين
فإن دام هذا الصّرم منك فإنّني ... لأغبر هاري الجانبين رهين
لكيما يقول الناس مات ولم أهن ... عليك ولم تنبتّ منك قرون
[296] قال أبو علي: قال أبو بكر بن أبي الأزهر: وجدت في كتاب لي حدثنا الزبير بن عباد، ولا أدري عمن هو، قال: حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز، عن المغيرة بن عبد الرحمن قال: خرجت في سفر فصحبني رجل، فلما أصبحنا نزلنا منزلا، فقال: ألا أنشدك أبياتا! قلت: أنشدني، فأنشدني: [الكامل]
إن المؤمّل هاجه أحزانه ... لما تحمّل غدوة جيرانه
بانوا فملتمس سوى أوطانهم ... وطنا وآخر همّه أوطانه
قد زادني كلفا إلى ما كان بي ... رئم عصى فأذاقني عصيانه
حلو الكلام كأنّ رجع حديثه ... درّ يساقطه إليك لسانه
إن كان شيء كان منه ببابل ... فلسانه قد كان أو إنسانه
قال قلت: إنك لأنت المؤمّل، قال: أنا المؤمل بن طالوت.(1/668)
إن المؤمّل هاجه أحزانه ... لما تحمّل غدوة جيرانه
بانوا فملتمس سوى أوطانهم ... وطنا وآخر همّه أوطانه
قد زادني كلفا إلى ما كان بي ... رئم عصى فأذاقني عصيانه
حلو الكلام كأنّ رجع حديثه ... درّ يساقطه إليك لسانه
إن كان شيء كان منه ببابل ... فلسانه قد كان أو إنسانه
قال قلت: إنك لأنت المؤمّل، قال: أنا المؤمل بن طالوت.
[297]
[إكرام الضيف، والجود، وترك الشيء خشية اللّوم]:
قال أبو بكر: قال الزبير تقول العرب: الملاحة في الفم، والجمال في الأنف، والحلاوة في العينين. قال أبو بكر أنشدنا الرياشي قال: أنشدنا أبو عبد الرحمن بن عائشة لرجل من تميم قريش: [البسيط]
إني (1) إذا أحييت نار مرّملّة ... ألفى بأرفع تلّ موقدا ناري
كيما يراها فقير بائس صرد (2) ... ومرمل جاء يسري بعد إعسار
عوّدت نفسي إذا ما الضيف نبّهني ... عقر العشار على عسري وإيساري
أبيت أقريه من مالي كرائمه ... أختصّ كلّ كناز (3) شحمها واري
ولا أخالف جاري عند غيبته ... إلى حليلته تقتصّ آثاري
وأترك الشيء أهواه ويعجبني ... أخشى عواقب ما فيه من العار
إنا كذلك قدما إن سألت بنا ... أهل الحفاظ ومنّا صاحب الغار
[298] قال أبو علي: قال أبو بكر بن أبي الأزهر: أنشدت لأعرابي: [الطويل]
أريد بأن لا يعلم الناس أنني ... أحبّك يا ليلى وأن تصيليني
فكيف بهم لا بوركوا إن هجرتها ... جزعت وإمّا زرتها عذلوني
[299] قال: وأنشدت أيضا لأعرابي: [الطويل]
ألا إنّ حسنا دونه قلة الحمى ... منى النفس لو كانت تنال شرائعه
أريتك إن شطّت بك العام نيّة ... وغالك مصطاف الحمى ومرابعه
أترعين ما استودعت أم أنت كالذي ... إذا ما نأى هانت عليه ودائعه
قال أبو علي: وهذا غلط عندي، والرواية:
ألا إن حسيا دونه قلق الحمى
كذا أنشدنيه أبو بكر بن دريد ومن أثق بعلمه.
__________
(1) كذا بالأصل وهو غير مستقيم الوزن والمعنى. وفي كتاب سيبويه:
أني إذا أخفيت نار لمرملة ... وهو مستقيم الوزن والمعني
(2) الصرد: البرد، صرد يصرد فهو صرد أي: شديد البرد. ط
(3) الكناز: الناقة الصلبة الكثيرة اللحم. ط(1/669)
[300] قال أبو بكر بن أبي الأزهر: وأنشدنا الرياشي للحكم بن قنبر: [البسيط]
العلم زين وتشريف لصاحبه ... فاطلب هديت فنون العلم والأدبا
لا خير فيمن له أصل بلا أدب ... حتى يكون على ما نابه حدبا (1)
كم من حسيب أخي عيّ وطمطمة ... فدم لدى القول معروف إذا نسبا
في بيت مكرمة آباؤه نجب ... كانوا الرءوس فأضحى بعدهم ذنبا
وخامل مقرف الآباء ذي أدب ... نال المعالي به والمال والحسبا
أمسى عزيزا عظيم الشأن مشتهرا ... في خدّه صعر قد ظلّ محتجبا
وصاحب العلم معروف به أبدا ... نعم الخليط إذا ما صاحب صحبا
[301] قال: وأنشدنا أبو علي أحمد بن إسحاق: [الطويل]
وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ... بقولي لمن ألقاه إنّي صالح
وأيّ صلاح لي وجسمي ناحل ... وقلبي مشغوف ودمعي سافح
[302]
[عصمة بن مالك الفزاري يصف ذا الرمة]:
قال: وحدثني أحمد بن إسحاق أبو المدور، قال: حدثني حماد بن إسحاق قال:
حدثني إسحاق بن إبراهيم قال: قال أبو صالح الفزاري: تذاكرنا يوما ذا الرّمّة، فقال لنا عصمة بن مالك الفزاري وكان قد بلغ عشرين ومائة سنة: إياي فاسألوا عنه، كان حلو العينين، خفيف العارضين، برّاق الثنايا، واضح الجبين، حسن الحديث، إذا أنشد بربر وجشّ صوته، جمعني وإياه مرتبع مرّة فأتاني، فقال لي: هيا عصمة، إن ميّا منقريّة، ومنقر أخبث حيّ وأقوفه لأثر، وأثبته في نظر، وقد عرفوا آثار إبلي، فهل من ناقة نزدار عليها ميّا؟ قلت:
إي والله، الجؤذر بنت يمانية لجدّ لي، فقال: عليّ بها، فأتيته بها، فركب وردفته حتى أشرفنا على منزل ميّ، فإذا الحيّ خلوف، فأمهلنا وتقوّض النساء من بيوتهن إلى بيت مي، وإذا فيهن ظريفة جمعتهن، فنزلنا بها، فقالت: أنشدنا يا ذا الرمة، فقال: أنشدهن يا عصمة. وكان عصمة راويته. فأنشدتهن قصيدته التي يقول فيها: [الطويل]
نظرت إلى أطعان ميّ كأنّها ... ذرى النّخل أو أثل تميل ذوائبه
فأسبلت العينان والصدر كاتم ... بمغرورق نمّت عليه سواكبه
بكى وامق حان الفراق ولم تجل ... جوائلها أسراره ومعاتبه
فقالت الظريفة: فالآن فلتجل، فقالت لها ميّة: قاتلك الله! ماذا تجيبين به منذ اليوم؟ ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله:
إذا سرحت من حبّ ميّ سوارح ... عن القلب آبته بليل عوازبه
__________
(1) في نسخة «حرباء» بالراء ولعلهما روايتان. ط(1/670)
فقالت لها الظريفة: قتلتيه قتلك الله! فقالت مي: إنه لصحيح وهنيئا له. قال: فتنفس ذو الرمة تنفّسا كاد يطير حرّه شعر وجهي، قال: ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله:
وقد حلفت بالله ميّة ما الذي ... أحدّثها إلا الذي أنا كاذبه
إذا فرماني الله من حيث لا أرى ... ولا زال في أرضي عدوّ أحاربه
قال فقالت ميّ: خف عواقب الله عز وجل يا غيلان، قال: ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله:
إذا نازعت القول ميّة أو بدا ... لك الوجه منها أونضا الدّرع سالبه
فيالك من خدّ أسيل ومنطق ... رخيم ومن خلق تعلّل جادبه (1)
قال فقالت الظريفة: هذا الوجه قد بدا، وهذا القول قد تنوزع فيه، فمن لنا بأن ينضو الدرع سالبه، فقالت ميّ: صلى الله على رسول الله ما أنكر ما تجيبين به منذ اليوم. قال:
فقامت الظريفة وقمن معها، فقالت: دعوهم فإن لهم لشأنا، فقمت فجلست ناحية، وجلسا بحيث نراهما ولا نسمع من كلامهما إلا الحرف بعد الحرف، والله ما رأيتهما برحا من مكانهما، وسمعتها تقول له: كذبت، فو الله ما أدري ما الذي كذّبته فيه إلى الساعة. ثم خرج ومعه قارورة فيها دهن وقلائد، فقال: أعصمة، هذه دهنة طيّبة أتحفتنا بها ميّ وهذه قلائد قلّدتها ميّ الجؤذر، ولا والله لا قلّدتهنّ بعيرا أبدا، فعقدهنّ في ذؤابة سيفه وانصرفنا. فلما كان بعد، أتاني فقال: هيا عصمة: قد رحلت ميّ فلم يبق إلا الديار، والنظر في الآثار، فانهض بنا ننظر إلى آثارها. قال: فركب وتبعته، فلما أشرف على المرتبع قال: [الطويل]
ألا يا اسلمى يا دار ميّ على البلى ... ولا زال منهلّا بجرعائك القطر
وإن لم تكوني غير شام بقفرة ... تجرّ بها الأذيال صيفيّة كدر
قال: ثم انفضخت عيناه بالبكاء، فقلت: مه يا ذا الرمة، فقال: إنّي لجلد على ما ترى، وإنّي لصبور. قال: فما رأيت رجلا أشدّ صبابة ولا أحسن عزاء منه. ثم افترقنا فكان آخر العهد به. قال عصمة: وكانت ميّ صفراء أملودا واردة الشعر حلوة ظريفة، وإنّ في النساء اللاتي معها لأحسن منها، وكان عليها ثوب أصفر ونطاق أخضر.
[304]
[شعر لابن أذينة]:
قال: وأنشدنا لابن أذينة: [الكامل]
ولقد وقفت على الديار لعلّها ... بجواب رجع تحيّة تتكلم
لبثوا ثلاث (2) منّى بمنزلة غبطة ... وهم على عجل لعمرك ماهم
__________
(1) أي: لا يجد فيه مقالا ولا يجد فيه عيبا يعيبه به فيتعلل بالباطل وبالشيء يقوله وليس يعيب. كذا في «اللسان». ط
(2) يريد ثلاثة أيام التشريق وهي التي يقف فيها الحاج بمنى. ط(1/671)
متجاورين بغير دار إقامة ... لو قد أجدّ (1) رحيلهم لم يندموا
والعيس تسجع بالحنين كأنها ... بين المنازل حين تسجع مأتم
ولهنّ بالبيت العتيق لبانة ... والرّكن يعرفهن لو يتكلم
لو كان حيّا قبلهن ظعائنا ... حيّا الحطيم وجوههنّ وزمزم
وكأنهنّ وقد برزن لواغبا (2) ... بيض بأفنية المقام مركّم
ثم انصرفن لهنّ زيّ فاخر ... فأفضن في زقب (3) وحلّ المحرم
[305]
[أوصاف النساء]:
قال: وحدثنا الرياشي قال: سمعت الأصمعي يقول حدثني أبي، عن مولاه ابن الأجيد قال: كان أوفى بن دلهم يقول: النساء أربع، فمنهن معمع (4)، لها شيئها أجمع، ومنهن صدّع، تفرّق ولا تجمع، ومنهن تبّع، تزبي (5) ولا تنفع، ومنهن غيث وقع، ببلد فأمرع.
فذكرت هذا الحديث لأبي عوانة فقال: كان عبد الملك بن عمير يزيد فيه: ومنهن القرثع، فقيل له: وما القرثع؟ قال: التي تلبس درعها مقلوبها وتكحل إحدى عينيها وتدع الأخرى.
* * * [306] قال: وأنشدنا الزبير لابن أبي عاصية السّلمى: [الطويل]
فهل ناظر من بطن غمدان مبصر ... قفا أحد رمت المدا المتراخيا
ولو أنّ داء الياس بي فأعانني ... طبيب بأرواح العقيق شفانيا
قال الزبير: يعني الياس بن مضر وكان به داء السّل وبه مات.
[307] قال: وأنشدنا الزبير لحميد بن أصرم الطّوسي: [المنسرح]
خلّيتني والزّمان منتكث ... والجدّ كاب أكابد الزّمنا
وانقلب الدهر فانقلبت ولو ... خانك صرفاه لم أخنك أنا
[308] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لدعبل: [البسيط]
وصاحب مغرم بالجود قلت له ... والبخل يصرفه عن شيمة الجود
لا تقضين حاجة أتعبت صاحبها ... بالمطل منك فترزا غير محمود
كأنّني رحت منه حين نوّلني ... بمدمج الصّدر من متنيه مقدود
كأنّ أعضاءه في كل مكرمة ... ينزعن مستكرهات بالسّفافيد
[309] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد: [المتقارب]
يحبّ المديح أبو مالك ... ويجزع من صلة المادح
__________
(1) أجد رحيلهم: اعتزموه. ط
(2) اللواغب: المعييات من السير. ط
(3) الزقب: الطريق الضيق. ط
(4) المعمع: الذكية المتوقدة. ط
(5) تزبي: تسوق. ط(1/672)
كبكر تحبّ لذيذ النكاح ... وتفرق من صولة الناكح
[310]
[عبد الملك بن مروان ونصيب]:
قال: وحدثنا محمد بن يزيد، قال: حدثني التوزي، عن الأصمعي قال: دخل نصيب على عبد الملك بن مروان، فعاتبه ولامه على قلة زيارته له وإتيانه إياه، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا عبد أسود، ولست من معاشري الملوك، فدعاه إلى النبيذ، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أسود البشرة قبيح المنظرة، وإنما وصلت إلى مجلس أمير المؤمنين بعقلي، فإن رأى أمير المؤمنين ألا يدخل عليه ما يزيله فعل! فأعفاه ووصله، فقال نصيب في سواده: [الطويل]
سودت فلم أملك سوادي وتحته ... قميص من القوهيّ (1) بيض بنائقه (2)
ولا خير في ودّ امرئ متكاره ... عليك ولا في صاحب لا توافقه
فإن شئت فارفضه فلا خير عنده ... وإن شئت فاجعله خليلا تصادفه
* * * [311] قال: وحدثنا محمد بن يزيد، قال: حدثنا أبو عثمان المازني قال: كان أعرابي يلزمنا فصيح اللسان، قال فقال له علي بن جعفر بن سليمان: وكان لا يعطيه شيئا وقد أتاه. مرحبا وأهلا وسهلا، فقال الأعرابي: [الطويل]
وما مرحب إلّا كريح تنسّمت ... إذا أنت لم تخلط فعالا بمرحب
فضحك منه ووصله.
[312] قال: وأنشدنا الرياشي، قال: أنشدني أبو الوجيه: [الطويل]
تبكّي على ليلى خفاتا وما رأت ... لك العين أسوارا لليلى ولا حجلا
ولكن نظرات بعين مليحة ... أولاك اللّواتي قد مثلن بنا مثلا
[313] قال: وأنشدنا الزبير بن بكار لمالك بن أخي رفيع الأسدي، قال: أنشدنيها محمد بن أنس الأسدي. وكان صعلوكا. فطلبه مصعب بن الزبير فهرب منه، وقال: [الوافر]
بغاني مصعب وبنو أبيه ... فأين أحيد منهم لا أحيد
أسود بالحجاز على أسود ... خوادر ما تنهنهها الأسود
أقادوا من دمي وتوعّدوني ... وكنت وما ينهنهني الوعيد
شقيت بهم على طول التّنائي ... كما شقيت بأحمرها ثمود
عسى ابن الكاهليّة في نداه ... يعود بحلمه فيما يعود
فيأمن خائف بهم طريد ... ويأتي أهله النائي البعيد
__________
(1) القوهى: منسوب إلى قوهستان وكانت تحمل منها الثياب البيض. ط
(2) البنائق: جمع بنيقة وهي ما تزاد في القميص ليتسع. ط(1/673)
[314]
[كتاب على حائط بشعب بوان]:
قال: وحدثنا أبو العباس محمد بن يزيد، قال: خرجت مع الحسن بن رجاء إلى فارس، فلما صرنا إلى موضع يعرف بشعب بوّان رأيت على حائط قال: أو على باب الشّعب مكتوبا بخط جليل: [الطويل]
إذا أشرف المكروب من رأس تلعة ... على شعب بوّان أفاق من الكرب
وألهاه بطن كالحريرة مسّه ... ومطّرد يجري من البارد العذب
وطيب ثمار في رياض أريضة ... وأغصان أشجار جناها على قرب
فبالله يا ريح الجنوب تحمّلي ... إلى شعب بوّان سلام فتى صبّ
وإذا تحت ذلك الخط الجليل بخط أدقّ منه: [الخفيف]
ليت شعري عن الذين تركنا ... خلفنا بالعراق هل يذكرونا
أم لعلّ المدى تطاول حتى ... قدم العهد بيننا فنسونا
[315]
[مدائح]:
قال: وأنشدنا الزبير للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس في شبابه. وكان مالك بن أبي السّمح المغنّي وهو رجل من طيء خاصّا به. وكان الحسين بن عبد الله يكنى أبا عبد الله وقد روى عنه الحديث: [المنسرح]
لا عيش إلا بمالك بن أبي ال ... سّمح فلا تلحني ولا تلم
أبيض كالسّيف أو كلامعة ال ... بروق في حالك من الظّلم
يصيب من لذّة الكريم ولا ... ينهك حقّ الإسلام والحرم
يا ربّ يوم لنا كحاشية ال ... برد وليل كذاك لم يدم
قد كنت فيه ومالك بن أبي ال ... سمح كريم الأخلاق والشّيم
* * * [316] قال: وأنشدني محمد بن يزيد لبعضهم: [الخفيف]
من ندى عاصم جرى الماء في العو ... د وفي سيفه دماء الذّباح
قائم السيف أخضر من نداه ... وعلى شفرتيه سمّ متاح
يتلقّى النّدى بوجه حييّ ... وصدور القنا بوجه وقاح
* * * [317] قال: وأنشدت في رجل كان يبخل ويصوم الاثنين والخميس: [الطويل]
أزورك يوم الصوم علما بأنني ... إذا جئت يوما غيره لا أكلّم
مخافة قولي إنني جئت جائعا ... ولو قلتها أيضا لما كنت أطعم
[318] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لداود بن سلم التميمي يقوله في قثم بن العباس:(1/674)
أزورك يوم الصوم علما بأنني ... إذا جئت يوما غيره لا أكلّم
مخافة قولي إنني جئت جائعا ... ولو قلتها أيضا لما كنت أطعم
[318] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لداود بن سلم التميمي يقوله في قثم بن العباس:
[السريع]
نجوت من حلّ ومن رحلة ... ياناق إن أدنيتني من قثم
إنّك إن بلّغتنيه غدا ... أحيا لي اليسر ومات العدم
في باعه طول وفي وجهه ... نور وفي العرنين منه شمم
أصمّ عن قول الخنا سمعه ... وما عن الخير به من صمم
لم يدر ما لا وبلى قد درى ... فعافها واعتاض منها نعم
* * * [319] قال: وأنشدنا حماد بن إسحاق، عن أبيه في صفة الذئب قال: وأنشدنا محمد بن يزيد، قال أبو علي: وأنشدنيه أيضا محمد بن الحسن: [الرجز]
أطلس يخفي شخصه غباره ... في شدقه شفرته وناره
بهم بني محارب مزداره
[320] قال أبو علي: وقرأت على أبي عمر، عن أبي العباس، عن ابن الأعرابي في صفة البعوض: [الرجز]
مثل السّفاة دائم طنينها ... ركّب في خرطومها سكّينها
[321] قال أبو بكر بن أبي الأزهر: قال حماد بن إسحاق: سألت أبي عن قول ابن أحمر: [البسيط]
وقرّطوا الخيل من فلج أعنّتها ... مستمسك بهواديها ومصروع
فقال: تقريطها أن يرسل للفرس عنانه حتى يكون في موضع القرط منه، وذلك أشدّ لجريه.
[322] قال: وأنشدني حماد، عن أبيه لكثيّر: [الطويل]
وإنّي لأستأني ولولا طماعتي ... بعزّة قد جمّعت بين الضّرائر
وهمّ بناني أن يبنّ وحمّمت ... وجوه رجال من بنيّ الأصاغر
يقول: لولا أني أتأنّى وأنتظر وأرجو أن أظفر بعزّة لقد كنت تزوّجت ضرائر وولد لي بنات وكبرن وهممن بأن يبنّ من أزواجهن. وقوله: وحمّمت وجوه رجال من بنيّ الأصاغر، حممت أي: اسودّت منابت لحاهم لنبت الشعر.
[323]
[عناية بني العباس بالمفضليات]:
قال أبو علي: وقرأت على أبي الحسن على بن سليمان الأخفش في المفضّليّات قصيدة عبد يغوث بن وقّاص الحارثي. وكان أسر يوم الكلاب، أسرته التّيم. وقال أبو الحسن علي بن سليمان: حدثني أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني قال: أملى علينا أبو عكرمة الضّبّيّ
المفضليات من أولها إلى آخرها، وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهديّ، وقرئت بعد على الأصمعي فصارت مائة وعشرين، قال أبو الحسن: أخبرنا أبو العباس ثعلب أن أبا العالية الأنطاكي والسّدري وعافية بن شبيب. وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي.(1/675)
قال أبو علي: وقرأت على أبي الحسن على بن سليمان الأخفش في المفضّليّات قصيدة عبد يغوث بن وقّاص الحارثي. وكان أسر يوم الكلاب، أسرته التّيم. وقال أبو الحسن علي بن سليمان: حدثني أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني قال: أملى علينا أبو عكرمة الضّبّيّ
المفضليات من أولها إلى آخرها، وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهديّ، وقرئت بعد على الأصمعي فصارت مائة وعشرين، قال أبو الحسن: أخبرنا أبو العباس ثعلب أن أبا العالية الأنطاكي والسّدري وعافية بن شبيب. وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي.
أخبروه أنهم قرءوا عليه المفضليات ثم استقرءوا الشعر فأخذوا من كل شاعر خيار شعره، وضمّوه إلى المفضليات وسألوه عما فيه مما أشكل عليهم من معاني الشعر وغريبه فكثرت جدّا.
[324]
[قصيدة المسيب بن علس]:
وقال أبو عكرمة: مر أبو جعفر المنصور بالمهدي وهو ينشد المفضل قصيدة المسيب (1)
التي أولها أرحلت، وهي هذه: [الكامل]
أرحلت من سلمى بغير متاع ... قبل العطاس (2) ورعتها بوداع
عن غير مقلية وإنّ حبالها ... ليست بأرمام ولا أقطاع
إذ تستبيك بأصلتيّ ناعم ... قامت لتقتله بغير قناع
ومها يرفّ كأنّه إذ ذقته ... عانيّة شجّت بماء يراع
أو صوب غادية أدرّته الصّبا ... ببزيل أزهر مدمج بسياع
فرأيت أن الحلم مجتنب الصّبا ... فصحوت بعد تشوّق ورواع
فتسلّ حاجتها إذا هي أعرضت ... بخميصة سرح اليدين وساع
صكّاء ذعلبة إذا استدبرتها ... حرج إذا استقبلتها هلواع (3)
وكأن قنطرة بموضع كورها ... ملساء بين غوامض الأنساع
وإذا تعاورت الحصى أخفافها ... دوّت نواديه بظهر القاع
وكأنّ حاركها رباوة مخرم ... وتمدّ ثني جديلها بشراع
فإذا أطفت بها أطفت بكلكل ... نبض الفرائض مجفر الأضلاع
مرحت يداها للنّجاء كأنما ... تكرو بكفّي لاعب في صاع
فعل السّريعة بادرت جدّادها ... قبل المساء تهمّ بالإسراع
فلأهدينّ مع الرّياح قصيدة ... منّي مغلغلة إلى القعقاع
ترد المناهل لا تزال غريبة ... في القوم بين تمثّل وسماع
وإذا الملوك تدافعت أركانها ... أفضلت فوق أكفّهم بذراع
وإذا تهيج الريح من صرّادها ... ثلجا ينيخ النّيب بالجعجاع
__________
(1) هو المسيب بن علس كما في «المفضليات» طبع أوربا (ص 91). ط
(2) العطاس: الصبح. ط
(3) الهلواع: السريعة الحديدة المذعان من النوق. ط(1/676)
أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ... متفرّق ليحلّ بالأوزاع
ولأنت أجود من خليج مفعم ... متراكب الآذيّ ذي دفّاع
وكأنّ بلق الخيل في حافاته ... ترمي بهنّ دوالي الزّرّاع
ولأنت أشجع في الأعادي كلّها ... من مخدر ليث معيد وقاع
يأتي على القوم الكثير سلاحهم ... فيبيت منه القوم في وعواع (1)
أنت الوفيّ فما تذمّ وبعضهم ... تودي بذمّته عقاب ملاع (2)
وإذا رماه الكاشحون رماهم ... بمعابل (3) مذروبة وقطاع
أنت الذي زعمت تميم أنه ... أهل السّماحة والنّدى والباع
فم يزل واقفا من حيث لا يشعر به حتى استوفى سماعها، ثم صار إلى مجلس له وأمر بإحضارهما، فحدّث المفضّل بوقوفه واستماعه لقصيدة المسيب واستحسانه إياها، وقال له:
لو عمدت إلى أشعار الشّعراء المقلّين واخترت لفتاك لكل شاعر أجود ما قال لكان ذلك صوابا! ففعل المفضّل.
[325]
[قصيدة عبد يغوث عند وفاته]:
قال أبو علي: ثم نرجع إلى قصيدة عبد يغوث قال: [الطويل]
ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا ... فما لكما في اللوم خير ولا ليا
ألم تعلما أن الملامة نفعها ... قليل وما لومي أخي من شماليا
فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا
أبا كرب والأيهمين كليهما ... وقيسا بأعلى حضرموت اليمانيا
جزى الله قومي بالكلاب ملامة ... صريحهم والآخرين المواليا
ولو شئت نجّتني من الخيل نهدة ... ترى خلفها الحوّ الجياد تواليا
ولكنّني أحمي ذمار أبيكم ... وكان الرّماح يختطفن المحاميا
أقول وقد شدّوا لساني بنسعة ... أمعشر تيم أطلقوا لي لسانيا
أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا ... فإنّ أخاكم لم يكن من بوائيا
أحقّا عباد الله أن لست سامعا ... نشيد الرّعاء المعزبين المتاليا
وتضحك مني شيخة عبشميّة ... كأن لم ترن (4) قبلي أسيرا يمانيا
__________
(1) الوعواع: الضجة. ط
(2) الملاع: أرض أضيفت إليها عقاب في قولهم أودت بهم عقاب ملاع بالإضافة أو بالنعت وهي العقاب التي تصيد الجرذان. ط
(3) المعابل: جمع معبلة وهي النصل الطويل العريض. ط
(4) هكذا وقع بالنون في الأصول المعتمدة، وسيأتي شرح الكلمة قريبا. ط(1/677)
وظلّ نساء الحيّ حولي ركّدا ... يراودن منّي ما تريد نسائيا
وقد علمت عرسي مليكة أنّني ... أنا الليث معديّا عليه وعاديا
خخخ وقد كنت نحّار الجزور ومعمل السمطيّ وأمضي حيث لا حيّ ماضيا
وأنحر للشّرب الكرام مطيّتي ... وأصدع بين القينتين ردائيا
وكنت إذا ما الخيل شمّصها القنا ... لبيقا بتصريف القناة بنانيا
وعادية سوم الجراد وزعتها ... بكفّي وقد أنحوا إليّ العواليا
كأنّي لم أركب جوادا ولم أقل ... لخيلي كرّي نفّسي عن رجاليا
ولم أسبأ الزّقّ الرّويّ ولم أقل ... لأيسار صدق أعظموا ضوء ناريا
قال أبو علي: قوله ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا، أي: كفى اللّوم ما ترون من حالي فلا تحتاجون إلى لومي مع إساري وجهدي. وقوله: وما لومي أخي من شماليا. قال ويروى:
وما لومي أخا من شماليا. وشمالي أي: خلقي وهو واحد الشمائل. وقوله: أبا كرب والأيهمين وقيسا، قال أبو علي: أبو كرب والأيهمان من اليمن، وقيس بن معديكرب أبو الأشعث بن قيس الكندى، وأصل الأيهم الأعمى. وقوله:
جزى الله قومي بالكلاب ملامة ... صريحهم والآخرين المواليا
قال: يروى مكان جزى الله قومي:
لحى الله خيلا بالكلاب دعوتها
وقوله: صريحهم يعني خالصهم، والموالي هنا الحلفاء. وقوله:
ولو شئت نجتني من الخيل نهدة
قال: وروى سعدان عن أبي عبيدة: ولو شئت نجّتني كميت رجيلة. قال: ورجيلة:
قوية شديدة. والنّهدة: المرتفعة الخلق، وكلّ ما ارتفع يقال له نهد، يقال: نهدنا للقوم أي:
ارتفعنا إليهم للقتال، ومنه: نهد ثدي الجارية إذا ارتفع، وجارية ناهد. وقال: والحوّ من الخيل: التي تضرب للخضرة، والحوّة: الخضرة. وقوله: تواليا أي: تتبعها لأن فرسه خفيفة تقدّمت الخيل. وقال الأصمعي: إنما خصّ الحوّ لأنها أصبر الخيل وأخفّها عظاما إذا عرقت لكثرة الجرى. وقوله: أحمى ذمار أبيكم، الذّمار: ما يجب حفظه من منعة جار أو طلب ثار. وقوله:
وكان الرّماح يختطفن المحاميا
هذا مثل، ويروى: وكان العوالي يختطفن، وقوله: وقد شدّوا لساني بنسعة، قال: هذا مثل لأن اللسان لا يشدّ بنسعة، وإنما أراد: افعلوا بي خيرا ينطلق لساني بشكركم، فإن لم تفعلوا فلساني مشدود لا يقدر على مدحكم، قال ويروى:
معاشر تيم أطلقوا لي لسانيا
وقوله:(1/678)
معاشر تيم أطلقوا لي لسانيا
وقوله:
أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا
وقوله: أسجحوا أي: سهّلوا ويسّروا في أمري، يقال: خدّ أسجح، وطريق أسجح إذا كان سهلا. وقوله:
فإن أخاكم لم يكن من بوائيا
قال: البواء: السّواء، يريد: إن أخاكم لم يكن نظيرا لي فأكون بواء له، يقال: بؤ بفلان أي: اذهب به، يقال ذلك للمقتول بمن قتل، وقوله:
أحقّا عباد الله أن لست سامعا ... نشيد الرّعاء المعزبين المتاليا
قال: والمغزب: المتنحّي. والمتالي: التي قد نتج بعضها وبقي بعض، يقال للجميع متال، واحدتها متلية. وقوله:
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم ترا قبلي قال الأخفش: رواية أهل الكوفة: كأن لم ترن قبلي، وهذا عندنا خطأ، والصواب (1): تري بحذف النون علامة للجزم. قال: والأسير: المأسور، نقل من مفعول إلى فعيل، كما تقول مقتول وقتيل ومذبوح وذبيح. قال: والمأسور: المشدود، أخذ من الأسر، والأسر: القدّ، فمأسور مفعول منه الأسر. وقوله: وأنحو للشرب، والشرب:
جمع شارب. والمطيّة: البعير هاهنا، سمّي مطية لأن ظهره يمتطى، ويقال: سمى مطية لأنه يمطى به في السير أي: يمد. قال ويروى: وأعبط للشّرب أي: أنحر مطيتي من غير علة بها، يقال للرجل إذا مات فجأة: قد اعتبط، ويقال للذبيح: أعبيط أم عارضة. قال: والعبيط:
الذي ينحر أو يذبح من غير علة. والعارضة: أن يذبح من مرض، ومنه قول أميّة: [المنسرح]
من لم يمت عبطة يمت هرما ... للموت كاس والمرء ذائقها
وقوله أصدع أي: أشقّ. والقينة: الأمة مغنّية كانت أو غير مغنّية. وقوله: شمّصها، قال ويروى: شمّصها وشمّسها وهما واحد والسين أجود، ويروى: نفّرها القنا. وقوله:
وعادية سوم الجراد وزعتها
قال: والعادية: القوم يعدون. وسوم الجراد: انتشاره في المرعى، كما قال العجاج:
[الرجز]
سوم الجراد الشّدّ يرتاد الخضر
__________
(1) هذا مبني على أن الفعل مسند لياء المخاطبة على معنى كأن لم ترى أنت، فيكون فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ولم يحكه أحد من النحاة، بل الذي ذكره صاحب المغنى أن أبا على خرج البيت على أن أصل الفعل ترأى بهمزة بعدها ألف ثم حذفت الألف للجازم ثم أبدلت الهمزة ألفا وعلل بما يطول فانظره في مبحث لم. ط(1/679)
وقوله: وزعتها أي: كففتها، والوازع: الكافّ المانع، ويروى أن الحسن رحمه الله تعالى لما ولي القضاء قال: لا بدّ للسلطان من وزعة. وقوله: وقد أنحوا إليّ العواليا.
أنحوا: أمالوا وقصدوا بها. والعالية من الرمح: أعلاه وهو ما دون السنان بذراع. وقوله:
لخيلي كرّي نفّسي، قال ويروى: قاتلي. وقوله: ولم أسبأ الزّق، السّباء: اشتراء الخمر.
* * * [326]
[قصيدة مالك بن الريب عند وفاته ووصيته بما يفعل به عند خروج روحه وبعد دفنه وزيارة قبره]:
قال أبو علي: وقرأت قصيدة مالك بن الرّيب التي أولها: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة على أبي بكر بن دريد ولها خبر أنا ذاكره، قال قال أبو عبيدة: لما ولّى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقيه بها مالك بن الرّيب بن حوط بن قرط بن حسل بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وأمه شهلة بنت سنيح بن الحرّ بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن. قال: وكان مالك بن الريب فيما ذكر من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانا، فلما رآه سعيد أعجبه. وقال أبو الحسن المدائني: بل مرّ به سعيد بالبادية وهو منحدر من المدينة يريد البصرة حين ولّاه معاوية خراسان ومالك في نفر من أصحابه، فقال له: ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟ قال: أصلح الله الأمير، العجز عن مكافأة الإخوان. قال: فإن أنا أغنيتك واستصحبتك أتكفّ عما تفعل وتتبعني؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، أكفّ كأحسن ما كفّ أحد، فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر، وكان معه حتى قتل بخراسان. قال: ومكث مالك بخراسان فمات هناك، فقال يذكر مرضه وغربته. وقال بعضهم: بل مات في غزو سعيد، طعن فسقط وهو بآخر رمق، وقال آخرون: بل مات في خان، فرثته الجانّ لما رأت من غربته ووحدته، ووضعت الجنّ الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه، والله أعلم أيّ ذلك كان، وهي هذه: [الطويل]
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بجنب الغضى أزجي القلاص النّواجيا
فليت الغضى لم يقطع الرّكب عرضه ... وليت الغضى ماشى الرّكاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ... مزار ولكنّ الغضى ليس دانيا
ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى ... وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا
وأصبحت في أرض الأعاديّ بعد ما ... أراني عن أرض الأعاديّ (1) قاصيا
دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي ... بذي الطّبسين فالتفتّ ورائيا
__________
(1) الأعادي: الياء تشديدها فيه وفي الذي بعده لإقامة الوزن، والتشديد هو الأصل في الكلمة لأنها جمع أعداء وجمع أفعال أفاعيل. ط(1/680)
أجبت الهوى لمّا دعاني بزفرة ... تقنّعت منها أن ألام ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد بيننا ... جزى الله عمرا خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ... وإن قلّ مالي طالبا ما ورائيا
تقول ابنتي لمّا رأت طول رحلتي ... سفارك هذا تاركي لا أباليا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد ... إليها وإن منّيتموني الأمانيا
فلله درّي يوم أترك طائعا ... بنيّ بأعلى الرّقمتين وماليا
ودرّ الظّباء السانحات عشيّة ... يخبّرن أني هالك من ورائيا
ودرّ كبيريّ اللّذين كلاهما ... عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تفتّكي ... بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي ... ودرّ لجاجاتي ودرّ انتهائيا
تذكّرت من يبكي عليّ فلم أجد ... سوى السيف والرّمح الرّدينيّ باكيا
وأشقر محبوكا يجرّ عنانه ... إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
ولكن بأكناف السّمينة نسوة ... عزيزة عليهنّ العشيّة مابيا
صريع على أيدي الرجال بقفرة ... يسوّون لحدي حيث حمّ قضائيا
ولمّا تراءت عند مرو منيّتي ... وخلّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه ... يقرّ بعيني أن سهيل بداليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ... برابية إنّي مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة ... ولا تعجلاني قد تبيّن شانيا
وقوما إذا ما استلّ روحي فهيّئا ... لي السّدر والأكفان عند فنائيا
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي ... وردّا على عينيّ فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما ... من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما ... فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
وقد كنت عطّافا إذا الخيل أدبرت ... سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا
وقد كنت صبّارا على القرن في الوغى ... وعن شتمي ابن العم والجار وانيا
فطورا تراني في ظلال ونعمة ... وطورا تراني والعتاق ركابيا
ويوما تراني في رحا مستديرة ... تخرّق أطراف الرّماح ثيابيا
وقوما على بئر السّمينة أسمعا ... بها الغرّ والبيض الحسان الرّوانيا
بأنّكما خلّفتماني بقفرة ... تهيل عليّ الريح فيها السّوافيا
ولا تنسيا عهدي خليليّ بعد ما ... تقطّع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن (1) يعدم الوالون بثّا يصيبهم ... ولن يعدم الميراث منّي المواليا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلّا مكانيا
غداة غد يا لهف نفسي على غد ... إذا أدلجوا عنّي وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري وكان المال بالأمس ماليا
فياليت شعري هل تغيّرت الرّحا ... رحا المثل أو أمست بفلج كما هيا
إذا الحيّ حلّوها جميعا وأنزلوا ... بها بقرا حمّ العيون سواجيا
رعين وقد كاد الظلام يجنّها ... يسفن الخزامى مرّة والأقاحيا
وهل أترك العيس العوالي بالضّحى ... بركبانها تعلو المتان الفيافيا
إذا عصب الركبان بين عنيزة ... وبولان عاجوا المبقيات النّواجيا
فياليت شعري هل بكت أمّ مالك ... كما كنت لو عالوا نعيّك باكيا
إذا متّ فاعتادي القبور وسلّمي ... على الرّمس أسقيت السحاب الغواديا
على جدث قد جرّت الريح فوقه ... ترابا كسحق المرنبانيّ هابيا
رهينة أحجار وترب تضمّنت ... قرارتها منّي العظام البواليا
فيا صاحبا إمّا عرضت فبلّغا ... بني مازن والرّيب أن لا تلاقيا
وعرّ قلوصي في الرّكاب فإنها ... ستفلق أكبادا وتبكي بواكيا
وأبصرت نار المازنيّات موهنا ... بعلياء يثنى دونها الطّرف رانيا
بعود ألنجوج (2) أضاء وقودها ... مها في ظلال السّدر حورا جوازيا
غريب بعيد الدار ثاو بقفرة ... يد الدّهر معروفا بأن لا تدانيا
أقلّب طرفي حول رحلي فلا أرى ... به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرّمل منّا نسوة لو شهدنني ... بكين وفدّين الطبيب المداويا
وما كان عهد الرّمل عندي وأهله ... ذميما ولا ودّعت بالرمل قاليا
فمنهنّ أمّي وابنتاي وخالتي ... وباكية أخرى تهيج البواكيا
قال أبو علي: قوله بجنب الغضى، الغضى: شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضى إلّا في الرمل. وأزجي: أسوق، يقال: أزجاه يزجيه إزجاء وزجّاه يزجّيه تزجية. والنّواجي:(1/681)
أجبت الهوى لمّا دعاني بزفرة ... تقنّعت منها أن ألام ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد بيننا ... جزى الله عمرا خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ... وإن قلّ مالي طالبا ما ورائيا
تقول ابنتي لمّا رأت طول رحلتي ... سفارك هذا تاركي لا أباليا
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
فإن أنج من بابي خراسان لا أعد ... إليها وإن منّيتموني الأمانيا
فلله درّي يوم أترك طائعا ... بنيّ بأعلى الرّقمتين وماليا
ودرّ الظّباء السانحات عشيّة ... يخبّرن أني هالك من ورائيا
ودرّ كبيريّ اللّذين كلاهما ... عليّ شفيق ناصح لو نهانيا
ودرّ الرجال الشاهدين تفتّكي ... بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي ... ودرّ لجاجاتي ودرّ انتهائيا
تذكّرت من يبكي عليّ فلم أجد ... سوى السيف والرّمح الرّدينيّ باكيا
وأشقر محبوكا يجرّ عنانه ... إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
ولكن بأكناف السّمينة نسوة ... عزيزة عليهنّ العشيّة مابيا
صريع على أيدي الرجال بقفرة ... يسوّون لحدي حيث حمّ قضائيا
ولمّا تراءت عند مرو منيّتي ... وخلّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه ... يقرّ بعيني أن سهيل بداليا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ... برابية إنّي مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة ... ولا تعجلاني قد تبيّن شانيا
وقوما إذا ما استلّ روحي فهيّئا ... لي السّدر والأكفان عند فنائيا
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي ... وردّا على عينيّ فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما ... من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
خذاني فجرّاني بثوبي إليكما ... فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
وقد كنت عطّافا إذا الخيل أدبرت ... سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا
وقد كنت صبّارا على القرن في الوغى ... وعن شتمي ابن العم والجار وانيا
فطورا تراني في ظلال ونعمة ... وطورا تراني والعتاق ركابيا
ويوما تراني في رحا مستديرة ... تخرّق أطراف الرّماح ثيابيا
وقوما على بئر السّمينة أسمعا ... بها الغرّ والبيض الحسان الرّوانيا
بأنّكما خلّفتماني بقفرة ... تهيل عليّ الريح فيها السّوافيا
ولا تنسيا عهدي خليليّ بعد ما ... تقطّع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن (1) يعدم الوالون بثّا يصيبهم ... ولن يعدم الميراث منّي المواليا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلّا مكانيا
غداة غد يا لهف نفسي على غد ... إذا أدلجوا عنّي وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري وكان المال بالأمس ماليا
فياليت شعري هل تغيّرت الرّحا ... رحا المثل أو أمست بفلج كما هيا
إذا الحيّ حلّوها جميعا وأنزلوا ... بها بقرا حمّ العيون سواجيا
رعين وقد كاد الظلام يجنّها ... يسفن الخزامى مرّة والأقاحيا
وهل أترك العيس العوالي بالضّحى ... بركبانها تعلو المتان الفيافيا
إذا عصب الركبان بين عنيزة ... وبولان عاجوا المبقيات النّواجيا
فياليت شعري هل بكت أمّ مالك ... كما كنت لو عالوا نعيّك باكيا
إذا متّ فاعتادي القبور وسلّمي ... على الرّمس أسقيت السحاب الغواديا
على جدث قد جرّت الريح فوقه ... ترابا كسحق المرنبانيّ هابيا
رهينة أحجار وترب تضمّنت ... قرارتها منّي العظام البواليا
فيا صاحبا إمّا عرضت فبلّغا ... بني مازن والرّيب أن لا تلاقيا
وعرّ قلوصي في الرّكاب فإنها ... ستفلق أكبادا وتبكي بواكيا
وأبصرت نار المازنيّات موهنا ... بعلياء يثنى دونها الطّرف رانيا
بعود ألنجوج (2) أضاء وقودها ... مها في ظلال السّدر حورا جوازيا
غريب بعيد الدار ثاو بقفرة ... يد الدّهر معروفا بأن لا تدانيا
أقلّب طرفي حول رحلي فلا أرى ... به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرّمل منّا نسوة لو شهدنني ... بكين وفدّين الطبيب المداويا
وما كان عهد الرّمل عندي وأهله ... ذميما ولا ودّعت بالرمل قاليا
فمنهنّ أمّي وابنتاي وخالتي ... وباكية أخرى تهيج البواكيا
قال أبو علي: قوله بجنب الغضى، الغضى: شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضى إلّا في الرمل. وأزجي: أسوق، يقال: أزجاه يزجيه إزجاء وزجّاه يزجّيه تزجية. والنّواجي:
السّراع وقوله:
فليت الغضى لم يقطع الرّكب عرضه
__________
(1) في «معجم» ياقوت بدل هذا الشطر: ولن يعدم الوالون بيتا يجنني. ط
(2) الألنجوج واليلنجوج: عود الطيب يتبخر به. ط(1/682)
قال يقول: ليته طال عليهم الاسترواح إليه والشوق. والرّكاب: الإبل، وجمعها ركائب. وقال:
تقول وقد قرّبت كوري وناقتي ... إليك فلا تذعر عليّ ركابيا
وقوله: «وليت الغضى ماشي الركاب لياليا» أي: ليته طاولهم. وقوله: «لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى» مزار، يقول: لو دنوا قدرنا أن نزورهم، ولكنّ الغضى ليس يدنو، وهذا على التلهف والتشوق. وقوله: «ألم ترني بعت الضّلالة بالهدى وأصبحت في جيش ابن عفان» يعني سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، يقول: بعت ما كنت فيه من الفتك والضلالة بأن صرت في جيش ابن عفان. وأود: موضع. والطّبسان: بخراسان أو قريبا منها، يقول: دعاني هواي وتشوّقي من ذلك الموضع وأصحابي بموضع آخر. وقوله: تقنّعت منها، معناه لما ذكرت ذلك الموضع استعبرت فاستحييت فتقنّعت بردائي لكي لا يرى ذلك منّي، كما قال الشاعر: [الطويل]
فكائن ترى في القوم من متقنّع ... على عبرة كادت بها العين تسفح
وقوله: إن الله يرجعني البيت، يريد: لا أسافر وأقيم وأقنع بما عندي. وقوله: لا أباليا، تقول العرب: قم لا أب لك ولا أبا لك على توهم الإضافة، كما قال الشاعر:
[البسيط]
يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام
يريد: يا بؤس الجهل. قال: ويروى: لا أباليا بالتنوين وبغير التنوين. وغالت:
أهلكت. وناء: متباعد. وقوله فلله درّي: تعجّب من نفسه حين فعل ذلك، قال ابن أحمر:
[البسيط]
بان الشّباب وأفنى ضعفه العمر ... لله درّي فأيّ العيش أنتظر
تعجّب من نفسه أيّ عيش ينتظر، ومالك تعجب من نفسه كيف اغترب عن ولده وماله.
قال وقال ابن حبيب: الرّقمتان: رقمتا فلج خبراوان خبراء ماوية وخبراء الينسوعة وهي أضخمهما. وقوله: [الطويل]
يخبرن أني هالك من ورائيا
قال ويروى: من أماميا، قال: وراء يكون بمعنى أمام، قال الله عز وجل: {وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] فسّر أنه بمعنى أمام والله أعلم (1). وقوله: السانحات، يريد: أنه سنحت له الظباء فتطيّر منها، ويروى: عنّي هالك من ورائيا بمعنى أنّي. وقوله: «ودرّ الرجال
__________
(1) أخرجه الطبري في «تفسيره» (16/ 1) عن ابن عباس وقتادة.
وأخرجه ابن الجوزي في كتابه الحمقى والمغفلين من طريقين عن حجا عن عكرمة عن ابن عباس (ص، 3736).(1/683)
الشاهدين تفتّكي» ويروى: تفنّكي بالنون، يقال: فنك في الشيء إذا تمادى فيه. وأنشد:
[البسيط]
ودّع سليمى وداع الصارم اللاحي ... إذا فنكت في فساد بعد إصلاح (1)
والفنك: العجب. وقوله: تذكّرت من يبكي البيت، يقول: كنت أحمل السيف والرمح فهما لي خليلان وأنا هاهنا غريب فليس أحد يبكي عليّ غيرهما، كما قال الشاعر: [الطويل]
وأنكر خلّان الصّفاء وصاله ... فليس له منهم سوى السيف ناصر
وقوله: أكناف السّمينة، ويروى: الشّكيبة والشّبيكة، وهما موضعان. والسّمينة:
موضع. واللّحد: القبر، يقال: لحدت له لحدا، وإنما سمّي لحدا لأنه في جانب القبر.
والقفرة: التي ليس بها أحد ولا شيء، يقال: قفرة وقفر، وجدبة وجدب. وقوله: وخلّ بها جسمي بالخاء، وخلّ: اختلّ أي: اضطرب وهزل، ويروى: وجلّ بها سقمى. وقوله:
يقرّ بعيني أن سهيل بداليا
يريد: أن سهيلا لا يرى بناحية خراسان، فقال: ارفعوني لعلّي أراه فتقرّ عيني برؤيته لأنه لا يرى إلا في بلده. وقوله:
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي
ويروى: بأطراف الزّجاج، ويروى: الرّماح لمصرعي، يقول: خطّا أي: احفرا بالرماح. وقوله: فقد كنت قبل اليوم البيت أي: إني اليوم ذليل (2)، وقبله: لا أنقاد لمن قادني، وقوله:
وقد كنت عطّافا إذا الخيل أدبرت
قال: ويروى إذا الخيل أحجمت أي: كنت أعطف إذا انهزمت الخيل. والهيجاء هي الحرب، والهيجاء تمد وتقصر، قال الشاعر: [الرجز]
أنا ابن هيجاها معي إرزامها
وقال لبيد: [الرجز]
يا ربّ هيجا هي خير من دعه
وقال جرير: [الطويل]
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا ... فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد
والطّلال: جمع طلّ: وهو النّدى والريف والنّعمة. والرّحى: موضع الحرب، مستديرة حيث يستدير القوم للقتال. والرّواني: النواظر، والرّنوّ: النظر الدائم، قال النابغة: [الكامل]
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ... ولخاله رشدا وإن لم يرشد
__________
(1) في «تاج العروس»: ودع لميس وداع
(2) لعل الكلمة محرفة عن ذلول بالواو بمعنى السهل المنقاد. ط(1/684)
والغرّ: البيض. ويهيل: يثير. والسّوافي: ما حازت الريح إلى أصوله الحيطان.
والوالون: جمع الوالي. والموالي: بنو العم والأقربون، قال الله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي} [مريم: 7] والبثّ: أشدّ الحزن، قال الله تعالى: {إِنَّمََا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ} [يوسف: 86]. والإدلاج: السير من أول الليل، قال: وإذا نام من أوّل الليل ثم سار فهو إدلاج أيضا. والثّاوي: المقيم. والطّريف والطارف: المستحدث من المال. والتّالد والتّليد والتّلاد والمتلد: العتيق الموروث، قال الأعشى: [الخفيف]
جندك الطارف التّليد من السّا ... دات أهل النّدى وأهل الفعال
وقال طرفة بن العبد: [الطويل]
وما زال تشرابي الخمور ولذّتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
والمثل: موضع بفلج يقال له رحى المثل، وحلّوها: نزلوها. والبقر يريد النساء شبهها بالبقر، ويروى: جمّ القرون أي: ليست لها قرون. وسواج: سواكن. والعيس: الإبل البيض. والفيافي: الصّحارى، ويروى القياقيا وهي المرتفعة من الأرض واحدتها قيقاءة. قال ابن حبيب: عنيزة: قارة سوداء في بطن وادي فلج قد شجي بها الوادي، فسمّي الشّجى بها.
وقوله: المبقيات النواجيا، المبقيات: التي يبقي سيرها، والنّواجي: التي تنجو بسيرها أي:
تسرع. والمرنبانيّ: كساء من خزّ، ويقال مطرف من وبر الإبل. وقوله: هابيا من هبا يهبو، ويروى: كلون القسطلاني، قال: وهو التراب. وقوله: رهينة أحجار البيت أي: في القبر على الترب والحجارة. والقرارة: بطن الوادي حيث يستقرّ الماء، فضربه مثلا للقبر وبطنه.
ويد الدهر ومدا الدهر وأبد الدهر واحد. وذميم: مذموم، ويقال مبغض.
* * * [327] قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدثنا أبو شعيب الحرّاني عبد الله بن الحسن، قال: حدثنا يعقوب بن السكيت قال: قال الأصمعي: قزع رجل ابن الزبير بكلمة، وابن الزبير يخطب، فقال: من المتكلّم؟ فلم يجبه أحد، فقال: ماله قاتله الله! ضبح ضبحة الثعلب، وقبع قبعة القنفذ (1).
قال أبو بكر: قال اللغويون: الضّبح: صوت أنفاس الخيل وما يجري مجراها في هذا المعنى. والقبوع: أن يدخل الإنسان رأسه في ثوبه وهو من القنفذ إدخاله رأسه في بدنه.
[328] قال: وحدثنا أبو عبد الله القاضي المقدّمي، قال: حدثنا أبو عيسى التّنّيسي، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الثّغري، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا أبو زيد النحوي قال: قال رجل للحسن: ما تقول في رجل ترك أبيه وأخيه؟ فقال الحسن: ترك أباه
__________
(1) أورده ابن الأثير في «النهاية» (3/ 71)، وابن الزبير هو عبد الله.(1/685)
وأخاه، فقال الرجل: فما لأباه وما لأخاه؟ فقال الحسن: فما لأبيه وما لأخيه؟ فقال الرجل:
أراك كلّما تابعتك خالفتني.
[329]
[حافظة ابن عباس]:
قال: وحدثنا أبو علي العنزي، قال: حدثنا العباس بن الفرج الرياشي، قال: حدثنا ابن أبي رجاء، عن الهيثم بن عدي، عن ابن جريج، عن أبيه قال: أتى ابن عباس عمر بن أبي ربيعة، فأنشده: [الطويل]
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
حتى بلغ أخرها، فقال ابن عباس: إن شئت أعدتها عليك، فقيل له: أوقد حفظتها؟
قال أو منكم من يسمع شيئا ولا يحفظه!
* * * [330] قال: وحدثنا أبو عبد الله المقدمي، قال: حدثنا العباس بن محمد، قال:
حدثنا ابن عائشة قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي عثمان الأسدي، عن بعض رجاله قال: قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: يا أمير المؤمنين، أيضحّى بضبي؟ قال: وما عليك لو قلت بظبي؟ قال: إنها لغة، قال: انقطع العتاب ولا يضحّى بشيء من الوحش.
[331] قال: وحدثنا أبو عبد الله المقدمي قال: حدثنا أحمد بن منصور قال: حدثنا ابن عائشة قال: حدثني بعض أصحابنا قال: لما هزم ابن الأشعث أقبل منهزما حتى أتى سجستان، فرأى شابا بين يديه منخرق القميص قد حفي ونقفته الصّخور فأدمت أصابعه، قال:
فنظر إليه ابن الأشعث وأنشد أبياتا والفتى يسمع فقال: [السريع]
منخرق السّربال يشكو الوجى ... تنقفه أطراف صخر حداد
شرّده الخوف وأزرى به ... كذاك من يكره حرّ الجلاد
قد كان في الموت له راحة ... والموت حتم في رقاب العباد
قال: فالتفت إليه الفتى وقال: ألا صبرت حتى نصبر معك!
[332]
[حديث بعض العشاق]:
قال: وحدثنا عبد الله، عن رجل، عن محمد بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن معاوية، قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان العذري وكان ينزل الكوفة قال: رأيت عمر بن ميسرة وكان كهيئة الخيال كأنه صبغ بالورس، لا يكاد يكلم أحدا ولا يجالسه، وكانوا يرون أنه عاشق، فكانوا يسألونه عن علته فيقوله: [الطويل]
يسائلني ذو اللّب عن طول علتي ... وما أنا بالمبدي لذي اللّبّ علّتي
سأكتمها صبرا على حرّ جمرها ... وأسترها إذ كان في الستر راحتي
إذا كنت قد أبصرت موضع علتي ... وكان دوائي في مواضع (1) علتي
صبرت على دائي احتسابا ورغبة ... ولم أك أحدوثات أهلي وخلّتي
قال: فما أظهر أمره ولا علم أحد بقصته حتى حضره الموت، فقال: إن العلة التي كانت بي من أجل فلانة ابنة عمي، والله ما حجبني عنها وألزمني الضّرّ إلا خوف الله عز وجل لا غير، فمن بلي في هذه الدنيا بشيء فلا يكن أحد أوثق عنده بسرّه من نفسه، ولولا أن الموت نازل بي الساعة ما حدّثتكم فأقرئوها منّي السلام، ومات من ساعته.(1/686)
يسائلني ذو اللّب عن طول علتي ... وما أنا بالمبدي لذي اللّبّ علّتي
سأكتمها صبرا على حرّ جمرها ... وأسترها إذ كان في الستر راحتي
إذا كنت قد أبصرت موضع علتي ... وكان دوائي في مواضع (1) علتي
صبرت على دائي احتسابا ورغبة ... ولم أك أحدوثات أهلي وخلّتي
قال: فما أظهر أمره ولا علم أحد بقصته حتى حضره الموت، فقال: إن العلة التي كانت بي من أجل فلانة ابنة عمي، والله ما حجبني عنها وألزمني الضّرّ إلا خوف الله عز وجل لا غير، فمن بلي في هذه الدنيا بشيء فلا يكن أحد أوثق عنده بسرّه من نفسه، ولولا أن الموت نازل بي الساعة ما حدّثتكم فأقرئوها منّي السلام، ومات من ساعته.
[333] قال: وأنشدنا عبد الله بن خلف: قال أنشدني أبو عبد الله التميمي: [الطويل]
وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ... بقولي لمن ألقاه إني صالح
وأي صلاح لي وجسمي ناحل ... وقلبي مشغوف ودمعي مسافح
[334] قال: وأنشدنا عبد الله بن خلف قال: أنشدني أحمد بن عبد السلام: [السريع]
شكا فهل أنت له راحم ... إليك من أنت به عالم
فتى تخلّى الروح من جسمه ... فليس إلا بدن قائم
[335] قال: وأنشدنا عبد الله بن خلف قال: أنشدني أحمد بن حبيب: [الطويل]
ألا إنما أبقيت مني مع الهوى ... جوى مستكنّا في فؤاد متيّم
وآثار جسم قد أضرّ به البلى ... فلم يبق منه غير تلويح أعظم
[336] قال: وأنشدنا أبو العباس ثعلب: [الطويل]
ولولا عقابيل الفؤاد التي به ... لقد خرجت ثنتان تبتدران
قال أبو العباس: العقابيل: البقايا من حبها في قلبه. وثنتان: عنى بهما تطليقتين.
[337]
[خبر بعض العشاق، وشعر في الحب والهوى]:
قال: وأخبرنا عبد الله بن خلف، قال: أخبرنا عبد الله بن نصر، قال: أخبرني عبد الله بن سويد، عن أبيه قال: سمعت علي بن عاصم يقول: قال لي رجل من أهل الكوفة من بعض إخواني: هل لك في عاشق تراه؟ فمضيت معه، فرأيت فتى كأنما نزع الروح من جسده، وهو مؤتزر بإزار مرتد بآخر، وهو مفكر، وفي ساعده وردة، فذكرنا له شعرا من الشعر فتهيّج وقال: [مجزوء الرجز]
جعلت من وردتها ... تميمة في عضدي
أشمّها من حبّها ... إذا علاني جهدي
فمن رأى مثلي فتى ... للحزن أضحى يرتدي
أسقمه الحبّ فقد ... صار قليل الأود
__________
(1) في نسخة في مواضع لذتي ولعلهما روايتان. ط(1/687)
وصار (1) ساه دهره ... مقارنا للكمد
ألا فمن يرحمني ... يرقّ لي من كمدي
ثم أطرق، فقلت: ما شأنه؟ فقال: عشق جارية لبعض أهله، فأعطى فيها كلّ ما يملك وهو سبعمائة دينار، فأبوا أن يبيعوها منه، فنزل به ما ترى وفقد عقله. قال: فخرجنا فلبثنا ما شاء الله، ثم مات فحضرت جنازته، فلما سوّي عليه التراب، فإذا أنا بجارية تسأل عن القبر، فدللتها عليه، فما زالت تبكي وتأخذ التراب وتجعله في شعرها، فبينا هي كذلك إذا قوم يسعون، فأقبلوا عليها ضربا. فقالت: شأنكم، والله لا تنتفعون بي بعده أبدا.
[338]
[بعض من أخبار عمرو بن معد يكرب]:
قال الأصمعي: كان عمرو بن معديكرب قد شهد فتح القادسية وفتح اليرموك وفتح نهاوند (2) مع النعمان بن مقرّن المزني، فكتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى النعمان: إن في جندك رجلين: عمرو بن معديكرب، وطليحة بن خويلد الأسدي، فأحضرهما الناس وشاورهما في الحرب ولا تولّهما عملا، والسلام. فلما قدم كتاب عمر بعث إليهما، فقال: ما عندك يا عمرو؟ فقال: أروني كبش القوم فأعتنقه حتى يموت أو أموت. وقال طليحة: أيّ ناحية شئتم فأنا أدخل على القوم منها، فلما التقوا أتاهم طليحة من خلفهم، وأما عمرو فشدّ على كميّ من القوم فقتله، وقتل النعمان بن مقرّن يومئذ، وأخذ الراية حذيفة بن اليمان حتى فتح الله عليهم. واجتمعت العرب فتفاخروا، فقال عمرو بن معد يكرب في ذلك: [الكامل]
لمن الديار بروضة السّلّان ... فالرّقمتين فجانب الصّمّان
لعبت بها هوج الرياح وبدّلت ... بعد الأنيس مكانس الثّيران
فكأنّ ما أبقين من آياتها ... رقم ينمّق بالأكفّ يماني
دار لعمرة إذ تريك مفلّجا ... عذب المذاقة واضح الألوان
خصرا يشبّه برده وبياضه ... بالثلج أو بمنوّر القحوان
وكأنّ طعم مدامة جبليّة ... بالمسك والكافور والريحان
والشّهد شيب بماء ورد بارد ... منها على المتنفّس الوهنان
وأغرّ مصقولا وعيني جؤذر ... ومقلّدا كمقلّد الأدمان (3)
سنّت عليه قلائدا منظومة ... بالشّذر والياقوت والمرجان
ولقد تعارفت الضّباب وجعفر ... وبنو أبي بكر بنو الهصّان
__________
(1) كذا في النسخ وهو من باب قوله ولو أن واش، والمدار على صحة الرواية. ط
(2) «البداية والنهاية» (10/ 117).
(3) الأدمان جمع آدم، والأدمة في الظباء: لون مشرب بياضا. ط(1/688)
سبيا على القعدات تخفق فوقهم ... رايات أبيض كالفنيق هجان
والأشعث الكنديّ حين سما لنا ... من حضرموت مجنّب الذّكران
قاد الجياد على وجاها شزّبا (1) ... قبّ (2) البطون نواحل الأبدان
حتّى إذا أسرى وأوّب دوننا ... من حضرموت إلى قضيب يمان
أضحى وقد كانت عليه بلادنا ... محفوفة كحظيرة البستان
فدعا فسوّمها وأيقن أنه ... لا شك يوم تسايف (3) وطعان
لما رأى الجمع المصبّح خيله ... مبثوثة ككواسر العقبان
فزعوا إلى الحصن المذاكي عندهم ... وسط البيوت يردن في الأرسان
خيل مربّطة على أعلافها ... يقفين دون الحيّ بالألباني
وسعت نساؤهم بكلّ مفاضة ... جدلاء (4) سابغة وبالأبدان
فقذفنهنّ على كهول سادة ... وعلى شرامحة (5) من الشّبّان
حتى إذا خفت الدّعاء وصرّعت ... قتلى كمنقعر من الغلّان
نشدوا البقيّة وافتدوا من وقعنا ... بالرّكض في الأدغال والقيعان
واستسلموا بعد القتال فإنما ... يتربّقون تربّق الحملان
فأصيب في تسعين من أشرافهم ... أسرى مصفّدة إلى الأذقان
فشتا وقاظ رئيس كندة عندنا ... في غير منقصة وغير هوان
والقادسيّة حيث زاحم رستم ... كنّا الحماة بهنّ كالأشطان
الضاربين بكلّ أبيض مخذم ... والطّاعنين مجامع الأضغان
ومضى ربيع بالجنود مشرّقا ... ينوي الجهاد وطاعة الرحمن
حتى استباح قرى السّواد وفارس ... والسّهل والأجبال من مكران
[339] قال الأصمعي: كان فيمن غزا مع الأشعث بن قيس يومئذ من بني الحارث بن معاوية كبش بن هانئ والقشعم بن الأرقم وبنو فزارة، فأسروا يومئذ مع الأشعث، وكانت مراد قتلت قيس بن معديكرب، فجاء الأشعث ثائرا بأبيه، فأسر فكان أسيرا في أيدي بني الحارث بن كعب عند الحصين بن قناب، حتى افتدى بألفي قلوص وألف من طرائف اليمن، فخلّي سبيله، ففي ذلك يقول عمرو بن معديكرب هذا الشعر،
__________
(1) شزبا: جمع شازب وهو الضامر. ط
(2) قب البطون: ضوامرها. ط
(3) التسايف: التضارب بالسيف. ط
(4) يقال: درع جلاء ومجدولة إذا كانت محكمة النسج. ط
(5) الشرامحة: جمع شرمح وهو الطويل. ط(1/689)
قال ابن الأعرابي: بل قال هذه القصيدة التي على الحاء يوم فيف الريح وهي هذه: [الوافر]
ديار أقفرت من أمّ سلمى ... بها دعس المعزّب والمراح
وقفت بها فناداني صحابي ... أغالبك الهوى أم أنت صاحي
وكم من فتية أبناء حرب ... على جرد ضوامر كالقداح
وصفّ ما تساير حجرتاه ... تبشّره الأشائم بالشّياح
شهدت طراده بأقبّ نهد ... كتيس الرّبل (1) معتدل وقاح
يقول له الفوارس إذا رأوه ... نرى مسدا أمرّ على رماح
إذا قاموا إليه ليلجموه ... تمطّى فوق أعمدة صحاح
إذا ورّعت من لحييه شيئا ... سما متقاذف التّقريب طاحي
إذا ما الرّكض أسهل جانبيه ... تهزّم رعد مبترك جلاح
فلم نقتل شرارهم ولكن ... قتلنا الصالحين (2) ذوي السلاح
قتلنا مطعم الأضياف منهم ... وأصحاب الكريهة والصّباح
فأثكلنا الحليلة من بنيها ... وخلّينا الخريدة للنّكاح
[340] قال الأصمعي: اجتمعت زبيد ومراد وخثعم وثمالة ودوس من الأزد، فقاتلوا بني عامر وجشيم وسليما ونصرا حيث أتوهم، فهزمت عامر ومن معها، وأصيبت عين عامر بن الطفيل، وقتل فيها مسهر بن زيد بن قنان الحارثي، فقال عمرو بن معديكرب: [الرمل]
ولقد أجمع رجليّ بها ... حذر الموت وإنّي لفرور
ولقد أعطفها كارهة ... حين للنّفس من الموت هرير
كلّ ما ذلك منّي خلق ... وبكلّ أنا في الحرب جدير
وابن صبح سادرا يوعدني ... ماله في الناس ما عشت مجير
ابن صبح هو أبيّ بن ربيعة بن صبح بن ناشرة بن الأبيض بن كنانة بن مصلية بن عامر بن عمرو بن علة، قاله ابن الكلبي.
[341] قال عمرو بن معديكرب بن ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبّه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان وكان عمرو ابن خالة الزّبرقان بن بدر التميمي النسب قاله ابن الكلبي: [الوافر]
لمن طلل بتيمات فجند ... كأنّ عراصه توشيم برد
__________
(1) الربل: ضروب من الشجر إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف تفطرت بورق أخضر من غير مطر. ط
(2) بهامش الأصل ما نصه: قال ابن الأعرابي: الأفضلين أجود اهـ. ط(1/690)
ألا ما ضرّ أهلك أن يقولوا ... سقيت الغيث من بلد وعهد
ودار تجدل الذّلّان عنها ... مكلّلة بأضياف ووفد
إذا المهياف ذو الإبل اجتواها ... وأعرض مشية الجمل المغدّ
سددت فراضها لهم ببيتي ... وبعضهم بقبّته يعدي
وأود ناصري وبنو زبيد ... ومن بالخيف من حكم بن سعد
أود بن صعب بن سعد العشيرة. وحكم بن سعد العشيرة، قاله ابن الأعرابي.
والخيف: ارتفاع وهبوط في رأس الجبل:
لعمرك لو تجرّد من مراد ... عرانين على دهم وجرد
ومن عنس مغامرة طحون ... مدرّبة ومن علة بن جلد
قال ابن الأعرابي: مغامرة ومغاورة: مخالطة تدخل القتال. عنس بن مالك أحد مذحج. والحارث بن كعب بن علة بن جلد، وهذه قبائل من اليمن. وجنب: حيّ من مذحج. مجنّبة ميمنة وميسرة.
ومن سعد كتائب معلمات ... على ما كان من قرب وبعد
ومن جنب مجنّبة ضروب ... لهام القوم بالأبطال تردي
وتجمع مذحج فيرئّسوني ... لأبرأت المناهل من معدّ
بكلّ مجرّب في البأس منهم ... أخي ثقة من القطمين نجد
أبرأ: أخليت. القطمين: جعلهم كالفحول من الإبل مغتلمين. ونجد: شجاع، ونجيد أيضا.
وكلّ مفاضة بيضاء زغف (1) ... وكلّ معاود الغارات يخدي
أؤمّ بها أبا قابوس (2) حتّى ... أحلّ على تحيّته (3) بجندي
فما نهنهت (4) عن بطل كميّ ... ولا عن مقلعطّ (5) الرأس جعد
إذا ما مذحج قذفت عليها ... سرابيلا لها من كلّ سرد
وتركا (6) للرءوس مسبغات ... إلى الغايات (7) من زغف وقدّ (8)
__________
(1) الزغف: الدرع اللينة. ط
(2) أبو قابوس: النعمان بن المنذر. ط
(3) التحية: الملك، قال زهير بن جناب الكلبي:
ولكل ما نال الفتى ... قد نلته إلا التحية ط
(4) نهنهت: كففت. ط
(5) المقلعط: الشديد الجمودة. ط
(6) الترك: البيض. ط
(7) يريد أنها توصل البيضة بالزرد فإذا البس البيضة اتصلت بالزرد. ط
(8) القد: الدرع القصيرة وهي البدن أيضا وقال ابن الأعرابي: القد: أليب وهي دروع من جلود واحدتها يلبة.(1/691)
وهزّ السّمهريّ على المذاكي ... مجنبتين بالأبطال تردي
وعرّى بالأكفّ مهنّدات ... وسلّ حسامها من كل غمد
وقرّب للنّطاح (1) الكبش (2) يمشي ... وطاب الموت من شرع (3) وورد
تخال البزل (4) فيه مقيّرات ... كأنّ قبولها (5) تكليل (6) أسد
هنالك بهمة الفرسان يلقى ... وأصحاب الحفاظ وكلّ جدّ
أولئك معشري وهم جبالي ... وحزني في كريهتهم وحدّي (7)
هم قتلوا عزيزا يوم لحج ... وعلقمة بن سعد يوم نجد (8)
وهم ساروا مع المأمور شهرا ... إلى تعشار سيرا غير قصد
وهم قسموا النساء بذي أراطى ... وهم عركوا الذّنائب عرك جلد
المأمور بن زيد من بني الحارث بن كعب، واسمه معاوية بن الحارث. وتعشار:
موضع. وأراطى: موضع وبه ماء لطيء. وقوله: عركوا أي: قتلوا أهله، والعرك:
الدّلك. والذّنائب: مواضع أغاروا عليها فتركوها كذلك، قال ابن الأعرابي: الذنائب:
أرض من أرض قيس.
وهم وردوا المياه على تميم ... بألف مدجّج شمط ومرد
وإخوتهم ربيعة قد حوينا ... فصاروا في النّهاب بغير حمد
وهم تركوا بكندة موضحات (9) ... وما كانوا هناك لنا بضدّ (10)
وهم زاروا بني أسد بجيش ... مع العبّاب (11) جيش غير وغد
وهم تركوا هوازن إذ لقوهم ... وأسلمهم رئيسهم بجهد
وهم تركوا ابن كبشة مسلجبّا ... وهم شغلوه عن شرب المقدّي
__________
(1) النطاح: القتال. ط
(2) الكبش: السيد. ط
(3) الشرع: المسير إلى الماء. ط
(4) البزل: الجمال المسنة شبه الرجال في هذا الجيش بها إذا طليت بالقير. ط
(5) قولها: إقبالها. ط
(6) يقال: كلل الأسد إذا حمل. ط
(7) في معجم ياقوت بدل هذا الشطر:
وجدي في كتيبتهم ومجدي
ولعلها رواية أخرى. ط
(8) عزيز وعلقمة: ملكان من حمير، ولحج ونجد: موضعان. ط
(9) موضحات: شجات تظهر العظم، وإنما عني أسر الأشعث بن قيس. ط
(10) بضد: بمثل أي: ليسوا لنا بنظير. ط
(11) العباب: رجل من بني الحارث بن كعب، واسم العباب ربيعة بن دهين، وإنما سمى العباب لأن خيله عبت في الفرات حين جاءت من اليمن. ط(1/692)
ابن كبشة: الصباح بن قيس بن معديكرب أخو الأشعث بن قيس. وكبشة بنت شراحيل بن آكل المرار. ومسلحبّ: مجدّل، قال ابن الأعرابي: مسلحب: منبسط على وجه الأرض. والمقدّيّ: خمر منسوبة إلى مقدّ: قرية بالشام.
وخثعم لثّموا (1) حتى أقرّوا ... بخرج (2) في مواشيهم ورفد
وهم خشّوا (3) مع الدّيّان (4) حتّى ... تغتّم كلّ عضروط (5) وعبد
وهم أخذوا بذي المرّوت ألفا ... يقسّم للحصين ولابن هند
وهم قتلوا بذات الجار قيسا ... وأشعث سلسلوا في غير عقد
أتانا ثائرا بأبيه قيس ... فأهلك جيش ذلكم السّمغد (6)
فكان فداؤه ألفي بعير ... وألفا من طريفات وتلد
وهم قتلوا بذي قلع ثقيفا ... فما عقلوا وما فاءوا بزند
وهم سحبوا على الدّهنا جيوشا ... يعيدهم شراحيل ويبدي
وهم تركوا القبائل من معدّ ... ضبابا مجحرين بكل حقد
وكم من ماجد ملك قتلنا ... وآخر سوقة عزب قمد (7)
وخصم يعجز الأقوام عنه ... شديد الضّغن أقعس مسمغدّ (8)
حبست سراتهم بالضّحّ (9) حتى ... أنابوا بعد إبراق ورعد
أمازحهم إذا ما مازحوني ... ويفضي جدّهم إن جدّ جدّي
فذاك وقد رجعن مسوّمات ... يخدن وقد قضينا كل حرد (10)
فما جمع ليغلب جمع قومي ... مكاثرة ولا فرد لفرد
ألا عتبت عليّ اليوم أروى ... لآتيها كما زعمت بفهد
__________
(1) لثموا أي: جرحوا يقال: لثم الحجر رجله إذا جرحه، قال طرفه: «تتقي الأرض بملثوم معر» أي:
بخف قد لثمته الأرض والحجارة فأدمته، وقال ابن الأعرابي: لثموا: ضربوا على موضع اللثام. ط
(2) خرج وخراج وإتاوة واحد. ط
(3) خشوا: أوقدوا وخشوا: أدخلوا. ط
(4) الديان: رجل من بني الحارث بن كعب. ط
(5) عضروط: تابع. ط
(6) السمغد: الطويل الحسن السمين وقيل: السمغد: الأحمق، وقال أبو عمرو: السمغد: المضطرب المسترخي، وقال ابن الأعرابي: المسغد: الأحمر، وقوم سمغدون أي: حمر. ط
(7) القمد: القوى الشديد. ط
(8) المسمغد: الممتلئ غضبا، أو هو الرجل الطويل الشديد الأركان. ط
(9) الضح: الشمس أو البراز من الأرض. ط
(10) حرد: قصد. ط(1/693)
وحمير دونه قوم عداة ... بكل مسيلة وبكلّ نجد
فما الأحلاف تابعتي إليه ... ولا وأبيك لا آتيه وحدي
* * * [342] قال الأصمعي: خرج عمرو بن معديكرب فلقى امرأة من كندة بذي المجاز يقال لها حبّى بنت معديكرب، فلما رآها أعجبه جمالها وكمالها وعقلها، فعرض عليها نفسه فقال لها: هل لك في كفء كريم، ضروب لهامة الرجل الغشوم، موات طيّب الخيم، من سعد في الصّميم؟ قالت: أمن سعد العشيرة؟ قال: من سعد العشيرة، في أرومتها الكبيرة، وغرتها المنيرة، إن كنت بالفرصة بصيرة، قالت: نعم زوج الحرّة الكريمة! ولكنّ لي بعلا يصدق اللقاء، ويخيف الأعداء، ويجزل العطاء، فقال: لو علمت أنّ لك بعلا ما عرضت عليك نفسي، فكيف أنت إن أنا قتلته؟ قالت: لا أصيف عنك، ولا أعدل بك، ولا أقصّر دونك، وإياك أن يغرّك قولي وأن تعرّض نفسك للقتل، فإني أراك مفردا من الناصر والأهل، والرجل في عزّة من الأهل وكثرة من المال، فانصرف عنها عمرو وجعل يتبعها من حيث لا تعلم به، فلما قدمت على زوجها جاء عمرو مستخفيا حيث يسمع كلامهما، فسألها بعلها عما رأت في طريقها، فقالت: رأيت رجلا مخيلا للبأس، يتعرّض للقتال، ويخطب حلائل الرجال، فعرض عليّ نفسه فوصفتك له، فقال: ذلك عمرو، ولدتني أمّه إن لم يأتك مقرونا إلى جمل صعب غير ذلول. فلما سمع عمرو كلامه دخل عليه بغتة من كسر خبائه فقتله، ووقع عليها. فلما فرغ قال لها: إني لم أقع على امرأة في جمامي إلا حملت، ولا أراك إلا قد حملت، فإن ولدت غلاما فسمّيه خززا، وإن ولدت جارية فسمّيها عكرشة، وأعطاها علامة ومضى عمرو فمكث بعد ذلك دهرا، ثم إنه خرج بعد ذلك يوما يتعرّض للقتال عليه سلاحه فإذا هو بفتى على فرس شاك في السلاح، فدعاه عمرو للمبارزة، فأجابه الفتى، فلما اتّحدا صرع الفتى عمرا وجلس على صدره ليذبحه، فسأله من أنت؟ فقال: أنا عمرو، فهمز الفتى عن صدره وقال: أنا ابنك الخزز، وأعطاه العلامة، فأمره عمرو أن يسير إلى صنعاء ولا يكون ببلدة هو بها، ففعل الغلام ذلك، فلم يلبث أن ساد من كان بين أظهرهم، فاستغووه وأمروه أن يقاتل عمرا وشكوا إليه فعله بهم، فسار إلى أبيه بجمع من أهل صنعاء، فلما التقيا شدّ كل واحد منهما على صاحبه فقتله عمرو، فقال في ذلك: [مجزوء الوافر]
تمنّاني ليقتلني ... وأنت لذاك معتمده
فلو لاقيتم فرسي ... وفوق سراته أسده
إذا للقيتم شثن (1) ال ... براثن نابيا كتده (2)
__________
(1) شثن البراثن: غليظها وخشنها. ط
(2) الكتد: مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس. ط(1/694)
ظلوم الشّرك فيما أع ... لقت أظفاره ويده
يلوث القرن إذ لاقا ... هـ يوما ثمّ يضطهده
يزيف كما يزيف الفح ... ل فوق شؤونه زبده
يذبّب عن مشافره ال ... بعوض ممنّعا بلده
ولو أبصرت ما جمّع ... ت فوق الورد تزدهده
رأيت مفاضة زغفا ... وتركا (1) مبهما سرده
وصمصاما بكفّي لا ... يذوق الماء من يرده
شمائل جدّه وكذا ... ك أشبه والدا ولده
أمرتك يوم ذي صنعا ... ء أمرا بيّنا رشده
فعال الخير تأتيه ... فتفعله وتتّعده
فكنت كذي الحميّر غ ... رّه من عيره وتده
ولو أبصرت والبصر ال ... مبيّن قلّ من يجده
إذا لعلمت أنّ أبا ... ك ليث فوقه لبده
[343]
[حاتم الطائي وشيء من حديثه]:
قال الأصمعي: كان حاتم من شعراء العرب، وكان جوادا شاعرا، وكان شعره يشبه جوده وجوده يشبه شعره، وكان حيثما نزل عرف منزله، وكان مظفّرا إذا قاتل غلب، وإذا غنم أنهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق، وكان يقسم بالله لا يقتل واحد أمّه، وكان إذا أهلّ الشهر الأصمّ وهو رجب الذي كانت العرب تعظمه في الجاهلية نحر كل يوم عشرة من الإبل فأطعم الناس واجتمعوا إليه، فكان ممن يأتيه من الشعراء الحطيئة وبشر بن أبي خازم. وذكر أن أمّ حاتم أتيت وهي حبلى في المنام، فقيل لها: غلام سمح يقال له حاتم ألا قولي: أحبّ إليك أم عشرة غلمة كالناس، ليوث عند الباس، ليسوا بأوغال ولا أنكاس؟ فقالت: لا، بل حاتم، فولدت حاتما، فلما ترعرع جعل يخرج طعامه، فإن وجد أحدا أكل معه، وإن لم يجد أحدا طرحه. فلما رأى أبوه أنه يهلك طعامه قال: الحق بالإبل، فخرج إليها ووهب له جارية وفرسا وفلوّها، فلما أتاها طفق يبغي الناس فلا يجدهم، ويأتي الطريق فلا يجد عليها أحدا، فبينا هو كذلك إذ بصر بركب على الطريق فأتاهم، فقالوا: يا فتى، هل من قرى؟ فقال حاتم: تسألون عن القرى وقد رأيتم الإبل! انزلوا. وكان الذين بصر بهم عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم وزياد بن جابر وهو النابغة. وكانوا يريدون النعمان فنحر لهم حاتم ثلاثة من الإبل، فقال عبيد: إنما أردنا اللبن وكانت تكفينا بكرة إذ كنت لا بدّ متكلّفا لنا، فقال حاتم: قد عرفت، ولكنّي رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة، فعلمت أن
__________
(1) الترك: جمع تركة وهي البيضة توضع على الرأس في الحرب. ط(1/695)
البلدان غير واحدة، فأحببت أن يبقى لي منكم في كل بلد ذكر، فقالوا فيه شعرا يمتدحونه ويذكرون فضله، فقال لهم حاتم: إنما أردت أن أحسن إليكم فصار لكم عليّ الفضل، وعليّ أن أضرب عراقيب إبلي أو تقوموا إليها فتقتسموها، علوا فأصاب الرجل منهم تسعة وثلاثين بعيرا، ومضوا على سفرهم إلى النعمان، وسمع أبوه بما فعل فأتاه، فقال: أين الإبل؟ فقال:
يا أبت، طوّقتك طوق الحمامة مجد الدهر وكرما، لا يزال رجل يحمل لنا بيت شعر أبدا بإبلك، فقال أبوه: أبإبلي؟ قال: نعم، قال: والله لا أسكن معك أبدا، فخرج أبوه بأهله وترك حاتما، فقال في ذلك حاتم يذكر تحوّل أبيه عنه: [الطويل]
وإنّي لعفّ الفقر مشترك الغنى ... وتارك شكل لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم بمثله ... من الناس إلّا كلّ ذي ثقة مثلي
من جملة أبيات.
[344]
[خبر امرأة حاتم، وطلاق الجاهلية، وإفساد الزوجة على زوجها]:
ولما تزوّج حاتم ماويّة وكانت من أحسن النساء لبثت عنده زمانا. ثم إن ابن عم لحاتم يقال له مالك قال لماويّة: ما تصنعين بحاتم؟ فو الله لئن وجد ليتلفنّ، ولئن لم يجد ليتكلّفنّ، ولئن مات ليتركنّ ولدك عيالا على قومه. فقالت: صدقت، إنّه لكذلك. وكانت النساء أو بعضهنّ يطلّقن الرجال في الجاهلية، وكان طلاقهنّ أنهنّ يحوّلن أبواب بيوتهن، إن كان الباب إلى المشرق جعلنه إلى المغرب، وإن كان الباب قبل اليمن جعلنه قبل الشأم، فإذا رأى الرجل ذلك عرف أن امرأته طلقته، وقال ابن عمه لها: فأنا أنصحك وأنا خير لك منه وأكثر مالا وأنا أمسك عليك وعلى ولدك، فلم يزل بها حتى طلّقت حاتما، فأتاها وقد حوّلت الخباء، فقال لابنه: ما ترى أمك ما عدا عليها؟ فقال: لا أدري، فهبط به بطن واد. وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون فتوافى خمسون رجلا فضاقت بهم ماويّة ذرعا، فقالت لجاريتها:
اذهبي إلى مالك فقولي: إن أضيافا لحاتم نزلوا بنا وهم خمسون رجلا، فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم وبوطب لبن نسقيهم، وقالت لجاريتها: انظري إلى جبينه وفمه، فإن سابقك بالمعروف فاقبلي منه، وإن ضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه فارجعي ودعيه، فلما أتته وجدته متوسّدا وطبا من لبن، فأيقظته وأبلغته الرسالة وقالت: إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكانه، فضرب لحيته على زوره وأدخل يده في رأسه وقال لها: اقرئي عليها السلام وقولي لها: هذا الذي نهيتك عنه وأمرتك أن تطلّقي حاتما من أجله، فما عندي من كبيرة قد تركت العمل، وما كنت لأنحر صغيرة لشحم كلاها، وما عندي من لبن يكفي أضياف حاتم، فرجعت الجارية وأعلمتها بمقالته، فقالت لها: ويلك! ائتي حاتما فقولي له:
إن أضايفك نزلوا بنا الليلة، فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم ولبن نسقيهم، فقال حاتم: نعم، وأبي وأنياب، وقام إلى الإبل فأطلق عقلها، وصاح بها حتى أتى الخباء وضرب عراقيبها، فطفقت ماويّة تصيح: هذا الذي طلقتك فيه تترك ولدك ليس لهم شيء.(1/696)
[345] وإن حاتم دعته نفسه إلى بنت عفزر، فأتاها يخطبها، فوجد عندها النابغة ورجلا من النّبيت يخطبانها، فقالت لهم: انقلوبا إلى رحالكم وليقل كل رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله وخصائله، فإني أتزوج أشعركم وأكرمكم، فانصرفوا ونحر كلّ واحد منهم جزورا، ولبست بنت عفزر ثيابا لأمة لها، وأتتهم فاستطعمت كلّ رجل منهم، فأتت النّبيتيّ فأطعمها ثيل جمله فأخذته، ثم أتت النابغة فأطعمها ذنب جمله فأخذته، ثم أتت حاتما وقد نصب قدوره وهي على النار فاستطعمته فأطعمها قطعة من السّنام وغير ذلك وأطعمها عظاما من العجز قد نضجت، فأهدى إليها كل رجل منهم ظهر جمله وأهدى إليها حاتم مثل ما أهدى إلى جاراته، فصبحوها فاستنشدتهم فأنشدها النبيتيّ قصيدته التي يقول فيها: [البسيط]
هلّا سألت هداك الله ما حسبي ... عند الشتاء إذا ما هبّت الريح
فقالت: لقد ذكرت جهدا. واستنشدت النابغة فأنشدها: [البسيط]
هلا سألت هداك الله ما حسبي ... إذا الدّخان تغشّى الأشمط البرما
ثم استنشدت حاتما فأنشدها (1): [الطويل]
أماويّ قد طال التجنب والهجر
فلما فرغ حاتم من إنشاده دعت بالغداء، وقد كانت أمرت جاوريها أن يقدّمن إلى كل رجل ما أطعمها، فقدّمن إليهم (2) ثيل الجمل وذنبه، فنكّس النّبيتيّ والنابغة رءوسهما. وإن حاتما لما نظر إلى ذلك رمى بالذي قدّم إليهما وأطعمهما مما قدّم إليه، فتسلّلا لواذا، فقالت:
إن حاتما أكرمكم وأشعركم فلما خرجا قالت لحاتم: خلّ سبيل امرأتك، فأبى فردّته وردّتهم.
فلما انصرف دعته نفسه إليها وماتت امرأته فخطبها فتزوجته، فولدت له عديّا وكانت من بنات ملوك اليمن. ويقال: إن عديا وعبد الله وسفّانة بني حاتم من امرأته النّوار. والله سبحانه وتعالى أعلم.
[346] وقالت طيء: إن رجلا يعرف بأبي خيبري قدم في رفقة له ونزل بقبر حاتم وبات يناديه: أبا عديّ اقر أضيافك، فلما كان وقت السّحر وثب أبو خيبري يصيح واراحلتاه! فقالت أصحابه: ما شأنك؟ قال: خرج حاتم والله بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر إليه، فنظروا فإذا هي لا تنبعث، فقالوا: والله قد قراك، فنحروها وظلّوا يأكلون من لحمها، ثم أردفوه وانطلقوا، فبيناهم كذلك في سيرهم طلع عليهم عدي بن حاتم ومعه جمل أسود قد قرنه ببعيره فقال: إن حاتما جاءني في النوم فذكر لي شتمك إياه، وإنه قراك وأصحابك راحلتك، وأمرني أن أدفع لك هذا البعير وقد قال أبياتا في ذلك وردّدها عليّ حتى حفطتها: [المتقارب]
أبا خيبريّ وأنت امرؤ ... ظلوم العشيرة لوّامها
__________
(1) «أمالي الزجاجي» (ص 106) مع بعض الاختلاف.
(2) كذا في الأصل، ولم يذكر هنا ما قدم إلى حاتم. ط(1/697)
فماذا أردت إلى رمّة ... بداويّة ضحب هامها
تبغّى أذاها وإعسارها ... وحولك عوف وأنعامها
فخذه، فأخذه وانصرف مع رفقته (1).
[347] قال: وحدثنا النيسابوري: قال: حدثنا حاجب بن سليمان، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان عن ابن جريج، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائما أو جهّز غازيا كان له مثل أجره» (2).
كمل كتاب الذيل والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ويليه كتاب النوادر للإمام أبي علي القالي أيضا رحمه الله.
__________
(1) أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (313).
(2) أخرجه البخاري (2483) ومسلم (1895) وأبو داود (2509) والترمذي (807) والنسائي في «الكبرى» (3331) وابن ماجه (2759) وأحمد (1/ 117) وابن حبان (، 46334620) والبيهقي في «السنن» (4/ 240) وفي «الشعب» (3952)، والبغوي في «شرح السنة» (1818) وعبد الرزاق (7905) وابن أبي شيبة (5/ 351) والطبراني في «الكبير» (5267). وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 98).
وقع هذا الحديث هنا في صلب الأصل وتقدم في أول الذيل ملحقا بالهامش مضببا عليه وعليه علامة الصحة ولم ندر ما حكمة ذلك. ط(1/698)
كتاب النوادر
بسم الله الرّحمن الرحيم اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم [1]
[أخبار عروة بن حزام وعفراء]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنزي، قال: حدثنا علي بن الصّبّاح، قال: حدثنا أبو حاتم، عن الأصمعي، قال: حدثنا هشام بن محمد أبو السائب المخزومي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن السكن بن سعيد، عن النعمان بن بشير قال: استعملني معاوية رضي الله عنه على صدقات بليّ وعذرة، فإنّي لفي بعض مياههم إذ أنا ببيت منحرد ناحية، وإذا بفنائه رجل مستلق وعنده امرأة وهو يقول أو يتغنى بهذه الأبيات: [الطويل]
جعلت لعرّاف اليمامة حكمه ... وعراف نجد إن هما شفياني
فقالا نعم نشفي من الداء كلّه ... وقاما مع العوّاد يبتدران
فما تركا من رقية يعلمانها ... ولا سلوة إلا وقد سقياني
فقالا شفاك الله والله ما لنا ... بما حمّلت منك الضلوع يدان
فقلت لها: ما قصته؟ فقالت: هو مريض ما تكلّم بكلمة ولا أنّ أنّة منذ وقت كذا وكذا إلى الساعة، ثم فتح عينه وأنشأ يقول: [البسيط]
من كان من أمّهاتي باكيا أبدا ... فاليوم إني أراني اليوم مقبوضا
يسمعننيه فإني غير سامعه ... إذا حملت على الأعناق معروضا (1)
ثم خفت فمات، فغمّضته وغسّلته وصلّيت عليه ودفنته، وقلت للمرأة: من هذا؟
فقالت: هذا قتيل الحبّ! هذا عروة بن حزام!
[2] قال أبو علي: قال أبو بكر: وقصيدة عروة هذه النونية يختلف فيها الناس في بعض الأبيات ويتفقون على بعضها، فالأول الأبيات المجتمع عليها وما يتلوها مما يختلف فيه، أنشدني جميعه أبي رحمه الله! عن أحمد بن عبيد وغيره وعبد الله بن خلف الدّلّال، عن أبي عبد الله السّدوسي وأبو الحسن بن البراء، عن
__________
(1) بهامش الأصل في نسخة: إذا علوت رقاب القوم معروضا إلخ. ط(1/699)
الزّبير بن بكّار وألفاظهم مختلط بعضها ببعض، وهي هذه: [الطويل]
خليليّ من عليا هلال بن عامر ... بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني
ولا تزهدا في الأجر عندي وأجملا ... فإنّكما بي اليوم مبتليان
ألم تعلما أن ليس بالمرخ كلّه ... أخ وصديق صالح فذراني
أفي كلّ يوم أنت رام بلادها ... بعينين إنساناهما غرقان
أفا فاحملاني بارك الله فيكما ... إلى حاضر الرّوحاء ثمّ دعاني
على جسرة الأصلاب ناجية السّرى ... تقطّع عرض البيد بالوخدان
ألمّا على عفراء إنكما غدا ... بشحط النّوى والبين معترفان
فيا واشيي عفرا دعاني ونظرة ... تقرّ بها عيناي ثم كلاني
أغرّ كما منّي قميص لبسته ... جديد وبردا يمنة زهيان
متى ترفعا عنّي القميص تبيّنا ... بي الضّرّ من عفراء يا فتيان
وتعترفا لحما قليلا وأعظما ... رقاقا وقلبا دائم الخفقان
على كبدي من حبّ عفراء قرحة ... وعيناي من وجد بها تكفان
فعفراء أرجى الناس عندي مودّة ... وعفراء عنّي المعرض المتواني
قال أبو بكر قال بعض البصريين: ذكّر المعرض لأنه أراد: وعفراء عنّي الشخص المعرض. وقال الكوفيون: ذكّره بناء على التشبيه، أراد: وعفراء عنّي مثل المعرض، كما تقول العرب: عبد الله الشمس منيرة، يريدون مثل الشمس في حالة إنارتها.
فيا ليت كلّ اثنين بينهما هوى ... من الناس والأنعام يلتقيان
فيقضى حبيب من حبيب لبانة ... ويرعاهما ربّي فلا يريان (1)
هوى ناقتي خلفي وقدّامي الهوى ... وإنّي وإيّاها لمختلفان
هواي أمامي، ليس خلفي معرّج ... وشوق قلوصي في الغدوّ يماني
هواي عراقيّ وتثني زمامها ... لبرق إذا لاح النجوم يماني
متى تجمعي شوقي وشوقك تظلعي ... وما لك بالعبء الثقيل يدان
خخخ فيا كبدينا من مخافة لوعة الفراق ومن صرف النّوى تجفان (2)
وإذ نحن من أن تشحط الدار غربة ... وأن شقّ للبين العصا وجلان
يقول لي الأصحاب إذ يعذلونني ... أشوق عراقيّ وأنت يماني
__________
(1) بهامش الأصل ما نصه ويروى: ويسترهما، بسكون الراء بدل قوله ويرعاهما على أن الأصل ويسترهما مضموم الراء فسكنت لكثرة الحركات اهـ. ط
(2) تجف: تخفق وتضطرب. ط(1/700)
وليس يمان للعراق بصاحب ... عسى في صروف الدهر يلتقيان
تحمّلت من عفراء ما ليس لي به ... ولا للجبال الرّاسيات يدان
كأنّ قطاة علقت بجناحها ... على كبدي من شدّة الخفقان
جعلت لعرّاف اليمامة حكمه ... وعراف نجد إن هما شفياني
فقالا نعم نشفي من الداء كلّه ... وقاما مع العوّاد يبتدران
فما تركا من رقية يعلمانها ... ولا سلوة إلا وقد سقياني
وما شفيا الداء الذي بي كلّه ... ولا ذخرا نصحا ولا ألواني (1)
فقالا شفاك الله والله ما لنا ... بما ضمّنت منك الضلوع يدان
فرحت من العرّاف تسقط عمّتي ... عن الرأس ما ألتاثها ببنان
معي صاحبا صدق إذا ملت ميلة ... وكانا بدفّي نضوتي عدلان
فيا عمّ يا ذا الغدر لا زلت مبتلّى ... حليفا لهمّ لازم وهوان
غدرت وكان الغدر منك سجيّة ... فألزمت قلبي دائم الخفقان
وأورثتني غمّا وكربا وحسرة ... وأورثت عيني دائم الهملان
فلا زلت ذا شوق إلى من هويته ... وقلبك مقسوم بكل مكان
وإني لأهوى الحشر إذ قيل إنني ... وعفراء يوم الحشر ملتقيان
ألا يا غرابى دمنة الدار بيّنا ... أبا لهجر من عفراء تنتّحبان
فإن كان حقّا ما تقولان فاذهبا ... بلحمى إلى وكريكما فكلانى
كلاني أكلا لم ير الناس مثله ... ولا تهضما جنبيّ وازدرداني
ولا يعلمنّ الناس ما كان قصّتي ... ولا يأكلّنّ الطير ما تذران
أناسية عفراء ذكرى بعد ما ... تركت لها ذكرا بكل مكان
ألا لعن الله الوشاة وقولهم ... فلانة أضحت خلّة لفلان
إذا ما جلسنا مجلسا نستلذّه ... تواشوا بنا حتّى أملّ مكاني
تكنّفني الواشون من كل جانب ... ولو كان واش واحد لكفاني
ولو كان واش باليمامة أرضه ... أحاذره من شؤمه لأتاني
يكلّفني عمّي ثمانين ناقة ... ومالي والرّحمن غير ثمان
فيا ليت محيانا جميعا وليتنا ... إذا نحن متنا ضمّنا كفنان
ويا ليت أنّا الدهر في غير ريبة ... خليّان (2) نرعى القفر مؤتلفان
__________
(1) ما ألواني: ما قصرا في حقي. ط
(2) بهامش الأصل: ويروى بعيران بدل قوله خليان. ط(1/701)
إذا ما وردنا منهلا صاح أهله ... وقالوا بعيرا عرّة (1) جربان
فو الله ما حدّثت سرّك صاحبا ... أخا لي ولا فاهت به الشفتان
سوى أنني قد قلت يوما لصاحبي ... ضحى وقلوصانا بنا تخدان
ضحيّا ومسّتنا جنوب ضعيفة ... نسيم لرياها بنا خفقان
تحمّلت زفرات الضحى فأطقتها ... ومالي بزفرات العشيّ يدان
فيا عمّ لا أسقيت من ذي قرابة ... بلالا فقد زلّت بك القدمان
ومنّيتني عفراء حتى رجوتها ... وشاع الذي منّيت كلّ مكان
بنيّة عمّي حيل بيني وبينها ... وصاح لوشك الفرقة الصّردان (2)
فيا حبّذا من دونه يعذلونني ... ومن حليت عيني به ولساني
ومن لو أراه في العدوّ أتيته ... ومن لو يراني في العدو أتاني
ومن هابني في كل أمر وهبته ... ولو كنت أمضى من شباة سنان
فو الله لولا حبّ عفراء ما التقى ... عليّ رواقا بيتك الخلقان
خليقان هلهالان لا خير فيهما ... قبيحان يجري فيهما اليرقان (3)
رواقان هفّافان لا خير فيهما ... إذا هبّت الأرواح يصطفقان
ولم أتبع الأظعان في رونق الضحى ... ورحلي على نهّاضة الخديان
لعفراء إذ في الدّهر والناس غرّة ... وإذا خلقانا بالصّبا يسران
لأدنو من بيضاء خفّاقة الحشا ... بنيّة ذي قاذورة شنآن
كأنّ وشاحيها إذا ما ارتدتهما ... وقامت عنانا مهرة سلسان
يعضّ بأبدان لها ملتقاهما ... ومتناهما رخوان يضطربان
وتحتهما حقفان قد ضربتهما ... قطار من الجوزاء ملتبدان
أعفراء كم من زفرة قد أذقتني ... وحزن ألجّ العين بالهملان
وعينان ما أوفيت نشزا فتنظرا ... بمأقيهما إلّا هما تكفان
فلو أن عيني ذي هوى فاضتا دما ... لفاضت دما عيناي تبتدران
فهل حاد يا عفراء إن خفت فوتها ... عليّ إذا ناديت مرعويان
__________
(1) العرة: الجرب وقيل: قروح مثل القوباء تخرج بالإبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يسيل منها مثل الماء الأصفر فتكوى الصحاح لئلا يعديها المريض. ط
(2) الصردان مثنى صرد وهو طائر أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار له برثن عظيم نحو من القارية في العظم ويقال له الأخطب لاختلاف لونيه. ط
(3) اليرقان: دود يكون في الزرع ثم ينسلخ فيصير فراشا كما في «اللسان». وفي البيت الأقواء وهو اختلاف حركة الروى بالرفع والجر. ط(1/702)
ضروبان للتالي القطوف إذا ونى ... مشيحان من بغضائنا حذران
فما لكما من حاديين رميتما ... بحمّى وطاعون ألا تقفان
وما لكما من حاديين كسيتما ... سرابيل مغلاة من القطران
فويلي على عفراء ويلا كأنه ... على الكبد والأحشاء حدّ سنان
ألا حبّذا من حبّ عفراء ملتقى ... نعم وألا لا حيث يلتقيان
قال أبو بكر أخبرني أبي عن الطّوسي قال: أراد بقوله ملتقى نعم وألا لا شفتيها لأن الكلمتين في الشفتين تلتقيان. ويروى:
ألا حبذا من حب عفراء ملتقى ... نعام وبرك حيث يلتقيان
وقال: هما موضعان.
لو أن أشدّ الناس وجدا ومثله ... من الجنّ بعد الإنس يلتقيان
فيشتكيان الوجد ثمّت أشتكى ... لأضعف وجدي فوق ما يجدان
فقد تركتني ما أعي لمحدّث ... حديثا وإن ناجيته ونجاني
وقد تركت عفراء قلبي كأنه ... جناح غراب دائم الخفقان
[3]
[مبحث في معاني بعض الكلمات]:
قال أبو علي: قال أبو العباس ثعلب: سمّيت العنزة عنزة من قولهم: اعتنز الرجل إذا تنحّى، وذلك أن الإمام يجعلها بين يديه إذا صلى ويقف دونها فتكون ناحية عنه. قال:
وسميت الحربة حربة من قولهم: حربته إذا أحميته وأغضبته لأنها حادّة ماضية. والعترة:
أقرب أهل الرجل إليه، ومنه عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من عتر الريح وهو حركتها واضطرابها. والعتيرة: الذبيحة التي كانت تذبح في الجاهلية في رجب، وهي من الحركة والاضطراب لأن الرجل كان ينذر إذا كثر ماله أن يذبح منه، وإذا كثر المال انتشر، والانتشار: والاضطراب. وسمى عنترة من ذلك لتحرّكه في الحرب وتصرّفه وأخذه في كل وجه وناحية. وأنشد أبو العباس: [الطويل]
فإن تشرب الأرطى دما من صديقنا ... فلا بدّ أن تسقى دماءكم النّخل
يقول: إن قتلتم صاحبنا في هذا الموضع الذي ينبت الأرطى اهتبالا لغفلته ووحدته، فإنّا لعزّنا نقصدكم طالبين بثأره جهارا في بلادكم وأوطانكم.
قال وقول العامة: فلان قرابة فلان محال، إنما كلام العرب: هذا قريب فلان، وهؤلاء أقارب فلان وأقرباؤه، وقرابات ليس بشيء.
قال وقول ذي الرمة: [البسيط]
كأنهن خوافي أجدل قرم ... ولّى ليسبقه بالأمعز الخرب
ترتيبه: كأن الحمر بالأمعز خوافي أجدل قرم، والخوافي مستوية، والقوادم ليست
كذلك، فأراد أنه ليس يفضل بعضها بعضا في العدو لجدّها ونجائها. وأنشد له أيضا:(1/703)
كأنهن خوافي أجدل قرم ... ولّى ليسبقه بالأمعز الخرب
ترتيبه: كأن الحمر بالأمعز خوافي أجدل قرم، والخوافي مستوية، والقوادم ليست
كذلك، فأراد أنه ليس يفضل بعضها بعضا في العدو لجدّها ونجائها. وأنشد له أيضا:
[الطويل]
نظرت إلى أظعان ميّ كأنها ... ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه
فأسبلت العينان والقلب كاتم ... بمغرورق نمّت عليه سواكبه
هوى آلف حان الفراق ولم تجل ... مجاولها أسراره ومعاتبه
إذا راجعتك القول ميّة أوبدا ... لك الوجه منها أو نضا الدّرع سالبه
فيالك من خدّ أسيل ومنطق ... رخيم ومن وجه تعلّل جادبه (1)
تعلّل: من العلل وهو الشّرب مرة بعد مرة، أي: نظر الناظر وأعاد نظره مرة بعد مرة فلم يجد عيبا. وأشعلت (2) الدموع: كثرت فتفرّقت. وكتيبة مشعلة أي: كثيرة متفرّقة.
ويقال: أشعل السلطان جماعة في طلبه أي: فرّقهم.
قال: وأنشدنا ثعلب ليزيد بن الطّثرية. وقال الطّثرة: الخصب وكثرة الخير:
بنفسي من لا يستقلّ بنفسه ... ومن هو إن لم يحفظ الله ضائع
قال: ويقال: فلان سراب بقيعة أي: لا يحصل منه على شيء. وشرّاب بأنقع أي:
حازم كامل.
قال: وسمّي اللّصّ لصّا لأنه يجمع نفسه ويضائل شخصه ليستتر بذلك، وهو من قولهم: لصصت أضراسه إذا اجتمعت وتلاصقت. وقال امرؤ القيس يصف كلبا: [المتقارب]
ألصّ الضّروس حنيّ الضّلوع ... تبوع طلوب (3) نشيط أشر
قال: ويقال: السّفينة من سفنته إذا قشرته كأنها تقشر الماء. والحراقة: من قولهم هو يحرق عليه الأرّم وهي الأضراس. والزّلال: من قولهم زلّ يزلّ. والطّيّار من قولهم الطّيران.
والملّاح: من الملح لشظف عيشه وخشونة مطعمه. والحفف: القيام بالأمر، حفّهم: قام بأمرهم. ورفّهم: أطعمهم، وهو يحفّه ويرفّه أي: يطعمه ويقوم بأمره، فالحفف: أن يكون المأكل بإزاء آكله، والضّفف: أن يكون دونه. ضفتا الوادي والنهر: جانبا هما، فكأن الضفف ما يكفي جانبا من العيال والقوم ولا يعمّهم، وأنشد لذي الرّمّة: [البسيط]
أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب
__________
(1) انظر ما مضى قريبا برقم (307) من كتاب «الزيل» فقد ذكر شعر ذي الرّمة.
(2) من هنا أخذ المؤلف رحمه الله يأتي بما يسنح له من نوادر كلام العرب ولطائفهم ولا يتقيد بأن يكون له مناسبة بما قبله فإن قوله هنا وأشتعلت الدموع إلخ: لم يسبق له كلام فيه لفظ الاشتعال، وكذلك ما أنشده ليزيد بن الطثرية لم يتعلق بشيء قبل ولا بعد ولم يشرح منه شيئا لظهور معناه وكذلك قوله بعد: وسمى اللص لصا إلخ، وقوله يقال: السفينة من سفنته وهلم جرا فليعلم. ط نقول: وقد أخذ المصنّف ذلك من كتابه «الأمالي» إلّا قليلا، فتنبّه.
(3) في رواية: أووب. ط(1/704)
قال: أبو ثلاثين أي: أنه قد عرف ما يصلح البيض ويفسده للتجربة، فلما أحس بالمطر أجدّ في طلب أدحيّه، وخصّ الذكر لأنه أسرع من الأنثى، وقال: أمسى لجدّه في اللحاق قبل الليل وهو منقلب لأنه قد رعى فنفسه قويّة. والخاضب: الذي قد خضب في الربيع فهو أحسن لحاله. والنعام يبيض نحو العشر فما فوقها، فأراد بالثلاثين أنه قد حضن أبطنا.
وقال ثعلب في قول ذي الرمة: [الوافر]
أرى إبلي وكانت ذات زهو ... إذا وردت يقال لها قطيع
تكنّفها الأرامل واليتامى ... فصاعوها ومثلهم يصوع
وطيّب عن كرائمهنّ نفسي ... مخافة أن أرى حسبا يضيع
أي: يزهى من يملك مثلها. والقطيع: ما كثر. وصاعوها: فرّقوها أي: أنه نحر وفرّق وأطعم. وانصاع الطائر إذا مرّ. ويقال أيضا صاع: جمع، ومنه الصاع. قال أبو الحسن:
يروى غيره: ضاعوها معجمة الضاد.
قال: وأنشدنا أبو العباس، عن سلمة، عن الفرّاء: [الطويل]
من النّفر البيض الذين إذا انتموا ... وهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا
البيض: السادة الذين لا عيب فيهم يقدمون على أبواب الملوك بأحسابهم ومواضعهم وكبر أنفسهم وتهابها اللئام لخمولهم وقصرهممهم.
قال ويقال: جاء نعيّ فلان بالتشديد إذا رفع الصوت بذكر وفاته، وأصله من نعى على الناقة حملها إذا رفعه عليها، ومنه نعى عليه ذنوبه إذا ذكرها وأشاد بها. وقال أبو العباس في قول ابن أحمر: [الكامل]
وبعيرهم ساج بجرّته ... لم يؤذه غرب ولا نفر
فإذا تجرّر شقّ بازله ... وإذا أصاخ فإنه بكر
يريد أنهم في خفض وخصب وأمن وعز، فأموالهم راعية ساكنة. ويقول: وجهه لطراوته وجه بكر، وهو إذا بدت أسنانه بازل وذلك لحسن حاله. قال ويقال: قاره يقوره إذا ختله، وهو يقور الوحش أي: يختلها ليصيدها، ومنه قولهم: قيّره يقيّره إذا ختله وخدعه.
ويقال: قبّح الله ثفرها وهو كناية عن الفرج أي: قبح الله الموضع الذي خرجت منه. قال:
والتّفرة بالتاء المعجمة اثنتين الرّوضة، والتّفرات: الرّياض، قال الطرماح: [الطويل]
لها تفرات (1) تحتها وقصارها ... على مشرة لم تعتلق بالمحاجن
__________
(1) قال الصاغاني في العباب ويقال: التفرة من النبات ما لا تستمكن منه الراعية لصغره، قال الطوماح يصف أجلا: وهو القطيع من البقر:
لها تفرات تحتها وقصارها ... على مشرة لم تعتلق بالمحاجن
قصارها: آخر أمرها الذي ترجع إليه. والمشرة: أطراف الغصون الطرية كذا بهامش الأصل. ط(1/705)
يصف ظبية في أمن. والمشرة. الهاء معجمة والميم مفتوحة.: الشجرة الكثيرة الورق.
قال: والطرماح من طرمح بابه إذا رفعه أي: هو رفيع القدر. والطّرمذة: لفظة عربية، والطّرماذ: الفرس الرائع الكريم. قال: وسألت ابن الأعرابي عن الطّرمذان وهو المتكثّر بما لا يفعل، فقال: لا أعرفه وأعرف الطرماذ، وأنشدني (1): [الرجز]
سلام طرماذ على طرماذ
وأنشدنا أبو العباس لبعض المحدثين:. هو أشجع السّلمي [مجزوء الرمل]:
ليس للعسكر إلا ... من له وجه وقاح
ولسان طرمذان ... وغدوّ ورواح
ولهم ما شئت عندي ... وعلى الله النجاح
[من أمثال وأقوال العرب]
وقال في قول الشاعر: [الرجز]
مخايط العكم مواديع المطيّ ... التاركي الرفيق بالخرق النّطيّ
أي: لا يحلّون أزوادهم ويأكلون أزواد الناس ولا يرحلون إلى الملوك. والخرق: الفلاة لا نخراق الريح فيها. والنّطيّ: البعيد. ويقال في مثل ذلك: «كيف يقطع النّطيّ بالبطيّ» والنّطيّ: البعيد. والبطيّ: البعير المبطئ، يضرب مثلا للذي يروم عظائم الأمور بغير ماجدّ ولا انكماش. قال أبو الحسن: حفظي عنه محايط بغير معجمة، والشعر لجميل بن معمر. قال أبو العباس ويقال: أصير إليك في غد أو الذي يليه. وقول الناس: أو الذي أليه خطأ، وإنما لم يقفوا على حق الكلمة. ويقال خبيصة معقدة، وأعقدت الخبيصة وغيرها من الحلواء والدواء فهي معقدة، وأعقدت العسل وعقدت الحبل. قال أبو العباس: العهدة: أول مطرة. والرّصدة:
الثانية، فتلك أوّل ما عهدت الأرض، وهذه ترصد تلك. ويقال: نحن ننتظر الرّصدة.
[النهار عند العرب]:
قال: والنهار عند العرب: من طلوع الشمس إلى غروبها، وما عدا ذلك فهو عندهم ليل مما تقدم (2) أو تأخر.
__________
(1) قال في العباب وأنشد الليث:
لما رأيت القوم في أغذاذ ... وأنه السير إلى بغداذ
جئت فسلمت على معاذ ... تسليم ملاذ على ملاذ
طرمذة مني على طرماذ
كذا بهامش الأصل: وفي «القاموس» رجل طرمة بالكسر ومطرمذ: يقول ولا يفعل، أو لا يحقق في الأمور، وطرمذ عليه فهو طرماذ وطرمذان بكسرهما: صلف مفاخر نفاج. وفيه الملاذ، المطرمذ المتصنع الذي لا تصح مودته، والملذ: الكذب. ط
(2) في نسخة: وما تقدم ذلك وتأخر عنه قليل. ط(1/706)
قال أبو العباس: والشاكلة: الطريقة، والشاكلة: الناحية، وشاكلة الجدي: خاصرته لأنها ناحية منه.
قال: ورغوة (1) اللّبن بكسر الراء أفصح من فتحها. قال والوصيد: الفناء. وأنشد أبو العباس: [الطويل]
ولما قضينا من منّى كلّ حاجة ... ومسّح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وصالت بأعناق المطيّ الأباطح
أطراف الأحاديث: ما يستطرف منها ويؤثر.
قال أبو العباس: جمع الحليّ وهو يبيس النّصيّ أحلية، ولم يسمع جمعه (2) إلا في شعر ذي الرمة.
قال: والممرّد: الأملس، ومنه الأمرد للين خدّيه، وشجرة مرداء: لا ورق لها، ومرداء وملساء واحد. ويقال زللت في المنطق، وزللت في المشي. وأزللت له زلّة، وأزللت إليه نعمة.
قال ويقال: أمطرت السماء إذا قطرت، ومطرت: سالت. ويقال: كلّمه فما أحاك فيه، وضربه فما أحاك فيه، وما يحيك فيه شيء، وهو أفصح من الفتح، وحاك يحيك إذا ذهب وجاء، ومنه الحائك. ويقال: حذق الخلّ اللسان يحذقه حذوقا، وحذق الصبيّ القرآن حذقا، وحذق الحبل (3) إذا انقطع.
قال ويقال: ردحت بيتك إذا زدت فيه ووسّعته، ويقال: لو ردحته أي لو وسّعته.
قال والإفصاء: الخروج من حر إلى برد أو من برد إلى حر، ويقال: لو قد أفصيت لخرجت معك، وقد أفصى الناس، والناس حينئذ مفصون، ومنه التّفصّي.
ويقال: أحولنا في هذا المكان وأعومنا أيضا وأسنهنا وأشهرنا وأيومنا وأسوعنا.
ويقال: أطلى الرجل إذا مالت عنقه للنوم، وأطلنا حتى أطلينا أي: قعدنا حتى نعسنا.
ومن أطال أطلى أي: من قعد نعس.
ويقال: أخلد إلى الأمر أي: سكن إليه وأقام عليه. وخلد عليه شبابه أي: بقي عليه شبابه وسواد شعره. ووجرته: من الوجور وهو أفصح. ومن الرمح أو جرته لا غير.
ويقال: أشطّ في سومه أفصح من شطّ.
ويقال: ثللته: هدمته، وأثللته: أصلحته.
__________
(1) في «القاموس»: أنها مثلثة الراء. ط
(2) لم نقف على الشعر الذي جمع فيه الحلى على أحلية ولينظر. ط
(3) كذا في الأصل، ولعل حذق محرف عن انحذق إذ ليس في شيء من كتب اللغة التي بأيدينا أن حذق يأتي لازما، بل اللازم أنحذق أو لعله مبني للمفعول. ط(1/707)
ويقال: لحدت: ملت، وألحدت: جادلت.
ويقال: فعال حسن وفعال جميل بالفتح، والكسر خطأ. ويكسر الفاء في نصاب الفأس، يقال: هذا فعال قويّ أي: نصاب قوي.
والأحمس: المتشدّد في دينه، وسمّيت قريش الحمس من ذلك، ومنه سمّي المحمّس الذي تقول له العامة: المحمّص لأنه يقلى قليا شديدا.
ويقال: لم يبق بيني وبينه علقة ولا علاقة، فالعلقة: المرة، والعلاقة: الحالة.
[4]
[الجارية تدرك ما لم يدركه الأصمعي]:
قال أبو محلم وقال الأصمعي: بينا أنا في طريق مكة ومعي أصحابي، إذ مرّبنا أعرابي وهو يقول: من أحسّ من بعير بعنقه علاط وبأنفه خزامة، تتبعه بكرتان سمراوان، عهد العاهد به عند البئر؟ قلنا: حفط الله عليك يا هذا، والله ما أحسسنا جملا على هذه الصفة، قال: وجويرية من الأعراب على حوض لها تصدره، فأعاد الكلام عليها، فقالت: أعزب لا حفظ الله عليك يا فاسق، فقلنا لها: ما تريدين من رجل ينشد ضالّته؟ فقالت: إنما ينشد أيره وخصيتيه.
[5]
[كتاب أبي محلم في وصية بنعل]:
قال: وكتب أبو محلم إلى الحذّاء في نعل له عنده: دنها فإذا همّت تتّدن، فلا تخلّها تمرخدّ، وقبل أن تقفعلّ، فإذا اتّدنت ائتدنت فامسحها بخرقة غير وكبة ولا جشبة، ثم امعسها معسا رفيقا، ثم سنّ شفرتك وأمهها، فإذا رأيت عليها مثل الهبوة فسنّ رأس الإزميل، ثم سمّ بالله وصلّ على محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أنحها وكوّف جوانبها كوفا رفيقا، وأقبلها بقبالين أخنسين أفطسين غير خلطين ولا أصمعين، وليكونا وثيقين من أديم صافي البشرة، غير نمش ولا حلم ولا كدش، واجعل في مقدّمها كمنقار النّغر. فلما وصل الكتاب إلى الحذّاء لم يفهم منه شيئا إلا ولا كدش، فقال: صيّرني كدّاشا، والله لا حذوت له نعله.
قال أبو علي قوله: تتّدن: تبتلّ، يقال: ودنت الشيء فهو مودون وودين أي: بللته فهو مبلول. والمودون من الناس وغيرهم: القصير الضاوي القمئ. وقوله: تمرخدّ (1)، لم أجد تفسيره موضع رخد إذ جاء مهملا للخليل ولا لغيره. والوكب: الوسخ، يقال: وكب الثوب يوكب وكبا إذا اتسخ، والوكبان بفتح الواو والكاف: مشية في درجان، ومنها اسم الموكب. والجشب: الغليظ، والمجشاب: مثله. قال أبو زبيد: [البسيط]
توليك كشحا لطيفا ليس مجشابا (2)
__________
(1) قد وجدناه في ترجمة مرخد من «القاموس» و «اللسان» نقلا عن ابن سيده بلفظ امرخد الشيء إذا استرخي فليعلم. ط
(2) صدره:
قراب حضنك لا بكر ولا نصف
كذا بهامش الأصل. ط(1/708)
وطعام جشب: ليس معه إدام. ويقال للرجل الذي لا يبالي ما أكل ولم ينل أدما: إنه لجشب المأكل، وقد جشب جشوبة. والمعس: الدّلك، يقال: معس الأديم وغيره يمعسه معسا إذا دلكه، ومعس الرجل المرأة يمعسها إذا نكحها. وقال الراجز في نعت السيل: [الرجز]
يمعس بالماء الجواء معسا
ويقال: اقفعلّت أنامله إذا تشنّجت من برد أو كبر، قال الشاعر:
رأيت الفتى يبلى إذا طال عمره ... بلى الشّنّ حتّى تقفعلّ أنامله
ويقال: أمهيت الحديدة إمهاء إذا حددتها، وأمهيتها إذا سخّنتها بالنار ثم ألقيتها في الماء لتسقيها فهي ممهاة، قال امرؤ القيس في سهم الرامي: [المديد]
راشه من ريش ناهضة ... ثمّ أمهاه على حجره
وأمهى شرابه ولبنه إذا أرقّه، ولبن مهو وقد مهو اللّبن يمهو مهاوة. والإزميل: الإشفى، قال عبدة بن الطّبيب: [البسيط]
عيهمة ينتحي في الأرض منسمها ... كما انتحى في أديم الصّرف إزميل
ويقال: خرج فلان فخلّف أزمله وأزمله بفتح الميم وضمها أي: أهله. والإزمول من الوعول: المصوّت بكسر الهمزة وفتح الميم. ويقال: سمعنا أزمل القوم أي: أصواتهم، وجمعه أزامل، قال هميان بن قحافة السّعدي: [الرجز]
تسمع في أجوافها لجالجا ... أزاملا وزجلا هزامجا
وكوّفها: دورها بعد ما تنحيها، أي: تقصد نحو مثالها في تدويرها. وقال يعقوب:
يقال: تركتهم في كوفان بضم الكاف وسكون الواو أي: في أمر مستدير. وقال ابن الأعرابي يقال: بنو فلان في كوّفان مشدد الواو أي: في أمر مكروه شديد، وهذا قريب من الأول، كأنه لكراهيته تحيّر أهله فهم يستديرون. وقال الكلابيون: الخلط (1) من الرجال بفتح الخاء وكسر اللام بلا ياء هو الذي يختلط بالناس، وهو في وجهين: فأحدهما الذي يخالط الناس بما يحبّون وهو مدح، وأما الآخر فهو الذي يلقي متاعه ونساءه بين الناس فيخالطهم وهو عيب، فكأنه كره أن يكون قبال نعله ملفّقا من أديمين وذلك محمود في نعال النساء مكروه في حذاء الرجال. وقوله: ولا أصمعين أي: رقيقين. غير نمش ولا حلم ولا كدش، والحلم بفتح الحاء واللام: دود يقع في الجلد فيأكله، فإذا دبغ وهى موضع الحلم، فيقال: أديم حلم ونغل، وأديم نمش أيضا، ومن ذلك يقال: نمش الجراد والدّبا الأرض ينمشها نمشا إذا أكل الكلأ ونزل. ويقال: ما به كدشة بفتح الكاف وسكون الدال أي: ما به داء، والكدّاش بتشديد الدال: الكريّ، والكدش بفتح الكاف وسكون الدال: الكسب، يقال: كدش لأهله يكدش
__________
(1) في «القاموس» والخلط بالفتح ككتف وعنق: المختلط بالناس المتملق إليهم ومن يلقى نساءه ومتاعه بين الناس. ط(1/709)
كدشا إذا اكتسب لهم، وما كدشت شيئا أي: ما أخذته، والكدش أيضا: السّوق والحثّ.
* * * [6] قال أبو علي: قال أبو بكر بن أبي الأزهر أنشدنا أبو العباس المبرد لسعيد بن حميد: [الطويل]
تمتّع من الدّنيا فإنك فاني ... وإنّك في أيدي الحوادث عاني
ولا يأتين يوم عليك وليلة ... فتخلو من شرب وعزف قيان
فإني رأيت الدهر يلعب بالفتى ... وينقله حالين يختلفان (1)
فأمّا التي تمضي فأحلام نائم ... وأما التي تبقى له فأماني
[7]
[شيء من أخبار علي بن أبي طالب وأحاديث الشيعة]:
قال أبو علي: قال أبو بكر: حدثني أبي، عن العباس بن ميمون، قال: سمعت ابن عائشة يقول: حدثني أبي، عن عوف الأعرابي قال: سأل رجل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال: أعن ربّانيّ هذه الأمة تسأل؟ لم يكن بالسّروقة لمال الله، ولا بالملولة لحق الله، أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله، حتى أورده الله على رياض مونقة، وجنان غسقة، ذاك علي بن أبي طالب يا لكع.
[8] قال: وحدثني أبي، عن العباس بن ميمون قال: حدثني سليمان الشاذكوني والحسن بن عنبسة الورّاق قال: حدثنا حفص بن غياث، عن أشعث بن سوّار قال: نال عديّ بن أرطاة على المنبر من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قال: فالتفتّ إلى الحسن وإن دموعه لتسيل على خده ولحيته، فقال: لقد ذكر هذا اليوم رجلا إنّه لوليّ رسول الله في الدنيا ووليه في الآخرة (2).
[9] قال: وحدثني أبو بكر، عن أبيه، عن العباس بن ميمون، قال: حدثني سليمان بن داود، عن حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين قال: إن كان أحد يعلم متى أجله، فإن علي بن أبي طالب كان يعلم متى أجله، قال العباس: فحدثت به ابن عائشة، فقال: أنت تعلم يا بن أخي أنه قاتل يوم الجمل فلم يتكلم، ويوم صفّين فلم يتكلم، ولقد لقي ليلة الهرير ما لقي فلم يتخوف ولم ينطق بشيء، فلما رجع إلى الكوفة بعد قتله الخوارج قال: ألا ينبعث أشقاها ليخضبنّ (3) هذه من هذه (4).
__________
(1) في نسخة: وتنقله حالان مختلفان. ط
(2) كذا بالأصل، ولا محل للتوكيد بالنون إلا أن تكون اللام للقسم. ط
(3) أخرج أحمد (1/ 331) وابن أبي عاصم في «السنة» (1351) والحاكم (3/ 135) قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه «أنت وليّي في الدنيا والأخرة».
(4) قول علي أخرجه أحمد (1/ 130) وابن أبي شيبة (14/، 597596) وابن عساكر (3/، 346342)(1/710)
[10]
[كلام علي بن أبي طالب عن الإيمان، واليقين، والزهد، والعدل، وشرائع الحكم، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقصد في الحب والبغض للصديق]:
قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان، قال: حدثنا منجاب بن الحارث، قال: أخبرنا بشر بن عمارة، عن محمد بن سوقه قال: أتى عليّا رضي الله تعالى عنه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما الإيمان؟ أو قال: كيف الإيمان؟ فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد. والصبر على أربع شعب: على الشوق، والشّفق، والزّهادة، والتّرقّب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات، ومن زهد في الدّنيا تهاون بالمصيبات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنّة الأولين. فمن تبصّر الفطنة تأوّل الحكمة، ومن تأوّل الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين. والعدل على أربع شعب: على غامض الفهم، وزهرة الحلم، وروضة العلم، وشرائع الحكم. فمن فهم فسّر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس. والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصّدق في المواطن، وشنآن الفاسقين. فمن أمر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، ومن صدق في المواطن فقد قضى الذي عليه، ومن شنئ الفاسقين فقد غضب الله، ومن غضب لله غضب الله له. قال: فقام الرجل فقبّل رأسه، فقال على كرم الله وجهه: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما (1).
[11]
[وفاة الحجاج وما قال وقيل له عند ذلك من مواعظ، وعاقبة الظالمين]:
قال: وحدثني أبو بكر، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد في أخبار الحجاج بن يوسف: أنه لما حضرته الوفاة وأيقن بالموت، قال: أسندوني، وأذن للناس فدخلوا عليه، فذكر الموت وكربه، واللّحد ووحشته، والدنيا وزوالها، والآخرة وأهوالها، وكثرة ذنوبه، وأنشأ يقول: [الخفيف]
إن ذنبي وزن السّموات والأرض ... وظنّي بخالقي أن يحابي
فلئن منّ بالرضا فهو ظنّي ... ولئن مرّ بالكتاب عذابي
__________
ترجمة علي بن أبي طالب تحقيق المحمودي. وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/ 136 137). وساق له شواهد كثيرة فانظرها.
(1) أخرج آخره الطبري في «تهذيب الآثار» (43مسند علي) رفعه ورواه موقوفا (، 438، 439، 440، 442441) وروي عن أبي هريرة مرفوعا عند الترمذي (1997) والطبري في «التهذيب» (443).(1/711)
خخخ لم يكن ذاك منه ظلما وهل يظلم ربّ يرجى لحسن المآب (1)
ثم بكى وبكى جلساؤه، ثم أمر الكاتب أن يكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان: أما بعد، فقد كنت أرعى غنمك أحوطها حياطة الناصح الشّفيق برعيّة مولاه، فجاء الأسد فبطش بالراعي ومزّق المرعيّ كلّ ممزّق، وقد نزل بمولاك ما نزل بأيّوب الصابر، وأرجو أن يكون الجبّار أراد بعبده غفرانا لخطاياه وتكفيرا لما حمل من ذنوبه، ثم كتب في آخر الكتاب: [الطويل]
إذا ما لقيت الله عنّي راضيا ... فإنّ شفاء النفس فيما هنالك
فحسبي بقاء الله من كلّ ميّت ... وحسبي حياة الله من كل هالك
لقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا ... ونحن نذوق الموت من بعد ذلك
فإن متّ فاذكرني بذكر محبّب ... فقد كان جمّا في رضاك مسالكي
وإلا ففي دبر الصلاة بدعوة ... يلقّى بها المسجون في نار مالك
عليك سلام الله حيّا وميّتا ... ومن بعد ما تحيا عتيقا لمالك
ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعي وقال: كيف ترى ما بك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته؟ فقال: يا يعلى، غمّا شديدا، وجهدا جهيدا، وألما مضيضا، ونزعا جريضا، وسفرا طويلا، وزادا قليلا، فويلي ويلي إن لم يرحمني الجبّار، فقال له: يا حجاج، وإنما يرحم الله من عباده الرّحماء الكرماء أولي الرحمة والرأفة والتّحنّن والتعطّف على عباده وخلقه، أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك، وترك ملّتك، وتنكّبك عن قصد الحق وسنن المحجّة وآثار الصالحين. قتلت صالحي الناس فأفنيتهم، وأبرت (2) عترة التابعين فتبرتهم، وأطعت المخلوق في معصية الخالق، وهرقت الدماء، وضربت الأبشار، وهتكت الأستار، وسست سياسة متكبّر جبّار، لا الدّين أبقيت، ولا الدنيا أدركت، أعززت بني مروان، وأذللت نفسك، وعمرت دورهم وأخربت دارك، فاليوم لا ينجونك ولا يغثونك، إذ لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر، لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلاء، فالحمد لله الذي أراحها بموتك، وأعطاها مناها بخزيك. قال: فكأنما قطع لسانه عنه فلم يحر جوابا وتنفّس الصّعداء وخنقته العبرة، ثم رفع رأسه فنظر إليه وأنشأ يقول: [الخفيف]
ربّ إن العباد قد أيأسوني ... ورجائي لك الغداة عظيم
[12]
[صيغة صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منسوبة إلى علي]:
قال: وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا الحسن بن خضر، عن أبيه، عن بعض ولد علي رضي الله تعالى عنه قال: كان عليّ يعلّم أصحابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:
__________
(1) في رواية: ليوم الحساب بدل قوله: لحسن المآب. ط
(2) أبرت: أهلكت وهو من أبرت الكلب إذا أطعمته الأبرة في الخبز. ط(1/712)
اللهم داحي المدحوّات، وبارئ المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها، شقيّها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك، ورأفة تحنّنك على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق، والمعلن الحقّ بالحق، والدّامغ لجيشات الأباطيل كما حمّل، فاضطلع بأمرك بطاعتك، مستوفزا في مرضاتك، بغير نكل في قدم، ولا وهي في عزم، واعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتّى أورى قبسا لقابس، ألاء الله تصل بأهله أسبابه، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن، ووضحت أعلام الإسلام ومنيرات الأحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمه، ورسولك بالحق رحمه، اللهم افسح له في عدنك منفسحا، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنّآت غير مكدّرات، من فوز ثوابك المحلول، وجزيل عطائك المعلول. اللهم أعل على بناء الناس بناءه، وأكرم لديك مثواه، وأتمم له نوره، واجزه من ابتعاثك له، مقبول الشهادة، ومرضيّ المقالة، ذا منطق عدل، وخطّة فصل، وبرهان عظيم.
[13]
[معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»]:
قال: وحدثنا أبو عمر، قال: أخبرنا الغطفاني، عن رجاله قال: سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي رضي الله عنهم، عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (1). قال: فأدار دارة كبيرة، وأدار في وسطها دارة صغيرة، وقال: الكبيرة هي الإسلام والصغيرة هي الإيمان، فإذا زنى خرج في ذلك الوقت من الإيمان إلى الإسلام فإن كفر خرج من الدارة الكبيرة إلى الشرك والكفر والعياذ بالله.
[14]
[قول عليّ في أشد جنود الله]:
وقرأنا على أبي الحسن، قال: قال أبو محلم: حدثني وكيع بن الجراح وأبو نعيم قالا:
حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (2) أشدّ جنود ربّك عشرة: الجبال الرّواسي، والحديد يقطع الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخّر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح تقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضى لحاجته، والسّكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السكر، والهمّ يغلب النوم. فأشدّ خلق الله عز وجل الهمّ.
[15]
[حديث الشجاء الخارجية مع زياد]:
قال أبو محلم: أخبرني معتمر بن سليمان التيمي قال: لما جيء بالشّجّاء. وكانت امرأة من الخوارج. إلى زياد، قال لها: ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه؟
__________
(1) أخرجه البخاري (2475) ومسلم (57) وأبو داود (4689) والترمذي (2625) والنسائي (8/ 65) وابن ماجه (3936) وأحمد (243).
(2) أخرجه أحمد (3/ 124) والترمذي (3369) وأبو الشيخ في العظمة (872) من أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا إلى ابن آدم. ط(1/713)
قالت: ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه! فقال بعض جلسائه: أيّها الأمير، أحرقها بالنار، وقال بعضهم: اقطع يديها ورجليها، وقال بعضهم: اسمل عينيها. فضحكت حتى استلقت وقالت: عليكم لعنة الله! فقال لها زياد: ممّ تضحكين؟ قالت: كان جلساء فرعون خيرا من هؤلاء. قال لها: ولم؟ قالت: استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه، وهؤلاء يقولون: اقطع يديها ورجليها واقتلها، فضحك منها وخلّى سبيلها.
* * * [16] قال: وقال حدثنا أبو محلم، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: قال الحجاج بن يوسف لعلي بن الحسين رضي الله عنهما: أنتم كنتم أكرم عند شيخكم من آل الزّبير عند شيخهم، قال عمرو: وذاك أنه لم يشهد الطّفّ أحد من بني هاشم أطاقت يده حمل حديدة إلا قتل قتل الحسين، وقتل الحجّاج عبد الله بن الزبير وطاف من العشيّ بين عبّاد وعامر ابني عبد الله واضعا يديه عليهما.
[17] قال أبو علي: وحدثنا أبو لحسن جحظة قال: قال الشّعبي: ما لقينا من عليّ رضي الله عنه! إن أحببناه قتلنا، وإن أبغضناه كفرنا!
[18] قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير قال: أخبرنا ابن ميمون، عن ابن مالك قال: قال ابن هرمة: [المتقارب]
مهما ألام على حبّهم ... فإنّي أحبّ بني فاطمة
بني بنت من جاء بالمحكمات ... والدّين والسّنن القائمة
فلقيه بعد ذلك رجل فسأله: من قائلها؟ فقال: من عضّ ببظر أمه، فقال له ابنه: يا أبت، ألست قائلها؟ قال: بلى، قال: فلم تشتم نفسك؟ قال: أليس الرجل يعضّ بظر أمه خيرا له من أن يأخذه ابن قحطبة.
[19]
[رواية في بيعة معاوية لابنه يزيد]:
قال: وأخبرنا محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير، قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا سعيد بن عامر الضبعي، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد ولده، كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة، فقرأ كتابه وقال: إن أمير المؤمنين قد كبر سنّه ورقّ عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر الله فيدع الناس كالغنم لا راعي لها، وقد أحب أن يعلم علما ويقيم إماما. فقالوا: وفّق الله أمير المؤمنين وسدّده ليفعل. فكتب بذلك إلى معاوية، فكتب إليه: أن سمّ يزيد. قال: فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية معك! لا يكون ذلك! لا تحدثوا علينا سنّة الروم! كلما مات هرقل قام مكانه هرقل! فقال مروان: إن هذا الذي قال لوالديه: أفّ لكما أتعدانني أن أخرج، قال: فسمعت ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت: ألابن الصدّيق يقول هذا! استروني، فستروها فقالت: كذبت والله يا
مروان، إنّ ذلك لرجل معروف نسبه. قال: فكتب بذلك مروان إلى معاوية، فأقبل، فلما دنا من المدينة استقبله أهلها فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين، فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبّه وقال: لا مرحبا بك ولا أهلا، فلما دخل الحسين عليه قال لا مرحبا بك ولا أهلا، بدنة يترقرق دمها والله مهريقه. فلما دخل ابن الزبير قال: لا مرحبا بك ولا أهلا، ضبّ تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه. فلما دخل عبد الله بن عمر قال: لا مرحبا بك ولا أهلا وسبّه، فقال: إني لست بأهل لهذه المقالة، قال: بلى ولما هو شرّ منها. قال: فدخل معاوية المدينة وأقام بها، وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجّا، فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: لعلّه قد ندم، فأقبلوا يستقبلونه. قال: فلما دخل ابن عمر قال:(1/714)
قال: وأخبرنا محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا الزبير، قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا سعيد بن عامر الضبعي، عن جويرية بن أسماء قال: لما أراد معاوية البيعة ليزيد ولده، كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة، فقرأ كتابه وقال: إن أمير المؤمنين قد كبر سنّه ورقّ عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر الله فيدع الناس كالغنم لا راعي لها، وقد أحب أن يعلم علما ويقيم إماما. فقالوا: وفّق الله أمير المؤمنين وسدّده ليفعل. فكتب بذلك إلى معاوية، فكتب إليه: أن سمّ يزيد. قال: فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية معك! لا يكون ذلك! لا تحدثوا علينا سنّة الروم! كلما مات هرقل قام مكانه هرقل! فقال مروان: إن هذا الذي قال لوالديه: أفّ لكما أتعدانني أن أخرج، قال: فسمعت ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت: ألابن الصدّيق يقول هذا! استروني، فستروها فقالت: كذبت والله يا
مروان، إنّ ذلك لرجل معروف نسبه. قال: فكتب بذلك مروان إلى معاوية، فأقبل، فلما دنا من المدينة استقبله أهلها فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين، فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبّه وقال: لا مرحبا بك ولا أهلا، فلما دخل الحسين عليه قال لا مرحبا بك ولا أهلا، بدنة يترقرق دمها والله مهريقه. فلما دخل ابن الزبير قال: لا مرحبا بك ولا أهلا، ضبّ تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه. فلما دخل عبد الله بن عمر قال: لا مرحبا بك ولا أهلا وسبّه، فقال: إني لست بأهل لهذه المقالة، قال: بلى ولما هو شرّ منها. قال: فدخل معاوية المدينة وأقام بها، وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجّا، فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: لعلّه قد ندم، فأقبلوا يستقبلونه. قال: فلما دخل ابن عمر قال:
مرحبا بك وأهلا يابن الفاروق، هاتوا لأبي عبد الرحمن دابّة. وقال لابن أبي بكر: مرحبا بابن الصّدّيق، هاتوا له دابة. وقال لابن الزّبير: مرحبا بابن حواري رسول الله، هاتوا له دابة.
وقال للحسين: مرحبا بابن رسول الله هاتوا له دابة. وجعلت ألطافه تدخل عليهم ظاهرة يراها الناس ويحسن إذنهم وشفاعتهم. قال: ثم أرسل إليهم فقال بعضهم لبعض: من يكلّمه؟
فأقبلوا على الحسين فأبى، فقالوا لابن الزبير: هات فأنت صاحبنا. قال: على أن تعطوني عهد الله ألّا أقول شيئا إلّا تابعتموني عليه، قال: فأخذ عهودهم رجلا رجلا ورضي من ابن عمر بدون ما رضي به من صاحبيه. قال: فدخلوا عليه، فدعاهم إلى بيعة يزيد، فسكتوا.
فقال: أجيبوني، فسكتوا. فقال: أجيبوني، فسكتوا. فقال لابن الزبير: هات فأنت صاحبهم.
قال: اختر منّا خصلة من ثلاث. قال: إن في ثلاث لمخرجا. قال: إما أن تفعل كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: ماذا فعل؟ قال: لم يستخلف أحدا. قال: وماذا؟ قال: أو تفعل كما فعل أبو بكر. قال: فعل ماذا؟ قال: نظر إلى رجل من عرض قريش فولّاه. قال: وماذا؟
قال: أو تفعل كما فعل عمر بن الخطاب. قال: فعل ماذا؟ قال: جعلها شورى في ستة من قريش. قال: ألا تسمعون! إنّي قد عوّدتكم على نفسي عادة وإني أكره أن أمنعكموها قبل أن أبيّن لكم، إن كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون عليّ فيه وتردّون عليّ، وإنّى قائم فقائل مقالة، فإياكم أن تعترضوا حتى أتمّها، فإن صدقت فعليّ صدقي، وإن كذبت فعلي كذبي.
والله لا ينطق أحد منكم في مقالتي إلا ضربت عنقه. ثم وكّل بكلّ رجل من القوم رجلين يحفظانه لئلا يتكلم، وقام خطيبا فقال: إن عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا فبايعوا. فانجفل الناس عليه يبايعونه، حتى إذا فرغ من البيعة ركب نجائبه فرمى إلى الشام وتركهم. فأقبل الناس على الرهط يلومونهم، فقالوا:
والله ما بايعنا، ولكن فعل بنا وفعل (1).
[20] وحدثنا إسحاق قال: كان أشعب إذا حدّث عن عبد الله بن عمر يقول: قال
__________
(1) انظر: «العواصم من القواصم» لابن العربي (2/ 447440).(1/715)
حبيبي عبد الله، وكان يبغضني في الله. قال إسحاق: قال ابن أبي عتيق رضي الله تعالى عنهما: دخلت على أشعب يوما وعنده متاع حسن وأثاث، فقلت: أما تستحي أن تطلب من الناس وعندك مثل هذا؟ فقال: يا فديتك معي من لطف المسألة مالا تطيب نفسي بتركه. وكان يقول: أنا أطمع وأمّي تتيقّن، فإذا اجتمع طمعي ويقين أمّي فقلّ ما يفلتنا.
[21]
[بين المنذر بن النعمان وعامر بن جوين]:
مجلس: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرني عمي، عن أبيه عن ابن الكلبي، عن أبيه. قال: وفد عامر بن جوين الطائي على المنذر بن النعمان الأكبر جد النعمان بن المنذر، وذلك بعد انقضاء ملك كندة ورجوع الملك إلى لخم، وكان عامر قد أجار امرأ القيس بن حجر أيام كان مقيما بالجبلين وقال كلمته التي يقول فيها: [الطويل]
هنالك (1) لا أعطي مليكا ظلامة ... ولا سوقة حتى يئوب ابن مندله
وكان المنذر ضغنا عليه، فلما دخل عليه قال له: يا عام، لساء مثوى أثويته ربّك وثوبّك حين حاولت إصباء طلّته ومخالفته إلى عشيره، أما والله لو كنت كريما لأثويته مكرّما موقّرا ولجانبته مسلّما. فقال له: أبيت الّلعن، لقد علمت أبناء أدد إنّي لأعزّها جارا، وأكرمها جوارا، وأمنعها دارا، ولقد أقام وافرا، وزال شاكرا. فقال له المنذر: يا عام، وإنك لتخال هضيبات أجأ ذات الوبار، وأفنيات سلمى ذات الأغفار، مانعاتك من المجر الجرّار، ذي العدد الكثار، والحصن والمهار، والرّماح الحرار، وكلّ ماضي الغرار، بيد كلّ مسعر كريم النّجار. قال له عامر: أبيت اللعن، إنّ بين تلك الهضيبات والرّعان، والشّعاب والمصدان، لفتيانا أبطالا، وكهولا أزوالا: يضربون القوانس، ويستنزلون الفوارس، بالرّماح المداعس، لم يتبعوا الرّعاء، ولم ترشّحهم الإماء، فقال الملك: يا عام، لو قد تجاوبت الخيل في تلك الشّعاب صهيلا، وكانت الأصوات قعقعة وصليلا، وثغر الموت، وأعجز الفوت، فتقارشت الرّماح، وحمي السّلاح، لتساقي قومك كأسا لا صحو بعدها. فقال: مهلا أبيت اللعن، إن شرابنا وبيل، وحدّنا أليل، ومعجمنا صليب، ولقائنا مهيب، فقال له: يا عام، إنّه لقليل بقاء الصّخرة الصّراء على وقع الملاطيس. فقال: أبيت اللعن، إن صفاتنا عبر المراديس. فقال: لأوقظنّ قومك من سنة الغفلة، ثم لأعقبنّهم بعدها رقدة لا يهبّ راقدها، ولا يستيقظ هاجدها. فقال له عامر: إن البغي أباد عمرا، وصرع حجرا، وكان أعزّ منك سلطانا، وأعظم شانا، وإن لقيتنا لم تلق أنكاسا ولا أغساسا، فهبّش وضائعك وصنائعك وهلمّ إذا بدا لك فنحن الألى قسطوا على الأملاك قبلك، ثم أتى راحلته فركبها وأنشأ يقول هذه الأبيات: [الطويل]
تعلّم أبيت اللّعن أنّ قناتنا ... تزيد على غمز الثّقاف تصعّبا
__________
(1) الذي في مادة ندل من «اللسان»:
وآليت لا أعطي مليكا مقادتي ... ولا سوقه حتى يئوب ابن مندله ط(1/716)
أتوعدنا بالحرب أمّك هابل ... رويدك برقا لا أبا لك خلّبا
إذا خطرت دوني جديلة بالقنا ... وحامت رجال الغوث دوني تحدّبا
أبيت التي تهوى وأعطيتك التي ... تسوق إليك الموت أخرج أكهبا
فإن شئت أن تزدارنا فأت تعترف ... رجالا يذيلون الحديد المعقريا
وإنك لو أبصرتهم في مجالهم ... رأيت لهم جمعا كشيفا وكوكبا
وذكّرك العيش الرّخيّ جلادهم ... وملهى بأكناف السّدير ومشربا
فأغض على غيظ ولا ترم التي ... تحكّم فيك الزّاعبيّ المحرّبا
[22]
[بين عمر بن الخطاب ومتمم بن نويرة]:
قال أبو علي: وأخبرنا أبو عثمان، قال: أخبرني التّوّزي، عن أبي عبيدة قال: قدم متمّم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكان به معجبا: فقال يا متمّم، ما يمنعك من التزويج لعلّ الله أن ينشر منك ولدا، فإنكم أهل بيت قد درجتم، فتزوّج امرأة من أهل المدينة فلم تحظ عنده ولم يحظ عندها، فطلّقها ثم قال: [الطويل]
أقول لهند حين لم أرض عقلها ... أهذا دلال العشق أم أنت فارك
أم الصّرم ما تهوى فكلّ مفارق ... عليّ يسير بعد ما بان مالك
فقال له عمر: ما تنفكّ تذكر مالكا على كل حال (1)، فلم يمض لهذا الأمر إلا قليل حتى طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورحمه، ومتمم بالمدينة. فقال يرثي عمر رضي الله عنه: [البسيط]
يسألني ابن بجير أين أبكره ... عنّى فإنّ فؤادي عنك مشغول
هلّا بيوم أبي حفص ومصرعه ... إن بغاءك ما ضيّعت تضليل
إنّ الرّزيئة فابكه ولا تسمن ... عبء تطيف به الأنصار محمول
* * * [23] قال أبو علي: وأخبرنا أبو عثمان، قال: أخبرني التوزي، عن أبي عبيدة قال:
كان مرّة بن محكان جوادا، قال أبو بكر بن دريد: أحسبه عنبريّا فحمل حمالات فعجز عنها، فحبسه عبيد الله بن زياد، فقال الأبيرد في ذلك: [الطويل]
أبلغ عبيد الله عني رسالة ... رسالة قاض بالفرائض عالم
فإن أنت عاقبت ابن محكان في النّدى ... فعاقب هداك الله أعظم حاتم
حبست كريما أن يجود بماله ... سعى في ثأي في قومه متفاقم
كأنّ دماء القوم إذ علقت به ... على مكفهرّ من ثنايا المخارم
__________
(1) وأخرجه أبو الفرج الأصبهاني في كتاب «الأغاني» (16/ 56565655).(1/717)
[24]
[حديث الشيظم الغساني]:
قال أبو بكر: أخبرني عمي، عن أبيه، عن ابن الكلبي، عن أبيه قال: قتل الشيظم بن الحارث الغسّاني رجلا من قومه، وكان المقتول ذا أسرة، فخافهم فلحق بالعراق أو قال بالحيرة متنكّرا، وكان من أهل بيت الملك، فكان يتكفّف الناس نهاره ويأوي إلى خربة من خراب الحيرة، فبينا هو ذات يوم في تطوافه إذ سمع قائلا يقول: [الطويل]
لحى الله صعلوكا إذا نال مذقة ... توسّد إحدى ساعديه فهوّما
مقيما بدار الهون غير مناكر ... إذا ضيم أغضى جفنه ثم برشما
يلوذ بأذراء المثاريب طامعا ... يرى المنع والتعبيس من حيث يمّما
يضنّ بنفس كدّر البؤس عيشها ... وجود بها لوصانها كان أحزما
فذاك الذي إن عاش عاش بذلّة ... وإن مات لم يشهد له الناس مأتما
بأرضك فاعرك جلد جنبك إنني ... رأيت غريب القوم لحما موضّما
فكأنه نبّهه من رقدة، فأقبل على صاحب خيل المنذر فأقام عنده أياما وقال له: إني رجل من أهل خيبر أقبلت إلى هذه البلدة بتجارة فأصبت بها، ولي بصر بسياسة الخيل فاصطنعني، فضمّه إلى بعض أصحابه حتى وافق غرّة من القوم، فركب فرسا جوادا من خيل المنذر وخرج من الحيرة يتعسّف الأرض حتى نزل بحيّ من بهراء فأخبرهم بشأنه، فأعطوه زادا ورمحا وسيفا وخرج حتى أتى الشأم فصادف الملك متبدّيا، وكان إذا تبدّى لا يحجب أحد عنه، فأتى قبّة الملك فقام قريبا منه وأنشد يقول: [الرجز]
يا صاحب الخيل الجياد المقربه ... وصاحب الكتيبة المكوكبه
والقبّة المنيعة المحجّبة ... وواهب المضمرة المربّبه
والكاعب البهكنة المؤتّبه ... والمائة المدفأة المنتخبه
والضّارب الكبش فويق الرّقبه ... تحت عجاج الكبّة المكتّبه
هذا مقام من رأى مطّلبه ... لديك إذ عمّى الضّلال مذهبه
وخال أنّ حتفه قد كربه
فأذن له الملك فدخل عليه وقصّ قصته، فقال له الملك: أنى لحلمك يا شيظم أن يثوب ولنوارك أن يثوب، ثم بعث إلى أولياء المقتول فأرضاهم عن صاحبهم.
قال أبو علي: وحدثني أبو بكر، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن عمه قال: قال أعرابي لابن عمه: اطلب لي امرأة بيضاء. مديدة فرعاء، جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشتي منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضافي ركبتيها، إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجّة العظيمة نفذت من الجانب الأخر، فقال: وأنّي بمثل هذه إلّا في الجنان!.(1/718)
[25]
[صفة الأسد في مجلس يزيد بن معاوية]:
مجلس في صفة الأسد. قال أبو علي: أخبرنا أبو بكر بن دريد، قال: أخبرنا الأشنانداني، عن التوزي، عن أبي عبيدة قال: اجتمع عند يزيد بن معاوية أبو زبيد الطائي وجميل بن معمر العذري والأخطل التّغلبي، فقال لهم: أيّكم يصف الأسد في غير شعر؟
فقال أبو زبيد: أنا يا أمير المؤمنين، لونه ورد، وزئيره رعد. وقال مرة أخرى: زغد. ووثبه شدّ، وأخذه جد، وهوله شديد، وشرّه عتيد، ونابه حديد، وأنفه أخثم، وخدّه أدرم، ومشفره أدلم، وكفّاه عراضتان، ووجنتاه ناتئتان، وعيناه وقّادتان، كأنهما لمح بارق، أو نجم طارق، إذا استقبلته قلت أفدع، وإذا استعرضته قلت: أكوع، وإذا استدبرته قلت: أصمع، بصير إذا استغضى، هموس إذا مشى، إذا قفّى كمش، وإذا جرى طمس، براثنه شثنة، ومفاصله مترصة، مصعق لقلب الجبان. مروّع للماضي الجنان، إن قاسم ظلم، وإن كابر دهم، وإن نازل غشم، ثم أنشأ يقول: [الرجز]
خبعثن أشوس ذو تهكّم ... مشتبك الأنياب ذو تبرطم
وذو أهاويل وذو تجهّم ... ساط على اللّيث الهزبر الضّيغم
وعينه مثل الشّهاب المضرم ... وهامه كالحجر الململم
فقال: حسبك يا أبا زبيد. ثم قال: قل يا جميل، فقال: يا أمير المؤمنين، وجهه فدغم، وشدقه شدقم، ولعزه معرنزم، مقدّمه كثيف، ومؤخّره لطيف، ووثبه خفيف، وأخذه عنيف. عبل الذّراع، شديد النّخاع، مرد للسّباع، مصعق الزّئير، شديد المريد، أهرت الشّدقين، مترص الحصيرين، يركب الأهوال، ويهتضر الأبطال، ويمنع الأشبال، ما إن يزال جاثما في خيس، أو رابضا على فريس، أو ذا ولغ ونهبس، ثم قال: [الرجز]
ليث عرين ضيغم غضنفر ... مداخل في خلقه مضبّر
يخاف من أنيابه ويذعر ... ما إن يزال قائما يزمجر
له على كل السّباع مفخر ... قضاقض شئن البنان قسور
فقال: حسبك يابن معمر. ثم قال: قل يا أخطل، فقال: ضيغم ضرغام، غشمشم همهام، على الأهوال مقدام، وللأقران هضّام، رئبال عنبس، جرئ دلهمس، ذو صدر مفردس، ظلوم أهوس، ليث كروّس: [الرجز]
قضاقض جهم شديد المفصل ... مضبّر الساعد ذو تعثكل
شرنبث الكفّين حامي أشبل ... إذا لقاه بطل لم ينكل
ململم الهامة كمش الأرجل ... ذو لبد يغتال في تمهّل
أنيابه في فيه مثل الأنصل ... وعينه مثل الشّهاب المشعل
فقال له: حسبك! وأمر لهم بجوائز(1/719)
[26] وأنشد أبو علي لجميل بن معمر: [الطويل]
سقى الله جيراني الذين تحمّلوا ... بمرتجس أضحى بذي الرّمث يهطل
له سلف منه بنجد مريّم ... ومنه عشار في تهامة بهّل
ولولا ابنة العذريّ مابتّ موهنا ... لبرق عنا من نحوها يتهلّل
* * * [27] قال: وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا العكليّ، قال: حدثني حاتم بن قبيصة قال (1): أغزى زياد ابنه عبّادا الفارس، وأصحبه المهلّب ففتح، فبيناهم كذلك إذ جاءهم فتى شابّ بفرس يقوده إلى المهلّب، فقال: أيها الأمير، أحب أن تقبل منّي هذا الفرس، فإنه من سرّ خيلنا، فقبله المهلب منه، فلما ذهب الفتى نظر إليه المهلب وحركه، فقال: والله ما أرى فيه ما قال ولا أحسبه إلا تعرّض لصلتنا، فأمر له بوصيفتين، فحملتا على الفرس وردّه إلى الشاب، فقبل الوصفتين وردّ الفرس إلى المهلب فكان في خيله، وكان داود بن قحذم القيسي أحد بني قيس بن ثعلبة نشأ في حجر المهلب وكان يلي القيام على خيله فقدموا شيراز وبها حمران ابن أبان واليا عليها وعلى فارس، فقال لهم: هل لكم في السبّاق؟ فقال عبّاد: ونحن على ظهرها. فقال المهلب: أجّلنا أجلا. فقال: كم تريدون؟ قال: أربعين يوما. قال: نعم، فعلفها الرّطاب عشرين وأضمرها عشرين. فقال داود بن قحذم للمهلّب: إن الفرس الذي أهداه الشاب إلينا لا والله ما أضمّه إلى شيء من خيلنا إلا سبقه، فقال المهلب: لعلّه فرس منزاق يصبر في القرب ولا يصبر إذا بعدت الغاية. قال: لا أدري. قال: لا ترسله حتى أجيء. قال: فأمر المهلب بلقحة تحلب والفرس يسمع فلما سمع صوت الحلاب أصاخ بسمعه حتى أدنيت منه العلبة فشربها، فلما رأى المهلب ذلك قال لداود: لا ترسل الخيل حتى تعلم أنه قد توسّط الميدان، فاستهان داود بالفرس، فحمل عليه شابّا، فقال المهلب: والله لقد مرّ بي سابقا وما أرى معه من الخيل واحدا. قال: فأخذه عبّاد بن المهلب فحمله إلى الشام وأهداه إلى معاوية وسمّى الأعرابي، فسبق خيل الشام، فلذلك قال عبد الملك بن مروان: [الرجز]
سبق عبّاد وصلّت لحيته ... وكان خرّازا تجود قربته
* * * [28] قال: وحدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: حدثنا الأصمعي قال:
جئت إلى أبي عمرو بن العلاء فقال لي، من أين أقبلت يا أصمعي؟ قلت: جئت من المربد.
__________
(1) كذا بالأصل ومقتضاه أن عبادا هو ابن زياد وفي بقية القصة ما يفيد أنه ابن المهلب إلا أنه يكون المسمى بعباد اثنين. ط(1/720)
قال: هات ما معك، فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي، فمرت به ستة أحرف لم يعرفها، فخرج يعدو في الدّرجة وقال: شمّرت في الغريب أي: غلبتني.
[29] قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال: أخبرنا عبد الرحمن، قال: قال عمي: سمعت بيتين أحفل بهما. قلت: هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب قال: فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر، فأقبل على مسرور الكبير، فقال له: يا مسرور، كم في بيت مال السرور؟ فقال: ما فيه شيء، فقال عيسى: هذا بيت الحزن، فاغتمّ لذلك الرشيد وأقبل على عيسى، فقال: والله لتعطينّ الأصمعيّ سلفا على بيت مال السرور ألف دينار، فاغتمّ عيسى وانكسر. فقلت في نفسي: جاء موضع البيتين: فأنشدت الرشيد رحمه الله تعالى: [الطويل]
إذا شئت أن تلقى أخاك معبّسا ... وجدّاه في الماضين كعب وحاتم
فكشّفه عما في يديه فإنما ... تكشّف أخبار الرجال الدراهم
قال: فتجلّى عن الرشيد، وقال لمسرور: أعطه على بيت مال السرور ألفي دينار، فأخذت بالبيتين ألفي دينار وما كان البيتان يساويان عندي درهمين.
[30] وأنشد أبو بكر لمحمد بن صالح: [الكامل]
طرب الفؤاد وعاده أحزانه ... وتشعّبت شعبا به أجشانه
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تتابع موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذّرى متمنّع أركانه
فدنا لينظر أين لاح فلم يطق ... نظرا إليه وردّه سجّانه
فالوجد (1) ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت (2) به أجفانه
ثم استعاذ من القبيح وردّه ... نحو العزاء عن الصّبا إيقانه
وبدا له أن الذي قد ناله ... ما كان قدّره له ديّانه
حتى اطمأنّ ضميره وكأنما ... هتك العلائق عامل وسنانه
يا نفس لا يذهب بقلبك باخل ... بالودّ باذل تافه منّانه
يعد القضاء وليس ينجز موعدا ... ويكون قبل قضائه ليّانه
فاقنع بما قسم المليك فأمره ... مالا يردّ عن الفتى إتيانه
[31]
[مجلس في الخيل المنسوبة]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر، عن الأصمعي قال: كان الحرون من خيل العرب.
حدثني رجل من أهل الشام قال: كان مع مسلم بالرّيّ، ثم جاء فشهد معه وقعة إبراهيم،
__________
(1) المحفوظ «فالنار»، ولعلهما روايتان. ط
(2) كذا بالأصل والمحفوظ: سحت بغير ميم من السح وهو الأنصباب. ط(1/721)
قال: حدثني بهذا النسب مسلم، قال: الحرون بن الأثاثي بن الخزز بن ذي الصّوفة بن أعوج فرس مسلم بن عمرو الباهلي في الإسلام، وكان مسلم اشتراه من أعرابي بالبصرة بألف درهم معاوضة بمتاع، وذكر أنه كان في عنقه رسن حين أدخله الأعرابي، يطير عفاؤه (1) فسبق الناس عليه عشرين سنة، وكان يسبق الخيل ثم يحرن حتى تلحقه الخيل، فإذا لحقته سبقها ثم حرن ثم سبقها. وكان الحجاج قد بعث بابن له يقال له البطان إلى الوليد بن عبد الملك فصيّره لمحمد ابنه. وولد البطان البطين. وولد البطين الذائد. وكان هشام بن عبد الملك يشتهي أن يسبق الذائد، فأتوه بفرس بربريّ يقال له المكاتب بعد ما حطم الذائد وسبق أيضا عشرين سنة. قال فضمّه إليه فكان سائسه يقول: جهد المكاتب الذائد جهده الله! أي: في الجري وهو متفسّح.
قال: فجاء معه يتقدمه بشيء. والذائد ابن البطين (2). وأشقر مروان من نسل الذائد.
قال الاصمعي: كان عبد الله بن علي قدم بأشقر مروان البصرة، قال: فرأيته أشقر أعور من نسل الذائد.
قال: وحدثني جعفر بن سليمان قال: كان لا يدخل على الذائد سائسه حتى يأذن، يحرّك له مخلاة فيها شعير، فإن تحمحم دخل عليه، وإن هو دخل قبل أن يفعل ذلك شدّ عليه، وكذا كان يصنع بالفرس إذا جرى معه يكدمه.
قال الأصمعي: الوجيه ولاحق والغراب وسبل وهي أمّ أعوج كانت لغنيّ، وأعوج كان لبني آكل المرار، ثم صار لبني هلال بن عامر. وجروة: فرس شدّاد بن عمرو أبي عنترة بن شداد. وميّاس وهدّاج لباهلة (3) لبني أعيا، قالت الحارثية: [الطويل]
شقيق وحرميّ هراقا دماءنا ... وفارس هدّاج أشاب النّواصيا
والكلب: فرس رجل من بني عامر أو غطفان. وقرزل: فرس الطّفيل أبي عامر ابن الطفيل. وذو الخمار: فرس مالك بن نويرة. والجوب: فرس أرقم بن نويرة. وذات النّسوع:
فرس بسطام بن قيس. والنّعامة: فرس للحارث بن عباد وولدت النّعامة الشّيّط وهو لبني سدوس. وكان لخزز بن لوذان، وفيه يقول: [الكامل]
لا تذكري مهري وما أطعمته ... فيكون جلدوك مثل جلد الأجرب
والمتمطّر: فرس حيّان بن مرّة من نسله. وكامل: فرس الحوفزان. وحلّاب وقيد لبني تغلب. ومخالس لبني عقيل. واليحموم والدّفوف للنعمان بن المنذر. والعصا: فرس جذيمة الأبرش. وفي بني تغلب فرس يقال له العصا فارسه الأخنس ابن شهاب. والهطّال لزيد الخيل. والنّحّام لرجل يقال السّليك بن سلكة السّعدي. وداحس لقيس بن زهير. والغبراء لحذيفة بن بدر الذبياني.
__________
(1) العفاء: الشعر إذا طال ووفى. ط
(2) كذا بالأصل وهو مكرر مع ما سبق قريبا. ط
(3) هكذا بالأصل ولعل بني أعيا بطن من باهلة فانظر وحرر. ط(1/722)
[32]
[خطبة زياد لما قدم البصرة]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو العباس، قال: حدثني علي بن عبد الله الهاشمي، قال:
حدثنا العكلي، عن أبي معمر قال: قدم زياد والمهلّب بن أبي صفرة البصرة، فجاء إلى الجمعة وقد لبس قميصا مرحّضا (1) وملاءة ممصّرة (2)، فصعد المنبر، فقال: ربّ فرح بإمارتي لن تنفعه، وربّ مبتئس بها لن تضرّه، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن معاوية قد قال ما بلغكم وشهدت الشهود بما قد سمعتم، وإنّي امرؤ قد رفع الله منّي ما وضعوا وحفظ منّي ما ضيّعوا، وإن عبيدا لم يأل أن يكون كافلا مبرورا وأبا مشكورا، وإنا قد سسنا وساسنا السائسون، فلم نجد لهذا الأمر خيرا من لين في غير وهن، ولا من شدّة في غير جبريّة. ألا وإنها ليست كذبة أكثر عليها شاهدا من الله ومن المسلمين من كذبة إمام على منبر، فإذا سمعتموها منّي فاختبروها فيّ، واعلموا أن لها عندي أخوات، وإذا رأيتموني أجري الأمور فيكم على أذلالها (3)، وأمضيها لسبلها، فلتستقم لي قناتكم. والله لآخذنّ المقبل بالمدبر، والمحسن بالمسيء، والمطيع بالعاصي حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: يا سعد انج فإن سعيدا قد قتل. فقام إليه رجل يقال له صفوان بن الأهتم فقال: والله، لقد آتاك الله الحكمة وفصل الخطاب. فقال: كذبت، ذاك نبي الله داود عليه الصلاة والسلام. ثم قام إليه الأحنف بن قيس فقال: أصلح الله الأمير، إن الجواد بشدّه، وإن السيف بحدّه، وإن المرء بجدّه، وإن جدّك قد بلغ بك ما ترى، وإن الثّناء بعد البلاء، ولسنا نثني عليك حتى نبتليك، فأول خيرا نثن به. ثم قام أبو بلال مرداس بن أديّة فقال: يأيها الإنسان، إنا قد سمعنا ما قمت به وما أدّيت عن نفسك، وإن الله ذكر وليّه وخليله إبراهيم فقال: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى. أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ} [النجم: 3837] وأنت تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض وتقتل بعضنا ببعض ثم سكت فما رئي بعد ذلك.
قال أبو العباس: وحدّثت بهذا الحديث من وجه آخر فيه، فقال زياد: يا هذا إنا لن نبلغ الحقّ حتى نخوض إليه الباطل خوضا.
* * * [33] وأنشدنا لرفيع بن سلمة العبدي المعروف بدماذ: [المتقارب]
تفكّرت في النّحو حتى مللت ... وأتعبت روحي له والبدن
وأتعبت بكرا وأشياعه ... بطول المسائل من كل فن
__________
(1) كذا في النسخ مضبوطا بالتشديد، وعبارة «القاموس» رحضه كمنعه غسله كأرخصه اهـ.
(2) ممصرة: مصبوغة بالمصر وهو الطين الأحمر وقيل هي ما صبغت بالعشرق وهو نبات أحمر طيب الرائحة تستعمله العرائس. ط
(3) على أذلالها: على وجوهها. ط(1/723)
فمن علمه ظاهر بيّن ... ومن علمه غامض قد بطن
فكنت بظاهره عالما ... وكنت بباطنه ذا فطن
سوى أنّ بابا عليه العفا ... ء للفاء يا ليته لم يكن
وللواو باب إلى جنبه ... من المقت (1) أحسبه قد لعن
إذا قلت هاتوا لما قيل ذا ... فلست بآتيك أو تأتين
بما نصبوه أبينوه لي ... فقالوا جميعا بإضمار أن
وما إن رأيت لها موضعا ... فأعرف ما قيل إلّا بظن
فقد خفت يا بكر من طول ما ... أفكّر في أمر أن أن أجن
قال أبو بكر: يعني ببكر أبا عثمان المازني. قال أبو العباس: فبلغ ذلك المازنيّ، فقال:
والله ما أحسب أنه سألني قطّ، فكيف أتعبني!.
[34] قال أبو العباس: كان علي رضي الله تعالى عنه يأخذ البيعة على أصحابه، فجعلوا يقولون نعام، يريدون: نعم، فقال علي رضي الله عنه: إن النّعام والباقر في الصّحراء لكثير، مالكم! أبدلكم الله منّي من هو شرّ لكم منّي، وأبدلني الله منكم من هو خير لي منكم (2).
[35]
[من أخبار حاتم الطائي]:
قال أبو العباس: قرأت على التوزي، عن أبي عبيدة إملاء عليه قال: مرّ حاتم بن عبد الله الطائي ببلاد عنزة، فناداه أسير لهم: يا أبا سفّانة، أكلني الإسار والقمل. فقال له:
ويحك! والله لقد أسأت بي إذ نوّهت بي في غير بلاد قومي. قال: فنزل فشدّ نفسه في مكانه في القدّ وأطلقه حتى عرف مكانه ففدي فداء كثيرا. قال: وفي غير هذا الحديث أن امرأة آسره أتته والحيّ خلوف ببعير قد نيط وبشفرة فقالت له: افصده، فقام فنحره. أو قال مرة أخرى:
فلثم في نحره. فلطمته فقال: «لو غير ذات سوار لطمتني» فقالت: أمرتك أن تفصده فنحرته فقال: «ذلك فصدي أنه» فبذلك عرف، وقال أبو العباس مرة أخرى فقال: «هكذا فزدي أنه» بالزاي، وجعل الهاء بدل الألف في الوقف وهو الأصل، وهي لغته فبذلك عرف، وأنشدنا في مثل ذلك: [السريع]
لا أفصد الناقة من أنفها ... لكنّني أوجرها العاليه
[36] وأنشدنا أبو علي لجحظة كتب بها إلى الوزير ابن مقلة، وكانت عند أبي علي بخط جحظة كما كتب بها: [الطويل]
سلام عليكم من شييخ مقوّس ... له جسد بال وعظم محطّم
__________
(1) في نسخة: «من البغض». ط
(2) (أخرج آخره ابن عساكر في تاريخه (3/ 323123) مسند على محقق المحمودي(1/724)
ألم يك في حقّ النّدام وحرمة ال ... مدائح أن يحنى عليه ويرحم
أبا حسن أنصف فأنت محكّم ... ولا تقربنّ الظّلم فالظلم مظلم
أيصبح مثلي في جوارك ضائعا ... وحوضك للطّرّاق بالجود مفعم
وو الله ما قصّرت في شكر نعمة ... مننت بها قدما وذو العرش يعلم
[37]
[حديث أبي دهبل الجمحي مع فتاة جيرون]:
قال: وأخبرنا أبو عثمان الأشنانداني، قال: أخبرنا التوزي، عن أبي عبيدة قال:
كان أبو دهبل الجمحي جميلا وضيئا، وكان عفيفا، فخرج إلى الشام، فنزل جيرون، فجاءته عجوز فقالت: إن ابنة لي وردها كتاب من حميم لها وليس عندها أحد يقرؤه، فتدخل إليها في هذا القصر فتقرؤه فتحتسب الأجر فيها، ففعل فدخل فأغلق الباب دونه وإذا امرأة في القصر رأته فأعجبها، فدعته إلى نفسها، فأبى، فأمرت حشمها فسجنوه في منزل من الدار ومنع من الطعام والشراب حتى كاد يهلك. ثم أمرت به فأخرج ودعته إلى نفسها فأبى، وقال: أما الحرام فلا، ولكن إن أردت أن أتزوّجك فعلت. فقالت: نعم، وأحسنت إليه حتى ردّت له روحه، فتزوّجته ومنعته من الخروج حتى طال ذلك عليه. ثم قال لها ذات يوم: قد أثمت في ولدي وأهلي، فأذني لي في أن أطالعهم وأرجع إليك. فقالت: لا أستطيع فراقك، فعاهدها ألّا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، وأعطته مالا كثيرا وغير ذلك، فخرج حتى قدم على أهله بمكة، فوجدهم قد نعي لهم واقتسم ولده ماله وزوّجوا بناته ووجد زوجته لم تأخذ من ماله شيئا وبكت عليه حتى غمضت (1). فقال لبنيه: أمّا أنتم فحظّكم ما أخذتم من مالي، وقال لزوجته: هذا المال لك فاصنعي به ما شئت. وأقام عندها حتى قربت المدة، ثم مضى إلى الشام، فوجد زوجته الثانية قد ماتت حزنا عليه وأسفا لفراقه، فقال فيها: (2) [الخفيف]
صاح حيّا الإله حيّا ودورا ... عند أصل القناة من جيرون
عن يساري إذا دخلت إلى الدا ... ر وإن كنت خارجا فيميني
فبتلك اغتربت بالشام حتى ... ظنّ أهلي مرجّمات الظنون
خخخ وهي زهراء مثل لؤلؤة الغوّاس ميزت من جوهر مكنون
وإذا ما نسبتها لم تجدها ... في سناء من المكارم دون
تجعل المسك واليلنجوج والنّ ... د صلاء لها على الكانون
__________
(1) كذا في الأصل وفي «اللسان» عمشت. ط
(2) كذا في الأصل والذي في «الصحاح» و «اللسان» ثم خاصرتها شاهدا على المخاصرة وهي أخذ الرجل بيد الرجل في المشي. ط(1/725)
ثم ما شيتها (1) إلى القبّة الخض ... راء تمشي في مرمر مسنون
قبّة من مراجل ضربت ... ها قبل حدّ (2) الشتاء في قيطون
ثم فارقتها على خير ما كان ... قرين مفارقا لقرين
فبكت خشية التّفرّق للبي ... ن بكاء الحزين إثر الحزين
فسلي عن تذكّري واطمئنّي ... بإيابي وإن هم عذلوني
قال أبو علي: وهذا الشعر يروى لعبد الرحمن بن حسان وبه كان سبب أمر يزيد الأخطل بهجاء الأنصار، وفيه أبيات ليست في شعر عبد الرحمن.
[38]
[أشعب يصلح بين مصعب بن الزبير وعائشة بنت طلحة زوجته]:
قال أبو بكر بن الأنباري: قال بعض مشيختنا: قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: كان أشعب فيمن يألف مصعب بن الزبير، فغضبت عائشة بنت طلحة يوما على مصعب، وكانت زوجته ومن أحبّ الناس إليه، فشكا ذلك إلى أعشب، فقال: مالي إن رضيت أصلح الله الأمير؟ قال: حكمك، قال: عشرة آلاف درهم. قال: ذلك لك، فانطلق أشعب حتى أتاها، فقال لها: جعلت فداءك! قد علمت حبّي لك وميلي إليك قديما وحديثا على غير منال أنلتنيه، ولا فائدة أفدتنيها، وهذه حاجة قد عرضت ترتهنين بها شكري، وتقضين بها حقّي بغير مرزية. قالت: وما هي؟ قال: قد جعل لي الأمير إن رضيت عنه عشرة آلاف درهم. قالت:
ويحك! لا يمكنني ذلك. قال: بأبي أنت وأمي! ارضي عنه حتى يعطيني العشرة آلاف درهم، ثم عودي إلى ما عوّدك الله من سوء خلقك، فضحكت من كلامه ورضيت.
[39] قال إسحاق: أتي ابن أبي مساحق بابن أخت له وقد أحبل جارية من جواري جيرانه فقال له: يا عدوّ الله، إذا ابتليت بالفاحشة فهلّا عزلت! قال: جعلت فداءك! بلغني أن العزل مكروه، قال: أفما بلغك أن الزنا حرام! (3).
[40] وأنشد إسحاق: [السريع]
يعلو بهم جدّهم صاعدا ... وجدّنا في رجله رهصه
[41] قال أبو محلم: سمعت جرير بن عبد الحميد ينشد: [الرجز]
إنّ (4) اكتحالا بالبياض الأبرج ... ونظرا في الحاجب المزجّج
مئنّة من الفعال الأعوج
__________
(1) هكذا في الأصل والذي في «اللسان» مادة قطن! «عند برد». ط
(2) القصة في «الكامل» للمبرد (600)، وفيها أن المصلح بينهام ابن أبي عتيق وليس أشعب.
(3) أوردها الزمخشري في كتابه «ربيع الأبرار ونصوص الأخبار» (2/ 483).
(4) كذا في الأصل وفي «اللسان» في مادة «أنن»: «أن اكتحالا بالنقي الأملج» وفي مادة ملج منه:
«الأملج» ضرب من العقاقير ويطلق على الأصفر الذي ليس بأبيض ولا أسود فلعلهما روايتان. ط(1/726)
[42] قال ابن حبيب قال هشام قولهم: بنو الشهر الحرام، قالت بنو عامر بن عوف:
هو مالك بن عمير بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف، وكان أبي يقول: الشهر الحرام هو عبد ودّ بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة، وهم رهط هشام الكلبي، وإنما سمى بذلك لأنه كان يحرّم الشهر الحرام.
[43] وقال التّيمي: أنشدنا أبو مسلمة الكلابي وقد باع جاريته نبأ من عثمان بن سحيم التاجر، فقال له بعض أصحابه: يا أبا مسلمة، بعت نبأ! فقال: [الطويل]
وقد (1) تخرج الحاجات يا أمّ مالك ... كرائم من ربّ بهنّ ضنين
فبلغ أبا مصعب، فاشتراها وردّها على أبي مسلمة.
[44]
[ثأر عمرو بن معديكرب لأخيه عبد الله]:
قال الأصمعي كان بين عمرو بن معديكرب وبين رجل من مراد. يقال له أبيّ. كلام، فتنازعا في القسم، فعجل عمرو وكانت فيه عجلة، وكان عبد الله أخو عمرو رئيس قومه، فجلس مع بني مازن رهط من سعد العشيرة، وكانوا فيهم. فقعد عبد الله يشرب ويسقيهم رجل يقال له المخزّم من بني زبيد له مال وشرف. وكان عبد من عبيد المخزّم قائما يسقى القوم، فسبّه عبد الله وضربه، فقام رجل نشوان من بني مازن فقتل عبد الله، فرأس عمرو بعد أخيه، وكان غزا غزوة فأصاب فيها ومعه أبيّ المرادي، فادعى أنه كان مساند عمرو، فأبى عمرو أن يعطيه، فلما رجع عمرو من غزاته جاءت بنو مازن فقالوا: قتله رجل منّا سفيه ونحن يدك عليه وعضدك، وإنما قتله سكران فنسألك بالرّحم أن تأخذ الدية وتأخذ بعد ذلك ما أحببت، فأخذ عمرو الدية وزادوه بعد ذلك أشياء كثيرة، فغضبت أخت له تسمى كبشة، وكانت ناكحا في بني الحارث بن كعب فقالت: [الطويل]
وأرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه ألا تخلّوا لهم دمي
ولا تأخذوا منهم إفلا وأبكرا ... وأترك في بيت بصعدة مظلم
ودع عنك عمرا إن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم
فإن أنتم لم تقتلوا واتّديتموا ... فمشّوا بآذان النّعام المصلّم
ولا تشربوا إلا فضول نسائكم ... إذا أنهلت (2) أعقابهنّ من الدم
جدعتم بعبد الله آنف قومه ... بني مازن أن سبّ ساقي المخزّم
فلما حضّت كبشة أخاها عمرا أكبّ بالغارة عليهم وهم غارّون، فأوجع فيهم. ثم إن بني مازن احتملوا فنزلوا في مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، فقال عمرو في ذلك: [الوافر]
__________
(1) في نسخة: تنزع مكان تخرج. اهـ. ط
(2) هكذا في الأصل. والذي في «معجم ياقوت» إذا ارتملت أي: تلطخت، والمدار على الرواية. ط(1/727)
تمنّت مازن جهلا خلاطي ... فذوقي مازن طعم الخلاط (1)
أطلت فراطكم (2) عاما فعاما ... ودين المذحجي إلى فراط
أطلت فراطكم حتّى إذا ما ... قتلت سراتكم كانت قطاط (3)
غدرتم غدرة وغدرت أخرى ... فما إن بيننا أبدا يعاط (4)
بطعن كالحريق إذا التقينا ... وضرب المشرفية في الغطاط (5)
[45]
[شعر في وصف الفرس]:
قال أبو علي: في كتاب الخيل لأبي عبيدة: أنشد أبو عبيدة لعبد الغفار الخزاعي هذه الأبيات وذكر أن عروضها لا تخرّج: [المنسرح]
ذاك وقد أذعر الوحش بصل ... ت الخدّ رحب لبانه مجفر
طويل خمس قصير أربعة ... عريض ستّ مقلّص حشور
حدّت له تسعة وقد عريت ... تسع ففيه لمن رأى منظر
بعيد عشر وقد قربن له ... عشر وقد طالت ولم تقصر
نقفيه بالمحض دون ولدتنا ... وعضّه في آريّه ينشر
نصبحه تارة ونغبقه ... ألبان كوم روائم ظؤّر
حتّى شتا عندنا يقال ألا ... تطوون من بدنه وقد أضمر
موثّق الخلق جرشع عتد ... منضرج الحضر حين يستحضر
خاظي الحماتين لحمه زيم ... نهد شديد الصّفاق والأبهر
رقيق خمس غليظ أربعة ... نائي المعدّين ليّن الأشعر
قال أبو عبيدة: يعني بقوله طويل خمس أي: طويل نصيل الرأس، طويل الأذنين، طويل العنق والكتفين، طويل البطن من غير أن تقرب إلى الأرض، طويل الأقراب، طويل الناصية، طويل الذّراعين، طويل الرّجلين، فهذا ما يستحبّ (6) من الفرس أن يطول. وذكر هذا الشاعر منها خمسا. وقوله: قصير أربعة أي قصير الأرساغ، قصير عسيب الذّنب، قصير النّضيّ، قصير الكراعين، قصر الأطرة وهي عصبة فوق الصّفاق، فهذا ما يستحب أن يقصر من الفرس وهنّ عشر، وذكر هذا الشاعر منهن أربعا. وقال: عريض ستّ أي: عريض
__________
(1) الخلاط: أن يشتبك مع القوم في الحرب. ط
(2) فراطكم: أمهالكم والتأني بكم. ط
(3) قطاط كقطام أي: حسبي. ط
(4) يعاط: كلمة ينذر بها الرقيب أهله إذا رأى جيشا. ط
(5) الغطاط بالضم: أول الصبح أو بقية من سواد الليل. ط
(6) سيأتي له أنها ستة عشر عضوا. ط(1/728)
الجبهة، عريض اللّبان، عريض المحزم، عريض الفخذين، عريض وظيفي الرّجلين، عريض مثنى الأذنين. فهذا ما يستحب أن يعرض من الفرس وهن تسع، وذكر هذا الشاعر منهن ستّا.
قوله: حدّت له تسعة أي: حديد الأذنين، حديد المنكبين، حديد العينين، حديد القلب، حديد عرقوبي الرجلين، حديد المنجمين، وهما عظمان في الكعبين متقابلان في باطنهما، حديد الكتفين. فهذا ما يستحب أن يحدّ من الفرس وهن ثلاث عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا. وقوله: وقد عريت تسع أي: عاري النّواهق، عاري السّموم، عاري الخدّين، عاري الجبهة، عاري مثنى الأذنين، عاري الكعبين، عاري عصب اليدين، عارى عصب الرجلين، فهذا ما يستحب أن يعرى من الفرس وهن خمس عشرة، وذكر هذا الشاعر منهن تسعا (1)
وقوله: تسع كسين أي: مكتسي الكتفين، مكتسي المعدّين، مكتسي الناهضين، مكتسي الفخذين، مكتسب الكاذتين، مكتسي أعلى الحماتين. فهذا ما يستحب أن يكتسى من الفرس وهن اثنتا عشرة، وذكر هذا الشاعر منهن تسعا. وقوله: بعيد عشر، بعيد ما بين العينين، بعيد ما بين الجحفلة والناصية، بعيد ما بين الأذنين والعينين، بعيد ما بين أعالي اللّحيين، بعيد ما بين الناصية والعكوة، بعيد ما بين الحارك والمنكب، بعيد ما بين العضدين والركبتين، بعيد ما بين البطن والرّفغين، بعيد ما بين الحجبتين والجاعرتين، بعيد ما بين الشّراسيف. فهذا ما يستحب أن يبعد ما بينهما من الفرس، وذكر هذا الشاعر منهن عشرا (2) ولم يعدّ البين أعني بين كل شيئين فيكنّ ستّا، ولكنه عدّ كل اثنين تباعدا، وقوله: وقد قربن له عشر أي: قريب ما بين المنخرين، قريب ما بين الأذنين، قريب ما بين المنكبين، قريب ما بين الرّفغين، قريب ما بين الركبتين والجنبين، قريب ما بين الجبب والأشاعر، قريب ما بين الحارك والقطاة، قريب ما بين المعدّين والقصريين، قريب ما بين الجاعرتين والعكوة، قريب ما بين الثّفنتين والكعبين، قريب ما بين صبيّي اللّحيين. فهذا ما يستحبّ أن يقرب من الفرس، وإن عددت البين وجدت أحد عشر بينا، وإن عددت ما قرب منها فهنّ ثنتان وعشرون، وذكر هذا الشاعر منهن عشرا.
وقوله: طويل خمس جاء تفسيرهن ستة عشر عضوا وقد تقدم ذكره. وقوله: رقيق خمس أي:
رقيق الحجافل، رقيق الأرنبة، رقيق عرض المنخرين، رقيق الجفون، رقيق الحاجبين، رقيق الأذنين، رقيق الخدّين، رقيق الشعر، رقيق الجلد، رقيق شعر الثّنن، رقيق شعر الركبتين، رقيق الخصل. فهذا ما يستحب أن يرقّ من الفرس وهن سبع عشرة، وقد ذكر هذا الشاعر منهن خمسا. وقوله: غليظ أربعة أي: غليظ الخلق، غليظ القوائم، غليظ القصرة، غليظ عكوة الذّنب. وقد أرحب (3) منه أي: رحب الشّدقين، رحب المنخرين، رحب الإهاب،
__________
(1) وقوله تسع كسين لم يتقدم في الأبيات ذكر هذه العبارة ولعل هنا بيتا سقط من قلم الناسخ. ط
(2) هكذا في النسخ ولعل هنا سقطا، وقد تقدم مثله في شرح قوله طويل خمس. ط
(3) هذه العبارة، وقوله فيما سيأتي وفيه من الطير خمس لم تذكر هذه العبارة في الأبيات، ولعلها سقطت من الناسخ. ط(1/729)
رحب الجوف، رحب العجان، رحب اللّبان، فهذا ما يستحب أن يرحب من الفرس وهن تسع. وذكر الأسدي في قوله: وفيه من الطير خمس ثم فسر الخمس في البيت الثاني فقال:
[المتقارب]
غرابان فوق قطاة له ... ونسر ويعسوبه قد بدا
[46]
[مطلب ما في الفرس من أسماء الطير]:
وفي الفرس من أسماء الطير ثمانية عشر اسما: العصفور وهو عظم ناتئ في كل جبين، وهو أيضا من الغرر إذا دقّ، وهو أصل منبت الناصية، وهو الدماغ بعينه، والنّعامة وهي الجلدة التي تغطّي الدماغ. والذّباب وهي النّكتة الصغيرة التي في العين، ومنه البصر وجمعه أذبّة وذبّان وهو إنسان العين أيضا. والسّحاءة وهي الخفّاش أحد السحاءتين، وهما عظيمان صغيران في أصل اللسان. والصّرد: عرق أخضر في أصل اللسان من أسفله، وهما صردان، والصّرد أيضا: بياض يكون في الظهر من أثر الدّبر في موضع السّرج، يقال: فرس صرد إذا كان ذلك به. والفراشة: عظم يتفتّت في الرأس، وجمعها فراش وهي عظام رقاق طراق بعضها على بعض كالقشر، وهي أيضا ما بين لهواته عند أصل لسانه، وهي في الكتفين ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق إلى مستوى الظهر، والحمامة: القصّ وهو من الرّهابة إلى منقطع أصل الفهدتين. والسّمامة وجمعها سمائم وسمام وهي ما رقّ عن صلابة العظم في الوجه، والسّمامة أيضا: الدارة التي في سالفة العنق. والناهض وهما ناهضان، والجمع نواهض وأنهض وهو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما المجتمع. والقطاة: ما بين الحجبتين والوركين، وهو مقعد الرّدف خلف الفارس، والجميع قطا. والغراب: أحد الغرابين وهما ملتقى أعالي الوركين. والقطاة بينهما على العجز وقال قوم: إنهما فروع كتفي الوركين السّفليين إلى الفخذين. والغراب:
ما ارتفع من أصل الذّنب. والحرب في الصدر وهو الرّحبيان وهو أعالي غضون الفهدتين إلى أسفل المنكبين مما يلي اللّبان. والنّسر وجمعه النّسور وهو ما ارتفع عن بطن الحافر من أعلاه كأنه النّوى والحصى. والزّرّق وهو في الشّية الشعرات البيض في اليد أو في الرجل. والدّخّل وهو لحم الفخذين، وأنشد: [الرجز]
إذا تحجّبن بزهر دخّله
واليعسوب في الشّية وهو أن تكون الغرّة على قصبة الأنف أعلى من الرّثم منقطعة فوقه، ويقال إنه كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل، ثم ينقطع قبل أن يساوي أعلى المنخرين، وإن ارتفع على قصبة الأنف وعرض واعتدل حتى يبلغ أسفل الخليقاء قل أو كثر ما لم يبلغ العينين. والهامة والصّقر.
[47]
[الحسن البصري يصف علي رضي الله عنه]:
قال أبو علي: قال أبو بكر بن أبي الأزهر: حدثني البصري المسمعي قال: حدثني عبد
الملك بن مروان التيمي تيم بكر، قال: حدثنا محمد بن الفضل الأنصاري، عن سلمة بن ثابت، عن هشام بن حسان قال: قلت للحسن البصري: يزعم الناس أنك تبغض عليّا، قال: أنا أبغض عليّا! كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل، ربّانيّ هذه الأمة، وذا فضلها وشرفها، وذا قرابة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج فاطمة الزّهراء، وأبا الحسن والحسين، لم يكن بالسّروقة لمال الله، ولا بالنّئومة في أمر الله، ولا بالملولة لحقّ الله، أعطى القرآن عزائمه، وعلم ماله فيه وما عليه حتى قبضه الله إليه، ففاز برياض مونقة، وأعلام مشرقة، أتدري من ذاك؟ ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.(1/730)
قال أبو علي: قال أبو بكر بن أبي الأزهر: حدثني البصري المسمعي قال: حدثني عبد
الملك بن مروان التيمي تيم بكر، قال: حدثنا محمد بن الفضل الأنصاري، عن سلمة بن ثابت، عن هشام بن حسان قال: قلت للحسن البصري: يزعم الناس أنك تبغض عليّا، قال: أنا أبغض عليّا! كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل، ربّانيّ هذه الأمة، وذا فضلها وشرفها، وذا قرابة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج فاطمة الزّهراء، وأبا الحسن والحسين، لم يكن بالسّروقة لمال الله، ولا بالنّئومة في أمر الله، ولا بالملولة لحقّ الله، أعطى القرآن عزائمه، وعلم ماله فيه وما عليه حتى قبضه الله إليه، ففاز برياض مونقة، وأعلام مشرقة، أتدري من ذاك؟ ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
[48] قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا أبو حاتم، عن الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول. ولم يقله إن شاء الله بغيا ولا تطاولا.: ما رأيت أحدا قبلي أعلم منّي. قال الأصمعي: وأنا لم أر بعد أبي عمرو أعلم منّي. قال أبو حاتم: وكان كثيرا ما يقول لي: يا بني، إن طفئت شحمة عيني هذه، ويومئ إلي عينه، لم تر مثلي، وربما قال: لم تر أحدا يشفيك من هذا الحرف أو هذا البيت.
[49]
[المنذر بن ماء السماء وقتله عبيد ابن الأبرص]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن دريد، قال: أخبرنا عبد الرحمن، عن عمه قال: قال عمي سمعت يونس بن حبيب، يقول: كان المنذر بن ماء السماء جدّ النعمان بن المنذر ينادمه رجلان من العرب، خالد بن المضلّل، وعمرو بن مسعود الأسديّان، وهما اللذان عناهما الشاعر بقوله: [الطويل]
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسّيّد الصّمد
فشرب ليلة معهما فراجعاه الكلام فأغضباه، فأمر بهما فقتلا وجعلا في تابوتين، ودفنا بظاهر الكوفة. فلما أصبح وصحا سأل عنهما فأخبر بذلك، فندم وركب حتى وقف عليهما، فأمر ببنيان الغريّين (1)، وجعل لنفسه في كل سنة يومين: يوم بؤس ويوم نعيم، فكان يضع سريره بينهما، فإذا كان في يوم نعيمه فأوّل من يطلع عليه وهو على سريره يعطيه مائة من إبل الملوك، وأول من يطلع عليه في ثوم بؤسه يعطيه رأس ظربان، ويأمر به فيذبح ويغرّى بدمه الغريّان، فلم يزل كذلك ما شاء الله، فبينا هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص، فقال له الملك: ألا كان الذّبح غيرك يا عبيد! فقال عبيد: «أتتك بحائن رجلاه» فقال له الملك: أو أجل قد بلغ إناه؟ ثم قال: يا عبيد، أنشدني فقد كان يعجبني شعرك، فقال:
«حال الجريض دون القريض» و «بلغ الحزام الطبيين» فقال أنشدني: [مخلع البسيط]
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطّبيّات فالذّنوب
__________
(1) الغريان: بناءان مشهوران بالكوفة ويقال هما قبر مالك وعقيل نديمي جذيمة الأبرش وسميا كذلك لأن المنذر كان يغري بهما من يقتله في يوم بؤسه. ط(1/731)
فقال (1):
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنّت له معنّة نكود ... وحان لها منها ورود
فقال: أنشدني هبلتك أمّك! فقال: «المنايا على الحوايا»، فقال بعض القوم: أنشد الملك هبلتك أمّك! فقال: لا يرحّل رحلك من ليس معك»، فقال له آخر: ما أشدّ جزعك من الموت! فقال: [المتقارب]
لا غرو من عيشة نافده ... وهل غير ما ميتة واحده
فأبلغ بنيّ وأعمامهم ... بأنّ المنايا هي الراصده
لها مدّة فنفوس العباد ... إليها وإن كرهت قاصده
فلا تجزعوا لحمام دنا ... فللموت ما تلد الوالده
فقال له المنذر: لا بدّ من الموت، ولو عرض لي أبي في هذا اليوم لم أجد بدّا من ذبحه، فأما إذ كنت لها وكانت لك فاختر من ثلاث خصال: إن شئت من الأكحل، وإن شئت من الأبجل، وإن شئت من الوريد. فقال: ثلاث خصال: مقادها شرّ مقاد، وحاديها شرّ حاد، ولا خير فيها لمرتاد، فإن كنت لا بدّ قاتلي فاسقني الخمر، حتى إذا ذهلت لها ذواهلي، وماتت لها مفاصلي، فشأنك وما تريد. فأمر المنذر له بحاجته من الخمر، فلما أخذت منه وقرّب ليذبح أنشأ يقول: [الطويل]
وخيّرني ذو البؤس في يوم بؤسه ... خلالا أرى في كلّها الموت قد برق
كما خيّرت عاد من الدهر مرّة ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكّل ببلدة ... فتتركها إلا كما ليلة الطّلق
وأمر به ففصد، فلما مات طلي بدمه الغريّان.
[50]
[صغر المصيبة وهوانها إذا مرّت بخلاف باقي الأمور]:
وحدثنا أبو بكر، عن أبي عثمان، عن التوزي، عن أبي عبيدة قال: قال حذيفة بن اليمان: ما خلق الله عز وجل شيئا إلا صغيرا ثم يكبر إلا المصيبة، فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر.
[51]
[قصيدة ابن الزبعري في أبناء ريطة الثمانية]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن دريد قال: حدثني عمي، عن أبيه قال: سئل ابن الكلبي عن قول عبد الله بن الزّبعري: [الهزج]
ألا لله قوم و ... لدت أخت بني سهم
__________
(1) هذه الأبيات مضطربة. ونصها في «الأغاني»:
أقفر من أهله عبيد ... فليس بيدي ولا يعيد
عنت له منّة تكود ... وحان منها له ورود
والأبيات كما وردت في «الأغاني» من مخلع البسيط. ط(1/732)
قال: هي ريطة بنت سعيد بن سهم، وكان بنوها ثمانية: هاشم بن المغيرة وكان أكبر القوم، وهو جدّ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من قبل أمّه حنتمة بنت هاشم، وهشام بن المغيرة، ومهاشم ومهشم جميعا واحد وهو أبو حذيفة، وأبو أميّة ابن المغيرة وهو زاد الرّكب، وأبو ربيعة بن المغيرة وهو ذو الرّمحين جدّ عمر بن أبي ربيعة الشاعر، وعبد الله بن المغيرة، وخراش بن المغيرة، والفاكه بن المغيرة ولم يسلم منهم غيره وهو شيخ كبير يومئذ أعمى فقال ابن الزّبعرى (1): [الهزج]
ألا لله قوم و ... لدت أخت بني سهم
هشام وأبو عبد ... مناف مدره الخصم
وذو الرّمحين أشباك ... من القوّة والحزم
يكنّ القول في المجل ... س أو ينطق عن حكم
فهذان يذودان ... وذا من كثب يرمي
أسود تزدهي الأقرا ... ن منّاعون للهضم
وهم يوم عكاظ م ... نعوا الناس من الهزم
بجأواء طحون فخ ... مة القونس كالنّجم
فإن أحلف ببيت اللّ ... هـ لا أحلف عن إثم (2)
ما إن إخوة بين ... قصور الشام والرّدم
كأمثال بني ريط ... ة من عرب ولا عجم
* * * [52] قال: وأخبرني عمي، عن أبيه، عن ابن الكلبي قال: أبعد قبور إخوة على الأرض قبور بني أمّ الفضل الهلاليّة أم ولد العباس بن عبد المطلب: واحد بالمدينة، وآخر بالطائف، وآخر بالشام، مات في طاعون عمواس بالشام في سلطان عمر رضي الله تعالى عنه، وعبد الله بن العباس الحبر دفن بالطائف وصلى عليه محمد بن علي رضي الله تعالى عنه، وآخر بأفريقية، وآخر بسمرقند، والفضل بن العباس رضي الله تعالى عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في طاعون عمواس بالشام، وعبيد الله بن العباس الجواد مات بالمدينة، وقثم بن العباس شبيه النبي صلى الله عليه وسلم مات بسمرقند زمن معاوية في إمارة سعيد بن عثمان، وعبد الرحمن بن العباس قتل بأفريقية زمن عمر رضي الله تعالى عنهم، أمهم أم الفضل الهلالية وهي لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر ابن صعصعة.
__________
(1) «أنساب قريش» للمصعب الزبيري (ص 300).
(2) ويروى: لا أحلف على إثم بسكون فاء أحلف. ط(1/733)
[53]
[الخليل بن أحمد والمرأة الفصحة وبناتها]:
قال: وأخبرنا الأشنانداني عن التوزي قال: كان اللخليل بن أحمد صديق يكنى أبا المعلّى مولى لبني يشكر، وكان أصلع شديد الصّلع، فبينا هو والخليل جالسان عند قصر أوس إذ مرت بهما امرأة يقال لها أم عثمان من ولد المعارك بن عثمان ومعها بنات لها، فقال أبو المعلى للخليل: يا أبا عبد الرحمن، ألا نكلّم هذه المرأة! قال: ويحك! لا تفعل، فإنهن أعدّ شيء جوابا، والقول إلى مثلك يسرع، فجلس يتروّحن فقال لأمهنّ: يا أمة الله، ألك زوج؟ قالت: لا والله ولا لواحدة منا، قال: فهل لكنّ في أزواج؟ قالت: وددنا والله، قال:
فأنا أتزوجك ويتزوج هذا إحدى بناتك، فقالت له: أمّا أنت فقد ابتلاك الله ببلاءين: أما أحدهما فإنه قد قرع رأسك بمسحاة، وجعل لك عقصة في قفاك بيضاء، فكأنما صارت في قفاك نخامة، فبلغ من نوكك أنك خضبتها بحمرة، فلو كنت إذ ابتليت خضبت بسواد فغطّيت عوارك هذا الذي أباده منك! ثم قالت له: أظنك من رهط الأعشى، فقال لها أبو المعلى: أنا مولى لبني يشكر. قالت: أفتروى بيت الأعشى: [البسيط]
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشّيب والصّلعا
فما بقي بعد هذا إلا الموت هزالا، ثم التفتت إلى الخليل فقالت: من أنت يا عبد الله؟
فقال: أنا الخليل بن أحمد، كفّي رحمك الله! فقد والله نهيته عن كلامك وحذّرته هذا! قالت: أما إنك قد نصحت له، أما علم هذا الأحمق أن النساء يخترن من الرجال المسحلانيّ المنظرانيّ المخبراني، الغليظ القصرة، العظيم الكمرة، الذي إذا طعن فأصاب حفر، وإذا أخطأ قشر، وإذا أخرجه عقر، قال: فضحك الخليل، ثم قامت المرأة ومعها بناتها يتهادين، فتمثّل أبو المعلى بقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي [مجزوء الخفيف]:
فتهادين وانصرف ... ن ثقال الحقائب
فقالت: يا أحمق، أما تدري ما قال الشاعر في قومك؟ قال: لا، فقالت: قال:
[المتقارب]
ويشكر لا تستطيع الوفاء ... وتعجز يشكر أن تغدرا
وإني أقسم بالله لو كان لكل واحدة منا من الأحراح بعدد ما أهدى مالك العكلي إلى عمرة بنت الحارث النّميري، ما أعطيناك ولا صاحبك منها شيئا، فقال الخليل: نشدتك بالله، كم كانت الهدية التي أهداها العكلي إلى النميرية؟ قالت له: أراك حاذقا بالتجميش قليل الرواية للشّعر، ثم أنشدته قول العكليّ: [الرجز]
هديّتي أخت بني نمير ... لحرك يا عمرة ألف عير
في كل عير ألف كرّأير
قال: فقال الخليل: أما إنه قد قصّر! أفلا جعل لاستها بعض الهدية ولم يدعها فارغة!
قالت: قد أشفق على هديته أن تحترق، ألم ترو بيت جرير حيث يقول: [الوافر](1/734)
هديّتي أخت بني نمير ... لحرك يا عمرة ألف عير
في كل عير ألف كرّأير
قال: فقال الخليل: أما إنه قد قصّر! أفلا جعل لاستها بعض الهدية ولم يدعها فارغة!
قالت: قد أشفق على هديته أن تحترق، ألم ترو بيت جرير حيث يقول: [الوافر]
ولو وضعت فقاح بني نمير ... على خبث الحديد إذا لذابا
فقال الخليل لأبي المعلى: [الوافر]
نصحتك يا محمد إنّ نصحي ... رخيص يا رفيقي للصّديق
فلم تقبل وكم من نصح ودّ ... أضيع فحاد عن وضح الطريق
قال: ثم انصرفت المرأة وبقي الخليل وأبو المعلى متعجّبين منها ومن ذرابة لسانها وسرعة جوابها.
[53م]
[خروج هشام بن عبد مناف إلى البلاد لأخذ العهود من ملوكها لتأمين تجارتهم]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر بن دريد، قال: أخبرنا أبو حاتم، قال: حدثنا العتبي ومحمد بن سلّام كلاهما قالا: كانت قريش تجارا، وكانت تجارتهم لا تعدو مكّة، إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسّلع فيشترونها منهم ثم يتبايعونها بينهم ويبيعونها على من حولهم من العرب، فكانوا كذلك حتى ركب هاشم بن عبد مناف إلى الشام فنزل بقيصر، فكان يذبح كلّ يوم شاة ويصنع جفنة ثريد ويجمع من حوله فيأكلون، وكان هاشم من أجمل الناس وأتمّهم، فذكر ذلك لقيصر فقيل له: هاهنا رجل من قريش يهشم الخبز ثم يصبّ عليه المرق ويفرغ عليه اللحم. وإنما كانت العجم تصبّ المرق في الصّحاف ثم تأتدم بالخبز، فدعا به قيصر، فلما رآه وكلّمه أعجب به، فكان يبعث إليه في كلّ يوم فيدخل عليه ويحادثه، فلما رأى نفسه تمكّن عنده قال له: أيها الملك، إن قومي تجار العرب، فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمّن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستطرف من أدم الحجاز وثيابه فتباع عندكم فهو أرخص عليكم! فكتب له كتاب أمان لمن يقدم منهم، فأقبل هاشم بذلك الكتاب، فجعل كلّما مرّ بحيّ من العرب بطريق الشام أخذ من أشرافهم إيلافا. والإيلاف:
أن يأمنوا عندهم في أرضهم بغير حلف إنما هو أمان الطريق. وعلى أن قريشا تحمل إليهم بضائع فيكفونهم حملانها ويؤدّون إليهم رءوس أموالهم وربحهم، فأصلح هاشم ذلك الإيلاف بينهم وبين أهل الشام حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوا به بركة، فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوّزهم يوفّيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب حتى أوردهم الشام وأحلّهم قراها، ومات في ذلك السفر بغزّة، وخرج المطّلب بن عبد مناف إلى اليمن فأخذ من ملوكهم عهدا لمن تجر إليهم من قريش، وأخذ الإيلاف كفعل هاشم، وكان المطّلب أكبر ولد عبد مناف، وكان يسمّى الفيض وهلك بردمان من اليمن. وخرج عبد شمس ابن عبد مناف إلى الحبشة، فأخذ إيلافا كفعل هاشم والمطلب، وهلك عبد شمس بمكة فقبره بالحجون. وخرج نوفل بن عبد مناف وكان أصغر ولد أبيه فأخذ عهدا من كسرى لتجار قريش وإيلافا ممن مرّ به من العرب، ثم قدم مكّة ورجع إلى العراق فمات
بسلمان. واتسعت قريش في التجارة في الجاهلية وثرت أموالها، فبنو عبد مناف أعظم قريش على قريش منّة في الجاهلية والإسلام.(1/735)
أن يأمنوا عندهم في أرضهم بغير حلف إنما هو أمان الطريق. وعلى أن قريشا تحمل إليهم بضائع فيكفونهم حملانها ويؤدّون إليهم رءوس أموالهم وربحهم، فأصلح هاشم ذلك الإيلاف بينهم وبين أهل الشام حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوا به بركة، فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوّزهم يوفّيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب حتى أوردهم الشام وأحلّهم قراها، ومات في ذلك السفر بغزّة، وخرج المطّلب بن عبد مناف إلى اليمن فأخذ من ملوكهم عهدا لمن تجر إليهم من قريش، وأخذ الإيلاف كفعل هاشم، وكان المطّلب أكبر ولد عبد مناف، وكان يسمّى الفيض وهلك بردمان من اليمن. وخرج عبد شمس ابن عبد مناف إلى الحبشة، فأخذ إيلافا كفعل هاشم والمطلب، وهلك عبد شمس بمكة فقبره بالحجون. وخرج نوفل بن عبد مناف وكان أصغر ولد أبيه فأخذ عهدا من كسرى لتجار قريش وإيلافا ممن مرّ به من العرب، ثم قدم مكّة ورجع إلى العراق فمات
بسلمان. واتسعت قريش في التجارة في الجاهلية وثرت أموالها، فبنو عبد مناف أعظم قريش على قريش منّة في الجاهلية والإسلام.
[54]
[بين أبي حاتم وعبد الله بن علي بن العباس]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر بن دريد، عن أبي حاتم قال: لما قتل عبد الله بن علي بني أميّة بنهر أبي فطرس بعث إليّ، قال: فدخلت عليه فإذا قتلى مصروعين والخراسانية بين يديه بأيديهم الكافر كوبات، فقال لي: ما تقول في مخرجنا هذا؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (1) قال: فما تقول في هؤلاء القتلى؟
قلت: ومن هؤلاء؟ قال: بنو أمية. قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس» (2) وتشاغل عنّي فخرجت وطلبني، فحال الله بيني وبينه إنه على كل شيء قدير.
[55]
[ما وقع لأم عقبة بعد وفاة زوجها غسان]:
وحدثنا أبو بكر، قال: حدثنا أبو حاتم، عن العتبي، قال: حدثني أبي قال:
اجتمعت عند خالد بن عبد الله القسري فقهاء الكوفة وفيهم أبو حمزة الثّمالي، فقال خالد:
حدثونا بحديث عشق ليس فيه فحش، فقال أبو حمزة: أصلح الله الأمير، بلغني أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن بعد انقضاء عدتهن، فقال هشام: إنه ليبلغني من ذلك العجب. فقال بعض جلسائه: أنا أحدثك يا أمير المؤمنين عما بلغني عن امرأة من بني يشكر كانت عند ابن عم لها فمات عنها بعد مسألته إياها عما تريد أن تصنع بعده، فأخذ العهود عليها في ذلك، وكان اسمه غسّان بن جهضم بن العذافر، وكان اسم ابنة عمه أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر، وكان لها محبّا، وكانت له كذلك، فلما حضره الموت وظن أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات، ثم قال: اسمعي يا أمّ عقبة ثم أجيبي، فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك، فقالت: والله لا أجيبك بكذب ولا أجعله آخر حظّي منك، فقال: [الخفيف]
أخبري بالذي تريدين بعدي ... والذي تضمرين يا أمّ عقبه
تحفظيني من بعد موتي لما قد ... كان منّي من حسن خلق وصحبه
أم تريدين ذا جمال ومال ... وأنا في التراب في سحق غربه
فأجابته تقول: [الخفيف]
قد سمعت الذي تقول وما قد ... بان عمّي تخاف من أمّ عقبه
__________
(1) أخرجه البخاري (1) ومسلم (1907).
(2) أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676).(1/736)
أنا من أحفظ النساء وأرعا ... ها لما قد أوليت من حسن صحبه
سوف أبكيك ما حييت بنوح ... ومراث أقولها وبندبه
فلما سمع ذلك أنشأ يقول: [الخفيف]
أنا والله واثق بك لكن ... احتياطا أخاف غدر النساء
بعد موت الأزواج يا خير من عو ... شر فارعي حقّي بحسن الوفاء
خخخ إنني قد رجوت أن تحفظي العهد فكوني إن متّ عند الرجاء
ثم أخذ عليها العهود، واعتقل لسانه فلم ينطق بحرف حتى مات، فلم تمكث بعده إلا قليلا حتى خطبت من كل وجه، ورغب فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاضلة فيها، فقالت مجيبة لهم: [الطويل]
سأحفظ غسّانا على بعد داره ... وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر
وإنّي لفي شغل عن الناس كلهم ... فكفّوا فما مثلي بمن مات يغدر
سأبكي عليه ما حييت بدمعة ... تجول على الخدّين مني فتهمر
ولما تطاولت الأيام والليالي تناست عهده، ثم قالت: من مات فقد فات، فأجابت بعض خطّابها فتزوجها، فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها فيها أتاها غسّان في منامها وقال: [الطويل]
غدرت ولم ترعي لبعلك حرمة ... ولم تعرفي حقّا ولم تحفظي عهدا
ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب ... حلفت له بتّا ولم تنجزي وعدا
غدرت به لما ثوى في ضريحه ... كذلك ينسى كلّ من سكن اللّحدا
فلما سمعت هذه الأبيات انتبهت مرتاعة كأن غسان معها في جانب البيت، وأنكر ذلك من حضر من نسائها فأنشدتهن الأبيات، فأخذن بها في حديث ينسينها ما هي فيه، فقالت لهنّ: والله ما بقى لي في الحياة من أرب حياء من غسان، فتغفّلتهن فأخذت مدية فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها، فقالت امرأة منهن هذه الأبيات [المجتث]:
لله درّك ماذا ... لقيت من غسّان
قتلت نفسك حزنا ... يا خيرة النّسوان
وفيت من بعد ما قد ... قممت بالعصيان
وذو المعالي غفور ... لسقطة الإنسان
إنّ الوفاء من الله ... لم يزل بمكان
فلما بلغ ذلك المتزوّج بها قال: ما كان فيها مستمتع بعد غسان، فقال هشام بن عبد الملك: هكذا والله يكون الوفاء!.
* * *
[56] قال أبو بكر: وأنشدنا أبو عثمان، عن التوزي، عن أبي عبيدة لابن ميّادة المرّي: [الرجز](1/737)
* * *
[56] قال أبو بكر: وأنشدنا أبو عثمان، عن التوزي، عن أبي عبيدة لابن ميّادة المرّي: [الرجز]
حمراء منها ضخمة المكان ... ساطعة اللّبّة والجران
كأنها والشّول كالشّنان ... تميس في حلّة أرجوان
لو جاء كلب معه كلبان ... أولاعب في كفّه دفّان
وزافنان ومغنّيان ... ما برحت أعظمها الثماني
يعني قوائمها، كما قال الآخر (1) يصف ناقة طيّبة النّفس عند الحلب: [الطويل]
طوت أربعا منها على ظهر أربع ... فهنّ بمطويّاتهنّ ثمان
وكما قال الآخر (2): [الطويل]
نعوس لو أنّ الدفّ يضرب حولها ... لتنحاش عن قاذورة لم تناكر
[57] قال أبو علي: وأنشدنا جحظة، قال: أنشدني أبو عبد الله بن حمدون (3)، عن الزبير رحمه الله: [الطويل]
هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ... بنا شمّتا تلك العيون الكواشح
فلا يفرح الواشون بالهجر ربّما ... أطال المحبّ الهجر والجيب ناصح
[58] وأنشدني لأعرابي يكنى بأبي الخيهفعي: [الكامل]
هجرت مشيمة (4) فالفؤاد قريح ... ودموع عينك في الرّداء سفوح
ولقد جرى لك يوم سرحة رابغ ... فيما يعيّف سانح وبريح
أهوى القوادم بالبياض ملمّع ... قلق المراتع بالفراق يصيح
حسن إليّ حديث من أحببته ... وحديث ذي الشّنآن منه قبيح
الحبّ أبغضه إليّ ستيره ... صرّح بذاك فراحة تصريح
[59] [لامية العرب]: وقال قال الشّنفرى: [الطويل]
أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم ... فإنّي إلى أهل (5) سواكم لأميل
فقد حمّت الحاجات والليل مقمر ... وشدّت لطيّاتي (6) مطايا وأرحل
__________
(1) تقدم في الجزء الأول أن قائل هذا البيت هو كعب بن زهير، وكذلك في «اللسان» مادة «جعع» وقد روى في هذين الموضعين:
ثنت أربعا منها على ثني أربع ... فهن بمثناتهن ثمان ط
(2) بهامش الأصل أنه كعب بن زهير رضي الله عنه. ط
(3) في نسخة: عبد الله بدون لفظ الكنية. ط
(4) كذا هو بالشين المعجمة في نسخة وفي أخرى بالثاء المثلثة. ط
(5) المعروف فاني إلى قوم. ط
(6) في نسخة: لطيات بغير إضافة. ط(1/738)
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القلى متعزّل
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ... سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل
ولي دونكم أهلون سيد عملّس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيأل
هم (1) الرّهط لا مستودع السّر شائع (2) ... لديهم ولا الجاني بما جرّ يخذل
وكلّ أبيّ باسل غير أنني ... إذا عرضت أولى الطّرائد أبسل
وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن ... بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
وما ذاك إلا بسطة عن تفضّل ... عليهم وكان الأفضل المتفضّل
وإنّي كفاني فقد من ليس جازيا ... بحسني ولا في قربه متعلّل
ثلاثة أصحاب فؤاد مشيّع ... وأبيض إصليت وصفراء عيطل
هتوف من الملس الحسان (3) يزينها ... رصائع قد نيطت عليها ومحمل
إذا زلّ عنها السّهم حنّت كأنها ... مرزّأة ثكلى (4) ترنّ وتعول
ولست بمهياف يعشّي سوامه ... مجدّعة سقبانها وهي بهّل
ولا جبّأ أكهى مربّ بعرسه ... يطالعها في شأنه كيف يفعل
ولا خالف (5) داريّة متغزّل ... يروح ويغدو داهنا يتكحّل
ولست بعلّ شرّه دون خيره ... ألف إذا ما رعته اهتاج أعزل
ولست بمحيار الظّلام إذا نحت ... هدى الهوجل العسّيف يهماء هوجل
إذا الأمعز الصّوّان لاقى مناسمي ... تطاير منه قادح ومفلّل
أديم مطال الجوع حتى أميته ... وأضرب عنه الذّكر صفحا فأذهل
وأستفّ ترب الأرض كي لا يرى له ... عليّ من الطّول امرؤ متطوّل
ولولا اجتناب الذّام لم يبق مشرب ... يعاش به إلّا لدىّ ومأكل
ولكنّ نفسا حرّة لا تقيم بي ... على الضّيم إلّا ريث ما أتحوّل
وأطوي على الخمس الحوايا كما انطوت ... خيوطة ماريّ تغار وتفتل
وأغدو على القوت الزّهيد كما غدا ... أزلّ تهاداه التّنائف أطحل
غدا طاويا يعارض الرّيح هافيا ... يخوت بأذناب الشّعاب ويعسل
فلمّا لواه القوت من حيث أمّه ... دعا فأجابته نظائر نحّل
__________
(1) في نسخة: هم الأهل. ط
(2) في نسخة: ذائع. ط
(3) في نسخة: المتون. ط
(4) في نسخة: عجلي. ط
(5) في نسخة زيادة بيت قبله وعليها شرح الزمخشري وهو:
ولا خرق هيق كان فؤاده ... يظلّ به المكّاء يعلو ويسفل ط(1/739)
مهلهلة شيب الوجوه كأنها ... قداح بكفّي ياسر تتقلقل
أو الخشرم المبعوث حثحث دبره ... محابيض ردّاهن سام (1) معسّل
مهرّتة فوه كأنّ شدوقها ... شقوق العصيّ كالحات وبسّل
فضجّ وضجّت بالبراح كأنّها ... وإياه نوح فوق علياء ثكّل
وأغضى وأغضت وأتسى وأتست به ... أرامل عزّاها وعزّته أرمل
شكا وشكت ثم ارعوى بعد وارعوت ... وللصّبر إن لم ينفع الشّكو أجمل
وفاء وفاءت بادرات وكلّها ... على نكظ مما يكاتم مجمل
وتشرب أسآري القطا الكدر بعد ما ... سرت قربا أحشاؤها تتصلصل
هممت وهمّت وابتدرنا وأسدلت ... وشمّر منّي فارط متمهّل
فولّيت عنها وهي تكبو لعقره ... يباشره منها ذقون وحوصل
كأنّ وغاها حجرتيه وحوله ... أضاميم من سفلى (2) القبائل نزّل
توافين من شتّى إليه فضمّها ... كما ضمّ أذواد الأصاريم منهل
فعبّت غشاشا ثم مرّت كأنها ... مع الصّبح ركب من أحاظة مجفل
وآلف وجه الأرض عند افتراشها ... بأهدأ تنبيه سناسن قحّل
وأعدل منحوضا كأنّ فصوصه ... كعاب دحاها لاعب فهي مثّل
فإن تبتئس بالشّنفرى أمّ قصطل ... لما اغتبطت بالشنفري قبل أطول
طريد جنايات تياسرن لحمه ... عقيرته لأيّها حمّ أوّل
تبيت (3) إذا ما نام يقظى عيونها ... حثاثا إلى مكروهه تتغلغل
وإلف هموم ما تزال تعوده ... عيادا كحمّى الرّبع أو هي أثقل
إذا وردت أصدرتها ثم إنّها ... تثوب فتأتي من تحيت ومن عل
فإمّا تريني كابنة الرّمل ضاحيا ... على رقبة (4) أحفى ولا أتنعّل
فإنّي لمولى الصّبر أجتاب بزّه ... على مثل قلب السّمع والحزم أفعل
__________
(1) الذي في النسخة التي شرح عليها الزمخشري: أرداهن سام، وقال: أرداهن: أنزلهن. وسام، مرتفع وفي «اللسان»: شار وقال أراد بالشاري الشائر فقلبه. ط
(2) كذا بالأصل بصيغة تأنيث الأسفل وفي نسخة الزمخشري سفر بالراء بعد الفاء بوزن صحب وفسره بالمسافرين. ط
(3) في رواية الزمخشري تنام، أي: تنام جنايات الشنفري متيقظة عيونها إذا نام هو. ط
(4) في رواية الزمخشري: على رقة بغير موحدة بعد القاف وقال: يعني رقة حال. وفي هامش الأصل هنا ما نصه: قلت قال أبو الصخر الهذلي:
فنقضى هم النفس في غير رقبة ... ويغرق من نخشى نميمته البحر ط(1/740)
وأعدم أحيانا وأغنى وإنما ... ينال الغنى ذو البعدة المتبذّل
فلا جزع لخلّة متكشّف ... ولا مرح تحت الغنى أتخيّل
ولا تزدهي الأجهال حلمي ولا أرى ... سئولا بأعقاب الأحاديث أنمل
وليلة نحس يصطلي القوس ربّها ... وأقطعه اللّائي بها يتنبّل
دعست على بغش وغطش وصحبتي ... سعار وإرزيز ووجر وأفكل
فأيّمت نسوانا وأيتمت إلدة ... وعدت كما أبدأت والّليل أليل
فأصبح عنّي بالغميصاء جالسا ... فريقان مسئول وآخر يسأل
فقالوا لقد هرّت بليل كلابنا ... فقلت أذئب عسّ أم عسّ فرعل
فلم يك إلا نبأة ثم هوّمت ... فقلنا قطاة ريع أم ريع أجدل
فإن يك من جنّ لأبرح طارقا ... وإن يك إنسا ماكها الإنس يفعل
ويوم من الشّعرى يذوب لوابه ... أفاعيه من رمضائه تتململ
نصبت له وجهي ولاكنّ دونه ... ولا ستر إلّا الأتحميّ المرعبل
وضاف إذا هبّت له الرّيح طيّرت ... لبائد عن أعطافه ما ترجّل
بعيد بمسّ الدّهن والفلي عهده ... له عبس عاف من الغسل محول
وخرق كظهر التّرس قفر قطعته ... بعاملتين ظهره ليس يعمل
فألحقت أولاه بأخراه موفيا ... على قنّة أقعي مرارا وأمثل
ترود الأراوي الصّحم دوني كأنّها ... عذارى عليهنّ الملاء المذيّل
ويركدن بالآصال حولي كأنّني ... من العصم أدفى ينتحي الكيح أعقل
[60]
[قصيدة لجرير بن الغوث]:
وأنشد لجرير بن الغوث أحد بني كنانة بن القين مخضرم: [الكامل]
طرقت سويّة من بعيد بعد ما ... كادت حبالك يا سويّ تقضّب
جاءت تمايل في المطارف بادنا ... والخطو منقطع المطا متهيّب
فسألتها أنّى اهتدت لرحالنا ... أم كيف آبك طيفها المتأوّب
فثنت بسالفة كأنّ سموطها ... في جيد آلفة الرياض تضرّب
وتبسّمت بفم شنيب نبته ... كالأقحوان له ندى يتصبّب
عذب الرّضاب لو أنه يشفى به ... وصب لأدرك شكوه المتوصّب
نظرت إليك من الطّراف كأنما ... يعطو لصوتك شادن متربّب
عجبا لتيلك نظرة ولراقب ... غيران يرهبه الوعيد فيرهب
نظرت فكاد يشاب شرّ ببننا ... ولربّما يجني الدّلال ويأشب
اخترت عن خبر يزيد فضافني ... همّي فكان إلى يزيد المرغب
فإليك تختضع المطيّ كأنّها ... عوج القسيّ الماسخيّة تشسب
وردت نطاف فلم تجد بللا بها ... قد كان أذهبه سموم صيهب
حتى دفعن إلى يزيد ولم يكن ... ليروع طالبه السّنيح الأعضب
بعث البشير وكان ولد بليلة ... ميمونة ولقاه يوم طيّب
فدعا له الخلفاء لما بشّروا ... كيما يرى قمرا ينير ويحجب
ملكا فلم تر غير عام واحد ... حتّى مضت لك شرطتان وموكب
شربت قريش سؤره ورضوا به ... ورجوا منازله العلى فتذبذبوا
لك فوق من يطأ الحصى أكرومة ... فافخر بفضل يا يزيد يغلّب
بيتان قد فرعا البيوت بناهما ... أبواك حيث تنجّب المتنجّب
ما مثل أمّكما التي ولدتكما ... أم ولا كأبيكما ملكا أب
نزلا بكم وسط السماء فلم يكن ... مثل الّذي نزلا منازل تطلب
هدم الحصون من العدوّ وحصنه ... بالأمن مرتفع المناكب مصعب
أفق ترى رايته من فوقه ... كالطّير تحنو مرّة وتقلّب
[61] قال أبو علي: قال لي أبو بكر بن دريد يقال: ألاح الرجل على الرجل يليح إذا جزع عليه وأنشد: [الطويل](1/741)
طرقت سويّة من بعيد بعد ما ... كادت حبالك يا سويّ تقضّب
جاءت تمايل في المطارف بادنا ... والخطو منقطع المطا متهيّب
فسألتها أنّى اهتدت لرحالنا ... أم كيف آبك طيفها المتأوّب
فثنت بسالفة كأنّ سموطها ... في جيد آلفة الرياض تضرّب
وتبسّمت بفم شنيب نبته ... كالأقحوان له ندى يتصبّب
عذب الرّضاب لو أنه يشفى به ... وصب لأدرك شكوه المتوصّب
نظرت إليك من الطّراف كأنما ... يعطو لصوتك شادن متربّب
عجبا لتيلك نظرة ولراقب ... غيران يرهبه الوعيد فيرهب
نظرت فكاد يشاب شرّ ببننا ... ولربّما يجني الدّلال ويأشب
اخترت عن خبر يزيد فضافني ... همّي فكان إلى يزيد المرغب
فإليك تختضع المطيّ كأنّها ... عوج القسيّ الماسخيّة تشسب
وردت نطاف فلم تجد بللا بها ... قد كان أذهبه سموم صيهب
حتى دفعن إلى يزيد ولم يكن ... ليروع طالبه السّنيح الأعضب
بعث البشير وكان ولد بليلة ... ميمونة ولقاه يوم طيّب
فدعا له الخلفاء لما بشّروا ... كيما يرى قمرا ينير ويحجب
ملكا فلم تر غير عام واحد ... حتّى مضت لك شرطتان وموكب
شربت قريش سؤره ورضوا به ... ورجوا منازله العلى فتذبذبوا
لك فوق من يطأ الحصى أكرومة ... فافخر بفضل يا يزيد يغلّب
بيتان قد فرعا البيوت بناهما ... أبواك حيث تنجّب المتنجّب
ما مثل أمّكما التي ولدتكما ... أم ولا كأبيكما ملكا أب
نزلا بكم وسط السماء فلم يكن ... مثل الّذي نزلا منازل تطلب
هدم الحصون من العدوّ وحصنه ... بالأمن مرتفع المناكب مصعب
أفق ترى رايته من فوقه ... كالطّير تحنو مرّة وتقلّب
[61] قال أبو علي: قال لي أبو بكر بن دريد يقال: ألاح الرجل على الرجل يليح إذا جزع عليه وأنشد: [الطويل]
وقد رابني من صاحبي أنّ صاحبي ... يليح على قرصي ويبكي على جمل
فلو كنت عذريّ العلاقة لم تبت ... بطينا وأنساك الهوى شدّة الأكل (1)
قال: إنما قال (2) عذري الهوى لأن العشق في بني عذرة كثير. ويليح: يذهب به، ويليح: يشفق.
قال ويقال: أشباك بفلان، كما يقال: حسبك بفلان، وأنشد: [الهزج]
وذو الرّمحين أشباك ... من القوّة والحزم
قال ويقال: بسل في معنى آمين، يحلف الرجل ثم يقول: بسل. والبغز بالزاي:
النشاط للإبل، قال الشاعر: [البسيط]
تخال باغزها بالليل مجنونا
__________
(1) أوردها المبرد في «الكامل» بلفظ:
وقدر ابني من ذهدم أن زهدما ... يشد على خبز ويبكي على جمل
فلو كتب عندي العلاقة لم تكن ... مينا وأنساك الهوى كثرة الأكل
ونسبه لأعرابي «الكامل» (691).
(2) كذا بالأصل والذي وقع في الشعر قبله عذري العلاقة. ط(1/742)
والحنج: الأصل، يقال: فلان في حنج صدق أي: في أصل كرم. والدّعبوب: الطريق الدارس، وأنشد: [البسيط]
وكلّ (1) قوم وإن طالت سلامتهم ... يوما طريقهم في الشّرّ دعبوب (2)
والدّعبوب: حبّ أسود يختبز في الجدب. وقالوا: رجل دعبوب أي: ضعيف.
والدّعبوب: نمل. ويقال: حضنهم بمعنى منعهم. قال: وقالت الأنصار يوم السّقيفة:
أنحضن عن هذا.
[63] وأنشد أبو علي قال: قال أنشدني ابن الأعرابي لمحمد بن وهيب: [الطويل]
إذا اختلجت عيني رأت من تحبّه ... فدام لعيني ما حييت اختلاجها
وما ذقت كأسا مذ تعلّقني الهوى ... فأشربها إلا ودمعي مزاجها
[64] وأنشد لأبي بكر بن دريد: [الكامل]
لو أنّ قلبا ذاب من كمد ... ما كان بين ضلوعه قلب
لو كنت صبّا أو تسرّ هوى ... لعلمت ما يتجرّع الصّبّ
يهوى اقترابك وهو قاتله ... فشفاوه وسقامه القرب
[65] وأنشد له: [البسيط]
صدغ كقادمة الخطّاف منعطف ... في وجنة يجتنى من صحنها الورد
لو ذاب من نظر خدّ لرقّته ... لذاب من لحظ عيني ذلك الخدّ
[66] [ضبط أسماء متشابهة]: قال أبو بكر بن دريد: قال أبو هفّان المهزميّ: قال الأصمعي: السّدوس بفتح السين: الطّيلسان. والسدوس بضم السين: اسم القبيلة. قال:
وخالفه سيبويه في الطيلسان بالضم وفي القبيلة بالفتح، فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى، فقال: القول ما قال الأصمعي. ويقال: كل ما في العرب عدس بضم العين وفتح الدال إلا عدس بن زيد فإنه بضمهما. وكل ما في العرب سدوس بفتح السين إلا سدوس ابن أصمع في طيء. وكل ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه. وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحاف بن قضاعة.
وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان في جرم بن ربّان.
[67]
[الوليد بن مسعدة يصف عودا]:
قال: وحدثنا أبو سعيد السكري قال: أتي عبد الملك بعود، فقال للوليد بن مسعدة
__________
(1) البيت لابن هرمة كما في «اللسان» مادة «دعب» وفي أشعار الهذليين أنه لجنوب أخت عمرو ذي الكلب راجع: أشعار الهذليين طبع لندن (ص 241). ط
(2) هكذا في الأصل وعبارة «اللسان»: والدعبوب: الطريق المذلل «الموطأ» الواضح الذي يسلكه الناس، قالت جنوب الهذلية: وكل قوم وإن عزوا وإن كثروا إلخ اهـ. ط(1/743)
الفزاري: ما هذا؟ قال: عود يشقّق ثم يرقّق ثم يعلّق عليه أوتار يضرب بها فتضرب الكرام برءوسها الحيطان، وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس إلا ويعلم منه مثل ما أعلم، أنت أوّلهم يا أمير المؤمنين.
* * * [68] وقال سلامة بن جندل: [البسيط]
ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل ... يعطى دواء قفيّ السّكن مربوب
الأسفى: الخفيف الناصية، والاسم منه السّفا مقصور، والفعل سفي يسفى سفا مثل عمي يعمى عمى، والسّفاء ممدود من الطّيش والجهل، وكذلك من الخفّة.
[69]
[قصيدة كثر مدعوها]:
قال أبو علي: قال أبو بكر بن دريد، قال: أبو عثمان الأشنانداني: كثر مدّعو هذه القصيدة، فما أدري لمن هي، وكان أبو عبيدة يصححها لعليل بن الحجّاج الهجيمي، وهي هذه: [البسيط]
أمّا القطاة فإنّي سوف أنعتها ... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها
سكّاء مخطومة في ريشها طرق ... سود قوادمها صفر خوافيها
تنتاش صفرا بأفحوص بقنّتها ... يكاد يأزي على الدّعموص آزيها
تسقي رذيّين بالموماة قوتهما ... في ثغرة النّحر من أعلى تراقيها
كأن مجلوزة قدّام جؤجؤها ... أو جرو حنظلة لم يعد واعيها
تشتقّ في حيث لم تنفذ مصعّدة ... ولم تصوّب إلى أدنى مهاويها
حتى إذا استأنيا للوقت واحتضرت ... تجرّسا الوحي منها عند غاشيها
فرفّعا من شئون غير زاكية ... على لديدي أعالي المهد ألحيها
مدّا إليها بأفواه ميسّرة ... صعرا ليستنزلاها الرّزق من فيها
كأنّها حين مدّاها لرزقهما ... طلى بواطنها بالورس طاليها
حثلين رضّا رفاض القيض عن زغب ... ورق أسافلها بيض أعاليها
ترأّدا حين قاما ثمّت اختطيا ... على نحائف ميّاد مجاثيها
تكاد من لينها تنآد أسوقها ... تأوّد الرّبل لم تعرد نواميها
لا أشتكي نوشة الأيّام من ورقي ... إلا إلى من أرى أن سوف يشكيها
لدلهم مأثرات قد عرفن له ... إنّ المآثر معدود مساعيها
تنمي به من بني لأي دعائمها ... ومن جمانة لم تخضع سواريها
بنى له في بيوت المجد والده ... وليس من ليس يبنيها كبانيها
[70](1/744)
أمّا القطاة فإنّي سوف أنعتها ... نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها
سكّاء مخطومة في ريشها طرق ... سود قوادمها صفر خوافيها
تنتاش صفرا بأفحوص بقنّتها ... يكاد يأزي على الدّعموص آزيها
تسقي رذيّين بالموماة قوتهما ... في ثغرة النّحر من أعلى تراقيها
كأن مجلوزة قدّام جؤجؤها ... أو جرو حنظلة لم يعد واعيها
تشتقّ في حيث لم تنفذ مصعّدة ... ولم تصوّب إلى أدنى مهاويها
حتى إذا استأنيا للوقت واحتضرت ... تجرّسا الوحي منها عند غاشيها
فرفّعا من شئون غير زاكية ... على لديدي أعالي المهد ألحيها
مدّا إليها بأفواه ميسّرة ... صعرا ليستنزلاها الرّزق من فيها
كأنّها حين مدّاها لرزقهما ... طلى بواطنها بالورس طاليها
حثلين رضّا رفاض القيض عن زغب ... ورق أسافلها بيض أعاليها
ترأّدا حين قاما ثمّت اختطيا ... على نحائف ميّاد مجاثيها
تكاد من لينها تنآد أسوقها ... تأوّد الرّبل لم تعرد نواميها
لا أشتكي نوشة الأيّام من ورقي ... إلا إلى من أرى أن سوف يشكيها
لدلهم مأثرات قد عرفن له ... إنّ المآثر معدود مساعيها
تنمي به من بني لأي دعائمها ... ومن جمانة لم تخضع سواريها
بنى له في بيوت المجد والده ... وليس من ليس يبنيها كبانيها
[70]
[مبحث في لاجرم]:
قال أبو علي: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم، قال: ذهب بعضهم إلى أن لا جرم أصله تبرئة ونفي بمنزلة لا بدّ ولا محالة، ثم نقل عن التبرئة إلى القسم كما قالوا: لأقومنّ حقّا يقينا، ثم قدموا حقّا فجعلوه قسما فقالوا: حقّا لأزورنّك. وجرم اسم منصوب بلا على التبرئة، ولا خبرها هنا للتبرئة إذ لم يقصد لها، إنما قصد للإقسام والحلف، وإلى هذا القول ذهب الفراء وأصحابه. وفيه جواب آخر وهو أن أصله فعل ماض فحوّل عن طريق الفعل ومنع التصرف فلم يكن له مستقبل ولا دائم ولا مصدر، وجعل مع لا قسما، وتركت الميم على فتحها الذي كان لها في معنى المضى، وإن كان الحرف منقولا إلى الأداة، كما نقلوا حاشي وهو فعل ماض مستقبله يحاشي ودائمه محاش ومصدره محاشاة من باب الأفعال إلى باب الأدوات لمّا أزالوه عن التصرف، فقالوا: قام القوم حاشيا عبد الله فخفضوا به، ولو كان فعلا ما عمل خفضا وأبقوا عليه لفظ الفعل الماضي، وكما نقلوا ليس وأصلها الفعل الماضي عن أصلها إلى سبيل الأدوات لما أزالوها عن التصرف وخروج المصدر منها فأقرّوا أخرها على أمرها الأول. فإن قيل: كيف تكون لا جرم قسما وليس فيه معظّم يقسم به، قيل: إن الإقسام عند العرب على ضربين أحدهما يقع الإقسام فيه بمن يجلّ قدره وتعلو منزلته، وهو الذي تسبق إليه الأفهام، ويستعمل في أكثر الكلام حين يقول القائل: وإلهي لأفعلنّ ذلك، وكقيل العرب في الجاهلية: والرّحم لأقصدنّك، والعشيرة لأقضينّ حقك، وهو مكروه عند أهل العلم لأنه لا ينبغي أن يحلف حالف بغير الله تبارك وتعالى. والضرب الثاني أن يعتقد الحالف اليمين والحلف بالعظيم عندهم الكبير في نفسه، ثم يأتي ببدل منه، فيقول: حلفا صادقا لأزورنّك، فجعل حلفا صادقا مكتفى به عن المحلوف به عند وضوح المعنى، ولو أظهر اليمين ولم يبن على الاكتفاء والاختصار لقال: أحلف بالله حلفا صادقا، ولهذه العلة أقسموا بالحقّ، فقالوا: حقّا لأفعلن ذلك إذ جعلوه عوضا من اليمين، وحموا على الحق ألفاظا معناهم فيها كمعناه، فقالوا: كلّا لأطيعنّك، يعنون حقّا. وقالت الفصحاء: جير لأفعلنّ، وعوض لأجلسنّ، يعنون بتينك اللفظتين حقا، فاحتملت لا جرم من معنى الإقسام مثل الذي احتملت كلّا وجير وعوض. قال أعشى بكر: [الطويل]
رضيعي لبان ثدي أم تحالفا ... بأسحم داج عوض لا نتفرّق
وقال الآخر (1): [الطويل]
وقلن على الفردوس أوّل مشرب ... أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره (2)
__________
(1) هو المضرّ بن ربعي، راجع شواهد مغني اللبيب طبع مطبعة محمد أفندي مصطفى (ص 125). ط
(2) أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (478) وابن عدي في «الكامل» (7/ 2595) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/ 244) و «المجمع» (8/ 24) وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 203).(1/745)
قال أبو بكر: دعاثره يعني: حياضا. وقال الكميت: [الطويل]
أأسلم ما تأتي به من عداوة ... وبغض لهم لا جير بل هو أشجب
وقال الآخر [رجز]:
إن الذي أغناك يغنيني جير ... والله نفّاح اليدين بالخير
وقال الآخر: [الرجز]
جامع قد أسمعت من تدعو جير ... ولا ينادي جامع إلى خير
وقال الآخر: [البسيط]
كلّا زعمتم بأنّا لا نقاتلكم ... إنّا لأمثالكم يا قومنا قتل
أراد: حقّا زعمتم، والراء في جير مكسورة، والضاد في عوض مضمومة. ومن العرب من يغيّر لفظ جرم مع لا خاصة لتحوّلها عن لفظ الفعل، فيقول بعضهم: لا جرم بضم الجيم وسكون الراء، ويقول آخرون: لاجر بفتح الجيم والراء وحذف الميم، ويقال: الذا جرم ولا ذا جر بغير ميم، ولا أن ذا جرم ولا عنّ ذا جرم، ومعنى اللغات كلها حقّا. وأنشد الفراء هذا البيت وبعض الثاني: [الرجز]
لأهدرنّ اليوم هدرا صادقا ... هذر المعنّى ذي الشقاشق الّلهمّ
إنّ كلابا والدي لا ذا جرم
[71]
[في الحسد]:
قال أبو علي: وحدثنا أبو بكر، قال: قال يحيى بن خالد: الحسود عدوّ مهين، لا يدرك وتره، ولا ينال ثأره إلا بالمنى.
قال وقال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف الثقفي: إنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه، فعب نفسك. قال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: تفعلنّ. قال: أنا لجوج حسود حقود، فقال عبد الملك: ما في الشيطان شيء شرّ مما ذكرت.
وقال الأحنف بن قيس: الملول ليس له وفاء، والكذّاب ليست له حيلة، والحسود ليست له راحة، والبخيل ليست له مروءة، ولا يسود سيّء الخلق.
[72]
[المشورة]:
قال: ورى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رأس العقل الإيمان بالله والتودّد إلى الناس وما استغنى رجل استبدّ برأيه ولم يهلك أحد عن مشورة وإذا أراد الله بعبد هلكة كان أوّل ما يهلكه رأيه» (1).
وكان يقال: لا ظهير أوثق من المشورة.
قال: وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الحزم؟ فقال: «أن تستشير ذا الرّأي وتطيع أمره».
__________
(1) انظر «سير أعلام النبلاء» (4/ 306304).(1/746)
وقال أعرابي: ما غبنت قطّ حتى يغبن قومي. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا أفعل شيئا حتى أشاورهم.
[73] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي في الحمّى: [المتقارب]
تفاءلت باسم سواها لها ... كأن ليس لي باسمها خبره
فطورا ألقّبها سخنة ... وطورا ألقبها فتره
ويربو الطّحال إذا ما أكلت ... فيعلوا التّرائب والصّدره
كأني إذا رحت من منزلي ... لبست الثّياب على زكره
* * * [74] قال: وحدثنا الزبير، قال: حدثنا إبراهيم بن منذر، عن مطرف بن عبد الله بن خويلد الهذلي، عن أبيه، عن جده قال: بينا أنا وأبي نطوف بالبيت، إذا نحن بعجوز كبيرة تضرب أحد لحييها بالآخر، أقبح عجوز رأيتها قطّ، فقال لي: يا بني، أتعرف هذه؟ قلت:
ومن هذه؟ قال: هذه التي يقول فيها الشاعر: [البسيط]
سلام ليت لسانا تنطقين به ... قبل الذي نالني من قيله قطعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ... حتى إذا قلت هذا صادق نزعا
يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللّوم أم وقعا
[75] قال: وأنشدنا الزبير: [الطويل]
فلو كان يستغني عن الشّكر ماجد ... لعزّة مجد أو علوّ مكان
لما أمر الله العباد بشكره ... فقال اشكروا لي أيّها الثّقلان
[76]
[مكارم الأخلاق، وإكرام صديق الوالد والضيف، والوصية بالعشيرة، والعدل، والصدق، وترك الجهالة، وقبول النصيحة]:
قال: وأنشدني الرياشي، قال: أنشدنيها تمام للحارث بن عباس بن مرداس السّلمي يوصي ابنه رضي الله تعالى عنهما: [الكامل]
احفظ بنيّ وصيّة أوصيكها ... إن كنت تؤمن بالكتاب المنزل
أكرم خليل أبيك حيث لقيته ... ولقد عققت أباك إن لم تفعل
والجار أكرم جار بيتك ما دنا ... حتى يبين ثواءكم في المنزل
والضّيف إنّ له عليك وسيلة ... لا يتركنّك ضحكة للنّزّل
ورفيق رحلك لا تجهّل إنما ... جهل الرّفيق على الرفيق النّيطل
واشغب بخصمك إنّ خصمك مشغب ... وإذا علوت على الخصوم فأجمل
واستوص خيرا بالعشيرة كلها ... ما حمّلوك من المثاقل فاحمل
يصلوا جناحك يا بنيّ وإنما ... يعلو الشّواهق ذو الجناح الأجدل
إن امرأ لا يستعدّ رجاله ... لرجال آخر غيره كالأعزل
وإذا أتتك عصابة في شبهة ... يتحاكمون إليك يوما فاعدل
واصدق إذا حدّثت يوما معشرا ... وإذا عييت بأصل علم فاسأل
وذر المجاهل إنها مشئومة ... وإن امرؤ أهدى النّصيحة فاقبل
[77] قال أبو بكر: وحدثنا أبو زيد عمر بن شبّة قال: حدثني الباهلي قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن مجالد وابن عياش، عن الشعبي قال: لما انهزم ابن الأشعث ضاقت بي الأرض، وكرهت ترك عيالي وولدي، فلقيت يزيد بن مسلم، وكان لي صديقا، وكانت الصداقة تنفع عنده، فقلت له: قد عرفت الحال بيني وبينك، وقد صرنا إلى ما ترى. قال: يا أبا عمرو، إن الحجاج لا يكذب ولا يعوى ولا ينبح، ولكن قم بين يديه وأقرّ بذنبك واستشهدني على ما شئت. قال: فو الله ما شعر الحجاج إلا وأنا ماثل بين يديه، فقال:(1/747)
احفظ بنيّ وصيّة أوصيكها ... إن كنت تؤمن بالكتاب المنزل
أكرم خليل أبيك حيث لقيته ... ولقد عققت أباك إن لم تفعل
والجار أكرم جار بيتك ما دنا ... حتى يبين ثواءكم في المنزل
والضّيف إنّ له عليك وسيلة ... لا يتركنّك ضحكة للنّزّل
ورفيق رحلك لا تجهّل إنما ... جهل الرّفيق على الرفيق النّيطل
واشغب بخصمك إنّ خصمك مشغب ... وإذا علوت على الخصوم فأجمل
واستوص خيرا بالعشيرة كلها ... ما حمّلوك من المثاقل فاحمل
يصلوا جناحك يا بنيّ وإنما ... يعلو الشّواهق ذو الجناح الأجدل
إن امرأ لا يستعدّ رجاله ... لرجال آخر غيره كالأعزل
وإذا أتتك عصابة في شبهة ... يتحاكمون إليك يوما فاعدل
واصدق إذا حدّثت يوما معشرا ... وإذا عييت بأصل علم فاسأل
وذر المجاهل إنها مشئومة ... وإن امرؤ أهدى النّصيحة فاقبل
[77] قال أبو بكر: وحدثنا أبو زيد عمر بن شبّة قال: حدثني الباهلي قال: حدثنا الهيثم بن عدي، عن مجالد وابن عياش، عن الشعبي قال: لما انهزم ابن الأشعث ضاقت بي الأرض، وكرهت ترك عيالي وولدي، فلقيت يزيد بن مسلم، وكان لي صديقا، وكانت الصداقة تنفع عنده، فقلت له: قد عرفت الحال بيني وبينك، وقد صرنا إلى ما ترى. قال: يا أبا عمرو، إن الحجاج لا يكذب ولا يعوى ولا ينبح، ولكن قم بين يديه وأقرّ بذنبك واستشهدني على ما شئت. قال: فو الله ما شعر الحجاج إلا وأنا ماثل بين يديه، فقال:
أعامر؟ قلت: نعم، أصلح الله الأمير. قال: ألم أقدم العراق فأحسنت إليك وأدنيتك وأوفدتك على أمير المؤمنين واستشرتك؟ قلت: بلى أيها الأمير. قال: فأين كنت من هذه الفتنة؟ قلت: استشعرنا الخوف، واكتحلنا السّهر، وأحزن بنا المنزل، وأوحش بنا الجناب، وفقدنا صالح الإخوان، وشملتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، وهذا يزيد بن أبي مسلم قد كان يعرف عذري، وكنت أكتب إليه. فقال: صدق، أصلح الله الأمير، قد كان يكتب إليّ بعذره ويخبرني بحاله. فقال الحجاج: فهذا الأحمق ضربنا بسيفه ثم جاءنا بالأكاذيب. كان وكان، انصرف إلى أهلك راشدا (1).
[78]
[شعر في الشباب والهرم، وبر الوالدين]:
وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي، قال: أنشدنا التوزي لغلام يقوله في مؤدّبة، وكان أقعد، فقال: [الرمل]
فرح المقعد لما أقعدا ... فرحة لله حتّى سجدا
فسألناه لماذا قال لي ... إنني كنت زمانا مفسدا
أشترى الثوب فلا يقطعني ... فهو اليوم قميص وردا
[79] قال: وأنشدني الرياشي للربيع بن ضبع الفزاري هذه الأبيات: [الوافر]
ألا أبلغ بنيّ بني ربيع ... فأنذال البنين لكم فداء
بأني قد كبرت ورقّ عظمي ... فلا يشغلكم عني النساء
وإن كنائني لنساء صدق ... وما أشكو بنيّ وما أسائوا
__________
(1) ينشدونه في الشواهد: إذا كان الشتاء فأدق توني شاهد على كان التامة.(1/748)
إذا جاء الشتاء فأدفئوني ... فإن الشيخ يهرمه الشتاء (1)
وأمّا حين يذهب كلّ قرّ ... فسربال خفيف أو رداء
إذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد أودى المسرّة والفتاء (2)
[80] قال أبو بكر: ولبعض المحدثين شبيه بهذا: [الرمل]
لا تدع لذّة يوم لغد ... وبع الغيّ بتعجيل الرّشد
إنها إن أخّرت عن وقتها ... باختداع النفس عنها لم تعد
فاشغل النفس بها عن شغلها ... لا تفكّر في حميم وولد
أو ما خبّرت عمّا قيل في ... مثل باق على مرّ الأبد
إنما دنياي نفسي فإذا ... تلفت نفسي فلا عاش أحد
قال أبو بكر: وسألت بندار بن لرّة عن قول عمر: يشئز، فقال لي: يزعج، وأنشدني [مخلع البسيط]:
أهاجك العارض الوميض ... نعم فقلبي له مهيض
يشئزني الشّوق عن فراشي ... وكيف يشتاق من يبيض
ومعنى يبيض: يقيم فلا يبرح، يقال: باض فلان بالمكان وألبّ به وأربّ به إذا لزمه فلا يبرحه. ومعنى البيت: كيف يشتاق من لا يتهيّأ له أن يبرح موضعه ويقصد وطن محبوبه!
[82]
[أطيب المجالس]:
قال: وحدثنا محمد بن يزيد قال: قيل للأحنف بن قيس: أيّ المجالس أطيب؟ قال:
ما سافر فيه البصر واتّدع فيه البدن.
[83]
[أحسن الأماكن والأشياء]:
وقيل للمأمون: ما أحسن الأماكن؟ قال: ما بعد فيه نظرك ووقف استحسانك عليه.
فقيل له: فأيّ الأشياء أحسن؟ فقال: أحسن الأشياء ما نظر إليه الناس.
[84]
[أطيب المواضع والأوقات]:
قال: وقال محمد بن يزيد: حدثني بعض أولاد العجم، قال: قيل لشرّاعة بن الزّندبوذ: أيّ المواضع أطيب؟ قال: ما اجتمع حسنه، وتوسّطت مسافة النظر إليه. وقيل له:
أي أوقات الشّرب أطيب؟ قال: نشاط على غبّ. قيل له: فإذا استوى ذلك؟ قال: لا تقوم الخلافة بضحكات الصّبوح. قيل له: فمن أمتع الجلساء؟ قال: الذي إذا عجّبته عجب، وإذا غنّي طرب، وإذا أعطي شرب، قيل له: فأي المواضع أطيب للشرب؟ قال: إذا لم تكن شمس محرقة ولا مطر مغرق، فالشرب على وجه السماء.
__________
(1) ويروى: فقد ذهب المروءة والفتاء كذا في هامش الأصل. ط
(2) أخرجه الزجاجي في «أماليه» (ص 160159).(1/749)
[85] وأنشدنا الزبير لعبد الرحمن بن حسان في آل سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنهم: [المتقارب]
أعفّاء تحسبهم ملحيا ... ء مرضى تطاول أسقامها
يهون عليهم إذا يغضبو ... ن سخط العداة وإرغامها
ورتق الفتوق وفتق الرّتوق ... ونقض الأمور وإبرامها
[86] قال: وأخبرنا الزبير، قال: حدثنا عمر بن عثمان، قال: حدثني رجل من أهل منبج قال: قدم علينا الحكم بن المطّلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ولا مال معه، فأغنانا كلّنا. فقلنا: كيف ذاك؟ قال: علّمنا مكارم الأخلاق فعاد غنيّنا على فقيرنا فغنينا كلّنا.
[87] قال عمر بن عثمان قال الرّاتجيّ يرثي الحكم بن المطلب: [البسيط]
ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها ... من التّهدّم بالمعروف والكرم
سالوا عن المجد والمعروف ما فعلا ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم
[88] قال (1): وحدثنا الزبير، قال: حدثنا ابن عياش السعدي، عن أبيه قال: رأيت جارية من العرب وضيئة أعجبتني، فماشيتها إلى مظلّتها، فقالت لي عجوز بفناء المظلّة:
مالك ولهذا الغزال النّجدي؟ والله لا تحلى منه بشيء. فقالت الجارية: دعيه يا أمّاه يكن كما قال ذو الرّمة: [الطويل]
وإن لم يكن إلا معرّس ساعة ... قليل فإنّي نافع لي قليلها
[89] قال: وحدثنا أبو العباس، عن ابن عائشة قال: وقف وفد بباب عمر بن عبد العزيز، فأبطأ عليهم إذنه، فقال أحدهم: ما يصلح هذا أن يكون عبدا للحجاج، فنمت الكلمة إليه، فأذن لهم فدخلوا، فقال: أيكم القائل كذا وكذا؟ قال: فأرمّوا، فقال: حقّا لتقولنّ، فقال رجل من القوم: أنا قلتها وما ظننتها تبلغ ما بلغت. قال: فإن الله يغفر لك، كيف ذكرت الحجاج وما كانت له دنيا ولا آخرة! فهلا فضّلت عليّ زيادا الذي جمع لهم كما تجمع الذّرّة وحاطهم كما تحوط الأمّ البرّة!.
[90] قال: وحدثنا محمد بن يزيد قال: خرج سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم إلى منتزه له، وحمل معه بناته، فاتبعه أشعب، فلم يجد مسلكا للدخول عليه، فتسوّر الجدار، فقال له وقد بصر به: يا أشعب، اتّق الله بناتي بناتي، فقال أشعب: لقد علمت ما لنا في بناتك من حقّ وإنّك لتعلم ما نريد. قال: فضحك منه وأدخله.
[91] قال: وحدثني محمد بن يزيد، قال: حدثني علي بن عبد الله، قال: دخل قوم علي عمر بن عبد العزيز. رضي الله تعالى عنه، فكلّمهم فأغلظوا له، فغضب. فقال له ابنه
__________
(1) كذا في الأصل ولعله محرف عن يحسبك بتقديم السين على الموحدة أي: يكفيك من قولهم أحسبني الشيء أي: كفاني. ط(1/750)
عبد الملك: وما يغضبك يا أمير المؤمنين وإنما يحبسك (1) أن تأمر فتطاع؟ فقال: أما غضبت أنت يا عبد الملك؟ قال: بلى والله، ولكن ما ينفعني حلمي إذا لم أردّه على غضبي فيسكن، وأنشد: [الطويل]
وما الحلم إلا ردّك الغيظ في الحشا ... وصفحك بالمعروف والصّدر واغر
ترى المجد والأحلام فينا فما ترى ... سفيها هفا إلّا وآخر زاجر
[92]
[شعر في الهوى، وإمرة المحبوب]:
قال: وأنشدنا الزبير، قال: أنشدني عمي مصعب بن عبد الله، قال: الزبير وأنشدنيه سعيد بن عمر الزبيري، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله تعالى عنهم هذه الأبيات: [الوافر]
تغلغل حبّ عثمة في فؤادي ... وباديه مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
صدعت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتأم الفطور
أكاد إذا ذكرت العهد منها ... أطير لو أنّ إنسانا يطير
وأنفذ قادحاك سواد قلبي ... فأنت عليّ ما عشنا أمير
[93] قال: وأنشدنا الزبير: [البسيط]
لا تشتمنّ امرأ من أن تكون له ... أمّ من الرّوم أو صفراء دعجاء
فربّ معربة ليست بمنجبة ... وربّما أنجبت للفحل عجماء
وإنما أمّهات القوم أوعية ... مستودعات وللأحساب آباء
[94] قال: وأنشدني الزبير قال: أنشدني عمّي لابن الحر: [الطويل]
إن تك أمّي من نساء أصابها ... سباء القنا والمرهفات الصّفائح
فتبّا لفضل الحرّ إن لم أنل به ... كرائم أبناء النساء الصّرائح
[95]
[بين يزيد بن عبد الملك وفي عهده هشام]:
قال: وحدثنا الرياشي، قال: كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام، وكان الخليفة بعده، هذه الأبيات: [الطويل]
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فما عيش من يرجو رداي بضائري ... وما عيش من يرجو رداي بمخلد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تجهّز لأخرى مثلها فكأن قد
[96] قال: فكتب إليه هشام: [الطويل]
ومن لا يغمّض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبّع جاهدا كلّ عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدّهر صاحب
[97] قال فكتب إليه يزيد: [الطويل](1/751)
ومن لا يغمّض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبّع جاهدا كلّ عثرة ... يجدها ولا يسلم له الدّهر صاحب
[97] قال فكتب إليه يزيد: [الطويل]
لعمرك (1) ما أدرى وإنّي لأوجل ... على أيّنا تعدو المنيّة أوّل
وإنّي على أشياء منك تريبني ... قديما لذو صفح على ذاك مجمل
إذا سؤتني يوما صفحت إلى غد ... ليعقب يوما منك آخر مقبل
وإني أخوك الدائم العهد لم أحل ... إن ابزاك خصم أو نبا بك منزل (2)
أحارب من حاربت من ذي عداوة ... وأحبس مالي إن غرمت فأعقل
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أيّ كفّ تبدّل
وكنت إذا ما صاحب رام ظنّتي ... وبدّل سوءا بالذي كنت أفعل
قلبت له ظهر المجنّ ولم أدم ... على ذاك إلا ريث ما أتحوّل
وفي الناس إن رثّت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلي متحوّل
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل
ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل
[98] قال أبو علي: وأنشدنا أبو بكر قال: أنشدنا الزبير بن بكار: [الطويل]
وأبثثت عمرا بعض ما في جوانحي ... وجرّعته من مرّ ما أتجرّع
ولا بدّ من شكوى إلى ذي حفيظة ... إذا جعلت أسرار نفسي تطلّع
[99] قال: وأنشدنا أيضا: [الطويل]
ألا يا خليل النفس هل أنت قائل ... لزينب حاجاتي التي أنا هائب
وما بي عيّ أن أقول بحاجتي ... ولكنّما يمشي عليّ الرّقائب
بلى فاسلمي يا دار زينب وانعمي ... صباحا إذا ما كان سلم مقارب
فأمّا سلام والحروب مكانها ... فلا كيف يهدي بالسلام المحارب
[100] قال أبو علي: وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب لبعضهم: [البسيط]
إنّي وإنّ بني عمّي لفي خلق ... عمّا قليل أراه سوف ينكشف
يزمّلون جنين البغض بينهم ... والضّغن أسود أو في وجهه كلف
إذا لقيناهم نمّت عيونهم ... والعين تخبر ما في القلب أو تصف
__________
(1) بهامش الأصل: يروى لعمرو، وهذا الشعر لمعن بن أوس. ط
(2) أبزاك خصم: غلبك وقهرك، ومنه قول أبي طالب يعاتب قريشا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمدحه:
كذبتم وحق الله يزي محمد ... ولما نطاعن دونه ونناضل ط(1/752)
[101]
[بنت مسلمة بن عبد الملك ونصيب الشاعر]:
قال: وحدثنا محمد بن يزيد، قال: حدثني ابن عائشة قال: قال مسلمة بن عبد الملك لنصيب: أمدحت فلانا؟ يعني رجلا من أهل بيته. قال له: قد كان ذاك. قال: أو حرمك؟ قال: قد كان ذاك. قال: أفلا هجوته؟ قال: لم أفعل. قال: ولم؟ قال: لأني كنت أحقّ بالهجاء منه، إذ وضعت مدحي في مثله، فأعجب مسلمة قوله، فقال له:
سلني. قال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: لأن يدك بالعطاء أسمح مني بالسؤال، فأعطاه ألف دينار.
[102] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لشيخ من الأزد يقوله في محمد بن يحيى بن خالد وقد امتدحه فحرمه: [الوافر]
أقلني يا محمّد بن يحيى ... مقالا لم أكن فيه صدوقا
جعلتك فيه ذا مجد وبئس ... وتلك مقالة بك لن تليقا
فلست بضائر أبدا عدوّا ... ولست بنافع أبدا صديقا
[103] قال: وأنشدنا أيضا: [الطويل]
من الناس من يغشى الأباعد نفعه ... ويشقى به حتّى الممات أقاربه
فإن كان خيرا فالبعيد يناله ... وإن كان شرا فابن عمك صاحبه
[104] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد: [الطويل]
سقاني هذيل من شراب كأنّه ... دم الجوف قد يدني الحليم من الجهل
حططت عليه وافر العقل صاحيا ... فما زال بالتقريب والأهل والسهل
وما زلت أسقى شربة بعد شربة ... من الراح حتى أبت مختلس العقل
سقاني ثلاثا واثنتين وأربعا ... فختّرن ما بين الذّؤابة والنّعل
فرحت كأنّ الأرض أركل متنها ... إذا هي دارت بي فيعدلها ركلي
كأنّي ونفسي بين دار ابن سالم ... ودار غريب في أفاحيص أو وحل
[105]
[كثير يختال لجميل ليرى بثينة]:
قال: وحدثنا أبو زيد عمر بن شبّة، قال: حدثنا الباهلي، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: حدثني أدهم التميمي قال: لقيت كثير عزّة، فقال لي: لقيني جميل بن معمر في موضعك هذا، فقال لي: من أين أقبلت؟ فقلت: من عند أبي الحبيبة وإلى الحبيبة، أعني أبا بثينة وأعني عزّة. فقال لي: إن لي إليك حاجة ولا بدّ من قضائها: ترجع إلى بثينة وتواعدها لي موعدا. قلت: إنّي أستحي من أبيها وعهدي به آنفا. قال: فلا بدّ من ذاك.
قلت: متى أحدث عهدك بها؟ قال: بالدّوم وهم يرحضون ثيابا. قال: فرجعت إلى أبيها
عودي على بدئي، فقال: ما ردّك يابن أخي؟ قال: قلت أبياتا عرضت لي أحببت أن أنشدكها قال: وما هي؟ قلت: [الطويل](1/753)
قلت: متى أحدث عهدك بها؟ قال: بالدّوم وهم يرحضون ثيابا. قال: فرجعت إلى أبيها
عودي على بدئي، فقال: ما ردّك يابن أخي؟ قال: قلت أبياتا عرضت لي أحببت أن أنشدكها قال: وما هي؟ قلت: [الطويل]
وقلت لها يا عزّ أرسل صاحبي ... على نأي دار والرّسول موكّل
بأن تجعلي بيني وبينك موعدا ... وأن تأمريني بالذي فيه أفعل
وآخر عهد منك يوم لقيتني ... بأسفل وادي الدّوم والثّوب يغسل
قال: فضربت بثينة الجدار، وقالت: اخسأ اخسأ، فقال لها الشيخ: مهيم يا بثينة؟
فقالت: كلب يأتينا إذا نوّم الناس من وراء الرابية. قال: فرجعت إلى جميل فأخبرته أنها قد وعدته إذا نوّم الناس من وراء الرابية.
[106] قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن يحيى قال: حدثني رجل من أهل اليمامة قال: كان لنا غلام زنجي أعجمي قد نطق وفهم شيئا من العربية، وكان يسوق ناضحا لنا ويرتجز بكلام لا نتبيّنه، فمر بنا رجل فسمع كلامه وأصغى إليه، فقلنا له: أتفهم ما يقول؟
قال: نعم ينشد: [الطويل]
فقلت لها أنّى اهتديت لفتية ... أناخوا بجعجاع قلائص سهّما
فقالت كذاك العاشقون ومن يخف ... عيون الأعادي يجعل اللّيل سلّما
قال: فكنا نتفهمه بعد فنرد لفظه إلى ترجمتنا.
[107] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي يقوله في ابنه: [المتقارب]
ألا يا سميّة شبّي الوقودا ... لعلّ الليالي تؤدّي يزيدا
فنفسي فداؤك من غائب ... إذا ما المسارح أضحت جليدا
كفاني الذي كنت أسعى له ... فكان أبا لي وكنت الوليدا
[108]
[أبو جعفر المنصور والشامي الأديب]:
قال: وحدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثني رجل من ولد خزيمة بن يحيى قال: قدم رجل من أهل الشأم من بني مرّة على أبي جعفر المنصور، فتكلم معه كلاما حسنا، فقال له أبو جعفر: حاجتك؟ فقال: يبقيك الله يا أمير المؤمنين. قال: حاجتك فإنه ليس كلّ ساعة يمكنك هذا ولا تؤمر به؟ فقال: والله ما أستقصر عمرك، ولا أخاف بخلك، ولا أغتنم مالك، وإنّ سؤالك لشرف، وإن عطاءك لزين، وما بامرئ بذل وجهه إليك نقص ولا شين، فقال أبو جعفر: يا ربيع، لا ينصرف من مقامه إلا بمائة ألف درهم: فحملت معه.
* * * [109] قال: وأنشدنا محمد بن يزيد: [الخفيف]
كلّ يوم يمرّ يأخذ بعضى ... يأخذ الأطيبين منّي ويمضي
قد تلذّذت بالمعاصي قديما ... نفس كفّي ليس المعاصي بفرض
[110] قال: وأنشدنا أيضا: [الخفيف](1/754)
كلّ يوم يمرّ يأخذ بعضى ... يأخذ الأطيبين منّي ويمضي
قد تلذّذت بالمعاصي قديما ... نفس كفّي ليس المعاصي بفرض
[110] قال: وأنشدنا أيضا: [الخفيف]
كن حييّا إذا خلوت بذنب ... واحذر السّخط من عليّ مجيدا
ويك بارزت من يراك عتوّا ... وتواريت عن عيون العبيد
وبحلم الإله عدت إلى الذن ... ب ولم تخش غبّ يوم الوعيد
أقرأت القرآن أم لست تدري ... أن ذا العرش دون حبل الوريد
[111]
[رثاء أبي بكر بن دريد، وشعر في الوجد والسّلوة عند المصيبة، والرضى بالقضاء، وتبدّل الحال مع الدّهر]:
انتهى ما أملاه أبو علي من النوادر زائدا على ما في الأمالي صلة لها بحمد الله وعونه، وآخر ما جمعت من ذلك قصيدة رثي بها أبو بكر بن دريد لبعض البغداديين يقولها فيه تغمّده الله برحمته ورضوانه وهي هذه: [الطويل]
يلوم على فرط الأسى ويفنّد ... خليّ من الوجد الذي يتجدّد
ويكبر أن ينهلّ دمع أراقه ... تضرّم نار في الحشا ليس تخمد
ويستصغر الرّزء الذي جلّ قدره ... وكلّ امرئ باك عليه ومسعد
حرام على الأجفان أن ترد الكرى ... أجل مالها إلا التّسهّد مورد
وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ... بلى حظّه حزن به الدهر يكمد
فما لجفوني عذرة حين ترقد ... ولا لدموعي سلوة حين تجمد
هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ... فيصمي الرّمايا حين يرمي ويقصد
فلا جمع إلّا والزمان مفرّق ... ولا شمل إلا بالخطوب مبدّد
ولا عهد إلا والليالي وصرفها ... تحول به عن كل ما كنت تعهد
ولا حال إلا وهي رهن تنقّل ... إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد
جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ... وليس لها ترك لما تتعوّد
فصبرا وتسليما لكل ملمّة ... إذا لم يكن يوما على الدهر منجد
لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ... منيت بها لكنّني أتجلّد
أفي كلّ يوم يفقد الدهر ماجدا ... يعزّ علينا فقده حين يفقد
وتفجعنا الدنيا بعلق مضنّة ... تنافس فيها ما حيينا وتحسد
نودّع خلّان الصفاء وتقطع ال ... مقادير منّا ودّ من يتودّد
نفارق من نلقى الرّدى بفراقه ... وينأى القريب الإلف منا ويبعد
أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ... وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد
عليك أبا بكر سلام ورحمة ... بها في جنان الخلد أنت مخلّد
وجاد ثرى ضمّنته كلّ وابل ... من المزن وكّاف يراح ويرعد
إذا ما استطار البرق في جناباته ... حسبت الظّبا فيه عشاء تجرّد
وإن أرزمت فيه الرّواعد خلته ... حنين متال في يفاع يردّد
فقد ضمّ منك التّرب مجدا وسوددا ... يقصّر عن أدنى مداه المسوّد
فقدناك فقدان المصابيح في الدّجى ... إذا ضلّ عن قصد الهداية مقصد
وماتت بموت العلم منك قلوبنا ... وكنت حياها لم تزل بك ترشد
لتبكك أبكار المعالي وعونها ... وغرّ القوافي حين تروى وتنشد
تسير مسير الأنجم الزّهر كلّما ... خبا ضوء شعر أشرقت تتوقّد
لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ... نشاهده إن ضمّنا منك مشهد
وجالستنا بالأصمعيّ ومعمر ... وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد
وخلنا أبا زيد لدينا ممثّلا ... وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد
وشاهدتنا بالمازنيّ وعلمه ... وما غاب عنّا إذ حضرت المبرّد
وكنت إماما في الروايات كلّها ... يضاف إليك الصّدق فيها ويسند
هوت أنجم الآداب والعلم واغتدت ... رياضهما من بعده وهي همّد
وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ... وأفنانه ميل رواء تميّد
فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ... ثوابتها تجتثّ منها وتعضد
مضيت أبا بكر حميدا وخلّفت ... مساعيك فضلا بيننا ليس يجحد
كما ودّع الغيث الذي عمّ نفعه ... وأضحى به كلّ البرية يرفد
توحّدت بالآداب والعلم والحجا ... فأنت بحسن الذكر منها موحّد
حمدنا بك الأيّام ثمّت عاضنا ... مصابك منها ذمّ ما كان يحمد
شهدنا على الأيّام أنّ سرورها ... غرور كما كنا بفضلك نشهد
على أيّ شيء منك نأسى إذا جرت ... محاسن وصف بادئات وعوّد
على علمك الوارى الزّناد إذا غدا ... زناد امرئ في علمه وهو مصلد
وأخلاقك العرّ التي لو تجسّدت ... لكانت نجوم السّعد حين تجسّد
على رأيك الماضي المضيء الذي به ... يفضّ رتاج الخطب والخطب مؤصد
لقد شملت فيك الرّزيّة يعربا ... ولم يخل منها فيك من يتمعدد
مضى ابن دريد ثم خلّد بعده ... صوائر أمثال تغور وتنجد
بدائع من نظم ونثر كأنّها ... عقود زهاها درّها حين تعقد
كأن لم تكن تروى غليل مسامع ... بقول به يطفى الغليل ويبرد
ولم تنده الخصم الألدّ بمسكت ... يغادره مستوهلا يتلدّد
ولم توقظ الآراء عند سناتها ... وقد توسن الآراء حينا وترقد
ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ... ثقافك منها كلّ ما يتأوّد
فما منك معتاض ولا عنك سلوة ... نظيرك معدوم وحزني مؤبّد
عليك سلام الله ما ذرّ شارق ... وغرد في الأيك الحمام المغرّد
* * * كمل الكتاب والحمد لله وحده حمدا كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(1/755)
يلوم على فرط الأسى ويفنّد ... خليّ من الوجد الذي يتجدّد
ويكبر أن ينهلّ دمع أراقه ... تضرّم نار في الحشا ليس تخمد
ويستصغر الرّزء الذي جلّ قدره ... وكلّ امرئ باك عليه ومسعد
حرام على الأجفان أن ترد الكرى ... أجل مالها إلا التّسهّد مورد
وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ... بلى حظّه حزن به الدهر يكمد
فما لجفوني عذرة حين ترقد ... ولا لدموعي سلوة حين تجمد
هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ... فيصمي الرّمايا حين يرمي ويقصد
فلا جمع إلّا والزمان مفرّق ... ولا شمل إلا بالخطوب مبدّد
ولا عهد إلا والليالي وصرفها ... تحول به عن كل ما كنت تعهد
ولا حال إلا وهي رهن تنقّل ... إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد
جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ... وليس لها ترك لما تتعوّد
فصبرا وتسليما لكل ملمّة ... إذا لم يكن يوما على الدهر منجد
لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ... منيت بها لكنّني أتجلّد
أفي كلّ يوم يفقد الدهر ماجدا ... يعزّ علينا فقده حين يفقد
وتفجعنا الدنيا بعلق مضنّة ... تنافس فيها ما حيينا وتحسد
نودّع خلّان الصفاء وتقطع ال ... مقادير منّا ودّ من يتودّد
نفارق من نلقى الرّدى بفراقه ... وينأى القريب الإلف منا ويبعد
أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ... وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد
عليك أبا بكر سلام ورحمة ... بها في جنان الخلد أنت مخلّد
وجاد ثرى ضمّنته كلّ وابل ... من المزن وكّاف يراح ويرعد
إذا ما استطار البرق في جناباته ... حسبت الظّبا فيه عشاء تجرّد
وإن أرزمت فيه الرّواعد خلته ... حنين متال في يفاع يردّد
فقد ضمّ منك التّرب مجدا وسوددا ... يقصّر عن أدنى مداه المسوّد
فقدناك فقدان المصابيح في الدّجى ... إذا ضلّ عن قصد الهداية مقصد
وماتت بموت العلم منك قلوبنا ... وكنت حياها لم تزل بك ترشد
لتبكك أبكار المعالي وعونها ... وغرّ القوافي حين تروى وتنشد
تسير مسير الأنجم الزّهر كلّما ... خبا ضوء شعر أشرقت تتوقّد
لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ... نشاهده إن ضمّنا منك مشهد
وجالستنا بالأصمعيّ ومعمر ... وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد
وخلنا أبا زيد لدينا ممثّلا ... وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد
وشاهدتنا بالمازنيّ وعلمه ... وما غاب عنّا إذ حضرت المبرّد
وكنت إماما في الروايات كلّها ... يضاف إليك الصّدق فيها ويسند
هوت أنجم الآداب والعلم واغتدت ... رياضهما من بعده وهي همّد
وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ... وأفنانه ميل رواء تميّد
فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ... ثوابتها تجتثّ منها وتعضد
مضيت أبا بكر حميدا وخلّفت ... مساعيك فضلا بيننا ليس يجحد
كما ودّع الغيث الذي عمّ نفعه ... وأضحى به كلّ البرية يرفد
توحّدت بالآداب والعلم والحجا ... فأنت بحسن الذكر منها موحّد
حمدنا بك الأيّام ثمّت عاضنا ... مصابك منها ذمّ ما كان يحمد
شهدنا على الأيّام أنّ سرورها ... غرور كما كنا بفضلك نشهد
على أيّ شيء منك نأسى إذا جرت ... محاسن وصف بادئات وعوّد
على علمك الوارى الزّناد إذا غدا ... زناد امرئ في علمه وهو مصلد
وأخلاقك العرّ التي لو تجسّدت ... لكانت نجوم السّعد حين تجسّد
على رأيك الماضي المضيء الذي به ... يفضّ رتاج الخطب والخطب مؤصد
لقد شملت فيك الرّزيّة يعربا ... ولم يخل منها فيك من يتمعدد
مضى ابن دريد ثم خلّد بعده ... صوائر أمثال تغور وتنجد
بدائع من نظم ونثر كأنّها ... عقود زهاها درّها حين تعقد
كأن لم تكن تروى غليل مسامع ... بقول به يطفى الغليل ويبرد
ولم تنده الخصم الألدّ بمسكت ... يغادره مستوهلا يتلدّد
ولم توقظ الآراء عند سناتها ... وقد توسن الآراء حينا وترقد
ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ... ثقافك منها كلّ ما يتأوّد
فما منك معتاض ولا عنك سلوة ... نظيرك معدوم وحزني مؤبّد
عليك سلام الله ما ذرّ شارق ... وغرد في الأيك الحمام المغرّد
* * * كمل الكتاب والحمد لله وحده حمدا كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(1/756)
يلوم على فرط الأسى ويفنّد ... خليّ من الوجد الذي يتجدّد
ويكبر أن ينهلّ دمع أراقه ... تضرّم نار في الحشا ليس تخمد
ويستصغر الرّزء الذي جلّ قدره ... وكلّ امرئ باك عليه ومسعد
حرام على الأجفان أن ترد الكرى ... أجل مالها إلا التّسهّد مورد
وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ... بلى حظّه حزن به الدهر يكمد
فما لجفوني عذرة حين ترقد ... ولا لدموعي سلوة حين تجمد
هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ... فيصمي الرّمايا حين يرمي ويقصد
فلا جمع إلّا والزمان مفرّق ... ولا شمل إلا بالخطوب مبدّد
ولا عهد إلا والليالي وصرفها ... تحول به عن كل ما كنت تعهد
ولا حال إلا وهي رهن تنقّل ... إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد
جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ... وليس لها ترك لما تتعوّد
فصبرا وتسليما لكل ملمّة ... إذا لم يكن يوما على الدهر منجد
لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ... منيت بها لكنّني أتجلّد
أفي كلّ يوم يفقد الدهر ماجدا ... يعزّ علينا فقده حين يفقد
وتفجعنا الدنيا بعلق مضنّة ... تنافس فيها ما حيينا وتحسد
نودّع خلّان الصفاء وتقطع ال ... مقادير منّا ودّ من يتودّد
نفارق من نلقى الرّدى بفراقه ... وينأى القريب الإلف منا ويبعد
أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ... وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد
عليك أبا بكر سلام ورحمة ... بها في جنان الخلد أنت مخلّد
وجاد ثرى ضمّنته كلّ وابل ... من المزن وكّاف يراح ويرعد
إذا ما استطار البرق في جناباته ... حسبت الظّبا فيه عشاء تجرّد
وإن أرزمت فيه الرّواعد خلته ... حنين متال في يفاع يردّد
فقد ضمّ منك التّرب مجدا وسوددا ... يقصّر عن أدنى مداه المسوّد
فقدناك فقدان المصابيح في الدّجى ... إذا ضلّ عن قصد الهداية مقصد
وماتت بموت العلم منك قلوبنا ... وكنت حياها لم تزل بك ترشد
لتبكك أبكار المعالي وعونها ... وغرّ القوافي حين تروى وتنشد
تسير مسير الأنجم الزّهر كلّما ... خبا ضوء شعر أشرقت تتوقّد
لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ... نشاهده إن ضمّنا منك مشهد
وجالستنا بالأصمعيّ ومعمر ... وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد
وخلنا أبا زيد لدينا ممثّلا ... وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد
وشاهدتنا بالمازنيّ وعلمه ... وما غاب عنّا إذ حضرت المبرّد
وكنت إماما في الروايات كلّها ... يضاف إليك الصّدق فيها ويسند
هوت أنجم الآداب والعلم واغتدت ... رياضهما من بعده وهي همّد
وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ... وأفنانه ميل رواء تميّد
فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ... ثوابتها تجتثّ منها وتعضد
مضيت أبا بكر حميدا وخلّفت ... مساعيك فضلا بيننا ليس يجحد
كما ودّع الغيث الذي عمّ نفعه ... وأضحى به كلّ البرية يرفد
توحّدت بالآداب والعلم والحجا ... فأنت بحسن الذكر منها موحّد
حمدنا بك الأيّام ثمّت عاضنا ... مصابك منها ذمّ ما كان يحمد
شهدنا على الأيّام أنّ سرورها ... غرور كما كنا بفضلك نشهد
على أيّ شيء منك نأسى إذا جرت ... محاسن وصف بادئات وعوّد
على علمك الوارى الزّناد إذا غدا ... زناد امرئ في علمه وهو مصلد
وأخلاقك العرّ التي لو تجسّدت ... لكانت نجوم السّعد حين تجسّد
على رأيك الماضي المضيء الذي به ... يفضّ رتاج الخطب والخطب مؤصد
لقد شملت فيك الرّزيّة يعربا ... ولم يخل منها فيك من يتمعدد
مضى ابن دريد ثم خلّد بعده ... صوائر أمثال تغور وتنجد
بدائع من نظم ونثر كأنّها ... عقود زهاها درّها حين تعقد
كأن لم تكن تروى غليل مسامع ... بقول به يطفى الغليل ويبرد
ولم تنده الخصم الألدّ بمسكت ... يغادره مستوهلا يتلدّد
ولم توقظ الآراء عند سناتها ... وقد توسن الآراء حينا وترقد
ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ... ثقافك منها كلّ ما يتأوّد
فما منك معتاض ولا عنك سلوة ... نظيرك معدوم وحزني مؤبّد
عليك سلام الله ما ذرّ شارق ... وغرد في الأيك الحمام المغرّد
* * * كمل الكتاب والحمد لله وحده حمدا كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(1/757)
كتاب التنبيه على اوهام القالى فى اماليه
بسم الله الرحمن الرحيم صلّى الله على محمّد سيّدنا وآله وصحبه
قال أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمّد البكري رحمه الله:
[1] الحمد لله خير ما بدئ به الكلام وختم وصلّى الله على محمّد وعلى آله وسلّم.
هذا كتاب نبّهت فيه، على أوهام أبي عليّ رحمه الله في أماليه، تنبيه المنصف لا المتعسّف ولا المعاند. محتجّا على جميع ذلك بالشاهد والدليل، فإنّي رأيت من تولّى مثل هذا من الردّ على العلماء والإصلاح لأغلاطهم، والتنبيه على أوهامهم، لم يعدل في كثير مما ردّه عليهم، ولا أنصف في جمل (1) مما نسبه إليهم. وأبو عليّ رحمه الله من الحفظ وسعة العلم والنّبل، ومن الثّقة في الضبط والنّقل، بالمحل الذي لا يجهل، وبحيث يقصر عنه من الثناء الأحفل، ولكنّ البشر غير معصومين من الزّلل. ولا مبرّئين من الوهم والخطل (2)، والعالم من عدّت هفواته، وأحصيت سقطاته: [الطويل]
كفى المرء نبلا أن تعدّ معايبه
فلما أوريت (3) من هذه الفوائد كابيها، وأبديت خافيها، أعطيت بها القوس باريها، وأهديتها إلى المعتمد (4) على الله. المؤيّد بنصر الله، خلّد الله دولته، وثبّت وطأته، لالتماسه أسرار الحكم، واقتباسه أنوار الكلم، وعنايته بأنواع العلم، وأخذه من جميعها بأوفر قسم، لا أعدمه الله نجما من السعد مليحا، وطائرا من اليمن سنيحا (5).
__________
(1) بهامش الأصل «كل ما» وفوقها «خ» يسير بها إلى نسخة أخرى. ط
(2) الخطل: المنطق الفاسد المضطرب (ص) من هامش الأصل. ط
(3) ورى الزند: أخرج ناره وكبا الزند: لم يخرج ناره (ص). من هامش الأصل. ط
(4) المعتمد على الله: أبو العباس أحمد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ولي بعد المتدى بالله المتوفى سنة (256هـ) وهو غير المعتمد المؤلف الكتاب له. والمعتمد هذا هو من الخلفاء في المغرب اهـ. من هامش الأصل. ط
(5) السانح من الطير وغيره من الصيد: من يمر من المياسر إلى الميامن ويتبارك به لأنه يسهل رميه، والذي يأتي بخلافه يتشاءم به ويسمى البارح، وفيه شعر مشهور (ص) اهـ من هامش الأصل. ط(1/758)
[التنبيهات الواردة على الجزء الأول]
(1)
[2] أنشد أبو عليّ. رحمه الله [1715] أشعارا منها قول بريه (2) بن النّعمان ولم ينسبه أبو عليّ رحمه الله:
لقد تركت فؤادك مستحنّا ... مطوّقة على فنن تغنّى
يميل بها وتركبه بلحن ... إذا ما عنّ للمحزون أنّا
ومنها [قول الآخر]:
وهاتفين بشجو (3) بعد ما سجعت (4) ... ورق الحمام بترجيع وإرنان
باتا على غصن بان في ذرى فنن ... يردّدان لحونا ذات (5) ألوان
وفسّر ما ورد في هذه الأشعار من ألحان الحمام أن المراد به اللّغات. (ع) (6) وإنما المراد به اللحن الذي هو ضرب من الأصوات المصوغة للتغنّي، ودليل ذلك قوله:
مطوّقة على فنن تغنّى
وقول الآخر:
يردّدان لحونا ذات ألوان
إنّما أراد ذات ألوان من الترجيع كما قال في البيت قبله:
بترجيع وإرتان (7)
* * *
__________
(1) قسمنا المطالب التي نبه عليها أبو عبيد في كتابه هذا إلى قسمين: قسم خاص بتنبيهاته على الجزء الأول من الأمالي والقسم الآخر: خاص بتنبهياته على الجزء الثاني. ووضعنا في أول كل مطلب رقم الصفحة وعدد السطر من هذه الطبعة [واستبدلناه في طبعتنا هذه برقم الفقرات ليسهل على القارئ الاهتداء إلى بدء الموضع الذي كتب عليه صاحب «التنبيه» من كتاب «الأمالي» ويتسنى له مراجعته في محله. ط
(2) بهامش الأصل «جوية بن النعمان» وفوقها «ح». وكتبت هذه الحاشية: ونسبه غير البكري للأعلم بن سويد وفي «الأم» «برية» إلا أنه بعيد ذلك كتب في الحاشية «بريد بن النعمان» ليزيد بن النعمان الأشعري. ط
(3) في نسخة «بستجع» وينسب هذا الشعر لابن مخرمة السعدي، وقيل: لبريد بن الملعان اهـ حاشية من هامش الأصل. ط
(4) في نسخة «هجعت» اهـ. من هامش الأصل. ط
(5) فوق الكلمة «ذات» بفتح التاء رسم الكاتب «صح». ط
(6) وجد في الصفحات الأولى حرف (ع) مرسوما بالحبر الأحمر في ثلاثة مواضع في بدء رد أبي عبيد على أبي علي، فنظن أن الحرف (ع) مجتزا من اسم البكري «عبد الله». وقد نبه إلى هذا في مقدمة الكتاب. ط
(7) الإرنان: الصوت من الحمام والفوس والمرأة المجزونة اهـ. من هامش الأصل. ط(1/759)
[3] قال أبو علي رحمه الله [18]: وأصل اللّحن أن تريد الشيء فتورّي عنه، كقول رجل من بني العنبر كان أسيرا في بكر بن وائل. وذكر الخبر بطوله. وفسّر ما فيه إلى قوله:
يريد بقوله: إن العرفج (1) قد أدبى: أن الرجال قد استلأموا أي: لبسوا الدروع، (ع) ليس في قوله: «إنّ العرفج قد أدبى» دليل على ما ذكره أبو عليّ رحمه الله ولا من عادة العرب أن تلبس الدروع إلا في حال الحرب. وأمّا في بيوتها قبل الغزو فذلك غير معروف، وإنّما أراد بذلك أن يؤذنهم بوقت الغزو، وينبّههم على التيقّظ والحذر. قال أبو نصر رحمه الله: إدباء العرفج: أن يتّسق نبته ويتأزّر، وإذا اتّسق النبت وتأزّر أمكن الغزو. وقال أبو زياد رحمه الله: العرفج: نبت طيّب الريح أغبر إلى الخضرة، له زهرة صفراء ولا شوك له، ويقال له إذا اسودّ عوده حتى يستبين فيه النبات: قد أقمل. فإذا زاد قليلا، قيل: قد ارقاطّ. فإذا زاد قليلا، قيل: قد أدبى، وهو حينئذ قد صلح أن يؤكل، فإذا أعتم وطفحت خوصته وأكلأ، قيل: قد أخوص، فإذا ظهرت عليها خضرة الرّيّ، قيل: عرفجة خاضبة. ومنابت العرفج يقال لها:
المشاقر، وهي أيضا: الحومان، وتكون في السهل والجبل.
* * * [4] وأنشد أبو علي رحمه الله [19] في آخر هذا الخبر شعرا أوّله (2):
إن الذّئاب قد اخضرّت براثنها (3) ... والناس كلّهم بكر إذا شبعوا
وقال: يريد أن الناس كلّهم عدوّ لكم إذا شبعوا كبكر بن وائل. (ع) لم يرد الشاعر هذا المعنى لأن الناس كلّهم لم يكونوا عدوا بني تميم ولا أقلّهم، وإنّما يريد أنّ الناس إذا شبعوا هاجت أضغانهم وطلبوا الطوائل (4) والتّرات في أعدائهم، فكانوا لهم كبكر بن وائل لبني تميم، كما قال الشاعر. أنشده ثعلب عن ابن الأعرابيّ: [مجزوء البسيط]
لو وصل الغيث لابنين امرأ ... كانت له قبّة سحق بجاد
يقول: لو اتّصل الغيث وأخصبنا لأغرنا على الملك وأخذنا متاعه وقبّته حتى نحوجه أن يتّخذ قبّة من قطعة كساء. قال أبو عمرو رحمه الله: وإنما يغيرون في الخصب لا في الجدب، وقال آخر: [الرجز]
يا بن هشام أهلك الناس اللّبن ... فكلّهم يسعى (5) بقوس وقرن (6)
__________
(1) العرفج: نبت ينبت في السهل الواحدة عرفجة (ص). من هامش الأصل. ط
(2) في نسخة «منه» اهـ. من هامش الأصل. ط
(3) البراثن من السباع والطير هي بمنزلة الأصابع من الإنسان (ص) اهـ. من هامش الأصل. ط
(4) الطوائل جمع طائلة وهي العداوة وكذا الترة، وبمعنى التتابع، أي: الترة اهـ. من هامش الأصل. ط
(5) في نسخة «يعدو». ط
(6) القرن هنا: جعبة النبل. والقرن في لغة أخرى: السيف مع النبل اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط(1/760)
يقول: لمّا كثر الخصب سعى بعضهم إلى بعض بالسلاح، وقال آخر: [الكامل]
قوم إذا نبت الربيع لهم ... نبتت عداوتهم مع البقل
وقال: [البسيط]
وفي البقل إن لم يدفع الله شرّه ... شياطين ينزو بعضهنّ إلى بعض
وقال: [الكامل]
قوم إذا اخضرّت نعالهم ... يتناهقون تناهق الحمر
يعني: يتناهقون من الأشر والبغي وبعض الناس يتأوّل (1) أن النّعال هنا نعال الأقدام، وإنما النعال: الأرضون الصلاب، واحدها نعل: وإذا أخصبت النعال فما ظنّك بالدّماث (2).
ومنه الحديث (3): «إذا ابتلّت النعال فصلّوا في الرحال» معناه: إذا انزلقت (4) الأرض فصلّوا في البيوت.
[5] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [26] شاهدا على حجلت عينه: [المتقارب]
وأهلك مهر أبيك الدّوا ... ء ليس له من طعام نصيب
فتصبح حاجلة عينه ... لحنو استه وصلاه غيوب
هكذا أنشده: مهر أبيك بفتح الكاف، وإنما هو بكسرها. وأنشده: وصلاه، وإنّما هو:
في صلاه. والشعر لثعلبة (5) بن عمرو الشيباني يخاطب أسماء أمّ حزنة امرأة من بني سليمة (6) بن عبد القيس وهي قصيدة والذي يتّصل منها بالشاهد قوله: [المتقارب]
خخخ أأسماء لم تسألي عن أبيك والقوم قد كان فيهم خطوب
وأهلك مهر أبيك الدّوا ... ء ليس له من طعام نصيب
خلا أنّهم كلما أوردوا ... يضيّح (7) قعبا عليه ذنوب
__________
(1) في نسخة «يتوهم». من هامش الأصل. ط
(2) الدماث جمع دمث وهو المكان اللين ذو رمل (ص). من هامش الأصل. ط
(3) قال الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (2/ 31) تعليقا على الحديث بعد أن أتى بأحاديث الباب:
«وأما اللفظ الذي ذكره المصنف فلم أره في كتب الحديث»، وقد ذكره ابن الأثير في «النهاية» كذلك (هـ / 82) وقال الشيخ تاج الدين الفزاري في «الإقليد» لم أجده في الأصول، وإنما ذكره أهل العربية، والمصنف تبع الماوردي والعمراني في إيراده هكذا.
(4) في الأصل «تزلت» وكتب بالهامش «انزلقت» وفوقها «صح خ». ط
(5) تعلبة هذا هو ابن أم حزنة فلذلك خاطبها، وزعم المفضل رحمه الله أنه ثعلبة بن عمرو وأنه من عبد القيس اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط
(6) قال أبو عبيدة رحمه الله: سليمة بضم السين من عبد القيس. وسليمة بفتحها من الأزد، وقال غيره: سليمة بالفتح في عبد القيس اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط
(7) في هامش الأصل: الضيح والضياح بالفتح: اللبن الرقيق الممزوج. ط(1/761)
فتصبح حاجلة (1) عينه ... لحنو استه في صلاه غيوب
لأقسم ينذر نذرا دمي ... وأقسمت إن نلته لا يؤوب
فأتبعته طعنة ثرّة ... يسيل على النحر منها صبيب
فإن قتلته فلم أرقه ... وإن ينج منها فجرح رغيب
هذا الشيبانيّ طعن أبا أسماء هذه المذكورة واكتفى في قوله: أأسماء لم تسألي، بهمزة النّداء عن همزة الاستفهام، كما قال امرؤ القيس: [الطويل]
أصاح ترى برقا أريك وميضه
والدواء: الصنعة (2) وحسن القيام على الدابّة، قال يزيد بن خدّاق: [الطويل]
وداويتها حتى شتت حبشيّة ... كأنّ عليها سندسا وسدوسا
وقيل: أراد بالدواء: اللبن، وكان أحسن ما يقومون به على الدابة، وإنّما أراد أهلكه فقد الدواء. كما قال النابغة: [الوافر]
فإنّي لا ألام على دخول ... ولكن ما وراءك يا عصام
أراد على ترك دخول، وكذلك قول أبي «قيس بن رفاعة»: [البسيط]
أنا النذير لكم منّي مناصحة (3) ... كي لا ألام على نهي وإنذار
أراد على ترك نهى وإنذار، وكذلك قول الخنساء: [البسيط]
يا صخر ورّاد ماء قد تناذره ... أهل المياه وما في ورده عار
تريد في ترك ورده. ثم قال الشاعر: لا نصيب للمهر من الطعام غير أنهم إذا أوردوا ضيّحوا له قعبا بذنوب ماء وسقوه. والحنو: كلّ ما فيه اعوجاج كحنوا الضّلع واللّحى.
والصّلا: ما عن يمين الذنب وشماله، يقول: غاب حنوه في صلاه من الهزال. وهذا أبلغ ما وصف به الهزيل من الدوابّ، وإنشاد أبى علي رحمه الله:
لحنوا استه وصلاه غيوب
لا معنى له ولا وجه لأنّ الصّلا لا يغيب ولا يخفى، وإنّما يغيب الحنو فيه ويغمض.
وقوله: فأتبعته طعنة ثرّة، يريد كثيرة الدم، من قولهم: عين ثرّة. وقوله: فإن قتلته فلم أرقه، كانوا يزعمون أن الطعان إذا رقى المطعون برأ، كما قال زهير بن مسعود: [الطويل]
عشية غادرت الحليس كأنمّا ... على النحر منه لون برد محبّر
__________
(1) تحجلت عينه أي غارت اهـ. من هامش الأصل. ط
(2) أي: ما عولج به الفرس من تضمير وحنذ، وما عولجت به الجارية حتى تسمن، وإنما سماه دواء لأنهم كانوا يضمرون الخيل بشرب اللبن اهـ. من هامش الأصل. ط
(3) وفي نسخة «مجاهرة» من هامش الأصل. ط(1/762)
فلم أرقه إن ينج منها وإن يمت ... فطعنة لا غسّ (1) ولا بمغمّر (2)
وهو معنى قول حاتم الطائي أنشده ابن الأعرابي.: [الطويل]
سلاحك مرقيّ ولا أنت ضائر ... عدوّا ولكن وجه مولاك تخمش
[6] وذكر أبو علي رحمه الله [28] خطبة عبد الملك وإنشاده شعر قيس بن رفاعة: [البسيط]
من يصل نارى بلا ذنب ولا ترة ... يصل بنار كريم غير غدّار
(ع) إنما هو أبو قيس بن أبي رفاعة، واسمه: دثار. وقد ذكره أبو علي رحمه الله بعد هذا في كتابه على صحته. وذلك في الحديث الذي رواه التّوّزيّ عن أبي عبيدة قال: كان أبو قيس بن أبي رفاعة يفد سنة إلى النعمان اللّخمى وسنة إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني، فقال له يوما وهو عنده: يا أبا قيس، بلغني أنك تفضّل النعمان عليّ، وساق الحديث إلى آخره. قال أبو عليّ. رحمه الله: والوتر: الذّحل بكسر الواو لا غير. هذا وهم منه، الواو تفتح وتكسر في الذحل، ذكر ذلك يعقوب وغيره.
* * * [7] وأنشد أبو علي رحمه الله [32] للعباس بن الوليد بن عبد الملك أبياتا قالها لمسلمة بن عبد الملك، أولها: [الوافر]
ألا تقنى الحياء أبا سعيد ... وتقصر عن ملاحاتي وعذلي
وهذا الشعر لعبد الرحمن بن الحكم يعاتب به مروان بن الحكم أخاه بلا اختلاف، ولم يكن العباس بن الوليد شاعرا، إنّما كان رجلا بئيسا، وهو فارسي بني مروان، وإنّما كتب العباس بهذا الشعر متمثّلا لم يغيّر منه إلا الكنية. وعبد الرحمن بن الحكم شاعر متقدم، وهو الذي كان يهاجي عبد الرحمن بن حسّان رضي الله عنهما وفي هذه الأبيات: [الوافر]
كقول المرء عمرو في القوافي ... لقيس حين خالف كلّ عذل (3)
عذيرك من خليلك من مراد ... أريد حباءه فيريد قتلي (4)
وهذا مما أهمله أبو عليّ ولم يفسّر معناه والمراد به، وكثيرا ما يشغله تفسير ظاهر اللغة عن تفسير غامض المعاني، وقد أفردت لشرح معاني «نوادره» كتابا غير هذا وإنما يريد الشاعر قول عمرو بن معد يكرب الزّبيديّ لقيس بن مكشوح المراديّ وكان بينهما تنافس: [الوافر]
تمنّاني ليلقاني قييس ... وددت وأينما منّي ودادي
__________
(1) الغس من الرجال: اللئيم اهـ. من هامش الأصل. ط
(2) يقال للرجل: عمره القوم إذا علوه شرفا فهذا لم يعله أحدا. من هامش الأصل. ط
(3) في الأصل «عذل» بالذال المعجمة وهو تصحيف، وروى أبو علي «عدل» كما قد قال عمرو. ط
(4) البيت عند القالي:
عذيري من خليلي من مراد ... أريد حياته ويريد قتلي ط(1/763)
تمنّاني وسابغة قميصي ... خروس الحسّ محكمة السّراد
مضاعفة تخيّرها سليم ... كأنّ قتيرها حدق الجراد
أريد حباءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
يعني بسليم: سليمان النبي صلى الله عليه وسلم والقتير: رءوس مسامير الدروع وإذا دقّت دلت على ضيق الأخرّات، ولذلك شبّهها بحدق الجراد. وعذير الرجل: ما يحاول مما يعذر عليه، ومثل قوله:
أريد حباءه ويريد قتلي
قول ابن الذئبة الثقفيّ:
ما بال من أسعى لأجبر عظمة ... حفاظا وينوي من سفاهته كسرى
أظنّ خطوب الدهر منّي ومنهم ... ستحملهم منّي على مركب وعر
وقول جميل: [الوافر]
ألا قم فانظرنّ أخاك رهنا ... لبثنة في حبائلها الصّحاح
أريد صلاحها وتريد قتلي ... فشتّى بين قتلى والصّلاح
* * * [8] وأنشد أبو علي رحمه الله [46] شاهدا على أن الحنّة الزوجة: [المنسرح]
ما أنت بالحنّة الودود ولا عندك ... خير يرجى لملتمس
إنما هو: ما أنت بالحنّة الولود قال أبو عبيدة: تزوج قتادة اليشكريّ أرنب الحنفيّة فلم تلد له ونشزت عليه فطلّقها وقال: [المنسرح]
تجهّزي للطلاق واصطبري ... ذاك دواء الجوامس الشّمس
ما أنت بالحنّة الولود ولا ... عندك خير يرجى لملتمس
لليلتي حين بتّ طالقة ... ألذّ عندي من ليلة العرس
* * * [9] أنشد أبو علي رحمه الله [55] للأجدع (1) الهمداني: [الكامل]
وسألتني بركائبي ورحالها ... ونسيت قتل فوارس الأرباع
إنما هو أسألتني بالهمزة، لا بالواو كما أنشده، وهو أولّ الشعر، بركائب منوّن لا بركائبي لأنها إنّما سألته عن إبل القوم وركائبهم، لا عن ركائب نفسه.
__________
(1) وفي هامش الأصل حاشية نصها: الأجدع مالك أبو مسروق، وسألتني: أنشده أبو عبيد رحمه الله في النسب اهـ. ط(1/764)
وكان الأجدع بن مالك بن أميّة الهمدانيّ قد غزا بني الحارث وكانت امرأته منهم، فأصاب فيهم وقتل من بني الحصين أربعة نفر، فقالت له امرأته: أين الإبل والغنيمة؟ فقال:
[الكامل]
أسألتني بركائب ورحالها ... ونسيت قتل فوارس الأرباع
وبني الحصين (1) ألم يرعك نعيّهم ... أهل اللّواء وسادة المرباع
تلك الرزيّة لا قلائس أسلمت ... برحالها مشدودة الأنساع
خيلان من قومي ومن أعدائهم ... خفضوا أسنّتهم فكلّ ناع
خفضوا الأسنّة بينهم فتواسقوا ... يمشون في حلل من الأدراع
قال ابن الكلبي في نسب بني الحارث بن كعب: ومنهم الحصين ذو الغصّة بن يزيد بن شدّاد بن قنان، رأس بني الحارث مائة سنة (2)، وكان يقال لبنيه: فوارس الأرباع. والأرباع:
أرض قتلتهم بها همدان، ولهم يقول الأجدع الهمدانيّ:
ونسيت قتل فوارس الأرباع
وقوله: خفضوا أسنّتهم: يريد أمالوها للطّعن، كما قال القتّال الكلابي (3): [الطويل]
نشدت زيادا والسفاهة كاسمها (4) ... وذكرّته أرحام سعر (5) وهيثم
فلمّا رأيت أنه غير منته ... أملت له كفّي بلدن مقوّم
وقال النابغة الجعديّ: [البسيط]
فلم نوقّف مشيلين الرّماح ولم ... نوجد عواوير يوم الروع عزّالا
يقول: لم نشل الرماح، أي: لم نرفعها ولكنا خفضناها للطعن.
* * * [10] وأنشد أبو علي [78] الأعرابي: [البسيط]
إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي ... أقبلت نحو سقاء القوم أبترد
هذا بردت ببرد الماء ظاهره ... فمن لنار (6) على الأحشاء تتّقد
__________
(1) من ولد الحصين: كثير بن شهاب بن حصين، ولاه معاوية رضي الله عنه الري ودستبا من ولده محمد بن زهير بن الحارث بن منصور بن قيس بن كثير اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط
(2) في هامش الأصل هذه الحاشية: في النسب لأبي عبيد رحمه الله رأس بني الحارث عاش مائة سنة. ط
(3) في هامش الأصل هذه الحاشية: اسمه عبد الله بن مجيب بن المضرحي. «اختلف في اسمه فقيل:
عبد الله، وقيل: عبيد بن مجيب المضرحي». ط
(4) في هامش الأصل هذه الحاشية: أنشده ابن السيد رحمه الله: «نشدت زيادا والمقامة بيننا». اهـ ط
(5) سعر: اسم رجل، كذا بهامش الأصل. ط
(6) روى القالي: «لحر يتقد». ط(1/765)
لم يختلف أحد أن هذين البيتين لعروة بن أذينة الفقيه المحدّث، ووقفت عليه امرأة فقالت: أنت الذي يقال فيه الرجل الصالح! وأنت تقول:
إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي ... البيتين
لا والله! ما خرجا من قلب سليم. وأذينة: لقب لأبيه. واسمه: يحيى بن مالك بن الحارث اللّيثيّ. وكان عروة شاعرا غزلا من شعراء أهل المدينة وثقة ثبتا روى عنه مالك وغيره من الأئمة رضي الله عنهم قال مالك: حدّثني عروة بن أذينة قال: خرجت مع جدّة لي، عليها مشي إلى بيت الله، حتى إذا كنّا ببعض الطريق عجزت، فأرسلت مولى لها تسأل عبد الله بن عمر رضي الله عنه فخرجت معه، فسأل عبد الله رضي الله عنه فقال له:
مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت. وعروة هو القائل أيضا: [البسيط]
قالت وأبثثتها وجدي فبحت به ... قد كنت عندي تحبّ الستر فاستتر
ألست تبصر من حولي فقلت لها ... غطّى هواك وما ألقى على بصري
* * * [11] وأبو علي رحمه الله إذا جهل قائل شعر نسبه إلى أعرابيّ كما أنشد بعد هذا [86]: [الطويل]
وإنّي لأهواها وأهوى لقاءها ... كما يشتهي الصادى الشراب المبرّدا
علاقة حبّ لجّ في سنن (1) الصّبا ... فأبلى وما يزداد إلا تجدّدا
وهذا الشعر للأحوص بن محمد، شاعر إسلاميّ من شعراء المدينة لم يدخل البادية قطّ. ولهذا الشعر خبر: وذلك أن يزيد بن عبد الملك لمّا استهتر بقينتيه وامتنع من الظهور إلى الناس وعن مشاهدة الجمعة لامه مسلمة أخوه وعذله، فارعوى، وأراد [الخروج] المراجعة فبعثت سلّامة إلى الأحوص أن يصنع شعرا تغنّي فيه، فقال: [الطويل]
وما العيش إلّا ما تلذّ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشّنان (2) وفنّدا
بكيت الصّبا جهدي فمن شاء لامني ... ومن شاء آسى في البكاء وأسعدا
وأشرفت في نشز من الأرض يافع ... وقد تشعف الأيفاع من كان مقصدا
فقلت ألا يا ليت أسماء أصقبت ... وهل قول ليت جامع ما تبدّدا
وإنّي لأهواها وأهوى لقاءها ... كما يشتهي الصادي الشراب المبرّدا
علاقة حبّ لجّ في سنن الصّبا ... فأبلى وما يزداد إلّا تجدّدا
__________
(1) روى القالي: «زمن». ط
(2) لغة في الشنآن وهو بمعنى البغض (ص) اهـ من هامش الأصل. ط(1/766)
فلمّا غنّت به عند يزيد ضرب الأرض بخيزرانته وقال: صدقت صدقت! فقبّح الله مسلمة وقبّح ما جاء به! وتمادى في غيّه (1)
وقد تشعف الأيفاع من كان مقصدا
قول الآخر: [البسيط]
لا تشرفنّ يفاعا إنّه طرب ... ولا تغنّ إذا ما كنت مشتاقا
والمقصد: المرميّ بسهم الحبّ، يقال: رماه فأقصده إذا أصاب مقتله.
ومثل قوله:
فأبلى وما يزداد إلا تجدّدا
قول حسّان بن إسحاق بن قوهيّ مولى بني مرّة بن عوف: [الطويل]
بقلبي سقام لست أحسن وصفه ... على أنه ما كان فهو شديد
تمرّ به الأيام تسحب ذيلها ... فتبلى به الأيام وهو جديد
* * * [12] وأنشد أبو علي رحمه الله [117]: [الرجز]
مهر أبي الحبحاب لا تشلّي ... بارك فيك الله من ذي ألّ
قال أصحاب أبي عليّ. رحمه الله.: وقفناه على قوله:
بارك فيك الله من ذي ألّ
فأبى إلا كسر الكاف، فقلنا: فهلّا قال: من ذات ألّ، قال: أخرج التذكير على الشيء أو الأمر، ومثل هذا جائز، وهو كثير، قال الأسود بن يعفر: [الكامل]
إن المنيّة والحتوف كلاهما ... يوفى المخارم يرقبان سوادي
قال: ومنه قول رؤبة: [الرجز]
فيها خطوط من سواد وبلق ... كأنّه في الجلد توليع البهق
قال أبو عبيدة: قلت لرؤبة: إن أردت الخطوط قلت: كأنّها وإن أردت البلق فقل:
كأنه، قال: فضرب بيده على كتفي وقال: كأن ذلك توليع في الجلد. الصحيح أنه يخاطب مهرا لا مهرة، لقوله: من ذي ألّ. وقوله بعدهما:
ومن موصّى لم يضع قولا لي
فالصواب إنشاده: لا تشلّ بغير ياء. وبارك فيك الله بفتح الكاف، وذلك التكلّف كلّه لا
__________
(1) أورده الزجاج في «أمالية» (ص 74).(1/767)
معنى له. والحجّة المجانسة لما سئل عنه أبو عليّ. رحمه الله. وذلك قوله: من ذي ألّ، وهو يريد مؤنّثا: [سريع]
قامت تبكّيه على قبره ... من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار ذا غربة ... قد ذلّ من ليس له ناصر
قال: إنّما قال: ذا غربة لأن الياء التي في قوله: تركتني ونحوها تكون ضميرا للذكر والأنثى، وهذا لمراعاة اللفظ وإن كان المعنى مؤنّثا، كما راعوا اللفظ في نقيض هذا وإن كان المعنى مذكّرا، قال معقل بن خويلد: [الوافر]
ولا يستسقط الأقوام منّي ... نصيبهم ويترك لي نصيب
إذا ما البوهة (1) الهوكاء (2) أعيا ... فلا يدري أيصعد أم يصوب
فإنما قال: الهوكاء لتأنيث البوهة، ولا يجوز أن يقال: رجل هوكاء، وكذلك قول شريح بن مجير التغلبيّ: [الطويل]
وعنترة الفلحاء جاء ملأّما ... كأنك فند من عماية أسود
لو قال زيد أو عمرو مكان عنترة، لم يجز أن يقول الفلحاء. ومن تأنيث اللفظ دون المعنى قول بياض يعني القراد: [الوافر]
وما ذكر فإن يكبر فأنثى ... شديد الأزم ليس بذي ضروس
يعني أنه إذا عظم قيل له: حلمة، والحلمة إنّما هي مؤنّثة اللفظ لا مؤنّثة المعنى ومثله قول بياض: [البسيط]
إنّا وجدنا بني سلمى بمنزلة ... مثل القراد على حاليه في الناس (3)
وهذا من أخبث الهجاء. يقول: إنهم يولدون ذكرانا فإذا شبّوا صاروا إلى حال الإناث.
* * * [13] وأنشدنا أبو عليّ رحمه الله [122]: [الطويل]
أيا عمرو كم من مهرة عربيّة ... من النّاس قد بليت بوغد يقودها الأبيات
خلّط أبو عليّ. رحمه الله في هذا الشعر، فمنه أبيات من شعر ابن الدّمينة الذي أوّله:
هل الله عاف عن ذنوب تسلّفت ... أم الله إن لم يعف عنها معيدها
وأبيات من شعر الحسين بن مطير الذي أوّله: [الطويل]
خليلي ما بالعيش عتب لو أنّنا ... وجدنا لأيّام الحمى من يعيدها
__________
(1) البوه: طائر يشبه البوم والأنثى بوهة، ويشبه بها الرجل الأحمق (ص) اهـ. من هامش الأصل. ط
(2) الهوك: التحير اهـ. من هامش الأصل. ط
(3) في الناس في موضع نعت لمنزلة، والتقدير بمنزلة سيئة أو مذمومة في الناس وأشار بذلك إلى تخلف هؤلاء القوم فإنهم في الغد شر منهم في اليوم اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط(1/768)
وأبيات مجهولة لا يعلم قائلها، ورواية أبي عليّ رحمه الله: من الناس قد بليت.
يريد بليت فخفّف. والرواية المشهورة السالمة من الضرورة قد بلّت، من قولهم: بللت به أبلّ بلالة وبلولا، أي: صليت به ومعنى هذا البيت كمعنى قول بنت النّعمان بن بشير الأنصاريّ في زوجها روح بن زنباع: [الطويل]
وهل هند إلّا مهرة عربيّة ... سليلة أفراس تجلّلها بغل
فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى ... وإن يك إقراف فما أنجب الفحل
وزعم الليثيّ أنّ اسمها حمدة. وروايته:
وهل أنا إلّا مهرة عربيّة
قال الليثي: تقوله في زوجها روح بن زنباع الجذاميّ وهما يمانيان يجمعهما النسب والدار، ولو كانت نزاريّة وهو قحطانيّ قيل هذا لما بين نزار وقحطان، وروح سيّد يمانية الشام يومئذ وقائدها وخطيبها ومحربها وبئيسها!. وإنّما قالت ذلك لأسر مسّه يوم المرج. وقيل مسّه قبل ذلك في حرب غسّان فافتدى، فقالت قول العربيّة الشريفة للمولى الهجين وعيّرته الإقراف. وهذا مثل قول عقيل ابن علّفة، وهو أحد بني غيظ بن مرّة، لعثمان بن حيّان المرّي وهو أحد بني مالك بن مرّة. فهما ابنا عمّ حين قال له عثمان، وهو أمير المدينة: زوّجني ابنتك، قال: أناقتي أصلحك الله؟ فظنّ أنه لم يسمع، فرفع عثمان صوته: زوّجني ابنتك! فرفع عقيل صوته فقال: أناقتي أصلحك الله؟ فقال عثمان: أنت عربيّ جاهل أحمق! وأمر بإخراجه. وكان عثمان قد مسّه أو أباه أسر فأنشأ عقيل يقول: [الطويل]
كنا بني غيظ رجالا فأصبحت ... بنو مالك غيظا وصرنا لمالك
لحى الله دهرا ذعذع المال كلّه ... وسوّد أستاه الإماء العوارك
* * * [14] وأنشد أبو عليّ [134] لعبد الله بن سبرة الحرشيّ الذي قطع يده أطربون الرّوم قصيدة أوّها:
ويل أمّ جار غداة الرّوع فارقني ... أهون عليّ به إذ بان فانقطعا
وفيها يصف الأطربون، وهو البطريق، وقيل هو اسم لهذا:
كأنّ لمّته هدّاب مخملة ... أزرق (1) أحمر لم يمشط وقد صلعا
هكذا رواه أبو عليّ. رحمه الله لم يمشط أي: لم يسرّح بالمشط لم يختلف في ذلك عنه، وهو تصحيف لا شكّ فيه وإنّما هو: «لم يشمط وقد صلعا».
__________
(1) الوارد في «الأمالي»: «أحم أزرق لم يشمط إلخ» من أشمط. ط(1/769)
كذا رواه عامّة العلماء، يريد حصّت البيضة هامته فصلع، وليس ذلك من كبر لأنه لم يشمط بعد، كما قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حصّت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع
وأحمر أزرق من نعت الروميّ. وكان من خبر هذا الشعر: أن ابن سبرة كان في جمع من المسلمين اتّبعوا فلا (1) للرّوم هزموهم حتى انتهوا إلى جسر خلطاس، فحمى الرّوم قائد لهم وهو هذا الأطربون المذكور وراءهم، فجعل لا يبرز إليه أحد من المسلمين إلا قتله، فلما رأى ابن سبرة ذلك نزل إلى الرّوميّ وقد نكل الناس عنه، فمشى كلّ واحد منهما إلى صاحبه والناس ينظرون، فبدره الروميّ الضربة فأصاب يد ابن سبرة، وعانقه ابن سبرة واعتقله فصرعه وقعد على صدره، وبادره المسلمون، فناشدهم أن يتوقّفوا عنه حتى يقتله هو بيده، ففعل، فذلك قوله:
فإن يكن أطربون الرّوم قطّعها ... فقد تركت بها أوصاله قطعا
وإن يكن أطربون الروم قطّعها ... فإن فيها بحمد الله منتفعا
بنانتين وجذمورا أقيم بها ... صدر القناة إذا ما آنسوا فزعا
أراد بالجذمور: أصل الإصبع. والجذمور والجذمار: قطعة تبقى من السّعفة إذا قطعت، وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي في الجذمور أصل الإصبع، وهو من أبيات المعاني:
وكنت إذا أدررت منها حلوبة ... بجذمور ما أبقى لك السّيف تغضب
قال: هذا رجل قطعت أصابعه وبقيت أصولها فأخذ ديتها إبلا، فقال له الشاعر: متى تدرر منها حلبا تذكر فاعل ذلك بك فتغضب.
[15] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [149] شعرا أوله: [الوافر]
أشاقتك البوارق والجنوب ... ومن علوي الرّياح لها هبوب
وفيه:
وشمت البارقات فقلت جيدت ... جبال البتر أو مطر القليب
هكذا رواه أبو عليّ رحمه الله البتر بالباء المعجمة بواحدة المضمومة. والتاء المعجمة باثنتين، وهذا غير معروف. ورواه غيره: جبال البثر بالباء المفتوحة والثاء المثلثة. والبثر: ماء معروف بذات عرق قال أبو جندب: [الوافر]
إلى أنّا نساق وقد بلغنا ... ظماء عن سميحة ماء بثر
* * *
__________
(1) يقال: جاء قل القوم أي: منهن موهم يستوي فيه الواحد والجمع اهـ. من هامش الأصل. ط(1/770)
[16] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [158] لذي الرّمّة: [الطويل]
إذا نتجت منها المهارى تشابهت ... على العوذ إلّا بالأنوف سلائله
الشعر في صفة فحل على ما يأتي ذكره وصحة إنشاده: إذا نتجت منه المهارى، وأيضا فإنه لا يقال: نتج من الناقة كذا إنما يقال في الفحل لأن الناقة منه نتجت، وصلة هذا البيت: [الطويل]
خدبّ الشّوى لم يعد في ال مخلف ... أن أخضرّ أو أن زمّ بالأنف بازله
ومضى في صفة هذا البعير ثم قال:
سواء على ربّ العشار الذي له ... أجنّتها سقبانه وحوائله
إذا نتجت منه المهارى تشابهت ... على العوذ إلّا بالأنوف سلائله
قوله: خدبّ الشّوى: أي: ضخم القوائم عظيمها. وأراد لم يعد أن طلع بازله، وهو في شخص مخلف. والآل: الشخص، فقدّم وأخّر. والمخلف: الذي أتى عليه حول بعد البزول. وقوله: زمّ بالأنف، يريد حين ارتفع، وهذه استعارة، ولذلك يقال للمتكبّر: زمّ بأنفه كأنه طمح برأسه. والناب إذا طلع يكون أخضر كأنّه ورقة آس، قال أبو النجم:
أخضر صرّافا كحدّ المعول
ثم قال: هذا البعير كريم النّسل، فسواء على ربّه أأذكر أم آنث. والحائل: الأنثى من أولاد الإبل.
* * * [17] وأنشد أبو علي رحمه الله [181] لرؤبة: [الرجز]
وطامح النّخوة مستكتّ ... طأطأ من شيطانه التّعتّي
هكذا أنشده، ولا يستقيم ذلك ولا يصح وإنما صحّة إنشاده:
طأطأ من شيطانه المعتّي
وبعده:
صكّي عرانين العدى وصتّي ... حتّى ترى البيّن كالأرتّ
المعتّي: العاتي، يقال: عتى وعتّى فهو معتّ وفاعل طأطأ قوله: صكّي عرانين العدى. قال الأصمعيّ: الصّتّ: الصكّ، ولا يصرف. وقال غيره: الصّتّ والصّتيت: الجلبة والصّياح، وقيل: الصّتّ: الدّفع، وقيل: هو الضرب باليد. وقال الأصمعي: المستكتّ:
العظيم في نفسه وقيل هو الغضبان. ولرواية أبي عليّ رحمه الله وجية مخرّج عليه، وهو أنه أراد ذي التّعتّي فحذف.
* * *
[18] وقال أبو علي رحمه الله [190]: دخل الأحوص على يزيد بن عبد الملك، فقال له يزيد: لو لم تمتّ إلينا بحرمة، ولا جدّدت لنا مدحا، غير أنّك مقتصر على بيتيك فينا لاستوجبت عندنا جزيل الصّلة ثم أنشد يزيد: [الطويل](1/771)
* * *
[18] وقال أبو علي رحمه الله [190]: دخل الأحوص على يزيد بن عبد الملك، فقال له يزيد: لو لم تمتّ إلينا بحرمة، ولا جدّدت لنا مدحا، غير أنّك مقتصر على بيتيك فينا لاستوجبت عندنا جزيل الصّلة ثم أنشد يزيد: [الطويل]
وإنّي لأستحييكم أن يقودني ... إلى غيركم من سائر الناس مطمع
وأن أجتدي للنفع غيرك منهم ... وأنت إمام للبرية مقنع
إنما قال الأحوص هذا الشعر في عمر بن عبد العزيز لا في يزيد بن عبد الملك.
* * * [19] وأنشد أبو علي رحمه الله [191]: [البسيط]
إنّي رأيتك كالورقاء يوحشها ... قرب الأليف وتغشاه إذا نحرا
قال: والورقاء: ذئبة (1) تنفر من الذئب وهو حيّ، وتغشاه إذا رأت به الدّم. لا أعلم أحدا أنشد هذا البيت إلا أبا علي. والتفسير الذي ذكره خلاف المعهود في ذكران الحيوان وإناثه، وكيف يسمّى أليفا من يوحش قربه! وإنّما الأليف من يوحش بعده ويؤنس قربه، والمحفوظ في هذا ما رواه ثعلب عن ابن الأعرابي، عن أبي المكارم رحمهم الله: أن الذئاب إذا رأت ذئبا قد عقر وظهر دمه أكبّت عليه تقطّعه وتمزّقه، وأنثاه معها تصنع كصنيعها، وأنشد للعجاج: [الرجز]
ولا تكوني يا بنة الأسمّ ... ورقاء دمّى ذئبها المدمّي
يقول لامرأته: إذا رأيت الناس قد ظلموني فلا تكوني عليّ معهم كما تفعل هذه الذئبة بذكرها، وقال الفرزدق: [الطويل]
وكنت كذئب السوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدّم
وقال العجير السّلولي: [الطويل]
فتى ليس لابن العم كالذئب إن رأى ... بصاحبه يوما دما فهو آكله
[20] وأنشد أبو علي رحمه الله [209] لسوار: [الطويل]
ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة ... سقته نجيعا من دم الجوف أحمرا
هذا وهم من أبي علي، وإنما هي:
سقته نجيعا من دم الجوف أشكلا
وبعده: [الطويل]
وحمران قيس أنزلته رماحنا ... فعالج غلّا في ذراعيه مقفلا
قضى الله أنّا يوم تقتسم العلا ... أحقّ بها منكم فأعطى وأفضلا
__________
(1) في «الأمالي» «درببة». ط(1/772)
يقول هذا الشعر سوّار بن حبّان المنقريّ، وهو شاعر جاهليّ إسلاميّ في يوم جدود.
وحمران الذي ذكر هو حمران بن عبد عمرو بن بشر بن مرثد.
* * * [21] وأنشد أبو علي [214] لأيمن بن خزيم شعرا أوله: [الطويل]
وصهباء جرجانيّة لم يطف بها ... حنيف ولم تنغر بها ساعة قدّر
هذا الشعر للأقيشر كذلك ذكر ابن قتيبة والأصبهانيّ. وهو ثابت في ديوان الأقيشر، والأقيشر لقب غلب عليه لأنه كان أحمر أقشر. واسمه المغيرة (1) ابن عبد الله بن معرّض من بني أسد بن خزيمة يكنى أبا معرّض (2)، شاعر إسلاميّ فأما أيمن فهو أيمن بن خريم بن الأخرم بن شدّاد بن عمرو بن فاتك (3) الأسدى. وخريم له صحبة. وهو ممن اعتزل الجمل وصفّين وما بعدهما من الأحداث. وكان أيمن فارسا شريفا، وكان يتشيّع وكان به وضح، وفي هذا الشعر: [الطويل]
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة ... وقد غابت الشّعرى وقد جنح النّسر
هكذا رواه أبو علي رحمه الله وهي رواية مختلّة لا تصحّ، وإنما صحّة إنشاده:
وقد غابت الشعرى وقد طلع النسر
لأن الشّعر العبور إذا كانت في أفق المغرب، كان النّسر الواقع طالعا من أفق المغرب، وكان النسر الواقع حينئذ غير مكبّد، فكيف يكون جانحا، وكان النسر الطائر حينئذ في أفق المشرق طالعا على نحو سبع درجات أيضا، فكان النسر الواقع نظير الشعرى العبور، قال الشاعر: [الطويل]
فإنّي وعبد الله بعد اجتماعنا ... لكالنّسر والشّعرى بشرق ومغرب
يلوح إذا غابت من الشرق شخصه ... وإن تلح الشعرى له يتغيّب
__________
(1) كتب بهامش الأصل هذه الحاشية: والمغيرة بن عمرو بن أسد بن خزيمة، وقال ابن قتيبة: هو المغيرة بن الأسود بن وهب أحد بني أسد بن خزيمة بن هشام: قال: ويكنى أبا معرض، ويقال: أبا معرض بالتخفيف وهو الأصح. وقد ذكر كنيته في شعره فقال:
وأن أبا معرض إذا حسا ... من الكاس كأسا على المنير
(2) رسم الكاتب «صح» فوق الاسم معرض إلا أن في «الأغاني» (10/ 85) بيتين ورد فيما هذا الاسم لا يحتملان إلا القراءة «معرض» بالتخفيف وهما:
فإن أبا معرض إذا حسا ... من الراح كأسا على المنبر
خطيب لبيب أبو معرض ... فإن ليم في الخمر لم يصبر
ولا ريب في أن الكلام عن الأقيشر. ط
(3) رسم الكاتب «صح» فوق الاسم «فاتك». وفي هامش الأصل هذه الحاشية: «فاتك بن القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلاس من مضر: قال الأمير رحمه الله: وأكثر ما يقال فيه:
خريم بن فاتك». ط(1/773)
وقال أبو نواس: [الطويل]
وخمّارة نبّهتها بعد هجعة ... وقد لاحت الشعرى وقد جنح النّسر
فقالت من الطّرّاق قلنا عصابة ... خفاف الأداوى تبتغى لهم الخمر
ويروى:
وخمّارة نبّهتها بعد هجعة ... وقد لاحت الجوزاء وانغمس النسر
لأن الشعرى العبور تلو الجوزاء، ولذلك سمّيت كلب الجبّار، والجبّار: اسم للجوزاء.
* * * [22] وأنشد أبو علي رحمه الله [225] لسلمى بن ربيعة: [الكامل]
حلّت تماضر غربة فاحتلّت ... فلجا وأهلك باللّوى فالحلّت
فكأنّ في العينين حبّ قرنفل ... أو سنبلا كحلت به فانهلّت
الأبيات
هكذا روي عن أبي عليّ. رحمه الله سلمى بفتح السين والميم، ولم تختلف الرّواة أن اسم هذا الشاعر سلميّ بضم السين وكسر الميم وتشديد الياء. وهو سلميّ بن ربيعة بن زبّان بن عامر من بني ضبّة، شاعر جاهليّ. وابناه: أبيّ وعويّة، شاعران. وفلج: واد بطريق البصرة إلى مكّة. والحلّة بفتح الحاء: موضع حزن وصخور متّصل رمل بجلد في بلاد بني ضبّة. وروى أبو تمّام البيت الثاني:
فكأنّ في العينين حبّ قرنفل ... كحلت به أو سنبلا فانهلّت
وهي أحسن من رواية أبي عليّ. رحمه الله لأنّه يلزمه على روايته أن يقول: كحلت بهما. فأما قوله: فكأنّ في العينين ثم قال: كحلت ولم يقل: كحلتا ولا انهلّتها، فلأنّ الشيئين إذا اصطحبا وقام كلّ واحد منهما مقام صاحبه، جرى كثيرا عليهما ما يجرى على الواحد، كما قال الراجز: [الهزج]
لمن زحلوفة (1) زلّ ... بها العينان تنهلّ
ولم يقل: تنهلّان، وقال الفرزدق: [الوافر]
ولو بخلت يداي بها وضنّت ... لكان عليّ للقدر الخيار
والتزم هذا الشاعر اللام قبل التاء في جميع هذه الأبيات وليست بواجبة لأنّ حرف الروى إنّما هو التاء وقد يلتزم المدلّ ما لا يجب عليه ثقة بنفسه وشجاعة في لفظه وذلك موجود كثير.
* * * __________
(1) تقدم هذا البيت [في «الأمالي (116)]. والزحلوقة هي الزحلوقة وهي آثار تزلج الصبيان من فوق التل إلى أسفله وبالفاء هي لغة أهل العالية وتميم تقولها بالقاف.(1/774)
[23] وأنشد أبو علي رحمه الله [249] لرجل من بني تميم: [المتقارب]
ولمّا رأين بني عاصم ... دعون الذي كنّ أنسينه
فوارين ما كنّ حسّرنه ... وأخفين ما كنّ يبدينه
وقال أبو علي رحمه الله: يصف نساء سبين فأنسين الحياء فأبدين وجوههنّ وحسّرن رؤسهنّ، فلما رأين بني عاصم أيقنّ أنهنّ قد استنقذن فراجعن حياءهنّ. إنّما رواه العلماء:
ولما رأين بني عاصم ... ذكرن الذي كنّ أنسينه
وهذه الرواية أشبه بتفسير أبي عليّ وقوله راجعن حياءهنّ ولا مدخل للدعاء هاهنا، ولا هناك مدعوّ يدعى. وفي هذه الرواية مع صحّة معناها الصناعة التي تسمّى المطابقة. وهذا التّميمي الذي أنشد له الشعر، هو ذو الخرق الطّهويّ، ومثله في المعنى قول رجل من بني عجل: [المتقارب]
ويوم يبيل النساء الدّماء ... جعلت رداءك فيه خمارا
ففرّجت عنهنّ ما يتّقين ... وكنت المحامي والمستجارا
الرداء هنا: السيف. يقول: استنقذهنّ بسيفه، فكأنّه قد وضع به خمرا على رءوسهن لأنهنّ كنّ مكشفات الرءوس فاختمرن. ويبيل الدّماء أي: يسقط الحبالى أجنّتهنّ فيسيل دماءهنّ وقال باعث بن صريم اليشكري في مثله: [الكامل]
وخمار غانية شددت برأسها ... أصلا وكان منشّرا بشمالها
وعقيلة يسعى عليها قيّمّ ... متغطرس أبديت عن خلخالها
فقوله:
وخمار غانية شددت برأسها
كقول الأول: [المتقارب]
فستّرن ماكنّ حسّرنه
وقوله:
وكان منشّرا بشمالها
إن قيل: لم خصّ الشمال دون اليمين؟ فالجواب أنّ اليمين هي التي يستعان بها في العدو، وتخلّى للدّفع والذبّ، وهي في ذلك كلّه أقوى من الشمال، فشمرة الساعي الناجي وحمله لشيء إن حمل إنّما يكون بشماله. وهذه المرأة لمّا شمّرت للهرب حملت خمارها بشمالها. وقوله: أبديت عن خلخالها أي: أغرت على حيّها فأحوجتها إلى رفع ذيلها.
والتشمير: للهرب والفرار وهذا كما قال الآخر: [الطويل]
لعمري لنعم الحيّ حيّ بني كعب ... إذا نزل الخلخال منزلة القلب
أي: إذا شمّرن للسعي فبدت خلاخيلهنّ كما تبدو أسورتهنّ. وقيل: إنه أراد تخفّفت للنّجاء فوضعت خلخالها في يدها كما فعلت تلك بخمارها. وقيل: إنه أشار إلى الدّهش والحيرة فرقا، فلم تتّجه للبس خلخالها ولا علمت موضعه من موضع سوارها.(1/775)
لعمري لنعم الحيّ حيّ بني كعب ... إذا نزل الخلخال منزلة القلب
أي: إذا شمّرن للسعي فبدت خلاخيلهنّ كما تبدو أسورتهنّ. وقيل: إنه أراد تخفّفت للنّجاء فوضعت خلخالها في يدها كما فعلت تلك بخمارها. وقيل: إنه أشار إلى الدّهش والحيرة فرقا، فلم تتّجه للبس خلخالها ولا علمت موضعه من موضع سوارها.
* * * [24] قال أبو علي رحمه الله [283]: العرب تقول: «لا والذي أخرج قابية (1) من قوب» يعنون فرخا من بيضة.
قلب أبو علي رحمه الله مذهب العرب وإنّما يقولون: «لا والذي أخرج قوبا من قابية» أي: فرخا من بيضة. فالقوب: الفرخ. والقابية: البيضة وإنّما لبس على أبي عليّ.
رحمه الله قولهم: «تخلّصت قابية من قوب» وهو مثل من أمثالهم أي: تخلّصت بيضة من فرخ. وأصل هذا من قولهم: تقوّب الشيء إذا تقلّع وانفطر، وقوّبته تقويبا. ومنه اشتقاق القوباء لتقلّع الجلد عنها.
* * * [25] قال أبو علي رحمه الله [284]: قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا} [الإسراء: 16] ههه أي: كثّرنا، وقال أبو عبيدة رحمه الله: يقال: خير المال سكّة مأبورة، ومهرة مأمورة فالمأمورة: الكثيرة الولد من آمرها الله أي: كثّرها، وكان ينبغي أن يقال: مؤمرة ولكنه أتبع مأبورة. والسّكّة: السّطر من النخل. وقال الأصمعي رحمه الله: السّكّة الحديدة التي تفلح بها الأرضون. والمأبورة: المصلحة، يقال: أبرت النخل آبره أبرا إذا لقّحته وأصلحته، قال: وقد قرئ: {أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا} على مثال فعّلنا.
هذا كلام من يعتقد أنّ القراءة المشهورة آمرنا بالمدّ، وأنّ أمرنا بالقصر شاذّة. ولا اختلاف بين الأئمة السبعة رضوان الله عليهم في قرائتها أمرنا بالقصر على مثال فعلنا.
وهذه هي القراءة المقدّمة والأصل. ويقال في غيرها من الشواذّ: وقد قرئ كذا. ومعنى قراءة الجماعة: أمرناهم بالطاعة ففسقوا، كما تقول: أمرتك فعصيتني وقد علم أنّ الله سبحانه لا يأمر إلّا بالعدل والإحسان، كما قال تعالى في محكم كتابه. وقيل: معنى أمرنا وآمرنا واحد أي: كثّرنا وقد أورد ذلك أبو عليّ إثر هذا عن ابن كيسان رحمهما الله وهو مرويّ عن جلّة اللّغويّين. والشاهد لصحّته قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي نسبه أبو عليّ إلى أبي عبيدة رحمهما الله ولا ينبغي لعالم أن يجهل مثل هذا وذلك قوله: «خير المال سكّة مأبورة ومهرة مأمورة» وحمل حديث النبي عليه أفضل السلام على هذه اللغة الفصيحة أولى من حمله على أنه أراد أن يتبعه ما قبله لأنّه لم يكن من المتكلّفين صلى الله عليه وسلم. وقراءة الجماعة هي المرويّة عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم إلّا الحسن رضي الله عنه فإنه قرأ آمرنا بالمدّ. وكذلك
__________
(1) في «الأمالي»: «قائبة» وفي هامش الأصل: «قابية» و «قائبة» معا. ط(1/776)
قرأ الأعرج إلّا أبا العالية الرياحيّ رحمهما الله فإنّه قرأ: أمرنا بالتشديد، ورويت عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذه القراءة تحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المعنى:
جعلنا لهم إمرة وسلطانا. والآخر: أن يكون المعنى كثّرنا، فيكون بمعنى آمرنا وبمعنى أمرنا على أحد الوجهين، قال الكسائيّ رحمه الله: ويحتمل أن يكون أمرنا بالتخفيف غير ممدودة بمعنى أمّرنا بالتشديد من الإمارة، فكانت هذه القراءة الاختيار لما اجتمعت فيها المعاني الثلاثة. ومترفوها: فسّاقها. وقيل: جبابرتها.
* * * [26] قال أبو علي رحمه الله [289]: إن أصل المثل في قولهم: «سبق السّيف العذل» للحارث بن ظالم. إنّما أصل المثل لضبّة بن أدّ والمقتول الحارث بن كعب في خبر مشهور ذكره غير واحد وذلك أن ضبّة كان له ابنان: سعد وسعيد، خرجا في بغاء إبل، فكان ضبّة كلّما رأى شخصا قال: أسعد أم سعيد؟ فرجع سعد، ولم يرجع سعيد فبينما ضبّة يسير مع الحارث بن كعب في الشهر الحرام، قال له الحارث: إني قتلت في هذا المكان فتى من هيئته كذا، وهذا سيفه، فقال له ضبّة: ناولني إيّاه، فناوله، فقال ضبّة: «الحديث ذو شجون» فأرسلها مثلا وضربه به حتى برد، وليم في قتله في الشهر الحرام فقال: «سبق السّيف العذل». وضبّة كلها ترجع إلى سعد. وكان لضبّة ابن ثالث يسمّى: باسلا، وهو أبو الدّيلم.
[27] قال أبو علي رحمه الله [292]: للأضبط بن قريع: [المنسرح]
لكلّ أمر (1) من الأمور سعه ... والصّبح والمسي لا فلاح معه
وهي أبيات منها: [المنسرح]
وصل حبال البعيد إن وصل ال ... حبل وأقص القريب إن قطعه
قال أبو علي: قال أبو العباس ثعلب: وكان الأصمعي رحمهم الله ينشده:
فصلنّ (2) البعيد إن وصل الحبل
هذا الإنشاد الذي نسبه إلى الأصمعيّ رحمه الله لا يجوز لأن البيت يكون حينئذ من العروض الخفيف، والشّعر من المنسرح، والأصمعيّ لا يجهل ذلك.
* * * [28] وأنشد أبو علي رحمه الله [309]: لرجل من خزاعة: [البسيط]
قد كنت أفزع للبيضاء أبصرها ... من شعر رأسي فقد (3) أيقنت بالبلق
__________
(1) روى القالي «هم» و «الهموم» ورسم الكاتب: «لكل أمر من الأمور» إلا أنه فوق الكلمتين «أمر والأمور» كتب «هم» صح و «الهموم» صح.
(2) في «الأمالي»: وكان الأصمعي ينشد: فصل حبال البعيد أن وصل الحبل». ط
(3) في «الأمالي» و «قد». ط(1/777)
الآن حين خضبت الرأس زايلني ... ما كنت ألتذّ من عيشي ومن خلقي
وهي أبيات.
هذا الشعر لأبي الأسود الدّؤليّ. والدّئل من كنانة لا من خزاعة. وكذلك أنشده محمّد بن يزيد رحمه الله وغيره لأبي الأسود رحمه الله وهو ثابت في ديوان شعره. والرواية الجيّدة في البيت الأوّل:
قد كنت أرتاع للبيضاء في خلد ... فالآن أرتاع للسوداء في يقق
أخذ هذا المعنى أبو تمّام رحمه الله فقال: [الخفيف]
شاب رأسي وما رأيت مشيب الر ... أس إلّا من فضل شيب الفؤاد
طال إنكاري البياض وإن عم ... رت شيئا أنكرت لون السّواد
وحسّنه أبو الطّيّب رحمه الله فقال: [الكامل]
راعتك راعية البياض بعارضي ... ولو أنّها الأولى لراع الأسحم
لو كان يمكنني سفرت عن الصّبا ... فالشّيب من قبل الأوان تلثّم
قال سيبويه رحمه الله الدّئل في كنانة على وزن فعل. وهو مثال عزيز. والدّؤل في حنيفة. والدّيل في عبد القيس.
* * * [29] وأنشد أبو علي رحمه الله [325]: [الطويل]
قريب ثراه لا ينال عدوّه ... له نبطا عند الهوان قطوب
هذا البيت لكعب بن سعد الغنويّ. وقد أنشد أبو عليّ رحمه الله القصيدة بكمالها بعد هذا وروايته في هذا محالة مردودة. والصحيح:
آبي الهوان (1) قطوب
لأنه إذا قال عند الهوان قطوب قد أثبت أنّه مهان مذال وأنه يقطّب عند نزول ذلك به.
وهم يقولون في مديح الرجل: هو «آبي الضّيم» و «آبي الهوان» ولذلك قالوا: «رجل أبيّ» وقال معبد بن علقمة: [الطويل]
فقل لزهير إن شتمت سراتنا ... فلسنا بشتّامين للمتشتّم
ولكنّنا نأبى الظلام (2) ونعتصي ... بكلّ رقيق الشّفرتين مصمّم
__________
(1) راجع: الأمالي حيث يروى: «أبي الهوان». ط
(2) في هامش الأصل هذه الحاشية: الظلام بالكسر مصدر ظالمت الرجل إذا ظلم كل واحد منكما صاحبه. وقيل: هو جمع ظلم. والظلام بالضم جمع ظلامة كما يقال: فتاتة وفتات وروى بيت عامر بن الطفيل على وجهين: ولكننا نأبي الظلام ونعتصي. البيت: قاله ابن السيد رحمه الله. ط(1/778)
وتجهل أيدينا ويحلم رأينا ... ونشتم بالأفعال لا بالتّكلّم
* * * [30] وأنشد أبو علي رحمه الله [331] غير منسوب في خبر ذكره عن الأصمعي رحمه الله: [الطويل]
أحقّا عباد الله أن لست ناظرا ... إلى قرقرى يوما وأعلامها الغبر
كأنّ فؤادي كلّما مرّ راكب ... جناح غراب رام نهضا إلى وكر
إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ... دعاك الهوى واهتاج قلبك للذّكر
فيا راكب الوجناء أبت مسلّما ... ولا زلت من ريب الحوادث في ستر
إذا ما أتيت العرض فاهتف بجوّه ... سقيت على شحط النّوى سبل القطر
فإنك من واد إليّ مرجّب ... وإن كنت لا تزدار إلّا على عفر
خلّط أبو عليّ. رحمه الله في هذا الشعر، وهو من شعرين مختلفين لرجلين، فثلاثة الأبيات منه ليحيى بن طالب على ما أنا ذاكره. وثلاثة الأبيات منه لقيس بن معاذ. وكان يحيى بن طالب الحنفيّ سخيا يقري الأضياف، فركبه الدّين الفادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد يسأل السلطان قضاء دينه، فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص من بغداد إلى اليمامة فشيّعه يحيى، فلما جلس الرجل في الزّورق ذرفت عينا يحيى وأنشأ يقول: [الطويل]
أحقّا عباد الله أن لست ناظرا ... إلى قرقرى يوما وأعلامها الخضر
هكذا صحّة إنشاده، وأعلامها الخضر لا الغبر، كما أنشده أبو عليّ رحمه الله وكيف يحنّ إلى أوطان يصفها بالجدب والاغبرار!
إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ... دعاك الهوى واهتاج قلبك للذّكر
كأن فؤادي كلّما مرّ راكب ... جناح غراب رام نهضا إلى وكر
فيا حزنا ماذا أجنّ من الهوى ... ومن مضمر الشّوق الدّخيل إلى حجر
تعزّيت (1) عنها كارها فتركتها ... وكان فراقيها أمرّ من الصّبر
أقول لموسى والدموع كأنّها ... جداول ماء في مساربها تجري
ألا هل لشيخ وابن ستّين حجّة ... بكى طربا نحو اليمامة من عذر
وقد ذكر أبو عليّ رحمه الله خبر يحيى هذا وأنشد له هذا الشعر، ولكنّه نسي، ولولا نسيانه لاعتذر. وهكذا صحّة اتصال أبيات شعره لا كما وصلها أبو عليّ رحمه الله.
__________
(1) روى القالي: تعزبت بمعنى تغربت وفي الهامش كتب المصحح: «في بعض النسخ الخطية المحفوظة بدار الكتب المصرية» تعزيت إلخ. ط(1/779)
وأما أبيات قيس بن معاذ فإنّها: [الطويل]
أيا راكب الوجناء أبت مسلّما ... ولا زلت من ريب الحوادث في ستر
إذا ما أتيت العرض فاهتف بجوّه ... سقيت على شحط النّوى سبل القطر
فإنّك من واد إليّ محبّب ... وإن كنت لا تزدار إلّا على عفر
لعلّ الذي يقضى الأمور بعلمه ... سيصرفني يوما إليه على قدر
فترقأ عين ما تملّ من البكا ... ويسكن قلب ما ينهنه بالزّجر
وقيس بن معاذ هذا: هو مجنون بني عامر هذا قول أبي اليقظان. وقال غيره: هو قيس بن الملوّح. وقيل: إنّه معاذ، والملوّح لقب له. وقال أبو عبيدة: اسم مجنون بني عامر البختري بن الجعد. وقال أبو العالية: اسمه الأقرع بن معاذ. وقال أبو الفرج: الصحيح أنه قيس بن مرّ بن قيس بن عدس أحد بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
* * * [31] وأنشد أبو علي رحمه الله [337]: [الرجز]
حمراء من معرّضات الغربان ... يقدمها كلّ علاة عليان
أخّر أبو عليّ. رحمه الله الشطر المتقدّم فاستحال معناهما لو كانت هذه الناقة التي هي من معرّضات الغربان تقدمها كلّ علاة عليان لم تكن هي من معرّضات الغربان لأنّها تكون حينئذ متأخّرة. وهذا الرجز لرجل من غطفان قال وذكر رفقة.: [الرجز]
يقدمها كلّ علاة عليان ... حمراء من معرّضات الغربان
يقدمها: يعني الرّفقة. والعلاة: الشديدة الصّلبة، مشبّهة بالعلاة وهو السّندان، والعليان: المشرفة. والحمر: أجلد الإبل، والمعرّضات: التي تقدم الإبل فتقع الغربان عليها فتأكل مما تحمله، إذ ليس هناك من يطردها لبعد الحادي عنها، فكأنّها قد أهدت إلى الغربان العراضة، وهي الهديّة على ما ذكره أبو عليّ. رحمه الله وقد زاد في تخصيصها بعض اللّغويّين فقال: العراضة: هديّة القادم خاصّة. والخذيا: هديّة المبشّر خاصّة وأنشد أبو العباس رحمه الله في هذا المعنى: [الرجز]
قد قلت قولا للغراب إذ حجل ... عليك بالقود المسانيف الأول
تغدّ ما شئت على غير عجل ... التمر في البئر وفي ظهر الجمل
قال أبو العباس: سألت ابن الأعرابي رحمهما الله أي شيء يقول؟ قال: يقول: يا غراب، إن أفنيت ما عليها من التمر، فإنّ الماء إذا استقي من البئر على ظهر الجمل خرج الرّطب وجاء التمر.
* * *
[32] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [355352]: [الطويل](1/780)
* * *
[32] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [355352]: [الطويل]
رفعنا الخموش عن وجوه نسائنا ... إلى نسوة منهم فأبدين مجلدا
وقال: قال أحمد بن يحيى رحمه الله: هذا رجل قتل من قومه قتلى فكان نساؤه يخمشن وجوههنّ عليهم، فأصابوا بعد ذلك منهم قتلى، فصار نساء الآخرين يخمشن وجوههنّ عليهم، يقول: لمّا قتلنا منهم قتلى بعد القتلى الذين قتلوا منا حوّلنا الخموش عن وجوه نسائنا إلى وجوه نسائهم، قال: وهذا مثل قول عمرو بن معد يكرب: [الكامل]
عجّت نساء بني زبيد عجّة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
قال: العجّة: الصوت. والأرنب: موضع. انتهى ما ذكره أبو علي رحمه الله.
البيت الذي أنشد لعمرو بن معديكرب مغيّر لا يصح لأن عمرا زبيديّ من بني زبيد بن الصعب بن سعد بن مذحج. فكيف يقول: عجّت نساء بني زبيد عجّة كعجيج نسوتنا، ونساء بني زبيد هنّ نساؤه وإنّما هو: عجّت نساء بني زياد، وبنو زياد: بطن من بلحارث بن كعب.
وكان من خبر هذا الشعر أنّ جرما ونهدا كانتا في بني الحارث مجاورتين، فقتلت جرم رجلا من أشراف بني الحارث يقال له: معاذ بن يزيد، فارتحلوا فتحولوا في بني زبيد رهط عمرو، فخرجت بنو الحارث يطلبون بدمهم ومعهم جيرانهم بنو نهد، فعبّى عمرو جرما لبني نهد وتعبّى هو وقومه لبني الحارث، فزعموا أن جرما كرهت دماء بني نهد فانهزمت وفلّت يومئذ زبيد ففي ذلك يقول عمرو يلوم جرما: [الطويل]
لحا الله جرما كلّما ذرّ شارق ... وجوه كلاب هارشت فازبأرّت
فلم تغن جرم نهدها إذ تلاقتا ... ولكنّ جرما في اللّقاء ابذعرّت
فلو أنّ قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكنّ الرّماح أجرّت
وهي أبيات:
ثم إن عمرا غزا بني الحارث فأصاب فيهم وانتصف منهم وقال: [الكامل]
لمّا رأوني في الكتيفة (1) مقبلا ... وسط الكتيبة مثل ضوء الكوكب
واستيقنوا منّا بوقع صادق ... هربوا وليس أوان ساعة مهرب
عجّت نساء بني زياد عجّة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
هكذا رواه الطوسيّ وغيره. وقد رأيت أبا جعفر محمد بن حبيب (2) البصريّ أدرج هذا البيت في خبر ذكره فقال: لما جاء نعيّ الحسين رضي الله عنه ومن كان معه قال
__________
(1) رسم الكاتب «صح» فوق الكلمة «الكتيفة» توكيدا لها. ط
(2) رسم الكاتب «حبيب» وفوقها «معا». ط(1/781)
مروان: «يوم بيوم الحفض (1) المجوّر» أي: يوم بيوم عثمان رضي الله عنه ثم تمثّل بقول الأسدي: [الكامل]
عجّت نساء بني زبيد عجّة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
قال: وهذا يوم كان بين بني أسد وبين بني الحارث بن كعب ونهد وجرم، فانتفجت لبني الحارث يومئذ أرنب، فتفاءلوا وقالوا: ظفرنا بهم، فظفروا ثم انتصف منهم بنو أسد فقال الأسديّ هذا الشعر. وهذا هو التفسير الصحيح في قوله: «غداة الأرنب» لا ما ذكره أبو علي رحمه الله: لأنّه لا يعرف موضع يقال له أرنب ولا يحفظ البتّة وإنّما هو يوم الأرنب، سمّي بهذه الأرنب التي انتفجت لهم. ولا يصحّ إنشاده:
عجّت نساء بني زبيد
إذا نسب إلى عمرو أصلا إلّا أن يكون البيت للأسديّ كما قال ابن حبيب (2)، وعمرو أولى به، والأثبت أنه له فلينشد:
عجّت نساء بني زياد
كما ذكرناه بدءا
* * * [33] قال أبو علي رحمه الله [358]: العرب تقول: «طلب الأبلق العقوق فلمّا فاته أراد بيض الأنوق» فأتى به كلاما منثورا وإنّما يحفظ للعرب بيتا موزونا، وروى المدائني والهيثم بن عديّ: أن رجلا أتى معاوية رضي الله عنه وهو يخطب فقال: زوّجني أمّك فقال: الأمر لها وقد أبت أن تزوّج، قال: فافرض لي ولقومي فتمثّل معاوية رضي الله عنه: [الخفيف]
طلب الأبلق العقوق فلما ... لم ينله أراد بيض الأنوق (3)
__________
(1) أورده الميداني في «مجمع الأمثال» (4662). وعزاه إلى عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص وقال:
الحفص: الخباء بأمره مع ما فيه من كساء وعمود. والمجوز: الساقط. ثم ذكر هذه القصة بنحوها وقال: وأصل المثل كما ذكره أبو حاتم في كتاب الإبل أن رجلا كان له عم قد كبر وشاخ وكان ابن أخيه لا يزال يدخل بيت عمه ويطرح متاعه بعضه على بعض فلما كبر أدركه بنو أخ أو بنوا أخوات له، فكانوا يفعلون به ما كان يفعله بعمه. فقال: يوم بيوم الحفص المجور، أي: هذا بما فعلت أنا بعمي، فذهبت مثلا.
(2) كتب «حبيب» وفوقها «معا». ط
(3) قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/ 427) توفيت هند بنت عتبة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وكذا قال ابن الأثير في «أسد الغابة» (7/ 293) وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الإصابة» (4/ 426): بعد ما أورد قول ابن عبد البر: وقد ذكر صاحب «الأمثال» ما يدل على أنها بقيت إلى خلافة(1/782)
ويوضّح لك أنّ المثل الذي أورده أبو علي رحمه الله مغيّر من الموزون، قوله فيه: «أراد بيض الأنوق» لأن ضرورة الوزن حملت الشاعر أن يضع «أراد» مكان «طلب» ولولا ذلك لكان رجوع آخر الكلام على أوّله أعدل لقسمته ومع ذلك فإن الإرادة قد تكون مضمرة غير ظاهرة، والطلب لا يكون إلّا ظاهرا بفعال أو مقال.
[34] قال أبو علي رحمه الله [358]: الدّفر (1): يكون في النّتن والطّيب، وهو حدّة الرّيح. والدّفر بفتح الفاء: لا يكون إلا في النّتن الفتح والإسكان فيه لغتان، وأعلاهما الإسكان. ومن ذلك قولهم للدّنيا: «أمّ دفر» بالإسكان، لم يسمع فيه الفتح وكلام أبي عليّ.
رحمه الله كلام من يعتقد أنه لا يقال إلا بالفتح.
* * * [35] وأنشد أبو علي رحمه الله [357] لمرضاوي (2) بن سعرة المهريّ في خبر ذكره شعرا منه: [الكامل]
قسمت رجال بني أبيهم بينهم ... جرع الرّدى بمخارص وقواضب (3)
قال أبو علي رحمه الله [358] المخارص واحدها مخرص، وهو سكّين كبير شبه المنجل يقطع به الشجر أي: مدخل للمنجل مع القواضب وهي السيوف! وأيّ: شجر هنا إلا قمم الرجال! وإنّما المخارص هنا: الرماح، وهي الخرصان أيضا واحد الخرصان خرص وخرص (4)، وواحد المخارص مخرص قال حميد الأرقط: [الرجز]
يعضّ منها الظلّف الدّئيّا ... عضّ الثّقاف المخرص الخطّيّا
__________
عثمان بل بعد ذلك لأن أبا سفيان مات في خلافة عثمان بلا خلاف وقال: قال رجل لمعاوية زوجتي هندا، قال: «إنها قعدت عن الولد ولا حاجة لها في الزواج قال: فولني ناحية كذا: فأنشد معاوية:
طلب الأبلق العقوق فلما ... أعجزته أراد بيض الأنوق
ما يعني أنه طلب ما لا يصل إليه فلما عجز عنه طلب أبعد منه. ثم رأيت في «طبقات ابن سعد» الجزم بأنها ماتت في خلافة معاوية.
وأورد ابن كثير في «البداية والنهاية» وفاتها في وفيات العام الرابع عشر الهجري.
(1) ورد في «الأمالي»: «الذفر» بالذال المعجمة. «الذفر» النتن خاصة ولا يكون الطيب البتة. ط
(2) روى القالي: «مرضاوي بن سعوة». ط
(3) الشعر الذي منه هذا البيت رواه القالي: لعجوز من بني رئام تسمى «خويلة» وهي خال «مرضاوي بن سعوة» لا كما ذكر أبو عبيد إذ روى القالي في خبر هذا الشعر: «وخرجت (خويلة) حتى لحقت بمرضاوي بن سعوة المهري وهو ابن أختها فأناخت بفنائه وأنشأت تقول:
يا خير معتمد وأمنع ملجأ ... وأعز منتقم وأدرك طالب
جاءت وافدة الثكالى تغتلى ... بسوادها فوق الفضاء الناضب
وفيه:
فأبرد غليل «خويلة» الثكلى التي ... رميت بأثق من صخور الصاقب ط
(4) رسم الكاتب «خرص» (بفتح الخاء وكسرها) وفوقها معا. ط(1/783)
وقال امرؤ القيس في الخرص: [سريع]
أحزن لو أسهل أخزيته ... بعامل في خرص ذابل
يعني: رمحا.
* * * [36] قال أبو علي رحمه الله [368] قال الأصمعي رحمه الله: من أمثالهم:
«أينما أذهب ألق سعدا» قال: كان غاضب الأضبط بن قريع سعدا فجاور في غيرهم فآذوه.
وهذا خلاف ما ذكره العلماء: ابن الكلبيّ وأبو عبيد القاسم بن سلّام رحمهما الله وغيرهما. قالوا: معنى هذا المثل: «أن سادات كلّ قوم يلقون من قومهم الذين هم دونهم في المنزلة مثل ما ألقى أنا من قومى من الحسد والمكروه» فهذا هو التفسير الصحيح لأن الأضبط كان سيّد قومه ولم يلق من غيرهم مكروها.
* * * [37] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [382] لقيس بن ذريح قصيدة منها: [الطويل]
وما كاد قلبي بعد أيّام جاوزت ... إليّ بأجزاع (1) الثّدي يريع
هكذا رواه أبو عليّ رحمه الله الثّديّ بكسر الدال على وزن جمع ثدي، وهذا غير محفوظ ولا معلوم، وإنّما هو الثّديّ بفتح الدال وهو واد بتهامة.
* * * [38] أنشد أبو عليّ. رحمه الله [422421] لأبي صخر الهذليّ قصيدة أوّلها:
[الطويل]
لليلى بذات الجيش دار عرفتها ... وأخرى بذات البين آياتها سطر
كأنّهما م الآن لم يتغيّرا ... وقد مرّ للدارين من بعدنا عصر
وقفت بربعيها فعيّ جوابها ... فكدت وعيني دمعها سرب همر
ألا أيّها الركب المخبّون هل لكم ... بساكن أجزاع الحمى بعدنا خبر
هكذا رواه أبو علي رحمه الله: فكدت وإنما صحّة إنشاده وصوابه:
فقلت وعيني دمعها سرب همر
ألا أيها الركب إلخ
ولا وجه لرواية أبي عليّ. رحمه الله إلّا على بعد، وهو حذف الجواب كأنّه أراد فكدت أهلك أو نحو ذلك ورواية الناس ما أنبأتك به. وفي الشعر المذكور:
خليليّ هلي يستخبر الرّمث والغضا ... وطلح الكدا من بطن مرّان والسّدر
__________
(1) روى القالي: «بأجراع» براء مهملة. ط(1/784)
قال أبو علي: كذا أنشدناه أبو بكر بن الأنباري رحمهما الله كذا بفتح الكاف وقال: هو اسم موضع. قال أبو علي رحمه الله وأحسبه أراد كداء فقصره للضرورة. قال:
وأنشدناه أبو بكر بن دريد: كدى بضم الكاف، قال: وهو جمع كدية. سها أبو عليّ. رحمه الله في متن البيت وسها في شرحه لأنه أنشده: خليليّ هل يستخبر الرّمث بفتح الياء، لم يختلف عنه في ذلك. والرمث لا يستخبر، إنما هو: هل يستخبر الرمث بضم الياء وفتح الباء، وقال في شرحه: أظنّه أراد كداء فقصره للضرورة. وهذا لا يجوز لأن كداء معرفة لا تدخلها الألف واللام وكداء هي عرفة بعينها. وكديّ: جبل قريب من كداء قال الشاعر:
أقفرت بعد عبد شمس كداء ... فكديّ فالرّكن فالبطحاء
[39] وأنشد أبو علي رحمه الله [429]: [الطويل]
طوال الأيادي والحوادي كأنّها ... سماحيج قبّ طار عنها نسالها
قال أبو علي رحمه الله والحوادي (1): الأرجل التي تتلو الأيدي وتتلوها. لا أعلم أحدا رواه إلّا طوال الأيادي والهوادي بالهاء أي: المقادم ولولا أنّ أبا عليّ. رحمه الله فسّر الحوادي لقيل إنّه وهم من الناقل لأنّ الأيدي إذا طالت طالت الأرجل لا محالة، إلّا ما يذكر من خلق الزرافة، فإنّ رجليها أقصر من يديها. وخلق الأرنب على خلاف ذلك، رجلاها أطول من يديها. وأمّا الهوادي فقد تكون قصارا مع طول القوائم. والهوادي هي التي توصف بالطّول قال طفيل: [الطويل]
طوال الهوادي والمتون صليبة ... مغاوير فيها للأديب معقّب
وهذا الشاعر يصف خيلا شبّهها في طولها وارتفعها بإبل سماحيج أي: طوال طار عنها نسالها لسمنها. وهذا البيت حجّة في جمع اليد العضو على أياد وكذلك بيت القحيف:
[الطويل]
ومن أعجب الدّنيا إليّ زجاجة ... تظلّ أيادي المنتشين بها فتلا
* * * [40] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [429]:
لو كنت من زوفن أو بنيها ... قبيلة قد عظّبت (2) أيديها
معوّدين (3) الحفر حفّاريها ... لقد حفرت نبثة ترويها
هكذا قرأه أبو علي رحمه الله زوفن بالزاي وإنّما هو دوفن بالدال المهملة، وهو مشتقّ من الدّفن ذكر ذلك ابن دريد وابن ولّاد رحمهما الله وغيرهما.
__________
(1) روى القالي: «تحدو الأيدي». ط
(2) ورد في «الأمالي»: عظبت» بتخفيف الظاء. ط
(3) ورد في «الأمالي»: «معودين» بصيغة اسم المفعول. وصوابه «معودين» بصيغة اسم الفاعل. ط(1/785)
ودوفن من ضبيعة بن ربيعة بن نزار، وهم رهط المتلمّس الشاعر، ورهط الحارث بن عبد الله بن دوفن الأضجم (1) سيّد بني ضبيعة في الجاهليّة، ولا نعرف في بطون العرب زوفن بالزاي، وهو تصحيف من ناقله لا شكّ فيه.
* * * [41] وأنشد أبو علي رحمه الله [444] لمالك بن الرّيب المزني (2): [الطويل]
إذا متّ فاعتامي القبور فسلّمي ... على الرّيم أسقيت السحاب الغواديا
هذا وهم من أبي عليّ. رحمه الله ومالك مازنيّ لا مزنيّ. وهو مالك بن الرّيب بن حوط بن قرط من بني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة. ومزينة هو ابن أدّ بن طابخة منهم: زهير الشاعر، والنّعمان بن مقرّن، ومعقل بن يسار. وهذا البيت لمالك من قصيدة يرثي بها نفسه وكان سعيد بن عثمان بن عفان رحمه الله لما ولّاه معاوية رضي الله عنه خراسان قد استصحب مالك بن الرّيب، وكان من أجمل العرب جمالا، وأبينهم بيانا، فمات هناك، فقال هذه القصيدة وهو يجود بنفسه، وصلة البيت منها: [الطويل]
فياليت شعري هل بكت أمّ مالك ... كما كنت لو عالوا نعيّك باكيا
إذا متّ فاعتامي القبور فسلّمي ... على الرّيم أسقيت السّحاب الغواديا
رهينة أحجار وترب تضمّنت ... قرارتها منّي العظام البواليا
ويروى: إذا متّ فاعتادي القبور. ويروى: وسلّمي على الرّمس. والرّيم: القبر.
* * * [42] وأنشد أبو علي رحمه الله [444] لكعب بن زهير: [الطويل]
ثنت أربعا منها على ظهر أربع ... فهنّ بمثنيّاتهنّ ثمان
هذا البيت إنّما هو لودّاك بن ثميل لا لكعب بن زهير من شعر ودّاك الذي يقول فيه:
مقاديم وصّلون في الرّوع خطوهم ... بكلّ رقيق الشّفرتين يمان
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم ... لأيّة حرب أم بأيّ مكان
[43] وأنشد أبو علي رحمه الله [480] شعرا منه: [الطويل]
إذا أنت لم تترك طعاما تحبّه ... ولا مقعدا تدعو (3) إليه الولائد
تجلّلت عارا لا يزال يشبّه ... شباب (4) الرجال نقرهم والقصائد
__________
(1) رسم الكاتب «صح» فوق الكلمة «الأضجم» توكيدا لها. ط
(2) في «الأمالي»: «المازني». ط
(3) في «الأمالي»: «تدعى».
(4) في «الأمالي «سباب: سباب نترعم. ط(1/786)
كان صاعد بن الحسن يرد هذه الرواية ويقول إنها تصحيف وإنما هو:
تجلّلت عارا لا يزال يشبّه ... سباب الرجال نثره والقصائد
سباب بسين مهملة، يريد نثر السّباب ونظمه. قيل: ولا وجه لتخصيص شباب الرجال هنا لأنّ مسانّهم أعلم بالمناقب والمثالب، وأروى للممادح والمذامّ وإذا ذكر النظم والنثر فقد حصر جميع الكلام وطابق بين الألفاظ، وما بال ذكر النقر مع القصائد. قال المحتجّ لأبي عليّ. رحمه الله: معنى النقر هنا: الغناء، وهوى لا يكون إلا في الشعر وأكثر ما يكون الغناء أيضا للشّباب دون الكهول، وقيل: إنّ معنى النقر هنا: السبّ والعيب، ومن ذلك قول امرأة من العرب لزوجها: «مرّ بي على بني نظّرى (1) ولا تمرّ بي على بنات نقّرى» تقول: مرّ بي على الرجال الذين يقنعون بالنظر دون السب، ولا تمرّ بي على العيّابات السبّابات.
وقيل: بنات نقّرى هنا من التنقير وهو البحث والتجسّس عن الأخبار، ورواية صاعد حسنة جليلة، وعن هذا التكلّف غنيّة.
* * * [44] قال أبو علي رحمه الله [527] عقبت الخوق، وهي حلقة القرط، وذلك أن يشدّ بالعقب إذا خشوا أن يزيغ، وأنشد: [الرجز]
كأنّ خوق قرطها المعقوب ... على دباة أو على يعسوب
إنّما المعقوب هنا الذي فيه العقاب، وهو الخيط الذي يشدّ في طرف حلقة القرط ثم يشد في حلقة الآخر لئلا يسقط أحدهما، هذا هو التفسير الصحيح لا ما ذكره أبو علي رحمه الله لأنّ قرطا يشدّ بعقب ينبغي أن يكون من خشب. وهذا الرجز لسيار الأبانيّ يقوله في امرأته، وأوله:
أعار عند السّنّ والمشيب ... ما شئت من شمردل نجيب
أعارهم من سلفع صخوب ... يابسة الظّنبوب والكعوب
كانّ خوق قرطها المعقوب ... على دباة أو على يعسوب
تشتمني في أن أقول توبي
قوله: أعار يعني الله سبحانه وتعالى رزقه عند كبره أولادا جساما نجباء والشّمردل: الطويل الحسن الجسم يقول: هؤلاء الأولاد من امرأة سلفع، وهي الصّخّابة البذيّة. وقوله: على دباة يعني: قصر عنقها، وصفها بالوقص. والدّبى: صغار الجراد.
* * * __________
(1) رسم الكاتب «صح» فوق الكلمتين «نظري» ونفري» راجع: «اللسان» (7/، 7774) حيث يروى أيضا: نظري. نقري. ط(1/787)
[45] وأنشد أبو عليّ [533] لمعدان بن مضرّب الكندي: [الطويل]
إن كان ما بلّغت عنّي فلامني ... صديقي وشلّت من يديّ الأنامل
وكفّنت وحدي منذرا بردائه ... وصادف حوطا من أعاديّ قاتل
وهذا الشعر لمعدان بن جوّاس بن فروة السّكونيّ ثم الكنديّ بلا اختلاف، ولا يعلم شاعر اسمه معدان بن مضرّب، إنّما هو حجيّة بن المضرّب، وهو أيضا سكونيّ، وابن ابن أخيه شاعر أيضا: جوّاس بن سلمة بن المنذر بن المضرّب، وهذا مما التبس حفظه على أبي على رحمه الله وقوله: وكفّنت وحدى أي: بكوني غريبا لا أجد معينا. ومنذر ابنه، وحوط أخوه، وقوله: بردائه أي: لا يجد سواه، وهذا يحقّق الغربة. وشبيه بهذا قول امرئ القيس:
[الطويل]
فإما تريني في رحالة جابر ... على حرج كالقرّ تخفق أكفاني
يريد ثيابه التي أيقن أنه سيكفّن فيها حين سمّ وليس يجد سواها وإنما قال: من أعاديّ، ولم يقل: من أعاديه، لتكون الفجيعة أعظم، والمصيبة أكثر.
* * * [46] وأنشد أبو علي رحمه الله [534] لأعرابيّ: [الطويل]
وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة ... غزال أحمّ المقلتين ربيب
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ... ولكنّ من تنأين عنه غريب
هذا ممّا قدمناه أنّ أبا عليّ رحمه الله إذا جهل قائل الشعر نسبه إلى أعرابي. وهذا الشعر لشاعر إسلاميّ حضريّ مدنيّ. غذي بماء العقيق لم يدخل بادية قطّ، وهو الأحوص بن محمد الأنصاري رضي الله عنه وكذلك الشعر الذي أنشد بعده لأعرابي وهو: [الطويل]
هجرتك أيّاما بذي الغمر إنّني ... على هجر أيّام بذي الغمر نادم
وإني وذاك الهجر لو تعلمينه ... كعازبة عن طفلها وهي رائم
يروى للأحوص أيضا.
* * * [47] قال أبو علي رحمه الله [537] (1): اجتمع خمس جوار من العرب فقلن:
هلممن فلننعت خيل آبائنا وذكر حديثهنّ إلى قول إحداهنّ: جريها انثرار وتقريبها انكدار وفسّره فقال: إنثرار كأنّه انفعال من ينثره نثرا، هذا وهم بيّن! وأين علم أبي على رحمه الله بالتصاريف ونون انفعال زائدة وإنما انثرار من الثرّ، وهو الغزير الكثير ومنه قولهم: «عين ثرّة» ويحتمل أن يكون افعلالا من نثر إن كان مسموعا.
__________
(1) كذا، وقد ساق ذلك أبو علي بإسناده، عن ابن الكلبي، عن أبيه فذكره.(1/788)
[48] وأنشد أبو علي رحمه الله [567] للبعيث: [الطويل]
ألا طرقت ليلى الرّفاق بغمرة ... ومن دون ليلى يذبل فالقعاقع
على حين ضمّ الليل من كل جانب ... جناحيه وانصبّ النجوم الخواضع
في أبيات أنشدها
خلّط أبو عليّ. رحمه الله في البيت الأولّ فأتى به من بيتين وصحة إنشاده وموضوعه: [الطويل]
ألا طرقت ليلى الرّفاق بغمرة ... وقد بهر الّليل النّجوم الطوالع
وأنّى اهتدت ليلى لعوج مناخة ... ومن دون ليلى يذبل فالقعاقع
وقد وهم أيضا في البيت الثاني فانشده:
وانصبّ النجوم الخواضع
وإنما هو:
وانصب النجوم الطوالع
ويروى:
وانقضّ النجوم الطوالع
ولا يستقيم أن يكون:
وانصبّ النجوم الخواضع
لأنّ الخواضع هي المنصبّة، فكيف يستقيم أن يقول: وانصبّ النجم المنصبّ.
والخاضع: المطأطئ رأسه الخافض له وكذلك فسّر في التنزيل. وإنما يريد الشاعر أنّ الليل قد أدبر، وانقضّ للغروب ما كان طالعا في أوله ألا ترى قوله:
على حين ضمّ الليل من كل جانب ... جناحيه إلخ
أي: كفّ ظلمته وضمّ منتشرها مدبرا، وأيضا فإن الذي يلي هذا البيت من القصيدة قوله:
بكى صاحبي من حاجة عرضت له ... وهنّ بأعلى ذي سدير خواضع
فلو كان الذي قبله كما أنشده أبو على رحمه الله لكان هذا من الإيطاء على أحد القولين. ومعنى خواضع في هذا البيت: ذقن، والذّقون: التي تهوى برأسها إلى الأرض تخفضه وتسرع في سيرها. وغمرة: فصل نجد من تهامة من طريق الكوفة. ويذبل: جبل لباهلة وكذلك القعاقع جبال لهم.
* * * [49] وأنشد أبو علي [568] لابن الطّثريّة شعرا أوّله: [الطويل]
عقيليّة أمّا ملاث إزارها ... فدعص وأمّا خصرها فبتيل
إنما هذا الشعر للعباس بن قطن الهلاليّ لا لابن الطثريّة. كذلك قال دعبل وأبو بكر الصّولي، ولم يقع هذا الشعر في ديوان ابن الطثريّة وقد جمعت منه كلّ رواية: رواية أبي حاتم، عن الأصمعي، ورواية الطّسيّ، عن ابن الأعرابي، وأبي عمرو الشيبانيّ رحمهم الله وفيه: [الطويل](1/789)
عقيليّة أمّا ملاث إزارها ... فدعص وأمّا خصرها فبتيل
إنما هذا الشعر للعباس بن قطن الهلاليّ لا لابن الطثريّة. كذلك قال دعبل وأبو بكر الصّولي، ولم يقع هذا الشعر في ديوان ابن الطثريّة وقد جمعت منه كلّ رواية: رواية أبي حاتم، عن الأصمعي، ورواية الطّسيّ، عن ابن الأعرابي، وأبي عمرو الشيبانيّ رحمهم الله وفيه: [الطويل]
فما كلّ يوم لي بأرضك حاجة ... ولا كلّ يوم لي إليك رسول
هكذا رواه أبو علي رحمه الله وإنما هو:
ولا كلّ يوم لي إليك وصول
كذلك رواه الجماعة وهو الصحيح لأن الذي يلى هذا البيت قوله:
إذا لم يكن بيني وبينك مرسل ... فريح الصّبا منّي إليك رسول
وهو آخر الشعر في رواية الرّياشي وزاد فيه ابن عبد الصّمد الكوفيّ من سماعاته:
أيا قرّة (1) العين التي ليت أنّها ... لنا بجميع الصالحات بديل
سلي هل أحلّ الله من قتل مسلم ... بغير دم أم هل عليّ قتيل
فأقسم لو ملّكتك الدهر كلّه ... لمتّ ولمّا يشف منك غليل
* * * [50] قال أبو علي [577]: حدثنا أبو بكر، أخبرنا أبو حاتم، عن العتبي رحمهم الله قال: قال رجل لعبد الملك بن مروان: يا أمير المؤمنين، هززت ذوائب الرّحال إليك، ولم أجد معوّلا إلّا عليك أمتطي الليل بالنهار (2)، وأقطع المجاهل بالآثار، يقودني نحوك رجاء، ويسوءني (3) إليك بلوى والنفس راغبة، والاجتهاد عاذر، وإذا بلغتك فقدي، قال:
أحطط عن راحلتك، فقد بلغت. الصحيح أن المخاطب بهذا معاوية بن أبي سفيان، والمتكلّم به عبد العزيز بن زرارة الكلابي. كذلك روى أبو حاتم في نوادره عن العتبي، ومن هذه الطريق رواه أبو عليّ، وزاد أبو حاتم بعد هذا الخبر: فقال عبد العزيز بن زرارة: [الوافر]
دخلت على معاوية بن حرب ... وذلك إذ يئست من الدّخول
وما نلت الدخول عليه حتى ... حللت محلّة الرجل الذليل
وأغضيت الجفون على قذاها ... ولم أسمع إلى قال وقيل
فأدركت الذي أمّلت منه ... بمكث والخطاء مع العجول
ولو أنّي عجلت سفهت رأيي ... فلم أك بالعجول ولا الجهول
__________
(1) يشبه هذا البيت بيت ابن الطثرية الوارد في «الأمالي» وفي الحماسة:
فياخلة النفس التي ليس دونها ... لنا من أخلاء الصفاء خليل ط
(2) روى القالي: «الليل بعد النهار». ط
(3) روى القالي: «وتسوقتي». ط(1/790)
هكذا أنشده:
دخلت على معاوية بن حرب
نسبه إلى جدّه ولو قال:
دخلت على معاوية بن صخر
لكان أحسن، وهو اسم أبي سفيان. وقوله: وإذا بلغتك فقدي أي: حسبي وقد تزاد فيه النون وقاية لآخر الحرف، قال حميد الأرقط: [الرجز]
قدني من نصر الخبيبين قدي
فأتى باللّغتين. وتأتي قطّ بمعنى حسب وكفى، تقول: قط عبد الله درهم. وقطّك درهم، وقطني درهم، قال الراجز: [الرجز]
امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلا رويدا قد ملأت بطني
وقال الخليل. رحمه الله: قال أهل البصرة: الصواب فيه الخفض، على معنى، حسب عبد الله، قطّ عبد الله درهم. وهي هنا مخفّفة لا تثقّل، فأمّا في الزمان والعدد فلا تكون إلّا مثقّلة.
* * * [51] قال أبو علي رحمه الله [584]: قيل لابنة الخسّ: ما أحدّ شيء؟ قالت: ضرس جائع، تقذف في معى (1) جائع إلخ. المحفوظ عن اللّحيانيّ وغيره أنها قالت: ضرس قاطع، يقذف في معى جائع هذا هو الصحيح. والذي رواه أبو علي مردود من وجوه: منها أن الجوع لا ينسب إلى الضّرس، وإن سومح في هذا على المجاز، فقد يكون جائعا ولا يكون قاطعا، وأيضا فإن صفة المعى بالجوع يغني عن صفة الضرس بالجوع، إذ لا يجوز أن يكون أحدهما شبعان والآخر غرثان. ومع هذا فإن تكرير اللفظ بمعنى واحد من العيّ الذي سمعت به لا سيّما في سجع المسجوع. وكانت هند أفصح من ذلك. وهي هند بنت الخسّ بن حابس بن قريط الإياديّة. يقال: الخسّ والخصّ بالسين والصاد، والخسف بالفاء بعد السين.
[52] وأنشد أبو علي رحمه الله [591]: [المتقارب]
على كلّ هتّافة المذروي ... ن صفراء مضجعة في الشّمال
البيت لأميّة بن أبي عائذ يصف راميا، وقبله:
تراح يداه بمحشورة ... خواظي القداح عجاف النّصال
كخشرم دبر له أزمل ... أو الجمر حشّ بصلب جزال
__________
(1) روى القالي: «يقذف في معى ضائع». ط(1/791)
على عجس هتّافة المذروي ... ن زوراء مضجعة في الشّمال
هكذا رواه الأصمعيّ والسّكّري رحمهما الله وغيرهما: «على عجس هتّافة المذروين» فأمّا إنشاد أبي عليّ. رحمه الله: «على كلّ هتّافة المذروين» فلا وجه له لأنّ يديه إنما ترمي بهذه السّهام الموصوفة على قوس واحدة. لا على كلّ قوس هتافة.
قال الأصمعي رحمه الله: يقال يداه تراحان إلى المعروف فجاء به على هذا.
وخواظ: ممتلئة ليست بدقاق. والخشرم (1): جماعة النحل والدّبر. وحش: أوقد. والعرب تشبّه متابعة الرمي عند استشرائه واحتدامه بتسعّر اللهب واضطرامه، فتقول: ضرب هبر، وطعن نتر، ورمي سعر، وقال كعب بن مالك في تشبيه الضرب بذلك: [الكامل]
من سرّه ضرب يرعبل بعضه ... بعضا كمعمعة الأباء المحرق
* * * [53] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [600] لابن الدّمينة شعرا أوّله: [الطويل]
ألا لا أرى وادي المياه يثيب ... ولا النفس (2) عن وادي المياه تطيب
هذا الشعر لمالك بن الصّمصامة بن سعد بن مالك أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهو شاعر بدويّ إسلاميّ مقلّ، وكان فارسا جوادا جميل الوجه يهوى جنوب بنت محصن الجعدية. وكان أخوها الإصبغ بن محصن من فرسان العرب وأهل النجدة فيهم، فنمي إليه نبذ من خبر مالك، فآلى يمينا جزما لئن بلغه أنّه عرض لأخته أو زارها ليقتلنّه، فبلغ ذلك مالكا فقال هذا الشعر. هكذا روى المدائني وأبو عمرو الشيبانيّ وغيرهما.
* * * [54] وأنشد أبو عليّ [615] للعجّاج في لذم إذا لزمه: [الرجز]
يقتسر الأقوام بالتغمّم (3) ... قسر عزيز بالأكال ملذم
هكذا روي عنه بالتّغمّم بالغين لم يختلف في ذلك عنه، وهو وهم وإنّما هو بالتقمّم بالقاف أي: بالركوب والاعتلاء كذلك رواه أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعيّ. رحمهم الله وفسّراه بما ذكرته وهو الذي لا يصحّ سواه، وصلة الشطرين:
إذا بذخت أركان عزّ فدغم ... ذو شرفات دوسريّ مرجم
__________
(1) كتب بهامش الأصل هذه الحاشية: «الجوهري رحمه الله، الخشرم: الدبر والزنابير قال الأصمعي رحمه الله: ولا واحد له من لفظه، وعنه أيضا: الدبر بالفتح: جماعة النحل قال الأصمعي رحمه الله: لا واحد له ويجمع على دبور، ويقال للزنابري أيضا: دبر، ومنه قبل لعاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه: حمى الدبر. ط
(2) رسم الكاتب «النفس» (بالضم والفتح) وفوق السين اللفظة «معا». ط
(3) روى القالي: «الأقران بالتقمم». ط(1/792)
يقتسر الأقران بالتقمّم ... قسر عزيز بالأكال ملذم
إن أحجمت أقرانه لم يحجم ... ولم يرضه رائض بمخطم
بذخت: ارتفعت. والباذخ: الجبل المرتفع. وفدغم: ضخم. ودوسريّ: مثله:
ومرجم: شديد الرّجم. والأقران جمع قرن، وهذه أحسن من رواية أبي عليّ. رحمه الله يقتسر الأقوام لأنّ الأقوام قد يقع على المسالم والمحارب والمخالف والمؤالف. والأقران إنّما يكونون في الحرب وما أشبهها من المنافرات وطلب الطوائل، واحدهم قرن، فإذا قلت:
فلان قرن فلان بفتح القاف، فإنّما تريد أنّه على سنّه والأكال: الحظّ والنصيب، ويقال: فلان ذو أكل أي: ذو حظّ من الدنيا.
* * * [55] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [616] لأوس بن حجر: [الطويل]
فما زال حتّى نالها وهو معصم ... على موطن لو زال (1) عنها تفصّلا
هكذا أورده أبو عليّ. رحمه الله لو زال عنها والصواب: لو زلّ عنه، أي: عن الموطن وهو الموضع الذي صار إليه لا يجوز غير ذلك. وهذا الشاعر ذكر رجلا توصل إلى عود قوس في شاهق وقبل البيت:
ومبضوعة في رأس نيق شظيّة ... بطود تراه بالسّحاب مكلّلا
فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن ... لتبلغه حتى تكلّ وتعملا
فأشرط فيه نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكّلا
وقد أكلت أظفاره الصخر كلما ... تعايا عليه طول مرقا توصلا
فما زال حتّى نالها وهو معصم ... على موطن لو زلّ عنه تفصّلا
قوله: فويق جبيل، صغّره لأنه قلّ عرضه ودقّ، فهو أشدّ لتوقّله، وأشرط فيها نفسه:
جعلها علما للهلاك، وأشراط الساعات (2): علاماتها، وسمّي الشّرط شرطا لأنّ لهم علامات يعرفون بها. وقوله:
وقد أكلت أظفاره الصخر
أنّث. والتذكير في الصخر أعرف.
[56] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [620]: [الطويل]
فتى لا يعدّ الرّسل يقضي مذمّة ... إذا نزل الأضياف أو ينحر الجزرا
هذا سهو منه، وإنّما هو أو تنحر الجزر، والقوافي مرفوعة، وقبله:
فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... وإن قلّ مالا لم يؤد متنه الفقر
__________
(1) روى القالي: «زل عنها». ط
(2) في هامش الأصل: «لعله الساعة». ط(1/793)
فتى لا يعدّ المال ربّا ولا ترى ... له جفوة إن نال مالا ولا كبر
فتى لا يعدّ الرّسل يقضي ذمامه ... إذا نزل الأضياف أو تنحر الجزر
والشعر للأبيرد اليربوعيّ يرثي أخاه بريدا، وهو الأبيرد بن المعذّر بن عمرو من بني رياح بن يربوع بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، شاعر إسلاميّ في أوّل الدولة الأمويّة.
* * * [57] قال أبو عليّ: [634]: وكان ابن دريد يستحسن قول أبي نواس: [الخفيف]
لا جزى الله دمع عينيّ خيرا ... وجزى الله كلّ خير لساني (1)
نمّ دمعي فليس يكتم سرّا ... ووجدت اللسان ذا كتمان
وهذا الشعر للعباس بن الأحنف بلا اختلاف، لا لأبي نواس، وهو ثابت في ديوان ابن الأحنف.
[58] وأنشد أبو علي [675] لجميل رحمهما الله: [الطويل]
ولمّا بدا لي منك ميل مع العدى ... سواى ولم يحدث سواك بديل
صددت كما صدّ الرّميّ تطاولت ... به مدّة الأيام وهو قتيل
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله وأنشده أبو تمّام رحمه الله وغيره:
ولمّا بدا لي منك ميل مع العدى ... عليّ إلخ
وهو الصحيح، ولا وجه لإنشاد أبي عليّ إلّا أن يكون قوله: سواى بمعنى قصدي، وهذا تكلّف وعبارة بعيدة. أنشد اللغويّون في سوى بمعنى قصد: [الكامل]
فلأصرفنّ سوى حذيفة مدحتي ... لفتى العشيّ وفارس الأجراف
وأنا أشهد أنّ قائل هذا البيت إنّما قال:
فلأصرفنّ إلى حذيفة مدحتي
و «سوى حذيفة» موضوع وأنشدوا أيضا: [الخفيف]
لو تمنّت حبيبتي ما عدتني ... أو تمنّيت ما عدوت سواها
أي: قصدها، وأنا أقول: إن سوى في هذا البيت هي التي بمعنى غير ليس (2) إلّا.
__________
(1) في هامش «الأمالي» ما حرفه: «كتب بهامش الأصل: هذه الأبيات للعباس بن الأحنف» اهـ. «كان العباس شاعرا غزلا شريفا مطبوعا من شعراء الدولة العباسية وله مذهب حسن، ولديباجة شعره رونق، ولمعانيه عذوبة ولطف ولم يكن يتجاوز الغزل إلى مديح ولا هجاء». ط
(2) ورد في الأصل ما حرفه: «وأنشدوا أيضا وأنشد أبو علي لأبي الشيص: لو تمنت البيت، ونرى أن قوله: «وأنشد أبو علي لأبي الشيص» سبق قلم من الكاتب لأن البيت الذي يليه: «لو تمنت إلخ» لم يرد في «الأمالي» مطلقا، ويؤيد أنها زيادة لا تتفق مع السياق قوله بعد ذلك: وأنشد أبو علي رحمه الله لأبي الشيص: وقف الهوى البيت» وهو الوارد في «الأمالي». ط(1/794)
[59] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [679] لأبي الشّيص: [الكامل]
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخّر عنه ولا متقدّم
الأبيات
ليس هذا الشعر في ديوان أبي الشّيص، ولا رواه أحد عنه كما روي عن غيره، قال أبو الفرج عليّ بن الحسين: حدّثني اليزيديّ قال: حدثني محمد بن الحسن الزّرقيّ قال: حدثني عبد الله بن شبيب قال: أنشدني عليّ بن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم لنفسه، وكان شاعرا غزلا: [الكامل]
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخّر عنه ولا متقدّم
الأبيات إلى آخرها
* * * [60] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [682]: [الطويل]
ولو نظروا بين الجوانح والحشا ... رأوا من كتاب الحبّ في كبدي سطرا
ولو جرّبوا ما قد لقيت من الهوى ... إذا عذروني أو جعلت لهم عذرا
صددت وما بي من صدود ولا قلى ... أزوركم (1) يوما وأهجركم شهرا
أسقط أبو عليّ. رحمه الله من هذا الشعر البيت الذي يقوم به معنى البيت الأخير لأنه جواب له ولا فائدة له إلا بذكره، وهو:
ولما رأيت الكاشحين تتبّعوا ... هوانا وأبدوا دوننا نظرا شزرا
جعلت وما بي من صدود ولا قلى ... أزوركم يوما وأهجركم شهرا
ويروى: وأهجركم عشرا، ولولا هذا البيت المسقط لكان البيت الذي أنشده لغوا ومنقطعا مما قبله كأنه ليس من الشعر.
[61] وأنشد أبو عليّ [686] لأوس بن حجر: [الطويل]
وأبيض (2) صوليّا كأنّ غراره ... تأكّل برق في حبيّ تأكّلا
خلّط أبو علي رحمه الله في هذا البيت فمزجه من ثلاثة أبيات على ما أنا مورده، قال أوس: [الطويل]
وإنّي امرؤ أعددت للحرب بعد ما ... رأيت لها نابا من الشرّ أعصلا
أصمّ ردينيّا كأنّ كعوبه ... نوى القسب عرّاضا مزجّا منصّلا
__________
(1) كتب بهامش الأصل ما نصه: «أقول: ويحتاج حينئذ إلى تقدير حرف الجر أي: ما عدوت إلى غيرها وفيه ركة (ضعف) وبدونها إفساد، فالحق موافقة القوم (ح عا). ط
(2) روى القالي: «أزورهم وأهجرهم». ط(1/795)
وأملس صوليّا كنهى قرارة ... أحسّ بقاع نفح ريح فأجفلا
وأبيض هنديّا كأنّ غراره ... تلألؤ برق في حبيّ تكلّلا
إذا سلّ من جفن تأكّل أثره ... على مثل مصحاة اللّجين تأكّلا
فوضع أبو عليّ. رحمه الله مكان: وأبيض صوليّا، وأبيض هنديّا. والصّوليّ من نعت الدّرع، لا من نعت السيف، منسوبة إلى صول: رجل أعجمى يحسن سردها، أو إلى صول:
الموضع المعروف، ووضع مكان في حبيّ تكلّلا، تأكّلا، فأتى به من قوله في البيت الآخر:
تأكّل أثره ... على مثل مصحاة اللّجين تأكّلا
والتأكّل لا يكون في صفة البرق، إنما هو في صفة فرند السيف. والتكلّل والانكلال في صفة البرق وهو كالابتسام. والمصحاة: إناء يشرب به، مشتقّ من الصّحو تفاؤلا له بذلك.
* * * [62] قال أبو علي رحمه الله [695]: دخل (1) رجل من الأعراب على رجل من أهل الحضر، فقال له الحضريّ: هل لك أن أعلّمك سورة من كتاب الله تعالى؟ فقال: إنّي أحسن من كتاب الله ما إن ملت به كفاني، قال: وما تحسن؟ قال: أحسن سورا، قال: اقرأ، فقرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وإنّا أعطناك الكوثر، فقال له الرجل: إقرأ السورتين [يريد المعوّذتين (2) قال: قدم عليّ (3) ابن عمّ لي فوهبتهما له، ولست براجع في هبتي حتى ألقى الله (4). هذا تصحيف، وإنما قال الأعرابي حين سأله الحضريّ فقال: وما تحسن؟ قال:
خمس سور لا «أحسن سورا» (5) ولو لم يتقدّم منه توقيت لما طالبه الحضريّ بقراءة السورتين، فإنّه قد كان قرأ له سورا. وهذا مما وقّف عليه أبو عليّ فأبى إلّا التزام روايته.
* * * [63] وأنشد أبو علي رحمه الله [713] لابن الرومي: [المنسرح]
وفاحم وارد يقبّل مم ... شاه إذا اختال مرسلا عذره (6)
__________
(1) كذا في هذا الكتاب، وقد ساقه القالي بإسناده عن الأصمعي قال: «دخل» إلخ. ط
(2) الزيادة عن «الأمالي». ط
(3) فوهبتها (الأصل). ط
(4) روى ابن الجوزي عن الأصمعي بنحوها في نوادر الحمقى والمغفلين الباب السابع عشر في ذكر المغفلين من الأعراب (ص 107).
(5) فوق العبارة «لا أحسن» رسم الكاتب «صح». ط
(6) ورد في «الأمالي»: «غدره». وكتب ناقل التنبيه «غدره» بغين معجمة وتحتها عين صغيره وبذال معجمة وتحتها نقطة وفوق كل من الحرفين رسم اللفظة «معا» يشير إلى أن الرواية عذره وغدره.
وفي هامش الأصل هذه الحاشية: «في الجامع للقزاز رحمه الله في باب «غدر» وقول الأعشى:
وخصم تمنى فاجتنبت به المنى ... وعوجاء حرف لين غدراتها
وهي الخصلة من الشعر فإنما يريد ناقة. وغدراتها جمع غدرة وهي الخصلة من الشعر التي تلي القفا(1/796)
أقبل كالليل من مفارقه ... منحدرا لا يذمّ منحدره
حتّى تناهى إلى مواطئه ... يلثم من كلّ موطئ عفره
كأنه عاشق دنا شغفا ... حتى قضى من حبيبه وطره
هكذا أنشده أبو علي رحمه الله مرسلا عذره بالعين المهملة والذال المعجمة، وهي شعرات ما بين القفا إلى وسط العنق، واحدتها عذرة، وإنّما هو: مرسلا غدره بالغين المعجمة والدال المهملة جمع غدرة، وهي الغديرة أيضا وجمعها غدائر، وهي القرون من الشعر وكل ما ضفر منه ألا تراه يقول:
أقبل كالليل من مفارقه
وأين شعرات القفا من المفارق؟. وأنشد أبو علي رحمه الله في البيت الثاني:
منحدرا لا يذمّ منحدره
يذمّ بالياء وهو لا يذمّ ولا يحمد، وإنّما هو «لا نذمّ منحدره» بالنون أي: انحداره.
والوارد من الشعر: الذي يرد الكفل وما تحته. وأخذ ابن مطران معنى هذا الشعر وزاد عليه فقال: [الطويل]
ظباء أعارتها المها حسن مشيها ... كما قد أعارتها العيون الجآذر
فمن حسن ذاك المشي جاءت فقبّلت ... مواطئ من أقدامهنّ الغدائر
* * * [64] وأنشد أبو علي رحمه الله [722] لبشّار أبياتا منها: [البسيط]
منّيتنا زورة في النوم واحدة ... ثنّي (1) ولا تجعليها بيضة الدّيك
والمحفوظ في هذا البيت:
قد زرتنا زورة في النوم واحدة
ويروى: في الدهر واحدة وعلى هذا يصحّ معنى البيت لأنه أثبت زورة واحدة وسأل أن تثنّي. وعلى رواية أبي علي رحمه الله إنما منّته في النوم زورة لم تف بها، فكيف يسألها أن تثنّي ما لم يتقدّم له إفراد، إلا إن كان يريد أن تمنّيه مرّة أخرى، وهذا لا يتمعنى
* * * [65] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [751] للمرّار الفقعسيّ: [الكامل]
لا يشترون بهجعة هجعوا بها ... ودواء أعينهم خلود الأوجس
__________
عند الأصمعي ولينها: استرخاؤها. وفي «الصحاح»: وعذرة الفرس ما على المنسج من الشعر والجمع عذر. وقال الأصمعي رحمه الله: العذرة: الخصلة من الشعر وأنشد لأبي النجم:
مشى العذاري الشعث ينفضن العذر اهـ ط
(1) ورى القالي: «فاتني». ط(1/797)
هذا وهم من أبي عليّ. رحمه الله والشعر للمرّار بن منقذ العدّويّ، لا للمرّار بن سعيد الفقعسيّ كما ذكر من قصيدة معلومة يتّصل بالبيت منها قوله:
فتناوموا شيئا وقالوا عرّسوا ... في غير تنئمة بغير معرّس
فكأنّ أرحلنا بواد معشب ... بلوى عنيزة من مغيض التّرمس
في حيث خالطت الخزامي عرفجا ... يأتيك قابس أهله لم يقبس
لا يشترون بهجعة هجعوا بها ... ودواء أعينهم خلود الأوجس
فرفعت رأسى للرّحيل ولا أرى ... كاليوم مصبح مورد متغلّس
قوله: تنئمة أي: لم يرفعوا بذلك أصواتهم ولكن إشارة أشار بعضهم إلى بعض. بغير معرّس: أي لم يكن موضع تعريس ولكنّا لمّا وجدنا لذّة النوم فكأنّا في روض هذه صفته. وقوله:
يأتيك قابس أهله لم يقبس
وصف خصب الوادي ولدونة العيدان ورطوبة الورق. وقوله: ولا أرى كاليوم مصبح مورد أي: موضع ورود يصبحونه أثقل عليهم لشدّة نعاسهم.
* * * [66] وأنشد أبو عليّ لنصيب: [المنسرح]
تقيمه تارة وتقعده ... كما يفاني الشّموس قائدها
البيت للكميت بن زيد في أشهر قصائده لا لنصيب. وأوّلها:
هل ذائد للهموم ذائدها ... عن ساهر ليلة يساهدها
بات لها راعيا تقارطه ... أوراد همّ شتّى مواردها
أهون منها ذياد خامسة ... في الورد أو فيلق يجالدها
تقيمه تارة وتقعده ... كما يفاني الشّموس قائدها
يقول: أهون على الذائد الذي استذاده لهمومه ذياد ناقة عن الماء قد وردته بعد خمس أو كتيبة يضاربها وهي الفيلق، يقال: كتيبة فيلق، إذا كانت كثيرة السّلاح قال الأعشي:
[السريع]
في فيلق شهباء ملمومة ... تقذف بالدارع والحاسر
وقوله: تقيمه تارة وتقعده يعني: الهموم المذكورة في أول الشعر.
* * * [67] وأنشد أبو عليّ [779] للعرندس الكلابيّ يمدح بني عمرو الغنويّين قال:
وكان الأصمعيّ. رحمه الله يقول: هذا المحال، كلابيّ يمدح غنويّا!: [البسيط]
هينون لينون أيسار ذوو كرم ... سوّاس مكرمة أبناء أيسار
إن يسألوا الخير يعطوه وإن خبروا ... في الجهد أدرك منهم طيب أخبار
الأبيات(1/798)
هينون لينون أيسار ذوو كرم ... سوّاس مكرمة أبناء أيسار
إن يسألوا الخير يعطوه وإن خبروا ... في الجهد أدرك منهم طيب أخبار
الأبيات
هذا الشعر لعبيد بن العرندس لا لأبيه كذلك قال محمد بن يزيد وغيره. والذي قال:
هذا المحال كلابيّ يمدح غنويّا، هو أبو عبيدة لا الأصمعي، كذلك قال أبو تمام رحمهم الله في الحماسة، وأبو عبيدة هو الذي روى الشعر، وكذلك رواه أبو عليّ عن ابن دريد، عن أبي حاتم عنه رحمهم الله فالأولى على هذا أن يكون الأصمعي صاحب تلك المقالة منكرا على أبي عبيدة روايته وإنما أنكر أن يكون كلابيّ يمدح غنويّا لأن فزارة كانت قد أوقعت ببني أبي بكر بن كلاب وجيرانهم من محارب وقعة عظيمة ثم أدركتهم غنيّ فاستنقذتهم، ففي ذلك يقول طفيل الغنويّ: [الطويل]
وحيّ أبي بكر تداركن بعد ما ... أذاعت بسرب الحيّ عنقاء مغرب
تداركن، يعني: خيلهم. وأذاعت: فرّقت، فلمّا قتلت طيّئ قيس الندامى الغنويّ، وقتلت عبس هريم بن سنان الغنويّ استغاثت غنيّ ببني أبي بكر وبني محارب ليكافئوهم بيدهم عندهم، فقعدوا عنهم ولم يجيبوهم فلم يزالوا بعد ذلك متدابرين، وأدرك غنيّ بثأر قيس الندامي من طيئ وقال في ذلك طفيل:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر ... من الغيظ في أكبادنا والتّحوّب
التّحوّب: الحزن، قال: ومنه «بات بحيبة سوء».
* * * [68] وذكر أبو علي رحمه الله [786] خبر الزياديّ، عن المطّلب بن المطّلب بن أبي وداعة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه على باب بني شيبة فمرّ رجل وهو ينشد: [الكامل]
يأيّها الرجل المحوّل رحله ... هلّا نزلت بآل عبد الدار
هبلتك أمّك لو نزلت برحلهم ... منعوك من عدم ومن إقتار
قال: فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: «أهكذا قال الشاعر» قال أبو بكر رضي الله عنه.: لا والذي بعثك بالحقّ، لكنّه قال: [الكامل]
يأيّها الرجل المحوّل رحله ... هلّا نزلت بآل عبد مناف
هبلتك أمّك لو نزلت برحلهم ... منعوك من عدم ومن إقراف
الخالطين فقيرهم بغنيّهم ... حتى يعود فقيرهم كالكافي
ويكلّلون جفانهم بسديفهم ... حتّى تغيب الشمس في الرّجّاف
قال: فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «هكذا سمعت الرّواة ينشدونه».
قول أبي عليّ. رحمه الله عن المطّلب بن أبي وداعة. هذا مما التبس على أبي عليّ.(1/799)
رحمه الله حفظه، وإنّما أراد كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، ولا يعلم للمطّلب ابن أبي وداعة ابن يسمّى المطّلب إنّما يروي عنه ابنه كثير وابن ابنه كثير بن كثير بن المطّلب، عن أبيه، عن جده. واسم أبي وداعة الحارث بن ضبيرة (1) بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيّ. وأسر أبو وداعة يوم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن له بمكّة ابنا كيّسا» فافتدى المطّلب أباه بأربعة آلاف درهم. وهو أول من فودي من أسرى بدر.
وأسلم هو وابنه يوم الفتح (2).
وروى غير واحد، عن كثير بن كثير بن المطلب، عن أبيه، عن جدّه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي حذو الرّكن الأسود والرجال والنساء يمرّون بين يديه ما بينه وبينهم سترة (3).
وقوله في الشعر: الخالطين فقيرهم بغنيّهم هذا هو المدح الصحيح والمذهب المستحسن، كما قالت خرنق بنت هفّان (4) من بني قيس بن ثعلبة: [الكامل]
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر
النازلين بكلّ معترك ... والطيّبون معاقد الأزر
والخالطين نحيتهم (5) بنضارهم ... وذوي الغنى منهم بذي الفقر
وعيب على زهير قوله: [الطويل]
على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلّين السماحة والبذل
فأثبت فيهم مقلّين. وفي بعض نسخ الأمالي بيت زائد في هذا الشعر الفائي، وهو:
[الكامل]
منهم عليّ والنبيّ محمد ... القائلين هلمّ للأضياف (6)
وهذا بيت محدث، ذكر أبو نصر أن جدّه صالحا أبا غالب ألحقه به. وروى أبو عمر
__________
(1) رسم الكاتب صادا صغيرة تحت الضاد المعجمة وكتب فوقها «معا» إشارة إلى أن الاسم يروى ضبيرة وصبيرة. ط
(2) «السيرة النبوية» لابن هشام (3/ 10) و «جامع المسانيد والسنن» (11/ 335) و «أسد الغابة» (5/ 190). و «الإصابة» (3/ 425).
(3) أخرجه أبو داود (2016)، والنسائي (2/ 167) وابن ماجه (2958) وأحمد (6/ 399) والحميدي (578) وابن خزيمة (815).
(4) كتب الناسخ «هفان» بفتحة وكسرة ترافقان «لها» وفوقها «معا» وكذلك «سم» بفتحة وضمة على حرف السين وفوقها «معا». ط
(5) النحيت: الدخيل في القوم اهـ من هامش الأصل. ط
(6) أورده ابن الأثير في «النهاية» (2/ 289) ومن حديث أبي بكر والنابة الرائشون وليس يعرف رائثن والقائلون هلم للأضياف.(1/800)
المطرّز قال: أخبرني أبو جعفر بن أنس الكرباسيّ. رحمهم الله عن رجاله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ذات يوم في طريق من طرقات مكّة فسمع جارية تنشد: [الكامل]
كانت قريش بيضة فتفلّقت ... فالمحّ خالصه لعبد الدار
فأقبل على أبي بكر رضي الله عنه فقال: «أهكذا قال الشاعر» فقال: فداك أبي وأمّي! وإنّما قال: [الكامل]
كانت قريش بيضة فتفلقت ... فالمحّ خالصه لعبد مناف
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم وليس ميل الرجل إلى أهله بعصبيّة» (1). والعرب تقول للرجل:
هو بيضة البلد، يمدحونه بذلك، وتقول للآخر: هو بيضة البلد (2)، يذمّونه بذلك. والممدوح يراد به البيضة التي يحضنها الظّليم ويصونها ويوقّيها لأن فيها فرخه. والمذموم يراد به البيضة المنبوذة بالعراء المذرة التي لا حافظ لها ولا يدرى لها أبّ، وهي تريكة الظّليم، قال الرماني:
إذا كانت النسبة إلى مثل المدينة ومكّة والبصرة فبيضة البلد مدح، وإذا نسب إلى البلاد التي أهلها أهل ضعة فبيضة البلد ذمّ. وقال حسّان رضي الله عنه في المدح: [البسيط]
أمسى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد
أي: واحد البلد. وكان المنافقون يسمّون المهاجرين رضي الله عنهم الجلابيب، فلمّا قال حسّان رضي الله عنه هذا الشعر اعترضه صفوان بن المعطّل فضربه بالسيف، فأعلموا النبي صلى الله عليه وسلم فقال لحسّان رضي الله عنه.: «أحسن في الذي أصابك» فقال: هي لك فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عوضا: بيرحاء وهي قصر بني جديلة اليوم وسيرين، فهي أمّ عبد الرحمن بن حسّان رضي الله عنهما (3).
* * * [69] وذكر أبو عليّ رحمه الله [097] قولهم: هو «أجبن من صافر» قال: أراد بصافر ما يصفر من الطير وإنّما وصف بالجبن لأنه ليس من سباعها. المحفوظ في تفسير
__________
(1) أخرج أحمد (4/ 107) من حديث واثلة بن الأسقع قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم «أمن العصبية أن يحب الرجل قومه» قال: لا، ولكن العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم».
كذا أخرجه أبو داود (5119) وابن ماجه (3949) والبخاري في «الأدب المفرد» (396) وابن أبي شيبة في «مصنفه» (15/ 101) والطبراني في «الكبير» (22/ 98) والحربي في «غريب الحديث» (1/ 301) والعقيلي في «الضعفاء» (3/ 142).
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (6/ 244) وقال: رواه أحمد وفيه عباد بن كثير الشامي وثقه ابن معين وغيره وضعفه النساء وغيره.
(2) انظر ذلك المعنى من كتاب النوادر رقم (81).
(3) انظر قصة ضرب صفوان بن المعطل لحسان بن ثابت رضي الله عنهما في «أسد الغابة» (3/ 30) «وسيرة ابن هشام» (3/ 423421) و «البداية والنهاية» (6/ 202200).(1/801)
هذا المثل غير ما ذكره، ويسوغ على مذهبه أن تقول: هو «أجبن من حمام» و «أجبن من يمام» وكذلك سائر ما يصاد وسائر الرّهام الذي لا يصاد لأن ذلك كلّه ليس من سباع الطّير، وإنّما الصافر في هذا المثل: الصفرد، وهو طائر من خشاش الطّير يعلّق نفسه من الشجر ويصفر طول ليلته خوفا من أن ينام فيسقط، فضرب به المثل في الجبن.
وذكر ابن الأعرابيّ. رحمه الله أنهم أرادوا بالصافر المصفور به فقلبوه أي: إذا صفر به هرب كما يقال: «جبان ما يلوي على الصّفير». وذكر أبو عبيدة رحمه الله: أنّ الصافر في المثل هو الذي يصفر بالمرأة للرّيبة، فهو وجل مخافة أن يظهر عليه، واستشهد بقول الكميت: [البسيط]
أرجو لكم أن تكونوا في مودتّكم ... كلبا كورهاء تقلي كلّ صفّار
لمّا أجابت صفيرا كان آتيها ... من قابس شيّط الوجعاء بالنّار
وحديث ذلك: أنّ رجلا من العرب كان يعتاد امرأة وهي جالسة مع بنيها فيصفر بها، فعند ذلك تخرج عجيزتها من وراء البيت وهي تحدّث ولدها فيقضي منها وطره ثم إنّ بعض بنيها أحسّ منها بذلك فجاء ليلا وصفر بها ومعه مسمار محمى، فلمّا فعلت فعلها كوى صدعها ثم إنّ الخلّ جاءها بعد ليال فصفر بها، فقالت: قد قلينا صفيركم، فضرب به الكميت مثلا.
* * * [70] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [797] لبكر بن النّطّاح: [الطويل]
ولو خذلت أمواله جود كفّه ... لقاسم من يرجوه شطر حياته
ولو لم يجد في العمر قسما لزائر ... لجاد له بالشّطر من حسناته
أسقط أبو عليّ. رحمه الله من هذا الشعر ما أخلّ بمعناه فصار فيه مطعن على الشاعر، وهو قد أحسن التخلّص فقال: [الطويل]
ولو لم يجد في العمر قسما لزائر ... وجاز له الإعطاء من حسناته
لجاد بها من غير كفر بربّه ... وشاركه في صومه وصلاته
وكان من خير هذا الشعر أن بكرا قصد مالك بن طوق فمدحه فلم يرض ثوابه، فخرج من عنده وقال يهجوه: [متقارب]
فليت جدا مالك كلّه ... وما يرتجى منه من مطلب
أصبت بأضعاف أضعافه ... ولم أنتجعه ولم أرغب
أسأت اختياري فقلّ الثوا ... ب لي الذنب جهلا ولم يذنب
فلما بلغ ذلك مالكا بعث في طلبه فلحقوه فردّوه، فلما نظر إليه قام فتلقّاه وقال: يا أخي. عجلت علينا وإنّما بعثنا إليك بنفقة وعوّلنا بك على ما يتلوها، فاعتذر كلّ واحد
منهما إلى صاحبه، ثم أعطاه حتى أرضاه، فقال بكر يمدحه: [الطويل](1/802)
فليت جدا مالك كلّه ... وما يرتجى منه من مطلب
أصبت بأضعاف أضعافه ... ولم أنتجعه ولم أرغب
أسأت اختياري فقلّ الثوا ... ب لي الذنب جهلا ولم يذنب
فلما بلغ ذلك مالكا بعث في طلبه فلحقوه فردّوه، فلما نظر إليه قام فتلقّاه وقال: يا أخي. عجلت علينا وإنّما بعثنا إليك بنفقة وعوّلنا بك على ما يتلوها، فاعتذر كلّ واحد
منهما إلى صاحبه، ثم أعطاه حتى أرضاه، فقال بكر يمدحه: [الطويل]
أقول لمرتاد ندى غير مالك ... كفى بذل هذا الخلق بعض عداته
فتى جاد بالأموال في كلّ جانب ... وأنهبها في عوده وبداته
ولو خذلت أمواله جود كفّه ... لقاسم من يرجوه شطر حياته
ولو لم يجد في العمر قسما لزائر ... البيتين
* * * [71] وأنشد أبو عليّ [800]، عن ابن دريد رحمهما الله لليلى الأخيليّة قال:
وكان الأصمعي رحمه الله يرويها لحميد بن ثور: [الكامل]
يأيها السّدم الملوّي رأسه ... ليقود من أهل الحجاز بريما
أتريد عمرو بن الخليع ودونه ... كعب، إذا لوجدته مرءوما
إنّ الخليع ورهطه في عامر ... كالقلب ألبس جؤجؤا وحزيما
لا تغزونّ الدهر آل مطرّف ... لا ظالما أبدا ولا مظلوما
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم ... وأسنة زرق تخال نجوما
ومخرّق عنه القميص تخاله ... وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللّواء رأيته ... تحت اللواء على الخميس زعيما
لن تستطيع بأن تحوّل عزّهم ... حتى تحوّل ذا الهضاب يسوما
إن سالموك فدعهم من هذه ... وارقد كفى لك بالرّقاد نعيما
قوله:
لا ظالما أبدا ولا مظلوما
هذه رواية محالة، وإنّما الرواية الصحيحة التي بها يصح معنى البيت
لا ظالما فيهم ولا مظلوما
لأنّه قد يكون ظالما لغيرهم أو مظلوما من غيرهم، فيستجير بهم لردّ ظلامته، أو لاستدفاع مكروه عقوبته ولا بدّ لهم من إجارته، وعلى رواية أبي عليّ. رحمه الله قد نهى كلّ ظالم ومظلوم أن يقربهم على العموم، وهذا إلى الذمّ أدنى منه إلى المدح. وهذه الرواية على اختلال معناها فيها حشو من اللفظ لا فائدة له. وهو قوله: أبدا لأنّ ما تقدّم من قوله:
«لا تقربنّ الدهر» يغني عن إعادة «أبدا». وقوله: «ومخرّق عنه القميص» هكذا رواه أبو عليّ رحمه الله بالخفض على معنى وربّ مخرّق، فهو على هذا كناية عن رجل مجهول، والكلام مستأنف منقطع مما قبله، وليس كذلك، وإنّما هو: ومخرّق عنه القميص، نسقا على ما قبله، وتعني به الخليع الممدوح المتقدّم الذكر ألا ترى قوله:
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم
وكذا وكذا ثم قال: ومخرّق عنه القميص تخاله وسط البيوت، فالخيل والأسنّة وسط البيوت، هي لهذا الكائن وسط البيوت، وفي صفته بخرق القميص قولان: أحدهما أن ذلك إشارة إلى جذب العفاة له، والثاني أنّه يؤثر بجيّد ثيابه فيكسوها ويكتفي بمعاوزها، كما قال رجل من بني سعد: [الوافر](1/803)
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم
وكذا وكذا ثم قال: ومخرّق عنه القميص تخاله وسط البيوت، فالخيل والأسنّة وسط البيوت، هي لهذا الكائن وسط البيوت، وفي صفته بخرق القميص قولان: أحدهما أن ذلك إشارة إلى جذب العفاة له، والثاني أنّه يؤثر بجيّد ثيابه فيكسوها ويكتفي بمعاوزها، كما قال رجل من بني سعد: [الوافر]
ومحتضر المنافع أريحيّ ... نبيل في معاوزة طوال
ورواه محمد بن يزيد: في معاوزة طوال، وهي رواية مردودة، وقوله:
حتى تحوّل ذا الهضاب يسوما
رواه أبو عمرو رحمه الله وغيره: ذا الضّباب، وهو الصحيح لأن يسوم: جبل منيف في أرض نخلة من الشأم يعرف بذي الضّباب وذلك أن الضباب لا يكاد يفارقه، وإلّا فكلّ جبل ذو هضاب.
* * * [72] وأنشد أبو عليّ [801] للمتنخّل الهذليّ: [البسيط]
عقّوا بسهم فلم يشعر به أحد ... ثم استفاءوا وقالوا حبّذا الوضح
وقال: عقّى بسهم إذا رمى به نحو السماء لا يريد به أحدا. وإذا اجتمع الفريقان للقتال بما بدا لأحد الفريقين وأرادوا الصلح رموا بسهم نحو السماء فعلم الفريق الثاني أنّهم يريدون الصلح. فتراسلوا في ذلك.
لم يعلم أبو عليّ. رحمه الله معنى التعقية ومذهب العرب فيها. قال أبو العباس ثعلب رحمه الله: سألت ابن الأعرابيّ. رحمه الله عن التعقية وهو سهم الاعتذار فقال: قالت الأعراب: إنّ أصل هذا أن يقتل الرجل من القبيلة فيطالب القاتل بدمه، فتجتمع جماعة من الرؤساء إلى أولياء المقتول بدية مكمّلة ويسألونهم العفو وقبول الدّية، فإن كان أولياؤه ذوي قوّة أبوا ذلك، وإلا قالوا لهم: إن بيننا وبين خالقنا علامة للأمر والنهي فيقول الآخرون: ما علامتكم؟ فيقولون: أن نأخذ سهما فنرمي به نحو السماء، فإن رجع إلينا مضرّجا دما فقد نهينا عن أخذ الدّية، وإن رجع كما صعد فقد أمرنا بأخذها، قال ابن الأعرابيّ قال أبو المكارم رحمهما الله وغيره: فما رجع هذا السهم قطّ إلّا نقيّا، ولكنّهم لهم في هذا المقال عذر عند الجهّال، هذا معنى عقّوا بسهم، لا ما أورده أبو عليّ رحمه الله والبيت الذي أنشده من شعر المتنخّل يهجوا به ناسا من قومه كانوا مع ابنه حجّاج يوم قتل. وقبل البيت: [البسيط]
لا ينسيء الله منّا معشرا شهدوا ... يوم الأميلح لا غابوا ولا جرحوا (1)
لا غيّبوا شلو حجّاج ولا شهدوا ... حمّ القتال فلا تسأل بما افتضحوا
__________
(1) رسم الكاتب سهوا «حرجوا» وحقق الحرف الأول وهو الحاء برسم جاء صغيرة تحتها. ط(1/804)
لكن كبير بن هند يوم ذلكم ... فتخ (1) الشمائل في أيمانهم روح
عقّوا بسهم فلم يشعر به أحد ... ثم استفاءوا وقالوا حبّذا الوضح
قوله: لا ينسيء الله أي: لا يؤخّر الله موتهم. وشلو كلّ شيء: بقيّته. وحمّ القتال، وحمّ كلّ شيء: معظمه. وكبير بن هند قبيلة من هذيل. واستفاءوا: رجعوا عما كانوا عليه. وقالوا: حبّذا الوضح أي: حبّذا الإبل والغنم نأخذها في الدّية، ويعني بالوضح: الّلبن لبياضه.
[73] قال أبو علي: رحمه الله [824]: حدثنا ابن الأنباريّ، عن أبي حاتم، عن أبي زيد، عن المفضّل الضّبيّ. رحمهم الله قال: كنت مع إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله (2) بن الحسن رحمه الله صاحب أبي جعفر في اليوم الذي قتل فيه، فلما رأى البياض يقلّ والسواد يكثر قال: يا مفضّل، أنشدني شيئا يهوّن عليّ بعض ما أرى، فأنشدته: [الطويل]
ألا أيّها الناهي فزارة بعد ما ... أجدّت لغزو إنّما أنت حالم
أبى كلّ ذي تبل يبيت بهمّه ... ويمنع منه النوم إذ أنت نائم
قعوا وقعة من يحيى لم يخز بعدها ... وإن يخترم لم تتّبعه الملاوم
قال: فرأيته يتطالل (3) على سرجه ثم حمل حملة كانت آخر العهد به. هكذا صحت الرواية عن أبي علي رحمه الله يتطالل التضعيف، وهذا لا يجوز إلّا في ضرورة الشعر وإنّما هو يتطالّ كما تقول: يتقاصّ ويترادّ، وقال قعنب في الضّرورة: [البسيط]
مهلا أعاذل قد جّرّبت من خلقي ... أنّي أجود لأقوام وإن ضننوا
* * * [74] قال أبو علي رحمه الله [839]: حدثنا أبو حاتم، عن أبي زيد، عن المفضّل الضّبّيّ رحمهم الله أجمعين قال: دخلت على المهديّ. رحمه الله فقال لي قبل أن أجلس: أنشدني أربعة أبيات لا تزد عليهنّ. وعنده عبد الله بن مالك الخزاعيّ. فأنشدته:
[الطويل]
وأشعث قد قدّ السّفار قميصه ... يجرّ شواء بالعصا غير منضج
دعوت إلى ما نابني فأجابني ... كريم من الفتيان غير مزلّج
__________
(1) قال الأصمعي رحمه الله: أصل الفتخ: اللبن تقول: رجل افتخ بين الفتخ إذا كان عريض الكف والقدم اهـ. من هامش الأصل.
(2) رسم الكاتب فوق عبد الله الأولى والثانية الكلمة «صح» دلالة على أن الثاني والد للأول، وليس مكررا فتنبه. ط
(3) في هامش الأصل هذه الحاشية: «وقال مزرد»:
بطاللت فاستشرفته فرأيته ... فقلت له أنت زيد الأرانب ط(1/805)
فتى يملأ الشّيزى ويروي سنانه ... ويضرب في رأس الكميّ المدجّج
فتى ليس بالرّاضي بأدنى معيشة ... ولا في بيوت الحيّ بالمتولّج
فقال المهديّ: هو هذا! وأشار إلى عبد الله بن مالك فلما انصرفت بعث إليّ المهديّ. رحمه الله. بألف دينار وبعث إليّ عبد الله رحمه الله بأربعة آلاف درهم. قوله: «يجرّ شواء» هذه رواية ساقطة، والجميع يخالفها فيروونه: وجرّ شواء، نسقا على قوله: «قدّ السّفار قميصه وجرّ شواء» كذلك رواه أبو حاتم، عن الأصمعي وأبي عمرو الشيباني رحمهم الله وكذلك رواه أبو محمد عن خالد بن كلثوم رحمهما الله وكذلك رواه إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابي رحمهم الله وكذلك رواه أبو العباس بن الفضل، عن أبي تمّام. قال أبو حاتم، عن الأصمعي رحمهم الله أجمعين قوله: وجرّ شواء، كان هذا ممّا أعان على تخريق ثيابه، غير منضج: إنّما ذلك لسرعة السّير وإعجاله لهم عن إنضاجه، كما قال امرؤ القيس: [الطويل]
نمشّ بأعراف الجياد أكفّنا ... إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب
وهذا إنما يكون في حال السّفار لا في غيره. ورواية أبي عليّ. رحمه الله تقتضي أن ذلك شأنه في جميع أحواله، وهذا بالذّم أشبه لأنه إذا فعل ذلك في حال الطّمأنينة وحين لا يجدّ به سير، فإنما يفعله لفرط الجشع وشدّة الحرص على الطعام! وهذا مذموم، وروى أبو عبد الله، عن أبي العباس:
فتى يملأ الشّيزى ويروى نديمه
وهذه رواية أفادت معنى ثالثا في البيت يجانس ما قبله من إطعام وسقي. ومن روى:
«فيروى سنانه» فذلك في معنى:
ويضرب في رأس الكميّ المدجّج
فلم يفد البيت أكثر من معنيين، والأبيات المذكورة من قصيدة للشّمّاخ.
* * * [75] وأنشد أبو علي رحمه الله [840] لعبد الرحمن بن (1) يزيد: [الوافر]
يؤسّي عن زيادة كلّ حيّ ... خليّ ما تأوّبه الهموم
فلو كنت القتيل وكان حيّا ... لطالب لا ألفّ ولا سؤوم
ولا هيّابة بالليل نكس ... ولا ضرع إذا أمسى نؤوم
وكيف تجلّد الأقوام عنه ... ولم يقتل به الثّار المنيم
__________
(1) في النسخة «يزيد» إلا أن الكاتب بعيد ذلك كتب: «وعبد الرحمن هذا هو أخو زيادة ابني زيد بن مالك» وكذلك روى ابن قتيبة «زيد». ط(1/806)
غشوم حين يبصر مستفاد ... وخير الطّالبي التّرة الغشوم
هكذا ثبتت الرّواية، عن أبي علي رحمه الله في هذا البيت الآخر: حين يبصر بفتح الصاد. مستفاد بالرفع ولا يتوجّه لي معناه. ورواه أبو العبّاس الأحول رحمه الله: غشوم حين يبصر، بكسر الصاد، مستفادا بالنصب وهذا حسن بيّن المعنى، يريد أنه منتهز للفرصة إذا رأى أنّه مستفيد من عدوّه فائدة غشم فابتزّها، أو مدرك فيه بغية وثب فنالها، ورواه أحمد بن عبيد رحمه الله.: «حين يبصر مستقادا» بالقاف، يريد مستقادا منه ومن له عنده ثأر، ويقوّي هذه الرواية عجز البيت:
وخير الطّالبي التّرة الغشوم
ورواه الرّياشيّ حين ينصر بالنون مستقادا بالقاف أي: مطلوبا بقود. وعبد الرحمن هذا هو أخو زيادة، ابني زيد بن مالك بن عامر بن قرّة أحد بني سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة. وكان هدبة بن خشرم قتل زيادة بن زيد. فلما سجن هدبة في دمه جعل القرشيّون بالمدينة يكلّمون عبد الرحمن في أمر هدبة وأضعفوا له الدّية حتى بلغت عشرا منهم: سعيد بن العاص، وعبد الله بن عمرو، والحسين بن عليّ، وعمرو بن عثمان بن عفّان. رضي الله عنهم أجمعين وهو يردّد الإباء، فلمّا أكثروا عليه أنشدهم هذا الشّعر المذكور، فلما سمعه هدبة قال: إنّ فيه لمطمعا فعاودوه. ففعلوا فقال عبد الرحمن حين عاودوه: [الطويل]
باست امرئ واست التي زجرت به ... إذا نال مالا من أخ وهو ثائره
وإنّي وإن ظنّ الرجال ظنونهم ... على صير أمر لم تشعّب مصادره
وهي أبيات
فلمّا أنشدها هدبة قال: دعوه، فو الله لا يقبل عقلا أبدا، جزيتم خيرا فأقام هدبة في السّجن ستّ سنين حتى أدرك المسور بن زيادة، ومات عبد الرحمن في خلال ذلك، فكان المسور هو الذي تولّى قتل هدبة. وذكر المدائني أنّ المسور قد كان اختار العفو وأخذ الدّية حتى قالت له أمّه: والله لئن لم تقتل هدبة لأنكحنّه! فيكون قد قتل أباك ثم نكح أمّك فتسبّك بذلك العرب يدّ المسند، فلفته ذلك عن مذهبه، ومضى على الاتّئار من هدبة وقتله.
* * * [76] وأنشد أبو علي [852]، عن ابن الأنباري، عن أحمد بن يحيى للفرزدق رحمهم الله.: [الطويل]
يفلّقن هامن لم تنله سيوفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم
قال أبو العباس رحمه الله: ها تنبيه، والتقدير: يفلّقن بأسيافنا هام الملوك القماقم، ثم قال: ها للتّنبيه، ثم استفهم فقال مستفهما: من لم تنله سيوفنا؟ قال أبو بكر: سمعت شيخا
م نذ حين يعيب هذا الجواب ويقول: يفلّقن هاما جمع هامة. وهام الملوك مردود على هاما كما قال جل ثناؤه.: {إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرََاطِ اللََّهِ} [الشورى: 5352] قال أبو علي رحمه الله: فاحتججت عليه بقوله: لم تنله وقلت: لو أراد الهام لقال لم تنلها لأن الهام مؤنّثة لم يؤثر عن العرب فيها تذكير، ولم يقل أحد منهم: الهام فلقته كما قالوا: النخل قطعته، والتذكير والتأنيث لا يعمل فيه قياسا إنّما يبنى على السّماع واتّباع الأثر. لم يوفّق أبو عليّ. رحمه الله في هذا الاحتجاج لأنّه أنكر المعروف وعرف المنكر، كيف ينكر تذكير الهام! وهو يروي في شعر النابغة ويروّي: [الطويل](1/807)
يفلّقن هامن لم تنله سيوفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم
قال أبو العباس رحمه الله: ها تنبيه، والتقدير: يفلّقن بأسيافنا هام الملوك القماقم، ثم قال: ها للتّنبيه، ثم استفهم فقال مستفهما: من لم تنله سيوفنا؟ قال أبو بكر: سمعت شيخا
م نذ حين يعيب هذا الجواب ويقول: يفلّقن هاما جمع هامة. وهام الملوك مردود على هاما كما قال جل ثناؤه.: {إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرََاطِ اللََّهِ} [الشورى: 5352] قال أبو علي رحمه الله: فاحتججت عليه بقوله: لم تنله وقلت: لو أراد الهام لقال لم تنلها لأن الهام مؤنّثة لم يؤثر عن العرب فيها تذكير، ولم يقل أحد منهم: الهام فلقته كما قالوا: النخل قطعته، والتذكير والتأنيث لا يعمل فيه قياسا إنّما يبنى على السّماع واتّباع الأثر. لم يوفّق أبو عليّ. رحمه الله في هذا الاحتجاج لأنّه أنكر المعروف وعرف المنكر، كيف ينكر تذكير الهام! وهو يروي في شعر النابغة ويروّي: [الطويل]
بضرب يزيل الهام عن سكناته ... وطعن كإيزاغ المخاض الضّوارب
وهو يروي في شعر عنترة ويروّي: [الكامل]
والهام يندر في الصّعيد كأنّما ... تلقى السّيوف به رءوس الحنظل
ويروي أيضا في شعر طفيل ويروّي: [الطويل]
بضرب يزيل الهام عن سكناته ... وينقع من هام الرّجال بمشرب
فالتذكير هو المعروف في الهام، ولو أنكر أبو عليّ رحمه الله على هذا الشيخ فساد المعنى دون اللفظ كان أولى لأن قوله:
يفلّقن هاما لم تنله سيوفنا
ثم قال بأسيافنا، تناقض. فإن قال: إنه يريد لم تنله ثم نالته، فهذا من العيّ الذي سمعت به، أو يشكّ أحد في أنّ ما نيل اليوم لم يكن أمس منيلا؟ ومن قتل اليوم لم يكن أمس قتيلا؟ وهذا الشّعر يقوله الفرزدق في قتل وكيع قتيبة بن مسلم. وقبل البيت: [الطويل]
فدى (1) لسيوف من تميم وفى بها ... ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم
شفين حرارات الصّدور وما تدع ... عليها مقالا في وفاء للآثم
يفلّقن هاما لم تنله سيوفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم
الأهاتم: آل الأهتم بن سنان بن خالد بن منقر، ويروى: حزازات النّفوس.
* * * [77] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [869] لحميد بن ثور: [الكامل]
ليست إذا سمنت بجابئة (2) ... عنها العيون كريهة المسّ
__________
(1) رسم الكاتب «فدى» بكسرة وفتحة ترافقان الفاء ورسم فوقها «معا». ط
(2) كتب بهامش الأصل حاشية هذا نصها: «هذا ما سمعت من التعصب أو من سوء الفهم عند إرادة التغلب لا يشك ذو لب ولا يخفى على ذي قلب أن معنى قوله: ليست إذا سمنت بجابئة عدم جب، العين عنها وكراهة مسها وقت سمنها، فتكون وقت عجفها كريهة المس تجبأ عنها العين من قولهم:(1/808)
استشهد به على قولهم للمرأة إذا كانت كريهة المنظر: إنها لتجبأ عنها العين، وقد أحال رواية البيت وأفسد معناه، وكيف تجبأ العيون عن الناعمة السمينة! وإنما تجبأ عن العجفاء الهزيلة ألا تراه يقول: إنّها ليست كريهة المسّ، وحسبك بهذا نفيا للعجف وإنكارا للقضف، وإنّما الرواية في البيت:
ليست إذا رمقت بجابئة ... عنها العيون إلخ
وبعد البيت:
وكأنّما كسيت قلائدها ... وحشيّة نظرت إلى الإنس
[التنبيهات الواردة على الجزء الثاني]
[78] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [886] لفاطمة بنت الأحجم (1) بن دندنة الخزاعيّة:
[الكامل]
قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه ... فتركتني أمشي بأجرد ضاح
قد كنت ذات حميّة ما عشت لي ... أمشي البراز وكنت أنت جناحي
فاليوم أخضع للذّليل وأتّقي ... منه وأدفع ظالمي بالرّاح
وإذا دعت قمريّة شجنا لها ... يوما على فنن دعوت صباحي
وأغضّ من بصري وأعلم أنّه ... قد بان حدّ فوارسي ورماحي
هكذا أنشده أبو علي رحمه الله:
وإذا دعت قمريّة شجنا لها
وكذلك أنشده أبو تمّام رحمه الله. في اختياراته. وأخبرني غير واحد، عن أبي العلاء المعرّي. رحمه الله أنه كان يردّ هذه الرواية ويقول إنها تصحيف وكان ينشده:
وإذا دعت قمريّة شجبا لها
بكسر الجيم وبالباء بعدها، يعني فرخها الهالك، وهو الهديل، والشّجب: الهلاك.
والشّجب: الهالك. وأخلق بهذا القول أن يكون صحيحا والحقّ أحقّ أن يتّبع، وقال السّكّريّ رحمه الله: إن هذا الشعر لليلى بنت يزيد بن الصعق ترثي ابنها قيس بن زياد بن أبي سفيان بن عوف بن كعب. وقال الأخفش: إنّه لامرأة من كندة ترثي زوجها الجرّاح. وأوّله:
يا عين جودي عند كلّ صباح ... جودي بأربعة على الجرّاح
__________
«ما انتفى شيء إلا وثبت نقيضه وإلا لزم منه المحال ولا مانع من أن يكون لبيت روايتان وأكثر ومن حفظ حجة على من لم بحفظ (ح عا). اهـ ط
(1) روى القالي: «الأحجم» بتقديم الجيم وكذلك روى «اللسان» والحماسة حيث تذكر الأبيات. وروت الخامس قبل الرابع، وضبط الاسم «دندنة» بفتح الدالين في الطبعة الأولى والثانية وهو خطأ. ط(1/809)
قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه ... الأبيات
وكان الأحجم بن دندنة أحد سادات العرب ويقال الأجحم بتقديم الجيم، قال ابن دريد رحمه الله: جحم إذا فتح عينيه كالشاخص، وبذلك سمّي الرجل. وقال الخليل رحمه الله: الأجحم: الشديد حمرة العينين مع سعة وكانت زوج الأجحم أمّ فاطمة هذه خالدة بنت هاشم بن عبد مناف.
* * * [79] وأنشد أبو علي رحمه الله [894] لأرطاة بن سهيّة يهجو شبيب بن البرصاء:
[الطويل]
من مبلغ فتيان مرّة أنّه ... هجانا ابن برصاء العجان شبيب
فلو كنت مرّيّا عميت فأسهلت ... كداك ولكنّ المريب مريب
أبي كان خيرا من أبيك ولم تزل ... جنيبا لآبائي وأنت جنيب
وما زلت خيرا منك مذ عضّ كارها ... برأسك عاديّ النّجاد ركوب
قال أبو علي: سألت ابن دريد رحمهما الله عن معنى هذا البيت: فلو كنت مرّيا عميت إلخ فقال: كان أبوه أعمى، وجدّه أعمى، وجدّ أبيه أعمى، يقول: فلو لم تكن مدخول النّسب كنت أعمى كآبائك. لأبي على رحمه الله فيما أورده سهوان: أحدهما إنشاده:
فلو كنت مرّيّا وإنّما هو: فلو كنت عوفيّا لأن أرطاة وشبيبا جميعا مرّيّان، وإنما العمى فاش في بني عوف منهم، وهم قوم شبيب إذا أسنّ الرجل فيهم عمي، قلّ من يفلت فيهم من ذلك. ولو قال: فلو كنت مرّيّا لكان هو أيضا قد انتفى من نسبه لأنه مرّيّ ولم يكن أعمى. وأما السّهو الثاني، فإنشاده أربعة الأبيات لأرطاة، وإنما البيتان الآخران لشبيب يردّ على أرطاة، ألا تراه يقول: أبي كان خيرا من أبيك! ولم يختلف الرّواة أن شبيبا كان أفضل من أرطاة بيتا، وأكرم معشرا وأبا وأمّا وأن أرطاة كان أفضل منه نفسا، وكلاهما شاعران إسلاميان غلبت عليهما أمّهاتهما. وهو أرطاة (1) بن زفر بن عبد الله بن مالك أمّه سهيّة بنت زامل، وقيل إنها سبيّة من كلب كانت لضرار بن الأزور ثم صارت إلى زفر وهي حامل فجاءت بأرطاة. وأما شبيب فهو شبيب بن يزيد بن حمزة ويقال ابن جمرة (2).
وأمّه قرصافة بنت الحارث بن عوف (3) بن أبي حارثة وهو ابن خالة عقيل بن علّفة أمّ عقيل عمرة بنت الحارث بن عوف. والحارث هذا هو صاحب الحمالة بين عبس وذبيان لقّبت
__________
(1) يكنى أرطأة أبا الوليد قاله ابن قتيبة في «طبقات الشعراء» اهـ. حاشية من هامش الأصل. ط
(2) رسم الكاتب فوق «ابن جمرة» (بالجيم والراء» علامة «صح». ط
(3) في هامش الأصل هذه الحاشية: «ابن عوف ابن أبي حارثة وأمه البرصاء وهي أمامة بنت الحارث ابن عوف كذا في النسب لأبي عبيد رحمه الله تعالى». ط(1/810)
البرصاء لشدّة بياضها ولم يكن بها برص، ولذلك قال شبيب: [الرجز]
أنا ابن برصاء بها أجيب ... ما في هجان اللّون ما تعيب
وقيل: إنما سمّيت بذلك لبرص حدث بها، وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطبها إلى أبيها فقال:
إن بها وضحا، فأصابها ذلك ولم يكن بها.
* * * [80] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [901]: [الطويل]
إذا انبطحت جافى عن الأرض بطنها ... وخوّأها راب كهامة جنبل
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله: وخوّأها. وإنّما هو وخوّى بها لأن خوّى لا أصل له في الهمزة وهو مع ذلك لا يتعدّى إلا بالباء، يقال: خوّى البعير تخوية إذا برك ثم مكّن لثفناته في الأرض، ولا يقال خوّيته أنا، ويقال خوّى به، كما تقول ذهب وذهب لا يتعدّى والبيت للأعشى وبعده: [الطويل]
إذا ما علاها فارس متبذّل ... فنعم فراش الفارس المتبذّل
ومن هذا البيت أخذ الفرزدق قوله: [البسيط]
ما مركب وركوب الخيل يعجبني ... كمركب بين دملوج وخلخال
ألذ للفارس المجري إذا انبهرت ... أنفاس أمثالها من تحت أمثالي
* * * [81] وأنشد أبو علي رحمه الله [916]: [الرجز]
كأنّما وجهك ظلّ من حجر ... خضل (1) في يوم ريح ومطر
وأنت كالأفعى التي لا تحتفر ... ثم تجي سادرة فتنجحر
قوله:
خضل في يوم ريح ومطر
غير صحيح الوزن، وإنما هو
ذو خضل في يوم ريح ومطر
كذلك أنشده الرّواة، وأنشده ابن الأعرابيّ لأعرابيّ من بني فزارة قال:
أقسم لا تأخذ حقّي يا وزر ... ظلما وعند الله في الظّلم الغير
كأنّما وجهك ظلّ من حجر ... ابتلّ في يوم طلال ومطر
إلى آخرها
__________
(1) روى القالي: «ذو خضل». ط(1/811)
قال ابن الأعرابيّ: ظلّ كلّ شيء شخصه، والحجر إذا ضربته الأمطار بان سواده، فيقول: كأن سواد وجهك سواد هذا الحجر، وقال القتبيّ وقد أنشد هذا الرجز يصف رجلا بالسّواد وشبّهه بظلّ الحجر دون غيره لكثافة ظلّه، قال: ومثله قول الآخر: [الرجز]
سودا غرابيب كأظلال الحجر
وقال آخر في وصف شاة:
كأن ظلّ حجر صغراهما
وأنشد أبو عثمان الأشنانداني رحمه الله: [الطويل]
وجاءت بنو ذهل كأنّ وجوههم ... إذا حسروا عنها ظلال صخور
فهذا كلّه ذمّ وكناية عن سواد الوجه. وقد يأتي مدحا على تأويل آخر، كما قالت الأعرابية تصف زوجها: هو ليث عرينة، وجمل ظعينة وجوار بحر، وظلّ صخر فهذا مدح كما ترى. وصفته بظل الصخر لبرده وكثافته، فكأن المتفيّئ ذراه لا يناله حرّ كريهة ولا أذى خطب.
* * * [82] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [925]: [الرجز]
متّئد المشي بطيئا نقره ... كأنّ نجر الناجرات نجره
هذا وهم من أبي عليّ. رحمه الله وكلام لا معنى له وإنّما صوابه:
أكرم نجر الناجرات نجره
كذلك أنشده اللّغويّون، وهكذا يصحّ معناه.
[83] وأنشد أبو علي رحمه الله [11211120] لزينب بنت فروة: [الطويل]
وذي حاجة قلنا (1) له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل (2)
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى فارغ وخليل
وهذا الشعر لليلى الأخيلية بلا اختلاف وقد تقدّم إنشاد أبي عليّ رحمه الله له منسوبا إليها ولكنّه نسي (3).
[84] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [982]: [الخفيف]
جموحا مروحا وإحضارها ... كمعمعة السّعف المحرق
__________
(1) روى القالي البيت «وذي حاجة». ط
(2) روى القالي البيتين في الموضعين روى «خليل» بالخاء المعجمة، ورواهما في الجزء الأول لليلى الأخيلية، وفي الجزء الثاني لزينب بنت فروة المرية. وروى في «الأغاني» البيتين لليلى الأخيلية وروى: حليل بالحاء المهملة. ط
(3) كذا وقد نبّه أبو علي على ذلك، ولم ينس فراجعه.(1/812)
هذا وهم وسهو من أبي عليّ رحمه الله والبيت لامرئ القيس وإنّما هو:
كمعمعة السّعف الموقد
وقبله:
وأعددت للحرب وثّابة ... جواد المحثّة والمرود
جموحا مروحا ... إلخ
وإنّما لبس على أبي عليّ. رحمه الله وأوهمه قول كعب بن مالك يوم الخندق:
[الكامل]
من سرّه ضرب يرعبل بعضه ... بعضا كمعمعة الأباء المحرق
فليأت مأسدة تسنّ سيوفها ... بين المزاد وبين جزع الخندق
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
والعرب تشبّه حفيف عدو الفرس الجواد باضطرام النار، كما قال طفيل:
كأنّ على أعطافه ثوب مائح ... وإن يلق كلب بين لحييه يذهب
كأن على أعرافه ولجامه ... سنا ضرم من عرفج متلهّب
وقال أوس بن حجر: [الطويل]
إذا اجتهدا شدّا حسبت عليهما ... عريشا علته النار فهو يحرّق
العريش: ظلّة من ثمام أو غيره. شبّه حفيفهما في عدوهما بحفيف ظلّة قد اشتعلت فيها النار، وقال أسامة الهذلي في مثله: [الطويل]
يعالج بالعطفين شأوا كأنّه ... حريق أشيعته الأباءة حاصد
أي: يميل في أحد شقّيه فيتكفّأ. حاصد أي: حصدها الحريق كما يحصد النبت، وقال العجاج: [الرجز]
كأنّما يستضرمان العرفجا
وقول امرئ القيس: جموحا مروحا. الجماح: جماحان، جماح مذموم وهو المعلوم، وجماح محمود وهو النشيط السريع وإليه ذهب امرؤ القيس.
* * * [85] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1031]: [الوافر]
يصور عنوقها أحوى زنيم ... له ظأب كما صخب الغريم
هذا ما اتبع فيه أبو عليّ. رحمه الله غلط من تقدّمه فأتى ببيت من أعجاز بيتين أسقط صدورهما، وهما: [الوافر]
وجاءت خلعة دبس صفايا ... يصور عنوقها أحوى زنيم
يفرّق بينها صدع رباع ... له ظأب كما صخب الغريم
والشعر للمعلّى العبديّ. وخلعة المال: خياره. وأحوى، يعني: تيسا، والزّنيم: الذي له زنمتان، وهما المعلّقتان تحت حنكه تنوسان. والصّدع: الذي بين السّمين والمهزول.(1/813)
وجاءت خلعة دبس صفايا ... يصور عنوقها أحوى زنيم
يفرّق بينها صدع رباع ... له ظأب كما صخب الغريم
والشعر للمعلّى العبديّ. وخلعة المال: خياره. وأحوى، يعني: تيسا، والزّنيم: الذي له زنمتان، وهما المعلّقتان تحت حنكه تنوسان. والصّدع: الذي بين السّمين والمهزول.
ويصوع: يفرّق. ويصور: يعطف.
* * * [86] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1044] لعمارة بن صفوان الضبّي: [الطويل]
أجارتنا من يجتمع يتفرّق ... ومن يك رهنا للحوادث يغلق (الشعر)
الصحيح أنّ هذا الشعر لزميل بن أبرد الفزاريّ قاتل سالم بن دارة، لا لعمارة، وكلاهما شاعر إسلاميّ، وكذلك سالم، وكان هجا زميلا فقتله وقال: [الطويل]
محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا
وقال: [الرجز]
أنا زميل قاتل ابن داره ... ثم جعلت عقله البكاره
* * * [87] وذكر أبو عليّ رحمه الله [1051] سؤال عمر لأبي حثمة أيّهما أطيب: العنب أم الرّطب. فقال: ليس كالصّقر، في رءوس الرّقل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل تحفة الصائم، وتعلّة الصّبيّ، ونزل مريم ابنة عمران، وينضح ولا يعنّي طابخه.
ويحترش، به الضبّ من الصلعاء، وقال أبو عليّ رحمه الله [1052] في تفسير الحديث:
الصلعاء: أرض لا نبات بها.
وهذا وهم، الأرض التي لا نبات بها لا يكون بها ضبّ ولا غيره. والصلعاء: أرض معروفة لبنى عبد الله بن غطفان ولبنى فزارة بين النّقرة والحاجر، تطؤها طريق الحاجّ الجادّة إلى مكة، وبها كان ينزل عيينة بن حصين وكان عيينة قد نهى عمر عن دخول العلوج المدينة وقال له: كأنّي أرى علجا قد طعنك هنا وأشار إلى الموضع الذي طعن فيه تحت سرّته فلما طعنه أبو لؤلؤة قال: أيّ حزم بين النّقرة والحاجر! وبالصّلعاء قتل دريد بن الصّمّة ذؤاب بن أسماء بن قارب وقال: [الطويل]
قتلت بعبد الله خير لداته ... ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب
ومرّة قد أخرجتهم فتركتهم ... يروغون بالصّلعاء روغ الثعالب
والصّلعاء هذه: مضبّة ولذلك خصّها. ورواه صاعد بن الحسن: ويحترش به الضبّ من الصّلفاء بالفاء على ما أنا مورده بعد هذا. والصلفاء: القطعة الصّلبة من الأرض، والضّباب لا تتّخذ حجرتها إلّا في الغلظ.
وأبو حثمة المذكور في الخبر هو عبد الله، ويقال: عامر بن ساعدة بن عامر من بني الحارث بن الخزرج، وهو والد سهل بن أبي حثمة، شهد أبو حثمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
المشاهد وبعثه خارصا إلى خيبر، وكان أبو بكر وعمر. رضي الله عنهما يبعثونه خارصا، وكان رحمه الله أعلم الناس وأبصرهم بالنخل، ولذلك خصّه عمر. رضي الله عنه بالسؤال عن ذلك. فأمّا رواية صاعد فإنّه قال: سأل عمر رضي الله عنه رجلا من أهل الطائف: الحبلة خير أم النّخلة؟ فقال: الحبلة أتزبّبها وأتربّبها وأصلح بها برمتي يعني: الخلّ وأنام في ظلّها فقال عمر رضي الله عنه: لو حضرك رجل من أهل يثرب ردّ عليك قولك، فدخل عبد الرحمن بن محصن النّجّاريّ رحمه الله فأخبره عمر رضي الله عنه خبر الطائفيّ فقال: ليس كما قال: إنّي إن آكل الزبيب أضرس، وإن أتركه أغرث، ليس كالصّقر في رءوس الرّقل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، تحفة الكبير، وصمتة الصغير، وزاد المسافر، وعصمة المقيم، وتخرسة مريم بنت عمران، وينضج ولا يعنّي طابخه، ويحترش به الضبّ من الصّلفاء.(1/814)
وأبو حثمة المذكور في الخبر هو عبد الله، ويقال: عامر بن ساعدة بن عامر من بني الحارث بن الخزرج، وهو والد سهل بن أبي حثمة، شهد أبو حثمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
المشاهد وبعثه خارصا إلى خيبر، وكان أبو بكر وعمر. رضي الله عنهما يبعثونه خارصا، وكان رحمه الله أعلم الناس وأبصرهم بالنخل، ولذلك خصّه عمر. رضي الله عنه بالسؤال عن ذلك. فأمّا رواية صاعد فإنّه قال: سأل عمر رضي الله عنه رجلا من أهل الطائف: الحبلة خير أم النّخلة؟ فقال: الحبلة أتزبّبها وأتربّبها وأصلح بها برمتي يعني: الخلّ وأنام في ظلّها فقال عمر رضي الله عنه: لو حضرك رجل من أهل يثرب ردّ عليك قولك، فدخل عبد الرحمن بن محصن النّجّاريّ رحمه الله فأخبره عمر رضي الله عنه خبر الطائفيّ فقال: ليس كما قال: إنّي إن آكل الزبيب أضرس، وإن أتركه أغرث، ليس كالصّقر في رءوس الرّقل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، تحفة الكبير، وصمتة الصغير، وزاد المسافر، وعصمة المقيم، وتخرسة مريم بنت عمران، وينضج ولا يعنّي طابخه، ويحترش به الضبّ من الصّلفاء.
* * * [88] وأنشد أبو عليّ [1070] لطفيل: [الطويل]
قبائل من فرعي غنيّ تواهقت ... بها الخيل لا عزل ولا متأشّب
هكذا أنشده رحمه الله بالرفع، وإنّما هو: ولا متأشّب، بالخفض على البدل من الضمير في بها، والقوافي مخفوضة، وقبل البيت: [الطويل]
وعوج كأحناء السّراء مطت بها ... مطارد تهديها أسنّة قعضب
إذا قيل نهنهها وقد جدّ جدّها ... ترامت كخذروف الوليد المثقّب
قبائل من فرعى غنيّ تواهقت ... بها الخيل لا عزل ولا متأشّب
قوله: وعوج، يريد أن في يديها تحنيبا وفي أرجلها تجنيبا، كما يحنى السّراء، وهو من عيدان القسيّ، ويقال: عوج: ضمّر مهازيل من الغزو، مطت بها أي: مدّت بها أعناق كالمطارد أي: رماح. تهديها أي: تقدمها. أسنّة قعضب وهو رجل من بني قشير كان يعمل الأسنّة بأضاخ، جاهليّ. ونهنهها أي: كفّها يقول: إذا ذهب يكفّها ترامت أي:
تتابعت، والخذروف: الخرّارة، وقوله: ولا متأشّب أي: لا خلط فيهم من غيرهم، يقال:
أشابات من الناس وأوباش وأوشاب أي: أخلاط، وهذا كما قال بشر: [الطويل]
فيلتفّ جذمانا ولا حيّ بيننا ... وبينكم إلا الصّريح المهذّب
* * * [89] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1089] لسلمة بن يزيد يرثى أخاه لأمّة قيس بن سلمة: [الطويل]
أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التّجلّد والصّبر
ألا تفهمين الخبر أن لست لاقيا ... أخي إذ أتى من دون أكفانه القبر
وكنت إذا ينأي به بين ليلة ... يظلّ على الأحشاء من بينه الجمر
فهذا لبين قد علمنا إيابه ... فكيف لبين كان موعده الحشر
وهوّن وجدي أنّني سوف أغتدي ... على إثره يوما (1) وإن نفّس العمر
فلا يبعدنك الله إمّا تركتنا ... حميدا وأودى بعدك المجد والفخر
فتى كان يعطي السّيف في الرّوع حقّه ... إذا ثوّب الداعي وتشقى به الجزر
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
فتى لا يعدّ المال ربّا ولا ترى ... له جفوة إن نال مالا ولا كبر
فنعم مناخ الضّيف كان إذا سرت ... شمال وأمست لا يعرّجها ستر
ومأوى اليتامى الممحلين إذا انتهوا ... إلى بابه سغبى (2) وقد قحط القطر
الصحيح أن أخا هذا الشاعر لأمه المؤبّن بهذا الشعر، هو مسلمة بن مغراء. وقد خلّط أبو عليّ رحمه الله في هذا الشعر، فأدخل فيها أبياتا من قصيدة الأبيرد المشهورة التي يرثي بها أخاه بريدا وهي من قوله:(1/815)
أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التّجلّد والصّبر
ألا تفهمين الخبر أن لست لاقيا ... أخي إذ أتى من دون أكفانه القبر
وكنت إذا ينأي به بين ليلة ... يظلّ على الأحشاء من بينه الجمر
فهذا لبين قد علمنا إيابه ... فكيف لبين كان موعده الحشر
وهوّن وجدي أنّني سوف أغتدي ... على إثره يوما (1) وإن نفّس العمر
فلا يبعدنك الله إمّا تركتنا ... حميدا وأودى بعدك المجد والفخر
فتى كان يعطي السّيف في الرّوع حقّه ... إذا ثوّب الداعي وتشقى به الجزر
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
فتى لا يعدّ المال ربّا ولا ترى ... له جفوة إن نال مالا ولا كبر
فنعم مناخ الضّيف كان إذا سرت ... شمال وأمست لا يعرّجها ستر
ومأوى اليتامى الممحلين إذا انتهوا ... إلى بابه سغبى (2) وقد قحط القطر
الصحيح أن أخا هذا الشاعر لأمه المؤبّن بهذا الشعر، هو مسلمة بن مغراء. وقد خلّط أبو عليّ رحمه الله في هذا الشعر، فأدخل فيها أبياتا من قصيدة الأبيرد المشهورة التي يرثي بها أخاه بريدا وهي من قوله:
فتى كان يعطى السيف في الرّوع حقّه ... إلى آخرها
وروى بعض الرّواة أن خنساء باتت ليلة تنشد بيتين من أول هذا الشعر تردّدهما وتبكي أخاها صخرا وذلك بعد الإسلام، وهما:
أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التّجلّد والصّبر
ألم تعلمي أن لست ما عشت لاقيا ... أخي إذ أتى من دون أكفانه القبر
فناداها مؤمن من الجنّ: يا خنساء، قبضه خالقه، واستأثر به رازقه، وأنت فيما تفعلين ظالمة، وفي البكاء عليه آثمة، ومثل قوله:
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
قول المقنّع الكنديّ: [الطويل]
لهم جلّ مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قلّ مالي لم أكلّفهم رفدا
وقول إبراهيم بن العباس الصّوليّ: [الطويل]
رأيتك إن أيسرت خيّمت عندنا ... لزاما وإن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلّا البدر إن قلّ ضوءه ... أغبّ وإن زاد الضّياء أقاما
وقوله أيضا: [الوافر]
ولكنّ الجواد أبا هشام ... نقيّ الجيب مأمون المغيب
__________
(1) في «الأمالي» حقا. ط
(2) ورد في «الأمالي» سغبا. ط(1/816)
بطئ عنك ما استغنيت عنه ... وطلّاع عليك مع الخطوب
* * * [90] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1113] لزينب بنت الطّثريّة ترثي أخاها:
[الطويل]
أرى الأثل من بطن العقيق مجاوري ... مقيما وقد غالت يزيد غوائله
فتى قدّ قدّ السيف لا متضائل ... ولا رهل لبّاته وبآدله
وهي أبيات فيها:
كريم إذا لاقيته متبسّما ... وإمّا تولّى أشعث الرأس جافله
وفسّره أبو عليّ رحمه الله فقال: الجافل: الذاهب وهذا تفسير لا يسوغ في هذا البيت ولا يجوز وأيّ: مدخل للذهاب هاهنا! وإنّما الجافل هنا من الجفال وهو الشّعر الكثير وهكذا رواه أبو عليّ:
كريم إذا لاقيته متبسّما
وغيره يرويه:
كريم إذا استقبلته متبسّم
وهذه أحسن لفظا وإعرابا لأنّ قوله: «إذا استقبلته» أحسن مطابقة لقوله: «وإما تولّى» وكذلك الرفع في قوله: «متبسّم» أجود في المعنى، لأنك إذا نصبته أوجبت أنّه لا يكون كريما إلّا في حين تبسّمه، وإذا رفعت فهو كريم متبسّم متى ما استقبلته أو لاقيته.
* * * [91] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1129] لأبي كبير: [الكامل]
ولقد وردت الماء لم يشرب به ... بين الرّبيع إلي شهور الصّيّف
إلّا عواسر كالمراط معيدة ... بالليل مورد أيّم متغضّف
هكذا أنشده: «ولقد وردت» بضم التاء وإنّما هو: «ولقد وردت» بفتحها يخاطب رجلا من قومه رثاه. وقبل البيت:
أزهير إنّ أخا لنا ذا مرّة ... جلد القوى في كلّ ساعة محرف
فارقته يوما بجانب نخلة ... سبق الحمام به زهير تلهّفي
ولقد وردت الماء ... البيت
ومضى في تأبينه ورثائه، وذكر مناقبه وعلائه، قوله: «ذا مرّة» أي: ذا قوّة. وقوله: «في كلّ ساعة محرف» يقول: يحترف فيتقلّب. وقد فسر أبو عليّ رحمه الله معنى البيتين. ويروى:
«إلّا عواسل» باللام وهي أشهر الروايتين، يقال: مرّ الذئب يعسل وينسل إذا مرّ مرّا سريعا.(1/817)
[92] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1133] للفرزدق: [الوافر]
فقلت ادعي وأدع فإنّ أندى ... لصوت أن ينادي داعيان
هذا البيت ليس للفرزدق، وقد نسب إلى الحطيئة ولم يروه أحد في شعره. والصحيح أنه لدثار بن شيبان، ودثار هو الذي حمله الزّبرقان على هجاء بني بغيض، وقوله: «وأدع» هو على توهّم اللام ولو أظهرها كان خيرا، كما قال الله سبحانه [وتعالى]: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنََا وَلْنَحْمِلْ خَطََايََاكُمْ} [العنكبوت: 12] ويروى:
فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى
والواو في قوله: «وأدعو» واو الصرف، ويروى: «وأدعو أنّ أندى» أي: لأنّ ذلك أندى.
* * * [93] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1133]: [الطويل]
وأي لم يزل يستسمع العام حوله ... ندى صوت مقروع عن العذف عاذب
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله «وأي» على مثال فعل، وهو الشديد الصّلب، والبيت لذي الرّمّة. وكذلك قيّده أبو عليّ. رحمه الله ورواه في ديوان شعره، وإنّما هو «وأن» الواو للعطف وأن الحرف الناصب، ويوضّح لك صحّة ذلك قوله قبل البيت: [الطويل]
خدبّ حنا من ظهره بعد سلوة ... على قصب منضمّ الثّميلة شازب
مراس الأوابى عن نفوس عزيزة ... وإلف المتالي في قلوب السلائب
وأن (1) لم يزل يستسمع العام حوله ... ندى صوت مقروع عن العذف عاذب
يقول: حتى من ظهره مراس الأوابي واستماع صوت فحل ينادى بإزائه آخر يخاطره على طروقته ويصاوله، فبينهما هدر وإيعاد. وقوله: «بعد سلوة» أي: بعد نعمة. يقول:
أضمره الهياج لأنه ترك العلف والمرعى. والثميلة: بقيّة العلف والماء في البطن.
والسلائب: هي التي نحرت أولادها أو ماتت، يقول: هذه السلائب تحب هذه المتالي كحبّها أولادها فحيثما ذهبت المتالي تبعتها السلائب وقد فسّر أبو عليّ. رحمه الله باقي الغريب.
* * * [94] وأنشد أبو علي رحمه الله [1133]: [المتقارب]
وعير لها من بنات الكداد ... يدهمج بالقعب والمزود (2)
__________
(1) وروى القالي: «ومن لم يزل». ط
(2) روى القالي: «بالقعب والمزود». ط(1/818)
هذه رواية محالة، وليس هكذا قاله الشاعر، وهو للفرزدق يهجو جريرا وصحّة إنشاده: [المتقارب]
فما حاجب في بني دارم ... ولا أسرة الأقرع الأمجد
ولا آل قيس بنو خالد ... ولا الصّيد صيد بني مرثد
بأخيل منهم إذا زيّنوا ... بمغرتهم حاجبى مؤجد
حمار لهم من بنات الكداد ... يدهمج بالوطب والمرود
يبيعون نزوته بالوصيف ... وكرميه بالناشيء الأمرد
يعني: الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع وقيس بن خالد بن عبد الله ذي الجدّين الشيباني، ومرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن ثعلبة. والمؤجد:
الحمار الغليظ. والكداد: فحل من الحمر معلوم. ويدهمج: يسرع في تقارب خطو.
* * * [95] وأنشد أبو عليّ [1132] لابن أحمر: [البسيط]
تهدى إليه ذراع الجدى تكرمة ... إمّا ذبيحا وإمّا كان حلّانا
هكذا أنشده تهدى بضم التاء على لفظ ما لم يسمّ فاعله، وإنّما هو تهدي إليه بكسر الدال، ويشهد لذلك ما قبله، وهو:
فداك كلّ ضئيل الجسم مختشع ... وسط المقامة يرعى الضّأن أحيانا
تهدي إليه ذراع الجدى تكرمة ... إما ذبيحا وإمّا كان حلّانا
عيط عطابيل لئن الرّيّ وابتذلت ... معاطفا سابريّات وكتّانا
يقول: تهدي إليه هذه المرأة ذراع الجدى تكرمة يهزأ به. والذّبيح: الذي يصلح للنّسك. والحلّان والحلّام: الصغير الذي يصلح للنسك. وقوله: لثن الرّيّ، يريد ثياب الرّيّ فحذف المضاف.
[96] وذكر أبو علي رحمه الله [1196] قول المنصور لجرير بن عبد الله القسري:
«إنّي لأعدّك لأمر كبير» فقال: يا أمير المؤمنين، قد أعدّ الله لك منّي قلبا معقودا بنصيحتك، ويدا مبسوطة بطاعتك، وسيفا مشحوذا على أعدائك، فإذا شئت
هذا غلط مركّب، ووهم فاحش من جهتين:
إحداهما أنّه خالد بن عبد الله القسريّ لا جرير لأن جرير بن عبد الله هو البجليّ أحد الصحابة، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطلع عليكم من هذا الفجّ خير ذي يمن عليه مسحة ملك» (1). وكان أجمل الناس ولم يكن لخالد أخ يسمّى جريرا إنّما كان له
__________
(1) أخرجه أحمد (4/ 36) والبخاري في «الأدب المفرد» (250) والنسائي في «الكبرى» (8304) وابن خزيمة في «صحيحة» (1797). والحميدي (800) وابن حبان (7199). وابن أبي عاصم في(1/819)
أخوان: أسد وإسماعيل ابنا عبد الله القسري أدرك إسماعيل منهم أبا العباس السّفّاح، وكان يسبّ عنده بني أميّة.
والجهه الأخرى، أنّ خالدا لم يدرك شيئا من الدولة الهاشميّة وإنما قاله المنصور لمعن بن زائدة، لذلك قال المدائنيّ. رحمهم الله وجميع الأخباريّين: وإنّما مات خالد في سجن يوسف بن عمر وهو يعذّبه، وفي عذابه مات بلال بن أبي بردة. وكان هشام بن عبد الملك قد استعمل خالد بن عبد الله على العراق سنة ستّ ومائة، ثم ولّى يوسف بن عمر سنة عشرين ومائة، فسجن خالدا وعذّبه حتى مات في سجنه، وبقي يوسف واليا على العراق إلى أن بويع يزيد بن الوليد سنة ستّ وعشرين ومائة، فاستعمل منصور بن جمهور على العراق فلما سمع ذلك يوسف هرب إلى الشام، فظفر به هناك فسجن، فلمّا مات يزيد بن الوليد واضطرب أمر المروانيّة بطش يزيد بن خالد بن عبد الله القسري بيوسف بن عمر فقتله في السجن وأدرك بثأر أبيه منه.
* * * [97] وأنشد أبو عليّ [1210]: [المتقارب]
وما (1) كان ذنب بني عامر ... بأن سبّ منهم غلام فسبّ
بأبيض ذي شطب باتر ... يقطّ العظام ويبري العصب
وقال: يريد معاقرة غالب أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا بصوءر، فعقر سحيم خمسا ثم بدا له وعقر غالب مائة
هكذا أنشده أبو علي رحمه الله:
وما كان ذنب بني عامر
وإنّما هو:
وما كان ذنب بني مالك
وليس لغالب أب يسمّى عامرا إنّما هو من بني دارم بن مالك بن حنظلة. والشعر لذي الخرق الطّهوي يتعصّب لغالب لأنّ مالكا يجمعهما، هو من بني أبي سود بن مالك بن
__________
«الآحاد والمثاني» (2523) وابن سعد (1/ 247) والحاكم (1/ 285) والبيهقي في «السنن» (3/ 222) وفي «دلائل النبوة» (5/ 346).
والطبراني في «الكبير» (2/ 356رقم 2498) وفي «الأوسط» (5830).
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/ 372) وقال: «رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما ورجال أحمد رجال الصحيح غير المغيرة ابن شبل، وهو ثقة».
(1) كذا في هذا الكتاب، وعند القالي: «فما» بالفاء.(1/820)
حنظلة وأمّ أبي سود وعوف ابني مالك، طهيّة بنت عبشمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم غلبت عليهم. واسم ذي الخرق قرط، سمّي ذا الخرق بقوله:
وما خطبنا إلى قوم بناتهم ... إلّا بأرعن في حافاته الخرق
وكان الفرزدق عند هذه المعاقرة يحوش الإبل على أبيه يقول: حشها عليّ يا بنيّ، وهو يقول: اعقر هيا أبه، ثم تركت لا يصدّ عنها بشر ولا سبع ولا طائر. فبلغ ذلك عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فنهى عن أكل لحومها وقال: إنّها مما أهلّ به لغير الله.
* * * [98] وأنشد أبو عليّ [1215] في أبيات المعاني: [الطويل]
وخلّقته حتّى إذا تمّ واستوى ... كمخّة ساق أو كمتن إمام
هذا وإن لم يكن فيه سهو فإنّ فيه إخلالا لأنّه أفرده وأسقط فائدته وجوابه، فإذا تمّ هذا السهم واستوى كان ماذا! وبعد البيت: [الطويل]
قرنت بحقويه ثلاثا فلم يزغ ... عن القصد حتّى بصّرت بدمام
يعني بالثلاث: ثلاث قذذ. فلم يزغ أي: لم يمل عن القصد حتى بصّرت هذه القذذ أي: أصابتها البصيرة، وهي الطريقة من الدّم وكلّ ما طليت به شيئا فهو له دمام، يقال: دمّ قدرك أي: اطلها بالطّحال حتّى تقوى.
* * * [99] ذكر أبو عليّ رحمه الله [1220] عن مجالد بن سعيد رحمه الله قال: كنّا يوما عند الشّعبيّ فتناشدنا الشعر، فلمّا فرغنا قال الشّعبيّ رحمه الله: أيّكم يحسن أن يقول مثل هذا؟ وأنشدنا: [الطويل]
أعينيّ مهلا طالما لم أقل مهلا ... وما سرفا م الآن قلت ولا جهلا
وإنّ صبا ابن الأربعين سفاهة ... فكيف مع اللائي مثلت بها مثلا
وهي أبيات
قال مجالد: فكتبنا الشعر ثم قلنا للشعبيّ رحمه الله من يقوله؟ فسكت، فترى (1) أنه قائله.
ما أعجب أمر أبي عليّ رحمه الله.! هذا الشّعر أشهر بالنسبة إلى القحيف العقيليّ من أن يرتاب به مرتاب. رواه له الأصمعي والمفضّل رحمهما الله كلاهما، وهو ثابت في اختياراتهما. وقد رواه أبو عليّ رحمه الله هناك، وهو ثابت أيضا في ديوان شعره وفيه
__________
(1) ورد في الأمالي: «فخيل إلينا أنه». ط(1/821)
زيادة تشهد أنه للقحيف لا للشعبي رحمه الله وهي: [الطويل]
ومن أعجب الدنيا إليّ زجاجة ... تظلّ أيادي المنتشين بها فتلا
يصبّون فيها من كروم سلافة ... يروح الفتى عنها كأنّ به خبلا
وهذا البيت شاهد على أنّ اليد العضو تجمع أيادى.
* * * [100] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1234] قصيدة لمهلهل أوّلها: [الوافر]
أليلتنا بذي حسيم أنيري ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري
وفيها:
فلا وأبي جليلة ما أفأنا ... من النّعم المؤبّل من بعير
وفسّره فقال: جليلة: أخت كليب، وكانت تحت جسّاس قاتل كليب.
هذا غلط فاحش من أبي عليّ. رحمه الله ويجب أن يقال له: اقلب تصب إنما جليلة أخت جسّاس، وكانت تحت كليب قتيل جسّاس، وهي القائلة لما قتل زوجها ورحلت، فقالت أخت كليب: رحلة المعتدي وفراق الشامت، فبلغ ذلك جليلة فقالت:
فكيف تشمت الحرّة بهتك سترها، وترقّب وترها! ثم أنشأت تقول: [الرمل]
يابنة الأقوام إن لمت فلا ... تعجلي باللوم حتّى تسألي
فإذا أنت تبيّنت التي ... عندها اللوم فلومي واعجلي
يا قتيلا قوّض الدهر به ... سقف بيتيّ جميعا من علي
فعل جسّاس وإن كان أخي ... قاصم ظهري ومدن أجلي
يشتفي المدرك بالثار وفي ... دركي ثاري ثكل المثكل
[101] وذكر أبو علي رحمه الله [1253] للعتّابيّ رسالة كتب بها إلى بعض إخوانه يستمنحه ووصل بها شعرا، وهو: [البسيط]
ظلّ اليسار على العبّاس ممدود ... وقلبه أبدا بالبخل معقود
إن الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتّى تراه غنيّا وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
إذا تكرّمت عن بذل القليل ولم ... تقدر على سعة لم يظهر الجود
وهذا أيضا سهو بيّن لأنّ هذا الشعر هجاء لا مديح، وليس للعتّابيّ إنّما هو لبشّار يهجو به العبّاس بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم وإنّما قال:
وقلبه أبدا بالبخل معقود
فوصفه بالغنى والبخل ثم ضرب له مثلا ممن هو على ضدّ حاله من كرمه وقلة ماله، فقال:(1/822)
وقلبه أبدا بالبخل معقود
فوصفه بالغنى والبخل ثم ضرب له مثلا ممن هو على ضدّ حاله من كرمه وقلة ماله، فقال:
إن الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنيّا وهو مجهود
وختم الشعر ببيت لم ينشده أبو عليّ رحمه الله يوضّح لك ما ذكرته وهو:
أورق بخير ترجّى للنّوال فما ... ترجى الثمار إذا لم يورق العود
وكان بشّار منحرفا عن آل عليّ بن عبد الله ووجد في كتبه بعد موته: هممت بهجاء آل سليمان بن عليّ، فذكرت قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبتهم له فما قلت فيهم إلّا بيتين وهما: [البسيط]
دينار آل سليمان ودرهمهم ... كالبابليّين حفّا بالعفاريت
لا يوجدان ولا تلقاهما أبدا ... كما سمعت بهاروت وماروت
[102] وأنشد أبو علي رحمه الله [1159] لتأبّط شرّا شعرا أوّله: [الطويل]
إنّي لمهد من ثنائي فقاصد ... به لابن عمّ الصّدق شمس بن مالك
وفيه:
إذا طلعت أولى العديّ فنفره ... إلى سلّة من صارم الغرّ باتك (1)
إذا هزّه في عظم قرن تهلّلت ... نواجذ أفواه المنايا الضواحك
هكذا أنشده أبو علي رحمه الله: «من صارم الغرّ» والمحفوظ المعروف: «من صارم الغرب» وهو الحدّ وهو الغرار، فأمّا الغرّ فهو الكسر في الثوب والجلد، ولا أعلمه يقال في السيف، وقال أبو عليّ. رحمه الله في تفسير العدي: هم الذين يعدون في الحرب، وإنّما العديّ: أوّل من يحمل، واحدهم عاد، مثل غاز وغزيّ، هذا قول جماعة اللّغويّين، وقوله:
إذا هزّه في عظم قرن تهلّلت ... نواجذ أفواه المنايا الضواحك
هذا المعنى نقيض قوله في أخرى:
[الطويل]
شددت لها صدري فزلّ عن الصّفا ... به جؤجؤ عبل ومتن مخصّر
فخالط سهل الأرض لم يكدح الصفا ... به كدحة والموت خزيان ينظر
* * * [103] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1275]: [الطويل]
فقلصي لكم ما عشتم ذو دغاول
__________
(1) روى القالي: «الغرب». ط(1/823)
ليس هكذا البيت وإنّما صحة إنشاده: [الطويل]
فقلصي ونزلي ما علمتم حفيلة ... وشرّي لكم ما عشتم ذو دغاول
قوله: قلصي، يريد انقباضي. ونزلي: استرسالي. وحفيلة: كثيرة. ودغاول أي: ذو غائلة، ولا يدرى ما واحدها، ولكن نرى أنّها دغولة. والبيت لعبد مناف بن ربع الهذلي من قصيدة يرثي بها ذبيّة السلّميّ.
* * * [104] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1277]: [الرجز]
يا دار سلمى بين ذات (1) العوج ... جرّت عليها كلّ ريح سيهوج
قد أخلّ أبو عليّ. رحمه الله بالوزن واللفظ، أمّا الوزن فإنّ إقامته بأن تنشده: «بين دارات العوج» جمع دارة، وكذلك صحّة لفظه لأن ذات العوج لا يعرف موضعا، وإنما هو دارات العوج، أو دارة العوج، قال الراجز: [الرجز]
بدارة العوج لسلمى مربع ... يكنفه من جانبيه لعلع
وبعد قوله: [الرجز]
جرّت عليها كلّ ريح سيهوج
هوجاء جاءت من بلاد يأجوج ... من عن يمين الخطّ أو سماهيج
* * * [105] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1287]: [الطويل]
لها شعر داج وجيد مقلّص ... وجسم خداريّ وضرع مجالح
هذه رواية محالة لا وجه لها، وإنما هو: «وجسم زخاريّ» وهو الكثير اللحم والشحم، من قولهم: زخر البحر إذا ارتفعت أمواجه وتكاثفت، ولا يقال: جسم خداريّ وإنّما الخداريّ من صفة الألوان فلو قال: ولون خداريّ، لكان وجها، على أنه ليس مدحا. وهذا الشعر لجبيهاء الأشجعيّ، يقوله في عنز كان منحها رجلا من بني تميم من أشجع قومه. والعنز تسمّى صعدة، وهي أبيات كثيرة يمدح العنز المذكورة.
وأوّلها: [الطويل]
أمولى بني تيم ألست مؤدّيا ... منيحتنا فيما تؤدّى المنائح
فإنّك لو أدّيت صعدة لم تزل ... بعلياء عندي ما بغى الرّيح رائح
لها شعر ضاف وجيد مقلّص ... وجسم زخاريّ وضرع مجالح
__________
(1) ورد في «الأمالي»: «دارات». ط(1/824)
[106] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1437] لمالك بن أسماء في أخيه عيينة لمّا سجنه الحجّاج: [الكامل]
ذهب الرّقاد فما يحسّ رقاد ... ممّا شجاك وحفّت (1) العوّاد
خبر أتاني عن عيينة مفظع ... كادت تقطّع عنده الأكباد
بلغ النّفوس بلاؤه فكأنّنا ... موتى وفينا الرّوح والأجساد
لمّا أتاني عن عيينة أنّه ... أمسى عليه تظاهر الأقياد
نخلت له نفسي النّصيحة إنّه ... عند الشدائد تذهب الأحقاد
وعلمت أنّي إن فقدت مكانه ... ذهب البعاد فصار (2) فيه بعاد
ورأيت في وجه العدوّ شكاسة ... وتغيّرت لي أوجه وبلاد
وذكرت (3) أيّ فتى يسدّ مكانه ... بالرّفد حين تقاصر الأرفاد
أم من يهين لنا كرائم ماله ... وله إذا عدنا إليه معاد
هذا الشعر لعويف القوافي بلا اختلاف وأيّ حقد كان بين مالك وأخيه حتّي يقول:
نخلت له نفسي النّصيحة إنّه ... عند الشدائد تذهب الأحقاد
وكيف يقول مالك في أخيه:
أم من يهين لنا كرائم ماله
ومالك أغنى من عيينة وأنبه لأنه كان متصرّفا في الرّفيع من أعمال السلطان، وكان مع ذلك من أهل الفصاحة واللّسن والشّعر الفائق والبراعة. وعويف أحد الشعراء المنتجعين بالشعر المسترفدين للملوك. وإنّما قال عويف:
عند الشدائد تذهب الأحقاد
لأن أخت عويف كانت تحت عيينة بن أسماء فطلّقها، فغضب من ذلك عويف وقال:
«الحرّة لا تطلّق إلّا لريبة» وباعد عيينة وعاداه، فلما بلغه أنّ الحجّاج سجن عيينة وقيّده، عطفه ذلك عليه وأذهب حقده له فقال الشعر.
وهو عويف بن معاوية بن حصن وقيل: ابن عقبة بن عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وهو شاعر مجيد، سمّي عويف القوافي بقوله: [الطويل]
سأكذب من قد كان يزعم أنّني ... إذا قلت قولا لا أجيد القوافيا
* * *
__________
(1) وروى القالي: «وملت العواد» منع ونامت. ط
(2) ورد في «الأمالي»: «فكان». ط
(3) ورد في «الأمالي»: «تقاصر الأرفاد». ط(1/825)
[107] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1153] لأبي الأسود في أبيات: [الطويل]
وإنّ امرأ لا يرتجى الخير عنده ... يكن هيّنا ثقلا على من يصاحب
هذا سهو من أبي عليّ رحمه الله لم يشعره لانجزام قوله: «يكن هيّنا» من غير جازم، وإنّما صحّة إنشاده: [الطويل]
وأيّ امرئ لا يرتجى الخير عنده ... يكن هيّنا ثقلا على من يصاحب
فوضع إنّ مكان أيّ.
* * * [108] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1455] لعروة بن الورد: [الطويل]
لا تشتمنّي يابن ورد فإنّه (1) ... تعود على مالي الحقوق العوائد
ومن يؤثر الحقّ النؤوب (2) تكن به ... خصاصة جسم وهو طيّان ماجد
وإنّي امرؤ عافي إنائي شركة ... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
أقسّم جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد
هذا من أوهام أبي عليّ. رحمه الله وغفلته كيف ينشد لابن الورد: «لا تشتمنّي يا بن ورد» وإنّما البيت الأول من الأبيات التي أنشد لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي صاحب حرب داحس، يردّ على عروة وكان بينهما تنافس. وكان قيس أكولا مبطانا، فكان عروة يعرّض له بذلك في أشعاره، فمن ذلك قوله: [الطويل]
وإني امرؤ عافي إنائي شركة ... وأنت امرؤ عافي إنائك واحد
الأبيات
فقال قيس يجبيه: [الطويل]
لا تشتمنّي يابن ورد فإنّني ... تعود على مالي الحقوق العوائد
أتهزأ منّي أن سمنت وقد ترى ... بجسمي مسّ الحقّ والحق جاهد
وقال محمد بن يزيد رحمه الله إن قوله:
ومن يؤثر الحقّ النؤوب ... . البيت
ليس لعروة، إنّما هو لهذا العبسيّ الذي رد عليه. وله يقول قيس بن زهير أيضا:
[الطويل]
أذنب علينا شتم عروة خاله ... بقرّة أحساء ويوما ببدبد
هلمّ إلينا نكفك الأمر كلّه ... فعالا وإحسانا وإن شئت فابعد
__________
(1) ورد في «الأمالي»: «فأنني». ط
(2) ورد في «الأمالي: «الندوب». ط(1/826)
وقيس هذا شاعر فارس جاهليّ، يكنى أبا هند. وعروة بن الورد بن زيد بن عبد الله العبسي يكنى أبا نجدة، شاعر فاتك جاهليّ أيضا. إلّا أن أبا الفرج روى عن بعض رجاله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى عروة مع من أجلى من بني النّضير، وكان نازلا فيهم بامرأة سباها من مزينة. وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه للحطيئة: كيف كنتم في حربكم؟ قال: كنّا ألف حازم. قال: وكيف ذلك؟ قال: كان منّا قيس بن زهير وكان حازما لا نعصيه، فكأنّا ألف حازم، وكنّا نأتمّ بشعر عروة ونقدم بإقدام عنترة (1).
* * * [109] قال أبو عليّ رحمه الله [1515] في الإتباع: ويقولون: حسن بسن. قال أبو عليّ رحمه الله: يجوز أن تكون النون في بسن زائدة كما زادوها في قولهم: امرأة خلبن، وهي الخلّابة، وناقة علجن من التّعلّج وهو الغلظ. فكان الأصل في بسن بسّا. وبسّ مصدر بسست السّويق أبسّه بسّا إذا لتتّه بسمن أو زيت ليكمل طيبه، فوضع البسّ في موضع المبسوس وهو المصدر، كما قيل: درهم ضرب الأمير أي: مضروب الأمير، ثم حذفت إحدى السّينين وزيدت فيه النون وبني على مثال حسن، فمعناه: حسن كامل الحسن، قال:
وأحسن من هذا المذهب الذي ذكرناه أن تكون النون بدلا من حرف التضعيف لأنّ حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنّيت وتقضّيت وأشباهها (2)، فلمّا كانت النون من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة وكانت (3) من حروف البدل أبدلت من السين إذ مذهبهم في الإتباع أن تكون أواخر الكلم على لفظ واحد، مثل القوافي والسّجع، ولتكون مثل حسن. قال: ويقولون: حسن قسن، فعمل بقسن ما عمل ببسن. والقسّ: تتبّع الشيء وطلبه فكأنه حسن مقسوس أي: متبوع مطلوب.
هذه هذرمة وحجاج مقحمة. أما قوله: إنّ النون في بسن زائدة كزيادتها في خلبن وعلجن فشاذّ لا نظير له لأن بسنا من ذوات الثلاثة وهي لا تحتمل الزيادة لما كانت أقلّ الأصول. وأما قوله: وأحسن من هذا أن تكون النون بدلا من حرف التضعيف لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنّيت وما أشبهه. فإن تظنّيت أبدل لاجتماع ثلاثة أمثال، وإنّما في بسن مثلان. فإن احتجّ محتجّ بقولهم: أمليت وأحسيت في أمللت وأحسست، وأيما في أمّا فهذا قليل، وهو مع قلّته أتى (4) بالياء ولم يأت بالنون البتّة، فكيف يقاس على ما لم يسمع!
__________
(1) أخرجه أبو الفرج الأصبهاني في «الأغاني» (3/ 920).
(2) كذا بالأصل وفي «الأمالي»: «وأشباههما». ط
(3) عبارة الأمالي: «وكانت من حروف البدل كما أنها من حروف البدل أبدلت من إلخ والصواب ما ذكره أبو عبيدة لأن العبارة «كما أنها من حروف البدل» ظاهر أنها مكررة ولا تتفق والسياق. ط
(4) في الأصل «بالياء» والسياق يقضي ما أثبتناه. ط(1/827)
[110] قال أبو عليّ [1523] قال الأصمعي رحمهما الله: نعتت امرأة من العرب ابنتها فقالت: [الرجز]
سبحلة ربحله ... تنمي نبات النّخله
قال: وقال أبو زيد رحمه الله: الربحلة: العظيمة الجيّدة الخلق في طول.
والرّبحل مثل السّبحل ومنه قول عبد المطّلب لسيف: وملكا ربحلا، يعطي عطاء جزلا.
هذا وهم من أبي علي رحمه الله إنما هو قول سيف لعبد المطلب، لا قول عبد المطلب لسيف، وذلك أنّه لمّا وفد عليه في رجالات قريش يهنّئونه ظفره بالحبشة، فتكلّم عبد المطلب، قال له سيف: أيّهم أنت؟ قال: عبد المطلب ابن هاشم قال: ابن أختنا؟ قال:
نعم! فأدناه، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، وملكا ربحلا، يعطى عطاء جزلا (1)، قد سمعنا مقالتكم، وعرفنا قرابتكم، فلكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا رجعتم. في حديث طويل.
* * * [111] وأنشد أبو علي رحمه الله [1353] لسلمى بن غويّة: [الكامل]
لا يبعدن عصر الشباب ولا ... لذّاته ونباته النّضر
والمرشقات من الخدور كإي ... ماض الغمام صواحب العطر (2)
وهي أبيات.
هكذا رواه أبو علي رحمه الله سلمى بفتح الميم. والصحيح فيه سلميّ بكسر الميم وتشديد الياء، وهو سلميّ بن غوية بن سلميّ ربيعة الضبّيّ. وقد ذكر بعض اللغويّين أنّه ليس في العرب سلمى بضم السين وفتح الميم كما روى أبو عليّ رحمه الله هنا إلّا أبو سلمى أبو زهير الشاعر ابن أبي سلمى.
* * * [112] وأنشد أبو علي رحمه الله [1376]: [الطويل]
فجاءت كأنّ القسور الجون بجّها ... عساليجه والثّامر المتناوح
إنّما صوابه: لجاءت باللام لا بالفاء (3)، والبيت لجبيهاء الأشجعي من شعره الذي يذكر فيه شاته الممنوحة، وقد تقدّمت منه أبيات، وقبله: [الطويل]
ولو أنّها طافت بطنب معجّم ... نفى الرّقّ عنه جذبها فهو كالح
__________
(1) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (2/ 149) وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (1/ 120114) وأوردها ابن كثير في «البداية والنهاية» (3/ 559554) في قصة سيف بن ذي يزن وبشارته بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(2) ورد في «الأمالي»: «الخدود القطر». ط
(3) وهكذا هو في نسخة الأمالي التي بين أيدينا.(1/828)
لجاءت كأنّ القسور الجون بجّها ... عساليجه والثامر المتناوح
يقول: لو طافت هذه الشاة بطنب معجّم. والطّنب: أصل الشجرة وهو الجذل.
ومعجّم: معضّض. والرّقّ ما قرب على الماشية من الأغصان. والكالح: الذي لا شيء عليه، وقد فسّر أبو عليّ رحمه الله غريب البيت الثاني إلّا أنّه قال: القسور: نبت، وهذا غير مقنع، وهو نبت له خوصة، والذي له خوصة من النبت لا يعبل أي: لا يسقط ورقه، فلذلك خصّه.
* * * [113] قال أبو عليّ رحمه الله [1419]: كلّ ما في العرب ملكان بكسر الميم إلّا ملكان في جرم بن ربّان (1) فإنه بفتحها. الذي في جرم بن ربّان هو ملكان بفتح الميم واللام، وليس هو بإسكان اللام كما أورده، وكذلك ملكان ابن عبّاد بن عياض بن عقبة بن السّكون، وهذا باب واسع، والذي ذكر منه أبو عليّ برض (2) من عدّ، وغيض من فيض.
* * * [114] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1425] لموسى شهوات يهجو عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر ويمدح عمر بن موسى بن طلحة بن عبيد الله: [الطويل]
تباري ابن موسى يابن موسى ولم تكن ... يداك جميعا تعدلان له يدا
تباري امرأ يسرى يديه مفيدة ... ويمناهما تبني بناء مشيّدا
فإنك لم تشبه أباك (3) ابن معمر ... ولكنّما أشبهت عمّك معبدا
وفيك وإن قيل ابن موسى بن معمر ... عروق يدعن المرء ذا المجد قعددا
قال: وكان معبد مولى وكان أخا أبيه لأمّه. وله حديث قد ذكره أبو عبيدة في كتاب المثالب. قال أبو عليّ رحمه الله: والقعدد والقعدد لغتان: اللئيم الأصل. قال:
والإقعاد: قلّة الأجداد. والإطراف: كثرة الأجداد، وكلاهما مدح.
قول أبو عليّ. رحمه الله: وكلاهما مدح، نقله من كلام ابن الأعرابيّ، وقد ردّ عليه وأنكر من قوله، قال العلماء: رجل قعدد إذا كان قليل الآباء إلى الجدّ الأكبر، وهو عند
__________
(1) ورد في «الأمالي» في الطبعة الأول والثانية: «ملكان بن حزم بن زبان» بالزاي فيهما والصوب ما ذكره أبو عبيد «بالراء المهملة» ويؤيده ما ورد في كتاب «المعارف» لابن قتيبة (ص 51طبعة جوتنجن) وتتفق عبارة أبي على مع عبارة «اللسان» (12/ 386): «كل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان بن حزم (جرم) بن زبان فإنه بفتحها» وتتفق عبار أبي عبيد مع عبارة «القاموس (3/ 321):
«ملكان محركة ابن جرم وابن عباد في قضاعة ومن سواهما في العرب فبالكسر». ط
(2) برض بسكون الراء: قليل. ط
(3) روى القالي: «فإنك لم تشبه يداك ابن معمر» والصواب «أباك ابن معمر» كما روى أبو عبيد. ط(1/829)
العرب مذموم. ورجل طريف إذا كان كثير الآباء إلى الجدّ الأكبر، وهو عند العرب محمود، قال شاعرهم:
أمرون ولّادون كلّ مبارك ... طرفون لا يرثون سهم القعدد
أي: ليس فيهم مقعد فيرث سهم القعدد، وقال الفرزدق في هجاء جرير: [الطويل]
أليس كليب ألأم الناس كلّهم ... وأنت إذا عدّت كليب لئيمها
له مقعد الأحساب منقطع به ... إذا القوم راموا خطّة لا يرمها
ويقال: ورث فلان بني فلان بالقعدد إذا كان أقربهم نسبا إلى الجدّ الأكبر.
كما كان عبد الصمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم فإنّه كان أقعد بني هاشم نسبا في زمانه، اجتمع في عصر واحد هو والفضل بن جعفر بن العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهم وعبد الصمد أخو جدّ جدّ جدّ الفضل، وهذا ما لم يقع في الدهر مثله.
ومن ذلك أن عبد الصمد رحمه الله حجّ بالناس سنة مائة وخمسين، وحجّ يزيد بن معاوية بالناس سنة خمسين، وقعددهما في النسب إلى عبد مناف واحد، بين كلّ واحد منهما وبينه خمس آباء، وبين وقتي حجّهما بالناس مائة سنة والقعدد في غير هذا: الخامل في قومه، وهو القعدود أيضا، وقال ابن الأعرابي: هو اللئيم الأصل.
* * * [115] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1432]: [الوافر]
كأنّ العيس حين أنخن هجرا ... مفقّأة نواظرها سوام
هكذا ثبتت الرواية عنه مفقّأة بالرفع، وإنّما هو مفقّأة بالنصب على الحال. وسوام خبر كأنّ أي: ذواهب في الهواجر، ومنه السّماة وهم الصيادون بالهاجرة. والمسماة: الجورب الذي يلبسه الصيّاد عند الهاجرة.
* * * [116] وأنشد أبو عليّ لكثيّر. رحمهما الله [1557]: [الطويل]
وأدنيتني حتّى إذا ما سبيتني (1) ... بقول يحلّ العصم سهل الأباطح
تولّيت عنّي حين لا لي مذهب ... وغادرت ما غادرت بين الجوانح
__________
(1) ورد في «الأمالي: «ما استبيتني» والصواب ما رواه أبو عبيد ويؤيد روايته (غ وقت) إذا رويا «ما سبيتني». ط(1/830)
هذا الشعر لمجنون بني عامر لا لكثيّر، ولا أعلم أحدا رواه له، ولا وقع له في ديوانه، وبعد البيتين:
فما حبّ ليلى بالوشيك انقطاعه ... ولا بالمؤدي يوم ردّ المنائح
* * * [117] قال أبو عليّ [1563]: إنما سمّي الأخطل لأن ابني جعال تحاكما إليه، أيّهما أشعر، فقال في ذلك: [الوافر]
لعمرك إنّني وابني جعال ... وأمّهما لإستار لئيم
فقيل له: إن هذا لخطل من قولك، فسمّي الأخطل.
ليس في الشعراء من يقال له ابن جعال البتة، وإنما أراد أبو علي رحمه الله ابني جعيل:
كعبا وعميرة التغلبيّين، فقال: ابنا جعال (1).
وذكر يعقوب رحمه الله أن كعب بن جعيل كان شاعر تغلب، فكان لا يأتي قوما إلّا أكرموه وضربوا له قبّة، فأتى بني مالك بن جشّم رهط الأعشى ففعلوا له ذلك وملأوا له حظيرة غنما، فجاء الأخطل وهو غلام فأخرجها وكعب ينظر فقال: إن غلامكم هذا لأخطل، فلجّت عليه، وقال الأخطل فيه: [المتقارب]
وسمّيت كعبا بشرّ العظام ... وكان أبوك يسمّى الجعل
وأنت مكانك من وائل ... مكان القراد من است الجمل
فضربه أبوه وقال: أنت تريد أن تقاوم ابن جعيل! وجاء كعب على تفيئة ذلك فقال: من صاحب هذا الكلام؟ فقال أبوه: إنّه غلام أخطل فلا تحفل به، فقال كعب: [الرجز]
شاهد هذا الوجه عثّ الجمّه
فقال الأخطل:
فناك كعب بن جعيل أمّه
فقال له كعب: ما اسم أمّك؟ قال: ليلى امرأة من إياد قال: أردت أن تعيذها باسم أمّي! قال: لا أعاذها الله إذا، وقال: [الطويل]
هجا الناس ليلى أمّ كعب فمزّقت ... فلم يبق إلّا نفنف أنا رافعه
* * * [118] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1562] للمغيرة (2) بن حبناء: [الطويل]
__________
(1) كذا في هذا الكتاب، وهو في «الأمالي» على الصواب كما أراده البكري.
(2) المغيرة بن حبناء شاعر إسلامي من شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية وحبناء: لقب غلب على أبيه جبير بن عمرو، لقب بذلك لحبن كان أصابه. وحبناء أبو المغيرة شاعر، وأخوه صخر بن حبناء شاعر وكان يهاجيه، وهاجي المغيرة زيادا الأعجم. ط(1/831)
إذا أنت عاديت امرأ فاظّفر له ... على عثرة إن أمكنتك عواثره
وقارب إذا ما لم تجد لك حيلة ... وصمّم إذا أيقنت أنّك عاقره
فإن أنت لم تقدر على أن تهينه ... فذره إلى اليوم الذي أنت قادره
وقد ألبس المولى على ضغن صدره (1) ... وأدرك بالوغم (2) الذي لا أحاضره
أسقط أبو عليّ رحمه الله قبل قوله:
فإن أنت لم تقدر على أن تهينه
بيتا به يتعلّق الذي أنشده لفظا ومعنى، وهو:
إذا المرء أولاك الهوان فأوله ... هوانا وإن كانت قريبا أواصره
فإن أنت لم تقدر على أن تهينه ... فذره إلى اليوم الذي أنت قادره
وأتى في البيت بعده:
وأدرك بالوغم الذي لا أحاضره
بالحاء المهملة وإنّما هو: «لا أخاضره» بالخاء معجمة أي: لا أبطله، من قولهم:
ذهب دم فلان خضرا مضرا وخضرا مضرا أي: باطلا، وقد فسّره أبو عليّ. رحمه الله في باب الإتباع.
* * * [119] ذكر أبو عليّ. رحمه الله [1578] عن أبي بكر بن دريد (3) رحمه الله، عن رجاله قال: قيل للفرزدق: إنّ هاهنا أعرابيّا قريبا منك ينشد الشعر، فقال: إنّ هذا لفائق (4)
أو حائن، فأتاه فقال: ممّن الرجل؟ فقال: من فقعس، قال: كيف تركت القنان؟ قال: يساير لصاف. قال أبو عليّ رحمه الله: فقلت: ما أراد الفرزدق والفقعسي؟ قال: أراد الفرزدق قول الشاعر: [الكامل]
ضمن القنان لفقعس سوءاتها ... إنّ القنان بفقعس لمعمّر
قلت: فما أراد الفقعسى بقوله: يساير لصاف؟ قال: أراد قول الشاعر: [الكامل]
وإذا تسرّك من تميم خصلة ... فلما يسوءك من تميم أكثر
__________
(1) روى القالي: «على ذاك أنني». ط
(2) الوغم: الترة والثأر. ط
(3) كذا نسب البكري «أبا بكر» والذي في «الأمالي»: «حدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي» وهذا إسناد متكرر عند القالي وأبو بكر فيه هو «ابن الأنباري»، وعادة القالي مع ابن دريد أن ينسبه ويمزه، ولا يهمل إلا الأنباري، والله أعلم.
(4) في «الأمالي»: «لقائف أو لخائن». ط(1/832)
قد كنت أحسبهم أسود خفيّة ... فإذا لصاف تبيض فيها (1) الحمّر
أكلت أسيد والهجيم ودارم ... أير الحمار وخصيتيه العنبر
ذهبت فشيشة بالأباعر حولها (2) ... سرقا فصبّ على فشيشة أبجر
قد أحال أبو عليّ. رحمه الله الرواية في بعض الخبر وفي بيت من الشعر. روى المدائنيّ وغيره قال: مرّ الفرزدق بمضرّس بن ربعيّ الأسديّ وهو ينشد بالمربد قصيدته التي أولها: [الطويل]
تحمّل من وادي غريرة حاضره
وقد اجتمع الناس حوله، فقال: يا أخا بني فقعس، كيف تركت القنان؟ قال: تبيض فيه الحمّر قال: أراد الفرزدق قول نهشل بن حرّيّ:
ضمن القنان لفقعس سوءاتها ... البيت
وأراد مضرّس قول أبي المهوش الأسدي:
وإذا تسرّك من تميم خصلة ... الأبيات
على ما أنشدها أبو علي رحمه الله إلّا قوله: «أكلت أسيّد» فإنّه محال عن وجهه، وصحّته: [الكامل]
عضّت أسيّد جذل أير أبيهم ... يوم النّسار وخصيتيه العنبر
هكذا قال الفقعسيّ للفرزدق حين عرض له بقوله: كيف تركت القنان؟ قال: تبيض فيه الحمّر، فهذا هو اللحن في المنطق والتعريض الحسن الذي يتوجّه على وجهين ويكون بمعنيين لأن قول أبي عليّ. رحمه الله تركته يساير لصاف من المحال الذي لا يكون إلّا إذا سيّرت الجبال فكانت سرابا، وكذلك رواية أبي عليّ. رحمه الله في البيت الذي ذكرناه لأنّ بني تميم لا تعيّر أكل جردان الحمار إنّما تعيّره بنو فزارة لحديث.
وذلك أن رجلا من بني فزارة كان في نفر من العرب، فعدل الفزاريّ عن طريقهم لبعض شأنه وصاد القوم عيرا فأكلوه وأبقوا جردانه للفزاريّ، فلما لحق بهم قالوا: قد خبأنا لك من صيدنا خبيئا وأقفيناك منه بقفى، ووضعوه بين يديه، فجعل يأكله ولا يكاد يسيغه ويقول: أكلّ لحم الحمار جوفان؟ فلما رأى تغامز القوم عليه اخترط سيفه وقال: والله لتأكلنّه أو لأقتلنّكم فأمسكوا عن أكله، فضرب رجلا منهم اسمه مرقمة فأطنّ رأسه، فقال أحدهم: [الرجز]
طاح لعمري مرقمه
فقال الفزاري:
وأنت إن لم تلقمه
__________
(1) في «الأمالي»: «فيه». ط
(2) ورد في «الأمالي»: «حولنا». ط(1/833)
فأكلوا وعيّرت فزارة أكل جردان الحمار. قال الشاعر: [الوافر]
أتفخر يا فزار وأنت شيخ ... إذا فوخرت تخطئ في الفخار
أصيحانيّة أدمت بزبد ... أحبّ إليك أم أير الحمار
بلى أير الحمار وخصيتاه ... أحبّ إلى فزارة من فزار
فنسب أبو المهوّش بني تميم إلى الجبن بقوله:
فإذا لصاف تبيض فيها الحمّر
بعد أن كان يحسبهم أسود خفيّة في نجدتهم، ثم أعضّهم لفرارهم يوم النّسار وجبنهم بقوله:
عضّت أسيّد جذل أير أبيهم ... البيت
ولصاف: ماء لبنى العنبر، وقيل: لبني يربوع، وهو من الشاجنة. وقنان: جبل في ديار بني فقعس. وفشيشة التي ذكر: نبز لحيّ من بني تميم مأخوذ من خروج الريح، يقال:
فشّ الوطب إذا أخرج منه الريح. ونسبهم إلى خرابة الإبل. وأبجر الذي ذكر، وهو أبجر بن جابر العجليّ أبو حجّار بن أبجر. وقيل: إن أبجر اسم من أسماء الدواهي، وكذلك بجرىّ، يريد فصبّت عليهم داهية.
ومثل هذا من المعاريض ما روي أن رجلا من بني نمير كان يساير عمر بن هبيرة الفزاري والنميريّ على بغلة فقال له عمر: غضّ من بغلتك! قال النّميري: أيها الأمير إنّها مكتوبة. أراد عمر قول جرير: [الوافر]
فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وأراد النّميري قول سالم بن دارة: [البسيط]
لا تأمننّ فزاريّا خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار
ولم تزل فزارة تهجي بغشيان الإبل قال راجز جاهليّ: [الرجز]
إنّ بني فزارة بن ذبيان ... قد طرّقت ناقتهم بإنسان
وقال الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة: [الوافر]
أولّيت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص
ولم يك قبلها راعي مخاض ... ليأمنه على وركي قلوص
واجتمع الشعراء يوما على باب أمير من أمراء العراق ومرّ عليهم إنسان يحمل بازيا، فقال رجل من بني تميم لرجل من بني نمير: انظر، ما أحسن هذا البازي! فقال له النّميري:
نعم! وهو يصيد القطا أراد التميميّ قول جرير: [الوافر]
أنا البازي المطلّ على نمير ... أتيح من السماء له انصبابا
وأراد النميريّ قول الطّرمّاح: [الطويل](1/834)
أنا البازي المطلّ على نمير ... أتيح من السماء له انصبابا
وأراد النميريّ قول الطّرمّاح: [الطويل]
تميم بطرق اللّؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت سبل المكارم ضلّت
* * * [120] قال أبو عليّ رحمه الله [1582]: قال أعرابيّ: والله ما أحسن الرّطانة، وإني لأرسب من رصاصة، وما قرقمني إلّا الكرم.
هذا وإن لم يكن فيه سهو فإنّه أورد كلاما ناقصا غير منسوب ولا مفسّر، وهو أحوج كلام إلى التفسير، فيعلم مراده بقوله: إنه لا يحسن الرّطانة، وبانتفائه من السّباحة، ومذهبه في قّرقمة الكرم له.
وهذا الكلام لأبي الذّيّال شويش الأعرابيّ العدويّ، قال: أنا ابن التاريخ، أنا والله العربيّ المحض، لا أرقع الجربان، ولا ألبس التّبّان، ولا أحسن الرّطانة، وإنّي لأرسب من رصاصة، وما قرقمني إلا الكرم.
قوله: أنا ابن التاريخ: يعني أنّه ولد سنة الهجرة. ويريد بجملة قوله: إنّه أعرابيّ بدويّ محض، من أهل الوبر لا من أهل المدر ولا من أهل الأمصار التي تكون على الأرياف والأنهار، فهم يتعلّمون فيها السّباحة وإنه لم يجاور العجم فيحسن رطانتهم، والأعرابيّ إذا قال: قدمت الرّيف، فإنما يريد الحضر، قال الأصمعي رحمه الله: قيل لذي الرّمّة: من أين عرفت الميم لولا صدق من نسبك إلى تعليم أولاد العرب في أكتاف الإبل؟ قال: والله ما عرفت الميم! إلّا أنّى قدمت من البادية إلى الرّيف فرأيت الصبيان وهم يحوزون بالفجرم في الأوق فقال غلام منهم: قد أزقتم هذه الأوقة فصيّرتموها كالميم، فوضع منجمه في الأوقة فنجنجه فأفهقها، فعلمت أنّ الميم شيء ضيّق، فشبّهت به عين ناقتي وقد اسلهمّت وأعيت.
وأمّا قوله: وما قرقمني إلّا الكرم، فإنّه يعني: أن أباه طلب المناكح الكريمة فلم يجدها إلّا في أهله، فجاء ولده ضاويا. ومنه الحديث: «اغتربوا لا تضووا» (1) أي: انكحوا في الغرائب، وقال الشاعر: [الطويل]
فتى لم تلده بنت عمّ قريبة ... فيضوى وقد يضوى رديد الغرائب
وقال آخر: [الرجز]
إنّ بلالا لم تشنه أمّه ... لم يتناسب خاله وعمّه
__________
(1) أورد الغزالي في «أحياء» علوم الدين» (2/ 41) «ألا تكون من القرابة القريبة، فإن ذلك يقلل الشهوة، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا» أي: نحيفا وعلق على ذلك العراقي بقوله:
حديث «لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا» قال ابن الصلاح لم أجد له أصلا معتمدا.
قلت: إنما يعرف من قول عمر أنه قال لآل السائب «قد أضويتم فانكحوا في النوابغ» رواه إبراهيم الحربي في «غريب الحديث»، وقال: معناه تزوجوا الغرائب قال: ويقال: اغربوا لا تضووا».(1/835)
وقال آخر: [الطويل]
تنجّبتها للنّسل وهي غريبة ... فجاءت به كالبدر خرقا معمّما
فلو شاتم الفتيان في الحيّ ظالما ... لما وجدوا غير التّكذّب مشتما
فذكر أنّه نتجها غريبة لا قريبة.
وقال الراجز: [الرجز]
قحّمها السّير غطارف أشم ... يسوقها على الوحي سوق المحم
شمردل ما بين شنجيه رحم ... كان أبوه غائبا حتّى فطم
وقال الأصمعيّ رحمه الله في قول كعب بن زهير:
حرف أبوها أخوها من مهجّنة ... وعمّها خالها قوداء شمليل
هذه ناقة كريمة مداخلة النّسب لشرفها فهذا التفسير على معنى ما تقدّم، وأنكره أبو المكارم وقال: ألم يعلم الأصمعيّ رحمه الله أنّ تداخل النسب ومقاربته مما يضعّف الناقة وذكر كلاما طويلا.
* * * [121] وأنشد أبو علي رحمه الله [1582]: [الرجز]
أشكو إلى الله عيالا دردقا ... مقرقمين وعجوزا شملقا
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله شملقا بالشين المعجمة كما أنشده أبو عبيد رحمه الله في الغريب المصنّف، وهو تصحيف إنّما هو سملق بالسين المهملة أي: لا خير عندها، مأخوذ من الأرض السلمق، وهي التي لا نبات بها، قيل: وهي التي لا تلد، مأخوذ من ذلك أيضا، وبعد الشطرين:
إذا رأتني أخذت لي مطرقا ... تقول ضرب الشيخ أدنى للتّقى
* * * [122] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1584] لأبي دواد: [الهزج]
طويل طامح الطّرف ... إلى مفزعة الكلب
حديد الطّرف والمنك ... ب والعرقوب والقلب
هذا الشعر ليس لأبي دواد ولا وقع في ديوانه وإنّما هو لعقبة بن سابق الهزّانيّ، كذلك قال أهل الضبط من الرّواة وبعد البيتين:
يخدّ الأرض خدّا ي ... صملّ سلط واب
صحيح النّسر والأرسا ... مثل الغمر القعب
مفزعة الكلب: أقصى موضع يسمع منه الكلب إساد صاحبه وإنّما يريد أنه مدرّب حاذق بالصيد، فإذا فزع الكلب إلى جهة طمح ببصره إليها.(1/836)
[123] قال أبو عليّ. رحمه الله [1588]: العصفور: العظم الذي ينبت عليه الناصية قال حميد: [البسيط]
ونكّل الناس عنّا في مواطننا ... ضرب الرءوس التي فيها العصافير
لو أراد الشاعر بالعصافير هنا العظام لم يكن للكلام فائدة لأن في كلّ رأس عصفور، فكأنّه قال: ضرب الرءوس التي فيها الشعور وإنّما يريد الرءوس التي فيها الزّهو والطّماح إلى ما لا تناله. والعرب تكني بالعصافير عن الكبر والخيلاء وتقول: طارت عصافير رأسه إذا ذهب كبره قال الشاعر: [المتقارب]
كفيل لرأس أخي نخوة ... بضرب يطير عصافيره
كما يقولون: في رأس فلان نعرة. وقبل البيت الذي أنشده: [البسيط]
إذ لا حجاز لنا إلّا مقوّمة ... زرق الأسنّة والجرد المحاضير
يعشي الجبان شعاع في قوانسها ... إذا تجلّلها الشّعث المغاوير
قد نكّل عنّا في مواطننا ... ضرب الرءوس التي فيها العصافير
* * * [124] قال أبو عليّ. رحمه الله [1695]: الأوقص: الذي يدنو رأسه من صدره قال رؤبة: [الرجز]
أذمّه (1) صياغة وأرذله ... أوقص يخزي الأقربين عيطله
قال: والعيطل: طول العنق.
هذا وهم بيّن وتصحيف ظاهر، كيف يكون أوقص طويل العنق! وإنّما هو: يخزي الأقربين عطله دون ياء أي: عنقه، يريد يخزي الأقربين وقص عنقه:
والعطل: العنق معروف قال أبو النجم (2).
* * * [125] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1597] للجميح بن منقذ: [البسيط]
لمّا رأت إبلي قلّت حلوبتها ... وكلّ عام عليها عام تجنيب
هذا غلط صريح. وهذا الشاعر هو الجميح لقب له وهو منقذ اسم له واسم أبيه الطّماح بن قيس الأسدي، وهو فارس شاعر جاهليّ، قتل يوم جبلة، وهذا البيت جواب لما قبله وهو قوله:
أمست أمامة صمتا ما تكلّمنا ... مجنونة أم أحسّت أهل خرّوب
__________
(1) روى القالي: «أدمه» بالدال غير المعجمة. ط
(2) بياض في الأصل. ط(1/837)
ومضى في ذكر نشوزها ثم قال:
لمّا رأت إبلي قلّت حلوبتها ... وكلّ عام عليها عام تجنيب
فاقني لعلّك أن تحظي وتحتلبي ... في سحبل من مسوك الضّأن منجوب
أهل خرّوب: يريد قومها وأنّها لقيتهم فأفسدوها عليه. والسّحبل: السّقاء العظيم.
* * * [126] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1598] للقطاميّ: [الطويل]
فسلّمت والتسليم ليس يضرّها ... ولكنّه حتم على كلّ جانب
هكذا أنشده وإنّما هو: ليس يسرّها، لكراهتها الضيف وبخلها بالضيافة وأيّ: مضرّة في التسليم أو من يعتقد ذلك فيه حتى يكون الشاعر ينكره وينفيه! وهل هو إلّا بركة ونفع! لكنّها تكرهه من الضيف لمئونته، قال القطاميّ يذكر امرأة ضافها وهي أبيات ذكرت منها المتّصل بالشاهد.: [الطويل]
تعممت في طلّ وريح تلفّني ... وفي طرمساء غير ذات كواكب
إلى حيزبون توقد النار بعد ما ... تلفّعت الظلماء من كلّ جانب
فسلّمت والتسليم ليس يسرّها ... ولكنّه حتم على كلّ جانب
فردّت سلاما كارها ثم أعرضت ... كما انحازت الأفعى مخافة ضارب
الطّرمساء والطّلمساء جميعا: الظّلمة. والحيزبون: العجوز القليلة الخير.
* * * [127] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1604]: [الطويل]
ألا لا أرى ذا حشنة في فؤاده ... يجمجمها إلّا سيبدو دفينها
هذا البيت للأقبل وهو على خلاف ما أنشده، وقبله:
إذا صفحة المعروف ولّتك جانبا ... فخذ صفوها لا يختلط بك طينها
إذا كان في صدر ابن عمّك حشنة ... يجمجمها يوما سيبدو دفينها
هكذا صواب إنشاده، يقول: عامله على ظاهره ولا تشتثر ما في صدره، فإنّ الأيام ستبدي لك ذلك في بعض أحواله وأفعاله.
* * * [128] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [1614]: [الوافر]
أبرّ على الخصوم فليس خصم ... ولا خصمان يغلبه جدالا
ولبّس بين أقوام فكلّ ... أعدّ له الشّغازب والمحالا
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله ولبّس على فعّل وإنّما هو ولبس وأتى(1/838)
أبرّ على الخصوم فليس خصم ... ولا خصمان يغلبه جدالا
ولبّس بين أقوام فكلّ ... أعدّ له الشّغازب والمحالا
هكذا أنشده أبو عليّ رحمه الله ولبّس على فعّل وإنّما هو ولبس وأتى
[129] أنشد أبو عليّ رحمه الله [1705] لأبي ذؤيب:
كأنه خوط مريح
هذا وهم من أبي عليّ رحمه الله إنّما هو للداخل زهير بن حرام أحد بني سهم بن مرّة، قال: [الوافر]
وبيض كالسلاجم مرهفات ... كأنّ ظباتها عقر بعيج
أطاف الناجشان بها فجاءت ... مكانا لا تروغ ولا تعوج
فراغت والتمست بها حشاها ... فخرّ كأنّه خوط مريج
عقر النار: موقدها. والبعيج: أن يبعجها الموقد بعود. والناجشان: الحائشان اللذان يحوشان الوحش. خوط مريج أي: غصن يقلق من مكانه.
* * * [130] وأنشد أبو عليّ. رحمه الله [1728]: [الطويل]
إذا ما جلسنا لا تزال ترومنا ... تميم لدى أبياتها وهوازن (1)
هذا وهم من أبي عليّ. رحمه الله وإنّما هو:
لا تزال ترومنا ... سليم لدى أبياتنا وهوازن
والبيت للمعطّل الهذلي. وأي: جوار بين هذيل وتميم! فأما بنو سليم وهوازن فجيران لهم، وقبل البيت:
فأيّ هذيل وهي ذات طوائف ... يوازن من أعدائها ما توازن
وفهم بن عمرو يعلكون ضريسهم ... كما صرفت فوق الجذاذ المساحن
إذا ما جلسنا لا تزال ترومنا ... سليم لدى أبياتنا وهوازن
قال أبو حاتم، عن الأصمعي: ضريسهم: سوء أخلاقهم. وقال السكرى رحمهم الله: الضريس: حكّ الضّرس، فهو على هذا منصوب على المصدر والمفعول محذوف كأنه قال: يعلكون أفواههم يضرسون ضريسا. وقال أبو عليّ الفارسيّ. رحمه الله: الضّريس جمع ضرس كقولهم عبد وعبيد وطسّ وطسيس، وهذا كما يقال: هو يعلك عليه الأرّم. والجذاذ: حجارة الذهب تكسر ثم تسحل على حجارة تسمّى حتى تخرج ما فيها من الذهب والرحى، يقال لها المسحنة، ويقال المساحن والمساحل واحد وهي المبارد. وأنشد أبو علي رحمه الله هذا البيت على أن جلسنا بمعنى أنجدنا،
__________
(1) ورد في «الأمالي»: «أبياتنا» تزورنا سليم أبياتنا. ورواه لمالك بن خالد الخناعي الهذلي. ط(1/839)
والجلس: نجد، وقال عمر بن أبي ربيعة رحمه الله فبيّن أنّ الجالس هو المنجد:
[السريع]
شمال من غار به مفرعا ... وعن يمين الجالس المنجد
* * * [131] وأنشد أبو عليّ رحمه الله [39] قبل هذا: [الكامل]
ولقد مررت على قطيع هالك ... من مال أشعث ذي عيال مصرم
من بعد ما اعتلّت عليّ مطيّتي ... فأزحت علّتها فظلّت ترتمي
وقال: الهالك: الضائع، والمصرم: المقلّ، يقول: اعتلّت ناقتي فأصبت السوط فضربتها به فظلّت ترتمي أي: تترامى في سيرها.
هذا تفسير مردود وقول منكر قال ابن قتيبة رحمه الله من قال: إنّ القطيع: السّوط فقد أخطأ لأنّه إن ضربها بالقطيع وقد أعيت قطعها عن السير وإنّما القطيع قطيع الإبل.
وهالك: ضائع، وأزاح علّتها بأن أرعاها معها وسقاها من ألبانها فأشبعها، فظلّت ترتمي.
وقال ابن السّكّيت رحمه الله إذا أعيت الناقة واعتلّت ثم ضربها قطعها عن السّير، وإنّما عنى بالقطيع: الخبط. وقوله: هالك أي: ليس عنده ربّه، يعني أنه علف مطيّته من الخبط وأشبعها من بعد ما أعيت فنشطت للسّير وجدّت فيه اهـ.
* * * آخر كتاب التنبيه، على أوهام أبي عليّ في أماليه.
فرغ من تعليقه يوم الاثنين لعشر بقين من صفر سنة اثنتين وستين وستمائة أحسن الله تقضّيها بالقاهرة المحروسة
الحمد لله وحده، وصلواته على سيّدنا محمد وآله وصحبه الطاهرين وسلامه وهو حسبنا ونعم الوكيل(1/840)
الفهارس العامة
فهرس الآيات القرآنية
فهرس الأحاديث النبوية وبعض الآثار
فهرس القوافي الشّعريّة
فهرس الموضوعات(1/841)
فهرس الآيات القرآنية
رقم الفقرة: الآية: رقمها
سورة الفاتحة [1670]: {مََالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}: 4
سورة البقرة [640]: {أَنْ يَدْخُلُوهََا إِلََّا خََائِفِينَ}: 114
[3]: {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا}: 106
[1676]: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ}: 134، 141
[ذيل / 4)]: {وَلََا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمََا}: 255
[1096]: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادََّارَأْتُمْ فِيهََا}: 72
[980]: {وَفُومِهََا وَعَدَسِهََا}: 61
[960]: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}: 260
سورة آل عمران [1626]: {وَلِيُمَحِّصَ اللََّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكََافِرِينَ}: 141
[638]: {أَنَّ اللََّهَ يُبَشِّرُكَ}: 39
[492]: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}: 152
[67]: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ}: 140
سورة النساء [1603]: {إِنَّهُ كََانَ حُوباً كَبِيراً}: 2
[379] و [1582]: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}: 6
[1598]: {وَالْجََارِ الْجُنُبِ}: 36
[1695]: {أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}: 90
[1600]: {إِنَّ اللََّهَ كََانَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً}: 86(1/843)
سورة الأنعام [1244]: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}: 94
سورة الأعراف [1287]: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}: 92
[1644]: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنََا وَبَيْنَ قَوْمِنََا بِالْحَقِّ}: 89
[639]: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}: 55
[441]: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}: 169
سورة الأنفال [1354]: {إِلََّا مُكََاءً وَتَصْدِيَةً}: 35
[1600]: {يََا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللََّهُ}: 64
[1644]: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جََاءَكُمُ الْفَتْحُ}: 19
سورة التوبة [5]: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ}: 37
[442]: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوََالِفِ}: 87، 93
سورة يونس [ذيل / 22]: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ}: 92
سورة هود [1287]: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}: 68، 95
سورة يوسف [1670]: {مََا كََانَ لِيَأْخُذَ أَخََاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}: 76
[1676]: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}: 45
[ذيل / 95]: {لََا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}: 92
[ذيل / 326]: {إِنَّمََا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللََّهِ}: 86
سورة الرعد [1611، 1615]: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحََالِ}: 13(1/844)
سورة إبراهيم [1598]: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنََامَ}: 35
سورة الحجر [1354]: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}: 26، 33
[ذيل / 23]: {رُبَمََا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كََانُوا مُسْلِمِينَ}: 2
[333]: {وَلَقَدْ آتَيْنََاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثََانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}: 87
سورة النحل [640] و [1187]: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى ََ تَخَوُّفٍ}: 47
[1676]: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً}: 120
سورة الإسراء [1096]: {فَجََاسُوا خِلََالَ الدِّيََارِ}: 5
[1695]: {وَجَعَلْنََا جَهَنَّمَ لِلْكََافِرِينَ حَصِيراً}: 8
[284] و [ت / 25]: {وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا}: 16
سورة الكهف [ذيل / 326]: {وَكََانَ وَرََاءَهُمْ مَلِكٌ}: 79
[530]: {وَخَيْرٌ عُقْباً}: 44
سورة مريم [ذيل / 326]: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوََالِيَ مِنْ وَرََائِي}: 5
سورة طه [639]: {أَكََادُ أُخْفِيهََا}: 15
سورة الأنبياء [491]: {لََا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهََا}: 102
سورة النور [1627]: {وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ}: 33(1/845)
سورة الفرقان [1395]: {وَالَّذِينَ لََا يَدْعُونَ مَعَ اللََّهِ إِلََهاً آخَرَ وَلََا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللََّهُ إِلََّا بِالْحَقِّ وَلََا يَزْنُونَ}: 68
سورة القصص [1242]: {مََا إِنَّ مَفََاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ}: 76
[256]: {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي}: 34
سورة السجدة [1644]: {وَيَقُولُونَ مَتى ََ هََذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صََادِقِينَ}: 28
سورة سبأ [1671]: {وَجِفََانٍ كَالْجَوََابِ}: 13
[13]: {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}: 16
سورة الصافات [1452]: {عَذََابٌ وََاصِبٌ}: 9
[1502]: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}: 103
سورة ص [943]: {وَلََاتَ حِينَ مَنََاصٍ}: 3
سورة فصلت [638]: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ}: 30
سورة الشورى [852] و [ت / 76]: {إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرََاطِ اللََّهِ}: 5352
سورة الزخرف [1354]: {إِذََا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}: 57
[1676]: {إِنََّا وَجَدْنََا آبََاءَنََا عَلى ََ أُمَّةٍ}: 22
[1676]: {وَلَوْلََا أَنْ يَكُونَ النََّاسُ أُمَّةً وََاحِدَةً}: 33
[181]: {فَلَمََّا آسَفُونََا انْتَقَمْنََا مِنْهُمْ}: 55(1/846)
سورة محمد [9]: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}: 30
سورة الفتح [ذيل / 27]: {شَغَلَتْنََا أَمْوََالُنََا وَأَهْلُونََا}: 11
سورة ق [1705]: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}: 5
[23]: {وَالنَّخْلَ بََاسِقََاتٍ}: 10
سورة الذاريات [1583]: {وَالسَّمََاءَ بَنَيْنََاهََا بِأَيْدٍ}: 47
سورة النجم [نوادر / 32]: {وَإِبْرََاهِيمَ الَّذِي وَفََّى أَلََّا تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ََ}: 3837
[ذيل / 270]: {وَأَنْتُمْ سََامِدُونَ}: 61
سورة الرحمن [1705]: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيََانِ}: 19
سورة الواقعة [1541]: {فَرَوْحٌ وَرَيْحََانٌ}: 89
[1670]: {فَلَوْلََا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}: 86
[ذيل / 4]: {نَحْنُ جَعَلْنََاهََا تَذْكِرَةً وَمَتََاعاً لِلْمُقْوِينَ}: 73
سورة الملك [169]: {إِنْ أَصْبَحَ مََاؤُكُمْ غَوْراً}: 30
سورة القلم [21]: {وَغَدَوْا عَلى ََ حَرْدٍ قََادِرِينَ}: 25
سورة المعارج [859]: {كَلََّا بَلْ رََانَ عَلى ََ قُلُوبِهِمْ}: 43(1/847)
سورة المزمّل [1187]: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهََارِ سَبْحاً طَوِيلًا}: 7
سورة الإنسان [1528]: {وَشَدَدْنََا أَسْرَهُمْ}: 28
سورة النبأ [1600]: {عَطََاءً حِسََاباً}: 36
سورة النازعات [519]: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذََلِكَ دَحََاهََا}: 30
[62]: {أَإِنََّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحََافِرَةِ}: 10
[63]: {عِظََاماً نَخِرَةً}: 11
سورة التكوير [1262]: {وَإِذَا السَّمََاءُ كُشِطَتْ} [قشطت]: 11
سورة الإنفطار [835]: {مََا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}: 6
سورة الشمس [1354]: {وَقَدْ خََابَ مَنْ دَسََّاهََا}: 10
سورة الضحى [326]: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلََا تَقْهَرْ}: [تكهر]: 9
سورة العاديات [1632]: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}: 6
سورة التكاثر [1677]: {أَلْهََاكُمُ التَّكََاثُرُ}: 1
سورة الإخلاص [1660]: {الصَّمَدُ}: 2(1/848)
فهرس الأحاديث المرفوعة، مع بعض الآثار الموقوفة
الحديث رقم الفقرة
أحرّم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاها [24]
أحسن في الذي أصابك [ت / 68]
إذا ابتلّت النعال فصلّوا في الرحال [ت / 4]
إذا طلعت الشعرى سفرا ولم ترفيها مطرا [337]
أشد جنود ربك عشرة (قول عليّ) [نوادر / 14]
اغتربوا لا تضووا [ت / 120]
أكل السفرجل يذهب بطخاء القلب [1617]
ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام [87]
اللهم أنزل إلينا في أرضنا سكنها [1052]
اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه (دعاء غلام أعجب به عمر) [ذيل / 79]
اللهم داحي المدحوّات (قول عليّ) [نوادر / 12]
ألم أخبر أنك تقوم الليل [25]
إن تبت قبلت شهادتك (قول عمر لأبي بكرة) [ذيل / 110]
أن تستشير ذا الرأي [نوادر / 72]
إن التسييد في الحرورية فاسن [1034]
إنّ الرجل ليسأل حتى يأتي يوم القيامة وما على وجهه مزعة [1706]
أنّ رجلين اختصما إليه في مواريث [10]
إن العدو بعرعرة الجبل ونحن بحضيضه [209]
إن قبل الدجال سنين خداعة [1716]
إن للإسلام صوّى [1582]
إن له بمكة ابنا كيّسا [ت / 68]
أنا عذيقها المرجّب (قول حباب بن المنذر الأنصاري) [1033](1/849)
إنك إن فعلت ذلك هجمت عيناك [25]
أنه جدب السّمر بعد عتمة [257]
أنه صلّى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين [1644]
أهكذا قال الشاعر [(786) ت / 68]
بينا رسول الله ذات يوم جالس [22]
تعلموا الفرائض والسنن واللحن (قول عمر) [12]
حديث السحابة [22]
خمّروا أسقيتكم [ذيل / 108]
خير المال سكة مأبورة [ت / 25]
دونكها يا أبا محمد فإنها تجم الفؤاد [1645]
رأس العقل الإيمان بالله [نوادر / 72]
رأيت رسول الله وأبا بكر رضي الله عند باب بني شيبة [786]
رأيت رسول الله ينبل على أعمامه [ذيل / 65]
رمى إليّ رسول الله بسفرجلة [1645]
سئل ما الحزم؟ فقال [نوادر / 72]
سواء ولود خير من حسناء عقيم [1472]
الصدوق يعطى ثلاث خصال [1517]
العرب سطام الناس [432]
عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواها [1696]
عليك بذات الدين تربت يداك [ذيل / 111]
القرآن شافع مشفّع وما حل مصدّق [1615]
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم ضخم الهامة [1077]
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين [1644]
كان عليّ يعلّم أصحابه الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم (قول عليّ) [نوادر / 12]
الكرم التقوى والحسب المال (قول عمر) [ذيل / 43]
كيف ترون قواعدها [22]
لا تسبخي عنه بدعائك [1187]
لا رضاع بعد فصال [48]
لا ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما [100](1/850)
لا يبولون ولا يتغوّطون إنما هو عرق يجري [332]
لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث [نوادر / 54]
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن [نوادر / 13]
لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر [10]
لقد أصبتم خيرا بجيلا [1072]
لله على عبده نعمتان [1707]
ليس حيل الرجل إلى أهله بعصبيه [ت / 68]
ما سقي (يسقى) بالغيل ففيه العشر [(519) 1663)]
المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون [24]
مكتوب في الحكمة يا بني: لتكن كلمتك طيبة (أثر) [40]
من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت [1661]
من سره النّساء في الأجل والسّعة في الرزق [4]
من شرب الخمر فاجلدوه [ذيل / 95]
من فطّر صائما أو جهّز غازيا [ذيل / 347]
من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله [نوادر / 54]
نعت النبي صلّى الله عليه وسلم ذات يوم فقال [1077]
نعم، وليس ميل الرجل إلى أهله بعصبية [ت / 68]
نعوذ بالله من الأيمة والعيمة [444]
هذا كلام لم يخرج من إلّ [116]
هكذا سمعت الرواة ينشدونه [786]
واقد وقدت الحرب [ذيل / 167]
وكيف ترون رحاها [22]
وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس ثم تركهم (أثر) [169]
وما يمنعني من ذلك فإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربي [22]
وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم [1644]
يا رسول الله هذه سحابة [22]
يطلع عليكم من هذا الفج خير ذي يمن [ت / 96](1/851)
فهرس القوافي الشعرية
رتبنا هذا الفهرس على أواخر قوافي الأبيات الشعرية الواردة في «الأمالي» و «ذيل الأمالي» و «النوادر» و «التنبيه».
ذكرنا جميع الأبيات الشعرية، بما في ذلك الأبيات التي أورد المصنّف شطرا منها دون الآخر، واجتهدنا الدقة في ذلك ليسهل تخريج الشّعر من الكتاب.
ولم نلتزم ترتيب القوافي داخل القافية الواحدة في هذا الفهرس، فقافية الألف مثلا تراها مجموعة في الفهرس في سياق واحد لكنّا لم نلتزم ترتيب الكلمات بداخلها بترتيب معين لكنها تسير على ترتيب ورودها في الكتاب إلا نادرا.
كذا لم نلتزم التمييز بين الألف المقصورة والممدودة ونحو ذلك في القوافي، فوضعنا ما نهايته ألفا ممدودة ومقصورة في حرف الألف، وكذا لم نفرق في ذلك بين ألف الجماعة أو ألف المفرد.
فوضعنا «جمعا» و «جمعوا» و «مجموعا» و «أقصى» و «نما» و «نمى» و «قليلا» ونحو ذلك في سياق واحد في حرف الألف فتنبّه.
كذلك وضعنا «حلو» و «عمرو» و «كفو» ونحو ذلك في سياق واحد في حرف الواو.
وجعلنا لفظه «شيء» من نصيب قافية الهمزة.
وجمعنا بين التاء والهاء المربوطتين معا في سياق واحد.
ولم نفرّق في القوافي بين الحروف الساكنة والمتحرّكة، فجمعنا ما اتحد رسم آخره معا وإن لم تتّفق حركته.
وكررنا سياق القوافي التي تكررت في الكتاب، ولم نقتصر على إيرادها في موضع واحد والإشارة إلى أماكن بقية المواضع بل أفردنا كل موضع برقم خاصّ تيسيرا لمعرفة الفروق والمكررات ونحو ذلك.
والله الموفّق والمستعان.(1/852)
القافية: رقم الفقرة: القافية: رقم الفقرة: القافية: رقم الفقرة
حرف الهمزة شعواء [254]
وقاء [333]
ماء [330]
رواء [330]
الأحياء [411]
بماء [455]
البكاء [455]
الأقذاء [494]
الأطباء [494]
بكاء [494]
ألاء [494]
ماء [494]
الرداء [539]
النجلاء [718]
الإغفاء [718]
بالدهاء [749]
الألاء [973]
الإباء [973]
الماء [1016]
الداء [1016]
إبطاء [1016]
إغضاء [1016]
بداء [1085]
لعناء [1085]
سواء [1085]
اللهاء [1582]
بشيء [1600]
الرّجزاء [1638]
بدء [1648]
بلاء [1712]
سواء [1712]
خفاء [1712]
ذيل الأمالي يشاء [197]
ماء [248]
النوادر النساء [55]
الوفاء [55]
الرجاء [55]
فداء [79]
النساء [79]
الشتاء [79]
الشتاء [79]
رداء [79]
الفتاء [79]
دعجاء [93]
عجماء [93]
آباء [93]
التنبيه فالبطحاء [38]
حرف الألف حراما [6]
وزنا [11]
لحنا [11]
قيودها [14]
يقودها [14]
تغنّى [15]
أنّا [15]
أرنّا [15]
أحيانا [17]
لحنا [17]
فاصطنعوا [19]
شبعوا [19]
رميما [23]
يغيبا [23]
نضر [23]
المظاظا [24]
يزينها [30]
قطينها [30]
شئونها [30]
مستيينها [30]
اغتيالها [31]
استقالها [31]
نبالها [31]
سمالها [31]
مصالها [31]
عسيرا [44]
فأقنعا [44]
تقعقعا [45]
حمّوا [45]
غنى [46]
يستبيلها [46]
صبيا [46]
فتطببا [49]
جريا [49]
الجزعا [50]
فجعا [50]
نزعا [50](1/853)
منعا [50]
انقطعا [50]
طمعا [50]
خلعا [50]
ظهورا [52]
[غيورا] [52]
فرحوا [67]
غضيضا [76]
مريضا [76]
المبرّدا [86]
تجدّدا [86]
أنجادا [94]
الأندادا [94]
سوادا [94]
وابصا [95]
أنهجا [104]
همدا [104]
ساما [104]
حلوا [116]
البهيرا [120]
أظلما [121]
يقودها [122]
تريدها [122]
عقودها [122]
عمودها [122]
يقيدها [122]
شهودها [122]
عودها [122]
سودها [122]
وحيدها [122]
صدودها [122]
عودها [122]
اصطلى [130]
كالنوى [130]
عريضا [132]
فانقطعا [134]
تبعا [134]
معا [134]
صرعا [134]
وقعا [134]
فاكتنعا [134]
فارتجعا [134]
امتصعا [134]
الطبعا [134]
جزعا [134]
صلعا [134]
قطعا [134]
منتفعا [134]
فزعا [134]
صددا [152]
أبدا [152]
ولدا [152]
توكافا [153]
خافا [153]
ألّافا [153]
فرعا [166]
أنجدا [169]
رقدا [169]
الغارا [169]
ثنيتاها [174]
قذاها [176]
سواها [176]
نزلا [177]
عسلا [177]
المتقدمينا [180]
المعضا [181]
ازمهرا [181]
أحرّا [181]
طرطبا [181]
عفارا [184]
جذلا [185]
عجلا [185]
نبلا [185]
الأسلا [185]
البطلا [185]
فعلا [185]
نحرا [191]
أمينها [194]
أخونها [194]
أهينها [194]
أدينها [194]
دينها [194]
نصالها [201]
الشعيرا [205]
بردا [206]
النياطا [206]
أشوالها [207]
أشكلا [209]
فاها [210]
أياها [210](1/854)
تجيبوها [217]
فردوها [217]
أحدوها [217]
مآقيها [217]
فيها [217]
أناديها [217]
أرجيها [217]
دموعا [218]
ضلوعا [218]
ينبوعا [218]
ربيعا [218]
مجزولا [220]
نصروا [228]
صبروا [228]
جبروا [228]
سحابها [230]
ترابها [230]
بعيدها [232]
تعيدها [232]
جدبا [234]
ربّا [234]
زهرا [236]
سحرا [236]
عطرا [236]
فطرا [236]
تراها [242]
مناها [242]
فشفاها [242]
سقاها [242]
حشاها [242]
قراها [242]
صراها [242]
ثراها [242]
مطيرها [242]
نضيرها [242]
سفورها [242]
بسورها [242]
بصيرها [242]
يضيرها [242]
سرورها [242]
فجورها [242]
خيالها [242]
ينالها [242]
ميثما [250]
جرهما [250]
تتهدما [250]
أشأما [250]
المقشما [250]
مكشما [250]
هزومها [255]
يقتلوا [265]
خشعا [279]
ائتجارا [280]
النهارا [280]
أمروا [283]
زوبعا [287]
قعدوا [288]
خلدوا [288]
ولدوا [288]
احتشدوا [288]
حسدوا [288]
هوينا [314]
السنينا [314]
الأزرا [319]
صبرا [319]
الصبرا [319]
قليلا [323]
عضا [335]
تزلّعا [326]
حلّا [330]
غواليا [337]
استطالا [337]
أذنوا [339]
فجعوا [343]
مجلدا [352]
حذرا [358]
تأبّدا [358]
يضيرها [363]
سرورها [363]
شهورها [363]
أزورها [363]
سفورها [363]
بسورها [363]
مطيرها [363]
نضيرها [363]
بصيرها [363]
فجورها [363]
تراهما [369]
كقراهما [369]
ميادا [373](1/855)
الأكبادا [373]
معا [375]
قطعا [375]
خنافرا [378]
داثرا [378]
واهرا [378]
نائرا [378]
آمرا [378]
شاصرا [378]
يحابرا [378]
كافرا [378]
قاهرا [378]
حراما [383]
ذماما [383]
حماما [383]
فما [394]
العرضا [405]
عضا [405]
يربعا [411]
فعلا [415]
شوقبا [415]
الناقوسا [418]
المرغوسا [418]
أكلؤها [419]
نسالها [429]
أيديها [429]
ترويها [429]
لها [434]
أجلّها [434]
أقلّها [434]
فسلّها [434]
مضطجعا [436]
الغواديا [444]
براحا [450]
فباحا [450]
القداحا [450]
لاستراحا [450]
خمودها [463]
يزيدها [463]
عهودها [463]
يعيدها [463]
قيودها [463]
خدودها [463]
خدودها [464]
عقودها [464]
يجودها [464]
عقودها [464]
عونا [479]
عيونا [479]
فروينا [479]
راقعا [483]
نهارا [514]
نارا [514]
غضابا [518]
مريعا [519]
بالشّوى [520]
أرى [520]
اللحى [523]
نجدا [532]
ردّا [532]
وجدا [532]
فردا [532]
كيدا [532]
معا [543]
أسمعا [543]
يودعا [543]
نزعا [543]
معا [543]
أخدعا [543]
تصدعا [543]
تدمعا [543]
فننقعا [544]
فتمنعا [544]
أخدعا [544]
المطاليا [548]
حاليا [548]
سقتانيا [548]
حمضا [556]
استملّا [557]
خللا [558]
حينها [565]
تعينها [565]
قرونها [565]
دررا [570]
عبرا [570]
بشمالها [585]
البلغما [590]
عمارا [592]
يمينا [594]
رعينا [594](1/856)
آخرينا [594]
ضنينا [594]
حينها [598]
لينها [598]
الكريما [607]
سقيما [607]
تعلمينا [608]
رهينا [608]
دفينا [608]
قاما [610]
الندامى [610]
حراما [610]
مسلما [613]
تفصلا [616]
الجزرا [620]
رسلا [620]
تبللا [629]
منزلا [629]
أمضى [632]
السقيا [632]
برقآ [633]
سبقا [633]
جفنيكا [635]
عليكا [635]
صفيا [640]
خيفا [640]
وتغضبوا [648]
صدا [665]
بعدا [665]
عهدا [665]
وجدا [665]
تبدّى [665]
خياليا [667]
لياليا [667]
تماديا [667]
رجيعا [674]
مروعا [674]
الربيعا [674]
صدوعا [674]
إبعادها [678]
إيقادها [678]
عرادها [678]
فسادها [678]
سطرا [682]
عذرا [682]
شهرا [682]
تأكلا [686]
صريمها [687]
سقيمها [687]
تستديمها [687]
ألومها [687]
أصومها [687]
ثمانيا [689]
يمانيا [689]
المداويا [689]
معتمدا [697]
صاديا [700]
ليا [700]
حياتيا [700]
الألفا [710]
الصواديا [723]
صافيا [723]
ثناياكا [724]
ينهاكا [724]
خفقا [730]
الأرقا [730]
مفتاحا [756]
تيمما [756]
مغدا [760]
تيسرا [762]
قائدها [762]
أبينا [768]
لينا [768]
النجاحا [787]
سماحا [787]
النباحا [787]
حبالا [789]
نعالا [789]
لزالا [789]
رمالا [789]
ثقالا [789]
طينا [791]
بزوبرا [792]
جلالكا [795]
الإسفارا [795]
قنديلا [798]
منديلا [798]
جليلا [798]
ميلا [798](1/857)
بريما [800]
مرحوما [800]
حزيما [800]
مظلوما [800]
نجوما [800]
سقيما [800]
زعيما [800]
يسوما [800]
نعيما [800]
ينقضا [810]
بالرضا [810]
مضى [810]
يبغضا [810]
يرفضا [810]
نضا [810]
يعرضا [810]
مضى [810]
حمضا [810]
رجارجا [821]
كانوا [787]
دانوا [787]
أوجعوا [534]
تضعضعوا [534]
بشمرا [835]
الوترا [841]
عصرا [841]
الظهرا [841]
الصبا [842]
هوى [842]
تجتلى [842]
الجرا [842]
فتى [842]
ونى [842]
المبذولا [846]
المأمولا [846]
قيلوا [859]
مربعا [864]
مضجعا [864]
مترعا [864]
تصدعا [864]
مرتعا [864]
أجدعا [864]
حاروا [866]
تراهما [874]
ذراهما [874]
حمدا [876]
الجهدا [876]
بعدا [876]
سدا [876]
ثردا [876]
عبدا [876]
جدا [876]
شدا [876]
مجدا [876]
رشدا [876]
سعدا [876]
الحقدا [876]
رفدا [876]
العبدا [876]
أخرقا [880]
أعلقا [880]
انهلوا [883]
ليا [887]
المصافيا [887]
ياقيا [887]
الأعاديا [887]
موقدوها [890]
منتضوها [890]
سالبوها [890]
حبلا [895]
مهلا [895]
بقلا [895]
سبلا [895]
نبلا [896]
افصبحينا [900]
حينا [907]
دفينا [907]
القرينا [907]
خدينا [907]
تعلمينا [907]
نسينا [907]
العاشقينا [907]
ضنينا [907]
جنونا [907]
طويلا [924]
جميلا [924]
سبيلا [924]
سهولا [924]
عنصرا [925]
على [925](1/858)
مذلّلا [925]
تناصى [926]
صميما [928]
طويلا [933]
حزنا [935]
وطنا [935]
حسنا [935]
ظعنا [935]
سكنا [935]
زمنا [935]
الوسنا [935]
شدنا [935]
ملاذا [941]
ماذ [941]
السرارا [943]
فاذكرينا [947]
تعذرينا [947]
النواصيا [947]
لسانيا [947]
صدورها [948]
فتورها [948]
متيما [954]
فتنسما [954]
عربضا [959]
عزيما [978]
العرفجا [981]
ذكرا [997]
القطرا [997]
نشرا [997]
نزرا [997]
بيا [999]
انزلانيا [999]
المرقما [1006]
فطينا [1011]
إسرائينا [1011]
للهوى [1014]
الجلى [1014]
النّهى [1014]
متى [1014]
الفتى [1014]
للبلى [1014]
كفى [1014]
الماءا [1016]
الداءا [1016]
قرّاءا [1016]
مسراها [1025]
إياها [1025]
برياها [1025]
ممساها [1025]
فينعاها [1025]
تسلاها [1025]
أبقاها [1025]
بلقعا [1025]
المتربعا [1025]
مفجعا [1025]
يتصدّعا [1025]
المشعشعا [1025]
مطمعا [1025]
المودّعا [1025]
فتنفعا [1025]
موزعا [1025]
تشفّعا [1025]
أربعا [1025]
فيشنعا [1025]
تتورّعا [1025]
فيسمعا [1025]
موقعا [1025]
أوضعا [1025]
إصبعا [1025]
نخدعا [1025]
تخدعا [1025]
أجمعا [1025]
أرسلنا [1025]
معا [1025]
ممرعا [1025]
يتمتعا [1025]
نتمتعا [1025]
جردبانا [1038]
مغلجا [1070]
الضرائرا [1070]
هظما [1086]
قدما [1086]
سلما [1086]
عهودا [1091]
الموعودا [1091]
مزيدا [1091]
مزيدا [1091]
قعودا [1091]
سجودا [1091]
خلودا [1091](1/859)
الخائنينا [1092]
الدفينا [1092]
الترايا [1092]
العذابا [1092]
شيدتها [1093]
أزهرا [1093]
الصهابجا [1095]
أجمّا [1096]
مخلّدا [1097]
وجدوا [1118]
الغنائما [1122]
التمائما [1122]
آجما [1130]
حلّانا [1132]
جموما [1133]
الشبابا [1139]
أصابا [1139]
ذمّا [1145]
غمّا [1145]
المجمجما [1148]
لتضرما [1148]
يعدوا [1150]
وردوا [1150]
قعدوا [1150]
الضحى [1151]
القوى [1151]
ركبا [1188]
معتدا [1188]
أبا [1192]
ناشصا [1192] الفواثجا [1193]
صدوا [1203]
ودوا [1203]
سدوا [1203]
شدوا [1203]
كدوا [1203]
ردوا [1203]
يمما [1204]
الفما [1204]
أصابوا [1208]
غابوا [1208]
جزعوا [1218]
دفعوا [1218]
جهلا [1220]
مثلا [1220]
السحلا [1220]
وصلا [1220]
النجلا [1220]
خدلا [1220]
أهلا [1220]
المحلا [1220]
أسدفا [1221]
يمانيا [1222]
واديا [1222]
يعيبها [1223]
أتوبها [1223]
جيبها [1223]
فأبعدا [1226]
أهلا [1232]
سهلا [1232]
صنبلا [1232]
صليلا [1249]
نقاخا [1261]
اطّباخا [1261]
اتّساخا [1261]
شاخا [1261]
النارا [1265]
العارا [1265]
عمارا [1265]
غفارا [1265]
مضجعا [1268]
القطارا [1269]
كبارا [1269]
الخيارا [1269]
الحوارا [1269]
الجددا [1274]
وعدا [1274]
بعدا [1274]
اعلنكا [1277]
اعرنكا [1278]
الشمالا [1287]
لاقيا [1297]
لاقيا [1297]
الغسلا [1301]
معدا [1301]
خمائصا [1309]
يغلوا [1309]
باطلا [1311]
الحمائلا [1311]
المذمّما [1316]
الفما [1316](1/860)
المذمّما [1316]
الفما [1316]
أملسا [1317]
عسى [1317]
تنفّسا [1317]
مبلسا [1317]
انتصارا [1318]
الأنوارا [1318]
الحذارا [1318]
الأخبارا [1318]
نارها [1326]
نفعا [1334]
جمعا [1334]
جذعا [1334]
غزالا [1345]
الرجالا [1345]
صاحبا [1370]
هائبا [1370]
الكتائبا [1370]
جانبا [1370]
صاحبا [1370]
الغسلا [1371]
نذلا [1371]
ثنيانا [1372]
جماعها [1374]
اطلاعها [1374]
انصداعها [1374]
ليضمرا [1376]
نسيمها [1388]
صميمها [1388]
همومها [1388] تغّيّبا [1389]
أصلبا [1389]
فأقصبا [1389]
مشربا [1389]
مذهبا [1389]
فيعجبا [1389]
هنا [1391]
دفنا [1391]
سكنا [1391]
جنبا [1391]
سرّا [1398]
عشرا [1398]
سترا [1398]
فترا [1398]
جمرا [1398]
دائبا [1399]
اللياليا [1405]
التقاضيا [1405]
ياقيا [1405]
البقرا [1406]
دررا [1406]
عصرا [1406]
وطرا [1406]
نفرا [1406]
المطرا [1406]
الكبرا [1406]
حجرا [1406]
عمرا [1406]
تسلّعا [1407]
مطمعا [1420]
تتجمّعا [1420]
الدواهيا [1422]
يدا [1425]
مشيدا [1425]
معبدا [1425]
قعددا [1425]
فأفسدا [1425]
يلينا [1430]
بادوا [1437]
قدومها [1441]
نسيمها [1441]
سجومها [1441]
جرومها [1441]
نئيمها [1441]
يريمها [1441]
حسدوا [1446]
خطوبها [1447]
أعيبها [1447]
التلدّدا [1449]
الحمى [1450]
أوصيا [1451]
أحدبا [1451]
نزلوا [1452]
رزينا [1467]
العاجمينا [1467]
الكمونا [1467]
كنينا [1467]
اليمينا [1467]
أخيمها [1482]
التأما [1482]
السّياعا [1484](1/861)
التأما [1482]
السّياعا [1484]
بدائيا [1488]
وعائيا [1488]
وكائبا [1488]
النياعا [1503]
الصبيّا [1505]
الأمّيّا [1505]
جزلا [1523]
نملّا [1530]
سهلا [1530]
بردا [1532]
وقدى [1532]
اصطناعها [1536]
باعها [1536]
أطاعها [1536]
معولا [1540]
مخولا [1540]
تجّمل [1540]
أحولا [1540]
يتمولا [1540]
وقرا [1544]
هجرا [1544]
عذرا [1544]
فقرا [1544]
عادوا [1545]
بادوا [1545]
كادوا [1545]
سادوا [1547]
فازدادوا [1547]
الآلا [1558]
جوربا [1579]
الكرى [1581]
النوى [1581]
السّما [1581]
الشّرى [1581]
الطّلى [1581]
الصّدى [1581]
الصّدى [1581]
طمى [1581]
كالرّشا [1581]
القرا [1581]
الغضى [1581]
كالرّحا [1581]
كالمدى [1581]
انطوى [1581]
الصفا [1581]
ثنى [1581]
الضحى [1581]
الغضى [1581]
مضى [1581]
دعا [1581]
ترى [1581]
الرّدى [1581]
البكا [1581]
النجا [1581]
قنا [1581]
اغتدى [1581]
المرتقى [1581]
الندى [1581]
القطا [1581]
انصمى [1581]
الدّلى [1581]
بالفلا [1581]
ونى [1581]
الغثا [1581]
روا [1581]
العرا [1581]
الحشى [1581]
الصبا [1581]
بدا [1581]
الصّوى [1581]
السلى [1581]
اللها [1581]
الشّوى [1581]
الوجى [1581]
هوا [1581]
الخطا [1581]
الشّوى [1581]
ظما [1581]
يرى [1581]
خظا [1581]
المطا [1581]
يقتنى [1581]
بدا [1581]
الذّرى [1581]
اشتهى [1581]
انطوى [1581]
العجى [1581]
الصفا [1581]
يرى [1581](1/862)
الهوا [1581]
الكلى [1581]
بالدّما [1581]
الدّجى [1581]
الحفا [1581]
المشتوى [1581]
الرّقى [1581]
مسرجا [1582]
طلاتها [1582]
الطّبايا [1582]
يحمدونكا [1582]
يمجّدونكا [1582]
غسلا [1582]
شملقا [1582]
دهانا [1582]
محشرا [1582]
الشمالا [1588]
مالها [1588]
أمعرا [1588]
يتسربلوا [1588]
المظاظا [1596]
دخيلا [1598]
الوليد [1600]
ذنوبها [1600]
حسيبها [1600]
دفينها [1604]
فقدها [1606]
ردّها [1606]
جدالا [1614]
المحالا [1614]
قدّما [1619]
مذمما [1619]
المقوما [1619]
أنعما [1619]
الفما [1619]
معدما [1619]
سلّما [1619]
حذرا [1625]
شلّوا [1627]
فبشّرا [1627]
بلالها [1627]
بناتيا [1627]
مواخيا [1627]
ذرعا [1633]
ذميلا [1640]
السبيلا [1640]
تمّما [1648]
تهدّما [1648]
نظرا [1659]
وقارا [1663]
أغارا [1663]
دانوا [1670]
الأديانا [1670]
هيّوا [1673]
خمارها [1676]
روينا [1683]
الطّبعا [1686]
جشعا [1686]
وقعا [1686]
الدما [1687]
أفهما [1687]
معظّما [1687]
همّا [1692]
أحمّا [1692]
حمامها [1692]
فتزمّا [1692]
فتزمّا [1693]
جمّا [1693]
أتمّا [1693]
غمّا [1693]
عفاها [1699]
شابا [1700]
الإبرا [1702]
الحجرا [1702]
القدرا [1702]
النظرا [1702]
كبرا [1702]
ضربا [1704]
قلبا [1704]
صبّا [1704]
ذنبا [1704]
قربا [1704]
الدارجا [1711]
تصرفا [1724]
جاديا [1728]
ذيل الأمالي لديّا [3]
طيّا [3]
إليّا [3]
شيّا [3](1/863)
حيّا [3]
أودا [4]
معا [10]
أوجعا [10]
أسرعا [10]
يقطعا [10]
ضيعا [10]
يرمها [26]
فقيرها [26]
مريرها [26]
غديرها [26]
جائعا [30]
الأصابعا [30]
مانعا [30]
الطبائعا [30]
الردى [31]
رضى [31]
نعى [31]
سعى [31]
الهوى [31]
الكلى [31]
اقتنى [31]
الخصى [31]
بقى [31]
واحدا [32]
حامدا [32]
فاستراحوا [32]
نباحوا [32]
بقيتا [39]
أتيتا [39]
رميتا [39]
نسيتا [39]
سقيتا [30]
الخضرا [40]
هاما [47]
عصانيا [48]
الأعاديا [48]
آتيا [48]
الهواديا [48]
المساميا [48]
صاليا [48]
ناويا [48]
الأفاعيا [48]
العواليا [48]
شهودها [53]
جودها [53]
يستزيدها [53]
أريدها [53]
عودها [53]
خرودها [53]
يفيدها [53]
عمودها [53]
يستفيدها [53]
وريدها [53]
عبيدها [53]
عمودها [53]
وقعا [56]
جمعا [56]
سمعا [56]
طبعا [56]
ربعا [56]
ملتفعا [56]
فرعا [56]
سبعا [56]
البدعا [56]
طمعا [56]
جدعا [56]
تلعا [56]
جزعا [56]
ذائقها [60]
لاحقها [60]
سائقها [60]
أطحما [67]
الملطّما [67]
ألأما [67]
مظلما [67]
لهذما [67]
مهذما [67]
متقدّما [67]
الدّما [67]
كادا [74]
حادا [74]
أجسادا [74]
الثوابا [80]
الغضابا [80]
شهابا [80]
المتبرقعينا [85]
برينا [85]
خرابا [96]
ثيابا [96](1/864)
أجهضا [98]
منتضى [98]
قرادها [106]
إيقادها [106]
أولادها [106]
إيرادها [106]
جحدرا [106]
أحمرا [106]
صوأرا [106]
مفخرا [106]
استخلاها [106]
ذراها [106]
ذبيلا [107]
البرى [111]
أعدما [111]
يراها [111]
الظنونا [112]
العيونا [112]
عذرا [114]
غمرا [114]
أمرا [114]
قمرا [114]
الحفرا [114]
غلّاها [115]
فحلّاها [115]
مغلاقا [116]
مطراقا [116]
التماسيا [116]
الجملا [116]
الدّحوسا [116]
حالها [117]
لها [117]
نعالها [117]
خطوبها [121]
دبيبها [121]
كثيبها [121]
نحيبها [121]
أجيبها [121]
سيصيبها [121]
غدا [124]
المسرهدا [124]
مهنّدا [124]
أقدما [128]
دما [128]
الطوالعا [137]
ضارعا [137]
أيديها [139]
ناسيا [143]
باقيا [143]
ارتحاليا [143]
واديا [143]
حباليا [143]
قاليا [143]
لياليا [143]
الدّواهيا [143]
تقاضيا [143]
مفاديا [143]
ماليا [143]
عناصيا [143]
عاريا [143]
جماليا [143]
خاليا [143]
احتماليا [143]
تغانيا [143]
كاسيا [143]
سوائيا [143]
بلائيا [143]
جانيا [143]
لاهيا [143]
مابيا [143]
جازيا [143]
عاليا [143]
ليا [143]
سؤاليا [143]
بنانيا [143]
قاليا [143]
ليا [143]
الفيافيا [143]
المراسيا [143]
نصابها [145]
ثوابها [145]
انسكابها [145]
سحابها [145]
عقابها [145]
خضابها [145]
فأحزنا [146]
مكفّنا [146]
فأغدنا [146]
تليّنا [146]
الملحّنا [146](1/865)
الخلاعا [147]
جوابها [149]
شرابها [149]
ترابها [149]
يقومها [151]
ملّوا [152]
ليبينا [156]
سكونا [156]
عيونا [156]
لقينا [156]
عصينا [156]
حينا [156]
رضينا [156]
بقينا [156]
غبينا [156]
مهينا [156]
يركبوا [160]
يشربوا [160]
تغيبوا [160]
فأنجبوا [160]
يحفلوا [164]
غضونها [167]
واصلا [176]
سائلا [176]
مستاهلا [176]
فاعلا [176]
جاهلا [176]
المفلّجا [181]
عرّجا [181]
الرجا [181]
يخلدوا [186]
ليا [193]
ليا [193]
اللياليا [193]
هبوبها [195]
حبيبها [195]
دما [203]
يمّما [203]
مغيبا [211]
مرحبا [211]
المحصبا [211]
أطيبا [211]
الوصبا [218]
فاصطحبا [218]
نشبا [218]
زغبا [218]
سغبا [218]
طربا [218]
غضبا [218]
كتبا [218]
طلبا [218]
مكتسبا [218]
نسبا [218]
أثيلا [228]
غيلا [228]
رغدا [232]
بردا [232]
واشيا [239]
راضيا [239]
الخوافيا [239]
حينا [240]
رنينا [240]
حزينا [240]
يخوضها [245]
يبيضها [245]
أوطؤها [251]
الكتابا [252]
الصعابا [252]
كلابا [252]
شرابا [252]
أصابا [252]
خابا [252]
طرابا [252]
الترابا [252]
وجلا [253]
فعلا [253]
كثيرها [254]
دينها [256]
قرينها [256]
يصونها [256]
خلقا [260]
سمودا [270]
سودا [270]
الخدودا [270]
الفقيدا [270]
بالبنينا [272]
جنونا [272]
متينا [272]
لتستنشقينا [272]
طينا [272](1/866)
يقضى [275]
بعضا [275]
أرضا [275]
مرضى [275]
غمضا [275]
الغرضا [275]
مضى [270]
أتى [279]
فعلوا [280]
وقفوا [290]
الحمى [299]
الأدبا [300]
حدبا [300]
نسبا [300]
ذنبا [300]
الحسبا [300]
محتجبا [300]
صحبا [300]
يندموا [304]
المتراخيا [306]
شفانيا [306]
الزمنا [307]
أنا [307]
حجلا [312]
مثلا [312]
يذكرونا [314]
فنسونا [314]
سكينها [320]
ليا [325]
شماليا [325]
تلاقيا [325]
اليمانيا [325]
المواليا [325]
تواليا [325]
المحاميا [325]
لسانيا [325]
بوائيا [325]
المتاليا [325]
يمانيا [325]
نسائيا [325]
عاديا [325]
ماضيا [325]
ردائيا [325]
بنانيا [325]
العواليا [325]
رجاليا [325]
ناريا [325]
المواليا [325]
دعوتها [325]
المحاميا [325]
لسانيا [325]
فأسجحوا [325]
بوائيا [325]
المتاليا [325]
ذائقها [325]
وزعتها [325]
النواجيا [326]
لياليا [326]
دانيا [326]
غازيا [326]
قاصيا [326]
ورائيا [326]
ردائيا [326]
جاريا [326]
ورائيا [326]
ليا [326]
نائيا [326]
الأمانيا [326]
ماليا [326]
ورائيا [326]
نهانيا [326]
وثاقيا [326]
انتهائيا [326]
باكيا [326]
ساقيا [326]
بيا [326]
قضائيا [326]
وفاتيا [326]
ليا [326]
لياليا [326]
شانيا [326]
فنائيا [326]
ردائيا [326]
ليا [326]
قياديا [326]
دعانيا [326]
وانيا [326]
ركابيا [326]
ثيابيا [326]
الروانيا [326](1/867)
السوافيا [326]
عظاميا [326]
المواليا [326]
مكانيا [326]
ثاويا [326]
ماليا [326]
هيا [326]
سواجيا [326]
الأقاحيا [326]
الفيافيا [326]
النواجيا [326]
باكيا [326]
الغواديا [326]
هابيا [326]
البواليا [326]
تلاقيا [326]
بواكيا [326]
رانيا [326]
جوازيا [326]
تدانيا [326]
مراعيا [326]
المداويا [326]
قاليا [326]
البواكيا [326]
ركابيا [326]
لياليا [326]
ورائيا [326]
ليا [326]
إرزامها [326]
البرما [345]
لوّامها [346]
هامها [346]
أنعامها [346]
النوادر مقبوضا [1]
معروضا [1]
قعقعوا [3]
مجشابا [5]
معسا [5]
هزامجا [5]
تصعبا [21]
خلّيا [21]
تحدّيا [21]
أكهبا [21]
المعقربا [21]
كوكيا [21]
مشربا [21]
المحربا [21]
فهوّما [24]
برشما [24]
يمّما [24]
أحزما [24]
مأتما [24]
موضّما [24]
بدا [46]
الصلعا [53]
تغدرا [53]
لذابا [53]
عهدا [55]
وعدا [55]
اللّحدا [55]
فتذبذبوا [60]
مجنونا [61]
اختلاجها [63]
مزاجها [63]
فيها [69]
خوافيها [69]
آزيها [69]
تراقيها [69]
واعيها [69]
مهاويها [69]
غاشيها [69]
ألحيها [69]
فيها [69]
طاليها [69]
أعاليها [69]
مجاثيها [69]
نواميها [69]
يشكيها [69]
مساعيها [69]
سواريها [69]
كبانيها [69]
قطعا [74]
نزعا [74]
وقعا [74]
سجدا [78]
مفسدا [78]
وردا [78]
أسائوا [79]
أسقامها [85](1/868)
إرغامها [85]
إبرامها [85]
قليلها [88]
صدوقا [102]
تليقا [102]
صديقا [102]
سهما [106]
سلما [106]
يزيدا [107]
جليدا [107]
الوليدا [107]
مجيدا [110]
التنبيه تغنّى [2]
أنّا [2]
شبعوا [4]
سدوسا [5]
عزالا [9]
فنّدا [11]
أسعدا [11]
مقصدا [11]
تبدّدا [11]
المبرّدا [11]
تجدّدا [11]
مقصدا [11]
مشتاقا [11]
يقودها [13]
معيدها [13]
يعيدها [13]
فانقطعا [14]
قطعا [14]
منتفعا [14]
فزعا [14]
نحرا [19]
أحمرا [20]
أشكلا [20]
مقفلا [20]
أفضلا [20]
خمارا [23]
المستجارا [23]
بشمالها [23]
خلخالها [23]
برأسها [23]
مجلدا [32]
الخطّيّا [35]
نسالها [39]
فتلا [39]
أيديها [40]
ترويها [40]
الغواديا [41]
باكيا [41]
الغواديا [41]
البواليا [41]
تفصلا [55]
مكلّلا [55]
تعملا [55]
توكّلا [55]
توصلا [55]
تفصّلا [55]
الجزرا [56]
سواها [58]
سطرا [60]
عذرا [60]
شهرا [60]
شزرا [60]
شهرا [60]
تأكّلا [61]
أعصلا [61]
منصّلا [61]
فأجفلا [61]
تكلّلا [61]
تأكّلا [61]
تأكّلا [61]
قائدها [66]
ليساهدها [66]
مواردها [66]
يجالدها [66]
قائدها [66]
بريما [71]
مرءوما [71]
حزيما [71]
مظلوما [71]
نجوما [71]
سقيما [71]
زعيما [71]
يسوما [71]
نعيما [71]
مظلوما [71]
جرحوا [72]
افتضحوا [72](1/869)
ضنوا [73]
لها [78]
لها [78]
صغراهما [81]
العرفجا [84]
أجمعا [86]
رفدا [89]
لماما [89]
أقاما [89]
متبسما [90]
أندى [92]
حلّانا [95]
أحيانا [95]
حلّانا [95]
كتّانا [95]
جهلا [99]
مثلا [99]
فتلا [99]
خبلا [99]
القوافيا [106]
يدا [114]
مشيدا [114]
معبدا [114]
قعددا [114]
لئيمها [114]
يرمها [114]
سوءاتها [119]
كلابا [119]
انصبابا [119]
معمّما [120]
مشتما [120]
شملقا [121]
مطرقا [121]
للتقى [121]
دفينها [127]
طينها [127]
دفينها [127]
جدالا [128]
المحالا [128]
حرف الباء بالمرتاب [9]
مقروب [21]
معقب [21]
فاللّوب [24]
نصيب [26]
غيوب [26]
مضهّي [37]
ذنب [41]
عتب [41]
عجب [43]
الغرب [44]
الوطب [64]
لغريب [66]
أديب [66]
حروب [66]
ركوب [66]
جانب [69]
شراب [72]
الغيّاب [72]
أبترب [78]
وأب [91]
النقاب [126]
صب [132]
الجنب [132]
بالذنب [132]
والرحب [132]
الشعب [132]
العصب [147]
هبوب [149]
مشوب [149]
القليب [149]
رطيب [149]
الجنوب [149]
الغريب [149]
للخطب [173]
للركب [173]
العرب [173]
الطرب [173]
قبيب [180]
القلب [189]
الغرب [189]
عضب [189]
السواكب [193]
التثاؤب [193]
لصاحب [193]
المشيب [199]
القلوب [199]
كئيب [199]
المصيب [199](1/870)
قريب [199]
الغريب [199]
تئوب [199]
تصيب [199]
قريب [199]
صليب [199]
الحروب [199]
الهيوب [199]
الخطوب [199]
تنوب [199]
لعازب [229]
غائب [229]
الشباب [231]
الحباب [231]
الكرب [238]
تنتحب [238]
خشب [238]
الريب [238]
كلب [238]
اللهب [238]
أب [250]
قارب [252]
طالب [252]
الحقائب [252]
تجذب [272]
كوكب [272]
بعذاب [315]
الكعاب [315]
الشباب [315]
قطوب [325]
الحسب [333]
كثيب [349]
قريب [349]
يطيب [349]
الأرنب [353]
طالب [357]
الناضب [357]
الخاضب [357]
الكاعب [357]
أشايب [357]
حواصب [357]
اللاحب [357]
قواضب [357]
الصاقب [357]
ناعب [357]
المذانب [381]
للصّخب [387]
ينتهب [387]
الركب [387]
الصب [404]
قلب [404]
الركائب [417]
خاضب [417]
فالمنقب [438]
يثقب [438]
الأجرب [441]
سليب [485]
غضاب [489]
فالمسارب [500]
جالب [500]
متراكب [500]
جانب [500]
حاجب [500]
جادب [500]
بالحاجب [511]
كاتب [511]
يجب [512]
الشهب [512]
يضطرب [512]
الذهب [512]
يعسوب [527]
اليعاقيب [528]
عقب [528]
معقّب [529]
معقب [529]
ربيب [534]
غريب [534]
كتيب [547]
حبيب [547]
مرحب [551]
الذاهب [555]
تحسب [596]
المذهب [596]
تطيب [600]
غريب [600]
رقيب [600]
مريب [600]
نجيب [600]
لحبيب [600]
مثيب [602](1/871)
تذوب [602]
رقيب [602]
مركب [639]
القرب [702]
الحب [702]
بالعتب [702]
الكتب [702]
تسرب [712]
رقيب [716]
حبيب [716]
جنوب [760]
متغضب [761]
المغيب [761]
مشذّب [765]
غائب [774]
حاجب [774]
تقلب [788]
العواقب [793]
اللبيب [801]
عريب [805]
لعوب [806]
عريب [806]
نجيب [853]
الأديب [853]
خطيب [853]
تجيب [853]
عتب [892]
العذب [892]
صعب [892]
صعب [893]
لغب [893]
الجنب [893]
الجب [893]
الرطب [893]
شبيب [894]
مريب [894]
جنيب [894]
ركوب [894]
الأشب [925]
ينسب [929]
الجنب [929]
عصب [931]
كالمحب [933]
الجلباب [944]
النشاب [944]
شراب [944]
الغياب [944]
الأسباب [944]
بثواب [944]
سراب [944]
قريب [946]
الطبيب [946]
رقيب [946]
الجيوب [946]
الكاتب [956]
مطلب [980]
يذهب [981]
متلهّب [981]
كرب [994]
قرب [994]
حبّ [994]
ذنب [994]
صعب [994]
صب [994]
لبّ [994]
ترب [994]
عتب [994]
يكذب [996]
يعتب [996]
يغضب [996]
أشرب [996]
يغلب [996]
جنيب [998]
نسيب [998]
لحبيب [998]
حبيب [998]
جنوب [998]
ذنوب [998]
ضروب [998]
أديب [998]
كذوب [1000]
مغلوب [1000]
نصيب [1000]
قلوب [1000]
لصوب [1026]
غروب [1026]
حبيب [1026]
اللب [1047]
القلب [1047]
الصب [1047](1/872)
كذوب [1056]
أتوب [1056]
عذب [1057]
عضب [1060]
متأشب [1070]
الكرب [1070]
الشيب [1072]
طبيب [1065]
غروب [1065]
تطيب [1065]
جنوب [1065]
ضروب [1065]
نشوب [1065]
شبوب [1065]
عسيب [1065]
دبيب [1065]
سكوب [1065]
مشوب [1065]
خضيب [1065]
لغضوب [1065]
لخلوب [1065]
مححّب [1076]
كلاب [1088]
المنجاب [1088]
المنجاب [1088]
غضاب [1088]
ذؤاب [1088]
الأجلاب [1088]
شهاب [1088]
الأصحاب [1088]
الأصحاب [1088]
قرضاب [1088]
سكاب [1088]
سراب [1088]
مطيب [1106]
متقوب [1106]
مغضب [1106]
أب [1107]
ستثوب [1117]
مريب [1117]
يغيب [1117]
يثيب [1117]
عاذب [1133]
رقيب [1142]
يغيب [1142]
أغيب [1152]
ذنوب [1152]
حبيب [1152]
الأقارب [1154]
جنوب [1188]
الكلاب [1207]
عذاب [1207]
مصاب [1207]
الثياب [1207]
العتاب [1208]
غضاب [1208]
جواب [1208]
انقلاب [1208]
فسب [1210]
العصب [1210]
سبب [1224]
حدب [1224]
سليب [1247]
تنصب [1253]
شبيب [1279]
جنوب [1280]
خطوب [1280]
خبيب [1280]
نصيب [1280]
تشيب [1280]
شعوب [1280]
يريب [1280]
فعزيب [1280]
وهوب [1280]
ينوب [1280]
يئوب [1280]
ذهوب [1280]
كسوب [1280]
شحوب [1280]
تصيب [1281]
كذوب [1281]
قريب [1281]
تطيب [1281]
لمصيب [1281]
ذنوب [1281]
غيوب [1281]
قطوب [1281]
حبيب [1281]
مهيب [1281]
قريب [1281](1/873)
هيوب [1282]
نصيب [1282]
نصيب [1283]
فيجيب [1283]
غضوب [1283]
غلوب [1283]
يؤوب [1283]
يخيب [1283]
النهاب [1283]
يطيب [1283]
غريب [1283]
جديب [1283]
رقيب [1283]
هبوب [1283]
أريب [1283]
يجيب [1283]
حلوب [1283]
عريب [1284]
نجيب [1284]
أريب [1285]
مجيب [1285]
قريب [1285]
طلوب [1285]
كذوب [1285]
قضيب [1285]
كثيب [1285]
أديب [1290]
جرب [1320]
النقب [1320]
العصب [1320]
الحب [1320]
لبيب [1336]
غضوب [1336]
حبيب [1336]
أريب [1336]
مشيب [1336]
مضهّب [1344]
لبيب [1354]
يحارب [1361]
عاتب [1361]
غائب [1361]
الشاحب [1369]
الكواكب [1369]
جانب [1369]
المناكب [1369]
حصب [1376]
بواجب [1426]
بمقارب [1426]
بجانب [1426]
القلب [1440]
حب [1440]
عتب [1440]
ذنب [1440]
كعب [1440]
نكب [1440]
حرب [1440]
حسب [1440]
الصلب [1444]
المهلّب [1449]
مغرب [1449]
اشرب [1452]
طالب [1453]
يصاحب [1453]
راغب [1453]
النوائب [1453]
الجرب [1453]
حسب [1453]
الذهب [1453]
كذب [1453]
المنصوّب [1458]
كوكب [1458]
الركب [1460]
نقب [1460]
الخطب [1460]
الهضب [1460]
غيب [1471]
بريب [1471]
ثواب [1542]
تراب [1542]
تشعب [1558]
تضطرب [1582]
سارب [1582]
سرب [1582]
تلوب [1582]
الكرب [1582]
المتأوّب [1582]
يحدب [1582]
ملعب [1582]
بالرعب [1584]
الكلب [1584](1/874)
القلب [1584]
مرقب [1584]
مرطب [1584]
مشرب [1584]
مشذّب [1584]
تجنيب [1597]
المجنب [1597]
جانب [1598]
كالجنائب [1598]
جنيب [1598]
جنب [1598]
محسب [1600]
حسيب [1600]
بالحوب [1602]
العذب [1604]
قريب [1609]
قريب [1621]
محسوب [1621]
مكذوب [1621]
لغروب [1621]
محسوب [1622]
العصب [1626]
يكتّب [1627]
عاب [1635]
بسلاب [1635]
تتطلب [1648]
ينسب [1648]
نذهب [1648]
القرب [1658]
الحب [1658]
القلب [1658]
الذنب [1658]
بالعتب [1658]
ثواب [1666]
الإهاب [1666]
الحب [1673]
الرحيب [1685]
الخطوب [1685]
الأريب [1685]
المستجيب [1685]
القريب [1685]
ناعب [1720]
سليب [1722]
نسيب [1722]
قريب [1722]
ذيل الأمالي لقريب [1]
الجيوب [4]
كذوب [20]
نصيب [20]
مغلوب [20]
قلوب [20]
الحرب [24]
الغصب [24]
للحب [24]
ذنب [24]
يثقّب [44]
يجاب [45]
الأدب [52]
العشب [52]
النسب [52]
الأدب [52]
خضيب [55]
حبيب [55]
مصيب [55]
ضارب [59]
الركائب [59]
بالعصائب [73]
جانب [73]
غالب [73]
قارب [73]
طالب [73]
الحقائب [73]
دبيب [91]
مصيب [91]
مرغب [95]
يعزب [95]
فكذب [95]
فجرب [95]
المترب [95]
جانب [97]
الكواذب [97]
الترب [98]
الأدب [98]
شهاب [99]
للأصحاب [99]
قرضاب [99]
الكاتب [105]
الصاحب [105]
واجب [105](1/875)
الراغب [105]
ضرائب [105]
واثب [105]
بكاذب [105]
المتشاغب [105]
براغب [105]
الكلب [106]
الغرب [106]
بالخشب [106]
فسب [106]
للرّكب [106]
العصب [106]
الرّكب [106]
غلب [106]
الحرب [106]
الطبيب [111]
ناب [116]
زينب [116]
الرقوب [116]
منقضب [116]
مشوب [130]
شعوب [150]
فيجيب [150]
قريب [150]
الموجّب [150]
تضرب [150]
الكواعب [166]
ناشب [166]
بالحواجب [166]
بالمعاتب [166]
يكذب [170]
الأجنب [170]
الأقرب [170]
جندب [170]
المجدب [170]
أعجب [170]
أب [170]
مشرب [188]
أكتب [188]
أعجب [188]
حبيب [194]
القلوب [194]
الذنوب [194]
أتوب [194]
أنيب [194]
حبيب [198]
القضيب [198]
ربيب [198]
المغيب [198]
القلوب [198]
الأديب [198]
أريب [198]
القطوب [198]
للرقيب [198]
الرحيب [198]
النصيب [198]
القشيب [198]
حبيب [202]
بالأدب [209]
النسب [209]
المناكب [216]
جانب [216]
عائب [216]
بالمناقب [216]
القلب [238]
الغرب [238]
يطلب [273]
مغرب [273]
المهذّب [281]
أب [281]
بمنكب [281]
غالب [286]
محارب [286]
بمرحب [311]
الكرب [314]
العذب [314]
قرب [314]
صب [314]
النوادر الخرب [3]
منقلب [3]
المآب [3]
الأجرب [31]
فالذنوب [49]
الحقائب [53]
تقضّب [60]
متهيب [60]
المتأوب [60]
تضرب [60]
يتصبب [60](1/876)
المتوصب [60]
متربّب [60]
فيرهب [60]
يأشب [60]
المرغب [60]
تشسب [60]
صيهب [60]
الأعضب [60]
طيب [60]
يحجب [60]
موكب [60]
يغلّب [60]
المتنجب [60]
أب [60]
تطلب [60]
مصعب [60]
تقلّب [60]
دعبوب [61]
قلب [64]
الصبّ [64]
القرب [64]
مربوب [68]
أشجب [70]
عاتب [96]
صاحب [96]
هائب [99]
الرقائب [99]
مقارب [99]
المحارب [99]
التنبيه نصيب [5]
غيوب [5]
خطوب [5]
نصيب [5]
ذنوب [5]
غيوب [5]
يؤوب [5]
صبيب [5]
رغيب [5]
غيوب [5]
نصيب [12]
يصوب [12]
تغضب [14]
هبوب [15]
القليب [15]
مغرب [21]
يتغيب [21]
النسر [21]
الخمر [21]
النسر [21]
القلب [23]
قطوب [29]
الأرنب [32]
الكوكب [32]
مهرب [32]
الأرنب [32]
قواضب [35]
معقب [39]
يعسوب [44]
نجيب [44]
الكعوب [44]
يعسوب [44]
ربيب [46]
غريب [46]
حرب [50]
تطيب [53]
مغرب [67]
التحوّب [67]
مطلب [70]
أرغب [70]
يذنب [70]
مضهّب [74]
الضوارب [76]
بمشرب [76]
شبيب [79]
مريب [79]
جنيب [79]
ركوب [79]
تعيب [79]
يذهب [84]
متلهّب [84]
قارب [87]
الثعالب [87]
متأشّب [88]
قعضب [88]
المثقّب [88]
متأشب [88]
المهذّب [88]
المغيب [89]
الخطوب [89]
عاذب [93](1/877)
شازب [93]
السلائب [93]
عاذب [93]
فسب [97]
العصب [97]
يصاحب [107]
الغرائب [120]
الكلب [122]
القلب [122]
واب [122]
القعب [122]
تجنيب [125]
خرّوب [125]
تجنيب [125]
منجوب [125]
جانب [126]
كواكب [126]
جانب [126]
جانب [126]
ضارب [126]
حرف التاء الموت [46]
بيت [46]
علّت [51]
لضنّت [51]
حنّت [51]
أجنّت [51]
جلّت [109]
زلّت [109]
تجلّت [109]
لويت [145]
دريت [145]
زلّت [182]
حلّت [182]
ذلّت [182]
ملّت [182]
تخلّت [182]
اضمحلّت [182]
فتسلّت [182]
فانهلّت [225]
جلّت [225]
علّت [225]
فملّت [225]
مدفآت [288]
غنّت [364]
أكنت [364]
لجنّت [364]
بكيت [458]
اشتفيت [458]
انتهيت [458]
لتضرّمت [464]
الهيقت [539]
ولّت [553]
حييت [609]
ربيت [609]
بليت [889]
أموت [889]
خفرات [945]
حذرات [945]
للحجرات [945]
الظلمات [945]
عرفات [945]
الحمرات [972]
كلّت [974]
علّت [974]
النات [1076]
أكيات [1076]
الحماقات [1147]
فحنّت [1171]
جنّت [1171]
زلّت [1178]
ملّت [1178]
حلّت [1179]
حلّت [1179]
تولّت [1179]
صلّت [1179]
أهلّت [1179]
حلّت [1179]
فأحلّت [1179]
ذلّت [1179]
تحلّت [1179]
زلّت [1179]
ملّت [1179]
حلّت [1179]
فضلّت [1179]
فبلّت [1179]
فشلّت [1179]
استقلّت [1179]
ملّت [1179](1/878)
فضنّت [1179]
استذلّت [1179]
استحلّت [1179]
استحلّت [1180]
أقلّت [1180]
قلّت [1180]
كلّت [1180]
أكلت [1180]
تولت [1180]
فطلّت [1180]
أزلّت [1180]
زلت [1180]
متجلّت [1180]
استبلّت [1180]
حلّت [1180]
جلّت [1180]
ملّت [1180]
ذلّت [1180]
تخلّت [1180]
اضمحلّت [1180]
استهلّت [1180]
فتسلّت [1180]
شيرات [1500]
مقلت [1579]
ميت [1579]
زيت [1582]
سريت [1582]
بيت [1582]
لويت [1582]
دويت [1582]
لويت [1582]
أطلّت [1653]
تولّت [1653]
ذيل الأمالي مقمرات [26]
ميت [38]
بنيت [38]
بيت [38]
فنيت [39]
فعميت [117]
شريت [117]
حييت [117]
تملّت [118]
زلّت [118]
ملّت [118]
تولّت [118]
ذلّت [118]
فتسلّت [118]
العبرات [163]
حسرات [163]
جرت [262]
بهت [262]
المرت [262]
علت [262]
عنت [262]
أبت [262]
السّعت [262]
محمدت [262]
الشفت [262]
نمت [262]
مضت [262]
يمت [262]
أدبرت [326]
التنبيه فالحلت [22]
فانهلّت [22]
كالأرت [17]
فازبأرّت [32]
ابذعرّت [32]
أجرّت [32]
بالعفاريت [101]
ماروت [101]
ضلّت [119]
حرف الجيم أدعج [94]
مضارج [104]
المتحرّج [305]
متوّج [305]
العواهيج [427]
حرجوج [427]
النساج [489]
الدمالج [493]
دبيج [806]
درج [835]
منضج [839]
مزلج [839]
المدجّج [839]
بالمتولج [839]
الناتج [902](1/879)
تعرج [1055]
ملهج [1066]
بالعشج [1095]
بالصيصج [1095]
بج [1095]
وفرتج [1095]
متحرّج [1115]
مزعج [1115]
منضج [1115]
سيهوج [1277]
فأعيج [1346]
خروج [1346]
ملجلج [1588]
ذيل الأمالي الأحداج [80]
الحجاج [80]
الأزواج [80]
أتزوج [90]
مخدج [90]
التحرج [90]
تعرّج [90]
بالتبرج [90]
أهوج [90]
ألجلج [90]
منهج [116]
الدلج [179]
بالفرج [179]
النوادر المزجّج [41]
الأعوج [41]
التنبيه منضج [74]
مزلّج [74]
المدجّج [74]
بالمتولّج [74]
سيهوج [104]
العوج [104]
يأجوج [104]
سماهيج [104]
بعيج [129]
تعوج [129]
مريج [129]
حرف الحاء أفطح [37]
تلمح [37]
سنيح [192]
ربيح [192]
طروح [192]
طليح [192]
يلوح [192]
صريح [192]
مروح [192]
مشيح [192]
جنوح [192]
متيح [192]
جريح [192]
لمليح [192]
فصيح [192]
جروح [192]
النوائح [242]
سافح [242]
طائح [242]
صفائح [242]
صائح [242]
تياح [251]
يتوضح [271]
يبرح [271]
يتزحزح [271]
الجوائح [339]
فتريح [362]
طليح [362]
ينوح [362]
سفوح [362]
فيح [362]
طريح [362]
نزوح [362]
سفوح [374]
فصيح [374]
قريح [374]
طموح [374]
تنوح [376]
صحيح [376]
جريح [376]
البوارح [410]
تراوح [410]
الفسائح [410]
القوادح [410]
روازح [410](1/880)
الجوائح [410]
الفوادح [410]
الكوالح [410]
المكاشح [410]
لماح [495]
بالراح [495]
رماح [495]
بقرواح [495]
بإرشاح [495]
الرياح [503]
الجراح [503]
صافح [536]
صالح [536]
ناصح [536]
الجوانح [536]
صفائح [572]
صائح [572]
صالح [572]
صاح [672]
الفياح [672]
بالقداح [672]
الصلاح [672]
السماح [672]
سراح [672]
الريح [780]
الشيح [780]
مسنوح [780]
الوضح [801]
روح [809]
الربيح [823]
المشيح [823]
صحيح [823]
بالراح [886]
صباح [886]
مبيح [950]
قروح [950]
بصحيح [950]
مائح [981]
يراح [1063]
الجناح [1063]
الكواشح [1109]
ناصح [1109]
الجوانح [1109]
بالقوادح [1180]
مادح [1205]
الصفائح [1205]
الصحاصح [1205]
فارح [1205]
النوائح [1205]
المدائح [1205]
الجوانح [1222]
قادح [1222]
المجلّح [1287]
مجالح [1287]
كاشح [1291]
تصيح [1318]
أليح [1318]
صحيح [1318]
جريح [1318]
رامح [1329]
المتناوح [1376]
الأبطح [1397]
تنفح [1397]
صوالح [1418]
نوائح [1418]
الوضح [1433]
أنوح [1528]
الأباطح [1557]
الجوانح [1557]
رزّح [1570]
مبرح [1570]
مطرح [1570]
منجح [1570]
الذبائح [1582]
مجالح [1588]
ذيل الأمالي القارح [5]
الصالح [5]
المتنازح [7]
الرائح [7]
الواضح [7]
سابح [7]
ذبائح [7]
شرامح [7]
ضرائح [7]
مدائح [7]
صحائح [7]
القارح [7]
الصالح [7]
ببارح [7](1/881)
طامح [7]
النائح [7]
تصايح [7]
صفائح [7]
الناصح [7]
الجامح [7]
قارح [7]
الفاسح [7]
جانح [7]
لمراجح [7]
جحاجح [7]
أباطح [7]
جوارح [7]
السارح [7]
الكالح [7]
النابح [7]
ناكح [7]
رامح [7]
طامح [7]
مكاوح [7]
جوانح [7]
بسرائح [7]
الماسح [7]
مكافح [7]
تجالح [7]
يتصافح [7]
مفاتح [7]
مسامح [7]
لامح [7]
المائح [7]
مواتح [7]
سائح [7]
لاقح [7]
صحاصح [7]
الراشح [7]
الكاشح [7]
بوارح [7]
بالراح [22]
بقرواح [22]
براح [32]
صاح [80]
بالرواح [80]
راح [80]
المراح [111]
اللّتح [116]
سمح [177]
الشحّ [177]
القبيح [200]
جموح [219]
ربيح [219]
فصيح [219]
تفوح [219]
فصبيح [219]
صالح [301]
سافح [301]
المادح [309]
الناكح [309]
الذباح [316]
متاح [316]
وقاح [316]
تسفح [326]
إصلاح [326]
صالح [333]
مسافح [333]
المراح [339]
كالقداح [339]
بالشياح [339]
وقاح [339]
رماح [339]
صحاح [339]
جلاح [339]
السلاح [339]
الصباح [339]
للنكاح [339]
الريح [345]
النوادر وقاح [3]
رواح [3]
النجاح [3]
ماسح [3]
الأباطح [3]
الكواشح [57]
ناصح [57]
سفوح [58]
بريح [58]
يصيح [58]
قبيح [58]
تصريح [58]
الصفائح [94]
الصرائح [94](1/882)
التنبيه الصحاح [7]
الصلاح [7]
الوضح [72]
روح [72]
الوضح [72]
ضاح [78]
بالراح [78]
الجراح [78]
مجالح [105]
المنائح [105]
رائح [105]
مجالح [105]
المتناوح [112]
كالح [112]
المتناوح [112]
الأباطح [116]
الجوانح [116]
المنائح [116]
حرف الخاء بمرضاخ [957]
تمرّخ [1606]
سريخ [1606]
ذيل الأمالي حرف الدال يحارد [21]
الأساود [21]
البرد [29]
تجود [35]
عميد [35]
يعود [35]
مقيد [35]
فريد [35]
جديد [35]
التجود [53]
قعود [53]
يسود [53]
عضد [56]
المؤيد [57]
تنجيد [60]
النّجد [60]
المنجود [60]
يتّقد [78]
الثماد [81]
الكبد [84]
أحد [84]
غد [84]
أسد [84]
للمنشد [89]
الحديد [96]
الورود [128]
شهود [128]
أريد [128]
يكيد [139]
عنود [139]
البريد [139]
العقود [139]
قود [139]
بعيد [139]
فريد [139]
الجليد [139]
حديد [139]
عود [139]
الصعود [139]
بعيد [139]
اللبد [151]
الكبد [151]
الرعد [151]
بعد [151]
البرد [151]
الورد [151]
البرد [151]
نجد [151]
الوعد [151]
المتقاود [175]
واخد [175]
الأساود [175]
ضمد [180]
لوارد [208]
الصمد [242]
يقد [242]
فارعد [261]
مزيد [277]
تزيد [277]
عد [278]
تجد [278]
الجلد [278]
تجد [278]
الشهد [278](1/883)
لصيد [301]
بقيد [301]
السواد [303]
جديد [306]
يعود [306]
الجلاميد [334]
موقد [326]
بالشهاد [340]
الأجياد [373]
عميد [400]
صدود [400]
شهود [400]
خدود [400]
جراد [407]
العهاد [407]
المزاد [407]
مراد [407]
الثماد [407]
يزيد [445]
الحديد [445]
الفراقد [480]
حامد [480]
جائد [480]
لاحد [480]
الأباعد [480]
رواعد [480]
قائد [480]
الولائد [480]
القصائد [480]
سيحيد [488]
واعد [518]
نجد [545]
الوعد [545]
بارد [549]
الرواصد [549]
بالمطرد [558]
تشدد [589]
المرتاد [685]
الحاسد [707]
واحد [707]
العائد [708]
بالجاحد [708]
البارد [708]
واحد [708]
مذود [760]
البرد [761]
يتودد [763]
عماد [799]
حداد [799]
الأسداد [799]
فرصاد [799]
الأغماد [799]
رماد [799]
محمود [812]
بموجود [812]
العود [812]
الجود [812]
مجلد [818]
المغرد [818]
فدفد [818]
الغد [818]
ترد [833]
تجتلد [838]
قصد [838]
تقد [838]
يطرد [838]
تخد [838]
أسد [838]
الكمد [838]
ورد [838]
شاهد [843]
عاند [843]
حائد [843]
طارد [843]
واعد [843]
خالد [843]
مساعد [843]
واجد [843]
واحد [843]
الوالد [843]
الماجد [843]
الفاسد [843]
بارد [854]
لجمود [855]
خدود [855]
وفود [855]
بعيد [855]
جديد [856]
زهير [856]
تريد [856](1/884)
شهيد [856]
سترود [856]
يزيد [856]
بعيد [856]
يبيد [856]
حميد [856]
عهود [856]
تليد [856]
لكئود [856]
جديد [856]
سود [856]
زياد [885]
الصعاد [885]
يشهد [898]
تجمد [898]
يحسد [898]
مقرد [929]
محكد [929]
رغد [941]
فرد [941]
رغد [941]
فرد [941]
بعيد [943]
جمود [953]
مسبّد [1034]
جديد [1059]
يزيد [1059]
المشيد [1112]
الصعيد [1112]
تميد [1112]
الوليد [1112]
اللبود [1112]
عود [1112]
المشيد [1112]
التليد [1112]
تجود [1112]
جمود [1112]
خدود [1112]
العمود [1112]
القصيد [1112]
تئود [1112]
النجيد [1112]
طريد [1112]
جنود [1112]
يعود [1112]
أجد [1118]
اجتهد [1118]
المزود [1133]
بلد [1150]
يدد [1150]
أحد [1150]
أوقد [1167]
الجهاد [1176]
الفؤاد [1176]
ميعاد [1176]
الكساد [1176]
المعاد [1176]
واد [1176]
الرقاد [1176]
القتاد [1176]
العدّ [1203]
الجدّ [1203]
الجدّ [1203]
جلد [1203]
الجهد [1203]
سعد [1203]
القراد [1221]
العقد [1225]
أحد [1225]
الصمد [1225]
جلد [1225]
معقود [1253]
مجهود [1253]
سود [1253]
الجود [1253]
محمود [1253]
شديد [1255]
قعود [1255]
محيد [1255]
حسود [1255]
سديد [1255]
الجلامد [1277]
لزياد [1293]
جواد [1293]
كعاد [1293]
تكد [1294]
النكد [1294]
العضود [1298]
الثرائد [1309]
بقائد [1335](1/885)
للوسائد [1335]
بالوسائد [1335]
الطرائد [1335]
بارد [1335]
ماجد [1335]
زاهد [1335]
بواحد [1335]
السّواعد [1335]
واعد [1354]
واحد [1396]
الشدائد [1396]
يفقد [1424]
أحمد [1424]
يد [1424]
محمد [1424]
العواد [1437]
الأكباد [1437]
الأجساد [1437]
الأقياد [1437]
الأحقاد [1437]
بعاد [1437]
الإرفاد [1437]
معاد [1437]
يجد [1446]
أرد [1446]
أوحد [1449]
مخلد [1449]
اللبد [1451]
السعيد [1453]
مزيد [1453]
بعيد [1453]
تفقّد [1453]
فاشدد [1453]
فأردد [1453]
العوائد [1455]
ماجد [1455]
واحد [1455]
بارد [1455]
هند [1529]
يعد [1529]
يرد [1529]
بلاد [1542]
جواد [1542]
ميعاد [1545]
عاد [1545]
عاد [1546]
أوتاد [1546]
عاد [1546]
أوتاد [1546]
مصطاد [1547]
تنقاد [1547]
أكتاد [1547]
إشاد [1547]
ميلاد [1547]
فإيعاد [1547]
زاد [1548]
جلعد [1582]
مهند [1600]
أرشد [1656]
غد [1656]
صمد [1660]
الصمد [1660]
الصمد [1660]
المصّمد [1660]
سواد [1662]
بالعناد [1662]
السداد [1662]
العباد [1662]
إياد [1662]
يولد [1665]
المرقد [1665]
الأفند [1665]
الأبرد [1665]
يعود [1674]
زهيد [1674]
تريد [1674]
جدود [1674]
شهيد [1674]
ستزيد [1674]
يزيد [1674]
بعيد [1674]
يبيد [1674]
حميد [1674]
عهود [1674]
تليد [1674]
لصعود [1674]
جديد [1674]
سود [1674]
قيود [1674]
أريد [1674]
بعيد [1674](1/886)
لسعيد [1674]
وئيد [1674]
جديد [1674]
بعيد [1674]
قود [1674]
رقود [1674]
وجيد [1674]
ميود [1674]
صدود [1674]
لعنود [1674]
فنعود [1674]
رشيد [1674]
فيعود [1674]
أريد [1674]
شهيد [1674]
شهيد [1674]
صلود [1674]
جهاد [1678]
التلاد [1678]
جواد [1678]
الكتد [1705]
قاعد [1724]
بالزاد [1727]
الباد [1727]
أوراد [1727]
أنجاد [1727]
أقياد [1727]
أسداد [1727]
أعواد [1727]
بإخماد [1827]
بإزباد [1827]
ميّاد [1827]
حداد [1827]
بأفناد [1827]
بأنجاد [1827]
إرعاد [1827]
ذيل الأمالي سعد [19]
أدّ [19]
تجلّد [57]
مخلّد [57]
محمد [57]
الغد [61]
الأسود [61]
يد [61]
الأغيد [61]
المفرد [61]
بالشّهاد [68]
تلد [76]
الكبد [76]
مسعود [82]
بمولود [82]
بالجود [84]
بالمقاليد [84]
العود [84]
شديد [85]
تزيد [85]
شهيد [85]
العهد [102]
نجد [102]
البعيد [103]
مزيد [103]
الحديد [103]
الجود [113]
العود [113]
الرواعد [116]
المريد [116]
واحد [131]
زياد [172]
نجد [172]
اليد [180]
نرقد [180]
قئود [229]
تريد [229]
لشديد [229]
تذود [229]
صلود [229]
زهيد [229]
جليد [229]
فريد [229]
تريد [229]
تزيد [236]
شهود [236]
ردّ [241]
بالسعد [241]
البرد [241]
شدّ [241]
بالقصد [241]
البعد [241]
الودّ [241](1/887)
الوجد [241]
البعد [241]
نجد [241]
عمد [241]
معرد [263]
اليد [263]
المتعمد [263]
الأسد [565]
المتزود [291]
المسرّد [291]
اليد [291]
الجود [308]
محمود [308]
مقدور [308]
بالسفافيد [308]
أحيد [313]
الأسود [313]
الوعيد [313]
ثمود [313]
يعود [313]
البعيد [313]
مهند [326]
يرشد [326]
حداد [331]
الجلاد [331]
العباد [331]
الأود [337]
للكمد [337]
برد [341]
عهد [341]
وفد [341]
المفدّ [341]
يعدي [341]
سعد [341]
جرد [341]
بعد [341]
معدّ [341]
نجد [341]
جعد [341]
سرد [341]
وقد [341]
غمد [341]
ورد [341]
أسد [341]
جدّ [341]
نجد [341]
قصد [341]
جلد [341]
مرد [341]
حمد [341]
بضدّ [341]
وغد [341]
بجهد [341]
رفد [341]
عبد [341]
هند [341]
عقد [341]
السمغد [341]
تلد [341]
بزند [341]
حقد [341]
قمد [341]
مسمغدّ [341]
رعد [341]
حرد [341]
لفرد [341]
بفهد [341]
نجد [341]
النوادر الصمد [49]
يعيد [49]
ورود [49]
الورد [65]
الخدّ [65]
الرشد [80]
تعد [80]
ولد [80]
الأبد [80]
أحد [80]
بأوحد [95]
بمخلد [95]
قد [95]
العبيد [110]
الوعيد [110]
الوريد [110]
يتجدد [111]
تخمد [111]
مسعد [111]
مورد [111]
يكمد [111](1/888)
تجمد [111]
يقصد [111]
مبدّد [111]
تعهد [111]
الغد [111]
تتعود [111]
منجد [111]
أتجلّد [111]
يفقد [111]
تحسد [111]
يتودّد [111]
يبعد [111]
تنفد [111]
مخلّد [111]
يرعد [111]
تجرّد [111]
يردد [111]
المسوّد [111]
مقصد [111]
ترشد [111]
تنشد [111]
تتوقّد [111]
مشهد [111]
يوجد [111]
أزيد [111]
المبرّد [111]
يسند [111]
همّد [111]
تميّد [111]
تعضد [111]
يجحد [111]
يرفد [111]
موحّد [111]
يحمد [111]
تشهد [111]
عوّد [111]
مصلد [111]
تجسّد [111]
مؤصد [111]
يتمعدد [111]
تنجد [111]
تعقد [111]
يبرد [111]
يتلدّد [111]
ترقد [111]
يتأوّد [111]
مؤبّد [111]
المغرّد [111]
التنبيه بجاد [4]
السراد [7]
الجراد [7]
مراد [7]
شديد [11]
جديد [11]
أسود [12]
الفؤاد [28]
السواد [28]
الولائد [43]
القصائد [43]
القصائد [43]
البلد [68]
الموقد [84]
المرود [84]
حاصد [84]
المزود [94]
الأمجد [94]
مرثد [94]
مؤجد [94]
المرود [94]
الأمرد [94]
معقود [101]
مجهود [101]
سود [101]
الجود [101]
معقود [101]
مجهود [101]
العود [101]
العوّاد [106]
الأكباد [106]
الأجساد [106]
الأقياد [106]
الأحقاد [106]
بعاد [106]
بلاد [106]
الأرفاد [106]
معاد [106]
الأحقاد [106]
العوائد [108]
ماجد [108]
واحد [108](1/889)
بارد [108]
واحد [108]
العوائد [108]
جاهد [108]
ببدبد [108]
فابعد [108]
القعدد [114]
المنجد [130]
حرف الذال ذيل الأمالي النوادر طرماذ [3]
التنبيه حرف الراء غدار [28]
إنذار [28]
العار [28]
بإصحار [28]
بأوتار [28]
الغمر [43]
الجزور [44]
عبير [46]
زير [56]
وعار [62]
فالضمار [82]
عرار [82]
القطار [82]
سرار [82]
حسور [100]
المشاقر [103]
الأمر [107]
عذر [107]
قبر [107]
القطر [107]
الصخر [107]
الذّعر [107]
البدر [107]
الوتر [107]
النار [112]
جار [112]
محتار [112]
أوكار [112]
المغفر [123]
تعقر [123]
أغبر [123]
الأمر [128]
هصور [133]
الطرير [133]
الصقور [133]
نزور [133]
تزير [133]
البعير [133]
نكير [133]
الصغير [133]
خير [133]
الغمر [150]
الدهر [150]
الفخر [150]
زهر [150]
البحر [150]
النسر [150]
البدر [150]
الصخر [150]
الفقر [150]
شكر [150]
المزار [155]
الديار [155]
جازر [167]
الغير [169]
أحمر [180]
النضير [195]
كبير [195]
جدير [195]
مزيد [195]
عقير [195]
نار [200]
بالتدابر [201]
العشائر [201]
جاير [201]
جائر [201]
الخمر [208]
قدر [214]
حبر [214]
النسر [214]
الخمر [214]
العمر [214]
ستر [214]
الدهر [214]
الخمر [233](1/890)
القبر [233]
المتحدر [242]
بالكراكر [242]
ستر [247]
مر [251]
أقر [253]
عور [260]
شر [260]
بضائر [261]
عاذر [265]
العشر [266]
فتر [266]
يسهر [273]
تغور [275]
قصير [275]
آخر [276]
أمر [284]
أمر [284]
مجور [286]
التغيير [295]
تسير [295]
يقصر [300]
يتغيّر [300]
أكثر [300]
وقار [317]
الأنوار [317]
السرور [321]
فتور [321]
البقر [330]
الغبر [331]
وكر [331]
للذّكر [331]
ستر [331]
القطر [331]
عفر [331]
الخضر [341]
للذكر [341]
عذر [341]
وكر [341]
الشكر [341]
حجر [341]
الصبر [341]
قدر [341]
بالزّجر [341]
الصفر [354]
الخمر [357]
ملوذر [357]
البكر [357]
ستر [357]
بالفجر [357]
جدير [366]
لصبور [366]
العصر [377]
النحر [377]
الدهر [377]
الصخر [377]
شكر [380]
تظهر [392]
جدير [399]
أطير [399]
سطر [421]
عصر [421]
همر [421]
خير [421]
السفر [421]
خبر [422]
السفر [422]
السّدر [422]
الأمر [422]
الفجر [422]
نكر [422]
الخمر [422]
وقر [422]
الذّعر [422]
صبر [422]
الهجر [422]
النضر [423]
القطر [423]
وفر [423]
الخضر [423]
البحر [423]
الدهر [423]
الهجر [424]
الحشر [424]
النضر [424]
الشكر [424]
صبر [425]
سحر [425]
القبر [425]
مذكار [430](1/891)
نزر [432]
كالإذخر [439]
ثبير [446]
غزير [446]
بهجير [446]
بيسير [446]
فقير [446]
بصبور [446]
تخصر [449]
تصفر [449]
تحذر [449]
أتستّر [449]
تتنظّر [449]
الضرر [462]
البكر [462]
الكدر [462]
تسر [462]
الصبر [469]
صغر [469]
تمر [489]
مطحر [489]
منتثر [501]
تستتر [501]
للأمطار [502]
نثار [502]
جمر [504]
المواطر [524]
المقادر [524]
الضوامر [524]
يحاذر [524]
النواظر [524]
بصابر [524]
فجور [525]
طهور [525]
وعور [525]
فتمور [525]
بصير [525]
فتور [525]
جدير [525]
كسير [525]
أدور [525]
عور [525]
لخبير [525]
القمر [530]
عشر [566]
كذر [566]
كالسدر [566]
الذّكر [566]
بالقمر [566]
الصور [566]
يضير [597]
قصير [597]
الصور [599]
البشر [599]
النظر [599]
حائر [626]
أواخر [626]
ناظر [626]
ساهر [627]
انظر [628]
فأبصر [628]
مدرار [630]
تعار [630]
يشعر [636]
تقطر [636]
الكسر [637]
بشر [637]
الأمر [637]
العقر [637]
أنظر [665]
أبصر [665]
أستر [665]
البدر [670]
الخمر [670]
البوادر [680]
بالضمائر [680]
جائر [680]
الهجر [683]
الصبر [683]
بالهجر [683]
بالبحر [683]
الهجر [688]
الصبر [688]
الفقر [688]
ستور [711]
سمير [748]
الذخر [758]
التوقير [764]
جهر [769]
حضر [769](1/892)
شكر [769]
أتزر [769]
البصر [769]
القمر [769]
لانتصر [769]
التهاتر [772]
الخوادر [772]
المعاشر [772]
المعاير [772]
البحر [776]
القطر [776]
القفر [776]
أيسار [779]
أخبار [779]
عار [779]
بإكثار [779]
الدار [786]
إقتار [786]
النشر [789]
الحجر [789]
بالسور [789]
مقتفر [892]
معتصر [892]
للفقر [794]
الأبصار [807]
شفر [807]
الكبائر [811]
المناخر [811]
المجاور [811]
آثر [811]
فاعز [811]
بقادر [811]
حاذر [811]
بحافر [811]
بخابر [811]
ناظر [811]
بقاهر [811]
باتر [811]
طائر [811]
بماهر [811]
عاذر [811]
وافر [811]
المسافر [811]
الأباعر [811]
المقابر [811]
الهواجر [811]
كسر [830]
وكر [830]
الدهر [830]
الستر [830]
القسر [830]
صدر [830]
الأمر [830]
ذكر [830]
القدر [830]
النصر [830]
بعير [857]
كثير [857]
الأخطار [866]
الأمصار [866]
الأوعار [866]
الهجر [872]
الدهر [872]
المهر [882]
القشر [882]
الصبر [888]
القفر [888]
عجز [900]
قفر [902]
بقار [906]
طائر [906]
مطر [916]
فتنجحر [916]
مرّ [926]
تنظر [929]
أجر [932]
جبور [943]
مسمار [970]
زوّار [970]
النار [970]
الدار [970]
منتصر [970]
مقتدر [970]
العاثور [980]
العمر [984]
العقر [984]
الخضر [1030]
العشر [1032]
بأصيار [1035]
الحذار [1061](1/893)
قصار [1061]
نهار [1061]
الحاضر [1074]
المفخر [1076]
الصبر [1089]
القبر [1089]
الجمر [1089]
الحشر [1089]
العمر [1089]
الفخر [1089]
الجزر [1089]
الفقر [1089]
كبر [1089]
ستر [1089]
القطر [1089]
الدهر [1116]
الصدر [1116]
هجر [1116]
الصبر [1116]
مضر [1124]
الكبر [1124]
النجر [1133]
خادر [1135]
المجاور [1135]
ناضر [1135]
المآطر [1135]
متقاصر [1135]
ناظر [1135]
مصادر [1135]
وقار [1138]
الأنوار [1138]
النار [1143]
العار [1143]
أمور [1149]
السرور [1149]
الدهور [1149]
يضير [1149]
بالنظر [1163]
البصر [1163]
الفكر [1163]
الذّكر [1163]
درر [1163]
الخبر [1163]
غبر [1163]
للجزر [1164]
السمر [1166]
بالعذر [1166]
الصبر [1166]
المهجور [1168]
قبور [1168]
التطهير [1168]
لنشور [1168]
عشر [1168]
دبور [1168]
عشير [1168]
المصدور [1168]
يتغير [1178]
مخبر [1178]
فاستتر [1184]
المعذر [1189]
أحذر [1189]
المتحدّر [1189]
بمخبر [1189]
المنظر [1189]
أتستر [1189]
كبر [1197]
كثر [1197]
شجر [1197]
يعتذر [1197]
حر [1197]
فهر [1200]
القبر [1200]
القفر [1206]
القطر [1206]
ذكر [1206]
فخر [1206]
الظهر [1206]
بأثر [1220]
القصير [1235]
كبير [1235]
كسير [1235]
الأسير [1236]
مطير [1237]
مدير [1237]
زير [1239]
القبور [1240]
العبير [1240]
عامر [1241]
كالبعير [1241]
للصدور [1242](1/894)
النسور [1242]
النسور [1242]
الجزور [1242]
الدبور [1242]
المجير [1242]
الثغور [1242]
الكبير [1242]
الخدور [1242]
الأمور [1242]
زئير [1242]
بعير [1244]
النحور [1245]
ضرير [1246]
غدير [1246]
مدير [1248]
بالذكور [1248]
عصر [1264]
المنير [1272]
الضمير [1272]
أحير [1272]
السرور [1272]
أطير [1272]
القدر [1275]
الجمر [1275]
الأجر [1275]
الصغر [1275]
القطر [1275]
القبر [1275]
كافر [1277]
الجزر [1310]
الأزر [1310]
الهجر [1310]
الزجر [1310]
الفقر [1310]
تظهر [1319]
بصخر [1322]
بدر [1322]
بكر [1322]
تمر [1322]
الحجر [1328]
النظر [1328]
البصر [1328]
الشجر [1328]
المقابر [1332]
السرائر [1332]
بدر [1350]
اليسر [1350]
الجفر [1350]
خزر [1350]
الفقر [1350]
القمر [1352]
وطر [1352]
النضر [1353]
القطر [1353]
الخمر [1353]
قبر [1353]
سخر [1353]
شهر [1353]
تسر [1353]
قصر [1353]
الأمر [1353]
كسر [1354]
الغمر [1360]
وعر [1360]
الكسر [1360]
تسر [1360]
الصبر [1367]
وعر [1367]
القسر [1367]
القدر [1367]
اليسر [1367]
الأثر [1367]
ضمير [1373]
كثير [1373]
قطر [1384]
تذكير [1390]
تأخير [1390]
مياسير [1390]
الأعاصير [1390]
مسرور [1390]
دهارير [1390]
مطير [1414]
كثير [1414]
فقير [1414]
مهجور [1431]
القراقر [1431]
النظر [1438]
النحر [1448]
الدهر [1456]
السدير [1459](1/895)
العبور [1459]
الديور [1459]
البصير [1459]
تدور [1459]
البكور [1459]
قصار [1461]
ليصير [1462]
وكر [1463]
العمر [1463]
الهجر [1463]
بكر [1463]
النشر [1463]
ذكر [1463]
وبر [1463]
النحر [1464]
الجفر [1464]
النفر [1464]
فتر [1464]
مر [1481]
كالنقر [1488]
الخضر [1489]
بور [1497]
الدابر [1501]
الوزر [1541]
يفتقر [1541]
مدّحر [1541]
القدر [1541]
يصطبر [1541]
تستعر [1541]
الإبر [1541]
منتظر [1541]
بالعار [1549]
الجار [1549]
عوار [1549]
لسيار [1549]
بأزفار [1549]
العار [1549]
أظفار [1549]
أوفر [1560]
إستار [1563]
أكثر [1578]
الحمر [1578]
العنبر [1578]
أبجر [1578]
صفر [1582]
تنبهر [1582]
تزبئر [1583]
السّعر [1584]
فاتر [1586]
العصافير [1588]
مسيطر [1598]
خضر [1606]
الفجر [1606]
لصيور [1610]
نسير [1610]
مطير [1610]
يطير [1610]
شهور [1610]
مسير [1610]
بعير [1610]
سرور [1610]
المبصر [1626]
الدهر [1644]
ينعفر [1663]
ظاهر [1666]
أجاهر [1666]
الأعاصر [1666]
الهواجر [1666]
ثرثار [1671]
بمعذور [1688]
تهجير [1688]
بتغرير [1688]
بتغوير [1688]
يسر [1690]
البشر [1690]
الغدر [1690]
الدهر [1690]
اليسر [1690]
بالصطر [1690]
مذكار [1697]
ذيل الأمالي تنتظر [2]
الحفر [2]
المدر [2]
تقتفر [2]
تيتكر [2]
القدر [2]
الجمر [4]
الفجر [4]
الذكر [4](1/896)
العذر [4]
الهجر [4]
العفر [4]
غمر [4]
الفقر [4]
اليسر [4]
الأمر [4]
القبر [4]
القطر [4]
البشر [4]
العصر [4]
الجدر [4]
الظّهر [4]
الخمر [4]
الصدر [4]
الأجر [4]
وقر [4]
خزر [4]
شهر [4]
القطر [4]
نضر [4]
النحر [4]
جأر [4]
وزر [4]
القبر [4]
غمر [4]
النجر [4]
حمر [4]
هدر [4]
الجدر [4]
الجزر [4]
القدر [4]
ذخر [4]
السفر [4]
الضفر [4]
قفر [4]
العقر [4]
فتر [4]
الصقر [4]
ستر [4]
كسر [4]
قصر [4]
الشعر [4]
نصر [4]
الهجر [4]
نور [14]
مأثور [14]
العاصر [17]
غزار [42]
معار [42]
صفر [44]
الذّكر [44]
الدهر [44]
الفقر [44]
بشير [47]
كثير [47]
وقور [47]
حوير [47]
نغير [47]
ناشر [58]
المقابر [58]
أحاذر [58]
عامر [62]
القير [64]
الجمر [64]
الخمر [64]
كسر [64]
المزار [81]
السّرار [81]
بصوأر [106]
حبير [108]
النصير [108]
الصقور [108]
بصير [108]
الصغير [108]
قنطر [116]
الصبر [123]
الدار [140]
الجار [140]
الطير [143]
متيسّر [143]
غدير [153]
بعار [161]
سفار [161]
نوار [161]
حوار [161]
حضار [161]
نار [161]
عار [161]
وبار [161](1/897)
غوار [161]
فخار [161]
بكار [161]
حرار [161]
بقرار [161]
ذمار [161]
حبار [161]
بقرّ [161]
الهصور [172]
بالفقر [178]
الكبر [178]
البشر [178]
القبر [178]
تنكّر [189]
أخضر [189]
تستخير [189]
المنظر [189]
يبكر [189]
أكهر [189]
الأصغر [189]
الأحمر [190]
جوهر [190]
المئزر [190]
العنبر [190]
المنكر [190]
يعصر [190]
النهار [217]
عقار [217]
البحار [217]
العذار [217]
المشهّر [223]
دفتر [223]
قصير [231]
مسير [231]
غيور [231]
بقتير [231]
بجدير [231]
النذور [233]
وقور [233]
الغدير [233]
فتور [233]
بالنشور [233]
الأسير [233]
حائر [235]
المحاجر [235]
ناظر [235]
الأباعر [235]
الزجر [254]
تستطر [271]
المفخر [271]
إعسار [297]
العار [297]
الغار [297]
القطر [302]
كدر [302]
الضرائر [322]
الأصاغر [322]
الخضر [325]
أنتظر [326]
ناصر [326]
لفرور [340]
هرير [340]
جدير [340]
مجير [340]
الهجر [345]
النوادر أشر [3]
نفر [3]
بكر [3]
مضبّر [25]
يزفجر [25]
قسور [25]
مجفر [45]
حشور [45]
منظر [45]
تقصر [45]
ينشر [45]
ظؤّر [45]
أضمر [45]
يستحضر [45]
الأبهر [45]
الأشعر [45]
عير [53]
كرّأير [53]
نحشر [55]
يغدر [55]
فتهمر [55]
تناكر [55]
بالخير [70]
خير [70](1/898)
واغر [91]
زاجر [91]
يسير [92]
سرور [92]
الفطور [92]
يطير [92]
أمير [92]
التنبيه الحمر [4]
إنذار [5]
عار [5]
محبّر [5]
بمغمّر [5]
غدار [6]
وعر [7]
فاستتر [10]
عامر [12]
ناصر [12]
بثر [15]
قدر [21]
النسر [21]
الخيار [22]
الغبر [30]
وكر [30]
للذكر [30]
ستر [30]
القطر [30]
الخضر [30]
للذكر [30]
وكر [30]
حجر [30]
الصبر [30]
عذر [30]
ستر [30]
القطر [30]
عفر [30]
قدر [30]
بالزجر [30]
سطر [38]
عصر [38]
همر [38]
خبر [38]
السدر [38]
صخر [50]
الصخر [55]
الفقر [56]
كبر [56]
الجزر [56]
الجاذر [63]
الغدائر [63]
الحاسر [66]
أيسار [67]
أخبار [67]
الدار [68]
إقتار [68]
الجزر [68]
الأزر [68]
الفقر [68]
صفار [69]
بالنار [69]
مطر [81]
فتنجحر [81]
مطر [81]
الغير [81]
الحجر [81]
الصبر [89]
القبر [89]
الجمر [89]
الحشر [89]
العمر [89]
العمر [89]
الفخر [89]
الجزر [89]
الفقر [89]
كبر [89]
ستر [89]
القطر [89]
الصبر [89]
القبر [89]
الفقر [89]
عامر [97]
بعير [100]
مخصّر [102]
ينظر [102]
النضر [111]
العطر [111]
لمعمر [119]
أكثر [119]
الحمّر [119]
العنبر [119](1/899)
أبجر [119]
العنبر [119]
الفخار [119]
الحمار [119]
فزار [119]
الحمّر [119]
بأسيار [119]
العصافير [123]
المحاضير [123]
المغاوير [123]
العصافير [123]
حرف الزين تهزيز [104]
المتحرّز [235]
توجز [235]
المستوفز [235]
معارز [576]
ناجز [705]
تنشز [715]
المهز [858]
هز [858]
بز [858]
محز [858]
تهزيز [1131]
ذيل الأمالي جروز [158]
جلفزيز [158]
توز [158]
النوادر التنبيه حرف السين قياس [29]
القواس [29]
لملتمس [46]
النسيس [171]
يتأيس [200]
عبوس [240]
نفوس [240]
نوفس [240]
شوس [240]
شحوس [240]
المجلس [258]
أمس [296]
العرس [296]
متنفس [316]
أكيس [316]
الحبس [326]
رسيس [347]
الشأس [394]
المس [491]
النفاس [491]
منحس [491]
شوس [492]
باس [642]
القراطيس [695]
الأوجس [751]
كيس [752]
غبيس [752]
الناس [789]
النواقيس [844]
الطواويس [844]
بآيس [869]
المس [869]
قرطاس [871]
مقياس [925]
عبس [927]
قنس [927]
الجحاس [1221]
ضرس [1323]
شمس [1323]
إنس [1323]
بنحس [1323]
أمس [1323]
كرس [1324]
كرس [1324]
بنهس [1324]
نفس [1324]
ضرس [1324]
شمس [1324]
خلس [1326]
جرس [1326]
لإنس [1326]
لبس [1326]
نحس [1327]
أمس [1327]
شمس [1327]
ملس [1344](1/900)
بدارس [1423]
بيائس [1423]
النفاس [1600]
عابس [1619]
الفارس [1619]
يابس [1619]
ذيل الأمالي شمس [12]
ضرس [12]
الحرس [26]
متّرس [26]
أمس [44]
كالورس [44]
الناس [214]
الراس [214]
المؤانس [220]
عابس [220]
رافس [220]
الفوارس [220]
يمارس [220]
النوادر التنبيه لملتمس [8]
الشمس [8]
لملتمس [8]
العرس [8]
ضروس [12]
الأوجس [65]
معرّس [65]
الترمس [65]
يقبس [65]
الأوجس [65]
متغلّس [65]
يقبس [65]
المسّ [77]
الإنس [77]
حرف الشين الجموش [323]
العشوش [1155]
ذيل الأمالي الفشوش [17]
النوادر تخمش [5]
التنبيه حرف الصاد القراميص [46]
النص [1260]
الفحص [1260]
ذيل الأمالي تنكص [267]
مقلّص [267]
ينقص [267]
شخص [267]
النوادر التنبيه القميص [119]
قلوص [119]
حرف الضاد بيض [23]
ينهض [57]
الأرض [73]
العرض [73]
بعض [73]
هض [223]
الرواض [304]
الإيماض [304]
ببياض [304]
الأغراض [304]
النضانض [509]
نوابض [509]
بعض [854]
الأرض [854]
محض [854]
الخفض [854]
النهض [854]
نحض [854]
القبض [854]
محض [871]
بعض [871]
خفض [1417]
بعض [1417]
العرض [1417]
عريض [1475]
قرض [1599]
بالغرض [1599](1/901)
النحض [1599]
بالقرض [1599]
محض [1599]
الدّحض [1599]
مضّ [1599]
المخيض [1646]
المقوّض [1667]
ينهض [1667]
ذيل الأمالي الإمضاض [165]
بالترحاض [165]
بعض [204]
بغض [205]
النوادر مهيض [81]
يبيض [109]
بفرض [109]
التنبيه بعض [4]
حرف الطاء كالناحط [413]
وعاط [1155]
الأنباط [1155]
الفرط [1217]
لطّ [1451]
الغطاط [1588]
ذيل الأمالي الضّمروط [167]
النوادر الخلاط [44]
فراط [44]
قطاط [44]
يعاط [44]
الغطاط [44]
التنبيه حرف الظاء حافظ [817]
الحفائظ [817]
المغايظ [817]
أغالظ [817]
واعظ [817]
حفيظ [1445]
غليظ [1445]
كضيظ [1445]
تغيظ [1445]
تفيظ [1445]
ذيل الأمالي واعظ [16]
حافظ [16]
لافظ [16]
غائظ [16]
النوادر التنبيه حرف العين الكواسع [44]
الأرباع [55]
نجيع [70]
صديع [70]
هجوع [70]
بالخشوع [102]
الدموع [102]
الجمع [102]
وارتفاع [111]
الشعاع [111]
سميذع [129]
المقدع [129]
يسمع [129]
مخدع [129]
الأشجع [129]
ينفع [129]
مضلع [156]
تبوع [169]
مطمع [190]
مقنع [190]
فرجع [281]
التبع [281]
انقشع [281]
المضيع [288]
الصقيع [288]
القدوع [290]
شفيع [290]
مرتدع [313]
تنقطع [326]
الوقع [326]
قطع [343]
أدع [343](1/902)
مرتجع [343]
تنصدع [343]
المدامع [346]
المسامع [346]
قانع [346]
واقع [346]
نافع [346]
بالكراع [379]
يروع [382]
نزيع [382]
خشوع [382]
ربيع [382]
بديع [382]
شفيع [382]
ربيع [382]
ربوع [382]
جميع [382]
يريع [382]
لسريع [382]
وقوع [382]
دموع [382]
مضيع [382]
يبيع [382]
صديع [382]
هجوع [382]
جميع [382]
طلوع [382]
خليع [382]
تبوع [382]
واسع [441]
بجعجع [444]
الوجّع [444]
وانصداع [469]
الوداع [469]
يهجع [510]
يسطع [510]
الإصبع [519]
المضطجع [521]
مجتمع [546]
جزع [546]
تمنع [559]
فالقعاقع [567]
الخواضع [567]
المطامع [567]
مقانع [567]
تابع [567]
دامع [567]
الأصابع [611]
يتعرج [612]
هواجع [612]
يمانع [612]
تطاوع [612]
مراجع [612]
أجمع [673]
تشفع [673]
تدمع [673]
نازع [699]
المطامع [699]
المسامع [699]
الأصابع [701]
التقاطع [701]
جامع [701]
قاطع [719]
مانع [719]
تمنع [725]
كتيع [808]
مترع [834]
تصدّع [834]
أوجع [834]
متمتع [845]
ترجع [845]
ألمع [845]
يفجع [845]
وقوع [871]
رجوع [985]
جميع [985]
ولوع [1058]
سيشيع [1058]
ضلوع [1058]
الضياع [1082]
الرضاع [1082]
واسع [1134]
جمع [1153]
الإصبع [1193]
مجاشع [1194]
الوجع [1218]
مضطجع [1218]
ربع [1218]
ملتمع [1218]
جزع [1218](1/903)
لمع [1218]
منصدع [1218]
ردع [1218]
جذع [1218]
الطمع [1218]
نافع [1228]
طائع [1228]
تابع [1228]
بشافع [1228]
يسارع [1258]
متطالع [1258]
الشبادع [1258]
جوالع [1258]
المطالع [1258]
الجوامع [1258]
المسامع [1258]
سامع [1258]
خالع [1258]
هاجع [1258]
طالع [1258]
روادع [1258]
الطبائع [1258]
شائع [1258]
قاطع [1258]
لامع [1258]
كانع [1258]
صادع [1270]
قاطع [1270]
رواجع [1270]
راجع [1270]
سامع [1270]
منافع [1270]
المطالع [1270]
قانع [1270]
جازع [1270]
ظالع [1270]
الضفادع [1270]
الأجارع [1270]
الأصابع [1270]
الأقارع [1270]
توابع [1270]
مجاشع [1270]
تواضع [1270]
الفوارع [1270]
رافع [1270]
قاطع [1270]
صواقع [1270]
الجوادع [1270]
المطالع [1270]
مربع [1271]
خضوع [1286]
منخدع [1314]
الورع [1314]
الورع [1314]
الأمرع [1407]
سامع [1453]
نازع [1453]
راجع [1453]
بالأصابع [1474]
النائع [1503]
الهاع [1506]
يتبصّع [1519]
الهملّع [1524]
الجنادع [1566]
الرواجع [1566]
قاطع [1566]
بجائع [1588]
تنفع [1588]
بجائع [1600]
الطمع [1623]
أدع [1623]
تقع [1623]
تقع [1623]
تسع [1623]
الأخدع [1630]
الأصابع [1642]
طوالع [1642]
رابع [1642]
يوضع [1643]
أوسع [1643]
هامع [1671]
الدوافع [1715]
مرابع [1715]
واقع [1715]
الخوادع [1715]
الشوائع [1715]
تطاوع [1715]
فاجع [1715]
الصوانع [1715]
واقع [1715](1/904)
المدامع [1715]
طائع [1715]
النوازع [1715]
جامع [1715]
قانع [1715]
صانع [1715]
فجازع [1715]
المضاجع [1715]
روادع [1715]
جامع [1715]
نافع [1715]
ساطع [1715]
مانع [1715]
الروائع [1715]
يطالع [1715]
صانع [1715]
صوادع [1715]
جامع [1715]
الرواجع [1715]
واقع [1715]
المضاجع [1715]
ينازع [1715]
الأضالع [1715]
طامع [1715]
المضاجع [1715]
المصارع [1715]
الأضالع [1715]
لوامع [1715]
المضاجع [1715]
جامع [1715]
الأصابع [1715]
واقع [1715]
دامع [1715]
طالع [1715]
الأشاجع [1715]
تابع [1715]
السواجع [1715]
مراجع [1715]
الأصابع [1715]
بلاقع [1715]
نافع [1715]
الفجائع [1715]
واقع [1715]
خدع [1716]
مرّوع [1720]
ذيل الأمالي الأزامع [116]
الشّبادع [116]
الراقع [142]
الصانع [142]
أمنع [144]
مصدع [144]
أتوجع [144]
سباع [226]
بشجاع [226]
مسمع [244]
تصرع [244]
تدفع [244]
فاصنع [271]
الموقع [293]
فأجزع [293]
أوسع [293]
لموجع [293]
مولع [293]
أتخشّع [294]
يسطع [294]
مصروع [321]
بوداع [324]
أقطاع [324]
قناع [324]
يراع [324]
بسياع [324]
رواع [324]
وساع [324]
هلواع [324]
القاع [324]
بشراع [324]
الأضلاع [324]
صاع [324]
بالإسراع [324]
القعقاع [324]
سماع [324]
بذراع [324]
بالجعجاع [324]
بالأوزاع [324]
دفّاع [324]
الزرّاع [324]
وقاع [324]
وعواع [324]
ملاع [324](1/905)
قطاع [324]
الباع [324]
النوادر ضائع [3]
قطيع [3]
يصوع [3]
يضيع [3]
أتجرّع [98]
تطلّع [98]
التنبيه الأرباع [9]
المرباع [9]
الأنساع [9]
ناع [9]
الأدراع [9]
تهجاع [14]
مطمع [18]
مقنع [18]
يريع [37]
فالقعاقع [48]
الخواضع [48]
الطوالع [48]
فالقعاقع [48]
الخواضع [48]
الطوالع [48]
الطوالع [48]
الخواضع [48]
خواضع [48]
لعلع [104]
حرف الغين يبطغ [1299]
ذيل الأمالي النوادر التنبيه حرف الفاء الصياريف [65]
مزاحيف [65]
عاطف [71]
ذارف [71]
خائف [71]
إدناف [153]
ألّاف [153]
توسف [197]
مخلف [197]
يتحنّف [262]
السذف [307]
الصدف [307]
تقصف [318]
المخلف [318]
آلف [367]
الشراسف [367]
الذّوارف [367]
بخروف [426]
سحوف [426]
صفوف [426]
منيف [426]
الملهوف [426]
علفوف [426]
المتخوّف [469]
تكلف [469]
الكنيف [487]
الكتائف [492]
المطارف [497]
مصاحف [497]
العواصف [497]
الوصائف [497]
القواصف [497]
ذوارف [497]
المثاقف [497]
وظيف [593]
خلف [671]
تتكسف [671]
منزوف [676]
موقوف [676]
تتخوّف [777]
يتكشف [777]
مناف [786]
إقراف [786]
الرجاف [786]
للأضياف [786]
يعرف [861]
أتنكّف [861]
فأكلف [861]
يعنف [861]
طرف [875]
وصف [875]
بحرف [875]
المستشف [875]
أصف [875](1/906)
لرشف [875]
ضعف [875]
كف [875]
عطف [875]
ظرف [875]
يتصرف [1062]
رادف [1070]
الظروف [1107]
سخيف [1107]
المخوف [1107]
الصيف [1129]
متغضّف [1129]
الأسف [1137]
وقف [1137]
فانصرف [1137]
الملتف [1161]
كفّ [1161]
بالوكاف [1338]
يعرف [1372]
الكتائف [1604]
طرف [1607]
الأعراف [1620]
الأضياف [1620]
طريف [1624]
سيوف [1624]
حليف [1624]
شريف [1624]
علفوف [1652]
ذيل الأمالي النوادر ينكشف [100]
كلف [100]
تصف [100]
التنبيه الأجراف [58]
مناف [68]
إقران [68]
الرّجّاف [68]
للأضياف [68]
مناف [68]
الصيف [91]
متغضف [91]
محرف [91]
حرف القاف وثيق [20]
لصديق [66]
ريق [66]
طريق [66]
مشتاق [85]
إحراق [85]
بصق [98]
خرق [110]
لمنطلق [110]
عنق [110]
يسق [110]
الطروق [154]
الطريق [154]
الطرق [287]
بالبلق [309]
الورق [309]
حرق [309]
بمسترق [309]
منطلق [309]
الحرق [309]
لطروق [331]
لخفوق [331]
فريق [331]
صديق [331]
بروق [331]
عذوق [331]
تروق [331]
فدقيق [331]
الأنوق [358]
غاسق [365]
مفارق [365]
عاشق [365]
تائق [365]
الفراق [461]
العراق [466]
الرقاق [466]
للفراق [466]
يخفق [467]
متشوّق [467]
متخلّف [467]
يفرّق [467]
الفراق [469]
المذاق [469]
باشتياق [469]
العراق [469](1/907)
الخفق [485]
شائق [508]
الأسالق [508]
فتحرق [513]
مدق [542]
أسوق [571]
شهيق [571]
فأفيق [571]
صديق [571]
شفيق [571]
خلق [819]
خلاق [872]
الحلاق [872]
نفاق [872]
المحاق [872]
اعتناق [872]
الفراق [872]
أعلق [881]
الخلق [921]
الأوراق [942]
المحرق [982]
يغلق [1044]
يعلق [1044]
تعرق [1044]
للتفرق [1044]
لمشفق [1044]
الطليق [1046]
أريق [1046]
يطيق [1046]
الحريق [1046]
جولق [1097]
الورق [1126]
الخلق [1126]
حرق [1136]
ورق [1136]
الرّنق [1136]
شقائق [1171]
البوائق [1171]
تشقّق [1209]
عاشق [1508]
الدانق [1508]
العوق [1569]
البلق [1569]
الرشق [1582]
يشوق [1596]
فروق [1596]
عتيق [1596]
فتذوق [1596]
صدوق [1596]
طريق [1596]
فريق [1596]
وريق [1596]
صديق [1596]
سحيق [1596]
مطيق [1596]
تضيق [1596]
حقيق [1596]
لشفيق [1596]
رموق [1596]
رفيق [1596]
عميق [1596]
يروق [1596]
نزوق [1596]
عتيق [1596]
وثيق [1596]
فتيق [1596]
حريق [1596]
غبوق [1596]
تذوق [1596]
تطيق [1596]
المدعوق [1663]
تفهق [1671]
يأرق [1716]
ذيل الأمالي يطاق [4]
السياق [4]
فراق [4]
تلحق [44]
الأحمق [49]
صديق [89]
طريق [89]
لصديق [115]
عتيق [115]
دقيق [115]
الصادق [174]
طالق [174]
مسارق [182]
الخلائق [182]
صديق [200]
حذاق [212](1/908)
رفيق [215]
الطريق [215]
مساهق [225]
صادق [225]
دابق [225]
لاصق [225]
شفق [243]
الحدق [243]
صديق [259]
بمفيق [284]
صديق [284]
النوادر برق [49]
أنق [49]
الطلق [49]
الغريّان [49]
للصديق [53]
الطريق [53]
فتفرق [70]
التنبيه البهق [12]
بالبلق [28]
يقق [28]
الأنوق [33]
المحرق [52]
المحرق [84]
الخندق [84]
تلحق [84]
يحرّق [84]
يغلق [86]
الخرق [97]
حرف الكاف المهالك [44]
بذلك [74]
ببالك [74]
نوك [95]
السحكوك [95]
مسالك [181]
ذلك [181]
الحشك [213]
عراقك [468]
ألاقك [468]
ماقك [468]
اعتناقك [468]
اشتياقك [468]
فراقك [468]
الحشك [485]
نأيناك [644]
بعناك [644]
نسيناك [644]
المساويك [722]
الديك [722]
فيك [722]
باك [865]
الهلّاك [865]
السوافك [884]
هالك [884]
الدكادك [884]
مالك [884]
الضرائك [884]
لك [977]
دارك [977]
ذلك [977]
زيالك [977]
نوالك [977]
ضلالك [977]
مالك [1259]
الأوراك [1259]
المسالك [1259]
المهالك [1259]
المتدارك [1259]
فاتك [1259]
باتك [1259]
الضواحك [1259]
الشوابك [1259]
الحشك [1275]
مالك [1399]
خللك [1564]
سملك [1564]
وشلك [1564]
جملك [1564]
أملك [1564]
وصلك [1564]
أجلك [1564]
أكلك [1564]
قتلك [1564]
أملك [1564]
فملك [1564](1/909)
مثلك [1564]
حلالك [1612]
محالك [1612]
فدك [1670]
حذرك [1703]
عمرك [1703]
كفرك [1703]
أمرك [1703]
خبرك [1703]
هجرك [1703]
ذيل الأمالي عليك [184]
إليك [184]
النوادر هنالك [11]
هالك [11]
ذلك [11]
مالك [11]
لمالك [11]
فارك [22]
مالك [22]
التنبيه لمالك [13]
العوارك [13]
الديك [64]
مالك [97]
مالك [102]
باتك [102]
الضواحك [102]
الضواحك [102]
حرف اللام الحليل [7]
يتحول [8]
مدخول [24]
بالذليل [29]
القتيل [29]
عدل [32]
ثامل [44]
أعذل [46]
يأكل [46]
حائل [47]
إزميل [61]
أجدل [64]
دول [71]
الوجل [71]
سبيل [79]
خليل [79]
ينيل [79]
بخيل [79]
قليل [79]
جميل [79]
الهواطل [83]
الأنامل [83]
المناهل [83]
المقاول [83]
راحل [83]
المسلسل [104]
خيعل [104]
المرعبل [104]
المتظلل [104]
عذول [105]
تعول [105]
يقول [105]
قليل [105]
بخيل [105]
يئول [105]
أسيل [105]
بديل [105]
طويل [105]
عقول [105]
أصول [105]
وصول [105]
فجميل [105]
مآل [106]
ينال [106]
أسأل [106]
موكّل [106]
الجبل [108]
بالحلل [108]
مرتحل [108]
المحل [113]
تنهل [116]
ذي ألّ [117]
عمل [136]
بلل [136]
خليل [145]
المساحل [165]
مثول [167]
بيذبل [168](1/910)
حفّل [169]
نائل [172]
يحاول [172]
الزلازل [172]
المواكل [172]
النوازل [172]
شامل [204]
فل [210]
أكفال [226]
الكواهل [228]
نائل [228]
الموائل [228]
الشمائل [228]
المعاقل [228]
قائل [228]
الحبائل [228]
أساجل [228]
يناضل [228]
حامل [228]
الأماثل [228]
الغليل [237]
كليل [237]
سبيل [237]
العليل [237]
همول [239]
كحيل [239]
عليل [239]
غول [239]
مال [241]
الحال [241]
سبيل [242]
حليل [242]
أقتال [243]
أليل [265]
موصول [270]
تحجيل [270]
مقتول [270]
السرابيل [270]
مشكول [270]
القناديل [270]
صول [270]
مأهول [270]
موصول [272]
مجعفل [286]
الحبل [288]
رحل [298]
رحل [298]
الدول [298]
العذل [298]
البدل [298]
المقل [298]
متحمل [299]
طويل [342]
مقيل [342]
قليل [342]
سبيل [342]
غليل [342]
دخيل [342]
ثقيل [342]
يعدل [409]
فاعتدل [409]
يعدل [409]
محلّل [411]
معبل [412]
يعمل [428]
فنسل [432]
للعقل [433]
لأميل [437]
الحواصل [442]
يجعل [444]
المكاحل [447]
الأطاول [447]
القبائل [449]
شاغل [449]
كبول [451]
كبول [452]
عويل [452]
عويل [453]
عويل [453]
فقتيل [453]
سبيل [453]
فأحيل [454]
العاجل [456]
الناحل [456]
ذابل [456]
راحل [456]
غافل [459]
زائل [459]
النصل [470]
الوصل [470]
شغل [470](1/911)
أهل [470]
الجهل [470]
الفضل [470]
البخل [470]
ثقل [470]
أهل [470]
المحل [470]
المحل [471]
معول [480]
التذلل [480]
أجمل [480]
مزحل [480]
تفعل [480]
يجمل [480]
فتحمل [480]
هزّل [480]
الجبل [496]
الأشوال [499]
الأجلال [499]
الذيال [499]
الأنامل [533]
قاتل [533]
يقتل [552]
فبتيل [568]
مقيل [568]
قليل [568]
خليل [568]
دخيل [568]
سبيل [568]
قليل [568]
أقول [568]
رسول [568]
الغليل [569]
القليل [569]
الشمال [591]
منزل [595]
أفعل [595]
المال [605]
تبل [606]
الرسل [621]
دليل [625]
يسيل [625]
كليل [631]
يسيل [631]
أهل [643]
بديل [675]
قتيل [675]
يزول [728]
الوصول [728]
حائل [753]
الإبل [755]
الحسل [759]
الوحل [759]
تهيل [760]
جليل [795]
نائل [795]
الحبل [807]
خناطيل [821]
الأول [825]
النجل [825]
طلل [825]
ملل [825]
الغزل [825]
الأمل [825]
مختبل [825]
بالحيل [825]
هطل [825]
الأسل [825]
بطل [825]
الذبل [825]
العمل [825]
العصل [825]
مكتحل [825]
وجل [825]
العسل [825]
جميل [850]
سبيل [850]
قليل [850]
كهول [850]
ذليل [850]
كليل [850]
طويل [850]
سلول [850]
فتطول [850]
قتيل [850]
القتل [851]
تسيل [851]
فحول [851]
نزول [851]
بخيل [851](1/912)
نقول [851]
فعول [851]
نزيل [851]
حجول [851]
فلول [851]
قبيل [851]
جهول [851]
تجول [851]
السجال [865]
أجمل [883]
جنبل [901]
أقتال [901]
العقل [924]
المحل [924]
قبل [924]
الأرامل [927]
أقول [929]
حذل [943]
أصل [943]
المنزل [951]
الأمل [791]
الخبل [971]
سهل [971]
بالدّحل [971]
الحبل [971]
النخل [971]
بال [989]
إغفال [989]
الصقل [1002]
خناطيل [1003]
المحل [1003]
وعل [1003]
بالتهتال [1005]
كتل [1006]
تفعل [1008]
يسأل [1008]
تأتل [1008]
فيكمل [1008]
جمل [1045]
العمل [1045]
رجل [1045]
بقفول [1067]
ذهول [1067]
سبيل [1068]
نهول [1068]
خليل [1068]
مسول [1068]
جديل [1068]
أصيل [1068]
طفيل [1068]
نقيل [1068]
هزيل [1068]
حول [1068]
بقيل [1068]
برسيل [1068]
برسول [1068]
بحويل [1068]
بحبول [1068]
جزيل [1068]
جميل [1068]
بذول [1068]
بخيل [1068]
بقليل [1068]
بخليل [1068]
دخيل [1068]
منيل [1068]
بعقول [1068]
خليل [1068]
بفتيل [1068]
قبول [1068]
شمول [1068]
طويل [1068]
سلول [1068]
عزول [1068]
شغول [1068]
سجيل [1068]
بجيل [1068]
جميل [1068]
برحيل [1068]
قتيل [1068]
حلول [1068]
جفول [1068]
مميل [1068]
سبيل [1068]
سجيل [1070]
تشغل [1071]
تنقل [1071]
الدّخلل [1071]
المنزل [1087]
البخل [1090](1/913)
مهل [1090]
بالقتل [1090]
بالكحل [1090]
النخل [1090]
بالنعل [1090]
مخبول [1092]
معسول [1092]
مقبول [1092]
موصول [1092]
مدخول [1092]
مشغول [1092]
منحول [1092]
مسلول [1092]
مفعول [1093]
فضول [1093]
نجيل [1093]
البخيل [1108]
يميل [1108]
المحول [1108]
كليل [1108]
كفيل [1108]
يفيل [1108]
وبيل [1108]
المطول [1108]
طويل [1108]
حويل [1108]
يقول [1108]
أصيل [1108]
الجليل [1108]
جميل [1108]
فتيل [1108]
سول [1108]
تطيل [1108]
الثكول [1108]
سبيل [1120]
خليل [1120]
دليل [1120]
خليل [1121]
معجل [1127]
القيال [1133]
أعدال [1133]
باطل [1169]
يعقل [1171]
تفعل [1171]
القذال [1172]
الرجال [1172]
الأسول [1220]
سبيل [1230]
قليل [1230]
فأطيل [1230]
حيال [1241]
كبازل [1268]
كامل [1273]
القابل [1273]
وائل [1273]
بابل [1273]
الشائل [1273]
ناعل [1275]
الأثاقل [1275]
القبائل [1275]
الغياطل [1275]
الصواهل [1275]
الدغاول [1275]
العوامل [1275]
الضآبل [1275]
وائل [1275]
غيطل [1275]
دغاول [1275]
بقتول [1289]
البذل [1309]
لباخل [1330]
قائل [1330]
المتقابل [1330]
المتضائل [1330]
الأصائل [1330]
صليل [1347]
الجبال [1348]
المتفضّل [1372]
المؤبّل [1372]
عل [1372]
محول [1372]
يذبل [1372]
المعجل [1372]
قسطل [1372]
الهمرجل [1372]
معقل [1372]
هطل [1372]
مرفّل [1372]
الحجل [1385]
وشل [1385](1/914)
أكسل [1435]
يقئول [1454]
سؤال [1469]
المحال [1469]
الرجال [1469]
سفال [1470]
رجل [1493]
مثلّ [1502]
أزلّ [1502]
أهل [1539]
السهل [1539]
فيغسل [1558]
نهشل [1567]
الفال [1582]
البطل [1582]
تنفل [1584]
فمحول [1584]
الحيال [1588]
نابل [1597]
ذحل [1604]
العقل [1604]
الجبل [1607]
بلل [1607]
السّبل [1607]
تنل [1607]
الجبل [1607]
الأشكال [1607]
المحال [1613]
المحال [1613]
مال [1616]
حال [1616]
محتال [1616]
المال [1616]
سائل [1616]
المبسمل [1616]
لعلّ [1618]
مخضل [1618]
يقتل [1619]
يفعل [1619]
الصيقل [1619]
المنزل [1619]
الأجدل [1619]
يجهل [1619]
مال [1625]
للغزال [1625]
احتيال [1625]
الطحال [1625]
الشمال [1625]
الأذيال [1627]
لخلّ [1631]
بسل [1635]
بسل [1636]
الشكل [1654]
القتل [1654]
بذل [1654]
الهزل [1654]
العذل [1654]
المال [1663]
فاعجل [1663]
الهلال [1668]
الحجال [1668]
صيال [1670]
الأقوال [1670]
بمأسل [1670]
مال [1678]
يحلل [1720]
اجئلال [1720]
الأزل [1724]
ذيل الأمالي المال [4]
الأمل [5]
الأسافل [7]
فأعجل [15]
الدليل [20]
طويل [28]
بالقليل [28]
البخيل [28]
الفصيل [28]
بالجزيل [28]
فتيل [28]
ثقيل [28]
حيال [32]
الإبل [40]
نبل [65]
الرواحل [72]
يحاول [72]
فاعل [72]
باسل [72]
نائل [72]
ثاكل [72](1/915)
الشواغل [72]
شامل [80]
ميل [83]
القليل [83]
مال [86]
الوحل [103]
وثيل [106]
كليل [106]
احتفل [110]
أليل [111]
الرعيل [111]
الحبل [116]
القصل [116]
الجزل [136]
مدلّ [152]
يتحول [164]
الأنفال [183]
الدلال [183]
يقتل [192]
يعجل [192]
الحرمل [192]
معقل [192]
تحمل [192]
مغزل [192]
بالفيشل [192]
النصل [222]
الفضل [222]
التحجيل [227]
العقول [249]
القليل [249]
الأجل [254]
وجل [254]
فعال [268]
سمّال [268]
هلال [268]
بالأعوال [268]
القفّال [268]
جلال [268]
الأشبال [268]
الأوصال [268]
الرّئبال [268]
خلال [268]
الآجال [268]
الأجيال [268]
الأطلال [268]
النزّال [268]
الآكال [268]
مؤثّل [269]
المرجّل [269]
الدلال [277]
الملال [277]
حال [277]
المفضل [278]
السّلسل [278]
المقبل [278]
نتكل [280]
الفضل [282]
السهل [282]
الوحل [282]
سبيل [290]
الفعال [326]
النوادر النخل [3]
إزميل [5]
مشغول [22]
تضليل [22]
محمول [22]
تعثكل [25]
ينكل [25]
تمهّل [25]
المشعل [25]
يهطل [26]
بهّل [26]
يتهلّل [26]
لأميل [59]
أرحل [59]
متعزّل [59]
يعقل [59]
جيأل [59]
يخذل [59]
أبسل [59]
أعجل [59]
المتفضل [59]
متعلّل [59]
عيطل [59]
محمل [59]
تعول [59]
بهّل [59]
يفعل [59]
يتكحل [59](1/916)
أعزل [59]
هوجل [59]
مفلّل [59]
فأذهل [59]
متطوّل [59]
مأكل [59]
أتحوّل [59]
تفتل [59]
أطحل [59]
يعسل [59]
نحّل [59]
تتقلقل [59]
معسّل [59]
بسّل [59]
ثكل [59]
أرمل [59]
أجمل [59]
مجمل [59]
تتصلصل [59]
متمهل [59]
حوصل [59]
نزّل [59]
منهل [59]
مجفل [59]
قحّل [59]
مثّل [59]
أطول [59]
أوّل [59]
تتغلغل [59]
أثقل [59]
عل [59]
أتنعّل [59]
أفعل [59]
المتبذّل [59]
أتخيّل [59]
أنمل [59]
يتنبّل [59]
أفكل [59]
أليل [59]
يسأل [59]
فرعل [59]
أجدل [59]
يفعل [59]
تتململ [59]
المرعبل [59]
ترجل [59]
محول [59]
يعمل [59]
أمثل [59]
المذيّل [59]
أعقل [59]
جمل [61]
الأكل [61]
قتل [70]
المنزل [76]
تفعل [76]
المنزل [76]
للنزّل [76]
النيطل [76]
فأجمل [76]
فاحمل [76]
الأجدل [76]
كالأعزل [76]
فاعدل [76]
فاسأل [76]
فاقبل [76]
أول [97]
مجمل [97]
مقبل [97]
منزل [97]
فأعقل [97]
تبدّل [97]
أفعل [97]
أتحوّل [97]
متحوّل [97]
يعقل [97]
مزحل [97]
الجمل [104]
السهل [104]
العقل [104]
النعل [104]
وحل [104]
موكل [105]
أفعل [105]
يغسل [105]
التنبيه البقل [4]
عذل [7]
بغل [13]
الفحل [13](1/917)
المعول [16]
زلّ [22]
تنهلّ [22]
الحبل [27]
الأول [31]
الجمل [31]
ذابل [35]
الأنامل [45]
قاتل [45]
فبتيل [49]
رسول [49]
وصول [49]
رسول [49]
بديل [49]
قتيل [49]
غليل [49]
الدخول [50]
الذليل [50]
قيل [50]
العجول [50]
الجهول [50]
الشمال [52]
النصال [52]
جزال [52]
الشمال [52]
بديل [58]
قتيل [58]
البذل [68]
طوال [71]
الحنظل [76]
جنبل [80]
المتبذل [80]
خلخال [80]
سبيل [83]
خليل [83]
المثكل [100]
دغاول [103]
الجعل [117]
الجمل [117]
شمليل [120]
حرف الميم سالم [36]
مصرم [39]
النيام [46]
زرم [58]
الأمم [58]
تسلم [87]
الأعظم [87]
تسقم [87]
الصيلم [87]
المظلم [87]
المعدم [87]
المنعم [87]
أكرم [87]
يهدم [87]
يقسم [87]
متجم [87]
وتسيم [102]
كريم [102]
نعيم [102]
حميم [102]
النعام [115]
نؤوم [138]
لجسيم [138]
زعيم [138]
اللجام [141]
حتام [162]
أنجم [170]
مرضم [170]
المتضرّم [170]
بأسهم [170]
بالدم [170]
محجوم [181]
للغلام [256]
الكلم [263]
ألم [274]
نعم [274]
دم [274]
لانهدم [274]
الذمم [274]
السلام [288]
الحمام [288]
الظّلم [311]
ألم [311]
الأقوام [323]
البشام [336]
للنجوم [338]
ذميم [406]
حميم [406](1/918)
لئيم [406]
ساجم [469]
الظالم [469]
الصارم [469]
عليم [472]
يستقيم [472]
ألائم [482]
العتم [485]
معصم [485]
الموشم [518]
نادم [535]
رائم [535]
صلدم [540]
حرم [556]
الزمام [585]
عدم [586]
متهم [586]
تلم [586]
مقرم [589]
توأم [590]
سقيم [601]
ريم [601]
حميم [601]
ملذم [615]
حجم [668]
البهم [668]
متقدّم [679]
اللوم [679]
منهم [679]
أكرم [679]
كريم [688]
سليم [688]
كليم [688]
يهيم [688]
أسحم [714]
مظلم [714]
سقم [717]
طاسم [721]
بنائم [721]
مظلم [726]
يتكلّم [726]
ينم [729]
الحلم [729]
الأمم [771]
الكرم [771]
يحزم [793]
أرم [807]
حالم [824]
نائم [824]
الملاوم [824]
يريم [829]
النجوم [829]
وخيم [829]
الحليم [829]
الرغم [832]
الحلم [832]
الهرم [832]
اللحم [832]
الهموم [840]
سئوم [840]
نؤوم [840]
المنيم [840]
الغشوم [840]
القماقم [852]
ألوم [862]
المنيم [862]
زعيم [862]
أقوم [862]
بزمام [908]
شآم [908]
ببشام [908]
حزام [908]
حمام [908]
نيام [908]
بسلام [908]
كرام [908]
عزيم [909]
قديم [909]
أروم [925]
المتهم [925]
العلم [927]
ظلم [936]
النمّ [936]
الهم [936]
السم [936]
طعم [936]
الإثم [936]
الزعم [936]
نعم [955]
النجم [955](1/919)
ميثم [960]
سلام [976]
حمام [976]
سليم [978]
كتوم [978]
نديم [978]
كريم [978]
الهم [984]
الغم [984]
بالسم [984]
علم [1017]
الإثم [1017]
ألائم [1020]
العواتم [1020]
الغريم [1031]
سالم [1054]
القوائم [1054]
بالقوائم [1054]
جذم [1077]
بمعتام [1105]
هام [1105]
حجرّم [1111]
توأم [1111]
المتقرم [1111]
مدلهم [1123]
الكمّ [1123]
المعتم [1123]
همام [1132]
القدم [1136]
أفهم [1144]
يهدم [1144]
تندّم [1144]
حلم [1165]
الرغم [1165]
علم [1165]
العظم [1165]
السلم [1165]
السهم [1165]
شتم [1165]
الإثم [1165]
الحكم [1165]
ظلم [1165]
وسم [1165]
الهدم [1165]
العدم [1165]
غنم [1165]
الأم [1165]
الرحم [1165]
العم [1165]
الكظم [1165]
الجزم [1165]
الثلم [1165]
الكلم [1165]
صرم [1165]
سلم [1165]
ألم [1174]
قدم [1174]
صمم [1174]
فالتثم [1174]
الملتزم [1174]
الأليم [1175]
للجحيم [1175]
لزمزم [1191]
عبدم [1197]
أنعم [1197]
مغنم [1197]
أسنم [1197]
معظم [1197]
الأزلم [1197]
كرم [1197]
صمم [1197]
بالذمم [1197]
الشيم [1197]
عمّ [1197]
أحم [1197]
فسهم [1197]
حليم [1198]
سئوم [1198]
يخيم [1198]
كرام [1199]
الأعلام [1199]
السّنام [1199]
منسم [1209]
إمام [1215]
نائم [1216]
صارم [1216]
ملازم [1216]
المسالم [1216]
جواثم [1216]
حازم [1216](1/920)
قائم [1216]
سالم [1216]
الصلادم [1216]
حالم [1216]
المظالم [1216]
المخارم [1216]
ظالم [1216]
الجماجم [1216]
غواشم [1216]
نائم [1216]
دعائم [1216]
جارم [1216]
الخيام [1251]
بالصميم [1263]
السقم [1266]
الجسم [1266]
أكشم [1270]
فتسلّم [1275]
مظلم [1275]
مرزم [1275]
معلم [1275]
التكرّم [1275]
ضيغم [1275]
يقمثم [1275]
مظلم [1275]
الغشمشم [1275]
متهمّم [1275]
يهدم [1275]
طعام [1161]
توهّم [1277]
كرم [1392]
نعم [1392]
بالأصم [1401]
عرم [1415]
أزم [1415]
العمم [1415]
الشيم [1415]
ظلم [1415]
الأدم [1415]
يتم [1415]
لحمام [1421]
الإقدام [1421]
مسلم [1449]
مغنم [1449]
النعم [1451]
القسام [1477]
المقسم [1477]
السلم [1477]
ميسم [1477]
نجم [1543]
بختم [1543]
بذم [1543]
مظلم [1551]
لمطعم [1551]
المصلّم [1551]
الدم [1551]
السلم [1558]
لئيم [1563]
الأجسام [1565]
الأوهام [1565]
هشام [1565]
الآثام [1565]
بضرام [1565]
الإسلام [1565]
ذمام [1565]
إمام [1565]
الأصنام [1565]
الأعلام [1565]
المرام [1565]
الأقوام [1565]
الأنام [1565]
الكلام [1565]
سليم [1568]
هموم [1568]
حلوم [1568]
حزيم [1568]
جريم [1568]
الكهام [1577]
عام [1577]
همهيم [1582]
جذم [1582]
متردّم [1582]
الروم [1582]
قلم [1582]
أقلام [1582]
ظليم [1584]
ملموم [1588]
ملجم [1592]
بدم [1604]
ينتقم [1604](1/921)
الأقوام [1615]
الأخرم [1619]
مكدم [1619]
تندم [1619]
يعلم [1619]
للفم [1619]
الأضجم [1619]
حرم [1632]
رميم [1639]
قديم [1639]
يهيم [1639]
المحارم [1641]
العلاقم [1641]
النمائم [1641]
سالم [1641]
اللهاذم [1641]
الملاغم [1641]
ناظم [1641]
الحيازم [1641]
كريم [1655]
الهشيم [1655]
حازم [1657]
للقوادم [1657]
كالدرهم [1671]
الأمم [1676]
قيام [1695]
المراجم [1709]
المظالم [1709]
الشّكائم [1709]
همهيم [1711]
الهموم [1725]
ينيم [1725]
مقيم [1725]
عظيم [1725]
النعيم [1725]
كلوم [1725]
يدوم [1725]
ذيل الأمالي يترجم [9]
تجمجم [9]
أكلم [9]
المتقدم [9]
يزحم [9]
تتهدّم [9]
تعجم [9]
معدم [9]
تحطم [9]
صيلم [9]
يقسم [9]
المصمم [9]
ألوم [9]
يحكم [9]
فيبرم [9]
أحزم [9]
فيحتم [9]
أتلوّم [9]
مهوّم [9]
مقدم [9]
أصرم [9]
علقم [9]
يتلعثم [9]
أكرم [9]
موضّم [9]
يتندم [9]
يترمرم [9]
مبهم [9]
مثلّم [9]
تقضم [9]
أرقم [9]
الدم [9]
ضيغم [9]
مقلّم [9]
أدرم [9]
يتكلّم [9]
يكتم [9]
مفحم [9]
تتخرّم [9]
جرهم [9]
الغشمشم [9]
أسلم [9]
يجرم [9]
يقضم [9]
أعجم [9]
الهموم [23]
البهيم [23]
الحميم [23]
ريم [23]
كلوم [23]
وسيم [23]
كوم [23](1/922)
هجوم [23]
صميم [23]
كظوم [23]
قدوم [23]
السجوم [23]
البراجم [28]
حاتم [28]
الأشائم [28]
المكارم [28]
مآتم [28]
حائم [28]
عالم [28]
اللوازم [28]
جارم [28]
القماقم [28]
رميم [37]
لئيم [37]
بهيم [37]
تميم [47]
الصميم [47]
بالوغوم [47]
مشوم [47]
للحليم [47]
الوخيم [47]
الهموم [47]
سقم [71]
النعيم [76]
رءوم [76]
لأقوام [77]
أحلام [77]
إلجام [77]
بالهام [77]
مقرم [106]
يهدّم [106]
يعلم [106]
الرقم [116]
الفم [117]
الدم [117]
جهنم [117]
خازم [129]
قائم [129]
اللئام [141]
الكرام [141]
الموسم [162]
الأقتم [162]
نتكلّم [162]
نادم [168]
اللوائم [168]
رائم [168]
التمائم [168]
الذمائم [168]
الغمام [207]
المدام [207]
الصيام [207]
جسم [210]
فدم [210]
التمائم [247]
بالأزالم [247]
حاتم [247]
كالأشائم [247]
بدائم [247]
القدائم [247]
الحرم [274]
العمائم [276]
الصوارم [276]
الغلاصم [276]
بالدراهم [276]
المواسم [276]
الهمّ [285]
علم [285]
تتكلم [304]
هم [304]
مأثم [304]
يتكلم [304]
زمزم [304]
مركّم [304]
المحرم [304]
ثلم [315]
الظلم [315]
الحرم [315]
يدم [315]
الشيم [315]
أكلّم [317]
أطعم [317]
قثم [318]
العدم [318]
شمم [318]
صمم [318]
نعم [318]
لأقوام [326](1/923)
عالم [334]
قائم [334]
متيّم [335]
أعظم [335]
النوادر عظيم [11]
عالم [23]
حاتم [23]
متفاقم [23]
المخارم [23]
تبرطم [25]
الضيغم [25]
الململم [25]
حاتم [29]
الدراهم [29]
محطّم [36]
يرحم [36]
مظلم [36]
مفعم [36]
يعلم [36]
مظلم [44]
لمطعم [44]
المصلّم [44]
الدم [44]
المخزّم [44]
سهم [51]
الخصم [51]
حكم [51]
للهضم [51]
الهزم [51]
كالنجم [51]
إثم [51]
الردم [51]
عجم [51]
الحزم [61]
اللهم [70]
جرم [70]
الكرم [87]
الحكم [87]
التنبيه عصام [5]
هيثم [9]
مقوّم [9]
الدم [19]
الأسحم [28]
تلثّم [28]
للمشتّم [29]
مصمّم [29]
بالتكلّم [29]
نادم [46]
رائم [46]
ملذم [54]
مرجم [54]
ملذم [54]
بمخطم [54]
متقدّم [59]
حالم [73]
نائم [73]
الملاوم [73]
الهموم [75]
سؤوم [75]
نؤوم [75]
المنيم [75]
الغشوم [75]
القماقم [76]
الأهاتم [76]
للآئم [76]
القماقم [76]
الغريم [85]
زنيم [85]
الغريم [85]
متبسم [90]
إمام [98]
بدمام [98]
سوام [115]
لئيم [117]
أبيهم [119]
المحم [120]
فطم [120]
مصرم [131]
حرف النون بان [9]
إرنان [16]
ألوان [16]
الجون [23]
زبون [29]
طابن [46]
لغبين [46]
تهين [46](1/924)
الزمان [54]
باللسان [54]
كالهجين [94]
الجون [94]
التقعين [99]
الصورين [99]
أم أبان [124]
الرجوان [124]
تريان [124]
أوان [124]
الحزن [138]
اليمن [138]
المغربان [140]
ترجمان [140]
السنان [140]
الهدان [140]
عنان [140]
العنان [140]
لسان [140]
الهجان [140]
البنان [140]
الرقتان [140]
رفن [167]
ذبيان [183]
طعان [183]
بفلان [183]
اليدان [196]
معن [246]
حزين [269]
يمين [269]
يكون [269]
القرون [312]
العيون [312]
محزون [312]
الملعون [312]
عليان [337]
غصون [371]
فنون [371]
حزين [371]
أبين [371]
أبين [372]
جنون [372]
عيون [372]
سيبين [401]
ضنين [401]
هتون [401]
أكون [401]
البين [402]
أم حصن [438]
بسمن [438]
ثمان [444]
تكون [448]
يلين [448]
كنين [448]
يكون [448]
اليقين [457]
الحنين [457]
يكون [457]
القطين [457]
اليقين [458]
يكون [458]
القطين [458]
يكون [460]
المنون [460]
منون [487]
ضنين [603]
زمان [624]
الحدثان [624]
مجتمعان [624]
تنهملان [624]
كتمان [634]
بالعنوان [634]
الحدثان [638]
الحسن [677]
مرتهن [677]
البدن [677]
مرتهن [677]
ريان [685]
الهيمان [709]
الشفتان [709]
يمتزجان [709]
ألوان [720]
جذلان [720]
وسنان [720]
هيمان [720]
ريحان [720]
لبان [731]
الرمان [731]
الألبان [731]
كران [731](1/925)
الترجمان [731]
الملوان [757]
خشنان [770]
لسان [773]
بيان [773]
الحدثان [775]
الأبدان [775]
خربان [775]
بنان [775]
أفن [778]
الغصن [778]
لسن [778]
فطن [778]
المكفيون [808]
يغنون [808]
الطحن [808]
هارون [820]
لين [820]
مكنون [820]
بمغبون [820]
أبيّين [820]
الهون [820]
حين [820]
بممنون [820]
بمأمون [820]
لين [820]
مكنون [820]
مرهون [820]
أفانين [820]
إخوان [787]
عريان [787]
غضيان [787]
إرنان [787]
إرنان [826]
ملآن [826]
إحسان [826]
إذعان [826]
الزبون [827]
بلين [827]
حين [827]
المنون [827]
الجنون [827]
الهدون [827]
القرين [861]
باليمين [861]
هلعان [870]
بلسان [870]
الصين [873]
الحين [873]
يبرين [873]
دين [873]
المساكين [873]
ممنون [873]
عنين [873]
السكاكين [873]
المكان [877]
ترحلان [877]
توقدان [877]
تجاوبان [877]
بان [877]
البنان [877]
السّنان [877]
المئين [879]
الشّنآن [891]
الأقران [891]
مكان [891]
حرون [969]
الظنون [969]
القرون [969]
تبتدران [975]
الطللان [975]
فننان [975]
اثنتين [983]
نعجتين [983]
ذئبتين [983]
السخطتين [983]
الضرّتين [983]
الليلتين [983]
اليدين [983]
الحارثين [983]
رعين [983]
الجحفلين [983]
رفن [1004]
تهتان [1004]
أقحوان [1004]
كتن [1006]
الحسن [1028]
باللبن [1028]
اليمين [1092]
مختلطان [1109](1/926)
عطران [1109]
يجفان [1109]
بردان [1110]
بالرشفان [1110]
قعين [1129]
صون [1129]
غين [1129]
مغين [1129]
داعيان [1133]
الميزان [1177]
تهلان [1177]
سفيان [1177]
زمان [1185]
السفن [1187]
بالثمن [1197]
أرجحن [1197]
جرجان [1129]
بالحرمان [1229]
يلتقيان [1229]
الحيتان [1229]
أحسن [1254]
بطين [1256]
ضنين [1256]
سمين [1256]
السكران [1276]
بيتان [1295]
بإنسان [1295]
المبين [1372]
يقين [1373]
بأمين [1373]
لضنين [1375]
قمين [1375]
أمين [1375]
كنين [1375]
كنين [1375]
خدين [1375]
أكون [1375]
خئون [1375]
تبين [1375]
معين [1375]
متين [1375]
تحين [1375]
مصون [1375]
ألين [1375]
الهوان [1383]
اللسان [1383]
المبنّ [1451]
لضنين [1453]
قمين [1453]
مكين [1453]
المكان [1457]
تبصران [1457]
أرجوان [1457]
الزمان [1550]
سنان [1555]
الجبان [1555]
قين [1577]
الرسن [1584]
عون [1588]
الدمن [1604]
أنكرن [1604]
ابن [1608]
ساكن [1619]
تبكيان [1634]
الإحسان [1634]
تعلمان [1634]
الشبّان [1643]
الغربان [1643]
اليفن [1691]
اللبن [1691]
الزمن [1691]
الحزن [1691]
فنّ [1691]
شجن [1691]
الغبن [1691]
الأركان [1710]
الفتيان [1710]
العصيان [1710]
يدان [1710]
الألوان [1710]
الحصون [1726]
السكون [1726]
المنون [1726]
عيون [1726]
هوازن [1728]
ذيل الأمالي ثمن [5]
غبن [5]
عدن [5]
القران [18](1/927)
عقربان [18]
مكان [18]
العرين [19]
اليمين [19]
بين [19]
ترن [20]
الدّيان [68]
مدان [68]
جدعان [68]
منون [95]
لفلان [122]
بالضمان [122]
ملآن [138]
تريان [148]
عمان [148]
القدمان [148]
يمان [148]
خشنان [148]
الزمان [155]
السّنان [155]
بطان [155]
الطّعان [155]
البنان [155]
اليدان [155]
الرّهان [155]
الزمن [185]
إذن [185]
المنن [191]
يكن [191]
بالسكن [191]
الحسن [191]
ثمن [191]
وطن [202]
القين [250]
نصفين [250]
الشين [250]
الدّين [250]
بأذنين [250]
الجديدان [252]
كذّان [252]
اثنان [252]
مثلان [252]
سيان [252]
الضان [252]
بجمدان [252]
بهجران [266]
يلين [295]
فتون [295]
رهين [295]
تحين [295]
تكون [295]
ضنين [295]
سيلين [295]
يكون [295]
عيون [295]
معين [295]
كمين [295]
دفين [295]
رهين [295]
قرون [295]
تبتدران [336]
الصّمّان [338]
الثيران [338]
الألوان [338]
الأقحوان [338]
الريحان [338]
الوهنان [338]
الأدمان [338]
المرجان [338]
الهصّان [338]
هجان [338]
الذكران [338]
الأبدان [338]
يمان [338]
البستان [338]
طعان [338]
العقبان [338]
الأرسدان [338]
بالأبدان [338]
الشّبّان [338]
الغلان [338]
القيعان [338]
الحملان [338]
الأذقان [338]
هوان [338]
كالأشطان [338]
الأضغان [338]
الرحمن [338]
مكران [338]
النوادر يبتدران [1](1/928)
يدان [1]
مبتليان [2]
غرقان [2]
بالوخدان [2]
معترفان [2]
زهيان [2]
فتيان [2]
الخفقان [2]
تكفان [2]
يلتقيان [2]
يريان [2]
لمختلفان [2]
يدان [2]
تجفان [2]
وجلان [2]
يلتقيان [2]
يصطفقان [2]
الخديان [2]
يسران [2]
شنآن [2]
سلسان [2]
يضطربان [2]
ملتبدان [2]
بالهملان [2]
تكفان [2]
تبتدران [2]
مرعويان [2]
حذران [2]
تقفان [2]
القطران [2]
سنان [2]
يلتقيان [2]
يلتقيان [2]
يلتقيان [2]
يجدان [2]
الخفقان [2]
بالمحاجن [3]
قيان [6]
يختلفان [6]
البدن [33]
فن [33]
بطن [33]
فطن [33]
يكن [33]
لعن [33]
تأتين [33]
أن [33]
بظن [33]
أجن [33]
جيرون [37]
الظنون [37]
مكنون [37]
دون [37]
الكانون [37]
مسنون [37]
قيطون [37]
لقرين [37]
الحزين [37]
ضنين [43]
غسان [55]
النسوان [55]
بالعصيان [55]
الإنسان [55]
بمكان [55]
الجران [56]
أرجوان [56]
دفّان [56]
ثمان [56]
مكان [57]
الثقلان [57]
التنبيه إرنان [2]
ألوان [2]
إرتان [2]
اللبن [4]
قرن [4]
عليان [31]
الغربان [31]
ثمان [42]
يمان [42]
مكان [42]
كتمان [57]
داعيان [92]
بإنسان [119]
هوازن [130]
توازن [130]
توازن [130]
المساحن [130]
هوازن [130](1/929)
حرف الهاء المغلّه [21]
حاضره [23]
ناضبة [23]
النّفّه [26]
الثمله [44]
تكفته [46]
نادره [63]
الحافره [63]
القوميّه [58]
ناخره [63]
سلائله [158]
نعتله [165]
هزّته [178]
لنكرته [178]
الحلمة [179]
حجمه [179]
أضمه [179]
الدرمه [179]
السنمه [179]
رزمه [179]
الينمه [179]
محرنجمه [184]
باطله [212]
عواذله [212]
أوائله [212]
نمايله [212]
نطاوله [212]
رواحله [212]
قاتله [212]
زائره [216]
عامره [216]
أحاذره [216]
خابره [216]
سرائره [216]
آخره [216]
مصادره [216]
يساتره [216]
ظاهره [216]
فالحلة [225]
الخلة [225]
أنسينه [249]
يبدينه [249]
جادبه [257]
فهمه [284]
قيمه [284]
عبرتيه [286]
الجنّه [291]
بالجنّه [291]
كنّه [291]
معه [292]
وزعه [292]
الخدعه [292]
فجعه [292]
جمعه [292]
نفعه [292]
قطعه [292]
رفعه [292]
نرسله [294]
يديه [297]
إليه [297]
عليه [297]
وقته [302]
بلغته [302]
ثماله [320]
جهاله [320]
نذاله [320]
النخله [340]
الربعه [415]
الجلنفعه [417]
عواتقه [435]
بوائقه [435]
خانقه [435]
أرافقه [435]
سرادقه [435]
بنائقه [435]
شقائقه [435]
تطلبه [436]
يقربه [436]
يعادله [444]
قاضبه [465]
فراكبه [465]
غالبه [465]
صاحبه [465]
النّجه [476]
بروقه [498]
خريقه [498]
عروقه [498]
حريقه [498]
يطيقه [498](1/930)
تسوقه [498]
خروقه [498]
ماؤه [506]
قلاؤه [506]
داعيه [51]
يبكيه [516]
منه [586]
عنه [586]
فكنه [586]
فزواله [664]
خاليه [669]
جماليه [669]
جاريه [669]
باكيه [669]
قلبه [697]
الغلبه [697]
الرقبه [697]
الرقبه [697]
إليه [706]
شفتيه [706]
حاجبيه [706]
عليه [706]
غدره [713]
منحدره [713]
عفره [713]
وطره [713]
أسائره [766]
جلله [794]
جليه [795]
حياته [797]
حسناته [797]
تكلبه [835]
يجادله [863]
قاتله [863]
بآدله [863]
فاعله [863]
غوائله [863]
آكله [863]
باطله [863]
حامله [863]
قبره [867]
ذكره [867]
عمره [867]
أمره [867]
يسره [867]
شره [867]
دهره [867]
قدره [867]
ستره [867]
نصره [867]
قعره [867]
عطره [867]
حفره [867]
حشره [867]
طمره [867]
ثغره [867]
أسره [867]
نطره [867]
إثره [867]
ذمته [870]
نعمته [870]
طويله [878]
الحسيله [878]
قليله [878]
غائله [898]
شاغله [898]
أزاوله [898]
جاهله [898]
تراسله [898]
شمائله [898]
سلاسله [898]
يضرّه [905]
مرّه [905]
يسرّه [905]
درّه [905]
نجره [925]
تأكله [937]
سلاسله [937]
أبادله [937]
وثائقه [949]
خالقه [949]
أوائله [974]
حمائله [974]
قنابله [990]
منازله [990]
مغنّه [1011]
الأجله [1015]
الأبله [1015]
ذاكره [1060]
طائره [1060](1/931)
ثائره [1060]
أبه [1075]
غوائله [1113]
بآدله [1113]
كواهله [1113]
آكله [1113]
حامله [1113]
مراجله [1113]
تزايله [1113]
فاعله [1113]
باطله [1113]
حمائله [1113]
نائله [1113]
جافله [1113]
صامله [1113]
مشاغله [1113]
سلاسله [1113]
أبادله [1113]
بنائقه [1125]
ذائقه [1125]
توافقه [1125]
مفارقه [1125]
عواذله [1154]
الأجله [1155]
الأنّه [1155]
المقهقه [1155]
أعانيه [1183]
أخفيه [1183]
فيه [1183]
ألاقيه [1183]
نجومه [1216]
الأخلّة [1219]
بدائله [1231]
أصائله [1231]
تجادله [1231]
شمائله [1231]
نرسله [1251]
بوجهه [1281]
ازدهيته [1349]
طويته [1349]
بلوته [1349]
كالآصيه [1368]
قسمه [1509]
النخله [1523]
ازدجاره [1556]
تختبره [1556]
تعاتبه [1561]
صاحبه [1561]
جانبه [1561]
عقاربه [1561]
عواثره [1562]
عاقره [1562]
قادره [1562]
أحاضره [1562]
ناصره [1562]
حافره [1562]
ضمائره [1562]
زاجره [1562]
حظائره [1562]
ذاخره [1562]
يشمه [1582]
كلكله [1584]
بأنهضه [1588]
بالجداله [1588]
عيطله [1595]
عرفته [1599]
الآله [1615]
بالجداله [1615]
محاله [1615]
المنيعه [1619]
ربيعه [1619]
مطيعه [1619]
شريعه [1619]
له [1651]
له [1651]
مثكله [1651]
الضلضله [1651]
جنعدله [1651]
نهبله [1651]
مبهله [1651]
الفنجله [1651]
القعوله [1651]
الهنبله [1651]
ممرطله [1651]
الثمله [1651]
التتقله [1651]
الجعله [1651]
المؤبله [1651]
أفعله [1651]
المحفّله [1651](1/932)
المشلشله [1651]
البعله [1651]
أنمله [1651]
الرّعله [1651]
وله [1651]
أكله [1651]
ناله [1664]
له [1664]
دمه [1675]
يرحمه [1675]
يكتمه [1675]
توهّمه [1675]
جانبه [1712]
صاحبه [1712]
نوائبه [1712]
مضاربه [1712]
ألاقيه [1721]
أناديه [1721]
أدنيه [1721]
تأتيه [1721]
يرجّيه [1721]
أياديه [1721]
تأبّيه [1721]
يدانيه [1721]
دواعيه [1721]
بزائريه [1723]
فيه [1723]
يليه [1723]
بفيه [1723]
لمجتديه [1723]
كريه [1723]
نادبيه [1723]
يليه [1723]
مجتنيه [1723]
ممرّضيه [1723]
يبتليه [1723]
أرتجيه [1723]
أشتكيه [1723]
تتّقيه [1723]
تقليه [1724]
ذيل الأمالي لجفائه [88]
سمائه [88]
فقهائه [88]
دراهمه [95]
عمّه [100]
مستحمّه [100]
همّه [100]
سمّه [100]
بازله [111]
شاغله [112]
باذله [112]
ورائه [169]
سمائه [169]
قرنائه [169]
جريائه [169]
سيسائه [169]
ردائه [169]
منظره [206]
تحضره [206]
تنشره [206]
أكثره [206]
خلفه [208]
طرفه [208]
مطيره [217]
قريره [217]
نضيره [217]
مشيره [217]
ذخيره [217]
مقاتله [261]
طوائله [261]
حامله [261]
قائله [261]
الصلة [262]
فاعله [268]
جيرانه [296]
أوطانه [296]
عصيانه [296]
لسانه [296]
إنسانه [296]
شرائعه [299]
مرابعه [299]
ودائعه [299]
ذوائبه [302]
سواكبه [302]
معاتبه [302]
عوازبه [302]
كاذبه [302]
أحاربه [302]
سالبه [302](1/933)
جادبه [302]
بنائقه [310]
توافقه [310]
تصادفه [310]
نادره [319]
نهده [325]
عبشمية [325]
عرضه [326]
دعه [326]
معتمده [342]
أسده [342]
كتده [342]
يده [342]
يضطهده [342]
زبده [342]
بلده [342]
تزدهده [342]
سرده [342]
يرده [342]
ولده [342]
رشده [342]
تتّعده [342]
وتده [342]
يجده [342]
لبده [342]
النوادر ذوائبه [3]
سواكبه [3]
معاتبه [3]
سالبه [3]
جادبه [3]
أنامله [5]
حجره [5]
فاطمة [18]
القائمه [18]
مندله [21]
المكوكبه [24]
المرببه [24]
المنتخبه [24]
المكتبه [24]
مذهبه [24]
كربه [24]
قربته [27]
أجشانه [30]
لمعانه [30]
أركانه [30]
سجّانه [30]
أجفانه [30]
إيقانه [30]
ديّانه [30]
سنانه [30]
منّانه [30]
ليّانه [30]
إتيانه [30]
العاليه [35]
رهصه [40]
دخله [46]
واحده [49]
الراصده [49]
قاصده [49]
الوالده [49]
عقبه [55]
صحبه [55]
غربه [55]
عقبه [55]
صحبه [55]
بندبه [55]
دعاثره [70]
خبره [73]
فتره [73]
الصدره [73]
زكره [73]
أقاربه [103]
صاحبه [103]
التنبيه معايبه [1]
ميضه [5]
عربية [13]
سلائله [16]
بازله [16]
حوائله [16]
سلائله [16]
آكله [19]
أنسينه [23]
يبدينه [23]
أنسينه [23]
حسرنه [23]
معه [27]
قطعه [27]
عذره [63](1/934)
منحدره [63]
عفره [63]
وطره [63]
مفارقه [63]
منحدره [63]
واحدة [64]
حياته [70]
حسناته [70]
صلاته [70]
عداته [70]
بداته [70]
حياته [70]
ثائره [75]
مصادره [75]
نجره [81]
البكاره [86]
غوائله [90]
بآدله [90]
جافله [90]
ماله [106]
النخله [110]
الجمّه [117]
أمّه [117]
رافعه [117]
عواثره [118]
عاقره [118]
قادره [118]
أحاضره [118]
تهينه [118]
أواصره [118]
قادره [118]
أحاضره [118]
حاضره [119]
خصله [119]
مرقمه [119]
تلقمه [119]
عمّه [120]
عصافيره [123]
عيطله [123]
حرف الواو تحبو [189]
كفو [219]
الحلو [219]
عمرو [423]
يعلو [924]
تصبو [994]
تربو [994]
عمرو [1322]
يخبو [1460]
يبدو [1529]
نتلو [1636]
ذيل الأمالي العدو [186]
النوادر التنبيه حرف الياء الساري [28]
الباري [28]
عذلي [32]
أصلي [32]
نبلي [32]
أكلي [32]
قتلي [32]
ترتمي [39]
وري [44]
الخالي [46]
أجلادي [57]
رسلي [68]
أبلي [68]
فضلي [68]
يقضي [73]
وسادي [81]
قسادي [81]
التمادي [81]
زاري [82]
يدي [84]
يدي [84]
راقي [85]
الباقي [85]
يميني [94]
أهلي [113]
تنحري [123]
ضربي [132]
صحبي [132]
راسي [160]
طساسي [160]
المواسي [160]
خيتامي [162](1/935)
تصعيدي [165]
أدّعي [169]
أعظمي [170]
أحتمي [170]
التعتي [181]
وصتي [181]
دوي [187]
منطوي [187]
مرتوي [187]
بمستوي [187]
منزوي [187]
بالهوي [187]
مجتوي [187]
منهوي [187]
خوي [187]
لوي [187]
تنشوي [187]
مكتوي [187]
ذوي [187]
بمرعوي [187]
محجوي [187]
مدحوي [187]
مدّوي [187]
ملصي [211]
المغضي [223]
خلتي [225]
تعلّتي [225]
التي [225]
زلّتي [225]
فتخزوني [250]
متري [253]
ناظري [276]
ساعدي [283]
نفسي [296]
رمسي [296]
شمسي [296]
مقتلي [299]
تفعلي [299]
فؤادي [303]
خلقي [309]
فاستقيمي [338]
ينادي [340]
تجري [341]
اسقوني [359]
عيني [402]
خلفي [411]
الراعي [412]
حليفي [426]
قبلي [433]
قتلي [433]
أهلي [433]
أميري [446]
ضميري [446]
التلاقي [461]
بصري [462]
المآقي [466]
تخوّفي [469]
يجري [469]
حادي [473]
ينادي [473]
فؤادي [473]
صادي [473]
مواسي [491]
داحي [495]
ضاحي [495]
حبشي [505]
القري [505]
قري [518]
عرسي [530]
خلتي [553]
قالي [554]
دمي [586]
قدمي [586]
يدي [588]
يميني [603]
سليني [603]
تسليني [603]
ظلموني [603]
صليني [603]
لقوني [603]
عرفوني [603]
لقوني [603]
عرفوني [603]
أوصالي [605]
الحالي [605]
عقلي [606]
الطالي [611]
ضواري [614]
رآني [624]
فدعاني [624](1/936)
لساني [634]
فدعاني [638]
قدري [637]
القاسي [642]
تسلي [643]
ناظري [680]
دائي [681]
أدوائي [681]
أدري [683]
تدري [691]
تداني [709]
أضلعي [725]
حواني [731]
بعدي [761]
دواني [770]
الساري [779]
كالكافي [786]
جلاسي [789]
راسي [789]
تعرفوني [795]
إنسي [808]
الحافي [816]
الخافي [816]
يواتيني [820]
تعاصيني [820]
يقليني [820]
دوني [820]
فتجزوني [820]
تكفيني [820]
يشجيني [820]
يكفيني [820]
يعاديني [820]
تبريني [820]
يغنني [820]
يجزيني [820]
تحبوني [820]
تروّيني [820]
يرميني [820]
اسقوني [820]
ليني [820]
بيني [820]
دوني [820]
فكيدوني [820]
فأتوني [820]
تماريني [820]
يجازيني [820]
تستريحي [823]
شغلي [825]
ظنوني [827]
يميني [828]
يجري [830]
تسري [830]
يزري [830]
شفاني [831]
بناني [831]
سهمي [832]
عظمي [832]
ينمي [832]
ولدي [833]
يمضي [854]
بناني [870]
فيضنيني [873]
حواني [877]
ثاني [877]
آني [877]
اليماني [877]
شاني [877]
داني [877]
تداني [877]
علاني [877]
تنفعاني [877]
يماني [877]
لجاني [877]
الغواني [877]
سيّبوني [879]
تعادي [885]
ضاحي [886]
جناحي [886]
رماحي [886]
شاني [891]
الصفي [906]
طلابي [944]
تصابي [944]
عذابي [944]
أفاني [953]
بشري [970]
أهلي [971]
بالمتداني [975]
الصفي [980]
حتمي [984](1/937)
حسبي [995]
ذنبي [995]
أقربي [996]
راسي [1025]
سامي [1043]
قلبي [1047]
أدلجي [1055]
غربي [1057]
يدري [1064]
صدري [1064]
مقيلي [1067]
قيلي [1067]
سبيلي [1067]
عويلي [1067]
لغليلي [1067]
أفتري [1070]
الكابي [1088]
قبلي [1090]
أهلي [1090]
قبلي [1090]
قتلي [1090]
حبلي [1090]
فعلي [1090]
أهلي [1090]
مثلي [1090]
بيني [1092]
أسعديني [1092]
ديني [1092]
يعدي [1097]
معتلي [1097]
نامي [1105]
آتي [1147]
سمعي [1153]
يدي [1167]
قدي [1167]
مبالي [1172]
بصري [1184]
أماني [1185]
الخشي [1187]
الخشي [1187]
بقي [1187]
الأواقي [1234]
تحوري [1234]
فغوري [1239]
ضميري [1239]
أدري [1264]
تلادي [1293]
كبدي [1294]
قبري [1310]
حسبي [1320]
خطبي [1320]
نفسي [1323]
عرسي [1324]
أمسي [1324]
نكسي [1326]
رمي [1327]
نفسي [1327]
بالتأسي [1327]
خليلي [1350]
تجري [1350]
ظهري [1353]
تسري [1353]
يحري [1353]
فيأتمي [1354]
كسري [1360]
بحري [1360]
تدري [1367]
محفلي [1372]
مقولي [1372]
تباعدي [1396]
ساعدي [1396]
عرضي [1417]
أمامي [1421]
لجامي [1421]
لجامي [1422]
سوامي [1432]
مذكي [1433]
بصري [1438]
قلبي [1439]
قربي [1439]
بسبّي [1444]
رحبي [1444]
يفري [1448]
عدملي [1451]
يغطي [1451]
الطّادي [1452]
المعالي [1453]
مالي [1453]
حالي [1453]
الموالي [1453](1/938)
يرتجيني [1453]
فانفذيني [1453]
جبيني [1453]
يأتليني [1453]
ديني [1453]
زميلي [1454]
أكيلي [1454]
يجري [1456]
اليماني [1457]
صدري [1463]
ندري [1463]
ندري [1464]
عيالي [1468]
نوالي [1469]
فعالي [1469]
خلالي [1469]
المعالي [1469]
مالي [1469]
حالي [1469]
الموالي [1469]
وصالي [1469]
الليالي [1470]
حافي [1474]
المرتدي [1522]
اسقوني [1532]
شكلي [1539]
ينمي [1543]
يرمي [1543]
دمي [1551]
وجدي [1559]
يعدي [1559]
وحدي [1559]
رجلي [1571]
عقلي [1571]
قبلي [1571]
مثلي [1571]
أهلي [1571]
أمامي [1577]
الدوامي [1577]
الضاري [1582]
حياتي [1582]
العالي [1595]
عرضي [1599]
عرضي [1599]
أمضي [1599]
يقضي [1599]
يمضي [1599]
بغضي [1599]
أرضي [1599]
وري [1600]
مائي [1600]
بالمواسي [1600]
قرني [1608]
أذني [1608]
أعني [1608]
خالي [1613]
المنادي [1616]
عايني [1619]
تكرّمي [1619]
الكافي [1620]
فاعقراني [1634]
عتابي [1635]
صحابي [1635]
أثوابي [1635]
غنيّ [1644]
بادي [1662]
ينادي [1662]
تنسي [1669]
نفسي [1669]
ديني [1670]
يقيني [1670]
المماري [1671]
أبي [1676]
أبي [1676]
اقتصادي [1678]
المثري [1690]
سمعي [1694]
دمعي [1694]
ولعي [1694]
يقطعي [1694]
بفجعي [1694]
ذرعي [1694]
دوني [1722]
يكفيني [1722]
بادي [1727]
العادي [1727]
الغادي [1727]
الجادي [1727]
فالوادي [1727]
فادي [1727](1/939)
ذيل الأمالي راقي [8]
باقي [8]
إشفاقي [8]
واقي [8]
راقي [8]
لاقي [8]
ساقي [8]
ماقي [8]
المغذّي [19]
قلبي [24]
بزيّي [26]
صالي [32]
غالي [32]
تمسي [44]
البالي [44]
ينادي [68]
أرمي [71]
مالي [80]
حبالي [86]
شمالي [86]
أهلي [92]
رحلي [92]
ثيابي [99]
بعدي [102]
جانبي [105]
عوّادي [109]
العادي [109]
زادي [109]
لساني [111]
الأثافي [116]
التهاني [122]
هبوبي [130]
قتلي [136]
مثلي [136]
أغرلّي [152]
يملّي [152]
الطّولّي [152]
المسحلّي [152]
سلّي [152]
لعلّي [152]
مخضلي [152]
الخلي [152]
يندلي [152]
ضاري [161]
تغماضي [165]
خدي [172]
وجدي [172]
عندي [172]
أقصري [190]
فاذكري [190]
تكبري [190]
ترني [191]
المردي [196]
وجدي [196]
روحي [200]
أمضي [205]
نقضي [205]
بعضي [205]
الساقي [212]
ريقي [215]
جزعي [221]
خصيلي [227]
مصيري [231]
بعدي [237]
وجدي [237]
وجدي [241]
حمدي [241]
رشدي [241]
بعدي [241]
عندي [241]
لحدي [241]
عندي [241]
تجدي [241]
شائي [248]
صحباني [252]
فاني [252]
إخواني [252]
إبلي [255]
بريقي [259]
ملتفتي [262]
مقدرتي [262]
مصلحتي [262]
جيراني [266]
تبالي [277]
الليالي [277]
صدري [283]
صبري [283]
ناري [297]
إيساري [297]
واري [297]
آثاري [297]
تصليني [298](1/940)
عذلوني [298]
مضجعي [326]
متلدي [326]
علّتي [332]
راحتي [332]
علّتي [332]
خلّتي [332]
عضدي [337]
جهدي [337]
يرتدي [337]
كمدي [337]
يماني [338]
بالألباني [338]
صاحي [339]
طاحي [339]
تردي [341]
يخدي [341]
بجندي [341]
تردي [341]
حدّي [341]
المقدّي [341]
يبدي [341]
وحدي [341]
شكلي [343]
مثلي [343]
النوادر شفياني [1]
سقياني [1]
انتظراني [2]
فذراني [2]
دعاني [2]
المتواني [2]
كلاني [2]
يماني [2]
يماني [2]
يماني [2]
يماني [2]
شفياني [2]
سقياني [2]
ألواني [2]
فكلاني [2]
ازدرداني [2]
مكاني [2]
لكفاني [2]
لأتاني [2]
لساني [2]
أتاني [2]
نجاني [2]
النطيّ [3]
عاني [6]
فأماني [6]
يحابي [11]
عذابي [11]
مسالكي [11]
فيميني [37]
عذلوني [37]
دمي [44]
يرمي [51]
الثماني [56]
ركلي [104]
يمضي [109]
التنبيه عذلي [7]
قتلي [7]
وداوي [7]
قتلي [7]
كسري [7]
بصري [10]
سوادي [12]
لي [12]
التعتي [17]
المعتّي [17]
المدمي [19]
خلقي [28]
تجري [30]
توبي [44]
أكفاني [45]
قدي [50]
بطني [50]
لساني [57]
مدحتي [58]
كالكافي [68]
جناحي [78]
صباحي [78]
رماحي [78]
أمثالي [80]
تلهفي [91]
تحوري [100]
تسألي [100]
اعجلي [100]
علي [100]
أجلي [100]
ترتمي [131](1/941)
فهرس الموضوعات
الموضوع رقم الفقرة
فهرس الجزء الأول من كتاب الأمالي
* مقدمة القالي 1
* فضل العلم وبذله لسمتحقيه دون غيرهم وأدب وصور من حياة القالي العلمية وأثر السلطان في نشره 2
* تفسير {مََا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهََا} 3
* معنى النساء في الأجل والرزق 4
* تفسير {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيََادَةٌ فِي الْكُفْرِ} 5
* تفسير {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} 9
* تفسير {فَأَرْسَلْنََا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} 13
* أصل اللحن 18
* تفسير {وَغَدَوْا عَلى ََ حَرْدٍ قََادِرِينَ} 21
* حديث السحابة 22
* معنى القواعد ورحى الحرب 23
* حديث: لا بتي المدينة وتحريمها ومعنى اللابة 24
* حديث: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار» 25
* دعوة أعرابي في اللجوء إلى الله والاستعاذة من الهوى والباطل 27
* خطبة عبد الملك بعد قتل مصعب بن الزبير 28
* معنى الزبن والزبانية 29
* حرب عبد الملك مع مصعب وخروجه لقتاله 30
* ترك ما ينكره الناس وآقات الكبر 33
* من رسائل عبد الملك إلى الحجاج 36
* من أمثال العرب 38
* الكلمة الطيبة 40
* كم من متبع بالذنب ليس له ذنب وكذا المديم والمحب 41(1/942)
* حديث البنات الثلاث وما يحببنه في الأزواج 42
* الحذذ والأحذ 43
* الثمل 44
* البرم 45
* معنى حليلة الرجل وأسماء الزوجة 46
* ترتيب أسنان الإبل وأسمائها 47
* سلوة المحبوب، والعلاج بالهجر، وعلم التجارب 49
* تعدد الزوجات وما يقال للأولى 50
* معنى الحدث 56
* أسماء من يحب محادثة النساء 56
* الجثمان 57
* الشدف 58
* مادة: نجد 60
* النقاد، الحافرة، نخرة 62
* عصب الريق 64
* أرق أشعار العرب وشعر في الحياء والهوى والشوق وألم الهجر 66
* مادة: قرح 67
* الحيزبون 69
* عصيان الوشاة 70
* صروف الدهر وشعر في لهفة المحبوب 71
* الشكر، وبعض الذّكر أنبه من بعض 73
* من أخبار كثير 75
* أجبل الحافر 75
* ذم البخل وفضل الجود 79
* رثاء العطوي لأخيه 83
* شعر في مرارة الحب والهوى وما يترتب على ذلك 84
* وصف غلام يمني لعنزله 88
* ألوان المعز وتفسير الألوان 92
* خبر الرجل العامري مع امرأته 94
* خبر بعض الشباب العاشقين 102
* أسماء الشيء البالي 104
* قصيدة في فضل الحسب وصنائع المعروف 105(1/943)
* خبر امرأة بالبادية كانت تطوف حول قبر 107
* شعر في مدح ثقيف 108
* شعر في مدح إعانة الصديق 109
* كل يمشي إلى منّيته وترك الأسى على ما فات 110
* شعر في التواضع مع علو القدر 111
* شعر في مدح بني شيبان 112
* مدح آل المهلب 113
* وصف شاب لفرس اشتراه 114
* من أوصاف النساء 119
* ألم الهجر والصدود ومتى ينفذ الوشاة 122
* خبر الراعي الذي أنذر قومه فأخذوا بقوله فنجوا 125
* شعر في ترك الفاحشة خاصة بحليلات الجيران 128
* ملاحاة أعمام عمارة بن عقيل مع أخواله 129
* شعر في ترك الفاحشة بحليلة الجار والصديق وذم الغدر 132
* شعر في وزن الرجل بعمله وكرمه وخيره لا بصورته وهيئته 133
* قصيدة عبد الله بن سبرة الحرشي حين قطعت يده في بعض غزواته 134
* ما جرى في مجلس أبي عمرو بن العلاء بن شبيل بن عروة ويونس 137
* قول الأحيمر أحد لصوص بني سعد قبل وبعد توبته 138
* خبر الجاحظ حين فلج 140
* وصف أعرابي لخيل، وإبل 142
* وصف أعرابي لبنيه 146
* ما قاله الأعرابي حين اشتاق إلى وطنه 149
* شعر حجية بن مضرّب في مدح بعض الملوك 150
* شعر في الهجر والشوق وألم الفراق 151
* لاتهن أحدا فربما وجد فرصته فهانك وخبر هشام بن عبد الملك في ذلك 160
* وصف غلام لبيت أبيه 164
* مادة فرع 165
* من عادات الجاهلية 166
* من مادة: فرع 167
* مادة: غور 169
* خبر سبعة آووا إلى غار فانسد عليهم فهلكوا وقول أبوهم في ذلك 170
* ما قبل عند موت حصين بن الحمام وما نعاه به أخوه 172(1/944)
* ما قالته امرأة تبكي رجلا عند قبره 173
* من لطائف المحبين 175
* أسماء الغضب 181
* قول كثير في السوق عن عزة 182
* أهمية الكلمة والحذر من عاقبتها، وما قيل في فضل بقاء الأخوة على مودتهم وميراثهم، وغير ذلك 185
* شعر في ذي الوجهين 187
* شعر الأحوص في سؤال يزيد وفطنته في ذلك 190
* نمّ العين عن صاحب الحب والهوى 193
* الوفاء للمحبوب 194
* شعر في الشباب والمشيب والفرج بعد الشدة والمنية 195
* ما وقع من المفاخرة بين طريف بن العاصي والحارث بن ذبيان 201
* من مادة عقل 203
* من مادة رهق 204
* أسماء الكسر والغلبة 206
* التعفف عن المعاصي والخمر خاصة لمن شاب سنه 214
* عفاف المحبين وحيائهم 216
* شعر في ظهور آثار الحب على المحبين وإخفاء الهوء 217
* صفة الزوج والزواج واحتجاب العروس عن النسا شهرا 221
* شعر جرل يصف إبلا 223
* شعر في إجابة المسألة ونصر الطالب، إن أصابتهم نعمة لم يطروا وإن ذهبت صبروا، وغير ذلك 228
* علامة الأخوة وذي الوجهين 229
* أحب البلاد 230
* ما قاله الشعراء في وصف الحديث مدحا وذما، ومعه أشعار في الحب ولهيبه، حديث المحبوب 231
* مرض الحبيب لمرض محبوبه، وأحسن ما سمع في القسم 239
* مساعدة لمن رزق مالا لإخوانه الفقراء 241
* خبر ليلى الأخيلية مع الحجاج 242
* مادة: رفد 243
* من مادة: بلط 244
* ما يقال في وصف الرجل لا يملك شيئا 246(1/945)
* من أسماء العقل 248
* من أخبار السبايا 249
* خطبة مرثد الخير في الإصلاح بين سبيع بن الحارث وميثم بن مثوب 250
* الشحناء، الجذر، التخبط والتخمط 251
* الحقيبة والاستحقاب 252
* من مادة: ثرى 253
* من مادة: قرف وقمن ما يشبههما 259
* من مادة: برق، ورعد 261
* من مادة: غفر 263
* ما قيل في طول الليل 269
* العلة في طول الليل 273
* من أمثال العرب 279
* ما جرى لمالك بن أوس عند موته، وموعظة في الموت، وسوء الخلق، والزواج 282
* من أيمان العرب التي أقسمت بها 283
* تفسير {وَإِذََا أَرَدْنََا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنََا مُتْرَفِيهََا}، وشيء من أمثال العرب 284
* ما وقع بين رجل وزوجته من ملاحاة ومشاتمة ووصف كل منهما لصاحبه 285
* من أمثال العرب فيمن يطلب الأمر التافه فيقع في هلكة 289
* شعر في الشيب وتغير الحال والاتعاظ بذلك 295
* أسماء العام (بمعنى السنة) 308
* شعر في الشيب 309
* قول خالد بن عبد الله القسري حين صعد ليخطب فأرتج عليه 310
* شعر في الشيب 311
* الإحسان إلى الناس والانفاق عليهم وما يترتب عليه من طيب الذكر 318
* أسباب المجد وشدة سبيله 319
* شعر في النذالة وإنكار المعروف وشيء من أمثال العرب 320
* خطبة أعرابي كان يسأل بالمسجد الحرام 322
* من أقوال العرب 324
* أسماء الماء 325
* أسماء ضعيف البصر 326
* صدق الأخوة وبذل الماء والوفاء 328
* من أمثال العرب 329
* من أخبار امرئ القيس 331(1/946)
* مادة: عرض 332
* خبر كرم يحيى بن طالب الحنفي وركوبه الدّين واضطراره لسؤال السلطان 341
* شعر في ألم الفراق 343
* من أمثال العرب 351
* خبر زبراء الكاهنة مع بني رئام من قضاعة 357
* من أمثال العرب عند الغضب على الصاحب 358
* من أقوال الرعب وعقائدهم القديمة 359
* العز والصدق واجتناب الحسد والتخلي عن الباطل 361
* خبر عوف بن محلم مع عبد الله بن طاهر وفضل الغنى وما يترتب على الغنى والفقر 362
* شعر في ألم الفراق 363
* تذكر الماضي إذا وجدت أسباب الذكرى وألم الفراق 364
* من أمثال العرب: أينما أذهب ألق سعدا 368
* هياج الأشواق إذا وجد سبب الذكرى والهياج 369
* خبر خنافر بن التم الحميري وإسلامه 378
* شعر في الحب والوشاية فيه والشفاعة للحبيب والسلو عن المحبوب 382
* لمج وملج ومحج، ملح 384
* وصف عمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص لنفسه 391
* وصف بعض الأعراب لقومه 393
* الداء العضال والهوى والحسد والكذب والمنع والغنى وغير ذلك 395
* من أمثال العرب 397
* ود الحبيب لو طار إلى محبوبه بجناحين ومن شعر الشوق والفراق 399
* الإعراض عن الجاهل صيانة للنفس والعرض 404
* من أمثال العرب وأقوالهم 409
* خبر مصاد بن مذعور مع الجواري الأربع 410
* شعر في تقلب الحال، وصروف الدهر، وترك الأمن له، والصبر 410
* خطبة بعض القرشيين عند عبد الملك، وسؤاله إيّاه وثناؤه عليه في السفر، والهجر 419
* من أمثال العرب وأقوالهم 428
* خبر الرجل الحميري في اختبار ولديه عند موته، وأحب وأبغض الرجال والنساء والخيل والسيوف 431
* أسماء النميمة، ومن مادة: هب 432
* شعر في الحب وتقديم أهل المحبوب على الأهل 433
* من أخبار خلف الأحمر، وقوله في مرضه الذي مات فيه 436(1/947)
* من أمثال العرب 440
* مادة: خلف 441
* سؤال معاوية عن قبائل العرب 443
* خبر معاوية والخطباء عند بيعة يزيد 445
* شعر في الحب والوصل والهجر والفراق، وتأبي الحب على الكتمان والوشاة 446
* مرافات عبس، وما يقال لمن كرهت مرآته
* من أمثال العرب 474
* مرادفات استقبال الرجل بما يكره 476
* خطبة هانئ بن قبيصة لقومه يوم ذي قار في الثبات وترك الفرار، وملاقاة المنية، والصبر وترك الحذر 478
* شعر في الغنى والمال والحلم والعزم، والصبر والتعزي وصروف الدهر وفضل استفادة الأدب على الفضل والمال 480
* وصف أعرابي للمطر 484
* عزّة العلم حين يغزر 489
* من أمثال العرب 490
* مادة: حسس 491
* من أمارات الأخوة ولوازمها 492
* متفرقات في وصف السحاب والمطر والرعد والبرق ونحو ذلك 494
* خبر بلاد ذحج حين أجدبت فبعثوا روّادا منهم يبحثون عن موضع كلأ 517
* شعر في الحب والوشاية 525
* من أمثال العرب وأقوالهم 526
* مادة: عقب 527
* شعر في الحب وألم الفراق، ومنزلة المحبوب وحقيقة الغريب، والوشاة 532
* وصف خمس جوار لخيل آبائهن 537
* شعر في الحب وألم الفراق والحنين للمحبوب وقول رجل طلق امرأتين 543
* من أمثال العرب 550
* مادة: خلل 551
* الفرصة خلسة، والحياء، والهيبة، والحكمة ضالة المؤمن 560
* موعظلا أعرابي لابنه وقد أهدر ماله 561
* أمارات الأخ، والناصح المشفق 562
* الدين والمال والعلم 564
* شعر في تزيّن المغيبة حين يقدم زوجها 565(1/948)
* شعر في تذكّر المحبوب، وحبّ ما يذكّر به في شبه أوصف، وألم الهجر، وطلب الوصل 566
* ما قيل في: الحسد، الزّهو، العجب، الجهل البخل والشهوة، والعقل، والهوى 573
* المودة والصداقة والعداوة، واللئام 575
* حسن سؤال رجل لعبد الملك 577
* جواب أعرابي حين سئل عن امرأة 578
* الكبر، والحسد، وسوء الأدب، والجبن، والقسوة على الضعفاء، والبخل 579
* رحم آدم، ووصل معاوية لها 580
* المسألة، ودعوات مستجابة 581
* أحدّ وألذّ شيء: الناب والقبلة 584
* شعر في امرأة فزعة 585
* من أخبار المأمون والعفو عند المقدرة والندم توبة 586
* من أمثال العرب 587
* مادة: ذرأ 587
* شعر في السلو عن المحبوب والبعد عنه تكرّما إن بدأ بالصد 594
* شعر في الحفاظ على المحبوب من ألسن الناس 595
* شعر في هوى المحبوب وترك عتابه، والتغزّل بأوصافه وقصر الوقت معه وإن طال، وتحمل اللوم فيه 596
* من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية تكرما وصيانة 605
* مادة ثعف، ومرادافات: لصق 611
* أسوأ ما في الكريم وخير ما في اللئيم 617
* رسالة رجل إلى أخ له سأله 618
* الكرم، وبيع اللّبن 619
* فضل الربيع بن زياد، وأدب الصحبة، ودلالة المكتوب على عقل كاتبه 622
* قول أعرابيّ أنكر غسل وجهه ورجليه قبل الاستنجاء للوضوء 623
* خبر المجنون في تتبّعه آثار المحبوب وقوله في ذلك وتوجعه من فراقهم، ومن أشعار الدموع 624
* من أمثال الرعب 637
* مادة: بشر 638
* مادة: خفى 639
* مادة: خيف: وخوف 640
* أدب الولاة، وبذلهم العطاء لكلّ أحد 641(1/949)
* شعر في عفة الحب وأنواعه، وجفاء المحبوب 642
* شعر فيمن تسلّى عن الأولى بثانية فذكّرته بالأولى 643
* دوام المحبة رغم الفراق 644
* صلة الرحم 645
* وصف أعرابي للناقة 646
* دعاء أعرابية على رجل 647
* آثار الفقر والحاجة 648
* أولى الناس بالفضل، وسبل تزكيه العقل، وأمارة العقل وحسن التدبير 649
* ما قيل في قضاء الحاجة وردّ المحتاج، وفقد الصديق 650
* ما قيل في ممازحة المحب وغفران زلات الإخوان ومحادثتهم 662
* خبر المجاشعي في حبّ ابنة عمّه، وما أصاب قلبه وجسده في ذلك، وما قاله في حبها، وتوجعه من هجرها، وثباته على حبها، وما قيل في هذه المعاني 665
* من أمثال العرب 684
* مادة: أكل 686
* شعر في الصبر، والغنى والفقر، واختيار العلياء في أيهما كانت 688
* شغل المجنون بمحبوبة في صلاته 689
* صفات الزوج الصالح واختبار الناس قبل الحكم والجرح والتعديل 690
* من طرق شكر الناس الثناء عليهم والإخلاص لهم 691
* مواضع الإيجاز والإكثار 692
* من أمثال العرب، وتفاخر رملة بنت معاوية مع زوجها 693
* وصف أعرابي لرجل جسيم يعمل بوابا لبعض الملوك 694
* هبة القرآن، والعمل بما حفظ الإنسان منه أولى من الزيادة في حفظه 695
* حفظ العلم في الصدور أولى من حفظه في الكتب 696
* الشباب والشيب، ومن أقوال العرب 697
* فضل الأدب، ورفعته لمن لا نسب له 698
* شعر في الحب والهوى والحنين للمحبوب، ووحشة الفراق وطلب النجاة من الهوى وصروف الدهر 699
* من أمثال العرب 703
* مادة: كلل 704
* خبر حب المأمون لجارية الرشيد وما جرى في ذلك 706
* ما قيل في العناق، وامتزاج أرواح الحبيبين 707
* ما قيل في فتور الطرف والعين في الهوى 717(1/950)
* ما قيل في ريق المحبوب وثغره 722
* ما قيل في طروق خيال المحبوب وتمكّنه من أحلام الحبيب 725
* ما قيل في مشي النساء 731
* ما قيل في الحسن، والغزل في المحبوب وتمنعه على غير النظر 735
* ما قيل في وصف اليد، وأعواد النساء 739
* الفرق بين الصالحين والفجار والبطانة الصالحة وما قيل في ذلك 744
* الكذوب والحسود والبخيل، والملول، وسيىء الخلق وكتمان البخل 745
* التنزّه عما ينكره الناس، وأسباب السيادة 746
* من أمثال العرب 747
* أقوال العرب في معنى «لا أفعل ذلك أبدا» 748
* من مادة: وتر 760
* شرح بعض الألفاظ، ومن أقوال العرب، ومن مادة: سن 761
* بيت الرعية والسلاطين، وقول عتبة في ذلك، وما قيل في: اللو 767
* بخل الأغنياء وجود الأسخياء، والتعفف عن المسألة وتقلب الأحوال، وصون النفس، والشجاعة والكرم وما قيل في ذلك 769
* الزهد في الدنيا، وتقسيم الأرزاق، والعلم وتأثير الزمان والبيئة في الإنسان، والكريم واللئيم، وصحبة الأخيار والفجار 781
* بين الرعية والسلاطين ومعاقبة الرعية على الطعن في الولاة وتنقص السلف والمعصية 784
* بذل المعروف والفضل على الإخوان وشكر المولى سبحانه وإكرام الضيف 785
* مدح أبي العتاهية لبعض الأمراء وخلعه عليه لذلك، وحسد الشعراء 789
* من أمثال العرب 790
* أخذه بأجمعه وحذافيره، وما يرادف ذلك 792
* جلاء العروس، ومادة: جلل 793
* عادة العرب إذا اقتتلوا وبدا لأحد الفريقين الصلح 801
* صفات البطانة الصالحة، والعناية بطلبها ومن أوصاف الرجال 802
* ما يقال في معنى: ما بالدار أحد 805
* الوفاء بالعهد 810
* ترك الكبائر، والإحسان للجار والتفكر في العواقب والنظر في الكلام لعدم المقدرة على رد ما خرج من لسانك ومدارة الرجال والحذر من عداوتهم والاستعداد للأمور قبل نزولها والثروة وموادة من لا يودك وحسن الصحبة في السفر وبذل المال 811
* الجود 812(1/951)
* موعظة في الدنيا والآخرة 813
* ذم المرء 814
* وصية رجل لبعض الملوك في ترك السهل والحذر من العدة بما لا يملك الوفاء به والحذر من نقمات الله ومراقبة العواقب 815
* مراعاة أسباب الود وترك العتاب ومواعظ التجارب 817
* قصيدة ذي الأصبع في هوى ريا أم هارون وصلة الرحم والوفاء للأصدقاء، والنزوع للأصل وإن تخلق المرء ببعض الأخلاق إلى حين، وترك الهون، ومفارقة من أبي المصاحبة، والجزاء من جنس العمل 819
* أصناف الناس وأوصافهم 821
* مفاضلة قيس بن رفاعة بين النعمان اللخمي والحارث الغساني 822
* الشجاعة وذم الانهرام وشعر في الافتخار بالإقدام والثبات 823
* خبر رجل به لوثه وهوج مع كونه أحفظ الناس للشعر 828
* من رثى قتيلا قتله قومه 829
* كرم الضيف وشعر نويره في رثاء ابنه 830
* شعر فيمن قتل أخوه أو ابنه على يد قومه أو ابنه فلو ثأر له فلو رماهم لأصابه سهمه! وترك الأمن لمن بدأتهم بالظلم 832
* مادة: غرر 835
* الخوارج، وجزاء الإحسان، والعفو عند المقدرة، ومن أخبار الناس مع الأمراء 836
* رثاء أبي الهيذام لأخيه 841
* اعتذار رجل لبعض الملوك 846
* قول العتبي لأبي قلابة حين تخلف عن الدرس وأسباب التخلف 847
* خبر عبد الله بن علي مع إسماعيل بن عمرو حين قتل عبد الله من قتل من بني أمية 848
* قول الأحنف في تجنب وصف النساء والطعام في المجالس 849
* كرم الأصل، واللؤم والحرص على الشهادة، وكثرة السادة في الأقوام والافتخار بالشجاعة 850
* شعر في المراثي، والاتعاظ بصمت الموت 853
* قصيدة جميل في هوى بثينة وانتظاره لوصلها، وذم الوشاة ووصف الحب 856
* فقد القرم هو الرزية وليست الرزية فقد مال 857
* موعظة بليغة للمأمون الحارثي 859
* أسباب السيادة 861
* من أمثال العرب 868
* مادة: جبأ 869(1/952)
* مضر الحاجب على من اتخذ له حاجبا 870
* شعر في الهجاء 871
* شعر رجل يصف جملا 874
* الفقر والغنى والتخلي عن الإقتار والبطر والحقد، التحلّي بنصرة القوم وصلة الرحم وبذل المال 876
* قول جحدر في سجنه حين حبسه الحجاج 877
* طول اللحية لا يعني شرف الفتى 878
* ثناء وفد العراق على أميرهم مصعب 879
* من أقوال العرب وخبر الأعرابي الذي نزل على قوم من بني العنبر 880
* المغالاة في المهور وما يترتب على ذلك 882
* وصف نار 883
* شعر في من بكى إذا رأى ما يذكره بمصيبته 884
* شعر في تغير الحال 886
* شعر في المراثي والمدح والجود والأخوة والشجاعة 887
* شعر في الوجد والحب 898
* خبر في أن الأيام دول وتبدل الحال 899
* صفات المنزل الصالح للإقامة فيه 903
* من سرّه بنوه ساءته نفسه 904
* ما في طول العيش 905
* سعي عمر بن أبي ربيعة في زواج حبيبين فقيرين وعودة عمر إلى قول الشعر بعد امتناعه 907
* قول أم خالد الخثعميّة في جحوش العقيلي 908
* شعر في الانصراف عمن شغل بهوى قديم 909
* وصف جحوش صاحب أم خالد 910
* من أقوال العقيلين 911
* من أمثال العرب 914
* ما تبذله الأم لابنها ومخاصمة أبي الأسود وامرأته في ابن لهما 917
* ما تلحقه العرب في الاستفهام الاستنكاري بآخر الكلمة 918
* شعر في مقابلة المعروف بالإسادة 921
* الإحسان للإخوان 922
* المفاضلة بين شعر خالد بن الحارث وشعر ابن أبي ربيعة 924
* ما أطلقته العرب بمعنى: الأصل 925
* الأحسن والأقبح والأسرع والأشد من النساء والرجال والأرانب وغيرهم 931(1/953)
* من حيل النساء عند الخطّاب، وشيء من أمثال العرب 933
* شعر لابن أبي ربيعة في حب هند ووصف قربها وبعدها عنه 935
* شعر لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في هجر المحب وأثره في الحبيب 936
* موعظة بليغة للأحنف بن قيس في الكرم والنقمة واللذة والندم والزهد والاقتصاد والهزال وأمن الزمان والكبر والصدق ومشورة النساء وكفر النعمة والغدر وصحبة الجاهل وإصلاح الدنيا والصلة وغير ذلك 938
* الحكمة والتجارب والتسويف والوفاء بالوعد 939
* من دعاء العرب 940
* خبر الجارية التي اشتراها أبو السمراء لعبد الله بن طاهر وتحسرها على مولاها الذي كانت عنده 941
* من صفات الفم، وخبر العرب مع الفضة 942
* الكلمات التي تعاقب فيها الصاد والضاد 943
* شعر ابن أبي ربيعة في حب سكينة ووصلها 944
* شعر في حذر المرأة من الاختلاط بالرجال 945
* شعر في التوجع لفقد المحبوب وشيء من أقوال وأمثال العرب 946
* دق وكسر وحطم وما في معناهم 956
* من أمثال العرب 962
* خبر الحسن البصري ورده على من هنّأه بغلام ولد له 963
* موعظة القرظي لعمر بن عبد العزيز في أوصاف بطانته 964
* نصيحة بليغة لعبد الملك بن مروان لبني أمية وقبح البخل وفضل الجود 965
* وصف العجول والغضوب والملول والحر والشرّه 966
* صيانة العقل والمروءة والنّجدة والخلّة 967
* الانتقام والمشاورة والمواساة والكبر 968
* شعر في تأبّي الحبيب على الوصل 969
* وصف المحب وتجشمه للصعاب من أجل محبوبه 970
* شعر في الشوق إلى الأوطان 971
* شعر في محو الحب الثاني للحب الأول 974
* تهييج القديم في النفس إذا وجد ما يذكر به 975
* شعر في تجشم الحبيب للصعاب من أجل محبوبه 977
* شعر في كتم الهوى وعدم العلم بالمقدور 978
* الكلمات التي تتعاقب فيها الفاء والثاء 980
* الزواج من اثنتين 983(1/954)
* خبر الأصمعي مع بعض أهل حمى ضرية وشعر في الندم وعاقبة الغم 984
* شعر في الندم 985
* من أخبار عمر بن عبد العزيز وعدله 986
* الجود والوفاء والصدق والشكر ورعاية الحقوق والإنصاف والتواضع 987
* أفضل العقل والعلم والمروءة والمال 988
* ملاحاة الوليد بن عقبة وعمرو بن سعيد بن العاص في مجلس معاوية 989
* شعر لطفيل الغنوي في وصف حال بعض الظعائن 990
* حق على العاقل أن يزهد في الدنيا ولا يتبعها نفسه 991
* خير الإخوان وإخوان الصدق 992
* شعر في الأخوة 994
* شعر في تفضيل المحبوب على النفس والعفو عن ظلمه 995
* الطرب لسماع أخبار المحبوب 998
* غلبة الحب وتمرده على الكتمان 1000
* خبر الأحنف عن معاوية في مدح الولد 1001
* شعر في الشجاعة وقوة النفس وأثره 1002
* ما تتعاقب فيه اللام والنون 1003
* نصيحة الحسن لعمر بن عبد العزيز في الصبر على التداوي والطاعة 1012
* موعظة عمر بن عبد العزيز في ذم الدنيا 1013
* شعر لعمر بن عبد العزيز في موعظة من تقدم به العمر 1014
* ما جرى بين إسحاق العدوي وذي الرّمة في ذم النبيذ 1016
* خبر في الوشاة وحفظ السر 1017
* خبر الأعرابي الذي سأل خالد بن عبد الله القسري 1018
* خبر العجاج مع عبد الملك بن مروان وترك العجاج للهجاء 1019
* شعر في اللئام 1020
* قضاء الحوائج وقول الناس عند ذلك 1021
* خبر عثمان بن إبراهيم الخاطبي مع عمر بن أبي ربيعة 1025
* من أمثال العرب 1027
* ما تتعاقب فيه الميم والباء 1029
* كلام لعلي بن أبي طالب عن الدنيا 1039
* كتاب عمر بن الخطاب إلى ولده عبد الله في الحث على التوكل والتقوى والنية 1040
* موعظة بعض الحكماء حول محاسبة النفس والصبر والإخوان والدنيا 1041
* من دعاء بعض الأعراب عند الكعبة 1042
* شعر في فناء الأشياء وتغير الحال 1044(1/955)
فهرس الجزء الثاني من كتاب الأمالي
* شعر كثير في هجر عزة له 1045
* شعر في سقم المحبين على الدوام 1046
* من كلام العرب 1047
* قول عبد الملك حين حضرته الوفاة في ذم الدنيا 1048
* كلام بعض الحكماء عن الدهر والعمل الصالح والنفس والهوى 1049
* قول بعض الحكماء في النظر لسوء المنقلب وترك الاغترار بطيب العيش 1050
* وصية عمير بن حبيب لبنيه حول مخالطة السفهاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 1051
* خبر أبي حثمة مع عمر بن الخطاب حول العنب والرطب 1051م
* الزنا 1053
* شعر في الخمر 1056
* شعر عمارة بن عقيل في حمادة وفخر بما مضى من حب 1057
* شعر في تأبّى الحب على الكتمان 1058
* شعر في مكانة المحبوب 1059
* شعر في تأبي الحب على النسيان وإن نأت الدار، والطرب لأخبار المحبوب 1060
* ما قيل في خفقان الفؤاد 1061
* شعر في أخبار القلب إذا نأى المحبوب 1063
* شعر في طرب القلب إذا سمع اسم محبوبه 1064
* قصيدة الوقاف ورد بن ورد الجعدي 1065
* شعر لكثير في تأبّى المحبوب على النسيان وصفات المحبوب وذم الوشاة 1067
* أسماء المباراة والمناظرة 1070
* من أمثال العرب 1072
* ما تتعاقب فيه العين والحاء 1074
* ما تتعاقب فيه الهمزة والهاء 1075
* ما تتعاقب فيه السين والتاء 1076
* خبر عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في وصف النبي صلّى الله عليه وسلّم 1077
* الفرق بين أهل العلم وأهل الجهل 1078
* خبر بعض الأعراب في سؤال بعض الملوك ومطالبته للملك بحسم أمره 1079
* دعاء أعرابي في الفقر والمعافاة والبطن والفرج 1080
* الإنصاف والمواساة 1081
* خبر طريح بن إسماعيل في الجمع بين عطائه وعطاء غيره، شعر في الشركة 1082(1/956)
* خطبة عمرو بن سعيد في تولية يزيد بن معاوية 1083
* خبر أعرابي دخل على بعض الملوك يمدحه 1084
* شعر في الوفاء وعدمه 1085
* مرثية ربيعة الأسدي لابنه ذؤاب 1088
* مرثية سلمة بن يزيد في أخيه لأمه قيس بن سلمة 1089
* المفاضلة بين ابن أبي ربيعة وجميل بن معمر العذري 1090
* شعر في الوفاء للمحبوب 1091
* خبر قيس بن ذريح في طلاق لبنى نزولا على رغبة أبيه وتوجعه لفراقها وتقبيله التراب الذي مشت عليه وغير ذلك 1092
* من أمثال العرب 1094
* إبدال الياء جيما في لغة فقيم 1095
* ما تعاقب فيه الحاء الجيم 1096
* ما تعاقب فيه الهمزة العين 1097
* وصية أم لابنها عن النميمة وحفظ الدين والجود والحلم الغدر 1098
* وصف أعرابي للدنيا 1099
* قول عبد الملك في السياسة 1100
* الحسد 1101
* الصبر، السخاء، الجود بالحق 1102
* المشاورة، صدق النصيحة، وإخلاص المودة 1103
* وصية زياد لعماله 1104
* قول أعرابي في تمدحه بنسبه 1105
* هجاء بعض الأعراب لأخيه شقيقه 1107
* قصيدة جميل في خصومة جرت بينه وبين بثينة 1108
* شعر في ثبات الحب رغم الهجر 1109
* شعر لطفيل يصف إبلا 1111
* مرثية مسلم بن الوليد ليزيد بن مريد 1112
* مرثية زينب بنت الطثرية في أخيها يزيد 1113
* شعر أم الضحاك في حب زوجها 1115
* دواء الحب 1116
* قول زينب المرية في هوى ابن عم لها 1118
* تأبّي الحب على العلاج 1122
* مرثية عكرشة لابنه 1124(1/957)
* شعر في بذل الود بين الإخوان 1125
* وصف النار 1127
* من أمثال العرب 1128
* ما تعاقب فيه النون الميم 1129
* فعل الدهر بالإنسان 1135
* قول عليّ في الهيبة والحياء والفرصة والحكمة 1140
* موعظة عليّ لابن عباس 1141
* شعر في اطلاع الله على عباده على الدوام 1142
* شعر في البلاء الأكبر، وهو النار 1143
* العالم والجاهل 1144
* حكمة من أحمق 1146
* كل ما هو آت: آت 1147
* شعر في السلو 1149
* مرثية لأم معدان الأنصاري ترثي فتيانا رزئتهم 1150
* من أمّل رجلا هابه، ومن قصّر عن شيء عابه 1151
* شعر في حفظ الحب مع الهجر 1152
* مكانة المحبوب 1153
* ما تعاقب فيه الهاء والحاء، وشيء من أمثال العرب، وموعظة مطرف في أدب السّير 1155
* عزاء أهل اليمن لبعض الناس في موت أخيه، والتسليم للقدر 1156
* عزاء بعض الأعراب لآخر في أخيه 1157
* التهنئة على الثواب أولى من التعزية على المصيبة 1158
* عزاء الوفود لسلامة ذي فائش في ابنه 1159
* خطبة عمر بن عبد العزيز في الجزع، والدنيا 1162
* ولا رأي لحاقن 1163
* خبر عبد الملك بن مروان وبطانته في أحسن ما قيل في الشّعر 1165
* شعر في مدح بعض الفتيان، والصبر عند مصيبة الموت 1166
* شروط هند بنت عتبة على أبيها في أمر زواجها 1170
* خبر البنات الثلاثة اللاتي منعهن أبوهنّ من الزواج، وقولهنّ في ذلك 1171
* ما قاله بعض الأدباء في وصف بعض الثقلاء، وبعض الشّعر في ذلك 1173
* خبر عزة كثير مع عبد الملك بن مروان 1178
* قصيدة لكثير في عزة 1179
* شعر في التوجّع من الهجر، وتأبّي الحب على الكتمان 1183(1/958)
* وصف الحجاج لنفسه 1186
* ما يكون بالخاء المعجمة والمهملة من الكلمات 1187
* ما تعاقب فيه الدال التاء 1188
* شعر في الحب وجمال العين 1189
* ما تتعاقب فيه السين والثاء المثلثة 1193
* ما قاله عمرو بن معد يكرب في مدح مجاشع بين مسعود حين وصله 1194
* وصف رجل بالصبر والشجاعة 1195
* خبر خالد القسري مع المنصور 1196
* وصف الزبير بن عبد المطلب للنبي صلّى الله عليه وسلّم وجماعة آخرين 1197
* ما وصفت به هند بنت عتبة ابنها معاوية 1198
* ما وصفت به ضباعة بنت عامر ابنها المغيرة بن سلمة 1199
* ما وصفت به أم الفضل ابنها عبد الله بن عباس 1200
* العقل، واللحد، والضريح 1201
* إذا المرء لم يترك طعاما يحبه 1204
* شعر في المراثي 1205
* شعر في كلاب الناس وأخلاقهم 1207
* شعر في المعاتبة، وطول الثنائي 1208
* ما يجيئ من الكلمات بالثاء المثلثة والذال المعجمة 1209
* وصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه للدنيا 1211
* وصف بعض الأمراء حين عزل عن عمله 1212
* مناقب عمر بن الخطاب ومعاوية 1213
* وصف صحبة السلطان 1214
* ما وقع بين عمرو بن براقة وحريم المرادي من القتال، وما قاله عمرو في تمدحه بالظفر من حريم 1216
* مقتل سماك بن حريم، وثأر مالك بن حريم لأخيه سماك، وما قاله مالك في ذلك 1218
* شعر الشعبي في صبا ابن الأربعين 1220
* ما تتعاقب فيه السين والشين 1221
* خبر بعض العشاق كانت له ابنة عمّ يحبها، وما قاله في الحب والهوى 1222
* خبر مجنون ليلى حين طالبه أبوه أن يدعو بالراحة من ليلى فدعا الله أن يمن عليها بوصله، وما قاله في ذلك 1223
* شعر في الرزق وإجمال الطلب، وخبر الكتنجي مع المتوكل 1224
* شعر في رأي العبد 1226(1/959)
* قول الحسن بن سهل في الشفاعة 1227
* شعر في ترك العتاب لعدم نفعه، والشافعة، والصمت 1228
* شعر في الجود والبخل 1229
* شعر في الوشاية 1231
* من أخبار مهلهل بن ربيعة، وسبب تلعيبه بمهلهل، وثأره لأخيه، وقوله في ذلك 1233
* من أمثال العرب، وأقوالهم، ومعنى: الحور بعد الكور 1235
* ما سمع من العرب من لغات في: لعلّ 1251
* ما تعاقب فيه العين المهملة والغين المعجمة 1252
* كتاب كلثوم بن عمرو إلى صديق له يستجديه، وقوله في الجود والبخل 1253
* شعر في الذيك 1254
* شعر في السعي على المعشية، والسفر، والمال، وفائدة ذلك كله 1255
* كتاب امرأة لزوجها وقد بخل عليها وتركها دون خبز وذهب يحضر مع الحجاج طعامه 1256
* شعر في النميمة، وإيقاع العداوة، وترك الفجور بالجارة 1258
* قول تأبّط شرا في مدح شمس بن مالك 1259
* التغاضي عن عيوب الناس 1260
* شعر في قبح النبيذ خاصة للشيخ الهرم 1261
* ما تتعاقب فيه القاف والكاف من الألفاظ 1262
* شعر في ذم الفحش والقرب من الحبوب الذي لا يحل الاقتراب منه 1265
* شعر في تعلّل المحبوب ببعض العلل 1266
* طرفة في وصف مكفوف لحمار يطلبه 1267
* من ترجمة الراعي 1268
* خبر جرير مع ذي الرمّة، وقول ذي الرمّة في المرئي 1269
* قصيدة الصلتان العبدي وقد جعلوا إليه الحكم بين الفرزدق وجرير أيهما أشعر 1270
* أهجي بيت قالته العرب 1271
* شعر في تحريم الكلام في الصلاة 1272
* شعر في إسناد الأمر إلى غير أهله 1273
* قول بعض الأعرابي حين مات ابنه وهو غائب 1274
* ما قيل في عمرو بن حممة الدوسي من مراثي، وما قيل في المنية 1275
* شعر ابن الأعرابي في صفة قدر 1276
* ما تعاقب فيه اللام والراء، ومعنى لفظ: الكافر 1277
* وصف ضرار الصدائي علي بن أبي طالب، وبعض ما خاطب به عليّ الدنيا 1278(1/960)
* قصيدة كعب بن سعد الغنوي التي رثى بها أبا المغوار 1279
* شعر في بكاء المحبين عند الفراق وبطلان الوثابة 1291
* وصف ديباجة المدنية لبعض النساء 1292
* خبر المجشر وشعره في مدح زياد وشعر في حب من أحسن للنفس 1293
* وصف امرأة من أهل الحجاز لرجلها 1294
* شعر في الهوى ببيت المحبوب 1295
* ما يكون بالصاد والطاء 1296
* ما يكون بالهاد والخاء 1297
* ما يكون بالدال والطاء 1299
* ما يكون بالتاء والطاء 1300
* ما يأتي بالدال واللام 1301
* أصناف الرجال والنساء 1302
* ما يحبه الرجل في نفسه 1303
* أسباب السيادة 1304
* الخير ومصاحبة الحكماء، السيادة 1306
* قول الحطيئة في ابن عباس 1307
* قول هند في سيادة ابنها معاوية 1308
* بين عبد الملك بن مروان وأمية بن عبد الله بن خالد 1309
* درء الحدود وبقاء ما ساريه الشعر 1309
* رثاء خرنق بنت هفان لزوجها وأولادها 1310
* شعر في الجود والسخاء 1314
* شعر في الشكر لأهل الخير وذم اللئيم 1316
* قول أعرابي سأل رجلا حاجة فتشاغل عنه 1317
* شعر في ألم الفراق والحذر من الوشاة والحسود 1318
* ما يقال بالياء والهمزة 1319
* ما جرى بين دريد بن الصمة والخنساء 1320
* علّ، ذب الرياد، ومعاني الأحمق 1328
* أدب المجالس، والشجاعة 1330
* العقل، الجهل، المشاورة، الأدب 1331
* أشعر الناس، وشعر في الحب 1332
* الزور، الفجور، الغرور 1333
* علوّ الهمة 1335(1/961)
* وصف أبي المخشّ الغطفاني لولده، وأسماء الصّدر 1337
* ما يقال بالهمز والواو 1338
* العقل، المروءة، الشرف، الأدب، التوفيق 1339
* العقل عقلان 1341
* طلب الحاجة من أهلها، العزّ، حمل المنن 1342
* أدب العالم والمتعلّم 1344
* شعر في الغزل بالمحبوب، وتشبيهه بالقمر 1345
* شعر في المبادرة للبذل والعطاء عند السؤال 1347
* الجهول سيء الخلق 1349
* مدح حاتم الطائي لبني بدر 1350
* النّحيت 1351
* شعر في الشراب 1352
* شعر في الانتقال من الشباب إلى المشيب 1353
* الكلام على قلب آخر المضاعف إلى الياء 1354
* ما يقال بالدال والذال والكاف والفاء وغير ذلك 1355
* أدب من سأل حاجة ومن سئلها 1356
* البيان 1358
* السخاء، العفو، الصبر، معرفة الإنسان لقدره 1359
* شعر في مقابلة الإساءة بالإحسان والعكس 1360
* شعر في التغاضي عن الهفوات 1361
* الغلة، الطرثوث، أثقل الطعام وأخبثه 1362
* خبر الأعرابي والأعرابية التي مات زوجها فلم يحسن عزاءها فلم تحسن تهنأته على زواجه 1363
* ملاحة أم كثير الضبية مع زوجها 1364
* دعاء الطفيليّ لرجل 1366
* شعر في الشدّة والين 1367
* شعر في قوة العزيمة على نفاذ الأمور بعد اختيارها 1370
* شعر في معرفة خصال المرء من خصال أخواله 1371
* ما قيل في كتمان السرّ والهوى، والأمانة، وحفظ الجارة 1373
* فصل في ألفاظ معناها واحد وبعض حروفها مختلفة 1376
* العلم والحلم، والعفو مع المقدرة، والشجاعة، والأخوة 1377
* أحزم الملوك، والجد والهزل 1379(1/962)
* الناس ثلاثة، وحسن الطلب للحاجات 1380
* سؤال بعض خلفاء بني أمية لجرير عن أشعر الناس، وقول جرير في الفرزدق وغيره 1381
* هوان الحرّ وكسب مودّة ذي الوفاء 1383
* معاني بعض الألفاظ 1385
* شعر في ريح نجد 1388
* مدح الغنوي لقومه 1389
* شعر الأصمعي في الاتعاظ، وتبدّل الحال، والموت، والرضى بالقدر 1390
* صاحب السّوء 1391
* قواعد اختيار الصديق 1392
* إنّ الذّئب لا يدع غيظا شبع فيه، والمفاضلة بين التمر والخبز 1393
* الإساءة للأضياف 1394
* شؤوم المعصية، ونسيان الإمام بعض القراءة في الصلاة 1395
* صفات الصاحب، والصداقة في الشدّة 1396
* قول امرأة حين علمت بزواج صاحبها 1398
* معاني بعض الألفاظ 1400
* من أمثال العرب 1403
* موعظة عمر بن عبد العزيز الوراق في الاستعداد للموت قبل فوات الأوان، وترك التسويف 1404
* ما يقال بالسين والزاي 1407
* أحرف الإبدال 1408
* من نقل لك نقل عنك، والتزويج في بيوتات السّوء، والصديق والعدو 1410
* لا تطلبنّ حاجتك من كذاب ولا أحمق ولا من له عند قوم مأكلة، وعلة ذلك 1411
* أدب المتعلّم، وحسن الاستماع 1412
* من لا يلاحي، ولا يحاور، ولا يعاشر، ولا يؤاخي 1413
* قول رجل لامرأته وقد نحّت عنه ابنه، وزلّات النساء 1414
* قول عمرو بن شأس في ابنه عرار 1415
* شعر في الأولاد 1417
* ضبط بعض أسماء متشابهة 1419
* شعر في تداول الأيام، وقصر الأمل 1420
* شعر في الإقدام يوم الحرب 1421
* بقاء الشوق وترك اليأس على الصول وإن انقطعت السّبل 1423
* شعر في سؤال الخليفة المأمون، والتسليم للأقدار 1424(1/963)
* شعر في الصّدّ والهجران 1426
* كفران المعروف 1427
* من أمثال العرب 1428
* مادة: هجر 1431
* سؤال أعرابيّ في المسجد 1433
* وصف أعرابي للسويق 1434
* الاعتذار أولى من المطل 1436
* فزع مالك بن أسماء لحبس أخيه رغم ما بينهما من خصومة 1437
* شعر في ثبات المودة والذّكر رغم غياب المحبوب عن النظر 1438
* شعر نصيب في حب زينب 1440
* شرح بعض الألفاظ 1442
* ما قيل في إيثار الدنيا، وإدبارها 1443
* عقوق الوالدين 1444
* الحسد، وأدب الحسود 1446
* الأخوّة، وإنّ كره من أخيه خلقا رضي آخر، وغدر الصديق 1447
* رثاء نهار بن توسعة للمهلّب وما ترتب على ذلك 1449
* ألفاظ وردت بمعنى الثبات والإقامة 1450
* وصية عبد الله بن شداد وعند موته، والتقوى، والموت، والجود، وأدب المحسود، وغير ذلك 1453
* الجود وكتمان السر 1453
* من شيم الكرام 1453
* أدب المحسود 1453
* أسس المؤاخاة 1453
* من أدب الحب والغضب 1453
* صحبة الأخيار، وصدق الحديث 1453
* الإيثار، ورعاية حقوق الأصدقاء 1454
* سباق الدّهر، وما يترتب عليه 1456
* وصف أعرابيّ لنار 1457
* ثبات الحب مع غياب المحبوب وهجره 1463
* احتباس المطر، والفرسخ 1365
* من أمثال العرب، ومعنى مرقة، وتمرق 1466
* شعر في نصر ابن العم، والعفاف، والغنى، وتأديب النفس، ومؤازرة الفعل للقول 1469(1/964)
* الكلام على الاتباع 1471
* وصف بعض النساء لآبائهنّ 1527
* حقيقة الحب 1529
* ثبات المودة مع الغياب، وزوال الملل مع الحضور 1530
* من أمثال العرب 1531
* ما قالته العرب في الدعاء على الإنسان أو للإنسان 1532
* أكرم الإبل 1534
* الشتم، والمزاحمة، وحفظ ماء الوجه 1535
* من سئل عن حاجة فتباطأ في قضائها 1536
* خبر الأعرابيّ مع ابنه وقد أسرته طيئ 1537
* الورث، والإرث، ونوم أول الليل، ورجل معمّ ملمّ 1538
* هوى بيت المحبوب 1539
* فضل المال والغنى 1540
* تقسيم الأرزاق بيد الله عزّ وجلّ 1541
* أحس ما سمع في المدح والهجاء 1542
* عذر الأصدقاء، وسلامة الصدر، واجتناب الفواحش، وغنى النفس 1544
* ضرر الفوضى، وفائدة السلطان، وذم رئاسة الجهّال 1545
* نصرة الأقارب، وشعر القتّال الكلابي في الافتخار بقومه 1549
* السرور والبلايا، وصروف الزمان 1550
* انتساب صعصعة بن صوحان لما سأله معاوية عن نسبه 1552
* أسباب السّيادة، وغلبة النفس، وإكرام الجليس 1554
* ظهور سوء الشخص يغني عن اختباره لمعرفته 1556
* الهجر، وما يترتب عليه من لوعة 1557
* الكلام على مادة عدا 1558
* العفو عن الصديق، وترك معاتبته، والفرق بينه وبين ذي الوجهين، ولا أحد ينجو من العيب 1561
* سبب تسمية الأخطل بهذا اللقب 1563
* اليقين في رزق الله، وستر الحاجة، والتعفّف، والاجتهاد في الطاعة، والموت 1564
* تنزيه المولى سبحانه عن صفات الأعراض والأجسام 1565
* الإحسان إلى الأقارب وإن بغوا 1566
* معاداة الرجال، وربما وقع الجهل من ذوي النّهي 1568
* فضل الغنى، وآثار الفقر 1570(1/965)
* التنزّه عن الفواحش، والعزاء بمصاب الآخرين، وإيثار الأقارب والأضياف 1571
* أوصاف قريش 1572
* أساءة الوضوء 1575
* من أمثال العرب 1580
* قصيدة أبي صفوان الأسدي وشرحها 1581
* من ألفاظ العرب في الطلاق 1582
* ما يستحب من الفرس، وما فيه من أسماء الطير، وغير ذلك 1583
* محاسبة معاوية لعمّاله على البلاد 1589
* وصف خطيب الأزد لقومه 1590
* من أدب الوعد والوعيد، والجرأة، والحدّة 1591
* قول ابن ملجم حين ضرب عليّا 1592
* من صفات الزوجة، وأسس اختيارها 1593
* أسوأ النساء 1594
* قصيدة مضرّس المزني في هوى سعدى 1596
* مادة: جنب 1597
* التعفّف عن المسألة، وترك البطر مع الغنى، وبذل المعروف، والإنصاف، والجود، وذم ذي الوجهين 1599
* تفسير قوله تعالى: {كََانَ عَلى ََ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} ومادة: حسب 1600
* شرح حديث: ربّ تقبّل توبتي، والحوبة، والسّخيمة 1601
* شعر في وصف قطاة 1606
* شعر في أدب الخصومة، والوفاء، والقول عن علم 1608
* إنما يحسن العيب للناس من كثرت عيوبه 1609
* الصبر على الهوى عن الهجر والرحيل 1610
* المحال 1611
* اليقين بالرزق، ولا حيلة فيه، وغنى النفس، والعفاف، والحوقلة، والبسملة، والهيللة، والحيعلة 1616
* الطخاء 1617
* خبر دريد بن الصمة، والدفاع عن الزوجات، وجزاء الإحسان 1619
* شعر مما استحسنه القالي من شعر قيس بن الخطيم 1620
* شعر في الحب والهوى 1623
* التمحيص 1626
* تفسير البغيّ، وحلوان الكاهن 1627(1/966)
* ضنّ بعض العلماء ببعض الأحاديث 1628
* أحق الناس بالمقت والمنع والمعروف، وأكرمهم، وألأمهم، وأحلمهم، وأجودهم، وأحكمهم، وأغناهم، وأنعمهم عيشا، وغير ذلك 1629
* موعظة في الموت 1633
* شعر في الكيل بمكيالين 1636
* الوشاية، والنميمة 1641
* شعر في الشباب والمشيب 1642
* تفسير «الفتح» في كتاب الله 1644
* تفسير: تجمّ الفؤاد 1645
* أفضل الاقتصاد والعفو واللّين 1647
* خبر الرجل الذي أتى عبد الملك فسأله ومدحه 1648
* شعر في الحب مع العفاف عن الفواحش 1645
* شعر في غياب السادة والكرام، وسيادة الأدنى 1655
* شعر في جهل الفتى بمواطن السعادة في أحواله وإن حرص على الرشد 1656
* الشورى، وصفات المستشار 1657
* شعر في صدق الهوى، وألم الهجر 1658
* طمع المحبين 1659
* تفسير {الصَّمَدُ} 1660
* شرح حديث: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» 1661
* من ألفاظ العرب في الطلاق أثناء الجاهلية 1663
* قول أعرابية في حبّ ابنها 1664
* شعر في الهوى، وظهور على المحب، وما يترتب على ذلك 1666
* من لطائف المحبين 1668
* غنى النّفس، وطغيان الغنى 1669
* من مادة: دان يدين 1670
* تفسير: الثرثارين، والمتفيهقين، والمتشدّقين 1671
* علو الهمة، وقتيل الحب 1673
* قصيدة لجميل في حبّ بثينة، وألم الفراق، والوشاة، وقتيل الحب 1674
* معنى الأمّة 1676
* المال، والفضة، والذّهب 1677
* هي صحيفتك فأمل فيها ما شئت 1679
* حقيقة الزّاهد 1680(1/967)
* حلّا بمعنى كلّا 1681
* أسماء القدح 1683
* خطأ الطيالسي في قراءة القرآن 1684
* الفرج بعد الشدّة 1685
* الرضى بالقضاء 1686
* علو الهمة، والمخاطرة بالنفس لنيل المطلوب، وذم الإحجام 1688
* ذي الوجهين، وأدب الأخوة، والميل للغنيّ دون الفقير 1690
* ألم الفراق، أدب الولد مع أبيه والتلميذ مع شيخه، وبرّ الوالد والشيخ 1691
* شعر في طلب الوصل من المحبوب 1692
* رفض هجر المحبوب لقول واش 1694
* تفسير الحصير 1695
* معنى الصرف، والعدل، والأختان، والأصهار والأحماء، وأنتق أرحاما 1696
* موعظة في الموت، والتوبة، وترك الذنوب 1698
* وصية أبي جعفر لعمر بن عبد العزيز، في العدل، والبر والصلة، ودوام المعروف 1699
* من أخبار الحمقى والمغفلين، وعدم معرفة الناس بالقرآن 1700
* من أخبار الأمير مع السفيه، وشهادة الحمير 1701
* من شعر عمر بن أبي ربيعة في الحبّ والهوى، وعذر الحبيب 1702
* مادة: مرج 1705
* من طرائف أشعب وسؤاله الناس بحديث ينهى عن السؤال، طرائف المسألة، ونسيان الراوي لبعض الحديث 1706
* آخر خطبة خطبها معاوية، وقوله لرعيته فيمن يأتيهم بعده، وحبّه لقاء الله 1708
* من أخبار معاوية وفضله وعدله وقوته، وخبره مع مصقلة بن هبيرة 1709
* إتيان ما يستطاع، وإجابة المسألة 1710
* وصية شيخ كبير لشابّ في اغتنام الشباب، وأغنى الناس، وغير ذلك 1711
* ما جرى بين يزيد والمهلّب، وشعر في الوصل والجفاء، ولؤم من شبع وصاحبه جائع 1712
* شعر في عتاب المحبين، وثبات الحب مع الغياب 1713
* قصيدة قيس بن ذريح في لبنى، وغرامه بها 1715
* عصيان البطن والفرج، وآثار ذلك 1717
* دعاء أعرابي عشية عرفة، والدعاء بالصلاح والمعافاة، ودوام النعم 1718
* شعر في الاستعداد للموت، وصروف الدهر 1720
* مراث لبعض الشعراء 1721(1/968)
* ما يقال لمن يصلح المال على يديه 1724
* مراث للعتبي والجوهري، والحزن على الفراق 1725
فهرس موضوعات «الذيل»
* مرثية محارب بن دثار لعمر بن عبد العزيز 2
* رثاء امرأة لأخيها، وقولها: فأنت اليوم أوعظ منك حيّا 3
* مرثية الأبيرد الرياحي لأخيه بريدة 4
* مراثي الآباء للأبناء 5
* قصيدة ابن الأحمر 6
* مرثية زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب 7
* مرثية أخت ربيعة بن مكدم فيه 8
* قصيدة لأبي بكر بن دريد 9
* عثيثة تقرم جلدا أملسا 9
* الوشاية وما يترتب عليها، وصداقة أقوى من الظنون 10
* أبو مسعدة الفزاري يصف العود 11
* علاج ما يكون بين الرجل وامرأته من شرّ وهجر 13
* ما قاله حسان في حدّة اللسان 14
* شعر في الاسترسال في طاعة الهوى في الفساد 16
* أبو عمرو بن العلاء وفصاحة أعرابي 17
* ثبيت البصري وأعراب نزلوا عليه، وإكرام الضيفان، وواجبات الأوقات 18
* هجاء المتطفلين 19
* سلطان الحب، وتأبّيه على الكتمان 20
* اتباع الأثر، والإتيان على مدح الناس للشخص 20
* من قيل فيه: إذا رأته مومسة سقط خمارها، وإذا رأته العيدان تحركت أوتارها 21
* تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: 92] 22
* خبر الوابصي الذي دخل في الكفر بعد الإسلام، وشعر في التغنّي بالمحبوب، وألم فراقه والوشاة 23
* صولة الغانيات 24
* أجواد البلاد 25
* ضبط حروف «البصرة» 26
* تقلب الدنيا 26
* تفاصح لحّانتين 27(1/969)
* أخبار حاتم الطائي وكرمه، وقصته مع البرجمي صاحب الحمالة 28
* بين حاتم وابنته في الكرم 29
* كرم أم حاتم الطائي وحجر إخواتها عليها لذلك 30
* بين كعب بن زهير وزيد الخيل 31
* سؤال معاوية لدغفل عن قبائل العرب 32
* رثاء الأحنف بن قيس 33
* مكارم الأخلاق وموت العلية وارتفاع السّفلة 34
* عوّد لسانك الخير تسلم 35
* حفظ الجارة والأمانة وترك السوء 36
* العفاف واللؤم والحياء 37
* شعر في ذم التمدح بالماضي وترك العمل في الحاضر 38
* شعر في الموت وطول العمر 39
* أحمق العرب مالك وسعد ابنا زيد مناة 40
* كلاب وكعب وعامر أبناء ربيعة 41
* وصل الغواني ومن أحب امرأة لا تحبه 42
* الكرم التقوى والحسب المال 43
* أكرم أبيات قالتها العرب 44
* أشعر العرب 44
* اللحن في الدعاء هل يخرجه من دائرة الإجابة 45
* طرفة لبشار في عوض من ذهب بصره 46
* قول عبد الله بن خازم حين ثأر لابنه محمد من أهل فرناباذ 47
* شعر في الشجاعة وثبات القلب عند اللقاء 47
* المهلب والخوارج 48
* رد النصيحة وما يترتب على ذلك 48
* عدو عاقل خير من صديق أحمق 49
* ما أبعد ما فات وما أسرع ما هو آت 50
* الرضى بالقليل مع السلامة خير من الكثير مع ذهاب الدين وأجور العاملين موفاة 51
* التلازم بين العقل والأدب 52
* وصف النساء في أعمارهن المختلفة 53
* ملاحاة بين رجل وامرأة في إتيانه الجارية واعتذاره باتخاذهن في السواد ومرض عينه 54
* مرثية أوس بن حجر 56
* الصبر على المصيبة والسلوة بموت النبي صلّى الله عليه وسلّم 57(1/970)
* رثاء بعض الشعراء لأخيه 58
* شعر في حتمية الموت على النفس 60
* معنى امرأة قرزح 63
* شعر في الرثاء 64
* مادة: نبل 65
* معنى: أجد في عيني حثرا 66
* حديث هريم بن أبي طحمة مع سعد بن نجد القردوسي 67
* أول من أطعم الناس الفالوذج 68
* ما يطلق على الرجل في مراحل عمره المختلفة 69
* بين أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر في إعراب: ليس الطيب إلا المسك 70
* ما يعجب أبا عبيدة من كل شعر أبي نواس 71
* ابن هرمة والمنصور 72
* الفرزدق ونصيب ينشدان سليمان بن عبد الملك 73
* مدح آل المهلب 74
* بعث خالد بن الوليد لهدم «ودّ» وشعر في صروف الدهر، وقولهم: ليت أمك لم تولد ولم تلد 76
* الذل للإخوان، والعفو عند المقدرة: طريق للمجد، وقضاء الحوائج وإغاثة الملهوف 77
* حكمة راهب 78
* دعاء غلام أن يحول الله بينه وبين المعاصي وإعجاب عمر بذلك 79
* عبد الملك بن مروان وجرير، وفضل الجهاد، والغيرة على النساء، وإنزال الملائكة للنصر، وهياج الهوى، وصبوة الشاب والشيخ 80
* شعر الرقاشي عند احتضاره 81
* شعر في صروف الدهر، وترك الفرح بالمولود، والحزن على الميت 82
* أبو عطاء السندي يمدح المثنى بن يزيد 84
* غزليات 85
* ابن عبدل ولطف مسألته 86
* ناسك رغم أنفه 88
* أنساب مذحج 89
* شاعر يصف نساءه الأربع 90
* عذر أقبح من ذنب 91
* مسافر في كل حين 92
* الترغيب في الزواج 93(1/971)
* شعر في تغيّر الحال، والبكاء لفقد الجود والأدب 96
* من أيمان العرب 101
* حديث غالب أبي الفرزدق وسحيم الرياحي 106
* من صيغ العرب في الدعاء على الإنسان 107
* جرير يمدح حراسه 109
* معنى أبلّ 110
* متابعة مبحث دعاء العرب 111
* شعر لحاتم الطائي في العفو 114
* مجنون بني عامر يطلق طبية لشبهها بليلى 115
* أسماء الداهية 116
* إنشاد ابن أبي ربيعة وكثير وجميل عبد الملك أرقّ شعرهم 117
* عتاب ليعقوب بن سليمان 118
* فصاحة أبي زيد الأشجعي 119
* أبو العتاهية وأبيات في الموت 121
* كتاب يحيى بن أحمد السلمي إلى طاهر بن عبد الله، وشعر في قضاء الحوائج 122
* فضل وفضيل 123
* فصاحة أم الهيثم 125
* جواب مسكت، وفصاحة طفلة، والتجمّع على واحد 131
* التصدّق بالعمر على الآخرة، وموعظة السنين 133
* ترك الغزو خشية الموت 134
* كتاب الحجاج إلى عبد الملك، ووصية عبد الملك إلى الحجاج في القتال 136
* قصيدة سيار بن هبيرة 143
* رثاء حكيم بن معية لأخيه 144
* ما قيل في أثر ذكر المحبوب، وتأبّيه على اللين للحبيب 146
* بين الحجاج والفرزدق 147
* شفاعة الفرزدق في خنيس 149
* شعراء النقائض: الفرزدق وجرير والأخطل 151
* قصيدة مسعود بن وكيع 152
* من أمثال العرب 154
* عبد الملك بن مروان وأدبه في استماع الحديث 159
* شعر حريث بن سلمة في النصرة وإغاثة الملهوف، والشجاعة، والجود والبخل، والاشتراك في الحلو والمرّ، وكون الحرب سجال 160(1/972)
* خطاب المحبين بالوجه والإشارات دون الكلام 162
* صدق الأخوة، والاشتراك في الفرح والحزن، وما قيل في الدعاء للمرء في الحزن ونسيانه في الفرح 170
* الحجاج والأعرابي الفصيح 171
* من فضائل المأمون، وتعزية الخلفاء لرعيتهم، ومن كان جديرا بالبكاء عليه 173
* بنان وفضل الشاعرة، وخبر بعض العشاق، والوفاء للحبيب 174
* الغنى والفقر والرياسة وأثرهم على النفس والتصرّفات 175
* شعر في الهوى، وتلامس أعضاء المحبين، وسهرهم 180
* المشيب طليعة الموت 182
* شعر في سحر الحب، وزيادة الشوق بالبعد 183
* صروف الدهر، وتبدّل الأحوال 185
* إسحاق الموصلي وتقدّمه في مختلف العلوم 187
* لقاء الأحبة بعد الدهر الطويل 189
* إنشاد الحجاج شعر مالك بن أسماء 191
* حديث جابر الرازمي مع أوفى بن مطر 192
* شعر في الحب والهوى 193
* من مرويات جحظة البرمكي 196
* أكبر الملذات 198
* قضاء الحوائج، ولذّة المرء عند سماع الثناء عليه 199
* بين أبي نواس وأبي العتاهية، وما قيل في وصف الدنيا 200
* المفاصلة بين أبي تمام والبحتري 202
* شعر في الخوف 203
* وصية الزبير بآل عليّ وتحمّله آذاهم 204
* شعر في الشيب والموت، وأنّ الإنسان لحظات إذا مرّ بعضها مرّ بعضه 205
* كتاب أبي هفان لرجل بالبصرة، وزيارة الإخوان 206
* ليس الخبر كالمعاينة، والعشق قبل الرؤية، وما تحبه النساء في الرجال 210
* شعر في الهوى والحب عن طريق النظر، وما قيل في كفّ المحبوب 211
* علي بن جبلة العكوك وحميد الطوسي 213
* من شعر أبي هفّان 215
* جحظة وعبد الله بن محمد بن عبد الملك الزيات 217
* شعر لدعبل الخزاعي في الكرم، والرزق 218
* ما قيل في السفاهة والمعاصي بعد سنّ الأربعين 219(1/973)
* شعر في العشق والحب، والتداوي بوصل المعشوق 221
* إسحاق الموصلي وكرم البرامكة 222
* الجود والكرم 223
* أخبار الحزين الكناني مع من لم يثبه 225
* من أمثال العرب 230
* ما قيل في أفعال المحبين عند اللقاء 233
* فضل معاوية، وعمرو، وزياد، والمغيرة 234
* آلام الهجر 235
* زيادة الحبّ وتحكّمه في صاحبه 236
* لوعة الحب 237
* من أشعار الحب والعشق ولوعة المحبين 238
* الوشاية في الحب 239
* الشوق 240
* قصيدة ليزيد بن الطثرية 241
* رواة الشعر ورواة الحديث 242
* رؤيا إسحاق الموصلي 246
* ترك التشاؤم، وتبدّل الأحوال 247
* فضل الرجال ذوي العقول وقلّتهم 249
* إنشاد أمية بن الأسكر عمر بن الخطاب شعره في ولده 252
* الأصمعي وأبناء الكرام 254
* الجزاء من جنس العمل، وموادّة من ودّ، وهجر من هجرك 256
* قول عليّ في اكتساب الإخوان وتضيعهم 257
* غفران ذنوب الصديق مخافة العيش بدون صديق 259
* تغيّر الحال 260
* بقاء العشر والقول الجيّد وإن مات صاحبه 261
* صلة الرحم، وغفران الزلات، وارتياد المعالي 262
* تفسير ابن الأعرابي قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سََامِدُونَ} 270
* صيانة العرض وخشية الخالق والحياء والكرم 271
* قول رجل في امرأته وقد تزوجت غيره 272
* ما قيل في الملل والوصل والهجر والقلى وعدم الاكتراث بذلك 277
* إنشاد الخنساء وحسان بن ثابت النابغة 278
* ترك الافتخار بالأنساب وكونها لا ترفع أحدا أو تحطه إنما العبرة بعمل المرء 279(1/974)
* الصبر على سوء فعل الصديق وهجره وشعر في ألم هجر المحبوب 283
* الفرزدق وكثير عزة 290
* خطبة محمد بن عبد الله بن الحسن في الخروج على الدولة العباسية والدعاء على سلاطينها وفضل المهاجرين والأنصار وأبنائهم 292
* الصبر عند المصيبة وترك البكاء لموت بعض الناس لا يعني عدم الاكتراث 293
* شعر جميل في الصبر على هجر بثينة 295
* إكرام الضيف والجود وترك الشيء خشية اللوم 297
* عصمة بن مالك الفزاري يصف ذا الرمة 302
* شعر لابن أذينة 304
* أوصاف النساء 305
* عبد الملك بن مروان ونصيب 310
* كتاب على حائط بشعب بوان 314
* عناية بني العباس بالمفضليات 323
* قصيدة المسيب بن علس 324
* قصيدة عبد يغوث عند وفاته 325
* قصيدة مالك بن الريب عند وفاته ووصيته بما يفعل به عند خروج روحه وبعد دفنه وزيارة قبره 326
* حافظة ابن عباس 329
* حديث بعض العشاق 332
* خبر بعض العشاق، وشعر في الحب والهوى 337
* بعض من أخبار عمرو بن معد يكرب 338
* حاتم الطائي وشيء من حديثه 343
* خبر امرأة حاتم، وطلاق الجاهلية، وإفساد الزوجة على زوجها 344
فهرس موضوعات «النوادر»
* أخبار عروة بن حزام وعفراء 1
* مبحث في معاني بعض الكلمات 3
* من أمثال وأقوال العرب 3
* النهار عند العرب 3
* الجارية تدرك ما لم يدركه الأصمعي 4
* كتاب أبي محلم في وصية بنعل 5
* شيء من أخبار علي بن أبي طالب وأحاديث الشيعة 7(1/975)
* كلام علي بن أبي طالب عن الإيمان، واليقين، والزهد، والعدل، وشرائع الحكم، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقصد في الحب والبغض للصديق 10
* وفاة الحجاج وما قال وقيل له عند ذلك من مواعظ، وعاقبة الظالمين 11
* صيغة صلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم منسوبة إلى عليّ 12
* معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» 13
* قول عليّ في أشدّ جنود الله 14
* حديث الشجاء الخارجية مع زياد 15
* رواية في بيعة معاوية لابنه يزيد 19
* بين المنذر بن النعمان وعامر بن جوين 21
* بين عمر بن الخطاب ومتمم بن نويرة 22
* حديث الشيظم الغساني 24
* صفة الأسد في مجلس يزيد بن معاوية 25
* مجلس في الخيل المنسوبة 31
* خطبة زياد لما قدم البصرة 32
* من أخبار حاتم الطائي 35
* حديث أبي دهبل الجمحي مع فتاة جيرون 37
* أشعب يصلح بين مصعب بن الزبير وعائشة بنت طلحة زوجته 38
* ثأر عمرو بن معد يكرب لأخيه عبد الله 44
* شعر في وصف الفرس 45
* مطلب ما في الفرس من أسماء الطير 46
* الحسن البصري يصف علي رضي الله عنه 47
* المنذر بن ماء السماء وقتله عبيد بن الأبرص 49
* صغر المصيبة وهوانها إذا مرت بخلاف باقي الأمور 50
* قصيدة ابن الزبعري في أبناء ريطة الثمانية 51
* الخليل بن أحمد والمرأة الفصحة وبناتها 53
* خروج هشام بن عبد مناف إلى البلاد لأخذ العهود من ملوكها لتأمين تجارتهم 53م
* بين أبي حاتم وعبد الله بن علي بن العباس 54
* ما وقع لأم عقبة بعد وفاة زوجها غسان 55
* لامية العرب 59
* قصيدة لجرير بن الغوث 60(1/976)