فهرس الموضوعات
ص 2قوله تعالى: إن إبراهيم كان أمة
2 - صفة المفضل للجواد من الخيل
3 - لأنيف بن جبلة فى صفة الفرس
4 - لابن هرمة فى خروج محمد بن عبد الله
5 - القول فى رقيم أصحاب الكهف
7 - بين معاوية وروح بن زنباع
7 - حديث خولة والحسن بن على
8 - تعزية عمر بن حفص لعبد الله بن على
10 - مما قيل فى الصديق
10 - الصبر فى اللغة
10 - أبيات فى الغزل
11 - العشق والغزل
12 - خبر عبد الله بن مسلم وعيسى بن طلحة
13 - لبعضهم فى الغنى والفقير
13 - لوم الحسن للقراء بباب عمر بن هبيرة
14 - قصة عمر ومن نعى إليه الثريا
15 - مما قيل فى غناء الحمائم
16 - شماتة أعرابى بموت محمد بن الحجاج
16 - لرجل من عبد شمس فى رعاية ذى القربى
17 - جواب لأحد المعمرين
17 - لسهل بن غالب فى معاذ بن مسلم وقد أسن
ص 18بعض ما قيل فى التمنى
20 - لعلى بن بدال فى صفة العداوة
20 - أربعة لم يلحنوا
21 - مختارات من الشعر
23 - فصل فى أسماء الشجاج
24 - مما قيل فى الوجد
25 - من خطب رسول الله
26 - للمغيرة بن حبناء فى السيادة
26 - مما قيل فى اليعسوب والنحل
27 - قصة نصيب وأم بكر
28 - مما قيل فى الصديق
29 - وصية قيس بن عاصم لبنيه حين احتضر
29 - لرجل من غطفان وآخر من خثعم
30 - حديث لبعض المعمرين
30 - خطأ رؤبة فى نعت الخيل
31 - للمستنير بن طلبة فى العتاب
32 - قصة عبد الرحمن بن أبى بكر وابنة الجودى
33 - قول عمر بن عبد العزيز فى الحجاج
33 - مما قيل فى الإصابة بالعين
35 - خبر محمد بن حازم وقينتى بشار
35 - لمحمد بن أبى العتاهية وقد وقف على المقاير(1/5)
36 - تفسير بعض آى القرآن
37 - أرجوزة عراعر المازنى
39 - تعزية أبى نواس للفضل فى وفاة الرشيد
39 - قصة عمر بن الخطاب والبطريق
41 - خبر يزيد بن ربيعة وعباد بن زياد
43 - مما قيل فى الفراق والتلاق
44 - من أخبار نصيب الشاعر
48 - خبر سامة بن لؤى وما قيل فى رثائه
50 - مجلس الكسائى والأصمعى بحضرة الرشيد
52 - خبر امرأة من ولد دارا وزوجها
52 - شعر فى النسيب
52 - موعظة بالغة
54 - لأبى طاهر فى الغنى
54 - لأبى العتاهية فى الزهد
55 - مساجلة الصولى للخليفة الراضى
56 - خبر ما دار بين الأخفش وثعلب والمبرد
58 - مجلس لابن الأعرابى والأصمعى بحضرة الرشيد
59 - مجلس الكسائى واليزيدى بحضرة المهدى
63 - جزع أرطاة بن سهية على ولده
64 - ذكر ما كان ينشده خلف قبل نومه
65 - قول الخليل بن أحمد فى النجوم
65 - للعباس بن عبد المطلب فى مدح الرسول
66 - مما قيل فى وصف الفرس
67 - دعاء رسول الله قبل النوم
67 - من أحاديث رسول الله
69 - خبر قرد يزيد بن معاوية
70 - أقوال لبعض الحكماء
70 - قصيدة لأبى بكر بن دريد
74 - خبر يزيد بن عبد الملك وجاريته حبابة
76 - قصيدة عبد بنى الحسحاس
77 - خبر ليلى الأخيلية وتوبة وما كان من رثائها له
79 - من جيد ما قيل الطيف لنصيب
80 - خبر الأحوص ومطر، وما قال فى ذلك من شعر
84 - لقاء جميل لعمر بن أبى ربيعة وإعجابه بنسيبه
85 - للعطوى فى رثاء أحمد بن أبى دواد
86 - خبر سراقة البارقى حين وقع فى أسر المختار
88 - مما قيل على لسان ذى الرمة للإيقاع بينه وبين مى صاحبته
91 - من أقوال العرب
91 - من أقوال عائشة فى وفاة أخيها واحتضار أبيها
92 - لأبى العتاهية يرثى على بن ثابت
94 - من أقوال بزرجمهر
94 - مديح المؤمل بن أميل للمهدى
96 - مما قيل فى محبة البخيلة
96 - لمحمد بن عبد الله بن طاهر فى النساء
97 - شعر ضمرة فى وصف النساء على اختلاف أسنانهن
98 - معابثة بعض الشعراء لخنساء الجارية
98 - خبر المبرد وعبيد الله بن عبد الله بن طاهر
99 - لأبى نواس فى صفة الدمع(1/6)
100 - مدح رؤبة بن العجاج لابن شبرمة
100 - طائفة من مختار الشعر
102 - بكاء ديك الجن على زوجته بعد أن قتلها
104 - حديث لابن عباس وتفسير ما ورد فيه من الغريب
105 - حديث على وابن عباس عند دخولهما على عمر عند إصابته
106 - حديث المرأة التى زوجت نفسها حاتما الطائى
109 - الملاحة والحلاوة والجمال
109 - باب فى العمامة والتعمم
110 - من مختارات الشعر
111 - خبر هدية الحجاج إلى الوليد
112 - تفسير قتادة لآيتين من كتاب الله
113 - تفسير بيت من الشعر
114 - من شعر أبى بكر الأصبهانى
115 - مما قيل فى الوجد
115 - لعبد الله بن طاهر
116 - حديث مروان بن الحكم مع الأعرابى
117 - تطير الأصمعى من عبد الرحمن ابن أخيه ومداعبته له
117 - مجلس أبى حاتم السجستانى مع التوزى
119 - أبيات للعرجى
120 - مما قيل فى الاستعلاء على الأمراء
120 - أبيات لأبى عروس
121 - القول فى الدخان والعثان وأشباههما
122 - كلام بعض الأعراب وتفسيره
122 - شيبان وملحان وأشباههما
124 - من شعر عبد الله بن المعتز بالله
124 - من صفة البرد
125 - أبيات لابن الدمينة
125 - أبيات لبعض الأعراب
126 - أبيات لبعض الظرفاء
126 - قصيدة نويفع بن نفيع الفقعسى
129 - باب ما جاء على فعال
129 - باب ما جاء مثنى ولم ينطق له بواحد
132 - لأبى القمقام الأسدى
133 - ليزيد الغوانى
134 - حديث: إن قدمى على ترعة من ترع الحوض
136 - أقوال ماثورة لبعض الخلفاء والحكماء
137 - خبر الكميت وأبان البجلى والى خراسان
139 - مما قيل فى العتاب
139 - خبر أبى نواس مع بعض النوبختية
141 - من الجوابات المسكتة
142 - لمحمد بن بشير
143 - من نوادر اللغة والأمثال
144 - مجلس أبى عثمان المازنى والرياشى
145 - من أبيات المعانى
146 - من خمريات أبى نواس
151 - حديث: لا تناجشوا
152 - خبر وفد همدان وكتاب الرسول لهم
154 - قصيدة لابن الدمينة
159 - قصة فيها تمثل بشعر ذى الرمة
160 - قصة عاشقين تقاطعا فى بيتين وتواصلا فى بيتين
161 - حديث أبى العباس المبرد مع مجنون عاشق
164 - بعض أمثال العرب وتفسيرها
166 - مسألة: ما للجمال مشيها وئيدا
167 - قصيدة لابن الدمينة
168 - رثاء سكينة بنت الحسين لأبيها(1/7)
169 - لأبى نواس
170 - لابن الرومى
171 - لعبد الله بن المعتز
171 - هجاء المبرد لابن زرزور المغنى
172 - لابن بسام فى هجاء المغنين
173 - تفسير آية من سورة الكهف
174 - كلمة على بن أبى طالب بعد وفاة الرسول
176 - وصية على بن أبى طالب لأبنائه
177 - لأبى العتاهية يعاتب عمرو بن مسعدة
179 - أبيات للمؤمل بن أميل
180 - لأبى العتاهية فى الزهد
180 - حديث وخبر فيما يكره من البكاء ونحوه على الميت
181 - جوابات نافع بن خليفة الغنوى لمروان بن الحكم
183 - حديث مروان وقطية بنت بشر
183 - حديث غار حراء
183 - للغنوى فى ذم الحاضرة
184 - طائفة من أمثال العرب
185 - الحث على تعلم العربية
186 - صورة ما كتب على عضد بزرجمهر
186 - طائفة من الأراجيز وتفسير بعض ما بها من غريب
189 - من مختار الشعر
190 - ما دار بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير
191 - للحسين بن مطير الأسدى
193 - من أقوال بعض الرواد
194 - لأبى نواس فى صفة مغن
194 - مما قيل فى قصر النهار وطوله
195 - للحكم بن عبدل الأسدى
197 - مما قيل فى القناعة
197 - موعظة أم سلمة لعثمان رحمهما الله
199 - تعزية رجل لابن أخيه
199 - تفسير البطريق والجحجاح
200 - قولهم: إنما المرء بأصغريه
200 - لبعض الأعراب فى ذكر حنين الإبل
201 - قصيدة ثابت قطنة فى رثاء المفضل بن المهلب
203 - من كلام بعض الأعراب
204 - مختارات من الشعر والرجز
205 - للحسين بن مطير الأسدى
205 - مما قيل فى المودة
206 - حديث ابنة الخص مع أبيها
206 - لمحمد بن عمران التيمى فى المروءة
207 - للأحنف بن قيس فى السيادة
207 - للحصين بن الحمام فى السيادة
208 - حديث أم جحدر وما قال ابن ميادة فيها
212 - تفسير أبى زيد الأنصارى لبيت من الشعر
212 - اعتزاز بشار بالمضربة فى شعره وحديثه
213 - نقد بشار لبعض الشعراء
214 - اعتزاز بشار بنفسه
215 - نقد بشار لقول بعض القصاص
219 - ملحقات أمالى الزجاجى(1/8)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تقديم
الزّجّاجى
__________
4*
ولد أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجّاجىّ فى مدينة الصّيمرة، وهى بلدة بين ديار الجبل وخوزستان، فى سنة لم يعرفها المؤرخون، وقضى صباه بين ربوعها، ثم انتقل إلى بغداد وهى زاخرة بأهل العلم والفضل، ولزم شيخا من كبار شيوخها، هو إبراهيم بن السرى الزجّاج (1)، وقرأ عليه النحو، وبكثرة ملازمته لهذا الشيخ أطلقت عليه نسبة «الزّجاجىّ (2)». كما كان فى بغداد صاحبا ورفيقا لأبى على الفارسى (3).
ثم فارق بغداد وانتقل إلى الشام وربّما كان ذلك بعد وفاة شيخه،
(4) * طبقات النحويين للزبيدى 129والفهرست لابن النديم 118والأنساب للسمعانى 272او نزهة الألباء لابن الأنبارى 389وإنباه الرواة للقفطى 2: 160ووفيات الأعيان لابن خلكان 1: 278والبداية والنهاية لابن كثير 11: 225والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى 3: 307والعبر للذهبى 2: 254وبغية الوعاة للسيوطى 297وشذرات الذهب لابن العماد 2: 357وروضات الجنات للموسوى 425وبروكلمان 2: 173 176. وقد سقطت ترجمته فيما سقط من تراجم معجم الأدباء لياقوت.
(1) ولد سنة 241وتوفى سنة 311، وكان يخرط الزجاج ويقوم بصنعه، فسمى لذلك بالزجاج.
(2) فى نسب العلماء أيضا الزجاجى، بضم الزاى وتخفيف الجيم بعدها، وهم جماعة ذكرهم السمعانى فى الأنساب، والسيوطى فى المزهر 2: 448ولا يعرف بالزجاجى غير صاحب الأمالى.
(3) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، تلميذ الزجاج أيضا. توفى فى بغداد سنة 377.(1/9)
فأقام بحلب مدة، ثم سافر إلى دمشق وأقام بها وصنّف. وكانت آخر رحلة له أنه خرج مع ابن الحارث عامل الضياع الإخشيدية، فمات بطبرية (1)، وكانت قصبة الأردن، فمات بها فى شهر رمضان سنة 340وقيل بدمشق سنة 337 أو 339.
شيوخه وتلاميذه:
كان شيخه الأول وأستاذه هو إبراهيم بن السرى الزجاج، كما كان من شيوخه محمد بن العباس اليزيدى (313)، وأبو الحسن على بن سليمان الأخفش (315)، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (321223)، وأبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الملقب نفطويه (323244)، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى (328271)، تكاد المراجع لا تذكر غيرهم، لكن أماليه ومؤلفاته تشير إلى جماعة من شيوخه، ممن روى عنهم الأخبار واللغة، وقد أشرت فى فهرس الأعلام الملحق بهذا الكتاب إلى بعض هؤلاء العلماء، وهم كثيرون.
أما تلاميذه فقد ذكر لنا السمعانى منهم أحمد بن محمد بن سلامة، وأبا محمد ابن أبى نصر، وكلاهما دمشقى.
مؤلفاته:
حفظ ننا التاريخ بعض مؤلفاته، أو بعض أسمائها. وهى:
1 - الإبدال والمعاقبة والنظائر، ومنه نسخة فى معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم 356نحو، مصورة عن الآستانة. ومنه صورة أخرى فى ضمن مجموعة فى جامعة القاهرة برقم 22967.
__________
(1) وذكر الزبيدى أنه توفى بدمشق فى رجب سنة 337.(1/10)
2 - الإدكار بالمسائل الفقهية، وقد نقل السيوطى هذه الرسالة برمتها فى كتابه الأشباه والنظائر فى الجزء الرابع ص 221214.
3 - اشتقاق أسماء الله تعالى وصفاته المستنبطة من التنزيل، وما يتعلق بها من اللغة والمصادر والتأويل. وهى المعروفة بالأسماء الحسنى. ومنه نسخة بدار الكتب المصرية برقم 3ش لغة فى 146ورقة، نقلت عن نسخة منقولة عن نسخة مقروءة على الرجاجى.
4 - الإيضاح فى علل النحو، وقد قام بتحقيقه ونشره مازن المبارك، وطبع بمطبعة المدنى سنة 1378.
5 - تعليقات على صيغة الطلاق فى بيت من الشعر. ومنه نسخة فى المتحف البريطانى، كما ذكر بروكلمان. ولعل هذا هو المجلس 152من مجالس العلماء له (1).
6 - الجمل فى النحو، وهو أشهر مؤلفاته قديما، وهو الذى منحه اسمه.
وقد قام بشرحه وتفسيره أكثر من عشرين عالما نحويا كما ذكر صاحب كشف الظنون. وقد سرد بروكلمان أسماء 17شرحا ذكر بعضها فى كشف الظنون وبعضها لم يذكره صاحب الكشف.
وقد ألّف الجمل بمكة، وكان إذا فرغ من باب منه طاف حول البيت أسبوعا أى سبع مرات ودعا الله أن يغفر له وأن ينفع به قارئه، فكان هذا الكتاب كتاب المصريين وأهل المغرب والحجاز واليمن والشام إلى أن اشتغل الناس باللمع لابن جنّى، والإيضاح لأبى على الفارسى (2). وقال القفطى:
__________
(1) مجالس العلماء 342338.
(2) إنباه الرواة 2: 161.(1/11)
«والكتاب مبارك ما اشتغل به أحد إلا انتفع به». وقال ابن خلكان:
«وهو كتاب نافع لولا طوله بكثرة الأمثلة». وقد طبع هذا الكتاب فى الجزائر سنة 1926م. بتحقيق محمد بن أبى شنب، فى مجلد صغير.
7 - حروف المعانى. ومنه نسخة بمكتبة لاللى برقم 3740.
8 - شرح رسالة سيبويه، وهو شرح للصفحات الأولى من كتاب سيبويه ذكره أكثر من مرة فى كتابه «الإيضاح».
9 - شرح رسالة ابن قتيبة فى أدب الكتاب. ومنه نسخة عتيقة بدار الكتب المصرية تقع فى 70ورقة وهى برقم 39ش أدب ونسخت فى سنة 586. وعنوانها «تفسير رسالة ابن قتيبة فى أدب الكتاب»، وقد سماه بعض المترجمين «شرح خطبة أدب الكاتب»، وهو خطأ يخالفه الواقع. وسماه السيوطى فى المزهر (1) «شرح أدب الكاتب». والخلاف فى تسمية كتاب ابن قتيبة بأدب الكتاب وأدب الكاتب قديم، والأصح فى تسمية أدب الكتاب.
10 - شرح كتاب الألف واللام للمازنى. ذكره فى بغية الوعاة.
غرائب مجالس النحويين. انظر له: مجالس العلماء.
11 - القوافى. ذكره ابن النديم فى الفهرست (2) وسماه السيوطى فى البغية «المخترع فى القوافى»، وذكر أنه وقف عليه. وكذلك سماه صاحب كشف الظنون (3).
__________
(1) فى مواضع كثيرة، منها 1: 144، 157، 481، 546و 2: 91، 254 350، 356.
(2) الفهرست 118.
(3) كشف الظنون 2: 398.(1/12)
12 - الكافى، فى النحو. ذكره فى بغية الوعاة.
13 - اللامات. ذكره فى البغية. ومنه نسخة فى مكتبة شهيد على، لها صورة مصغرة (ميكروفلم) بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية برقم 27نحو.
14 - مجالس العلماء، ويسمى أيضا غرائب مجالس النحويين. وقد قمت بنشره وتحقيق نسبته إلى الزجّاجى بعد أن كان منسوبا خطأ إلى كاتب ابن حنزابة.
وطبع فى الكويت سنة 1962م.
15 - المجموع فى معرفة أنواع الشعر وقوافيه. ذكر فى فهرست ابن خير ص 314، 319.
16 - المخترع فى القوافى. ذكره السيوطى وقال: إنه وقف عليه.
وذكره ابن النديم فى الفهرست، وصاحب كشف الظنون.
17 - مختصر الزاهر. والزاهر من تأليف أبى بكر محمد بن القاسم الأنبارى. ومن الزاهر نسخة فى دار الكتب برقم 588لغة، فى ثلاثة مجلدات عدا النسخ التى ذكرها بروكلمان (1). وأما المختصر فمنه كذلك نسختان إحداهما فى ميونخ والأخرى عتيقة بالقاهرة برقم 553لغة. وقد عده أبو ذرّ الخشنى (2)
من المختصرات الأربعة التى فضّلت على أمّهاتها.
18 - معانى الحروف. وقد يكون هو حروف المعانى. ذكره ابن خير فى الفهرست ص 319.
19 - الهجاء، ذكره الزجاجى فى الجمل ص 291.
__________
(1) بروكلمان 2: 215فى ترجمة ابن الأنبارى.
(2) الموهر 1: 87.(1/13)
الأمالى
جمع إملاء على غير قياس. وطريقة الإملاء أعلى وظائف حفاظ الحديث كما ذكر السيوطى فى المزهر (1). وقال صاحب كشف الظنون: «هو أن يقعد عالم وحوله تلاميذه بالمحابر والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه، ويكتبه التلاميذ فيصير كتابا، ويسمونه الإملاء والأمالى. وكذلك كان السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية».
وقال السيوطى: «وقد أملى حفّاظ اللغة من المتقدمين الكثير، فأملى ثعلب مجالس عديدة فى مجلد ضخم، وأملى ابن دريد مجالس كثيرة رأيت منها مجلدا وأملى أبو محمد القاسم بن محمد الأنبارى وولده أبو بكر ما لا يحصى. وأملى أبو على القالى خمسة مجلدات، وغيرهم.
وطريقتهم فى الإملاء كطريقة المحدثين سواء، يكتب المستملى أول القائمة:
مجلس أملاه شيخنا فلان بجامع كذا فى يوم كذا، ويذكر التاريخ، ثم يورد المملى بإسناده كلاما عن العرب والفصحاء، فيه غريب يحتاج إلى التفسير، ثم يفسّره ويورد من أشعار العرب وغيرها بأسانيده، ومن الفوائد اللغوية بإسناد وغير إسناد ما يختاره.
وقد كان هذا فى الصدر الأول فاشيا كثيرا، ثم ماتت الحفاظ وانقطع إملاء اللغة من دهر مديد، واستمرّ إملاء الحديث.
ولما شرعت فى إملاء الحديث سنة 872وجدّدته بعد انقطاعه عشرين سنة، من سنة مات الحافظ أبو الفضل بن حجر، أردت أن أجدد إملاء اللغة، وأحييته
__________
(1) المزهر 2: 313.(1/14)
بعد دثوره، فأمليت مجلسا واحدا فلم أجد له حملة ولا من يرغب فيه، فتركته.
وآخر من علمته أملى على طريقة اللغويين أبو القاسم الزجاجى، له أمال كثيرة فى مجلد ضخم، ولم أقف على أمال لأحد بعده». اهـ كلام السيوطى.
وأقول: وأشهر الأمالى التى وصلت إلينا:
1 - أمالى ثعلب (291200) وقد نشرتها محققة باسم مجالس ثعلب مرتين فى دار المعارف فى مجموعة ذخائر العرب، إحداهما فى سنة 1368 (1948) والأخرى فى سنة 1381 (1960).
2 - أمالى اليزيدى محمد بن العباس (310) وقد نشرت فى حيدر أباد سنة 1367.
3 - أمالى الزجاجى (340). ونشرتنا هذه هى النشرة الثانية.
4 - أمالى القالى إسماعيل بن القاسم (356288). وقد نشرت لأول مرة فى بولاق سنة 1324وصنع لها كرنكو وبيفان فهرسا طبع فى ليدن سنة 1913. ثم نشرت فى دار الكتب سنة 1344وكرر طبعها بعد ذلك.
5 - أمالى المرزوقى أحمد بن محمد بن الحسن (431). ومنها قطعة بدار الكتب المصرية برقم 3300أدب.
6 - أمالى المرتضى على بن الحسين (346355). وقد نشرت قديما بمطبعة السعادة بعناية الشنقيطى سنة 1325ثم أعيد نشرها بتحقيق الأخ الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم سنة 1373بمطبعة الحلبى.
7 - أمالى ابن الشجرى هبة الله بن على (54200). وقد طبعت فى حيدر أباد سنة 1349.
8 - أمالى ابن الحاجب، عثمان بن عمر (646570). وهى إملاء
على آيات من القرآن الكريم، وأبيات من المفصل ومواضع من كافيته وغيرها.(1/15)
8 - أمالى ابن الحاجب، عثمان بن عمر (646570). وهى إملاء
على آيات من القرآن الكريم، وأبيات من المفصل ومواضع من كافيته وغيرها.
ومنه نسخ بدار الكتب برقم 26، 1007و 1034نحو.
وكل واحدة من هذه الأمالى تنحو نحوا غير الذى تنحوه الأخرى. والذى يعنينا من ذلك هو الكلام على أمالى الزجاجى.
أمالى الزجاجى
وهى كما ترى أمشاج من نصوص القرآن الكريم والحديث النبوى ومختار كلام العرب وحكمائهم وشعرائهم وخطبائهم وأبينائهم، مقرونة بأثارة من فنون النقد والموازنة، وأطراف من غريب اللغة ونادرها، وطوائف من قصص العرب والعجم، وكلام الأعراب فى باديتهم، إلى بعض مسائل العربية والتاريخ، فهى كما رأيت من الأمالى الجامعة التى تجمع أسباب الرضا لكل قارئ، ولا تثقل عليه مهما تكن ميوله العلمية والأدبية.
وهى كمعظم تراثنا الفكرى القديم يعوزها دقة النظام وتكلف الترتيب ولعل هذا هو السر فى عدم إضجارها وإملالها. وكأنما وهب الله هؤلاء القدماء هذه القدرة النفسية الموهوبة، التى يجعلون بها العلم خفيفا محمله، لا يعيا به معانيه ومزاوله، بل يتنقل بين فنونه فى شوق ولهفة، لا نجدهما حين نزاول تصانيفنا الحديثة.
ولقد عمدت إلى الفصل بين مشتملات الكتاب بعنوانات جعلتها من قوسى الزيادة [] تيسيرا للقارئ وتنبيها على معالم الكتاب، كما صنعت قبل ذلك فى كتاب الحيوان للجاحظ.
وذكر صاحب كشف الظنون، وكذا البغدادى فى مقدمة خزانة الأدب، أن للزجاجى أمال ثلاثة: الكبرى، والوسطى والصغرى.(1/16)
وإنى لأذهب مقدما إلى أن الزجاج لم يصنع تلك الأمالى، وأنها من صنع تلاميذه أو تلاميذ تلاميذه، فالكبرى هى التى استوعبت أكبر قدر من أماليه والوسطى هى التى استوعبت القدر الأوسط. وهكذا يقال فى الصغرى. وقد سبق فى نص السيوطى عند الكلام على الأمالى ما يفهم منه أنها أمال واحدة فى مجلد ضخم. وكذلك نجد فيما رواه السيوطى من نصوص الأمالى (1) أنه لم يشر فيها إلى نعتها بالكبرى، أو الوسطى، أو الصغرى.
وكذلك نجد فى المراجع اشتراك كثير من النصوص بين الأمالى الثلاثة كما يظهر للفاحص عند استقراء الحواشى التى أثبتها على نسختى هذه، وكذلك عند الرجوع إلى الملحقات التى أثبّتها فى ذيل الكتاب.
ويبدو كذلك أن نسختنا هذه هى ما سميت زعما بالوسطى، لا كما رأى الأستاذ الميمنى فى حواشى الخزانة (4: 159) وما ذكره ابن أبى شنب فى مقدمة الجمل للزجاجى (ص 11) أن هذه النسخة هى الأمالى الصغرى. فقد نصّ البغدادى فى نقوله بالخزانة على مواضع مذكورة فى نسختنا هذه وعزاها إلى الأمالى الوسطى.
وإليك ملخصا لدليل النصوص التى ساقها البغدادى فى الخزانة:
1: 54نص من الصغرى لم يرد فى نسختنا
1: 295نص من الوسطى وهو فى نسختنا ص 8480
1: 425نص من الوسطى وليس فى نسختنا
2: 432نص من الوسطى وليس فى نسختنا
2: 111109نص من الوسطى وليس فى نسختنا
__________
(1) انظر ص 250238.(1/17)
2: 164نص من الوسطى وهو فى نسختنا ص 109106
2: 220نص من الوسطى وهو فى نسختنا ص 6463
2: 257نص من الكبرى وليس فى نسختنا
2: 408نص من الصغرى وليس فى نسختنا
2: 429نص من الوسطى وليس فى نسختنا
3: 509نص من الوسطى والصغرى وليس فى نسختنا
4: 98نص من الوسطى والصغرى وليس فى نسختنا
4: 227نص من الصغرى والكبرى وليس فى نسختنا
4: 252نص من الوسطى وليس فى نسختنا
4: 257نص من الصغرى وهو فى نسختنا ص 5150
4: 595نص من الوسطى وليس فى نسختنا
فنحن نجد نصوصا ثلاثة عزاها البغدادى إلى الوسطى وهى مثبتة فى نسختنا.
ولا نكاد نجد مما نص على أنه الصغرى إلا موضعا واحدا. ويوافق رأينا هذا رأى بروكلمان 2: 175وإن كنت أرى فوق ذلك أن تلك التقسيمات كلها تقسيمات لم يصنعها الزجاجى.
وقد عملت على استيفاء ما استطعت الحصول عليه مما يعزى إلى الأمالى على اختلاف صورها الثلاثة، فى الملحقات التى ذيلت بها الأمالى الوسطى (1).
هذا. ولم ينص فى المخطوطتين اللتين حقّقت عليهما نسختى هذه على نعت بالوسطى أو؟؟؟ ولهذا أبقيت عنوانها مهملا من التقييد بذلك.
__________
(1) انظر تكملة أخرى لهذه الملحقات ظهرت لى بعد الطبع. وهى فى المزهر 1:
380، 439، 449448، 584.(1/18)
أصول هذه النسخة:
رجعت فى تحقيق نسختى هذه إلى مخطوطتين:
1 - مخطوطة عارف حكمت بالمدينة رقم 17نحو، ومنها صورة مصغرة (ميكروفلم) برقم 33بمعهد إحياء المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية وهى فى 92ورقة مكتوبة بخط يبدو أنه من خطوط القرن السادس، وفى آخرها تمليك تاريخه سنة 778. وهى نسخة جيدة الضبط والتقييد، وقد أثبت لها نموذجا فى هذه المقدمة. وهى التى رمزت لها بالرمز (م).
2 - مخطوطة دار الكتب برقم 60أدب ش، وهى فى 49ورقة بكل صفحة 23سطرا. وهى حديثة التاريخ. وفى ختامها: «فرغ من نسخها فى 27ذى القعدة الحرام سنة 1296رحم الله كاتبها ومالكها وقارئها آمين».
وهى على الراجح منقولة من نسخة عارف حكمت السالفة الذكر. وعبارة التمليك المصدرة بها النسخة يرجع تاريخها إلى غرة ذى الحجة من السنة المذكورة أى بعد إتمام نسخها بثلاثة أيام. وهذه هى عبارة التمليك: «ملك بفضل ربه وكرمه محمد محمود بن التلاميد التركزى ثم وقفه على عصبته بعده وقفا مؤبدا كسائر كتبه فمن بدله فإثمه عليه، وكتبه محمد محمود غرة ذى الحجة سنة 1296».
وبالموازنة بين هذه النسخة وسابقتها نجد التوافق الشديد إلا القدر اليسير الذى يخطئ فيه الناسخ، أو ما يغيره الشنقيطى بقلمه للتصحيح. كما أنهما يتفقان فى السقط الصغير الذى نبهت عليه فى الصفحة الأولى من الكتاب. وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ش).
3 - النسخة المطبوعة فى القاهرة بمطبعة السعادة سنة 224؟؟؟ والظاهر أن أصلها هو نسخة الشنقيطى السالفة الذكر، وقد عنى بتصحيحها ونشرها أحمد
ابن الأمين الشنقيطى، ولم يشر إلى أصلها، كما كانت عادة الناشرين فى ذلك العصر. وقد عنيت بمقارنة نصوصها بنصوص الأصلين السابقين، وقد لحظت أن الناشر كثيرا ما يغير النص بدون تنبيه، معتمدا على النصوص المشتركة بين أمالى الزجاجى وبين الأغانى لأبى الفرج الذى قام هو بنشره فى النسخة المعروفة بنسخة الساسى ونبهت على ذلك فى مواضعه. وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ط).(1/19)
3 - النسخة المطبوعة فى القاهرة بمطبعة السعادة سنة 224؟؟؟ والظاهر أن أصلها هو نسخة الشنقيطى السالفة الذكر، وقد عنى بتصحيحها ونشرها أحمد
ابن الأمين الشنقيطى، ولم يشر إلى أصلها، كما كانت عادة الناشرين فى ذلك العصر. وقد عنيت بمقارنة نصوصها بنصوص الأصلين السابقين، وقد لحظت أن الناشر كثيرا ما يغير النص بدون تنبيه، معتمدا على النصوص المشتركة بين أمالى الزجاجى وبين الأغانى لأبى الفرج الذى قام هو بنشره فى النسخة المعروفة بنسخة الساسى ونبهت على ذلك فى مواضعه. وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ط).
الملحقات:
ولما لنصوص الزجاجى من قيمة خاصة عنيت بجمع أشتات ما تفرق منها فى نهاية هذه النسخة، سواء منها ما نسب إلى الأمالى الكبرى أو الوسطى أو الصغرى، وألحقتها محققة بنهاية هذه النسخة.
وألحقت بهذا كله فهارس فنية متعددة جعلت بينها فهرسا لمواد اللغة التى فسرها الزجاجى والتى قمت بتفسيرها، حرصا على إبراز تلك النصوص اللغوية، ولأنها أقرب سبيل يسلكه السالك لتلمّس النصوص المختلفة فى الكتاب.
وعسى أن أكون بعملى هذا قد أسديت خيرا، والعصمة لله وحده، وله الحمد أولا وآخرا.
مصر الجديدة فى 15من ذى القعدة 1382
10 - من أبريل 1963
عبد السلام محمد هارون(1/20)
الصفحة الأولى من مخطوطة عارف حكمت
الصفحة الأخيرة من مخطوطة عارف حكمت(1/21)
قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً}
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجّاجىّ رحمه الله: أخبرنا أبو عبد الله [اليزيدىّ (1) عن أبى عبيد] القاسم (2) عن أبى محمد يحيى بن المبارك اليزيدى (3) قال: روى عن الشّعبى (4) أنّه قال: قال عبد الله بن مسعود
__________
(1) ما بين هذين المعقفين مبيض له فى م، ش بمقدار أربع كلمات، والألف التى قبل اليزيدى ثابتة فى م. واليزيدى هذا هو أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن أبى محمد يحيي اليزيدى النحوى. كان إماما فى النحو والأدب ونوادر العرب وكلامهم. وروى عنه أبو بكر الصولى، واستدعى فى آخر عمره لتأديب أولاد المقتدر فلزمهم. وله تصانيف منها كتاب مناقب بنى العباس، وكتاب أخبار اليزيديين. ونسبة اليزيدى هى نسبة جده يحيي بن المبارك الذى ستأتى ترجمته. توفى سنة 310وله اثنتان وثمانون سنة. ابن خلكان 1: 503502 وبغية الوعاة 5150.
(2) هو أبو عبيد القاسم بن سلام، بتشديد اللام، كان أبوه مملوكا روميا، وكان هو إمام أهل عصره فى كل فن من العلم، أخذ عن أبى زيد وأبى عبيدة والأصمعى وأبى محمد ابن اليزيدى، وابن الأعرابى والكسائى والفراء. وهو صاحب الغريب المصنف. توفى بمكة سنة 223، طبقات الزبيدى 217وبغية الوعاة 276.
(3) هو أبو محمد يحيي بن المبارك بن المغيرة العدوى اليزيدى، النحوى المقرئ اللغوى.
بصرى سكن بغداد، وحدث عن أبى عمرو والخليل، وأخذ عنهما العربية. وروى عنه ابنه محمد وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم. وكان يؤدب أولاد يزيد بن منصور الحميرى فنسب إليه، ثم أدب المأمون. وذكروا أنه الذى خلف أبا عمرو فى القراءة. مات بخراسان سنة 202عن أربع وستين سنة. معجم الأدباء 20: 30وابن خلكان 2: 230 وطبقات الزبيدى 60وبغية الوعاة 414.
(4) هو عامر بن عبد الله بن شراحيل الشعبى الحميرى. ونسبته إلى «شعب» بالفتح:
بطن من همدان. كان من كبار الحفاظ، واستقضاه عمر بن عبد العزيز. ولد بالكوفة سنة 19وتوفى سنة 103. تذكرة الحفاظ 1: 8274وتهذيب التهذيب 5: 65 وصفة الصفوة 3: 40.(2/1)
رحمه الله فى قول الله عز وجل: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً}، قال: الأمّة الرجل المعلّم للخير. والقانت: المطيع. والحنيف: التارك للشّرك {اجْتَبََاهُ} يقول: اصطفاه. {وَهَدََاهُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يعنى طريقا يستقيم به إلى الجنة. {وَآتَيْنََاهُ فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً} [1] قال: الذّكر الطيب والثناء الجميل، ما من أمة ولا أهل دين إلّا يتولّونه [ويرتضون به (2)].
قال أبو القاسم الزجاجى: القنوت فى اللغة: طول القيام، ومنه قيل للداعى قانت، وللمصلى قانت. والحنف: الميل، وقيل للمسلم حنيفا لعدوله عن الشرك إلى الإسلام، وميله عنه ميلا لا رجوع معه. ومنه الحنف فى الرّجلين، وهو إقبال كلّ واحدة من الإبهامين على صاحبتها وميلها عن سائر الأصابع (3). وكان الحنيف فى الجاهليّة من كان يحجّ البيت ويغتسل من الجنابة ويغسل موتاه (4) ويختتن، فلما جاء الإسلام صار الحنيف المسلم.
[صفة المفضل للجواد من الخيل]
أخبرنا أبو القاسم الزجاجى رحمه الله قال: أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابىّ، عن المفضّل الضبّى قال:
قال لى أمير المؤمنين المنصور: صف لى الجواد من الخيل. فقلت:
__________
(1) الآية 122120من سورة النحل.
(2) التكملة من م.
(3) ومنه قول أم الأحنف بن قيس أو دايته، له وهى ترقصه صغيرا:
والله لولا ضعفه من هزله ... أو دقة أو حنف فى رجله
ما كان فى صبيانكم من مثله
(4) ويغسل موتاه، لم ترد فيما نقل صاحب اللسان عن الزجاجى فى 12: 404.(2/2)
يا أمير المؤمنين، إذا كان الفرس طويل ثلاث، قصير ثلاث، رحب ثلاث صافى ثلاث فذلك الجواد الذى لا يجارى. قال: فسّرها فقلت: أمّا الثلاث الطوال فالأذنان، والهادى (1)، والفخذ. وأمّا القصار فالظهر، والعسيب (2)، والسّاق. وأمّا الرّحاب فالّلبان (3)، والمنخر، والجبهة.
والصّافية: الأديم، والعين، والحافر.
[لأنيف بن جبلة فى صفة الفرس]
قال أبو القاسم رحمه الله: أنشدنا أبو غانم المعنوى، قال: أنشدنى أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحىّ قال: أنشدنى أبو محمد التوّزىّ (4)، عن أبى عبيدة، لانيف بن جبلة الضبّىّ، فارس الشّيّط (5):
ولقد حلبت الدّهر كلّ ضروعه (6) ... فعرفت ما آتى وما أتجنّب
ولقد شهدت الخيل يحمل شكّتى ... عتد كسرحان القصيمة منهب (7)
__________
(1) الهادى: العنق، لأنه يتقدم على البدن. ويقال: أقبلت هوادى الخيل، إذا بدت أعناقها.
(2) العسيب: عظم الذنب، أو منبت الشعر منه.
(3) اللبان، بالفتح: الصدر، أو وسطه.
(4) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون التوزي، نسبة إلى توز، بفتح التاء وتشديد الواو المفتوحة: إحدى مدن فارس. قرأ على سيبويه والأصمعي، وأكثر الرواية عن أبي عبيدة. بغية الوعاة 290.
(5) الشيط، كسيد: فرس أنيف، وهو جد داحس من قبل أمه فيما زعم العبسيون. انظر كتاب نسب الخيل لابن الكلبى 15. وداحس هو فرس قيس بن زهير العبسى، وأبوه ذو العقال كرمان، وجده لصلبه أعوج، كما فى كتب الخيل.
(6) أى خبرت جميع أحواله.
(7) الشكة: السلاح. والعتد، بالتحريك: التام الخلق السريع الوثبة، والسرحان:(2/3)
أمّا إذا استقبلته فكأنه ... للعين جذع من أوال مشذّب (1)
وإذا اعترضت به استوت أقطاره ... وكأنه مستدبرا متصوّب (2)
قال أبو غانم: معنى هذا البيت مأخوذ من معنى قول ابن أقيصر فى وصف فرس (3): إذا استقبلته أقعى (4)، وإذا استدبرته جبّى (5)، وإذا اعترضته استوى (6).
[شعر لابن هرمة فى خروج محمد بن عبد الله]
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مالك قال: أخبرنا الرّياشىّ (7) قال: أخبرنى محمد ابن أبى رجاء، عن رجل من بنى مخزوم عن أبيه أو عمه قال:
__________
الذئب، والقصيمة: رملة تنبت الغضى، وذئب الغضى أخبث الذئاب. م: «القضيمة»، تحريف. والمنهب: السريع الجرى ينهب الأرض فى عدوه.
(1) أوال، كغراب وكسحاب: جزيرة يحيط بها البحر بناحية البحرين، بها نخل كثير وليمون وبساتين. معجم البلدان. ورواية ابن قتيبة فى المعانى الكبير 107: «فكأنه فى العين».
(2) فى المعانى الكبير: «وإذا اعترضت له».
(3) المعانى الكبير وعيون الأخبار 1: 154وأمالى القالى 2: 251. وابن أقيصر هو عمر بن محمد بن أقيصر السلمى. مجالس ثعلب 501، 502.
(4) أقعى الفرس: تقاعس على أقتاره، أى تراجع. والأقتار والأقطار: النواحى والجوانب. وفى المعانى الكبير: «أى كأنه مقع لإشراف مقدمه».
(5) وردت كتابته فى النسخ الثلاث (جبا)، صواب رسمها بالياء. وفى أمالى القالى:
«جنأ»، وهى بمعنى أكب. قال ابن قتيبة: «جبى»، أى كأنه مكب لإشراف عجيزته.
(6) ابن قتيبة: «أى استوى لك منظره فلم يكن مقعيا ولا منكبا».
(7) هو أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشى اللغوى النحوى، قرأ على المازنى النحو وقرأ عليه المازنى اللغة. وقال فيه المازنى: قرأ الرياشى على كتاب سيبويه فاستفدت منه أكثر مما استفاد منى. وكان كثير الرواية عن الأصمعى، وأخذ عن المبرد وابن دريد.
ورياش: رجل من جذام كان أبوه عبدا له فنسب إليه. قتله الزبح بالبصرة سنة 257.
بعية الوعاة 275.(2/4)
لقيت ابن هرمة (1) منصرفه من المدينة فقال لى: قد خرج هذا الرجل يعنى محمد بن عبد الله بن حسن (2) وقلت أبياتا فاعرفها واحفظها:
أرى الناس فى أمر سحيل فلا تزل ... على حذر حتى ترى الأمر مبرما (3)
وإنّك لا تسطيع ردّ الذى مضى ... إذا القول عن زلّاته فارق الفما
فكائن ترى من وافر العرض صامتا ... وآخر أردى نفسه إن تكلّما
[القول فى رقيم أصحاب الكهف]
قال أبو القاسم الزجّاجىّ: أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن عرفة (4) قال:
حدثنا محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضّل، عن أسباط، عن السّدّىّ قال:
روى عن ابن عباس فى قول الله عز وجل: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحََابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كََانُوا مِنْ آيََاتِنََا عَجَباً} [5]، قال: إنّ الفتية لمّا هربوا من
__________
(1) إبراهيم بن على بن سلمة بن هرمة الشاعر، من مخضرمى العباسية والأموية، وهو آخر من يحتج بشعره. ولد سنة 70وتوفى فى خلافة الرشيد بعد الخمسين ومائة. الأغانى:
4: 113101والخزانة 1: 204.
(2) كان ظهور محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة 145، وبايعه خلق كثير من الحاضرة والبادية، وتسمى بالمهدى، فوجه إليه المنصور عيسى بن موسى فى أربعة آلاف، فالتقوا بظاهر المدينة، فقتل محمد فى عدة ممن كان معه، وذلك فى شهر رمضان من تلك السنة. التنبيه والإشراف للمسعودى 295 فى الكلام على خلافة أبى جعفر المنصور.
(3) السحيل: غير المحكم، عنى به الاضطراب، وأصله الحبل يفتل فتلا واحدا، فإذا أجيد فتله فهو مبرم.
(4) هو إبراهيم بن محمد بن عرفة، أبو عبد الله، الملقب نفطويه. أخذ عن ثعلب والمبرد، وكان أيضا فقيها على مذهب داود الظاهرى. ولد سنة 244وتوفى سنة 323.
طبقات الزبيدى 172وبغية الوعاة 188.
(5) الآية 9من سورة الكهف.(2/5)
أهلهم خوفا على دينهم فقدوهم، فخبّروا الملك خبرهم، فأمر بلوح من رصاص فكتب فيه أسماؤهم (1) وألقاه فى خزانته، وقال: إنّه سيكون له شأن (2).
فذلك اللوح هو الرّقيم (3).
أخبرنا أبو القاسم الزجّاجى رحمه الله: اعلم أنّ فى الرقيم خمسة أقوال (4):
أحدها: هذا الذى روى عن ابن عباس رحمه الله أنّه لوح كتب فيه أسماؤهم.
والآخر: أنّ الرّقيم هو الدواة. يروى ذلك عن مجاهد وقال: هو بلغة الروم.
والثالث: أنّ الرقيم: القرية (5). وهو يروى عن كعب.
والرابع: أنّ الرقيم: الوادى.
والخامس: ما روى عن الضّحاك وقتادة أنّهما قالا: الرقيم: الكتاب.
وإلى هذا يذهب أهل اللغة، ويقولون: هو فعيل بتأويل مفعول يقال رقمت الكتاب، أى كتبته، فهو مرقوم ورقيم، كما قال عزّ وجلّ: {كِتََابٌ مَرْقُومٌ} [6].
__________
(1) فى تاج العروس أنه نقش فيه نسبهم وأسماؤهم وقصصهم ودينهم ومم هربوا.
(2) م: «سيكون لهم شأن».
(3) وفى رواية عكرمة عن ابن عباس أنه قال: ما أدرى ما الرقيم: أكتاب أم بنيان.
انظر اللسان (رقم 142).
(4) الأقوال الخمسة، ذكرت فى اللسان (رقم 142) نقلا عن الزجاجى.
(5) عبارة القاموس وشرحه: «قرية أصحاب الكهف التى خرجوا منها، أو جبلهم الذى كان فيه الكهف، أو الوادى الذى فيه الكهف».
(6) الآية 9، 20من سورة المطففين.(2/6)
[بين معاوية وروح بن زنباع]
أخبرنا أبو بكر محمد بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم السّجستانى، عن أبى عبيدة عن العتبىّ عن أبيه عن جده، قال:
ولّى معاوية بن أبى سفيان روح بن زنباع (1) عملا، فبلغته عنه خيانة فصرفه، وأمره بالقدوم عليه ففعل، فأمر بضربه، فلما أخذته السّياط قال:
نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تهدم منّى ركنا أنت بنيته، أو تضع منّى خسيسة أنت رفعتها، أو تشمت بى عدوّا أنت وقصته (2)، وبالله إلّا أتى حلمك على جهلى، وعفوك على إفساد صنائعك! فقال معاوية:
* إذا الله سنّى حلّ عقد تيسّرا (3) *
خلّيا عنه.
[حديث خولة بنت منظور والحسن بن على]
أخبرنا أبو الحسن علىّ بن سليمان الأخفش قال: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب، عن عمر بن شبّة، قال:
تزوّج الحسن بن علىّ، رضوان الله عليهما، خولة بنت منظور بن زبّان، فأقامت عنده حولا لا تكتحل ولا تتزيّن، حتّى ولدت له ابنا، فدخل عليها
__________
(1) وكان أحد ولاة فلسطين أيام يزيد بن معاوية. الأغانى 17: 111.
(2) الوقص: الكسر. وفى البيان والتبين 1: 358والعقد 2: 156: «أنت وقمته».
والوقم: الإذلال والقهر.
(3) يروى صدره: * وأعلم علما ليس بالظن أنه *
و: * فلا تيأسا واستغفرا الله إنه *
انظر اللسان (غور، سنا) وأمالى القالى 1: 235والبيان والتبين 1: 41.(2/7)
وقد تزينت فقال: ما هذا؟ قالت: خفت أن أتزيّن وأتصنّع فيقول النّساء تجملت فلم تر عنده شيئا، فأمّا وقد جاء هذا فلا أبالى. فلما مات الحسن جزعت عليه جزعا شديدا، فقال أبوها منظور:
نبّئت خولة أمس قد جزعت ... من أن تنوب نوائب الدّهر
لا تجزعى يا خول واصطبرى ... إنّ الكرام بنوا على الصّبر
[تعزية عمر بن حفص لعبد الله بن على]
أخبرنا عبد الله بن مالك قال أخبرنا الزّبير بن بكّار عن عمه قال:
مات لعبد الله بن على (1) ابن فجزع عليه جزعا شديدا، وامتنع من الطّعام والشراب ثلاثا وحجب عنه الناس، فلما كان فى اليوم الرابع خرج كاتبه إلى الحاجب وقال: ائذن للناس. فقال: إنّه قد منعنى من ذلك. قال: ائذن لهم.
فأذن لهم فدخلوا عليه، وقعد الكاتب فى طريقهم وقال لهم: عزوا الأمير وسلّوه.
ففعلوا فلم يسلّه شىء من قولهم حتى دخل عليه عمر بن حفص فقال:
أصلح الله الأمير، عليكم نزل الكتاب فأنتم أعرف بتأويله، ومنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنتم أعلم بسنّته، ولسنا نعلّمك شيئا نراك تجهله، ولكنّا نذكّرك. وهذه أبيات قالها بعض من أصابه مثل ما أصابك (2):
__________
(1) بذا صححها الشنقيطى فى نسخته بقلمه، وهو الحق. وفى جميع النسخ: «لعلى بن عبد الله». والذى كان واليا هو عبد الله بن على بن عبد الله بن العباس، عم أبى العباس السفاح. انظر تاريخ بغداد 5118والمعارف 164163والتنبيه والإشراف 285.
وفى أمالى المرتضى 1: 461وحماسة ابن الشجرى 138نقلا عن المرتضى، تجد القصة بوجه آخر، إذ هى فى تعزية جعفر بن سليمان بأخيه محمد بن سليمان بن على الهاشمى. وفى البيان والتبين 4: 97أن المعزى هو سليمان بن على وقد مات ابن له.
(2) هو عبد الله بن أراكة الثقفى، كما فى أمالى المرتضى وحماسة ابن الشجرى، يرثى(2/8)
لعمرى لئن أتبعت عينيك ما مضى ... من الدّهر أو ساق الحمام إلى القبر (1)
لتستنفدن ماء الشئون بأسرها ... ولو كنت تمريهنّ من ثبج البحر (2)
فقلت لعبد الله إذ حنّ باكيا ... تعزّ، وماء العين منهمر يجرى (3)
تبيّن فإن كان البكا ردّ هالكا ... على أحد فاجهد بكاك على عمرو (4)
ولا تبك ميتا بعد ميت أجنّه ... علىّ وعباس وآل أبى بكر (5)
وأعزّيك ببيت قلته:
وهوّن ما ألقى من الوجد أنّنى ... أجاوره فى داره اليوم أو غدا (6)
فدعا بالطعام فطعم هو وأصحابه.
__________
أخاه عمرو بن أراكة. وفى العقد 3: 306لأراكة الثقفى يرثى فيها عمرو بن أراكة.
ويبدو أن هذا هو الصواب، فإن «عبد الله» ورد مخاطبا فى الشعر التالى فى البيت الرابع، ومن غير المألوف أن يخاطب الشاعر نفسه باسمه فى شعره كما أن نص القصة فى الكامل 720 وفى الفاضل والمفضول للمبرد 65واللآلئ 627وردت على هذا الوجه الواضح: «فقتل عمرو بن أراكة، فجزع عليه».
(1) ويروى: «عينك». ويروى: «به الدهر».
(2) هو من قولهم: مرى الشاة يمريها مريا، إذا حلبها واستخرج لبنها. وثبج البحر:
وسطه ومعظمه. أراد: ولو كنت تستخرج الدموع من ثبج البحر.
(3) عبد الله، يعنى به نفسه إن كان هو القائل. أو ابنه إن كان القائل أباه.
(4) رواه المرتضى، وعنه ابن الشجرى: «خن باكيا» بالخاء المعجمة، وفسره المرتضى بقوله: «قوله خن باكيا معناه رفع صوته بالبكاء. وقال قوم: الخنين بالخاء معجمة من الأنف، والحنين من الصدر، وهو صوت يخرج من كل واحد منهما». ولم يرو هذه الرواية غيرهما.
(5) روى البيت للحطيئة يرثى به عمر بن الخطاب، فى ديوانه 223. وفى شرح ديوان الحطيئة عن إصلاح المنطق لابن السكيت: «أراد أن يقول على عمر فقال على عمرو».
وقد بحثت إصلاح المنطق بحثا فلم أجد هذا النص فيه.
(6) فى البيان والتبين 4: 97أن منشد الشعر يحيي بن منصور، ولم يصرح بنسبته إليه.(2/9)
[مما قيل فى الصديق]
وأنشدنى ابن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن، ابن أخى الأصمعىّ:
صديقك حين تستغنى كثير ... ومالك عند فقرك من صديق
فلا تغضب على أحد إذا ما ... طوى عنك الزيارة عند ضيق
[الصبر فى اللغة]
أخبرنا أبو عبد الله نفطويه، عن أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابى قال: الصبر: مصدر صبرت. والصّبر: لغة فى الصّبر لهذا المرّ. والصّبر: الحبس يقال صبرت فلانا على كذا وكذا، أى حبسته عليه. وفى الحديث أن رجلا أمسك رجلا فقتله آخر، فقيل (1) فقال: «اقتلوا القاتل، واصبروا الصّابر» أى احبسوه. والصبر: الاجتراء على الشىء، ومنه قول الله عزّ وجل: {فَمََا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النََّارِ} [2] أى ما أجرأهم عليها. وقال المبرد: تأويله ما دعاهم إلى الصبر عليها وأنشد ابن الأعرابىّ:
سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ... ولكننا كنّا على الموت أصبرا (3)
أى كنا أجرأ منهم على الموت فاقتحمناه.
[أبيات فى الغزل]
قال أبو القاسم: أنشدنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن عن عمه:
__________
(1) ط، ش: «فقيل فقال». وفى اللسان (صبر 107): «فقال». وأثبت ما فى م
(2) الآية 175من سورة البقرة.
(3) البيت من أبيات فى الحماسة بشرح المرزوقى 156155لزفر بن الحارث الكلابى.(2/10)
وحبّ كأظماء البعير كتمته ... مع القلب لم يعلم به من ألاطف [1]
وإنّى لأكنى الحبّ حتّى أردّه ... خفىّ المردّ لم تنله الزّعانف (2)
فأخفى من الوجد الذى لو أذيعه ... لحنّت إليه القاصرات العفائف (3)
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو إسحاق (4) الزجّاج قال: أخبرنا أبو العباس المبرد، عن أبى عثمان المازنى، عن الأصمعى قال:
يقال: أربّت الناقة بالفحل، وألمّت به، وعشقته: إذا لم تبرح منه وألفته. ومنه سمّى المحبّ عاشقا.
[العشق والغزل]
أخبرنا على بن سليمان الأخفش، عن أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابى قال: العشقة: شجرة يقال لها اللّبلابة، تخضرّ ثم تدقّ، ثم تصفرّ ومن ذلك اشتقاق العاشق.
قال: ويقال: غازل الكلب الظّبى: إذا عدا فى أثره فلحقه وظفر به، ثم عدل عنه. ومنه مغازلة النساء، قال: كأنّه يلاعبها الرجل فتطمعه فى نفسها، فإذا رام تقبيلها انصرفت عنه (5).
[1] الأظماء: جمع ظمء بالكسر، وهو حبس الإبل عن الماء، ما بين يوم إلى ثمانية عشر يوما، وأولها الغب ثم الربع والخمس إلى العشر، كلها بكسر أولها، وليس لها بعد العشر اسم إلا فى العشرين، فإذا وردت فى يوم العشرين قيل ظمؤها عشران وهو ثمانية عشر يوما. انظر اللسان (عشر).
__________
(2) الزعانف: النساء الخسائس. والأبيات برواية أخرى فى المجتنى لابن دريد 89.
(3) القاصرات: اللائى قصرن أنفسهن فلم يطمحن إلى ريبة.
(4) هو شيخ الزجاجى، وإليه ينسب.
(5) هذه الكلمة ساقطة من ط ثابتة فى م، ش.(2/11)
قال أبو القاسم رحمه الله: أصل المغازلة من الإدارة والفتل لأنّه إدارة عن أمر، ومنه سمّى المغزل لاستدارته وسرعته فى دورانه، وسمّى الغزال غزالا لسرعته، وسميّت الشمس الغزالة لاستدارتها وسرعتها. وأنشد أبو إسحاق الزجّاج:
قالت له وارتفقت: ألا فتى (1) ... يسوق بالقوم غزالات الضّحى (2)
قال أبو القاسم: ارتفقت: اتّكأت.
[خبر عبد الله بن مسلم مع عيسى بن طلحة]
أخبرنا عبد الله بن مالك قال: أخبرنا الزبير بن بكار عن عمه قال:
قال عبد الله بن مسلم بن جندب:
طرقنى ليلة بعد ما نمت عيسى بن طلحة بن عمر بن عبد الله بن معمر، فحرجت إليه، فقلت: ما جاء بك فى هذا الوقت؟ فقال: إنّه غنّتنى الساعة جارية ابن حمران قولك:
تعالوا أعينونى على اللّيل، إنّه ... على كلّ عين لا تنام طويل
فقلت له: قضى الله عنك الحقوق يا ابن أخى، أبطأت بالإجابة حتّى أتى الله بالفرج (3).
__________
(1) فى نوادر أبى زيد 128واللسان (غزل):
* دعت سليمى دعوة هل من فتى *
(2) بعده فى النوادر:
* فقام لاوان ولارث القوى *
(3) فى العقد 6: 423: «فقلت: يرحمك الله، أغفلت الإجابة حتى أتى الله بالفرج».(2/12)
[لبعضهم فى الغنى والفقير]
أنشدنا أبو بكر بن دريد، قال: أنشدنا عبد الرحمن:
أرى كلّ من أثرى يرى ذا مهابة ... وإن كان مذموما لئيما نقائبه (1)
ومن يفتقر يدع الفقير ويمتهن ... غريبا ويبغض أن تراه أقاربه
ويرمى كما ذو العرّ يرمى ويتّقى ... ويجنى ذنوبا كلّها هو عائبه (2)
[لوم الحسن البصرى للقراء بباب عمر بن هبيرة]
أخبرنا ابن دريد قال: أخبرنى عبد الرحمن ابن أخى الأصمعى عن عمه (3) قال:
مرّ الحسن البصرىّ رحمه الله بباب عمر بن هبيرة (4) وعليه القرّاء، فسلم ثم قال: مالكم جلوسا قد أحفيتم شواربكم، وحلقتم رءوسكم، وقصّرتم أكمامكم، وفلطحتم نعالكم! أما والله لو زهدتم فيما عند الملوك لرغبوا فيما عندكم، ولكنّكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم. فضحتم القرّاء فضحكم الله!
قال عبد الرحمن: قلت لعمّى: ما المفلطح؟ قال: هو الشىء يعرض أعلاه
__________
(1) النقائب: جمع نقيبة، وهى الطبيعة والنفس. والأبيات فى نوادر أبى زيد 178 والمجتنى لابن دريد 9089. وفى النوادر:
أرى كل ذى مال يرى ذا حزامة ... ويمن وإن كان المشوم نقائبه
(2) العر، بالضم والفتح: الجرب. وفى النوادر: «ويرم»، و: «ويجن».
(3) الخبر فى اللسان (فلطح)، وصفة الصفوة 3: 158.
(4) هو عمر بن هبيرة بن سعد بن عدى بن فزارة، ولى العراقين ليزيد بن عبد الملك سنة ستين، وكان يكنى أبا المثنى. المعارف 189. وانظر طائفة من أخباره فى البيان والتبين.(2/13)
ويدق أسفله. ومنه قيل: رأس مفلطح. والعامة تقول مفرطح.
[قصة عمر بن أبى ربيعة ومن نعى إليه صاحبته الثريا]
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مالك قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: حدثنى مسلمة (1) قال:
كان عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة مستهاما مغرما بالثّريّا بنت على بن عبد الله بن المجرثعة (2) بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف، وكانت عرضة ذلك، جمال وكمال (3)، وكانت تصيّف بالطّائف، يبكّر فيقوم على فرسه فيسأل الركبان الذين يجيئون بالفاكهة من الطائف عن الأخبار ليسكن إلى ما يسمعه من خبرها. فسألهم ذات يوم عن مغرّبات أخبارهم (4)، فقالوا:
ما عندنا خبر، إلّا أنّا سمعنا عند رحيلنا صياحا عاليا على امرأة من قريش، اسمها على اسم نجم فى السماء قد ذهب عنّا. فقال لهم عمر: الثريا؟ قالوا: نعم.
فسار عمر على وجهه يعدى فرسه ملء فروجه نحو الطائف، وأخذ على طريق كداء، وهى أحزن الطّريقين وأخصرهما، حتّى وافى الطائف فوجدها سليمة قد خرجت تتشوّفه (5)، ومعها أختاها رضيّا وأمّ عثمان، فأخبرها الخبر،
__________
(1) هو مسلمة بن إبراهيم بن هشام المخزومى، كما فى الأغانى 1: 83حيث روى أبو الفرج هذا الخبر.
(2) كذا فى م. وفى ط: «بن المجرثمة». وبدله فى ش مع أثر تصحيح والأغانى ونسب قريش 151، 269: «بن الحارث».
(3) ط فقط والأغانى: «جمالا وكمالا». وفى اللسان (عرض 49): «وبقال فلان عرضة ذاك أو عرضة لذلك، أى مقرن له قوى عليه». والمراد أنها أهل لذلك.
(4) مغربات الأخبار، هى الجديدة التى تأتى من بلد بعيد. وفى حديث عمر: «هل من مغربة خبر».
(5) يقال: تشوفت إلى الشىء: تطلعت. فهو هنا بإسقاط الجار.(2/14)
فقالت: أنا والله أمرتهم بذلك لأعلم ما لى عندك.
وقال عمر فى وجهه ذلك:
تشكىّ الكميت الجرى لمّا جهدته ... وبيّن لو يسطيع أن يتكلّما
فقلت له: إن ألق للعين قرة ... فهان علىّ أن تكلّ وتسأما
عدمت إذا وفرى وفارقت مهجتى ... لئن لم أقل قرنا إن الله سلّما (1)
لذلك أدنى دون خيلى رباطه ... وأوصى به أن لا يهان ويكرما
قال أبو القاسم: يقال عدا الفرس، وأعداه فارسه: إذا حمله على العدو وكلّ الرجل: إذا ضعف يكلّ كلّا وكلالة ومنه الكلالة فى النسب، إنّما هو من الضّعف، لأنّه ما عدا الولد والوالد. وبعض العلماء جعل الكلالة فى قوله: {يُورَثُ كَلََالَةً} [2]: المتوفّى، وبعضهم يجعله المال، وأكثرهم ما بدأنا به. والكلّ: الضّعيف والكلّ: الصّنم.
[مما قيل فى غناء الحمائم]
أخبرنا أبو بكر بن الحسن بن دريد قال: أنشدنا الرّياشىّ:
ألا قاتل الله الحمامة غدوة ... على الفرع ماذا هيّجت حين غنّت (3)
__________
(1) الوفر: المال الكثير وأقل، من القيلولة. والقرن: موضع، وهو قرن المنازل، وكثيرا ما يردده فى شعره. أراد: لئن لم أقل فيه. ط: «فزنا» صوابه فى الأغانى. وفى ش:
«فرنا» بالفاء. ومن شعر ابن أبى ربيعة:
ألم تسأل الربع أن ينطقا ... بقرن المنازل قد أخلقا
(2) الآية 12من سورة النساء.
(3) فى أمالى القالى 1: 131: «على الأيك»، وفى الأغانى: «على الغصن».
والأبيات فى المجتنى لابن دريد 83ومعجم البلدان (البريقان)، وذكر أبو الفرج فى الأغانى 8: 160أن من الناس من ينسبها إلى كثير، يظنونها من تائيته، وهو خطأ منهم.(2/15)
تغنّت غناء أعجميّا فهيّجت ... جواى الذى كانت ضلوعى أجنّت
نظرت بصحراء البريقين نظرة ... حجازية، لو جنّ طرف لجنّت
[شماتة أعرابى بموت محمد بن الحجاج]
أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة، عن أحمد بن يحيى، عن الرّياشى، قال سمرة بن جندب:
مات محمد بن الحجّاج بن يوسف، فلما انصرفنا من جنازته اجتزت بشيخ من بنى عقيل، فقال لى: من أين؟ فقلت: من جنازة محمد بن الحجّاج ابن يوسف. فأنشأ الشيخ يقول:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجّر ... من الغيظ فى أكبادنا والتحوّب (1)
قال: وكان الحجّاج قد قتل ابنا للشيخ.
[لرجل من عبد شمس فى رعاية ذى القربى]
أنشدنا ابن دريد قال: أنشدنا أبو عثمان عن التوّزى، عن أبى عبيدة، لرجل من بنى عبد شمس (2):
دعانى سهم دعوة فأجبته ... ومن ذا الذى يرجى لنائبة بعدى
فلوبى بدأتم ثم من قد دعوتم ... لفرّجت عنكم كلّ نائبة جهدى
إذا المرء ذو القربى وذو الودّ أجحفت ... به نكبة سلّت مصيبته حقدى (3)
__________
(1) البيت لطفيل الغنوى كما فى الأغانى 14: 86عند رواية هذا الخبر برواية أكثر تفصيلا. وهو فى ديوان طفيل 14واللسان (حوب، حجر، ذوق). والتحوب:
صوت مع توجع، أو هو الحزن. وانظر التنبيه على أمالى القالى ص 73.
(2) الخبر والشعر فى المجتنى لابن دريد 80.
(3) أجحفت به: أذهبت ماله وأفقرته. والنكبة: المصيبة من مصائب الدهر.(2/16)
[جواب لأحد المعمرين]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: أخبرنا محمد بن يزيد المبرد عن أبى عثمان المازنىّ، عن الأصمعى، عن أبى عمرو بن العلاء قال:
قيل لرجل من بكر بن وائل قد عاش ثلاثين ومائتى سنة، كيف رأيت الدنيا؟ قال: قد عشت مائة سنة لم أصدّع (1) فيها، ثم أصابنى فى الثلاثين والمائة ما يصيب النّاس (2).
[لسهل بن غالب، فى معاذ بن مسلم وقد أسن]
أنشدنا (3) الأخفش عن أحمد بن يحيى ثعلب:
إنّ معاذ بن مسلم رجل ... قد ضجّ من طول عمره الأبد (4)
قد شاب رأس الزمان واكتهل الدّهر ... وأثواب عمره جدد
يا نسر لقمان كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد (5)
__________
(1) فى اللسان: «والصداع: وجع فى الرأس. وقد صدع الرجل تصديعا. وجاء فى الشعر صدع بالتخفيف، فهو مصدوع».
(2) الخبر فى الفاضل والمفضول للمبرد ص 68.
(3) ما عدا م: «أخبرنا».
(4) هو معاذ بن مسلم، المعروف بالهراء، كان نحويا كوفيا، وكان يتشيع. قرأ عليه الكسائى. وعمر معاذ طويلا حتى شد أسنانه بالذهب من كبره. وتوفى سنة 187، وهى سنة نكبة البرامكة. وفيات الأعيان 2: 99، وبغية الوعاة 393. والأبيات منسوبة إلى سهل ابن أبى غالب الخزرجى، كما فى الوفيات. ونسبت إلى محمد مناذر فى العقد 3: 55وبغية الوعاة 393. وهى بدون نسبة فى الحيوان 3: 423والمعانى الكبير 58. وبالنسبة إلى الخزرجى فقط فى 6: 327/ 7: 51.
(5) لبد، كزفر: أحد نسور لقمان بن عاد، وكان لقمان خير بعد أن هلكت عاد قومه، بين بقاء سبع بعرات سمر، من أظب عفر، فى جبل وعر، لا يمسهن القطر أو بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر، خلف بعده نسر. فاختار النسور، وكان آخرها لبد، وكان كل منها يعيش ثمانين سنة. انظر حياة الحيوان للدميرى.
(2أمالى الزجاجى)(2/17)
قد أصبحت دار آدم خربت ... وأنت فيها كأنك الوتد
تسأل غربانها إذا حجلت ... كيف يكون الصّداع والرمد (1)
مصحّح كالظّليم ترفل فى ثو ... بين، منك الجبين يتّقد (2)
أدركت نوحا ورضت بغلة ذى القرنين ... شيخا، لولدك الولد (3)
فانعم مليّا فإنّ غايتك الموت ... وإن عزّ ركنك الجلد (4)
هذا الشعر فيما ذكر أبو بكر الصّولىّ لسهل بن غالب الخزرجىّ (5)، ويكنى أبا السّرىّ.
وأنشدنا عنه لضرار بن عتيبة العبشمىّ (6):
أحبّ الشىء ثم أصدّ عنه ... مخافة أن يكون به مقال
أحاذر أن يقال لنا فنخزى ... ونعلم ما يسبّ به الرّجال
[بعض ما قيل فى التمنى]
أخبرنا الأخفش قال: أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابى عن أبى الفضل الرياشى، عن الأصمعىّ قال:
__________
(1) قال ابن قتيبة: خص الغراب بالمسألة لصحة بصره وبدنه. يقال: «فلان أصح من غراب».
(2) عند ابن خلكان: «مثل السعير تتقد».
(3) أى لأولادك أولاد وأحفاد.
(4) عند ابن خلكان والسيوطى: «وإن شد ركنك الجلد».
(5) ترجم له ابن خلكان فى نهاية ترجمة معاذ بن مسلم، وذكر أنه نشا بسجستان وادعى رضاع الجن، وزعم أنه بايعهم للأمين بن هارون، فقربه الرشيد وابنه الأمين وزبيدة.
وله أشعار حسان وضعها على ألسنة الجن والشياطين والسعالى، وقال له الرشيد: إن كنت رأيت ما ذكرت فقد رأيت عجبا، وإن كنت ما رأيته فقد وضعت أدبا!
(6) فى المجتنى لابن دريد 80: «لضرار بن عيينة العبشمى».(2/18)
سمعت شيخا من بنى العجيف (1) يقول: تمّنيت دارا، فبقيت فيها أربعة أشهر مفكرا فى الدّرجة أين تقع.
قال أبو القاسم الزجّاجى: وقيل لرجل من الضّباب: تمنّ. فتمنّى خباء وقوسا فى جلّة، فى ليلة مطرة، وأن يحئ الكلب فيدخل معه الخباء.
قال أبو القاسم: القوس: بقية التمر فى الجلّة. والآس: بقية العسل فى وعائه، أو الموضع الذى يشتار منه (2). والكعب: بقية السّمن فى النّحى.
والهلال بقية الماء فى الحوض. والشّفا، مقصور: بقية كلّ شىء (3).
ويقال للعسل: هو العسل، واللّوص (4)، والأرى، والضّحك (5)، والسّعابيب، والطّريم (6).
ويقال: تمنّى الرجل إذا حدّث نفسه، وتمنّى إذا سأل ربه، وتمنّى إذا كذب. واجتاز بعض العرب بابن دأب (7) وهو يحدّث قوما، فقال له: أهذا
__________
(1) بنو العجيف بن ربيعة بن مالك بن حنظلة. الجمهرة 228.
(2) والآس أيضا: بقية الرماد بين الأثافى، كما فى اللسان (أوس) ومعجم أبى هلال العسكرى فى بقية الأشياء ص 46.
(3) انظر المعجم فى بقية الأشياء للعسكرى ص 100.
(4) كذا فى جميع النسخ. وفى اللسان والقاموس: «اللواص» كسحاب.
(5) بفتح الضاد وسكون الحاء، ومنه قول أبى ذؤيب:
فجاء يمزج لم ير الناس مثله ... هو الضحك إلا أنه عمل النحل
(6) ومثله الطم بالكسر أيضا.
(7) هو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب، وكان من أحسن الناس حديثا وبيانا، وكان شاعرا راوية، وكان صاحب رسائل وخطب وكان يجيدهما جدا. البيان والتبين 1: 324. وكان عيسى يضع الحديث والشعر وأحاديث السمر، كان يضع الحديث بالمدينة، وابن شوكر يضع الحديث بالسند. وفيهما يقول خلف الأحمر:
أحاديث ألفها شوكر ... وأخرى مؤلفة لابن داب
وكان صاحب حظوة عند الهادى، وروى عنه شبابة بن سوار، ومحمد بن سلام الجمحى.
تاريخ بغداد 845ولسان الميزان 4: 408.(2/19)
شىء رويته أم تمنّيته؟ ويقال: تمنّى الرجل، إذا تلا القرآن ومنه قوله عزّ وجل: {لََا يَعْلَمُونَ الْكِتََابَ إِلََّا أَمََانِيَّ} [1]. وينشد:
تمنّى كتاب الله أوّل ليله ... وآخره لاقى حمام المقادر (2)
[لعلى بن بدال فى صفة العداوة]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن عن عمه، لعلىّ بن بدّال، من بنى سليم:
لعمرك إنّنى وأبا رياح ... على حال التّكاشر منذ حين (3)
لابغضه ويبغضنى وأيضا ... يرانى دونه وأراه دونى
فلو أنّا على حجر ذبحنا ... جرى الدّميان بالخبر اليقين (4)
[أربعة لم يلحنوا]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم السّجستانى عن الأصمعىّ قال:
أربعة لم يلحنوا فى جدّ ولا هزل: الشّعبى، وعبد الملك بن مروان، والحجّاج ابن يوسف، وابن القرّيّة. والحجّاج أفصحهم قال يوما لطبّاخه: «اطبخ
__________
(1) الآية 78من سورة البقرة.
(2) أنشده فى اللسان والمقاييس (منى) وسيرة ابن هشام 370بدون نسبة، وهو لحسان بن ثابت فى تفسير أبى حيان 6: 382. وليس فى ديوانه.
(3) الأبيات فى الخزانة 3: 351والمجتنى لابن دريد 81. كاشره: ضاحكه وباسطه.
(4) انظر لتفسيره الخزانة واللسان (دمى 293). يزعمون أن الرجلين المتعاديين إذا ذبحا لم تختلط دماؤهما.(2/20)
لنا مخلّلة، وأكثر عليها من الفيجن (1)، واعمل لنا مزعزعا». فلم يفهم عنه الطباخ، فسأل بعض ندمائه فقال له: اطبخ له سكباجا (2)، وأكثر عليها من السّذاب، واعمل له فالوذا سلسا.
قال: وقدّم إليه مرة أخرى سمكة مشوّية، فقال له: «خذها ويلك فسمّنها وارددها». فلم يفهم عنه، فقال له نديمه (3): برّدها فإنّها حارّة.
قال أبو القاسم: قال الأصمعى: يقال هو الفالوذ، والسّرطراط، والمزعزع واللّواص، واللّمص. فأمّا الفالوذج فهو أعجمىّ، والفالوذق مولدة.
[مختارات من الشعر]
أنشدنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن ابن أخى الأصمعىّ:
فبتنا به ليل التّمام بنعمة ... وعيش أنى حتّى جلا الصّبح كاشف (4)
نقول إذا ما كوكب غار ليته ... بحيث رأيناه عشاء يخالف
فلما هممنا بالتفرّق أظهرت ... بقايا التحيات الدّموع الذّوارف
أنشدنا أبو غانم:
ألا من لقلب معرض للنوائب ... رمته خطوب الدّهر من كلّ جانب
__________
(1) فى الأصول: «العجين»، ولا يتفق مع التفسير الآتى بأنه السذاب. وإنما هو «الفيجن» كما صححت به فى ط. وفى محاضرات الراغب 1: 292: «وأكثر فيجنها».
(2) ضبط فى القاموس بكسر السين، وفى م بفتحها. وفى محاضرات الراغب 1: 292 أنه يقال للسكباج الخلية، والمخللة، والصفصافة. ويبدو أنه اللحم يعالج بالخل والتوابل ويضاف إليه أحيانا الزعفران والسذاب.
(3) فى اللسان (سمن 83) أنه عنبسة بن سعيد.
(4) أنى يأنى: أبطأ وتأخر. وفى المجتنى لابن دريد 77: «وعيش لنا».(2/21)
تبيّن يوم البين أنّ اعتزامه
على الصّبر من إحدى الظّنون الكواذب
أنشدنا ابن دريد قال: أنشدنا عبد الرحمن عن عمه، لبعض القيسيّين:
يا سلم لا أقرى التعذّر نازلا ... والذمّ ينزل ساحة المتعذّر (1)
ولقد علمت إذا الرياح تناوحت ... أطناب بيتك فى الزّمان الأغبر
إنّى لأرفع للضّيوف تحيتى ... وأشبّ ضوء النار للمتنوّر (2)
وينال بالمال القليل رباعتى ... قحما تضيق بها ذراع المكثر (3)
أنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال: أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابىّ، لأشجع السّلمىّ:
بأكناف الحجاز هوى دفين ... يؤرّقنى إذا هدت العيون
أحنّ إلى الحجاز وساكنيه ... حنين الإلف فارقه القرين
وأبكى حين ترقد كلّ عين ... بكاء بين زفرته أنين
أنشدنا أبو الفضل ذيمل قال: أنشدنى أبو بكر بن داود الأصبهانى لنفسه:
أخوك الذى أمسى بحبّك مغرما ... يتوب إليك اليوم ممّا تقدّما
فإن لم تصله رغبة فى إخائه ... ولم تك مشتاقا فصله تكرّما
__________
(1) فى المجتنى 78: «نازلى» أى النازل على.
(2) تنور النار: نظر إليها من بعيد، يفعل ذلك الضيف ليهتدى إلى أصحاب القرى.
رفع تحيته: أى رفع الصوت بها. والتحية فى كلام العرب: ما يحيي به بعضهم بعضا عند اللقاء، كقولهم، حياك الله.
(3) فى المجتنى 78: «براعتى» موضع «رباعتى». ورباعة الرجل: حاله وشأنه.(2/22)
فقد، والذى عافاك مما ابتلى به ... تندّم لو يرضيك أن يتندّما
وو الله ما كان الصّدود الذى مضى ... دلالا ولا كان الجفاء تبرّما
فلا تجزه بالهجر، إن صدّ مكرها ... وأظهر إعراضا وأبدى تجهّما
ولم يلهه عنك السّلوّ وإنّما ... تأخّر لمّا لم يجد متقدّما
وأنشدنى أيضا له:
لكل امرئ ضيف يسرّ بقربه ... ومالى سوى الأحزان والهمّ من ضيف
له مقلة ترمى القلوب بأسهم ... أشدّ من الضّرب المدارك بالسّيف
يقول خليلى: كيف صبرك بعدنا ... فقلت: وهل صبر فيسأل عن كيف
[فصل فى أسماء الشجاج]
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن منصور المعروف بابن الخياط النّحوى قال:
أخبرنى أبو الحسن بن الطّيّان، عن أبى يوسف يعقوب بن إسحاق السّكّيت عن الأصمعى وأبى زيد وغيرهما، بما يذكر من أسماء الشجّاج، فى هذا الفصل دخل كلام بعضهم فى بعض، قالوا:
الشّجّ فى الوجه والرأس خاصّة دون سائر الجسد. وأوّل الشّجاج الحارصة، وهى التى تشقّ الجلد شقّا خفيفا ولم يجر منها دم ومنه قيل: حرص القصّار الثّوب [1]: إذا شقّه شقّا خفيفا.
ثم الدامية، وهى التى ظهر دمها ولم يسل.
ثم الدّامعة، وهى التى قطر دمها كما تدمع العين.
[1] القصار: المبيض للثياب، وكان النسيج يهيأ بعد نسجه بأن يبل ويدق بالقصرة، وهى بالتحريك: قطعة من الخشب.(2/23)
ثم الباضعة، وهى التى أخذت فى اللحم.
ثم السّمحاق، وهى التى جاوزت اللّحم إلى الجلدة الرقيقة، وهى التى بين العظم واللحم، وتلك الجلدة الرقيقة يقال لها السّمحاق، وسمّيت الشّجة بها. ويقال للسّمحاق: الملطاء أيضا، يمدّ ويقصر. ومنه الحديث: «الملطاء بدمها» أى يحكم فيها لوقتها ولا ينظر إلى ما يؤول إليه أمرها.
ثم الموضحة، وهى التى خرقت السّمحاق فأوضحت عن العظم، أى أظهرته.
ثم المقرشة إقراشا بالقاف، وهى التى تخرج منها العظام.
ثم الآمّة، ويقال لها المأمومة والأميم أيضا، وهى التى بلغت أمّ الرأس، وهى مجتمع الدّماغ، وصاحبها يصعق لصوت الرّعد ورغاء الإبل، ولا يمكنه البروز للشمس.
ثم الدّامغة، وهى التى تخسف العظم. ولا بقاء لصاحبها.
[مما قيل فى الوجد]
أخبرنا ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمّه:
ما وجد أعرابية قذفت بها ... صروف النّوى من حيث لم تك ظنّت (1)
تمنّت أحاليب الرّعاء وخيمة ... بنجد فلم يقدر لها ما تمنّت
وسدّ عليها باب أصهب لازم ... عليه دقاقا قربة قد أبلّت (2)
__________
(1) كذا بالخرم فى أوله. وفى المجتنى 83والأغانى 8: 160: «وما وجد» بدون خرم.
(2) الدقاق: الدقيق. وفى ط: «دقاق». وفى المجتنى 83: «رقاقا قربة».(2/24)
إذا ذكرت ماء الفضاء وطيبه ... وبرد الحصى من نحو نجد أرنّت (1)
بأوجد من وجد بريّا وجدته ... غداة غدونا غربة واطمأنّت [2]
فإن يك هذا عهد ريّا وأهلها ... فهذا الذى كنّا ظننّا وظنّت
[من خطب رسول الله]
أخبرنا أبو إسحاق الزجّاج، وأبو الحسن الأخفش قالا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد، قال:
حدّثت من غير وجه أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس ذات يوم، فحمد الله وهو أهله وصلّى على أنبيائه صلوات الله عليهم، ثم أقبل على الناس فقال (3):
«يا أيها الناس، إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإنّ العبد بين مخافتين: أجل قد مضى لا يدرى ما الله فاعل فيه، وأجل قد بقى لا يدرى ما الله قاض فيه. فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشّبيبة قبل الكبر [4]، ومن الحياة قبل الممات فوالذى نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب [5]، وما بعد الدنيا من دار [6]، إلّا الجنة أو النار.
__________
(1) فى الأغانى وزهر الآداب 975: ماء العضاه» وقد سبق بعض أبيات هذه المقطوعة فى ص 15.
[2] الغربة: البعد والنأى.
(3) الخطبة فى كامل المبرد 119والبيان والتبين 1: 302.
[4] فى البيان: «قبل الكبرة». والكبرة، بالفتح: الكبر.
[5] أى ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت وانقضى زمانها.
[6] أى من دار عمل، فإن الدار الآخرة دار جزاء فحسب.(2/25)
[للمغيرة بن حبناء فى السيادة]
أخبرنا أبو بكر محمد بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن، للمغيرة بن حبناء (1):
إذا المرء أثرى ثم قال لقومه ... أنا السيّد المفضى إليه المعمّم (2)
ولم يولهم خيرا أبوا أن يسودهم ... وهان عليهم رغمه وهو أظلم
[مما قيل فى اليعسوب والنحل]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: أخبرنا ابن الأعرابى قال: روى عن أبى عبد الله الجدلىّ قال:
دخلت على أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضوان الله عليه فرأيت بين يديه ذهبا مصبوبا، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا يعسوب المنافقين. فقلت: وما معنى يعسوب يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا يلوذ به المنافقون كما يلوذ المؤمنون بى، فأنا يعسوب المؤمنين
قال أبو القاسم الزجّاجى، رحمه الله: اليعسوب من الناس: السيّد.
واليعسوب: رئيس النّحل، إذا طار طارت معه، وإذا حطّ حطّت.
__________
(1) المغيرة بن حبناء شاعر إسلامى من شعراء الدولة الأموية. وحبناء لقب غلب على أبيه لحبن كان أصابه. الأغانى 11: 156والخزانة 3: 601.
(2) البيتان فى المجتنى لابن دريد 82بهذه النسبة. وهما فى الحيوان 3: 83والبيان 3: 103وعيون الأخبار 1: 248بدون نسبه.(2/26)
ويقال: هى النّحل، والثّول، والدّبر، والخشرم (1)، والخرشم (2)، والرّضع، والدّخا بتخفيف الخاء والقصر (3)، واليعاسيب، والنّوب (4)، كلّه بمعنى واحد وأنشد:
إذا لسعته النّحل لم يرج لسعها ... وحالفها فى بيت نوب عوامل (5)
الرّجاء، هاهنا، بمعنى المخافة. وكذلك قال المفسّرون فى معنى قول الله عزّ وجلّ: {مََا لَكُمْ لََا تَرْجُونَ لِلََّهِ وَقََاراً} [6]، أى لا تخافون لله عظمة.
[قصة نصيب وأم بكر]
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مالك النحوى، قال: أخبرنا الزبير بن بكّار قال: حدثنى سليمان بن عيّاش السعدى، من سعد العشيرة، قال: حدثتنى جمال بنت عون بن مسلم، عن أبيها، عن جدها قال:
__________
(1) الخشرم: جماعة النحل والزنابير، لا واحد لها من لفظها، وقيل واحدتها خشرمة.
والخشرم أيضا: أمير النحل، ومأوى الزنابير والنحل. وفى الحديث: «حتى لو سلكوا خشرم دبر لسلكتموه».
(2) هذه الكلمة ساقطة من ط ثابتة فى م، ش، ولا أحقها.
(3) كذا فى جميع النسخ، ولعله «بتخفيف الجيم». وفى اللسان (دجا): «الدجى صغار النحل، والدجية: ولد النحلة، والجمع دجى. قال الشاعر:
تدب حميا الكأس فيهم إذا انتشوا ... دبيب الدجى وسط الضريب المعسل
(4) قال أبو عبيدة: سميت نوبا لأنها تضرب إلى السواد. وقال أبو عبيد: لأنها ترعى ثم تنوب إلى موضعها. فعلى الأول لا واحد لها، وعلى الثانى واحدها نائب.
(5) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين 1: 143واللسان (رجا، نوب).
والرواية المعروفة: «عواسل». ويروى: «وخالفها» بالخاء المعجمة، وهى رواية الديوان.
(6) الآية 13من سورة نوح.(2/27)
خرجت ذات يوم فرأيت رجلا أسود كاللّيل، معه امرأة بيضاء كاللّبن، فدنوت منه ففغمتنى رائحة المسك، فقلت: من أنت؟ فقال: أنا الذى أقول:
ألا ليت شعرى ما الذى تحدثن لنا ... غدا غربة النّأى المفرّق والبعد (1)
لدى أمّ بكر حين تقذفها النّوى ... بنا، ثم يخلو الكاشحون بها بعدى (2)
أتصرمنى عند الذين هم العدى ... فتشمتهم بى أم تدوم على العهد
فصاحت به المرأة: لا والله بل ندوم (3) على العهد؟ فسألت عنه فقيل:
هذا نصيب، وهذه أمّ بكر.
[مما قيل فى الصديق]
أخبرنا أبو بكر محمد بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن بن أخى الأصمعى:
ألا ربّ من تدعو صديقا ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفرى (4)
مقالته كالشّهد ما كان شاهدا ... وبالغيب مأثور على ثغرة النّحر (5)
__________
(1) فى الأغانى 1: 132: «تحدثين بى». وفى 1: 140وكذا معجم الأدباء 19: 233: «تجدين بى». وغربة النأى بفتح العين: بعده.
(2) فى معجم الأدباء: «حين تغترب النوى بنا».
(3) فى الأغانى: «تدوم» وفى الموضع الآخر: «بل أدوم»، وهو ما يرجح روايته بالنون كما هنا.
(4) الشعر لسويد بن الصامت فى عيون الأخبار 3: 81. والنص فى المجتنى 86:
«ويروى لسويد بن الصامت». ونسب فى اللسان (نشر) إلى عمير بن حباب. يفرى:
يكذب ويختلق.
(5) المأثور: السيف الذى يقال إنه من عمل الجن. وثغرة النحر: نقرته.(2/28)
[وصية قيس بن عاصم لبنيه حين احتضر]
أخبرنا أبو القاسم الصائغ قال: حدثنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: أخبرنى أبو حاتم السّجستانىّ عن أبى عبيدة قال:
لما احتضر قيس بن عاصم المنقرىّ جمع بنيه ثم قال: يا بنىّ احفظوا عنّى، فلا أحد أنصح لكم منّي. إذا أنا متّ فسوّدوا كباركم، ولا تسوّدوا صغاركم فيحقّر الناس كباركم، فتهونوا جميعا عليهم. وعليكم بحفظ المال ففيه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللّئيم. وإياكم ومسألة الناس، فإنّها آخر كسب الرجل (1).
[لرجل من غطفان وآخر من خثعم]
أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنا عبد الرحمن عن عمّه، لرجل من غطفان (2):
إذا أنت لم تستبق ودّ صحابة ... على دخن أكثرت نثّ المعايب (3)
وإنى لأستبقى امرأ السّوء عدّة ... لعدوة عرّيض من الناس عاتب (4)
أخبرنا أبو بكر بن مجاهد عن محمد بن الجهم قال: بلغنى أنّ رجلا من خثعم قال:
__________
(1) فى البيان 2: 80حيث روى الوصية: «فإنها شر كسب المرء».
(2) وكذا فى المجتنى 86. وفى الحيوان 1: 368: «من بنى عبد الله بن غطفان».
ونسب الشعر فى حماسة البحترى 394إلى النعمان بن حنظلة العبدى.
(3) الدخن: السكون لعلة لا للصلح، والفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر. والنث:
النشر.
(4) العدوة: المرة من العدوان. والعريض، كسكيت: الذى يتعرض للناس بالشر.(2/29)
لو كنت أصعد فى المكارم والعلى ... مثل التهبّط كنت سيّد خثعم
قال: فساد قومه بعد مدّة، فقيل له فى ذلك، فأنشأ يقول:
خلت الدّيار فسدت غير مسوّد ... ومن العناء تفرّدى بالسّودد (1)
[حديث لبعض المعمرين]
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد، عن الأصمعىّ، عن أبى عمرو بن العلاء قال:
قيل لرجل من بنى بكر بن وائل قد كبر حتّى ذهبت منه لذّة المأكل والمشرب والنّكاح: أتحبّ أن تموت؟ قال: لا. قيل له: فما بقى من لذّتك فى الدّنيا؟ قال: أسمع بالعجائب. وأنشأ يقول:
وهلك الفتى أن لا يراح إلى النّدى ... وأن لا يرى شيئا عجيبا فيعجبا (2)
معنى يراح: يرتاح. ومعنى الكلام: وأن لا يعجب إذا رأى العجب.
[خطأ رؤبة فى نعت الخيل]
أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعى قال: قال رؤبة فى نعت الخيل وأخطأ، قال فى وصف القوائم:
__________
(1) نسب فى الحيوان 3: 80والبيان 3: 219والأغانى 21: 31وأمالى المرتضى 1: 388إلى حارثة بن بدر الغدانى. والحق أنه تمثل به، قال المرتضى: «وهذا البيت يقال إنه لحارثة لا أنه تمثل به». ونسب فى معجم البلدان 2: 254إلى عمرو بن النعمان البياضى.
(2) نسب إلى على بن الغدير فى أمالى القالى 2: 181. وأنشده فى البيان 3: 242، 343بدون نسبة.(2/30)
بأربع لا يعتلقن العفقا ... يهوين مثنى ويقعن وفقا (1)
فقال له سلم (2): هذا يضبر، أتجعله يضرح برجله ويسبح بيده (3)، هلّا كما قال أبو النجم:
يسبح أولاه ويطفو آخره ... فما يمسّ الأرض منه حافره
فقال: أي بنىّ، لا علم لى بالخيل، ولكن أدننى من ذنب البعير (4). قال الأصمعى: فأدنى منه فلم يصنع شيئا.
[للمستنير بن طلبة فى العتاب]
أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنا عبد الرحمن عن عمه للمستنير بن طلبة أحد بنى قشير (5):
أعاتب ليلى إنّما الصّرم أن ترى ... خليلك يأتى ما أتى لا تعاتبه
وما أهل ليلى من صديق فينفعوا ... وما أهل ليلى من عدوّ تجانبه
ويولون حقدا كان بينى وبينهم ... قديما كما يستوعب الدّرّ حالبه (6)
__________
(1) ملحقات ديوان رؤبة 180والموشح للمرزبانى 219والشعراء لابن قتيبة 577 والصناعتين للعسكرى 90، وقد ورد فى الأخير سرد بعض أخطاء رؤبة. العفق: الجمع.
«ومثنى» هى فى المراجع المتقدمة واللسان (وفق): «شتى». والهوى: أن تعدو عدوا شديدا أرفع العدو كأنه فى هواء بئر تهوى فيها.
(2) هو سلم بن قتيبة، كما فى الشعراء والموشح.
(3) يضبر: يجمع قوائمه ويثب. والضرح للخيل هو الرمح بالأرجل.
(4) قال العسكرى: «أى لست أبصر الخيل، وإنما أنا بصير بالإبل».
(5) فى المجتنى لابن دريد 79: «أحد بنى أقيش». وبنو أقيش هؤلاء، بطن من عسكل. الاشتقاق 183وجمهرة ابن حزم 199.
(6) فى المجتنى: «يولون حقدا».(2/31)
وذى حنق باد علىّ تركته ... كذى العرّ يستدمى من الطّير غاربه (1)
[قصة عبد الرحمن بن أبى بكر وابنة الجودى]
أخبرنا على بن سليمان الأخفش، عن أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن شبّة قال:
روى عن هشام بن عروة أنّ عبد الرحمن بن أبى بكر الصدّيق، رحمه الله، دخل دمشق فى الجاهليّة فرأى جارية كأنها مهرة عربيّة، حواليها جوار يفدّينها ويحلفن برأسها ويقلن: لا، وحقّ ابنة الجودىّ (2)! فوقعت بقلبه، فانصرف عنها وأنشأ يقول:
تذكّر ليلى والسّماوة دونها ... وما لابنة الجودىّ ليلى وماليا
وكيف تعنّى قلبه حارثيّة ... تدمّن بصرى أو تحلّ الجوابيا (3)
وكيف تلاقيها، بلى ولعلّها ... إن الناس وافوا موسما أن توافيا
فما زال يشبّب بها، فلما كان خلافة عمر رحمه الله وأرسل إلى الشام قال
__________
(1) يستدمى: يدمى، مما تنقره الطير. والعر: الجرب. والغارب: الكاهل، وهو مقدم أعلى الظهر مما يلى العنق.
(2) هى ليلى بنت الجودى بن عدى بن عمرو بن أبى عمرو الغسانى. وكانت بنت ملك دمشق، كما فى الأغانى 16: 91.
(3) تدمن بصرى: تسكنها. وأصل التدمين تسويد الأرض والتأثير فيها بالدمن، وهو البعر. وتطابق هذه الرواية رواية معجم ما استعجم 401. وفى الأغانى: «تحل ببصرى» وفيها أيضا: «الحوانيا». وفى ط، م: «الحوافيا» صوابه ما أثبت من ش. وأنشد البكرى هذا البيت فى معجم ما استعجم ص 401فى رسم (الجوابى) وقال: «على لفظ جمع جابية: بلد بالشام من ديار بنى الحارث بن كعب». ولم يذكر ياقوت هذا الموضع. وذكر البكرى (الجوابى) مرة أخرى فى رسم (حومل) عند إنشاده بيت حسان:
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجوابى فالبضيع فحومل
وقال: «الجوابى: جابية الجولان وغيرها».(2/32)
لهم: إن افتتحتم دمشق فادفعوا ابنة الجودىّ إلى ابن أبى بكر. فأعطيها فآثرها على نسائه، حتى شكونه إلى عائشة، فعاتبته على ذلك فقالت له: إنّ لنسائك عليك حقا! فقال: كأنما أترشّف برضابها حبّ الرمّان (1)!
[قول عمر بن عبد العزيز فى الحجاج]
حدثنا محمد بن القاسم الأنبارى قال: حدثنى أبى عن أحمد بن الحارث، عن المدائنى قال:
كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقول: إذا كان يوم القيامة ووافت الروم بقياصرها، والفرس بأكاسرتها، جئنا بالحجاج فكان عدلا لهم.
[مما قيل فى الإصابة بالعين]
أخبرنا أحمد بن الحسين بن شقير قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابىّ قال:
يقال: لقع (2) فلان فلانا بعينه، وزلقه بها وزلقّه وأزلقه (3)، وشقذه وشوّهه وكلّ ذلك إذا أصابه بعينه.
ويقول الرجل لصاحبه إذا أجاد فى عمله: لا تشوّه علىّ، أى لا تقل لى أجدت، فتصيبنى بعينك.
__________
(1) انظر بقية الخبر فى الأغانى، وذم الهوى لابن الجوزى 655654.
(2) ط، م: «نقع» بالنون، تحريف. وانظر اللسان (لقع).
(3) وردت هذه الكلمات الثلاث فى المطبوعة الأولى بالفاء بدلا من القاف، تصحيف.
وانظر اللسان (زلق 10). وقرئ: «ليزلقونك بأبصارهم» بفتح الياء وضمها، من زلق وأزلق.
(3أمالى الزجاجى)(2/33)
ويقال: رجل معين: إذا أصيب بالعين ورجل معيون: إذا كان فيه عين (1).
ويقال: رجل شائه وشاه (2)، ومشوّه، وشقذ وشقذان: إذا كان شديد الإصابة بالعين.
وكان معاوية وابن الزبير يتسايران فأبصرا راكبا، فقال معاوية: هو فلان، وقال ابن الزبير: هو فلان. فلمّا تبيّناه كان الذى قال ابن الزبير، فقال معاوية: يا أبا بكر، ما أحسن هذه الحدّة مع الكبر! قال: برّك يا أمير المؤمنين (3). فسكت فقال له الثانية: برّك. فسكت وضحك. قال ابن الزبير: ما أحسن هذه الثنايا وأطرأ هذا الوجه مع طول العمر وكثرة الهموم! فقال معاوية: برّك. فسكت، يقولها ثلاثا ويسكت ابن الزبير. ثم افترقا فاشتكى ابن الزبير عينيه حتّى أشرف على ذهابهما، وسقطت ثنايا معاوية.
فالتقيا فى الحول الثانى فقال له: يا أبا بكر (4)، أنا أشوى منك أى أكثر حظّا منك فى الإصابة بالعين وأنا أقلّ ضررا منك.
قال ثعلب: هو من قولهم: رماه فأشواه: إذا لم يصب مقتله.
__________
(1) ومن شواهده قول عباس بن مرداس:
قد كان قومك يحسبونك سيدا ... وإخال أنك سيد معيون
ويروى: «مغيون». انظر شرح شواهد الشافية للبغدادى 387.
(2) مقلوب شائه، كما قالوا شاك فى شائك.
(3) فى اللسان: «يقال بركت عليه تبريكا، أى قلت له بارك الله عليك». ويبدو أنها عبارة كانت تقال لدفع العين.
(4) أبو بكر: كنية عبد الله بن الزبير، ويكنى أيضا أبا خبيب باسم ولده خبيب، نسب قريش للمصعب 239.(2/34)
[خبر محمد بن حازم وقينتى بشار بن برد]
أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى عن أبيه عن بعض شيوخه، عن محمد بن حازم (1)، وكان شاعرا ظريفا، قال:
دعانا بشّار بن برد، وكانت عنده قينتان تغنيان، فكان فى المجلس من يعبث بهما ويمدّ يده إليهما، فأنفت له من ذلك فكتبت إليه من الغد:
اتّق الله أنت شاعر قيس ... لا تكن وصمة على الشّعراء (2)
إنّ إخوانك المقيمين بالأمس ... أتوا للزّناء لا للغناء
أنت أعمى وللزّناة هنات ... منكرات تخفى على البصراء
هبك تسّمّع الحديث فما علمك ... فيه بالغمز والإيماء (3)
والإشارات بالعيون وبالأيدى ... وأخذ الميعاد للالتقاء
قطعوا أمرهم وأنت حمار ... موقر من بلادة وغباء
قال: فأدخلهما السّوق فباعهما.
[لمحمد بن أبى العتاهية وقد وقف على المقابر]
أخبرنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن قطن السّمسار العجلىّ قال: أخبرنا
__________
(1) ط، م: «ابن خازم» بالخاء، تصحيف صوابه فى ش. وهو محمد بن حازم بن عمرو الباهلى، ويكنى أبا جعفر، من ساكنى بغداد، ومولده ومنشؤه بالبصرة، وكان من شعراء الدولة العباسية، ومدح من الخلفاء المأمون خاصة. انظر لترجمته وأخباره تاريخ بغداد 2: 295ومعجم المرزبانى 429والأغانى 12: 160151.
(2) الأبيات بعينها للبحترى فى ديوانه ص 8يهجو بها عليا المكفوف مع إضافة بيت فى أولها، وهو:
يا على بل يا أبا الحسن الما ... لك رق الظريفة الحسناء
وانظر قصة تتعلق بها فى طوق الحمامة لابن حزم فى باب (قبح المعصية).
(3) تسمع: تتسمع، وفى الكتاب العزيز: «لا يسمعون إلى الملأ الأعلى» فى الآية 8 من الصافات. وفى ط والديوان: «تستسمع». وفى م: «تستمع»، وهذه محرفة.(2/35)
أبو جعفر بن أبى شيبة قال: رأيت ابن أبى العتاهية (1) فى المقابر قائما وهو يقول:
أهل القبور أتيتكم أتحسّس ... فإذا جماعتكم أصمّ وأخرس
إنّ امرأ ذكر المعاد فخافه ... لأحظّ ممن لم يخفه وأكيس
يا أيّها الرجل الحريص أما ترى ... أعلام عمرك كلّ يوم تدرس
بك لا أبا لك مذ خلقت موكّلا ... ملك يعدّ عليك ما تتنفّس
فإذا انقضى الأجل الذى أجّلته ... ومضى فما لك بعد ذلك محبس
قال أبو القاسم الزجاجىّ رحمه الله: قال لى أبو عيسى (2): سمعت شيوخنا يقولون: إنّ ابن آدم يتنفّس فى كلّ يوم وليلة أربعة وعشرين ألف نفس، فى كلّ ساعة ألف نفس، فيكون خروج روحه مع آخر نفس قدّر له.
[تفسير بعض آى القرآن]
أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال: حدثنا إسحاق ابن الحسين بن ميمون أبو يعقوب الحربىّ قال: حدثنا الحسين بن محمد، عن شيبان (3) عن قتادة فى قول الله عز وجل: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا}
__________
(1) هو محمد بن أبى العتاهية الشاعر، واسم أبى العتاهية إسماعيل بن القاسم، وكنية محمد أبو عبد الله ويلقب عتاهية، وكان شاعرا أيضا، قال البغدادى: «حذا طريقة أبيه فى القول فى الزهد». وأنشد له أشعارا. تاريخ بغداد 2: 3634. وذكر فى 14: 147 أنه كتاب عن أبى محمد اليزيدى قريبا من ألف جلد عن أبى عمرو بن العلاء خاصة، يكون ذلك نحو عشرة آلاف ورقة لأن تقدير الجلد عشر ورقات.
(2) هو أبو عيسى موسى بن على الختلى، نسبة إلى «ختل» كسكر، وهى قرية على طريق خراسان للخارج من بغداد. ذكر السمعانى فى الأنساب 188ب أنه روى عن أبى يعلى المنقرى، وروى عنه أبو بكر بن الأنبارى. وانظر أمالى القالى 1: 195.
(3) هو شيبان بن عبد الرحمن التميمى النحوى، روى عن عبد الملك بن عمير، وقتادة والحسن البصارى وغيرهم. وتوفى سنة 164. تهذيب التهذيب.(2/36)
{الصََّالِحََاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجََّارِ} [1] قال: افترق القوم فى أديانهم، فافترقوا عند الممات وعند المصير.
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا إسحاق بن الحسين، عن الحسين بن محمد، عن شيبان عن قتادة، فى قول الله عز وجل: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى ََ تَخَوُّفٍ} [2]، قال: على تنقّص.
قال أبو القاسم رحمه الله: وأصحابنا يقولون: إنّ الأخفش سعيد بن مسعدة كان ينشد شاهدا لهذا الحرف:
تخوّف السير منها تامكا قردا ... كما تخوّف عود النّبعة السّفن (3)
وعلى هذا التأويل أهل اللغة والمفسّرون، إلّا ما روى عن الضحّاك فإنه كان يقول: تأويله يبلى قوما فيخوّف بهم آخرين.
[أرجوزة عراعر المازنى وتفسير ما فيها من غريب]
أنشدنا نفطويه عن ثعلب عن ابن الأعرابى، لعراعر المازنىّ:
قالت سليمى وهى ذات أقوال ... أفلح عيش مثل عيش الجمّال
يا سلم يا ذات الوشاح الجوّال ... والمعصم الفعم الرّوىّ المغتال
__________
(1) الآية 28من سورة ص.
(2) الآية 47من سورة النحل.
(3) البيت لابن مقبل، وقيل لذى الرمة، ويروى لعبد الله بن عجلان النهدى. وذكر صاحب الأغانى فى ترجمة حماد الرواية أنه لابن مزاحم الثمالى. انظر اللسان (خوف، سفن) والأغانى 5: 157. والتامك: السنام المرتفع. والقرد: الكثير الوبر. والسفن، بفتحتين ما ينحت به الخشب من حديد ونحوه.(2/37)
يرميك من جال إلى ضوج جال ... ورد هموم طرقت ببلبال (1)
وظلم ساع وأمير مقتال ... يأخذ منك المال من بعد المال
حتّى يظلّ الشّيخ بعد الإرمال ... يغصّ بالعذب النّقاخ السّلسال
فى كلب القرّ ويوم هتّال (2) ... يمهن فى جمّازة وسربال
محفوفة الكمّ وسحق هلهال
قال أبو القاسم الزجّاجىّ رحمه الله: المغتال: الذى قد غاص فى شحمها.
ويقال فى غير هذا: اغتالته غول: إذا أهلكته. والفعم: الممتلئ، ويقال فى صفات المرأة: هى عطشى الوشاح ريّا الخلخال. ويقال: رميت الشىء من يدى، وأرميته عن الفرس وغيره إرماء. والضّوج: جانب البئر ونحوه، وكذلك الجال.
والسّاعى: صاحب الصّدقات. والمقتال: المختار يقال اقتلت الشىء: إذا اخترته. وحكى ثعلب عن ابن الأعرابى أنّه يقال اقتلت شيئا بشىء: إذا بدّلته (3) وهو نادر شاذ. وقال ابن الأعرابىّ: سمعت أعرابيّا يقول لآخر:
«ادخل بغلامك هذا السّوق فاقتل به غيره»: أى استبدل به. والإرمال: الفقر ونفاد الزّاد والماء. والنّقاخ: العذب. والجمّازة (4): جبّة الملّاح، وهى قصيرة بلا كمّين. والمهنة: الخدمة يقال: مهن الرجل يمهن ويمهن مهنة: إذا خدم، فهو ماهن. ومهن فهو مهين: إذا هان فى نفسه وخسّ.
__________
(1) البلبال والبلبلة: شدة الهم، والوسواس فى الصدر.
(2) كلب البرد: شدته. والقر، بالضم: البرد. والهتال: الهطال، وهو المتتابع القطر.
(3) ط فقط: «أبدلته».
(4) ضبطت فى م هنا وفى إنشاد البيت فيما سبق بفتح الجيم، وهى لغة اعترض عليها شارح القاموس.(2/38)
[تعزية أبى نواس للفضل بن الربيع فى وفاة الرشيد]
أخبرنا علىّ بن سليمان الأخفش قال:
لما توفّى أمير المؤمنين الرشيد وانتهى الأمر إلى الأمين، كان أبو نواس فى حبس الرشيد، فكتب إلى الفضل بن الربيع:
تعزّ أبا العباس عن خير هالك ... بأفضل حىّ كان أو هو كائن (1)
حوادث أيام تدور صروفها ... لهنّ مساو مرّة ومحاسن
وفى الحىّ بالميت الذى ضمّن الثّرى ... فلا أنت مغبون ولا الموت غابن (2)
فدخل على الأمين فاستوهبه منه، فخلّاه وسهّل له الطريق إلى الدّخول إليه.
[قصة عمر بن الخطاب رضى الله عنه والبطريق]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا المكىّ عن ابن أبى خالد، عن الهيثم قال: أخبرنا أسامة بن زيد، عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه قال:
خرجت مع أناس من قريش فى تجارة إلى الشّام فى الجاهلية، فإنّى فى سوق من أسواقها إذا ببطريق قد قبض على عنقى، فذهبت أنازعه فقيل لى:
__________
(1) أبو العباس: كنية الفضل بن الربيع بن يونس. وكان الفضل ممن أغرى الرشيد بنكبة البرامكة، وتولى بعدهم وزارة الرشيد. وفيات الأعيان 1: 413412. وقد روى ابن خلكان هذه الأبيات الثلاثة.
(2) وفى به: عادله وصار وفاء له، من قولهم: وفى الدرهم المثقال: عادله. وفى م:
«ولا هو غابن». وما أثبت من ط، ش يطابق رواية الديوان ص 130.(2/39)
لا تفعل فإنّه لا نصف لك منه (1). فأدخلنى كنيسة فإذا تراب عظيم ملقى، فجاءنى بزنبيل ومجرفة، فقال لى: انقل ما ها هنا. فجلست أمثّل أمرى (2)
كيف أصنع. فلما كان فى الهاجرة جاءنى وعليه سبنية (3) أرى سائر جسده منها، فقال: إنّك على ما أرى ما نقلت شيئا! ثم جمع يديه وضرب بهما دماغى فقلت: واثكل أمّك يا عمر، أبلغت ما أرى! ثم وثبت إلى المجرفة فضربت بها هامته ثم واريته فى التراب، وخرجت على وجهى لا أدرى أين أسير، فسرت بقيّة يومى وليلتى، ومن الغد إلى الهاجرة، فانتهيت إلى دير فاستظللت فى فنائه، فخرج إلىّ رجل فقال: يا عبد الله ما يقعدك ها هنا؟ فقلت: أضللت أصحابى.
فقال: ما أنت على طريق، وإنّك لتنظر بعينى خائف، فادخل فأصب من الطّعام واسترح. فدخلت فأتانى بطعام وشراب وألطفنى، ثم صعّد إلىّ النّظر وصوّبه فقال: قد علم أهل الكتاب أو الكتب أنه ما على الأرض أعلم بالكتاب أو الكتب منّى، وإنّى لأجد صفتك الصّفة التى تخرجنا من هذا الدّير وتغلبنا عليه. فقلت: يا هذا، لقد ذهبت فى غير مذهب. فقال لى:
ما اسمك؟ فقلت: عمر بن الخطاب. فقال: أنت والله صاحبنا، فاكتب على ديرى هذا وما فيه. فقلت له: يا هذا، إنّك قد صنعت إلىّ صنيعة فلا تكدّرها.
فقال: إنّما هو كتاب فى رقّ، فإن كنت صاحبنا فذاك، وإلّا لم يضرك شىء. فكتبت له على ديره وما فيه، وأتانى بثياب ودراهم فدفعها إلىّ، ثم أوكف أتانا وقال لى: أتراها؟ قلت: نعم. قال: سر عليها فإنّك لا تمرّ
__________
(1) النصف: الانتصاف وأخذ الحق كاملا.
(2) كتبت فى م بوضع ثلاث نقط فوق الثاء ونقطتين تحتها لتقرأ بالوجهين.
(3) السبنية: ضرب من الثياب يتخذ من مشاقة الكتان.(2/40)
على قوم إلّا سقوها وعلفوها وأضافوك، فإذا بلغت مأمنك فاضرب وجهها مدبرة فإنّهم يفعلون بها كذلك حتى ترجع إلىّ. قال: فركبتها حتّى لحقت أصحابى فانطلقت معهم.
فلما وافى عمر الشام فى خلافته جاءه ذلك الراهب بالكتاب، وهو صاحب دير عدس (1)، فلمّا رآه عرفه ثم قال: قد جاء ما لا مذهب لعمر عنه. ثمّ أقبل على أصحابه فحدّثهم بحديثه، فلما فرغ منه أقبل على الراهب فقال: إن أضفتم المسلمين ومرّضتموهم وأرشدتموهم فعلنا ذلك. قال: نعم يا أمير المؤمنين. فوفى له عمر.
[خبر يزيد بن ربيعة بن مفرغ وعباد بن زياد]
أخبرنا أبو غانم قال: أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلام عن يونس بن حبيب قال:
كان يزيد بن ربيعة بن مفرّغ رجلا من يحصب (2) وكان عديدا (3) لأسيد ابن [أبى (4)] العيص بن أمية، وكان منزله البصرة، وكان هجاء مقداما على الملوك، فصحب عبّاد بن زياد وعبّاد على سجستان من قبل عبيد الله بن زياد (5) فى خلافة معاوية بن أبى سفيان فهجا عبّادا فبلغه، وكان على ابن
__________
(1) لم يرد فى ديارات الشابستى، كما لم أجده فيما عندى من مراجع.
(2) هم يحصب بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد، من حمير. جمهرة أنساب العرب 436435.
(3) العديد: المثيل والنظير. والعدائد: النظراء.
(4) التكملة من تصحيح الشنقيطى بقلمه فى ش، ومن جمهرة أنساب العرب 80، 113.
(5) هو أخو عباد بن زياد، وكان أميرا على العراقين. الأغانى 17: 54.(2/41)
مفرّغ دين فاستعدى عليه عبّاد، فباع عليه رحله ومتاعه وقضى الغرماء، وكان فيما بيع له عبد يقال له برد، وجارية يقال لها أراكة (1)، فقال ابن مفرّغ:
أصرمت حبلك من أمامه ... من بعد أيام برامه
لهفى على الرأى الذى ... كانت عواقبه ندامه
تركى سعيدا ذا النّدى ... والبيت ترفعه الدّعامه (2)
وتبعت عبد بنى علا ... ج، تلك أشراط القيامه (3)
جاءت به حبشيّة ... سكّاء تحسبها نعامه (4)
من نسوة سود الوجو ... هـ ترى عليهن الدّمامه
وشريت بردا ليتنى ... من بعد برد كنت هامه (5)
__________
(1) انظر صورة أخرى للخبر فى الأغانى 17: 5554.
(2) يعنى سعيد بن عثمان بن عفان، وكان واليا على خراسان، واستصحب يزيد بن مفرغ واجتهد أن يصحبه فأبى عليه وصحب عبادا، فنصحه سعيد وحذره عبادا، ثم دعا له بمال وقال: استعن به على سفرك، فإن صح لك مكانك من عباد وإلا فمكانك عندى ممهد، فكان من أمره مع عباد ما كان. الأغانى 17: 52والخزانة 2: 212.
(3) هم بنو علاج بن أبى سلمة بن عبد العزى. جمهرة أنساب العرب 268. ويعنى بعبد بنى علاج عبيد الله بن زياد. وفيه يقول، كما فى الأغانى 17: 65:
عبيد الله عبد بنى علاج ... كذاك نسبته وكذاك كانا
(4) السكاء: الصغيرة الأذنين. والنعام كله سك، وهو مضرب المثل فى ذلك. انظر الحيوان 4: 178، 182، 396، 398.
(5) شرى هنا بمعنى باع، فهو من الأضداد. انظر اللسان (شرى 156). وفى مثله يقول يزيد بن مفرغ:
شريت بردا ولولا ما تكنفنى ... من الحوادث ما فارقته أبدا
والهامة: أنثى الصدى، وهو ذكر البوم. وفى مروج الذهب للمسعودى: من العرب من يزعم أن النفس طائر ينبسط فى الجسم، فإذا مات الإنسان أو قتل لم يزل يطيف به مستوحشا يصدح على قبره، ويزعمون أن هذا الطائر يكون صغيرا ثم يكبر حتى يكون كضرب من البوم، وهو أبدا مستوحش، ويوجد فى الديار المعطلة ومصارع القتلى والقبور، وأنها لم تزل عند ولد الميت ومحلته لتعلم ما يكون بعده فتخبره. مروج الذهب 2: 154والخزانة 2: 215.(2/42)
أو بومة تدعو صدى ... بين المشقّر واليمامه
العبد يقرع بالعصا ... والحرّ تكفيه الملامه (1)
الرّيح تبكى شجوها ... والبرق يلمع فى غمامه (2)
ورمقتها فوجدتها ... كالضّلع ليس له استقامه (3)
قال: ثم إنّ ابن مفرّغ صار إلى البصرة فاستجار جماعة من بنى زياد، فلم يجره منهم أحد إلّا المنذر بن الجارود (4)، فدخل عبيد الله بن زياد على معاوية فقال: إنّ ابن مفرّغ قد آذانا فائذن لنا فى قتله. فقال: لا، ولكن مادون القتل. فبعث فتناوله من دار المنذر بن الجارود، ولم يمكنه الدّفع عنه، فعاقبه معاقبة شديدة، ثم أسلمه إلى الحجّامين ليعلّموه الحجامة، فأنشأ يقول:
وما كنت حجّاما ولكن أحلّنى ... بمنزلة الحجّام نأيى عن الأصل (5)
[مما قيل فى الفراق والتلاق]
أنشدنا أبو بكر بن الأنبارى قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب:
سل الله صبرا واعترف لفراقهم ... عسى بعد بين أن يكون تلاق (6)
__________
(1) ومثله لأبى داود (البيان 3: 37):
والعبد يقرع بالعصا ... والحر تكفيه المقاله
(2) سيأتى الكلام عليه فى موضع آخر. ويروى: «فى الغمامة».
(3) المشهور فى الضلع التأنيث، وقيل هى مذكرة، وقيل بالوجهين، وهو مختار ابن مالك وغيره. تاج العروس (ضلع).
(4) انظر تفصيل الاستجارة فى الأغانى 16: 56.
(5) الأغانى 16: 57.
(6) الاعتراف: الصبر. وأنشد الفراء:
* أتضجرين والمطى معترف *(2/43)
ألا ليتنى قبل الفراق وبعده ... سقانى بكأس للمنية ساق
أنشدنا نفطويه قال: أنشدنا أحمد بن يحيى:
وما فى الأرض أشقى من محبّ ... وإن وجد الهوى حلو المذاق (1)
تراه باكيا أبدا حزينا ... مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكى إن نأوا شوقا إليهم ... ويبكى إن دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند التنائى ... وتسخن عينه عند التّلاق
[من أخبار نصيب الشاعر]
أخبرنا أبو غانم المعنوىّ قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى، عن محمد بن سلام، عن الفضل بن عباس الهاشمى قال:
دخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بنصيب الشاعر (2)، فقلت له: من أنت يرحمك الله، فما أدرى ممّا أعجب (3): أمن شدّة بريق سواد وجهك، أم من نظافة ثوبك، أم من طيب رائحتك. قال: أنا نصيب الشاعر.
__________
(1) الأبيات فى كتاب ذم الهوى لابن الجوزى 592مع خلاف فى الرواية.
(2) هو نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، ويكنى أبا الحجناء، وكان عبدا أسود لرجل من أهل وادى القرى، وكان ممن مدح سليمان بن عبد الملك. انظر ترجمته فى الشعراء 371والأغانى 1: 145125واللآلى 292291ومعجم الأدباء 19:
234328 - والعينى 1: 538537. وهو غير نصيب مولى المهدى الذى قال فيه المهدى: «والله ما هو بدون نصيب مولى بنى مروان». وكناه المهدى أبا الحجناء أيضا.
وترجمة هذا فى الأغانى 20: 3425ومعجم الأدباء 19: 237234.
(3) كذا بإثبات ألف (ما) الاستفهامية بعد الجار فى جميع النسخ، وهو قليل. وقرئ:
«عما يتساءلون». انظر المغنى والخزانة 2: 537. وفى طبقات ابن سلام 545نقلا عن الزجاجى: «مم أعجب» وصواب النص ما هنا، ولا موجب لتبديله.(2/44)
فقلت: فلم لا تهجو كما تمدح وقد أقرّت الشعراء لك فى المدح؟ قال: ترانى لا أحسن أقول مكان عافاه الله أخزاه الله! ولكنّى أدع الهجاء لخلّتين: إمّا لأهجو كريما فأهتك عرضه وإمّا أهجو لئيما لطلب ما عنده فنفسى أحقّ بالهجاء إذ سوّلت إلى لئيم (1). قال: ثم إنّ بنى عمّ مولاه اجتمعوا إلى مولاه فقالوا:
إنّ عبدك هذا قد نبغ بقول الشعر، ونحن منه بين شرّتين (2): إما أن يهجونا فيهتك أعراضنا، أو يمدحنا فيشبّب بنسائنا، وليس لنا فى شىء من الخلتين خيرة (3). فقال له مولاه: يا نصيب، أنا بائعك لا محالة، فاختر لنفسك. فسار إلى عبد العزيز بن مروان بمصر، فدخل إليه فى زوّاره فأنشده:
لعبد العزيز على قومه ... وغيرهم منن ظاهره (4)
فبابك أسهل أبوابهم ... ودارك مأهولة عامره (5)
وكلبك أرأف بالزائرين ... من الأمّ بابنتها الزائره (6)
وكفّك حين ترى المعتفي ... ن أثرى من الليلة الماطره (7)
__________
(1) كذا وردت «أهجو» الأخيرة بطرح اللام. وسولت، معناه حببت وزينت، ومفعوله محذوف، أى حاجة إلى لئيم، ولسول مفعول آخر يتعدى إليه الفعل باللام، محذوف أيضا أى سولت لى، فقد سار فى ذلك على تضمين الفعل معنى أحوج.
(2) الشرة، بالكسر: النشاط. وكذا وردت فى معجم الأدباء 19: 228حيث وردت القصة. ولا موجب لتصحيحها بشرين.
(3) الخيرة بالكسر والخيرة كعنبة: الاختيار. وفى جميع الأصول: «سيرة». والوجه ما أثبت من معجم الأدباء، وبذلك صححها الشنقيطى فى نسخته.
(4) فى الحيوان 1: 382والشعر والشعراء ومعجم الأدباء وديوان المعانى 1: 33:
«منن غامره». وفى الأغانى 1: 129: «نعم غامره». والأبيات نسبت فى الحيوان وديوان المعانى إلى «عمران بن عصام»، ثم قال العسكرى: «ويروى لنصيب».
(5) فى جميع المراجع ما عدا معجم الأدباء: «ألين أبوابهم».
(6) الحيوان والشعراء وديوان المعانى: «آنس بالمعتفين».
(7) ديوان المعانى «الممطرة»، ولا يستقيم بها الشعر.(2/45)
فمنك العطاء ومنّا الثناء ... بكلّ محبّرة سائره
فأمر له بألف دينار. فقال: أصلحك الله، إنّى عبد ومثلى لا يأخذ الجوائز.
قال: فما شأنك؟ فخبّره بحاله، فقال لوكيله: اذهب به إلى باب الجامع فناد عليه، فإذا بلغ الغاية فعرّفنى به. فذهب به فنادى عليه (1) من يعطنى (2) لعبد أسود جلد؟ قال رجل: هو علىّ بخمسين دينارا (3). فقال نصيب: قولوا على أن (4) أبرى القسىّ وأريش السهام وأحبجر الأوتار (5). فقال: هو علىّ بمائتى دينار. قال: قولوا على أن أرعى الإبل وأمريها (6) وأفصفصها (7) وأصدرها وأوردها، وأرعاها وأرعيها. قال رجل: هو علىّ بخمسمائة دينار. قال نصيب:
قولوا على عربىّ شاعر لا يوطئ ولا يقوى ولا يساند (8). قال رجل: هو علىّ بألف دينار. فسار به إلى عبد العزيز فخبّره بحاله، فلم يزل فى جملته إلى أن
__________
(1) فى معجم الأدباء: «اخرج به إلى باب الجامع فأبلغ فى قيمته. فدعا المقومين فنادوا عليه».
(2) معجم الأدباء: «من يعطى»، لكن هكذا وردت فى جميع النسخ بوضوح، ويبدو أنه حكى قول الوكيل كما هو.
(3) فى معجم الأدباء: «بمائة دينار».
(4) معجم الأدباء: «أنى» فى جميع المواضع.
(5) الحبجر: الوتر الغليظ. قال ابن دريد: وهو أغلظها وأبقاها وأصلبها وأصوبها سهما، ويملأ الفوقين جميعا. المخصص 6: 46. وقالوا: قد احبجر الوتر، وهذا الفعل مطاوع مشعر بالفعل المتعدى، وهو حبجره، وإن لم يرد فى المعاجم. وفى جميع الأصول: «احتجر» ولا وجه له.
(6) مراها يمريها مريا: حلبها.
(7) فى جميع النسخ: «وأقضقضها» ولا وجه له. ويقال فصفص الدابة، بفاءين:
أطعمها الفصفصة، وهى بكسرتين القت الرطب.
(8) من الإيطاء والإقواء والسناد فى الشعر. فالإيطاء: إعادة كلمة الروى لفظا ومعنى فى بيت آخر. والإقواء: اختلاف المجرى بكسر وضم. والسناد: اختلاف ما يراعى قبل الروى من الحروف والحركات. ويختلف القدماء والمحدثون فى بيان مدلول هذه الألفاظ.(2/46)
احتضر، فأوصى به سليمان خيرا، فصيّره فى جملة سمّاره. فدخل الفرزدق ذات يوم على سليمان فقال له: يا أبا فراس أنشدنى وإنما أراد أن ينشده مديحا فيه فأنشأ الفرزدق يقول:
وركب كأنّ الريح تطلب عندهم ... لها ترة من جذبها بالعصائب (1)
سروا يركبون الرّيح وهى تلفّهم ... إلى شعب الأكوار ذات الحقائب (2)
إذا أبصروا نارا يقولون: ليتها، ... وقد خصرت أيديهم، نار غالب (3)
فتمعّر سليمان واربدّ لمّا ذكر الفرزدق غالبا، فوثب نصيب فقال:
ألا أنشدك على رويّه مالا يقصّر عنه (4):
أقول لركب صادرين تركتهم ... قفا ذات أوشال ومولاك قارب (5)
__________
(1) ديوان الفرزدق 30والكامل 104وأمالى القالى 3: 40والأغانى 1: 130 الترة: الوتر والثأر. والعصائب: جمع عصابة، وهى العمامة وكل ما يعصب به الرأس. وفى اللسان (عصب 92): «تطلب منهم لها سلبا». وقال: «أى تنقض لى عمائمهم من شدتها، فكأنها تسلبهم إياها».
(2) سروا: ساروا ليلا. والشعب: جمع شعبة، ولكل رحل شعبتان من قدام فى أعلاه. والأكوار: جمع كور، بضم الكاف، وهو الرحل بأداته. والحقائب: جمع حقيبة، وهى كالبرذعة على عجز البعير. عنى أن الريح من شدتها تضطرهم إلى أن يلتزموا الشعب التزاما فكأنهم ملتفون بها.
(3) خصرت أيديهم: لحقها الخصر، وهو بالتحريك: برد يجده المرء فى أطرافه. وغالب هو غالب بن صعصعة والد الفرزدق، وكان من أجواد العرب، فنار قراه يتمناها الضيفان، لطمعهم فيما يلقون من وفرة القرى.
(4) كلمة «عنه» ساقطة من م.
(5) صادرين: قد صدروا عن الورد صدرا وصدرا وصدورا، أى رجعوا. قفا ذات أوشال، أى وراءها. وذات أو شال: موضع بين الحجاز والشام، كما فى معجم ما استعجم 212 ولم يذكره ياقوت. وأصل الوشل الماء القليل يتحلب من جبل أو صخر ثم يتجمع فيساق إلى المزارع. ومولاك، يعنى به نفسه. والقارب: طالب الماء المجد فى أن يقرب منه ليرده. وفعله أقرب، على غير قياس.(2/47)
قفوا خبّرونى عن سليمان، إنّنى ... لمعروفه من آل ودّان طالب (1)
فعاجوا فأثنوا بالذى أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب (2)
فقال للفرزدق: كيف ترى شعره؟ فقال: هو أشعر أهل جلدته (3). قال سليمان: وأهل جلدتك. ثم قال: يا غلام، أعط نصيبا خمسمائة دينار، وإلى الفرزدق نار أبيه (4). فوثب الفرزدق وهو يقول:
وخير الشعر أشرفه رجالا ... وشرّ الشعر ما قال العبيد
قال أبو غانم المعنوىّ: معنى بيت نصيب الأخير مأخوذ من قول حاجب ابن زرارة بن عدس:
أغرّكم أنّى بأحسن شيمتى ... رفيق، وأنّى بالفواحش أخرق
ومثلى إذا لم يجز أحسن صنعه ... تكلّم نعماه بفيه فتنطق
[خبر سامة بن لؤى وما قيل فى رثائه]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنى عمى عن ابن الكلبى.
قال: وأخبرنى به أبو حاتم عن أبى عبيدة، قالا:
خرج سامة بن لؤىّ بن غالب (5)، من مكة، حتّى نزل بعمان، وأنشأ يقول:
__________
(1) ودان: قرية بالقرب من الجحفة بين مكة والمدينة. وإنما انتسب إليهم لأنه كانوا مواليه من قبل.
(2) عاج بالمكان: عطف عليه ومال، وألم به. والحقائب هنا: أوعية للزاد تجعل خلف الرحل.
(3) أى أهله وعشيرته الذين هو منهم.
(4) ط فقط: «وللفرزدق». وفى م: «بنار أبيه».
(5) انظر جمهرة أنساب العرب 174173.(2/48)
بلغا عامرا وكعبا رسولا ... أنّ نفسى إليهما مشتاقه
إن تكن فى عمان دارى فإنّى ... ماجد ما خرجت من غير فاقه
فما برح يسير حتّى نزل على رجل من الأزد، فقراه وبات عنده، فلما أصبح قعد يستنّ (1) فنظرت إليه زوجة الأزدىّ فأعجبها، فلما رمى قصمة سواكه (2) أخذتها فمصّتها، فنظر إليها زوجها فحلب ناقة وجعل فى حلابها سمّا (3)، وقدّمه إلى سامة، فغمزته المرأة فهراق اللّبن وخرج يسير، فبينما هو فى موضع يقال له جوف الخميلة (4) هوت ناقته إلى عرفجة فانتشلتها وفيها أفعى، فنفحتها (5) فرمت بها على ساق سامة، فنهشتها فمات. فقالت الأزديّة (6) حين بلغها أمره تبكيّه:
عين بكيّ لسامة بن لؤىّ ... علقت ساق سامة العلّاقه (7)
__________
(1) يستن، من الاستنان، وهو استعمال السواك. والسنون، كصبور: ما استكت به.
(2) فى جميع النسخ: «قضمة»، صوابه بالصاد المهملة. وفى اللسان (فصم): «وفى الحديث استغنوا عن الناس ولو عن فصمة السواك. أى ما انكسر منها. ويروى بالقاف».
(3) الحلاب، ككتاب: الإناء الذى يحلب فيه اللبن. وأنشد:
صاح هل ريت أو سمعت براع ... رد فى الضرع ما قرى فى الحلاب
(4) الحميلة، بالحاء المهملة المفتوحة كما فى معجم البلدان 3: 175ومعجم البكرى 406 حيث قيده بالحروف، وهو موضع فى الطريق من مكة إلى عمان. لكن هكذا ورد فى النسخ وكذا فيما نقله صاحب اللسان (فوق) عن أمالى الزجاجى حيث ساق هذا النص، أى بالخاء المعجمة، تحريف. وقال ياقوت: «وقيل اسم الموضع الذى هلك به سامة بن لؤى: جو».
(5) نفحتها: رفستها ورمتها بحد حافرها. والأفعى مؤنثة وقيل تذكر وتؤنث، وقد استعملت اسما ووصفا، فمن جعلها وصفا لم يصرف كما لم يصرف أحمر، ومن جعلها اسما صرف كما صرف أرنبا وأفكلا. المخصص 16: 106105.
(6) وكذا فى ياقوت ومعجم ما استعجم، وفى الأغانى 9: 99أن قائل الشعر هو أخوه.
(7) العلاقة عنى بها الحية لتعلقها، لأنها علقت زمام ناقته فلدغته. وقيل العلاقة المنبة، وهى العلوق أيضا. اللسان (علق) حيث أنشد هذا البيت.
(4أمالى الزجاجى)(2/49)
لا أرى مثل سامة بن لؤىّ ... حملت حتفه إليه الناقه
ربّ كأس هرقت يا ابن لؤىّ ... حذر الموت لم تكن مهراقه (1)
وعدوس السّرى تركت رذيّا ... بعد جدّ وجرأة ورشاقه (2)
وتعاطيت مفرقا بحسام ... وتجنّبت قالة العوّاقه (3)
[مجلس الكسائى والأصمعى بحضرة الرشيد]
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجى: أخبرنا أحمد بن الحسين (4)
المعروف بابن شقير النحوىّ، وعلىّ بن سليمان الأخفش قالا: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب، قال (5):
كان الكسائى والأصمعىّ بحضرة الرشيد، وكانا ملازمين له، يقيمان بإقامته ويظعنان بظعنه (6)، فأنشد الكسائىّ:
__________
(1) فى الأغانى، وكذا فى اللسان نقلا عن الزجاجى: «هرقتها ابن لؤى» بحذف حرف النداء.
(2) عدوس السرى، عنى بها البعير القوى على السرى، وهو السير ليلا، الذكر والأنثى فيه سواء. قال جرير:
لقد ولدت غسان ثالبة الشوى ... عدوس السرى لا يقبل الكرم جيدها
وفى اللسان عن الزجاجى: «وحدوس السرى تركت رديئا» تحريف. والرذى:
المهزول الهالك: والأنثى رذية. ويقال ناقة رشيقة: خفيفة سريعة.
(3) القالة: القول. والعواقة: المعوقون، أو المعوقة.
(4) كذا فى الأصول، صوابه «الحسن» كما فى بغية الوعاة 130وإنباه الرواة 1: 34. وانظر مراجع ترجمته فيه. وهو بغدادى توفى سنة 317.
(5) انظر مجالس العلماء للزجاجى بتحقيقنا ص 42ومعجم الأدباء 13: 183 والأشباه والنظائر 3: 225224. وقد نقل هذا النص البغدادى فى الخزانة 4: 457.
(6) الظعن، بالفتح وبالتحريك: السفر. وقد ضبطت فى م بفتح العين، وهما لغتان قد قرئ بهما: «يوم ظعنكم».(2/50)
أنى جزوا عامرا سوءى بفعلهم ... أم كيف يجزوننى السّوءى من الحسن (1)
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضنّ باللّبن
فقال الأصمعى: إنّما هو رئمان أنف، بالنصب. فقال له الكسائى: اسكت ما أنت وذاك، يجوز: رئمان أنف، ورئمان أنف، ورئمان أنف، بالرفع والنصب والخفض. أمّا الرفع فعلى الردّ على ما، لأنّها فى موضع رفع بينفع، فيصير التقدير: أم كيف ينفع رئمان أنف. والنصب بتعطى. والخفض على الردّ على الهاء التى فى به
قال: فسكت الأصمعىّ. ولم يكن له علم بالعربية، وكان صاحب لغة لم يكن صاحب إعراب.
قال أبو القاسم رحمه الله: معنى هذا البيت أنّه مثل يضرب لمن يعدك لسانه كلّ جميل ولم يفعل منه شيئا، لأنّ قلبه منطو على ضدّه كأنه قيل له: كيف ينفعنى قولك الجميل إذا كنت لا تفى به. وأصله أنّ العلوق هى الناقة التى تفقد ولدها بنحر أو موت، فيسلخ جلده ويحشى تبنا ويقدّم إليها لترأمه، أى تعطف عليه ويدرّ لبنها فينتفع به فهى تشمّه بأنفها وينكره قلبها، فتعطف عليه ولا ترسل اللّبن. فشبّه ذلك بهذا (2).
__________
(1) نسب الزجاجى الشعر فى مجالس العلماء 42إلى أفنون التغلبى. وانظر البيان 1: 9، 190والكامل 62ليبسك وأمالى ابن الشجرى 1: 37والقالى 2: 51حيث يروى الشعر بروايات مختلفة. وهو من قصيدة فى المفضليات ص 262منسوبة إلى أفنون التغلبى. وهو صريم ابن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن مالك، من تغلب بن وائل. وهو شاعر جاهلى.
وهو أفنون بضم الهمزة، وحكى صاحب الخزانة فيه فتح الهمزة.
(2) قال الزجاجى فى مجالس العلماء فى تفسير العلوق: التى تعلق قلبها بولدها، وذلك أنه نحر عنها ثم حشى جلده تبنا أو حشيشا، وجعل بين يديها حتى تشمه وتدر عليه، فهى تسكن إليه مرة ثم تنفر عنه ثانية، تشمه بأنفها ثم تأباه بقلبها. فيقول: فما ينفع من هذا البو إذا ما تشممته ثم منعت درتها.(2/51)
[خبر امرأة من ولد دارا وزوجها]
حدثنى أبو الحسن بن البراء قال: حدّثنى صدقة بن موسى قال:
كان فى جوارنا رجل اسمه حمار فتزوّج امرأة من ولد دارا، فحسن موقعها معه، فقالت له: أحبّ أن تغيّر اسمك. فقال لها: أفعل. ثم قال لها: قد تسمّيت بغلا. فقالت له: هو أحسن من ذاك، ولكنّك بعد فى الإصطبل!
[شعر فى النسيب]
أنشدنى الكركى قال: أنشدنى ابن أبى الدّنيا (1) قال: أنشدنى حسن ابن عبد الرحمن القاضى:
وذى ألم يخفى هواه، وطرفه ... يبيّن عن أسراره حين يطرف
ينازعنى يوم الجفاء تجلّدا ... ويصرف عنّى الوجد طورا وأصرف
كلانا محبّ يشتكى ألم الهوى ... ولكنّنى منه على الهجر أضعف
[موعظة بالغة]
أخبرنا أبو بكر بن دريد أنبأنا أبو معاذ (2) قال: أخبرنى أبو عثمان قال:
حدّثنى يعقوب بن يوسف الكوفىّ وكان قد روى الأشعار والأحاديث عن أبيه قال:
__________
(1) هو الإمام الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان، ابن أبى الدنيا القرشى البغدادى، صاحب الزهد والرقائق، وكان مؤدبا للمعتضد. ولد سنة 208وتوفى سنة 281.
تذكرة الحفاظ 2: 224وتاريخ بغداد 10: 89.
(2) هو أبو معاذ عبدان الخولى المتطبب. انظر أمالى القالى 1: 50، 203.(2/52)
حججت ذات سنة فإذا أنا برجل عند البيت وهو يقول: اللهمّ اغفر لى وما أراك تفعل! قال: فقلت: يا هذا، ما أعجب يأسك من عفو الله (1).
قال: إنّ لى ذنبا عظيما. قال: فقلت أخبرنى. قال:
كنت مع يحيى بن محمّد بالموصل، فأمرنا يوم جمعة فاعترضنا المسجد (2)، فنرى أنّا قتلنا ثلاثين ألفا، ثم نادى مناديه: من علّق سوطه على دار فالدار وما فيها له. فعلّقت سوطى على دار ودخلتها، فإذا فيها رجل وامرأة وابنان لهما، فقدّمت الرجل فقتلته ثم قلت للمرأة: هاتى ما عندك وإلّا ألحقت ابنيك به! فجاءتنى بسبعة دنانير ومتيّع (3). قال: فقلت هاتى ما عندك. فقالت:
ما عندى غيرها. فقدّمت أحد ابنيها فقتلته، ثم قلت: هاتى ما عندك وإلّا ألحقت الآخر به! فلما رأت الجدّ منّى قالت: ارفق فإنّ عندى شيئا كان أودعنيه أبوهما. فجاءتنى بدرع مذهبة لم أر مثلها فى حسنها، فجعلت أقلّبها فإذا عليها مكتوب بالذهب:
إذا جار الأمير وحاجباه ... وقاضى الأرض أسرف فى القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضى الأرض من قاضى السماء!
فسقط السيف من يدى، وارتعدت وخرجت من وجهى إلى حيث ترى.
__________
(1) م، ش: «من عند الله»، والوجه ما أثبت من ط.
(2) أى أهل المسجد. أى اعترضنا أهله بالقتل، نقتل من ظفرنا به منهم. انظر اللسان (عرض 39).
(3) متيع: تصغير متاع، وهو كل ما يتمتع وينتفع به.(2/53)
[لأبى طاهر فى الغنى]
أنشدنى جعفر بن قدامة (1)، لأبى طاهر:
لو أنّ لى مالا لما قيل لى ... أنت قبيح الوجه لا تعشق
وكم فتى قد زانه ماله ... وماله حسن ولا منطق
من كان ذا مال فماضرّه ... قبح وإن قيل هو الأحمق
[لأبى العتاهية فى الزهد]
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمّار، لأبى العتاهية:
يستغنم القوم من قوم فوائدهم ... وإنّما هى فى أعناقهم ربق (2)
ويجهد الناس فى الدّنيا منافسة ... وليس للناس فيها غير مارزقوا (3)
أخىّ ما نحن من حزم على ثقة ... حتّى نكون إلى الخيرات نستبق (4)
تذمّ دنياك ذمّا ما تبوح به ... إلّا وأنت لها فى ذاك معتنق
كل امرئ فله رزق سيبلغه ... والله يرزق، لا كيس ولا حمق
ما نحن إلّا كركب ضمّهم سفر ... يوما إلى ظلّ أيك ثم نفترق
__________
(1) هو أبو القاسم جعفر بن قدامة بن زياد، أحد مشايخ الكتاب وعلمائهم، حدث عن أبى العيناء، وحماد بن إسحاق الموصلى، وروى عنه أبو الفرج الأصبهانى. توفى نحو سنة 319.
تاريخ بغداد 7: 205ومعجم الأدباء 7: 182177.
(2) الربق: جمع ربقة، بالكسر، وهى عروة فى حبل تجعل فى عنق البهيمة.
(3) فى ديوان أبى العتاهية 172: «فيجهد الناس» بالفاء.
(4) هذا البيت لم يرد فى ديوانه.(2/54)
ولن يقيم على الأسلاف غابرهم ... كأنّهم بهم من بعد قد لحقوا (1)
أخىّ إنّا لفى دار نصبّ بها ... جهلا ونحن لها فى الذمّ نتفق (2)
دار لها لعق ما زال ذائقها ... يغصّ فيها بها طورا ويختنق (3)
إذا نظرت إلى دنياك مقبلة ... فلا يهمّك تعظيم ولا ملق (4)
الحمد لله حمدا لا انقطاع له ... ما يعظم الناس إلّا من له ورق (5)
[مساجلة الصولى للخليفة الراضى بالله]
أخبرنى محمد بن يحيى الصولىّ (6) قال: أنشدت الراضى (7) بالله فى أيام إمامته رحمه الله لنفسى:
__________
(1) كلمة «كأنهم» ليست فى ش، م وموضعها بياض فيهما، وأثبتها من ديوان أبى العتاهية 173. وبدلها فى ط: «إلا وهم». أى سيلحق الغابرون الباقون بأسلافهم الماضين لا جرم، فكل الناس إلى فناء. والغابر من الأضداد، يقال للماضى، وللباقى، وهى هنا للباقى، مثلها فى قوله: «كانت من الغابرين» أى الباقين وأقلقه.
(2) نصب، من الصبابة، وهى العشق. صب يصب صبابة، فهو صب، وهى صب أيضا وصبة. ط: «نصيب» صوابه فى ش، م. وهذا البيت لم يرد كذلك فى الديوان.
(3) اللعق: جمع لعقة، بالضم، وهى الشىء القليل يلعقه اللاحس، أو اسم لما تأخذه الملعقة.
(4) فى الديوان: «فلا يغرنك». وهمه الأمر وأهمه: أحزنه وأقلقه.
(5) فى الديوان: «فالحمد لله». وفيه: «ما إن يعظم إلا».
(6) هو أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول، صاحب كتاب الأوراق، كان جده محمد بن صول التركى أحد دعاة بنى العباس. ولد أبو بكر ببغداد، وأخذ عن ثعلب والمبرد والسجستانى. وكان أخباريا أديبا كاتبا، نديما للخلفاء، نادم للكتفى ثم الراضى ثم المقتدر. وكان واحد عصره فى لعب الشطرنج، فلقب بالشطرنجى. توفى فى بغداد سنة 335. ابن خلكان 1: 510508ومعجم الأدباء 19: 111109وتاريخ بغداد 3: 432427.
(7) هو الخليفة أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر، الملقب بالراضى بالله. توفى ببغداد سنة 329وله اثنتان وثلاثون سنة. التنبيه والإشراف 343336وجمهرة ابن حزم ص 30وتاريخ بغداد 2: 145142والأوراق للصولى (أخبار الراضى والمتقى) تحقيق ج. هيورث.(2/55)
يا مليح الدّلال رفقا بصبّ ... يشتكى منك جفوة وملالا (1)
نطق السّقم بالذى كان يخفى ... فاسأل الجسم إن أردت السؤالا
قد أتاه فى النوم منك خيال ... فرآه كما اشتهيت خيالا
تتحاماه للضّنى ألسن العذ ... ل فأضحى لا يعرف العذّالا
فعمل فى معناها أبياتا بحضرتى وأنشدنيها، وهى:
قلبى لا يعرف المحالا ... وأنت لا تبذل الوصالا (2)
ضللت فى حبّكم فحسبى ... حتّى متى أتبع الضّلالا
وزارنى منكم خيال ... فزدت إذ زارنى خبالا
رأى خيالا على فراش ... ولا أراه رأى خيالا (3)
[خبر ما دار بين الأخفش وثعلب والمبرد]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش (4) قال:
كنت يوما بحضرة ثعلب فأسرعت القيام قبل انقضاء المجلس، فقال لى:
إلى أين؟ ما أراك تصبر عن مجلس الخلدىّ (5). فقلت له: لى حاجة فقال لى:
إنّى أراه يقدّم البحترى على أبى تمام، فإذا أتيته فقل له: ما معنى قول أبى تمام:
__________
(1) الأبيات فى الأوراق للصولى (أخبار الراضى) ص 4645.
(2) فى الأوراق: «لا يقبل المحالا»
(3) فى الأوراق: «على فراشى». وقد عنى أنه أقل من الخيال.
(4) النص التالى نقله صاحب معاهد التنصيص 1: 5352عن أمالى الزجاجى.
(5) يعنى به أبا العباس محمد بن يزيد المبرد، نسبة إلى الخلد، وهى محلة كبيرة ببغداد حول حول قصر بناه المنصور فى بغداد وسماه «الخلد». قال ياقوت فى معجم البلدان عند الكلام على (الخلد): «وكان المبرد محمد بن يزيد النحوى ينزله، فكان ثعلب يسميه الخلدى لذلك».(2/56)
أآلفة النّحيب كم افتراق ... أظلّ فكان داعية اجتماع (1)
قال أبو الحسن: فلما صرت إلى أبى العباس المبرّد سألته عنه فقال: معنى هذا أنّ المتحابين والعاشقين قد يتصارمان ويتهاجران إدلالا، لا عزما على القطيعة، وإذا حان الرّحيل وأحسّا بالفراق تراجعا إلى الودّ وتلاقيا، خوف الفراق وأن يطول العهد بالالتقاء بعده، فيكون الفراق حينئذ سببا للاجتماع، كما قال الآخر:
متّعا بالفراق يوم الفراق ... مستجيرين بالبكا والعناق
كم أسرّا هواهما حذر النا ... س وكم كتّما غليل اشتياق (2)
فأظلّ الفراق فالتقيا فيه ... فراق أتاهما باتّفاق
كيف أدعو على الفراق بحتف ... وغداة الفراق كان التّلاقى
قال: فلما عدت إلى ثعلب فى المجلس الآخر سألنى عنه فأعدت عليه الجواب والأبيات، فقال: ما أشدّ تمويهه، ما صنع شيئا! إنّما معنى البيت أنّ الإنسان قد يفارق محبوبه رجاء أن يغنم (3) فى سفره فيعود إلى محبوبه مستغنيا عن التصرّف، فيطول اجتماعه معه. ألا تراه يقول فى البيت الثانى:
وليست فرحة الأوبات إلّا ... لموقوف على ترح الوداع (4)
وهذا نظير قول الآخر، بل منه أخذ أبو تمّام:
__________
(1) من قصيدة له فى ديوانه 193يمدح بها ابن أصرم، مطلعها:
خذى عبرات عينك عن زماعى ... وصونى ما أذلت من القناع
(2) هذا البيت لم ينقله صاحب معاهد التنصيص. وفى م: «وكم كاتما».
(3) فى جميع الأصول: «يقيم»، صوابه فى معاهد التنصيص.
(4) الأوبات: جمع أوبة، وهى الرجعة. والترح: الحزن.(2/57)
وأطلب بعد الدار منكم لتقربوا ... وتسكب عيناى الدّموع لتجمدا (1)
هذا هو ذلك بعينه.
[مجلس لابن الأعرابى والأصمعى بحضرة الرشيد]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: أخبرنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابى (2) قال:
دخلت على سعيد بن سلم وعنده الأصمعىّ ينشده قصيدة للعجّاج، حتى انتهى إلى قوله:
فإن تبدّلت بآدى آدا (3) ... لم يك ينآد فأمسى انآدا
فقد أرانى أصل القعّادا
فقال له: ما معنى القعّادا؟ فقال: النّساء. فقلت له: هذا خطأ، إنّما يقال فى جمع النساء القواعد، كما قال عزّ وجل: {وَالْقَوََاعِدُ مِنَ النِّسََاءِ اللََّاتِي لََا يَرْجُونَ نِكََاحاً} [4]. ويقال فى جمع الرجال: القعّاد، كما يقال راكب وركاب وضارب وضرّاب. فانقطع.
__________
(1) نسبه العباسى فى معاهد التنصيص 1: 51إلى العباس بن الأحنف، وليس فى ديوانه المطبوع فى إستامبول. وكذا وردت نسبته إليه فى الوساطة 229. وهو فى الصناعتين 219 بدون نسبة. ويروى: «سأطلب بعد الدار». جمدت العين: انقطع دمعها.
(2) انظر مجالس العلماء للزجاجى 274والتصحيف والتحريف للعسكرى 87والأشباه والنظائر 3: 23.
(3) ويروى: «من أن». انظر حواشى مجالس العلماء للزجاجى.
(4) الآية 60من سورة النور.(2/58)
قال: وكان سبيله أن يحتجّ علىّ فيقول: قد يحمل بعض الجموع على بعض، فيحمل جمع المؤنّث على المذكر، وجمع المذكر على المؤنث، عند الحاجة إلى ذلك، كما قالوا فى المذكّر هالك فى الهوالك، وفارس فى الفوارس، فجمع كما يجمع المؤنث، وكما قال القطامىّ فى المؤنّث:
أبصارهنّ إلى الشبان مائلة ... وقد أراهنّ عنّى غير صدّاد (1)
[مجلس الكسائى واليزيدى بحضرة المهدى]
أخبرنا أبو عبد الله اليزيدى، (2) قال أخبرنى عمّى الفضل بن محمد (3)، عن أبى محمد يحيى بن المبارك اليزيدىّ (4) قال (5):
كنّا فى بلد مع المهدىّ فى شهر رمضان، قبل أن يستخلف بأربعة أشهر، فتذاكروا ليلة عنده النّحو والعربية، وكنت متّصلا بخاله يزيد بن منصور، والكسائىّ مع ولد الحسن الحاجب، فبعث إليّ وإلى الكسائىّ، فصرت إلى الدار فإذا الكسائىّ بالباب قد سبقنى، فقال لى: أعوذ بالله من شرّك يا أبا محمد! فقلت: والله لا تؤتى من قبلى أو أوتى من قبلك. فلمّا دخلنا على المهدىّ أقبل علىّ فقال: كيف نسبوا إلى البحرين فقالوا بحرانىّ وإلى الحصنين فقالوا حصنىّ، هلّا قالوا حصنانىّ كما قالوا بحرانىّ؟ فقلت: أيّها الأمير، لو قالوا
__________
(1) ديوان القطامى ص 7.
(2) سبقت ترجمته فى أول الكتاب.
(3) كان نحويا رواية عالما، ذكره فى بغية الوعاة 373.
(4) سبقت ترجمته فى أول الكتاب.
(5) انظر مجالس العلماء ص 293288والأشباه والنظائر 3: 80والأغانى 18: 76حيث الخبر.(2/59)
فى النسب إلى البحرين بحرىّ لالتبس فلم يدر: آلنسبة إلى البحرين وقعت أم إلى البحر؟ فزادوا ألفا للفرق بينهما، كما قالوا فى النسب إلى الرّوح روحانىّ، ولم يكن لحصنين شىء يلتبس به. فقالوا (1) حصنىّ على القياس.
فسمعت الكسائىّ يقول لعمرو بن بزيع (2): لو سألنى الأمير عنهما لأجبته بأحسن من هذه العلّة. فقلت: أصلح الله الأمير، إنّ هذا يزعم أنّك لو سألته أجاب بأحسن من جوابى. قال: فقد سألته. قال: كرهوا أن يقولوا حصنانىّ فيجمعوا بين نونين ولم يكن فى البحرين إلّا نون واحدة، فقالوا بحرانىّ لذلك. قلت: كيف تنسب إلى رجل من بنى جنّان؟! إن لزمت قياسك قلت جنّى، فجمعت بينه وبين المنسوب إلى الجن وإن قلت جنّانىّ رجعت عن قياسك وجمعت بين ثلاث نونات.
ثم تفاوضنا الكلام إلى أن قلت له: كيف تقول إنّ من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم بتّة زيد؟ فأطرق مفكّرا وأطال الفكرة، فقلت:
أصلح الله الأمير لأن يجيب فيخطئ فيتعلّم أحسن من هذه الإطالة. فقال:
إنّ من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم بتة زيدا. فقلت: أخطأ أيها الأمير.
قال: وكيف؟ قلت: لرفعه قبل أن يأتى باسم إنّ ونصبه بعد الرفع (3)، وهذا لا يجيزه أحد. فقال شيبة بن الوليد عمّ ذفافة متعصّبا له: أراد بأو: بل.
فقلت: هذا لعمرى معنى. فلقنه الكسائىّ فقال: ما أردت غيره. فقلت:
__________
(1) ط: «فقال» تحريف.
(2) ط: «بزيغ»، وكذا فى الأشباه والنظائر، صوابه فى ش، م ومجالس العلماء والأغانى. وفى جميع الأصول: «لعمرو» صوابه فى مجالس العلماء والأغانى. وقد ترجم فى لسان الميزان 4: 286لعمر هذا فى المسمين بعمر.
(3) فى مجالس العلماء: «لرفعه خيرهم قبل أن يأتى باسم إن ونصبه زيدا بعد الرفع».(2/60)
أخطأتما جميعا، لأنّه غير جائز أن يقال إنّ من خير القوم وأفضلهم بل خيرهم زيدا. فقال المهدىّ: يا كسائىّ، ما مرّ بك مثل اليوم! قال: فكيف الصواب عندك؟ فقلت: إنّ من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم بتة زيد على معنى تكرير إنّ. فقال المهدىّ: قد اختلفتما وأنتما عالمان، فمن يفصل بينكما؟ قلت:
فصحاء العرب المطبوعون. فبعث إلى أبى المطوّق، فعملت أبياتا إلى أن يجىء، وكان المهدىّ يميل إلى أخواله من اليمن، فقلت:
يا أيّها السائلى لأخبره ... عمّن بصنعاء من ذوى الحسب
حمير ساداتها تقرّ لها ... بالفضل طرّا جحاجح العرب
فإن من خيرهم وأفضلهم ... أو خيرهم بتّة أبو كرب
فلما جاء أبو المطوّق أنشدته الأبيات وسألته عن المسألة فوافقنى، فلمّا خرجنا تهدّدنى شيبة وقال: تلحّننى بحضرة الأمير! فأنشأت أقول:
عش بجدّ ولا يضرّك نوك ... إنّما عيش من ترى بالجدود (1)
عش بحدّ وكن هبنّقة القيسىّ ... جهلا أو شيبة بن الوليد (2)
شيب يا شيب يا هنىّ بنى القعقاع ... ما أنت بالحليم الرّشيد (3)
__________
(1) الجد، بالفتح: الحظ. والنوك، بضم النون وفتحها: الحمق. يعنى أن الحظوظ هى التى تحكم فى مصاير الناس. وانظر الكلام على هذا الشعر فى حواشى البيان والتبين 2: 243.
(2) هبنقة لقب له، واسمه يزيد بن ثروان. انظر البيان والاشتقاق 357. قال ابن دريد: «وكان أحمق أهل الأرض، به يضرب المثل». وأنشد للفرزدق:
فلو كان ذا الودع بن ثروان لالتوت ... بها كفه عنها يزيد الهبنقا
وبلغ من حمقه أنه ضل له بعير فجعل ينادى: من وجد بعيرى فهو له. فقيل له: فلم تنشده؟
فقال: فأين حلاوة الوجدان! مجمع الأمثال للميدانى فى «أحمق من هبنقة».
(3) الهنى: مصغر «هن»، وهى فى تقدير هنو. والهن: كناية عن الشىء يستفحش ذكره.(2/61)
لا ولا فيك خصلة من خصال الخير ... أحرزتها بحلم وجود
غير ما أنّك المجيد لتحبير ... غناء بضرب دفّ وعود
فعلى ذا وذاك تحتمل الدّهر ... مجيدا به وغير مجيد (1)
قال أبو القاسم الزجاجى رحمه الله تعالى المسألة مبنيّة على الفساد، للمغالطة.
فأمّا جواب الكسائىّ فغير مرضىّ عند أحد، وجواب اليزيدى غير جائز عندنا، لأنّه أضمر إنّ وأعملها، وليس من قوّتها أن تضمر فتعمل. فأمّا تكريرها فجائز، قد جاء فى القرآن والفصيح من الكلام، قال الله عزّ وجل:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالصََّابِئِينَ وَالنَّصََارى ََ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللََّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيََامَةِ} [2]، فجعل إنّ الثانية مع اسمها وخبرها خبرا عن الأولى.
وقال الشاعر:
إنّ الخليفة إنّ الله سربله ... سربال ملك به ترجى الخواتيم (3)
والصواب عندنا فى المسألة أن يقال: إنّ من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم البتة زيد، فتضمر اسم إنّ فيها، وتستأنف ما بعدها.
وذكر سيبويه أنّ البتة مصدر لم تستعمله العرب إلّا بالألف واللام، وأنّ حذفهما منه خطأ (4).
__________
(1) فى الأغانى والأشباه: «يحتمل الدهر»، وفى مجالس العلماء «نحتمل».
(2) الآية 17من سورة الحج.
(3) فى مجالس العلماء 293: «تزجى الخواتيم».
(4) قالوا: إنما أجاز تنكيره الفراء وحده وهو كوفى. لسان العرب (بتت). وهمزة «البتة» وصل فى المشهور، وسمع قطعها. وقيل: لم يسمع فيها إلا قطع الهمزة والقياس وصلها. حاشية الصبان 2: 120فى أواخر المفعول المطلق.(2/62)
[جزع أرطاة بن سهية على ولده]
أخبرنا أبو إسحاق الزّجاج قال: أخبرنا أبو العباس المبرّد قال: حدّث المدائنىّ عن العجلانىّ عن إسماعيل بن يسار (1) قال:
مات ابن لأرطاة بن سهيّة المرىّ (2) فلزم قبره حولا، يأتيه بالغداة فيقف عليه فيقول: أى عمرو، هل أنت رائح معى إن أقمت عليك إلى العشىّ! ثم يأتيه بالمساء فيقول مثل ذلك. فلمّا كان بعد الحول أنشأ يقول متمثّلا:
إلى الحول ثم اسم السّلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر (3)
ثم انصرف عن قبره وأنشأ يقول:
وقفت على قبر ابن ليلى فلم يكن ... وقوفى عليه غير مبكى ومجزع (4)
هل أنت ابن ليلى إن نظرتك رائح ... مع الرّكب أم غاد غداتئذ معى (5)
فلو كان لبّى حاضرا ما أصابنى ... سهوّ على قبر بأكناف أجرع (6)
__________
(1) نقل هذا الخبر صاحب الخزانة 2: 220عن الأمالى الوسطى للزجاجى. وهو برواية أخرى فى الأغانى 11: 138.
(2) هو أرطاة بن زفر بن عبد الله بن مالك بن شداد، من ذبيان، وسهية أمه، وهى بنت زامل بن مروان بن زهير، من كلب. وهو شاعر معدود فى دولة بنى أمية لم يسبقها ولم يتأخر عنها. وكان امرأ صدق، شريفا فى قومه، جوادا. انظر أخباره فى الشعراء لابن قتيبة 505504والأغانى 11: 140134.
(3) البيت للبيد بن ربيعة العامرى فى ديوانه ص 1طبع 1881، والخزانة 2: 217.
ويستشهد به النحويون على أن كلمة «اسم» مقحمة، ولهم فى ذلك خلاف طويل.
(4) أى غير بكاء وجزع.
(5) فى الأغانى 11: 139: «هل أنت ابن سلمى». وفى الخبر قبله فى الأغانى عند سرده مناجاته لابنه: «رح يا ابن سلمى معنا» ومرة أخرى: «اغد يا ابن سلمى معنا»
(6) السهو، كالعلو: السهو. وفى اللسان: «وإنه لساه بين السهو والسهو». والأجرع والجرعاء: الرملة السهلة المستوية.(2/63)
فما كنت إلّا والها بعد فقدها ... على شجوها إثر الحنين المرجّع (1)
إذا لم تجده تنصرف لطياتها ... من الأرض أو تأتى بإلف فترتعى (2)
على الدّهر فاعتب إنه غير معتب ... وفى غير من قد وارت الأرض فاطمع (3)
[ذكر ما كان ينشده خلف قبل نومه]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: أخبرنا محمد بن يزيد عن أبى عثمان (4) عن الأصمعىّ، قال:
كان خلف إذا أوى إلى فراشه لا يضطجع حتّى ينشد:
لا يبرح المرء يستقرى مضاجعه ... حتّى يبيت بأقصاهنّ مضطجعا (5)
وليس ينفكّ يستصفى مشاربه ... حتّى يجرّع من رنق البلى جرعا (6)
فامنع جفونك طول اللّيل رقدتها ... وامنع حشاك لذيذ الرّىّ والشّبعا
واستشعر البرّ والتقوى تعدّ بها ... حتّى تنال بهن الفوز والرّفعا
__________
(1) أى ما كنت إلا مثل الناقة الواله لفقدها ولدها. وبدل هذا فى الأغانى بيتان، وهما:
وكائن ترى من ذات بث وعولة ... بكت شجوها بعد الحنين المرجع
فكانت كذات البو لما تعطفت ... على قطع من شلوه المتمزع
(2) الطيات بتشديد الياء: جمع طية، وهى الوجه الذى يراد وينوى، كأنها مطوية فى ضمير صاحبها. وتخفف ياء الجمع فى الشعر، كما هنا وكما فى قول الأعشى:
أجد بتيا هجرها وشتاتها ... وحب بها لو تستطاع طياتها
وأنشد فى اللسان (طوى) للطرماح:
* أصم القلب حوشى الطيات *
(3) فى الأغانى: «عن الدهر فاصفح»:
(4) أبو عثمان بكر بن محمد بن بقية المازنى، إمام بصرى روى عن أبى عبيدة والأصمعى وأبى زيد، وروى عنه المبرد والفضل بن محمد اليزيدى. توفى سنة 249. بغية الوعاة 202.
(5) استقرى المضاجع: تتبعها واحدا واحدا.
(6) استصفى: طلب الصافى. والرنق، بالفتح وككتف: الكدر.(2/64)
[قول الخليل بن أحمد فى علم النجوم]
أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى قال: أخبرنا أبو عيسى (1)، عن أبى يعلى (2) عن الأصمعىّ قال:
قال الخليل بن أحمد: نظرت فى علم النجوم فهجمت منه على ما لزمنى تركه.
وأنشأ يقول:
بلّغا عنّى المنجّم أنى ... كافر بالذى قضته الكواكب (3)
عالم أنّ ما يكون وما كا ... ن قضاء من المهيمن واجب
[للعباس بن عبد المطلب فى مدح الرسول]
قال أبو القاسم الزجاجى رحمه الله: المهيمن المؤيمن، والهاء فيه بدل من الهمزة. وينشد للعبّاس بن عبد المطلب يمدح النبى صلى الله عليه وسلم (4):
من قبلها طبت فى الظّلال وفى ... مستودع حيث يخصف الورق (5)
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق (6)
__________
(1) انظر ترجمته فى ص 36.
(2) هو أبو يعلى زكريا بن يحيي بن خلاد الساجى البصرى، أحد من روى عن الأصمعى كما فى الأنساب 285. وذكر السمعانى أنه توفى سنة 282. وانظر ما سبق فى ص 36.
(3) البيتان فى طبقات الزبيدى 44.
(4) الأبيات فى شروح سقط الزند 353وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة 107106.
(5) يريد: طبت فى ظلال الجنة وفى الموضع الذى استودعته من الجنة. حيث يخصف الورق، أى حيث خصف آدم وحواء عليهما من ورق الجنة. أراد أنه كان إذ ذاك طيبا فى صلب آدم. ويقال: خصف العريان على نفسه الشىء يخصفه: وصله وألزقه. انظر اللسان (خصف) عند إنشاد هذا البيت.
(6) المضغة: القطعة من اللحم تستحيل إليها العلقة. والعلق: جمع علقة، وهى الدم الغليظ تستحيل إليه النطفة. قال ابن قتيبة: «يريد أن آدم هبط البلاد فهبطت فى صلبه، وأنت إذ ذاك لا بشر ولا مضغة ولا دم».
(5أمالى الزجاجى)(2/65)
بل نطفة تركب السّفين وقد ... ألجم نسرا وأهله الغرق (1)
تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق (2)
حتّى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف علياء تحتها النّطق (3)
وأنت لمّا ولدت أشرقت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق (4)
ونحن فى ذلك الضياء وفى سب ... ل الهدى والرّشاد نخترق (5)
[مما قيل فى وصف الفرس]
أنشدنا من حفظه أبو إسحاق الزجاج قال: أنشدنا أبو أحمد الدمشقىّ:
وعلى قدام حملت شكّة حازم ... فى الرّوع ليس فؤاده بمثقّل (6)
__________
(1) نسر بالفتح: صنم، كان لقوم نوح. وقد ذكر فى الكتاب العزيز: «ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا». الآية 23من نوح. ألجمهم الغرق: وصل إلى أفواههم فصار لهم بمنزلة لجام الدابة. وفى الحديث: «يبلغ العرق منهم ما يلجمهم»، أى يصل إلى أفواههم.
(2) الصالب: الصلب، وهو بالضم: الظهر وفقاره. واستعمال الصالب قليل، كما فى اللسان (صلب) عند إنشاد هذا البيت. والطبق: الأمة بعد الأمة.
(3) بيتك المهيمن، أى الشاهد بشرفك، أو معناه القوام بالأمور. وخنذف، من قضاعة نسب إليها أبناء الياس بن مضر بن نزار بن معد. الجمهرة 10. يريد: حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك علياء الشرف من خندف، أى ذروة الشرف من نسبهم التى تحتها النطق، وهى أوساط الجبال العالية. جعل سائر خندف نطقا دونه. والنطق: جمع نطاق، وهى أعراض من جبال بعضها فوق بعض. انظر اللسان (همين، نطق).
(4) يقال ضاء الشىء يضوء ضوءا وضوءا، المصدر بضم الضاد وفتحها، كما يقال أضاء يضىء، وهما بمعنى استنار. والأفق والأفق، مثل عسر وعسر: ما ظهر من نواحى القلك وأطراف الأرض. وقد أنث الأفق ذهابا إلى الناحية، كما أنث جرير السور فى قوله:
لما أتى خبر الزبير تضعضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
والبيت فى اللسان (ضوأ، أفق).
(5) الاختراق: السلوك والمرور فى الأرض.
(6) الشعر لعروة بن سنان العبدى، كما فى كتاب الخيل لأبى عبيدة 99، 153(2/66)
أما إذا استقبلتها فتخالها ... كالجذع شذّبه نفىّ المنجل (1)
أما إذا استعرضتها فمطارة ... تنفى سنابكها رصيص الجندل (2)
أما إذا استدبرتها فنبيلة ... نهد مكان حزامها والمركل (3)
وإذا وصفت وصفت جوز جرادة ... وإذا ملكت عنامها لم تفشل (4)
فكأنّ حيرىّ المزاد موكّرا ... يعلى به كفل شديد الموصل (5)
فاعتامها بصرى لعلمى أنّها ... عدوا ستقبل فى الرّعيل الأوّل (6)
[دعاء رسول الله قبل النوم]
حدثنا حمزة بن محمد قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا مسلم بن
__________
وابن الأعرابى 84. وقدام، كحذام: اسم فرسه. والشكة: السلاح. شكة حازم، يعنى نفسه. والمثقل: الثقيل.
(1) نفى المنجل: ما ينفيه من الجذع عند التشديب.
(2) مطارة: وصف من أطاره بمعنى طيره، يعنى خفة عدوها. والرصيص: المرصوص بعضه فوق بعض. وكذا وردت الرواية فى جميع الأصول. وفى كتاب الخيل لأبى عبيدة والحيوان 1: 275: «صلاب الجندل». وفى الحيوان 5: 561: «رضيض الجندل».
والرضيض: الذى لم ينعم دقه.
(3) النبيلة: الجسيمة. والنهد: المرتفع. والمركل: موضع ركل الفارس برجله فى جنب الفرس، وهما مركلان.
(4) جوز كل شىء: وسطه. شبهها بالجرادة فى نشاطها وتوثبها. انظر المعانى الكبير لابن قتيبة 45.
(5) المزاد: جمع مزادة، وهى ظرف يحمل فيه الماء كالرواية والقربة. والحيرى:
المنسوب إلى الحيرة، وهى بلدة بجنب الكوفة. وفى كتاب الخيل لأبى عبيدة: «حارى المزاد».
والحارى منسوب أيضا إلى الحيرة، وهذا من نادر معدول النسب. وفى الأصول: «خيرى» بالخاء المعجمة، تصحيف. ينعت امتلاء كفلها. والموكر: المملوء المفعم.
(6) الاعتيام: الاختيار.(2/67)
إبراهيم قال: حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير (1) عن ربعىّ بن حراش (2)، عن حذيفة، أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: «اللهمّ باسمك أحيا، وباسمك أموت». فإذا أصبح حمد الله وقال: «الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النّشور».
[من أحاديث رسول الله]
أخبرنا محمد بن خلف سنة خمس وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن حسّان قال:
حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا مسعر بن كدام عن أبى العنبس، عن أبى يربوع عن أبى غالب، عن أبى أمامة قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على عصاه، فقمنا إليه فقال: «لا تقوموا كما تقوم الأعاجم (3)». فأردنا أن يدعو لنا، فقال:
«اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وارزقنا، وعافنا واعف عنا، وأصلح لنا شأننا كلّه».
قال: فكأنّا أردنا أن يزيد، فقال: «لقد جمعت لكم الأمر».
__________
(1) عبد الملك بن عمير بن سويد القرشى، روى عن الأشعث بن قيس، وجابر بن سمرة، وجندب بن عبد الله، وممن روى عنه ربغى بن حراش. توفى سنة 1360.
تهذيب التهذيب.
(2) فى الأصول: «عن عبد الملك بن عمير بن خراش» وهو نقص وتحريف، والصواب «عن عبد الملك بن عمير، عن ربعى بن حراش». وربعى بن حراش، بكسر الحاء المهملة لا بالخاء المعجمة كما فى الأصول. وهو أحد من روى عن حذيفة بن اليمان، وروى عنه عبد الملك بن عمير. وقد توفى ربعى سنة 100فى خلافة عمر بن عبد العزيز. تهذيب التهذيب.
ثم وجدت السند صحيحا على الوجه الذى أثبت فى صحيح البخارى. انظر فتح البارى 11: 96.
وهو من حديث البراء عند مسلم 2083.
(3) الحديث أخرجه فى الترغيب والترهيب فى كتاب الأدب 5: 101عن أبى داود وابن ماجه. وتمامه: «يعظم بعضها بعضا».(2/68)
[خبر قرد يزيد بن معاوية]
أخبرنا الحرمىّ بن أبى العلاء قال: حدثنا عبد الله بن شبيب قال: حدثنا الزّبير قال: حدّثنى عمر بن الضحّاك ومحمد بن الحسين قالا (1):
كان يزيد بن معاوية ينادم قردا (2)، فأخذه يوما فحمله على أتان وحش وشدّه عليها رباطا، وأرسل الخيل فى إثرها حتّى حسرتها الخيل (3)، فماتت الأتان، فقال فى ذلك يزيد بن معاوية (4):
تمسّك أبا قيس بفضل عنانها ... فليس علينا إن هلكت ضمان (5)
كما فعل الشّيخ الذى سبقت به ... جياد أمير المؤمنين أتان (6)
فسبّه أبو حمزة (7) فى خطبته (8) حيث يقول: «خالف القرآن، وتابع
__________
(1) القصة فى المخصص 13: 177ومروج الذهب 3: 77. وانظر نهاية الأرب 9: 337حيث ذكر أن قرد يزيد كان مدربا على ركوب الحمير والمسابقة عليها.
(2) ذكر المسعودى أن هذا القرد كان يكنى أبا قيس، وكان يزيد يحضره مجلس منادمته ويطرح له متكأ، وكان قردا خبيثا، وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة. وذكر أنه كان يلبس قباء من الحرير الأحمر والأصفر، وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان.
(3) حسرتها: أعيتها وجعلتها حسيرة كالة.
(4) وكذلك نسب الشعر إلى يزيد فى الحيوان 4: 66والمخصص. وفى مروج الذهب أن قائله بعض شعراء الشام.
(5) أبو قيس: كنية قرد يزيد كما سبق القول. وفضل العنان: ما زاد منه وطال.
ويروى: «إن سقطت».
(6) فى الأصول: «زياد أمير المؤمنين» وإن صححها الشنقيطى فى نسخته «جياد»، وهو الصواب الوارد فى جميع المراجع.
(7) هو أبو حمزة الخارجى، واختلف فى اسمه فقيل: اسمه المختار بن عوف. الأغانى 70: 98، 99. وقيل: اسمه المختار بن عبد الله. جمهرة أنساب العرب 380.
(8) الخطبة فى البيان 2: 122والعقد 4: 144والأغانى 20: 105وابن أبى الحديد 1: 460458نقلا عن الأغانى.(2/69)
الكهّان، ونادم القردة، وفعل وفعل».
[أقوال لبعض الحكماء]
قال أبو القاسم: قال بعض الحكماء: الدّول محكّمة على الناس (1)، والتأهّب لها مطيّة الأكياس، فلا عدّة لحلولها أفضل من اكتساب مودّات أهل الوفاء والحفاظ، وقليل ما هم فإذا ظفرت بمن تستخيل (2) ذلك فيه فاجعله بين خلبك وقلبك (3).
وقال بعض حكماء العجم: مفاوضة أولى الألباب والآداب نزهة الأبصار، ومستراح القلوب، ومجتنى الصّواب وفيها بعد ذلك زيادة لقدر الشّريف، وتنبيه لحال الخامل.
[قصيدة لأبى بكر بن دريد]
أنشدنا أبو بكر بن دريد لنفسه:
أعن الشّمس عشاء ... كشّفت تلك السّجوف
أم عن البدر تسرّى ... موهنا ذاك النّصيف
أم على ليتى غزال ... علّقت تلك الشّنوف
أم أراك الحين ما لم ... يره القوم الوقوف (4)
__________
(1) الدول: جمع دولة بالضم، وهى غير الدهر وتقلباته.
(2) تستخيل فيه ذلك: تتخيله وتحسبه. يقال: استخال السحاب: نظر إليه فظنه ماطرا. م: «يستخيل» ط: «يتخيل» صوابها ما أثبت من ش.
(3) الخلب، بالكسر: حجاب ما بين القلب والكبد.
(4) الحين: الهلاك. والوقوف: الواقفون، عنى به الوقوف بعرفة حيث المشهد الرائع.(2/70)
إنّ حكم المقل النّ ... جل على الخلق يحيف (1)
هنّ قرّبن إلىّ ال ... وجد والوجد قذيف
فأزلن الصّبر عنى ... وهو لى خدن حليف (2)
يا لها شربة سقم ... شوئها سمّ مدوف (3)
ساقها الحين لنفسى ... جهرة وهى عيوف (4)
يا ابنة القيل اليمان ... ىّ وللدّهر صروف (5)
إن يكن أضحى مضيئا ... فله يوما كسوف (6)
أو يكن هبّ نسيما ... فله يوما هيوف (7)
لا يغرّنّك إسما ... حى فمقتادى عنيف (8)
ربّما انقاد جموح ... تارة ثم يصيف (9)
فاحذرى عزفة نفسى ... عنك فالنّفس عزوف
__________
(1) المقل: جمع مقلة، وهى شحمة العين التى تجمع السواد والبياض. والنجل: جمع أنجل ونجلاء، وهى الواسعة. وحاف عليه يحيف: جار وظلم.
(2) الخدن: الصاحب. والحليف: الصديق، وكان الصديق يحلف كل منهما لصاحبه أن لا يغدر به.
(3) الشوب: ما يشاب من ماء أو لبن ونحوه، أى يخلط. والمدوف: المخلوط.
(4) أى متمنعة ذات صدود. وأصله من عاف الطعام أو الشراب: كرهه فلم يتناوله.
(5) القيل، بالفتح: الملك من ملوك حمير، ويقال قيل أيضا، كسيد. ويقال هو جليس الملك، كما سيأتى فى تفسير الزجاجى.
(6) يعنى الدهر.
(7) الهيوف: جمع هيف، وهى ريح حارة تأتى من نحو اليمن نكباء، بين الجنوب والدبور. والدبور: ريح تهب من المغرب وتقابل القبول، وهى ريح الصبا الشرقية.
(8) الإسماح: الطاعة والانقياد. والمقتاد: الانقياد. عنى أن إسماحه قد ينقلب إلى ضده حين اليأس.
(9) صاف عنه يصيف صيفا: عدل يقال: صاف السهم عن الهدف.(2/71)
أقصدت ضرغام غاب ... بين خيسيه غريف
ظبية يكنفها فى ال ... أمجيّات الرّفيف (1)
ربّما أردى الجليد ... السّهم والرّامى ضعيف
وعقار عتّقتها ... بعد أسلاف خلوف
كانت الجنّ اصطفتها ... قبل والأرض رجوف (2)
فهى معنى ليس يحتا ... ط به الوهم اللّطيف (3)
وهى فى الجسم وساع ... وهى فى الكأس قطوف
وهى ضدّ لظلام ال ... لّميل والليل عكوف (4)
يصرف الرّامق عنها ... طرفه وهو نزيف
قد تعدّينا إليها ال ... نّهى والله رءوف
ومقام ورده مس ... توبل ضنك مخوف (5)
بكت الآجال لمّا ... ضحكت فيه الحتوف
خفّضت فيه العوالى ... وعلت فيه السّيوف (6)
قد تسربلت، وعقبا ... ن الرّدى فيه تعيف (7)
__________
(1) ط فقط: «الألمجيات»، وأثبت ما فى ش، م.
(2) رجوف: مضطربة. يشير إلى ما يزعمون أن الأرض كانت لينة فى ماضى الزمان، وأن حجارتها كانت رطابا، فى الزمان التى يسمونه زمن الفطحل، الذى يقول فيه بعضهم:
* زمن الفطحل إذ السلام رطاب *
(3) يحتاط به: يحيط به، من قولهم: احتاطت الخيل بفلان، إذا أحدقت به. والوهم:
الخطرة من خطرات القلب. واللطيف: الدقيق.
(4) عكوف: مقيم عاكف.
(5) الضنك: الضيق.
(6) إنما خفضت فيه العوالى، وهى الرماح، لضيقه وطولها، فلم يستعمل إلا السيوف.
(7) تسربله: لبسه. يعنى أنه سار فيه فكان كالسربال له.(2/72)
حين للأنفس فى الرّو ... ع من الهول وجيف
إنّ بيتى فى ذرى قح ... طان للبيت المنيف
ولى الجمجمة العل ... ياء والعزّ الكثيف
ولى التالد ملمج ... د قديما والطريف (1)
كلّ مجد لم يسمّن ... هـ اليمانون نحيف
قال أبو القاسم الزجاجى رحمه الله:
السّجوف: جمع سجف، وهو السّتر. يقال: هو سجف وسجف. وقوله تسرّى، من قولك تسرّيت ثوبى، إذا ألقيته. الموهن: من أوّل اللّيل إلى ساعات منه. والنّصيف: الخمار. واللّيتان: صفحتا العنق والشّنوف: جمع شنف، وهو ما علّق فى أعلى الأذن. والقذيف: البعيد. والحليف: الملازم (2).
والشّوب: الخلط، من قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهََا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ} [3].
والعيوف: الكاره للشىء. والقيل: جليس الملك. ويقال: صاف عن الشىء:
إذا عدل عنه. وعزفت نفسى عن الشىء: إذا كرهته. والغاب: جمع غابة، وهى الأجمة وكذلك الخيس. والأمجيّات: موضع (4). والرّفيف: حركة الشىء وبريقه وصفاؤه يقال: أسنان فلان ترفّ. والأسلاف: جمع سلف.
والخلوف: جمع خلف وخالف. والخلف بفتح اللام مستعمل فى الخير والشر،
__________
(1) ط: «ملحمد»: تحريف صوابه فى م، ش. أراد من المجد، فحذف النون. انظر اللسان (من 312) وشرح الحماسة للمرزوقى 476، 1355.
(2) ط: «اللازم» صوابه فى م، ش.
(3) الآية 67من سورة الصافات.
(4) كذا. ولم أجده فى كتب البلدان ولا فى المعاجم. وفيها «أمج»، وهو بلد من أعراض المدينة. فلعله: «والأمجيات: المنسوبات إلى أمج، وهو موضع».(2/73)
فأمّا الخلف بتسكين اللام فلا يكون إلّا فى الذّمّ. والوساع: الواسع الخطو.
والقطف: مداركة الخطو ومقاربته (1). والنّزيف: السّكران. والمستوبل:
المكروه. والعوالى: جمع عالية، وهى أعلى الرمح (2). وقوله: «وعقبان الرّدى فيه تعيف»، الرّدى: الهلاك. وتعيف: أى تدور حوله وتكره ورده.
[خبر يزيد بن عبد الملك وجاريته حبابة]
أخبرنا أبو غانم المعنوىّ قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحىّ قال: أخبرنا محمد بن سلام (3) قال:
بلغنى أن مسلمة بن عبد الملك قال ليزيد بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين، ببابك وفود العرب، ويقف ببابك أشراف الناس، أفلا تقعد لهم وأنت قريب العهد بعمر بن عبد العزيز، وقد اشتغلت بهؤلاء الإماء! فقال: أرجو أن لا تعاتبنى بعد هذا (4). فلما أوى إلى فراشه جاءته جاريته حبابة فقال لها:
اغربى (5) عنّى! فقالت: ما دهاك؟ فأخبرها بما قال له مسلمة، فقالت له:
فأمتعنى منك مجلسا واحدا (6). قال: ذاك لك. فأحضرت معبدا (7) فقالت له:
__________
(1) يقال قطف يقطف بكسر عين المضارع قطفا، وبضمها قطافا وقطوفا.
(2) وقيل الرمح نفسه.
(3) الخبر التالى فى طبقات الشعراء 538والأغانى 13: 151. وأبياته فى الشعر والشعراء 502501.
(4) فى الطبقات: «على هذا بعد اليوم».
(5) ط: «أعزبى» صوابه فى م، ش. غرب عنه يغرب، بضم الراء فيهما: ابتعد.
(6) فى الطبقات: «يوما واحدا».
(7) هو معبد بن وهب، أحد المغنين الموالى، وبه يضرب المثل فى جودة الغناء، غنى فى أول دولة بنى أمية، وأدرك دولة بنى العباس وقد أصابه الفالج. الأغانى 1: 2818.(2/74)
ما الحيلة فيه؟ قال: يقول الأحوص أبياتا وألحّنها أنا وتغنّينها إياه. فأرسلت إلى الأحوص وعرّفته الخبر، فقال لأحوص:
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلّدا ... فقد غلب المحزون أن يتجلّدا (1)
إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا ... فكن حجرا من يابس الصّخر جامدا
فما العيش إلّا ما تلذّ وتشتهى ... وإن لام فيه ذو الشّنان وفنّدا (2)
فلحّنها معبد وقال: اجتزت بدير نصارى يقرءون بلحن شج، فحكيته (3)
فى هذا الصوت. فلما غنّته حبابة يزيد قال: قاتل الله مسلمة، وصدق قائل هذا الشعر، والله لا أطيعه أبدا!
قال أبو القاسم رحمه الله:
العزهاة: الذى لا يحبّ اللهو ولا يطرب لغلظ طبعه وجساوته (4).
والشّنان: العداوة، وهو مهموز، ولكنّه اضطرّ فحذف الهمزة. يقال:
شنئت الرجل أشنؤه شنئا، وشناء، وشنآنا، ومنه قوله تعالى: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} و {شَنَآنُ قَوْمٍ} [5] بإسكان النون أيضا. فأنا شانئ والرجل مشنوء.
__________
(1) تبلد: تردد متحيرا. والتبلد: نقيض التجلد. والبيت فى اللسان (بلد) بدون نسبة.
(2) التفنيد: اللوم والعذل كأن اللائم يسم الملوم بالفند، وهو الحرف وضعف العقل.
(3) ط: «فحاكيته»، تحريف فى النص. وفى الطبقات: «يقولون» مكان «يقرءون»
(4) ط فقط: «وقساوته»، وأثبت ما فى م، ش. والجساوة لم ترد فى المعاجم المتداولة، أما القساوة فقد وردت، ولعل هذا هو السر فى تبديل ناشر ط لها.
(5) الآية 2من سورة المائدة. والقراءة بسكون النون هى قراءة ابن عامر، ورويت عن نافع. تفسير أبى حيان 3: 422. ولهذا الفعل ستة عشر مصدرا ذكرها أبو حيان فى تفسيره 3: 410.(2/75)
[قصيدة عبد بنى الحسحاس]
وأنشد لعبد بنى الحسحاس (1):
تزوّد من أسماء ما قد تزوّدا ... وراجع سقما بعد ما قد تجلّدا (2)
وقد أقسمت بالله يجمع بيننا ... هوى أبدا حتّى تحوّل أمردا (3)
كأنّ على أنيابها بعد هجعة ... من اللّيل نامتها، سلافا مبرّدا (4)
سلافة دنّ أو سلافة ذارع ... إذا صبّ منها فى الزّجاجة أزبدا (5)
رأيت المنايا لا يهبن محمّدا ... ولا أحدا ولا يدعن مخلدا (6)
__________
(1) هو سحيم الحبشى، شاعر من المخضرمين: أدرك الجاهلية والإسلام، ولا يعرف له صحبة. وبنو الحسحاس، هم بنو نفاثة بن سعد بن عمرو بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد.
وكان سحيم يرتضخ لكنه حبشية، وكان قبيحا، وفى ذلك يقول:
أتيت نساء الحارثيين غدوة ... بوجه براه الله غير جميل
فشبهننى كلبا ولست بفوقه ... ولا دونه إن كان غير قليل
وقتل سحيم فى خلافة عثمان. ابن سلام 143، 156والشعراء 369والأغانى 20: 92واللّالى 721720والإصابة 3: 163وشرح شواهد المغنى 112 والخزانة 1: 274271. وقد طبع ديوانه فى مصر بدار الكتب سنة 1369بتحقيق العلامة عبد العزيز الميمنى.
(2) تزود منها ما كان قد تزود من شوق ووجد قديم. ثم راجع هواه بعد أن كان ظن نفسه يستطيع السلو عنها والاستمرار فى التجلد.
(3) يجمع بيننا، أى لا يجمع بيننا. فحذف «لا»، وحذفها بعد القسم كثير، كما فى قوله تعالى «تالله تفتأ تذكر يوسف». تحول: تتحول. أراد حتى يكون المستحيل.
(4) الهجعة: النومة. ويروى: «بعد هدأة». والسلاف: أول ما يسيل من عصير العنب. عنى أن ريقتها فى طيبها تشبه الخمر الباردة.
(5) الدن: وعاء ضخم للخمر ونحوها. والذارع: الزق الصغير يسلخ من قبل الذراع.
وقال الأصمعى: يقال زق ذارع، إذا كان طويلا. أزبد: علاه الزبد، وهو بالتحريك:
الرغوة.
(6) ويروى: «لم يهبن»، ويروى: «لم يدعن»، و «لن يدعن». ديوان سحيم 40.(2/76)
ألا لا أرى على المنون مسلّما ... ولا باقيا إلّا له الموت مرصدا (1)
رأيت الحبيب لا يملّ حديثه ... ولا ينفع المشنوء أن يتودّدا (2)
[خبر ليلى الأخيلية وتوبة، وما كان من رثائها له]
أخبرنا أبو الحسن على بن سليمان وأبو إسحاق الزجاج، عن أبى العباس محمد ابن يزيد المبرّد قال:
ثبتت الروايات والأخبار أنّ ليلى الأخيلية لم تكن امرأة توبة بن الحميّر ولا أخته، ولا كان بينهما نسب شابك، إلّا أنّهما كان جميعا من بنى عقيل ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان يحبّها وتحبّه، فأقاما على حبّ عفيف دهرا، وتلك السّنّة فى عشّاق بنى عذرة وغيرهم، إلى أن قتل توبة. وكان سبب قتله (3) إنّه كان يطلبه بنو عوف، فأحسّوا قدومه من سفره، فأتوه طروقا (4) وبينه وبين الحى مسيرة ليلة، ومعه أخوه عبد الله، ومولاه قابض، فهربا وأسلماه. ففى ذلك تقول ليلى:
دعا قابضا والمرهفات تنوشه ... فقبّحت مدعوّا ولبّيك داعيا (5)
__________
(1) ويروى: «على المنون ممهلا ولا خالدا» ويروى: «مخلدا ولا باقيا».
والمرصد: المعد.
(2) المشنوء: المبغض. ولعل هذه الكلمة من هذا البيت هى التى حدت بالزجاجى أن يسوق هذه الأبيات.
(3) انظر سبب قتله بتفصيل فى الأغانى 10: 7166وأسماء المغتالين لابن حبيب فى نوادر المخطوطات 2: 255250والكامل للمبرد 733732.
(4) طروقا، أى ليلا.
(5) المرهفات: السيوف الحداد. تنوشه: تتناوله.(2/77)
فياليت عبد الله حلّ مكانه ... فأودى، ولم أسمع لتوبة ناعيا (1)
ومن جيد مارثته به قولها:
أقسمت أبكى بعد توبة هالكا ... وأحفل من دارت عليه الدوائر (2)
لعمرك ما بالموت عار على الفتى ... إذا لم تصبه فى الحياة المعاير
فلا الحىّ مما يحدث الدّهر سالم ... ولا الميت إن لم يصبر الحىّ ناشر
وكلّ شباب أو جديد إلى بلى ... وكل امرئ يوما إلى الله صائر
فلا يبعدنك الله توبة هالكا ... أخا الحرب إذ دارت عليه الدوائر
وأقسمت لا أنفكّ أبكيك مادعت ... على غصن ورقاء، أو طار طائر (3)
قتيل بنى عوف فيا لهفتا له ... وما كنت إياهم عليه أحاذر
قال أبو القاسم رحمه الله: قولها: «أقسمت أبكى بعد توبة هالكا» أى لا أبكى بعد توبة هالكا. والعرب تضمر لا فى القسم مع المنفىّ، لأن الفرق بينه وبين الموجب قد وقع بلزوم الموجب اللام والنون، كقولك: والله لأخرجنّ، وقال الله عز وجل: {تَاللََّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} [4]، أى لا تفتأ تذكر يوسف. وقولها: «ولا الميت إن لم يصبر الحى ناشر»، يقال: نشر الله الموتى فنشروا، أى أحياهم فحيوا قال الشاعر (5):
__________
(1) تمنت أن يكون أخوه عبد الله فداء له.
(2) الكامل 770ليبسك والأغانى 10: 73. وسيفسره الزجاجى.
(3) الورقاء: الحمامة لونها الورقة، وهى سواد فى غبرة.
(4) الآية 85من سورة يوسف.
(5) هو الأعشى. ديوانه 105ومقاييس اللغة (قبر).(2/78)
لو أسندت ميتا إلى نحرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر (1)
حتّى يقول الناس مما رأوا ... يا عجبا للميّت الناشر
وقرأت القراء: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ نُنْشِزُهََا} [2] بالراء وضم أوله تأويله: كيف نحييها كما ذكرنا. وقرأ بعضهم: {نُنْشِزُهََا} [3] بضمّ أوله والزاى معجمة، تأويله كيف نشخصها ونرفعها ونزعجها حتّى ينضمّ بعضها إلى بعض مأخوذ من النّشز، وهو ما ارتفع من الأرض. ومنه قيل: نشزت المرأة على زوجها، أى نبت عنه. وروى أنّ الحسن قرأ: {كَيْفَ نُنْشِزُهََا} بفتح أوله وبالراء غير معجمة (4)، ذهب إلى النّشر والبسط.
[من جيد ما قيل فى الطيف، لنصيب]
أخبرنا أبو الحسن الأخفش قال: سمعت أبا العباس المبرد يقول: من جيّد ما قيل فى الطّيف وأحسنه قول نصيب:
أيقظان أم هبّ الفؤاد لطائف ... ألمّ فحيّا الركب والعين نائمه (5)
سرى من بلاد الغور حتّى اهتدى لنا ... ونحن قريب من عمود سوادمه (6)
__________
(1) القابر، أراد به القبر لأنه يقبر الإنسان. ولم تذكره المعاجم المتداولة.
(2) الآية 259من سورة البقرة. وهذه قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو.
(3) هى قراءة باقى السبعة.
(4) هى قراءة الحسن وابن عباس وأبى حيوة، وأبان عن عاصم. تفسير أبى حيان 3: 293.
(5) الطائف: الخيال يرى فى النوم. يقال: طاف يطوف، وطاف يطيف. والأبيات على جلال خطرها لم ترد فى طيف الخيال للشريف المرتضى، كما لم يوردها محقق الطيف فيما ألحق به من أشعار الطيف.
(6) الغور: غور تهامة، وهو بين ذات عرق إلى البحر. وسوادمة بضم أوله: اسم ماء لغنى وجبل بالقرب منه. معجم البلدان فى (سوادمة) ومعجم ما استعجم 764، 971.(2/79)
بنجد وما كانت بعهدى رجيلة ... ولا ذات فكر فى سرى اللّيل فاطمه (1)
وو الله ما من عادة لك فى السّرى ... سريت ولا إن كنت بالأرض عالمه
ولكنما مثّلت ليلا لذى الهوى ... فبتّ على خير وفارقت سالمه
فيا لك ذا ودّ ويا لك ليلة ... تجلّت وكانت بردة العيش ناعمه (2)
فلو دمت لم أملل ولكن تركتنى ... بدائى وما الدّنيا لحىّ بدائمه
وذكّرتنا أيامنا بسويقة ... وليلتنا إذ النّوى متلائمه (3)
[خبر الأحوص ومطر وما قال فى ذلك من شعر]
وأخبرنا أبو غانم قال: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنى محمد بن سلام قال:
حدثنى محمد بن أبان:
أنّ الأحوص بن محمد الشاعر كان يهوى أخت امرأته ويكتم ذلك، وينسب بها ولا يفصح باسمها، فتزوّجها مطر، فبلغه الأمر (4) فأنشأ يقول:
__________
وقال البكرى فى الموضع الأخير: عمود سوادمة: جبل بنجد. وأنشد فيه بيت نصيب منسوبا إليه. وجاء فى بعض نسح معجم ما استعجم: «ومثل للعرب: ضربه الله بحربة أطول من عمود سوادمة».
(1) الرجيلة: القوية على المشى. م فقط: «دخيلة» تحريف، وكانت فى أصل ش «دخيلة» وصححها الشنقيطى. ومثله قول الحارث بن حلزة فى المفضليات 255واللسان (رجل):
أنى اهتديت وكنت غير رجيلة ... والقوم قد قطعوا متان السجسج
(2) البردة: الباردة. يقال: هو برد، وبارد، وبرود.
(3) سويقة: موضع على مقربة من المدينة. والنوى: الدار، والنية.
(4) فى الخزانة 1: 295نقلا عن أمالى الزجاجى: «فغلبه الأمر»،(2/80)
أأن نادى هديلا، ذات فلج ... مع الإشراق، فى فنن حمام (1)
ظللت كأنّ دمعك درّ سلك ... هوى نسقا وأسلمه النظام (2)
تموت تشوّقا طربا وتحيا ... وأنت جو بدائك مستهام (3)
كأنك من تذكّر أمّ حفص ... وحبل وصالها خلق رمام (4)
صريع مدامة غلبت عليه ... تموت لها المفاصل والعظام (5)
وأنّى من بلادك أمّ حفص ... سقى بلدا تحلّ به الغمام
أحلّ النّعف من أحد، وأدنى ... مساكنها الشّبيكة أو سنام (6)
سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السّلام (7)
فلا غفر الإله لمنكحيها ... ذنوبهم وإن صلّوا وصاموا
__________
(1) الهديل فيما يزعمون: فرخ كان على عهد نوح، فصاده جارح من الطير، قالوا: فليس من حمامة إلا وهى وتبكى عليه. وذات فلج، روى فى شرح شواهد المغنى للسيوطى 160 والأغانى 14: 61: «يوم فلج»، وهو موضع بين البصرة وحمى ضرية فى طريق مكة.
والفنن: الغصن.
(2) السلك: ما يسلك فيه اللؤلؤ من خيط ونحوه لينظم. هوى: سقط. نسقا:
متتابعا بعضه فى إثر بعض. أسلمه: خذله وتركه ولم يمسكه. والنظام: السلك والخيط ينظم فيه اللؤلؤ ونحوه.
(3) الطرب: ما يعترى الإنسان من خفة فى حزن أو فرح. والجوى: الذى أخذه الجوى، وهو الحرقة من وجد أو حزن. والمستهام: الذى استهيم فؤاده، أى ذهب به وجدا وحيرة.
(4) الخلق: البالى. والرمام: المتقطع، وصف بالجمع كما قالوا ثوب أخلاق.
(5) المدامة: الخمر المعتقة، سميت بذلك لأنها أديمت فى دنها حتى هدأت فورتها وسكنت.
(6) النعف: ما انحدر من حزونة الجبل وارتفع عن منحدر الوادى، فما بينهما نعف.
وسرو، وخيف. وأحد: جبل فى شمالى المدينة كانت عنده الغزوة. والشبيكة، بهيئة التصغير:
موضع بين مكة والزاهر. وسنام: جبل بالحجاز بين ماوان والربذة.
(7) رويت «مطر» الأولى بالضم مع التنوين وبالنصب. انظر الخزانة 1: 294وأمالى ابن الشجرى 1: 341والإنصاف 195وشرح شواهد المغنى ومجالس ثعلب 239: 542.
(6أمالى الزجاجى)(2/81)
كأنّ المالكين نكاح سلمى ... غداة يرومها مطر نيام (1)
فإن يكن النّكاح أحلّ شيئا ... فإنّ نكاحها مطرا حرام (2)
فلو لم ينكحوا إلّا كفيّا ... لكان كفيّها الملك الهمام (3)
فطلّقها فلست لها بكفء ... وإلّا عضّ مفرقك الحسام (4)
قال أبو القاسم رحمه الله: أما قوله «أأن نادى هديلا» فإنّى سمعت أبا الحسن الأخفش يقول: سمعت المبرّد يقول: أصحابنا يقولون: هدل الحمام هديلا، وهدر هديرا، إذا صوّت. وهدر الجمل، ولا يقال هدل، وغير أصحابنا يجيزه. فإذا طرب غرّد تغريدا. والتغريد قد يكون من الإنسان، وأصله من الطّير. وبعضهم يقول: الهديل ذكر الحمام، ويحتج بقول الراعى:
كهداهد كسر الرّماة جناحه ... يدعو بقارعة الطّريق هديلا (5)
وساق حرّ: ذكر القمارىّ والحمام. ومنه قول الطّرمّاح فى تشبيه الرّماد بالحمام:
__________
(1) سلمى هى أم حفص أخت امرأته، المذكورة فى القصة. يرومها: يبغى زواجها.
(2) ويروى: «أحل شىء» أفعل تفضيل من الحلال. و «مطر» هنا يروى بالرفع والنصب والجر فيما يزعم النحويون: الرفع على أنه فاعل المصدر «نكاحها»، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله. والنصب على أنه مفعول المصدر، فهو من إضافة المصدر إلى فاعله.
والجر على إضافة المصدر «نكاحها» إليه مع الفصل بضمير الفاعل أو المفعول فى نكاحها.
(3) الكفى: مسهل الكفىء، وهو الكفء المساوى. وللكفاءة فى النكاح حدود تكفلت بها كتب الفقه. والهمام: العظيم الهمة، إذا هم بأمر فعله.
(4) عضه: أصابه إصابة متوغلة، كما يتوغل الناب فى العض. والمفرق: وسط الرأس حيث يفرق الشعر. والحسام: السيف الحاسم القاطع.
(5) الهداهد: الهدهد. والبيت فى اللسان والصحاح (هدد) واللسان (هدل).
وقال بعضهم: إن الهداهد تصغير هدهد من معدول التصغير. انظر ليس فى كلام العرب لابن خالويه ص 27.(2/82)
بين أظآر بمظلومة ... كسراة السّاق ساق الحمام (1)
وأما قوله «سلام الله يا مطر عليها» فإنّه منادى مفرد، ونوّنه ضرورة.
فأمّا الخليل وسيبويه والمازنى فيختارون أن ينونوه مرفوعا، ويقولون: لما اضطررنا إلى تنوينه نونّاه على لفظه. وإلى هذا كان يذهب الفراء ويختاره.
وأمّا أبو عمرو بن العلاء، ويونس بن حبيب، وعيسى بن عمر، وأبو عمر صالح ابن إسحاق الجرمىّ، فينشدونه: «سلام الله يا مطرا عليها» بالنصب والتنوين ويقولون: ردّه التنوين إلى أصله، وأصله النصب، وهو مثل اسم لا ينصرف، فإذا اضطرّ الشاعر إلى تنوينه نوّنه وصرفه وردّه إلى أصله. قال الشاعر (2):
ما إن رأيت ولا أرى فى مدّتى ... كجوارى يلعبن بالصحراء (3)
ألا ترى كيف نوّنه وخفضه.
قال أبو القاسم الزجاجى رحمه الله (4): القول عندى قول الخليل وأصحابه.
وتلخيص ذلك: أنّ الاسم المنادى المفرد العلم مبنىّ على الضم، لمضارعته عند الخليل وأبى عمرو وأصحابهما للأصوات، وعند غيرهما لوقوعه موقع المضمر، فإذا لحقه التنوين فى ضرورة الشعر فالعلّة التى من أجلها بنى قائمة بعد، فينوّن على لفظه لأنّا قد رأينا من المبنيات ما هو منوّن نحو: إيه وغاق وما أشبه ذلك
__________
(1) ديوان الطرماح 96. والأظآر: الأثافى، شبهت بالإبل الأظآر، لتعطفها حول الرماد، كما تتعطف الظئر العاطفة على غير ولدها المرضعة له. والمظلومة: الأرض التى لم تمطر ومطر ما حولها. وسراة كل شىء: ظهره وأعلاه. وساق الحمام هو الحمام الذكر، أو هو ذكر القمارى الذى يسمى ساق حر. شبه لون الأثافى والرماد حولها بظهر الحمامة فى خضرته.
(2) قال البغدادى فى الخزانة 3: 527: «البيت مع كثرة تداوله فى كتب النحو واللغة لم أقف على قائله». وانظر شرح شواهد الشافية للبغدادى 404403.
(3) المدة: طائفة من الزمان، تقع على القليل والكثير. أراد: فى حياتى.
(4) نقل هذا النص فى خزانة الأدب 1: 294.(2/83)
وليس بمنزلة مالا ينصرف [لأنّ ما لا ينصرف (1)] أصله الصرف. وكثير من العرب لا يمتنع من صرف شىء فى ضرورة شعر ولا غيره (2)، إلّا أفعل منك، وعلى هذه اللغة قرئ: {قَوََارِيرَا. قَوََارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ} [3] بتنوينهما جميعا. فإذا نوّن فإنّما يردّ إلى أصله. والمفرد المنادى العلم لم ينطق به منوّنا منصوبا قطّ فى غير ضرورة شعر. وهذا بيّن واضح.
[لقاء جميل لعمر بن أبى ربيعة وإعجابه بنسيبه]
أخبرنا عبد الله بن مالك قال: أخبرنا الزّبير بن بكار عن عمّه (4) قال:
خرج عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة إلى الشام، فلقيه جميل فقال: أنشدنى شيئا من شعرك يا جميل. فأنشده:
خليلىّ فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلى
ثم قال: أنشدنى يا أبا الخطاب. فأنشده:
ألم تسأل الأطلال والمتربّعا ... ببطن خليّات دوارس بلقعا (5)
__________
(1) التكملة من م ومن نقل البغدادى فى الخزانة.
(2) فى الخزانة: «فى ضرورة ولا غيرها».
(3) الآية 15، 16من سورة الإنسان، وهى سورة الدهر أيضا. وهذه هى قراءة نافع والكسائى. وانظر سائر القراءات فى تفسير أبى حيان 8: 397.
(4) ط: «عن محمد» وأثبت ما فى م، ش. ويبدو أن «محمد» تصرف غير وثيق من ناشر الطبعة الأولى الذى أشرف على طبع الأغانى ففى سندها 7: 99: «الزبير قال حدثنا محمد بن إسماعيل» إلخ.
(5) الأطلال: جمع طلل، وهو ما شخص من آثار الدار. والمربع: موضع إقامة القوم فى الربيع. و «خليات» كذا وردت بالخاء المعجمة فى النسخ وبعض نسخ الأغانى. لكنه ورد فى ياقوت 1: 219ومعجم البكرى 465، 1248: «حليات» بضم الحاء المهملة(2/84)
أتانى رسول من ثلاث كواعب ... ورابعة تستكمل الحسن أجمعا (1)
فلما تواقفنا وسلّمت أقبلت ... وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا (2)
تبالهن بالعرفان لمّا عرفننى ... وقلن امرؤ باغ أضلّ وأوضعا (3)
وقرّبن أسباب الهوى لمتيّم ... يقيس ذراعا كلما قسن إصبعا (4)
فقلت لمطريهنّ بالحسن إنما ... ضررت، فهل تسطيع نفعا فتنفعا
فصاح جميل وقال: هذا والله الذى أخذ منه النسيب! ولم ينشده شيئا إلى أن افترقا.
قال أبو العباس: نسب الشاعر بالمرأة ينسب نسيبا: إذا ذكر فى شعره محاسنها ونسب الرجل الرجل ينسبه نسبة ونسبة ونسبا.
[للعطوى فى رثاء أحمد بن أبى دواد]
أنشدنا علىّ بن سليمان الأخفش قال: أنشدنى المبرد قال: أنشدنى أبو عبد الرحمن العطوىّ لنفسه، يرثى أحمد بن أبى دواد (5):
__________
وهيئة التصغير، وقال البكرى فى الموضع الأول: «كأنه جمع حلية مصغرة، وهو موضع».
ولعله قرب مكة بقرينة ذكره مع «المغمس» فى بيت بعده فى الأغانى وديوان عمر 169وهو:
إلى الشرى من وادى المغمس بدلت ... معالمه وبلا ونكباء زعزعا
(1) الكاعب: التى كعب ثديها، أى نهد وارتفع.
(2) زهاها الحسن: جعلها مزهوة معجبة بنفسها. والتقنع: لبس القناع، وهو بالكسر ما تغطى به المرأه رأسها. أى حسرن عن رءوسهن ليبدين مفاتن الحسن.
(3) تبالهن: تصنعن البلاهة وعدم المعرفة. أضل: ضل طريقه. وفى الديوان:
«أكل»: أدرك ناقته الكلال. وأوضع: سار أشد السير.
(4) كناية عن بخلهن بالمودة، وأنهن لا يبادلنه مثل ما يبادلهن. أو أراد أنه ينساق فى ودهن انسياقا، فيفسح أمله لأدنى بادرة تبدر منهن.
(5) فى أمالى القالى 1: 113 «قال أبو الحسن الأسدى: مات رجل كان يعول(2/85)
وليس صرير النّعش ما تسمعونه ... ولكنّه أصلاب قوم تقصّف (1)
وليس نسيم المسك ما تجدونه ... ولكنّه ذاك الثناء المخلّف (2)
[خبر سراقة البارقى حين وقع فى أسر المختار]
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمدان البصرىّ، وأبو غانم المعنوىّ قالا:
أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحىّ، عن محمد بن سلام قال (3):
كان سراقة البارقىّ (4) شاعرا ظريفا زوّارا للملوك، حلو الحديث، فخرج فى جملة من خرج لقتال المختار (5) فوقع أسيرا، فأتى به المختار، فلمّا وقف بين يديه قال له: يا أمين آل محمد (6)، إنّه لم يأسرنى أحد ممن بين يديك. فقال:
__________
اثنى عشر ألف إنسان، فلما حمل على النعش صر على أعناق الرجال، فقال رجل فى الجنازة». وأنشد البيتين.
(1) فى الأمالى: «أعناق».
(2) فى الأمالى: «وليس فتيق المسك».
(3) النص التالى نقله البغدادى فى شرح شواهد الشافية ص 325323نقلا عن الأمالى الكبرى للزجاجى. وأصله فى طبقات الشعراء لابن سلام 380375. وانظر أيضا العقد 2: 170والطبرى 7: 123وعيون الأخبار 1: 203.
(4) م: «الفارسى» تحريف. وهو سراقة بن مرداس البارقى، قال الآمدى فى المؤتلف والمختلف 134: «بارق اسم جبل نزل به سعد بن على بن حارثة بن عمرو بن عامر فنسبوا إلى ذلك، وبارق أخو خزاعة». وصاحب هذه القصة هو سراقة بن مرداس الأصغر وهو شاعر خبيث كان يهاجى جريرا. وفيه يقول جرير:
هذا قضاء البارقى وإننى ... بالميل فى ميزانهم لبصير
وهو غير سراقة بن مرداس البارقى الأكبر، وغير سراقة بن مرداس الآخر الذى ذكره الآمدى وأنشد له شعرا فى يوم أوطاس. فهذان سابقان لصاحبنا.
(5) المختار بن أبى عبيد الثقفى، وكان يقال له «كذاب ثقيف» وكان قد تشيع وادعى النبوة وأثار فتنة بالعراق. وقتل سنة 67. لسان الميزان 6: 6.
(6) ط، ش: «يا أمين آل محمد»، صوابه فى م وطبقات الشعراء وشرح شواهد الشافية.(2/86)
ويحك فمن أسرك؟ قال: رأيت رجالا على خيل بلق يقاتلوننا، ما أراهم الساعة، هم الذين أسرونى (1). فقال المختار لأصحابه: أنّ عدوّكم يرى من هذا الأمر ما لا ترون! ثم أمر بقتله، فقال: يا أمير آل محمد، إنّك لتعلم أنّه ما هذا أوان تقتلنى فيه! قال: فمتى أقتلك؟ قال: إذا فتحت دمشق ونقضتها حجرا حجرا، ثم جلست على كرسىّ فى أحد أبوابها، فهناك تدعونى فتقتلنى ثم تصلبنى.
قال المختار: صدقت. ثم التفت إلى صاحب شرطته فقال: ويحك من يخرج سرّى إلى الناس؟! ثم أمر بتخلية سبيله. فلمّا أفلت أنشأ يقول، وكان [المختار (2)] يكنى أبا إسحاق:
ألا أبلغ أبا إسحاق أنى ... رأيت البلق دهما مصمتات (3)
أرى عينىّ ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترّهات (4)
كفرت بوحيكم ورأيت نذرا ... علىّ قتالكم حتّى الممات (5)
__________
(1) قال البغدادى: «أراد أن الخيل البلق التى قد ذكرت أنها تطير إنما هى خيل دهم نحاربك عليها». وإنما كان ذكر البلق ليخدعه ويوهمه أنه مؤمن بما كان يزعمه من أن الملائكة كانت تقاتل مع المختار على الخيول البلق بين السماء والأرض. وفى الطبرى 7: 123:
«فقال له المختار: فاصعد المنبر فأعلم ذلك المسلمين. فصعد فأخبرهم بذلك ثم نزل، فخلا به المختار فقال: إنى قد علمت أنك لم تر الملائكة، وإنما أردت ما قد عرفت: أن لا أقتلك، فاذهب عنى حيث أحببت لا تفسد على أصحابى».
(2) التكملة من ابن سلام والبغدادى
(3) البلق: جمع أبلق وبلقاء، وهو الفرس فيه سواد وبياض يرتفع تحجيله إلى فخذيه.
والدهم: جمع أدهم ودهماء، وهو الفرس قد اشتد سواده. والدهم ملوك الخيل فيما يرى العرب.
ويقال أدهم مصمت: خالص السواد لا يخالطه غيره ولا فيه شية. يقول: رأى مالم ير وعلم ما لم يعلم، فلم تكن الخيل بلقا، وإنما كانت دهما مصمتة.
(4) الترهات: الأباطيل، أما علم المختار بها فلأنه يمارسها ويزاولها، وأما علم سراقة فلانها متكشفة له ظاهرة أمام عينيه. ورواية الطبرى وأبى الفرج وأبى زيد فى النوادر 185:
«ما لم تبصراه» وانظر الخصائص 3: 153.
(5) إشارة إلى ما كان يزعم المختار من النبوة ونصرة الملائكة له فى الحرب، على الخيل(2/87)
قال أبو القاسم: أما قوله ما لم تر أياه، فإنّه ردّه إلى أصله. والعرب لم تستعمل أرى ويرى وترى ونرى إلّا بإسقاط الهمزة تخفيفا، فأما فى الماضى فالهمزة مثبتة. وكان المازنىّ يقول: الاختيار عندى أن أرويه «لم ترياه» لأنّ الزّحاف أيسر من ردّ هذا إلى أصله. وكذلك ينشد قول الآخر (1):
ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر ... ومن يتملّ العيش ير أو يسمع (2)
بتحقيق الهمزة (3).
[ما قيل على لسان ذى الرمة للايقاع بينه وبين مى صاحبته]
قال أبو غانم المعنوىّ: أخبرنا أبو خليفة عن محمد بن سلّام قال:
كانت مىّ التى ينسب بها ذو الرّمة بنت طلبة (4) بن قيس بن عاصم المنقرىّ،
__________
البلق. وانظر لهذا الطبرى والملل والنحل 1: 197فى كلامه على (المختارية) والفرق بين الفرق 2726والحيوان 2: 271.
(1) الأعلم بن جرادة السعدى، كما فى اللسان (رأى 5) ونوادر أبى زيد 185.
(2) وكذا فى شرح شواهد الشافية. وفى اللسان: «ألم ترأ». وتملى العيش: تمتع به ملاوة، أى طويلا. والملاوة بتثليث الميم: مدة الدهر. ويسمع وردت فى ش، م بكسر آخرها. قل ابن برى: «ويروى: ويسمع، بالرفع على الاستئناف، لأن القصيدة مرفوعة: وبعده:
بأن عزيزا ظل يرمى بحوزه ... إلى وراء الحاجزين ويفرع».
(3) فى شرح الشواهد: «بتخفيف الهمزة» صوابه ما هنا، وليس ما يدعوا إلى التأويل الذى وقع فيه محققو شرح الشواهد.
(4) طلبة، بفتح الطاء واللام، كما فى القاموس. م: «طلابة» تحريف، صوابه فى سائر النسخ وجمهرة أنساب العرب 216والشعراء 508والأغانى 16: 114والخزانة 1: 106واللآلىء 82وابن خلكان 1: 404. وفى الشعراء: «بنت فلان بن طلبة» فلعله أبهمه من أجل الاختلاف فيه، ففى اللآلىء وابن خلكان أنها «بنت عاصم بن طلبة» وفى الجمهرة 216وابن خلكان أيضا: «ابنة مقاتل بن طلبة».(2/88)
وكانت أمّ ذى الرمة مولاة لآل قيس بن عاصم، فلما رأت شغف ذى الرمة بها وتزيّد أمره، أرادت أن توقع بينهما على لسان ذى الرمة (1)، فقالت:
على وجه مىّ مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب العارلو كان باديا (2)
ألم تر أنّ الماء يخبث طعمه ... وإن كان لون الماء أبيض صافيا (3)
فوجدت مىّ من ذلك (4)، فما زال ذو الرمة يعتذر ويحلف أنه ما قاله، فقال: وكيف وقد أفنيت عمرى فى النّسيب بها.
قال أبو القاسم: وهذا الشعر أشبه شىء بقول ذى الرمة [وهو مقارب لطبعه.
وشبيه بهذا الوزن والرويّ قول ذى الرّمّة (5)]، أنشدناه الأخفش والزجاج عن أبى العباس المبرّد (6):
تقول عجوز مدرجى متروّحا ... على بابها من بيت أهلى وغاديا (7)
__________
(1) فى الحماسة 1542بشرح المروقى أن الشعر لكنزة. وكنزة هى أم شملة بن بردة المتقرى، كما فى الحماسة 701. والرواية كذلك فى الأغانى 16: 114أى فى نسبة القصة والشعر إلى كنزة أم شملة. وشملة هذا هو ابن بردة بن مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقرى كما فى جمهرة ابن حزم 216. وعند ابن قتيبة فى الشعراء 509والخزانة 1: 52أن الشعر لذى الرمة يهجو به مية حينما قالت عند رؤيته: وا سوءتاه! وا بؤساه! فهذه وجوه ثلاثة فى قصة الشعر ونسبته.
(2) البيتان فى المراجع المتقدمة. ويروى: «وتحت الثياب الخزى». قال المرزوقى:
«تريد أن ظاهرها حسن، كأن الله عز وجل قد مسحها بالجمال مسحا، ويكون أصله من المسح باليد، وقد استعمل فى الدعاء فقيل للمريض: مسح الله ما بك من علة وقولها: وتحت الثياب الخزى، تريد أن ما سوى المعارى منها مما هو موارى من بدنها، ومستور بثيابها، قبيح».
(3) أى قد يخفى الماء الأبيض الصافى طعما مرا خبيثا. عنى أن ظاهرها كظاهر هذا الماء، وباطنها كباطنه.
(4) وجد عليه يجد وجدا، وجدة، وموجدة، ووجدانا: غضب.
(5) التكملة من م.
(6) هذا. لكن بقية الأبيات فى الحماسة تشهد بأن قائل الشعر غير ذى الرمة.
(7) مدرجى، أى عند مدرجى. يقال درج دروجا: مشى ومضى لسبيله. والتروح(2/89)
أذو زوجة بالمصر أم ذو قرابة ... أراك لها بالبصرة العام ثاويا
فقلت لها: لا، إنّ أهلى لجيرة ... لأكثبة الدّهنا جميعا وماليا (1)
وما كنت مذ أبصرتنى فى خصومة ... أراجع فيها يا ابنة القوم قاضيا
ولكنّنى أقبلت من جانبى قسا ... أزور فتى نجدا كريما يمانيا (2)
من ال أبى موسى ترى القوم حوله ... كأنّهم الكروان أبصرن بازيا (3)
مرمّين من ليث عليه مهابة ... تفادى أسود الغاب منه تفاديا (4)
وما الخرق منه يرهبون ولا الخنا ... عليهم، ولكن هيبة هى ماهيا (5)
__________
الرواح، وهو السير بالعشى. والأبيات فى ديوان ذى الرمة 655653والكامل 260 يمدح بها بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرى. وفى الديوان: «من عند أهلى».
(1) الدهنا: سبعة أحبل من الرمل فى بلاد بنى تميم. قال المبرد: ولم أسمع إلا القصر من أهل العلم والعرب، وسمعت بعد من يروى مدها. وفى معجم البلدان: الدهناء عند البصريين مقصور، وعند الكوفيين يقصر ويمد. وفى حواشى الكامل: «وقوله لا لحن وهذا اللحن راجع على المرأة، لأن لا لا تقع إلا فى جواب أو، وإنما سألته بأم، وهى لم يستقر عندها علم». وقال الشنقيطى فى تعليقه على الأمالى: «لا، رد لما توهمته من وقوع أحد الأمرين، لا جواب لسؤالها».
(2) قسا: قارة ببلاد بنى تميم. والنجد، كشهم وفرح وندس: الشجاع الماضى فيما يعجز عنه غيره. وفى الديوان: «أزور امرأ محضا نجيبا».
(3) الكروان بكسر الكاف: جمع كروان بفتحتين، وهو طائر يدعى الحجل والقبج.
وقوله: «ترى القوم حوله» من قبيل الالتفات، فإنه كان يخاطب المرأة، ثم حول المخاظبة إلى رجل، كما فى قوله تعالى: «حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم». والبيت فى الحيوان 6: 372.
(4) مرمين، من الإرمام، وهو السكوت والإطراق. تفادى: تتفادى، يفتدى بعضها ببعض منه. والغاب: جمع غابة، وهى الأجمة ذات الشجر المتكاثف.
(5) الخرق، بالضم: الحمق. والخنا: الفحش. وهيبة تروى بالرفع، أى أمره هيبة.
وبالنصب، أى يهابونه هيبة. وفى الديوان: «فما الفحش منه يرهبون».(2/90)
[من أقوال العرب]
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعى قال:
تقول العرب: «العرى الفادح، خير من الزّىّ الفاضح (1)».
[من أقوال عائشة فى وفاة أخيها واحتضار أبيها أبى بكر]
أخبرنا على بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن يزيد قال:
روت الرواة أنه لما توفى عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، رحمه الله، ولم تحضره عائشة، زارت قبره ثم قالت: يا أخى، إنّى لو حضرت وفاتك ما زرت قبرك! وأنشأت تقول متمثلة (2):
وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا (3)
فلما تفرّقنا كأنى ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (4)
__________
(1) الفادح: الثقيل الصعب. والزى: اللباس، والهيئة والمنظر.
(2) الخبر فى الأغانى 14: 68.
(3) الشعر لمتمم بن نويرة فى الأغانى والمفضليات 267والشعراء 193وديوان المعانى 2: 176وأمالى ابن الشجرى 2: 271. والندمان: النديم، أراد مالكا وعقيلا ابنى فارج بن كعب، من بنى القين بن جسر بن قضاعة، نادما جذيمة الأبرش حين ردا عليه ابن أخته عمرو بن عدى، فحكمهما فاختارا منادمته، فكانا نديميه دهرا ثم قتلهما، وقيل:
نادماه أربعين سنة كانا يحادثانه وما أعادا عليه حديثا قط، حتى فرق بينهما الدهر. وفيهما يقول الشاعر:
ألم تعلما أن قد تفرق قبلنا ... نديما صفاء مالك وعقيل
(4) لطول اجتماع، أى بعد طول اجتماع. وقد جاءت اللام بمعنى بعد فى شواهد كثيرة انظر لها أمالى ابن الشجرى والمغنى. وقد روى البيت صاحب اللسان فى 16: 40غير منسوب، وفسر اللام فيه بمعنى مع.(2/91)
ثم إنّها حضرت أبا بكر رحمه الله وهو يجود بنفسه فقالت: هذا والله كما قال حاتم:
أماويّ ما يغنى الثّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (1)
فقال لها أبو بكر: يا بنيّة لا تقولى هذا، ولكن قولى: {وَجََاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [2]. وهكذا كان يقرؤها أبو بكر رحمه الله.
[لأبى العتاهية يرثى على بن ثابت]
أنشدنا على بن سليمان وأبو إسحاق الزجّاج قالا: أنشدنا المبرّد لأبى العتاهية، يرثى علىّ بن ثابت وكان مؤاخيا له. قال أبو العبّاس: وكان علىّ أديبا ناسكا ظريفا:
ألا من لى بأنسك يا أخيّا ... ومن لى أن أبثّك مالديّا (3)
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشرا وطيّا
فلو نشرت قواك لى المنايا ... شكوت إليك ما صنعت إليّا
بكيتك يا أخىّ بدمع عينى ... فلم يغن البكاء عليك شيّا
وكانت فى حياتك لى عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا
__________
(1) حشرجت، يعنى الروح. والحشرجة: تردد صوت النفس والغرغرة فى الصدر.
والبيت فى ديوان حاتم 118واللسان (حشرج). والخبر أيضا فى اللسان.
(2) الآية 19من سورة ق وقراءة الجمهور: «وجاءت سكرة الموت بالحق».
وقرأ ابن مسعود: «وجاءت سكرات الموت بالحق».
(3) ملحقات ديوان أبى العتاهية 369والكامل 230والأغانى 3: 240والبيان 3: 257والحيوان 3: 91و 6: 505وأمالى القالى 3: 2فى تمثل امرأة به بدون نسبة للأبيات. وفى العقد 3: 255أنه لأبى العتاهية يرثى به ولدا له. وهذا خطأ منه.(2/92)
قال أبو العباس: أخذ هذا من قول بعض الأعاجم حضر ملكا لهم مات (1)، فقال: كان الملك أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس!
وقال أبو العتاهية فيه أيضا:
يا علىّ بن ثابت أين أنتا ... أنت بين القبور حيث دفنتا (2)
يا علىّ بن ثابت بان منى ... صاحب جلّ فقده يوم بنتا
قد لعمرى حكيت لى غصص المو ... ت وحرّكتنى لها وسكتنا
قال أبو العباس: وهذا أيضا مأخوذ من قول بعض الأعاجم حضر موت صديق له، فلما قضى ارتفعت الأصوات عليه بالبكاء، فقال: حرّكنا بسكونه (3)!
وقال أبو العتاهية فى على بن ثابت أيضا:
صاحب كان لى هلك ... والسبيل التى سلك (4)
كلّ حىّ مملّك ... سوف يفنى وما ملك
يا علىّ بن ثابت ... غفر الله لى ولك
__________
(1) فى البيان 1: 81: «وقال خطيب من الخطباء حين قام على سرير الإسكندر وهو ميت». ونحوه فى البيان 1: 407والأغانى 3: 142والصناعتين 15والمستطرف 2: 294والحيوان 6: 505والعقد 3: 242ومروج الذهب 1: 290حيث أورد فى الأخير فصلا كاملا لأقوال الحكماء الذين وقفوا على قبر الإسكندر، وهو ثلاثون حكيما.
وانظر طائفة من أقوال هؤلاء الحكماء فى جمع الجواهر 171170والتمثيل والمحاضرة للثعالبى 177176. وفى الكامل 230أنه من قول الموبذ لقباذ الملك حين مات.
(2) ملحقات ديوانه 369والكامل 229والأغانى 3: 142.
(3) الأغانى 3: 142والمستطرف 2: 294. وقد جعله الأبشيهى من قول أرسطو فى رثاء الإسكندر، خطأ. ووهم المبرد أيضا فى الكامل 229إذ نسب هذا القول لنادب الإسكندر كما أخطأ فى نسبة القول السابق إلى نادب قباذ.
(4) ابتداء وخبر. أى والسبيل التى لا سبيل غيرها هى التى سلكها، كما سلكها من قبله وكما سيسلكها من بعده. والأبيات فى الكامل والأغانى.(2/93)
[من أقوال بزرجمهر]
قال أبو القاسم: قال بزرجمهر (1): التأنّى حصن منيع، إليه يتوافى الرأى، وبه يستماح النّجح، ويتوقّع الظّفر بكل مطلوب.
وقال بزرجمهر: لا ينبغى للعاقل أن يجزع إن حطّه ذو سلطان عن منزلة رفع إليها جاهلا فإنّ الأقسام لم تجر على قدر الأخطار.
[مديح المؤمل بن أميل للمهدى وما كان من خبر المنصور فى ذلك]
أخبرنا أبو عبد الله اليزيدىّ عن عمه قال:
وفد المؤمّل بن أميل (2) على المهدىّ بالرىّ فامتدحه، فأمر له بعشرين ألف درهم، فاتّصل الخبر بالمنصور فكتب إليه يعذله ويقول: إنّما كانت سبيلك أن تأمر للشاعر بعد أن يقوم ببابك سنة بأربعة آلاف درهم. وكتب
__________
(1) بزرجمهر بن بختكان المروى، أحد وزراء الفرس المشهورين، كان وزيرا للملك الساسانى أنو شروان، وإليه ينسب كثير من الحكم. دائرة المعارف الإسلامية 3: 616 ومعجم استينجاس 188. ومعنى «بزرج» فى الفارسية الكبير العظيم. ومعنى «مهر» الشمس والحب والصداقة. وفى عيون الأخبار 3: 191: «لما قتل كسرى بزرجمهر وجد فى منطقته كتابا: إذا كان القدر حقا فالحرص باطل، وإذا كان الغدر فى الناس طباعا فالثقة بكل أحد ضجر، وإذا كان الموت لكل أحد راصدا فالطمأنينة إلى الدنيا حمق». وكان كسرى قد حبسه قبل القتل. عيون الأخبار 2: 126. ولم أجد شيئا من حكمه التالية فى عيون الأخبار على كثرة ما أورد له.
(2) المؤمل، بفتح الميم المشددة كما نص عليه البغدادى فى الخزانة 3: 523وأميل بهيئة التصغير كما فى الخزانة مع النص عليه واللآلىء 424ونكت الهميان 299. وضبطت فى م، ش ومعجم الأدباء 19: 201والحماسة للتبريزى 3: 146بفتح الهمزة وكسر الميم.
وهو شاعر كوفى من مخضرمى الأموية والعباسية، وكانت شهرته فى العباسية أكثر، لأنه كان من الجند المرتزقة، وانقطع إلى المهدى فى حياة أبيه وبعده. انظر لترجمته المراجع المتقدمة وتاريخ بغداد 13: 180177والأغانى 19: 250147.(2/94)
إلى كاتب المهدىّ بإنفاذ الشاعر إليه، فسأل عنه فقيل له: قد شخص إلى مدينة السّلام، فكتب إلى المنصور بخبره، فأنفذ المنصور قائدا من قواده إلى النّهروان يتصفّح وجوه الناس حتّى وقع بيده المؤمّل، فأتى به المنصور فقال له: أتيت غلاما غرّا فخدعته! قال: نعم يا أمير المؤمنين، أتيت غلاما غرّا كريما فخدعته فانخدع لى! فكأنّ ذلك أعجبه، فقال له: أنشدنى ما قلت فيه. فأنشده:
هو المهدىّ إلّا أنّ فيه ... مشابه صورة القمر المنير
تشابه ذا وذا فهما إذا ما ... أنارا مشكلان على البصير (1)
فهذا فى الظلام سراج نار ... وهذا فى النهار سراج نور (2)
ولكن فضّل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسرير
وبالملك العزيز فذا أمير ... وماذا بالأمير ولا الوزير (3)
ونقص الشهر يخمد ذا، وهذا ... منير عند نقصان الشّهور
فيا ابن خليفة الله المصفّى ... به تعلى مفاخرة الفخور
لئن فتّ الملوك وقد توافوا ... إليك من السّهولة والوعور
لقد سبق الملوك أبوك حتّى ... بقوا من بين كاب أو حسير (4)
وجئت وراءه تجرى حثيثا ... وما بك حين تجرى من فتور
فقال الناس: ما هذان إلّا ... بمنزلة الخليق من الجدير (5)
__________
(1) أى يشكل أمرهما على من يبصرهما لشدة تشابههما.
(2) فى جمع الجواهر للحصرى 85: «سراج عدل». وفى الأغانى وياقوت والنكت:
«سراج ليل» و «ضياء نور». وتاريخ بغداد: «سراج نور» فى الموضعين.
(3) أى ليس ذاك بأمير ولا بوزير.
(4) الكابى من الكبو وهو السقوط والعثار. والحسير: الذى أعيا وتعب.
(5) أى هما سيان، كما أن الخليق والجدير مترادفان بمعنى الحقيق.(2/95)
لئن سبق الكبير فأهل سبق ... له فضل الكبير على الصغير
وإن بلغ الصغير مدى كبير ... فقد خلق الصغير من الكبير
فقال: أحسنت، ولكن لا يساوى عشرين ألف درهم. ثم قال له: أين المال؟ قال: ها هو ذا. قال: يا ربيع، أعطه منه أربعة آلاف درهم، وخذ الباقى.
ففعل. فلمّا صارت الخلافة إلى المهدىّ رفع المؤمّل إليه يذكر قصّته، فضحك وأمر بردّ المال إليه، فردّ.
[مما قيل فى محبة البخيلة]
أنشدنا الزّجاج قال: أنشدنا المبرّد:
أحبّا على حبّ وأنت بخيلة ... وقد زعموا أن لا يحبّ بخيل (1)
بلى والذى حجّ الملبّون بيته ... ويشفى الجوى بالنّيل وهو قليل (2)
[لمحمد بن عبد الله بن طاهر فى النساء]
أنشدنا أبو عبد الله اليزيدىّ قال أنشدنى عمى لمحمد بن عبد الله بن طاهر:
مطيّات السّرور بنات عشر ... إلى عشرين ثم قف المطايا
فإن جاوزتهنّ فسر قليلا ... بنات الأربعين من الرذايا (3)
مقاساة النّساء مع اللّيالى ... إذا أولدتهنّ من البلايا (4)
__________
(1) يعجب من تضاعف حبه لها وهى البخيلة بودها.
(2) المنبون: جمع ملب، وهو الرافع صوته بالتلبية عند الحج.
(3) أى من كان منهن فى سن الأربعين، فقد صارت رذية، وهى المهزولة الهالكة الثقيلة
(4) يشير إلى ما تلده الليالى أيضا من الأحداث، وهو فى معنى قول القائل:
والليالى من الزمان حبالى ... مثقلات يلدن كل عجيبه(2/96)
[شعر ضمرة فى وصف النساء على اختلاف أسنانهن]
قال أبو الحسن الأخفش: من أحسن ما قيل فى ترتيب أسنان النّساء، وإن كان شعرا ضعيفا، قول ضمرة للنّعمان بن المنذر وقد سأله عن وصف النّساء:
متى تلق بنت العشر قد نصّ ثديها ... كلؤلؤة الغوّاص يهتزّ جيدها (1)
تجد لذّة منها لخفّة روحها ... وغرّتها، والحسن بعد يزيدها (2)
وصاحبة العشرين لا شىء مثلها ... فتلك التى تلهو بها ونريدها
وبنت الثلاثين الشّفاء حديثها ... هى العيش، ما رقّت ولا دقّ عودها
وإن تلق بنت الأربعين فغبطة ... وخير النساء ودّها وولودها (3)
وصاحبة الخمسين فيها بقيّة ... من الباه واللّذّات، صلب عمودها
وصاحبة الستّين لا خير عندها ... وفيها ضياع، والحريص يريدها
وصاحبة السبعين إن تلف معرسا ... عليها فتلكم خزية يستفيدها (4)
وذات الثمانين التى قد تجلّلت ... من الكبر الفانى وقدّ وريدها (5)
وصاحبة التسعين يرعش رأسها ... وبالليل مقلاق قليل هجودها
ومن طالع الأخرى فقد ضلّ عقلها ... وتحسب أنّ الناس طرّا عبيدها (6)
__________
(1) نص ثديها نصا: برز وارتفع، من قولهم: نصت العروس على المنصة: رفعت لتبدو للناظرين.
(2) الغرة، بالكسر: الغفلة والجهل بالأمور، وذلك لحداثة سنها.
(3) الود، بتثليث الواو: ذو المودة والمحبة. والولود: الكثيرة الولادة.
(4) أعرس الرجل بالمرأة: بنى عليها وتزوجها. وفى «يستفيدها» ما يسمونه بالالتفات، انتقل من الخطاب إلى الغيبة.
(5) قد: قطع، كناية عن يبس بدنها.
(6) يعنى صاحبة المائة.
(7أمالى الزجاجى)(2/97)
[معابثة بعض الشعراء لخنساء الشاعرة، جارية يحيى البرمكى]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعىّ قال:
دخل بعض الشعراء (1) على يحيى بن خالد البرمكى، وبين يديه جارية يقال لها خنساء، وكانت شاعرة ظريفة، فقال له: اعبث بها. فأنشأ يقول:
خنساء يا خنساء حتّى متى ... يرتفع الناس وننحطّ (2)
قد صرت نضوا فوق فرش الهوى ... كأنّنى من دقّتى خيط (3)
فقالت خنساء:
وكيف منجاى وقد حفّ بى ... بحر هوى ليس له شطّ
يدركك الوصل فتنجو به ... أو يقع الهجر فتنحطّ
[خبر المبرد وعبيد الله بن عبد الله بن طاهر]
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن السّرىّ الزجّاج قال: أخبرنا أبو العباس المبرّد قال:
__________
(1) فى طبقات الشعراء لابن المعتز 332أن الشعر التالى لابن شادة المعروف بالمخنث.
ولم يذكر القصة ولا جواب المرأة بعده.
(2) وننحط، هى فى الأصول: «وتنحط»، وعند ابن المعتز:
بالله يامنية حتى متى ... يرتفع الحب وينحط
وبين هذا البيت وتاليه عنده:
وكيف منجاتى إذا صرت فى ... بحر هوى ليس له شط
يا أقدر الناس على علتى ... ما إن أتى الناس بها قط
(3) فرش، ضبطت فى م، وش بضم الفاء، وهى جمع فراش مع تسكين الراء فى الجمع.
ولا بأس أن تقرأ «فرش» بفتج الفاء، والفرش هو الفراش.(2/98)
دخلت على عبيد الله بن عبد الله بن طاهر وقد فصد، فظننت أنّ ذلك لعلّة، فأكثرت له من الدعاء، فقال: خفّض عليك أبا العباس، فليس ذلك لعلّة، وانظر ما تحت البساط. فنظرت فإذا رقعة فيها:
حلف الظّريف بقطعه يده ... إذ مسّ من يهواه بالألم (1)
حتّى إذا ضاق الفضاء به ... جعل الفصاد تحلّة القسم (2)
قلت: حسن أيّها الأمير فما سببه؟ قال: مددت البارحة يدى إلى بعض الجوارى بالضّرب، فألمت لما نالها من الألم، فحلفت بقطع يدى، فاستفتيت اليوم فأفتيت بالفصد، ففعلت.
[لأبى نواس فى صفة الدمع]
أنشدنا الأخفش لأبى نواس:
ما بال قلبك لا يقرّ خفوقا ... وأراك ترعى النّجم والعيّوقا (3)
وجفون عينك قد نثرن من البكا ... فوق المدامع لؤلؤا وعقيقا (4)
لو لم يكن إنسان عينك سابحا ... فى بحر دمعته لمات غريقا
__________
(1) ط، م: «إذا مس»، صوابه فى ش.
(2) تحلة القسم: ما يتحلل به الحالف من يمينه التى حلف عليها.
(3) لم أجده فى ديوان أبى نواس. قر: سكن وهدأ. ويقال رعى النجوم رعيا وراعاها: راقبها وانتظر مغيبها. والنجم: نجوم السماء، وقد يكون أراد بها الثريا. والعيوق:
كوكب أحمر مضىء فى طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.
(4) المدامع: جمع مدمع، وهو مسيل الدمع. والعقيق: جوهر أحمر، أراد أنه استنزف دمعه حتى استحال إلى الدم.(2/99)
[مديح رؤبة بن العجاج لابن شبرمة]
أخبرنا على بن سليمان قال: أخبرنا أحمد بن يحيى عن عمر بن شبة قال:
مدح رؤبة بن العجّاج ابن شبرمة (1) فقال:
لما سألت الناس أين المكرمه ... والعزّ والجرثومة المقدّمه (2)
وأين فاروق الأمور المبهمه (3) ... تتابع الناس على ابن شبرمه
فأعطاه مائة درهم، وكان رزقه فى الشّهر للقضاء.
[طائفة من مختار الشعر]
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجّاجىّ: أنشدنا الأخفش للعديل ابن الفرج (4):
يأخذن زينتهنّ أحسن ما يرى ... وإذا عطلن فهنّ غير عواطل (5)
__________
(1) هو أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة الضبى الكوفى، القاضى الفقيه، كان قاضيا لأبى جعفر المنصور. روى عن أنس والنخعى والشعبى وغيرهم، وروى عنه الحسن بن صالح والسفيانان وغيرهم. وكان ثقة فى الحديث شاعرا حسن الخلق جوادا. ولد سنة 72وتوفى سنة 144. تهذيب التهذيب 5: 250. وانظر الشعر والشعراء 6، 719.
(2) الرجز فى الحيوان 3: 494بدون نسبة. ونسبه الجاحظ فى البيان 1: 337 إلى يحيى بن نوفل، وهذا شاعر من شعراء الدولة الأموية ذكره الجاحظ فى مواضع كثيرة، وله مديح فى ابن شبرمة فى الشعر والشعراء 719. والجرثومة: الأصل.
(3) الفاروق: الذى يفرق ويفصل.
(4) العديل، بهيئة التصغير. والفرج، كذا ورد فى النسخ والأغانى 20: 11، وصوابه «الفرخ» بالفاء المفتوحة والراء الساكنة وآخره خاء معجمة كما فى الاشتقاق 345 والقاموس (عدل) والحماسة 729بشرح المرزوقى وجمهرة ابن حزم 314حيث صرح ابن حزم أنه بالخاء المنقوطة على رأسها وإسكان الراء. وورد فى الخزانة 2: 368بضم الفاء، وأراه تحريفا. والعديل: شاعر إسلامى مقل فى الدولة المروانية. الخزانة والأغانى 20: 1911والشعراء 375.
(5) عطلت المرأة عطلا: خلت من الزينة والحلى.(2/100)
وإذا خبأن خدودهنّ أريننا ... حدق المها وأخذن نبل القاتل (1)
ورميننى لا يستترن بجنّة ... إلّا الصّبا، وعلمن أين مقاتلى (2)
يلبسن أردية الشّباب لأهلها ... ويجرّ باطلهن ذيل الباطل (3)
وأنشدنى لأبى حيّة النّميرى:
حوراء تسحب من قيام فرعها ... فتغيب فيه وهو جثل أسحم (4)
فكأنّها فيه نهار مشرق ... وكأنّه ليل عليها مظلم
وأنشدنا الزجاج لأبى العتاهية:
هل الدّهر إلّا ليلة ثم يومها ... وحول إلى حول وشهر إلى شهر (5)
سرينا فأدلجنا فكانت ركابنا ... تسير بنا فى غير برّ ولا بحر
منايا يقرّبن البعيد من البلى ... ويدنين أشلاء الكرام إلى القبر
ويتركن أزواج الغيور لغيره ... ويقسمن ما بقىّ الشّحيح من الوفر (6)
وأنشدنا للعبّاس بن الأحنف:
لم ألق ذا شجن يبوح بحبّه ... إلّا ظنتنك ذلك المحبوبا (7)
__________
(1) أى استعددن بالنبال، وهى السهام. والنبل: جمع نبلة. وفى الأغانى 20: 14 «سهم القاتل».
(2) الجنة: كل ما يتقى به من سلاح وغيره.
(3) فى الأغانى: «حبل الباطل».
(4) الفرع: الشعر التام. والجثل: الطويل الكثيف. والأسحم: الشديد السواد.
وفى الأغانى 15: 117مع نسبة الشعر إلى المستهل بن الكميت: «جثلا يزينه سواد أسحم».
والبيتان بدون نسبة فى الصناعتين 254.
(5) الأبيات مما لم يرو فى ديوان أبى العتاهية.
(6) الوفر من المال والمتاع: الكثير الواسع.
(7) ديوان العباس ص 34. والشجن: الهم والحزن.(2/101)
حذرا عليك وإننى بك واثق ... أن لا ينال سواى منك نصيبا
أنشدنا أبو بكر الأصبهانىّ لنفسه:
قسمت عليك الدّهر: نصفا تعقّبا ... لفعلك فى الماضى، ونصفا ترقّبا
إذا استيقنت نفسى بأن لست غادرا ... أبى الظّنّ والإشفاق إلّا تريّبا
فقد، والذى لو شاء غيّب واحدا ... فروّح قلبا والها متهيّبا
شككت فما أدرى: أفرط مودّتى ... يريبك، أم ظنّى يريبك مذنبا
ولو كان قصدى منك وصلا أناله ... لقد كنت لى أندى جنابا وأخصبا
إذا ولأقللت العتاب ولم أزد ... على أن ترانى فى امتداحك مطنبا
وأنشدنا أيضا:
لقد جمعت أهواى بعد شتاتها ... صفاتك فانقاد الهوى لك أجمع (1)
سوى خصلة فكرى رهين بذكرها ... فقلبى منها ما حييت مروّع
وحاشاك منها غير أنّ أخا الهوى ... بذكر الذى يخشى من الغدر مولع
[بكاء ديك الجن على زوجته بعد أن قتلها]
أنشدنا أبو إسحاق إبراهيم بن السّرىّ الزّجّاج: قال أنشدنا المبرّد لديك (2) الجنّ:
__________
(1) أهواى، أراد أهوائى، جمع هوى. والشتات: التفرق.
(2) ديك الجن، لقب غلب عليه، واسمه عبد السلام بن رغبان، بفتح الراء. وكان شديد التشعب والعصبية على العرب، وهو شاعر عباسى من ساكنى حمص، لم يبرح نواحى الشام، وكان من خبر الشعر أنه كان قد اشتهر بجارية نصرانية من أهل حمص هويها وغلبت عليه، فلما اشتهر بها دعاها إلى الإسلام ليتزوجها فأجابته وتزوجها، وكان اسمها «وردا» فأعسر(2/102)
يا مهجة طلع الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الرّدى بيديها
حكّمت سيفى فى مجال خناقها ... ومدامعى تجرى على خدّيها (1)
روّيت من دمها الثّرى ولطالما ... روّى الهوى شفتىّ من شفتيها
فوحقّ نعليها لما وطئ الحصى ... شىء أعزّ علىّ من نعليها
ما كان قتليها لأنّى لم أكن ... أبكى إذا سقط الذّباب عليها (2)
لكن بخلت على العيون بلحظها ... وأنفت من نظر العيون إليها (3)
__________
واختلت حاله، فقصد أحمد بن على الهاشمى فى سلمية، فأقام عنده مدة طويلة، وكان له ابن عم يبغضه لأنه هجاه، فأذاع على تلك المرأة أنها تهوى غلاما له، وشاع ذلك الخبر حتى وصل إليه، فكتب إلى أحمد بن على شعرا يستأذنه فى العودة إلى حمص ويعلمه ما بلغه من خبر المرأة، ومدحه فى هذه القصيدة، فأذن له فعاد إلى حمص، وكان ابن عمه قد أرصد له قوما يعلمونه بموافاته باب حمص، فلما وافاه خرج إليه مستقبلا ومعنفا على تمسكه بهذه المرأة بعد ما شاع من أمرها ما شاع، وأشار عليه بطلاقها، ودس إليه غلامه الذى كان قد رماها به وقال له:
إذا قدم عبد السلام ودخل منزله فقف على بابه كأنك لم تعلم بقدومه، وناد باسم ورد، فإذا قال من أنت فقل أنا فلان. فلما نزل عبد السلام منزله وألقى ثيابه سألها عن الخبر وأغلظ عليها، فأجابته جواب من لم يعرف من القصة شيئا، وذلك لبراءتها مما رميت به وجهلها به، فبينما هو فى ذلك إذ قرع الرجل الباب فقالت: من هذا؟ فقال: أنا فلان. فقال لها عبد السلام:
يا زانية، زعمت أنك لا تعرفين من هذا الأمر شيئا! ثم اخترط سيفه فضربها به حتى قتلها، وقال فى ذلك:
سوف آسى طول الحياة وأبكي ... ك على ما فعلت لا ما فعلت
وقال أيضا:
خنت سرى ولم أخن ... ك فموتى علانيه
ثم قدم بعد ذلك حمص وبلغه الخبر على حقيقته وصحته، فندم ومكث شهرا لا يستفيق من البكاء، ولا يطعم من الطعام إلا ما يقيم رمقه، وقال فى ذلك هذا الشعر. ولد ديك الجن سنة 161وتوفى سنة 235فى خلافة المتوكل. الأغانى 12: 143136ووفيات الأعيان 1: 194293وذم الهوى لابن الجوزى 471469.
(1) الخناق، بالكسر: القلادة على مخنق الرقبة. ومجاله: حيث يجول فى العنق.
(2) ابن خلكان: «إذا سقط الغبار».
(3) ابن خلكان: «على سواى بحبها» الأغانى:
لكن ضننت على العيون بحسنها ... وأنفت من نظر الحسود إليها(2/103)
[حديث لابن عباس وتفسير ما ورد فيه الغريب]
حدثنا الحسن بن إسماعيل المحاملى قال: حدّثنا أبو هاشم زياد بن أيوب الطّوسى قال: حدثنا سعيد بن محمد الورّاق، عن بسّام (1) عن عكرمة عن ابن عباس قال: «نهى النبىّ صلى الله عليه وسلم عن لبن الجلّالة، وعن مهر البغىّ، وعن ثمن الكلب (2)».
قال أبو القاسم: الجلالة: الإبل التى تأكل العذرة وأصل الجلّة البعر.
قال الأصمعىّ: يقال خرج الإماء يجتللن. والبغىّ: الفاجرة. والبغاء الزّنى، بالمدّ والقصر. قال الله عزّ وجل: {وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ} [3].
والبغىّ فى غير هذا: الأمة. والبغيّة: الربيئة، وهو الطّليعة للقوم. وأنشد الأصمعىّ:
فكان وراء القوم منهم بغيّة ... فأوفى يفاعا من بعيد فبشّرا (4)
__________
وفى الأغانى 12: 138: «وهذه الأبيات تروى لغير ديك الجن».
ومن قوله فيها مما أنشده ابن خلكان:
جاءت تزور فراشى بعد ما قبرت ... فظلت ألثم نحرا زانه الجيد
وقلت: قرة عينى قد بعثت لنا ... فكيف ذا وطريق القبر مسدود
قالت: هناك عظامى فيه مودعة ... تعيث فيها بنات الأرض والدود
وهذه الروح قد جاءتك زائرة ... هذى زيارة من فى القبر ملحود
(1) هو بسام بن عبد الله الصيرفى الكوفى. ممن روى عن عطاء وعكرمة. تهذيب التهذيب 1: 434.
(2) الحديث مختصرا فى النسائى 7: 309. وانظر تفسير ابن كثير 3: 289فى تفسير الآية التالية.
(3) الآية 33من سورة النور.
(4) اليفاغ: الموضع المشرف المرتفع. ونحوه ما أنشده صاحب اللسان من قول طفيل:
فألوت بغاياهم بنا وتباشرت ... إلى عرض جيش غير أن لم تكتب(2/104)
[حديث على وابن عباس عند دخولهما على عمر عند إصابته]
حدثنا إسماعيل الوراق قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة بن سوّار قال: حدّثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال:
كان أوّل من دخل على عمر رضى الله عنه حين أصيب علىّ بن أبى طالب، وابن عباس، رحمهما الله، فلما نظر إليه ابن عباس بكى وقال: أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين! فقال: أشاهد لى بذلك؟ فكأنّه كعّ، فضرب علىّ على منكبه وقال: أجل أشهد، وأنا على ذلك من الشاهدين. فقال عمر:
كيف؟ قال ابن عباس: كان إسلامك عزّا، وولايتك عدلا، وميتتك شهادة.
فقال: لا والله، لا تغرّونى فى ربّى أو قال: دينى. شكّ الزّعفرانى (1)
ثكلت عمر أمّه إن لم يغفر له ربّه.
قال أبو القاسم: كعّ الرجل عن الأمر فهو كاعّ: إذا تلكّأ عنه جبنا وفرقا. فأمّا العكّ فهو شدّة الحر يقال: يوم عكّ وعكيك، وأكّ وأكيك:
إذا كان شديد الحرّ.
والعكوّك من الرجال: القصير المقتدر الخلق. والعكنكع: ذكر السّعالى (2) ذكره الخليل. وأنشد:
* غول تنازى شرسا عكنكعا (3) *
__________
(1) الزعفرانى، هو أبو على الحسن بن محمد بن الصباح البغدادى، الوارد فى السند المتقدم، أحد من روى عن شبابة. ونسبته إلى الزعفرانية، وهى قرية من قرى سواد بغداد. توفى سنة 259. تهذيب التهذيب 2: 319317وأنساب السمعانى 275.
(2) فى القطعة المطبوعة من كتاب العين ص 15: «الذكر الخبيث من السعالى».
(3) تنازيه: تواثبه، من النزو وهو الوثب. وفى كتاب العين: «تداهى». وقبله:
* كأنها وهو إذا استبا معا *(2/105)
[حديث المرأة التى زوجت نفسها حاتما الطائى]
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أخى الأصمعىّ عن عمه، وأبو حاتم عن أبى عبيدة قال (1):
كانت امرأة من العرب ذات جمال وكمال، وحسب ومال، فآلت أن لا تزوّج نفسها إلّا كريما، ولئن خطبها لئيم لتجدعنّ أنفه! فتحاماها الرجال حتّى انتدب لها زيد الخيل (2)، وحاتم بن عبد الله، وأوس بن حارثة بن لأم الطّائيون، فارتحلوا إليها، فلما دخلوا عليها قالت: مرحبا بكم، ما كنتم زوّارا فما الذى جاء بكم؟ فقالوا: جئنا زوّارا وخطّابا. قالت: أكفاء كرام. فأنزلتهم وفرّقت بينهم، وأسبغت لهم القرى وزادت فيه فلمّا كان فى اليوم الثانى بعثت بعض جواريها متنكّرة فى زىّ سائلة تتعرّض لهم، فدفع لها زيد وأوس شطر ما حمل إلى كلّ واحد منهما فلمّا صارت إلى رحل حاتم دفع إليها جميع ما حمل إليه. فلما كان فى اليوم الثالث دخلوا عليها، فقالت: ليصف كلّ واحد منكم نفسه فى شعره. فابتدر زيد وأنشأ يقول:
هلّا سألت بنى نبهان ما حسبى ... عند الطّعان إذا ما احمرّت الحدق (3)
__________
(1) الخبر نقله البغدادى فى الخزانة 2: 164عن أمالى الزجاجى الوسطى. والقصة على وجه آخر فى الأغانى 16: 10299والخزانة 2: 165والشعراء 200197 والعينى 2: 369وديوان حاتم 134131.
(2) انتدب لها: أجاب دعوتها.
(3) فى الخزانة: «بنى ذبيان» صوابه ما هنا. وسيأتى ذكر بنى نبهان فى شعر أوس ابن حارثة الذى يذكر فيه زيد الخيل. وهو زيد الخيل بن مهلهل بن زيد بن منهب بن عبد رضى ابن المختلس بن ثوب بن كنانة بن غوث بن نابل بن نبهان بن عمرو بن الغوث بن طيّ.
جمهرة أنساب العرب 403والإصابة 2935. والحدق: جمع حدقة، وهى السواد المستدبر وسط العين لكنه عنى احمرار العيون عند القتال.(2/106)
وجاءت الخيل محمرّا بوادرها ... بالماء يسفح عن لبّاتها العلق (1)
والخيل تعلم أنّى كنت فارسها ... يوم الأكسّ به من نجدة روق (2)
والجاز يعلم أنّى لست خاذله ... إن ناب دهر لعظم الجار معترق (3)
هذا الثناء، فإن ترضى فراضية ... أو تسخطى فإلى من تعطف العنق
وقال أوس بن حارثة: إنّك لتعلمين أنا أكرم أحسابا وأشهر أفعالا من أن نصف أنفسنا لك، أنا الذى يقول فيه الشاعر (4):
إلى أوس بن حارثة بن لأم ... ليقضى حاجتى فيمن قضاها
فما وطئ الحصى مثل ابن سعدى ... ولا لبس النّعال ولا احتذاها
وأنا الذى عقت عقيقته (5) فأعتقت عن كلّ شعرة منها نسمة.
وأنشأ يقول:
فإن تنكحى ماويّة الخير حاتما ... فما مثله فينا ولا فى الأعاجم
__________
(1) البوادر: جمع بادرة، وهى اللحمة التى بين المنكب والعنق. وإنما تحمر من الدم الذى يسيل من فرسانها عليها، أو لما يقع عليها من الطعن. والماء: العرق. يسفح: يسيل.
واللبة، بالفتح: وسط الصدر والمنحر. والعلق: الدم الغليظ.
(2) الأكس: ذو الكسس، وهو بالتحريك أن يكون الحنك الأعلى أقصر من الأسفل، فتكون الثنيتان العلييان وراء السفليين. والروق: إشراف الأسنان العليا على السفلى. يصور ما تفعله النجدة والشجاعة فى الإبطال، من تقلص الشفاه وبروز الأسنان فى معمعة القتال، كما قال عنترة:
ولقد حفظت وصاة عمى بالضحى ... إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
(3) اعترق العظم: أكل ما عليه من لحم.
(4) هو بشر بن أبى خازم. الكامل 133.
(5) العقيقة: الشعر الذى يكون على رأس الصبى حين يولد. وعقت عقيقته: حلقت، وكان لهذا اليوم عندهم شأن، حتى ليسمون الشاة التى تذبح فى ذلك اليوم العقيقة.(2/107)
فتى لا يزال الدّهر أكبر همّه ... فكاك أسير أو معونة غارم (1)
وإن تنكحى زيدا ففارس قومه ... إذا الحرب يوما أقعدت كلّ قائم (2)
وصاحب نبهان الذى يتّقى به ... شذا الأمر عند المعظم المتفاقم (3)
وإن تنكحينى تنكحى غير فاجر ... ولا جارف جرف العشيرة هادم (4)
ولا متّق يوما، إذا الحرب شمّرت، ... بأنفسها نفسى، كفعل الأشائم (5)
وإن طارق الأضياف لاذ برحله ... وجدت ابن سعدى للقرى غير عاتم (6)
فأىّ فتى أهدى لك الله فاقبلى ... فإنّا كرام من رءوس الأكارم (7)
وأنشأ حاتم يقول (8):
أماوىّ قد طال التجنّب والهجر ... وقد عذرتنى فى طلابكم العذر (9)
__________
(1) فكاك الأسير: أن ينقذه من الأسر بدفع ديته. والغارم: من لزمه دين فى دية أو حمالة.
(2) ط، ش: «فإن». والوجه ما أثبت من م والخزانة. أقعدت كل قائم: اشتد فيها الفتك وكثر فيها الصرعى.
(3) صاحب نبهان، هو زيد الخيل كما سبقت الإشارة إلى ذلك فى ص 106. والشذا:
الأذى والشر. والمعظم، بكسر الظاء: الهائل، من قولهم: أعظمنى الأمر: هالنى. وبفتح الظاء من قولهم أعظم الأمر: رآه عظيما. والمتفاقم: الشديد العظيم.
(4) الفاجر: من يركب أمرا قبيحا من كذب أو زنى أو يمين كاذبة. وجرف الطين ونحوه: كسحه وذهب به. والجرف: ما أكل السيل من أسفل شق الوادى. كناية عن محافظته على عشيرته.
(5) الأشائم: جمع أشأم، وهو الذى يجرى بالشؤم.
(6) طارق الأضياف: الأضياف الذين يطرقون البيوت ليلا. لاذ: لجأ. والقرى:
طعام الضيف. والعاتم: البطىء، ويقال فلان عاتم القرى: قد عتم قراه وأبطأ به. قال:
فلما رأينا أنه عاتم القرى ... بخيل ذكرنا ليلة الهضم كردما
(7) فى الخزانة: «من رءوس أكارم».
(8) ديوان حاتم 118.
(9) العذر: جمع عذير. والعذير: الحال. وأصل العذر عذر بضمتين فخفف، وتسكين عين فعل جائز إن لم تكن واوا أو يكن مضاعفا.(2/108)
أماوىّ إمّا مانع فمبيّن ... وإمّا عطاء لا ينهنهه الزّجر (1)
أماوىّ ما يغنى الثّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر
وقد علم الأقوام لو أنّ حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر
إلى أن أتى على القصيدة وهى مشهورة فقالت: أمّا أنت يا زيد فقد وترت العرب، وبقاؤك مع الحرّة قليل. وأمّا أنت يا أوس فرجل ذو ضرائر (2)
والصّبر عليّهن شديد وأمّا أنت يا حاتم فمرضىّ الخلائق، محمود الشّيم، كريم النّفس. وقد زوّجتك نفسى.
[الملاحة والحلاوة والجمال]
أخبرنا أبو عبد الله نفطويه (3) قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابى قال:
تقول العرب: الملاحة فى الفم، والحلاوة فى العينين، والجمال فى الأنف.
[باب فى العمامة والتعمم]
أخبرنا نفطويه عن ثعلب عن ابن الأعرابى قال:
يقال للعمامة: هى العمامة، والمشوذ (4)، والسّبّ (5)، والمقعطة (6)، والعصابة
__________
(1) مانع مبين: ظاهر المنع، وذلك حينما لا يجد ما يبذله. والنهنهة: الكف.
وانظر لهذا البيت الأمالى 3: 110.
(2) الضرائر، من نادر الجمع، مفرده ضرة. والضرتان: امرأتا الرجل.
(3) هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة. ترجمته فى ص 5.
(4) ومنه قول الوليد بن عقبة بن أبى معيط:
إذا ما شددت الرأس منى بمشوذ ... فغيك منى تغلب ابنة وائل
(5) ومنه قول المخبل السعدى:
وأشهد من عوف حلولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
(6) ط: «والمقطعة» تحريف. ويقال قعط عليه عمامته. قال:
* طهية مقعوط عليها العمائم *(2/109)
والعصاب، والتاج، والمكورة (1) والاقتعاط وهو أن يتعمّم الرجل ولا يحنّك.
وفى الحديث: «نهى عن الاقتعاط، وأمر بالتلحّى».
وذكر أيضا أنّه يقال: جاء الرجل متختّما أى متعمّما، وما أحسن تختّمه أى تعمّمه. وهذا حرف لم يذكره غير ابن الأعرابىّ (2).
[من مختار الشعر]
أنشدنا أبو بكر بن السرّاج (3) قال: أنشدنا أحمد بن أبى طاهر (4)
لنفسه:
حبيبى حبيب يكتم الناس أنّه ... لنا حين ترمينا العيون حبيب
يباعدنى فى الملتقى وفؤاده ... وإن هو أبدى لى البعاد قريب
ويعرض عنّى والهوى لى مقبل ... إذا خاف عينا أو أشار رقيب
فتخرس منّا ألسن حين نلتقى ... وتنطق منا أعين وقلوب
__________
(1) ويقال المكور أيضا كمنبر، والكوارة ككتابة كله من الكور وهو الإدارة والجمع.
(2) اللسان (ختم 55).
(3) هو أبو بكر محمد بن السرى البغدادى النحوى، كان من أقرب تلاميذ المبرد إليه، وكان شيخا لأبى سعيد السيرافى، وعلى بن عيسى الرمانى. وكانوا يقولون: مازال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله، إشارة إلى كتابه المشهور «الأصول». توفى سنة 316.
تاريخ بغداد 5: 319وبغية الوعاة 44.
(4) هو أبو الفضل أحمد بن أبى طاهر، واسم أبى طاهر طيفور، وهو مرور وذى الأصل، وكان أحد البلغاء الشعراء الرواة. ولد سنة 204مدخل المأمون بغداد من خراسان. وتوفى سنة 280. تاريخ بغداد 4: 212ومعجم الأدباء 3: 87وقد طبع كتابه تاريخ بغداد بعناية السيد عزت العطار سنة 1368بالقاهرة.(2/110)
أنشدنا أبو بكر القياسىّ لنفسه:
لئن كان الرقيب بلاء قوم ... لما عندى أجلّ من الرقيب (1)
حجاب الإلف أيسر من نواه ... وهجر الخلّ خير للأديب
ولا وأبيك ما عاينت شيئا ... أشدّ من الفراق على القلوب
أنشدنا علىّ بن سليمان قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد:
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عيش قد يضرّه (2)
تفنى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مرّه
وتخونه الأيّام ح ... تّى لا يرى شيئا يسرّه (3)
[خبر هدية الحجاج إلى الوليد]
أخبرنا على بن سليمان قال: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب عن الرياشىّ قال:
خبّرنى عبد القاهر بن السرىّ قال:
أصاب قتيبة بن مسلم قميصا منسوجا باللؤلؤ، فبعث به إلى الحجّاج بن يوسف، فبعث به الحجاج إلى الوليد ثم تتّبعته نفس الحجّاج فكتب إلى قتيبة:
أما بعد فإنّا كنا أنفذنا ما أنفذته إلينا إلى الوليد، وما أحسبك إلّا قد احتبست منه (4) قبلك لنسائك وبناتك، فآثرنا بما قبلك منه.
__________
(1) ط: «فما عندى، والوجه ما أثبت من م، ش. وقد عنى أنه لا يعانى من الرقيب وإنما يعانى بعد الحبيب.
(2) الأبيات للنابغة الذبيانى فى الشعر والشعراء 111110فى قصة. ورواية الشعراء: «ما يضره».
(3) بعده فى الشعراء:
كم شامت بى إن هلك ... ت وقائل: لله دره
(4) ط فقط: «مثله».(2/111)
فكتب إليه: «لأن آكل الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله، أحبّ إلىّ من أن أدّخر عنك علقا (1)».
فكتب إليه: «ذلك الظنّ بك».
[تفسير قتادة لآيتين من كتاب الله]
حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال: حدثنا إسحاق بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد (2)، عن شيبان عن قتادة (3) فى قول الله عزّ وجلّ:
{وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [4] قال:
ذكر لنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب ابن آدم خدش من عود، ولا عثرة رجل، ولا اختلاج عرق، إلّا بذنب. وما يعفو الله عنه أكثر».
حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا إسحاق بن محمد عن الحسين بن محمد،
__________
(1) العلق، بالكسر: النفيس من كل شىء.
(2) هو أبو أحمد الحسين بن محمد بن بهرام التميمى المروذى، روى عن إسرائيل وجرير وشيبان النحوى وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل وإبراهيم وإسحاق الحربيان وغيرهم. توفى سنة 213. تهذيب التهذيب 2: 367وتقريب التهذيب 114.
(3) هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسى البصرى الأعمى المفسر، وهو رأس الطبقة الرابعة التى روت عن كبار التابعين. ولد أكمه، وروى عن أنس وأبى سعيد الخدرى، والحسن وابن سيرين وغيرهم. وروى عنه أيوب وشعبة وسعيد بن أبى عروبة، وشيبان ابن عبد الرحمن النحوى وغيرهم. ولد سنة 61وتوفى سنة 117. تهذيب التهذيب 8: 351 356وتقريب التهذيب 423ونكت الهميان 230.
(4) الآية 30من سورة الشورى. و «بما كسبت أيديكم» هى قراءة نافع، وأبى جعفر فى رواية، وشيبة. فتقدر «ما» فى أول الآية موصولة. وقرأ الجمهور: «فيما كسبت أيديكم» بالفاء، على أن تكون «ما» فى أول الآية شرطية أو موصولة أجريت مجرى الشرط.
تفسير أبى حيان 7: 518.(2/112)
عن شيبان عن قتادة فى قول الله عز وجل: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً} [1] قال: هذا مثل ضربه الله عزّ وجلّ لمن نكث عهده. ويقول: لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه أما كنتم تقولون: ما أحمق هذه!
قال أبو القاسم: والذى يذهب إليه غير قتادة أنّهم نهوا عن الرجوع إلى الكفر بعد الإسلام، لئلّا يكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد إبرامه. وواحد الأنكاث نكث، وهو ما نقض من الأخبية والأكسية ليغزل ثانية ويعاد مع الجديد.
[تفسير بيت من الشعر]
أخبرنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد قال:
سألت أبا الفضل الرياشىّ عن معنى قول الشاعر (2):
الريح تبكى شجوها ... والبرق يلمع فى الغمامه
فقال: هو عندى كقولهم: «ويل للشّجىّ من الخليّ (3)». يعنى أنّ البرق يضحك والريح تبكى فضربه مثلا لنفسه.
__________
(1) الآية 92من سورة النحل.
(2) هو يزيد بن مفرغ، كما سبق فى ص 43.
(3) الشجى: ذو الشجو، وهو الهم والحزن. والخلى: الخالى البال لا شىء يهمه أو يحزنه. وزعم الميدانى فى بعض ما زعم أن الشجى زوج لا مرأة كانت فى زمن لقمان بن عاد، والخلى خليل كان لها، فى قصة أوردها عند المثل: «صغراهن شراهن». ثم أورد المثل فى باب الواو «ويل للشجى من الخلى». وانظر اللسان (شجا).
(8أمالى الزجاجى)(2/113)
قال: وغير الرياشى يذهب إلى أنّ الريح تبكى شجوها والبرق أيضا يبكى.
وجعل يلمع حالا، والتقدير: الريح تبكى شجوها والبرق لامعا فى الغمامة.
[من شعر أبى بكر الأصبهانى]
أنشدنا أبو بكر الأصبهانىّ لنفسه:
إلّا تكن فى الهوى أرويت من ظمأ ... ولا فككت من الأغلال مأسورا
لقد دللت على أنّ الهوى بدل ... من أجل ما كان مرجوّا ومحذورا
فحسب نفسى غنى علمى بموضعها ... من الهوى، وبأنّى كنت معذورا
فأين أذهب، لا بل ما أريد من ال ... أيّام أروى غليلى الإفك والزّورا
وأنت خال وقلبى ذا الذى ملكت ... هواه نفسك إكراها وتخييرا
ميلا إليها له من دون مألكة ... فلست أنساه موصولا ومهجورا (1)
أنّى، وغلّة نفسى فيك قائمة ... لم تلق مذ ألفتك النفس تغييرا (2)
لم يهوك القلب إذ أظهرت أنت له ... برّا فيسلاك إذ أظهرت تقصيرا
ولم يكن باختيار لى فأتركه ... ولا اضطرارا أتاه القلب مقهورا
لكنّه من أمور الله ممتنع ... فى الوصف، قدّره الرحمن تقديرا
لن يضبط العقل إلّا من يدبّره ... ولن ترى للهوى فى العقل تدبيرا
كن محسنا أو مسيئا وابق لى أبدا ... تكن لدىّ على الحالين مشكورا
__________
(1) المألكة: الرسالة. أى ميلا من قلبى إلى نفسك. فلست أنساه، أى لست أنسى قلبى.
(2) أنى، أى كيف. وانظر البيت الرابع. والغلة: شدة الظمأ ومرارته. عنى الشوق وحرارة الحب.(2/114)
وأنشدنا لنفسه فى مثل هذا:
فإن تكن القلوب إذا تجازى ... وتسلك فى الهوى سننا سويا (1)
فما لى أهون الثّقلين جمعا ... عليك، وأنت أكرمهم عليّا (2)
عمرت سنين أستخفى التّصابى ... ولا أرضى من الوصل الرضيّا (3)
فلم تقلع صروف الدّهر حتّى ... خسست عن ان أحيّي أو أحيّا
تبغّض ما استطعت وعش سليما ... فأنت أحبّ مخلوق إليّا
[مما قيل فى الوجد]
أنشدنا أبو إسحاق الزجاج قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد:
يأيّها الراكب الغادى لطيّته ... عرّج أنبئك عن بعض الذى أجد (4)
ما عالج الناس من وجد ألمّ بهم ... إلّا وجدت به فوق الذى وجدوا (5)
حسبى رضاه وأنّى فى محبته ... وودّه آخر الأيام أجتهد
[لعبد الله بن طاهر]
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدى، قال: أخبرنى عمّى الفضل
__________
(1) تجازى: تتجازى، بحذف إحدى التاءين. والسنن: الطريق. والسوى: المستوى.
(2) الثقلان: الإنس والجن.
(3) عمرت سنين: عشتها. ط، ش: «عمدت»، تحريف.
(4) يقال مضى لطيته، أى لوجهه الذى يريده ولنيته التى انتواها. وعرج تعريجا:
وقف وتحبس.
(5) يقال: وجد بها يجد وجدا، إذا كان يهواها ويحبها حبا شديدا.(2/115)
ابن محمد قال: أنشدنى سليمان بن عبد الله بن طاهر لأبيه (1):
إلّا إنّما الإنسان غمد لقلبه ... ولا خير فى غمد إذا لم يكن نصل
فإن كان للإنسان قلب فقلبه ... هو النّصل والإنسان من بعده فضل
[حديث مروان بن الحكم مع الأعرابى]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنى عبد الرحمن بن أخى الأصمعى عن عمه قال:
وقف أعرابىّ على مروان بن الحكم وهو يفرض للناس بالمدينة، فقال له: افرض لى. فقال: طوينا الكتاب. فقال: أما علمت أنّى القائل:
إذا هزّ الكريم يزيد خيرا ... وإن هزّ اللئيم فلا يزيد
فقال مروان: نشدتك الله (2)، أنت القائل له؟ فقال: نعم. فقال:
افرضوا له.
__________
(1) هو أبو العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين، أحد ولاة المأمون، وكان عبد الله أديبا ظريفا جيد الغناء، نسب إليه صاحب الأغانى أصواتا كثيرة، وهو القائل:
نحن قوم تذيبنا الأعين النج ... ل على أننا نلين الحديدا
وكان عبد الله قد تولى الشام مدة والديار المصرية مدة، وفيه يقول بعضهم:
يقول أناس إن مصرا بعيدة ... وما بعدت مصر وفيها ابن طاهر
ويذكرون أن البطيخ العبدلاوى منسوب إليه. توفى عبد الله سنة 228. الأغانى 11: 11وتاريخ بغداد 9: 483ووفيات الأعيان 1: 260.
(2) نشدتك الله: استحلفتك به. ط، ش: «أنشدتك»، وصححها الشنقيطى يحذف الألف، كما وردت على هذا الصواب فى م.(2/116)
[تطير الأصمعى من عبد الرحمن ابن أخيه ومداعبته له]
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنى عبد الرحمن ابن أخى الأصمعىّ قال:
كان عمى يتطيّر منى ويتشاءم بى، وكانت الضّرورة تدفعنى إلى لقائه للقراءة عليه، فكنت لا آتيه حتّى يفرغ من صلاته، فباكرته يوما وهو يصلّى الغداة، فجلست حتّى فرغ من صلاته، ثم التفت إلىّ فقال: عبد الرحمن، عوذا بالله منك! ثم أدار وجهه إلى ناحية اليمين فقمت فجلست بحذائه، فأدار وجهه إلى ناحية يساره، فقمت فجلست بحذائه، فأدار وجهه عنّى (1) وجعل إلىّ قفاه فقمت فجلست بحذائه، فقال: هات يا ملعون ما معك فاقرأه. ثم أنشأ يقول:
نظر العين إلى ذا ... يكحل العين بداء
ربّ قد أعطيتناه ... وهو من شرّ عطاء
عاريا يا ربّ خذه ... فى قميص ورداء
[مجلس أبى حاتم السجستانى مع التوزى]
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: أخبرنى أبى قال: حدثنى أبو حاتم سهل بن محمد السّجستانى (2) قال:
كنت عند الأخفش سعيد بن مسعدة وعند التوّزىّ (3) فقال لى التوّزىّ:
__________
(1) ط فقط: «عندى».
(2) انظر هذا المجلس فى مجالس العلماء للزجاجى 50والأشباه والنظائر للسيوطى 3: 22.
(3) منسوب إلى توز، إحدى مدن فارس. واسمه عبد الله بن محمد بن هارون. قرأ على سيبويه والأصمعى، وأكثر الرواية عن أبى عبيدة. بغية الوعاة 290.(2/117)
ما صنعت فى «كتاب المذكر والمؤنّث» يا أبا حاتم؟ قلت: قد جمعت منه شيئا. قال: فما تقول فى الفردوس؟ قلت: هو مذكّر. قال: فإنّ الله عزّ وجل يقول: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ} [1]. قلت: ذهب إلى معنى الجنّة فأنّثه، كما قال عزّ وجلّ: {مَنْ جََاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثََالِهََا} [2]، فأنّث والمثل مذكّر لأنّه ذهب إلى معنى الحسنات، وكما قال عمر بن أبى ربيعة:
فكان مجنىّ دون من كنت أتّقى ... ثلاث شخوص: كاعبان ومعصر (3)
فأنّث والشّخص مذكّر لأنّه ذهب إلى معنى النساء، وأبان ذلك بقوله:
كاعبان ومعصر، كما قال الآخر (4):
وإنّ كلابا هذه عشر أبطن ... وأنت برىء من قبائلها العشر
فأنّث والبطن مذكّر لأنّه ذهب إلى القبيلة. فقال لى: يا غافل، الناس يقولون: نسألك الفردوس الأعلى فقلت: يا نائم، هذا حجّتى لأنّ الأعلى من صفات الذّكران، لأنّه أفعل، ولو كان مؤنثا لقال العليا، كما تقول الأكبر والكبرى، والأصغر والصغرى.
فسكت خجلا.
__________
(1) الآية 11من سورة المؤمنين.
(2) الآية 160من سورة الأنعام.
(3) ديوان عمر 92والكامل 384والإنصاف 455والعينى 4: 483والخزانة 3: 312. والمجن: الترس يتقى به. عنى أنه اتخذ هؤلاء النسوة سترا يتخفى به من الرقباء.
والكاعب: الفتاة كعب ثديها ونهد. والمعصر: الجارية أول ما أدركت.
(4) هو النواح، رجل من بنى كلاب، كما فى العينى 4: 484، وهو بدون نسبة فى الكامل 384والخزانة 3: 312والإنصاف 454. وهو مع قصة تروى عن الخليل ابن أحمد، فى عيون الأخبار 2: 158.(2/118)
[أبيات للعرجى]
أنشدنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب للعرجىّ (1):
لقد أرسلت ليلى رسولا بأن أقم ... ولا تقربنّا فالتجنّب أمثل (2)
لعلّ العيون الرامقات لودّنا ... تكذّب عنّا أو تنام فتغفل (3)
أناس أمنّاهم فنمّوا حديثنا ... فلمّا كتمنا السّرّ عنهم تقوّلوا
فما حفظوا العهد الذى كان بيننا ... ولا حين همّوا بالقطيعة أجملوا
فقلت وقد ضاقت بلادى برحبها ... علىّ بما قد قيل، فالعين تهمل (4)
سأجتنب الدّار التى أنتم بها ... ولكنّ طرفى نحوها سوف يعمل (5)
ألم تعلمى أنّى، وهل ذاك نافعى ... لديك، وما أخفى من الودّ أفضل
__________
(1) نسبة إلى موضع قبل الطائف يقال له العرج. وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبى العاصى بن أمية. قال ابن قتيبة: «وهو أشعر بنى أمية»، وكان مع غزله الذى ينحو فيه منحى ابن أبى ربيعة من الفرسان المعدودين مع مسلمة بن عبد الملك.
مات فى حبس محمد بن هشام المخزومى خال هشام بن عبد الملك، فى زمان الدولة الأموية.
الشعراء 556والأغانى 1: 147واللآلىء 422ومعجم البلدان 6: 141والخزانة 1: 47ومعاهد التنصيص 2: 55وجمهرة أنساب العرب 84.
(2) يقال: هذا أمثل من ذاك، أى أولى منه وأصوب وأصله من المثول، وهو القيام والنهوض.
(3) رمقه يرمقه رمقا: نظر إليه.
(4) الرحب، بالضم: السعة. وهملت العين: فاضت وسال دمعها.
(5) ش فقط: «النار»، وهو نتيجة لسوء قراءة م إذ الدال توشك أن تتصل بالألف بعدها وتعمل، من قولهم: أعملت الناقة، إذا حثثتها وسقتها. وفى الحديث:
«لا تعمل المطى إلا لثلاثة مساجد». وقد عنى إدمان النظر.(2/119)
أرى مستقيم الطّرف ما الطّرف أمّكم ... وإن أمّ طرفى غيركم فهو أحول (1)
[مما قيل فى الاستعلاء على الأمراء]
أنشدنا أبو الحسن بن كيسان النحوىّ قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
لما رأيت أميرنا متجهّما ... ودّعت عرصة داره بسلام (2)
ورفضت صفحته التى لم أرضها ... وأزلت عن رتب الدّناة مقامى (3)
ووجدت آبائى الذين تقدّموا ... سنّوا الإباء على الملوك أمامى
[أبيات لأبى عروس]
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنا أبو عروس (4) لنفسه:
قد أتيناك وإن كن ... ت بنا غير حقيق
وتوخّيناك بال ... برّ على بعد الطّريق
كلما جئناك قالوا ... نائم غير مفيق
__________
(1) أى لم تعلمى أنى أرى مستقيم الطرف ما أمكم طرفى وقصد بالنظر إليكم، وأما إن حاولت النظر إلى غيركم فإن بصرى يعود كأنه أحول.
(2) البيت الأول والأخير فى مجموعة المعانى 53. والتجهم: أن يلقاه بالغلظة والوجه الكريه. وعرصة الدار: ساحتها.
(3) صفحته، عنى صفحة وجهه المتجهم. والدناة: جمع دنى، وهو الخسيس الذى لا غناء عنده. ولم أجد هذا الجمع ولا هو منقاس فى دنى، إلا أن يكون جمع دانئ بعد تسهيله، وفى اللسان: «اللحيانى: رجل دنىء ودانئ، وهو الخبيث البطن والفرج، الماجن».
(4) لم أعثر له على ترجمة. لكن فى طبقات الشعراء لابن المعتز 419ومعجم المرزبانى 439من يدعى «محمد بن عروس». وفى فوات الوفيات 2: 194ومعجم المرزبانى 440 من يدعى «محمد بن محمد بن عروس».(2/120)
لا أنام الله عيني ... ك وإن كنت صديقى
[القول فى الدخان والعثان وأشباههما]
أخبرنا أبو بكر محمد بن محمود الواسطى قال: أخبرنا أبو بكر الأشناندانىّ، عن أحمد بن صالح، عن عبد الرازق، عن معمر قال:
سألت أبا عمرو بن العلاء عن العثان ما هو؟ فسكت ساعة ثم قال: هو الدّخان من غير نار.
قال أبو القاسم: يقال هو الدّخان وجمعه دواخن، والعثان وجمعه عواثن، ولا يعرف لهما نظير فى الجموع لأنّ فعالا لا يجمع على فواعل، غير هذين.
ويقال للدّخان: الدّخّ، والدّخّ، والنّحاس. وأنشد ابن الأعرابىّ:
تضىء كمثل سراج السّلي ... ط لم يجعل الله فيه نحاسا (1)
وأنشد أيضا:
لا خير فى الشّيخ إذا ما اجلخّا ... وسال غرب دمعه فلخّا (2)
وكان أكلا كلّه وشخّا ... تحت رواق البيت يغشى الدّخّا
قال أبو القاسم: اجلخّ: اعوجّ. ولخّ يقول: التصقت عينه. وشخّا، كثر غائطه. ويغشى الدّخّا، يقول: يغشى التّنّوّر فيقول: أطعمونى.
__________
(1) البيت للنابغة الجعدى، كما فى اللسان (سلط، نحس) والشعراء 255والكامل 324والخزانة 3872. والسليط: الزيت.
(2) الشطر وسابقه فى اللسان 3: 489، 491، 4: 19والأشطار الأربعة فى مجالس ثعلب 451والخزانة 3: 104. وقد نقل البغدادى نسبه الرجز إلى العجاج، وليس فى ديوانه. وانظر أشطارا أخرى من هذا الرجز فى اللسان 3: 470، 4: 8وليس فى كلام العرب 30.(2/121)
[كلام بعض الأعراب وتفسيره]
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم السجستانى عن الأصمعىّ قال:
قلت لبعض الأعراب: أىّ الأيّام أقرّ؟ قال: «الأحصّ الورد، والأزبّ الهلّوف». قلت: فسّره لى. قال: الأحصّ الورد هو يوم تصفو سماؤه، ويحمرّ جوّه، وتطلع شمسه، فلا ينفكّ من برده لأنّك لا تجد لها مسّا. والأزبّ الهلّوف: يوم تهبّ فيه نكباؤه تسوق الجهام.
قال أبو القاسم: أصل الحصص قلّة الشّعر، فكأنّه لما لم يكن فيه غيم شبّهه بالأحصّ الرأس. والهلّوف: الجمل الكثير الوبر يقال: لحية هلّوفة، إذا كانت كثيرة الشّعر. فشبّهه للغيم الذى فيه بهذا. والجهام: سحاب لا ماء فيه.
[شيبان وملحان وأشباههما]
حدثنا أبو عبد الله نفطويه قال: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: أخبرنى ابن نجدة، عن أبى زيد الأنصارى قال:
تقول العرب لشهرى البرد: شيبان وملحان (1) لما يرى فيهما من بياض الثّلج والصّقيع (2). فاشتقاق شيبان من الشّيب، وملحان من الملح. ويقال لهما
__________
(1) يقال كل منهما بفتح أوله وكسره. وفى اللسان: «وهما اللذان يقول من لا يعرفها كانون وكانون».
(2) الصقيع: ما يسقط من السماء ليلا شبيها بالثلج.(2/122)
أيضا: شهرا قماح (1) لأنّ الماء فيهما متكرّه مهجور أخذ من مقامحة الإبل، وذلك أن تورد الماء فلا تشرب، وترفع رءوسها. قال بشر بن أبى خازم يصف سفينة كان فيها هو وأصحابه:
ونحن على جوانبها قعود ... نغضّ الطّرف كالإبل القماح (2)
ويزعم العلماء بالأنواء أنّ مدة هذين الشّهرين من لدن سقوط الثريا وطلوع الإكليل، إلى سقوط الطّرف (3) وطلوع سعد بلع وتلك خمسة أنواء.
قال: وتسمّى العرب ضدّى هذين الشهرين فى الحرّ واشتداده: أيام ناجر مأخوذ من النّجر، وهو شدّة العطش. قال ذو الرّمّة، وهو يصف ماء.
ورده:
صرى آجن يزوى له المرء وجهه ... ولو ذاقه ظمآن فى شهر ناجر (4)
ومنّاهما بالخمس والخمس بعده ... وبالحلّ والتّرحال أيام ناجر (5)
أعاد القافية مرتين لأنّه واطأ فى شعره، والعرب تسمّى هذا الإيطاء.
__________
(1) بكسر القاف وضمها.
(2) ديوان بشر ص 48واللسان (قمح) وديوان المعانى 2: 12والأزمنة والأمكنة للمرزوقى 1: 175. قال المرزوقى: «والإبل إذا رفعت رءوسها عن الماء غضت أبصارها».
(3) ط: «الطرفة» تحريف، صوابه فى م، ش. وانظر اللسان (طرف)، والأزمنة والأمكنة للمرزوقى 1: 191، 318. وفى أنوائهم أيضا: «الصرفة» بالصاد المهملة. انظر اللسان (صرف) والأزمنة والأمكنة 1: 191، 318.
(4) ديوان ذى الرمة 288واللسان (صرى، نجر) والأزمنة والأمكنة 1: 176.
والصرى: الذى طال مكثه وتغير. والآجن: المتغير اللون والطعم. ورقم هذا البيت فى القصيدة هو 26.
(5) الخمس، بالكسر: أن ترد الإبل الماء يوما وتمنع ثلاثا ثم ترد فى الخامس. والحل بالفتح: الحلول والنزول، مقابل الترحال. قال المثقب:(2/123)
[من شعر عبد الله بن المعتز بالله]
أنشدنا أبو بكر الصّولى قال: أنشدنى عبد الله بن المعتزّ بالله لنفسه:
وليل يودّ المصطلون بناره ... لو انهم حتّى الصّباح وقودها (1)
رفعت به نارى لمن يبتغى القرى ... على شرف حتّى أتتنى وفودها (2)
[من صفة البرد]
أنشدنا أبو بكر الصّولىّ أيضا قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب، قال:
أنشدنى ابن الأعرابى:
ليلك يا وقّاد ليل قرّ ... والريح مع ذلك فيها صرّ (3)
أوقد يرى نارك من يمرّ ... إن جلبت ضيفا فأنت حرّ
أنشدنا أبو غانم المعنوىّ:
يوم من الزّمهرير مقرور ... عليه جيب السّحاب مزرور (4)
__________
أكل الدهر حل وارتحال ... أما تبقى على ولا تقينى
وفى إنشاد هذا البيت خطأ، لأن بينه وبين تاليه فى الديوان 42بيتا ورقمه فى القصيدة 68. وصواب إنشاده: «منناهما بالخمس» وفى شرح الديوان: «منناهما: أذهبنا منتهما.
والمنة: القوة». وهو فى صفة قلوصين مذكورين فى بيت قبله، وهو:
قلوصين عوجاوين بلى عليهما ... هواء السرى ثم اقتراح الهواجر
(1) البيت فى ديوان ابن المعتز ص 24من أبيات لم يرد فيها البيت الثانى.
(2) الشرف: المكان العالى. وفودها: وفود النار التى تقصد إليها طلبا للقرى.
(3) القر، بالفتح: البارد. والصر، بالكسر: شدة البرد. والرجز لحاتم الطائى فى العقد 1: 287ونهاية الأرب 3: 208
(4) مقرور: ذوقر وبرد. والجيب: جيب القميص والدرع حيث تكون الأزرار.(2/124)
وشمسه حرّة مخدّرة ... ليس لها من ضبابه نور
كأنّما الجوّ حشوه إبر ... والأرض من تحته قوارير (1)
[أبيات لابن الدمينة]
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنى أبو العباس أحمد بن يحيى، لابن الدّمينة:
أقول وقد أجدّ رحيل صحبى ... لحادىّ اهديا هديا جميلا (2)
ألمّا قبل بينكما بسلمى ... فقولا: أنت ضامنة قتيلا (3)
رجا منك النّوال فلم تنيلى ... وقد أورثته سقما طويلا
فإن وصلتكما سلمى فإنّا ... نرى فى الحقّ أن تصل الوصولا
وإن آنستما بخلا فلسنا ... بأوّل من رجا حرجا بخيلا (4)
[أبيات لبعض الأعراب]
أنشدنا أعرابى ببادية الجزيرة:
أيا ربّ أنت المستعان على النّوى ... لعزّة قد أودى بجسمى حذارها
أسائل عنها أهل مكّة كلّهم ... بحيث التقى حجّاجها وتجارها
__________
(1) إبر، كناية عن لذع البرد. والقوارير: جمع قارورة، وهى ماقر فيه الشراب من الزجاج، جعل الأرض كالقوارير مما علاها من الثلج.
(2) الأبيات مما لم يرو فى صلب ديوانه، وهى فى ملحقاته ص 180. وأوردها محمد بن داود فى الزهرة 113منسوبة لابن أبى أمية. وأراد لحاديى، فحذف الياء.
(3) ضمن القتيل: تكفل بديته.
(4) الحرج، بكسر الراء وفتحها: الضيق البخيل لا ينشرح لخير. وقد ضبطت فى م، ش بكسر الراء فقط.(2/125)
عسى خبر منها يصادف رفقة ... محلّقة أو حيث ترمى جمارها (1)
ومعتمر فى ركب عزّة لم تكن ... له حاجة فى الحجّ لولا اعتمارها
لئن عزفت نفسى عن البعد عنكم ... لبعد أشدّ الوجد كان اصطبارها
[أبيات لبعض الظرفاء]
أنشدنا الأخفش لبعض الظّرفاء:
زعم الرّسول بأننى جمّشته ... كذب الرّسول، وفالق الأصباح (2)
إن كنت جمّشت الرّسول فصافحت ... كفّى أنامل قابض الأرواح
شغلى بحبّك عن سواك، وليس لى ... قلبان مشغول وآخر صاح
قلبى الذى لم يبق فيه هواكم ... فضلا لتجميش ولا لمزاح
[قصيدة نويفع بن نفيع الفقعسى]
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنى أحمد بن يحيى ثعلب، لنويفع بن نفيع الفقعسى (3):
__________
(1) محلقة، من التحليق، وهو حلق الشعر، يعنى الذين قد حلقوا رءوسهم فى الحج أو العمرة. ورمى الجمار: منسك من مناسك الحج.
(2) التجميش: المغازلة، من الجمش، وهو الكلام الخفى.
(3) القصيدة بتمامها نقلا عن الزجاجى فى اللسان (مرط). والأبيات من 1916 بدون نسبة فى البيان 3: 82والأبيات 16، 17، 19فى ملحقات ديوان لبيد ص 49.
وقال ابن برى تعليقا على البيت 19 «مرط القذاذ»: هو لنافع بن نفيع الفقعسى، وقيل لنافع بن لقيط الأسدى، وأنشده أبو القاسم الزجاجى عن أبى الحسن الأخفش عن ثعلب لنويفع بن نفيع الفقعسى.(2/126)
بانت لطيّتها الغداة جنوب ... وطربت، إنّك ما علمت طروب (1)
ولقد تجاورنا وتهجر بيتنا ... حتّى نفارق أو يقال مريب (2)
وزيارة البيت الذى لا يبتغى ... فيه سواء حديثهنّ معيب (3)
ولقد يميل بى الشّباب إلى الصّبا ... حينا فيحكم رأيى التّجريب (4)
ولقد توسّدنى الفتاة يمينها ... وشمالها البهنانة الرّعبوب (5)
نفج الحقيبة، لا ترى لكعوبها ... حدّا وليس لساقها ظنبوب (6)
عظمت روادفها وأكمل خلقها ... والوالدان نجيبة ونجيب
لمّا أحلّ الشّيب بى أثقاله ... وعلمت أنّ شبابى المسلوب
قالت: كبرت، وكلّ صاحب لذّة ... لبلي يعود، وذلك التّتبيب (7)
هل لى من الكبر المبير طبيب ... فأعود غرّا والزمان عجيب (8)
ذهبت لداتى والشباب، فليس لى ... فيمن ترين من الأنام ضريب (9)
__________
(1) الطية: المنزل الذى ينتوى، ويقال أيضا: مضى لطيته أى لوجهه وقصده. والطرب:
خفة تعترى عند شدة الفرح أو الحزن والهم.
(2) فى اللسان: «حتى تفارق».
(3) يبتغى: يطلب. وفى اللسان: «تبغى». وسواء حديثهن، أى غيره، كما فى قول الأعشى:
تجانف عن جو اليمامة ناقتى ... وما عدلت عن أهلها لسوائكا
(4) أحكمه: جعله حكيما وثيقا.
(5) البهنانة: الطيبة النفس والريح، الحسنة الخلق. والرعبوب: البيضاء الحسنة الحلوة الرطبة. ويقال لها رعبوبة أيضا.
(6) نفج الحقيبة: ضخمة الأرداف. وفى قول النابغة:
* نفج الحقيبة بضة المتجرد *
والظنبوب: حرف العظم اليابس من الساق.
(7) التتبيب: النقص والخسار. وفى التنزيل العزيز: «وما زادوهم غير تتبيب».
(8) أباره: أهلكه، من البوار.
(9) اللدات: جمع لدة، وهو الترب الذى ولد معك.(2/127)
وإذا السّنون دأبن فى طلب الفتى ... لحق السّنون وأدرك المطلوب
[فاذهب إليك فليس يعلم عالم ... من أين يجمع حظّه المكتوب (1)]
يسعى الفتى لينال أفضل سعيه ... هيهات ذاك، ودون ذاك خطوب
يسعى ويأمل والمنية خلفه ... توفى الإكام، لها عليه رقيب (2)
لا الموت محتقر الصغير فعادل ... عنه، ولا كبر الكبير مهيب (3)
ولئن كبرت لقد عمرت كأنّنى ... غصن تفيّئه الرياح رطيب (4)
فكذاك حقّا من يعمّر يبله ... كرّ الزّمان عليه والتقليب
حتّى يعود من البلى وكأنه ... فى الكفّ أفوق ناصل معصوب (5)
مرط القذاذ فليس فيه مصنع ... لا الرّيش ينفعه ولا التّعقيب (6)
ذهبت شعوب بأهله وبماله ... إنّ المنايا للرّجال شعوب (7)
والمرء من ريب الزّمان كأنّه ... عود تداوله الرّعاء ركوب (8)
__________
(1) التكملة من اللسان (مرط) حيث صرح بنقله عن الزجاجى.
(2) توفى الإكام، أى توفى عليها، فحذف الجار. والإيفاء: الإشراف. والإكام:
جمع أكم، وهذه جمع أكمة، وهى الموضع الأشد ارتفاعا مما حوله.
(3) عدل عنه: حاد وانصرف.
(4) تفيئه الرياح: تحركه وتميله يمينا وشمالا.
(5) الأفوق: السهم المنكسر الفوق، والفوق، بالضم: مشق رأس السهم حيث يقع الوتر. والناصل: الذى لا نصل له. والمعصوب: المشدود بما يلأمه.
(6) المرط: الذى لا ريش عليه. والقذاذ: جمع قذة، وهى ريشة السهم. ويقال:
ليس فيه مصنع، أى ما فيه مستملح. والتعقيب: أن ينكسر فيشده بالعقب. والعقب، بالتحريك: العصب الذى تعمل منه الأوتار، وهو عصب المتنين والساقين والوظيفين، ينقى من اللحم ويسوى منه الوتر. وضبط فى نسخة قديمة من البيان: «الريش» بفتح الراء، من راش السهم يريشه.
(7) شعوب: علم للمنية والموت. والشعوب: المفرقة.
(8) العود، بالفتح: الجمل المسن وفيه بقية. تداوله الرعاء، أى تعاقبوا عليه. ويصح أن تقرأ «تداوله» أى تتداوله، بحذف إحدى التاءين. والركوب: التى تركب.(2/128)
غرض لكلّ ملمّة يرمى بها ... حتّى يصاب سواده المنصوب (1)
[باب ما جاء على فعال]
أملى أبو القاسم الزّجّاجىّ رحمه الله علينا قال:
لم يجئ فى كلام العرب من الجموع على فعال إلّا ستة أحرف (2)، من ذلك قولهم: ظئر وظؤار (3)، وعنز ربّى وأعنز رباب: حديثة النّتاج، وتوءم وتؤام، وعرق وعراق (4)، ورخل ورخال (5)، وفرير وفرار: لولد البقرة.
[باب ما جاء مثنى ولم ينطق له بواحد]
وقال أيضا رحمه الله:
ومما جاء مثنّى ولم ينطق له بواحد قولهم: «جاء يضرب أصدريه»، إذا جاء فارغا. وكذلك: «جاء يضرب أزدريه (6)». ويقال للرجل إذا تهدّد
__________
(1) الغرض: الهدف الذى ينصب فيرمى فيه. وسواد الإنسان: شخصه.
(2) عدها ابن خالويه فى كتابه ليس فى كلام العرب 66نحو عشرة أحرف، وهى تسعة فى التحقيق: عراق، ورخال، ورباب، وتؤام، وفرار، وهذه قد ذكرت هنا، وزاد عليها نذال: جمع نذل، ورذال جمع رذل، وثناء جمع ثنى، وبساط: جمع ناقة بسط بالضم: إذا كانت غزيرة اللبن، فكلها تسعة. ومما يستدرك عليها: عرام: جمع عرم، وجمال جمع جمالة كثمامة، وهى الطائفة من الجمال، ورجال: جمع رجل للذى ليس له ظهر يركبه وقرئ منه: «يأتوك رجالا». ورقاق: جمع رقاقة.
(3) الظئر: العاطفة على غير ولدها المرضعة له من الناس والإبل.
(4) العرق، بالفتح: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم.
(5) الرخل: الأنثى من أولاد الضأن والذكر حمل.
(6) الأزدران: لغة فى الأصدرين، ويقال «أسدريه» أيضا، إبدال كذلك.
والأصدران: العطفان، أو المنكبان.
(9أمالى الزجاجى)(2/129)
وليس وراءه شىء: «جاء ينفض مذرويه (1)». وقد يقال له أيضا مثل ذلك إذا جاء فارغا لا شىء معه.
ويقال: الشىء حوالينا، بلفظ التثنية لا غير (2)، ولم يفرد له واحد إلّا فى شعر شاذّ. أنشدوا:
أهدموا بيتك لا أبالكا ... وزعموا أنّك لا أخالكا (3)
وأنا أمشى الدّألى حوالكا (4)
ومن ذلك: دواليك، والمعنى مداولة بعد مداولة. ولا يفرد له واحد.
قال عبد بنى الحسحاس (5):
كأنّ الصّبيريّات يوم لقيننا ... ظباء أعارت طرفها للمكانس (6)
__________
(1) المذروان: فرعا المنكبين، وطرفا كل شىء.
(2) كذا يقول. ويقال أيضا حوليه مثنى حول، وحواله بفتح الحاء والواو، وأحواله.
وفى قول امرئ القيس:
* ألست ترى السمار والناس أحوالى *
(3) قال المبرد فى الكامل 347: «حدثنى أبو عمر الجرمى قال: سألت أبا عبيدة عن قول الراجز:
أهدموا بيتك لا أبالكا ... وأنا أمشى الدألى حوالكا
فقلت: لمن هذا الشعر؟ فقال: هذا يقوله الضب للحسل أيام كانت الأشياء تتكلم»، وفى الحيوان 6: 128أنه من قول الضب لصاحبه.
(4) الدألى: مشية تشبه مشية الذئب. وانظر اللسان (حول، دأل) وسيبويه 1: 176 والمقصور والممدود ص 40وشرح شواهد المغنى 128.
(5) سبقت ترجمته فى ص 76.
(6) قال أبو عبيدة: جالس سحيم عبد بنى الحسحاس وقد أدرك الجاهلية، وكان شديد السواد نسوة من بنى صبير بن يربوع، وكان من شأنهم إذا جلسوا للغزل أن يتعابثوا بشق الثياب وشدة المعالجة على إبداء المحاسن، فقال سحيم وأنشد هذا الشعر. انظر مقدمة ديوانه. ولصبير بن يربوع بن حنظلة جمهرة أنساب العرب 224، 225والاشتقاق 221، 227. أعارت طرفها: وجهت أنظارها. ونحوه قول عمر:(2/130)
وهنّ بنات القوم إن يشعروا بنا ... يكنّ بنات القوم إحدى الدّهارس (1)
فكم قد شققنا من رداء منيّر ... ومن برقع عن طفلة غير عانس (2)
إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله ... دواليك حتّى كلّنا غير لابس (3)
ومن ذلك: حنانيك، ومعناه تحنّن بعد تحنّن ولا يستعمل إلّا منصوبا مضافا بلفظ التثنية لأنه مصدر، وقد أفرد واستعمل ممكّنا (4). أنشد سيبويه (5):
قالت: حنان ما أتى بك هاهنا ... أذو زوجة أم أنت بالحىّ عارف (6)
__________
* إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا *
المكانس: جمع مكنس، وهو كناس الظبى، الشجر يستكن فيه ويستتر. والأبيات فى الخزانة 1: 271والعينى 3: 401والأغانى 20: 4وابن أبى الحديد 4: 441 وصبح الأعشى 1: 407.
(1) الدهارس: جمع دهرس: بفتح الدال والراء وكسرهما وضمهما وهى الداهية.
وجعله فى شرح الديوان من رواية نفطويه جمع دهرسة بالضبط الذى ذكرت، مع إضافة الهاء فى جميعها ورواية الديوان والخزانة: «يكن فى بنات القوم».
(2) ش: «شقق» تحريف. والرداء: المنير الذى له نير، بالكسر، وهو علم الثوب. والبرقع: قناع الوجه. والطفلة، بفتح الطاء: الناعمة. وبكسرها: الصغيرة.
ويقال عنست الجارية تعنس عنوسا وعناسا، إذا طال مكثها فى منزل أهلها ولم تتزوج. وشق الثياب، سبقت الإشارة إليه فى أول الأبيات. وفسره بعضهم بأن العرب يزعمون أن المتحابين إذا شق كل واحد منهما ثوب صاحبه دامت مودتهما ولم تفسد.
(3) البرد: الثوب من أى شىء كان، وقال أبو حاتم: لا يقال له برد حتى يكون فيه وشى، فإن كان من صوف فهو بردة. ورواه العينى كصاحب الصحاح: «حتى ليس للبرد لابس». وكذا أنشده سيبويه فى كتابه 1: 75. وهو خطأ، لأن القوافى مجرورة. وفى الصحاح (هذذ): «هذا ذيك» موضع «دواليك». وليس بشىء.
(4) ط: «متمكنا»، وهو تصرف من الناشر، فإنه فى م، ش: «ممكنا».
(5) فى كتابه 1: 161. كما أنشد صدره فى 1: 175.
(6) البيت من أبيات للمنذر بن درهم الكلبى فى الخزانة 1: 277ومعجم البلدان 4: 323.(2/131)
تقديره: أمرنا حنان، فرفعه بالابتداء والخبر، ومعنى الحنان الرحمة والتعطّف.
ومن ذلك: هذاذيك، إنّما يريد هذّا بعد هذّ. والهذّ: القطع، واحده مستعمل. أنشد سيبويه:
* ضربا هذا ذيك وطعنا وخضا (1) *
ومن ذلك: لبّيك وسعديك، إنّما يستعمل هكذا فى لفظ التثنية. قال سيبويه (2): سألت الخليل عن اشتقاقه ومعناه فقال: لبيك من الإلباب يقال:
ألبّ الرجل بالمكان إلبابا، إذا أقام به. فإذا قال لبّيك فكأنه قال: أنا مقيم عند أمرك. وسعديك مأخوذ من الإسعاد، والإسعاد والمساعدة سواء.
فإذا قال لله عز وجل لبّيك وسعديك فى التلبية فكأنه قال: أنا مقيم عند أمرك ومتابع له. فقد تقرّب منه بهواه لا ببدنه. هذا قول الخليل رحمه الله وتفسيره.
[لأبى القمقام الأسدى]
أنشدنا الأخفش لأبى القمقام الأسدىّ (3):
__________
(1) للعجاج فى ديوانه 3635من أرجوزة يمدح فيها الحجاج ويذكر أصحاب ابن الأشعث. وبعض أشطارها فى الخزانة 1: 275274والأغانى 21: 57والأمالى 1: 193واللآلى 74، 467. وأنشده سيبويه 1: 275وصاحب اللسان (هذذ) بدون نسبة. والوخض: مصدر وخضه، بمعنى طعنه من غير أن ينفذ من جوفه.
(2) انظر سيبويه 1: 177. وليس فيه إشارة إلى سؤال الخليل.
(3) أبو القمقام الأسدى، أحد الشعراء الرواة، وهو كذلك أحد النوكى كما يظهر من تتبع المواضع النادرة التى ورد ذكره فيها. وانظر اللالىء وحواشيها 386، 838والبيان 4: 18والإمتاع والمؤانسة 3: 69.(2/132)
عفيراء كم من ميتة قد أذقتنى ... وحزن ألجّ العين فى الهملان (1)
بلينا بهجران ولم أر مثلنا ... من النّاس إنسانين يهتجران
أشدّ مكافاة وأبعد من قلى ... وأكثر حبّا حين يكتنفان
[ليزيد الغوانى]
أنشدنا أبو موسى الحامض (2) قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابى، ليزيد الغوانى (3):
سرت عرض ذى قار إلينا وبطنه ... أحاديث للواشى بهنّ دبيب (4)
أحاديث سدّاها شبيب ونارها ... وإن كان لم يسمع بهنّ شبيب (5)
__________
(1) الصحيح أن هذا البيت لعروة بن حزام صاحب عفراء. وهو فى ديوانه فى الورقة 3 من نسخة الشنقيطى صنعة ثعلب، وكذا فى الأمالى 3: 161برواية: «أعفراء كم من زفرة».
ألجها: جعلها تلج أى تتمادى. وبتلك الكلمة فسر اللحيانى قوله تعالى: «ويمدهم فى طغيانهم» قال: أى يلجهم. وقد اعترضه ابن سيده بأنه لم يسمعه. فهذا البيت مما يشهد للحيانى. انظر اللسان (لحج). والهملان: الفيض والسيلان.
(2) الحامض، هو أبو موسى سليمان بن محمد بن أحمد البغدادى. أخذ عن ثعلب وجلس موضعه خليفة له بعد موته، وروى عنه أبو عمر الزاهد غلام ثعلب، وكان قد أخذ عن البصريين وخلط النحوين، وكان يتعصب على البصريين. توفى سنة 305وأوصى بكتبه لأبى فانك المقتدرى، بخلا بها أن تصير إلى أحد من أهل العلم. قالوا: إنما سمى الحامض لشراسة خلقه. تاريخ بغداد 9: 61وبغية الوعاة 262وإنباه الرواة 2: 21وحواشيه.
(3) يزيد الغوانى، هو يزيد بن سويد بن حطان، أحد بنى ضبيعة بن ربيعة. وسمى بذلك لقوله:
لا تدعونى بعدها إن دعوتنى ... يزيد الغوانى وادعنى للفوارس
انظر نوادر المخطوطات 2: 315.
(4) الدبيب: المشى على هينة.
(5) أى أحاديث مختلقة كاذبة. ويقال سدى الثوب تسدية: مد سداه. والسدى:
ما يمد طولا فى النسيج، واحدته سداة. ويقال: نار الثوب ينيره نيرا: جعل له نيرا، بالكسر أى صورا أو خطوطا. والمراد: أجاد تلفيق الكذب وأتقنه.(2/133)
وقد يكذب الواشى فيسمع قوله ... ويصدق بعض القوم وهو كذوب (1)
[حديث: إن قدمى على ترعة من ترع الحوض]
حدثنا أبو بكر محمد بن محمود الواسطىّ قال: حدثنا محمد بن إسرائيل الجوهرىّ قال: حدثنى معاوية (2)، عن زائدة (3)، عن عبد الملك بن عمير، عن بعض بنى أبى المعلي: رجل من الأنصار، عن أبيه عن جده قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: «إنّ قدمىّ على ترعة من ترع الحوض (4)».
وقال: «إنّ عبدا من عبيد الله خيّره ربّه بين أن يعيش فى الدّنيا ماشاء أن يعيش، وأن يأكل فى الدنيا ما شاء أن يأكل، وبين لقائه، فاختار العبد لقاء (5) ربه».
قال: فبكى (6) أبو بكر حين قالها وقال: بل نفديك يا رسول الله بآبائنا.
قال أبو القاسم: والرواية متّصلة من غير وجه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا فى مرضه الذى مات فيه، نعى نفسه صلّى الله عليه وسلم إلى أصحابه.
__________
(1) ويصدق، كذا ضبطت فى م بالبناء للمفعول. والمراد يعد صادقا.
(2) هو معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو بن شبيب الأزدى، أحد من روى عن زائدة بن قدامة. توفى سنة 314. تهذيب التهذيب 10: 216215.
(3) هو زائدة بن قدامة الثقفى، أبو الصلت الكوفى، أحد من روى عن عبد الملك ابن عمير. توفى سنة 163. تهذيب التهذيب 3: 306.
(4) الترعة فى هذا الحديث سيأتى تفسيرها. ويروى: «إن منبرى هذا». وانظر اللسان (ترع).
(5) انظر كتاب العثمانية للجاحظ بتحقيق كاتب هذه السطور ص 85، 164، وكذلك اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3: 160.
(6) ط، ش: «صلى»، صوابه فى م.(2/134)
ولهذا الحديث لفظ آخر:
حدثنا أبو عبيد الله الحسين بن محمد الرازىّ، عن على بن عبد العزيز، عن أبى عبيد القاسم بن سلّام قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن (1) قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ منبرى هذا على ترعة من ترع الجنّة».
قال أبو القاسم الزجّاجى: للعلماء فى الترعة ثلاثة أقوال:
قال أبو عمرو الشّيبانى: التّرعة: الدّرجة.
وقال غيره: التّرعة: الباب.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: التّرعة: الروضة تكون فى الموضع المرتفع خاصّة فإذا كانت فى الموضع المطمئنّ فهى روضة. وأنشد للأعشى (2):
ماروضة من رياض الحزن معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل (3)
يضاحك الشّمس منها كوكب شرق ... مؤزّر بعميم النّبت مكتهل (4)
__________
(1) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى المدنى. كان ثقة فقيها كثير الحديث، وأمه تماضر بنت الأصبغ الكلبية. روى عن أبيه وعن أبى هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم، وروى عنه ابنه عمرو، والزهرى، والشعبى، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغيرهم. توفى سنة 104.
تهذيب التهذيب 12: 117115.
(2) ديوان الأعشى 43، والشعر والشعراء 223وحماسة ابن الشجرى 216.
(3) الحزن: المرتفع من الأرض. قال ابن الشجرى: «خص رياض الحزن لأنها أحسن من رياض الخفوض وأطيب رائحة». والمسبل: السحاب الممطر. والهطل: الكثير الهطلان، وهو تتابع القطر.
(4) ابن الشجرى: «قال الأصمعى: كوكب كل شىء: معظمه. وقال غيره: يريد الزهرة. ومعروف فى اللغة أنه يقال لمعظم الشىء كوكبه». والشرق: الريان الممتلئ ماء.
الحماسة واللسان و (شرق) حيث أنشد البيت. والمؤزر: كأنه جعل له إزار مما التف حوله(2/135)
يوما بأطيب منها نشر رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل (1)
قال الأصمعىّ: قال أبو عمرو بن العلاء (2): لم يقل فى وصف الرياض ولا فى وصف جمال النّساء وطيب نشرهنّ أبلغ من هذا الشعر ولا أحسن.
[أقوال مأثورة لبعض الخلفاء وبعض الحكماء]
أخبرنا على بن سليمان قال: أنبأنا محمد بن يزيد قال: قال المدائنى:
روى عن على بن أبى طالب رضوان الله عليه أنّه قال: يجب على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، مالكا للسانه، مقبلا على شانه.
وقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: من قعد به أدبه لم يرفعه حسبه.
وقال أبو بكر الصّدّيق رضى الله عنه: الحسب التّقوى.
وقال بعض الحكماء: بالعلم يعرف قدر النّعمة، وبالمعرفة بها يبلغ كنه شكرها (3)، والشّكر عليها يستحقّ به المزيد منها.
وقال آخرون: مخالطة الأشرار دليل على شرارة من خالطهم. والكفر
__________
من النبت وتلاحق. والعميم: التام الحسن. والمكتهل: الذى طال وانتهى منتهاه وظهر نوره. وانظر اللسان (أزر، كهل) حيث أنشد البيت.
(1) النشر: سطوع الرائحة وانتشارها. والأصل: جمع أصيل، وهو الوقت من العصر إلى آخر النهار. وإنما خص هذا الوقت لأن النبت فيه أحسن ما يكون، لتباعد الشمس والقر عنه.
(2) القول التالى منسوب إلى أبى عبيدة، فيما رواه ابن الشجرى.
(3) كنه الشىء: حقيقته.(2/136)
اللنّعم أمارة البطر، وسبب الغير (1). واللّجاجة (2) مسلبة للسّلامة، ومورثة للنّدامة (3). والهزء فكاهة السّفهاء، وصناعة الجهّال. والنزق مغضبة للإخوان، ومورث للشّنان. والغدر كاسب البليّة، وجار على التقية. والعقوق يعقب القلة، ويؤدّى إلى الذّلّة. والغضب فاتحة العوار، وخاتمة البوار (4).
[خبر الكميت وأبان البجلى والى خراسان]
أخبرنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم السجستانى قال:
أخبرنى أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال:
خرج الكميت إلى أبان بن عبد الله البجلىّ وهو على خراسان، فجعله فى سمّاره، وكان فى الكميت حسد، فبينا هو كذلك ذات ليلة يسمر عنده أغفى أبان، فتناظر القوم فى الجود والكرم، فقال أحدهم: مات الجود يوم مات الفيّاض (5)! ورفع صوته، فانتبه البجلىّ فقال: فيم أنتم؟ فقال الكميت:
__________
(1) الغير: تغير الحال. وفى اللسان: «ويجوز أن يكون جمعا واحدته غيرة» بكسر الأول وفتح الثانى فيهما.
(2) لج فى الأمر لجاجا ولجاجة: تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه. والمراد اللجاجة فى الشر والباطل.
(3) مورثة، كذا ضبطت فى م، ش. والمراد أنها تحمل على إرث الندامة، كما قيل فى «الولد مجبنة مبخلة»، أى يحمل على الجبن والبخل.
(4) العوار بفتح العين وضمها: العيب. والبوار: الهلاك.
(5) هو عكرمة بن ربعى، الملقب بالفياض، وكان يبارى حوشب بن يزيد الشيبانى فى إطعام الطعام ونحر الجزر فى معسكر مصعب، وفيهما يقول العديل بن الفرخ (الأغانى 20: 19):(2/137)
زعم النّضر والمغيرة والنّعمان والبحترىّ وابن عياض (1)
فقال: ويحك، زعموا ماذا يا أبا المستهلّ؟ فقال (2):
أنّ جود الأنام كان جميعا ... يوم راحوا منيّة الفيّاض
قال: فقلت لهم ماذا يا أبا المستهلّ؟ قال:
كذبوا والذى يلبّى له الرّكب ... سراعا بالمفيضات العراض (3)
لا يموت الندى ولا الجود ماعا ... ش أبان غياث ذى الإنفاض (4)
فإذا مادعا الإله أبانا ... آذن الجود بعده بانقراض
قال له: أجدت فسل. قال: تعطينى لكلّ بيت عشرة آلاف درهم.
قال: أفعل وأزيدك عشرة آلاف درهم من عندى. فأمر له بستّين ألف درهم.
__________
وعكرمة الفياض فينا وحوشب ... هما فتيا الناس اللذا لم يغمرا
هما فتيا الناس اللذا لم ينلهما ... رئيس ولا الأقيال من آل حميرا
وذكره ابن عبد ربه فى العقد، فى الأجواد 1: 294. وانظر خبرا له فى العقد 6:
98. وله ذكر فى أخبار الخوارج من الكامل 663662.
(1) البحترى، كذا ورد بهذا الضبط فى م.
(2) أبو المستهل: كنية للكميت، كنى بابنه المستهل، وكان شاعرا مثله، وهو القائل لبنى العباس:
إذا نحن خفنا فى زمان عدوكم ... وخفناكم إن البلاء لراكد
وكان قد وفد على أبى العباس السفاح بالأنبار، فأخذه الطائف بها فحبسه، فكتب إلى أبى العباس هذا الشعر، فأمر بتخليته وأحسن جائزته. ووفد بعد ذلك على المنصور، وله معه حديث.
الشعراء 566. ومعجم الشعراء للمرزبانى 479.
(3) كذا ورد البيت.
(4) الإنفاض: مصدر أنفض القوم: نفد طعامهم وزادهم.(2/138)
[مما قيل فى العتاب]
أنشدنا أبو إسحاق إبراهيم بن السّرىّ الزجاج قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد:
فإن تك ليلى قد جفتنى وطاوعت ... على صرم حبلى من وشى وتكذّبا (1)
لقد باعدت نفسا عليها شفيقة ... وقلبا عصى فيها الحبيب المقرّبا
فلست وإن ليلى تولّت بودّها ... وأصبح باقى الوصل منها تقضّبا (2)
بمثن سوى عرف عليها ومشمت ... وشاة بها حولى شهودا وغيّبا (3)
ولكنّنى لابدّ أنّى قائل ... وذو الودّ قوّال إذا ما تعتّبا (4)
فلا مرحبا بالشّامتين بهجرنا ... ولا زمن أمسى بنا قد تقلّبا
[خبر أنى نواس مع بعض النوبختية]
أخبرنا علىّ بن سليمان قال: أخبرنى أبى عن جدّى عن إسماعيل بن نوبخت (5)، قال:
__________
(1) الصرم: القطع. وتكذب: تكلف الكذب، ويقال تكذبوا عليه أيضا:
زعموا أنه كاذب.
(2) تقضب: تقطع. والقضب: القطع.
(3) العرف: كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه، وهو ضد النكر.
(4) التعتب والتعاتب: المعاتبة، وهى كلام المدلين أخلاءهم طالبين حسن مراجعتهم، ومذاكرة بعضهم بعضا ما كرهوه.
(5) هو إسماعيل بن أبى سهل بن نوبخت، كما ديوان أبى نواس 171وأخبار أبى نواس 126. وسماه الثعالبى فى ثمار القلوب 77: «النيبختى». وسماه الجاحظ فى رسالة الحاسد والمحسود 10 «إسماعيل الهاشمى» وقال: «وكان الحسن بن هانىء يرتع على مائدة إسماعيل الهاشمى». وفى البخلاء ص 63: «وكان أبو نواس يرتعى على خوان إسماعيل بن(2/139)
قصد أبو نواس بعض النّوبختية (1) من الكتّاب، وكان بعض أجداد ذلك الكاتب كتب لبعض الأكاسرة، فوجد كسرى على بعض حظاياه فدفعها إلى ذلك الكاتب النّوبختىّ وأمره بقتلها، فكره أن يقتلها فتتبعها نفس الملك، وخشى أن يستبقيها فيتهمه، فاستبقاها هو وجبّ نفسه. ثمّ إنّ نفس الملك تتبّعتها، فحملها إليه وعرّفه ما صنع بنفسه، فأكبر ذلك وقال: ما جزاؤك إلّا أن أجمع خاصّتى وأقعدك على رقبتى! فحسده وزراء الملك وقالوا له: إنّ
__________
نيبخت». فمن الواضح أن نسبة الهاشمى نسبة ولاء. وقد كان إسماعيل موضع هجاء لأبى نواس كما تشير إليه المراجع المتقدمة والحيوان 3: 129. كما كان نديما للخليفة المأمون. كتاب بغداد لابن طيفور 161.
(1) النوبختية آل نوبخت، كانوا من وجوه بغداد والبصرة. وأول من ظهر من هذه الأسرة الفارسية الأصل جدهم نوبخت، وكان قد التحق بخدمة المنصور، وصله به أبو اللجلاج متطبب المنصور، فأثرى ثراء وأصبح ذا منزلة عالية. ولما ضعف عن خدمة المنصور أمره المنصور بإحضار ولده أبى سهل ليقوم مقامه. ابن أبى أصيبعة 1: 152والقفطى 266.
و «أبو سهل» كنيته كناه بها أبو جعفر المنصور لما استنكر اسمه الفارسى، وهو «خرخشاذ ماه طيماذاه ماذرياد خسروا بهمشاه». وفى النوبختية أبو سهل آخر غير هذا، وهو أبو سهل الفضل بن نوبخت مؤلف «النهطمان»، وكان فى خزانة الحكمة لهارون الرشيد، وله مسائل فى الحكمة أجابه عنها ثابت بن قرة. القفطى 168. وأبو سهل ثالث، هو أبو سهل إسماعيل بن على بن أبى سهل نوبخت. ابن النديم 251ولسان الميزان 1:
424. ومن أدباء النوبختية: سليمان بن أبى سهل، وله يقول أبو نواس:
يا سليمان غننى ... ومن الراح فاسقنى
أخبار أبى نواس لابن منظور 142. ولسليمان هذا هجاء فى أبى نواس:
إن ابن هانى سفلة خالص ... ما وحد الله ولا أخلصا
ديوان أبى نواس 33وابن منظور 199. ومنهم عبد الله بن أبى سهل. وفيه يقول أبو نواس (ديوانه 34وأخبار ابن منظور 199):
ثقيل يطالعنا من أمم ... إذا سره رغم أنفى ظلم
والنوبختى، بفتح النون أو ضمها، كما عند السمعانى 569ب. واقتصر فى لسان الميزان 1: 424على ضم النون. والباء مفتوحة فى السمعانى ولسان الميزان، وفى حواشيه عن فهرس الطوسى أن الباء مضمومة.(2/140)
هذا لقبيح، ولكن يأمر الملك بأن يصاغ له تاج ويصوّر فيه تمثاله فيحعله على رأسه. ففعل.
فقال أبو نواس يذكر هذه القصّة:
ما حاجة علق الهدى بنجاحها ... من حاجة علقت أبا تمّام (1)
إنّ الرّجال رأو أباك بأعين ... كحلت له بمراود الإعظام (2)
فاستودعوا تيجانهم تمثاله ... الله يعلم ذاك فى الأقوام
فلئن مددت يدا إلىّ بنائل ... فلقد هززتك هزّة الصّمصام (3)
فبعث إليه بأربعة آلاف درهم، ولم يكن يملك غيرها.
[من الجوابات المسكتة]
أخبرنا أحمد بن الحسن بن شقير النّحوى (4) قال: أنبأنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب، عن عمر بن شبّة قال:
كانت رملة بنت عبيد الله بن معمر تحت هشام بن سليمان بن عبد الله، فجرى بينهما ذات يوم كلام فقال لها: أنت بغلة لا تلدين! فقالت له: يأبى كرمى أن يخالط لؤمك!
__________
(1) أبو تمام هذا، هو أحد النوبختية الذى يعنيه بالمدح. يعنى أن الحاجة التى تطلب إليه لا تفوقها حاجة أخرى فى نجاحها. تقول: ما هذا من ذاك؟ أى ليس مثيلا له ولا مقاربا.
(2) أى لا يرون أباك إلا بأعين يملؤها الإجلال والإعظام.
(3) النائل: العطاء. والصمصام: السيف القاطع، ومثله الصمصامة.
(4) فى الأصول: «أحمد بن الحسين» تحريف. وهو أبو بكر أحمد بن الحسن بن العباس ابن الفرج بن شقير البغدادى النحوى. يروى عن أبى عصيدة أحمد بن عبيد بن ناصح تصانيف الواقدى. توفى سنة 317فى خلافة المقتدر. تاريخ بغداد 4: 89وإنباه الرواة 1: 34 ومعجم الأدباء 3: 11ونزهة الألباء 315وبغية الوعاة 130.(2/141)
قال أبو القاسم: قال أبو العباس: وشبيه بهذا من الجوابات المسكتة ما روى عن الخنساء حين دخلت على عائشة رضى الله عنها، فأنشدتها قولها فى أخيها صخر:
ألا يا صخر إن أبكيت عينى ... فقد أضحكتنى زمنا طويلا (1)
بكيتك فى نساء معولات ... وكنت أحقّ من أبدى العويلا
دفعت بك الخطوب وأنت حىّ ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا
فقالت عائشة: أتبكين صخرا وهو جمرة فى النار؟! فقالت: يا أمّ المؤمنين ذاك أشدّ لجزعى عليه، وأبعث لبكائى!
[لمحمد بن بشير]
أنشدنا أبو بكر بن دريد قال: أنشدنى عبد الرحمن عن عمه، لمحمّد بن بشير، من عدوان (2):
نعم الفتى فجعت به إخوانه ... يوم البقيع حوادث الأيام (3)
__________
(1) ديوان الخنساء 72. وفى الديوان: «لقد أضحكتنى»، تحريف.
(2) هو محمد بن بشير بن عبد الله بن عقيل الخارجى، نسبة إلى خارجة بن عدوان.
شاعر حجازى من شعراء الدولة الأموية، وكان يكن الروحاء. الأغانى 14: 155142 ومعجم المرزبانى 412والخزانة 3: 37. ويقال فيه أيضا: «ابن يسير» كما فى شرح التبريزى على الحماسة.
(3) الحماسة 808بشرح المرزوقى فى أوائل باب المراثى. ومعجم المرزبانى 412.
ورواه المرزبانى مرة أخرى فى ص 245منسوبا إلى أبى البلهاء عمير مولى يزيد بن مزيد الشيبانى، ثم قال: «وقد رويت لغيره». أى نعم الفتى فتى فجعت به إخوانه. والبقيع: بقيع الغرقد، وهو مقبرة أهل المدينة.(2/142)
سهل الفناء إذا حللت ببابه ... طلق اليدين مؤدّب الخدّام (1)
وإذا رأيت شقيقه وصديقه ... لم تدر: أيّهما أخو الأرحام
[من نوادر اللغة والأمثال]
أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: أنبأنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابى قال:
الفسيط بالفاء: قلامة الظّفر. والسّفيط بالفاء أيضا بتقديم السين: الرجل السخىّ (2). والسّقيط، بالقاف: الرجل الأحمق. والسّقيط أيضا: الثلج، والصّقيع. والرّبيط: الراهب (3). والأربط: الأحمق (4).
وتقول العرب: «فلان لا يعرف قطاته من لهاته»، وبعضهم يقول:
«لا يعرف قطاته من لطاته». والقطاة: الدّبر. واللّطاة: الجبهة (5).
والبطيط: العجب (6). والأطيط: الجوع. والأطيط أيضا: صوت تمدّد النّطع (7) وأشباهه. والحضيرة: الجماعة القليلة يغزون، وينشد:
__________
(1) الفناء، بالكسر: ساحة الدار وما امتد من جوانبها. وسهولة الفناء مثل لكثرة إحسانه وحسن توفره على مجتديه.
(2) فى اللسان: «والسفيط أيضا النذل». فهو من الأضداد.
(3) فى اللسان: «والربيط: الذاهب، عن الزجاجى. فكأنه ضد. وقيل: الربيط:
الراهب». وفى القاموس فى تفسير الربيط أنه الراهب، والزاهد.
(4) لم يرد فى اللسان ولا فى القاموس.
(5) هو أحد معانبها. وقيل أى لا يعرف مقدمه من مؤخره.
(6) ومنه قوله:
ألما تعجبنى وترى بطيطا ... من اللائين فى الحقب الخوالى
(7) النطع، بالكسر، وبالفتح، وبالتحريك، وكعنب: بساط من الأديم، وهو الجلد أو المدبوغ منه. جمعه أنطع، وأنطاع، ونطوع.(2/143)
يرد المياه حضيرة ونفيضة ... ورد القطاة إذا اسمألّ التّبّع (1)
قال أبو القاسم: التّبّع: الظّلّ. واسمألّ: تقلّص (2).
[مجلس أبى عثمان المازنى والرياشى]
أخبرنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبرى (3) قال: أنبأنا أبو عثمان المازنى قال (4):
كنت عند الأخفش سعيد بن مسعدة ومعنا الرّياشىّ، فقال (5): إنّ مذ إذا رفع بها فهى اسم مبتدأ وما بعدها خبرها، كقولك: ما رأيته مذ يومان وإذا خفض بها فهى حرف معنى ليس باسم، كقولك: ما رأيته مذ اليوم.
فقال له الرياشى: فلم لا تكون فى الموضعين اسما، فقد نرى الأسماء تخفض وتنصب، كقولك: هذا ضارب زيدا غدا، وهذا ضارب زيد أمس، فلم لا تكون مذ بهذه المنزلة؟ فلم يأت الأخفش بمقنع.
قال أبو عثمان: فقلت أنا: لا تشبه مذ ما ذكرت من الأسماء لأنا لم نر الأسماء هكذا تلزم موضعا واحدا إلّا إذا ضارعت حروف المعانى، نحو: أين
__________
(1) لسعدى بنت مخدعة الجهنية ترثى أخاها أسعد. اللسان (حضر، نفض، سمأل، تبع) والأصمعيات 106وبلاغات النساء لابن طيفور 175وحماسة ابن الشجرى 82والنفيضة:
الطليعة. والمعنى أنه يغزو وحده فى موضع الحضيرة والنفيضة. وقال شمر: «حضيرة يحضرها الناس يعنى المياه. ونفيضة: ليس عليها أحد». وهذا أصوب عندى.
(2) وذلك فى منتصف النهار حين يقصر الظل. وبعد البيت السابق:
أجعلت أسعد للرماح دريئة ... هبلتك أمك أى خرق ترقع
(3) ط: «أبو حفص»، صوابه فى م. وانظر مجالس العلماء 63، 65، 253.
(4) مجالس العلماء للزجاجى 6866وإنباه الرواة 2: 372.
(5) القائل هو أبو الحسن الأخفش، كما فى مجالس العلماء.(2/144)
وكيف. وكذلك مذ، هى مضارعة لحروف المعانى، فلزمت موضعا واحدا.
قال أبو جعفر: فقال أبو يعلى بن أبى زرعة للمازنىّ: أفرأيت حرف المعنى يعمل عملين متضادّين؟ قال: نعم، كقولك: قام القوم حاشا زيد وحاشا زيدا، وعلى زيد ثوب وعلا زيد الجبل، فيكون مرّة حرفا ومرة فعلا بلفظ واحد.
قال أبو القاسم: هذا الذى قاله المازنى أبو عثمان صحيح، إلّا أنّه كان يلزمه أن يبيّن: لأى حرف ضارعت مذ، كما أنّا قد علمنا أنّ متى وكيف مضارعان ألف الاستفهام؟ وأن يبيّن: كيف وجه (1) الرّفع بمذ، وأىّ شىء العامل فيها؟
والقول فى ذلك: أنّ مذ إذا خفض بها فى قولك: ما رأيته مذ اليوم، مضارعة من لأنّ من لابتداء الغايات، ومنذ إذا كان معها النون فهى لابتداء الغايات فى الزمان خاصة، فوقعت مذ بمعنى من، فقد بان تضارعهما
وأمّا القول فى الرفع بها فى قوله: ما رأيته مذ يومان، فإنّ هذا لا يصحّ إلّا من كلامين لأنّك إن جعلت الرؤية واقعة على مذ انقطعت مما بعدها ولم يكن له رافع، ولكنّه على تقدير قولك: ما رأيته، ثم يقول لك القائل:
كم مدّة ذلك؟ فتقول: يومان، أى مدة ذلك يومان، [فترفعه بالابتداء والخبر (2)].
[من أبيات المعانى]
أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب:
سألنى بعض أصحابنا عن قول الشاعر:
__________
(1) ط: «أبو حفص»، صوابه فى م، ش.
(2) التكملة من م، ش
(10أمالى الزجاجى)(2/145)
جاءت به مرمّدا ماملّا ... مانىّ ألّ خمّ حين ألّى (1)
فلم أدر ما يقول، فصرت إلى ابن الأعرابىّ فسألته عنه ففسّره لى فقال:
هذا يصف قرصا خبزته امرأة فلم تنضجه، فقال: جاءت به مرمّدا أى ملوّثا بالرّماد. ماملّ، أى لم يملّ فى الملّة، وهو الجمر والرّماد الحار. ثم قال: مانىّ ألّ (2)
وما زائدة كأنّه قال: نىّ ألّ (3). والألّ وجهه، يعنى وجه القرص. وقوله:
خمّ، أى تغيّر. حين ألّى، أى حين أبطأ فى النّضج. يقال: ألّى الرجل إذا توانى وأبطأ فى العمل. وأنشد:
* فما ألّى بنىّ ولا أساءوا (4) *
[من خمريات أبى نواس]
أنشدنا على بن سليمان، لأبى نواس:
ودار ندامى عطلّوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس (5)
مساحب من جرّ الزّقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جنىّ ويابس (6)
__________
(1) الرجز فى اللسان (ألا ص 41) مرويا عن الزجاجى فى أماليه، ومعه هذا التفسير التالى وفى اللسان: «مانى آل». وانظر شرح القصائد السبع لابن الأنبارى ص 579.
(2) فى اللسان عن الزجاجى: «مانى آل» بالمد. ولم أجد الأل بمعنى الوجه، وفى اللسان أن «الألل والأللان: وجها السكين، ووجها كل شىء عريض»، جعله بفك الإدغام.
(3) فى اللسان: «نى الآل، والآل: وجهه. يعنى وجه القرص».
(4) للربيع بن ضبع الفزارى فى الخزانة 3: 306والمعمرين للسجستانى 7. وصدره:
* وأن كنائنى لنساء صدق *
(5) ديوان أبى نواس 295.
(6) أى من تلك الآثار هذه المساحب، وهو مواضع السحب. والأضغاث: جمع ضغث، وهو الحزمة قدر القبضة مختلطة الرطب باليابس. والجنى: المجتنى مادام طريا. وفى التنزيل العزيز:
«تساقط عليك رطبا جنيا».(2/146)
وقفت بها صحبى فجدّدت عهدهم ... وإنّى على أمثال ذاك لحابس (1)
ولم أدر ما هم غير ما شهدت به ... بشرقىّ ساباط الدّيار البسابس (2)
أقمنا بها يوما، ويوما، وثالثا ... ويوما له يوم الترحّل خامس (3)
تدار علينا الرّاح فى عسجدّية ... حبتها بأنواع التّصاوير فارس (4)
قرارتها كسرى وفى جنباتها ... مها تدّريها بالقسىّ الفوارس (5)
فللخمر ما زرّت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس (6)
قال أبو القاسم: الدار: منزل القوم، مبنيّة كانت أو غير مبنيّة ويقال دار ودارة. والبسابس: القفار، واحدها بسبس. ومثلها السّباسب، واحدها سبسب، وأصلها الصّحراء الملساء. والعسجدّية: كأس مصنوعة من العسجد، وهو الذهب. وقوله «قرارتها كسرى» نصبه على الظرف، يريد أنّه كان فى قرارة الكأس وهو أرضها صورة كسرى، وفى جنباتها، وهى نواحيها، صور المها وهو بقر الوحش، وصور فرسان بأيديهم قسىّ ونشّاب، يرمون تلك المها وهو معنى تدّريها بالقسى الفوارس. والدّريئة: الشىء الذى يرمى. يعنى أنّه صبّ الخمر فى الكأس إلى أن بلغت صور حلوق الفرسان، وهو موضع الأزرار، ثم صبّ الماء مقدار رءوس الصّور، وهو الذى تحتازه القلانس (7).
__________
(1) فى الديوان: «حبست بها صحبى». وفيه: «على أمثال تلك».
(2) ساباط كسرى بالمدائن، وفيها المثل: «أفرغ من حجام ساباط». والبسابس:
جمع بسبس، وهو القفر الخالى.
(3) فى الديوان: «يوما ويومين بعده». والترحل: الارتحال.
(4) الراح: الخمر. وفى الديوان: «تدور علينا الكأس».
(5) جيوبها، أى جيوب التصارير. وفى الديوان: «جيوبهم».
(6) م: «تجتازه» بالجيم.
(7) والقلانس: جمع قلنسوة، وهو لباس الرأس.(2/147)
[خمرية أخرى لأبى نواس]
أنشدنا أبو بكر ابن الأنبارى قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب لأبى نواس:
فؤادى كتوم واللسان كتوم ... ودمعى بأسرار الفؤاد نموم (1)
إذا قلت أفناه البكاء تجدّدت ... له عبرات تستهلّ سجوم (2)
وطرفى الذى قاد الفؤاد إلى الهوى ... ألا إنّ طرفى، ما علمت، مشوم
دعاه الهوى فاقتاد طوعا إلى الهوى ... وداعى الهوى ظبى أغنّ رخيم (3)
مناى من الدّنيا العريضة شادن ... وذاك قضاء فى القضاء سدوم (4)
هى الشّمس إشراقا ودرّة غائص ... ومسكة عطّار تصان وريم (5)
حلفت لها بالله أنّى أحبّها ... وما كلّ حلاف لهنّ أثيم (6)
فما رحمتنى إذ شكوت صبابتى ... ولا كان فى دار الحبيب رحيم
__________
(1) القصيدة مفرقة فى موضعين من ديوان أبى نواس: الموضع الأول هو ص 329وفيه البيت الثانى عشر إلى آخر القصيدة، والموضع الثانى هو ص 333وفيه أول القصيدة إلى البيت الحادى عشر.
فؤادى كتوم، فى الديوان: «صبور». والنموم: الكثير النم، وهو والنميمة: إشاعة الحديث ورفعه على جهة الإفساد.
(2) فى الديوان: «تحدرت»، أى نزلت. والسجوم: السواجم. والسجم: قطران الدمع وسيلانه.
(3) الأغن: الذى فى صوته غنة، وهو الصوت يخرج من الخيشوم. والرخيم: الحسن الكلام فى لبن وسهولة.
(4) الشادن: ولد الظبية قد قوى وطلع قرناه واستغنى عن أمه. وفى الديوان: «خودة وتلك مناها».
(5) المسكة: القطعة من المسك. والعطار: بائع العطر. والريم: الرئم، وهو الظبى الخالص البياض.
(6) الأثيم: الفاجر مرتكب الإثم، وهو الذنب.(2/148)
ولما رأيت العين لا تطعم الكرى ... وجسمى مما فى الفؤاد سقيم
سألت أبا عيسى، وجبريل غافل ... وليس سواء جاهل وعليم (1)
فقلت: أرانى لا أزال كأننى ... سليم، فقال: المستهام سليم (2)
إذا خطرت منك الهموم فداوها ... بأصفر، حتّى لا تكون هموم (3)
أدرها وخذها قهوة بابليّة ... لها بين بصرى والعراق كروم (4)
وما عرفت نارا ولا قدر طابخ ... سوى حرّ شمس أو تهبّ سموم (5)
فقلت: فزدنى، قال: إن سمت ربّها ... فبالرّطل دينارا عليك يسوم (6)
فقلت: كفانى قد عرفت مكانها ... بقطربّل حيث السّفين تعوم (7)
وقلت لملّاحى: ألا هىّ زورقى، ... وبتّ يغنّينى أخ ونديم (8)
إلى بيت خمّار كثير زحامه ... له ثروة والوجه منه دميم (9)
__________
(1) فى الديوان: «وأكمل عاقل».
(2) فى الديوان: «أرانى لا أراك». والسليم: الملدوغ، إنما سمى بذلك تفاؤلا.
(3) بأصفر، يعنى الشراب الأصفر. وقد يكون أراد به الدينار ثمنا للخمر. ط: «بأصغر» تحريف، وفى الديوان: «بكأسك».
(4) بابلية: نسبة إلى بابل من مدن العراق، ينسب إليها السحر والخمر. وبصرى: قصبة كورة حوران من أعمال دمشق.
(5) السموم، بالفتح: الريح الحارة. وفى الديوان: «إذا تهيج سموم».
(6) سامه الثمن: ذكره له، والمساومة: المجاذبة بين البائع والمشترى على السلعة وفصل ثمنها.
(7) قطربل: قرية بين بغداد وعكبرا، ينسب إليها الخمر، وكانت متنزها للبطالين، وحانة للخمارين. والسفين: جمع سفينة.
(8) هيه، أى هيئه وأعده بما ينبغى. وبعد هذا البيت فى ط بيتان يبدو أن الناشر قد أقحمهما، فإنهما لم يردا فى الأصلين المعتمدين، وموضعهما فى ديوان أبى نواس، بعد بيت «وما عرفت نارا». وهذان هما:
لها من ذكى المسك ريح زكية ... ومن طيب ريح الزعفران نسيم
فشمرت أثوابى وهرولت مسرعا ... وقلبى من شوق يكاد يهيم
(9) الدميم: القبيح ذو الدمامة. وفى الديوان: «بهيم». وفيه أيضا: «أفاذ زحامه»!(2/149)
وفى بيته دنّ، وزقّ، ودورق ... وباطية تروى الفتى وتنيم (1)
فأزقاقه سود، وحمر دنانه ... ففى البيت حبشان لديه وروم
ودهقانه ميزانه نصب عينه ... وميزانه للمشترين غشوم (2)
فعانقته طورا وقبّلت رأسه ... على أننى فيما أتيت مليم (3)
وقلت له: هذى الدّنان قديمة ... فقال: نعم إنّى بذاك زعيم (4)
ألست تراها قد تعفت رسومها ... كما قد تعفّت للدّيار رسوم
تحوم عليها العنكبوت بنسجها ... وليس على أمثال تلك تحوم (5)
ذخيرة دهقان حواها لنفسه ... إذا ملك أوفى إليه وسيم (6)
وما باعها إلّا لعظم خراجه ... لأنّ الذى يجبى الخراج ظلوم
فقلت: بكم رطل فقال: بأصفر ... فحزت دنانا وزرهنّ عظيم (7)
ورحت بها فى زورق قد كتمتها ... ومن أين للمسك الذّكىّ كتوم (8)
فمتّعت نفسى والنّدامى بشربها ... وهذا شقاء مرّ بى ونعيم (9)
__________
(1) الدن: راقود كهيئة الحب إلا أنه أطول، لا يقعد إلا أن يحفر له. والزق: وعاء ينقل فيه الخمر، وقد بزفت ويقير. والدورق: مكيال يكتال به مقدار ما يشرب. والباطية:
وعاء عظيم من الزجاج يملأ من الشراب ويوضع بين الشرب يغرفون منه ويشربون.
(2) الدهقان: التاجر، فارسى معرب، ومؤنثه دهقانة. وفى الديوان: «ودهقانة ميزانها نصب عينها وميزانها». يقال: هذا نصب عينيه: أى أمامه ظاهر له. والغشوم: الظالم الغاصب. عنى تطفيف الميزان.
(3) ألام: أتى ما يلام عليه. وفى الديوان: «فأعطيتها صفرا وقبلت رأسها».
(4) الزعيم: الكفيل الضامن. وفى الديوان: «وقلت لها فقالت».
(5) تحوم: تدور، أى هى قد انفردت بالقدم فحامت عليها، وليست هناك دنان أخرى قديمة فتحوم عليها. وفى الديوان: «على تلك الدنان تحوم».
(6) أوفى إليه: جاءه. والوسيم: الجميل الوضاء. وفى الديوان: «أخنى عليه غشوم».
(7) الأصفر، عنى به الدينار. والوزر: الإثم. وفى الديوان: «فحزت زقاقا».
(8) أى لا يستطيع شىء أن يكتم رائحة المسك ويخفيها.
(9) فى الديوان: «فهذا شقاء».(2/150)
لعمرى لئن لم يغفر الله وزرها ... فإنّ عذابى فى الحساب أليم (1)
على أنّها ليست بخمر بعينها ... وللشارب الخمر المصرّ جحيم (2)
[حديث: لا تناجشوا]
حدثنا إسماعيل الورّاق قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد البصرى قال: حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد، عن أبيه عن جده، عن يونس بن يسار، عن أبى هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطعموا الطّعام، وأفشوا السّلام، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله ولا تناجشوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض».
قال أبو القاسم: قوله صلى الله عليه وسلم (3): «لا تناجشوا». يقول:
لا يزيدنّ أحدكم فى ثمن سلعة إذا لم يرد شراءها لئلّا ينظر إليه من لا بصر له بالسّلعة فيغترّ به. وأصل النّجش استثارة الشىء ومنه النّجاشىّ.
وكان محمد بن إسحاق يقول: النّجاشى اسم الملك، كقولهم: قيصر وهرقل وكان اسمه «أصحمة»، وتفسيره بالعربية عطّية. وقوله: «ولا تدابروا» يقول:
ولا تقاطعوا ولا تهاجروا لأنّ المتهاجرين إذا ولّى كلّ واحد منهما عن صاحبه فقد ولّاه دبره.
__________
(1) فى الديوان: «ذنبها» بدل «وزرها». وهو الأولى فى الرواية، لتكرر الوزن من قبل.
(2) البيت ساقط من الديوان.
(3) التكملة من م، وهى ساقطة من ط، ش.(2/151)
ويقال بعت الشىء: إذا بعته فأخرجته عن يدك وبعته: إذا اشتريته يستعمل فى الضدّين جميعا. ويقال: أبعت الشىء: إذا عرّضته للبيع. وينشد:
ورضيت آلاء الكميت فمن يبع ... فرسا فليس جوادنا بمباع (1)
أى بمعرّض للبيع.
[خبر وفد همدان وكتاب الرسول لهم]
أخبرنا أبو القاسم الصائغ قال: أنبأنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال:
روى أنّ وفد همدان (2) قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم، فلقوه مقبلا من تبوك، فقام مالك بن نمط (3) الهمدانى فقال: «يا رسول الله، نصيّة من همدان، من كلّ حاضر وباد، أتوك على قلص نواج، متّصلة بحبائل الإسلام من مخلاف خارف ويام، لا تأخذهم فى الله لومة لائم عهدهم لا ينقض عن سنة ماحل، ولا سوداء عنقفير، ما قام لعلع، وما جرى اليعفور بصلّع».
فكتب إليه النبىّ صلى الله عليه وسلم: هذا كتاب من محمد رسول الله، لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرّمل، مع وافدها مالك بن نمط (4)
ومن أسلم من قومه، على أنّ لهم فراعها ووهاطها وعزازها، ما أقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة، يرعون علافها ويأكلون عفاءها، لنا من دفئهم وصرامهم
__________
(1) هو الأجدع الهمدانى، من أبيات له فى الأصمعيات 64. وانظر الاقتضاب 405 واللسان والمقاييس والصحاح (بيع). ورواية الأصمعيات: «نقفو الجياد من البيوت ومن يبع».
(2) انظر خبر هذا الوفد فى السيرة 963وابن سيد الناس 2: 246والعقد 2: 31 والإصابة 6: 36
(3) ط: «نميط»، صوابه فى المراجع المتقدمة.
(4) ط: «نميط». وانظر ما سبق.(2/152)
ما سلموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصّدقة الثّلب والناب والفصيل، والفارض الداجن، والكبش الحورىّ، وعليهم الصّالغ والقارح».
قال أبو القاسم: قوله «نصّية من همدان» يقول: نحن نصية من همدان، فرفعه لأنه خبر ابتداء مضمر. والنّصيّة: الرؤساء المختارون. ويقال: انتصيت الشىء: إذا اخترته وأصله من الناصية، كما أنّ الرؤساء من الرأس.
والقلص: جماعة القلوص، وهى الفتيّة من الإبل قال الأصمعى: القلوص من النّوق بمنزلة الشّابّة من النساء، والجمل بمنزلة الرجل، والبعير بمنزلة الإنسان يقع على الذّكر والأنثى.
والنّواجى: السّراع، واحدتها: ناجية. والنّجاء: السرعة، يمدّ ويقصر.
قال بعض لصوص الأعراب:
إذا أخذت النّهب فالنّجا النجا ... إنّى أخاف طالبا سفنّجا (1)
وخارف ويام: قبيلتان. والمخلاف لأهل اليمن كالأجناد لأهل الشام، والكور لأهل العراق، والطساسيج لأهل الأهواز، والرّساتيق لأهل الجبال (2).
وقوله: «عهدهم لا ينقض عن سنّة ماحل» فالماحل: الساعى. يقال:
مخل به إلى السّلطان: إذا سعى به. والسّوداء العنقفير: الدّاهية والسنّة: الطريقة.
يريد أنّهم لا يزولون عن العهد لسعى ساع، ولا لشدّة عظيمة تنزل بهم. ولعلع:
جبل بعينه. واليعفور: ولد البقرة. والصّلّع: الأرض الملساء. والفراع: أعالى
__________
(1) اللسان (سفنج) والاشتقاق 267. والسفنج: السريع.
(2) الجبال: اسم لبلاد ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والرى، وما بين ذلك من الجبال، وبه يفسر قول أبى دلف العجلى:
وإنى امرؤ كسروى الفعال ... أصيف الجبال وأشتو العراقا(2/153)
الجبال والأشياء المرتفعة، واحدها فرعة. والفرعة فى غير هذا: القملة ومنه حسّان بن الفريعة (1). والوهاط: ما انخفض من الأرض. والعزاز:
ما صلب منها، وهو مثل الجلد. والدّفء: الإبل سمّيت بذلك لأنّه يتّخذ من أوبارها ما يستدفأ به. والصّرام: النّخل، لأنّها تصرم، ويجوز أن يكون الصّرام التمر نفسه. والثّلب: الجمل المسنّ. والناب: النّاقة المسنّة. والفارض:
الكبيرة، التى ليست بصغيرة. والدّاجن: الذى يعلف فى البيت ولا يرسل إلى المرعى. والصّالغ من البقر والغنم: ما كمل وانتهت سنّه، وذلك فى السنة السادسة. والقارح مثله من الخيل. وأمّا الكبش الحورىّ فذكر ابن قتيبة أنّه ضرب من الكباش الحمر الجلود ولا أدرى من أىّ شىء اشتقاقه، إذ كان المعروف فى اللغة هو أن الحور البياض ومنه قيل للقصّارين الحواريّون لتبيضهم الثياب.
[قصيدة لابن الدمينة]
أنشدنا أبو الحسن علىّ بن سليمان الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب قال: أنشدنا ابن الأعرابىّ لابن الدّمينة (2):
أميم أمنك الدّار غيّرها البلى ... وهيف بجولان التّراب لعوب (3)
__________
(1) هو حسان بن ثابت. والفريعة أمه، وهى الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج. الأغانى 4: 2.
(2) القصيدة فى ديوانه 11898مع خلاف فى الترتيب. وانظر تخريجها مفصلا فيه ص 238.
(3) فى الديوان: «أمنك أميم». الهيف، بالفتح: الريح الحارة. والجولان، بالفتح:
التراب والحصى الذى تجول به الريح على وجه الأرض.(2/154)
بسابس لم يصبح ولم يمس ثاويا ... بها بعد بين الحىّ منك عريب (1)
أمنخرم هذا الربيع ولم يكن ... لنا من ظباء الواديين ربيب (2)
أحقّا عباد الله أن لست خارجا ... ولا والجا إلّا علىّ رقيب (3)
ولا ماشيا فردا ولا فى جماعة ... من النّاس إلّا قيل أنت مريب (4)
كبير عدوّ أو صغير ملقّن ... بتدبير أقوال الرّجال لبيب (5)
وهل ريبة فى أن تحنّ نجيبة ... إلى إلفها أو أن يحنّ نجيب (6)
أحبّ هبوط الواديين وإنّنى ... لمشتهر بالواديين غريب (7)
ألا لا أرى وادى المياه يثيب ... ولا النّفس عن وادى المياه تطيب (8)
وإنّ الكثيب الفرد من أيمن الحمى ... إلىّ وإن لم آته، لحبيب (9)
__________
(1) البسابس: جمع بسبس، وهى الأرض الخالية من النبات المستوية. والثاوى: المقيم.
وبين الحى، أى تفرقهم. والحى: الواحد من أحياء العرب، وهم بنو الأب كثروا أو قلوا.
ويقال: ما بالدار عريب، أى ما بها أحد.
(2) انخرم: انقضى. والربيب: الطفل الصغير.
(3) فى الديوان: «أن لست صادرا ولا واردا».
(4) فى الديوان: «ولا ماشيا وحدى». والمريب: ذو الريبة، وهى التهمة.
(5) بين هذا البيت وسابقه فى الديوان خمسة وخمسون بيتا. والذى قبله فى الديوان هو:
ألا يا أميم القلب دام لك الغنى ... فما ساعة إلا على رقيب
فهما فى ذكر الرقيب وصفته، وهو الصواب إن شاء الله.
(6) النجيب: الفاضل من كل حيوان.
(7) مشتهر، من الشهرة. وتروى: «لمستهتر». والمستهتر: بالشىء المولع به.
والواديان: بلدة فى جبال السراة بقرب مدائن لوط، كما ذكر ياقوت عند إنشاد هذا البيت منسوبا إلى المجنون.
(8) وادى المياه فى نواحى اليمامة. أثاب يثيب: عاد ورجع، أى أيامه الخاليات. وطابت نفسه عن الشىء: تركته وسلت عنه.
(9) فى الديوان: «من جانب الحمى». وأنشد هذا البيت ياقوت فى يبرين، وقبله عنده:
أراك إلى كثبان يبرين صبة ... وهذا لعمرى لو قنعت كئيب(2/155)
ألا لا أبالى ما أجنّت قلوبهم ... إذا رضيت ممن أحبّ قلوب
ديار التى هاجرت عصرا، وللهوى ... لقلبى إليها قائد ومهيب (1)
لتسلم من قول الوشاة، وإنّنى ... لهم حين يغتابونها لذبوب (2)
أميم، لقلبى من هواك صبابة ... وأنت لها، قد تعلمين، طبيب
فإن خفت ألا تحكمى مرّة الهوى ... فردّى فؤادى والمردّ قريب (3)
أكون أخا ذى الصّرم، إما لخلّة ... سواك، وإمّا أرعوى فأتوب (4)
لعمرى لئن أو ليتنى منك جفوة ... وشبّ هوى نفسى عليك شبوب (5)
وطارعت أقواما عدا لى تظاهروا ... علىّ بقول الزّور حين أغيب
لبئس إذا عون الصّديق أعنتنى ... على نائبات يا أميم تنوب
تضنّين حتّى يذهب البخل بالمنى ... وحتّى تكاد النفس عنك تطيب
أميم لقد عنّيتنى وأريتنى ... بدائع أحداث لهنّ ضروب (6)
فأرتاح أحيانا، وحينا كأنّما ... على كبدى ماضى الشّباة ذريب (7)
__________
(1) أهاب به إلى الشىء: دعاه.
(2) م: «لنسلم». وفى الديوان 100: «وتسلم». وقبله فى الديوان:
ليغلب حبيها عزائى وإننى ... لصبرى إذا غالبته لغلوب
والذبوب، من الذب، وهو الدفع والمنع يقال: فلان يذب عن حريمه.
(3) أصله من مرة الحبل، وهى طاقته. والحبل الممر: الذى أجيد فتله وأحكمت طاقته.
وفى الديوان 116: «والمزار قريب».
(4) الصرم، بالضم وبالفتح أيضا: القطع. أراد أكون من الصارمين لحبال المودة.
والخلة: الصاحبة. وارعوى: رجع. وفى الديوان: «أكن أحوذى الصرم». والأحوذى:
الماضى فى الأمور.
(5) فى الديوان 105: «وشب هوى قلبى إليك». والشبوب: أصله ما تشب به النار. وتقول: هذا شبوب لكذا: أى يزيد فيه ويقويه.
(6) فى الديوان 100: «بدائع أخلاق». والبديع: العجيب الجديد.
(7) شباة كل شىء: حده. والذريب: المحدد. ونحوه قول ذى الرمة فى ديوانه 343:(2/156)
فلو أنّ ما بى بالحصى فلق الحصى ... وبالرّيح لم يسمع لهن هبوب (1)
ولو أنّ أنفاسى أصابت بحرّها ... حديدا، إذا ظلّ الحديد يذوب (2)
ولو أنّنى أستغفر الله كلّما ... ذكرتك، لم تكتب علىّ ذنوب
أميم، أبى هون عليك، فقد بدا ... بجسمى مما تزدرين شحوب (3)
صدودا وإعراضا كأنّى مذنب ... وما كان لى لولا هواك ذنوب (4)
ألهفى لما ضيّعت ودّى وما هفا ... فؤادى بمن لم يدر كيف يثيب (5)
وإنّ طبيبا يشعب القلب بعدما ... تصدّع من وجد بها، لكذوب (6)
رأيت لها نارا، وبينى وبينها ... من العرض أو وادى المياه سهوب (7)
إذا ما خبت وهنا من اللّيل شبّها ... من المندلىّ المستجاد ثقوب (8)
وما وعدت ليلى ومنّت ولم يكن ... لراجى المنى من ودّهنّ نصيب (9)
__________
كأن سنانا فارسيا أصابنى ... على كبدى بل لوعة الحب أوجع
(1) فلق كذا ضبط فى م. وفى ش: «فلق» بفتحتين. وفى الديوان 111:
«قلق الحصى». ويروى هذا البيت للمجنون.
(2) لم يرو هذا البيت فى ديوانه.
(3) الهون، بالضم: الهوان. والازدراء: الاحتقار. والشحوب: التغير. وفى الديوان 195: «أهون بى عليك وقد بدا».
(4) فى الديوان: «إلا هواك».
(5) ط: «هنا»، تحريف. وهفا فؤاده: خفق. وفى الديوان 115: «لمن لم يدر».
(6) التصدع: التشقق. وشعب الشق: لأمه وأصلحه وضم أطرافه.
(7) السهوب: جمع سهب، وهو المستوى فى سهولة من الأرص.
(8) خبت النار: سكنت وطفئت وخمد لهبها. والوهن والموهن: نحو من نصف الليل.
والمندلى: عود الطيب الذى يتبخر به، منسوب إلى مندل من بلاد الهند. والثقوب، بفتح الثاء:
ما تثقب به النار من دقاق العيدان.
(9) فى الديوان 116: «وقد وعدت ليلى»، وهو الوجه فى الرواية.(2/157)
محبّا أجنّ الوجد حتّى كأنّه ... من الأهل والمال التّلاد سليب (1)
وإنّى لأستحييك حتّى كأنّما ... علىّ بظهر الغيب منك رقيب (2)
حذار القلى والصّرم منك، وإنّنى ... على العهد ما داومتنى لصليب (3)
فيا حسرات القلب من غربة النّوى ... إذا اقتسمتها نية وشعوب (4)
ومن خطرات تعترينى، وزفرة ... لها بين نحمى والعظام دبيب (5)
يقولون أقصر عن هواها فقد وعت ... ضغائن شبّان عليك وشيب (6)
وما أن نبالى سخط من كان ساخطا ... إذا نصحت ممن نودّ جيوب (7)
أما والذى يبلو السّرائر كلّها ... ويعلم ما نبدى به ونغيب (8)
__________
(1) أجنه: أسره فى نفسه. والتلاد: القديم المتوارث.
(2) يقال استحياه واستحيا منه بمعنى، وهما من الحياء.
(3) داومه: مفاعلة من الدوام، أى دام كل منهما لصاحبه. والصليب: الجلد الشديد. فى الديوان 106: «فإننى».
(4) غربة النوى، بالفتح: بعدها. والنوى: المكان الذى تنوى أن تأتيه فى سفرك.
والنية: البعد. وشعوب: علم للمنية، سميت بذلك لأنها تفرق الناس، لم يفسرها اللغويون بغيره. وإخالها هنا كل ما شعب بين الناس من حوادث الدهر وتصاريفه. وفى الديوان 107:
فيا حسرات النفس من غربة الهوى ... إذا اقتسمتنا نية وشعوب
(5) الزفرة: أن يمتلئ صدر الرجل غما ثم يزفر به، أى يخرج نفسه بعد أن يمده.
(6) أقصر عنه إقصارا: كف وانتهى. وعت: جمعت. وهذا البيت فى ديوانه 115.
(7) يقال: فلان ناصح الجيب، أى نقى الصدر لا غش فيه. فالناصح: الخالص.
والجيب أصله جيب القميص والدرع، وهو قوارته. وفى الديوان 114:
ألا لا أبالى ما أجنت صدورهم ... إذا نصحت ممن أود جيوب
وكأن هذا ملفق من هذا البيت الذى نحن بصدده والبيت الوارد فى ص 156س 1.
(8) يبلو السرائر: يختبرها ويعرف صالحها من فاسدها. والسرائر: جمع سريرة، وهو ما تكنه القلوب من نيات، وما تتحدث به النفس. وفى الكتاب العزيز: «يوم تبلى السرائر». نبدى: نظهر من بدا يبدو. ونغيب: أراد نخفى. وأغاب بهذا المعنى لم يرد فى المعاجم المتداولة، وليس فيها إلا أغابت المرأة فهى مغيب: إذا غاب عنها زوجها. وفى الديوان 112:(2/158)
لقد كنت، ممن تصطفى النّفس خلّة ... لها دون خلّان الصّفاء نصيب (1)
ولكن تجنّيت الذّنوب ومن يرد ... بجدّ الهوى تعدد لديه ذنوب (2)
ولمّا وجدت الصّبر أبقى مودّة ... وطارت بأضغان إلىّ قلوب (3)
هجرت اجتنابا غير صرم ولا قلى ... أميمة مهجور إلىّ حبيب (4)
[قصة فيها تمثل بشعر ذى الرمة]
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدى عن أبيه عن جدّه قال: أخبرنى بعض أصحابنا قال:
اجتزت بناحية نجد على جارية من الأعراب، كأنّها فلقة قمر، تنظر عن عينين نجلاوين (5)، بأهداب كقوادم النّسر، (6) لم أرأ كمل جمالا منها، فوقفت أنظر إليها وبجنبها عجوز، فقالت العجوز: ما وقوفك على هذا الغزال النّجدىّ ولا حظّ لك فيه! فقالت الجارية: دعيه بالله يا أمّتاه يكن مثل ما قال ذو الرّمّة:
__________
* فيعلم ما يبدو له ويغيب *
أى ويغيب عنا.
(1) تصطفى: تختار وتستصفى. والخلة: الصاحب، والصاحبة. وفى الديوان:
«خلات الصفاء».
(2) تجنيت، من الجناية، يقال تجنى عليه ذنبا: إذا تقوله وهو برىء لم يفعله. وفى هامش م رواية: «تجنبت الذنوب ومن يرد». بالباء فى «تجنيت» وضبط «يرد» بضم الياء وكسر الراء.
(3) فى الديوان 104: «ولما وجدت الهجر» وكلاهما متجه، فالهجر وسيلة لإبقاء المودة إذ فيه إرضاء للعاذلين وتعمية لأبصارهم. والصبر على هجر الحبيب فيه إبقاء عليه أيضا.
(4) النجلاء، من النجل بالتحريك، وهو سعة شق العين فى حسن.
(5) الأهداب: جمع هدب. والهدب: جمع هدبة، وهى الواحدة من الشعر النابت على شفر العين.
(6) وقوادم النسر: ريشات أربع فى مقدم جناحه، واحدتها قادمة.(2/159)
خليلىّ عدّا حاجتى من هوا كما ... ومن ذا يواسى النّفس إلّا خليلها
ألّما بمىّ قبل أن تطرح النّوى ... بنا مطرحا، أو قبل بين يزيلها (1)
وإن لم يكن إلّا تعلّل ساعة ... قليلا فإنّى نافع لى قليلها (2)
[قصة عاشقين تقاطعا فى بيتين وتواصلا فى بيتين]
أخبرنا علىّ بن سليمان الأخفش قال: أخبرنا أحمد بن يحيى ثعلب قال:
أخبرنى حمّاد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلى، عن أبيه قال:
كان رجل من آل أبى جعفر (3) يعشق مغنّية (4)، فطال عليه أمرها وثقلت مؤونتها، فقال يوما لبعض إخوانه: إنّ هذه قد شغلتنى عن كثير من أمورى، فامض بنا إليها لأكاشفها وأتاركها، فقد وجدت بعض السّلوّ. فلمّا صار إليها قال: أتغنّين قول الشّاعر (5):
وكنت أحبّكم فسلوت عنكم ... عليكم فى دياركم السّلام
فقالت: لا، ولكنّى أغنّى قول القائل:
تحمّل أهلها منها فبانوا ... على آثار من ذهب العفاء (6)
__________
(1) يقال طرحت النوى به كل مطرح: إذا نأت به. والبين: الفراق. ونية طروح:
بعيدة. والأبيات فى ديوان ذى الرمة 550.
(2) تعلل بالأمر: تلهى به.
(3) يعنى أبا جعفر المنصور. وهذا الرجل هو محمد بن عيسى الجعفرى كما فى الأغانى 13: 113.
(4) هى بصبص جارية ابن نفيس، ذكر أبو الفرج أن المهدى اشتراها بسبعة عشر ألف دينار فولدت له علية بنت المهدى. الأغالى 13: 11.
(5) البيت لزهير فى ديوانه 58. بانوا: بعدوا. والبين: البعد. والعفاء: الدروس وذهاب الأثر. يقول: قد درست آثار ديارهم وبدا ذلك عنيها.
(6) والعفاء أيضا: التراب، وبه فسر الحديث: «إذا كان عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء».(2/160)
فاستحيا الفتى وأطرق، وازداد بها كلفا. فقال لها: أتغنّين قول القائل:
وأخضع للعتبى إذا كنت ظالما ... وإن ظلمت كنت الذى أتنصّل (1)
قالت نعم، وقول القائل:
فإن تقبلى بالودّ أقبل بمثله ... وإن تدبرى أذهب إلى حال باليا (2)
فتقاطعا فى بيتين، وتواصلا فى بيتين، ولم يشعر بهما أحد.
[حديث أبى العباس المبرد مع مجنون عاشق]
أخبرنا أبو الحسن علىّ بن سليمان الأخفش قال: أخبرنا أبو العباس المبرّد قال (3):
دخلت فى حداثتى أنا وصديق لى من أهل الأدب إلى بعض الدّيارات (4)
__________
(1) العتبى: الرجوع عن الإساءة إلى ما يرضى العاتب. والتنصل: التبرؤ من الذنب والاعتذار منه.
(2) البال: القلب، والنفس. وعجزه فى الأغانى 13: 113:
* وننزلكم منا بأقرب منزل *
(3) الخبر فى العقد 6: 167ومعجم البلدان 4: 182. وجاء أيضا فى ذم الهوى لابن الجوزى 537534منسوبا مرة إلى المبرد، ومرة أخرى إلى عبد الله بن عبد العزيز السامرى.
(4) الديارات: جمع لم تذكره المعاجم، وإن كان قد ذكره ياقوت فى البلدان 4: 122.
مفرده دير، وهو دار الرهبان والراهبات وقياس الجمع أديار. واستعمال «الديارات» قديم، منها هذا الموضع، ولعل أقدم استعمال له هو استعمال ابن الكلبى المتوفى سنة 204وكتابه «البيع والديارات». ابن النديم 142. وكذلك كتاب «الديارات» لأبى الفرج الأصبهانى.
الوفيات 1: 334. وكتاب «الديارات» للشابشتى المتوفى سنة 388، وقد طبع هذا الأخير بتحقيق العلامة كوركيس عواد فى بغداد سنة 1951م. وقد جمعت أيضا على «ديرة» وإن لم تذكرها المعاجم، وألفت بهذا الاسم عدة كتب. والنص فى العقد ومعجم البلدان: «اجتزت بدير هزقل».
(11أمالى الزجاجى)(2/161)
لنظر إلى مجانين وصفوا لنا فيه، فرأيت منهم عجائب، حتّى انتهينا إلى شابّ جالس حجرة منهم (1)، نظيف الوجه والثّياب، على حصير نظيف، بيده مرآة ومشط، وهو ينظر فى المرآة ويسرّح لحيته، فقلت: ما يقعدك ها هنا وأنت مباين لهؤلاء؟ فرفع طرفا وأمال آخر وأنشأ يقول:
الله يعلم أنّنى كمد ... لا أستطيع أبثّ ما أجد (2)
نفسان لى: نفس تقسّمها ... بلد وأخرى حازها بلد (3)
وإذا المقيمة ليس ينفعها ... صبر وليس لأختها جلد (4)
وأظنّ غائبتى كشاهدتى ... بمكانها تجد الذى أجد
فقلت له: أراك عاشقا. قال: أجل. قلت: لمن؟ قال: إنّك لسؤول.
قلت: محسن إن أخبرت. قال: إنّ أبى عقد لى على ابنة عمّ لى نكاحا فتوفّى قبل أن أزفّها (5)، وخلّف مالا عظيما، فقبض عمّى على جميع المال وحبسنى فى هذا الدّير، وزعم أنّى مجنون وقيّم الدّير فى خلال ذلك يقول لنا: احذروه، فإنّه الآن يتغيّر! ثم قال لى: بالله أنشدنى شيئا فإنّى أظنّك من أهل الأدب.
فقلت لرفيقى: أنشده. فأنشأ يقول:
قبلّت فاها على خوف مخالسة ... كقابس النّار لم يشعر من العجل (6)
__________
(1) يقال: قعد حجرة وحجرا، بفتح الحاء فيهما، أى ناحية.
(2) أى لا أستطيع أن أبت، وحذف «أن» مع رفع الفعل مذهب أجازه الأخفش.
الصبان 3: 215. وقرئ: «تأمرونى أعبد» بالرفع فى «أعبد». وبث الخبر: نشره.
(3) فى العقد والبلدان: «تضمنها».
(4) فى العقد: «وليس يفوقها». البلدان: «وليس يضرها».
(5) ضبطت فى م: «أزفها» بضبط البناء للمفعول، ولم يرد تعدية الفعل مجرده أو مزيده إلى مفعولين.
(6) روى بدلها فى العقد والبلدان وذم الهوى أبيات أخرى مضمومة الروى، أولها:
لما أنا خوا قبيل الصبح عيسهم ... ورحلوها وسارت بالدمى الإبل(2/162)
ماذا على رصد فى الدّار لو غفلوا ... عنّى فقبّلتها عشرا على مهل (1)
غضّى جفونك عنّى، وانظرى أمما ... فإنّما افتضح العشّاق بالمقل (2)
فقال لى: أبو من أنت جعلت فداك؟ فقلت: أبو العباس. قال:
يا أبا العبّاس، أنا وهذا الفتى فى الطّرفين (3): هذا مجاور من يهواه، مستقبل لما يناله منه، وأنا ناء مقصى، فبالله أنشدنى أنت شيئا. فلم يحضرنى فى الوقت غير قول ابن أبى ربيعة:
قالت سكينة والدّموع ذوارف ... تجرى على الخدّين والجلباب (4)
ليت المغيرىّ الذى لم أجزه ... فيما أطال تصبّرى وطلابى (5)
كانت تردّ لنا المنى أيامه ... إذ لا ألام على هوى وتصاب (6)
__________
(1) الرصد: اسم جمع للراصد، وهم الرقباء، وقيل: الرصد من الكلم الذى يستوى فيه الواحد والجمع والمؤنث. وربما قالوا أرصاد.
(2) الأمم: مقابل الشىء. يقال دارى أمم دره، أى مقابلتها.
(3) ط فقط: «فى طرفين».
(4) الأبيات فى ديوانه 427وأمالى الفالى 2: 24وأغانى أبى الفرج 16: 11.
ويفهم من كلام أبى الفرج أن الرواية الصحيحة فى البيت: «قالت سعيدة»، وفى البيت الخامس التالى «أسعيد» وكلاهما تصغير ترخيم لسعدى، وهى سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف، وللشعر على هذه الرواية قصة فى الأغانى، ثم قال أبو الفرج: «وإنما غيره المغنون».
يعنى قالوا فى روايته «سكينة» و «سكين»، وهى سكينة بنت الحسين بن على.
(5) المغيرى، هو عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة بن أبى أمية بن المغيرة، من بنى مخزوم بن يقظة بن مرة انظر جمهرة أنساب العرب 147146والخزانة 1: 240والأغانى 1: 28. وفى الديوان: «فيما أطال تصيدى». وفى الأمالى: «فيما أراد تصيدى». وفى الأغانى: «فيما أطال تصعدى»، وهذه محرفة. وقال البكرى فى اللآلىء 658تفسيرا لرواية الأمالى: «يحتمل أن يكون المعنى لم أجزه على تصيدى وطلابى فيما أراد، أى لم أساعفه وأوافقه فى ذلك. ويحتمل أن يكون تصيدى مفعولا بأراد».
(6) فى ط وجميع المراجع المتقدمة: «أيامنا» ورواية «أيامه» أوفق للتصريح فيها بالضمير الرابط العائد على المغيرى، وهو منوى فى رواية «أيامنا». أى معه. وفى جميع المراجع المتقدمة: «إذ لا نلام».(2/163)
خبّرت ما قالت فبتّ كأنما ... يرمى الحشى بصوائب النّشّاب (1)
أسكين ما ماء الفرات وطيبه ... منّى على ظمأ وحبّ شراب (2)
بألذّ منك وإن نأيت، وقلمّا ... يرعى النّساء أمانة الغيّاب
ثم قلت له: أنشدنا أنت شيئا آخر. فأنشأ يقول:
أبن لى أيّها الطّلل ... عن الأحباب ما فعلوا
ترى ساروا ترى نزلوا ... بأرض الشّام أو رحلوا
فقال له رفيقى مجونا ولعبا: ماتوا؟ فقال: ويلك، ماتوا؟ قال: نعم ماتوا. فاضطرب واحمّرت عيناه، فجعل يضرب برأسه الأرض ويقول: ويلك ماتوا! حتّى هالنا أمره وانصرفنا عنه.
ثم عدنا بعد أيام فسألنا عنه صاحب الدّير فقال: ما زالت تلك حاله إلى أن مات.
[بعض أمثال العرب وتفسيرها]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعىّ، قال:
__________
(1) الحشى: ما فى البطن وما تشتمل عليه. قال فى اللسان (18: 196): «وهو من ذوات الواو والياء، لأنه مما يثنى بالياء والواو. والجمع أحشاء». والصوائب: جمع صائبة، من قولهم: صاب السهم نحو الرمية يصوب صوبا: إذا قصد ولم ينزع عن القصد.
والنشاب: جمع نشابة بضم النون فيهما، وهى السهام. فى الأمالى: «بنوافذ النشاب»، وفى الديوان: «رمى الحشا بنوافذ النشاب». ولم يرو هذا البيت فى قصة الأغانى.
(2) سبق الكلام على رواية هذا البيت عند الكلام على البيت الأول. ورواية أخرى غريبة فى الأمالى 1: 30، روى فيها هذا البيت وتاليه غير منسوبين برواية:
أعلى ما ماء الفرات وبرده ... منى على ظمأ وففد شراب
على: مرخم علية. فهذه ثالثة.(2/164)
تقول العرب: رجع فلان على حافرته، ورجع أدراجه (1)، ورجع عوده على بدئه (2): إذا رجع فى الطّريق الذى جاء منها (3).
قال: والنّفير والجمع أنفار: القوم الذين ينفرون فى حوائجهم، وفى الغزو وغير ذلك. وقولهم: «لا فى العير ولا فى النّفير (4)» كلمة قيلت يوم بدر.
وجرى فى الإسلام كلام بين يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، وبين عمرو الأشدق (5) فقال عمرو ليزيد: اسكت فلست فى العير ولا فى النّفير؟ فقال يزيد لجلسائه: إنّ هذا الأحمق سمع كلمة فأحبّ أن يتمثّل بها، ولم يحسن أن يضعها موضعها يقول لى: لست فى العير ولا فى النفير، وصاحب العير جدّى أبو سفيان، وصاحب النّفير جدّى عتبة بن ربيعة!
__________
(1) أصل معنى الحافرة الأرض المحفورة، فاعلة بمعنى مفعولة، كما يقال ماء دافق أى مدفوق. اللسان (حفر 283282). وأما الأدراج فجمع درج بمعنى الطريق، ويقال أيضا: رجع فلان درجه، بالإفراد.
(2) ط، ش: «ورجع عوده ورجع على بدئه»، صوابه فى م.
(3) كذا فى جميع النسخ، وصف الطريق بالمذكر ثم أعاد عليه الضمير مؤنثا، ولا بأس به، فإن الطريق يذكر ويؤنث.
(4) انظر المثل فى الفاخر للمفضل بن سلمة 177والميدانى 2: 154واللسان (نفر 83). أما العير فهو القافلة التى أقبل بها أبو سفيان فى تجارة من الشام فندب رسول الله صلى الله عليه المسلمين للخروج معه إليها، وبسببها كانت غزوة بدر الكبرى. وأما النفير فهم القوم الذين نفروا من قريش لحماية هذا العير وتأمينه، وكان قائدهم عتبة بن ربيعة. ولم يكن تخلف من مشركى قريش عن العير أو النفير إلا ذو زمانة أو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لمهم: «فلان لا فى العير ولا فى النفير». وكان أبو سفيان قد قاله فى ذلك اليوم لبنى زهرة، إذ لم يشهد بدرا من المشركين من بنى زهرة أحد.
(5) هو عمرو بن سعيد بن العاصى بن سعيد بن العاصى بن أمية، وكان من أصحاب ابن الزبير، وكان واليا على المدينة، ودخل مصر سنة 65وأخذها لعبد الله بن الزبير.
وقتله عبد الملك بن مروان سنة 69. وسمى الأشدق لسعة شدقه، ولأنه كان خطيبا مفوها، وهو من الطبقة الثانية من تابعى أهل المدينة. جمهرة أنساب العرب 81والنجوم الزاهرة 1: 184.(2/165)
[مسألة: ما للجمال مشيها وئيدا]
أخبرنا أبو عبد الله نفطويه عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابىّ فى قول الشاعر (1):
ما للجمال مشيها وئيدا (2) ... أجندلا يحملن أم حديدا (3)
أم صرفانا باردا شديدا (4) ... أم الرّجال قبّصا قعودا (5)
قال أبو القاسم: أما قوله: «ما للجمال مشيها» فإنّه خفضه على البدل من الجمال، لاشتمال المعنى عليه، والتقدير: ما لمشى الجمال. «وئيدا»، أى ثقيلا، ونصب وئيدا على الحال. والقبّص (6): الجماعات، كأنّه جمع قابص، بمنزلة ضارب وضرّب، وصائم وصوّم. والقبص بكسر القاف وإسكان الباء: العدد الكثير من الناس. والصّرفان: الرّصاص، وبعض أهل اللغة يقول: الصّرفان: الموت (7)
__________
(1) هو الزباء ملكة الجزيرة، كما فى اللسان (وأد، صرف) والعينى 2: 448 والخزانة 3: 272وشروح سقط الزند 1823والحور العين 303ومروج الذهب 2:
96 - وأمثال الميدانى فى (خطب يسير فى خطب كبير) والأغانى 14: 73. قال أبو الفرج:
«وقيل إنه مصنوع منسوب إليها». ونسب الرجز فى أحد روايتى العينى إلى الخنساء بنت عمرو بن الشريد، وليس بشىء. ونسبه المبرد فى الكامل 279ليبسك إلى «قصير صاحب جذيمة». وفى حواشيه: «هذا وهم من أبى العباس، وإنما هو للزباء».
(2) البيت من شواهد النحاة الكوفيين فى تقدم الفاعل على فعله.
(3) الجندل: جمع جندلة، وهى الحجارة. قال أمية الهذلى:
تمر كجندلة المنجني ... ق يرمى بها السور يوم القتال
(4) ويروى: «تارزا». والتارز: اليابس الصلب.
(5) ويروى: «قبعا»: جمع قابع.
(6) فى جميع النسخ: «فالقبص»، تحريف.
(7) ط: «المؤن» ش: «المؤون»، صوابهما فى م واللسان (صرف).(2/166)
وقال بعضهم فى هذا البيت: الصّرفان: التّمر نفسه. وأكثر أهل اللّغة على القول الأوّل.
[قصيدة لابن الدمينة]
أنشدنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب، عن ابن الأعرابى، لابن الدّمينة:
قفى يا أميم القلب نقرأ تحيّة ... ونشكو الهوى ثمّ افعلى ما بدا لك (1)
فلو قلت طأ فى النّار أعلم أنّه ... هوى منك أو مدن لنا من نوالك (2)
لقدّمت رجلى نحوها فوطئتها ... هدى منك لى أو ضلّة من ضلالك
سلى البانة الغيناء بالأجرع الذى ... به البان، هل كلّمت أطلال دارك (3)
وهل قمت فى أطلالهنّ عشيّة ... مقام أخى البؤسى وآثرت ذلك (4)
ليهنك إمساكى بكفّى على الحشى ... ورقراق عينى خشية من زيالك (5)
__________
(1) ديوان ابن الدمينة 1713، و 168165ومراجع القصيدة فية 217 219. و «نقرأ تحية» هى رواية الهجرى ص 165من الديوان، مع رواية: «ونقض الهوى».
(2) هوى منك، تطابق رواية الهجرى ص 165. وفى ص 16من الديوان: «هدى منك لى أو غيه من ضلالك».
(3) الغيناء: الخضراء الكثيرة الورق الملتفة الأغصان الناعمة. ط، ش: «الغناء»، وهى الملتفة الكثيرة الورق والأغصان فإذا ضربتها الريح غنت، من الغنة. ويقال: روضة غناء: تمر الريح فيها غير صافية الصوت من كثافة عشبها والتفافه. انظر اللسان (غنن).
والبان: شجر سبط القوام لين، ورقه كورق الصفصاف، يشبه به الحسان فى الطول واللين.
المعجم الوسيط 1: 77.
(4) البؤسى: ضد النعمى، وهو البؤس. والبائس: المبتلى. ويروى: «مقام أخى البغضاء واخترت ذلك»، و «مقام أخى البأساء واخترت ذلك».
(5) ليهنك، أى ليهنئك من الهناءة، سهلت همزته ثم عومل معاملة المعتل. ورقراق الدمع: ما ترقرق منه، أى جاء وذهب. والزيال: المفارقة والمبارحة.(2/167)
أبينى: أفى يمنى يديك جعلتنى ... فأفرح، أم صيّرتنى فى شمالك
أرى الناس يرجون الرّبيع وإنّما ... رجائى الذى أرجو رجاء وصالك
فيابانة العليا أثيبى متيّما ... أخا سقم لبّيته فى ظلالك (1)
أأذهب غضبانا وأرجع راضيا، ... وأقسم ما أرضيتنى بنوالك
[رثاء سكينة بنت الحسين لأبيها]
أنشدنا أبو بكر بن دريد عن أبى حاتم سهل بن محمد السجستانىّ، لسكينة بنت الحسين بن علىّ بن أبى طالب (2) رضوان الله عليهم:
لا تعذليه فهمّ قاطع طرقه ... فعينه بدموع ذرّف غدقه (3)
إنّ الحسين غداة الطّفّ يرشقه ... ريب المنون فما إن يخطئ الحدقه (4)
__________
(1) لباه: أجابه وقال له لبيك، أى طاعة لك. ط فقط: «لببته». وفى الديوان 14: «لبسته فى حبالك»، و «ألبسته بحبالك» و «أنشبته فى حبالك».
(2) قيل: سكينة لقب لها، واسمها آمنة. وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى.
وفيها وفى الرباب يقول الحسين على:
لعمرك إننى لأحب دارا ... تكون بها سكينة والرباب
وكان سكينة ذات جمال مشهور ومشاركة ظاهرة فى الحياة الأدبية والاجتماعية فى عصرها، فكانت تحكم فى شعر جرير والفرزدق وجرير وكثير ونصيب والأحوص. الأغانى 14: 169.
وكان لها حديث مع المغنين أمثال ابن سريج والغريض. وذكرها أبو الحسن المداينى فى كتاب المردفات من قريش (نوادر المخطوطات 1: 6964) وساق أخبار زواجها من عبد الله بن الحسن، ثم مصعب بن الزبير، ثم عبد الله بن عثمان بن عبد الله، ثم الأصبغ بن عبد العزيز ثم زيد بن عمرو بن عثمان، ثم إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
(3) ذرف الدمع: جرى، ويقال أيضا ذرفت العين الدمع. والغدقة: الكثيرة الدمع الغزيرته.
(4) الطف: أرض من ضاحية الكوفة فى طريق البرية، وفيها كان مقتل الحسين بن على رضى الله عنه. وانظر لمقتل الحسين كتب التاريخ فى حوادث سنة 61ومقاتل الطالبيين 12295والميدانى 2: 354.(2/168)
بكفّ شرّ عباد الله كلّهم ... نسل البغايا وجيش المرّق الفسقه (1)
يا أمّة السّوء هاتوا ما احتجاجكم ... غدا وجلّكم بالسّيف قد صفقه (2)
الويل حلّ بكم إلّا بمن لحقه ... صيّرتموه لأرماح العدا درقه (3)
يا عين فاحتفلى طول الحياة دما ... لا تبك ولدا ولا أهلا ولا رفقه (4)
لكن على ابن رسول الله فانسكبى ... قيحا ودمعا وفى إثريهما العلقه (5)
[لأبى نواس]
أنشدنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش، لأبى نواس (6):
أعاذل أعتبت الإمام وأعتبا ... وأعربت عمّا فى الضمير وأعربا (7)
وقلت لساقينا أجزها فلم أكن ... ليأبى أمير المؤمنين وأشربا
فجوّزها عنى عقارا ترى لها ... إلى الشّرف الأعلى شعاعا مطنّبا (8)
__________
(1) المرق: جمع مارق، وهو الخارج على جماعة المسلمين.
(2) صفقه بالسيف: ضربه.
(3) الدرقة: ترس من جلود يتقى به فى الحرب.
(4) يقال احتفل الوادى بالسيل: امتلأ. والرفقة: بتثليت الراء: الجماعة المترافقون، وضم الفاء للشعر.
(5) العلقه، بالتحريك: القطعة من العلق، وهو الدم الغليظ.
(6) ديوانه 244وزهر الأداب 416وأخبار أبى نواس لأبى هفان 26.
أنشدها الأمين وكان قد أمر الساقى أن يسقى القوم ولا يسقيه، فقال: يا أمير المؤمنين ولم؟ قال:
لأنك تصف الغلام إذا ناولك الكأس بأنه قد سقاك كأسين: كأسا بعينيه وكأسا بيده، وتذكر أنك جمشته، فهات الآن ما عسى أن تقول إذا لم يسقك. فأنشده هذه الأبيات.
(7) أعتبه: أعطاه العتبى ورجع إلى مسرته، وترك ما كان يجد عليه من أجله.
وأعرب: أبان.
(8) العقار: الخمر قد عاقرت الدن ولزمته. وفى الديوان وزهر الآداب: «سلافا».
والشرف: الموضع العالى يشرف على ما حوله وفى الديوان: «إلى الأفق الأعلى»، وفى زهر الآداب: «لدى الشرف الأعلى». والمطنب، من قولهم: طنب بالمكان تطنيبا: أقام به، ويقال عسكر مطنب: لا يرى أقصاه من كثرته.(2/169)
إذا عبّ فيها شارب القوم خلته ... يقبّل فى داج من اللّيل كوكبا (1)
ترى حيث ما كانت من البيت مشرقا ... وما لم تكن فيه من البيت مغربا (2)
يطوف بها ساق أغنّ ترى له ... على مستدار الخد صدغا معقربا (3)
سقاهم ومنّانى بعينيه منية ... فكانت إلى نفسى ألذّ وأعجبا (4)
[لابن الرومى]
أنشدنا الأخفش لابن الرّومىّ:
ومهفهف تمت محاسنه ... حتّى تجاوز منية النّفس (5)
تصبو الكؤوس إلى مراشفه ... وتهشّ فى يده إلى الحبس (6)
أبصرته والكأس بين فم ... منه وبين أنامل خمس
__________
(1) قيل فى هذا البيت: إنه أشعر ما قيل فى الخمر. أخبار أبى نواس لابن منظور 60.
وفى سرقات أبى نواس لمهلهل بن يموت 85أنه أخذه من قول الخليع:
كأنما نصب كأسه قمر ... يكرع في بعض أنجم الفلك
وانظر أشعار الخليع ص 88.
(2) وهذا أيضا قيل إنه أشعر ما قيل فى الخمر. أخبار أبى نواس لابن منظور 60.
وانظر ديوان المعانى 1: 305. وفى سرقات أبى نواس 87أنه أخذه من قول قيس بن الخطيم:
قضى لها الله حين صورها ال ... خالق ألا يكنها سدف
(3) الأغن: الذى فى صوته غنة، وهو صوت الخيشوم. وفى الديوان: «على مستدار الأذن». والصدغ، بالضم: أراد به شعر الصدغ، وهو جانب الوجه من العين إلى الأذن. وفى اللسان: «وصدغ معقرب بفتح الراء، أى معطوف. وشىء معقرب: معوج».
(4) فى جميع المراجع المتقدمة: «فكانت إلى قلبى ألذ وأطييا».
(5) ديوانه 107وزهر الاداب 417وديوان المعانى 1: 306. ويروى:
«كملت محاسنه».
(6) تهش، من الهشاشة، وهى السرور والارتياح والاشتهاء. أى تتمنى أن تكون حييسة على مراشفه متمتعة بها.(2/170)
فكأنها وكأنّ شاربها ... قمر يقبّل عارض الشّمس (1)
[لعبد الله بن المعتز]
أنشدنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولى لعبد الله بن المعتز:
بشّر بالصّبح طائر هتفا ... معتنقا للجدار مشترفا (2)
مبشّرا بالصّبوح صاح بنا ... كخاطب فوق منبر هتفا
صوّت إما ارتياحة لسنا ال ... فجر وإما على الدّجا أسفا
فاشرب عقارا كأنّها قبس ... قد سبك الدّهر تبرها فصفا
من كفّ ساق حلو شمائله ... مقلّب لحظ عينه صلفا (3)
[هجاء أبى العباس المبرد لابن زرزور المغنى]
أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن النّجم الشّرابىّ قال:
كنّا فى مجلس أبى العباس المبرّد فى يوم شات شديد البرد، فمرّ بنا إسماعيل ابن زرزور المغنّى، وعليه غلالة قصب (4)، وكرحك ديباج (5)، وعلى رأسه منديل
__________
(1) فى ديوان المعانى 1: 306أنه أخذ هذا المعنى من أبى نواس وأحسن، إذ جعل الشارب قمرا وليس هذا فى بيت أبى نواس، وهو قوله:
إذا عب فيها شارب القوم خلته ... يقبل فى داج من الليل كوكبا
(2) ديوان ابن المعتز 54. والمشترف: المشرف العالى. وفى القاموس: «وفرس مشترف: مشرف الخلق».
(3) الصلف: الغلو فى الظرف والزيادة على المقدار مع تكبر.
(4) الغلالة: الثوب يلبس تحت الثياب. والقصب: ثياب تتخذ من كتان رقاق ناعمة، واحدها قصى، مثل عرب وعربى.
(5) الكرحك، كذا ورد مضبوطا فى م. ويبدو أنه ضرب من الثياب.(2/171)
دبيقىّ (1)، وفى رجليه نعل صرارة (2) فمرّ ولم يسلّم، فقال لنا المبرد: من هذا؟
فقلنا: ابن زرزور المغنّى. فقال: اكتبوا:
غناؤك يكسبك التزنيه ... وصفعا وطردا من الأفنيه
وقذفك أجمل من أن تبرّ ... وشتمك أولى من التّكنيه
فيوم ولادك للتّعزيات ... ويوم حمامك للتهنيه (3)
[لابن بسام فى هجاء المغنين]
وأنشدنا غيره لابن بسّام (4):
سيّان من بالصّفع مكسبه ... أو من له بغنائه وفر (5)
حالاهما فى الكسب واحدة ... ما بين مكتسبيهما فتر (6)
__________
(1) الدبيقى، نسبة إلى دبيق، بفتح الدال، وهى بليدة كانت بين الفرما وتنيس من أعمال مصر، تنسب إليها الثياب الدبيقية.
(2) من الصرير، وهو التصويت.
(3) الولاد: الولادة. والحمام، بالكسر: الموت.
(4) هو على بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام البغدادى، وهو ابن أخت أحمد بن حمدون الكاتب، وله هجاء خبيث استنفده فى هجاء والده وهجاء الخلفاء والوزراء وجلة الناس توفى سنة 203. معجم المرزبانى 295294والوفيات 1: 352وفوات الوفيات 2: 105وتاريخ بغداد 12: 63. وانظر بعض أخباره فى طبقات الشعراء لابن المعتز 387الوجمع الجواهر للحصرى 181179وخاص الخاص للثعالبى 109108.
(5) الوفر: المال الوافر الكثير.
(6) أى ليس بينهما مقدار فتر. والفتر، بالكسر: ما بين طرف الإبهام والسبابة إذا فتحتهما.(2/172)
[تفسير آية من سورة الكهف]
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: حدثنا إسحاق بن محمد، عن الحسين ابن محمد، عن شيبان عن قتادة، فى قول الله عز وجل: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذََا طَلَعَتْ تَتَزََاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذََاتَ الْيَمِينِ} [1] يقول: تميل عنهم {وَإِذََا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذََاتَ الشِّمََالِ} قال: معناه تدعهم ذات الشّمال {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ}
يقول: فى فضاء من الغار.
قال أبو القاسم: أصل تزّاور تتزاور فأبدلت التاء الثانية زايا وأدغمت فى التى بعدها فقيل تزّاور. والأزور: المائل. وفى «تقرضهم» أقوال: قال بعض أهل العلم باللغة: معناه تدعهم ذات الشّمال، كما قال قتادة. وقال آخرون:
تجاوزهم فتخلفهم ذات الشّمال، وهو مذهب أبى عبيدة. قال: ويقال هل مررت بمكان كذا وكذا؟ فيقول المسؤول: قرضته ليلا: أى جاوزته ليلا. وأنشد غيره لذى الرّمّة:
إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف ... سراعا وعن أيمانهنّ الفوارس (2)
وقال آخرون: تقرضهم ذات الشّمال: أى تعدل عنهم.
__________
(1) الآية 17من سورة الكهف. وقراءة تشديد الزاى هى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو. وقرأ عاصم وحمزة والكسائى: «تزاور» بتخفيف الزاى، وقرأ ابن عامر:
«تزور» على وزن تحمر. تفسير أبى حيان 6: 107.
(2) ديوان ذى الرمة 313واللسان والصحاح (قرض). وقبله:
نظرت بجرعاء السبيبة نظرة ... ضحى وسواد العين فى الماء غامس
والأجواز: جمع جوز، وهو الوسط. ومشرف والفوارس: موضعان. وانظر اللسان (فرس) حيث أنشد البيت مرة أخرى وتكلم على ذى الفوارس. وذكر ياقوت (الفوارس) وقال: «وهى حبال رمل بالدهناء»، وأنشد عجز البيت بدون نسبة.(2/173)
وحكى ابن شقير عن ثعلب أنّه قال: قال الكسائىّ والفراء: هو من المحاذاة، يقال: قرضنى الشىء وحذانى، يقرضنى ويحذونى، وحاذانى يحاذينى، بمعنى واحد. ويقال: غربت الشمس غروبا، وغابت غيوبا وغيابا وغيبا ومغيبا، ووجبت وجوبا، وآبت إيابا، ووقبت وقوبا، وقنبت قنوبا، وقسبت قسوبا وألقت يدا فى كافر (1)، كلّ ذلك بمعنى واحد. ويقال: أفل الكوكب يأفل ويأفل أفلا وأفولا، وغرب، وغاب، واغتمس، وخفق. فإذا دنت الشّمس للغروب ولمّا تغب قيل: زبّت وأزبّت (2)، وتضّيفت، وماتت، وجنحت، وطفلت.
[كلمة على بن أبى طالب بعد وفاة رسول الله]
أخبرنا علىّ بن سليمان، وأبو إسحاق الزّجاج، قالا: أخبرنا محمد بن يزيد المبرد قال:
حدّثنا من غير وجه، بألفاظ مختلفة ومعان متّفقة، وبعضها يزيد على بعض:
أنّه لما مات النبىّ صلى الله عليه وسلم تولّى غسله العباس وعلىّ والفضل (3)، قال علىّ: فلم أره يعتاد فاه من التغيّر ما يعتاد الموتى. فلما فرغ من غسله كشف علىّ الإزار عن وجهه ثم قال (4):
__________
(1) الكافر: الليل المظلم، لأنه يكفر بظلمته كل شىء. والكفر: الستر والتغطية.
قال لبيد:
حتى إذا ألقت يدا فى كافر ... وأجن عورات الثغور ظلامها
(2) وزببت أيضا بالتضعيف.
(3) هو الفضل بن العباس بن عبد المطلب. سيرة ابن هشام 1018وسيرة ابن سيد الناس 2: 339وجمهرة أنساب العرب 18وابن أبى الحديد 3: 192.
(4) الخطبة التالية فى نهج البلاغة بشرح ابن أبى الحديد 3: 188.(2/174)
بأبى أنت وأمّى، طبت حيّا وطبت ميّتا، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من الأنبياء والنبوّة (1). خصصت حتّى صرت مسلّيا عمّن سواك (2)، وعممت حتّى صارت الرزيّة فيك سواء (3)، ولولا أنّك أمرت بالصّبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك الشّؤون (4) ولكن ما لابدّ منه كمد وإدبار محالفان (5)، وهما الداء الأجلّ، وقلّا والله لك، بأبى أنت وأمّى، اذكرنا عند ربّك، واجعلنا من همّك (6).
ثمّ لمح قذاة فى عينه ففظها بلسانه، وردّ الإزار على وجهه.
قال أبو القاسم: الشّؤون: الدّموع، واحدها شأن ويقال هى مجارى الدّموع. ويقال: هى قبائل الرأس ومنها ابتداء مجارى الدموع، ثم سمّيت الدّموع شؤونا لذلك. وينشد لأوس بن حجر:
لا تحزنينى بالفراق فإنّنى ... لا تستهلّ من الفراق شؤونى (7)
__________
(1) فى نهج البلاغة: «من النبوة والأنباء، وأخبار السماء».
(2) أى خصت مصيبتك أهل بيتك حتى إنهم لا يكترثون بما يصيبهم بعدك من المصائب.
ونحوه قول ابن المقفع (الحماسة 864بشرح المرزوقى):
لقد جر نفعا فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع
(3) عممت، أى عمت هذه المصيبة الناس حتى استوى الخلائق كلهم فيها. وفى نهج البلاغة: «حتى صار الناس فيك سواء».
(4) فى نهج البلاغة: «ماء الشؤون». وانظر ما سيأتى من تفسير.
(5) نهج البلاغة: «ولكان الداء مما طلا والكمد محالفا».
(6) نهج البلاغة: «واجعلنا من بالك».
(7) ديوان أوس ص 129واللسان (هلل، شأن) والمخصص 1: 57 والكامل 186وشروح سقط الزند 892، 893، 1238، 1239. واستهلت العين: دمعت.(2/175)
[وصية على بن أبى طالب للحسن والحسين ومحمد بن الحنفية]
أخبرنا علىّ بن سليمان وإبراهيم بن السرىّ، عن محمد بن يزيد قال:
حدّث لوط بن يحيى عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه، قال:
دخلت على علىّ بن أبى طالب رضوان الله عليه، حين ضربه ابن ملجم أسأل به (1) فلم أجلس عنده لأنّه دخلت عليه بنت له مستترة، فدعا الحسن والحسين رضوان الله عليهما ثم قال لهما:
أوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا للدّنيا (2) وإن بغتكما، ولا تبكيا على شىء زوى عنكما منها (3). قولا الحقّ، وارحما اليتيم، وأعينا الصّانع واصنعا للأخرق (4)، وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا، ولا تأخذ كما فى الله لومة لائم.
نم نظر إلى ابن الحنفيّة (5) فقال: أسمعت ما وصّيتهما به؟ قال: نعم. قال:
وأوصيك بمثله، وبتزيين أمر أخويك، ولا تقطع أمرا دونهما.
ثم قال لهما: وأوصيكما به فإنّه شقيقكما (6) وابن أبيكما، وقد علمتما أنّ أباه كان يحبّه، فأحبّاه.
__________
(1) يقال: سأل به، أى عنه. وفى التنزيل العزيز: «الرحمن فاسأل به خبيرا».
(2) حورها الشنقيطى فى نسخته إلى «الدنيا».
(3) زوى: طوى ونحى.
(4) الأخرق: الجاهل بما يعمله لا يحسن عمله.
(5) هو محمد أخو الحسن والحسين من أبيهما، وأمه خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفية، نسبب إليها. وأم الحسن والحسين فاطمة بنت رسول الله. جمهرة أنساب العرب 37.
(6) أى بمنزلة الشقيق.(2/176)
[لأبى العتاهية يعاتب عمرو بن مسعدة]
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدىّ قال: أخبرنى عمى الفضل ابن محمد عن أبيه، عن أبى محمد اليزيدىّ قال:
لحق أبا العتاهية جفاء من عمرو بن مسعدة (1) فكتب إليه:
غنيت عن الودّ القديم غنيتا ... وضيّعت عهدا كان لى ونسيتا (2)
تجاهلت عمّا كنت تحسن وصفه ... ومتّ عن الإحسان حين حييتا
وقد كنت بى أيام ضعف من القوى ... أبرّ وأوفى منك حين قويتا (3)
عهدتك فى غير الولاية حافظا ... فأغلقت باب الودّ حين وليتا
ومن عجب الأيّام أن باد من يفى ... ومن كنت ترعانى له وبقيتا (4)
__________
(1) هو أبو الفضل عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول، ابن عم إبراهيم بن العباس الصولى. كان من جملة كتاب المأمون الشعراء البلغاء، وسماه بعض الشعراء وزيرا لعظم منزلته، لا لأنه كان وزيرا، وهو قوله:
أسعد الله الوزير ابن مسعده ... وبث له فى الناس شكرا ومحمده
ومات فى خلافة المأمون بأذنة، سنة 217. تاريخ بغداد 12: 205ومعجم الأدباء 16: 131127ومعجم المرزبانى 219وابن خلكان 1: 390.
(2) فى الأغانى 3: 130: كان مجاشع بن مسعدة أخو عمرو بن مسعدة صديقا لأبى العتاهية، فكان يقوم بحوائجه كلها ويخلص مودته، فمات وعرضت لأبى العتاهية حاجة إلى أخيه عمرو بن مسعدة، فتباطأ فيها، فكتب إليه أبو العتاهية هذا الشعر فقال عمرو:
استطال أبو إسحاق أعمارنا وتوعدنا، وما بعد هذا خير. ثم قضى حاجته. وانظر الأبيات فى ملحقات ديوانه 348والصناعتين 117وزهر الآداب 828. وفى الصناعتين:
«وضعيت ودا».
(3) فى زهر الآداب: «وقد كنت لى» وفى الديوان: «وقد كنت فى».
(4) فى الديوان والأغانى: «أن مات مألفى ومن كنت تغشانى به»، وفى الصناعتين:
«ومن أعجب الاشياء أن مات مألفى».
وقد نقد هذا البيت صاحب الصناعتين، قال: «وليس من العجب أن يموت إنسان ويبقى بعده إنسان آخر، بل هذه عادة الدنيا والمعهود من أمرها، ولو قال: من ظلم الأيام، كان المعنى مستويا».
(12أمالى الزجاجى)(2/177)
غناك لمن يرجوك فقر وفاقة ... وذلّ ويأس منك يوم رجيتا (1)
قال أبو القاسم أخبرنا أبو عبد الله اليزيدىّ قال: أخبرنى عمى الفضل ابن محمد، عن أبيه عن جده قال:
ولّى النعمان بن المنذر بعض الأعراب باب الحيرة مما يلى البرّيّة، فصاد ضبّا فبعث به (2) إلى النّعمان وكتب إليه (3):
جبى المال عمّال الخراج وجبوتى ... مقطّعة الآذان صفر الشّواكل (4)
رعين الرّبا والبقل حتّى كأنّما ... كساهنّ سلطان ثياب المراجل (5)
__________
(1) لم يرد هذا البيت فى شىء من المراجع السابقة.
(2) ش مع أثر تصحيح: «ضبابا فبعث بها».
(3) القصة بوجه آخر فى الاقتضاب لابن السيد 355. فقد ذكر أن الشعر لحمران ذى الغصة، وكان خالد بن عبد الله القسرى ولاه بعض البوادى، فلما جاء المهرجان أهدى كل عامل إليه ما جرت عادة العمال بإهدائه، وأهدى إليه حمران قفصا مملوءا ضبابا. وروى رواية أخرى، وهى أن أبا عمرو الشيبانى ذكر فى كتاب الحروف أن ابن هبيرة استعمل رجلا من أهله على ناحية البادية فأهدى إليه فى المهرجان ضبين وكتب إليه بهذا الشعر. (أقول ابن هبيرة هذا هو عمر بن هبيرة الفزارى، ولى العراقين ليزيد بن عبد الملك سنة ستين، وعزله هشام سنة 105. وفى اللسان (ترك) نسبه الشعر إلى أبى الحجاج، ونقل عن ابن برى أنها لحمران ذى الغصة، وكان قد أهدى ضبابا إلى خالد بن عبد الله القسرى. وانظر الحيوان 4: 164/ 6: 73وأدب الكاتب 154وعيون الأخبار 2: 98والمخصص 8: 97 ومعجم الأدباء 9: 161ومحاضرات الراغب 2: 303.
(4) الجبوة، بالكسر: ما يجبى ويجمع فى الخراج. وفى معظم الروايات: «محذفة الأذناب».
(5) ويروى: «الدبا»، والدبا، بالفتح: الجراد. وبذلك فسره ابن السيد عند إنشاد البيت. والمراجل: ضرب من برود اليمن موشى بصور المراجل، وهى القدور. وقالوا أيضا ثوب ممرجل، موشى بصور المراجل. وروى أيضا «المراحل» بالحاء المهملة، جمع مرحل كمعظم، وهى ضرب من برود اليمن، سمى مرحلا لأن عليه تصاوير الرحال وانظر ما سيأتى من تفسير الزجاجى.(2/178)
قال أبو القاسم: الرّبا جمع ربوة، وهو ما ارتفع من الأرض، يقال ربوة، وربوه، وربوة، ورباوة (1)، ويروى فى بعض التفاسير إنّ المعنى لقول الله عز وجل: {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ} [2]: دمشق. والشّواكل:
جمع شاكلة، وهى الخاصرة. وثياب المراجل: ثياب مخطّطة تعمل باليمن.
ويقال إنّ المراجل موضع هناك تعمل فيه هذه الثّياب، فنسبت إليه.
[أبيات للمؤمل بن أميل]
أنشدنا نفطويه للمؤمّل (3):
لا تغضبنّ على قوم تحبّهم ... فليس منك عليهم ينفع الغضب
ولا تخاصمهم يوما وإن ظلموا ... إنّ الولاة إذا ما خوصموا غلبوا
يا جائرين علينا فى حكومتهم ... والجور أقبح ما يؤتى ويرتكب
لسنا إلى غيركم منكم نفرّ إذا ... جرتم ولكن إليكم منكم الهرب
وهذا بعينه قول البحترى (4):
يا ظالما لى بغير جرم ... إليك من ظلمك المفرّ
وهذا المعنى مستنبط من كتاب الله عز وجل: {فَفِرُّوا إِلَى اللََّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [5].
__________
(1) الرباوة أيضا مثلثة الراء، كما فى اللسان والقاموس.
(2) الآية 50من سورة المؤمنين.
(3) المؤمل بن أمبل، سبقت ترجمته فى 94.
(4) من مقدمة قصيدة له فى ديوانه 216يمدح بها المتوكل.
(5) الآية 50من الذاريات.(2/179)
[لأبى العتاهية فى الزهد]
أنشدنا نفطويه، لأبى العتاهية:
كتب الفناء على البرية ربّها ... والناس بين مقدّم ومخلّف (1)
سبحان ذى الملكوت أية ليلة ... مخضت بوجه صباح يوم الموقف (2)
[حديث وخبر فيما يكره من البكاء ونحوه على الميت]
حدثنا عبد الله بن محمد النّيسابورى قال: حدّثنا على بن سعيد بن جرير النسائى قال: حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن عبد الملك ابن عمير، عن ربعىّ (3):
أنّ أبا موسى (4) أغمى عليه، فبكته امرأته، فقال: أبرأ إليكم ممّا برىء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ممن حلق، وسلق، وخرق.
__________
(1) البيت لم يرو فى ديوان أبى العتاهية. وتاليه فى الديوان 165مع بيت يثنيه بعده، وهو:
لو أن عينا شاهدت من نفسها ... يوم الحساب تمثلا لم تطرف
(2) الملكوت: الملك والسلطان والعظمة. مخضت الحامل بولدها: جاءها المخاض، وهو وجع الولادة، وبابه سمع، والمصدر مخاض كسماع، وتكسر ميم المصدر أيضا. ويوم الموقف هو يوم القيامة. وفى الديوان:
لله در أبيك أية ليلة ... مخضت صبيحتها بيوم الموقف
(3) هو ربعى بن حراش، بكسر الحاء المهملة، الكوفى. روى عن عمر، وعلى، وابن مسعود، وأبى موسى الأشعرى وغيرهم، وعنه عبد الملك بن عمير، والشعبى، ومنصور بن المعتمر وغيرهم. توفى سنة 110. تهذيب التهذيب 3: 236.
(4) هو أبو موسى الأشعرى، واسمه عبد الله بن قيس، الصحابى الجليل، وأحد الولاة الفاتحين، وأحد الحكمين اللذين رضيهما على ومعاوية بعد حرب صفين، استخلفه عمر على البصرة فعلم الناس وفقههم، وولى الكوفة زمن عثمان، وفيه يقول رسول الله: «لقد أوتى هذا مزمارا من مزامير آل داود». توفى سنة 42وله ثلاث وستون سنة. الإصابة 4889 وتهذيب التهذيب 5: 363362.(2/180)
قال أبو القاسم: أمّا قوله حلق فمن حلق الرأس للنّساء على الميّت. وأما السّلق فرفع الصّوت بالبكاء والعويل. قال الله عزّ وجلّ: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدََادٍ} [1]. وكذلك النّقع: رفع الصّوت بالبكاء وهذا كان منهيّا عنه فى أوّل الإسلام أعنى البكاء على الميّت ثم رخّص فيه مالم يكن مفرطا متجاوزا للقدر المعتاد بالصّراخ والعويل.
قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: «ما على نساء بنى المغيرة أن يهرقن على أبى سليمان من دموعهنّ ما لم يكن نقع ولا لقلقة».
فالنّقع ما ذكرنا. واللّقلقة: تحريك اللّسان والولولة. وأبو سليمان: خالد ابن الوليد بن المغيرة (2).
والسّلق بفتح اللام والسين: المستوى من الأرض وجمعه سلقان (3).
والفلق: مطمئنّ بين ربوتين، وجمعه فلقان.
[جوابات نافع بن خليفة الغنوى لمروان بن الحكم]
أخبرنا على بن سليمان الأخفش قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الأعرابىّ قال:
__________
(1) الآية 19من سورة الأحزاب.
(2) هو سيف الله خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، كان أحد أشراف قريش فى الجاهلية، وكانت إليه أعنة الخيل فى الجاهلية، وشهد مع كفار قريش الغزوات إلى عمرة الحديبية، ثم أسلم قبل فتح مكة فكان دعامة عظيمة من دعائم الإسلام، فولاه الرسول الكريم خيل المسلمين. ولما ولى أبو بكر وجهه لقتال المرتدين ثم إلى العراق ففتح الحيرة وجانبا عظيما منه، ثم سيره إلى الشام أميرا، فلما استخلف عمر عزله بأبى عبيدة، فقاتل تحت إمرته إلى أن تم لهما فتحه. وتوفى سنة 21. الإصابة والاستيعاب.
(3) نظير خلق وخلقان.(2/181)
اجتمعت غنىّ وبنو نمير بالمدينة عند مروان بن الحكم، فى دم نسيب بن سالم النّميرى، وكانت غنىّ قتلته خطأ، فتنازع القوم عند مروان وهو والى المدينة، وكان نافع بن خليفة الغنوىّ أحدث أصحابه سنّا، فجعل يدخل فى كلامهم، فنهاه مروان وقال له: اسكت! فقال له: ليس مثلى يسكت فى هذا المكان. فقال: ما أحوجك إلى أن يقطع لسانك. قال: ما ذاك برافق بالخطيب (1)! ثمّ تكلم القوم فتكلّم نافع فقال له مروان: ما أحوجك إلى أن تنزع ثنيّتاك! قال: ولم، فوالله ما أكلنا من خبيث، ولا نبتتا من عضاض (2) (ويقال نتتا ونبتتا (3)). قال: وإنّك لذو عضاض يا أعرابىّ، ما أظنّك تعرف الصّلاة! قال:
إنّ الصّلاة أربع وأربع ... ثم ثلاث بعدهنّ أربع
ثم صلاة الصّبح لا تضيّع (4)
قال: ما أظنّك تحسن أن تأتى الغائط. قال: إنى لأبعد المذهب (5)، وأستقبل الرّيح، وأخوّى تخوية النّسر (6)، وأمتشّ بثلاثة أحجار بشمالى (7).
__________
(1) يقال: هذا الأمر بك رفيق ورافق، وكذا رافق عليك، كما فى اللسان والمعجم الوسيط (رفق)، أى نافع. ط فقط: «برفق» تحريف.
(2) العضاض، بالكسر: العض.
(3) نتتا، أى نتأنا. والنتوء: الظهور والبروز.
(4) فى عيون الأخبار 2: 61والعقد 3: 448: «ثم صلاة الفجر»، وقد سبق فى هذين الكتابين هذا الجزء من الخبر وبعده: «قال: قد صدقت فسل. قال: كم فقار ظهرك؟ قال: لا أدرى. قال: أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك». وبذلك ينتهى الخبر فيهما.
(5) المذهب: الحلاء والمرحاض.
(6) التخوية: أن يجافى بطنه عن فخذيه، وتخوية النسر والطير: أن يقع فيبسط جناحيه ويمد رجليه.
(7) الامتشاش: أن يزيل الأذى عنه بحجر أو مدر.(2/182)
[حديث مروان وقطية بنت بشر]
قال مروان (1) لامرأته قطيّة بنت بشر (2): لدى مثل خالك الأشغى (3).
فبعثت إليه وإلى أصحابه بأدهان وطعام.
[حديث غار حراء]
حدثنا محمد بن محمود الواسطى قال: حدثنا أبو إسماعيل التّرمذى (4) قال:
حدثنا عفّان بن همام، عن ثابت، عن أنس، أنّ أبا بكر رضى الله عنه حدّثه قال:
قلت للنبىّ صلى الله عليه وسلم ونحن فى الغار: لو أنّ أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه. فقال: «يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما».
[للغنوى فى ذم الحاضرة]
أنشدنا ابن شقير النّحوىّ قال: أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابىّ للغنوىّ (5).
__________
(1) هو مروان بن الحكم.
(2) قطية بنت بشر بن عامر ملاعب الأسنة بن مالك بن جعفر بن كلاب. جمهرة أنساب العرب 87، 286ونسب قريش للمصعب 161. وقد ولدت له بشر بن مروان صاحب العراق.
(3) الأشغى، من الشغا، وهو اختلاف نبتة الأسنان.
(4) أبو إسماعيل الترمذى هذا هو شيخ الترمذى صاحب السنن، اتفقا فى النسبة، وروى عنه النسائى فى سننه، واسمه محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمى، وكان حافظا، توفى سنة 280. تهذيب التهذيب 9: 62وتذكرة الحفاظ 2: 163. وأما الترمذى صاحب السنن فهو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمى. توفى سنة 279. تهذيب التهذيب 9: 388وتذكرة الحفاظ 2: 187ونكت الهميان 264.
(5) هو زياد بن خليفة الغنوى، كما فى معجم البلدان (جوخى) حيث ساق الأبيات(2/183)
هبطنا بلادا ذات حمّى وحصبة ... وموم وإخوان مبين عقوقها (1)
سوى أنّ أقواما من الناس وطّشوا ... بأشياء لم يذهب ضلالا طريقها (2)
وقالوا: عليكم حبّ جوخى وسوقها ... وما أنا أم ماحبّ جوخى وسوقها (3)
قال أبو القاسم: التوطيش: الإعطاء القليل. وقوله «لم يذهب ضلالا طريقها»: لم يضع فعالهم عندنا (4).
[طائفة من أمثال العرب]
قال أبو القاسم يقال: «أحرّ من النّار» و «الحرب (5)» و «القرع (6)».
__________
الثلاثة وقبلها ثلاثة أبيات أخرى، وهى:
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بميثاء لا تؤذى عيالى بقوقها
وهل تأخذنى ليلة ذات لذة ... يد الدهر ذاك رعدها وبروقها
من الواسقات الماء حول ضرية ... يمج الندى ليل التمام عروقها
(1) الموم: الحمى. وأنشد هذا البيت وتاليه فى اللسان (وطش) بدون نسبة.
أما الثالث فأنشده فى (جوخ) بدون نسبة أيضا.
(2) ياقوت عن الفراء: وطش له، إذا هيأ له وجه الكلام أو العلم أو الرأى.
يقال: وطش لى شيئا حتى أذكره، أى افتح.
(3) جوخى، رسمت هكذا بالياء فى النسخ، ورسمت فى معجم البلدان بالألف، وكذا فى اللسان (جوخ) وهو الوجه وهى بضم الجيم وفتحها كما نص ياقوت، وهو اسم نهر عليه كورة واسعة فى سواد بغداد. و «سوقها» الأولى ضبطت فى م واللسان بالنصب، وهو وجه جائز فى العربية بالعطف على محل معمول المصدر، كقول زياد العنبرى:
قد كنت داينت بها حسانا ... مخافة الإفلاس والليانا
التصريح 2: 65والأشمونى 2: 291290.
(4) اللسان: «وقيل: معناه لم يخف علينا أنهم قد أحسنوا إلينا».
(5) بالحاء المهملة بعدها راء، كما فى النسخ.
(6) القرع بالتحريك: بثر يأخذ صغار الإبل فى رءوسها وأجسادها فتقرع. ويقال أيضا بالفتح، قال الميدانى: «مسكن الراء، يعنون به قرع الميسم. قال الشاعر:(2/184)
ويقال: «من حفر مغوّاة وقع فيها (1)» أى مهلكة. وقال سابق البربرىّ (2)
لا تحفرن بئرا تريد أخا بها ... فإنّك فيها أنت من دونه تقع (3)
كذاك لذى يبغى على الناس ظالما ... تصبه على رغم عواقب ما صنع (4)
[الحث على تعلم العربية]
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد السّامىّ (5)
قال: أخبرنى بدل بن المحبّر (6) قال: سمعت شعبة (7) يقول: «تعلموا العربيّة
__________
كأن على كبدى قرعة ... حذارا من البين ما تبرد»
ومثله فى اللسان (قرع) عند إنشاد هذا البيت.
(1) المغواة، بضم الميم وشد الواو: حفرة كالزبية تحتفر للأسد. قال مغلس بن القيط:
وإن رأيانى قد نجوت تبغيا ... لرجلى مغواة هياما ترابها
وضبطت فى م بفتح الميم وسكون الغين، وهو خطأ، فإن المغواة هذه الأرض المضلة المتاهة.
(2) هو أبو سعيد سابق بن عبد الله البربرى، كان من موالى بنى أمية، سكن الرقة ووفد على عمر بن عبد العزيز، وله معه حكايات لطيفة، روى عنه مكحول، وموسى بن أعين، والمعافى بن عمران وغيرهم. قال ابن الأثير فى الأنساب: ليس سابق منسوبا إلى البربر وإنما هو لقب له. خزانة الأدب 4: 164. وانظر رأى الجاحظ فى شعره فى البيان 1: 206.
(3) كذا فى م، ش بالخرم وهو هنا حذف الفاء من فعولن وفى ط: «فلا» ولا أراه إلا تصرفا من الناشر.
(4) تصبه، بالجزم لغير جازم، فهو ضرورة شعرية.
(5) السامى، بالسين المهملة وتشديد الياء، نسبة إلى سامة بن لؤى.
(6) بدل، بالباء والدال المهملة المفتوحتين، والمحبر بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الباء المفتوحة. وهو أبو المنير بدل بن المحبر بن المنبه التميمى اليربوعى. روى عن شعبة والخليل بن أحمد وجماعة، وعنه البخارى والأربعة بواسطة بندار وغيره. توفى سنة 215.
تهذيب التهذيب 1: 424423.
(7) هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى البصرى، إمام الأئمة فى معرفة الحديث بالبصرة، وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين وجانب الضعفاء والمتروكين.
ولد سنة 82ومات سنة 160. تهذيب التهذيب 4: 346338.(2/185)
فإنّها تزيد فى العقل (1).
[صورة ما كتب على عضد بزرجمهر]
أخبرنا محمد بن القاسم الأنبارىّ وأبو بكر بن شقير النحوىّ قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال:
كان فى عضد بزرجمهر (2): إن كانت الحظوظ بالجدود فما الحرص، وإن كانت الأشياء غير دائمة فما السرور، وإن كانت الدار غرّارة فما الطّمأنينة؟!
[طائفة من الأراجيز وتفسير بعض ما بها من غريب]
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابىّ:
لما رأت فى ظهرى انحناء ... والمشى بعد قعس إجناء (3)
أجلت، وكان حبّها إجلاء ... وجعلت نصف غبوقى ماء (4)
تمذق لى من بغضى السّقاء (5) ... ثم تقول من بعيد: هاء (6)
__________
(1) الخبر فى تهذيب التهذيب 4: 346.
(2) سبقت ترجمته فى ص 94. وحديثه التالى فى عيون الأخبار 3: 191بأسلوب آخر.
(3) القعس: نقيض الحدب، وهو خروج الصدر ودخول الظهر. والإجناء:
الإكباب.
(4) الغبوق: الشرب بالعشى وخص به بعضهم اللبن المشروب. أراد أنها مزجت له اللبن استهانة به.
(5) المذق: مزج اللبن بالماء، وفعله من باب نصر.
(6) هاء بالفتح: كلمة تستعمل عند المناولة.(2/186)
دحرجة إن شئت أو إلقاء (1) ... ثم تمنّى أن يكون داء (2)
* لا يجعل الله له شفاء *
أنشدنا أبو بكر بن شقير عن أبى عمرو بن [أبى] الحسن الطوسىّ (3)، عن ابن الأعرابىّ:
ربّ شريب لك ذى حساس (4) ... شرابه كالحزّ بالمواسى (5)
ليس بريّان ولا مواس ... أقعس يمشى مشية النّفاس
قال أبو القاسم: نفاس: جمع نفساء. ويقال للحائض نفساء. قال:
والحساس: الشّؤم، ويقال أيضا: الحساس: القتل. يقول: مشاربته كالقتل.
__________
(1) أى إن شئت إن أدحرج السقاء إليك دحرجت، وإن شئت ألقيته إليك، لا شىء غيرهما. وأنشده ثعلب فى مجالسه 146وبعده الشطر السابق ثم الشطر التالى بهذه الصورة:
دحرجة إن شئت أو إلقايا ... ثم تقول من بعيد هايا
ثم تعود بعد ذاك دايا
شاهد القلب الهمزة ياء.
(2) تمنى، أى تتمنى هى، فحذف إحدى التاءين.
(3) التكملة من أخبار أبى تمام للصولى 175ومن مقتضى ترجمة والده. ووالده هو أبو الحسن على بن عبد الله بن سنان الطوسى، وكان أكثر مجالسه وأخذه عن ابن الأعرابى.
وعند ابن النديم 106: «وله ابن اسمه» وقد بيض فى النسخة لابنه، وهو هذا.
وانظر لترجمة هذا الوالد إنباه الرواة 2: 285وبغية الوعاة 340وطبقات الزبيدى 144 ومعجم الأدباء 13: 268ونزهة الألباء 241.
(4) الرجز فى نوادر أبى زيد 175واللسان والمقاييس (حسس) واللسان (شرب).
والشريب: من يشارك فى الشراب، أو هو من يشارك غيره فى إيراد الإبل، والأول هو الوجه.
(5) الشراب، بكسر الشين: المشاربة، وبذلك ضبط فى اللسان (شرب). وضبط فى اللسان (حسس) وكذا فى م بفتح الشين. وفى نوادر أبى زيد عند إنشاد الرجز:
«والشراب المشاربة». وهذا يقتضى ضبطه بالكسر فى النوادر. والمواسى: جمع موسى الحلاق التى يحلق بها.(2/187)
والنّفاس: جمع نفساء (1).
قال أبو القاسم: يقال خصّه بكذا وكذا: أعطاه شيئا كثيرا. وخوّصه الشّيب:
إذا لاح فى رأسه شيئا بعد شىء. وخوّصه فلان: إذا أعطاه شيئا قليلا.
قال أبو القاسم: يقال قوم عطّان، وعطنة، وعطنون، وعاطنون: إذا نزلوا فى أعطان الإبل ولا يقال إبل عطّان.
وأنشد لرجل من فزارة قال لامرأته:
هل خبّى ودعى تعديدك (2) ... ليغلبنّ خلقى جديدك
قال أبو القاسم: لما كبر أقبلت تتثقل عن خدمته وتروغ عنه، فقال لها هذا. ومعنى «ليغلبنّ خلقى جديدك» أى ليغلبنّ كبرى شبابك فى الباءة.
أنشدنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب النحوىّ، عن أبى عبد الله بن الأعرابى:
كأنّ صوت شخبها إذا خما (3) ... صوت الأفاعى فى خشىّ أغشما (4)
__________
(1) كذا بالتكرار فى جميع النسخ.
(2) خبى، هى فى ش: «جى» من التجبية، وهو الانكباب على الوجه باركا.
وخبى من الخبب، وهو الإسراع.
ونسب فى شواهد العينى 4: 80إلى أبى حيان الفعقسى، أو مساور العبسى، أو العجاج أو الدبيرى، أو عبد بنى عبس. كما نسبه العينى أيضا فى 4: 329إلى أبى حيان الفقعسى.
(3) الرجز نسب فى الخزانة 4: 572إلى ابن جبابة اللص، بضم الجيم وبعدها باءان موحدتان، وإلى مساور العبسى، وإلى العجاج، وإلى أبى حيان الفقعسى. وانظر الإنصاف 385ونوادر أبى زيد 13وسيبويه 2: 152ومجالس ثعلب 621620واللسان (خشى، خما، عشم، غشم أعمى).
والشخب: خروج اللبن من الضرع. وخما، بالخاء المعجمة أى اشتد صوته. وقيل خمى بمعنى خم، كما فى اللسان (خشى). وخما حق كتابتها بالياء، قال ابن سيده: «ألفها ياء، لأن اللام ياء أكثر منها واوا». وفى الأصول: «حما» بالحاء المهملة، تصحيف. وفى الخزانة: «همى» بمعنى سال.
(4) الخشى: يابس النبت إذا عفن. والأغشم: اليابس القديم، كما سيأتى. وروى:
«أعشما» بالعين المهملة، وهو الذى أصابته الهبوة فيبس.(2/188)
يحسبه الجاهل ما كان غما (1) ... شيخا على كرسيّه معمّما
لو أنّه أبان أو تكلّما ... لكان إبّاه، ولكن أعجما (2)
قال أبو القاسم: يصف حلب النّاقة وصوت درّتها، شبّهه بصوب أفاعىّ فى خشىّ. والخشىّ: اليابس. والخشىّ: ما قد فسد أصله وعفن. والأغشم:
اليابس.
[من مختار الشعر]
أنشدنا ابن دريد قال: أنشدنا أبو حاتم:
أخسأ إليك جرير، إنا معشر ... نلنا السماء نجومها وهلالها (3)
مارامنا ملك ولا ذو سودد ... إلّا أبحنا خيله ورجالها (4)
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابىّ قال: أنشدنى هذه
__________
(1) كذا فى النسخ وإن صححه الشنقيطى فى نسخته بالعين المهملة. والغمى: الساكن لا يتحرك. وفى اللسان: «تركتهم غمى: لا يتحركون، كأنهم قد سكتوا». وأنشده فى اللسان (عمى 333) برواية: «عمى» بالعين المهملة وقال: «أى إذا نظر إليه من بعيد، فكأن العمى هنا البعيد. يصف وطب اللبن، يقول: إذا رآه الجاهل من بعد ظنه شيخا معمما لبياضه». والرواية المشهورة «ما لم يعلما»، وفى هذا شاهد للنحويين فى توكيد المضارع المسبوق بلم الجازمة، والألف فى «يعلما» مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وقفا، كما فى الخزانة والعينى فى موضعيه السابقين.
(2) أى لكان ذلك اللبن ورغوته ذلك الشيخ بعينه. والأعجم: الذى لا يفصح ولا يبين كلامه.
(3) البيتان للأخطل فى ديوانه 321، وفيه قبلهما عشرة أبيات أولها:
رحلت أمامة للفراق جمالها ... كيما تبين فما تريد زيالها
ويقال اخسأ إليك واخسأ عنى، أى ابعد مطرودا. وفى الديوان: «منا السماء»، تحريف.
(4) رامنا: أرادنا، والمراد أرادنا بسوء. والسودد، بفتح الدال: الشرف والسيادة وقد يهمز السؤدد فتضم الدال وفى الديوان: «ملك يقيم قناتنا إلا استبحنا».(2/189)
الأبيات رجل من بنى كلاب أعرابىّ محرم:
لا يشترى الحمد أمنيّة ... ولا يشترى الحمد بالمقصر (1)
ولكنّه يشترى غاليا ... فمن يعط أثمانه يشتر (2)
ومن يعتطفه على مئزر ... فنعم الرّداء على المئزر (3)
[ما دار بين عبد الملك بن مروان، ومصعب بن الزبير]
حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحربىّ قال: أخبرنا أبو عبد الله القرشىّ قال: قال أبو الحسن المدائنىّ:
بعث عبد الملك بن مروان أخاه محمد بن مروان إلى مصعب بن الزّبير يعطيه الأمان، فقال مصعب: «لا ترجع عن مثل هذا الموضع إلّا غالبا أو مغلوبا (4).
أخبرنا على بن سليمان الأخفش قال أنبأنا السكرىّ (5) عن الزيادى (6)
__________
(1) الأبيات فى البيان 1: 222والفاضل للمبرد 98والأخير فى اللسان (عطف 157) قال الجاحظ: «وأنشدنى أبو الجماهر جندب بن مدرك الهلالى». والمقصر، بفتح الميم، وفتح الصاد وكسرها: الشىء الدون اليسير. انظر اللسان (قصر 409، 415)، وضبطت الصاد فى م، ش بالفتح فقط. وفى الفاضل: «ولا يشترى» بالخزم وزيادة واو فى أوله.
(2) البيان: «ولكنما» و «فمن يعط قيمته».
(3) اعتطف الرداء والسيف والقوس: ارتداهما. والرداء: الثوب يلبس فوق الثياب والمئزر والإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن، يذكر ويؤنث.
(4) فى الطبرى 7: 186فى حوادث سنة 71: «إن أردت أن ترجع فارجع فقاتل».
وفى رواية أخرى: «فقال مصعب: إن مثلى لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبا أو مغلوبا».
(5) هو أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبد الله السكرى النحوى، سمع يحيي بن معين، وأبا حاتم السجستانى، والعباس بن الفرج الرياشى، ومحمد بن حبيب. ولد سنة 275وتوفى سنة 90. إنباه الرواة 1: 291وبغية الوعاة 219218.
(6) هو أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان الزيادى، نسبة إلى جده زياد بن أبيه، قرأ على سيبويه كتابه ولم يتمه، وروى عن أبى عبيدة والأصمعى، ومن شعره فى جارية سوداء.(2/190)
عن الأصمعىّ قال:
كان الأحوص بن محمّد، يشبّب بنساء الأشراف، فشكى ذلك إلى عمر ابن عبد العزيز، فنفاه إلى قرية من قرى اليمن (1).
قال: ولمّا قال الأحوص:
أدور ولولا أن أرى أمّ جعفر ... بأبياتكم مادرت حيث أدور (2)
وما كنت زوّارا ولكنّ ذا الهوى ... إذا لم يزر لابدّ أن سيزور
لقد منعت معروفها أمّ جعفر ... وإنّى إلى معروفها لفقير
جاءت أمّ جعفر بكتاب حقّ على الأحوص، بدين حالّ، فقبضت عليه وجعلت تطالبه بالدّين المذكور فى الكتاب، وهو يحلف بالله إنّه ما يعرفها ولا رآها قطّ. قالت له: يا فاسق فأنا أمّ جعفر، فلم تذكرنى فى شعرك، ولم ترنى قطّ؟!
[للحسين بن مطير الأسدى]
أنشدنا أبو الحسن الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب النحوىّ قال:
أنشدنا ابن الأعرابىّ، لحسين بن مطير الأسدىّ (3):
__________
ألا حبذا حبذا حبذا ... حبيب تحملت فيه الأذى
ويا حبذا برد أنيابه ... إذا الليل أظلم واجلوذا
إنباه الرواة 1: 166وبغية الوعاة 181وطبقات الزبيدى 106. توفى سنة 249.
(1) اسمها دهلك، بوزن جعفر، قال ياقوت: هى جزيرة بين بلاد اليمن والحبشة ضيقة حرجة حارة، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها. وعينها الاستاذ أمين واصف فى الفهرست بأنها تجاه مصوع الآن. وانظر الأغانى 4: 48، 49والخزانة 1:
233232. وفى إحدى روايتى الأغانى أن الذى نفاه هو سليمان بن عبد الملك.
(2) الخزانة 1: 233والأغانى 4: 48والشعراء 500.
(3) هو الحسين بن مطير بن مكمل، مولى بنى أسد بن خزيمة، ثم بنى سعد بن مالك(2/191)
لقد كنت جلدا أن توقد النّوى ... على كبدى نارا بطيئا خمودها (1)
ولو تركت نار الهوى لتضرّمت ... ولكنّ شوقا كلّ يوم وقودها (2)
وقد كنت أرجو أن تموت صبابتى ... إذا قدمت أيامها وعهودها (3)
وقد جعلت فى حبّة القلب والحشى ... عهاد الهوى يولى بشوق بعيدها (4)
بمرتجّة الأرداف هيف خصورها ... عذاب ثناياها عجاف قيودها (5)
__________
ابن ثعلبة بن دودان بن أسد، من مخضرمى الدولتين الأموية والعباسية، شاعر راجز، مدح بنى أمية وبنى العباس، وكان زيه وكلامه يشبه مذاهب الأعراب وأهل البادية. الأغانى 14:
114110 - والخزانة 2: 487485.
(1) الابيات فى الخزانة 2: 484وأمالى المرتضى 1: 434والحماسة 1228بشرح المرزوقى وأمالى القالى 1: 165وفوات الوفيات 1: 185وزهر الآداب 980ومعجم الأدباء 10: 176وبعضها فى الأغانى 14: 113. ويروى: «يوقد الهوى». والجلد:
القوى الصبور.
(2) فى بعض الروايات: «يزيدها»، وفى حواشى أصل أمالى المرتضى: «أى لو تركت نار الهوى ولم يزد فيها الشوق لكانت كافية، فكيف والشوق كل يوم يزيدها ويذكبها».
وفى أمالى القالى: «لأنها كانت تضرم وحدها فكيف إذا زادها غيرها وأوقدها».
(3) فى أمالى المرتضى: «أحزانها وعهودها».
(4) هذا ضبط م. وفى شرح المرزوقى للحماسة: «ويروى: عهاد الهوى، بالرفع، يولى، بالياء، بشوق بعيدها، بالباء، فيكون معنى جعلت طفقت وأقبلت، ويكون غير متعد ويرتفع عهاد بجعلت، وبعيدها يقوم مقام فاعل، فيكون المعنى: فقد طفقت أوائل هواها يمطر أبعدها بشوق يجددها». ويروى: «عهاد الهوى» بالنصب فيكون فاعل جعل ضمير صاحبته. والعهاد: جمع العهد، وهو المطر الذى يجىء ولما تقدمه عهد باق لم يذهب.
تولى: تمطر الولى، وهو المطر يأتى بعد الوسمى. ويروى: «يعيدها»، بالياء المثناة فى اوله.
(5) الباء فى «بمرتجة» تتعلق بقوله: «تموت صبابتى»، ويجوز أن تتعلق بجعلت إذا ارتفعت «عهاد الهوى» به. والهيف: جمع أهيف وهيفاء، وهو الضامر البطن الدقيق الخصر. والعجاف: جمع أعجف وعجفاء، وهو القليل اللحم وهذا من نادر الجمع. وقيود الأسنان: لثاتها، كما فى اللسان (قيد) عند إنشاد هذا البيت غير منسوب.
وإنما جمع «هيف» وما بعده من الصفات لأنها فى الحقيقة صفات لما بعدها، كما فى قوله:
فيا ليلة خرس الدجاج طويلة ... ببغداد ما كادت عن الصبح تنجلى(2/192)
وصفر تراقيها وحمر أكفّها ... وسود نواصيها وبيض خدودها (1)
تمنّيننا حتّى ترفّ قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طلّ يجودها (2)
وفيهنّ مقلاق الوشاح كأنّها ... مهاة بتربان طويل عقودها (3)
[من أقوال بعض الرواد]
قال أبو القاسم: حدّثنا بعض أصحابنا (4) قال:
بعث قوم رائدا، فلمّا أتاهم قالوا: ما وراءك؟ قال: رأيت عشبا يشبع منه الجمل البروك، وتشكّت منه النّساء، وهمّ الرّجل بأخيه.
يقول: العشب قصير لا يناله الجمل من قصره حتّى يبرك. وقوله «تشكّت منه النّساء»، يقول: من قلته إنّما تحلب الغنم فى شكوة (5).
وقوله: «وهمّ الرجل بأخيه» أى تقاطع الناس ولم يتواضلوا، من قلّة العشب (6).
__________
(1) التراقى: جمع ترقوة، بفتح التاء وضم القاف، وهى أعالى الصدر، وصفها بالصفرة من الطيب كالزعفران ونحوه. وأراد بحمرة أكفها الخضاب. والنواصى: جمع ناصية، وهى مقدم الرأس، عنى بها الشعر.
(2) ترف: تهتز من النشاط وترتاح وتفرح. والخزامى: نبت، وهو خيرى البر، ورفيفها: اهتزازها. والطل: أخف المطر وأضعفه.
(3) الوشاح: نسيج من الجلد ينسج عريضا ويرصع بالجواهر، تشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها. هذا أصله. ويراد به أيضا ما يكون بمنزلته من الثياب التى يتوشح بها. والتوشح:
أن يتشح بالثوب، ثم يخرج طرفه الذى ألقاه على عاتقه الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقد طرفيه على صدره. وقلقه: كناية عن دقة الخصر فهو لا يستقر على جسدها. وتربان بالضم:
قرية من ملل على ليلة من المدينة. طويل عقودها، فى أمالى القالى: «يريد موضع العقود، وهو العنق».
(4) الخبر فى مجالس ثعلب 351أولى، والأزمنة والأمكنة 2: 140والمخصص 10: 178.
(5) الشكوة، بالفتح: القربة الصغيرة.
(6) أما ثعلب فيقول: «أى هم بالعطف على أخيه وصلته، حين رأى أوائل الغيث لأنهم لا يتعطفون إلا فى الخصب. وإذا كان الجدب كان كل إنسان مشغولا بنفسه».
(13أمالى الزجاجى)(2/193)
[لأبى نواس فى صفة مغن]
أخبرنا أبو عبد الله اليزيدىّ قال أخبرنى أبو محمد بن حمدون، عن أبيه قال: أنشدنى أبو نواس لنفسه:
شبّهته بالبدر حين بدا ... أو بالعروس صبيحة العرس (1)
وأعيذه من أن يكون له ... ما تحت مئزرها من الرّجس
[مما قيل فى قصر النهار وطوله]
أخبرنا أبو عبد الله اليزيدى قال: أنبأنا أحمد بن يحيى ثعلب قال:
كنّا عند ابن الأعرابىّ، فأنشد قول جرير:
ويوم كإبهام القطاة تخايلت ... ضحاه وطابت بالعشىّ أصائله (2)
رزقنا به الصّيد الغزير ولم نكن ... كمن نبله محرومة وحبائله (3)
__________
(1) ديوان أبى نواس 299من خمرية له يصف مغنيا فى مجلس شراب. وروايته فى الديوان:
إن شئت قلت خريدة جليت ... للشرب يوم صبيحة العرس
وقبله:
وموحد فى الحسن جلله ... بردائه ذو الطول والقدس
(2) ديوان جرير ص 478من قصيدة طويلة، وديوان المعانى 1: 352، وزهر الآداب 298. وفى الديوان: «مزين إلى صباه غالب لى باطله»، وفى زهر الآداب: «محبب إلى صباه غالب لى باطله». كإبهام القطاة، يعنى قصره بما كان فيه من لهو ومتاع. تخايلت ضحاه: طابت وازدانت، من قولهم: تخايلت الأرض إذا بلغ نبتها المدى وخرج زهرها.
والأصائل: جمع أصيل، وهو العشى بعد العصر إلى المغرب. والبيت ملفق من بيتين بينهما أبيات، وهما:
ويوم كإبهام القطاة مزين ... إلى صباه غالب لى باطله
ولم أنس يوما بالعقيق تخايلت ... ضحاه وطابت بالعشى أصائله
(3) الغزير: الكثير. وفى زهر الآداب: «العزيز». والنبل: السهام، لا واحد(2/194)
فعجبنا من تشبيهه قصر النهار بإبهام القطاة، فقال ابن الأعرابىّ: أحسن منه وهو الذى أخذ منه جرير قول الآخر:
ويوم عند دار أبى نعيم ... قصير مثل سالفة الذّباب (1)
قال أبو القاسم: وأنا أقول إن هذا نهاية فى الإفراط، وخروج عن حدود التّشبيه المصيب. ونظيره فى الإفراط فى ضدّ هذا المعنى قول أبى تمام:
ويوم كطول الدّهر فى عرض مثله ... وشوقى من هذا وهذاك أطول (2)
[للحكم بن عبدل الأسدى]
أنشدنا أبو بكر بن شقير النحوىّ قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب قال:
أنشدنا ابن الأعرابى لابن عبدل الأسدىّ (3):
إنّى امرؤ أغتدى، وذاك من الل ... هـ، أديبا أعلّم الأدبا (4)
__________
لها من لفظها، واحدها سهم ونشابه، وقال بعضهم: واحدتها نبلة. والحبائل: جمع حبالة، وهى ما يصاد به من أى شىء كان.
(1) السالفة: أعلى العنق. وروايته فى اللآلى 403بدون نسبة أيضا:
ظللنا عند دار أبى نعيم ... بيوم مثل سالفة الذباب
وفى ديوان المعانى 1: 352: وأنشدنا عن عون بن محمد بن إسحاق الموصلى:
ظللنا فى جوار أبى الجناب ... بيوم مثل سالفة الذباب
يقصره لنا شغف التلاقى ... ويوم فراقنا يوم الحساب
(2) ديوان أبى تمام 244. وقبله وهو مطلع قصيدة فى مدح أبى المستهل الطائى:
تحمل عنه الصبر يوم تحملوا ... وعادت صباه فى الصبا وهى شمأل
(3) هو الحكم بن عبدل بن جبلة بن عمرو الأسدى، شاعر هجاء من شعراء الدولة الأموية، وكان أعرج أحدب، ومنزله ومنشؤه الكوفة، واشتهر بعصاه التى كان يكتب عليها حاجته ويبعث بها مع رسوله، فلا يحبس له رسول، ولا تؤخر له حاجة.
الأغانى 2: 153144والمؤتلف 161ومعجم الأدباء 10: 239228 وفوات الوفيات 1: 186واللآلىء 899.
(4) الأبيات فى معجم الأدباء والحماسة بشرح المرزوقى 1204.(2/195)
أقيم بالدار ما اطمأنّت بى الدا ... ر وإن كنت نازحا طربا (1)
أطلب ما يطلب الكريم من الرّز ... ق بنفسى وأجمل الطّلبا (2)
وأحلب الثّرّة الصّفاء ولا ... أجهد أخلاف غيرها حلبا (3)
إنّى رأيت الفتى الكريم إذا ... رغّبته فى صنيعة رغبا
والعبد لا يحسن الفعال ولا يع ... طيك شيئا إلّا إذا رهبة
ولم أجد عروة الخلائق إلّا ال ... دّين لما اعتبرت والحسبا (4)
قد يرزق الخافص المقيم وما ... شدّ لعنس رحلا ولا قتبا (5)
__________
(1) النازح: البعيد عن وطنه.
(2) يقول: أطلب فى تعفف وتكرم. وأجمل فى طلب الشىء: اتأدو اعتدل فلم يفرط.
وأنشد فى اللسان (جمل 134):
* الرزق مقسوم فأجمل فى الطلب *
فهذا هنا على نزع الخافض.
(3) الثرة: الغزيرة، يعنى الناقة. والصفاة، كذا وردت، ورواية الحماسة ومعجم الأدباء: «الصفى»، وهى التى تجمع بين محلبين فى حلبة. والأخلاف: جمع خلف بالكسر، وهو الضرع، أو هو ضرع الناقة. وقال التبريزى: «من روى أخلاف غيرها فروايته أحسن، يريد أنه لا يحلب إلا ثرة، كأنه يصف نفسه بطلب الرزق فى مظانه، ورغبته إلى الكرام، وإعراضه عن اللئام». ويروى: «غيرها» بضم العين بعدها باء موحدة ساكنة قال التبريزى: «وبعض النإس ينشد أخلاف غبرها، يذهب إلى الغبر الذى هو بقية اللبن.
وقد يجوز مثل ذلك، إلا أن الكلام يكون كالمقلوب لأنه أراد: ولا أجهد غبر أخلاقها».
(4) الخلائق: جمع خليقة، وهى الطبيعة والسجية التى خلق عليها صاحبها. وعروة الشىء: مساكه الذى يتمسك به. يعنى أن الدين والحسب، هما مساك الأخلاق الكريمة عند الاعتبار.
(5) الخافض: الوادع الذى لم يحدث نفسه بتجوال وارتحال. والعنس: الناقة الصلبة.
والرحل: مركب البعير. والقتب: رحل صغير على قدر سنام البعير، مذكر وقد يؤنث، ولذا قالوا فى تصغيره قتيبة.(2/196)
ويحرم المال ذو المطيّة والرّح ... ل ومن لا يزال مغتربا
[مما قيل فى القناعة]
وأنشدنا ابن الخيّاط النحوى (1)، عن ثعلب، عن الفراء، عن الكسائىّ:
نهيت عمرا ويزيد والطّمع (2) ... والحرص يضطرّ الكريم فيقع
فى دحلة فلا يكاد ينتزع
وأنشدنا الأخفش قال: أنشدنا ثعلب:
أبا هانىء لا تسأل الناس والتمس ... بكفّيك فضل الله فالله أوسع (3)
فلو تسأل الناس التّراب لأوشكوا ... إذا قلت هاتوا أن يملّوا ويمنعوا (4)
[موعظة أم سلمة لعثمان رحمهما الله]
حدثنا أبو إسحاق الزّجاج قال: حدّثنا المبرّد قال:
__________
(1) هو محمد بن أحمد بن منصور، أبو بكر بن الخياط. كان من سمرقند وقدم بغداد، وكان يخلط نحو البصريين والكوفيين، وناظر الزجاج. أخذ عنه الزجاجى والفارسى. توفى سنة 320. إنباه الرواة 3: 54ومعجم الأدباء 17: 141ونزهة الألباء 320وبغية الوعاة 19.
(2) أنشد الأشطار فى اللسان (دحل 253) وقال: «قوله والطمع، أى نهيتهما فقلت لهما: إياكما والطمع. فحذف، لأن قوله نهيت عمرا ويزيد فى قوة قولك: قلت لهما:
إياكما». والدحلة: البئر.
(3) البيتان فى مجالس ثعلب 433برواية: «أبا مالك». والثانى منهما فى اللسان (وشك 405).
(4) الرواية فى المجالس: «ولو يسأل الناس التراب لأوشكوا إذا قيل». وفى اللسان: «ولو سئل إذا قيل».
والبيت من شواهد النحويين على أمرين: أحدهما ورود أوشك بصيغة الماضى فيمن زعم أنها لا تأتى إلا بلفظ المضارع.
والأمر الثانى: ورود خبر أوشك جملة فعلها مضارع مقرون بأن. وهذا كثير.(2/197)
قالت أمّ سلمة (1) لعثمان رحمهما الله، وهى تعظه:
يا بنىّ، مالى أرى رعيّنك عنك نافرين، ومن جنبك مزورّين؟!.
لا تعفّ طريقا كان النبىّ صلى الله عليه وسلم لحبها (2)، ولا تقتدح زندا كان أكباها (3). توخّ حيث توخّى صاحباك فإنهما ثكما الأمر ثكما (4)، لم يظلما أحدا فتيلا ولا نقيرا (5) ولا يختلف إلّا فى ظنين. هذه حقّ بنوّتى قضيتها إليك، ولى عليك حقّ الطلعة.
فقال عثمان:
أمّا بعد فقد قلت ووعيت، ووصيّت فاستوصيت، ولى عليك حقّ النّصتة (6). إنّ هؤلاء القوم الغثرة (7) تطأطأت لهم تطأطؤ الدّلاة (8). أرانيهم الحقّ إخوانا، وأراهم الباطل إيّاى شيطانا. أجررت المرسون منهم رسنه (9)
وأبلغت الراتع مسقاته (10)، فتفرّقوا علىّ فرقا: صامت صمته أنفذ من قول
__________
(1) أم سلمة بنت أبى أمية بن المغيرة المخزومية، أم المؤمنين.
(2) الطريق يذكر ويؤنث. وعفاها: محاها ودرسها. ولحب الطريق لحبا:
أوضحه وبينه.
(3) الاقتداح: ضرب الزند لتخرج منه النار. أكباها: عطلها من القدح فلم يوربها، كما فى اللسان (كبا 76) عند ذكر هذا النص.
(4) فى اللسان (ثكم): «فإنهما ثكما لك الحق ثكما»: أى بيناه وأوضحاه حتى تبين كأنه محجة ظاهرة.
(5) الفتيل: السحاة فى شق النواة. والنقير: نقرة فى ظهر النواة منها تنبت النخلة.
(6) النصتة، بالضم: الاسم من الإنصات، وهو السكوت والاستماع للحديث.
(7) الغثرة: الجهال الحمقى.
(8) الدلاة، بالفتح: الدلو الصغيرة.
(9) المرسون: الذى جعل عليه الرسن، وهو الحبل الذى يقاد به البعير وغيره. أجررته:
جعلته يجره، أى أهملته وخليته.
(10) المسقاة، بفتح الميم: موضع الشرب. قال ابن الأثير: أراد أنه جمع له بين الأكل والشرب. ضربه مثلا لرفقه برعيته، وأنه لان لهم فى السياسة كمن خلى المال يرعى حيث شاء ثم يبلغه الورد فى رفق.(2/198)
غيره، ومزيّن له فى ذلك فأنا منهم بين ألسنة لداد (1)، وقلوب شداد، وسيوف حداد. ألا ينهى حليم سفيها؟! ألا يعظ عالم جاهلا؟! عذيرى الله منهم يوم لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
[تعزية رجل لابن أخيه]
قال أبو القاسم عن الزجّاج عن المبرد:
كتب رجل إلى ابن أخ له يعزيّه عن أبيه:
عليك بتقوى الله والصبر فإنّه بهما يأخذ المحتسب، وإليهما يرجع الجازع.
[تفسير البطريق والجحجاح]
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: أنبأنا أبو حاتم السّجستانى عن أبى زيد الأنصارىّ قال:
البطريق: الرجل المختال المعجب المزهوّ. وهم البطاريق والبطارقة (2)
ولا فعل له، ولا يستعمل فى النّساء. والجحجاح: الرجل السيّد الأديب ولا فعل له، ولا يستعمل فى النّساء.
__________
(1) اللداد: جمع ألد، وهو الجدل الشحيح الذى لا يريع إلى الحق. وقد نسب القول فى اللسان (لدد 396) إلى عمر خطأ.
(2) ويقال بطارق أيضا فى الشعر وفى مذهب الكوفيين، ومنه قول أبى ذؤيب:
هم رجعوا بالعرج والقوم شهد ... هوازن تحدوها حماة بطارق
ويقال إن البطريق عربى وافق العجمى، وهى لغة أهل الحجاز. قال أمية:
من كل بطريق لبط ... ريق نقى الوجه واضح(2/199)
[قولهم: إنما المرء باصغريه]
أنشدنا أبو عبد الله اليزيدىّ قال: أنشدنى عمّى:
إمّا ترينى مره العينين (1) ... مسفّع الوجنة والخدّين
جلد القميص جاسئ النّعلين ... فإنّما المرء بالاصغرين
قال أبو القاسم: الأصغران: القلب واللسان، ومنه قول ضمرة بن ضمرة، وكان يغير على مسالح النّعمان، وينقص أطرافه (2)، فطلبه فأعياه وأشجاه، فجعل له ألف ناقة والأمان، فلمّا دخل عليه ازدراه لأنّه كان حقيرا دميما، فقال النعمان «لأن تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه (3)». وهو أوّل من قالها، فذهبت مثلا. فقال له ابن ضمرة: «مهلا أبيت اللّعن فإنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه. إن نطق نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان (4)».
فأعجب به وولّاه ما وراء بابه.
[لبعض الأعراب فى ذكر حنين الإبل]
أنشدنا الأخفش قال: أنشدنا المبرّد لبعض الأعراب:
__________
(1) المره: مرض فى العين لترك الكحل.
(2) أى أطراف أرضه، يستولى عليها. ش فقط: «ينقض».
(3) اختلف فى قائل المثل، فقيل المنذر بن ماء السماء، وقيل النعمان. كما اختلف فى صيغة المثل، فيروى: «تسمع بالمعيدى» برفع الفعل ونصبه، و «أن تسمع»، و «تسمع بالمعيدى لا أن تراه». والمعيدى: تصغير المعدى المنسوب إلى معد بن عدنان، وخففت الدال فى مصغر المنسوب استثقالا للتصغير مع ياء التصغير. وكان الكسائى وحده يشدد الدال، لم يسمع ذلك من غيره. واختلف فى اسمه، فقيل صقعب بن عمرو، وقيل شقة بن ضمرة، وقيل ضمرة. وانظر أمثال الميدانى 1: 116والفاخر 65واللسان (معد 414) والبيان 1: 171، 237.
(4) الجنان: القلب. والخبر والمثل عند الجاحظ فى الموضعين المشار إليهما من قبل.(2/200)
حنّت قلوصيى آخر اللّيل حنّة ... فيا روعة ما راع قلبى حنينها (1)
سعت فى عقاليها ولاح لعيها ... سنا بارق وهنا، فجنّ جنونها (2)
تحنّ إلى أهل الحجاز صبابة ... وقد بتّ من أهل الحجار قرينها (3)
فياربّ أطلق قيدها وجريرها ... فقد راع أهل المسجدين حنينها (4)
وقال: أنشدنا مثله:
حنّت وما عقلت فكيف، إذا بكى ... شوقا، يلام على البكا من يعقل
ذكرت قرى نجد، فأطلقه الهوى ... وقرى العاق وليلهنّ الأطول
[قصيدة ثابت قطنة العتكى فى رثاء المفضل بن المهلب]
أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد. قال أنشدنا أبو حاتم السّجستانىّ، قال: أنشدنا الأصمعىّ لثابت قطنة العتكىّ (5):
يا هند كيف بنصب بات يبكينى ... وعائر فى سواد العين يؤذينى (6)
__________
(1) الأبيات فى حماسة ابن الشجرى 174.
(2) السنا: الضوء. والبارق: السحاب ذو البرق. والوهن: نحو من نصف الليل.
(3) بت: قطع. والقرين: البعير المقرون بآخر، والقرين: المصاحب.
(4) الجرير: حبل مفتول من الجلد يكون فى أعناق الإبل.
(5) هو ثابت بن كعب، أخو بنى أسد بن الحارث بن العتيك، وقيل: بل هو مولى لهم.
ولقب قطنة لأن سهما أصاب إحدى عينيه فذهب بها فى بعض حروب الترك، فكان يحشوها قطنة. وهو شاعر فارس من شعراء الدولة الأموية ومن أصحاب يزيد بن المهلب الأغانى 13: 5447والخزانة 4: 187185والشعراء 612.
(6) فى الأغانى أنه قال هذا الشعر لما قتل المفضل بن المهلب ودخل ثابت على هند بنت المهلب، والناس حولها جلوس يعزونها. والأبيات فى الأغانى 13: 5251وأمالى المرتضى 1: 408407. قال المرتضى: «وهذه الأبيات يروى بعضها لعروة بن أذينة».
والنصب: البلاء والعذاب. والعائر: قذى العين ورمدها، ومثله العوار.(2/201)
كأنّ ليلى والأصداء هاجدة ... ليل السّليم، وأعيا من يداوينى (1)
لمّاحنى الدّهر من قوسى، وعذّرنى ... شيبى، وقاسيت أمر الغلظ واللّين (2)
إذا ذكرت أبا غسّان أرّقنى ... همّ إذا غرض السّارون يشجينى (3)
كان المفضّل عزا فى ذوى يمن ... وعصمة وثمالا للمساكين (4)
غيثا لدى أزمة غبراء شاتية ... من السّنين ومأوى كلّ مسكين (5)
إنّى تذكّرت قتلى لو شهدتهم ... فى حومة الموت لم يصلوا بها دونى
لا خير فى العيش إذ لم نجن بعدهم ... حربا تبىء بهم قتلى فتشفينى (6)
لا خير فى طمع يدنى إلى طبع ... وغفّة من قليل العيش تكفينى (7)
__________
(1) الأصداء: جمع صدى، وهو طائر يصر بالليل ويقفز قفزانا ويطير. هاجدة:
ساهرة. والهاجد من الأضداد، يقال للنائم، ويقال للساهر أيضا. والسليم: الملدوغ، سمى بذلك تفاؤلا له.
(2) من قوسى، أراد من ظهرى الذى صار كالقوس مما انحنى. وعذره الشيب: جعل له عذارا والعذاران: جانبا اللحية لأن ذلك موضع العذار من الدابة. قال رؤبة:
حتى رأين الشيب ذا التلهوق ... يغشى عذارى لحيتى ويرتقى
والغلظ، ضبطت م بضم الغين، والمعروف الغلظة، بضم الغين وآخره هاء. وفى الأغانى:
«قاسيت منه أمر الغلظ».
(3) السارون: جمع سار، وهو من يسرى ليلا، أى يسير وغرضوا، بكسر الراء:
لحقهم الضجر والملال. وهذه تطابق إحدى روايات اصول أمالى المرتضى. وفى الأغانى:
«إذا عرس»، وهى إحدى روايات أصول المرتضى أيضا.
(4) المفضل، هو المفضل بن المهلب الذى يرثيه ثابت. والعصمة: الذى يعتصم به ويلجأ إليه عند الشدة والحاجة. ومنه شعر أبى طالب:
* ثمال اليتامى عصمة للأرامل *
والثمال: الملجأ والغياث، والمطعم فى الشدة.
(5) الأزمة: السنة المجدبة. شاتية: ذات قحط، يقال شتا القوم، إذا أجدبوا فى الشتاء، لأن المجاعات أكثر ما تصيبهم فى الشتاء البارد.
(6) ط والأغانى: «إن لم نجن» وهو تصرف من ناشر ط. وجنى الحرب: جرها وأشعلها. وأباء القاتل بالقتيل: قتله به فصار دمه بواء لدمه أى سواء.
(7) الطبع: الدنس والعيب. والغفة، بضم الغين: البلغة من العيش. وأنشده فى اللسان (طبع) منسوبا إلى ثابت، وفى (غفف) بدون نسبة. ورواه البحترى فى حماسته(2/202)
أنظر فى الأمر يعنينى الجواب به ... ولست أنظر فيما ليس يعنينى (1)
لا أكثر القول فيما ينهضون به ... من الكلام، قليل منه يكفينى (2)
لا أركب الأمر تزرى بى عواقبه ... ولا يعاب به عرضى ولا دينى (3)
لا يغلب الجهل حلمى عند مقدرة ... ولا العضيهة من ذى الضّغن تكبينى (4)
كم من عدوّ رمانى لو قصدت له ... لم يأخذ النّصف منّى حين يرمينى (5)
[من كلام بعض الأعراب]
حدثنا ابن شقير النحوى قال: حدّثنا أبو العباس ثعلب أنبأنا أبو عبد الله ابن الأعرابىّ قال (6):
__________
202 - وحده منسوبا إلى ثابت. وفى الأمالى وحماسة البحترى: «من قوام العيش». وهذا الأبيات والأبيات بعده إلى نهاية القطعة لم ترد فى الأغانى وإن وردت فى أمالى المرتضى.
(1) فى جميع النسخ: «يعيينى الحواب به»، والوجه ما أثبت من أمالى المرتضى.
ويروى: «وانظر الأمر» كما فى بعض نسخ المرتضى.
(2) أنشده فى اللسان (هضب) بدون نسبة، وبرواية: «فيما يهضبون به».
يقال هضب فى الحديث، إذا اندفع فيه فأكثر.
(3) أى وليس يعاب بذلك الأمر الذى أركبه عرضى. أو «لا» فى «لا يعاب» زائدة، كما فى قوله تعالى: «لئلا يكون للناس عليكم حجة»، وقوله: «وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون».
(4) المقدرة بفتح الدال وكسرها وضمها: القدرة. وقد ضبطت فى م بضم الدال.
والعضيهة: الإفك والبهتان. وأكباه: جعله يكبو، يقال كبا لونه ووجهه: تغير. ولهذا المعنى أنشد فى اللسان (كبا 78) هذا البيت برواية محرفة. وفى أصل ش: «تبكينى» وصححها الشنقيطى على الوجه الذى أثبت من م واللسان.
(5) النصف: الإنصاف. قال أبو الفرج بعد إنشاده هذا الشعر: فقالت له هند:
اجلس يا ثابت، فقد قضيت الحق، وما من المرزئة بد، وكم من ميتة ميت أشرف من حياة حى، وليست المصيبة فى قتل من استشهد ذابا عن دينه، مطيعا لربه، وإنما المصيبة فيمن قلت بصيرته، وخمل ذكره بعد موته. وأرجو ألا يكون المفضل عند الله خاملا!».
(6) النص التالى فى اللسان (زحم، صدم).(2/203)
دفع رجل رجلا فقال: لتجدنّى ذا منكب مزحم (1)، وركن مدعم (2)، ورأس مصدم (3)، ولسان مرجم (4)، ووطء ميثم (5).
قال أبو القاسم: يقال ماء مدرّع (6): إذا أكل ما حوله من الكلأ.
وماء قاصر: إذا كان المال حوله يرعى (7).
[مختارات من الشعر والرجز]
أنشدنا ابن دريد عن أبى حاتم عن الأصمعىّ:
سلى السّاغب المقرور يا أمّ مالك ... إذا ما اعترانى بين قدرى ومجزرى (8)
أأبسط وجهى أنّه أول القرى ... وأبذل معروفى له دون منكرى (9)
__________
(1) المزحم: الشديد الزحام.
(2) المدعم، من الدعم، وهو التقوية.
(3) المصدم، من الصدم، وهو ضرب الشىء الصلب بشىء مثله.
(4) يقال لسان مرجم: إذا كان قوالا.
(5) الميثم: الشديد، من وثم الفرس الحجارة بحافره يثمها وثما: كسرها ودقها.
(6) كذا ورد ضبطه فى م. وفى اللسان: «مدرع» كمحسن، قال ابن سيده:
«ولا أحقه». وفى القاموس: «كمحسن ومعظم».
(7) فى اللسان: «وماء قاصر: يرعى المال حوله لا يجاوزه، وقيل هو البعيد عن الكلأ».
(8) البيتان لعروة بن الورد فى ديوانه 99. ووردا غير منسوبين فى الحماسة 1575 بشرح المرزوقى. وفى شرح التبريزى: «وقال آخر، عروة بن الورد». والراجح أن النسبة فى هذا من زيادة ناسخ. والساغب: الجائع. والمقرور: الذى لحقه القر، أى البرد.
وفى الديوان والحماسة: «الطارق المعتر». والطارق: الآتى ليلا. والمعتر: المتعرض ولا يسأل.
والقدر: ما يطبخ فيه، مؤنث. والمجزر: موضع الجزر، وهو النحر والذبح.
(9) فى الديوان والحماسة: «أيسفر وجهى»، أى يشرق. يريد أن إظهار البشاشة وتطلق الوجه من أوائل القرى، وهو إكرام الضيف والإحسان إليه. والمعروف: كل محمود من الأفعال.(2/204)
وبإسناده عن ابن الأعرابىّ لبعض الأعراب (1):
إنّك يا ابن جعفر نعم الفتى ... ونعم مأوى طارق إذا أتى
وربّ ضيف طرق الحىّ سرى ... صادف زادا وحديثا ما اشتهى
إنّ الحديث جانب من القرى
[للحسين بن مطير الأسدى]
أنشدنا أبو موسى الحامض عن أبى عثمان السكّرىّ المعروف بالحلو، عن ابن قتيبة عن بعض أشياخه، للحسين بن مطير الأسدىّ (2):
تضعّفنى حلمى وكثرة جهلهم ... علىّ وأنّى لا أصول بجاهل
دفعتكم عنّى وما دفع راحة ... بشىء إذا لم تستعن بالأنامل
حدثنا أبو إسحاق عن شيوخه قال:
يقال أفهنّى عن حاجتى حتّى فههت فهها، أى شغلى عنها حتّى نسيتها.
[مما قيل فى المودة]
وأنشدوا:
ولقد سبرت النّاس ثم عرفتهم ... وعلمت ما عرفوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا ... وإذا المودّة أقرب الأنساب (3)
__________
(1) هو الشماخ بن ضرار، يمدح عبد الله بن جعفر بن أبى طالب. الأغانى 8: 102.
وليس فى ديوانه. قال ابن دأب: العجب للشماخ يقول مثل هذا لابن جعفر ويقول لعرابة:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
ابن جعفر كان أحق بهذا من عرابة.
(2) سبقت ترجمته فى ص 192191.
(3) البيت ساقط من ط، ش، وإثباته من م. والبيتان للعتابى، واسمه كلثوم بن عمرو انظر خبرهما فى الأغانى 12: 6. ورواية ط، ش فى البيت الأول: «ما عرفوا من الأنساب»، فهو انتقال نظر من ناسخ ش جعله يغفل البيت الثانى. انظر ما كتبت فى ذلك كتابى تحقيق النصوص ونشرها ص 7271.(2/205)
[حديث ابنة الخص مع أبيها وقد أراد أن يشترى فحلا]
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: حدّثنا أبو حاتم قال: حدثنا أبو زيد قال:
قال الخصّ (1) وأراد أن يشترى فحلا لإبله، فقال لأصحابه: أشيروا علىّ كيف أشتريه؟ فقالت ابنته هند: اشتره كما أصفه لك. قال: صفيه. قالت:
اشتره سلجم اللّحيين (2)، أسجح الخدّين (3) غائر العينين، أرقب أحزم، أعكى أكوم (4)، إن عصى غشم، وإن أطيع تجرثم (5).
قال أبو القاسم: الأعكى: الشّديد عكوة الذّنب وهو أصله والأرقب:
الغليظ العنق. والأحزم: الغليظ موضع المحزم مع شدّة.
[لمحمد بن عمران التيمى فى المروءة]
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعىّ قال:
__________
(1) الخص، بالصاد فى جميع النسخ، وهى صحيحة نص عليها الجاحظ فى البيان 1: 313 قال: «وقال ابن الأعرابى: يقال بنت الخس، وبنت الخص، وبنت الخسف، وهى الزرقاء.
وقال يونس: لا يقال إلا بنت الأخس». يعنى هند بنت الخس بن حابس بن قريط الإيادية.
وكانت ذات فصاحة وحكمة وجواب عجيب. انظر طائفة من أجوبتها فى أمالى القالى 1: 199/ 2: 218، 235، 256، 257/ 3: 107، 119والمزهر للسيوطى 2: 540 545وعيون الأخبار 2: 73، 214/ 4: 11وأعلام النساء لعمر رضا كحالة 16091605.
(2) السلجم: الطويل. وفى المزهر 2: 544: «ملجم»، تحريف.
(3) الأسجح: السهل اللين، وقد سجح يسجح، كفرح، سجحا وسجاحة.
(4) الأعكى سيفسره. والأكوم: العظيم السنام.
(5) فى الأصول: «عنثم»، صوابه من المزهر. غشم: ركب رأسه فلا يثنيه شىء.
وتجرثم: تجمع.(2/206)
قال محمد بن عمران التّيمىّ (1) قاضى أهل المدينة: ما شىء أثقل من حمل المروءة (2). قيل له: وما المروءة؟ قال: لا تعمل فى السّر شيئا تستحيى منه فى العلانية (3).
[للأحنف بن قيس فى السيادة]
أخبرنا أبو موسى الحامض (4)، عن المبرّد عن المازنىّ عن الأصمعىّ قال:
قال معاوية للأحنف بن قيس: يا أبا بحر، بم يسود الغلام فيكم؟ قال:
إذا رأيته نشأ أن يتّقى ربّه (5) ويطيع والده، ويستصلح ماله، ويقيم مروءته، ويبسط ضيفه، ولا يغضب جاره. فقال معاوية: وفينا وأبيك.
[للحصين بن الحمام فى السيادة]
أنشدنا أبو الحسن الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: أنشدنا الفراء، للحصين بن الحمام (6):
__________
(1) هو محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى، كان قاضيا على المدينة لأبى جعفر المنصور، وكان بخيلا، وهو القائل حين عوتب على البخل: «إنى لا أجمد عن الحق، ولا أذوب فى الباطل». المعارف 102.
(2) فى عيون الأخبار 1: 295: «ما شىء أشد حملا على من المروءة. قيل: وأى شىء المروءة».
(3) وكذا النص فى عيون الأخبار. وفى البيان 2: 176: «أن لا تعمل فى السر شيئا تستحى منه فى العلانية».
(4) سبقت ترجمته فى ص 133.
(5) ط: «نشآن يتقى ربه»، تحريف.
(6) الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب بن حرام بن وائلة بن سهم بن مرة، المرى، من فرسان الجاهلية وشعرائها، ويعد فى أوفباء العرب. قال أبو عبيدة: اتفقوا على أن أشعر المقلين ثلاثة: المسيب بن علس، والحصين بن الحمام، والمتلمس». والحصين له صحبة. والحمام، بضم الحاء. خزانة الأدب 2: 9واللآلى 177والشعراء 630والاشتقاق 289والمؤتلف 91والأغانى 12: 124118والإصابة والاستيعاب وأسد الغابة.(2/207)
تأخّرت أستبقى الحياة فلم أجد ... لنفسى حياة مثل أن أتقدّما (1)
فلسا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدّما (2)
نفلّق هاما من رجال أعزّة ... علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما (3)
[حديث أم جحدر وما قال ابن ميادة فيها]
أخبرنا أبو الفرج الأصبهانىّ (4) قال: أخبرنا الحرمى بن أبى العلاء قال:
حدّثنى أبو سعيد (5) يعنى عبد الله بن شبيب قال: حدّثنى أبو العالية الحسن بن مالك الرّياحىّ ثم العذرىّ قال: حدّثنى عون بن وهب العبسىّ (6)
قال: حدثنى زياد بن عثمان الغطفانى، من بنى عبد الله بن غطفان قال:
__________
(1) الأبيات فى الحماسة 199197بشرح المرزوقى. والبيت الثالث والثانى وبينهما بيت آخر فى الشعراء 630. والبيت الأخير وحده فى المفضليات 65من قصيدته التى رويت هناك من 6964.
(2) الأعقاب: جمع عقب، وهو مؤخر الرحل. والكلوم: جمع كلم، بالفتح، وهو الجرح. كناية عن أنهم يواجهون العدو ولا يلوذون بالفرار. والدما، ضبطت فى م بكسر الدال. ويروى: «الدما» بفتح الدال، أى تقطر الكلوم الدم، فالدم مفعول. قال المرزوقى: «وإن شئت جعلت الدم منصوبا على التمييز، كأنه أراد تقطر دما، وأدخل الألف واللام ولم يعتد بهما كقول الآخر:
* ولا بفزارة الشعر الرقابا *
ووجه آخر أجازه المرزوقى أن تروى: «يقطر الدما» بالياء، والدما بالقصر: الدم.
وأصل الدم الدما، حذف لامه كما حذفت لام يد.
(3) الهام: جمع هامة، وهى الرأس. عنى أنهم كانوا أسبق إلى العقوق وأوفر ظلما.
(4) الخبر فى الأغانى 2: 9190.
(5) هو أبو سعيد عبد الله بن شبيب الربعى البصرى، كان أخباريا علامة محدثا، ذا معرفة بأيام الناس. روى عنه الزبير بن بكار، وروى هو عن الزبير أيضا، وروى عنه أيضا ثعلب وابن أبى الدنيا. وفى الأصول: «أبو شبيب»، صوابه فى الأغانى وتاريخ بغداد 9: 477ولسان الميزان 3: 299.
(6) فى الأغانى: «عمر بن وهب العبسى».(2/208)
كنا بباب بعض ولاة المدينة، فغرضنا من طول الثّواء (1)، فإذا أعرابىّ يقول: يا معشر العرب، ما فيكم من يأتينى أعلله (2) وأخبره عنّى وعن أمّ جحدر؟ فجئت إليه فقلت: من أنت؟ قال: أنا الرّمّاح بن أبرد (3). فقلت:
أخبرنى ببدء أمركما. فقال:
كانت أمّ جحدر من عشيرتى، فأعجبتنى وكانت بينى وبينها خلّة، ثمّ إنّى عتبت عليها من شىء بلغنى عنها، فأتيتها فقلت: يا أمّ جحدر، إنّ الوصل عليك مردود. فقالت: ما قضى الله فهو خير. فلبثت على ذلك سنة (4)، وذهبت بهم نجعة فصاعدوا (5)، واشتقت إليها شوقا شديدا، فقلت لامرأة أخ لى:
والله لئن دنت دارنا من دار أمّ جحدر لآتينّها، ولأطلبنّ إليها أن ترجع إلى وصلى، ولئن ردّته لا نقضته أبدا! ولم يكن يومان حتّى رجعوا، فلما أصبحت غدوت عليهم، فإذا أنا ببيتين نازلين إلى سند أبرق طويل (6)، وإذا امرأتان جالستان فى كساء واحد بين البيتين، فسلّمت فردّت إحداهما ولم تردّ الأخرى، فقالت: ما جاء بك يا رمّاح إلينا ما كنّا حسبنا إلّا أنّه قد انقطع ما بيننا وبينك! فقلت: إنّى جعلت نذرا، لئن دنت بأمّ جحدر دار لآتينّها، ولأطلبنّ
__________
(1) غرضنا: ضجرنا ولحقنا الملال. والثواء: الإقامة.
(2) علله بطعام وحديث ونحوهما: شغله به.
(3) الرماح بن أبرد بن ثوبان بن سراقة، من بنى مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، شاعر من مخضرمى الدولتين، وكان يعرف أيضا بابن ميادة، وميادة أمه. الشعراء 747 749والمؤتلف 174والأغانى 2: 11685واللآلى 306والخزانة 1: 77.
(4) فى الأغانى: «على تلك الحال سنة».
(5) النجعة: طلب الكلأ ومساقط الغيث. وفى الأغانى: «فتباعدوا» موضع «فصاعدوا».
(6) السند: ما ارتفع من الأرض فى قبل الجبل أو الوادى. والأبرق: غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة.
(14أمالى الزجاجى)(2/209)
منها أن تردّ الوصل بينى وبينها، فلئن فعلت لا نقضته أبدا! وإذا التى (1)
تكلّمنى امرأة أخيها، وإذا الساكتة أمّ جحدر، فقالت امرأة أخيها: ادخل مقدّم البيت. فدخلت وجاءت فدخلت من مؤخره، فدنت قليلا ثم إذا هى قد برزت، فساعة برزت جاء غراب فنعب على رأس الأبرق، فنظرت إليه وشهقت وتغيّر وجهها، فقلت: ما شأنك؟ قالت: لا شىء. قلت: بالله إلّا أخبرتنى (2). قالت: إنّ هذا الغراب يخبرنى أنّا لا نجتمع بعد هذا اليوم إلّا ببلد غير هذا! فتقبّضت نفسى وقلت: جارية والله ما هى فى بيت عيافة (3). فأقمت عندها ثم تروّحت إلى أهلى، فمكثت عندهم يومين ثم أصبحت غاديا إليها، فقالت لى امرأة أخيها: ويحك يا رمّاح، أين تذهب؟
فقلت: إليكم. فقالت: وما تريد، قد والله زوّجت أمّ جحدر البارحة.
فقلت: بمن ويحك؟ فقالت: برجل من أهل الشام من أهل بيتها، جاءهم من الشّام فخطبها، وقد حوّلت إليه. فمضيت إليهم، فإذا هو قد ضرب سرادقا (4)، فجلست إليه فأنشدته وغدوت إليه أياما. ثم إنّه احتملها وذهب، فقلت:
أجارتنا إنّ الخطوب تنوب ... علينا وبعض الآمنين تصيب
أجارتنا لست الغداة ببارح ... ولكن مقيم ما أقام عسيب (5)
__________
(1) فى النسخ: «الذى»، صوابه فى الأغانى.
(2) كلمة: «إلا» ساقطة من ط، وفيها أيضا: «أخبرينى».
(3) فى الأغانى: «فى بيت عيافة ولا قيافة». والعيافة: زجر الطير للتفاؤل أو التشاؤم.
والقيافة: تتبع الأثر فى الأرض للاستدلال به، يقال قاف أثره يقوفه قوفا وقيافة. ويقال أيضا للذى ينظر إلى شبه الولد بأبيه قائف، على المجاز.
(4) فى الأغانى: «سرادقات». والسرادق: بيت من كرسف، أى قطن.
(5) فى قصة امرئ القيس بالأغانى 8: 72أن امرأ القيس لما صار إلى بلدة من بلاد الروم تدعى أنقره احتضر بها، فقال رجزا فى ذلك، ورأى قبر امرأة من بنات الملوك ماتت هناك، فدفنت فى سفح جبل يقال له عسيب، فسأل عنها فأخبر بقصتها، فقال:(2/210)
فإن تسألينى هل صبرت فإنّنى ... صبور على ريب الزمان صليب
جرى بانبتات الحبل من أمّ جحدر ... ظباء وطير بالفراق نعوب (1)
نظرت فلم أعيف وعافت وبيّنت ... لها الطّير قبلى، واللّبيب لبيب (2)
فقالت حرام أن نرى بعد يومنا ... جميعين إلّا أن يلمّ غريب
أجارتنا صبرا فياربّ هالك ... تقطّع من وجد عليه قلوب
قال أبو القاسم (3): هذه الأبيات أغار عليها ابن ميّادة فأخذها بأعيانها.
أمّا البيتان الأوّلان فهما لامرئ القيس، قالهما لمّا احتضر بأنقرة فى بيت واحد، وهو:
أجارتنا إنّ الخطوب تنوب ... وإنّى مقيم ما أقام عسيب
والبيت الثالث لرجل من شعراء الجاهلية وتمثّل به على بن أبى طالب رضى الله عنه فى رسالته إلى أخيه عقيل بن أبى طالب، فرّح الله وجهه (4)، فنقله ابن ميّادة نقلا.
__________
أجارتنا إن المزار قريب ... وإنى مقيم ما أقام عسيب
وذكر البكرى فى معجم ما استعجم 943، 1326 «عسيب» وذكر أنه جبل فى ديار بنى سليم. وأنشد فى الموضعين هذا البيت منسوبا إلى صخر بن عمرو أخى الخنساء، ثم أنشد قرينا سابقا له فى الموضع الثانى (وهو رواية أخرى فى البيت السابق):
أجارتنا إن المنون قريب ... من الناس كل المخطئين تصيب
(1) الانبتات: الانقطاع. والظباء مما يتفاءل به العرب. والنعوب: الكثير النعيب.
(2) أعيف، وردت هكذا بدون إعلال، فلعله من رواسب التصريف. وعاف الطير يعيفه عيافة: زجره فاعتبر بأسمائه ومساقطه وأصواته. وفى الأغانى: «فلم أعتف».
(3) أصل القول لأبى الفرج الأصبهانى لا للزجاجى. والنص فى الأغانى: «قال على ابن الحسين: هذه الأبيات الثلاثة أغار عليها ابن ميادة فأخذها بأعبانها» إلى آخر هذا النص. فلعل هذا سهو من راوى الأمالى.
(4) ط، ش: «كرم الله وجهه» وأثبت ما فى م. وهذه العبارة لم ترد فى الأغانى.(2/211)
[تفسير أبى زيد الأنصارى لبيت من الشعر]
أخبرنا أبو الحسين البصرىّ، عن أبى حاتم قال:
أنشدت أبا زيد هذا البيت وسألته ما يقول فيه. والبيت:
أديسم يا ابن الذّئب من نسل زارع ... أتروى هجائى سادرا غير مقصر (1)
فقال: لمن هذا الشعر؟ قلت: لبشّار فى ديسم العنزىّ. قال: قاتله الله ما أعلمه بكلام العرب!
ثم قال: الدّيسم ولد الذئب من الكلبة. ويقال: للكلاب: أولاد زارع. والعسبار: ولد الضّبع من الذّئب. والسّمع: ولد الذّئب من الضّبع.
وتزعم العرب أنّ السّمع لا يموت حتف أنفه، وأنّه أسرع من الذّيخ (2)، وإنّما هلاكه بعرض من أعراض الدّنيا.
[اعتزاز بشار بن برد بالمضرية فى شعره وحديثه]
حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصّولى قال: حدّثنا يحيى بن علىّ، والحسن ابن علىّ، ومحمد بن عمران الصّيرفىّ. حدّثنا العنزى (3) قال: حدّثنى جعفر بن محمد ابن سلّام قال: حدّثنى مخلد أبو سفيان قال (4):
كان جرير بن المنذر السّدوسىّ يفاخر (5) بشارا، فقال له بشّار:
__________
(1) انظر الحيوان 1: 183. والسادر: الذى لا يهتم لشىء ولا يبالى ما صنع.
(2) الذيخ، بالكسر: الذكر من الضباع الكثيف الشعر.
(3) هو الحسن بن على، أو ابن عليل، العنزى. انظر تاريخ بغداد 7: 398.
(4) الخبر التالى فى الأغانى 3: 27.
(5) لم يكن بشار عربيا، وإنما كان مولى بنى عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر. فمن أجل هذا كان يتصدى لمفاخرة جرير بن منذر السدوسى. وسدوس هم بنو سدوس(2/212)
أمثل بنى مضر وائل ... فقدتك من فاخر ما أجنّ (1)
أفى النّوم هذا أبا منذر ... فخيرا رأيت، وخيرا يكن
رأيتك والفخر فى مثلها ... كعاجنة غير ما تطّحن
وبإسناده قال: حدثنا عصيم بن وهب (2) الشّاعر البرجمىّ قال: حدثنى محمّد بن الحجّاج (3) قال:
كنّا عند بشار وعنده رجل ينازعه فى اليمانية والمضريّة إذ أذّن المؤذّن، فقال له بشّار: تفهّم هذا الكلام. فلمّا قال: أشهد أنّ محمدا رسول الله، قال له بشّار: رويدا، هذا الذى يؤذّن باسمه مع الله عزّ وجلّ، من مضر هو أم من (4)
[صداء وعكّ] وحمير؟ فسكت الرجل.
[نقد بشار لبعض الشعراء]
أخبرنا هاشم بن محمّد الخزاعىّ قال: حدّثنا الرّياشىّ قال:
أنشد بشّار قول الشاعر (5):
__________
ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر وائل. انظر جمهرة أنساب العرب 290، 317. وفى انتماء بشار إلى عقيل بن كعب يقول (الأغانى 3: 22):
إننى من بنى عقيل بن كعب ... موضع السيف من طلى الأعناق
(1) انظر لتفسير هذا البيت ما مضى فى الحاشية السابقة. وأجن: أخفى وأضمر.
(2) كنيته أبو شبل، كما فى الأغانى عند ذكر الخبر، وكما فى الموشح 367. وهو عصيم ابن وهب بن عصمة التميمى البرجمى، كما فى الموشح، وإن كان قد ذكر اسمه «عصم».
(3) محمد بن حجاج، أحد معاصرى بشار. وفى الأغانى: «محمد بن الحجاج السرادانى».
وساق له فى الموشح 194رواية عن بشار أيضا.
(4) ش: «هو ومن» ط: «هو أو من حمير» إلخ. وليس فى ط إشارة إلى السقط الذى بيض له فى كل م، ش. وقد أكملت السقط التالى من الأغانى 2: 27.
(5) هو كثير عزة، كما فى المختار من شعر بشار 34والكامل 497والعقد 5:
366. والبيتان فى أمالى المرتضى 1: 509بدون نسبة.(2/213)
وقد جعل الأعداء ينتقصونها ... وتطمع فينا ألسن وعيون (1)
ألا إنمّا ليلى عصا خيزرانة ... إذا غمزوها بالأكفّ تلين (2)
فقال: والله لو زعم أنها عصا مخّ أو عصا زبد لقد كان جعلها جافية خشنة بعد أن جعلها عصا، ألّا قال كما قلت:
وحوراء المدامع من معدّ ... كأنّ حديثها ثمر الجنان (3)
إذا قامت لسبحتها تثنّت ... كأن عظامها من خيزران (4)
[اعتزاز بشار بنفسه]
أخبرنا حبيب بن نصر قال: حدّثنى عمر بن شبّة قال: أخبرنى محمّد بن الحجّاج (5) قال:
قلت لبشّار: إنّى أنشدت إنسانا قولك:
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ... ظمئت، وأىّ النّاس تصفو مشاربه (6)
__________
(1) فى أمالى المرتضى: «ينتقصوننا».
(2) فى الكامل: «والخيزرانة: كل غصن لين يتثنى».
(3) فى الكامل والعقد: «وبيضاء المحاجر». وفى أمالى المرتضى: «قطع الجنان».
ومثل هذه الرواية قول بشار فى المختار 34:
وحديث كأنه قطع الرو ... ض ففيه الصفراء والحمراء
(4) لسبحتها، ضبطت فى م بضم السين، فكأن المعنى لتناول سبحتها، أو معناه للدعاء وصلاة النافلة. وليس بشىء. ووجه ضبطها بفتح السين، وهو مرة من السبح بمعنى الجيئة والذهاب والتصرف، وبه فسر قوله تعالى: «إن لك فى النهار سبحا طويلا». ويؤيد هذا المعنى رواية المختار: «لمشيتها»، ورواية العقد: «لحاجتها».
(5) الخبر بسنده فى الأغانى 3: 28. والسند لأبي الفرج.
(6) ديوان بشار 1: 309والعقد 2: 310والأغانى 3: 47، 65ونهاية الأرب 3: 76وتاريخ بغداد 7: 115وعيون الأخبار 3: 17والتمثيل والمحاضرة للثعالبى 74وهو بدون نسبة فى الصناعتين 56.(2/214)
فقال: ما كنت أظنّه إلّا لرجل كبير. فقال لى بشّار: ويلك أفلا قلت له: هو والله أكبر الإنس والجنّ؟!
[نقد بشار لقول بعض القصاص]
أخبرنا الحسن بن على قال: حدثنى محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثنى الفضل بن سعيد قال: حدّثنى أبى (1) قال:
مرّ بشّار بقاصّ فى المدينة فسمعه يقول فى قصصه: «ومن صام رجبا وشعبان ورمضان بنى الله له قصرا فى الجنّة، صحنه ألف فرسخ فى مثلها (2)».
فالتفت بشّار إلى قائده فقال له: بئست الدّار هذه الدار فى كانون الثانى!
تمت أمالى الزجاجى (3). والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين (4)
__________
(1) الخبر التالى بسنده فى الأغانى 3: 30. والسند لأبى الفرج.
(2) الصحن: ساحة وسط الدار. والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: ستة عشر ألف قدم، كما فى المعجم الوسيط (فرسخ). وبعده فى الأغانى: «وعلوه ألف فرسخ، وكل باب من أبواب بيوته ومقاصره عشرة فراسخ فى مثلها».
(3) بعده فى ش: «رحمه الله».
(4) خاتم النبيين، ساقط من ظ. وبعده فى ش: «فرغ من نسخها فى 27 ذى القعدة الحرام سنة 1296رحم الله كاتبها ومالكها وقارئها».(2/215)
ملحقات أمالى الزجاجى
وهى أربعة أقسام:
1 - القسم الأول: وهو ما نص فى المراجع على أنه من الأمالى الصغرى فقط، أو من الأمالى الصغرى وغيرها.
2 - القسم الثانى: وهو ما نص على أنه من الأمالى الوسطى فقط.
3 - القسم الثالث: وهو ما نص على أنه من الأمالى الكبرى فقط.
4 - القسم الرابع: وهو ما ورد مهملا بدون قيد.(2/217)
القسم الأول ما نص على أنه من الأمالى الصغرى فقط أو من الأمالى الصغرى وغيرها
الخزانة 1: 45
وروى الزجاجى فى أماليه الصغرى قال:
ورد يزيد بن الحكم الثقفىّ من الطائف على الحجاج بن يوسف بالعراق، وكان شريفا شاعرا، فولّاه الحجّاج فارس، فلما جاء لأخذ عهده قال له:
يا يزيد، أنشدنا من شعرك يريد أن ينشده مديحا له فأنشده:
من يك سائلا عنّى فإنّى ... أنا ابن الصّيد من سلفى ثقيف
وفى وسط البطاح محلّ بيتى ... محلّ اللّيث من وسط الغريف
وفى كعب، ومن كالحىّ كعب ... حللت ذؤابة الجبل المنيف
حويت فحارها غورا ونجدا ... وذلك منتهى شرف الشّريف
نمانى كلّ أصيد لا ضعيف ... بحمل المعضلات ولا عنيف
فوجم الحجّاج وأطرق ساعة، ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله، أحمده وأشكره، إذ لم يأت علينا زمان إلّا وفينا أشعر العرب
ثم قال: أنشدنا يا يزيد. فأنشأ يقول:
وأبى الذى فتح البلاد بسيفه ... فأذلّها لبنى الزّمان الغابر
وأبى الذى سلب ابن كسرى راية ... فى الملك تخفق كالعقاب الكاسر
وإذا فخرت فخرت غير مكذّب ... فخرا أدقّ به فخار الفاخر
فقام الحجّاج مغضبا، ودخل القصر، وا نصرف يزيد والعهد فى يده، فقال الحجاج لخادمه: اتبعه وقل له: اردد علينا عهدنا. فإذا أخذته فقل له:(2/219)
وأبى الذى فتح البلاد بسيفه ... فأذلّها لبنى الزّمان الغابر
وأبى الذى سلب ابن كسرى راية ... فى الملك تخفق كالعقاب الكاسر
وإذا فخرت فخرت غير مكذّب ... فخرا أدقّ به فخار الفاخر
فقام الحجّاج مغضبا، ودخل القصر، وا نصرف يزيد والعهد فى يده، فقال الحجاج لخادمه: اتبعه وقل له: اردد علينا عهدنا. فإذا أخذته فقل له:
هل ورّثك أبوك مثل هذا العهد؟ ففعل الخادم وأبلغه الرسالة، فردّ عليه العهد فقال: قل للحجاج: أورثنى أبى مجده وفعاله، وأورثك أبوك أعنزا ترعاها!
ثم سار تحت الليل فلحق بسليمان وهو ولىّ عهد الوليد، فضمّه إليه وجعله فى خاصّته، ومدحه بقصائد، فقال له سليمان: كم كان أجرى لك فى عمالة فارس؟
قال: عشرين ألفا. قال: هى لك علىّ ما دمت حيّا.
2 - الخزانة 1: 432
والسّليم: اللّديغ. قال الزّجاجىّ فى أماليه الصغرى:
سمّت العرب الملسوع سليما تفاؤلا، كما سمّوا المهلكة مفازة، من قولهم: فوّز الرجل، إذا مات كأنّهما لفظتان لمعنى. وكان ينشد قول الشاعر:
كأنّى من تذكّر آل ليلى ... إذا ما أظلم اللّيل البهيم
سليم بان عنه أقربوه ... وأسلمه المداوى والحميم
ولو كان على ما ذهب إليه (1) فى السّليم لقيل لكلّ من به علّة صعبة:
__________
(1) كذا بدون بيان فى النص لمرجع الضمير. ويبدو أنه ثعلب تلميذ ابن الأعرابى، كما يفهم من تعقيب البغدادى التالى على هذا النص. وفى مجالس ثعلب 204: «قالت العرب إنما سمينا الملدوغ سليما [لأنه أسلم] لما به». وفى اللسان (سلم 184): «وقيل: إنما سمى اللديغ سليما لانه مسلم لما به، أو أسلم لما به. عن ابن الأعرابى». كما يبدو أن البغدادى تقل النص عن الزجاجى مبتورا. وانظر الأضداد لابن الأنبارى 90حيث نسب القول الأخير إلى الفراء أيضا.(2/220)
سليم مثل المبرسم، والمجنون، والمفلوج، بل كان يلزم أن يقال للميّت سليم. اه
قال البغدادى: وفيه أنّ المنقول عنه أنه هو وابن الأعرابىّ قالا: إنّ بنى أسد تقول: إنّما سمّى السّليم سليما لأنه أسلم لما به. على أنّ العلّة لا يجب اطّرادها. فتأمّل.
3 - الخزانة 2: 408
ثم أورد السّيّد جملا من أحواله (1) إلى أن أورد هذه الحكاية وأوردها الزجاجى فى أماليه الصغرى، بسندهما إلى سعيد بن خالد الجدلىّ أنّه قال:
لمّا قدم عبد الملك بن مروان الكوفة بعد قتل مصعب بن الزّبير، دعا الناس إلى فرائضهم (2)، فأتيناه فقال: ممّن القوم؟ فقلنا: من بنى جديلة.
فقال: جديلة عدوان؟ قلنا: نعم. فتمثّل عبد الملك:
عذير الحىّ من عدوا ... ن كانوا حيّة الأرض
بغى بعضهم بعضا ... فلم يرعوا على بعض
ومنهم كانت السّادا ... ت والموفون بالقرض
ثم أقبل على رجل كنّا قدّمناه أمامنا، جسيم وسيم، فقال: أيّكم يقول هذا الشعر؟ فقال: لا أدرى. فقلت من خلفه: يقوله ذو الإصبع. فتركنى
__________
(1) يعنى السيد المرتضى فى أماليه 1: 250249. والخبر فى الأغانى 3: 43 برواية أطول.
(2) الفرائض: جمع فريضة، وهو ما يفرض من عطاء.(2/221)
وأقبل على ذلك الجسيم فقال: وما كان اسم ذى الإصبع؟ فقال: لا أدرى.
فقلت أنا من خلفه: اسمه حرثان (1). فأقبل عليه وتركنى فقال: لم سمّى ذا الإصبع؟ فقال: لا أدرى. فقلت أنا من خلفه: نهشته حيّة على إصبعه (2).
فأقبل عليه وتركنى فقال: من أيّكم كان؟ فقال: لا أدرى. فقلت أنا من خلفه: من بنى ناج (3). فأقبل على الجسيم فقال: كم عطاؤك؟ فقال: سبعمائة درهم. فقال لكاتبه (4): حطّ من عطاء هذا ثلثمائة وزدها فى عطاء هذا.
فرحت وعطائى سبعمائة وعطاؤه أربعمائة (5). اه.
4 - الخزانة 3: 509
قال أبو القاسم الزّجاجىّ فى أماليه الوسطى والصغرى:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدىّ قال: أخبرنا أبو الفضل الرّياشىّ عن الأصمعىّ، عن عبد الله بن رؤبة العجاج، عن أبيه عن جدّه قال:
أنشدت أبا هريرة قصيدتى التى أوّلها:
* الحمد لله الذى استقلّت (6) *
__________
(1) واسم أبيه «محرث» كما فى جمهرة ابن حزم 243، وقيل «السموءل» كما فى الأصمعيات 68حيث تجد قصيدة ذى الإصبع العدوانى هذه وبيان تخريجها فى إسهاب.
(2) فى أمالى المرتضى: «فى إصبعه».
(3) بنو ناج بن يشكر بن عدوان، كما فى الجمهرة 244.
(4) اسمه أبو الزعيرعة، كما فى أمالى المرتضى.
(5) فى الأغانى: «قال: كم عطاؤك؟ فقال ألفان. فأقبل على فقال: كم عطاؤك؟
فقلت: خمسمائة. فأقبل على كاتبه وقال: اجعل الألفين لهذا والخمسمائة لهذا. فانصرفت بها».
(6) أرجوزة العجاج هذه من أعاجيب الأراجيز، ينحو فيها نحو التصوف. ونستطيع(2/222)
حتّى أتيت على آخرها، فقال: أشهد إنّك لمؤمن. انتهى.
5 - الخزانة 4: 98
وقد أورد أبو القاسم الزجاجى هذه الأبيات الثلاثة (1) فى أماليه الصغرى والوسطى، وقال فيها:
أمّا عصام فحاجب النعمان. يقول: لا ألومك أن منعتنى من الوصول إليه، ولكن عرّفنى خبره. وكان الملك إذا مرض يجعل فى سرير ويحمل على أكتاف الرجال، يعلّل بذلك (2)، ويقولون: هو أرفه له.
وأما قوله: «ونأخذ بعده» فيجوز فيه الرفع والنصب والجزم. أما الجزم فعلى العطف على قوله: «يهلك ربيع الناس». والرفع على القطع والابتداء.
والنصب بالصرف على إضمار أن. وكذلك كلّ معطوف بعد جواب الجزاء من الأفعال المستقبلة، تجوز فيه هذه الأوجه الثلاثة. وقوله: «أجبّ الظّهر» يعنى مقطوع الظهر، وهذا تشبيه تمثيل. ويروى: «أجبّ الظهر» بخفضهما
__________
أن نعدها أقدم أرجوزة فيه. وهى فى ديوانه 75فى اثنين وسبعين شطرا، منها:
فارتاح ربى وأراد رحمتى ... ونعمة أتمها فتمت
فردها عنى وقد أعدت ... أظفارها ونابها وحدت
فأسا ومسحاة لنحت جبلتى
ومنها:
هل أنا إلا رجل من أمتى ... أفضى كمثل بعض ما قد أفضت
أو عظة إن نفس حر بلت
(1) يعنى قول النابغة الذبيانى:
فإنى لا ألومك فى دخول ... ولكن ما وراءك يا عصام
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والشهر الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش ... أجب الظهر ليس له سنام
(2) التعليل: التلهية والترفيه.(2/223)
جميعا على إضافة أجبّ إلى الظهر. ويروى: «أجبّ الظّهر» بفتح أجبّ ونصب الظهر على أن يكون موضع أجبّ خفضا ولكن لا ينصرف، وينصب الظهر على التشبيه بالمفعول به ويضمر فى أجبّ الفاعل، كأنه قال: أجبّ الظهر بالتنوين، ثم منعه التنوين لأنه لا ينصرف. وهو فى تقدير قولك: مررت برجل حسن الوجه، وكثير المال، وطيّب العيش. ويروى: «أجبّ الظّهر» على أنه فى موضع خفض ورفع الظهر به، كأنه قال: أجبّ ظهره فأهل الكوفة يجعلون الألف واللام عقيب الإضافة، وأهل البصرة يضمرون ما يعلّق الذّكر بالأوّل، وتقديره عندهم: أجب الظهر منه. انتهى.
6 - الخزانة 4: 227
قال البغدادى: وعذرهم فى تقدير الجواب أن هذا البيت (1) ساقط فى أكثر الروايات، وقد ذكره الزجاجى فى «أماليه الصغرى والكبرى»، فى جملة أبيات ثمانية، رواها عن المبرّد (2)، من قصيدة لامرئ القيس، ورأينا أن نقتصر عليها، وهى:
بعثت إليها والنّجوم خواضع ... حذارا عليها أن تقوم فتسمعا (3)
__________
(1) يعنى قول امرئ القيس فيما يلى:
إذن لرددناه ولو طال مكثه ... لدينا ولكنا بحبك ولعا
يرد البغدادى بذلك على زعم من زعم أن الجواب محذوف فى البيت الذى قبله، وهو:
فأقسم لو شىء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
فقد جعل النحويون جواب القسم محذوفا، وقدروه بقولهم «لدفعناك».
(2) فى الأصل: «من المبرد».
(3) من قصيدة عدد أبياتها 16بيتا فى ديوان امرئ القيس 242240من زيادات الطوسى. خواضع: مائلة للمغيب. فتسمع، أى فيسمع ولدها صوتها.(2/224)
فجاءت قطوف المشى هائبة السّرى ... يدافع ركناها كواعب أربعا (1)
يزجّينها مشى النّزيف وقد جرى ... صباب الكرى فى مخّها فتقطّعا (2)
تقول وقد جرّدتها من ثيابها ... كما رعت مكحول المدامع أتلعا (3)
وجدّك لو شىء أتانا رسوله ... سواك ولكن لم نجد لك مدفعا (4)
إذن لرددناه ولو طال مكثه ... لدينا ولكنّا بحبّك ولّعا (5)
فبتنا نصدّ الوحش عنّا كأننا ... قتيلان لم يعلم لنا الناس مصرعا (6)
إذا أخذتها هزّة الرّوع أمسكت ... بمنكب مقدام على الهول أروعا
__________
(1) قال البغدادى: «هذا البيت ساقط من رواية ديوانه». وأقول: هو ثابت فى رواية الطوسى ص 241. القطوف: المقاربة المشى. ركناها: جانباها. والكواعب: جمع كاعب، وهى الجارية حين يبدو ثديها للنهود.
(2) يزجينها: يدفعنها برفق للمشى. والنزيف: السكران. صباب الكرى: بقية النوم، يعنى الفتور الذى يعقبه. وفى الديوان: «فى مخه»، يعود الضمير على النزيف.
(3) المدامع: الجفون. والأتلع: الطويل العنق.
(4) الجد، بالفتح: العظمة، والحظ والغنى، وأبو الأب، وكل منها صالح للقسم كما ذكر البغدادى. ورواية الديوان: «أجدك» بالنصب، ويقال هذا بفتح الجيم وكسرها. وهو بفتح الجيم بمعنى البخت، وبكسرها بمعنى الحقيقة. انظر اللسان (جدد). وشىء هنا بمعنى أحد، مثلها فى قوله تعالى: «وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار»، أى أحد من أزواجكم.
(5) هذا البيت، وهو موضع استشهاد البغدادى، لم يرو فى ديوان امرئ القيس ولا فى زياداته. وكذا قال البغدادى إنه ساقط من رواية الديوان.
(6) قال البغدادى نقلا عن شارح الديوان: «لأن الوحش لا تقرب القتلى ولا النيام ولا غير ذلك من الناس. وإنما قال قتيلان لأنهما نائمان فى الفلاة». ورواية الديوان:
«تصد الوحش» بالتاء وبرفع الوحش، وفى شرح الطوسى: «أى تصرف أنفسها عنا، أى تنكرنا». والمعنيان صالحان برواية النون أيضا، على المجاز.
(15أمالى الزجاجى)(2/225)
7 - الخزانة 4: 325
وفى أمالى الزجاجى الصغرى (1):
أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبرىّ قال: أخبرنا أبو عثمان المازنى قال:
قرأ محمد بن سليمان الهاشمىّ (2) وهو أمير البصرة على المنبر: {إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [3] بالرفع، فعلم أنّه قد لحن، فبعث إلى النحوييّن وقال لهم: خرّجوا لها وجها. فقالوا: نعطف به على موضع أنّ لأنّها داخلة على المبتدأ والخبر. فأحسن صلتهم، ولم يرجع عنها لئلّا يقال لحن الأمير.
وأخبرنا أبو إسحاق الزجّاج قال: أخبرنا أبو العباس المبرّد، عن المازنىّ قال: حدّثنى الأخفش قال:
كان أمير فى البصرة يقرأ على المنبر: {إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} بالرفع، فصرت إليه ناصحا ومنبّها، فتهدّدنى وأوعدنى وقال: تلحّنون أمراءكم، ثم عزل وتقلّد محمد بن سليمان الهاشمى، فكأنه تلقّنها من فى المعزول (4)، فقلت: هذا هاشمىّ نصيحته واجبة. فجبنت عنه وخشيت أن يتلقّانى بمثل ما تلقانى به الأوّل، ثم حملت على نفسى فأتيته، فإذا هو فى غرفة
__________
(1) الخبر كذلك فى مجالس العلماء 5554وإنباه الرواة 2: 43. وطرف منه فى البيان 1: 295.
(2) هو محمد بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس. ولاه المنصور البصرة ثم عزله عنها وولاه الكوفة، ثم ولاه المهدى ثم عزله، ثم أعاده الهادى وأقره الرشيد. توفى سنة 173.
لسان الميزان 5: 188وتاريخ بغداد 2795.
(3) الآية 56من سورة الأحزاب.
(4) فى المجالس: «من المعزول» فقط. وفى إنباه الرواة: «من فم المعزول».(2/226)
له، وعنده أخوه، والغلمان على رأسه، فقلت: هذا وأومأت إلى أخيه فنهض أخوه وتفرّق الغلمان، فقلت: أصلح الله الأمير، أنتم أهل بيت النبوّة، ومعدن الرّسالة والفصاحة، وتقرأ: إنّ الله وملائكته، بالرفع، وهو لحن لا وجه له؟! فقال: جزاك الله خيرا، قد نبّهت ونصحت! فانصرف مشكورا.
فانصرفت، فلما صرت فى نصف الدّرجة إذا قائل يقول لى: قف.
فوقفت وخفت أن يكون أخوه أغراه بى، فإذا بغلة سفواء (1)، وغلام وبدرة (2)، وتخت ثياب (3)، وقائل يقول: هذا لك، قد أمر به الأمير.
فانصرفت مغتبطا (4).
انتهى كلامه.
__________
(1) السفواء من البغال: السريعة، أو هى الخفيفة الناصية.
(2) البدرة، بالفتح: كيس به مقدار من المال يقدم فى العطاء، واختلف مقداره باختلاف العهود.
(3) التخت: وعاء تحفظ فيه الثياب.
(4) فى مجالس العلماء للزجاجى: «مغتبطا بذلك كله».(2/227)
القسم الثانى ما نص على أنه من الأمالى الوسطى فقط
1 - الخزانة 1: 425
قال أبو القاسم الزجّاجىّ فى أماليه الوسطى:
أخبرنا ابن شقير قال: حضرت المبرّد وقد سأله رجل عن معنى قول الشاعر (1):
فلو أنّ قومى أنطقتنى رماحهم ... نطقت ولكنّ الرماح أجرّت
فقال هذا كقول الآخر:
وقافية قيلت فلم أستطع لها ... دفاعا إذا لم تضربوا بالمناصل
فأدفع عن حقّ بحقّ ولم يكن ... ليدفع عنكم قالة الحقّ باطلى
قال أبو القاسم: معنى هذا أنّ الفصيل إذا لهج بالرّضاع جعلوا فى أنفه خلالة محدّدة، فإذا جاء يرضع أمّه نخستها تلك الخلالة فمنعته من الرّضاع، فإن كفّ وإلّا أجرّوه. والإجرار: أن يشقّ لسان الغصيل أو يقطع طرفه، فيمتنع حينئذ من الرّضاع ضرورة. فقال قائل البيت الأوّل: إنّ قومى لم يقاتلوا، فأنا مجرّ عن مدحهم كما يجرّ الفصيل عن الرضاع. ففسّره أبو العباس بالبيتين اللذين مضيا.
وللإجرار موضع آخر، وهو أن يطعن الفارس الفارس فيمكّن الرمح
__________
(1) هو عمرو بن معديكرب، من أبيات فى الحماسة للمرزوقى 163157وهو آخرها، وهذا البيت يروى أيضا لفروة بن مسيك المرادى، فى معجم البلدان (جوف)، أول أبيات ثلاثة.(2/228)
فيه، ثم يتركه منهزما يجرّ الرّمح، فذلك قاتل لا محالة. ومنه قول الشاعر (1):
وآخر منهم أجررت رمحى ... وفى البجلىّ معبلة وقيع (2)
وقول الآخر (3):
ونقى بأفضل مالنا أحسابنا ... ونجرّ فى الهيجا الرّماح وندّعى
انتهى
2 - الخزانة 2: 112109
وهو نص ملفّق من كتاب المحاسن والأضداد (4) للجاحظ، ومن كتاب المغرّبين (5) لأبى الحسن على بن محمد المدائنى، والأمثال لحمزة الأصبهانى، والرّوض الأنف للسهيلى، وغاية السائل إلى معرفة الأوائل لإسماعيل بن هبة الله الموصلىّ، والأمالى الوسطى للزجاجى.
والنص يتعلّق بالفريعة بنت همام، المعروفة بالمتمنّية، وهى أم الحجاج بن يوسف، وكانت تهوى نصر بن حجاج.
وقد وجدت أنّ من العسير أن أفصل نصّ الزجاجى من سائر النصوص
__________
(1) هو عنترة بن شداد، كما فى ديوانه 159والتصحيف للعسكرى 22، 56واللسان (بجل، عبل، وقع) والاشتقاق 516.
(2) البجلى، بسكون الجيم: نسبة إلى بجلة: بطن من سليم، كما فى التصحيف واللسان (بجل) والاشتقاق عند الكلام على البيت. وفيهم يقول القائل:
الحق ببجلة ناسبهم وكن معهم ... حتى يعيروك مجدا غير موطود
والمعبلة: نصل طويل عريض وجمعه معابل. والوقيع: المحددة.
(3) هو الحادرة الذبيانى. المفضليات 45.
(4) فى الأصل: «المحاسن والمساوى»، وهذا العنوان إنما هو للبيهقى
(5) أى المنفيبن عن أوطانهم إلى دار غربة.(2/229)
لاتّصال معانيها وسياقها، ورأيت فى نقلها هنا إطالة يمكن الاستغناء عنها بالرجوع إليها فى الخزانة.
3 - الخزانة 2: 429
قال البغدادى: وزعم الخطيب التبريزى فى شرح ديوان أبى تمام أن البيت الشاهد (1) للعرجىّ المذكور آنفا، ولم يوجد فى ديوانه. والذى رواه العلماء أنّه لعمر بن أبى ربيعة، وهو موجود فى شعره (2). وسبب توّهمه: أنّ للعرجىّ أبياتا على هذا النّمط رواها الزّجّاجىّ (فى أماليه الوسطى) بسنده إلى إسحاق ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال:
كان العرجىّ وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان يشبّب بامرأة محمد بن هشام (3). وقال غيره: إنّه يشبّب بامرأته الحارثية:
عوجى علينا ربّة الهودج ... إنّك إلّا تفعلى تحرجى (4)
أيسر ما قال محبّ لدى ... بين حبيب قوله: عرّج
__________
(1) يعنى قول عمر بن أبى ربيعة:
أومت بعينيها من الهودج ... لولاك فى ذا العام لم أحجج
(2) ملحقات ديوان عمر 479.
(3) محمد بن هشام المخزومى، خال هشام بن عبد الملك. وهو محمد بن هشام بن إسماعيل ابن هشام بن الوليد بن المغيرة. جمهرة أنساب العرب 148والأغانى 1: 155. وفى الأغانى 1: 156: «بأم محمد بن هشام، وهى من بنى الحارث بن كعب، ويقال لها جيداء».
وفى 1: 148: «وكان ينسب بها ليفضح ابنها، لا لمحبة كانت بينهما». وفى 1: 155:
«يقوله فى جيداء أم محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومى، وكان يهجوه ويشبب بأمه وامرأته»
(4) القصيدة فى ديوان العرجى 2017بزيادة تسعة أبيات، وبها بعض تحريف.
وتحرجى، من الحرج، وهو الإثم.(2/230)
يفضى إليكم حاجة أو يقل ... هل لى مما بى من مخرج (1)
من حبّكم بنتم ولم ينصرم ... وجد فؤادى الهائم المنضج
فما استطاعت غير أن أومأت ... بطرف عينى شادن أدعج (2)
تذود بالبرد لها عبرة ... جادت بها العين ولم تنشج (3)
مخافة الواشين أن يفطنوا ... بشأنها والكاشح المزعج (4)
أقول لمّا فاتنى منهم ... ما كنت من وصلهم أرنجى
إنّى أتيحت لى يمانيّة ... إحدى بنى الحارث من مذحج
نمكث حولا كاملا كلّه ... لا نلتقى إلّا على منهج (5)
فى الحج إن حجّت وماذا منى ... وأهله إن هى لم تحجج (6)
فقال عطاء (7): الكثير الطيّب يا خبيث.
__________
(1) فى الأصل والديوان: «يقضى» بالقاف، والوجه ما أثبت.
(2) الشادن: ولد الظبية إذا اشتد وظهر قرناه واستغنى عن أمه. والدعج: شدة سواد العين فى سعة.
(3) فى الأصل: «جاءت»، صوابه فى الديوان. وفى الديوان: «تفشج»، صوابه ما هنا. والنشيج: تردد البكاء فى الصدر.
(4) يقال فطن للأمر، وبه، وإليه، من باب فرح، أى تنبه. وفى الديوان:
«لشانها». والكاشح، أى ومخافة الكاشح، وهو العدو الباطن العداوة كأنه يطويها فى كشحه.
(5) المنهج، بفتح الميم: الطريق الواضح. والبيت من شواهد الكوفيين فى إجازة توكيد النكرة المحدودة.
(6) منى: القرية المعروفة، على فرسخ من مكة. وهو مما يذكر ويؤنث.
(7) هو عطاء بن أبى رباح، كما فى الأغانى 1: 156. وقد قاله لرجل أنشده قول العرجى. وذكر أن هذا الرجل هو ابن سريح.(2/231)
4 - الخزانة 3: 9997
ساق البغدادىّ الأبيات التالية لزيد بن عمرو بن نفيل:
تلك عرساى تنطقان على عم ... د لى اليوم قول زور وهتر (1)
سالتانى الطّلاق أن رأتا ما ... لى قليلا، قد جئتمانى بنكر (2)
فلعلّى أن يكثر المال عندى ... ويعرّى من المغارم ظهرى
وترى أعبد لنا وأواق ... ومناصيف من خوادم عشر (3)
ونجرّ الأذيال فى نعمة زو ... ل تقولان ضع عصاك لدهر (4)
وى كأن من يكن له نشب يح ... بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (5)
ويجنّب سرّ النجىّ ولك ... نّ أخا المال محضر كلّ سرّ
ثم قال: وروى الزجاجىّ فى أماليه بدل «نكر»: «مرّ» من المرارة ضدّ الحلاوة. وروى أيضا:
سالتانى الطّلاق أن رأتانى ... قلّ مالى قد إلخ (6)
__________
(1) الهتر، بالكسر: الكذب والخطأ فى الكلام. وبالفتح مصدر هتره هترا:
مزق عرضه. وفى الأصل: «إلى اليوم»، صوابه من البيان 1: 235.
(2) استشهد به سيبويه 2: 170على إبدال الألف فى سالتانى من الهمزة.
(3) أواق، فسره البغدادى بأنه جمع أوقية من الذهب أو الفضة، وقال: «ويروى بدله: وجياد». والمناصيف: جمع منصف، كمنبر، ومنظر، وهو الخادم. وزاد الياء فى الشعر للجمع، أو هو مذهب الكوفيين فى كل ما كان مثل ذلك.
(4) الزول: الحسنة الجيدة. وضع عصاك، كناية عن الإقامة، لأن المقيم يضعها عن يده، والمسافر يحملها. لدهر، أى إلى انقضاء دهر.
(5) النشب، بالتحريك: المال الأصيل من ناطق أو صامت. وانظر مجالس ثعلب 389 وعيون الأخبار 1: 242وشرح السبع الطوال لابن الأنبارى 360.
(6) وهى رواية سيبويه كذلك.(2/232)
وقال البغدادى أيضا:
وهى لزيد بن عمرو بن نفيل، كما فى كتاب سيبويه وخدمته (1)، وكذا فى (أمالى الزجاجى الوسطى). وأثبتها الجاحظ (2) لابنه سعيد بن زيد، ونسبها الزبير بن بكّار (3) لنبيه بن الحجّاج.
5 - الخزانة 3: 301
ورأيت فى أمالى الزجّاجىّ الوسطى قال:
أخبرنا الأشناندانىّ (4) عن العنبىّ عن رجل من قريش قال:
حضرت مجلس عبد الملك وعنده بطن من بنى عامر بن صعصعة، وكان رجل بينهم معه ابنتاه وذوده وهنّ ثلاث، فراح ذوده يوما، ففقد منها واحدا فنشده أى سأل عنه وطلبه فلم ينشد، فأوفى على صخرة وأنشأ يقول:
أذئب القفر أم ذئب أنيس ... سطا بالبكر أم صرف الليالى (5)
__________
(1) المعروف الخدم والخدام، عنى شراحه وشراح شواهده. ونسبت كذلك إلى زيد فى عيون الأخبار لابن قتيبة 1: 242.
(2) فى البيان 1: 235.
(3) فى كتابه جمهرة أنساب قريش، كما فى الخزانة. ونسبها الشنتمرى 2: 170إلى نبيه أيضا.
(4) هو أبو عثمان سعيد بن هارون الأشناندانى، أخذ عن أبى محمد التوزى وأخذ عنه أبو بكر بن دريد. نزهة الألباء 266والفهرست 89، 123. وفى تاج العروس:
«أشنان ذان، معناء موضع الأشنان. وإليه نسب أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانذانى» بالذال المعجمة. وله كتاب معانى الشعر من رواية ابن دريد، طبع فى دمشق سنة 1340 بمطبعة الترقى.
(5) سطا: بطش بشدة. وصرف الليالى: حوادثها.(2/233)
وأنتم، لو أراد الدهر عدوا، ... عديد التّرب من أهل ومال (1)
ونحن ثلاثة وثلاث ذود ... لقد جار الزّمان على عيالى
ولو مولى ضباب عال فيهم ... لجرّ الدهر عن حال لحال (2)
ومولاهم أبى لا عيب فيه ... وفى مولاكم بعض المقال
هلمّ براءة والحىّ ضاح ... وإلّا فالوقوف على ألإل (3)
دعا داعى القلوص على ثبير ... ألا أين القلوص بنى قتال (4)
فطلبوا له ذوده فردّوها عليه، وغرموا له ذودا وقالوا: اخرج عنا. انتهى.
6 - الخزانة 4: 253252
أورد البغدادى قول الراجز:
إنّ الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتّكل
ثم ساق رأى سيبويه فيه ونصه (5):
وقد يجوز أن تقول: بمن تمرّ أمرّ، وعلى من تنزل أنزل، إذا أردت معنى
__________
(1) العدو: مصدر عدا عليه، أى ظلمه وتجاوز الحد. أى أنتم كثير فى العدد كثرة التراب.
(2) الضباب: قبيلة، وفى العرب ضباب بن الحارث بن فهر، وضباب بن الحارث يربوع، والضباب بن كلاب بن ربيعة. انظر جمهرة أنساب العرب. عال فيهم: صار ذا عيلة وافتقر.
يونجهم بأنه مولى لهم ولم يأخذوا بيده.
(3) هلم، أى أحضروا. وهى تقال لجميع المخاطبين بلفظ واحد. فى اللغة العالية، وبها ورد القرآن: «هلم شهداءكم». وأهل نجد وتميم يصرفونها فيقولون هلما وهلموا وهلممن. ضاح: بارز ظاهر. وألال، بفتح الهمزة وكسرها: جبل بعرفات.
(4) القلوص: الناقة الشابة. وثبير، كأمير: جبل بين مكة ومنى. وبنو قتال: قبيلة.
وفى قبائلهم قتال بن يربوع بن غيظ بن مرة. الأغانى 2: 96.
(5) سيبويه 1: 443.(2/234)
عليه وبه، وليس بحدّ الكلام، وفيه ضعف. ومثل ذلك قول بعض الأعراب (1):
إنّ الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتّكل
يريد: يتكل عليه، ولكنه حذف. وهذا قول الخليل. انتهى.
قال الزجّاجىّ فى (أماليه الوسطى):
زعم بعض الناس أن سيبويه غلط فيه، وتقديره عند سيبويه أن يكون يجد متعديا إلى من بعلى، وليس وجدت مما يتعدّى بحرف خفض، فلهذا خالفوه.
قال المازنىّ: تقديره صحيح جيد، لأنّ الفعل المتعدّى قد يجوز ألّا يعدّى، فكأنّه قصد ذلك ثم بدا له فعدّاه بعلى، كما قال تعالى: {عَسى ََ أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} [2] وإنّما جاز أن يحذف «عليه» لذكرها فى أوّل الكلام انتهى.
7 - الخزانة 4: 595
أنشد البغدادىّ قول الراجز:
تضحك منّى أن رأتنى أحترش (3) ... ولو حرشت لكشفت عن حرش (4)
ثم قال: ورواه الزجاجى فى (أماليه الوسطى):
* تعجب لمّا أن رأتنى أحترش *
__________
(1) فى الكتاب: «قول الشاعر (وهو بعض الأعراب)»، وما بين الفوسين من زيادات الكتاب.
(2) الآية 72من سورة النمل. وانظر مجالس العلماء للزجاجى 83.
(3) الاحتراش: صيد الضب خاصة، وهو أن يحرك يده على حجره ليظنه حية، فيخرج ذنبه ليضربها، فيأخذه الصائد من ذنبه.
(4) ولو حرشت، التفات من الغيبة إلى الخطاب. والحر: فرج المرأة. أى لو كنت تصيدين الضب لأعجبت به وأعظمت لذته.(2/235)
القسم الثالث ما نص على أنه من الأمالى الكبرى فقط، وهو نصّ واحد
الخزانة 2: 257
أنشد قول الراجز:
يا ابن الزّبير طالما عصيكا (1) ... وطالما عنّيتنا إليكا
لنضر بن بسيفنا قفيكا
ثم قال: هكذا أورده أبو زيد فى نوادره (2) ونسبه لراجز من حمير، وتبعه صاحب الصحاح فى مادة السين المهملة (3). وأما الزجّاجى فإنه رواه (فى آخر أماليه الكبرى) على خلاف هذه الرواية فقال: باب التاء والكاف فى المكنى:
يقال ما فعلت وما فعلك. قال الراجز:
يا ابن الزّبير طالما عصيكا ... وطالما عنّيكنا إليكا
لنضر بن بسيفنا قفيكا
يريد: عصيتا وعنّيتنا.
فروى «عنّيكنا» بدل التاء كافا، ثم «عصيكا». وعنّيتنا إليك بمعنى أتعبتنا بالمسير إليك.
__________
(1) ابن الزبير، هو عبد الله، حوارى رسول الله صلى الله عليه.
(2) نوادر أبى زيد 105. وكذلك شرح شواهد المغنى للسيوطى 153.
(3) يعنى مادة (سين) فى باب النون آخر فصل السين.(2/236)
القسم الرابع ما ورد منسوبا إلى الأمالى للزجاجى، مهملا بدون قيد
1 - الخزانة 1: 276
أورد قول الراجز (1):
* جاءوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ *
ثم قال: ورواه الدينورىّ فى النبات، وابن قتيبة فى أبيات المعانى (2)، والزجاجى وابن الشجرى (3) فى أماليهما.
2 - الخزانة 3: 18
وروى الزجّاجىّ فى أماليه قال: حدثنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال:
كتبت امرأة من العرب إلى طلحة الطّلحات (4):
يأيّها المائح دلوى دونكا ... إنّى رأيت النّاس يحمدونكا (5)
يثنون خيرا ويمجّدونكا
__________
(1) نسب إلى العجاج فى الخزانة 1: 277والعينى 4: 61وليس فى ديوانه، بل فى ملحقاته ص 81نقلا عن العينى 4: 62. والرجز أيضا فى الكامل 518وشرح شواهد المغنى 214بدون نسبة.
(2) المعانى الكبير 204، 399.
(3) أمالى ابن الشجرى 2: 149.
(4) هو طلحة بن عبد الله بن خلف بن سعد الخزاعى. انظر حواشى البيان 3: 234.
(5) انظر أمالى القالى 2: 244والعقد 5: 211.(2/237)
فلما قرأ طلحة الكتاب أحبّ ألا يفطن الرسول فقال: ما أيسر ما سألت، إنّما سألت جنبة (1). ثم أمر بجنبة عظيمة فقوّرت وملئت دنانير، وكتب إليها:
إنّا ملأناها تفيض فيضا ... فلن تخافى ما حييت غيضا
خذى لك الجنب وعودى أيضا (2)
3 - الأشباه والنظائر للسيوطى 1: 7
قال أبو القاسم الزجاجى فى أماليه:
حدثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبرىّ قال: حدثنا أبو حاتم السّجستانى حدثنى يعقوب بن إسحاق الحضرمىّ حدثنا سعيد بن سلم الباهلى، حدّثنى أبى عن جدى عن أبى الأسود الدؤلى قال:
دخلت على على بن أبى طالب رضى الله عنه، فرأيته مطرقا متفكّرا، فقلت: فيم تفكر يا أمير المؤمنين؟ قال: إنّى سمعت ببلدكم هذا لحنا، فأردت أن أصنع كتابا فى أصول العربية. فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا وبقيت فينا هذه اللّغة. ثم أتيته بعد ثلاث فألقى إلىّ صحيفة فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم. الكلام كلّه اسم وفعل وحرف. فالاسم: ما أنبأ عن المسمّى. والفعل: ما أنبأ عن حركة المسمّى. والحرف: ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل.
ثم قال: تتبّعه وزد فيه ما وقع لك. واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء (3)
__________
(1) الجنبة: جلدة من جنب البعير يعمل منها علبة. وفى التهذيب: أعطنى جنبة، فيعطيه جلدا فيتخذه علبة. اللسان (جنب). وفى الأصل: «جبنة» فى هذا الموضع وتاليه، تحريف.
(2) فى الأصل: «الجبن»، تحريف. وانظر التنبيه السابق.
(3) فى الأصل: «الأشياء»، صوابه من نزهة الألباء ص 5.(2/238)
ثلاثة: ظاهر، ومضمر، وشىء ليس بظاهر ولا مضمر. وإنّما تتفاضل العلماء فى معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.
قال أبو الأسود: فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه، فكان من ذلك حروف النصب (1)، فذكرت منها إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأنّ. ولم أذكر لكنّ، فقال لى: لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها. فقال: بل هى منها، فزدها فيها
4 - الأشباه والنظائر 3: 15
قال أبو القاسم الزجاجى فى أماليه (2): أخبرنا أبو الحسن على بن سليمان الأخفش النحوىّ، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدّثنى سلمة قال: قال الفراء:
قدم سيبويه على البرامكة، فعزم يحيى على الجمع بينه وبين الكسائى، فجعل لذلك يوما، فلمّا حضر تقدّمت والأحمر فدخلنا، فإذا بمثال (3) فى صدر المجلس، فقعد عليه يحيى، ومعه إلى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم. وحضر سيبويه، فأقبل عليه الأحمر فسأله عن مسألة فأجاب فيها سيبويه، فقال له: أخطأت ثم سأله عن ثانية فأجاب فقال له: أخطأت.
__________
(1) فى نزهة الألباء: «قال: ثم وضعت بابى العطف والنعت، ثم بابى التعجب والاستفهام، إلى أن وصلت إلى باب إن وأخواتها».
(2) انظر مجالس العلماء 108ومعجم الأدباء 1: 185و 16: 119.
(3) المثال: الفراش، وجمعه مثل. وفى الحديث أنه دخل على سعد وفى البيت مثال رث، أى فراش خلق. ووقع فى مجالس العلماء: «تمثال»، ووجهه ما هنا وما فى معجم الأدباء.(2/239)
ثم سأله عن ثالثة فأجاب، فقال له: أخطأت. فقال له سيبويه: هذا سوء أدب!
قال الفراء: فأقبلت عليه فقلت: إن فى هذا الرجل حدّة وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال: هؤلاء أبون ومررت بأبين، كيف تقول مثال ذلك من وأيت وأويت؟ فقدّر فأخطأ، فقلت: أعد النظر. فقدّر وأخطأ ثلاث مرات يجيب ولا يصيب. فلّما كثر ذلك عليه قال: لست أكلّمكما أو يحضر صاحبكما حتّى أناظره.
قال: فحضر الكسائىّ فأقبل على سيبويه فقال: تسألنى أو أسألك؟ قال:
لا، بل سلنى أنت. فأقبل عليه الكسائى فقال: كيف تقول: كنت أظنّ أن العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هى، أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هى، ولا يجوز النصب. فقال له الكسائى: لحنت. ثم سأله عن مسائل من هذا النحو: خرجت فإذا عبد الله القائم، أو القائم؟ فقال سيبويه فى ذلك كلّه بالرفع دون النصب. وقال له الكسائى: ليس هذا كلام العرب، العرب ترفع ذلك كلّه وتنصبه. فدفع سيبويه قوله، فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلدكما (1) فمن ذا يحكم بينكما؟ فقال له الكسائى:
هذه العرب ببابك قد اجتمعت من كلّ أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل الكوفة وأهل البصرة منهم، فيحضرون ويسألون. فقال يحيى وجعفر: قد أنصفت. فأمر بإحضارهم فدخلوا، وفيهم أبو فقعس، وأبو زياد، وأبو الجرّاح، وأبو ثروان، فسئلوا عن المسائل التى جرت بين الكسائىّ وسيبويه، فتابعوا الكسائىّ
__________
(1) فى مجالس العلماء: «بلديكما»، وهو الوجه.(2/240)
وقالوا بقوله. فأقبل يحيى على سيبويه فقال: قد تسمع أيّها الرجل.
فاستكان سيبويه، وأقبل الكسائىّ على يحيى فقال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد إليك من بلده مؤمّلا، فإن رأيت ألّا تردّه خائبا! فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصيّر وجهه إلى فارس، وأقام هناك ولم يعد إلى البصرة (1).
ثم قال السيوطى: قال السّخاوىّ فى سفر السعادة: قال لى شيخنا أبو اليمن الكندىّ: «إنّ سيبويه إنّما قال ذلك لأنّ المعانى لا تنصب المفاعيل الصريحة». قال السّخاوىّ: لم أسمع فى هذه المسألة أحسن من قول الكندىّ ولا أبلغ!
5 - الأشباه والنظائر 3: 23
قال الزجاجى فى (أماليه): أخبرنا أبو عبد الله اليزيدى، يرفعه إلى عمه، [عن جدّه (2)] أبى محمد اليزيدى واسمه يحيى بن المبارك قال (3):
كنّا فى مجلس أبى عمرو بن العلاء، فجاءه عيسى بن عمر الثقفى فقال:
__________
(1) بعده فى مجالس العلماء: «قال أبو العباس: وإنما أدخل العماد فى قوله: فإذا هو إياها، لأن فإذا مفاجأة، أى فوجدته ورأيته. ووجدت ورأيت تنصب شيئين ويكون معه خبر، فلذلك نصبت العرب». وانظر لتأييد رأى سيبويه فى منع النصب ما فى معجم الأدباء 16: 121120من قول الأخفش.
(2) النص كذلك فى مجالس العلماء للزجاجى ص 1. والحيوان للجاحظ 5: 309/ 7: 210وطبقات الزبيدى 38وأمالى القالى 3: 39وابن أبى الحديد 4: 424والمعرب للجواليقى 9، 210.
(3) التكملة من مجالس العلماء.
(16أمالى الزجاجى)(2/241)
يا أبا عمرو، ما شىء بلغنى أنّك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال: بلغنى أنّك تجيز:
ليس الطيّب إلا المسك، بالرفع. فقال له أبو عمرو: هيهات، نمت وأدلج الناس! [ليس فى الأرض حجازىّ إلا وهو ينصب، ولا فى الأرض تميمىّ إلّا وهو يرفع (1)]. ثم قال لى أبو عمرو: تعال أنت يا يحيى. وقال لخلف الأحمر: تعال أنت يا خلف. امضيا إلى أبى مهديّة فلقناه الرفع، فإنه يأبى وامضيا إلى المنتجع بن نبهان التميمى، فلقّناه النّصب، فإنّه يأبى.
قال أبو محمد: فمضينا إلى أبى مهديّة فوجدناه قائما يصلى، فلمّا قضى صلاته أقبل علينا فقال: ما خطبكما؟ فقلت: جئناك لنسألك عن شىء من كلام العرب. قال: هاتياه. فقلنا: كيف تقول: ليس الطيب إلا المسك؟ فقال:
أتأمرانى بالكذب على كبر سنّى، فأين الزّعفران، وأين الجادىّ (2)، وأين بنّة الإبل الصادرة (3)؟ فقال له خلف: ليس الشراب إلّا العسل. قال:
فما تصنع سودان هجر، ما لهم غير هذا التمر (4). فلما رأيت ذلك قلت له: كيف تقول: ليس ملاك الأمر إلّا طاعة الله والعمل بها؟ (5) فقال: هذا كلام لا دخل (6)
__________
(1) التكملة من مجالس العلماء.
(2) الجادى: الزعفران، كما فى اللسان (جود 113). وأنشد لكثير:
يباشرن فأر المسك فى كل مهجع ... ويشرق جادى بهن مفيد
وهو بتشديد الياء فيه. أما صاحب القاموس فذكره فى (جدى)، وفيه: «الجادى:
الزعفران كالجادياء، والخمر». فجعله بتخفيف الياء. والمفيد، بفتح الميم: المدوف.
(3) بنة الإبل: رائحتها. والصادرة: الراجعة عن الماء بعد الورود.
(4) فى مجالس العلماء: «ما لهم شراب غير هذا التمر».
(5) إنما سأل هذا السؤال الأخير لأن ما بعد «إلا» فيه ظاهر الإعراب، وليس فيه الوقف كما فى السؤالين السابقين.
(6) الدخل، بالفتح وبالتحريك أيضا: العيب والريبة.(2/242)
فيه، ليس ملاك الأمر إلّا طاعة الله والعمل بها، فنصب، فلقّنّاه الرفع فأبى، فكتبنا ما سمعنا منه.
ثم جئنا إلى المنتجع فقلنا له: كيف تقول: ليس الطّيب إلّا المسك؟
ونصبنا، فقال: ليس الطيب إلا المسك، ورفع، وجهدنا به أن ينصب فلم ينصب.
فرجعنا إلى أبى عمرو وعنده عيسى بن عمر لم يبرح بعد، فأخبرناه بما سمعنا، فأخرج عيسى خاتمه من يده، فدفعه إلى أبى عمرو، وقال: بهذا سدت الناس يا أبا عمرو.
6 - الأشباه والنظائر 3: 24. وبعض هذا النص فى 2: 258
قال الزجّاجىّ (فى أماليه (1)):
حضرت أبا إسحاق الزجاج يوم الجمعة فى مجلسه بالجامع الغربىّ بمدينة السلام بعد الصلاة، وقد دسّ إليه أبو موسى الحامض رجلا غريبا بمسائل، منها:
كيف تجمع هبىّ وهبيّة جمع التكسير؟
فقال أبو إسحاق: أقول: هباىّ كما ترى، فأدغم، وأصل الياء الأولى عندى السّكون، ولولا ذلك لأظهرتها. فقال له الرجل: فلم لا تصرفه إذا كان أصله عندك السكون كما تصرف حمارا؟ فقال: لأنّ حمارا غير مكسر، وإنما هو واحد، فلذلك صرفته ولم أصرف هباىّ. قال: وما أنكرت من أن يكونوا أعلوا العين فى هذا الباب وصحّحوا اللام، فشبّهوا الياء ههنا التى هى لام بعين المعتلّ، ثم أعلّوا العين مثل رأيته؟ فقال: هذا مذهب، وهو عندى جائز.
__________
(1) النص كذلك فى مجالس العلماء 312307.(2/243)
ثم قال له أبو إسحاق: أراك تسأل سؤال فهم فكيف تصغّر هبىّ؟
فقال: أنا مستفهم والجواب منك أحسن. فقال أبو إسحاق: يقال فى تصغيره هبيّي، فتصحح الياء الثانية فى الأصل وتدغم فيها الياء الأولى التى هى لام الفعل، وتأتى بياء التصغير ساكنة فلا يلزم حذف شىء.
والهبىّ والهبيّة: الصّبىّ والصّبيّة.
ثم قال له الرجل: كيف تبنى من قضيت مثل جحمرش؟ وهى العجوز.
قال أبو إسحاق: أمّا على مذهب المازنى فيقال فيه قضيىّ لأن اللام الأولى بمنزلة غير المعتل لسكون ما قبلها، فأشبهت ياء ظبى، فكأن ليس فى الكلام إلّا ياءان، فصحّت الأولى من الأخريين، وأعلّت الآخرة. هذا مذهب أبى عثمان. والأخفش يقول فيها قضيا، قال: أحذف الآخرة وأقلب الوسطى ألفا لا نفتاح ما قبلها.
فقال له الرجل: فكيف تقول منها من قرأت؟
فقال له أبو إسحاق: يقال قرآء مثل قرقاع، وأصله قرأئى وزنه قرعيع، فاجتمعت ثلاث همزات فقلبت الوسطى منهن ياء لاجتماع الهمزات، ثم قلبتها ألفا لانفتاح ما قبلها.
فقال له: فما وزن كينونة عندك؟
قال: فيعلولة، وأصلها كيونونة، ثم قلبت الواو ياء لسبق الياء لها ساكنة، وأدغمت الأولى فى الثانية فصار كيّنونة، ثم خفّفت فقيل كينونة؟
كما قيل فى ميّت وهيّن وطيّب: ميت وهين وطيب.
قال: ما الدّليل على هذه الدعوى والفرّاء يزعم أنها فعلولة؟(2/244)
قال: الدليل على ذلك ثبات الياء لأنّه لو كان أصلا لزمه الاعتلال لأنه لا محالة من الكون، فكان يجب أن يقال كونونة، إن كان أصلها فعلولة بإسكان العين. وإن كان أصلها فعلولة بتحريك العين فواجب أن يقال كانونة.
فقال له الرجل: فما تقول فى امرأة سمّيت أرؤس ثم خفّفت الهمزة، كيف تصغّرها؟
قال: أريّس، ولا أزيد الهاء.
فقال له: ولم وقد صار على ثلاثة أحرف، ألست تقول فى تصغير هند هنيدة، وعين عيينة.
فقال الزجاج: هذا مخالف لذلك فإنّى ولو خفّفت الهمزة فإنها مقدّرة فى الأصل، والتخفيف بعد التحقيق.
قال: فلم لا تلحقه بتصغير سماء إذا قلت سميّة، أليس الأصل مقدرا؟
فقال: هذا لا يشبه تصغير سماء لأنّ التخفيف فى أرؤس عارض، والتحقيق فيه جائز. وأنت فى تحقير سماء تكره الجمع بين ثلاث ياءات، وأنت لا تكره التحقيق فى أرؤس، فلو حقّقته صار على أربعة أحرف وهو الأصل.
وسماء الحذف لها لازم، فصار كأنه على ثلاثة أحرف، فلحقتها الهاء فى التصغير.
قال أبو القاسم الزجاجى: ونظير كينونة فى الوزن القيدودة، وهى الطّول والهيعوعة، وهى مصدر هاع، إذا جبن هيعوعة والطّيرورة، من الطّيران.
كلّ هذا أصله عند البصريّين فيعلولة (1)، ثم لحقته ما ذكرت لك. وكان فى
__________
(1) فى الأصل: «فيعولة»، صوابه فى مجالس العلماء.(2/245)
المجلس المشوق (1)، فأخذ بياضا (2) وكتب من وقته:
صبرا أبا إسحاق عن قدرة ... فذو النّهى يمتثل الصّبرا
واعجب من الدهر وأوغاده ... فإنّهم قد فضحوا الدّهرا
لا ذنب للدّهر ولكنّهم ... يستحسنون الغدر والمكرا
نبّئت بالجامع كلبا لهم ... ينبح منك الشمس والبدرا
والعلم والحلم ومحض الحجا ... وشامخ الأطواد والبحرا
والدّيمة الوطفاء فى سحّها ... إذا الرّبى أضحت بها خضرا
فتلك أوصافك بين الورى ... يأبين والتّيه لك الكبرا
يظنّ جهلا والذى دسّه ... أن يلمسوا العيّوق والغفرا (3)
فأرسلوا النّزر إلى غامر ... وغمرنا يستوعب النّزرا
فاله أبا إسحاق عن خامل ... ولا تضق منك به صدرا
وعن خشار عرر فى الورى ... خطيبهم من فمه يخرا (4)
قال أبو إسحاق: فعقب هذا المجلس سألنى محمد بن يزيد المبرد يوما فقال:
كيف تقول فى تصغير أموىّ؟ فقلت له: أقول أميّىّ. فقال لى: لم طرحت ياء التصغير من أموىّ وأثبتّها فى هذا؟ فقلت: تلك لغيره، تلك للجنس وهذا
__________
(1) اسمه العباس، كما فى المصون للعسكرى بتحقيقنا ص 80. قال العسكرى: وسمى المشوق بقوله:
* كأن سماءه عين المشوق *
(2) المراد بالبياض القرطاس الأبيض.
(3) الغفر، بالفتح: منزل من منازل القمر، ثلاثة أنجم صغار، وهى من الميزان.
(4) الخشار: الردئ. والعرر: جمع عرة، بالضم، وهو القذر.(2/246)
له فى نفسه، فلا يطرح ما كان له فى نفسه حملا على ما كان للجنس. فقال:
أجدت يا أبا إسحاق.
7 - الأشباه والنظائر 3: 27
قال الزجاجى فى أماليه: أخبرنى بعض أصحابنا قال:
حضرت مجلس أبى بكر بن دريد وقد سأله بعض الناس عن معنى قول الشاعر:
هجرتك لا قلى منّى ولكن ... رأيت بقاء ودّك فى الصّدود
كهجر الحائمات الورد لمّا ... رأت أنّ المنيّة فى الورود
تفيض نفوسها ظمأ وتخشى ... حماما فهى تنظر من بعيد
قال: الحائم: الذى يدور حول الماء ولا يصل إليه. يقال: حام يحوم حياما.
معنى الشعر: أن الأيائل (1) تأكل الأفاعى فى الصّيف، فتحمى وتلهب لحرارتها، فتطلب الماء، فإذا وقعت عليه امتنعت من شربه وحامت حوله تتنسّمه لأنّها إن شربته فى تلك الحال وصادف الماء السمّ الذى فى أجوافها
__________
(1) فى الأصل: «الإبل»، وهو تحريف عجيب، فليس من شيمة الإبل أن تلتهم الأفاعى، وإنما هى «الأيائل»: جمع أيل كسيد، وهو الذكر من الأوعال. وفى الحيوان 4: 166: «وتأكل الحيات العقبان، والأيائل، والأراوى، والأوعال، والسنانير، والشاهمرك، والقنفذ». وفى 7: 29: «والأيل إذا أكل الحيات فاعتراه العطش الشديد، تراه كيف يدور حول الماء ويحجزه من الشرب منه علمه بأن ذلك عطبه».
وفى مزامير داود 42: 1: «كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسى إليك يا الله».(2/247)
تلفت، فلا تزال تدافع شرب الماء حتّى يطول الزّمان، فيسكن فوران السّمّ، ثم تشربه فلا يضرّها.
فيقول هذا الشاعر: فأنافى تركى وصالك مع شدّة حاجتى إليه إبقاء على ودّك، بمنزلة هذه الحائمات التى تدع شرب الماء مع شدّة حاجتها إليه إبقاء على حياتها.
8 - الأشباه والنظائر 3: 27
قال الزجاجى فى أماليه: أخبرنا أبو بكر بن شقير قال: أخبرنى محمد بن القاسم بن خلّاد (1) عن عبد الله بن بكر بن حبيب السّهمى (2) عن أبيه قال:
دخلت على عيسى بن جعفر المنصور (3)، وهو أمير البصرة، أعزّيه عن طفل له مات، فبينا أنا عنده دخل عليه شبيب بن شيبة المنقرىّ، فقال: أبشر أيّها الأمير، فإن الطفل لا يزال محنبظئا (4) بباب الجنّة يقول: لا أدخل حتى يدخل
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر بن سليمان الهاشمى بالولاء، المعروف بأبى العيناء، الأخبارى الأديب الشاعر. سمع من الأصمعى وأبى عبيدة وأبى زيد، وحدث عنه الصولى وابن نجيح وآخرون. ولد بالأهواز سنة 191وتوفى ببغداد سنة 282. تاريخ بغداد 3: 179170ومعجم الأدباء 18: 306286ونكت الهميان 270265.
(2) هو أبو وهب السهمى الباهلى البصرى. روى عن حميد الطويل، ومهدى بن ميمون وسعيد بن أبى عروبة وغيرهم. وروى عنه أحمد بن حنبل، وعلى بن المدينى وغيرهما. توفى ببغداد سنة 208. تاريخ بغداد 9: 421. وتهذيب التهذيب 5: 162. وفى الأصل: «عبيد الله» تحريف.
(3) الذى فى المصون للعسكرى 196والتصحيف والتحريف له أيضا ص 18ومعجم الأدباء 7: 86نقلا عن التصحيف، أن المعزى فى ولده هو بعض المهالبة.
(4) فى الأصل: «محبنطئا» بالطاء المهملة، تصحيف. وفى كتاب التصحيف:
«محبنظيا، بظاء معجمة».(2/248)
والداى (1)! فقلت: يا أبا المعمّر، دع عنك الظّاء والزم الطّاء (2). قال: أولى تقول هذا وما بين لابتيها أفصح منّى! فقلت: له هذا خطأ ثان، ومن أين للبصرة لابة، إنّما البصرة الحجارة البيض الرّخوة واللابة: الحجارة السّود.
يقال لابة ولاب، ولوبة ولوب، ونوبة ونوب، لمعنى واحد. فكان كلما انتعش انتكس.
9 - شرح شواهد المغنى للسيوطى ص 205
قال ثعلب فى أماليه (3)، ووكيع فى الغرر (4):
حدثنى أبو سعيد عبد الله بن شبيب: حدثنى هارون بن أبى بكر أخو الزبير، حدّثنى محمد بن إبراهيم الليثى، حدثنى محمد بن معن الغفارىّ قال:
أقحمت السنة المدينة ناسا من الأعراب، فحلّ المذاد (5) منهم صرم من بنى كلاب (6)، فأبرقوا ليلة فى النّجد (7)، وغدوت عليهم، فإذا غلام منهم قد عاد جلدا وعظما، ضيعة ومرضا وضمانة حب (8) وإذا هو رافع عقيرته بأبيات قالها من الليل:
__________
(1) الحديث برواية أخرى فى اللسان (حبط) والتصحيف والتحريف 64.
(2) فى الأصل: «دع عنك الطاء والزم الظاء»، والصواب هو العكس، كما يفهم من المراجع المتقدمة.
(3) مجالس ثعلب 114113.
(4) هو غرر الأخبار، لمحمد بن خلف المشهور بوكيع، كما فى كشف الظنون.
(5) المذاد، كسحاب، ويقال أيضا بالزاى: موضع بالمدينة.
(6) الصرم، بالكسر: الجماعة والفرقة القليلة من الناس.
(7) النجد، بضمتين: جمع نجد، وهو ما غلظ وأشرف من الأرض.
(8) الضمانة: زمانة المرض.(2/249)
ألا يا سنا برق على قلل الحمى ... لهنّك من برق على كريم (1)
لمعت اقتذاء الطّير والقوم هجّع ... فهيّجت أسقاما وأنت سليم (2)
فبتّ بحدّ المرفقين أشيمه ... كأنّى لبرق بالسّتار حميم (3)
فهل من معير طرف عين خليّة ... فإنسان طرف العامرىّ كليم (4)
رمى قلبه البرق الملألئ رمية ... بذكر الحمى وهنا فبات يهيم
فقلت له: فى دون ما بك ما يفحم عن الشعر! فقال: صدقت ولكنّ البرق أنطقنى.
قال: ثم والله ما لبث يومه حتّى مات قبل الليل، ما يتّهم عليه غير الوجد (5).
أخرجه الزجاجىّ فى أماليه من وجه آخر، عن محمد بن معن، به نحوه.
تمت ملحقات أمالى الزجاجى بحمد الله وعونه
__________
(1) البيت وتاليه فى اللسان (لهن، قذى) ونسبهما إلى محمد بن مسلمة. والأبيات والخبر برواية أخرى فى أمالى القالى 1: 220. وفى الخزانة 4: 339رواية كل من القالى والسيوطى. لهنك، أى لإنك بإبدال الهمزة هاء. وإنما جمع بين اللام وإن وكلاهما للتوكيد لزوال لفظ إن. كما فى اللسان.
(2) اقتذى الطائر: فتح عينيه ثم أغمض إغماضة. وقد أكثرت العرب من تشبيه لمع البرق به.
(3) شام البرق: نظر إليه أين يقصد. والستار: جبل بالحجاز.
(4) فى مجالس ثعلب: «جلية» بالجيم.
(5) فى الأصل: «الوحدة»، صوابه فى مجالس ثعلب. وروى: «غير الحب».(2/250)
الفهارس الفنية
1 - فهرس القرآن الكريم
السورة: الآية: الصفحة الأحزاب: 19: 181: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدََادٍ}
: 56: 226: {إِنَّ اللََّهَ وَمَلََائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}
الإنسان: 15، 16: 84: {قَوََارِيرَا. قَوََارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ}
الأنعام: 160: 118: {مَنْ جََاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثََالِهََا}
البقرة: 78: 20: {لََا يَعْلَمُونَ الْكِتََابَ إِلََّا أَمََانِيَّ}
: 175: 10: {فَمََا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النََّارِ}
: 259: 79: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظََامِ كَيْفَ} «ننشرها»، و {(نُنْشِزُهََا)}
الحج: 17: 63: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هََادُوا وَالصََّابِئِينَ وَالنَّصََارى ََ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}
الذاريات: 50: 179: {فَفِرُّوا إِلَى اللََّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}
الشورى: 30: 112: {وَمََا أَصََابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ} «بما كسبت أيديكم» {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}، و {(فَبِمََا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)}
ص: 28: 37: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصََّالِحََاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجََّارِ}
الصافات: 67: 73: {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهََا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ}
ق: 19: 92: {وَجََاءَتْ سَكْرَةُ} «الحقّ لموت بالموت»، و {(سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)}
الكهف: 9: 5: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحََابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كََانُوا مِنْ آيََاتِنََا عَجَباً.}(2/251)
السورة: الآية: الصفحة: 17: 173: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذََا طَلَعَتْ تَتَزََاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذََاتَ الْيَمِينِ وَإِذََا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذََاتَ الشِّمََالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ}
المائدة: 2: 75: {وَلََا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ}، و «(شنان قوم)»
المطففين: 9، 20: 6: {كِتََابٌ مَرْقُومٌ}
المؤمنون: 50: 179: {وَآوَيْنََاهُمََا إِلى ََ رَبْوَةٍ ذََاتِ قَرََارٍ وَمَعِينٍ}
: 11: 118: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهََا خََالِدُونَ}
النحل: 47: 37: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى ََ تَخَوُّفٍ}
: 92: 113: {وَلََا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهََا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكََاثاً}
: 122120: 2: {إِنَّ إِبْرََاهِيمَ كََانَ أُمَّةً قََانِتاً لِلََّهِ حَنِيفاً} {اجْتَبََاهُ وَهَدََاهُ إِلى ََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
: 122: 2: {وَآتَيْنََاهُ فِي الدُّنْيََا حَسَنَةً}
النساء: 12: 15: {يُورَثُ كَلََالَةً}
النمل: 72: 235: {عَسى ََ أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}
النور: 33: 104: {وَلََا تُكْرِهُوا فَتَيََاتِكُمْ عَلَى الْبِغََاءِ}
: 60: 58: {وَالْقَوََاعِدُ مِنَ النِّسََاءِ اللََّاتِي لََا يَرْجُونَ نِكََاحاً}
نوح: 13: 27: {مََا لَكُمْ لََا تَرْجُونَ لِلََّهِ وَقََاراً}
يوسف: 85: 78: {تَاللََّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ}(2/252)
2 - فهرس الحديث
صفحة أطعموا الطعام وأفشو السلام، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله، ولا تناجشوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض 151
اقتلوا القاتل واصبروا الصابر 10
اللهم اغفر لنا وارحمنا وارزقنا 68
اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت 68
إن عبدا من عبيد الله خيره ربه بين أن يعيش فى الدنيا ما شاء. إلخ 134
إن قدمى على ترعة من ترع الحوض 134
إن منبرى هذا على ترعة من ترع الجنة 135
لا تقوموا كما تقوم الأعاجم 68
لقد جمعت لكم الأمر 68
الملطاء بدمها 24
نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن لبن الجلالة، وعن مهر البغى وعن ثمن الكلب 104
نهى عن الاقتعاط وأمر بالتلحى 110
هذا كتاب من محمد رسول الله لمخلاف خارف 152
ومن صام رجبا وشعبان ورمضان بنى الله له قصرا فى الجنة صحنه ألف فرسخ 215
يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما 183(2/253)
3 - فهرس الأمثال
صفحة أحرّ من الحرب 184
أحرّ من القرع 184
أحرّ من النار 184
إنّ الحديث جانب من القرى 205
إنّما المرء بأصغريه 200
تسمع بالمعيدى لا أن تراه 200
رجع على حافرته، ورجع على أدراجه، ورجع عوده على بدئه 165
جاء يضرب أزدريه 129
جاء ينفض مذرويه 129
صغراهنّ شرّاهنّ 113ح
العرى الفادح خير من الزّىّ الفاضح 91
لا فى العبر ولا فى النّفير 165
لا يعرف قطاته من لطاته 143
لا يعرف قطاته من لهاته 143
لأن تسمع بالمعيدىّ خير من أن تراه 200
من حفر مغوّاة وقع فيها 185
ويل للشجىّ من الخلىّ 113(2/254)
4 - فهرس الأشعار
أأساءوا: (الربيع بن ضبع): 146
العفاء: (زهير): 160
بداء: الأصمعى: 117
الشعراء: محمد بن حازم: 35
القضاء:: 53
بالصحراء:: 83
ب الكواكب: الخليل بن أحمد: 65
ترقّبا: أبو بكر الأصبهانى: 102
فيعجبا: رجل من بكر: 30
وأعربا: أبو نواس: 169
وتكذّبا:: 139
الأدبا: ابن عبدل الأسدى: 195
المحبوبا: العباس بن الأحنف: 101
أتجنب: أنيف بن جبلة: 3
الغضب: المؤمل: 179
قارب: نصيب: 47
حبيب: أحمد بن أبى طاهر: 110
عسيب: امرؤ القيس: 211
لعوب: ابن الدمينة: 154
تصيب: الرماح بن أبرد: 210
طروب: نويفع بن نفيع: 127
دبيب: يزيد الغوانى: 133
مشاربه: بشار: 124
تعاتبه: المستنير بن طلبة: 31
نقائبه:: 13
الحسب: يحيى اليزيدى: 59
المعايب: رجل من غطفان: 29
بالعصائب: الفرزدق: 47
جانب:: 21
والجلباب: عمر بن أبى ربيعة: 163
الأسباب: (كلثوم بن عمرو): 205
الذباب:: 195
الرقيب: أبو بكر القياسى: 111
ت دفنتا: أبو العتاهية: 93
ونسيتا: أبو العتاهية: 177
(17أمالى الزجاجى)(2/255)
أجرّت: (عمرو بن: 192: معديكرب)
غنّت:: 15
ظنّت:: 24
مصمتات: سراقة البارقى: 87
ج تحرجى: العرجى: 230
ح القماح: بشر بن أبى خازم: 123
الإصباح:: 126
د يتجلّدا: الأحوص: 75
لتجمدا: (العباس بن: 58: الأحنف)
غدا: عمر بن حفص: 9
الأبد: (سهل بن غالب): 17
أجد:: 115
أجد:: 162
العبيد: الفرزدق: 48
يزيد:: 116
خمودها: حسين بن مطير: 192
جيدها: ضمرة: 97
وقودها: عبد الله بن المعتز: 124
بعدى: رجل من عبد شمس: 16
والبعد: نصيب: 28
بالسودد: (حارثة بن بدر): 30
صدّاد: القطامى: 59
بالجدود: يحيى اليزيدى: 61
الصدود:: 247
ر اعتذر: (لبيد): 63
الصبرا: المشوق: 246
أصبرا:: 10
فبشّرا:: 104
مأسورا: أبو بكر الأصبهانى: 114
ظاهره: نصيب: 45
المفرّ: البحترى: 179
وفر: ابن بسّام: 172
الصدر: حاتم الطائى: 92
العذر: حاتم الطائى: 108
ومعصر: عمر بن أبى ربيعة: 118
الدوائر: ليلى الأخيلية: 78(2/256)
أدور: الأحوص: 191
مزرور:: 124
يضرّه: (النابغة): 111
حذارها:: 125
وهتر: زيد بن عمرو: 232
القبر: (عبد الله بن: 9: أراكة)
شهر: أبو العتاهية: 101
الدهر: منظور بن زبان: 8
العشر: (النواح الكلابى): 118
يفرى:: 28
المتعذّر: بعض القيسيين: 22
ومجزرى: (عروة بن الورد): 204
بالمقصر:: 190
مقصر:: 212
قابر: (الأعشى): 79
ناجر: ذو الرمة: 113
الغابر: يزيد بن الحكم: 219
المنير: المؤمل بن أميل: 95
س نحاسا: النابغة الجعدى: 121
وأخرس: محمد بن أبى العتاهية: 36
الفوارس: ذو الرمة: 173
ودارس: أبو نواس: 146
النفس: ابن الرومى: 170
العرس: أبو نواس: 194
للمكانس: عبد بنى الحسحاس: 130
ض الأرض: ذو الإصبع: 221
عياض: الكميت: 138
ط شطّ: خنساء جارية يحيى: 98
وننحط: (ابن شادة): 98
ع تقع: سابق البربرى: 185
فتسمعا: امرؤ القيس: 224
بلقعا: عمر بن أبى ربيعة: 84
يتصدعا: (متمم بن نويرة): 91
مضطجعا: خلف الأحمر: 64
أجمع: أبو بكر الأصبهانى: 102
التبّع: (سعدى بنت مخدعة): 144
أوسع:: 197
وقيع: (عنترة بن شداد): 229
ومجزع: أرطاة بن سهية: 63(2/257)
ويسمع: (الأعلم بن جرادة): 88
وندعى: (الحادرة الذبيانى): 229
اجتماع: أبو تمام: 57
الوداع: أبو تمام: 57
ف مشترفا: عبد الله بن المعتز: 171
يطرف: حسن بن عبد: 52: الرحمن
تقصّف: أبو عبد الرحمن: 86
عارف: (المنذر بن درهم): 131
ألاطف:: 11
كاشف:: 21
السجوف: ابن دريد: 70
ضيف: أبو بكر بن داود: 23
ومخلّف: أبو العتاهية: 180
ثقيف: يزيد بن الحكم: 219
ق والعيّوقا: أبو نواس: 99
غدقه: سكينة بنت الحسين: 168
العلاقه: الأزدية: 49
مشتاقه: سامة بن لؤى: 49
أخرق: حاجب بن زرارة: 48
لا تعشق: أبو طاهر: 54
الحدق: زيد الخيل: 106
الورق: العباس بن عبد: 65: المطلب
ربق: أبو العتاهية: 54
عقوقها: الغنوى: 184
تلاق:: 43
المذاق:: 44
والعناق:: 57
حقيق: أبو عروس: 120
صديق:: 10
ك سلك: أبو العتاهية: 93
ما بدالك: ابن الدمينة: 167
ل الوصالا: الراضى بالله: 56
وملالا: محمد بن يحيى: 56: الصولى
طويلا: الخنساء: 142
جميلا: ابن الدمينة: 125
هديلا: الراعى: 82
وهلالها:: 189(2/258)
نصل: عبد الله بن طاهر: 116
أطول: أبو تمام: 195
أمثل: العرجى: 119
أتنصّل:: 161
هطل: الأعشى: 135
ما فعلوا:: 164
عواطل: العديل بن الفرج: 100
مقال: ضرار بن عتيبة: 18
طويل: عبد الله بن مسلم: 12
بخيل:: 96
أصائله: جرير: 194
خليلها: ذو الرمة: 160
قبلى: جميل: 84
بمثقل: (عروة بن سنان): 66
العجل:: 162
بجاهل: الحسين بن مطير: 205
عوامل: (أبو ذؤيب): 27
الشواكل:: 178
بالمناصل:: 228
الليالى:: 233
م الحمام: الطرماح: 83
تقدما: أبو بكر بن داود: 22
أتقدّما: الحصين بن الحمام: 208
يتكلما: عمر بن أبى ربيعة: 15
مبرما: ابن هرمة: 5
نائمه: نصيب: 79
برامه: ابن مفرغ: 42
الغمامه: ابن مفرغ: 113
أسحم: أبو حية النميرى: 101
المعمم: المغيرة بن حبناء: 26
حمام: الأحوص: 81
يا عصام: النابغة: 223
السلام:: 160
كريم: (محمد بن مسلمة): 250
نموم: أبو نواس: 148
الخواتيم:: 62
البهيم:: 220
خثعم: رجل من خثعم: 30
الأعاجم: أوس بن حارثة: 107
الأيام: محمد بن بشير: 142
تمام: أبو نواس: 141
بسلام:: 120(2/259)
ن أجنّ: بشار: 212
السفن: (ابن مقبل): 37
كائن: أبو نواس: 39
ضمان: يزيد بن معاوية: 69
العيون: أشجع السلمى: 22
وعيون: (كثير عزة): 214
حنينها:: 201
الحسن: (أفنون التغلبى): 51
الجنان: بشار: 214
الهملان: أبو القمقام الأسدى: 132
شؤونى: أوس بن حجر: 175
يؤذينى: ثابت قطنة: 201
حسين: على بن بدّال: 20
هـ قضاها: (بشر بن أبى خازم): 107
بيديها: ديك الجن: 103
ى سويّا: أبو بكر الأصبهانى: 115
مالديا: أبو العتاهية: 92
وغاديا: ذو الرمة: 89
باديا: أم ذى الرمّة (1): 89
وماليا: عبد الرحمن بن أبى بكر: 22
داعيا: ليلى الأخيلية: 77
باليا:: 161
المطايا: محمد بن عبد الله: 96: بن طاهر
الأفنيه: المبرد: 172
__________
(1) ويروى لكنزة أم شملة.(2/260)
5 - فهرس الأرجاز
انحناء:: 186
استقلّت: العجاج: 222
النّجا: بعض اللصوص: 153
اجلخّا: (العجاج): 121
آدا: العجاج: 58
وئيدا: (الزباء): 166
قرّ: (حاتم الطائى): 124
آخره: أبو النجم: 31
حساس:: 187
أحترش:: 235
وخضا: (العجاج): 132
فيضا:: 238
قطّ: (العجاج): 237
والطمع:: 197
عكنكعا:: 105
وأربع:: 182
العفقا: رؤبة: 31
عصيكا:: 236
لا أبالكا:: 130
دونكا:: 237
تعديدك:: 188
يعتمل:: 234، 235
أقوال: عراعر المازنى: 37
ماملّا:: 146
خما:: 188
المكرمه: رؤية: 100
العينين:: 200
الفتى: (الشماخ): 205
ألا فتى:: 12(2/261)
6 - فهرس اللغة
__________
1*
أبر: الإبر 125
أثر: مأثور 28
أثم: أثيم 148
أجن: آجن 123
أرى: (الأرى) 19
أزر: مؤزّر 135المئزر 190
أزم: أزمة 202
أصل: الأصل 136الأصائل 194
أطط: (الأطيط) 143
أفق: الأفق 66
أفل: (أفل يأفل أفلا وأفولا) 174
أكك: (أكّ وأكيك) 105
أكم: الإكام 128
ألك: المألكة 114
ألل: (ألّ) 146الألل والأللان 146
ألو: (ألّى) 146
أمج: (الأمجيات) 73
أمم: (الأمّة) 2 (الآمّة، المأمومة، الأميم) 24أمما 163
أنن: أنّى 114
أنى: أنى العيش 21
أوب: الأوبات 57 (آبت إيابا) 174
أوس: (الآس) 19
أول: الأيّل 247
ب بأس: البؤسى 167
بتت: (البتّة) 62بتّ 201انبتات 211
بثث: أبثّ 162
بجل: البجلىّ 229
بخل: مبخلة 137
بدر: بوادرها 107بدرة 227
(1) * ما وضع من الألفاظ بين قوسين فهو ما فسره الزجاجى، وما لم يوضع بينهما فهو من تفسير محقق الأمالى، وما وضع تحته خط فهو مما لم يرد فى المعاجم المتداولة.(2/262)
بدع: بدائع أحداث 156
بدو: نبدى 158
برد: البردة، البرد، البارد، البرود 80برد 131
برق: البارق 21الأبرق 209
برقع: برقع 131
برك: برّك تبريكا 34
بسبس: (البسابس) 147بسابس 155
بسط: ناقة بساط 129
بصر: (البصرة) 249
بضع: (الباضعة) 24
بطرق: (البطريق، البطاريق، البطارقة) 199
بطط: (البطيط) 143
بطى: (الباطية) 150
بغى: (البغاء، البغىّ) 104يبتغى 127
بكى: مبكى 63
بلبل: البلبال 38
بلد: يتبلّد 75
بلق: البلق 87
بله: تبالهن 85
بلو: يبلو السرائر 158
بنن: بنّة الإبل 242
بهن: البهنانة 127
بوأ: تبئ بهم 202
بور: المبير 27، البوار 137
بول: البال 161
بيض: البياض 246
بيع: (بعت الشىء وأبعته) 152
بين: مانع فمبيّن 109بانوا 160 البان 167
ت تبب: التتبيب 127
تبع: (التّبّع) 144
تخت: تخت ثياب 227
ترب: عديد التراب 234
ترح: ترح الوداع 57
ترز: التارز 16
ترع: (ترعة) 135(2/263)
تره: الترّهات 87
تلد: انظر: ولد
تلع: الأتلع 225
تمك: التامك 37
توج: (التاج) 110
ث ثبج: ثبج البحر 9
ثرر: الثرّة 196
ثغر: ثغرة النحر 28
ثقب: ثقوب 157
ثقل: الثّقلان 115
ثكم: ثكما ثكما 198
ثلب: (الثّلب) 154
ثمل: ثمال 22
ثوب: يثيب 155
ثول: (الثّول) 27
ثوى: الثاوى 155الثّواء 209
ج جبن: مجبنة 137
جبى: (اجتباه) 2جبّى 4جبوتى 178التجبية 188
جحجح: (الجحجاح) 199
جحف: أجحفت به 16
جثل: جثل 101
جحمرش: (الجحمرش) 244
جدد: عش بجدّ 61وجدّك 225
جرثم: الجرثومة 100تجرثم 206
جرر: جريرها 201
جرع: الأجرع 63
جرف: جارف جرف العشيرة 108
جزر: مجزرى 204
جزع: مجزع 63
جزى: تجازى 115
جسو: الجساوة 75
جلخ: اجلخّ 121
جلد: أهل جلدته 48
جلل: (الجلّالة، الجلّة) 58
جمد: لتجمدا 48
جمز: (الجمّازة) 38(2/264)
جمش: جمّشته 126
جمل: (الجمال) 109جمال 129 أجمل الطلب 196
جنأ: الإجناء 186
جنب: (جنباتها) 147الجنبه 238
جنح: (جنحت) 174
جندل: الجندل 166
جنن: الجنّة 101مجنّى 118أجنّ الوجد 158الجنان 200 أجنّ 213
جنى: جنّى 146تجنّيت الذنوب 159جنى حربا 202
جهم: متجهّما 120 (الجهام) 122
جود: الجادىّ 242
جوز: جوز جرادة 67الأجواز 173
جول: (الجال) 38مجال خناقها 103جولان التراب 154
جوى: الجوى 81
جيب: الجيب 124جيوب 158
ح حبجر: احبجرّ 46
حبطأ: محبنطئا 249
حبل: حبائله 195
حجر: جالس حجرة 162
حدر: تحدّرت 148
حدق: الحدق 106
حرج: الحرج 125
حرج: الحر 235
حرر: ساق حرّ 82
حرش: أحترش 235
حرص: (الحارصة، حرص الثوب) 23
حزم: (الأحزم) 206
حزن: الحزن 135
حسر: حسرتها الخيل 69حسير 95
حسس: (الحساس) 187
حسم: الحسام 82
حسن: (حسنة) 2
حشرج: حشرجت 92(2/265)
حشى: الحشى 164
حصص: (الأحصّ، الحصص) 122
حضر: (الحضيرة) 143حضيرة 144
حفر: حافرته 165
حفل: احتفلى 169
حقب: الحقائب 47، 48
حكم: يحكمه التجريب 127
حلب: الحلاب 49
حلف: الحليف 71 (حليف) 73
حلق: المحلّقة 126 (حلق) 181
حلل: أحلّ شىء 82تحلّة القسم 99 الحلّ والترحال 123
حلو: (الحلاوة) 109
حمم: حمامك 172
حنف: (الحنيف، الحنف) 2
حنن: حنّ باكيا 9 (حنانيك) 132131
حوب: التحوّب 16
حوذ: أحوذىّ 156
حور: (الحورىّ، الحواريّون) 154
حوط: يحتاط به 72
حول: (حوالينا) 130
حوم: تحوم 150
حير: حيرى المزاد وحاريّه 67
حيف: يحيف 71
حين: الحين 70
حيى: الحىّ 155أستحييك 158
خ خبب: خبّى 188
خبو: خبت 157
ختم: (متختما، التختّم) 110
خدم: خدمة الكتاب 233
خدن: الخدن 71
خرشم: (الخرشمّ) 27
خرق: نخترق 66الخرق 90 الأخرق 176
خرم: منخرم 155
خزم: الخزامى 193
خسأ: اخسأ إليك 189(2/266)
خشر: خشار 246
خشرم: (الخشرم) 27
خشى: (خشىّ) 188، 189
خصر: خصرت أيديهم 47
خصص: خصصت 175 (خصّه بكذا) 188
خصف: يخصف الورق 65
خضع: خواضع 224
خفض: الخافض 196
خفق: (خفقت) 174
خلب: خلبك 70
خلف: (خلوف، الخلف، الخلف) 73 (المخلاف) 153 الأخلاف 196
خلق: الخلق 81الخلائق 196
خلل: (المخللة) 21خلّة 156، 159
خلو: الخلىّ 113
خمس: الخمس 123
خمم: (خمّ) 146
خمس: الخمس 188
خنق: خناقها 103
خنن: خنّ باكيا 9
خنو: الخنا 90
خوص: (خوّصه الشّيب) 188
خوف: (التخوّف) 37
خوى: أخوّى تخوية 182
خير: الخيرة 45
خيس: (الخيس) 73
خيل: تستخيل 70تخايلت ضحاه 194
د دأل: الدألى 130
دبب: دبيب 132
دبر: (الدّبر) 27الدّبور 71 (لا تدابروا) 151
دبق: الدّبيقى 172
دبو: الدّبا 178
دجن: (الداجن) 154
دجى: الدّجية والدجى 27
دخخ: (الدّخّ) 121
دخل: الدّخل 242
دخن: الدّخن 29 (الدّخان، الدواخن) 121(2/267)
دخو: (الدّخا) 27
درأ: (تدّريها، الدّريئة) 147
درج: مدرجى 89أدراجه 165
درع: (مدرّع) 204
درق: الدّورق 150الدّرقة 169
دسم: (الدّيسم) 212
دعج: أدعج 231
دعم: المدعم 204
دفأ: (الدّفء) 154
دقق: دقاقا قربة 24
دلو: الدّلاة 198
دمع: (الدامعة) 23المدامع 99، 225
دمغ: (الدامغة) 24
دميم: دميم 149
دمن: تدمّن بصرى 32
دمى: (الدامية) 23الدم، الدما 208
دنأ: الدّناة 120
دنن: الدّنّ 76، 150
دهرس: الدهارس 131
دهقن: الدّهقان 150
دهم: دهما 87
دور: (الدار) 147
دوف: مدوف 71
دول: الدّول 70تداوله الرّعاء 128 (دواليك) 130
دوم: المدامة 81دارمتنى 158
دير: الديارات 161
ذ ذبب: ذبوب 156
ذرب: ذريب 156
ذرع: الذارع 76
ذرف: ذرّف 168
ذرو: المذروان 130
ذهب: المذهب 182
ذيخ: الذّيخ 212
ر رأم: (رئمان أنف) 51
رأى: (لم ترأياه) 88
ربب: (أربّت الناقة) 11 (ربّى ورباب) 129ربيب 155(2/268)
ربط: (الربيط، الأربط) 143
ربع: رباعتى 22المتربّع 84
ربق: الرّبق 54
ربو: (الرّبا) 179
رجف: رجوف 72
رجل: رجيلة 80رجال 129 المراجل 178، (179)
رجم: المرجم 204
رجو: (الرّجاء، ترجون) 28
رحب: ضاقت برحبها 119
رحل: الترحال 123الترحّل 147 المراحل 178الرّحل 169
رخل: الرّخل 129
رخم: رخيم 148
ردى: (الرّدى) 74الرّداء 190
رذى: الرّذىّ 50رذيّة 96
رستق: (الرّساتيق) 153
رسن: المرسون 198
رشق: الرشاقة 5
رصد: الرّصد 163
رصص: رصيص الجندل 67
رضض: رضيض الجندل 67
رضع: (الرّضع) 27
رعب: الرّعبوب 127
رعو: أرعوى 156
رعى: ترعى النّجم 99
رفع: أرفع تحيّتى 22
رفف: (رفيف) 73ترفّ 193
رفق: (ارتفقت) 12رفقة 169 رافق به 182
رقب: (الأرقب) 206
رقرق: رقراق 167
رقم: (الرّقيم، المرقوم) 6
رقو: التراقى 193
ركب: ركوب 128
ركل: المراكل 67
ركن: ركناها 225
رمد: (مرمّدا) 146
رمق: الرامقات 119
رمل: (الإرمال) 38
رمم: رمام 81مرمّين 90
رمى: (رميته، أرميته إرماء) 38(2/269)
رنق: رنق البلى 64
رهف: المرهفات 77
روح: (يراح) 30متروّحا 89 90
روق: الرّوق 107
روم: رامنا 189
ريب: مريب 155
ريم: ريم 148
ز زبب: (الأزبّ) 122 (زبّت، أزبّت) 174زبّبت 174
زبد: أزبد 76
زجى: يزجّينها 225
زحم: المزحم 204
زدر: الأزدران 129
زرع: (أولاد زارع) 212
زرى: تزدرين 157
زعزع: (المزعزع) 21
زعم: زعيم 150
زعنف: الزعانف 11
زفر: زفرة 158
زفف: أزفّها 162
زقق: الزّقّ 150
زلق: (زلقه، زلّقه، أزلقه) 33
زهو: زهاها الحسن 85
زود: المزاد 67
زور: (تزّاور، الأزور) 173
زول: زول 232
زوى: زوى عنه 176
زيل: زيالك 176
زيى: الزّىّ 91
س سأل: سأل به 176سالتانى 232
سبب: (السّبّ) 109
سبح: لسبحتها 214
سبسب: (السباسب) 147
سبل: مسبل 135
سبن: السبنيّة 40
سجح: الأسجح 206
سجف: (السجوف، السجف) 73
سحب: مساحب 146
سحل: أمر سحيل 5(2/270)
سحم: أسحم 101
سدى: سدّاها 133
سذب: (السّذاب) 21
سربل: تسربلت 72
سرح: السّرحان 3
سردق: السّرادق 210
سرر: السرائر 158
سرطرط: (السّرطراط) 21
سرو: سراة الساق 83
سرى: سروا 47 (تسرّى) 73 السارون 202
سطو: سطا 233
سعبب: (السعابيب) 19
سعد: (سعديك) 132
سعى: (الساعى) 38
سغب: الساغب 204
سفح: يسفح 107
سفر: يسفر 204
سفط: (السفيط) 143
سفن: السّفن 37السّفين 149
سفنج: السفنّج 153
سفو: سفواء 227
سقط: (السقيط) 143
سقى: المسقاة 198
سكبج: (السّكباج) 21
سكك: سكّاء 42
سلجم: السلجم 206
سلف: (الأسلاف) 73السّلاف 76سالفة الذباب 195
سلق: (السّلق، السّلق والسّلقان) 181
سلك: السّلك 81
سلم: أسلمه 81السليم 149، 202
سمأل: اسمألّ 144
سمح: إسماحى 71
سمحق: (السّمحاق) 24
سمع: تسمّع 35 (السّمع) 212
سمم: سموم 149
سمن: (سمّنها) 21
سند: السّناد 56السّند 209
سنن: يستنّ 49سننا سويّا 115
سنو: سنا بارق 201
سهب: سهوب 157
سهو: السهوّ 63
(18أمالى الزجاجى)(2/271)
سود: سواده 129السّودد 189
سوق: ساق حر 82ساق الحمام 83
سول: سوّلت إليه 45
سوم: يسوم 149
سوى: سننا سويّا 115
ش شأم: الأشائم 108
شأن: (الشؤون) 175
شبب: شبوب 156
شبو: الشّباة 156
شتت: شتاتها 102
شتو: شاتية 202
شجج: (الشّجّ) 23
شجن: الشّجن 101
شجو: الشجىّ 113
شحب: شحوب 157
شخب: شخبها 188
شخخ: شخّ 121
شدق: الأشدق 165
شدن: شادن 148، 231
شذو: شذا الأمر 108
شرب: شريب، الشّراب 187
شرر: شرّتين 45
شرف: الشّرف 124الشّرف الأعلى 169مشترفا 171
شرق: شرق 135
شرى: شريت 42
شعب: شعب الأكوار 47شعوب 128، 158
شفو: الأشفى 183
شفو: الشّفا 19
شقذ: (شقذه) 33 (الشّقذ، الشّقذان) 34
شكك: الشّكّة 3شكّة حازم 67
شكل: (الشواكل) 179
شكو: (تشكّت)، الشّكوة 193
شنأ: (الشنآن، شنئت الرجل أشنؤه شنئا وشناء وشنآنا، الشانئ، المشنوء) 75
شنف: (الشّنوف) 73
شهر: مشتهر 155
شوب: شوبها 71، (73)
شوذ: (المشوذ) 109(2/272)
شوف: تتشوّفه 14
شوه: (شوّهه، لا تشوّه علىّ) 33 (مشوّه، شائه، شاه) 34
شوى: (أشوى منه، أشواه) 34
شيأ: الشّىء 225
شيب: (شيبان) 122
شيم: أشيمه 250
ص صبب: صباب الكرى 225نصبّ بها 55
صبر: (الصّبر، صبرت فلانا، أصبرهم) 10
صحم: (أصحمة) 151
صحن: الصّحن 215
صدر: صادرين 47الأصدران 129 الصادرة 242
صدع: أصدّع 17تصدّع 157
صدغ: صدغ 170
صدق: يصدق 34
صدم: المصدم 204
صدى: الأصداء 202
صرر: الصّرّ 124صرّارة 172
صرط: (صراط مستقيم)؟؟؟
صرف: (الصّرفان) 166، 167 صرف الليالى 233
صرم: صرم 139 (الصّرام) 154 ذو الصّرم 156صرم 249
صرى: صرى 123
صغر: (الأصغران) 200
صفح: صفحته 120
صفق: صفقه 169
صفو: يستصفى 64تصطفى 159 الصفاة، الصّفىّ 196
صقع: الصقيع 122
صلب: الصالب 66صليب 158
صلع: (الصّلّع) 153
صلغ: (الصالغ) 154
صلف: الصّلف 171
صمت: مصمتات 87
صمصم: الصمصام 141
صنع: ليس فيه مصنع 128
صوب: صوائب 164
صيف: يصيف 71، (72)(2/273)
ض ضبر: يضبر 31
ضحك: (الضّحك) 19
ضحو: ضاح 234
ضرح: يضرح 31
ضرر: الضرائر 109
ضغث: أضغاث 146
ضلل: أضلّ 85
ضلع: الضّلع 43
ضمن: ضامنة قتيلا 125الضمانة 249
ضنك: الضّنك 72
ضوأ: ضاءت الأفق 66
ضوج: (الضّوج) 38
ضيف: (تضيّفت) 174
ط طبع: الطّبع 202
طبق: الطبق 66
طرب: طربا 81طروب 127
طرح: تطرح مطرحا، نيّة طروح
طرق: طروقا 77طارق الأضياف 108الطريق 165، 198
طرم: (الطّريم)، الطّرم 19
طسج: (الطساسيج) 153
طفل: طفلة 131 (طفلت) 174
طلل: الأطلال 84الطلّ 193
طنب: مطنّب 169
طوف: الطائف، طاف يطوف 79
طوى: تنصرف لطيّاتها 64الغادى لطيّته 115لطيّتها 127
طيب: تطيب عنه 155
طير: مطارة 67
طيف: الطائف، طاف يطيف 79
ظ ظأر: أظآر 83الظّئر والظّؤار 129
ظعن: يظعنان بظعنه 50
ظلم: مظلومة 83
ظمأ: أظماء البعير 11
ظنب: ظنبوب 127
ع عبل: معبلة 229(2/274)
عتب: تعتب 139العتبى 161 أعتب 169
عتد: العتد 3
عتم: عاتم القرى 108
عثن: (العثان، العوائن) 121
عجف: عجاف 192
عجم: الأعجم 189
عدد: عديد له 41
عدس: عدوس السّرى 50
عدل: عادل عنه 128
عدو: (عدا الفرس، أعداه فارسه) 15عدوة عرّيض 29عدوا 234
عذر: العذر، جمع عذير 108عذّره 202
عرب: عريب 155
عرج: عرّج 115
عرر: العرّ 13المعترّ 204عرر 246
عرس: معرسا 97
عرض: عرضة لكذا 14العرّيض 29اعترضنا المسجد 53
عرف: اعترف 43عرف 139 معروفى 204
عرق: معترق 107العرق 129
عرو: عروة الخلائق 196
عزز: (العزاز) 154
عزف: (عزفت نفسى) 73
عزه: (العزهاة) 75
عسب: العسيب 3 (اليعسوب) 26 (اليعاسيب) 27
عسبر: (العسبار) 212
عسجد: العسجديّة) 147
عسل: (العسل) 19
عشق: (عشقت الناقة، العاشق، العشقة) 11
عشم: الأعشم 188
عصب: العصائب 47 (العصابة) 109 (العصاب) 110معصوب 128
عصر: معصر 118
عصم: عصمة 202
عضض: عضّ مفرقك 82العضاض 182(2/275)
عضه: العضيهة 203
عطر: عطّار 148
عطف: يعتطفه 190
عطل: عواطل 100
عطن: (عطّان، عطنة، عطنون، عاطنون) 188
عظم: المعظم والمعظم 108
عفر: (اليعفور) 153
عفق: العفق 31
عفو: العفاء 160عفّاها 198
عقب: التعقيب 128الأعقاب 208
عقر: عقار 169
عقرب: معقرب 170
عقفر: (العنقفير) 153
عقق: العقيق 99العقيقة، عقّت عقيقته 107
عكف: عكوف 72
عكك: (العكّ، العكيك، العكوّك) 105
عكنكع: (العكنكع) 105
عكو: (الأعكى) 206
علق: العلّاقة 490العلوق 49، (50) العلق 65، 107العلق 112العلقة 169
علل: تعلّل ساعة 160أعلّله 209
علو: (العوالى) 74
عمر: عمرت سنين 115
عمل: يعمل 119
عمم: (العمامة) 109عميم النّبت 136عممت 175
عنس: عانس 131العنس 196
عهد: عهاد الهوى 192
عوج: عاجوا 48
عود: العود 128
عور: العوار 137العائر 201
عوق: العوّاقة 50العيّوق 99
عير: العير 165
عيف: عيوف 71، (73) (تعيف) 74العيافة 210لم أعيف 211
عين: (معين، معيون) 34
غ غبر: الغابر 55غبرها 196
غبق: غبوقى 186
غثر: الغثرة 198(2/276)
غدق: غدقة 168
غرب: مغرّبات الأخبار 14غدونا غربة 25اغربى 74غربة 158 (غربت غروبا) 174المغرّبين 229
غرد: غرد تغريدا 82
غرر: غرّتها 97
غرض: الغرض 129غرض 202 غرضنا 209
غرم: الغارم 108
غزر: الغزير 194
غزل: (غازله، المغازلة، المغزل، الغزال، الغزالة) 1211
غشم: غشوم 150الأغشم 188، (189) غشم 206
غفر: الغفر 249
غفف: الغفة 202
غلظ: الغلظ 202
غلل: غلة نفسى 114غلالة قصب 171
غمس: (اغتمس) 174
غنن: أغنّ 148الغنّاء 167الأغنّ 170
غول: (المغتال، اغتالته غول) 38
غوى: (المغوّاة) 185
غيب: (الغاب) 73، 90نغيب 158 (غابت غيوبا وغيابا وغيبا ومغيبا) 174
غير: الغير 137
غين: الغيناء 167
ف فتر: الفتر 172
فتل: الفتيل 198
فجر: الفاجر 108
فجن: (الفيجن) 21
فدح: الفادح 91
فدى: تفادى 90
فرر: (فرير وفرار) 129
فرسخ: الفرسخ 215
فرش: فرش وفرش 98
فرض: (الفارض) 154الفرائض 221(2/277)
فرطح: (مفرطح) عامية 14
فرع: الفرع 102 (الفراع) 153
فرق: المفرق 82
فسط: (الفسيط) 143
فصفص: أفصفصها 46
فصم: فصمة السّواك 49
فضل: فضل عنانها 69
فطن: أن يفطنوا 231
فعم: (الفعم) 38
فعى: الأفعى 46
فقم: المتفاقم 108
فكك: فكاك أسير 108
فلذ: (الفالوذ) 21
فلذج: (الفالوذج) أعجمى 21
فلذق: (الفالوذق) مولدة 21
فلطح: (المفلطح) 13
فلق: (الفلق والفلقان) 181
فند: فنّد 75
فنى: الفناء 143
فهه: (أفهّنى) 205
فوق: أفوق 128
فيأ: تفيّئه الرياح 128
فيد: المفيد 242
ق قبر: القابر 77
قبص: (قبّص، القبص) 166
قبع: قبّعا 166
قتب: القتب 196
قتر: الأقتار 4
قدح: تقتدح 198
قدد: قدّ وريدها 97
قدر: المقدرة 203قدرى 204
قدم: قوادم النّسر 159
قذذ: القذاذ 128
قذف: (قذيف) 73
قذى: اقتذاء الطير 250
قرب: القارب 47
قرح: (القارح) 154
قرد: القرد 37
قرر: القرّ 38يقرّ 99القرّ، المقرور 124، 204القوارير 125
قرش (المقرشة) 24(2/278)
قرض: (تقرضهم) 173 (قرضنى) 174
قرع: القرع والقرع 184
قرن: قرينها 201
قرو: يستقرى مضاجعه 64القرى 108
قسب: (قسبت قسوبا) 174
قسو: القساوة 75
قصب: القصب 171
قصر: القاصرات 11القصّار، القصرة 23أقصر 158 (قاصر) 204
قصم: القصيمة 3قصمة السواك 49
قضب: تقضّب 139
قطر: الأقطار 4
قطف: (قطوف) 74قطف يقطف قطافا وقطوفا 74قطوف المشى 225
قطو: (قطاته) 143
قعد: (القعّاد، القواعد) 58أقعدت كل قائم 108
قعس: القعس 186
قعط: (المقطعة) 109قعط عليه عمامته 109 (الاقتعاط) 110
قعو: أقعى 4
قفو: قفا ذات أوشال 47
قلص: (القلص) 153القلوص 234
قلق: مقلاق الوشاح 193
قلنس: القلانس 147
قمح: (شهرا قماح، المقامحة) 123
قنب: (قنبت قنوبا) 174
قنت: (القانت، القنوت) 2
قنع: تتقنّع 85
قود: مقتادى 71
قوس: (القوس) 19قوسى 202
قوف: القيافة 210
قول: (اقتلت، المقتال) 38قالة العوّاقة 50
قوى: الإفواء 46
قيد: قيودها 192(2/279)
قيل: لم أقل 15القيل اليمانى 71 (القيل) 73
ك كبر: الكبرة 25
كبو: كاب 95أكباها 198 تكبينى 203
كذب: تكذّب 139
كرحك: الكرحك، فارسية 171
كرو: الكروان 90
كرى: الكرى 225
كسس: الأكسّ 107
كشح: الكاشح 231
كعب: (الكعب) 19الكواعب 85، 225كاعبان 118
كعع: (كعّ فهو كاعّ) 105
كفر: الكافر 174
كفى: كفيّها 82
ككب: كوكب 135
كلب: كلب القرّ 38
كلل: (كلّ يكلّ كلّا وكلالة، الكلّ) 15
كلم: كلومنا 208
كنس: المكانس 131
كنه: الكنه 136
كهل: مكتهل 136
كور: الأكوار 47 (المكورة)، المكور، الكوارة، 11 (الكور) 153
كوم: الأكوم 206
ل اللام: بمعنى بعد 91
لبب: لبّاتها 107 (لبّيك) 132 الملبّون 96لبّيته 168
لبن: اللّبان 3
لبى: الملبّون، لبّيته. انظر: (لبب)
لجج: ألجّ 133اللّجاجة 137
لجم: ألجمهم الغرق 66
لحب: لحبها 198
لخخ: التخّ 121
لدد: اللّداد 199
لطف: اللطيف 72(2/280)
لطى: (لطاته) 143
لعق: اللّعق 55
لقع: (لقعه بعينه) 33
لقلق: اللقلقة 181
لقى: (ألقت يدا فى كافر) 174
لمص: (اللّمص) 21
لمم: (ألمّت الناقة) 11
لهن: لهنّك 250
لوب: (اللابة واللاب، اللّوبة واللوب) 249
لوذ: لاذ برحله 108
لوص: (اللّوص) 19اللواص 19، 20
لوم: مليم 150
ليت: (ليتى غزال) 73
م متع: متيّع 53
مثل: أمثل 119المثال 239
محل: (الماحل) 153
مخض: مخضت 180
مدد: مدّتى 83
مذق: تمذق 186
مرر: مرّة الهوى 156
مرط: مرط القذاذ 127
مرق: المرّق 169
مره: مره 200
مرى: تمريهنّ 9أمريها 46
مسك: مسكة عطار 148
مشمش: امتشّ 182
مضغ: المضغة 65
معد: المعيدىّ 200
مقل: المقل 71
ملح: (الملاحة) 109 (ملحان) 122
ملط: (الملطاء) 24
ملك: الملكوت 180
ملل: (ماملّ) 146
ملو: يتملّى العيش، الملاوة 88
مندل: المندلىّ 157
منن: مننّاهما 124
منى: تمنّى (2019)، 187
مهن: (مهن: المهين،؟؟؟؟
يمهن مهنة فهو ماهن) 38(2/281)
مهن: (مهن: المهين،؟؟؟؟
يمهن مهنة فهو ماهن) 38
مهو: (المها) 147
موت: (ماتت) 174
موم: الموم 184
موه: الماء 107
ن نبل: النبيلة 67النّبل 94، 101
نتأ: نتتا 172
نثث: نث المعايب 92
نجب: نجيب 155
نجد: النّجد 90النّجد 249
نجر: (أيام ناجر، النّجر) 123
نجش: (لا تناجشوا، النّجش) 161
نجع: النّجعة 209
نجل: النّجل 71نجلاوين 159
نجم: النجم 99
نجو: (النواجى، النجاء) 153
نحس: النّحاس 121
نحل: (النحل) 27
ندب: (انتدب لها) 106
نزح: النازح 196
نزف: النّزيف 74، (225)
نزو: تنازى 105
نسب: (نسب ينسب نسيبا، نسبه ينسبه نسبة ونسبا) 85
نسق: نسقا 81
نشب: النشّاب 164النّشب 232
نشج: تنشج 321
نشد: نشدتك الله 116
نشر: (نشر الموتى فنشروا، الناشر) 78 (ننشرها، ننشرها) 79نشر رائحة 136
نشز: (ننشزها، النّشز، نشزت المرأة) 79
نصب: نصب عينه 150النّصب 201
نصت: النّصتة 198
نصح: نصحت الجيوب 158
نصص: نصّ ثديها 97
نصف: لا نصف منه 40 (النصيف) 73النّصف 203مناصيف 232
نصل: ناصل 128أتنصّل 161(2/282)
نصو: النّواصى 193
نصى: (نصيّة، انتصيت) 153
نطع: النّطع 143
نطق: النّطق 66
نظم: النظام 81
نعب: نعوب 211
نعف: النعف 81
نفج: نفج الحقيبة 127
نفح: نفحتها 49
نفر: (النفير والأنفار) 165
نفس: (النّفاس) 187، 188
نفض: الإنفاض 138نفيضة 144
نفى: نفىّ المنجل 67
نقب: نقائبه 13
نقخ: (النّقاخ) 38
نقر: النقير 108
نقع: (النّقع) 181
نكب: النكبة 16
نكث: (النكث والأنكاث) 113
نمم: نموم 148
نهب: المنهب 4
نهج: منهج 231
نهد: نهد مرا كلها 67
نهنه: ينهنهه 179
نوب: (النّوب) 27 (نوبة ونوب) 249
نور: المتنوّر 22
نوش: تنوشه 77
نوك: النوك 61
نول: النّائل 141
نوى: النّوى 80، 158
نيب: (الناب) 154
نير: نارها 133منيّر 131
نيى: (نىّ ألّ) 146
هـ هتر: مستهتر 155الهتر 232
هتل: يوم هتّال 38
هجد: هاجدة 202
هجع: هجع 76
هدب: أهداب 159(2/283)
هدر: هدر هديرا 82
هدل: الهديل 81 (هدل هديلا) 82
هدهد: الهداهد 82
هدى: الهادى 3
هذذ: (هذاذيك) 132
هشش: تهشّ 170
هطل: هطل 135
هفو: هفا 157
هلف: (الهلّوف، الهلّوفة) 122
هلل: (الهلال) 19تستهلّ 175
هلم: هلمّ 234
همل: تهمل 119الهملان 133
همم: لا يهمّك 55الهمام 82 (همّ بأخيه) 193
همن: بيتك المهيمن 66
همى: همى 188
هنأ: ليهنك 167
هنو: الهنىّ 61
هوم: الهامة 42هاما 208
هون: هون 157
هوى: يهوين 31هوى 81أهواى 102
هيأ: هىّ 149هاء 186
هيب: مهيب 156
هيف: هيوف 71هيف 192
هيم: مستهام 81
ووأد: (وئيدا) 166
وبل: (المستوبل) 74
وتر: التّرة 47
وثم: الميثم 204
وجب: (وجبت وجوبا) 174
وجد: وجد من ذلك 89أجد 115
وخض: وخضا 132
ودد: ودّها 97
ورث: مورثة 137
ورد: (الورد) 122
ورق: الورقاء 78
وزر: وزرهنّ 250
وسع: (الوساع) 74
وسم: وسيم 150(2/284)
وسى: المواسى 187
وشح: الوشاح 193
وضح: (الموضحة) 24
وضع: أوضع 85ضع عصاك 232
وطأ: الإيطاء 46، (123)
وطش: (التوطيش) 184
وعى: وعت 158
وفد: وفودها 124
وفر: وفرى 15الوفر 101، 172
وفى: وفى الحىّ بالميّت 39توفى الإكام 128أوفى إليه 150
وقب: (وقبت وقوبا) 174
وقص: وقصته 7
وقع: وقيع 229
وقف: القوم الوقوف 70يوم الموقف 180
وقم: وقمته 7
وقى: أواق 232
وكر: موكّر 67
ولد: ولودها 97لداتى 127التّلاد 158ولادك 172
ولى: يولى، الولىّ 192
وهط: (الوهاط) 154
وهم: الوهم اللطيف 72
وهن: (الموهن) 73وهنا 157، 201
ى يفع: يفاعا 104(2/285)
7 - فهرس مسائل العربية (الإبدال): إبدال التاء زايا فى (تزّاور) 73الكاف شينا 235
(الأضداد): 152
(إعراب): رئمان أنف 51سلام الله يا مطر عليها 83 دواليك وحنانيك ولبيك وسعديك 132130مانىّ ألّ 146قرارتها كسرى 147ما للجمال مشيها وئيدا 166
ونأخذ بعده بذناب عيش 223أجب الظهر 223إن لم يجد يوما على من يتكل 235234المسألة الزنبورية 240ليس الطيب إلا المسك 243242
(الإعمال): إعمال إنّ وهى مضمرة 62ما يعمل عملين 145144عمل (مذ) فيما بعدها 145144
(إنّ): إعمالها وهى مضمرة 62
(التاء): إبدالها زايا 173
(التأنيث): للحمل على المعنى 118
(التصغير): تصغير أرؤس علما 245 تصغير أموىّ 246
(الجمع): فعال لا يجمع على فواعل إلا نادرا 121جمع هبىّ وهبيّة والكلام فى صرف الجمع 244243
(الجواب): جواب الشرط والعطف عليه 223
(الحذف): حذف لا بعد القسم 78
(الزيادة): زيادة ما 146زيادة لا 203فى الحاشية(2/286)
(الصرف): صرف مالا ينصرف 84
(الصوغ): من قضى على مثال جحمرش 244من قرأ على مثال جحمرش 244
(الصيغ): فعيل بمعنى مفعول 6
(العطف): على جواب الشرط 223
(العلل): علة بناء المنادى المفرد على الضم 83
(الكاف): إبدالها شينا 235
(لا): حذف لا النافية بعد القسم 78
(ما): زيادتها 146
(المثنى): ما جاء مثنى فقط 132129
(مذ): عملها فيما بعدها 145144
(المفعول المطلق): ما جاء منه مثنى فقط 132130
(المنادى): علة بناء المنادى المفرد العلم على الضم 83
(النحو): صحيفة على بن أبى طالب وأبى الأسود الدؤلى 239238
(النسب): النسبة إلى البحرين والحصنين 6059
(الوزن): وزن كينونة 246244
(19أمالى الزجاجى)(2/287)
9 - فهرس الأعلام
__________
1*
أآدم 18، 36
أبان بن عبد الله البجلى 137، 138
إبراهيم عليه السلام 2
* إبراهيم بن السرى الزجاج، أبو إسحاق 11، 12، 25، 63، 66، 77، 89، 92، 96، 98، 101، 102، 115، 139، 174، 176، 197، 199، 226، 247243
إبراهيم بن سفيان الزيادى (190)
* إبراهيم بن محمد 37
إبراهيم بن محمد البصرى 151
* إبراهيم بن محمد بن عرفة، أبو عبد الله نفطويه (5)
إبراهيم بن هرمة (5)
أحمد بن الحارث 33
* أحمد بن الحسن بن شقير، أبو بكر 33، 50، (141)، 174، 183، 186، 187، 195، 203، 228، 248
أبو أحمد الدمشقى 66
أحمد بن أبى دواد 85
أحمد بن صالح 121
أحمد بن أبى طاهر طيفور (110)
أحمد بن عبد الله الحربى 190
* أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أبو جعفر 117
أحمد بن عبيد 186
أحمد بن عبيد الله بن عمار 54
* أحمد بن محمد بن رستم الطبرى، أبو جعفر 226
أحمد بن الفضل 5
أحمد بن يحيى ثعلب 2، 7، 11،
(1) * ما قرن بنجم فهو من شيوخ الزجاجى أو من روى عنهم، وما وضع من الأرقام بين قوسين يدل على موضع الترجمة أو التعليق.(2/288)
16، 17، 18، 22، 26، 32
34، 37، 38، 43، 50، 5856، 85، 100، 109، 111، 119، 120، 122، 126124، 133، 141 143، 145، 148، 154، 160، 166، 167، 174، 181، 183، 186، 189، 191، 194، 195، 197، 203، 207، 239، 249
الأحمر خلف
الأحنف بن قيس، أبو بحر 207
الأحوص بن محمد 75، 80، 191
أراكة، جارية ابن مفرغ 42
أرطاة بن سهيّة المرى (63)
الأزد 49
أسامة بن زيد 39
أسباط 5
أبو إسحاق المختار بن أبى عبيد 87
إسحاق بن إبراهيم الموصلى 160
إسحاق بن الحسين 37
أبو إسحاق الزجاج إبراهيم بن السرى
إسحاق بن محمد 112، 173
أسد 221
أسماء (فى شعر) 76
إسماعيل بن أبى أويس 151
أبو إسماعيل الترمذى، محمد بن إسماعيل (183)
إسماعيل بن جعفر 135
إسماعيل بن زرزور المغنى 171، 172
إسماعيل بن عبد الله بن خالد 151
إسماعيل بن محمد السامى (185)
* إسماعيل بن النجم الشرابى، أبو محمد 171
إسماعيل بن نوبخت (139)
* إسماعيل الوراق 105، 151
إسماعيل بن يسار 63
أبو الأسود الدؤلى 238، 239
أسيد بن أبى العيص بن أمية 41
أشجع السلمى 22
الأشناندانى سعيد بن هارون
أصحمة 151(2/289)
الأصمعى عبد الملك بن قريب
الأعاجم 68، 93، 107
ابن الأعرابى، أبو عبد الله 2، 710 11، 18، 22، 26، 33، 37، 38، 58، 109، 110، 121، 122، 133، 143، 146، 154، 166، 167، 181، 183، 189186، 191، 194، 195، 203، 205، 221
الأعشى 135
ابن أقيصر (4)
الأكاسرة 33، 140
أمامة (فى شعر) 42
أبو أمامة 68
امرء القيس 211، 224
أميم (فى شعر) 154، 157، 167
أميمة (فى شعر) 159
أمين آل محمد المختار بن أبى عبيد 86، 87
الأمين بن هارون 39
أنس (بن مالك) 183
الأنصار 134
أنيف بن جبلة الضبى، فارس الشيط (3)
أوس بن حارثة بن لأم الطائى، بن سعدى 109106
أوس بن حجر 175
ب البحترى (فى شعر) 138
البحترى الشاعر 56، 179
أبو بحر الأحنف بن قيس
بدل بن المحبر (185)
البرامكة 239
برد، العبد 42
بزرجمهر (94)، 186
ابن بسام على بن محمد بن نصر
بسام بن عبد الله الصيرفى (104)
بشار بن برد 35، 215212
بشر بن أبى خازم 123
بصبص، جارية ابن نفيس (160)
بطريق الشام 39
ابن أبى بكر عبد الرحمن
أبو بكر عبد الله بن الزبير(2/290)
أم بكر (فى شعر) 28
أبو بكر الأشناندانى 121
أبو بكر بن الأنبارى محمد بن القاسم
أبو بكر بن داود الأصبهانى 12، 102، 114
أبو بكر بن دريد محمد بن الحسين
* أبو بكر بن السراج محمد بن السرى
أبو بكر الصديق 9، 92، 134، 136، 183
* أبو بكر الصولى 18، 124
أبو بكر القياسى 111
بكر بن وائل 17، 30
أبو بكر بن مجاهد 29
ت الترمذى أبو إسماعيل
الترمذى محمد بن عيسى صاحب السنن (183)
أبو تمام الطائى 56، 57، 195
أبو تمام (النوبختى، فى شعر) 141
توبة بن الحمير 77، 78
التوّزى عبد الله بن محمد هارون
ث ثابت (بن أسلم) 183
ثابت قطنة العتكى (201)
أبو ثروان الأعرابى 240
الثريا بنت على بن عبد الله، صاحبة عمر 14
ثقيف 219
ج جبريل (أحد الندماء) 149
أم جحدر صاحبة ابن ميادة 209 211
الجدلى أبو عبد الله
جديلة عدوان 221
جذيمة (الأبرش) 91
أبو الجراج 240
جرير (بن الخطفى) 194، 195
جرير بن المنذر السدوسى، أبو منذر 212، 213(2/291)
ابن جعفر (فى شعر) عبد الله بن جعفر
أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم
أبو جعفر محمد بن رستم
آل أبى جعفر 160
أم جعفر 191
أبو جعفر بن أبى شيبة 36
جعفر بن قدامة (54)
جعفر بن محمد بن سلام 212
أبو جعفر المنصور المنصور
جعفر (بن يحيى) البرمكى 239، 240
جمال بنت عون بن مسلم 27
جميل 84، 85
بنو جنان 60
جنوب (فى شعر) 127
ابنة الجودى ليلى
ح أبو حاتم السجستانى سهل بن محمد
حاتم بن عبد الله الطائى 92، 106، 109
حاجب بن زرارة بن عدس 48
بنو الحارث، من مذحج 231
الحامض أبو موسى
حبابة، جارية يزيد بن عبد الملك 74، 75
الحبش، الحبشان 150
حبيب بن نصر 214
الحجاج بن يوسف 16، 20، 733 111، 219، 220، 229
حذيفة (بن اليمان) 68
حرثان، ذو الإصبع العدوانى 221 221)
* الحرمى بن أبى العلاء 69، 208
حسان بن ثابت، ابن الفريعة (154)
أبو الحسن على بن سليمان
* الحسن بن إسماعيل المحاملى 104
أبو الحسن بن البراء 52
الحسن البصرى 13، 79
الحسن الحاجب 59
الحسن بن الحسين السكرى (190)
أبو الحسن الطوسى (187)
أبو الحسن بن الطيّان 23(2/292)
الحسن بن عبد الرحمن القاضى 52
الحسن بن على 212، 215
الحسن بن على بن أبى طالب 7، 8، 176
الحسن بن عليل العنزى (212)
أبو الحسن بن كيسان ابن كيسان
الحسن بن مالك الرياحى أبو العالية 208
الحسن بن محمد الزعفرانى (105)
أبو الحسن المدائنى المدائنى
* أبو الحسين البصرى 212
الحسين بن على بن أبى طالب 168، 176
الحسين بن محمد بن بهرام 36، 37، (212)، 173
* الحسين بن محمد الرازى، أبو عبيد الله 135
الحسين بن مطير الأسدى (191)، 205
الحصين بن الحمام (207)
أم حفص (فى شعر) 81
الحكم بن عبدل الأسدى (195)
الحكماء 70
الحلو أبو عثمان السكرى
حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلى 160
حمار 52
ابن حمدون أبو محمد
ابن حمران 12
أبو حمزة الخارجى (69)
* حمزة بن محمد 67
حمير 61، 213
ابن الحنفية محمد بن على بن أبى طالب
أبو حية النميرى 101
خ خارف 152، 153
ابن أبى خالد 39
خالد بن الوليد بن المغيرة، أبو سليمان (181)
خثعم 29، 30
الخص، والد هند 206
أبو الخطاب عمر بن عبد الله 84(2/293)
الخلدى محمد بن يزيد المبرد 56
خلف الأحمر 64، 239، 242
أبو خليفة الفضل بن الحباب
الخليل بن أحمد 65، 83، 105، 132، 235
خندف 66
خنساء جارية يحيى البرمكى 98
الخنساء (بنت عمرو) 142
خولة بنت منظور بن زبان 7، 8
ابن الخياط النحوى محمد بن أحمد
ابن منصور
د ابن دأب عيسى بن يزيد بن بكر
دارا، ملك الفرس 52
ابن دريد محمد بن الحسن
ابن الدمينة 125، 154، 217
ابن أبى الدنيا عبد الله بن محمد بن
عبيد
ديسم العنزى 212
ديك الجن (102)
ذ ذفافة 61
ذو الإصبع حرثان
ذو الرمة 88، 89، 123، 159، 173
ذو القرنين 18
ذيمل أبو الفضل
ر الراضى بالله 55
الراعى 82
ربعى بن حراش (68)، (180)
الربيع (بن يونس) 96
ابن أبى ربيعة عمر بن عبد الله
الرشيد هارون
رضيا أخت الثريا 14
الرماح بن أبرد، ابن ميادة (209) 211
رملة بنت عبيد الله بن معمر 141
رؤبة بن العجاج 30، 100، 222
روح بن زنباع (7)(2/294)
الروم 6، 33، 150
ابن الرومى 170
ريا (فى شعر) 25
أبو رياح (فى شعر) 20
الرياشى العباس بن الفرج
ز زارع (كلب) 212
زائدة بن قدامة الثقفى (134)
ابن الزبير عبد الله
الزبير بن بكار 8، 12، 14، 27، 69، 84
الزبير بن أبى بكر 249
ابن زرزور إسماعيل
الزجاج إبراهيم بن السرى
الزجاجى عبد الرحمن بن إسحاق
الزعفرانى الحسن بن محمد
زكريا بن يحيى بن خلاد أبو يعلى (65)
بنو زياد 43
أبو زياد الأعرابى 240
زياد بن أيوب، أبو هاشم الطوسى 104
زياد بن خليفة الغنوى (183)
زياد بن عثمان الغطفانى 28
الزيادى إبراهيم بن سفيان
زيد بن أسلم 39
أبو زيد الأنصارى 23، 122، 199، 206، 212
زيد الخيل بن مهلهل (106) 108، 109
زيد بن عمرو بن نفيل 233232
س سابق البربرى (185)
سامة بن لؤى بن غالب 5048
السجستانى سهل بن محمد
سحيم عبد بنى الحسحاس (76)، 130
سدوم 148
السدّىّ 5
سراقة البارقى (86)
أبو السرى سهل بن غالب
ابن سعدى أوس بن حارثة 107، 108
سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف (163)(2/295)
سعد العشيرة 27
أبو سعيد عبد الله بن شيب
سعيد بن خالد الجدلى 221
سعيد بن سلم الباهلى 58، 238
سعيد بن عثمان بن عفان (42)
سعيد بن محمد الوراق 104
سعيد بن مسعدة الأخفش 37، 117 144
سعيد بن هارون الأشناندانى (233)
أبو سفيان (بن حرب) صاحب العير 165
أبو سفيان، مخلد 212
السكرى الحسن بن الحسين
السكرى أبو عثمان
ابن السكيت يعقوب بن إسحاق
سكين (فى شعر) 164
سكينة (بنت الحسين) 183، 164
بلفظ سكين، (168)
سلم (فى شعر) 22، 37
سلم بن قتيبة الباهلى 31، 238
أم سلمة أم المؤمنين (198)
سلمة (بن عاصم) 239
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (135)
سلمى (فى شعر) 82، 125
بنو سليم 20
أبو سليمان خالد بن الوليد
سليمان بن عبد الله بن طاهر 116
سليمان بن عبد الملك 47، 48، 220
سليمان بن عياش السعدى 27
سليمى (فى شعر) 37
سمرة بن جندب 16
سهل بن غالب الخزرجى، أبو السرى (18)
سهل بن محمد السجستانى، أبو حاتم 7، 20، 29، 30، 48، 91، 98، 106، 117، 118، 122، 137، 164، 168، 179، 199، 201، 204، 206، 212، 237، 238
سهم (فى شعر) 16
سودان هجر 242(2/296)
سيبويه 62، 83، 131، 132، 235، 241239
ش شبابة بن سوار 105
ابن شبرمة عبد الله
ابن شبة عمر
شبيب (فى شعر) 133
شبيب بن شيبة المنقرى، أبو المعمر 248
شعبة بن الحجاج 68، 180، (185)
الشعبى (1)، 20
ابن شقير أحمد بن الحسين
شملة بن بردة (89)
شيبان بن عبد الرحمن التميمى (36)، 37، 112، 113، 173
شيبة بن الوليد 60، 61
الشيّط (فرس) (3)
ص صاحب العير أبو سفيان
صاحب النفير عتبة بن ربيعة
صالح بن إسحاق الجرمى، أبو عمر 83
الصائغ أبو القاسم
الصبيريات (فى شعر) 130
صخر أخو الخنساء 142
صداء 213
صدقة بن موسى 52
ض الضباب 19، 234
الضحاك 6، 37
ضرار بن عتيبة العبشمى
ابن ضمرة ضمرة
ضمرة بن ضمرة 97، 200
ط أبو طاهر 54
الطرماح 82
طلبة بن قيس بن عاصم 88
طلحة الطلحات طلحة بن عبد الله
طلحة بن عبد الله بن خلف، طلحة الطلحات (237)، 238
الطوسى أبو الحسن(2/297)
ابن الطيان أبو الحسن
ع أبو العالية الحسن بن مالك
عامر (بن صعصعة) 49، 51، 233
العامّة 14
عائشة، رضى الله عنها 33، 91، 142
عباد بن زياد 41، 42
ابن عباس عبد الله
أبو العباس الفضل بن الربيع 39
أبو العباس محمد بن يزيد المبرد
العباس بن الأحنف 101
العباس بن عبد المطلب 9، 65، 174
العباس بن الفرج الرياشى، أبو الفضل (4)، 15، 16، 18، 111، 113، 114، 144، 213، 222
العباس اليزيدى 159
عبد بنى الحسحاس سحيم
عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجى، أبو القاسم، صاحب الأمالى 31، 5، 6، 10، 12، 15، 19، 21، 26، 36 38، 50، 51، 62، 65، 70، 73، 75، 78، 82، 83، 88، 89، 94، 100، 104، 105، 113، 121، 129، 134، 135، 142، 144، 145، 147، 151، 153، 166، 173، 175، 178، 179، 181، 184، 189187، 193، 195، 199، 200، 206204، 211، 224219، 228، 229، 232، 333، 235 238، 241، 245، 247، 248، 250
عبد الرحمن بن أخى الأصمعى 10، 13، 2220، 24، 26، 28، 29، 31، 106، 116، 117، 142(2/298)
عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق 32، 33، 91
عبد الرحمن بن جندب 176
أبو عبد الرحمن العطوى 85
عبد الرزاق (بن همام) 121
بنو عبد شمس 16
عبد الصمد بن عبد الوارث 180
عبد العزيز بن مروان 45، 46
عبد القاهر بن السرى 111
عبد الكريم بن الهيثم 67
عبد الله بن (أراكة) الثقفى 9
عبد الله بن بكر بن حبيب السهمى (248)
أبو عبد الله الجدلى 26
عبد الله بن جعفر بن أبى طالب 205
عبد الله بن الحمير 77، 78
عبد الله بن رؤبة بن العجاج 222
عبد الله بن الزبير، أبو بكر (34)، 236
عبد الله بن شبرمة (100)
عبد الله بن شبيب، أبو سعيد 69، (208)، 249
عبد الله بن طاهر (116)
عبد الله بن عباس 5، 6، 104، 105
عبد الله بن على (8)
عبد الله بن عمر بن الخطاب 105
عبد الله بن عمر بن عمرو العرجى (119)، 230
عبد الله بن غطفان 208
أبو عبد الله القرشى 190
عبد الله بن مالك النحوى، أبو محمد 4، 8، 12، 14، 27، 84
عبد الله بن محمد بن عبيد، ابن أبى الدنيا (52)
* عبد الله بن محمد النيسابورى 180
عبد الله بن محمد بن هارون. أبو محمد (3)، 16، (117)
عبد الله بن مسعود 1
عبد الله بن مسلم بن جندب 12
عبد الله بن مسلم بن قتيبة 29، 177، 152، 154، 205
عبد الله بن المعتز بالله 124(2/299)
عبد الله بن نمير 68
أبو عبد الله اليزيدى محمد بن العباس
عبد الملك بن عمير، (68) 134، 180
عبد الملك بن قريب الأصمعى 10، 11، 13، 17، 18، 20 24، 3128، 5150، 58، 64، 65، 91، 98، 104، 106، 116، 117، 122، 136، 142، 153، 164، 191، 201، 204، 206، 207، 222
عبد الملك بن مروان 20، 190، 221، 333
عبدان الخولى المتطبب، أبو معاذ (25)
ابن عبدل الحكم
عبيد الله بن زياد 41، 43
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، أبو العباس 99
عبيد الله بن معمر 141
أبو عبيدة معمر بن المثنى
أبو العتاهية (36)، 54، 92، 93، 101، 177، 180
ابن أبى العتاهية محمد
عتبة بن ربيعة، صاحب النفير 165
العتبى 7، 233
أم عثمان أخت الثريا 14
أبو عثمان السكرى، المعروف بالحلو 205
عثمان بن عفان 198
العجاج 58
العجلانى 63
العجم 70
بنو العجيف 19
عدوان 142، 221
العديل بن الفرج (100)
بنو عذرة 77
عراعر المازنى 37
العرجى عبد الله بن عمر بن عمرو
أبو عروس (120)
عزة (فى شعر) 125، 126(2/300)
عصام حاجب النعمان 223
عصيم بن وهب، أبو شبل (213)
عطاء بن أبى رباح (231)
عفان بن همام 183
عفيراء (فى شعر) 133
عقيل بن أبى طالب 211
بنو عقيل بن كعب بن ربيعة 16، 77
عك 213
عكرمة (مولى ابن عباس) 104
عكرمة بن ربعى، الفياض (137، 138
بنو علاج بن أبى سلمة (42)
على بن بدال، من بنى سليم 20
على بن ثابت 92، 93
على بن سعيد بن جرير النّسائى 180
على بن سليمان الأخفش، أبو الحسن 2، 7، 11، 18، 25، 26، 32، 39، 40، 50، 56 58، 64، 77، 79، 82، 85، 89، 91، 92، 97، 99، 100، 111، 113، 119، 120، 122، 125، 126، 132، 136، 139، 146، 154، 160، 161، 167، 169، 170، 174، 176، 181، 186، 188 191، 197، 200، 207، 226، 239، 244
على بن أبى طالب 9، 26، 105، 136، 174، 176، 211، 238
على بن عبد العزيز 135
على محمد بن نصر بن منصور بن بسام (172)
ابن عمر عبد الله
عمر بن بزيع (60)
أبو عمر الجرمى صالح بن إسحاق عمر بن حفص 8
عمر بن الخطاب 32، 4139، 105، 136، 181
عمر بن أبى ربيعة عمر بن عبد الله عمر بن شبة 7، 32، 100، 141، 214(2/301)
عمر بن الضحاك 69
عمر بن عبد العزيز 33، 74، 191
عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة، أبو الخطاب 14، 15، 84، 118، (163)، 230
عمر بن هبيرة (13)
عمرو بن أراكة 9
عمرو الأشدق عمرو بن سعيد
عمرو بن بزيع عمر بن بزيع
أبو عمرو بن أبى الحسن الطوسى 187
عمرو بن سعيد بن العاصى بن سعيد بن العاصى، الأشدق (165)
أبو عمرو الشيبانى 135
أبو عمرو بن العلاء 17، 30، 83، 121، 136، 241، 243
عمرو بن مسعدة (177)
أبو العنبس 68
العنزى الحسن بن عليل
بنو عوف 77، 78
عون بن مسلم 27
عون بن وهب العبسى 208
ابن عياض (فى شعر) 138
أبو عيسى (فى شعر) 149
أبو عيسى محمد بن أحمد بن قطن
عيسى بن جعفر بن المنصور 248
عيسى بن طلحة بن عمر بن عبد الله ابن معمر 12
عيسى بن عمر الثقفى 83، 241، 243
عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب (19)
أبو العيناء محمد بن القاسم
غ أبو غالب 68
غالب بن صعصعة والد الفرزدق (47)
* أبو غانم المعنوى 3، 4، 21، 44، 48، 74، 80، 86، 88، 134
أبو غسان (فى شعر) وهو المفضل بن المهلب 202
غطفان 29(2/302)
الغنوى زياد بن خليفة غنى 182
ف فارس الفرس
فارس الشيّط أنيف بن جبلة
فاطمة (فى شعر) 80
الفراء 83، 184، 197، 207، 239، 242، 244
فرات بن السائب 105
أبو فراس الفرزدق
* أبو الفرج الأصبهانى 208
الفرزدق، أبو فراس 47، 48
الفرس 33، 147
الفريعة بنت خالد، والدة حسان بن ثابت (154)
الفريعة بنت همام، أم الحجاج بن يوسف، وهى المتمنية 229
فزارة 188
الفضل بن الحباب الجمحى، أبو خليفة 3، 41، 44، 74، 80، 86، 88
أبو الفضل ذيمل 22
الفضل بن الربيع (39)
أبو الفضل الرياشى العباس بن الفرج الفضل بن سعيد 215
الفضل بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى 44، 174
الفضل بن محمد اليزيدى (59)، 94، 96، 116115، 177، 178
الفضل (بن يحيى) البرمكى 239
أبو فقعس الأعرابى 240
الفياض عكرمة بن ربعى
ق قابض، مولى توبة 77
القاسم بن سلام، أبو عبيد (1)، 135
* أبو القاسم الصائغ 29، 152
القاسم بن محمد الأنبارى 33
قتادة بن دعامة السدوسى 6، 36، 37، (112)، 113، 173
بنو قتال (فى شعر) 234
ابن قتيبة عبد الله بن مسلم بن قتيبة
(20أمالى الزجاجى)(2/303)
قتيبة بن مسلم 111
قحطان 73
قدام (فرس عروة بن سنان) 66
القراء 13، 79
قريش 14، 39، 233
ابن القرية 20
بنو قشير 31
القطامى 59
قطية بنت بشر، امرأة مروان (183)
بنو القعقاع (فى شعر) 61
أبو القمقام الأسدى (132)
القياسى أبو بكر
القياصرة 33
قيس 35
أبو قيس (قرد يزيد) 69
قيس بن عاصم المنقرى 29، 89
القيسيون 22
قيصر 151
ك أبو كرب 61
الكركى 52
الكسائى 5150، 6159، 174، 197، 241239
كسرى 140، 147
ابن كسرى 219
كعب 6، 49، 219
بنو كلاب 118، 190، 249
ابن الكلبى 48
الكميت، أبو المستهل 137، 138
كنزة أم شملة (89)
الكهان 70
* ابن كيسان النحوى 120
ل لبد (نسر لقمان) 17
لصوص الأعراب 153
لقمان 17
لوط بن يحيى 176
ابن لؤى، وهو سامة (فى شعر) 50
ليلى (فى شعر) 31، 119، 139، 157، 214، 220بلفظ:
آل ليلى
ليلى الأخيلية 77
ليلى ابنة الجودى (32)، 33
م المازنى، أبو عثمان 11، 16، 17،
52، 64، 83، 88، 144، 207، 229، 235، 244(2/304)
م المازنى، أبو عثمان 11، 16، 17،
52، 64، 83، 88، 144، 207، 229، 235، 244
أم مالك (فى شعر) 204
مالك (بن فارج بن كعب) 91
مالك بن نمط الهمدانى 152
ماوىّ (فى شعر) 92، 108، 109
ماوية (فى شعر) 107
المتمنية الفريعة بنت همام 229
مجاهد 6
ابن مجاهد أبو بكر
المجوس 62
محمد صلى الله عليه وسلم 25، 76، 152
أبو محمد عبد الله بن مالك
محمد بن أبان 80
محمد بن إبراهيم الليثى 249
* محمد بن أحمد بن قطن، أبو عيسى السمسار العجلى 35، 36، 65
محمد بن أحمد بن منصور، أبو بكر ابن الخياط 23، (197)
محمد بن إسحاق 151
محمد بن إسرائيل الجوهرى 134
محمد بن بشير الخارجى (142)
أبو محمد التوزى عبد الله محمد بن هارون
محمد بن الجهم 29
محمد بن الحجاج بن يوسف 16
محمد بن الحجاج، الشاعر (213)، 214
محمد بن حسان 68
* محمد بن الحسن بن دريد، أبو بكر 7، 10، 13، 15، 16، 2220، 24، 26، 3128، 39، 48، 52، 70، 91، 98، 106، 116، 117، 122، 137، 142، 168، 189، 199، 201، 204، 206، 237، 247
محمد بن الحسين 5، 69
* محمد بن حمدان البصرى، أبو عبد الله 86
أبو محمد بن حمدون 194
محمد بن خازم (35)
* محمد بن خلف 68(2/305)
محمد بن أبى رجاء 4
* محمد بن رستم الطبرى، أبو جعفر 144، 145، 238
محمد بن السرى، أبو بكر السراج (110)
محمد بن سلام 41، 44، 74، 80، 86، 88
محمد بن سليمان الهاشمى (226)
محمد بن العباس اليزيدى، أبو عبد الله (1)، 59، 94، 96، 115، 159، 177، 178، 194، 200، 222، 241
محمد بن عبد الله بن الحسن (5)
محمد بن عبد الله بن طاهر 96
محمد بن أبى العتاهية (36)
محمد بن على بن أبى طالب، ابن الحنفية (176)
محمد بن عمران التيمى (207)
محمد بن عمران الصيرفى 212
محمد بن عمرو بن علقمة 135
* محمد بن القاسم الأنبارى، أبو بكر (33) 35، 43، 65، 148، 186، 190
محمد بن القاسم بن خلاد، أبو العيناء (248)
محمد بن القاسم بن مهرويه 215
* محمد بن محمود الواسطى 134، 183
محمد بن مروان بن الحكم 190
محمد بن معن الغفارى 249، 250
محمد بن هشام المخزومى (230)
* محمد بن يحيى الصولى، أبو بكر (55)، 171، 212
محمد بن يزيد المبرد، الخلدى 10، 11، 17، 25، 56بلفظ الخلدى، 57، 63، 64، 77، 79، 82، 85، 89، 9391، 96، 98، 102 111، 113، 115، 136، 139، 161، 163، 171، 172، 174، 176، 197، 199، 200، 207، 224، 226، 228، 246
المختار بن أبى عبيد الثقفى (86)، 87
بنو مخزوم 4(2/306)
مخلد، أبو سفيان 212
المدائنى، أبو الحسن 33، 63، 136، 190
مذحج 231
مروان بن الحكم 116، 182، 183
المستنير بن طلبة القشيرى 31
أبو المستهل الكميت
مسعر بن كدام 68
مسلم بن إبراهيم 6867
مسلمة بن إبراهيم بن هشام المخزومى (14)
مسلمة بن عبد الملك 74، 75
المشوق الشاعر، واسمه العباس (246)
مصعب بن الزبير 190، 121
مضر 213
المضرية 213
مطر 8380
أبو المطوق 61
أبو معاذ عبدان الخولى
معاذ بن مسلم (17)
معاوية بن أبى سفيان 7، 34، 41 43، 207
معاوية بن عمرو بن المهلب (134)
معبد المغنى 74، 75
معدّ (بن عدنان) 214
أبو المعلّى 134
معمر 121
أبو المعمر شبيب بن شيبة 249
معمر بن المثنى، أبو عبيدة 3، 7، 16، 29، 48، 106، 135، 137، 173، 237
المعيدىّ 200
المغيرة بن حبناء (26)
المغيرى عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة 163
ابن مفرغ يزيد بن ربيعة
المفسرون 27
المفضل الضبى 2
المفضل (بن المهلب) أبو غسان 202
المكى 39
ابن ملجم 176
المنتجع بن نبهان التميمى 242، 243
أبو منذر جرير بن المنذر المنذر بن الجارود 43(2/307)
المنصور، أبو جعفر 2، 94، 95
منظور بن زبان 8
المهدى الخليفة 59، 61، 9694
أبو مهدية الأعرابى 242
أبو موسى الأشعرى (180)
آل أبى موسى الأشعرى 90
* أبو موسى الحامض (133)، 205 207، 243
المؤمّل بن أميل 9694، 179
مى (فى شعر) 160
مى بنت طلبة صاحبة ذى الرمة 88، 89
ابن ميادة الرماح بن أبرد
ميمون بن مهران 105
ن بنو ناج 222
نافع بن خليفة الغنوى 182
بنو نبهان 106، 108
النجاشى 151
ابن نجدة 122
أبو النجم العجلى 31
نسر (صنم) 66
نسيب بن سالم النميرى 182
النصارى 62
نصر بن حجاج 229
نصيب الشاعر 28، (44) 48، 79
النضر (فى شعر) 138
النعمان (فى شعر) 138
النعمان بن المنذر 97، 178، 200، 223
أبو نعيم (فى شعر) 195
نفطويه إبراهيم بن محمد بن عرفة نمير 182
أبو نواس 39، 99، 140، 141، 146، 148، 169، 194،
النوبختية (140)
نوح عليه السلام 18
نويفع بن نفيع الفقعسى 126
هـ هارون بن أبى بكر 249
هارون الرشيد 39، 50
أبو هاشم زياد بن أيوب
هاشم بن محمد الخزاعى 213(2/308)
أبو هانىء (فى شعر) 197
هبنقة القيسى (فى شعر) 61
هرقل 151
ابن هرمة إبراهيم
أبو هريرة 151، 222
هشام بن سليمان بن عبد الله 141
هشام بن عروة 32
همدان 152، 153
هند (فى شعر) 201
هند بنت الخص (206)
الهيثم 39
والوليد بن عبد الملك 111، 220
ى يام 152، 153
يحصب بن مالك (41)
يحيى بن خالد البرمكى 98، 239 241
يحيى بن على 212
يحيى بن المبارك اليزيدى، أبو محمد (1)، 59، 62، 241، 242
يحيى بن محمد 53
أبو يربوع 68
يزيد بن الحكم الثقفى 219، 220
يزيد بن ربيعة بن مفرغ 4341
يزيد بن عبد الملك 74، 75
يزيد الغوانى (133)
يزيد بن معاوية بن أبى سفيان 69، 165
يزيد بن منصور 59
يعقوب بن إسحاق الحضرمى 238
يعقوب بن إسحاق السكيت، أبو يوسف 23
يعقوب بن يوسف الكوفى 52
أبو يعلى زكريا بن يحيى أبو يعلى بن أبى زرعة 145
اليمانية، اليمن 61، 202، 213
اليهود 62
يوسف عليه السلام 78
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق
يونس بن حبيب 42، 83
يونس بن يسار 151(2/309)
10 - فهرس البلدان والمواضع ونحوها
أأحد 81
ألال 224
أمج 73
أنقرة 211
الأهواز 153
أوال 4
ب البحرين 59، 60
بدر 165
البريقان 16
البصرة 41، 43، 90، 224، 226، 240، 241، 248
بصرى 32، 149
البطاح 219
بغداد، مدينة السلام 95، 243
البقيع 142
البيت 2، 53، 96
ت تبوك 152
تربان 193
ث ثبير 324
ج الجامع الغربى بمدينة السلام 243، 246
جامع مصر 46
الجبال 153
الجزيرة 125
الجوابى 32
جوخى 184
جوف الخميلة 49
ح الحجاز 22، 201
الحصنين 59، 60
الحمى 155، 250
الحيرة 178
خ خراسان 137
خليات 84
الخميلة 49
د دار أبى نعيم 195
دمشق 32، 33، 87، 179
دير عدس 41
ذ ذات أوشال 47
ذوقار 133
ر رامة 42
الرى 94
س ساباط 147
الستار 250
سجستان 41
سدوم 148
السماوة 32
سنام 81
سوادمة 79
سويقة 80(2/310)
ش الشام 32، 39، 41، 84، 153، 164، 210
الشبيكة 81
ص صحراء البريقين 16
صنعاء 61
ط الطائف 14، 219
الطف 168
ع العراق 149، 153، 201، 219
العرض 157
عسيب 210، 211
العليا 168
عمان 48، 49
عمود سوادمة 79
غ الغار، غار حراء 183
الغور 79، 219
ف فارس 219، 220،
الفرات 164
الفضاء 27
فلج 81
الفوارس 18
ق قرن 15
قسا 90
قصر الحجاج 220
قطربل 149
ك كداء 14
الكعبة البيت
الكهف 5، 6
الكوفة 221، 224، 240
ل لعلع 152، 153
م محجر 16
المدينة 5، 116، 183، 207، 209، 215
مدينة السلام، بغداد 95، 243
المذاد، بالمدينة 249
المراجل 179
مسالح النعمان 200
مسجد رسول الله 44
مسجد الموصل 53
المسجدان 201
مشرف 173
المشقّر 43
مصر 45
المصران 240
مكة 48، 125
الموصل 53
ن نجد 24، 25، 80، 159، 201، 219
نسر (صنم) 66
النهروان 95
هـ هجر 242
ووادى المياه 155، 157
الواديان 155
ودّان 48
ى اليمامة 43
اليمن 79، 191(2/311)
11 - فهرس مراجع الشرح والتحقيق
أخبار أبى تمام، للصولى (لجنة التأليف 1356) 187
إخبار الحكماء، للقفطى (السعادة 1326) 140
أخبار أبى نواس لابن منظور (الاعتماد 1343) 139، 140، 170
أخبار أبى نواس، لأبى هفان، تحقيق عبد الستار فراج (دار مصر للطباعة 1373) 169
أدب الكاتب، لابن قتيبة (السلفية 1346) 178
الأزمنة والأمكنة، للمرزوقى (حيدر أباد 1318) 123، 193
الاستيعاب لابن عبد البر (حيدر أباد 1318) 181، 207
أسد الغابة، لابن الأثير (الوهبية 1286) 207
أسماء المغتالين من الأشراف، لابن حبيب (فى ضمن نوادر المخطوطات) 77
الأشباه والنظائر، للسيوطى (حيدر أباد 1361) 50، 58، 59، 60، 62، 117
الاشتقاق، لابن دريد، تحقيق عبد السلام هارون (مطبعة السنة 1378) 61، 100، 130، 153، 207، 229
الإصابة، لابن حجر (السعادة 1323) 76، 106، 180، 181، 207
الأصمعيات، للأصمعى، تحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون (المعارف 1375) 144، 152، 22
الأضداد، لابن الأنبارى (الحسينية 1325) 206
أعلام النساء، لعمر رضا كحالة (الهاشمية بدمشق 1359) 206
الأغانى، لأبى الفرج الأصبهانى (التقدم 1323) 5، 7، 14، 15، 16، 24، 25، 26، 28، 30، 32، 35، 37، 41، 42، 43، 44، 45، 47، 49، 50، 60، 62، 63، 64، 69، 74، 76، 77، 78، 81، 84، 85، 87، 88، 89، 91، 92، 93، 94، 100، 101، 103، 104، 106، 116، 119، 131، 132، 137، 142، 154، 160، 161، 163، 164، 166، 168، 177، 191، 192، 195، 201، 202، 203، 205، 207، 208، 215209، 221، 222، 230، 231، 234
الاقتضاب، لابن السيد البطليوسى (بيروت 1901م) 152، 178
أمالى الزجاجى (السعادة 1324) 49، 56، 80، 146(2/312)
أمالى ابن الشجرى (حيدر أباد 1349) 51، 81، 91، 327
أمالى القالى (دار الكتب 1344) 4، 7، 15، 30، 36، 47، 51، 52، 85، 86، 109، 132، 133، 163، 164، 192، 193، 206، 237، 241، 250
أمالى المرتضى، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (الحلبى 1373) 8، 30، 192، 201، 213203، 214، 221، 222
الإمتاع والمؤانسة، لأبى حيان (لجنة التأليف 1373) 132
إنباه الرواة، للقفطى، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار الكتب 1369) 50، 133، 141، 144، 187، 190، 191، 197، 226
الأنساب، للسمعانى (لبدن 1912م) 36، 65، 105، 140
الإنصاف، لابن الأنبارى (الاستقامة 1364) 81، 118
الأوراق، للصولى، تحقيق ج. هيورث (الصاوى 1935م) 55، 56
البخلاء، للجاحظ، تحقيق الدكتور الحاجرى (دار الكاتب 1948م) 139
بغية الوعاة، للسيوطى (السعادة 1336) 1، 3، 4، 5، 17، 50، 59، 64، 110، 117، 133، 141، 187، 190، 191، 197
بلاغات النساء، لابن طيفور (القاهرة 1326) 144
البيان والتبين، للجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون (لجنة التأليف 1381) 7، 8، 9، 13، 25، 29، 30، 43، 51، 60، 69، 92، 93، 100، 126، 128، 132، 185، 190، 200، 206، 207، 226، 237
تاج العروس، للزبيدى (الخيرية 1306) 43، 233
تاريخ بغداد، للخطيب البغدادى (السعادة 1349) 8، 19، 35، 36، 52، 54، 55، 94، 95، 110، 116، 133، 141، 172، 177، 208، 212، 214، 226، 248
تاريخ بغداد، لابن طيفور (عزت العطار الحسينى 1367) 110
تاريخ الطبرى (الحسينية 1326) 86، 87، 88، 190
تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة (كردستان 1326) 65
تحقيق النصوص ونشرها، لعبد السلام محمد هارون (التأليف 1374)
تذكرة الحفاظ، للذهبى (حيدر أباد 1333) 1، 52، 183
الترغيب والترهيب، للمنذرى، تحقيق محمد محيى الدين (السعادة 1381) 68
التصريح، للشيخ خالد الأزهرى (الأزهرية 1344) 184
التصحيف والتحريف، للعسكرى (الظاهر 1326) 58، 229، 248، 249
تفسير أبى حيان (السعادة 1328) 20، 75، 84، 112، 173
تفسير ابن كثير (الاستقامة 1373) 104(2/313)
تقريب التهذيب، لابن حجر (الهند 1320) 112
التمثيل والمحاضرة، للثعالبى، تحقيق عبد الفتاح الحلو (عيسى الحلبى 1381) 93، 214
التنبيه والإشراف، للمسعودى (الصاوى 1357) 5، 8، 55
التنبيه على أمالى القالى، للبكرى (دار الكتب 1344) 16
تهذيب التهذيب، لابن حجر (حيدر أباد 1325) 1، 36، 68، 100، 104، 105، 112، 134، 135، 180، 183، 185، 186، 248
ثمار القلوب، للثعالبى (الظاهر 1326) 139
جمع الجواهر، للحصرى (الرحمانية 1353) 93، 95، 172
جمهرة أنساب العرب، لابن حزم، تحقيق عبد السلام هارون (دار المعارف 1382) 19، 41، 48، 55، 66، 69، 88، 89، 100، 106، 119، 130، 163، 165، 174، 176، 183، 213، 222، 230، 234
الحاسد والمحسود، للجاحظ (الساسى 1324) 139
حاشية الصبان على الأشمونى (عيسى الحلبى 1366) 62، 162، 184
حماسة البحترى (الرحمانية 1929م) 202
حماسة ابن الشجرى (حيدر أباد 1345) 8، 135، 136، 144، 201
الحور العين، لنشوان الحميرى (السعادة 1948م) 166
حياة الحيوان، للدميرى (صبيح) 17
الحيوان، للجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون (الحلبى 1366) 17، 26، 29، 30، 42، 45، 67، 88، 92، 93، 100، 130، 140، 178، 212، 241، 247
خاص الخاص، للثعالبى (السعادة 1326) 172
خزانة الأدب، للبغدادى (بولاق 1299) 5، 20، 26، 42، 44، 50، 51، 63، 76، 80، 81، 83، 84، 87، 88، 89، 94، 100، 106، 118، 119، 121، 131، 142، 146، 163، 166، 185، 188، 189، 191، 192، 201، 207، 209، 224، 225، 233، 237، 250
الخصائص، لابن جنى، تحقيق الشيخ محمد على النجار (دار الكتب 1376) 87
الخيل، لابن الأعرابى (ليدن 1928م) 67
الخيل، لأبى عبيدة (حيدر أباد 1358) 66، 67
دائرة المعارف الإسلامية (الترجمة العربية) 94
الديارات، للشابستى، تحقيق كوركيس عواد (بغداد 1951م) 41، 161
ديوان الأخطل (بيروت 1891م) 189(2/314)
ديوان الأعشى، تحقيق جاير (فينا 1927م) 78، 135
ديوان امرئ القيس، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف 1958م) 224، 225
ديوان أوس بن حجر (فينا 1892م) 175
ديوان البحترى (هندية 1329) 35، 179
ديوان بشار (لجنة التأليف 1369) 214
ديوان بشر بن أبى خازم، تحقيق الدكتور عزة حسن (دمشق 1379) 123
ديوان أبى تمام، نشر محيى الدين الخياط (بيروت 1323) 57، 195
ديوان جرير (الصاوى 1353) 194
ديوان حاتم الطائى، من مجموع خمسة دواوين (الوهبية 1293) 108
ديوان الحطيئة (التقدم 1323) 9
ديوان الخنساء (بيروت 1895م) 142
ديوان ابن الدمينة، تحقيق أحمد راتب النفاخ (دار العروبة 1379) 125، 154 159، 167، 168
ديوان ذى الرمة (كمبردج 1919م) 90، 123، 124، 156، 160، 173
ديوان رؤبة (ليبسك 1902م) 31
ديوان ابن الرومى (الهلال 1335) 170
ديوان زهير بن أبى سلمى (دار الكتب 1363) 160
ديوان سحيم عبد بنى الحسحاس، تحقيق الميمنى (دار الكتب 1369) 76، 131
ديوان الشماخ (السعادة 1327) 205
ديوان الطرماح (ليدن 1927م) 83
ديوان طفيل الغنوى (لندن 1927م) 16
ديوان العباس بن الأحنف (الجوائب 1298ودار الكتب 1373) 58، 101
ديوان أبى العتاهية (بيروت 1914) 54، 55، 92، 93، 101، 177، 180
ديوان العجاج (ليبسك 1902م) 121، 132، 223، 237
ديوان العرجى، تحقيق خضر الطائى ورشيد العبيدى (بغداد 1375) 230، 231
ديوان عروة بن حزام (مخطوطة الشنقيطى 70ش أدب بدار الكتب المصرية) 133
ديوان عروة بن الورد (الوهبية 1293) 204
ديوان عمر بن أبى ربيعة، تحقيق محمد محيى الدين (السعادة 1371) 85، 118، 163، 230
ديوان عنترة (الرحمانية بدون تاريخ) 229
ديوان الفرزدق (الصاوى 1354) 47(2/315)
ديوان القطامى (برلين 1902م) 59
ديوان لبيد (فينا 1880، 1881) 63، 126
ديوان المعانى، للعسكرى (القدسى 1352) 45، 91، 170، 171، 194، 195
ديوان ابن المعتز (المحروسة 1891م) 124، 171
ديوان أبى نواس (العمومية 1898م) 39، 99، 140، 151146، 169، 194
ديوان الهذليبن (دار الكتب 1369) 27
ذم الهوى، لابن الجوزى، تحقيق مصطفى عبد الواحد (السعادة 1381) 33، 44، 103، 161، 162
زهر الآداب، للحصرى، تحقيق على البجاوى (الحلبى 1953م) 25، 169، 170، 177، 192، 195
الزهرة، للأصفهانى، نشر لويس نيكل (بيروت 1351) 125
سرقات أبى نواس، لمهلهل بن يموت، تحقيق الدكتور هدارة (دار الفكر العربى 1958م) 170
سنن النسائى (التجارية) 104
سيرة ابن سيد الناس (القدسى 1356) 152، 174
سيرة ابن هشام (جوتنجن 1859م) 20، 152، 174
شرح الحماسة للمرزوقى، تحقيق عبد السلام هارون (لجنة التأليف 1372) 10، 74، 89، 100، 142، 175، 192، 195، 204، 208، 228
شرح الحماسة للتبريزى (حجازى 1358) 94، 142، 196، 204
شرح شواهد الألفية للعينى (بهامش خزانة الأدب) 44، 118، 131، 166، 188، 189، 237
شرح شواهد سيبويه، للشنتمرى (بهامش كتاب سيبويه) 233
شرح شواهد الشافية، للبغدادى (حجازى 1356) 34، 83، 86، 88
شرح شواهد المغنى، للسيوطى (البهية 1322) 76، 81، 130، 236، 237
شرح القصائد السبع الطوال، لابن الأنبارى، تحقيق عبد السلام هارون (دار المعارف 1382) 146
شرح نهج البلاغة، لابن أبى الحديد (الحلبى 1329) 69، 131، 174، 175، 241
شروح سقط الزند، تحقيق لجنة أبى العلاء (دار الكتب 1368) 65، 166، 175
الشعر والشعراء، لابن قتيبة، تحقيق أحمد شاكر (الحلبى 1370) 31، 44، 45،
63، 74، 76، 88، 89، 91، 100، 106، 111، 119، 135، 138، 191، 201، 207، 209(2/316)
الشعر والشعراء، لابن قتيبة، تحقيق أحمد شاكر (الحلبى 1370) 31، 44، 45،
63، 74، 76، 88، 89، 91، 100، 106، 111، 119، 135، 138، 191، 201، 207، 209
صبح الأعشى، للقلقشندى (دار الكتب 1240) 131
صحيح مسلم، نشر فؤاد عبد الباقى (الحلبى 1375) 68
صفة الصفة، لابن الجوزى (حيدر أباد 1356) 1، 13
الصناعتين، لأبى هلال العسكرى، تحقيق على البجاوى ومحمد أبو الفضل إبراهيم (الحلبى 1371) 31، 58، 93، 101، 177، 214
طبقات الأطباء، لابن أبى أصيبعة (الوهبية 1299) 140
طبقات النحويين للزبيدى، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (السعادة 1373) 1، 5، 65، 187، 191، 241
طبقات الشعراء لابن سلام، تحقيق محمود شاكر (دار المعارف 1952م) 44، 74، 75، 86، 87
طبقات الشعراء لابن المعتز، تحقيق عبد الستار فراج (دار المعارف 1375) 98، 120، 172
طوق الحمامة، لابن حزم (حجازى 1369) 35
طيف الخيال، للمرتضى، تحقيق حسن الصبرفى (عيسى الحلبى 138) 79
العثمانية، للجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون (دار الكتاب العربى 1374) 134
العقد الفريد، لابن عبد ربه (لجنة التأليف 1370) 7، 12، 17، 69، 86، 92، 93، 124، 138، 152، 161، 162، 182، 213، 214، 237
العين، للخليل (القطعة المطبوعة بعناية الأب أنستاس مارى فى بغداد 1914م) 105
عيون الأخبار، لابن قتيبة (دار الكتب 1343) 4، 26، 28، 86، 94، 118، 179، 182، 186، 206، 207، 214، 233
الفاخر، للمفضل بن سلمة، تحقيق عبد العليم الطحاوى (عيسى الحلبى 1380) 165، 200
الفاضل والمفضول، للمبرد، تحقيق الميمنى (دار الكتب 1375) 9، 17، 51، 190
فتح البارى، لابن حجر (بولاق 1201) 68
الالفرق بين الفرق، للبغدادى (المعارف 1328) 88
فهرست، لابن النديم (الرحمانية) 140، 161، 233
فوات الوفيات، لابن شاكر (بولاق 1283) 120، 172، 192، 195
الكامل، للمبرد (ليبسك 1864م) 9، 25، 47، 51، 77، 78، 90، 92، 93، 107، 118، 121، 138، 166، 175، 213، 214، 237
الكتاب، لسيبويه (بولاق 1316) 130، 131، 132، 188، 232 235(2/317)
كشف الظنون، لكاتب جلبى (تركيا 1310) 249
اللآلىء، لأبى عبيد البكرى، تحقيق الميمنى (لجنة التأليف 1354) 9، 44، 76، 88، 94، 119، 132، 163، 195، 207، 209
لسان الميزان، لابن حجر (حيدر آباد 1330) 19، 60، 86، 140، 208، 226
اللؤلؤ والمرجان، فيما اتفق عليه الشيخان، لمحمد فؤاد عبد الباقى (الحلبى 1368) 135
ليس فى كلام العرب، لابن خالويه، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار (دار مصر 1376) 82، 121، 129
مجالس ثعلب، تحقيق عبد السلام هارون (المعارف 1369) 4، 81، 187، 188، 193، 197، 221، 249، 250
مجالس العلماء، للزجاجى، تحقيق عبد السلام هارون (الكويت 1962م) 50، 58، 59، 60، 62، 117، 121، 144، 226، 227، 235، 239 243، 245
المجتنى، لابن دريد (حيدر أباد 1342) 11، 13، 16، 18، 20، 21، 23، 24، 26، 28، 29، 31
مجمع الأمثال للميدانى (البهية 1342) 61، 113، 165، 166، 168، 184، 200
مجموعة المعانى، لمجهول (الجوائب 1301) 120
محاضرات الراغب الأصفهانى (الشرفية 1326) 21، 178
المختار من شعر بشار، للخالديين (الاعتماد 1353) 213، 214
المخصص، لابن سيده (بولاق 1318) 46، 69، 175، 178، 193
المردفات من قريش، للمدائنى (نوادر المخطوطات) 168
مروج الذهب للمسعودى (السعادة 1367) 42، 69، 93، 166»
مزامير داود (العهد القديم) 247
المزهر، للسيوطى (الحلبى 1361) 206
المستطرف للأبشيهى (المعاهد 1354) 93.
المصون، لأبى أحمد العسكرى، تحقيق عبد السلام هارون (الكويت 1960م) 246، 248.
المعارف، لابن قتيبة (الإسلامية 1353) 8، 13، 207
معانى الشعر، للأشنانذانى (دمشق 1340) 233
المعانى الكبير، لابن قتيبة (حيدر أباد 1368) 4، 17، 67
معاهد التنصيص، للعباسى (البهية 1316) 56، 57، 58، 119
معجم الأدباء، لياقوت (دار المأمون 1323) 1، 28، 44، 45، 46، 50،
54، 55، 94، 110، 141، 177، 178، 187، 195، 197، 239، 248.(2/318)
معجم الأدباء، لياقوت (دار المأمون 1323) 1، 28، 44، 45، 46، 50،
54، 55، 94، 110، 141، 177، 178، 187، 195، 197، 239، 248.
معجم بقية الأشياء، للعسكرى (دار الكتب 1353) 19
معجم البلدان، لياقوت (السعادة 1323) 4، 30، 32، 47، 49، 79، 75، 90، 119، 131، 155، 161، 162، 173، 183، 184، 228
معجم الشعراء للمرزبانى (القدسى 1354) 35، 120، 138، 142، 172، 177.
المعجم الفارسى الإنجليزى لاستينجاس (لندن 1930م) 94
معجم ما استعجم، للبكرى، تحقيق مصطفى السقا (لجنة التأليف 1371) 32، 47، 49، 79، 80، 84، 85، 211
المعجم الوسيط، للمجمع اللغوى (مصر 1381) 167
المعرب، للجواليقى، تحقيق أحمد شاكر (دار الكتب 1361) 241
المعمرين، للسجستانى (السعادة 1323) 146
مغنى اللبيب، لابن هشام (التقدم 1348) 44
المفضليات، تحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون (دار المعارف 1371) 51، 80، 91، 208، 229
مقاتل الطالبيين، لأبى الفرج، تحقيق السيد صقر (الحلبى 1368) 168
مقابيس اللغة، لابن فارس، تحقيق عبد السلام هارون (عيسى الحلبى 1366) 20، 78، 152، 187
المقصور والممدود، لابن ولاد (السعادة 1326) 130
الملل والنحل، للشهرستانى (الأدبية 1317)
المؤتلف والمختلف للآمدى (القدسى 1354) 86، 195، 207، 209
الموشح، للمرزبانى (السلفية 1343) 31، 213
النجوم الزاهرة، لابن تغرى بردى (دار الكتب 1348) 165
نزهة الألباء، لابن الأنبارى (القاهرة 1294) 141، 187، 197، 233، 238، 279
نسب قريش، للمصعب الزبيرى، تحقيق بروفنسال (دار المعارف 1933م) 14، 34، 183
نكت الهميان، للصفدى (القاهرة 1910) 113، 183، 248
نهاية الأرب، للنويرى (دار الكتب 1342) 69، 144، 214
نوادر أبى زيد (بيروت 1894م) 12، 13، 87، 88، 187، 236
نوادر المخطوطات، تحقيق عبد السلام هارون (لجنة التأليف 1374) 77، 168
الوساطة بين المتنبى وخصومه، للجرجانى (صيدا 1331) 58
وفيات الأعيان، لابن خلكان (الميمنية 1310) 1، 17، 18، 39، 55، 88، 103، 104، 116، 161، 172، 177(2/319)
استدراكات
ص 90، 160وقع في كل منهما خطأ في أرقام الكلمات التي تتبعها الحواشي فلتصحح.
ص 81س 8 «طلبة» كذا ورد ضبطه في الأصل، لكن جاء في سرد الأعلام في القاموس «طلبة» بالتحريك.
ص 123س 8 «يصف ماء»، الكلام متصل بما بعده، وليس منقطعا عنه.
ص 148س 8 «سدوم» هو مضرب المثل في الجور في القضاء، وذكر ياقوت في معجم البلدان أن سدوم اسم لمدينة من مدائن قوم لوط، وأن قاضيها كان يسمى «سدوم» أيضا. وفي اللسان 15: 177: «نقل أهل الأخبار قالوا: كان سدوم ملكا فسميت المدينة باسمه، وكان من أجور الملوك».
ص 190س 1 «أعرابي محرم»، صواب ضبطها «محرّم» وفي اللسان (حرم 19): «يقال هو بعير محرّم أي صعب. وأعرابي محرّم، أي فصيح لم يخالط الحضر».
محتويات الكتاب
فهرس الموضوعات 5من المقدمة
تقديم 9من المقدمة
نصوص الكتاب 2153
ملحقات أمالي الزجاجي 250219
فهرس القرآن الكريم 251
فهرس الحديث 253
فهرس الأمثال 254
فهرس الأشعار 255
فهرس الأرجاز 261
فهرس اللغة 262
فهرس مسائل العربية 286
فهرس الأعلام 288
فهرس البلدان والمواضع ونحوهما 310
فهرس مراجع الشرح والتحقيق 312
استدراكات 320(2/320)