أَشْيَاء كَثِيرَة غير محصورة فَلَا يحصل الْجَزْم بِأَن كل مُوجبَات التَّخْصِيص مُنْتَفٍ إِلَّا نفي الحكم عَمَّا عداهُ، على أَنه كثيرا مَا يكون فِي كَلَام الله وَكَلَام النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لكلمة وَاحِدَة ألف فَائِدَة يعجز عَن دركها أفهام الْعُقَلَاء)
وَذكر بَعضهم أَن مَفْهُوم الْمُخَالفَة كمفهوم الْمُوَافقَة مُعْتَبر فِي الرِّوَايَات بِلَا خلاف وَفِي " الزَّاهدِيّ ": أَنه غير مُعْتَبر
وَقَالَ ابْن الْكَمَال: الْعَمَل بِمَفْهُوم الْمُخَالفَة مُعْتَبر فِي اعتبارات الْكتب باتقان منا وَمن الشَّافِعِيَّة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه
(وَلَوْلَا اعْتِبَار الْمَفْهُوم لما صَحَّ التصدير بأداة التَّفْرِيع فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ}
وَالْحق أَن دلَالَة ذكر الشَّيْء على نفي مَا عداهُ فِي الْعُقُوبَات لَيْسَ بِأَمْر مطرد بل لَهُ مقَام يَقْتَضِيهِ يشكل بَيَانه وَضَبطه لكنه يعرفهُ أَصْحَاب الأذهان السليمة
ثمَّ الْمَفْهُوم عِنْد الْقَائِلين بحجيته سَاقِط فِي مُعَارضَة الْمَنْطُوق لَا أَنه مَنْسُوخ، نَص عَلَيْهِ كثير من الثِّقَات وَمِنْهُم الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ حَيْثُ قَالَ فِي " التَّلْوِيح ": لَا نزاع لَهُم فِي أَن الْمَفْهُوم ظَنِّي يُعَارضهُ الْقيَاس
الْمِضْمَار: الْغَايَة الَّتِي يَنْتَهِي الْخَيل إِلَيْهَا فِي السباق وَكَانَت الْعَرَب فِي الْقَدِيم ترسل خيولها أراسيل عشرَة عشرَة، فَالَّذِي يَأْتِي الْغَايَة أَولا يسمونه المجلي لِأَنَّهُ جلى عَن وَجه صَاحبه الكرب
وَالثَّانِي: الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ يضع خرطومه على عجز المجلي بَين العظمين الناتئين فِي جَانِبي الكفل، وهما الصلوان قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَا بُد لي من أَن أكون مُصَليا ... إِذا كنت أرْضى أَن يكون لَك السَّبق)
وَالثَّالِث: الْمسلي لِأَنَّهُ سلى عَن قلب صَاحبه الْحزن حِين لم يكن بَينه وَبَين المجلي غير وَاحِد
وَالرَّابِع: التَّالِي
وَالْخَامِس: المرتاح تَشْبِيها بالراحة
وَالسَّادِس: العاطف
وَالسَّابِع: الحظي لِأَن لَهُ حظا مَعَهم فِي السباق
وَالثَّامِن: المؤمل لِأَن صَاحبه يؤمل أَن يعد من السَّابِقين
وَالتَّاسِع: اللطيم لِأَنَّهُ يلطم وَيرد
والعاشر: السّكيت لِأَن صَاحبه يعلوه خشوع فَلَا يقدر على الْكَلَام من الْحزن
الْميل، بِالْفَتْح والسكون: مَا كَانَ فعلا، يُقَال: مَال عَن الْحق ميلًا
والميل، بِفتْحَتَيْنِ: مَا كَانَ خلقَة؛ يُقَال: فِي الشّجر ميل
والميل: إِمَّا أَن يكون بِسَبَب ممتاز عَن مَحل الْميل فِي الْوَضع وَالْإِشَارَة فَهُوَ الْميل الْقَسرِي كميل الْحجر المرمي إِلَى فَوق، أَو لَا يكون بِسَبَب ممتاز، فإمَّا مقرون بالشعور وصادر عَن الْإِرَادَة فَهُوَ الْميل النفساني كميل الْإِنْسَان فِي حركته الإرادية أَولا فَهُوَ الْميل الْحَقِيقِيّ كميل الْحجر بطبعه إِلَى التسفل
والميل، بِالْكَسْرِ: فِي الأَصْل مِقْدَار مدى الْبَصَر من الأَرْض، ثمَّ سمي بِهِ علم مَبْنِيّ فِي الطَّرِيق، ثمَّ كل ثلث فَرسَخ، حَيْثُ قدر حَده النَّبِي عَلَيْهِ(1/862)
الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي طَرِيق الْبَادِيَة وَبني على ثلث ميلًا، وَلِهَذَا قيل الْميل الْهَاشِمِي وَاخْتلف فِي مِقْدَاره على اخْتِلَاف فِي مِقْدَار الفرسخ هَل هُوَ تِسْعَة آلَاف ذِرَاع بِذِرَاع القدماء أَو اثْنَا عشر ألف ذِرَاع بِذِرَاع الْمُحدثين، فَقيل: ثَلَاثَة آلَاف ذِرَاع إِلَى أَرْبَعَة آلَاف وَقيل: أَلفَانِ وثلثمائة وَثَلَاث وَسِتُّونَ خطْوَة وَقيل: ثَلَاثَة آلَاف خطْوَة
الْمُرُور: مر عَلَيْهِ وَبِه يمر مرا: اجتاز، وَمر يمر مرا ومرورا: ذهب
قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي (مَرَرْت بزيد) : إِنَّه لصوق بمَكَان يقرب مِنْهُ، وعَلى هَذَا: {أَو أجد على النَّار هدى} أَي: أَهلهَا مستعلون الْمَكَان الْقَرِيب مِنْهَا
وَمرَّة فِي قَوْلك (خرجت ذَات مرّة) : ظرف زمَان إِن أردْت بهَا فعلة وَاحِدَة من مُرُور الزَّمَان، وَإِن أردْت بهَا فعلة وَاحِدَة من الْمصدر مثل قَوْله: (لَقيته مرّة) أَي لقية، فَهِيَ مصدر عبرت عَنهُ بالمرة لِأَنَّك لما قطعت اللِّقَاء وَلم تصله بالدوام صَار بِمَنْزِلَة شَيْء مَرَرْت بِهِ وَلم تقم عِنْده
وَإِذا جعلت الْمرة ظرفا فاللفظ حَقِيقَة لِأَنَّهَا من مُرُور الزَّمَان وَإِن جَعلتهَا مصدرا فاللفظ مجَاز إِلَّا أَن تَقول: (مَرَرْت مرّة) فَيكون حِينَئِذٍ حَقِيقَة أَيْضا
وَفِي قَوْلهم: (مرّة بعد مرّة) نصب على الْمصدر كَمَا قَالَ الإِمَام المرزوقي وَفِي أَلْسِنَة الْقَوْم إِنَّه نصب على الظّرْف أَي: سَاعَة مُسَمَّاة بِهَذَا الِاسْم
وَالْوَجْه الأول هُوَ الملائم فِي جَمِيع موارد هَذِه الْكَلِمَة وَقد يُكَرر بِلَا فصل شَيْء وَيُقَال: (مرّة مرّة) ، قيل: الثَّانِي تَأْكِيد للْأولِ، وَمن هَذَا الْقَبِيل (بوبته بَابا بَابا) (وفهمت الْكتاب حرفا حرفا) وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن هَذَا التكرير قد يكون بطرِيق الْعَطف بِالْفَاءِ أَو بثم
الْمَاهِيّة: مُشْتَقَّة من (مَا هُوَ) وَهِي مَا بِهِ يُجَاب عَن السُّؤَال ب (مَا هُوَ) تطلق غَالِبا على الْأَمر المنفعل من الْإِنْسَان وَهِي أَعم من الْحَقِيقَة لِأَن الْحَقِيقَة لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الموجودات يُقَال: إِن للموجودات حقائق ومفهومات
والماهية تسْتَعْمل فِي الموجودات والمعدومات
يُقَال للمعدومات مفهومات لَا حقائق [وَتطلق الْمَاهِيّة والحقيقة على الصُّورَة المعقولة وَكَذَا على الْوُجُود الْعَيْنِيّ]
وَاعْلَم أَن تَعْرِيفهَا الْمَشْهُور وَهِي مائية الشَّيْء غير مرضِي، إِذْ لَا يَصح أَن يُقَال: إِن الشَّيْء الَّذِي بِسَبَبِهِ يكون الْإِنْسَان إنْسَانا هُوَ مَاهِيَّة الانسان، فماهية الْإِنْسَان شَيْء هُوَ سَبَب الْإِنْسَان، أَو شَيْء سَبَب كَون الْإِنْسَان إنْسَانا، وكل ذَلِك حَشْو وَأَيْضًا الشَّيْء الَّذِي يكون زيد بِهِ زيدا هُوَ الْإِنْسَان مَعَ تشخص، فَإِن كَانَ هَذَا مَاهِيَّة زيد لَا يَصح قَوْلهم: إِن النَّوْع تَمام مَاهِيَّة أشخاصه وَالْحق أَن مَاهِيَّة الشَّيْء تَمام مَا يحمل على الشَّيْء حمل مواطأة من غير أَن يكون تَابعا لمحمول آخر فَإِن الْإِنْسَان يحمل عَلَيْهِ الْمَوْجُود وَالْكَاتِب والضاحك وعريض الظفر ومنتصب الْقَامَة والجسم النامي والحساس والمتحرك بالإرادة والناطق نطقا عقليا إِلَى غير ذَلِك، فَيجمع جَمِيع مَا يحمل عَلَيْهِ ثمَّ ينظر فِي(1/863)
الْأُمُور اللَّازِمَة إِذْ الْمُفَارقَة لَيست من الْمَاهِيّة، فَكل مَا يحمل عَلَيْهِ بتبعية شَيْء آخر كالضاحك فَإِنَّهُ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه متعجب ثمَّ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه ذُو نطق عَقْلِي، فبالضرورة يَنْتَهِي إِلَى أَمر لَا يكون حمله عَلَيْهِ بتبعية أَمر آخر، لِئَلَّا تتساوى المحمولات، فَذَلِك الْأَمر الْمَحْمُول بِلَا وَاسِطَة هُوَ الْمَاهِيّة
[وَمَا يُقَال أَن لماهية الْإِنْسَان جِنْسا هُوَ الْحَيَوَان، وفصلا هُوَ النَّاطِق فَمن مسامحاتهم فَإِن الْحَيَوَان هُوَ الْبدن والناطق هُوَ النَّفس وهما متغايران فِي الْخَارِج ذاتا ووجودا فَلَا يَصح حمل أَحدهمَا على الْأُخَر وَلَا على الْمَجْمُوع الْمركب مِنْهُمَا فكأنهم نظرُوا تَارَة إِلَى المحسوس من الْإِنْسَان وَهُوَ الْبدن وَتارَة إِلَى منشأ الكمالات الَّتِي بهَا امتاز عَن سَائِر الْحَيَوَانَات وَهُوَ النَّفس فَادعوا أَنه النَّاطِق]
والماهية المشخصة والموجودة متساويان فَإِن كل مَوْجُود فِي الْخَارِج مشخص فِيهِ وكل مشخص فِي الْخَارِج مَوْجُود فِيهِ
والماهية والذات والحقيقة من المعقولات الثَّانِيَة، فَإِنَّهَا عوارض تلْحق المعقولات الأولى من حَيْثُ هِيَ فِي الْعقل وَلم يُوجد فِي الْأَعْيَان مَا يطابقها
والماهية من حَيْثُ هِيَ لَيست وَاحِدَة وَلَا كَثِيرَة وَلَا شَيْئا من المتقابلات الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، وَإِلَّا لما اجْتمعت مَعَ الْمُقَابل الآخر، بل هِيَ صَالِحَة لكل وَاحِد من المتقابلين غير منفكة عَنْهُمَا وَذهب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين إِلَى امْتنَاع إِطْلَاق الْمَاهِيّة على الْوَاجِب سُبْحَانَهُ لإشعاره بالجنسية، يُقَال: مَا هُوَ؟ أَي: من أَي جنس وَمَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَن الله تَعَالَى مَاهِيَّة لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ فَلَيْسَ بِصَحِيح وَلم يُوجد فِي كتبه وَلم ينْقل عَن أَصْحَابه العارفين بمذهبه
[وَالْمرَاد بِالْجِنْسِ هُنَا الْجِنْس المنطقي الْخَاص الَّذِي هُوَ مُقَابل للنوع لَا اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ يعم الْأَنْوَاع وَلَا ينْحَصر فِي جُزْء الْمَاهِيّة، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الْمَاهِيّة فَلَا يلْزم التَّرْكِيب حِينَئِذٍ، إِذْ الْجِنْس بِهَذَا الْمَعْنى لَا يسْتَلْزم الْفَصْل الْمُقدم
والمتكلمون على أَنه تَعَالَى حَقِيقَة نوعية بسيطة
وَاعْلَم أَن عدم مُشَاركَة الْبَارِي شَيْئا من الْأَشْيَاء لَا يدل على انْتِفَاء الْجِنْس والفصل المستلزم لانْتِفَاء الْحَد عكس البسائط الخارجية المركبة مِنْهُمَا الْبَتَّةَ بِنَاء على عدم جَوَاز تركب الْمَاهِيّة من أَمريْن متساويين، وتفريع عدم انْفِصَاله عَن غَيره بِمَعْنى فَصلي على عدم الْمُشَاركَة أَيْضا مَبْنِيّ على ذَلِك لجَوَاز أَن يكون لَهُ منحصر فِي نَوعه المنحصر فِي ذَاته تَعَالَى وبرهان التَّوْحِيد لَا يدل على انتفائه، وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم انتفائهما لَا يلْزم أَن لَا ينْفَصل بِعرْض لجَوَاز أَن ينْفَصل بِعرْض يُفِيد امتيازه عَن جَمِيع مَا عداهُ مَعَ امتيازه بِذَاتِهِ وذاته تَعَالَى كَذَلِك عِنْد التَّحْقِيق
الْمِائَة: هِيَ عدد اسْم يُوصف بِهِ نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل مائَة إبِله) ، وَالْوَجْه الرّفْع وَيجمع على مئات ومئين
وَالْمِائَة فِي ثلثمِائة فِي معنى المئات، لِأَن حق مُمَيّز الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة أَن يكون جمعا، وثلثمئات شَاذ لِأَن الْعَرَب كَرهُوا أَن يَجِيء التَّمْيِيز الَّذِي هُوَ اسْم(1/864)
الْمَعْدُود الَّذِي هُوَ مُمَيّز الْعدَد مثل: رجل وَدِرْهَم بعد الْعدَد الْمَجْمُوع جمع الْمُؤَنَّث اللَّازِم على تَقْدِير جمع الْمِائَة بِالْألف وَالتَّاء وَأَن يُقَال: ثلثمئات رجل بعد كَون الْعَادة أَن يَجِيء بعد الْعدَد الَّذِي هُوَ فِي صُورَة الْجمع الْمُذكر، وَمثل عشْرين رجلا إِلَى تسعين، وَإِنَّمَا لم نجمعها لِأَن اسْتِعْمَال جمع مائَة مَعَ مميزها مرفوض فِي الْأَعْدَاد، وَلما كَانَ ثلثماثة جمعا فِي الْمَعْنى حسن إِضَافَته إِلَى الْجمع فِي {ثلثمِائة سِنِين} كَمَا فِي {بالأخسرين أعمالا} فَإِنَّهُ مُمَيّز بِالْجمعِ وَحقه الْمُفْرد نظرا إِلَى الْمُمَيز وَالنِّسْبَة مئوي
الْمَادَّة: هِيَ على رَأْي متأخري المنطقيين عبارَة عَن كَيْفيَّة كَانَت لنسبة الْمَحْمُول إِلَى الْمَوْضُوع إِيجَابا كَانَ أَو سلبا وعَلى رَأْي متقدميهم: عبارَة عَن كَيْفيَّة النِّسْبَة الإيجابية فِي نفس الْأَمر بِالْوُجُوب والإمكان والامتناع وَلها أَسمَاء باعتبارات
فَمن جِهَة توارد الصُّور الْمُخْتَلفَة عَلَيْهَا مَادَّة وطينة
وَمن جِهَة استعدادها للصور قَابل وهيولى
وَمن جِهَة أَن التَّرْكِيب يبتدأ مِنْهَا عنصر
وَمن جِهَة أَن التَّحْلِيل يَنْتَهِي إِلَيْهَا اسطقس
[والمادة وَالصُّورَة مخصوصتان بالأجسام وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين بطريانهما فِي الْأَعْرَاض أَيْضا]
المولد، كالمظفر: هُوَ من ولد عِنْد الْعَرَب وَنَشَأ مَعَ أَوْلَادهم وتأدب بآدابهم، وَهُوَ من الْكَلَام الْمُحدث
يُقَال: هَذِه عَرَبِيَّة مولدة وَمن أمثلته النحرير قَالَ الْأَصْمَعِي: لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، بل هِيَ كلمة مولدة
وَأجْمع أهل اللُّغَة على أَن (التشويش) لَا أصل لَهُ فِي الْعَرَبيَّة وَأَنه مولد وَكَذَا (القحبة) وَمَعْنَاهُ: الْبَغي [وَلَيْسَ هَذَا بأفحش من الزَّانِيَة كَمَا ظن] وَكَذَا قَول الْأَطِبَّاء: (بحران) ، وَكَذَا (الْفطْرَة) وَكَلَام الْعَرَب صَدَقَة الْفطر، وَكَذَا (الجبرية) خلاف الْقَدَرِيَّة، وَكَذَا (يَوْم باحور) وَهُوَ شدَّة الْحر فِي تموز وَكَذَا (برهن) والفصيح (أبره)
وَفِي " الصِّحَاح ": كنه الشَّيْء: نهايته، وَلَا يشتق مِنْهُ فعل وَقَوْلهمْ: (لَا يكتنه الْوَصْف) بِمَعْنى لَا يبلغ كنهه كَلَام مولد وَكَذَا كَافَّة الْخلق
وَلَا يستشهد على الْعُلُوم الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ علم اللُّغَة والتصريف والعربية إِلَّا بِكَلَام الْعَرَب نظما ونثرا، لِأَن الْمُعْتَبر فِيهَا ضبط ألفاظهم
وَأما علم الْمعَانِي وَالْبَيَان والبديع فقد يستشهد عَلَيْهَا بِكَلَام الْعَرَب وَغَيرهم لِأَنَّهَا رَاجِعَة إِلَى الْمعَانِي، وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْعَرَب وَغَيرهم إِذا كَانَ الرُّجُوع إِلَى الْعقل
الْمُخْتَار: هُوَ لفظ مُتَرَدّد بَين الْفَاعِل وَالْمَفْعُول إِذْ أَصله بِكَسْر الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَبِفَتْحِهَا تحركت الْيَاء فِي كل مِنْهُمَا بعد فَتْحة وقلبت ألفا، وَيَقَع التَّمْيِيز لَهما بِحرف الْجَرّ، تَقول فِي الْفَاعِل: مُخْتَار لكذا، وَفِي الْمَفْعُول: مُخْتَار من كَذَا وَقد خطأ أَبُو عَمْرو الْأَصْمَعِي فِي تصغيره على مخيتير فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مخيتر، أومخير، بِحَذْف التَّاء لِأَنَّهَا زَائِدَة
وَالْمُخْتَار: هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك
[أطلق على الْبَارِي على المذهبين وَهَذَا مُوَافق لما(1/865)
ذكر فِي " شرح المواقف " فِي هَذَا الْمقَام، وَهُوَ إِن شَاءَ ترك، وَالْأولَى إِن لم يَشَأْ لم يفعل، كَمَا فِي " شرح المواقف " فِي الإلهيات حَيْثُ قَالَ: وَأما كَونه تَعَالَى قَادِرًا بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ قبيل ذكر الْفُرُوع على إِثْبَات الْقُدْرَة بعد تَفْسِير الْقَادِر بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل وَهَذَا أولى مِمَّا قيل: هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ أَن يفعل فعل، وَإِن شَاءَ أَن لَا يفعل لم يفعل، لِأَن استناد الْعَدَم إِلَى مَشِيئَة الْقَادِر يَقْتَضِي حُدُوثه، كَمَا فِي الْوُجُود فَيلْزم أَن لَا يكون الْقدَم أزليا، وَأما أَنه بِمَعْنى يَصح مِنْهُ الْفِعْل وَالتّرْك فَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمين فَقَط وَإِنَّمَا قدم السَّيِّد فِي بَيَان الْمُخْتَار صِحَة التّرْك على صِحَة الْفِعْل لِأَنَّهُ الْفَارِق بَين الْمُخْتَار والموجب لاشتراك صِحَة الْفِعْل بَينهمَا على تَقْدِير أَن يُرَاد بِالصِّحَّةِ الْإِمْكَان الْعَام وَإِرَادَة الْإِمْكَان الْخَاص بِهِ أظهر فِي الْفرق]
الْمُنَاسبَة: هِيَ على ضَرْبَيْنِ مُنَاسبَة فِي الْمعَانِي، ومناسبة فِي الْأَلْفَاظ فالمعنوية: هِيَ أَن يَبْتَدِئ الْمُتَكَلّم بِمَعْنى ثمَّ يتم كَلَامه بِمَا يُنَاسِبه معنى دون لَفظه، فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَو لم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم} إِلَى قَوْله: {أَفلا يسمعُونَ} {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} إِلَى قَوْله {أَفلا يبصرون} لِأَن موعظة الْآيَة الأولى سمعية، وموعظة الْآيَة الثَّانِيَة مرئية
والمناسبة اللفظية: هِيَ دون رُتْبَة المعنوية فَهِيَ الْإِتْيَان بِكَلِمَات
وَهِي على ضَرْبَيْنِ: تَامَّة وَغير تَامَّة، فالتامة أَن تكون الْكَلِمَات مَعَ الاتزان مقفاة
والناقصة موزونة غير مقفاة فَمن التَّامَّة قَوْله تَعَالَى: {مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون وَإِن لَك لأجرا غير ممنون} وَمن شَوَاهِد النَّاقِصَة قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة " لم يقل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (ملمة) وَهِي الْقيَاس لمَكَان الْمُنَاسبَة اللفظية
الْمَنْقُول: هُوَ مَا كَانَ مُشْتَركا بَين الْمعَانِي وَترك اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الأول، سمي بِهِ لنقله من الْمَعْنى الأول وَالْمَنْقُول حَقِيقَة فِي الأول مجَاز فِي الثَّانِي من حَيْثُ اللُّغَة، ومجاز فِي الأول حَقِيقَة فِي الثَّانِي من حَيْثُ النَّقْل، وهجران الْمَعْنى الأول لَا يشْتَرط فِي الْمَنْقُول، بل الْغَلَبَة فِي الثَّانِي كَافِيَة
والناقل إِمَّا الشَّرْع فَيكون مَنْقُولًا شَرْعِيًّا أَو غَيره، وَهُوَ إِمَّا الْعرف الْعَام فالمنقول عرفي وَيُسمى حَقِيقَة عرفية، أَو الْعرف الْخَاص وَيُسمى مَنْقُولًا اصطلاحيا كاصطلاح النُّحَاة والنظار
والمرتجل مَا لَا معنى لَهُ أَولا
الْمُرَاجَعَة: هِيَ أَن يُمكن الْمُتَكَلّم مُرَاجعَة فِي القَوْل جرت بَينه وَبَين محاور لَهُ بأوجز عبارَة وَأَعْدل سبك وأعذب أَلْفَاظ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا قَالَ وَمن ذريتي قَالَ لَا ينَال(1/866)
{عهدي الظَّالِمين} جمع الْخَبَر والطلب وَالْإِثْبَات وَالنَّفْي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد
الْمُطَالبَة: هِيَ تسْتَعْمل فِي الْعين يُقَال (طَالب زيد عمرا بِالدَّرَاهِمِ)
والمراودة: لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْعَمَل يُقَال: (راوده عَن المساعدة) وَلِهَذَا نتعدى المراودة إِلَى مفعول ثَان بِنَفسِهِ، والمطالبة بِالْبَاء، وَذَلِكَ لِأَن الشّغل مَنُوط بِاخْتِيَار الْفَاعِل
وَالْعين قد تُوجد من غير اخْتِيَار مِنْهُ، وَلِهَذَا يفْتَرق الْحَال بَين قَوْلك: (أَخْبرنِي زيد عَن مَجِيء فلَان) وَبَين (أَخْبرنِي بمجيئه) فَإِن الْإِخْبَار فِي الأول رُبمَا يكون عَن كَيْفيَّة الْمَجِيء، وَفِي الثَّانِي لَا يكون إِلَّا عَن نفس الْمَجِيء
الْمِفْتَاح: آلَة الْفَتْح كالمفتح، وكمسكن: الخزانة والكنز والمخزن
والمفاتح جمع مفتح بِالْكَسْرِ وَالْقصر: وَهُوَ الْآلَة الَّتِي يفتح بهَا، أَو جمع (مفتح) بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ الْمَكَان لَا جمع (مِفْتَاح) إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك يَنْبَغِي أَن تقلب ألف الْمُفْرد يَاء فَيُقَال: مَفَاتِيح كدنانير ومصابيح ومحاريب وَهَذَا كَمَا أَتَوا بِالْيَاءِ فِي جمع مَا لَا مُدَّة فِي مفرده كَقَوْلِهِم: (دراهيم وصياريف)
المرافقة: الِاجْتِمَاع فِي الطَّعَام أَو شَيْء يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهِ بِأَن كَانَ مقامهما فِي مَكَان وَاحِد حَتَّى إِذا كَانَا فِي سفينة وَلَا يأكلان على خوان وَاحِد فَلَيْسَ بمرافقة، وَأما إِذا كَانَا فِي محمل كراؤهما وقطارهما وَاحِد فَهُوَ مرافقة، وَلَو اخْتلف الْكِرَاء فَلَا مرافقة وَإِن اتَّحد السّير
والرفيق: الْمرَافِق يجمع على رُفَقَاء، وَإِذا تفَرقُوا ذهب اسْم الرّفْقَة لَا اسْم الرفيق
والمرفق كالمرجع: فِي الْأَمر، وكالمنبر فِي الْيَد
ومرافق الدَّار أَعم من حُقُوقهَا، فَإِن الْمرَافِق تَابع الدَّار مِمَّا يرتفق بِهِ كالمتوضأ والمطبخ
الْموقف: هُوَ زمَان يُوقف فِيهِ لأجل المخاصمات، وَوزن (مفعل) فِي معتل الْفَاء بِالْوَاو يصلح للزمان وَالْمَكَان والمصدر
وَالْمَوْقُوف: هُوَ الَّذِي لَا يعرف فِي الْحَال مَعَ وجود ركن الْعلَّة لعَارض كَبيع الْفُضُولِيّ ونكاحه فَيتَوَقَّف فِي جَوَابه لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَن الْمَانِع يَزُول فَيَقَع الحكم، أَو لَا يَزُول فَيفْسخ
الْمُوجب: مُوجب اللَّفْظ يثبت بِاللَّفْظِ وَلَا يفْتَقر إِلَى النِّيَّة، ومحتمل اللَّفْظ يثبت مَعَ النِّيَّة الإقضاء فِيمَا فِيهِ تَخْفيف وَمَا لَا يحْتَملهُ اللَّفْظ لَا يثبت وَإِن نوي، وَيثبت الْمُوجب بِدُونِ قرينَة، والمحتمل يثبت بِقَرِينَة
والمقتضى: أَعم من الْمُوجب والمرجح، فَمُقْتَضى الْحَال يكون تَارَة راجحا على خِلَافه مَعَ جَوَاز خِلَافه، وَتارَة يكون وَاجِبا بِحَيْثُ لَا يجوز خِلَافه
والمقتضى فِي اصطلاحهم أَعم لما هُوَ باعث مُتَقَدم وَلما هُوَ غَايَة مُتَأَخِّرَة
وَالْكَلَام الْمُوجب، بِفَتْح الْجِيم: مَعْنَاهُ الْكَلَام الَّذِي اعْتبر فِيهِ الْإِيجَاب أَي الحكم بالثبوت(1/867)
وبكسرها: مَا لَا يكون فِيهِ نفي وَلَا نهي وَلَا اسْتِفْهَام سمي بِهِ لِأَن عُرْيَانَهُ عَن ذَلِك سَبَب وَمُوجب لنصبه أَو لاشْتِمَاله على الْإِيجَاب
[الْمَوْضُوع: هُوَ عبارَة عَن المبحوث بِالْعلمِ عَن أعراضه الذاتية
المنيف: المشرف العالي من أناف على كَذَا: أشرف عَلَيْهِ
المسكة: مِقْدَار مَا يتَمَسَّك بِهِ من عقل أَو علم أَو قُوَّة
المظنة: مَظَنَّة الشَّيْء: مألفه الَّذِي يظنّ كَونه فِيهِ]
الْمعرفَة: تقال للإدراك الْمَسْبُوق بِالْعدمِ، ولثاني الادراكين إِذا تخللهما عدم، ولإدراك الجزئي، ولإدراك الْبَسِيط
وَالْعلم يُقَال لحُصُول صُورَة الشَّيْء عِنْد الْعقل، وللاعتقاد الْجَازِم المطابق الثَّابِت، ولإدراك الْكُلِّي، ولإدراك الْمركب
والمعرفة قد تقال فِيمَا تدْرك آثاره، وَإِن لم تدْرك ذَاته
وَالْعلم لَا يُقَال إِلَّا فِيمَا أدْرك ذَاته
والمعرفة تقال فِيمَا لَا يعرف إِلَّا كَونه مَوْجُودا فَقَط
وَالْعلم أَصله أَن يُقَال فِيمَا يعرف وجوده وجنسه وكيفيته وعلته
والمعرفة تقال فِيمَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بتفكر وتدبر
وَالْعلم قد يُقَال فِي ذَلِك وَفِي غَيره
المزاوجة: هِيَ تَرْتِيب معنى على معيين فِي الشَّرْط وَالْجَزَاء أَو مَا جرى مجراهما، وَمِنْه فِي الْقُرْآن: {آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا فَأتبعهُ الشَّيْطَان فَكَانَ من الغاوين}
الْمَذْهَب: المعتقد الَّذِي يذهب إِلَيْهِ، والطريقة وَالْأَصْل والمتوضأ
وَالْمذهب الكلامي: هُوَ ذكر الْحجَّة على صُورَة الْقيَاس نَحْو: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} ، {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} وَالْفرق بَينه وَبَين حسن التَّعْلِيل اشْتِرَاط الْبُرْهَان فِي الأول دون الثَّانِي
(ومذهبنا مَذْهَب الْعشْرَة المبشرة وَابْن مَسْعُود وَأحمد رضوَان الله عَلَيْهِم وَهُوَ اسْم الْجُمْهُور من الصَّحَابَة
ومذهبنا صَوَاب يحْتَمل الْخَطَأ وَمذهب مخالفنا خطأ يحْتَمل الصَّوَاب)
وَالْحق مَا نَحن عَلَيْهِ فِي الِاعْتِقَاد، وَالْبَاطِل مَا هُوَ عَلَيْهِ خصومنا (هَذَا نقل عَن الْمَشَايِخ) كَمَا فِي " الْمُصَفّى "
[وَفِي " التَّقْوِيم " فِي مسَائِل الِاجْتِمَاع فِي التَّمَسُّك بقوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة} أَن كلمة (خير) تدل على نِهَايَة الْخَيْرِيَّة، وَنَفس الْخَيْرِيَّة فِي كينونة العَبْد مَعَ الْحق ضد الْبَاطِل وَالنِّهَايَة فِي كينونة الْحق على الْحَقِيقَة فدلت صفة الْخَيْرِيَّة وَهِي(1/868)
بِمَعْنى (أفعل) على أَنهم مصيبون لَا محَالة الْحق الَّذِي هُوَ حق عِنْد الله تَعَالَى]
المرجئة: هم الَّذين يحكمون بِأَن صَاحب الْكَبِيرَة لَا يعذب أصلا وَإِنَّمَا الْعَذَاب وَالنَّار للْكفَّار
والمعتزلة جعلُوا عدم الْقطع بالعقاب وتفويض الْعلم إِلَى الله تَعَالَى يغْفر إِن شَاءَ ويعذب إِن شَاءَ على مَا هُوَ مَذْهَب أهل الْحق بِمَعْنى أَنه تَأْخِير لِلْأَمْرِ وَعدم الْجَزْم بالثواب وَالْعِقَاب وَبِهَذَا الِاعْتِبَار جعل أَبُو حنيفَة من المرجئة وَقد قيل لَهُ: من أَيْن أخذت الإرجاء؟ قَالَ: من الْمَلَائِكَة قَالُوا: {لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا}
المزاج: مزاج الشَّيْء اسْم لما يمزج بِهِ أَي: يخلط، كالقوم اسْم لما يُقَام بِهِ الشَّيْء وَمِنْه مزاج الْبدن، وَهُوَ مَا يمازجه من الصَّفْرَاء والسوداء والبلغم وَالدَّم والكيفيات الْمُنَاسبَة لكل وَاحِد مِنْهَا
مُرَاعَاة الجناس: هُوَ من فَوَائِد وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر، وَمِنْه " سُورَة النَّاس " وَمثله ابْن الصَّائِغ بقوله تَعَالَى: {خلق الْإِنْسَان من علق} ثمَّ قَالَ: {علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} ، {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى} فَإِن المُرَاد بالإنسان الأول: الْجِنْس
وَبِالثَّانِي: آدم، و (مَا لم يعلم) الْكِتَابَة، أَو إِدْرِيس
وبالثالث: أَبُو جهل
المبادئ: هِيَ مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْمسَائِل بِلَا وَاسِطَة لِأَنَّهَا مِنْهَا
والمقدمة: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْمسَائِل بِلَا بِوَاسِطَة؛ فبينهما عُمُوم وخصوص مُطلق
والمبادئ التصورية: هِيَ حُدُود الموضوعات أَو حد مَا صدق عَلَيْهِ مَوْضُوع الْفَنّ أَو حد جزئي لَهُ أَو حد أَجْزَائِهِ أَو حُدُود أَنْوَاعهَا
والمبادئ التصديقية: هِيَ أَطْرَاف الْمسَائِل
والمبادئ الْعَالِيَة: يعْنى بهَا الْعُقُول الفلكية
الْمحَال، بِالضَّمِّ: مَا أُحِيل من جِهَة الصَّوَاب إِلَى غَيره، وَيُرَاد بِهِ فِي الِاسْتِعْمَال: مَا اقْتضى الْفساد من كل وَجه كاجتماع الْحَرَكَة والسكون فِي شَيْء وَاحِد فِي حَالَة وَاحِدَة وَكَذَا خلو الْجِسْم عَنْهُمَا فِي زمَان
وبالفتح: الشَّك
وبالكسر: الْمَكْر
الْمَحْض: هُوَ تَخْلِيص الشَّيْء مِمَّا فِيهِ عيب كالفحص، لَكِن الفحص يُقَال فِي إبراز شَيْء من أثْنَاء مَا يخْتَلط بِهِ وَهُوَ مُنْفَصِل، والمحض يُقَال فِي إبراز شَيْء مِمَّا هُوَ مُتَّصِل بِهِ
المعرض، بِفَتْح الْمِيم: اسْم مَوضِع من عرض يعرض كضرب يضْرب إِذا ظهر
وبكسر الْمِيم: الثَّوْب الَّذِي يعرض فِيهِ الْجَارِيَة للْمُشْتَرِي
المعزل، بِكَسْر الزَّاي: اسْم مَكَان الْعُزْلَة، وَكَذَا اسْم الزَّمَان
بِالْفَتْح: مصدر، وَأَصله من الْعَزْل وَهُوَ التنحية والإبعاد
الْمُرْضع: هِيَ الَّتِي من شَأْنهَا أَن ترْضع وَإِن لم(1/869)
تباشر الْإِرْضَاع فِي حَال وَضعهَا
والمرضعة: هِيَ الَّتِي فِي حَال الْإِرْضَاع ملقمة ثديها للصَّبِيّ هَذَا هُوَ الْفرق بَين الصّفة الْقَدِيمَة والحادثة، فعلى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت} أبلغ من مرضع فِي هَذَا الْمقَام
الْمجد: هُوَ نيل الشّرف وَالْكَرم وَلَا يكون إِلَّا بِالْآبَاءِ أَو كرم الْآبَاء خَاصَّة
مجده: عظمه وَأثْنى عَلَيْهِ
والمجيد: الرفيع العالي
والماجد: الْكثير الْكَرم
الْمعدة ككلمة ومحنة: مَوضِع الطَّعَام قبل انحداره إِلَى الأمعاء، وَهُوَ لنا بِمَنْزِلَة الكرش للأظلاف والأخلاف
المزية: الْفَضِيلَة وَالْجمع مزايا، وَلَا يبْنى مِنْهَا الْفِعْل الثلاثي
المهابة: يُرَاد بهَا عرفا الْحَالة الَّتِي تكون فِي قُلُوب الناظرين إِلَى الْمُلُوك [غَالِبا] وَقد نظمت فِيهِ:
(يخال فِي حشم فَردا لهيبته ... وعيب مَجْلِسه ينسيك البابا)
والروعة: الْخَوْف الَّذِي يَتَجَدَّد بمخاطبتهم
الْمُضمر: لَهُ وجود حَقِيقِيّ فَإِنَّهُ بَاقٍ مَعْنَاهُ وأثره أَيْضا
والمحذوف: وَإِن أسقط لَفظه لَكِن مَعْنَاهُ بَاقٍ وينتظمه الْمُقدر
والمتروك: لَا بَقَاء لمعناه وَلَا لأثره
والمستتر: مَفْرُوض الْوُجُود مُقَدرا وَلَا وجود لَهُ بِالْفِعْلِ
والمضمر: إِشَارَة إِلَى مَا قبله
والمبهم: إِشَارَة إِلَى مَا بعده
والمتروك: أَعم من المهجور لِأَن الْمَعْنى المطابقي إِذا لم يرد فِي مَوضِع، بل يُرَاد التضمني، والالتزامي يصدق عَلَيْهِ أَنه مَتْرُوك وَلَا يصدق عَلَيْهِ إِنَّه مهجور
الْمَنْدُوب إِلَيْهِ: هُوَ مدعُو إِلَيْهِ على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب دون الحتم، والإيجاب وَحده مَا يكون إِتْيَانه أولى من تَركه
وَقيل: مَا يكون فِي مُبَاشَرَته ثَوَاب وَلَيْسَ فِي تَركه عِقَاب
الْمُقدمَة، مُقَدّمَة الْعلم: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة الشُّرُوع
ومقدمة الْكتاب: مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشُّرُوع على بَصِيرَة، وَيحصل الأول بالتصوير بِوَجْه مَا والتصديق بفائدة
الْمولى: هُوَ لفظ مُشْتَرك يُطلق لمعان هُوَ فِي كل مِنْهَا حَقِيقَة: الْمُعْتق وَالْمُعتق، والمتصرف فِي الْأُمُور، والناصر، والمحبوب {وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم} أَي: لَا نَاصِر لَهُم فَيدْفَع عَنْهُم الْعَذَاب {وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} أَي: مالكهم [و {مأواكم النَّار هِيَ مولاكم} أَي: هِيَ أولى بكم، أَو مَكَانكُمْ عَمَّا قريب، أَو ناصركم أَو متوليكم](1/870)
والموالي: جمع مولى مخفف (مولى) كَمَا قَالُوا فِي الْمَعْنى، [ {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} المُرَاد ابْن الْعم وَمعنى حَدِيث: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ " أَي من كنت ناصره على دينه وحاميا لَهُ بباطني فعلي ناصره وحاميه بباطنه وَظَاهره] وَإِنَّمَا أطلق الموَالِي على الْعَجم بِاعْتِبَار أَن أَكثر بِلَادهمْ فتحت عنْوَة وَأعْتق أَهلهَا حَقِيقَة أَو حكما
الْموعد: هُوَ يحْتَمل الْمصدر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعدا} وَيشْهد لَهُ {لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت} وَالزَّمَان وَيشْهد لَهُ: {قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} . وَالْمَكَان وَيشْهد لَهُ: {مَكَانا سوى} وَإِذا أعرب مَكَانا بَدَلا مِنْهُ لَا ظرفا لتخلفه تعين ذَلِك
الْمرجع: الرُّجُوع إِلَى الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ
والمصير: هُوَ الرُّجُوع إِلَى الْموضع الَّذِي لم يكن فِيهِ
المثلث، ويخفف: هُوَ السَّاعِي بأَخيه عِنْد السُّلْطَان لِأَنَّهُ يهْلك ثَلَاثَة نَفسه وأخاه وَالسُّلْطَان
الْمَسْجِد، بِالْكَسْرِ: مَوضِع السُّجُود وَالَّذِي يصلى فِيهِ شَاذ قِيَاسا لَا اسْتِعْمَالا
المضارعة: المشابهة، مُشْتَقَّة من الضَّرع كَأَن كلا الشبهين ارتضعا من ضرع وَاحِد فهما أَخَوان رضَاعًا
الْمُرَاهق: هُوَ من عشر سِنِين إِلَى خمس عشرَة سنة.
والمراهقة: من تسع سِنِين إِلَى خمس عشرَة سنة
والمبتدأة: بِفَتْح الدَّال: هِيَ المراهقة الَّتِي لم تبلغ قبل
الْمِثَال: فرق بَينه وَبَين التَّمَسُّك لِأَن التَّمَسُّك مَشْرُوط بِكَوْنِهِ نصا فِي الْمَقْصُود لَا يحْتَمل لغيره لِأَنَّهُ دَلِيل مُثبت، فَلَو كَانَ فِيهِ احْتِمَال لما كَانَ مثبتا وَحجَّة وبرهانا وَأما الْمِثَال فالمقصود مِنْهُ التَّوْضِيح فِي الْجُمْلَة فَلَا يضرّهُ الِاحْتِمَال، فَلهَذَا السِّرّ شرطُوا فِي التَّمَسُّك النصوصية دون الْمِثَال وَقد شاع عِنْد أهل الْعَرَبيَّة أَنهم يعتمدون كثيرا على الْمِثَال، والاعتماد على الْمِثَال ضرب من الِاعْتِذَار، والمحتاج إِلَى الِاعْتِذَار هُوَ التّرْك لَا الذّكر
الْمَكْرُوه: هُوَ ضد المحبوب مَأْخُوذ من الْكَرَاهَة الَّتِي هِيَ ضد الْمحبَّة والرضى وَحده مَا يكون تَركه أولى من إِتْيَانه وتحصيله
الْمُقدم: مقدم كل شَيْء ومؤخره بالتثقيل، إِلَّا مقدم الْعَيْش ومؤخره فَإِنَّهُ بِكَسْر الدَّال وَالْخَاء وبالتخفيف
الْمُعَلَّى: هُوَ من قداح الميسر وَهُوَ الَّذِي لَهُ سَبْعَة أسْهم، من فَازَ بِهِ أَخذ سَبْعَة أعشار لحم الْجَزُور، وَإِن خَابَ أَخذ مِنْهُ سَبْعَة أعشار ثمنه
الْمَنّ: هُوَ كيل مَعْرُوف، أَو ميزَان، أَو رطلان كالمنا، يجمع على (أمنان) ، وَيجمع المنا على أُمَنَاء(1/871)
والمن أَيْضا: طل ينزل من السَّمَاء وَإِطْلَاق الْأَسير بِلَا أَخذ المَال
والْمنَّة، بِالْكَسْرِ: مصدر (من عَلَيْهِ منَّة) إِذا امتن وَيُقَال: الْمِنَّة تهدم الصنيعة
(والْمنَّة، بِالضَّمِّ: الْقُوَّة)
والمنون: الدَّهْر، وَالْكثير الامتنان وَإِنَّمَا سمي بِهِ الدَّهْر لِأَنَّهُ يقطع قُوَّة الْإِنْسَان، أَو من الْمَنّ وَهُوَ الْقطع [لِأَن الْمَقْصُود بهَا قطع الْحَاجة] وَقيل: الْمنون الْمَوْت (سمي منونا لِأَنَّهُ) يقطع الْعُمر
وريب الْمنون: أوجاعه
والْمنَّة، بِالْكَسْرِ أَيْضا: (النِّعْمَة الثَّقِيلَة) ، وَيكون ذَلِك بِالْفِعْلِ، و (عَلَيْهِ) قَوْله تَعَالَى: {لقد من الله على الْمُؤمنِينَ} وَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَة لَا يكون إِلَّا لله، وَقد يكون بالْقَوْل وَذَلِكَ مستقبح فِيمَا بَين النَّاس إِلَّا عِنْد كفران النِّعْمَة
والمنان: من أَسمَاء الله تَعَالَى أَي الْمُعْطِي ابْتِدَاء و {أجر غير ممنون} أَي: غير مَحْسُوب وَلَا مَقْطُوع
الْمِحْرَاب: الْمَكَان الرفيع والمجلس الشريف لِأَنَّهُ يدافع عَنهُ ويحارب دونه مِنْهُ قيل: (محراب الْأسد) لمأواه، وَسمي للقصر والغرفة المنيفة محرابا
الْمَجْبُوب: هُوَ مَقْطُوع الذّكر والخصيتين
والخصي: هُوَ مَقْطُوع الخصيتين فَقَط
والعنين: هُوَ من لَا يقدر على الْجِمَاع، أَو يصل إِلَى الثّيّب دون الْبكر، أَو لَا يصل إِلَى امْرَأَة وَاحِدَة بِعَينهَا
[والمخنث: من يُمكن غَيره من نَفسه، أَو الَّذِي فِي أَعْضَائِهِ لين وتكسر بِأَصْل الْخلقَة وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاء، وتركيب الخنث يدل على لين وتكسر
قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {غير أولي الإربة من الرِّجَال} هُوَ المخنث الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاء، وَقيل: هُوَ الْمَجْبُوب الَّذِي جف مَاؤُهُ، وَقيل: الأبله الَّذِي لَا يدْرِي مَا يصنع بِالنسَاء وَإِنَّمَا همه بَطْنه
وَالأَصَح أَن الْآيَة من المتشابهات]
وَيُقَال لمقطوع الذّكر: مَذْكُور أَيْضا كَمَا يُقَال لمقطوع السُّرَّة: مسرور
المرارة، بِالْفَتْح: هنة لَازِقَة بالكبد لَهَا فَم إِلَى الكبد ومجرى فِيهِ يحدث الْخَلْط الغليظ الْمُوَافق لَهَا والمرارة الصَّفْرَاء، ويتصل هَذَا المجرى بِنَفس الكبد وَالْعُرُوق الَّتِي فِيهَا يتكون الدَّم وَمن مَنَافِعهَا تنقية الكبد عَن الْفضل الرغوي وتسخينها كالوقود تَحت الْقدر، وتلطيف الدَّم، وَتَحْلِيل الأمعاء، وَشد مَا يسترخي من العضل حولهَا، وَلَوْلَا جذب المرارة الْمرة الصَّفْرَاء لسرت إِلَى الْبدن مَعَ الدَّم فيتولد عَنْهَا اليرقان الْأَصْفَر كَمَا أَن الطحال لَوْلَا جذبه الْمرة السَّوْدَاء لسرت فِي الْبدن فَحدث عَنْهَا اليرقان الْأسود، وَلكُل ذِي روح مرَارَة إِلَّا(1/872)
النعام وَالْإِبِل
الْمَنِيّ: هُوَ مَاء دافق يخرج من بَين صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة
والودي: هُوَ مَا يخرج بعد الْبَوْل
والمذي: هُوَ مَا يخرج عِنْد الملاعبة، فَإِن الْقَضِيب فِيهِ مجار ثَلَاثَة: (مجْرى الْبَوْل، ومجرى الْمَنِيّ، ومجرى الْمَذْي) وَقُوَّة الانتشار تَأتيه من الْقلب، والحس من الدِّمَاغ والنخاع، وَالدَّم المعتدل والشهوة من الكبد وَزعم بقراط أَن مَادَّة الْمَنِيّ من الدِّمَاغ وانه ينزل فِي العرقين اللَّذين خلف الْأذن، وَلذَلِك يقطع فصدهما النَّسْل، فيصبان إِلَى النخاع ثمَّ إِلَى الْكُلية ثمَّ إِلَى الْعُرُوق الَّتِي تَأتي الْأُنْثَيَيْنِ وَقَالَ غَيره: خميرة الْمَنِيّ من الدِّمَاغ وَله نصيب من كل عُضْو رَئِيس
المَاء: هُوَ جسم رَقِيق مَائِع بِهِ حَيَاة كل نَام حكى بَعضهم: (مَا) بِالْقصرِ، وهمزته منقلبة عَن هَاء بِدلَالَة ضروب تصاريفه، وَالنّسب إِلَيْهِ (مائي) و (ماوي) و (ماهي) وَالْجمع (أمواه) و (مياه)
المناط: لُغَة: مَوضِع النوط وَهُوَ التَّعَلُّق والإلصاق، من ناط الشَّيْء بالشَّيْء إِذا ألصقه وعلقه
المثابة فِي الأَصْل: الْموضع الَّذِي يُثَاب إِلَيْهِ أَي يرجع مرّة بعد أُخْرَى وَيُقَال للمنزل مثابة لِأَن أَهله يَنْصَرِفُونَ فِي أَمرهم ثمَّ يثوبون إِلَيْهِ
الْمَنْع: منع يتَعَدَّى تَارَة إِلَى مَمْنُوع وممنوع فِيهِ بِنَفسِهِ تَقول: منعته كَذَا، وَيَتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي ب (عَن) مَذْكُورا [يُقَال: (منعت فلَانا عَن حَقه) ] وَتارَة بِحَذْف حرف الْجَرّ إِذا كَانَ مَعَ (أَن)
وَالْمَانِع عِنْد أهل الْأُصُول: هُوَ الْوَصْف الوجودي الظَّاهِر المنضبط الْمُعَرّف نقيض الحكم كالأبوة فِي الْقود
وَالْمَانِع من الْإِرْث: عبارَة عَن انعدام الحكم عِنْد وجود السَّبَب
المناقشة فِي الأَصْل من نقش الشَّوْكَة: وَهُوَ استخراجها كلهَا، وَمِنْه: (انتقشت مِنْهُ جَمِيع حَقي)
المقحم: الْمدْخل بالعنف من غير ضَرُورَة واحتياج
الْمِيقَات: هُوَ مَا قدر فِيهِ عمل من الْأَعْمَال
وَالْوَقْت: وَقت للشَّيْء من غير تَقْدِير عمل أَو تَقْدِيره
المنقار: هُوَ للطائر
والنسر: للجارح
والمخلب: لما يصيد من الطير
وَالظفر: لما لَا يصيد
وَقيل: المخلب ظفر كل سبع طائرا كَانَ أَو مَاشِيا
المنهل: هُوَ من قَوْلهم: أنهله ينهله إنهالا: إِذا أوردهُ النهل وَهُوَ الشّرْب الأول
المحز: مَوضِع الحز، وَهُوَ الْقطع
وَأصَاب المحز: عبارَة عَن فعل الْأَمر على مَا يَنْبَغِي ويليق(1/873)
الْمَرْوَة: بتَشْديد الْوَاو، وَكَذَا بإبقاء الْهمزَة: وَهِي الإنسانية. وَقيل: الرجولية الْكَامِلَة
المنوال: الْخَشَبَة الَّتِي يلف النساج عَلَيْهَا الثَّوْب حَتَّى ينسجه
الْمُتَعَارف: هُوَ مَا يكون عَلَيْهِ الْعرف الْعَام أَي أَكثر النَّاس
الممارسة: المداومة وَكَثْرَة الِاشْتِغَال بالشَّيْء
والمارستان، بِفَتْح الرَّاء: دَار المرضى
الْمحْضر: هُوَ مَا يكْتب إِذا ادّعى أحد على الآخر، وَإِذا أجَاب الآخر وَأقَام الْبَيِّنَة فالتوفيق، وَإِذا حكم فالسجل
المثار، مثار الشَّيْء بِالْفَتْح: مدركه ومنشؤه
الْمدَّة: هِيَ حَرَكَة الْفلك من مبدئها إِلَى مُنْتَهَاهَا، سميت الْمدَّة مُدَّة لِأَنَّهَا تمتد بِحَسب تلاصق أَجْزَائِهَا وتعاقب أبعاضها، فالامتداد إِنَّمَا يَصح فِي حق الزَّمَان والزمانيات
الْمَدّ فِي الْعُمر لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ بل بِاللَّامِ
الملاسة: هِيَ عبارَة عَن اسْتِوَاء وضع الْأَجْزَاء
المعيار: هُوَ مَا يعرف بِهِ الْعيار
والمسبار: مَا يعرف بِهِ غور الْجرْح
الْمهل، بِالسُّكُونِ: الرِّفْق وبالتحريك: التَّقَدُّم
الْمَتْن: الظّهْر، وَمَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّنَد من الْكَلَام
الْملك الْمُطلق: هُوَ الَّذِي يثبت للْحرّ
وَمُطلق الْملك يثبت للْعَبد
المَاء الْمُطلق: طهُور
وَمُطلق المَاء يَنْقَسِم إِلَى الطّهُور وَغَيره
الْمَلأ الْأَعْلَى: أشرف الْمَلَائِكَة، وأرواح الرُّسُل [قَالَ بَعضهم: الْمُسَمّى بالملأ الْأَعْلَى عِنْد أهل الشَّرْع هُوَ الْجَوَاهِر الغائبة عَن حواسنا الَّتِي هِيَ أجسام لَطِيفَة قَابِلَة للتشكل بأشكال مُخْتَلفَة مُتَعَلقَة بالسموات بالكون فِيهَا فالمتفق بَين أهل الشَّرْع والحكماء هُوَ التَّعَلُّق بالسموات وَإِن كَانَت جِهَة التَّعَلُّق مُخْتَلفَة]
مذ ومنذ: يليهما اسْم مجرور، وَحِينَئِذٍ هما حرفا جر بِمَعْنى (من) فِي الْمَاضِي، و (فِي) فِي الْحَاضِر، و (من) و (إِلَى) جَمِيعًا فِي الْمَعْدُود
أَو اسْم مَرْفُوع وَحِينَئِذٍ هما مبتدآن، مَا بعدهمَا خبر ومعناهما: الأمد فِي الْحَاضِر والمعدود، وَأول الْمدَّة فِي الْمَاضِي
أَو ظرفان مخبر بهما عَمَّا بعدهمَا، ومعناهما: بَين وَبَين ك (لَقيته مذ يَوْمَانِ) أَي: بيني وَبَين لِقَائِه يَوْمَانِ وتليهما الْجُمْلَة الفعلية نَحْو: [مَا زَالَ مذ عقدت يَدَاهُ إزَاره أَو الإسمية نَحْو قَوْله] : فَمَا زلت أبغي المَال مذ أَنا يافع وَحِينَئِذٍ هما ظرفان مضافان إِلَى الْجُمْلَة، أَو إِلَى زمَان مُضَاف إِلَيْهَا
مرْحَبًا: مَنْصُوب بِفعل مُضْمر أَي: صادفت رحبا بِضَم الرَّاء أَي: سَعَة وَقد يزِيدُونَ مَعهَا (أَهلا)(1/874)
أَي: وجدت أَهلا فاستأنس، و (سهلا) أَيْضا أَي: وطِئت مَكَانا سهلا وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما كَانَ مَحْمُولا إِلَى السَّمَاء لَيْلَة الْإِسْرَاء اقْتصر هُنَاكَ (بمرحبا) لاقْتِضَاء الْحَال لَهَا
مثلا: نصب على المصدرية أَي: أمثل تمثيلا أَو نصب بمقدر أَي: أضْرب مثلا فعلى الأول مَا بعده بَيَان لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَالَ يَا آدم}
وعَلى الثَّانِي بدل مِنْهُ، وَإِنَّمَا يذكر هَذَا عِنْد إِيرَاد الْمِثَال الْمَخْصُوص
مَكَانك: أَي اثْبتْ، وَقيل: تَأَخّر وَهِي كلمة وضعت على الْوَعيد كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَكَانكُمْ أَنْتُم وشركاؤكم} كَأَنَّهُ قيل لَهُم: انتظروا مَكَانكُمْ حَتَّى يفصل بَيْنكُم
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ ابْن عمرَان بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لَا خوف فِي نسبه، وَهُوَ اسْم سرياني سمي بِهِ لِأَنَّهُ ألقِي بَين شجر وَمَاء، وَالْمَاء بالقبطية (مو) وَالشَّجر (شا) فعرب فَقيل مُوسَى (عَاشَ مائَة وَعشْرين سنة) لبث فِي قوم فِرْعَوْن ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ خرج إِلَى مَدين عشر سِنِين، ثمَّ عَاد إِلَيْهِم يَدعُوهُم إِلَى الله ثَلَاثِينَ سنة، ثمَّ بَقِي بعد الْغَرق خمسين سنة [نوع]
{محصنات غير مسافحات} : عفائف غير زواني فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة
{موَالِي} : عصبَة
{مقيتا} : حفيظا
{مراغما} : التَّحَوُّل من أَرض إِلَى أَرض
{موقوتا} : مَفْرُوضًا
{غير متجانف} : غير مُتَعَدٍّ لإثم
{مكلبين} : ضواري
{ومهيمنا} : أَمينا وَالْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله
{مدرارا} : يتبع بَعْضهَا بَعْضًا
{مبلسون} : آيسون
{لكل نبإ مُسْتَقر} : حَقِيقَة
{مَيتا فأحييناه} : ضَالًّا فهديناه
{مكانتكم} : ناحيتكم
{مسفوحا} : مهراقا
{مرتفقا} : متكأ(1/875)
{مغارات} : الغيران فِي الْجَبَل
{مدخلًا} : سربا
{غير مجذوذ} : غير مُنْقَطع
{متكأ} : مَجْلِسا
{مُعَقِّبَات} : الْمَلَائِكَة
{مهطعين} : ناظرين
{مُسلمين} : مُوَحِّدين
{مَوْزُون} : مَعْلُوم
{مواخر} : جواري
{كَالْمهْلِ} : عكر الزَّيْت
{موبقا} : مهْلكا
{موئلا} : منجى
{بالواد الْمُقَدّس} : الْمُبَارك اسْمه:
{طوى}
{منسكا} : عيدا
{كمشكاة} : مَوضِع الفتيلة فِي بيُوت الْمَسَاجِد، وَعَن مُجَاهِد: الكوة، بِلِسَان الْحَبَشَة
{مُقرنين} : مطبقين
{معارج} : الدرج
{ملوكا} : أحرارا
{الْمجِيد} : الْكَرِيم
{مريج} : مُخْتَلف أَو منتشر
{منقلبا} : مرجعا وعاقبة
{المسيطرون} : المسلطون
{وَعدا مَفْعُولا} : لَا بُد أَن يفعل
{مارج} : خَالص النَّار
{مرج} : أرسل
{مترفين} : منعمين
{للمقوين} : الْمُسَافِرين
{مدينين} : محاسبين
{مرحا} : اختيالا
{مذءوما} : ملوم
{مَدْحُورًا} : مُبْعدًا من رَحْمَة الله
{المعصرات} : السَّحَاب(1/876)
{مفازا} : متنزها
{مسفرة} : مشرفة
{بمسيطر} : بجبار
{المتقون} : الْمُؤْمِنُونَ الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك
{فِي قُلُوبهم مرض} : نفاق {وموعظة} : تذكرة
{متبر} : هَالك
{مرْسَاها} : مُنْتَهَاهَا
{والمنخنقة} : هِيَ الَّتِي تخنق فتموت
{والموقوذة} : هِيَ الَّتِي تضرب بالخشب فتموت
{والمتردية} : هِيَ الَّتِي تتردى من الْجَبَل
{والنطيحة} : هِيَ الشَّاة الَّتِي تنطح الشَّاة
{مَخْمَصَة} : مجاعَة
{منيب} : الْمقبل إِلَى طَاعَة الله
{المثلاث} : مَا أصَاب الْقُرُون الْمَاضِيَة من الْعَذَاب
{شَدِيد الْمحَال} : الْمَكْر والعداوة
{إِلَّا مكاء} : صفيرا
{محيصا} : معدلا ومهربا
{غير مسافحين} : غير مجاهرين بِالزِّنَا
{محصنين} : أعفاء بِالنِّكَاحِ
{غير متجانف} : غير مائل
{معروشات} : مرفوعات على مَا يحملهَا
{معايش} : أسبابا يعيشون بهَا
{مهادا} : فراشا
{مهين} : ضَعِيف حقير
{بمنشرين} : بمبعوثين
{معرة} : مَكْرُوه
{مقمحون} : رافعو رؤوسهم غاضو أَبْصَارهم
{مارد} : خَارج عَن الطَّاعَات
{من المدحضين} : من المغلوبين بِالْقُرْعَةِ
{مثاني} : جمع مثنى أَو مثنى(1/877)
{متشاكسون} : متنازعون مُخْتَلفُونَ
{بمفازتهم} : بفلاحهم
{فأجاءها الْمَخَاض} : تعلق بِهِ قَضَاء الله فِي الْأَزَل، أَو قدر وسطر فِي اللَّوْح
{أم هم المسيطرون} : الغالبون على الْأَشْيَاء يدبرونها كَيفَ شَاءُوا
{ذُو مرّة} : منظر حسن أَو حصافة فِي عقله ورأيه
{مَا فِيهِ مزدجر} : موعظة وزجر عَن الشّرك والمعاصي
{مَاء منهمر} : منصب
{منقعر} : مُنْقَطع عَن مغارسه سَاقِط على الأَرْض
{وَالْبَحْر الْمَسْجُور} : أَي المملوء: وَهُوَ الْمُحِيط أَو الموقد
{مدهامتان} : خضروان يضربان إِلَى السوَاد من شدَّة الخضرة
{على سرر موضونة} : منسوجة بِالذَّهَب مشبكة بالدر والياقوت
{وكأس من معِين} : من خمر
{منبثا} : منتشرا
{من المزن} : من السَّحَاب
{للمقوين} : للَّذين ينزلون القواء وَهِي القفر
{فِي مناكبها} : فِي جوانبها أَو جبالها
{مُسْتَطِيرا} : فاشيا (منتشرا غَايَة الانتشار)
{مهيلا} : منثورا
{متابا} : مرضيا عِنْد الله أَو مرجعا حسنا
{وَإِنَّا لموسعون} : لقادرون
{فَهَل من مُذَكّر} : متعظ
{مقنعي رؤوسهم} : رافعيها
{مثبورا} : مصروفا عَن الْخَيْر، مطبوعا على الشَّرّ
{على مكث} : على مهل وتؤدة
{هُوَ مهين} : ضَعِيف حقير(1/878)
{إِلَّا متحرفا لقِتَال} : يُرِيد الْكر بعد الفر وتغرير الْعَدو
{أَو متحيزا إِلَى فِئَة} : أَو مُنْضَمًّا إِلَى فِئَة أُخْرَى ليستعين بهم
{بِمَاء معِين} : ظَاهر جَار على وَجه الأَرْض
{مسؤولون} : محاسبون
{بمعجزين} : بمسابقين [يُقَال: قصدت فلَانا فأعجزني: أَي سبقني ففاتني]
{لم يَكُونُوا معجزين فِي الأَرْض} : أَي معجزي الله فِي الدُّنْيَا لَو أَرَادَ عقابهم
{وَهُوَ مليم} : مسيء مذنب
{شَيْطَان مُرِيد} : متجرد للْفَسَاد
{مَتَاعا لكم} : مَنْفَعَة
{ممنون} : مَنْقُوص
{مثبورا} : ملعونا مَحْبُوسًا من الْخَيْر
{قصر مشيد} : بالجص والآجر
{فِي قبْلَة مرض} : الْفُجُور وَالزِّنَا
{ميسورا} : لينًا
{مخبتين} : متواضعين
{مقيتا} : قَادِرًا مقتدرا
{مَلِيًّا} : زَمَانا طَويلا
{فِي سدر مخضود} : الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شوك
{منفطر} : منصدع
{يلقاه منشورا} : منكشف الغطاء
{مشفقون} : خائفون
{مريج} : بَاطِل
{ذَا مَتْرَبَة} : ذُو حَاجَة وَجهد
{مهطعين} : مذعنين خاضعين
{مسغبة} : مجاعَة
{مآرب} : حاجات
{مخشورة} : مَجْمُوعَة
{معكوفا} : مَحْبُوسًا
{محسورا} : نَادِما أَو مُنْقَطِعًا [بك لَا شَيْء عنْدك](1/879)
{مرجان} : صغَار اللُّؤْلُؤ أعجمي
{مسك} : فَارسي
{مقاليد} : مَفَاتِيح بِالْفَارِسِيَّةِ
{كتاب مرقوم} : مَكْتُوب
{مزجاة} : قَليلَة بِلِسَان الْعَجم وَقيل: بِلِسَان القبط
{ملكوت} : هُوَ الْملك بالنبطية [ملكوت الشَّيْء عِنْد الصُّوفِيَّة: حَقِيقَته الْمُجَرَّدَة اللطيفة غير الْمقيدَة بقيود كثيفة جسمانية، ويقابله الْملك الكثيف بالقيود]
{مناص} : فرار بالنبطية
{المتين} : الشَّديد
{منسأته} الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة
{مرصادا} : مَوضِع رصد يرصد فِيهِ
{مآبا} : مرجعا ومأوى
{وَإِذا الأَرْض مدت} : بسطت بِأَن يزَال جبالها وآكامها
{مبثوثة} : مبسوطة
{مقربة} : من قرب فِي النّسَب
{مَتْرَبَة} : من (ترب) إِذا افْتقر
{أَصْحَاب الميمنة} : الْيَمين أَو الْيمن
{أَصْحَاب المشأمة} : الشمَال أَو الشؤم
{نَار مؤصدة} : مطبقة
{مطلع الْفجْر} : وَقت مطلعه أَي طلوعه
{فالموريات قدحا} : فالتي توري النَّار بحوافرها
{فالمغيرات} : فالتي تغير أَهلهَا على الْعَدو
{المنفوش} : المندوف
{الماعون} : الزَّكَاة أَو مَا يتعاون بِهِ فِي الْعَادة
{مُعْتَد} : متجاوز فِي الظُّلم
{مكظوم} : مَمْلُوء غيظا فِي الضجر
{مَذْمُوم} : مطرود عَن الرَّحْمَة والكرامة
{منوعا} : يُبَالغ فِي الْإِمْسَاك
{المزمل} : أَصله المتزمل: وَهُوَ المتلفف(1/880)
بثيابه
{المدثر} : المتدثر: وَهُوَ لابس الدثار
{مَالا ممدودا} : مَبْسُوطا كثيرا
{ومهدت لَهُ تمهيدا} : وَبسطت لَهُ الرياسة والجاه العريض
{معاشا} : وَقت معاش، أَو حَيَاة تبعثون فِيهَا عَن النّوم
{ميقاتا} : حدا يُوَقت بِهِ
{الموؤدة} : المدفونة حَيَّة
{مَاء مهين} : نُطْفَة مذرة ذليلة
{ملتحدا} : منحرفا، أَو ملتجأ
{مدْخل صدق} : إدخالا مرضيا
{مخرج صدق} : إخراجا ملقى بالكرامة
{مخلقة} : مسواة لَا نقص فِيهَا وَلَا عيب
{خير مردا} : مرجعا وعاقبة، أَو مَنْفَعَة
{مَقَامِع} : سياط
{غير متبرجات} : غير مظهرات
{وَأحسن مقيلا} : مَكَانا يؤوى إِلَيْهِ للاسترواح بالأزواج والتمتع بِهن
{لمثوبة} : أَي جَزَاء ثَابت وَهِي مُخْتَصَّة بِالْخَيرِ كالعقوبة بِالشَّرِّ
{منضود} : أَي جعل بعضه فَوق بعض
{مسومة} : معلمة للعذاب
{من حمإ مسنون} : مُصَور ومصبوب لييبس وَيتَصَوَّر، أَو منتن
{مجْراهَا وَمرْسَاهَا} : قد تفتح ميماهما من (جرت) و (رست) وَقُرِئَ (مجريها ومرسيها) نعتا لله تَعَالَى
{أَيَّانَ مرْسَاها} : مَتى وُقُوعهَا
{معروشات} : [مرفوعات على مَا يحملهَا] : (يُقَال عرشت الْكَرم إِذا جعلت تَحْتَهُ قصبا وأشباهه ليمتد عَلَيْهِ وَالشَّجر لَا يعرش)
{مشتبها} : فِي الْجَوْدَة وَالطّيب
{وَغير متشابه} : فِي الألوان والطعوم
{من مغرم} : من الْتِزَام غرم
{مثقلون} : محملون الثّقل
{مكيدون} : يعود عَلَيْهِم وبال كيدهم أَو(1/881)
مغلوبون فِي الكيد.
{جنَّة المأوى} : يأوي إِلَيْهَا المتقون أَو أَرْوَاح الشُّهَدَاء.
{مغنون عَنَّا} : دافعون عَنَّا.
{محيصا} : معدلاً ومهرباً.
{بمصرخكم} : بمغيثكم.
{للمتوسمين} : للمتفكرين المتفرسين.
{أشهر مَعْلُومَات} : معروفات.
{مَنَاسِككُم} : عباداتكم الحجية.
{من مسد} : هُوَ لِيف يتَّخذ من جريد النّخل فيمسد أَي: يفتل.
{لمقت الله} : المقت: أَشد البغض.
{أكرمي مثواه} : اجعلي مقَامه عندنَا كَرِيمًا أَي: حسنا.
{مصبحين} : داخلين فِي الصُّبْح.
{جَزَاء موفورا} : مكملاً [وصفت بِهِ على الْمجَاز وَالْمُبَالغَة.
{كَانَ مخلصا} : موحداً أخْلص عِبَادَته عَن الشّرك والرياء.
{بملكنا} : باختيارنا وقدرتنا.
{متربص} : منتظر لما يؤول إِلَيْهِ.
{وَأجل مُسَمّى} : أَي مُثبت معِين [سَمَّاهُ الله للأعمار] لَا يقبل التَّغَيُّر.
[ {وَلَا تمشي فِي الأَرْض مرحاً} : أَي ذَا مرح وَهُوَ الاختيال.
{وَمَا أَنا من المتكلفين} : المتصنعين بِمَا لست من أَهله.
{بمصابيح} : بالكواكب المضيئة بِاللَّيْلِ إضاءة السرج فِيهَا.
{مكبا على وَجهه} : يعثر كل سَاعَة ويخر.
{مشاء بنميم} : نقال للْحَدِيث على وَجه السّعَايَة.
{والمؤتفكات} : قريات قوم لوط انقلبت بهم.
{مَا أغْنى عني ماليه} : من المَال التبع.
{وَمَا نَحن بمسبوقين} : بمغلوبين.
{أَيْن المفر} : أَي الْفِرَار إِلَيْهِ. المستقر إِلَيْهِ وَحده اسْتِقْرَار الْعباد أَو إِلَى حكمه استقرارهم، أَو إِلَى مَشِيئَة مَوضِع قرارهم يدْخل من يَشَاء الْجنَّة(1/882)
وَمن يَشَاء النَّار
{وَلَو ألْقى معاذيره} : وَلَو جَاءَ بِكُل مَا يُمكن أَن يعْتَذر بِهِ
{يَوْمئِذٍ المساق} : سوقه إِلَى الله وَحكمه
{سعيكم مشكورا} : مجازى عَلَيْهِ غير مضيع
{والمرسلات} : إِلَى قَوْله {ذكرا} : إِمَّا قسم بطوائف من الْمَلَائِكَة الَّتِي شَأْنهمْ مَا ذكر من الْأَوْصَاف، أَو بآيَات الْقُرْآن كَذَلِك، أَو بالنفوس الْكَامِلَة كَذَلِك، أَو برياح الْعَذَاب كَذَلِك على مَا بَين فِي " الْأَنْوَار "
{للْكَافِرِينَ عَذَاب مهين} : يُرَاد بِهِ إذلالهم لَا طهرة لذنوبهم كَمَا فِي عَذَاب العاصين
{أمة مقتصدة} : عادلة غير غالبة وَلَا مقصرة، وهم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
{ذُو الْقُوَّة المتين} : شَدِيد الْقُوَّة
{وَهُوَ مليم} : آتٍ بِمَا يلام عَلَيْهِ من الْكفْر والعناد
{من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} : متبعين
{كل مرصد} : ممر
{مَرَدُوا على النِّفَاق} استمرا عَلَيْهِ
{الْمُهَاجِرين} : هم الَّذين صلوا إِلَى الْقبْلَتَيْنِ، أَو شهدُوا بَدْرًا، أَو أَسْلمُوا قبل الْهِجْرَة
{تَتَّخِذُوا مصانع} : مآخذ المَاء أَو قصورا مشيدة وحصونا
{مرج الْبَحْرين} : خلاهما متجاورين متلاصقين بِحَيْثُ لَا يتمازجان
{مننا عَلَيْك} : أنعمنا عَلَيْك
{حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} : أَي مَكَانَهُ الَّذِي يجب أَن ينْحَر فِي
{إِلَى ميسرَة} : يسَار
{اسْمَع غير مسمع} : أَي مدعوا عَلَيْك بِلَا سَمِعت بصمم أَو موت، أَو غير مجاب إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ، أَو كَلَام ترضاه
{وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} : نَافِذا أَو كَائِنا
{فِي بروج مشيدة} : فِي قُصُور أَو حصون مرفعة
{مذبذبين} : مترددين
{إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} : انْتِهَاء الْخَلَائق ورجوعهم وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " لَا فكرة فِي الرب "(1/883)
{حَتَّى زرتم الْمَقَابِر} : عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حَتَّى يأتيكم الْمَوْت "
{عَذَاب مُقيم} : دَائِم
{ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} : التطفيف البخس فِي الْكَيْل وَالْوَزْن
{معشار مَا آتَيْنَاهُم} : أَي عشر مَا آتَيْنَاهُم من الرَّحْمَن
{مُحدث} : مُجَدد إنزاله
{مُقرنين فِي الأصفاد} : أَي قرن بَعضهم مَعَ بعض فِي السلَاسِل وَلَعَلَّ أجسامهم شفافة صلبة
{بِسم الله مجْراهَا} : بِفَتْح الرَّاء من (جرى) وبكسرها على الإمالة، وَكِلَاهُمَا يحْتَمل المصدرية وَالزَّمَان وَالْمَكَان
{وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم} : المُرَاد سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
{من كل حدب} : من كل معنى هُوَ كالمثل فِي غرابته ووقوعه موقعا فِي الْأَنْفس
{وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} : وَهُوَ الْوُجُوب الذاتي والغنى الْمُطلق والجود الْفَائِق والنزاهة عَن صِفَات المخلوقين
{وَأَنَّهُمْ مفرطون} : مقدمون إِلَى النَّار
{ومتاعا} : هُوَ مَا يتجر بِهِ
{إِنَّمَا أَنْت مفتر} : متقول على الله
{وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة} : الخطابات المقنعة والعبر النافعة وَذَلِكَ لعوام الْأمة
{الْمُؤمن} : واهب الْأَمْن
{الْمُهَيْمِن} : الرَّقِيب الْحَافِظ لكل شَيْء
{المتكبر} : الَّذِي تكبر عَن كل مَا يُوجب حَاجَة أَو نُقْصَانا
{المصور} : الموجد لصور الْأَشْيَاء وكيفياتها
{للسَّائِل والمحروم} : وَالَّذِي لَا يسْأَل فيحسب غَنِيا فَيحرم
{عِنْد ذِي الْعَرْش مكين} : عِنْد الله بمكانة
{كتاب مرقوم} : أَي مسطور بَين الْكِتَابَة أَو معلم يعلم من رَآهُ أَنه لَا خير فِيهِ
{مقَام ربه} : مقَامه بَين يَدي ربه
{أخرج المرعى} : أنبت مَا يرْعَى الدَّوَابّ
{على ملك سُلَيْمَان} : أَي عَهده(1/884)
{يَا أيتها النَّفس المطمئنة} : وَهِي الَّتِي اطمأنت بِذكر الله، فَإِن النَّفس تترقى فِي سلسلة الْأَسْبَاب والمسببات إِلَى الْوَاجِب لذاته وتستقر دون مَعْرفَته وتستغنى بِهِ عَن غَيره
{بمزحزحه} بمبعده
{أَيَّامًا مَعْدُودَة} : محصورة قَليلَة
{وَللَّه مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض} : لَهُ فيهمَا مَا يتوارث
{قولا مَعْرُوفا} : مَا عرفه الشَّرْع أَو الْعقل بالحس
{مختالا} : متكبرا يستنكف عَن أَقَاربه وجيرانه وَأَصْحَابه
{مراغما كثيرا} : ملْجأ ومتحولا من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان
{ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} : ربوبيتها أَو ملكهَا، أَو عجائبها وبدائعها والملكوت أعظم الْملك
{مؤصدة} : مطبقة
{فِي عمد ممددة} : أَي مُوثقِينَ فِي أعمدة ممدودة
{مدهنون} : متهاونون وَأَصله الجري فِي الْبَاطِل
{مسيطر} : مسطور فِي اللَّوْح
{وَأخر متشابهات} : مجملات لَا يَتَّضِح مقصودها لإجمال أَو مُخَالفَة ظَاهر إِلَّا بالفحص وَالنَّظَر
{كتابا متشابها} : أَي يشبه بعضه بَعْضًا فِي صِحَة الْمَعْنى وجزالة اللَّفْظ
{فيتبعون وَمَا تشابه مِنْهُ} : فيتعلقون بِظَاهِرِهِ أَو تَأْوِيل بَاطِل
{كَانَ حَنِيفا مُسلما} : منقادا لله لِأَنَّهُ كَانَ على مِلَّة الْإِسْلَام
{مَدين} : قَرْيَة سيدنَا شُعَيْب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
{مُبَارَكًا} : كثير الْخَيْر والنفع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ من الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الصِّفَات، مَعْنَاهُ لَهُ خصاله المحمودة، أَو كثر لَهُ الْحَمد فِي الأَرْض وَالسَّمَاء، أَو كثر حَمده لَهُ تَعَالَى
سمي بِهِ بإلهام من الله تَعَالَى ليَكُون على وفْق تَسْمِيَته تَعَالَى لَهُ بِهِ قبل الْخلق بألفي عَام، وَهُوَ ابْن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف ابْن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مضربن نزار بن(1/885)
معد بن عدنان صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هُنَا انْتهى النّسَب الصَّحِيح، وَلَا نَبِي من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَّا نَبينَا سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي نُسْخَة توراة السّبْعين الَّتِي اتّفق عَلَيْهَا سَبْعُونَ حبرًا من أَحْبَارهم وَهُوَ فِي أَيدي النَّصَارَى أَن سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَأَلَ الله تبَارك وَتَعَالَى أَنه هَل يكون بعدِي نَبِي لبني إِسْرَائِيل؟ فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: إِنِّي مُقيم لَهُم نَبيا من بني إِخْوَتهم إِلَى آخِره وَالْمرَاد سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون من جَاءَ بعد سيدنَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الْأَنْبِيَاء لقَوْله من بني إِخْوَتهم، اذ الضَّمِير لبني إِسْرَائِيل، وَهَذَا لنَبِيّ لَيْسَ من بني إِسْرَائِيل وَإِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه غير وَاجِبَة فَيجب الْحمل على بني الْأَعْمَام فإطلاق الْإِخْوَة على بني الْأَعْمَام على طَرِيق التَّجَوُّز لكَوْنهم جَمِيعًا أَوْلَاد إِنْسَان وَاحِد، وَقد أرسلهم الله تبَارك وَتَعَالَى بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ وأيده بالمعجزات الظَّاهِرَة والبراهين الباهرة، انْشَقَّ لَهُ الْقَمَر، وَسلم عَلَيْهِ الْحجر، وَكَلمه الذِّرَاع المسموم، وانهلت بدعوته الغيوم، وَكَلمه الْبَعِير، وطاب بريقه الْبِئْر، وَردت الحدق لمسته، وَردت الْغنم الْعَجْفَاء مسحته، ونبع المَاء من بَين أَصَابِعه انفجارا، وَنزلت لنصرته الْمَلَائِكَة جهارا، وَمن أكبرها سور الْقُرْآن، وَلَكِن لَا ينْكَشف وَجه الإعجاز فِيهَا إِلَّا لريان من أهل الْعرْفَان، جعل فِيهِ مورد الإلهام، وَلسَانه مصدر الْأَحْكَام لَا ينْطق عَن الْهوى، وَلَا يَأْمر إِلَّا بالتقوى، وَنسخ بِدِينِهِ سَائِر الْملَل والأديان، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه مَا رنحت ريح الصِّبَا عذبات البان، وطلوع ذَلِك الْبَدْر الْمُنِير اللَّطِيف، وتشرف الْعَالم بيمن مقدمه الشريف، كَانَ فِي مَكَّة فِي الْمَسْجِد الْمَشْهُور يَوْم الِاثْنَيْنِ حِين طلع الْفجْر فِي عَاشر ربيع الأول لثمان خلت مِنْهُ فِي الْعشْرين من نيسان بعد الْفِيل بِخَمْسِينَ يَوْمًا فِي عهد كسْرَى أنو شرْوَان، وَقد توفّي أَبوهُ بِالْمَدِينَةِ حِين تمّ لأمه آمِنَة من حملهَا شَهْرَان وَلما بلغ سِتّ سِنِين توفيت أمه آمِنَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَلما بلغ ثَمَانِي سِنِين توفّي عبد الْمطلب، وَلما أتمت لَهُ أَرْبَعُونَ سنة بَعثه الله، تبَارك وَتَعَالَى، وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الِاثْنَيْنِ لثماني عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان، وَلما أَتَت لَهُ ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا بعد الْهِجْرَة عشر سِنِين بِلَا خلاف، ثمَّ مرض يَوْم الْأَرْبَعَاء لثلاثين من صفر، ثمَّ انْتقل يَوْم الِاثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول بَعْدَمَا زَالَت الشَّمْس، وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء فِي حجرَة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
(فصل النُّون)
[النِّكَاح] : كل نِكَاح فِي الْقُرْآن فَهُوَ التَّزَوُّج إِلَّا {إِذا بلغُوا النِّكَاح} فَإِن المُرَاد الْحلم
[النبأ] : كل نبأ فِي الْقُرْآن فَهُوَ الْخَبَر إِلَّا {فعميت عَلَيْهِم الأنباء} فَإِن المُرَاد الْحجَج
والنبأ والأنباء لم يردا فِي الْقُرْآن إِلَّا لما لَهُ وَقع وشأن عَظِيم(1/886)
[النّظر] : وَالنَّظَر فِي كل الْقُرْآن بالظاء إِلَّا نقيض الْبُؤْس والحزن فَإِنَّهُ بالضاد كَمَا فِي " هَل أَتَى " و " الويل " و " الْقِيَامَة
[النصح] : كل شَيْء خلص فقد نصح
[النكد] : كل شَيْء خرج إِلَى طَالبه بتعسر فَهُوَ النكد
[النجد] : كل مَا ارْتَفع من غور تهَامَة إِلَى الْعرَاق فَهُوَ نجد
[النَّسمَة] : كل دَابَّة فِيهَا روح فَهِيَ نسمَة
[النكباء] : كل ريح تهب بَين ريحين فَهِيَ نكباء
[النسيم] : كل ريح لَا تحرّك شَجرا وَلَا تعفي أثرا فَهِيَ نسيم
[الناجود] : كل إِنَاء يَجْعَل فِيهِ شراب فَهُوَ ناجود
[النَّجْم] : كل طالع فَهُوَ نجم، يُقَال: نجم السن، والقرن، والنبت إِذا طلعت قَالَه الْحسن
[الناشئة] : كل صَلَاة بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة فَهِيَ ناشئة من اللَّيْل، والأمور الَّتِي تحدث فِي سَاعَة اللَّيْل أَو ساعاته فَهِيَ ناشئة اللَّيْل أَيْضا
[النُّكْتَة] : كل نقطة من بَيَاض فِي سَواد أَو عَكسه فَهِيَ النُّكْتَة، يُقَال: هُوَ النُّكْتَة فِي قومه: أَي الْعلم الْمشَار إِلَيْهِ]
[النُّطْق] : كل لفظ يعبر بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِير مُفردا كَانَ أَو مركبا فَهُوَ النُّطْق والمنطق فِي التعارف وَقد يُطلق لكل مَا يصوت بِهِ على التَّشْبِيه أوالتبع
[نهر] : كل كثير جرى فقد نهر
[النيف] ،: كل مَا زَاد على العقد فَهُوَ نَيف حَتَّى يبلغ العقد الثَّانِي، وَذَلِكَ مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى السَّبْعَة [وَمَا بَين الْعشْرين وَالثَّلَاثِينَ وَمَا بَين الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ وَهَكَذَا
[الناتئ] : كل شَيْء ارْتَفع من نبت وَغَيره فَهُوَ ناتئ
[النّسك] : كل متعبد فَهُوَ نسك ومنسك؛ وَمن هَذَا قيل للعابد: ناسك، والنسك فِي الأَصْل غَايَة الْعِبَادَة، وشاع فِي الْحَج لما فِيهِ من الكلفة والبعد عَن الْعَادة
[النَّوْع] : كل ضرب من الشَّيْء وكل صنف من شَيْء فَهُوَ النَّوْع
[النِّسْبَة] : كل نِسْبَة إضافية إِذا كَانَت من خَواص الْجِنْس فَإِنَّهُ تفِيد جنسية الْمُضَاف، كَمَا أَن كل نِسْبَة وَصفِيَّة إِذا كَانَت كَذَلِك فَإِنَّهَا تفِيد جنسية الْمَوْصُوف
[النَّوْع] : كل من الْإِنْسَان وَالْفرس فَإِنَّهُ نوع من الْحَيَوَان، وَإِذا قيد بالرومي أَو الْعَرَبِيّ أَو غير ذَلِك من الْعَوَارِض الَّتِي لم تشخص بهَا كَانَ صنفا
وَكَذَا اسْم الْجِنْس فَإِن الِاسْم نوع من الْكَلِمَة، فَإِذا قيد بالجنسية أَو العلمية مثلا كَانَ صنفا وَتَسْمِيَة الْإِنْسَان جِنْسا وَالرجل نوعا على لِسَان أهل الشَّرْع واصطلاحهم لأَنهم لَا يعتبرون التَّفَاوُت ببن الذاتي والعرضي الَّذِي اعْتَبرهُ الفلاسفة وَلَا يلتفتون إِلَى اصطلاحاتهم فمدار كَون اللَّفْظ جِنْسا أَو نوعا عِنْد الْفُقَهَاء لَيْسَ هُوَ اخْتِلَاف مَا تَحْتَهُ بالنوع أَو الشَّخْص كَمَا هُوَ عِنْد أهل الْمِيزَان، بل بِاعْتِبَار(1/887)
مَرَاتِب الْجَهَالَة بتفاوت حاجات النَّاس وَاخْتِلَاف مقاصدهم، وَلذَلِك تراهم يعدون العَبْد الَّذِي هُوَ أخص من الرَّقِيق الَّذِي هُوَ أخص من الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ نوع منطقي جِنْسا لاخْتِلَاف الْمَقَاصِد، إِذْ قد يقْصد مِنْهُ الْجمال كالتركي، وَقد يقْصد الْخدمَة كالهندي
كل نون سَاكِنة زَائِدَة متطرفة قبلهَا فَتْحة وَإِن لم يكن تَنْوِين تمكن فَإِنَّهَا تقلب فِي الْوَقْف ألفا كَمَا فِي (اضربن)
النُّون: كل مَوضِع دَخلته النُّون الثَّقِيلَة دَخلته الْخَفِيفَة، إِلَّا فِي الِاثْنَيْنِ المذكرين والمؤنثين وَجمع الْإِنَاث
وَالنُّون: تشابه حُرُوف الْمَدّ واللين من وُجُوه: تكون عَلامَة للرفع فِي الْأَفْعَال الْخَمْسَة كَمَا أَن الْألف وَالْوَاو تكون عَلامَة للرفع فِي الْأَسْمَاء الْمُثَنَّاة والمجموعة، وَتَكون ضميرا للْجمع الْمُؤَنَّث كَمَا أَن الْوَاو تكون ضميرا للْجمع الْمُذكر، وَتسقط النُّون فِي تَثْنِيَة الْفِعْل وَجمعه فِي النصب والجزم، وَقد يحذفها الْجَازِم كَمَا فِي (لم يَك) وَقد تحذف لالتقاء الساكنين
وَالنُّون تكون اسْما وَهِي ضمير النسْوَة نَحْو: (قمن)
وَتَكون حرفا وَهِي نَوْعَانِ: نون التوكيد: وَهِي خَفِيفَة وثقيلة
وَنون الْوِقَايَة: وَهِي تلْحق يَاء الْمُتَكَلّم الْمَنْصُوب بِفعل أَو حرف نَحْو: {فاعبدني} {إِنَّنِي أَنا الله}
والمجرورة ب (لدن) أَو ب (من) أَو ب (عَن) : (من لدني) ، (مَا أغْنى عني) ، (محبَّة مني)
(وَتَكون فعل أَمر من ونى يني
وَالنُّون: اسْم الْحُوت)
النَّفْي: كل نفي أَو شَرط فِي مَعْنَاهُ دَاخل على كل مُضَاف إِلَى نكرَة فَإِنَّهُ يُرَاد بِهِ نفي الشُّمُول لَا شُمُول النَّفْي وَالنَّفْي وَمَا فِي حكمه إِذا كَانَ مَعَه قيد فِي الْكَلَام يَجْعَل تَارَة قيدا للمنفي فَيرد النَّفْي على الْمُقَيد ويتبادر مِنْهُ عرفا انْتِفَاء الْقَيْد وَثُبُوت أَصله وَأُخْرَى قيدا للنَّفْي، وَيتَعَيَّن كل وَاحِد من الاعتبارين بِقَرِينَة تشهد لَهُ، وَالنَّفْي إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَى الْقَيْد إِذا صلح أَن يكون الْقَيْد قيدا للمثبت، ثمَّ دخل النَّفْي نَحْو: (مَا ضَربته تأديبا لَهُ) (وَإِذا لم يصلح أَن يكون قيدا للمثبت فَلَا يتَوَجَّه النَّفْي إِلَيْهِ) ، بل يكون قيدا للمنفي نَحْو: (لَا أحب المَال لمحبة الْفقر) [وَالْأَصْل أَن يكون النَّفْي للقيد فَقَط] وَقد يكون النَّفْي رَاجعا إِلَى الْقَيْد والمقيد جَمِيعًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع} أَي لَا شَفَاعَة وَلَا طَاعَة وَقد يُقَال: إِذا كَانَ فِي الْكَلَام قيد فكثيرا مَا يتَوَجَّه الْإِثْبَات أَو النَّفْي إِلَيْهِ، وَيكون هُنَاكَ إِثْبَات الْقَيْد أَو نَفْيه فَيعْتَبر فِيهِ الْقَيْد أَولا ثمَّ الْإِثْبَات أَو(1/888)
النَّفْي (وَقد لَا يتَوَجَّه وَيكون هُنَاكَ قيد الْإِثْبَات أَو النَّفْي فَيعْتَبر فِيهِ أَولا الْإِثْبَات أَو النَّفْي ثمَّ الْقَيْد) وَقد يَجْعَل الْقَيْد مُتَأَخِّرًا على كل حَال من جِهَة الْمَعْنى، كَمَا أَنه مُتَأَخّر من جِهَة اللَّفْظ فَيُقَال: الْقَيْد إِمَّا للنَّفْي أَو للمنفي وَكَذَا الْإِثْبَات
وَنفي الْمُقَيد من حَيْثُ أَنه مُقَيّد لَا يلْزم أَن يكون بِانْتِفَاء نفس الْقَيْد، بل اللَّازِم مُجَرّد انْتِفَاء الْقَيْد سَوَاء كَانَ انتفاؤه بِانْتِفَاء مَجْمُوع الْقَيْد والمقيد أَو بِانْتِفَاء نفس الْقَيْد فَقَط، كَمَا قيل من أَن نفي الْمُقَيد يرجع إِلَى انْتِفَاء قَيده
والقيد الْوَارِد بعد النَّهْي قد يكون قيدا للْفِعْل مثل: (لَا تصل إِذا كنت مُحدثا)
وَقد يكون قيدا لتَركه مثل: (لَا تبالغ فِي الِاخْتِصَار إِن حاولت سهولة الْفَهم
وَقد يكون قيدا لطلبه نَحْو: (لَا تشرب الْخمر إِن كنت مُؤمنا)
وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": " النَّهْي عَن الْمُقَيد بِحَال أَو غَيرهَا قد يتَوَجَّه بِالذَّاتِ نَحْو الْفِعْل تَارَة والقيد أُخْرَى وَقد يتَوَجَّه نَحْو الْمَجْمُوع، وَكَذَلِكَ النَّفْي " انْتهى
والنافي إِن كَانَ صَادِقا يُسمى كَلَامه نفيا، وَلَا يُسمى جحدا مِثَاله: {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} وَإِن كَانَ كَاذِبًا يُسمى جحدا ونفيا أَيْضا مِثَاله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة قَالُوا هَذَا سحر مُبين وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم}
والجحد إِذا كَانَ فِي أول الْكَلَام يكون حَقِيقِيًّا نَحْو: (مَا زيد بقائم) وَإِذا كَانَ فِي أول الْكَلَام جحدان كَانَ أَحدهمَا زَائِدا وَعَلِيهِ: {فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} فِي أحد الْأَقْوَال وَإِذا أُتِي بَين الْكَلَام بجحدين يكون الْكَلَام إِخْبَارًا نَحْو: {وَمَا جعلناهم جسدا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام}
وَنفي ذَات الشَّيْء يسْتَلْزم نفي الْحَال بِلَا عكس لَكِن فِي صُورَة نفي جَمِيع الْأَحْوَال
وَنفي الذَّات الموصوفة قد يكون نفيا للصفة دون الذَّات نَحْو: {وَمَا جعلناهم جسدا لَا يَأْكُلُون الطَّعَام} أَي: بل هم جَسَد يَأْكُلُون الطَّعَام
وَقد يكون نفيا للذات أَيْضا نَحْو: {مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع}
قَالَ بَعضهم: النَّفْي إِذا دخل على الذَّات يتَوَجَّه إِلَى نفي الصِّفَات مُطلقًا لِأَن الذَّات لَا تنفى أصلا بِخِلَاف مَا إِذا دخل على الْفِعْل فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل فَقَط، وَنفي الْمُبَالغَة فِي الْفِعْل لَا يسْتَلْزم نفي أصل الْفِعْل
وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} إِنَّمَا جِيءَ بِهِ فِي مُقَابلَة العبيد لِأَنَّهُ جمع كَثْرَة أَو على النّسَب أَي بِذِي ظلم، أَو بِمَعْنى فَاعل لَا كَثْرَة فِيهِ، أَو لِأَن أقل الْقَلِيل لَو ورد من الرب الْجَلِيل كَانَ كثيرا كَمَا يُقَال: زلَّة الْعَالم كَبِيرَة
وَنفي الْعَام يدل على نفي الْخَاص، (وثبوته لَا يدل على ثُبُوته، وَثُبُوت الْخَاص يدل على ثُبُوت الْعَام، ونفيه لَا يدل على نَفْيه، وَنفي الْعَام أحسن من نفي(1/889)
الْخَاص) ، وَإِثْبَات الْخَاص أحسن من إِثْبَات الْعَام، وَنفي الْوَاحِد يلْزم مِنْهُ نفي الْجِنْس الْبَتَّةَ، وَنفي الْجِنْس قد يكون صِيغَة نَحْو: (لَا رجل) بِالْفَتْح، وَقد يكون دلَالَة نَحْو: (مَا من رجل) وَقد يكون اسْتِعْمَالا نَحْو: (مَا فِي الدَّار ديار) وَهَذِه الثَّلَاثَة نُصُوص فِي نفي الْجِنْس لَا تحْتَمل غَيره
وَقد يكون إِرَادَة نَحْو: (مَا جَاءَنِي رجل)
وَنفي الْأَدْنَى يلْزم مِنْهُ نفي الْأَعْلَى
وَقد ينفى الشَّيْء مُقَيّدا وَالْمرَاد نَفْيه مُطلقًا مُبَالغَة فِي النَّفْي وتأكيدا لَهُ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {رفع السَّمَاوَات بِغَيْر عمد ترونها} فَإِنَّهَا لَا عمد لَهَا أصلا {وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر الْحق} فَإِن قَتلهمْ لَا يكون إِلَّا بِغَيْر الْحق
وَقد ينفى الشَّيْء رَأْسا لعدم كَمَال وَصفه أَو انْتِفَاء ثَمَرَته كَقَوْلِه تَعَالَى فِي صفة أهل النَّار: {لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى} نفى عَنهُ الْمَوْت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْت صَرِيح؛ وَنفى عَنهُ الْحَيَاة أَيْضا لِأَنَّهَا لَيست بحياة طيبَة وَلَا نافعة
[النّسَب] : كل مَا آخِره يَاء مُشَدّدَة فَإِنَّهَا عِنْد النّسَب لَا تبقى بل إِمَّا تحذف بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا فِي (كرْسِي) و (بخْتِي) و (شَافِعِيّ) و (قَرْني) ، أَو يحذف أحد حرفيها ويقلب الآخر واوا ك (دمية) و (تَحِيَّة) فَيُقَال: (دموي) و (تحوي) ، أَو يبْقى أَحدهمَا ويقلب الآخر ك (حَيّ) و (حيوي) وَقَالُوا فِي حنيفَة: (حَنَفِيّ) لأَنهم لما حذفوا هَاء حنيفَة حذفوا أَيْضا ياءها، وَلما لم يكن فِي (حنيف) هَاء تحذف فتحذف لَهَا الْيَاء صحت الْيَاء فَقَالُوا فِيهِ: حنيفي وَالنّسب الْحَقِيقِيّ: مَا كَانَ مؤثرا فِي الْمَعْنى
وَغير الْحَقِيقِيّ مَا تعلق بِاللَّفْظِ فَقَط ك (كرْسِي) إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْء يُقَال لَهُ كرس فينسب إِلَيْهِ
وينسب أهل الحرفة إِلَى فعال كالبقال
وَالنِّسْبَة إِلَى مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (مدنِي) وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور (مديني) وَإِلَى مَدِينَة كسْرَى (مدايني)
وَعَن أبي عبد الله البُخَارِيّ: أَن الْمَدِينِيّ بِالْيَاءِ هُوَ الَّذِي أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ وَلم يفارقها، وَالْمَدَنِي هُوَ الَّذِي تحول عَنْهَا وَفِي " شرح سلم ": " الْمدنِي كالمديني مَنْسُوب إِلَى مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام "
وَالْإِنْسَان مدنِي، والطائر وَنَحْوه مديني وَمن ولد بِالْبَصْرَةِ وَنَشَأ بِالْكُوفَةِ وتوطن بهَا فَهُوَ بَصرِي عِنْد أبي حنيفَة فَإِنَّهُ يعْتَبر المولد، كُوفِي عِنْد أبي يُوسُف فَإِنَّهُ يعْتَبر المنشأ وَلَا يرَوْنَ النّسَب إِلَّا إِلَى وَاحِد الجموع كَمَا يُقَال فِي النّسَب إِلَى الْفَرَائِض (فَرضِي) اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَجْعَل الْجمع اسْما علما للمنسوب إِلَيْهِ فيوقع حِينَئِذٍ إِلَى صيغته كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى قَبيلَة هوَازن (هوازني) ، وَإِلَى مَدِينَة الأنبار (أنباري) ، وَإِلَى حَيّ كلاب (كلابي) ، وَإِلَى أبي بكر (بكري) ، وَكَذَا إِلَى بني بكر بن عبد منَاف وَبكر بن وَائِل، وَأما (بكراوي) فَهُوَ إِلَى بني أبي بكر بن كلاب
وَالنّسب إِذا كَانَ إِلَى أبي بكر الصّديق يُقَال: الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ لِأَن الْقرشِي أَعم من أَن يكون هاشميا، والتيمي أَعم من أَن يكون من ولد أبي بكر وَإِن كَانَ إِلَى عمر الْفَارُوق يُقَال(1/890)
الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ وَإِن كَانَ إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان يُقَال: الْقرشِي الْأمَوِي العثماني وَإِن كَانَ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب يُقَال: الْقرشِي الْهَاشِمِي الْعلوِي (والمنسوب فِي قَوْلنَا: رجل بغدادي وبغداد بِلَا يَاء هُوَ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ، فالرجل مَوْصُوف ببغدادي وَهُوَ صفة نسبى لَهُ) وَإِنَّمَا جَازَت النِّسْبَة إِلَى الْجمع بِصفتِهِ لِأَنَّهُ خرج عَن معنى الْجمع بِكَوْنِهِ اسْما وَإِلَّا فَالْأَصْل أَن يرد الْجمع إِلَى الصَّحِيح الْوَاحِد ثمَّ ينْسب إِلَيْهِ
وَإِذا نسبت إِلَى مُضَاف وَلم تخف اللّبْس فانسب إِلَى الأول ك (عَبدِي) فِي عبد قيس، وَإِن خفت مِنْهُ فانسب إِلَى الثَّانِي ك (المطلبي) فِي عبد الْمطلب، وَإِن شِئْت خُذ من الثَّانِي حرفين وَمن الأول حرفين ثمَّ انسب ك (عبدري) فِي عبد الدَّار و (عبشمي) فِي عبد شمس
وَإِذا نسبت إِلَى اسْم فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث حذفتها ك (مكي) و (فاطمي)
وَإِذا نسبت إِلَى اسْم ثلاثي مكسور الْعين فتحت عينه ك (نمري) و (إبلي)
وَإِذا نسبت إِلَى اسْم على أَرْبَعَة أحرف ثَانِيه متحرك لم تغير الكسرة الْبَتَّةَ، وَإِذا كَانَ ثَانِيه سَاكِنا فالجيد بَقَاء الكسرة
وَإِذا نسبت إِلَى الِاسْم الْمَقْصُور فَإِن كَانَ أَلفه ثَالِثَة قلبتها واوا سَوَاء كَانَ من بَنَات الْوَاو أَو الْيَاء ك (عصوي) فِي عَصا، و (رحوي) فِي رحى، وَإِذا كَانَت رَابِعَة وَالثَّانِي سَاكن فَإِن كَانَ بَدَلا ك (ملهي) فالجيد إِقْرَارهَا وإبدالها وَإِن كَانَت الْألف رَابِعَة زَائِدَة للتأنيث نَحْو (حُبْلَى) و (دنيا) فالجيد حذفهَا لِأَنَّهَا كالتاء فِي الدّلَالَة على التَّأْنِيث فَتَقول: (حبلي) و (دنيي) وَمِنْهُم من شبهها بملهي فَتَقول: (حبلوي) و (دُنْيَوِيّ) وَمِنْهُم من شبههما بِالْألف الممدودة فَتَقول: (حبلاوي) و (دنياوي)
وَإِذا كَانَت خَامِسَة أَو سادسة وَجب حذفهَا أَصْلِيَّة كَانَت أَو زَائِدَة لِأَن إِثْبَاتهَا يفرط فِي طول الْبناء، فَتَقول فِي مصطفى (مصطفي) وَهُوَ الصَّوَاب [و (مصطفوي) لحن كشفعوي وقريشي بِحَذْف الْيَاء شَاذ، لِأَن مَا هُوَ على صِيغَة التصغير إِذا كَانَ مَعَ التَّاء تحذف ياؤه كَمَا فِي حنيفَة وَإِذا كَانَت بِلَا تَاء لَا يُغير كحسيني
واليائي المنقوص إِذا كَانَت رَابِعَة نَحْو قَاض إِذا سميت بِهِ عاملته مُعَاملَة تغلب
وَإِذا كَانَ الِاسْم على فعل سَاكن الْعين لامه يَاء أَو وَاو وَلَيْسَ فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث ك (ظَبْي) و (دلو) فالنسبة إِلَيْهِ على لَفظه من غير تَغْيِير شَيْء بِلَا خلاف، وَلَا يلْحق الْألف وَالنُّون فِي النّسَب إِلَّا بأسماء محصورة زيدتا فِيهَا للْمُبَالَغَة ك (الرقباني) و (اللحياني) و (الجماني) و (الروحاني) و (الرباني) و (الصيدلاني) و (الصيدناني)
وتحذف التَّاء فِي نِسْبَة الْمُذكر إِلَى (الْمُؤَنَّث كَمَا فِي نِسْبَة) الرجل إِلَى بصرة كَيْلا تَجْتَمِع تاءان فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث، والحذف فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث إِلَى الْمُؤَنَّث بِالْأولَى
وَالنّسب يُغير الِاسْم تغييرات مِنْهَا أَنه يَنْقُلهُ من(1/891)
التَّعْرِيف إِلَى التنكير، تَقول فِي تَمِيم: تميمي
وَمن الجمود إِلَى الِاشْتِقَاق وَإِلَّا لما جَازَ وصف الْمُؤَنَّث بِهِ ولحاق التَّاء، وَلما عمل الرّفْع فِيمَا بعده من ظَاهر أَو ضمير والنداء لما أثر فِيهَا التَّغْيِير بِالْبِنَاءِ جَازَ أَن يتَطَرَّق إِلَيْهِ تَغْيِير آخر بالترخيم لِأَن التَّغْيِير يأنس بالتغيير
وَكثر تَغْيِير الْأَعْلَام بِالنَّقْلِ لما عرف أَنه يأنس بالتغيير
وَلَا يجوز النِّسْبَة إِلَى اثْنَي عشر وَلَا إِلَى غَيره من الْعدَد الْمركب إِلَّا إِذا كَانَ علما فَحِينَئِذٍ ينْسب إِلَى صَدره، فَيُقَال فِي خَمْسَة عشر (خمسي) وَفِي بعلبك (بعلي) [النّسخ] : هُوَ فِي اللُّغَة النَّقْل والتحويل، وَمِنْه نسخ الْكتاب، فعلى هَذَا الْوَجْه كل الْقُرْآن مَنْسُوخ لِأَنَّهُ نسخ من اللَّوْح الْمَحْفُوظ
وَبِمَعْنى الرّفْع أَيْضا يُقَال: نسخت الشَّمْس الظل: إِذا ذهبت بِهِ وأبطلته، فعلى هَذَا يكون بعض الْقُرْآن نَاسِخا وَبَعضه مَنْسُوخا وَهُوَ المُرَاد من قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة} وَالْمرَاد بالنسخ الْخطاب الْقَاطِع لحكم خطاب شَرْعِي سَابق على وَجه الْخطاب الْقَاطِع لاستمرار ذَلِك الحكم، وَلَيْسَ قطع الِاسْتِمْرَار رَاجعا إِلَى الْكَلَام الْقَدِيم الَّذِي هُوَ صفة الرب، لِاسْتِحَالَة عدم الْقَدِيم بل إِنَّمَا هُوَ عَائِد إِلَى قطع تعلقه بالمكلف وكف الْخطاب عَنهُ وَذَلِكَ غير مُسْتَحِيل] (وتناسخ الْمَوَارِيث: تَحْويل الْمِيرَاث من وَاحِد إِلَى وَاحِد)
وَفِي الشَّرِيعَة: هُوَ بَيَان انْتِهَاء الحكم الشَّرْعِيّ الَّذِي فِي تَقْدِير أوهامنا استمراره لولاه بطرِيق التَّرَاخِي
[والنسخ جَائِز وواقع عِنْد جَمِيع الْمُسلمين خلافًا لأبي مُسلم الْأَصْفَهَانِي فِي وُقُوعه فِي شريعتنا، كَذَا حَكَاهُ الإِمَام رَحمَه الله عَنهُ فِي تَفْسِيره، وَخِلَافًا للْيَهُود فِي الْجَوَاز، وهم فِي ذَلِك فريقان: مِنْهُم من أنكر ذَلِك نقلا متمسكا بِأَنَّهُم وجدوا فِي التَّوْرَاة: تمسكوا بالسبت مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَبِأَنَّهُ ثَبت بالتواتر عَن سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: لَا ينْسَخ شَرِيعَته وَمِنْهُم من أنكر ذَلِك عقلا محتجا بِأَن الْأَمر بالشَّيْء دَلِيل حسنه، وَالنَّهْي عَنهُ دَلِيل قبحه، فَالْقَوْل بِجَوَاز النّسخ يُؤَدِّي إِلَى البداء وَالْجهل بعواقب الْأُمُور، وَحجَّتنَا فِي ذَلِك من حَيْثُ السّمع أَن أحدا لَا يُنكر استحلال الْأَخَوَات فِي شَرِيعَة سيدنَا آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ حرم ذَلِك فِي شَرِيعَة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَجَوَاز الِاسْتِمْتَاع بِمن هُوَ بعض من الْمَرْء فَإِن حَوَّاء خلقت مِنْهُ وحلت لَهُ، وَالْيَوْم حرَام نِكَاح الْجُزْء كَنِكَاح الْبِنْت بِلَا خلاف بَيْننَا وَبينهمْ، وَجَوَاز سرقات الْحر فِي عهد سيدنَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ انتسخ بالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ إِبَاحَة الْعَمَل فِي السبت قبل زمَان سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالتَّحْرِيم فِي شَرِيعَته فَإِنَّهُم يوافقوننا فِي أَن حُرْمَة الْعَمَل فِي السبت من شَرِيعَة سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة(1/892)
وَالسَّلَام]
وَاعْلَم أَن النّسخ إِنَّمَا يجْرِي فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الَّتِي لَهَا جَوَاز أَن لَا تكون مَشْرُوعَة دون الْأَحْكَام الْعَقْلِيَّة، كوجوب الْإِيمَان، وَحُرْمَة الْكفْر، وَمَا يُمكن مَعْرفَته بِمُجَرَّد الْعقل من غير دَلِيل السّمع
وَكَذَلِكَ مَا بَقِي من الْأَحْكَام بعد وَفَاة رَسُول الله لِأَن الانتساخ بِالْوَحْي، وَقد انْقَطع بعده
وَاخْتلفُوا فِي الحكم الَّذِي قرن بِهِ لفظ الْأَبَد؛ فَمن قَالَ: يحْتَمل النّسخ، مُرَاده أَن النَّاسِخ مَتى ورد ظهر أَنه أُرِيد بِلَفْظ الْأَبَد بعض مَا يتَنَاوَلهُ الْأَبَد فَأَما إِذا كَانَ الْأَبَد مرَادا عِنْد الله تَعَالَى فَلَا يجوز نسخه بِالْإِجْمَاع لكَونه بداء وَاخْتلفُوا أَيْضا فِي الْإِخْبَار إِذا كَانَ فِي غير الْأَحْكَام كدخول الْمُؤمنِينَ الْجنَّة والكافرين النَّار، وأمثال ذَلِك قَالَ عَامَّة أهل الْأُصُول: لَا يحْتَمل النّسخ لما فِيهِ من الْخلف فِي الْخَبَر وَقيل فِي الْوَعْد كَذَلِك وَأما فِي الْوَعيد فَيجوز النّسخ، لِأَن الْخلف فِي الْوَعيد من بَاب الْكَرم، وَجَاز نسخ الْخَبَر الَّذِي يتَضَمَّن حكما لَا الْخَبَر الْمَحْض عَن الْمَاضِي وَنسخ آيَة النَّجْوَى هُوَ نسخ على الْحَقِيقَة وَنسخ التَّوَجُّه إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِالْكَعْبَةِ، وَصَوْم عَاشُورَاء برمضان هُوَ النّسخ تجوزا وَأما كل أَمر ورد فَيجب امتثاله فِي وَقت مَا لعِلَّة تَقْتَضِي ذَلِك الحكم، ثمَّ تنْتَقل بانتقال تِلْكَ الْعلَّة إِلَى حكم آخر، فَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ نسخا، بل هُوَ من قبيل المنسى كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {أَو ننسها} وَإِنَّمَا النّسخ الْإِزَالَة للْحكم حَتَّى لَا يجوز امتثاله [ثمَّ النّسخ بِمَعْنى الرّفْع والإزالة على وُجُوه: أَحدهَا أَن يثبت الْخط وينسخ الحكم مثل آيَة الْوَصِيَّة للأقارب، وَآيَة عدَّة الْوَفَاة، وَآيَة التَّخْفِيف فِي الْقِتَال، وَآيَة الممتحنة وَنَحْوهَا
وَمِنْهَا أَن ترفع تلاوتها وَيبقى حكمهَا مثل آيَة الرَّجْم
وَمِنْهَا: أَن ترفع أصلا كَمَا قيل إِن سُورَة الْأَحْزَاب كَانَت مثل سُورَة الْبَقَرَة فَرفع أَكْثَرهَا تِلَاوَة وَحكما
فآية الْوَصِيَّة نسخت بِالْمِيرَاثِ، وعدة الْوَفَاة نسخت من الْحول إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشر ومصابرة الْوَاحِد الْعشْرَة فِي الْقِتَال نسخت بمصابرة الِاثْنَيْنِ، وَآيَة امتحان النِّسَاء مِمَّا يرفع وَلَا يُقَام غَيره مقَامه]
والتخالف فِي جزئيات الْأَحْكَام بِسَبَب تفَاوت الْأَعْصَار فِي الْمصَالح من حَيْثُ إِن كل وَاحِد مِنْهَا حق بِالْإِضَافَة إِلَى زمانها مراعى فِيهِ صَلَاح من خُوطِبَ بهَا وَذَلِكَ انتساخ الشَّرِيعَة لَا انتساخ النُّبُوَّة وَالْأول لَا يسْتَلْزم الثَّانِي
والتغير والتفاوت من عوارض الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بِالْمَعْنَى الْقَائِم بِالذَّاتِ الْقَدِيم، فَلَا احتجاج بهما على حُدُوث الْقُرْآن [والنسخ لَا يجوز إِلَّا بِالْكتاب وَالسّنة، وَيجوز نسخ الْكتاب بِالْكتاب وَالسّنة بِالسنةِ إِذا كَانَت الثَّانِيَة مثل الأولى أَو فَوْقهَا فِي الْقُوَّة بِلَا خلاف بَين الْعلمَاء، وَيجوز نسخ السّنة بِالْكتاب وَنسخ الْكتاب بِالسنةِ المتواترة عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور، وَيجوز نسخ الْكتاب وَالسّنة المتواترة بِخَبَر الْوَاحِد(1/893)
فِي حَيَاة النَّبِي المكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن أهل قبَاء استداروا إِلَى الْكَعْبَة فِي خلال الصَّلَاة بِخَبَر ابْن سيدنَا عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ بالتحويل، وَقد كَانُوا يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِنَاء على مَا ثَبت من الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يُنكر عَلَيْهِم]
وَفَائِدَة النّسخ إِمَّا على تَقْدِير كَون الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة معللة بمصالح الْعباد واللطف بهم كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَيجوز أَن تخْتَلف مصَالح الْأَوْقَات فتختلف الْأَحْكَام بحسبها كمعالجة الطَّبِيب
وَأما على مَا ذهب إِلَيْهِ المتكلمون من أَن الْأَحْكَام مستندة إِلَى مَحْض إِرَادَة الله من غير دَاع وباعث فَالْأَمْر هَين لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْحَاكِم (الْمُطلق الفعال لما يُرِيد) فَيجوز لَهُ أَن يضع حكما وَيرْفَع حكما لَا لغَرَض وَلَا باعث لَا سِيمَا إِذا كَانَ متضمنا لمصْلحَة وَحِكْمَة كَسَائِر أَفعاله المنزهة عَن الْأَغْرَاض والبواعث الْمُشْتَملَة على الحكم والمصالح الجمة، فَكَمَا لَا تنَافِي بَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لوُجُود الْحَوَادِث فِي وَقت وَبَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لفنائه فِي وَقت آخر كَذَلِك لَيْسَ بَين تَحْلِيل الشَّيْء فِي زمَان وتحريمه فِي زمَان آخر تناف أصلا وكما أَن مُدَّة بَقَاء كل حَادث وزمان فنائه معِين فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لنا، كَذَلِك مُدَّة بَقَاء كل حكم وزمان تغيره كَانَ مقررا معينا فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لأهل الْأَدْيَان السالفة إِلَى أَن (تمّ بِنَاء قصر النُّبُوَّة بِوُجُود خَاتم النَّبِيين) مُحَمَّد سيد الْمُرْسلين فانغلق بعده بَاب النّسخ لما أَنه بعث لتتميم مَكَارِم الْأَخْلَاق [فَصَارَ جَامعا بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن على الْإِطْلَاق
(وَقد كَانَ شرع عِيسَى شرع مُوسَى وَلَا يخل ذَلِك بِكَوْنِهِ مُصدقا للتوراة كَمَا لَا يعود بنسخ الْقُرْآن بعضه بِبَعْض عَلَيْهِ تنَاقض وتكاذب فَإِن النّسخ فِي الْحَقِيقَة بَيَان وَتَخْصِيص فِي الْأَزْمَان)
النكرَة: هِيَ مَا لَا يدل إِلَّا على مَفْهُوم من غير دلَالَة على تَمْيِيزه وحضوره وَتَعْيِين ماهيته من بَين الماهيات وَإِن كَانَ تعقله لَا يَنْفَكّ عَن ذَلِك، لَكِن فرق بَين حُصُول الشَّيْء وملاحظته وَحُضُور الشَّيْء وَاعْتِبَار حُضُوره
وَهِي إِذا كَانَت فِي سِيَاق النَّفْي مَبْنِيَّة مَعَ (لَا) على الْفَتْح مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) أَو مقترنة ب (من) ظَاهِرَة مثل: (مَا من رجل فِي الدَّار) أَو كَانَت من النكرات الْمَخْصُوصَة بِالنَّفْيِ ك (أحد) دلّت على الْعُمُوم نصا، وَفِي غير هَذِه الْمَوَاضِع تدل على الْعُمُوم ظَاهرا، وتحتمل نفي الْوحدَة احْتِمَالا مرجوحا لصِحَّة أَن يُقَال فِي نَحْو: (لَا فِي الدَّار رجل) بل رجلَانِ أَو رجال
والنكرة فِي الْإِثْبَات للبعضية إِلَّا إِذا وصفت بِصفة عَامَّة، فَحِينَئِذٍ تعم بِعُمُوم الصّفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا}
وتحتمل الِاسْتِغْرَاق احْتِمَالا مرجوحا إِلَّا فِي(1/894)
الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة آنِفا
والنكرة فِي سِيَاق النَّفْي تعم عِنْد الشَّافِعِي، حَتَّى ذهب إِلَى أَن الْفَاسِق لَا يَلِي عقد النِّكَاح بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} وَعِنْدنَا لَا تعم، لِأَن الاسْتوَاء الْمَنْفِيّ هُوَ الِاشْتِرَاك من بعض الْوُجُوه
والعموم فِي النكرَة الَّتِي كَانَت فِي سِيَاق الشَّرْط نَحْو: (من يأتني بِمَال فأجازيه) بدلي
وَقد يكون شموليا نَحْو {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره} فَإِنَّهُ شَامِل لكل فَرد فَرد
والنكرة إِذا كَانَت خَاصّا فَإِن وَقعت فِي الْإِنْشَاء فَهِيَ مُطلق تدل على نفس الْحَقِيقَة من غير تعرض لأمر زَائِد وَإِن وَقعت فِي الْإِخْبَار مثل: (رَأَيْت رجلا) فَهِيَ لإِثْبَات وَاحِد مُبْهَم من ذَلِك الْجِنْس غير مَعْلُوم التعين عِنْد السَّامع
والنكرة تعم الْأَفْرَاد بِوَصْف عَام هُوَ شَرط فِي عمومها، وَلَا تعم عددا محصورا من الْأَفْرَاد كالجنس إِذا عَم يتَنَاوَل جَمِيع الْأَفْرَاد، إِذْ لَيْسَ بعض أَفْرَاده أولى بِالْعرْفِ من بعض، وَلَا تعم الْأَعْدَاد لِأَن كل جنس من حَيْثُ إِنَّه جنس فَرد وَاحِد بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِر الْأَجْنَاس، وَاسم الْفَرد يحْتَمل الْكل لِأَنَّهُ فَرد حكما، وَيحْتَمل الْأَدْنَى لِأَنَّهُ فَرد حَقِيقَة، وَلَا يحْتَمل مَا بَينهمَا لِأَنَّهُ عدد، وَاسم الْفَرد لَا يحْتَمل الْعدَد
والنكرة فِي الشَّرْط تعم، لِأَن معنى التنكير لَا يتَحَقَّق إِلَّا بالتعميم
وَفِي الْجَزَاء تخص، كَمَا تعم فِي النَّفْي، وتخص فِي الْإِثْبَات
وَعُمُوم النكرَة مَعَ الْإِثْبَات فِي الْمُبْتَدَأ كثير، وَفِي الْفَاعِل قَلِيل نَحْو: {علمت نفس مَا قدمت} بِخِلَاف مَا فِي حيّز النَّفْي، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُبْتَدَأ أَو الْفَاعِل وَغَيرهمَا
والنكرة الْمَوْضُوعَة لفرد من الْجِنْس يسْتَعْمل تثنيتها وَجَمعهَا، وَهِي على أصل وَضعهَا والنكرة الْمَوْضُوعَة لنَفس الْجِنْس لَا تثنى وَلَا تجمع مُطلقًا والنكرة يجوز اسْتِعْمَالهَا فِي الْمَحْدُود وَغَيره
والمبهم يجوز إِطْلَاقه على الْمَحْدُود فَقَط
والنكرة إِذا أُعِيدَت معرفَة كَانَت الثَّانِيَة عين الأولى لدلَالَة الْعَهْد وَإِذا أُعِيدَت نكرَة كَانَت الثَّانِيَة غير الأولى غَالِبا، لِأَن النكرَة تتَنَاوَل وَاحِدًا غير عين، فَلَو انْصَرف إِلَى الأولى تعيّنت من وَجه فَلَا تكون نكرَة
والمعرفة إِذا أُعِيدَت معرفَة كَانَت الثَّانِيَة عين الأولى لدلَالَة الْعَهْد أَيْضا، وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: " لن يغلب عسر يسرين " وَقد نظمت فِيهِ
(وَلَو أَن عرفانا تكَرر أمره ... كفرد خلاف النكر قَاعِدَة الْأَب)
(فعسران عسر لَيْسَ يسران هَكَذَا ... فَكُن قَائِلا بالحكم فِيهِ لمن غلب)
وَإِذا أُعِيدَت نكرَة كَانَت الثَّانِيَة غير الأولى، لِأَن فِي صرف الثَّانِيَة إِلَى الأولى نوع تعين، فَلَا تكون نكرَة على الْإِطْلَاق
وَفِي " الإتقان ": لَا يُطلق القَوْل حِينَئِذٍ بل يتَوَقَّف على الْقَرَائِن، فَتَارَة تقوم قرينَة على التغاير، وَتارَة(1/895)
على الِاتِّحَاد وَقَالَ بَعضهم: هَذَا الأَصْل عِنْد الْإِطْلَاق، وخلو الْمقَام عَن الْقَرَائِن، وَإِلَّا فقد تُعَاد النكرَة نكرَة مَعَ الْمُغَايرَة، وَقد تُعَاد الْمعرفَة معرفَة مَعَ الْمُغَايرَة أَيْضا، وَقد تُعَاد الْمعرفَة نكرَة مَعَ عدم الْمُغَايرَة
[قَالَ الإِمَام فَخر الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي جعل قَوْله تَعَالَى: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} من هَذَا الْقَبِيل نظر عِنْدِي، وَوَجهه أَن هَذَا اللَّفْظ لَا يحْتَمل هَذَا الْمَعْنى كَمَا لَا يحْتَمل قَول الْقَائِل: (إِن مَعَ الْفَارِس رمحا إِن مَعَ الْفَارِس رمحا) أَن يكون مَعَه رمحان، بل هَذَا من بَاب التوكيد انْتهى
فَكَأَن ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قصدا باليسرين مَا فِي قَوْله تَعَالَى (يسرا) من معنى التفخيم فتأولوا يسر الدَّاريْنِ وَذَلِكَ يسران فِي الْحَقِيقَة فَظهر من هَذَا أَن الْحمل على الغيرية والعينية فِي الْمُعَرّف وَالْمُنكر لَا مُطلقًا بل عِنْد عدم الْمَانِع، وَلِهَذَا قُلْنَا إِن الْكتاب الثَّانِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب} غير الأول وَإِن أُعِيد مُعَرفا، وَكَذَا الْملك الثَّانِي فِي قَوْله تَعَالَى: {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} غير الأول، ثمَّ هَذَا الأَصْل لَا يخْتَص بالتعريف اللامي بل يجْرِي فِي غَيره أَيْضا قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي " الْجَامِع الصَّغِير ": لَو قَالَ: (سدس مَالِي لفُلَان) ثمَّ قَالَ فِي ذَلِك الْمجْلس أَو فِي مجْلِس آخر (سدس مَالِي لفُلَان) يَعْنِي الأول فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا سدس وَاحِد، إِذْ السُّدس أُعِيد مُعَرفا، لِأَن الْإِضَافَة من أَسبَاب التَّعْرِيف، وعَلى هَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: إِذا أقرّ الرجل بمئة دِرْهَم فِي مجْلِس وَأشْهد عَدْلَيْنِ ثمَّ آخَرين فِي مجْلِس آخر على إِقْرَاره بمئة أَو أَكثر أَو أقل فَإِنَّهُ يجب المالان جَمِيعًا إِذا ادّعى الطَّالِب ذَلِك]
والنكرات بَعْضهَا أنكر من بعض كالمعارف، فَأنْكر النكرات شَيْء، ثمَّ متحيز، ثمَّ جسم، ثمَّ نَام، ثمَّ حَيَوَان، ثمَّ ماش، ثمَّ ذُو رجلَيْنِ، ثمَّ إِنْسَان، ثمَّ رجل وَالضَّابِط أَن النكرَة إِذا دخل غَيرهَا تحتهَا وَلم تدخل هِيَ تَحت غَيرهَا فَهِيَ أنكر النكرات، وَإِن دخلت تَحت غَيرهَا وَدخل غَيرهَا تحتهَا فَهِيَ بِالْإِضَافَة إِلَى مَا يدْخل تحتهَا أَعم، وبالإضافة إِلَى مَا تدخل تَحْتَهُ غَيرهَا أخص وَقد نظمت فِيهِ:
(إِذا رَأَيْت فَردا يلوذ مثل فَرد ... ويلتجي إِلَيْهِ فَذَاك من حذَارِي)
(فَكُن كَمَا أَقُول عَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ ... وَأعرف المعارف بضده شعاري)
وتعريف النكرَة إِمَّا بِالْإِضَافَة كبني آدم وَبني تَمِيم، أَو بِاللَّامِ كالرجال وَالنِّسَاء، أَو بِالْإِشَارَةِ كهذه وَهَذَا، أَو بِنسَب الْغَائِب ك (فُلَانَة بنت فلَان) ، أَو صفته ك (الْمَرْأَة الَّتِي أَتَزَوَّجهَا أَو تفعل كَذَا) [وَالْقَوْل بِعُمُوم النكرَة عِنْد اتصافها بِالصّفةِ الْعَامَّة غير مطرد بل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي مَوضِع الْإِبَاحَة كالاستثناء من النَّفْي مثلا فِي مَوضِع التحريض كَمَسْأَلَة (أَي) ، وَأما فِي مَوضِع الْجَزَاء كَقَوْلِه(1/896)
تَعَالَى: {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَالْخَبَر كَقَوْلِك: (جَاءَنِي رجل كُوفِي) فَلَا]
النَّفس: هِيَ ذَات الشَّيْء وَحَقِيقَته، وَبِهَذَا تطلق على الله تَعَالَى، [قَالَ السَّيِّد الشريف عَلَيْهِ الرَّحْمَة: اسْتِعْمَال النَّفس بِمَعْنى الذَّات غير مَشْهُور] (وَعين الشَّيْء أَيْضا) جَاءَنِي بِنَفسِهِ
وَالروح: وَخرجت نَفسه [أَي روحه]
وَالدَّم: مَا لَا نفس لَهُ سَائِلَة لَا ينجس المَاء [أَي مَا لَا دم لَهُ]
والعند: {تعلم مَا فِي نَفسِي} [أَي مَا فِي عِنْدِي] {وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} [أَي مَا عنْدك]
(وَالْعَظَمَة والهمة والعزة والأنفة والغيب والإرادة والعقوبة قيل: وَمِنْه) {ويحذركم الله نَفسه} [قيل عُقُوبَته]
وَتطلق على الْجِسْم الصنوبري، لِأَنَّهُ مَحل الرّوح عِنْد أَكثر الْمُتَكَلِّمين، أَو معلقَة عِنْد الفلاسفة
وَالْمَاء لفرط الْحَاجة إِلَيْهِ
والرأي لانبعاثه عَنْهَا
وَالنَّفس، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِد الأنفاس، وَالسعَة، والفسحة فِي الْأَمر، والجرعة، وَالرِّيح، والطويل من الْكَلَام، وَمعنى " لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من نفس الرَّحْمَن ": أَنَّهَا تفرج الكرب، وتنشر الْغَيْث، وَتذهب الجدب
وَالنَّفس الحيوانية: هِيَ البخار اللَّطِيف الَّذِي يكون من ألطف أَجزَاء الأغذية وَيكون سَببا للحس وَالْحَرَكَة وقواما للحياة؛ وَهَذَا البخار عِنْد الْأَطِبَّاء يُسمى بِالروحِ
وَمِنْهُم من قَالَ: أَجزَاء هَذَا الْبدن على قسمَيْنِ: بَعْضهَا أَجزَاء أَصْلِيَّة بَاقِيَة من أول الْعُمر إِلَى آخِره من غير أَن يتَطَرَّق إِلَيْهَا شَيْء من التغيرات والانحلال وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان
وَبَعضهَا أَجزَاء عارضية تَبَعِيَّة، تَارَة تزداد، وَتارَة تنقص، فَالنَّفْس وَالشَّيْء الَّذِي يُشِير إِلَيْهِ كل أحد بقوله: (أَنا) هُوَ الْقسم الأول وَهَذَا القَوْل اخْتِيَار الْمُحَقِّقين من الْمُتَكَلِّمين وَبِهَذَا القَوْل يظْهر الْجَواب عَن أَكثر شُبُهَات منكري الْبَعْث والنشور
وَالْحق أَن النَّفس الحيوانية الَّتِي هِيَ حَقِيقَة الرّوح شَيْء اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ وَلم يطلع عَلَيْهَا أحدا من خلقه وَهَذَا قَول الْجُنَيْد وَغَيره [وَلكنه يشكل بقوله تَعَالَى: {وعلمك مَا لم تكن تعلم} ]
وَأما قَول الخائضين فِيهَا من الْمُتَكَلِّمين فَهِيَ أَنَّهَا جسم لطيف مشتبك بِالْبدنِ كاشتباك المَاء بِالْعودِ الْأَخْضَر، قَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّه الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا
وَنقل عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " الرّوح فِي الْجَسَد كالمعنى فِي اللَّفْظ "
وَعند بعض الْمُتَكَلِّمين بِمَنْزِلَة الْعرض فِي الْجَوْهَر
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّهَا لَيست بجسم، بل هِيَ عرض، وَهِي الْحَيَاة الَّتِي صَار الْبدن حَيا بوجودها فِيهِ
وَقَالَت الفلاسفة وَكثير من الصُّوفِيَّة والحليمي(1/897)
وَالْغَزالِيّ والراغب: لَيست الرّوح جسما وَلَا عرضا وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرّد عَن الْمَادَّة، قَائِم بِنَفسِهِ، غير متحيز، مُتَعَلق بِالْبدنِ للتدبير والتحريك وَفِي " الْمطَالع ": وَالْبدن صورته ومظهره ومظهر كمالاته، وَقواهُ فِي عَالم الشَّهَادَة لَا دَاخل فِيهِ وَلَا خَارج عَنهُ؛ وَالْقَوْل فِي سريانه فِي الْبدن كسريان الْوُجُود الْمُطلق الْحق فِي جَمِيع الموجودات من مخترعات الحشوية، وَقد اتخذ بعض جهال المتصوفة هَذَا الْبَاطِل مذهبا كَذَا فِي " التَّعْدِيل "
[إِلَّا أَن يؤول بِأَن ذَوَات الْأَشْيَاء مرْآة وَمظَاهر لتجليات عين ذَات الْوُجُود، وَأما مَا عَلَيْهِ جُمْهُور الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ] أَن الرّوح جَوْهَر قَائِم بِنَفسِهِ، مُغَاير لما يحس من الْبدن، يبْقى بعد الْمَوْت دراكا؛ (وَعَلِيهِ جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ) ، وَبِه نطقت الْآيَات وَالسّنَن
قَالَ ابْن لُقْمَان: وَالَّذِي يرجح ويغرب هُوَ أَن الْإِنْسَان لَهُ نفسان: نفس حيوانية، وَنَفس روحانية، فَالنَّفْس الحيوانية لَا تُفَارِقهُ إِلَّا بِالْمَوْتِ وَالنَّفس الروحانية الَّتِي هِيَ من أَمر الله (فِيمَا يفهم وَيعْقل، فَيتَوَجَّه لَهَا الْخطاب و) هِيَ الَّتِي تفارق الْإِنْسَان عِنْد النّوم، وإليها الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} ثمَّ إِنَّه تَعَالَى إِذا أَرَادَ الْحَيَاة للنائم رد عَلَيْهِ روحه فَاسْتَيْقَظَ، وَإِذا قضى عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ أمسك عَنهُ روحه فَيَمُوت وَهُوَ معنى قَوْله: {فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى}
وَأما النَّفس الحيوانية فَلَا تفارق الْإِنْسَان بِالنَّوْمِ، وَلِهَذَا يَتَحَرَّك النَّائِم، وَإِذا مَاتَ فَارقه جَمِيع ذَلِك
وَعَن ابْن عَبَّاس: إِن فِي ابْن آدم نفسا وروحا نسبتهما إِلَيْهِ، بَينهمَا مثل شُعَاع الشَّمْس، فَالنَّفْس الَّتِي بهَا الْعقل والتمييز، وَالروح الَّتِي بهَا النَّفس والحياة فيتوفيان عِنْد الْمَوْت، ويتوفى النَّفس وَحدهَا عِنْد النّوم وَقد نظمت فِيهِ:
(كفى النَّفس موت عِنْد نوم حياتنا ... مَعَ الرّوح تبقى آخر الْعُمر فِي الهنا)
(وَكم موتَة للنَّفس وَالنَّفس حَيَّة ... حَيَاة لَهَا موت إِذا رحت من هُنَا)
وَاخْتلف فِي قدم النُّفُوس الإنسانية وحدوثها، قَالَ أفلاطون وَقوم من الأقدمين: إِنَّهَا قديمَة، وَقَالَ أرسطو وَأَتْبَاعه: إِنَّهَا حَادِثَة، وَإِنَّهَا متحدة بِالْحَقِيقَةِ عِنْد أرسطو، ومختلفة بِالْحَقِيقَةِ على مَا زعم قوم من الأقدمين وَأَبُو البركات الْبَغْدَادِيّ وَقوم من الْمُتَأَخِّرين
وَلَيْسَ فِي القَوْل بتجرد النُّفُوس الناطقة مَا يُنَافِي شَيْئا من قَوَاعِد الْإِسْلَام، والنفوس البشرية متناهية عندنَا، ولوجودها مُبْتَدأ، لِأَن غير المتناهي إِمَّا(1/898)
مَوْجُود دفْعَة مُرَتبا، سَوَاء كَانَ عقلا كالعلل والمعلولات، أَو وضعا كالأعداد الْمَوْجُودَة الْمرتبَة، وَإِمَّا مَوْجُود دفْعَة لَكِن غير مُرَتّب فَالْأول محَال، وَكَذَا الثَّانِي عِنْد الْمُتَكَلِّمين، لكنه مُمكن عِنْد الْحُكَمَاء حَتَّى أوردوا فِي نَظِيره النُّفُوس الناطقة، فَإِنَّهَا عِنْدهم [وَعند الْحُكَمَاء] غير متناهية، بِنَاء على أَن الْإِنْسَان لَا بداية لخلقه، بَاقِيَة بعد الْمُفَارقَة، فَيكون كل زمَان جملَة غير متناهية من النُّفُوس، مَوْجُودَة لَكِن لَا ترَتّب فِيهَا، وَلنَا الْبُرْهَان التطبيقي، فَإِنَّهُ يدل على تناهيها، لِأَنَّهَا أَفْرَاد مرتبَة الْوُجُود دفْعَة، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهَا مرتبَة، لِأَن الْأَزْمِنَة مرتبَة كَالْيَوْمِ، وأمس، وَأول من أمس إِلَى غير النِّهَايَة وَفِي كل يَوْم قد وجدت جملَة متناهية كمائة أَو ألف وَنَحْوهمَا وكل مَا وجد لم يعد، فيبرهن على أعداد الْجمل الْمرتبَة بالتطبيقي، ثمَّ كل جملَة مركبة من أَفْرَاد متناهية فَالْكل متناه، فيتمشى الْبُرْهَان الْمَزْبُور (وَإِمَّا أَنَّهَا مَوْجُودَة لَا دفْعَة، بل بِمَعْنى) أَن كل متناهية تُوجد، فَإِنَّهَا لَا تقف على حد مَا، بل يُوجد بعْدهَا أَفْرَاد أخر كأزمنة بَقَاء الْأَشْيَاء الأبدية، فَغير المتناهي بِهَذَا الْمَعْنى وَاقع اتِّفَاقًا [وأوضح مِنْهُ أَن كل أَفْرَاد وجدت فِي الْخَارِج فَهِيَ متناهية إِذْ يصدق عَلَيْهَا الْآحَاد المجتمعة كالعدد مفعول عَلَيْهَا ثمَّ إِذا زَاد عَلَيْهَا فَرد أَو نقص يُقَال: عدد الأول زَائِد على عدد هَذَا بِوَاحِد، وَعدد ذَلِك نَاقص فَكل عدد معِين لَهُ طرفان: أَحدهمَا وَاحِد لَيْسَ دونه وَاحِد وَالْآخر وَاحِد لَيْسَ فَوْقه وَاحِد من ذَلِك الْعدَد، فَإِذا كَانَ لَهُ طرفان فَهُوَ متناه لكَونه محصورا بَين حاضرين فَكل أَفْرَاد فِي الْخَارِج متناهية]
وَذهب جمع من أهل النّظر إِلَى ثُبُوت النَّفس المدركة للكليات للحيوانات متمسكا بقوله تَعَالَى: {وَالطير صافات كل قد علم صلَاته وتسبيحه} وحكاية الله تَعَالَى عَن الهدهد والنمل وَبِمَا يُشَاهد مِنْهَا من الْأَفْعَال الغريبة، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافق لما ذهب إِلَيْهِ الْأَشْعَرِيّ من أَن إِدْرَاكهَا علم وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَأَخِّرين وَالْجُمْهُور على أَنه نوع من الإدراكات ممتاز عَن الْعلم بالماهية، وَهُوَ الْمُنَاسب للْعُرْف واللغة
وَعند الفلاسفة: لَيْسَ للحيوان النَّفس الناطقة أَي: المدركة
[وَفِي " شرح الإشارات ": الْقُوَّة المدركة وَهِي الخيال أَو الْوَهم فِي الْحَيَوَان أَو الْعقل العملي لتوسطهما فِي الْإِنْسَان وَفِي " الملخص ": الْعقل العملي يُطلق بالاشتراك على الْقُوَّة المميزة بَين الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة وعَلى الْمُقدمَات الَّتِي تستنبط مِنْهَا الْأُمُور الْحَسَنَة والقبيحة وعَلى تِلْكَ(1/899)
الْأُمُور]
النَّبِي: فِي الأَصْل صفة، مَرْوِيّ بِالتَّخْفِيفِ فِي السَّبع، وَلِهَذَا دخله اللَّام، وَهُوَ بِغَيْر همزَة من النُّبُوَّة كالرحمة وَهِي الرّفْعَة وَالْحق أَنه مَهْمُوز اللَّام من النبأ، وَهُوَ خبر ذُو فَائِدَة عَظِيمَة يحصل بِهِ علم أَو غَلَبَة ظن، وَحقه أَن يتعرى عَن الْكَذِب
قَالَ الرَّاغِب: وَلَا يُقَال للْخَبَر (فِي الأَصْل) نبأ حَتَّى يتَضَمَّن هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة وَحَدِيث النَّهْي عَن المهموز مَنْسُوخ لزوَال سَببه، وَإِنَّمَا جمع على أَنْبيَاء وصحيح اللَّام يجمع على (فعلاء) كظرفاء، لِأَنَّهُ للُزُوم التَّخْفِيف صَار مثل المعتل ك (أصفياء) وَلَا يصغر، لِأَن تَصْغِير الْأَسْمَاء المعظمة مُمْتَنع شرعا
وَأما مُسَمَّاهُ فِي الْعرف: فَهُوَ حر، ذكر، من بني آدم، سليم من منفر، مَعْصُوم وَلَو من صَغِيرَة سَهوا قبل النُّبُوَّة وَعَن كل رذيلة، أكمل معاصريه غير الرُّسُل، اصطفاه الله من بَين عباده، وَخَصه بِهِ بمشيئته موهبة مِنْهُ وَرَحْمَة، وَأوحى إِلَيْهِ بشرع، سَوَاء أمره بتبليغه أم لَا وَلَو أَمر بِمَعْرِِفَة وجود الْخَالِق وتعظيمه وَدُعَاء النَّاس إِلَى تَوْحِيد الله وتنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بالألوهية، وَبلغ الْأَحْكَام إِلَيْهِم فَرَسُول، سَوَاء كَانَ لَهُ كتاب أَو نسخ لبَعض شرع من قبله أم لَا فالرسول أخص مُطلقًا من النَّبِي، وَلَا يُطلق على غير الْآدَمِيّ كالملك وَالْجِنّ إِلَّا مُقَيّدا وَمِنْه {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا} على أَن معنى الْإِرْسَال فِيهَا لَيْسَ إيحاء مَا يتعبد بِهِ هُوَ وَأمته كَمَا فِي الرَّسُول من الْبشر، بل مُجَرّد الْإِرْسَال للْغَيْر بِمَا يوصله إِلَيْهِ، وَقَوله تَعَالَى: {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ألم يأتكم رسل مِنْكُم} فَمن بَاب ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض لَا من قبيل {نسيا حوتهما} ، و {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} (وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَائِشَة: " لَو مت قبلي لغسلتك وكفنتك " فَإِن كل ذَلِك بِاعْتِبَار ضرب شركَة من الآخر، وَالنِّسْبَة كَمَا تستقيم بِالْمُبَاشرَةِ تستقيم بالتسبيب والإعانة، وَلِهَذَا صَحَّ التَّعْلِيق ب (إِذا ولدتما ولدا) ، أَو (إِذا حضتما حَيْضَة) لِإِمْكَان الْمُبَاشرَة من أَحدهمَا والإعانة من الآخر كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف بَينهم فِيمَا إِذا أضيف فعل إِلَى شَخْصَيْنِ واستحال وجوده مِنْهُمَا أَن يَجْعَل الْإِضَافَة إِلَيْهِمَا إِضَافَة إِلَى أَحدهمَا مجَازًا
ثمَّ الْمَعْرُوف فِي الشَّرْع إِطْلَاق الرَّسُول وَالنَّبِيّ على كل من أرسل إِلَى الْخلق وجدت أَحْكَامه بِالْفِعْلِ أَو لم تُوجد، مَعَ أَن انتساخ بعض جزئيات شريعتهم لَا يَسْتَدْعِي كَون رسالتهم مَنْسُوخَة، لِأَنَّهَا لَيست بِمُجَرَّد تِلْكَ الْأَحْكَام وَقد وجد التَّصْرِيح ببقائها من الْأَئِمَّة الْكِبَار وَصرح فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَة}(1/900)
بِكَوْنِهِ نعْمَة بِاعْتِبَار أَحْكَامه المؤيدة الْبَاقِيَة بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم.
قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: مُحَمَّد رَسُول الله الْآن، وَإِلَّا لما صَحَّ إِيمَان من أسلم بِهِ وآمن وَلذَلِك نقُول فِي الْأَذَان: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
وَلَا نقُول كَانَ رَسُول الله. كَذَلِك الحكم فِي سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. وَقد قَالُوا إِن لنفوس الكُمَّل بركَة تسري فِي أبدانهم وقواهم، فَيحصل لَهَا ضرب من الْبَقَاء، فَلَا تنْحَل صُورَة أبدانهم وَإِن فَارَقْتهمْ أَرْوَاحهم، بل تبقى إِلَى زمَان انتشاء النشأة الأخروية.
وكرامة النُّبُوَّة إِمَّا تفضل من الله تَعَالَى على من يَشَاء وَالْكل فِيهِ سَوَاء، وَإِمَّا إفَاضَة حق على المستعدِّين لَهَا بالمواظبة على الطَّاعَة والتحلي بالإخلاص. وَالْفرق بَينهم بالتفضيل والبعثة بالشريعة غير مَنْهِيّ عَنهُ، وَإِنَّمَا الْمنْهِي عَنهُ الْفرق بالتصديق.
وَقد جرت سنة الله فِي مجاري أَفعاله بِأَنَّهُ مَا لم يتوسط بَين المتباينين بِالْحَقِيقَةِ ذُو حظين من الطَّرفَيْنِ لم يتأت التَّأْثِير والتاثر بَينهمَا جدا. وَلِهَذَا لم يستنبئ ملكا: {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} .
والمختلف فِي نبوتهم نَيف وَعِشْرُونَ: لُقْمَان، وَذُو القرنين، وَالْخضر، وَذُو الكفل، وسام، وطالوت، وعزيز، وتُبَّع، وكالب، وخَالِد بن سِنَان، وحَنْظَلَة بن صَفْوَان، والأسباط وهم أحد عشر، وحواء، وَمَرْيَم، وَأم مُوسَى، وَسَارة، وَهَاجَر، وآسية.
وَلم يشْتَهر عَن مُجْتَهد غير الشَّيْخ أبي الْحسن
الْأَشْعَرِيّ القَوْل بنبوة امْرَأَة، وَالْوَاحد لَا يخرق الْإِجْمَاع، وَالدَّلِيل على أَنه تَعَالَى لم يستنبئ امْرَأَة: {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا} . لَا يُقَال سلب الْأَخَص لَا يسْتَلْزم سلب الْأَعَمّ، لأَنا نقُول: جعل الْآيَة مُسْتَندا لهَذَا الْإِجْمَاع فِيمَا هُوَ الْمجمع عَلَيْهِ فِي كَون كَلَام الْمَلَائِكَة: {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك} إِلَى آخِره، غير معْجزَة لِمَرْيَم. فَإِنَّهُ إِذا انْتَفَى كَونه معْجزَة لانْتِفَاء التحدي مَعَ الرسَالَة، وَهِي بِهِ أمسُّ وَأَحْرَى، فَلِأَن يَنْتَفِي لانتفائه مَعَ النُّبُوَّة أوْلى.
وَالأَصَح أَن لَا جزم فِي عدد الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم.
النَّعْت فِي اللُّغَة: عبارَة عَن الْحِلْية الظَّاهِرَة الدَّاخِلَة فِي مَاهِيَّة الشَّيْء وَمَا شاكلها كالأنف والأصابع والطول وَالْقصر وَنَحْو ذَلِك.
وَالصّفة: عبارَة عَن الْعَوَارِض كالقيام وَالْقعُود وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ بَعضهم: مَا يُوصف بِهِ الْأَشْيَاء على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وأجناسها يُسمى نعتاً ووصفاً.
وَقيل: النَّعْت يسْتَعْمل فِيمَا يتَغَيَّر من الْجَسَد. وَالصّفة تَشْمَل الْمُتَغَيّر وَغير الْمُتَغَيّر.
وَقَالَ قوم مِنْهُم ثَعْلَب: النَّعْت مَا كَانَ خَاصّا كالأعور والأعرج فَإِنَّهُمَا يخصان موضعا من الْجَسَد.
وَالصّفة مَا كَانَت عامّاً كالعظيم والكريم. وَعند هَؤُلَاءِ يُوصف الله تَعَالَى وَلَا ينعَت.
والمتكلمون يطلقون النَّعْت فِي صِفَات الله وَلَا(1/901)
يطلقون الْحَال لغَرَض الْإِشْعَار بِثُبُوت صِفَاته أزلاً وأبداً، وَكَرَاهَة الْإِشْعَار بالحلول. وَقد يعبرون عَن الْحَال بالنعت، وَعَن الْكَمَال وَالْأَفْعَال بِالصّفةِ.
والنحاة يُرِيدُونَ بِالصّفةِ النَّعْت، وَهُوَ اسْم الْفَاعِل، أَو الْمَفْعُول، أَو مَا يرجع إِلَيْهِمَا من طَرِيق الْمَعْنى ك (مثل) و (شبه) .
والنعت مَعَ المنعوت شَيْء وَاحِد مثل: (وَالله الرَّحْمَن) بِلَا حرف عطف (بَينهمَا، فَكَانَت يَمِينا وَاحِدًا) .
[وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين من خصوا نعوت الْجلَال بِالصِّفَاتِ السلبية وَسموا الثبوتية بِصِفَات الْإِكْرَام ونعوت الْجمال. وَعند حجَّة الْإِسْلَام: نعوت الْجلَال تَشْمَل الثبوتية والسلبية، وَإِذا نسبت إِلَى البصيرة المدركة لَهَا سميت جمالاً] .
والنعت الْمُؤَكّد يُؤَيّد بعض مَفْهُوم المنعوت ك (أمس الدابر) و (الكاشف كُله) وَلَا فرق بَينهمَا عِنْد الْبَصرِيين.
والنعت يُؤْخَذ عَن الْفِعْل نَحْو: قَائِم. وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيه بعض النَّحْوِيين اسْم الْفَاعِل، وَيكون لَهُ رُتْبَة زَائِدَة على الْفِعْل. أَلا ترى أَنا نقُول: {وَعصى آدم ربه فغوى} وَلَا نقُول آدم عَلَيْهِ السَّلَام عَاص وغاوٍ لِأَن النعوت لَازِمَة، وآدَم وَإِن كَانَ عصى فِي شَيْء فَإِنَّهُ لم يكن شَأْنه الْعِصْيَان فيسمى بِهِ.
ونعت الْمعرفَة إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِل.
النَّقْل: هُوَ أَعم من الْحِكَايَة لِأَن الْحِكَايَة نقل كلمة من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر بِلَا تَغْيِير صِيغَة وَلَا
تَبْدِيل حَرَكَة.
وَالنَّقْل: نقل كلمة من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر أَعم من أَن يكون فِي تَغْيِير صفة وتبديلها أم لَا.
وَالنَّقْل اللَّفْظِيّ: هُوَ أَن يكون فِي تركيب صور ثمَّ ينْتَقل إِلَى تركيب آخر.
والمعنوي: نقل بعض المركبات إِلَى العلمية.
وكل حرف من الْحُرُوف الناصبة تدخل على الْفِعْل فَلَا تعْمل فِيهِ إِلَّا بعد أَن تنقله نقلتين. ف (إِن) تنقله إِلَى المصدرية والاستقبال، و (كي) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالْغَرَض، و (لن) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالنَّفْي، و (إِذن) تنقله إِلَى الِاسْتِقْبَال وَالْجَزَاء.
وَفِي النَّقْل لم يبْق الْمَعْنى الَّذِي وَضعه الْوَاضِع مرعياً.
وَفِي التَّغْيِير يكون بَاقِيا لكنه زيد عَلَيْهِ شَيْء آخر.
وَالنَّقْل بِالْهَمْزَةِ كُله سَمَاعي. وَقيل: قياسي فِي الْقَاصِر وَفِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد. وَالْحق أَنه قياسي فِي الْقَاصِر، سَمَاعي فِي غَيره. وَهُوَ ظَاهر قَول سِيبَوَيْهٍ.
النِّيَّة، لُغَة: انبعاث الْقلب نَحْو مَا يرَاهُ مُوَافقا لغَرَض من جلب نفع وَدفع ضرّ حَالا ومآلا.
فِي " الْقَامُوس ": نوى الشَّيْء ينويه نِيَّة، وتخفف: قَصده. وَهَذَا تَخْفيف غير قياسي، إِذْ لَا يَجِيء (نِيَّة) على (عِدَة) قِيَاسا.
وَشرعا: هِيَ الْإِرَادَة المتوجهة نَحْو الفعَل ابْتِغَاء لوجه الله وامتثالاً لحكمه.
وَفِي " التَّلْوِيح ": قصد الطَّاعَة والتقرب إِلَى الله تَعَالَى فِي إِيجَاد الْفِعْل.(1/902)
[وَقيل: هِيَ الْعلم السَّابِق بِالْعَمَلِ اللَّاحِق] .
وَالنِّيَّة فِي التروك لَا يتَقرَّب بهَا إِلَّا إِذا صَار كفا. وَهُوَ فعل، وَهُوَ الْمُكَلف بِهِ فِي النَّهْي، لَا التّرْك بِمَعْنى الْعَدَم لِأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلا تَحت الْقُدْرَة للْعَبد.
وَنِيَّة الْعِبَادَة: هِيَ التذلل والخضوع على أبلغ الْوُجُوه.
وَنِيَّة الطَّاعَة: هِيَ فعل مَا أَرَادَ الله تَعَالَى مِنْهُ.
وَنِيَّة الْقرْبَة: هِيَ طلب الثَّوَاب بالمشقة فِي فعلهَا أَو يَنْوِي أَنه يَفْعَلهَا مصلحَة لَهُ فِي دينه بِأَن يكون أقرب إِلَى مَا وَجب عقلا من الْفِعْل وَأَدَاء الْأَمَانَة، وَأبْعد عَمَّا حرم عَلَيْهِ من الظُّلم وكفران النِّعْمَة.
وَالنِّيَّة للتمييز فَلَا تصح إِلَّا فِي ملفوظ مُحْتَمل كعامّ يحْتَمل الْخُصُوص، أَو مُجمل، أَو مُشْتَرك يحْتَمل وُجُوهًا من المُرَاد ليُفِيد فائدتها.
وَالنِّيَّة فِي الْأَقْوَال لَا تعْمل إِلَّا فِي الملفوظ. وَلِهَذَا لَو نوى الطَّلَاق أَو الْعتاق وَلم يتَلَفَّظ بِهِ لَا يَقع، وَلَو تلفظ بِهِ وَلم يقْصد وَقع، لِأَن الْأَلْفَاظ فِي الشَّرْع تنوب مناب الْمعَانِي الْمَوْضُوعَة هِيَ لَهَا. (وَالنِّيَّة مَعَ اللَّفْظ أفضل) .
النَّهْي، لُغَة: الزّجر عَن الشَّيْء بِالْفِعْلِ أَو بالْقَوْل ك (اجْتنب) ، وَشرعا (لَا تفعل) استعلاء. وَعند النَّحْوِيين صِيغَة (لَا تفعل) حثاً كَانَ على الشَّيْء أَو زجرا عَنهُ.
وَفِي نظر أهل الْبُرْهَان يَقْتَضِي الزّجر عَن الشَّيْء سَوَاء كَانَ بِصِيغَة (افْعَل) أَو (لَا تفعل) لِأَن نظر أهل الْبُرْهَان إِلَى جَانب الْمَعْنى، وَنظر النَّحْوِيين إِلَى جَانب اللَّفْظ.
وَاخْتلف فِي أَن الْمَقْصُود بِالنَّهْي هَل هُوَ عدم الْفِعْل
أم لَا، فَذهب جمَاعَة من الْمُتَكَلِّمين إِلَى الأول، فَإِن عدم الْفِعْل مَقْدُور للْعَبد بِاعْتِبَار استمراره إِذْ لَهُ أَن يفعل فيزول اسْتِمْرَار عَدمه، وَله أَن لَا يفعل فيستمر عَدمه. وَذهب جمَاعَة أُخْرَى إِلَى الثَّانِي لِأَن عَدمه مُسْتَمر فِي الْأَزَل إِلَى الْأَبَد، فَلَا يكون مَقْدُورًا للْعَبد عَبَثا، بل الْمَطْلُوب بِهِ هُوَ كف النَّفس عَن الْفِعْل.
وَالنَّهْي يَقْتَضِي المشروعية دون النَّفْي، فَإِن الْمنْهِي عَنهُ يجب أَن يكون مُتَصَوّر الْوُجُود شرعا، وَمَا لَيْسَ بمشروع لَا يتَصَوَّر وجودا شرعا.
[وَاعْلَم أَن مُقْتَضى النَّهْي قبح الْمنْهِي عَنهُ كَمَا أَن مُقْتَضى الْأَمر حسن الْمَأْمُور بِهِ، لِأَن الْحَكِيم لَا يُنْهِي عَن شَيْء إِلَّا لقبحه، كَمَا أَنه لَا يَأْمر بِشَيْء إِلَّا لحسنه، فالمنهي عَنهُ فِي صفة الْقبْح يَنْقَسِم انقسام الْمَأْمُور بِهِ إِلَى الْحسن لعَينه وَإِلَى الْحسن لغيره، كَذَلِك يَنْقَسِم الْمنْهِي عَنهُ إِلَى الْقَبِيح لعَينه وَأَنه نَوْعَانِ: وَصفا أَي عقلا وَشرعا وَإِلَى الْقَبِيح لغيره، وَأَنه نَوْعَانِ أَيْضا وَصفا ومجازاً تَحْقِيقا للمقابلة، فَمَا قبح لِمَعْنى فِي عينه وَصفا كالكفر وَالْكذب وَالظُّلم واللواط، وَمَا قبح لعَينه شرعا لعدم الْمَحَلِّيَّة أَو الْأَهْلِيَّة كَبيع الْحر وَالْمَاء فِي أصلاب الْآبَاء وأرحام الْأُمَّهَات. وَمَا قبح لغيره يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ: أَحدهمَا مَا جاوره الْمَعْنى الْمُوجب للقبح بطرِيق الِاجْتِمَاع بِحَيْثُ يتَصَوَّر انفكاكه فِي الْجُمْلَة لَا أَن يكون دَاخِلا فِي حَقِيقَته وَلَا وَصفا لَازِما كَوَطْء الرجل زَوجته حَالَة الْحيض وكالبيع وَقت النداء، وكالصلاة فِي الأَرْض الْمَغْصُوبَة إِذْ فِي كل ذَلِك يتَصَوَّر الانفكاك عَن الْمنْهِي عَنهُ. وَالثَّانِي مَا اتَّصل(1/903)
بِهِ الْمَعْنى الْمُوجب للقبح بِحَيْثُ صَار وَصفا لَهُ لَا يتَصَوَّر انفكاكه عَنهُ مِثَاله من الْمُعَامَلَات بيع الرِّبَا، وَمن الْعِبَادَات صَوْم يَوْم الْعِيد] .
وَالنَّهْي للتَّحْرِيم نَحْو: {وَلَا تقتلُوا النَّفس} .
والكراهية نَحْو: {وَلَا تيمموا الْخَبيث} .
والتحقير نَحْو: {وَلَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ} .
وَبَيَان الْعَاقِبَة نَحْو: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} .
واليأس نَحْو: {لَا تعتذروا الْيَوْم} .
والإرشاد نَحْو: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} .
وَالْكَرَاهَة: لدرء مفْسدَة دينية.
والإرشاد: لدرء مفْسدَة دنيوية.
وَالدُّعَاء نَحْو: {لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} .
والتقليل نَحْو: {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ} أَي فَهُوَ قَلِيل.
وَقَوله تَعَالَى: {فَلَا يكن فِي صدرك حرج} من بَاب التشجيع.
والإخبار فِي معنى النَّهْي أبلغ من صَرِيح النَّهْي كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} لما فِيهِ من إِيهَام أَن الْمنْهِي مسارع إِلَى الِانْتِهَاء وَكَذَا الْإِخْبَار فِي معنى الْأَمر كَقَوْلِك: (تذْهب إِلَى فلَان تَقول كَذَا كَذَا) . تُرِيدُ الْأَمر.
وَقَوْلهمْ: {ناهيك بِهِ} من النَّهْي. وَهُوَ صِيغَة مدح مَعَ تَأْكِيد طلب، كَأَنَّهُ ينهاك عَن طلب دَلِيل سواهُ.
يُقَال: (زيد ناهيك من رجل) أَي هُوَ ينهاك بجده وغنائه عَن تطلب غَيره. وَدخُول الْبَاء بِالنّظرِ إِلَى حَال الْمَعْنى كَأَنَّهُ قيل: اكتف بتسويته.
وناهيك مِنْهُ: أَي حَسبك وكافيك. كِلَاهُمَا مستعملان.
النّظر: هُوَ عباة عَن تقليب الحدقة نَحْو المرئي التماساً لرُؤْيَته. وَلما كَانَت الرُّؤْيَة من تَوَابِع النّظر ولوازمه غَالِبا أجري لفظ النّظر على الرُّؤْيَة على سَبِيل إِطْلَاق اسْم السَّبَب على الْمُسَبّب.
وَالنَّظَر: تَرْتِيب أُمُور مَعْلُومَة على وَجه يُؤَدِّي إِلَى استعلام مَا لَيْسَ بِمَعْلُوم.
فَقيل: النّظر عبارَة عَن حَرَكَة الْقلب لطلب علم عَن علم.
[وَاخْتلف فِي أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر بِأَيّ طَرِيق هُوَ؟ فَقَالَت الْمُعْتَزلَة: ذَلِك بطرِيق التوليد وَهُوَ أَن يُوجب وجود شَيْء وجود شَيْء آخر كحركة الْمِفْتَاح بحركة الْيَد. ذكر صَاحب " التَّنْقِيح: فِي بَيَان مَذْهَب الْمُعْتَزلَة أَن الْعقل يُولد الْعلم بالنتيجة عقيب النّظر الصَّحِيح. وَقَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة فِي " التَّلْوِيح ": وَقد يُقَال: إِن النّظر الصَّحِيح هُوَ الَّذِي يُولد النتيجة. وَذهب الْحُكَمَاء إِلَى أَن المبدأ الَّذِي تستند إِلَيْهِ الْحَوَادِث فِي عالمنا(1/904)
هَذَا وَهُوَ الْعقل الفعال المنقش بصور الكائنات مُوجب تَامّ الْفَيْض يفِيض على نفوسنا بِقدر الاستعداد وَالنَّظَر بعد الذِّهْن بفيضان الْعلم عَلَيْهِ من ذَلِك المبدأ. والنتيجة تفيض عَلَيْهِ وجوبا أَي لُزُوما عقلياً لتَمام الْقَابِل مَعَ دوَام الْفَاعِل. وَمَا اخْتَارَهُ الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله هُوَ أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر وَاجِب أَي لَازم حُصُوله عَقِيبه عقلا لَا بطرِيق التوليد وَلَا بطرِيق الإعداد وَالْإِضَافَة من المبدأ الْمُوجب، وَذكر الإِمَام حجَّة الْإِسْلَام عَلَيْهِ الرَّحْمَة أَنه الْمَذْهَب عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا والتوليد مَذْهَب بَعضهم. وَهَذَا إِنَّمَا يَصح إِذا جوّز استناد بعض الْحَوَادِث إِلَيْهِ تَعَالَى بِوَاسِطَة بِأَن يكون لبَعض آثاره مدْخل فِي بعض بِحَيْثُ يمْتَنع تخلفه عَنهُ عقلا فَيكون بَعْضهَا متولداً عَن الْبَعْض وَإِن كَانَ الْكل وَاقعا مِنْهُ تَعَالَى كَمَا نقُول فِي أَفعَال الْعباد الصادرة عَنْهُم بقدرتهم وجود بعض الْأَفْعَال عَن بعض لَا يُنَافِي قدرَة الْقَادِر الْمُخْتَار على ذَلِك الْفِعْل، إِذْ يُمكنهُ أَن يَفْعَله بإيجاد مَا يُوجِبهُ ويتركه بألا يُوجد ذَلِك الْمُوجب لَكِن لَا يكون تَأْثِير الْقُدْرَة فِيهِ ابْتِدَاء كَمَا هُوَ مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ فَإِن عِنْده جَمِيع الممكنات مستندة إِلَى قدرَة الله تَعَالَى واختياره ابْتِدَاء بِلَا علاقَة بِوَجْه بَين الْحَوَادِث المتعاقبة إِلَّا بإجراء الْعَادة بِخلق بَعْضهَا عقيب بعض كالإحراق عقيب مماسة النَّار، والري بعد شرب المَاء من غير أَن يكون لَهما مدْخل فِي وجودهما. وَكَذَا الْحَال فِي سَائِر الْأَفْعَال، فَإِن تكَرر مِنْهُ إيجاده عَقِيبه سمي ذَلِك
عَادَة، وَإِن لم يتَكَرَّر سمي خارقاً للْعَادَة. وَلَا شكّ أَن الْعلم الْحَاصِل عقيب النّظر أَمر مُمكن متكرر فَتكون مستندة إِلَيْهِ بطرِيق الْعَادة فَحِينَئِذٍ يُقَال: النّظر صادر بإيجاد الله وَمُوجب للْعلم بالمنظور فِيهِ إِيجَابا عقلياً بِحَيْثُ يَسْتَحِيل أَن يَنْفَكّ عَنهُ] .
وَالنَّظَر بِمَعْنى الْبَحْث وَهُوَ أَعم من الْقيَاس.
وَنظر لَهُ: رَحمَه.
وَإِلَيْهِ: رَآهُ.
وَعَلِيهِ: غضب.
وَنَظره: انتظره. وَمِنْه: {انظرونا نقتبس من نوركم} . أَو قابله وَمِنْه: دَاري ناظرة إِلَى دَارك: أَي مُقَابلَة.
وَنظر فِيهِ: تفكَّر كَقَوْلِه تَعَالَى: {أولم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} .
وَخص بِالتَّأَمُّلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَفلا ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت} .
وَقد يُوصل النّظر ب (إِلَى) وَلَا يُرَاد بِهِ الإبصار بِالْعينِ كَمَا فِي قَوْله:
(وَيَومٍ بذِي قَارٍ رَأيْتَ وُجُوهَهُمْ ... إلىَ المَوْتِ مِنْ وَقْعِ السُّيوفِ نَوَاظِر)
إِذْ الْمَوْت لَا يتَصَوَّر أَن يكون مرئياً بِالْعينِ إِلَّا أَن يحمل على أَنه أَرَادَ بِالْمَوْتِ الْكر والفر والطعن وَالضَّرْب، أَو أَرَادَ بِهِ أهل الْحَرْب الَّذين يجْرِي الْقَتْل وَالْمَوْت على أَيْديهم [فَقيل: لَا يمْتَنع حمل النّظر الْمُطلق على الرُّؤْيَة بطرِيق الْحَذف والإيصال إِنَّمَا الْمُمْتَنع حمل الْمَوْصُول بإلى على غَيرهَا] .(1/905)
وَاسْتِعْمَال النّظر فِي الْبَصَر أَكثر عِنْد الْعَامَّة، وَفِي البصيرة أَكثر عِنْد الْخَاصَّة.
وَالنَّظَر عَام، والشيم بِالْكَسْرِ خَاص للبرق.
(والنظير أخص من الْمثل. وَكَذَا الند فَإِنَّهُ يُقَال لما يُشَارِكهُ فِي الْجَوْهَر فَقَط. كَذَا الشّبَه والمساوي والشكل.
وأعم الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة للمشابهة الْمثل.
وَلَا يمْتَنع حمل النّظر الْمُطلق، أَعنِي عَن الصِّلَة على الرُّؤْيَة بطرِيق الْحَذف والإيصال، إِنَّمَا الْمُمْتَنع حمل الْمَوْصُول ب (إِلَى) على غَيرهَا كَمَا قيل) .
والإنظار: تَمْكِين الشَّخْص من النّظر.
النصب، بِالضَّمِّ: الشَّرّ وَالْبَلَاء وَالْمَشَقَّة يُقَال: نصبني هَذَا الْأَمر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {بِنصب وَعَذَاب} .
ونصبت الشَّيْء نصبا: أقمته ورفعته.
والنَّصب، بِالْفَتْح فِي الْإِعْرَاب كالفتح فِي الْبناء اصْطِلَاح نحوي.
وَهَذَا نُصْب عَيْني: بِالضَّمِّ وَالْفَتْح، أَو الْفَتْح لحن.
والنَّصب بِالْفَتْح يُقَال أَيْضا لمَذْهَب هُوَ بغض عَليّ ابْن أبي طَالب، وَهُوَ طرف النقيض من الرَّفْض، وَيُقَال لَهُم: الطَّائِفَة النواصب. وهم مثل الْخَوَارِج، وَفِيه حِكَايَة لَطِيفَة وَهِي أَن الشريف الرضي أحضر إِلَى ابْن السيرافي النَّحْوِيّ وَهُوَ طِفْل لم يبلغ عشر سِنِين فلقَّنه النَّحْو، قَالَ الْأُسْتَاذ يَوْمًا لَهُ: إِذا قُلْنَا (رَأَيْت عمرا) فَمَا علاقَة النصب فِي (عَمْرو) فَقَالَ: بغض عليّ. فعجبوا من حِدة
خاطره، حَمَلَ النصب على ذَلِك الْمَعْنى، وَأَرَادَ بِعَمْرو عَمْرو بن الْعَاصِ الْمَشْهُور بعداوة عليّ وخلعه عَن الْخلَافَة لما صَار حكما مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي أَيَّام صِفِّين. وَقد نظمت مَا جرى بَينهمَا فِي الْحَرْب:
(إِذا حُمل القضاءُ على ابنِ سُوءٍ ... يردُّ وَلَا يؤاخذه بقَهْرِ)
(كَابْن الْعَاصِ سَوْأتُه مناصٌ ... عليُّ فِي الكَرَامَةِ مثْل دَهْرِ)
والنصيب: الْحَظ.
والنِّصاب: الأَصْل.
وَمن المَال: الْقدر الَّذِي يجب فِيهِ الزَّكَاة إِذا بلغه، وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام:
نِصَاب يشْتَرط فِيهِ النَّماء وتتعلق بِهِ الزَّكَاة وَسَائِر الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بِالْمَالِ.
ونصاب يجب بِهِ أَحْكَام أَرْبَعَة: حُرْمَة الصَّدَقَة، وَوُجُوب الْأُضْحِية، وَصدقَة الْفطر، وَنَفَقَة الْأَقَارِب. وَلَا يشْتَرط فِيهِ النَّمَاء لَا بِالتِّجَارَة وَلَا بالحول.
ونصاب تثبت بِهِ حُرْمَة السُّؤَال وَهُوَ من كَانَ عِنْده قوت يَوْم عِنْد الْبَعْض.
النداء: هُوَ إِحْضَار الْغَائِب، وتنبيه الْحَاضِر، وتوجيه المعرض، وتفريغ المشغول، وتهييج الفارغ.
وَهُوَ فِي الصِّنَاعَة: تصويتك بِمن تُرِيدُ إقباله عَلَيْك لتخاطبه (والمأمور بالنداء يُنَادي ليخاطبه الْآمِر فَصَارَ كَأَنَّهُ هُوَ المنادى) .(1/906)
ونداء الجمادات بِخلق الْعلم فِيهَا. (وَقد يصير للحيوان الشُّعُور بِمُرَاد الْإِنْسَان. فَرُبمَا إِذا خاطبه بِاللَّفْظِ وَالْإِشَارَة فهم المُرَاد.
والنداء: رفع الصَّوْت وظهوره) .
وَقد يُقَال للصوت الْمُجَرّد، وإياه عَنى بقوله: {إِلَّا دُعَاء ونداء} أَي لَا يعرف إِلَّا الصَّوْت الْمُجَرّد دون الْمَعْنى الَّذِي يَقْتَضِيهِ تركيب الْكَلَام. (وَيُقَال للمركب الَّذِي يفهم مِنْهُ الْمَعْنى ذَلِك. والنداء للاستحضار دون تَحْقِيق الْمَعْنى) .
وَالْكَلَام مَتى خرج نِدَاء أَو شتيمة لَا يَجْعَل إِقْرَارا بِمَا تكلم بِهِ لِأَن قصد بِهِ التَّعْبِير والتحقير أَو الْإِعْلَام دون التَّحْقِيق. وَمَتى خرج وَصفا للمحل يَجْعَل إِقْرَارا لِأَنَّهُ قصد بِهِ التَّحْقِيق.
[والمنادي الْمُضَاف والشبيه بِهِ والمنادى النكرَة هَذِه الثَّلَاثَة مَنْصُوبَة حَالَة النداء، وَلم يرفع حَال ندائه إِلَّا الْمُفْرد الْعلم] . [والمنادى إِذا أضيف أَو نُكِّر أُعرب، وَإِذا أفرد بني كَمَا أَن (قَبْلُ) و (بَعْدُ) معربان مضافتين ومنكورتين ويبنيان فِي غير ذَلِك، فَكَمَا بنيا على الضَّم كَذَلِك المنادى الْمُفْرد الْعلم.
والنداء وَالدُّعَاء وَنَحْوهمَا يعدّى بإلى وَاللَّام لتضمينها معنى الِانْتِهَاء.
والاختصاص: نِدَاء مدح نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} .
ونداء ذمّ نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذين كفرُوا} .
ونداء تَنْبِيه نَحْو: {يَا أَيهَا النَّاس} .
ونداء نِسْبَة نَحْو: {يَا بني آدم} .
ونداء إِضَافَة نَحْو: {يَا عبَادي} .
وحروف النداء كلهَا معرِّفة إِذا قصد بهَا منادى معِين بِخِلَاف المنكَّر نَحْو: (يَا رجل) و (يَا رجلا) .
وَالْعرب تنادي بِالْألف كَمَا تنادي بِالْيَاءِ فَتَقول: أَزِيد أقبل.
وَمِمَّا تسْتَعْمل فِيهِ صِيغَة النداء الاستغاثة نَحْو:
باللهِ منْ ألَم الفِرَاقَ.
ويالزيد بِالْفَتْح: مستغاث بِهِ، وبالكسر: مستغاث من أَجله.
وَمِنْهَا التَّعَجُّب نَحْو: يَا للْمَاء، وَيَا لَلدواهي.
وَمِنْهَا التدلُّه والتضجر كَمَا فِي نِدَاء الأطلال والمنازل وَنَحْو ذَلِك.
وَمِنْهَا التوجع والتحير والتحسر.
وَمِنْهَا الندبة. وأمثال هَذِه الْمعَانِي كَثِيرَة فِي الْكَلَام.
[وَالنَّدْب ب (يَا) على قلَّة وَالْأَكْثَر لفظ (وَا) ] .
النُّكْتَة: هِيَ الْمَسْأَلَة الْحَاصِلَة بالتفكر المؤثرة فِي الْقلب الَّتِي يقارنها نكت الأَرْض بِنَحْوِ الإصبع غَالِبا.
والبيضاوي أطلق النُّكْتَة على نفس الْكَلَام حَيْثُ قَالَ: " هِيَ طَائِفَة من الْأَحْكَام منقحة مُشْتَمِلَة على لَطِيفَة مُؤثرَة فِي الْقُلُوب ".
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ طَائِفَة من الْكَلَام تُؤثر فِي(1/907)
النَّفس نوعا من التَّأْثِير قبضا كَانَ أَو بسطاً.
وَفِي بعض الْحَوَاشِي: هِيَ مَا يسْتَخْرج من الْكَلَام.
وَفِي بَعْضهَا هِيَ الدقيقة الَّتِي تستخرج بدقة النّظر إِذْ يقارنها غَالِبا نكت الأَرْض بإصبع أَو غَيرهَا.
وَفِي " حَاشِيَة الْكَشَّاف ": ونُكَت الْكَلَام: أسراره ولطائفه لحصولها بالتفكر وَلَا يَخْلُو صَاحبهَا غَالِبا من النكت فِي الأَرْض بِنَحْوِ الإصبع بل بحصولها بالحالة الفكرية المشبهة بالنكت.
النَّص: أَصله أَن يتَعَدَّى بِنَفسِهِ لِأَن مَعْنَاهُ الرّفْع الْبَالِغ، وَمِنْه منصة الْعَرُوس، ثمَّ نقل فِي الِاصْطِلَاح إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَإِلَى مَا لَا يحْتَمل إِلَّا معنى وَاحِدًا، وَمعنى الرّفْع فِي الأول ظَاهر، وَفِي الثَّانِي أخْذُ لَازم النَّص وَهُوَ الظُّهُور، ثمَّ عدي بِالْبَاء وبعلى فرقا بَينه وَبَين الْمَنْقُول عَنهُ. والتعدية بِالْبَاء لتضمين معنى الْإِعْلَام. وبعلى لتضمن الْإِطْلَاق وَنَحْوه.
وَقيل: نَص عَلَيْهِ كَذَا: إِذا عيَّنه.
وعَرَّض: إِذا لم يذكرهُ مَنْصُوصا عَلَيْهِ بل يفهم الْغَرَض بِقَرِينَة الْحَال.
وَالنَّص قد يُطلق على كَلَام مَفْهُوم الْمَعْنى سَوَاء كَانَ ظَاهرا أَو نصا أَو مُفَسرًا اعْتِبَارا مِنْهُ للْغَالِب لِأَن عَامَّة مَا ورد من صَاحب الشَّرِيعَة نُصُوص.
وَالنَّص إِذا لم يدْرك مناطه لزم الانحصار على المورد.
والتنصيص: مُبَالغَة فِي النَّص.
النَّصِيحَة: هِيَ كلمة جَامِعَة مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظ للمنصوح لَهُ.
وَيُقَال: هِيَ من وجيز الْأَسْمَاء ومختصر الْكَلَام، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة (مُفْردَة تستوفي الْعبارَة غير معنى هَذِه الْكَلِمَة. كَمَا قَالُوا فِي الْفَلاح: إِنَّه لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب كلمة) أجمع لخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْهُ.
النُّور: هُوَ الْجَوْهَر المضيء، وَالنَّار كَذَلِك، غير أَن ضوء النَّار مكدَّر مغمور بِدُخَان مَحْذُور عَنهُ بِسَبَب مَا يَصْحَبهُ من فرط الْحَرَارَة والإحراق، وَإِذا صَارَت مهذبة مصفاة كَانَت مَحْض نور، وَمَتى نكصت عَادَتْ الْحَالة الأولى جذوة وَلَا تزَال تتزايد حَتَّى ينطفئ نورها وَيبقى الدُّخان الصّرْف.
[وَالنَّار الصرفة كالنفس فِي اللطافة وَلُزُوم الْحَرَكَة إِلَّا أَن كرة النَّار تتحرك على استدارتها لمتابعة الْفلك، وَالنَّفس تتحرك دَائِما بحركات مُخْتَلفَة، والبساطة وَإِيجَاب الخفة للحار كَمَا أَن النفَس يُوجب الخفة للجسد، وَلذَلِك كَانَ الْمَيِّت أثقل من الْحَيّ] .
والنور من جنس وَاحِد وَهُوَ النَّار بِخِلَاف الظلمَة إِذْ مَا من جنس من أَجنَاس الأجرام إِلَّا وَله ظلّ وظله الظلمَة، وَلَيْسَ لكل جرم نور، وَهَذَا كوحدة الْهدى وتعدد الضلال لِأَن الْهدى سَوَاء كَانَ المُرَاد بِهِ الْإِيمَان أَو الدّين هُوَ وَاحِد. أما الأول فَظَاهر، وَأما(1/908)
الثَّانِي فَلِأَن الدّين مَجْمُوع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَالْمَجْمُوع وَاحِد والضلال مُتَعَدد على كلا التَّقْدِيرَيْنِ، أما على الأول فلكثرة الاعتقادات الزائغة، وَأما على الثَّانِي فلانتفاء الْمَجْمُوع بِانْتِفَاء أحد الْأَجْزَاء فيتعدد الضلال بِتَعَدُّد الانتفاء.
النُزُل، بِضَمَّتَيْنِ وبالتسكين: مَا يهيأ للنزل أَي للضيف.
وَالنُّزُول، مصدر بِمَعْنى الهبوط.
وَنزل من الْعُلُوّ: هَبَط.
وَنزل الْمَكَان: حل فِيهِ. وَمِنْه الْمنزل.
النّوم: هُوَ حَال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدِّمَاغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بِحَيْثُ تقف الْحَواس الظَّاهِرَة عَن الإحساس رَأْسا.
[وَالْمَنْقُول عَن الْمُتَكَلِّمين أَن النّوم مضاد للإدراك، وَأَن الرُّؤْيَا خيالات بَاطِلَة هُوَ خلاف مَا يشْهد بِهِ الْكتاب وَالسّنة، وَلَعَلَّ مُرَادهم أَن كَون مَا يتخيله النَّائِم إداركاً بالبصر رُؤْيَة وَمَا يتخيله إدراكاً بِالسَّمْعِ سمعا بَاطِل فَلَا يُنَافِي حَقِيقَته بِمَعْنى كَونه أَمارَة لبَعض الْأَشْيَاء] .
والنُّعَاس: هُوَ أول النّوم.
والوَسَنُ: ثِقَل النّوم.
والرُّقَاد: النّوم الطَّوِيل، أَو هُوَ خَاص بِاللَّيْلِ.
وَقيل: السِّنَة: ثِقَل فِي الرَّأْس، والنُّعاس فِي الْعين، وَالنَّوْم فِي الْقلب.
النُّفاس: مصدر نَفُسَت الْمَرْأَة، بِضَم النُّون وَفتحهَا، إِذا ولدت فَهِيَ نُفَساء وهنَّ نُفَاس، من
النَّفْس وَهُوَ الدَّم.
وَشَرِيعَة: دمٌ يعقب الْوَلَد.
النَصْر: هُوَ أخص من المعونة لاختصاصه بِدفع الضّر.
] وتعدية النَّصْر بِمن لتَضَمّنه الْحِفْظ، وبعلى لتَضَمّنه الْغَلَبَة، وَإِنَّمَا أُتِي بِحرف (فِي) فِي قَوْله: {إِنَّا لننصر رسلنَا وَالَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} ، وَلم يُؤْت فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم يقوم الأشهاد} تَنْبِيها على دوَام النَّصْر فِي الْآخِرَة. وَالدُّنْيَا دَار بلَاء، وكل مَا هُوَ حَقِيقَة فِي أَحدهمَا مجَاز فِي الآخر] .
ونصرة الظَّالِم: مَنعه عَن الظُّلم. فِي الْمثل: " من استرعى الذِّئْب فقد ظلم " أَي ظلم الذِّئْب. وَقيل: ظلم الشَّاة. وَهَذَا أظهر، وَالْأول أبلغ.
النَّقير: النُّكْتَة فِي ظهر النواة.
والقطمير: شِق النواة، أَو القشرة الرقيقة بَين النواة وَالتَّمْر.
النخاع: هُوَ خيط أَبيض فِي جَوف عظم الرَّقَبَة يَمْتَد إِلَى الصلب، وَالْفَتْح وَالضَّم لُغَة فِي الْكسر، وبالياء يكون فِي الْقَفَا.
النَّفْث: هُوَ نفخ مَعَه شَيْء من الرِّيق. وَقد يسْتَعْمل بِمَعْنى النفخ مُطلقًا. فَمن الأول {النفاثات فِي العقد} . وَمن الثَّانِي حَدِيث: " إِن جِبْرِيل نفث فِي روعي ".
والنفخ يطْلب المعفول بِهِ لَا الْمَفْعُول فِيهِ، مَعَ أَن الْعَرَب العرباء تَقول: نفخت فِيهِ. وَلَا يَصح فِيهِ(1/909)
سَائِر مَعَانِيهَا اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل على الزِّيَادَة للتَّأْكِيد، وَلَا يخفى أَنه لَا يشفي الغليل.
النِّسوة: هُوَ اسْم جمع فَيقدر لَهَا مُفْرد وَهُوَ نُساء كغُلام وغِلْمة (لِأَنَّهَا اسْم جمع للْمَرْأَة) ، مؤنث من بَنَات آدم مَنْ بلغت حد الْبلُوغ.
والنَّساء: بِالْفَتْح وَالْمدّ لَا غير: وَهُوَ التَّأْخِير، يُقَال: بِعته بنساء.
النزلة: هِيَ الزُّكَام وَالْجمع نزلات.
والنازلة: هِيَ الشَّدِيدَة من شَدَائِد الدَّهْر تنزل بِالنَّاسِ.
النَّعْل: وَاحِد النِّعَال الْمَعْرُوفَة.
والنِّعال: الأرضون الصلاب أَيْضا. وَعَلِيهِ حَدِيث: " إِذا ابتلَّت النِّعال فَالصَّلَاة فِي الرِّحال ".
وَقد نظمت فِيهِ:
(وَمَا كَانَ يُجدِي النَّاسَ مِنّي صَبَابَةُ ... سِوى زَلْقِ واشٍ بالنعالِ منَكسا)
النَّهَار، لُغَة: ضد اللَّيْل، وضوء وَاسع ممتد من طُلُوع الشَّمْس أَو الْفجْر إِلَى الْغُرُوب.
وَالنّهر: الخليج الْكَبِير.
والجدول: النَّهر الصَّغِير.
[وأنهار الْجنَّة لَيست إِلَّا الْمِيَاه لِأَنَّهَا تجْرِي من غير أخدُود] .
النّسك: فِي الأَصْل غَايَة الْعِبَادَة، وشاع فِي الْحَج لما فِيهِ من الكلفة والبعد عَن الْعَادة.
النفيس: هُوَ مَا تكون قِيمَته مثل نِصَاب السّرقَة.
والخسيس: هُوَ مَا يكون قِيمَته دون نِصَاب السّرقَة.
النُّعْمَان، بِالضَّمِّ: الدَّم. وبالفتح: وادٍ فِي طَرِيق الطَّائِف يخرج إِلَى عَرَفات.
النَّجْل: المَاء الَّذِي يظْهر من الأَرْض. وَيُطلق على الْوَالِد وَالْولد.
النَّقْض: هُوَ فِي الْبناء وَالْحَبل والعهد وَغَيره، ضد الإبرام. وبالكسر: المنقوض.
والإنقاض فِي الْحَيَوَان، والنقض فِي الموتان.
والمناقضة فِي القَوْل: أَن يتَكَلَّم بِمَا يتناقض مَعْنَاهُ أَي: يتخالف.
النيْل، بِالْفَتْح: أَصله الْوُصُول إِلَى الشَّيْء، فَإِذا أطلق يَقع على النَّفْع، وَإِذا قُيِّد يَقع على الضَّرَر، وكل مَا نالك فقد نِلْتَه.
النبْت: النَّبَات، وَقد نَبتَت الأَرْض وأنبتت.
والإنبات: عمل طبيعة الأَرْض فِي تربية البذور ومادة النَّبَات بتسخير الله إِيَّاهَا وتدبيره، وَذَلِكَ أَمر آخر وَرَاء إيجاده وإيجاد أَسبَابه.
النخرة: الْعِظَام البالية.
والناخرة: المجوفة الَّتِي تمر فِيهَا الرّيح فتنخر أَي تصوت.
النِّسبة: الْقرب والمشاكلة وَالْقِيَاس يُقَال: بِالنِّسْبَةِ إِلَى فلَان أَي بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ.
ونسبت الرجل أنسبه نسبا.
ونَسَبَ الشَّاعِر بِالْمَرْأَةِ ينْسب نسبياً.
وَالنِّسْبَة فِي علم الْحساب: عبارَة عَن خُرُوج أحد(1/910)
المقدارين المتجانسين من الآخر، فالخارج إِمَّا من أَجزَاء الْمَنْسُوب إِلَيْهِ كثلاثة من سِتَّة فَإِنَّهَا نصفهَا، أَو من أضعافه كثمانية عشر من سِتَّة، أَو من أَجْزَائِهِ وأضعافه كخمسة عشر من سِتَّة فَإِنَّهَا ضعفها وَنِصْفهَا، (وكالثلث من الثُّلثَيْنِ فَإِنَّهُ نصفهَا، وكالثلثين من الثُّلُث فَإِنَّهُ ضعفه، وكخمسة أَسْدَاس من الثُّلُث فَإِنَّهَا ضعفه وَنصفه) .
والنَّسب، بِالْكَسْرِ: تتَعَلَّق بالمفهومات. والفروق تتَعَلَّق بالعبارات بِالنِّسْبَةِ إِلَى معاينها.
وَالنِّسْبَة فِي الْأُمُور الخارجية الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر، فَمن أمعن النّظر فِي قَوْلنَا: الْقيام حَاصِل لزيد فِي الْخَارِج، وَحُصُول الْقيام أَمر مُحَقّق مَوْجُود فِي الْخَارِج، حَيْثُ جعل الْخَارِج فِي الْمِثَال الأول ظرفا للحصول نَفسه، وَفِي الثَّانِي ظرفا لوُجُود الْحَاصِل وتحققه لَا يُنكر ذَلِك.
وَالْمرَاد فِي النِّسْبَة الإيجابية أَن يحصل فِي الْأَعْيَان شَيْء ينشأ عَن النِّسْبَة فِي الذِّهْن. وَالْمرَاد فِي النِّسْبَة السلبية أَن لَا يكون نقيضها ناشئاً عَمَّا فِي الْأَعْيَان، فَصدق الْمُوجبَة بِأَن تكون النِّسْبَة ناشئة عَن الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان، وَصدق السالبة بِأَن لَا تكون النِّسْبَة الإيجابية ناشئة عَن الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان. وَالْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان أَعم من الْمَوْجُود خَارج الذِّهْن وَالْحَاصِل فِي الذِّهْن. فَالْحَاصِل فِي الذِّهْن وَهُوَ الصُّورَة الذهنية مَوْجُود فِي الْأَعْيَان من حَيْثُ إِنَّه عرض قَائِم بالموجود فِي الْأَعْيَان وَهُوَ الذِّهْن، وَلَا يُرَاد أَنه مَوْجُود فِي الْأَعْيَان مُسْتقِلّا بل بتبعية الذِّهْن، كَمَا أَن الْأَعْرَاض مَوْجُودَة فِي
الْأَعْيَان بتبعية محالها.
[وَنسبَة العَرَض إِلَى الْمَوْضُوع لَيْسَ كنسبة الْجِسْم إِلَى الْمَكَان حَتَّى لَو جَازَ حُلُول الْعرض فِي محلين لجَاز حُلُول الْجِسْم فِي مكانين وَهُوَ بَاطِل، بل النسبتان ليستا على سَوَاء لِإِمْكَان حُلُول أَعْرَاض مُتعَدِّدَة تبعا فِي مَحل وَاحِد لِامْتِنَاع اجْتِمَاع جسمين فِي مَكَان.
وَالنِّسْبَة الثبوتية يرد عَلَيْهَا الْإِيجَاب وَالسَّلب كَمَا فِي النِّسْبَة المتصورة بَين زيد وَالْقِيَام مثلا ابْتِدَاء.
وَالنِّسْبَة السلبية لَا يُمكن أَن يرد عَلَيْهَا الْإِيجَاب وَالسَّلب كَمَا إِذا اعْتبر انْتِفَاء ثُبُوت نِسْبَة الْقيام لزيد إِلَّا إِذا اعْتبر ثُبُوت ذَلِك الانتفاء لَهُ فَيكون الانتفاء حِينَئِذٍ مَحْمُولا فِي الْحَقِيقَة قد اعْتبر بَينه وَبَين زيد نِسْبَة ثبوتية فهما لَا يردان إِلَّا على النِّسْبَة الثبوتية.
وَالنِّسْبَة من حَيْثُ هِيَ لَا تتَصَوَّر إِلَّا بَين شَيْئَيْنِ، أَعنِي الْمَنْسُوب والمنسوب إِلَيْهِ، وَيكون تعلقهَا مَوْقُوفا على تعلق كل وَاحِد مِنْهُمَا دون الْعَكْس. وَقد يكون لبَعض النّسَب مَعَ كَونه على هَذِه الصّفة حَالَة أُخْرَى وَهِي أَن يكون بإزائه نِسْبَة أُخْرَى لَا يعقلان إِلَّا مَعًا وَحِينَئِذٍ تسمى نِسْبَة متكررة كالأبوة مثلا فَإِنَّهَا مَعَ كَونهَا نِسْبَة بَين ذاتي الْأَب وَالِابْن مَوْقُوفَة تعلقهَا بإزائها الْبُنُوَّة الَّتِي حَالهَا كَذَلِك] .
وَالنِّسْبَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ تصور وَلَا نقيض لَهَا من هَذِه الْحَيْثِيَّة، لَكِن يتَعَلَّق بهَا الْإِثْبَات، وَالنَّفْي وكل وَاحِد مِنْهُمَا نقيض الآخر، (فَهِيَ من حَيْثُ يتَعَلَّق بهَا الْإِثْبَات تناقضها من حَيْثُ يتَعَلَّق بهَا النَّفْي) .
وَالنِّسْبَة الإيجابية لَا تخرج عَن مُلَاحظَة أَحدهمَا(1/911)
إِمَّا معينا كَمَا فِي الْعلم، أَو غير معِين كَمَا فِي الشَّك، فَإِن الشاك يُلَاحظ مَعهَا كل وَاحِد من النَّفْي وَالْإِثْبَات على سَبِيل التجويز.
النَّاس: هُوَ اسْم جمع وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الجِنَّة: وَهِي جمَاعَة الْجِنّ.
وَالْإِنْس: اسْم جنس وَلذَلِك يسْتَعْمل فِي مُقَابلَة الجِنّ كالنخل فَإِنَّهُ اسْم لجنس مَعْرُوف من الْأَشْجَار المثمرة. والنخيل: اسْم جمع لَهُ، وَلِهَذَا ناسب ذكره مَعَ الأعناب.
[وجدني] نفس الْأَمر: مَعْنَاهُ: مَوْجُود فِي حد ذَاته، وَمعنى ذَلِك أَن وجوده لَيْسَ بِاعْتِبَار مُعْتَبر وَفرض فارض بل هُوَ مَوْجُود سَوَاء فَرْضه الْعقل مَوْجُودا أَو مَعْدُوما. وموجود أَيْضا سَوَاء فَرْضه الْعقل مَوْجُودا على هاذ النَّحْو أَو على خِلَافه.
والموجودات ذهنية كَانَت أَو خارجية لَهَا تحققات وظهورات.
وَنَفس الْأَمر منبئ عَن التَّحْقِيق، والذهن وَالْخَارِج مظهران لَهُنَّ فَظهر أَن نفس الْأَمر وَرَاء الذِّهْن وَالْخَارِج، وَتَحْقِيق ذَلِك دونه خرط القتاد.
النِّعْمَة: هِيَ فِي أصل وَضعهَا الْحَالة الَّتِي يستلذها الْإِنْسَان، وَهَذَا مَبْنِيّ على مَا اشْتهر عِنْدهم من أَن (الفِعلة) ، بالسكر للحالة، وبالفتح للمرة. فِي " الْكَشَّاف ": بِالْفَتْح من التنعم، وبالكسر من
الإِنعام، وَهُوَ أيصال النِّعْمَة.
والنَّعْماء بِالْفَتْح وَالْمدّ، وبالضم وَالْقصر: قيل هِيَ النعم الْبَاطِنَة.
والآلاء: هِيَ النعم الظَّاهِرَة.
وَقيل: النِّعْمَة هِيَ الشَّيْء الْمُنعم بِهِ، وَاسم مصدر (أنعم) فَهِيَ بِمَعْنى الإنعام الَّذِي هُوَ الْمصدر القياسي.
والنَّعَم، كالمطر: وَاحِد الْأَنْعَام الثَّمَانِية (من الْبَقر وَالْإِبِل والمعز والضأن مَعَ أنثاها) على مَا نطق بِهِ النّظم الْجَلِيل.
ثمَّ إِن النِّعْمَة الَّتِي هِيَ مَا تستلذه النَّفس من الطَّيِّبَات إِمَّا دُنْيَوِيّ أَو أخروي، وَالْأول إِمَّا وهبي أَو كسبي، والوهبي إِمَّا روحاني كنفخ الرّوح وَمَا يتبعهُ أَو جسماني كتخليق الْبدن وَمَا يتبعهُ، والكسبي إِمَّا تخيلة أَو تحلية. وَأما الأخروي فَهُوَ مغْفرَة مَا فرط مِنْهُ وثبوته فِي مقْعد صِدْق.
النَصَف، محركة: الخدام، وَالْوَاحد ناصف.
النّذر: نذرت النَّذْر أنذره، ونذرت بالقوم أنذر أَيْضا أَي أعلمت بهم.
وَالنّذر: مَا كَانَ وَعدا على شَرط ف (عليَّ إِن شفى الله مريضي كَذَا) نَذْر. و (عليّ أَن أَتصدق بِدِينَار) لَيْسَ بِنذر.
النَّكْل: الْعقُوبَة الغليظة المنكلة للْغَيْر أَي: الْمَانِعَة(1/912)
من الذَّنب فَإِن أَصله الْمَنْع، وَمِنْه النكل للقيد واللجام.
الند: خص بالمخالف المماثل فِي الذَّات [أَو الْقُوَّة، من ناددت الرجل إِذا خالفته] كَمَا أَن الْمسَاوِي خص للمماثل فِي الْقدر.
النموذج: بِفَتْح النُّون: مُعرب نمونه وَهُوَ مِثَال الشَّيْء.
النَّهْج: هُوَ فِي الِاسْتِعْمَال: الْوَجْه الْوَاضِح الَّذِي جرى عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَال.
النَّحْو: نحوت نَحْوك: قصدت قصدك.
ومررت بِرَجُل نَحْوك أَي: مثلك.
وَرجعت إِلَى نَحْو الْبَيْت: أَي جِهَته.
وَهَذَا الشَّيْء على أنحاء أَي: أَنْوَاع.
وَعِنْدِي نَحْو ألف دِرْهَم أَي: مِقْدَار ألف دِرْهَم.
نَحن: ضمير يعْنى بِهِ الِاثْنَيْنِ وَالْجمع المخبرون عَن أنفسهم، مَبْنِيّ على الضَّم. أَو جمع (أَنا) من غير لَفظهَا. وحرك آخِره لالتقاء الساكنين، وَضم لِأَنَّهُ يدل على الْجَمَاعَة، وَجَمَاعَة المضمرين تدل عَلَيْهِم الْوَاو نَحْو: (فعلوا) . وَالْوَاو من جنس الضمة. (قَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى يذكر مثل هَذِه الْأَلْفَاظ) إِذا كَانَ الْفِعْل الْمَذْكُور بعده يَفْعَله بِوَاسِطَة بعض مَلَائكَته أَو بعض أوليائه.
نعم: حرف تَصْدِيق مخبر بعد قَول الْقَائِل: قَامَ زيد. وإعلام مستخبر بعد قَوْله: أَقَامَ زيد؟ ووعد طَالب بعد قَوْله: افْعَل أَو لَا تفعل وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا نَحْو: هلا تفعل، وهلا لم تفعل. وَإِذا وَقعت بعد
النَّفْي الدَّاخِل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام كَانَت بِمَنْزِلَة (بلَى) بعد النَّفْي أَعنِي لتصريف الْإِثْبَات، وَذَلِكَ لِأَن النَّفْي إِذا دخل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام للإنكار أَو التَّقْرِير يَنْقَلِب إِثْبَاتًا.
وللنحاة فِي (نعم) ثَلَاثَة آراء:
أَحدهَا: أَنَّهَا بَاقِيَة على معنى التَّصْدِيق لَكِنَّهَا تَصْدِيق لما بعْدهَا.
الثَّانِي: أَنَّهَا جَوَاب لغير مَذْكُور قدره الْمُتَكَلّم فِي اعْتِقَاده.
الثَّالِث: أَنَّهَا حرف تذكير لما بعْدهَا مسلوب عَنْهَا معنى التَّصْدِيق، وَلَا يبعد أَن تكون حرف اسْتِدْرَاك بِمَنْزِلَة (لَكِن) .
وَقد تسْتَعْمل (نَعم) فِي الْعرف مثلى (بلَى) وَرجحه أهل الشَّرْع، أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت: نعم فِي جَوَاب من قَالَ: الْيَسْ لي عَلَيْك كَذَا درهما؟ حمل القَاضِي كلامك على الْإِقْرَار وألزمك أَدَاء الْمقر بِهِ.
و (أجل) أحسن من (نعم) فِي التَّصْدِيق، مثل: أَنْت سَوف تذْهب، أجل، و (نعم) أحسن مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَام مثل: أتذهب؟ نعم.
و (أجل) يخْتَص بالْخبر نفيا وإثباتاً.
وجَيْرِ، بِكَسْر الرَّاء وَقد ينون: يَمِين أَي: حَقًا.
إِي: بِالْكَسْرِ بِمَعْنى نعم.
وَكَذَا إِن بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد أثْبته الْأَكْثَرُونَ وَخرج عَلَيْهِ قوم مِنْهُم الْمبرد {إِن هَذَانِ لساحران} .
نِعْمَ وَبئسَ: هما فعلان للمدح والذم بَعْدَمَا نقلا عَن أَصلهمَا وَهُوَ النعم والبؤس، وَيجب فِي بابهما(1/913)
اتِّحَاد الْفَاعِل والمخصوص بالمدح أَو الذَّم صدقا وذاتاً، وفاعلهما لَا يكون أبدا إِلَّا مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام الَّتِي للْجِنْس الْمُحِيط بِالْعُمُومِ، فَيكون مَعَ إِفْرَاد لَفْظهمَا فِي معنى الْجمع كاللام الَّتِي فِي {إِن الْإِنْسَان لفي خسر} أَي: إِن النَّاس بِدَلِيل اسْتثِْنَاء الْجمع من الْفَرد.
نِعِمّا: أَصله (نِعْمَ مَا) فأدغم وَكسر الْعين للساكنين، وفاعل (نِعْمَ) مستتر فِيهِ، و (مَا) بِمَعْنى (شَيْئا) مُفَسّر للْفَاعِل نصب على التَّمْيِيز أَي: نعم الشَّيْء شَيْئا.
[نَاب] : ذكر ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ أَنه يُقَال: نَاب هَذَا عَن هَذَا نَوْباً، وَلَا، يجوز نَاب عَنهُ نيابه، وَهُوَ غَرِيب.
نوح، عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ أعجمي مُعرب وَمَعْنَاهُ بالسُّرْيَانيَّة السَّاكِن. وَقَالَ بَعضهم: سمي بِهِ لِكَثْرَة بكائه على نَفسه واسْمه عبد الْغفار بَعثه الله لأربعين سنة. فَلبث فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم، وعاش بعد الطوفان سِتِّينَ سنة.
وَذكر ابْن جرير أَن مولد نوح كَانَ بعد وَفَاة آدم بِمِائَة وَسِتَّة وَعشْرين عَاما.
[نوع]
{مَا ننسخ} : مَا نُبدِّل.
{أَو ننسها} : نتركها.
{نحلة} : مهْرا.
{نَقِيبًا} شَاهدا ينقب عَن أَحْوَال قومه ويفتش عَنْهَا، أَو كَفِيلا.
{وَيَعْقُوب نَافِلَة} : عَطِيَّة، أَو ولد ولد، أَو زِيَادَة على مَا سَأَلَ.
{نسوا الله} : تركُوا طَاعَة الله.
{فنسيهم} : فتركهم من ثَوَابه وكرامته.
{نتقنا الْجَبَل} : [قلعناه] وَرَفَعْنَاهُ [فَوْقه] .
{لَناكبون عَن الْحق} : لعادلون عَنهُ.
{نكالا لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا} : عِبْرةً.
{ونحاس} : هُوَ الدُّخان الَّذِي لَا لَهب فِيهِ.
{نُنْشِرُها} [بالراء] : نحييها [وبالزاي نرفعها من الأَرْض ونردها إِلَى أماكنها من الْجَسَد ونركب بَعْضهَا على بعض] .
{فنظرة} : فإنظار.
{نبرأها} : نخلقها.
{نكالا} : عُقُوبَة.
{وَأحسن نديا} : النادي: الْمجْلس.(1/914)
{فِي جنَّات ونهر} : النَّهر: السَّعَة.
{قضى نحبه} : أجَلَه الَّذِي قُدِّر لَهُ.
{فأثرن بِهِ نقعا} : أَي النَّقْع: مَا يسطع من حوافر الْخَيل.
{لأولي النهى} : لِذَوي الْعُقُول.
{فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} : هربوا بلغَة الْيمن.
{نورهم} : وجههم بلغَة كنَانَة.
{يَرْجُو} : يخَاف.
{نكص} : رَجَعَ بلغَة سليم.
{نكث} : نقض الْعَهْد.
{نفقا} : [منفذاً ينفذ فِيهِ إِلَى جَوف الأَرْض أَو] سرباً بلغَة عمان.
{ونمد لَهُ من الْعَذَاب} : ونطول لَهُ من الْعَذَاب.
{لن نؤثرك} : لن نختارك.
{ن} : [من أَسمَاء الْحُرُوف، أَو اسْم الْحُوت، أَو اليهموت، وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا الأَرْض، أَو الدواة. و] عَن الضَّحَّاك: إِنَّه فَارسي أَصله (أنون)
مَعْنَاهُ: اصْنَع مَا شِئْت.
{لننسفنه فِي اليم} : لَنُذرِيَنَّه فِي الْبَحْر.
{الله نور السَّمَاوَات} : هادي أهل السَّمَوَات.
{مثل نوره} : هُداه فِي قلب الْمُؤمن.
{نُشُوزًا} : بغضاً.
{أَن لن نقدر عَلَيْهِ} : أَن لن يَأْخُذهُ الْعَذَاب الَّذِي أَصَابَهُ، أَو لن نضيّق عَلَيْهِ، من قَوْله:
{يَبْسُطُ الِّزْقَ لمن يشاءُ وَيقدر} .
{نقتبس من نوركم} : نصيب مِنْهُ.
{والنجم} : مَا ينبسط على الأَرْض.
{نَضرة النَّعيم} : بهجة التنعم وبريقه.
{هديناه النجدين} : طريقي الْخَيْر وَالشَّر، أَو الثديين.
{ونباتا} : مَا يعتلف من التِّبْن والحشيش.
{عظاما نخرة} : بالية فارغة.
{ناصبة} : تعْمل مَا تتعب فِيهِ كجر السلَاسِل.
{النفاثات} : النُّفُوس، أَو النِّسَاء السواحر اللَّاتِي يعقدن عقدا فِي خيوط وينفثن عَلَيْهَا. والنَّفْثُ: النفخ مَعَ ريق.(1/915)
{ناشئة اللَّيْل} : هِيَ النَّفس الَّتِي تنشأ من مضجعها إِلَى الْعِبَادَة.
{نقر فِي الناقور} : نُفخ فِي الصُّور.
{وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} : بهية متهللة.
{الْجبَال نسفت} : قِلعَت.
{ألم نشرح} : ألم نفسح.
{وأعز نَفرا} : حشماً وأعواناً.
{نزلة أُخْرَى} : مرّة أُخْرَى.
{نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} : انتشرت لَيْلًا بِلَا رَاع فَرَعَتْه.
{سنشد عضدك} : سنقويك.
{ثمَّ نكسوا على رؤوسهم} : انقلبوا إِلَى المجادلة.
{نجيا} : مناجياً.
{نفورا} : هَرَباً.
{فَلم نغادر} : فَلم نَتْرُك.
{نكرا} : مُنْكرا.
{ننكسه} : نقلبه.
{كنت نسيا} : مَا من شَأْنه أَن يُنسى.
{منسيا} : منسي الذّكر بِحَيْثُ لَا يخْطر ببالهم.
{أنلزمكموها} : أنكرهكم على الاهتداء.
{نصب} : تَعب. {إنَّما النَّسيء} : أَي التَّأْخِير. {ألم نستحوذ عَلَيْكُم} : ألم نغلب. {نصله} : نُدخله.
{نكدا} : قَلِيلا عديم النَّفْع.
{نقيض لَهُ} : نقدر لَهُ.
{نأى بجانبه} : انحرف وَذهب بِنَفسِهِ وتباعد بِالْكُلِّيَّةِ تكبراً.
{لنسفعا بالناصية} : لنأخذن بالناصية ولنسحبن بهَا إِلَى النَّار. [كتب فِي الْمُصحف بِالْألف على الْوَقْف] .
{وَمَا نقموا} : وَمَا أَنْكَرُوا.
{ونمارق} : وسائد.
{نضاختان} : فوّارتان بِالْمَاءِ.(1/916)
{شَيْءٍ نُكُر} : [فظيع] تنكره النُّفُوس.
{إِلَى نصب} : مَنْصُوب لِلْعِبَادَةِ أَو علم.
[ {نداولها بَين النَّاس} : نصرفها بَينهم نديل لهَؤُلَاء تَارَة ولهؤلاء أُخْرَى.
{وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} : مرّة آخرى.
{نبذه فريق} : نقضه.
{والناشطات نشطا} : أَي النُّجُوم تنشط من برج إِلَى آخر، أَو الْمَلَائِكَة تنشط نفس الْمُؤمن أَي: تحلها حلا رَفِيقًا، أَو النُّفُوس المؤمنة تنشط عِنْد الْمَوْت نشاطاً.
{إِلَى رَبهَا ناظرة} : ترَاهُ مستغرقة فِي مطالعة جماله بِحَيْثُ تغفل عَمَّا سواهُ.
{فَكيف كَانَ نَكِير} : إنكاري عَلَيْهِم بإنزال الْعَذَاب.
{ونفور} : شِرَاد عَن الْحق لتنفر طباعهم عَنهُ.
{لَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة} : يَعْنِي توفيق التَّوْبَة وقبولها.
{نسرا} هُوَ صنم لحمير.
{والنازعات} إِلَى قَوْله {يَوْم ترجف} : صِفَات مَلَائِكَة الْمَوْت فَإِنَّهُم ينزعون أَرْوَاح الْكفَّار
بالشدة وَيخرجُونَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ بِرِفْق كإخراج الدَّلْو من الْبِئْر ويسبحون فِي إخْرَاجهَا السبح الغواص فيسيقون أَرْوَاح كل فريق إِلَى مَحَله فيدبرون أَمر عقابها وثوابها حَسْبَمَا أمروا، أَو صِفَات النُّجُوم، أَو صِفَات النُّفُوس الفاضلة حَالَة الْمُفَارقَة أَو حَال سلوكها، أَو صِفَات نفوس الْغُزَاة أَو أَيْديهم، أَو صِفَات خيلهم كل بِمَا يُنَاسِبه على مَا بُيِّن فِي " الْأَنْوَار ".
{فَجعله نسبا} : ذُكُورا تنْسب إِلَيْهِم.
{وَكُنَّا نَخُوض} : نشرع فِي الْبَاطِل.
{نَزغ الشَّيْطَان} : أفسد وحرّش أَي: أغرى.
{فلنولينك قبْلَة} : فلنمكننك من استقبالها.
{نكالا} : عِبْرَة تنكل الْمُعْتَبر أَي: تمنع.
{من قبل أَن نطمس وُجُوهًا فنردهاعلى أدبارها} : من قبل أَن نمحو تخطيط صورها ونجعلها على هَيْئَة أدبارها يَعْنِي الأقفاء.
{فِي كثير من نَجوَاهُمْ} : من متناجيهم، أَو من تناجيهم.
{من نبإ الْمُرْسلين} : أَي من قصصهم وَمَا كَادُوا من قَومهمْ] .(1/917)
فصل الْوَاو
[الْوُرُود] : كل (وَرَدَ) فِي الْقُرْآن فَهُوَ الدُّخُول إِلَّا {وَلما ورد مَاء مَدين} فَإِن مَعْنَاهُ: هجم عَلَيْهِ وَلم يدْخل [إِذْ الْوُرُود المعتدي بعلى بِمَعْنى الْوُصُول لَا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ] .
[وَرَاء] : كل (وَرَاء) فِي الْقُرْآن فَهُوَ أَمَام إِلَّا {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك} فَإِنَّهُ بِمَعْنى سوى ذَلِك. {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} أَي: مَا سوى ذَلِك.
[وَقع] : وَأكْثر مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من لفظ (وَقع) جَاءَ فِي الْعَذَاب الشَّديد.
[الْوَحْي] : كل مَا أَلقيته إِلَى غَيْرك فَهُوَ وَحي.
وَالْكِتَابَة وَالْإِشَارَة والرسالة والإفهام كلهَا وَحي بِالْمَعْنَى المصدري.
وَالْوَحي كَمَا ورد فِي حق الْأَنْبِيَاء ورد أَيْضا فِي حق الْأَوْلِيَاء، ولسائر النَّاس بِمَعْنى الإلهام. وَفِي الْحَيَوَانَات بِمَعْنى خَاص.
[الوَضَم] : كل شَيْء يوضع عَلَيْهِ اللَّحْم من خَشَبَة أَو بَارِية يوقى بِهِ من الأَرْض فَهُوَ الْوَضم، محركة.
[الْوَادي] : كل منفرج بَين جبال وآكام يكون منفذا للسيل فَهُوَ الْوَادي.
[الورطة] : كل أَمر تعسر النجَاة مِنْهُ فَهُوَ الورطة.
[الوحشي] : كل مَا لَا يسْتَأْنس من النَّاس فَهُوَ وَحشِي.
[الْوَلِيّ] : كل من يليك أَو يقاربك فَهُوَ ولي.
فِي " الصِّحَاح ": الْوَلِيّ ضد الْعَدو، وكل من ولي أَمر أحد فَهُوَ وليُّه.
[الْوَاو] : كل وَاو سَاكِنة قبلهَا ضمة، أَو يَاء سَاكِنة قبلهَا كسرة وهما زائدتان للمد لَا للإلحاق، وَلَا هما من نفس الْكَلِمَة فَإنَّك تقلب الْهمزَة بعد الْوَاو واواً، وَبعد الْيَاء يَاء، أَو تُدْغَم فَتَقول فِي مقروء مقرو، وَفِي خبيء خبي، بتَشْديد الْوَاو وَالْيَاء.
كل وَاو وياء متحركتين يكون مَا قبلهمَا حرفا صَحِيحا سَاكِنا فَإنَّك تقلب حركتها إِلَى حرف صَحِيح.
كل وَاو مُخَفّفَة مَضْمُومَة لَازِمَة سَوَاء كَانَت فِي أول الْكَلِمَة ك (وُجُوه) أَو فِي حشوها ك (أدور) فقلبها همزَة جَائِز جَوَازًا مطردا لَا يُنكر.
كل واوين فِي أول الْكَلِمَة ثانيتهما زَائِدَة منقلبة عَن حرف آخر فَإِنَّهُ تقلب أولاهما همزَة.
كل وَاو وياء هِيَ عين فَاعل المعتل فعله أَو فَاعل الْكَائِن للنسب كسائق فَإِنَّهُ تقلب الْيَاء ألفا ثمَّ تقلب الْألف همزَة.
الْوَاو: هِيَ مَا أول اسْمه وَآخره نَفسه كالميم وَالنُّون، وَهِي حرف يجمع مَا بعده مَعَ شَيْء قبله إفصاحاً فِي اللَّفْظ أَو إفهاماً فِي الْمَعْنى. وَالْجمع(1/918)
بَين شَيْئَيْنِ يَقْتَضِي مُنَاسبَة بَينهمَا ومغايرة أَيْضا لِئَلَّا يلْزم عطف الشَّيْء على نَفسه.
وَقد لَا يكون للْجمع كَمَا إِذا حلف لَا يرتكب الزِّنَا وَأكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ يَحْنَث بِفعل أَحدهمَا.
وَالْقرَان فِي النّظم بِحرف الْوَاو لَا يُوجب الْقرَان فِي إِثْبَات الحكم عِنْد عَامَّة أثبات الْفُقَهَاء، لِأَن فِي إِثْبَات الشّركَة مُخَالفَة الأَصْل وقلب الْحَقِيقَة لِأَن الأَصْل أَن كل كَلَام تَامّ مُنْفَرد بِنَفسِهِ وَحكمه، فَجعل كلامين كلَاما وَاحِدًا قلب الْحَقِيقَة فَلَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا للضَّرُورَة، وَلَا نسلم أَن الْوَاو مُوجبَة للشَّرِكَة فِي وضع اللُّغَة، غير أَنَّهَا إِذا دخلت على جملَة نَاقِصَة تجْعَل للشَّرِكَة بِاعْتِبَار الضَّرُورَة وَهِي تَكْمِيل النَّاقِصَة باشتراكهما فِي الْخَبَر، وَأما إِذا ذكرت بَين جملتين تامتين فَلَا يثبت الِاشْتِرَاك.
وَالْحَاصِل من أَحْوَال الجملتين اللَّتَيْنِ لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب وَلم يكن للأولى حكم لم يقْصد إِعْطَاؤُهُ للثَّانِيَة سِتَّة: كَمَال الِانْقِطَاع بِلَا إِبْهَام، وَكَمَال الِاتِّصَال، وَشبه كَمَال الِانْقِطَاع، وَشبه كَمَال الِاتِّصَال، وَكَمَال الِانْقِطَاع مَعَ الْإِبْهَام، والتوسط بَين الكمالين، فَحكم الْأَخيرينِ الْوَصْل، وَالْأَرْبَعَة السَّابِقَة الْفَصْل، أما فِي الأول وَالثَّالِث فلعدم الْمُنَاسبَة. وَأما فِي الثَّانِي وَالرَّابِع فلعدم الْمُغَايرَة المفتقرة إِلَى الرَّبْط بالعاطف.
وَالْوَاو ضَرْبَان: جَامِعَة للاسمين فِي عَامل وَاحِد، ونائبة مناب التَّثْنِيَة حَتَّى يكون (قَامَ زيد وَعَمْرو) بِمَنْزِلَة (قَامَ هَذَانِ) ويضمر بعْدهَا الْعَامِل. فعلى الأول جَازَ (قَامَ زيد وَهِنْد) بترك تَأْنِيث الْفِعْل لأَنا
نقُول: عنينا الذّكر. وَلَا يجوز على الثَّانِي لِأَن الاسمين لم يجتمعا، وَجَاز أَيْضا على الأول دون الثَّانِي (اشْترى زيد وَعَمْرو) ، و (قَامَ عَمْرو وَأَبوهُ) . وَأما فِي صُورَة النَّفْي فَتَقول على الأول: مَا قَامَ زيد وَعَمْرو) فَلَا يُفِيد النَّفْي، كَمَا تَقول: (مَا قَامَ هَذَانِ) . وَتقول على الثَّانِي: (مَا قَامَ زيد وَلَا عَمْرو) ، فيفيده كَمَا تَقول: (مَا قَامَ زيد وَلَا قَامَ عَمْرو) .
وَالْوَاو، وَالْفَاء، وَثمّ، وَحَتَّى كلهَا تشترك فِي إِفَادَة الْجمع فِي ذَات مثل: (قَامَ وَقعد زيد) ، أَو فِي حكم مثل: (جَاءَ زيد وَعَمْرو) ، أَو فِي وجود مثل: (جَاءَ زيد وَذهب عَمْرو) ، إِلَّا أَن الْوَاو لمُطلق الْجمع أَي جمع الْأَمريْنِ وتشريكهما من غير دلَالَة على زِيَادَة معنى كالمقارنة أَي اجْتِمَاع الْمَعْطُوف مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن مَالك وَنسب إِلَى الْإِمَامَيْنِ.
(وَالْوَاو للْجمع إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل الِاسْتِئْنَاف) .
وَالتَّرْتِيب أَي تَأَخّر مَا بعْدهَا عَمَّا قبلهَا فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن الإِمَام الشَّافِعِي حَتَّى يلْزم التَّرْتِيب فِي الْوضُوء لم يثبت عَنهُ، وَإِنَّمَا أَخذ التَّرْتِيب من السّنة وَمن سِيَاق النّظم. وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للخطيب الَّذِي قَالَ بَين يَدَيْهِ: " من أطَاع الله وَرَسُوله فقد رشد، وَمن عصاهما فقد غوى "، " بئس خطيب الْقَوْم أَنْت، هلا قلت: وَمن عصى الله وَرَسُوله " فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَن الْوَاو للتَّرْتِيب، بل على أَن فِيهِ ترك الْأَدَب حَيْثُ لم يفرد اسْم الله تَعَالَى بِالذكر، وَلِأَن كل وَاحِد من(1/919)
العصيانين مُسْتَقل باستلزام الغواية، وَلِأَن المُرَاد من الْخَطِيب الْإِيضَاح لَا الرموز، يُؤَيّدهُ مَا قَالَه الأصوليون من أَنه الْأَمر بِالْإِفْرَادِ، لِأَنَّهُ أَكثر تَعْظِيمًا وَالْمقَام يَقْتَضِي ذَلِك.
والعطف بِالْوَاو وَإِن دلّ على الْجمع والتسوية فِي الْفِعْل لَكِن فِي الافراد بِالذكر وَجعل أَحدهمَا متبوعاً وَالْآخر تَابعا مَا يزِيل توهم تَعْمِيم التَّسْوِيَة من الْجمع بالضمير، وَلَا يرد على ذَلِك حَدِيث " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا " لِأَن مَا يكره من الْأمة قد لَا يكره من النَّبِي. وَلَا قَوْله تَعَالَى: {ومَا كَانَ لمُؤمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ ورَسُولُه أمرا أَن تَكُونَ لهُمْ الخِيَرَة من أَمْرِهم} لِأَن الْكَلَام فِي جَوَازه وَعدم جَوَازه من الْعباد، وَلَا يرد أَيْضا قَوْله: {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم} إِذْ الذّكر هُنَا بالشرف لَا بالترتيب، وللبداءة أثر فِي الاهتمام كَمَا فِي مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِالْقربِ. [وتوحيد الضَّمِير فِي قَوْله: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} للدلالة على أَن الْمَقْصُود إرضاء الرَّسُول وَإِن ذكر الله للإِشعار بِأَن الرَّسُول من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة واختصاص قوي حَتَّى سرى الإرضاء مِنْهُ إِلَيْهِ. وَكَذَا الْحَال فِي الايذاء فَإِنَّهُم لَا يُؤْذونَ الله حَقِيقَة بل الرَّسُول وَحده] .
والأدلة على عدم إِفَادَة التَّرْتِيب كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} ،
{وَقَالُوا إنْ هِيَ إلاّ حَيَاتُنا الدُّنيا نمُوتُ ونحيا} ، {واسجدي واركعي} وَغير ذَلِك.
وَأما الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة وَهِي: الْفَاء و (ثمَّ) و (حَتَّى) فبخلافها، فَإِن الْفَاء للتعقيب على وَجه الْوَصْل حَتَّى إِذا قَالَ: (جَاءَ زيد فعمرو) فهم مِنْهُ مَجِيء عَمْرو عقيب زيد بِلَا فصل. وَكَذَا إِذا قَالَ: (بِعْت مِنْك هَذَا العَبْد بِكَذَا) فَقَالَ المُشْتَرِي: فَهُوَ حر، يعْتق، لَا لَو قَالَ: هُوَ حر، أَو وَهُوَ حر. وَلَو قَالَ: (إِن دخلتُ الدَّار فكلمت زيدا فَعَبْدي حر) ، لَا يعْتق إِلَّا بِالْجمعِ بَينهمَا مُرَتبا الْكَلَام بعد الدُّخُول بِلَا مهلة، وَلَو قَالَ: (وَكلمت) ، بِالْوَاو لَا يعْتق إِلَّا بِوُقُوع الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا كَيْفَمَا وَقع، لَا فرق فِيهِ بَين وُقُوع الأول قبل الثَّانِي أَو الثَّانِي قبل الأول فِي اللَّفْظ.
و (ثمَّ) للتراخي على سَبِيل الِانْقِطَاع عِنْد أبي حنفية حَتَّى لَو قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: (انتِ طَالِق ثمَّ طَالِق) ، يَقع الأول وَيَلْغُو الثَّانِي بعده، كَمَا لَو سكت بعد الأول؛ وَعِنْدَهُمَا للتراخي على سَبِيل الْعَطف والاشتراك.
و (حَتَّى) لترتيب فِيهِ تدريج.
وَلَا تقع الْوَاو فِي أول الْكَلَام؛ وَالَّتِي يبتدأ بهَا فِي أول الْكَلَام فَهِيَ بمعى رب، وَلِهَذَا تدخل على النكرَة الموصوفة وتحتاج إِلَى جَوَاب مَذْكُور إِمَّا لفظا وَإِمَّا حكما كَقَوْلِه:(1/920)
(وبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنيسُ ... )
وَمَا يذكرهُ أهل اللُّغَة من أَن الْوَاو قد تكون للابتداء والاستئناف فمرادهم أَن يبتدأ الْكَلَام بعد تقدم جملَة مفيدة من غير أَن تكون الْجُمْلَة الثَّانِيَة تشارك الأولى. وَأما وُقُوعهَا فِي الِابْتِدَاء من غير أَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا شَيْء فعلى الابتدائية الْمُجَرَّدَة أَو لتحسين الْكَلَام وتزيينه أَو للزِّيَادَة الْمُطلقَة.
وَالْوَاو لَا تكون أصلا فِي بَنَات الْأَرْبَعَة.
وَالْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا أَن يعفون} لَام الْكَلِمَة (فَهِيَ أَصْلِيَّة وَالنُّون ضمير النسْوَة وَالْفِعْل مَعهَا مَبْنِيّ ووزنه يفعلن.
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تعفوا أقرب} ضمير الْجمع، وَلَيْسَت من أصل الْكَلِمَة) . وَفِي (زيدون) عَلامَة الرّفْع وَالنُّون عَلامَة الْجمع.
وَفِي (يضْربُونَ) عَلامَة الْجمع وَالنُّون عَلامَة الرّفْع فرقا بَين الِاسْم وَالْفِعْل.
[وَقد تستعار الْوَاو للْحَال بِجَامِع الِاشْتِرَاك بَينهمَا فِي الجمعية لِأَن الْحَال تجامع ذَا الْحَال لِأَنَّهَا صفته فِي الْحَقِيقَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا جَاءُوها وفُتِحَتْ أَبْوابُها} أَي حَال مَا تكون أَبْوَابهَا مَفْتُوحَة، لِأَنَّهُ تَعَالَى فِي بَيَان الْإِكْرَام لأهل الْإِسْلَام، وَمن إكرام الضَّيْف أَن يكون الْبَاب مَفْتُوحًا حَال وُصُوله إِلَى بَاب الضَّيْف فَيحمل
على الْحَال لإِفَادَة هَذَا الْمَعْنى. يُؤَيّدهُ قَوْله تَعَالَى: {جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب} وَلِهَذَا قَالَ فِي حق الْكفَّار بِدُونِ الْوَاو لِأَن تَأْخِير فتح بَاب الْعَذَاب أليق بكرم الْكَرِيم، وَمن هَذَا أَبْوَاب جَهَنَّم لَا تفتح إِلَّا عِنْد دُخُول أَهلهَا فِيهَا، وأبواب الْجنَّة مَفْتُوحَة قبل الْوُصُول إِلَيْهَا] .
وَالْوَاو الحالية قيد لعامل الْحَال ووصفٌ لَهُ فِي الْمَعْنى.
والاعتراضية لَهَا تعلق بِمَا قبلهَا، لَكِن لَيست بِهَذِهِ الْمرتبَة.
وَلَا تدخل الْوَاو الحالية على الْحَال المفردة.
وَالَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) ينْتَصب بعْدهَا الِاسْم إِذا كَانَ قبلهَا فعل نَحْو: (اسْتَوَى الماءُ والساحلَ) أَو معنى فعل نَحْو: (مَا شَأنُكَ وزيداً) لِأَن الْمَعْنى: مَا تصنع؟ وَمَا تلابس؟ وَلَا بُد فِي الْوَاو الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) من معنى الملابسة. وَالَّتِي لمُطلق الْعَطف قد تَخْلُو من ذَلِك.
وَقد اخْتلفت كلمتهم فِي الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ الْوَاقِعَة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أوعجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم} فَقيل: عطف على مَذْكُور قبلهَا لَا على مُقَدّر بعْدهَا بِدَلِيل أَنه لَا يَقع ذَلِك قطّ فِي أول الْكَلَام. وَقيل: بل بِالْعَكْسِ لِأَن للاستفهام صدارة(1/921)
وَعند سِيبَوَيْهٍ: الْهمزَة وَالْوَاو مقلوبتا الْمَكَان لصدارة الِاسْتِفْهَام، فالهمزة حِينَئِذٍ دَاخِلَة على الْمَذْكُور.
وَعند الزَّمَخْشَرِيّ: هما ثابتان فِي مكانهما؛ وَهِي دَاخِلَة على متصدر مُنَاسِب لما عطفه الْوَاو عَلَيْهِ.
قَالَ بَعضهم: أصل (أَو كَالَّذي) أَو رَأَيْت مثل الَّذِي، وَهِي و (ألم تَرَ) كلتاهما كلمة تعجب إِلَّا أَن مَا دخل عَلَيْهِ حرف التَّشْبِيه أبلغ فِي التَّعَجُّب كَقَوْلِك (هَل رَأَيْت مثل هَذَا) فَإِنَّهُ أبلغ من (هَل رَأَيْت هَذَا) .
وَالْوَاو الدَّاخِلَة على (أَن) و (لَو) الوصليتين للْحَال عِنْد الْجُمْهُور، وللعطف على مُقَدّر نقيض للمذكور عِنْد الجعبري، وللاعتراض عِنْد بعض النُّحَاة سَوَاء توسطت بَين أَجزَاء الْكَلَام أَو تَأَخَّرت.
وَقَالُوا: إِذا دخلت على الشَّرْط بعد تقدم الْجَزَاء يُرَاد بِهِ تَأْكِيد الْوُقُوع بالْكلَام الأول وتحقيقه كَقَوْلِهِم: (أكْرم أَخَاك وَإِن عاداك) أَي أكْرمه بِكُل حَال.
وَقد تزاد الْوَاو بعد (إِلَّا) لتأكيد الحكم الْمَطْلُوب إثْبَاته إِذا كَانَ فِي مَحل الرَّد وَالْإِنْكَار كَمَا فِي قَوْله: " مَا من أحد إِلَّا وَله طمع أَو حسد ".
قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الأَصْل أَن لَا يدخلهَا الْوَاو كَقَوْلِه: {إِلَّا لَهَا منذرون} لَكِن لما شابهت صورتهَا صُورَة الْحَال أدخلت عَلَيْهَا تَأْكِيدًا للصوقها بالموصوف.
وَالْوَاو من بَين سَائِر حُرُوف الْعَطف بِمَنْزِلَة الْمُطلق
من الْمُقَيد لِأَن دلالتها على مُجَرّد الِاشْتِرَاك وَدلَالَة سائرها على معنى زَائِد عَلَيْهِ كالتعقيب والتراخي وَنَحْوهمَا كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفا، وَلَيْسَ فِي وَاو النّظم دَلِيل الْمُشَاركَة بَينهمَا فِي الحكم، وَإِنَّمَا ذَلِك فِي وَاو الْعَطف فَلَا تعد الْوَاو الَّتِي بَين جملتين لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب عاطفة، لِأَن الْعَطف من التوابع، وَالتَّابِع: كل إِعْرَاب أعرب بإعراب سابقه.
و (وَاو) الْقسم تنوب مناب فعله فَلَا يذكر مَعهَا الْفِعْل أبدا بِخِلَاف الْبَاء فَإِنَّهُ يذكر مَعهَا وَيتْرك.
وَالْوَاو زَائِدَة فِي الْأَسْمَاء.
وَمن الواوات وَاو الثَّمَانِية كَقَوْلِه تَعَالَى: {وثامنهم كلبهم} فَإِن الْعدَد قد تمّ شفعاً ووتراً فِي السَّبع، وَقيل: جردت لِمَعْنى الجمعية فَقَط وسلب عَنْهَا معنى الْمُغَايرَة فَإِنَّهُم كثيرا مَا يجردون الْحَرْف عَن مَعْنَاهُ المطابقي مستعملين فِي مَعْنَاهُ الالتزامي والتضمين.
وَمِنْهَا وَاو الصِّلَة، وَبِمَعْنى (أَو) و (إِذْ) ، وَبِمَعْنى (بَاء) الْجَرّ، وَلَام التَّعْلِيل، وواو الِاسْتِئْنَاف، وَالْمَفْعُول مَعَه، وَضمير الذُّكُور، وَالْإِنْكَار، والتذكير، والقوافي، والإشباع، والمحولة، وَالْوَقْت وَهِي تقرب من وَاو الْحَال نَحْو (اعْمَلْ وَأَنت صَحِيح) ، وواو النِّسْبَة والهمزة فِي الْخط وَفِي اللَّفْظ ,.
والفارقة كَمَا فِي (أُولَئِكَ) و (أولي) .
وَعَن سِيبَوَيْهٍ: أَن الْوَاو فِي قَوْلهم: (بعث الشَّاة ودرهماً) بِمَعْنى الْبَاء وتحقيقه أَن الْوَاو للْجمع(1/922)
والاشتراك وَالْبَاء للإلصاق، وهما من وادٍ وَاحِد فيسلك بِهِ طَرِيق الِاسْتِعَارَة.
وَعَن ابْن السيرافي أَنه قَالَ: الْوَاو تَجِيء بِمَعْنى (من) وَمِنْه قَوْله: (لَا بُد وَأَن يكون) .
وواو الْجمع نَحْو: (لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن) أَي: لَا تجمع بَينهمَا؛ وَتسَمى وَاو الصّرْف أَيْضا لِأَنَّهَا تصرف الثَّانِي عَن الْإِعْرَاب إِلَى الأول.
وواو الْحَسْرَة نَحْو: (واحسرتاه) .
وتجيء بِمَعْنى (نعم) قيل وَعَلِيهِ: {وثامنهم كلبهم} ، {وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا} .
وَقد تكون لتعظيم الْمُخَاطب كَمَا فِي: {رب ارْجِعُونِ} ، وَقيل: لتكرير قَوْله ارجعني. كَمَا قيل فِي
قِفا واطرقا ... .
[وَالْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُول الْكَافِر يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} تسمى فصيحة] .
الْوُجُود: مصدر (وُجد الشَّيْء) على صِيغَة(1/923)
الْمَجْهُول، وَهُوَ مُطَاوع الايجاد كالانكسار للكسر، وَهُوَ لُغَة يُطلق على الذَّات، وعَلى الْكَوْن فِي الْأَعْيَان. والأشعري ذهب إِلَى الأول، وَلَا نزاع مَعَهم فِيهِ، وَإِنَّمَا النزاع فِي جعلهم الْوُجُود حِينَئِذٍ فِي مُقَابلَة الْعَدَم الَّذِي هُوَ الانتفاء
اتِّفَاقًا. وَمن قَالَ: إِنَّه مَفْهُوم وَاحِد مُشْتَرك بَين الْجَمِيع ذهب إِلَى الثَّانِي.
والوجود لَا يحْتَاج إِلَى تَعْرِيف إِلَّا من حَيْثُ بَيَان أَنه مَدْلُول للفظ دون آخر فَيعرف تعريفاً لفظياً يُفِيد فهمه من ذَلِك اللَّفْظ لَا تصَوره فِي نَفسه ليَكُون(1/924)
دوراً وتعريفاً للشَّيْء بِنَفسِهِ كتعريفهم الْوُجُود بالكون والثبوت والتحقق والشيئية والحصول، وكل ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يعرّف الْوُجُود من حَيْثُ إِنَّه مَدْلُول هَذِه الْأَلْفَاظ دون لفظ الْوُجُود.
وَالْمَوْجُود مَوْجُود عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين، وَغير مَوْجُود فِي الْخَارِج عِنْد جُمْهُور الْحُكَمَاء، وَلَا يُرَاد بِكَوْن الشَّيْء فِي الْأَعْيَان أَن الْأَعْيَان ظرفه وَلَا أَنَّهَا مَعَه، وَإِلَّا كَانَ فِي عبارَة " كَانَ الله وَلم يكن مَعَه شَيْء " تنَاقض لِأَن لَفْظَة (كَانَ) إِن دلّت على الْمَعِيَّة يكون مَفْهُوم (كَانَ) مناقضاً لقولنا: لم يكن مَعَه شَيْء. وَلم يقل بِهِ أحد، فَعلم أَنه لَا يُرَاد بِوُجُود الشَّيْء نسبته إِلَى شَيْء آخر بالظرفية أَو الْمَعِيَّة أَو غير ذَلِك. وَوُجُود كل شَيْء عين ماهيته عِنْد أهل الْحق، وَمعنى ذَلِك أَن الْوُجُود هُوَ عين كَون الشَّيْء ماهيته، فوجود الْإِنْسَان فِي الْخَارِج هُوَ نفس كَون الْإِنْسَان حَيَوَانا ناطقاً، وَوُجُود السوَاد فِي الْخَارِج هُوَ نفس كَون اللَّوْن قَابِضا لِلْبَصَرِ، وَوُجُود السرير فِي الْخَارِج هُوَ كَون الخشبات مؤلفاً تأليفاً خَاصّا، فَإِذا كَانَ الْوُجُود مقولاً على الْحَقَائِق الْمُخْتَلفَة لَا يُمكن تحديده، وَالْفرق بِأَنَّهُ عين فِي الْوَاجِب زَائِد فِي الممكنات لَيْسَ بِحَق، إِذْ لَو كَانَ زَائِدا لَكَانَ عرضا قَائِما بالماهية، وَلَيْسَ عرضا نسبياً، فَكَانَ عرضا مَوْجُودا، وَمَا لَا يكون مَوْجُودا لَا يكون عِلّة لأمر مَوْجُود. وَهَذَا بديهي، فَلَا بُد أَن يكون مَوْجُودا قبل وجوده، والوجود الْمُجَرّد عَن الْمَوْجُود، والكون الْمُجَرّد عَن الْكَائِن، والتحقق الْمُجَرّد عَن المتحقق مِمَّا يشْهد بديهة الْعقل على امْتِنَاعه، وتصور الْمَاهِيّة مَعَ الذهول عَن الْوُجُود غلط، وَقد يتَصَوَّر مَعَ الذهول عَن حَقِيقَته وَعَن أَجْزَائِهِ،
فَيمكن أَن يكون الْوُجُود نفس الْمَاهِيّة أَو دَاخِلا فِيهَا، وَمَعَ ذَلِك يتَصَوَّر الْمَاهِيّة مَعَ الذهول عَن الْوُجُود، وَإِذا أَخَذتهَا مَعَ الْوُجُود نَحْو: الْإِنْسَان مَوْجُود، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْإِنْسَان مَاهِيَّة ثمَّ الْوُجُود عرض لَهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التأمت جَمِيع أَجْزَائِهِ المادية والصورية، وَإِن أَخَذتهَا مَعْدُومَة نَحْو: الْجَبَل من الْيَاقُوت مَعْدُوم، لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الْجَبَل من الْيَاقُوت مَاهِيَّة، ثمَّ الْعَدَم عرض لهَذِهِ الْمَاهِيّة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه لم يلتئم أَجزَاء هَذِه الْحَقِيقَة، فحاصل الْخلاف فِي أَن الْوُجُود عين الْمَاهِيّة أَو زَائِد عَلَيْهَا رَاجع إِلَى أَن وجود الْإِنْسَان نفس كَونه حَيَوَانا ناطقاً خَارِجا، أَو معنى زَائِد يلْحقهُ بعد أَن يكون حَيَوَانا ناطقاً. وَلَا فرق بَين الْوُجُود والثبوت خلافًا للمعتزلة فَإِنَّهُم قَالُوا بِأَن الْوُجُود أخص من الثُّبُوت، وَلِهَذَا ذَهَبُوا إِلَى أَن الْمَعْدُوم حَالَة الْعَدَم ثَابت، والوجود وَإِن كَانَ صفة لَكِن إِذا نفي عَن الشَّيْء يُقَال: نفي الشَّيْء، وَلَا يُقَال: نفي صفة الشَّيْء، إِذْ نفي الشَّيْء لَيْسَ إِلَّا نفي وجوده. فنفي الصّفة صَار بِمَعْنى نفي غير الْوُجُود.
والوجود الْخَارِجِي عبارَة عَن كَون الشَّيْء فِي الْأَعْيَان.
والوجود الذهْنِي عبارَة عَن كَون الشَّيْء فِي الأذهان.
والوجود الْأَصِيل على نحوين:
أَحدهمَا: الْحُصُول فِي الْخَارِج عَن الذِّهْن مُطلقًا.
وَالْآخر: الْحُصُول بِالذَّاتِ لَا بالصورة، وَذَلِكَ الْحُصُول أَعم من الأول لِأَنَّهُ قد يكون فِي(1/925)
الْخَارِج، وَقد يكون فِي الذِّهْن.
والوجود الْمُطلق: هُوَ الْكَوْن، وَهُوَ مُفْرد لَيْسَ لَهُ جنس وَلَا فصل يَشْمَل جَمِيع الموجودات اتِّفَاقًا، فيشترك بَين الْوَاجِب وَغَيره، بِخِلَاف الْمَاهِيّة لِأَن فِي شمولها لجَمِيع الموجودات خلافًا، فان عِنْد الْبَعْض لَيْسَ للْوَاجِب مَاهِيَّة غير وجوده، بل هُوَ مَوْجُود بِوُجُود هُوَ عين ذَاته كَمَا هُوَ رَأْي الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة والحكماء، أَو مُقْتَضى ذَاته بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكهما كَمَا هُوَ رَأْي الْمُتَكَلِّمين. وَمعنى كَونه مَوْجُودا كَونه مَعْلُوما ومشعوراً بِهِ، أَو كَونه فِي نَفسه ثَابتا متحققاً وَبَينهمَا فرق من حَيْثُ إِن كَونه مَعْلُوم الْحُصُول فِي الْأَعْيَان يتَوَقَّف على كَونه حَاصِلا فِي الْأَعْيَان، وَلَا ينعكس، إِذْ لَا يمْتَنع فِي الْعقل كَونه حَاصِلا فِي نَفسه مَعَ أَنه لَا يكون مَعْلُوما لأحد.
(وَاعْلَم أَن مَرَاتِب الْوُجُود بِحَسب الْعقل ثَلَاث:
أَعْلَاهَا الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود هُوَ عين ذَاته، فالانفكاك وتصوره كِلَاهُمَا محَال.
وأوسطها الْمَوْجُود بِالذَّاتِ بِوُجُود غَيره، فالانفكاك محَال دون تصَوره:
وَأَدْنَاهَا الْمَوْجُود بِالْغَيْر فَيمكن الانفكاك والتصور أَيْضا) .
[وَأعلم أَن] النزاع فِي أَن الْوُجُود زَائِد على الْمَاهِيّة، أَو لَيْسَ بزائد رَاجع إِلَى النزاع فِي
الْوُجُود الذهْنِي [وَهُوَ وجود يظْهر مِنْهُ صفة الْمَوْجُود بذلك الْوُجُود] فَمن أثْبته قَالَ: الْوُجُود الْخَارِجِي [وَهُوَ مَا يكون مبدأ لجَمِيع الْآثَار الْمَخْصُوصَة بالماهية] زَائِد على الْمَاهِيّة فِي الذِّهْن كقيام الْوُجُود بِشَيْء من حَيْثُ هُوَ، أَي من غير اعْتِبَار وجوده وَلَا عَدمه، وَإِن لم يخل ذَلِك الشَّيْء عَنْهُمَا، وَهَذَا عِنْد كثير من الْمُتَكَلِّمين منا.
(وَأما عِنْد الْحُكَمَاء فوجود كل شَيْء عينه فِي الْوَاجِب وَغَيره فِي الْمُمكن. والفلاسفة لَا يَقُولُونَ بعينية الْمَاهِيّة الْمُطلقَة والتشخص الْمُطلق اللَّذين هما من الْأُمُور الْعَامَّة بل بزيادتهما) . وَمن لم يثبت الْوُجُود الذهْنِي كالشيخ الْأَشْعَرِيّ قَالَ: وجود الشَّيْء الْخَارِجِي وَاجِبا كَانَ أَو مُمكنا عين الْمَاهِيّة مُطلقًا، إِذْ لَو كَانَت الْمَاهِيّة فِي مرتبَة معروضيتها للوجود خَالِيَة عَن الْوُجُود لكَانَتْ فِي تِلْكَ الْمرتبَة مَوْصُوفَة بِالْعدمِ لِاسْتِحَالَة ارْتِفَاع النقيضين، فَيلْزم حِينَئِذٍ اتصاف الْمَعْدُوم بالوجود وَأَنه تنَاقض؛ وَأَنت خَبِير بِأَن مَاهِيَّة الْمُمكن فِي حد ذَاتهَا، وَهِي مرتبَة معروضيتها للوجود والعدم، خَالِيَة عَنْهُمَا غير مَوْصُوفَة بِوَاحِد مِنْهُمَا، وَلَا اسْتِحَالَة فِي خلو مرتبَة عقلية عَن النقيضين، إِنَّمَا الاستحالة فِي خلو وَقت خارجي عَنْهُمَا، وَلِأَن الْمَاهِيّة قبل اتصافها بالوجود نَخْتَار أَنَّهَا مَعْدُومَة(1/926)
وَالْعرُوض دفعي، فَإِن بعروض الْوُجُود لَهَا يَزُول عَنْهَا الْعَدَم فَلَا يلْزم إجتماع النقيضين. وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم الْعرُوض التدريجي يعرض الْوُجُود لجزء، وَيَزُول عَنهُ الْعَدَم ثمَّ وَثمّ إِلَى أَن تتمّ الْأَجْزَاء كالنور يدْخل فِي بَيت مظلم فيتنور فَلَا يَتَّصِف شَيْء وَاحِد وحدة حَقِيقِيَّة بالمتقابلين سَوَاء كَانَ المعروض مركبا أَو بسيطاً.
وَأما ذَات الْوَاجِب فَهُوَ الْحَقِيقَة المقدسة، وَهِي إِمَّا الْمَاهِيّة الْكُلية المعروضة للوجود والتشخص عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَإِمَّا الْوُجُود الْخَاص الجزئي الْحَقِيقِيّ الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى عِنْد الْحُكَمَاء؛ وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ يمْتَنع تعقلها بخصوصها وَلَا يتعقل إِلَّا بمفهومات كُلية اعتبارية فَقَط عِنْد الْحَكِيم والمعتزلة أَو بهَا وبصفات حَقِيقِيَّة عِنْد الماتريدية والأشاعرة.
(وَأما مَفْهُوم الْوُجُود فِي الْخَارِج أَي الْكَائِن فِي الْأَعْيَان فَهُوَ مُشْتَقّ من الْوُجُود الْخَارِجِي بِمَعْنى الْكَوْن فِي الْأَعْيَان وَهُوَ الْمُفَسّر بِمَا يكون منشأ للآثار ومظهراً للْأَحْكَام، وَهُوَ معنى اصطلاحي عَام شَامِل على الْمَوْجُود بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ أَعنِي الممكنات، وعَلى المبدأ الأول فَمَا لم يثبت للشَّيْء كَون فِي الْأَعْيَان لم يكن منشأ للآثار ومظهراً للْأَحْكَام، وَلَا يخفى أَن الْكَوْن فِي الْأَعْيَان لَيْسَ عين الْحَقِيقَة الواجبية الْقَائِمَة بذاتها، إِذْ لَا يشك عَاقل أَن الْكَوْن فِي الْأَعْيَان أَمر إضافي غير قَائِم بِذَاتِهِ بل هُوَ قَائِم بِذَات الْوَاجِب وعارض لَهُ ومحمول عَلَيْهِ، وَذَات الْوَاجِب متصف بِهِ كَمَا صرح بِهِ الفارابي وَابْن سينا. وَنقل عَنْهُمَا صَاحب
" المواقف " وَاسْتحْسن وَاسْتدلَّ على مقاصده فِي مَوَاضِع بل جَمِيع الْكتب الْحكمِيَّة والكلامية مشحونة بِهِ) . وَبِالْجُمْلَةِ إِن الْوُجُود عرض فِي الْأَشْيَاء الَّتِي لَهَا ماهيات يلْحقهَا الْوُجُود كالمقولات الْعشْر. وَأما الَّذِي هُوَ مَوْجُود بِذَاتِهِ لَا بِوُجُود يلْحق ماهيته لُحُوق أَمر غَرِيب مَأْخُوذ فِي الْحَد فَلَيْسَ لَهُ وجود هوية مَوْجُود فضلا عَن أَن يكون عارضاً لَهُ، بل وجوده ووجوبه وتعينه عين ذَاته على مَا هُوَ التَّحْقِيق، فَإِذا قيل لَهُ وَاجِب الْوُجُود فَهُوَ لفظ مجازي وَمَعْنَاهُ أَنه وَاجِب أَن يكون مَوْجُودا لَا أَنه يجب الْوُجُود لشَيْء مَوْضُوع فِيهِ الْوُجُود يلْحقهُ الْوُجُود على وجوب (أَو غير وجوب) . وَهَذَا هُوَ مُرَاد أساطين الْحُكَمَاء الأقدمين من قَوْلهم: " الْوُجُود عين الْوَاجِب " على مَا فهم من كَلَام رَئِيس الْحُكَمَاء أبي عَليّ وَهُوَ أَن ماهيته وجود بحت وإنيته بحتة وَلَيْسَ فِيهِ مَاهِيَّة غير الإنية، إِذْ هُوَ مَوْجُود بِذَاتِهِ أَي يَكْفِي ذَاته الْمُقَدّس فِي الموجودية، إِذْ لَا سَبَب لَهُ مُنْفَصِل عَن ذَاته حَتَّى يُلَاحظ لَهُ الْوُجُود مِنْهُ، فَيكون لَهُ مَاهِيَّة مُغَايرَة لوُجُوده كَمَا لعامّة الممكنات.
[وَلَيْسَ تمايز ذَات الْوَاجِب بِذَاتِهِ بِمُجَرَّد مُخَالفَة ذَاته لسَائِر الذوات من غير أَن يعْتَبر خُصُوصِيَّة ذَاته تَعَالَى بل التمايز بخصوصية ذَاته وَإِن لم يعلم أَنَّهَا مَا هِيَ. قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: وجود الْوَاجِب غَنِي عَن تَنْزِيه الْعُقُول كَيفَ والتنزيه عَن سمات الجسمانيات تَشْبِيه استلزامي وتقليد ضمني بالمجردات من الْعُقُول والنفوس، وَعَن الْجَوَاهِر الْعلية والنفوس الْكُلية تَشْبِيه معنوي بالمعاني(1/927)
الْمُجَرَّدَة عَن الصُّور الْعَقْلِيَّة وَالنّسب الروحانية والنفسانية وَعَن كل ذَلِك إِلْحَاق الْحق بالمعدوم، وَالْخَارِج عَن هَذِه الْأَقْسَام للموجودات المتحققة فِي الْوُجُود تحكم وهمي وتوهم تخيلي، وَذَلِكَ أَيْضا تَحْدِيد عدمي بعدمات لَا تتناهى. وعَلى كل حَال هُوَ تَحْدِيد وَتَقْيِيد الْحق يأباه وينافيه فالعقل لَا تصرف لَهُ فِي الربوبية وَإِنَّمَا هُوَ آلَة لدرك الْعُبُودِيَّة ووراء الْعقل أطوار كَثِيرَة يكَاد لَا يعرف عَددهَا إِلَّا الله تَعَالَى، وَقد من الله تَعَالَى على أَرْبَاب الْكَشْف بِنور كاشف يُرِيهم الْأَشْيَاء كَمَا هِيَ، وَنسبَة الْعقل إِلَى ذَلِك النُّور كنسبة الْوَهم إِلَى الْعقل ذَلِك النُّور يُمكن أَن يحكم بِصِحَّة بعض مَا لَا يُدْرِكهُ الْعقل كوجود حَقِيقَة مُطلقَة مُحِيطَة لَا يحصرها التقيد وَلَا يقيدها التعين كَمَا يُمكن أَن يحكم الْعقل بِصِحَّة مَا لَا يُدْرِكهُ الْوَهم كوجود مَوْجُود مثلا لَا يكون خَارج الْعَالم وَلَا دَاخله] .
(وَمن رام تطبيق كَلَام الْمُتَكَلِّمين الْقَائِلين بِزِيَادَة الْوُجُود على الْمَاهِيّة فِي الْوَاجِب أَيْضا لأصل الْحُكَمَاء الْقَائِلين بعينية الْوُجُود فِي الْوَاجِب تكلّف. وَقَالَ: مَا هُوَ عين الذَّات فِي الْوَاجِب هُوَ الْوُجُود الْخَاص.
وَأما الْوُجُود الْمُطلق فَلَا خلاف بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي زِيَادَته.
وَفِي الْجُمْلَة إِنَّه سُبْحَانَهُ وجود وَذَات وَحَقِيقَة، وَحَقِيقَته غير وجوده.
قَالَ السَّمرقَنْدِي: الْوُجُود أعرف الْأَشْيَاء، والاشتباه لِكَثْرَة الِاخْتِلَاف والمجادلة إِذْ الْمَعْنى
الْوَاضِح رُبمَا يحتجب عَن نظر الْمقل إِذا وَقع فِي معرض القيل والقال واندفع فِي حيّز الْجِدَال، كتكدر المَاء الصافي إِذا خضخض فِي المنبع الوافي) .
ثمَّ الْوُجُود الَّذِي يبْحَث عَنهُ أهل النّظر هُوَ اعتباري عَارض للماهيات قَائِم بهَا. وَالَّذِي يُثبتهُ أَرْبَاب الْكَشْف هُوَ أَمر حَقِيقِيّ معروض للماهيات وقيوم لَهَا. يَقُول أهل النّظر: اللَّوْن للزجاج، وَيَقُول أهل الْكَشْف: اللَّوْن للخمر وَإِنَّمَا للزجاج مظهرية لَوْنهَا.
الْوُجُوب: لَهُ مَعْنيانِ فِي الْحَقِيقَة. أَحدهمَا: الِاقْتِضَاء ويرادفه الِاسْتِحْقَاق والإيجاب.
وَالْآخر: الِاسْتِغْنَاء، وَقد يعبر عَنهُ بِعَدَمِ التَّوَقُّف أَو بِعَدَمِ الِاحْتِيَاج.
[وَإِذا وَصفنَا الْمَاهِيّة بِالْوُجُوب كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا لذاتها تَقْتَضِي الْوُجُود، وَإِذا وَصفنَا بِهِ الْوُجُود كَانَ مَعْنَاهُ أَنه يَقْتَضِي ذَات الْمَاهِيّة من غير احْتِيَاج إِلَى غَيرهَا. قَالَ بَعضهم: الْوُجُوب يُقَال على الْوَاجِب بِاعْتِبَار مَاله من الْخَواص وَهِي ثَلَاث: الأولى استغناؤه عَن الْغَيْر. وَالثَّانيَِة: كَون ذَاته مقتضية لوُجُوده، وَالثَّالِثَة: الشَّيْء الَّذِي بِهِ تمتاز الذَّات عَن غَيره. وَإِطْلَاق الْوُجُود على الْأَوَّلين ظَاهر مَشْهُور، وَأما اطلاقه على الثَّالِث فإمَّا بِتَأْوِيل الْوَاجِب أَو إِرَادَة مبدأ الْوُجُوب والأولان اعتباريان وَالثَّالِث غير ذَات الْوَاجِب سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ معنى كَون الْوُجُوب عين الْوَاجِب أَن حَقِيقَة الْوُجُوب عينه وَإِلَّا لزم كَون الصِّفَات الْمُخْتَلفَة بِالْحَقِيقَةِ كَالْعلمِ(1/928)
وَالْقُدْرَة وَالْوُجُوب وَغَيرهَا وَاحِدَة بل المُرَاد أَن الْآثَار المترتبة على هَذِه الصِّفَات فِي الممكنات مترتبة على الْوَاجِب بِلَا صفة كَمَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَلَيْسَ الْوُجُوب من الموجودات الخارجية بل من الْمَعْقُول الثَّانِيَة، وَلَيْسَ من المخترعات الْعَقْلِيَّة إِذْ لَو كَانَ مَوْجُودا فِي الْخَارِج لَكَانَ مُمكنا، وَإِذا كَانَ مُمكنا فَلهُ سَبَب وَهُوَ إِمَّا غير الذَّات فَيجوز انفكاكه عَن الذَّات فَيلْزم إِمْكَان الذَّات. وَأما الذَّات فَيلْزم تقدم الذَّات بِالْوُجُوب والوجود على الْوُجُوب فَيلْزم أَن يكون للْوَاجِب أَيْضا وجوب آخر فَيلْزم التسلسل أَو تقدمه على نَفسه وهما حالان، وَالْوُجُوب الذاتي للذات وَحده وَهُوَ أَشد وَأقوى فِي الِاخْتِصَاص بِهِ من سَائِر الصِّفَات المختصة بِهِ وَإِن كَانَ كل مِنْهَا مشاركاً فِي أصل الِاخْتِصَاص، وَالْمرَاد من إِطْلَاقه على الذَّات الْمُبَالغَة فِي لُزُومه لَهُ بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكه عَنهُ فِي حَال من الْأَحْوَال] (وأياماً كَانَ وجوب الْوُجُود كَيْفيَّة لنسبة الْوُجُود إِلَى الذَّات غير منفكة عَنهُ لَازِمَة لَهُ بِحَيْثُ يمْتَنع انفكاكه عَنهُ بِحَال من الْأَحْوَال، فَكَانَ المُرَاد من إِطْلَاقه على الذَّات الْمُبَالغَة فِي هَذَا اللُّزُوم كَمَا وَقع فِي أَمْثَاله من أَن عدم الْعَدَم وجود، وسلب السَّلب إِيجَاب، وَالْوُجُوب والوجود مقارنان بِلَا احْتِيَاج أَحدهمَا إِلَى الآخر، لَا أَنه سَابق على الْوُجُود سبق الِاحْتِيَاج وَلَا سبقاً زمانياً. وَفِيه أَن الشَّيْء لَا يوحد قبل أَن يجب) . وَالْمُعْتَبر فِي الْوَاجِب تَعَالَى أَنه فِي نَفسه بِحَيْثُ يجب تحَققه، وَلَيْسَ الْمُعْتَبر فِيهِ أَنه
إِذا تصور حَقِيقَته يحكم الْعقل بِوُجُوبِهِ. وَالْمرَاد بِالْوَاجِبِ لذاته مَا لَيْسَ لَهُ عِلّة خَارِجَة عَن ذَاته (وَلَا لَهُ افتقار إِلَى غير ذَاته، وَسَوَاء كَانَ ذَاك صفة أم لَا) .
وَالْوُجُوب والإيجاب متحدان بِالذَّاتِ ومختلفان بِالِاعْتِبَارِ، فَإِنَّهُ بِاعْتِبَار الْقيام بِالذَّاتِ إِيجَاب، وَبِاعْتِبَار التَّعَلُّق بِالْفِعْلِ وجوب، لَكِن لَا يلْزم من اتحادهما بِالذَّاتِ قيام الْوُجُوب بِمن يقوم بِهِ الْإِيجَاب، حَتَّى يلْزم (أَن يكون) إِطْلَاق الْوَاجِب على الْوَاجِبَات بأسرها من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَغَيرهمَا لَا على سَبِيل الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا يلْزم لَو لم يكن بَينهمَا تغاير بِالِاعْتِبَارِ كالتعليم والتعلم.
(وَالْوَاجِب: هُوَ السَّاقِط، أَو اللَّازِم: وَالْحق أَنه الثَّابِت) .
وَهُوَ شَرِيعَة مَا ثَبت بِدَلِيل فِيهِ شُبْهَة مثل مَا ثَبت بِأحد قسمي الظني إِلَّا أَنه يدْخل فِيهِ مَا ثَبت بالظني كالفرض الظني وَالسّنة وَالْمُسْتَحب. وَقد يَشْمَل الْوَاجِب بِإِطْلَاقِهِ على الْمَعْنى الْأَعَمّ الْمضيق كَالصَّوْمِ الَّذِي وقته معيار، والمتسع كَالزَّكَاةِ، والمخير كالكفارة، والمرخص كَأَكْل الْحَرَام عِنْد المخمصة.
(وَقَالَ بَعضهم: الْوَاجِب على أحد وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: يُرَاد بِهِ اللَّازِم الْوُجُود وَأَنه لَا يَصح أَن لَا يكون مَوْجُودا كَقَوْلِنَا فِي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَاجِب وجوده.
وَالثَّانِي: الْوَاجِب بِمَعْنى أَن حَقه أَن يُوجد) .
[وَالْوَاجِب الْمُطلق: هُوَ مَا لَا يتَوَقَّف وُجُوبه على(1/929)
وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك كَالصَّوْمِ مثلا، فَإِنَّهُ وَاجِب مُطلقًا بِالْقِيَاسِ إِلَى النِّيَّة.
وَالْوَاجِب الْمُقَيد: مَا يتَوَقَّف وجوده على وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك فَهُوَ كَالصَّوْمِ مثلا أَيْضا فَإِنَّهُ مُقَيّد بِالْقِيَاسِ إِلَى الْبلُوغ] .
وَقَول الْفُقَهَاء: الْوَاجِب مَا إِذا لم يَفْعَله يسْتَحق الْعقَاب، وَذَلِكَ وصف لَهُ بِشَيْء عَارض لَا بِصفة لَازِمَة، وَيجْرِي مجْرى من يَقُول: " الْإِنْسَان الَّذِي إِذا مَشى برجلَيْن منتصب الْقَامَة ".
وَاخْتلف فِي أَن الْوُجُوب فِي الْوَاجِب هَل هُوَ زَائِد على الْوُجُود أم لَا؟ [قَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: الْوُجُوب فِي الْوَاجِب زَائِد على الْوُجُود وَقد يرْتَفع، وَالْإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله مَعَه] ، وَلَا يلْزم من ارْتِفَاع الْوُجُوب ارْتِفَاع الْجَوَاز وَالصِّحَّة، إِمَّا لِأَنَّهُ أخص، أَو لِأَن بطلَان الْوَصْف لَا يُوجب بطلَان الأَصْل خلافًا لمُحَمد لِأَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة على الموجودات الخارجية والوجود الْخَارِجِي للعام وَالْخَاص وَاحِد وَأَن تعدّدا فِي التعقل، فحين بَطل بَطل بِأَصْلِهِ، وَنَفس الْوُجُوب هُوَ لُزُوم وجود هَيْئَة مَخْصُوصَة وضعت لعبادة الله حِين حضر الْوَقْت، وَوُجُوب الْأَدَاء هُوَ لُزُوم ايقاع تِلْكَ الْهَيْئَة.
[وَقد تقرر فِي مَحَله أَن الْقُدْرَة على أَدَاء الْفِعْل الْمَطْلُوب إِيقَاعه شَرط لوُجُوب أَدَائِهِ لَا لنَفس الْوُجُوب فَهُوَ وَاجِب مُطلقًا لَا يحصل إِلَّا بِالْقُدْرَةِ وَهِي. غير وَاجِبَة لعدم كَونهَا مقدورة. وَوُجُوب
الشَّيْء بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله وتاركه فِي حكم الله الْمَدْح والذم عَاجلا وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب آجلاً فَهُوَ الْمُتَنَازع فِي أَنه هَل يدْرك بِالشَّرْعِ أم بِالْعقلِ فعندنا بِالشَّرْعِ وَعند الْمُعْتَزلَة بِالْعقلِ، وَأما بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله الْمَدْح وتاركه الذَّم فِي نظر الْعُقُول ومجاري الْعَادَات فَمَا يدْرك بِالْعقلِ اتِّفَاقًا] .
(وَالْوُجُوب الشَّرْعِيّ: مَا أَثم تَاركه) .
والعقلي: مَا لولاه لامتنع.
والعادي: بِمَعْنى الأولى والأليق.
وَقد يُطلق الْوَاجِب على ظَنِّي فِي قُوَّة الْفَرْض فِي الْعَمَل كالوِتْر عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى يمْنَع تذكره صِحَة الْفجْر. وَيُطلق أَيْضا على ظَنِّي هُوَ دون الْفَرْض فِي الْعَمَل وَفَوق السّنة كتعيين الْفَاتِحَة حَتَّى لَا تفْسد الصَّلَاة بِتَرْكِهَا لَكِن يجب سَجْدَة السَّهْو.
وَالْوَاجِب مَا لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل عَدمه.
والضروري مِنْهُ كالتحيز مثلا للجرم، والنظري كالقِدَم للباري سُبْحَانَهُ.
وَالْوُجُوب عِنْد الأشاعرة من جِهَة أَنه لَا قَبِيح مِنْهُ تَعَالَى، وَلَا وَاجِب عَلَيْهِ يكون بِالشَّرْعِ وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي فعله تَعَالَى، فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ تَعَالَى فعل قَبِيح وَترك وَاجِب. فَكل مَا أخبر بِهِ الشَّارِع فَلَا بُد أَن يَقع. وَمِنْه معنى الْوُجُوب [عَلَيْهِ تَعَالَى] وَإِلَّا لزم الْكَذِب.
والمعتزلة - من جِهَة أَن مَا هُوَ قَبِيح يتْركهُ وَمَا يجب عَلَيْهِ يَفْعَله الْبَتَّةَ - قَائِلُونَ بِالْوُجُوب بِمَعْنى اسْتِحْقَاق تَاركه الذَّم عقلا، أَو بِمَعْنى لُزُوم عَلَيْهِ لما فِي(1/930)
تَركه من الْإِخْلَال بالحكمة فرُدَّ كل مِنْهُمَا. أما الأول فبأن الله تَعَالَى لَا يسْتَحق الذَّم على فعل وَلَا على ترك لِأَنَّهُ الْمَالِك على الْإِطْلَاق، وَهُوَ الَّذِي لَا يسْأَل عَمَّا يفعل فضلا عَن اسْتِحْقَاق الذَّم.
وَأما الثَّانِي فَلَا نسلم أَن شَيْئا من أَفعاله تَعَالَى يكون بِحَيْثُ يخل تَركه بحكمةٍ لجَوَاز أَن يكون لَهُ فِي كل فعل أَو ترك حكم ومصالح لَا تهتدي إِلَيْهَا الْعُقُول البشرية، على أَنه لَا معنى للُزُوم عَلَيْهِ تَعَالَى إِلَّا عدم التَّمَكُّن من التّرْك، وَهُوَ يُنَافِي الِاخْتِيَار الَّذِي ادَّعَوْه فِي أَفعاله تَعَالَى، وَلِهَذَا أضطر الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُم إِلَى أَن معنى الْوُجُوب على الله أَنه يَفْعَله الْبَتَّةَ وَلَا يتْركهُ وَإِن كَانَ التّرْك جَائِزا.
الْوحدَة: وحد الرجل يحد وحداً ووحدة من بَاب (علم) أَي بَقِي مُنْفَردا.
و" رَأَيْته وَحده " أَي حَال كَونه وَاحِدًا أَو منفرداُ مَنْصُوب على الْحَال عِنْد الْبَصرِيين، وَقيل: على المصدرية (أَي وحد وَحده) . وَقيل: على الظَّرْفِيَّة (أَي فِي حَال وحدته) .
وَلَفْظَة (وَحده) إِذا وَقعت بعد فَاعل ومفعول نَحْو: (ضرب زيد عمرا وَحده) فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه حَال من الْفَاعِل أَي موحداً لَهُ بِالضَّرْبِ، وَمذهب الْمبرد أَنه يجوز أَن يكون حَالا من الْمَفْعُول.
والوحدة: كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم، وتتنوع أنواعاً خص الِاصْطِلَاح كل نوع مِنْهَا باسم تسهيلاً للتعبير، وَهِي فِي النَّوْع مماثلة، وَفِي الْجِنْس مشاكلة، وَفِي الكيف مشابهة، وَفِي الْكمّ مُسَاوَاة، وَفِي الْوَضع موازاة ومحاذاة، وَفِي
الْأَطْرَاف مُطَابقَة، وَفِي النِّسْبَة مُنَاسبَة.
وَتطلق وَيُرَاد بهَا عدم التجزئة والانقسام؛ وَيكثر إِطْلَاق الْوَاحِد بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقد تطلق بِإِزَاءِ التَّعَدُّد وَالْكَثْرَة، وَيكثر إِطْلَاق الْأَحَد والفرد بِهَذَا الْمَعْنى.
ووحدة الْبَارِي وحدة ذاتية.
ووحدة النقطة لَا تعْتَبر من الْعدَد إِذْ لَا يُمكن التَّعَدُّد فِيهَا.
وَالْوَاحد لَهَا مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: مَا قَامَت بِهِ الْوحدَة وَهُوَ كَون الشَّيْء بِحَيْثُ لَا يَنْقَسِم إِلَى أُمُور متشاركة فِي الْمَاهِيّة، ويقابلها الْكَثْرَة، فالواحد بِهَذَا الْمَعْنى لَا يَنْقَسِم وَلَا يتَجَزَّأ، وَهُوَ الْوَاحِد الْحَقِيقِيّ، وَلَا يُوصف بِهِ إِلَّا الْبَسِيط فِي أحد معنييه كالجوهر الْفَرد عِنْد الأشعرية والنقطة عِنْد المهندسين والجوهر المفارق عِنْد الْحُكَمَاء.
وَالثَّانِي: مَا لَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَلَا شَبيه لَهُ فِي أَفعاله وَصِفَاته. وَلَيْسَ فِي الْوُجُود من يَتَّصِف بالمعنيين حَقِيقَة سوى الله تَعَالَى لِأَن مَا لَا يتَجَزَّأ من الموجودات كالجوهر الْفَرد يَنْضَم إِلَى مثله وَأَمْثَاله، وَمَا لَا نَظِير لَهُ مِنْهَا كالعرش والكرسي.
وكل مَا انحصر نَوعه فِي شخصه كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر فإثبات النظير لَهَا مُمكن، والباري سُبْحَانَهُ يَسْتَحِيل عَلَيْهِ التجزيء والانقسام فَلَا مثل لَهُ وَلَا نَظِير وَلَا شَبيه (شهِدت بِهِ الْأَدِلَّة القطعية) .
وَاعْلَم أَن للتوحيد ثَلَاث مَرَاتِب:
مرتبَة تَوْحِيد الذَّات وَهُوَ مقَام الِاسْتِهْلَاك والفناء فِي الله فَلَا مَوْجُود [فِي الْحَقِيقَة] إِلَّا الله.(1/931)
ومرتبة تَوْحِيد الصِّفَات وَهُوَ أَن يرى كل قدرَة مُتَفَرِّقَة فِي قدرته الشاملة وكل علم مضمحلاً فِي علمه الْكَامِل بل يرى كل كَمَال لمْعَة من عكوس أنوار كَمَاله.
ومرتبة تَوْحِيد الْأَفْعَال وَهُوَ أَن يتَحَقَّق وَيعلم بِعلم الْيَقِين، أَو بِعَين الْيَقِين، أَو بِحَق الْيَقِين أَن لَا مُؤثر فِي الْوُجُود إِلَّا الله، وَقد انْكَشَفَ ذَلِك على الْأَشْعَرِيّ. وَتَحْقِيق مَذْهَب الْحُكَمَاء أَيْضا هُوَ هَذَا، فالسالك بِهَذِهِ الْمرتبَة يكل أُمُوره كلهَا إِلَى الْفَاعِل الْحَقِيقِيّ.
وَالْوَاحد يدْخل فِي الْأَحَد بِلَا عكس [وَذكر الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة أَن لَفْظَة (أحد) لابهامه كثيرا مَا يَقع موقع كل وَاحِد كَمَا فِي قَوْلهم مثلا فِيمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال: انفكاك كل وَاحِد مِنْهُمَا إنفكاك أَحدهمَا] وَإِذا قلت: فلَان لَا يقاومه وَاحِد، جَازَ أَن يُقَال: لكنه يقاومه اثْنَان. أما إِذا قلت: لَا يقاومه أحد، فَلَا يجوز أَن يُقَال مَا ذكر.
و (لَيْسَ فِي الدَّار وَاحِد) يعم النَّاس وَغَيرهم:
و (لَيْسَ فِي الدَّار أحد) مَخْصُوص بالآدميين، وَلَا يصلح الْوَاحِد للْجمع والإفراد بِخِلَاف الْأَحَد وَلِهَذَا وصف بِهِ فِي قَوْله: {من أحد عَنهُ حاجزين} .
وَلَيْسَ للْوَاحِد جمع من لَفظه.
والأحد يجمع على أحدون.
وَالْوَاحد وَإِن كَانَ اسْما جَازَ أَن يُرَاد بِهِ الصّفة.
يُقَال: فلَان وَاحِد زَمَانه، كَمَا يُقَال: متوحده.
وَالْوَاحد فِي نَفسه سَوَاء كَانَ مَعَه غَيره أَو لَا كزيد هُوَ جُزْء للمثنى وَالْمَجْمُوع.
وَالْوَاحد بِمَعْنى أَنه مُنْفَرد لَيْسَ مَعَه غَيره لَيْسَ هُوَ بِجُزْء مِنْهُمَا.
وَالْوَاحد إِذا اسْتعْمل من غير تقدم موصوفه أُرِيد بِهِ المتوحد فِي ذَاته، وَإِذا أجري على موصوفه أُرِيد بِهِ المتوحد فِي صِفَاته.
وَمعنى " أحَدية الله " أَنه أحدي الذَّات، أَي لَا تركيب فِيهِ أصلا. وَمعنى " وحدانية الله " أَنه يمْتَنع أَن يُشَارِكهُ شَيْء فِي ماهيته وصفات كَمَاله وَأَنه مُنْفَرد بالإيجاد وَالتَّدْبِير الْعَام بِلَا وَاسِطَة وَلَا معالجة وَلَا مُؤثر سواهُ فِي أثر مَا عُمُوما.
وَقَوْلنَا: (وَحده) إِذا أجري على الله تَعَالَى بِأَن جعل فِي الْكَلَام حَالا مِنْهُ يرد على مَعْنيين:
أَحدهمَا: أَن يُرَاد مِنْهُ مُنْفَردا غير مشفوع بِهِ، وَحَاصِله يرجع إِلَى معنى (خَاصَّة) فَقَط كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا أجئتنا لنعبد الله وَحده} {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت} . وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى وصف غير لَازم لَهُ تَعَالَى، بل يجب أَن يَنْفَكّ عَنهُ الْوحدَة بِهَذَا الْمَعْنى كَمَا فِي الطَّاعَة فَإِنَّهُ يجب فِيهَا أَن يشفع بِهِ الرَّسُول وأولو الْأَمر.
وَثَانِيهمَا: أَن يُرَاد مِنْهُ مُنْفَردا بِمَعْنى منزهاً فِي ذَاته عَن أنحاء التَّعَدُّد والتركيب والمشاركة فِي الْحَقِيقَة وخواصها الْمُقْتَضِيَة الألوهية كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:(1/932)
{حَتَّى تؤمنوا بِاللَّه وَحده} أَي: وَاحِدًا لَا شريك لَهُ لَا أَن تخصوا الْإِيمَان بِهِ دون غَيره، كَيفَ وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله} وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى وصف لَازم لَهُ تَعَالَى لَا يَنْفَكّ عَنهُ بِحَال، فعلى الْمَعْنى الأول يكون حَالا منتقلة، وعَلى الْمَعْنى الثَّانِي يكون مُؤَكدَة.
وَالْفرق بَين (وَحده) وَبَين (لَا شريك لَهُ) أَن وَحده يدل على نفي الشَّرِيك التزاماً، و (لَا شريك لَهُ) يدل عَلَيْهِ مُطَابقَة وَلِهَذَا ذكرت بعْدهَا لزِيَادَة التوكيد الْمُنَاسب لمقام التَّوْحِيد.
وللمتكلمين دَلَائِل كَثِيرَة فِي إِثْبَات الوحدانية كَمَا نقل عَن الإِمَام الرَّازِيّ أَنه اسْتدلَّ بِأَلف وَعشْرين دَلِيلا، لَكِن الْمَشْهُور بَينهم هُوَ الدَّلِيل الملقب ببرهان التمانع.
وللحكماء أَيْضا دَلَائِل جمة على ثُبُوت الوحدانية لَهُ تَعَالَى مُغَايرَة لدلائل الْمُتَكَلِّمين. [يستدلون بالأثر على الْمُؤثر كالسماء وَالْأَرْض على مَا هُوَ الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور لِكَوْنِهِمَا أعظم الْمَخْلُوقَات فصارا أدل على وجود الصَّانِع ووحدته وعظمته وَكَيف وهما محيطان بِالْكُلِّ من الأفلاك وَالْكَوَاكِب وحركاتها وأوضاعها وَالْأَحْوَال المتعاقبة بهَا، وَمن طَبَقَات العناصر وغرائب امتزاجاتها وأحوال المعان والنباتات والحيوانات لَا سِيمَا الْإِنْسَان وَمَا أودع فِي بدنه مِمَّا يشْهد بِهِ علم التشريح فَلَا فرق الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض وَبَين المواليد كَمَا توهم من أَن دلَالَة المواليد دون دلالتهما فَإِنَّهُ قد
يتَوَهَّم أَن محدثها غير الْوَاجِب من الأوضاع والاتصالات بِنَاء على تَجْوِيز عدم تناهي الْحَوَادِث المتعاقبة بِخِلَاف الأَرْض وَالسَّمَاء وَهَذَا توهم بعيد جدا فَإِنَّهُ قد يجوز التسلسل فِي العدمات المتعاقبة لَا فِي الْعِلَل والمعلولات المجتمعة مَعًا فَلَا بُد لتِلْك الأوضاع والاتصالات بل للمواليد من مُحدث يَنْتَهِي إِلَى الْوَاجِب كَمَا يُقَال عِنْد الِاسْتِدْلَال بالسماء وَالْأَرْض، ومبنى الْكل على أَن افتقار الْمُمكن إِلَى الموجد والحادث إِلَى الْمُحدث ضَرُورِيّ وَأما الْحُكَمَاء فهم يستدلون بِالنّظرِ فِي الْوُجُود لِأَنَّهُ وَاجِب أَو مُمكن على إِثْبَات الْوَاجِب ثمَّ بِالنّظرِ فِيمَا يلْزم الْوُجُوب والإمكان على صِفَاته ثمَّ يستدلون بصفاته على كَيْفيَّة صُدُور أَفعاله عَنهُ وَرجح أَبُو عَليّ هَذَا الطَّرِيق فِي " الإشارات " فَإِنَّهُ أوثق وأشرف لِأَن أولى الْبَرَاهِين لإعطاء الْيَقِين هُوَ الِاسْتِدْلَال بِالْعِلَّةِ على الْمَعْلُول وَأما عَكسه فَرُبمَا لَا يُفِيد الْيَقِين] .
(وَالْحق أَنه بعد مَا ثَبت أَن للْعَالم صانعاً قَدِيما موجداً، لَهُ على وفْق إِرَادَته، منشئاً لِلْخلقِ من مَرْكَز الْعَدَم إِلَى دَائِرَة الْوُجُود يجب القَوْل باتصافه بِجَمِيعِ مَا يَلِيق بِهِ من غير احْتِيَاج إِلَى دَلِيل) [ثمَّ إِن الدَّلِيل] وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن فَائِدَة إِذْ رُبمَا يحصل زِيَادَة تَحْقِيق فِي أَمْثَال هَذِه المقامات بتكثير الْوُجُوه والأذهان مُتَفَاوِتَة فِي الْقبُول، فَرُبمَا يحصل للْبَعْض مِنْهَا الاطمئنان بِبَعْض الْوُجُوه دون الْبَعْض، أَو باجتماع الْكل مَعَ مَا فِي كل وَاحِد مِنْهَا من مجَال المناقشة. وَلِهَذَا كَانَ إِيمَان كثير من(1/933)
المقلدين يفضل على إِيمَان كثير من المستدلين لما فِيهِ من سَلامَة الصَّدْر من الشَّك والشبهة وَقُوَّة الْيَقِين، وَإِلَى هَذِه إِشَارَة نبوية بقوله: " أَكثر أهل الْجنَّة بُلْه والعلِّيّون لأولي الْأَلْبَاب " وَقد قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيمَان من تكلم بكلمتي الشَّهَادَة وَلم يتَعَرَّض لَهُ بتكليف شَيْء آخر تيسيراً للأمور ودفعاً للْحَرج. وعَلى هَذَا إِجْمَاع السّلف.
الْوَضع: هُوَ كَون الشَّيْء مشاراً إِلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ الحسية، وَتَخْصِيص اللَّفْظ بِالْمَعْنَى كَمَا فِي " التَّلْوِيح ".
وَقيل: هُوَ جعل اللَّفْظ دَلِيلا على الْمَعْنى، وَهُوَ من صِفَات الْوَاضِع.
والاستعمال: إِطْلَاق اللَّفْظ وَإِرَادَة الْمَعْنى، وَهُوَ من صِفَات الْمُتَكَلّم.
وَالْحمل: اعْتِقَاد السَّامع مُرَاد الْمُتَكَلّم أَو مَا اشْتَمَل على مُرَاده، وَهُوَ من صِفَات السَّامع.
والوضع عِنْد الْحُكَمَاء: هَيْئَة عارضة للشَّيْء بِسَبَب نسبتين: نِسْبَة أَجْزَائِهِ بَعْضهَا إِلَى بعض. وَنسبَة أَجْزَائِهِ إِلَى الْأُمُور الْخَارِجَة عَنهُ كالقيام وَالْقعُود.
والوضع الْحسي: إِلْقَاء الشَّيْء المستعلي، كَمَا فِي قَوْله:
(مَتَى أَضَع العِمامَةَ تَعْرفُوني ... )
قَالَ الرَّاغِب: الْوَضع أَعم من الْحَط، وَإِذا تعدى ب (على) كَانَ بِمَعْنى التحميل، وَإِذا تعدى ب (عَن) كَانَ بِمَعْنى الْإِزَالَة.
وَتَعْيِين اللَّفْظ للمعنى بِحَيْثُ يدل عَلَيْهِ من غير
قرينَة إِن كَانَ من جِهَة وَاضع اللُّغَة وَهُوَ الله تَعَالَى أَو الْبشر على الِاخْتِلَاف فَوضع لغَوِيّ كوضع السَّمَاء وَالْأَرْض، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من الشَّارِع فَوضع شَرْعِي كوضع الصَّوْم وَالصَّلَاة، وَإِلَّا فَإِن كَانَ من قوم مخصوصين كَأَهل الصناعات من الْعلمَاء وَغَيرهم فَوضع عرفي خَاص كوضع أهل الْمعَانِي والإيجاز والإطناب؛ وَأهل الْبَيَان الِاسْتِعَارَة وَالْكِنَايَة؛ وَأهل البديع التَّجْنِيس والترصيع، وَإِلَّا فَهُوَ عرفي عَام إِن كَانَ من أهل عرف عَام كقطيع الدَّابَّة وَالْحَيَوَان.
والواضع إِذا تصور ألفاظاً مَخْصُوصَة فِي ضمن أَمر كلي وَحكم حكما كلياً بِأَن كل لفظ مندرج تَحْتَهُ عينه للدلالة بِنَفسِهِ على كَذَا يُسمى هَذَا الْوَضع وضعا نوعياً وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع:
وضع خَاص لموضوع لَهُ خَاص كوضع أَعْلَام أَجنَاس الصِّيَغ من (فعل يفعل) وَغَيرهمَا من جَمِيع الهيئات الممكنة الطارئة على تركيب (ف ع ل) فَإِنَّهَا كلهَا أَعْلَام الْأَجْنَاس للصيغ الموزونة هِيَ بهَا.
وَوضع عَام لموضوع لَهُ خَاص كوضع عَامَّة الْأَفْعَال فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة بالنوع بملاحظة عنوان كلي شَامِل بخصوصية كل نِسْبَة جزئية من النِّسْبَة التَّامَّة فالموضوع لَهُ تِلْكَ النّسَب الْجُزْئِيَّة الملحوظة بذلك العنوان الْكُلِّي فالوضع عَام والموضوع لَهُ خَاص.
وَوضع عَام لموضوع لَهُ عَام كالمشتقات مثل اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، والمصغر والمنسوب، وَفعل الْأَمر، وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق بالهيئات فَإِنَّهَا لَيست مَوْضُوعَة بخصوصياتها(1/934)
بل بقواعد كُلية.
وَإِذا تصور الْوَاضِع لفظا خَاصّا وتصور أَيْضا معنى معينا إِمَّا جزئياً أَو كلياً، وَعين اللَّفْظ بِعَين ذَلِك الْمَعْنى، أَو لكل وَاحِد مِمَّا يصدق عَلَيْهِ ذَلِك الْمَعْنى يُسمى هَذَا الْوَضع وضعا شخصياً، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يكون الْوَضع والموضوع لَهُ خاصين بِأَن يتَصَوَّر معنى جزئياً ويعين اللَّفْظ بإزائه كالأعلام الشخصية فَإِنَّهَا أَسمَاء تعين مسماها من غير قرينَة.
أَو يَكُونَا عَاميْنِ بِأَن يتَصَوَّر معنى كلياً ويعين اللَّفْظ بإزائه كعامة النكرات.
أَو يكون الْوَضع عَاما والموضوع لَهُ خَاصّا (بِأَن يتَصَوَّر معنى كلياً ويلاحظ بِهِ جزئياته، ويعين بِهَذِهِ الملاحظة الإجمالية اللَّفْظ دفْعَة وَاحِدَة) لكل وَاحِد من تِلْكَ الجزئيات كالمضمرات، والموصلات، وَأَسْمَاء الإشارات، وَأَسْمَاء الْأَفْعَال، والحروف، وَبَعض الظروف كأينَ وَحَيْثُ وَغَيرهمَا مِمَّا يتَضَمَّن معنى الْحُرُوف.
وَأما كَون الْوَضع خَاصّا والموضوع لَهُ عَاما فَغير مَعْقُول لِاسْتِحَالَة كَون جزئي آلَة الملاحظة كلياً.
وَقَالَ بَعضهم: وضع الْعين للعين كَمَا فِي الْمُفْردَات، وَوضع الْأَجْزَاء للأجزاء كَمَا فِي المركبات.
وَمن أثر الإلطاف بالعباد حُدُوث الموضوعات اللُّغَوِيَّة ليعبر كل إِنْسَان عَمَّا فِي نَفسه مِمَّا يحْتَاج
إِلَيْهِ لغيره حَتَّى يعاونه عَلَيْهِ لعدم استقلاله بِهِ، وَلِهَذَا يُقَال: الْإِنْسَان مدنِي بالطبع لاحتياجه إِلَى أهل الْمَدِينَة.
والألفاظ الْمَوْضُوعَة أفيد دلَالَة على مَا فِي الضَّمِير من الْإِشَارَة والمثال، لِأَن الْأَلْفَاظ تعم الْمَوْجُود والمعدوم. وَالْإِشَارَة والمثال يخصان بالموجود المحسوس، وأيسر مِنْهُمَا أَيْضا لموافقتها لِلْأَمْرِ الطبيعي دونهمَا، فَإِن الْأَلْفَاظ كيفيات تعرض للنَّفس الضَّرُورِيّ.
والموضوعات اللُّغَوِيَّة: هِيَ الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمعَانِي. وَيعرف بِالنَّقْلِ تواتراً كالسماء وَالْأَرْض، أَو بِالنَّقْلِ آحاداً كالقُراء للطهر وَالْحيض، أَو باستنباط الْعقل من النَّقْل كالجمع الْمحلي ب (ال) للْعُمُوم فَإِنَّهُ نقل أَن هَذَا الْجمع يَصح الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ، وكل مَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهُ مِمَّا لَا حصر فِيهِ فَهُوَ عَام للُزُوم تنَاوله للمستثنى، فيستنبط الْعقل من هَاتين المقدمتين النقليتين عُمُوم الْجمع الْمحلي بِاللَّامِ فَيحكم بِعُمُومِهِ، وَلَا يشْتَرط مُنَاسبَة اللَّفْظ للمعنى فِي وَضعه لَهُ عِنْد الْجُمْهُور.
[وَاعْلَم أَن دلَالَة الْأَلْفَاظ على معنى دون معنى لَا بُد لَهَا من مُخَصص لتساوي نسبته إِلَى جَمِيع الْمعَانِي. وَذهب الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَن الْمُخَصّص هُوَ الْوَاضِع، وَتَخْصِيص وَضعه دون ذَاك هُوَ إِرَادَة الْوَاضِع. وَالظَّاهِر أَن الْوَاضِع هُوَ الله تبَارك وَتَعَالَى على مَا ذهب إِلَيْهِ الْأَشْعَرِيّ من أَنه تبَارك وَتَعَالَى(1/935)
وضع الْأَلْفَاظ ووقف عباده عَلَيْهَا تَعْلِيما بِالْوَحْي أَو بِخلق علم ضَرُورِيّ فِي وَاحِد أَو جمَاعَة، وَلَيْسَت دلَالَة على الْمَعْنى لذاته كدلالته على اللافظ وَإِلَّا لوَجَبَ أَن لَا تخْتَلف اللُّغَات باخْتلَاف الْأُمَم، ولوجب أَن يفهم كل أحد معنى كل لفظ لِامْتِنَاع انفكاك الدَّلِيل على الْمَدْلُول] .
ثمَّ إِن اللَّفْظ الدَّال على الْمَعْنى لَهُ جهتان: جِهَة إِدْرَاكه بالذهن، وجهة تحَققه فِي الْخَارِج. . فَهَل الْوَضع لَهُ بِاعْتِبَار الْجِهَة الأولى أَو بِالثَّانِيَةِ أَو من غير نظر إِلَى شَيْء مِنْهُمَا، فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب:
أَحدهمَا: أَنه مَوْضُوع للمعنى الْخَارِجِي لَا الذهْنِي.
وَالثَّانِي: أَنه مَوْضُوع للمعنى الذهْنِي وَإِن لم يُطَابق الْخَارِج لدوران الْأَلْفَاظ مَعَ الْمعَانِي الذهنية وجودا وعدماً، فَإِن من رأى شبحاً من بعيد تخيله طللاً سَمَّاهُ طللاً، فَإِذا تحرّك فَظَنهُ شَجرا سَمَّاهُ شَجرا، فَإِذا قرب مِنْهُ وَرَآهُ سَمَّاهُ رجلا.
وَالثَّالِث: أَنه مَوْضُوع للمعنى من حَيْثُ هُوَ من غير تَقْيِيد بخارجي أَو ذهني، واستعماله فِي أَيهمَا كَانَ اسْتِعْمَال حَقِيقِيّ، وَلَيْسَ لكل معنى لفظ مَوْضُوع لَهُ فَإِن من الْمعَانِي مَا لم يوضع لَهُ لفظ كأنواع الروائح.
والوضع يخص الْحَقِيقَة، والاستعمال يعمها، وَالْمجَاز وَالْكِنَايَة أَيْضا، والأدلة الدَّالَّة على تعْيين الْوَاضِع ضَعِيفَة.
الْوَحْي: هُوَ الْكَلَام الْخَفي يدْرك بِسُرْعَة لَيْسَ فِي ذَاته مركبا من حُرُوف مقطعَة تتَوَقَّف على تموجات
متعاقبة.
وَفِي " الْأَنْوَار ": أَن سيدنَا مُوسَى تلقى الْكَلَام تلقياً روحانياً، ثمَّ تمثل ذَلِك الْكَلَام لبدنه وانتقل إِلَى الْحس الْمُشْتَرك فانتقش بِهِ من غير اخْتِصَاص بعضو وجهة.
وَهُوَ كَمَا نَص الله عَلَيْهِ على ثَلَاثَة بِلَا وَاسِطَة، بل يخلق الله فِي قلب الموحى إِلَيْهِ علما ضَرُورِيًّا بِإِدْرَاك مَا شَاءَ الله تَعَالَى إِدْرَاكه من الْكَلَام النَّفْسِيّ الْقَدِيم الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَهَذِه حَالَة محمدية لَيْلَة الْإِسْرَاء على مَذْهَب طَائِفَة. أَو بِوَاسِطَة خلق أصوات فِي بعض الْأَجْسَام كَحال مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. أَو بإرسال ملك، وَمَا يُدْرِكهُ الْملك من النَّوْع الأول. وَهَذَا غَالب أَحْوَال الْأَنْبِيَاء. وَإِلَى الأول الْإِشَارَة بقوله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا} .
وَإِلَى الثَّانِي: {أَو من وَرَاء حجاب} .
وَإِلَى الثَّالِث: {أَو يُرْسل رَسُولا} .
وَالثَّانِي قد يطلع عَلَيْهِ غير الموحى اليه كَمَا سمع السبعون حِين مضوا إِلَى الْمِيقَات؛ كَمَا سَمعه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
وَالثَّالِث يُشَارك فِيهِ الْملك.
وَأما الأول فهومكتتم أَي اكتتمام، وَقد نظمت فِيهِ:
(لمِوْلاَنَا رَسُولِ اللهِ نَشْآتٌ فَخُذْ نظما ... كَلَام الله فِي كلٍ من النشآت مراتِ)
(للاهوتيةٍ مِنْهَا كَلَام صَار مُسْتَغْنى ... بَرِيئًا من حُرُوف خَارِجا من جنس أصوات)(1/936)
(وَأما مَاله التَّرْكِيب والإفراد تقطيعاً ... لناسوتيةٍ ملكيّة فاحفظ بنشآت)
(قَالَ بعض الْفُضَلَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعلم آدم الْأَسْمَاء} : إِن التَّعْبِير بالتعليم للتقريب إِلَى الْفَهم لَا أَنه الأَصْل الْمُتَعَارف فِي ذَلِك، وَأَن مَا يرد من قبل غَيره تَعَالَى إِنَّمَا يكون بطرِيق الإنباء القولي على مَا هُوَ الْجَارِي بَين أَفْرَاد النَّاس، وَأَن تلقي مَا هُوَ من قبله تَعَالَى لَا بُد لَهُ من استعداد خَاص لذَلِك، فالقابلية للفهم من قبل غَيره تَعَالَى لَا توجب الاستعداد للتلقي من جنابه الأقدس للتفاوت البيّن بَين الْحَالين، وَأَن الاستعداد الفطري للقبول من قبله تَعَالَى فِي نوع خَاص مجانس لَا يسْتَلْزم الاستعداد لغير ذَلِك النَّوْع مِمَّا يُخَالف تِلْكَ الْفطْرَة والطبيعة، فاستعداد الْمَلَائِكَة للتلقي من قبله تَعَالَى فِيمَا يجانس فطرتهم لَا يَسْتَدْعِي استعدادهم لغيره مِمَّا استعد لَهُ آدم عَلَيْهِ السَّلَام بِحَسب مجانسة فطرته ومناسبة جبلته، وَأَن ذَلِك لَا يمْنَع استعدادهم للاستفادة من آدم عَلَيْهِ السَّلَام بطرِيق الإنباء)
(وَفِي " الرسَالَة العرشية ") أَن وَصفه تَعَالَى بِكَوْنِهِ متكلما لَا يرجع الى ترديد الْعبارَات وَلَا
أَحَادِيث النَّفس والفكر الْمُخْتَلفَة الَّتِى صَارَت الْعبارَات دَلَائِل عَلَيْهَا، بل فيضان الْعُلُوم مِنْهُ تَعَالَى على لوح قلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِوَاسِطَة الْقَلَم النقاش الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْعقلِ الفعال وَالْملك المقرب (هُوَ كَلَامه، فَالْكَلَام عبارَة عَن الْعُلُوم الْحَاصِلَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَالْعلم لَا تعدد فِيهِ وَلَا تكْثر، بل التَّعَدُّد فِي حَدِيث النَّفس والخيال والحس) . فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتلَقَّى علم الْغَيْب من الْحق بِوَاسِطَة الْملك. وَقُوَّة التخيل (تتلقى) تِلْكَ الْعُلُوم وتتصورها بِصُورَة الْحُرُوف والأشكال الْمُخْتَلفَة، وتجد لوح الْحس فَارغًا فتنتقش تِلْكَ الْعبارَات والصور فِيهِ فَيسمع مِنْهُ كلَاما منظوماً وَيرى شخصا بشرياً (فَذَلِك هُوَ الْوَحْي) ، فيتصور فِي نَفسه الصافية صُورَة الْملقى، والملقى كَمَا يتَصَوَّر فِي الْمرْآة المجلوة صُورَة الْمُقَابل، فَتَارَة يعبر عَن ذَلِك المنتقش بِعِبَارَة العبرية وَتارَة بِعِبَارَة الْعَرَب، فالمصدر وَاحِد والمظهر مُتَعَدد، فَذَلِك هُوَ سَماع كَلَام الْمَلَائِكَة ورؤيتها.
وكل مَا عبر عَنهُ بِعِبَارَة قد اقترنت بِنَفس التَّصَوُّر فَذَلِك هُوَ آيَات الْكتاب.
وكل مَا عبر عَنهُ بِعِبَارَة نفسية فَذَلِك هُوَ إِخْبَار النُّبُوَّة(1/937)
فَلَا يرجع هَذَا إِلَى خيال بذهن محسوس مشَاهد، لِأَن الْحسن تَارَة يتلَقَّى المحسوسات من الْحَواس الظَّاهِرَة، وَتارَة يتلقاها من المشاعر الْبَاطِنَة، فَنحْن نرى الْأَشْيَاء بِوَاسِطَة الْحس، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى الْأَشْيَاء بِوَاسِطَة قوى الْبَاطِنَة. وَنحن نرى ثمَّ نعلم، وَالنَّبِيّ يعلم ثمَّ يرى.
(ثمَّ إعلم أَن تعدد أَقسَام الْكَلَام وَاخْتِلَاف أَسْمَائِهِ من الْأَمر وَالنَّهْي وَغير ذَلِك لَيْسَ هُوَ لَهُ بِاعْتِبَار تعدد فِي نَفسه أَو اخْتِلَاف صِفَات فِي ذَاته ولذاته، بل هُوَ بِالنّظرِ إِلَى نَفسه من حَيْثُ هُوَ كَلَام وَاحِد وَذَلِكَ لَهُ لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار إضافات مُتعَدِّدَة وتعلقات متكثرة لَا توجب للمتعلق فِي ذَاته صفة زَائِدَة وَلَا تعدداً، وَهُوَ على نَحْو قَول الفيلسوف فِي المبدأ الأول حَيْثُ قضى بوحدته وَإِن تكثرت أسماؤه بِسَبَب سلوب وإضافات، وعَلى نَحْو مَا ينعكس على الأَرْض من الألوان الْمُخْتَلفَة من زجاجات مُخْتَلفَة الألوان بِسَبَب شروق الشَّمْس عَلَيْهَا ومقابلتها لَهَا، فَالْكَلَام فِي نَفسه معنى وَاحِد وَالِاخْتِلَاف فِيهِ إِنَّمَا يرجع إِلَى التعبيرات عَنهُ بِسَبَب تعلقه بالمعلومات، فَإِن كَانَ الْمَعْلُوم مَحْكُومًا بِفِعْلِهِ عبر عَنهُ، وَإِن كَانَ بِالتّرْكِ عبر عَنهُ بِالنَّهْي، وَإِن كَانَ لَهُ نِسْبَة إِلَى حَالَة مَا بِأَن كَانَ وجد بعد الْعَدَم أَو عدم بعد الْوُجُود أَو غير ذَلِك عبر عَنهُ بالْخبر، وعَلى هَذَا النَّحْو يكون انقسام الْكَلَام الْقَائِم بِالنَّفسِ فَهُوَ وَاحِد وَإِن كَانَت التعبيرات عَنهُ مُخْتَلفَة بِسَبَب اخْتِلَاف الاعتبارات. وَلم يجوزوا فِي بَاقِي الصِّفَات كَالْعلمِ والإرادة وَالْقُدْرَة وَالرُّجُوع
إِلَى معنى وَاحِد كَمَا فِي الْكَلَام بِأَن يُسمى إِرَادَة عِنْد تعلقه بالتخصيص فِي الْوُجُود. وَهَكَذَا سَائِر الصِّفَات حَتَّى يعود ذَلِك كُله إِلَى نفس الذَّات من غير احْتِيَاج إِلَى الصِّفَات، فَإِنَّهُ لما ثَبت القَوْل بِكَوْنِهِ سُبْحَانَهُ محيطاً بالموجودات وعالماً بهَا ومخصصاً لَهَا فِي وجودهَا وحدوثها وَثَبت لَهُ غير ذَلِك من الكمالات الْمعبر عَنْهَا بِالصِّفَاتِ فَهُوَ غَايَة مَا طلبناه) .
الْوسط: فِي الأَصْل هُوَ اسْم للمكان الَّذِي يَسْتَوِي إِلَيْهِ المساحة من الجوانب فِي المدور، وَمن الطَّرفَيْنِ فِي المطول كمركز الدائرة، ولسان الْمِيزَان من العمود، ثمَّ استعير للخصال المحمودة لوقوعها بَين طرفِي إفراط وتفريط. {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} : يَعْنِي متباعدين عَن طرفِي الإفراط فِي كل الْأُمُور والتفريط، ثمَّ أطلق على المتصف بهَا مستوياً فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث كَسَائِر الْأَسْمَاء الَّتِي يُوصف بهَا.
فِي " الْقَامُوس ": كل مَوضِع صلح فِيهِ (بَين) فَهُوَ بالتسكين وَإِلَّا فَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ، وَلَا يَقع إِلَّا ظرفا تَقول: (جَلَست وسط الدَّار) ، بِالتَّحْرِيكِ والتسكين، إِلَّا أَن السَّاكِن متحرك والمتحرك سَاكن.
وَقيل: بِالسُّكُونِ اسْم الشَّيْء الَّذِي يَنْفَكّ عَن الْمُحِيط بِهِ جوانبه، تَقول: (وسْطَ رَأسه دهن) ، لِأَن الدّهن يَنْفَكّ عَن الرَّأْس.
وبالتحريك: اسْم الشَّيْء الَّذِي لَا يَنْفَكّ عَن(1/938)
الْمُحِيط بِهِ جوانبه تَقول: (وسَطَ رَأسه صلب) لِأَن الصلب لَا يَنْفَكّ عَن الرَّأْس.
وَقيل: وسَطَ الرَّأْس وَالدَّار بِالتَّحْرِيكِ لكَونه بعض مَا أضيف إِلَيْهِ.
ووسْط الْقَوْم: بِالسُّكُونِ لكَونه غَيرهم.
والأوسط: الْخِيَار لقَوْله تَعَالَى: {أوسطهم} أَي: خيارهم، وَهُوَ فِي بَاب الْفَرد مَسْبُوق بِمثل مَا تَأَخّر عَنهُ لَا مَا هُوَ متوسط بَين عددين متساويين فَإِن الثَّانِي من الثَّلَاثَة متوسط وطرفاه ليسَا بعددين.
وَاخْتلف فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى، وَمَا فِي حَدِيث " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى " لَيْسَ المُرَاد بِهِ الْوُسْطَى فِي التَّنْزِيل.
الْوَعْد: الترجية بِالْخَيرِ، وَقد اشْتهر أَن الثلاثي من الْوَعْد يسْتَعْمل فِي الْخَيْر، والمزيد فِيهِ فِي الشَّرّ. وَلَيْسَ الْأَمر فَيجب أَن يعلم أَن ذَلِك فِيمَا إِذا أسقط الْخَيْر وَالشَّر بترك الْمَفْعُول رَأْسا كَمَا فِي قَوْله:
(وإنِّي وإنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه ... لَمخْلِفُ إيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي)
وَقَالَ بَعضهم: أَوْعَد إِذا أُطلق فَهُوَ فِي الشَّرّ. وَأما وعد فَيُقَال: (وعده الْأَمر ووعده بِهِ) خيرا وشراً، فَإِذا أطلقا قيل فِي الْخَيْر: وعد، وَفِي الشَّرّ: أوعد. أَو حكما بجعله أمرا مُبْهما يحْتَمل الْخَيْر وَالشَّر، وَكَذَا الْمَزِيد فِيهِ. وَيُؤَيّد اسْتِعْمَال الإيعاد فِي الْخَيْر حَدِيث " إِن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم، وللملك لمة، فَأَما لمة الشَّيْطَان فإيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ، وَأما لمة الْملك فإيعاد بِالْخَيرِ
وتصديق بِالْحَقِّ ".
وَلما كَانَ الشَّأْن فِي الْوَعْد تقليل الْكَلَام هرباً من شَائِبَة الامتنان ناسبه تقليل حُرُوف فعله، بِخِلَاف الإيعاد فَإِن مقَام التَّرْهِيب يَقْتَضِي مزِيد التَّشْدِيد والتأكيد الأكيد فيناسبه تَكْثِير حُرُوف الْوَعيد.
وَأما الصفد والإصفاد فِي قَول القبعثري للحجاج فَالْمُنَاسِب بِحَال الْمضرَّة التقليل بِخِلَاف جَانب النَّفْع.
وأصل الْوَعْد إنْشَاء لإِظْهَار أَمر فِي نَفسه يُوجب سرُور الْمُخَاطب. وَمَا تعلق بِهِ الْوَعْد وَهُوَ الْمَوْعُود نَحْو: (لأكرمك) إِخْبَار. نَظِيره قَول النُّحَاة: (كَأَن) لإنشاء التَّشْبِيه مَعَ أَن مدخولها جملَة خبرية، وَقد جرت عَادَة الله سُبْحَانَهُ على أَن شفع وعده بوعيده لترجى رَحمته ويخشى عِقَابه، وَلَا خلف فِي خَبره بِدَلِيل {مَا يُبدل القَوْل لدي} . وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " من وعده الله على عمل ثَوابًا فَهُوَ منجز لَهُ، وَلَو وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ عَفا وَإِن شَاءَ عذبه ".
وَقيل: الْوَعْد حق عَلَيْهِ والوعيد حق لَهُ، وَمن أسقط حق نَفسه فقد أَتَى بالجود وَالْكَرم، وَمن أسقط حق غَيره فَذَلِك هُوَ اللؤم.
وَاعْلَم أَن تعكيس أَمر الْفَرِيقَيْنِ يجوز عقلا عَن الأشاعرة إِلَّا أَنه امْتنع وُقُوعه بِدَلِيل السّمع. وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَلَا يجوز ذَلِك عقلا أَيْضا إِلَّا إِذا أُرِيد بِالْمُؤْمِنِينَ الفَسَقَة المصرون على الذَّنب إِلَى أَن مَاتُوا كالكفار على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَزلَة من تأبيد(1/939)
عَذَابهمْ، إِذْ لَا مَانع من ذَلِك أَيْضا عقلا، وَالْعَفو عَن الْكفْر لَا يجوِّزه الْعقل إِذْ تَعْذِيب الْكفَّار وَاقع لَا محَالة فَيكون وُقُوعه على وَجه الْحِكْمَة، فالعفو عَنْهُم على خلاف الْحِكْمَة فَيجب تَنْزِيه أَفعاله تَعَالَى عَنهُ.
الْوَقْف: وقف يتَعَدَّى وَيلْزم، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى (حبس) و (منع) فَهُوَ مُتَعَدٍّ ومصدره الْوَقْف، وَأما اللَّازِم فمصدره الْوُقُوف.
وَالْوَقْف الاختباري بِالْمُوَحَّدَةِ التَّحْتِيَّة مُتَعَلّقه الرَّسْم لبَيَان الْمَقْطُوع من الْمَوْصُول، وَالثَّابِت من الْمَحْذُوف، وَالْمَجْرُور من المربوط.
والاضطراري يكون عِنْد ضيق النَّفس وَعند الْقَيْء.
والاختياري، بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة يَنْقَسِم إِلَى التَّام وَالْكَافِي وَالْحسن.
قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ: الْوَقْف كَامِل وتام وَحسن وناقص، وَهُوَ الَّذِي يُسمى قبيحاً لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يتم أَو لَا، الثَّانِي النَّاقِص. وَالْأول إِمَّا أَن يَسْتَغْنِي عَن تاليه أَو لَا، الثَّانِي إِمَّا أَن يتَعَلَّق بِهِ من جِهَة الْمَعْنى فالكافي، أَو من جِهَة اللَّفْظ فالحسن، وَالْأول إِمَّا أَن يكون استغناؤه كلياً أَو لَا. الأول الْكَامِل وَالثَّانِي التَّام [فالوقف على (بِسم) قَبِيح، وعَلى (بِسم الله) أَو على (بِسم الله الرَّحْمَن) حسن كَاف، وعَلى التَّمام تَامّ] .
قَالَ بَعضهم: الْوَقْف على كل كَلَام لَا يفهم بِنَفسِهِ نَاقص، وعَلى كل كَلَام مَفْهُوم الْمعَانِي إِلَّا أَن مَا بعده يكون مُتَعَلقا بِمَا قبله يكون كَافِيا، وعَلى كل
كَلَام تَامّ يكون مَا بعده مُنْقَطِعًا عَنهُ يكون كلَاما تَاما. وَحكم الْقَبِيح أَن لَا يفعل إِلَّا لضَرُورَة النّفَس ويعاد. وَحكم الْحسن أَن يجوز الْوَقْف بِلَا ضَرُورَة لَكِن يُعَاد. وَحكم الْكَافِي جَوَاز أَن لَا يُعَاد. والتام يجب فِيهِ الْوَقْف وَعدم الْإِعَادَة.
حكى ابْن برهَان النَّحْوِيّ عَن أبي يُوسُف القَاضِي صَاحب أبي حنيفَة أَنه ذهب إِلَى أَن تَقْدِير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ من الْقُرْآن بالتام والناقص وَالْحسن والقبيح وتسميته بذلك بِدعَة ومتعمد الْوُقُوف على نَحوه مُبْتَدع، قَالَ: لِأَن الْقُرْآن معْجزَة فَهُوَ كالقطعة الْوَاحِدَة فكله قُرْآن وَبَعضه قُرْآن وَكله تَامّ حسن وَبَعضه حسن.
[وَالْوَقْف على السّكُون هُوَ الْأَدَب فِي لُغَة الْعَرَب، وعَلى الْحَرَكَة خطأ الْعَامَّة] .
الوطن: هُوَ منزل الْإِقَامَة، والوطن الْأَصْلِيّ مولد الْإِنْسَان أَو الْبَلدة الَّتِي تأهل فِيهَا.
ووطن الْإِقَامَة: هُوَ الْبَلدة أَو الْقرْيَة الَّتِي لَيْسَ للْمُسَافِر فِيهَا أهل وَنوى أَن يُقيم فِيهِ خَمْسَة عشر يَوْمًا فَصَاعِدا.
ووطن السُّكْنَى: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يَنْوِي الْمُسَافِر أَن يُقيم فِيهِ أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا.
الوَلاية، بِالْفَتْح: بِمَعْنى النُّصْرَة والتولي. وبالكسر: بِمَعْنى السُّلْطَان وَالْملك. أَو بِالْكَسْرِ فِي الْأُمُور، وبالفتح فِي الدّين يُقَال: (هُوَ وَال على النَّاس) أَي مُتَمَكن الْولَايَة بِالْكَسْرِ، (وَهُوَ ولي الله تَعَالَى) أَي بَيَّن الْولَايَة بِالْفَتْح، أَو هما لُغَتَانِ.(1/940)
وَالْوَلِيّ: قد يضعف عَن النُّصْرَة.
والنصير: قد يكون أَجْنَبِيّا من الْمَنْصُور.
وَالْولَايَة الْخَاصَّة أقوى من الْولَايَة الْعَامَّة.
ووليته أليه وليا: دَنَوْت مِنْهُ.
وأوليته إِيَّاه: أدنيته مِنْهُ.
وَالْوَلَاء، بِالْكَسْرِ: الْمُتَابَعَة. (وَشرعا: مُتَابعَة فعل بِفعل وبالفتح، لُغَة: الْقَرَابَة) .
وَشرعا: التناصر.
وَالْوَلَاء كالنسب يقْصد بِهِ التناصر والتعاون.
وَوَلَاء الْمُوَالَاة كولاء الْعتَاقَة، وَلَا يخْتَلف الْوَلَاء بالواسطة بل يثبت للْمُعْتق وعصبته ثبوتاً وَاحِدًا يصير الْعصبَة بعده كَأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتق لَا أَنه يثبت للْمُعْتق أَولا ثمَّ ينْتَقل ويستحقه بِالْإِرْثِ وَلِهَذَا لَا تَرث النِّسَاء بِالْوَلَاءِ بِخِلَاف الْقَرَابَة لِأَنَّهَا تخْتَلف بالواسطة، أَلا ترى أَنَّهَا تخْتَلف أساميها باخْتلَاف الوسايط.
الورى، بِالْقصرِ: الْمَخْلُوق.
و [الوراء] بِالْمدِّ: اسْم لما توارى عَنْك أَي استتر، فالقدام وَالْخلف متوارٍ عَنْك.
(عَسَى الكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتُ فِيهِ ... يكونُ وَرَاءه فَرَجٌ قَرِيبُ)
وكل مَا كَانَ خلفا يجوز أَن يَنْقَلِب قداماً وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّك مُسْتَقْبل الْمُسْتَقْبل ومستدبر الْمَاضِي.
قَالَ الْأَزْهَرِي: (وَرَاء) يصلح لما قبله وَلما بعده لَا لِأَنَّهُ وضع لكل مِنْهُمَا على حِدة، بل لِأَن مَعْنَاهُ مَا توارى عَنْك، أَي استتر وَهُوَ مَوْجُود فيهمَا. وَهُوَ
مُخْتَار صَاحب " الْكَشَّاف ". [وَلَا فرق بَين (من وَرَائه) و (وَرَاءه) بل كِلَاهُمَا ظرف ك (صليت من خلف الإِمَام، وَخَلفه) و (من قبل الْيَوْم) ، و (قبله) وَمِنْهُم من فرق بَين إِثْبَات (من) وإسقاطها فِي قَوْله تَعَالَى: {يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} بِأَن فِي صُورَة الْإِسْقَاط يجوز أَن يجمع الوراء المنادى والمنادي وَلَا يجوز ذَلِك فِي صُورَة الْإِثْبَات لِأَن الوراء بِدُخُول (من) صَار مبدأ الْغَايَة وَلَا بُد أَن يخْتَلف المبدأ والمنتهى بالجهة. وَلَا يخفى عَلَيْك أَن المبدأ والمنتهى إِن كَانَ المنادى والمنادي فقد جَازَ أَن يجمعهما الوراء فِي كلتا الصُّورَتَيْنِ لتغاير المبدأ والمنتهى، وَإِن كَانَ الْجِهَة فَهِيَ إِمَّا ذَات الْأَجْزَاء أَو عديمة الْأَجْزَاء، فذات الْأَجْزَاء جَازَ أَن يجمعها أثبت (من) أَو أسقط بِاعْتِبَار أَجزَاء الْجِهَة، وَأما عديمة الْأَجْزَاء فَلَا يجوز أَن يجمعهما مُطلقًا لِاتِّحَاد المورد. وَقَوله تَعَالَى] : {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} أَي: أمامهم. و (الْمَوْت وَرَاء كل أحد) : أَي أَمَامه. ولَيْسَ وَرَاءَ اللهِ لِلْمَرءِ مَطْلَبُ أَي بعده. قَالَه الْأَنْبَارِي.
وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": (وَرَاء) فِي الأَصْل مصدر جعل ظرفا ويضاف إِلَى الْفَاعِل فيراد بِهِ مَا يتَوَارَى بِهِ وَهُوَ خَلفه، وَإِلَى الْمَفْعُول فيراد بِهِ مَا يواريه وَهُوَ قدامه وَلَكِن عُدَّ من الأضداد.
الوسوسة: القَوْل الْخَفي لقصد الإضلال من وسوس إِلَيْهِ ووسوس لَهُ، أَي فعل الوسوسة لأَجله، وَهِي حَدِيث النَّفس والشيطان بِمَا لَا نفع(1/941)
فِيهِ وَلَا خير كالوسواس بِالْكَسْرِ. وَالِاسْم بِالْفَتْح: يُقَال لما يَقع فِي النَّفس من عمل الشَّرّ، وَمَا لَا خير فِيهِ وسواس، وَلما يَقع من عمل الْخَيْر إلهام، وَلما يَقع من الْخَوْف إيجاس، وَلما يَقع من تَقْدِير نيل الْخَيْر أمل، وَلما يَقع من تَقْدِير لَا على انسان وَلَا لَهُ خاطر.
الْوَصْف: هُوَ وَالصّفة مُتَرَادِفَانِ عِنْد أهل اللُّغَة، وَالْهَاء عوض عَن الْوَاو كالوعد وَالْعدة. وَعند الْمُتَكَلِّمين: الْوَصْف كَلَام الواصف.
وَالصّفة: هِيَ الْمَعْنى الْقَائِم بِذَات الْمَوْصُوف.
وَالْوَصْف الْفعْلِيّ: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا للمتبوع نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل كريم) .
وَالْوَصْف السببي: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا لأمر مُتَعَلق بمتبوعه نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل كريم أَبوهُ) .
وَالْوَصْف السببي دَاخل فِي الْوَصْف الحالي، وراجع إِلَيْهِ فِي التَّحْقِيق، فَإِن معنى قَوْلك: (مَرَرْت بِرَجُل كثير عدوه) مَرَرْت بِرَجُل خَائِف لِأَنَّهُ كثير الْعَدو، فالمذكور فِي معرض السَّبَب لَهُ فَهُوَ من بَاب وضع السَّبَب مقَام الْمُسَبّب لوضوحه. قَالَ الله تَعَالَى: {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} أَي رَسُول مُشفق فِي حقكم لِأَنَّهُ يصعب عَلَيْهِ عنتكم، وَقس على الْمَذْكُور الْمَتْرُوك.
وَالْوَصْف على مَا حققوا على نَوْعَيْنِ: وصف لَا يكون دَاعيا إِلَى الْيَمين، وَوصف يكون دَاعيا إِلَيْهَا. فالوصف لَغْو فِي النَّوْع الأول دون الثَّانِي، فَفِي حلفه لَا يكلم هَذَا الشَّاب فَكَلمهُ شَيخا
يَحْنَث، وَلَا يعْتَبر وصف الشَّبَاب بل المُرَاد الشَّخْص الْمشَار إِلَيْهِ. وَفِي (لَا يكلم شَابًّا) فَكَلمهُ شيخاُ لَا يَحْنَث لِأَن شَرط الْحِنْث وصف الشَّبَاب وَهُوَ غَائِب وَالْوَصْف مُعْتَبر فِي الْغَائِب. وَفِي (لَا يَأْكُل من هَذَا الْبُسْر) فَأكل تَمرا، أَو (من هَذَا اللَّبن) فَأكل شيرازاً لَا يَحْنَث فَإِن الْوَصْف فِي هَذِه الْمسَائِل من النَّوْع الثَّانِي فَلَا يكون لَغوا، وَإِن كَانَ الْوَصْف فِي الْحَاضِر غير مُعْتَبر، وَالْمرَاد بِالْوَصْفِ لَيْسَ صفة عرضية قَائِمَة بجوهور كالشباب والشيخوخة وَنَحْوهمَا بل يتَنَاوَل جوهراً قَائِما بجوهر آخر يزِيد قِيَامه بِهِ حسنا لَهُ وكمالاً، وَيُورث انتاقصه عَنهُ قبحاً لَهُ ونقصاناً. وَفِي بعض شُرُوح " الْهِدَايَة ": مَا يتعيب بالتنقيص فَهُوَ وصف، وَمَا لم يتعيب بِهِ فَهُوَ أصل.
وَالْوَصْف الْعَام فِي تَحْصِيل مدخوله كالمعرف بِاللَّامِ، فَكَمَا أَن الْمُعَرّف بلام الْجِنْس عَام متناول للأفراد كَذَلِك الْمَوْصُوف بِالْوَصْفِ الْعَام، وكما أَنه شَامِل لما تَحْتَهُ كَذَلِك هُوَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون الْمَوْصُوف لَا يحْتَمل التَّعَدُّد ك (إِلَّا رجلا وَاحِدًا كوفياً) فَحِينَئِذٍ لَا تَعْمِيم فِيهِ.
(الود: وددت الرجل - من بَاب علمت - إِذا أَحْبَبْت. و (وددت أَن ذَاك كَانَ لي) إِذا تمنيته فَأَنا أود فيهمَا جَمِيعًا. والماضي والمستقبل فِي سِيَاق (ودّ) سيان يُقَال: (وددت أَن يكون كَذَا، وددت لَو كَانَ كَذَا) ، وَيُقَال أَيْضا: (يود لَو) ، وَلَا يُقَال: (يحب لَو) لِأَن مَفْهُوم (ودّ) لَيْسَ مُطلق الْمحبَّة بل الْمحبَّة الَّتِي يقارنها التَّمَنِّي، وَتلك(1/942)
الْمُقَارنَة هِيَ شَرط اسْتِعْمَالهَا على الأَصْل، فَلَا تذكر بِدُونِ (لَو) الدَّالَّة على الشَّرْط الْمَذْكُور إِلَّا إِذا توسع وجردت عَن الشَّرْط الْمَذْكُور واستعملت فِي معنى مُطلق الْمحبَّة) .
الْوَهم: (فِي الْقَامُوس) : هُوَ من خطرات الْقلب أَو مَرْجُوح طرفِي المتردد فِيهِ، وَهُوَ عبارَة عَمَّا يَقع فِي الْحَيَوَان من جنس الْمعرفَة من غير سَبَب مَوْضُوع للْعلم، وَهُوَ أَضْعَف من الظَّن، ومعرفتهما تتَوَقَّف على معرفَة حكم الْقلب، وَذَلِكَ أَن الْقلب إِن كَانَ جَازِمًا بِحكم الشَّيْء إِيجَابا أَو سلباً وَلم يُطَابق كَانَ جهلا، وَإِن طابق وَلم يكن حكمه بِدَلِيل مُوجب كَانَ تقليداً، وَإِن كَانَ بِدَلِيل مُوجب عَقْلِي أَو حسي أَو مركب مِنْهُمَا كَانَ علما وَإِن لم يكن الْقلب جَازِمًا بذلك الحكم، فَإِن اسْتَوَى الطرفان كَانَ شكا، وَإِلَّا كَانَ الرَّاجِح ظنا والمرجوح وهما، وَكَثِيرًا مَا يسْتَعْمل الْوَهم فِي الظَّن الْفَاسِد اسْتِعْمَال الْعلم فِي الظَّن الْغَالِب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} وَالْمرَاد من الْعلم هُنَا الظَّن الْغَالِب بِالْإِيمَان.
[وَالوهم لَا يدْرك الْكُلِّي إِلَّا بعد إِدْرَاك الْعقل إِيَّاه فيدركه على وَجه الانعكاس من الْعقل. وَذكر بعض الْمُحَقِّقين أَن مدرك الجزئيات والكليات هُوَ النَّفس إِلَّا أَنَّهَا تدْرك الجزئيات بِآلَة الْوَهم والكليات بِالْقُوَّةِ الْعَقْلِيَّة لَكِن الْفُقَهَاء بالحس وَالوهم ومدركاتها أَكثر وَكَثِيرًا مَا يحكم على المعقولات الْمُجَرَّدَة بِأَحْكَام المحسوسات فَلَا جرم
يَقع الْغَلَط فالمعارضة بَين الْوَهم وَالْعقل إِنَّمَا تنشأ من انجذاب النَّفس إِلَى اسْتِعْمَال آلَة الْوَهم دون الْعقل أَو بِالْعَكْسِ] .
وفرقٌ بَين الموهوم والمتوقع فَإِن الموهوم نَادِر الْوُقُوع، وَلِهَذَا لم يعْتَبر فِي تَأْخِير حق الْمُدَّعِي، كَمَا إِذا أثبت الدّين على العَبْد حَتَّى بيع فِيهِ يدْفع الثّمن إِلَى الْمُدَّعِي بِغَيْر كَفِيل وَإِن كَانَ حُضُور غَرِيم آخر فِي حق العَبْد متوقعاً لِأَن الثَّابِت قطعا أَو ظَاهرا لَا يُؤَخر لأمر موهوم بِخِلَاف المتوقع فَإِنَّهُ كثير الْوُقُوع، فَيعْتَبر فِي تَأْخِير الحكم إِلَى إِقَامَة الْبَيِّنَة كَمَا إِذا ادّعى الْمُسْتَحق مَعَ إِقْرَار الْمُسْتَحق عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ جَازَ للْمُسْتَحقّ عَلَيْهِ إِقَامَة الْبَيِّنَة ليتَمَكَّن من الرُّجُوع على بَائِعه. وَكَذَا كل مَوضِع يتَوَقَّع الضَّرَر من غير الْمقر لَوْلَا الْبَيِّنَة جَازَ إِقَامَتهَا مَعَ الْإِقْرَار فِيهِ كإقرار أحد الْوَرَثَة بدَيْن على الْمَيِّت، وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ بِالْوكَالَةِ والوصاية دفعا للضَّرَر والتعدي.
ووهِمت فِي الْحساب، بِالْكَسْرِ أوهم وهما: غَلطت فِيهِ وسهرت.
ووهَمت فِي الشَّيْء، بِالْفَتْح أهم وهما: ذهب وهمي إِلَيْهِ وَأَنا أُرِيد غَيره.
الوجد: وجدت فِي المَال وُجْداً بِضَم الْوَاو. وَفِي الْغَنِيّ جِدة بِكَسْر الْجِيم.
وَوجدت الضَّالة وجداناً.
وَوجدت فِي الْحبّ وَجْداً، بِالْفَتْح.
والوجَد كالطلب مصدر وجدت بِمَعْنى اسْتَغْنَيْت، وَكَذَا الجِدَة كالصِّغَر.(1/943)
والمَوْجَدَة مصدر وجدت بِمَعْنى غضِبت، وَكَذَا الوجدان. وَهَذِه الثَّلَاثَة غير متعدية.
وَوجدت بِمَعْنى صادفت: يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد كالظن بِمَعْنى التُّهْمَة، وَالْعلم بِمَعْنى الْمعرفَة، والرؤية بِمَعْنى الإبصار والإصابة وَالنَّظَر والفكر.
والوجود مصدر (وجد الشَّيْء) على صِيغَة الْمَجْهُول كَمَا مر. ومصدر الْمَعْلُوم الوجد بِمَعْنى المصادفة.
وَفِي " الرضي ": وجد لإصابة الشَّيْء على صفة.
وَمن خَصَائِص أَفعَال الْقُلُوب أَنَّك إِذا وجدته على صفة لزم أَن تعلمه عَلَيْهَا بعد أَن لم يكن مَعْلُوما.
الْوَدِيعَة: فعيلة بِمَعْنى مفعولة بتاء النَّقْل إِلَى الاسمية من (ودع ودعا) إِذا ترك، وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمل فِي الْقُرْآن والْحَدِيث كَمَا قَالَه ابْن الْأَثِير فَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم بشذوذهما.
الوكر: هُوَ مَا يَتَّخِذهُ الطير للتفريخ فِي جِدَار أَو جبل أَو نَحْوهمَا.
والعش: هُوَ مَا يَتَّخِذهُ من دقائق العيدان وَغَيرهَا فِي أفنان الْأَشْجَار.
والكناس: للظبي.
والعِرِّيس: للأسد.
والقرية: للنمل.
والجحر: بِتَقْدِيم الْجِيم: لليربوع.
الخلية: للنحل.
الوعي: هُوَ أَن تحفظ فِي نَفسك الشَّيْء.
والإيعاء: هُوَ أَن تحفظ فِي غَيْرك.
والوعاية: أبلغ من الْحِفْظ لِأَنَّهُ يخْتَص بالباطن، وَالْحِفْظ يسْتَعْمل فِي حفظ الظَّاهِر.
ووعيت الْعلم، وأوعيت الْمَتَاع فِي الْوِعَاء أوعيه. والوقاية كالوعاية من وقى يقي يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ. {ووقاهم عَذَاب الْجَحِيم} : وَاتَّقَى يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد.
الْوُقُوع: السُّقُوط، من وَقع يَقع.
وَوَقع القَوْل عَلَيْهِم: وَجب. وَالْحق: ثَبت، وَالربيع بِالْأَرْضِ: حصل. والوقوع فِيهِ قد يُرَاد بِهِ الْوُجُود مَعَه فَإِنَّهُ إِذا قيل: (جَاءَ زيد أمس) مَعْنَاهُ أَن وجود الْمَجِيء مُقَارن بِجُزْء من أَجزَاء أمس.
والوقعة بِالْحَرْبِ: صدمة بعد صدمة، وَالِاسْم الوقيعة والواقعة.
ووقائع الْحَرْب: أَيَّام حروبها.
والواقعة: النَّازِلَة الشَّدِيدَة وَالْقِيَامَة وَجمعه واقعات.
والوقائع: جمع وقيعة كالعقائد جمع عقيدة، وَهِي الحروب.
الْوَرع: الاحتناب عَن الشُّبُهَات سَوَاء كَانَ تحصيلاً أَو غير تَحْصِيل، إِذْ قد يفعل الْمَرْء فعلا تورعاً وَقد يتْركهُ تورعاً أَيْضا وَيسْتَعْمل بِمَعْنى التَّقْوَى وَهُوَ الْكَفّ عَن الْمُحرمَات القطعية.
(الْوَلَد: هُوَ فعل بِمَعْنى مفعول يتَنَاوَل الذّكر وَالْأُنْثَى من الابْن وَابْن الابْن وَإِن سفل، وَالْبِنْت(1/944)
وَبنت الْبِنْت وَإِن سفلت أَيْضا) ، لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من التولد. وَكَذَا يتَنَاوَل الْوَاحِد والمتعدد لِأَنَّهُ اسْم جنس لمولود غير صفة.
وَأما الْوَالِد وَهُوَ عنصر الْوَلَد الْمُنْفَصِل بانفصال مادته عَنهُ فَهُوَ صفة يَجِيء مُؤَنّثَة وَالِدَة، وَفِي تنَاوله للوالدة كَلَام سَوَاء كَانَت لَهُ أَو لِأَبِيهِ، فَإِن أُرِيد بِهِ ذَات لَهُ ولد أَو بِمَعْنى (ذُو كَذَا) ك (تامر) و (لابنٍ) فَيتَنَاوَل الْأُم أَيْضا، أَو مِمَّا يَكْتَفِي بِأحد الضدين عَن الآخر كَمَا فِي {سرابيل تقيكم الْحر} .
الْوَقْت، لُغَة: الْمِقْدَار من الدَّهْر، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْمَاضِي كالميقات، وَنِهَايَة الزَّمَان الْمَفْرُوض لعمل، وَلِهَذَا لَا يكَاد يُقَال إِلَّا مُقَيّدا.
وَشرعا: مَا عين الشَّارِع لأَدَاء الصَّلَاة فِيهِ من زمَان هُوَ للفجر من الصُّبْح إِلَى الطُّلُوع، وللظهر وَالْجُمُعَة من الزَّوَال إِلَى صيرورة الظل مثلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَار؛ وللعصر مِنْهُ إِلَى الْغُرُوب، وللمغرب مِنْهُ إِلَى الْحمرَة، وللعشاء مِنْهُ لَو وجد الْوَقْت وإلاّ سَقَط، وَقيل يقدر، وللوتر التَّأْخِير إِلَى الصُّبْح، لَكِن الشَّرْط للْأَدَاء هُوَ الْجُزْء الأول من الْوَقْت لَا كل الْوَقْت، فَإِنَّهُ سَبَب الْوُجُود إِن خرج الْفَرْض من وقته، وَإِلَّا فالجزء الْمُتَّصِل بِالشُّرُوعِ لَا مُطلق الْوَقْت فَإِنَّهُ ظرف للمؤدى، فَيَقَع الْأَدَاء فِي أَي جُزْء مِنْهُ.
وَالْوَقْت فِي غير الْمُقدر بِالْوَقْتِ من الْأَفْعَال ظرف، فَيشْتَرط وجود الْفِعْل فِي جُزْء من الْوَقْت، فَفِي:
(إِن تزوجت هَذِه السّنة) يَحْنَث بالتزوج فِي بَعْضهَا لِأَنَّهُ غير ممتد، فَلَا يكون مُقَدرا بِالْوَقْتِ. وَفِي الْمُقدر معيار للْفِعْل الْمُقدر بِهِ، فَيكون الشَّرْط اسْتِيعَاب الْفِعْل جَمِيع الْوَقْت كَمَا فِي: (إِن أَقمت هَذِه السّنة) ؛ حَيْثُ لَا يَحْنَث إِلَّا بِالْإِقَامَةِ فِي جَمِيعهَا لِأَن الْإِقَامَة مِمَّا يَمْتَد فَتكون مقدرَة بِالْوَقْتِ. وتحديد الْأَوْقَات كالتوقيت. و {كتابا موقوتا} : أَي مَفْرُوضًا فِي الْأَوْقَات.
الوُصلة، بِالضَّمِّ: الِاتِّصَال، وكل مَا اتَّصل بِشَيْء فَمَا بَينهمَا وُصْلة وَالْجمع (وُصَل) ك (صُرَد) .
وَلَيْلَة الْوَصْل: آخر ليَالِي الشَّهْر.
وحرف الْوَصْل: هُوَ الَّذِي يكون بعد الروي سمي بِهِ لِأَنَّهُ وصل حَرَكَة حرف الروي.
الويل: كلمة دُعَاء بِالْهَلَاكِ وَالْعَذَاب، وَهِي فِي الأَصْل مصدر لم يسْتَعْمل لَهُ فعل، يُقَال: ويل لزيد، وويلاً لَهُ بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء وَالنّصب بإضمار الْفِعْل، وَأما إِذا أضيف فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا النصب، يُقَال: ويلاً لمن وَقع فِيهِ، وويل فلَان أَي: الخزي لَهُ.
وويس: استصغار.
وويح: ترحم.
وويه، تندم وتعجب.
الْوَاسِع: هُوَ ضد الضّيق. وَفِي الْأَسْمَاء الْحسنى(1/945)
بِمَعْنى الْعَطاء الَّذِي يسع لما يسْأَل، وَالْمُحِيط بِكُل شَيْء، وَالَّذِي وسع رزقه جَمِيع خلقه وَرَحمته كل شَيْء، وَيُقَال: وسعت رَحْمَة الله كل شَيْء، وَلكُل شَيْء، وعَلى كل شَيْء.
والوسع رَاجع إِلَى الْفَاعِل والإمكان إِلَى الْمحل، وَقد يكونَانِ مترادفين بِحَسب مُقْتَضى الْمقَام.
الْوَارِث: الْبَاقِي بعد فنَاء الْخلق " واجعله الْوَارِث مني ": أَي أبقه معي حَتَّى أَمُوت.
وَالْوَارِث أَيْضا خلاف المنتمي إِلَى الْمَيِّت الْحَقِيقِيّ اَوْ الْحكمِي بِنسَب أَو حَقِيقَة أَو حكما فِي مَاله وَحقه الْقَابِل للخلافة بعد مَوته أَو فِي آخر عمره أَو مَعَ مَوته.
والوراثة أقوى لفظ مُسْتَعْمل فِي التَّمْلِيك والاستحقاق من حَيْثُ إِنَّهَا لَا تعقب بِفَسْخ وَلَا استرجاع وَلَا تبطل بردة وَلَا إِسْقَاط.
وَورث يتَعَدَّى ب (من) مثل: {يَرث من آل يَعْقُوب} . وبنفسه إِلَى مفعول وَاحِد، مثل: {يَرِثنِي} ، وَإِلَى مفعولين مثل: (وَرثهُ مَالا) .
الْوضُوء، بِالضَّمِّ: مصدر، وبالفتح: المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ [وَهُوَ لَيْسَ بِعبَادة مَقْصُودَة، بل هُوَ شَرط للصَّلَاة، وَلَا يُمكن أَن يكون شَيْء من أَجْزَائِهِ وَاجِبا بِعَيْنِه بِمَعْنى أَنه يَأْثَم تَاركه بل لأجل الصَّلَاة بِمَعْنى أَنه لَا تجوز الصَّلَاة إِلَّا بِهِ] .
تعبّدَ بِهِ قبل الْهِجْرَة وَالتَّيَمُّم بعْدهَا. وَالْحكمَة فِي نزُول آيَة الْوضُوء مَعَ تقدم الْعَمَل بِهِ ليَكُون فَرْضه
متلواً بالتنزيل.
الْوزان، بِالْكَسْرِ: فِي الأَصْل مصدر وازن، وَقد يُطلق على مَا يُوزن بِهِ، وَهُوَ مُخْتَار السَّيِّد. وَقد يُطلق على النظير بِاعْتِبَار كَون الْمصدر بِمَعْنى الْفَاعِل، وَقد يُطلق على مرتبَة الشَّيْء إِذا كَانَ مُتَسَاوِيا.
وَفِي قَوْلهم: (وزان هَذَا وزان ذَاك) نوع خَفَاء كَمَا فِي اسْتِعْمَال (يحذي بهَا حَذْو فلَان) بِالْيَاءِ:
(والوَزْنَ حَقُّ وهُمَا عَدْلان ... والحِرصُ يُعْقِبُه الحِرمان)
وَالْوَزْن مظروف وَالْمِيزَان ظرف، وَذكر الْمِيزَان بِلَفْظ الْمُفْرد فِي النّظم اعْتِبَارا بالمحاسب، وبلفظ الْجمع اعْتِبَارا بالمحاسبين.
الْوتر، وَيفتح: الْفَرد، أَو مَا لم يشفع من الْعدَد.
والوتيرة: الطَّرِيقَة.
الوَقْر، بِالْفَتْح: الثّقل فِي الْأذن: وبالكسر: حمل البغال وَالْحمير.
والوِسْق: حِمْل الْبَعِير.
الْوَسِيلَة: التوسل إِلَى الشَّيْء برغبة أخص من (الوصيلة) لتضمنها معنى الرَّغْبَة.
الوليدة: هِيَ مُخْتَصَّة بالإماء على عَامَّة كَلَامهم.
واللِّدَة: مُخْتَصَّة بالأتراب يُقَال: (فلَان لِدَة فلَان وتِرْبُه) .
الوَقود: بِالْفَتْح: مَا يُوقد بِهِ النَّار. وبالضم(1/946)
التهابها وَهُوَ مصدر، وَالْأول اسْم.
يُقَال للحطب المشتعل نَارا وقود وبدونها حطب [قَالَ سِيبَوَيْهٍ رَحمَه الله: الْوقُود (بِالضَّمِّ) فِي الْمصدر أَكثر مِنْهُ بِالْفَتْح، وَأما الْحَطب فبالفتح وَحده، وَنَظِيره الطّهُور وَالْوُضُوء] .
الْوَجِيز: هُوَ مَا قل لَفظه وَكثر مَعْنَاهُ.
والبسيط: مَا كثر لَفظه وَمَعْنَاهُ.
الوبال: الضَّرَر، وَأَصله الثّقل، وَمِنْه الوبيل لطعام مثقل على الْمعدة.
والوابل: الْمَطَر الثقيل القطار.
الوِزْر: الذَّنب، والوزير إِمَّا من الوِزر لِأَنَّهُ يحمل الثّقل عَن أميره، أَو من الوَزَر وَهُوَ الملجأ لِأَن الْأَمِير يعتصم بِرَأْيهِ ويلتجئ إِلَيْهِ فِي أُمُوره
الْوَكِيل: اسْم للتوكيل فِي (وكلته لكذا) إِذا فوض إِلَيْهِ ذَلِك، وَهُوَ إِظْهَار الْعَجز والاعتماد على الْغَيْر. وَالِاسْم: التكلان؟ وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول لِأَنَّهُ موكول إِلَيْهِ الْأَمر أَي: مفوض إِلَيْهِ.
وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء: عبارَة عَن إِقَامَة الْإِنْسَان غَيره مقَام نَفسه فِي تصرف مَعْلُوم، وَقَوْلهمْ: الْوكَالَة حفظ، وَالْوَكِيل حفيظ مجَاز بعلاقة السَّبَبِيَّة. وَيُطلق الْوَكِيل على الْجمع والمؤنث.
[وَحَدِيث: " مَنْ طلب الْقَضَاء وُكِلَ إِلَى نَفسه، وَمن أُجبر عَلَيْهِ نزل عَلَيْهِ مَلَكٌ يسدده "؛ (وُكِل
فِيهِ) بِالتَّخْفِيفِ. أَي فوض أمره إِلَيْهِ] .
الوله، محركة: الْحزن، أَو ذهَاب الْعقل حزنا، والحيرة، وَالْخَوْف.
والوَلْهان: شَيْطَان يغري بِكَثْرَة صب المَاء فِي الْوضُوء.
الْوَجْه: هُوَ مُسْتَقْبل كل شَيْء وَنَفس الشي.
وَمن الدَّهْر أَوله.
وَمن النَّجْم مَا بدا لَك مِنْهُ.
وَمن الْكَلَام السَّبِيل الْمَقْصُود.
وَسيد الْقَوْم.
وَالْقَصْد وَالنِّيَّة: {إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} .
والمَرضاة: {إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله} .
قَالَ السَّيِّد السَّنَد: الْوَجْه وضع فِي اللُّغَة للجارحة الْمَخْصُوصَة حَقِيقَة، وَلَا يجوز إرادتها فِي حَقه تَعَالَى، وَلم يوضع لصفة أُخْرَى مَجْهُولَة لنا، بل لَا يجوز وَضعه لما لَا يتعقله الْمُخَاطب، إِذْ الْمَقْصُود من الأوضاع تفهيم الْمعَانِي فَتعين الْمجَاز والتجوز عَمَّا يعقل وَيثبت بِالدَّلِيلِ مُتَعَيّن إِلَّا أَن من فوض تَفْصِيل التَّأْوِيل إِلَى الله وَهُوَ أَكثر السّلف وَأكْثر أَصْحَابنَا يَقُول فِي المجازات كَثْرَة وَلَا قَاطع فِي التَّعْيِين، فيفوض تعْيين ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى.(1/947)
الْوُرُود: ورد فِي المَاء وروداً، وَورد عَلَيْهِ الْكتاب: وصل إِلَيْهِ. وَورد الرجل: أَتَى بِنَفسِهِ وَأوردهُ غَيره: أَتَى بِهِ.
الوضوح: هُوَ فَوق الظُّهُور.
الوثبة: هِيَ من فَوق.
والطفرة: إِلَى فَوق.
[الْوَفَاء: هُوَ الْقيام بِمُقْتَضى الْعَهْد، وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِيفَاء، فِيهِ مُبَالغَة لَيست فِي الْوَفَاء] .
وَيْكَأنَّ [الله: ألم تَرَ أَن الله] هِيَ كلمة مستعملة عِنْد التَّنْبِيه للخطأ وَإِظْهَار التندم [وَيُقَال: وَيْك بِمَعْنى وَيْلَك، فحذفت فِيهِ اللَّام، وَأَن مَنْصُوبَة بإضمار اعْلَم، وَيُقَال: وَيْ مفصولة من (كَأَن) مَعْنَاهَا التَّعَجُّب كَمَا تَقول: وي لم فعلت ذَلِك. وَكَأن مَعْنَاهَا أَظن ذَلِك وأقدره] .
واهاً: هِيَ كلمة تعجب فِي طيب شَيْء، قَالَ:
(واهاً لِرَيَّا ثمَّ واهاً واها ... يَا لَيْت عينيها لنا وَفاها)
وَكلمَة تلهف أَيْضا وَيتْرك تنوينه.
وويه، بِكَسْر الْهَاء: كلمة إغراء.
وَكَذَا ويها: وَيكون للْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث.
وصّى: هُوَ لَا يكون إِلَّا لمرات كَثِيرَة.
وَأوصى: يصدق بالمرة الْوَاحِدَة.
[نوع]
( {لَا وزر} : لَا ملْجأ) .
{وَمَا وسق} : وَمَا جمع وَمَا ستر.
{الْوَدُود} : الْمُحب لمن أطَاع.
{ووالد} : آدم أَو إِبْرَاهِيم.
{وَمَا ولد} : ذُريَّته، أَو مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
{وزرك} : عبأك الثقيل.
{فوسطن} : فتوسطن.
{لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} : قدر طاقتها، [أَو إِلَّا مَا تسعه قدرتها، وَهُوَ يدل على عدم وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لَا على امْتِنَاعه وَإِلَّا لما سُئِلَ التَّخَلُّص بعده] .
{إِذا وَقب} : دخل ظلامه كل شَيْء.
{الوَسْوَاس} : الوسوسة.
{أُذُنٌ واعِيَة} : من شَأْنهَا أَن تحفظ مَا يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فِيهِ وَالْعَمَل(1/948)
بِمُوجبِه.
{وقارا} : توقيراً أَي تَعْظِيمًا.
{لَوَلَّيْت} : لهربت.
{وهاجا} : متلألئاً واقداً.
{أَشد وطأ} : كلفة أَو ثبات قدم.
{قُلُوبهم وَجلة} : خَائِفين [خافضين] .
{وجلت قُلُوبهم} : فَرِقَت.
{وبيلا} شَدِيدا لَيْسَ لَهُ ملْجأ.
{جَزَاء وفَاقا} : وَافَقت أَعْمَالهم.
{وبال أمره} : ثقَل فعله.
{مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} مَا تَركك (وَمَا أبغضك) [وَمَا قَطعك قطع الْمُودع] .
{وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} : الْحَاجة.
الوراء: عَن ابْن عَبَّاس: ولد الْوَلَد.
{وليجة} : بِطانة بلغَة كنَانَة.
{واجفة} : [شَدِيدَة الِاضْطِرَاب أَو]
خائفة بلغَة كنَانَة.
{بالوَصيد} : بِفنَاء الْكَهْف.
{ [أُمَّة] وسَطا} : أَي عدلا.
{وَلاَ وَصِيلة} : الشَّاة [كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة] إِذا نتجت سَبْعَة أبطن نظرُوا إِلَى السَّابِع [فَإِن كَانَت أُنْثَى اشْترك فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِن كَانَت ذكرا فَهُوَ لآلتهم، وَإِن كَانَت أُنْثَى وذكراً فِي بطن استحيوهما: وَقَالُوا وصيلة أُخْته فَحرمت علينا] .
{فَقَدْ وَقَع أجْرَهُ عَلَى الله} : فقد ثَبت أجره عِنْد الله ثُبُوت الْأَمر الْوَاجِب.
{أمَّنْ يكُونُ عَلَيْهِمْ وكِيلاً} : محامياً يحميهم [من الشَّيْطَان] .
{إِلَّا وَارِدُها} : إِلَّا واصلها وحاضر دونهَا.
{وَوَحْيِنَا} : أمرنَا وتعليمنا.
{وَقْرَاً} : أَي ثقل وصمم.(1/949)
{وَاقع بهم} : سَاقِط عَلَيْهِم.
{مَا ووري عَنْهُمَا} : مَا غطي عَنْهُمَا من عوراتهما.
{فوكزه} : فَضرب القبطيَّ بِجمع كَفه.
{قضى زيد مِنْهَا وطرا} : حَاجَة.
{واصبا} : لَازِما.
{بورقكم} : الوَرِق: الْفضة (مَضْرُوبَة كَانَت أَو غَيرهَا) .
{وَفْدًا} : أَي ركباناً [على الْإِبِل] .
{وردا} : عطاشاً.
{وَجَبت جنوبها} : سَقَطت على الأَرْض وَهُوَ كِنَايَة عَن الْمَوْت.
{فترى الودق} : الْمَطَر.
{وَالْأَرْض وَضعهَا} : خفضها مدحوة.
{وَرْدَةً} : أَي حَمْرَاء كالورد.
{ووضعنا عَنْك} : وحططنا [عَنْك] .
{لقطعنا مِنْهُ الوتين} : أَي نِيَاط قلبه
بِضَرْب عُنُقه.
{فويل} : أَي تحسر وتهلك.
{وَاسع} : جواد يسع لما يسْأَل أَو مُحِيط بِكُل شَيْء.
{وجيها} : ذَا جاه وَقدر فِي الدُّنْيَا بِالنُّبُوَّةِ وَالْآخِرَة بالمنزلة عِنْد الله.
{وجدكم} : سعتكم ومقدرتكم. من (الْجدّة) .
{وَجهه} : قبْلَة أَو جِهَة.
{فَتكون للشَّيْطَان وليا} : قريناً فِي اللَّعْن أَو الْعَذَاب تليه ويليك (أَو ثَابتا فِي موالاته) .
{مِنْ وَاق} : من حَافظ.
[ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} : وفَّى وَأتم مَا الْتَزمهُ أَو أَمر بِهِ أَو بَالغ فِي الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ الله، وَعَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سمي وفيّاً لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول كلما أصبح وَأمسى: {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} حَتَّى ختم الْآيَة.(1/950)
{مَا ولاهم} : صرفهم وحَوَّلَهم.
{وَهن الْعظم مني} : ضعف.
{سيجزيهم وَصفهم} : أَي جَزَاء وَصفهم الْكَذِب على الله يَعْنِي يعاقبهم بكذبهم.
{ودوا} : تمنوا.
{ودا} : صنم لكَلْب.
{وَكيل} : كَفِيل، وَيُقَال: كَاف.
{هُنَاكَ الوَلاية لله} : أَي الربوبية.
{من وَال} : من ولي.
{وصلنا لَهُم القَوْل} : أتبعنا بعضه بَعْضًا فاتصل عِنْده.
{وَهنا على وَهن} : ضعفا على ضعف.
{آمنُوا وَجه النَّهَار} : أَي أول النَّهَار.
{اقتت} وأقتت بِمَعْنى جمعت.
{الْوَقْت} : وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة.
{ولدان} : صبيان] .
فصل الْهَاء
[الهنيء] : كل أَمر يَأْتِيك من غير مشقة وَلَا تَعب فَهُوَ هنيء.
[هاج] : كل شَيْء يثور للضَّرَر يُقَال لَهُ هاج،
ومصدره هيج، ومصدر هاج الْفَحْل: الْهياج.
[الهَشيم] : كل شَيْء كَانَ رطبا فيبس تسميه الْعَرَب هشيماً.
[الْهَوَاء] : كل أجوف خَال فالعرب تسميه هَوَاء. وكل خرق مَمْدُود بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَهُوَ الْهَوَاء أَيْضا.
وَأما {أفئدتهم هَوَاء} فَهُوَ بِمَعْنى أَنَّهَا صِفْر من الْخَيْر.
[الهَدْي] : كل مَا أهدي إِلَى بَيت الله من نَاقَة أَو بقرة أَو شَاة فَهُوَ هَدْي.
[الهامة] : كل ذِي سُمٍّ يقتل فَهُوَ هَامة، وَالْجمع هوَام.
[الْهَاتِف] : كل مُتَكَلم خَفِي عَن الْأَبْصَار عين كَلَامه فَهُوَ هَاتِف.
[الهيولى] : كل جسم يعْمل مِنْهُ الصَّانِع وَفِيه صَنْعَة كالخشب للنجارين وَالْحَدِيد للحدادين وَنَحْو ذَلِك فَذَلِك الْجِسْم هُوَ الهيولى، كَذَلِك الشَّيْء الْمَصْنُوع.
الْهَاء: هَاء الْإِفْرَاد هِيَ الَّتِي يُمَيّز بهَا الْوَاحِد من جنس، فَإِذا لم يتَمَيَّز بل دخلت فِي مُقَابلَة الذّكر(1/951)
فَهِيَ للتأنيث كَالْمَرْأَةِ فِي مُقَابلَة الْمَرْء، والحمارة فِي مُقَابلَة الْحمار، والنائمة فِي مُقَابلَة النَّائِم.
وَالْهَاء المفردة تكون اسْما ضميراً نَحْو: (ضَربته ومررت بِهِ) ، وحرفاً فِي (إِيَّاه) ، وَفعل أَمر من (وهى يهي) .
[هَاء: أَي خُذ] .
وَتَكون للاستراحة وَهِي تثبت فِي الْوَقْف دون الْوَصْل نَحْو: (كتابِيَه ولِمَه) .
وللتأنيث وَالْجمع وَالْمُبَالغَة وَالْكَثْرَة والمرَّة وَالْوَقْف على الْأَمر.
وَقد يُرَاد بِالْهَاءِ الْحَرْف الدَّال على التَّأْنِيث غير الْألف بطرِيق عُمُوم الْمجَاز، والقرينة شهرة اسْتِعْمَال الْهَاء بِهَذَا الْمَعْنى عِنْدهم، أَعنِي الْعرف الْخَاص، كَمَا أَن الْقَرِينَة فِي (لَا أَضَع قدمي دَار فلَان) الْعرف الْعَام.
وَألف (هَاء) مُجَرّدَة عَن كَاف الْخطاب ممدودة وَلَا تقصر إِلَّا إِذا اتَّصَلت بهَا كَاف الْخطاب فَيُقَال: هاك.
و (هَات) للْوَاحِد الْمُذكر، و (هاتوا) للْجمع.
وَيُقَال: (هَاء يَا رجل) و (هَاء يَا امْرَأَة) و (هَاء يَا رجلَانِ أَو يَا امْرَأَتَانِ) و (هاؤم يَا رجال) و (هاؤُنَّ يَا نسْوَة) .
وَيُقَال: (هَؤُلَاءِ غَرِيب) وَلَا يُقَال (هَذَانِ غَرِيب) لِأَن (فعيلاً) وَإِن صَحَّ إِطْلَاقه على الْجمع لَكِن لم يَصح إِطْلَاقه على الْمثنى.
و (هَاء) بِالْمدِّ وَفتح الْهمزَة وَهُوَ الصَّوَاب. أَصْلهَا (هاك) بِمَعْنى خُذ فحذفت الْكَاف وعوَّض عَنْهَا
الْمَدّ والهمزة.
[وأصل (هَا أَنْتُم) هَا تَنْبِيه أَو آأنتم فقلبت الْهمزَة الأولى هَاء.
وأصل (هَؤُلَاءِ) (أولاء) دخلت عَلَيْهِ هَاء التَّنْبِيه] .
و (هاه) كلمة تَنْبِيه ألحقت بآخرها هَاء السكت.
و (هَاء) ، بِالسُّكُونِ: كلمة دهشة وحيرة.
و (هَا) : يكون زجرا لِلْإِبِلِ وَدُعَاء لَهَا.
وَيَقُولُونَ: الْقَوْم الَّذين هم هم أَي: هم الأخيار والأشراف. وَقد يَجِيء للذم.
الْهِدَايَة هِيَ عِنْد أهل الْحق الدّلَالَة على طَرِيق من شَأْنه الإيصال سَوَاء حصل الْوُصُول بِالْفِعْلِ فِي وَقت الاهتداء أَو لم يحصل. وَعند صَاحب " الْكَشَّاف " لَا بُد من الإيصال الْبَتَّةَ لِأَن الضَّلَالَة تقَابلهَا، فَلَو كَانَت الْهِدَايَة مُجَرّد الدّلَالَة لأمكن اجْتِمَاعهمَا بالضلالة الَّتِي هِيَ فقدان الْمَطْلُوب، وَلِأَن الْمهْدي يسْتَعْمل فِي مقَام الْمَدْح كالمهتدي فَلَو لم يعْتَبر فِي مَفْهُوم الْمهْدي حُصُول الْمَطْلُوب كَمَا اعْتبر فِي الْمُهْتَدي لم يكن مدحاً، وَلِأَن (اهْتَدَى) مُطَاوع (هدى) ومطاوع الشَّيْء لَا يكون مُخَالفا لَهُ فِي أصل الْمَعْنى.
[وَالْجَوَاب عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَونه مُقَابل الضلال فِي قَوْله تَعَالَى: {لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} أَن تقيد بالموصلة إِلَى البغية. لِأَن الْأَخَص تَحت الْأَعَمّ فَيُقَال (مهْدي) لمن لَهُ التَّمَكُّن إِلَى الْوُصُول، وَقد قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَأما ثَمُود فهديناهم} فالحمل على الْمجَاز(1/952)
بِقَرِينَة {فاستحبوا الْعَمى على الْهدى} لَيْسَ بِشَيْء] .
وَقد أجَاب الْفَخر الرَّازِيّ بِأَن الْهِدَايَة لَا تقَابل إِلَّا الضلال الَّذِي هُوَ ترك الدّلَالَة على مَا يُوصل إِلَى الْمَطْلُوب، وَاسْتِعْمَال الْمهْدي فِي مقَام الْمَدْح مَبْنِيّ على أَن الْهِدَايَة إِذا لم يَتَرَتَّب عَلَيْهَا فائدتها كَانَت كَأَن لم تكن، فَلم يسْتَعْمل فِي مقَام الْمَدْح إِلَّا مَا ترَتّب عَلَيْهَا فائدتها. وَهَذَا من بَاب تَنْزِيل الشَّيْء العديم النَّفْع منزلَة الْمَعْدُوم، والمطاوع قد يُخَالف معنى الأَصْل كَمَا فِي (أَمرته فَلم يأتمر) .
ثمَّ إِن الْهَدِيَّة لَا نزاع فِي أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي كلا الْمَعْنيين: مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ وَهُوَ مَذْهَب الأشاعرة، وَمَعْنَاهَا الشَّرْعِيّ وَهُوَ مَذْهَب الْمُعْتَزلَة، وَعَلِيهِ أَكثر استعمالات الشَّرْع، لَكِن الْكَلَام فِي أَنَّهَا حَقِيقَة فيهمَا أَو فِي أَحدهمَا أَو فِي أَيهمَا.
وتتضمن الْهِدَايَة مَعَاني بَعْضهَا يَقْتَضِي التَّعْدِيَة بِنَفسِهِ، وَبَعضهَا بِاللَّامِ، وَبَعضهَا بإلى، وَذَلِكَ بِحَسب اشتمالها على إِرَادَة الطَّرِيق وَالْإِشَارَة إِلَيْهَا وتلويح السالك لَهَا. فبملاحظة الْإِرَادَة يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وبملاحظة الْإِشَارَة يتَعَدَّى بإلى، وبملاحظة التَّلْوِيح يتَعَدَّى بِاللَّامِ. وَفِي حذف أَدَاة التَّعْدِيَة إِخْرَاج لَهُ مخرج الْمُتَعَدِّي إِلَى المفعولين بِالذَّاتِ.
فِي " الأساس ": يُقَال: هداه للسبيل وَإِلَى
السَّبِيل والسبيل هِدَايَة وَهدى، وَظَاهره عدم الْفرق بَين الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ وبحرف، وَالْفرق ظَاهر فَإِن (هداه لكذا أَو إِلَى كَذَا) إِنَّمَا يُقَال إِذا لم يكن فِي ذَلِك فيصل بالهداية إِلَيْهِ. و (هداه كَذَا) إِنَّمَا يُقَال لمن يكون فِيهِ فَيَزْدَاد وَيثبت، وَلمن لَا يكون فِيهِ فيصل، وَمَا قيل: إِن الْمُتَعَدِّي بِغَيْر وَاسِطَة مَعْنَاهُ إذهابٌ إِلَى الْمَقْصُود وإيصال إِلَيْهِ فَلَا يسند إِلَّا إِلَى الله تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {لنهدينهم سبلنا} .
ومنعى اللَّازِم إراءة الطَّرِيق فيسند إِلَى غَيره تَعَالَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} ، {إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم} كل ذَلِك منقوض بقوله تَعَالَى: {فاتبعني أهدك صراطا سويا} وَقَوله: {يَا قوم اتبعون أهدكم سَبِيل الرشاد} وَنَحْوهمَا.
[وَفِي ابْن الْهمام: (هدَاه إِلَى الطَّرِيق) إِذا أعلمهُ أَن الطَّرِيق فِي نَاحيَة كَذَا. و (هداه للطريق) إِذا ذهب بِهِ إِلَى رَأس الطَّرِيق. و (هداه الطَّرِيق) إِذا أدخلهُ فِيهِ وَسَار مَعَه حَتَّى بلغا الْمَقْصد] .
ثمَّ إِن فعل الْهِدَايَة مَتى عدّي بإلى تضمن الإيصال إِلَى الْغَايَة الْمَطْلُوبَة فَأتي بِحرف الْغَايَة، وَمَتى عُدِّي بِاللَّامِ تضمن التَّخْصِيص بالشَّيْء الْمَطْلُوب فَأتي بِاللَّامِ الدَّاخِلَة على الِاخْتِصَاص والتعين، وَإِذا تعدى بِنَفسِهِ تضمن الْمَعْنى الْجَامِع لذَلِك كُله(1/953)
وَهُوَ التَّعْرِيف وَالْبَيَان والإلهام. قيل: خص مَا كَانَ دلَالَة بفعلت نَحْو (هديته الطَّرِيق) ، وَمَا كَانَ إِعْطَاء بأهديت نَحْو (أهديته الطَّرِيق) ، وَأما {فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم} فعلى طَريقَة التهكم كَقَوْلِه: {فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} .
[وَالْهدى اسْم يَقع على الْإِيمَان والشرائع كلهَا إِذْ الاهتداء إِنَّمَا يَقع بهَا كلهَا] .
و {إِن الْهدى هدى الله} أَي: الدّين.
{وَيزِيد الله الَّذين اهتدوا هدى} أَي: إِيمَانًا.
(وَالدُّعَاء نَحْو: {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا} {وَلكُل قوم هاد} [أَي دَاع] .
وَالرسل والكتب نَحْو: {فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى} ، {وَلَقَد جَاءَهُم من رَبهم الْهدى} ، {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْهدى} .
والمعرفة نَحْو: {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} .
والاسترجاع نَحْو: {وَأُولَئِكَ هم المهتدون} .
والتوحيد نَحْو: {إِن نتبع الْهدى مَعَك} ،
وَنَحْو: {أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى} .
وَالسّنة نَحْو: {فبهداهم اقتده} .
والإصلاح نَحْو: {أَن الله لَا يهدي كيد الخائنين} .
والإلهام نَحْو: {أعْطَى كلَّ شَيءْ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} : أَي الهمهم المعاش.
وَالتَّوْبَة نَحْو: {إِنَّا هدنا إِلَيْك} .
والإرشاد نَحْو: {أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل} . وَالْحجّة نَحْو: {إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} أَي: لَا يهْدِيهم حجَّة بِدَلِيل مَا قبله.
قَالَ بَعضهم: هِدَايَة الله للْإنْسَان على أَرْبَعَة أوجه.
الأول: الْهِدَايَة الَّتِي تعم كل مُكَلّف من الْعقل والفطنة والمعارف الَّتِي عَم بهَا كل شَيْء وَقدر مِنْهُ حسب احْتِمَاله.
وَالثَّانِي: الْهِدَايَة الَّتِي جعل للنَّاس بدعائه تَعَالَى إيَّاهُم على أَلْسِنَة الْأَنْبِيَاء وإنزال الْقُرْآن وَنَحْو ذَلِك.
وَالثَّالِث: التَّوْفِيق الَّذِي يخْتَص بِهِ من اهْتَدَى.(1/954)
وَالرَّابِع: الْهِدَايَة فِي الْآخِرَة إِلَى الْجنَّة.
وَإِلَى الأول أَشَارَ بقوله: {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} .
وَإِلَى سَائِر الهدايات أَشَارَ بقوله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} نعم إِلَّا أَن الْمَنْفِيّ هَهُنَا هِيَ الدّلَالَة حَقِيقَة على حد قَوْله: {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} ، أَو بِلَا وَاسِطَة على أَن يكون المُرَاد ب (مَن) جَمِيع الْأمة وَإِن ثَبت نُزُولهَا فِي أبي طَالب إِذْ الْعبْرَة عندنَا بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب.
وكل هِدَايَة ذكر الله تَعَالَى أَنه منع الظَّالِمين والكافرين مِنْهَا فَهِيَ الْهِدَايَة الثَّالِثَة الَّتِي هِيَ التَّوْفِيق الَّذِي يخْتَص بالمهتدين، وَالرَّابِعَة الَّتِي هِيَ الثَّوَاب فِي الْآخِرَة وَإِدْخَال الْجنَّة.
وكل هِدَايَة نفاها عَن النَّبِي والبشر وَذكر أَنهم غير قَادِرين عَلَيْهَا فَهِيَ مَا عدا الْمُخْتَص بِهِ من الدُّعَاء وتعريف الطَّرِيق، وَكَذَلِكَ إِعْطَاء الْعقل والتوفيق وَإِدْخَال الْجنَّة.
ثمَّ إِن هِدَايَة الله مَعَ تنوعها على أَنْوَاع لَا تكَاد تَنْحَصِر فِي أَجنَاس مترتبة: مِنْهَا أَنْفُسية كإضافة القوى الطبيعية والحيوانية والقوى المدركة والمشاعر الظَّاهِرَة والباطنة، وَمِنْهَا آفاقية فإمَّا تكوينية معربة عَن الْحق بِلِسَان الْحَال وَهِي نصب
الْأَدِلَّة المودعة فِي كل فَرد من أَفْرَاد الْعَالم، وَإِمَّا تنزيلية مفصحة عَن تفاصيل الْأَحْكَام النظرية والعملية بِلِسَان الْمقَال بإرسال الرُّسُل وإنزال الْكتب، وَمِنْهَا الْهِدَايَة الْخَاصَّة وَهِي كشف الْأَسْرَار على قلب الْمهْدي بِالْوَحْي والإلهام.
[وَقَوله تَعَالَى: {ربُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَه ثُم هَدى} للحيوانات. وَقَوله: {وهديناه النجدين} للعقلاء. وَقَوله: {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا} للخواص؛ وَقَوله: {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده} للأخص] .
(وَالْهدى يُطلق على التَّوْحِيد وَالتَّقْدِيس، وَيُطلق على مَا لَا يعرف إِلَّا بِلِسَان الْأَنْبِيَاء من الْفِعْل وَالتّرْك، ثمَّ إِنَّه يُطلق على الْكل وَيُطلق على الْجُزْء) .
الهيولى: هُوَ جَوْهَر بسيط لَا يتم وجوده بِالْفِعْلِ دون وجود مَا حل فِيهِ. وَعَن ابْن القطاع: اليهولى الْقطن. وَشبه الْأَوَائِل طِينَة الْعَالم بِهِ. وَهُوَ فِي اصطلاحهم مَوْصُوف بِمَا وصف أهل تَوْحِيد الله بِأَنَّهُ مَوْجُود بِلَا كمية وَلَا كَيْفيَّة وَلم يقْتَرن بِهِ شَيْء من سمات الْحُدُوث ثمَّ حلت بِهِ الصّفة واعترضت بِهِ الْأَعْرَاض فَحدث مِنْهُ الْعَالم.
قَالَ بَعضهم: الهيولى مَعْدُوم بالعَرض مَوْجُودا(1/955)
بِالذَّاتِ. والمعدوم مَعْدُوم بِالذَّاتِ مَوْجُود بالعرَض إِذْ يكون وجوده فِي الْعقل على الْوَجْه الَّذِي يُقَال إِنَّه مُتَصَوّر فِي الْعقل، والهيولى مَحل لجوهر، والموضوع مَحل لعرض مَا لصورة.
وهيولى الصَّانِع وَيُسمى الطبيعة هِيَ العناصر الْأَرْبَعَة.
وهيولى الْكل هِيَ الْجِسْم الْمُطلق الَّذِي يحصل مِنْهُ جملَة الْعَالم الجسماني، أَعنِي الأفلاك وَالْكَوَاكِب والأركان الْأَرْبَعَة والمواليد الثَّلَاثَة.
[والهيولى الأولى يَسْتَحِيل خلوها عَن الصُّور كلهَا إِلَّا أَنَّهَا فِي حد ذَاتهَا خَالِيَة عَنْهَا، أَي لَيست مأخذوة مَعَ شَيْء مِنْهَا، والهيولى الثَّانِيَة كالجسم الْمُطلق للوسائط والعنصر للمواليد وَلَيْسَت خَالِيَة عَن الصُّور كلهَا] .
وَاخْتلف الْقَوْم فِي اليهولى الأولى وَهُوَ الْجَوْهَر الْبَسِيط الَّذِي لَا يتم وجوده بِالْفِعْلِ بِدُونِ وجود مَا حل فِيهِ، فَذهب المتكلمون وَطَائِفَة من الْحُكَمَاء الْمُتَقَدِّمين كأفلاطون إِلَى أَنَّهَا غير متحققة بل الْجِسْم إِمَّا مركب من الْجُزْء كَمَا هُوَ مَذْهَب المليين أَو نفس الامتداد الْآخِذ فِي الْجِهَات كَمَا هُوَ مَذْهَب القدماء. وَقَالَ جُمْهُور الفلاسفة: إِنَّهَا متحققة، وَالْغَرَض من إِثْبَات الهيولى نفي الِاخْتِيَار عَن الْبَارِي تَعَالَى، إِذْ لَو ثَبت الهيولى لَا بُد أَن تكون قديمَة (وَهِي لَا تنفك عَن الصُّورَة الجسمية الَّتِي هِيَ عِلّة لوُجُود الهيولى فَلَا بُد أَن تكون الصُّورَة قديمَة) فَيلْزم قدم الصُّورَة النوعية للأجسام بالنوع فَيلْزم قدم أصُول الْعَالم من هَذِه الْأُصُول، وَتُؤَدِّي هَذِه الْأُصُول إِلَى كَون الْوَاجِب مُوجبا
بِالذَّاتِ، وَيُؤَدِّي هَذَا إِلَى نفي حشر الأجساد، وَكثير من أصُول الهندسة مثل إِثْبَات الْكمّ الْمُتَّصِل المتوقف على وجود الهيولى الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا دوَام حَرَكَة السَّمَوَات، وَيلْزم قدم السَّمَاوَات والعناصر، وَيلْزم قدم أصُول حركات السَّمَوَات وَامْتِنَاع الْخرق والالتئام.
الْهمزَة: هِيَ أصل أدوات الِاسْتِفْهَام ترد لطلب التَّصَوُّر تَارَة والتصديق أُخْرَى.
و (هَل) هِيَ للتصديق خَاصَّة، وَسَائِر الأدوات للتصور خَاصَّة.
وتتقدم الْهمزَة على العاطف تَنْبِيها على أصالتها فِي التصدير، وَسَائِر أخواتها تتأخر عَنهُ كَمَا هُوَ قِيَاس جَمِيع أَجزَاء الْجُمْلَة المعطوفة.
وَالتَّصَرُّف فِي الْهمزَة بِاعْتِبَار اسْتِعْمَالهَا فِي مَوَاضِع استعمالاتها أَكثر من التَّصَرُّف فِي (هَل) .
والهمزة الْمَقْصُودَة لَا تكون إِلَّا لنداء الْقَرِيب، وَمَا عدا ذَلِك من الْحُرُوف يكون لنداء الْقَرِيب والبعيد.
والهمزة قد تكون لإنكار الْوُقُوع كَمَا فِي قَوْلك: (أضَرَب أبي؟) .
وَقد تكون لإنكار الْوَاقِع كَمَا فِي قَوْلك: (أتضرب إباك؟) .
وَتدْخل على (ثمَّ) وَالْفَاء وَالْوَاو من الْحُرُوف العاطفة بِخِلَاف (هَل) لكَونهَا فرع الْهمزَة.
وَقد تدخل همزَة الِاسْتِفْهَام على همزَة الْوَصْل فرقا بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر فتمد كَقَوْلِه تَعَالَى: {آلذكرين حرم} .
وَتدْخل على الْإِثْبَات نَحْو: (أكَانَ للناسِ(1/956)
عَجَبَاً} .
وَالنَّفْي نَحْو: {أَلمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك} .
وَالشّرط نَحْو: {أَفَإِن مت فهم الخالدون} .
وَقد تقع فِي الْقسم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} على قِرَاءَة التَّنْوِين فِي (شَهَادَة) وآلله بِالْمدِّ.
وَتَكون بِمَعْنى (إِن) بِجَامِع استعمالهما فِي غير الْمُتَيَقن كَمَا أَن (أم) يكون بِمَعْنى (أَو) لكَونهَا لأحد الْأَمريْنِ كَمَا فِي {أأنذرتهم أم لم تنذرهم} .
وَقد تخرج عَن الِاسْتِفْهَام الْحَقِيقِيّ فتأتي لمعانٍ كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه.
(وَلَا تكون للسلب إِلَّا فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي، وَكَونهَا للسلب فِي (أفعل) سماعيّ.
والهمز، بِلَا تَاء أَصله النخس وَمِنْه مهماز الرائض) .
هَل: هِيَ لطلب التَّصْدِيق الإيجابي أَي الحكم بالثبوت أَو الانتقاء. يُقَال فِي جَوَاب (هَل قَامَ زيد) : نعم، أَو لَا، لَا لطلب التَّصَوُّر وَلَا للتصديق السلبي فَامْتنعَ (هَل زيد قَامَ أم عَمْرو؟) و (هَل لم يقم زيد؟) .
وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الِاسْتِفْهَام لَا بِمَعْنى أَنَّهَا بِنَفسِهَا عَلَم الِاسْتِفْهَام بل لَا بُد من مُلَاحظَة أَدَاة الِاسْتِفْهَام قبلهَا إِمَّا ملفوظة أَو مقدرَة، وَإِذا ثَبت أحد الْأَمريْنِ وَكَانَ التَّرَدُّد فِي التَّعْيِين فحقيق أَن يسْأَل عَنهُ
بِالْهَمْزَةِ مَعَ (أم) دون (أَو) مَعَ (هَل) فَإِنَّهُ سُؤال عَن أصل الثُّبُوت.
و (هَل) بسيطة إِن طلب بهَا وجود الشَّيْء أَو عَدمه فِي نَفسه نَحْو: (هَل وجد زيد) و (هَل عدم عَمْرو؟) .
ومركبة إِن طلب بهَا وجود الشَّيْء محصلاً أَو معدولاً للشَّيْء الآخر نَحْو: (هَل قَامَ زيد؟) و (هَل زيد لَا قَامَ؟) .
وَالْمرَاد من الْبَسِيط مَا هُوَ أقل جُزْءا، وَهُوَ الْبَسِيط الإضافي لَا الْبَسِيط الْحَقِيقِيّ الَّذِي هُوَ مَا لَا جُزْء لَهُ أصلا.
و (هَل) و (لَو) إِذا كَانَا منفردين يفيدان مُجَرّد معنى التَّمَنِّي على سَبِيل الْمجَاز، وَإِذا ركبا مَعَ (مَا) و (لَا) التزما معنى التَّمَنِّي لَا لإفادته بل ليتولد مِنْهُ التنديم فِي الْمَاضِي والتقديم فِي الْمُسْتَقْبل.
و (هَل) بِمَعْنى (قد) نَحْو: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} .
وَبِمَعْنى (أَلاَ) نَحْو: {هَل أدلكم} .
وَبِمَعْنى (إِن) نَحْو: {هَل فِي ذَلِك قسم لذِي حجر} .
وَبِمَعْنى (بل) نَحْو:
هَل فِي الدَّار أغيار.
وَبِمَعْنى (مَا) النافية نَحْو: {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} .(1/957)
وَبِمَعْنى ألف الِاسْتِفْهَام نَحْو: هَل عنْدك خبر؟
وَبِمَعْنى الْأَمر نَحْو: {هَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} .
وَتَكون اسْم فعل فِي نَحْو. (حَيَّهَل) .
وَفعل أَمر من (وَهل يهل وهلاً)
و (أَلا) و (لَوْلَا) و (لوما) هَذِه الْحُرُوف كلهَا تدل على اللوم وَالتّرْك إِذا دخلت على الْمَاضِي، وعَلى الْحَث والطلب على الْفِعْل إِذا دخلت على الْمُضَارع.
هُوَ: هُوَ عِنْد الْبَصرِيين اسْم بِجَمِيعِ حُرُوفه، وَعند الْكُوفِيّين الْهَاء هِيَ الِاسْم وَالْوَاو إشباع للحركة.
وَلَيْسَ (هُوَ) من الْأَسْمَاء الْحسنى بل هُوَ ضمير يجوز إرجاعه لكل شَيْء، جَوْهَر أَو عرَض، لفظا أَو معنى، إِلَّا أَن بعض الطَّائِفَة يكنون بِهِ عَن الْحَقِيقَة المشهودة لَهُم والنور الْمُطلق المتجلي لسرائرهم من وَرَاء أَسْتَار الجبروت من حَيْثُ هِيَ هِيَ من غير مُلَاحظَة اتصافها بِصفة من صفاتها وَلذَلِك يضعونه مَوضِع الْمَوْصُوف، ويجرون عَلَيْهِ الْأَسْمَاء حَتَّى اسْم الله تَعَالَى.
وَهُوَ فِي بعض الْمحل للْفرق بَين النَّعْت وَالْخَبَر فَقَط كَمَا فِي قَوْلنَا: (زيد هُوَ الْعَالم) وَفِي بعض الْمحل يُفِيد الْحصْر، وَيجوز أَن يكون للرابطة كَمَا هُوَ اصْطِلَاح الْمنطق.
وَلما كَانَ (هُوَ) و (هِيَ) على حرفين قُوِّياً بالحركة، وَكَانَت الفتحة أولى لخفتها، وَإِذا دخلت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَاو الْعَطف أَو فاؤه كنت مُخَيّرا إِن شِئْت أسكنت الْهَاء وَإِن شِئْت أبقيت الْحَرَكَة فشبِّه (فَهِي) ب (كَتِف) و (فَهُو) ب (عَضُد) (فَكَمَا يُقَال فِي (كَتِف) و (عَضُد)
(كَتْف) و (عَضْد) كَذَلِك قَالُوا فِي (فَهِي) (فَهْي) وَفِي (فَهُو) (فَهْو) .
هَذَا: هُوَ إِمَّا مَوْضُوع لمَفْهُوم كلي شَرط اسْتِعْمَاله فِي جزئياته؛ أَو لكل جزئي جزئي، مِنْهُ، وَلَا إِبْهَام فِي هَذَا الْمَفْهُوم الْكُلِّي وَلَا فِي وَاحِد وَاحِد من جزئياته، بل الْإِبْهَام إِنَّمَا ينشأ من تعدد الْمَوْضُوع لَهُ أَو والمستعمل فِيهِ، وَيَرْفَعهُ التوصيف.
و (هَذَا) لِما قَرُب، و (ذَا) لما بَعُد. وهاء (هَذِه) لَيست من قبيل هَاء الضَّمِير بِدَلِيل امْتنَاع جَوَاز الضَّم إِلَيْهَا وَإِنَّمَا هِيَ هَاء التَّأْنِيث مشبهة بهاء التَّذْكِير، ومجراها فِي الصّفة مجْراهَا من حَيْثُ إِنَّهَا كَانَت زَائِدَة وعلامة لمؤنث، كَمَا أَن تِلْكَ زَائِدَة وعلامة لمذكر وَإِنَّمَا كسر مَا قبلهَا.
وهاء التَّأْنِيث لَا يكون مَا قبلهَا إِلَّا مَفْتُوحًا لِأَنَّهَا بدل من يَاء، وَإِنَّمَا أبدلت مِنْهَا الْهَاء للتفرقة بَين (ذِي) الَّتِي بِمَعْنى (صَاحب) وَبَين الَّتِي فِيهَا معنى الْإِشَارَة.
وخولف بَين تثينة المعرب والمبني فِي كلمة (هَذَا) حَيْثُ زيد فِيهِ النُّون فَقَط، وَلم يعْتَبر الْعَرَب والمبني فِي كلمة (الَّذِي) حَيْثُ زيد فِيهِ النُّون وأبقي الْيَاء على حَالهَا فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة.
وَقَوْلهمْ (هَذَا) فِي انْتِهَاء الْكَلَام هُوَ فَاعل فعل مَحْذُوف أَي: مضى هَذَا، أَو مَفْعُوله أَي: خُذ هَذَا، أَو مُبْتَدأ حذف خَبره أَي: هَذَا الَّذِي ذكر على مَا ذكر.
هُنَا: بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف ظرف مَكَان لَا يتَصَرَّف إِلَّا بِالْجَرِّ بِمن وَإِلَى، و (هَا) قبله للتّنْبِيه كَسَائِر أَسمَاء الإشارات، لَا يثنى وَلَا يجمع(1/958)
و (هَنًا) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد للمكان الْحَقِيقِيّ الْحسي لَا يسْتَعْمل فِي غَيره إِلَّا مجَازًا على سَبِيل التَّشْبِيه.
ومراتب الْإِشَارَة ب (هُنَا) كمراتب الْإِشَارَة ب (ذَا) يُقَال: (هُنَا وَهَهُنَا) للقريب، و (هُنَاكَ) للمتوسط، و (هُنَالك) للبعيد من الْمَكَان أَو الْوَقْت إِذْ يستعار ك (ثمَّة) و (حَيْثُ) للزمان و (هَهُنَا) و (هُنَاكَ) مَفْتُوحَة مُشَدّدَة للبعيد.
و (هنّ) ضمير الْجمع الْقَلِيل و (هِيَ) و (هَا) ضمير الْجمع الْكثير وَرُبمَا عكسوها. وَالْعرب تجْعَل ضمير الْجمع الْكثير الْهَاء وَالْألف، وَضمير الْجمع الْقَلِيل الْهَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة كَمَا نطق بِهِ الْقُرْآن. قَالَ الله تَعَالَى: {إِن عدَّةَ الشُّهورِ عنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَر شهرا مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فَلَا تظلموا فيهِنَّ أَنفسكُم} وَاخْتَارَ الْعَرَب أَن ألْحقُوا بِصفة الْجمع الْقَلِيل الْألف وَالتَّاء فَقَالُوا: (أَقمت أَيَّامًا معدودات) و (كسوته أثواباً رفيعات) .
هَيْهَات: اسْم فعل يجوز فِي آخرهَا الْأَحْوَال الثَّلَاثَة كلهَا بتنوين وَبلا تَنْوِين، وتستعمل مكررة ومفردة أَصْلهَا (هيهية) من المضاعف يُقَال: هَيْهَات مَا قلت وَلما قلت، وَلَك وَأَنت.
وَهِي مَوْضُوعَة لاستبعاد الشَّيْء واليأس مِنْهُ، والمتكلم بهَا يخبر عَن اعْتِقَاد استبعاد ذَلِك الشَّيْء الَّذِي يخبر عَن بعده فَكَانَ بِمَنْزِلَة قَوْله: بَعُد جدا، وَمَا أبعده، لَا على أَن يعلم الْمُخَاطب ذَلِك الشَّيْء فِي الْبعد وَكَانَ فِيهِ زِيَادَة على (بَعُد)
وَإِن كُنَّا نفسره بِهِ.
هيت: اسْم فعل مَعْنَاهُ أسْرع وبادر، وَالْعرب لَا تثنيه وَلَا تجمعه وَلَا تؤنثه، بل هِيَ بِصُورَة وَاحِدَة فِي كل حَال.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: (هَيْتَ لَك) وفَاق بَين لُغَة قُرَيْش وَأهل حوران كَمَا اتّفقت لُغَة الْعَرَب وَالروم فِي (القسطاس) ، ولغة الْعَرَب وَالْفرس فِي (سِجّيل) ، ولغة الْعَرَب وَالتّرْك فِي (غَسّاق) ولغة الْعَرَب والحبشة فِي {ناشئة اللَّيْل} [وَمعنى {هيت لَك} أَي هَلُمَّ أَي أقبل إِلَى مَا أَدْعُوك إِلَيْهِ، وقرئت (هِيْتُ لَك) أَي تهيأت لَك] .
(هَا أَنا: كلمة يستعملونها غَالِبا وَفِيه إِدْخَال (هَا) التَّنْبِيه على ضمير الرّفْع الْمُنْفَصِل مَعَ أَن خَبره لَيْسَ اسْم إِشَارَة، وَقد صرح ابْن هِشَام بِعَدَمِ جَوَازه) .
هَلُمَّ: هِيَ مركبة من (هَا) التَّنْبِيه، وَمن (لم) واستعملت اسْتِعْمَال البسيطة، وَهِي اسْم فعل يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد وَالْجمع والتذكير والتأنيث عِنْد الْحِجَازِيِّينَ، وَفعل يؤنث وَيجمع عِنْد بني تَمِيم.
وهَلُمَّ الشَّيْء أَي: قرّبه وأحضره.
وهَلُمَّ إِلَيْنَا بِمَعْنى ائْتِ وتَعالَ، وَلَيْسَ المُرَاد بالإتيان هُنَا الْمَجِيء الْحسي بل الِاسْتِمْرَار على الشَّيْء والمداومة عَلَيْهِ، كَمَا أَن المُرَاد بالانطلاق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم أَن امشوا واصبروا على آلِهَتكُم} لَيْسَ الذّهاب الْحسي(1/959)
بل انطلاق الْأَلْسِنَة بالْكلَام، وَلَا المُرَاد بِالْمَشْيِ الْمَشْي بالأقدام بل المُرَاد الِاسْتِمْرَار والدوام، وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا الطّلب حَقِيقَة أَيْضا وَإِنَّمَا المُرَاد الْخَبَر عبر عَنهُ بِصِيغَة الطّلب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولنحمل خطاياكم} {فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} .
وَلَيْسَ المُرَاد من الْجَرّ الْجَرّ الْحسي بل المُرَاد التَّعْمِيم، فَإِذا قيل (كَانَ ذَلِك عَام كَذَا وهلم جراً) فَكَأَنَّهُ قيل: وَاسْتمرّ ذَلِك بَقِيَّة الأعوام استمراراً فَهُوَ مصدر، وَاسْتمرّ مستمراً فَهُوَ حَال مُؤَكدَة وَذَلِكَ يتمشى فِي جَمِيع الصُّور.
الهجاء: ككساء: هُوَ تقطيع اللَّفْظَة بحروفها.
وَهَذَا على هجاء هَذَا: أَي على شكله، وَهُوَ لفظ مُشْتَرك بَين الذَّم وَبَين النُّطْق بحروف المعجم وَبَين كِتَابَة الْأَلْفَاظ الَّتِي تركبت من تِلْكَ الْحُرُوف.
والهجاء: مصدر (هجوت زيدا) .
والتهجيّ: مصدر (تهجَّيت الْكَلِمَة) .
[وَيُقَال: هجوت الْحُرُوف وهجيتها وتهجيتها: أَي عددتها بأساميها. وَإِذا عددت الْحُرُوف ملفوظة بأنفسها لم يكن ذَلِك تهجياً] .
وَقد وضعُوا للْإنْسَان بِمَا وصف بِهِ أَسمَاء:
فَمَا وصف بِهِ من الشجَاعَة والشدة فِي الْحَرْب وَالصَّبْر فِي مواطنها يُسمى حماسة وبسالة.
وَمَا وصف بِهِ من حسب وكرم وَطيب محتد يُسمى مدحاً وفخراً وتقريظاً.
وَمَا أثني عَلَيْهِ بِشَيْء من ذَلِك مَيتا يُسمى رثاء وتأبيناً.
وَمَا وصف بِهِ من أخلاقه الحميدة يُسمى أدباً.
وَمَا وصف بِهِ من أخلاقه الذميمة يُسمى هجاء.
وَمَا وصف بِهِ النِّسَاء من حسن وجمال وغرام بِهن يُسمى غزلاً ونسيباً.
الْهِبَة: أَصْلهَا من الوهب بتسكين الْهَاء وتحريكها، كَذَلِك فِي كل معتل الْفَاء كالوعد والعِدّة والوعظ والعظة فَكَانَت من المصادر الَّتِي تحذف أوائلها وتعوض فِي آخرهَا التَّاء. وَمَعْنَاهَا إِيصَال الشَّيْء إِلَى الْغَيْر بِمَا يَنْفَعهُ سَوَاء كَانَ مَالا أَو غير مَال، يُقَال، (وهب لَهُ مَالا وَهْباً وهِبَةً) و (وهب الله فلَانا ولدا صَالحا) ، وَيُقَال: (وهبه مَالا) ، وَذكر سِيبَوَيْهٍ أَن (وهب) لَا يتَعَدَّى إِلَّا بِحرف الْجَرّ، وَحكى أَبُو عَمْرو (وَهَبْتُكَه) وَقَالُوا: بِحَذْف اللَّام مِنْهُ، وَجَاء فِي أَحَادِيث كَثِيرَة: (وهبته مِنْك) .
وَسمي الْمَوْهُوب هبة وموهبة وَالْجمع هبات ومواهب.
واتهبه مِنْهُ: قبله.
واستوهبه: طلب الْهِبَة.
وَهِي فِي الشَّرِيعَة تمْلِيك المَال بِلَا اكْتِسَاب عِوَض فِي الْحَال.
الهمّ، بِالْفَتْح: الْحزن والقلق.
والهم يغلظ النَّفس، والحزن يقبضهَا (والكربة أَشد الْحزن وَالْغَم، وَيُقَال: الْكُرْبَة حزن يذيب الْقلب أَي: يحيره ويخرجه عَن أَعمال الْأَعْضَاء) والهم أَيْضا دواعي الْإِنْسَان إِلَى الْفِعْل من خير أَو شَرّ، والدواعي على مَرَاتِب:(1/960)
السانح ثمَّ الخاطر ثمَّ الْفِكر ثمَّ الْإِرَادَة ثمَّ الْهم ثمَّ الْعَزْم. فالهَمّ اجْتِمَاع النَّفس على الْأَمر والإزماع عَلَيْهِ، والعزم هُوَ الْقَصْد على إمضائه، فالهم فَوق الْإِرَادَة دون الْعَزْم وَأول الْعَزِيمَة.
والهم همّان: همٌّ ثَابت وَهُوَ مَا إِذا كَانَ مَعَه عزم وَعقد ورضا مثل هَمِّ امْرَأَة الْعَزِيز، وَالْعَبْد مَأْخُوذ بِهِ. وهمُّ عَارض وَهُوَ الخطرة وَحَدِيث النَّفس من غير اخْتِيَار وَلَا عزم مثل همّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْعَبْد غير مَأْخُوذ بِهِ مَا لم يتَكَلَّم أَو لم يعْمل، لِأَن تصور الْمعاصِي والأخلاق الذميمة لَا يعقاب بِهِ عَلَيْهَا مَا لم تُوجد فِي الْأَعْيَان، وَأما مَا حصل فِي النَّفس حصولاً أَصْلِيًّا وَوجد فِيهَا وجودا عينياً فَإِنَّهُ يُوجب اتصاف النَّفس كالكيفيات النفسانية الردية فقد يُؤَاخذ بهَا لقَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} .
والهِمُّ، بِالْكَسْرِ: الشَّيْخ الفاني.
والهمّام: هُوَ الَّذِي إِذا همّ بِشَيْء أَمْضَاهُ.
الهُوِيَّة: لفظ الهوية فِيمَا بَينهم يُطلق على معانٍ ثَلَاثَة: التشخص والشخص نَفسه والوجود الْخَارِجِي. قَالَ بَعضهم: مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ بِاعْتِبَار تحَققه يُسمى حَقِيقَة وذاتاً، وَبِاعْتِبَار تشخصه يُسمى هوية، وَإِذا أَخذ أَعم من هَذَا الِاعْتِبَار يُسمى مَاهِيَّة، وَقد يُسمى مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ مَاهِيَّة إِذا كَانَ كلياً كماهية الْإِنْسَان، وهوية إِذا كَانَ جزئياً كحقيقة زيد، وَحَقِيقَة إِذا لم يعْتَبر كليته وجزئيته، فالهويتان متلازمتان صدقا، والماهية بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أخص من الأول، والحقيقة
بِالْعَكْسِ. وَقَالَ بَعضهم: الْأَمر المتعقل من حَيْثُ إِنَّه مقول فِي جَوَاب (مَا هُوَ) يُسمى مَاهِيَّة، وَمن حَيْثُ ثُبُوته فِي الْخَارِج يُسمى حَقِيقَة، وَمن حَيْثُ حمل اللوازم عَلَيْهِ يُسمى ذاتاً. ثمَّ الأحق باسم الهوية من كَانَ وجود ذَاته من نَفسهَا وَهُوَ الْمُسَمّى بِوَاجِب الْوُجُود المستلزم للقدم والبقاء.
[وَاعْلَم أَن الهوية جزئية مَكْفُوفَة بالعوراض فاعلة للصفات الخارجية. وَالصُّورَة كُلية مُجَرّدَة لَا يلْحقهَا الْأَحْكَام وَلَا تترتب عَلَيْهَا الْآثَار. وَهَذَا لَا يُنَافِي مساواتها بالهوية بِمَعْنى أَنَّهَا من حَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت إِيَّاهَا] .
الهذيان: هُوَ ترك الصَّوَاب.
والهزل: هُوَ كَلَام لَا يقْصد بِهِ مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (وَلَا يقْصد بِهِ أَيْضا) مَا يصلح لَهُ الْكَلَام بطرِيق الِاسْتِعَارَة، وَلَيْسَ الْمجَاز كَذَلِك (لعدم الْفرق بَين الْهزْل وَالْمجَاز) .
الهَجر، بِالْفَتْح: التّرْك والقطيعة، وبالضم: الْفُحْش فِي النُّطْق.
وهجَر فلَان: أَي أَتَى بهُجْرٍ من الْكَلَام عَن قصد.
واهْجَر الْمَرِيض: أَتَى بذلك من غير قصد.
والهجير والهجيرة والهاجرة: نصف النَّهَار عِنْد زَوَال الشَّمْس مَعَ الظّهْر، أَو أَو من عِنْد زَوَالهَا إِلَى الْعَصْر فَإِن النَّاس يسكنون فِي بُيُوتهم كَأَنَّهُمْ قد تهاجروا من شدَّة الْحر.(1/961)
والهجرتان: أولاهما هِجْرَة الْمُسلمين فِي صدر الْإِسْلَام إِلَى الْحَبَشَة فِرَارًا من أَذَى قُرَيْش، وثانيتهما: هِجْرَة رَسُول الله وَالْمُسْلِمين قبله وَبعده وَمَعَهُ إِلَى الْمَدِينَة فقد كَانَت الْهِجْرَة من فَرَائض الْإِسْلَام بعد هِجْرَة النَّبِي ثمَّ نسخت بعد فتح مَكَّة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح " فَلَا دَلِيل فِي قَوْله تَعَالَى: {ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة} على وجوب الْهِجْرَة من مَوضِع لَا يتَمَكَّن الرجل فِيهِ من إِقَامَة دينه.
الهباء: هُوَ الَّذِي فتح الله فِيهِ أجساد الْعَالم مَعَ أَنه لَا غناء لَهُ فِي الْوُجُود إِلَّا فِي الصُّورَة الَّتِي فتحت فِيهِ، وَيُسمى بالعنقاء من حَيْثُ إِنَّه يسمع وَلَا وجود لَهُ فِي عينه، وبالهيولى، أَيْضا. و {هباء منثورا} أَي: غباراً مُتَفَرقًا.
الهُراء: بِالضَّمِّ وَرَاء مُهْملَة، ممدوداً مهموزاً هُوَ الْمنطق الْفَاسِد. (قَالَه أَبُو عبيد) . وَعَن ابْن السّكيت أَنه الْكَلَام الْكثير فِي خطأ.
الهَونْ، بِالْفَتْح: الرِّفْق واللين.
والهَوَان: بِمَعْنى الْهون المضموم.
[قَالَ بعض الأدباء:
(نونُ الهَوَانِ من الْهوى مَسْرُوقَةٌ ... فصريعُ كلَِّ هوى صريع هَوانِ] )
الهَشْم: هُوَ كسر الشَّيْء الرخو، وَمِنْه بَنو هَاشم
عَمْرو بن عبد منَاف جد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أول من هشم الثَّرِيد لأهل الْحرم.
الهبوط: الانحدار على سَبِيل الْقَهْر كهبوط الْحجر، وَيسْتَعْمل فِي الْإِنْسَان على سَبِيل الاستخفاف، بِخِلَاف النُّزُول حَيْثُ ذكره الله تَعَالَى فِي الاشياء الَّتِي نبه على شرفها.
وَيُقَال: هَبَط الْوَادي: إِذا نزل بِهِ.
وَهَبَطَ مِنْهُ: إِذا خرج مِنْهُ.
الهَوَى، بِالْقصرِ: ميل النَّفس إِلَى مَا تستلذه الشَّهَوَات من غير دَاعِيَة الشَّرْع.
و [الْهَوَاء] بِالْمدِّ: جرم بسيط حَار رطب شفاف لطيف متحرك لمَكَان فَوق كرة الأَرْض وَالْمَاء، وَتَحْت كرة النَّار.
وهَوَى يَهْوي، كرَوَى يروي هَوْياً بِالْفَتْح: سقط.
وهوياً بِالضَّمِّ: علا وَصعد.
وكرضي يرضى هوى: أحبَّ.
الهُجنة: بِالضَّمِّ، فِي الْكَلَام: مَا يعِيبهُ، وَفِي الْعلم: إضاعته.
والهجين: اللَّئِيم.
الْهَيْئَة، لُغَة: حَال الشَّيْء وكيفيته، وَهِي وَالْعرض متقاربا الْمَفْهُوم إِلَّا أَن الْعرض [يُطلق على جَمِيع مقولات الْأَعْرَاض] بِاعْتِبَار عروضه [لَهَا] والهيئة [تطلق عَلَيْهَا من حَيْثُ إِنَّهَا(1/962)
حَاصِلَة فِي موضوعاتها] .
وَكثر اسْتِعْمَال لفظ الْهَيْئَة فِي الْخَارِج، وَلَفظ الْوَصْف فِي الْأُمُور الذهنية.
الهَرْج: بِإِسْكَان الرَّاء: الْفِتْنَة والاختلاط، وَبِفَتْحِهَا: تحيُّر الْبَصَر.
والمرَج: بِفَتْح الرَّاء: الْفساد والقلق والاختلاط وَالِاضْطِرَاب والسكون للازدواج.
الهيوب: الجبان الَّذِي يهاب من كل شَيْء، وَالَّذِي يهابه النَّاس فَهُوَ مهيب.
الهذ: الْقطع.
وهذاذيك: أَي هَذَا بعد هَذَا، وَلم يسْتَعْمل لَهُ مُفْرد.
الْهلَال: الْقَمَر إِلَى ثَلَاث ليالٍ، وَهُوَ أَيْضا بَقِيَّة المَاء فِي الْحَوْض.
الهَوَس، بِالتَّحْرِيكِ: طرف من الْجُنُون.
هَبْ: هُوَ بِغَيْر إِلْحَاق الضَّمِير الْمُتَّصِل بِهِ شَائِع فِي كَلَامهم، وَالصَّوَاب: هبه، يُقَال (هبني فعلت) : أَي احسبني فعلت واعددني، كلمة لِلْأَمْرِ فَقَط، وَلَيْسَ فِيهِ إِشْعَار بِتَسْلِيم مَا قَالَه الْخصم بل المُرَاد أَن الْمُسلم هَذَا مَا ذكرته.
وهبْ زيدا سخياً: بِمَعْنى أَحسب، يتَعَدَّى إِلَى مفعولين وَلَا يسْتَعْمل مِنْهُ مَاض وَلَا مُسْتَقْبل فِي هَذَا الْمَعْنى.
وَقَوْلهمْ: هف، بِالْفَاءِ: مَعْنَاهُ أَنه محَال وباطل.
هَنِيئًا: هُوَ اسْم فَاعل من (هنئ) أَو هَنُؤ الطَّعَام كشريف من (شرف) وَهُوَ مَا أَتَاك بِلَا مشقة. قَالَ الْمبرد: إِنَّه مصدر كالعاقبة، وأصل ذَلِك أَنهم أنابوا عَن الْمصدر صِفَات كعائذاً وهنيئاً. قَالَ بعض المغاربة: هِيَ مَوْقُوفَة على السماع. وَقَالَ غَيره: مقيس عِنْد سِيبَوَيْهٍ، وَهُوَ حَال عِنْد الْأَكْثَرين مُؤَكدَة لعاملها الْمُلْتَزم إضماره، إذلم يسمع إِلَّا كَذَلِك.
والهنيء: مَا يلذه الْآكِل. وَمِنْه أَخذ هنيء.
والمريء: مَا يحمد عاقبته.
[الهَدْم: التخريب، وَيَقَع على كل الْبناء. فَمَا دَامَ شَيْء من الْبناء لَا يكون هدماً {لهدمت صوامع وَبيع} مَعْنَاهُ أَنَّهَا هدمت حَتَّى صَارَت غير صوامع. وَكَذَا النَّقْض. قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} وَكَانَت امْرَأَة مَجْنُونَة تغزل جَمِيع لَيْلهَا وتنقض جَمِيع نَهَارهَا حَتَّى لَا يبْقى] .
(الْهمزَة: الْكسر كالهمز، واللمز: الطعْن شاعا فِي الْكسر من أَعْرَاض النَّاس والطعن فيهم) .
[نوع]
{هماز} : عيّاب) .
{هلوعا} : شَدِيد الْحِرْص قَلِيل الصَّبْر.
{هاد} : داعٍ.(1/963)
{هدا} : هدماً.
{فقد هوى} : فقد تردى وَهلك.
{همسا} : صَوتا خَفِيفا أَو الْوَطْء الْخَفي.
{وهدوا} : أُلهموا.
{هَيْهَات هَيْهَات} : بَعد التَّصْدِيق.
{بِالْهَزْلِ} : بِالْبَاطِلِ.
{هباء منثورا} : المَاء المهراق، أَو هُوَ مَا يدْخل الْبَيْت من الكوة مثل الْغُبَار إِذا طلعت فِيهِ الشَّمْس.
و {هباء منبثا} : هُوَ مَا سَطَعَ من الْغُبَار من سنابك الْخَيل.
{هونا} : مشياً رويداًً، يَعْنِي بالسكنية وَالْوَقار.
{واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} : كَمَا علَّمكم.
{هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ} : أَي أَنْتُم يَا مخاطبون هَؤُلَاءِ الموصوفون.
{لهدمت} : لَخُرِّبَتْ.
{فهديناهم} : بيَّنا لَهُم.
{طلعها هضيم} : يهضم بعضه بَعْضًا.
{عَذَاب الْهون} : الهوان بلغَة كنَانَة.
{هزوا} : استهزاءً.
{وهزي إِلَيْك} : حرِّكي وأميلي.
{هيت لَك} : عَن ابْن عَبَّاس: هَلُمَّ لَك بالقبطية، وَقَالَ الْحسن: بالسُّرْيَانيَّة، وَقَالَ عِكْرِمَة: بالحورانية، وَقَالَ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ: بالعبرانية وَأَصلهَا (هيتلج) أَي: تعال: (وَقَالَ بَعضهم: تهيأت لَك) وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا مَهْمُوزَة.
هود: عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ ابْن هِشَام: اسْمه عَامر بن أرفخشذ بن سَام بن نوح.
{هدنا إِلَيْك} : تبنا إِلَيْك، من (هاد يهود) إِذا رَجَعَ.
{شرب الهيم} : الْإِبِل الَّتِي بهَا الهيام، وَهُوَ دَاء يشبه الاسْتِسْقَاء.
{هينا} : سهلاً لَا تبعة لَهُ.
{هار} ، مقلوب من (هاير) أَي: سَاقِط.
{هشيما} : يَعْنِي مَا يبس من النبت.
{هضما} : نقضا.(1/964)
{هامدَة} : ميتَة يابسة.
{إِن هُدَى اللهِ هُوَ الهُدى} .
[إِن هدى الله الَّذِي هُوَ الْإِسْلَام هُوَ الْهدى إِلَى الْحق قَالَ بَعضهم:] المُرَاد بِهِ تَحْويل الْقبْلَة.
{إنَّ الهُدَى هُدى اللهِ} : مَعْنَاهُ أَن دين الله الْإِسْلَام) .
{هُدَى} {رشدا} (هُمَزَة لُمَزَة} : مَعْنَاهُمَا وَاحِد أَي: عيّاب وَيُقَال: اللمز: الغمز فِي الْوَجْه بِكَلَام خَفِي، والهمز فِي الْقَفَا.
{فأمُّه هَاوِية} : فمأواه النَّار. والهاوية من أسمائها.
{الَّذين هادوا} : تهودوا] .
هَارُون: هُوَ أَخُو مُوسَى من أَب وَأم. كَانَ أكبر مِنْهُ بِثَلَاث سِنِين، وَكَانَ حمولاً لينًا، وَلذَلِك كَانَ أحب إِلَى بني إِسْرَائِيل. وَمعنى (هَارُون) بالعبرانية: الْمُحب [وَقَوله تَعَالَى: {فقولا إنّا رَسُولا رَبِّك} . بِالنّظرِ إِلَى جِهَة رسالتهما من الله تَعَالَى. وَقَوله تَعَالَى: {فقولا إِنَّا رَسُولا رَبك} بِالنّظرِ إِلَى جِهَة وزارة هَارُون لسيدنا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام] .
فصل لَا
كل مَا فِي الْقُرْآن من {لَا يُكَلِفُ اللهُ نفسا إِلَّا
وُسْعَها} فَالْمُرَاد مِنْهُ الْعَمَل إِلَّا الَّتِي فِي " الطَّلَاق " فَإِنَّهُ المُرَاد مِنْهُ النَّفَقَة.
[اللاسع] : كل ضَارب بمؤخرة فَهُوَ لاسع كالعقرب والزنبور.
[اللادغ] : وكل ضَارب بِفِيهِ فَهُوَ لادغ كالحية وسام أبرص. وكل قَابض بِأَسْنَانِهِ فَهُوَ ناهش كَالْكَلْبِ وَسَائِر السبَاع.
[لَا] : كل شَيْء حَسُن أَن يعْمل فِيهِ (رب] حَسُن أَن تعْمل فِيهِ (لَا) ، وَهِي كلمة تبرئة إِذا دخلت اسْما وَاحِدًا بني على الْفَتْح وَلم ينوّن لِأَنَّهُمَا يصيران كاسم وَاحِد
(لَا) مَعَ الْمَاضِي بِمَعْنى (لم) مَعَ الْمُسْتَقْبل كَمَا فِي قَوْله:
(إِن تَغْفِر اللَّهُمَّ فاغْفِرْ جَما ... وأَيُّ عبدٍ لكَ لَا ألَمّا)
أَي: لم يلم الذَّنب.
و (لَا) أدل على النَّفْي لكَونهَا مَوْضُوعَة للنَّفْي وَمَا فِي مَعْنَاهُ كالنهي خَاصَّة، وَلَا تفِيد الْإِثْبَات إِلَّا بطرِيق الْحَذف أَو الْإِضْمَار، وَأما (مَا) فَغير مُخْتَصَّة للنَّفْي لِأَنَّهَا وَارِدَة لغيره من الْمعَانِي حَيْثُ تكون اسْما.
لَا: لنفي النكرات كثيرا والمعارف قَلِيلا مَعَ تكريرها، و (مَا) لنفي المعارف كثيرا والنكرات(1/965)
قَلِيلا، وَإِذا دَخَلنَا الْأَفْعَال ف (مَا) لنفي الْحَال عِنْد الْجُمْهُور، و (لَا) لنفي الِاسْتِقْبَال عِنْد الْأَكْثَرين، وَقد تكون لنفي الْحَال. وَقَوْلهمْ: (لَا) لَا تدخل إِلَّا الْمُضَارع بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال و (مَا) لَا تدخل إِلَّا الْمُضَارع بِمَعْنى الْحَال بِنَاء على الْغَالِب، وَقد ذكرُوا دُخُول (لَا) فِي الْمُضَارع مرَادا بِهِ الْحَال، وَدخُول (مَا) فِي الْمُضَارع مرَادا بِهِ الِاسْتِقْبَال.
((لَا) النافية عاملة عمل (إنَّ) و (لَيْسَ) وَلَا تعْمل إِلَّا فِي النكرات، وَتَكون عاطفة بِشَرْط أَن يتقدمها إِثْبَات نَحْو: (جَاءَ زيد لَا عَمْرو) ، أَو أَمر نَحْو: (اضْرِب زيدا لَا عمرا) ، وَأَن يتغاير متعاطفاها فَلَا يجوز (جَاءَنِي رجل لَا زيد) لِأَنَّهُ يصدق على زيد اسْم الرجل) .
وَيكون جَوَابا مناقضاً لنعم، وتحذف الْجمل بعْدهَا كثيرا، وَتعرض بَين الْخَافِض والمخفوض نَحْو: (جِئْت بِلَا زَاد) . و (لَا) بِمَعْنى (غير) عَامل عِنْد الكوفية، وَغير عَامل بل الْبَاء عِنْد البصرية، وَتَكون مَوْضُوعَة لطلب التّرْك، وتختص بِالدُّخُولِ فِي الْمُضَارع وتقتضي جزمه واستقباله سَوَاء كَانَ نهيا نَحْو: {لَا تنسوا الْفضل} أَو دُعَاء نَحْو: {لَا تُؤَاخِذنَا} .
[وَقد يذكر (لَا) وَيُرَاد بِهِ سلب الْمَعْنى دون إِثْبَات شَيْء وَتسَمى مَا يدْخلهُ ذَلِك الِاسْم غير المحصل نَحْو: (فلَان لَا إِنْسَان) إِذا قصدت سلب
الإنسانية، وعَلى هَذَا قَول الْعَامَّة لَا أحد] .
(لَا) و (لن) هما أختَان فِي نفي الْمُسْتَقْبل إِلَّا أَن فِي (لن) توكيداً وتشديداً تَقول لصاحبك: (لَا أقيم غَدا عنْدك) . فَإِن أنكر عَلَيْك تقل: (لن أقيم غَدا) . ذكره الزَّمَخْشَرِيّ، وَهَذِه دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا، بل قد يكون النَّفْي بِلَا آكِد من النَّفْي بلن، لِأَن الْمَنْفِيّ بِلَا قد يكون جَوَابا للقسم نَحْو: (وَالله لَا يقوم زيد) . والمنفي بلن لَا يكون جَوَابا لَهُ، وَنفي الْفِعْل إِذا أقسم عَلَيْهِ آكِد مِنْهُ إِذا لم يقسم.
(لَا) أَكثر مَا يضمر فِي الْأَقْسَام نَحْو: {تَفْتَؤ تَذْكُر يُوسُف} أَي: لَا تفتؤ. وَقد تذكر فِي غير الْقسم كَقَوْلِه:
(أُوصِيكَ أَنْ تحمدكَ الأقَارِبُ ... ويَرْجِع الْمِسْكِين وهُوَ خَائِبُ)
أَي: وَلَا يرجع. وَقد استعملوها زَائِدَة على وَجه الفصاحة وتحسين الْكَلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَن لَا تَسْجُد} بِدَلِيل (مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُد} .
وتزاد مَعَ الْوَاو العاطفة بعد النَّفْي لفظا نَحْو: (مَا جَاءَنِي زيدا وَلَا عَمْرو) ، أَو معنى نَحْو: {غَيرِ المغْضُوبِ عَلَيْهم ولاَ الضَّالِّين} للتَّأْكِيد تَصْرِيحًا بشموله لكل وَاحِد من الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الْمَنْفِيّ هُوَ الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع، وَمَعَ (أَن)(1/966)
المصدرية كَمَا فِي {أَن لَا تَسْجُدَ} وقلَّت زيادتها قبل (أقسم) نَحْو: {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} .
(لَا) النافية تعْمل عمل (إنّ) إِذا أُرِيد بهَا نفي الْجِنْس على سَبِيل التَّنْصِيص وَتسَمى تبرئة وَإِنَّمَا يظْهر نصبها إِذا كَانَ مُضَافا أَو شبهه، وَإِلَّا فيركب مَعهَا نَحْو: (لَا إِلَه إِلَّا الله) ، وَإِن تكَرر جَازَ التَّرْكِيب وَالرَّفْع نَحْو: {فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال} ، {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة} .
وتعمل عمل (لَيْسَ) نَحْو: {وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين} .
[وَتَكون عاطفة بِشَرْط أَن يتقدمها إِثْبَات نَحْو: (جَاءَنِي زيد لَا عَمْرو) : أَو أَمر نَحْو: (اضْرِب زيدا لَا عمرا) ، وَأَن يتغاير متعاطفاها فَلَا يجوز: (جَاءَنِي رجل لَا زيد) لِأَنَّهُ يصدق على زيد اسْم الرجل. وَتَكون جوابية] .
وَإِن كَانَ مَا بعد (لَا) جملَة اسمية صدرها معرفَة أَو نكرَة وَلم تعْمل فِيهَا أَو فعلا مَاضِيا لفظا أَو تَقْديرا وَجب تكرارها نَحْو: {فَلَا صدق وَلَا صلى} و (مَرَرْت بِرَجُل لَا كريم وَلَا شُجَاع) ، وَإِن كَانَ مضارعاً لم يجب ذَلِك نَحْو: {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل} .
(لَا) كَمَا تفِيد عُمُوم النكرَة الَّتِي تدخل عَلَيْهَا تفِيد أَيْضا عُمُوم الْفِعْل الَّذِي تدخل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَو
يشبهها نَحْو: {لَا يستوون} و (لَا أكلت) فتفيد نفي جَمِيع وجود الاسْتوَاء الْمُمكن نَفْيه وَنفي جَمِيع المأكولات.
وَترد اسْما بِمَعْنى (غير) فَيظْهر إعرابها فِيمَا بعْدهَا نَحْو: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} .
(لَا) فِي أَصْلهَا مَوْضُوعَة للنَّفْي، واشتهرت بِهَذَا الْمَعْنى كَأَنَّهَا عَلَمٌ لَهُ، فَإِذا أُرِيد بِهِ التَّعْبِير عَمَّا فِي (غير) من معنى النَّفْي عبِّر بِمَا هُوَ أظهر دلَالَة على النَّفْي وأرسخ قدماً فِيهِ.
(لَا) الناهية أَعنِي الْمَوْضُوعَة للنَّهْي مُطلقًا تَجِيء للمخاطب وَالْغَائِب على السوَاء بِخِلَاف اللَّام فَإِنَّهَا لَا تدخل على الْفَاعِل الْمُخَاطب فِي الْأَغْلَب. وَقد تدخله لتفيد التَّاء الْخطاب وَاللَّام الْغَيْبَة فَيعم اللَّفْظ مَجْمُوع الْأَمريْنِ مَعَ التَّنْصِيص على كَون بَعضهم حَاضرا وَبَعْضهمْ غَائِبا كَمَا قرئَ فِي الشواذ {فَلْتَفْرحُوا} .
(لَا) العاملة عمل (لَيْسَ) لنفي الْوحدَة، والعاملة عمل (إِن) لنفي الْجِنْس.
(لَا) بِمَعْنى (غير) مُقَيّدَة للْأولِ منبئة لوضعه، والعاطفة تنبئ حكما جَدِيدا لغيره.
(لَا) المحققة تفْتَقر إِلَى تقدم نفي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لم يكن الله ليغفر لَهُم وَلَا ليهديهم سَبِيلا} .(1/967)
و (لَا) الصِّلَة لَا تفْتَقر إِلَى ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تستوي الْحَسَنَة وَلَا السَّيئَة} ف (لَا) مُؤَكدَة وَالْمعْنَى: لَا تستوي الْحَسَنَة والسيئة، لِأَن (يَسْتَوِي) من الْأَفْعَال الَّتِي لَا تكتفي بفاعل وَاحِد.
(لَا) المحمودة تكون فِي مُقَابلَة (أتمنعني) أَو (أتحرمني) .
و (لَا) المذمومة تكون فِي جَوَاب (أَعْطِنِي) وَللَّه در الْقَائِل:
(أبَى جُودُه لَا البُخْلَ واسْتَعْجَلَت بِهِ ... نَعَمْ مِنْ فَتىً لَا يَمْنَعُ الْجُود قاتِله)
يرْوى: قَوْله (الْبُخْل) بِالنّصب والجر، فالجر على إِضَافَة (لَا) إِلَيْهِ، وَالْمعْنَى: أَبى جوده النُّطْق بِلَا الَّتِي للبخل. وَأما النصب فعلى أَن يكون الْبُخْل بَدَلا من (لَا) أَو عطف بَيَان أَو مَفْعُولا لأَجله على حذف مُضَاف، أَي: كَرَاهَة الْبُخْل، فَالْمَعْنى أَنه لَا ينْطق ب (لَا) قطّ لِئَلَّا يَقع فِي الْبُخْل. و (من فَتى) صفة أَو حَال من (نعم) أَي: صادرة نعم المستعجلة بِهِ من فَتى شَأْنه لَا يمْنَع الْجُود قَاتله، أَي: لَو قدر أَن شخصا ضربه فانفذ مقاتله ثمَّ أَتَى الضَّارِب يسْأَل أَن يجود عَلَيْهِ بِشَيْء يَطْلُبهُ مِنْهُ لما مَنعه إِيَّاه مَعَ علمه بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أنفذ مقاتله، فَإِذا صدرت من الْجواد الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة لم يتَخَلَّف مقتضاها. وَقد أبدع فِي هَذَا الْمَعْنى حسان فِي مدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ:
(مَا قَالَ لَا قَطُّ إِلَّا فِي تَشهدِهِ ... لَوْلَا التَّشَهُّدُ لم تُسْمَعْ لَهُ لاء)
وَفِي رِوَايَة: كَانَت لاؤه نعم.
لَا يَنْبَغِي: أَي لَا يَصح وَلَا يتسهل وَلَا يتسخر، وَمِنْه: {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} لِأَن لِسَانه لَا يجْرِي بِهِ، أَو لَا يَسْتَقِيم عقلا. وَهُوَ فِي لُغَة الْقُرْآن وَالرَّسُول للممتنع شرعا وعقلاً.
وَقد تسْتَعْمل فِي مَوضِع (لَا يجوز) كَمَا فِي قَوْلهم: (لَا يَنْبَغِي لوالٍ عِنْده حد من حُدُود الله إِلَّا أَن يقيمه) كَذَلِك لفظ (يَنْبَغِي) فَإِنَّهُ قد يسْتَعْمل فِي مَوضِع (يجب) كَمَا فِي قَوْلهم: (إِذا شهِدت الْأَرْبَعَة بِالزِّنَا بَين يَدي القَاضِي يَنْبَغِي أَن يسألهم عَن الزِّنَا مَا هُوَ وَكَيف هُوَ) .
وَفِي عرف الْفُقَهَاء يسْتَعْمل فِيمَا لم يكن فِيهِ رِوَايَة صَحِيحَة.
وَفِي " الْمِصْبَاح ": قَوْلهم (يَنْبَغِي أَن يكون كَذَا) مَعْنَاهُ: يَنْبَغِي ندبا مؤكداً لَا يحسن تَركه.
وَقَالَ بَعضهم: كلمة (يَنْبَغِي) تَقْتَضِي رُجْحَان أحد الطَّرفَيْنِ وَجَوَاز الآخر، وَقيل فِي معنى قَوْله: (يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يفعل كَذَا) أَي: يطْلب مِنْهُ ذَلِك الْفِعْل وَيُؤمر بِهِ، وَيُقَال: يَنْبَغِي لَك أَن تفعل كَذَا أَي: طاوعك وانقاد لَك فعل كَذَا، وَهُوَ لَازم (بغى) يُقَال: بغيته فانبغى.
و {لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} أَي: لَا يَصح.
و" يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن لَا يغدروا وَلَا يغلوا وَلَا يميلوا " أَي: يجب.
و" يتبغي للسُّلْطَان أَن يتَصَدَّق وَإِن لم يَفْعَله لَا يَأْثَم " أَي، الأولى لَهُ. وَلَا يكَاد يسْتَعْمل ماضيه لكَونه غَرِيبا وحشياً.
لَا سِيمَا: هِيَ كلمة تَنْبِيه على أَوْلَوِيَّة الْمَذْكُور(1/968)
بعْدهَا بالحكم وَلَيْسَ باستثناء، وَقيل: يسْتَعْمل لإِفَادَة زِيَادَة تعلق الْفِعْل بِمَا يذكر بعده. والسيّ: بِمَعْنى الْمثل، وَاحِد (سيّان) أَي: مثلان، و (لَا) لنفي الْجِنْس، و (مَا) زَائِدَة أَو مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة، وَقد يحذف (لَا) فِي اللَّفْظ لكنه مُرَاد. وَفِي " شرح تَلْخِيص الْجَامِع الْكَبِير " للبلباني أَن اسْتِعْمَال (سِيمَا) بِلَا لَا لَا نَظِير لَهُ فِي كَلَام الْعَرَب، وَيجوز مَجِيء الْوَاو قبل (لَا سِيمَا) إِذا جعلته بِمَعْنى الْمصدر وَعدم مجيئها إِلَّا أَن مجيئها أَكثر.
(وَلَا سِيَّما يومٌ بدَارةِ جُلْجُلِ ... )
وَهِي اعتراضية كَمَا فِي قَوْله:
(فأنْتِ طَلاقٌ والطَّلاقُ عَزيمةٌ ... )
إِذْ هِيَ مَعَ مَا بعْدهَا بِتَقْدِير جملَة مُسْتَقلَّة.
وعدّه النُّحَاة من كَلِمَات الِاسْتِثْنَاء، وتحقيقه أَنه للاستثناء عَن الحكم الْمُتَقَدّم ليحكم عَلَيْهِ على وَجه أتم من جنس الحكم السَّابِق، وَلَا يسْتَثْنى ب (لَا سِيمَا) إِلَّا فِيمَا قصد تَعْظِيمه.
وَفِيمَا بعده ثَلَاثَة أوجه: الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة صلَة (مَا) ، وَالنّصب على الِاسْتِثْنَاء، والجر على الْإِضَافَة. وَكلمَة (مَا) على الْأَخيرينِ زَائِدَة، فَإِذا قلت مثلا: (قَامَ الْقَوْم لَا سِيمَا زيد) فالجر بِأَن تجْعَل (مَا) زَائِدَة، وتجر زيدا بِإِضَافَة (سيّ) إِلَيْهِ، وَخبر (لَا) مَحْذُوف كَأَنَّك قلت: (لَا سيّ زيدٍ قَائِم) أَو بِأَن يكون (مَا) اسْما مجروراً بِإِضَافَة (سيّ) إِلَيْهِ، و (زيد) مجرور على الْبَدَل من (مَا) ، فَإِن (مَا)
قد جَاءَت لِذَوي الْعُقُول، وَأما الرّفْع فعلى أَن (مَا) بِمَعْنى الَّذِي، و (زيد) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَذَلِكَ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر صلَة (مَا) فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا مثل الَّذِي هُوَ زيد، وَقد يحذف مَا بعد (لَا سِيمَا) على جعله بِمَعْنى (خُصُوصا) فَإِذا قلت: (أحب زيدا وَلَا سِيمَا رَاكِبًا) فَهُوَ بِمَعْنى (وخصوصاً رَاكِبًا) ف (رَاكِبًا) حَال من مفعول الْفِعْل الْمُقدر أَي: وأخصه بِزِيَادَة الْمحبَّة خُصُوصا رَاكِبًا.
وَبِمَعْنى (لَا سِيمَا) لَا ترما، وَلم ترما، وأو ترما.
لَا بَأْس بِهِ: أَي لَا كَمَال شدَّة بِهِ.
وَلَا بَأْس عَلَيْك: أَي لَا خوف عَلَيْك.
وَفِي " الْعَيْنِيّ ": لَا بَأْس فِيهِ: لَا حرج.
وَلَا يرَوْنَ بِهِ بَأْسا: أَي حرجاً.
وَجُمْهُور الْمُحَقِّقين من عُلَمَائِنَا على أَن الْمَعْنى لَا يُؤجر عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَم بِهِ فيستعملون فِيمَا يتَخَلَّص عَنهُ رَأْسا بِرَأْس.
وَفِي " شرح الكيداني ": الْمُسْتَحبّ مَا فعله النَّبِي من فعل أَو ترك كَتَرْكِ مَا قيل فِيهِ لَا بَأْس بِهِ.
وَفِي " النِّهَايَة ": كلمة (لَا بَأْس) قد تسْتَعْمل فِي مَوضِع كَانَ الْإِتْيَان بِالْفِعْلِ الَّذِي دَخلته هِيَ أولى من تَركه، بل تسْتَعْمل فِي فعل كَانَ الْإِتْيَان بذلك الْفِعْل وَاجِبا فَإِن الْجنَاح هُوَ الْبَأْس أَو فَوْقه، وَقد اسْتعْمل هُوَ بِهَذِهِ الصِّيغَة مَعَ أَن الْإِتْيَان بذلك الْفِعْل وَاجِب. قَالَ الله تَعَالَى: (إِن الصَّفَا(1/969)
والمَرْوَةَ} إِلَى قَوْله {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْه أَن يَطَّوَفَ بهِما} وَالسَّعْي بَينهمَا وَاجِب عندنَا وَفرض عِنْد الشَّافِعِي، وَقد اسْتعْمل فِيهِ كلمة (لَا جُناح) وَمَعْنَاهَا وَمعنى (لَا بَأْس) وَاحِد.
و" لَا بَأْس بِأَن ينقش الْمَسْجِد بِمَاء الذَّهَب " أَي: لَا يُؤجر عَلَيْهِ لكنه لَا يَأْثَم بِهِ. وَذكر صَاحب " الْكَافِي " أَنه يدل على أَن الْمُسْتَحبّ غَيره وَهُوَ الصّرْف إِلَى الْآخِرَة، لِأَن الْبَأْس هُوَ الشدَّة وَإِنَّمَا يفْتَقر إِلَى نفي الشدَّة فِي مظان الشدَّة.
لَا أبالك: قيل هِيَ كلمة مدح أَي: أَنْت شُجَاع مستغنٍ عَن أَب ينصرك. وَفِي لُغَة الْعَرَب أَشْيَاء يُرِيدُونَ مِنْهَا بَاطِنا خلاف الظَّاهِر. من ذَلِك قَوْلهم للشاعر المفلَّق: قَاتله الله، وللفارس المجرِّب: لَا أَب لَهُ، وَغير ذَلِك.
وَعَن الْأَزْهَرِي: إِذا قَالَ (لَا أَبَا لَك) لم يتْرك من الشتيمة شَيْئا أَي: لَا يعرف لَهُ أَب لِأَنَّهُ ولد الزِّنَا.
وَقيل: هِيَ كلمة جفَاء تستعملها الْعَرَب عِنْد أَخذ الْحق والإغراء، أَي: لَا أَبَا لَك إِن لم تفعل، وَهَذِه اللَّام تلْحق بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ تثبيتاً لِمَعْنى الْإِضَافَة وتوكيداً لَهُ.
فِي " الْقَامُوس ": لَا أَب لَك وَلَا أَبَا لَك وَلَا أبك كل ذَلِك دُعَاء فِي الْمَعْنى لَا محَالة، وَفِي اللَّفْظ خبر، يُقَال لمن لَهُ أَب وَلمن لَا أَب لَهُ.
وَلَا أَرض لَك كلا أمَّ لَك.
لَا محَالة: أَي لَيْسَ لَهُ مَحل حِوَالَة فَكَانَ ضَرُورِيًّا، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل بِمَعْنى الْحَقِيقَة وَالْيَقِين، أَو بِمَعْنى لَا بُد وَالْمِيم زَائِدَة، وَهُوَ مَبْنِيّ
على الْفَتْح، وَيجوز أَن يكون من الْحول وَهُوَ الْفَوْز وَالْحَرَكَة أَو من الْحِيلَة أَي: لَا حِيلَة فِي التَّخَلُّص.
لَا بل: هِيَ لاستدراك الْغَلَط فِي كَلَام الْعباد. ولنفي الأول وَإِثْبَات الثَّانِي فِي كَلَام الله تَعَالَى.
لَا غير: مَبْنِيّ على الضَّم كقبلُ وبعدُ عِنْد الْبَصرِيين، وَقَالَ الزّجاج: بِالرَّفْع والتنوين على تَقْدِير: وَلَيْسَ فِيهِ غَيرهَا. وَعند الْكُوفِيّين مَبْنِيّ على الْفَتْح مثل: لَا تَثْرِيب، لِأَن (لَا) لنفي الْجِنْس لَا للْعَطْف.
لَا مشاحة: أَي لَا مضايقة وَلَا مُنَازعَة يُقَال: لَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح أَي: لَا مضايقة فِيهِ بل لكل أحد أَن يصطلح على مَا يَشَاء إِلَّا أَن رِعَايَة الْمُوَافقَة فِي الْأُمُور الْمَشْهُورَة بَين الْجُمْهُور أولى وَأحب.
لَا مساس، بِالْكَسْرِ: أَي لَا بِمَسّ وَكَذَلِكَ التّماس {من قَبْلِ أنْ يَتَماسَّا} وَقَوله تَعَالَى فِي السامري: {فإنّ لَكَ فِي الحَيَاة أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} أَي: خوفًا من أَن يمسَّك أحد فتأخذك الْحمى مِمَّن مسّك فتتجافى النَّاس ويتحاموك وَتَكون طريداً وحيداً كالوحش النافر.
لَا جرم: هُوَ اسْم مَبْنِيّ على الْفَتْح ك (لَا بُد) لفظا وَمعنى أَي: لَا بُد، وَلَا انْقِطَاع أَي: لَا يَنْقَطِع فِي وَقت مَا فَيُفِيد معنى الْوُجُوب يَعْنِي وَجب وحقّ.
قَالَ الْفراء: معنى (لَا جرم) فِي الأَصْل: لَا بُد وَلَا محَالة، ثمَّ اسْتعْملت بِمَعْنى حَقًا فَيجْرِي(1/970)
مجْرى الْقسم فيجاب بِاللَّامِ يُقَال: لَا جرم لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. وَقد يكون لمُجَرّد التَّأْكِيد بِدُونِ اخْتِيَار معنى الْقسم. وَعند الْكُوفِيّين: جرم بِمَعْنى كسب و (لَا) للرَّدّ.
لات، بِالْكَسْرِ كجير، وتقف الكوفية عَلَيْهَا بِالْهَاءِ كالأسماء، والبصرية بِالتَّاءِ كالأفعال.
وَهِي حرف نفي بِمَعْنى لَيْسَ، وَفعل مَاض بِمَعْنى حرف، وَاسم للصنم، و (لَا) هِيَ المشبهة بليس زيدت عَلَيْهَا تَاء التَّأْنِيث للتَّأْكِيد كَمَا زيدت على (رُبَّ) و (ثمَّ) وخصت بِلُزُوم الأحيان، وَحذف أحد المعمولين.
وَهِي تجر الأحيان كَمَا أَن (لَوْلَا) تجر الضمائر كَقَوْلِه:
(لولاك هَذَا الْعَالم لم أحجج ... )
لَا أُبَالِي بِهِ: أَي لَا أبادر إِلَى اعتنائه والانتظار بِهِ بل أنبذه وَلَا أَعْتَد بِهِ.
لابد: بُد: فعل من التبديد وَهُوَ التَّفْرِيق، فَلَا بُد أَي لَا فِرَاق.
لَا رادة فِيهِ: أَي لَا فَائِدَة وَلَا مُرُوءَة.
لَا مرْحَبًا بِهِ: دُعَاء عَليّ، تَقول لمن تَدْعُو لَهُ: مرْحَبًا أَي: أتيت رحبا من الْبِلَاد لَا ضيقا، أَو رَحبَتْ بلادك رحباً ثمَّ تدخل عَلَيْهِ (لَا) فِي الدُّعَاء للمدعو عَلَيْهِ أَي: مَا أَتَى رحباً وسعة.
لَا حاء وَلَا سَاءَ: هَذَا يُقَال لِابْنِ المئة أَي: لَا محسن وَلَا مسيء، أَولا رجل وَلَا امْرَأَة.
لاحول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه: أَي لَا حَرَكَة وَلَا استطاعة
إِلَّا بِمَشِيئَة الله، وَقيل: الْحول الْحِيلَة أَي: لَا توصل إِلَى تَدْبِير أَمر وتغيير حَال إِلَّا بِمَشِيئَة الله ومعونته، وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تحول عَن مَعْصِيّة الله إِلَّا بعصمة الله وَلَا قُوَّة بِطَاعَة الله أَلا بِتَوْفِيق الله وإقداره.
وَفِي إِعْرَاب هَذِه الْكَلِمَة خَمْسَة أوجه: فتحهما مثل: {لَا رفث وَلَا فسوق}
وَنصب الثَّانِي مثل:
(لَا نَسَبَ اليومَ وَلاَ خُلّةً ... )
وَرفع الثَّانِي مثل:
(لَا أُمّ لي إنْ كَانَ ذَاكَ وَلاَ أَبُ ... )
ورفعهما مثل: {لَا بَيْعُ فِيهِ وَلاَخُلّةًَ}
وَرفع الأول وَفتح الثَّانِي مثل: {فَلاَ لَغْوٌ وَلَا تَأثيمَ فِيهَا}
لَا إِلَه إِلَّا الله: هِيَ كلمة التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص والنجاة وَالتَّقوى والعليا والطيبة وَالْقَوْل الثَّابِت. أَولهَا نفي وَآخِرهَا إِثْبَات، دخل أَولهَا على الْقلب فجلا ثمَّ تمكن آخرهَا فَخَلا، فنسخت ثمَّ رسخت، وسلبت ثمَّ أوجبت، ومحت ثمَّ أَثْبَتَت، وتقضت ثمَّ عقدت، وأفنت ثمَّ أبقت، وَهِي أرجح وَأولى من " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " بِالنّظرِ إِلَى غافل الْقلب عَن معنى التَّعْظِيم اللَّائِق بِجلَال الله تَعَالَى.
[واختير فِي التَّوْحِيد تِلْكَ الْكَلِمَة ليَكُون النَّفْي قصدا وَالْإِثْبَات إِشَارَة لِأَن الأَصْل فِي التَّوْحِيد هُوَ التَّصْدِيق فِي الْقلب عِنْد الْمُتَكَلِّمين وَالْإِقْرَار شَرط لإجراء الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا، وَعند الْفُقَهَاء وَإِن كَانَ(1/971)
الْإِقْرَار ركنا لكنه زَائِد فاختير فِي الْبَيَان أَي الْإِقْرَار الَّذِي هُوَ غير مَقْصُود بِالْإِشَارَةِ الَّتِى هِيَ غير صَرِيحَة فِي الْبَيَان] .
وَالْأَصْل فِيهَا على رَأْي صَاحب " الْكَشَّاف ": الله إِلَه ثمَّ الْإِلَه الله، عدل عَن الأول إِلَى الثَّانِي لإِرَادَة الْحصْر والتخصيص على نَحْو: (المنطلق زيد) ثمَّ أُرِيد التَّصْرِيح بِإِثْبَات الألوهية لَهُ تَعَالَى ونفيها عَمَّا سواهُ فَقدم حرف النَّفْي ووسط حرف الِاسْتِثْنَاء فَصَارَ (لَا إِلَه إِلَّا الله) فَأفَاد الْكَلَام الْقصر وَهُوَ إِثْبَات الحكم للمذكور ونفيه عَمَّا عداهُ، وَهَذَا الْقصر إفرادي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُشرك، وقلبي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجاحد، وَتَعْيِين بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتردد. وَقد تجْرِي هَذِه الْأَنْوَاع فِي قصر الصّفة على الْمَوْصُوف من الْحَقِيقِيّ كَمَا هَهُنَا لِأَن الْإِلَه يتَضَمَّن معنى الْوَصْف لِأَنَّهُ بِمَعْنى المألوه أَي المعبود بِالْحَقِّ أَو الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ أَو الْوَاجِب الْوُجُود، والمقتضي للقصر بِحَسب نفس الْأَمر اسْتغْنَاء ذَات الْحق فِي تعينه عَن الْغَيْر. قَالَ بَعضهم: اتّفق النُّحَاة على أَن (إِلَّا) هَهُنَا بِمَعْنى غير، وَلَو حمل على الِاسْتِثْنَاء يكون نفيا لآلهة يسْتَثْنى مِنْهُم الله لَا نفيا لآلهة لَا يسْتَثْنى مِنْهُم الله فَلَا يكون توحيداً مَحْضا. وَفِيه أَن (لَا) هَهُنَا لنفي الْجِنْس، وَالْجِنْس من حَيْثُ هُوَ شَامِل لجَمِيع الْأَفْرَاد فَيكون هَذَا نفيا لجَمِيع أَفْرَاد الْآلهَة الَّتِى يسْتَثْنى مِنْهُم الله وَلَا تبقى آلِهَة لَا يسْتَثْنى مِنْهُم الله تَعَالَى حَتَّى لَا تكون منفية أَو مثبتة.
[وَلِهَذَا ذهب أَبُو الْبَقَاء وَغَيره إِلَى أَن (إِلَّا) فِي
كلمة التَّوْحِيد للاستثناء، وَلَو حمل على (غير) يكون الْمَعْنى على نفي الْمُغَايرَة وَلَيْسَ مَقْصُودا، وَلذَا لم يجز كَون الِاسْتِثْنَاء مفرغاً وَاقعا موقع الْخَبَر لِأَن الْمَعْنى على نفي اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية عَمَّا سوى الله تَعَالَى لَا على نفي مُغَايرَة الله تَعَالَى عَن كل إِلَه]
وَلَا يلْزم اسْتثِْنَاء الشَّيْء من نَفسه على تَقْدِير لَا معبود بِحَق، إِذْ معنى الْمُسْتَثْنى غير معنى الْمُسْتَثْنى مِنْهُ بِلَا شُبْهَة، وَقد سلط النَّفْي على وجود مَا عدا الْمُسْتَثْنى بتنزيل وجوده منزلَة الْعَدَم لعدم الِاعْتِدَاد بِهِ فَثَبت لَهُ الْوُجُود الْمَنْفِيّ عَمَّا عداهُ. وَالظَّاهِر أَن هَذَا الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِل لَكِن أَدَاة الِاسْتِثْنَاء قرينَة دَالَّة على أَن الْمُسْتَثْنى غير دَاخل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِي الْحَقِيقَة. [بل حكم الْمُسْتَثْنى هُنَا ثَابت بطرِيق الْإِشَارَة بِأَن أخرج الْمُسْتَثْنى قبل الحكم لِئَلَّا يتناقض ثمَّ حكم بِالنَّفْيِ على الْبَاقِي إِشَارَة إِلَى أَن الحكم فِي الْمُسْتَثْنى خلاف حكم الْمصدر وَهَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْأَئِمَّة من الْحَنَفِيَّة ومحققو عُلَمَاء الْعَرَبيَّة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ] . فَلَا تنَاقض فِيهِ، ثمَّ الِاسْم الْجَلِيل بعد الثنيا لَو وقف عَلَيْهِ تعين السّكُون، وَإِن وصل بِشَيْء آخر مثل: (وَحده لَا شريك لَهُ) فَفِيهِ وَجْهَان: الرّفْع وَهُوَ الْأَرْجَح لِأَن السماع وَالْأَكْثَر الرّفْع، وَالنّصب وَهُوَ مَرْجُوح وَلم يَأْتِ فِي الْقُرْآن غير الرّفْع، فَفِي صُورَة الرّفْع إِمَّا بدل أَو خبر، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور الْجَارِي على أَلْسِنَة المعربين. [وصلاحية الْحُلُول مَحل الأول لَيْسَ(1/972)
بِشَرْط عِنْد الْمُحَقِّقين] .
ثمَّ الأولى أَن يكون الْبَدَل من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْخَبَر الْمُقدر [الرَّاجِع إِلَى اسْم لَا] لِأَنَّهُ أقرب وَلِأَنَّهُ دَاعِيَة إِلَى الإتباع بِاعْتِبَار الْمحل نَحْو: (لَا أحد فِيهَا إِلَّا زيد) مَعَ إِمْكَان الإتباع بِاعْتِبَار اللَّفْظ نَحْو: (مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد) وَالثَّانِي قَالَ جمَاعَة قَالَ نَاظر الْجَيْش: وَيظْهر لي أَنه رَاجِح من القَوْل بالبدلية وَلَا خلاف يعلم فِي نَحْو (مَا زيد إِلَّا قَائِم) أَن (قَائِم) خبر عَن زيد، وَلَا شكّ أَن زيدا فَاعل فِي قَوْله: (مَا قَامَ إِلَّا زيد) مَعَ أَنه مُسْتَثْنى من مُقَدّر فِي الْمَعْنى، أَي: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد فَلَا مُنَافَاة بَين كَون الِاسْم فِيمَا بعد إِلَّا خَبرا عَن اسْم قبله وَبَين كَونه مُسْتَثْنى من مُقَدّر إِذْ جعله خَبرا مَنْظُور فِيهِ إِلَى جَانب اللَّفْظ وَجعله مُسْتَثْنى مَنْظُور فِيهِ إِلَى جَانب الْمَعْنى.
وَاخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فِي خبر (لَا) فبنو تَمِيم لَا يثبتونه إِذا كَانَ عَاما كالموجود بل يوجبون الْحَذف. والحجازيون يثبتون، وَفِي الْخَاص كالقيام هم والحجازيون سَوَاء فِي الْإِثْبَات إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول: إِن هَهُنَا مغالطة صعبة ذكرهَا بعض الْفُضَلَاء وَهِي أَنه إِن قدر الْخَبَر فِي كلمة التَّوْحِيد مَوْجُود يلْزم نفي الْوُجُود عَمَّا سوى الله من الْآلهَة وإثباته لَهُ تَعَالَى لَا نفي الْإِمْكَان عَن الْآلهَة وَإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى فَيجوز أَن يكون فِي الْإِمْكَان آلِهَة مُتعَدِّدَة وَإِن قدر مُمكن يلْزم مِنْهُ نفي
إِمْكَان الْوُجُود عَن الْآلهَة وَإِثْبَات إِمْكَانه لَهُ تَعَالَى لَا نفي الْوُجُود عَن الْآلهَة وإثباته لَهُ تَعَالَى، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يتم التَّوْحِيد لِأَن التَّوْحِيد إِنَّمَا يتم بِنَفْي إِمْكَان الْوُجُود عَمَّا سوى الله (من الْآلهَة) . وَإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى (وَاللَّازِم على الأول نفي الْوُجُود عَمَّا سوى الله وإثباته لَهُ من غير نفي الْإِمْكَان عَمَّا سواهُ، وعَلى الثَّانِي نفي الْإِمْكَان عَمَّا سوى الله وإثباته لَهُ من غير تعرض لإِثْبَات الْوُجُود لَهُ تَعَالَى) وَقد كثرت الْأَقْوَال فِي دفع هَذِه المغالطة.
قَالَ القَاضِي عضد الدّين فِي " شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ": كلمة الشَّهَادَة غير تَامَّة فِي التَّوْحِيد بِالنّظرِ إِلَى الْمَعْنى اللّغَوِيّ لِأَن التَّقْدِير لَا يَخْلُو عَن أحد الْأَمريْنِ، وَقد (عرفت أَنه) لَا يتم بِهِ وَإِنَّمَا تعد تَامَّة فِي أَدَاء معنى التَّوْحِيد لِأَنَّهَا قد صَارَت علما عَلَيْهِ فِي الشَّرْع.
وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين: وَإِنَّمَا قدر الْخَبَر فِي الْوُجُود أَو مَوْجُودا وَلم يقدر فِي الْإِمْكَان، وَنفي الْإِمْكَان يسْتَلْزم نفي الْوُجُود من غير عكس لِأَن هَذَا رد لخطأ الْمُشْركين فِي اعْتِقَاد تعدد الْآلهَة فِي الْوُجُود، وَلِأَن الْقَرِينَة وَهِي نفس الْجِنْس إِنَّمَا تدل على الْوُجُود دون الْإِمْكَان، وَلِأَن التَّوْحِيد هُوَ بَيَان وجوده تَعَالَى وَنفي إِلَه غَيره لَا بَيَان إِمْكَانه وَعدم إِمْكَان غَيره.
[وَقَالَ الْفَاضِل عِصَام الدّين عَلَيْهِ الرَّحْمَة: قس(1/973)
(لَا إِلَه إِلَّا هُوَ) الى قَوْلنَا: (إِنَّمَا الْإِلَه هُوَ) يظْهر لَك أَنَّك كَمَا لَا تحْتَاج فِي (إِنَّمَا الْإِلَه هُوَ) الى خبر لَا تحْتَاج فِيهِ أَيْضا إِذْ الْمَعْنى وَاحِد، وَالْقَوْل الْجَامِع المندفع عَنهُ الْمَوَانِع فِي مَعْنَاهَا مَا ذكره بعض الْفُضَلَاء من أَنه لَا معبود مُسْتَحقّ لِلْعِبَادَةِ والألوهية الْوَاجِب لذاته فِي الْوَاقِع حَيْثُ يَنْفِي اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية عَن جَمِيع مَا سوى الْوَاجِب لذاته فِي الْوَاقِع نفيا عَاما للوجود والإمكان مفهوماً من الْإِطْلَاق وَيثبت الْوُجُود لَهُ تَعَالَى بطرِيق الْبُرْهَان لاستلزام الْوُجُوب وَكَذَا اسْتِحْقَاق الْعِبَادَة والألوهية للوجود] .
وَلَك أَن تَقول إِن كلمة (لَا) دخلت على الْمَاهِيّة فانتفت الْمَاهِيّة، وَإِذا انْتَفَت الْمَاهِيّة انْتَفَت كل أَفْرَاد الْمَاهِيّة، وَنفي الْمَاهِيّة أقوى بِالتَّوْحِيدِ الصّرْف من نفي الْوُجُود، وَالدّلَالَة على التَّوْحِيد تتَوَقَّف على كَون لَفْظَة الْجَلالَة علما دَالا على الذَّات الْمعينَة والحقيقة إِذْ لَو لم يكن علما لَكَانَ مفهوماً كلياً مُحْتَمل الْكَثْرَة فَلَا تكون تِلْكَ الْكَلِمَة توحيداً لَا عقلا وَلَا شرعا وَلكنهَا تَوْحِيد نصا وإجماعاً، وَالْحق أَن هَذَا الِاسْم الْجَلِيل صفة فِي الأَصْل لقِيَام دَلِيل الِاشْتِقَاق وَهُوَ الْمُشَاركَة فِي اللَّفْظ والتركيب بَينه وَبَين بعض الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمعَانِي الوصفية لكنه اخْتصَّ بطرِيق الْغَلَبَة بِالذَّاتِ البحت الْفَرد الْقَدِيم الأقدس المستجمع لجَمِيع الكمالات، النَّافِي للنقائص من الصِّفَات، الصَّالح فِي ذَاته، المصلح لغيره من الذوات،
المبدئ باخيتاره لجَمِيع الموجودات، المنتهي إِلَيْهِ سلسلة الكائنات من كل الْجِهَات فَصَارَ من الْأَعْلَام الْغَالِبَة كالثريا وَلذَلِك يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ، وَصَارَ حصر الألوهية على مَدْلُوله توحيداً بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع، (وَأما {الْعَزِيز الحميد الله} فعلى قِرَاءَة الرّفْع مُبْتَدأ لَا وصف، وعَلى قِرَاءَة الْجَرّ بَيَان لَا وصف) ، فَإِن قيل: إِن غير العَلَم إِنَّمَا يصير عَلَماً بِغَلَبَة الِاسْتِعْمَال إِذا كَانَ الْمُسْتَعْمل فِيهِ متميزاً بشخصه عِنْد الْمُسْتَعْمل ليمكن اعْتِبَار التعين العلمي فِي مَفْهُومه قُلْنَا: كل حَقِيقَة تتَوَجَّه الأذهان إِلَى فهمها وتفهمها قد وضع لَهَا عَلَم فخالق الْأَشْيَاء أولى بذلك فَإِن تميز ذَاته ثَابت مَعْلُوم بالبراهين القطعية بل فِي سلك البديهيات وَذَلِكَ الْقدر من الْعلم بالامتياز كَاف فِي الِاسْتِعْمَال وَلَا حَاجَة فِي وضع الْأَعْلَام إِلَى معرفَة الْمَوْضُوع وملاحظة بشخصه بل يَكْفِي مَعْرفَته وملاحظته على وَجه ينْحَصر ذَلِك الْوَجْه بالخارج وَيجوز أَن يُسَمِّي الْحق سُبْحَانَهُ نَفسه باسم يدل على ذَاته بالمطابقة ثمَّ يعرفنا بذلك (والمعاني الْمقدرَة عقلا فِي هَذِه الْكَلِمَة المشرفة بِاعْتِبَار معنى الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ أَرْبَعَة، ثَلَاثَة مِنْهَا بَاطِلَة وَهِي أَن يَكُونَا جزئيين أَو كليين وَالْأول جزئياً وَالثَّانِي كلياً، وَالرَّابِع وَهُوَ أَن يكون الأول كلياً وَالثَّانِي جزئياً، فَإِن كَانَ المُرَاد بالكلي الَّذِي هُوَ الْإِلَه الْمُطلق المعبود لم يَصح لِكَثْرَة المعبودات الْبَاطِلَة، وَإِن كَانَ المُرَاد الْإِلَه المعبود بِحَق صَحَّ(1/974)
فَلَا يَصح من هَذِه الْأَقْسَام كلهَا إِلَّا أَن يكون الْإِلَه كلياً بِمَعْنى المعبود بِحَق فَإِذن هَذَا الِاسْم الْجَلِيل علم للفرد الْمَوْجُود مِنْهُ دَال على ذَات مَوْلَانَا لَا يقبل مَعْنَاهُ التَّعَدُّد ذهناً وَلَا خَارِجا) .
[نوع]
{لَا تعضلوهن} لَا تقهروهن.
{وَلَا تَرْكَنُوا} : لَا تذْهبُوا.
{لَا تقف} : لَا تقل.
{وَلَا تعد عَيْنَاك} : لَا تتعداهم إِلَى غَيرهم.
{لَا تَطْغَوْا} : لَا تظلموا.
{لَا تٌ قَدّمُوا بَينَ يَديَ الله ورَسُولِه} : لَا تَقولُوا خلاف الْكتاب وَالسّنة.
{وَلَا تجسسوا} : لَا تتبعوا أَو لَا تبحثوا عَن عورات الْمُسلمين.
{لَا يرقبوا فِيكُم} : لَا يراعوا فِيكُم.
{بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} : أَي لَا طَاقَة لَهُم بهَا.
{لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال} : أَي وَلَا مصادقة.
{وَلَا يستحسرون} : وَلَا يعيون.
{فَلَا تبتئس} : فَلَا تحزن وَلَا تشتك.
{لَا مُعَقِّبَ لحُكْمِه} : لَا رادَّ لَهُ.
{وَلَا يُجازُ عَلَيْه} : وَلَا يغاث أحد وَلَا يمْنَع مِنْهُ.
{لَا تُنقَذون} : لَا تخرجُونَ من سلطاني.
{وَلَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً للذينَ كَفَرُوا} : لَا تسلطهم علينا.
{لَا تبخسوا} : لَا تظلموا.
{لَا ينظرُونَ} : لَا يؤخرون.
{لَا تظمأ} : لَا تعطش.
{لَا تضحى} : لَا يصيبك حَرّ وَلَا تعرق فِيهَا من شدَّة حر الشَّمْس.
{لَا تأس} : لَا تحزن.
{لَا تغلوا} : لَا تَزِيدُوا.
{لَا تصعر خدك للنَّاس} لَا تتكبر فتحقر عباداً لله وَتعرض عَنْهُم بِوَجْهِك إِذا حكموك.
{وَلَا تنيا فِي ذكري} : لَا تضعفا عَن أَمْرِي.
{لَا تستفت} : لَا تسْأَل.(1/975)
{لَا تحصوها} : لَا تحصروها وَلَا تضبطوا عدهَا.
{لَا تلوون} : لَا تلتفتون.
{لَا تشطط} : لَا تجرْ فِي الْحُكُومَة.
{لَا تقنطوا} : لَا تيأسوا.
{لَا تعلوا} : لَا تتكبروا.
{وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} : لَا يَدْعُ بَعْضكُم بَعْضًا بلقب السوء.
{لَا تَفْتِنِّي} : لَا توقعني فِي الْفِتْنَة أَي الْعِصْيَان والمخالفة.
{لَا تعثوا} : لَا تَعْتَدوا.
{لَا تهنوا} : لَا تضعفوا عَن الْجِهَاد بِمَا أَصَابَكُم.
{لَا تجزي نفس} : لَا تقضي وَلَا تغني.
{لَا يزكيهم} : لَا يثني عَلَيْهِم.
{لَا تنس} : لَا تتركها ترك المنسي.
{وَلَا تبرجن} : لَا تتبخترن فِي مشيكن.
{لَا تَزِرُ} : لَا تحمل.
{لَا تحاضون} : لَا تحثّون.
{لَا تمترن} : لَا تشكّن.
{لَا شية فِيهَا} : لَا لون فِيهَا يُخَالف لون جلدهَا، مَأْخُوذَة من وشي الثَّوْب إِذا نسج على لونين مُخْتَلفين، يُقَال: فرس أبلق، وكبش أَمْلَح، وتيس أبرق، وغراب أبقع، وثور أشيه، كل ذَلِك بِمَعْنى البلقة.
{وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} : لَا تبدي خلاخيلها وعضدها ونحرها وشعرها إِلَّا لزَوجهَا.
{لَا ينزفون} : لَا يقيئون كَمَا يقيء صَاحب خمر الدُّنْيَا أَو لَا يسكرون.
{وَلَا يَلْتَفِت} : لَا يتَخَلَّف.
{لَا يؤوده} : لَا يثقل عَلَيْهِ.
{لَا يسأمون} : لَا يفترون وَلَا يملون.
{لَا فارض} : لَا هرمة.
{لَا فِيهَا غول} : لَيْسَ فِيهَا نَتن وَلَا كَرَاهِيَة كخمر الدُّنْيَا.
{فَلَا جنَاح} : فَلَا حرج.
{وأمّا اليتيمَ فَلَا تَقْهَرْ} : فَلَا تغلبه على مَاله(1/976)
لضَعْفه.
{وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} : فَلَا تزجر.
{لَا ترجون لله وقارا} : لَا تخافون لَهُ عَظمَة.
{لَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى} : لَا يُؤمن حَيْثُ وجد.
{لَا شرقية وَلَا غربية} : أَي لَا تطلع عَلَيْهَا الشَّمْس عِنْد شروقها فَقَط لَكِنَّهَا شرقية غربية تصيبها الشَّمْس بِالْغَدَاةِ والعشي.
{وَلَا يَأْتَلِ} : وَلَا يحلف من الألية، أَو لَا يقصر من الألو.
{لَا تَبْدِيل لخلق الله} : مَعْنَاهُ أَمر وَهُوَ نهي عَن الْخصي.
{لَا يبغيان} : لَا يختلطان.
{لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة} : أَي لَا يُمكن فِي الْقِيَامَة ابتياع حَسَنَة وَلَا استجلابها بالمودة {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} .
{وَلَا يستثنون} : وَلَا يَقُولُونَ إِن شَاءَ الله.
{وَلَا يجرمنكم} : لَا يحملنكم أَو لَا يكسبنكم.
{لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم} : لَا تأنيب عَلَيْكُم، استعير للتقريع الَّذِي يمزق الْعرض وَيذْهب مَاء الْوَجْه.
{وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} : وَلَا تغشني عسيراً من أَمْرِي بالمضايقة والمؤاخذة.
{لَا أَبْرَح} : لَا أَزَال.
{وَملك لَا يبْلى} : لَا يَزُول وَلَا يضعف.
{وَلَا تلبسوا} : وَلَا تخلطوا.
{وَلَا ترتدوا على أدباركم} : وَلَا ترجعوا مُدبرين خوفًا من الْجَبَابِرَة.
{وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} : أَي لَا يعيب بَعْضكُم بَعْضًا.
{لَا يفتر عَنْهُم} : لَا يُخَفف عَنْهُم.
{وَلَا تخزنا} ، وَلَا تعذبنا وَلَا تُهْلِكنَا وَلَا تفضحنا وَلَا تهنّا.
{لَا يلتكم} : لَا ينقصكم.
{فَلَا يظْهر على غيبه} : فَلَا يطلع عَلَيْهِ.
{من طين لازب} : لاصق ثَابت.
{وَلَا تَمْتُنْ تَسْتَكْثِر} : لَا تعط مستكثراً، أَو لَا تمنن على الله بعبادتك مستكثراً إِيَّاهَا.(1/977)
{لَا تبقي وَلَا تذر} : أَي لَا تبقي على شَيْء يلقى فِيهَا وَلَا تَدعه حَتَّى تهلكه.
{لَا وزر} : لَا ملْجأ.
{فَلَا رفث} : فَلَا جِماع.
{وَلَا فسوق} : وَلَا خُرُوج من حُدُود الشَّرْع.
{وَلَا جِدَال} : وَلَا مراء مَعَ الخدم والرفقة فِي أَيَّام الْحَج.
{وَلَا تُبطلوا صَدَقاتِكُم} وَلَا تحبطوا أمرهَا.
{لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} : لَا تحيط بِهِ.
{لَا يتناهون} : لَا ينْهَى بَعضهم بَعْضًا.
{لَا تغلوا فِي دينكُمْ} : أَي غلواً بَاطِلا كَمَا غَلت النَّصَارَى فِي رفع شَأْن سيدنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وغلت الْيَهُود فِي وَصفه] .
فصل الْيَاء
[الْيَأْس] : كل يأس فِي الْقُرْآن فَهُوَ قنوط إِلَّا الَّتِي فِي " الرَّعْد " فَإِنَّهَا بِمَعْنى الْعلم.
[يَعْقُوب] : كل مَوضِع فِي الْقُرْآن ذكر يَعْقُوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير إِضَافَة بنيه إِلَيْهِ عبر عَنهُ بِيَعْقُوب، وَحَيْثُ ذكر مُضَافا إِلَيْهِ بنوه عبّر عَنهُ بإسرائيل ردا على أَن أباهم الَّذين شرفوا بالانتساب إِلَيْهِ هُوَ عبد الله فحقهم أَن يعاملوا الله بِحَق الْعُبُودِيَّة ويخضعوا ويتبعوا رسله فِيمَا أرسلهم بِهِ.
[يدْريك: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (مَا يدْريك) فَلم يخبر بِهِ، وكل شَيْء فِي الْقُرْآن (وَمَا أَدْرَاك) فقد أخبر، وَذَلِكَ أَن (مَا) فِي الْمَوْضِعَيْنِ للاستفهام الإنكاري، لَكِن فِي (مَا يدْريك) إِنْكَار وَنفي للإدراك فِي الْحَال والمستقبل، فَإِذا نفى لنِيَّة ذَلِك فِي الْمُسْتَقْبل لم يُخبرهُ وَلم يفسره، وَفِي (مَا أَدْرَاك) إِنْكَار وَنفي لتحقيق الْإِدْرَاك فِي الْمَاضِي لَا يُنَافِي تحَققه فِي الْحَال والمستقبل، فإدراك الله تَعَالَى بإخباره وَتَفْسِيره] .
[الياسر] : كل شَيْء جزأته فقد يسرته، والياسر: الجازر لِأَنَّهُ يُجزئ لحم الْجَزُور.
[الْيَتِيم] : كل شَيْء فَرد يعز نَظِيره فَهُوَ يَتِيم، وَحقّ هَذَا الِاسْم أَن يَقع على الصغار والكبار لبَقَاء الِانْفِرَاد عَن اعْتِبَار الْأَخْذ والإعطاء من الْوَلِيّ بِالنّظرِ إِلَى حَال نَفسه إِلَّا أَنه غلب أَن يُسمى بِهِ قبل أَن يبلغ مبلغ الرِّجَال، فَإِذا بلغ زَالَ عَنهُ هَذَا الِاسْم، وعَلى وفْق هَذَا وردعرف الشَّرْع. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يُتْمَ بعد الحُلُم " أَي: لَا يجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام الْيَتِيم وَلَا يحْتَاج إِلَى الْوَلِيّ.
[اليقطين] : كل شَيْء ينْبت ثمَّ يَمُوت من عَامه فَهُوَ يَقْطِين. والعامة تخص بِهَذَا الِاسْم القرع وَحده.
الْيَاء: هِيَ تزاد فِي الْأَسْمَاء وَتَكون للإضافة كَمَا(1/978)
فِي (بصريّ) و (كوفيّ) ، وللنسبة كَمَا فِي (قرشيّ) و (تميميّ) ، وللتثنية، ولعلامة الْخَفْض، ولأمر الْمُؤَنَّث، وللتصغير.
وَمن ألقابها: يَاء الْجمع، والصلة فِي القوافي، والمحولة كالميزان، والفاصلة فِي الْأَبْنِيَة، والمبدلة من لَام الْفِعْل، وَغير ذَلِك.
وَالْيَاء إِذا كَانَت زَائِدَة فِي الْوَاحِد همزت فِي الْجمع كقبيلة وقبائل. وَإِذا كَانَت من نفس الْكَلِمَة لم تهمز كمعيشة ومعايش.
وتكتب فِي الْفِعْل ممدودة وَفِي الِاسْم مَقْصُورَة تَعْظِيمًا للْفِعْل.
وياء النّسَب كالتاء من حَيْثُ إنَّهُمَا يجيئان للْفرق بَين الْمُفْرد وَالْجِنْس كتمرة وتمر، وزنجي وزنج.
يَا: أصل وَضعهَا للبعيد حَقِيقَة أَو حكما. قَالَ ابْن الْحَاجِب: (يَا) أعمّ، تسْتَعْمل للقريب والبعيد فَيرد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {يَا دَاوُد} لِأَن الله تَعَالَى أقرب من حَبل الوريد. وقربة أحد الشَّيْئَيْنِ من الآخر تَسْتَلْزِم قربَة الآخر مِنْهُ، وَلَا يُمكن التَّوْجِيه بالاستقصار والاستبعاد لقَوْله تَعَالَى: {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} ، ومعكوس بالقريب متصف بِأَصْل الْقرب، والهمزة لأَقْرَب متصف بِزِيَادَة الْقرب، وَلم يذكر للبعيد مرتبتان كَمَا للقريب. وَجعل ابْن الدهان (يَا) مستعملة فِي الْجَمِيع.
و (يَا) أَكثر حُرُوف النداء اسْتِعْمَالا، وَلَا يُنَادى اسْم الله وَلَا اسْم المستغاث وَلَا (أَيهَا) و (أيتها) إِلَّا بيا، وَإِذا ولي (يَا) مَا لَيْسَ بمنادى كالفعل نَحْو: " أَلا يَا اسجدوا " والحرف نَحْو: (يَا لَيْتَني) فَقيل: هِيَ للنداء والمنادى مَحْذُوف، وَقيل: هِيَ لمُجَرّد التَّنْبِيه لِئَلَّا يلْزم الإجحاف بِحَذْف الْجُمْلَة كلهَا. وَقَالَ ابْن مَالك: " إنْ وَليهَا دُعَاء أَو أَمر أَو نهي فَهِيَ للنداء، وَإِلَّا فَهِيَ للتّنْبِيه ".
وَيَا صَاحِبَاه: كلمة يعتادونها عِنْد وُقُوع أَمر عَظِيم فيقولونها ليجتمعوا ويتهيئوا.
(وَلَا يجوز نِدَاء الْبعيد بِالْهَمْزَةِ لعدم الْمَدّ فِيهَا، وَيجوز نِدَاء الْقَرِيب بِسَائِر حُرُوف النداء توكيداً، وَقد يجوز حذف حرف النداء من الْقَرِيب نَحْو: {يُوسُف أعرض} وَقد كثر الْحَذف فِي الْمُضَاف نَحْو: {فاطر السَّمَاوَات} ، {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} وَهُوَ كثير فِي التَّنْزِيل. وَحذف الْحُرُوف وَإِن كَانَ مِمَّا يأباه الْقيَاس حذرا عَن اخْتِصَار الْمُخْتَصر الَّذِي هُوَ إجحاف، إِذْ الْحُرُوف إِنَّمَا جِيءَ بهَا للاختصار إِلَّا أَنه قد ورد فِيمَا ذَكرْنَاهُ لقوه الدّلَالَة على الْمَحْذُوف فَصَارَ للقرائن الدَّالَّة كالتلفظ بهَا) .
الْيَقِين: الِاعْتِقَاد الْجَازِم الثَّابِت المطابق للْوَاقِع،
وَقيل: عبارَة عَن الْعلم المستقر فِي الْقلب لثُبُوته من سَبَب مُتَعَيّن لَهُ بِحَيْثُ لَا يقبل الانهدام، من(1/979)
(يقن المَاء فِي الْحَوْض) إِذا اسْتَقر ودام.
والمعرفة تخْتَص بِمَا يحصل من الْأَسْبَاب الْمَوْضُوعَة لإِفَادَة الْعلم.
[وَفِي " الْأَنْوَار ": هُوَ إيقان الْعلم بِنَفْي الشَّك والشبهة عَنهُ بالاستدلال وَلذَلِك لم يُوصف بِهِ علم الْبَارِي تَعَالَى وَلَا الْعُلُوم الضرورية] .
قَالَ الرَّاغِب: الْيَقِين من صفة الْعلم، فَوق الْمعرفَة والدراية وَأَخَوَاتهَا، يُقَال: علم يَقِين. وَلَا يُقَال: معرفَة يَقِين. وَهُوَ سُكُون النَّفس مَعَ إِثْبَات الحكم.
وَالْيَقِين أبلغ علم وأوكده لَا يكون مَعَه مجَال عناد وَلَا إحتمال زَوَال.
وَالْيَقِين يتَصَوَّر عَلَيْهِ الْجُحُود كَقَوْلِه تَعَالَى: {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} .
والطمأنينة لَا يتَصَوَّر عَلَيْهَا الْجُحُود، وَبِهَذَا ظهر وَجه قَول عليّ رَضِي الله عَنهُ: " لَو كشف الغطاء مَا لزددت يَقِينا "، وَقَول إِبْرَاهِيم الْخَلِيل: {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} .
[وَظَاهر عبارَة الْبَعْض أَن الْيَقِين يقارن الحكم بامتناع النقيض، لَكِن التَّحْقِيق أَن الْمُعْتَبر فِي الْيَقِين هُوَ أَن يكون بِحَيْثُ لَو خطر النقيض بالبال يحكم بامتناعه فَهُوَ اعْتِقَاد بسيط] .
وَقد يذكر الْيَقِين بِمَعْنى الْإِيمَان مجَازًا لمناسبة بَينهمَا.
ويتفاوت الْيَقِين إِلَى مَرَاتِب بَعْضهَا أقوى من بعض
كعلم الْيَقِين لأَصْحَاب الْبُرْهَان، وَعين الْيَقِين، وَحقّ الْيَقِين أَيْضا لأَصْحَاب الْكَشْف والعيان كالأنبياء والأولياء على حسب تفاوتهم فِي الْمَرَاتِب.
وَقد حقق الْمُحَقِّقُونَ من الْحُكَمَاء بِأَن بعد الْمَرَاتِب الْأَرْبَع للنَّفس مرتبتين. إِحْدَاهمَا مرتبَة عين الْيَقِين وَهِي أَن تصير بِحَيْثُ (تشاهد المعقولات فِي المعارف المفيضة إِيَّاهَا كَمَا هِيَ. وَالثَّانيَِة مرتبَة حق الْيَقِين وَهِي أَن تصير بِحَيْثُ) تتصل بهَا اتِّصَالًا عقلياً وتلاقي ذَاتهَا تلاقياً روحانياً.
وَفِي " أنوار التَّنْزِيل ": العارفون بِاللَّه إِمَّا أَن يَكُونُوا بالغي دَرَجَة العيان، أَو واقفين فِي مقَام الِاسْتِدْلَال والبرهان. والأولون إِمَّا أَن ينالوا مَعَ العيان الْقرب بِحَيْثُ يكونُونَ كمن يرى الشَّيْء قَرِيبا وهم الْأَنْبِيَاء أَو لَا فيكونون كمن يرى الشَّيْء من بعيد وهم الصديقون، وَالْآخرُونَ إِمَّا أَن يكون عرفانهم بالبراهين الناطقة وهم الْعلمَاء الراسخون الَّذين هم شُهَدَاء الله فِي أرضه، وَإِمَّا أَن يكون بأمارات وإقناعات تطمئِن إِلَيْهَا نُفُوسهم وهم الصالحون.
واليقينيات سِتّ:
أَولهَا: الأوليات وَتسَمى البديهيات، وَهِي مَا يجْزم بِهِ الْعقل بِمُجَرَّد تصور طَرفَيْهِ نَحْو: الْكل أعظم من الْجُزْء.
ثَانِيهَا: المشاهدات الباطنية، وَهِي مَا لَا يفْتَقر إِلَى عقل كجوع الْإِنْسَان وعطشه وألمه فَإِن الْبَهَائِم تُدْرِكهُ.(1/980)
ثَالِثهَا: التجربيات، وَهِي مَا يحصل من الْعَادة كَقَوْلِنَا: (الرُّمَّان بِحَبْس الْقَيْء) وَقد يعم كعلم الْعَامَّة بِالْخمرِ أَنه مُسكر، وَقد يخص كعلم الطَّبِيب بإسهال المسهلات.
رَابِعهَا: المتواترات، وَهِي مَا يحصل بِنَفس الْأَخْبَار تواتراً كَالْعلمِ بِوُجُود مَكَّة لمن لم يرهَا.
خَامِسهَا: الحدسيات، وَهِي مَا يجْزم بِهِ الْعقل لترتيب دون تَرْتِيب التجربيات مَعَ الْقَرَائِن كَقَوْلِنَا: نور الْقَمَر مُسْتَفَاد من الشَّمْس.
سادسها: المحسوسات، وَهِي مَا يحصل بالحس الظَّاهِر أَعنِي بِالْمُشَاهَدَةِ كالنار حارة وَالشَّمْس مضيئة، فَهَذِهِ جملَة اليقينيات الَّتِي يتألف مِنْهَا الْبُرْهَان.
الْيَوْم: هُوَ لُغَة مَوْضُوع للْوَقْت الْمُطلق لَيْلًا أَو غَيره قَلِيلا أَو غَيره كَيَوْم الدّين لعدم الطُّلُوع والغروب حِينَئِذٍ.
وَعرفا: مُدَّة كَون الشَّمْس فَوق الأَرْض.
وَشرعا: زمَان ممتد من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس، بِخِلَاف النَّهَار فَإِنَّهُ زمَان ممتد من طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا. وَلذَلِك يُقَال: صمتُ الْيَوْم وَلم يُقَال: صمت النَّهَار.
[وَقَالَ بَعضهم: مبدأ النَّهَار فِي عرف المنجمين وَالْفرس وَالروم من طُلُوع الشَّمْس وَهُوَ الْوَضع الطبيعي. وَفِي عرف أهل الشَّرْع من طُلُوع الصُّبْح الصَّادِق. فزمان النَّهَار على هَذَا الْعرف يزِيد على زمَان النَّهَار فِي الْعرف الأول بِزَمَان من اللَّيْل مَعْلُوم بِمِقْدَار مَحْدُود المبدأ، وَهُوَ مَا بَين طلوعي
الْفجْر. ومبدأ اللَّيْل على الأول من غرُوب الشَّمْس، وعَلى الثَّانِي من مُجَاوزَة الْأُفق الغربي من حَيْثُ يظْهر من جَانب الشرق الظلمَة] .
وَإِذا قرن الْيَوْم بِفعل لَا يَمْتَد كالقدوم مثلا كَانَ لمُطلق الْوَقْت: {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} فَإِن الْيَوْم فِيهَا مجَاز عَن الْوَقْت الْيَسِير بِخِلَاف الْيَوْم الآخر فَإِنَّهُ مجَاز عَن الْوَقْت الممتد الْكثير كَمَا فِي {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} .
وللنهار إِذا امْتَدَّ كَالصَّوْمِ مثلا لكَونه معياراً فَإِن قيل: لَو قَالَ: (عَبده حر يَوْم يقدم فلَان) فَقدم لَيْلًا أَو نَهَارا أعتق مَعَ أَن الْيَوْم يسْتَعْمل للنهار حَقِيقَة وللوقت مجَازًا، وَفِيه الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز كَمَا فِي (لَا يضع قدمه فِي دَار فلَان) حَيْثُ يَحْنَث بِالْملكِ وَالْإِجَارَة والإعارة، وَفِيه أَيْضا جمع بَينهمَا لِأَن دَار فلَان حَقِيقَة فِي الْملك، وَالَّتِي سكن فِيهَا بِمَا ذكرنَا مجَاز لصِحَّة النَّفْي فِي غير ذَلِك دونه، وَوضع الْقدَم حَقِيقَة فِيمَا إِذا كَانَ حافياً وراجلاً، ومجاز فِيمَا إِذا كَانَ رَاكِبًا قُلْنَا: إِن هَذَا لَيْسَ من قبيل جمع الْحَقِيقَة وَالْمجَاز بل بِاعْتِبَار عُمُوم الْمجَاز أَي: صَار اللَّفْظ مجَازًا عَن شَيْء، وَذَلِكَ الشَّيْء عَام فَيعم.
وَيَوْم الْقِيَامَة: عبارَة عَن امتداد الضياء الْعَام.
وَأول الْيَوْم: الْفجْر ثمَّ الصَّباح ثمَّ الْغَدَاة ثمَّ البكرة ثمَّ الضُّحَى ثمَّ الهجيرة ثمَّ الظّهْر ثمَّ الرواح ثمَّ الْمسَاء ثمَّ الْعَصْر ثمَّ الْأَصِيل ثمَّ الْعشَاء الأولى ثمَّ الْعشَاء الْأَخِيرَة عِنْد مغيب الشَّفق.
والسَّحَر سَحَران: الأول قبل انصداع الْفجْر(1/981)
وَالْآخر عِنْد انصداعه قبيل الصُّبْح.
والغداة: من طُلُوع الْفجْر إِلَى الظّهْر.
والعشي: من الظّهْر إِلَى نصف اللَّيْل.
فِي " الْقَامُوس " الصُّبْح: الْفجْر أَو أول النَّهَار.
وَفِي " الْجَوْهَرِي ": يُقَال لوقت بعد طُلُوع الشَّمْس ضحوة ولوقت تشرق فِيهِ ضحى بِالْقصرِ ولوقت ارتفاعها الْأَعْلَى ضحاء بِالْمدِّ.
وَالْيَوْم: مُدَّة دورة حَرَكَة الْفلك الْأَعْظَم أَعنِي الْعَرْش، وَإِنَّمَا الشَّمْس متحركة بحركة الْفلك الرَّابِع، وَهِي الَّتِي يتَوَقَّف عَلَيْهَا اللَّيْل وَالنَّهَار. ويتميز الْيَوْم بهَا عندنَا.
وَأول الْيَوْم: إِلَى مَا قبل الزَّوَال.
وَسَاعَة الزَّوَال: نصف النَّهَار لَا نصف الْيَوْم.
والساعة: اسْم لجزء من الشَّهْر فِي لِسَان الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة.
وَأول الشَّهْر: من الْيَوْم الأول إِلَى السَّادِس عشر.
وَآخر الشَّهْر: مِنْهُ إِلَى الآخر إِلَّا إِذا كَانَ تِسْعَة وَعشْرين فَإِن أَوله حِينَئِذٍ إِلَى وَقت الزَّوَال من الْخَامِس عشر وَمَا بعده آخر الشَّهْر.
وَرَأس الشَّهْر: اللَّيْلَة الأولى مَعَ الْيَوْم.
وغرة الشَّهْر: إِلَى انْقِضَاء ثَلَاثَة أَيَّام. وَاخْتلفُوا فِي الْهلَال فَقيل: إِنَّه كالغرة، وَالصَّحِيح أَنه أول الْيَوْم، وَإِن خَفِي فَالثَّانِي.
وسلخ الشَّهْر: الْيَوْم الْأَخير.
وَاللَّيْلَة الْأَخِيرَة: دأداء.
وَذكر فِي كتب الْحَنَفِيَّة أَن غرَّة الشَّهْر هِيَ اللَّيْلَة الأولى. وَالْيَوْم الأول عبارَة عَن الْأَيَّام الثَّلَاثَة فِي الْعرف وَفِي اللُّغَة.
والسلخ: عبارَة عَن الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين فِي
الْعرف، وَأما فِي اللُّغَة فَهُوَ عبارَة عَن الْأَيَّام الثَّلَاثَة من آخر الشَّهْر.
وَآخر أول الشَّهْر: هُوَ الْخَامِس عشر.
وَأول آخر الشَّهْر: هُوَ السَّادِس عشر.
وَيَأْخُذ أَبُو حنيفَة كل شهر ثَلَاثِينَ يَوْمًا وكل سنة ثلاثمئة وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَيَأْخُذ الطوفان بعض الْأَشْهر ثَلَاثِينَ وَبَعضهَا تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فَإِن الإِمَام يعْتَبر الْحساب بِالْأَيَّامِ، وهما بالأهلّة.
(وَاعْلَم أَن ظرف الزَّمَان إِمَّا ثَابت التَّصَرُّف والانصراف وَذَلِكَ كثير كَيَوْم وَلَيْلَة وَحين وَمُدَّة، وَإِمَّا منفيّ التَّصَرُّف والانصراف ومثاله الْمَشْهُور (سحر) إِذا قصد بِهِ التَّعْيِين مُجَردا عَن الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة والتصغير نَحْو: (رَأَيْت أمس سحر) فَلَا ينوّن لعدم انْصِرَافه، وَلَا يُفَارق الظَّرْفِيَّة لعدم تصرفه، والموافق لَهُ عَشِيَّة إِذا قصد بهَا التَّعْيِين مُجَرّدَة عَن الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة لَكِن أَكثر الْعَرَب يجعلونها عِنْد ذَلِك متصرفة منصرفة.
وَأما ثَابت التَّصَرُّف منفيّ الِانْصِرَاف وَله مثالان: غدْوَة وبكرة إِذا جعلا علمين فَإِنَّهُمَا لَا ينصرفان للعلمية والتأنيث ويتصرفان فَيُقَال فِي الظَّرْفِيَّة: (لقِيت زيدا أمس غدْوَة) و (لقِيت عمرا أول أمس بكرَة) . وَيُقَال فِي عدم الظَّرْفِيَّة: (مَرَرْت البارحة إِلَى غَدوةٍ) أَو (إِلَى بكرةٍ) .
وَأما ثَابت الِانْصِرَاف منفي التَّصَرُّف وَهُوَ مَا عين من ضحى وسحر وبكرة ونهار وَلَيْلَة وعتمة وعشاء وَمَسَاء وَعَشِيَّة فِي الْأَشْهر، فَهَذِهِ إِذا قصد بهَا التَّعْيِين بقيت على انصرافها ولزمت الظَّرْفِيَّة فَلم تتصرف، والاعتماد فِي هَذَا على النَّقْل) .(1/982)
وَالِاخْتِيَار فِي عدِّ الْأَيَّام الرّفْع إِلَّا السبت وَالْجُمُعَة فَإنَّك تَقول فِي أفْصح اللُّغَات: اليومَ السبت وَالْيَوْم الْجُمُعَة بِالنّصب لما فيهمَا من معنى الْفِعْل فينصب الْيَوْم على الظَّرْفِيَّة.
وَذكر الْيَوْم أَو اللَّيْل جمعا يَقْتَضِي دُخُول الآخر فِيهِ لُغَة وَعرفا، وَالْأَصْل دُخُول غير الْمَذْكُور ضَرُورَة الْمَذْكُور. وَقد نظمت فِيهِ:
(فكَمْ حالِفٍ يَوْماً بِتَرْكِ كَلامِه ... نَهاراً فَصَار البرّ كالمَسْح مُدةَ)
(وَكم حالِفٍ لَيْلاً كَذَا غَيرَ أنَّه ... يَبرّ إِلَى أنْ زَالَتِ الشَّمسُ صامتا)
(فَهَذَا لتكميلٍ من اللَّيْلِ يَوْمه ... وَمن عَجَبٍ يَوْمٌ يكمِّلُ لَيْلَةَ)
وَقد يُطلق الْيَوْم بطرِيق الْمجَاز على شدَّة ووقعة وَقعت فِيهِ كَقَوْلِهِم: يَوْم أحد وَيَوْم بدر وَيَوْم حنين، وَيَوْم الخَنْدَق، وَيَوْم وَاسِط.
وَيَوْم ذُو أَيَّام: أَي صَعب شَدِيد
ويومٌ أَيْوَم: أَي أَزْيَد وَأقوى شدَّة إِلَى غير ذَلِك من الْمَوَارِد المقرونة بقرائن توجب أَن تصحح حمل لفظ الْيَوْم أَو الْأَيَّام على مَا وَقع فِيهِ من الشدَّة والوقعة أَو الشدائد والوقائع، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَذكرهمْ بأيام الله} إِذْ الْإِنْذَار لَا يكون بِنَفس الْأَيَّام بل بالشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا، وَكَذَا قَوْله: {لَا يرجون أَيَّام الله} أَي لَا يتوقعون الْأَوْقَات الَّتِي وَقتهَا الله لنصر الْمُؤمنِينَ وَوَعدهمْ بوقائعه بأعدائه. (وَكَذَا قَوْله: {يَلْقَ
أَيَّامًا} على قِرَاءَة ابْن مَسْعُود، وَهُوَ إِخْبَار عَن لِقَاء الشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا لَا عَن لِقَاء نفس الْأَيَّام، إِذْ لَا يُفِيد فَائِدَة يعْتد بهَا عرفا) .
وَلَا يُضَاف لفظ (الْأَيَّام) إِلَّا إِلَى الْعشْرَة فَمَا دونهَا لَا إِلَى مَا فَوْقهَا. وَقَوله تَعَالَى: {أَيَّامًا معدودات} قدّروها بسبعة أَيَّام.
والشائع فِي اسْتِعْمَال الْيَوْم المعرّف بِاللَّامِ أَن يُرَاد بِهِ زمَان الْحَال إِذْ الِاسْم الْعَام إِذا عرّف بأداة الْعَهْد ينْصَرف إِلَى الْحَاضِر نَظِيره الْآن من آن والساعة من سَاعَة. وَلما كَانَ أمس وغد مُتَّصِلا كل مِنْهُمَا بيومك اشتق لَهُ اسْم من أقرب سَاعَة إِلَيْهِ، فاشتق لليوم الْمَاضِي أمس الملاقي للمساء وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من صباحه أَعنِي صباح غَد فَقَالُوا: أمس. وَكَذَلِكَ غَد اشتق لَهُ اسْم من الْغَد وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من مسائه أَعنِي مسَاء غَد.
وَالْيَوْم الآخر: هُوَ من الْمَوْت إِلَى الِاسْتِقْرَار وصف بِالْآخرِ. لِأَنَّهُ لَا ليل بعده.
الْيَد: المِلك (بِالْكَسْرِ) ، والجارحة والصلة وَالْبركَة والجاه وَالْوَقار وَالْحِفْظ والنصر وَالْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَالسُّلْطَان وَالنعْمَة وَالْإِحْسَان.
وَالْيَد فِي الأَصْل كالمصدر عبارَة عَن صفة لموصوف، وَلذَلِك مدحهم سُبْحَانَهُ بِالْأَيْدِي مقرونة بالأبصار وَلم يمدحهم بالجوارح لِأَن الْمَدْح إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالصِّفَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَشْعَرِيّ: إِن الْيَد صفة ورد بهَا الشَّرْع، وَالَّذِي يلوح من معنى هَذِه الصّفة أَنَّهَا قريبَة من معنى الْقُدْرَة إِلَّا أَنَّهَا(1/983)
أخص.
وَالْقُدْرَة أَعم كالمحبة مَعَ الْإِرَادَة والمشيئة، (فَإِن فِي الْيَد تَشْرِيفًا لَازِما) ، وَلما كَانَ الْيَد العاملة المختصة بالإنسان آلَة لقدرته، بهَا عَامَّة صنائعه وَمِنْهَا أَكثر مَنَافِعهَا عبر بهَا عَن النَّفس تَارَة وَالْقُدْرَة أُخْرَى.
وَقَوْلهمْ: مَالِي بِهَذَا الْأَمر يدان: أَي طَاقَة وقدرة.
وَالْيَد من رُؤُوس الْأَصَابِع إِلَى الْإِبِط [وَلذَلِك ذهب الْخَوَارِج إِلَى أَن المقطع هُوَ الْمنْكب وَالْجُمْهُور على أَنه الرسغ] .
فِي " الْمُحِيط " أَنَّهَا تقع على الذراعين مَعَ الْمرْفقين. وَفِي " الْقَامُوس ": أَو من أَطْرَاف الْأَصَابِع إِلَى الْكَفّ، والكف: الْيَد، أَو إِلَى الْكُوع.
والكوع: طرف الزند الَّذِي يَلِي الْإِبْهَام.
والزند: موصل الذِّرَاع فِي الْكَفّ وهما زندان.
والذراع: من طرف الْمرْفق إِلَى طرف الاصبع الْوُسْطَى.
والساعد والمرفق: هما موصل الذِّرَاع فِي الْعَضُد.
والعضد: مَا بَين الْمرْفق إِلَى الْكَتف.
وساعداك: ذراعاك. وَمن الطَّائِر جناحاه.
والباع: قدر مدّ الْيَدَيْنِ.
والرسغ: مفصل مَا بَين الساعد والكف والساق
والقدم مثل ذَلِك من كل دَابَّة.
ثمَّ إِن إِطْلَاق الْيَد إِلَى الْمنْكب أهوَ على سَبِيل الْحَقِيقَة وعَلى الْبَعْض كَالْكَفِّ إِلَى الزند فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وكالكف والذراع إِلَى الْمرْفق فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} مجَاز من اطلاق اسْم الْكل على الْبَعْض، أَو على سَبِيل الْمجَاز، وَهِي حَقِيقَة فِي الْكَفّ إِلَى الزند، أَو مشكك فِي جَمِيع ذَلِك، أَو متواطئ بِمُقْتَضى نُصُوص الْأَئِمَّة أَنه على سَبِيل الْحَقِيقَة.
وَالْيَد بِمَعْنى الْجَارِحَة تجمع على (أَيدي) ، وَبِمَعْنى النِّعْمَة على (أيادي) ، فَإِن أصل (يَد) (يَدي) ، وَمَا كَانَ على (فعل) لم يجمع على (أفَاعِل) وَبَعض الْعَرَب تَقول فِي الْجمع (أيد) بِحَذْف الْيَاء، وَلَيْسَ (أَيْدٍ) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} جمع (يَد) بل مصدر بِمَعْنى الْقُوَّة وَمِنْه الْمُؤَيد والتأييد. وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ جمع (يَد) لأثبت الْيَاء لِأَن هَذِه أَصْلِيَّة لَا يجوز حذفهَا، والجموع تردّ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا.
قَالَ السَّيِّد الشريف: الأيادي هِيَ حَقِيقَة عرفية فِي النعم وَإِن كَانَت فِي الأَصْل مجَازًا فِيهَا.
وَقد يكنى بِالْأَيْدِي والأيادي عَن الْأَبْنَاء والأسرة لِأَنَّهَا فِي التقوي والبطش بِمَنْزِلَة الْأَيْدِي، وَمِنْه: تفَرقُوا أَيدي سبأ.(1/984)
وتقبيل الايادي الْكَرِيمَة لحن وَإِنَّمَا الصَّوَاب الْأَيْدِي الْكَرِيمَة.
الْيَمين، فِي اللُّغَة: الْقُوَّة، وَمِنْه: {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} وَلِهَذَا سميت الْيُمْنَى يَمِينا لِأَنَّهَا أقوى الْجَانِبَيْنِ، وَهِي جِهَة مبدأ الْحَرَكَة وَلذَلِك سمى الْحُكَمَاء جِهَة الْمشرق يَمِين الْفلك لابتداء الْحَرَكَة الْعُظْمَى مِنْهَا.
وَفِي الشَّرِيعَة: عقد يقوى بِهِ عزم الْحَالِف على الْفِعْل وَالتّرْك وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى التقوية بِهِ إِمَّا لضعف الدَّاعِي إِلَى الْإِقْدَام الصَّارِف عَن الإحجام فِي الأول، ومقصوده الْحمل على الْمَطْلُوب، وَإِمَّا لعكسه فِي الثَّانِي ومقصوده الْمَنْع عَن الهروب فَيتَعَلَّق الْحِنْث وَالْبر لوُجُود الْمَحْلُوف عَلَيْهِ إقداماً كَانَ أَو إحجاماً، سَوَاء وجد سَهوا أَو عمدا، عَن إِكْرَاه أَو طوع، علم بِهِ الْحَالِف أَو لم يعلم لِأَن الْحِنْث بمخالفة الْيَمين وَالْبر بالموافقة حَقِيقَة، وعَلى أَي وصف كَانَ يتَحَقَّق ذَلِك، نعم لَا يَأْثَم إِذا لم يعْتَقد لَكِن الْإِثْم لَيْسَ بِشَرْط فِي تحقق الْحِنْث وَوُجُوب الْكَفَّارَة بل وُجُوبهَا يتَعَلَّق بِمُجَرَّد الْحِنْث.
وَمن الْيَمين مَا تسمى يَمِين الْفَوْر ك (إِن دَعَوْت وَلم أجب فَعَبْدي حر) حَيْثُ يشْتَرط الْإِجَابَة على فَور الدُّعَاء، تفرد بِهِ أَبُو حنيفَة، وَكَانَ الْيَمين قبل ذَلِك إِمَّا مؤيدة ك (لَا أفعل كَذَا) وَإِمَّا مُؤَقَّتَة ك (لَا أفعل الْيَوْم كَذَا) أَخذه من حَدِيث جَابر وَابْنه حَيْثُ دعيا إِلَى نصْرَة إِنْسَان فَحَلفا أَن لَا ينصراه ثمَّ نصراه بعد ذَلِك وَلم يحثنا.
وَيُقَال فِي الْيَمين: بِاللَّه.
وَفِي التَّيَمُّن: باسم الله.
[فالتيمن إِنَّمَا يكون باسمه تَعَالَى لَا بِذَاتِهِ، وَكَذَا اسْمه تَعَالَى يَجْعَل آلَة الْفِعْل لَا ذَاته، وَالْيَمِين إِنَّمَا يكون بِهِ لَا بأسمائه الَّتِي هِيَ الْأَلْفَاظ] .
وَالَّتِي يعرّفها أهل اللُّغَة يسمون ذَلِك قسما يقْصد بِهِ تَعْظِيم الْمقسم بِهِ إِلَّا أَنهم لَا يخصون ذَلِك بِاللَّه.
وَفِي الشَّرْع لَا يكون هَذَا إِلَّا بِاللَّه، وَالَّتِي لَا يعرفونها من الشَّرْط وَالْجَزَاء إِذْ لَيْسَ فِيهِ معنى التَّعْظِيم. وَهُوَ يَمِين عِنْد الْفُقَهَاء لما فِيهِ من معنى الْيَمين وَهُوَ الْمَنْع والإيجاب.
واليسار الْمُقَابل للْيَمِين بِمَعْنى الْيَد الْيُمْنَى بِالْفَتْح. وَالْكَسْر لغةٌ فِيهِ أَيْضا، وَكَذَا الْيَسَار الْمُقَابل للعسار بِالْفَتْح.
الْيَأْس: هُوَ انْقِطَاع الرَّجَاء. يُقَال: يئست فَأَنا يائس وآيس، وأيست لغةٌ فِيهِ أَيْضا.
اليانع: الْأَحْمَر من كل شَيْء.
اليراع: هُوَ ذُبَاب يطير بِاللَّيْلِ كَأَنَّهُ نَار.
واليراعة: الأحمق والجبان.
يلايمني: أَي يوافقني.
ويلاومني: من اللوم.
وَيُقَال: فلَان يأوي اللُّصُوص وَإِلَى اللُّصُوص.
هَذَا يُسَاوِي ألفا لَا يَسْتَوِي ألفا.
يلهى عَنهُ: كيرعى بِفَتْح الْهَاء أَي: يشغل.
ويلهو: من اللَّهْو.
{يُرِيد أَن ينْقض} : أَي يكَاد.(1/985)
يجوز: بِمَعْنى يَصح وَبِمَعْنى يحل أَيْضا.
يحدر فِي قِرَاءَته: بِالْحَاء المغفلة أَي: يسْرع.
ويهدر فِي قِرَاءَته، بِالْهَاءِ أَي: يهتاج مَعَ علو صَوته فِيهَا.
يَصح: أَعم من يلْزم.
يدع: أخص من (يذر) لِأَنَّهُ ترك الشَّيْء مَعَ سبق الاعتناء بِهِ.
وَفُلَان ينسج وَحده: أَي لَا نَظِير لَهُ فِي الْعلم وَغَيره.
يكود بِنَفسِهِ: يجود.
ويكيد: يمكر.
يجب: قد اسْتعْمل بِمَعْنى يسْتَحبّ، فَإِن الْمَذْكُور فِي عَامَّة الْكتب: إِن قلم أظافيره أَو جز شعره يجب أَن يدْفن، وَإِن رمى لَا بَأْس بِهِ. ويستعملون الأولى بِمَعْنى الْوُجُوب.
أَرض يباب: أَي خراب.
يافث، كصاحب: ابْن نوح، أَبُو التّرْك ويأجوج وَمَأْجُوج.
يحيى: فِي تَعْلِيل كِتَابَة الْعلم بِالْيَاءِ خلاف، فَإِن عللناه بالعلمية كتبناه بِالْألف لِأَنَّهُ قد زَالَت علميته، وَإِن عللناه بِالْفرقِ بَين الِاسْم وَالْفِعْل كتبناه بِالْيَاءِ لِأَن الاسمية مَوْجُودَة فِيهِ، وَهُوَ اسْم أعجمي وَقيل عَرَبِيّ [فيحيى مَنْقُول عَن فعل كيعيش ويعمر] وعَلى الْقَوْلَيْنِ لَا ينْصَرف
[لمعرفته وللزيادة فِي أَوله وَجمعه يحيون كموسون وعسَيْون] وعَلى الثَّانِي سمي بِهِ لِأَنَّهُ أَحْيَاهُ الله بِالْإِيمَان [أَو حييّ بِهِ رحم أمه] وَقيل: لِأَنَّهُ اسْتشْهد وَالشُّهَدَاء أَحيَاء، وَقيل: مَعْنَاهُ: يَمُوت، كالمفازة للمهلكة، والسليم للديغ. وَهُوَ ابْن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السّلم، ولد قبل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِسِتَّة أشهر، ونبيء صغيراُ، وقُتل ظلما.
يُونُس: هُوَ ابْن مَتى (كحتى) قيل: كَانَ فِي زمن مُلُوك الطوائف من الْفرس. [وَكَانَ نَبيا حِين الْإِلْقَاء، وَقيل: لم يكن نَبيا قبل هَذِه الْوَاقِعَة.
اليسع: هُوَ ابْن اخطوب، علم أعجمي والأغلب ثُبُوت (ال) فِيهِ. اسْتَخْلَفَهُ الياس على بني إِسْرَائِيل ثمَّ استنبئ] .
يُوسُف: هُوَ ابْن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم [من أكَابِر الْأَنْبِيَاء] ، ألقِي فِي الْجب وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وَلَقي أَبَاهُ بعد الثَّمَانِينَ. وَتُوفِّي وَله مئة وَعِشْرُونَ سنة، وَالصَّوَاب أَنه أعجمي لَا اشتقاق لَهُ.
قَالَ بَعضهم: هُوَ مُرْسل لقَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد جَاءَكُم يُوسُف من قبل بِالْبَيِّنَاتِ} . [إِذْ الْآيَات مُخْتَصَّة بالرسل. وَفِي كتب التَّفْسِير: استوزره الريان وَهُوَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة، وأوتي الحكم وَالْعلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ] .
يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: سمي يَعْقُوب إِسْرَائِيل مَعْنَاهُ صفوة الله، وَهُوَ أَبُو الأسباط، والسبط من بني(1/986)
إِسْرَائِيل بِمَنْزِلَة الْقَبِيلَة من الْعَرَب، عَاشَ مئة وَسبعا وَأَرْبَعين، وَمَات بِمصْر، وَأوصى أَن يحمل إِلَى الأَرْض المقدسة ويدفن عِنْد أَبِيه إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام فَحَمله ابْنه يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَدَفنه عِنْد أَبِيه [كَمَا أوصى]
[نوع]
{سحر يُؤثر} : يُروى ويتعلم.
{يوفضون} : يسرعون.
{يراؤون} : يرَوْنَ النَّاس أَعْمَالهم ليروهم الثَّنَاء عَلَيْهِم.
{يفجرونها تفجيرا} : يجرونها حَيْثُ شاؤوا إِجْرَاء سهلاً.
{يُغْنِيه} : يَكْفِيهِ.
{يتمطى} : يتبختر افتخاراً.
{فَلْيتَنَافس المنتافسون} : فليرتقب المرتقبون.
{يستوفون} : يَأْخُذُونَ حُقُوقهم وافية.
{يتغامزون} : يغمر بَعضهم بَعْضًا ويشيرون بأعينهم.
{يَدْعُو ثبورا} : يتَمَنَّى الْهَلَاك.
{ظن أَن لن يحور} : لن يرجع إِلَى الله.
{إِذا يسر} إِذا يمْضِي.
{يُؤمنُونَ} : يصدقون.
{يعمهون} : يتمادون أَو يَلْعَبُونَ ويترددون.
{يجرمنكم} : يحملنكم.
{ينأون} : يتباعدون.
{يصدفون} : يعدلُونَ عَن الْحق.
و {إِن يدعونَ} يعْبدُونَ.
{يفرطون} : يضيعون.
{يُضَاهُون} : يشبهون.
{يثنون} : يكنون.
{يستغشون ثِيَابهمْ} : يغطون رؤوسهم.
{كَأَن لم يغنوا} : يعيشوا أَو يقيموا.
{يود} : يتَمَنَّى.
{يعظكم} : يُوصِيكُم.(1/987)
{ليدحضوا بِهِ} : ليزيلوا بالجدال.
{ألم يَأن} : ألم يقرب إناه. {يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} : يفتلونها أَي: يصرفونها عِنْد الْقِرَاءَة عَن المنزَّل إِلَى المحرّف.
{فليبتكن} : يشقّون.
{يزجي} : يُجري.
{يَئوساً} : قنوطاً.
{يبسطوا} : يبطشون.
{يَسِيرا} : سَرِيعا.
{فِي كل وَاد يهيمون} : يَخُوضُونَ.
{يصدعون} : يتفرقون.
{يوبقهن} : يهلكهن.
{يكور} : يحمل.
{يهجعون} : ينامون.
{لم يطمثهن} : لم يَدْنُ مِنْهُنَّ.
{يَجْعَل لَهُ مخرجا} : ينجيه من كل كرب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
{لَو تدهن فيدهنون} : لَو ترخص فيرخصون.
{ليزلقونك} : ينفذونك.
{يوعون} : يَسِيرُونَ.
{يعرشون} : يبنون.
{يفتنون} : يبتلون.
{يطغى} : يتَعَدَّى.
{إِذا أثمر وينعه} : نضجه وبلاغه.
{يُهْرَعُون} : يقبلُونَ بِالْغَضَبِ.
{لم يتسنه} : لم تغيره السنون.
{يلتكم} : ينقصكم بلغَة بني عبس.
{ليقترفوا} : ليكتسبوا.
{يَنْسلونَ} : يخرجُون.
{ينعق} : يَصِيح.
{يَنْفضوا} : يذهبوا.
{يس} : عَن ابْن عَبَّاس: يَا إِنْسَان، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: يَا رجل بلغَة الْحَبَشَة.(1/988)
الْيَهُود: قَالَ الجواليقي: أعجمي معرّب منسوبون إِلَى يهودا بن يَعْقُوب بإهمال الدَّال.
الْيَاقُوت: ذكر أَنه فَارسي.
{ويذرك وآلهتك} : يتْرك عبادتك.
{يسبحون} : يَسِيرُونَ.
{يستسخرون} : يبالغون فِي السخرية.
{يسْحَبُونَ} : يجذبون.
{يسجرون} : يحرقون.
{يسبحون} : يسرعون.
{يحادون الله وَرَسُوله} : يعادونهما أَو يختارون حدوداً غير حدودهما.
{مَا يلفظ من قَول} : مَا يَرْمِي بِهِ من فِيهِ.
{وَلنْ يتركم أَعمالكُم} : لن يضيع أَعمالكُم أَو لن ينقصكم فِي أَعمالكُم.
{فيحفكم} : فيجهدكم بِطَلَب الْكلأ.
{يبلس المجرمون} : يسكتون متحيرين آسفين.
{فِي رَوْضَة يحبرون} : يسرّون سُرُورًا تهللت بِهِ وُجُوههم.
{يذرؤكم} : يكثركم، من الذرء وَهُوَ البث، (وَفِي مَعْنَاهُ: الذَّر والذرو) .
{يجبى إِلَيْهِ} : يُجْلب إِلَيْهِ.
{يثخن فِي الأَرْض} : يكثر الْقَتْل ويبالغ فِيهِ.
{يجمحون} : يسرعون إسراعاً لَا يردهم شَيْء كالفرس الجموح.
{يخرصون} : يكذبُون على الله فِيمَا ينسبون إِلَيْهِ.
{وَمَا يعزب عَن رَبك} : وَلَا يبعد مِنْهُ وَلَا يغيب عَن علمه.
{ليؤوس} : قطوع رَجَاءَهُ.
{يلتقطه} : يَأْخُذهُ.
{يرتع} : يَتَّسِع فِي أكل الْفَوَاكِه وَنَحْوهَا.
{يغاث النَّاس} : يمطرون (من الْغَيْث، أَو يغاثون من الْقَحْط) .
{يثنون صُدُورهمْ} : يثنونها عَن الْحق وينحرفون عَنهُ، أَو يعطفونها على الْكفْر وعَلى عَدَاوَة النَّبِي، أَو يولون ظُهُورهمْ.(1/989)
{يحِق الْحق} : يُثبتهُ ويعليه.
{ليواطئوا} : ليوافقوا.
{قوم يفرقون} : يخَافُونَ.
{وَلَا يطؤون} : وَلَا يدوسون.
{من يَلْمِزك} : يعيبك.
{يَخْتَانُونَ} : يخونون.
{يُشَاقق الرَّسُول} : يُخَالِفهُ.
{يخصفان} : يرقعان ويلزقان.
{يزفون} : يسرعون.
{يَطْلُبهُ حثيثا} : يعقبه سَرِيعا كالطالب لَهُ.
{مَا يأفكون} : مَا يزوِّرونه من الْإِفْك وَهُوَ الصّرْف وقلب الشَّيْء عَن وَجهه.
{يطيروا} : يتشاءموا.
{حَتَّى يلج الْجمل} : حَتَّى يدْخل.
{فيظللن رواكد} : فيبقين ثوابت.
{وَمن يَعش} : يتعامَ ويُعرض.
{لَا يفتر عَنْهُم} : لَا يُخَفف.
{وَلم يعي} : وَلم يتعب وَلم يعجز.
{لَا يرجون أَيَّام الله} : لَا يتوقعون وقائعه بأعدائه.
{لِيظْهرهُ} : ليعليه.
{يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم} : يخفضونها.
{ثمَّ يهيج} : يتم جفافه.
{أَن يفرط علينا} : أَن يعجل علينا بالعقوبة.
{هُوَ تَبُور} : يفْسد وَلَا ينفذ.
{وَلَا هم يستعتبون} : أَي لَا يطْلب مِنْهُم العتبى وَهُوَ استرضاء الله كَمَا استعتب فِي الدُّنْيَا.
{فيسحتكم} : فيهلككم ويستأصلكم.
{فيدمغه} : فيسحقه.
{من يكلؤكم} : يحفظكم.
{ماعِنْدَكُم يَنْفَد} : يَنْقَضِي ويفنى.
{وليتبروا} : وليخربوا.
{يحاوره} : يُرَاجِعهُ فِي الْكَلَام.(1/990)
{ثمَّ ليقضوا} : ثمَّ ليزيلوا.
{يُدَعّونَ إِلَى جَهَنّم} : يدْفَعُونَ إِلَيْهَا دفعا عنيفاً.
{يثقفوكم} : يظفروا بكم.
{من يحموم} : من دُخان أسود.
{لينبذن} : لَيُطْرَحَنَّ.
{ثمَّ السَّبِيل يسره} : ثمَّ سهل مخرجه من بطن أمه.
{وَهُوَ يجير} : يغيث.
{يتفطرن} : يتشققن.
{يعبأ بكم} : يصنع بكم.
{يُوزعُونَ} : يدْفَعُونَ.
{يلعنهم اللاعنون} : إِذا تلاعن اثْنَان فَإِن لم يسْتَحق أحد مِنْهُمَا رجعت اللَّعْنَة على الْيَهُود.
{لن يستنكف} : لن يأنف، من نكفت الدمع: إِذا نحيته بإصبعك لكيلا يُرى أَثَره عَلَيْك.
{ليفجر أَمَامه} : ليدوم على فجوره فِيمَا
يستقبله من زمَان.
{يدع الْيَتِيم} : يَدْفَعهُ عَن حَقه دفعا عنيفاً.
{يتخافتون} : يخفضون أَصْوَاتهم.
{يركضون} : يهربون مُسْرِعين راكضين دوابهم أَو مشبهين بهم من فرط إسراعهم.
{يؤلون من نِسَائِهِم} : يحلفُونَ أَن لَا يجامعوهن.
{يَتَرَبَّصْنَ} : ينتظرْن.
{يغِيظ الْكفَّار} بغضبهم {لينفروا كَافَّة} : ليتبسطوا جَمِيعًا أَي سَارُوا فِي الْبِلَاد.
{فيركمه} : فيجمعه وَيجْعَل بعضه إِلَى بعض.
{يَوْم يحمى عَلَيْهَا} : أَي: يُوقد النَّار ذَات حمي شَدِيد على دَنَانِير ودراهم.
{يسطون} : يثبون ويبطشون.
{يخزيهم} : يذلهم ويعذبهم بالنَّار.
{لَمَا يتخيَّرون} : يختارونه ويشتهونه.(1/991)
{يتلاومون} : يلوم بَعضهم بَعْضًا.
{وَمَا يسطرون} : وَمَا يَكْتُبُونَ.
{ويقبضن} : ويضممنها إِذا ضربن بهَا جنوبهن.
{فَيَوْمئِذٍ} : فَحِينَئِذٍ.
{من يَقْطِين} : من شجرٍ ينبسط على وَجه الأَرْض فَلَا يقوم على سَاقه. وَالْأَكْثَر على أَنه الدُّبَّاء.
{يتولونه} : يحبونه ويطيعونه.
{إِن الشَّيَاطِين لَيُوحُون} : أَي ليوسوسون.
{وليمحص} : وليطهر ويصفّي.
{أفلم يَيْأسِ الَّذين آمنُوا} : أفلم يعلم بلغَة بني مَالك، وَقيل بلغَة هوَازن.
{يصهر} : يذاب.
{فَأصْبح يقلب كفيه} : أَي نَادِما.
{يوف إِلَيْكُم} : يؤدَّ إِلَيْكُم وَلذَلِك أَدخل (إِلَى) .
{ليقطع طرفا} : لينقص جمَاعَة بقتل
بَعضهم وَأسر آخَرين.
{وَلم يصروا} : أَي لم يقيموا وَلم يثبتوا.
{ليَسُؤُوا وجُوهَكم} : ليجعلوها بادية آثَار المساءة فِيهَا.
{وَلَا هم ينقذون} : ينجون من الْمَوْت.
{يدسه فِي التُّرَاب} : يخفيه ويئده.
{يتَوَارَى} : يستخفي.
{حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} : الْمَوْت ومقدماته.
{ليزلقونك} : ليزلقون قدمك أَو ليهلكونك بِإِصَابَة الْعين.
{يعوق} : صنم لمراد.
{يَغُوث} : صنم لمذحج.
{ليَبْلُوكُمْ} : ليعاملكم مُعَاملَة المختبر بالتكليف.
{وَمن النَّاس من يُعْجِبك} : يروقك ويعظم فِي نَفسك.
{يصلونها} : يقاسمون حَرَّها.
{شَأْن يُغْنِيه} : يَكْفِيهِ.
{أَو يذكر} : أَو يتعظ(1/992)
{لَعَلَّه يزكّى} : يتَطَهَّر.
{حسابا يَسِيرا} : سهلاً لَا يناقش فِيهِ.
{أعلم بِمَا يوعون} : يضمرون فِي صُدُورهمْ من الْكفْر والعداوة.
{ألم يجدك} : من الوجد بِمَعْنى الْعلم.
{وَمَا يَشْعُرُونَ} : لَا يحسون.
{يسومونكم} : يبغونكم.
{فَادع لنا رَبك يخرج لنا} : يظْهر لنا وَيُوجد.
{ليحاجوكم} : ليحتجوا عَلَيْكُم.
{يستخفون} : يستترون.
{ينعق بِمَا لَا يسمع} : أَي يسمع الصَّوْت وَلَا يعرف مَعْنَاهُ، ويحس بالنداء وَلَا يفهم كَالْبَهَائِمِ.
{فَلَنْ يكفروه} : فَلَنْ يضيع وَلنْ ينقص ثَوَابه الْبَتَّةَ.
{سيطوقون مَا بخلوا بِهِ} : يستلزمون وبال مَا بخلوا بِهِ إِلْزَام الطوق.
{وَيَتُوب عَلَيْكُم} : وَيغْفر لكم ذنوبكم.
{يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} : أَي يميلون
عَن مواضِعِه الَّتِي فِيهَا بإزالته عَنْهَا وَإِثْبَات غَيره فِيهَا.
{يتدبرون الْقُرْآن} : يتأملون فِي مَعَانِيه ويتبصرون مَا فِيهِ.
{إِذْ يبيتُونَ} : يدبرون ويزورون.
{قل الله يفتيكم} : يبين لكم.
{إِن يَشَأْ يذهبكم} : يفنيكم.
{وَيَأْتِ بِآخَرين} : وَيُوجد قوما فِي إِقَامَته.
{أَو يكبتهم} : أَو يخزيهم.
{فينقلبوا خائبين} : فينهزموا منقطعي الآمال.
{لمن ليبطئن} : أَي من يتثاقلون ويتخلفون عَن الْجِهَاد يَعْنِي الْمُنَافِقين.
{برَبهمْ يعدلُونَ} : يسوّون الْأَوْثَان بِهِ.
{يطعم وَلَا يطعم} : يرْزق وَلَا يرزَق.
{يَتَضَرَّعُونَ} : يتذللون.
{يتوفاكم بِاللَّيْلِ} : ينيمكم فِيهِ ويراقبكم.
{أَو يلْبِسكُمْ} : يخلطكم.
{وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} : يُقَاتل(1/993)
بَعْضكُم بَعْضًا.
{وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} : يُحِيط علمه بهَا.
{وَمَا يشعركم} : وَمَا يدريكم.
{ليبدي لَهما} : ليظْهر.
{يَلْهَث} : اللهث: ادّلاع اللِّسَان من التَّنْفِيس الشَّديد.
{يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} : يسمونه بِلَا تَوْقِيف فِيهِ.
{يتيهون فِي الأَرْض} : أَي يذهبون متحيرين فِي الْمَفَازَة.
{فَمن يملك من الله} : فَمن يمْنَع من قدرته وإرادته.
{ليفتدوا بِهِ} : ليجعلوه فِدْيَة.
{يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض} : أَي يدبر أَمر الْمَخْلُوقَات أَي يخلق الْأَمر الَّذِي هُوَ الْمَخْلُوقَات، وَإِضَافَة الْأَمر إِلَيْهَا من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص ليُوَافق قَوْله: {إِنَّا كلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَر} : فَتكون الْمَخْلُوقَات من قبيل الْمجَاز المشارفة كَمَا قيل فِي {هدى لِلْمُتقين} ] .
فصل فِي المتفرقات
كل مُبْتَدأ إِذا أضيف إِلَى مَوْصُوف بِغَيْر ظرف وَلَا جَار وَلَا مجرور وَلَا فعل للشرطية فَحِينَئِذٍ يجوز دُخُول الْفَاء فِي خَبره كَمَا فِي حَدِيثي الِابْتِدَاء.
كل لفظ وضع لِمَعْنى اسْما كَانَ أَو فعلا أَو حرفا فقد صَار ذَلِك اللَّفْظ اسْما علما لنَفس ذَلِك اللَّفْظ، وَلذَلِك يُقَال: (ضرب) مثلا فعل مَاض. و (من) الْوَاقِعَة فِي (من الدَّار) حرف جر وَأَشْبَاه ذَلِك.
كل لفظ فَلهُ معنى لغَوِيّ، وَهُوَ مَا يفهم من مَادَّة تركيبه، وَمعنى صيغي وَهُوَ مَا يفهم من هَيئته أَي حركاته وسكناته وترتيب حُرُوفه، لِأَن الصِّيغَة اسْم من الصوغ الَّذِي يدل على التَّصَرُّف فِي الْهَيْئَة لَا فِي الْمَادَّة. فالمفهوم من حُرُوف (ضرب) اسْتِعْمَال آلَة التَّأْدِيب فِي مَحل قَابل لَهُ، وَمن هَيئته وُقُوع ذَلِك الْفِعْل فِي الزَّمَان الْمَاضِي وتوحيد الْمسند إِلَيْهِ وتذكيره وَغير ذَلِك. وَلِهَذَا يخْتَلف كل معنى باخْتلَاف مَا يدل عَلَيْهِ، إِلَّا أَن فِي بعض الْأَلْفَاظ تخْتَص الْهَيْئَة بمادة فَلَا تدل على الْمَعْنى فِي غير تِلْكَ الْمَادَّة كَمَا فِي (رجل) مثلا فَإِن الْمَفْهُوم من حُرُوفه أَنه ذَكَرٌ من بني آدم جَاوز حد الْبلُوغ، وَمن هَيئته أَنه مكبَّر غير مصغَّر، وَوَاحِد غير جمع وَغير ذَلِك. وَلَا تدل هَذِه الْهَيْئَة فِي مثل (أَسد) و (نمر) على شَيْء. وَفِي بَعْضهَا تدل كلتاهما على معنى وَاحِد وَهِي الْحُرُوف كمن وَعَن وَفِي.
كل لفظ مُتَعَيّن للدلالة بِنَفسِهِ على معنى فَهُوَ(1/994)
عِنْد الْقَرِينَة الْمَانِعَة عَن إِرَادَة ذَلِك الْمَعْنى مُتَعَيّن لما يتَعَلَّق بذلك الْمَعْنى تعلقاً مَخْصُوصًا، ودالٌّ عَلَيْهِ بِمَعْنى أَنه يفهم مِنْهُ بِوَاسِطَة الْقَرِينَة لَا بِوَاسِطَة هَذَا التَّعْيِين حَتَّى لَو لم يسمع من الْوَاضِع جَوَاز اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي الْمَعْنى الْمجَازِي لكَانَتْ دلَالَته عَلَيْهِ وفهمه مِنْهُ عِنْد عدم قيام الْقَرِينَة محالا.
كل لفظ جعل اسْما أَو فعلا أَو حرفا فَهُوَ بِاعْتِبَار الْمَعْنى.
كل لفظ وضع لِمَعْنى اسْما كَانَ أَو فعلا أَو حرفا فقد صَار اسْما علما مَوْضُوعا لنَفس ذَلِك اللَّفْظ.
كل حكم واردٌ على مَدْلُوله إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ اللَّفْظ نَحْو: (كتبت زيدا) ، و (ضرب فعل مَاض) و (من حرف جر) وَغير ذَلِك.
كل مَفْهُوم كَمَا يصدق على الْوَاحِد من الْأَفْرَاد كَذَلِك يصدق على الْكثير مِنْهَا كالإنسان مثلا أَنه أنَاس وآحاد، أَعنِي إِنْسَان كثير وَوَاحِد كثير. وَالْمُطلق صَادِق عَلَيْهِمَا على السوَاء.
كل اسْم لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بانضمام شَيْء آخر إِلَيْهِ فَهُوَ الْمُضَارع للمضاف، فَكَمَا أَن الْمُضَاف لَا يتم مَعْنَاهُ إِلَّا بالمضاف إِلَيْهِ كَذَلِك الِاسْم الأول من الْمُضَارع للمضاف لَا يتم إِلَّا بِمَا بعده، فقولك: (خير) لَا يتم مَعْنَاهُ مَا لم يَنْضَم إِلَيْهِ (من زيد) وَمَا أشبه ذَلِك.
كل اسْم وَقع الابْن أَو الِابْنَة وَصفا لَهُ وَكَانَ الابْن أَو الِابْنَة بَين العلمين فَإِنَّهُ يحذف التَّنْوِين من ذَلِك الِاسْم، وَإِن لم يقعا بَين العلمين يثبت تَنْوِين ذَلِك الِاسْم. نقُول: (هَذَا زيدُ ابْن أخينا) و (هَذِه هندٌ
ابْنة عمنَا) بِالتَّنْوِينِ و (هَذَا زيدٌ بن عَمْرو) و (هَذِه هندُ بنت عَاصِم) بِحَذْف التَّنْوِين. وَإِذا لم يَجْعَل الابْن أَو الْبِنْت وَصفا لما قبله بل جعل خَبرا يلْزم إِثْبَات تَنْوِين الِاسْم لِأَن الْخَبَر مُنْفَصِل عَن الْمُبْتَدَأ بِخِلَاف الصّفة فَإِنَّهَا مَعَ الْمَوْصُوف كشيء وَاحِد.
كل اسْم اخْتصَّ بالمؤنث مثل (أتان) و (عَناق) و (ضبع) فَإِن هَاء التَّأْنِيث لَا تدخل عَلَيْهِ.
كل اسْم على ثَلَاثَة أحرف أوسطه سَاكن مثل (لوط) فَإِنَّهُ يتَصَرَّف مَعَ العجمة والتعريف لِأَن خفته عادلت أحد الثقلَيْن.
كل اسْم على (أفعولة) فَهُوَ مضموم الأول كالأحدوثة والأرجوزة وَالْأُضْحِيَّة، وَمثله: أُمْنِية وأوقية وَمَا أشبه ذَلِك.
كل اسْم فِيهِ سببان أَو أَكثر فَإِن كَانَ العلمية فِيهِ شرطا يصير منصرفاً بِزَوَال العلمية لزوَال شَرطه.
كل اسْم فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث جَازَ ترخيمه والعلمية وَالزِّيَادَة على الثَّلَاثَة غير مشروطين.
يَقُولُونَ: (يَا جاريَ لَا تستنكري) و (يابُثَ أقبلي) ، وَأما (يَا صاحِ) و (أطرقْ كَرا) فَمن الشواذ.
كل اسْم لَا يجوز أَن يَقع صفة لأيّ فِي النداء كَالْعلمِ الْمُفْرد والمضاف بِالْإِضَافَة الْمَحْضَة و (مَن) فِي الصِّلَة، و (أَي) و (أَيَّة) جَازَ حذف حرف النداء مِنْهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} .
كل اسْم أعجمي على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَدَاوُد وَمَا أشبه ذَلِك فَهُوَ غير(1/995)
منصرف، فَإِن كَانَ على ثَلَاثَة أحرف انْصَرف فِي الْمعرفَة والنكرة لخفته كَمَا صرف نوح وَلُوط.
كل اسْم على وزن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل نَحْو (أَحْمد) و (تغلب) وَمَا كَانَ على وزن (فعلان) الَّذِي لَا (فَعْلى) لَهُ كمروان، وَكَذَا كل اسْم فِي آخِره ألف وَنون زائدتان كعثمان، والمعدول كعمر، والمؤنث بِالتَّاءِ كطلحة أَو بِالْمَعْنَى كزينب، والاسمان اللَّذَان جعلا اسْما وَاحِدًا كحضرموت وبعلبك وَمَا أشبه ذَلِك فَهَذَا كُله لَا ينْصَرف معرفَة وينصرف نكرَة. تَقول فِي الْمعرفَة: (مَرَرْت بِأَحْمَد) وَفِي النكرَة: (رُبَّ أحمدٍ) وَقس عَلَيْهِ الْبَوَاقِي.
كل اسْم فِيهِ علمية مُؤثرَة إِذْ نُكِّر صُرف إِلَّا مثل (أَحْمَر) من الصِّفَات المنقولة على الْخلاف بَين شيخ النُّحَاة وتلميذه.
كل اسْم عَمَدت إِلَى تَعديَة ذَاته قبل أَن يحدث فِيهِ بِدُخُول العوامل شَيْء من تأثيراتها فحقك أَن تلفظ بِهِ مَوْقُوفا فَتَقول: وَاحِد، اثْنَان، ثَلَاثَة.
كل مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من الْأَسْمَاء المؤنثة فَهُوَ سَاكن الْوسط مَفْتُوح الأول نَحْو: صفحة وجفنة وضربة. وَإِذا جمع جمع السَّلامَة فتح الْأَوْسَط مِنْهُ فَقيل: صَفَحات، جَفَنات، ضَرَبات.
كل اسْم جنس معرّف بِاللَّامِ إِذا غلب اسْتِعْمَاله على شخص معِين نَحْو (النَّجْم) فَإِن لَام التَّعْرِيف تدخله على سَبِيل اللُّزُوم.
كل اسْم معرَّف إِذا دخل عَلَيْهِ اللَّام يكون للتعظيم لَا للتعريف نَحْو: الْحسن وَالْحُسَيْن وَالْعَبَّاس.
كل اسْم آخِره يَاء حَقِيقَة وَقبلهَا كسرة فَهُوَ
يُسمى منقوصاً نَحْو: القَاضِي والغازي والداعي.
كل اسْم اجْتمع فِيهِ ثَلَاث ياءات أولَاهُنَّ يَاء التصغير فَإنَّك تحذف مِنْهُنَّ وَاحِدَة، وَإِن لم يكن أولَاهُنَّ يَاء التصغير تثبت كلهَا. تَقول فِي تَصْغِير حَيَّة حيية، وَفِي تَصْغِير أَيُّوب أييب.
كل اسْم جَاوز أَرْبَعَة لَيْسَ رابعه حرف مد ولين فقياسه أَن يُرَدَّ إِلَى أَرْبَعَة أحرف فِي التصغير كَمَا قَالُوا فِي سفرجل سفيرج، وَفِي فرزدق فريزد، وَمَا أشبه ذَلِك.
كل اسْم كَانَ مشتقاً من الْمصدر فَهُوَ عَرَبِيّ، وكل اسْم لم يشتق فَهُوَ أعجمي.
كل اسْم ثلاثي حذف فاؤه أَو عينه أَو لامه فَإِنَّهُ يجب فِي التصغير ردهَا لِأَن أقل أوزان التصغير (فُعَيل) وَلَا يتم إِلَّا بِثَلَاثَة أحرف، وَإِذا كَانَ مُحْتَاجا إِلَى حرف ثَالِث فَرد الْأَصْلِيّ الْمَحْذُوف من الْكَلِمَة أولى من اجتلاب الْأَجْنَبِيّ.
كل اسْم على (فعول) فَهُوَ مَفْتُوح الأول إِلَّا السبوح والقدوس والذروح فَإِن الضَّم فِيهَا أَكثر.
كل اسْم غُيِّر من أَصله بِالْقَلْبِ أَو الْحَذف فَإِنَّهُ يجب أَن يرجع إِلَى الأَصْل عِنْد التصغير إِن لم يبْق مَا يَقْتَضِي تصغيره.
كل اسْم كَانَ معرباً فِي الأَصْل وَحكي ذَلِك الْإِعْرَاب فإعرابه المحكي تقديري.
كل (فعْلَة) اسْما وَلم تكن الْعين واواً أَو يَاء فَإِنَّهُ إِذا جمع بِالْألف وَالتَّاء حركت عينه بِالْفَتْح كثمرات ونخلات وركعات وسجدات. وَمَا كَانَ صفة أَو مضاعفاً أَو معتل الْعين فَهُوَ على السّكُون كضخمات وجوزات وبيضات.
كل اسْم على (فَعْل) عينه حرف حلق يجوز تسكين عينه وفتحه كشهر ونهر وَشعر وَنحر إِلَّا(1/996)
(نَحْو) فَإِنَّهُ لَا يجوز فتح عينه لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى اعتلال لامه فَترك على السّكُون.
كل وَاحِد من الِاسْم وَالْفِعْل فَإِنَّهُ يفهم فِي حَال الْإِفْرَاد غير مَا يفهم مِنْهُ عِنْد التَّرْكِيب لِأَن الْمَعْنى الْمَفْهُوم من الْحَرْف فِي حَال التَّرْكِيب أتم مِمَّا يفهم عِنْد الِانْفِرَاد. وَذهب السَّيِّد الشريف إِلَى أَن الْحَرْف لَا معنى لَهُ أصلا لَا فِي نَفسه وَلَا فِي غَيره، وَخَالف النُّحَاة فِي قَوْلهم: إِن للحرف معنى فِي غَيره.
كل اسْم من أَسمَاء الزَّمَان فلك أَن تَجْعَلهُ اسْما وظرفاً إِلَّا مَا خصته الْعَرَب بالظرفية وَلم تستعمله مجروراً وَلَا مَرْفُوعا، وَذَلِكَ يُؤْخَذ سَمَاعا مِنْهُم.
كل اسْم جَازَ دُخُول حرف الْقسم عَلَيْهِ جَازَ الْقسم فِيهِ.
كل فعل نسب إِلَى مَكَان خَاص بِوُقُوعِهِ فِيهِ يَصح أَن ينْسب إِلَى مَكَان شَامِل لَهُ وَلغيره، فَكَمَا يَصح أَن تَقول: (ضربت زيدا فِي الدَّار) كَذَلِك يَصح أَن تَقول: (ضَربته فِي الْبَلَد) .
كل فعل على (فِعل) بِكَسْر الْعين وعينه حرف حلق فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ كسر الْفَاء إتباعاً لكسر الْعين نَحْو: نعم وَبئسَ.
كل الْأَفْعَال متصرفة إِلَّا سِتَّة: نعم وَبئسَ وَعَسَى وَلَيْسَ، وفعلي التَّعَجُّب. وَزَاد الْبَعْض كَلِمَات: يذر ويدع وتبارك فَإِن تَقْدِيم الْمَنْصُوب على الْمَرْفُوع غير جَائِز فِيهَا.
كل فعل جَاءَ من النّصْف الأول من الْأَبْوَاب السِّتَّة فاسم الْفَاعِل مِنْهُ على وزن (فَاعل) .
وكل فعل جَاءَ من الرَّابِع فاسم الْفَاعِل على هَذَا الْوَزْن أَيْضا، وَرُبمَا يَجِيء على وزن (فَعَل) نَحْو: حسن، و (فَعْل) نَحْو: ضخم،
و (أُفْعَل) نَحْو: أَحمَق، وَرُبمَا يَجِيء على وزن (فعيل) نَحْو: كريم.
كل مَا اشتق من مصَادر الثلاثي لمن قَامَ بِهِ لَا على صِيغَة (فَاعل) فَهُوَ لَيْسَ باسم فَاعل بل هُوَ صفة مشبهة أَو أفعل تَفْضِيل أَو صِيغَة مُبَالغَة كحسن وَأحسن ومضراب.
كل حرف من حُرُوف الْجَرّ يُضَاف إِلَى (مَا) الاستفهامية فَإِن ألف (مَا) تحذف فِيهِ فرقا بَينهَا وَبَين الموصولة ك (عمَّ) و (ممَّ) و (بمَ) .
كل حرف كَانَ لَهُ معنى متبادر كالاستعلاء فِي (على) مثلا ثمَّ اسْتعْمل فِي غَيره فَإِنَّهُ لَا يتْرك ذَلِك الْمَعْنى الْمُتَبَادر بِالْكُلِّيَّةِ بل يبْقى فِيهِ رَائِحَة مِنْهُ ويلاحظ مَعَه.
كل حرف زيد فِي كَلَام الْعَرَب فَهُوَ قَائِم مقَام إِعَادَة الْجُمْلَة مرّة أُخْرَى.
كل كلمة إِذا وقفت عَلَيْهَا أسكنت آخرهَا إِلَّا مَا كَانَ منوناً فَإنَّك تبدل من تنوينه ألفا حَالَة النصب نَحْو: رَأَيْت زيدا.
كل مَا صَحَّ أَن يكون مُسْندًا إِلَيْهِ صَحَّ أَن يكون مَوْصُوفا لاشْتِرَاكهمَا فِي اسْتِقْلَال معروضيتهما مفهوماً وَإِنَّمَا الْفرق بَينهمَا بِأَن كَانَت النِّسْبَة فِي الأول مَجْهُولَة وَفِي الثَّانِي مَعْلُومَة.
كل مَا كَانَ من الْمُؤَنَّث على ثَلَاثَة أحرف لَا هَاء فِيهِ للتأنيث فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا فِيهِ هَاء التَّأْنِيث لِأَنَّهَا مقدرَة فِيهِ. أَلا ترى أَنَّهَا تردّ فِي التصغير. يُقَال فِي تَصْغِير هِنْد هنيدة، وَفِي أَرض أريضة وَنَحْو ذَلِك.
كل مَا يبْنى من الثلاثي للثبوت والاستقرار على غير وزن (فَاعل) فَإِنَّهُ يردّ إِلَيْهِ إِذا أُرِيد معنى الْحُدُوث كحاسن من (حسن) ، وثاقل من(1/997)
(ثقل) وفارح من (فَرح) وَنَحْو ذَلِك.
كل مَا كَانَ على (فِعلة) مثل: سِدْرَة وفقرة فلك أَن تفتح الْعين وتكسر وتسكن.
كل اثْنَيْنِ لَا يكَاد أَحدهمَا ينْفَرد كالعينين وَالْيَدَيْنِ فَإِن الْعَرَب تَقول فِيهِ: رَأَيْت بعيني وبعينيَّ، وَالدَّار فِي يَدي وَفِي يديَّ.
كل لقبين مُتَقَابلين من ألقاب الْإِعْرَاب وَالْبناء وَهُوَ الرّفْع مَعَ الضَّم، وَالنّصب مَعَ الْفَتْح، والجر مَعَ الْكسر، (والجزم مَعَ السّكُون) ، فهما مثلان فِي الصُّورَة ضدان فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء بِحَسب الِانْتِقَال واللزوم.
كل خاصَّتي نوع فَهُوَ إِمَّا أَن يتَّفقَا أَو يختلفا فَإِن اتفقَا امْتنع اجْتِمَاعهمَا كالألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة فِي الِاسْم، وَالسِّين وسوف وتاء التَّأْنِيث فِي الْفِعْل، لِأَن (سَوف) يَقْتَضِي الْمُسْتَقْبل وَالتَّاء يَقْتَضِي الْمَاضِي، وَإِن لم يتضادا جَازَ إجتماعهما كالألف وَاللَّام والتصغير وَقد وتاء التَّأْنِيث.
كل مَا يكون معدولاً عَن الأَصْل فَهُوَ للْمُبَالَغَة.
فعلى هَذَا رَحِيم ورحوم ورحمان أبلغ مِنْهُمَا وَالْكل معدول عَن رَاحِم.
كل كلمة على حرف وَاحِد مَبْنِيَّة يجب أَن تبنى على حَرَكَة تَقْوِيَة لَهَا وَيَنْبَغِي أَن تكون الْحَرَكَة فَتْحة طلبا للتَّخْفِيف، فَإِن سكن مِنْهَا شَيْء كالياء فِي (غلامي) فلمزيد التَّخْفِيف.
كل مَا قلت فِيهِ (مَا أَفْعَلَه) قلت فِيهِ (أَفْعِل بِهِ) و (هَذَا أَفْعَلُ من هَذَا) . وَمَا لم تقل فِيهِ (مَا أَفْعَلَه) لم تقل فِيهِ (هَذَا أَفْعَلُ من هَذَا) وَلَا (أَفْعِلْ بِهِ) .
كل مَا جَازَ أَن يكون حَالا جَازَ أَن يكون صفة للنكرة لَا الْعَكْس. أَلا ترى أَن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل يكون صفة للنكرة نَحْو: (هَذَا رجل سيكتب) وَلَا يجوز أَن يَقع حَالا.
كل مَا كَانَ على وزن (فَعِل) نَحْو (كَبِد) و (كتف) فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ اللُّغَات الثَّلَاث، فَإِن كَانَ الْوسط حرف حلق جَازَ فِيهِ لُغَة رَابِعَة هِيَ إتباع الأول للثَّانِي فِي الْكسر نَحْو: فَخذ وَشهد.
كل مَا كَانَ أقوى على تَغْيِير معنى الشَّيْء كَانَ أقوى على تَغْيِير لَفظه، وَلِهَذَا عملت (أَنْ) فِي الْمُضَارع وَلم تعْمل (مَا) لِأَن (أَنْ) نقلته إِلَى معنى الْمصدر والاستقبال، و (مَا) نقلته إِلَى معنى الْمصدر فَقَط، فَإِن (مَا) تدخل على الْفِعْل وَالْفَاعِل والمبتدأ وَالْخَبَر و (أَنْ) مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ، وَلعدم اخْتِصَاص (مَا) لم تعْمل شَيْئا.
كل (أفعل) إِذا كَانَ نعتاً مِمَّا هُوَ خلقَة فَيجمع على (فُعْل) كالصم والبكم والعمي، وَإِن كَانَ اسْما فَيجمع على (أفَاعِل) كأرنب وأرانب وأعجم وأعاجم، وَإِن كَانَ نعتاً مِمَّا هُوَ آفَة فَيجمع على (فعلى) بِالْفَتْح كالأحمق والحمقى، والأعجف والعجفى.
كل مَا كَانَ بعد (إِلَّا) الْمُسْتَثْنى بهَا فَلَا بُد أَن يكون لَهُ مَوضِع من الْإِعْرَاب.
كل مَا ينْسب إِلَى الْجُمْلَة بِاعْتِبَار جُزْء أَو صفة جَازَ أَن يَقع صفة للجملة وَلذَلِك الْبَعْض، وَهُوَ مجَاز فِي أَحدهمَا إِذْ لَا مُشْتَرك معنوياً فيدعى بالتواطؤ، وَالْمجَاز خير من الِاشْتِرَاك، وَجعله حَقِيقَة فِي الْبَعْض مجَازًا فِي الْجُمْلَة أولى لقُوَّة العلاقة.(1/998)
كل مَا هُوَ جُزْء من الشَّيْء فإضافته إِلَيْهِ بِمَعْنى (من) كأنهار دجلة.
كل اسْتِفْهَام دخل على نفي فَهُوَ يُفِيد التَّنْبِيه وَتَحْقِيق مَا بعده كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر} .
كل مَا كَانَ على وزن (فُعْلى) الَّتِي هِيَ مؤنث (أفعل) فَإِنَّهُ يجمع على (فُعَل) كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن: {إِنَّهَا لإحدى الْكبر} .
كل كَلَام يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فِي الإفادة فَهُوَ لَا يبتني على غَيره، وَمَا لَا يسْتَقلّ يبتني على غَيره، لِأَن تعلق الشَّيْء بِغَيْرِهِ لأجل الضَّرُورَة، وَلَا ضَرُورَة عِنْد الِاسْتِقْلَال بالفائدة. مِثَال ذَلِك: (لَا، بل) فَإِنَّهُ إِذا لم يذكر لَهَا جُزْء يَجْعَل الْجُزْء الْمَذْكُور للْأولِ جُزْءا لَهَا فتعلقت بِالْأولِ ضَرُورَة الصيانة عَن الإلغاء، وَإِذا ذكر لَهَا جُزْء اسْتَقَلت بِنَفسِهَا وَلَا تتَعَلَّق بِمَا قبلهَا.
كل غَائِب عينا كَانَ أَو معنى إِذا ذكر جَازَ أَن يشار إِلَيْهِ بِلَفْظ الْبعيد نظرا إِلَى أَن الْمَذْكُور غَائِب.
تَقول: (جَاءَنِي رجل فَقَالَ ذَلِك الرجل) . وَجَاز فِي قلَّة أَن يشار إِلَيْهِ بِلَفْظ الْقَرِيب نظرا إِلَى قرب ذكره فَتَقول: (جَاءَنِي رجل فَقَالَ هَذَا الرجل) .
كل مصدر أضيف إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ لفظا أَو تَقْديرا أَو لم يقْصد بِهِ بَيَان النَّوْع فقد وَجب حذف ناصبه.
كل ظرف أضيف إِلَى الْمَاضِي فَإِنَّهُ يبْنى على الْفَتْح ك " يَوْم وَلدته أمه " الحَدِيث. وَاخْتلف فِي الْمُضَارع.
كل عدد فَوق الثَّلَاث فَهُوَ مَدْلُول الْجمع حَقِيقَة.
كل فعل فِي آخِره يَاء أَو وَاو أَو ألف فجزمه بِحَذْف آخِره كَقَوْلِهِم: لم يقْض، لم يغز، وَلم يخْش، وَلم يَسْعَ، إِلَّا أَن يكون مَهْمُوز الآخر فَإِنَّهُ لم يحذف فِي الْجَزْم كَقَوْلِك: لم يُخطئ؛ وَلم يجِئ فعلامة جزم ذَلِك سُكُون آخِره.
كل شَيْء جَوَابه بِالْفَاءِ مَنْصُوبًا فَهُوَ بِغَيْر الْفَاء مَجْزُومًا.
كل كلمة كَانَت عين فعلهَا أحد حُرُوف الْحلق كَانَ الْأَغْلَب فتحهَا فِي الْمُضَارع، فَإِن نطق فِي بَعْضهَا بِالْكَسْرِ أَو بِالضَّمِّ فَهُوَ مِمَّا شَذَّ عَن أَصله وندر عَن رسمه.
كل عَلَم لَيْسَ بِصفة وَلَا مصدر وَلَا اسْم جنس معرّف بِاللَّامِ نَحْو: زيد وَعَمْرو وَأسد إِذا وضع بِلَا ألف وَلَام علما لرجل فَإِنَّهُ لَا يدْخلهُ لَام التَّعْرِيف.
كل معرفَة أَصله الْوَصْف كالعباس والْحَارث دَخلته الْألف وَاللَّام.
كل صفة أَو مصدر وضع علما لشخص نَحْو (حسن) فَإِن لَام التَّعْرِيف تدخله على سَبِيل الْجَوَاز. تَقول: جَاءَ حسن وَجَاء الْحسن.
كل عَلَم وَجَدْنَاهُ مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام وَلَيْسَ بِصفة وَلَا اسْم فَإِن علمنَا اشتقاقه نَحْو: الثريا والدبران نقُول: كل وَاحِد مُشْتَقّ من مصدره، وَإِذا كَانَ مشتقاً يَنْبَغِي أَن لَا يكون مَخْصُوصًا بِوَاحِد معِين لغاية اسْتِعْمَاله، وَإِن لم نعلم اشتقاقه نلحقه بِمَا عرفنَا اشتقاقه على تَأْوِيل أَن من كَانَ قبلنَا عرف(1/999)
اشتقاقه. هَكَذَا نقل عَن سِيبَوَيْهٍ.
كل (فَعْلان) من (فَعِل) بِكَسْر الْعين فَإِنَّهُ غير متصرف، فندمان بِمَعْنى النادم غير منصرف لمجيء مؤنثه (نَدْمى) كسَكْرى. وَأما الَّذِي هُوَ منصرف فمؤنثه (ندمانة) وَهُوَ من المنادمة فِي الشَّرَاب بِمَعْنى النديم.
كل مَا كَانَ مُشْتَمِلًا على شَيْء فَهُوَ فِي كَلَام الْعَرَب مَبْنِيّ على (فِعالة) بِالْكَسْرِ نَحْو: غِشاوة وعِمامة وقِلادة وعِصابة. وَكَذَلِكَ أَسمَاء الصَّنَائِع لِأَن معنى الصِّنَاعَة الاشتمال على كل مَا فِيهَا نَحْو: الْخياطَة والقصارة، وَكَذَلِكَ كل من استولى على شَيْء فَإِن اسْم المستولى عَلَيْهِ (فِعالة) بِالْكَسْرِ نَحْو: الخِلافة والإِمارة، وَأما البطالة على هَذَا الْوَزْن فَهُوَ من بَاب حمل النقيض على النقيض.
كل منادى يجوز حذف حرف النداء مَعَه إِلَّا فِي النكرَة الْمَقْصُودَة والمبهمة وَاسم الْإِشَارَة عِنْد الْبَصرِيين والمستغاث وَالْمَنْدُوب والمضمر (زَاده ابْن مَالك) وَفِي " تذكرة ابْن الصَّائِغ ": لَا يجوز حذف حرف النداء من لَفْظَة الْجَلالَة وَأَجَازَهُ النّحاس فِي " صناعَة الكتّاب ".
كل مَا يخبر عَنهُ بِالْألف وَاللَّام يَصح أَن يخبر عَنهُ بِالَّذِي، وَلَيْسَ كل مَا يخبر عَنهُ بِالَّذِي يجوز أَن يخبر عَنهُ بِالْألف وَاللَّام.
كل اسْم من جملَة تَامَّة خبرية يجوز الْإِخْبَار عَنهُ إِلَّا أَن يمْنَع مِنْهُ مَانع.
كل كلمة كَانَت على حرفين فَهِيَ عِنْد الْعَرَب نَاقِصَة، والتامة مَا كَانَت على ثَلَاثَة أحرف.
كل تَابع صلح للبدل ولعطف الْبَيَان فَإِن تضمن زِيَادَة بَيَان فَجعله عطف بَيَان أولى من جعله بَدَلا وَإِلَّا فالبدل أولى.
كل مَا جَاءَ على (فَوْعَل) فَهُوَ مَفْتُوح الْفَاء نَحْو: جَوْرَب وَروْشَن.
كل (فِعليل) فَهُوَ بِكَسْر الْفَاء نَحْو: بِرطيل وبِلقيس.
كل مَا كَانَ من نعوت الْآفَات فَإِنَّهُ يجمع على (فَعلى) بِالْفَتْح كالغرقى والهدمى والمرضى والجرحى.
كل (فعيل) جَازَ فِيهِ ثَلَاث لُغَات نَحْو: رجل طَوِيل، وَإِذا زَاد طوله قلت: طوال، وَإِذا زَاد قلت طوّال، بِالتَّشْدِيدِ.
كل مَا وَقع بِإِزَاءِ الْفَاء وَالْعين وَاللَّام فَإِنَّهُ يحكم بأصالته وَمَا لَا فَلَا.
كل مَا كَانَ على وزن (تفعّل) أَو (تفَاعل) مِمَّا آخِره مَهْمُوز كَانَ مصدره على التفعل والتفاعل كالتباطؤ والتوضؤ والتبرؤ.
كل مَا يُمَيّز الشَّيْء عَن جَمِيع مَا عداهُ فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِ أَن يُقَال: يُمَيّز الشَّيْء عَن بعض مَا عداهُ لَا الْعَكْس.
كل غير متصرف إِذا كَانَ منقوصاً ك (جَوارٍ) و (موالٍ) فَفِيهِ خلاف. قَالَ بَعضهم: هُوَ منصرف لِأَنَّهُ قد زَالَ صِيغَة مُنْتَهى الجموع فَصَارَ ك (قذال) ، وَالْجُمْهُور على أَنه مَمْنُوع من الصّرْف، والتنوين عوض عَن الْيَاء المحذوفة عِنْدهم، وَعَن حركتها عِنْد الْمبرد، وَالْكَسْر لَيْسَ كسر إِعْرَاب.(1/1000)
كل مَا تضمن مَا لَيْسَ لَهُ فِي الأَصْل فَإِنَّهُ منع شَيْئا مِمَّا لَهُ فِي الأَصْل ليَكُون ذَلِك الْمَنْع دَلِيلا على مَا تضمنه. مِثَاله: نعم وَبئسَ فَإِنَّهُمَا إِنَّمَا منعا التَّصَرُّف لِأَن لَفْظهمَا مَاض ومعناهما إنْشَاء الْمَدْح والذم، فَلَمَّا تضمنا مَا لَيْسَ لَهما فِي الأَصْل وَهُوَ الدّلَالَة على الْحَال منعا التَّصَرُّف لذَلِك.
كل مَا كَانَ على وزن (فعالى) فَهُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْح كسُكارى وأُسارى ويتامى ونصارى.
كل جملَة وَقعت خَبرا لمبتدأ فمحلها الرّفْع.
كل مَوضِع كَانَ فِيهِ ل (كلما) جَوَاب فَكلما فِيهِ ظرف.
كل تَكْرِير كَانَ على طَرِيق يعظم الْأَمر أَو يحقره فِي جمل مُتَوَالِيَات كل جملَة مِنْهَا مُسْتَقلَّة بِنَفسِهَا فَذَلِك غير مستقبح.
كل نسب فَهُوَ مشدد إِلَّا فِي مَوَاضِع وَهِي: يمَان وشآم وتهام ونباط.
كل فعل مكسور الْعين فِي الْمَاضِي فَالْقِيَاس فِيهِ أَن يفتح عينه فِي الْمُضَارع إِلَّا مَا شَذَّ بِالْكَسْرِ خَاصَّة وَهِي أَلْفَاظ مَخْصُوصَة، مِنْهَا: ومق يمق، وَمَا جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ فَهُوَ حسب.
كل كلمة لامها وَاو أَو وَقعت رَابِعَة وَقبلهَا كسرة فَإِنَّهَا تقلب يَاء نَحْو غَازِيَة ومحنية أَصْلهَا: غازوة ومحنوة.
كل مَا كَانَ على (فعلل) فلك أَن تَقول فِيهِ (فعالل) ، وَلَا يجوز أَن تَقول فِيمَا كَانَ على (فعالل) (فعلل) .
كل مَا لَا يعْمل فِيمَا قبله لَا يعْمل مَا قبله فِيمَا
بعده.
كل مَا جَاءَ على (فعلَة) بِمَعْنى (مفعول) فَهُوَ بِالضَّمِّ كالرحلة والنخبة وَمَا أشبه ذَلِك.
كل (فعالَّة) مُشَدّدَة فَإِنَّهُ جَازَ تخفيفها كحمارة القيض وصبارة الْبرد إِلَّا الحبالة فَإِنَّهَا لَا تخفف.
كل مَا كَانَ على (فعل) بكسرتين جَازَ فِيهِ الإسكان، وَلم يجِئ على (فِعِل) إِلَّا لفظان: إبِل وبِلِز.
كل مَا كَانَ على (فعّال) من الْأَسْمَاء فَإِنَّهُ أبدل من أحد حرفي تَضْعِيفه يَاء مثل: (دِينَار) و (قِيرَاط) كَرَاهَة أَن يلتبس بالمصادر.
كل جزءين أضيفا إِلَى كليهمَا لفظا أَو تَقْديرا أَو كَانَا مفردين من صَاحبهمَا فَإِنَّهُ جَازَ فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: الْأَحْسَن الْجمع ويليه الْإِفْرَاد وَعند الْبَعْض يَلِيهِ التَّثْنِيَة، وَقيل: الْأَحْسَن الْجمع ثمَّ التَّثْنِيَة ثمَّ الْإِفْرَاد نَحْو: قطعت رُؤُوس الكبشين، وَرَأس الكبشين، ورأسي الكبشين.
كل مَا يُغير معنى الْكَلَام ويؤثر فِي مضمونه فَإِن كَانَ حرفا فمرتبته الصَّدْر كحروف النَّفْي والتنبيه والاستفهام والتحضيض وإنّ وَأَخَوَاتهَا وَمَا أشبه ذَلِك.
كل ضمير رَاجع إِلَى الْمَعْطُوف بِالْوَاو أَو بحتى مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يطابقهما مُطلقًا نَحْو: ((زيد وَعَمْرو جاءاني) ، و (مَاتَ النَّاس حَتَّى الْأَنْبِيَاء وفنوا) وَالضَّمِير للمعطوف والمعطوف عَلَيْهِ، وَيجوز) ، (زيد وَعَمْرو قَامَ) على حذف الْخَبَر من الثَّانِي اكْتِفَاء بِخَبَر الأول أَي:(1/1001)
وَعَمْرو كَذَلِك.
كل جَوَاب لَا يصلح أَن يكون شرطا فَإِنَّهُ لَا يتَعَيَّن اقترانه بِالْفَاءِ.
كل جمع مؤنث إِلَّا مَا صَحَّ بِالْوَاو وَالنُّون فِيمَن يعلم. تَقول: جَاءَ الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَجَاءَت الرِّجَال وَالنِّسَاء. وَفِي التَّنْزِيل: {إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات} .
كل مَا كَانَ معدولاً عَن جِهَته ووزنه فقد كَانَ مصروفاً عَن أخواته كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا كَانَت أمك بغيا} أسقط الْهَاء لِأَنَّهَا كَانَت مصروفة عَن (باغية) .
كل عدد مُضَاف فَإِنَّهُ وَجب أَن يعرف الْأَخير مِنْهُ ك (ثَلَاثَة الأثواب) و (ثَلَاث الأثافي) إِذْ لَو عرف الْمُعَرّف بِالْإِضَافَة لزم أَن يعرف الِاسْم من وَجْهَيْن، وَذَا لَا يجوز، وَلَو عرف الأول وَحده تنَاقض الْكَلَام لِأَن إِضَافَته حِينَئِذٍ إِلَى النكرَة تنكره فَعرف الأول بِالْإِضَافَة وَالثَّانِي بِاللَّامِ ليحصل لكل مِنْهُمَا التَّعْرِيف من طَرِيق غير طَرِيق صَاحبه.
كل معنى يصلح لَهُ اسْم الْمسند إِلَيْهِ إِذا أُرِيد بِهِ تَعْجِيل إفادته قدم كل جُزْء من أَجزَاء الْكَلَام عُمْدَة كَانَ أَو فضلَة فقد حكم عَلَيْهِ ضمنا بِمَا هُوَ لَهُ، فَالْمُسْنَدُ مثلا حكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ثَابت للمسند إِلَيْهِ، وَالْمَفْعُول بِأَنَّهُ وَقع عَلَيْهِ الْفِعْل.
[كل تَعْرِيف للوصفية الْأَصْلِيَّة فَهُوَ للْعهد الْخَارِجِي.
كل (مَفاعِل) من المعتل الْعين فَإِنَّهُ يجب التَّصْرِيح فِيهِ بِالْيَاءِ ونقطها كمعايش ومشايخ إِلَّا
مصائب فَإِنَّهُ صَحَّ بِالْهَمْزَةِ سَمَاعا وَالْقِيَاس فِيهِ بِالْوَاو، وَأما نَحْو (صَحَائِف) و (رسائل) و (رَوَائِح) و (فَضَائِل) و (نَظَائِر) و (قَلَائِل) فحقها أَن لَا تنقط لِأَنَّهُ خطأ قَبِيح، لَكِن بِهَمْزَة فَوق الْيَاء أَو تحتهَا وَأما اسْم الْفَاعِل فبالياء (قَائِل) بِالْهَمْزَةِ و (بَايع) فرقا بَين الواوي واليائي.
كل مؤول الشَّيْء لَيْسَ حكمه حكم مَا أُوِّل بِهِ] .
فصل
طُوبَى لمن صدق رَسُول الله وآمن بِهِ وَأحب طَاعَته وَرغب فِيهَا وَأَرَادَ الْخَوْف وهمّ بِهِ واستطاع وَقدر عَلَيْهِ وَنسي عمله وَذهل عَنهُ وَخَافَ عَذَاب الله وأشفق مِنْهُ وَرَجا ثَوَاب الله وطمع فِيهِ. فَهَذِهِ الْأَفْعَال متحدة الْمعَانِي ومختلفة بِالتَّعَدِّي واللزوم فَعلم بذلك أَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي لَا يتَمَيَّز من غَيره بِالْمَعْنَى والتعلق، وَإِنَّمَا يتَمَيَّز بِأَن يتَّصل بِهِ كَاف الضَّمِير أَو هاؤه أَو ياؤه باطراد، وَبِأَن يصاغ مِنْهُ اسْم مفعول تَامّ باطراد نَحْو: صدقته وأردته ورجوته فَهُوَ مصدوق وَمُرَاد ومرجو.
الْفِعْل الْمُتَعَدِّي بالحروف المتعددة لَا بُد أَن يكون لَهُ مَعَ كل حرف معنى زَائِد على معنى الْحَرْف الآخر، وَهَذَا بِحَسب اخْتِلَاف مَعَاني الْحُرُوف، فَإِن ظهر اخْتِلَاف الحرفين ظهر الْفرق نَحْو: رغبت فِيهِ وَعنهُ، وَعدلت إِلَيْهِ وَعنهُ، وملت إِلَيْهِ وَعنهُ، وسعيت إِلَيْهِ وَبِه، وَإِن تقاربت مَعَاني الأدوات عسر الْفرق نَحْو: قصدت إِلَيْهِ وَله،(1/1002)
وهديت إِلَى كَذَا ولكذا، فالنحاة يجْعَلُونَ أحد الحرفين بِمَعْنى الآخر. وَأما فُقَهَاء أهل الْعَرَبيَّة فَلَا يرتضون هَذِه الطَّرِيقَة، بل يجْعَلُونَ للْفِعْل معنى مَعَ الْحَرْف وَمعنى مَعَ غَيره فَيَنْظُرُونَ إِلَى الْحَرْف وَمَا يَسْتَدْعِي من الْأَفْعَال وَهَذِه طَريقَة إِمَام الصِّنَاعَة سِيبَوَيْهٍ.
تَعديَة الْفِعْل إِن كَانَت بِنَفسِهِ قَليلَة نَحْو أَقْسَمت الله، أَو مُخْتَصَّة بِنَوْع من المفاعيل كاختصاص (دخلت) بِالتَّعَدِّي إِلَى الْأَمْكِنَة بِنَفسِهِ وَإِلَى غَيرهَا بفي نَحْو: (دخلت فِي الْأَمر) فَهُوَ لَازم حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ، وَإِن كَانَت بِحرف الْجَرّ قَليلَة فَهُوَ متعدٍّ والحرف زَائِد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} .
لَا يتَعَدَّى فعل الْمُضمر الْمُتَّصِل وَلَا فعل الظَّاهِر إِلَى ضَمِيره الْمُتَّصِل إِلَّا فِي بَاب ظن وَعدم وفقد، سَوَاء تعدى الْفِعْل بِنَفسِهِ أَو بحرفه نَحْو: ظَنّه قَائِما، وفقده، وَعَدَمه أَي: نَفسه، وَلَا يجوز (زيد ضربه) أَي: نَفسه وَلَا (زيد مرَّ بِهِ) أَي: نَفسه.
بَاء التَّعْدِيَة تسمى بَاء النَّقْل وَهِي المعاقبة للهمزة فِي تصيير الْفَاعِل مَفْعُولا، والمتعدية بِهَذَا الْمَعْنى مُخْتَصَّة بِالْبَاء، وَأما التَّعْدِيَة بِمَعْنى إِيصَال معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم فمشترك بَين حُرُوف الْجَرّ الَّتِي لَيست بزائدة وَلَا فِي حكم الزَّائِدَة. يَقُولُونَ: (قشعت الرّيح السَّحَاب فأقشع) أَي: صَار ذَا قشع، يُرِيدُونَ بِهِ أَنه إِذا كَانَ من الثلاثي يكون
مُتَعَدِّيا، وَإِذا كَانَ من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ يكون لَازِما.
الْمُتَعَدِّي قد يَجْعَل لَازِما وينقل إِلَى (فعل) بِالضَّمِّ فيبنى مِنْهُ الصّفة المشبهة، أَلا يرى أَن (رفيع الدَّرَجَات) مَعْنَاهُ: رفيعٌ درجاته لَا رَافع للدرجات.
جَازَ تضمين اللَّازِم الْمُتَعَدِّي مثل: {سفه نَفسه} فَإِنَّهُ مُتَضَمّن لأهْلَكَ. قَالَ الْمبرد وثعلب: سفه بِالْكَسْرِ متعدٍ وبالضم لَازم.
قد تغلب الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ على الْمُتَعَدِّي بِغَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجعل لكم من الْفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ} إِذْ يُقَال: ركبت الدَّابَّة وَركبت السَّفِينَة.
فَاعل: لمن فعل الشَّيْء مرّة.
مفعول: لمن فعل بِهِ مرّة.
فَعَّالِ، بِالتَّشْدِيدِ: لذِي صَنْعَة يزاولها ويديمها وَعَلِيهِ أَسمَاء المحترفين.
مُفَعَّل، مشدداً: لمن تكَرر بِهِ الْفِعْل كالمجرَّح لمن جرح جرحا على جرح.
فَعول: لمن كثر مِنْهُ الْفِعْل.
فَعيل: لمن صَار لَهُ كالطبيعة.
مِفْعال: لمن اعْتَادَ الْفِعْل حَتَّى صَار لَهُ كالآلة، وَهَذَا الْوَزْن يَأْتِي لاسم الْفَاعِل لغَرَض التكثير وَالْمُبَالغَة كالمفضال.
فَعِل: كزَمِن: لمن صَار لَهُ كالعاهة.
فعلان: لمن تكَرر مِنْهُ الْفِعْل وَكثر، وَهُوَ فِي(1/1003)
النَّعْت أَكثر كعطشان وسكران.
تفعل: لمن يمارس الْفِعْل ليحصل كتحكم.
تفَاعل: لمن يظْهر الْفِعْل على خِلَافه لَا لتحصيله كتجاهل وتمارض.
فَاعل: كثيرا مَا يَجِيء فِي اسْم الْآلَة الَّتِي يفعل بهَا الشَّيْء كالخاتم والقالب، وتحريك الْعين من الفعلان والفعلى يُنَاسب أَن يكون مَعْنَاهُمَا مَا فِيهِ حَرَكَة كالنَّزَوان وَهُوَ ضراب الْفَحْل، والحَيَدى وَهُوَ الْحمار الَّذِي يحيد أَي: يمِيل عَن ظله لنشاطه.
وَقُوَّة النّظم فِي فعل يُنَاسب أَن يوضع لأفعال الصَّنَائِع اللَّازِمَة، وَلِهَذَا لم يُغير الْعين فِي مضارعه لِأَن أَفعَال الطبيعة ثَابِتَة. وَالتَّشْدِيد فِي فعل يُنَاسب التكثير فِي مَعْنَاهُ، وَفِي ذَلِك نوع تَأْثِير لَا نفس الْكَلم فِي اختصاصها بالمعاني [وَقطعت الأثواب لتكثير الْمَفْعُول. وَقطعت الثَّوْب لتكثير الْفِعْل] .
خصوا (فعلى) مَفْتُوح الْفَاء بقلب يائه واواً، وخصوا (فعلى) مضموم الْفَاء بعكس الْقلب فرقا بَين الِاسْم وَالصّفة، وَلم يعكسوا لِأَن (فعلى) بِالضَّمِّ أثقل فَكَانَ أولى بِأَن تقلب فِيهِ الْوَاو يَاء لتَحْصِيل الخفة.
(فعلان) الَّذِي مؤنثه (فعلى) أَكثر من (فعلان) الَّذِي مؤنثه (فعلانة) ، والفرد يلْحق بالأعم الْأَغْلَب فَعلم مِنْهُ أَن كلمة (رحمان) فِي أَصْلهَا مِمَّا يتَحَقَّق فِيهَا وجود (فعلى) فَيمْتَنع من
الصّرْف أَيْضا، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَون الأَصْل فِي الأَصْل الِانْصِرَاف.
[وفعولة إِنَّمَا يُطلق على محقرات الْأُمُور وغرائبها] .
فُعلى، بِالضَّمِّ يَأْتِي اسْما علما نَحْو: حزوى ومصدراً نَحْو: رجعى، وَاسم جنس نَحْو: سهمى، وتأنيث (أفعل) نَحْو: الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، وَصفَة مَحْضَة لَيست بتأنيث (أفعل) نَحْو: حُبْلَى.
فعل: بِكَسْر الْعين يَجِيء من الْعِلَل وَالْأَحْزَان كَمَرَض وعجف وَفَرح وحزن، وَبِضَمِّهَا يَجِيء من الطبائع والنعوت كظرف وملح وَحسن وكرم.
وَأكْثر الأدواء والأوجاع على (فعال) بِالضَّمِّ كالصداع والزكام والسعال والفواق والخناق، كَمَا أَن أَكثر الْأَدْوِيَة على (فعول) بِالْفَتْح كالسفوف واللعوق والنطول والغسول والسعوط.
فعيل بِمَعْنى (فَاعل) يفرق فِيهِ بَين الْمُذكر والمؤنث سَوَاء ذكر الْمَوْصُوف أَو لَا، وَبِمَعْنى (مفعول) لم يفرق بَينهمَا إِذا ذكر الْمَوْصُوف وَيفرق إِذا لم يذكر.
وفعول بِمَعْنى فَاعل كفعيل بِمَعْنى مفعول.
وفعول بِمَعْنى مفعول كفعيل بِمَعْنى فَاعل.
وفعول بِمَعْنى الْمصدر وَهُوَ قَلِيل كالقبول والولوع والوزوع.
وَبِمَعْنى الْفَاعِل كالغفور والصفوح والشكور.
وَبِمَعْنى الْمَفْعُول كالركوب والضبوب والحلوب.(1/1004)
وَبِمَعْنى مَا يفعل بِهِ كَالْوضُوءِ والغسول والفطور.
وَمن مَعَانِيهَا: الاسمية كالذنوب. وَقد حمل الشَّافِعِي قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} على الْمَعْنى الرَّابِع لقَوْله تَعَالَى: {ليطهركم بِهِ} ، وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " جعل لي الأَرْض مَسْجِدا وترابها طهُورا ".
[والمفعل: للموضع والمفعل للآلة والفعلة للمرة والفعلة للحالة] .
خرج عَن قَاعِدَة قُوَّة اللَّفْظ المشعرة بِقُوَّة الْمَعْنى بَاب التصغير حَيْثُ زَادَت فِيهِ الْحُرُوف وقلَّ الْمَعْنى كَمَا فِي (حذر) فَإِنَّهُ أبلغ من (حاذر) لَكِن الْقَاعِدَة أكثرية لَا كُلية، وَقد صرح بَعضهم بِأَن تِلْكَ الْقَاعِدَة فِيمَا إِذا كَانَ اللفظان المتوافقان فِي الِاشْتِقَاق متحدي النَّوْع فِي الْمَعْنى كصدٍ وصديان وغرث وغرثان فَإِن ذَلِك رَاجع إِلَى أصل وَاحِد وَهُوَ اسْم الْفَاعِل كالرحمن والرحيم بِخِلَاف (حاذر) و (حذر) فَإِن أَحدهمَا اسْم فَاعل وَالْآخر صفة مشبهة.
ذكر كثير من النُّحَاة أَنه إِذا أُرِيد بَقَاء معنى الْمَاضِي مَعَ (إِن) جعل الشَّرْط لفظ (كَانَ) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل} لقُوَّة دلَالَة (كَانَ) على الْمَاضِي لتمحضه لَهُ لِأَن الْحَدث الْمُطلق الَّذِي هُوَ مَدْلُوله يُسْتَفَاد مِنْهُ الْخَبَر فَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ إِلَّا الزَّمَان الْمَاضِي، وَكَذَا إِذا جِيءَ بإن فِي مقَام التَّأْكِيد مَعَ وَاو الْحَال لمُجَرّد الْوَصْل
والربط، وَلَا يذكر لَهُ حِينَئِذٍ جَزَاء نَحْو: زيد وَإِن كثر مَاله بخيل، وَعَمْرو وَإِن أعطي لَهُ مَال لئيم.
اخْتلف فِي عَامل الْخَبَر، وَظَاهر مَذْهَب الزَّمَخْشَرِيّ أَن الْخَبَر يرْتَفع بِالِابْتِدَاءِ وَحده، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء والمبتدأ جَمِيعًا، وَعَلِيهِ كثير من الْبَصرِيين. وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَن لَا تعْمل، وَإِذا لم يكن لَهُ تَأْثِير فِي الْعَمَل، والابتداء لَهُ تَأْثِير فإضافة مَا لَا تَأْثِير لَهُ إِلَى مَا لَهُ تَأْثِير لَا تَأْثِير لَهُ. وَالصَّحِيح أَن الْعَامِل فِي الْخَبَر هُوَ الِابْتِدَاء وَحده كَمَا كَانَ عَاملا فِي الْمُبْتَدَأ إِلَّا أَن عمله فِي الْمُبْتَدَأ بِلَا وَاسِطَة وَفِي الْخَبَر بِوَاسِطَة الْمُبْتَدَأ، فالابتداء يعْمل فِي الْخَبَر عِنْد وجود الْمُبْتَدَأ وَإِن لم يكن للمبتدأ أثر فِي الْعَمَل إِلَّا أَنه كالشرط فِي عمله كالقِدْر فِي تسخين المَاء فَإِن التسخين بالنَّار عِنْد وجود الْقدر لَا بهَا.
لَا يجوز تعلق حرفي جر بِمَعْنى وَاحِد بِفعل وَاحِد حَيْثُ لَا يَصح الْإِبْدَال بِلَا امْتنَاع أَي من غير عطف وَلِهَذَا ذهب صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا} بِأَن الظرفين لم يتعلقا بِفعل وَاحِد بل تعلق الأول بالمطلق وَالثَّانِي بالمقيد كَمَا فِي (أكلت من بستانك من الْعِنَب) أَي الْأكل الْمُبْتَدَأ من الْبُسْتَان من الْعِنَب.
فَاء السَّبَبِيَّة لَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا إِذا وَقعت فِي موقعها، وموقعها أَن يكون بِحَسب الظَّاهِر بَين جملتين تكون إِحْدَاهمَا بِمَنْزِلَة الشَّرْط وَالْأُخْرَى بِمَنْزِلَة الْجَزَاء، وَأما إِذا كَانَت زَائِدَة كَمَا(1/1005)
فِي {فسبح بِحَمْد رَبك} أَو وَاقعَة فِي غير موقعها لغَرَض كَمَا فِي {وَرَبك فَكبر} فَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا يمْنَع من عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا.
اتّفق الْجُمْهُور على أَن من الصّفة المشبهة مَا يكون مجارياً للمضارع فِي الْوَزْن، لَا سِيمَا مَا اشتق من الْفِعْل اللَّازِم كطاهر الْقلب ومستقيم الرَّأْي. وَقد منع ابْن الْحَاجِب وَجَمَاعَة من محققي النَّحْوِيين وُرُود الصّفة المشبهة مجارية للمضارع وتأولوا مَا جَاءَ مِنْهَا كَذَلِك بِأَنَّهُ اسْم فَاعل أجري مجْرى الصّفة المشبهة عِنْد قصد الثُّبُوت. وهم فِي ذَلِك متابعون لإِمَام الْعَرَبيَّة الزَّمَخْشَرِيّ.
قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: كَون (من) التبعيضية ظرفا مُسْتَقرًّا وَكَون اللَّغْو حَالا مِمَّا لَا يَقُول بِهِ النُّحَاة، وَصَاحب الْكَشَّاف والبيضاوي قد جَوَّزا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَهَل أَنْتُم مُغْنون عَنَّا من عَذَاب الله من شَيْء} أَن يكون (مِنْ) الأولى وَالثَّانيَِة أَيْضا للتَّبْعِيض، وَأَن يكون (من) الأولى فِي موقع الْحَال، وَالظَّاهِر أَنه إِذا كَانَت (من) الأولى فِي موقع الْحَال يكون ظرفا مُسْتَقرًّا لَا محَالة لِامْتِنَاع اللَّغْو أَن يكون حَالا كَمَا قَالَ: الْمُتَعَارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء، وَقد يدْخل الْفَاء على قلَّة لما فِي (لمّا) من معنى الشَّرْط وَعَلِيهِ ورد بعض الْأَحَادِيث. وَفِي " شرح اللّبَاب " للمشهدي: جَوَاب لمّا فعل ماضٍ أَو جملَة اسمية مَعَ (إِذا) المفاجأة أَو مَعَ الْفَاء، وَرُبمَا كَانَ مَاضِيا مَقْرُونا بِالْفَاءِ، وَيكون
مضارعاً.
أفعل التَّفْضِيل إِذا أضيف إِلَى جملَة هُوَ بَعْضهَا لم يحْتَج إِلَى ذكر (من) كَقَوْلِك (زيد أفضل النَّاس) ، وَلَا يُضَاف إِلَى جملَة هُوَ بَعْضهَا وَالْمرَاد تَفْضِيل الشَّيْء على جنسه، فَلَا يُقَال: (زيد أفضل إخْوَته) لِأَن إخْوَته غَيره، وَلَو قلت: (زيد أفضل الْإِخْوَة) جَازَ لِأَنَّهُ أحد الْإِخْوَة، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {أحرص النَّاس} .
وَإِذا اخْتلف الجنسان جِيءَ فِي التَّفْصِيل بِمن فَقيل: (زيد أفضل من إخْوَته) ، و (الْخَيل أفضل من الْحمير) .
قد صرح النحويون بِأَن كلم المجازاة تدل على سَبَبِيَّة الأول ومسببية الثَّانِي، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الْمَقْصُود هُوَ الارتباط بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء.
إِذا عطف مَعْمُول فعل لَهُ مَعْنيانِ حَقِيقِيّ ومجازي على مَعْمُول الْفِعْل الآخر بِالْوَاو وَنَحْو ذَلِك فَمن قيام العاطف مقَام الْفِعْل الْعَامِل يكون كَأَن لفظ الْعَامِل ذكر مرّة أُخْرَى فَيجوز أَن يُرَاد بِهِ عِنْدَمَا ذكر أَولا أحد معنييه، وعندما ذكر ثَانِيًا مَعْنَاهُ الآخر فَلَا يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز.
قد تقرر أَن اسْم الْجِنْس حَامِل لِمَعْنى الجنسية والوحدة إِن كَانَ مُفردا منوناً، أَو الْعدَد إِن كَانَ مثنى أَو مجموعاً فَرُبمَا يكون الْغَرَض المسوق لَهُ الْكَلَام هُوَ الأول فيستلزم الْعُمُوم لِأَن انْتِفَاء الْجِنْس انْتِفَاء كل فَرد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه} وَرُبمَا(1/1006)
كَانَ الْغَرَض هُوَ الثَّانِي فَلَا يسْتَلْزم الْعُمُوم لِأَن نفي الْمُقَيد بِقَيْد الْوحدَة أَو الْعدَد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق لرجوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد} .
يجوز أَن يشتق من أحد إِلَى عشرَة صِيغَة اسْم الْفَاعِل نَحْو: وَاحِد، وَيجوز قلبه فَيُقَال: حادي، وَيجوز أَن يسْتَعْمل اسْتِعْمَال أَسمَاء الفاعلين إِن وَقع بعده مغايره لفظا، وَلَا يكون إِلَّا مَا دونه برتبة وَاحِدَة نَحْو: عَاشر تِسْعَة وتاسع ثَمَانِيَة، وَلَا يُجَامع مَا دونه برتبتين نَحْو: عَاشر ثَمَانِيَة، وَلَا مَا فَوْقه مُطلقًا فَلَا يُقَال: تَاسِع عشرَة، وَأما إِذا جَامع مُوَافقا لَهُ لفظا وَجَبت إِضَافَته نَحْو: ثَالِث ثَلَاثَة، وَثَانِي اثْنَيْنِ.
الْجَزَاء إِذا كَانَ مضارعاً مثبتاً غير مقترن بِأحد الْأَرْبَعَة: (أَي) و (سَوف) و (أَن) و (مَا) يجوز بِالْفَاءِ وَتَركه، أما جَوَاز الْفَاء فَلِأَنَّهُ قبل أَدَاة الشَّرْط كَانَ صَالحا للاستقبال فَلم تُؤثر الأداة فِيهِ تَأْثِيرا ظَاهرا فَاحْتَاجَ إِلَى مزِيد ربط بَينهمَا بِالْفَاءِ، وَأما تَركه فلتأثير الأداة فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ صَالحا للْحَال والاستقبال فصرفت الأداة للاستقبال.
يجوز الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي الْجمع كلفظة الْآبَاء مرَادا بهَا الْأَب الْحَقِيقِيّ والأجداد، وَإِنَّمَا المستحيل اجْتِمَاعهمَا مرادين بِلَفْظ وَاحِد فِي وَقت وَاحِد بِأَن يكون كل مِنْهُمَا مُتَعَلق الحكم نَحْو: لَا تقتل الْأسد، وتريد السَّبع وَالرجل الشجاع، لِأَن اللَّفْظ للمعنى بِمَنْزِلَة اللبَاس للشَّخْص، وَالْمجَاز كَالثَّوْبِ الْمُسْتَعَار، والحقيقة
كَالثَّوْبِ الْمَمْلُوك فاستحال اجْتِمَاعهمَا. وَمن جوّز الْجمع بَينهمَا خص بالمجاز اللّغَوِيّ، وَأما الْمجَاز الْعقلِيّ فامتناعه فِيهِ اتفاقي.
الضَّابِط فِي دُخُول الْوَاو فِي الْجُمْلَة الحالية وجوبا وامتناعاً وجوازاً هُوَ أَنَّهَا إِن كَانَت مُؤَكدَة فَلَا وَاو لكَمَال الِاتِّصَال، وَإِن كَانَت غَيرهَا فإمَّا أَن يكون على أصل الْحَال أَو لَا، فَالْأول إِمَّا أَن يكون على نهجها أَو لَا، فَمَا يكون على أصل الْحَال ونهجها فَالْوَجْه فِيهِ دُخُول الْوَاو، وَمَا يكون على أصل الْحَال دون نهجها فَحكمه جَوَاز الْأَمريْنِ.
وَدخُول الْوَاو فِي الْمُضَارع الْمُثبت كالممتنع أَعنِي الْحَرَام إِذا أجري على ظَاهره، وَأما إِذا قدر مَعَه مُبْتَدأ فدخول الْوَاو جَائِز ومسموع كثيرا. مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لم تؤذونني وَقد تعلمُونَ} .
وَدخُول الْوَاو على الْمَاضِي وعَلى الْمُضَارع مُطلقًا بِمَنْزِلَة الْمَكْرُوه.
ووجوبه فِي نَحْو: (جَاءَنِي رجل وعَلى كتفه سيف) إِذا أُرِيد الْحَال دفعا للالتباس.
وَوُجُوب تَركه إِذا أُرِيد الْوَصْف لِامْتِنَاع عطف الصّفة على موصوفها الْبَتَّةَ.
وَغَلَبَة ترك الْوَاو امْتنَاع دُخُوله على تَقْدِير الْأَفْرَاد.
ورجحان التّرْك على تَقْدِير الْمَاضِي. وَأما رُجْحَان دُخُوله فعلى تَقْدِير الاسمية فَقَط.
وَإِذا لم يكن بعد الظّرْف مظهر كَانَ رُجْحَان التّرْك أظهر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَخرج على قومه فِي زينته} .
قد يتْرك حكم اللَّفْظ الْوَاجِب فِي قِيَاس لُغَة(1/1007)
الْعَرَب إِذا كَانَ فِي رُتْبَة كلمة لَا يجب لَهَا ذَلِك الحكم. وَهَذَا من ألطف أساليب الْعَرَب كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمنهمْ من هدى الله وَمِنْهُم من حقت عَلَيْهِ الضَّلَالَة} فَإِنَّهُ لَو قيل مَكَان (مَنْ حَقَّت) (مَنْ ضَلَّت) لتعينت التَّاء لكل أمة فِيمَا قبل الْآيَة، ومؤداهما وَاحِد فَأثْبت لثبوتها فِيمَا هُوَ من مَعْنَاهُ، وَكَذَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} إِذْ لَو قيل: (فريقاً ضلّوا) كَانَ بِغَيْر التَّاء لتذكير الْفَرِيق، وَفِي مَعْنَاهُ (حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة) فجيء كَذَلِك.
اشْتِرَاك النكرات مَقْصُود الْوَاضِع، وَلَيْسَ كَذَلِك اشْتِرَاك الْأَعْلَام فَإِن النكرات تشترك فِي حَقِيقَة وَاحِدَة، والأعلام تشترك فِي اللَّفْظ دون الْحَقِيقَة.
وكل حَقِيقَة تتَمَيَّز بِوَضْع غير الْوَضع للْحَقِيقَة الْأُخْرَى، بِخِلَاف وضع اللَّفْظ على النكرات، وَلذَلِك كَانَ (الزيدان) يدل على الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم دون الْحَقِيقَة، و (الرّجلَانِ) يدل على الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم والحقيقة.
اللَّفْظ الْخَاص الْمَوْضُوع لمسمى وَاحِد على سَبِيل الِانْفِرَاد ك (ثلاثةَ قُروء} لَا يحْتَمل الْبَعْض فَلَا يُرَاد بِهِ قرءان، وَبَعض الثَّالِث لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا، بِخِلَاف {الْحَج أشهرٌ مَعْلُومَات} حَيْثُ أُرِيد بهَا شَهْرَان وَبَعض الثَّالِث، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَن هَذَا خَاص وَذَاكَ جمع عَام مَعَ أَن إِرَادَة الْأَقَل من الثَّلَاثَة الكوامل مجَاز فِي الْجمع.
اللَّفْظ إِذا اسْتعْمل فِيمَا وضع لَهُ يدل عَلَيْهِ قطعا، وَإِذا اسْتعْمل فِي غَيره مَعَ العلاقة والقرينة الْمَانِعَة عَنهُ يدل على هَذَا الْغَيْر قطعا، وَأما إِذا انْتَفَت الْقَرِينَة وَوجدت العلاقة فيصلح اللَّفْظ لكل من الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي.
الْعَطف على الْمَجْرُور بِاللَّامِ قد يكون للاشتراك فِي مُتَعَلق اللَّام مثل: جئْتُك لأفوز بلقياك وأحوز عطاياك، وَيكون بِمَنْزِلَة تَكْرِير اللَّام.
وَعطف الْجَار وَالْمَجْرُور قد يكون للاشتراك فِي معنى اللَّام كَمَا تَقول: جئْتُك لتستقر فِي مقامك وَتفِيض عليّ من إنعامك: أَي لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ ليَكُون من قبيل: جَاءَنِي غُلَام زيد وَعَمْرو. أَي الْغُلَام الَّذِي لَهما.
النَّفْي فِي (إِنَّمَا) ضمني لَا صَرِيح كَمَا فِي (مَا) وَإِلَّا فَإِنَّمَا فِي حكم الْأَفْعَال المتضمنة للنَّفْي مثل: أبي وَامْتنع وَنفى. وَنَحْو ذَلِك، لَا فِي حكم أَدَاة النَّفْي.
و (لَا) العاطفة تجامع النَّفْي الضمني دون الصَّرِيح، إِذْ لَا شُبْهَة فِي صِحَة قَوْلك: امْتنع عَن الْمَجِيء زيدٌ لَا عَمْرو، مَعَ أَنه يمْتَنع: مَا جَاءَ زيد لَا عَمْرو.
مشابهة (مَا) بليس أَكثر من مشابهة (لَا) بليس، لِأَن (مَا) تخْتَص بِنَفْي الْحَال كليس وَلذَلِك تدخل على الْمعرفَة والنكرة كليس نَحْو: مَا زيد مُنْطَلقًا وَمَا أحد أفضل مِنْك، وَلَا تدخل (لَا) إِلَّا على النكرَة نَحْو: لَا رجل أفضل مِنْك.(1/1008)
وَامْتنع (لَا زيد مُنْطَلقًا) وَاسْتِعْمَال (لَا) بِمَعْنى (لَيْسَ) قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْتِعْمَال (مَا) .
أَكثر اللُّغَة مجَاز لَا حَقِيقَة، أَلا ترى أَن نَحْو (قَامَ زيد) مجَاز لَا حَقِيقَة على وضع الْكل مَوضِع الْبَعْض للاتساع وَالْمُبَالغَة وتشبيه الْقَلِيل بالكثير، وَكَذَلِكَ (ضربت زيدا) مجَاز أَيْضا من جِهَة أُخْرَى سوى التَّجَوُّز بِالْفِعْلِ، وَلِهَذَا يُؤْتى عِنْد الِاسْتِظْهَار بِبَدَل الْبَعْض، وَفِي الْبَدَل أَيْضا تجوّز.
قد يَجْعَل العَلَم نكرَة لِاتِّفَاق تَسْمِيَة اثْنَيْنِ فَصَاعِدا بذلك الْعلم مثل أَن يتَّفق تَسْمِيَة اثْنَيْنِ فَصَاعِدا بزيد، وَإِذا كَانَ كَذَلِك صَار (زيد) اسْم جنس لاشتراك جمَاعَة فِيهِ فَصَارَ كفَرَس ورَجُل، ثمَّ إِذا أُرِيد تَخْصِيص زيد لوَاحِد من الْجَمَاعَة الْمُسَمَّاة بِهِ فَيحْتَاج إِلَى أَن يعرّف بِالْألف وَاللَّام أَو بِالْإِضَافَة.
الْفِعْل بعد (حَتَّى) لَا ينْتَصب إِلَّا إِذا كَانَ مُسْتَقْبلا، ثمَّ إِن كَانَ استقباله بِالنّظرِ إِلَى زمن الْمُتَكَلّم فالنصب نَحْو: {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} وَإِن كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبلهَا خَاصَّة فالوجهان نَحْو: {وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} فَإِن قَوْلهم بِالنّظرِ إِلَى الزلزال لَا بِالنّظرِ إِلَى قَصِّ ذَلِك إِلَيْنَا.
الْعدَد من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وضع للقلة فيضاف إِلَى مِثَال الْجمع الْقَلِيل كثلاثة أشهر وَسَبْعَة أبحر، إِلَّا أَن يكون الْمَعْدُود مِمَّا لم يبن لَهُ جمع قلَّة فيضاف حِينَئِذٍ إِلَى مَا صِيغ لَهُ من الْجمع على تَقْدِير إِضْمَار (من) البعضية فِيهِ كَقَوْلِك: (عِنْدِي
ثَلَاثَة دَرَاهِم) أَي: من دَرَاهِم.
وَأما (ثَلَاثَة قُرُوء) فَإِنَّهُ لما أسْند إِلَى جماعتهن ثَلَاثَة، وَالْوَاجِب على كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ ثَلَاثَة أَتَى بِلَفْظ القروء لتدل على الْكَثْرَة المرادة.
قَالَ بَعضهم: من شَرط الْمَفْعُول بِهِ وجوده فِي الْأَعْيَان قبل إِيجَاد الْفِعْل، وَأما إِخْرَاج شَيْء من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود فَهُوَ معنى الْمَفْعُول الْمُطلق، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، بل الشَّرْط توقف عقلية الْفِعْل عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ مَوْجُودا فِي الْخَارِج نَحْو: (ضربت زيدا) أَو (مَا ضَربته) أم لم يكن مَوْجُودا نَحْو: (بنيت الدَّار) ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {أعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} فَإِن الْأَشْيَاء مُتَعَلقَة بِفعل الْفَاعِل بِسَبَب عقليته، ثمَّ قد تُوجد فِي الْخَارِج وَذَلِكَ لَا يُخرجهُ عَن كَونه مَفْعُولا بِهِ.
الِاسْم إِن كَانَ عَاما فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَالثَّانِي هُوَ الأول لِأَن ذَلِك من ضَرُورَة الْعُمُوم، وَسَوَاء كَانَا معرفتين عامتين أم نكرتين حصل لَهما الْعُمُوم بالوقوع فِي سِيَاق النَّفْي، وَإِن كَانَ الثَّانِي عَاما فَقَط فَالْأول دَاخل فِيهِ لِأَنَّهُ بعض أَفْرَاده، والمعرَّف والمنكّر فِيهِ سَوَاء، وَكَذَا يدْخل الأول فِي الثَّانِي إِذا كَانَا عامّين وَالْأول نكرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا يملكُونَ لكم رزقا فابتغوا عِنْد الله الرزق} أَي: لَا يملكُونَ شَيْئا من الرزق فابتغوا عِنْد الله كل رزق، أَو حسن الرزق. وَإِن كَانَا خاصين بِأَن يَكُونَا معرفتين بأداة عهدية فَذَلِك بِحَسب الْقَرِينَة الصارفة إِلَى الْمَعْهُود.
اسْم الْفَاعِل يُسْتَفَاد مِنْهُ مُجَرّد الثُّبُوت صَرِيحًا(1/1009)
بِأَصْل وَضعه، وَقد يُسْتَفَاد مِنْهُ غَيره بِقَرِينَة، وَكَذَا حكم اسْم الْمَفْعُول. وَأما الصّفة المشبهة فَلَا يقْصد بهَا إِلَّا مُجَرّد الثُّبُوت وضعا أَو الدَّوَام باقتضاء الْمقَام.
الْجُمْلَة الاسمية إِذا كَانَ خَبَرهَا اسْما فقد يقْصد بهَا الدَّوَام والاستمرار الثبوتي بمعونة الْقَرَائِن، وَإِذا كَانَ خَبَرهَا مضارعاً فقد يُفِيد استمراراً تجددياً.
إِذا ذكر الْأَعْلَى أَولا ثمَّ الْأَدْنَى لم تَجِد بذلك الْأَدْنَى فَائِدَة، بِخِلَاف الْعَكْس. هَذَا فِي الْإِثْبَات، وَأما فِي النَّفْي فعلى الْعَكْس، إِذْ يلْزم من نفي الْأَدْنَى نفي الْأَعْلَى، لِأَن ثُبُوت الْأَخَص يسْتَلْزم نفي الْأَعَمّ، وَنفي الْأَعَمّ لَا يسْتَلْزم نفي الْأَخَص.
لَو الْتبس عَلَيْك اسْم وَلم تعلم هَل هُوَ منصرف أَو غير منصرف وَجَبت عَلَيْك أَن تصرفه لِأَن الأَصْل فِي الِاسْم هُوَ الصّرْف وَعدم الصّرْف فرع، والتمسك بِالْأَصْلِ هُوَ الأَصْل حَتَّى يُوجد دَلِيل نقل عَن الأَصْل، وَكَذَا حكم فرع الْتبس بِالْأَصْلِ.
اسْتِعْمَال الثقاة الْأَلْفَاظ فِي الْمعَانِي يَجْعَل بِمَنْزِلَة نقلهم وروايتهم وَإِن لم يُوجد فِي كتب اللُّغَة وَلَا فِي استعمالات الْعَرَب، كاستعمال (قطّ) فِي الْمُضَارع الْمَنْفِيّ، و (أم) الْمُتَّصِلَة مَعَ (هَل) ، وادخال اللَّام على (غير) ، وَالْجمع بَين النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاء نَحْو: (مَا زيد إِلَّا قَائِم لَا قَاعد) ،
و (كَافَّة الْأَبْوَاب) بِالْإِضَافَة، و (أخلفته زيدا) بِمَعْنى جعلت زيدا خلفية لَهُ، و (لَا يذهب عَلَيْك) وَغير ذَلِك.
الْعَطف على التَّوَهُّم نَحْو: (لَيْسَ زيدا قَائِما وَلَا قاعدٍ) بالخفض على توهم دُخُول الْبَاء فِي خبر لَيْسَ، وَلَيْسَ المُرَاد بالتوهم الْغَلَط بل المُرَاد الْعَطف على الْمَعْنى أَي: جوز الْعَرَبِيّ فِي ذهنه مُلَاحظَة ذَلِك الْمَعْنى فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فعطف ملاحظاً لَهُ وَهُوَ مقصد صَوَاب.
الْجُمْلَة الأسمية تدل بمعونة الْمقَام على دوَام الثُّبُوت، وَإِذا دخل فِيهَا حرف النَّفْي دلّت على دوَام الانتفاء لَا على انْتِفَاء الدَّوَام، كَذَلِك الْمُضَارع الْخَالِي عَن حرف الِامْتِنَاع فَإِنَّهُ يدل على اسْتِمْرَار الثُّبُوت، وَإِذا دخل فِيهِ حرف الإمتناع دلّ على إستمرار الِامْتِنَاع.
اسْم الْجِنْس إِذا أضيف إِلَى شَيْئَيْنِ وَأُرِيد إِثْبَات شَيْء وَاحِد لكل مِنْهُمَا احْتِيجَ إِلَى إِضَافَة التَّثْنِيَة فِي مَوضِع الالتباس نَحْو: (غلامَي زيد وَعَمْرو) مرَادا بِهِ غُلَام زيد وَغُلَام عَمْرو، وَلَو لم يكن التباس لم يحْتَج إِلَيْهَا نَحْو: (رَأس زيد وَعَمْرو) وَعَلِيهِ: {لسانِ داودَ وَعِيسَى بنِ مَرْيَم} .
إِذا رَأينَا حُصُول سَبَب وَاحِد من الْأَسْبَاب الْمَانِعَة من الصّرْف فِي اسْم ثمَّ منعُوهُ من الصّرْف علمنَا أَنهم جَعَلُوهُ علما لما ثَبت أَن الْمَنْع من الصّرْف لَا يحصل إِلَّا عِنْد اجْتِمَاع السببين، وَلِهَذَا(1/1010)
الْبَاب أَمْثِلَة كَثِيرَة من جُمْلَتهَا تسميتهم التَّسْبِيح سُبْحَانَ.
فَائِدَة الْخَبَر تمْتَنع بِدُونِ لَازم فَائِدَة الْخَبَر، وَلَا يمْتَنع لَازم فَائِدَته بِدُونِ فَائِدَته لجَوَاز أَن يحصل للمخاطب من الْخَبَر علمٌ يكون الْمُتَكَلّم عَالما بالحكم وَلَا يحصل لَهُ مِنْهُ علم بِكَوْنِهِ مَعْلُوما لَهُ قبل سَماع ذَلِك الْخَبَر كَمَا فِي قَوْلك لمن حفظ الْقُرْآن: قد حفظت الْقُرْآن.
العَلَم من حَيْثُ كَونه علما لشخص معِين لَا تعدد فِيهِ فَلَا يَصح أَن يثنى أَو يجمع من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَأما إِذا وَقع فِي الِاشْتِرَاك واحتيج إِلَى تثنيته أَو جمعه فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّأْوِيل، مثل أَن يؤول (زيد) بِالْمُسَمّى بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِذا قيل: الزيدون فَكَأَنَّهُ قيل: المسمون بزيد، فَجمع بِهَذَا الْجمع لكَونه فِي حكم صفة الْعُقَلَاء.
يجوز أَن يكون بعض الْحَقِيقَة أَكثر تبادراً من حَقِيقَة أُخْرَى كَمَا فِي لفظ الْوَضع فَإِنَّهُ حَقِيقَة فِي الْوَضع الشخصي والنوعي مَعَ أَن الْمُتَبَادر من الْوَضع عِنْد الْإِطْلَاق الْوَضع الشخصي، وكما فِي لفظ الْوُجُود فَإِنَّهُ مُشْتَرك بَين الْخَارِجِي والذهني مَعَ أَن الْمُتَبَادر من الْوُجُود عِنْد الْإِطْلَاق الْوُجُود الْخَارِجِي لَا الذهْنِي.
وضع اسْم الْجِنْس للماهية الْمقيدَة بالوحدة الشائعة الْمُسَمَّاة بالفرد الْمُنْتَشِر فَأخذ أَصْحَابنَا بِهَذَا الْمَذْهَب وَجعلُوا جَمِيع أَسمَاء الْأَجْنَاس مَوْضُوعا بِهَذَا الِاعْتِبَار مصدرا أَو غَيره، وَأكْثر أهل الْعَرَبيَّة فرّق فِي ذَلِك بَين الْمصدر وَغَيره حَيْثُ جعلُوا مثل
(رجل) و (فرس) مَوْضُوعا كَذَلِك دون الْمصدر على مَا أبان عَنهُ الشريف.
التلازم بَين شَيْئَيْنِ لَا يُوجب كَون الِاشْتِرَاط بِأَحَدِهِمَا مغنياً عَن الِاشْتِرَاط بِالْآخرِ إِمَّا مَعًا أَو بَدَلا فَإِنَّهُ بعد اشْتِرَاط أَحدهمَا قد يكون الِاشْتِرَاط بِالْآخرِ بِخُصُوصِهِ مَقْصُودا وَإِن لم يتَحَقَّق بِدُونِهِ فَإِن اشْتِرَاط شَيْء بآخر يكون بِسَبَب خُصُوصِيَّة وَتعلق بَينهمَا يَسْتَدْعِي ذَلِك التَّعَلُّق، سبق الثَّانِي على الأول وَلَو ذاتياً بِحَيْثُ يكون أَحدهمَا مَوْقُوفا وَالْآخر مَوْقُوفا عَلَيْهِ.
يجوز إِعْمَال الْفِعْل الْمُسْتَقْبل فِي الظّرْف الْمَاضِي على مَا نَص عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ اعتزلتموهم} إِلَى قَوْله: {فأووا إِلَى الْكَهْف} ، {فَإِن لم تَفعلُوا} إِلَى قَوْله: {فأقيموا} {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون} ووجهوه بِأَنَّهُ من بَاب الْمُبَالغَة فَكَأَن هَذِه الْأَفْعَال مُسْتَقْبلَة وَاقعَة فِي الْأَزْمِنَة الْمَاضِيَة لَازِمَة لَهَا لُزُوم المظروفات لظروفها.
نَص النحويون على أَن الضمائر لكَونهَا مَوْضُوعَة للْجَمِيع تكون على حسب المتعاطفين، تَقول: (زيد وَعَمْرو أكرمتهما) ، وَيمْتَنع (أكرمته) ونصوا أَيْضا على أَن الضمائر بعد (أَو) لكَونهَا مَوْضُوعَة لأحد الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء تكون على حسب أحد المتعاطفين تَقول: (زيدا أَو عمرا أكْرمه) وَلَا تَقول (أكرمهما) ، ويردّ عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} ، وَقَوله تَعَالَى: (إنْ يَكُنْ غَنياً أَو(1/1011)
فَقِيرا فاللهُ أَوْلَى بهما} .
الْمجَاز إِنَّمَا يتَحَقَّق بِنصب الْقَرِينَة الْمَانِعَة عَن إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، المحصلة لإِرَادَة لَازِمَة فَلَو أُرِيد اللَّازِم لَا على وَجه منع الْحَقِيقَة والانتقال مِنْهَا إِلَيْهِ بل لكَونه لَازِما وتابعاً لَهَا لَا يكون اللَّفْظ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مجَازًا لعدم شَرطه فَلَا يكون ثُبُوت حكمهمَا مَعًا جمعا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز كَمَا فِي نِيَّته الْيَمين بِصِيغَة النّذر، وَفِي شِرَاء الْقَرِيب وَفِي الْهِبَة بِشَرْط العِوَض وَفِي الْإِقَالَة وَغير ذَلِك.
التَّقْيِيد إِذا جعل جُزْءا من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لم يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِي ذَلِك الْقَيْد لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ دَاخِلا فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لَا حكما من أَحْكَامه حَتَّى يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِيهِ، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَأخِرون سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمون} فَإِن (لَا يَسْتَقْدِمُونَ) عطف على الْجُمْلَة الشّرطِيَّة لَا الجزائية فَلَا يتَقَيَّد بِالشّرطِ فَيكون مَضْمُون الْكَلَام: هَكَذَا أَجلهم لَا يتَقَدَّم وَإِذا جَاءَ لَا يتَأَخَّر [أَو الْمَعْنى إِذا قرر وَتعلق التَّقْدِير بِهِ لِأَن الْمَجِيء لَازم لَهُ، وَبعد الْمَجِيء لَا يتَصَوَّر التَّقَدُّم] .
دلَالَة مُقَابلَة الْجمع بِالْجمعِ على انقسام الْآحَاد بالآحاد لَيست بقطعية بل ظنية، وَلذَلِك كثيرا مَا يتَخَلَّف عَنهُ مَدْلُوله فَإِن عصوبة الْأُخْت الْوَاحِدَة مَعَ البنتين أَو الْعَكْس تنَافِي ذَلِك، وَكَذَا قَوْله لثلاث: أنتن طَوَالِق ثَلَاثًا.
التَّفْرِيع قد يكون تَفْرِيع السَّبَب على الْمُسَبّب وَقد يكون تَفْرِيع اللَّازِم على الْمَلْزُوم، وكما يكون على تَمام الْعلَّة كَذَلِك يكون على بَعْضهَا إِذا كَانَ
الْبَعْض الآخر مُقَارنًا لَهُ فِي الْوُجُود سَوَاء أَكَانَ مُقَارنًا إِيَّاه بَيِّناً أَو غير بَيِّن إِلَّا أَنه على التَّقْدِير الثَّانِي لَا بُد من تعقيب التَّفْرِيع بِالْبَيَانِ، إِنَّمَا خص تَقْدِير القَوْل فِي تَأْوِيل الإنشائيات بالإخباريات لكَونه من قبيل الْخطاب الْعَام، فَكَمَا أَن الْخطاب يَقْتَضِي أَن يسْتَعْمل فِي الْأَمر الخطير الَّذِي من حَقه أَن يخْتَص بِهِ أحد دون أحد كَذَلِك من فخامته يَنْبَغِي أَن يَقُول كل من يَتَأَتَّى مِنْهُ القَوْل، فَعلم من هَذَا أَن الْعُدُول من الإخباري إِلَى الإنشائي يكون فِي أَمر ذِي هول.
عطف الْجمل على الْجمل نَوْعَانِ:
نوع لَا يُرَاعى فِيهِ التشاكل فِي الْمعَانِي وَلَا فِي الْإِعْرَاب كَقَوْلِنَا (قَامَ زيد ومحمداً أكرمته) و (مَرَرْت بِعَبْد الله وَأما خَالِدا فَلم ألقه) .
وَنَوع آخر يلْزم فِيهِ أَن يَكُونَا متشاكلتين فِي الْإِعْرَاب فيعطف الِاسْم على الِاسْم وَالْخَبَر على الْخَبَر، وَمَا أنكر أحد عدم مُرَاعَاة التشاكل فِي أَكثر الْمُفْردَات، أَلا ترى أَن الْعَرَب تعطف المعرب على الْمَبْنِيّ وَبِالْعَكْسِ، وَمَا يظْهر فِيهِ الْإِعْرَاب على مَا لَا يظْهر. وتشاكل الْإِعْرَاب فِي الْعَطف إِنَّمَا يُرَاعى فِي الْأَسْمَاء المفردة المعربة خَاصَّة.
الْوَصْف كَمَا يذكر فِي مقَام الْمَوْصُوف بِلَا حذف وَلَا يجوز بِحَسب اللَّفْظ كَمَا فِي: (رجل عدل) فَإِن التَّجَوُّز فِيهِ فِي الْإِسْنَاد دون الْمسند كَذَلِك يذكر الْمَوْصُوف فِي مُقَابِله بِلَا حذف وَلَا يجوز بِحَسب اللَّفْظ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولكنَّ البرَّ مَنْ آمن بِاللَّه} تَنْزِيلا للموصوف مَنْزِلَته.(1/1012)
الطَّارِئ يزِيل الحكم الثَّابِت. من ذَلِك نقض الأوضاع بالطارئ كلفظة الِاسْتِفْهَام إِذا طَرَأَ عَلَيْهَا معنى التَّعَجُّب استحالت خَبرا كَقَوْلِك: (مَرَرْت بِرَجُل أَي رجل أَو أَيّمَا رجل) .
وَلَفظ الْوَاجِب إِذا لحقته همزَة التَّقْرِير عَاد نفيا، وَإِذا لحقه النَّفْي عَاد إِيجَابا نَحْو: {آللَّهُ أذن لكم} أَي: لم يَأْذَن. {أَلَسْت بربكم} أَي: أَنا كَذَلِك.
حَيْثُ يسْتَثْنى عين الْمُقدم فَأكْثر مَا تسْتَعْمل الشّرطِيَّة بِلَفْظَة (إِن) فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لتعليق الْوُجُود بالوجود، وَحَيْثُ يسْتَثْنى نقيض التَّالِي فَأكْثر مَا يُؤْتى ب (لَو) فَإِنَّهَا وضعت لتعليق الْعَدَم بِالْعدمِ، وَهَذَا يُسمى قِيَاس الْخلف، وَهُوَ إِثْبَات الْمَطْلُوب بِإِبْطَال نقيضه.
أهمية (أَيْنَمَا) فِي الْأَمْكِنَة على قِيَاس (مَتى مَا) فِي الْأَزْمِنَة، و (حَيْثُمَا) لتعميم الْأَمْكِنَة، و (مهما) أَعم على قِيَاس مَا مر فِي (مَتى مَا) سَوَاء قدر أَصله (ماما) وَالثَّانيَِة مزيدة لزِيَادَة التَّعْمِيم أَو جعلت كلمة برأسها إِذْ وَضعهَا كَذَلِك لمناسبة الْبناء لزِيَادَة الْمَعْنى.
لَا خلاف فِي جَوَاز (إِن لم تفعل) والجازم لَا يدْخل على الْجَازِم كَمَا لَا يدْخل الناصب على الناصب وَالْجَار على الْجَار وَلَا بُد من القَوْل بِأَن (إنَّ) عاملة فِي (لم تفعل) بمجموعها لِأَن (لم) تنزلت منزلَة بعض الْفِعْل كَمَا عمل (لَو لم يكن) وَمَعَهُ لم.
الْإِشَارَة إِلَى الْحَقِيقَة من حَيْثُ الْحُضُور تَعْرِيف
الْحَقِيقَة وَإِلَى الْحصَّة مِنْهَا تَعْرِيف الْعَهْد ونريد بِالْحِصَّةِ الْفَرد مِنْهَا وَاحِدًا كَانَ أَو أَكثر لَا مُجَرّد مَا يكون أخص مِنْهَا وَلَو بِاعْتِبَار وصف اعتباري حَتَّى يُقَال أَن الْحَقِيقَة مَعَ قيد الْحُضُور حِصَّة من الْحَقِيقَة فَيكون معهوداً فَلَا يحصل الامتياز.
اتّفق النحويون على أَن المبدأ وَالْخَبَر إِذا كَانَا معرفتين لم يجز تَقْدِيم الْخَبَر بل أَيهمَا قدمت كَانَ هُوَ الْمُبْتَدَأ وَالْآخر الْخَبَر، لَكِن بنوا ذَلِك على أَمر لَفْظِي هُوَ خوف الالتباس حَتَّى إِذا قَامَت الْقَرِينَة أَو أَمِنَ اللبْس جَازَ كَمَا فِي قَوْله:
(بَنُونَا بَنُو أبْنَائنا وبَنَاتِنا ... بَنوهُنَّ أبناءُ الرجالِ الأباعدِ)
معنى استغراق الْمُفْرد شُمُول أَفْرَاد الْجِنْس فَلَا يخرج فَرد أَو فردان، وَمعنى استغراق الْجمع شُمُول جَمِيع الْجِنْس. والجمعية فِي جمل الْجِنْس لَا فِي واحداتها، وَلَكِن اتّفق جُمْهُور أَئِمَّة التَّفْسِير وَالْأُصُول والنحو على أَن الْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ يتَنَاوَل كل وَاحِد من الْأَفْرَاد كالمفرد حَتَّى فسروا (العالَمين) بِكُل جنس مِمَّا يُسمى بالعالَم إِلَى غير ذَلِك.
الْغَرَض الْأَصْلِيّ من الْمَدْح صفة هُوَ إِظْهَار كمالات الممدوح والاستلذاذ بذكرها، وَقد يتَضَمَّن تَخْصِيص بعض الصِّفَات بِالذكر الْإِشَارَة إِلَى إنافتها على سَائِر الصِّفَات الْمَسْكُوت عَنْهَا.
وَالْغَرَض من الْمَدْح على الِاخْتِصَاص إِظْهَار أَن تِلْكَ الصّفة أَحَق باستقلال الْمَدْح من سَائِر الصِّفَات الكمالية إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا بِحَسب ذَلِك(1/1013)
الْمقَام، سَوَاء كَانَ فِي نفس الْأَمر أَو ادِّعَاء وَأَن الْوَصْف أصل والمدح تبع فِي الْمَدْح على الصّفة وَبِالْعَكْسِ فِي الْمَدْح على الِاخْتِصَاص.
المتضايقان يعقلان مَعًا سَوَاء كَانَا حقيقيين كالعلية والمعلولية، والسببية والمسببية أَو مشهورين كالعلة والمعلول الشاملين للمعقولات والمحسوسات، وَالسَّبَب يرادف الْعلَّة والمسبب الْمَعْلُول، وَقد تخص الْعلَّة بالمؤثر، وَالسَّبَب بالغاية أَو بِمَا يُفْضِي إِلَى الشَّيْء فِي الْجُمْلَة.
قد عقد النحويون لأسماء السُّور والألفاظ والأحياء والقبائل والأماكن بَابا فِي منع الصّرْف وَعَدَمه، حَاصله أَنَّك إِذا عنيت قَبيلَة أَو أما أَو بقْعَة أَو سُورَة أَو كلمة منعت من الصّرْف، وَإِذا عنيت حَيا أَو أَبَا أَو مَكَانا أَو غير سُورَة أَو لفظا صرفت.
صِيغَة الْفِعْل تصلح للْحَال والاستقبال إِلَّا أَنَّهَا للْحَال أخص لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا النَّقْل عَن أَئِمَّة اللُّغَة والنحو أَنهم قَالُوا ذَلِك. وَالثَّانِي أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْحَال بِغَيْر قرينَة، وَفِي الِاسْتِقْبَال بِقَرِينَة السِّين وسوف.
اشْتهر عِنْد أهل الْبَيَان أَن الِاسْم يدل على الثُّبُوت والاستمرار وَالْفِعْل يدل على التجدد والحدوث وَأنْكرهُ الْبَعْض حَيْثُ قَالَ: الِاسْم إِنَّمَا يدل على مَعْنَاهُ فَقَط، وَأما كَونه يثبت الْمَعْنى للشَّيْء فَلَا، فأورد عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون} وَقَوله تَعَالَى: إِن الذينَ هُمْ من
خَشْيَة ربِّهم مُشْفِقون وَالَّذين هُمْ بآياتِ رَبِّهم يُؤمنون} .
وَقد أطبقوا أَن الْعلم فِي ثَلَاثَة أشهر مَجْمُوع الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ: شهر رَمَضَان وشهري ربيع وَإِلَّا لم يحسن إِضَافَة الشَّهْر إِلَيْهِ كَمَا لَا يحسن (إنسانُ زيد) ، وَلِهَذَا لم يسمع شهر رَجَب وَشهر شعْبَان، وعللوا بِأَن هَذِه الثَّلَاثَة من الشُّهُور لَيست بأسماء للشهر وَلَا صِفَات لَهُ فَلَا بُد من إِضَافَة الشَّهْر إِلَيْهَا بِخِلَاف سَائِر الشُّهُور. وَفِيه أَن الْعَام قد يُضَاف إِلَى الْخَاص من غير نَكِير كمدينة مصر ومدينة بَغْدَاد وَغَيرهمَا.
الْخطاب والنداء كِلَاهُمَا للإعلام والتفهيم إِلَّا أَن الْخطاب أبلغ من النداء لِأَن النداء بِذكر الِاسْم كَقَوْلِك: يَا زيد وَيَا عَمْرو، وَهَذَا لَا يقطع شركَة الْغَيْر، وَالْخطاب بِالْكَاف أَو التَّاء وَهَذَا يقطع شركَة الْغَيْر.
قَالَ ابْن عَطِيَّة: سَبِيل الْوَاجِبَات الْإِتْيَان بِالْمَصْدَرِ مَرْفُوعا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فإمْسَاكٌ بمعروفٍ أوْ تَسْريحُ بِإِحْسَان} وسبيل المندوبات الْإِتْيَان بِالْمَصْدَرِ مَنْصُوبًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَضَرْبَ الرِّقاب} قَالَ أَبُو حَيَّان: وَالْأَصْل فِي هَذِه التَّفْرِقَة قَوْله تَعَالَى: {فقالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَم} فَإِن الأول مَنْدُوب وَالثَّانِي وَاجِب، والنكتة فِي ذَلِك هِيَ أَن الْجُمْلَة الاسمية أثبت وآكد من الْجُمْلَة الفعلية.
إِذا لم يكن للتمييز إِلَّا جمع قلَّة فَيُؤتى بِهِ، وَإِن(1/1014)
لم يكن إِلَّا جمع كَثْرَة فَكَذَلِك، وَإِن كَانَ لَهُ كِلَاهُمَا فالأغلب أَن يُؤْتى بِجمع الْقلَّة ليطابق الْعدَد الْمَعْدُود، وَإِن لم يكن لَهُ جمع التكسير يُؤْتى بِالْجمعِ الْمُؤَنَّث السَّالِم كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثَلَاث عورات لكم} وَقد جَاءَ قَوْله تَعَالَى: {سبع سنبلات} مَعَ وجود (سنابل) .
(قَالَ ابْن سينا: الْإِرَادَة شَرط الدّلَالَة، يَعْنِي أَن الدّلَالَة هِيَ الِالْتِفَات من اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى من حَيْثُ إِنَّه مُرَاد، فلولا الْعلم بالإرادة لِمَعْنى من اللَّفْظ لم يتَوَجَّه السَّامع من اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى.
فَلم يتَحَقَّق دلَالَة لَا على المُرَاد وَلَا على الْجُزْء مِنْهُ وَلَا على لَازمه) .
الضَّابِط فِي تَجْوِيز الْإِخْبَار عَن الْمُبْتَدَأ وَالْفَاعِل سَوَاء كَانَا معرفتين أَو نكرتين هُوَ جهل الْمُخَاطب بِالنِّسْبَةِ، فَإِن كَانَ جَاهِلا بهَا صَحَّ الْإِخْبَار وَإِن كَانَ الْمخبر عَنهُ نكرَة، وَإِن كَانَ عَالما بهَا لم يَصح الْإِخْبَار وَإِن كَانَ الْمخبر عَنهُ معرفَة.
قَالَ أَبُو حَيَّان: لَا تزاد اللَّام لتقوية الْعَمَل فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ، وَقد أطلق ابْن عُصْفُور وَغَيره أَن الْمَفْعُول يجوز إِدْخَال اللَّام فِيهِ للتقوية إِذا تقدم على الْعَامِل، وَلم يقيدوه بِأَن يكون مِمَّا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد.
الْأَصَح أَن الْعُمُوم فِي مَوضِع الْإِبَاحَة بِدلَالَة الصِّيغَة لَا بقضية الصِّيغَة، لِأَن قَضيته التَّخْيِير والتخيير بَين الشَّيْئَيْنِ يدل على الْمُسَاوَاة بَينهمَا وَبَين الْإِقْدَام على أَحدهمَا، وَإِنَّمَا أطلق لمصْلحَة
تعلق بهَا فَصَارَ ذَلِك دلَالَة لإِطْلَاق فِي الآخر لِأَن الْإِطْلَاق لأجل الْمصلحَة وهما فِي الْمصلحَة سَوَاء.
معنى الْمُرُور فِي نَحْو: (مَرَرْت بزيد) وَهُوَ الْمُجَاوزَة يَقْتَضِي مُتَعَلقا وَالْبَاء تَكْمِيل لذَلِك الْمَعْنى، بِخِلَاف التَّعْدِيَة نَحْو: (خرجت بزيد) فَإِن معنى الْخُرُوج لَا يَقْتَضِي مُتَعَلقا بل حصل اقْتِضَاء الْمُتَعَلّق بِحرف الْجَرّ فَتلك هِيَ التَّعْدِيَة.
لَيْسَ فِي (عرضت النَّاقة على الْحَوْض) مَا يدل على الْقلب لِأَن الْعرض صَحِيح من أَيهمَا كَانَ.
وَأما مثل (أدخلت القلنسوة فِي رَأْسِي والخاتم فِي إصبعي) فمقلوب بالِاتِّفَاقِ.
الْمحلى بلام الْعَهْد الذهْنِي لَهُ جهتان: التنكير من جِهَة الْمَعْنى، والتعريف من جِهَة اللَّفْظ.
فَتَارَة ينظر إِلَى الْجِهَة الأولى فيصفونه بالنكرة، وَتارَة ينظر إِلَى الْجِهَة الثَّانِيَة فيصفونه بالمعرفة.
العددان مَتى اسْتَويَا فالاقتصار على أَحدهمَا جَائِز، دَلِيله قَوْله تَعَالَى: {ثَلَاث لَيَال سويا} و {ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا رمزا} والقصة وَاحِدَة ذكرت مرّة بِالْأَيَّامِ وَمرَّة بالليالي، وَالْمرَاد فِي الْعرف الْأَيَّام والليالي جَمِيعًا.
توسيط ضمير الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَإِن كَانَ مَشْرُوطًا بِكَوْن الْخَبَر مُعَرفا بِاللَّامِ أَو (أفعل من كَذَا) إِلَّا أَن الْمُضَارع لشبهه بالمعرف بِاللَّامِ فِي عدم دُخُول اللَّام فِيهِ جوز فِيهِ ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد} (ومَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ(1/1015)
يَبور} بل فِي الْمَاضِي كَذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأَنه هُوَ أَضْحكَ وأبْكَى وأنّه هُوَ أَمَاتَ وأَحْيَا} .
معنى اضمحلال معنى الجمعية عِنْد دُخُول أَدَاة التَّعْرِيف عَلَيْهِ جَوَاز تنَاول الْجمع الْوَاحِد لَا منع دلَالَته على مَا يدل عَلَيْهِ الْجمع مُطلقًا كَمَا عرف فِي (لَا أَتزوّج النِّسَاء) حَيْثُ يَحْنَث بتزوج امْرَأَة وَاحِدَة لأجل اضمحلال معنى الجمعية.
الشَّيْء إِذا وجد فِيهِ بعض خَواص نَوعه وَلم يُوجد فِيهِ بَعْضهَا لم يُخرجهُ عَن نَوعه نُقْصَان مَا نقص مِنْهُ. أَلا ترى أَن الِاسْم لَهُ خَواص تخصه وَلم يلْزم أَن تُوجد هَذِه الْخَواص كلهَا فِي جَمِيع الْأَسْمَاء وَلَكِن حَيْثُمَا وجدت كلهَا أَو بَعْضهَا حكم لَهُ بِأَنَّهُ اسْم.
إِذا كَانَ الْمَعْدُود مذكراً وحذفته فلك وَجْهَان: أَحدهمَا وَهُوَ الأَصْل: أَن تبقي الْعدَد على مَا كَانَ عَلَيْهِ لَو لم تحذف الْمَعْدُود تَقول. (صمت خَمْسَة) تُرِيدُ خَمْسَة أَيَّام، وَالثَّانِي: أَن تحذف مِنْهُ كلمة التَّأْنِيث.
الْوَاو فِي مثل (زيد قَامَ أَبوهُ وَقعد أَخُوهُ) تدل على تشريك الجملتين فِي حكم الْإِعْرَاب وَهُوَ الرّفْع بالخبرية، وَفِي مثل (ضرب زيد وَأكْرم عَمْرو) تفِيد ثُبُوت مضمونها فِي لفظ الْمُتَكَلّم وإخباره وَحكمه حَتَّى لَو ترك الْعَطف لم تحصل هَذِه الْفَائِدَة وَاحْتمل الْكَلَام الرُّجُوع عَن الأول.
إِذا اشتركت الجملتان المعطوفة إِحْدَاهمَا على
الْأُخْرَى فِي اسْم جَازَ أَن يُؤْتى بِهِ فِي الثَّانِيَة ظَاهرا كَمَا فِي (تشهد الْأَذَان) بل الْإِتْيَان بِهِ ظَاهرا فِي صِيغَة الشَّهَادَة خير. أَلا ترى إِلَى اخْتِلَاف الْأَصْحَاب فِي (تشهد الصَّلَاة) هَل يقوم مقَام الظَّاهِر أم لَا.
الْوَاو إِنَّمَا تكون للْجمع إِذا عطف مُفْرد على مُفْرد لَا جملَة على جملَة، وَمن ثمَّ منعُوا (هَذَانِ يقوم وَيقْعد) وأجازوا (هَذَانِ قَائِم وقاعد) لِأَن الْوَاو جمعت بَينهمَا وصيرتهما كالكلمة الْوَاحِدَة الْمُثَنَّاة الَّتِي يَصح الْإِخْبَار بهَا عَن الِاثْنَيْنِ.
كَون الْوَصْف النَّحْوِيّ مَعْلُوم التحقق لغيره وَفِي نَفسه يدل على أَن الصّفة الْمُقَابلَة للذات مَعْلُومَة أَيْضا، وَالصَّوَاب مَا ذكره أَبُو الْحُسَيْن من أَن الصّفة تعلم تبعا لَا أَصَالَة حَيْثُ جعلت آلَة الْمُشَاهدَة غَيرهَا كَالْمَرْأَةِ للصور الَّتِي تشاهد فِيهَا.
التَّحَوُّل من عدم الدّلَالَة إِلَى الدّلَالَة كَلَام الْأَسْمَاء السِّتَّة، وَمن عَلامَة لأمر إِلَى عَلامَة لأمر كألف الْمثنى وواو الْجمع فَإِنَّهَا قبل التَّرْكِيب عَلامَة للتثنية وَالْجمع، وَبعد التَّرْكِيب عَلامَة لَهما وللفاعلية، وَمن عَلامَة إِلَى عَلامَة كياء التَّثْنِيَة وَالْجمع.
إِذا عطفت جملَة على جملَة يطْلب بَينهمَا الْمُنَاسبَة المصححة لعطف الثَّانِيَة على الأولى، وَأما إِذا عطف مَجْمُوع جمل مُتعَدِّدَة مسوقة لغَرَض على مَجْمُوع جمل أُخْرَى مسوقة لغَرَض آخر فَيشْتَرط فِيهِ التناسب بَين الغرضين دون آحَاد(1/1016)
الْجمل الْوَاقِعَة فِي المجموعين.
الْفَاعِل اللَّفْظِيّ لَا يجوز تَقْدِيمه مَا دَامَ فَاعِلا لفظياً فَلَا يُقَال إِن زيدا فِي (ضرب زيد) إِذا قَدمته فَاعل، بل هُوَ مُبْتَدأ بالِاتِّفَاقِ بِخِلَاف الْفَاعِل الْمَعْنَوِيّ فَإِن فاعليته معنوية فَلَا تَزُول بِتَقْدِير الْوَضع وتبديل الْحَال.
استلزام الاتصاف بمصدر الْفِعْل الْمُتَعَدِّي الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول الاتصاف بمصدر الْفِعْل اللَّازِم مُطلقًا إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَفْعَال الطبيعية كالمكسورية والانكسار، وَأما الْأَفْعَال الاختيارية فَلَيْسَتْ كَذَلِك.
شَرط بَاب الْمَفْعُول مَعَه أَن يكون فعله لَازِما حَتَّى يكون مَا بعد الْوَاو على تَقْدِير الْعَطف مَرْفُوعا فَيكون الْعُدُول إِلَى النصب لكَونه نصبا على المصاحبة فَإِن الْعَطف لَا يدل إِلَّا على أَن مَا بعد الْوَاو شَارك مَا قبلهَا فِي مُلَابسَة معنى الْعَامِل لكل مِنْهُمَا. وَالنّصب كَمَا يدل عَلَيْهِ يدل أَيْضا على أَن ملابسته لَهما فِي زمَان وَاحِد.
لم ينص أحد من الْمُتَقَدِّمين على اشْتِرَاط كَون الْمَفْعُول لَهُ فعلا لفاعل الْفِعْل الْمُعَلل وَسقط مَا قيل من أَنه يجب لنصبه شَرط آخر هُوَ أَن يكون من أَفعَال الْقُلُوب لَا من أَفعَال الْجَوَارِح كَالْأَكْلِ وَالْقَتْل فَلَا يُقَال: طلبته قتلا وَلَا خَشيته أكلا.
الِاسْتِغْرَاق لَيْسَ معنى تَعْرِيف الْجِنْس وَإِن كَانَ مستفاداً من الْمُعَرّف بلام الْجِنْس فِي الْمَوَاضِع
الخطابية وقرائن الْأَحْوَال، وَكَفاك شَاهدا على ذَلِك استغراق نَحْو: (لَا رجل وَلَا تَمْرَة خير من جَرَادَة) فقد تحقق الِاسْتِغْرَاق فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات وَلَيْسَ مَعَه تَعْرِيف أصلا.
لَا خلاف فِي وُقُوع الْعلم الأعجمي فِي الْقُرْآن كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل. وَاخْتلف فِيهِ هَل يُسمى معرباً أم لَا؟ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي كَونه عَرَبيا نظرا إِلَى مَا ذكره السعد وَغَيره من أَن الْأَعْلَام بِحَسب وَضعهَا العلمي لَيست مِمَّا ينْسب إِلَى لُغَة دون أُخْرَى.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: قَوْلهم الْخَبَر يحْتَمل الصدْق وَالْكذب يتَعَيَّن أَن يُقَال بِكَلِمَة (أَو) لِأَنَّهُمَا ضدان فَلَا يقبل إِلَّا أَحدهمَا، والأرجح مَا هُوَ الْمَشْهُور، والتنافي إِنَّمَا هُوَ بَين المقبولين لَا بَين القبولين، وَلَا يلْزم من تنَافِي المقبولين تنَافِي القبولين.
امْتنَاع أَن يُخَاطب فِي كَلَام وَاحِد اثْنَان أَو أَكثر من غير عطف أَو تَثْنِيَة أَو جمع كَمَا صرح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ فِي بحث التغليب إِنَّمَا هُوَ فِي الْخطاب الاسمي الْحَقِيقِيّ، وَأما الْخطاب الدَّاخِل على اسْم الْإِشَارَة مثل: {ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك} فَإِنَّهُ خَارج عَن الحكم الْمَذْكُور.
إِذا قُدِّم الْمسند إِلَيْهِ على الْفِعْل وحرف النَّفْي جَمِيعًا مثل: (أَنا مَا سعيت فِي حَاجَتك) فَحكمه حكم الْمُثبت يَأْتِي تَارَة للتقوي وَتارَة للتخصيص وَإِذا قدم على الْفِعْل دون حرف النَّفْي فَهُوَ للتخصيص قطعا لَكِن فرق بَين التخصيصين.(1/1017)
نَص الأدباء على أَن الْجمع بَين الْمُفَسّر والمفسر بَاطِل كَمَا فِي الْمثل: صرفت الشَّيْء أَي غيرته، لَكِن بطلَان الْجمع فِيمَا لم ينشأ الْإِبْهَام فِي الْمُفَسّر إِلَّا بحذفه، وَأما الْمُفَسّر الَّذِي فِيهِ إِبْهَام بِدُونِ حذفه فَيجوز الْجمع بَينه وَبَين مفسِّره مثل: جَاءَنِي رجل أَي زيد.
الْوَصْف الْفعْلِيّ: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا للمتبوع، وَالْوَصْف السببي: مَا يكون مَفْهُومه ثَابتا لأمر مُتَعَلق بمتبوعه مَعَ أَنه لَا بُد من أَن يكون للوصف السببي نوع ثُبُوت بوجهٍ مَا لمتبوعه.
الْفِعْل الْمُتَعَدِّي قوي فِي الْعَمَل لَا يحْتَاج إِلَى حرف الْجَرّ مَعَه لتقوية عمله، وَلَو اسْتعْمل مَعَه حرف الْجَرّ كَانَ للتعدية إِلَى مفعول ثَان وَقد نظمت فِيهِ:
(كَفانيْ جُرْحُ اللَّحْظِ لَا جُرْحُ صَدْغِهِ ... فكيفَ وَحَرْفُ الجَرّ قِوَاه فِي العَمَلْ)
(وفيهِ سِوى التكْلِيفِ منْ غيرِ حَاجَةٍ ... مخافَةَ جَرِّ المِثْلِ فِي جَرَّهِ الثّقَلْ)
بَين مَعَاني مسميات الِاسْم الْمُشْتَرك مُنَافَاة ومضادة فَلَا يَتَنَاوَلهَا لفظ وَاحِد كالحقيقة مَعَ الْمجَاز بِخِلَاف اسْم الْعَام فَإِنَّهُ يتَنَاوَل جنس الْمُسَمّى لِأَن الْكل جنس وَاحِد، وَهَذَا إِذا كَانَ فِي مَوضِع الْإِثْبَات، أما فِي مَوضِع النَّفْي فينتفيان لِانْعِدَامِ التَّنَافِي فِي النَّفْي.
قَول المنطقيين فِي القضايا: المطلقتان لَا تتناقضان لِأَن شَرط التَّنَاقُض ايجاد الْمَحْمُول والموضوع، وَالزَّمَان وَالْمَكَان، وَالْقُوَّة وَالْفِعْل،
وَالْإِضَافَة، والكلية والجزئية فَلَيْسَ على إِطْلَاقه، بل الْمَعْنى بِهِ لَا تتناقضان من حَيْثُ إنَّهُمَا مطلقتان، وَقد تتناقضان لعَارض.
إِذا دلّ دَلِيل على فعل الشَّرْط جَازَ أَن يحذف ويستغنى عَنهُ بِالْجَوَابِ نَحْو قَوْله:
(فَطَلِّقْها فَلَسْتَ لَهَا بكفْءٍ ... وإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَك الحُسامُ)
أَي وإلاّ تطلقها.
وَإِذا دلّ الدَّلِيل على الْجَواب جَازَ أَن يحذف ويستغنى عَنهُ بِالشّرطِ نَحْو: قَوْله: {فَالله هُوَ الْوَلِيّ} أَي: إِن أَرَادوا أَوْلِيَاء بحقْ.
وَقد يحذفان مَعًا كَمَا فِي قَوْله:
(قالتْ بَنَاتُ العَمِّ يَا سَلْمى وَإِن ... كَانَ فَقيراً مُعْدِماً قَالَتْ وإنْ)
أَي وَإِن كَانَ كَذَلِك أتزوجه.
عطف الْخَاص على الْعَام مثل: {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} وَسَماهُ الْبَعْض بالتجريد كَأَنَّهُ جرد من الْجُمْلَة وأفرد بِالذكر تَفْصِيلًا، وَلَيْسَ المُرَاد بالخاص وَالْعَام هَهُنَا مَا هُوَ المصطلح عَلَيْهِ فِي الْأُصُول، بل المُرَاد مَا كَانَ فِيهِ الأول شَامِلًا للثَّانِي.
لَا نزاع فِي كَون الشَّيْء حَقِيقَة لغوية وعرفية بل مجَازًا أَيْضا كُله بِالنّظرِ إِلَى معنى وَاحِد، صرح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ والشريف كالدابة مثلا فَإِنَّهَا حَقِيقَة لغوية فِي الْفرس ومجاز بِاعْتِبَار مُلَاحظَة خُصُوصِيَّة الْفرس، وعرقية بِاعْتِبَار نَقله إِلَيْهِ.
فِي عطف الخبرية على الطلبية أَو بِالْعَكْسِ(1/1018)
خلاف، قيل وَالصَّحِيح الْجَوَاز، وَنسبه ابْن عُصْفُور إِلَى سِيبَوَيْهٍ. وَمذهب البيانيين الْمَنْع، وَقَالَ بَعضهم: إنْ جَمَعَ الجملتين معنى وَاحِد جَازَ كالتسمية والتصلية لاشْتِرَاكهمَا فِي التَّبَرُّك وَإِلَّا فَلَا.
اشْتبهَ على قوم من أَصْحَاب أصُول الْفِقْه (إنّ) الْمَكْسُورَة الدَّالَّة على التَّحْقِيق بالمفتوحة الْمقدرَة بِاللَّامِ الدَّالَّة على التَّعْلِيل حَيْثُ قَالُوا: إِن الْمَكْسُورَة تدل على السَّبَبِيَّة بِدَلِيل حَدِيث: " فَإِنَّهُ يحْشر ملبياً " ورد عَلَيْهِم آخَرُونَ بِأَن الدَّالَّة على السَّبَبِيَّة هِيَ الْمَفْتُوحَة الْمقدرَة بِاللَّامِ دون الْمَكْسُورَة، والسببية فِي الحَدِيث مستفادة من الْفَاء.
أهل اللُّغَة أَجمعُوا على أَن المصادر الْمُؤَكّدَة مَوْضُوعَة للحقائق الَّتِي فِيهَا اعْتِبَار الفردية وَإِن كَانَ لبَعض الْفُقَهَاء خلاف فِيهِ فَإِنَّهُم حكمُوا بِأَن الْمصدر اسْم مُفْرد فَيدل على الْوحدَة وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ لكَونه مُخَالفا لإِجْمَاع من يرجع إِلَيْهِم فِي أَحْكَام اللُّغَة.
الْمَوْضُوع للآحاد المجتمعة هُوَ الْجمع سَوَاء كَانَ من لَفظه وَاحِد مُسْتَعْمل كرجال وأسود أَو لم يكن كأبابيل، والموضوع لمجموع الْآحَاد هُوَ اسْم الْجمع سَوَاء كَانَ لَهُ وَاحِد من لَفظه كركبٌ وصحبٌ أَو لم يكن كقوم ورهط. والموضوع للْحَقِيقَة بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور هُوَ اسْم الْجِنْس.
المنطقيون يجْعَلُونَ كلا من الشَّرْط وَالْجَزَاء خَارِجا عَن الخبرية وَاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب ويعتبرون الحكم فِيمَا بَينهمَا باللزوم أَو الِاتِّفَاق، فَإِن طابق الْوَاقِع فالقضية صَادِقَة وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَة، سَوَاء كَانَ الشَّرْط وَالْجَزَاء صَادِقين أَو كاذبين أَو
مُخْتَلفين.
يجوز فِي التَّابِع مَا لَا يجوز فِي الْمَتْبُوع كَمَا نطق بِهِ قَوْله: (رب شَاة وسخلتها) لما فِي التَّابِع من دُخُول (رب) على الْمعرفَة ضمنا، وَالْحَال أَنه لَا يجوز (رب سخلتها) وَكم من شَيْء يثبت ضمنا وتبعاً وَلَا يثبت قصدا وأصالة على مَا تقرر فِي الْأُصُول.
النَّفْي إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَى النّسَب وَالصِّفَات دون الْأَعْيَان والذوات، وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاة: الْخَبَر فِي (مَا أَنا قلت) هُوَ مُجَرّد (قلت) من غير مُلَاحظَة النَّفْي لِأَن قصارى أَمرهم تَصْحِيح ظواهر الْأَلْفَاظ.
(لَا) إِنَّمَا تزاد بعد الْوَاو العاطفة فِي سِيَاق النَّفْي للتَّأْكِيد تَصْرِيحًا بشموله لكل وَاحِد من الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الْمَنْفِيّ هُوَ الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع. هَذَا عِنْد الْبَصرِيين، وَأما الْكُوفِيُّونَ فيجعلونها بِمَعْنى (غير) .
ظرف الزَّمَان الْمَحْدُود مثل يَوْم وأسبوع وَشهر إِذا جعل معياراً للْفِعْل الْوَاقِع فِيهِ لَا يجوز إِظْهَار (فِي) فِيهِ. مثلا إِذا أَرَادَ أحد أَن يَجْعَل رَجَب معياراً لصومه وَجب أَن يَقُول: أَصوم رَجَب، لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: أَصوم فِي رَجَب لَا يدل قطعا على أَن يَصُوم جَمِيع أَيَّامه بل يحْتَملهُ وَأَن يَصُوم بعض أَيَّامه.
إِذا قيد الْمَعْطُوف أَو الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِالْحَال فَيَعُود إِلَى الْجَمِيع. وَفِي المحصور إِلَى الْأَخِيرَة على قَاعِدَة أبي حنيفَة. والتمييز وَالصّفة فِي حكم الْحَال. هَذَا إِنَّمَا يظْهر على تَقْدِير تَأْخِير الْقَيْد، وَأما إِذا كَانَ الْقَيْد مقدما على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَالظَّاهِر تَقْيِيد الْمَعْطُوف بِهِ وَإِن وسطت الْحَال،(1/1019)
وَعَن ابْن الْحَاجِب: التَّوَقُّف فِي ذَلِك إِذا كَانَ الْمُتَوَسّط ظرف زمَان أَو مَكَان.
الْمُضْمرَات لَا تُوصَف وَلَا يُوصف بهَا، وَقد نظمت فِيهِ:
(تكَلِّفُني لَيْلى بوَصْفِ مَحَبَّتي ... لَقَد جَهِلَت عِلْم الضَّمائِرِ شَأْنهَا)
والأعلام تُوصَف وَلَا يُوصف بهَا، والجمل يُوصف بهَا وَلَا تُوصَف، وَالَّذِي يُوصف ويوصف بِهِ هُوَ الْمُعَرّف بِاللَّامِ والمصادر وَاسم الْإِشَارَة.
إِذا أُرِيد كَون الصِّلَة سَببا لحُصُول الْخَبَر للموصول ضمنت معنى الشَّرْط وَأدْخل الْفَاء فِي الْجَزَاء، وَإِن لم يقْصد ذَلِك فَلَا، كَقَوْلِه تَعَالَى: {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله} إِلَى قَوْله: {لَهُم أجرهم} وَقَوله: {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم} .
الْمَاضِي هُوَ الَّذِي كَانَ بعضه بِالْقِيَاسِ إِلَى آن قبل الْحَال مُسْتَقْبلا وَبَعضه مَاضِيا وَصَارَ فِي الْحَال كُله مَاضِيا، وَهَكَذَا فِي الْمُسْتَقْبل فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يكون بِالْقِيَاسِ إِلَى آن بعد الْآن مُسْتَقْبلا وَبَعضه مَاضِيا وَيكون فِي الْحَال كُله مُسْتَقْبلا.
الْكَلِمَات المستترة فواعلها دَالَّة بصيغها عَلَيْهَا بِلَا فَاعل لَفْظِي أصلا، وَإِنَّمَا حكمُوا بِوُجُودِهِ
واستتاره حفظا لقاعدته من أَن كل فعل وَشبهه لَا بُد لَهما من فَاعل لَفْظِي.
و (لَا) وضعت للنَّفْي وَلَا تُفَارِقهُ إِذْ لم تسْتَعْمل إِلَّا لَهُ.
و (لَا) العاطفة وضعت لنفي مَا يدل عَلَيْهِ مَا قبلهَا صَرِيحًا، فلهذين اشْترط فِي منفي (لَا) أَن لَا يكون منفياً قبلهَا شَيْء مَوْضُوع للنَّفْي.
الْجِنْس الْوَاقِع تمييزاً إِنَّمَا يفرد إِذا لم يقْصد بِهِ الْأَنْوَاع، وَأما إِذا قصدت بِهِ الْأَنْوَاع فَلَا يفرد بل يثنى وَيجمع كَقَوْلِه تَعَالَى: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} أَي: أنواعاً من الْعُيُون و {بالأخسرين أعمالا} أَي أنواعاً من الْأَعْمَال.
إِذا كَانَ الْقصر مستفاداً من (إِنَّمَا) يكون الْقَيْد الْأَخير هُوَ الْمَقْصُور عَلَيْهِ، وَأما إِذا حصل من غَيره كالتقديم وَالْجمع بَينه وَبَين (إِنَّمَا) للتَّأْكِيد فَالْعِبْرَة بالتقديم مثل: (إِنَّمَا أَنا قلت هَذَا) .
خبر الْمُبْتَدَأ إِذا كَانَ جملَة فَالضَّمِير مِنْهَا إِنَّمَا يعود إِلَى الْمُبْتَدَأ نَفسه لَا إِلَى تَفْسِيره كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَكم من قَرْيَة أهلكناها} أنث الضَّمِير على الْمَعْنى لِأَن (كم) مفسرة للقرية، وَلَو جَاءَ على اللَّفْظ لقَالَ: أهلكناهم.
إشتراط اتِّحَاد اللَّفْظَيْنِ فِي إِبْدَال النكرَة من(1/1020)
الْمعرفَة وَكَون النكرَة مَوْصُوفَة نَحْو: {بالناصية نَاصِيَة كَاذِبَة} مَبْنِيّ على الْأَعَمّ الْأَغْلَب لتحَقّق ذَلِك بِدُونِ الشَّرْط الْمَذْكُور فِي الْجُمْلَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إنكَ بالوادِ المقدَّسِ طُوى} .
حرف النَّفْي لَا يدْخل فِي الْمُفْردَات وَكَذَا حرف الِاسْتِفْهَام وَلِهَذَا يقدر فِي مثل (مَا جَاءَنِي زيد وَلَا عَمْرو) أَي: وَلَا جَاءَنِي عَمْرو، وَفِي (أجاءك زيد أَو عَمْرو) بتحريك الْوَاو أَي: أَو جَاءَك عَمْرو؟ لِأَن الَّذِي ينفى إِنَّمَا هُوَ النِّسْبَة.
معنى قَوْلهم: إِن الْحَال فضلَة فِي الْكَلَام لَيْسَ أَنَّهَا مُسْتَغْنى عَنْهَا فِي كل مَوضِع، بل أَنَّهَا تَأتي على وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون إعتماد الْكَلَام على سواهَا والفائدة منعقدة بغَيْرهَا، وَإِمَّا أَن تقرن بِكَلَام تقع الْفَائِدَة بهما مَعًا لَا مُجَرّدَة.
تَخْصِيص الشَّيْء بالحكم لَا يدل على نفي الحكم عَمَّا عداهُ إِلَّا فِي الرِّوَايَات كَحَدِيث: " لَيْسَ للْمَرْأَة أَن تنقض ضفيرتها فِي الغُسْل " وَفِي الْمُعَامَلَات كالمأمور باشتراء عبد وَاحِد، وَفِي الْعُقُوبَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {كلاّ إنَّهُمْ عَن رَبِّهم يَوْمَئِذٍ لمحُجُوبُون} .
(إنْ) الشّرطِيَّة تَقْتَضِي تَعْلِيق شَيْء وَلَا تسلتزم تحقق وُقُوعه وَلَا إِمْكَانه بل قد يكون ذَلِك فِي
المستحيل عقلا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} وَعَادَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن اسْتَطَعْت أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض} لَكِن فِي المستحيل قَلِيل.
إِذا كَانَ قبل النَّفْي اسْتِفْهَام فَإِن كَانَ على حَقِيقَته فَجَوَابه كجواب النَّفْي الْمُجَرّد. وَإِن كَانَ مرَادا بِهِ التَّقْرِير فالأكثر أَن يُجَاب بِمَا يُجَاب بِهِ النَّفْي رعياً للفظه، وَيجوز عِنْد أَمن اللّبْس أَن يُجَاب بِمَا يُجَاب بِهِ الايجاب رعياً لمعناه.
يجوز ذكر الضَّمِير من غير سبق مرجع إِذا تعين الْمرجع من غير حَاجَة إِلَى مُفَسّر.
وَيصِح أَن يكون ضمير الشَّأْن مِنْهُ بِاعْتِبَار أَنه رَاجع إِلَى الشَّأْن أَو الْقِصَّة لتعينه فِي الْمقَام فَيكون مَا بعده خَبرا صرفا لَا تَفْسِيرا للضمير.
تَعْلِيق الشَّيْء بِالشّرطِ إِنَّمَا يدل على وجود الْمَشْرُوط لَو علم كَونه بذلك الشَّرْط فَقَط، أما إِذا كَانَ الشَّيْء مَشْرُوطًا بِشَرْطَيْنِ فالتعليق بِأَحَدِهِمَا لَا يدل على وجود الْمَشْرُوط عِنْد وجود ذَلِك الشَّرْط.
إِذا كَانَ الْمَوْصُول شَائِعا لَا لشخص بِعَيْنِه وَكَانَت صلته جملَة من فعل وفاعل أَو ظرف أَو جَار ومجرور وأخبرت عَنهُ جَازَ دُخُول الْفَاء فِي خَبره لتَضَمّنه معنى الشَّرْط وَالْجَزَاء، وَكَذَلِكَ(1/1021)
النكرَة الموصوفة بِالْفِعْلِ أَو الظّرْف أَو الْجَار وَالْمَجْرُور لشبهها بِالشّرطِ وَالْجَزَاء أَيْضا لِأَن النكرَة فِي إبهامها كالموصول وَالصّفة كالصلة.
يجب عِنْد أَكثر النُّحَاة تَقْدِيم الْفَاعِل إِذا كَانَ الْمَفْعُول بعد (إِلَّا) ، وَلَا يجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول لَا مَعَ (إِلَّا) وَلَا بِدُونِهَا، وَيجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول مَعَ إِلَّا عِنْد السكاكي وَجَمَاعَة من النَّحْوِيين.
الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة إِذا اشتركت فِي مَفْهُوم اسْم فَهِيَ فِي حَيْثُ اختلافها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن كل وَاحِد مِنْهَا بِلَفْظ على حِدة، وَمن حَيْثُ اشتراكها فِي ذَلِك الْمَفْهُوم يَقْتَضِي أَن يعبر عَن الْكل بِلَفْظ وَاحِد.
يجوز حذف الْجَواب كثيرا لدَلِيل يدل عَلَيْهِ، وَأما فعل الشَّرْط وَحده دون الأداة فَيجوز حذفه إِذا كَانَ منفياً فِي الْكَلَام الفصيح، وَأما حذفهما مَعًا وإبقاء الْجَواب فَلَا يجوز إِذا لم يثبت ذَلِك من كَلَام الْعَرَب.
الْتزم تَقْدِيم الْخَبَر إِذا وَقع الْمُبْتَدَأ نكرَة وَالْخَبَر ظرفا، وَأما (سَلام عَلَيْكُم) (ويل لَهُ) فَذَلِك لأمن الالتباس لِأَنَّهُ دُعَاء وَمَعْنَاهُ ظَاهر بِخِلَاف مثل (لَك مَال) و (تَحْتك بِسَاط) لما فِيهِ من خوف التباس الْخَبَر بِالصّفةِ.
إِذا دخل حرف النَّفْي فِي مثل (رَأَيْت زيدا وعمراً) فَإِن كَانَت الرُّؤْيَة وَاحِدَة تَقول: (مَا رَأَيْت زيدا وعمراً) وَإِن كنت قد مَرَرْت بِكُل مِنْهُمَا على حِدة تَقول (مَا مَرَرْت بزيد وَلَا مَرَرْت بِعَمْرو) .
لَا يجوز إِبْدَال النكرَة الْغَيْر الموصوفة من الْمعرفَة كَمَا لَا يجوز وصف الْمعرفَة بالنكرة. هَذَا إِذا لم يفد الْبَدَل مَا زَاد على الْمُبدل مِنْهُ، وَأما إِذا أَفَادَ فَجَائِز نَحْو: مَرَرْت بأبيك خير مِنْك.
لَيْسَ كل كَلَام يشْتَمل على نفي وَقيد من قبيل مَا دخل النَّفْي على كَلَام فِيهِ قيد ليُفِيد نفي التَّقْيِيد بل رُبمَا يكون من لُحُوق الْقَيْد كلَاما فِيهِ نفي فَيُفِيد تَقْيِيد النَّفْي.
جَوَاب الشَّرْط إِذا كَانَ متردداً لَا يَلِيق بِهِ النُّون الْمُؤَكّدَة إِلَّا إِذا تضمن النَّهْي فَحِينَئِذٍ سَاغَ ذَلِك فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} ، {لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وَجُنُوده} .
عُمُوم النكرَة مَعَ الْإِثْبَات فِي الْمُبْتَدَأ كثير، وَفِي الْفَاعِل قَلِيل نَحْو: {علمت نفس مَا قدمت} بِخِلَاف مَا فِي حيّز النَّفْي فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُبْتَدَأ وَالْعَامِل.
الْوَاو الَّتِي بِمَعْنى (مَعَ) لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْموضع الَّذِي لَو اسْتعْملت فِيهِ عاطفة جَازَ، وَلِهَذَا امْتنع أَن يُقَال مثلا، (انْتَظَرْتُك وطلوعَ الشَّمْس) فينصب على أَنه مفعول مَعَه كَمَا ينصب نَحْو: (قُمْت زيدا) .
معرفَة هيئات الْمُفْردَات إِنَّمَا تتمّ بِمَعْرِِفَة نسب بَعْضهَا إِلَى بعض أَصَالَة وفرعية، وَوضع الْمُفْردَات لَيْسَ لإِفَادَة مسمياتها لاستلزامها الدّور كَمَا هُوَ الْمَشْهُور بل لإِفَادَة الْمعَانِي التركيبية.(1/1022)
الِاسْم إِنَّمَا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون أَو بِالْيَاءِ وَالنُّون بِشَرْط أَن يكون صفة للعقلاء، أَو يكون فِي حكمهَا وَهُوَ أَعْلَام الْعُقَلَاء فَإِن الْعلم لَيْسَ بِصفة إِلَّا مَعَ كَونه صفة للعقلاء.
إِنَّمَا يعد (إِذْ) و (إِذا) من الْأَسْمَاء اللَّازِمَة للظرفية اعْتِبَارا إِلَى كَثْرَة استعمالهما ظرفا لِأَنَّهُمَا يكونَانِ فِي أَكثر الْمَوَاضِع مَفْعُولا فِيهِ، وَأما كَونهمَا مَفْعُولا بِهِ وبدلاً وخبراً لمبتدأ فقليل.
القَوْل بِجَوَاز تَأْنِيث الْمُضَاف لتأنيث مَا أضيف إِلَيْهِ لَيْسَ على الْإِطْلَاق، بل هُوَ إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ الْمُضَاف بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: {يلتقطه بعض السيارة} أَو فعله نَحوه: أعجبني مشي هِنْد.
أَسمَاء الْعُلُوم كأسماء الْكتب أَعْلَام أَجنَاس عِنْد التَّحْقِيق فَإِن كل علم كلي وضع لأنواع أغراض تَتَعَدَّد أفرادها بِتَعَدُّد الْمحل كالقائم بزيد وبعمرو فَإِن الْقَائِم مِنْهُ بزيد غير الْقَائِم مِنْهُ بِعَمْرو شخصا، وَقد تجْعَل أَعْلَام شخص بِاعْتِبَار أَن المتعدد بِاعْتِبَار الْمحل يعد فِي الْعرف وَاحِدًا.
الْوَقْف على الْمَقْصُور الْمنون بِالْألف مُتَّفق عَلَيْهِ نَحْو: رَأَيْت عَصا، وَالِاخْتِلَاف فِي الْوَقْف على المنقوص الْمنون فَمثل: (هَذَا قاضٍ) بِحَذْف الْيَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ وبإثباتها عِنْد يُونُس.
الْخلاف فِي كَون اللَّام فِي اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول اسْم مَوْصُول أَو حرف تَعْرِيف إِنَّمَا هُوَ إِذا
كَانَ فيهمَا معنى الْحُدُوث نَحْو: الْمُؤمن وَالْكَافِر فَهُوَ كالصفة المشبهة وَاللَّام فِيهَا حرف تَعْرِيف اتِّفَاقًا.
لَا يُفَسر الْعدَد بعد الْعشْرَة إِلَى التِّسْعَة وَالتسْعين إِلَّا بِوَاحِد يدل على الْجِنْس وَلَا يُفَسر أَيْضا بِالْجمعِ. وَقَوله تَعَالَى: {اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا أمما} ف (أسباطاً) نصب على الْبَدَل ثمَّ فسره بالأمم.
قَالَ الدماميني: إِدْخَال اللَّام فِي جَوَاب (إنْ) الشّرطِيَّة مُمْتَنع مَعَ أَن المصنفين فَعَلُوهُ، ثمَّ قَالَ: وَلَا أعرف أحدا صرح بِجَوَازِهِ وَلَا وقفت لَهُ على شَاهد مُحْتَج بِهِ، وَقد يُقَال: إِنَّمَا فَعَلُوهُ تَشْبِيها لَهَا بلو كَمَا فِي الإهمال وَعدم الْجَزْم.
لَا مَانع من أَن يكون بَين شَيْئَيْنِ نَوْعَانِ من العلاقة فَتعْتَبر أَيهمَا شِئْت ويتنوع الْمجَاز بِحَسب ذَلِك مثلا: اطلاق المشفر على شفة الْإِنْسَان إِن كَانَ بِاعْتِبَار التَّشْبِيه فِي الغلظ فاستعارة، وَإِن كَانَ بِاعْتِبَار اسْتِعْمَال الْمُقَيد فِي الْمُطلق فمجاز مُرْسل.
لَا يجوز الْفَصْل بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة بالْخبر إِلَّا فِي الصّفة الكاشفة لِأَن الصّفة الكاشفة خبر عَن الْمَوْصُوف عِنْد التَّحْقِيق فَيكون بِمَنْزِلَة الْخَبَر بعد الْخَبَر (وَهَذَا جَائِز بالِاتِّفَاقِ عِنْدهم) .
الصِّلَة تقال بالاشتراك عِنْدهم على ثَلَاثَة: صلَة الْمَوْصُول: وَهِي الَّتِي يسميها سِيبَوَيْهٍ(1/1023)
حَشْوًا أَي لَيست أصلا، وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَة يتم بهَا الِاسْم وبوضوح مَعْنَاهُ، وَهَذَا الْحَرْف صلَة أَي زَائِد.
وحرف الْجَرّ صلَة بِمَعْنى وصلَة كَقَوْلِك: مَرَرْت بزيد.
أوزان جمع الْقلَّة للقلة إِذا جَاءَت للمفرد وزن كَثْرَة، وَإِذا انحصر جمع التكسير فَهِيَ للقلة وَالْكَثْرَة، وَكَذَا مَا عدا السِّتَّة للكثرة إِذا لم ينْحَصر فِيهِ الْجمع، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْتَرك ك (أجادل) و (مصانع) .
الْمصدر الْمَحْدُود بتاء التَّأْنِيث لَا يعْمل إِلَّا فِي قَلِيل من كَلَامهم وَلَو كَانَ مَبْنِيا على التَّاء عمل فِي قَوْله:
(فَلَوْلاَ رَجَاءُ النَصْر منْكَ ورَهْبَةٌ ... عقابَك قَدْ كَانُوا لَنا بالمَوارِدِ)
فأعمل (رهبة) لكَونه مَبْنِيا على التَّاء.
مَا يتنزل منزلَة الشَّيْء لَا يلْزم أَن يثبت جَمِيع أَحْكَامه لَهُ. أَلا يرى أَن المنادى الْمُفْرد الْمعِين منزل منزلَة الضَّمِير وَلذَلِك بني. وَالضَّمِير لَا ينعَت وَمَعَ ذَلِك لَا يمْتَنع نعت المنادى (فِي كلمة أَو لَا يجب الذّكر بهَا قبل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، وَأما فِي (إِمَّا) فَوَاجِب ذَلِك كوجوب الْوَاو قبلهَا. قيل: بَينهمَا فرق آخر هُوَ أَن (إِمَّا) لَا تقع فِي النَّهْي.
مثلا لَا يُقَال: (لَا تضرب إِمَّا زيدا أَو إِمَّا عمرا) بل يُقَال: أَو عمرا) .
لَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة مَبْنِيّ إِذا دخل عَلَيْهِ اللَّام رَجَعَ إِلَى الْأَعْرَاب كأمس فَإِنَّهُ إِذا عرف بِاللَّامِ صَار معربا
إِلَّا الْمَبْنِيّ فِي حَال التنكير نَحْو: خَمْسَة عشر وَإِخْوَته فَإِنَّهُ مَبْنِيّ، فَإِذا دَخلته اللَّام بَقِي مَعهَا على بنائِهِ.
الْجَار وَالْمَجْرُور يُقَام مقَام الْفَاعِل إِذا تقدم الْفِعْل أَو مَا يقوم مقَامه، وَأما إِذا تَأَخّر فَلَا يَصح ذَلِك فِيهِ لِأَن الِاسْم إِذا تقدم على فعل صَار مُبْتَدأ، وحرف الْجَرّ إِذا كَانَ لَازِما لَا يكون مُبْتَدأ.
الْفَاعِل لَا يُكَرر ذكره فِي عطف الْأَفْعَال، فَلَا يُقَال: دخل زيد الدَّار وَضرب زيد عمرا إِلَّا على وَجه الِابْتِدَاء، وَإِنَّمَا يُقَال: دخل زيد الدَّار وَضرب عمرا.
أقل مَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْجمع عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء وأئمة اللُّغَة ثَلَاثَة. وَإِرَادَة مَا فَوق الْوَاحِد لَيست فِي كل مَوضِع بل فِي الْموضع الَّذِي يُرَاد تعميمه للاثنين بِسَبَب اشتراكهما فِي الحكم.
الْعلم إِذا وَقع خَبرا للمبتدأ يؤول بِالْمُسَمّى بِالْعلمِ. مثلا إِذا قلت: هَذَا زيد يكون التَّقْدِير: هَذَا الشَّخْص الْمُسَمّى بزيد. وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الله فِي السَّمَاوَات وَفِي الأَرْض} أَي: وَهُوَ الْمُسَمّى باسم الله فيهمَا.
حذف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ يجوز فِي مَوضِع النَّفْي وَلَا يجوز فِي مَوضِع الْإِثْبَات. تَقول: مَا جَاءَنِي إِلَّا زيد أَي: مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد، وَلَا يجوز: جَاءَنِي إِلَّا زيد، إِذْ لَو قدر فِيهِ (أحد) يكون اسْتثِْنَاء الْوَاحِد من الْوَاحِد وَأَنه لَا يَصح.
الْفِعْل القلبي أَو الَّذِي مَعْنَاهُ إِن كَانَ مُتَعَدِّيا إِلَى وَاحِد جَازَ تَعْلِيقه سَوَاء كَانَ مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ نَحْو (عرفت مَن أَبوهُ) أَو بِحرف الْجَرّ كَقَوْلِه: (أَوَلَمْ(1/1024)
يَتفكَّروا مَا بِصَاحِبِهم مِن جُنَّةٍ} .
الْعَطف فِي نَحْو: (جَاءَنِي زيد وَعَمْرو) بِالْوَاو لتفصيل الْمسند إِلَيْهِ مَعَ اخْتِصَار، وبالفاء وَثمّ وَحَتَّى لتفصيل الْمسند مَعَ اخْتِصَار، وَبلا وبل لصرف الحكم إِلَى آخر.
حق التَّشْبِيه يَقْتَضِي أَن يكون طرف الْمُشبه أدنى وطرف الْمُشبه بِهِ قَوِيا. وطرفا التَّجْرِيد قويين الْبَتَّةَ لِأَن معنى التَّجْرِيد أَن ينتزع من أَمر آخر مثله، والمماثلة تستدعي قُوَّة الطَّرفَيْنِ.
(أفعل) التَّفْضِيل إِذا أضفته صلح للْوَاحِد وَالْجمع، وَهَذَا مُقَيّد بِمَا إِذا أضيف إِلَى معرفَة، وَإِن أضيف إِلَى نكرَة لم يجز إِلَّا أَن يكون مُفردا مذكراً لحاله إِذا كَانَ بِمن.
التَّعْمِيم بعد التَّخْصِيص وَعَكسه كل مِنْهُمَا يُفِيد تَعْظِيم شَأْن الْخَاص، وَأما الأول فكقوله تَعَالَى: {والشَّمْس والقَمَر والنُّجوم مُسَخَّرات بأمْره} وَأما الثَّانِي فكقوله تَعَالَى: {تَنَزَّلُ الملائِكة والرُّوحُ} .
إغراء الْمُخَاطب فصيح كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَلَيكُمْ أَن لَا تُشْركوا} . وإغراء الْغَائِب ضَعِيف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أَن يطَّوَّف} على قَول من قَالَ: إِن الْوَقْف على (جنَاح) و (عَلَيْهِ) إغراء.
الِاسْتِغْرَاق الْعرفِيّ: هُوَ مَا يعد فِي الْعرف شمولاً وإحاطة مَعَ خُرُوج بعض الْأَفْرَاد.
وَغير الْعرفِيّ وَهُوَ الْمُسَمّى بالحقيقي: مَا يكون شمولاً بِجَمِيعِ الْأَفْرَاد فِي نفس الْأَمر.
الجموع وأسماؤها المحلاة بِاللَّامِ للْعُمُوم حَيْثُ لَا عهد فَيدل عَلَيْهِ صِحَة الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا والتوكيد بِمَا يُفِيد الْعُمُوم كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَسَجَد الملائكَةُ كُلُّهم أَجْمَعُون} . واستدلال الصَّحَابَة بعمومها شَائِع ذائع.
منع الْمُحَقِّقُونَ دلَالَة الْفَاء الجزائية على التعقيب للْقطع بِأَنَّهُ لَا دلَالَة بقوله تَعَالَى: {إِذا نُودِيَ للصّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إِلَى ذِكرِ الله} على أَنه يجب السَّعْي عقيب النداء بِلَا تراخٍ.
لَا يشْتَرط فِي عطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة صِحَة إِقَامَة الْمَعْطُوف مقَام الْمَعْطُوف عَلَيْهِ. أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ} إِلَى قَوْله: {فتكونَ من الظالمينَ} وَكَذَا فِي عطف الْمُفْرد على الْمُفْرد كلياً.
قَالُوا: إِذا قصد بِالصّفةِ المشبهة الْحُدُوث ردَّتْ إِلَى صِيغَة اسْم الْفَاعِل فَتَقول فِي: (حَسَن) حاسن الْآن أَو غَدا، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: (ضائقٌ(1/1025)
بِهِ صَدْرُكَ} وَهَذَا مطرد فِي كل صفة مشبهة.
كثيرا مَا تجرد الْأَفْعَال عَن الزَّمَان الَّذِي هُوَ مَدْلُول الصُّورَة بِخِلَاف الْمَادَّة إِذا لَا يجوز التجرد عَن الْحَدث فِي الْأَفْعَال التَّامَّة.
حذف (لَا) النافية يطرد فِي جَوَاب الْقسم إِذا كَانَ الْمَنْفِيّ مضارعاً نَحْو: {تالله تَفْتَأُ} وَورد فِي غَيره أَيْضا نَحْو: (وعَلَى الذينَ يُطيقُونه فِدْيَة} .
الْحَقَائِق الْمُخْتَلفَة إِذا اشتركت فِي مَفْهُوم اسْم فَهِيَ من حَيْثُ اختلافها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن كل وَاحِدَة على حِدة، وَمن حَيْثُ اشتراكها يَقْتَضِي أَن يعبر عَن الْكل بِلَفْظ وَاحِد.
المصادر أَحْدَاث مُتَعَلقَة بمحالها كَأَنَّهَا تَقْتَضِي أَن يدل على نسبتها إِلَيْهَا، وَالْأَصْل فِي بَيَان النّسَب والتعليقات الْأَفْعَال، فَهَذِهِ مُنَاسبَة تَقْتَضِي أَن يُلَاحظ مَعَ المصادر أفعالها الناصبة.
الْغَلَبَة التحقيقية عبارَة عَن أَن يسْتَعْمل اللَّفْظ أَولا فِي معنى ثمَّ ينْتَقل إِلَى آخر.
والتقديرية عبارَة عَن أَن لَا يسْتَعْمل من ابْتِدَاء وَضعه فِي غير ذَلِك الْمَعْنى، لَكِن مُقْتَضى الْقيَاس الِاسْتِعْمَال.
الْعَرَب إِذا أَرَادوا الْمُبَالغَة فِي وصف شَيْء يشققون من لَفظه مَا يتبعونه بِهِ تَأْكِيدًا وتنبيهاً على تناهيه، كشعر شَاعِر، وليل أليل.
والتخصيص مَشْرُوط برد الْخَطَأ بتوهم مُشَاركَة الْغَيْر فِي الحكم أَو استقلاله بِهِ إِلَى الصَّوَاب، والاختصاص لَيْسَ لَهُ ذَلِك.
استقبح أهل اللِّسَان نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل بِالْبَاء لِأَنَّهُ لَا يدْخل الْآلَة، فالعربي (وَمَا توفيقي إِلَّا من الله) وَأما (وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه} فبتقدير مُضَاف أَي: وَمَا كوني موفقاً إِلَّا بمعونته وتوفيقه.
النِّسْبَة الَّتِي هِيَ جُزْء مَدْلُول الْفِعْل هِيَ النِّسْبَة الْمَخْصُوصَة الملحوظة من حَيْثُ إِنَّهَا آلَة بَين الطَّرفَيْنِ لَا النِّسْبَة الْمُطلقَة وَلَا الْمَخْصُوصَة الملحوظة من حَيْثُ إِنَّهَا كَذَلِك لَا شَيْئا مِنْهُمَا لَا يكون حكمِيَّة بل يَقع مَحْكُومًا عَلَيْهِ وَبِه.
القَوْل بالاستعارة التّبعِيَّة فِي الْأَفْعَال لضَرُورَة أَن معنى الْفِعْل [من حَيْثُ إِن معنى الْفِعْل لَا يَتَّصِف بِكَوْنِهِ مشبهاً ومشبهاً بِهِ لكَونه غير مُسْتَقل بالمفهومية فَهَذَا الْمَعْنى] الَّذِي اضطرهم إِلَى الحكم بِكَوْن الِاسْتِعَارَة المبنية على التَّشْبِيه فِيهَا بتبعية المصادر.
حذف الْعَائِد من الْخَبَر الْوَاقِع جملَة قَلِيل نَادِر حَتَّى أَن الْبَصرِيين لَا يجوزونه إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر، بِخِلَاف حذفه من الصلات وَالصِّفَات نَحْو: {أَهَذا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} أَي: بَعثه، {واتقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نفس} أَي: لَا تجزي فِيهِ نفس.(1/1026)
جَازَ كَون الْكَلِمَة اسْما فِي حَالَة وحرفاً فِي أُخْرَى كالألف وَالْوَاو وَالنُّون، فَفِي قَوْلنَا: (الزيدان قاما، والزيدون قَامُوا، والنسباء قُمْنَ) أَسماء، وَفِي قَوْلنَا: (قاما أَخَوَاك، وَقَامُوا إخْوَتك، وقمن جواريك) حُرُوف.
إِذا كَانَ بعد (كَيفَ) اسْم فَهُوَ فِي مَحل الرّفْع على الْخَبَر مثل: (كَيفَ زيد) ، وَإِذا كَانَ فعل فَهُوَ فِي مَحل النصب على الْحَال مثل: (كَيفَ جِئْت) .
يجوز تَأْنِيث مَا كَانَ مذكراً إِذا كَانَ مَعْنَاهُ مؤنثاً، وتذكير مَا كَانَ مؤنثاً إِذا كَانَ مَعْنَاهُ مذكراً.
الإيجاز الْحَاصِل بطي الْجمل أقوى من الإيجاز بطي الْمُفْردَات، وَكَذَا الإطناب بِلَا طي الْجمل فَإِنَّهُ أقوى من الإطناب بِلَا طيّ الْمُفْردَات.
يجوز حذف حرف الْجَرّ من (أَن) و (أَن) فَيُقَال: (عجبت أَنَّك ذَاهِب، وَأَن قَامَ زيد) وَلَا يجوز من غَيرهمَا فَلَا يُقَال: (عجبت قعُود عَمْرو) .
لَا يجمع (فَعْل) فِي غير الأجوف على (أَفعَال) إِلَّا فِي أَفعَال مَعْدُودَة كشَكْل وسَمْع وسَجْع، وفَرْخ، وَقد قَالُوا فِي (فَرْخ) إِنَّه مَحْمُول على (طَيْر) .
الْفِعْل الْمَاضِي يحْتَمل كل جُزْء من أَجزَاء الزَّمَان الْمَاضِي، وَإِذا دخل عَلَيْهِ (قد) قربه من
الْحَال وانتفى عَنهُ ذَلِك الِاحْتِمَال.
كُلَّما: عِنْد الميزانين علم فِي الشّرطِيَّة حَتَّى إِن قَوْلنَا: (كلما طلعت الشَّمْس فالنهار مَوْجُود) مُوجبَة كُلية أحد طرفيها (طلعت الشَّمْس) وَالْآخر (فالنهار مَوْجُود) .
الْمُغَايرَة شَرط بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ لِامْتِنَاع النِّسْبَة بِدُونِ المنتسبين، وَلذَلِك قَالُوا: يمْتَنع إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه إِلَّا أَنَّهَا كَافِيَة قبل الْإِضَافَة.
جَوَاب الْقسم إِن كَانَ خبرية فَهُوَ لغير الاستعطاف نَحْو: (أُقْسِمُ بِاللَّه لاقومنّ) وَإِن كَانَ طلبية فَهُوَ للاستعطاف، وَيُقَال لَهُ أَيْضا قَسَم السُّؤَال نَحْو: (بِاللَّه أَخْبِرْني هَل كَانَ كَذَا) ؟ .
لَا أعلم أحدا جوّز وُقُوع جملَة الِاسْتِفْهَام جَوَابا للشّرط بِغَيْر فَاء، بل نصوا على وجوب الْفَاء فِي كل مَا اقْتضى طلبا بِوَجْه مَا، وَلَا يجوز حذفهَا إِلَّا لضَرُورَة الشّعْر.
إِذا احْتَاجَ الْكَلَام إِلَى تَقْدِير مُضَاف يُمكن فِي الْجُزْء الأول وَالثَّانِي فالتقدير فِي الثَّانِي أولى كَمَا فِي قَوْله: {وَلَكِن الْبر من آمن} أَي: البربر من آمن فَإِنَّهُ أولى من (ذَا الْبر من آمن) .
الْوَصْف بعد متعاطفين يكون للْآخر وَهُوَ الأَصْل كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَاب الْمُحرمَات فِي قَوْله تَعَالَى: {من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن}(1/1027)
بعد قَوْله: وَرَبَائِبِكم وأُمّهَاتكم.
لَا يمْتَنع أَن يكون الشَّيْء جِنْسا وفرداً باعتبارين كالاسم مثلا فَإِنَّهُ من حَيْثُ الصُّورَة فَرد من أَفْرَاد الِاسْم، وَمن حَيْثُ الْمَفْهُوم جنس لَهُ.
التَّمَنِّي: إِذا كَانَ الْحَرْف ك (لَيْت) ينصب جَوَابه. وَأما إِذا كَانَ بِالْفِعْلِ ك (ودّ) فَلم يسمع من الْعَرَب وَلم يذكرهُ النُّحَاة.
نزع الْخَافِض: إِنَّمَا يجْرِي فِي الظروف وَالصِّفَات والصلات وَذَلِكَ لدلَالَة الْفِعْل على مَكَان الْحَذف.
صَرِيح الْمصدر: لَا يرتبط بِالذَّاتِ من غير تَقْدِير أَو تَأْوِيل، وَالْفِعْل المؤول بِهِ يرتبط بِالذَّاتِ من غير حَاجَة إِلَى شَيْء مِنْهَا.
الْفَاعِل: يجمع على (أَفعَال) كَمَا صرح بِهِ سِيبَوَيْهٍ وارتضاه الزَّمَخْشَرِيّ والرضي، فَمَا قَالُوا فِي الْأَصْحَاب إِنَّمَا نَشأ من عدم تصفح الْكتاب.
الْمَعْطُوف على الْجَزَاء: قد يكون مُسْتقِلّا فِي الترتب على الشَّرْط كَمَا فِي قَوْلك: (إِن جئتني أكرمتك وأعطيتك) ، وَقد يكون ترتبه على الشَّرْط بتوسط الْمَعْطُوف عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْلك: (إِن رَجَعَ الامير اسْتَأْذَنت وَخرجت) وَهَذَا فِي الْمَعْنى على كلامين. أَي: إِذا رَجَعَ استأذنته وَإِذا استأذنته خرجت.
التَّعْرِيف اللامي نَائِب مناب التَّعْرِيف الإضافي، قَالَ صَاحب " الْكَشَّاف " فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} أَي مَأْوَاه.
إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِنَّمَا تكون غير حَقِيقِيَّة إِذا أُرِيد بِهِ الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال لكَونهَا فِي تَقْدِير الِانْفِصَال.
حذف الزَّوَائِد يُسمى ترخيماً كَمَا يُسمى حذف آخر المنادى بِهِ، لكنه إِنَّمَا عرف فِي التصغير والمصادر دون الْجمع.
والمعرف بِالْإِضَافَة: كالإضافة بِاللَّامِ يحْتَمل الْجِنْس والاستغراق والعهد. والمضاف إِلَى الْمُعَرّف بِاللَّامِ أحط دَرَجَة من الْمُعَرّف بِاللَّامِ.
النَّفْي: إِذا ورد على الْمَحْكُوم عَلَيْهِ كَانَ مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة شَيْء مَا إِلَيْهِ. وَإِذا ورد على الْمَحْكُوم بِهِ كَانَ مُتَوَجها إِلَى نِسْبَة شَيْء إِلَى شَيْء مَا.
الْإِثْبَات وَالنَّفْي: إِنَّمَا يتوجهان إِلَى الصِّفَات، أَعنِي النّسَب دون الذوات أَعنِي المفهومات المستقلة بالمفهومية.
كلمة (لم) أظهر فِي معنى النَّفْي من (مَا) لعدم الِاشْتِرَاك فِيهَا، إِذْ هِيَ لنفي الْمَاضِي خَاصَّة، و (مَا) مُشْتَرك لنفي الْحَال والاستقبال.
قَالُوا: إِذا فصل بَين (كم) وَبَين مميزه بِفعل مُتَعَدٍّ وَجب زِيَادَة (مِنْ) فِيهِ لِئَلَّا يلتبس بالمفعول، وَلم يسمع زِيَادَة (مِنْ) فِي غير مَا يكون كَذَلِك.
الْكَلَام: تَارَة يُفِيد معنى بِنَفسِهِ وَتارَة يُؤَكد غَيره، وعَلى هَذَا اسْتِعْمَال النَّاس. وَقد وَقع التَّأْكِيد كثيرا فِي الْقُرْآن كَقَوْلِه: {تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} .
مَدْلُول الْجمع مركب من الْجِنْس والجمعية فَإِذا(1/1028)
انْتَفَى هَذَا الْمَفْهُوم الْمركب انْتَفَى أَفْرَاده، وَهِي جمل الْجِنْس، وَلَيْسَ الْوَاحِد والاثنان مِنْهَا.
التَّأْكِيد: الَّذِي هُوَ تَابع لَا يُزَاد بِهِ على ثَلَاثَة، وَأما ذكر الشَّيْء فِي مقامات مُتعَدِّدَة أَكثر من ثَلَاثَة فَلَا يمْتَنع.
الْحَال: لَا تسد مسد خبر الْمُبْتَدَأ إِلَّا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ اسْم حدث كَقَوْلِك: (ضَرَبَنِي زيد جَالِسا) وَلَا تسد مسده إِذا كَانَ اسْم عين.
كلمة (كَانَ) من دواخل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَحق اسْمهَا أَن يكون مَعْلُوما، وَحقّ خَبَرهَا أَن يكون غير مَعْلُوم.
قد تدخل على بعض اسْم الْمَكَان تَاء التَّأْنِيث إِمَّا للْمُبَالَغَة أَو لإِرَادَة الْبقْعَة، وَذَلِكَ مَقْصُور على السماع نَحْو: المظنة والمقبرة.
لَا يجوز كَون الْحَالين لذِي حَال وَاحِدَة إِلَّا بِحرف الْعَطف نَحْو: (جَاءَنِي زيد رَاكِبًا وضاحكاً) إِلَّا إِذا كَانَ عَامل الْحَال أفعل التَّفْضِيل نَحْو: زيد أفضل النَّاس عليماً حَلِيمًا.
يجوز أَن ينْسب الشَّيْء إِلَى جَمِيع الْمَذْكُور وَإِن كَانَ ملتبساً بِبَعْضِه كَمَا يُقَال: (بَنو فلَان فعلوا كَذَا) ، وَعَلِيهِ: {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} {وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة} و {نسيا حوتهما} .
إِنَّمَا جمعُوا الْألف دون المئة فِي قَوْلهم (ثلاثمئة دِرْهَم وَثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم) لِأَن المئة لما كَانَت مُؤَنّثَة استغني فِيهَا بِلَفْظ الْإِفْرَاد عَن الْجمع
لثقل التَّأْنِيث بِخِلَاف آلَاف.
الْأَعْدَاد نصٌ فِي مفهوماتها لَا تحْتَمل التَّجَوُّز أبدا، بِخِلَاف صِيغ التَّثْنِيَة وَالْجمع فَإِنَّهَا تحْتَمل ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألقيا فِي جَهَنَّم} وَقَوله: قِفَا نبك ... . وأمثال ذَلِك.
التَّعْرِيف: يُوصف بِهِ الِاسْم فَقَط وَكَذَلِكَ التنكير لِأَنَّهُ عدم التَّعْرِيف عَمَّا من شَأْنه التَّعْرِيف، وَأما وصف الْجُمْلَة وَالْفِعْل بالتنكير فَإِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الِاسْم الْمَأْخُوذ من مَعْنَاهُمَا.
لم تعلق من الْأَفْعَال إِلَّا أَفعَال الْقُلُوب، وَلم تعلق من غَيرهَا إِلَّا (انْظُر) و (اسْأَل) قَالُوا: (انْظُر مَنْ أَبُو زيد) و (اسْأَل مَنْ أَبُو عَمْرو) ولكونهما سببين للْعلم، وَالْعلم من أَفعَال الْقُلُوب فأجري السَّبَب مجْرى الْمُسَبّب.
الصّفة والموصوف: قد يجمعهما مُفْرد إِذا أُرِيد مُبَالغَة لصوق الصّفة بالموصوف وتناهيه فِيهِ كَقَوْلِهِم: (معي جِيَاع) و (ثوب شراذم) ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} .
لِسَان الْعَرَب يَنْقَسِم إِلَى مَا لَا يُقَاس فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا المتبع فِيهِ السماع الْمَحْض، وَإِلَى مَا يطَّرد فِيهِ الْقيَاس، وَإِلَى مَا يجْرِي فِيهِ قِيَاس مقرون بِالسَّمَاعِ.
الصّفة: قد يقْصد بهَا تَعْظِيم الْمَوْصُوف وَقد يقْصد بهَا تَعْظِيم الصّفة، وَمِنْه وصف الْأَنْبِيَاء(1/1029)
بالصلاح وَنَحْوه، وَالْمَلَائِكَة بِالْإِيمَان وَنَحْوه.
أَسمَاء الْعدَد: من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة لَا تُضَاف إِلَى الْأَوْصَاف فَلَا يُقَال: (عِنْدِي ثَلَاثَة ظريفين) إِلَّا إِذا أُقِيمَت الصّفة مقَام الْمَوْصُوف.
إِطْلَاق الْكل على الْجُزْء: لَا يَصح إِلَّا فِي صُورَة تُوجد بَقِيَّة الْأَجْزَاء، فَإِن إِطْلَاق الْإِنْسَان على الْحَيَوَان الَّذِي لَا يكون إنْسَانا لَا يجوز.
الْمصدر: إِذا كَانَ لفعل زَائِد على الثَّلَاثَة جَازَ بِنَاؤُه على مِثَال مفعول ذَلِك الْفِعْل، لِأَن الْمصدر مفعول مثل: {مدْخل صدق} و (مُجراها ومُرْساها} .
حق الثّمن أَن يعْطف بِالْوَاو لِأَنَّهُ يبْذل دفْعَة وَاحِدَة، وَالْوَاو للْجمع الْمُطلق فَلَا يعْطف بعضه على بعض بِالْفَاءِ وَلَا بثم لِأَنَّهُمَا للتَّرْتِيب ويوجبان التَّفَرُّق.
نعت الْمعرفَة: إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِل، وتقلب الْمعرفَة الْمَتْبُوع تَابعا كَقَوْلِه تَعَالَى: {صِرَاطِ العزيزِ الحميدِ اللهِ} فِي قِرَاءَة الْجَرّ.
الْغَايَة نَوْعَانِ: نوع يكون لمد الحكم إِلَيْهَا، وَنَوع يكون لإِسْقَاط مَا وَرَاءَهَا، والفاصل بَينهمَا حَال صدر الْكَلَام فَإِن كَانَ متناولاً لما وَرَاءَهَا كَانَت للثَّانِي وَإِلَّا فللأول.
جَازَ توصيف الْمُضَاف إِلَى ذِي اللَّام عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهُمَا فِي دَرَجَة فِي التَّعْرِيف عِنْدهم مثل قَوْلهم: (جمع الْمُذكر السَّالِم) وَعند الْمبرد مثل هَذَا بدل.
لَا يحذف الْمَوْصُوف إِلَّا إِذا كَانَت الصّفة مُخْتَصَّة بِجِنْسِهِ كَمَا فِي: (رَأَيْت كَاتبا أَو حاسباً أَو مهندساً) فَإِنَّهَا مُخْتَصَّة بِجِنْس الْإِنْسَان، وَلَا يجوز: (رَأَيْت طَويلا، وَلَا رَأَيْت أَحْمَر) .
ذكر الْمُحَقِّقُونَ من النُّحَاة أَن تَقْدِيم الْمَعْطُوف جَائِز بِشُرُوط ثَلَاثَة: الضَّرُورَة، عدم التَّقْدِيم على الْعَامِل، وَكَون العاطف أحد الْحُرُوف الْخَمْسَة أَعنِي الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ وأو وَلَا.
قد يُريّدُ الْمُجَرّد إِلَى الْمَزِيد فِيهِ إِذا كَانَ الْمَزِيد فِيهِ أعرف بِالْمَعْنَى الَّذِي اعْتبر فِي الِاشْتِقَاق كالوجه من المواجهة.
الْأَعْلَام غالبها مَنْقُول بِخِلَاف أَسمَاء الْأَجْنَاس، وَلذَلِك قل أَن يشتق اسْم جنس لِأَنَّهُ أصلا مرتجل.
من شَأْن الصّفة أَن تكون منسوبة إِلَى الْمَوْصُوف، فَإِذا عكس بإضافته إِلَيْهَا كروح الْقُدس مثلا يزِيد معنى الِاخْتِصَاص.
كَون اللَّام الجارة مفيدة للاختصاص بِمَعْنى الْحصْر لَا يُنَافِي دلَالَة التَّقْدِيم عَلَيْهِ لجَوَاز اجْتِمَاع الْأَدِلَّة على مَدْلُول وَاحِد.
لَيْسَ معنى الْخَبَر على الْإِطْلَاق مَا أثبت للمبتدأ بل مَا أسْند إِلَيْهِ، وَهُوَ أَعم كَمَا فِي إِسْنَاد الطّلب إِلَى الْفَاعِل.
نصوا على أَنه لَيْسَ كل مَا يُضَاف إِلَى مَبْنِيّ يجوز بِنَاؤُه، وَإِنَّمَا ذَلِك مَخْصُوص بِمَا كَانَ مُبْهما نَحْو: غير وَمثل وَبَين دون وَحين وَنَحْوهَا.
الْألف وَاللَّام إِنَّمَا تفِيد الْعُمُوم إِذا كَانَت مَوْصُولَة(1/1030)
أَو معرفَة فِي جمع، وَزَاد قوم أَو مُفردا بِشَرْط أَن لَا يكون هُنَاكَ عهد.
كلمة (إنّ) إِذا أكدت ب (مَا) وَجب تَأْكِيد شَرطهَا بالنُّون لِئَلَّا ينحط الْمَقْصُود عَن رُتْبَة الأداة. وَالنُّون الْمُؤَكّدَة مَخْصُوصَة بالمضارع.
الْمُفْرد الدَّاخِل عَلَيْهِ حرف الِاسْتِفْهَام بِمَعْنى كل فَرد لَا مَجْمُوع الْأَفْرَاد، وَلِهَذَا امْتنع وَصفه بنعت الْجمع.
أَكثر الْمُحَقِّقين جوزوا مَجِيء الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ بِلَا مسوغ من المسوغات الثَّلَاثَة نَحْو: (ضربت غلامَ هندٍ جَالِسا) .
إِفْرَاد اللَّفْظ فِي مقَام إِرَادَة الْجمع يكون لأمرين مضطردين: أَحدهمَا أَمن اللّبْس، وَثَانِيهمَا اعْتِبَار الأَصْل.
لأَفْعَل التَّفْضِيل مَعْنيانِ: أَحدهمَا: إِثْبَات زِيَادَة التَّفْضِيل للموصوف على غَيره.
وَالثَّانِي: إِثْبَات كل الْفضل لَهُ.
حق الضَّمِير الْعَائِد إِلَى الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَن يكون غَائِبا لِأَن الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة غيب.
الْجِنْس سَوَاء كَانَ مُعَرفا بِاللَّامِ أَو الْإِضَافَة من صِيغ الْعُمُوم سَوَاء وَقع فِي حيّز النَّفْي أَو الْإِيجَاب (وصرحوا أَيْضا بِأَن عُمُومه تنَاوله لجَمِيع مَا يصلح لَهُ من الْأَفْرَاد.
القَوْل بِأَن الْجمع الْمحلي بِاللَّامِ سَوَاء كَانَ وَاقعا
فِي حيّز النَّفْي أَو الْإِيجَاب) يُفِيد تعلق الحكم بِكُل وَاحِد من الْأَفْرَاد مِمَّا قَرَّرَهُ الْأَئِمَّة وَشهد بِهِ الِاسْتِعْمَال.
المُرَاد فِي صِيغَة الْأَمر الدَّاخِل عَلَيْهَا الْفَاء التعقيبية كَمَا فِي: {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} طلب التعقيب لَا تعقيب الطّلب.
إِنَّمَا يسمون مُطلق الْجَار وَالْمَجْرُور ظرفا لما يعرض لَهما من معنى الِاسْتِقْرَار، أَو لِأَن كثيرا من المجرورات ظروف زمانية أَو مكانية فَأطلق اسْم الْأَخَص على الْأَعَمّ.
قد تكون الْهمزَة بِمَعْنى (أَن) بِجَامِع استعمالهما فِي غير الْمُتَيَقن، و (أم) بِمَعْنى (أَو) لِكَوْنِهِمَا لأحد الْأَمريْنِ.
خبر كَانَ لَا يجوز أَن يكون مَاضِيا لدلَالَة كَانَ على الْمَاضِي إِلَّا أَن يكون الْمَاضِي مَعَ (قد) كَقَوْلِك: (كَانَ زيد قد قَامَ) لتقريبه إِيَّاه من الْحَال، أَو وَقع الْمَاضِي شرطا.
قد يستعار التَّنْوِين الَّذِي وضع للتقليل بِحَسب الْأَفْرَاد للتَّبْعِيض بِحَسب الْأَجْزَاء لتقارب التقليل والتبعيض.
كثيرا مَا تكون فَاء السَّبَبِيَّة بِمَعْنى لَام السَّبَبِيَّة.
وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَا بعْدهَا سَببا لما قبلهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى: {فَاخْرُج مِنْهَا فَإنَّك رجيم} .
الْأَصَح فِي بَاب (قَاض) أَن تحذف الْيَاء من الْكِتَابَة لِأَن الْأَصَح أَن الْوَقْف على مَا قبل الْيَاء (لَا(1/1031)
على الْيَاء) .
رد النُّحَاة على الفَرّاء فِي دَعْوَاهُ أَن ثَانِي مفعولي (ظَنَنْت) وَأَخَوَاتهَا حَال لَا مفعول ثَان بِوُقُوعِهِ مضمراً نَحْو: ظننتكه. وَلَو كَانَ حَالا لم يجز لِأَن الْأَحْوَال نكرات.
التفعيل والاستفعال يَلْتَقِيَانِ فِي مَوَاضِع مِنْهُ: توفيت حَقي من فلَان واستوفيته، وتقضيته واستقضيته.
دَعْوَى البيانيين أَن تَقْدِيم الْمَعْمُول يُفِيد الِاخْتِصَاص باستقراء مواقع الْكَلَام البليغ وَخَالفهُم ابْن الْحَاجِب فِي " شرح الْمفصل " وَأَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره.
تَعْلِيق الحكم بِالْوَصْفِ يكون أبلغ سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لم يكن. وَالتَّعْلِيق بِالِاسْمِ لَيْسَ فِي ذَلِك الْمبلغ فِي البلاغة سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَولا.
صَرَّحُوا بِأَن مَا بعد (حَتَّى) قد يكون مُسْتَقْبلا فِي مَعَانِيهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا قبلهَا وَإِن كَانَ مَاضِيا بِالنِّسْبَةِ إِلَى زمَان الْمُتَكَلّم.
قد صَحَّ مُقَابلَة الْجمع بالمفرد مَعَ كَون الْمُفْرد لبَعض أَفْرَاد ذَلِك الْجمع إِذا كَانَت آحَاد الْجمع من جنس وَاحِد كَمَا فِي قَوْلك: أَعْطَيْت بني تَمِيم دَرَاهِم.
إِذا جَاءَ الْخطاب بِلَفْظ الْمُذكر وَلم ينص على ذكر الرِّجَال فَإِن ذَلِك الْخطاب شَامِل للذكران وَالْإِنَاث كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} {وأقيمُوا الصَّلاةً وآتُوا
الزَّكاة} .
لَا يلْزم فِي كل بدل أَن يحل مَحل الْمُبدل مِنْهُ، أَلا ترى أَن تَجْوِيز النَّحْوِيين (زيد مَرَرْت بِهِ أبي عبد الله) وَلَو قَالَ: (مَرَرْت بِأبي عبد الله) لم يجز إِلَّا على رَأْي الْأَخْفَش.
الْجمع الْمُعَرّف فِي الْأَوْقَات أَكثر من الْجمع الْمُنكر، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وتلكَ الأيَامُ نداوِلُها بَينَ النّاس} ، وَلِهَذَا يَصح إنتزاع الْمُنكر مِنْهُ. يُقَال: أزمنة من الْأَزْمِنَة.
تَعَقُّل أحد الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ مَوْقُوف على تعقل الآخر بِحَسب الْمَفْهُوم الإضافي، وَأما بِحَسب الصدْق فتعقل الْمُضَاف إِلَيْهِ مقدم على تعقل الْمُضَاف كغلام زيد مثلا.
الشَّيْء إِذا كثر كَانَ حذفه كذكره لِأَن كثرته تجْرِي مجْرى الْمَذْكُور، وَلذَلِك جَازَ التَّغْيِير والحكاية فِي الْأَعْلَام دون غَيرهَا.
الِاسْتِثْنَاء المفرَّغ لَا يكون فِي الْوَاجِب وَإِنَّمَا يكون مَعَ النَّفْي أَو النَّهْي أَو المؤول بهما، فَإِن جَاءَ مَا ظَاهره خلاف ذَلِك يؤول.
الْخطاب الْمُعْتَبر فِي الِالْتِفَات أَعم من أَن يكون بِالِاسْمِ على مَا هُوَ الشَّائِع كَمَا فِي {إيَّاكَ نَعْبُد} أَو بالحرف كَمَا فِي {ذَلِكُم} بِشَرْط أَن يكون خطابا لمن وَقع الْغَائِب عبارَة عَنهُ.
إِذا أضفت المنادى إِلَى نَفسك جَازَ فِيهِ حذف الْيَاء وإثباتها وَفتحهَا، والأجود الِاكْتِفَاء بالكسرة، وَقد نظمت فِيهِ:(1/1032)
(إِلَى نفسِك السامِي أَضَفْتَ منَادِياً ... لماذا هَجْرتَ الوصلَ حتَى كَسَرْتني)
جمع الْقلَّة لَيْسَ بِأَصْل فِي الْجمع لِأَنَّهُ لَا يذكر إِلَّا حَيْثُ يُرَاد بَيَان الْقلَّة، وَلَا يسْتَعْمل لمُجَرّد الجمعية والجنسية كَمَا اسْتعْمل لَهُ جمع الْكَثْرَة.
يُقَال: (كم عنْدك من الثَّوْب وَمن الثِّيَاب) وَلَا يحسن (من الأثواب) .
يكررون أَسمَاء الْأَجْنَاس والأعلام كثيرا وَلَا سِيمَا إِذا قصدُوا التفخيم، وعَلى ذَلِك ورد قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} وَقَوله: {وبالحق أَنزَلْنَاهُ وبالحق نزل} .
إِذا أضيف اسْم مُعرب إِلَى مَبْنِيّ بني على الْفَتْح عِنْد قوم وَترك معرباً عِنْد قوم أخر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} .
إِذا احْتَاجَ الْكَلَام إِلَى حذف مُضَاف يُمكن تَقْدِيره مَعَ أول الجزأين وَمَعَ ثَانِيهمَا، فتقديره مَعَ الثَّانِي أولى نَحْو: {الْحَج أشهر} .
حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَكثر من حذف الْمُضَاف، وَإنَّهُ معتنى بِهِ، أَلا يرى أَن تَنْوِين الْعِوَض كلمة مَوْضُوعَة لتَكون عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ.
قد يجْرِي الظّرْف مجْرى الشَّرْط فيصدر بِالْفَاءِ بعده، نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي نَحْو: حِين لَقيته فَأَنا أكْرمه.
يجوز جعل الْمُنكر صفة للمعرفة بنية حذف اللَّام، وللمضاف بِتَأْوِيل فك الْإِضَافَة كَمَا فِي:
(كأنَّ مزاجها عَسلٌ وَمَاء ... )
أَي: مزاجاً لَهَا، كَمَا يجوز جعل الْمُعَرّف حَالا بِنِيّة طرح اللَّام.
دُخُول الْبَاء على الْمَقْصُور عَلَيْهِ عَادَة عرفية، والعربي أَن تدخل على الْمَقْصُور، ومختار الشريف أَن دُخُولهَا على الْمَقْصُور وَهُوَ الِاسْتِعْمَال الْأَصْلِيّ.
قَالَ ثَعْلَب: إِذا أشكل عَلَيْك فعل وَلم تدر من أَي بَاب هُوَ فاحمله على (يفعِل) بِالْكَسْرِ، وَبَاب اللَّازِم يَجِيء على (يفعُل) بِالضَّمِّ، وَقد يَجِيء هَذَا فِي هَذَا وَهَذَا فِي هَذَا.
الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور أَن الْمُعَرّف يجب أَن يكون مُسَاوِيا للمعرف فِي الْعُمُوم وَالْخُصُوص كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين أَو مُسَاوِيا لَهُ فِي الْجُمْلَة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْمُتَقَدِّمين.
قد يَجْعَل الْفِعْل الْمُتَوَسّط بَين خَبره الْمُذكر واسْمه الْمُؤَنَّث بِمَنْزِلَة الضَّمِير الْمُتَوَسّط بَين مُذَكّر ومؤنث لذات وَاحِدَة فَيجوز تأنيثه وتذكيره.
الِاسْتِغْرَاق: معنى مُغَاير للتعريف لوُجُوده حَيْثُ لَا يتَوَهَّم هُنَاكَ تَعْرِيف نَحْو: (كل رجل، وكل رجال، وَلَا رجل، وَلَا رجال) .
اللَّفْظ الْحَامِل لمعنيين: قد يجرد لأَحَدهمَا وَيسْتَعْمل فِيهِ وَحده كَمَا فِي صِيغَة النداء فَإِنَّهَا كَانَت للاختصاص الندائي فجردت لمُطلق الِاخْتِصَاص.
اعْتِبَار تَأْنِيث الْجَمَاعَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْجمع المكسر وَإِلَّا لصَحَّ أَن يُقَال ثَلَاث مُسلمين.(1/1033)
وَجَاءَت الزيدون، والزيدون جَاءَت.
اسْم جنس لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه لَيْسَ بِجمع بالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا اسْم جمع لَا وَاحِد لَهُ نَحْو: إبل وغنم لَيْسَ جمعا بالِاتِّفَاقِ أَيْضا.
الْمصدر الْمُتَعَدِّي: مَا اشتق مِنْهُ الْفِعْل الْمُتَعَدِّي.
والمتعدي الْمُطلق: مَا يتَوَقَّف فهمه على مُتَعَلق، أَو يتَوَقَّف فهم مَا يشتق مِنْهُ عَلَيْهِ.
مَا غلب اسْتِعْمَاله مؤنثاً فَمنع الصّرْف رَاجِح. وَإِن لم يسْتَعْمل إِلَّا مؤنثاً فَمنع الصّرْف وَاجِب، وَمَا تساوى اسْتِعْمَاله مذكراً ومؤنثاً تساوى الصّرْف وَمنعه.
الْفِعْل قد يكون مُتَعَدِّيا فِي معنى لَازم نَحْو: كَلمته وَقلت لَهُ، وَالْحمل على النقيض قَلِيل.
إِدْخَال الْألف فِي أول الْفِعْل وَالْيَاء فِي آخِره للنَّقْل خطأ إِلَّا أَن يكون قد نقل مرَّتَيْنِ إِحْدَاهمَا بِالْألف وَالْأُخْرَى بِالْيَاءِ.
ظرف الْمَكَان لَا يقبل تَقْدِير (فِي) إِلَّا إِذا كَانَ فِيهِ معنى الِاسْتِقْرَار فَحِينَئِذٍ يقبله نَحْو: (قعدت مجْلِس فلَان) دون (ضربت مضربه) .
النُّكْتَة الزَّائِدَة على أصل البلاغة الْحَاصِلَة بمطابقة الْكَلَام لمقْتَضى الْمقَام لَا يلْزمهَا الاطراد، وَلِهَذَا يتَفَاوَت المتكررات فِي الْقُرْآن بِحَيْثُ يكون بَعْضهَا أفْصح من بعض.
الْخَيْر يُوصف بِالصّدقِ وَالْكذب أَصَالَة، والمتكلم يُوصف بهما تبعا، فَإِذا قيل لَهُ إِنَّه صَادِق أَو كَاذِب مَعْنَاهُ صَادِق خَبره أَو كَاذِب خَبره.
الْأَفْعَال الْوَاقِعَة بعد (إِلَّا) و (لما) مَاضِيَة فِي اللَّفْظ، مُسْتَقْبلَة فِي الْمَعْنى، لِأَنَّك إِذا قلت: (عزمت عَلَيْك لما فعلت) لم يكن قد فعل، وَإِنَّمَا طلبت فعله وَأَنت تتوقعه.
الشُّهْرَة قَائِمَة مقَام الذّكر كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أَي: الْقُرْآن. وَفِي الحَدِيث: " مَنْ توضَّأ يومَ الْجُمُعَة فِيهَا ونعمت " أَي: فبالسنة أَخذ ونعمت الْخصْلَة.
الْبَدَل إِنَّمَا جِيءَ بِهِ عِنْد التَّعَذُّر كَقَوْلِه تَعَالَى: {ويل لكل همزَة لُمزَة الَّذِي جمع مَالا} لِامْتِنَاع وصف النكرَة بالمعرفة.
كَون الْفَاعِل عُمْدَة وَالْمَفْعُول فضلَة إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى حُصُول أصل الْكَلَام لَا بِالنّظرِ إِلَى أَدَاء الْمَعْنى الْمَقْصُود بِهِ.
الْإِشَارَة إِذا لم تقَابل بالتصريح كثيرا مَا تسْتَعْمل فِي الْمَعْنى الْأَعَمّ الشَّامِل للتصريح.
قد يحذف الْمَفْعُول للقصد إِلَى التَّعْمِيم مَعَ الِاخْتِصَار، وَقد يحذف للقصد إِلَى مُجَرّد الِاخْتِصَار.
الْعدَد قبل تَعْلِيقه على مَعْدُود مؤنث بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ جمَاعَة، والمعدود نَوْعَانِ: مُذَكّر ومؤنث، فَسبق الْمُذكر لِأَنَّهُ الأَصْل إِلَى الْعَلامَة فَأَخذهَا ثمَّ جَاءَ الْمُؤَنَّث فَصَارَ ترك الْعَلامَة لَهُ عَلامَة.
من حق الْفَصْل أَن لَا يَقع إِلَّا بَين معرفتين، وَأما (أَشد) فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم} لما شابه الْمعرفَة فِي أَن لَا تدخله الْألف وَاللَّام أجري مجْراهَا.(1/1034)
الْمُبْهم الَّذِي يفسره ويوضحه التَّمْيِيز لَا يكون إِلَّا فِي بَاب (رُبَّ) نَحْو: (رُبَّه رجلا لَقيته) ، وَفِي بَاب نِعْم وبِئْس على مَذْهَب الْبَصرِيين نَحْو: نِعْمَ رجلا زيدُ، وبِئْسَ رجلا عَمْروٌ.
المنادى النكرَة إِذا قصد بِهِ نِدَاء وَاحِد بِعَيْنِه يتعرف وَوَجَب بِنَاؤُه على الضَّم وَإِلَّا لم يتعرف وأعرب بِالنّصب.
الْأَلْفَاظ الَّتِي تَأتي مبينَة للمقادير لَا يحسن فِيهَا الْإِضْمَار، وَلَو أضمر فَالضَّمِير إِنَّمَا يكون لما تقدم بِاعْتِبَار خصوصيته (وَإِذا لم يكن لَهُ وَجب الْعُدُول عَن الضَّمِير إِلَى الظَّاهِر.
إِذا جمع الْمُؤَنَّث الْحَقِيقِيّ جمع تكسير جَازَ ترك التَّاء من فعله) نَحْو: (قَامَ الهنود) لِأَنَّهُ ذهب مِنْهُم حكم لفظ الْمُفْرد فَكَانَ الحكم للطارئ.
دَعْوَى دلَالَة الْحَرْف على معنى فِي غَيره وَإِن كَانَ مَشْهُورا إِلَّا أَن ابْن النّحاس زعم أَنه دالٌ على نَفسه فِي نَفسه، وَتَابعه أَبُو حَيَّان.
الْعلم الْمَنْقُول من صفة إِن قصد بِهِ لمح الصّفة الْمَنْقُول مِنْهَا أَدخل فِيهَا الْألف وَاللَّام وَإِلَّا فَلَا.
تَأْنِيث الْعدَد جَائِز فصيح لِأَن وجوب تذكيره مَعَ الْمُؤَنَّث، وَأما تأنيثه مَعَ الْمُذكر فِيمَا لم يحذف التَّمْيِيز أَو يكون الْعدَد صفة.
يجوز الْعَطف بِالْفَاءِ السَّبَبِيَّة بِدُونِ سَبَبِيَّة الْمَعْطُوف (للمعطوف) عَلَيْهِ إِذا فصل بَينهمَا بِمَا يصلح للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تجْعَلُوا لله أندادا} .
النَّهْي عَن اللَّازِم أبلغ فِي الدّلَالَة على النَّهْي عَن الْمَلْزُوم من النَّهْي عَن الْمَلْزُوم ابْتِدَاء. فَإِن قَوْلك: (لَا أَرَيَنَّكَ هَهُنَا) أبلغ فِي الدّلَالَة على نهي الْمُخَاطب عَن الْحُضُور عنْدك من أَن تَقول: لَا تحضر عِنْدِي.
قطع التَّنَازُع فِي: (مَا ضرب وأكرمت إِلَّا إيَّايَ) عِنْد الْكل بالتكرار فَتَقول: (مَا ضرب إِلَّا أَنا وَمَا أكرمت إِلَّا إيَّايَ) .
الصّفة إِذا خصت بموصوف جَازَ أَن تكون نعتاً لَهُ وَلَو تخالفا تعريفاً أَو تنكيراً كَقَوْلِهِم: (صدر ذَلِك عَن عَليّ قَائِل العثرة) .
إِذا وَقعت صفة بَين متضايقين أَولهمَا عدد جَازَ إجراؤها على الْمُضَاف وعَلى الْمُضَاف إِلَيْهِ، فَمن الأول: {سبع سماوات طباقا} وَمن الثَّانِي {سبع بقرات سمان} .
قد يَجْعَل بعض أَجزَاء مَفْهُوم اللَّفْظ عَاملا فِي اللَّفْظ وَإِن لم يَصح كَون اللَّفْظ عَاملا بِاعْتِبَار سَائِر الْأَجْزَاء. وَهَذَا من بديع الْقَوَاعِد.
الأبلغ إِذا كَانَ من جزئيات الْأَدْنَى تعين هُنَاكَ طَرِيق الترقي، وَإِذا لم يكن كَذَلِك جَازَ أَن يسْلك طَرِيق الإحصاء والتفخيم كَمَا فِي: (الرَّحْمَن الرَّحِيم) .
لَيْسَ من شَرط تعدِي الْفِعْل أَن يتَجَاوَز إِلَى مَحل غير الْفَاعِل، بل الشَّرْط الْمُغَايرَة سَوَاء تجَاوز فِي(1/1035)
مَحَله أَو فِي غير مَحَله.
خُصُوصِيَّة الِاسْم إِذا وصلت إِلَى حد التشخص بالغلبة يصير ذَلِك الِاسْم علما بالِاتِّفَاقِ، وَالْخلاف فِيمَا لم يصل إِلَيْهِ.
اللَّام الَّتِي فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الْعَهْد الَّذِي يكون بِعلم الْمُخَاطب بِهِ قبل الذّكر لشهرته لَا من الْعَهْد الَّذِي يكون بجري ذكر الْمَعْهُود قبل.
الْفِعْل يَجِيء لَازِما ثمَّ يبْنى مِنْهُ الصّفة المشبهة فَتكون إِضَافَة معنوية مثل: كريم الزَّمَان، وَملك الزَّمَان، وَملك الْعَصْر، وَإِنَّمَا اللفظية إضافتها إِلَى فاعلها كحسن الْوَجْه.
الترقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى إِنَّمَا يكون فِيمَا إِذا كَانَ الْأَعْلَى مُشْتَمِلًا على معنى الْأَدْنَى، لِأَن تَقْدِيم الْأَعْلَى إِذْ ذَاك يُغني عَن ذكر الْأَدْنَى بعده.
مَعَاني الْأَلْفَاظ النَّاقِصَة مُعْتَد بهَا فِي حَالَة التَّرْكِيب، ومعاني سَائِر الْأَفْعَال مُعْتَد بهَا فِي حَالَة الْإِفْرَاد، وَلِهَذَا قَالُوا: الْحَدث مسلوب عَن الْأَفْعَال النَّاقِصَة لَا عَن غَيرهَا.
غير العَلَم إِنَّمَا يصير علما بِغَلَبَة الِاسْتِعْمَال إِذا كَانَ الْمُسْتَعْمل فِيهِ متميزاً بشخصه عِنْد الْمُسْتَعْمل ليمكن اعْتِبَار التعين العلمي فِي مَفْهُومه.
مَا جَازَ للضَّرُورَة يتَقَدَّر بِقَدرِهِ فَلَا يجوز الْفَصْل بَين (أما) وَالْفَاء بِأَكْثَرَ من اسْم وَاحِد لِأَن الْفَاء لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَا بعْدهَا، وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا التَّقْدِيم للضَّرُورَة وَهِي مندفعة باسم وَاحِد فَلم يتَجَاوَز قدر الضَّرُورَة.
الشيئان إِذا تضَاد الحكم الصَّادِر عَنْهُمَا، فالإعراب أَصله الْحَرَكَة والتنقل، وَالْبناء أَصله
السّكُون والثبوت، والابتداء أَصله الْحَرَكَة، وَالْوَقْف أَصله السّكُون.
لَيْسَ فِي المبدلات مَا يُخَالف الْبَدَل حكم الْمُبدل مِنْهُ إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاء وَحده فَإنَّك إِذا قلت: مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد فقد نفيت الْقيام عَن أحد وأثبته لزيد وَهُوَ بدل مِنْهُ.
لَيْسَ فِي ظروف الْمَكَان مَا يُضَاف إِلَى جملَة غير (حَيْثُ) فَإِنَّهَا لما أُبهمت لوقوعها على كل جِهَة احْتَاجَت فِي زَوَال ابهامها إِلَى إضافتها إِلَى جملَة كإذ وَإِذا فِي الزَّمَان.
الْجَزَاء مُتَعَلق تحَققه بتحقق الشَّرْط الَّذِي فِي تحَققه شُبْهَة، فحقه أَن يعبر عَنهُ بالمضارع فَلَا يتْرك ذَلِك إِلَى الْمَاضِي إِلَّا لنكتة.
معنى رُجُوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد رُجُوعه إِلَى الْمُقَيد بِاعْتِبَار الْقَيْد بِمَعْنى أَنه لَا يدل على نفي أَصله على الْإِطْلَاق، وَلَا يَدعِي أحد رُجُوعه إِلَى مُجَرّد الْقَيْد بل رُبمَا يَدعِي دلَالَته على ثُبُوت الأَصْل مُقَيّدا بِقَيْد آخر.
تعلق الْفِعْل بالمفعول بِهِ على أنحاء مُخْتَلفَة حَسْبَمَا تَقْتَضِيه خصوصيات الْأَفْعَال بِحَسب مَعَانِيهَا الْمُخْتَلفَة فَإِن بَعْضهَا يَقْتَضِي أَن يلابسه مُلَابسَة تَامَّة، حسية أَو معنوية، إيجابية أَو سلبية، متفرعة على الْوُجُود أَو مستلزمة لَهُ، كائنة مَعَه، وَبَعضهَا يَسْتَدْعِي أَن يلابسه أدنى مُلَابسَة إِمَّا بالانتهاء إِلَيْهِ كالإعانة أَو بِالِابْتِدَاءِ مِنْهُ كالاستعانة مثلا.
لما كَانَ اتصاف النّظم بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص بِاعْتِبَار أصل وَضعه اعْتبر الْقَوْم فِي تَقْسِيم النّظم(1/1036)
إِلَى الْخَاص وَالْعَام وَغَيرهمَا حيثية الْوَضع سَوَاء كَانَ الْوَضع نوعياً أَو شخصياً. وَلما كَانَ تَقْسِيم النّظم إِلَى الْمجَاز والحقيقة وَغَيرهمَا ناشئاً من جِهَة الِاسْتِعْمَال لَا من جِهَة أُخْرَى اعتبروا فِيهِ جِهَة الِاسْتِعْمَال.
الْغَايَة قصر لامتداد المغيا، وَبَيَان لانتهائه كَمَا أَن الِاسْتِثْنَاء قصر للمستثني مِنْهُ وَبَيَان لانْتِهَاء حكمه، وَأَيْضًا كل مِنْهُمَا إِخْرَاج لبَعض مَا يتَنَاوَلهُ الصَّدْر.
إِضَافَة (كل) إِلَى الضَّمِير توجب كَون المُرَاد بِهِ الْمَجْمُوع كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَلَيْسَ ذَلِك بكلي بل فِي كثير من الْمَوَاضِع يُرَاد الجزئيات نَحْو: {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل} .
الظّرْف الَّذِي يُضَاف لَا بُد من إِضَافَته مرّة ثَانِيَة إِلَى غير مَا أضفته إِلَيْهِ أَولا كَقَوْلِك: (بيني وَبَيْنك الله) .
مُطَابقَة الْخَبَر للمبتدأ مَشْرُوط بِثَلَاثَة شُرُوط: الِاشْتِقَاق وَمَا فِي حكمه، والإسناد إِلَى الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمُبْتَدَأ، أَو عدم تَسَاوِي التَّذْكِير والتأنيث كجريح.
لَا يُنَادى مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام إِلَّا الله وَحده لِأَنَّهُمَا لَا يفارقانه، وَلم يَأْتِ فِي الْقُرْآن الْمجِيد مَعَ كَثْرَة النداء فِيهِ غَيره.
قد يُزَاد الْوَاو بعد (إِلَّا) لتأكيد الحكم الْمَطْلُوب إثْبَاته إِذا كَانَ فِي مَحل الرَّد وَالْإِنْكَار نَحْو: (مَا من أحد إِلَّا وَله طمع وحسد) .
قد يكون الْحَال بَيَانا للزمان الَّذِي هُوَ لَازم
الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول كَمَا إِذا قلت: (آتِيك وَزيد قَائِم) إِذْ الْحَال هَا هُنَا لم يبين هَيْئَة الْفَاعِل وَلَا الْمَفْعُول.
الصّفة المضافة فِي بَاب النداء لَا يجوز حملهَا على لفظ الْمَبْنِيّ، وَلَا تكون إِلَّا مَنْصُوبَة أبدا نَحْو: (يَا زيد ذَا المَال) .
لَيْسَ فِي الْعَرَبيَّة شَيْئَانِ تضارعا فَحمل أَحدهمَا على الآخر إِلَّا جَازَ حمل الآخر عَلَيْهِ فِي بعض الْأَحْوَال.
نزع التَّاء من أَسمَاء الْعدَد عَلامَة تَأْنِيث الْمَعْدُود، وَذَلِكَ خَاص بِبَاب الْعدَد، وَقد نظمت فِيهِ.
(تَلَبَّس ذُكْرُ انَّ براقِعَ نِسْوةٍ ... تَرَاهُ بِبَدْءِ الجِيم عَدّاً إِلَى الياءِ)
مُذَكّر من غير الْعُقَلَاء لَا يجمع إِلَّا بِالْألف وَالتَّاء نَحْو: سرادق وحمام. ومؤنث من غير الْعُقَلَاء يجمع بِالْيَاءِ وَالنُّون نَحْو: سِنِين وأرضين.
خَمْسَة أَشْيَاء بِمَنْزِلَة شَيْء وَاحِد: الْجَار وَالْمَجْرُور، والمضاف والمضاف إِلَيْهِ، وَالْفِعْل وَالْفَاعِل، وَالصّفة والموصوف، والصلة والموصول.
اسْم الْجِنْس وَإِن كَانَ يتَنَاوَل آحَاد مَدْلُوله إِلَّا أَنه لَا يدل على اخْتِلَاف فَاعله وَلَا على تنوع مَدْلُوله وَلِهَذَا جمع الْعَمَل فِي {الأخسرين أعمالا} ليدل على الْأَمريْنِ.
حُرُوف الْقسم إِنَّمَا تحذف حَيْثُ يكون الْقسم بِهِ مُسْتَحقّا لِأَن يقسم بِهِ كَقَوْلِك: (اللهِ لأفلعنَّ(1/1037)
كَذَا) فَيكون اسْتِحْقَاقه لَهُ مغنياً عَن ذكر حرف الْقسم.
إِذا أدخلُوا على الظّرْف (إنّ) وَنَحْوهَا من عوامل الِابْتِدَاء انتصب الِاسْم بعد الظّرْف بِهِ كَقَوْلِك: (إِن فِي الدَّار زيدا) .
إِنَّمَا تلْحق الْكَلِمَة عَلامَة التَّأْنِيث كَمَا تَقول: (قَامَت هِنْد) و (قعدت زَيْنَب) وَالْمرَاد تَأْنِيث غَيرهَا لِأَن الْفِعْل وَالْفَاعِل ككلمة وَاحِدَة.
الْمُتَبَادر فِي اللُّغَة من مثل قَوْلنَا: (إِن ضربتني ضربتك) هُوَ الرَّبْط فِي جَانِبي الْوُجُود والعدم مَعًا لَا فِي جَانب الْعَدَم فَقَط كَمَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الشَّرْط المصطلح.
الدّلَالَة الْعَقْلِيَّة غير منضبطة لاختلافها باخْتلَاف الْعُقُول وتفاوت مَرَاتِب الْمَلْزُوم الْعقلِيّ وضوحاً وخفاءً، بِخِلَاف الدّلَالَة الوضعية فَإِنَّهَا لتوقفها على الْعلم بِالْوَضْعِ لَا يتَصَوَّر فِيهَا الِاخْتِلَاف وَلَا يتَفَاوَت فِيهَا الغبي والذكي.
إِن اعْتبر قيد الْعُمُوم فِي الْكَلَام أَولا ثمَّ دخل النَّفْي عَلَيْهِ ثَانِيًا كَانَ النَّفْي وارداً على الْمُقَيد نافياً لقيده، وَإِن عكس كَانَ الْقَيْد وارداً على الْمَنْفِيّ مُقَيّدا لعُمُوم نَفْيه، والتعويل فِي تعْيين أحد الاعتبارين على الْقَرَائِن.
إِن تعدد ذُو الْحَال وتفرق الحالان يجوز أَن يَلِي كلُّ حالٍ صاحِبَه نَحْو: (لقِيت مصعداً زيدا منحدراً) وَحِينَئِذٍ الصَّحِيح كَون الأول للثَّانِي
وَالثَّانِي للْأولِ.
الِاسْم التَّام الناصب للتمييز إِن كَانَ تَمَامه بِالتَّنْوِينِ أَو ينون التَّثْنِيَة جَازَت الْإِضَافَة وَإِلَّا فَلَا.
الْجمل إِن كَانَت مصدرة بِشَيْء من أدوات الشَّرْط فشرطية، وَإِلَّا فَالْمُسْنَدُ فِيهَا إِمَّا اسْم فاسمية، أَو فعل ففعلية، أَو ظرف فظرفية.
الْفِعْل الْمُتَعَدِّي قد لَا يكون لَهُ مفعول يُمكن النَّص عَلَيْهِ فَيكون مَتْرُوك الْمَفْعُول بِمَنْزِلَة غير الْمُتَعَدِّي مثل: (فلَان يَأْمر وَينْهى) ، {وَأَنه هُوَ أمات وَأَحْيَا} فَلَا يذكر لَهُ مفعول، وَلَا يقدر لِئَلَّا ينْتَقض الْغَرَض.
الْقَيْد الْوَارِد بعد النَّهْي قد يكون قيدا للْفِعْل مثل: (لَا تُصَلِّ إِذا كنتَ مُحْدِثاً) ، وَقد يكون قيدا لتَركه مثل: (لَا تبالغ فِي الِاخْتِصَار إِن حاولت سهولة الْفَهم) ، وَقد يكون قيدا لطلبه مثل: (لَا تشرب الْخمر إِن كنت مُؤمنا) .
المصادر الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَائِبَة الْوحدَة كرجعى وذكرى وبشرى يتحد مؤدى معرِّفها ومنكِّرها، وَهُوَ الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ إِلَّا أَن فِي الْمُعَرّف إِشَارَة إِلَى حُضُورهَا دون الْمُنكر.
تَعْلِيق الْجَزَاء على الشَّرْط إِنَّمَا يسْتَلْزم ترَتّب الْجَزَاء عَلَيْهِ وحصوله بعده دون توقفه عَلَيْهِ حَتَّى يُنَافِيهِ فِي تحَققه بِدُونِ الشَّرْط.
الْأَفْعَال إِذا وَقعت قيوداً لما لَهُ اخْتِصَاص بِأحد الْأَزْمِنَة كَانَ مضيها واستقباليتها وحاليتها(1/1038)
بِالْقِيَاسِ إِلَى ذَلِك الْقَيْد لَا إِلَى زمَان التَّكَلُّم كَمَا إِذا وَقعت مُطلقَة مستعملة فِي مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة.
وضعُوا مَكَان ضمير الْوَاحِد ضمير الْجمع رفعا لحكاية الْمُخَاطب وإظهاراً لأبهته. قَالَ:
(بأيِّ نواحِي الأرْضِ أبْغِي وِصَالَكم ... وأنْتُم مُلُوكٌ مَا لِمقْصَدِكُمْ نَحْوُ)
وَعَلِيهِ مخاطبات الْمُلُوك.
فرقٌ بَين (من دخل دَاري فَأكْرمه) وَبَين (أكْرمه) بِلَا فَاء فَإِن الأول يَقْتَضِي إكرام كل دَاخل لَكِن على خطر أَن لَا يكرم، وَالثَّانِي يَقْتَضِي إكرامه الْبَتَّةَ.
قد تقرر عِنْدهم أَن جَوَاب (من قَامَ؟) (قَامَ زيد) لَا (زيد قَامَ) وَعَلِيهِ {من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة} ، و {من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ليَقُولن خَلقهنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم} .
اللَّام من حَيْثُ إِنَّهَا حرف جر لَا بُد لَهَا من مُتَعَلق، وَمن حَيْثُ إِنَّهَا للتَّعْلِيل لَا بُد لَهَا من مُعَلل، وَإِذا لم يكن مَذْكُورا كَانَ محذوفاً مدلولاً عَلَيْهِ بسوق الْكَلَام أَو قرينَة الْمقَام، مَقْرُونا بِحرف الْعَطف أَو غير مقرون.
فرقٌ بَين قَوْلك لصاحبك: (ألم تَرَ أَنِّي أَنْعَمت
عَلَيْك فتشكرُ) بِالنّصب وَالرَّفْع. فَإنَّك نافٍ للشكر فِي النصب، ومثبت لَهُ فِي الرّفْع.
تَسْمِيَة الْمَفْعُول لَهُ عِلّة أولى من تَسْمِيَته غَرضا لِأَن الْغَرَض هُوَ الْمَقْصُود. وَالْمَفْعُول لَهُ قد يكون صفة خساسة كَمَا فِي قَوْلك: (قعدت عَن الْحَرْب جبنا) والعاقل لَا يَقْصِدهُ.
الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال تَقْدِيم الظّرْف على النكرَة الموصوفة. يُقَال: (عِنْدِي ثوب جيد وَكتاب نَفِيس وَعبد كَيِّس) .
الْمعرفَة تنَاول الْمعرفَة وَلَا تتَنَاوَل النكرَة. أَلا ترى أَن نَحْو (أفضل مِنْهُمَا) اقْتضى ثَالِثا، بِخِلَاف (الْأَفْضَل مِنْهُمَا) . وَهِي قَاعِدَة فقهية لم تشتهر عَن النُّحَاة.
تَجْوِيز نعت اسْم الْإِشَارَة بِمَا لَيْسَ مُعَرفا بِاللَّامِ وَمَا لَيْسَ بموصول مِمَّا أجمع النُّحَاة على بُطْلَانه.
الْقَصْد فِي (كَانَ زيد قَائِما) نِسْبَة الشَّيْء إِلَى صفته، وَفِي (زيد قَائِم) نِسْبَة الْقيام إِلَى زيد، وَفِي (قَامَ زيد) إِفَادَة النِّسْبَة بَينهمَا.
دُخُول حرف الِاسْتِفْهَام فِي (ثمَّ) لإنكار التَّأْخِير كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَثم إِذا مَا وَقع آمنتم بِهِ} .
معرفَة مَدْلُول اسْم الْإِشَارَة فِي أصل الْوَضع بِالْقَلْبِ وَالْعين، وَمَا سواهُ بِالْقَلْبِ فَقَط.(1/1039)
أَئِمَّة اللُّغَة يفسرون بِأَيّ الضَّمِير الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل بِلَا تَأْكِيد وَلَا فصل مثل: (جَاءَنِي أَي زيد) وَالضَّمِير الْمَرْفُوع بِلَا إِعَادَة الْجَار مثل: مَرَرْت بِهِ أَي: زيد.
لَا شكّ أَن النكرَة مَعْلُومَة بِوَجْه وَإِلَّا لم يكن فِيهَا إِشَارَة إِلَى تَعْيِينهَا ومعلوميتها.
اسْم الْجِنْس: إِذا عرف تَعْرِيف الْحَقِيقَة يقْصد بِهِ الِاسْتِغْرَاق فِي الْمقَام الْخطابِيّ فَيُقَال: زيد المنطلق أَي: كُله.
الْجُزْء قد يعْمل فِي جزئه، أَلا ترى إِلَى قَوْلك: (أعجبني أَن تقوم) فَإِن (تقوم) جملَة وَقعت مَوضِع الْمُفْرد تَقْدِيره (قيامك) ، وَقد عملت (أَن) فِي (تقوم) النصب.
(أفعل) الصّفة مقدم بِنَاؤُه على (أفعل) التَّفْضِيل، لِأَن مَا يدل على ثُبُوت مُطلق الصّفة مقدم بالطبع على مَا يدل على زِيَادَة الآخر على الآخر فِي الصّفة.
قد صَرَّحُوا بِأَن الْفَصْل يفرق بَين النَّعْت وَالْخَبَر ويفيد تَأْكِيد ثُبُوته للمخبر عَنهُ وقصره.
إِذا كَانَ أحد اللَّفْظَيْنِ المتوافقين فِي التَّرْكِيب أشهر كَانَ أولى بِأَن يَجْعَل مشتقاً مِنْهُ.
الْفِعْل الْمَنْفِيّ لَا يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول الْمَقْصُود وُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ إِلَّا بِوَاسِطَة الِاسْتِثْنَاء.
حمل الْمُشْتَرك على أحد الْمعَانِي فِي مَحل لَا يُنَافِي حمله على غَيره مِنْهَا فِي مَحل آخر.
إِفْرَاد كَاف الْخطاب الْمُتَّصِل باسم الْإِشَارَة جَائِز فِي خطاب الْجَمَاعَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك} .
الْفَاء الجزائية لَا تدخل على الْمَاضِي الْمُتَصَرف إِلَّا مَعَ لَفْظَة (قد) وإضمارها ضَعِيف.
النَّفْي وَالْإِثْبَات قد يتواردان على شَيْء وَاحِد باعتبارين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رميت إِذْ رميت} ، إِذْ الْمَنْفِيّ هُوَ الرَّمْي بِاعْتِبَار الْحَقِيقَة، كَمَا أَن الْمُثبت أَيْضا هُوَ الرَّمْي بِاعْتِبَار الصُّورَة.
من جوّز الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز خصّه بالمجاز اللّغَوِيّ، وَأما الْمجَاز الْعقلِيّ فامتناعه فِيهِ اتفاقي.
وضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر يُفِيد تَمْكِين الْمَعْنى الَّذِي أُرِيد بِهِ، وَوضع الْمُضمر مَوضِع الْمظهر يُفِيد تَمْكِين مَا يعقبه.
إِذا اسْتَوَى العددان فالعرب تقتصر بِذكر أَحدهمَا، وَإِذا اخْتلفَا تذكر كل وَاحِد مِنْهُمَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما} .
شَرط إِدْخَال أَدَاة النِّسْبَة إِلَى الْوَاحِد فِي نِسْبَة الْجمع هُوَ أَن يكون لذَلِك الْجمع مَا يعقبه.
كلمة (بل) بعد الْإِثْبَات لَا تفِيد الْقصر اتِّفَاقًا، وَكَذَا بعد النَّفْي على مَذْهَب الْجُمْهُور والمبرد.
الحكم الْمَنْسُوب (إِلَى الْمَجْمُوع قد يقْصد انتسابه إِلَى كل فَرد كَقَوْلِك: جَاءَنِي الرِّجَال، وَقد لَا يقْصد كَقَوْلِك: حملت الرِّجَال الْخشب.
النّسَب الصَّالِحَة) للنَّفْي وَالْإِثْبَات دَاخِلَة فِي مفهومات الْأَفْعَال دون الْأَسْمَاء، وَلذَلِك كَانَ ل(1/1040)
(هَل) مزِيد اخْتِصَاص، أَي ارتباط وَتعلق بالأفعال دون الْهمزَة.
مَا يَدُوم وَيسْتَمر كالإيمان وَالتَّقوى وَالْهدى وَأَشْبَاه ذَلِك جَاءَ فِي الْقُرْآن بِالِاسْمِ فَقَط، وَمَا يَتَجَدَّد وَيَنْقَطِع جَاءَ بالاستعمالين نَحْو: {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} .
القَوْل بِأَن الْعَام إِذا وَقع فِي حيّز النَّفْي يقْصد بِهِ نفي الْعُمُوم لما اشْتهر من أَن النَّفْي يتَوَجَّه إِلَى قيد الْكَلَام لَا إِلَى أَصله لَيْسَ ذَلِك كلياً، أَلا يرى إِلَى عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {إِن الله لَا يحب كل مختال فخور} .
الْجِنْس قد يكون بِغَيْر لَام التَّعْرِيف كَقَوْل الْأَعْمَى: يَا رجلا خُذ بيَدي، لكنه يكون للفرد حَقِيقَة وللجنس حَقِيقَة، وَإِذا دخل اللَّام لم يبْق للفرد حَقِيقَة فَكَانَ عمل اللَّام فِي التمحض للْجِنْس.
الْأَسْمَاء لَا تدل على مدلولاتها لذاتها، إِذْ لَا مُنَاسبَة بَين الِاسْم والمسمى، وَلذَلِك يجوز اختلافها باخْتلَاف الِاسْم، بِخِلَاف الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة فَإِنَّهَا تدل لذاتها وَلَا يجوز اختلافها. وَأما اللُّغَة فَإِنَّهَا تدل بِوَضْع واصطلاح.
فِي تَفْضِيل جنس على جنس لَا حَاجَة لتفضيل جَمِيع أَفْرَاد الأول على جَمِيع أَفْرَاد الثَّانِي، بل يَكْفِي تَفْضِيل فَرد من الأول على جَمِيع أَفْرَاد الثَّانِي.
مَا اشْتهر من اسْتِحَالَة ظرفية الشَّيْء لنَفسِهِ فَإِنَّمَا هِيَ فِي ظرفيته للمجموع، وَيجوز كَونه ظرفا
لأجزاء الْمَجْمُوع على الِانْفِرَاد.
اجراء الْأَكْثَر مجْرى الْكل إِنَّمَا يجوز فِي الصُّورَة الَّتِي يكون الْخَارِج عَن الحكم حَقِيرًا قَلِيل الْقدر فَيجْعَل وجوده كَعَدَمِهِ وَيحكم على الْبَاقِي بِحكم الْكل.
فَاعل الْفِعْل قد يحذف مَعَ فعله وَلَا يحذف وَحده مثل: (نعم) فِي جَوَاب (هَل قَامَ زيد) ، بِخِلَاف فَاعل الْمصدر فَإِنَّهُ يحذف وَحده كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة} .
فرقٌ بَين (مَا أَنا قلت هَذَا) و (أَنا مَا قلت هَذَا) فَإِن الأول لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي نفي التَّخْصِيص، وَالثَّانِي قد يسْتَعْمل للتقوي، وَقد يسْتَعْمل للتخصيص.
الْأَعْلَام لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَكَون الخفة مَطْلُوبَة فِيهَا يَكْفِي فِي تثنيتها وَجَمعهَا مُجَرّد الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم خلاف أَسمَاء الْأَجْنَاس.
الْحَد الدوري لَا يُفِيد معرفَة أصلا لاستلزامه الْمحَال، والمطرد قد يُفِيد معرفَة بوجهٍ مَا، وَكَذَا غير المطرد، وَلذَلِك جوز جمَاعَة فِي التعريفات النَّاقِصَة أَن يكون أَعم أَو أخص، فالأعم لَا يكون مطرداً، والأخص لَا يكون منعكساً.
الْعِلَل الشَّرْعِيَّة مُغَايرَة للعلل الْعَقْلِيَّة حَيْثُ يجوز انفكاكها عَن معلولاتها. أَلا يرى أَن العقد يتراخى إِلَى وجود الْمَنَافِع سَاعَة فساعة بِخِلَاف الْعِلَل الْعَقْلِيَّة فَإِن الانكسار لَا يَصح انفكاكه عَن الْكسر.
جَمِيع مَا ذكر فِي التَّعْرِيف لَا يجب أَن يكون(1/1041)
للِاحْتِرَاز بل يجوز أَن يكون بعضه لبَيَان الْوَاقِع.
لَا يجوز تَفْسِير الشَّيْء بِنَفسِهِ كَمَا لَا يجوز بِمَا يكون فِي مَعْنَاهُ إِلَّا إِذا كَانَ لفظا مرادفاً أجلى.
[فَحِينَئِذٍ جَازَ تَفْسِير الشَّيْء بِمَا يكون فِي مَعْنَاهُ] .
(فعلنَا مَعًا) يُفِيد الِاجْتِمَاع فِي حَال الْفِعْل، و (فعلنَا جَمِيعًا) بِمَعْنى كلنا، سَوَاء أجتمعوا أم لَا.
المجازيات غير مُعْتَبرَة فِي التعريفات خُصُوصا إِذا كَانَت الْقَرِينَة منتفية.
مُمَيّز (كم) الاستفهامية يكون مَنْصُوبًا مُفردا اعْتِبَارا بأوسط أَحْوَال الْعدَد.
وَإِذا وَقع الْمُفْرد الْمَنْصُوب مَعَ الْجُمْلَة لم يَصح مَعَه الْوَاو، وَقَوله تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنْتُم سُكارى} وَاقع موقع الْجُمْلَة وَالْوَاو جَمِيعًا فصح عطف {وَلَا جنبا} عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قيل: لَا تقربُوا سكارى وَلَا جنبا.
لفظ (غير) أظهر فِي معنى الِاسْتِثْنَاء من جِهَة أَن دلَالَته بالاستقلال لكَونه اسْما.
الْمجَاز ملزوم لقَرِينَة معاندة لإرادته أَي مُنَافِيَة لَهُ، وملزوم معاند الشَّيْء معاند لذَلِك الشَّيْء (أَي: منافٍ لَهُ) .
وزان الْحَرْف من الِاسْم كالجماد بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآدَمِيّ.
ووزان الْفِعْل من الِاسْم كالحيوان من الآدمى.
الْمُبْتَدَأ الدَّال على مُتَعَدد كالاختصار والاصطلاح والبينية لَا يَكْتَفِي بِالِاسْمِ الْمُفْرد.
إِدْخَال الْهمزَة على الْجَزَاء لَا لإنكار ترقبه على الشَّرْط بل لترتب الْإِنْكَار عَلَيْهِ.
اسْتِعْمَال الْمصدر فِي الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ اسْتِعْمَال الشَّيْء فِي لَازم مَعْنَاهُ.
كَون الأَصْل فِي (إِذا) كالجزم هُوَ النُّكْتَة فِي تَغْلِيب الْمَاضِي مَعَ (إِذا) إِلَى الْمُسْتَقْبل.
حذف حرف الْجَرّ قِيَاس مَعَ (إنَّ) و (أنَّ) شَاذ كثير مَعَ غَيرهمَا.
وَحذف العاطف لم يثبت إِلَّا نَادرا.
مزج حرف النَّفْي بِمَا لَيْسَ من شَأْنه النَّفْي يدل على نفي ذَاته.
دُخُول (مِن) التفضيلية على غير الْمفضل عَلَيْهِ شَائِع فِي كَلَام المولدين، وَمِنْه (أظهر من أَن يخفى) يَعْنِي أَي: من أَمر ذِي خَفَاء.
(أَو) فِي الْحُدُود الَّتِي ذكرت فِيهَا لَيْسَ للترديد بل للتقسيم أيّ أياً مَا كَانَ من الْقسمَيْنِ الْمَذْكُورين فِي هَذَا الْحَد فَهُوَ من الْحُدُود.
حَرَكَة التَّرْكِيب لَازِمَة، وحركة المنقوص عارضة، وَاللَّازِم أثقل من الْعَارِض.
حذف ضمير الْمَوْصُول إِذا كَانَ مَنْصُوبًا شَائِع كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} .
(إِذا) المفاجأة لَا تدخل إِلَّا على الْجُمْلَة الاسمية غَالِبا.
أَلْفَاظ التَّأْكِيد متحدة الْمعَانِي.
وألفاظ الصِّفَات مُتعَدِّدَة الْمعَانِي.(1/1042)
جَمِيع مَا جَازَ فِي (مَا) يجوز فِي (لَيْسَ) ، وَلَا يجوز فِي (مَا) جَمِيع مَا جَازَ فِي (لَيْسَ) لقُوَّة (لَيْسَ) فِي بَابهَا بالفعلية.
جَعْل الضَّمِير الْمُضمر الْمُبْهم فَاعل الْفِعْل ثمَّ إِبْدَال الِاسْم الْمظهر مِنْهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وأسروا النَّجْوَى} قَلِيل فِي كَلَام الْعَرَب.
لَا يَجِيء أَمر حَاضر من صِيغَة الْمُتَكَلّم، إِذْ الشَّيْء الْوَاحِد لَا يكون آمراً ومأموراً. وَأما مثل قَوْلهم: (فلنقدم ولنمثل) فَإِنَّهُ كِنَايَة عَن الْجد لتَحْصِيل الْمَطْلُوب.
ضَرُورَة الشّعْر تبيح كثيرا مِمَّا يحظره النثر وَاسْتِعْمَال مَا لَا يسوغ اسْتِعْمَاله فِي حَال الِاخْتِيَار وَالسعَة.
الْعَامِل إِن أُعِيد لَفظه مَعَ حرف الْعَطف دلّ على كَمَال الِانْقِطَاع بَينه وَبَين الْمَعْطُوف عَلَيْهِ.
المفاجأة إِنَّمَا يتَصَوَّر فِيمَا لَا يكون مترقباً بل يحصل بَغْتَة بِلَا ترقب.
القَوْل بِأَن الْخَبَر لَا بُد أَن يحْتَمل الصدْق وَالْكذب غلط من بَاب اشْتِرَاك اللَّفْظ.
الْفَاعِل الظَّاهِر كلمة وَالْفِعْل كلمة أُخْرَى.
وَالْفَاعِل الْمُضمر وَالْفِعْل كلمة وَاحِدَة.
ثقل الرّفْع مواز لقلَّة الْفَاعِل.
وخفة النصب موازية لِكَثْرَة الْمَفْعُول، (كَمَا أَن كَثْرَة ممارسة الْخَفِيف موازية لقلَّة ممارسة الثقيل) .
لَا يجوز فِي كَلَام وَاحِد أَن يُخَاطب اثْنَان أَو أَكثر من غير عطف أَو تَثْنِيَة أَو جمع.
أدوات الشَّرْط تعْمل فِي الْأَفْعَال الْجَزْم، وَالْأَفْعَال تعْمل فِيهَا النصب.
(لَا) النافية للْجِنْس إِذا دخلت عَلَيْهَا الْهمزَة وَصَارَت لِلتَّمَنِّي فَإِن عَملهَا بَاقٍ.
الْأَقَاوِيل فِيمَا اسْتثْنى أَشْيَاء كَثِيرَة، وَلذَلِك قَالَ صَاحب " التِّبْيَان ": الله أعلم مستثناه.
تَوَابِع الْجمع إِذا لم تكن من الاعداد لزم أَن تكون مُؤَنّثَة، وَأما إِذا كَانَت من الْأَعْدَاد فتذكيرها وتأنيثها تابعان لتذكير وَاحِد ذَلِك الْجمع وتأنيثه لَا لنَفس لفظ الْجمع.
يجوز أَن يتَقَدَّم خبر الْمُبْتَدَأ على الْمُبْتَدَأ وَإِن لم يكن ظرفا نَحْو (تميمي أَنا) بِخِلَاف خبر (إنَّ) فَإِنَّهُ لَا يجوز تقدمه على اسْمه فِي غير الظّرْف: {إِن إِلَيْنَا إيابهم} .
ظروف الزَّمَان كلهَا مبهمها وموقتها يقبل النصب بِتَقْدِير (فِي) .
وَأما ظرف الْمَكَان فَإِنَّهُ إِذا كَانَ مُبْهما يقبل ذَلِك وَإِلَّا فَلَا.
جَمِيع مَا لَا ينْصَرف يجوز صرفه للضَّرُورَة فِي الشّعْر إِلَّا مَا كَانَ فِي آخِره ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع بصرفه.
إِذا وَقع الْإِشْكَال فِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لم يجز تَقْدِيم الْمَفْعُول كَقَوْلِك: ضرب مُوسَى عِيسَى.(1/1043)
الْعَرَب تراعي الْمَعْنى الْمُؤَنَّث وَلَا تراعي اللَّفْظ الْمُذكر تَقول. (تواضعت سور الْمَدِينَة) . وَمثله كثير.
لَا يقوى الْفِعْل بِاللَّامِ إِلَّا إِذا قدم مَفْعُوله فَيُقَال: لَزيداً ضربت.
كَون الشَّخْص سريانياً لَا يسْتَلْزم أَن يكون اسْمه عجمياً سريانياً إِذْ يجوز أَن يكون عَرَبيا، كَمَا أَن كثيرا من أَسمَاء النَّبِي الْعَرَبِيّ سريانية.
لَا يُفِيد الْحَرْف مَعَ الِاسْم إِلَّا فِي موطن وَاحِد وَهُوَ النداء خَاصَّة لنيابة الْحَرْف فِيهِ عَن الْفِعْل، لذَلِك ساغت فِيهِ الإمالة.
شَرط الأضداد أَن يكون اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي الْمَعْنيين فِي لُغَة وَاحِدَة.
لَا خير فِي تعدد الْمَفْعُول لَهُ لِأَن الْفِعْل يُعلل بعلل شَتَّى.
شَرط بَاب التَّنَازُع إِمْكَان تسليط العاملين السَّابِقين على الْمَعْمُول من جِهَة الْمَعْنى لَا من جِهَة اللَّفْظ.
قد ثَبت أَن الْمُشْتَقّ يجب أَن يكون لَفظه مُخَالفا للفظ الْمُشْتَقّ مِنْهُ كالفعل والمصدر.
الْفِعْل كَمَا ينزل منزلَة اللَّازِم بِقطع النّظر عَن الْمَفْعُول بِلَا وَاسِطَة، كَذَلِك ينزل منزلَة اللَّازِم بِقطع النّظر عَن الْمَفْعُول بِوَاسِطَة.
الموصولات لم تُوضَع للْعُمُوم بل هِيَ للْجِنْس يحْتَمل الْعُمُوم وَالْخُصُوص.
النصب على الِاسْتِثْنَاء إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب التَّشْبِيه بالمفعول، لَا بِالْأَصَالَةِ، وبواسطة (إِلَّا) ، وَأما
إِعْرَاب الْبَدَل فَهُوَ بِالْأَصَالَةِ وَبِغير وَاسِطَة.
إِذا قلت مثلا: كل الرِّجَال، فَاللَّام تفِيد استغراق كل مرتبَة من مَرَاتِب جمع الرِّجَال، و (كل) تفِيد استغراق الْآحَاد.
الارتباط بَين الْمُفْردَات يَقْتَضِي الارتباط بَين الجملتين بِدُونِ الْعَكْس.
لَيْسَ فِي أَقسَام الجموع مَعْهُود يُمكن صرفهَا إِلَيْهِ لِأَن الْجمع مَا يوضع لمعدود معِين، بل هُوَ شَائِع كالنكرة.
ذكر الْوَصْف فِي الاثبات يَقْتَضِي النَّفْي عَن غير الْمَذْكُور، وَفِي النَّفْي يَقْتَضِي الْإِثْبَات لَهُ لِئَلَّا يَلْغُو ذكره.
الشَّيْء إِنَّمَا يَنُوب عَن غَيره إِذا كَانَ مثله أَو فَوْقه.
الشَّرْط مَعَ اللَّام الموطئة يلْزمه الْمُضِيّ لفظا نَحْو: {وَلَئِن أَصَابَكُم}
الترديد وَالتَّفْصِيل إِنَّمَا يُنَاسب مقَام الْإِثْبَات دون النَّفْي.
الْغَالِب فِي تعليلات الْأَحْكَام هُوَ اللَّام.
الْعَهْد كَمَا يكون بِلَفْظ سبق يكون بِلَفْظ مُخَالف لَهُ، تَقول: (مَرَرْت ببني فلَان فَلم يقروني وَالْقَوْم لئام) .
الْخَبَر لَا ينْحَصر فِيمَا يقْصد بِهِ الْفَائِدَة أَو لازمها، فَرُبمَا يقْصد بِهِ التحسر أَو التوجع إِلَى غير ذَلِك.
لَا يُوصف من بَين الموصولات، إِلَّا بِالَّذِي وَحده.(1/1044)
اشْتِمَال الصِّفَات على معنى النّسَب مَقْصُور على أوزان خَاصَّة (فعال) و (فعل) و (فَاعل) .
دُخُول تَنْوِين التَّمَكُّن للْفرق بَين مَا ينْصَرف وَمَا لَا ينْصَرف.
وَدخُول تَنْوِين التنكير للْفرق بَين النكرَة والمعرفة من المبنيات.
(مَا) الموصولة مَعَ الصِّلَة فِي تَأْوِيل الْمُفْرد فَجَاز إبدالها مِنْهُ، وَلَا كَذَلِك الموصوفة.
الْمصدر الْمَوْضُوع مَوضِع اسْم الْفَاعِل أَو اسْم الْمَفْعُول لَا يطرَّد بل يقْتَصر على مَا سمع من الْعَرَب.
قدم الْمَنْصُوب على الْمَرْفُوع فِي (إنّ) وَأَخَوَاتهَا حطاً لَهَا عَن دَرَجَة الْأَفْعَال لكَونهَا فرعا عَن الْأَفْعَال.
لَا يجوز ترك العاطف الْبَتَّةَ فِيمَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ مُتَعَددًا حَقِيقَة وَالْخَبَر مُتَعَدد لفظا.
يجوز ترك وصف النكرَة المبدلة من الْمعرفَة إِذا اسْتُفِيدَ من الْبَدَل مَا لَيْسَ من الْمُبدل مِنْهُ.
لَا إِشْعَار فِي الْوَاو باستقلال كل جُزْء على حِدة وَلذَلِك آثروا كلمة (أَو) عَلَيْهَا عِنْد الْقَصْد إِلَى الْإِشْعَار الْمَذْكُور.
يجوز أَن يسوى فِي (قريب) و (بعيد) و (قَلِيل) و (كثير) بَين الْمُذكر والمؤنث لورودها على زنة المصادر الَّتِي هِيَ نَحْو: الصهيل والنهيق.
الشَّرْط إِذا كَانَ مَاضِيا جَازَ فِي جَزَائِهِ الْجَزْم وَالرَّفْع كَمَا فِي قَوْله:
(وإنْ أَتَاه خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ ... يقولُ لَا غائبُ مَالِي وَلَا حَرَمٌ)
قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: رفع الْمُضَارع فِي الْجَزَاء شَاذ كرفعه فِي الشَّرْط، نَص عَلَيْهِ الْمبرد، وَشهد بِهِ الِاسْتِعْمَال حَيْثُ لَا يُوجد إِلَّا فِي ذَلِك الْبَيْت.
فِي ترك العاطف بَين الْأَخْبَار تَنْبِيه على أَن الْمَجْمُوع بِحَسب الْحَقِيقَة خبر وَاحِد، وَفِي مَجِيء الصِّفَات مسرودة إِشْعَار بالاستقلال.
المُرَاد بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فِي كل وَاجِب الْحَذف هُوَ أَن الْوَاضِع وَضعه من أول الْأَمر على الْحَذف لعلمه بِأَنَّهُ سيكثر وُقُوعه فِي لسانهم، لَا أَنه اسْتعْمل بِالذكر فَكثر وُقُوعه فِي لسانهم ثمَّ حذف.
الْعَطف لَا يَقْتَضِي اسْتِقْلَال الْمَعْطُوف فِي حكم الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لجَوَاز أَن يكون للربط بَينهمَا كَمَا فِي قَوْلنَا: (السكنجبين خلٌ وَعسل) .
الْفَاعِل إِن اشْتَمَل على ضمير يعود إِلَى الْمَفْعُول يمْتَنع تَقْدِيمه على الْمَفْعُول عِنْد الْأَكْثَر وَإِن كَانَ مقدما عَلَيْهِ فِي النِّيَّة.
حكم أَئِمَّة الْأُصُول بِبُطْلَان الجمعية عَن الْجمع الْمحلى بِاللَّامِ وصيرورته مجَازًا عَن الْجِنْس حَيْثُ لَا يَصح الِاسْتِغْرَاق لَا لانتساب الْأَحْكَام إِلَى كل فَرد من الْأَفْرَاد.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يَأْتِي الْمصدر على الْمَفْعُول الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ صفة، وَأما الْمَعْقُول فَكَأَنَّهُ عقل لَهُ شَيْء أَي: حبس وَشد.
الْأَحْسَن فِي جَوَاب (لَو) أَن يكون مَاضِيا، وَخَالف الزَّمَخْشَرِيّ السّلف فِي تَجْوِيز الاسمية،(1/1045)
وَأما إِذا كَانَ (لَو) بِمَعْنى (إِن) فَحِينَئِذٍ يكون الْجَواب اسمية بِلَا فَاء كَمَا فِي " الْمُغنِي ".
إِذا توسطت كلمة (أَنْ) بَين (لما) وَالْفِعْل دلّت على أَن الْفِعْل كَانَ فِيهِ تراخ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجهه} .
الْمصدر يُطلق على المتعدد الَّذِي فَوق الِاثْنَيْنِ وَلَا يُطلق على المتعدد الَّذِي هُوَ الِاثْنَان.
حق الْأَحْكَام أَن تُضَاف إِلَى الْأَفْعَال وتنسب كثيرا إِلَى الْأَعْيَان مجَازًا فِي الْمسند إِلَيْهِ نَحْو: (حرم الْميتَة وَمَال الْغَيْر) أَي: أكلهما.
نَص سِيبَوَيْهٍ على أَن الْعَرَب تَأتي بجموع لم تنطق بواحدها كعباديد.
(لَا) التبرئة لَا يَقع عَلَيْهَا خافض وَلَا غَيره لِأَنَّهَا أَدَاة، وَلَا تقع أَدَاة على أَدَاة.
الْوَاو فِي مثل قَوْلهم: (وَلَو خطأ) للْحَال، وَالْعَامِل فِيهَا مَا تقدم من الْكَلَام. هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " وَعَلِيهِ الْجُمْهُور.
الْخَبَر لَا يجب أَن يكون ثَابتا فِي نَفسه كَمَا فِي الْأَخْبَار الثَّابِتَة على شَيْء مُسْتَحِيل.
اللَّام الجارة إِذا اتَّصَلت بالضمير غير الْيَاء بنيت على النصب ك (لَهم) .
اسْم الْمصدر يَقع على الْمَفْعُول: يُقَال فِي الدُّعَاء: اللَّهُمَّ اغْفِر علمك فِينَا. أَي: معلومك.
الْمَقْصُود فِي (كَانَ زيد قَائِما) بَيَان تعلق الْكَوْن وَتعلق التَّصْدِيق بالكون لَا بمتعلقه.
كَون اللَّفْظ مَوْضُوعا لِمَعْنى لَا يَقْتَضِي أَن يكون
حَاصِلا بِنَفسِهِ كالحروف.
وضع الشَّيْء مَوضِع الشَّيْء أَو إِقَامَته مقَامه لَا يُؤْخَذ بِقِيَاس بل يقْتَصر على مَا سمع.
كَون (كل) مُضَافا إِلَى الْمعرفَة لإحاطة الْأَجْزَاء دون الْأَفْرَاد أغلبي.
اسْتِمْرَار التجدد إِنَّمَا يكون فِي الْمُضَارع إِذا كَانَ هُنَاكَ قرينَة دون الْمَاضِي.
(كل) و (أجمع) لَا يُؤَكد بهما إِلَّا ذُو أَجزَاء يَصح افتراقها حسا أَو حكما.
تَقْدِيم مفعول (أفعل) التَّفْضِيل توسعٌ صرح بِهِ صدر الأفاضل وَإِن أَبَاهُ النحويون.
الْفِعْل الْمسند إِلَى مؤنث وَاقع بعد (إِلَّا) لَا يلْحقهُ تَاء التَّأْنِيث إِلَّا لضَرُورَة وعَلى قلَّة.
الْفَصْل بَين الصّفة والموصوف لَيْسَ بممنوع مُطلقًا بل فِي صفة دون صفة.
البادي بِالْفِعْلِ فِي فَاعل مَعْلُوم أَنه الْفَاعِل، وَفِي (تفَاعل) غير مَعْلُوم.
قَالَ أَبُو حَيَّان: الْأَصَح أَنه لَا يعْمل عَامل وَاحِد فِي حَالين بِلَا عطف إِلَّا أفعل التَّفْضِيل.
اسْم الْجِنْس الجمعي إِذا زيد عَلَيْهِ التَّاء نقص مَعْنَاهُ وَصَارَ وَاحِدًا كتمر وَتَمْرَة، ونبق ونبقة.
اللَّام الَّتِي بِمَعْنى الْمَوْصُول لَا تدخل إِلَّا على صُورَة الِاسْم بِمَعْنى الْفِعْل.
الْمجَاز فِي الحكم إِنَّمَا يكون بِصَرْف النِّسْبَة عَن محلهَا الْأَصْلِيّ إِلَى مَحل آخر لأجل مُلَابسَة بَين المحلين.
السِّين فرع (سَوف) فَمن اسْتعْمل سَوف نظر إِلَى الأَصْل، وَمن اسْتعْمل السِّين نظر إِلَى الإيجاز(1/1046)
والاختصار.
الدَّال على النَّوْع لَا يُفِيد الْأَنْوَاع الْمُخْتَلفَة أصلا سَوَاء جمع أم ل يجمع.
وَالدَّال على الْجِنْس مشْعر بالاختلاف.
الْعَرَب تعطف الشَّيْء على الشَّيْء بِفعل ينْفَرد بِهِ أَحدهمَا وَمِنْه:
(علفتها تبناً وَمَاء بَارِدًا ... )
الصّفة المشبهة لَا تكون إِلَّا لَازِمَة وَمَا مثل (النصير) فَهُوَ اسْم فَاعل.
الْجِنْس الَّذِي يتَنَاوَل الِاسْتِغْرَاق والعهد الذهْنِي هُوَ الْجِنْس الَّذِي فِي ضمن الْأَفْرَاد الْغَيْر معهودة.
قد جمع مطرد بِالْألف وَالتَّاء مُذَكّر غير عَاقل كالخيول الصافنات، وَالْأَيَّام الخاليات.
الصَّحِيح أَن الْوَاقِع بعد اسْم الْإِشَارَة الْمُقَارن ل (ال) إِن كَانَ مشتقاً كَانَ صفة وَإِلَّا كَانَ بَدَلا.
إِذا أُرِيد التَّسَاوِي بَين الْأَقَل وَالْأَكْثَر يجب تَقْدِيم خبر كَانَ على اسْمهَا.
القَوْل بِأَن مصَادر الثلاثي غير الْمَزِيد لَا تنقاس لَيْسَ بِصَحِيح بل لَهَا مصَادر منقاسة ذكرهَا النحويون.
مَذْهَب الْبَصرِيين أَن التَّضْمِين لَا يُقَاس وَإِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ عِنْد الضَّرُورَة.
يَصح عطف الْمُفَسّر على الْمُفَسّر بِاعْتِبَار الِاتِّحَاد النوعي والتغاير الشخصي.
فِي إِضَافَة جُزْء إِلَى كُله يَصح تَقْدِير اللَّام كَمَا يَصح تَقْدِير (مِنْ) التبعيضية مثل: يَد لزيد وَمن زيد.
حرف التَّنْفِيس يعْمل مَا بعده فِيمَا قبله وَهُوَ الصَّحِيح. تَقول: زيدا سأضرب وسوف أضْرب.
الحكم الْمُضَاف إِلَى مُشْتَقّ يكون مَأْخَذ اشتقاقه مناطاً لذَلِك الحكم.
اسْم الْمَفْعُول يُعَامل مُعَاملَة الصّفة المشبهة فِي إِضَافَته إِلَى الْمَرْفُوع.
لَا تدخل الْهَاء فِي تَصْغِير مَا يكون لغير الْآدَمِيّين كإبل للُزُوم تأنيثه.
أَمر المواجهة لَا يُجَاب بِلَفْظَة الْغَيْبَة إِذا كَانَ الْفَاعِل وَاحِدًا.
الْفِعْل إِذا أُوِّل بِالْمَصْدَرِ لَا يكون لَهُ دلَالَة على الِاسْتِقْبَال.
الشَّرْط فِي الْمِثَال أَن يكون على وفْق الممثل لَهُ من الْجِهَة الَّتِي تعلق بهَا التَّمْثِيل كَمَا فِي: زيد أَسد.
تحمل اللَّام على الزِّيَادَة للتزيين فِيمَا إِذا لم يكن الْحمل على الإفادة بِوَاحِد من مَعَانِيهَا.
إِذا حُذف مفعول الْمَشِيئَة بعد (لَو) فَهُوَ مَذْكُور فِي جوابها أبدا.
إِذا دخل على الْمُضَارع لَام الِابْتِدَاء خلص للْحَال كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنِّي ليحزنني أَن تذْهبُوا} .
فِي كلمة (قد) الَّتِي للتقليل لَا بُد أَن يكون الْمَذْكُور أقل من الْمَتْرُوك.
الظّرْف يعْمل فِي الظّرْف إِذا كَانَ مُتَعَلقا بِمَحْذُوف لوُقُوعه موقع مَا يعْمل نَحْو: كل يَوْم لَك ثوب.(1/1047)
الْكَلَام الْمصدر بِحرف التعقيب بعد الْأَمر المتردد يَنْبَغِي أَن يتَعَلَّق بكلا قسمي الترديد أَو بالشق الَّذِي يَلِيهِ.
نَص النُّحَاة على امْتنَاع تَأْكِيد الْمَوْصُول قبل تَمام صلته.
الْجُمْلَة المستأنفة المقرونة بِالْوَاو العاطفة لَا تكون إِلَّا مُعْتَرضَة أَو مذيلة.
لَا يجوز اجْتِمَاع آلتي التَّعْلِيل فَفِي مثل قَوْلهم: (فَلذَلِك) الْفَاء نتيجة وَاللَّام للتَّعْلِيل.
(مفعال) للمؤنث يكون بِغَيْر هَاء لِأَنَّهُ غير جَار على الْفِعْل. يُقَال: امْرَأَة مذكار بِغَيْر هَاء.
انْتِفَاء الشَّيْء من الشَّيْء قد يكون لكَونه لَا يُمكن مِنْهُ عقلا، وَقد يكون لكَونه لَا يَقع مِنْهُ مَعَ إِمْكَانه.
يضارع (أفْعَل مِنْ) الْمعرفَة فِي امْتنَاع دُخُول اللَّام فِيهِ.
حَذْف (مِن) من أفعل التَّفْضِيل يحْتَاج إِلَى ذكر الْمفضل عَلَيْهِ سَابِقًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {يعلم السِّرّ وأخفى} .
كلمة (مَا) إِذا اتَّصل بِهِ الْفِعْل صَار فِي تَأْوِيل الْمصدر نَحْو قَوْله تَعَالَى: {بِمَا ظلمُوا} أَي: بظلمهم.
الْمُعَرّف بلام الْجِنْس وَإِن كَانَ مركبا حَقِيقَة لكنه مُفْرد حكما.
الْمجَاز أقوى وأكمل فِي الدّلَالَة على مَا أُرِيد بِهِ من الْحَقِيقَة على مَا أُرِيد بهَا.
لَا يعْتَرض بَين متلازمين دون نُكْتَة.
اللَّام الَّتِي للقصد هِيَ لِلْعِلَّةِ الغائية، وَالَّتِي
للتَّعْلِيل هِيَ لِلْعِلَّةِ الفاعلية.
الْعَرَب لَا تصغر بِالْألف إِلَّا كَلِمَتَيْنِ: دَابَّة - دوابة، وهدهد - هداهد.
جَمِيع المنصوبات يجوز حذفهَا سوى خبر كَانَ وَاسم (إِن) .
الْأَيَّام كلهَا تثنى وَتجمع إِلَّا الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ تَثْنِيَة.
إِدْخَال (لَا) النافية فِي فعل الْقسم للتَّأْكِيد شَائِع فِي كَلَامهم نَحْو: لَا أقسم.
لَا مَحْذُور فِي عطف الْجُمْلَة على الْمُفْرد وَلَا فِي الْعَكْس بل يحسن ذَلِك إِذا روعي فِيهِ نُكْتَة.
القَسَم لَا يدْخل على الْمُضَارع إِلَّا مَعَ النُّون الْمُؤَكّدَة.
الْمُطلق يجْرِي على إِطْلَاقه إِذا لم يكن مَعَه مَا يدل على تَقْيِيده.
يجوز فِيمَا أسْند إِلَى الظَّاهِر من الجموع وَغَيرهَا التَّذْكِير والتأنيث من غير تَرْجِيح كَقَوْلِه تَعَالَى: {قَالَت الْأَعْرَاب} ، و {قَالَ نسْوَة} .
النِّسْبَة الاضافية تفهم من ظَاهر الْهَيْئَة التركيبية الَّتِي فِي (عبد الله) .
وَالنِّسْبَة التعليقية الَّتِي تكون بَين الْفِعْل الْمَفْهُوم تفهم من ظَاهر الْهَيْئَة التركيبية الَّتِي فِي (تأبط شرا) .
الْكُلِّي مَا لم يُلَاحظ أَفْرَاده مجتمعة وَلم تصر أَجزَاء بِحَيْثُ يَصح افتراقها حسا كالقول، أَو حكما كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرى لَا يَصح تأكيده بِكُل وَأجْمع.(1/1048)
الشَّيْء إِذا عظم أمره يُوصف باسم جنسه، يُقَال: هَذَا المَال وَذَاكَ الرجل تَنْبِيها على كَمَاله.
وضع (ذُو) إِنَّمَا هُوَ للتوسل إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس سَوَاء أَكَانَت نكرَة أَو معرفَة.
الصّفة الْعَامَّة لَا تَأتي بعد الصّفة الْخَاصَّة، فَلَا يُقَال: رجل فصيح مُتَكَلم، وَإِنَّمَا يُقَال: مُتَكَلم فصيح. وَقَوله تَعَالَى فِي إِسْمَاعِيل: {وَكَانَ رَسُولا نَبيا} أَي: مُرْسلا فِي حَال نبوته.
الْجَزْم فِي الْأَفْعَال بِمَنْزِلَة الْجَرّ فِي الْأَسْمَاء مَعْنَاهُ أَن الْمُضَارع لما أشبه الِاسْم أعرب بِالرَّفْع وَالنّصب وَتعذر الْجَرّ فَجعل الْجَزْم عوضا عَنهُ.
حذف فعل الشَّرْط وأداته مَعًا وإبقاء الْجَواب مِمَّا نوزع فِي صِحَّته.
الْفِعْل الْوَاحِد ينْسب إِلَى فاعلين باعتبارين مُخْتَلفين نَحْو قَوْلك: أغناني زيد وعطاؤه.
جَازَ إجتماع علامتي تَأْنِيث فِي (اثْنَتَيْ عشرَة) لِأَنَّهَا فِي شَيْئَيْنِ.
الترجي يَسْتَدْعِي إِمْكَان مُتَعَلق مَعْنَاهُ لَا إِمْكَان الْمَطْلُوب.
ذهب عُلَمَاء الْبَيَان إِلَى أَن مُتَعَلق الظّرْف إِذا كَانَ من الْأَفْعَال الْعَامَّة فَلَا حَاجَة إِلَى تَقْدِيره فِي نظم الْكَلَام.
لَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله من العوامل اللفظية إِلَّا حرف الْجَرّ لِئَلَّا يخرج عَن حكم الصَّدْر.
الْمُضَارع لَيْسَ بموضوع للاستقبال بل هُوَ حَقِيقَة فِي الْحَال ومجاز فِي الِاسْتِقْبَال نَحْو:
{تالله لأكيدن أصنامكم} .
(لَو) تَجِيء بِمَعْنى (إِن) وَحِينَئِذٍ يصير جَوَابه اسمية بِلَا فَاء؛ (وَلَو فعل لَا شَيْء عَلَيْهِ) .
شَرط الْفَاء الفصيحة أَن يكون الْمَحْذُوف سَببا للمذكور.
التَّعَدُّد فِي الْمُبين يسْتَلْزم التَّعَدُّد فِي الْمُبين وَلِهَذَا ذكرُوا الْوَاو دون (أَو) إِذْ بَيَان الْمثنى بِأحد الشَّيْئَيْنِ غير صَحِيح.
الْبَاء الزَّائِدَة لَا تمنع من عمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بكاهن} .
إِذا اكدت الضَّمِير الْمَنْصُوب قلت: (أرأيتك أَنْت) ، وَإِذا أبدلت مِنْهُ قلت: (أرأيتك إياك) .
إِن تعدى اللَّازِم بِحرف جر أَو ظرف جَازَ بِنَاء اسْم الْمَفْعُول مِنْهُ نَحْو: {غير المغضوب عَلَيْهِم} و (زيد منطلق) .
اخْتِلَاف عَامل الْحَال وذيها جَائِز عِنْد مجوز الْحَال من الْمُبْتَدَأ وَهُوَ سِيبَوَيْهٍ وَأَتْبَاعه.
الْمصدر لَا يدل بصيغته على فَاعل وزمان.
وَالْفِعْل الْمصدر بِأَن يدل عَلَيْهِمَا.
الْعدَد يجْرِي على تذكيره وتأنيثه على اللَّفْظ لَا على الْمَعْنى.
اتّفق أَئِمَّة التَّفْسِير وَالْأُصُول والنحو على أَن الحكم فِي مثل: (الرِّجَال فعلوا كَذَا) على كل فَرد لَا على كل جمَاعَة.
يتَنَاوَل الْمُفْرد فِي حكم الْمَنْفِيّ مَا لَا يتَنَاوَلهُ الْجمع فِيهِ وَكَذَا النكرَة.(1/1049)
قد منع سيبوه إِدْخَال الْفَاء فِي خبر (إنّ) لِأَن (إنّ) لَا تغير معنى الِابْتِدَاء بِخِلَاف لَيْت وَلَعَلَّ.
صرح كثير من الْمُحَقِّقين بِأَن الْغَرَض من تَعْرِيف الشَّيْء قد يكون أَعم من الْمُعَرّف، وَكتب الأدباء مشحونة بذلك.
وضع الظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر إِنَّمَا يكون للتعظيم إِذا كَانَ الظَّاهِر مِمَّا يشْعر بالتعظيم كالألقاب المشعرة بالمدح.
الزَّمَان مَوْجُود فِي وضع الْفِعْل، مَدْلُول عَلَيْهِ بِلَفْظِهِ تضمناً غير مفارق إِيَّاه بِحَال، بِخِلَاف الِاسْم فَإِنَّهُ لَا دلَالَة فِي نَفسه على الزَّمَان، وَلَا تعرض لَهُ إِلَّا فِي بعض المشتقات مَعَ أَنه بطرِيق الْعرُوض لَا الْوَضع واللزوم.
اسْم التَّفْضِيل يعْمل فِي الظّرْف نَحْو: (زيد أفضل يَوْم الْجُمُعَة من عَمْرو) ، وَفِي الْحَال نَحْو: (زيد أفضل قَائِما من عَمْرو) ، وَفِي التَّمْيِيز نَحْو: {بالأخسرين أعمالا} من غير شُرُوط فِي هَذِه الصُّور، وَلَا يعْمل فِي الِاسْم الْمظهر إِلَّا بِشُرُوط.
الْمَشْهُور أَن كلا من الْحَال والتمييز نكرَة، لَكِن الْمَفْهُوم من بعض الشُّرُوح جَوَاز أَن يكون التَّمْيِيز معرفَة عِنْد قوم، وَفِي " النِّهَايَة " الجزرية: أَن التَّمْيِيز يَجِيء كثيرا معرفَة، وَالْحَال الْمُؤَكّدَة يجوز أَن تكون معرفَة. قَالَه البهلوان.
لحاق الْعَلامَة للْفرق بَين الْمُذكر والمؤنث فِي الصِّفَات هُوَ الأَصْل كصالح وصالحة وكريم وكريمة، وَأما حَائِض وَطَالِق ومرضع وَامْرَأَة عاتق
وناقة بازل فعلى تَأْوِيل شخص أَو شَيْء.
يجوز الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ ومعموله بالْخبر فِيمَا إِذا كَانَ الْخَبَر مَعْمُولا لَهُ لَا للمبتدأ حَقِيقَة مثل: (الْحَمد لله حَمْد الشَّاكِرِينَ) . وَقد حقق الشريف عدم جَوَازه وَإِن كَانَ مَعْمُولا لَهُ فِي الْحَقِيقَة.
قد يكون الشَّرْط وَسَائِر الْقُيُود قيدا لمضمون الْكَلَام الخبري أَو الإنشائي، وَقد يكون قيدا للإخبار والإعلام بِهِ الخبري، ولطلبه وإيجابه فِي الْأَمر، ولمنعه وتحريمه فِي النَّهْي، وعَلى هَذَا الْقيَاس.
توَسط حرف الْعَطف بَين شَيْئَيْنِ لَا يلْزم أَن يكون لعطف الثَّانِي على الأول، إِذْ مثل: (جَاءَنِي زيد الْعَالم والعاقل) لَيْسَ بعطف على التَّحْقِيق وَإِنَّمَا هُوَ بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الوصفية، وَحسن دُخُول العاطف لنَوْع من الشّبَه بالمعطوف لما بَينهمَا من التغاير.
كلمة (على) للْوُجُوب فِي الْمَشْهُور عِنْد الْأُصُولِيِّينَ، وَقَالَ صَاحب " الْكَافِي ": حَقِيقَة (على) الاستعلاء، فَإِن تعذر تحمل على اللُّزُوم، فَإِن تعذر تحمل على الشَّرْط، وَقد تسْتَعْمل للاستحباب كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من مسَائِل الِاسْتِبْرَاء. من " الْهِدَايَة ".
لفظ الذُّكُور الَّذِي يمتاز عَن الْإِنَاث بعلامة كالمسلمين و (فعلوا) وَنَحْو ذَلِك لَا يدْخل فِيهِ الْإِنَاث تبعا، خلافًا للحنابلة، وَمحل الْخلاف فِيمَا إِذا أطلق هَذَا اللَّفْظ بِلَا قرينَة، وَإِلَّا فَلَا نزاع بِحَسب الْمجَاز والتغليب كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَكَانَت(1/1050)
من القانتين} .
إِثْبَات الْجِنْس للمذكور لَا لغيره لَا يُنَافِي ثُبُوته للْغَيْر فِي نفس الْأَمر بِخِلَاف إِثْبَات جمع الْأَفْرَاد.
المُرَاد بالثقيل فِي حُرُوف الْعلَّة الضَّعِيف لَا ضد الْخَفِيف، بِدَلِيل أَن الْألف أخف الْحُرُوف وَهِي لَا تتحرك.
تَعْلِيق الْأَعْلَام على الْمعَانِي أقل من تَعْلِيقهَا على الْأَعْيَان لِأَن الْغَرَض مِنْهَا التَّعْرِيف.
جَمِيع العوامل اللفظية تعْمل فِي الْحَال إِلَّا (كَانَ) وَأَخَوَاتهَا و (عَسى) على الْأَصَح.
الحكم بِبِنَاء (إِذا) استدلالي من غير شَاهد الِاسْتِعْمَال، بِخِلَاف مَتى وَأَيْنَ وأنى وَكَيف فَإِن عدم التَّنْوِين فِيهَا شَاهد الْبناء.
لفظ الِابْتِدَاء مَوْضُوع لمُطلق الابتدا وَلَفْظَة (من) مَوْضُوعَة للابتداءات الْمَخْصُوصَة لَا بأوضاع مُتعَدِّدَة حَتَّى يلْزم من كَونهَا مُشْتَركَة بل بِوَضْع وَاحِد عَام.
يُمكن حمل (عِنْد) فِي مثل قَوْلنَا: (عِنْد فلَان كَذَا) على حَقِيقَته أَي الْحُضُور، لَكِن الْإِسْنَاد مجازي فَإِن شَيْئا إِذا كَانَ مُعْتَقد شخص فَكَأَنَّهُ فِي حُضُوره.
(حَتَّى) فِيمَا لَا يصلح للغاية وَالْمجَاز يحمل على معنى يُنَاسب الْحَقِيقَة بِوَجْه من الْوُجُوه لَكِن بِشَرْط الْقَرَائِن الدَّالَّة على إِرَادَة الْمُتَكَلّم للمجاز.
نفي الْمُقَيد بِقَيْد الْوحدَة أَو الْعدَد لَا يسْتَلْزم نفي
الْمُطلق لرجوع النَّفْي إِلَى الْقَيْد كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد} .
لَا معنى لتشبيه الْمركب إِلَّا أَن ينتزع كَيْفيَّة من أُمُور مُتعَدِّدَة فتشبه بكيفية أُخْرَى مثلهَا فَيَقَع فِي كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ أُمُور مُتعَدِّدَة.
أَدَاء لفظ الْمُفْرد معنى الْمثنى وَالْمَجْمُوع غير عَزِيز فِي كَلَامهم كأسماء الْأَجْنَاس فَإِنَّهُ يَصح إِطْلَاقهَا على الْمثنى وَالْمَجْمُوع، لَكِن الْمَفْهُوم من كتب الْأُصُول أَنه لَا يسْتَعْمل فِي الْمثنى.
إِطْلَاق الِاسْم على الصّفة ظَاهر بِلَا اشْتِبَاه وَلَا نزاع لأحد، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد بِالصِّفَاتِ أَيْضا كَونهَا غير أَعْلَام.
الْإِضَافَة فِي لُغَة الْعَجم مَقْلُوبَة كَمَا قَالُوا: سِيبَوَيْهٍ. والسيب: التفاح، و (ويه) رَائِحَة أَي: رَائِحَة التفاح، وَكَذَا ملك داد وأشباههما.
مِمَّا جرى مجْرى الْمثل الَّذِي لَا يُغير (عَليّ بن أبي طَالب) حَتَّى ترك فِي حَالي النصب والجر على لَفظه فِي حَالَة الرّفْع لِأَنَّهُ اشْتهر بذلك. كَذَا (مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان) و (أَبُو أُميَّة) .
الِاسْتِثْنَاء يجْرِي حَقِيقَة فِي الْعَام وَالْخَاص وَلَا يجْرِي التَّخْصِيص حَقِيقَة إِلَّا فِي الْعَام، وَلِهَذَا يتَغَيَّر مُوجب الْعَام باستثناء مَعْلُوم بالِاتِّفَاقِ، وباستثناء مَجْهُول بِخِلَاف.
قيل: ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض إِنَّمَا يَصح إِذا أطلق على بعض شَائِع لَا معِين، فَإِن الْعشْرَة لَا(1/1051)
تطلق على السَّبْعَة مجَازًا لكَونه بَعْضًا معينا، وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَو حلف لَا يَأْكُل طَعَاما وَنوى طَعَاما معينا صدق.
معنى تَمام الِاسْم أَن يكون على حَالَة لَا يُمكن إِضَافَته مَعهَا، وَالِاسْم مُسْتَحِيل الْإِضَافَة مَعَ التَّنْوِين ونوني التَّثْنِيَة وَالْجمع وَمَعَ الْإِضَافَة لِأَنَّهُ بِالْإِضَافَة لَا يُضَاف ثَانِيًا.
الضَّمِير الْمُتَّصِل الْوَاقِع بعد فعلين يكون مُتَّصِلا بِالثَّانِي وَمَعَ ذَلِك يجوز أَن لَا يكون مَعْمُولا للْأولِ، والتنازع إِنَّمَا هُوَ فِي الضَّمِير الْمُنْفَصِل الْوَاقِع بعدهمَا.
التزموا التَّضْمِين والحذف والإيصال فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء ليَكُون مَا بعْدهَا مَنْصُوبًا كَمَا فِي صُورَة الْمُسْتَثْنى بإلا الَّتِي هِيَ أم الْبَاب.
تَشْبِيه الْمثل يَسْتَدْعِي أَن يُرَاعى فِيمَا أضيف إِلَيْهِ الْمثل فِي الْجَانِبَيْنِ الْمُنَاسبَة على مَا بَين فِي {مثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق} .
[كلمة فِي] فِي قَوْلهم: (السوَاد فِي زيد) لَيْسَ كَمَا فِي قَوْلهم: (المَاء فِي الْكوز) ، بل لِمَعْنى الِاعْتِبَار وَالدّلَالَة على أَن وجود السوَاد لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار الْمحل.
الْحَد تَارَة يقْصد لإِفَادَة الْمَقْصُود، وَحِينَئِذٍ لَا يذكر فِيهِ الحكم، وَتارَة لإِفَادَة تَمْيِيز مُسَمَّاهُ عَن غَيره وَحِينَئِذٍ يدْخلهُ الحكم لِأَن الشَّيْء قد يتَمَيَّز بِحكمِهِ لمن تصَوره بِأَمْر يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره.
يجوز الْعَطف على معمولي عاملين مُخْتَلفين إِذا
كَانَ الْمَجْرُور مقدما. هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب " الْكَشَّاف " وَلَا يجوز مُطلقًا عِنْد سِيبَوَيْهٍ.
دلَالَة التَّعْرِيض على الْمَعْنى المُرَاد لَيْسَ جِهَة الْوَضع الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي بل من قبيل التَّلْوِيح وَالْإِشَارَة.
الْفرق فِي الْمُعَرّف بلام الْجِنْس بَين الْمُفْرد وَالْجمع إِنَّمَا يظْهر فِي الْقلَّة فَإِنَّهُ يَصح فِي الْمُفْردَات أَن يُرَاد الْبَعْض إِلَى الْوَاحِد، وَفِي الْجمع لَا يَصح إِلَّا إِلَى الثَّلَاثَة.
جَازَ تَقْدِيم الْمُبْتَدَأ النكرَة على الْخَبَر الظّرْف كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأجل مُسَمّى عِنْده} لِأَنَّهُ تخصص بِالصّفةِ فقارب الْمعرفَة.
صِيغَة الِاسْتِثْنَاء حَقِيقَة اصطلاحية فِي الْمُتَّصِل، ومجاز فِي الْمُنْقَطع، وَأما لفظ الِاسْتِثْنَاء فحقيقة فيهمَا فِي عرف أهل الشَّرْع.
الْمُشْتَرك لَا يتَعَيَّن أحد محتمليه إِلَّا بمرجح عندنَا، وَالْحمل على جَمِيع مَعَانِيه مَذْهَب الشَّافِعِي. وَقد يَنْتَظِم الْمعَانِي المتعددة إِذا كَانَ فِي مَوضِع النَّفْي. ذكره صَاحب " الْهِدَايَة " فِي بَاب الْوَصِيَّة للأقارب.
لَا يلْزم فِي التَّشْبِيه الْمركب أَن يكون مَا يَلِي الْكَاف هُوَ الْمُشبه كَمَا فِي قَوْله:
(وَمَا النَّاسُ إلاّ كَالدِّيارِ وأَهْلِها ... )
أَسمَاء الْأَفْعَال إِنَّمَا يمْتَنع مِنْهَا تَنْوِين التَّمَكُّن وَهُوَ الدَّال على الخفة، فَأَما غير ذَلِك من التَّنْوِين فَإِنَّهُ يدخلهَا.(1/1052)
تَرْتِيب الحكم على الْمُشْتَقّ أَو الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَو الْإِشَارَة إِلَيْهَا يُفِيد علمية المأخذ والصلة وَالصّفة.
أَمارَة الْأُمُور الْخفية كَافِيَة فِي صِحَة إِطْلَاق اللَّفْظ على الْحَقِيقَة كالغضبان والفرحان لمن لَهُ انقباض وانبساط.
فَائِدَة الْقُيُود فِي الْحُدُود لَا تَنْحَصِر فِي الِاحْتِرَاز بل الأَصْل أَن يكون ذكرهَا لبَيَان مَاهِيَّة الْمَحْدُود.
عَلامَة التَّقَدُّم الذاتي أَن يَصح إِدْخَال الْفَاء التفريعية بِأَن يُقَال: (زيد يُحَرك الْأَصَابِع فَتحَرك الْخَاتم) .
فرق بَين الْجمع وَجمع الْمُفْرد فَإِن الْجمع لَا يُطلق على الْأَقَل من التِّسْعَة، وَجمع الْمُفْرد لَا يُطلق على أقل من الثَّلَاثَة إِلَّا مجَازًا.
مَا لَا يكون تأنيثه حَقِيقِيًّا إِذا أسْند إِلَى الظَّاهِر جَازَ تذكيره، وَلَا يجوز ذَلِك إِذا أسْند إِلَى الضَّمِير لوُجُوب رفع الالتباس.
إِضَافَة الحكم إِلَى عَام مُشْتَرك بَين الصُّور أولى من إِضَافَته إِلَى مُنَاسِب خَاص بِبَعْض الصُّور.
(لَكِن) لَيْسَ حرف اسْتثِْنَاء إِلَّا أَن مَعْنَاهَا لما شابه معنى (إِلَّا) فِي أَنَّهُمَا لدفع توهم يتَوَلَّد من الْكَلَام السَّابِق شبهت بإلا.
نظر المنطقي فِي الْأَلْفَاظ بتبعية الْمعَانِي، فَكل لفظ مَعْنَاهُ مركب يَنْبَغِي أَن يكون مركبا، فالمعرف بِاللَّامِ مركب عِنْدهم.
إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى الظّرْف إِذا كَانَت على طَريقَة إِضَافَته إِلَى الْمَفْعُول بِهِ أَو بمعناها فَهِيَ مجَاز وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَن تكون حَقِيقَة لِأَن للمظروف تعلقاً بالظرف.
الْمَفْعُول لَهُ وَفِيه ليسَا داخلين فِي الْمَفْعُول بِهِ إِلَّا أَن الرضيّ ذكر أَنَّهُمَا نَوْعَانِ من الْمَفْعُول بِهِ خُصّا باسمين آخَرين.
الْمَشْهُور أَن مَعْمُول (لم) لَا يحذف، بِخِلَاف (لما) لكنه ذكر صَاحب " الْكَشَّاف " مَا يدل على جَوَاز حذف مَعْمُول (لم) و (لما) أَيْضا.
الْمجَاز خلف عَن الْحَقِيقَة فِي الحكم عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَفِي التَّكَلُّم عِنْد أبي حنيفَة على مَا عرف فِي الْأُصُول.
الْعَمَل فِي الظَّاهِر وَإِن كَانَ أقوى من الْعَمَل فِي الْمُقدر لَكِن دوَام الْعَمَل فِي الْمُقدر يُقَاوم الْعَمَل فِي الظَّاهِر فِي وَقت دون وَقت.
الْمصدر الْمُبْهم هُوَ الَّذِي يكون لمُجَرّد التَّأْكِيد نَحْو: (ضربت ضربا) وَلَا يُفِيد أمرا زَائِدا على مَدْلُول الْفِعْل.
قد يُضَاف أحد الوصفين إِلَى الآخر للتَّأْكِيد مثل: {حق الْيَقِين} إِذْ الْحق هُوَ الثَّابِت الَّذِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الريب وَكَذَا الْيَقِين.
حَيْثُمَا صدِّرت صِيغَة الطّلب بِأَن المصدرية لَا بُد أَن يقدر بعْدهَا القَوْل ليبقى معنى الصِّيغَة على حَاله.(1/1053)
نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل بطرِيق الصُّدُور وَالْقِيَام والإسناد، وَلَا يُقَال فِي الِاصْطِلَاح إِنَّه مُتَعَلق بِهِ فَإِن التَّعَلُّق نِسْبَة الْفِعْل إِلَى غير الْفَاعِل.
لَام الِابْتِدَاء لَا تدخل على (مَا) فِي خبر (أنّ) الْمَفْتُوحَة تَقول: (علمت أَنَّك فَاضل) بِالْفَتْح، و (علمت إِنَّك لفاضل) بِالْكَسْرِ.
الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد فِي الرِّوَايَات، وَلِهَذَا ترى مطلقات الْمُتُون يقيدها الشُّرَّاح وَإِن كَانَ الشَّارِح هُوَ المُصَنّف.
مُجَرّد وجود أصل مُحَقّق لَا يَكْفِي فِي اعْتِبَار الْعدْل التحقيقي بِدُونِ اقْتِضَاء منع الصّرْف إِيَّاه وَاعْتِبَار خُرُوج الصِّيغَة عَن ذَلِك الأَصْل.
قيود التَّعْرِيف قد لَا تكون لإِخْرَاج شَيْء. صرح بِهِ الشريف.
صِحَة الاضافة بِمَعْنى (من) مَشْرُوط بِصِحَّة حمل الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف.
الأعجمي إِذا دَخلته الْألف وَاللَّام الْتحق بالعربي.
يُسْتَفَاد من الْمُفْرد الْمحلى بِاللَّامِ مَا يُسْتَفَاد من الْجمع الْمحلى بِاللَّامِ.
اسْم الْجِنْس كَمَا يسْتَعْمل لمسماه مُطلقًا يسْتَعْمل لما يستجمع الْمعَانِي الْمَخْصُوصَة بِهِ وَالْمَقْصُود مِنْهُ.
حُرُوف الْجَرّ لَا تعْمل بأنفسها وَلَكِن تفعل بِمَا فِيهَا من معنى الْفِعْل فَلَا تعْمل صلات لَا تَتَضَمَّن معنى الْفِعْل.
الْجمل الانشائية بالاستقراء فِي الطلبية
والإيقاعية. صرح بِهِ الرضيّ.
إرجاع الضَّمِير إِلَى الْمُفْرد فِي ضمن الْجمع شَائِع، وإرجاعه إِلَى الْجمع فِي ضمن الْمُفْرد غير شَائِع.
شَرط التَّمْيِيز الْمَنْصُوب بعد (أفعل) كَونه فَاعِلا فِي الْمَعْنى.
الشَّائِع فِي نِسْبَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول هُوَ الْجُمْلَة الفعلية.
العلمية لَا تنَافِي الْإِضَافَة كَمَا فِي (حَاتِم طيىء) و (عنترة عبس) .
بَقَاء الْمُشْتَقّ مِنْهُ شَرط فِي صدق الِاسْم الْمُشْتَقّ.
المعتل إِذا أشكل أمره يحمل على الصَّحِيح.
لَا يلْزم من الْإِخْبَار عَن ثُبُوت الشَّيْء قصره على ذَلِك الثُّبُوت.
الحكم الثَّابِت لكل كلمة لَا يلْزم أَن يثبت لبعضها.
همزَة الِاسْتِفْهَام أَو مَا فِي حكمهَا لَا يَليهَا إِلَّا المستفهم عَنهُ أَو مَا فِي حكمه.
الْفِعْل إِذا عطف على الِاسْم أَو بِالْعَكْسِ فَلَا بُد من رد أَحدهمَا إِلَى الآخر بالتأويل.
عطف الْجُمْلَة الفعلية من غير تَقْدِير حرف مصدري وَلَا ملفوظ بِهِ على اسْم مجرور غير جَائِز.
قد يكون حسن حذف الْمفضل عَلَيْهِ وُقُوع (أفعل) خَبرا للمبتدأ: (ذَلِكُم أَقْسَطُ عِندَ الله وأَقْوَم للشَّهَادَة(1/1054)
الِاخْتِلَاف فِي التَّعْدِيَة لَا يُنَافِي الِاتِّحَاد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا من خَواص اللَّفْظ.
الْهمزَة الْمَفْتُوحَة إِذا قصد بهَا الِاسْتِفْهَام أَو النداء فَهِيَ من حُرُوف الْمعَانِي، وَإِلَّا فَمن حُرُوف المباني.
الِاسْم المعرب مُخْتَلف الآخر لَا مَحل الِاخْتِلَاف إِذْ لَا يَجْعَل الْفَاعِل مَكَان الْحَدث وَلَا يُسمى باسم الْمَكَان.
(أَو) إِذا وَقعت فِي سِيَاق النَّفْي وخلت عَن الْقَرِينَة تحمل على النَّفْي وَإِلَّا فعلى نفي الشُّمُول، وَالْوَاو بِالْعَكْسِ.
لَيْسَ فِي وَاو النّظم دَلِيل الْمُشَاركَة بَين جملتين فِي الحكم، إِنَّمَا ذَلِك فِي وَاو الْعَطف.
المعطوفان كشيء وَاحِد كالمضافين وَلذَا لم يجز الْفَصْل بَينهمَا إِلَّا بالظرف.
إِذا ذكر اسْم الْجِنْس يُرَاد جَمِيع أَفْرَاده أَو الْبَعْض بِقَرِينَة مَا كالفعل الْمُسَلط أَو التَّنْوِين أَو نَحْو ذَلِك.
يتَعَدَّى (ضرب) الَّذِي هُوَ لتمثيل الْأَمْثَال إِلَى مفعولين بِلَا خلاف.
مَا هُوَ مَشْهُور فِي اللَّام وعَلى إِنَّمَا هُوَ عِنْد الْإِطْلَاق لَا مقرونين بِالْحَسَنَة والسيئة أَو الْحسن والقبح.
السَّبَب الْمعِين يدل على الْمُسَبّب الْمعِين بِخِلَاف الْعَكْس.
النَّفْي إِذا دخل فِيهِ حرف الِاسْتِفْهَام للإنكار أَو التَّقْرِير يَنْقَلِب إِثْبَاتًا.
اسمية الْجُمْلَة كَمَا تكون فِي الْإِثْبَات لتأكيد الْإِثْبَات فَكَذَا فِي النَّفْي يكون لتأكيد النَّفْي لَا نفي التَّأْكِيد.
الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات عِنْد أَرْبَاب اللُّغَة بِلَا شُبْهَة.
دلَالَة بعض الْأَسْمَاء المشتقة على الزَّمَان بطرِيق الْعرُوض دون الْوَضع.
الْفِعْل إِذا غولب فِيهِ فَاعله جَاءَ أبلغ وَأحكم لزِيَادَة قُوَّة الدَّاعِي إِلَيْهِ عِنْد المغالبة.
الْأَمر الَّذِي يعرض لذِي علم فَيُفِيد تشخصه وتعينه يطْلب بِمن وَلَا يطْلب بِهِ مَا لَا يُفِيد تشخصه.
كَمَا لَا يجوز الْجمع بَين الْعِوَض والمعوض فِي الْإِثْبَات لَا يجوز الْجمع بَينهمَا أَيْضا فِي الْحَذف.
إِذا كَانَ الْوَصْف قد نفي بِلَا لزم تكْرَار (لَا) نَافِيَة لما دخلت فِيهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا ظَلِيل وَلَا يُغني من اللهب} ، {لَا فارض وَلَا بكر} .
الْجَرّ على الْجوَار يخْتَص بالنعت والتأكيد، وَفِي الْعَطف ضَعِيف.
الصَّوَاب أَن الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وثامنهم كلبهم} لتأكيد لصوق الصّفة بالموصوف.
إِيرَاد الْمسند فعلا يدل على التَّقْيِيد بِأحد الْأَزْمِنَة، وعَلى أَن ثُبُوته للمسند لَيْسَ ثبوتاً دَائِما بل فِي بعض الْأَوْقَات.
جعل الشَّيْء ظرفا لشَيْء بِاعْتِبَار وُقُوعه فِي جُزْء(1/1055)
مِنْهُ مَكَانا كَانَ أَو زَمَانا شَائِع فِي مُتَعَارَف اللُّغَة.
إِدْخَال (كل) فِي التَّعْرِيف لتَكون مانعية التَّعْرِيف كالمنصوص عَلَيْهِ.
إِذا كَانَ الْجَزَاء مصدرا بِالسِّين أَو بسوف أَو بلن وَجب كَونه مضارعاً.
الْقَيْد إِذا جعل جُزْءا من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لم يُشَارِكهُ الْمَعْطُوف فِي ذَلِك الْقَيْد.
كَمَال الْمُذكر مَقْصُود بِالذَّاتِ، ونقصان الْمُؤَنَّث مَقْصُود بِالْعرضِ.
انْتِفَاء الْجِنْس بِانْتِفَاء جَمِيع أَفْرَاده، وثبوته بِثُبُوت أدنى فَرد مِنْهُ.
مَا بعد (مَا) النافية كَمَا بعد كلمة الشَّرْط لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا.
الِاسْتِفْهَام الإنكاري بكيف أبلغ من الِاسْتِفْهَام الإنكاري بِالْهَمْزَةِ.
رب شَيْء يجوز مُقَابلَة وَلَا يجوز اسْتِقْلَالا. من ذَلِك {ومكروا ومكر الله} .
الْحق فِي إِضَافَة الْجُزْء إِلَى الْكل فِي جَمِيع الْمَوَاضِع أَن تكون بِمَعْنى اللَّام.
يجوز فِي الثواني مَا لَا يجوز فِي الْأَوَائِل، وَلذَلِك جَازَ (يَا هَذَا الرجل) وَلم يجز (يَا الرجل) .
الإلغاء ترك الْعَمَل لفظا مَعَ امْتِنَاعه معنى، وَالتَّعْلِيق ترك الْعَمَل لفظا مَعَ إعماله معنى.
المعرفتان إِذا اعتبرا مُبْتَدأ وخبراً فالقانون أَن يَجْعَل الْمُقدم مُبْتَدأ والمؤخر خَبرا.
يجوز إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى معموله فِي جَمِيع
الْأَوْقَات إِلَّا فِي وَقت كَونه مُتَعَدِّيا فَإِنَّهُ لَا يُضَاف حِينَئِذٍ إِلَى فَاعله.
الِاسْتِمْرَار الثبوتي جزئي فِي وَاحِد من الشَّيْء، والتجددي اسْتِمْرَار الشَّيْء يَتَجَدَّد أَمْثَاله.
قد يَجِيء الْجمع مَبْنِيا على غير وَاحِدَة الْمُسْتَعْمل نَحْو: أراهيط وأباطيل وَأَحَادِيث.
إِذا اجْتمع اهتمامان قدم الْأَخير كَمَا فِي الْبَسْمَلَة. وَإِذا أفرد الأول فَإِن عَارضه مَا هُوَ أولى بِاعْتِبَار قدم أَيْضا وَإِلَّا فَلَا.
دُخُول (مِنْ) على أفعل التَّفْضِيل إِنَّمَا يكون إِذا تَسَاوَت رُتْبَة الْأَفْرَاد فِي تمييزها عَن غَيرهَا.
(هَذِه) مَوْضُوعَة لكل مشار إِلَيْهِ قريب مؤنث محسوس مشَاهد، لَا أَنَّهَا مَوْضُوعَة لكل مشار إِلَيْهِ مشَاهد مُطلقًا.
دلَالَة الْفِعْل على الْمَفْعُول لَهُ أقوى من دلَالَته على الْمَفْعُول مَعَه.
اسْتثِْنَاء الْأَمر الْكُلِّي من الحكم السلبي لَا يدل على خُرُوج جَمِيع أَفْرَاده من ذَلِك الحكم بل خُرُوج الْبَعْض كافٍ.
الشَّيْء الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ حكم إِذا كَانَ خفِيا وَله سَبَب ظَاهر يُقَام السَّبَب الظَّاهِر مقَام ذَلِك الْأَمر الْخَفي وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ.
عطف الْأَكْثَر على الْأَقَل أَكثر، وَعطف الْأَقَل على الْأَكْثَر أرجح.
آحَاد الْأَشْيَاء فِي معنى كل وَاحِد مِنْهَا وكل اثْنَيْنِ مِنْهَا وكل جمَاعَة مِنْهَا.
إِضَافَة أَسمَاء الفاعلين إِذا كَانَت للْحَال أَو(1/1056)
الِاسْتِقْبَال لَا تفِيد التَّعْرِيف.
لَا يُقَال للمبني الضَّم وَلَا الْفَتْح وَلَا الْكسر، بل المضموم والمفتوح والمكسور.
كلمة (ان) لَا تدخل على كلم المجازات.
لَام الِابْتِدَاء لَا تدخل على خبر الْمُبْتَدَأ.
حذف ضمير الشَّأْن ضَعِيف.
الْمعرفَة لَا يثنى إِلَّا بعد التنكير.
لَا تكْتب الْألف الممدودة إِذا اتَّصل بهَا كَاف الْخطاب.
الْحَرْف يذكر وَيُؤَنث.
اسْم الْفِعْل بِمَعْنى الْأَمر لم يُوجد من الرباعي إِلَّا نَادرا.
الشَّيْء مَا لم يخص الشَّيْء لم يعْمل فِيهِ.
الْمَنْع إِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا يَأْتِي من خُصُوص الْمَادَّة فَلَا يُنَافِي دَعْوَى الْجَوَاز.
ارْتِكَاب الْقَبِيح أَهْون من ارْتِكَاب الْمُمْتَنع.
التَّرْكِيب الاضافي مُطلقًا يُنَافِي منع الصّرْف.
الطَّارِئ يزِيل حكم المطروء عَلَيْهِ.
بَين الْمَفْعُول والظرف مُنَاسبَة يَصح أَن ينْقل اسْم أَحدهمَا إِلَى الآخر.
النصب كالرفع خلاف الْفَتْح.
المهمل مَا لم يوضع وَهُوَ مُقَابل الْمَوْضُوع لَا الْمُسْتَعْمل.
لَا معنى لكَون الْمَعْنى فِي الشَّيْء إِلَّا كَونه مدلولاً لَهُ.
لَا يحمل اللَّفْظ فِي التعريفات على خلاف الْمُتَبَادر إِلَّا لصارف.
لَا يُوصف الْكل فِي الْعرف بالاقتران بالجزء فَلَا
يُقَال: اقْترن زيد بِيَدِهِ.
إِضَافَة الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَص لامية، وَإِضَافَة الْأَعَمّ من وَجه بَيَانِيَّة.
قد يذكر الْخَاص وَيُرَاد الحكم عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِهِ بل بنوعه.
الشَّيْء كَمَا يَتَّصِف بِصِفَات نَفسه يَتَّصِف بِصِفَات مَا يتَّصل بِهِ مدحاً أَو ذماً أَو غير ذَلِك.
إِطْلَاق الْعَام على الْخَاص لَا يدل على اتِّحَاد مفهومهما.
إِذا وَقع بَين (لَا) وَبَين اسْمهَا فاصل وَجب الرّفْع والتكرير كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا فِيهَا غول} .
الْإِضَافَة إِلَى الْمَبْنِيّ لَا توجب الْبناء إِلَّا بِشَرْط كَمَا تقرر فِي مَحَله.
سَبْق الْعلم بالشَّيْء يَسْتَدْعِي جعله مَوْضُوعا.
تَنْوِين الْمُقَابلَة غير مَمْنُوع عَن غير المنصرف، وَكَذَا الكسرة الْغَيْر المختصة بِالْجَرِّ.
التَّأْنِيث اللَّفْظِيّ يعرف بِالتَّاءِ، والمعنوي لم يعرف بِالتَّاءِ بل بأمارات تدل على اعْتِبَار الْعَرَب تأنيثه.
التَّرْكِيب الَّذِي هُوَ سَبَب منع الصّرْف غير التَّرْكِيب الْحَاصِل فِي الْمركب الَّذِي هُوَ فِي مُقَابلَة الْمُفْرد.
الْعَطف على شَرط وَجَزَاء بِحرف عطف وَاحِد من قبيل الْعَطف على معمولي عَامل وَاحِد بِحرف وَاحِد، وَلَا كَلَام فِي جَوَازه.
الْكسر بِلَا تَاء من ألقاب الْبناء عِنْد الْبَصرِيين، وَيُطلق على الْحَالة الإعرابية مجَازًا.(1/1057)
صَرَّحُوا بِأَن الْإِضَافَة فِي (حواج بَيت الله) معاقبة للتنوين الْمُقدر.
الصّفة تنْسب إِلَى موصوفها بفي وَهُوَ شَائِع، وَكَذَا نِسْبَة الْعَام إِلَى الْخَاص وَبِالْعَكْسِ.
الْقَرِينَة مَا تدل على تعْيين المُرَاد بِاللَّفْظِ أَو على تعْيين الْمَحْذُوف لَا مَا يدل على معنى.
لَا يجوز اسْتثِْنَاء شَيْئَيْنِ بأداة وَاحِدَة بِلَا عاطف عِنْد أَكثر النَّحْوِيين.
العوامل فِي كَلَام الْعَرَب عَلَامَات لتأثير الْمُتَكَلّم لَا مؤثرات.
تَنْزِيل المشارف للشَّيْء منزلَة من يشرع فِيهِ كثير كمن قتل قَتِيلا.
الْمُسَبّب إِذا كَانَ مُخْتَصًّا بِالسَّبَبِ جَازَت الِاسْتِعَارَة من الطَّرفَيْنِ.
جرى الِاصْطِلَاح على وصف الْجمع بالسلامة وَإِن كَانَ السَّلامَة حَال مفرده.
لَا يجوز دُخُول لَام التقوية فِي الْمَعْمُول الْمُتَأَخر عَن الْفِعْل.
إِلْحَاق التَّاء بكلا مُضَافا إِلَى مؤنث أفْصح من تجريده.
علامتا التَّثْنِيَة وَالْجمع ليستا من حُرُوف المباني.
العوامل لَا تَنْحَصِر فِي الملفوظ والمقدر لِأَنَّهُ قد يكون معنوياً.
الْحَرَكَة بعد الْحَرْف لَكِنَّهَا من فرط اتصالها بِهِ يتَوَهَّم أَنَّهَا مَعَه لَا بعده، وَإِذا أشبعتها صَارَت حرف مد.
الْمَفْعُول الَّذِي يبين الْحَال هَيئته أَعم من الْمَفْعُول بِهِ.
(من) الاستغراقية لَا تزاد بعد الْإِثْبَات.
الِاخْتِصَاص الْمَفْهُوم من التَّرْكِيب الإضافي أتم مِمَّا يفهم من غَيره.
الْمَعْطُوف على الْمَنْفِيّ يُزَاد فِيهِ (لَا) كثيرا.
قد يتَحَمَّل فِي الْمَعْطُوف مَا لَا يتَحَمَّل فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ.
خبر أَفعَال المقاربة لَا يكون إِلَّا مضارعاً.
تَعْرِيف الْمُذكر عدمي وتعريف الْمُؤَنَّث وجودي.
الأولى فِي ثَانِي مفعولي بَاب (أَعْطَيْت) الِاتِّصَال، وَفِي ثَانِي مفعولي بَاب (علمت) الِانْفِصَال.
تخلف مُطَاوع الْفِعْل عَن مَعْنَاهُ الْمجَازِي جَائِز كَمَا فِي (كَسرته فَلم ينكسر) لِأَن مَعْنَاهُ أردْت كَسره فَلم ينكسر.
الْمَعْطُوف على الْجَزَاء جَزَاء مغن.
الْمُضَارع الْمُثبت لَا يَقع موقع الْحَال إِلَّا بالضمير وَحده نَحْو: (جَاءَنِي بزيد يركب) لَا بِالْوَاو.
المصادر يَسْتَوِي فِي الْوَصْف بهَا الْمُذكر والمؤنث.
(مَا) لَيْسَ فِيهَا معنى الْحَدث كليس و (مَا) النافية لَا تكون عَاملا فِي الظّرْف.
انْتِفَاء الْجِنْس يسْتَلْزم انْتِفَاء كل فَرد كَقَوْلِه تَعَالَى: (وَمَا مِنْ دابةٍ فِي الأَرْض وَلَا طائرٍ يطير(1/1058)
بجناحيه} .
اتِّصَال الْمُضمر الْمَجْرُور بجارِّه أَشد من اتِّصَال الْفَاعِل الْمُتَّصِل بِفِعْلِهِ.
اسْم الْجِنْس حَامِل لِمَعْنى الجنسية والوحدة إِن كَانَ مُنْفَردا أَو منوناً، أَو الْعدَد إِن كَانَ مثنى أَو مجموعاً.
تَأْكِيد الْكَلَام بالْكلَام مثل (جَاءَنِي زيد جَاءَنِي زيد) وَمَا يثنى للتَّأْكِيد مثل (جَاءَنِي زيد زيد) .
الْمجَاز الْمَشْهُور يُشَارك الْحَقِيقَة فِي الْمُبَادرَة بل هُوَ أَشد تبادراً.
قد يكون فِي ترك الْوَاو دلَالَة على الِاسْتِقْلَال وَفِي ذكرهَا دلَالَة على خِلَافه.
كثيرا مَا تورد الْجُمْلَة الخبرية لأغراض سوى إِفَادَة الحكم ولازمه، صرّح بِهِ التَّفْتَازَانِيّ.
أَدَاة الْجَزَاء لَا تدل على التعقيب.
اسْم الْجُزْء لَا يُطلق على الْكل إِلَّا إِذا كَانَ لذَلِك الْجُزْء مزِيد اخْتِصَاص وارتباط بِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ الْكل بِعَيْنِه كالرقبة وَالرَّأْس.
الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول بِهِ قَلِيل جدا.
أَلْفَاظ التعريفات تحمل على مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّة.
الِاخْتِلَاف فِي التَّعْدِيَة لَا يُنَافِي الِاتِّحَاد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا من خَواص اللَّفْظ.
تفكيك الضمائر لَا يضر عِنْد أَمن الالتباس لقِيَام الْقَرَائِن.
تَاء الْمُبَالغَة فِي غير صيغتها نَادِر.
المستحسن فِي رد الْعَجز على الصَّدْر اخْتِلَاف
الْمَعْنى.
ضمير الشَّأْن لَا يكون خَبره إِلَّا جملَة.
الْمَوْصُوف يشْتَمل على تَخْصِيص مَا لَا محَالة لَا سِيمَا فِي الْمعرفَة.
حذف الْجَار وإيصال الْفِعْل سَمَاعي.
يجوز أَن يخرج الشَّيْء عَن التَّعْرِيف بقيدين.
تعداد الْأَوْصَاف يجوز بالعاطف وَبِغَيْرِهِ.
عطف الْجِنْس على النَّوْع وبالضد مَشْهُور.
الرّفْع بِالِابْتِدَاءِ قَاصِر عَن الرّفْع على الفاعلية.
تَثْنِيَة الْفَاعِل منزلةٌ منزلَة تَثْنِيَة الْفِعْل وتكريره.
حذف صدر الصِّلَة كثير الْوُرُود فِي الْكَلَام.
إِظْهَار عَامل الظّرْف شَرِيعَة مَنْسُوخَة.
الْمَحْذُوف الْمَنوِي كالملفوظ بِهِ.
الِاسْم الْحَامِل للجنسية والوحدة قد يقْصد بِهِ إِلَى الْجِنْس.
النِّسْبَة دَاخِلَة فِي مَدْلُول الْفِعْل وَحده وَإِن كَانَ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ أَعنِي الْفَاعِل خَارِجا.
الْجمع الَّذِي هُوَ مَدْلُول الْوَاو أَعم من الْمَعِيَّة.
الحكم على الشَّيْء بِشَيْء من مضمونات الْجمل.
مَا يقوم مقَام الْفَاعِل يجب أَن يكون مثله فِي إِفَادَة مَا لم يفده الْفِعْل.
فرق بَين مَاض قصد بِاللَّفْظِ على الِاسْتِمْرَار وَبَين مَاض قصد فِي ضمن الِاسْتِمْرَار.
العاطف لَا يَتَخَلَّل بَين الشَّيْء ومقرّره.
الصِّلَة فِي الِاصْطِلَاح مَا هُوَ فِي موقع الْمَفْعُول(1/1059)
فرق بَين تمكن الْفَاعِل فِي الصّفة وَبَين تمكن الصّفة فِي الْفَاعِل.
اسْتِعْمَال الْحَقِيقَة وَالْمجَاز مَعًا لضَرُورَة التَّعْرِيف جَائِز.
الْمَاضِي الْوَاقِع فِي الْحَد يُرَاد بِهِ الِاسْتِمْرَار.
النكرَة المفردة فِي سِيَاق النَّفْي تدل على كل فَرد فَرد.
التكرير للتوكيد حسن شَائِع فِي كَلَام الْعَرَب.
الضمائر جامدة لَا رَائِحَة فِيهَا للسَّبَبِيَّة.
ذكر مَا يُنَاسب أحد الجائزين فِي مَوضِع لَا يدل على كَونه مُخْتَارًا فِي مَوضِع آخر.
فرق بَين مَا دون ذَلِك وَغير ذَلِك.
دلَالَة الْعَام من بَاب الْكُلية لَا من بَاب الْكل من حَيْثُ هُوَ كل.
الْأَسْمَاء لَا تكون ظروفاً إِلَّا مجَازًا.
إِذا دَار اللَّفْظ بَين كَونه مَنْقُولًا أَو غير مَنْقُول كَانَ الْحمل على عدم النَّقْل أولى.
اسْم الْفَاعِل إِذا أطلق كَانَ حَقِيقَة فِي الْحَال اتِّفَاقًا.
نعت الْمصدر قبل أَن يعْمل جَائِز.
حَقِيقَة التَّمَنِّي لَا تنَافِي تعلقه بالمستحيل، وَحَقِيقَة الترجي تنافيه.
الْمَاضِي فِي سِيَاق الشَّرْط مُسْتَقْبل فِي الْمَعْنى.
الِاسْتِثْنَاء بَيَان تَغْيِير، وَالتَّعْلِيق بَيَان تَبْدِيل.
سوِّغ الِابْتِدَاء بالنكرة، وُقُوعه فِي معرض التَّفْصِيل.
الْمُعَرّف بلام الْحَقِيقَة كالمعهود الذهْنِي.
أبدلوا التَّاء فِي الْوَقْف هَاء فرقا بَين تَأْنِيث الِاسْم وتأنيث الْفِعْل.
اللَّام فِي المشتقات بِمَعْنى الَّذِي وَلِهَذَا فسروا (الظَّالِمين) بالذين ظلمُوا.
الْمُعَرّف بِاللَّامِ من الجموع وأسمائها للْعُمُوم فِي الْأَفْرَاد قلت أَو كثرت.
الْوَاو قد لَا يكون للْجمع كَمَا إِذا حلف لَا يرتكب الزِّنَا وَأكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ يَحْنَث (بِفعل أَحدهمَا.
الْمُعْتَبر فِي عطف الْقِصَّة على الْقِصَّة أَن يكون كل مِنْهُمَا جملا مُتعَدِّدَة.
يجوز عطف الْإِنْشَاء على الْإِخْبَار) فِيمَا لَهُ مَحل من الْإِعْرَاب.
الْفَصْل بَين الْمُبْتَدَأ ومعموله بالْخبر مُمْتَنع عِنْد النُّحَاة.
كَون الشَّيْء مَعْطُوفًا على الشَّيْء فِي الظَّاهِر لَا يُنَافِي كَون ذَلِك الشَّيْء خَبرا عَن شَيْء آخر.
يلْزم من اسْتثِْنَاء الْمَجْمُوع اسْتثِْنَاء جَمِيع أَجْزَائِهِ.
الْمَحْذُوف لَيْسَ كالمذكور فِي عرف البلاغة.
الْمَنْسُوب إِلَى وَاحِد من الْجمع قد ينْسب إِلَى الْجمع: {قل آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل علينا} .
اللَّفْظ الْعَام قد يشْتَهر فِي بعض أَفْرَاده وَيكثر اسْتِعْمَاله فِيهِ.
الْمصدر مَدْلُوله الْحَدث، وَاسم الْمصدر مَدْلُوله لفظ دَال على الْحَدث.
الْمُفْرد يَشْمَل الوحدات بعبارته وَالْجمع لَيْسَ(1/1060)
كَذَلِك بل بِالدّلَالَةِ.
دلَالَة الْجُمْلَة الخبرية على النّسَب الذهنية وضعية لَا عقلية حَتَّى لَا يجوز التَّخَلُّف.
ترك العاطف فِي (حُلْو حامض) أولى من إِدْخَاله الَّذِي جوزه أَبُو عَليّ.
معرّف الشَّيْء مقدم فِي المعلومية على الْمُعَرّف.
الْمُعَلق على الشَّيْء بِكَلِمَة (إِن) عدم عِنْد عَدمه.
الْقَيْد فِي الْكَلَام إِنَّمَا يُنَافِي مَا يُقَابله.
اشتقاق الْفِعْل من الْأَعْيَان على خلاف الْقيَاس لَا سِيمَا فِي الثلاثي الْمُجَرّد فَإِنَّهُ فِي غَايَة الندرة.
التَّمْثِيل يثبت الْقَاعِدَة سَوَاء كَانَ مطابقاً للْوَاقِع أَو لَا بِخِلَاف الاستشهاد.
الإعمال فِي الْجُمْلَة أولى من الإهمال بِالْكُلِّيَّةِ.
دُخُول (كل) على مَا هُوَ مَظَنَّة الْمَوْضُوع يَقْتَضِي الحكم على أَفْرَاده.
الْمثنى نَص فِي مَدْلُوله فَلَا يجوز أَن يقْصد بِهِ بعضه.
الْفِعْل الْمَنْفِيّ لَا يتَعَدَّى إِلَى مَا قصد وُقُوعه عَلَيْهِ إِلَّا بأداة الِاسْتِثْنَاء.
الْجمع إِذا اطلق على مَا هُوَ أَزِيد من اثْنَيْنِ بِأَقَلّ من وَاحِد كَانَ مجَازًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} .
صِيغَة (أفعولة) إِنَّمَا تطلق على محقرات الْأُمُور وغرائبها.
الْعقل من جملَة مخصصات الْعُمُوم كَمَا فِي
قَوْله تَعَالَى: {الله خَالق كل شَيْء} .
مَا يَلِي أَدَاة الِاسْتِثْنَاء هُوَ الْمَقْصُور عَلَيْهِ قدم أَو أخر.
الضمائر يُقَام بَعْضهَا مقَام بعض وَيجْرِي بَينهَا المقارضة.
عمل الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ لَيْسَ إِلَّا الرّفْع.
الْحصْر إِذا لم يكن حَقِيقِيًّا كَانَ مُبَالغَة فِي كَمَاله ونقصان مَا عداهُ حَتَّى الْتحق بِالْعدمِ.
الْمُضَاف إِلَى الأعرف وَإِن كَانَ أنقص من الأعرف لكنه أعرف من الْمُعَرّف بِاللَّامِ.
الْفِعْل الْوَاحِد لَا يتعدّى علتين.
الْأَعْلَام مَحْفُوظَة على التَّصَرُّف بِقدر الْإِمْكَان.
الاعلال الْمُتَعَلّق بجوهر الْكَلِمَة مقدم على منع الصّرْف الَّذِي هُوَ من أَحْوَال الْكَلِمَة بعد تَمامهَا.
اسْتِعْمَال (مِن) للبدل كثير نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} .
(لَو) الَّتِي لِلتَّمَنِّي لَا تخْتَص بالماضي.
عُمُوم الْجمع الْمُعَرّف ظَاهر ظَنِّي لَا نَص قَطْعِيّ.
اسْتِعْمَال الْجُمْلَة الاسمية فِي الإنشائية أقل من الْقَلِيل.
لَا منع من إجتماع الْوَاو مَعَ إِمَّا.
الشَّيْء لَا يُعلل بِنَفسِهِ وبنوعه.
يتَضَمَّن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ صِيغَة عُمُوم باعتبارها يَصح الِاسْتِثْنَاء.
جمع الْمَفْعُول على مفاعيل مَقْصُور على السماع.(1/1061)
إِيرَاد اللَّفْظ الْمُشْتَرك من غير قرينَة صارفة إِلَى المُرَاد لَا يجوز فِي التعريفات.
اسْم الْفَاعِل يكون مَنْصُوبًا على الحالية كَمَا صرّح بِهِ فِي " الْمفصل ".
حق المترادفين صِحَة حُلُول كل مِنْهُمَا مَحل الآخر.
الاعراب التقديري هُوَ فِي موضِعين فِيمَا تعذر واستثقل.
الاخبار فِي مَوضِع الدُّعَاء إنْشَاء.
الشَّيْء لَا يلابس الشَّيْء الَّذِي وَقع ذكره قبل حُدُوثه بعد.
الِاسْتِعْمَال الْغَالِب قرينَة الْوَضع.
التَّفَاوُت فِي بعض مُفْرَدَات الْكَلَام يُوجب التَّفَاوُت فِي نفس ذَلِك الْكَلَام.
الاعلام المتضمنة لنَوْع وَصفِيَّة مُلْحقَة بأسماء الْأَجْنَاس لَا بالأوصاف.
الامثال يستجاز فِيهَا مَا يستجاز فِي الشّعْر لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَهَا.
لَام التَّعْرِيف فِي مَوْضُوع الحملية بِمَنْزِلَة السُّور كالكل وَالْبَعْض.
الِانْتِقَال فِي الْمجَاز دَائِما من الْمَلْزُوم إِلَى اللَّازِم وَفِي الْكِنَايَة بِالْعَكْسِ.
عدم الْبَيَان فِي مَحل الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ بَيَان للعدم.
(كِلا) حَالَة الجرّ وَالْإِضَافَة إِلَى الْمظهر بِالْألف، وَالصَّوَاب أَن تكْتب بِالْيَاءِ. نَص عَلَيْهِ ابْن درسْتوَيْه.
مَبْنِيّ الِالْتِفَات على مُلَاحظَة إتحاد الْمَعْنى، ومبنيّ التَّجْرِيد على التغاير إدعاء فَلَا يتَصَوَّر
اجْتِمَاعهمَا.
الشَّيْء إِذا كَانَ فِي الأَصْل اسْما لَا يصير بعد دُخُول اللَّام فِيهِ صفة.
الْأَعْلَام الْغَالِبَة كَثِيرَة فِي الْأَشْخَاص قَليلَة جدا فِي الْأَجْنَاس.
مُتَعَلق معنى الْحَرْف مَا يرجع إِلَيْهِ بِنَوْع استلزام.
قد أطبقوا على أَن وَجه الشّبَه فِي التَّمْثِيل لَا يكون إِلَّا مركبا.
إِثْبَات جنس صفة الْكَمَال لذات فِي مقَام الْمَدْح أَو جنس صفة النُّقْصَان لَهَا فِي مقَام الذّم يُفِيد بِحَسب الذَّوْق وَالْعرْف الْقصر.
الْجمع بَين ضميري الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لَا يَصح فِي غير أَفعَال الْقُلُوب.
قد يَكْتَفِي فِي بدل الاشتمال بالاتصال الْمَعْنَوِيّ.
يجوز دُخُول العاطف مُطلقًا بَين المتغايرين مفهوماً المتحدين ذاتا.
إِضَافَة الصّفة على وَجه الْبَيَان من صور الِاعْتِمَاد.
لَا يجوز إِبْدَال الْأَكْثَر من الْأَقَل وَجَاز (نظرت إِلَى الْقَمَر فَلكِه) بِنَاء على أَن الْقَمَر جُزْء من الْفلك، وَمثل ذَلِك دَاخل فِي بدل الاشتمال.
التَّعْبِير بالماضي عَن الْمُسْتَقْبل يعد من بَاب الِاسْتِعَارَة.
الْمُعَرّف بلام الْعَهْد قد يجوز أَن يُفِيد قصر الافراد فَإِنَّهُ يتَصَوَّر فِيهِ التَّعَدُّد.
ثُبُوت الْجِنْس لشخص فِي فَرد لَا يُنَافِي ثُبُوته(1/1062)
لشخص آخر فِي ضمن فَرد آخر.
يمْتَنع تَعْلِيق الطّلب الْحَاصِل فِي الْحَال على حُصُول مَا لم يحصل فِي الِاسْتِقْبَال.
تَعْرِيف الْمَاضِي يسْتَلْزم أَن يكون للزمان زمَان، وَقد ذكر النُّحَاة أَنه لَا يُقَال (اليومَ الأحدَ) بِالنّصب لاستلزامه أَن يكون للزمان زمَان.
أفعل التَّفْضِيل المجرّد عَن من التفضيلية منصرف بعد التنكير بالِاتِّفَاقِ.
الْأَعْلَام الْمُشْتَملَة على الاسناد من قبيل المبنيات.
معنى الرّفْع الْمحلي هُوَ أَن الِاسْم فِي مَحل لَو كَانَ ثمَّة مُعرب لَكَانَ مَرْفُوعا لفظا أَو تَقْديرا.
الْإِسْنَاد إِلَى ضمير شَيْء إِسْنَاد إِلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة.
التَّنَازُع يجْرِي فِي غير الْفِعْل أَيْضا نَحْو: زيد معط ومكرم عمرا.
الِاسْم الْمَوْصُوف باسم الْمَوْصُول فِي حكم الِاسْم الْمَوْصُول.
مفعول مَا لم يسم فَاعله فِي حكم الْفَاعِل.
مَا هُوَ المشمول أَعم تحققاً من الاشمل.
النكرَة المقررة فِي سِيَاق النَّفْي تدل على كل فَرد إِمَّا شخصي أَو نَوْعي.
اللَّفْظ إِذا كَانَ قَطْعِيا فِي معنى وَجب أَن يحمل عَلَيْهِ الظَّاهِر الْمُحْتَمل لَهُ وَلغيره لَا سِيمَا فِي الرِّوَايَات.
الاصوليون جعلُوا الْعَام الْمَخْصُوص بِالْقَرِينَةِ مجَازًا لَا حَقِيقَة.
جَازَ الْبَدَل من الْبَدَل، وَكَذَا إِيرَاد بدلين من
شَيْء وَاحِد، وَكَذَا إِبْدَال الفعلية من الاسمية.
إِذا اقترنت كَانَ وَأَخَوَاتهَا بِحرف مصدري لَا يجوز أَن يتَقَدَّم الْخَبَر كَقَوْلِك: (أُرِيد أَن تكون فَاضلا) .
لَا يبْنى للْمَفْعُول من غير وَاسِطَة حرف الْجَرّ إِلَّا الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وغيض المَاء} .
قد يُؤَكد الحكم الْمُسلم لصدق الرَّغْبَة فِيهِ والرواج كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} إِذْ لَا مجَال فِيهِ لتوهم الْإِنْكَار والتردد.
قَالَ الْحَنَفِيَّة: الْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ مجَاز عَن الْجِنْس فَهُوَ بِمَنْزِلَة النكرَة تخص فِي الْإِثْبَات.
لَا فرق بَين جمع الْقلَّة وَالْكَثْرَة فِي الأقارير وَغَيرهَا عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء.
الْمُضَارع مُطلقًا صَالح للاستقبال وَالْحَال حَقِيقَة لَكِن الْحَال أولى كَمَا أَن الْوُجُود مُشْتَرك بَين الْخَارِجِي والذهني مَعَ أَن الْخَارِجِي أولى وَأشيع.
الْمُطلق يجْرِي على إِطْلَاقه إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل التَّقْيِيد، والقيد يكون تَارَة نصا وَتارَة يكون دلَالَة.
ذكره العتابي.
لَا يلْزم من وصف شخص بالمشتق كالكاسر مثلا لاتصافه بمأخذ الِاشْتِقَاق كالكسر لَا بآثاره كالانكسار.
جَازَ (الزيدان ضربا العمرين) وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا ضرب وَاحِدًا مِنْهُمَا.
الْهمزَة يَليهَا المسؤول عَنهُ سَوَاء كَانَ ذاتاً أَو غَيره.
التَّخْصِيص بِقَيْد كالصفة وَالشّرط وَنَحْوهمَا فِي(1/1063)
الْآيَة والْحَدِيث لَا يُوجب نفي الحكم عَمَّا عداهُ عِنْد الْحَنَفِيَّة، وَإِن اعْتبر ذَلِك فِي الرِّوَايَات اتِّفَاقًا.
أَمْثِلَة الْمُبَالغَة تطّرد من الثلاثي دون الرباعي فَإِنَّهُ لم يجىء مِنْهُ إِلَّا قَلِيل.
لم يجوزوا تَقْدِيم مَعْمُول الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف إِلَّا فِيمَا إِذا كَانَ الْمُضَاف لَفْظَة غير.
إِذا ذكر الْوَصْف لاسم الْعلم لم يكن الْمَقْصُود من ذكر الْوَصْف التَّمْيِيز بل تَعْرِيف كَون ذَلِك الْمُسَمّى مَوْصُوفا بِتِلْكَ الصّفة.
يتَصَوَّر الْجمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات فِي زمانين فِي مَحل وَاحِد، وَفِي محلين فِي زمَان وَاحِد.
انْتِفَاء السَّبَب لَا يدل على انْتِفَاء الْمُسَبّب لجَوَاز أَن يكون للشَّيْء أَسبَاب وَأما انْتِفَاء الْمُسَبّب فَإِنَّهُ يدل على انْتِفَاء جَمِيع أَسبَابه.
السَّبَب إِنَّمَا يقوم مقَام الْمُسَبّب إِذا اشتهرت سببيته عَن ذَلِك الْمُسَبّب.
التَّعْبِير عَن الشَّيْء بِمَا لَا يدل على تَعْيِينه ومعلوميته لَا يسْتَلْزم كَونه غير معِين وَغير مَعْلُوم.
الْعَام مَا بَقِي عَاما لَا يتَصَوَّر مِنْهُ الِانْتِقَال إِلَى خَاص معِين.
الْمَشْهُور أَن (مَا) فِي (أما بعد) لتفصيل الْمُجْمل مَعَ التَّأْكِيد وَلَيْسَ كَذَلِك بل لمُجَرّد التَّأْكِيد.
فِي مثل النَّجْم والثريا والصعق وَابْن عَبَّاس تَبْدِيل تَعْرِيف بتعريف لَا تَعْرِيف المعرّف.
أنْ المخففة للتحقيق فتناسب الْعلم بِخِلَاف الناصبة فَإِنَّهَا للرجاء والطمع فَلَا تناسبه.
وضع اللَّفْظ لشَيْء يمْنَع من اسْتِعْمَاله فِي غَيره إِلَّا أَن يكون بطرِيق التَّجَوُّز.
التَّضْمِين وَاجِب فِي الْجعل دون الْخلق وتضمين النَّقْل مَخْصُوص بِهِ والإنشاء مُشْتَرك.
ذكر الْوَصْف فِي الاثبات يَقْتَضِي النَّفْي عَن غير الْمَذْكُور وَفِي النَّفْي يَقْتَضِي الْإِثْبَات لِئَلَّا يَلْغُو ذكره.
اسْتثِْنَاء نقيض الْمُقدم لَا ينْتج نقيض التَّالِي عِنْد أهل الْمِيزَان وينتجه عِنْد أهل اللُّغَة.
يجب حذف الْفِعْل بعد (لَو) فِي مثل: {وَلَو أَنهم قَالُوا} لدلَالَة (أَن) عَلَيْهِ ووقوعه موقعه.
تَنْوِين الْجمع تَنْوِين الْمُقَابلَة لَا تَنْوِين التَّمَكُّن وَلذَلِك يجمع مَعَ اللَّام.
مَعْمُول الصّفة لَا يتَقَدَّم الْمَوْصُوف.
(كَانَ) لَا يحذف مَعَ اسْمه إِلَّا فِيمَا لَا بدّ مِنْهُ.
مُتَعَلق الْمصدر كالصلة لَهُ فَلَا يُوصف مَا لم يتم بِهِ.
لَا يقدم الْعَطف على الْمَوْصُول على الْعَطف على الصِّلَة.
ظرف الزَّمَان لَا يكون صفة الجثة وَلَا حَالا مِنْهَا وَلَا خَبرا عَنْهَا.
الشَّرْط إِذا كَانَ بِلَفْظ الْمَاضِي حسن حذف الْفَاء مِنْهُ.
مَا كَانَ فِي معنى الشَّيْء يكون غير ذَلِك الشَّيْء.(1/1064)
أحسن الْجَواب مَا اشتق من السُّؤَال.
الْفِعْل وَمَا جرى مجْرَاه إِذا قدم على فَاعله الظَّاهِر يفرد وَيذكر.
تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يُفِيد الْحصْر.
الْمُعَرّف بلام الْعَهْد بِمَنْزِلَة تكْرَار الْعلم.
الِاسْتِئْنَاف قد يكون بِالْوَاو.
إِضَافَة اسْم الْفَاعِل إِلَى ظرفه قد تكون بِمَعْنى اللَّام.
الصّفة المشبهة لَا تشتق من الْمُتَعَدِّي.
أَي تعم بإلحاق الصّفة المعنوية بهَا.
الْكِنَايَة أبلغ من الصَّرِيح لتضمنها إِثْبَات الشَّيْء بِدَلِيل.
أَسمَاء الْأَعْلَام قَائِمَة مقَام الْإِشَارَة.
الجموع قد يسْتَغْنى بِبَعْضِهَا عَن بعض.
الاثبات إِذا كَانَ بعد النَّفْي يكون أبلغ.
جَازَ اجْتِمَاع معرفتين إِذا كَانَ فِي أَحدهمَا مَا فِي الآخر وَزِيَادَة.
الْمَحْذُوف قِيَاسا كالمثبت.
العوامل اللفظية تجْرِي مجْرى المؤثرات الْحَقِيقِيَّة.
مَا جهل أمره يذكر بِلَفْظ (مَا) لَا ب (من) إِلَّا أَن يقْصد التغليب.
الْمُضَارع الْمَنْفِيّ بِلَا كالمثبت فِي عدم دُخُول الْوَاو عَلَيْهِ.
رُبمَا تتْرك الْقُيُود فِي التعريفات بِنَاء على ظُهُورهَا.
إِنْكَار النَّفْي يُحَقّق الْإِثْبَات.
نفي النَّفْي اسْتِمْرَار الثُّبُوت.
كَثْرَة الدوران لَا تدل على الرجحان.
خُصُوص السَّبَب لَا يُوجب التَّخْصِيص.
الْمَادَّة الْوَاحِدَة يكفيها قرينَة وَاحِدَة.
اسْتِعْمَال بعض الْأَلْفَاظ بِمَعْنى بعض لَا يُوجب اتحادها فِي الْمَعْنى.
ذكر الْخَاص مَعَ الْعَام فِي تَفْسِير الْعَام مِمَّا لَا يَصح أَو لَا يحسن.
النَّفْي يخرج النكرَة من حيّز الْإِبْهَام إِلَى حيّز الْعُمُوم.
المنتصب على الْمَفْعُول لَهُ لَا يكون إِلَّا مصدرا كقمت إجلالاً لَهُ.
دلَالَة التَّقْدِيم على الْقصر بالفحوى لَا بِالْوَضْعِ.
الاضافة لَا تَسْتَلْزِم تشخص للمضاف.
نفي الْقَيْد نفي مُقَيّد بِالْإِضَافَة.
تَقْيِيد النَّفْي نفي مُقَيّد بالتوصيف. الِاخْتِصَاص الْمُسْتَفَاد من اللَّام لَيْسَ هُوَ الْحصْر.
التأسيس أولى من التَّأْكِيد لِأَن الإفادة خير من الْإِعَادَة.
وضع الْحُرُوف غَالِبا لتغيير الْمَعْنى لَا اللَّفْظ.
ألحق جَوَاز التَّعْرِيف بالمجاز الشهير بِحَيْثُ لَا يتَبَادَر غَيره.
حمل الْكَلَام على أَعم المحلين أولى لِأَنَّهُ أَعم فَائِدَة.
شَرط التَّعْلِيق عدم ذكر شَيْء من مفعوليه قبل الْجُمْلَة.
التَّنْوِين قد يكون على الْجوَار كالجر.
شَرط الدَّلِيل اللَّفْظِيّ أَن يكون طبق(1/1065)
الْمَحْذُوف.
لَا منع من اجْتِمَاع التعريفين بل الْمَمْنُوع إجتماع أداتهما.
وضع الْأَعْلَام للذوات أَكثر من وَضعهَا للمعاني.
يَكْفِي فِي عود الشي إِلَى حكم الأَصْل أدنى سَبَب.
دَرَجَة مُؤثر لَا يتأثر أقوى من دَرَجَة مُؤثر يتأثر.
اقْتِضَاء الْحَرْف للجر أقوى من اقْتِضَاء الْإِضَافَة لَهُ.
الإنشاءات فِي الْأَغْلَب من مَعَاني الْحُرُوف.
تَخْصِيص الْعدَد بِالذكر لَا يدل على نفي الزَّائِد.
اتِّصَال الضَّمِير الْمَجْرُور بجاره أَشد وَأقوى من اتِّصَال الْفَاعِل بِفِعْلِهِ.
الْوَصْف السببي دَاخل فِي الْوَصْف الحالي وراجع إِلَيْهِ فِي التَّحْقِيق.
الْمَمْنُوع من غير المنصرف تَنْوِين التَّمَكُّن.
لَا يحسن تَفْسِير الْقَاصِر بالمتعدي.
الْأَسْمَاء المشتقة كالجماعة المتصاحبة من النَّاس.
أَدَاة الشَّرْط تسْتَعْمل فِي الْمُحَقق والمقدّر.
الْعُدُول عَن التَّصْرِيح بَاب من البلاغة وَإِن أورث تَطْوِيلًا.
مُطَابقَة الْمِثَال للمثل غير لَازِمَة.
حمل (ثمَّ) على التَّرَاخِي فِي الرُّتْبَة خلاف الظَّاهِر.
الْقَيْد الْمُقدم ذكرا قد يعْتَبر مُؤَخرا.
معنى العلاقة بَين الشَّيْئَيْنِ وقوعاً لَا يسْتَلْزم العلاقة بَينهمَا إمكاناً وَلَا امتناعاً.
إِذا دخل الْجمع لَام التَّعْرِيف يكون نَعته مذكراً {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} .
الْمُسْتَدْرك صَحِيح غَايَته غير مُهِمّ فِي الْمقَام.
صِفَات الذَّم إِذا نفيت على سَبِيل الْمُبَالغَة لم ينف أَصْلهَا.
الْحق أَن التَّعْرِيف بالمعاني المفردة جَائِز.
ينفى عَن النَّاقِص شبهه بالكامل لَا الْعَكْس وَهُوَ الْمَشْهُور {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} .
الِاتِّحَاد أقوى دلَالَة على الِاخْتِصَاص من دلَالَة طرف الِاخْتِصَاص عَلَيْهِ.
مَا يكون فِي أحد الشَّيْئَيْنِ يصدق أَنه فيهمَا فِي الْجُمْلَة {وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة} .
اسْتِعَارَة أحد الضدين للْآخر استهزاء.
مُجَرّد الْجَوَاز الْعقلِيّ لَا يَكْفِي فِي نقض التعريفات.
إجتماع المعرفات على معرف وَاحِد جَائِز اتِّفَاقًا.
اسْم الْجمع جمع فِي معنى.
التَّثْنِيَة من مَرَاتِب الْجمع.
التَّقَدُّم فِي التعقل لَا يسْتَلْزم التَّقَدُّم فِي التَّلَفُّظ.
قد يتَحَمَّل فِي التبع مَا لَا يتَحَمَّل فِي الأَصْل.
التَّرْتِيب فِي الذّكر لَا يدل على التَّرْتِيب فِي الْوُجُود.
المتضمن معنى الشَّيْء لَا يلْزم أَن يجْرِي مجْرَاه(1/1066)
فِي كل شَيْء.
الْأَعْيَان تخْتَلف أساميها باخْتلَاف صورها ومعانيها.
لَا يلْزم من ترَتّب الحكم على الْمُحَقق ترتبه على مَا قدر تحَققه.
الضَّعِيف المضمحل الْأَثر ينزل منزلَة الْمَعْدُوم.
مُوَافقَة الحكم للدليل لَا تَقْتَضِي أَن يكون مستفاداً مِنْهُ.
الشَّيْء إِذا ثَبت بلوازمه.
الْعبْرَة للمعاني دون الصُّور والمباني.
الْحَقِيقَة إِذا تَعَذَّرَتْ تحمل على أقرب المجازات مِنْهَا.
مَا أَفَادَهُ الْآيَة وَلَو بِالدّلَالَةِ أقوى مِمَّا أَفَادَهُ خبر الْوَاحِد وَلَو بِالْإِشَارَةِ.
الْمجَاز أبلغ من الْحَقِيقَة إِذا صدر عَن البليغ.
الضَّمِير الْمُتَّصِل كالبعض مِمَّا قبله.
إِعَادَة الْمَعْنى بصياغات مُتعَدِّدَة لَا يعدّ تَكْرَارا وَلَا عيب فِيهِ.
النكرَة إِذا كَانَت بَدَلا من الْمعرفَة فَلَا بُد أَن تتصف بِصفة.
وجوب تَأَخّر التَّأْكِيد إِنَّمَا هُوَ فِي التأكيدات الاصطلاحية لَا اللُّغَوِيَّة.
الدَّلِيل كَمَا يتركب من الحمليات وَالْمُوجِبَات يتركب أَيْضا من الشرطيات والسوالب.
القَوْل اللَّازِم يُسمى مَطْلُوبا إِن سيق مِنْهُ إِلَى الْقيَاس ونتيجة إِن سيق من الْقيَاس إِلَيْهِ.
تطابق الدَّلِيل على المدّعى وَاجِب عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء.
إِثْبَات مَوْضُوع الْعلم خَارج عَن الْعلم وَأما إِثْبَات مَوْضُوع المسئلة فخارج عَنْهَا وَرُبمَا دخل فِي الْعلم لجَوَاز أَن يكون بعض من مسَائِل الْعلم مبادئ لبَعض آخر.
تَفْسِير الْخصم الشَّيْء على مُقْتَضى مذْهبه لَا يكون حجَّة على مخالفه.
إِذا قَامَ الدَّلِيل على شَيْء كَانَ فِي حكم الملفوظ بِهِ.
كَثْرَة الِاسْتِعْمَال يجوز مَعَه مَا لَا يجوز مَعَ غَيره.
الشَّيْء إِذا شابه الشَّيْء فَلَا يكَاد يُشبههُ من جَمِيع وجوهه.
تَصْدِيق الْمَذْكُور يَقْتَضِي تَكْذِيب غَيره وَبِالْعَكْسِ.
الإعمال بالدليلين أولى من الإعمال بِأَحَدِهِمَا.
الْحَاجة إِلَى الدّلَالَة فِيمَا يشْتَبه فِيهِ الْحَال.
التعريفات لَا تقبل الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهَا من قبيل التصورات، وَالِاسْتِدْلَال إِنَّمَا يكون فِي التصديقات.
التَّفْسِير والتعريف كَمَا يكون بِالْأَمر الدَّاخِلَة يكون بالأمور الْخَارِجَة اللَّازِمَة أَيْضا، وَأخذ جَمِيع اللوازم الْخَارِجَة غير لَازم وَأخذ بَعْضهَا دون بعض لَيْسَ بتحكم وَإِنَّمَا التحكم بِأَن أَخذ بَعْضهَا فِيهِ جَائِز دون بعض.
بَقَاء الحكم لَا يكون إِلَّا بِبَقَاء السَّبَب الْمُوجب لَهُ.
الْجَواب بتغيير الأسلوب لَيْسَ بِجَوَاب بل تَسْلِيم للسؤال.(1/1067)
دأب ارباب الْعُلُوم الظنية تَخْصِيص قواعدهم بموانع تمنع اطرادها. وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَقِيم فِي الْعُلُوم اليقينية.
الْكَلَام على سَبِيل التَّنْزِيل إِنَّمَا يُنَاسب مقَام المباحثة والجدل دون مقَام المناظرة والتعريف.
إعتبار قيد لَا يَقْتَضِيهِ الْمقَام يعد مثله عِنْد البلغاء هجنة فِي الْكَلَام.
لَا يحسن فِي الْعُلُوم اليقينية إِيرَاد الْإِشْكَال والاعتراض مَعَ الاعراض عَن حلهَا لِأَن ذَلِك تهاون فِي أَمر الِاعْتِقَاد فَلَا يَلِيق إِلَّا بطرِيق الارشاد كَمَا لَا يستحسن إِيرَاد برهَان المغالطين وَدَلَائِل الفلسفة بِلَا إِيرَاد إِشْكَال عَلَيْهَا لِأَن ذَلِك إخلال فِي تَحْقِيق الْحق وَتَعْيِين الصَّوَاب.
حَقِيقَة الْأَمر فِي حَقِيقَة الْأَمر الِاعْتِمَاد على صَاحب الشَّرْع.
تَعْلِيل الحكم الظَّاهِر بِالْمَعْنَى الظَّاهِر أولى من تَعْلِيله بِالصّفةِ الْخفية.
جَوَاز تَعْلِيل الْمَعْلُول الْوَاحِد بعلتين، إِنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، وَفِي الْعِلَل الشَّرْعِيَّة يُعلل بعلل شَتَّى.
الْفُقَهَاء قد يفرضون مَالا وُقُوع لَهُ فِي الممكنات دون الممتنعات بِالذَّاتِ.
الترجيحات اللُّغَوِيَّة لَا تفِيد إِلَّا الظَّن.
حق الدَّلِيل أَن يكون أوضح من الْمَدْلُول.
مَا لَا يُطَابق الِاعْتِقَاد كَاذِب سَوَاء كَانَ هُنَاكَ إعتقاد أَو لَا.
الِاسْتِعْمَال الْغَالِب يسْتَدلّ بِهِ على الْوَضع والأصالة إِذا لم يكن ثمَّة معَارض.
الْأَحْكَام اللُّغَوِيَّة لَا يُمكن إِثْبَاتهَا بِمُجَرَّد المناسبات الْعَقْلِيَّة القياسية بل لَا بدّ من أَن تكون مُعْتَبرَة فِي الاستعمالات اللُّغَوِيَّة.
إتقان الرِّوَايَة لَا يسْتَلْزم إتقان الدِّرَايَة، وَالْقَوْل لَا يعادل الدِّرَايَة.
التيقن بِوُجُوب الْعَمَل بِالظَّنِّ إِنَّمَا يحصل فِي حق الْمُجْتَهد دون غَيره.
الْمَسْأَلَة الْمُخْتَلف فِيهَا لَا تصح أَن تكون مبْنى لأمر مُتَّفق عَلَيْهِ.
الدَّلِيل الْمُشْتَمل على المصادرة على الْمَطْلُوب من القياسات المغالطية الَّتِي مغالطتها من جِهَة التَّأْلِيف لَا من جِهَة الْمَادَّة.
التَّعَارُض آيَة الظنية وَعدم القطعية.
مَا خَالف الْقيَاس يقْتَصر على مورد السماع.
الْحق بعد ظُهُوره كل الظُّهُور أَحَق من غَيره وَإِن كَانَ ثَابتا.
تَقْدِيم الْقَاعِدَة على الْفُرُوع يَلِيق بِوَضْع أصُول الْفِقْه وَأما فِي الْفِقْه فالمقصود معرفَة الْمسَائِل الْجُزْئِيَّة فَيقدم فِيهِ الْفُرُوع ثمَّ يذكر مَا هُوَ الأَصْل الْجَامِع للفروع الْمُتَقَدّمَة.
لَا لوم فِي ذكر الْوُجُوه الضعيفة فِي ضمن الِاحْتِمَالَات.
الدّلَالَة المعنوية عبارَة عَن دلَالَة الْمَلْزُوم على اللَّازِم الضَّرُورِيّ أَو لَازمه الْغَالِب.
الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة على وفَاق الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة.
الْمِثَال الْوَاحِد لَا يَكْفِي فِي إِثْبَات الحكم الْعَام.
الْأَكْثَر لَهُ حكم الْكل فِيمَا لم يرد النَّص بِخِلَافِهِ.(1/1068)
الْقيَاس الْعقلِيّ لَا يَكْفِي فِي الْقَوَاعِد الْعَرَبيَّة.
إِثْبَات اللُّغَة بِالْقِيَاسِ غير جَائِز.
الْأَحْكَام علل مآلية والأسباب علل آلية.
الْقَضِيَّة الْعُرْفِيَّة يجوز اختلافها باخْتلَاف الْأَزْمِنَة.
لَا يُمكن اعْتِبَار الحيثيات الْعَقْلِيَّة فِي الْأُمُور الخارجية.
اعْتِقَاد الْمُقَلّد للشَّيْء على مَا هُوَ عَلَيْهِ مثل الْعلم بالِاتِّفَاقِ.
أهل الْعَرَبيَّة لَا الْتِفَات لَهُم إِلَى مَا يعتبره أهل الْمَعْقُول.
الدّلَالَة لَا تعْمل إِذا عارضها عبارَة.
الْعَام الْمَخْصُوص دون الْقيَاس الْمجمع عَلَيْهِ لَا يحْتَاج إِلَى دَلِيل لِأَن دَلِيله الْإِجْمَاع.
الحكم الَّذِي لَهُ مُسْتَند أقرب إِلَى الصَّوَاب من الحكم الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ ظَاهرا.
عدم ظُهُور الْخَطَأ يُوجب عدم الحكم بِالصَّوَابِ لِأَن الحكم بِهِ يسْتَند إِلَى أصل الْبَرَاءَة.
تَخْصِيص الْقَاعِدَة لَيْسَ من دأب المباحث الْعَقْلِيَّة.
ظواهر الظنيات لَا تعَارض العقليات.
الْمُتَوَاتر فِي طبقَة قد يكون آحاداً فِي غَيرهَا فَيكون من الْمُتَوَاتر الْمُخْتَلف فِيهِ.
إِلْحَاق الْقَلِيل بالكثير والفرد النَّادِر بالأعم
الْأَغْلَب طَرِيق من طرق الصَّوَاب.
الرَّاجِح من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي مَحل هُوَ الأول أَو الآخر لَا الْوسط كَمَا فِي آخر " الْمُسْتَصْفى ".
إِذا كَانَ بَين الدَّلِيلَيْنِ عُمُوم وخصوص من وَجه فَلِكُل مِنْهُمَا رُجْحَان.
إِيجَاد النظير بعد قيام الدَّلِيل إِنَّمَا هُوَ للأنس بِهِ لَا للْحَاجة إِلَيْهِ فَأَما إِن لم يقم دَلِيل فَإنَّك مُحْتَاج إِلَى النظير.
إِذا ثَبت الحكم لعِلَّة اطرد حكمهَا فِي الْموضع الَّذِي امْتنع فِيهِ وجود الْعلَّة نَظِيره العدّة عَن النِّكَاح وَمثل ذَلِك الرمَل فِي الطّواف. وَسبب ذَلِك أَن النُّفُوس تأنس بِثُبُوت الحكم فَلَا يَنْبَغِي أَن يَزُول ذَلِك الْأنس:
الْحَنَفِيَّة من أَئِمَّة الْأُصُول لَا يجْعَلُونَ الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَاتًا وَلَا دلَالَة فِي (مَا شَاعِر إِلَّا زيد) على شاعرية زيد وَلَا دلَالَة فِي (لَا إِلَه إِلَّا الله) على وجوده تَعَالَى وألوهيته إِلَّا بطرِيق الْإِشَارَة.
الِاسْتِعْمَال فِي غير الْمَوْضُوع لَهُ فرع لتحَقّق الْمَوْضُوع لَهُ كَمَا أَن الْإِسْنَاد إِلَى غير مَا هُوَ لَهُ فرع لتحَقّق مَا هُوَ لَهُ.
الْخلف قد يُفَارق الأَصْل عِنْد اخْتِلَاف الْحَال كالتيمم يُفَارق الْوضُوء فِي اشْتِرَاط النِّيَّة لاخْتِلَاف حَالهمَا وَهُوَ أَن المَاء مطهر بِنَفسِهِ وَالتُّرَاب ملوث.
الْبُرْهَان الْقَاطِع لَا يدْرَأ بالظواهر بل يُسَلط على(1/1069)
تَأْوِيل الظَّوَاهِر كَمَا فِي ظواهر التَّشْبِيه فِي حق وَاجِب الْوُجُود.
عدم التَّصْرِيح لَا ينْحَصر بِعَدَمِ القَوْل بل يُوجد بالْقَوْل بِخِلَافِهِ.
التَّمَسُّك بالاجماع فِي العقليات يكون عِنْد الضَّرُورَة.
الْعَمَل بِالْعلمِ الْغَالِب وَالظَّن الرَّاجِح وَاجِب عقلا وَشرعا وَإِن بَقِي فِيهِ ضرب احْتِمَال.
الْمَسْأَلَة الاعتقادية لَا يقبل فِيهَا أَخْبَار الْآحَاد.
ظن الْمُجْتَهد إِنَّمَا يعْتَبر فِي الاستنباط مِمَّا لَا يُمكن فِيهِ الْقطع من الْكتاب وَالسّنة بعد الِاجْتِهَاد والتأمل.
اسْتِعْمَال الشَّافِعِيَّة الِاعْتِقَاد فِي الظَّن الْغَالِب خلاف المصطلح عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ الْجَازِم لدَلِيل.
لَا حَاجَة فِي الْإِلْزَام للْغَيْر إِلَى التَّصْدِيق فَإِن الْحَنَفِيّ يلْزم الْحَنَفِيّ الآخر من قبل الشَّافِعِي.
الظَّن لَا اعْتِبَار لَهُ فِي المعارف الْحَقِيقِيَّة وَإِنَّمَا الْعبْرَة فِي العمليات وَمَا يكون وصلَة إِلَيْهَا.
وَلَا يجوز التَّمَسُّك بالأدلة النقلية فِي الْمسَائِل الْعَقْلِيَّة وَإِنَّمَا يتَمَسَّك بهَا فِي الْمسَائِل النقلية تَارَة لإِفَادَة الْيَقِين كَمَا فِي مَسْأَلَة حجية الْإِجْمَاع وَخبر الْآحَاد وَأُخْرَى لإِفَادَة الظَّن كَمَا فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية.
الدَّلِيل النقلي يُفِيد الْيَقِين فِي الاعتقاديات المدركة بالعقول عِنْد توارد الْأَدِلَّة على معنى وَاحِد بعبارات وطرق مُتعَدِّدَة وقرائن منضمة.
يَكْتَفِي فِي الظنيات بالإقناعيات والتنبيهات وَالْأَخْذ بِالْأولَى أَو الأجلى والأخلق وَالْأَظْهَر فِي الْفَهم والأسبق والأنسب بالمشاركات والأليق.
القَوْل بترجح الظَّوَاهِر النقلية على القواطع الْعَقْلِيَّة محَال لِأَن النَّقْل فرع على الْعقل فالقدح فِي الأَصْل لتصحيح الْفَرْع يُوجب الْقدح فِي الْفَرْع وَالْأَصْل مَعًا وَهُوَ بَاطِل، لَكِن هَذَا فِيمَا إِذا كَانَ النَّقْل ظَنِّي الثُّبُوت أَو الدّلَالَة أَو كَانَ النَّقْل مِمَّا يبلغهُ طور الْعقل وَإِلَّا فالعقل مَعْقُول وَالشَّرْع مُتبع مَنْقُول.
إِذا تعَارض الْعقل وَالنَّقْل فِي مَطْلُوب فَيتبع الْعقل ويتتبع المخلص فِي الْمَنْقُول ليُوَافق بِهِ الْمَعْقُول إِن أمكن وَإِلَّا يعدّ الْمَنْقُول من قبيل المتشابهات هَذَا فِي الْمَطْلُوب الاعتقادي، وَأما فِي الْمَطْلُوب العملي فَإِن كَانَ التَّعَارُض بَين الْقيَاس وَمتْن الحَدِيث فيرجح الْقيَاس إِن كَانَ الحَدِيث خبر الْوَاحِد، ويرجح الحَدِيث إِن كَانَ متواتراً إِلَى غير ذَلِك من التفاصيل.
البليغ يفهم من مساق الْكَلَام مَا يَقْتَضِيهِ الْمقَام لَا سِيمَا فِي المقاولات.
الدَّائِم الْغَيْر الْمُنْقَطع أولى من الآجل الْمُنْقَطع.
[لَا معنى لتشبيه الْمركب بالمركب إِلَّا أَن ينتزع كَيْفيَّة من أُمُور عدَّة فَشبه بكيفية أُخْرَى مثلهَا فَيَقَع فِي كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ أُمُور مُتعَدِّدَة، فَالْقَوْل بِأَن انتزاع كل من الطَّرفَيْنِ من عدَّة أُمُور لَا يُوجب تركيبه، بل يَقْتَضِي تعدداً فِي مآخذه مَرْدُود، فَإِن(1/1070)
الْمُشبه مثلا إِذا كَانَ منتزعاً من أَشْيَاء مُتعَدِّدَة فإمَّا أَن ينتزع بِتَمَامِهِ من كل وَاحِد مِنْهَا، وَهُوَ بَاطِل، فَإِنَّهُ إِذا أَخذ كَذَلِك من وَاحِد مِنْهَا كَانَ أَخذه مرّة ثَانِيَة من وَاحِد آخر لَغوا بل تحصيلاً للحاصل، وَإِمَّا أَن ينتزع من كل وَاحِد مِنْهَا بعض مِنْهُ فَيكون مركبا بِالضَّرُورَةِ، وَإِمَّا أَن لَا يكون هُنَاكَ لَا هَذَا وَلَا ذَاك، وَهُوَ أَيْضا بَاطِل، إِذْ لَا معنى حِينَئِذٍ لانتزاعه من تِلْكَ الْأُمُور المتعددة.
الْمُتَعَارف فِي جَوَاب (لما) الْفِعْل الْمَاضِي لفظا أَو معنى بِدُونِ الْفَاء، وَقد تدخل الْفَاء على قلَّة لما فِي (لما) من معنى الشَّرْط، وَعَلِيهِ ورد بعض الْأَحَادِيث. وَفِي شرح " اللّبَاب " للمشهدي: جَوَاب (لما) فعل مَاض أَو جملَة اسمية مَعَ (إِذا) المفاجأة أَو مَعَ الْفَاء، وَرُبمَا كَانَ مَاضِيا مَقْرُونا بِالْفَاءِ، وَيكون مضارعاً.
عِلّة تَخْصِيص الِابْتِدَاء بالمتحرك هِيَ أَن الِابْتِدَاء للْكَلَام كالأس للْبِنَاء، فَكَمَا أَن الْبناء الخارق لَا يبْنى إِلَّا على أساس متين كَذَلِك من أَرَادَ إحكام كَلَامه لَا يَبْنِي إِلَّا على متحرك مُتَقَوّم بحركة الوجودية دون السَّاكِن الَّذِي تطرق إِلَيْهِ الضعْف بسكونه العدمي، وَالْوَقْف على السَّاكِن لكَونه ضد الِابْتِدَاء فَجعل عَلامَة ضد الْعَلامَة.
القَوْل بِأَن مَا فِي حيّز النَّفْي لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ لَيْسَ إطلاقاً بل ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي النَّفْي بِمَا وَإِن فَإِنَّهُمَا لدخولهما على الْفِعْل وَالِاسْم أشبها الِاسْتِفْهَام فطلبا صدر الْكَلَام بِخِلَاف لم وَلنْ فَإِنَّهُمَا اختصا بِالْفِعْلِ وَعَملا فِيهِ وصارا كالجزء مِنْهُ فَجَاز (زيدا لم أضْرب أَو لن أضْرب) وَأما (لَا) فَإِنَّهَا مَعَ
دُخُولهَا على القبيلتين جَازَ التَّقْدِيم مَعهَا لِأَنَّهَا حرف متصرف فِيهِ حَيْثُ أعمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا كَمَا فِي (أُرِيد أَن لَا تخرج) و (جِئْت بِلَا طائل) فَجَاز أَيْضا أَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَعْمُول مَا بعْدهَا بِخِلَاف مَا إِذْ لَا يتخطاها الْعَامِل أصلا. وَقد جوزت الكوفية تَقْدِيم مَا فِي حيزها عَلَيْهَا قِيَاسا على أخواتها.
إِذا كَانَ الْمُشبه بِهِ مُفردا مُقَدرا فَهُوَ من قبيل مَا يَلِي الْمُشبه بِهِ حرف التَّشْبِيه، أَلا يرى إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ من السَّمَاء} كَيفَ ولي المَاء الْكَاف وَلَيْسَ الْغَرَض تَشْبِيه حَال الدُّنْيَا بِالْمَاءِ وَلَا بمفرد آخر يتمحل لتقديره، فتقدير (كَمثل مَاء) على حذف الْمُضَاف حَتَّى لم يل الْكَاف لكَونه محذوفاً سهوٌ بيِّن إِذْ الْمُقدر فِي حكم الملفوظ بِخِلَاف قَوْله: {أَو كصيب} . حَيْثُ يقدر فِيهِ (كَمثل ذَوي صيب) إِذْ الضمائر فِي قَوْله تَعَالَى: {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم} . لَا بُد لَهَا من مرجع.
طَريقَة الِاسْتِعَارَة أَن تطوي ذكر الْمُشبه قطعا وَيجْعَل الْكَلَام عَنهُ خلوا فَلَا يكون مَذْكُورا وَلَا مُقَدرا فِي نظم الْكَلَام. وَأما التَّشْبِيه فقد يطوى فِيهِ ذكره أَيْضا كَذَلِك، وَالْفرق حِينَئِذٍ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن الْمَتْرُوك فِي التَّشْبِيه منوي مُرَاد، وَفِي الِاسْتِعَارَة منسي بِالْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي أَن اللَّفْظ الْمُشبه بِهِ فِي التَّشْبِيه يسْتَعْمل فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَفِي الِاسْتِعَارَة يسْتَعْمل فِي معنى الْمُشبه حَتَّى لَو أقيم اسْم مشبه مقَامه صَحَّ.
قد يعبر عَن الشَّيْء باسمه الْخَاص، وَقد يعبر عَنهُ بمركب يدل على بعض لوازمه، وَذَلِكَ فِي(1/1071)
الْعدَد ظَاهر فَإنَّك تنقص عددا عَن عدد حَتَّى يبْقى الْمَقْصُود، وَقد تضم عددا إِلَى عدد كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
(بنت سبع وَأَرْبع وَثَلَاث ... هِيَ حتف المتيم المشتاق)
وَالْمرَاد بنت أَرْبَعَة عشر. وَقد يعبر عَنهُ بِغَيْرِهِمَا كَمَا يُقَال للعشرة جُزْء المئة وَضعف الْخَمْسَة وَربع الْأَرْبَعين وَغَيرهَا الْمُعْتَبر فِي بَاب الِاسْتِعَارَة طَريقَة الْعَرَب فِي استعاراتهم لَا كل طَريقَة يخترعها الْمُتَكَلّم، فهم لم يعتبروا باستعاراتهم اللَّازِم بِأَيّ وَجه كَانَ بل اعتبروا أَن يكون الْمُسْتَعَار لَهُ لَازِما تَابعا للمستعار مِنْهُ فِي جِهَة الِاسْتِعَارَة، فاستعاروا السَّمَاء وَهُوَ السَّحَاب الَّذِي للمطر ينزل مِنْهُ ويفتقر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَازم السَّحَاب فِي الْغَالِب وتابع لَهُ، وَلم يلتفتوا إِلَى ملزومية الْمَطَر للسحاب لعدم تَبَعِيَّة السَّحَاب للمطر، واستعاروا الْأسد للشجاع بِاعْتِبَار لَازمه الَّذِي هُوَ تَابع وَهُوَ الشجَاعَة، وَلم يعكسوا لعدم التّبعِيَّة، وَذَلِكَ أَن الِاسْتِعَارَة للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَهِي تتَحَقَّق فِي هَذَا النَّوْع دون عَكسه.
الأبلغ إِذا كَانَ أخص مِمَّا دونه ومشتملاً على مَفْهُومه تعين هُنَاكَ طَريقَة الترقي، إِذْ لَو قدم الأبلغ كَانَ ذكر الآخر عَارِيا عَن الْفَائِدَة، وَإِذ لم يكن الأبلغ مُشْتَمِلًا على مَفْهُوم الْأَدْنَى فَإِنَّهُ يجوز كل وَاحِد من طريقي التتميم والترقي نظرا إِلَى مُقْتَضى الْحَال.
مَا ذكر فِي علم الْكَلَام من أَن الْمحَال لَيْسَ بِشَيْء اتِّفَاقًا، وَأَن النزاع فِي الْمَعْدُوم الْمُمكن هَل
هُوَ شَيْء أَو لَا فَذَلِك فِي الشيئية بِمَعْنى التقرر والتحقق منفكاً عَن صفة الْوُجُود لَا فِي إِطْلَاق لفظ الشَّيْء على مَفْهُومه فَإِنَّهُ من المباحث اللُّغَوِيَّة المستندة إِلَى النَّفْي وَالسَّمَاع لَا من الْمسَائِل الكلامية المبنية على الأنظار الدقيقة.
اعتبروا اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل فِي الْمَنْع عَن الْعَطف وَلم يعتبروا اخْتِلَاف النَّفْي وَالْإِثْبَات فِيهِ لأَنهم لم يضعوا صِيغَة لنفي الْفِعْل على حِدة بل وضعُوا (مَا) و (لَا) للنَّفْي مُطلقًا، فَإِذا أَرَادوا نفي الْفِعْل جمعُوا بَينه وَبَين صِيغَة الْفِعْل وَقَالُوا (مَا فعل) و (لَا يفعل) فَحصل نفي الْفِعْل بتركيب الْكَلِمَتَيْنِ لَا بِأَصْل الْوَضع، وَلِهَذَا جعلُوا (مَا ضرب) و (لَا يضْرب) دَاخِلا فِي حد الْفِعْل مَعَ أَنه إِخْبَار عَن عدم الْفِعْل فَلذَلِك لم يُؤثر هَذَا الِاخْتِلَاف فِي الْمَنْع عَن الْعَطف، بِخِلَاف اخْتِلَاف الْمَاضِي والمستقبل لِأَنَّهُ صيغي ثَابت بِأَصْل الْوَضع فَيجوز أَن يُؤثر فِي الْمَنْع مَعَ أَنه قد جَاءَ فِي التَّنْزِيل عطف الْمَاضِي على الْمُسْتَقْبل أَيْضا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يَتلون كتابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصلاةَ وأنفقوا مِمَّا رَزَقْناهم} {إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاة} .
لَا يَصح اسْتِعَارَة (لَعَلَّ) لإِرَادَة الله عِنْد الأشاعرة لاستلزامها وُقُوع المُرَاد، وَلَا للتَّعْلِيل عِنْد من يَنْفِي تَعْلِيل أَفعاله تَعَالَى بالاعراض مُطلقًا، بل يجب أَن يَجْعَل مجَازًا عَن الطّلب الَّذِي يغاير الْإِرَادَة وَلَا يسْتَلْزم حُصُول الْمَطْلُوب أَو عَن تَرْتِيب الْغَايَة على مَا هِيَ ثَمَرَة لَهُ فَإِن أَفعاله(1/1072)
تَعَالَى يتَفَرَّع عَلَيْهَا حكم ومصالح متقنة هِيَ ثَمَرَته وَإِن لم يكن عللاً غائية لَهَا بِحَيْثُ لولاها لم يقدم الْفَاعِل كَمَا حقق فِي مَوْضِعه.
الْجُحُود فِي عَامَّة كتب اللُّغَة إِنْكَار الْعلم. وَلَا دلَالَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم} على خلو الْجُحُود عَن الْعلم لفساد معنى خالين عَن الْعلم مستيقنين بهَا، بل الْمَعْنى وجحدوا بعد أَن استيقنتها، وَلما لم يفد هَذَا الْعلم فَائِدَته أَخذ حكم عَدمه كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ} وَلِأَن الْكَافِر جَاهِل حَقِيقَة وَلكنه بِاعْتِبَار قيام الدَّلِيل الْوَاضِح الَّذِي لَو اسْتدلَّ بِهِ بِوَجْه الْيَقِين عِنْد مُسْتَيْقنًا فَسُمي إِنْكَاره جحُودًا فَذكر الاستيقان بعد ذكر الْجُحُود للتصريح بِمَا تضمنه الْجُحُود من الْعلم، والتشنيع عَلَيْهِم بِأَن ذَلِك مِنْهُم من أقبح الْكفْر وأفحش الظُّلم فَكَانَ موقعه نصا أحسن موقع.
مُرَاد أهل الْأُصُول من الِاسْتِحْسَان مَا خَفِي من الْمعَانِي الَّتِي يناط بهَا الحكم من الْقيَاس مَا كَانَ ظَاهرا متبادراً بل هُوَ أَعم مِنْهُ أَو قد يكون بِالنَّصِّ، وَقد يكون بِالضَّرُورَةِ، وَقد يكون بِالْقِيَاسِ إِذا كَانَ قِيَاسا آخر متبادراً وَذَلِكَ خَفِي وَهُوَ الْقيَاس الصَّحِيح، فيسمى الْخَفي اسْتِحْسَانًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِك الْمُتَبَادر.
لم يُوجد الْمَعْنى الَّذِي يخْتَص بِكُل وَاحِد من (نَعَم) و (بلَى) فِي الآخر، وَلم يذكر أحد من أَئِمَّة اللُّغَة جَوَاز اسْتِعَارَة أَحدهمَا للْآخر. وَأما كَون (نعم) إِقْرَارا كبلى فِيمَا لَو قَالَ لآخر: أَلَيْسَ لي
عَلَيْك ألف؟ فَقَالَ: نعم، فَذَلِك بِنَاء على الْعرف لَا قَاعِدَة لُغَة الْعَرَب، وَالْعرْف لَا يصلح متمسكاً فِي تَصْحِيح لُغَة الْعَرَب.
للْعلم من حَيْثُ كَونه علما لشخص معِين لَا تعدد فِيهِ فَلَا يَصح أَن يثنى أَو يجمع من هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَأما إِذا وَقع فِي الِاشْتِرَاك واحتيج إِلَى تثنيته أَو جمعه فَلَا بُد حِينَئِذٍ من التَّأْوِيل مثل أَن يؤول زيد بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِذا قيل الزيدون فَكَأَنَّهُ قيل المسمون بزيد فَجمع بِهَذَا الْجمع لكَونه فِي حكم صفة الْعُقَلَاء.
الْألف اسْم يتَنَاوَل الْمدَّة والهمزة وَمن ثمَّ قيل: الْألف فِي إِنَّمَا وَمَا سَاكِنة ومتحركة وَاسم الْهمزَة مستحدث تمييزاً للمتحركة عَن الساكنة وَلذَلِك لم تذكر فِي التهجي بل اقْتصر على الْألف وَقد يُقَال: الْهمزَة وَالْألف حرف وَاحِد عِنْد الْفُقَهَاء وحرفان عِنْد مُتَعَارَف الْجُمْهُور.
الكَلِم كلهَا مركبة من ذَوَات الْحُرُوف لَا من أسمائها، وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَثْرَة وُقُوع صور الْحُرُوف فِي الْخط. أَلا ترى أَنَّك إِذا أردْت تَصْوِير ذَوَات الْحُرُوف تعدد تِلْكَ الْحُرُوف بأساميها، فَتَقول لكاتب مثلا: اكْتُبْ ألف با تا فَيكْتب هَكَذَا: ا، ب، ت على الطَّرِيقَة المألوفة فَيَقَع فِي التَّلَفُّظ الْأَسْمَاء، وَفِي الْكِتَابَة الْحُرُوف أَنْفسهَا.
الْمجَاز الْمُتَعَارف حَقِيقَة عرفية، والحقيقة اللُّغَوِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة عِنْد أهل الْعرف مجَاز، وَكَذَا الْعُرْفِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللُّغَوِيَّة مجَاز أَيْضا خُصُوصا إِذا كَانَت مستعملة وَلم تهجر(1/1073)
فَلم يكن الْحمل على إِحْدَاهمَا أولى من الْحمل على الْأُخْرَى إِلَّا بالترجيح. ثمَّ نقُول: الْحمل على اللُّغَوِيَّة أولى لأصالتها وَبَقَاء اسْتِعْمَالهَا فِي الْأَصْلِيّ.
عطف (أَن) الْمَفْتُوحَة مَعَ مَا فِي حيزها على اسْم الْمَكْسُورَة جَائِز وَإِن لم يجز أَن يَقع اسْما لَهَا بِلَا فصل، وَجَاز مَعَ الْفَصْل كَقَوْلِك: (إِن عِنْدِي أَن زيدا قَائِم) .
صرح النُّحَاة بِأَن الْخَبَر إِذا تعدد الْمخبر عَنهُ حَقِيقَة وَإِن كَانَ متحداً لفظا لَا يسْتَعْمل الخبران بِغَيْر عطف كَقَوْلِه:
(يداك يَد خَيرهَا يرتجى ... وَأُخْرَى لأعدائها غائضِة)
فَإِذا كَانَ الْمخبر عَنهُ مُتَعَددًا حَقِيقَة ولفظاً مَعْطُوفًا بعضه على بعض كَانَ الْعَطف فِي الْخَبَر أولى ليَكُون على وتيرة الْمخبر عَنهُ.
الْخطاب القرآني إِنَّمَا تعلقه بِاعْتِبَار الْمَفْهُوم اللّغَوِيّ، لِأَن الْخطاب مَعَ أهل تِلْكَ اللُّغَة بلغتهم يَقْتَضِي ذَلِك. فَالْحَمْد لله وَنَحْوهَا تسمى خطْبَة لُغَة لَا عرفا.
القَوْل بِأَن نفي الشَّيْء بِقَيْد صَرِيح فِي نفي الْقَيْد دون الذَّات لَيْسَ بِصَحِيح بل هُوَ صَرِيح فِي نفي الذَّات الْمُقَيد دون مُجَرّد الْقَيْد وَإِلَّا يلْزم إِلْغَاء اللَّفْظ.
الْعَرَب تَأْخُذ أَشْيَاء فُرَادَى معزولاً بَعْضهَا عَن بعض وتشبهها بنظائرها وتشبه كَيْفيَّة حَاصِلَة من
مَجْمُوع أَشْيَاء قد تضامنت وتلاصقت حَتَّى عَادَتْ شَيْئا وَاحِدًا بِأُخْرَى مثلهَا.
الْمَنْع من الْعَطف على الضَّمِير الْمَجْرُور بِدُونِ إِعَادَة الْجَار إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا كَانَ الْجَار حرفا لِأَن اتِّصَاله أَشد وَلذَا جَازَ الْفَصْل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَة وَلم يجز بَين الْحَرْف وَالْمَجْرُور.
اتِّصَال اللَّازِم بالملزوم أَشد عَن عَكسه لِأَن الْمَلْزُوم لما لم يُوجد بِدُونِ اللَّازِم كَانَ اللَّازِم مُتَّصِلا بِهِ لَا محَالة، وَاللَّازِم لما وجد بِدُونِ الْمَلْزُوم تصور انفكاك الْمَلْزُوم عَنهُ كالحيوانية اللَّازِمَة للْإنْسَان فَإِنَّهَا لَا تنفك عَنهُ وتنفك الإنسانية الَّتِي هِيَ ملزوم الحيوانية فِي الْفرس وَنَحْوه.
تسامحوا فِي اسْتِعْمَال الْحَرْف فِي معنى الْكَلِمَة، إِطْلَاق الْخَاص على الْعَام، وَفَائِدَته فِي اسماء الْحُرُوف رِعَايَة الْمُوَافقَة بَين الِاسْم ومسماه فِي التَّعْبِير عَنْهُمَا بالحرف وَإِن اخْتلف مَعْنَاهُ فيهمَا وَفِي الظروف وَنَحْوهَا من أَسمَاء الاشارة وَغَيرهَا فالتنبيه على نوع قُصُور فِيهَا عَن مرتبَة الْأَسْمَاء الْكَامِلَة ومشابهتها للحروف.
الأَصْل فِي بَيَان النّسَب والتعلقات هُوَ الْأَفْعَال فَهَذِهِ مُنَاسبَة يستدعى أَن يُلَاحظ مَعَ المصادر أفعالها الناصبة لَهَا، وَقد تأيدت بِهَذِهِ الْمُنَاسبَة فِي مصَادر مَخْصُوصَة لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا مَنْصُوبَة بِأَفْعَال مضمرة.
أَسمَاء الْأَفْعَال فِي الْحَقِيقَة أَسمَاء للمصادر(1/1074)
السَّادة مسد أفعالها ف (صه) مَعْنَاهُ سكوتك بِالنّصب أَي اسْكُتْ سكوتك فَهِيَ بِمَعْنى المصادر لَا بِمَعْنى الْأَفْعَال، وَمن ثمَّة كَانَت اسْما للأفعال مفيدة لمعانيها قصراً للمسافة.
الْحَرَكَة والسكون بِالْمَعْنَى الْمَشْهُور مختصان بالأجسام وَأَن المُرَاد بحركة الْحَرْف كَونه بِحَيْثُ يُمكن أَن يتَلَفَّظ بعده بِإِحْدَى المدات الثَّلَاث، وبسكونه كَونه بِحَيْثُ لَا يُمكن فِيهِ ذَلِك.
الْجمع بَين قَسَمين على مقسم عَلَيْهِ وَاحِد مستكره على مَا نقل عَن الْخَلِيل، فعلى هَذَا الْوَاو فِي الْقُرْآن بعد " ص " و " ق " وَفِي الْقَلَم بعد " ن " لَا يكون للقسم، وَفِي الْعَطف يلْزم الْمُخَالفَة فِي الْإِعْرَاب.
كَون تَعْرِيف الْمسند إِلَيْهِ مُفِيدا للحصر إِنَّمَا يكون إِذا كَانَ ثُبُوت الْمسند الْفَرد منافياً لثُبُوت مُقَابِله لَهُ نَحْو: المنطلق زيد. وَأما إِذا لم يكن كَذَلِك فَلَا يُفِيد الْحصْر.
الْمُفْرد الْمُعَرّف بِاللَّامِ فِي جَانب الْقلَّة يَشْمَل إِلَى وَاحِد، وَالْجمع الْمُعَرّف بِاللَّامِ فِي جَانب الْقلَّة يَشْمَل لَا إِلَى وَاحِد، وَأما فِي جَانب الْكَثْرَة فَكل مِنْهُمَا يُحِيط بِالْجِنْسِ.
إِذا اجْتمع الْقسم وَالشّرط على جَوَاب وَاحِد يَجْعَل ذَلِك الْجَواب لأَحَدهمَا لفظا وَمعنى وَللْآخر معنى فَقَط ويعتمد فِي ذَلِك على الْقَرِينَة.
الأولى فِي الْأَعْلَام المنقولة أَن يُرَاعى مُنَاسبَة بَين مَعَانِيهَا الْأَصْلِيَّة والعلمية عِنْد التَّسْمِيَة، وَرُبمَا
يُلَاحظ تِلْكَ الْمُنَاسبَة حَال الْإِطْلَاق باقتضاء الْمقَام.
الْمَشْهُور فِي الازدياد اللُّزُوم، وَقد يعدى إِلَى مفعول وَاحِد، وعَلى هَذَا فالأنسب أَن يكون الْمَنْصُوب فِي قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ ازدادوا كفرا} . {وزدناهم هدى} ، و (ازدادت قُلُوبهم ضعفا) مَفْعُولا، وَإِن جعل تمييزاً كَانَ فَاعِلا فِي الْحَقِيقَة للازدياد اللَّازِم.
إِطْلَاق كل وَاحِد من الضَّوْء والنور على الآخر مَشْهُور فِيمَا بَين الْجُمْهُور، فَلَا يُنَافِي الْفرق الْمَأْخُوذ من استعمالات البلغاء وَلَا الْمَأْخُوذ من اصْطِلَاح الْحُكَمَاء.
اسْتِعَارَة الْمُسَبّب للسبب إِنَّمَا يجوز إِذا لم يكن مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي: عنباً فَيجوز، وَأما اسْتِعَارَة الحكم لِلْعِلَّةِ فَهُوَ جَائِز مُطلقًا.
فعل اللِّسَان هُوَ للإخبار لَا للإنشاء، كَمَا أَن فعل سَائِر الْجَوَارِح للإنشاء لَا للإخبار، لَكِن الشَّرْع جعل فعل اللِّسَان انشاء شرعا فَصَارَ كَسَائِر أَفعَال الْجَوَارِح.
إِثْبَات حكم آخر لبَعض الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لَا بِإِخْرَاجِهِ عَن الحكم السَّابِق انْقِطَاع فِي الِاسْتِثْنَاء.
الْوَاو فِي عطف الْمُفْرد على مثله يدل [على] اشْتِرَاك الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ، وَفِي عطف الْجُمْلَة على مثلهَا يدل على اشتراكهما فِي الْحُصُول من غير دلَالَة على مُقَارنَة وَلَا تَرْتِيب.(1/1075)
تَكْرِير الْمعَانِي فِي الْقُرْآن كإعادة التَّنْبِيه فِي طلب التَّمْكِين سَوَاء كَانَ مَعَ اتِّحَاد اللَّفْظ ك (الم) فِي سورها و (ويل للمكذبين) أَو بِدُونِهِ ك (ص) و (حم) والقصص المكررة بعبارات مُخْتَلفَة.
جَازَ حمل الشَّيْء على نَفسه إِذا قصد الْإِعْلَام والإخبار. مثلا إِذا سُئِلَ عَن زيد بِأَيّ قسم من أَقسَام الْكَلِمَة كَانَ الْجَواب الِاسْم بِالضَّرُورَةِ مَعَ أَن لَفظه اسْم.
ترشيح الِاصْطِلَاح أَن يقرن بِصفة أَو تَفْرِيع كَلَام يلائم مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ فِي الِاسْتِعَارَة كثير، وَقد يُوجد فِي الْمجَاز الْمُرْسل كَمَا يُقَال: (لفُلَان يَد طولى) أَي قدرَة كَامِلَة.
الْمَشْهُور أَن الْفرق بَين الجمعين فِي الْقلَّة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا هُوَ إِذا كَانَا منكسرين، وَأما إِذا عرّفا بلام الْجِنْس فِي مقَام الْمُبَالغَة فَكل مِنْهُمَا للاستغراق بِلَا فرق.
ذهب جمَاعَة من الأدباء إِلَى أَن (لَعَلَّ) قد يَجِيء بِمَعْنى (كي) حَتَّى حملوها على التَّعْلِيل فِي كل مَوضِع امْتنع فِيهِ الترجي سَوَاء كَانَ من قبيل الإطماع نَحْو {لَعَلَّكُمْ تفْلِحون} أَو لَا نَحْو: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرون} و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقون} .
قد تكون كلمة (مِن) ابتدائية على سَبِيل التَّعْلِيل فَيكون مَا بعْدهَا أمرا باعثاً على الْفِعْل الَّذِي قبلهَا فَيُقَال مثلا: قعد من الْجُبْن، وَلَا يكون
غَرضا مَطْلُوبا مِنْهُ إِلَّا إِذا صرح بِمَا يدل على التَّعْلِيل ظَاهرا كَقَوْلِك: ضربه من أجل التَّأْدِيب بِخِلَاف اللَّام فَإِنَّهَا وَحدهَا تسْتَعْمل فِي كلٍ مِنْهُمَا.
التَّضْمِين لرعاية الصِّلَة غير مُتَصَوّر ولتصحيح الْحُرُوف. كَمَا ضمن (أمات) فِي قَوْله تَعَالَى {أَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عامٍ} معنى مَكَث. غير مَعْهُود فِي الْحُرُوف.
ترك الْعَمَل بِالْعُمُومِ الْمُؤَكّد عُمُومه بِكَلِمَة (مِن) التبعيضية فِي مَوضِع النَّفْي فَاسد، أَلا يرى أَن قَوْلك (مَا ملكت من دِينَار) آكِد فِي إِفَادَة الْعُمُوم من قَوْلك (مَا ملكت دِينَارا) لِأَنَّهُ لَو ملك مَا دون الدِّينَار فِي الصُّورَة الأولى كَانَ كَاذِبًا دون الثَّانِيَة.
حق الْمُسْتَثْنى بإلا من كَلَام مُوجب تَامّ أَن ينصب مُفردا كَانَ أَو مكملاً مَعْنَاهُ بِمَا بعده نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إنّا لَمُنجّوْهُم أَجْمعين. إِلَّا امْرَأَتَه قَدَّرْنا إِنَّهَا لَمِنَ الغَابِرين} .
إِذا كَانَ معنى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدًا يجوز إِخْرَاج مصدر أَحدهمَا على لفظ الآخر نَحْو: {وتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتيلاً} {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُم تُقاة} .
الْمُجَاوزَة يتَعَدَّى بِنَفسِهِ، وَالَّذِي يتَعَدَّى بعن مَعْنَاهُ الْعَفو، وَإِذا ورد فِي اسْتِعْمَال من يوثق بِهِ تعديته بعن فِيمَا لَا مجَال لقصد الْعَفو يحمل على تضمين معنى التباعد بمعونة الْمقَام.
الْقوي عمل الْفِعْل نصب الْمَفْعُول الْمُقدم على الْفَاعِل لِأَنَّهُ عمل مَعَ غير التَّرْتِيب الَّذِي يَقْتَضِيهِ(1/1076)
الْفِعْل، وَالْعَمَل فِي خلاف الْمُقْتَضى غَايَة فِي الْعَمَل.
الْوَصْف بالأعم كالوصف بالمساوي للتوضيح نَحْو: (زيد التَّاجِر) فَإِنَّهُ جعل وَصفا موضحاً كَمَا ذكرنَا فِي مَحَله.
الْجُمْلَة الاسمية الْوَاقِعَة لجواب الْقسم لَا تكون خَالِيَة عَن اللَّام أَو إنّ.
ضمير الْفَصْل إِنَّمَا يُفِيد الْقصر إِذا لم يكن الْمسند مُعَرفا بلام الْجِنْس وَإِلَّا فالقصد مِنْهُ تَعْرِيف الْمسند وَهُوَ لمُجَرّد التَّأْكِيد.
اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ للاستمرار يَصح إعماله نظرا إِلَى اشتماله على الْحَال والاستقبال، وإلغاؤه إِلَى اشتماله على الْمَاضِي.
الْكَلِمَات الَّتِي لم تناسب مبْنى الأَصْل إِذا لم تل العوامل سَاكِنة الأعجاز وصلا ووقفاً يجوز فِيهَا التقاء الساكنين مُطلقًا.
مَذْهَب بعض الْعَرَب فِي الْفَصْل أَنه مُبْتَدأ وَمذهب الْأَكْثَر فِيهِ أَنه لَا مَحل لَهُ من الْإِعْرَاب.
إِنَّمَا سمي مُطلق الْجَار وَالْمَجْرُور ظرفا لِأَن كثيرا من المجرورات ظروف زمانية أَو مكانية، وَأطلق اسْم الْأَخَص على الْأَعَمّ.
إِذا كَانَ أحد اللَّفْظَيْنِ المتوافقين فِي التَّرْكِيب أشهر فِي الْمَعْنى الْمُشْتَرك بَينهمَا كَانَ أولى بِأَن يكون مشتقاً مِنْهُ.
الْأَسْمَاء الَّتِي لَا يعرف لَهَا تصرف واشتقاق يعبر عَنْهَا بالأصوات كَأَنَّهَا لقصورها عَن دَرَجَات أخواتها انحطت إِلَى مرتبَة الصَّوْت الَّذِي هُوَ أَعم.
مُلَاحظَة الْمعَانِي قصدا إِمَّا بألفاظها الْمَذْكُورَة أَو
الْمقدرَة فِي نظم الْكَلَام، أَو منوية بِلَا ذكر وَلَا تَقْدِير فِيهِ.
جَوَاز حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ فِي الغايات مَشْرُوط بِقِيَام قرينَة على تعْيين ذَلِك الْمَحْذُوف.
نصوا على أَن (أنْ) الناصبة للْفِعْل لَا يَقع حَالا وَإِن كَانَت مقدرَة بِالْمَصْدَرِ الَّذِي يَقع بِنَفسِهِ حَالا.
استتباع الْقوي للضعيف عكس الْمَعْقُول وَنقص الْأُصُول.
النَّفْي إِذا كَانَ من جنس مَا يعرف دَلِيله كَانَ كالإثبات.
تَاء الإِفتعال تبدل طاءً إِذا وَقعت إِثْر حرف إطباق كاصطباغ.
قد يكون الْمَلْزُوم مُمْتَنعا لذاته فَلَا يكون زَوَاله على تَقْدِير تحقق اللَّازِم كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} .
اللَّفْظ إِذا صرف عَن الْحَقِيقَة فَالشَّرْط أَن يحمل على أقرب المجازات إِلَى الْحَقِيقَة لَا على الْأَبْعَد.
معنى حِكَايَة الْحَال الْمَاضِيَة عِنْد النُّحَاة أَن الْقِصَّة الْمَاضِيَة كَأَنَّهَا عبر عَنْهَا فِي حَال وُقُوعهَا بِصِيغَة الْمُضَارع كَمَا هُوَ حَقّهَا ثمَّ حُكيَ تِلْكَ الصّفة بعد مضيها.
الشَّرْط فِي الْمجَاز لغوياً كَانَ أَو عقلياً قيام الْقَرِينَة لَا وجود السماع فِي أَفْرَاده.
الْفِعْل إِذا نفي عَن غير فَاعله وَقصد مُجَرّد نَفْيه عَنهُ كَانَ حَقِيقَة، وَإِذا أول ذَلِك النَّفْي بِفعل آخر ثَابت للْفَاعِل دونه كَانَ مجَازًا.
قد يَجْعَل الْمُجَرّد مأخوذاً من الْمَزِيد إِذا كَانَ(1/1077)
أعرف بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرك تَرْجِيحا لجَانب الْمَعْنى على اللَّفْظ.
رِعَايَة التَّأْنِيث إِنَّمَا تجب إِذا كَانَ مُرَتبا على مُذَكّر كضارب وضاربة وكأحمر وحمراء، وَأما إِذا لم يكن كَذَلِك نَحْو لفظ الْمعرفَة والنكرة فَقَط سقط اعْتِبَاره لعدم التَّرْتِيب وَتعذر المراعاة.
لَا يَنْقَطِع احْتِمَال الْمجَاز بترجيح الْحَقِيقَة كَمَا لَا يَنْقَطِع بترجيح الْعُمُوم احْتِمَال إِرَادَة الْخُصُوص عَن الْعَام.
مَا كَانَ ذاتيا للمجموع لَا يلْزم أَن يُوجد فِي كل جُزْء مِنْهُ، أَلا يرى أَن كَون الْقُرْآن كلَاما عَرَبيا ذاتي لَهُ كالإعجاز، وَلَا يُوجد ذَلِك فِي كل جُزْء مِنْهُ مثل حرف أَو كلمة.
لَا تَأْثِير للغاية فِي إِثْبَات مَا بعْدهَا، بل هِيَ منتهية، فَإِذا انْتهى المغيا ثَبت الحكم فِيمَا بعده بِالسَّبَبِ السَّابِق كَمَا فِي الْأَيْمَان الموقتة تَنْتَهِي الْحُرْمَة الثَّابِتَة بهَا بالغاية، ثمَّ تثبت الْإِبَاحَة بِالسَّبَبِ السَّابِق.
لَا يشْتَرط فِي ثُبُوت الِاشْتِرَاك فِي لفظ نقل أهل اللُّغَة أَنه مُشْتَرك بل يشْتَرط نقلهم أَنه يسْتَعْمل فِي مَعْنيين أَو أَكثر، وَإِذا ثَبت ذَلِك بنقلهم فَنحْن نُسَمِّيه مُشْتَركا باصطلاحنا.
إِذا ضمنت كلمة معنى كلمة أُخْرَى ووصلت بصلتها لم يبْق مَعْنَاهَا الأول مرَادا وَإِلَّا لزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي لفظ وَاحِد وَهُوَ غير جَائِز
كَمَا فِي قَوْله عز شَأْنه: {وَالله على مَا نقُول وَكيل} أَي: رَقِيب ومطلع بِدَلِيل كلمة (على) لَا حَقِيقَة الْوكَالَة.
مصدر الْفِعْل الْمُتَعَدِّي يخْتَلف مَعْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اشتق مِنْهُ، فَمَعْنَى الضَّرْب بِالنِّسْبَةِ إِلَى اسْم الْفَاعِل وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ لَهُ (زِدْت) وبالنسبة إِلَى اسْم الْمَفْعُول وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ لَهُ (زده شدن) إِذْ لَو لم يكن كَذَلِك لم يَصح اشتقاق (ضرب) و (مَضْرُوب) مِنْهُ.
الْمجَاز الْمُتَعَارف حَقِيقَة عرفية، والحقيقة اللُّغَوِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِيقَة الْعُرْفِيَّة عِنْد أهل الْعرف مجَاز، وَالْحمل على الْحَقِيقَة أولى.
لَا يُمكن إِثْبَات اللُّغَة وأحكامها بِالْقِيَاسِ والعقول بل الْحجَّة فِيهَا استقراء كَلَام الْعَرَب واستعمالاتهم.
يشْتَرط فِي إِطْلَاق الْجُزْء على الْكل استلزام الْجُزْء للْكُلّ كالرقبة وَالرَّأْس.
قد ينْسب حكم الْفَرد من الْجِنْس إِلَى الْجِنْس نَفسه كَقَوْلِه تَعَالَى: {فنادته الْمَلَائِكَة} فَإِن الْمُنَادِي سيدنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحده.
لَا معنى لحروف المباني بِخِلَاف أسمائها.
خبر أَفعَال الْمُغَايرَة لَا يكون إِلَّا مضارعا.
تَعْرِيف الْمُذكر عدمي، وتعريف الْمُؤَنَّث وجودي.(1/1078)
لفظ (أَي) و (مَا) مَعَ دلالتهما على الشَّرْط يدلان أَيْضا على ضرب من التَّخْصِيص لِأَنَّهُمَا يدلان على ذَات أَيْضا، وَبِهَذَا الطَّرِيق أثبت الْعلمَاء تحقق النّسخ فِي الْفرْقَان فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا} .
الِاسْتِعَارَة فِي الْحَرْف تقع أَولا فِي مُتَعَلق مَعْنَاهُ كالاستعلاء فِي (على) والظرفية فِي (فِي) والابتداء فِي (مِن) مثلا ثمَّ يسري بتبعيته كَمَا حقق فِي مَوْضِعه.
تَعْلِيق حكم بِالْوَصْفِ يكون أبلغ سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لم يكن، وَالتَّعْلِيق بِالِاسْمِ لَيْسَ فِي ذَلِك الْمبلغ من البلاغة سَوَاء كَانَ بِالْإِعَادَةِ أَو لَا.
يقبح إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص إِذا اشْتهر كَون الْخَاص من أَفْرَاده. وَلِهَذَا يقبح (إِنْسَان زيد) .
التَّفْضِيل فِي المفعولية فِيمَا لم يسمع فِيهِ أفعل كاللون وَالْعَيْب يتَوَصَّل إِلَيْهِ بأشد وَنَحْوه.
حرف الْخطاب اللَّاحِق باسم الْإِشَارَة سَوَاء كَانَ لتَحْصِيل مَا يشار بِهِ للبعيد أَو الْمُتَوَسّط يُرَاعى فِيهِ الْمُطَابقَة لما يتَوَجَّه إِلَيْهِ الْخطاب.
الشَّرْط النَّحْوِيّ هُوَ مَا يكون سَببا أَو ملزوماً، وَانْتِفَاء شَيْء مِنْهُمَا لَا يسْتَلْزم انْتِفَاء الْجُزْء، كَون الْمُسَبّب أَو اللَّازِم أَعم.
مَوْصُوف اسْم التَّفْضِيل لَا بُد وَأَن يكون مُشْتَركا مَعَ الْمفضل عَلَيْهِ فِي نفس الْفِعْل مَعَ زِيَادَة فِي الْمفضل.
حذفوا التَّاء فِي نِسْبَة الْمُذكر إِلَى الْمُؤَنَّث كَمَا فِي نِسْبَة الرجل إِلَى بصرة مثلا حذرا من اجْتِمَاع
تاءات فِي نِسْبَة الْمُؤَنَّث فَكيف نِسْبَة الْمُؤَنَّث إِلَى الْمُؤَنَّث؟
البسايط الْقَرِيبَة من الطَّبْع إِذا عرفت بمرادف أجلى كَانَ أَنْفَع من التَّعْرِيف الرسمي. وَهَذَا رَأْي صَوَاب.
حذف حرف الْجَار وَالْمَجْرُور عَن الأول بِقَرِينَة الذّكر فِي الثَّانِي إِنَّمَا يكون حسنا إِذا كَانَ من جنس الْمَذْكُور فِي الثَّانِي.
الِاسْتِثْنَاء يخرج الْكَلَام عَن مُوجبه إِذْ لَو لم يكن كَذَلِك يلْزم الْخلف فِي كَلَام سيدنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَيْثُ قَالَ: {ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا} وَمَا صَبر. وَالْخلف على الْأَنْبِيَاء غير جَائِز.
الْمُخْتَار أَن اسْم الْفَاعِل الْمَوْصُوف لَا يعْمل، قَيده التَّفْتَازَانِيّ عَلَيْهِ الرَّحْمَة بقوله: فِي السعَة.
القَوْل بِأَن الْمُتَعَدِّي بِدُونِ لَازمه محَال ينْتَقض بقَوْلهمْ: (هديته فَلم يهتد) .
الظَّاهِر فِي الِاشْتِقَاق الصَّغِير أَن يعْتَبر فِي الْمُشْتَقّ معنى أَصله بِتَمَامِهِ وَبِذَلِك يرجح اشتقاق الْفِعْل من الْمصدر على عَكسه.
معنى الِاسْتِمْرَار هُوَ الثُّبُوت من غير أَن يعْتَبر مَعَه الْحَدث فِي أحد الْأَزْمِنَة، وَذَلِكَ يُمكن فِي الْمُسْتَقْبل. امْتنَاع الِابْتِدَاء لَا لسكونها بل لذواتها.
الْمصدر الْمُؤَكّد لَا يقْصد بِهِ إِلَّا الْجِنْس وَلذَا جعل صَاحب " الْكَشَّاف " الِاسْتِغْرَاق وهما.
يشبه (لَعَلَّ) بليت فِيمَا إِذا كَانَ فِي الترجي مشابهة من التَّمَنِّي لبعد المرجو عَن الْوُقُوع.(1/1079)
الْهمزَة فِي الْجَزَاء على التَّحْقِيق تتقدم على الشَّرْط، فقولك: إِن جئْتُك أتكرمني، تَأْوِيله: إِن جئْتُك تكرمني.
اعْتِبَار مُطَابقَة الْخَبَر الَّذِي هُوَ منَاط الْفَائِدَة أولى من اعْتِبَار الْمرجع.
عطف شَيْئَيْنِ على معمولي عَامل وَاحِد كثير مُتَّفق الصِّحَّة.
صَحَّ إِطْلَاق مُفْرد ذِي تَاء التَّأْنِيث على جمَاعَة فَيُقَال: رجال ضاربة كَمَا تقدم: رجال ضاربات.
إِذا تَعَارَضَت أَدِلَّة الْمَحْذُوف لم يبْق الظُّهُور وَلم يكن الْمَحْذُوف كالمذكور.
الْمُضَاف إِلَى الِاسْم الْكَامِل مَعَ الشَّرْط فِي حكم الْمُضَاف إِلَيْهِ فَتَقول: غُلَام من تضرب أضْرب كَمَا تَقول: من تضرب أضْرب.
جَازَ الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي مقَام النَّفْي كَمَا جَازَ الْجمع بَين معنيي الْمُشْتَرك فِيهِ.
الْحَرَكَة بعد الْحَرْف لَكِنَّهَا من فرط اتصالها بِهِ يتَوَهَّم أَنَّهَا مَعَه لَا بعده، وَإِذا أشبعتها صَارَت حرف مد.
صِحَة اسْتِعَارَة الْآبَاء للاجداد لَيست بِاعْتِبَار أَنَّهَا اسْتِعَارَة الْفَرْع للْأَصْل بل بِاعْتِبَار فرعيتهم للآباء فِي الْأَصَالَة للْوَلَد.
لَا بُد فِي الْمَاضِي الْمُثبت من قد، وَقد يتْرك لإجرائه مجْرى فعل الْمَدْح نَحْو: وَالله لنعم الرجل زيد.
الْمُشْتَرك بِالنّظرِ إِلَى الْوَضع لَيْسَ بخاص لِأَن مَوْضُوعه أَكثر من وَاحِد، وَلَا عَام أَيْضا لعدم
شُمُوله.
الْمصدر إِنَّمَا يحمل على الْفَاعِل إِذا وَقع صفة. وَلم يكن حمله على الْحَقِيقَة، وَإِذا أمكن فَلَا يجوز أَن يحمل عَلَيْهِ.
الْمُعْتَبر فِي بَاب الِاسْتِعَارَة نفس السَّبَبِيَّة لَا السَّبَبِيَّة فِي مَحل الِاسْتِعَارَة على مَا عرف تَحْقِيقه فِي مَوْضِعه.
استنكار كلمة (كل) فِي التَّعْرِيف إِنَّمَا هُوَ فِي التَّعْرِيف للْحَقِيقَة لَا فِي الضوابط.
إِفَادَة الْمَاضِي معنى الِاسْتِقْبَال أدل على إِرَادَة معنى الشَّرْط فِيهِ. يُؤَيّدهُ أَن مَا جَاءَ فِي التَّنْزِيل من هَذَا الْقَبِيل جَاءَ على صفة الْمَاضِي.
وَقد تتفق الجملتان المعقودتان مَعَ أَن الْمسند إِلَيْهِ فِي إِحْدَاهمَا معرفَة وَفِي الْأُخْرَى نكرَة كَمَا فِي قَوْلك لَا كَانَ أَبوك مَوْجُودا وَلَا كَانَ لَك أَب.
لَام الْعَهْد بعد ذكر الْمَعْهُود إِنَّمَا تكون إِشَارَة إِلَى مَا أُرِيد بِهِ فِي نظم الْكَلَام مَعَه لَا إِلَى مَا يعمه وَغَيره.
جَمِيع أَفعَال الْأَوَامِر فاعلها يجب استتاره وَلَا وَجه لإبرازه إِلَّا أَن يقْصد التَّأْكِيد أَو الْعَطف على الْفَاعِل كَقَوْلِه تَعَالَى: {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} .
المسميات أَلْفَاظ كأساميها فَإِن الْمُسَمّى لَو لم يكن لفظا لم يكن جملَة جُزْءا من اسْمه وَيكون أقل من عدد حُرُوف الْأَسْمَاء، إِذْ لَو تَسَاويا لاتحدا، وَلم يُمكن جعل الْمُسَمّى صدر الِاسْم كَمَا إِذا كَانَ أَزِيد مِنْهُ.
لَا تَجْتَمِع الِاسْتِعَارَة التّبعِيَّة والتمثيل.(1/1080)
لَام التَّأْكِيد لَا تكون فِي الْخَبَر.
(زرني أعطك) جَزَاء، (زرني أُعْطِيك) اسْتِئْنَاف.
الْمحلى بلام الْجِنْس فِي الْمقَام الْخطابِيّ يتَبَادَر مِنْهُ الِاسْتِغْرَاق.
الضمائر المستترة فِي الْأَوَامِر كلهَا لفظ بِالْقُوَّةِ أَي فِي قُوَّة الْمَنْطُوق بِهِ.
مَا دلّ عَلَيْهِ أصل التَّرْكِيب فَهُوَ دلَالَة اللُّغَة، وَمَا دلّ عَلَيْهِ هَيئته فَهُوَ دلَالَة الصِّيغَة.
التَّفْرِقَة بَين (رجل) و (رجال) خُصُوصا وعموماً تثبت بالصيغة لَا بالمادة.
لَيْسَ معنى تَعْرِيف الْجِنْس هُوَ الِاسْتِغْرَاق، أَلا يرى أَن الِاسْتِغْرَاق قد يتَحَقَّق فِي النَّفْي وَالْإِثْبَات كَمَا فِي (لَا رجل وَتَمْرَة خير من جَرَادَة) وَلَيْسَ مَعَه تَعْرِيف أصلا.
أَدَاة الْعَطف إِن توسطت بَين الذوات اقْتَضَت تغايرها بِالذَّاتِ، وَإِن توسطت بَين الصِّفَات اقْتَضَت تغايرها بِحَسب المفضولات، وَكَذَا الحكم فِي التَّأْكِيد وَالْبدل وَنَحْوهمَا، وَإِن وَقعت فِيمَا يحتملهما على سَوَاء كَانَ الْحمل على التغاير بِالذَّاتِ أولى.
الْحَال الْمُؤَكّدَة إِذا جَاءَت بعد الاسمية وَجب أَن يكون خَبَرهَا معرفتين جامدين.
الْمُطلق ينْصَرف على الْكَامِل فِي الْمَاهِيّة لَا فِي الصِّفَات.
بِنَاء الْفِعْل للْمَفْعُول من الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ أَكثر.
رَحِيم من بَاب (فَعُل) بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ صِيغَة فعيل.
يطرد لفظ (على) بِمَعْنى (عَن) بعد أَلْفَاظ وَهِي: خَفِي عليَّ، بَعُد عليّ، اسْتَحَالَ عليَّ،
رَضِي عليَّ، غضب عليَّ.
النِّسْبَة كَمَا تكون بالحرف كروميّ وبصريّ قد تكون أَيْضا بالصيغة كَلا بِن وتامِر.
إِبْدَال الْهمزَة ألفا فِي اخْتِيَار الْكَلَام لَيْسَ بقياسي فِي لغتهم بل هُوَ مَقْصُور على السماع كَمَا ذكره سِيبَوَيْهٍ.
قَالَ أَبُو حَيَّان: قَلِيلا إِذا كَانَ مَنْصُوبًا لَا يجوز أَن يكون فِي معنى النَّفْي وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَ مَرْفُوعا.
لَا يجوز إِضْمَار حرف الْقسم عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا فِي لَفْظَة (الله) .
الْمُسَبّب كالمتعقب للسبب وَإِن ترَاخى عَنهُ لفعل شَرط أَو وجود مَانع.
علم الْمُخَاطب يتعيُّن المُرَاد يُغني عَن تَقْيِيد الْكَلَام.
عدم اعْتِبَار الأوضاع المنطقية فِي الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ مُتَّفق عَلَيْهِ.
ذِكْر الشَّيْء مُبْهما وَتَفْسِيره يُفِيد تَقْرِيره وتأكيده.
إِذا الْتبس الْحَال يجب أَن يكون بِجنب صَاحبه.
الْعَوَارِض لَا تعْتَبر فِي مُقَابلَة الأَصْل من غير دَلِيل.
الْحَال لَا يتَقَدَّم على عاملها الظّرْف إِلَّا كثيرين.
الْمُشَاركَة فِي بعض الْأَحْوَال لَا تنَافِي التخالف فِي الْحَقِيقَة.
(أَن) الناصبة لَا تقع بعد أَفعَال الْيَقِين.
لَا يَصح تَأْكِيد الضَّمِير الْمُتَّصِل بِالنَّفسِ وَالْعين بِلَا سبق التَّأْكِيد بمنفصل.
مفعول الْمَشِيئَة فِي الشَّرْط إِنَّمَا يحذف إِذا لم يكن تعلقه بِهِ غَرِيبا.(1/1081)
الْمَاضِي المضموم الْعين لَا يكون إِلَّا لَازِما.
الْمُؤَنَّث فِي بَاب الْعدَد أخف من الْمُذكر.
الْحَال الدائمة لَا تكون بِالْوَاو.
تَرْكُ جَانب اللَّفْظ لرعاية حسن الْمَعْنى.
اخْتِلَاف الخطابين فِي أول الْكَلَام وَآخره غير عَزِيز فِي كَلَام الْعَرَب وَفِي كَلَام الله تَعَالَى.
التَّفْصِيل بعد التَّبْيِين لَا ينافى الْإِجْمَال.
جَوَاز استلزام الْمحَال: الْمحَال لَيْسَ كلياً جَارِيا فِي جَمِيع الصُّور لجَوَاز أَن يكون أحد المحالين منافياً للْآخر فَلَا يجامعه فضلا عَن أَن يستلزمه.
ترادف الْأَدِلَّة على الْمَدْلُول الْوَاحِد جَائِز عقلا وَشرعا، وَقَالُوا: هَذَا الحكم ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة والمعقول.
قِيَاس الْغَائِب على الشَّاهِد إِنَّمَا يعْتَبر فِي العمليات على تَقْدِير ظُهُور جَامع إِلَّا أَن يكون للتوضيح والتقريب إِلَى الأفهام القاصرة دون الِاسْتِدْلَال.
الْجمع بَين الْأَدِلَّة أولى من تَعْلِيل الْوَاحِدَة مِنْهَا وَالْعَمَل بِعُمُوم الآخر.
مُجَرّد احْتِمَال النقيض لَا يقْدَح فِي الدّلَالَة الظَّاهِرَة.
لَا يلْزم من الِاحْتِمَال الْعقلِيّ امْتنَاع الْقطع العادي.
النّظر الْمُوجب لهيئة ظنية الإنتاج من القطعيات لطلب الْعلم فَاسد صُورَة كَمَا أَن نظر الْمُوجب لهيئة قَطْعِيَّة الإنتاج فِي الظنيات لطلب الْعلم فَاسد مَادَّة.
إِذا كَانَت بعض الْمُقدمَات قطيعة وَالْبَعْض الآخر صَحِيحَة أَو فَاسِدَة سميت خطابة وامارة.
إِشَارَة (لَا يكون) قَطْعِيَّة الْمُقدمَات والاستلزام مَعًا وَإِلَّا لأفادت يَقِينا كالبرهان وَلَكِن يجوز كَون مقدماتها قَطْعِيَّة دون الاستلزام كَمَا فِي الاستقراء وَالْقِيَاس الَّذِي يظنّ إنتاجه، وَبِالْعَكْسِ كَمَا فِي الضروب المستلزمة لنتائجها إِذا تركبت من مُقَدمَات غير قَطْعِيَّة.
اعْتِبَار الدَّلَائِل الْعَقْلِيَّة لَيْسَ بِاعْتِبَار خصوصياتها بل بِاعْتِبَار كَونهَا مَقْطُوعًا بهَا عِنْد صَرِيح الْفَصْل، فَإِذا لم يعْتَبر قطعه فِي مَوضِع لم يعْتَبر فِي سَائِر الْمَوَاضِع أَيْضا.
قد يُفِيد الدَّلِيل اللَّفْظِيّ الْيَقِين بِمَا أُرِيد من الْمَعْنى الْمجَازِي عِنْد قيام الْقَرَائِن القطعية الدَّالَّة عَلَيْهِ.
الدَّلِيل قد يخص الْقطع وَقد يخص مَعَ هَذَا التَّخْصِيص بِمَا يكون الِاسْتِدْلَال فِيهِ من الْمَعْلُول إِلَى الْعلَّة.
الدَّلِيل الَّذِي كلتا مقدمتيه عقليتان وَقد حكم بهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَيْضا قَوْله تَعَالَى عز شَأْنه: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} هُوَ من حَيْثُ إِنَّه حكم بهما الْعقل مَعَ قطع النّظر عَن حكم الشَّارِع عَقْلِي، وَمن حَيْثُ إِنَّه حكم بهما الشَّارِع وَصَارَ حكمه سَببا للْعلم مَعَ قطع النّظر عَن أَن الْعقل يحكم بهما بِنَفسِهِ نقلي.
جَازَ التَّعْلِيل على مُوَافقَة النَّص كوجوب قبُول الحَدِيث الْغَرِيب إِن كَانَ مُوَافقا للْكتاب لحَدِيث " فَمَا وَافق فاقبلوه " مَعَ أَنه لَا فَائِدَة فِي قبُوله إِلَّا(1/1082)
تَأْكِيد دَلِيل الْكتاب فَكَذَا هَذَا لتِلْك الْفَائِدَة.
دَلَائِل الشَّرْع خَمْسَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس والعقليات الْمَحْضَة كالتلازم والتنافي والدوران وَغير ذَلِك. وَالثَّلَاثَة الأول نقلية، والباقيات عقليات، والنقلي الْمَحْض لَا يُفِيد، إِذْ لَا بُد من صدق الْقَائِل وَذَلِكَ لَا يعلم بِالنَّقْلِ وَإِلَّا لدار أَو تسلسل، بل بِالْعقلِ من دلَالَة المعجز وَغَيره.
لَا مدْخل لِلْعَقْلِ فِي معرفَة الْأَحْكَام، فَلَا يُمكن الِاسْتِدْلَال بالعقول الصّرْف فِي الْأَحْكَام بِوَجْه، وَمَا ترَاءى أَنه مَعْقُول فمآله إِلَى الدّلَالَة أَو إِلَى الْقيَاس الَّذِي مرجعه النَّص، وَمَا لم يرجع إِلَيْهِمَا فَهُوَ من المتمسكات الْفَاسِدَة عندنَا، والاحتجاج بِمَا لَيْسَ بِدَلِيل إِلَّا أَنه من دأب الْمَشَايِخ أَنهم لَا يذكرُونَ الْمُسْتَند ويكتفون بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْمَعْنى
الْمُؤثر اختصاراً واعتماداً على شهرة الْمُسْتَند فِيمَا بَينهم.
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.
الْحَمد لله الَّذِي أتم على هَذَا العَبْد الضَّعِيف هَذَا الْكتاب الشريف فِي نُسْخَة العَبْد عبد الله ابْن المرحوم الشَّهِيد الْحَاج عبد الرَّحِيم جلبي الْمَعْرُوف باللبقي فِي نصف شهر ذِي الْقعدَة من شهور سنة ألف ومئة وتسع وَسِتِّينَ 1169 وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سيد الْأَوَّلين والآخرين آمين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
بلغ مُقَابلَة بِحَسب الطَّاقَة على نُسْخَة قوبلت على نُسْخَة الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى] .(1/1083)