وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال جنَيتُ فلَانا جَنًى أَي جنَيْتُه لَهُ، وَأنْشد:
ولَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً
وَلَقَد نَهَيْتُكَ عَن بَناتِ الأوْبَرِ
وَقَالَ شمِر: جنيتُك جنَيْتُ لَكَ وَعَلَيْك، وَمِنْه قَوْلك:
جانِيكَ مَنْ يَجني عَلَيْك وقَدْ
تُعْدِي الصِّحاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُ
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْلهم: جانيكَ مَنْ يَجنِي عَلَيْك، يُضْرَب مَثلاً للرّجل يُعاقَب بِجِنَايَتِهِ، وَلَا يُؤخَذُ غَيره بذَنبه.
وَقيل مَعْنَاهُ: إِنَّمَا يَجنِكَ مَنْ جنايَتُه رَاجِعَة إِلَيْك، وَذَلِكَ أنَّ الْإِخْوَة يجنون على الرجل، يدل على ذَلِك قَوْله:
وَقد تُعْدِي الصِّحاحَ مَباركُ الجُرْبِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَمن أَمْثالهم (أَجنَاؤُها أَبْنَاؤها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الأَجناء، جَمْع الْجَانِي، وَالْأَبْنَاء جمع الْبَانِي، مثل: شَاهِد وأشْهاد، ونَاصِر وأَنصار، وَالْمعْنَى أنَّ الَّذِي جنى فَهَدم هُوَ الَّذِي بَنَى بغَيْر تَدْبير فَاحْتَاجَ إِلَى نقص مَا عَمل وإفساده.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فِي قَوْله: (جانيك مَن يجنى عَلَيْك) يُرَاد بِهِ الْجَانِي لَك الْخَيْر مَن يجني عَلَيْك الشرّ. وَأنْشد:
وَقد تُعدي الصِّحَاح مبارك الجُرْب
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ جنأ فِي عَدْوِه إِذا أَلَحَّ وأَكبّ وَأنْشد:
وَكَأَنَّهُ فَوْتَ الجوالب جانئاً
رِئمٌ يضايفه كلابٌ أخْضَعُ
يُضايفه: يُلحِيه رِئمٌ أخضع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَانِي اللَّقّاح.
قلت والجاني: الكاسب.
وَيُقَال: أَجنتِ الشَّجَرَة، إِذا صَار لَهَا جَنًى يُجنيَ فَيؤكل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَجنَى لَهُ باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ
جنأ: أَبُو زيد جَنَأَ الرَّجُل يَجْنأُ جُنُوءًا على الشَّيْء، إِذا أكَبَّ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
أغَاضِرَ لَو شَهِدْتِ غَدَاةَ بِنْتُمْ
جُنُوءَ الْعَائِدَاتِ على وِسَادِي
قَالَ: وجَنيءَ الرجلُ يَجْنَأُ جَنَأَ، إِذا كَانَت فِيهِ خِلْقَةً.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرجل إذَا انْكَبَّ على فَرَسه، يَتَّقي الطَّعْن: قد جَنَأَ يَجْنَأ جُنُوءًا.
وَقَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَمَا مِلْتَ جَانئاً
ورُمْتَ حِياضَ الموتِ كلَّ مَرامِ
قَالَ فإِذا كَانَ مُسْتَقيم الظَّهر، ثمَّ أَصَابَهُ جَنَأ، قيل: جَنِىءَ يَجنَأ جَنأ، فَهُوَ أَجنَأَ، قَالَ: وَإِذا أكَبَّ الرجلُ على الرَّجلَ يَقِيه(11/134)
شَيْئا، قيل: أَجنَأَ عَلَيْهِ إجناء.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ يهوديّاً زَنَى بِامْرَأَة، فأَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرْجِمهما، فَعَلِقَ الرَّجلُ يجانىءُ عَلَيْهَا يَقِيها الحِجَارَة) ، أَي يُكِبُّ عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجْنَأ التُّرْس. قَالَه أَبُو قيس:
وَمُجْنَإٍ اسْمَرَ قَرَّاعِ
قَالَ: والمُجْنَأ حُفْرَةُ الْقَبْر.
قَالَ الْهُذَلِيْ:
إِذَا مَا زَارَ مُجْنأةً عَلَيْهَا
ثِقال الصَّخْرِ والخشَبُ الْقَطِيلُ
وَقَالَ اللَّيْث: الأَجنأ الَّذِي فِي كَاهِله انْحنَاءٌ على صَدره، وَلَيْسَ بالأحْدَب.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: رَجلٌ أَجنَأ وأَدْنأ مهموزان، بِمَعْنى الأقْعَس، وَهُوَ الَّذِي فِي صَدره انْكبابٌ إِلَى ظَهْره.
وَقَالَ اللَّيْث: ظَليم أَجنَأ، ونَعَامَةٌ جَنْآء، وَمن حذف الْهَمْز قَالَ: جَنْواء، والمصدر: الجنَأ، وَأنْشد:
أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأذْنَيْن أَجنَا
قُلت: وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: أجنَى، صَار لَهُ التّنُّومُ والآءُ جَنًى يَأْكُلهُ، وَهُوَ أصَحّ.
نجا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال نَجَا الرَّجل من الشّر يَنْجو نَجْواً أَوْ نَجاةً، وَهُوَ يَنْجُو فِي السُّرعة نَجاءً مَمْدُود، فَهُوَ نَاجٍ سريعٌ، وناقةٌ ناجيَة ونجاةٌ، إِذا كَانَت سريعة.
سَلَمة، عَن الْفراء: الْعَرَب تَقول: النّجاءَ النّجاءَ. والنَّجا النَّجاءَ. (والنَّجاءَكَ النَّجاءَكَ) . والنجاكَ النَّجاكَ، وَأنْشد غَيره:
إنّا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنّجا النَّجا
وَقَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} (النِّسَاء: 114) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنى النَّجوى فِي الْكَلَام مَا يَتَفَرَّدُ بِهِ الجَماعَة والاثنان سِرّاً كَانَ أَو ظَاهرا. قَالَ: وَقَوله جلَّ وَعزَّ: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) . قَالَ: هَذَا فِي معنى الْمصدر. وإذْ هم ذُوو نجوى.
والنَّجْوى: اسمٌ للصْدَر، قَالَ: وَمعنى نَجَوْتُ الشَّيْء فِي اللُّغَة: خَلُّصْتُه وأَلقَيتَه، وَيُقَال: نَجَوْتُ الشَّيْء أَنجوه إِذا ناجَيْتَه.
سَلَمة، عَن الفرّاء: نجوْتُ الدَّوَاءَ، إِذا شَرِبْتَه، وَقَالَ: إِنَّمَا كنت أسْمَع من الدَّوَاء مَا أَنْجَيتُه، ونجوْتُ الْجلد وأَنْجَيْتُه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجاني الدَّواء، أَي أقعَدَنِي.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَى فلانٌ إنْجاءاً إِذا جلس على الْغائِطِ فَتَغَوَّطَ، وَقد نجَا الغائِطُ نَفْسُه يَنْجُو.
قَالَ: وَقَالَ بعض الْعَرَب: اللَّحْمُ أَقَلُّ الطَّعَام نَجْواً، والنَّجْوُ: الْعَذِرَةُ نَفْسُها.
قَالَ: واسْتَنْجَيْتُ اسْتِنجاءً، إِذا لَقَطْتَها،(11/135)
والنَّجو: السَّحابُ الذَّي هَراق ماءَه، وناقة نجاةٌ، أَي سَرِيعَةٌ، واسْتَنْجَيْتُ بِالْمَاءِ الْحِجَارَة، أَي تَطَهّرْتُ بهَا.
وَقَالَ الكسائيّ: جَلَسْتُ عَن الغائِط فَمَا أَنْجَيْتُ.
أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: أَنجَيْتُ قَضِيباً من الشَّجرةِ، إِذا قَطَعْتَه، واسْتَنْجَيْتُ الشَّجرةَ إِذا قَطَعْتَها من أَصْلِهَا.
وَقَالَ شَمِر: نَجَيْتُ غُصنَ الشَّجرة، واسْتَنْجَيْتُه، إِذا قَطَعْتَه.
قَالَ: وأَرَى الاسْتنجاءَ فِي الوضُوء من هَذِه القَطِعة القَذِرَة بِالْمَاءِ.
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: أَنجَى فلَان شَيْئا وَمَا نَجا شَيْئا منذُ أَيَّام، أَي لم يَأْتِ الْغَائِط.
وَقَالَ اللَّيْث: نَجا فلَان يَنْجو، إِذا أَحْدَثَ ذَنْباً، أَوْ غير ذَلِك ثمَّ يَنْجو. قَالَ: واسْتَنْجى اسْتَفْعل من النجَاة، والاسْتِنجاء هُوَ التَّنظيف بماءٍ أَوْ مَدَر، والنَّجاة: هِيَ النَّجوَةُ من الأَرْض لَا يعلوها السَّيْل، وَأنْشد:
فَأَصُونُ عِرضِي أَنْ ينَال ينَجْوَةٍ
إنَّ البَرىءَ من الْهَنَاتِ سَعِيدُ
وفلانٌ نَجِيُّ فلَان، أَي يُناجيه دون مَنْ سِواه.
وَقَالَ الله: {خَلَصُواْ نَجِيًّا} (يُوسُف: 80) مَعْنَاهُ: اعْتَزلوا النَّاس مُتَناجِين، تَقول: قَوْمٌ نَجِيٌّ وأنجِيَة، وَأنْشد:
إنِّي إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أنْجِيَهْ
واضْطَرَبْت أعْناقُهم كالأَرْشِيَهْ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَجِيٌّ لفظٌ وَاحِد فِي معنى جَميع، وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسْرَاء: 47) ، وَيجوز: قَوْمٌ نَجِيٌّ، وقَوْمٌ أنْجِيَةٌ، وقَوْمٌ نَجْوَى.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنجَى، إِذا عَرِق، وأنْجَى، إِذا سَلَحَ، وأنجَى، وَإِذا كشف الجُلَّ عَن ظَهْرِ فَرسه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: {وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا} (العنكبوت: 33) أَي نُخَلِّصَكَ من الْعَذَاب وَأهْلك.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: أنْشد الْفراء، وَذكر أَن الكسائيّ أنْشدهُ:
أقولُ لِصَاحِبَيَّ وقَدْ بَدَا لِي
مَعالِمُ منْهما وهما نَجِيّاً
قَالَ الكسائيّ: أَرَادَ نَجِيّان، فَحذف النُّون. وَقَالَ الْفراء: أَي هما بِموضع نَجْوَى، فنَصب نَجِيّاً على مَذْهب الصِّفة.
وَفِي حَدِيث النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سافرتم فِي الجَدْبِ فاسْتَنْجو) ، مَعْنَاهُ: أسْرِعوا السّير وانجُوا.
وَيُقَال للْقَوْم إِذا انهزَموا: اسْتَنْجُوا، وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد: أوَّلُنا إِذا غَدَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجيْنا) أَي هُوَ حامِيَتُنا، إِذا انهزمنا يَدْفع عَنَّا.(11/136)
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ نُلْقيكَ عُرياناً لتَكون لمن خَلْفك عِبْرة، وَقيل: نُلْقيكَ على نَجْوَةٍ من الأرْض.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَّجْوَةُ الْمَكَان الْمُرْتَفع الَّذِي تَظُنُّ أَنه نَجاؤك.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقال للوادي نَجْوَة، وللجَبْلِ نَجْوَة، وللجَبَلِ نجوة، فأمَّا نَجْوَةُ الْوَادي فَسَنَداه جَمِيعًا مُستقيماً؛ ومُسْتَلْقِيا، كُلُّ سَنَدٍ نَجْوة وَكَذَلِكَ هُوَ من الْجَبَل وَمن الأكمة، وكُلُّ سَنَد مُشْرِفٍ لَا يَعْلوه السَّيل فَهُوَ نَجوَةٌ من الأَرْض. وَهِي النجوَات. والرّمل كُله زعم نجوة؛ لأنَّه لَا يكون فِيهِ سَيْلٌ أبدا؛ ونَجْوَةُ الْجَبَل: مَنْبِتٌ للبقل، وَيُقَال: نَجَوْتُ الْجِلْدَ إِذا أَلْقَيْتَه عَن الْبَعِير وَغَيره. وَأنْشد:
فَقُلْتُ: انْجُوَا عَنْها نَجَا الْجِلْدِ إنَّه
سَيُرْضِيكُما مِنْهَا سَنَامٌ وغارِبُهْ
وَقد نَجَوْتُ فلَانا، إِذا اسْتَنْكَهْتَه، قَالَ الشَّاعِر:
نَجَوْتُ مُجَالِداً فوجدْتُ مِنْهُ
كَريحِ الكلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ
وَنَجَوْتُ الْوَتَر واسْتَنْجَيْتُه؛ إِذا خَلَّصْتَه وَأنْشد:
فَتَبازَتْ فتبازَخْتُ لَهَا
جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجِي الْوَتَر
وَقيل: أصل هَذَا كُله من النَّجْوَة، وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض؛ وَقيل: إِن الاسْتَنجاء من الحَدَثَ مأخوذٌ من هَذَا؛ لِأَنَّهُ إِذا أَرَادَ قَضاء الْحاجَة اسْتَتَر بنجْوَةٍ من الأَرْض.
وَقَالَ عَبِيد:
فَمن بِنَجْوَتِه كمنْ بعَقْوَتِهِ
والْمُستَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِفرْوَاحِ
نجأ: قَالَ اللّحيانيّ: يُقَال للرَّجل الشَّديد الإصَابَة بِالْعينِ: إنَّهُ لَنَجُؤُ الْعين، على فَعُل ونَجُوء الْعَين على فَعُول، ونَجِيءُ الْعين على فَعِلَ، ونَجِيءُ الْعين على فعيل. وَقد نَجأْتَه وتَنَجأْته، أَي أصَبْتَهُ. وَيُقَال ادْفع عَنْك نَجْأَةَ السَّائل، أَي أعْطه شَيْئا مِمَّا تأَكل لتدفع بِهِ عَنْك شِدَّةَ نَطَره، وأنشده:
أَلا بِكِ النَّجْأَةُ يَا ردَّادُ
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، والأمَوِيّ: نَجَأْتُ الدَّابَّةَ وَغَيرهَا، أَي أصَبْتُها بعيني، وَالِاسْم: النّجأَة.
ونج: قَالَ اللَّيْث: الْوَنَج ضَرْبٌ من الصَّنْجِ ذِي الأوْتار، وَقَالَ غَيره: الْوَنْجُ: مُعَرّب، وَأَصله: وَنَهْ، والعربُ قَالَت: الْوَنُّ بتَشْديد النُّون.
نأج: قَالَ اللَّيْث: نأَجَ الْبُومُ، يَنْأَجُ نَأْجاً، والإِنسانُ إِذا تَضَرّع فِي دُعَائِهِ نَأَجَ إِلَى الله، بَنْأَجُ، وَهُوَ أضْرعُ مَا يكون وأحْزَنُه، وَأنْشد:(11/137)
فَلَا يَغرَّنَّكَ قولُ النُّؤَّجِ
الْخَالجِين القولَ كلُّ مَخْلَجِ
وَقَالَ العجاج فِي الْهَام:
واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا
وَقَالَ غَيره: النَّائِجاتُ الرِّياحُ الشَّديدةُ الْهُبوب، ونَأَجَت الإبِلُ فِي سَيرها، وَأنْشد ابْن السِّكّيت:
قَدْ عَلِمَ الأحْماءُ والأزَاوِيجْ
أنْ لَيْس عَنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤوج
قَالَ: والْمَنْؤوجُ الْمَعْطُوفُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: النَّؤوج الريحُ الشَّديد المرّ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: نَأَج الخبرُ: ذَهَب فِي الأرْض.
أجن: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أجِنَ المَاء يَأْجِنُ أُجُوناً، إِذا تَغير غير أَنه شَرُوب. وأسِنَ يأسَنْ أسَناً وأسُوناً، وَهُوَ الَّذِي لَا يَشْربه أحد من نَتْنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: أجُونُ المَاء، وَهُوَ أنْ يَغشاه الْعِرمِضُ والْوَرَقُ.
وَقَالَ العجاج:
عَلَيهِ من سَافِي الرِّياحِ الْخُطَّطِ
أَجْنٌ كِنِّي اللّحْم لم يُشَيَّطِ
قَالَ: ولغة أُخْرَى: أجِنَ يأجَنُ أجَناً.
سَلمَة، عَن الْفراء: يُقَال: إجَّانة وإنجانه وإلْجانَة، بِمَعْنى وَاحِد وأفصحُها إجَّانَة.
وجن: قَالَ اللَّيْث: الوَجْنَةُ مَا ارتفعَ من الخدَّين، الشِّدْق والمَحْجِر، والأَوْجَنُ من الجِمال، والْوَجْنَاءُ من النُّوق: ذَات الوَجْنَةِ الضَّخْمَة، وقَلَّما يُقَال: جَمَلٌ أَوْجَن، وَيُقَال: الوَجْنَةُ: الضخمة، شُبِّهَت بالوَجِين من الأَرْض، وَهُوَ مَتْنٌ ذُو حِجَارةٍ صَغِيرَة.
أبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الوَجِينُ: العارِضُ من الأَرْض يَنْقَادُ ويرتفعُ، وَهُوَ غَليظ.
شَمِر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الأوْجَنُ: الأفْعَلُ من الوَجِين، فِي قَول رُؤْبة:
أَعْيَسَ نَهَّاضٍ كَحَيْدِ الأَوْجَن
قَالَ: والأَوْجَن الجَبَلُ الغَليظ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَجِينُ قُبُلُ الجَبَلِ وسَنَدُه، وَلَا يكون الوَجِينُ إلاَّ لِوَادٍ وَطِىء، يُعَارِضُ فِيهِ الوادِي الدَّاخِل فِي الأَرْض الَّذِي لَهُ أَجْرافٌ كأَنَّها جُدُر، فَتلك الوُجُنُ والأسناد، قَالَ: والناقةُ الوَجْناء تُشَبَّهُ بالوَجِين، وَهِي الْعَظِيمَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِنَّمَا سُمِّيت الوَجْنَةُ وجْنَةً لِنُتُوئها وغِلَظِها.
ابْن السّكيت، عَن الْفراء: حكى الْكسَائي: وُجْنَةٌ وأجْنَةٌ وَوَجْنةٌ، قَالَ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: وِجْنَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا أَدْرِي أيُّ مَنْ وَجَّنَ الجِلدَ هُوَ؟ أيْ أيُّ النَّاس هُوَ؟(11/138)
وَقَالَ اللِّحيانيّ: المِيَجَنة الَّتِي يُوجَّن بهَا الأدِيم، أَي يُدَقُّ لِيَلِين عِنْد دِباغِه، وَوَجَنَت الدَّابِغَةُ أدِيمَها، إِذا دَقَّته.
وَقَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:
وَلم أرَ فيمَنْ وَجَّنَ الجِلدَ نِسْوَةً
أسَبَّ لأضْيافٍ وأقْبَحَ مَحْجِرا
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: المِيجَنة المِدَقَّة، وَجَمعهَا: مَوَاجِن، وأنشدنا عَن المفَضّل لعامر بن عُقيل السَّعديّ:
رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خَاطِئاتٌ
وأسْتَاهٌ على الأكْوارِ كُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: وَجَّنْتُ بِهِ الأرضَ، وعَدَّنْتُ ومَرَّنْتُ، إِذا ضَربتَ بِهِ الأَرْض.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّوَجُّن: الذُّلُّ والخُضوع، وَامْرَأَة مَوْجُونَة، وَهِي الخَجِلَةُ من كثْرةِ الذُّنوب.
ابْن السِّكيت: رَجُلٌ مُوَجَّن إِذا كَانَ عَظِيمَ الوَجَنَات.
جون: قَالَ اللَّيْث: الجَوْنُ الأسْوَدُ اليَحْمُومِيُّ، وَالْأُنْثَى جَوْنَة، والجميع جُون، وَيُقَال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ من بَعِيد، وكلّ حمارِ وَحْشٍ جَوْنٌ من بعيد، وعينُ الشَّمْس تُسَمّى جَوْنَة، وكلُّ لونِ سوادٍ مُشْربٍ حُمْرَة جَوْن، أَو سوادٍ مُخالِطُه حُمْرة كلَوْنِ القَطا.
ابْن السِّكيت: القطا ضَرْبَان: جُونيُّ وكُدْرِيُّ، أَخْرجُوهُ على فعْلِيّ؛ فالجُونيُّ والكُدْرِيُّ وَاحِد، والضَّربُ الثَّانِي: القَطاط.
قَالَ: والكُدْرِيُّ والجُونيُّ مَا كَانَ أكْدَر الظّهْر أسْود باطِنَ الْجنَاح مُصْفَرَّ الحَلْق قصير الرِّجْلين، فِي ذَنَبه رِيشَتان أطولْ من سَائِر الذَّنب.
قَالَ: والقَطاطُ مِنْهُ مَا كَانَ أسود بَاطِن أجنحته، وطالت أرْجُله، واغْبَرَّتْ ظُهُوره، غُبرة لَيست بالشديدة، وعظمت عُيونه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُونَةُ سُلَيْلَةٌ مستديرة مُغَشَّاةُ أَدَماً، تكون مَعَ العطَّارين، وَجَمعهَا جُوَنٌ وَمِنْهُم من يهمز الجُؤَن. وَقَالَ الْأَعْشَى:
إذَا هُنَّ نَازَلْنَ أَقْرانَهُنَّ
وَكَانَ المِصاعُ بِمَا فِي الجُوَنْ
يصف نسَاء تَصَدَّيْن للرِّجَال حاليات.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّجوُّنُ تَبْيِيض بَاب العَروس، والتَّجوُّنُ تَسْوِيدُ بَاب الميّت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَوْنُ الأسْودَ، والجَونُ الأبْيض. قَالَ وأتِيَ الحجاجُ بِدِرْعٍ وَكَانَت صافِية، فَجعل لَا يَرى صَفاءها، فَقَالَ لَهُ فلَان، وَكَانَ فَصيحاً: إِن الشَّمْس جَوْنَة، يَعْنِي أَنَّهَا شَدِيدَة البَرِيق، والصفاء فقد قَهَرَتْ لونَ الدِّرع، وَأنْشد الأصمعيّ:
غَيَّر يَا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْنِي
طولُ اللَّيالي واختلافَ الجَوْنِ
يريدُ النَّهار. وَقَالَ آخر:(11/139)
يُبَادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا
وَقَالَ الفرزدق:
وجَوْنٍ عَلَيْهِ الجِصُّ فِيهِ مَرِيضةٌ
تَطَلَّعُ مِنْهَا النَّفْسُ والمَوْتُ حاضِرُهُ
قَالَ: والجَوْن هَا هُنَا: الْأَبْيَض، يصف قصراً أَبيض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الجَوْنَةُ الْعَجَمَة، قَالَ: وَيُقَال لِلْخابِية جَوَنة، وللدّلْو إِذا اسْوَدَّتْ جَوْنة، ولِلْعَرَق جَوْنٌ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لماتِحٍ، قَالَ لماتِحٍ فِي الْبِئْر:
إنْ كانَتِ أُمّاً امَّصَرت فَصُرَّها
إنَّ امِّصَارَ الدَّلو لَا يَضُرُّها
أَهيَ جُوَيْنٌ لاَقِها فبِرَّها
أَنْتَ بِخيْرٍ إِن وُقيتَ شَرَّها
فأَجابه:
وُدِّي أُوَقَّيَ خَيْرَها وشَرّهَا
قَالَ: مَعْنَاهُ: على وُدِّي فأَضْمر الصّفة، وأَعملها.
وَقَوله: أَهِيَ جُوَيْن، أَرادَ أَخِي كَانَ اسمُه جُوَيْنا، وكل أَخ يُقَال لَهُ: جُوَيْنٌ، وجَوْنٌ.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الجَوْنَان: طَرَفا القَوْس.
نوج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ناجَ يَنُوجُ، إِذا راءى بعَمَله، قَالَ: والنَّوْجَةُ، الزَّوْبَعَةُ من الرِّياح.
(بَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف (وَا يء)
جَفا، جفأ، جَاف، فجأ، وجف، فَوْج، (فاج) .
جَفا: عَمْرو، عَن أَبِيه: الْجُفايةُ السَّفِينَةُ الْفَارِغَة، فَإِذا كَانَت مَشْحونَةً فَهِيَ غامِدُ وآمِد، وَيُقَال أَيْضا: غامِدَةٌ وآمِدَةٌ، والْخِنُّ: الْفَارِغَةُ أيْضاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَفَا الشيْءُ يَجْفو جَفَاءً، ممدودٌ كالسَّرج، يَجْفو عَن الظّهر إِذا لم يَلْزَم، وكالْجَنْبِ يَجفو عَن الْفِراشِ، وتَجافَى مثله.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إنَّ جَنْبِي عَن الفِراشِ لَنَابٍ
كتَجافِي الأسَرِّ فَوق الظِّرابِ
والحُجةُ فِي أنَّ جَفا يكونُ لازِماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يَصفُ ثَوراً وَحْشِياً:
وَشَجَرَ الهُدَّابَ عَنهُ فَجَفَا
يَقُول: رفع هُدّاب الأَرْض بقَرْنه حَتَّى تجَافَى عَنهُ، وَيُقَال: جَافَيْتُ جَنبي عَن الْفراش فتجافِي، وأجْفَيْتُ الْقَتَبَ عَن ظَهْرِ الْبَعِير فَجفا.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: أجْفَيْتُ الماشيةَ فَهِيَ مُجْفَاةٌ، إِذا اتْعبْتَها وَلم تَدَعْها تَأْكُل، وَذَلِكَ إِذا سَاقهَا سَوْقاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَفَاءُ يُقْصَرُ ويمَدّ: نَقِيضُ(11/140)
الصِّلَة. قلت: الْجَفاءُ مَمدود عِنْد النَّحْوِيين، وَمَا عَلِمْتُ أحدا أجَاز فِيهِ الْقَصْرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: والجَفْوَة ألْزمُ فِي تَرْك الصلّة من الْجفَاء، لأنّ الْجفَاء قد يكون فِي فَعَلاته إِذا لم يكن لَهُ مَلَقٌ وَلَا لَبَق.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عليّ بن حَرْب، قَالَ: حَدثنَا المحاربيّ عبد الرحمان بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحيَاء من الْإِيمَان، وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة، والبذَاء من الْجفَاء، والجفاءُ فِي النَّار) .
قلت: يُقَال جَفَوْتُه أجْفُوه جَفْوَةً، أَي مَرَّة وَاحِدَة، وجَفَاءً كثيرا، مصدر عَام، والجفاءُ يكون فِي الخِلْقَة والخُلُق، يُقَال: رجل جافِي الخِلْقَة، وجافِي الخُلُقِ، إِذا كَانَ كَزّاً غليظَ العِشْرة، وَيكون الْجفاء فِي سُوء الْعِشْرَة، والْخُرْق فِي الْمعاملة، والتَّحامل عِنْد الْغَضَب، والثَّوْرَة على الجليس.
ابْن السِّكّيت، يُقَال: جَفَوْتُه فَهُوَ مَجْفُوٌّ، وَجَاء فِي الشِّعْر مَجْفِيّ، وَأنْشد:
مَا أنَا بالجَافِي وَلَا الْمجْفِيُّ
بُنِيَ على جُفِي فَهُوَ: مَجْفِيّ. وَالْأَصْل مَجْفوّ.
جفأ: قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
قَالَ الْفراء: أَصله الْهَمْز، يُقَال: جَفَأَ الْوادِي غُثَاءَه جَفْأً، وَقيل الجُفَاء كَمَا يُقَال الغُثاء، وكلُّ مصدر اجتَمع بعضُه إِلَى بعض، مثل الْقُماش، والدُّقَاق، والحُطام، مصدرٌ يكونُ فِي مَذهبِ اسْم على هَذَا الْمَعْنى، كَمَا كانَ العَطاءُ اسْما للإعطاء، فَكَذَلِك القُماش، لَوْ أرَدْت مصدرا، قلت: قَمشْتُه قَمْشاً.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجُفَاء مَا جَفَأَةُ الوادِي إِذا رَمَى بِهِ، وَيُقَال: جَفَأَتِ القِدْر بزَبَدِها.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال جَفَأْتُ الغُثاءَ عَن الوَادي، وجَفَأْتُ القِدْرَ، أَي مَسَحْت زَبَدَها الَّذِي فوقَها من غَلْيها، فَإِذا أمَرْتَ قلت: اجفَأْهَا، وَيُقَال: أجفَأَت الْقِدْرُ، إِذا عَلا زَبَدُهَا. وَقَالَ غَيره: تَصْغِير الجُفَاء جُفَيْءٌ، وتصغير الغُثاء غُثَيُّ بِلَا هَمْز.
وَقَالَ الزّجاج: مَوضعُ قَوْله: {فَيذْهَبُ جُفَاءً نَصْبٌ على الْحَال. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال جَفَأْتُ الرَّجلَ، إذَا صَرَعْتَه، قَالَ: وأجفَأَت الْقدْرُ بزَبَدِها، إِذا ألْقَت زَبَدَها، من هَذَا اشْتقاقه.
وروى ابْن جبلة عَن شِمر عَن ابْن الأعرابيّ: تجَفَّأت الأرضُ: إِذا رُعِيَتْ.(11/141)
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جفأتُ النَّبْتَ واجتفأته، إِذا قلعته.
وَأَخْبرنِي عَن الطوسي عَن أَحْمد بن الْحَارِث عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: تَجفَّأت الأرضُ إِذا أكل نبتَها الجدْبُ.
قَالَ: وَقَالَ فِي قَوْله: وتجتفِئوا بَقْلاً. قَالَ: تصيبوا بقلا، وَأنْشد:
فَلَمَّا رَأَتْ أنَّ البلادَ ثجفَّأتْ
أَي أُكل نبتها.
وَقَالَ أَبُو عَوْن الحِرمازِيّ: أجفَأَتُ الْبابَ وجَفَأْتَه، إِذا فتَحْتَه، وَيُقَال: جَفَأتُ القِدْرَ جَفْأً، وكَفَأْتَها كَفْأً، إِذا قَلَبْتَها، فصَبَبْتَ مَا فِيهَا، حَكَاهُ النَّضر. وَأنْشد:
جَفْؤكَ ذَا قِدْرِكَ للضِّيفانِ
جَفْؤٌ على الرُّغفَانِ فِي الجفانِ
خَيرٌ من العَكِيسِ بالألبان
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النبيّ حَرَّمَ يَوْم خَيْبر الحُمُرَ الأهلِيَّة فَجفَئوا القدورَ) ويُروى: (فأَجفئوا) أَي قَلَبُوها وفرَّغُوها.
جَوف جيف: أَبُو عبيد عَن الأُمويّ: رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف: جَائِع، وَقد جُئِفَ.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ الْكسَائي: جُيفَ فلانٌ وجُيثَ، إِذا ذُعر فَهُوَ مجؤوف ومجئوث.
وَفِي حَدِيث المبعَثِ: (فجَثيت فَرَقاً حِين رَأَيْت جِبْرِيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاف ضرب من الْخَوْف والفزع.
وَقَالَ العجاج:
كَأَن تحتي ناشِطاً مُجافاً
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: انجأفت النَّخْلَة وانجأَثَتْ، إِذا تقَعَّرت وَسَقَطت.
قَالَ اللَّيْث: الجَوْفُ مَعْرُوف، وَجمعه أَجْوَاف، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف، والجَوْفُ خَلاَءُ الجَوْفِ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْجَوف الوادِي، يُقَال: جَوْفٌ لاَخٌّ، إِذا كَانَ عَميقاً، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ: واسعٌ، وجوف زَقَبٌ: ضَيِّق، وباليمين وادٍ يُقَال لَهُ: الْجَوْف، وَمِنْه قَول الراجز:
الْجَوْفُ خيرٌ لَك من أَغْوَاطِ
ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ
أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِياً بعَيْنِه أُضِيف إِلَى العَيْر، وعُرِفَ بِهِ.
أَبُو عبيد: رَجُلٌ مُجَوَّفٌ، جَبَانٌ لَا قَلْبَ لَهُ، وَمِنْه قولُ حَسّان:
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفيَانَ عَنِّي
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ(11/142)
أَي خَالِي الجوفِ من القَلْبِ.
وَيُقَال: جَافت الجيفة، واجْتَافَت، إِذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ، إِذا أَصَلَّتْ، وَجمع الجِيفة، وَهِي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه: جِيَف.
وَيُقَال: اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ، إِذا دَخل جَوْفَه، والْجُوَافُ: ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة. وَيُقَال: أَجَفْتُ البابَ فَهُوَ مُجَافٌ، إِذا رَدَدْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (أَجِيفوا الأبوابَ، واكْفِتُوا إِلَيْكُم صِبْيانِكم) .
وَيُقَال: طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه. وجافَه الدّواءُ فَهُوَ مَجُوفٌ، إِذا دخَل جَوفَه، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ: واسعُ الجَوف، قَالَ الشَّاعِر:
فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها
مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدتُه أجوَف.
عَمْرو، عَن أَبِيه: إِذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إِلَى حِقْوَيْهِ فَهُوَ مُجَوَّفٌ بَلَقاً، وأنشدَ:
ومُجَوَّفٍ بَلَقاً مَلكْتُ عنانه
يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا
أَرَادَ أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش، فيَصِيدُها، وقوائمه زَكاً، أَي ليْست خَمساً. وَلكنهَا أزوَاج، ملكْتُ عِنانه: أَي اشتريتُه وَلم أستعِرْه:
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أجوَف، وَهُوَ الْأَبْيَض الْبَطْن إِلَى منتهَى الجَنبَيْن، ولوْنُ سائِره مَا كَانَ، وَهُوَ المُجوَّف بالبَلَقِ، ومجوَّفٌ بَلَقاً، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة، وتِلاَعٌ جَوائف، وجوائفُ النّفس: مَا تَقَعّرَ من الْجوف، ومقارّ الرُّوح.
وَقَالَ الفرزدق:
ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه
زِياداً ورَدّ النفْسَ بَين الجَوائِفِ
وَفِي الحَدِيث: (لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ وَلَا جَيَّاف) . والجَيَّاف: النَّبَّاش، سُمِّيَ جَيَّافاً لِأَنَّهُ يَكْشِفُ الثيابَ عَن جِيَفِ الْمَوْتَى. قَالَ وَجَائِز أَن يكون سمي بِهِ لنتنِ فعله أَي لقبح فِعله.
ابْن شُمَيْل: الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار. وَكَانَت بَنو فَزَارَة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان. وَقَالَ سَالم بن دارة يهجو بني فَزَارَة:
أطعمتُمُ الضيفَ جُوفاناً مُخاتَلةً
فَلَا سقاكم إلاهي الخالقُ الْبَارِي
أَوله:
لَا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ
على قلوصِكَ واكتُبها بأَسْيار
لَا تأمنَنْه وَلَا تأمَن بَوائقَه
بعد الَّذِي امتلّ إير العَيْر فِي النَّار
وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي قَوْله: لَا تَنسَوا الجَوفَ وَمَا وَعَى، فِيهِ قَولَانِ، يُقَال: أَرادَ بالجَوفِ الْبَطْنَ والفَرْج، كَمَا قَالَ: إنَّ أَخْوَفَ مَا أخافُ عَلَيْكُم الأجْوفان،(11/143)
وَقيل: أَرَادَ بالجوف القَلْب، وَمَا وَعَى، أَي حَفِظَ من مَعْرِفةِ الله.
فجأ: قَالَ اللَّيْث: فَجَأَه الأمْرُ يَفْجَؤُه، وفاجَأَه يُفاجِئُه، وفَجِئَه يفجؤُه فجأَة، وكلُّ مَا هَجَمَ عَلَيْك من أمْرٍ لَمْ تَحتَسِبْه فقد فَجِئَكَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْجَأَ، إِذا صادَفَ صديقه على فَضيحة، وأفْجَى: إِذا وَسَّعَ على عِيَاله فِي النَّفَقة، قَالَ: والأفْجَى المُتَبَاعِدِ الْفَخذَينِ الشَّديدُ الْفَجَجَ، وَهُوَ الأفْجَجُ.
الأصمعيّ: فَجَا قَوْسَه يفجُوها، وقَوْسٌ فَجْوَاءُ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَمن ثَمَّ قيل: وَسَطُ الدّار فَجْوَة، وَيُقَال: بفلان فَجاً شَدِيد، إِذا كَانَ فِي رِجْليه انتِفاخ، وَقد فَجِيَ يَفجَا فجاً.
ابْن الأنباريّ: فَجِئَت النَّاقة، إِذا عظم بَطنهَا. والمصدر الفَجَأ مَهْمُوز مَقْصُور.
وَقَالَ شمر: فجأ بَابه يفجؤه، إِذا فَتحه بلغةِ طَيء، قالهُ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ، وأنشدَ للطرماح:
كجُبَّةِ الساج فَجا بابَها
صُبْحٌ جَلا خُفْرَةَ أهدامها
قَالَ: قَوْله فجا بَابهَا، يَعْنِي الصُّبْح، وَأما أجاف الْبَاب، فَمَعْنَاه ردَّه، وهما ضِدّان، وانفجى الْقَوْم عَن فلَان: انفرجوا عَنهُ وانكشفوا. وَقَالَ:
لما انْفجى الخَيلان عَن مُصعَبٍ
أدّى إِلَيْهِ قرضَ صاعٍ بِصَاع
فَوْج: وَقَول الله تَعَالَى: النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ} (النَّصْر: 2) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي جماعاتٍ كَثِيرَة بعد أنْ كَانُوا يدْخلُونَ فِي الدِّين وَاحِدًا وَاحِدًا، واثنين اثْنَيْنِ، صَارَت الْقَبِيلَة بأَسرها تدخل فِي الْإِسْلَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الفوْج قطيعٌ من النَّاس، وَجمعه أَفواج، قَالَ: والفائجُ من قَوْلك مَرَّ بِنَا فائجُ وَليمةِ فلَان، أَي فَوْجٌ مِمَّن كَانَ فِي طَعامه، قَالَ: والْفائج من الفَيْج، كَأَنَّهُ مشتقٌّ من الفارسية وَهُوَ رَسُول السُّلْطَان على رِجْله، والفُيُوج: جمَاعَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الفَيْج الْجَمَاعَة من النَّاس.
قلت: وَأَصله فَيِّج من فاجَ يَفُوج، كَمَا يُقال: هَيِّن، من هَانَ يَهُون، ثمَّ يُخَفَّف فَيُقَال: هَيْنٌ. ويُجمع الفَوْج أَفاوِيج.
وَقَول عَدي:
أمْ كَيف جُزْتَ فُيُوجاً حَولهمْ حَرَسٌ
وَمُتْرَصاً بَابُه بالسَّكِّ صَرَّار
قيل: الفُيُوج الَّذين يدْخلُونَ السجْن وَيخرجُونَ يَحرسون.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الفوائج مُتَّسَعُ مَا بَين كلِّ مُرْتفعين من غِلَظٍ أَو رمل، واحدتها فائجة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفائج البِساطُ الْوَاسِع(11/144)
من الأَرْض.
وَقَالَ حُميد الأرقط:
إلَيْكَ رَبَّ الناسِ ذَا المعارجِ
يَخْرُجْنَ من نَخْلة ذِي مَضَارجِ
فِي فائجٍ أفْيَجَ بعد فائجِ
وَقَالَ آخر:
باتَتْ تَدَاعَى قَرَباً أَفائجا
تَدْعو بذَاك الدّحَجانَ الدّارِجا
أفائج وأفاوج يجمع أفْواج، أَي باتَتْ تَقْرُب المَاء فَوْجاً بعد فَوْج، قد رَكِبَتْ رؤوسها لقرب المَاء، وَقَالَ العجاج يصف القمة:
وَيَأْمُر البعّال أَن يموجا
وجبل الأمرار أَن يفيجا
يفيج: يجْرِي.
فِي النّفْر حِين رِيعَ واستُفيجا
أَي استُجِفَّ ففاج يفيج.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: أفاجَ الرجلُ فِي الأَرْض، إِذا ذَهبَ فِيهَا.
وَأنْشد:
لَا تَسْبِق الشَّيْخَ إِذا أفَاجَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْفَائِجة، كَهَيئَةِ الْوَادي بَين الجبلين، أَو بَين الأبْرَقَين، كَهَيئة الخَليف إلاّ أَنَّهَا أوسع، وَجَمعهَا فوائِج.
وجف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} (النازعات: 8، 9) .
قَالَ الزّجاج: واجِفَة، شَدِيدَة الاضْطراب. وَقَالَ قَتادة: وَجَفتْ ممّا عَايَنتْ.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: واجِفَةٌ، خائِفَة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ} (الْحَشْر: 6) ، يَعْنِي مَا أفَاءَ اللَّهُ على رَسُوله من أمْوال بني النَّضِير، مِمَّا لم يُوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ خَيْلاً وَلَا ركاباً، والرِّكاب: الْإِبِل، والوَجيف: دُونَ التَّقريب من السَّير.
يُقَال: وَجَفَ الفَرَسُ وأوْجَفْتُه أَنا.
وَقَالَ اللّيث: الْوَجْفُ: سُرَعة السَّير.
يُقَال: وَجَفَ البعيرُ يَجِفُ وجِيفاً، وأوْجَفَهُ رَاكِبُه.
قَالَ: وَيُقَال: رَاكِبُ البَعيرِ يُوضِع، وراكبُ الْفرس يُوجِف.
قلت: الوَجِيفُ يصلُحُ للبعير وَالْفرس.
وَيُقَال: اسْتوجَفَ الحُبُّ فُؤادَه: إِذا ذَهَب بِهِ، وَأنْشد:
ولكِنَّ هذَا الْقَلبَ قَلْبٌ مُضَلَّلٌ
هَفَا هَفْوَةً فاسْتَوجَفَتْهُ المقادِرُ
(بَاب الْجِيم وَالْبَاء)
ج ب (وَا يء)
جبا، جاب، جأب، جبأ، باج، وَجب.
جبأ: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الْجَبا مَقْصُورٌ مَا حَوْلَ الْبِئْر، والجِبا بِكسر الْجِيم: مَا جَمَعت فِي الْحَوْض من المَاء، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: جُبْوَةٌ وجِباوَةٌ. قلت:(11/145)
الجِبَى مَا جُمع فِي الْحَوْض من المَاء الَّذِي يستقى من الْبِئْر. قَالَ ابْن الأنباريّ وَهُوَ جمع جُبْيَة، قَالَ: والجَبَى مَا حول الْحَوْض يكْتب بِالْيَاءِ، والجَبَا: مَوضِع.
الكِسَائيّ: يُقَال مِنْهُ جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض أجبِيه جَبًى مَقْصُور. وَقَالَ شمر: جَبَيتُ أجِبي جَبْياً، وجَبَوْتُ أجْبُو جَبْواً وجِبَايَةً وجَبَاوةً، والْجَابِي: الْجَرادُ.
وَقَالَ الهُذَليّ:
صَابُوا بِسِتَّةِ أبْيَاتٍ وأرْبَعةٍ حَتَّى كأنّ عَلَيْهم جابياً لُبَدَاً
وهَمَزَ الأصمعيّ: الْجَابيءُ، الجَرادُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، الْعَرَب تَقول: إِذا جَاءَت السّنَةُ جَاءَ مَعهَا الْجَابي والْحَابي؛ فالجابي: الجرادُ، والحابي: الذِّئب وَلم يهمِزْهما قَالَ شمر: أَخْبرنِي يزِيد بن مُرة عَن أبي الْخطاب قَالَ: الاجباء: بيع الْحَرْث قبل صَلاحه. قلت: أَبُو الْخطاب هُوَ الْأَخْفَش الْكَبِير، وَهُوَ من الثِّقَات.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا} (الْأَعْرَاف: 203) مَعْنَاهُ: هَلاّ اجتَبَيتَها، هلا اخْتلقتها وافْتَعَلَتها من قِبلَ نفسِك وَهُوَ فِي كَلَام الْعَرَب جَائِز أنْ تَقول: لقد اختارَ لَك الشيءَ واجْتبَاهُ وارْتَجَلَه.
وَقَالَ الله: {وَكَذالِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} (يُوسُف: 6) .
قَالَ الزّجّاج: مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ يَختارُك ويَصْطَفِيكَ، وَهُوَ مُشْتَقّ من: جَبَيْتُ الشَّيْء، إِذا حَصّلْتَه لنفسِك، وَمِنْه: جَبَيْتُ الماءَ فِي الْحَوْض.
قلت: وجِبَايَةُ الخَرَاج جَمْعُه وتحْصِيلُه، مأخُوذة مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث وَائِل بن حجر أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتبَ لَهُ فِي كِتَابه: (وَمَنْ أَجْبَى فقَدْ أرْبَى) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الإجْبَاءُ بَيْعُ الحَرْثِ قبلَ أَن يَبْدُوَ صَلاحُه، وَقيل: (مَنْ أَجْبَى فقَدْ أَرْبَى) ، أَي من عَيَّنَ فقد أرْبَى.
أَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: (من أجْبَى فقد أربى) . فَقَالَ: لَا خِلافَ بَيْننَا، أنهُ من بَاعَ زَرْعاً قبل أَن يُدْرِك، كَذَا قَالَ أَبُو عبيد، فَقيل لَهُ: قَالَ بَعضهم: أَخطَأ أَبُو عُبيد فِي هَذَا، من أَيْن كَانَ زَرْعٌ أَيَّام النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَقَالَ: هَذَا أحْمق. أَبُو عبيد تَكَلّمَ بِهَذَا على رُؤُوس الخَلْق وَتكلم بعده الخلقُ من سنة ثمانَ عشْرَة إِلَى يَوْمنَا هَذَا لم يُرَدّ عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الإجْبَاءُ أَن يُغَيِّبَ الرجلُ إبلَه عَن المُصَّدِّق، يُقَال: جَبَأَ عَن الشَّيْء، إِذا تَوَارَى عَنهُ، وأجبَأْتُه، إِذا(11/146)
وَارَيْتَه، وجَبَأَ الضَّبُّ فِي جُحْره إِذا اسْتَخْفَى، ورَجُلُ جُبَّأٌ جَبَأٌ، وَأنْشد:
فَمَا أَنا من رَيْبِ الزَّمانِ بِجُّبَّأٍ
وَمَا أَنا مِنْ سَيْبِ الإلاه بآيِسِ
وَحدثنَا السَّعْدِيّ عَن عَليّ بن حَرْب، عَن مُحَمَّد بن حُجر، عَن عَمه سعيد، عَن أَبِيه، عَن أمه عَن وَائِل بن حُجر، قَالَ: كتب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا جَلَبَ وَلَا جَنَب وَلَا شِغار وَلَا رِواط، وَمن أجْبَى فقد أرْبَى) وفسّر من أجبى فقد أربى، أَي من عيَّن فقد أربى، وَهُوَ حسن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَأتُ عَلَيْهِ، خرجتُ عَلَيْهِ، وجَبأت عَنهُ، إِذا تواريت. أَخْبرنِي المنذرِيّ عَنهُ بِهِ.
أَبُو زيد: يُقَال: جَبأتُ عَن الرَّجل وَغَيره جُبُوءاً، إِذا خَنَسْتُ عَنهُ.
وَأنْشد:
وهلْ أَنا إلاّ مِثلُ سَيِّقَةِ العِدَا
إِن استَقْدَمتْ نحْرٌ وَإِن جبأَتْ عَقْرُ
وَيُقَال: جَبَأَتْ عَلَيَّ الضّبُعُ جُبُوءاً، إِذا خَرجتْ عَلَيْك مِنْ جُحْرِها.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت كريهة المَنظرِ لَا تُسْتَحلَى: إنْ العيْن لَتُجبَأُ عَنْهَا.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر الْهِلَالِي:
ليستْ إِذا سَمِنتْ بجابئةٍ
عَنْهَا العُيونَ كريهةَ المَسِّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجُبَّأُ مهموزٌ مَقْصُور: الجَبَان.
أَبُو عَمْرو: الجبّأ: النَّاجِي من الْأَمر الَّذِي انفلت مِنْهُ، وَأنْشد:
وَمَا أَنا من ريب الْمنون بجُبَّأ
وَيُقَال: جَبَأَ عَلَيْهِ الأسْوَدُ من جُحْرِه، إِذا خرج عَلَيْهِ، يَجبَأ جَبْأ وجُبُوءاً، وجَبَأْتُ عَن أَمر كَذَا وَكَذَا إِذا هِبتَهُ، وارْتَدعتَ عَنهُ. والجَبْأَةُ: خَشَبَةُ الحَذّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَقَالَ الجعديّ:
فِي مِرفَقيْهِ تَقارُبٌ وَله
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخزَمِ
والجَبْأ: حُفْرَةٌ يستنقعُ فِيهَا المَاء. وَيُقَال: الجَبْيُ للحفرة، وَيجمع جُبِيّاً.
قَالَ جندل:
مثل الجُبيّ فِي الصّفا الصهارج
أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ: من الكمأَة والجَبَأَة. قَالَ، وَقَالَ أَبُو زيد: الجِبَأَة) الحُمُرُ مِنْهَا، وَوَاحِد الجِبَأَة جَبْء، وَثَلَاثَة أجْبُؤ.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
إنْ أُحَيْحاً ماتَ من غيرِ مَرَضْ
ووُجْدَ فِي مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمض
عَسَاقِلٌ وجِبَأٌ فِيهَا فَضَضْ
عَسَاقِل: بِيض، وجِبَأ: سُود.(11/147)
أَبُو زيد: أجبَأَتِ الأَرْض فَهِيَ مُجْبِئةٌ، إِذا كثُرَتِ جِبَأَتُهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجُبّاءُ من النِّسَاء بِوَزْن جُبّاع: الَّتِي لَا تَروعُ إِذا نظَرتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الَّتِي إِذا نَظَرت إِلَى الرّجال انْخَذَلَتْ راجِعَةً لِصِغَرِها.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وطَفْلَةٍ غيرِ جُبّاءٍ وَلَا نصفٍ
مِنْ دَلِّ أمثالِها بادٍ ومكتومُ
كأَنَّه قَالَ: لَيست بصغيرة وَلَا كَبِيرَة.
ويُروَى: غير جُبّاع، وَهِي القصيرة، وَقد مر تَفْسِيره شبَّهها بسَهمٍ قصير يَرمِي بِهِ الصبيانُ: يُقَال لَهُ: الجُبّاع. وَيُقَال: ناقةٌ بجَاوِيّةٌ، تُنسبُ إِلَى بجَاوَة، وَهِي أَرض النّوبَة، بهَا إبلٌ نجايب.
وَقَالَ الطرماح:
بَجَاوِيّةٍ لم تَسْتَدِرْ حولَ مَثْبِرٍ
ولَم يَتَخَوَّن دَرَّهاضَبُّ آفِن
وَفِي الحَدِيث: أَن وَفد ثَقِيف اشترطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألاّ يُعشَروا وَلَا يُحشَروا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا خيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ) .
قَالَ شِمر: معنى قَوْله ألاّ يُجَبُّوا، أَي أَلا يَركعوا فِي صلَاتهم وَلَا يسجدوا كَمَا يفعل الْمُسلمُونَ، والعَربُ تَقول: جَبَّى فُلان تَجْبِيَةً، إِذا أكَبَّ على وَجهه باركاً، أَي وَضَعَ يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ مُنْحَنياً، وَهُوَ قَائِم.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعود: أَنه ذكر الْقِيَامَة والنْفْخَ فِي الصُّور، قَالَ: فَيقومُونَ فَيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رَجلٍ وَاحِد قيَاما لرَبِّ الْعَالمين.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله يُجَبُّون، التجْبِيَة تكون فِي حَالين:
أَحدهمَا: أَن يضع يَديه على رُكبتَيه، وَهُوَ قَائِم، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي فِي الحَدِيث، أَلا ترَاهُ قَالَ: (قِياماً لرب الْعَالمين) ؟
وَالْوَجْه الآخر: أَن يَنْكَبَ على وَجهه بارِكاً، وَهَذَا الْوَجْه الْمَعْرُوف عِنْد النَّاس وَقد حمله بعض النَّاس على قَوْله: (فَيخِرُّون سُجَّداً لربِّ الْعَالمين) . فَجعل السُّجُود هُوَ التّجْبِيَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَبَى المالَ يَجبِيهِ، وجَباهُ يَجْبَاه، قَالَ: وَهَذَا ممَّا جَاءَ نَادرا، مثل أبَى يَأبَى.
جوب جيب: قَالَ الله جلّ وَعز: {الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (الْفجْر: 9) .
قَالَ الْفراء: جابُوا: خرقوا الصّخْر، فاتخذوه بُيُوتًا فارِهين. وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الزَّجاج: واعتبره بقوله {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} (الشُّعَرَاء: 149) .
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْبُ قَطعك الشيءَ كَمَا يُجاب الْجَيبُ، يُقَال: جَيْبٌ مجوبٌ ومُجَوَّبٌ، قَالَ: وكل مُجَوَّفٍ وسطُه فَهُوَ(11/148)
مَجُوبُ. وَقَالَ الراجز:
واجتَابَ قَيظاً يَلْتَظِي التظَاؤُها
اجْتَابَ لَبِسَ.
أَبُو عُبَيد، عَن اليزيدي: جُبْتُ الْقَمِيص، إِذا قَوَّرتَ جَيْبَه، وجَيَّبْتُهُ، إِذا عَمِلْتَ لَهُ جَيْباً.
شَمرٌ، سَمِعت سَلمَة يَقُول: جِبتُ القميصَ وجُبْتُهُ، وَأنْشد:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَجَ الظلامِ
جَيْبَ البَيَطْرِ مِدْرعَ الهُمامِ
ابْن بُزُرْج: جَيَّبتُ القميصَ، وجَوَّبْتُه.
أَبُو عُبيد: الْجَوبُ التَّرْسُ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الجوابُ رَدِيدُ الْكَلَام، وَالْفِعْل: أجَابَ يُجِيبُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: أساءَ سَمْعاً فأسَاءَ جابةً.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جابةٌ اسمٌ يقوم مقَام الْمصدر، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: المالُ عارةٌ، وأطعتُهُ طَاعَة، وَمَا أُطيق هَذَا الْأَمر طاقَةً، فالإجابة مصدرٌ حقيقيّ، والجابه اسمٌ، وَكَذَلِكَ الْجَواب، وَكِلَاهُمَا يقومان مقَامَ الْمصدر.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى} (الْبَقَرَة: 186) .
قَالَ الْفراء، يُقَال: إِنَّهَا التّلْبِية.
وَقَالَ الزَّجاج: أَي فَلْيُجِيبوني، وَأنْشد:
وداعٍ دَعَا منْ يْجِيبُ إِلَى النَّدى
فَلم يَستَجبهُ عِنْد ذَاك مُجِيب
أَي فَلم يجبهُ أحد.
وجَيْبُ اللَّيْل: الصُّبح. قَالَه شمر.
قَالَ العجاج:
حَتَّى إِذا ضوءُ الْقَمِيص جَوَّبا
لَيْلًا كأثناء السَّدوس غَيْهبا
جَوَّبَ: نَوَّر، وكشف، وجلى.
وروى خَالِد الحذَّاء عَن أبي قُلابَة عَن ابْن عمر أَن رجلا نَادَى: يَا رَسُول الله، أَي اللَّيْل أجوَبُ دَعْوَة؟ قَالَ: (جَوف اللَّيْل الغابر) .
قَالَ شمر: قَوْله أجوَبُه من الْإِجَابَة، أَي أسرعه إِجَابَة، كَمَا يُقَال أطوعُ من الطَّاعَة. قَالَ: وَالْأَصْل جاب يجوب، مثل طاع يطوع.
وَقَالَ الْفراء: قيل لأعرابي يَا مُصاب، فَقَالَ: أَنْت أصوبُ مني. قَالَ: وأصل الْإِصَابَة من صاب يَصُوب إِذا قَصَد.
وَيُقَال: جُبْتُ البلدَ أَجُوبُهُ جَوْباً، إِذا قطعْته، واجْتَبْتُه مثله، وَيُقَال: اجْتَاب فلانٌ ثوبا، إِذا لبسه. وَأنْشد:
تحسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهَا فأَنْسَلهَا
واجتاب أخْرَى جَدِيدا بَعْدَمَا ابْتقلا
واجتاب: احتفر، وَمِنْه قَول لبيد:(11/149)
تجتابُ أَصْلاً قَائِما مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنقاءٍ يميلُ هيامُها
يصفُ بقرة احتفرت كِناساً تكْتَنُّ فِيهِ من الْمَطَر فِي أَصْلِ أرْطاةٍ، ورجلٌ جَوَّابٌ، إِذا كَانَ قَطَّاعاً للبلاد، سيَّاراً فِيهَا. وَمِنْه قَول لُقْمَان بن عَاد فِي أَخِيه:
جوَّاب ليلٍ سَرْمد
أَرَادَ أنَّه يَسْرِي ليله كُلَّه.
والجوْبةُ: شبْهٌ رَهْوَةٍ تكون بَين ظَهْرانَيْ دُور قوم يسيل إِلَيْهَا مَاء الْمَطَر، وكلُّ مُنْفَتقٍ يتَّسِع فَهُوَ جَوْبةٌ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْجَوْبةُ من الأَرْض الدَّارةُ من الْمَكَان المُنجَاب، الوطىء الْقَلِيل الشَّجر، سُمِّي جَوْبة لانجيَابِ الشَّجرِ عَنهُ، مثل الغائِط المستدير لَا يكونُ إِلَّا فِي جَلَدِ الأَرْض، والجميع جَوْبات وجُوب.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: جَابةُ المِدْرَى من الظِّبا، غير مَهْمُوز حِين طلع قرْنُه.
وَيُقَال: الملساءُ اللَّيِّنَة القَرْن.
وَقَالَ شمر: جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه، أَي حِين جاب قَرْنُها الجِلْدَ فطلع. وَهُوَ غير مَهْمُوز. والجوْبُ: التُّرس.
قَالَ لبيد:
فأجازني منهُ بطِرسٍ ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المِنْكبِ
يَعْنِي بِكُل حبشيّ جَوْبه فِي مَنْكِبه.
جأب: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَأَبَ وجَبَأَ، إِذا باعَ الجَأْبَ، وَهُوَ المَغْرَةُ.
قَالَ: والجأبُ: الكَسْب. وَقَالَ غَيره: الْجَأْبُ أَيْضا: السُّرّة.
أَبُو عُبيد: الجَأبُ الحمارُ الغليظ، وكاهلٌ جَأبٌ: غليظ، وخَلْقٌ جَأب: جافٍ غَليظ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فلمْ أَر إلاَّ آل كلِّ نجِيبةٍ
لَهَا كاهلٌ جَأبٌ وصلْبٌ مُكَدَّح
ابْن بزُرْج: جَأبةُ البَطْنِ، وجبْأتُهُ مَأنتُه وَيُقَال: هَل سمعتَ جائبةَ خبَر. وَقَالَ: يتنازعون جوائِب الْأَمْثَال، يَعْنِي سرائر تجوب الْبِلَاد. وَفُلَان فِيهِ جَوْبان من خُلَق، أَي ضَرْبان، لَا يثبت على خُلُق وَاحِد.
قَالَ ذُو الرّمة:
جُوبَينِ من هماهِمِ الأغْوال
أَي تسمع ضَرْبَيْنِ من أصوات الغيلان. وَفُلَان جَوَّاب جأَّب يجوب الْبِلَاد ويكسب المَال.
بوح بأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: باجَ الرّجُل يَبُوجُ بَوْجاً، إِذا أَسْفَرَ وَجهه بعد شُجوبِ السّفَر، وباجَ الْبَرْقُ يَبُوج بَوْجا(11/150)
ً وبَوَجَاناً، إِذا بَرَقَ، وتَبَوّجَ تَبَوُّجاً: مِثْله.
ابنُ بُزُرْج: بَعِيرٌ بائج، إِذا أعْيَا، وَقد باج، وبُجْتُ أَنا: مَشَيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ، وَأنْشد:
قد كُنت حِيناً تَرْتجِي رِسْلَهَا
فاطّرَدَ الحائِلُ والبائج
يُريدُ الْمُخِفُّ والمُثْقَل.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال انْبَاجَ البَرْقُ انبِيَاجاً، إِذا تَكَشَّفَ، وانبَاجَتْ عَلَيْهِم بَوَائِجُ مُنْكَرَة، إِذا تَفَتّحَت عَلَيْهِم دوَاهي.
وَقَالَ الشَّماخُ يَرثي عمرَ رَضِي الله عَنهُ:
قَضَيْتَ أُمُوراً ثُمّ غَادَرْتَ بَعدَها
بِوائِجَ فِي أكْمَامِها لم تُفَتّقِ
والبائج عِرق فِي بَاطِن الفخِذ، قَالَ الراجز:
إِذا وَجَعْنَ أبْهَراً وبايجا
وَقَالَ جندل:
بالكاسِ والأَيدي دَمُ البوائج
يَعْنِي الْعُرُوق المُتَفَتِّقَة.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: جاءَ فلَان بالبائِجَة والفَلِيقَةِ، وَهِي من أسماءِ الدّاهِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الباجَةُ الاخْتِلاط.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: البَاجُ يُهْمَز وَلَا يُهْمَز، وَهُوَ الطَّرِيقَة من المَحَاجّ المُسْتَوِيَة، وَمِنْه قَول عُمر: (لأَجْعَلَنَّ النَّاس بَاجاً وَاحِدًا أَي طَريقَة وَاحِدَة فِي الْعَطاء، ويجْمع بَأْج على أَبْؤُج.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: يُقَال: اجْعَلْ هَذَا الشَّيء بَأْجاً وَاحِدًا مهموزاً.
قَالَ: ويُقال أوَّل من تَكَلَّم بِهِ عُثْمَان، أيْ طَريقة وَاحِدَة، وَمثله: الْجَأْشُ، والْفَأْسُ، والرَّأْس.
وَجب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجْبُ والقَرْعُ: الَّذِي يوضع فِي النِّصال والرِّهان، فَمن سَبَق أخذَه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزَّ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا} (الْحَج: 36) . أَي سَقَطَتْ إِلَى الأَرْض جُنوبُها، فَكُلوا مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَال: وَجَبَ الْحَائِط يَجِب وَجْبَةً، أَي سَقَط، وَوَجَب القَلْب، يَجِبْ وَجِيباً: إِذا تَحَرَّكَ من فَزَع، ووجَب البيعُ وُجوباً وَجِبَةً، والمُسْتَقْبَلُ فِي كُلِّه يَجِبُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وجَبَ القَلْبُ وَجِيباً إِذا خفَق، وَوَجَبَت الشَّمْس تَجِبُ وجوبا إِذا سَقَطت، وَيُقَال للبَعير إِذا بَرك وَضرب بِنَفْسِهِ الأرْض، قد وَجَّبَ تَوْجِيباً، وأوْجَب فلانٌ البيعَ إِيجَابا، وَفُلَان يَأكل كل يَوْم وَجْبَةً، أَي مرّةً واحِدة، وَقد وَجَّبَ لِنَفْسِه تَوْجيباً.
وَفِي الحَدِيث: (من فَعل كَذَا وَكَذَا فَقَدْ أَوْجَبَ) ، أَي وَجبتَ لَهُ الجنَّة أَو النَّار. والمُوجِباتُ: الكبائِرُ من الذُّنُوب الّتي(11/151)
أوْجَبَ الله بهَا النَّار.
حدَّثنا السعديُّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرَ: كنتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين وَجَبَت الشَّمْس. فَقَالَ: يَا أَبَا ذرّ، هَل تَدْرِي أَيْن ذَهَبَتْ؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد بَين يَدي رَبهَا تستأذن فِي الرُّجُوع لَهَا مَكَانهَا قد قيل لَهَا ارجعي من حَيْثُ جئتِ، فَتَطلع وَذَلِكَ مُسْتَقر لَهَا.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ أقْوَاماً أتَوا النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رسولَ الله، إنَّ صاحباً لَنَا أوْجَب، فَقَالَ: (مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبة) .
قَالَ هُدْبَة بن خَشْرَم:
فَقلت لَهُ لَا تَبْكِ عينُك إنّه
بكَفَّي مَا لاقيتُ إِذْ حانَ مَوْجِبي
أَرَادَ بالموجِبِ موتَه، يُقَال: وَجَبَ: إِذا مَاتَ مَوْجِباً. وَأنْشد الْفراء:
وَكَأن مُهرِي ظلّ محتفراً
بقفا الأسنة مَغْرَةَ الجَأْبِ
والجأْبُ: مَاء لبني الهُجَيم عِنْد مَغْرَة عِنْدهم. وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا قَرَأت لَهُ فِي بعض النّسخ: المُوَجَّبُ من الدَّوَابّ الَّذِي يفزع من كل شَيْء، قلت: وَلَا أعرفهُ. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أَن ابْن الأعرابيّ أنْشدهُ:
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ فِي الْفراش
ووَجَّابةٍ يَحْتَمِي أَن يُجيبا
وَلَا ذِي تلازم عِنْد الحِيَاضِ
إِذا مَا الشّريبُ أنابَ الشّريبا
قَالَ: وجّابةٌ: فرق، دُمَّيجة: يندمج فِي الْفراش.
ابْن السّكيت، عَن أبي عَمْرو: الْوَجِيبَة أنْ يُوجِبَ الرجلُ البَيْعَ على أنْ يأخُذَ مِنْهُ بَعْضًا فِي كلِّ يَوْم، فَإِذا فَرَغَ قيل: قَد اسْتَوْفَى وَجِيبَتَه.
أَبُو زَيد، يُقَال: وَجَّبَ فلَان عِيَالَه تَوْجِيباً إذَا جَعَلَ قُوْتَهُمْ كُلّ يَوْم وَجْبَة.
قَالَ شَمِر: وأقرأنا ابنُ الأعرابيّ لِرُؤْبَة:
فَجَاء عَوْدٌ حِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ
مُوَجَّبٌ عَاريّ الضُّلوعِ جِرْضِمُه
قَالَ: مَوَجَّبٌ أَي لَا يَأكل فِي النَّهَار إِلَّا أكْلة وَاحِدَة، جِرْضِمٌ: عَرِيضٌ ضَخْم.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاء يَعودُ عبدَ اللَّهِ بن ثَابت فوَجَدَه قد غُلِبَ، فاستَرْجَعَ، وَقَالَ: غُلِبْنَا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع، فَصاحَ النِّساءُ وَبَكَيْن، فَجَعَلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعْهُنّ، فإِذا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ باكية، فَقَالُوا: ومَا الوُجُوب؟ قَالَ: إِذا مَاتَ) .
وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
أطاعَت بَنُو عَوْف أَمِيرا نَهَاهُم
عَن السِّلم حَتَّى كانَ أولَ واجِبِ(11/152)
أَي أول مَيِّت.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال وَجَبتُه عَن كَذَا، ووَكَبتُهُ: إِذا رَدَدتَهُ عَنهُ، حتّى طَال وُجُوبُه ووُكُوبُه عَنهُ. قَالَ الدينوريّ فِي بَاب الْعَسَل: ويُوعَى العَسَلُ فِي الوِجَاب وَهِي أسقِيَةٌ عِظام، وَوَاحِد الوِجَاب وَجْبٌ.
(بَاب الْجِيم وَالْمِيم)
ج م (وَا يء)
جما، جِيم، وجم، مأج، أمج، أجم، موج، جوم.
جما: سَلَمة، عَن الفرّاء: جُمَاءُ كلِّ شيءٍ حَزْرُه وَمِقدارُه، مَمدود.
وقالَ ابْن دُرَيْد: جَمَاءُ كلِّ شيءٍ شَخصه، وَأنْشد:
وقُرْصَةٍ مِثلَ جَمَاءِ التُّرْسِ
ابْن السّكّيت: تَجَمَّى القَومُ، إِذا اجْتَمَع بَعضهم إِلَى بعض، وَقد تَجَمَّوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن بُزرج: جَمَاءُ كلِّ شَيْء اجتماعُه وحَركته، وَأَنشد:
وبَظْرٍ قد تَفَلَّقَ عَن شَفِيرٍ
كأَنَّ جَماءَهُ قَرْناً عَتُودِ
أَبُو بكر: يُقَال جَماءُ الترس وجُماؤه وَهُوَ اجتماعه ونتوّه، قَالَ: وجُماء الشَّيْء قدره. أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو الجُماء: شخص الشَّيْء ترَاهُ من تَحت الثَّوْب.
قَالَ الشَّاعِر:
فيا عجبا للحب دَاء فَلَا يُرى
لَهُ تَحت أَثوَاب المحبِّ جُماءُ
أَبُو عمر: التجمُّؤ: أَن ينحنِي على الشَّيْء تَحت ثَوْبه. الظليم يتجمَّا على بيضه.
جوم: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأَعرابيّ: الْجَامُ الفَاثُورُ من اللُّجيْن.
قَالَ: ويُجمع على أَجْؤُم. قَالَ: وجامَ يَجُومُ جَوماً، مثل حام يَحُومُ حَوماً، إِذا طلبَ شَيْئا خَيراً أَو شرَّاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْمُ كأَنَّها فارسية، وهم الرُّعَاةُ، أمْرُهُمْ وكلامُهُمْ ومَجْلِسُهُم واحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال يُجمع الجامُ جامَات، ومِنْهم مَنْ يَقُول، جُومٌ.
موج مأج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: ماجَ فِي الأمرِ إِذا دارَ فِيهِ.
قَالَ: والْمَيْجُ الاخْتَلاط.
اللّيث: المَوْجُ: مَا ارتفَعَ من المَاء فوقَ المَاء، والفِعل: ماجَ الْمَوْجُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ماجَ يَمُوجُ إِذا اضْطرب وتَحيَّر، وماج البحرُ، وماجَ النَّاس إِذا دَخَلَ بَعضُهم فِي بعض.
والمُؤوجُ: مُؤُوج الدَّاغِصَة، ومُؤوج السِّلعة تَمَوُّرٌ بَين الجِلْدِ والعظم، وَمن مهموزه:
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الْمَأْجُ الماءُ(11/153)
المِلح.
وَقَالَ ابْن هَرْمَة:
فإنَّكَ كالْقَرِيحَةِ عَام تُمْهَى
شُرُوبُ الماءِ ثمَّ تَعُودُ مأجَا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَؤُجَ الماءُ، يَمْؤُجُ مُؤُوجَةً فَهُوَ مَأجُ، وَأنْشد:
بأرْضٍ نَأَتْ عَلَيْهَا الْمُؤُوجَةُ والبَحْر
وجم: قَالَ اللَّيْث: الْوُجُوم السكوتُ على غَيْظ. يُقَال: رَأيْتُه وَاجماً.
أَبُو عُبيد: إِذا اشتدَّ حُزْنُه حَتَّى يُمْسِكَ عَن الْكَلَام، فَهُوَ الواجِم، وَقد وَجَمَ يَجِمُ.
قَالَ شَمِر، قَالَ أَبُو عُبيد: الْوَجَمُ جَبَلٌ صَغِير، مِثل الإرَمَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْوَجَمُ حِجَارَة مَرْكُومةٌ بَعْضهَا فَوق بعض على رُؤُوس القُورِ والإكام، وَهِي أغْلظ وأطول فِي السَّمَاء من الأُرومِ.
قَالَ: وحجارتها عِظامٌ كحجارة الصِّيَرةِ والأمَرَة، لَو اجْتمع على حجرٍ ألفُ رجل لم يُحَرِّكوه، وَهِي أَيْضا من صَنعة عَاد، وأصلُ الوَجَمِ مُستَدِيرٌ، وَأَعلاهُ مُحدَّد، وَالْجَمَاعَة الوُجُومُ.
وَقَالَ رؤبة:
وَهَامَةٌ كالصَّمِدْ بَيْنَ الأصْمَادْ
أوْ وَجَم العَادِيّ بَيْنَ الأجْمَادْ
قَالَ شَمِر، وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: بَيْتٌ وَجْمٌ وَوَجَمٌ، والأوْجامُ: الْبُيوت، وهيَ العِظَام مِنْهَا.
وَقَالَ رُؤْبة:
لَو كَانَ من دون رُكَامِ الْمُرتَكَم
وأرْمُلِ الدهْنَا وَصَمَّانِ الْوَجَم
قَالَ: الوَجَمُ الصَّمَّانُ نَفسُه، ويُجمع أوجاماً. قَالَ رؤبة:
كَأَنَّ أوجاماً وصَخْراً صَاخِراً
أجم: قَالَ اللَّيْث: يُقال أكَلْتُه حَتَّى أْجِمتُه.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي، وَأبي زيد: إذَا كَرِهَ الطعامَ فَهُوَ آجِم، على فَاعِل، وَقد أجَم يَأْجَمُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ماءُ آجِنٌ وآجِمٌ إِذا كَانَ مُتَغَيِّراً.
وَقَالَ ابنُ الخَرْعِ:
ونَشْرَبُ أسْآرَ الحِياضِ تَسُوفُها
ولَو وَرَدَتْ مَاءَ المُرَيْرةِ آجِمَا
أَرَادَ آجِنَا.
وَقَالَ غَيره: آجِمٌ بِمَعْنى مأجومٌ، أَي تَأجِمُهُ وتَكرَهُه.
وَيُقَال: أجَمت الشيءإذا لم يُوافِقكَ فكرِهتَه.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: تَأَجَّمَ النّهار تأَجُّما إِذا اشتَدّ حَرُّه. والأَجَمةُ: مَنْبِتُ الشّجر، كالْغَيْضة، والجميع الآجام.
والأُجُم والأُطُم: الْقَصْر بلُغَة أهل(11/154)
الْحجاز، وَهِي الآجام والآطام. قَالَ:
وَلَا أُجُماً إلاَّ مَشيداً بجَنْدَل
أمج: الأصمعيّ: الأَمَجُ تَوَهُّج الحَرِّ قَالَ العجاج وَأنْشد:
حَتَّى إِذا مَا الصَّيْفُ كَانَ أمَجَا
وَقَالَ اللَّيْث: أَمِجَت الْإِبِل تأْمَج، إِذا اشْتَدَّ بهَا حَرٌّ أَو عَطش.
عَمْرو، عَن أَبِيه: أَمَج، إِذا سَار سَيْراً شَدِيدا، بِالتَّخْفِيفِ.
جِيم: قَالَ اللَّيْث وَالْجِيم من الْحُرُوف تؤنث، وَيجوز تَذْكيرها، وَقد جَيَّمتُ جيماً إِذا كَتَبْتَها.
بَاب اللفيف من حرف الْجِيم
جو، جوى، جأى، أجا، جئاوة، جيأه، جا، أجّ، وجأ، وجّ، جؤجؤ، جأْجاء، أوجى، جيّا، يأجج، جاجه، يَأْجُوج، ويج.
جو: قَالَ اللَّيْث: الجَوُّ الْهَوَاء، وَكَانَت اليمامَةُ تُسَمَّى جَوّاً، وَأنْشد.
أخْلَقَ الدّهْرُ بِجَوّ طَلَلاَ
قلت: الجَوُّ مَا اتّسع من الأَرْض واطمأَنَّ وبرز، وَفِي بِلَاد الْعَرَب أَجوِيَةٌ كَثِيرَة يُعرف كل جو مِنْهَا بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ؛ فَمِنْهَا جوُّ غِطْرِيف وَهُوَ فِيمَا بَين السِّتار وَبَين الجماجم، وَمِنْهَا جوّ الخُزَامى، وَمِنْهَا جوّ الإحساء، وَمِنْهَا جوّ الْيَمَامَة، وَقَالَ طرفَة:
خَلاَ لَكِ الجَوُّ فبيضي واصْفِرِي
وَيُقَال: هَذَا جوٌّ مُكْلِىءٌ، أَي كَثير الْكَلأ، وَهَذَا جوٌّ مُمْرِعٌ. وجوُّ السَّمَاء: الهواءُ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ الله: {إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) .
ودَخَلتُ مَعَ أَعْرَابِي دَخْلاً بالخَلصاءِ، فَلَمَّا انتهينا إِلَى المَاء قَالَ: هَذَا جوٌّ من المَاء لَا يُوقف على أقصاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجَوُّ الآخرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجِوَاء مَوضع. قَالَ: والفُرْجَةُ الَّتِي بَين مَحَلَّةِ الْقَوْم وسْط الْبيُوت تُسَمَّى جِوَاءً، يُقَال: نَزَلْنا فِي جِوَاءِ بَني فلَان قلت: الجِوَاء جمع الجَوّ، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
عَفَا مِنْ آلِ فاطِمَةَ الجِوَاءُ
وَيُقَال: أَرَادَ بالجِوَاءِ موضعا بِعَيْنِه.
وَقَول اللَّيْث: الجِوَاءُ الفُرْجةُ وسْط الْبيُوت لَا أعرفهُ، ويُجمع الجوُّ جواءً وَهُوَ عِنْدِي تَصْحِيف وَصَوَابه الحِواء وَجمعه أحوية وَقد يجمع الجوُّ جِواءً، وَمِنْه قَوْله:
أيا أُمَّ عَمْرٍ وَمن يَكن عَقْرُ دَاره
جِواءَ عَدِيَ يَأْكُل الحشرات
الْبَيْت يُروى للنابغة ولأوس بن حجر.
ورُوِي عَن سَلمان، أَنه قَالَ: لكل أمرىء جَوّانيّاً وبَرّانيّاً، فَمن أصْلَحَ جوّانيَّهُ أصلَحَ(11/155)
اللَّهُ بَرّانيَّة، ومَنْ أفْسد جوّانيّه أفسد الله بِرانيَّة.
قَالَ شمر، قَالَ بَعْضهم: عَنَى بِجَوّانِيِّه سِرَّه، وبِبَرّانيِّة عَلاَنِيَّه.
قَالَ: وجوُّ كل شَيْء بَطْنُه وداخِله، وَهُوَ الجَوّه بِالْهَاءِ أَيْضا؛ وَأنْشد قَوْله:
يَجْرِي بِجَوّتِهِ مَوْجُ الْفُرَاتِ كأَن
ضَاحِ الخُزَاعِيِّ جازَت رَنْقَه الرِّيحُ
قَالَ: جَوّتُه: بَطنُ ذَلِك الْموضع.
وَقَالَ آخر:
لَيست تَرَى حولهَا شخصا وَراكبُها
نَشْوانُ فِي جَوّةِ الْباغُوتِ مَخمورُ
قَالَ شمر، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْباغُوت مَوْضع، وجوَّتُه: دَاخِلُه، وَقَالَ قَتَادة فِي قَول الله: {فِى جَوِّ السَّمَآءِ} (النَّحْل: 79) فِي كَبِدِ السَّمَاء، وَيُقَال كُبَيداء السَّمَاء.
جوى: قَالَ اللَّيْث: الجَوَى مَقْصُور، كلُّ داءٍ يَأْخُذُ فِي الْبَاطِن لَا يُستَمرَأَ مَعَه الطَّعَام. يُقَال: رَجلٌ جَوٍ، وَامرأةٌ جَوِيَةٌ كَمَا ترى، وَاستَجْوَينا الطّعامَ واجتَوَينَاه، وَصَارَ الاجتواء أَيْضا لما يُكرَهُ ويُبْغَض.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ وَفْدَ عُرْينَة قَدِمُوا الْمَدِينَة فاجتَوَوْها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: (اجَتَويت الْبِلَاد إِذا كَرِهْتها، وَإن كَانَت مُوافِقَةً لَك فِي بَدَنك، واسْتَوْبَلَتها إِذا لم تُوَافِقك فِي بدنك وَإِن كنتَ مُحِبّاً لَهَا.
قلت: قَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : الاجتِوَاء النزاعُ إِلَى الوَطن، وكراهَةُ الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ وَإِن كنتَ فِي نِعمة.
قَالَ: وَإِن لم تكُن نازِعاً إِلَى وَطنك فأَنت مُجتوٍ أَيْضا.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد يكونُ الاجتَوَاءُ أَيْضا أَلا تَسْتمرىءَ الطعامَ بِالْأَرْضِ وَلَا الشَّراب، غير أَنَّك إِذا أحبَبْتَ المقامَ بهَا وَلم يُوافِقك طعامُها وَلَا شَرابُها، فأَنتَ مُسْتوبِل، ولستَ بمجتَوٍ.
قلت: جعل أَبُو زيد الاجتَوَاء على وَجْهين.
وَقَالَ ابْن بُزرْج: يُقَال للَّذي يجتَوِي الْبَلَد: بِهِ اجتِوَاء، وجوًى مَنْقوص، وَجِيةٌ.
قَالَ: وحَقَّرُوا الجِيَةَ جُيَيَّة.
حدَّثنا السعديُّ عَن الرماديّ عَن يزِيد بن هَارُون عَن الْعَوام بن حَوْشَبِ، عَن جَبَلةً بن صُحَيْم، عَن مُؤثر بن عفازة عَن عبد الله، قَالَ:
(لما كَانَت لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى، فتذاكروا السَّاعَة، ورَدّوا الحَدِيث إِلَى عِيسَى فَذكر الدَّجال وقتلَهُ إِيَّاه، وَخُرُوج يأجُوج ومأجُوج، وإفسادهم الأَرْض، ودعاءه عَلَيْهِم فيموتون، وتَجوى الأرضُ من(11/156)
ريحهم) . ثمَّ ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ:
قَالَ أَبُو عُبيد: قولُه تجتَبىء الأرضُ مِنْهُم، أَي تُنِتن، وَهُوَ جَوٍ من أَي مُنْتِن؛ وَأنْشد:
ثمَّ كَانَ المِزاجُ ماءَ سَحَاب
لَا جَوٍ آجنٌ وَلَا مطروقٌ
قَالَ: الجَوِي المنْتنُ المتغيّر. وَقَالَ:
بَسَأْتَ بَنِيهَا؛ وجَوِيتَ عَنْهَا
وَعِنْدِي لَو أرَدْتَ لَهَا دَوَاء
جويت عَنْهَا: أَي لم تُوافقك فكرهتها.
أَبُو عبيد: الْجَوى الْهَوى الباطِن.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رَجُلٌ جَوِي الجَوْف: وامْرَأَةٌ جَوِيَة، أيْ دَوِي الْجَوف.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: جَوِيَتْ نفْسِي جَوًى، إِذا لم توافِقك البِلاد.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْجِواءُ الواسعُ من الأوْدِية، وَأنْشد:
يمْعَسُ بالماءِ الْجِوَاءُ مَعْساً
جأى: قَالَ اللَّيْث: الجُؤْوَةُ بِوَزْن الجُعْوَة: لَوْنُ الأجْأَى، وَهُوَ سوادٌ فِي غُبْرَةٍ وحُمْرَة.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: كَتِيبَةٌ جَأْوَاءُ إِذا كَانَت عليتها صَدَأُ الْحَدِيد. قَالَ: وَإِذا خَالَطَ كُمْتَةَ البعيرِ مثلُ صَدَأ الْحَدِيد، فَهُوَ الجُؤْوَة، وبَعيرٌ أَجأَى.
قَالَ، وَقَالَ الأُمويّ: الجُوَّةُ غير مَهْمُوز: الرُّقعة فِي السِّقاء.
يُقَال: جَوَّيتُ السِّقَاءَ: رَقَعْتُه.
وَقَالَ شمِر: هِيَ الجُؤْوَةُ، تَقديرُ الجُعْوَة.
يُقَال: مِقَاءٌ مُجْئِيٌّ، وَهُوَ أنْ يُقَابِلَ بَين الرُّقعتين على الوَهْيِ من ظَاهرٍ وباطن.
قَالَ شمر: وكلّ شيءٍ غَطَّيتَه أَو كَتَمْته، فقد جَأَيتَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: جَأَيت سِرَّه كَتَمته، وَمَا يَجأَى سِقاءُك شَيْئاً، أَي لَا يَحبِس المَاء، وَمَا يَجأَى الرَّاعي غَنَمه، إِذا لم يَحفَظها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: فلَان أحْمَق مَا يَجأَى مَرْغَه، أَي لَا يَسْتُر لُعَابَه.
قَالَ: وجأَى، إِذا مَنَعَ.
وَقَالَ شِمر: جَيَّأْتُ الْقِرْبةَ خِطتُها. وَأنْشد:
تخَرّقَ ثَفْرُها أَيَّام خُلَّتْ
على عَجَلٍ فَجِيبَ بهَا أَدِيمُ
فَجيَّأَها النساءُ فخان مِنْهَا
كَبَعْثَاةٌ ورَادِعَةٌ رَدُومُ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، وَالْفراء: الْجِئَاوَةُ مثل فِعالة: الشيءُ الَّذِي يوضع عَلَيْهِ القِدْرُ إِن كَانَ جِلداً، أَو خَصَفَةً أَو غَيرهَا.
قَالَ، وَقَالَ الْأَحْمَر: هِيَ الْجِئَاءُ، والجِواءُ أَيْضا.
وَفِي حَدِيث عليّ: (لأنْ أَطَّلِيَ بجِواءِ جِلْدٍ أحَبّ إليّ من أَن أطَّلِيَ بزعْفَران) .(11/157)
قَالَ: وجمْع الجِئَاء أَجِئيَة، وَجمع الجِوَاءَ أَجْوِية.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: جأَوْتُ البُرْمَةَ إِذا رَقعتها، وَكَذَلِكَ النّعل، وَقد جأَى على الشَّيْء إِذا عَضَّ عَلَيْهِ.
أَبُو عدنان، عَن أبي عُبيدة: أَجِيءْ هَذَا، أَي غَطّه.
قَالَ لبيد:
حَوَاسِرُ لَا يُجِئنَ عَلَى الْجِذَام
أَي لَا يَسْتُرْنَ. وَيُقَال: أحيءْ عَلَيْك ثَوْبك.
ابْن السّكّيت: امرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ، إِذا أُفضِيَتْ، فَإِذا جُومعَتْ أَحْدَثت، وَرجل مُجَيَّأ، إِذا جامعَ سلح.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} (مَرْيَم: 23) هُوَ من جِئْتُ، كَمَا تَقول: فجاءَ بهَا الْمَخَاض، فلمَّا أُلقِيَت الباءُ جُعل فِي الْفِعْل ألف، كَمَا تَقول: آتَيْتُكَ زَيْداً، تُرِيدُ أتَيْتُكَ بزيْد.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: شَرٌّ مَا أجَاءك فِي مُخَّةِ عُرْقوب، وَمِنْهُم من يَقُول: شَرٌّ مَا ألجَأَك. وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَتَمِيم تَقول: شَرٌّ مَا أشاءَك، وَأنْشد غَيره:
وشَدَدْنَا شَدَّةً صادقَة
فأجاءَتْكم إِلَى سَفْحِ الْجَبَل
وَقَالَ زُهَيْر:
وجارٍ سارَ مُعْتمداً إِلَيْنَا
أجاءَتْهُ المخافةُ والرّجاءُ
أَي ألجأتْه معنى قَوْله: إِلَى مُخَّةِ عُرقوب، أَن العرقوبَ لَا مُخَّ فِيهِ، فَلَا يحتاجُ إِلَيْهِ إِلَّا من لَا يقدر على شَيْء.
قَالَ أَبُو عبيد: ويُضرَبُ هَذَا لكلِّ مُضْطَر إِلَى مَا لَا خير فِيهِ وَلَا يَسُدُّ مَسَدّاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: جَايأَني الرجلُ من قُرْب، أَي قابلني، ومَرّ بِي مُجَايأَةً أَي مُقَابَلة.
قلت: هُوَ من جِئْتُهُ مَجيئاً ومَجِيئةً، فأَنَا جاءٍ وجِيءَ بِهِ يُجاء بِهِ، فَهُوَ مَجِيءٌ بِهِ.
أجأ: قَالَ اللَّيْث: أَجَأٌ وسَلْمَى جَبَلا طيِّء، وَإِذا نُسب إِلَى أجأ قلت: هَؤُلَاءِ أَجِئيُّون بِوَزْن أجَعِيُّون.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَجَأَ، إِذا قَرَّ.
جأي: قَالَ اللَّيْث: جِئاوَة اسمُ حَيَ من قيس، قد دَرَجُوا وَلَا يُعْرفون.
جيأ: والجَيْأة: مُجْتمَعُ ماءٍ فِي هَبْطةٍ حَوالي الْحُصُون.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ، وَأبي عُبَيدة، والأمويّ: الجَيْأة الموضعُ الَّذِي يجْتَمع فِيهِ المَاء.
شمر، عَن أبي زيد: الجَيْأَةُ الحُفْرَةُ الْعَظِيمَة، يجْتَمع فِيهَا مَاء الْمَطَر، ويَشْرَعُ(11/158)
الناسُ فِيهِ حُشُوشَهُم.
قَالَ الْكُمَيْت:
ضفادعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً
مُنَضِّبَةً ستَمْنَعُهَا وطيناً
وَقَالَ الفرّاء: جَاءَ فلانُ جَيْأَةً. قَالَ: وَأما الجِيَّةُ بِغَيْر همز، فَهُوَ الَّذِي يَسيل إِلَيْهِ الْمِيَاه.
وَقَالَ الهُذَليّ:
من فَوْقه شَعَفٌ قُرٌّ وأسْفَلُه
جِيءٌّ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعُتُمِ
وَقَالَ شمر: يُقَال لَهُ جِيَّةٌ وجَيأَةٌ، وكلٌّ من كَلَام الْعَرَب.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: قِيّةٌ من مَاء، وجِيّةٌ من مَاء، أَي ماءٌ ناقعٌ خَبيث، إمَّا مِلْحٌ، وَإِمَّا مَخْلوط بِبَول.
وَقَالَ اللَّيْث: الجائية مَا اجتمعَ فِي الخُراجِ من المِدَّة والقَيْح، يُقَال: جاءَتْ جائيَةُ الجِرَاح.
وَفِي حَدِيث: يَأْجوجَ ومأجُوج (فَتَجْوَى مِنْهُم الأَرْض) قَالَ أَبُو عُبيد: أيّ تُنْتِنُ، وَأنْشد:
ثمّ كانَ المِزَاجُ مَاء سحابٍ
لَا جَوٍ آجِنٌ وَلَا مطرُوقُ
قَالَ: والجَوِي المُنْتِن، والأجِنُ دونَه فِي التَّغيُّر.
أجج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجَّ فِي سيره، يَؤُجُّ أَجّاً، إِذا أسْرع وهَرْوَل، وَأنْشد:
يؤُجُّ كَمَا أجَّ الظَّليمُ المُنَفَّرُ
وَقَالَ اللَّيْث: أجَّت النارُ تَؤُجُّ أَجيجاً، وأجَّجْتها تأجِيجاً، وائتجَّ الحَرُّ ائتجاجاً. والأُجَاجُ: شِدَّةُ الحَرّ.
قَالَ رؤبة:
وحَرَّقَ الحَرُّ أجاجاً شاعلاً
قَالَ: والأُجاجُ الماءُ المُرَّ المِلْح، قَالَ الله تَعَالَى: {وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (الْفرْقَان: 53) وَهُوَ الشديدُ الملوحة والمرارةَ، مثل مَاء الْبَحْر.
وَيُقَال: جَاءَت أجَّةُ الصَّيف.
أَبُو عُبيد: الائتجاج: شدّة الحَرّ.
قَالَ ذُو الرمة:
بِأجةٍ نَشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطَبُ
يَأْجُوج: قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي (يَأْجُوج، وَمَأْجُوج) : هما قبيلان من خَلق الله، جَاءَت القراءةُ فيهمَا بهمزٍ وَبِغير همز.
قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: (أنَّ الخلقْ من النَّاس عشرَة أَجزَاء، تِسْعة مِنْهَا يأجُوج ومأجُوج) قَالَ: وهما اسمان أعْجَميان واشتقاق مثلهمَا من كَلَام الْعَرَب يخرج من أَجَّتِ النَّار، وَمن الماءِ الأُجاج، وَهُوَ الشّديد الملوحة والمرارة، مثل مَاء الْبَحْر، المُحْرِق من مُلوحته، وَيكون التَّقْدِير فِي يَأْجُوج يَفْعُول، وَفِي مأجوج(11/159)
مفعول.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون يَأْجوج فاعُولاً، وَكَذَلِكَ مأجوج.
قَالَ: وَهَذَا لَو كَانَ الاسمان عَرَبِيَّين لَكَانَ هَذَا اشتقاقُهما، فَأَما الأعجميَّة فَلَا تُشْتَقُّ من الْعَرَبيَّة.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَجَّجَ، إِذا حمل على العدوّ، وجَأَجَ، إِذا وقف جُنْباً.
ويج: قَالَ اللَّيْث: الوَيْجُ خَشبةُ الفَدَّان بلُغةِ عُمَان.
وجأ: فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: (من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الباءَة فَليَتَزَوَّج، ومنْ لم يستطِعْ فَعَلَيهِ بالصَّوْم فَإِنَّهُ لَهُ وِجاء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد يُقَال للفحل إذَا رُضَّت أُنثيَاه: قد وُجِيءَ وِجاءً مَمْدُود، فَهُوَ مَوجوءٌ، وَقد وَجَأتُه، فَأَرَادَ أنَّه يَقْطَعُ النِّكاح لأنَّ المَوْجوءَ لَا يَضْرِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجْءُ بِالْيَدِ، والسِّكين. يُقَال: أَجَأتُه أَجَؤُهُ وَجْأْ مَقْصُور.
وجا: وَأما الوَجا فَهُوَ شدَّة الحَفَا. يُقَال: وَجِيَت الدّابةُ تَوْجَى، وَجاً، مَقْصُور، وإنّهُ لَيَتَوَجَّى فِي مِشْيته، وَهُوَ وَجٍ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: أَنْ يشتكِي البعيرُ باطنَ خفِّه، والفرسُ بَاطِن حافرِه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الوَجَا: قبل الحَفا، والحفا قبل النَّقَب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِئَة البقَرة.
ابْن نَجدة، عَن أبي زيد: الوَجِيءُ: الخَصِيّ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: يُقَال وَجَأْتَه وَوَجَيْتُه وِجاءً.
قَالَ: والوِجاءُ فِي غيرِ هَذَا وِعاءٌ يُعمَلُ من جران الْإِبِل، تَجعلُ فِيهِ المرأةُ غِسْلَتَها، وقُماشَها، وَجمعه أَوجيَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: جاءَ فلانٌ مْوجًى، أَي مرْدُوداً عَن حاجَته وَقد أوْجَيْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الإيجاءُ أنْ تَزْجرَ الرجلَ عَن الْأَمر، تَقول: أوْجَيتُه فَرَجع.
قَالَ: والإيجاءُ إِن يَسأَلَ فَلَا يُعْطِي السائِلَ شَيئاً.
وَقَالَ رَبيعةُ بنُ مَقروم:
أَوْجَيْتُه عَنِّي فأَبْصَر قَصْدَه
وكَوَيتُهُ فَوقَ النَّواظِر مِنْ عَلِ
وَقَالَ:
فإنْ تَكُ لَا تَصيدُ الْيَوْم شَيْئا
فآب قميصُها أوجى وخابا
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: أوْجيتُه أعطيتُه.
قَالَ شمِر: لَا أعْرِفه بِهَذَا الْمَعْنى، وأوْجيتُه: رَدَدتُه.
وَقَالَ غَيره: حَفَر فَأَوْجَى، إِذا انتَهى إِلَى صَلابَة وَلم يُنْبِط. قَالَ: وأوْجى الصَّائِدُ إذَا أخْفَقَ وَلم يَصِدْ، وأوْجأَتِ الكَرِبَّةُ(11/160)
وأوْجتْ، إِذا لم يَكُن فِيهَا مَاء، وَكَذَلِكَ الصَّائد.
وأتينَاه فَوَجيْناه، أَي وَجَدْناه وَجِيئاً لَا خَيرَ عِنْده.
وَيُقَال: أوْجَتْ نَفسه عَن كَذَا، أَي أضْرَبت وانتزعتْ، فَهِيَ مُوجِيَة، وأوْجَيْتُ عَنْكُم ظُلْمَ فُلان، أَي دَفَعتُه. وَأنْشد:
كأَنَّ أبي أوْصَى بِكم أَن أضُمَّكم
إليَّ وأَوجِي عَنْكُمُ كلَّ ظَالِم
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أوْجَى، إِذا صَرَفَ صَدِيقَه بِغَيْر قَضاءٍ حاجتِه، وأوْجَى أَيْضا باعَ الأوْجِيَة، وَاحِدهَا وِجاء، وَهِي العُكُومُ الصِّغار، وَاحِدهَا عِكْم. وَأنْشد:
كَفَّاكَ غَيثَانِ عَليهم جُودَانْ
تُوجَى الأكُفُّ وهما يَزيدان
قَالَ: تُوجِي تَنقطع. وَيُقَال: ماءٌ يُوجِي، أَي يَنقطع.
وَيُقَال: رَمى الصَّيَد فَأَوْجَى، وسَأَلَ حَاجَةً فَأَوْجَى، أَي أخْفَق.
ابْن السّكيت: الوَجِيَئةُ، التَّمْر، يُدَقُّ حَتَّى يَخْرُجَ نَواه، ثمَّ يُبَلُّ بلَبَنٍ أَو سَمْن حَتَّى يَتَّدِنَ، أَي يَبْتَلَّ ويَلزمَ بعضُه بَعْضًا فيؤكل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَجِيئَةُ التَّمْر، يُوجَأُ ثمَّ يؤكلُ باللَّبن.
وجج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنّ آخِر وطأةٍ لله بِوَجّ) . وَجّ، هُوَ الطَّائِف.
وَأَرَادَ بالوطْأَةِ الغَزَاةَ هَا هُنَا، وَكَانَت غَزْوَة الطَّائف آخر غزواتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسمُها وَجّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجُّ عِيدانٌ يُتَدَاوَى بهَا. قلت: مَا أراهُ عَرَبيا مَحْضاً.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْوَجُّ السُّرْعة والوُجُجُ: النعام السريعة الْعَدو. وَقَالَ طرفَة:
ورِثَتْ فِي قيسَ مَلْقَى نُمْرُقٍ
ومَشَتْ بَين الحشايا مَشْيَ وَجْ
قيل: الوَجُّ السرعة، وَقيل: الوَجُّ: القُطَا.
جأجأ: عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الجَأجأُ الْهَزِيمَة، قَالَ: وتجأجأتُ عَنهُ، أَي هِبتُه، فلَان لَا يتجأجأُ عَن فلَان؛ أَي هُوَ جَرِيء عَلَيْهِ.
أَبُو عبيدٍ، عَن الأمويّ: جأجأتُ بِالْإِبِلِ، إِذا دَعَوْتها إِلَى الشُّرب، وهَأهأتُ بهَا للعَلَفِ، وَالِاسْم مِنْهُ الجِيءُ والهِيءُ. وَقَالَ مُعَاذ الهرّاء:
وَمَا كَانَ عَلَى الجِيءُ
وَلَا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وَقَالَ:
ذكّرها الوِرْدَ بقولِ جِيجا
فأقبلتْ أعناقُها الفَرُّوجا
يَعْنِي فروج الْحَوْض.
اللَّيْث، تجأجأتُ أَي كَفَفْتُ وانتهيت،(11/161)
وَأنْشد:
سَأنزِعُ منكَ عِرْسَ أَبِيك إِنِّي
رأيتُكَ لَا تَجَأجأُ عَن حِمَاها
جي: اسْم مَدِينَة أصْبَهان، وَكَانَ ذُو الرمة وَرَدَها، فَقَالَ:
نَظَرتُ ورائي نَظرَةَ الشَّوق بَعْدَمَا
بَدَا الجَوُّ من جَيَ لنا والدَّسَاكِرُ
قَالَ:
جؤجؤ: عظامُ صَدْرِ الطَّائِر، والجُؤْجُؤْ: صَدْرُ السَّفينة، والجميع الجآجِيء.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: جايأتُ، إِذا وَافَقَتَ مَجِيئه، وَيُقَال لَو قدْ جاوزْتَ هَذَا المكانَ لجايأتَ الْغَيْثَ مُجَايأةً وجِيَاءً، أَي وَافَقْتَه.
وَقَالَ الأصمعِيّ: يَأجِجُ مهموزٌ، مكانٌ من مَكَّةَ على ثَمَانِيَة أمْيال، وَكَانَ من مَنَازل عبد الله بن الزبير، فَلَمَّا قَتَلَه الْحجَّاج أنزَله الْمُجَذَّمين، فَفِيهَا المجذَّمُون قد رأيْتُهُم وإيَّاها، أرادَ الشَّماخ بقوله:
كأَنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ أحقَبَ قَارحاً
من اللآءَ مَا بَين الجنابِ فَيَأحِجِ
جاج: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاجةُ: جمعهَا جاج، وَهِي خَرَزَةٌ لَا تُساوِي فَلْساً، وَقَالَ غَيره: يُقَال: مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا جاجةٌ وَلَا عَاجةُ، وَأنْشد:
فجاءَتْ كخَاصِي العَيْرِ لم تَحْلَ عاجةً
وَلَا جَاجةٌ فِيهَا تَلُوحُ على وَشمِ
وَقَالَ أَبُو زَيْد: الجَاجةُ الخَرزَةُ الَّتِي لَا قيمَةَ لهَا ياجِ وأَياجِج من زجر الْإِبِل. قَالَ الراجز:
فَرَّجَ عَنهُ حَلَقَ الرَّتَايجِ
تَكَفْكُفُ الرَّسايِمِ الأوَاجِجِ
وَقيل: ياجٍ، وأيا جِجِ
عاتٍ عَن الزَّجْرِ، وَقيل: جاهِجِ(11/162)
أَبْوَاب الرباعي من حرف الْجِيم
(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش
شرجب: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْجَبُ نَعْتُ الفَرس الجَوَاد الْكَرِيم، وَمن الرِّجال: الطَّويل.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّرْجَبُ الطَّوِيل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشُّرّجُبَانَةُ شَجرةٌ مُشْعانَّة طَوِيلة يَتَحلَّبُ مِنْهَا كالسُّمّ، وَلها أَغْصان.
جرشم: قَالَ اللَّيْث: جَرْشَمَ الرُّجل، إِذا كَانَ مَهْزولاً أَو مَرِيضاً ثمَّ اندمَلَ، وَبَعْضهمْ يَقُول: جَرْشَبَ.
جرشب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُرْشُبُ الْقصير السَّمين، قَالَ: والخُرْشُب بالخاءَ الطَّويل السَّمين.
وَقَالَ ابْن شُميل: جَرْشَبت المرأةُ إِذا وَلَّتْ وهَرِمَتْ، وامْرأةٌ جَرْشَبِيَّة.
شمرجة: قَالَ اللَّيْث: الشَّمْرَجةُ حُسْنُ قيام الحاضِنَةِ على الصَّبيّ، وَاسم الصَبيّ مُشَمْرَج من ذَلِك اشْتُقّ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد، قَالَ: إِذا خَاطَ الْخَيّاط الثوبَ خِياطة مُتباعِدةً، قَالَ: شَمَجتُه أَشْمُجُه شَمْجاً، وشَمْرَجْتُهُ شمرجَةً قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشُّمْرُج الرَّقِيق من الثِّيابِ وَغَيرهَا.
ابْن مُقبل:
غَداة الشَّمال الشُّمْرُجُ الْمتنَصَّحُ
يَعْنِي الْمخِيط.
فنجش: قَالَ ابْن دُريد: فَنْجَشٌ: واسِع، وَفَجشْتُ الشيءَ فَجْشاً، إِذا وَسَّعْتَه، وأَحْسِبُ اشْتقاق فَنْجَش مِنْه.
(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض
جرضم: قَالَ اللَّيْث: الجُراضم الأَكُولُ الْوَاسِع البَطْن؛ وَمثله الجِرْضِم، وَهُوَ الأكول جِدَّاذَا جِسْمٍ كَانَ أَو نحيفاً.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الجُرَاصِيَة الرَّجُل العظيمُ بالصَّاد وَأنْشد:
مِثْلُ الهجِينِ الأحْمَرِ الجُرَاصِيَهْ
وَقَالَ الفرزدق فِي الجُراضِم:
فَلَمَّا تَصَافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَت
إليَّ غُصونُ العَنْبَريِّ الجُراضِم
جرمض: وَقَالَ ابْن دُريد: رجُل جُرَامِضٌ وجُرَافِضٌ، وَهُوَ الثّقيل الوخِمُ.(11/163)
ضربج: أَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
قَدْ كُنْتُ أَحْجُو أَبا عَمْرٍ وأَخَاثِقَةٍ
حَتَّى أَلمتْ بنَا يَوْماً مُلِمَّاتُ
فَقلت والمرءُ تُخطِيهِ مَنِيَّتُه
أَدْنَى عَطيَّاتِه إيَّايَ مئْيَاتُ
فَكانَ مَا جَادَ لي، لَا جَادَ من سَعَةٍ
دراهِم زَائِفات ضَرْ بَجِيَّاتُ
حجوته سَخِيّاً: أَي ظننته.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: دِرْهَم ضَرْبَجيُّ، أَي زَائِف، وَإِن شِئتَ. قلت: زَيْفٌ قَسِيّ، والقِسيّ: الَّذِي صَلُبَ قصبه من طول الخَبْء. قَالَ: ومئيات بِوَزْن مِعْيَات، الأَصْل فِي مِئَات، مِئْيَة بِوَزْن مِعْيَة، وَقَوله: كنت أحجو أَبا عَمْرو، أَي أَظُنُّه، وَقَوله: (لاَ جَادَ من سَعَةٍ) : دُعَاءٌ عَلَيْه.
(بَاب الْجِيم والصا)
ج ص
صملج: عَمْرو: عَن أَبِيه: الصَّمَلَّجُ الصُّلب من الخَيل وغيْرها.
جلبص: قَالَ ابْن السّكّيت: قَالَ أَبُو عَمْرو الجَلبَصَةُ الفِرَار، الصَّوَاب: الخَلْبَصَة بِالْخَاءِ وَأنْشد:
لمَّا رَآني بالبَرَازِ حَصْحَصَا
فِي الأرْض مِنِّي هَرَباً وخَلْبَصَا
(بَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س
جسرب: قَالَ اللَّيْث: الجَسْربُ: الطَّويل. وروى، أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي الجَسْرَبِ مثله.
جرفس: وَقَالَ اللَّيْث: الجَرَافِسُ والجِرْفَاسُ من الرِّجَال: الضَّخْم الشَّديد.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: جَمَلُ جِرْفَاسٌ، وجُرَافِسٌ: عَظِيم.
وَقَالَ غَيره: الجَرْفَسَةُ شِدَّةُ الْوَثَاق، وجرْفَاس من أسْماء الأسَد، وجَرْفَسه جَرْفَسَةً، إِذا صَرَعه.
وأَنشد ابْن الْأَعرَابِي:
كأَنّ كَبشاً سَاجِسيّاً أرْبَسَا
بَيْنَ صَبِيَّي لَحِيهِ مُجَرْفَسَا
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: جعل خبر كَأَنَّ فِي الظَّرف.
جرسم: جُرسُم: مَاله سقَاهُ الله الجرسمَ، قَالَ: والجرسمُ والحُمَةُ وَاحِد.
نرجس: والنَّرْجسُ: مَعْرُوف، وَهُوَ دَخِيل مُعرب. ونِرْجِسٌ أَحْسن إذَا أُعْرِب.
سمرج: وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَرَّجُ يَوْم جَبَابَة الْخَراج.
قَالَ العجاج:
عَكْفَ النّبيط يَلْعَبُونَ الفَنزَجا
يَوْم خَراجٍ يُخرِجُ السمَرَّجا(11/164)
قَالَ ابنُ السِّكّيت: أصْلُه بالفارِسيّة: سَهْ مَرَّة، وَهُوَ استِخراجُ الخَراج فِي ثلاثِ مَرات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّمَرَّج يومٌ يُنتَقدُ فِيهِ دَرَاهِمُ الْخَراج.
يُقَال: سَمْرِجْ لَهُ، أَي أعْطِه.
سجلط: قَالَ اللَّيْث: السِّجِلاّطُ اليَاسِمين. عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للكساء الكُحَلِيِّ سِجِلاّطِيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: خَزٌّ سِجلاَّطِيٌّ إِذا كَانَ كُحْلِيّاً.
وَقَالَ الْفراء: السِّجِلاّط شَيْءٌ من صُوفٍ تُلقيه المرأةُ على هَوْدَجها.
وَقَالَ غَيره: هِيَ ثيابٌ كتانٌ مَوشيَّةٌ، كأنّ وَشْيَها خَاتَم وَهِي زَعموا بالرُّومِيّة.
وَقَالَ حُمَيد بن ثَور:
تَخَيَّرْنَ إمَّا أُرْجُوَاناً مُهَذَّباً
وَإِمَّا سِجِلاَّطَ العِراقِ المُخَتَّمَا
سفنج: قَالَ اللَّيْث: السَّفَنَّجُ الظَّليمُ الذّكر. وَقَالَ أَبُو عُبيد مِثله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمِّي سَفَنّجاً لسرعته.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: السَّفَنَّجُ من أَسمَاء الظَّليم فِي سُرْعته وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأعرابيّ مثله:
جَاءَتْ بِهِ من اسْتِهَا سَفَنَّجا
سودَاءُ لم تَخْطُط لَهُ نِينَيْلَجَا
أَي وَلدَتْهُ أَسْوَد.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ طائِر كثيرُ الاسْتِنان، وَيُقَال: سَفْنَجَ أَي أَسْرَع.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سَفْنَجَ فلانٌ لفُلَان النّقْدَ أَي عَجَّله، والسَّفَنَّجُ: السَّرِيع. وَأنْشد:
إِذا أخذتَ النَّهْبَ فالنَّجا النجا
إِنِّي أخافُ طَالبا سَفَنَّجا
وَقَالَ آخر:
يَا شيخُ لَا بُدَّ لنا أَن نَحْجُجا
قد حَجَّ فِي ذَا العامِ مَنْ تَحَوّجا
فابْتَعْ لنا جِمَال صِدْقٍ فالنَّجا
وعَجِّلِ النّقْدَ لَهُ وسَفْنِجَا
لَا تُعْطِه زَيْفاً وَلَا تُبَهْرِجا
قَالَ: عجِّل النّقد لَهُ، وَقَالَ: سَفْنِجاً أيْ وَجِّهْ وأَسْرِعْ لَهُ من السَّفَنَّج السَّرِيع.
سملج: عَمْرو عَن أَبِيه: السَّمَلَّجُ اللّبَنُ الحُلو.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: يُقَال: لِلَّبَن إِنَّه لَسَمْهَجُ سَمْلَجٌ إِذا كَانَ حُلواً دسماً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ اللَّبَن السُّمَالج. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الطَّيِّب الطّعم، وَقيل: الَّذِي لم يُطْعِم. وسِمِلاَّجٌ: عيدٌ من أَعْيادِ النّصَارى.
سلج: شمِر: السُّلَّجُ: نبت من الحَمْض.(11/165)
سلجن: قَالَ: والسِّلَّجْنُ ضرب من الْأَطْعِمَة، وَأنْشد:
يَأْكُل سِلْجناً بهَا وسُلَّجَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السِّلَّجْنُ الكعك.
سلجم: ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: السَّلْجَمُ: الطَّويلُ من الرِّجال، والسَّلْجَمُ: الطويلُ من النِّصَال.
قَالَ: والمأكول يُقَال لَهُ سَلْجَمٌ أَيْضا، وَلَا يُقَال شَلْجَمٌ وَلَا ثَلْجَم.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للنِّصَالِ المُحَدَّدَة: سَلاَجِمُ وسَلاَمِج.
وَقَالَ الراجِز:
يَعْدُو بِكَلْبَيْنِ وقَوْسٍ فَارِج
وقَرَنٍ وصِيغَةٍ سَلاَمِج
قَالَ الْهُذلِيّ:
وبيضٌ كالسّلاجم مُرْهَفاتٌ
أَرَادَ: بيض سلاجم، وَالْكَاف زَائِدَة، والسَّلاجم: الطوَال.
سبرج: ابْن دُرَيْد: سَبْرَج فلانُ عليّ الأمْرَ، إِذا عَمّاه.
برجس: وَقَالَ شَمِر: البِرْجاسُ شِبْهُ الأَمَرَة تُنْصَبُ من الْحِجَارَة.
وَقَالَ ابْن الْفرج فِي بَاب الْمِيم وَالْبَاء المِرْجاس.
مرجاس: حجرٌ يُرْمَى بِهِ فِي البِئْر ليُطَيِّبَ ماءَها، ويَفْتَحَ عُيونَها، وَأنْشد:
إِذَا رَأَوْا كَرِيهةً يَرْمُونَ بِي
رَمْيَكَ بالمِرْجَاس فِي قَعْرِ الطَّوِي
قَالَ: ووجَدت هَذَا الشّعْر فِي أَشْعارِ الأَزْدِ (بالبِرْجَاسِ فِي قَعْرِ الطَّوِي) بالْباء. والشِّعرُ لسعد بن المُنْتَحِر البارِقيّ، وَهُوَ جاهليّ، رَواه المُوَرِّجُ لَهُ، وَهُوَ حجرُ يُرْمَى بِهِ فِي البِئر.
جرسم وجلسم: ابْن دُرَيْد: جِرْسامٌ وجِلْسام لِلَّذي يُسَمِّيه العامّة بِرْسَاما.
سنجل: وسِنْجالُ: قريةُ بأَرْمِينِيةً، ذكره الشماخ فِي شعره، فَقَالَ:
ألاَ يَا اصْبَحَاني قبْلَ غَارَةِ سِنْجَالِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَنْجَلَ، إِذا مَلأ حَوْضَه نشاطاً.
وجنفس: قَالَ: وجنْفَسٍ، إِذا اتَّخَمَ.
سجان: أَبُو مَالك: وَقَعَ فِي طعامٍ بَسَّجانٍ أيْ. كثير.
(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز
زنجر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال زَنْجَرَ فلانٌ لفُلَان: إِذا قَالَ بِظُفْرِ إبهامه ووضَعَها على ظُفْرِ سَبّابَتِهِ، ثمَّ قرع بَينهمَا فِي قَوْله: وَلَا مِثْلَ هَذَا. وَأنْشد:
فمَا جَادَتْ لنا سَلْمَى
بِزِنْجِيرٍ وَلَا فُوفَهْ
وَقيل: الزِّنجير: قُضبان الكرمِ الرطب.(11/166)
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الزِّنْجِيرَةُ مَا يأْخُذُ طَرَفُ الْإِبْهَام من رَأْسِ السِّنِّ، إِذا قَالَ: مَالك عِنْدِي شَيْءٌ وَلاَ ذِهْ.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال لِلبياضِ الَّذِي على أَظْفَارِ الأحْدَاثِ، الزِّنْجِيرُ والزِّنْجِيرَة والفُوفُ والوَبَشُ.
زرجن: وَقَالَ اللَّيْث: الزّرَجون قُضْبانُ الكَرْم بِلُغَةَ أهل الطَّائِف، ولُغة أهل الغَور.
وَقَالَ شَمِر: أَصله زَرَكُون، يُقَال ذَلِك لِلْخَمْر، ولِقُضْبان الكَرم وَقد مَرّ تَفْسِيره فِي ثلاثي الْجِيم.
زرنج: قَالَ اللَّيْث: زَرَنْج اسمُ كُورَة مَعْرُوفَة.
وَقَالَ ابْن الرُّقَيّات:
جَلَبوا الخَيْلَ من تهامةَ حتَّى
وَرَدَتْ خَيْلُهم قُصُورَ زَرَنْجِ
زبرج: وَقَالَ اللَّيْث: الزِّبْرجُ: الذَّهَبُ، والزِّبْرِجُ أيْضاً زينةُ السِّلاح، والزِّبِرْجُ: الوَشْي، والزِّبرجُ: السَّحابُ النَّمِرُ بسَوادٍ وحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ. وَقَالَ العجاج:
سَفْرَ الشَّمالِ الزِّبرِجَ المُزَبْرَجَا
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء: الزِّبْرِجُ والزَّعْبَجُ: السَّحاب الرّقيق.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّواب. والسحاب النّمِرُ المُخيِّلُ لِلْمَطر، والزِّبْرِجُ من السَّحاب: الرَّقيقُ الَّذِي لَا ماءَ فِيهِ، وزِبرِجُ الدُّنيا: زينتُها، وَهِي الزّبَارِيجْ.
زمجر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَّمَاجِيرُ زَمّاراتُ الرُّعْيان.
ورُوِي عَن عَمرو، عَن أَبِيه: الزَّمْخَرة بالْخَاء: الزّمّارة، والزّمجَر: السَّهم الدّقيق النّاقِر.
وروى أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عُبيدة، أنّه قَالَ: الزَّمْجَرَةُ الصّوتِ مِن الْجَوْف، والزَّمْخَرَة: الزّمّارة. قلت: وَالصَّوَاب الأوّل.
جرمز: أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: الجُرْموز الْحَوْضُ الصّغير، وَقَالَ ذُو الرمة:
ونَشَّتْ جَرَامِيزُ اللِّوَى والمَصانَعُ
أَبُو زَيد: رَمَى فلانٌ الأرضَ بجَرامِيْزِه وأَوْرَاقِه، إِذا رَمَى بنفْسه، وَيُقَال: جَمَع فلانٌ لفُلَان جَراميزَه إِذا استعَدّ لَهُ، وعَزَمَ عَلَى قَصْدِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُرْمُوزُ حَوْضٌ مُتَّخَذٌ فِي قاع أَو رَوْضة، مُرتفِعُ الأعْضَاد، فيَسِيلُ فِيهِ المَاء، ثمَّ يفَرَّغُ بعد ذَلِك. قَالَ والجَرْمَزَةُ: الانقِبَاضُ عَن الشِّيء، قَالَ: وَيُقَال: ضَمّ فلانٌ إِلَيْهِ جَراميزَه، إِذا رَفَعَ مَا انتشَرَ من ثِيابِه، ثمَّ مَضَى، وَإِذا قلت: الثَّوْرُ ضَمّ جَراميزَه، فَهِيَ قَوائَمه، وَالْفِعْل مِنْهُ: اجْرَمّزَ، إذَا انقَبض فِي الكِناس: وأَنشدَ:
مُجْرَمِّزاً كَضَجْعَةِ الْمَأْسُورِ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الْمُجْرَنْمِز والمُجْرَنْجِمُ: المُجْتَمِع.(11/167)
قلت: وَإِذا أدْغَمْتَ النُّون فِي الْمِيم قلت: مُجْرَمِّز.
أَبُو عُبيد: قَالَ الأمويّ: تَجَرْمَزَ اللَّيْلُ تَجَرْمُزاً، إِذا ذهب.
قَالَ النّضر: قَالَ المُنْتَجِعُ يُعجبُهم كلُّ عامٍ مُجْرَمِّزِ الأول، أَي لَيْسَ فِي أَوله مَطَر. أَبُو دَاوُد عَنهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أخَذ الشيءَ بحذافيرِه وجَراميزِه، وجَذامِيرِه، إِذا أخَذَه كُلَّه.
سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: خُذْه بِجَذَامِيره، وجُذْمُورِه، وجِذْمَارِه، وَأنْشد:
لعلَّكَ إنْ أَدْرَرْتَ مِنْهَا خَلِيَّةً
بِجُذْمُورِ مَا أبقَى لكَ السَّيفُ تَغْضَبُ
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الزِّنجيلُ: الضّعيف بالنُّون. وَقَالَ شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: زِنجيل بالنُّون أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد عَن الفَرّاء: الزِّئْجِيلُ مَهْمُوز وَهُوَ الزُّؤَاجِلُ.
وَإِذا قَطَعْتَ سَعَفَة فبقِيَت مِنْهَا قطعةٌ فِي أصلِ السّعَفةِ؛ فَهُوَ جِذْمارٌ وجِذْمورٌ. قَالَه الأخفَشُ، رَوَاهُ شَمِر عَنهُ، وَمَا بَقِي من يَدٍ الأقطَعِ عِنْد رأْسِ الزَّنْدَيْنِ جُذْمور.
يُقَال: ضَرَبه بِجُذْمُوره، كَمَا يُقَال ضَرَبه بقَطَعَتِه. وَقَالَ الشَّاعِر:
بَنَانَتَانِ وَحُذْمُورٌ أَقِيمُ بِهِ
صَدْرَ القناةِ إِذا مَا صارِخٌ فَزِعَا
الصّارِخُ: المستغيث، فزِعَ: اسْتَغَاثَ.
جربذ: قَالَ أَبُو عُبيدة: الجَرْبَذَةُ مِن سَير الخَيل، وفَرَسٌ مُجَربِذ، وَهُوَ القريبُ القَدْر فِي تَنْكيس الرّأْس، وشَدّةُ الاخْتِلاَطِ مَعَ بُطْءِ إحَارَةِ يَدَيهِ ورِجْلَيْهِ.
قَالَ: وَقد يكونُ المُجَرْبِذُ أَيْضا فِي قُرْب السُّنْبُكِ من الأَرْض وارتفاعِه. وأنشدَ:
كُنتَ تَجرِي بالْبُهْرِ خِلْواً فلمَّا
كلَّفَتْكَ الجِيَادُ جَرْيَ الجِيادِ
جَرْبَذَتْ دونَها يَداكَ وأزري
بكَ لُؤمُ الآباءِ والأجدادِ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جرْبَذَت الفَرسُ جَرْبَذَةً وجِرْباذاً، وَهُوَ عَدْوٌ ثقيل. وفرَسٌ مُجَرْبِذٌ، إِذا كَانَ كَذَلِك.
ابْن الأنباريّ: البَرُوكُ من النِّسَاءِ الَّتِي تَتَزَوّجُ زَوْجاً وَلها ابنٌ مُدرِكٌ من زَوجٍ آخَر. وَيُقَال لابنها الْجَرَنْبَذ.
قلت: وَهُوَ مَأخُوذٌ من الْجَرَبَذَة.
جلفز: قَالَ اللَّيْث: نابٌ جَلْفَزِيز هَرِمَةٌ حمول عَمولُ وَيُقَال: داهِيَةٌ جلْفَزِيزُ. وَقَالَ:
إنِّي أرَى سَوداءَ جَلْفَزِيزَا
وَيُقَال: جعلهَا اللَّهُ الْجَلفَزيزَ، إِذا صَرَمَ أمره وقطعه.(11/168)
وَأنْشد ابْن السكّيت لبَعض الشُّعَراء:
السِّنُّ من جلفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خَلَقٍ
والحِلْمُ حِلمُ صَبيَ يَحرُثُ الْوَدَعَة
يصف امْرَأَة أسَنَّتْ وَهِي مَعَ سِنِّها ضعيفَةُ العقْل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: ناقَةٌ جلفَزيزٌ صُلبةٌ غَلِيظة.
وَقَالَ اللَّيْث: عجوزٌ جَلفَزيزٌ متَشَنِّجةٌ وَهِي مَعَ ذَلِك عَمُول.
جلبز: ابْن دُرَيْد: رَجُلٌ جَلْبَزٌ وجُلابِزٌ: صُلبٌ شَدِيد.
فنزج: قَالَ: والفَنْزَجُ الدَّسْتَبَنْد، يَعْنِي بِهِ رقْصَ المَجُوس إِذا أخَذَ بعضُهم يَدَ بَعض، وهم يَرْقُصون، وَأنْشد قَول العجاج:
عَكْفَ النَّبيطِ يلْعَبُون الفَنْزَجا
وَقَالَ ابْن السّكّيت: الفَنْزَجُ لُعْبَةٌ لَهُم تُسَمَّى بنْجَكان بالفارِسِيَّة، فَعُرِّب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفنْزَجُ: لَعِبُ النَّبيط إِذا بَطِروا.
وَقَالَ شمر: يُقَال الفنْزَجُ: النَّزَوان، قَالَه الْأَصْمَعِي. قَالَ شمر: ويقالُ الفنزجُ خَراج يؤدِّيه الأنْباط فِي خَمْسَة أَيَّام بنَجْم. قلت: الْخراج يُقَال لَهُ السَّمَرَّجُ لَا الفنْزَجُ.
زنجب: عَمْرو، عَن أَبِيه: الزُّنْجَبُ: المِنْطَقَة، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الزَّنْجَبان: بِفَتْح الزَّاي المِنْطِقَة.
جربز: اللَّيْث: الجُرْبُز: دَخِيل، وَهُوَ الْخِبُّ من الرِّجَال.
جمزر: وَيُقَال: جَمْزَرْتَ يَا فلَان، أَي نَكَصْتَ وفَررت.
جرمز: وجَرْمَزْتَ: أَي أخْطَأت.
جلنز: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جمل جَلَنْزِيَ، وبَلْنزِيَ إِذا كَانَ غَليظاً شَدِيدا.
زنجل: أَبُو عُبَيْد: الأمويّ، قَالَ: الزِّنْجيلُ الضَّعيفُ من الرّجال.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الزّيجيل بِالْيَاءِ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب، قَالَ مُزَاحم: الزِّنجيلُ القَوِيُّ الضَّخم.
وروى شَمر بإسنادٍ لَهُ فِي كِتَابه عَن مُحَمَّد ابْن عليّ، قَالَ: كَانَت لعليّ بن حُسين سَبَنْجُونَةٌ من جُلُود الثَّعالب، وَكَانَ إِذا صَلَّى لم يَلْبَسْها.
قَالَ شمر: سألْت مُحَمَّد بن بَشّار عَن السَّبَنْجونَة، فَقَالَ: فَرْوةٌ من ثعالب، وسأَلْتُ أَبَا حاتِمٍ عَنْهَا، فَكَانَ يذهبُ إِلَى لون الخُضْرَةِ اسْمَانجُون وَنَحْوه.
(بَاب الْجِيم والطاء)
ج ط
جلفط: قَالَ اللَّيْث: الجِلْفاطُ: الَّذِي يَشُدُّ دُروزَ السُّفُن الجُدُدِ بالخُيُوطِ والخِرَقِ ثمَّ(11/169)
يُقَيِّرها يُقَال: جَلْفَطهُ بالجِلْفاطِ، إِذا سَوّاهُ وقَيَّره.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ الَّذِي يُجَلْفِطُ السُّفُنَ، فَيُدْخِلُ بَين مسامير الألواح وحُزوزِها مُشاقَةَ الكَتَّان، ويمْسَحُه بالزِّفتِ والقار.
طثرج: عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الطَّثرج النَّمْل.
جلط: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَلمَطَ رَأسه وجَلَطَهُ، إِذا حَلَقَه.
(بَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د
جردب: أَبُو عبيد، عَن الْفراء، جَرْدَبْتُ الطَّعام وَهُوَ أَن يَضَعَ يَده على الشَّيءِ يكونُ بَين يَدَيه الخِوانِ كي لَا يَتَنَاولَهُ غيرُه. وأنشدنا:
إِذا مَا كُنتَ فِي قومٍ شَهادَى
فَلَا نجْعَلْ شِمالَك جرْدَبانا
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الجَرْدَبان الَّذِي يَأْكُل بِيَمِينِهِ، ويمْنَعُ بِشمَالِهِ. وَرَوَاهُ بَعضهم: (جُرْدُبانا) .
وَقَالَ شمر: يُقَال هُوَ يُجَرْدِمُ فِي الإناءِ أَي يأكُلُه ويُفنِيه.
وروى أَبُو تُرَاب، عَن الْفراء: جَردَبَ وجردَمَ بِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ. وأنشده الغَنَوِيّ:
فَلاَ تجْعَلْ شِمالَكَ جردَبيلا
وَزعم أَن مَعْنَاهُ أَن يَأْخُذ الكِسْرَةَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ويأكلَ باليمنى فَإِذا فنِيَ مَا بَين يَدي القَوْم أكل مَا فِي يَدِه اليُسْرى.
وَيُقَال: رجل جَرْدَبيلٌ، إِذا فعل ذَلِك.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: جردمْتُ السّتينَ، إِذا جُزْتَها. وجردَمَ مَا فِي الجَفنَةِ، إِذا أَتَى عَلَيْهِ. قَالَ: وزاحم السّتِّين وزاهمَها، إِذا بلغَهَا.
برجد: عَمْرو، عَن أَبِيه: البُرْجُد كِساءٌ من صُوفٍ أَحْمَر.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: البُرْجُد كِساءٌ ضَخْم فِيهِ خُطوط يَصلُح لِلخباء وَغَيره.
جردب: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِردَابُ وسَطُ البَحرِ.
بردج: وَأنْشد ابْن السّكيت قَول العجاج:
كَمَا رأَيتَ فِي المُلاَءِ البَرْدَجَا
قَالَ: البَرْدَجُ السَّبْي، وأصلُه بِالْفَارِسِيَّةِ (بَرْدَة) .
يرندج: وَقَالَ أَبُو عبيد: اليَرَنْدَجُ والأَرَنْدَج بِالْفَارِسِيَّةِ رَنْدَه؛ وَهُوَ جِلدٌ أسود، وَبَعْضهمْ يَقُول: إرَنْدَج. وَأنْشد:
عَلَيْهِ دَيَابُوذٌ تَسَربلَ تحتَهُ
أرَندَجَ إسكافٍ يُخالِطُ عِظْلِما
وَقَول ابْن أَحْمَر:
لم تَدر مَا نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قبلهَا
ودراس أعوصَ دارسٍ مُتَجَرِّد(11/170)
وَقَالَ الأصمعيّ: اليَرندج جلد أسود. قَالَ: وَلم يدر ابنُ أَحْمَر مَا اليَرَندج، ظنّ أَنه يُنسَجُ، وَأَنه من عمل النَّاس.
وَقَالَ غَيره: أَرَادَ بقوله: (مَا نسج اليرندج) أَنه حدّثها بحَديثٍ ظَنَّت أَنه حَقٌ. وَلم تكن تعرف الْكَذِب قبل ذَلِك.
دردج: وَقَالَ اللَّيْث: الدّردَجةُ إِذا توافقَ اثْنَان بِمَوَدَّتِهما، قِيل: قد دَردَجَا، وَأنْشد:
حتّى إِذا مَا طَاوَعَا ودَردَجَا
وَقَالَ غَيره: الدَّرْدَجةُ: رِئمانُ النَّاقةِ وَلَدَها، يُقَال: قد دَرْدجَتْ تُدَرْدِجُ، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
وكُلُّهُنَّ رَائمٌ تُدَرْدِجُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَرْبجت النّاقةُ ودَرْدَجت ودَرْدَبَتْ إِذَا رَئِمَتْ وَلَدها.
جلندد: أَبُو عَمْرو: رَجُلٌ جَلَنْدَدٌ، أَي فاجِرٌ يَتَّبِع الفُجور، وَأنْشد:
قَامَتْ تُناجي عَامِراً فَأَشْهَدَا
وكَانَ قِدْماً نَاخِباً جَلَنْدَدَا
فَداسَها لَيْلَتَهُ حَتى اغْتَدى
النّاخبُ: النّاكح، وأشْهَدا، أَي أمْذَى.
جندل: شمر، قَالَ أَبُو خَيْرَة: الْجَنْدَلُ صَخْرَةٌ مِثلُ رأْس الْإِنْسَان وَجمعه جنادِل.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الجُنَدِل على مِثَال فُعَلِل: الموْضَعُ فِيهِ الْحِجارة.
جلمد: شَمِر عَن ابْن شُميل: الجُلمُودِ مِثلُ رَأس الجَدْي، وَدون ذَلِك، شَيْء تَحمِلُه بِيَدِك قَابِضا على عُرْضِه، وَلَا تَلتَقِي عَلَيْهِ كَفُّك وتَلتَقي عَلَيْهِ كَفاكَ جَمِيعًا تَدُقُّ بِه النَّوى، وَغَيره.
وَقَالَ الفرزدق:
فَجاءَ بِجلْمود لَهُ مثل رَأْسه
ليُسقَى عَلَيْهِ المَاء بَين الصَّرائم
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: الجَلْمَدُ والخِطْرُ، والعَكْنانُ: الإبلُ الْكَثِيرَة الْعَظِيمَة.
يُقَال: جُلْمُودٌ وجَلْمَدُ. وَأنْشد:
وَسْط رِجامِ الجَنْدل الجُلْمودِ
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الجُلْمود الصَّخْرة المستَديرة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل جَلْمَدُ وجلمَدَةٌ، وَهُوَ الشَّديد الصُّلب. قَالَ: والجُلمُودُ أَصغَر من الجَنْدَل قَدر مَا يُرْمَى بِهِ بالقُذَّاف.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الجَلمَدَةُ البَقرة، والجُنادِل: الشَّديد من كلِّ شَيْء، وَأَرْض جنْدَل: ذَات جنادِل.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الجِلْمَدُ أَتَانُ الضَّحْل، وَهِي الصَّخرة الَّتِي تكون فِي المَاء الْقَلِيل، وَهِي السَّهْوَة.
دملج: قَالَ اللَّيْث: الدُّمْلُجُ المِعضَدُ من الحُلِيّ.
قَالَ: والدَّمْلَجَةُ تَسْويةُ صَنعَةِ الشَّيء كَمَا يُدَملَجُ السِّوار.(11/171)
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّماليجُ الأَرضُون الصِّلاَب.
اللحيانيّ: دُمِلجَ جسمُهُ دَمْلَجَةً، أَي طُوِيَ طَيّاً حَتَّى اكْتَنَزَ لحْمُه.
أنْشد ابْن الأعرابيّ:
والبيضُ فِي أعضَادِها الدَّمالِيج
ومُعْطيات مَذَلٍ فِي تعويج
جمع الدَّملوج.
جندف: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنادِفُ الجافِي الجسِيمُ من النَّاس وَالْإِبِل: يُقَال ناقَةٌ جُنَادِفَةٌ وأَمَةٌ جنادِفَةٌ، وَلَا تُوصفُ بِهِ الْحُرَّة.
وَقَالَ الأصمعيّ: رَجلٌ جُنَادِفٌ غليظٌ قصير الرقَبَة، وَقَالَ الرَّاعِي:
جُنَادِفٌ لاحِقٌ بالرّاس مَنْكِبُه
كأَنَّه كَوْدَنٌ يُوشَى بَكُلاَّبِ
جُنْدُب: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنْدَبُ الذّكر من الجَراد.
أَبُو بكر: الجُندَبُ الصَّغِير من الْجَرَاد وَأنْشد:
يُغالين فِيهَا الجُزءَ لولاَ هَوَاجرٌ
جنادِبُها صَرْعى لَهُنَّ فَصِيصُ
أَي صَوت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العربُ تَقول وَقع الْقَوْم بأمِّ جُندُب، إذَا ظلمُوا وَقتلُوا غيرَ قَاتل صَاحبهمْ، وَأنْشد:
قتلنَا بِهِ القومَ الَّذين اصْطلوا بِهِ
جهاراً وَلم نَظلمْ بِهِ أمّ جُندَب
وَقَالَ عِكْرِمَة فِي قَول الله تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} (الْأَعْرَاف: 133) القُملُ: الجنادب، وَهِي الصغارُ من الْجَرَاد، واحدتها: قُمَّلَة.
وَقَالَ الْفراء: يجوز أَن يكون واحدُ القُمَّل قامِلاً، مثل رَاكِع ورُكَّع.
أَبُو عُبيد، عَن العَدَيَّس الكِنانيّ، قَالَ: الصَّدَى هُوَ الطَّائِر الَّذِي يَصِرُّ باللّيل، ويَقفز ويَطير؛ وَالنَّاس يَرونه الجندَب، وإنَّما هُوَ الصَّدَى. فأمَّا الجُندَب: فَهُوَ أصغَر من الصدى. يكون فِي البَراريّ. وإياه عَنى ذُو الرُّمة:
كأَنَّ رجلَيه رجلاَ مُقطِفٍ عَجلٍ
إذَا تَجَاوَبَ من بُردَيهِ تَرنِيم
قلت: والعربُ تَقول: (صَرَّ الجُندَبُ) يُضْرَبُ مَثَلاً للأَمر يَشْتَد حَتَّى يُقْلِقَ صاحِبَه. وَالْأَصْل فِيهِ أنَّ الجُندَبَ إِمَّا رَمَضَ فِي شِدّة الحرّ لمْ يَقرَّ على الأَرْض وطار، فَتَسْمعُ لرجلَيه صَرِيراً. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
قَطَعتُ إذَا سمعَ السامِعو
ن للجُندَب الجَوْنِ فِيهَا صَرِيرا
وَيُقَال: وَقع فلَان فِي أم جندَب، إِذا وَقع فِي داهية.(11/172)
دمج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: دَمَجَ عَلَيْهِم، وادرَمَّجَ، ودَمَرَ، وتَعَلَّى عَلَيْهِم، وطَلَع عَلَيْهِم، كلّه بِمَعْنى وَاحِد.
(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت
فرتج: فِرتاج: موضعٌ فِي بِلَاد طَيِّء.
أَبُو عُبيد، عَن أَبي زيد: مِن سِماتِ الْإِبِل الفِرتَاج. وَلم يَحُدَّهُ.
تفرج: ابْن الأعرابيّ: التفاريج فُرَجُ الدّرَابزين. قَالَ: والتّفارِيجُ فَتَحات الْأَصَابِع وأَفواتُها. وَهِي وَتَايِرُها، وَاحِدهَا تِفرَاج.
جرفت: جِيرَفْت: كُورَةٌ من كُوَرِ فَارس.
(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ
جلنظى: اللحياني: اجلَنظَى الرجل على جنْبه واستَلقَى على قَفاه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُجلَنظِي: الَّذِي يَستَلقِي على ظَهره ويَرفع رجليْه.
وَفِي حَدِيث لُقْمَان بن عَاد: (إِذا اضطجَعتُ لَا أَجلنظِي، وَلَا تملأُ رئتي جَنْبي) .
قَالَ أَبُو عبيد: المُجلنظِي المسبَطِرّ فِي اضْطَجاعِه، يَقُول: فَلستُ كَذَلِك، وَمِنْهُم من يَهمز فَيَقُول: اجلنظأْتُ واجلنظيتُ.
(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ
جذمر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُذمُور بَقيَّةُ كلِّ شَيْء مَقطوع، وَمِنْه جُذمُور الكِباسة.
جربذ: الجربَذَةُ ثِقَلُ الدَّابَّة، وَهُوَ المجربِذُ، والمجربذ من الْخَيل الثقيل.
شمر: الدَّيدَجان الإبِلُ تَحملُ حمولة التُّجَّار، وَأنْشد:
إِذا حَدَوتُ الدَّيدَجانَ الدَّارِجا
رَأَيته فِي كلِّ بَهْوٍ دَامِجَا
(بَاب الْجِيم والثاء وَالْجِيم وَالرَّاء)
ج ث ج ر)
ثبجر: أَبُو زيد: اثْبَجَرَّ فِي أمرِه، إِذا لم يَصرِمه وضَعُف.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اثبَجَرَّ، إِذا رَجَع على ظَهْرِه، وَأنْشد:
إِذا اثْبَجَرَّا من سَوَادٍ حَدَجا
قَالَ الباهِليّ اثبجرّا، أَي قاما وتَقَبَّضا.
جرثم: وَقَالَ اللَّيْث الجرثُومُ: أَصلُ شَجَرَة يَجتمعُ إِلَيْهَا التُّراب.
قَالَ: وجُرْثُومة كلِّ شَيْء أَصله ومُجتَمَعه، واجرنثَم القومُ، إِذا اجْتَمعُوا ولَزِموا موضعا.
ابْن دُريد: تجَرْثم الرجلُ: سقط من عَلْو(11/173)
إِلَى سُفْل.
وَقَالَ المفضَّل: الجُرْثومة وَهِي الْغَلْصَمَة، وتجَرْثم الشَّيْء، إِذا اجْتمع.
ورُوي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: أسدُ جُرْثومةُ الْعَرَب، فَمن أضلّ نسبه فلْيأتهم.
جنثر: عَمْرو، عَن أَبِيه، الجُنْثُر الجملُ الضخم.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الجناثِرِ، وَأنْشد:
كُومٌ إِذا مَا فَصَلَتْ جَنَاثِرُ
ثنجر أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الثِّنْجَارَةُ والثِّيجَارة: الحُفرة الَّتِي يحفرها ماءُ المِرْزاب.
جثأل: اللحيانيّ: اجْثَأَلَّ الطَّائِر، إِذا انْتَفَشَ للندى وَالْبرد، واجثأَلَّ للشر، إِذا تَهيّأ لَهُ، وَقَالَ الراجز:
جَاءَ الشتاءُ واجثأَلَّ القُبَّرُ
(ثبجر) أنْشد ابْن السّكيت:
إِذا اثْبَجَرَّا من سوادٍ حَدَجَا
اثْبَجَرَّا، أَي نَفرا وجَفَلا، وَهُوَ الاثْبِجْرَار.
قَالَ اللَّيْث: الاثْبِجْرارُ ارتداعُ فزعةٍ أَو تَرْدادُ القومِ فِي مسيرٍ إِذا ترادّوا.
جرثل: قَالَ ابْن دُرَيْد: جَرْثَلْتُ التُّرَاب، إِذا سَفَيْتَه بِيَدِك.
وَقَالَ أَبُو زيد: اجْثَأَلَّ النَّبتُ، فَهُوَ مُجْثَئِلُّ، إِذا مَا اهتزّ وَأمكن لِأَن يُقبَض عَلَيْهِ، والمجثَئِلُّ من الرِّجَال المُنْتَصِبُ قَائِما.
جذأر: قَالَ اللَّيْث: المَجذْئِرُّ المُنْتَصُّ للسِّباب.
وَقَالَ الطِّرمّاح:
تَبيتُ عَلَى أطرافها مُجْذَئِرَّةً
تُكابدُ هَمّاً مثل همِّ المُرَاهِن
والمُراهِنُ: المخاطِر.
(وَقَالَ ابْن بُزْرُج: المجْذَئِرُّ: المنتصبُ الَّذِي لَا يَبرح، والمجْذَئِرُّ من النَّبَات: الَّذِي نبتَ وَلم يَطُل، وَمن الْقُرُون حِين يُجاوزُ النُّجُوم وَلم يَغْلُظْ) .
جفأظ: قَالَ: والمُجْفَئِظُّ الَّذِي أصبح عَلَى شفَا الْمَوْت من مرضٍ أَو شَرَ أَصَابَهُ، يُقَال: أَصبح مُجْفَئِظّاً. قَالَ: والمجفئِظُّ المنتفِخ.
فَرجل: قَالَ اللَّيْث: الفَرْجلةُ التَّفَحُّج.
قَالَ الراجز:
تَقَحَّمَ الفيلِ إِذا مَا فَرْجَلا
يُمِرُّ أخفافاً تَهُضُّ الجَنْدَلا
فرجن: والفَرْجنة: فَرْجَنةُ الدّابة بالفِرْجون، وَهُوَ المِحَسّة.
فنجل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَنجَلةُ(11/174)
أَن يمشي مُفَاجّاً، وَرجل فَنجَلٌ، وَهُوَ المتباعد الفخذين، الشَّديد الفَجَج، وَأنْشد:
اللَّهُ أَعطانيكَ غير أَجْدَلا
وَلَا أَصَكّ أَوْ أَفجَّ فَنجَلا
يُقَال: مرّ يُفَنجل فنجلةً.
مرجل: وَقَالَ اللَّيْث: المَرَاجلُ: ضرب من برود الْيمن، وأَنشد:
وأَبْصَرْتُ سلمى بَين بُرْدى مراجِلٍ
وأخْياش عَصْبٍ من مُهَلْهلةِ اليَمَن
وثوبٌ مُمَرْجلٌ على صنعةِ المراجل من البُرُود.
مرجن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تِكَذِّبَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} (الرحمان: 22) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: المرجانُ صغَار اللُّؤلؤ، واللؤلؤ: اسْم جامعَ للحَبِّ الَّذِي يخرُج من الصَّدَفة، والمرجانُ أشدُّ بَيَاضًا، وَلذَلِك خُصَّ الياقوتُ والمرجان فشَبَّه الْحور الْعين بهما.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: اخْتلفُوا فِي المرجان، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ صغَار اللُّؤْلُؤ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ البُسَّذ، وَهُوَ جَوْهَر أَحْمَر، يُقَال إِن الجِنّ تُلقيه فِي الْبَحْر، وَبَيت الأخطل حجَّة لِلْقَوْلِ الأول:
كَأَنَّمَا القَطْرُ مرجانٌ تُساقطُهُ
إِذا علا الرَّوْقَ والمَتْنيْنِ والكَفَلا
برجم: أَبُو عُبيد: الرّواجبُ والبراجمُ جَمِيعًا مفاصل الْأَصَابِع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: البراجم هِيَ المُشَنَّجاتُ فِي ظُهُور الْأَصَابِع والرواجبُ مَا بَينهمَا، وَفِي كلِّ إصْبَع بُرجُمَتان. قَالَ: والبَرَاجم فِي تَمِيم: عَمْرو، وَقيس، وغالبُ، وكُلْفَةَ، والظَّلَيْمُ، وهم بَنو حَنْظَلة بن مَالك بن زيد مَنَاة، تحالفوا على أَن يَكُونُوا كبراجم الْأَصَابِع فِي الِاجْتِمَاع، وَمن أمثالهم: إنَّ الشَّقِيّ راكبُ البَرَاجم. وَكَانَ عَمْرو بن هِنْد لَهُ أخٌ قَتله نفر من تَمِيم، فآلى أَن يقتل بِهِ مِنْهُم مائَة، فَقتل تسْعَةً وَتِسْعين، وَكَانَ نازلاً فِي ديار تَمِيم، فأَحْرَق الْقَتْلَى بالنَّار، فمرّ رجل من البَراجم وراحَ رَائِحَة حريق الْقَتْلَى فحسبه قُثار الشّواء، فَمَال إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ عَمْرو، قَالَ لَهُ: مِمّنْ أَنْت؟ قَالَ: رجلٌ من البراجم. فَقَالَ حينئذٍ: (إِن الشَّقِيّ راكبُ البَراجم) ، وَأمر بِهِ فقُتِل وأُلقِي فِي النَّار، وبَرّت بِهِ يَمِينه.
وَقَالَ ابْن دُريد: الْبَرجَمة: غِلَظُ الْكَلَام.
فرجن: وَقَالَ اللَّيْث: الفرجون: المِحَسَّةَ.
نفرج: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ورجلٌ نِفْرَجةٌ ونفْرَاجَةٌ إِذا كانَ جَبَاناً ضَعِيفا.
ابْن الأنباريّ: رجل نِفْرِجاء، وَهُوَ الجبان يكسر النُّون وَالرَّاء مَمْدُود.(11/175)
جنبر: ثَعْلَب، عَن سَلمَة، عَن الْفراء: رجل جَنبرٌ قصير، وَكَذَلِكَ الجَنثَر.
وَقَالَ أَبُو عمر: والجنبرُ الجملُ الضَّخمُ.
جأنب: الأصمعيّ: رجل جأنَبٌ، قصيرٌ، بِهَمْزَة سَاكِنة.
اللَّيْث: يفَريْنَجُ، معربٌ لَيس من كَلَام العَرب.
فربج: قَالَ: وافْرَنَبَج جِلدُ الحَمَلِ، يَفْرِنْبِجُ، إِذا شُوِيَ فَيَبِسَ أَعاليه، وَكَذَلِكَ إِذا أَصابه ذَلِك من غير شَيْء. وَقَالَ الشَّاعِر يصف عَنَاقاً شواها وأَكل مِنْهَا:
فأَكلُ من مُفرَنبِجٍ بَين جلدهَا
نرجل: وَقَالَ اللَّيْث: النَّارجيلُ، هُوَ الجوزُ الهِنديّ، قَالَ: وعامَّة أَهل الْعرَاق لَا يَهمزُونه، وَهُوَ مَهموز.
قلت: وَهُوَ مُعرب دَخيل.
جنبل: وَقَالَ اللَّيْث: الجُنْبلُ العُسُّ الضخمُ، وَأنْشد:
مَلمُومَةٌ لَمَّا كَظَهرِ الجُنْبُلِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجنْبلُ: القَدَحُ الضخم، وَهُوَ المِجْوَلُ أَيْضا.
منجنون: وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: الْمَنجَنُون هِيَ الَّتِي تَدور، جعلهَا مُؤَنّثَة.
وَأما قَول عَمْرو بن أَحْمَر:
ثَمِلٌ رَمَتْهُ الْمَنْجَنُونُ بِسَهْمِها
فإنَّ أَبَا الْفضل أَخبرني عَن شيخٍ من أهل الْأَدَب، سمع أَبَا سعيد المكفوف يَقُول: هُو الدَّهْر فِي بَيت ابْن أَحْمَر.
قَالَ أَبُو الْفضل: المنجنون الدُّولاب، وَأنْشد:
ومَنْجَنُونٌ كالأَتَانِ الْفَارِقِ
شفرج: أَبُو الْعَبَّاس؛ عَن ابْن الأعرابيّ:
الشُّفَارِجُ طرِّيَانٌ رَحْرَحَانِيّ، وَهُوَ الطَّبَق فِيهِ الْفَيْخَاتُ والسُّكرُّجَات.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: يُقَال هُوَ الشُّفارِج لهَذَا القار الَّذِي يُقَال لَهُ الشُّبارِج.
جنفر: عَمْرو، عَن أَبِيه: الجَنَافِيرُ الْقبُور العادِيَة، وَاحِدهَا جُنْفُور.
سليج: قَالَ: السَّلالِيْجُ: الدُّلْبُ الطِّوال.
فَرجل: وَقَالَ: فَرْجَلَ الرجلُ فَرْجَلَةً وَهُوَ أَن يَتَفَحَّجَ ويُسرع. وَأنْشد:
تَقَحُّمَ الفِيلِ إِذا مَا فَرْجَلاَ
يُمِرُّ أَخْفَافاً تَهُضُّ الْجَنْدَلاَ
دربج: وَيُقَال: هُوَ يُدْرِبِجُ فِي مشيتة، وَهِي مشْيَة سهلة، ورَجْلُ دُرَابِجٌ: يختال فِي مِشْيَته.
وَقَالَ غَيره دَرْبَجَ فِي مشيته ودَرْمَجَ، إِذا دَبَّ دَبِيباً، وَأنْشد:
ثُمّتَ يَمْشِي الْبَخْتَرَى دُرَابِجَا
إِذا مَشى فِي دَفِّهِ دُرَامِجَا(11/176)
جرجم: وَقَالَ الأصمعيّ: جَرْجَمَه جَرْجَمَةً، إِذا صَرَعَه.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ جِبْرِيل أخَذَ بِعُرْوَتِها الْوُسْطَى، يَعْنِي مَدَائِن قوم لُوط، ثمَّ أَلْوَى بهَا فِي جَوِّ السّماء حَتَّى سَمِعَت الْمَلَائِكَة ضواغي كلابها، ثمَّ جَرْجَمَ بَعْضهَا على بَعض.
وَقَالَ العجاج:
كأَنَّهُ من قَائِظٍ مُجَرْجَمِ
جرجب: أَبُو عبيد: الْجَراجِبُ الإبلُ الْعِظام، والجَراجِرُ مثلهَا، وَأنْشد:
يَدْعو جَرَاجِيبَ مُصَوَّيَاتِ
وبَكَرَاتٍ كالمُعَنَّساتِ
لَقِحْنَ، لِلْفَنيق شَاتياتِ
قَالَ: والْمَصَوّيَات الْمُغَرِّزَات.
ينجلب: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: من خَرَزَاتِ الْأَعْرَاب الْيَنْجَلِب، وَهُوَ للرّجوع بعد الفِرار.
قَالَ: والكَرّارُ للْعَطْف بعد الْبُغْض. قَالَ: وَتقول الْمَرْأَة:
أُعِيذُه باليَنْجَلِبْ
إنْ يُقِمْ وإنْ يَغِبْ
وَقَالَ اللحياني: قَالَت امْرَأَة:
أَخذتُه باليَنْجَلِبْ
فَلَا يَرِمْ ولاَ يَغِبْ
وَلَا يَزَلْ عِنْد الطُّنُبْ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جُلَنْداء اسْم ملك يُمد ويُقْصر، ذكره الْأَعْشَى فِي شعره.
جلنب: نَاقَة جلَنْبَاةٌ: سَمِينَة صُلْبة، وَأنْشد شمر للطرماح:
كأَنْ لم تَجِد بالوَصْل يَا هِنْدُ بَيْنَنَا
جَلَبْنَاةُ أَسفَارٍ كَجَنْدَلَةِ الصَّمْد
جلنف: وَقَالَ اللَّيْث: طَعَامٌ جَلنفَاةٌ، وَهُوَ الْقَفَارُ الَّذِي لَا أُدْمَ فِيهِ.
بَاب الخماسي من حرف الْجِيم
زنجبيل: ذكر الله جلَّ وعزَّ الزَّنجبيل فِي كِتَابه، فَقَالَ فِي خمر الْجنَّة: {كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا} {زَنجَبِيلاً عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} (الْإِنْسَان: 17، 18) .
وَالْعرب تَصِف الزَّنْجَبيل بالطّيب، وَهُوَ مُسْتطاب عِنْدهم جدا.
وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر طعم رِيقِ جارِية:
كأَنَّ الْقَرْنفُلَ والزَّنجبي
لَ بَاتَا بِفِيها وأَرْياً مَشُورا
فَجَائِز أَن يكون الزَّنجبيل فِي خمر الْجنَّة، وَجَائِز أَن يكون مِزَاجها وَلَا غَائِلَة لَهُ، وَجَائِز أَن يكون اسْماً للعين الَّتِي يُؤْخَذ مِنْهَا هَذَا الْخمر، واسْمه الزَّنجبِيل، واسْمه السَّلْسَبِيل أَيضاً.
جرنفش: أَبُو عُبيد، قَالَ: الجَرَنْفَش: الْعَظِيم من الرِّجال.(11/177)
مجرئش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الْمُجْرَئِشُّ: الغليظ الجنَبين الجافي، وَأنْشد:
جَافٍ عَرِيضٌ مُجْرَئِشُّ الجنْبِ
سفرجل: والسَّفَرْجَلُ: مَعْرُوف، الْوَاحِدَة سَفَرْجَلَة، ويُصَغَّر: سُفَيرِجاً وسُفَيْجلاَ.
سجنجل: والسَّجَنْجلُ المِرْآة وَقَالَ بَعضهم، يُقَال: زَجَنْجَل، وَقيل هِيَ رُومِيّة دخلت فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَالَ:
تَرَائِبُها مَصْقولَةٌ كالسَّجنْجلِ
زبرجد: قَالَ اللَّيْث: الزَّبَرْجَد، هُوَ الزَّمُرُّد، وَأنْشد:
تأْوِي إِلَى مِثْل الْغَزالِ الأغْيَدِ
خَمْصَانَةٌ كالرَّشَاءِ المُقَلَّد
دُرّاً مَعَ الْيَاقُوت والزَّبَرْجدِ
أَحْصَنَها فِي يَافِعِ مُمَرَّدِ
أَرَادَ بالْيَافِع حِصْناً طَوِيلاً.
جرنشم: أَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت أَنه أَنشده لِابْنِ الرِّقاع:
مُجْرَنْشِماً لِعَماءٍ باتٍ يَضْرِبهُ
مِنْه الرُّضَابُ وَمِنْه المسْبِلُ الْهَطِفُ
قَالَ مُجْرَنْشِم: مُجتمعٌ مُتَقَبِّض، رَوَاهُ لنا بِالْجِيم، قَالَ: والرُّضاب قِطَعُ النَّدى، وَكَذَلِكَ رُضَابُ الرِّيق، والْهَطِفُ الْغَزِير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ؛ أَيْضا عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ فِي (النَّوَادِر) : (اخْرَنْشَمَ) الرَّجل: تَقَبَّضَ وتَقَارَبَ خَلْقُ بَعْضِه إِلَى بَعْض، وَأنْشد:
وفَخذٍ طَالَتْ ولَمْ تَخْرَنْشَمِ
وأنشدنيه بِالْخَاءِ فِي نَوَادِر ابْن الأعرابيّ.
وأقرأني الأيادي لِشمّر، عَن الْفراء، أَنه قَالَ: المخَرنْشَمَ هُوَ المتعظِّم فِي نَفسه المتكبِّر، والمخرَنشمُ أَيْضا المَتَغيِّر اللَّوْن، الذّاهبِ اللَّحْم.
هَكَذَا رَوَاهُ شمِر بِالْخَاءِ، وَأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْف.
وَقد جَاءَت حُرُوف تعاقب فِيهَا الْخَاء وَالْجِيم، كالزَّلخَان و (الزَّلجان) .
وانْتجبْتُ الشَّيء وانْتَخَبْتُه، إِذا اخْتَرته.
وَكَذَلِكَ (الجشيبُ) والخشِيبُ: الغليظ من الطَّعَام والنبات.
آخر كتاب الْجِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.(11/178)
هَذَا كتاب الشين من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب مضاعف من حرف الشين
ش ض
مهمل.
(بَاب الشين وَالصَّاد)
ش ص
اسْتعْمل مِنْهُ: شصّ.
شص: قَالَ اللّيث بن المظفر: الشَّصُّ والشِّصُّ لُغتان، وَهُوَ شَيءٌ يُصاد بِهِ السَّمك، وَيُقَال لِلصِّ الَّذِي لَا يَرى شَيْئا إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ: إنَّه لَشَصٌّ من الشُّصوص.
قَالَ: ويُقال: شَصَّتْ معيشَتُهم شُصُوصاً، وإنّهم لفي شَصَاصَاء، أَي فِي شِدّة.
أَبُو نصر، عَن الأصمعيّ: أَصَابَتْهُم لأْوَاءُ ولَوْلاَءُ، وشَصَاصَاء، إِذا أَصَابتْهم سَنَةٌ وشِدَّة.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال أَتَيْتُهُ على شَصَاصَاءَ، وعَلى أوْفَازٍ وأَوْفاضٍ، أَي على عَجَلة.
وَقَالَ الْمفضل: الشَّصَاصَاء مَرْكَبُ السُّوء.
وَقَالَ اللّيث: شَصَّ الْإِنْسَان يَشِصُّ شَصّاً، إِذا عَضَّ نواجذَه على شيءِ صَبْراً، وَيُقَال: نَفَى الله عَنْك الشَّصَائِصَ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّصُوصُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا لَبن لَهَا.
وَيُقَال: قد أَشَصَّتْ فَهِيَ شَصُوصُ؛ وَهَذَا شَاذٌ على غير قِيَاس.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ شَصَّتْ بِغَيْر أَلِف.
وَقَالَ اللْيث شَصَّتْ تَشِصُّ شِصَاصاً. إِذا قَلَّ لَبنهَا.
قلت وَجمع الشَّصُوصِ من النُّوق شَصَائِص(11/179)
وأَنشد أَبُو عُبيد:
أفرَحُ أَن أُزْرَأَ الكِرَامَ وأَنْ
أورَثَ ذَوْداً شَصَائِصاً نَبَلاَ
ابْن بُزْرُج: لَقيته على شَصَاصَاءَ، وَهِي الْحَاجة الَّتِي لَا تَسْتَطِيع تَركها، وَأنْشد:
على شَصَاصَاءِ وأَمْرٍ أَزْوَرِ
(بَاب الشين وَالسِّين)
ش س
اسْتَعمِلَ من وجهيه: شَسَّ.
شس: قَالَ اللَّيث: الشسُّ الأَرْض الصُّلْبة الَّتِي كَأَنَّهَا حجر وَاحِد، والجميع شِساسٌ وشُسُوس، وَأنْشد لِلْمَرَّار بن مُنْقِذ:
أَعَرَفْتَ الدَّارَ أَمْ أَنْكَرْتَها
بَين تِبْرَاكٍ فَشِسَّيْ عَبْقُرِ
(بَاب الشين وَالزَّاي)
ش ز
اسْتعْمل مِنْهَا: شَزّ.
شز: قَالَ اللَّيْث: الشَّزَازَةُ الْيُبْس الشَّديد الَّذِي لَا يَنْقادُ للتَّثقِيف، يُقَال: شَزَّ يَشِزُ شَزِيزاً.
(بَاب الشين والطاء)
ش ط
شَطّ، طَشّ: (مستعملان) .
شط: قَالَ اللَّيْث: الشَّطُّ شَطُّ النَّهر، وَهُوَ جَانِبه، والشَّطُّ: شِقُّ السَّنام، ولكلِّ سَنَام شَطَّان، وناقَةٌ شَطُوط، وَهِي الضَّخْمَةُ الشَّطّيْن.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ الضَّخْمَةُ السَّنَام، وَجَمعهَا شَطَائِط.
وَقَالَ الرّاجز يصف إِبِلاً وراعيها:
قد طَلَّحَتْهُ جِلَّةٌ شَطَائِطُ
فَهْوَ لَهُنَّ خَائِلٌ وفارِطُ
طَلَّحَتْهُ: جعلته كالأَخَايلِ رَاعٍ، شطائط: جمع شَطوط.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (الْكَهْف: 14) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق، يَقُول: لَقَدْ قُلْنَا إِذا جَوْراً وشَطَطَاً. وَهُوَ مَنْصُوب على الصَّدْر الْمَعْنى: لقد قُلْنا إِذا قَوْلاً شَطَطا.
يُقَال: شَطَّ الرجل، وأَشَطَّ، إِذا جَارَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّطَطُ مُجَاوَزَةُ القَدْرِ فِي كلّ شَيْء.
يُقَال: أَعطيته ثمنا لَا شَطَطاً وَلَا وَكْساً، وأَشطّ الرجل، إِذا مَا جَار فِي قَضِيَّته، وشَطَّ: بَعُدَ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلَّ وعَزَّ: {بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ} (ص: 22) . قَالَ: قُرىءَ (وَلَا تشْطِطُ) قَالَ: وَيجوز فِي الْعَرَبيَّة وَلَا تَشْطَطُ، فَمن قَرأَ {لَا تُشْطِطْ} بضَمّ التَّاء، وَكسر الطَّاء، فَمَعْنَاه لَا تَبْعُدْ عَن(11/180)
الحَقّ، وَكَذَلِكَ لَا تَشْطِط كمعنى الأُولى. وَكَذَلِكَ (لَا تَشْطَط) بِفَتْح الطَّاء كمعناهما. وَأنْشد:
تَشَطُّ غَداً دارُ جِيرَانِنَا
ولَلدَّارُ بَعْدَ غَدٍ أَبعَدُ
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك، عَن ابْن جَبَلة، عَن أبي عُبَيدة: شَطَطْتُ أَشْطُطُ، وأَشْطَطْتُ أُشِطّ، وأَنشدنيه المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس:
تَشُطُّ غَداً دَارُ جيرَانِنَا
وَفِي حَدِيث تَمِيم الداريّ: (أنّ رجلا كلّمه فِي كَثْرَة العِبادة، فَقَالَ: أَرَأَيتَ إِن كنتُ أنَا مُؤمنا ضَعِيفاً، وَأَنت مُؤمنٌ قوِيّ أنَّك لَشَاطِّيّ حَتَّى أحمل قُوّتك على ضَعْفي فَلَا أسْتَطيع فَأَنْبَتَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ من الشّطَط، وَهُوَ الجَوْرُ فِي الحُكْم، يَقُول: إِذا كَلْفْتَني مثلَ عَملك، وَأَنت قَوِيٌّ وَأَنا ضَعِيف، فَهُوَ جَوْرٌ مِنْك عَلَيّ. قلت: جعل قَوْله شَاطِّيّ بِمَعْنى: ظَالمي، وَهُوَ مُتَعَدَ.
وَقَالَ أَبُو زيد. وَأَبُو مَالك: شَطَّنِي فلانُ فَهُوَ يَشِطّي شَطّاً وشُطُوطاً، إِذا شَقّ عَلَيْك.
قلت: أَرَادَ تميمٌ بقوله (شاطِّيّ) هَذَا الْمَعْنى الَّذِي قَالَه أَبُو زيد.
وَيُقَال: أشَطَّ القومُ فِي طَلبنا إشطَاطاً، إِذا طَلَبُوهم رُكْبَاناً ومُشَاة.
وَقَالَ اللّيث: أشَطَّ القومُ فِي طَلَبِهِ، إِذا أمْعَنوا فِي المفَازَة.
قَالَ: واشْتَطّ الرجل فِيمَا يَطْلب، أَو فِيمَا يَحْتكُم، إِذا لمْ يَقْتَصِد.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكّيت: جَارِيَةٌ شَاطّةٌ بَيِّنَةُ الشَّطَاط والشطَاط، لُغَتَانِ، وهما الاعْتِدال فِي الْقَامَة. وَأنْشد غَيره للهذلي.
وَإذْ أَنَا فِي المخِيلَةِ والشَّطَاطِ
طش: أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: طَشَّت السَّماء، وأطَشَّت، ورَشَّت وأرَشَّت، بِمَعْنى، وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: مَطَرٌ طَشٌّ وطَشِيشٌ.
وَقَالَ رؤبة:
وَلَا جَدَا نَيْلِكَ بالطَّشِيشِ
أَي بالنَّيْل الْقَليل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ هِيَ أرْضٌ مَطْشوشَة ومَطلُولَة. وَمن الرّذَاذِ: أرْضٌ مُرَذَّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا يُقَال مُرَذَّة وَلَا مَرْذُوذَة، وَلَكِن يُقَال: أرْضٌ مُرَذٌّ عَلَيْها.
وَقَالَ غَيره: الطَّشاشُ: داءٌ من الأدْواء. يُقَال: طُشَّ فَهُوَ مَطْشُوش كأَنَّهُ زُرَكَم. وَالْمَعْرُوف طَشِيءَ، فَهُوَ مَطْشُوء.(11/181)
(بَاب الشين وَالدَّال)
ش د
شدَّ، دَشَّ: (مستعملان) .
شدّ: قَالَ ابْن المظَفَّر: الشَّدُّ الْحَمْلُ. تَقول: شَدَّ عَلَيْهِ فِي الْقِتَال.
قَالَ: والشَّدُّ الحُضْرُ، والفِعل اشْتَدَّ.
قَالَ: والشِّدَّةُ: الصَّلاَبَة. والشِّدَّة النَّجْدَةُ، وثَباتُ الْقَلْب، والشِّدَّةُ: المَجاعَة. وَرجل شَديد: شُجَاع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزَّ:
{لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (العاديات: 8) أَي لَبَخيل. أَي وإنَّه من أجْلِ حُبِّ الخَيْر لَبَخيل.
وَقَالَ طَرَفة:
أَرَى الموتَ يَعْتامُ الكريمَ ويَصْطَفِي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحِش المتشَدِّدِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّدائدُ الهَزاهِز. قَالَ: والأَشُدُّ: مَبْلغُ الرَّجل الحُنْكَةَ والمعْرِفَة.
وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (الْإِسْرَاء: 34) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قالَ الفرّاء الأشُدُّ واحدِها شَدٌّ فِي الْقيَاس، ولمَ أسْمَع لَهَا بوَاحد. وَأنْشد:
قَدْ سَادَ وهْو فَتًى حَتَّى إِذا بَلَغتْ
أشُدُّهُ وَعلاَ فِي الأمْر واجْتمعا
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: وَاحَدةُ الأنعُمِ نِعْمَة، وواحدةُ الأشُدِّ شِدَّة. قَالَ: والشِّدَّةُ القُوَّةُ والجَلادَة. قَالَ: والشَّديد الرّجُل الْقَوِيّ. قَالَ: وكأَنّ الْهَاءَ فِي النِّعْمة والشِّدَّة لم تَكُنْ فِي الْحَرْف، إذْ كَانَت زَائِدَة، وكأَنَّ الأَصْل نِعْمٌ وشِدٌّ، فجمعا على أَفْعُل، كَمَا قَالُوا: رِجْلٌ وأرْجُل، وقِدْحٌ وأقْدُح، وضِرْسٌ وأضْرُس.
قلت: والأشُدُّ فِي كتاب الله جلَّ وعزَّ جَاءَ فِي ثَلاثة مَواضِع بمعانٍ يَقْرُبُ اخْتِلافها فأمّا قَول الله جلَّ وعزّ فِي قِصة يُوسف {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} (يُوسُف: 22) فَمَعْنَاه الْإِدْرَاك والبلُوغ، فحينئذٍ راودَتْه امرأةُ الْعَزِيز عَن نَفسه، وَكَذَلِكَ قَوْله جلَّ وعزّ: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (الْإِسْرَاء: 34) .
فَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ، احْفَظوا عَلَيْهِ مَالَه حَتَّى يبلُغ أشُدَّه فَإِذا بلغ أشُدّه فادفعوا إِلَيْهِ مَاله. قَالَ: وبُلُوغه أشدّه أَن يُؤنَسَ مِنْهُ الرُّشد مَعَ أَن يكونَ بَالغا. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} حَتَّى يبلغ ثَمَانِي عشرَة سَنة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: لست أعرف مَا وجهُ ذَلِك، لِأَنَّهُ إِن أدْرك قبل ثَمَانِي عشرَة سنة وَقد أُونِسَ مِنْهُ الرُّشد، فَطلب دفْعَ مالِه إِلَيْهِ، وَجب لَهُ ذَلِك.(11/182)
قلت: وَهَذَا صَحِيح، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَول أَكثر أَهْلَ الْعلم. أما قَول الله جلّ وعزَّ فِي قصَّة مُوسَى: {لاَ يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءَاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} (الْقَصَص: 14) . فَإِنَّهُ قرنَ بُلوغ الأشُدّ بالاستواء، وَهُوَ أَن يجْتَمع أمره، وقُوَّته، ويَكْتَهل، وَيَنْتَهِي شبابه، وَذَلِكَ مَا بَين ثَمَانِي وَعشْرين سنة إِلَى ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ سنة، وحينئذٍ يَنْتهي شَبَابُه.
وَأما قَول الله جَلَّ وعزْ فِي سُورَة الْأَحْقَاف: {شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ} (الْأَحْقَاف: 15) ، فَهُوَ أقْصَى بُلُوغ الأشُدّ، وَعند تَمامهَا بُعِثَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِيّاً؛ وَقد اجْتمعت حُنْكَتُهُ وَتَمام عَقْلِه؛ فبلوغ الأشُدّ محْصُور الأوّلِ، مَحْصُور النِّهَايَة، غيرُ محصورٍ مَا بَين ذَلِك. وَالله أعلم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: شَدّ الرجل يَشِدُّ شَدّةً، إِذا كَانَ قَوياً، وَيَقُول الرجل إِذا كُلِّفَ عملا: مَا أَمْلِكُ شَدّاً وَلَا إرخاءً، لَا أَقْدِرُ على شَيْء، وَيُقَال: شَدَدْتُ عَلَى الْقَوْم أشُدُّ عَلَيْهِم، وشَدَدْتُ الشيءَ أشُدُّه شَدّاً، إِذا أوْثَقْتَه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ} (مُحَمَّد: 4) ، وَقَالَ: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (طه: 31) .
سَلمَة، عَن الفرّاء، قَالَ: مَا كَانَ من المُضاعف على (فَعَلْتُ) غير وَاقع؛ فَإِن (يَفْعِل) مِنْهُ مكسور، مثل: عَفَّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ، وَمَا أشبهه. وَمَا كَانَ وَاقعا مثل: مَدَدْتُ، وعَدَدْتُ فَإِن (يَفْعُل) مِنْهُ مضموم إِلا ثَلَاثَة أحْرف: شَدَّهُ يَشُدُّهُ، ويَشِدُّه وعَلَّهُ يَعُلَّهُ، ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، فَإِن جَاءَ مثله، فَهُوَ قَلِيل، وأصْلُه الضّم.
وَقَالَ غَيره: اشْتَدَّ فلَان فِي حُضْره، وتَشَدَّدَت الْقَيْنَةُ، إِذا جَهَدَتْ نَفسهَا عِنْد رفع الصَّوْت بالْغِناء، وَمثله قَول طرفَة:
إِذا نَحْنُ قُلْنا أَسمِعينا انْبَرتْ لنا
على رِسْلها مَطْرُوقَةً لم تَشَدَّدِ
وَيُقَال: شَدَّ فلَان على العَدُوّ شَدّةً وَاحِدَة، وشَدَّ شَدَّاتٍ كَثيرةً.
وَقَالَ أَبُو زيْد: خِفْتُ شدَّى زَيْدٍ، أَي شِدَّتَه، وَأنْشد:
فإنِّي لَا ألِينُ لِقَوْلِ شُدَّى
وَلَو كانَتْ أشَدَّ من الحَدِيدِ
وَيُقَال: أَصَابَتني شَدَّى بَعْدَك، أَي الشِّدةُ، مَدَّه ابنُ هانىء.
دش: قَالَ اللَّيْث: الدَّشُّ اتِّخاذُ الدَّشِيشَةِ، وَهِي لُغَة فِي الجَشِيشَة وَهِي حَسْوٌ يُتَّخَذُ من بُرِّ مَرْضُوض، قلت: لَيْست الدَّشِيشَةُ بِلُغَةٍ، وَلكنهَا لُكْنَة. وَقد جَاءَت فِي حَدِيث مَرْفُوع دلَّ على أَنَّهَا لُغة.
حَدثنَا مُحمد بن إِسْحَاق السَّعديّ، قَالَ: حَدثنَا الرَّمادِيّ، عَن أبي دَاوُد الطّيالسيّ،(11/183)
عَن هِشَام، عَن يحيى بن يعِيش بن الْوَلِيد ابْن قيس بن طَخْفَة الغِفَارِيّ، قَالَ: وَكَانَ أبي من أصْحاب الصُّفَّة، وَكَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأْمرالرجلَ يأْخُذُ بيد الرّجل، والرّجلَ يأْخُذ بيد الرجلَيْن، حَتَّى بَقيتُ خامِسَ خَمْسَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (انْطَلِقوا، فانطَلَقنا مَعَه إِلَى بَيت عائِشَة، فَقَالَ: يَا عائِشَة، أطْعمينَا. فجاءَت بِدَشِيشَة فأكَلنا، ثمَّ جَاءَت بِحَيْسَةٍ مثل القَطاة فأكَلنا، ثمَّ بِعُسَ عَظِيم فَشَرِبنا، ثمَّ انطَلقنا إِلَى المسْجد) .
قَالَ الأزهريّ: ودَلَّ هَذَا الحَدِيث أنَّ الدشِيشَة لُغَةٌ فِي الجَشِيشَة.
(بَاب الشين وَالتَّاء)
ش ت)
شت: قَالَ الله: {لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} (الزلزلة: 6) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي يصدرُون مُتَفَرِّقين، مِنْهُم من عَمِلَ صَالحا، وَمِنْهُم من عَمِل شرّاً، قلت: وَاحِد الأشتاتِ شَتٌّ. قَالَه ابْن السِّكّيت وَقَالَ: جَاءُوا أشتَاتاً، أَي مُتَفَرِّقين. قَالَ: وَحكى لنا أَبُو عَمرو عَن بعض الْأَعْرَاب: الْحَمْدُ للَّهِ الّذي جَمَعنَا من شَتّ.
وَقَالَ اللّيث: شَتَّ شَعبُهم شَتّاً وشَتَاتاً، أَي تَفَرّق جَمعُهم.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
شَتَّ شَعْبُ الحَيِّ بَعدَ التِئَامِ
وشَجَاكَ الرَّبْعُ رَبْعُ المقَامِ
وَقَالَ الأصمعيّ: شَتَّ بقلبي كَذَا وَكَذَا أَي فَرَّقَه.
وَيُقَال: شَتَّ بِي قَوْمي، أَي فرَّقوا أمْرِي.
وَيُقَال: شَتُّوا أمْرَهُمْ، أَي فَرَّقُوه. وَقد اسْتَثَتَّ الأمْرُ وتَشَتَّتَ إِذا انتشرَ، وَيُقَال: جاءَ الْقَوْم أَشْتَاتاً، وشَتَاتَ شَتَاتَ.
قَالَ، وَيُقَال: وقَعُوا فِي أَمْرِ شَتَ وشَتَّى، وَيُقَال: إنِّي أخافُ عَلَيْكُم الشَّتَاتَ، أَي الفُرْقة. وَيُقَال: شَتّانَ مَا هُما.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أَقُولُ شَتَّانَ مَا بَينهمَا، وَأنْشد للأعشى:
شَتَّانَ مَا يَوْمِي على كُورِهَا
ويَوْمُ حَيَّان أَخِي جَابِرِ
مَعْنَاهُ: تَبَاعَد مَا بينَهما.
وشَتان: مَصروفَةُ عَن شَتُتَ؛ فالفتحة الَّتِي فِي النُّون هِيَ الفتحة الَّتِي كَانَت فِي التَّاء وَتلك الفتحة تَدُلُّ على أَنه مصروفٌ عَن الْفِعْل الْمَاضِي. وَكَذَلِكَ وَشْكان وسَرْعان تَقول: وَشْكانَ ذَا خُروجاً، وسَرْعَانَ ذَا خُرجاً، أَصله: وَشُكَ ذَا خُروجاً، وسَرُعَ ذَا خُرُوجًا.
روى ذَلِك كُله ابْن السِّكيت عَن الأصمعيّ، وَقَالَ، يُقَال: شَتَّان ماهُما،(11/184)
وشَتانَ مَا عَمْرو وأَخُوه، وَلَا يُقال: شَتانَ مَا بَينهما، وَقَالَ فِي قَوْله:
لَشَتَّانَ مَا بَين اليَزِيدَيْن فِي النَّدى
يَزيدِ سُلَيمٍ والأغرِّ ابنِ حاتِم
إنّه لَيْسَ بحُجة، إِنَّمَا هُوَ مُوَلَّد. والحجةُ قَول الْأَعْشَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: شتانَ مَنصوبٌ على كلِّ حالٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِد، وَقَالَ فِي قَول الشَّاعِر:
شَتانَ بَيْنهُما فِي كُلِّ منزِلة
هَذَا يُخافُ وَهَذَا يُرتَجَى أبَداً
فَرَفَع البَيْنَ لِأَن الْمَعْنى وَقَع لَهُ.
قَالَ: وَمن العَرَب من يَنْصِبُ بَيْنَهما فِي مثل هَذَا المَوْضع، فَيَقُول: شَتَّانَ بَيْنَهما ويُضْمِرُ (مَا) ، كَأَنَّهُ يَقُول: شَتَّ الَّذِي بَيْنَهما كَقَوْل الله جلَّ وعزَّ {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (الْأَنْعَام: 94) .
وَقَالَ اللَّيْث: ثَغْرٌ شَتِيتٌ، أَي مُفَلَّج.
وَقَالَ طَرَفة:
عَنْ شَتِيتٍ كَأَقَاحِ الرَّمْلِ غُرّ
(بَاب الشين والظاء)
(ش ظ)
شظ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال شَظَظْتُ الْغِرَارَتَيْن بِشِظَاظٍ، وَهُوَ عُودٌ يُجعل فِي عُرْوَتَي الْجُوَالِقَيْن إِذا عُكِمَا على الْبَعِير، وهما شِظَاظَان.
أَبُو عُبَيد: شَظَظَتُ الْوِعَاءَ وأَشظَظْتُه من الشِّظَاظ.
وَقَالَ غَيره: أَشَظَّ الغُلامُ إِذا أَنْعَظَ، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
أَشَظَّ كأَنَّهُ مَسَدٌ مُعَارُ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّظْشَظَةُ فِعْلُ زُبِّ الْغُلامُ عِنْد الْبَوْل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد، يُقَال: إِنَّه لأَلَصُّ من شِظاظ. قَالَ: وَهُوَ رجل من ضَبَّةَ، كَانَ لِصّاً مُغيراً، فَصَارَ مَثَلاً.
وَقَالَ غَيره: أَشْظَظْتُ الْقَوْمَ إشْظَاظاً، وشَظَّظْتُهم تَشْظِيظاً، وشَظَظْتُهم شَظّاً، إِذا فرَّقْتَهم.
وَقَالَ البعيث:
إذَا مَا زَعانِيفُ الرِّباب أَشَظَّها
ثِقالُ الْمَرَادِي والذُّرَا والْجماجِم
وَيُقَال: طَارُوا شَظَاظاً، أَي تَفَرَّقُوا.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ: طارَ القَوْمُ شَظَاظاً وشَعَاعاً.
وَأنْشد لرويشد الطائيّ، يصف الضَّأْن:
طِرْنَ شَظَاظاً بَين أَطْرَافِ السَّنَدْ
لَا تَرْعَوِي أُمٌّ بِها عَلَى وَلَدْ
كَأَنَّما هَايَجَهُنَّ ذُو ولِبَدْ
سَلمَة، عَن الْفراء: الشَّظِيظُ الْعودُ المشَقَّقُ، والشَّظِيظُ الجَوالِق المشدود.(11/185)
(بَاب الشين والذال)
ش ذ
شَذَّ: قَالَ اللَّيث: شَذَّ الرجل، إِذا انْفَرَدَ عَن أَصْحابه، وَكَذَلِكَ كل شَيء مُنْفَرد، فَهُوَ شَاذّ وكَلمَةٌ شَاذَّة.
وشُذَّادُ النَّاس: الَّذين لَيْسُوا فِي قَبائِلهم وَلَا مَنازِلهم، وشُذَّاذُ النَّاس. مُتَفَرِّقُوهم، وَكَذَلِكَ شُذَّان الْحَصا. وَقَالَ رؤبة:
يَتْرُكُ شُذَّانَ الْحَصَا قَنَابِلاَ
وَيُقَال: أَشَذَذْتَ يَا رجل، إِذْ، جاءَ بقَوْلٍ شاذَ نَادِر.
(بَاب الشين والثاء)
(ش ث)
شثّ: قَالَ اللَّيْث: الشَّثُّ شَجَرٌ طَيِّبُ الرّيح مُرُّ الطَّعْم.
قَالَ أَبُو الدُّقيْش: ويَنْبُتُ فِي جِبالِ الْغَوْرِ وتِهامَة، وَأنْشد لشاعرٍ وصف طَبَقَات النِّساء:
فَمِنْهُنَّ مِثلُ الشَّثِّ يُعْجِبُ رِيحُهُ
وَفِي عَيْنِهِ سُوءُ الْمَذاقَةِ والطَّعْم
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: الشَّثّ: من شَجَرِ الْجِبال.
وَأنْشد غَيره:
كَأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه
أَو أمَّ خِشْفٍ بِذِي شَتَ وطُبَّاقِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّثّ الدَّبْرُ، وَهُوَ النَّحْل. وَأنْشد للراجز:
حَديثُها إذْ طَالَ فبِها النَّثّ
أَطْيَبُ من ذَوْبٍ مَذَاه الشَّثُّ
والذَّوْب: الْعَسَل، مَذَاهُ مَجَّةُ النَّحْل كَمَا يَمْذِي الرَّجُلُ مَذِيَّه.
(بَاب الشين وَالرَّاء)
(ش ر)
شَرّ، رَشّ: (مستعملان) .
الشَّرّ: قَالَ اللَّيْث: الشّرُّ السُّوءِ، والفِعْل للرَّجل الشِّرِّير، والْمَصْدَر الشَّرارَة، والفِعل: شَرَّ يَشِرُّ، وقَوْمٌ أشرارُ: ضِدّ الأَخْيار، والشَّرُّ: بَسْطُكَ الشّيءَ فِي الشّمْسِ من الثِّيَاب وَغَيره.
ثَوْبٌ على قَامَةٍ سَحْلٌ تَعَاوَرَهُ
أَيْدِيَ الْغَواسِلِ للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحيانيّ: شَرَّرْتُ الثّوب واللّحم، وأَشرَرْتُ وشَرَرْتُ خَفِيف. وَيُقَال: إشْرَارة من قَدِيد، وَأنْشد:
لَهَا أَشَارِيرُ من لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ
مِن الثَّعَالِي وَوَخْزٌ من أَرَانِيها
أَي مُقَدَّدة. قَالَ: والْوَخْزُ الْخَطِيئَةُ بعد الْخَطِيئَة. وَقَالَ الْكُمَيْت:
كَأَنَّ الرَّذَاذّ الضَّحْلَ حَوْلَ كِنَاسِه
أَشَارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوَامِسا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الإشْرَارَةُ:(11/186)
صَفِيحَةُ يُجَفَّف عَلَيْهَا القَدِيد، وَجَمعهَا الأشَارِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الإِشْرارُ شَيءٌ يُبْسَطُ للشّيءِ يُجَفَّف عَلَيْهِ من أَقِطٍ وبُرّ، قلت: اتَّفَقَا على أنّ الإشرارَ مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الشَّيء لِيَجِفّ، فصَحَّ أَنه يكون مَا يُشَرَّرُ من أقِطٍ وَغَيره، وَيكون مَا يُشَرَّرُ عَلَيْهِ.
اللَّيْث: الشَّرارَةُ، والشَّرَرُ والشَّرَارُ مَا تطاير مِنْهُ النّار، قَالَ الله جَلَّ وعزّ: {إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ} (المرسلات: 32) .
وَقَالَ فِي الشَّرار:
أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبها الْ
قَيْنُ على كلِّ وِجْهَة تَثِبُ
قَالَ: والشَّرَّانُ على تَقْدِير فَعْلاَن من كَلَام أَهْلِ السَّوَاد، وَهُوَ شَيءٌ تسميه الْعَرَب الأذَى شبه الْبَعُوضِ يغشى وجهَ الْإِنْسَان وَلَا يَعَضّ، والواحِدَة شَرَّانَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشُّرَّى: الْعَيَّابَة من النِّسَاء، قَالَ: وَيُقَال مَا رددت هَذَا عَلَيْك من شُرَ بِهِ، أَي من عَيْبٍ بِهِ، وَلَكِنِّي آثَرْتُك بِهِ، وَأنْشد:
عَيْنُ الدَّليلِ البُرْتِ من ذِي شُرِّهِ
أَي من ذِي عَيْبَة، أَي من عَيْبِ الدّليل، لأنّه لَيْسَ يحسن أَن يسير فِيهِ حَيْرَةً.
وَقَالَ اللّحيانيّ: عَيْنٌ شُرَّى، إِذا نَظَرت إِلَيْك بالبغضاء.
وَحكى عَن امْرأة من بني عَامر، قَالَت فِي رُقْية: أَرْقِيكَ بِاللَّه من نَفْسٍ حَرَّى، وعَيْنِ شُرَّى.
والشِّرَّةُ: النَّشَاط، وَيُقَال: فلَان يُشَارُّ فُلاناً ويُمارُّهُ ويُزَارُّه، أَي يُعادِيه. وَقَوله:
وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأكُفِّ المصاحِفِ
أَي نُشِرَتْ وأظْهِرَت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشُّرْشُور طائِرٌ صَغِير مثل الْعُصفور قَالَ: ويُسَمِّيه أهلُ الْحجاز الشُّرشور، وتسميه الْأَعْرَاب. والْبِرْقِش. وَقَالَ الأصمعيّ أَيْضا: الشَّراشِرُ النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جَمِيعًا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَمِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْها الشَّرَاشِرُ
وَقَالَ الآخر:
وتُلْقَى عَلَيْهِ كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ
شَراشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وألْبُبُ
وَيُقَال: أَلْقَى عَلَيْهِ شَراشِرَه، أَي ألْقى نَفْسَه عَلَيْهِ مَحَبَّةً لَهُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّراشِرُ النّفْس، وَيُقَال: الْمَحَبَّة. وَأنْشد:
وَمَا يَدْرِي الْحَرِيصُ عَلامَ يُلقِي
شَراشِرَه أيُخطيءُ أم يُصيبُ
وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء: أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْرِيَ بِهِ، قَالَ: (فأتَيْتُ على رجل مُسْتَلْقٍ وَإِذا بِرَجُل قَائِم عَلَيْهِ بكَلُّوب، وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحَدَ شِقَّى وَجهِه، فَيُشَرْشِرُ شِدْقه إِلَى قَفَاه) .(11/187)
قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي يُشَقِّقُه ويُقَطِّعُه. وَقَالَ أَبُو زبيد يصف الْأسد:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ
رُفاتُ عِظامٍ أَو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال فِي مَثَلٍ: كُلَّما تَكْبَرُ تَشِرُّ.
وَقَالَ ابْن شُميل: من أَمْثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنّ. وَقد أَشَرَّ بَنو فُلانٍ فُلاناً، أَي انْتَقَذُوه وأَوْحَدُوه، وَيُقَال: هُوَ شَرُّهُم، وَهِي شَرُّهُنَّ، وَلَا يُقَال: هُوَ أشَرُّهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: وَمن الْبُقُول الشِّرْشِرِ، قَالَ: وَقيل لبَعض الْعَرَب: مَا شَجرةُ أبِيك؟ فَقَالَ قُطَبٌ وشِرْشِرٌ وَوَطْبٌ جَشِرٌ.
قَالَ: والشّرْشِرُ خير من الإسْليح والْعَرْفَج. قَالَ: وشَرَّ يَشَرُّ، زادَ شَرُّه، وشَرَّهُ شَيْئاً يَشُرُّهُ شَرّاً، إِذا بَسطه لِيجِفَّ، وشَرَّ إنْسَانا يَشُرُّهُ إِذا عابَه.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الشِّرَارُ صفائِحُ بِيضُ يُجَفَّف عَلَيْهَا الكَرِيصُ. قَالَ اليزيدي يُقَال: شَرَّرَنِي فِي النّاس، وشَهَّرَنِي فيهم بِمَعْنى وَاحِد.
شَمِر، قَالَ أَبُو عَمْرو: الأَشِرَّةُ وَاحِدهَا شَرِيرُ، وَهُوَ مَا قَرُبَ من الْبَحر، وَقيل: الشَّرِير شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْر، وَقيل: الأشِرَّةُ: الْبُحُور.
قَالَ الْكُمَيْت:
إذَا هُوَ أَمْسَى فِي عُبَابيْ أَشِرَّةٍ
مُنيفاً على الْعَبْرَيْن بِالْمَاءِ أكْبَدَا
وَقَالَ الْجَعْدِي:
سَقَى بِشَرِيرِ الْبَحْرِ حَوْلاً تَمُدُّهُ
حَلاَئِبُ قُرْحٌ ثمَّ أَصْبَحَ غَادِيَا
أَرَادَ بالْحلائِبِ السَّحائب، وَهِي الْقُرْح. وَيُقَال: شارَّاه وشَارَّه.
رش: قَالَ اللَّيث: الرَّشُّ رَشُّكَ البيتَ بِالْمَاءِ، وَتقول رَشَّتْنا السماءُ رشّاً، وأرَشَّتِ الطَّعنة تُرِشُّ، ورَشاشها: دَمُها، وَكَذَلِكَ رشاش الدَّمع.
وَقَالَ أَبُو كَبِير:
مُسْتَنَّةٍ سَنَنَ الْغُلُوِّ مُرِشَّةٍ
تَنْفِي التُّرابَ بِقَاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
يصف طعْنةً تُرِشُّ الدَّمَ إرْشاشا.
ابْن الأعرابيّ: شِوَاءٌ رَشْرَاشٌ: يقطُر دَسَمُه.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد يصف فرسا:
طَوَاهُ القَنِيصُ وتَعْدَاؤُهُ
وإرْشَاشُ عِطْفَيْه حتَّى شَسَبْ
أَرَادَ تَعْرِيقَهُ إيَّاه حَتَّى ضَمَرَ، واشْتَدَّ لحمُه بعد رَهَلِه.(11/188)
(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ل
شلّ، لشّ: (مستعملان) .
شل: قَالَ اللَّيْث: الشَلُّ الطَّرْدُ.
أَبُو عبيدٍ: شَلَلتُه شَلاًّ طَرَدْتُه، وانشَلَّ هُوَ. وذَهَب القومُ شِلَالاً، أَي انشَلُّوا مَطْرودين.
الأصمعيّ، وَالْفراء، يُقَال: شَلَّتْ يَدُه تَشَلُّ شَلَلاً، فَهُوَ أَشَلّ، وَلَا يُقال: شُلَّتْ يَدُه، وَإِنَّمَا يُقال: أَشَلَّها اللَّهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشلَلُ ذَهَابُ الْيَدِ، وَيُقَال: لاَ شَلَلِ، فِي معنى لَا تَشَللْ لأنَّه وَقع موقع الأمْر، فَشُبِّه بِهِ وجُرَّ، وَلَو كَانَ نَعْتاً لنُصب، وَأنْشد:
ضَرْباً على الْهامَاتِ لَا شَلَلِ
قَالَ: وَقَالَ نَصْر بن سيّار:
إنِّي أَقُولُ لِمنْ جَدّتْ صَرِيمتُه
يَوْماً لِغَانِيَةٍ: تَصْرِمْ وَلَا شَلَلِ
قلت: هَذَا الْحَرْف هَكَذَا قرأته فِي عِدة نسخ من كتاب اللَّيْث: لَا شَلَلِ بِالْكَسْرِ قُيِّدَ كَذَلِك، وَلم أَسْمَعْه لغيره: وَسمعت الْعَرَب تَقول للرجل يُمارِسُ عملا، وَهُوَ ذُو حِذْق بِعَمَلَه: لَا قَطْعاً وَلَا شَلَلاً، أَي لَا شَلِلْتَ، على الدُّعَاء، وَهُوَ مَصْدر.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
مُهْرَ أبي الحَبْحَابِ لَا تَشَلِّي
بَارك فيكِ اللَّهُ من ذِي ألِّ
قلت: مَعْنَاهُ لَا شَلِلت، كَقَوْلِه:
ألَيْلَتَنا بِذِي حُسُمٍ أَنِيرِي
إذَا أَنْتِ انقضَيتِ فَلَا تَحُورِي
أَي لَا حُرْتِ.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: شُلَّ يَدُ فلَان بِمَعْنى قُطِعتْ. وَلم أسمعهُ من غَيره.
وَقَالَ ثَعْلَب: شَلَّتْ يَدُه لغةٌ فَصِيحَة، وشُلَّت يَدُه لغةٌ رَدِيئة قَالَ: وَيُقَال أُشِلَّتْ يَدُه.
ورَوى أَبُو عَمْرو، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَلَّ يَشُلُّ، إِذا طَرَدَ، وشَلَّ يَشِلُّ، إِذا اعْوَجَّتْ يَده بالكسْر. قَالَ: والأشَلُّ المْعوَجُّ المِعْصَم الْمَتَعطِّل الكَفّ.
قلت: وَالْمَعْرُوف فِي كَلَامهم شَلَّتْ يدُه، تَشَلُّ، بِفَتْح الشين، فَهِيَ شَلاّء.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: الشلَلُ فِي الثوْب أنْ يُصيبَه سوادٌ أَو غَيره، فَإِذا غُسِلَ لم يَذْهَب.
وَقَالَ الأصمعيّ: تَشَلْشَلَ الماءُ، إِذا اتّصَلَ قَطْرُ سَيَلانِه، وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَهَا
مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتْه بَينهَا الْكُتَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال للصَّبِيّ هُوَ يُشَلْشِل بَبَوْلِه.(11/189)
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ؛ يقالُ للغلام الحارِّ الرَّأس الْخَفِيف الرّوح النْشيط فِي عمله، شُلْشُلٌ وشُنشُنٌ وسَلْسُلٌ، ولُسْلُسٌ وشُعْشُعٌ وجُلْجُلٌ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشلٌ شَوِلُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشُّلْشُل الزِّقُّ السّائِل.
وَقَالَ اللّحيانيّ: شَلّت العينُ دَمْعَها، وشَنّتْ وسَنّتْ، إِذا أرْسَلْته.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شَلَلتُ الثوْبَ أَشُلُّهُ شَلاًّ: إِذا خِطْتَه خِياطَةً خَفِيفَةً، فَهُوَ ثوب مَشلُولُ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: الشَّلِيل الْغِلاَلَةُ الَّتِي تَحت الدِّرْع من ثوب أَو غَيره، قَالَ: وربَّما كَانَت دِرْعاً صَغِيرَة تَحت الْعليا.
والشَّليل من الْوَادي أَيْضا: وَسَطُه حَيْثُ يَسيلُ مُعظم المَاء، والشَّلِيلُ: الكساءُ الَّذِي يُجْعَلُ تَحت الرَّحْلِ.
وَقَالَ النَّضر: عَيْنٌ شَلاَّءُ، للَّتي قد ذَهب بَصَرُها، قَالَ: وَفِي الْعين عِرْقٌ إِذا قُطع ذَهبَ بَصَرُها، أَو أَشَلَّها.
وَقَالَ شمِر: انْسَلَّ السَّيْلُ وانْشَلَّ، وَذَلِكَ أولَ مَا يَبْتَدىء حِين يَسِيلُ قبل أَن يَشْتَدّ.
وَقَالَ ابْن شُميل: شَلَّ الدِّرْعَ يَشُلُّها شَلاًّ، إِذا لَبِسَها، وشَلَّها عَلَيْهِ، ويُقال للدِّرع نَفْسها: شَلِيلٌ.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المُشَلِّلُ الْحمار، النِّهايَةُ فِي الْعِناية بِأُتُنِهِ، يُقَال: إنّه لَمُشِلٌّ مِشَلٌّ مُشَلِّلٌ لِعانَتِهِ، ثمَّ يُنْقَلُ فيضربُ مثلا لِلْكَاتِبِ النِّحْرِير الكافِي.
يُقَال: إنّهُ لَمِشَلُّ عُونٍ.
سلَمة، عَن الْفراء: الشُّلةُ النِّيَّةُ فِي السَّفر، يُقَال: أَيْن شُلَّتُهم؟ أَي نِيَّتُهم.
والشُّلَّةُ: الدِّرعُ، والشُّلّة: الطّرْدَة، قَالَ: والشُّلّي النِّيَّةُ فِي السَّفر والصَّوم وَالْحَرب، يُقَال: أَيْن شُلاّهُمْ؟
لش: قَالَ اللَّيْث: اللَّشْلَشَةُ كثرَةُ التَّرَدُّدِ عِنْد الفَزَع، واضْطِرابُ الأحشاءِ فِي مَوضِع بعد مَوْضع، يُقَال: جَبَانٌ لَشْلاَشٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّشُّ: الطّرْدُ.
(بَاب الشين وَالنُّون)
ش ن
شَنَّ، نَشَّ: (مستعملان) .
شن: الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت، قَالَ الأصمعيّ: شَنّ عَلَيْهِم الْغَارة، أَي فَرَّقها وَقد شَنَّ المَاء على شَرَابِه، أَي فَرَّقَه عَلَيْهِ، وشَنَّ عَلَيْهِ دِرْعَه، إِذا صَبَّها، وَلَا يُقال سَنّها، وَكَذَلِكَ شَنَّ الماءَ على وَجْهه، أَي صَبَّه عَلَيْهِ صَبّاً سَهْلاً.
وَفِي الحَدِيث: (إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَرَ بِالْمَاءِ فَقُرِّسَ فِي الشِّنان) .(11/190)
قَالَ أَبُو عُبيد: الشِّنانُ الأَسْقِيَةُ، والْقِرَبُ الخُلْقَان، يُقَال للسِّقَاءِ شَنٌّ، ولِلقرْبَة شَنٌّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الشِّنانُ دُونَ الجُدُدِ لِأَنَّهَا أشَدُّ تَبْريداً للْمَاء، والتَّقْريسُ: التبْرِيد.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَنه ذَكَرَ القُرآن فَقَالَ: (لَا يَتْفَهُ وَلَا يَتَشَانّ) مَعْنَاهُ أَنه لَا يَخْلَقُ على كَثرَة القِراءَةِ والتَّرْدَاد، وَهُوَ مَأْخوذٌ من الشَّنّ أَيْضا.
وَقد اسْتَشَنَّ السِّقَاءُ إِذا صَار شَنّاً خَلقاً، وشَنَّنَ السِّقاء أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنِينُ قَطَرانُ الماءِ من الشَّنّةِ شَيْءٌ بعد شَيْءٍ.
وأَنْشد:
يَا مَنْ لِدَمْعٍ دَائم الشَّنِين
وَكَذَلِكَ التّشْنَانُ والتَّشْنِينُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
عَيْنَيَّ جَودَا بالدُّموع التّوَائِم
سِجَاماً كتَشْنانِ الشَّنَانِ الهزَائم
قَالَ: والتّشنُّنُ فِي جلد الْإِنْسَان التَّشَنُّجُ عِنْد الْهَرمِ.
وَأنْشد:
بَعْدَ اقْوِرَارِ الْجِلْدِ والتَّشَنُّنِ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعي: الشُّنَانُ: الماءُ البَارِد.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
بمَاءٍ شُنانٍ زَعْزَعَتْ مَتْنَهُ الصَّبا
وجادَتْ عَلَيْهِ دِيمَةٌ بَعْدَ وابِل
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الجَبِينِ الشّانّان، النُّون الأولى ثَقيلَة وَلَا همز فِيهِ، وهما عِرْقانِ يَنْحدِران من الرّأس إِلَى الحاجِبَيْن ثمَّ العَينين.
وَقَالَ ابْن السّكيت نَحوه.
وأَخبرني المنذريّ، عَن الحَرْبِيّ، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: هما الشَّأْنان بالْهَمْزْ، وهما عرقان؛ وَاحْتج بقوله:
كأنَّ شَأْنَيْهما شَعِيبُ
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول الْعَرَب: وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَة، قَالَ: هُوَ شَنُّ بنُ أَفْصَى بن عبد الْقَيْس بن أَفْصَى بن دُعْمِيّ بن جَدِيلَة بن أَسد بن رَبيعة بن نِزار، وطَبَقٌ: حَيٌّ من إِيَاد، وَكَانَت شَنُّ لَا يُقامُ لَهَا فَوَاقَعَتْها طَبَقٌ فانتَصَفَتْ مِنْهَا، فَقيل: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة، ووافَقه فاعْتَنَقَه.
وَأنْشد:
لَقِيَتْ شَنٌّ إِيَاداً بالْقَنَا
طَبَقاً، وَافَقَ شَنٌّ طَبَقهْ
وأَخبرني المنذريّ، عَن الحَرْبيّ، قَالَ: قَالَ الأصمعيّ: كَانَ قَوْمٌ لَهُم وِعَاءٌ من أَدَم فَتَشَنَّنَ عَلَيْهِم فَجَعَلُوا لهُ طبَقاً فوافَقه، فَقيل: (وافَقَ شَنٌّ طَبَقَه) .
وَيُقَال: شَنَّ الجَمَلُ من الْعَطش يَشِنُّ: إِذا يَبِسَ، وشَنَّت الْقِرْبةُ تَشِنُّ: يَبِسَتْ.(11/191)
ورُوي عَن عمر أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس فِي شَيْء شاوَرَه فِيهِ، فأَعْجَبه كَلَامه، فَقَالَ: (نِشْنِشَةٌ أَعْرِفُها من أَخْشَن) .
قَالَ أَبُو عُبيد: هَكَذَا حَدَّث بِهِ سُفْيان، وأَمَّا أهل الْعَرَبيَّة فَيَقُولُونَ غَيره.
قَالَ الأصمَعِيّ: إِنَّمَا هُوَ شِنْشِنَةٌ أَعْرِفها من أَخْزَم. قَالَ: وَهَذَا بَيت رَجز تمثَّل بِهِ.
قَالَ: والشِّنشِنَةُ قد تكون كالْمُضْغَة أَو القِطعَة تُقْطَع من اللّحم، قَالَ: وَقَالَ غيرُ وَاحِد: بل الشِّنشِنَةُ مِثلُ الطّبيعة والسَّجِيَّة، فَأَرَادَ عُمر أنِّي أعرِفُ فِيك مَشَابِهَ من أَبِيكَ فِي رَأْيِه وعَقْلِه. وَيُقَال، إنَّهُ لم يَكُنْ لِقُرَشِيّ رَأْيٌ مثلُ رَأْي الْعَبَّاس.
وَقَالَ ابنُ الكلبيّ: هَذَا الرَّجزُ لأَبي أخزم الطائيّ، وَهُوَ قَوْله:
إنَّ بَنِيَّ زَمَّلُونِي بالدَّمِ
شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُها مِنْ أَخْزَمِ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة، يُقَال: شِنْشِنَةٌ ونِشْنشَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنُون المَهْزُول من الدَّواب، قَالَ: وَيُقَال الشَّنُون السَّمين. قَالَ: والذّئْبُ الشَّنُون: الجائِع، وَأنْشد:
يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذَاهُ
شَجٍ بخُصُومَةِ الذِّئْبِ الشَّنُونِ
وَقَالَ أَبُو خَيرة: إنَّما قيل لَهُ شَنُون؛ لأنَّه قد ذَهَب بعض سِمَنِه، فقد اسْتَشَنَّ كَمَا تُسْتَشَنُّ الْقِرْبَة، وَيُقَال للرَّجل وَالْبَعِير إِذا هُزِلَ: قد اسْتَشَنَّ.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال مَهْزُولٌ ثمَّ مُنْقٍ إِذا سَمِنَ قَلِيلا، ثمَّ شَنُونٌ، ثمَّ سَمِينٌ، ثمَّ سَاحٌّ، ثمَّ مُتَرَطِّم، إِذا انْتَهى سِمَناً.
ابْن السّكّيت، عَن أبي عَمْرو، يُقَال: شَنَّ بسَلْحِه، إِذا رَمَى بِهِ رَقيقاً، والحُبْارَى تَشُنُّ بِذَرْقها، وَأنْشد:
فَشَنَّ بالسَّلْحِ فلمَّا شَنّا
وَقَالَ النَّضر: الشَّنِين اللَّبن يُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ حَلِيباً كانَ أَو حَقِيناً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّوَانُّ من مَسايِلِ الجِبال الَّتِي تَصُبُّ فِي الأودية من الْمَكَان الغليظ واحدتها شَانَّةٌ.
نش (نشنش) : أَبُو عُبيد: نَشنَش الرجلُ المرأَةَ ومَشْمشها، إِذا نَكَحَهَا، وَأنْشد:
بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّهُ بَوْكَ الفَرَسْ
نَشْنَشها أَرْبَعَةً ثُمّ جَلَسَ
وَفِي الحَدِيث أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُصْدِق امرأَةً من نِسَائه أَكثر من ثِنْتَيْ عشرةَ أُوقيَّة ونَشّاً.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ مُجَاهِد: الأُوقِيَّة أَرْبَعُون، والنَّشُّ عشرُون.
قلت: وتصديقُه مَا حدَّثنا بِهِ عبدُ الْملك عَن الرّبيع عَن الشافعيّ عَن الدْرَاوَرْدِيّ، عَن يزِيد بن عبد الله، عَن الْهَادِي، عَن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم التَّيميّ، عَن أبي سَلمة بن عبد الرحمان قَالَ: سأَلتُ عَائِشَة: (كَمَا كَانَ صَداقُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟(11/192)
قَالَت: (كَانَ صداقهُ لأزْوَاجه اثْنَتَيْ عَشرة أُوقِيَّة ونَشّاً) . قَالَت: والنَّشُّ نِصْفُ أُوقِيَّة.
شَمِر، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: النَّشّ النِّصْفُ من كلِّ شَيْء، نَشُّ الدِّرْهَم، ونَشُّ الرّغيف: نِصْفه، وَأنْشد:
مِنْ نِسْوَةٍ مُهُورُهُنَّ النَّشُّ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الْحَرْبِيّ، قَالَ: نَشَّ الْغَدِيرُ إِذا نَصَبَ ماؤُه، وسَبَخَةٌ نَشَّاشَةٌ تَنِشُّ من النزِّ.
قَالَ: والْقِدْرُ تَنِشُّ، إِذا أَخَذت تَغْلِي.
وَقَالَ اللَّيْث نحوَه: نَشّ المَاء، إِذا صبَبْتَه فِي صَاخِرَةٍ طَال عهدُها بالماءِ، ونشيش اللَّحْم: صَوْتُه إِذا قُلِي، والخمرُ تَنِشُّ إِذا أَخَذت فِي الغليان، وَفِي الحَدِيث: (إِذا نَشَّ فَلاَ تَشْرَبْه) . وَفِي حَدِيث عمر: (أنَّه كَانَ يَنُشُّ الناسَ بعد الْعشَاء بالدِّرَّة) .
قَالَ شَمِر: صَحّ الشِّينُ عَن شُعْبة فِي حَدِيث عمر، وَمَا أرَاهُ إلاَّ صَحِيحا، وَكَانَ أَبُو عبيد يَقُول: إنَّما هُوَ يَنُسُّ أَو يَنُوشُ.
قَالَ شَمِر: يُقَال نشنَشَ الرَّجُلُ الرَّجلَ إِذا دَفَعَه وحَرّكه، ونشنَشَ مَا فِي ذَلِك الْوِعَاء إِذا نَثَرَه وتَنَاوَله، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ:
الأُقْحُوانَةُ إذْ بَيْتِي يُجَانِبُها
كالشَّيخ نشنش عَنهُ الفارسُ السَّلبَا
وَقَالَ الكُميت:
فَغَادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونشْنشُوا
حَقِيتَهَا بَيْن التّوزُّعِ والنَّتْرِ
أَي حَرّكوا ونفَضُوا.
قَالَ: ونشْنَشَ ونَشّ، مثل نَسْنَسَ ونَسّ بِمَعْنى ساقَ وطَرَد.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشْنَشةُ: النّفْضُ والنَّتْر.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّشُّ السَّوْقُ الرّفيق، والنَّشُّ: الخَلْط، وَمِنْه قيل: زَعْفَران مَنْشُوش.
وروى عبد الرازق، عَن ابْن جُرَيج، قلت لعطاء: الْفَأْرَةُ تَموتُ فِي السَّمْن الذّائب أَو الدُّهْن؟ قَالَ: أَمَّا الدُّهْنُ فَيُنَشُّ ويُدْهَنُ بهِ إِن لم تَقْذَرْه. قلت: لَيْسَ فِي نَفسك من أَن تَأْثمَ إِذا نُشّ؟ . قَالَ: لَا. قلت: فالسَّمن يُنَشُّ ثمَّ يُؤكَلُ بِهِ؟ . قَالَ: لَيْسَ مَا يُؤكَلُ بِهِ كهيْئَة شيءٍ فِي الرَّأْس يُدَّهَنُ بِهِ.
أَخْبرنِي عبد الْملك، عَن الرّبيع، عَن الشّافعي، قَالَ: الأدْهانُ دُهْنان: دُهْنٌ طَيِّبٌ مثل الْبان الْمَنْشُوش بالطِّيب، ودُهْنٌ لَيْسَ بالطَّيِّب، مثل سَلِيخَةِ غير مَنْشُوقٍ مثل الشَّبْرَق.
قَالَ الأزهريّ: المَنْشُوش بالطِّيب إِذا رُبِّي بالطِّيب الَّذِي يَخْتَلِطُ بِهِ، فَهُوَ مَنْشُوسٌ، والسَّلِيخَةُ: مَا اعْتُصِرَ من ثَمَر البان، وَلم يُرَبَّبْ بالطِّيب.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو زيد الأَبَانِيَّ: رجُلٌ نَشْنَاشٌ، وَهُوَ الكَمِيشَةُ يَداه فِي عَمَلِه، يُقَال: نَشْنَشَهُ، إِذا عَمِلَ عملا فَأَسْرع فِيهِ، وَيُقَال: نَشْنَشَ الطَّائِرُ رِيشَهُ بِمِنْقَارِه، إِذا(11/193)
أَهْوَى لَه إِهْواءً خَفِيفاً فَنَتَفَ مِنْهُ وطَيَّرَ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَو وَضَعْتَ لَهُ لَحْمًا فَنَشْنَشَ مِنْهُ إِذا أكَلَ بعَجَلَةِ وسُرْعة.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء، عبدٌ لِبَلْعَنْبَرَ، يَصِفُ حَيَّةً نَشَطَتْ فِرْسَنَ بعيرٍ:
فَتَشْنَشَ إِحْدَى فِرْسَنَيْها بِنَشْطَةٍ
رَغَتْ رَغْوَةً مِنْها وكادتْ تَقَرْطَبُ
تقَرْطَبُ: تَسْقُطُ، وَرجل نَشْنَشِيُّ الذِّراعَ وَوَشْوَشِيُّ الذِّرَاع، وَهُوَ الخفيفُ فِي عَمَلِهِ ومِراسِه.
سَلمَة، عَن الْفراء: النَّشْنَشَةُ صَوْتُ حَرَكَة الدُّروع، والْمَشْمَشَةُ: تَفْرِيقُ الْقُماش.
نشن: قَالَ ابْن بُزُرْج فِيمَا قَرَأت لَهُ بِخَط أبي الْهَيْثَم: نَشِنَ الرجل نَشَناً، إِذا هَلَكَ، فَهُوَ نَشِنٌ.
(بَاب الشين وَالْفَاء)
ش ف
شفَّ، فشَّ: (مستعملان) .
شف: قَالَ اللَّيث: الشَّفُّ ضَرْبٌ من السُّتور يُرِي مَا وَرَاءه.
وَهُوَ سِتر أَحْمَر من صوف، وجَمعه شُفُوف. وَيُقَال: علّق على بَابه شَفّاً، وَأنْشد:
زانَهن الشُّفُوفُ يَنْضَحْن بالمس
ك وعيش مُفانقٌ وحَريرُ
واسْتَسْفَفْتُ مَا وَرَاءه إِذا أَبْصَرْتَه، وشَفَّ الثَّوبُ عَن الْمَرْأَة يَشِفُّ شُفُوفاً، وَذَلِكَ إِذا بَدا مَا وراءَه من خَلْقِها.
وَفِي حَدِيث عمر: (لَا تُلْبِسُوا نساءَكم الْقَباطِيَّ؛ فإنَّه إلاَّ يَشِفُّ فإنّه يَصِفُ) .
وَمَعْنَاهُ: أنَّ قَبَاطِيَّ مِصْر ثِيابٌ دِقاق، وَهِي مَعَ دِقَّتها صِفيقَةُ النَّسْج، فَإِذا لَبِسَتْها المرأةُ لَصقَتْ بأَرْدافِها فوصَفَتْها، فَنهى عمر عَن إلْباسِها النّساء؛ لأنَّها تَلْزَقُ بِبَدن الْمَرْأَة لِرِقَّتِها فَيُرَى خَلْقُها وَرَاءَهَا من خارجٍ ناتئاً يَصِفُها، وأَمَرَ أَنْ يُكْسَيْنَ من الثّياب مَا غَلُظَ وجَفا؛ لأنَّهُ أَسْتَرُ لخَلْقِها.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي الهَيْثم أَنه قَالَ: يُقَال: شَفَّهُ الْهَمُّ والحُزْن، أَي هَزَلَه وأَضْمَرَهُ حَتَّى رَقَّ وَهُوَ من قَوْلهم: شَفَّ الثَّوْب، إِذا رق حَتَّى أَنْ يَصِفَ جِلْدَ لابِسِهِ، وَتقول للبزاز: اسْتَشِفّ هَذَا الثَّوْب، أَي اجْعَلْه طَاقاً وارْفَعْهُ فِي ظِلَ حَتَّى أنْظُر، أَكَثِيفٌ هُوَ أَو سَخِيف؟ .
ونقول: كَتَبْتُ كِتاباً فَاسْتَشِفَّه، أَي تَأَمَّلْ فِيهِ، هَل وَقَعَ فِيهِ لَحْنٌ أَوْ خَلَل؟
وأخبَرَني الْمُنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، أنّه أنْشدهُ:
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهِي لاهِيَةٌ
كَأَنَّما شَفَّ وَجْهُها نَزَفُ
وجاءَ فِي حديثٍ فِي الصَّرْف: فَشَفَّ الخَلْخَالانِ نَحْواً من دَانِقٍ فَقَرَضَه.
قَالَ شمر: شَفَّ، أَي زَادَ.(11/194)
وَقَالَ الْفراء: الشِّفُّ. الفَضْل، يُقَال: شَفَفْتُ عَلَيْهِ تَشِفُّ، أَي زِدْتَ عَلَيْهِ، وَفُلَان أَشَفُّ من فلَان، أَي أَكْبَرُ قَلِيلاً.
وَقَالَ غَيره: شُفَّ عَلَيْهِ، أَي زِيدَ عَلَيْهِ وفُضِلَ.
وَقَالَ جرير:
كانُوا كَمُشْتَرِكِين لما بايَعوا
خَسِرُوا وشُفَّ عليهمُ واسْتُوضِعُوا
قَالَ شمر: والشِّفّ النَّقص أَيضاً، يُقَال: هَذَا دِرْهم يَشِفُّ قَلِيلا، أَي يَنْقُص.
وَلَا أَعْرِفَنْ ذَا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ
يُداوِيه مِنْكم بالأَدِيمٍ الْمُسَلَّمِ
أَرَادَ: لَا أَعْرِفَنّ وضِيعاً يَتَزَوَّج إِلَيْكُم لِيَشْرُفَ بكُم.
وَقَالَ ابْن شُميل: يَقُول الرجل للرجل: أَلاَ أَنَلْتَني مِمَّا كَانَ عنْدك؟ فَيَقُول: إِنَّه شَفَّ عَنْك أَي قَصُرَ عَنْك. والمُسَلَّمُ: الأدِيمُ الَّذِي لَا عَوَارَ فِيهِ.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: الشَّفُّ بِالْفَتْح: السِّتْرُ الرّقيق، والشِّفُّ: الرِّبْح والْفَضْل، والشِّفُّ أَيْضا: النُّقْصان. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: ثَوْبٌ شَفٌّ وشِفٌّ: للرَّقيق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفَضْل والرِّبْح: شَفُّ، وشِفّ.
قلت: وَالْمَعْرُوف فِي الفَضْل الشِّفُّ بِالْكَسْرِ، وَلم أسمع الْفَتْح لغير اللَّيْث.
وَقَالَ الجعِديّ يصف فرسَين:
واسْتَوَتْ لِهْزِمَتَا خَدَّيْهِما
وجَرَى الشِّفُّ سَواءً فاعْتَدَلْ
يَقُول: كادَ أَحدهمَا يَسْبِقُ صَاحبه فاسْتَويا وذَهَب الشِّف. قَالَ: والشِّف من المَهْنَأ، يُقَال: شِفٌّ لَك يَا فُلان، إِذا غَبَطْتَه بشَيء، قلتَ لَهُ ذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَشَفّ فلانٌ بعض بَنيه على بَعْض، إِذا فَضَّله.
وَيُقَال: إِن فلَانا ليَجِد فِي أَسنانه شفِيقاً، أَي بَرْداً.
وَيُقَال: إنَّ فِي ليلتنا هَذِه شِفَّاناً شَدِيدا، أَي بَرْداً.
وَفِي حديثِ أمّ زَرْع: أنّ إحْدى النّساء وَصَفَتْ زَوْجها. فَقَالَت: (زَوْجي إنْ أكَلَ لَفّ وَإِن شَرِبَ اشْتَفَّ) . وَمعنى اشْتف أَي شَرِبَ جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء، والشُّفَافَةُ: آخِرُ مَا يَبْقى فِيهِ. وَمن أمثالهم: (لَيْسَ الرِّيُّ عَن التشافّ) ، مَعْنَاهُ: لَيْسَ مَن لَا يَشرب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء لَا يَرْوَى.
يُقَال: تَشافَفْتُ مَا فِي الْإِنَاء، واشْتَفَفْتُه إِذا شرِبتَ جَمِيع مَا فِيهِ وَلم تُسْئِرْ فِيهِ شَيْئا.
وَيُقَال للبعير إِذا كَانَ عَظِيمَ الجُفْرَة: إِن جَوْزَه لَيشتفُّ حِزامه، أَي يَسْتَغْرِقُه كلّه حَتَّى لَا يَفْضُلَ مِنْهُ شَيءٌ.(11/195)
وَقَالَ كعبُ بن زُهَيْر:
لَهُ عُنُقٌ تَلْوِي بِمَا وَصَلتْ بِهِ
ودَفّانِ يَشْتَفّان كلَّ ظِعَانِ
والظِّعان: الحبلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الهَوْدَجُ على البَعير.
قَالَ، وَيُقَال: شَفَّ فَمُ فلَان شَفِيفا وَهُوَ وجَعٌ يكون من البَرْدِ فِي الأسْنان واللِّثاثِ.
وَقَالَ أَبُو سَعيد، يُقَال: فلَان يجِدْ فِي مَقْعدته شَفِيفاً، أَي وَجعاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شَفْشَفَ الحَرُّ والْبَرْدُ الشَّيءَ، إذَا يَبَّسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفْشفَة: الارْتِعادُ والاخْتِلاط، والشفْشَفةُ: سُوء الظّنِّ مَعَ الْغَيْرَة.
وَقَالَ الفرزدق يصف نسَاء بالعفاف:
مَوَانِعُ للأسْرار إلاّ لأَهْلهَا
ويُخْلِفْنَ مَا ظَنَّ الغيور المُشَفْشِفُ
أَرَادَ المشفشف الَّذِي شفت الغَيْرَةُ فُؤادَه فأَضمَرَتْه وهَزَلَتْه، وكَرَّر الشين وَالْفَاء تَبْليغاً كَمَا قَالُوا مُحَثْحَث، وَقد تَجَفْجَفَ الثّوب من الْجَفَاف والشُّفوف: نُحول الْجِسْم من الهَمِّ والوَجْد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل مُشَفشَف سَخِيف سَيَّىء الخُلق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّفْشَفَة تَشْوِيطُ الصقيع نَبْتَ الأَرْض فيحرِقُه، أَو الدَّوَاء تَذُرُّه على الجُرح يُقَال: شوَّطة وشيّطة.
وَفِي حَدِيث أنس أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أصحابَه يَوْماً وَقد كادَت الشَّمْس تَغربُ فَلم يَبْق مِنْهَا إِلَّا شِفٌّ يَسير.
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ إِلَّا شَيْءٌ يَسير.
وشُفَافَة النَّهارِ: بَقِيَّتُه وَكَذَلِكَ الشفَا: بَقِيَّةُ النَّهار.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شُفَافَ الشفَا أَوْ قَمْسَة الشمسِ أَزْمَعا
رَوَاحاً فَمَدّا من نَجَاءٍ مُهَاذِبِ
وقَمْسَة الشَّمْس: غُيوبُها.
ابْن بزرج قَالَ: يَقُولُونَ من شُفوفِ المَال قَد شَفّ، وَهُوَ يَشفُّ، وَكَذَلِكَ الْوَجَعُ يَشُّفّ صاحِبَه مَضْمومة.
قَالَ: وَقَالُوا شَفّ الفَمُّ يَشف مَفْتُوح، وَهُوَ نتْنُ رِيحٍ فِيهِ.
قَالَ: والثّوبُ يَشفُّ فِي رِقَّته، والشِّفُّ مكسور، بَثْرٌ يَخْرج فَيُرْوِح.
قَالَ: والمَحْفوفُ مثل المشْفُوف المخنوع من الْحَفَفِ، والحَفّ.
فش: قَالَ اللَّيْث: الفَشُّ حَمْلُ اليَنْبُوتِ، الواحدةُ فَشَّه، والجميع الفِشاش.
قَالَ: والْفَشُّ: تَتَبُّعُ السّرِقَةِ الدّون، وَأنْشد:
ونَحْنُ وَلِيناهُ فَلَا تَفُشُّهْ
وابْنُ مُضاضٍ قائمٌ يَمُسُّهْ(11/196)
يَأْخُذ مَا يُهْدَى لَهُ يَقُشُّهْ
كَيْفَ يُوَاتِيه وَلاَ يَؤُشُّه
قَالَ: والْفِشَاشُ: الكساء الْغَلِيظ، والْفَشُّ: الْفَسْوُ.
وَقَالَ رؤبة:
واذْكُرْ بَنِي النَّجَاخَةِ الْفَشُوشِ
وَيُقَال للسِّقاءِ إِذا فُتِحَ رأْسُه وأُخرِجَ مِنْهَا الرِّيح: فُشَّ يُفَشُّ، وَقد فَشَّ السِّقاءُ يَفِشُّ.
والانْفِشَاشُ: الفَشَلُ والانْكِسار عَن الأَمْر، والفَشُّ: الْحَلْبُ، والفَشُوشُ: الّتي تُحْلَبُ، وَهِي الفَشَّاء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الفَشُوشُ: الكِسَاءُ السَّخِيفُ. والفَشوشُ: الْخَرُّوبُ. والفَشُوشُ: النَّاقَة الواسِعَة الإِحْليل. والفَشُوش: الأَمَة الفَسَّاءَة، وَهِي المْفَصَّعَة والمُطَحْرَبَة.
أَبُو عَمْرو: وفَششْتُ الزِّقّ، إِذا أخرجتَ رِيحَه، وَمن أمثالهم. لأَفُشَّنَّك فَشَّ الْوَطْبِ. أَي لأُخْرِجَنَّ غَضَبك من رَأْسِك.
أَبُو عبيد، عَن الأمَوِي: فَشَشْتُ النَّاقَة أُفُشَّها فَشّاً، إِذا أَسْرَعْتَ حَلْبَها.
وَقَالَ ابْن شُميل: هَجْلٌ فَشٌّ لَيْس بِعَميقٍ جدّاً وَلَا مُتَطامِن، وَقَالَ: نَاقَةٌ فَشُوشٌ، أَي يَتَشَعَّبُ إِحْلِيلُها، مِثْلَ شُعاعِ قَرْن الشَّمْسِ حِين تَطْلُع، أَي يَتَفَرَّقُ شُخْبُها فِي الْإِنَاء فَلَا يُرَغَّى، بَيِّنَةُ الفِشاش.
وَيُقَال: انفَشَّت عِلّةُ فلَان، إِذا أَقبَلَ مِنْهَا.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الفَشْفَشَةُ ضَعْفُ الرَّأي، والفَشْفَشَةُ الخَرُّوبة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الفَشُّ الطَّحْرَبَة، والفَشُّ النَّميمَة، والفَشُّ الأحْمق، والفَشُّ الْخرُّوب، والفَشُّ: الكِسَاء الرَّقيق.
(بَاب الشين وَالْبَاء)
ش ب
شب، بش.
شب: قَالَ اللَّيْث: الشَّبّ حَجَرٌ مِنها الزَّاجُ وأَشْبَاهُه، وأَجْوَدُها مَا جُلِبَ من الْيمن، وَهُوَ شَبٌّ أَبيض لَهُ مَضِيضٌ شَدِيد.
وشَبَّة: اسمُ رجل، وَكَذَلِكَ شَبيب. أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: شَبَّ الغُلاَم يَشِبُّ شَبابَا، وشَبَّ الفَرَسُ يَشِبُّ شِباباً وشُبوباً وَشَبِيباً، إِذا نَشِطَ ومَرِح.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شُبُوبَ الْخَيْلِ تَشْتَعِلُ اشْتِعَالا
وشَبَبت النارَ فَأَنا أَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً، وَيُقَال: إنَّ شَعْرَ فُلانَة يَشُبُّ لَوْنَها، إِذَا كَانَ يُحَسِّنُه ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه، وَيُقَال للرَّجل الْجَمِيل: إنَّه لَمَشْبُوب.
وَيُقَال: أَشَبَّتْ فلانةُ أوْلاداً، إِذا شَبّ لَهَا أَوْلاد.
وَيُقَال للثَّور إِذا كَانَ مُسِنّاً: شَبَبٌ ومُشِبُّ وشَبُوب.
وَيُقَال: فَعَلَ ذَلِك فِي شَبِيبتِه، وامْرَأَةٌ(11/197)
شَابَّةٌ، ونِسْوَةٌ شَوَابّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يَجُوز نِسْوَةٌ شَبَائب فِي معنى شَوَابّ، وَأنْشد:
عَجَائِزٌ يَطْلُبْنَ شَيئاً ذَاهِبَا
يَخْضِبْنَ بالحِنّاءِ شَيْباً شَائِبَا
يَقُلْن كُنَّا مَرَّةً شَبائِباً
قلت: شَبائبُ جمع شَبَّة لَا جمع شَابَّة، مثل ضَرْة وضَرَائِر. وكَنَّه وكَنَائِن.
وشِبَابُ الفَرَسِ: أَنْ يَرْفعَ يَدَيْهِ جَميعاً كأَنَّه يَنْزُو وَنَزَواناً.
وَفِي الحَدِيث: (اشْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم على الْبَوْل) ، يَقُول: اسْتَوْفِزُوا عَلَيْهَا وَلَا تُسِفّوا من الأَرْض.
وعَسَلٌ شَبَابِيّ: يُنْسَبُ إِلَى بني شَبَابَةَ، قَوْمٍ بالطَّائف من بني مالِك بن كنَانَة، يَنْزِلون الْيمن.
وتَشْبيبُ الشِّعر: تَرقيقُ أوّله بِذكر النِّساء، وَهُوَ من تَشْبِيبِ النَّار وتَأْريثُها.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: أُشِبَّ لي الرَّجُلُ إشْباباً إِذا رَفَعْتَ طرفَك فرأَيْتَه من غير أَن تَرْجُوَه أوْ تَحْتَسِبه.
وَقَالَ الهذليّ:
حَتَّى أُشِبّ لَهَا رَامٍ بمُحْدَلَةٍ
نَبْعٍ وبِيضٍ نَوَاحِيهِنّ كالسَّجَمِ
قَالَ: السّجَمُ ضَرْبٌ من الْوَرق شَبّهَ النِّصَالَ بهَا.
وَيُقَال: لَقِيتُ فلَانا فِي شبابِ النَّهَار، أَي فِي أوّله.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: شَبْشَبَ الرَّجل، إِذا نَمَّمَ، وشَبَّ، إِذا رُفِعَ، وشَبَّ إِذا لَهَب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: من أسماءِ الْعَقْرب الشّوْشب، وَيُقَال للقملة: الشّوْشبَة.
بش: قَالَ اللَّيْث: الْبَشّ اللُّطْف فِي الْمَسْأَلَة، والإقبال على أخِيك. تَقول: بَشِشتُ بِهِ بَشّاً وبَشَاشَةً، ورَجُلٌ هَشٌّ بَشٌّ. قَالَ: والبَشِيشُ: الوَجْهُ. يُقَال: رجُلٌ مُضِيٌّ البَشيش، أَي مُضِيءُ الوَجْه.
وَقَالَ رؤبة:
تكَرُّماً والهشُّ للتَّهْشِيشِ
وارِي الزِّناد مِسْفِر الْبَشِيش
وَفِي الحَدِيث: (لَا يُوطِنُ رجلٌ المساجدَ للصَّلاة والذِّكْر إلاّ تَبشْبَشَ اللَّهُ بِهِ حِين يَخْرُج من بَيته، كَمَا يتَبَشْبَشُ أهلُ الْبَيْت بغائبهم إِذا قَدِمَ عَلَيْهِم) وَهَذَا مَثَلٌ ضربه لتلقِّيه جلّ وعزّ بِبِرِّه وكرامته وتَقْرِيبه إيّاه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْبَشُّ فَرَحُ الصّديق بِالصديقِ، والتَّبَشْبُش فِي الأَصْل التَّبَشُّش، فاستُثْقل الْجمع بَين ثَلَاث شِينات فقُلِبَتْ إِحْدَاهُنَّ بَاء.(11/198)
(بَاب الشين وَالْمِيم)
ش م
شم، مش.
قَالَ اللَّيْث: الشَّمُّ من قَوْلك شَمِمْتُ الشيءَ أَشَمُّه، وَمِنْه التَّشَمُّم كَمَا تَشَمَّمُ البهيمةُ، إِذا التَمَسَتْ رِعْياً، قَالَ: والمشامَّة مُفَاعلةٌ من شامَمْتُ العدوَّ، إِذا دَنَوْتَ مِنْهُم حَتَّى يَرَوْكَ وتراهم. والشَّمَمُ: الدُّنُوَّ، اسمٌ مِنْهُ. يُقَال: شامَمْنَاهُمْ وناوَشْنَاهم.
قَالَ الشَّاعِر:
وَلم يَأْتِ للأمْرِ الَّذِي حَال دونه
رجالٌ هُمُ أعداؤك الدَّهرَ من شَمَمْ
أَي من قُرب.
عَمْرو، عَن أَبِيه: هُوَ عَدُوُّك من شَمَم وَمن زَمَم، أَي من قُرْبٍ.
وَفِي حَدِيث عليّ أَنه قَالَ حِين بَرَزَ لعَمْرو ابْن وُدّ: (أَخرُجُ إِلَيْهِ، فأُشامُّه اللِّقَاء) أَي أَنظُر مَا عِنْده.
يُقَال: شامِمْ فلَانا، أَي انْظُر مَا عِنده.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الشَّمُّ مصدر شَمِمْتُ، والشَّمَمُ: طول الْأنف، ووُرُودٌ من الأرْنَبة، والنعت: رجل أَشَمّ، وامرأَةٌ شَمَّاء، وجبل أشمّ: طويلُ الرَّأْس. قَالَ: وشَمَام: جَبَلٌ لَهُ رأْسان يُسميان ابنَيْ شَمَام. قَالَ: والإشمَامُ أَن تُشِمَّ الحرْفَ السَّاكِن حرْفاً كَقَوْلِك فِي الضَّمَّة: هَذَا العملُ وتسكُتْ، فتجدُ فِي فِيك إشماماً للاّم لم يبلغ أَن يكون واواً وَلَا تحريكاً يُعتد بِهِ، وَلَكِن شَمَّةٌ من ضمَّةٍ خَفِيفَة، وَيجوز ذَلِك فِي الْكسر وَالْفَتْح أَيْضا. وأشَمَمْتُ فلَانا الطِّيب.
وَتقول للوالِي: أَشْمِمْنِي يَدك، وَهُوَ أحسن من قَوْلك: ناولْني يَدَك أُقَبِّلها.
ابْن السّكيت، عِنْد أبي عَمْرو: أَشَمَّ الرَّجلُ يُشِمّ إشماماً، وَهُوَ أَن يَمُرَّ رَافعا رأْسَه.
وَحكي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: عَرَضْتُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَإِذا هُوَ مُشِمٌّ لَا يُريدهُ، وَقَالَ: بيْناهم فِي وجْهٍ إِذْ أَشَمُّوا، أَي عَدَلُوا.
قَالَ يَعْقُوب: وسمعْتُ الكلابيّ يَقُول: أَشَمُّوا، إِذا جارُوا عَن وجههم يَمِينا وشِمالاً، وَيُقَال: شَمِمْتُ الشيءَ أَشُمُّه شَمّاً وشَمِيماً، وبُرْقَةُ شَمَّاء: جبلٌ مَعْرُوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لما يَبقى على الكِباسة من الرُّطَب: الشَّمَلُ والشَّماشم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شُمّ، إِذا اخْتُبِرَ، وشَمَّ، إِذا تَكبَّرَ.
مش: قَالَ اللَّيْث: مَششْتُ المُشاشَ، أَي مَصَصْته مَمْضُوغاً. وَفُلَان يَمُشُّ مالَ فلَان، ويَمُشُّ من مالِه: أَخذَ الشيءَ بعد الشَّيْء، قَالَ: والْمشَشُ مَششُ الدَّابةِ(11/199)
مَعْرُوف.
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: مَشِشَت الدَّابّةُ بِإِظْهَار التّضعيف، وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مثلُه. وَقَالَ غَيره: ضَبِبَ المكانُ، إِذا كثُر ضبابُه، وأَلِلَ السِّقاءُ، إِذا خَبُثَ ريحُه.
اللَّيْث: أمَشَّ العظْمُ وَهُوَ أَن يُمِخَّ حَتَّى يَتَمشّشَ. قَالَ: والمَشُّ، أَن تَمْسَحِ قِدْحاً بثوبك لِتُلَيَّنَه كَمَا تمشُّ الْوتر.
والمشُّ: المَسْحُ. يُقَال: مَشّ يَده يَمُشُّهَا مَشّاً، إِذا مسحها بالمنديل. وَيُقَال: امْشُشْ مُخاطَه، أَي امْسَحْه.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: أَعْطِنِي مَشُوشاً أَمُشّ بِهِ يَدي، يُرِيد مِنديلاً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: أهل الْكُوفَة يَقُولُونَ: مَشْمَشٌ، وَأهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ مِشمِش يَعْنِي الزَّرْدالو.
وَقَالَ اللَّيْث: أَهلُ الشَّام يُسَمّون الإجَّاصَ مِشمشاً.
أَبُو عُبيد: المُشَاشُ: رُؤوس العِظَامَ مثل الرّكبتين والمرفقين والمنْكبين، وَجَاء فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ جليلَ المُشاش.
أَبُو زيد، يُقَال: فلَان يمْتَشُّ من فلَان امْتشاشاً، أَي يُصِيب مِنْهُ، ويَمْتشنُ مِنْهُ مثلُه.
أَبُو عُبيد، عَن الأُموي: مششْتُ النّاقة أُمُشُّها مَشّاً، إِذا حَلَبْتَ وتركْتَ فِي الضَّرع بعضَ اللَّبن.
وَقَالَ غَيره، يُقَال: فلَان لَيِّنُ المُشَاسِ، إِذا كانَ طَيِّبَ النَّحِيزة عفيفاً عَن الطمع.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: امْتَشَّ المتَغَوِّطُ وامْتَشَع، إِذا أَزالَ القذَى عَن مَقْعَدتِه بِمَدَرٍ أوْ حَجر.
قَالَ: والمَشُّ الحَلْبُ باستقصاء، والمشُّ الخُصُومة، والمشّ مَسْحُ الْيَدَيْنِ وبالمَشوشِ وَهُوَ المنديل الخشن، وامْتَشّ مَا فِي الضَّرَع، وامْتَشَعَ إِذا حَلَب جَمِيع مَا فِيهِ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: المُشاشةُ جوفُ الأَرْض، وَإِنَّمَا الأَرْض مَسَكٌ، فمسكَةٌ كَذَّانة، ومَسَكَةٌ حجارةٌ عَظِيمَة، ومَسَكةٌ لَيِّنةٌ، وَإِنَّمَا الأَرْض طرائق فكلُّ طَريقَة مَسَكةٌ، والمُشَاشةُ: الطَّرِيقَة الَّتِي هِيَ حِجَارَة خَوَّارة وتراب، فَتلك المشاشة، وأَما مُشاشةُ الرَّكِيَّة فَجَبلُها الَّذِي فِيهِ نَبَطُها، وَهُوَ حجرٌ يَهْمى مِنْهُ المَاء، أَي يرشح فَهِيَ كَمُشاشةِ الْعِظَام تتحلّبُ أبدا. يُقَال: إنَّ مُشاشَ جَبَلِها لَيَتَحْلَّب، أَي يرشحُ مَاء.
وَقَالَ غَيره: المشاشةُ أرضٌ صُلبة يُتّخذ فِيهَا رَكايا يكون من ورائِهَا حاجز، فَإِذا مُلِئت الرّكيةُ شَرِبت المشاشةُ الماءَ، فَكلما اسْتُقِيَ مِنْهَا دَلوٌ جَمَّ مَكَانهَا دَلْوٌ أُخْرَى.(11/200)
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الشين
(أَبْوَاب الشين وَالضَّاد)
ش ض ص ش ض س ش ض ز ش ض ط ش ض د ش ض ت ش ض ظ ش ض ذ ش ض ث
مهملات.
ش ض ر
شرض: قَالَ اللَّيْث: يُقَال عَمَل شِرْواضٌ: رِخْوٌ ضَخْمٌ، فَإِن كَانَ ضخماً ذَا قَصَرَةٍ غَلِيظَة وَهُوَ صُلْبٌ، فَهُوَ جِرْوَاض.
قَالَ رؤبة:
بِهِ نَدُقُّ الْقَصَرَ الجِرْوَاضا
شمرض: قَالَ: وَالشِّمِرْضَاضُ شَجَرةٌ بالجزيرة فِيمَا قيل، وَيُقَال: بل هِيَ كلمةُ مُعَاياةٍ، كَمَا قَالُوا: عُهْعُخ. فإِذا بدأْت بالضَّاد هُدر والْباقي مُهْمَل.
(أَبْوَاب) الشين والصّاد)
ش ص س ش ص ز س ص ط ش ص د ش ص ت ش ص ظ (ش ص ذ) ش ص ث
(ش ض ر ش ض ل ش ض ن ش ض ف ش ض ب ش ض م
مهملات)
أهملت كلهَا.
ش ص ر
شرص. شصر: مستعملان.
شرص: قَالَ اللَّيْث: الشِّرْصَتَان نَاحِيتا النَّاصِيَة وهُما أرَقُّهَا شَعْراً، ومنهما يَبْدَأ النَّزَعتان. والشَّرْصُ شَرصُ الزِّمام. وَهُوَ(11/201)
فَقْر يُفْقَرُ على أنْفِ النَّاقة، وَهُوَ حَزٌّ فَيُعْطَفُ عَلَيْهِ ثِنْيُ الزِّمام ليَكُون أسْرعَ وأطْوَعَ وأدْوَمَ لِسَيْرِها وَأنْشد:
لَوْلَا أَبُو عُمَرٍ حَفْصٌ لما انْتَجَعَتْ
مَرْواً قَلُوصِي وَلَا أزرَى بهَا الشَّرَصُ
وَقَالَ غَيره: الشَّرْصُ والشّرْرُ وَاحِد، وهما الْغِلَظُ فِي الأَرْض. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشِّرْصَةُ النَّزْعَةُ عِنْد الصُّدغ.
شصر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَصَرَ، إِذا خَاطَ، وشَصِرَ، إِذا ظَفِرَ.
أَبُو عُبيد: شَصَرْتُ الثّوْبَ شَصْراً إِذا خِطتَه، مثل البَشْكِ.
الأصمعيّ: فِيمَا رَوى أَبُو عبيد عَنهُ: أوَّل مَا يُوَلدُ الظَّبْيُ فَهُوَ طَلاً، فإِذا طَلَعَ قَرْناه فَهُوَ شَادِنٌ، فإِذا قَوِيَ وتحرَّك فَهُوَ شَصَر وَالْأُنْثَى شصرة، ثمَّ جَذَع، ثمَّ ثَنِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لَهُ: شَاصِرٌ إِذا نَجَمَ قَرْنُه، وَهُوَ الشَّوْصَرُ فِي لُغة.
قَالَ: والشِّصارُ خشَبَةٌ تُشَدُّ بَين شُفرَي النّاقة. يُقَال: شصَّرتها تشصيراً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشِّصَاران: خَشبتان يُنْقَدُ بهما فِي شُفْرِ خُوران النَّاقة، ثمَّ يُعْصَبُ من ورائهما بِخُلْبَةٍ شَدِيدَة، وَذَلِكَ إِذا أَرَادوا أَن يَظأَروها على ولد غَيرهَا، فَيَأْخُذُونَ دُرْجةً محْشُوَّة، ويدسُّونها فِي خُورانيْها ويُخِلُّون الْخُوران بخلالَيْنِ هما الشِّصاران يُوثقان بخُلْبَةٍ يُعصَبَان بهَا، فَذَلِك الشّصْر والتّشصيرُ، وَهُوَ التّزْنِيدُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: تركت فلَانا وَقد شَصَرَ بَصَرُه يَشصُرُ شُصُوراً، وَهُوَ أَن تَنقَلِبَ الْعين عِنْد حُضُور الْمَوْت؛ وَقد شَخَص بَصَرُه قلت: هَذَا عِنْدِي وَهْم، وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى شصَا بَصَرُه يَشْصُوا شُصُوّاً. وشَطَرَ يَشْطُرُ شُطُوراً، وَهُوَ الَّذِي كأَنَّه ينْظُر إِلَيْك. وَإِلَى آخر. روى ذَلِك أَبُو عبيد عَن الْفراء والشَّصُور بِمَعْنى الشُّطُور من مَناكير اللَّيْث.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّصَرَةُ الظَّبْيَة الصَّغِيرَة، مُحَرِّك. والشَّصْرَة: نَطْحَةُ الثورِ الرجُلَ بِقرْنه.
ش ص ل
شصل: وجدت حرفا لِابْنِ الْأَعرَابِي. رَوَاهُ عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس. قَالَ: شَوْصَلَ الرَّجُلُ، وشَفْصَلَ جَمِيعًا، إِذا أكلَ الشَّاصُلِيَّ، وَهُوَ نَبَات.
ش ص ن
شصن، نشص، شنص: مستعملة.
شصن: أهمل اللَّيْث: شصن.
ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّواصِينُ البَرَانِيُّ الْوَاحِدَة شَاصُونة.
قلت: الْبَراني تكون الْقَوارير، وَتَكون الدِّيَكَة، وَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ بهَا.(11/202)
نشص: أَبُو عبيد، عَن الأصمَعيّ: النَّشَاصُ من السَّحاب: المُرتَفِعُ بَعْضُه فَوق بَعْض، وَلَيْسَ بمُنْبَسِط.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زِيادِ الكِلابي فِي النَّشاص مِثْلَه.
ابْن السّكيت، عَن الأصمعيّ: نشصَت الْمَرْأَة على زَوجهَا نُشُوصاً، ونَشَزَتْ نُشُوزاً، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الْأَعْشَى:
تَقَمَّرهَا شَيْخٌ عِشَاءً فَأَصْبَحَتْ
قُضَاعِيَّةً تَأْتِي الكَوَاهِنَ نَاشِصَا
ونَشِصَتْ ثَنِيَّتُه، إِذا خَرجَتْ من موضعهَا نُشُوصاً.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَاشَتْ إليّ النَّفس ونَشَصتْ ونَشَزَتْ، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو تُرَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِنْشاصُ المرأةُ الَّتِي تَمْنَعُ فِراشَها فِي فِراشِها، فالفِراش الأول الزَّوْج، وَالثَّانِي المُضَرَّبة.
شنص: أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ شُنَاصِيُّ، وَهُوَ النّشيط الطويلُ الرَّأْس.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّانص المُتَعَلِّق بالشَّيْء وَالْأُنْثَى شَنَاصِيّة، وَهُوَ الشَّديد الْجواد، وَأنْشد قَول المرّار بن مُنْقذ:
شُنْدُفٌ أشْدَفُ مَا ورَّعْتُه
وشَنَاصِيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرَ
وَقَالَ اللَّيْث: فَرسٌ شَنَاصِيٌّ، وَهُوَ النّشيط الطَّوِيل الرَّأْس.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّانِصُ الْمُتَعَلّق بالشّيء شَنَصَ يشْنُص شُنُوصاً.
ش ص ف
مهمل.
ش ص ب
(شصب) : مُسْتَعْمل.
ابْن هانىء: إنّه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أكّد النَّصب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: المَشْصُوبَةُ الشّاةُ المَسْموطَة، والشَّصْبُ: السَّمْطُ، وَيُقَال للقَصَّاب: شَصّاب.
وروى عَمْرو، عَن أَبِيه: رَجُلٌ شَصِيبٌ، أَي غريبٌ.
أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عَمْرو: الأَشْصَابُ الشَّدائد، وَاحِدهَا شِصْبٌ بِكَسْر أَوله، وَقد شَصِبَ يَشْصَبُ.
أَبُو سَعيد: هِيَ الشَّصَائِبُ والشّصَائِصُ للشّدائد.
قَالَ أَبُو تُراب، وَقَالَ غَيره: هِيَ الشّصَائِبُ والشَّطَائِب، للشَّدائد.
وَقَالَ ابْن المظفر: الشَّصِيبَةُ شِدَّةُ الْعَيْش يُقَال: دَفَعَ الله عَنْك شَصائِبَ الْأُمُور، وعَيْشٌ شَاصِبٌ، وَقد شَصَبَ شُصُوباً، وأَشْصَبَ الله عَيْشَه.
قَالَ جرير:(11/203)
كِرامٌ يَأْمَنُ الْجِيرانُ فِيهمْ
إِذا شَصَبتْ بهم إحْدَى اللّيالي
سَلمَة، عَن الْفراء، عَن الدُّبَيْرِيِّين، قَالُوا هُوَ الشَّيطان الرَّجِيم، والخَيّثَعُورُ، والشَّيْصَبَان والْبَلأَز والجَلأَز والجانُّ، والْقَانُّ، كلهَا من أَسمَاء الشَّيْطَان.
اللَّيْث: الشّيْصَبَان الذَّكر من النَّمْل وَيُقَال: هُوَ جُحْرُ النَّمْل.
ش ص م
اسْتعْمل من وجوهه: شمّص.
شمص: اللَّيْث: شَمّصَ فلَان الدَّواب، إِذا طَرَدَها طَرْداً عَنِيفاً، وَأنْشد:
وحَثَّ بَعِيرَهم حَادٍ شَموصُ
قَالَ: وَلَا يُقال هَذَا إِلَّا بالصَّاد، وَهُوَ الحثّ، فَأَما التَّشميصُ فأَنْ تَنْخَسه حَتَّى يَفعل فِعل الشَّموسُ.
قَالَ: والانشماصُ الذُّعْر.
قَالَ أَبُو عَمْرو: أَتَيْتُ فلَانا فانشمَصَ مِنى إِذا ذُعِر، وأَنشد:
فانشمَصَتْ لما أَتَاهَا مُقْبِلاً
فَهَابها فَانْصَاعَ ثُمّ وَلْوَلاَ
وَقد شَمَّصَتْني حاجَتُك تشميصاً، أَي أعْجَلَتْني وَقد أخذَه من هَذَا الْأَمر شِمَاصٌ، أَي عَجَلةٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شَمّصَ، إِذا آذَى إنْسَانا حتّى يَغْضَب.
(أَبْوَاب) الشين وَالسِّين)
ش س ز
مهمل.
ش س ط
اسْتعْمل مِنْهُ: شطس.
شطس: قَالَ اللَّيْث: الشَّطْسُ الدَّهاءُ والْعِلْم، وإنّه لرجلُ شُطَسِيُّ ذُو أَشْطَاس.
قَالَ رؤبة:
يَا أَيُّها السَّائل عَن نَحَاسِي
عَنِّي ولمَّا يَبْلغوا أشْطاسِي
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعت عَرَّاماً السُّلَمِيّ يَقُول: شَطَفَ فِي الأَرْض، وشَطَسَ، إِذا دَخَلَ فِيها إمَّا راسِخاً وإمَّا واغِلاً، وَأنْشد:
تُشَبُّ لِعَيْنِي رَامِقٍ شَطَسَتْ بِهِ
نَوًى غرْبَةٌ، وصْلَ الأحِبَّةِ تَقْطَعُ
ش س د ش س ت ش س ظ ش س ذ ش ش ث: مهملات.
ش س ر
اسْتعْمل من وجوهها: سرش. شرس.
سرش: أما سرش فإنَّ اللَّيث أَهْمله.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال سَرِشَ الْإِنْسَان، إِذا تحَبَّبَ إِلَى النَّاس.
شرس: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْسُ شِبْهُ الدَّعْك للشَّيء كَمَا يَشْرِسُ الحمارُ ظُهورَ الْعَانَةِ بِلَحْيَيْه وَأنْشد:(11/204)
قَدَّا بأَنْيَابٍ وشَرْساً أَشْرَسَا
ورَجلُ شَرِسُ الْخُلُقِ وَإنَّهُ لأشْرَس، وإنَّه لَشرِيسٌ، أَي عَسِرٌ شَدِيد الخِلاف. وَأنْشد:
فَظَلْتُ ولي نَفْسانِ نَفْسُ شريَسَةٌ
ونَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزُوعُ
قَالَ: والشِّراسُ شِدّة الْمُشَارَسَة فِي مُعاملة النَّاس وَتقول: رَجُل أَشْرسٌ ذُو شِراسٍ، وناقَةٌ شَرِيسَةٌ: ذاتُ شِرَاسٍ، وَذَات شَرِيس. وأَنشد:
قَدْ عَلِمَت عَمْرَةُ بالْغَمِيسِ
أَنَّ أَبَا الْمِسْوَرِ ذُو شَرِيسِ
وَمَكَان شَراسٌ: صُلْبُ، وَأَرْض شَرْسَاءُ.
وشَراسِ على فَعَالِ: نعت واجِبٌ للْأَرْض كالاسم.
ابْن السِّكِّيت: أَرضّ مُشرِسَةٌ، كَثِيرَةُ الشِّرْس، وَهُوَ ضرب من النَّبات.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشِّرْسُ الشُّكاعِيُّ، والْقَتَادُ والسِّحاءُ، وكلُّ ذِي شَوْكٍ مِمَّا يَصْغُر، وَأنْشد:
وَاضِعَةٌ تأكُلُ كُلَّ شِرْسِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الشَّراسَةُ شِدَّةُ أَكْلِ الماشِية، تَشَرسُ شَراسَةً، وَإنَّهُ لَشرِسُ الْأكل.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: الشَّرِسُ السَّيِّءُ الخُلُق، وَقد شَرِسَ شَرَساً.
ش س ل
مهمل.
ش س ن
شنس: أُشْناس: اسْم أعجمي.
ش س ف
اسْتعْمل من وجوهه: شسف.
شسف: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّسِيْف: البُسْرُ الْمُشَقَّق.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحْمُ الشسيفُ، الَّذِي قد كادَ يَيْبَس وَفِيه نُدْوَّةٌ بَعْد.
وَقَالَ اللَّيْث؛ الشاسِف: الْقَاحِلُ الضَامر، وَيُقَال: سِقَاءٌ شاسِفُ، وشَسِيفٌ، وَقد شسَّفَ يَسْشِفُ شُسُوفاً، وشِسَافَةً لُغَتَانِ.
ش س ب
شسب: قَالَ اللَّيْث: الشَّاسب والشّازِب: الضَّامر اليَابِس، وخَيْلٌ شُزَّب.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الأصمعيّ: الشّاسِب والشّاسِفُ: الَّذِي قد يَبِسَ عَلَيْهِ جِلْدُه.
وَقَالَ لَبيد:
أَتِيكَ أمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَها
عِلْجٌ تَسَرَّى نحَائِصاً شُسُبَا
وَله:
تَتّقِي الأَرْضَ بِدَفَ شاسِبٍ
وضُلُوعٍ تَحْتَ زوْرٍ قَدْ نَحَلْ(11/205)
ش س م
اسْتعْمل مِنْهُ: شمس.
شمس: قَالَ اللَّيْث: الشّمس عَيْنُ الضِّحِّ، أَرَادَ أنّ الشَّمْس هُوَ العَين الَّذِي فِي السَّمَاء، جارٍ فِي الفَلك، وأنَّ الضِّحَّ ضَوْءُه الَّذِي يُشرِقُ على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّموسُ مَعَاليق القلائِد، وَأنْشد:
والدُّرُّ واللُّؤْلُؤُ فِي شَمْسه
مُقلِّدٌ ظَبْيَ التّصَاوِيرِ
قَالَ: وَيُقَال: يَوْمٌ شامِسٌ، وَقد شمَسَ يَشمُسُ شُمُوساً، أَي ذُو ضِحّ نَهارُه كُلُّه.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي: شَمِسَ يَوْمُنا وَأَشْمَسَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَمَسَ يَشْمُسُ، إِذا كَانَ ذَا شَمْسٍ.
اللَّيْث: رَجُلٌ شَمُوسٌ: عَسِرٌ، وَهُوَ فِي عَدَاوَتِهِ كذَلِكَ خِلافاً وعَسراً على من نازَعه، وإنهُ لَذُو شِمَاس شَدِيد. وشَمَسَ لي فلانٌ إِذا أبْدَى لكَ عَداوَته، كأَنَّهُ قد هَمَّ أَن يفعل.
قَالَ: والشَّمِس والشَّمُوس من الدَّواب الَّذِي إذَا نُخِس لم يَسْتَقِرّ، والشَّمَّاسُ من رُؤساء النَّصارى الَّذِي يَحْلِقُ وَسَطَ رَأْسِه لَازِما لِلْبِيعَة، والجميع الشمامِسَة.
أَبُو سَعيد: الشَّمُوس هَضْبَةٌ مَعْرُوفَة، سُمِّيت بِهِ لأَنها صَعْبَةُ الْمُرْتَقَى.
وَقَالَ النَّضر: الْمُتَشمِّسُ من الرّجال الَّذِي يَمْنع مَا وَراءَ ظَهره. قَالَ: وَهُوَ الشديدُ القوميةِ. قَالَ: والْبَخِيل أَيْضا متَشمِّسُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُنالُ مِنْهُ خَيْر. يُقَال: أَتَيْنا فلَانا نَتَعَرَّض لمعروفه، فَتشمَّسَ علينا، أَي بَخِلَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّمَيْسَتان جَنَّتان بِإِزَاءِ الفِرْدَوْس، قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفَرّاء.
(أَبْوَاب الشين والزّاي)
ش ز ط ش زد ش زت ش زظ ش زذ ش ز ث
أهملت كلهَا.
ش ز ر
شزر، شرز. مستعملان.
شزر: قَالَ اللَّيْث: الشَّزْرُ نَظَرٌ فِيهِ إعْراضْ كنظرِ المُعَادِي المُبْغِض.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الطَّعْنُ الشَّزْر مَا طَعنْتَ عَن يَمينك وشمالك، واليَسْرُ مَا كَانَ حِذَاءَ وَجْهِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحَبْلُ المشزُورُ الْمفتُول شزْراً، وَهُوَ الَّذِي يُفْتل مِمَّا يَلِي الْيسَار، وَهُوَ أشدُّ لِفَتله.
وَقَالَ غَيره: الْفَتلُ الشزْر إِلَى فَوْق، واليَسْرُ إِلَى أسْفَل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: طحنتُ بالرَّحَا(11/206)
شَزْراً، وَهُوَ الَّذِي يَذهَبُ بالرّحا عَن يمِينه، وبَتّاً، أَي عَن يَسَاره، وأنشدنا:
ونَطحَنُ بالرحا بَتّاً وشَزراً
ولَو نُعطَى المغازِلَ مَا عَيِينا
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: المشزُورُ المفتُولُ إِلَى فَوق، وَهُوَ الشَّزْر. قلت: وَهَذَا عِندَنا هُوَ الصَّحيح.
وَقَالَ الْفراء، يُقَال: شَزَرَهُ وتَزَره، إِذا أَصَابَهُ بالْعَين.
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه أنْشدهُ:
مَا زَالَ فِي الْحَوْلاء شَزْراً رَائِغاً
عِنْدَ الصَّريم كَرَوْغَةٍ مِنْ ثَعْلَبِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لم يَزَل فِي رَحِمِ أُمه رَجُلَ سَوْءٍ شَزْراً، يأْخُذُ فِي غير الطّريق. قَالَ: والصَّرِيمُ: الأمْر المَصْرُوم، وَهُوَ المَعْزُومُ عَلَيْهِ.
شرز: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ، قَالَ: الشُّرَّازُ الَّذين يُعذبون النَّاس عَذاباً شَرْزاً، أَي شَدِيداً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والشَّرْزُ من المُشَارَزَة، وَهِي المُعادَاة.
وَقَالَ رؤبة:
يَلْقَى مُعادِيهم عَذَابَ الشَّرْزِ
وَيُقَال: أَتَاهُ الدَّهر بشَرْزَةٍ لَا يَتَخَلَّى مِنْهَا، وَيُقَال: رَمَاه بشرْزَة، أَي هَلَكَةٍ، وَقد أَشْرَزَهُ الله، أَي أَلْقاه فِي مَكْرُوهٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث، يُقَال: هُوَ مُشَارِزُ، أَي مُحَارِبٌ مُخَاشِنٌ، وشَارَزَه، أَي عَادَاه.
ش ز ل
أهمله اللَّيْث.
شلز: قَالَ شمِر: المِشْلَوْزُ المِشْمِشَة الحُلوَةُ المُخّ، قَالَ: وَهَذَا غَريب.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أُخِذَ من المِشْمِشْ واللّوز.
قَالَ شمِر: والجِلَّوْزُ نَبُت لَهُ حَب إِلَى الطول، مَا هُوَ يُؤكل مُخُّ يُشبِه الْفُسْتُق.
ش ز ن
شزن، نشز.
شزن: قَالَ اللَّيْث: الشزَنُ شِدَّةُ الإعْيَاءِ من الحَفا، يُقَال: شَزِنت الإبلُ من الحفا شَزَناً، وَفِي قِصَّة لُقمان بن عَاد: رَتَبَ رُتُوب الْكَعْبِ وَوَلاَّهُم شَزَنَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: الشَّزَنُ الشِّدَّةُ والْغِلْظَة، يَقُول: يُوَلِّي أَعْدَاءَه شدَّتَه وبَأْسَه، فَيكون عَلَيْهِم كَذَلِك، وَرَوَاهُ أَبُو سُفْيَان: وَوَلاَّهُمْ شُزُنَه، قَالَ: وَسَأَلت الأصمعيّ عَنهُ، فَقَالَ: الشُّزُنُ: عُرْضُه وجانبِهُ؛ وَفِيه لُغَة: الشَّزَن.
وَأنْشد:
أَلاَ لَيْتَ المَنَازِلَ قد بَلِينَا
فَلا يَرْمِينَ عَنْ شُزُنٍ حَزِينَا(11/207)
يريدُ أَنه حِين دَهَمهم الأمْرُ أَقْبلَ عَلَيْهِ وَوَلاَّهُمْ جَانِبَه.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه الأصمعيّ حَسَن.
وَقَالَ الأجْدَع أَبُو مَسْرُوق:
وكأَنَّ ضَرْعاهَا كِعَابُ مُقَامِرٍ
ضُرِبَتْ على شُزُنٍ فهنَّ شَواعِي
قَالَ شمر، يُقَال: شُزُنٌ وشَزَنٌ: وَهُوَ النَّاحِيَة والجانب.
قَالَ: وَيُقَال: عَن شُزُنِ، عَن بُعْدٍ واعترَاضٍ وتَحَرُّفٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّزْنُ: الكَعْبُ الَّذِي يُلْعَبُ بِهِ، وَيُقَال: شُزُن.
وَأنْشد:
كأَنَّه شَزُنٌ بالدَّوِّ مَحْكُوكُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ أَبَا سَعيدٍ الخُدري أَتَى جَنَازةً وَقد سبقه القَومُ، فَلَمَّا رَأَوْوه تَشَزَّنُوا لَهُ لِيُوسِّعُوا لَهُ، فَقَالَ: أَلاَ إِنِّي سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (خَيْرُ المَجالِس أَوْسَعُها) ؛ وجَلَسَ نَاحِيَةً.
قَالَ شمر: قَوْله تَشَزَّنُوا لَهُ، يَقُول: تَحَرَّفُوا ليُوسِّعوا لَهُ.
يُقَال: تَشَزَّنَ الرجلُ للرَّمْي، إِذا تَحَرَّفَ واغتراض، ورَماه عَن شُزُنٍ، أَي تَحَرَّفَ لَهُ، وَهُوَ أشدُّ للرَّمْي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التَّشَزُّنُ فِي الصِّراع أَنْ يَضعَه على وَرِكِهِ فَيَصْرَعَه، وَقد تشزَّنهُ وتَوَرَّكَهُ، إِذا وَضَعه على وَرِكه فَصَرَعَه.
شمر: عَن المؤرّج: الشَّزَنُ والشَّزُونَة: الْغِلَظ.
قَالَ شمر: وَيكون الشزَنُ الْحَرْفُ والجانِب.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
كِلانا وإنْ طَال أيَّامُه
سَيَنْدُرُ عَن شَزَنٍ مُدْحِضِ
قَالَ: الشَّزَنُ الْحَرف، يَعْني بِهِ المَوْت وأنّ كلَّ واحِدٍ ستَزْلَقُ قدمه بِالْمَوْتِ وَإِن طَال عُمره.
وَقَول ابْن مقبل:
إنْ تُؤْنِسَا نَارَ حَيَ قد فُجِعْتُ بهم
أمْسَتْ على شَزَنٍ مِنْ دَارِهم دَارِي
أَي على بُعْدٍ.
وَيُقَال: مَا أُبالِي على أيِّ شزْنَيهِ وَقَع، أَي على أيِّ قُطْرَيْه وَقع، وتَشزَّنَ فلانٌ للأَمْر، إِذا اسْتَعَدَّ لَهُ.
نشز: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ} الْآيَة. (المجادلة: 11) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا النَّاس بِكَسْر الشين، وأهْلُ الْحجاز يرفَعُونهما: (انشزوا) . قَالَ: وهما لُغتان.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ، إِذا قيلَ: انْهَضُوا فانْهَضُوا، كَمَا قَالَ: {طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ} (الْأَحْزَاب: 53) .(11/208)
وَقيل: إِذا قِيل انْشُزُوا، أَي قومُوا إِلَى الصَّلاة، أَوْ قَضَاءِ حَقَ، أَو شَهَادَةٍ فانْشُزُوا.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَشَزْتُ بِقِرْنِي أنشُزُ بهِ، إِذا احْتَمَلْتَهُ فَصَرَعْتَه.
قَالَ شمِر: وكأَنَّهُ من المَقْلوب مثل: جَذَبَ وجَبَذَ، يَعْنِي نَشَزَ وشَزَنَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: نَشَزْتُ أَنشُزُ نُشُوزاً، إِذا أَشْرَفْتَ على نَشَازٍ من الأَرْض وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ وظهَرَ.
قَالَ شمر، وَقَالَ الأصمعيّ: النَّشْزُ والنَّشَزُ والوَشَزُ مَا ارْتَفَعَ من الأَرْض.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي النّشَز:
وتَرْكَبُ مِنِّي إنْ بَلَوْتَ خَلِيقَتِي
على نَشَزٍ قَدْ شَابَ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
أَي على غِلَظ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} (الْبَقَرَة: 259) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا زيدُ بنُ ثَابت بالزَّاي، قَالَ: والإِنْشَازُ نَقْلُها إِلَى مَوْضِعها. قَالَ: وبالزَّاي قرأَها الْكُوفِيُّونَ.
قَالَ ثَعْلَب: ونَخْتار الزَّاي؛ لِأَن الإنشَازَ فِي التَّأْوِيل، تَرْكِيبُ الْعِظَام بَعْضهَا على بعض قَالَ: وَمن قَالَ (ننشرها) فَهُوَ الْإِحْيَاء. وَقَالَ الزّجاج: من قَرَأَ (نَنْشُزُهَا) فَالْمَعْنى نَجْعَلهَا بعد همود نَاشِزَة يَنْشُزُ بَعْضهَا إِلَى بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: نَشَزَ الشيءُ، إِذا ارْتَفَعَ؛ وتَلٌّ ناشِزُ وَجَمعهَا نَوَاشز. وقَلْبٌ ناشِزٌ، إِذا ارْتَفَعَ عَن مَكَانَهُ من الرُّعْب، وعِرْقٌ ناشِزُ: لَا يَزالُ مُنْتَبِراً يَضْرِبُ من دَائِه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} (النِّسَاء: 34) الْآيَة. نُشُوزُ الْمَرأَة: اسْتِعصاؤُها على زَوْجِها.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: النُّشُوزُ يَكون من الزَّوْجَين، وَهُوَ كَراهةُ كُلِّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه، واشْتِقَاقُه من النَّشَز، وَهُوَ مَا ارْتَفَع من الأرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للدّابة إِذا لم تَكد تَسْتَقِرُّ للسَّرْج وللرّاكب إِنَّهَا لَنَشْزَة، ورَكَبٌ ناشِزٌ نَاتِىءٌ، وأَنْشَزْتُ الشيءَ، إِذا رَفعْتَه عَن مَكَانَهُ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّه لَنَشْزٌ من الرِّجال، وصَتْمٌ من الرّجال، إِذا انْتهى سِنُّه وقُوَّتُه وشَبَابُه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
على نَشَزٍ قَدْ شَبَّ لَيْسَ بِتَوْأَم
وَقَالَ أَبُو عُبيد: النَّشْزُ والنّشَزُ: الْغَلِيظ الشَّديد.
ش ز ف
أَهْملَه اللّيث.
شفز: وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الشّفْزُ الرَّفْس، مصدَر شَفَزَهُ يَشْفُزُه شَفْزاً.(11/209)
ش ز ب
الشازِبُ والشاسِب والشاسِف: الضَّامِر. عَمْرو، عَن أَبِيه: الشَّوْزَبُ، هُوَ الْعَلاّمة والْمَئِنَّة: مِثْله. وَأنْشد:
غُلَامٌ بَين عَيْنَيْهِ شَوْزَبُ
ش ز م
اسْتعْمل من وجوهه: شمز. واشْمَأَزّ.
شمز: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّمْزُ نُفُورُ النَّفْس من الشَّيء تَكْرَهُه.
اشمأز: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جَلَّ وعَزّ: {تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ وَإِذَا} (الزمر: 45) الْآيَة. قَالَ: اشْمَأَزَّتْ نَفَرَتْ، وَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا قيل: لَا إلاه إِلَّا الله وَحده، نفروا من هَذَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: اشْمَأَزَّتْ، أَي اقشَعَرَّتْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْمُشْمَئِزُّ المذْعور. وَقَالَ ابْن بزرج: هُوَ النّافرُ الْكارِه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: رَجُلٌ فِيهِ شُمَأْزِيزةٌ، من اشْمَأْزَرْتُ.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ خَالِد بن جَنْبَة: اشمئزاز السَّفْر انشِمَازُ اللّيل والنَّهار مُقْلَوْلِياً.
قَالَ: قلت: مَا الْمُقْلَوْلِي؟ قَالَ: النَّدْهُ الَّذِي يَجمعها جَمْعَةً واحِدةً.
قلت: مَا النَّدْه؟ قَالَ: السَّوْقُ الشَّديد حَتَّى تكون كأنَّها مُشْرَبةٌ فِي الأفْرَان.
(أَبْوَاب الشين والطاء)
ش ط د ش ط ت ش ط ظ ش ط ذ ش ط ث
مهملات.
ش ط ر
شطر، شَرط، طرش: (مستعملة) .
شطر: قَالَ اللَّيْث: شَطْرُ كلِّ شَيْء نِصْفُه، وَفِي مثل: احْلُبْ حَلْباً لَك شَطْرُه، أَي نِصْفُه. وشَطَرْتُ الشيءَ: جَعَلْتُهُ نِصْفَيْنِ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد، قَالَ: إِذا يَبِسَ أَحَدُ خِلْفَي النَّعجة، فَهُوَ شَطُورٌ، وَهِي من الْإِبِل الَّتِي قَدْ يَبسَ خِلْفان من أَخْلاَفها، لأنَّ لَهَا أَربعَةَ أَخلاف، فَإِن كَانَ يَبِسَ ثلاثةٌ فَهُوَ تَلُوث.
وَقَالَ اللَّيْث: شاةٌ شَطُورُ، وَقد شَطَرَتْ شِطاراً، وَهُوَ أَن يكون أحدُ طُبْيَيْها أطولَ من الآخرِ، فَإِن حُلِبَا جَميعاً والخِلْفَةُ كَذَلِك، سُمِّيَتْ حَضُوناً.
ابْن السّكيت: حَلبَ فلَان الدَّهْرَ أَشْطُرَه، أَي خَبَرَ ضُرُوبَه، أَي مَرَّ بهِ خَيرٌ وشَرّ.
قَالَ: وللنّاقة شَطْران قَادِمان وآخِران، قيل: فكلُّ خِلْفَيْن شَطْرٌ. وَيُقَال: قد شَطَّرَ بِنَاقَتِهِ، إِذا صَرَّ خِلْفَين وتَركَ خِلْفَيْن، فإنْ صَرَّ خِلفاً واحِداً قيل: خَلَّفَ بهَا، فإِذا صَرَّ ثَلاَثَةَ أَخْلاَفٍ قيل: ثَلَثَ بهَا، فإِذا صَرَّها كلهَا قيل: أَجْمَعَ بهَا، وأكْمَشَ(11/210)
بهَا.
قَالَ، وَتقول: شَطَرْتُ شاتِي، ونَاقَتِي، أَي حلَبْتُ شَطْراً وتَرَكْت شَطْراً، وَقد شَاطَرْتُ طَلِيِّي، أَي حَلَبْتُ شَطْراً وصَرَرْتُه، وتَرَكْتُه والشَّطرَ الآخر.
أَبُو عُبيد: الشَّطِيرُ الْبَعِيد.
وَيُقَال للغريب شطِيراً؛ لِتَباعُدِه عَن قَوْمه.
وَأنْشد الْفراء:
لَا تَتْرَكَنِّي فِيهُم شَطِيراً
والشَّطْر: الْبُعْد.
وَقَالَ اللَّيْث: شَطَر فلَان على أَهْله، إِذا تَركهم مُرَاغِماً أَو مُخَالِفاً، ورَجل شَاطِر، وَقد شَطَر شُطُوراً وشَطَارَةٌ، وَهُوَ الَّذِي أَعْيَا أَهْلَه ومُؤَدِّبَه خُبْثاً، وثَوْبٌ شَطُورٌ: أَحَدٌ طَرَفي عَرْضِه أَطْولُ من الآخر، يَعْنِي أَن يكون كُوساً بِالْفَارِسِيَّةِ.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: شَطَرَ بَصَرَهُ يَشْطُرُه شُطُوراً وشَطْراً، وَهُوَ الَّذِي كَأَنَّه ينظر إِلَيْك وَإِلَى آخر.
وَقَالَ غَيره: وَلَدُ فلَان شَطْرَةٌ، إِذا كَانَ نِصْفُهم ذُكُورا، ونصفُهم إِنَاثًا، وشاطَرنِي فلانٌ المالَ مُشَاطَرةً، أَي قاسَمَنِي بالنِّصْف.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (الْبَقَرَة: 149) .
قَالَ الفراءَ: يُريدُ نَحْوَه وتِلْقَاءَه، وَمثله فِي الْكَلَام: وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَهُ وتُجَاهَه. قلت وَنَحْو ذَلِك قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا أَخْبرنِي عبد الْملك، عَن الرّبيع، عَنهُ، وَأنْشد:
إِن الْعَسِيرَ بِها داءٌ مُخَامِرُها
فَشَطْرُها نَظَرُ الْعَيْنَيْن مَحْسُورُ
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي نَحْوَها، لَا اخْتِلاف بَين أهل اللُّغَة فِيهِ، قَالَ: والشّطْر النَّحْوُ.
قَالَ: وَقَول النَّاس: فلَان شاطِرٌ، مَعْنَاهُ، أَنه قُدَّ فِي نحوٍ غيرِ الاسْتِواء، وَلذَلِك قيل لَهُ شاطِرٌ، لأنَّه تبَاعد عَن الاسْتِواء.
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ الْقَوْم مُشاطِرونا.
قَالَ: ونَصَبَ قَوْله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} على الظّرْف.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: نِيَّةٌ، شَطور وَشَطُون، أَي بَعِيدَة.
شَرط: قَالَ اللَّيْث: الشَّرْطُ مَعْرُوف فِي الْبَيْع، والفِعْل: شَارَطَهُ فَشَرَطَ لَهُ على كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ يَشْرِطُ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: شَرَطَ يَشْرِطُ، والحجَّامُ مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّرْطُ: بَزْغُ: الحجّام بالمِشْرَط. وذكَر النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْراطَ السَّاعة.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ هِيَ عَلاَمَاتُها، قَالَ: وَمِنْه الاشْتراط الَّذِي يَشترِط الناسُ بعضُهم على بعض، إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات يَجْعلونها بَينهم، قَالَ: وَلِهَذَا(11/211)
سُمِّيَتْ الشُّرَط، لأنَّهم جعلُوا لأَنْفُسِهِمْ عَلامَةً يُعْرَفون بهَا.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ غَيره فِي بَيت أوْس بن حَجَر:
فأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ
وأَلْقَى بأَسْبَابٍ لَهُ وتَوَكَّلاَ
هُوَ من هَذَا أَيْضا، يُرِيد أَنَّه جعَل نَفْسَه عَلَماً لهَذَا الْأَمر.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: قَالَ: أَشْرَطَ فلانٌ من إبِله وغَنَمِه، إِذا أَعَدَّ مِنْهَا شَيْئا للْبيع، وَقد أَشْرَطَ نَفسه لكذا وَكَذَا: أَي أَعْلَمَها وأَعَدَّهَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: سُمِّيَ الشُّرَطُ شُرَطاً لأنَّهم أُعِدُّوا. وَقَالَ: وأَشراطُ السَّاعة علاماتها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: أشْراط السَّاعة عَلاماتُها، وأَسْبابُها الَّتِي هِيَ دون مُعْظمها وقِيامها. قَالَ: وأشراطُ كلِّ شَيْء ابْتِدَاءُ أوّله، وَأنْشد للكميت:
وَجَدْتُ النَّاسَ غَيْرَ ابْنَيْ نَزارٍ
وَلَمْ أَذْممهُمُ شَرَطاً وَدُوناً
قَالَ: والشَّرَط: الدُّونُ من النَّاس، وَالَّذين هُمْ أَعظم مِنْهُم لَيْسُوا بِشَرَط.
قَالَ: وشَرَطُ المالِ، صِغارُها، قَالَ: والشُّرَطُ سُمُّوا شُرَطاً لأنَّ شُرْطَةَ كلِّ شيءٍ خِيَارُه، وهم نُخْبَةٌ السُّلطان من جُنْده.
وَقَالَ الأخطل:
ويَوْمَ شُرْطَةٍ قَيْسٍ إذْ مُنِيتُ بهم
حَنَّتْ مَثَاكِيلُ من أَيْفَاعهم تُكُدُ
وَقَالَ آخر:
حتَّى أَتَتْ شُرْطَةٌ للْمَوْت حَارِدَةٌ
وَقَالَ أَوْس:
فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَه وهُوَ مُعْصِمُ
أشْرَطَ نَفْسَه: اسْتَخَفِّ بِهَا وجعَلَها شَرَطاً، أَي شَيْئاً دُوناً خاطَرَ بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمرْو: أَشْرَطْتُ فلَانا لِعَمَلِ كَذَا، أَي يَسَّرْتُه وجعلتُه يَلِيه، فَهُوَ مُشَرط لَهُ أَي مُعَدٌّ لَهُ، وَأنْشد:
قَرَّبَ مِنْهَا كلّ قَرْم مُشرَطٍ
عَجَمْجَمٍ ذِي كِدْنَةٍ عَمَلَّط
قَالَ: وَقَول أَوْس (أشَرطَ فِيهَا نَفسه) أَي هَيَّأَهَا لهَذِهِ التَّبْعَة، وَيُقَال: رَجُلٌ شَرَط، ورِجَالٌ شَرَطٌ، إِذا كَانُوا دُوناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الشّرَطَان: كَوْكَبان يُقَال إنَّهُمَا قَرْنا الحَمَلِ وَهُوَ أوّل نجم من الرَّبيع، وَمن ذَلِك صَار أوائلُ كلِّ أمْرٍ يَقع أَشراطَه.
وَقَالَ العجاج:
مِنْ بَاكر الأشرَاطِ أَشراطِيُّ
أَرَادَ الشَّرَطَيْن.
قَالَ: وَإِذا عَجَّل الْإِنْسَان رَسُولا إِلَى أَمرٍ قيل: أَشرَطَهُ، وأَفْرَطَه، من الأشراطِ الَّتِي(11/212)
هِيَ أوائِلُ الْأَشْيَاء.
وَقَالَ: والشَّرَطُ من الْإِبِل مَا يُجلَبُ للْبيع نَحْو النَّابِ والدَّبِر، يُقَال: أفِي إبِلك شَرَطٌ؟ فَتَقول: لَا، وَلكنهَا لُبابٌ كلُّها.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشِّرْوَاطُ من الرِّجال الطَّوِيل وَأنْشد ابْن السّكيت:
يُلْحِنَ من ذِي زَجَلٍ شِروَاطِ
مُحْتَجِزٍ بَحَلقٍ شَمْطَاطِ
شِرواط: من نعت الْحَادِي.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَةٌ شرواط، وجَمَلٌ شِرْواط، أَي طَوِيلٌ فِيهِ دِقّة.
وَفِي الحَدِيث أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن شَرِيطَةِ الشَّيْطَان، وَهِي ذَبِيحَةٌ لَا تُفْرَى فِيهَا الأوْدَاجُ، أُخِذَ من شَرْط الْحَجّام.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، قَالَ: الشَّرِيطُ الْعَتِيدَةُ للنِّسَاء تَضَع فِيهَا طِيبَها وأداتَها، والشرِيطُ: الْعَيْبَةُ أَيْضا، وَأنْشد فِي العتيدة.
فَزَيْنُكَ فِي الشرِيطِ إِذَا الْتَقَينَا
وسَابِغَةٌ وذُ النُّونين زَينِي
والشُّرَطُ: حِبالٌ دِقاقٌ تُفتَل من اللِّيف والخُوْص، وَاحِدهَا شريطٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: مَنْ نَسَب إِلَى الشُّرْطَةِ قَالَ: شُرْطِيّ، ومَنْ نَسَبَ إِلَى الشُّرَط قَالَ: شُرَطِيَّ.
ابْن شُمَيْل: الشُّرُطُ حِبَالٌ دِقاق تُفْتَل من اللِّيف والخُوص. والشَّرَطُ: المسيلُ الصَّغير قدر عشرَة أذرُع، مثل شَرَطِ المالِ رُذالِها.
طرش: الطَّرَشُ: الصَّمَمُ، ورجُلٌ أُطْرُوشٌ، ورجالٌ طُرُشٌ.
ش ط ل
شلط: قَالَ اللَّيْث: شَلْطا السِّكين، بلُغة أهل الْجَوْف، قلت: لَا أَدْرِي مَا شَلْطَاه، وَمَا أرَاهُ عَرِبيّاً.
ش ط ن
شطن، نطش، نشط، شنط: مستعملة.
شطن: قَالَ اللَّيْث: الشَّطَنَ الْحَبْلُ الطَّوِيل الشّديد الْفَتْلِ يُسْتَقَى بِهِ ويُشَدُّ بِهِ الْخَيل، وَيُقَال للْفرس الْعَزِيز النّفس: إِنَّه لَيَنْزُو بَين شَطَنَيْن، يُضْرَبُ مثلا للْإنْسَان الأشِرِ الْقَوِيّ، وَذَلِكَ إِذا اسْتَعْصَى على صاحِبه، شَدَّهُ بحَبْلَين من جانِبين، وَهُوَ فَرَسٌ مَشْطون.
وَقَالَ ابْن السّكت: الشَّطْنُ مَصْدر شَطَنَهُ يَشْطِنُه، إِذا خَالفه عَن نِيّته وَوَجْهِه. والشَّطَنُ: الحَبْل الَّذِي يُشطَنُ بِهِ الدَّلْو قَالَ: والْمُشَاطِنُ: الَّذِي يَنْزِعُ الدَّلْوَ من البِئر بحَبْلَين.
وَقَالَ ذُو الرمة:
ونَشوانَ من طُول النُّعَاسِ كَأَنَّه
بحَبْلَين فِي مَشْطَونَةٍ يَتَطَوَّحُ
وَقَالَ الطرماح:(11/213)
أَخُو قَفَصٍ يَهْفُو كَأَنَّ سَرَاتَهُ
ورِجْلَيْهِ سَلْمٌ بَين حَبْلَيْ مُشاطِنِ
أَبُو عُبيد: نَوًى شَطُونُ: أَي بعيدةٌ شَاطَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: غَزْوَةٌ شَطُونٌ، أَي بَعيدَةٌ. وشَطَنَت الدَّارُ شُطُوناً، إِذا بَعُدَتْ.
وَقَالَ غَيره: أَلْيَةٌ شَطُونُ، إِذا كَانَتْ مَائِلَةً فِي شِقَ، وبِئْرٌ شَطُونٌ: مُلْتَوِيَةٌ عَوْجَاء، وحَرْبٌ شَطُونٌ: عَسِرَةٌ شَديدَة.
وَقَالَ الرَّاعِي:
لَنَا جُبَبٌ وأَرْمَاحٌ طِوَالُ
بِهِنَّ نُمَارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونَا
الأصمعيّ: رُمْحٌ شَطون، طَوِيلٌ أَعْوَج، وبِئْرٌ شَطُونٌ، بَعيدَة القَعْرِ فِي جِرَابِها عَوَج.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي إِسْحَاق الحربِيّ: وسُئل عَن معنى حَدِيث النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنّ الشَّمْس تَطْلُع بَين قَرْنَي شَيْطان، فَقَالَ: هَذَا مَثَل. يَقُول: حينَئِذٍ يَتَحَرك الشَّيْطَان فَيكون كالمُعِين لَهَا، وَكَذَلِكَ قَوْله: الشيْطان يَجْرِي من ابْن آدم مَجْرَى الدّم، إنّما هَذَا مثل، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ، لَا أَنْ يَدْخُلَ جَوْفَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْطَان فَيْعَالٌ من شَطَنَ، أَي بَعُدَ.
قَالَ: وَيُقَال: شَيْطَنَ الرَّجُل، وتَشَيْطَنَ، إِذا صَارَ كالشيْطان وفَعَل فِعلَه.
وَقَالَ رُؤْبة:
شَاقٍ لِبَغْيِ الكَلِبِ المُشَيْطِنِ
وَقَالَ غَيره: الشيْطان: فَعْلان، من شَاطَ يَشِيطُ، إِذا هَلَك واحْتَرَق، مثل هَيْمان وغَيْمان، من هام وغام.
قلت: وَالْأول أكبرُ، والدّليل على أَنه من شَطَنَ قَول أُمية بن أبي الصَّلت يذكر سُلَيْمَان النَّبِي:
أَيُّما شَاطِنٍ عَصاهُ عَكاهُ
أَرَادَ: أَيّمَا شَيْطَان.
وَقَالَ الله جَلَّ وعزَّ فِي صِفَة شَجرة تَنْبُت فِي النَّار: { (أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: 65) .
قَالَ الْفراء: فِي الشَّياطين فِي الْعَرَبيَّة ثَلاثةُ أَوْجه: أَحدهَا أَنه يُشبَّه طَلُعُ هَذِه الشَّجَرَة فِي قُبْحِه برُؤوس الشَّيَاطِين؛ لِأَنَّهَا مَوْصُوفَة بالقُبْح وَإِن كَانَت لَا تُرى، وَأَنت قَائِل للرِّجل إِذا اسْتَقْبَحْتَه: كَأَنَّهُ شَيْطَان، والوَجْهُ الآخر أَنَّ الْعَرَب تُسَمِّي بعض الحَيّات شَيْطَانا، وَهُوَ حَيَّةٌ ذُو عُرْفٍ قَبِيح المَنْظَر، وَأنْشد لرجل يذُمُّ امْرَأَة لَهُ:
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِين أحْلِفُ
كَمِثْل شَيطانِ الحِماطِ أعْرَفُ
وَيُقَال فِي وَجْه آخر: إنَّ الشَّيْطَان نَبْتٌ قَبِيح يُسَمَّى برؤوس الشَّيَاطِين. قَالَ: والأوْجُه الثَّلَاثَة تذْهب إِلَى معنى وَاحِد من القُبح.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: من السِّماتِ(11/214)
الفِرْتَاجُ، والصُّلَيْبُ، والشَّجَارُ والمُشَيْطَنَةُ.
شنط: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المشنَّط: الشِّواء، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الشُّنْط: اللُّحْمانُ المنْضَجَة.
نشط: قَالَ اللَّيْث: نَشِطَ الْإِنْسَان يَنْشَطُ ويَنْشِطُ نشاطاً، فَهُوَ نَشيط طيِّبُ النّفس للْعَمَل، والنَّعْت ناشِطُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أنشطْتُ الأُنشوطَةَ إنشاطاً، إِذا حَلَلْتَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: نَشَطْتَها: عَقَدْتَها، وأنشطَتها حَلَلتَها.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الأنشُوطَةُ لِلْعَقْد الّذي يُمَدُّ أحدُ طرفِي حَبْلِه فَيَنْحَلّ، والمُؤَرَّبُ الَّذِي لَا يَنْحَلّ إِذا مُدَّ حَتَّى يُحَلّ حَلاًّ.
قَالَ: ونَشَّطت العَقُد تَنشِيطاً، إِذا عَقَدْتَه بأُنشُوطَة.
قَالَ لَهُ شَمِر: قَالَ أَبُو عبد الرّحمان: قَالَ الأَخْفش: الحِمار يَنشِطُ من بَلَدٍ إِلَى بلد، والْهموم تَنشِطُ بِصاحِبها.
وَقَالَ هِمْيان:
أمْسَت هُمومي تَنْشِطُ الْمَناشِطَا
الشَّامَ بِي طَوْراً وطَوراً واسِطَا
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: النَّشِيطَةُ فِي الغَنيمة: مَا أصَاب الرَّئيسُ فِي الطَّريق قبل أنْ يَصِلَ إِلَى بَيْضَةِ الْقَوْم.
وَقَالَ ابْن عَنَمةَ الضَّبِّيّ:
لَكَ المِرْبَاعُ فِيهَا والصّفَايَا
وحُكْمُكَ والنَّشيطَةُ والفُضُولُ
وَيُقَال: نَشَطَتْهُ الأفْعى، إِذا نَهَشَتْهُ، وَيُقَال للنَّاقَة: حَسُنَ مَا نَشَطَتْ السّيْرَ، يَعْنِي سَدْوَ يَدَيْها، وَيُقَال: سَمِنَ فأنْشَطَه الكلأُ.
وَيُقَال: نَشطْتُ الدّلْوَ أَنشِطُها، وأَنشطُها نَشْطاً: نَزَعْتُها.
شمر، عَن أبي سَعِيد الهُجَيميّ: أنشطه الكلأُ، أَي سَمّنه، وأَحْكم خَلْقَه. وَيُقَال: سَمِنَ بأَنْشِطَة الْكلأ، أَي بِعُقَدتِه وإحكامه إِياه، وَكِلَاهُمَا من أُنشوطَةِ العُقْدَةِ.
وَقَالَ شمِر: انْتشط المالُ المَرْعَى، أَي انْتَزَعْتُه بالأسنان كالاختلاس.
يُقَال: نشطَتُ وانْتَشَطْتُ، أَي انْتَزَعتُ.
اللَّيْث: طريقٌ ناشِطٌ يَنشِطُ من الطَّرِيق الأعْظَم يَمْنةً أَو يَسْرَة، كَقَوْل حُميد:
مُعْتَزِماً للطُّرُق النَّوَاشِطِ
وَكَذَلِكَ النَّواشِطُ من المسَايِل، وَيُقَال: نَشَطَ بهم الطَّريق. والنَّاشِطُ فِي قَول الطّرمّاح هُوَ الطَّرِيق، قَالَ: والنشُوط: كلامٌ عِراقيّ، وَهُوَ سَمَكٌ يُمْقَرُ فِي ماءٍ وملح. وانتشطْتُ السَّمكةَ، إِذا قَشَرْتَها.
وَقَالَ رؤبة:
تَنشَّطَتْهُ كلُّ مِغْلاة الْوَهَقْ
يَقُول: تَنَاوَلَتْه وأَسْرَعت رَجْعَ يَدَيْها فِي سَيرها، قَالَ: والمِغْلاَة الْبَعيدة الخَطْو، والْوَهَق: المباراة فِي السَّير.(11/215)
وَقَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً} (النازعات: 2) .
روى عَن ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله: والنّازِعات والناشِطَات، هِيَ الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ الْفراء: هِيَ الملائكَةُ تَنْشِطُ نفسَ المؤْمِن وتَقبِضُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَشطْتُ الدَّلْوَ من الْبِئْر نشْطاً، وَهُوَ جَذْبُك الدَّلْوَ من الْبِئْر صُعُداً بِغَيْر قامَةٍ، فَإِذا كَانَ بِقَامَةٍ فَهُوَ المتْحُ، ونشَطَتْهُ الأفعى، إِذا عَضَّتْه، ونشَطَتْه شَعُوبُ نَشْطاً، وَهِي المَنِيّة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الناشطات الملائِكة، وتنشُط الأرْواح نشطاً أَي تَنْزِعُها نزعاً كَمَا ينْزع الدَّلو من الْبِئْر.
وَقَالَ الْفراء: نشَطْتُ الحَبْلَ، بِغَيْر ألف، إِذا رَبَطْتَه، وَأَنا نَاشِط، وَإِذا حَلَلْته فقد أَنشطته.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: يُقَال: بِئرٌ إنشاطٌ، بكَسر الْألف، وَهِي الَّتِي يَخرُج مِنْهَا الدَّلْو بجَذبَةٍ واحِدَة، وبئر نشوط، وَهِي الّتي لَا يخرج الدَّلْو مِنْهَا حَتَّى تَنشَط كثيرا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرِيض يُسْرِع بُرْؤُه، وللمَغِشيِّ عَلَيْهِ تُسْرِعُ إفَاقَتُه، وللمرسَلِ فِي أَمرٍ يُسْرِعُ فِيهِ عَزيمَته: كَأَنَّمَا أُنْشِطَ من عِقَال.
وَقَالَ أَبُو زَيد: رَجلٌ مُنْتَشِطٌ، من الانتشاط، ومُتَنشِّط، من التنشِيط، إِذا نزل عَن دابتهِ من طول الرُّكوب، وَلَا يُقَال ذَلِك لِلرَّاجل.
وَيُقَال: نشَّطتُ الإبلَ تَنشيطاً، إِذا كَانَت مَمْنوعة من الرَّعي فأرسلتها تَرْعَى، وَقَالُوا: أَصْلها من الأُنشوطة إِذا حُلَّتْ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
نشَّطها ذُو لِمَّةٍ لم تَقْمَلِ
صُلْبُ العَصَا جافٍ عَن التَّعَزُّلِ
أَي أرسلها إِلَى مَرْعاها بعد مَا شَرِبتْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّشُط نَاقِضُو الحبال فِي وَقت نَكْثِها لتُضْفَرَ ثانِيةً.
نطش: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: مَا بِهِ نَطِيش، أَي مَا بِهِ قُوَّة.
وَقَالَ رؤبة:
بَعْدَ اعْتماد الجَرزِ النّطِيش
ابْن السّكيت: يُقَال مَا بِهِ نَطِيشٌ، أَي مَا بِهِ حَرَاك.
ش ط ف
اسْتعْمل من وجوهه. طَفَش. شَطَفَ.
طفش: قَالَ اللَّيْث: الطَّفْشُ النِّكَاحُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَة التَّميمي:
قُلْتُ لَهَا وأُولِعَتْ بالنّمْشِ
هَل لكِ يَا حَلِيلَتِي فِي الطَّفشِ؟(11/216)
قَالَ: والطَّفَاشَاةُ المهزولة من الْغنم وَغَيرهَا.
شطف: الأصمعيّ فِيمَا رَوَى لَهُ أَبُو تُرَاب: شَطَفَ.
وشَطَبَ، إِذا ذَهَبَ وَتَبَاعَدَ، وَأنْشد:
أَحانَ مِنْ جِيرَتِنَا خُفُوفُ
وأَقلقتهُمْ نِيَّةٌ شَطُوف
وَفِي (النَّوادر) : رَمْيَةٌ شَاطِفَةٌ وشَاطِبَةٌ وشَاطِيَةٌ وصَايفةٌ، إِذا زَلّتْ عَن المَقْتَل.
ش ط ب
شطب، شَبَط، بَطَش: مستعملة.
شطب: قَالَ اللَّيْث: الشَّطْبُ، مَجْزومٌ: سَعَفُ النَّخْل الأخْضر، الْوَاحِدَة: شَطْبَة؛ وَلذَلِك قيل لِلْجَارِيَةِ الغَضَّةِ التَّارّة الطَّوِيلَةِ: شَطْبَة، وفَرْسٌ شَطْبَة.
وَفِي حَدِيث أُمِّ زرع: (ابْن أبي زَرْع كَمَسَلِّ شَطْبة) . قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد: الشَّطْبَةُ مَا شُطِبَ من جَريد النَّخْل، وَهُوَ سَعَفُه، شَبَّهَه بِتِلْكَ الشَّطْبَة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدَالِ شبَابِه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي إِسْحَاق الحربيّ أَنه قَالَ: أرادَت أَنه مَهْزولٌ كأنَّه سَعَفَةٌ فِي دِقَّتِها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد فِي قَوْلهَا: (كَمَسَلِّ شَطْبَة) : الشَّطْبَة السَّيْف، أَرادت أَنه كالسَّيف يُسَلُّ من غِمْده، كَمَا قَالَ:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيفِ لَا مُتَأَزِّفِ
وَيُقَال: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْقِ، لَيْسَ بطويل وَلَا بقَصير. ورجُلٌ مَشْطُوب ومُشَطَّبٌ، إِذا كَانَ طَوِيلاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّطائِبُ دون الكَرَانِيف، الْوَاحِدَة شَطِيبَة، والشَّطْبُ دون الشَّطائِب، الواحِدَةُ شَطْبَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الشّاطبة الَّتي تَعمل الحُصْرَ من الشَّطْبِ، وَيُقَال: شَطِبَتْ تَشْطِبُ شُطُوباً، وَهُوَ أَن تأخُذَ قِشْرَه الأعْلى، قَالَ: وتَشْطِبُ وتَلْحَى واحِد.
قَالَ: وَوَاحِد الشَّطْب شَطْبَة، وَهِي السَّعَفَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَقْشُر العَسِيبَ ثمَّ تُلْقِيه المُنَقِّية، فَتَأخُذ كل شَيْء عَلَيْهِ بِسِكِّينها، حتَّى تتركه رَقِيقاً، ثمَّ تُلْقِيه المُنَقِّيَةُ إِلَى الشَّاطِبةِ ثَانية، وَهُوَ يَقُول:
تذَرُّعُ خِرْصَانٍ بِأيْدِي الشَّواطِبِ
اللَّيْث: الشُّطْبَةُ طريقَةٌ من مَتْنِ السّيْف والجَميع (شُطَب) .
قَالَ: والشِّطْبَةُ لُغَة فِي الشُّطْبَة، وَكَانَ أَبُو الدُّقَيْشِ يُفَرِّقُ بَينهمَا، وَيَقُول: الشِّطْبَةُ قِطعة من سَنَام تُقَطَّع طُولاً، وكل قِطعة من ذَلِك أَيْضا تسمى شَطِيبَة. وَيُقَال: شَطَبْتُ الْأَدِيم والسّنَام، وَأَنا أَشْطِبُه شَطْباً، وكل قِطعة من أَدِيم يُقَدُّ طولا تُسمى شَطِيبَه، وَيُقَال للْفرس السّمين الَّذِي انْتَبَرَ مَتْنَاه،(11/217)
وتَبايَنَتْ غُرورُه: مَشْطُوب الْمَتْن والكَفَل.
قَالَ الجَعْدِيّ:
مِثْلُ هِمْيانِ العَذَارَى بَطْنُهُ
أبْلَقُ الحَقْوَيْنِ مَشْطوبُ الكَفَلْ
سَلمَة، عَن الفَراء، قَالَ: شُطَبُ السّيف، وشُطُبُه.
أَبُو نَصْر، عَن الأصْمَعِيّ، قَالَ: السّيفُ المشْطُوب: الَّذِي فِيهِ طرائِق، وَرُبمَا كَانَت مُرْتَفِعَة ومُنْحَدِرَة.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: شُطَبُ السَّنَامِ أنْ تُقَطِّعَه قِدَداً وَلَا تُفَصِّلها، واحِدُها شُطْبة، وَقَالُوا أَيْضا: شَطِيبَةٌ، وَجَمعهَا شَطائِب.
وَقَالَ ابْن شُميل: شُطْبَةُ السَّيف عَمُودُه النّاشِز فِي مَتْنِه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: الشَّطائب والشَّصَائب الشدائد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ابْن السِّكِّيت، عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، عَن يُوسُف بن بُهلول، عَن ابْن إِدْرِيس، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أَبِيه، قَالَ: حمل عامرُ بن ربيعَة على عامِر بن الطُّفيلِ فَطَعَنَهُ فَشَطَبَ الرُّمْحُ عَن مَقْتَلِه، أَي لم يَبْلُغْه.
وَقَالَ الأصمعيّ: شَطَبَ وشَطَفَ، إِذا عَدَل.
أَبُو عبيد: المنْشَطِبُ السّائِل.
بَطش: قَالَ اللَّيْث: البَطْشُ التَّناوُلُ عِنْد الصَّوْلَة، والأخْذُ الشَّديد فِي كلِّ شَيْء بَطْشٌ. وَقَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {للهوَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} (الشُّعَرَاء: 130) .
قَالَ الْكَلْبِيّ: مَعْنَاهُ تَقتُلون عِنْد الغَضَب. وَقَالَ غَيره: تَقتلون بالسَّوْط.
وَقَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفسير أنّ بَطْشَهُم كَانَ بالسَّوْط والسَّيف، وَإِنَّمَا أنكرَ الله ذَلِك؛ لِأَنَّهُ كَانَ ظُلماً، فأَمَّا فِي الْحق فالبَطشُ بالسّوط والسّيف جَائِز.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال بَطَشَ فلانٌ من الحُميّ إِذا أَفَاق مِنْهَا، وَهُوَ ضعِيف. وبَطَشَ يَبْطُشُ بَطْشاً.
شبط: قَالَ اللَّيْث: الشَّبُّوطُ والشُّبُّوطُ لُغَة، وَهُوَ ضرب من السّمك دَقِيق الذَّنَب، عَريضُ الْوَسَط، ليِّن المَمَسّ، صَغِير الرّأس كَأَنَّهُ بَرْبَط. وَإِنَّمَا يُشَبَّهُ البَرْبَطُ إِذا كَانَ ذَا طول لَيْسَ بِعَرِيض بالشَّبُّوط.
ش ط م
شمط. مشط. طمش: مستعملة.
طمش: أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال: مَا أَدْرِي أيّ الطَّمْش هُوَ؟ مَعْنَاهُ: أَي النَّاس هُوَ؟ قلت: وَقد اسْتُعْمِلَ غير مَنْفِيِّ الأول.
قَالَ رؤبة:
وَحْشٌ وَلَا طَمْشٌ من الطُّمُّوشِ
مشط: أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ، قَالَ: هُوَ المُشْط، والمُشُط، والمِشْط.(11/218)
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ولغة رَابِعَة المُشُطُّ، وَأنْشد:
قد كُنْتُ أَحْسَبُنِي غَنِيّاً عَنْكُم
إنّ الْغَنِيَّ عَن المشُطِّ الأقرعُ
وَقَالَ اللَّيْث: المِشْطة: ضرب من المَشْط، والمَشْطَةُ وَاحِدَة، والمشّاطَة: الْجَارِيَة الَّتِي تحسن المَشَاطَة. قَالَ: وضَربٌ من سِمَاتِ الْإِبِل، يُسمى المُشْط. يُقَال: بَعيرٌ مَمْشُوط. بِهِ سِمَةُ المُشْط.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُشْطُ: سُلامِيَات ظَهر القَدم، يُقَال: انْكَسَرَ مُشْطُ ظهر قَدَمَيْهِ، والمُشْط: نَبْتٌ صغيرٌ يُقَال لَهُ: مُشْطُ الذِّئب، مثل: جِرَاء القَثَد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: مَشِطت يَده تمشَطُ مَشَطاً، وَهُوَ أَن يمسّ الرجلُ الشَوْكَ والجِذْع فيدخُل مِنْهُ فِي يَده.
وروى ابْن السّكيت وَغَيره: مَشِظَتْ يَده بالظّاء، وهما لُغَتَانِ. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ الْخَيل: الممشوطُ الطَّويلُ الدَّقيق.
قَالَ: وَغَيره يَقُول: هُوَ الممْشوق. وَفِي الحَدِيث أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُبّ وجُعِلَ سِحْرُهُ فِي مُشْطٍ ومُشَاطَة. المشاطة: الشَّعر الَّذِي يَسْقُط من الرَّأْس واللّحية عِنْد التَّسريح بالمشط.
شمط: قَالَ اللَّيْث: الشَّمَطُ فِي الرجُل شَيْبُ اللِّحْية، وَلَا يُقَال للْمَرْأَة: شَيْبَاء شَمطاء. وَيُقَال للرجل: أَشْمَط.
والشُّمِيطُ من النَّبَات: مَا رَأَيْت بَعْضَه هائجاً وبَعْضَه أَخْضَر. وَقد يُقَال لبَعض الطَّير إِذا كَانَ فِي ذَنَبِه سَوَادٌ وبَياض: إنَّه لَشَمِيط الذُّنَابَى.
سَلَمة، عَن الْفراء، قَالَ: الشماطِيط والعَباديد، والشَعارير والأَبَابيل، كلُّ هَذَا لَا يُفْردُ لَهُ وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الشّماطِيط القِطَع الْمُتَفَرقُون. يُقَال: جَاءَت الْخَيْل شماطِيطَ أَيْ مُتَفَرقين وَاحِد شُمْطُوط وشِمْطاط، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
مُحْتَجِزٌ بخَلَقٍ شِمْطاط
أَي بخَلَقٍ قد تشَقَّقَ وتَقَطَّعَ.
الكسائيّ ذهب الْقَوْم شَمَاطِيطَ، وشماليلَ، إِذا تَفَرَّقُوا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشماليل مَا تفرّقَ من شُعَب الأغْصَان فِي رؤوسها مثل شماريخ العِذْق.
وَيُقَال للصُّبح: الشَّمِيطُ؛ لاختلاط بَيَاض النّهَار بِسواد اللَّيْل.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وأَطلعَ مِنْهُ اللِّياحَ الشَّميط
خُدودٌ، كَمَا سُلَّت الأَنْصُلِ
الأصمعيّ عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء، أَنه كَانَ يَقُول لأَصْحَابه: اشْمِطُوا، أَي خُوضوا مرَّةً فِي الشِّعر، وَمرَّة فِي الْغَرِيب، وَمرَّة فِي كَذَا.(11/219)
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشُّمْطانُ الرُّطَبُ المنَصَّف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشُّمطانَةُ الَّتِي يُرطِبُ جانِبٌ مِنْهَا وسائرها يابسٌ.
(أَبْوَاب الشين وَالدَّال)
ش د ت ش د ظ ش د ذ ش د ث
مهملات.
ش د ر
شرد، رشد، درش.
شرد: قَالَ ابْن المظفر: شَرَد البعيرُ يشرُدُ شِراداً، وَكَذَلِكَ الدّوابّ، وفرسٌ شَرودٌ وَهُوَ المسْتَعصِي على صَاحبه، وقافيةٌ شرود: عائرةٌ سائرة فِي الْبِلَاد، وَقَالَ الشَّاعِر:
شَرُودٌ إِذا الرّاءُونَ حَلُّوا عِقَالها
مُحَجَّلةٌ فِيهَا كلامٌ مُحَجَّلُ
وشرَدَ الْجمل شُروداً فَهُوَ شارد، فإِذا كَانَ مُشَرَّداً فَهُوَ شريدٌ طريد. وَتقول: أَشرَدْتُه، وأَطرَدْتُه؛ إِذا جعلته شَرِيدًا طريداً لَا يُؤْوَى.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} (الْأَنْفَال: 57) : يَقُول إنْ أَسَرْتَهم يَا مُحَمَّد فنكِّلْ بهم مَنْ خَلفَهم مِمَّن تخافُ نقْضَه لِلْعَهد؛ لَعَلَّهُم يَذّكرون فَلَا ينْقُضون الْعَهْد. وأَصل التشريد التَّطريد.
رشد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال رَشَد الْإِنْسَان يَرْشُدُ رُشداً ورَشاداً، وَهُوَ نقيض الغَيّ، ورَشِد يَرْشَدُ رَشَداً، وَهُوَ نقيض الضَّلالَ. إِذا أصابَ وَجْهَ الْأَمر وَالطَّرِيق فقد رَشِد، وَإِذا أرشدك إنسانٌ الطَّرِيق فَقل: لَا يَعْمَى عَلَيْك الرُّشد.
قلت: وَغير اللَّيْث يَجْعَلُ رَشَدَ يَرْشُدُ ورَشِدَ يَرشَدُ بِمَعْنى واحدٍ فِي الْغَيّ والضَّلال، ورجلٌ رشِيدٌ ورَاشِدٌ. والإرْشادُ الْهِدَايَة والدِّلالَة.
وَقَالَ الْفراء فِي (كتاب المصادر) : وُلِدَ فلانٌ لِغَيرِ رَشْدَةٍ، وَوُلِدَ لِغَيَّةٍ ولِزَنْيَةٍ كلّها بالْفَتح.
وَقَالَ الكسائيّ: ويَجُوزُ لِرِشْدَةَ ولِزنْيَةٍ، فأَمَّا غَيَّة فَهُوَ بالْفَتْح.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ لِرَشْدِةٍ ولِزَنْيَةٍ بفَتْح الرّاء والزّاي مِنْهُمَا، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث: وَأنْشد:
لذِي غَيَّةٍ من أُمِّه ولِرَشدةٍ
فَيَغْلِبُها فحلٌ على النَّسْلِ مُنْجِبُ
قَالَ: وَيُقَال: يَا رِشْدِينُ، بِمَعْنى يَا رَاشِد.
وَقَالَ ذُو الرمة:(11/220)
وكَائِنْ تَرَى مِنَ رشْدَةٍ فِي كَرِيهَةٍ
وَمن غَيِّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّراشِرُ
يَقُول: كم رُشْدٍ لَقيتَهُ فِيمَا تكْرَهُه، وَكم من غَيَ فِيمَا نُحبُّه ونهواه.
قلت: وأَهْلُ الْعرَاق يَقُولُونَ للْحُرْف: حَبّ الرَّشاد كأَنَّهم تَطَيَّرُوا من لَفظ الحُرْفِ، لأَنَّهُ حِرْمان، فَقَالُوا: حبُّ الرَّشاد، والرَّشادُ الحجرُ الَّذِي يَملأُ الكَفَّ، الواحِدَةُ رَشَادَة.
ش د ل مهمل
ش د ن
شَدَن، نَشَد، ندش، دشَنَ: (مستعملة) .
ندش: أهمل الليثُ نَدَشَ.
وروى أَبُو تُرَاب، عَن أبي الْوَازِع: نَدَفَ الْقطن ونَدَشَه، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ رُؤْبة:
فِي هِبْرِيَاتِ الكُرْسُفِ الْمَنْدوشِ
شدن: قَالَ اللَّيْث: شَدَنَ الصَّبِيُّ، والْخِشْفُ، فَهُوَ يَشْدُنُ شُدُوناً إِذا صَلُحَ جِسْمُه وتَرَعْرَع. وَيُقَال للمهر أَيْضا قد شَدَن، فَإِذا أفردت الشادن فَهُوَ وَلَدُ الظَّبْيَة، وظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ: يَتَبَعُهَا شَادِنٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشّادِنُ من أَوْلادِ الظِّباء الَّذِي قد قَوِيَ وطَلَع قَرْنَاه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: امرأَةٌ مَشْدُونٌ: وَهِي العاتِقُ من الجَوارِي.
دشن: قَالَ اللَّيْث: دَاشِنٌ مُعرَّب من الدَّشْنِ، وَهُوَ كلامَ عِراقِيّ لَيْسَ من كَلَام الْبَادِية.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدّاشِنُ والْبُرْكَةُ كِلَاهُمَا الدَّسْتَارَان، يُقَال بُرْكَةُ الطَّحَّان.
نَشد: قَالَ: اللَّيْث، يُقَال: نَشَدَ يَنْشُدُ فلانٌ فُلاناً، إِذا قَالَ: نَشَدّتُكَ بِاللَّه وَالرحم، وَتقول: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ نِشْدَةً ونِشْدانا، ونَشَدْتُ الضَّالَّةَ إِذا نادَيْتَ وسأَلْتَ عَنْهَا، والنَّاشدون قوم يَطْلُبون الضَّوالّ فيأخذونها ويحبسونها على أَرْبَابهَا.
وَقَالَ ابْن عرس:
عِشْرُونَ ألْفاً هَلَكُوا ضَيعَةً
وأَنْت مِنْهُم دَعْوةُ الناشِدِ
يَعْنِي قَوْله: أَيْنَ ذَهَبَ أهلُ الدّار؟ وَأَيْنَ انْتَوَوْ؟ كَمَا يَقُول صاحبُ الضَّالة: مَنْ أَصابَ؟ من أصَاب؟ فالنَّاشِد: الطَّالب، يُقَال مِنْهُ: نَشَدْتُ الضَّالةَ، أَنْشُدُها وأَنْشِدُها نَشداً ونِشْدَاناً، إِذا طلبتها، فأَنَا نَاشد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذِكْرِهِ حَرَمَ مَكَّةَ، فَقَالَ: (لَا يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلَا تَحِلُّ لَقَطتُها إِلا لِمُنْشِد) .
قَالَ أَبُو عبيد: المنشِد المعرِّفُ، قَالَ: والطالب هُوَ الناشد، يُقَال: نشدتُ. وَيُقَال: نشدت الضَّالة أَنشُدها نِشداناً: إِذا طلبتها، فَأَنا نَاشِد، وَمن التَّعْرِيف أنْشَدْتُهَا إنْشَاداً، فأَنا مُنْشِدٌ، قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّن لَك(11/221)
أَن النَّاشِدَ هُوَ الطَّالب، حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سَمِع رجُلاً يَنْشُدُ ضالَّته فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: (أيُّها النَّاشِدُ، غَيْرُكَ الْوَاجِدُ) .
قلت: وإنَّما قيل للطَّالب ناشِدٌ لِرَفْعِه صَوْتَهُ بالطَّلَب، والنَّشِيدُ: رَفْعُ الصَّوْت، وَكَذَلِكَ المُعَرِّف يرفعُ صوتُه بالتعريفِ فَسُمِّي مُنْشِداً، وَمن هَذَا إنشاد الشِّعْر، إِنَّمَا هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ.
وَقَول العَرب: نَشَدْتُكَ باللَّهِ والرَّحِمِ، مَعْنَاهُ: طلبت إليكَ بِاللَّه وبحقِّ الرَّحْم.
وأخبَرَني المنذريُّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: نشدْتك بِاللَّه، قَالَ: النشيدُ الصَّوْت، أَي سأَلْتُك باللَّهِ بِرَفْعِ نشيدي، أَي صَوْتِي بِطَلبِهَا، قَالَ: وَمِنْه نشدَ الشِّعْرَ، وأنشده، إِذا رَفَعَه.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْكسَائي: نَشدْتُ الدَّابَّةَ طَلبَتها، وأَنْشَدْتها عَرَّفْتها، قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: نَشَدْتُها، إِذا عَرَّفْتَها.
وَقَالَ أَبُو دُواد:
ويَصيخُ أَحْياناً كَمَا اس
تَمَعَ المُضِلُّ لصوتِ ناشِدْ
قَالَ: وَيُقَال للناشد إنّه المعَرِّف.
وَقَالَ شَمِر: رُوِي عَن المُفَضّل الضَّبِّيّ أَنه قَالَ: زَعَمُوا أنَّ امرأَة قَالَت لابنَتِها: احْفَظِي بَيْتَكِ مِمَّن لَا تَنْشُدِين، أَي ممَّن لَا تَعْرِفين.
وَأما معنى قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لُقَطَةِ مَكةَ: (وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلَّا لمُنْشِد) ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَرَّقَ بقوله هَذَا، بَين لُقَطَةِ الْحَرَمِ، وَبَين لُقَطَةِ سَائِر البُلدان؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الحُكم فِي لُقطَةِ سائِر الْبِلَاد أَنَّ مُلْتقِطَها إِذا عَرَّفَها سَنةً حَلَّ لَهُ الانْتفاعُ بهَا، وجَعَلَ لُقَطَة الحَرَمِ مَحْظُوراً على مُلْتَقطها الانْتِفَاعُ بهَا وَإِن طَال تعْرِيفُه لَهَا، وحَكَم أنَّهُ لَا يحِلُّ لأحَدٍ الْتَقَاطُها إِلَّا بنيّة تَعْرِيفهَا مَا عَاشَ، فأَمَّا أَن يأْخُذَها من مَكَانهَا وَهُوَ يَنْوي تَعْرِيفهَا سنة ثمَّ يَنْتَفِعُ بهَا كَمَا ينْتَفع بِسَائِر لْقَطَةِ الأَرْض فَلَا. وَهَذَا معنى مَا فسره عبد الرحمان بن مهْدي، وَأَبُو عُبيد، وأَهْل الْآثَار.
وأمل قَول أبي دُوَاد فَإِن أَبَا عُبَيد ذكر عَن الأصمعيّ، أَنَّ أَبا عَمرو بن الْعَلَاء كَانَ يَعْجَبُ من قَوْله:
كَمَا اسْتَمَعَ المُضِلُّ لِقوْل نَاشِدْ
قَالَ: وأَحْسِبُه قَالَ هُو أَو غَيره أَنه قَالَ: أَرَادَ بالنّاشد أَيْضا رجلا قد ضَلَّتْ دابَّته، فَهُوَ يَنْشُدُها أَي يَطلُبُها لَيَتَعزَّى بذلك.
قلت: وَأما ابنْ المظفر فَإِنَّهُ جعل النّاشد: المُعَرِّف فِي هَذَا الْبَيْت، قَالَ: وَهَذَا من عَجِيبِ كَلَامهم أَن يكون النَّاشدُ: الطّالِبُ والمُعَرِّفُ.
قَالَ: والنَّشيد: الشِّعْرُ المَتناشَدُ بَين الْقَوم، يُنْشِدُ بَعضهم بَعْضًا.(11/222)
ش د ف
اسْتعْمل من وجوهه: شدف فَقَط.
شدف: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الشُّدُوفُ الشُّخُوصُ، الْوَاحِد شَدَفٌ.
قَالَ الهُذلِيّ:
مُوَكَّلٌ بِشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها
من المَغَارِبِ مَخْطُوفُ الحَشازَرِمُ
قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: أَنه من مَخافَةِ الشُّخوص كأَنَّهُ مُوَكَّلٌ بِهَذَا الشّجر، يخافُ أَن يكون فِيهِ نَاس، وكلُّ مَا وَرَاءَك فَهُوَ مَغْرِبٌ، وَيُقَال: شَدِفَ الْفرس شَدَفاً، إِذا مَرِحَ، فَهُوَ شَدِفٌ أَشْدَفُ.
قَالَ العجاج:
بِذَاتِ لَوْثٍ أَوْ نُبَاجٍ أَشْدَفا
وَقَالَ الفَرّاء واللّحيانيّ: خرجنَا بِسُدْفَةٍ من اللَّيل، وشُدْفَةٍ، ويُفْتَحُ صُدُورُهما، وَهُوَ السّوَادُ الْبَاقِي.
قَالَ الْفراء: والسَّدَفُ، والشَّدَفُ: الظُّلْمَةُ.
وَقيل: فَرَسٌ أَشْدَف، وَهُوَ المايل فِي أحد شِقَّيه بَغياً ونَشاطاً.
وَقَالَ المرّار:
شُنْدُفٌ أَشدَفُ مَا وَرَّعْتَهُ
وَإِذا طُوطِيءَ طَيّار طِمِرْ
قَالَ: والشنْدُفُ مِثْلُ الأشْدَف، وَالنُّون زائِدَةٌ فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِلقِسِيّ الفارِسيَّة: شُدْفٌ، وَاحِدهَا شَدْفاء، وَهِي الْعَوْجَاء.
أَبُو عُبَيْدَة وَالْفراء: أسدَفَ اللّيْل، وأشدَف، إِذا أرْخَى سُتورَهُ وأظْلَم.
ش د ب
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهه: دبش.
دبش: قَالَ اللَّيْث: الدَّبْشُ القَشْرُ وَالْأكل، يُقَال: دُبِشت الأَرْض دَبشاً، أَي أُكِلَ مَا عَلَيْهَا من النَّبات.
وَقَالَ رؤبة فِي شينيته:
جاؤوا بأُخْراهُم على خُنْشوشِ
مِنْ مُهْوَئِنَ بالدَّبا مَدْبوشِ
ش د م
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهه: دمش. مدش.
مدش: يُقَال: مَا مَدَشْتُ مِنْهُ مَدْشاً ومُدُوشاً، وَمَا مَدشِني شَيْئا، وَمَا أمْدَشنِي، وَمَا مَدَّشتُهُ شَيْئا وَلَا مُدِّشتُ شَيْئا، أَي مَا أَعْطانِي وَلَا أَعْطَيته، وَهَذَا من نَوادِرٍ الْأَعْرَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: المَدَش: اسْتِرْخاءٌ ودِقَّةٌ فِي الْيَد، يُقَال: يَدٌ مَدْشاء، ونَاقَةٌ مَدْشَاءٌ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو: المَدْشَاءُ من النِّساء الَّتي لَا لَحْمَ على يَدَيْها.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المَدْش فِي الخَيْل هُوَ اصْطكاكُ بَواطِن الرُّصْغَين من شدّة الْفَدَع، والْفَدَعُ: الْتِوَاءُ الرُّصْغ من عُرْضِه(11/223)
الْوَحْشِي.
ابْن شُمَيْل: يُقَال: إِنَّه لأمْدَش الأصابِع، وَهُوَ المُنتَشرُ الأشاجِع، الرّخْو الْقَبْضَة.
وَقَالَ غَيره: نَاقَةٌ مَدْشَاءُ الْيَدَين سَرِيعة أوْ بِهما فِي حُسْنِ سَير، وَأنْشد:
ونازِحَةِ الجُولَيْن خاشعَةُ الصُّوَى
قَطَعْتُ بِمَدْشَاءِ الذِّراعَيْن ساهِم
وَقَالَ آخر:
يَتْبَعْنَ مَدْشَاءَ الْيَديْنِ قُلْقُلا
دمش: قَالَ: والدَّمَشُ الهَيَجَانُ والثّوَارنُ من حرارةٍ، أَو شُرْبِ دواءٍ ثَارَ إِلَى رَأْسِهِ.
يُقَال: دَمِشَ دَمَشاً. قلت: وَهَذَا عِنْدِي دَخِيلٌ أُعْرِبَ وَلَيْسَ من مَحْض كَلَام الْعَرَب.
(أَبْوَاب) الشين وَالتَّاء)
ش ت ظ ش ت ذ ش ت ث
أهملت وجوهها.
ش ت ر
اسْتعْمل مِنْهَا: شتر، ترش، تشر.
شتر: قَالَ اللَّيْث: الشَّتْرُ انقلابٌ فِي جَفن الْعين قَلَّ مَا يكون خِلْقة، والشَّتْرُ مُخَفِّفٌ: فِعْلُك بهَا، والنَّعت أَشْتر وشتْراء، وَقد شَتِرَ يَشتَرُ شَتَراً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شَتَرَ قطعَ، وشَتِر انقطَعَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الشترُ انقلاب شُفْرِ الْعَين من أَسْفل وأَعلى ويَتَشَنَّجُ شُفْرهُ تَشنُّجاً.
قلت: والشفْر حرف الْعين.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: شَتَّرْتُ بِهِ تشتِيراً، سمَّعَتُ بِهِ تسميعاً، ونَدَّدْتُ بِهِ تنديداً، كلُّ هَذَا إِذا أسمعَه القبيحَ وشَتَمَه. قلت: وَهَكَذَا قَالَ ابْن الأعرابيّ وَأَبُو عَمْرو: شَتَّرت بِالتَّاءِ، وَكَانَ شمر أنكَرَ التَّاء، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شنُرْتُ بِالتَّاءِ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شنرْتُ بالنُّون، وَأنْشد:
وباتَتْ تُوَقِّي الزَّوُجَ وَهِي حَرِيصةٌ
عَلَيْهِ وَلَكِن تَتَّقِي أَنْ تُشَنَّرا
قلت: جَعَله شَمِرُ من الشَّنَار، وَهُوَ العيْب، وَالتَّاء عِنْدِي صَحِيح أَيْضا.
تشر: قَالَ اللَّيْث: تِشرين اسْم شهر من شهور الخريف بالرومية.
قلت: هما تِشْرِينان: الأول وَالثَّانِي وبعدهما الكانُونَان.
ترش: ابْن دُرَيْد: التَّرَشُ خِفَّةٌ ونَزَقٌ، تَرِشَ يَتْرَشُ تَرَشاً، فَهُوَ تَرِش وتارِشٌ.
قلت: الترشُ مُنْكر لم يروه غيرُه.
ش ت ل
مهمل.
ش ت ن
شتن، نتش: (مستعملان) .(11/224)
شتن: قَالَ اللَّيْث: الشَّتْنُ النَّسْجُ، والشاتنُ والشَّتون الناسجُ.
يُقَال: شَتَنَ الشاتنُ الثَّوْب، أَي نسجه، وَهِي لُغَة هُذَليَّة، وَأنْشد:
نَسَجَتْ بهَا الزُّوَعَ الشَّتونَ سبائبَا
لمْ يَطْوِها كفُّ البِيَنْطِ المُجْفَلِ
قَالَ: والزُّوع العنكبوت، والمجفَل الْعَظِيم البطْن، والبِيَنْط الحائِك.
قلت: وَقَالَ ابْن الأعرابيُّ فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت كَمَا قَالَ اللَّيْث.
نتش: قَالَ اللَّيْث: النَّتْشُ إخراجُ الشوك بالمِنْتاش، وَهُوَ المنقاش الَّذِي يُنتَفُ بِهِ الشّعْر، والنَّتْشُ جَذْب اللَّحْم وَنَحْوه، قَرْصاً ونهشاً. وَيُقَال: أَنتش النباتُ وَهُوَ حِين يخرج رَأسه من الأَرْض قبل أَن يُعرَف، وأَنتشَ الحَبُّ، إِذا ابتلَّ فضرَبَ نَتَشَه فِي الأَرْض، بَعْدَمَا يبْدُو مِنْهُ أوَّل مَا يَنبُتُ من أَسْفَل وَفَوق، فَذَلِك النَّبَات النَّتَش.
قلت: الْعَرَب تَقول لِلْمِنقاش: مِنْتَاخٌ ومِنْتَاش.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: هُوَ يَكْدِشُ لِعياله، وينتِشُ ويعصِفُ ويصرِفُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأمويّ: مَا نتشّتُ مِنْهُ شَيْئا، أَي مَا أخذْت مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْفراء: النُّتَّاشُ النُّغّاش والعَيّارون، ونتشَه بالعصا نَتَشاتٍ.
ابْن شُميل، يُقَال: نَتَشَ الرجلُ بِرجلِهِ الحجرَ أَو الشَّيْء، إِذا دفعهُ بِرجلِهِ فنحَّاه نَتْشاً.
ش ت ف
فتش: قَالَ اللَّيْث: الفَتْشُ والتَّفتيش: طَلَبٌ فِي بحْثٍ.
وَقَالَ شمر: فتَّشْتُ شعرَ ذِي الرُّمَّة أطلُبُ بَيْتا.
ش ت ب
مهمل.
ش ت م
شمتَ، شتم، متش: (مستعملة) .
شتم: قَالَ اللَّيْث: شَتَمَ فلانٌ فلَانا شَتْماً. وأسَدٌ شَتِيمٌ، وحمارٌ شتيم، وَهُوَ الكريهُ الْوَجْه الْقَبِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّتْمُ: قبيحُ الْكَلَام، وَلَيْسَ فِيهِ قَذف، وَقَالَ: هُوَ يشْتِمُهُ ويَشْتُمُه، قَالَ: والمشتَمةُ والشَّتِيمَةُ: الشَّتْم.
وَأنْشد أَبُو عُبيد:
ليْسَت يمَشْتِمَةٍ تُعَدُّ وعَفْوُها
عَرَقُ السِّقاءِ على القَعُودِ اللاَّغِبِ
يَعْنِي: كلمة كرِهَها وإنْ لم تُعدّ شَتْماً؛ فإِنَّ العفْوَ عَنْهَا يَشتَدّ.(11/225)
شمت: قَالَ اللَّيْث: الشماتَةُ: فرحُ العدُوِّ ببِليّة تنزل بِمن يُعاديه؛ وَالْفِعْل مِنْهَا شمِتَ يشْمَتُ شماتةً، وأشَمَتهُ الله بِكَذَا وَكَذَا؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن هَارُون أَنه قَالَ لِأَخِيهِ: {فَلاَ تُشْمِتْ بِىَ الأَعْدَآءَ} (الْأَعْرَاف: 150) .
قَالَ الْفراء: هُوَ من أشمت، قَالَ: وحَدثني ابنُ عُيَيْنَة عَن رجلٍ عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ: (فَلَا تَشْمَت بِي الْأَعْدَاء) ، قَالَ الْفراء: وَلم نَسمعها من الْعَرَب.
فَقَالَ الكسائيّ: مَا أدْرِي لَعَلَّهُم أَرَادوا (فَلَا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاء) فَإِن تكن صَحِيحَة فلهَا نَظَائِر: العربُ تَقول: فَرِغْتُ وفَرَغْتُ، فَمن قَالَ: فَرِغْتُ قَالَ: أَفْرَغُ، وَمن قَالَ: فَرَغْتُ، قَالَ: أَفْرُغُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
فارْتاعَ من صَوْتِ كلاَّبٍ فَبَاتَ لَهُ
طَوْعَ الشَّوَامِتِ من خَوْفٍ وَمن صَرَدِ
قَالَ ابْن السّكيت: قَوْله: (طَوعُ الشَّوامِت) ، يَقُول: باتَ لَهُ مَا أَطاعَ شامِته من البرْد وَالْخَوْف، أَي بَات لَهُ مَا اشْتهَى شَوَامِتُه. قَالَ: وسُرُورها بِهِ: طَوْعُها، وَمن ذَلِك يُقَال: اللَّهُمَّ لَا تُطِيعَنَّ بِي شامِتاً، أَي لَا تفعل بِي مَا يُحبّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من رَفع (طوع) أَرَادَ: بَاتَ لَهُ مَا يُسِرُّ الشَّوامِت اللواتي شَمِتْن بِهِ. قَالَ: وَمن رَوَاهُ بالنَّصْب، أَرَادَ بالشَّوامت القوائِم، واسمُها الشَّوامت، الواحِدَةُ شَامِتة؛ يَقُول: فباتَ الثَّوْرُ طوعَ شَوامِته، أَي قوائمه، أَي بَات قَائِما.
روى أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة فِي تَفْسِيره نَحْواً مِنْهُ.
وَقَالَ: طَوْعُ الشَّوامِت، أَرَادَ بَات لَهُ مَا شَمِتَ بِهِ شماتة.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: شَمَّت العاطسَ وشَّمَته، إِذا دَعا لَهُ، وكل داعٍ لأحد بِخَير فَهُوَ مُشَمِّت لَهُ، قَالَ: والشِّين أَعلَى وَأفْشى فِي كَلَامهم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ابْن الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: الأَصْل فيهمَا السّين من السَّمْت، وَهُوَ الْقَصْدُ والهَدْي.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الاشْتِمَاتُ: أوَّلْ السِّمن، وأنشدنا:
أرَى إبلي بَعْدَ اشْتِمَاتٍ كأَنَّما
تُصِيتُ بِسَجْعٍ آخر اللَّيْلِ نِيبُهَا
قَالَ: وإبلٌ مشتَمِتة: إِذا كَانَت كَذَلِك.
وَيُقَال: خَرَج الْقَوْم فِي غزَاة فقفلوا شَماتَي، ومُتَشَمِّتين.
قَالَ: والتَّشَمّت: أَن يَرْجعوا خائبين لم يَغْنَموا.
وَقَالَ غَيره: كل دعاءٍ بِخَير فَهُوَ تَشْمِيتٌ، وَمِنْه تَشْميتُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة وعليّاً عَلَيْهِمَا السَّلَام حِين أدخلها عَلَيْهِ.(11/226)
متش: قَالَ ابْن دُرَيْد: المَتْشُ: تَفريقُك الشّيءَ بأَصَابعك، تَقول: متشت أَخْلَافَ النَّاقة بأَصابِعِي، إِذا احتَلَبَتهَا حَلْباً ضَعِيفاً.
قَالَ: والْمَتْش: سُوءُ الْبَصَر، رَجُلٌ أَمْتَش، وَامْرَأَة متْشَاء.
وَقَالَ أَيْضا: تَمَشْتُ الشّيْءَ تَمْشاً، إِذا جَمَعْتَه.
قلت: وَهَذَا مُنْكَرٌ جدّاً.
(أَبْوَاب) الشين والظاء)
ش ظ ذ ش ظ ث
أهملت وجوهها.
ش ظ ر
شظر: قرأتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: شِظْرَةٌ من الْجَبَل وشَظِيّةٌ، وَقَالُوا: شِنْظِيةٌ وشِنْظِيرَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشِّنْظِيرُ: الْفَحَّاشُ السّيّىءُ الخُلُق، وَالنُّون زَائِدَة.
ش ظ ل
مهمل.
ش ظ ن
شنظ، نشظ: (مستعملان) .
شنظ: قَالَ اللَّيْث: الشِّنَاظُ من نَعْتِ الْمَرْأَة، وَهُوَ اكْتِنَاز لَحمهَا، وَشَنَاظِي الْجَبَل: أَطْرَافه وأَعاليه، الْوَاحِدَة شُنْظُوَةٌ.
وَقَالَ الطرماح:
فِي شَنَاظِي أُقَنٍ بَيْنَها
عُرَّةُ الطَّيْرِ كَصَوْم النَّعَام
وروى أَبُو تُرَاب، عَن مُصعب الضِّبَابِيّ: امْرَأَة شِنْظِيانٌ بِنْظِيَانٌ، إِذا كَانَت سَيِّئَةَ الْخلق صَخَّابَة.
نشظ: قَالَ اللَّيْث: النُّشوظُ نَباتُ الشَّيءِ من أُرومَتِهِ أول مَا يَبْدو حِين يَصْدَعُ الأَرْض نَحْو مَا يَخْرُج من أصُول الحَاج.
قَالَ: وَالْفِعْل مِنْهُ نَشَظَ، وأنْشَد:
لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا نُشُوظُ
قَالَ اللَّيْث: والنَّشْظُ اللَّسْعُ فِي سُرْعَةٍ واخْتِلاَس.
قلت: هَذَا تصْحِيفُ مُنكَر، وصوابُه التَّشْظُ بالتَّاء، وَقد مَرَّ تَفْسِيره فِي بَابه، يُقَال: نَشَظَتْه الأَفْعَى نَشْظاً.
ش ظ ف
اسْتعْمل من وُجوهه: (شظف) .
شظف: قَالَ اللَّيْث: الشَّظَفُ يُبْسُ الْعَيش، وأَنْشَد:
وراجِي لينَ تَغْلبَ عَن شَظَافٍ
كَمُثَّدِنِ الصَّفا كَيْما يَلِينَا
والشَّظِيفُ من الشّجر، وَهُوَ الَّذِي لم يَجِدْ رِيَّهُ فَخَشُنَ وصَلُبَ من غير أَن تَذْهَب نُدُوَّتُه، والفِعْل شَظُفَ يَشْظُفُ شَظَافَةً.
وَيُقَال: أَرْضٌ شَظِفَةٌ، إِذا كَانَت خَشِنَةً يابسة.(11/227)
أَبُو عُبيد: الشَّظَفُ: الشِّدَّةُ.
وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
وأَصَبْتُ فِي شَظَفِ الأمورِ شِدَادَها
عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّظْفُ والْمَعْلُ أَنْ يُسَلَّ خُصْيَا الكَبْش سَلاًّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشِّظْفَةُ والنِّحاشة مَا احْتَرَقَ من الخُبْز، والشَّظْفُ شِقَّةُ الْعَصا، وَأنْشد:
كَبْداءُ مِثْلُ الشَّظْفِ أَوْ شَرُّ العِصِي
ش ظ ب
مهمَل.
ش ظ م
شظم، شمظ، مشظ.
شظم: أَبُو عبيد وَغَيره: الشَّظْمُ والشَّيْظَمَةُ الطَّويل، والطّويل من الْخَيل.
وَقَالَ عنترة:
من بَين شَيْظَمَةٍ وأَجْرَدَ شَيْظمِ
وَرجل شَيْظَمٌ وشَيْظَميٌّ من رجال شَياظِمة، وَقيل: الشيْظَمُ من الرِّجَال: الطَّلْقُ الْوَجْه الهش، الَّذِي لَا انْقِباض فِيهِ.
مشظ: قَالَ اللَّيْث: الْمَشظُ: أَن يَمَس الشوْكَ أَو الْجِذْعَ فَيدْخل مِنْه فِي يَده، يُقَال: مَشظَت يَده تَمْشُظ مَشظاً.
وَقَالَ ابنُ السّكيت نحوَه، وأَنشدَ قَول سُحَيم بنُ وَثِيل:
وإنَّ قَناتَنَا مَشِظٌ شَظَاهَا
شَدِيدٌ مَدُّهَا عُنُقَ الْقَرينِ
وَقَالَ جرير:
مِشاظُ قَناةٍ دَرْؤُهَا لَمْ يُقَوَّمِ
وَكَانَ شمر يَقُول: مَشَظَتْ يَدُه، بالظَّاء، وينكر مَشِظَتْ، وهما عِنْدِي لُغَتَانِ رَوَاهُمَا أَبُو الْهَيْثَم وَغَيره. وَرَوَاهُ المِسْعَريُّ، عَن أبي عُبيد. بِالطَّاءِ: وَيُقَال: شظَاة مَشِظَّةٌ، إِذا كَانَت حَديدة صُلْبة، تُمْشظُ بهَا يدُ من تنَاولهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وكَلّ فَتَى أَخِي هَيْجَا شُجاعٍ
على خَيْفَانَةٍ مَشِظٍ شَظَاها
شمظ: شَمْظَة: اسْم مَوْضع فِي شِعْرِ حُميد ابْن ثَوْر:
كَمَا انْقَبَضَتْ كَدْرَاء تَسْفِي فِراخَها
بشمْظَةَ رِفْهاً والْمِياهُ شُعوبُ
وَقَالَ ابْن دُريد: الشمْظُ: الْمَنْع، شَمَظْتُه من كَذَا، أَي مَنَعْتُه.
وَأنْشد:
سَتَشمَظُكُمْ من بَطْنِ وَجَ سُيوفُنا
ويُصْبحُ مِنْكُم بَطْنُ جِلْذَان مُقْفِرَا
(أَبْوَاب) الشين والذال)
ش ذ ث
مهمل.(11/228)
ش ذ ر
اسْتعْمل مِنْهُ: شذر.
شذر: قَالَ اللَّيْث: الشَّذْرُ: قِطَعٌ من ذَهَبٍ، الْوَاحِدَة شَذْرَةٌ، تُلْقَطُ من الْمَعْدن من غير إذَابَة الحِجَارة، وَمِمَّا يُصاغُ من الذّهب فرائد يْفَصَّل بهَا اللُّؤلؤ والجَوْهر.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّذْرُ: خَرَزٌ يُفَصَّلُ بِهِ النّظم، وَأنْشد:
شَذْرَةَ وَادٍ ورَأَيْتُ الزُّهَرَهْ
وَقَالَ شمر: الشَّذْرُ هَناتٌ كَأَنَّهَا رُؤُوس النَّمْل من الذّهب، يُجْعَلُ فِي الخَوْق.
وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ سُلَيْمَان بن صُرَد قَالَ: بَلغنِي عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ: (ذَرْوٌ من قَوْلٍ تَشَذّرَ لِي بِهِ من شتْمٍ وإيعاد) .
قَالَ أَبُو عُبيد: والتَّشَذُّرُ التَّوَعُّدُ والتّهَدُّد.
وَقَالَ لبيد:
غُلْبٌ تَشَذّرُ بالذُّحُل كأَنَّها
جِنُّ البَدِيِّ رَواسِياً أَقْدامُها
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: تَشَذَّرَ فلانٌ وتَقَتَّرَ، إِذا تَشَمَّر وتَهَيَّأَ للحملة، وَقَالَ: شَذّرَ بِهِ، وشَتَّر بِهِ، إِذا سَمَّع بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التّشذُّر، من النشاط والتَّسَرُّع إِلَى الْأَمر.
يُقَال: للْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا تَصَاوَلُوا: تَشَذّرُوا، وتَشذّرَت النَّاقة، إِذا رَأَتْ رِعْياً يَسرُّها فحركت رَأسهَا مَرَحاً وفَرَحاً.
وَقَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ الكسائيّ: التَّشَذُّرُ بِالثَّوْبِ: هُوَ الاسْتِثْفَارُ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ العدبَّسُ الكِنَانيّ: الشّوْذَرُ: الإتْبُ.
وَأنْشد:
مْنْفَرِجٌ عَن جانبَيْه الشَّوْذَرُ
وَقَالَ الْفراء: الشَّوْذَرُ: هُوَ الَّذِي تلبسه الْمَرْأَة تَحت ثَوبها.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْذَرُ: ثوب تَخَبَّأُ بِهِ المرأةُ وَالْجَارِيَة إِلَى طرف عَضُدِها.
ش ذ ل ش ذ ن ش ذ ف
أهملت وجوهها.
ش ذ ب
اسْتعْمل من وجوهها: شذب.
شذب: أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعيّ، قَالَ: الشَّذَبُ: قِطَعُ السَّجَر، الْوَاحِدَة شَذَبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَبُ: قِشْرُ الشَّجر، والشذْبُ: المَصْدَر، وَالْفِعْل يَشذِبُ، وَهُوَ القطعُ من الشّجر. وكل شَيْء من نُحِّيَ عَن شَيْء، فقد شُذِبَ عَنهُ.
نَشذِبُ عَن خِنْدِفَ حتّى تَرضَى
أَي تَدْفع العِدا.
وَقَالَ رُؤبة:
يَشذِبُ أُولاهُنَّ عَن ذاتِ النَّهَقْ
أَي يَطْرُدْ.(11/229)
قَالَ: والشذَبُ: متاعُ الْبَيْت من القُماش وَغَيره.
والشوْذَب: الطَّوِيل النّجِيب من كلِّ شَيْء، وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ أطولَ من المربرع، وأقْصرَ من المُشذَّب.
قَالَ أَبُو عبيد: المشذَّبُ: المُفْرِطُ فِي الطُّول، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كل شيءُ.
قَالَ جرير:
أَلْوى بهَا شَذِبُ الْعُروق مُشذّبٌ
فَكَأَنَّمَا وكَنَتْ على طِرْبَالِ
وَقَالَ شمر: شَذَبْتُهُ أَشذِبُهُ شذْباً، وشلَلْته شلاّ، وشذَّبْته تَشذِيباً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بُرَيْقٌ الْهُذَليّ:
يُشذِّبُ بالسَّيْفِ أَقْرانَهُ
إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمّةِ الْغَيْلَمُ
والشذَبُ: الْقُشورُ والْعِيدان المُتَفَرِّقة.
ش ذ م
اسْتعْمل مِنْهُ: شمذ، شذم.
شذم: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للنّاقة الْفَتِيّة السَّريعة: شملَّةٌ وشملاَلٌ: وشيْذُمانَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْمُذَان والشَّيْذُمَان من أَسمَاء الذّئب.
وَقَالَ الطِّرماح:
عَلَى حَوْلاَءَ يَطْفُو السُّخْدُ فِيهَا
فَراهَا الشَّيْذمانُ عَن الْخَبِير
شمذ: قَالَ اللَّيْث: الشَّمْذُ رَفْعُ الذّنَب، نُوق شَوامِذ، والعَقْربُ شَامِذٌ أَيْضا.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف نَاقَة:
على كلِّ صَهْبَاءً الْعَثَانين شامِذٍ
جُمَالِيّةٍ فِي رَأسهَا شطْنانِ
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للنّخيل إِذا أُبِّرَتْ: قد شمذَتْ، وَهِي نَخيل شوامِذ.
وَقَالَ لبيد:
غُلْبٌ شَوامِذُ لم يَدْخُلْ بهَا الحَصْرَ
وَقَالَ شمر: يُقَال: شَمِّرْ إزَارَكَ، أَي ارْفَعْه، وَرجل شَمذَانٌ، يرفع إزَارَهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ.
(أَبْوَاب) الشين والثاء)
ش ث ر
اسْتعْمل من وجوهه: شرث.
شرث: قَالَ اللَّيْث: الشَّرَثُ غِلَظُ ظَهر الكَفّ من بَرْدِ الشتَاء؛ وَقد شَرِثَتْ يَدُه تشرَث.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَيْفٌ شَرِثٌ. وَقَالَ طَلْقُ بنُ عَديّ فِي رجل طَرد نعَامَة على فَرسه:
يَحْلِفُ لَا تَسْبِقه فَمَا حَنثْ
حَتَّى تَلافاها بمَطْرُورٍ شَرِثْ
أَي بِسِنَانٍ مَطْرورٍ، أَي حَدِيد.
ابْن الأعرابيّ: الشرِثُ الْمُخْلِقُ من كلِّ شَيْء.(11/230)
ش ث ل
شثل: ابْن السّكيت: الشثْلُ لغةٌ فِي الشثْن وَقد شثَل شثُولَةً.
ش ث ن
شثن: قَالَ ابْن السّكيت: وشثَنَ شثُونَةً، إِذا غَلُظَ. أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: رجل مَكْبُونُ الأصَابع، مثل الشثْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشثْن: الرّجُلُ الَّذِي فِي أَنامِله غِلَظٌ، وَالْفِعْل شثُنَ، وشثِنَ شَثَناً وشثُونَةً.
قلت: وَفِيه لُغَة ثَالِثَة: شنِثَ شنَثاً، فَهُوَ شنِثٌ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: إِذا أكل الْبَعِير الشوك فَغَلُظَت مَشافِره، قيل: شَنِثتْ مَشافِرُه، فَهُوَ شنِثٌ.
ش ث ف
مهمل.
ش ث ب
شبث، ثبش: (مستعملان) .
ثبش: ثُباش من أَسماء الْعَرَب مَعْروف، وَكَأَنَّهُ مَقْلوب شُبَاث.
شبث: وَقَالَ أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشبَثُ: دُوَيْبَةٌ كَثِيرَة الأرجل عَظِيمَة الرَّأْس، وجَمعه شِبْثانٌ، وَأنْشد غَيره:
مَشارِبُ شِبْثانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشبَثُ: الْعَنْكَبُوتُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ ذُوَيْبَّةٌ تكون فِي الأَرْض، تُخَرِّب الأَرْض وَتَكون عِنْد النُّدُوَّةِ، والجميع الشِّبْثانُ.
قَالَ: والتّشَبُّثُ: اللُّزومُ وشدّة الأَخْذِ، ورجُلٌ شُبَثَةٌ ضُبَثَةٌ، وَإِذا كَانَ ملازماً لِقِرْنِه لَا يُفَارِقه.
قلت: وأمّا البَقْلَةُ الَّتِي يُقَال لَهَا الشِّبِثُ فمُعرْبة، ورَأَيْتُ البَحْرانِيِّين يُسمونها سِبِثٌ بالسِّينِ، والتَّاء، قلبوا الشين سِيناً والذّالَ تَاء، وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ يُقَال لَهَا شوِذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة.
(أَبْوَاب) الشين والرّاء)
ش ر ل
مهمل.
ش ر ن
شنر، شرن، نشر، رشن.
نشر: قَالَ الله جلَّ وعَزَّ: {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} (الْبَقَرَة: 259) ، قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس (نُنشِرُها) ، وَقَرَأَ الْحسن: (نَنْشرُها) .
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنشرَ اللَّهُ الميِّتَ ونَشرَهُ، فنشر الميِّتُ لَا غير.
وَقَالَ الْفراء: من قَرَأَهَا (كَيفَ نُنشْرُها) بِضَم النُّون، فإنشارها إحْياؤُها. واحْتَجَّ(11/231)
ابْن عَبَّاس بقوله: {فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَآءَ} (عبس: 22) .
قَالَ: وَمن قَرَأَهَا (نَنْشرها) فكأَنه يَذْهَب إِلَى النشرِ والطّيّ، وَالْوَجْه أَن يُقَال: أنشرَ اللَّهُ الموْتى فنَشروا هم إِذا حَيُوا، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
حَتَّى يَقولَ النّاس مَا رَأَوْا
يَا عَجَباً لِلميِّت النّاشرِ
قَالَ: وسمِعْت بعضَ بني الْحَارِث يَقُول: كانَ بِهِ جَرَبٌ فنُشر، إِذا عادَ وحَيِيَ.
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: نَشَرَهُمُ الله أَي، بَعَثهم، كَمَا قَالَ الله: {رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ} (الْملك: 15) . وَقَالَ جلّ وعزَّ: {وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} (الْأَعْرَاف: 57) وقرىء (نُشُراً) و (نُشْراً) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: من قَرَأَ (نَشْراً) فَمَعْنَاه إحْياء بنشر السَّحاب الَّذِي فِيهِ حَياةُ كلِّ شَيْء، وَمن قَرَأَ: (نُشْراً) و (نُشُراً) ، فَهُوَ جمع نَشور، مثل: رَسُول، ورُسُل ورُسْل.
وَقَالَ فِي قَوْله: {عَصْفاً والنَّاشِرَاتِ نَشْراً} (المرسلات: 3) هِيَ الرِّياح تَأْتِي بالمَطَر.
الحَرانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت: النَّشْرُ أَن يَخْرُجَ النَّبْتُ يُبْطِيءُ عَنهُ الْمَطَر فيَيْبَس ثمَّ يُصِيبُه مطرٌ بعدَ الْيُبْس، فينْبُت، وَهُوَ ردِيء للغَنم وَالْإِبِل فِي أول مَا يَظْهر.
قَالَ: مصدر نَشرْتُ الثوبَ أَنْشُرُه نَشْراً، ومصدر نَشَرْتُ الخَشَبَةَ بالمنْشار أنشرُها نَشْراً، والنّشْرَ: أَنْ تَنْتَشرَ الغَنمُ باللَّيل فَتَرْعَى.
وَأَخْبرنِي المنذريّ: عَن أبي الْهَيْثَم، عَن نُصَير الرَّازِيّ، قَالَ: النّشرُ: أَن تَرْعَى الْإِبِل بَقْلاً قد أَصابه صَيْفُ، وَهُوَ يَضُرُّها.
وَيُقَال: اتّقِ على إبِلِك النَّشْر. وَيُقَال: أصابَها النَّشَر، أَي دَوِيَتْ عَن النَّشر.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: النَّشْرُ: الرِّيح.
وَقَالَ اللَّيْث: النّشْرُ نَشرُ الرِّيح الطّيبة. وَفِي الحَدِيث: خَرَجَ مُعَاوِيَة ونَشْرُه أمامَه، يَعْنِي رِيحَ المِسْك.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: النَّشْرُ: ريحُ فَمِ الْمَرْأَة وأَنْفِها وأَعْطافها بعد النّوم، وَأنْشد غَيره:
ورَيحَ الْخُزَامَى ونَشْرَ الْقُطُرْ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشْرُ: الْكَلأُ يَهيجُ أَعْلاه، وأَسْفَله نَدٍ أَخْضَر، تَدْوَى مِنْهُ الإبِلُ إذَا رَعَتْه، وَأنْشد:
وَفِينَا وَإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضَاغُنٌ
كَمَا طَرَّ أَوْبَارُ الجِرابِ على النَّشِر
قلت: وَقَالَ غَيره: النَّشْرُ فِي هَذَا الْبَيْت نَشْر الجَرَبِ بعد خَفَائِهِ ونَبَاتِ الْوَبَرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّواب.
يُقَال: نشَرَ الجَرَبُ يَنْشُرُ نَشْراً ونُشُوراً، إِذا حَيِيَ بَعد ذَهابِه.
وَيُقَال: جاءَ الجيشُ نَشَراً، أَي مُتَفَرِّقِين.(11/232)
وضَمَّ اللَّهُ نَشَرَكَ، أَي مَا انْتَشَر من أَمْرِك كَقَوْلِهِم: لَمَّ اللَّهُ شَعَثَك.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: نَشَرُ الماءِ: مَا تَطاير مِنْهُ عِنْد الوُضوء. وَسَأَلَ رجلٌ الْحسن عَن انْتِضَاحِ الماءِ فِي إنَائِه إِذا تَوَضَّأَ، فَقَالَ: وَيْلَكَ أَتَمْلِكُ نَشَرَ الْماء، يَعْنِي مَا يَنْتَشرُ مِنْهُ، كلُّ هَذَا مُحَرَّك الشين مثلُ نَشَرِ الْغَنَمِ وانْتَشَرَ ذَكَرُه إِذا قَامَ، وانتشار عَصَبِ الدَّابَّةِ فِي يدِه: أَنْ يُصِيبَه عَنَتٌ فَيَزُولَ الْعَصَبُ عَن مَوْضعه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الانتِشَار: انْتِفَاخٌ فِي العصب للإِتْعاب.
قَالَ: والعَصَبَةُ الَّتِي تَنْتَشِرُ هِيَ العُجَابَة. قَالَ: وتَحَرُّكُ الشَّظَى كانْتِشَارِ الْعَصَب غير أنَّ الْفرس لانْتِشَارِ العَصَب أشَدُّ احْتمالاً مِنْهُ لتحريك الشَّظى.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمرو والأصمعيّ: النَّواشِرُ والرَّوَاهِسُ: عُروق باطِنِ الذِّراع.
وَقَالَ زُهَيْر:
مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعربيّ: امْرَأَة مَنْشُورَةٌ ومَشْبورَةٌ، إِذا كَانَت سَخِيَّةً كَريمة.
قَالَ: وَمن المنشُورَة قَوْله: (نشراً بَين يَدي رَحمته) (الْأَعْرَاف: 57) . أَي سخاء وكرامة.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّشْرَةُ: عِلاجُ رُقْيَةٍ يُعالج بهَا المَجْنُون، يُنَشَّرُ بهَا عَنهُ تَنشِيراً، ورُبَّما قَالُوا للْإنْسَان المهزول الْهَالِك، كأنَّهُ نُشْرَة، والتّناشِيرُ: كتابَةَ الغِلمان فِي الكُتّاب، والمنْشُور من كُتُب السُّلْطَان: مَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُوم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: النَّشْرُ نَبَاتُ الوَبَرِ على الجَرَبِ بعد مَا يَبْرَأُ. والنَّشْرُ: نَفَيانُ الطّهُور. والنَّشْرُ: الحيَاة. والنَّشْرُ: الرِّيجُ الطّيَّبَةُ.
شرن: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّرْنُ: الشَّقُّ فِي الصَّخْرَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي الصَّخْرَة شَرْمٌ وشَرْنٌ وثَتٌّ وفَتٌّ وشِيقٌ وشِرْيَانُ، وَقد شَرِنَ وشَرِمَ، إِذا انْشَقّ.
شنر: أَبُو عُبيد: الشَّنَارُ: العارُ والعَيْب.
اللَّيْث: رجل شِرِّيرٌ شِنِّيرٌ، إِذا كَانَ كثِيرَ الشَرِّ والْعُيُوبِ، وشَنَّرْتُ بالرَّجل تَشْنِيراً، إِذا سَمَّعْتَ بِهِ وفَضَحْتَه.
وَقَالَ شَمِر: الشَّنَارُ: الأَمْرُ الْمَشْهُور بالقُبْح والشُّنْعَةِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّمْرَةُ: مِشْيَةُ الْعَيَّار، والشَّنْرَةُ: مِشْيَةُ الرَّجل الصَّالح المشَمِّر.
وَقَالَ اللّحيانيّ: رَجُلٌ شِنِّيرٌ: شِرِّير.
رشن: أَبُو زَيْد: رَشَنَ الرَّجُل يَرْشُنُ رُشُوناً فَهُوَ راشِنٌ، وَهُوَ الَّذِي يَتَعَهَّدُ مواقِيتَ(11/233)
طعامِ الْنَوم فيَغتَرُّهُم اغْتِراراً، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الطّفَيْليّ.
وَيُقَال للكلب إِذا وَلَغَ فِي الإِناء: قَدْ رَشَنَ رُشُوناً، وَأنْشد:
لَيْسَ بِقَصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ
عِنْد البُيُوتِ راسِنٍ مِقَمِّ
عَمْرو عَن أَبِيه: الرَّفيفُ: الرَّوْشَنُ، قلت: هُوَ الرَّفُّ.
ش ر ف
شرف، شفر، رشف، رفش، فرش: مستعملة.
شرف: رُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا ذِئْبَان عَادِيَان أَصَابَا فَرِيقَةَ غَنَمٍ بأَفْسَدَ فِيها من حُبِّ المَرءِ الْمالَ والشَّرَفَ لدِينِه) ، يُرِيد أنَّه يَتَشَرَّفُ فيجمعُ المَال لُيبارِيَ بِه ذَوي الأَمْوال وَلَا يُبَالي أَجَمَعَهُ من حَلالٍ أَوْ حرَام.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشّرَفُ والمَجْدُ لَا يكونَانِ إِلَّا بِالْآبَاءِ، يُقَال: رَجُلٌ شَريف، وَرجل ماجِدٌ: لَهُ آبَاء مُتَقَدِّمون فِي الشَّرف.
قَالَ: والْحَسَبُ والكَرَم يكونَانِ فِي الرَّجل وإنْ لم يكن لَهُ آبَاء لَهُم شَرَف.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّرَفُ مصدرُ الشَّريف من النّاس، وَالْفِعْل شَرُفَ يَشْرفُ، وقَوْمٌ أشْراف، مثل شَهِيد وأَشْهاد ونَصير وأَنْصَار. وشَرَفُ الْبَعير: سَنَامُه. وَقَالَ الشَّاعِر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مجدُولُ
والشَّرَفُ: مَا أَشْرَفَ من الأَرْض. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الْعُمَرِيّةُ ثِيابٌ مصْبُوغَةٌ بالشرَفِ، وَهُوَ طِينٌ أَحْمر، وثَوْبٌ مُشرَّفٌ: مَصْبوغٌ بالشرَفِ.
أَلاَ لَا تَغُرَّنَّ أمْراً عُمَرِيةٌ
عَلَى غَمْلَجٍ طَالَتْ وَتَمَّ قَوَامُها
قَالَ: وَيُقَال: شَرْفٌ وشَرَفٌ، لِلمغَرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشرَفُ: شَجرٌ لَهُ صِبْغٌ أَحْمر يُقَال لَهُ الدَّارْبَرْنَيان.
قلت: والقولُ مَا قالَ ابنُ الأعرابيّ فِي تَفْسير الشرَف.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمشرَفُ: المكانُ الَّذِي تُشرِفُ عَلَيْهِ وتَعْلُوه، قَالَ: ومَشارِفُ الأَرْض: أعالِيها، وَلذَلِك قيل: مَشَارِفُ الشَّام.
أَبُو عبيد، عَن الأصْمعيّ: السُّيوفُ الْمشرَفيّةُ، منسوبةٌ إِلَى مشارِف، وَهِي قُرى من أَرْض العَرب تَدْنو من الرِّيف.
وَقَالَ اللَّيث: الشُّرْفَة: الَّتِي تُشرَّفُ بهَا القُصُور وَجَمعهَا شُرَف. والشرَفُ: الإشفاءَ على حَظَرٍ من خَيْرٍ أَو شرِّ، يُقَال هُوَ عَلَى شَرَفٍ من كَذا، وأَشرَفَ المريضُ وأَشفَى على الموْت. وَيُقَال: سارُوا إِلَيْهِم حَتَّى شَارَفُوهُم، أَي أَشرَفوا عَلَيْهِم.(11/234)
أَبُو عبيد: عَن الْفراء: أَشرَفْتُ الشيءَ: عَلَوْتُه. وأَشرَفْتُ على الشَّيْء، إِذا طّلَعْتَ عَلَيْهِ من فَوْقِه. وَيُقَال: مَا يُشرِفُ لَهُ شَيءٌ إلاَّ أَخَذَه. وَمَا يُطِفُّ لَهُ شَيْءٌ. وَمَا يُوهِفُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَخَذَه.
وَفِي حَدِيث عليّ: (أُمِرْنَا فِي الأضَاحي أَن نَسْتَشْرِفَ العينَ والأذُن) .
أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ: اسْتَشْرَفْتُ الشَّيءَ، واسْتَكْفَفتُه، كِلَاهُمَا أَن تَضَعَ يدَك على حاجبك كَالَّذي يَسْتَظِلّ من الشَّمْس حَتَّى يَستبينَ الشَّيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: اسْتَشْرَفْتُ إبِلَهُم، إِذا تَعَيَّنْتَها لتُصيبَها بِالْعينِ. وَمعنى قَوْله: (أُمِرنَا أَن نَسْتَشرَف الْعين وَالْأُذن) ، أَي نتأمَّل سلامَتَهُما من آفةٍ بهما، وآفةُ الْعين عَوَرُها. وآفَةُ الْأذن قَطْعها، فَإِذا سَلمت الأضْحِيةُ من العَوَرِ فِي الْعين والجَدْعَ فِي الأُذُن. جازَ أَن يُضَحَّى بهَا. وَإِذا كَانَت عَوْراءَ أَو جَدْعَاءَ أَو مُقَابَلَةً أَو مُدَابرَةً. أَو خَرْفَاء أَوْ شَرْفَاء: لَم يُضَحَّ بهَا.
وَقيل: اسْتِشراف الْعين وَالْأُذن: أَن تَطْلَبهُما شريفتين بالتمامِ والسّلامة.
وَقَالَ اللَّيْث: اسْتَشرَفتُ الشيءَ، إِذا رَفَعْتَ رأسَكَ تَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ: ونَاقَةٌ شُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأذُنين جَسِيمة، وأذنٌ شَرْفَاءُ، طَويلَةُ الْقُوفِ. وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ الْمنتَصِبَةُ فِي طُولٍ. قَالَ: والشارِفُ: النَّاقَةُ الَّتِي قد أَسَنَّت وقَدْ شرَفتْ تَشرُفُ شُروفاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّارِفُ: النَّاقَةُ الْهِمَّة، والجميعُ شُرُفٌ وشَوَارِف، وَلَا يُقَال للْجَمَل شَارِف، وَأنْشد اللَّيْث:
نجاةٌ من الهَوج المرَاسِيلِ هِمَةٌ
كُميْتٌ عَلَيْهَا كَبْرَةٌ فَهي شَارِفُ
قَالَ: وَسَهْم شَارف يُقَال: هُوَ الدَّقيق الطّويل. وَيُقَال: هُوَ الَّذِي طالَ عهدُه بالصِّيانَةِ، وانتَكَثَ عَقبُهُ وَرِيشهُ.
قَالَ أَوْس:
يُقلِّبُ سهْماً رَاشَهُ بمَنَاكِبٍ
ظُهَارٍ لُؤامٍ فَهُوَ أَعْجَفُ شارِفُ
ومَنْكِبٌ أشْرَفٌ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ ارْتفاع حَسَنٌ، وَهُوَ نقيض الأهْداء، وقصْرٌ مُشَرَّفٌ: مُطَوَّل، والمَشْرُوفُ من النَّاس، الَّذِي قد شُرِّفَ عَلَيْهِ غَيره، يُقَال: شَرَف فلانٌ فلَانا، إِذا فاقَهُ، فَهُوَ مَشْرُوفٌ، والفائِقُ: شَرِيفُ.
وشُرَيْفٌ: أَطْولُ جَبَلٍ فِي بلادِ الْعَرَب، وشَرَفٌ: جَبَلٌ آخرِ بِحِذَائِه، وشُرَافٌ: ماءٌ لبني أسَد.
الحرَانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشَّرَفُ: كَبِدُ نَجْد، وَكَانَت منازِلَ الملوكِ من بني آكل الْمُرار، وفيهَا حِمَى ضَرِيَّة، وضَرِيَّةٌ: بئْرٌ. وَفِي الشَّرَفِ الرَّبَذَةُ، وَهِي الحِمَى الأيْمَن، والشُّرَيْفُ إِلَى جَنْبِه، يَفْرقُ بَين(11/235)
الشَّرَفِ والشُّرَيْفِ وادٍ يُقَال لَهُ التَّسْرِير، فَمَا كَانَ مُشَرِّقاً فَهُوَ الشُّرَيْفُ وَمَا كَانَ مُغَرِّباً. فَهُوَ الشَّرَفُ.
قلت: وصِفَةُ الشَّرَفِ، والشُّرَيْف على مَا فَسَّرَه يَعْقُوب.
وَقَالَ شَمِر: الشَّرَفُ: كلُّ نَشَزٍ من الأرْض قد أَشْرَفَ على مَا حَوْله قادَ أَوْ لَمْ يَقُدْ وسواءٌ كَانَ رَمْلاً أَوْ جَبَلاً، وَإِنَّمَا يَطُولُ نَحوا من عَشرة أذْرَع أَو خمس، قَلَّ عَرْضُ ظَهْرِه أوْ كَثُر.
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَشْرَفَتْ علينا نَفْسُه، وَهُوَ مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِق، والأَشْرَافُ: الشَّفَقَة، وأنْشَدَ:
ومِنْ مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أنْفُسٍ
علينا وحَيَّاها إلَيْنا تَمَضُّرَا
الأصمعيّ: شُرْفَةُ المَال: خِيارُه، والجميع الشُّرَف. وَيُقَال: إِنِّي أَعُدُّ إتْيانَكُمْ شَرْفَة، أَي فَضْلاً وشَرَفاً أَتَشَرَّفُ بِه، وأَشْرافُ الإنْسان أُذُنَاه وأَنْفُه.
وَقَالَ عَدِيُّ:
كَقَصِيرٍ إذْ لَمْ يَجِدْ غَير أنْ جَدّ
عَ أَشْرَافَهُ لمكْرٍ قَصِيرُ
والشَّرَفُ من الأرْض: مَا أَشْرَفَ لَك. يُقَال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فَمَا زِلْتُ أرْكُضُ حَتَّى عَلَوْتُه.
وَقَالَ الهُذَلِيّ:
إِذا مَا اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وَوَاكَظَ أوْشَكَ مِنْهُ اقْتِرَابا
والشُّرَافِيُّ: لونٌ من الثِّياب أَبْيَض.
قَالَ: والشِّرْنَافُ: عَصْفُ الزَّرْعِ العَريض، يُقَال: قد شَرْنَفُوا زَرْعَهُمْ، إِذا جَزُّوا عَصْفَه.
قلت: لَا أدْرِي، هُوَ شَرْنَفُوا زَرْعَهُم بالنُّون أوْ شَرْيَفُوا بِالْيَاءِ، وأَكْبَرْ ظَنِّي أَنه بالنُّون لَا بِالْيَاءِ.
فرش: ثَعْلَب، عَن ابنِ الأعْرابيّ: فَرَشْتُ زَيداً بِسَاطاً، وأَفْرَشْتُه وفَرَّشْتُه، إِذا بَسَطْتَ لَهُ بِسَاطاً فِي ضِيَافَتِه، وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيْتَه فَرَشاً من الْإِبِل صغَارًا أَو كِبَاراً.
وَقَالَ اللَّيْث الْفَرْشُ مَصْدَرُ فَرَشَ يَفْرُشُ، وَهُوَ بَسْطُ الفِراش، والْفَرْشُ: الزَّرْعُ الَّذِي بثَلاث وَرَقات أوْ أَكثر، وَيُقَال: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً، إِذا جَعَلَ يُرَفْرِفُ على الشَّيْء، وَهِي الشَّرْشَرَةُ والرَّفْرَفَةُ. وَيُقَال: ضَرَبَهُ فَمَا أَفْرَشَ عَنهُ حَتَّى مَاتَ، أَي مَا أَقْلَعَ عَنهُ، ونَاقَةٌ مَفْرُوشَةُ الرِّجْل، إِذا كَانَ فِيهَا انْئِطَارٌ وانْحِنَاءٌ، وأَنشد:
مَفْرُوشَةُ الرِّجْلِ فَرْشاً لَمْ يَكُنْ عَقَلاَ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْفَرْشُ مَدْحٌ، والعَقْلُ ذَمٌّ، والفَرْشُ اتّساعٌ فِي رِجْلِ البَعير، فَإِن كَثُرَ فَهُوَ عَقَل.
اللَّيْث: فَرَشْتُ فُلاناً، أَيْ فَرَشْتُ لَهُ، وَيُقَال: فَرشْتُهُ أَمْرِي، أَي بَسَطْتُه كُلَّه،(11/236)
وافْتَرش فلانٌ تُراباً أَو ثوبا تَحْتَهُ، وافْتَرَشَ فلانٌ لسانَه يَتَكَلَّمْ كَيفَ مَا يَشَاء.
ورُوِي عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه نَهَى فِي الصَّلاةِ عَن افتِراشِ السَّبُع، وَهُوَ أَن يَبْسُطَ ذِرَاعَيْهِ وَلَا يُقِلَّهما عَن الأَرْض، مُخَوِّياً إِذا سَجَدَ، كَمَا يَفْتَرِشُ الكَلبُ ذِرَاعَيه) والذِّئبُ مثله إِذا رَبَضَ عَلَيْهِمَا ومَدَّهما على الأرْض. قَالَ الشَّاعِر:
تَرَى السِّرْحَانَ مْفْتَرِشاً يَدَيْهِ
كأَنَّ بَيَاضَ لَبَّتِهِ الصَّديعُ
وَيُقَال: لَقِيَ فلانٌ فلَانا فافتَرَشَهُ، إِذا صَرَعَه، والأرْضُ فِراشُ الْأَنَام.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَرَشَ فلانٌ دارَه، إِذا بَلَّطَها باجُرَ أَوْ صَفِيح. وفِراشُ اللِّسان اللحْمة الَّتي تَحْتَها، وفِراشُ الرَّأْسِ: طرائق رِقَاقٌ من القَحْفِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: المُنَقِّلَةُ من الشّجاج هِيَ الَّتي يَخْرج مِنْهَا فَراشُ العِظَام، وَهِي قِشْرَةٌ تكونُ على العَظمِ دون اللَّحْم.
وَقَالَ النَّابِغَة:
ويَتْبَعُهَا مِنْهُم فَرَاشُ الحَواجِبِ
وَقَالَ اللَّيْث: فَرَاشُ القَاعِ والطِّين مَا يَبِسَ بعد نُضُوب الماءِ من الطِّين على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الفراشُ أقلُّ من الضَّحْضَاح.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطَافُه
فَراشاً وأَنّ البَقْلَ ذَاوٍ ويَابِسُ
وَقَالَ الزَّجاح فِي قَوْله الله: {) الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ} (القارعة: 4) : الفَراشُ: مَا ترَاهُ كصغار الْبَقّ، يَتَهافَتُ فِي النَّار، شَبَّه الله تبَارك وَتَعَالَى النَّاس يَوْم البَعث بالْجَرادِ المنْتَشر، وبالفَراشِ المبْثُوث؛ لأَنهم إِذا بُعِثُوا يَمُوجُ بَعضهم فِي بعض كالجراد الَّذِي يموجُ بعضه فِي بعض.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {النَّاسُ كَالْفَرَاشِ} : يُرِيد كالغَوْغَاءِ من الجَرادِ يَرْكَبُ بعضُه بَعْضًا، كَذَلِك الناسُ يَوْمئِذٍ يَجُول بَعضهم فِي بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرَاشُ: الَّذِي يَطيرُ، وَأنْشد قَوْله:
أَوْدَى بِحِلْمِهُمُ الْفِياشُ فَحِلْمُهم
حلْمُ الفَراشِ غَشِينَ نَارَ المُصْطَلي
قَالَ: وَيُقَال: للخفيف من الرِّجال: فَرَاشة.
قَالَ: وَيُقَال: ضَربَةُ فأطارَ فراشَ رَأسه، وَذَلِكَ إِذا طارت العِظَامُ رِقاقاً من رَأسه. وكل رقيقٍ من عظم أَو حَدِيد فَهُوَ فَرَاشَة، وَبِه سُمِّيت فراشة القُفْل لرِقَّتها.
قَالَ: والفراشَ: عظم الْحَاجِب، والمِفْرَشُ: شَيْء يكون مثل الشَّاذَ كُونك.
قَالَ: والمِفْرَشةُ تكون على الرَّحْل يَقعد(11/237)
عَلَيْهَا الرجل، وَهُوَ أَصْغَر من المفرش.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَفْرَشت الفرسُ، إِذا استأنَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الفَرِيشُ من الْخَيل: الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا بعد وِلادَتها سَبْعَة أَيَّام، وبلغَت أَن يَضرِبها الفَحْل، وَجَمعهَا فَرَائش.
وَقَالَ الشماخ:
رَاحَتْ يُقَحِّمها ذُو أَزْمَلٍ وسَقَتْ
لَهُ الفرائشُ والسُّلبُ القيَاديدُ
وَقَالَ اللَّيْث: جاريةُ فَريشٌ، قد افترَشها الرجل، فعيلٌ جَاءَ من (افْتعل) .
قلت: وَلم أَسمَع (جَارِيَة فريش) لغيره. والفَرِيشُ من الحافرَ بِمَنْزِلَة النُّفساءَ من النِّساء إِذا طهرت، وبمنزلة العائِذ من الْإِبِل.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفراشُ: الزَّوج، والفِراشُ: الْمَرْأَة، والفِراش: مَا يَنَامانِ عَلَيْهِ، والفِراش: البيتُ، والفِراش: عُشُّ الطَّائِر.
وَقَالَ الهُذَلِيّ:
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى فراشِ عزيزَةٍ
أَرَادَ: وَكْرَ العُقاب. والفَراش: موقع اللِّسان فِي قَعْرِ الْفَم.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (الْأَنْعَام: 142) ، قَالَ: الحَمُولةُ: مَا أَطاقَ العملَ والحمْل، والفَرْش: الصِّغار.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: أجْمَع أهلُ اللُّغَة على أنَّ الفَرْشُ: صغارُ الْإِبِل، وأنَّ الغَنَم وَالْبَقر من الفَرْش.
قَالَ: والّذي جَاءَ فِي التَّفْسِير يدل عَلَيْهِ قَوْله جلّ وعزّ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} (الْأَنْعَام: 143) ، فَلَمَّا جاءَ هَذَا بَدَلا من قَوْله: {حَمُولَةً وَفَرْشًا} ، جعله للبقَر وَالْغنم من الْإِبِل.
قلت: وَأنْشد غَيرُه مَا يحقِّق قولَ أهلِ التَّفْسِير:
ولَنَا الحَامِلُ الحَمولةُ والفرْ
شُ من الضَّأْنِ والحُصُونُ الشِّيوفُ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: يُقَال: أفرَش عَنْهُم الْمَوْت، أَي ارْتَفع، وَيُقَال: ضرَبهُ فَمَا أفرَشَ عَنهُ حَتَّى قَتَله، أَي أقْلعَ عَنهُ.
قَالَ: والفرْشُ: الغَمْضُ من الأرْض فِيهِ العُرْفُط والسَّلَمُ، وَإِذا أَكلته الْإِبِل اسْتَرخَت أفواهها، وَأنْشد:
كَمِشفرِ النّابِ تلوكُ الفرْشَا
وَقَالَ اللَّيْث: الفرْشُ من الشّجر والحطبِ: الدِّقُّ والصِّغار. يُقَال: مَا بهَا إلاّ فرشٌ من الشّجر.
قَالَ: والفرْشُ من النّعَمِ الَّتِي لَا تصلُح إلاّ للذَّبح. وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (الوَلدُ للفراشِ وللعاهِر الحجَر) ؛ مَعْنَاهُ أنّه لِمالك(11/238)
الفراشِ، وَهُوَ الزَّوْج، وَمَالك الأمَة؛ لِأَنَّهُ يَفترشها بالحقّ، وَهَذَا من مُخْتَصر الْكَلَام. كَقَوْلِه جلَّ وعزّ: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا} (يُوسُف: 82) ، يُرِيد أهل الْقرْبَة.
وَيُقَال: افترشَ القومُ الطَّرِيق إِذا سلكوه، وافترشَ فُلانٌ كريمةَ بني فلَان فلمْ يُحسِن صُحْبَتَها إِذا تَزَوَّجها؛ وَيُقَال: فلَان كريم متفرِّشٌ لأَصْحَابه، إِذا كَانَ يَفْرشُ نفسَه لَهُم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فراشا الكتِفَيْن:
مَا شخصَ من فُروعهما إِلَى أصْل العُنُق ومستَوى الظّهر.
وَقَالَ النَّضر: الفَراشَان: عِرْقَانِ أَخْضَرَان تَحت اللّسان، وَأنْشد:
خفيفُ النّعامةِ ذُو مَيْعةٍ
كثيفُ الفراشةِ، ناتِي الصُّرَد
يصف فَرساً.
أَبُو عُبَيد: الْفَراش: حَبَبُ الْعَرَق فِي قَول لبيد:
فَرَاشُ المَسِيحِ كالْجُمانِ الْمُحَبَّبِ
وَقَالَ ابْن شُميل: فَرَاشا اللِّجام: الْحَدِيدَتان اللَّتان يُرْبَطُ بهما الْعِذَارَان، والْعِذاران: السَّيْرَان اللَّذان يُجْمعان عِنْد الْقَفَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الْفَرْشُ: الكَذِب، يُقَال: كم تَفْرُشُ، أَي كم تَكْذِبُ
رشف: قَالَ اللَّيْث: الرَّشْفُ ماءٌ قليلٌ يَبْقَى فِي الْحَوْض تَرْشُفُه الْإِبِل بأفواهها، والرَّشِيفُ: تناوُلُ المَاء بالشَّفَتين، وَهُوَ فَوق المصّ، وَأنْشد:
سَقَيْنَ الْبَشَامَ الْمِسْكَ ثمَّ رشَفنَهُ
رشيفَ الْغُرَيْرِيَّاتِ ماءَ الْوَقَائِع
وسمعتُ أَعْرابياً يَقُول:
الْجَرْعُ أَرْوَى والرَّشِيفُ أَشْرَبُ
وَذَلِكَ أَن الْإِبِل إِذا صادفت الحوضَ مَلآن جرَعَتْ ماءَه جَرْعاً يَمْلأُ أفواهها وَذَلِكَ أَسْرَعُ لريِّها، وَإِذا سُقِيَتْ على أَفْواهها قبل امْتلاء الْحَوْض تَرَشَّفَت الماءَ بمشَافِرِها قَلِيلا قَلِيلا، وَلَا تكَاد تروَى مِنْهُ. والسُّقَاةُ إِذَا فَرَطوا الوارِدَة سقوا فِي الْحَوض، وتَقَدَّموا إِلَى الرُّعيان بأَلا يُورِدُ والنَّعَم مَا لم يَطْفَح الْحَوْض؛ لِأَنَّهَا لَا تكَاد تَرْوَى إِذا سُقِيَتْ قَلِيلا، وَهُوَ معنى قَوْلهم: الرَّشِيفُ أَشْرَب.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الرَّشُوفُ: الْمَرْأَة الطَّيِّبَةُ الْفَم.
ثَعْلَب عَن ابنُ الأعرابيّ: الرَّشُوفُ من النِّساء: اليابِسَة الْمَكَان، والرَّصُوفُ: الضَّيِّقَةُ الْمَكَان.
قَالَ: وأَرْشَفَ الرَّجل ورَشَفَ ورَشَّفَ، إِذا مَصَّ ريقَ جارِيته.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: رَشِفْتُ ورَشَفْتُ قَبّلْتُ ومَصَصْتُ.(11/239)
قلت: فَمن قَالَ: رَشِفْتُ، قَالَ: أَرْشَفُ، وَمن قَالَ: رشَفْتُ، قَالَ أرْشُفُ.
رفش: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْشُ والرُّفْشُ: لُغَتان سَوادِيَّة، وَهُوَ الْمِجْرَفَةُ يُرْفَشُ بهَا الْبُرُّ رَفْشاً، وَبَعْضهمْ يُسَمِّيه المِرْفَشَة. وَفِي حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي: (أنَّهُ كَانَ أَرْفَشَ الأُذُنَيْن) .
قَالَ شمِر: الأرْفَش: العَرِيض الأُذُن من النَّاس وَغَيرهم، وَقد رَفِشَ يُرْفَشُ رَفَشاً، شُبِّه بالرَّفْش، وَهُوَ الْمجْرَفَةُ من الْخشب.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجل إِذا شَرُفُ بعد خُموله: من الرَّفْشِ إِلَى الْعَرْشِ، أَي جلس على سَرير الْملك بعد مَا كَانَ يَعْمَل بالرَّفْش، وَهَذَا من أَمْثَال أهل الْعرَاق.
والرَّفْش أَيْضا: الدّقُّ والهَرْس، يُقَال للَّذي يُجِيد أَكل الطَّعَام: إِنَّه لَيَرْفُش الطِّعام رَفْشاً، ويَهْرِسُه هَرْساً.
وَقَالَ رؤبة:
دَقّاً كَرَفْشِ الوَضِيم المَرْفُوشِ
أَو كاخْتِلاقِ النُّورَةِ الجَموشِ
وَيُقَال: وَقَعَ فلانٌ فِي الرَّفْش والقَفْش، فالرّفْشُ الْأكل والشَّرْب فِي النَّعْمَة والأمْن، والقَفْش: النِّكاح.
وَيُقَال: أَرْفَش فلانٌ، إِذا وَقع فِي الأَهْيَفَيْن: الأَكْلُ والنِّكاح.
شفر: قَالَ اللَّيْث: الشُّفْرُ: شُفْرُ الْعَين، والشُّفْرُ: حَرْفُ هَنِ الْمَرْأَة، وحَدّ الْمِشْفَر.
وأَخبرني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، عَن نُصير، أَنه قَالَ: يُقال لناحيتي فَرْجِ الْمَرْأَةِ: الأسْكَتَان، ولِطَرَفَيْهِما الشُّفْران.
قلت: وشُفْرُ الْعَين: مَنَابِتُ الأَهْدابِ من الْجُفُون.
وَقَالَ اللَّيْث: هما الشَّافِرَان من هَنِ الْمَرْأَة أَيْضاً، قَالَ: وَلَا يُقَال الْمِشْفَرُ إلاَّ لِلْبَعير.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: إِنَّمَا قيل مَشَافِرُ الْحَبَشِ تَشْبِيهاً بمشَافِرِ الإِبل. وشَفيرُ الْوَادي: حَدُّ حَرْفِه، وَكَذَلِكَ شَفيرُ جَهَنَّم، نعوذُ بِاللَّه تبَارك وَتَعَالَى مِنْهَا
وَقَالَ اللَّيْث: امْرأَةٌ شفِيرَةٌ وشِفَرةٌ، وَهِي نَقِبضَةُ الْعَقِيرَة.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ فُلاناً كانَ شَفْرَةَ الْقَوْم فِي السَّفَر) ؛ مَعْنَاهُ أَنه كَانَ خادِمَهُم الَّذِي يَكْفِيهم مَهْنَتَهُمْ، شُبّهَ بالشَّفْرَة الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي قطع اللّحم وغَيْره.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفْرَةُ: هِيَ السِّكّين الْعَرِيضَة، وَجَمعهَا شَفْرٌ وشِفَار. وشَفَرَاتُ السُّيُوف: حروفُ حَدِّها.
وَقَالَ الْكُمَيْت يصفُ السُّيوف:
يَرَى الرَّاءُون بالشَّفَرَاتِ مِنْهَا
وُقودَ أبِي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: يُقَال: مَا بِالدَّار شَفْرٌ، بفَتْح الشين.(11/240)
وَقَالَ شمر: وَلَا يَجُوزُ شُفْرٌ، بِضَم الشّين.
وَقَالَ اللحيانيّ: شُفْرٌ لُغة.
وَقَالَ ذُو الرمَّة فِيهِ بِلَا حَرْف النَّفْي:
تَمُرُّ لَنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنا
بَصِيرَةُ عَيْنٍ مِنْ سِوَانا إِلَى شَفْرٍ
أَي مَا نَظَرت عينٌ مِنّا إِلَى إنْسانٍ سِوانا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّفَارِيّ: ضَرْبٌ من اليَرابِيع، يُقَال لَهَا ضَأْن اليرابيع وَهِي أَسْمَنُها وأَفضَلُها يكون فِي آذَانها طُول، ولليَرْبُوعِ الشُّفَارِيّ ظُفْرٌ فِي وَسَطِ ساقِه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعرابيّ: شَفَر، إِذا آذَى إنْساناً، وشَفَر، إذَا نَقَّصَ، والشَّافِر: الْمهلِكُ لِمالِه، والزَّافِرُ: الشُّجَاعُ، وشَفَّرَ مالُ الرَّجُل، إذَا قَلَّ، وعَيْشٌ مُشَفِّرُ: ضَيِّق.
وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نِسَاءً بالنَّهمَ والطَّلَب:
مُولَعَاتٌ بِهاتِ هَاتِ فإنْ شَفّ
رمالٌ سأَلْن مِنْك الْخِلاعَا
وَقَالَ الآخر:
قَدْ شَفَّرَتْ نَفَقاتُ الْقَومِ بَعْدَكُمُ
فأَصْبَحُوا لَيْسَ فيهم غَيْرُ مَلْهُوفِ
أَبُو عبيد: أُذُنٌ شُفَارِيَّةٌ وشُرَافِيَّةٌ، أَي ضَخْمَةٌ. وَقَالَ أَبُو زيد: وَهِي الطَّويلَة.
الْفَرَّاء، عَن الدُّبَيْرِيَّة: مَا فِي الدَّارِ عَيْنٌ وَلَا شَفْرَةٌ وَلَا شَفْرٌ.
ش ر ب
شرب، شبر، رشب، ربش، بشر، برش: أَهمل اللَّيْث: رشب.
(رشب) : وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: الْمراشِبُ: جَعْوُ رُؤوسِ الخُروس، والجَعْوُ: الطِّين، والْخُروسُ: الدّنَان.
شرب: الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشَّرْب: مَصْدَر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً، قَالَ: والشَّرْبُ أَيْضا: الْقومُ يَجتَمعون على الشَّراب.
وَقَالَ الْفراء: حَدثنِي الكسائيّ عَن يحيى بن سعيد الأُمويّ، قَالَ: سَمِعت ابْن جُريج يَقْرَأ: (فشاربون شرب الهيم) (الْوَاقِعَة: 55) . فذكرتُ ذَلِك لجَعْفَر بن مُحَمَّد، فَقَالَ: وَلَيْسَت كَذَلِك، إنَّما هِيَ: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ} .
وَقَالَ الْفراء: وسائرُ الْقُرَّاء يَقْرءون برَفْع الشِّين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بِعَيْنه يُشْرَبُ، والشِّرْبُ: النَّصِيبُ من الْمَاءِ، قَالَ: والشَّرَبُ: جمع الشَّرَبَة، وَهِي كالْحُوَيْض حول النَّخْلَة، تُملأُ مَاء فَتكون رِيّ النَّخْلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شَرِبَ شَرْبَاً وشُرْباً، والشِّرْبُ وَقْتُ الشُّرْب، والْمشرَبُ: الْوجْهُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنه وَيكون مَوْضِعاً،(11/241)
ومَصْدراً، وَأنْشد:
ويُدْعَى ابْنُ مَنْجُوفٍ أَمامِي كَأَنَّه
خَصِيٌّ أَتَى لِلْماءِ من غير مَشْربِ
أَي من غَيْر وَجْهِ الشُّرْبِ.
والْمَشرَبُ: الشُّرْبُ نَفْسُه، والشَّرَابُ: اسْم لما يُشْرَب وكل شَيْء لَا يُمضَغ فإِنَّه يُقَال فِيهِ يُشْرَب، وَرجل شَرُوبٌ: شَديدُ الشُّرب، وقَوْمٌ شُرُبٌ.
أَبُو عُبيد، عَن أَبِي زَيْد: الماءُ الشَّرِيبُ: الَّذِي ليْسَ فِيهِ عُذُوبَة، وَقد يَشْرَبُه النَّاس على مَا فِيهِ، والشَّرُوبُ: الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عُذُوبةٌ، وَلَا يَشْرَبُه النَّاس إِلَّا عِنْد الضَّرورة، وَقد يشربه الْبَهائم.
وَقَالَ الأُمويّ: المَاء الشَّروب: الَّذِي يُشْرَب، والْمَأْجُ: الماءُ الملحُ، وأنشدنا لِابْنِ هَرْمة:
فإنّك كالْقَرِيحَة عَام تُمْهَى
شَرُوبُ الماءِ ثمَّ تَعودُ مَأْجَا
وَقَالَ اللَّيْث: ماءُ شَرِيبٌ وشَرُوبٌ: فِيهِ مَرارَة ومُلوحَةٌ وَلم يمْتَنِعْ من الشُّرب.
والشَّرِيب: صاحبُك الَّذِي يَسْقِي إِبله مَعَك، والشَّرِيبُ: المولَعُ بالشَّراب، والشَّرَّابُ: الكثيرُ الشُّرْب، قَالَ: والْمُشْرِبُ: العَطْشان. يُقَال: اسْقِني فَإِنِّي مُشْرِب، والمُشْرِبُ: الَّذِي عَطشَتْ إِبِلُه أَيْضا. قَالَ ذَلِك ابنْ الأعرابيّ.
وَقَالَ غَيره: رَجُلٌ مُشْرِبٌ: قد شَرِبَتْ إِبِلُهُ، وَرجل مُشْرِبُ: حَان لإِبِله أنْ تَشْرَب، وَهَذَا عِنْد صَاحبه من الأضداد.
وَقَالَ الزَّجاج فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَأُشْرِبُواْ فِى قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (الْبَقَرَة: 93) مَعْنَاهُ: سُقُوا حُبَّ العِجْلِ، فَحذف الحبّ وأُقيمَ العجلُ مكانَه.
وَقَالَ الْفراء: العربُ تَقول: أَكَّلَ فلانٌ مالِي وشَرَّبَه، أَي أطْعمهُ الناسَ وسقاهم بِهِ، قَالَ: وسَمِعْتهم يقولونُ: كُلُّ مَا لي يُؤكَّلُ ويُشَرَّبُ، أَي يرْعَى كيفَ شَاء، ورَجُلٌ مُشْرَبٌ حُمْرَةً، وإنَّه لَمُسْتَقَى الدّم مثله. قَالَ: وأَشْرَبَ إبِلَه: جعل لكُلِّ جَمَلٍ قِرِيناً، وَيَقُول أحدهم لناقَته: لأَشْرِبَنَّكِ الحبالَ والنُّسُوع، أَي لأقْرِنَنَّكِ بهَا، وَمَاء شَرُوبٌ، وطَعِيمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد: مَشْرَبَةٌ ومَشْرُبَةٌ للغُرْفَة.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، أَي فِي غُرْفَة، وَجَمعهَا مَشَارِب، ومَشْرُباتٌ.
والشَّوارب: مَجاري المَاء فِي الحَلْق، وَيُقَال للحمار إِذا كَانَ كثير النَّهْق: إنَّه لَصَخِبُ الشَّوارِب.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
صَخِبُ الشَّوارِبِ لَا يزالُ كأَنَّه
عَبْدُ لآلِ أبِي رَبِيعَة مُسْبَعُ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّوارِبُ: عُروقٌ فِي باطِنِ الحَلْق.(11/242)
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّارِبَةُ هُم القومُ الَّذين مَسْكَنُهم على ضَفَّة النَّهر، وهم الَّذين لَهُم ماءُ ذَلِك النَّهْر.
والشَّاربان: تجمعهما السَّبَلَة، والشَاربان أَيْضا: مَا طَال من نَاحيَة السَّبَلَة، وَبِذَلِك سُمِّيَ شَارِبا السَّيْف، وَبَعْضهمْ يُسَمِّي السَّبَلَة كلَّها شَارِباً وَاحِدًا، وَلَيْسَ بصَواب.
قَالَ: والشَّوارِبُ: عروقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُوم، يُقَال فِيهَا يَقع الشَّرَقُ، وَيُقَال: بل هِيَ عُروقٌ تَأْخُذُ المَاء، وَمِنْهَا يَخْرُجُ الرِّيق.
قَالَ: وأَشْرَبْتُ الخيلَ، أَي جعلتُ الحِبالَ فِي أَعْناقِها، وَأنْشد:
يَا آلَ وَرْدٍ اشْرِبُوها الأقْرانْ
وَيُقَال للزَّارع إِذا خرج قَصَبُه: قد شرِبَ الزَّرع فِي القَصَب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشاربان فِي السَّيف: أَسْفَل الْقَائِم، أَنْفانِ طويلان، أَحدهمَا من هَذَا الجانِبُ، وَالْآخر من هَذَا الْجَانِب، والغاشِيَةُ مَا تَحت الشاربين، والشَّارِب والغاشية يكونَانِ من حديدٍ وفِضَّةٍ وأدَمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمشْرَبَةُ: إناءٌ يُشْرَبُ فِيهِ، والْمَشرَبَةُ: أرْضٌ لَيِّنة، لَا يزَال فِيهَا نَبْتٌ أَخْضَرَ رَيّان.
قَالَ: وَيُقَال لكل نَحيزَةٍ من الشّجر: شرَبَّةٌ فِي بعض اللُّغات. والجميع الشرَبَّات والشرائِبُ والشرابيبُ.
قَالَ: والأشرابُ: لونٌ قد أُشرِبَ من لَوْن، والصِّبْغُ يَتَشرَّبُ فِي الثَّوب، والثَّوْبُ يَتَشَرَّبُه، أَي يَتَنَشفُه.
أَبُو عُبَيد: شرَّبْتُ القِرْبَةَ بالشِّين إِذا كَانَت جَديدةً، فَجعل فِيهَا طِيناً لِيَطيبَ طَعْمُها.
وَقَالَ الْقطَامِي:
ذَوَارِفُ عَيْنَيْهَا من الْحَفْلِ بالضُّحَى
سُجُومٌ كَتَنْضَاحِ الشِّنانِ المْشرَّبِ
وَأما تشريبُ القِرْبة فأَنْ يُصَبَّ فِيهَا المَاء لتَنْسَدَّ خُروزُها.
وَقَالَت عَائِشَة: (اشرَأَبَّ النِّفاق وارْتَدَّت العَرب) .
قَالَ أَبُو عُبيد: معنى اشرأَبَّ ارْتَفَعَ وعَلا، وكل رافِعِ رأسَهُ مُشرئِبّ.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (يُنادي يومَ الْقِيَامَة مُنادٍ: يَا أهل الْجنَّة، وَيَا أهل النَّار، فيشرئِبُّون لصَوْته) .
وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
ذَكَرْتُكَ إنْ مَرَّتْ بِنَا أمُّ شادِنٍ
أَمام المطايا تَشرَئِبُّ وَتَسْنَحُ
يصف الظَّبْيَة، ورفعَها رَأسهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: مَا زَالَ على شَرَبَّةٍ وَاحِدَة، أَي على أَمْرٍ وَاحِد.
اللِّحيانيّ: طَعامٌ مَشْرَبةٌ، إِذا كَانَ يُشْرَبُ عَلَيْهِ المَاء، كَمَا قَالُوا شَرَابٌ مَسْهَفَةٌ(11/243)
وَجَاءَت الْإِبِل وَبهَا شَرَبةٌ شَدِيدَةٌ، أَي عَطش وَقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها، وطعامٌ ذُو شَرَبَةٍ إِذا كَانَ لَا يُرَوى فِيهِ من الماءِ. وَيُقَال فِيهِ شُرْبَةٌ من الْحُمرَةِ، إِذا كَانَ مُشْرَباً حُمْرَةً.
أَبُو عَمرو: شَرَّبَ قَصَبُ الزَّرْع، إِذا صارَ الماءُ فِيهِ.
عَمرو، عَن أَبِيه: الشَّرْبُ: الفَهْمُ، وَقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً، إِذا فَهِمَ، وَيُقَال للبليد: احْلُبْ ثمَّ اشْرُبْ، أَي ابْرُكْ ثمَّ افْهَمْ، وحَلَبَ، إِذا بَرَك.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّرْبُبُ: الْغَمْلَى من النَّبَات، والشُّرْبُبُ: اسْم وادٍ بِعَيْنِه. قَالَ: والشَّارِبُ: الضَّعْفُ فِي جَمِيع الْحَيَوَان.
يُقَال: إنَّ فِي بَعيرك شاربَ خَوَر، أَي ضَعْفاً، قَالَ: وشَرِبَ، إِذا رَوَى، وشَرِبَ إِذا عَطَش، وشَرِبَ، إِذا ضَعُفَ بعيرُه.
شبر: قَالَ اللَّيْث: الشِّبْرُ: الِاسْم، والشَّبْرُ: الفِعْل، يُقَال: شَبَرْتُه شَبْراً بِشِبْرِي.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: سَبَرَ وشَبَرَ، إِذا قَدَّرَ، وشَبَرَا أَيْضا إِذا بَطِر. يُقَال: قَصَّرَ الله شِبْرَه وشَبْرَه، أَي قصَّر الله عُمْرَه وطُولَه.
سَلمَة، عَن الفَراء: الشَّبْرُ القَدُّ. يُقَال: مَا أَطْولَ شَبْرَهُ، أَي قَدَّه، وفلانٌ قَصيرٌ الشَّبْر. قَالَ: والشَّبَرُ العَطِيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّبَرُ القُرْبان، وَهُوَ شيءٌ يُعْطيه النّصارى بعضُهم لبَعض يَتَقَرَّبون بِهِ.
وَقَالَ عدي:
إِذا أَتَانِي نَبَأٌ منْ مُنْعِمٍ
لَمْ أَخُنْهُ وَالَّذِي أَعْطَى الشَّبَرْ
وَفِي الحَدِيث: النّهْي عَن شَبْر الْجَمَل، مَعْنَاهُ: النّهْي عَن أَخْذ الكِرَاءِ على ضِرَاب الْفَحْل، وَهُوَ مثل النّهْي عَن عَسْبِ الفَحْل، وأَصل العَسْبِ والشَّبْرِ: الضِّراب. وَمِنْه قَول يَحْيَى بن يَعْمَر لرَجل خاصَمَتْه امْرَأَته إِلَيْهِ تطلُب مَهْرَها: أَإِنْ سَأَلْتكَ ثمنَ شَكْرِها وشَبْرِكَ أَنْشَأْتَ تَطُلُّها، وتَضْهَلُهَا؟ . فشَكْرُها: بُضْعُها، وشَبْرُه: وَطْؤُه إِيَّاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: أَعْطَاهَا شبْرَها، أَي حَقَّ النِّكاح.
ابْن السكّيت: شبَرْتُ فلَانا مَالا، وأَشْبَرْتُه، إِذا أَعْطَيْتَه.
وَقَالَ أَوْس:
وأَشبَرِنَيها الْهَالِكِيُّ كأَنَّها
غَدِيرٌ جَرَتْ فِي مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّبَرَةُ: العَطِيَّةُ، شبَرْتُهُ وأَشْبَرْتُه وشبّرْتُه: أَعْطَيْتَه، وَهُوَ الشَّبْرُ، وَقد حُرِّك فِي الشِّعر.
قَالَ: والشَّبْرَةُ: الْقامَةُ تكونُ قَصِيرَة وطَويلة.
وَقَالَ شمِر فِي حَدِيث يحيى بن يعمر:(11/244)
الشَّبْرُ: ثَوابُ البُضْعِ من مَهْرٍ وعُقْر.
قَالَ: وشَبْرُ الجَمَلِ: ثوابُ ضِرَابِه.
قَالَ: ورَوى أَحْمد بن عَبْدَة، عَن ابْن الْمُبَارك؛ أَنه قَالَ: الشَّكْرُ: القُوت، والشَّبْرُ: الجِمَاعُ.
وَقَالَ شَمِر: القُبُلُ: يُقَال لَهُ: الشَّكْرُ، وَأنْشد:
صَنَاعٌ بإشفاها حَصَانٌ بشَكْرِها
جَوَادٌ بِقُوتِ الْبَطْنِ والعِرْقُ زاخِرُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الإعرابيّ قَالَ: المَشْبُورَةُ المرأةُ السَّخِيَّةُ الْكَرِيمَة.
عَمرو عَن أَبِيه: قَالَ: الشِّبْرُ الحَيّة، وقِبالُ الشِّسْعِ: الحَيِّة.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: المَشابِرُ: حُزُوزٌ فِي الذِّراع الَّتِي يُتَبَايَعُ بهَا، مِنْهَا حَزُّ الشِّبْرِ، وحَزُّ نِصْف الشِّبر، ورُبْعِه، كلُّ حَزِّ مِنْهَا صَغُرَ أَو كَبُرَ مَشْبَرٌ.
والشَّبُّور: شيءٌ يُنْفَخُ فِيهِ، وَلَيْسَ بعربي صَحِيح.
بشر: الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت: البَشْرُ بَشْرُ الْأَدِيم، وَهُوَ أنْ يُؤْخَذَ بَاطِنه بشَفْرَةٍ، يُقَال: بَشَرْتُ الأديمَ أبْشُرُه بَشْراً.
قَالَ: والبَشَرُ: جَمْعُ بَشَرَةٍ. وَهِي ظَاهِرُ الجِلْد: والبَشَرُ أَيْضا: الخَلْقُ، يَقع على الأُنثى والذّكر، وَالْوَاحد والاثنين والجميع يُقَال: هِيَ بَشَرٌ، وَهُوَ بَشَرٌ، وهُمَا بشَرٌ وهم بَشرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْبَشَرةُ أَعْلَى جِلْدَةِ الوجْه والجَسَد من الْإِنْسَان، وَيَعْنِي بِهِ اللَّون والرِّقّة، وَمِنْه اشْتُقّتْ مُبَاشَرَةُ الرَّجُلِ المرأةَ لِتَضامِّ أبشَارِهِما. ومُبَاشَرَةُ الْأَمر: أنْ تَحْضُرَهُ بنَفْسِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، وهوالذي قد جمع لِيناً وشِدَّةً مَعَ الْمعرفَة بالأمور.
قَالَ: وأصْلُهُ من أدَمَةِ الجِلد وبَشرَتِهِ، فالْبَشَرَةُ ظاهِره، وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعر.
قَالَ: والأَدَمَةُ باطِنُه، وَهُوَ الَّذِي يَلِي اللَّحم. قَالَ: وَالَّذِي يُرادُ مِنْهُ أَنه قد جمع لِينَ الأدَمَةِ، وخُشونَة البَشَرَة، وجَرَّب الْأُمُور.
وَقَالَ أَبُو زيد: من أمثالهم: إنَّما يُعاتَبُ الأدِيمُ ذُو البَشَرة. أَي يُعَادُ فِي الدِّباغ، يَقُول: إنَّما يُعاتَبُ من يُرْجَى وَمن لَهُ مُسْكةُ عقل، وفلانَةٌ مؤدمةٌ مُبْشَرَةٌ، إِذا كَانَت تامَّة فِي كلِّ وجْه.
وَقَالَ جلَّ وعزَّ: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ} (آل عمرَان: 45) وقُرِيء (يَبْشُرُكَ) .
قَالَ الْفراء: كأَنَّ المُشَدَّدَ مِنْهُ على بِشَارات البُشراءِ، وكأَنَّ المُخَفَّفَ من جِهَة الأفراح وَالسُّرُور، وَهَذَا شَيْء كَانَ المَشْيَخَةُ يَقُولُونَهُ.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أَبْشَرْتُ، ولعلَّها لغةٌ(11/245)
حجازية. سَمِعت سُفيان بن عُيَيْنَة يذكرهَا: فَلْيُبْشِرْ، قَالَ: وبَشِرْتُ لغةٌ رَوَاهَا الكسائيّ، يُقَال: بَشِرَني بوجهٍ حَسَنٍ يَبْشَرُني، وَأنْشد:
وَإِذا رَأَيْتَ الباهِشِين إِلَى النَّدى
غُبْراً أكُفُّهُمُ بقَاعٍ مُمْحِلِ
فأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بِمَا بَشِرُوا بِهِ
وَإِذا هُمُ نَزَلوا بضَنْكٍ فانْزِلِ
وَقَالَ الزَّجاجُ: معنى يَبشَرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. بَشَرْتُ الرّجلَ أَبَشرُهُ، إِذا فَرَّحتَه، وبِشرَ يبْشَرُ، إِذا فَرح.
قَالَ: وَمعنى يَبْشُرُكَ من البِشَارّة، قَالَ: وأصل هَذَا كُله أنَّ بَشرَةَ الإنسانَ تنْبَسِطُ عِنْد السرُور، وَمن هَذَا قَوْلهم: فلَان يَلْقَاني بِبِشْرٍ، أَي بوجهٍ مُنْبَسِطٍ عِنْد السرُور.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال: بشَرْتُه، وبشَّرتُه، وبَشِرْتُهُ، وأَبْشَرْتُه، قَالَ: وبَشِرتُ بِكَذَا، وبَشرْتُ، وأبشرْتُ، إِذا فرحتَ بِهِ، وَرجل بشيرُ الْوَجْه. إِذا كَانَ جميلَه، وَامْرَأَة بشيرة الْوَجْه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء، قَالَ: البَشَارَةُ: الجمالُ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَرَأَتْ بأنّ الشيبَ جا
نَبَه البشاشَةَ والبَشارَة
وَقَالَ اللَّيْث: البِشَارَةُ: مَا بُشِّرتَ بِهِ، والبشيرُ: الَّذِي يُبشِّرُ الْقَوْم بأَمرٍ خيرٍ أَو شَرّ، والبُشَارَةُ: حَقُّ مَا يُعطَى من ذَلِك، والبُشرَى الِاسْم، وَيُقَال: بشرْتُهُ فأبشرَ، واسْتَبشر، وتَبشَّر.
وتباشِيرُ الصُّبْح: أوائلُه.
وَقَالَ لبيد:
قَلّما عَرَّسَ حَتَّى هِجْتُهُ
بالتّباشير من الصُّبْحِ الأوَلْ
والتّباشيرُ: طرائقُ ضوء الصُّبح فِي اللَّيل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للطَّرائق الَّتِي ترَاهَا على وَجه الأَرْض من آثَار الرِّياح الَّتِي تَهُبُّ بالسحاب إِذا هِيَ جرَّته: التَّباشير. وَيُقَال لآثار جنب الدَّابَّة من الدبر: التباشير وَأنْشد:
نِضْوَةُ أسْفَارٍ إِذا حُطَّ رَحْلُها
رأيْت بكَفّيْها تَبَاشِيرَ تَبْرُقُ
والمُبشراتُ: الرِّياحُ الَّتِي تهُبُّ بالسحاب والغَيْث.
غَيره: بَشرَ الجرادُ الأرضَ يبشُرها، إِذا أكل مَا عَلَيْهَا.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أبشرَت الأَرْض، إِذا أخْرَجَت نباتها، وَمَا أحسن بشرَةَ الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد والأحمر: مَا أَحْسَنَ(11/246)
مَشرَتَها.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: مَشرَتَها، بالتَّثْقِيل.
وَقَالَ أَبُو خيرة: مَشرَتُها: وَرَقُها.
وَقَالَ اللحيانيّ: نَاقَةٌ بشِيرَةٌ، لَيست بمَهْزولة وَلَا سَمِينَة.
وحُكِيَ عَن أبي هِلَال قَالَ: هِيَ الَّتِي لَيست بالكريمة وَلَا الخَسيسة. وَيُقَال: أَبشرَت النَّاقَةُ، إِذا لَقِحَتْ فَكَأَنَّهَا بَشَّرَتْ باللِّقاح.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
عَنْسَلٌ تَلوِي إذَا أَبْشرَتْ
بِخَوافِي أَخْدَرِيّ سُخَام
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: هُم الْبُشَارُ، والْقُشَارُ والخُشَارُ: لِسُقَّاطِ النَّاس.
أَبُو زَيد: أَبشرتِ الأرضُ إبشاراً، إِذا بُذَرِتْ فَخرج بَذْرها، فيُقال عِنْد ذَلِك: مَا أَحْسَنَ بَشَرَةَ الأَرْض.
وأَبْشرْتُ الأَدِيمَ فَهُوَ مُبْشَرٌ، إِذا ظَهَرَتْ بَشَرَتُه الّتي تَلِي اللّحم وآدمْتُه، إِذا أظْهرتَ أَدَمَتهُ الَّتِي يَنْبُت عَلَيْهَا الشعرَ.
ابْن الأعرابيّ: الْمبشورَةُ: الْجارِيَةُ الحَسَنَةُ الخَلْق واللَّوْن، وَمَا أَحْسَنَ بَشرَهَا
برش: قَالَ اللّيْث: الأَبْرشُ: الَّذِي فِيهِ أَلْوانٌ وخَلْط، والْبُرشُ الْجَمِيع. وحية بَرْشَاءُ بِمَنْزِلَة الرَّقْشَاء، والْبَرِيشُ مِثْله.
وَقَالَ رؤبة:
وتركتْ صَاحِبَتي تَفْرِيشي
وأَسْقَطَتْ من مُبْرِمٍ بَرِيشِ
أَي فِيهِ أَلوان، وَكَانَ جَذيمَةُ الْملك أَبْرَص، فلقبه الْعَرَب الأَبْرَش، كراهِيَةً للفظ الأبْرص.
أَبُو عُبيدة: فِي شِياتِ الْخَيل مِمَّا لَا يُقال لَهُ بَهيم، وَلَا شيَةَ لَهُ: الأَبْرَش، والأَنْمر، والأَشيَم، والمْدَنَّر، والأبْقَع، والأبْلَق، فالأَبْرشُ: الأَرْقَط، والأَنْمر: أنْ تكونَ بِهِ بُقْعةٌ بَيْضَاء، وَأُخْرَى أيّ لَونٍ كانَ. قَالَ: والأَشيَم: أَن يكون بِهِ شامٌ فِي جَسده، والْمُدَنَّرُ: الَّذِي لَهُ نُكَتٌ فَوق الْبَرَش.
ربش: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أرْمَشَ الأْرضُ وأَرْبَش، وأَنْقَدَ، إِذا أوْرَق وتَفَطَّر، وأرضٌ رَبشاءُ وَبَرشاءُ: كثيرةُ العُشب مُخْتَلِفٌ أَلوانُها، ومكانٌ أرْبشٌ وأَبْرَشٌ مختلفُ اللَّون.
وَقَالَ اللّحيانيّ: بِرْذَوْنٌ أَرْبشٌ وأَبْرَشٌ.
وَقَالَ الكسائيّ: سَنَةٌ رَبشاءُ ورَمْشاءُ وبَرْشاء: كَثِيرَة العُشب.
ش ر م
شرم، شمر، رشم، رمش، مشر، مرش.
شرم: قَالَ اللَّيْث: الشرْمُ: قطع مَا بَين الأرْنَبة، وقَطْعٌ فِي ثَفَرِ النّاقة، قيل ذَلِك(11/247)
فِيهما خاصَّة، وناقة شَرْمَاء ومُشَرَّمَةٌ، وَرجل أَشرَمُ ومشرُومُ الأنْف، وَكَانَ أَبْرَهَة صاحبُ الْفِيل جاءَهُ حَجَرٌ فَشرَم أَنفه فسُمِّيَ الأشرَم.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه اشتَرى ناقَةً فَرَأى بهَا تَشريمَ الظِّئارِ فَرَدَّها.
قَالَ أَبُو عُبيد: التَّشريمُ: التّشقيق، يُقَال لِلْجِلْد إِذا تَشقَّقَ قد تَشرَّم، وَلِهَذَا قيل للمشقُوق الشفّةِ: أَشرَم، وَهُوَ شبِيهٌ بالْعَلَم.
وَفِي حَدِيث كَعْب أَنه أَتَى عُمر بكتابٍ قد تَشَرَّمتْ نَواحيه، أَي تَشقْقَتْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُقَال للرجل المشقوق الشّفة السُّفْلى: أَفْلَج، وَفِي الْعليا: أَعْلم، وَفِي الأنْفِ: أَخْرم، وَفِي الأُذُن: أَخْرَبُ، وَفِي الْجَفْنِ: أَسْتَرُ، وَيُقَال فِيهِ كُله: أشرَمُ.
قلت: وَمعنى تشرِيمُ الظِّئار الَّذِي فِي حَدِيث ابْن عمر: أَن الظِّئار أنْ تُعْطَف الناقَةُ على وَلَدِ غَيرهَا فَتَرْأَمه، يُقَال: ظاءَرْتُ أُظَائِرُ ظئَاراً، وَقد شاهدتُ ظِئارَ الْعَرَب النّاقَةَ على وَلَدِ غَيرهَا، فَإِذا أَرَادوا ذَلِك شدُّوا أَنْفَها وعَيْنَيْها، وحَشْوا خَوْرَانَها بِدُرْجَةٍ قد حُشِيَتْ خِرَقاً ومُشَاقَةً، ثمَّ خَلُّوا الخَوْرَانَ بِخِلالَيْن، وتُرِكَتْ كَذَلِك يَوْمًا، وتَظُنُّ أَنَّهَا قد مَخِضَتْ للولادة، فَإِذا غَمَّها ذَلِك نَفّسُوا عَنْهَا، وَاسْتَخْرَجُوا الدُّرْجَةَ من خَوْرَانِها وَقد هُيِّيءَ لَهَا حُوارٌ فَيُدْنَى مِنْهَا، فَتَظُنّ أنَّها وَلَدَته فَتَرْأَمُه وتَدُرُّ عَلَيْهِ. والخَوْرَان: مَجْرى خُرُوج الطَّعَام من النَّاس والدَّوابّ.
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: الشَّرِيمُ: المرأةُ المُفْضَاة، وأنشدنا:
يَوْمَ أديمِ بَقَّةَ الشَّريمِ
أَفْضَلُ من يومِ احْلِقِي وقُومِي
أَرَادَ الشدّة. والشرْمُ: لُجَّةُ البَحْر.
رشم: قَالَ اللَّيْث: الرَّشْمُ: أَن تَرْشُمَ يَدَ الكُرْدِيّ والعِلْج كَمَا تُوشَمُ يَدُ المرأَةِ بالنِّيل لكَي تُعْرَفَ بِها، وَهُوَ كالْوَشم.
قَالَ: والرَّشمُ: خاتمُ الْبُرِّ والحُبوب، وَهُوَ الرَّوْشمُ بلغَة أَهْلِ السَّواد.
يُقَال: رَشَمْتُ البُرَّ رشْماً، وَهُوَ وَضْعُ الخاتَم على فَراءِ البُرّ فيَبْقَى أَثَرُه فِيهِ.
وَقَالَ النّضْر: الرَّشمُ: أوَّلُ مَا يَظْهَرُ من النَّبات، يُقَال: فِيهِ رَشَمٌ من النّبات.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: بِرْذَوْنٌ أَرْشمٌ وأَرْمَشٌ، مثل الأبْرش فِي لَوْنه.
قَالَ: وأرْضٌ رَشماءُ ورَمْشاءُ، مثل الْبَرْشاءُ، إِذا اخْتَلَفَ أَلْوانُ عُشبها.
شمر، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الأرْشم: الَّذِي لَيْسَ يِخَالِصِ اللَّوْن وَلَا حُرِّه، ومَكانٌ أَرْمَشُ وأرْشم، وأَبْرَش وأرْبَشُ، إِذا اخْتلف ألْوانه.(11/248)
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: الأرْشمُ: الَّذِي يَتَشَمَّمُ الطَّعَام، ويحرصُ عَليه.
وَقَالَ جرير يَهجو الْبَعيث:
لَقاً حَمَلْتُه أُمُّهُ وهيَ ضَيفَةٌ
فجادَتْ بِنَزَ للضِّيَافَةِ أَرْشما
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله: (أَرْشَما) قَالَ: فِي لَوْنِه بَرَش يشوبُ لَوْنَه لَوْنٌ آخر يَدُلّ على الرِّيبَة.
قَالَ، ويُرْوَى: مِنْ نِزَالَةِ أَرْشما، يُرِيد من ماءِ عَبْدٍ أرْشم.
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُول: الرَّسْمُ والرشمُ: الأثَر، ورسَمَ على كَذَا، ورَشمَ، أَي كَتَبَ. وَيُقَال للخاتم الَّذِي يُخْتَم بِهِ الْبُرّ: الرَّوْسَمُ، والرَّوْشمُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَرْشَمَ الشّجر وأَرْمَش، إِذا أَوْرَق.
رمش: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَش: تَفَتُّلٌ فِي الشُّفْر، وحُمْرَةٌ فِي الجفون مَعَ ماءٍ يَسيل، وصاحِبُهُ أَرْمَش، والْعَيْن رَمْشاء.
وَأنْشد غَيره:
لَهُم نَظَرٌ نَحْوِي يَكادُ يزِيلِني
وأَبصارُهُمْ نَحْو الْعَدُو مَرَامِش
قَالَ: مَرامِش: غَضِيضَةٌ من الْعَدَاوَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِرماشُ: الَّذِي يُحَرِّكُ عَيْنَيْه عِنْد النّظر تحريكاً كثيرا، وَهُوَ الرَّأْراءُ أَيْضا.
قَالَ: والرَّمْشُ: الطَّاقَةُ من الحماحِمِ الرَّيْحانِ وَغَيره.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: بِرْذدْنٌ أَرْمَش، وَبِه رَمَشٌ، أَي بَرَشٌ، وأرضٌ رَمْشاء: كَثِيرَة العُشب.
وَقَالَ غَيره: الرَّمْشُ: أَنْ تَرعَى الغَنمُ شَيْئا يَسيراً، وَقد رَمَشتْ تَرْمِشُ رَمْشاً، وَأنْشد:
قَدْ رَمَشتْ شَيْئا يَسيراً فاعْجَلِ
مرش: قَالَ اللَّيْث: المَرْش: شِبْهُ الْقَرْصِ من الجِلْد بأَطْرَاف الأظافير وَيُقَال: قَدْ أَلْطَفَ مَرْشاً وخَرْشاً، والخَرْش: أشدُّه، قَالَ: والمَرْشُ: أرْضٌ إِذا وَقَعَ عَلَيْهَا مَاء الْمَطَر رَأَيْتَها كلَّها تَسيلُ ويَمْرُشُ الماءُ من وَجْهها فِي مواضِعَ لَا يبلُغُ أَن يَحْفِرَ حَفْرَ المَسِيل، وَجمعه الأَمْراش.
يُقَال: انْتَهَينَا إِلَى مَرْشٍ من الأَمْراش، اسمٌ للأَرْض مَعَ الماءِ، وبَعْدَ الماءِ إِذا أَثَّرَ فِيهِ، وَالْإِنْسَان يَمْتَرِش الشَّيْء بَعْدَ الشَّيْء من هَا هُنَا ثمَّ يَجْمعه.
وَقَالَ النَّضر: المَرْسُ، والمَرْشُ: أَسْفَلُ الْجَبَل، وحَضِيضُه يَسِيلُ مِنْهُ المَاء فَيَدِبُّ دَبيباً وَلَا يَحْفِر، وَجمعه أَمْراسٌ وأمْراش.
قَالَ: وَسمعت أَبَا مِحْجَن الضِّبَابيّ يَقُول: رَأَيْت مَرْشاً من السَّيل، وَهُوَ المَاء الَّذِي يجرَح وَجْهَ الأرْض جَرْحاً يَسيراً، وَيُقَال: لي عِنْدَ فلَان مُرَاشةٌ، ومُرَاطةٌ، أَي حَقٌّ(11/249)
صَغير، ومَرَش وَجْهَه، إِذا خَدَشه، وامْتَرَسْتُ الشَّيء وامْتَرَشتُه، إِذا اخْتَلَسْتَه.
شمر: قَالَ اللَّيْث: شَمِرٌ اسمُ مَلِكٍ من مُلُوك الْيمن يُقَال: إِنَّه غَزَا مَدِينَة السُّعْد فهدَمَها، فسميت شِمْرُكَنْذ. وَقَالَ بَعضهم: بل هُوَ بَنَاها فسميت شِمْرُكَثْ، فأُعْرِبَتْ سَمْرَقَنْد.
قَالَ: والشَّمْرُ: تَشْمِيرُكَ الثَّوْب إِذا رَفَعْتَه وكلُّ شيءٍ قالِص، فإنَّه مُتَشَمِّر، حَتَّى يُقَال لِثَةٌ مُتَشَمِّرَةٌ لازِقَةٌ بأَسْنَاخِ الأسْنان. وَيُقَال أَيْضا: لِثَةٌ شامِرَةٌ، وشفَةٌ شامرَةٌ أَيْضا. ورَجُلٌ مُتَشَمر: ماضٍ فِي الْحَوَائِج والأمور، وَهُوَ الشَّمَّرِيُّ أَيْضاً.
وَبَعْضهمْ يَقُول: شِمَّرِيّ، وَأنْشد:
لِيْسَ أَخُو الحاجاتِ إِلَّا الشِّمَّرِي
والجملُ البَازِلُ والطِّرفُ القَوِي
وَقد انشَمرَ لهَذَا الْأَمر وشَمَّرَ إزَاره، وَيُقَال: شاةٌ شامِرَةٌ، إِذا انْضَمّ ضَرْعُها إِلَى بَطْنها من غيرِ فِعْل.
قَالَ: وشمَّر: اسمُ نَاقَة، وَهُوَ من الْقُلُوص والاستعداد للسير وَأنْشد:
فَلَمَّا رَأَيْتُ الأمْرَ عَرْشَ هُوِيَّةٍ
تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الْفُؤَادِ بشَمَّرا
وَقَالَ الأصمعيّ: شَمَّر: اسْم نَاقة. وَيُقَال: أَصَابهم شرٌّ شمِرّ.
وَقَالَ شمر، يُقَال: شَمْرَ الرجل وتشَمَّرَ، وشَمَّر غيرَه، إِذا أَكمشْتَه فِي السَّيْر والإرْسَال، وَأنْشد:
فشمرَتْ وانْصَاعَ شَمَّرِيّ
شَمّرَتْ: انْكمشتْ، يَعْنِي الكِلاب، والشَّمري: المشمَّر، قَالَه الأصمعيّ، قَالَ: وَيُقَال: شَمّرَ إبلَه وأَشْمَرَهَا، إِذا أَكمشها وأَعْجلها، وَأنْشد:
لَمَّا ارْتَحَلنَا وأَشْمَرنَا ركائبَنَا
ودونَ وَارِدَةِ الجَوْنِيِّ تَلْفَاظُ
سلَمة، عَن الْفراء: الشَّمَّرِيُّ: الكَيِّسُ فِي الْأُمُور المنْكمش، بِفَتْح الشين وَالْمِيم، وَمن أمثالهم: (شَمَّرَ ذَيلاً وادَّرَعَ لَيْلاً) أَي قَلَّصَ ذَيْلَهُ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَا يُقِرّ أحدٌ أَنه كانَ يَطَأُ وَلِيدَتَهُ إلاّ أَلحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَمن شاءَ فَلْيُمْسِكْها، وَمن شَاءَ فَلْيُسَمِّرْها) .
قَالَ أَبُو عبيد: هَكَذَا الحَدِيث بالسِّين، وَسمعت الأصمعيّ يَقُول: أعرف التشمير بالشين وَهُوَ الْإِرْسَال.
قَالَ: وأراهُ من قَول النَّاس: شَمّرْتُ السَّفِينَة: أرْسَلْتُها فحوِّلت الشين إِلَى السِّين.
قَالَ أَبُو عُبيد: الشين كثير فِي الشّعْر وَغَيره.
وَقَالَ الشماخ يَذْكُرُ أَمْراً أَرِقَ لَهُ:
أَرِقْتُ لَهُ فِي القوْم والصُّبْحُ ساطِعُ
كَمَا سَطَعَ المَرِّيخُ شَمَّرَهُ الغَالي(11/250)
وَقَالَ شمر: تَشمِيرُ السّهم: حَفْزُه وإكماشه وإرسَالُه.
قَالَ أَبُو عُبيد: وأمَّا السِّين فَلم نَسْمعه إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَلَا أَرَاهَا إِلَّا تحويلاً كَمَا قَالُوا: أَرشم بالشين، وَهُوَ فِي الأَصْل بِالسِّين، وكما قَالُوا: سَمَتَ العَاطِسَ وشَمَّته.
وَقَالَ المؤرِّج: رجل شِمْرٌ، أَي زَوْلٌ بصيرٌ بالأمور، نافِذٌ فِي كل شَيْء، وأَنشد:
قَدْ كُنتُ سَمْسِيراً قَدُوماً شِمرا
قَالَ: والشِّمْرُ: السَّخِيُّ الشجاع، وانشمَرَ لِلْأَمْرِ، إِذا خَفَّفَ فِيهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الأمْرش: الرجلُ الْكثير الشَّرّ، يُقَال: مَرَشه، إِذا آذاه، والأَرمَش: الحسنُ الخُلُق. والأَمْشر: النّشيط. والأرشمُ: الشَّرِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَمْراش: مَسايِلُ الماءِ تَسْقي السُّلْقان.
مشر: قَالَ اللَّيْث: المَشْرَةُ: شِبْه خُوصةٍ تخرج فِي الْعِضَاه، وَفِي كثير من الشّجر أَيام الخريف، لَهَا ورقٌ وأغصَان رَخْصَةٌ.
يُقَال: أمشرت الْعِضَاهُ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زِياد والأحمر: أَمْشَرَت الأَرْض، وَمَا أَحْسَنَ مَشَرَتها.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: مَشَرَتُها: وَرَقُها. وَيُقَال: أُذُنٌ حَشْرَةٌ ومَشْرَةٌ، أَي مُؤَللَةٌ عَلَيْهَا مَشْرَةُ العِتْق، أَي نضارَتُه وحُسْنُه.
وَقَالَ النَّمِريّ يصف فرسا:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ
كأُعْليطِ مَرْخٍ إِذا مَا صَفِرْ
وَقيل: مَشْرَةٌ: إتْباعٌ لحَشِرة.
أَبُو عُبيد: مَشَرْتُ اللَّحمَ: قَسَمْتُه، وَأنْشد:
فقُلْتُ أشِيعَا مَشَّرَ القِدْرَ حَوْلَنا
وأيَّ زَمَانٍ قَدْرُنَا لَمْ تُمَشَّرِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّمشير: حُسنُ نَباتِ الأَرْض واسْتِواؤُه، والتَّمشير: نشاطُ النَّفْسِ لِلْجماع.
وَفِي الحَدِيث: (إنِّي إِذا أَكَلْتُ اللَّحم وجَدْتُ فِي نَفْسي تَمْشيراً) .
والتَّمشير: الْقِسْمَةُ وتَمشَّر الشجرُ، إِذا أَصَابَهُ مطر فَخرجت ورقته، وتَمَشَّرَ الرجل، إِذا اكتسَى بعد عُرْي، وَامْرَأَة مَشرَةُ الأعْضاء، إِذا كَانَت رَيّا، والْمَشْرَةُ من الْعُشب مَا لم يطلّ.
وَقَالَ الطرماح:
عَلَى مَشْرَةٍ لَمْ تَعْتَلِقْ بالْمَحَاجِن
وتَمشَّرَ الرَّجُل، إِذا اسْتَغْنَى، وَأنْشد:
ولَوْ قَدْ أَتانَا بُرُّنَا ودَقِيقُنَا
تَمشَّرَ منكمْ مَنْ رَأَيْنَاهُ مُعْدِمَا
شمر: أرضٌ ماشِرَةٌ، وَهِي الَّتِي قد اهْتَزَّ نباتها، واسْتَوَتْ ورَوِيَتْ من المطرِ.(11/251)
وَقَالَ بَعضهم: أرضٌ نَاشِرَةٌ بهَذَا المَعْنَى.
(أَبْوَاب) الشين واللاّم)
(ش ل ن)
ش ل ف
استُعْمِل من وجوهه: فشل، شفل.
شفل: أهمل اللَّيْث شَفَلَ، وقرأتُ فِي كتاب النَّضر بن شُميل: الْمِشْفَلَةُ: الكَبَارَجَة، والْمَشافِلُ جَماعَة. قَالَ: الْقُرْطَالَةُ: الكَبَارَجَةُ أَيْضاً. قَالَ: وسَمِعْت شَامِيّاً يَقُول: والْمِشْفَلَةُ: الكَرِشُ.
فشل: قَالَ اللَّيْث: رجل فَشِلٌ، وَقد فَشِلَ يَفْشَلُ عِنْد الْحَرْب والشِّدَّة، إِذا ضَعُفَ وَذَهَبت قُواه، وَيُقَال: إِنَّه لَخَشْلٌ فَشْلٌ، وَإنَّهُ لَخَشِلٌ فَشِلٌ.
وَقَالَ الله جَلَّ وعزَّ: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الْأَنْفَال: 46) .
قَالَ الزّجاج: أَي تَجْبُنُوا عَن عَدُوِّكُمْ إِذا اخْتَلَفْتُمْ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِفْشَلُ: الَّذِي يَتَزَوَّجُ فِي الغَرائِب لِئَلَّا يَخْرُجَ ولدُه ضَاوِياً، والمِفْشَلُ: سِتْرُ الْهَوْدَج.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ الْفِشْل، وَهُوَ أنْ يُعلِّقَ ثَوْباً على الهَوْدَج، ثمَّ يُدْخِلُهُ فِيهِ ويَشُدُّ أطرافَه إِلَى القَواعد، فَيكون وجايَةً من رُؤوس الأَحْنَاءِ والاقْتاب، وعُقَد العُصُمِ، وَهِي الْحِبال.
وَقد افْتَشَلَت المرأَةُ فِشْلَها، وفشلَتْهُ.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الفِشْلُ: سِتْرُ الهَوْدَج. قَالَ: والفَيشَلَةُ: طَرَفُ الذّكَر، وَجَمعهَا الفَيشَل والفَياشلُ. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: تَفَشَّلَ فلانٌ مِنْهُم امرأَةً، إِذا تَزَوَّجَها.
ش ل ب
استُعْمِل من وجوهه: شبْل.
شبْل: قَالَ اللَّيْث: الشِّبْلُ وَلَدُ الأَسَد.
أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: الإشبَالُ التَّعَطّفُ على الرجُل ومعونته.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
هُمُ رَئموها غَيرَ ظَأْرٍ وأَشبَلُوا
عَلَيْهَا بأَطْرَافِ الْقَنَا وتَحدَّبُوا(11/252)
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: المُشبِلَةُ من النِّساء هِيَ الَّتِي تُقِيم على وَلَدهَا بعد زَوجهَا وَلَا تَتَزَوَّجُ.
يُقَال لَهَا: أَشَبَلَتْ وحَنَتْ على وَلَدهَا.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: إِذا كَانَ الغُلام مُمْتَلِيءَ البَدن نَعْمَةً وشَباباً، فَهُوَ الشابِلُ، والشابنُ والحِضْجَر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: إِذا مَشى الْحُوَارُ مَعَ أُمِّهِ فَهِيَ مُشبِلٌ.
قَالَ الأزهريّ: قِيلَ لَها: مُشْبِلٌ؛ لشفقتِها على وَلَدهَا.
ش ل م
شلم، شَمل، مشل، ملش، لمش.
شلم: قَالَ اللَّيْث: شَالَمٌ وشَيْلَمٌ، بلغةِ أهل السَّواد، هُوَ الزُّوَانُ الَّذِي يكون فِي البُرّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الشَّيْلَمُ والزُّوَانُ والسَّعِيعُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ السُّلَمِيَّ يَقُول: رَأَيتُ رجلا يَتَطَايَرُ شِلَّمةٌ وشنّمُه.
إِن تحمليه سَاعَة فرُبَّما
أَطارَ فِي حُب رِضاكَ الشِّلَّما
سلَمة عَن الْفراء، قَالَ: لم يَأْت على فَعَّلَ اسمٌ إِلَّا بَقَّم، وعَثّر وبَذَّر، وهُما مَوْضعان، وشَلَّم بَيْتُ الْمُقَدّس وخضَّمُ: اسمُ قَرْية.
مشل: أهْمله اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتعمل.
رَوى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الْمَشْلُ الحَلْبُ الْقَلِيل، والْمِمْشَلِ: الحالِبُ الرَّفيق بالحلْب.
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: مَشَّلَت النّاقة تمشيلاً، إِذا أنزلت شَيْئا من اللَّبن قَلِيلا.
شَمِر، عَن ابْن شُميل: تمشيلُ الدِّرَّة: انتِشارُها لَا يجْتَمع فيحلبها الحالِبُ أَو فَصِيلها.
قَالَ شمر: وَلَو لم أسْمَعه لَهُ لأنكرته.
سلَمة، عَن الْفراء: التَّمشِيلُ: أَن يَحْلُب ويُبْقَى فِي الضَّرْع شَيْئا، وَهُوَ التَّفشيلُ أَيضاً.
لمش: أهمله اللَّيث، وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: اللَّمْشُ: الْعَبَثُ، وَهَذَا صَحِيح.
ملش: وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: مَلَشتُ الشيءَ أَمْلِشهُ مَلْشاً، إِذا فَتَّشتَه بيدِكَ كَأَنَّك تَطْلب فِيهِ شَيْئا.
شَمل: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَشمَلَ الْفَحْلُ شَوْلَه إشمالاً، إِذا أَلْقَحَ النِّصفَ مِنْهَا إِلَى الثُّلُثَين، فَإِذا أَلْقَحَهَا كُلَّها قيل: أقمهَا حَتَّى قَمَّتْ تَقِمّ قُمُوماً.
وَشملت النَّاقة لَقاحاً شَمَلاً، وأَشْمَلَ فلانٌ خَرَائِفَهُ إِشْمالاً، إِذا لَقَطَ مَا عَلَيْهَا من الرُّطَب إلاَّ قَلِيلا، والخَرائِفُ: النخيل اللواتي تُخْرَصُ أَي تُحزَرُ، واحدتها(11/253)
خَرُوفَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال لما بَقِيَ فِي العِذْق بعد مَا يُلْقَطُ بعضه شَمَلٌ، وَإِذا قلَّ حَمْلُ النّخلة، قيل فِيهَا شَمَلٌ أَيْضا.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عُبيدة يَقُول: حِمْلُ النَّخلة مَا لم يَكثر ويَعظُم، فَإِذا كثر فَهُوَ حَمْلٌ، وشَمَلْتُ الشاةَ شَمْلاً أَشْمُلُها إِذا شدَدْت الشِّمال عَلَيْهَا.
الأصمعيّ، والكسائيّ: فِي شِمال الشَّاة مِثْله.
وَقَالَ اللَّيْث: شَمِلَهم أمْرٌ، أَي غَشيتهُم يَشمَلُهُمْ شَمْلاً وشُمولاً. قَالَ: واللَّون الشَّامِل: أَن يكون لون أسود يعلُوه لونٌ آخر. والشِّمال خلاف الْيمن خَلِيقَة الْإِنْسَان، وَجمعه شمائِل.
وَقَالَ لبيد:
هُمُ قَوْمِي وَقد أَنْكَرْتُ مِنْهُمْ
شمائِلَ بُدِّلُوها من شِمالِي
وَإِنَّهَا لحسنة الشَّمَائِل، ورجُل كَريمُ الشمائِل، أَي فِي أَخْلاقه وعِشرتِه. والشَّمَال: ريحٌ تَهُبّ من قِبَلِ الشّام، عَن يسَار الْقِبلة، والشَّمأَلُ لغةٌ فِيهَا، وَقد شَمَلَتْ تَشْمُل شُمولاً. وأَشْمَلَ يومُنا، إِذا هَبَّتْ فِيهِ الشمَال، وغَدِيرٌ مَشْمول: شَمَلَتْه ريح الشمَال، أَي ضَرَبَتْهُ فَبَرَدَ ماؤُه، وخَمْرٌ مَشمولة: بارِدَةٌ، والشَّمْلَة: كِسَاءٌ يُشتَمل بِهِ، وَجَمعهَا شِمال.
قلت: الشمْلَةُ عِنْد الْبَادِيَة: مِئْزَرٌ من صُوفٍ أَو شَعَرٍ يُؤْتَزَرُ بِهِ، فَإِذا لُفِّقَ لِفْقَان فَهِيَ مِشمَلَة يَشتَمِلُ بهَا الرّجل إِذا نَام باللَّيل، والشِّملة: الحالةُ الَّتِي يَشتَمِلُ بهَا.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن اشْتِمال الصَّمَّاء.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هُوَ أَن يشتَمِلَ بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّل جَسَدَه لَا يَرْفَع مِنْهُ جانِباً، فَيكون فِيهِ فَرْجَةٌ تَخْرُج مِنْهَا يَده، وَرُبمَا اضْطَجع فِيهِ على هَذِه الْحَالة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَأما تَفْسير الفُقهاء فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: هُوَ أَنْ يشتَمِلَ بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره، ثمَّ يَرْفعه من أحد جانبيه، فيضعه على مَنْكِبه فيبدو مِنْهُ فَرْجُه.
قَالَ: والفقهاءُ أعلمُ بالتّأويل من هَذَا، وَهَذَا أصَحُّ فِي الْكَلَام، وَالله أعلم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشَّمول: الخَمْر، لِأَنَّهَا تَشمل بريحها النّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ البَارِدَة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: شَمَلْتُ الْخمر، إِذا وضعتَها فِي الشَّمال، وَلذَلِك قيل للخمر: مَشمُولَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْمِشْمَلُ: ثوبٌ يشْتَمل بِهِ، والمِشمَلُ أَيْضا: سَيْفٌ قصيرٌ دَقِيق نَحْو المِغْوَل.
وَقَالَ اللَّيْث: المِشمَلَةُ والمِشمَلُ: كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ متَفَرق يُلْتَحفُ بِهِ دون القَطِيفة،(11/254)
وَقَالَت امرأةُ الْوَليدِ لَهُ: من أَنْتَ ورأْسُكَ فِي مِشمَلِكَ؟
أَبُو زَيْد: يُقَال: اشْتَمَل فلَان على ناقَةٍ فذَهب بهَا أَي ركِبها وذَهب بهَا، وَيُقَال: جَاءَ فلَان مُشتَمِلاً على دَاهِيَة. والرَّحِمُ تشتَمل على الولَد، إِذا تَضَمَّنَتْهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ فِي قَول جرير:
حَيُّوا أُمَامَة واذكُروا عَهْداً مَضَى
قَبْل التَّفَرُّق من شَمَالِيلِ النَّوَى
قَالَ: الشَّماليل الْبَقايا، قَالَ: وَقَالَ أَبُو صَخْر، وَعمارَة: عَنَى بشماليل النَّوى: تَفَرُّقها.
قَالَ: وَيُقَال: مَا بَقِيَ فِي النّخلة إلاَّ شَمَلٌ، وشَماليل، أَي شَيْءٌ مُتَفَرِّق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّماليل: شيءٌ خَفِيف من حَمْل النَّخْلة، وناقة شِمْلال: خَفِيفَةٌ، وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
كَأَنِّي بفَتْخَاءِ الْجَناحَيْن لِقْوَةٍ
دَفُوفٍ من العِقْبَانِ طَأْطأْتُ شِمْلالِي
ويروى:
عَلَى عَجَلٍ مِنْهَا أُطَأْطِيءُ شِمْلاَلِي
وَمعنى طَأْطَأْتُ: أَي حرّكتُ واحتَثَثْتُ، وطأطأ فلَان فَرَسَه: إِذا حَثَّها برجْلَيه، وَقَالَ المرَّار:
وإذَا طُؤْطِيءَ طَيَّارٌ طِمِرّ
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: أَرَادَ بقوله أُطأْطِيءُ شِمْلاَلِي: يَدَه الشِّمال، والشِّمال والشِّمْلال وَاحِد، وَيُقَال للناقةِ السريعة: شِمْلال، وَهِي الشِّمِلَّةُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول زُهَيْر:
نَوًى مَشْمولَةً فَمَتى اللِّقاءُ
قَالَ: مَشمُولة: سريعةُ الانْكِشاف، أَخَذَه من أنَّ الرّيح الشمَال إذَا هبَّتُ بالسّحاب، لم يلبث أَن يَنْحَسِرَ وَيذْهب، وَمِنْه قولُ الهُذَلي:
حارَ وَعقَّتْ مُزْنَةُ الريحُ وانْ
قَارَ بِهِ الْعَرْضُ وَلم يشمَلِ
يَقُول: لم تَهبّ بِهِ الشمَال فتقشعه، قَالَ: والنَّوى والنِّيَّةُ: الموضِعُ الَّذِي تَنُوِيه.
قَالَ ابنُ السّكيت فِي قَول أبي وَجْزَة:
مَجْنُوبَةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَوَاعِدُهَا
من الهِجانِ الجمالِ الشُّطْبِ والْقَصَبِ
قَوْله: مَجْنُوبَة الأنْس، أَي أُنسها محمودٌ؛ لأنَّ الْجُنوبَ مَعَ الْمَطَر فَهِيَ تُشْتَهى لِلخِصْب، وَقَوله: مَشْمُولٌ مواعِدُها، أَي لَيست مواعيدها بمحمودة.
وَيُقَال: بِهِ شَمْلٌ من جُنُون، أَي بِهِ فَزَعٌ كالجنون، وَأنْشد:
حَمَلَتْ بِهِ فِي لَيْلَةٍ مَشْمُولَةٍ
أَي فَزِعَةٍ، وَقَالَ آخر:(11/255)
فَمَا بِي مِنْ طَيْفٍ على أَنَّ طَيْرَةً
إِذَا خِفْتُ ضَيْماً تَعْتَرِيني كالشَّمْلِ
قَالَ: كالشَّمل: كالجُنون من الْفَزع.
والشَّمل: الاجْتماع. جَمعَ الله شَمْلَك، وَيُقَال: انشَمَل الرجل فِي حَاجَته. وانشمَرَ فِيهَا، وَأنْشد أَبُو تُرَاب:
وجْنَاءُ مُقَوَرَّةُ الألْياطِ يَحْسَبُها
مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبَعَةٍ
فِي لاَزِقٍ لَحِقَ الأَقْرابَ فانشمَلاَ
أَرَادَ أَرْبَعَة أخْلاف فِي ضَرْعٍ لازقٍ لحقَ أقرابَها فانشمرَ، وانْضَمّ.
وَقَالَ الآخر:
رَأَيْتُ بَنِي العَلاَّتِ لما تَضَافَرُوا
يَحوزون سَهْمِي دُونَهُمْ فِي الشَّمَائِل
أَي يُنزلونني بالمنزِلة الْخَسِيسة، وَالْعرب تَقول: فلَان عِنْدي بِالْيَمِينِ، أَي بمنزلَةٍ حَسَنَة، وَإِذا خسَّتْ منزلَتُه قَالَ: أَنْت عِنْدِي بالشِّمال.
وَقَالَ عدِي بن زيد يُخَاطب النُّعمان بن المِنْذِر، ويفضله على أَخِيه:
كَيفَ تَرْجو رَدَّ المُفِيضِ وَقد أَخَّ
رَ قِدْحَيْكَ فِي بَياضِ الشِّمال
يَقُول: كنتُ أَنا المُفيضَ بقدح أَخيك وقِدْحِك ففوَّزْتُك عَلَيْهِ، وَقد كَانَ أَخُوك قد أَخَّرَك، وجعلِ قِدْحَكَ بالشِّمال لِئَلَّا يَفُوز، قَالَ: وَيُقَال: فلَان مَشمُول الخَلاَئق، أَي كريم الأَخْلاق، أُخِذَ من المَاء الَّذِي هَبّت بِهِ الشَّمالُ فَبَرَّدَتْه.
والشماليل: جِبَالُ رمالٍ مُتَفرقة بِنَاحِيَة مَعْقُلَة.
قَالَ: وَيُقَال للريح الشَّمال: شَمْأَلَ وشأمَلٌ وشَوْمَلٌ وشَيْمَلٌ وشَمْلٌ. وَزَاد ابْن حبيب: شَمُولٌ وشَمَلٌ، وَأنْشد:
ثَوَى مالِكٌ ببلادِ العَدُوّ
تَسْفِي عَلَيْهِ رِياحُ الشمَلْ
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْقُرْآن فَقَالَ: (يُعْطَى صاحبُه يَوْم الْقِيَامَة المُلْكَ بِيَمِينِهِ، والخُلَد بِشمَالِهِ) ، لم يرد بِهِ أَن شَيْئا يوضع فِي يَمِينه وَلَا فِي شِمَاله، وَإِنَّمَا أَرَادَ أنَّ الملكَ والخُلْد يُجْعلان لَهُ، وكلُّ من جُعِلَ لَهُ شَيْء فملكه فقد جُعل فِي يَده وقبضته، وَمِنْه قيل: الأمْرُ فِي يَدِكَ، أَي فِي قَبْضَتِكَ، وَمِنْه قَول الله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} (آل عمرَان: 26) أَي هُوَ لَهُ وَإِلَيْهِ. وَقَالَ الله جلّ وعزَّ: {الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (الْبَقَرَة: 237) يُراد بِهِ الْوَلِيّ الَّذِي إِلَيْهِ عَقدُه، وَأَرَادَ الزوجَ الْمَالِك لنكاح المرْأَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: أُمُّ شَملَةٌ: كُنْيَةُ الدُّنيا، وَأنْشد:
من أمِّ شمْلَةَ تَرْمِينَا بِذَائِفِها
عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: أم شَمْلة، وأُمّ(11/256)
ُ ليلى: كُنْيَةُ الْخمر.
(أَبْوَاب الشين وَالنُّون)
ش ن ف
شفن، شنف، نشف، نفش، فنش، فشن.
شنف، شفن: أَبُو عُبيد، عَن الكسائيّ: شَفَنتُ إِلَى الشَّيْءِ، وشنَفتُ، إِذا نظرت إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي الشَّفْنِ والشنَفِ مِثله. وَأنْشد:
وقَرَّبُوا كُلَّ صِهْمِيمٍ مَناكِبُه
إِذا تَدَاكَأَ مِنهُ دَفعُهُ شَنَفَا
وَقَالَ الأخطل:
وإذَا شَفَنَّ إِلَى الطَّرِيقِ رَأَيْتَهُ
لَهَفاً كَشاكِلَةِ الحِصَانِ الأبلَقِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّطُونُ: الْغَيُورُ الَّذِي لَا يَفْتُرُّ بصرُه عَن النّظَر من شِدَّة الْغَيرة والْحَذَرَ، وَأنْشد:
حِذَارهُ مُرْتَقِبٌ شَفُونَا
وَقَالَ العجاج:
أزمانُ غَرَّاءُ تروقُ الشُّنَّفَا
أَي تُعْجِبُ من نَظَر إِلَيْهَا.
وَفِي حَدِيث مُجالد بن مَسْعُود، أَنه نظر إِلَى الأَسْودِ بن سَريع يَقُصُّ فِي نَاحيَة المَسْجد، فشَفَن النَّاسُ إِلَيْهِم.
قَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ أَبُو زيد: الشَّفْنُ: أَنْ يَرْفَعَ الإنْسان طَرْفَهُ ناظِراً إِلَى الشّيْء كالمتعجّبِ مِنْهُ، أَو كالكارِهِ لَهُ، وَمثله: شَنَفَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنَفُ: شِدَّةُ الْبُغْضِ، يُقَال: شَنِفَهُ، أَي أَبْغَضَهُ، وَأنْشد:
ولَنْ أَزَالَ وإنْ جَامَلْتُ مُحْتَسِباً
فِي غَيْرِ نَائِرَةٍ ضَبّاً لَهَا شَنِفَا
أَي مُبْغِضاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الشَّنْفُ بفَتْحِ الشين: فِي أَعْلَى الأُذن، والرَّعْثَةُ: فِي أَسْفَل الأُذُن، وَجمعه: شُنُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّنْفُ: مِعْلاَقٌ فِي قُوفِ الأُذُن.
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: الشَّفْنُ، ساكِنُ الْفَاء: الكَيِّس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّفْنُ: رَقِيبُ الْمِيراث.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الشَّفْن: الانتِظَار، وَمِنْه قَول الْحسن: (تَمُوتُ وتَتْرُكُ مالَكَ للشافِنِ) .
والشَّفْنُ: الْبُغْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَنِفْتُ: فَطِنْتَ، وَأنْشد فِي ذَلِك قَوْله:
وتَقُولُ: قَدْ شَنِفَ الْعَدُوُّ فَقُلْ لهَا
مَا لِلْعَدُوِّ لغَيْرهَا لَا يَشنَفُ
أَبُو زيْد: من الشِّفاه والشَّنْفَاءُ، وَهِي(11/257)
الْمُنْقَلبة الشفَةِ الْعليا من أَعْلَى، وَالِاسْم الشَّنَفُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَنِفْتُ لَهُ وَعَدِيتُ لَهُ، إِذا أَبْغَضْتَه.
قَالَ: وَيُقَال: مَالِي أراكَ شانِفاً عَنِّي وخَانِفاً، وقَدْ خَنَفَ عَنِّي وَجْهَه، أَي صَرَفَه.
نفش: قَالَ اللَّيْث: النَّفْشُ: مَدُّك الصّوفَ حَتَّى يَنْتَفِشَ بعضُه عَن بعض، وكلّ شَيْء ترَاهُ مُنْتَبِراً رِخْوَ الْجَوْفِ، فَهُوَ مُنْتَفِشٌ ومُتَنَفِّشٌ. وَقد يُقَال: أَرْنَبَةٌ متنفِّشة، إِذا انْبَسَطَت على الْوَجْه، وَقد تنَفّشَ الضِّبعَانُ، أَو بَعْض الطّير، إِذا نَفَضَ رِيشه كأَنَّه يخَاف أَو يُرْعَد.
وَيُقَال: أَمَةٌ مُتَنَفِّشةٌ.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: النَّفَش: أَنْ تنتشِرَ الإبلُ باللَّيل فَتَرْعَى، وَقد أَنفَشتُها، إِذا أرسَلْتَها بِاللَّيْلِ، فَتَرعَى بِلَا راعٍ وَهِي إبلٌ نُفَّاشٌ، وَأنْشد:
أجْرِسْ لَهَا يَا بْنَ أبي كِبَاشِ
فَمَا لَهَا اللَّيْلة من إنْفاش
غير السّرى وسائِقٍ نَجَّاش
إلاّ بِمَعْنى غير السُّرى كَقَوْلِه: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ} (الْأَنْبِيَاء: 22) أَرَادَ غير الله.
قَالَ المنذريّ: أَخْبرنِي ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: يُقَال: نفِشت الإبلُ تَنَفش ونفَشتْ تَنفُش، إِذا تَفَرَّقت، فرعت بِاللَّيْلِ من غير عِلم راعيها، وَالِاسْم: النَّفَش، وَلَا يكون إِلَّا باللَّيل، وَيُقَال: باتت غَنَمُه نَفَشا، وَهُوَ أَن تَفَرَّقَ فِي المرْعى من غير علم صاحِبها، وَقد نَفِشتْ نَفَشا.
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي طَالب، أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: إنْ لم يكن شحمٌ فَنَفَشٌ، قَالَ: قَالَ ابْن الأعرابيّ مَعْنَاهُ: إِن لم يكن فِعْلٌ فَرِياءٌ، قَالَ: والنَّفَش: الصُّوفُ.
فشن: قَالَ اللَّيْث: فَيْشون: اسمُ نَهر.
فنش: قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت السُّلَمِيّ يَقُول: بَنّش الرجلُ فِي الأَمر وفَنّشَ، إِذا اسْتَرْخَى فِيهِ، وَأنْشد أَبُو الْحسن:
إنْ كُنْتَ غَيْرَ صائِدِي فَنَبِّشِ
قَالَ: ويروى: (فَبَنِّش) أَي اقعُد.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعتُ العَبْسِيِّين يَقُولُونَ: فَنّش الرجلُ عَن الْأَمر، وفَيَّش إِذا خَامَ عنْه.
نشف: قَالَ اللَّيْث: النَّشْفُ: دخولُ المَاء فِي الأَرْض، والنشْفُ: حِجَارَة على قَدْر الأَفهار ونَحْوها سُودٌ كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَة، تُسمى نَشْفه ونشَفاً، وَهُوَ الَّذِي يُنَقِّي بِهِ الوَسَخُ فِي الحمامات، سُميت نَشْفة لتَنشفُّها الماءَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّيت نَشْفَةً لانتِشافها الوسَخَ عَن مَواضِعِه، والجميع النَّشْفُ. والنَّشْفَةُ: الصُّوفة الَّتِي يُنْشفُ بهَا المَاء من(11/258)
الأَرْض.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكيت: النَّشْفُ: مَصدر نَشِفَ الحوضُ الماءَ يَنْشَفُه نشفَاً، وَيُقَال: أَرضٌ نَشِفَةٌ بَيِّنَةُ النَّشَف، إِذا كَانَت تَنْشَفُ المَاء.
وَقَالَ فِي بَاب فَعِلَ: وَهُوَ الفصيح الَّذِي لَا يُتَكَلَّمُ بِغَيْرِهِ، وَمن العَرب من يَفتَح نَشِف الحوضُ مَا فِيهِ من المَاء، يَنشفُه، ونَفِذَ الشَّيْء يَنْفَذُ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: النِّشْفُ والنَّشَفَة: حِجَارَة الحَرَّة وَهِي سودٌ كَأَنَّهَا مُحتَرقة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّشْفَةُ: الْحِجَارَة الَّتِي يُدلَكُ بهَا الأقْدام. وَقَالَ الأمويّ مِثلَه، إِلَّا أَنه قَالَ: النِّشْفَةُ، بِكَسْر النُّون.
اللّحيانيّ: انْتُسِف لونُه، وانْتُشفَ لَونه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ الرُّغْوَةُ والنُّشافَةُ لما يَعْلُو أَلْبان الْإِبِل والغنمَ إِذا حُلِبَت.
وَيُقَال انتَشفتُ، إِذا شرِبْت النُّشَافَةَ، وَيَقُول الضبيّ: أنشفْني، أَي أعْطني النُّشافَة أَشرَبُها. وَيُقَال: أَمْست إبلكم تُنَشِّفُ وتُرَغِّي، أَي لَهَا نُشَافَةٌ ورُغْوَة.
وَقَالَ اللّحيانيّ: النُّشافَة والنُّشْفَةُ: مَا أَخَذته بمغْرَفةٍ من القِدر، وَهُوَ حارٌّ فَتَحَسَّيْتَهُ.
وَقَالَ النَّضر: نَشَّفَت النَّاقة تَنشيفاً، وَهِي ناقةٌ مُنَشِّفٌ، وَهُوَ أَن ترَاهَا مَرَّة حافِلاً، وَمرَّة لَيْسَ فِي ضَرْعِها لَبَن، وَإِنَّمَا تَفعل ذَلِك حِين يدنو نَتَاجها، والنُّشافَةُ: الرُّغْوة، وَهِي الجُفَالَة.
ش ن ب
شنب، نشب، نبش، بنش، شبن.
شبن: الشابِنُ والشَّابِلُ: الْغُلَام الثّار الناعم، وَقد شَبَنَ وشَبَلَ.
شنب: شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الشَّنَب فِي الْأَسْنَان أَن ترَاهَا بَيْضَاء مُسْتَشْرِبة شَيْئا من سَواد، كَمَا ترى الشَّيْء من السَّوَادِ فِي البُرُد. وَقَالَ بَعضهم يصف الْأَسْنَان:
مُنَصَّبُها حَمْشٌ أَحَمُّ يَزِينُه
عوارضُ فِيهَا شُنْبَةٌ وغُروب
والغروب: مَاء الْأَسْنَان، والظَّلَمُ: بياضها كَانَ يعلوه سَواد.
قَالَ اللَّيْث: الشَّنَبُ: ماءٌ ورِقَّةٌ تجْرِي على الثَّغْر.
عَمْرو، عَن أَبِيه: المشانِبُ: الأفواه الطّيبة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المِشْنَبُ: الغلامُ الحَدث المحزَّزُ الْأَسْنَان المُؤَشَّرُها فَتَاءً وحَدَاثَةً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتَلَفَوا فِي الشَّنَب، فَقَالَت طَائِفَة: هُوَ تَحْرِيزُ أَطْرَاف الْأَسْنَان، وَقيل: هُوَ صفاؤُها ونقَاؤُها، وَقيل هُوَ(11/259)
تَفْلِيجُهَا، وَقيل: طِيبُ نَكْهتِها.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشَّنَبُ: البَرْدُ والعذُوبَةُ فِي الْفَم.
وَقَالَ اللَّيْث: رُمَّانَةٌ شنْبَاء، وَهِي المَلِيسَةُ، وَلَيْسَ فِيهَا حَبّ، وَإِنَّمَا هُوَ ماءٌ فِي قِشْرٍ على خِلْقَة الحَبّ من غير عَجَم.
نشب: عَمْرو، عَن أَبِيه: المنَاشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المِنْشَبُ: الخَشُوُ، أَتَوْنَا بخِشْوِ مِنْشَبٍ يَأْخُذُ بالحلْقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّشَبُ: المالُ الأصيلُ.
أَبُو عبيد: من أسماءِ المَال عِنْدهم النَّشَب.
يُقَال: فلَان ذُو نشبٍ، وَفُلَان مَاله نَشب.
وَقَالَ اللَّيْث: نَشِبَ الشَّيءُ فِي الشَّيْء نَشَباً، كَمَا يَنْشَبُ الصَّيد فِي الْحِبالة. وأَنشبَ البازِيّ مخالبه فِي الأَخِيذة، ونَشِبَ فلَان مَنشِبَ سوء، إِذا وَقع فِيمَا لَا مَخْلَصَ لَهُ مِنْهُ، وَأنْشد لأبي ذُؤَيْب:
وَإِذا المِنيّةُ أَنشبَتْ أَظفارَهَا
أَلْفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لَا تَنْفَعُ
والنُّشَّابُ: جمع النُّشَّابة، والنَّاشِبَةُ: قومٌ يرْمونَ بالنُّشَّابِ، والنَّشَّاب: مُتَّخِذه، وأُشْبَة ونُشْبَة: من أَسمَاء الذِّئبِ.
وَقَالَ غَيره: انتشبَ فلَان طَعَاما، أَي جمعه، وَاتخذ مِنْهُ نَشَباً، وانتشبَ حطباً: جَمَعه.
قَالَ الْكُمَيْت:
وأَنْفَدَ النَّمْلُ بالصَّرَائِم مَا
جَمَّعَ والحاطِبُونَ مَا انتَشَبُوا
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: أَنْشَبَتِ الرّيحُ، وأَسْنَفَت، وأَعَجَّتْ، كلُّ هَذَا فِي شِدَّتِها وسَوْفِها التُّرَاب.
نبش: قَالَ اللَّيْث: النَّبْشُ: نبشكَ عَن الميّت، وَعَن كلِّ دَفِين، وأَنابيشُ العُنْصُل: أُصُوله تَحت الأَرْض، وَاحِدهَا أُنْبُوشة، وَأنْشد:
بأَرْجائِهِ القُصْوَى أَنابيشُ عُنْصُلِ
بنش: قَالَ اللحياني: بنَّشَ: قَعَدَ.
ش ن م
شنم، نَشُمُّ، نمش، مشن.
نَشُمُّ: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: من أَشجَار الْجبَال النَّبْعُ والنَّشَمُ.
وَقَالَ غَيره: يُتَّخَذُ من النَّشَم القِسِيّ العَرَبيَّة.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عارِضٍ زَوْرَاءَ من نَشَمٍ
غيرِ باناةٍ على وَتَرِهْ
وَفِي حَدِيث مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: أَنه لما نَشَّمَ النَّاس فِي أمره، قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: طعنوا فِيهِ ونالوا مِنْهُ.(11/260)
قَالَ: وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي عَمْرو ابْن الْعَلَاء، أَنه كَانَ يَقُول فِي قَول زُهَيْر:
تَفَانَوا ودَقُّوا بَينَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ
قَالَ: هُوَ من ابْتِدَاء الشرّ، يُقَال: قد نَشَّمَ القومُ فِي الأمْرِ تنشيماً إِذا أَخَذُوا فِي الشَّرّ، وَلم يكن يذهب إِلَى أنَّ مَنْشَمَ امْرَأَة كَمَا يَقُول غَيره.
قَالَ أَبُو عُبيد، وَأَخْبرنِي ابْن الكلبيّ فِي قَوْله: عِطْر مَنْشَم، قَالَ: مَنْشَم: امرأةٌ من حِمْيَر، كَانَت تبيع الطِّيب، فَكَانُوا إِذا تَطيّبوا بِطيبها اشْتَدَّت حربُهم، فصارَتْ مَثلاً فِي الشَّرِّ.
وَقَالَ شمِر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: تَنَشَّمَ فِي الشيءِ، ونَشَّمَ فِيهِ، إِذا ابْتَدَأ فِيهِ وَأنْشد:
وَقَدْ أَغْتَدِي واللَّيلُ فِي جَرِيمِه
مُعَسْكِراً فِي الْغُرِّ من نُجومِه
والصُّبْحُ قد نَشمَّ فِي أَدِيمِه
يَدُعُّه بِضِفَّتَيْ حَيْزُومِه
دَعَّ الرّبيبِ لَحْيَتَيْ يتيمه
قَالَ: نَشَّمَ فِي أديمه، يُرِيد تَبدَّى فِي أَوَّل الصُّبح، قَالَ: وأديم اللَّيل: سَوادُه وجَرِيمُه: نفْسُه.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: نَشَّمَ اللَّحْم تَنْشِيماً، إِذا تَغَيَّرَتْ رِيحه لَا من نتْنٍ وَلَكِن كَراهةً.
شمِر عَن ابْن الأعرابيّ: التنْشِيمُ الابتداءُ فِي كلِّ شيءٍ.
قَالَ: والْمَنْشَمُ: شيءٌ يكون فِي سُنْبُل العِطْر، يُسَمِّيه العطَّارون رَوْقٌ وَهُوَ سَمٌّ ساعَة.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ ثمرةٌ سوداءُ مُنْتِنَة.
وَقد أكثرت الشُّعراء ذكر مَنْشَم فِي أشعارها، قَالَ الْأَعْشَى:
أَرَانِي وعَمْراً بَيْننَا دَقُّ مَنْشَم
فَلم يَبْقَ إِلَّا أَنْ أُجَنَّ ويَكْلَبَا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الْمُنَشَّمُ: الَّذِي قد ابْتَدَأَ يَتَغيَّر، وَأنْشد:
وقَدْ أُصاحِبُ فِتْياناً شَرَابُهم
خُضْرُ المَزادِ ولحمٌ فِيهِ تَنشيمُ
قَالَ: وخُضْرُ المزادِ الْفَظَ، وَهُوَ ماءُ الكَرِش، وَيُقَال: أَرَادَ أَن المَاء بَقِيَ فِي الأدَاوَى، فاخْضَرَّت من الْقَوْم.
اللِّحْيانيّ: تَنَشَّمْتُ مِنْهُ عِلماً، وتَنَسَّمْتُ مِنْهُ علما، إِذا اسْتَفَدْتَ مِنْهُ عِلما.
نمش: قَالَ اللَّيْث: النَّمَشُ: خطوطُ النُّقوش من الوَشي وَنَحْوه، وَأنْشد:
أَذَاكَ أَمْ نَمِشٌ بالوَشْيِ أَكْرُعُه
مُسَفَّعُ الخدِّ غادٍ ناشِطٌ شَبَبُ
قلت: نَمِشٌ: نعتٌ للأكْرع مُقَدَّم، أَرَادَ: أَذاك أم ثَوْرٌ نَمِشٌ أَكْرُعُه؟
وَقَالَ اللَّيْث: النَّمْشُ: النَّمِيمةُ والسِّرَارُ. والنَّمْشُ: الالْتِقَاطُ للشيءِ، كَمَا يَعْبَثُ الإنسانُ بالشَّيْء فِي الأَرْض.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم أَنه أنشدَه:(11/261)
يَا مَنْ لِقَوْمٍ رَأْيُهُمْ خَلْفَ مُدَنْ
إِن يَسْمَعُوا عَوْراء أَصْغَوْا فِي أَذَنْ
ونَمَشوا بكَلِمٍ غيرِ حَسَن
قَالَ: نَمَشُوا: خلَطوا، وثوْرٌ نمِشُ القَوائم؛ فِي قوائمه خُطوط مُختلفة، أَرَادَ خَلطوا حَدِيثا حَسَناً بقبيح.
قَالَ: ويُروَى نمسوا: أَي أَسَرُّوا، وَكَذَلِكَ هَمَسوا، وعَنْزٌ نَمْشَاءُ، أَي رَقْطَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقال فِي الْكَذِب: نَمَشٌ، ومَشَّ، وفَرَشَ، وقرَشَ ودبشَ.
أَبُو تُرَاب، عَن وَاقع: بَعيرٌ نمِشٌ ونَهشٌ، إِذا كَانَ فِي خُفِّه أَثَرٌ يَتَبيَّن فِي الأَرْض من غير أثْرِه.
مشن: قَالَ اللَّيْث: المَشْنُ: ضربٌ من الضَّرب بالسِّياط، يُقَال: مَشنَهُ ومَتَنَه، مَشنَاتٍ، أَي ضَربَات. وَيُقَال: مَشنَ مَا فِي ضَرعِ النَّاقة ومَشْقَه، إِذا حَلَبه.
أَبُو تُراب: إِن فلَانا ليمتَشُّ من فلَان ويَمتَشنُ من فلَان، أَي يُصيب مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت، عَن الكلابيّ: مَرَّتْ بِي غِرَارَةٌ فمَشَنْتني. وأَصَابَتْني مَشْنة: وَهُوَ الشَّيْء لَهُ سَعَة لَا غَوْرَ لَهُ؛ مِنْهُ مَا بَضَّ مِنْهُ شَيْء، وَمِنْه مَا لم يَجْرح الجِلد.
قلت: وسمعتُ رجلا من أهل هَجَر يَقُول لآخر: مَشِّن اللِّيف، مَعْنَاهُ: مَيِّشه وانْفُشْه للتَّلْسِين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: امْرأة مِشانٌ: سَلِيطة وَأنْشد:
وهَبْتُه من سَلْفَعٍ مِشَانِ
كَذِئْبَةٍ تَنْبَحُ بالرُّكْبَانِ
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن جُنَيْد، عَن مُحَمَّد ابْن هَارُون، قَالَ: سَمِعت عُثمان بن عبد الْوَهَّاب الثَّقفيّ يَقُول: اخْتلف أبي وَأَبُو يُوسُف عِنْد هَارُون، فَقَالَ أَبُو يُوسُف: أَطْيَبُ الرُّطَب المُشانُ، وَقَالَ أبي: أَطْيَب الرُّطب السُّكر. فَقَالَ هَارُون: يُحْضران. فَلَمَّا حضرا تنَاول أَبُو يُوسُف السُّكر، فقلتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: لما رأيتُ الْحق لم أَصْبِرْ عَنهُ.
وَمن أَمْثَال أهلِ الْعرَاق: بِعِلَّةِ الوَرَشَان تَأْكُل الرُّطَب المُشانَ.
أَبُو عَمرو: والمَشْنُ: الخدْشُ. وَقَالَ الكلابيّ: امْتَشَنْتُ النَّاقة وامْتَشَلْتُها، إِذا حَلَبْتَها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَشْنُ: مَسحُ الْيَد بالشَّيءِ الخَشن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: مَشقتُه عِشْرِين سَوْطاً ومَتَحْتُهُ ومَشنْتُهُ. وَقَالَ: كأَنَّ وجْهَه مُشِنَ بقَتَادَة، أَي خُدِش بهَا، وَذَلِكَ فِي الْكَرَاهَة والعُبوس والغَضب.
شنم: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشنْمُ:(11/262)
الخَدْش، والشُّنْم، الرِّجالُ الْمُقَطَّعو الآذان.
وَقَالَ: رَمَي فَشَنَم: إِذا خَرقَ طرف الجِلْد.
(ش ف ب) ش ف م: مُهمل.
(بَاب الشين وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ش ب م
شبم، بشم.
شبم: قَالَ اللَّيْث: الشبَمُ: بَرْدُ الماءِ، يُقَال: ماءٌ شَبِمٌ، ومطرٌ شَبِم.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: قيل لابنَة الْخُسِّ: مَا أَطْيَبُ الأشْياءِ؟ فَقَالَت: لَحْمُ جَزُورٍ سَنِمَة، فِي غَداةٍ شبِمة، بشِفارٍ خَدِمَة، فِي قُدورٍ هَزِمَة. أرادَتْ: فِي غَداةٍ بارِدَةٍ، والشفارُ الخَذِمَة: القاطِعة، والقُدور الْهَزِمَة: السريعةُ الغَليان.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشبامُ: عودٌ يُجْعَلُ فِي فَم الْجَدْي لِئَلَّا يَرْضِعُ، فَهُوَ مَشْبُوم.
وَقَالَ عدِيّ:
لَيْسَ للمرْءِ عَصْرَةٌ من وِقاعِ الدَّ
هر تُغْنِي عَنهُ شِبَامَ عَناقِ
وشِبام: حيٌّ من الْيمن.
وَالْعرب تسمي السّمّ شبِماً، وَالْمَوْت شبِماً، لبَرْده.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يقالُ لرأس البُرْقُع، الصَّوقَعَة، ولِكَفِّ عَيْن البُرْقع: الضّرْس، ولخَيطِه: الشِّبامَان.
بشم: قَالَ اللَّيْث: البَشمُ: تُخمَةٌ على الدَّسَم؛ وَرُبمَا بَشِمَ الفَصيلُ من كَثْرَة اللَّبن حَتَّى يَدْقَى سَلْحاً فَيهْلك، يُقَال: دَقِيَ: إِذا كَثُرَ سَلْحة.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: البَشامُ: شجرُ طَيِّبُ الرِّيح يُسْتَاكُ بِهِ، وَأنْشد:
أَتَذْكُرُ إذْ تُوَدِّعُنَا سُلَيْمَى
بِفَرْعِ بَشَامَةٍ سُقِيَ البَشام
آخر الثلاثي الصَّحِيح من حرف الشين.(11/263)
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الشين
(بَاب الشين وَالضَّاد)
ش ض (وَا يء)
مهمل.
(بَاب الشين وَالصَّاد)
ش ص (وَا يء)
شصا، شاص، شيص.
شوص: قَالَ ابْن شُمَيْل: رجُل بِهِ شوْصَةُ، والشّوْصَة: الرَّكْزَةُ، بِهِ رَكْزَة، أَي شوْصَةٌ قَالَ: والشوْصَةُ: ريح يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي لَحْمه، تَحَوَّلُ مرَّةً هَا هُنَا، وَمرَّة هَا هُنَا، وَمرَّة فِي الظَّهر، وَمرَّة فِي الحَوْاقِن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْصَةُ: ريحٌ تَنْعَقِد فِي الأضْلاع، تَقول: شاصَتْنِي شوْصَةٌ، والشوائِصُ أسماؤها.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يشوصُ فاهُ بالسّواك.
قَالَ أَبُو عبيد: الشّوْصُ: الغَسْل، وكلُّ شَيْء غَسَلْته فقد شصْتَهُ تَشوصُه شوْصاً، وَهُوَ الْمَوْصُ، يُقَال: مَاصَهُ وشاصَهُ، إِذا غَسَلَه.
وَقَالَ شِمر: قَالَ الفرّاء: شاسَ فَمه بالسِّواك وشاصه.
قَالَ: وَقَالَت امْرَأَة: الشوْص يُوجع، والشوْسُ أَلْيَنُ مِنْه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ يَشُوصُ، أَي يَسْتَاكُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: شصْتُ الشَّيءَ، نَقَّيْتَه.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: شوْصُه: دَلْكُهُ أَسْنَانه وشدْقَه.
وَقَالَ الهَوَازِنيّ: شاصَ الْوَلَد فِي بَطن أُمِّه، إِذا ارْتَكَضَ، يَشوصُ شَوْصَةً. [
وَقَالَ اللَّيْث: الشّوَص فِي العَيْن، وَقد شَوِصَ شوَصاً، وشاصَ يَشاصُ. قلت: الشوَسُ بالسِّين فِي العَين أَكْثَر من(11/264)
الشوَص، يُقَال: رجل أَشوَسُ، وَذَلِكَ إِذا عُرِفَ فِي نظره الغَضَبُ أَو الحِقْد، وَيكون ذَلِك من الْكِبْر، وجَمعه الشُّوس.
وَقَالَ أَبُو زيد: شاسَ الرَّجلُ سِوَاكه يَشوصُهُ، إِذا مَضَغَه، واسْتَنَّ بِهِ، فَهُوَ شائِص.
شصا: أَبُو عُبيد، عَن الفَراء: الشُّصُوُّ من الْعين مثل الشخوص. يُقَال: شصا بَصرهُ فَهُوَ يَشصُو شُصُوّاً، وَهُوَ الَّذِي كأَنَّه ينظُر إليكَ وَإِلَى آخرَ.
أَبُو الحسَنَ اللِّحيانيّ: يُقَال للميْت إِذا انْتَفَخَ فارْتفعت يَدَاهُ ورِجْلاه: قد شصَا يَشصَى شُصِيّاً، حَكَاهُ عَن الْكسَائي.
قَالَ: وَحكى لي الْأَحْمَر: شصَا يَشصُو شُصُوّاً، فَهُوَ شاصٍ.
قَالَ: وَيُقَال للشاصِي: شاظٍ، بالظاء، وَقد شظَا يَشظِي شُظِيّاً، قَالَ: وَيُقَال للزِّقاق المملوءة الشايلَة القوائم، ولِلقِربَ إِذا كَانَت مَمْلُوءَة، أَو نُفِخَ فِيهَا فارتفعَتْ قَوَائِمهَا شاصِيَة، والجميع شواصٍ، وشاصِيَاتٍ، وَأنْشد قَول الأخطل:
أَناخُوا فَجرُّوا شاصِيَاتٍ كأنّها
رِجالٌ من السُّودان لم يتسرْبَلُوا
وَقَالَ اللحياني: شصَى وشظى مثلُ ذَلِك، وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (إِذا أَرْجَعَنَّ شاصِياً فارْفَعْ يَداً) مَعْنَاهُ: إِذا ألْقى الرجلُ لَك نَفسه وغَلبْته فَرفع رجلَيْهِ، فاكْفُفْ يَدَك عَنهُ.
اللَّيْث: شصَت السَّحابة تَشصو، إِذا ارْتَفَعَتْ فِي نشوئها، والشاصِي: الَّذِي إِذا قُطعت قوائمُه ارْتَفَعَت مفاصِلُه أَبَداً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، الشَّصْوُ: السِّواكُ، والشصْوُ: الشدَّة.
شيص: أَبُو عُبيد، عَن الْفراء، يُقَال للتّمْر الَّذِي لَا يَشتَدُّ نَوَاه: الشِّيْسَاء، وَهُوَ الشيص.
وَقَالَ الأمويّ: هِيَ بلغَة بَلْحارث بن كَعْب: الصِّيص.
وَقَالَ الأصمعيّ: صَأْصَأَت النَّخلةُ، إِذا صَارَت شِيصاً، وَأهل الْمَدِينَة يُسمُّون الشيص السُّخُل.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّيصُ: شِيصَاءُ التَّمر، وَهُوَ الرَّديء مِنْهُ، وَقد أَشَاصَت النَّخْلة، والواحدة شِيصَةٌ، وشِيصَاءَةٌ ممدودَة.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : شيَّصَ فلَان النّاس، أَي عَدَّبهم بالأذى. قَالَ: وَبينهمْ مُشايصَة، أَي مُنَافَرة.
(بَاب الشين وَالسِّين)
ش س (وَا يء)
شوس، شأس، شسا.
شوس: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: شاسَ يَشاسُ وشَوِسَ يَشُوْسُ شَوَساً، وَرجل أَشْوَس، وَامْرَأَة شوْسَاءُ، إِذا عُرِفَ فِي نظره(11/265)
الغَضَب والحِقْد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّوْسُ والشَّوْصُ فِي السِّواك، والشُّوسُ: جمع الأَشْوس، وأَنشد شمر:
أَإِن رأَيتَ بني أَبيك مُحَمّجِينَ إلَيَّ شُوسَا
وَيُقَال: فلانٌ يتشاوَسُ فِي نظره، إِذا نظَرَ نظَرَ ذِي نَخْوَةٍ وكِبْر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَشْوَسُ والأشْوَزُ: المُذَيِّخُ المتكَبِّرُ، وَيُقَال: ماءُ مُشارِسٌ، إِذا قلَّ فَلم تَكَدْ تَراه فِي الرَّكيَّةِ من قِلَّتِه، أَو كَانَ بعيد الغَوْر. وَقَالَ الراجز:
أَدْلَيْتُ دَلوِي فِي صَرًى مُشاوِسِ
فبَلَّغَتْنِي بَعْدَ رَجْسِ الرَّاجِسِ
سَجْلاً عَلَيْهِ جِيَفُ الخنَافِسِ
والرَّجْسُ: تَحْرِيك الدَّلو لتَمْتَلىءَ من المَاء.
شأس: قَالَ اللَّيْث: مكانٌ شَئِسٌ، وَهُوَ الخَشنُ من الحِجارة، وأَمْكِنَةٌ شُوْسٌ، وَقد شَئِسَ شَأَساً.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَئِسَ مكانُنا شأَساً، وشئزَ شأَزاً، إِذا غَلُظَ واشتَدَّ.
قلتُ: وَقد يُخفَّفُ فَيُقَال للمكان الغليظ: شازٌ وشاسٌ، ويُقلب فَيُقَال: مكانٌ شاسِيءٌ جَاسِيءٌ: غَلِيظٌ.
(شسا) : ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّسَا: البُسْرُ الْيَابِس.
(بَاب الشين وَالزَّاي)
ش ز (وَا يء)
شأز، وشز، شيز، زوش.
شأز: فِي حَدِيث مُعاوية أنَّه دخل على خَالِه وَقد طُعنَ، فَبكى. فَقَالَ: مَا يُبْكيكَ يَا خَال؟ أَوَجَعٌ يُشئِزُكَ، أم حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: يُشْئِزُكَ أَي يُقْلِقُكَ يُقَال: شَئِزْتُ أَي قَلِقْتُ، وأَشأَزَني غَيْرِي. وَقَالَ ذُو الرَّمّة يصف ثوراً وحشياً:
فَباتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُه
تَذَاؤُبُ الرِّيح والوَسْواسُ والهضَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: شَئِزَ المكانُ، إِذا غَلظَ وارْتَفَعَ، وأَنْشَد لرؤبة:
جَذْبَ الملَهَّى شَئِزَ المعَوَّهْ
قلَبه فِي مَوضِع آخر، فَقَالَ:
شَازٍ بِمَنْ عَوَّه جَذْبَ المُنْطَلِق
ترك الْهَمْز وأَخْرجه مَخْرج: عاثٍ وعايِثٍ وعاقٍ وعايِقٍ.
أَبُو عَمْرو: وأَشأَزَ الرَّجل عَن كَذَا، أَي ارْتفع عَنهُ. وَأنْشد:
فَلَو شَهِدْتَ عُقَبِي وتَقْفازِي
أَشأَزْتَ عَن قَولك أَيَّ إشآزِ
شمر، عَن ابْن شُمَيْل: الشَّأْزُ: الموضِعُ الغليظ الْكثير الْحِجَارَة، وَلَيْسَت الشُّؤْزَةُ إِلَّا فِي حِجَارَة وخُشُونة، فَأَما أَرض غَلِيظَة(11/266)
وَهِي طينٌ فَلَا تُعَدُّ شَأْزاً.
وشز: قَالَ اللَّيْث: الْوَشْزُ من الشِّدَّة، يُقَال: أصابَهم أَوْشَازُ الْأُمُور، أَي شَدائِدُها.
وَقَالَ غَيره: لَجأْت إِلَى وَشَزٍ، أَي تَحَصَّنْتُ بِهِ.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: قَالَ: الْوَشَزُ والنَّشَزُ، كلُّه مَا ارْتفع من الأَرْض، وَأنْشد غَيره:
يَا مُرَّ قاتِلْ سَوْفَ أَكْفيك الرَّجَزْ
إنَّكَ مِنِّي مُلْجَأ إِلَى وشَزْ
قلت: وَقد جعله رؤبة وَشْزاً مُخَفَّفة، وَقَالَ:
وإنْ حَبَتْ أَوْشازُ كلِّ وشْزِ
حَبَتْ، أَي سَالَتْ بِعَدَد كثير.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ، يُقَال: إنَّ أمامك أَوْشَازاً فاحْذَرها، أَي أموراً شِداداً مَخُوفَةً. والأوشازُ من الْأُمُور: غَلْظُها.
شيز: قَالَ اللَّيْث: الشِّيزُ: خَشبَةٌ سوداءُ، يُتَّخذ مِنْهَا الأمشاط وغيرُها.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لِلْجِفان الَّتِي تُسَوَّى من هَذِه الشَّجَرَة: الشِّيزَى.
وَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَيّ:
إِلَى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ
لُبَابَ الْبُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
أَبُو عبيد، فِي بَاب فِعْلَى: الشِّيزى: شَجَرَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه، قَالَ: الشِّيزَى يُقَال: الآبَنُوس وَيُقَال: السَّاسَم، قَالَ: والأَشوَزُ مثل الأَشوَس، وَهُوَ المتكبر.
زوش: سَلمَة، عَن الفرّاء، قَالَ الكسائيّ: الزَّوْشُ: العَبْدُ اللَّئيم، والعامة تَقول: زُوش.
(بَاب الشين والطاء)
ش ط (وَا يء)
شوط، شيط، شطأ، طاش، وطش، طشأ.
شوط شيط: قَالَ الْأَصْمَعِي: شاط يشُوطُ شَوْطاً، إِذا عَدَا شوطاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شوَّطَ الرجل إِذا طَوَّلَ سَفَرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشوْطُ: جَرْيُ مَرَّة إِلَى الْغَايَة، والجميع الأَشواط.
وَقَالَ رؤبة:
وبَاكرٍ مُعْتَكرِ الأَشواط
يَعْنِي الرّيح. وَيُقَال: الشوطُ بَطِينٌ، أَي بَعيد. وَفِي الحَدِيث: (أَنَّ سفينةَ أَشاطَ دَمَ جَزُورٍ بجَذْلٍ فَأَكَلَه) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: أشاطَ دَمَ جَزْورٍ، أَي سَفَكه، فشاط يَشيطُ، وأَشاط فلانٌ فُلاناً إِذا أَهْلَكَهُ.
وَقَالَ غَيره: أَصْلُ الإشاطة الإحْراق، يُقَال: أَشاط فلانٌ دم فلَان، إِذا عَرَّضَهُ للقَتْل.(11/267)
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا اسْتشاطَ السُّلطان تَسَلَّطَ الشَّيْطَان) .
قَوْله: اسْتَشاطَ السُّلطان، أَي تَحَرَّق من شدَّةِ الْغَضَب، وتَلَهَّبَ وَصَارَ كَأَنَّهُ نارٌ.
وَيُقَال: شاطَ السَّمْنُ يشيطُ، إِذا نَضِجَ حَتَّى يَحْتَرِق، وشيَّطَ الطَّاهي الرأْسَ والكُراع إِذا أَشعل فِيهما النَّار حَتَّى يَتَشيَّط مَا عَلَيْهِمَا من الشَّعرِ وَالصُّوف، وَمِنْهُم مَنْ يَقولُ: شَوَّطَ.
وَقَالَ اللَّيْث: التشيُّط شَيْطُوطَةُ اللّحم إِذا مَسَّتْه النَّار، يَتشيَّطُ فيحترِقُ أَعْلَاهُ تشيُّطَ الصُّوف.
قَالَ: وتشيَّط الدّم، إِذا غَلَى بِصَاحِبِهِ، وشاط دَمُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: شاطت الجزُور، إِذَا لم يَبْق مِنْهَا تصيبٌ إِلَّا قُسِمَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَشاطَ فلانٌ الْجَزُور، إِذا قَسَمَها، بعد التَّقْطيع. قَالَ: والتَّقْطيعُ نَفسه إشاطَةٌ أَيْضاً.
واسْتَشاطَ فلانٌ، إِذا اسْتَقْتَل، وَأنْشد:
أسَال دِمَاء المسْتِشيطين كلَّهم
وغُلَّ رُؤُوسُ الْقوم فيهم وسُلْسِلُوا
ورَوَى ابْن شُمَيْل بِإِسْنَاد لَهُ: أَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مارُئي ضاحِكاً مُسْتَشيطاً، قَالَ: مَعْنَاهُ: ضاحِكاً ضَحِكاً شَدِيدا.
واسْتشاط الحَمام، إِذا طارَ، وَهُوَ نَشيط.
وَقَالَ الأصمعيّ: الْمَشايِيط من الْإِبِل: اللواتي يُسْرِعن السِّمَن. يُقَال: نَاقَة مِشْياطٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الْإِبِل الَّتِي تجْعَل للنَّحر من قَوْلهم: شَاطَ دَمُه. قَالَ: وَيُقَال: شَيَّطَ فلانٌ من الْهِبَّة، أَي نَحِلَ من كَثْرة الجِماع.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: إنَّ أَخْوفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُم أَن يُؤْخَذَ الرَّجل الْمُسلم الْبريءُ، فَيُقَال: عاصٍ، وَلَيْسَ بعاصٍ، فيشاط لَحْمه كَمَا يُشاطُ الجُزُور.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
نطعم لجيئلَ اللَّهِيدَ من الكُو
م وَلم تَدْعُ من يُشيطُ الجزورا
قلت: وَهَذَا من أَشَطْتُ الجزورَ، إِذا قَسَمْتَ لَحمهَا، وَقد شَاطَ، إِذا لم يبقَ فِيهِ نصيبُ إِلَّا قُسِمَ.
والشَّيّطَانِ: قاعان بالصَّمَّانِ، فيهمَا حَوايَا لماءِ السَّمَاء.
وَيُقَال للغُبار السَّاطع فِي السَّماء: شَيْطِيّ.
وَقَالَ الْقطَامِي:
تَعادِي الْمَراخِي ضُمَّرا فِي جُنوحِها
وهُنَّ من الشَّيْطيِّ عارٌ ولاَ لِبسُ
يَصف الخيلَ وإثارَتَها الغُبار بسَنَابِكها.
أَبُو تُرَاب، عَن الكلابيّ: شَوَّطَ القِدْرَ، وشيَّطَها، إِذا أَغْلاَها.(11/268)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِيمَا قَرَأت بخطَّ شمر لَهُ: الشوْطُ مكانٌ بَين شَرَفَيْن من الأَرْض يأْخُذ فِيهِ الماءُ والنَّاس كأَنَّه طريقٌ طوله مِقدار الدَّعْوة ثمَّ يَنْقَطع، وَجمعه الشِّياط، ودُخولُه فِي الأَرْض: أَنْ يُوَارِي البَعيرَ ورَاكِبَه، وَلَا يكون إلاّ فِي سُهول الأَرْض يَنْبُتُ نَبْتاً حَسَناً.
شطأ: الأصمعيّ: شَطَأَ الناقةَ يَشطَؤُوها شطْأ، إِذا شدَّها بالرَّحْل.
وَقَالَ أَبُو زيد: شَطَأَ جاريَته، ورَطَأَها ونَطَأَها، إِذا نَكَحها.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله: {الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ} (الْفَتْح: 29) ، قَالَ: شَطْأَهُ: السُّنْبل تُنْبِتُ الحبَّة عَشْراً وَثَمَانِية وسَبْعاً، فيقْوَى بعضُه بِبَعْض فَذَلِك قَوْله: {فازره، أَي فأعانه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَشطَأت الشَّجَرَة بغُصونها، إِذا أَخْرجت غُصونَها.
وَقَالَ الزّجاج: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ} تَنَسَّمْتُ: أخرج نَباتَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شطْأَه: فِراخه، وجمعُه أَشطاء. وأَشطَأ الزَّرع، إِذا فَرَّخَ.
أَبُو خيرة: شاطِيءُ الْوَادي: شَفَتُه، وَجمعه شُطْآن وشواطىء. والشَّطّ: مثلُ الشاطىء.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّطْوُ: الْجَانِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الثِّيَابُ الشَّطَوِيَّةِ: ضربٌ من الكَتَّان، يُعمل بِأَرْض يُقَال لَهَا الشَّطَاة.
ورَوى أَبُو تُراب، عَن الضّبابِي: لَعَنَ الله أُمّاً شطأَتْ بِهِ، وفَطَأَتْ بِهِ، أَي طَرَحَتْه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: شطَأْتُ بالْحِمْل، أَي قَوِيَتُ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
كَشَطْئِكَ بالْعِبْءِ مَا تَشْطَؤُه
وَفِي (النَّوَادِر) : مَا شَطَّيْنَا هَذَا الطَّعام، أَي مَا رَزَأْنَا مِنْهُ شَيْئاً وَقد شَطّيْنا الْجَزُور، أَي سَلَخْناه وفَرَّقْنا لَحْمه.
طشأ: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الطُّشْأَةُ: الزُّكام، وَقد طَشِيءَ، إِذا زُكِمَ، وأَطْشَأَ، إِذا أَخَذَتْهُ الطُّشْأَة.
وَقَالَ اللَّيْث: طَشْيَأَ الرجلُ أَمْرَه ورأيَه، مثل: رَهْيَأَهُ وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجل طَشَةٌ، وتصغيره طُشَّيَّةٌ، إِذا كَانَ ضَعيفاً، قَالَ: وَيُقَال: الطُّشَة: أُمُّ الصِّبيان، وَرجل مَطْشِيٌّ ومَطْشُوّ.
طيش: قَالَ اللَّيْث: الطَّيْش: خِفَّةُ الْعقل، وَالْفِعْل طاش يَطِيش، وَقوم طَاشَة: خِفافُ الْعُقُول، وَيُقَال: طاش السَّهم يطيش، إِذا لم يَقْصِدْ للرَّمِيَّة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: طاش الرَّجل بعد رَزَانَتِه.
وَقَالَ شِمر: طَيْش الْعقل: ذَهابُه حَتَّى يَجهل صاحبُه مَا يُحاول، وطَيش الحِلْم: خِفَّتُه، وطَيش السَّهم: جَوْرُه عَن سَنَنِه.
(طوش) : ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ:(11/269)
الطَّوْش: خِفَّةُ العَقل.
(وطش) : ثَعْلَب، عَنهُ: يُقَال: سَأَلته عَن شَيْء فَما وَطَشَ، وَمَا وَطَّش، وَمَا ذَرَّع، أَي مَا بَيَّنَ لي شَيئاً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: وَطِّشْ لي شَيْئاً، وغَطِّشْ لي شَيْئا، مَعْنَاهُ: افْتَحْ لي شَيْئا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْوَطْش: بَيَان طَرَفٍ من الحَدِيث.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: يُقَال: ضَربوه فَمَا وَطَّش إِلَيْهِم بِشَيْء، أَي لم يُعْطِهم.
وَقَالَ الْفراء: وَطَّشَ لَهُ، إِذا هَيّأَ لَهُ وَجْه الْكلام والْعمل والرَّأي، وطَوَّش، إِذا مَطَل غَريمَه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: التَّطْويش: الإِعْطاءُ الْقَلِيل، وَأنْشد:
سِوَى أَنَّ أَقْوَاماً من النَّاسِ وَطَّشوا
بأَشْيَاءَ لم يَذْهَبْ ضَلالاً طَريقُها
أَي لم يَضِعْ فَعالُهم عِنْدنا.
(بَاب الشين وَالدَّال)
ش د (وَا يء)
شدا، داش، دوش، شاد، ديش، ودش.
شيد شود: قَالَ الله جَلَّ وعزّ: {وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} (الْحَج: 45) وَقَالَ: {فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) .
قَالَ الْفراء: يُشَدَّدُ مَا كَانَ فِي جمعٍ مثل قَوْلك: مَرَرْت بِثيابٍ مُصَبَّغَةٍ، وكِباش مُذَبَّحَة، فَجَاز التَّشْدِيد، لأنَّ الْفِعْل مُتَفَرِّقٌ فِي جمع فَإِذا أَفْردْتَ الواحدَ من ذَلِك، فَإِن كَانَ الفعلُ يتردَّد فِي الْوَاحِد ويَكْثر، جَازَ فِيهِ التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد، مثل قَوْلك: مَرَرْت برجلٍ مُشجَّجٍ، وبثوب مُخَرَّق. وَجَاز التَّشْدِيد لأنَّ الْفِعْل قد تَردَّد فِيهِ وَكثر.
وَيُقَال: مَرَرْت بكبش مَذْبوح، وَلَا تقل مُذَبَّح؛ لأنَّ الذّبح لَا يتردَّد كتردد التَّحرق وَقَوله: (وقَصْرٍ مَشيد) يجوز فِيهِ التَّشْدِيد؛ لأنَّ التشييد بِنَاء، وَالْبناء يَتَطاول ويَتَرَدّد، يُقَاس على هَذَا مَا ورد.
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة: الْبِناءُ المشيَّد: المُطَوَّل، والمَشِيد: المعمولُ بالشِّيد، وَهُوَ كلُّ شَيْء طَلَيْتَ بِهِ الْحَائِط من جَصَ أَو بَلاط.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: مَشِيدٌ للْوَاحِد، ومُشيّدٌ للْجَمِيع. قَالَ الله {فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) .
قَالَ اللَّيْث: تشييد الْبناء: إحْكامُه ورَفعه قَالَ: وَقد يُسمى بعضُ الْعَرَب الجِصَّ شِيداً، والمشِيد: المبْني بالشِّيد.
قَالَ عديّ:
شَادَهُ مَرْمَراً وجَلَّلَهُ كِلْ
ساً فللطَّيْرِ فِي ذرَاهُ وُكُورُ
وَقَالَ اللَّيْث: الإشَادَة: شبه التَّنْدِيد، وَهُوَ(11/270)
رَفْعُك الصوتَ بِمَا يكره صاحِبُك.
وَيُقَال أشادَ فلَان بذكرِ فلَان فِي الْخَيْر وَالشَّر، والمَدْح والذَّم؛ إِذا شَهَرَةُ ورَفَعه.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: أشَدْتُ الضَّالَّةَ: عَرَفْتَها.
وَقَالَ الأصمعيّ: كلُّ شَيْء رَفَعْت بِهِ صَوْتَك فقد أَشَدْتَ بِهِ، ضَالَّةً كَانَت أَوْ غَيْرَ ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّشْوِيدُ طلوعُ الشَّمس، وارْتفَاعُهَا، يُقَال: تَشَوَّدَتِ الشَّمسُ، إِذا ارْتَفَعت. قلت: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالصَّحِيح بالذّال من المِشْوَذِ، وَهِي العِمَامَة.
وَقَالَ أُمَيَّة:
وشَوِّذَتْ شَمْسُهُمْ إِذَا طَلَعَتْ
بالْخِبِ هِفّاً كَأَنَّهُ كَتَم
أَرَادَ أَنَّ الشمسَ طلعت فِي قُتْمَةٍ كَأَنَّهَا عُمِّمت بِقَتَمَةٍ تضرب إِلَى الصُّفرة، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ الْجَدْبِ والْقَحْط.
شدا: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الشادِي: المغَنِّي، والشادي: الَّذِي تَعَلَّمَ شَيْئا من الْعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّدْوُ: أَنْ يُحْسِنَ الْإِنْسَان من أَمر شَيْئا.
يُقَال: هُوَ يَشْدُو شَيْئا من الْعلم والْغِناء، وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: شدَوْتُ مِنْهُ بَعضَ الْمعرفَة، إِذا لم يَعْرِفْه معرفَة جَيِّدة.
وَقَالَ الأخطل يَذْكر نسَاء عَهِدْنَه شَابّاً حسنا، ثمَّ رأينه بعد كبره، فأَنكرْنَ مَعْرفَته، فَقَالَ:
فَهُنَّ يَشدُونَ مِنِّي بَعْضَ مَعْرِفَةٍ
وهُنَّ بالْوَصْلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
قلت: وأَصْلُ هَذَا من الشدَا، وَهُوَ الْبَقِيَّة.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
لَوْ كَانَ فِي لَيْلَى شَدًى من خُصُومَةٍ
أَي بَقِيَّة.
ودش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: وَدَشَ، إِذا أَفْسَدَ، والْوَدْشُ: الْفَساد.
ديش (داش) : سَلمَة، عَن الفرَّاء: داش الرجل، إِذا أَخَذَتْه الشَّبْكَرة.
دوش: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّوَشُ: ظُلْمَة الْبَصَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّوَش: ضَعْفُ الْبَصَر، وضَيقُ الْعين، وَقد دَوِشَتْ عينه، فَهِيَ دَوْشَاء، وصاحبها أَدْوَش.
دشا: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: دَشَا، إِذا غَاصَ فِي الْبَحْر. وشدَا، إِذا قَوِيَ فِي بَدَنِه، وشدَا، إِذا بَقَّى بَقِيَّة، وشدَا: تَعَلَّم شَيْئا من خُصُومَةٍ أَو عِلْم.
ديش: قَالَ اللَّيْث: دِيش: قَبيلةٌ من بَني الْهُون بن خُزيمة، وهم من القارة، وهم الدِّيشُ والعَضَلُ ابْنَا الْهُون بن خُزَيْمة.(11/271)
(بَاب الشين وَالتَّاء)
ش ت (وَا يء)
شتا، تشا، شأت، وتش.
شتا: قَالَ اللَّيْث: الشِّتاءُ مَعْرُوف، والواحدة شتْوَةٌ، والموضع المُشتَى، والمشتاة، وَالْفِعْل شتَا يَشتُو. ويَوْمٌ شَاتٍ، ويومٌ صائِف. وَالْعرب تُسمي الْقَحْط شتاءً؛ لِأَن المجاعات أَكثر مَا تُصيبهم فِي الشتَاء، إِذا قلَّ مطره واشتَدَّ بردُه.
وَقَالَ الحطيئة:
إِذَا نَزَلَ الشتَاءُ بِدَارِ قَوْمٍ
تَجَنَّبَ جَارَ بَيْتِهمُ الشتَاءُ
أَرَادَ بالشتاء: المَجَاعَةَ.
وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبَدِ حِين قصَّت أَمر النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مارّاً بهَا على زَوْجِها أَبي مَعْبَد، قَالَت: (والنَّاسُ إِذْ ذَاكَ مُرْمِلُونَ مُشْتُون) ، أَرَادَت أنَّ النَّاس كَانُوا فِي أَزْمَةٍ ومَجاعة وقِلَّةِ خير. يُقَال: أَشتَى القومُ فهم مُشْتُون، إِذا أصابَتْهُمْ مَجاعة.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: السَّنَةُ عِنْد الْعَرَب اسمٌ لاثني عَشر شَهْراً، ثمَّ قَسَّمُوا السَّنة فجعلوها شطرين: ستَّة أَشْهر، وستّة أَشْهر، فبدأَه بأولِ السَّنة، أَوّلِ الشتَاء، لِأَنَّهُ ذَكَر والصَّيف أُنْثَى، ثمَّ جعلُوا الشتَاء نِصْفين؛ فالشّتْوِيُّ أَوَّله، والرَّبيع آخِره، فَصَارَ للشّتْوِي ثَلَاثَة أشهر، وللرَّبيع ثَلَاثَة أَشهر، وَجعلُوا الصَّيف ثلاثةَ أشهر، والْقَيْظَ ثَلَاثَة أشهر فَذَلِك اثْنَا عشر شهرا.
وَقَالَ غَيره: الشَّتِيُّ: المطرُ الَّذِي يَقَعُ فِي الشِّتاء.
قَالَ النّمِرُ بن تَوْلَب:
عَزَبَتْ وباكَرَهَا الشَّتِيُّ بديمَةٍ
وَطْفَاءً تَمْلَؤُها إِلَى أَصْبَارِها
وَيُقَال: شَتَوْنَا بالصَّمَّان، أَي أَقَمْنَا بهَا فِي الشتَاء، وشَتَيْنَا الصَّمَّان، أَي رَعيْنَاها فِي الشتَاء، وَهَذِه مشاتِينَا ومصايفُنَا ومَرابعنا، أَي منازلُنا فِي الشِّتَاء والصيف وَالربيع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشَّتَا: الموضعُ الْخَشِنُ، والشّتَا: صَدْرُ الْوَادي.
تشا: قَالَ: تَشَا، إِذا زَجَر الْحمار.
قلت: كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: تَشُوء تَشُوء.
شأت: أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: والشَّئِتُ من الْخَيل العَثُور. وَأنْشد:
كُمَيْتٌ لَا أَحَقُّ وَلَا شَئِيتُ
وروى شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الأَحَقُّ: الَّذِي يضع رِجْله فِي مَوضِع يَده. وَقَالَ: والشَّئِيتُ: الَّذِي يقصرُ عَن ذَلِك. والجميع شُؤُوتٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبيدة فِي (كتاب الْخَيل) .
وتش: قَرَأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال للحارضِ من الْقَوْم الضَّعيف: وتَشَة وأَتيشة وهِنَّمَة وضَوِيكَة، وضُوَيْكَة.(11/272)
(بَاب الشين والظاء)
ش ظ (وَا يء)
شظا، وشظ، شوظ.
شظا: قَالَ اللَّيْث: الشظا: عُظَيْمٌ لازِقٌ، والشَّظيَّة: شِقَّةٌ من خشب أَو قَصَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو عَظْ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: أَنَّ الله تبَارك وَتَعَالَى لما أَرَادَ أَن يخلق لإبليس نَسْلاً وزَوْجة ألْقى عَلَيْهِ الْغَضَب، فَصَارَت مِنْهُ شَظِيّةٌ من نارٍ، فخلق مِنْهَا امْرَأَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شواظي الْجبَال وشنَاظيها، هِيَ الكَسِرُ من رُؤُوس الْجبَال كأَنَّها شُرَفُ الْمَسْجِد، وَقَالَ: كأنّها شَظِيَّة أَنشَظَتْ وَلم تَنْفَصم، أَي انْكَسَرت وَلم تنفرج.
والشَّظِيّة من الْجَبَل: قِطْعَة قُطِعت مِنْهُ، مثل الدَّار، وَمثل البيتَ. وَجَمعهَا شظايا، وأصغر مِنْهَا وأكبر كَمَا تكون.
وَقَالَ النَّضْرُ: الشَّظَا: الدَّبْرَةُ على أَثَر الدَّبْرَة فِي المزرعة حَتَّى تبلغ أقصاها. الْوَاحِد شَظاً بِدَبَارها، والجماعةُ الأشظِية. قَالَ: والشظَا رُبمَا كَانَت عشْرُ دَبْرَات، حُكِيَ ذَلِك عَن الشَّافِعِي.
وَيُقَال: شظّيْتُ الْقَوْم تشظِيَةً، أَي فرَّقتهم، فتشظّوا أَي تَفَرَّقُوا.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: شظَى السِّقاء يشْظِي شُظِيّاً، مثل شصا؛ وَذَلِكَ إِذا مُلِيءَ وارْتفعت قوائمه.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فِي رُؤُوس المِرْفقين إبْرَة، وَهِي شَظِيَّة لاصِقَة بالذراع، لَيست مِنْهَا، قَالَ: والشَّظَا: عَظْمٌ لاصِقٌ بالرَّكِيَّة، فَإِذا شخَصَ قيل: شَظِيَ الفَرس.
قَالَ: وتَحرُّكَ الشظا كانتشار الْعَصَب غير أَن الفرسَ لانتشار الْعَصَب أشدُّ احْتمالاً مِنْهُ، لتحركِ الشظا، وَقَالَ الأصمعيّ نَحوا من قَوْله.
وَبَعض النَّاس يَجْعل الشظا: انْشِقاقُ الْعَصَب، وأَنشد:
سَليمُ الشَّظَا عَبْلُ الشَّوَى شَنِجُ النَّسا
لَهُ حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفالِ
وشظ: قَالَ اللَّيْث: الْوَشْظُ من النَّاس لفيف لَيْسَ أصلهم وَاحِدًا، وَجمعه الْوَشائِظُ. قَالَ: والْوَشيظة: قطعةُ عظم تكون زِيَادَة فِي الْعظم الصميم. قلت: هَذَا غَلَط. والوَشيظة: قطعةُ خشبةٍ يُشَعَّبُ بهَا الْقَدَحُ. وَقيل للرجل إِذا كَانَ دخيلاً فِي الْقَوْم وَلم يكن من صميمهم: إِنَّه لَوَشِيظَةٌ فيهم، تَشْبِيها بالْوَشيظَة الَّتِي يُرْأَبُ بهَا القَدح.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: الْوَشِيظُ: الْخَسِيسُ من النَّاس.
شوظ: وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن} (الرحمان: 35) .(11/273)
قَالَ الْفراء: أَكثر الْقُرَّاء يقرؤون (شُوَاظ) ، وَكسر الحَسَنُ الشين، كَمَا قَالُوا لجَماعَة الْبَقر: صِوَارٌ وصُوَارٌ.
وَقَالَ الزّجاج: الشُّوَاظ: اللهب الَّذِي لَا دُخان مَعَه وَنَحْو ذَلِك. قَالَ اللَّيْث:
ابْن شُمَيْل: يُقَال لدُخان النَّار: شواظ، ولحرها شواظ، وحَرُّ الشَّمْس شواظ. أصابني شواظٌ من الشَّمْس.
(بَاب الشين والذال)
ش ذ (وَا يء)
شذا، شوذ، (شَاذ) .
شذا: أَبُو عُبيد: الشَّذَاةُ: ذُبَابٌ، وَجَمعهَا شَذًى، مَقْصُور.
وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ ذُبَابةٌ نقضُّ الْإِبِل، وَمِنْه قيل للرجل: آذَيْتَ وأَشْذَيْتَ.
وَقَالَ شمر: الشَّذَى: ذُباب الكلْب، وكلُّ شَيْء يُؤْذِي فَهُوَ شَذًى، وَأنْشد:
حكَّ الجِمالِ جُنوبَهُنّ من الشَّذَى
وَيُقَال: إنِّي لأخْشى شذَاةَ فُلان، أَي شَرَّه.
وَقَالَ اللَّيْث: شذَاةُ الرجل: شدَّتُه وجُرْأَتَه، وَيُقَال للجائع إِذا اشْتَدَّ جوعه: قَدْ ضَرِمَ شَذَاه.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: الشَّذَى: شِدَّة ذَكاءِ الرِّيح، وأنشدنا:
إِذا مَا مَشتْ نادَى بِمَا فِي ثِيابِها
ذَكِيُّ الشَّذَى والْمنْدَلِيُّ المُطَيَّرُ
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَى: كَسْرُ العودِ الصِّغارِ مِنْهُ.
قلت: وَالْقَوْل قَول الْفراء فِي تَفْسير الشذى.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّذَى أَيْضا: ضَرْبٌ من السُّفن، والواحدة شَذَاة.
قلت: هَذَا مَعْرُوف وَلكنه لَيْسَ بعَرَبيّ. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شذَى إِذَا آذَى، وشذَى، إِذا تَطَيِّبَ بالشَّذْو، وَهُوَ المِسْك، وَيُقَال: هُوَ رَائِحَة الْمِسْك. وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
إنَّ لكَ الْفَضْلَ على صُحْبَتي
والْمِسْكُ قد يَسْتَصْحِبُ الرَّامِكا
حتَّى يصيرَ الشَّذْوُ من لَوْنِه
أَسْودَ مَظّنُوناً بِهِ حَالِكاً
شوذ: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بعث سَرِيَّةَ فَأَمرهمْ أَن يَمْسَحوا على الْمشاوِذ والتَّسَاخِين.
قَالَ أَبُو عُبيد: المُشَاوِذُ: الْعَمائِم، وَاحِدهَا مِشْوَذ.
قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة:
إِذا مَا شَدَدْتُ الرّأسَ مِنِّي بمِشْوَذٍ
فَغَيَّكِ منِّي تَغْلِبَ ابْنة وَائِلِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ. يُقَال: للعمامة: المِشوَذُ والعمامة.
وَقَالَ أُميَّة:(11/274)
وشُوِّذَتْ شَمْسُهم إذَا طَلَعَتْ
معنى شُوِّذَتْ، أَي عُمِّمَتْ، أَي صَار حولهَا حلب سحابٍ رَقِيق لَا ماءَ فِيهِ، وَفِيه صُفْرة، وَكَذَلِكَ تَطْلُع الشَّمْس فِي الجدْب وقلّة الْمَطَر، والْكتَم نَباتٌ يُخْلط مَعَ الوسْمةِ فَيصير خضاباً.
وَيُقَال: فلانٌ حَسَنُ الشِّيذة، أَي حسن العِمَّة.
(بَاب الشين والثاء)
ش ث (وَا يء)
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّتَا: صَدْرُ الْوَادِي.
(بَاب الشين وَالرَّاء)
ش ر (وَا يء)
شرى، شار، وَشر، ورش، رشا، راش، أرش، أشر.
شري: قَالَ اللَّيْث: شَرِيَ البرقُ يَشْرَى، إِذا تَفَرَّقَ فِي وَجْهِ الغَيْم.
وَقَالَ غَيره: شَرِيَ الْبَرْق يَشْرَى، إِذا تَتَابَعَ لمعَانُه، واسْتشرى مثله، وَمن هَذَا يُقال للرجل إِذا تَمَادَى فِي غَيِّه وفساده: شرِيَ شَرًى.
واسْتَشرَى فلانٌ فِي الغيّ إِذا لجَّ فِيهِ، والمُشارَاة: المُلاَجَّة، يُقَال: هُوَ يُشارِي فلَانا، أَي يُلاَجُّه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشري: داءٌ يأخُذُ فِي الرِّجْل أَحْمَر كَهَيئَةِ الدَّرَاهِم، وَالْفِعْل شرَى الرّجل، وشرى جلْدُه شرى وَهُوَ شَرّ. وأَشراءُ الْحرم: نواحيه، وَالْوَاحد شرى، وشرى الْفُرَات: ناحِيَتُه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لُعِنَ الكواعبُ بَعْد يَوْم وصَلْنَنِي
بشرى الفُراتِ وَبعد يَوْم الْجَوسَقِ
وَيُقَال للشجعان: مَا هُمْ إلاَّ أُسود الشرَى.
قَالَ بَعضهم: شرى: مَأْسَدَةٌ بِعَينهَا، وَقيل: شرَى الفُرات وناحيته، وَبِه غياضٌ وآجام. وَقَالَ الشَّاعِر:
أُسودُ شرى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ
واسْتَشرَتْ أمورٌ بَينهم: تَفاقَمَتْ وعظمت.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الْحَنْظَلُ: هُوَ الشرْيُ، واحدته شرْيَة.
قَالَ رؤبة:
فِي الزَّرْبِ لَو يَمْضُغُ شَرْياً مَا بَصَقْ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَشرَى حوضَه: مَلأَهُ، وأَشرَى جِفانَه، إِذا ملأَها للضِّيفان، وَأنْشد:
ونَشْرِي الجِفانَ ونَقْرِي النَّزِيلاَ
أَبُو عبيد: الشَّرْيَانُ من الشّجر: الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيّ، وَيُقَال: شِرْيان بكَسْرِ الشين.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن المبرِّد، أَنه قَالَ النَّبْعُ والشوْحَطُ، والشّرْيَان: شَجَرَة(11/275)
وَاحِدَة، وَلكنهَا تخْتَلف أسماؤها، وتكرم مَنَابِتُها؛ فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلَّةِ الْجَبَل فَهُوَ النَّبع، وَمَا كَانَ فِي سفحه فَهُوَ الشّريان، وَمَا كَانَ فِي الحضيض فَهُوَ الشوْحَط.
والشِّريانات: عُروقٌ رِقاقٌ فِي جَسَد الْإِنْسَان.
أَبُو سَعيد، يُقَال: هَذَا شرْوَاهٌ وشَرِيَّةٌ، أَي مِثْلُه، وَأنْشد.
وتَرَى مَالِكاً يقولُ أَلاَ تُبْ
صِرُ فِي مَالكٍ لهَذَا شرِيّاً
وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْع أنَّها قَالَت: طَلَّقَني أَبُو زرع، فَنَكَحْتُ بعده رجلا سَرِيّاً، رَكِبَ شرِيّاً، وأَخَذَ خَطِّيّاً، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً شرِيّاً.
قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادت بقولِهَا: رَكِبَ شَرِيّاً، أَيْ فرسا يَسْتَشْرِي فِي سَيْره. أَي يَلِجُّ ويَمْضي فِيهِ بِلَا فُتور وَلَا انْكسار، وَمن هَذَا يُقَال للرجل إِذا لَجَّ فِي الأَمر: قد شَرِيَ فِيهِ، واسْتَشْرَى.
وَقَالَ غَيره: شَرِيَتْ عينُه بالدَّمع، أَي لَجَّتْ وتابعت الهَملان.
وَقَالَ الأصمعيّ: إبِلٌ شرَاةٌ وسراةٌ، إِذا كَانَت خِيارَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
يَذُبُّ الْقَصايَا عَن شَرَاةٍ كَأَنَّمَا
جَماهيرُ تَحْتَ الْمُدْجِنَات الْهَوَاضِبِ
وَيُقَال لِزِمام النَّاقَة إِذا تَتَابع حركاته لتَحْرِيكها رَأسهَا فِي عَدْوِها: قد شرِيَ زِمَامُها، يشرَى شَرًى.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشِّرْيان: الشقّ، وَهُوَ الثَّتُّ، وَجمعه ثُتُوت.
قَالَ: وسأَلْته عَن قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَرِيكه: (لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي فَقَالَ: لَا يشارِي من الشَّرّ. قلت: كأَنَّه أَراد لَا يشارّ، فَقلب إِحْدَى الرّاءيْن يَاء. وَلَا يُماري: لَا يخَاصِمُ فِي شيءٍ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَه. وَقَوله: (وَلَا يُدارِي) ، أَي لَا يَدْفَع ذَا الْحق عَن حَقِّه، وَقيل: لَا يشاري: لَا يلاجّ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: شَرَيْتُ بِمَعْنى بِعْتُ، وشَرَيْتُ أَي اشْتَرَيْت. وَقَالَ الله: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: 102) .
قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ، بِئْسَ مَا باعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ. قَالَ: وللعرب فِي شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان: فالأكثر مِنْهُمَا: أَنَّ (شَرَوْا) ، بَاعُوا، و (اشْتَرَوْا) : ابتاعوا؛ وَرُبمَا جعلوهما بِمَعْنى بَاعوا. والشَّراة: الْخوارِج، سَمَّوْا أنفسهم شُراةً؛ لأنَّهم أَرَادوا أَنَّهم باعوا أَنفسهم لله، وَالْوَاحد شارٍ، وشَرَى نَفسه شِرًى، إِذا بَاعهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَئِنْ فَرَرْتُ من الْمَنِيَّةِ والشِّرَى(11/276)
والشِّرى: يكون بَيْعاً واشْتِراءً.
والشَّارِي: الْبَائِع، والشَّارِي أَيْضا: الْمُشْتَري.
وَقَالَ اللَّيْث: شَرَاة: أَرْض، والنِّسْبَة إِلَيْهِم شَرَوِيّ.
أَبُو تُرَاب: سمِعت السُّلَمِيّ يَقُول: أَشْرَيْتُ بَين القَوْم وأَغْرَيت، وأَشْرَيْتُه بِهِ فَشَرِيَ، مثل أَغْرَيْتُه بِهِ فَغَرِيَ.
ابْن هانىء: يُقَال: لحاهُ الله وشَرَاه.
وَقَالَ اللحيانيّ: شَراهُ الله وعَظَاه وأَوْرَمُه وأَرْغَمَه.
وشَرَوْى: اسْم جَبَلٍ بعَيْنه.
شير شور: أَبُو زيد، يُقَال اسْتَشَارَ أَمْرَه، إِذا تَبَيَّنَ واسْتَنَارُ.
ثَعْلَب، عَن سلمَة، عَن الْفراء: يُقَال: شَارَ الرَّجل، إِذا حَسُنَ وَجْهُه، وراش، إِذا اسْتَغْنَى.
الأصمعيّ: شَارَ الدّابة وَهُوَ يَشُورُها شَوْراً، إِذا عَرَضَها، وَيُقَال للمكان الَّذِي يشَوَّرُ فِيهِ الدَّوابّ: الْمِشْوَار. وَيُقَال: اشْتَارت الإبِل، إِذا لبِسَها شيءٌ من السِّمَن. وَيُقَال: جَاءَت الإبِلُ شِيَاراً، أَي سِماناً حِسَاناً.
وَقَالَ عَمْرو بن معد يكرب:
أَعَبَّاسُ لَو كانَتْ شِياراً جِيَادُنَا
بِتَثْلِيثَ مَا نَاصَبْتَ بعدِي الأحَامِسَا
وَيُقَال: مَا أَحْسَنَ شَوَارَ الرَّجُل وشَارَتَه يَعْنِي لِبَاسَه وهَيئته.
وَيُقَال: شَارَ العسلَ يَشُوره شَوْراً ومشارَةً، وَذَلِكَ إِذا اجْتَناه وأَخذَه.
أَبُو عُبيد: شرْتُ الْعَسَلَ، أَخَذتُه من مَوْضعه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَأَنَّ جَنِيّاً من الزَّنْجبي
ل باتَ بِفِيها وأَرْياً مَشورَا
شَمِر: شرتُ العسلَ واشتَرْتُه وأَشَرْتُه، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: أَشِرْني على العَسَل، أَي أَعِنِّي على جَنَاه، كَمَا تَقول: أَعْكِمْنِي، وَأنْشد قولَ عدِيّ بن زَيْد:
فِي سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشيْخُ لَهُ
وحَديثٍ مثْلِ مَاذِيَ مُشارِ
قَالَ: مُشارٌ، قَدْ أُعِينَ على أَخْذه.
الأصمعيّ: أشارَ الرَّجل يُشيرُ إِشَارَة، إِذا أَوْمى بيدَيْهِ، وأَشَارَ يُشيرُ، إِذا مَا وَجَّهَ الرَّأْي. وَيُقَال: فلانٌ جَيِّدُ الْمَشورَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ جَيِّدُ الْمَشورَةِ، والْمَشْوَرَة: لُغَتان.
وَقَالَ الْفراء: الْمَشُورَةُ: أَصْلُها مَشوَرَة، ثمَّ نُقِلت إِلَى مَشُورَة.
يُقَال: فلَان حسن الشارَة والشَّوْرَة، إِذا كَانَ حَسَنَ الْهَيْئَة، وَفُلَان حسنُ الشوْرَة، أَي حَسَنُ اللِّباس.(11/277)
وَيُقَال: فلَان حسنُ المِشوار، وَلَيْسَ بفلان مِشوار، أَي مَنْظَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: حَسَنُ المِشوَار، أَي مُجَرَّبه حسَنٌ حينَ تُجرِّبُهُ. وَيُقَال لمتاع الْبَيْت: الشَّوارُ، والشِّوار والشُّوار، وَكَذَلِكَ الشَّوار والشِّوارُ لمتاع الرَّحل. وَتقول: شوَّرْتُ إِلَيْهِ بيَدي، وأشرت إِلَيْهِ، أَي لَوَّحْتُ إِلَيْهِ، وأَلَحْتُ أَيْضا.
وَيُقَال: شرْتُ الدَّابة والأَمَةَ أَشورهما شَوْراً إِذا قلبتهما، وَكَذَلِكَ شوّرتهما وأشرتُهما، وَهِي قَليلَة، وَإنَّهُ لَصَيِّرٌ شيِّر، أَي حَسَن الصّورة والشِّوْرَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَبْدَى اللَّهُ شوَارَه، يَعْنِي مذاكيره. وَيُقَال: فِي مَثل: (أَشوَارَ عَروس تَرَى)
اللِّحياني: شوَّرت بِالرجلِ، إِذا خجُلْته، وَقد تَشوَّر الرجلُ. والشَّوَار: الفَرْج، وشَوارُ الْمَرْأَة: فَرْجُها.
اللَّيْث: الشَّورَةُ: الموضعُ الَّذِي يُعسّل فِيهِ النحلُ إِذا دَحَتْها. قَالَ: والمَشوَرةُ: مَفْعلة، اشتُقّ من الْإِشَارَة، وَيُقَال: مَشُورَة قَالَ: والمُشيرَةُ هِيَ الإصْبع الَّتِي يُقَال لَهَا: السَّبّابَة، وَيُقَال: مَا أحسن شِوار الرجل وشارَته وشِيارَه يَعْنِي لِباسه وهيئته وحُسْنَه. وقصيدة شيِّرةٌ، أَي حسناء. وَشَيْء مَشور، أَي مَزَيَّن، وَأنْشد:
كأَنَّ الجرادَ يُغَنِّينَه
يُبَاغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيسِ المشورَا
قَالَ: والتشوير: أَنْ تُشَوِّرَ الدَّابة، تَنْظُر كَيفَ مِشْوَارها أَي كَيفَ سِيرتُها، والمشوار: مَا أَبْقَت الدَّابة من عَلَفها.
قَالَ الْخَلِيل: سألتُ أَبا الدُّقَيْشِ عَنهُ، فَقلت نِشوار أَو مِشوار؟ فَقَالَ: نِشوار، وَزعم أَنه فَارسي.
أَبُو عبيد عَن الأمَوِيّ: المسْتَشير: الفَحْلُ الَّذِي يَعْرِفُ الحائِلَ من غَيرهَا، وَأنْشد:
أَقْرَعْتُها كلّ مُسْتَشير
وكلَّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشِير
أَبُو عَمْرو: المستشير السَّمين، وَكَذَلِكَ المستَشيط.
أَبُو سَعِيد: يُقَال: فلانُ وزيرُ فلَان وشَيِّره، أَي مُشَاوِرُه، وَجمعه شُوراء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشَّورَة: الجمالُ الرائع، والشوْرَةُ: الخَجْلَة: والشيِّرُ: الجميلُ.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة شَيِّرَةً، عَلَيْهَا مَنَاجِد، أَي جميلَة.
أَبُو عَمْرو: الشيارُ: يَوْم السبت.
وَيُقَال للسَّبَّابَتَيْن: المْشيرتان.
شمِر، عَن الْفراء: إنَّه لحسَنُ الصُّورة والشُّورة فِي الهَيئة، وَإنَّهُ لَحَسَنُ الشوْرَة والشوَارِ وأَخَذَ شَوْرَةُ وشَوَارَه، أَي زِينَته، قَالَ: وشرْتُه: زَيَّنْتُه، فَهُوَ مَشور.(11/278)
رشا: قَالَ اللَّيْث: الرَّشو، فعل الرِّشْوة، تَقول: رَشَوْتُه، والمراشاة الْمُحَابَاة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي العبّاس أَنه قَالَ: الرِّشوة مَأْخُوذَة من رَشا الفرخُ، إِذا مَدَّ رَأسه إِلَى أمّه لتزقُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّشاةُ، نَبَات يشرب لدواء المشيّ.
أَبُو عبيد: الرَّشاءُ من أَوْلَاد الظباء الَّذِي قد تحرَّك وتمشّى.
قَالَ: والرِّشاء: رسن الدَّلْو.
أَبُو عُبيد: عَن الكِسائيّ: الرِّشاء الْحَبل، يُقَال مِنْهُ: أرشيتُ الدَّلْو، إِذا جعلتَ لَهَا حَبْلاً.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا امتدَّتْ أَغْصَان الحنظل قيل: قد أرْشت، أَي صَارَت كالأرْشية، وَهِي الحِبال.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: استْرشَى مَا فِي الضرْع واستوْشى مَا فِيهِ، إِذا أخرجه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أرشى الرجل، إِذا حك خَوْرَان الفَصيل ليَعْدُو.
وَيُقَال للفصيل: الرَّشِيّ.
وَيُقَال: رُشوة ورِشوة، وَقد رشاه رِشوةً، وارتشى مِنْهُ رِشوة، إِذا أَخذهَا، وَجَمعهَا الرُّشَا.
أرش: قَالَ اللَّيْث: الأَرش: دِيَة الجراحَة، والتأريش: التحريش.
وَقَالَ رُؤْبة:
أصبحتُ من حرصٍ على التأريش
وَقَالَ:
أصْبِحْ فَمَا من بشر مأروش
قَوْله: (أصْبِحْ) يَقُول: تأمَّل وَانْظُر وأبصرْ حَتَّى تعقل، فَمَا من بشر مأروش. يَقُول: إِنْ عِرْضي صَحِيح لَا عَيْب فِيهِ، والمأروش: المخدوش.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: انْتظر حَتَّى تعقل، فَلَيْسَ لَك عندنَا أرش إِلَّا الأسنّة، يَقُول: لَا نقْتل إنْسَانا فَنَدِيه أبدا. قَالَ: والأرْش الدِّية.
شَمِر عَن أبي نهشل وَصَاحبه: الْأَرْش: الرِّشوة، وَلم يعرفاه فِي أرش الْجِرَاحَات.
وَقَالَ غَيرهمَا: الْأَرْش ثمن الْجِرَاحَات كالشّجة وَنَحْوهَا.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: ائترش من فلَان حُمَاشتك يَا فلَان، أَي خُذ أَرْشهَا، وَقد ائترش للخُماشة، واستسلم للْقصَاص.
قلت: وأصل الْأَرْش الخدْش، ثمَّ قيل لما يُؤْخَذ دِيَة لَهَا: أرش، وَأهل الْحجاز يسمّونه النّذْر، وَكَذَلِكَ عُقْر الْمَرْأَة مَا يُؤْخَذ من الواطيء ثمنا لبُضْعِها، وأصلُه من العَقْر، كَأَنَّهُ عَقَرها حِين وطِئها وَهِي بِكْرٌ، فافترعها ودمَّاها، فَقيل لما يُؤْخَذ بِسَبَب العَقْر: عُقْر.
وَقَالَ القُتَبيّ: يُقَال لما يدْفع بَين السَّلامة(11/279)
والعَيْب فِي السِّلعة: أَرْش، لأنْ الْمُبْتَاع للثوب على أنّه صَحِيح إِذا وقف فِيهِ على خَرْق أَو عيب وَقع بَينه، وَبَين البَائِع أَرش، أَي خُصُومَة وَاخْتِلَاف، من قَوْلك: أرَّشت بَين الرجلَيْن، إِذا أغريتَ أَحدهمَا بِالْآخرِ، وأوقعت بَينهمَا الشرَّ، فَسُمي مَا نقص العيبُ الثوبَ أرْشاً إِذا كَانَ سَببا للأرش.
ورش: قَالَ اللَّيْث: الوَرْش: تنَاول شَيْء من الطَّعَام، تَقول: وَرَشتُ أَرِشُ وَرْشاً؛ إِذا تناولتَ مِنْهُ شَيْئا، وَيُقَال للَّذي يدْخل على قوم يَطْعمون ليُصيب من طعامهم: وارش. وللذي يدْخل عَلَيْهِم وهم شَرْب: واغل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيْد: وَرَشتُ شَيْئا من الطَّعَام أَرِشُ وَرْشاً؛ إِذا تناولت قَلِيلا من الطَّعَام. والوَرَشان: طَائِر وَجمعه وِرْشان، وَالْأُنْثَى وَرَشَانة.
أَبُو عَمرْو: الوَرِش النشيط وَقد وَرِش وَرَشاً، وَأنْشد:
يَتْبَعْنَ زَيّافاً إِذا زِفْنَ نجا
باتَ يُبَارِي وَرِشَاتٍ كالْقَطَا
إِذا اشتكَيْنَ بُعْدَ مَمْشاهُ اجْتَزَى
منهُنّ فاستوفَى برحْبٍ وَعدا
أَي زَاد. اجتزى مِنْهُنَّ، من الْجَزَاء قَالَ: وَرجل وَرِش: نشيط.
أَبُو زَيْدٌ: يُقَال: لَا تَرِش عليّ يَا فلَان، أَي لَا تعرِضْ لي فِي كَلَامي فتقطعه عليّ.
روش ريش: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّوش: الْأكل الْكثير، والورْش الْأكل الْقَلِيل، قَالَ: والرائش الَّذِي يُسَدِّي بَين الراشي والمرتشي.
وَقَول الله جلّ وعزْ: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى} (الْأَعْرَاف: 26) وقرىءَ (وَرِياشاً) . أَخْبرنِي المنذريّ عَن الحُسين بن فَهْم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، قَالَ: سَمِعت سَلاما أَبَا الْمُنْذر الْقَارِي يَقُول: الرِّيش الزِّينَة، والرِّياش كلّ اللبَاس، قَالَ: فسألتُ يُونُس فَقَالَ: لم يقل شَيْئا، هما سَوَاء، وَسَأَلَ جمَاعَة من الْأَعْرَاب، فَقَالُوا كَمَا قَالَ.
قَالَ أَبُو الْفضل: أرَاهُ يَعْنِي كَمَا قَالَ أَبُو الْمُنْذر.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرّانيّ: أَنه سمع ابْن السِّكّيت: يَقُول: الرِّيش جمع ريشة، والرَّيْش مصدر راش مهمة يريشه رَيْشاً، إِذا ركّب عَلَيْهِ الرِّيش.
وَقَالَ القُتَيْبِيّ: الرِّيش والرِّياش وَاحِد، وهما مَا ظهر من اللبَاس، وَرِيش الطَّائِر مَا ستره الله تَعَالَى بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكّيت: قَالَت بَنو كلاب: الرياش هُوَ الأثاث من الْمَتَاع، مَا كَانَ من لباسٍ أَو حشوٍ من فرَاش أَو وِثار. والرِّيش الْمَتَاع وَالْأَمْوَال أَيْضا، وَقد يكون فِي الثِّيَاب دون المَال، وراشه الله، أَي(11/280)
نعشه بريشه. وَإنَّهُ لحسن الريش، أَي الثِّيَاب، والرّياش القِشَرِ.
اللَّيْث، يُقَال: ارتاش فَلان، إِذا حَسُنَت حالتُه، قَالَ: ورِشتُ فلَانا؛ إِذا قوّيتَه وأعنْتَه على مَعَاشه.
وَقَالَ غَيره: الرَّاشي الَّذِي يرشو الْحَاكِم ليحكم لَهُ على خَصْمِه، إمّا أَن يحيفَ فيحكُمَ بِخِلَاف الحقّ، وإمّا أَن يُؤَخر الْحَاكِم إِمْضَاء الحكم حَتَّى يرشوَه صاحبُ الْحق شَيْئا، فَيحكم لَهُ حِينَئِذٍ بحقّه، وَالْحَاكِم جَائِر فِي كلا الْوَجْهَيْنِ، والرّاشي فِي أحد الْوَجْهَيْنِ مَعْذُور. وَإِذا أَخذ الْحَاكِم الرِّشوة فَهُوَ مرتشٍ، وَقد ارتشى. والرائش الَّذِي يتردّد بَينهمَا فِي المصانعة فيريش المرتشَى من مَال الراشي. وكل من أنلْتَه خيرا فقد رِشتَه. والرائِش الحميريّ مَلك من مُلُوك حِمْير، كَانَ غزا قوما فغنِم غَنَائِم كَثِيرَة، وراش أهل بَيته حَتَّى أغناهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: راش فلَان صَدِيقه يَريشه رَيشاً إِذا جمع الرِّيشَ، وَهُوَ المالُ والأثاث. وَيُقَال: كلاء رَيْشٌ ورَيّش، وَله رِيش؛ وَذَلِكَ إِذا كثر ورَقَّ، وَكَانَ عَلَيْهِ زَغبة من زِفَ، وَتلك الزَّغَبة يُقَال لَهَا: النَّسَال.
وَيُقَال: رمح راشٌ خَوَّار ضَعِيف، وجملٌ راش الظَّهر: ضَعِيف. وَرجل راشٌ: ضَعِيف.
وَشر أشر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه لعن الواشرة والمؤتشِرة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الوَاشرة: الْمَرْأَة الَّتِي تَشِر أسنانها، وَذَلِكَ أَنَّهَا تفلِّجُها وتُحَدِّدها حَتَّى يكون لَهَا أُشُر؛ والأُشر تحدُّد ورقّة فِي أَطْرَاف الْأَسْنَان، وَمِنْه قيل: (ثَغْرٌ مُؤَشّر) ، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي أَسْنَان الْأَحْدَاث، تَفْعَلهُ الْمَرْأَة الْكَبِيرَة، تتشبّه بأولئك، وَمِنْه الْمثل السائر: (أَعْيَيْتَنِي بأُشُر، فَكيف أرجوك بِدُرْدُر) ، وَذَلِكَ أنّ رجلا كَانَ لَهُ ابْن من امرأةٍ كَبِرت، فَأخذ ابْنه يَوْمًا مِنْهَا يُرَقِّصُه، وَيَقُول: يَا حبذا دُرْدُرك فعمِدت أمّه الحمقاء إِلَى حجر فهتَمتْ أسنَانها، ثمَّ تعرَّضت لزَوجهَا، فَقَالَ لَهَا حِينَئِذٍ: (أَعْيَيْتِنِي بأُشر فَكيف بِدَرْدُر)
وَقَالَ ابْن السّكِّيت: يُقَال للمنشار الَّذِي يُقطع بِهِ الْخشب: ميشار وَجمعه مواشير، من وَشَرْت أشر، ومئشار وَجمعه مآشير من أشرْتُ آشِرُ، وَأنْشد:
أَناشرَ لَا زالَت يَمِينك آشِرَهْ
قَالُوا: أَرَادَت لَا زَالَت يَمِينك مأشورة كَمَا قَالَ الله جلّ وَعز: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطارق: 6) ، أَي مدفوق. 5
والأَشَر المَرح والبَطَر، وَرجل أَشِر وأشْرَان، وَقوم أَشَارَى وأُشارَى، وَامْرَأَة مِئْشير بِغَيْر هَاء، مثل الرجل، وحَرَّة شَوْرَانِ مَعْرُوفَة فِي بِلَاد الْعَرَب.(11/281)
(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ل (وَا يء)
شال، شلى، وشل، لشا، أشل.
شول: يُقَال لبقيّة المَاء فِي المَزَادة أَو القِرْبة: شوْل، وَجمعه أشوال. وَقد شَوَّلت المزادةُ وَجَزَّعَتْ، إِذا بَقِي فِيهَا جِزْعَةٌ من المَاء، وَلَا يُقَال: شالت المزادَةُ، كَمَا يُقَال: دِرْهَم وازن، أَي ذُو وَزْن، وَلَا يُقَال: وزن الدِّرْهَم. والشوْل أَيْضا من النُّوق: الَّتِي قد أَتَى عَلَيْهَا سَبْعَة أشهر من يَوْم نَتَاجها، فَلم يَبْقَ فِي ضروعها إِلَّا شَوْلٌ من اللَّبن، أَي بقيّة مِقْدَار ثلث مَا كانَتْ تحلبُ فِي حِدْثَان نَتَاجها، واحِدَتُها شائِلة. وَقد شوَّلتِ الإبلُ، أَي صارب ذَات شَوْل من اللَّبن، كَمَا يُقَال: شَوَّلَتِ المزادةُ إِذا بَقِي فِيهَا نُطَيْفة، وَأما النَّاقة الشائِلِ بِغَيْر هَاء. فَهِيَ الَّتِي ضربَها الفَحْلُ فشالت بذَنَبها، أَي رفعته. تُرِي الفحلَ أنّها لاقح؛ وَذَلِكَ آيَة لِقَاحها، وتشمخ حينئذٍ بأنفها، وَهِي حينئذٍ شامِذٌ، وَقد شَمَذت شِمَاذاً. وَجمع الشائِل من النُّوق والشامِذُ شُوَّل وشُمَّذ، وَهِي عاسِرٌ أَيْضا، وَقد عَسَرَت عِسَاراً.
قلت: وجَميع مَا ذكرتُ فِي هَذَا الْبَاب من الْعَرَب مسموع ومرويّ.
وَقد روى أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ أَكْثَره، إِلَّا أنَّه قَالَ: إِذا أَتَى على النَّاقة مِنْ يَوْم حَمْلها سَبْعَة أشهر خفَّ لَبنهَا. وَهُوَ غَلَط لَا أَدْرِي أهوَ من أبي عبيد أَو الْأَصْمَعِي وَالصَّوَاب: إِذا أَتَى عَلَيْهَا من يَوْم نَتاجها سَبْعَة أشهر، كَمَا ذكرته لَا من يَوْم حملهَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تَحمل النَّاقة كِشافاً، وَهُوَ أَن يضربَها الفحلُ بعد نَتَاجها بأيَّامٍ قَلَائِل. وَهِي كَشُوفٌ حينئذٍ، وَهُوَ أردأ نَتَاجٍ عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شال الْمِيزَان، إِذا ارْتَفَعت إِحْدَى كَفَّتَيْه لِخِفَّتها، وَيُقَال للقَوْم إِذا خَفُّوا ومضَوْا: شَالَتْ نَعَامتُهم، وَالْعَقْرَب تشول بذنبها، وَأنْشد:
كَذَنَبِ العَقْرَبِ شوَّالٍ عَلِقْ
أَبُو عُبيد عَن اليزيديّ: شَالَتْ الناقةُ بذنبها، وأشالَتْ ذَنَبَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أشلْتُ الحجرَ وشلتُ بِهِ.
وَقَالَ غيرُه: شال السَّائلُ يَدَيْهِ، إِذا رفعهما يَسألُ بهما، وَأنْشد:
وأعسرَ الْكَفّ سَأَلَّاً بهَا شَوِلاَ
وَقَول الْأَعْشَى:
شاوٍ مِشَلٌّ شِليلٌ شُلْشُلٌ شوِلُ
فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشوِل الَّذِي يَشُول بالشَّيْء الَّذِي يَشْتَرِيهِ صاحِبُه، أَي يرفعهُ.
وَقَالَ شَمِر: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: شولَةُ الْعَقْرَب الَّتِي تضربُ بهَا، تسمى الشَّوْكَة والشَّبَاة والشَّوْكة والإبرة.(11/282)
قلت: وَبهَا سمّيت إِحْدَى منزل بُرْج الْعَقْرَب: شولَةُ تَشْبِيها بهَا، لأنّ البرج كلَّه على صُورَة الْعَقْرَب.
والشهر الَّذِي يَلِي رَمَضَان يُقَال لَهُ شوَّال، وَكَانَت الْعَرَب تَطَّير من عَقْد المناكح فِيهِ، وَتقول: إِن الْمَنْكُوحَة تمْتَنع مِنْ ناكحها، كَمَا تمْتَنع طَرُوقة الْفَحْل إِذا لُقِحَتْ، وشالت بذَنَبَها، فَأبْطل النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طِيَرَتُهمْ.
وَقَالَت عَائِشَة: تزَوجنِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شوَّال، وَبنى عليَّ فِي شوَّال، فأيُّ نِسَائِهِ كَانَ أحظى عِنْده مَنّى؟
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: من أمثالهم فِي الَّذِي ينصح للقَوْم وَهُوَ مَلُوم: (أَنْت شولَةُ الناصِحَة) ، قَالَ: وَكَانَت أَمَةٌ لعَدْوَان رَعْنَاء، تَنْصَح لمواليها، فتعود نصيحتُها وَبَالاً عَلَيْهَا لحمْقِهَا.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الشوْلَةُ الحمقاء.
قَالَ: وَيُقَال: شال ميزانُ فلَان يَشول شَوَلاناً، وَهُوَ مَثَل فِي الْمُفَاخَرَة. يُقَال: فاخَرته فشال ميزانُه، أَي فخرتُه بآبائي وغلبْتُه.
وَقَالَ: شالت نعامتُهم؛ إِذا تفرقَّت كلمتُهم، وشالت نعامتُهم؛ إِذا ذهب عِزُّهم.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: تشاوَل القومُ تشاوُلاً؛ إِذا تنَاول بعضُهم بَعْضًا عِنْد الْقِتَال.
شلى: أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَشلَيتُ الْكَلْب وقَرْقَسْتُ بِهِ، إِذا دَعَوْتَه.
وَرُوِيَ عَن مطرّف بن عبد الله، أَنه قَالَ: (وجدتُ الْعَبْد بَين الله وَبَين الشَّيْطَان، فَإِن اسْتَشْلاَهُ ربُّه نجّاه، وَإِن خَلاَّه والشيطانَ هَلكَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (استشلاه) ، أَي استنقذه، وأصل الاستشلاء الدّعاء، وَمِنْه قيل: أشليت الْكَلْب وَغَيره، إِذا دعوتهُ.
قَالَ حَاتِم طيىء يذكر نَاقَة دَعَاهَا فَأَقْبَلت إِلَيْهِ:
أشلَيْتُها باسم المرَاح فأقبلتْ
رَتَكاً وَكَانَت قبل ذَلِك تَرْسُفُ
قَالَ: فَأَرَادَ مطرّف أنّ الله تَعَالَى إنْ أغاث عَبْدَه وَدعَاهُ، فأنْقَذَه من الهلكة فقد نجا، وَذَلِكَ الاستشلاء.
وَقَالَ القُطامي يمدح رجلا:
قَتَلْتَ كَلْبا وبكراً واشتَليتَ بِنَا
فقد أَرَدْتَ بِأَن تَسْتَجْمعَ الْوَادِي
وَقَوله: (اشتليت) واستشليت) سَوَاء فِي الْمَعْنى، وكّل مَنْ دَعَوْته فقد أشليتَه.
اللَّيْث: الشِّلْو: الْجَسَد والجِلْد من كلّ شَيْء، وَقَالَ الرّاعي:
فَادفَعْ مظالِمَ عَيَّلَتْ أبناءَنَا
عَنَّا وَأَنْقِذْ شِلْوَنَا الْمأكُولاَ
قَالَ: واشتلى الرجُلُ فلَانا، أَي أنقذ(11/283)
شِلوَه، وَأنْشد:
إنَّ سُلَيْمَانَ اشتَلاَنَا ابْنَ عَلِي
أَي أنقذ شِلْوَنا.
ابْن السكِّيت، عَن أبي زَيْد: يُقَال: ذهبت ماشيَة فلَان وَبقيت لَهُ شَلِيَّة، وجَمعها شَلايا، وَلَا يُقَال إِلَّا فِي المَال.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الشِّلْو: الْعُضْو. وَقيل: الشِّلْو: البَقِية. وَقَالَت بَنو عَامر لما قَتَلُوا بنِي تَمِيم يَوْم جَبَلة: لم يبْق مِنْهُم إلاّ شِلْو، أَي بَقيّة، فغَزَوْهم يَوْم ذِي نَجَب، فقتلتْهم تَمِيم. وَفِي ذَلِك يَقُول أوْس بن حَجَر:
فَقُلْتُمْ: ذَاكَ شِلُوٌ سَوْفُ نَأْكُله
فَكيف أَكْلكُمُ الشِّلْوَ الَّذِي تَرَكُوا
وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأبيّ بن كَعْب فِي القَوْس الَّتِي أهداها لَهُ الطُّفَيل ابْن عمر الدَّوْسِي بإقْرَائِه إِيَّاه الْقُرْآن: (تقلَّدْ بهَا شِلْواً من جَهَنَّم) أَي قِطْعَة مِنْهَا، وَمِنْه قيل للعضو: شلْو؛ لِأَنَّهُ طَائِفَة من الجسَد.
وسُئل بعضُ النسَّابين من قُرَيْش عَن النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَنسبه، فَقَالَ: كَانَ من أشلاء قُنَص بن مَعَدّ، أَرَادَ أَنه كَانَ من بقايا وَلَده.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشّلا: بقيَّة المَال، والشَّلِيّ: بقايا كل شَيْء، وشلاَ، إِذا سَار، وشلاَ، إِذا رَفَع شَيْئا.
لشا: أهمله اللَّيْث فِي كِتَابه، ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: لشا، إِذا خَسَّ بعد رِفعة. قَالَ: واللَّشِيّ: الْكثير الحَلَب.
وشل: قَالَ اللَّيْث: الوَشَل: المَاء الْقَلِيل يُتَحَلَّب. وجبَلَ واشل: يقطرُ مِنْهُ المَاء، وَمَاء واشل: يَشِلُ مِنْهُ وَشْلاً.
وَقَالَ ابْن السِّكّيت: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول: الوُشُول قلَّة الغَنَاء، والضعف، وَالنُّقْصَان، وَأنْشد:
إِذا ضَمَّ قَوْمَكُمُ مَأْزِقٌ
وَشلْتُمْ وُشولَ يَدِ الأجْذَمِ
وناقة وَشُولٌ: يَشِلُ لبنُها من كثرته، أَي يسيل ويقطرُ من الوَشَلان، وَيُقَال: وَشلَ فلَان إِلَى فلَان، إِذا ضَرَع إِلَيْهِ، فَهُوَ واشل إِلَيْهِ. ورأْيٌ واشل، وَرجل واشلُ الرَّأْيِ، أَي ضعيفه. وَفُلَان واشلُ الْحَظّ: لَا جَدّ لَهُ. وأوشلت حَظَّ فلَان، أَي أقللتَه.
أَبُو عُبيد: الوَشَل مَا قَطَر من المَاء، وَقد وشَل ويشِل، وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة جَبَلاً يقطر فِي لِحَفٍ مِنْهُ من سَقفِه مَاء، فيجتمع فِي أَسْفَله، وَيُقَال لَهُ الوَشَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، عَن الدُّبَيْرِية: يُسَمَّى المَاء، الَّذِي يقطر من الْجَبَل المَذَع، والفَزيزُ والوَشل.
أشل: قَالَ اللَّيْث: الأشْل من الذَّرْع بلغَة أهل الْبَصْرَة، يَقُولُونَ: كَذَا وَكَذَا أَشلا(11/284)
لمقدارٍ مَعْلُوم عِنْدهم.
قلت: وَمَا أرَاهُ عَرَبيا صَحِيحا.
(بَاب الشين وَاللَّام)
ش ن (وَا يء)
شان، شنأ، ناش، نَشأ، نشي، أشن.
شين: قَالَ اللَّيْث: الشَّيْن مَعْرُوف، وَقد شَانَه يَشِينُه شَيناً.
قلت: والشَّيْن ضد الزَّيْن، وَالْعرب تَقول: وَجه فلَان زَيْن، أَي حَسَنٌ ذُو زَين، وَوجه الآخر شَين، أَي قَبِيح ذُو شيْن.
سَلمة، عَن الْفراء، قَالَ: العَيْنُ والشَّيْن، والشنار: العَيْب.
والشِّين حرف هجاء، وَقد شَيَّنْتُ شِيناً حَسَناً.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَالاَْرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى} (الرحمان: 29) ، قَالَ المفسِّرون: من شَأْنه أَن يعزّ ذليلاً، ويذلّ عَزِيزًا، ويغني فَقِيرا، ويُفقر غنِيّاً، وَلَا يشغَلُه شَأْن عَن شَأْن.
والشأن الخطْب، وَجمعه شئُون.
وَيُقَال: أَتَانِي فلَان وَمَا شَأَنتُ شأْنَه، وَلَا مَأنْتُ مأنَه، وَلَا انتبلْتُ نَبْلَه، أَي لم أعبأ بِهِ وَلم أكترثْ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشئُون: عروق الدَّمْع من الرَّأْس إِلَى العَيْن الْوَاحِد شَأْن. قَالَ: والشُّئون نمانم فِي الجمجمة بَين الْقَبَائِل.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الشئون عُروق فَوق الْقَبَائِل، فكلّما أَسَنَّ الرجلُ قَوِيت واشتدَّت.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، عَن أبي نصر، عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: الشئون مواصل الْقَبَائِل، بَين كلّ قبيلتين شَأْن، والدموعُ تخرج من الشئون، وَهِي أربَعٌ بعضُها إِلَى بعض.
قَالَ إِبْرَاهِيم، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: للنّساء ثَلَاث قبائل.
وَرُوِيَ عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: الشُّأْنَانِ عِرقان من الرأَس إِلَى العَيْن.
وقالَ عَبِيد بن الأبرص:
عَيْنَاكَ دَمْعُهما سَرُوب
كأَنَّ شأْنيهما شعِيبُ
قَالَ: وَحجَّة الْأَصْمَعِي قَوْله:
لَا تُحْزِنيني بالفِراق فإنَّني
لَا تَسْتَهِلُّ من الفِراقِ شئُوني
وَقَالَ غَيره: الشئون: عروق فِي الْجَبَل ينْبت فِيهَا النَّبْع، وَاحِدهَا شَأْن. وَيُقَال: رَأَيْت نخيلاً نابتةً فِي شَأْن من شئون الْجَبَل. وَقيل: عروق من التُّرَاب فِي شقوق الجِبَال يُغرَسُ فِيهَا النّخل. وشئون الْخمر مَا دبَّ مِنْهَا فِي عُروق الجَسَد.
قَالَ البَعِيث:
بأطيبَ مِنْ فِيهَا وَلَا طعمَ قَرْقَفٍ
عُقارٍ تمشِّي فِي الْعِظَام شئونُها(11/285)
أشن: قَالَ اللَّيْث: الأشْنَة شَيْء من العِطْر أَبيض دَقِيق، كَأَنَّهُ مبشور من عِرق.
قلت: مَا أرَاهُ عربيّاً.
نوش: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن} (سبأ: 52) .
قَالَ أَبُو عبيد: التَّنَاوش التَّنَاوُل، والنَّوْش مثله.
نُشتُ أنُوش نَوْشاً.
سَلمَة، عَن الفرّاء: أهل الْحجاز تركُوا همز التَّناوش، وجعلوه من نُشتُ الشَّيْء، إِذا تناولتَه، وأنشدنا:
فهيَ تَنُوشُ الحوضَ نَوْشاً من عَلاَ
نَوْشاً بِهِ تقطع أجوازَ الْفَلاَ
وَقد تناوَشَ القومُ فِي القِتَال، إِذا تنَاول بعضُهم بَعْضاً بالرِّمَاح، وَلم يتَدانَوْا كلَّ التَّدَانِي.
قَالَ الفرَّاء: وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة والكسائيّ: التناؤش بِالْهَمْز يجعلونه من نَأشْتُ، وَهُوَ البطء. وَأنْشد:
وجئتَ نئيشاً بَعْدَ مَا فاتك الخبَرْ
وَقَالَ الآخر:
تَمَنِّي نَئِيشاً أَن يكون أطاعَنِي
وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأمُورِ أمورُ
قَالَ: وَقد يجوز همز التناوُش، وَهُوَ من نُشْت، لانضمام الْوَاو. وَمثل قَوْله: {نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) .
قَالَ الزّجاج: التناوش بِغَيْر همز: التَّنَاوُل. الْمَعْنى: وَكَيف لَهُم أَن يتناوَلُوا مَا كَانَ مبذولاً لَهُم، وَكَانَ قَرِيبا مِنْهُم؛ فَكيف يتناوَلُونه حِين بَعُدَ عَنْهُم؟
قَالَ: ومَنْ همز فَهُوَ من النّئِيش، وَهُوَ الْحَرَكَة فِي إبطاء، وَالْمعْنَى مِنْ أَيْن لَهُم أَن يتحركوا فِيمَا لَا حِيلَة لَهُم فِيهِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: انْتَأَش الشَّيْء، أَي تأخَّر بِالْهَمْز.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحربيّ عَن عَمْرو عَن أَبِيه: نَاقَة مَنُوشَةُ اللَّحْم؛ إِذا كَانَت رقيقَة اللَّحْم.
وانْتَأَشه، أَي انتزعَهُ.
وأمّا قَوْلهم: انتاشني فلَان من الهَلكة، أَي أنْقَذَني، فَهُوَ بِغَيْر همزٍ بِمَعْنى تناولني.
نَشأ: قَالَ اللَّيْث: النَّشَأُ: أَحْدَاث النّاس. يُقَال للواحدِ أَيْضا: هُوَ نَشَأُ سَوْءٍ. والناشِيءُ الشابّ، يُقَال: فَتى ناشيء، وَلم أسمع هَذَا النّعْتَ فِي الجاريَة. وَالْفِعْل نَشَأ ينشَأ نَشْأً ونَشْأَةً ونشاءَة.
ورَوى سَلَمة عَن الْفراء: الْعَرَب تَقول هَؤُلَاءِ نَشْءُ صِدْق، فَإِذا طَرَحُوا الْهمزَة قَالُوا: هَؤُلَاءِ نَشُو صِدْقٍ، وَرَأَيْت نشَا صِدْق، ومررت بنَشِي صدق، وأجوَد من ذَلِك حَذفُ الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء، لِأَن قَوْلهم: (يَسَل) أَكثر من قَوْلهم يَسْأَل و (مَسَلَةٌ) أَكثر من (مَسألة) .(11/286)
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: الناَّشيء الشابّ حِين نَشأ، أَي بلغ قامَةَ الرجل، وَيُقَال للشابّ والشابَّة إِذا كَانُوا كَذَلِك: هم النَّشَأ يَا هَذَا والنّائون، وَأنْشد لنُصَيب:
وَلَوْلاَ أَنْ يُقَالَ صَبَا نُصَيْبٌ
لَقُلْتُ بنفسيَ النَّشَأُ الصِّغَارُ
فالنَّشَأ قد ارتفعْن عَن حدّ الصِّبا إِلَى الْإِدْرَاك، أَو قربْنَ مِنْهُ.
نشأَتْ تنشَأ نَشْأ، وَأَنْشَأَ الله إنْشَاء، قَالَ وناشيء ونَشَأ جمَاعَة، مثل خَادِم وخَدَمَ، وطالب، وطَلَب.
الحرانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت، قَالَ: النَّشَأ: الْجَوَارِي الصّغار فِي بَيت نُصَيب.
وَقَالَ الفراءِ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِىءُ} (العنكبوت: 20) . قَالَ: القُرّاء مجتمعون على جزم الشين، وقَصْرها إِلَّا الْحسن البَصْري، فإِنه مَدَّها فِي كلّ الْقُرْآن، فَقَالَ: النَّشاءة، وَهُوَ مثل الرّأفة والرآفة، والكَأبة والكآبة.
وَقَوله تَعَالَى: {كَظِيمٌ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (الزخرف: 18) ، قَالَ الفرّاء: قَرَأَ أصحابُ عبد الله: (يُنشَّأُ) ، وَقَرَأَ عَاصِم وَأهل الْحجاز: (يَنشَأُ) . قَالَ: مَعْنَاهُ أَن الْمُشْركين قَالُوا: الْمَلَائِكَة بَنَات الله، تَعَالَى الله عَمَّا افتروا، فَقَالَ الله جلّ وعزّ: أَخَصَصْتُم الرحمانَ بالبَنَات، وأحدكم إِذا وُلد لَهُ بنتٌ يَسودُّ وَجهه. قَالَ: وَكَأَنَّهُ قَالَ: أوَمَنْ لَا يُنشَّأ إِلَّا فِي الحِلية، وَلَا بَيَان لَهُ عِنْد الخِصَام يَعْنِي الْبَنَات تجعلونَهُنّ لِلَّهِ وتستأثرون بالبنين
قَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {تُكَذِّبَانِ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِى} (الرحمان: 24) وقرىء (الْمُنشِئَات) ، قَالَ: وَمعنى المُنْشَآت: السفُن المرفوعات الشُّرُع، قَالَ: والمنشِئَات: الرّافعات الشَّرْع.
وَقَالَ الفرّاء: مَن قَرَأَ (المنشِآت) فهن اللاّئي يُقْبِلن ويُدْبِرْن، و (المنشَآتِ) أُقْبِلَ بهنَّ وأُدْبِر.
وَقَالَ الشماخ:
عَلَيْهَا الدُّجَى المستنشَآت كَأَنَّهَا
هَوادجُ مشدودٌ عَلَيْهَا الجزاجزُ
يَعْنِي الزُّبَى المرفوعات. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ} (المزمل: 6) .
أَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحربيّ، عَن الأثْرم، عَن أبي عُبَيدة، قَالَ: ناشئة اللَّيْل: ساعاته، وَهِي آناءُ اللَّيْل، ناشئةً بعد ناشئة.
وَقَالَ الزَّجّاج: ناشئة اللَّيْل سَاعَات اللَّيْل كلّها، مَا نَشأ مِنْه، أَي مَا حَدَث، فَهُوَ ناشئة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ، أَنه قَالَ: كَانَ أنس والحسَن وعليّ بن(11/287)
الحسَيْن وَالضَّحَّاك والحكَم ومجاهِد يَقُولُونَ: ناشئة اللَّيْل: أَوله، وَإِلَيْهِ ذهب الكسائيّ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: النّاشئة: مَا كَانَ بَعْدَ نَوْمه.
قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن الزبيرَ وَأَبُو مَالك ومُعَاوية بن قُرّة وعِكْرمة وَأَبُو مَجْلَز والسُّدِّيّ: اللَّيْل كلّه ناشئَة، مَتى قمتَ فَقَدْ نَشأْتَ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو نصر، عَن الأصمعيّ: خرج السَّحاب لَهُ نشء حَسَن، وَخرج لَهُ خُرُوج حسن، وَذَلِكَ أوّل مَا ينشأ، وَأنْشد:
إذَا هَمَّ بالإقْلاَعِ هَبَّتْ لَهُ الصَّبَا
فَعَاقَبَ نشءٌ بعْدهَا وخَرُوجُ
قَالَ: وَأخْبرنَا عَمْرو عَن أَبِيه: أنشأت النَّاقة فَهِيَ مُبْشِىءٌ إِذا لَقِحَت، وَنَشَأ اللَّيْل ارْتَفع، والنشأ: أَحْدَاث النَّاس، غُلَام ناشيء وَجَارِيَة ناشئة، والجميع نَشأ.
وَقَالَ شمِر: نشأَ: ارْتَفع، ونشأت السحابةُ، ارتفَعَت، وأنشأها الله، وَيُقَال: من أَيْن أنشأْتَ؟ أَي من أَيْن جئتَ؟
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أنشأ يَقُول كَذَا وَكَذَا، أَي أقبل، وَأَنْشَأَ فلَان: أقبل. وَأنْشد قولَ الراجز:
مَكانَ مَنْ أَنشا عَلَى الرَّكَائِبِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أنشأ، إِذا أنْشد شِعْراً أَو خطب خُطبة فأَحسَنَ فيهمَا.
ابْن السّكّيت عَن أبي عَمْرو: تنشّأْتُ إِلَى حَاجَتي، نهضت إِلَيْهَا ومَشيْتُ، وَأنْشد:
فَلمَّا أنْ تَنشَّأَ قَامَ خِرْقٌ
من الفِتْيانِ مختلَقٌ هضُومُ
قَالَ وسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: تَنشَّأَ فلَان غادِياً، إِذا ذهب لِحَاجَتِهِ.
أَبُو عُبيد: النشيئَة: الْحجر الَّذِي يُجعَل أَسْفَل الْحَوْض، والنَّصَائِب: مَا نَصِب حوله، وَأنْشد:
هَرَقْنَاهُ فِي بَادِي النَّشيئَةِ دائِرٍ
قديمٍ بِعَهْد المَاء بُقْعٍ نَصَائِبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: أنشأ فلَان حَدِيثا، أَي ابْتَدَأَ حَدِيثا وَرَفعه.
نشي: ابْن السكّيت عَن الكسائيّ: رجل نَشيان للْخَبَر ونشْوَان، وَهُوَ الْكَلَام المعتَمَدُ.
وَيُقَال: من أَيْن نشِيتَ هَذَا الْخَبَر؟ وَفِي السُّكْر: رجل نَشوان، واستبانت نَشوتُه. قَالَ: وَزعم يُونُس أَنه سمع (نشوته) .
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: نشيتُ مِنْهُ أنشَى(11/288)
نشوَةً، وَهِي الرّيح يجدهَا.
وَقَالَ شمِر: يُقَال: من الرّيح نِشوة، وَمن السُّكر نَشوة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النّشوة: ريح الْخمر.
الأصمعيّ: انْظُر لنا الخبَرَ، واسْتَنْشق واسْتَوْشِ، أَي تعرَّفْه.
وَقَالَ شمِر: يُقَال: رجل نشيان للْخَبَر، ونشوان من السُّكْر، وأصلهما الْوَاو ففرّقوا بَينهمَا، قَالَ: وَقَوله:
منَ النّشوات والنِّساء الحسان
أَرَادَ جمع النّشوة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَشيَ فلَان وانْتَشى، فَهُوَ نَشوان، وَامْرَأَة نَشوَى، أَي سَكْرَى. واستنْشيت نَشَا ريح طيبَة، أَي نسَمْتُها، وَأنْشد:
ويَنشى نَشا المِسْكِ فِي فارةٍ
وريحَ الْخُزامى عَلَى الأجرَع
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الناشيء الْغُلَام الحسَن الشَّبَاب.
شنأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} (الْكَوْثَر: 3) .
قَالَ الفرَّاء: قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} ، أَي مُبْغِضُك وعدوّك هُوَ الأبتر.
الحرّانيّ عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: سمعْتُ أَبَا عمرٍ وَيَقُول: الشانيء: الْمُبْغض، والشِّنْء والشَّنْء: البِغْضَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: 2) يُقَال: الشنآن، بتحريك النُّون والهمزة، والشنْآن بِإِسْكَان النُّون: البغْضة، وبعضُهم يَقُول: الشَّنآن، وَأنْشد:
وإنْ لاَمَ فِيهِ ذُو الشّنَانِ وفَنَّدَا
سَلَمة عَن الْفراء: من قَرَأَ: (شَنَان قوم) فَمَعْنَاه بُغْضُ قوم، شِنئتُهُ شنَآنا وشَنانا، وَمن قَرَأَ: {شَنَآنُ قَوْمٍ} فَهُوَ الِاسْم لَا يحملنكم بَغِيضُ قَوْم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال: شَنِئتُ حقّك، أَي أقررتُ بِهِ وأخرجتُه من عِنْدِي.
قَالَ العجّاج:
زَلَّ بنُو الْعَوّام عَنْ آل الحكَمْ
وشَنِئُوا المُلْك لمَلْكٍ ذِي قَدَمْ
أَي أَخْرجُوهُ من عِنْدهم، وقَدَم: منزلةٌ ورفعة.
وَقَالَ الفرزدق:
وَلَوْ كَانَ فِي دَيْنٍ سوَى ذَا شنِئتُم
لَنَا حَقَّنَا أَو غَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهْ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: شَنِئْتُ الرجل شَنْأً وشنْأةً وشنَآنا وَمَشْنَئاً، أَي أبْغضته، ولغةٌ رَدِيئَة شَنَأْتُ بِالْفَتْح.
الحرّانِيّ عَن ابْن السّكيت: أَزْد شَنُؤَة،(11/289)
بِالْهَمْز على (فَعُولَة) ، وَلَا يُقَال: شَنُوَّة.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: الرجل الشَّنُوءة: الَّذِي يتقزّز من الشَّيْء، قَالَ: وأَحْسِب أَن أزْدَ شَنوءة سُمِّي بِهَذَا.
قَالَ: والمِشْناء، مَمْدُود الْهمزَة مكسور الْمِيم: الَّذِي يُبْغضه النَّاس، وَهُوَ على (مِفْعَال) .
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رجلٌ مشنوء، إِذا كَانَ مُبَغَّضاً؛ وَإِن كَانَ جميلاً، وَرجل مَشْنَاء، إِذا كَانَ قَبِيح المنظر، ورجُلان مَشْناء، وَرِجَال مَشْنَاء.
وروِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (عَلَيْكُم بالمشنْيئة النَافِعَة التلبين) تَعْنِي الحَسُوّ.
وَقَالَ الرّياشيّ: سَأَلت الأصمعيْ عَن المَشنيئة، فَقَالَ: البغيضة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل شَناءَة وشنَائِية، بِوَزْن (فِعَالة) و (فَعَالِية) ، مُبَغَّض سيْىء الخُلُق.
وَشن: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: التَّوشّن: قِلَّة المَاء. قَالَ: والتشوُّن خفّة الْعقل، قَالَ: والشَّوْنة: الْمَرْأَة الحمقاءِ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالَ الكِلابيّ: كَانَ فِينَا رجل يَشون الرؤوس يُريد يَفْرِج شئون الرؤوس، وَيخرج مِنْهَا دابّة تكون على الدِّماغ، فَترك الْهَمْز وَأخرجه إِلَى حدّ (يَقُول) كَقَوْلِه:
قُلْتُ لرجليَّ اعملا ودُوبَا
فأخرجها من دأبْتُ إِلَى دُبْتُ، كَذَلِك أَرَادَ الآخر (شنْتُ) .
(بَاب الشين وَالْفَاء)
ش ف (وَا يء)
شفى، شاف، شأف، فَشَا، فَاش.
شفى: قَالَ اللَّيْث: الشِّفَاء مَعْرُوف، وَهُوَ مَا يبرِىء من السَّقَم، والفِعل: شفَاه الله يشفيه شِفَاء، واستشفى فلَان، إِذا طلبَ الشِّفَاء، وأشفيت فلَانا، إِذا وهبْتَ لَهُ شِفَاء من الدَّوَاء.
وَيُقَال: شِفاء العِيّ السُّؤَال.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَشفَى، إِذا سَار فِي شفَا الْقَمَر، وَهُوَ آخر اللَّيْل، وأشفَى، إِذا أشرف على وصيْةٍ أَو وَدِيعة.
عَمْرو عَن أَبِيه: أشفى زيدٌ عمرا، إِذا وَصفَ لَهُ دَوَاء يكون شفَاؤه فِيهِ، وأشفَى، إِذا أعطَى شَيْئا مَا، وَأنْشد:
وَلاَ تُشفِي أبَاهَا لَوْ أَتَاهَا
فَقِيرا فِي مَبَاءتها صِمَامَا
وشَفَا كلّ شَيْء جَرْفُه. قَالَ الله تَعَالَى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (التَّوْبَة: 109) ، والجميع الأشفاء.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرّانيّ، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: الشَّفا، مَقْصُور: بقيَّة الْهلَال، وبقيَّة البَصر، وبقيّة النَّهَار، وَمَا أشبههه.(11/290)
وَقَالَ العَجّاج:
وَمَرْبإِ عالٍ لمن تَشَرَّفَا
أشْرَفْتُه بِلَا شَفَا أَو بِشفَا
وأشفَى فلَان عى الهلكة، أَي أشرَف عَلَيْهَا.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حدَّثنا الْحسن بن الرّبيع، عَن عَبد الرزَّاق، عَن ابْن جُريج، عَن عَطاء، سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: مَا كَانَت المُتْعة إِلَّا رَحْمَة رحم الله بهَا أمَّة مُحَمَّد، فلولا نهيُه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا أحَدٌ إِلَّا شفاً) ، وَالله لكَأَنِّي أسمع قَوْله: (إِلَّا شَفا) .
عَطاء الْقَائِل:
قلت: هَذَا الحَدِيث يدلّ على أنَّ ابْن عَبَّاس علم أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المُتعة، فَرجع إِلَى تَحْرِيمهَا بعد مَا كَانَ باح بإحلالها، وَقَوله: (إِلَّا شفاً) ، أَي إِلَّا خَطِيئَة من النَّاس لَا يَجدونَ شَيْئا قَلِيلا يسْتَحلُّونَ بِهِ الفرْج.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفَةُ نقصانها وَاو، تَقول: شَفَة وَثَلَاث شفَوات، وَمِنْهُم من يَقُول: نقصانها هَاء، وَتجمع شفاهاً، والمشافهة: مُفاعلة مِنْهُ.
وَقَالَ الْخَلِيل: الْبَاء وَالْمِيم شفويتان نسبهما إِلَى الشّفة: وسمعتُ بعضَ الْعَرَب يَقُول: أَخْبرنِي فلَان خَبرا اشتفَيْت بِهِ، أَي نَقَعَت بصحّته وَصدقه. وَيَقُول القائلُ مِنْهُم: تشفَّيْتُ من فلَان، إِذا أنْكَى فِي عدوّه نِكَايَةً تسرُّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: شفَت الشَّمْس إِذا غَابَتْ إِلَّا قَلِيلا، وأتيته بشَفاً من ضَوْء الشَّمْس، وَأنْشد:
وَمَا نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَا
إذَا نفحتْ ريحُه النّافِحَهْ
أَي قُبَيل غرُوب الشَّمْس.
وشَفِيّة: رِكيّة عَادِيّة، عَذْبة المَاء فِي ديار بني سَعْد. والإشفَى: السِّراد، وَجمعه الأشافِي.
قَالَ ابْن السِّكيت: الإشفى مَا كَانَ للأساقي، والقِرَب، وَهُوَ مَقْصُور، والمِخْصَف للنِّعَال.
شوف شيف: قَالَ اللَّيْث: الشوْف الجلَوْ. والمشوفُ: والمجلوّ. وَقَالَ عنترة:
وَلَقَدْ شرِبْتُ مِنَ المدَامَةِ بَعدَما
رَكَدَ الهواجرُ بالْمشُوفِ المُعْلَم
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابنُ الأعرابيّ: المشوفُ المُعْلَم: الدِّينَار الّذي شافَهُ ضارِبُه، وَقيل: أَرَادَ بالمشوف قَدَحاً صافياً مُنَقّشاً.
ابْن السِّكّيت: أشاف على الشَّيْء وأشفى عَلَيْهِ، إِذا أَشرَف عَلَيْهِ. وَهَذَا من بَاب المقلوب. وَيُقَال: شِيفَتِ الجاريةُ. تُشاف شوْفاً، إِذا زُيِّنَتْ. واشتَاف فلَان يشتاف(11/291)
اشتيافاً، إِذا تطاول وَنظر. وَرَأَيْت نسَاء يتشوَّفْنَ من السطوح، أَي ينظرن ويتطاوَلْنَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تشوَّفت الأوْعَال، إِذا ارْتَفَعت على معَاقِل الْجبَال فأشرفَتْ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المشُوف: الْجمل الهائج فِي قَول لَبيد:
بخطيرةٍ تُوفي الجديل سريحَةٍ
مثلِ المشوفِ هَنَأْتَهُ بعَصيم
وَقيل: المشوف المزيّن بالعهون وَغَيرهَا، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
يشْتِقْنَ للنَّظر البعيدِ كأنّما
إرْنَانُها ببواءِنِ الأشْطانِ
يصِفُ خيلاً نشيطة إِذا رَأَتْ شخصا نائِياً طمَحتْ إِلَيْهِ، ثمَّ صهلت، وَكَانَ صهيلها فِي أبآرِ بعيدَة لسعة أجوافها.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: بَعَثَ القومُ شِيفَةً، أَي طلِيعةً.
قَالَ: والشَّيِّفانُ: الدَّيْدَبان.
وَقَالَ أعرابيّ: تَبَصَّرُوا الشَّيِّفان فإنهُ يصوك على شَعَفَةِ المصَادِ، أَي يلْزمهَا.
شأف: أَبُو زيد: شئفت أَصَابِعه شأَفاً، إِذا تشقّقَتْ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَئفَتْ أَصَابِعه، وسَئِفت وشَعِفتْ؛ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: شَئفَتْ، وسَعِفت، وَهُوَ التشعّث حول الْأَظْفَار، والشُّقاق.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: شَئِفْتُ لَهُ شَأَفاً، إِذا أبغضتَه.
قَالَ وشَئف الرجل، إِذا خفْتَ حينَ ترَاهُ أَن تصيبه بِعَين، أَو تدلّ عَلَيْهِ من يكره.
قَالَ: واستشاف الْجرْح، فَهُوَ مُسْتَشِيف بِغَيْر همز، إِذا غَلظُ.
واستأصل الله شأفتَهُ وَهُوَ قَرْح يخرج بالقدم إِذا حسم الْأَمر من أَصله.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، يُقَال: استأصَل الله شأفته، وَهُوَ قَرْح يخرج بالقدم، يُقَال مِنْهُ: شَئِفَتْ رجله شَأَفاً، والاسمُ مِنْهُ الشأفة، فيُكوَى ذَلِك الدَّاء فَيذْهب، فَيُقَال فِي الدُّعَاء: أذهبك الله، كَمَا أذهب ذَلِك الدَّاء.
شَمِر، عَن الهُجيميّ: الشأفة: الأَصْل، واستأصل الله شأفته، أَي أَصله.
قَالَ: والشأفة: الْعَدَاوَة.
وَقَالَ الكُميت:
وَلَمْ نَفتأ كَذَلِكَ كلَّ يَوْمٍ
لشأفة واغرٍ مُسْتَأْصِلينا
أَبُو عُبيد: شُئِفَ فلانٌ شأفاً، فَهُوَ مشئوف، مثل جُئِث وزُئِد، إِذا فَزِع وذعر.
وَفِي الحَدِيث: (خرجت بآدَم شأْفَةٌ فِي رجله) .
قَالَ: والشأفة قد جَاءَت بِالْهَمْز وَغير(11/292)
الْهَمْز؛ وَهِي قَرْحة.
فَشَا: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ضُمّوا فواشيكُم بِاللَّيْلِ) وَالْفَوَاشِي كلّ شَيْء ينتشر من المَال، مثل الْغنم السَّائِمَة، وَالْإِبِل وَغَيرهَا.
وَقَالَ غَيره: أفْشى الرَّجل، إِذا كثرت فواشيه.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أفشى الرجل وأمشى وأوْشَى، إِذا كثر مَاله، وَهُوَ الفِشاء والمِشاء، مَمْدُود، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الفرّاء: قَالَ اللَّيْث: فَشَا الشيءُ يفشُو فُشُوّاً إِذا ظهر، وَهُوَ عامٌّ فِي كل شَيْء. وَمِنْه إفشاء السرّ، وَقد تفشَّى الخبرُ إِذا كُتِبَ على كاغد رَقِيق فتمشَّى فِيهِ.
وَيُقَال: تفشّى بهم الْمَرَض وتفشّاهم الْمَرَض، إِذا عمَّهم. وَأنْشد:
تَفَشَّى بِإِخْوَان الثِّقاتِ فعمَّهُم
فأَسْكَتُّ عَنْهُ المعْوِلاتِ البواكيا
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : تَفَشَّأَ بالقوم الْمَرَض تفشؤا، إِذا انْتَشَر فيهم. وَأنْشد:
وأمرٌ عَظِيم الشَّأْن يُرْهَب هَوْلُهُ
وَيَعْيَا بِهِ مَنْ كانَ يُحْسَبُ رَاقِياً
تَفَشَّأ إخْوَانُ الثِّقاتِ فعمّهمْ
فأَسْكَتُّ عنّي المعْوِلاَت الْبَواكِيَا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: الفَشء من الْفَخر، من أفُشأتُ، وَيُقَال: نَشَأْت.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَشَتْ عَلَيْهِ أمورُه، إِذا انتشرت، فَلم يدر بأيّ ذَلِك يَأْخُذ، وأفشيته أنأ.
والفَشَيَان: الغَثْيَةُ الَّتِي تعتري الْإِنْسَان، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: (تاسا) .
فيش: قَالَ اللَّيْث: الفَيْش: الفيشلَة الضَّعِيف. والفَيْش النفْج يرِي الرّجل أنّ عِنْده شَيْئا، وَلَيْسَ على مَا يُرى.
وَفُلَان صاحبُ فِيَاش ومُفَايشة وفُلاَن فَيّاش، إِذا كَانَ نفّاجاً بِالْبَاطِلِ، وَلَيْسَ عِنْده طائل. وَيُقَال أَيْضا: رجل فَيُوش.
قَالَ رؤبة:
عَنْ مُسْمَهِرَ لَيْسَ بالْفَيُوش
والفيشوشة: الضّعْف والرّخاوة. وَقَالَ جرير:
أدْرَى بحلمهمُ الفياشُ فَحِملْهُمْ
حِلْمُ الْفَراشِ غَشِين نَارَ المْطَلَى
شمِر: يُقَال: جَاءُوا يتفايشُون، أَي يتفاخرون ويتكاثَرون، وَقد فايَشني فِيَاشاً، قَالَ: يُقَال: فَاش يفيشُ وفَشَّ يَفُشُّ بِمَعْنى، كَمَا يُقَال: ذَام يَذِيمُ، وَذَمَّ يذُمّ.
(بَاب الشين وَالْبَاء)
ش ب (وَا يء)
شَاب، شبا، بشا، وبش، باش.
أشب، أبش.(11/293)
شبا: قَالَ اللَّيْث: حدّ كلّ شَيْء شَباتُه، والجميع شَبَوَات.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: شَبْوَة هِيَ الْعَقْرَب غير مجراةٍ، وَأنْشد:
قَدْ جَعَلَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ
تكْسُواسْتَهَا لحْماً وتَقْمَطِرُّ
يَقُول: إِذا لَدَغت صَار اسْتُها فِي لحم النَّاس، فَذَلِك اللَّحْم كسْوَة لَهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّبْوة: الْعَقْرَب الصَّفْرَاء، وَجَمعهَا شَبَوات.
قلت: والنحوَّيون يَقُولُونَ: شَبْوةُ، معرفَة لَا تَنْصَرِف وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام.
أَبُو عبيد عَن اليزيديّ: المُشبِيُّ: الّذي يُولد لَهُ ولد ذكيٌّ. وأشْبَى، وَأنْشد شَمِر قَول ذِي الإصبع العَدوانيّ:
وهم من ولُدُوا وأَشْبَوْا
بسرِّ الْحَسبِ المحضِ
قَالَ: وأشبى، إِذا جَاءَ بولدٍ مثل شَبَا الْحَدِيد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: رجل مُشببٍ يلد الْكِرَام، وَرجل مَشْبِيّ: مُكْرَم. قَالَ: والمُشبيّ: المُشْفِق، وَهُوَ المُشْبِل.
قَالَ: وَيُقَال: أَشْبَى زيدٌ عمرا، إِذا أَلْقَاهُ فِي بِئْر، أَو فِيمَا يكره.
وَأنْشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِيَاهُ
فِي كلِّ سُوءٍ وَيُدَرْبِيَاهُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء الْعَقْرَب الشَّوْشَب، والفِرْضخ، وتَمَرةُ، لَا تَنْصَرِف. قَالَ: وشَبَاة الْعَقْرَب: إبرتها. والشَّبْو: الْأَذَى.
الفرَّاء: شبا وجهُه، إِذا أَضَاء بعد تغيّر.
وبش: قَالَ اللَّيْث: الوَبْش والوَبش النِّمنِم الْأَبْيَض يكُون على الظّفر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الْوَبْش والكَدَب والنِّمنم.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: مَا بِهَذِهِ الأَرْض إِلَّا أوْبَاشٌ من شجر أَو نَبَات، إِذا كَانَ قَلِيلا مُتَفَرقاً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: بهَا أوباشٌ من النَّاس وأوشابٌ من النَّاس، وهم الضُّروب المتفرّقون.
قَالَ: والأشائب: الأخلاط. الْوَاحِدَة أشابة. وَفِي الحَدِيث: (إنّ قُريْشًا وَبَّشَتْ لِحَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوباشاً) أَي جمَعتْ لَهُ جموعاً من قبائلَ شَتَّى.
وَقَالَ ابْن شُميل: الوَبْش الرَّقْط من الجرَب يتفشى فِي جلد الْبَعِير، يُقَال: جمل وَبِش، وَبِه وَبَشٌ، وَقد وبِشَ جلده وبشاً.
بوش: قَالَ اللَّيْث: البَوْش: الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَيَّش الله وَجهه وسرّجه.(11/294)
أَي حَسنّه. وَأنْشد:
لَمّا رأيتُ الأزْرَقَيْنَ أرَّشَا
لَا حَسَنَ الوجْه وَلَا مُبَيّشا
قَالَ: (أزْرَقَيْن) ، ثمَّ قَالَ: (لَا حَسَن) .
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: باش يَبُوش بَوْشاً، إِذا صَحِبَ البَوْش، وهم الغوغاء.
شيب: قَالَ اللَّيْث: الشَّيب مَعْرُوف قَلِيله وَكَثِيره.
يُقَال: علاهُ الشيبُ.
وَيُقَال: شَاب يشيب شَيْباً وَشَيْبَةً، وَرجل أشيب وَقوم شِيب. والشِّيب حِكَايَة ترشّف مشافر الْإِبِل المَاء إِذا شربت. وَأنْشد ابْن السّكيت قَول ذِي الرُّمة يصف الْإِبِل:
تداعَيْن باسم الشِّيب فِي مُتَثَلّمٍ
جوانِبُه من بَصْرةٍ وَسَلاَمِ
وَأما قَول عديّ بن زيد:
أرِقْتُ لمكفِّهرَ بَاتَ فِيه
بَوَارِقُ يَرْتَقِين رُؤوسَ شِيبِ
فَإِن بَعضهم: قَالَ: الشِّيب هَا هُنَا سحائب بيض؛ وَاحِدهَا أشيب.
وَقيل: هِيَ جبال مبيضّة الرؤوس من الثَّلج، أَو من الْغُبَار. وَقيل شِيبُ اسْم جَبل ذكره الكُمَيت: فَقَالَ:
فَمَا فُدرٌ عَواقلُ أَحْرزَتْها
عَمايةُ أَو تَضَمّنَهنَّ شيبُ
وَيُقَال: رجل أشْيَب، وَلَا يُقَال: امْرَأَة شيباء، لَا تنْعَت بِهِ الْمَرْأَة، وَقد يُقَال: شَاب رأسُها، وَكَانَت الْعَرَب تَقول للبكر إِذا زفّت إِلَى زَوجهَا فَدخل بهَا وَلم يَقْتَرِعْها لَيْلَة زفافها: باتت بليلةٍ حُرَّة، وَإِن اقترعها تِلْكَ، قَالُوا: باتت بليلةِ شَيْبَاء.
وَقَالَ عُرْوة بن الوَرْد:
كَلَيْلَةِ شَيْباءَ الّتي لَسْتُ نَاسِياً
ولَيْلَتِنا إِذْ مَنَّ مَا منَّ قَرْمَلُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال للكانونين: هما شَيْبان ومَلْحان.
وَيُقَال: شِيبان.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَاب يَشُوب شَوْباً، إِذا غشّ، قَالَ: وَمِنْه الْخَبَر: (لَا شَوْب وَلَا رَوْب) ، أَي لَا غِشّ وَلَا تَخْلِيط فِي شراءٍ أَو بيع.
وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: معنى قَوْلهم: (لَا شَوْبَ وَلَا روْب) فِي البيع وَالشِّرَاء فِي السّلعة يَبِيعهَا، أَي أَنَّك برىء من عَيْبها.
قَالَ: وَيُقَال: مَا عِنْده شَوْبٌ وَلَا رَوْب، فالشَّوْب الْعَسَل والمشُوب والرَّوْب: الرائِب.
وَقَالَ: يُقَال: فِي فلَان شَوْبَة، أَي خَدِيعَةٌ، وَفِي فلَان ذَوْبَة، أَي حمقة ظَاهِرَة.
سَلمَة، عَن الفرّاء: شابَ إِذا خَان، وباش إِذا خَلّط.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي بَاب إِصَابَة(11/295)
الرجل فِي مَنْطِقه مَرّة وإخطائه أُخْرَى: هُوَ يَشُوب وَيَرُوبُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: يُقَال للرجل إِذا نضح عَن الرجل: قد شوَّب عَنهُ وراب، إِذا كسِل.
قَالَ: والتَّشويب أَن تَنضح نَضْحاً غير مبالَغ فِيهِ فَمَعْنَى قَوْلهم: هُوَ يَشُوب ويَرُوب، أَي يدافِع مُدافعة غيرَ مبالَغ فِيهَا، وَمرَّة يكسَل فَلَا يدافع البتّة.
وَقَالَ غَيره: يَشُوب، من شَوْب اللَّبن، وَهُوَ خَلْطُه بِالْمَاءِ ومذْقُه. ويَرُوب، أَرَادَ أَن يَقُول: يُرَوِّب، أَي يَجعله رائباً خاثِراً لَا شَوْب فِيهِ، فأتبع (يَرُوب) (يَشُوب) لازدواج الْكَلَام، كَمَا قَالُوا: هُوَ يَأْتِيهِ الغَدَايا والعَشايا، والغدايا لَيْسَ بِجمع للغداة، فجَاء بهَا على وزن (العشايا) .
وشابَة: اسْم جبل بِنَاحِيَة الْحجاز.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الشآبيبُ من الْمَطَر الدُّفَعَات.
وَقَالَ غَيره: شُؤبُوب العَدْوِ دُفَعُهُ.
وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ: إِنَّهَا لحسنةُ شَآبيبِ الوَجْه، وَهُوَ أوّل مَا يظْهر من حُسْنها فِي عين النَّاظر إِلَيْهَا.
أَبُو زَيد: الشُّؤبوب: الْمَطَر يُصِيبُ الْمَكَان ويخطىء الآخر، وَجمعه الشآبيب، وَمثله: النَّجْو والنَّجَاء.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سألتُ الأصمعيّ عَن المشَاوب، وَهِي الغُلُف، فَقَالَ: يُقَال لغلاف القارورة: مُشَاوب، على (مُفَاعِل) ، لِأَنَّهُ مَشُوب بحُمْرة وصفرة وخضرة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يجوز أَن يجمع المُشَاوَب على (مَشَاوِب) .
أشب: أَبُو عُبيد: أَشَبْتُه، أشِبُه: لُمْتُه.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ويأشِبُنِي فِيهَا الَّذِين يَلُونَهَا
وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يأْشِبُونِي بِطائِلِ
وَقَالَ غَيره: اشَبْتُه، أَي عبتَه ووقعتَ فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأشَب كَثْرة الشّجر.
يُقَال مِنْهُ، مَوضِع أشِب، أَي كثيرُ الشّجر.
اللَّيْث: أشَّبْتُ الشرَّ بَينهم تأشيباً. قَالَ: والتأشيب التجمّع من هَا هُنَا وَهَا هُنَا، يُقَال: هَؤُلَاءِ أُشابةٌ لَيْسُوا من مكانٍ وَاحِد، والجميع الأشائِب، وَكَذَلِكَ الأُشابَة فِي الْكسْب مِمَّا يخلطه من الْحَرَام الَّذِي لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
نَجائِبُ لَيست من مهورِ أشابةٍ
وَلَا دِيَةٍ كَانَت وَلَا كسْبُ مَأْثَمِ
وَقَالَ النَّابِغَة:
قبائل من غَسّانَ غير أشائب
أبش: يُقَال: تأبَّش الْقَوْم وتهبَّشوا وتَحبّشُوا، وتأشَّبُوا، إِذا تجمعُوا.(11/296)
بشا: ابْن الأعرابيّ: بشا، إِذا حَسُن خُلُقه.
(بَاب الشين وَالْمِيم)
ش م (وَا يء)
شأم، شام، (شيام) ، وشم، ومش، ماش، مَشى، شما.
شما: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: شما، إِذا علا أمرُه، قَالَ: والشَّمَا: الشمَع.
ومش: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الوَمْشَة: الخالُ الْأَبْيَض.
وشم: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَعَن الواشِمة والمسْتَوشِمة، وَبَعْضهمْ يرويهِ: (المُؤتشِمة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الوَشْمُ فِي الْيَد، ذَلِك أنّ الْمَرْأَة كَانَت تَغْرِزُ ظهر كفّها ومِعْصمها بإبرة أَو بمِسلّة حَتَّى تُؤثر فِيهِ، ثمَّ تحشوه بالكحل، أَو بالنَّؤُر فيخضرّ، تفعل ذَلِك بدَاراتٍ ونقوش.
يُقَال: وَشَمَتْ تَشِمُ وشْماً، فَهِيَ واشِمَةٌ، وَالْأُخْرَى موشومة ومُسْتَوشِمة، وَأنْشد:
كَمَا وُشِمَ الرَّوَاهِشُ بالنَّؤُورِ
والنَّؤُور: دُخَان الشّحْم.
ابْن شُمَيل: يُقَال: فلَان أعظم فِي نَفْسه من المتَّشِمة، وَهَذَا مَثَل، والمتّشمة امْرَأَة وشمت اسْتَها، ليَكُون أحسنَ لَهَا.
وَقَالَ الباهليّ: من أمثالهم: لَهُوَ أَخْيَلُ فِي نَفسه من الواشمة.
قلت: والمتّشمة فِي الأَصْل مُوتشمة، وَهُوَ مثل المتّصل، أَصله (موتصل) ، فأدغمت الْوَاو أَو الْهمزَة فِي التَّاء وشدّدت.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أوْشَمَت السَّمَاء، إِذا بَدَا مِنْهَا بَرق، وأنشدنا:
حَتى إِذا مَا أوشمَ الرواعدُ
وَمِنْه قيل: أوشَم النَّبْت، إِذا أبصَرْتَ أولَه.
وَقَالَ اللَّيْث: أوشمت الأَرْض، إِذا ظهر شَيْء من نَبَاتها.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: مَا عصيتُك وَشْمة، أَي طرفَة عَيْن.
وَقَالَ غَيره: أوشم فلَان فِي ذَلِك الْأَمر إيشاماً، إِذا نظر فِيهِ، وأوشمت الأعناب، إِذا لانتْ وطابَتْ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الوُشُوم والوُسُوم: العلامات.
شيم: أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة: شِمتُ السيفَ، أغمدته، وشِمْتُه سَلَلْته.
قَالَ شَمر: أَبُو عبيد فِي شِمْتُه، بِمَعْنى سَللْتُه. قَالَ شَمر: وَلَا أعرفهُ أَنا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي الأضداد: يُقَال: شامَ سَيفه، إِذا سلّه، وشامه إِذا أغمَدَه، وَأنْشد قَول الفرزدق فِي الشَّيْم بِمَعْنى السلّ:(11/297)
إِذا هِيَ شِيمَتْ فالقوائم تحتهَا
وَإِن لم تُشَمْ يَوْمًا عَلَتْها القوائم
قَالَ: أَرَادَ سُلَّت، والقوائم مَقَابضُ السيوف.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: شام السَّيْف: غَمَدَه، وشامه، جَرّدَه، وشام البرقَ: نظر إِلَيْهِ، وشام الرّجل يَشِيم شَيْماً وشُيُوماً، إِذا حَقَّقَ الحمْلَة فِي الْحَرْب، وشَامَ أَبَا عُمَير، إِذا نَالَ من البِكْر مرادَه، وشام يَشِيمُ، إِذا ظَهرت بجلدته الرّقمة السَّوْدَاء، وشام يَشِيم إِذا غبّر رجلَيْهِ بالشِّيام، وَهُوَ التُّرَاب، وشام إِذا دَخَلَ.
وَقَالَ اللَّيْث: شِمْتُ الْبَرْق والسَّحاب، إِذا نظرت أَيْن يَقْصِد وَأَيْنَ يمطر.
وَقَالَ أَبُو زيد: شِمْ فِي الْفرس ساقَك، أَي أركُلْها بساقك وأَمِرَّها.
وَقَالَ أَبُو مَالك: شِمْ، أَدخِلْ، وَذَلِكَ إِذا أَدخَلَ رجلَهُ فِي بَطنهَا يضربُها وأشام فِي الشَّيْء، دخل فِيهِ.
أَبُو عبيد، عَن الكسائيّ: رجل مَشِيم ومَشْيُوم ومَشُوم، من الشامَة. وَقَالَ الطِّرِمّاح:
كم بهَا من مَكْوِ وَحْشِيةٍ
قِيضَ من مُنْتَثِلٍ أَو شِيَامِ
قَالَ أَبُو سعيد: سَمِعت أَبَا عَمْرو ينشده أَو شَيَام يفتح الشين، وَقَالَ: هِيَ الأَرْض السهلة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَهُوَ عِنْدِي (شِيام) بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الكِناس، سُمِّي (شِياماً) لِأَن الوَحْش تنشام فِيهِ، أَي تدخل.
قَالَ: والمُنْتَثِلُ: الَّذِي كَانَ اندَفَنَ، فَاحْتَاجَ الثَّورُ إِلَى انتثاله، أَي اسْتِخْرَاج تُرابه، والشِّيام، الَّذِي لم يندَفن وَلَا يحْتَاج إِلَى انتثاله، فَهُوَ يَتْشام فِيهِ، كَمَا يُقَال: لِباسٌ لَا يُلْبس.
قَالَ: وَيُقَال حَفَرَ فَشَيم، وَقَالَ: الشَّيْم: كلّ أَرض لم يُحْفَرْ فِيهَا قبل، فالحفْر على الْحَافِر فِيهَا أشَدُّ.
وَقَالَ الطِّرِمّاح أَيْضا، يصف ثَوْراً:
غَاصَ حَتَّى اشتباث من شَيَمِ الأرْ
ض سَفَاةً من دوتها ثَأَدُهْ
والمَشِيمَة هِيَ للْمَرْأَة الَّتِي فِيهَا الوَلَد، والجميع مَشِم ومَشائم.
قَالَه التَّوزيّ، وَأنْشد لجرير:
وَذَاكَ الفحلُ جَاءَ بشرِّ نَجْلٍ
خبيثاتِ المثَابِرِ والمَشِيم
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابي، يُقَال: لما يكون فِيهِ الْوَلَد: المَشِيمة والكِيسُ والْحَوْرَان والقميص.
وَقَالَ اللَّيْث: الأشْيَمُ من الدَّوَابّ وَمن كلُّ شيءَ: الَّذِي بِهِ شامَة، والشامَة عَلامَة مخالِفَة لسَائِر اللَّون، وَالْأُنْثَى شَيْمَاء.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: ممّا لَا يُقَال لَهُ بَهِيم ولاشِيَةَ لَهُ: الأبرش، والأشْيَم. قَالَ:(11/298)
والأشْيَم أَن تكون بِهِ شامَةٌ، أَو شامٌ فِي جَسَده.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الشَّامة: شامةٌ تخَالف لونَ الْفرس على مَكَان يُكْرَه، ربّما كَانَت فِي دَوَابِرها.
أَبُو زيد: رجل أَشْيَم بيِّن الشَّيَم، للّذي بِهِ شامة، وَلم يعرف لَهُ فِعل.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الشَّامة: النّاقة السَّوْدَاء، وَجَمعهَا شام، والشِّيمُ: الْإِبِل السُّود، والحِضار الْبيض.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
بَنَات المخاضِ شِيمُها وحِضَارُها
ويُرْوَى: (شُومها) أَي سُودُها وبيضها، قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
ابْن الأعرابيّ: الشِّيام بِالْكَسْرِ: الفأر. والشِّيَام: التّراب.
شأم: قَالَ اللَّيْث: الشَّأم: أَرض: سمِّيَتْ بهَا لِأَنَّهَا عَن مَشْأمَة الْقبْلَة. وَيُقَال: شأمْتُ القومَ، أَي يَسَرْتُهم. والمشْأَمَةُ من الشُّؤْم، يُقَال: رجل مشئوم، وَقد شُئِمَ. وَيُقَال: شَأَمَ فلانٌ أصحابَه؛ إِذا أصابَهُم شُئُوم من قِبلَه. وَيُقَال: هَذَا طَائِر أشأم، وطير أشأَم، والجميع الأَشائم.
وَأنْشد أَبُو عُبيدة:
فَإِذا الأشائم كالأيا
مِنِ والأيامِنُ كالأشَائمْ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أنَّه قَالَ: العَرَبُ تَقول: أَشأَمُ كُلِّ امرىء بَين لحْيَيْه. قَالَ: أشأَم، فِي مَعْنى الشؤم، يَعْنِي اللِّسَان، وأَنشد:
فَتُنْتِجْ لكُمْ غِلْمَانَ أشْأَمَ كُلُّهُمْ
كأحْمَرِ عادٍ ثمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِم
قَالَ: (غلْمَان أشأمَ) ، أَي غلْمَان شُؤْم.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال: يامِنْ بِأَصْحَابِك أَي خذْ بهم يَمْنَةً، وشائِمْ بهم، أَي خُذْ بهم شَأْمَة، أَي ذَات الشمَال، وَلَا يُقَال: تيامنْ بهم.
وَيُقَال: قعد فلَان يَمْنَةً، وَقعد فلَان شَأْمَةً. وَتقول: قد يُمِن فلانٌ على قومه، فَهُوَ ميمونٌ عَلَيْهِم. وَقد شُئِمَ عَلَيْهِم فَهُوَ مَشْئوم عَلَيْهِم، بِهَمْزَة بعْدهَا وَاو. وَقوم مشائيم، وَقوم مَيَامِين، وَقد أشأم الْقَوْم، إِذا أَتَوا الشأم، وَرجل شآمٍ وتَهامٍ، إِذا نُسب إِلَى تهَامَة والشأم، وَكَذَلِكَ رجل يمانٍ، زادوا ألفا وخفّفوا يَاء النّسْبَة.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا نشأَتْ بَحْرِيةً ثمَّ تشاءَمتْ فَتلك عينٌ عَذِيقة) ، تشاءمتْ: أخذت نَحْو الشأم. قَالَ: تشاءم الرجل، إِذا أَخذ نَحْو الشأم، وأشأم، إِذا أَتَى الشأم، ويامَنَ الْقَوْم وأيمنوا، إِذا أَتَوا اليَمَن.
ميش: قَالَ اللّيث: الميْش: أَن تمَيش الْمَرْأَة القطنَ بِيَدِهَا، إِذا أزبدته بعد الحلْج،(11/299)
وَأنْشد:
إليَّ سِرّاً فاطْرُفِي وَمِيشي
قلت: المَيْش: خَلْط الشَّعر بالصوف، كَذَلِك فَسَّره الأصمعيّ وَابْن الأعرابيّ وَغَيرهمَا.
وَيُقَال: مَاشَ فلانٌ، إِذا خَلَطَ الصدْق بِالْكَذِبِ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ، قَالَ: إذَا أخْبر الرَّجُل بِبَعْض الْخَبَر، وكتم بعضه قيل: مَذَع، وماش يَمِيش.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبِعِيّ وَحَجَّارِ
ورَوَى ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: ماش يميش مَيْشاً، إِذا خَلَطَ اللَّبن الحلو بالحامض، أَو خَلَطَ الصُّوف بالوبرَ، أَو خَلَط الجِدَّ بالهزْل.
قَالَ: وماش كَرْمَه يَمُوشة مَوْشاً، إِذا طلب بَاقِي قُطُوفه.
قَالَ: والماش قماش الْبَيْت، وَهِي الأوقَابُ والأوغابَ والثَّوى.
قلت: ومِنْ هَذَا قَوْلهم: (الماش خير من لاَش) ، أَي مَا كَانَ فِي الْبَيْت من قماش خير لَا قيمةَ لَهُ، خيرٌ من بَيت فارغ لَا شَيْء فِيهِ، مخفف (لَا شَيْء) ؛ لازدواجه مَعَ (ماش) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: مِشْتُ النَّاقة أَمِيشُها، وَهُوَ أَن تحلبَ نصفَ مَا فِي ضَرْعِها، فَإِذا جُزْتَ النِّصْف فَلَيْسَ بميْش.
وَقَالَ اللَّيث: ماش الْمَطَر الأَرْض، إِذا سحاها. وَأنْشد:
وقلتُ يَوْم الْمَطَر الميشِ
أقاتلي جبيلة أم مُعيشي
مَشى: قَالَ اللّيث: المِشْيَةُ: ضرب من المَشْي إِذا مَشى. قَالَ: والمَشَاء مَمْدُود، وَهُوَ المَشُوْ والمَشِيُّ. يُقَال: شربت مَشُوّاً ومَشِيّاً وَمَشَاءً، وَهُوَ استطلاق البُطْن، وَالْفِعْل استَمشى إِذا شرب المَشيَّ، والدواء يُمْشِيهِ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: شربت مَشُوّاً ومَشاءً، وَهُوَ الدّواء الَّذِي يسهل، مثل: الحَسُوّ والحَسَاء، قَالَه بِفَتْح الْمِيم، وَذكر المشيَّ أَيْضا، وَهُوَ صَحِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: مَشى الرجل يمشي، إِذا أنْجى، داواؤه، قَالَ: وَمَشى يمشي بالنَّمائم.
وَقَالَ اللَّيْث: المَشَاء، مَمْدُود: فِعل الْمَاشِيَة، تَقول: إنّ فلَانا لذُو مَشاءٍ وماشية. وأمشى فلَان، كثرت ماشِيتُه، وَأنْشد:
وكلُّ فَتى وَإِن أمْشى فأثرَى
ستخِلجُه عَن الدّنيا المنونُ
وَقَالَ الحُطيئة:(11/300)
فَيبْني مَجْدَهَا وَيُقيمُ فِيهَا
ويَمْشِي إنْ أُرِيد بِها المَشاءُ
قَالَ أَبُو الهَيْثَم: يمشي: يكثر يُقَال: مشت إبلُ بنِي فلَان تمشي مَشاءً، إِذا كثرت والمشَاء: النَّماءِ، وَمِنْه قيل: الْمَاشِيَة.
وَقَالَ غَيره: كلّ مالٍ يكون سَائِمَة للنَّسل والقُنْية من إبل وبقر وشاءٍ، فَهِيَ مَاشِيَة، وأصل الشَّاء النّماءِ وَالْكَثْرَة والتناسل.
وَقَالَ الراجز:
الْعَنْزُ لاَ تَمْشِي مَعَ الْمَمَلَّعِ
ابْن السّكّيت: الْمَاشِيَة تكون من الْإِبِل والغَنَم، يُقَال: قد أمشى الرجل، إِذا كَثُرت ماشيتُه، وَقد مَشِيَت الْمَاشِيَة، إِذا كثرت أولادُها. وناقة مَاشِيَة: كَثِيرَة الْأَوْلَاد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المَشاء الجَزَرُ الَّذِي يُؤْكَل، وَهُوَ الإصطفلين.
أَبُو زَيد: شَرِبتُ مَشيّاً، فمشيْتُ عَنهُ مَشياً كثيرا.
بَاب اللفيف من حرف الشين
شَيْء، شيشاء، شوى، شَاءَ، شأي، وشي، أشّ، أشا.
شَيْء: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ} (الْمَائِدَة: 101) .
قلت: لم يخْتَلف النحويّون فِي أَن {أَشْيَاء جمع شَيْء، وَأَنَّهَا غير مجراة، وَاخْتلفُوا فِي العِلّة فَكرِهت أَن أحكيَ مقَالَة كلّ وَاحِد مِنْهُم، واقتصرت على مَا ذكره أَبُو إِسْحَاق الزّجاج فِي كِتَابه، لِأَنَّهُ جمع أقاويلَهم على اختلافها، واحتجّ لأَصْوَبها عِنْده، وعَزَاه إِلَى الْخَلِيل بن أَحْمد، فَقَالَ فِي قَوْله: لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ} : أَشْيَاء فِي مَوضِع خفضٍ إِلَّا أَنَّهَا فتحت لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِف.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أشبه آخرُها آخرَ حمراءٍ، وَكثر استعمالهم لَهَا فَلم تصرف.
قَالَ الزّجَّاج: وَقد أجمع البصريون وأكثرُ الكوفيِّين على أَن قَول الكسائيّ خطأ، وألزموه ألاّ يصرف أَبنَاء وَأَسْمَاء.
قَالَ الفرّاء والأخفش: أصل أشياءٍ (أفعلاءٍ) كَمَا تَقول: هيْن وأهوناء، إلاّ أَنه كَانَ فِي الأَصْل (أَشْيِئاء) على وزن أشيِعَاع، فاجتمعت همزتان بَينهمَا ألفٌ فحذفت الهمزةُ الأولى.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القَوْل أَيْضا غَلَط، لِأَن (شَيْئا) (فَعْل) ، و (فَعْل) لَا يجمع على (أفعلاء) ، فأمّا هَيْن فأصله (هَيِّن) فَجمع على (أفعلاء) كَمَا يجمَعُ (فعيل) على أفعلاء مثل: نصيب وأنصباء.
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: أَشْيَاء اسْم للْجَمِيع كأنّ أصلَه فَعْلاء شيئاء، فاستثقلت(11/301)
الهمزتان، فقُلبت الْهمزَة الأولى إِلَى أوّل الْكَلِمَة، فَجعلت (لَفْعاء) كَمَا قلبوا (أنْوُق) ، فَقَالُوا: (أينُق) وكما قلبوا قووس (قِسيّاً) ، قَالَ: وتصديق قَول الْخَلِيل جمعهم أَشْيَاء على أشاوَى وأشَايَا.
قَالَ: وَقَول الْخَلِيل هُوَ مذهَب سِيبَوَيْهٍ والمازنيّ وَجَمِيع الْبَصرِيين إِلَّا الزياديّ مِنْهُم فَإِنَّهُ كَانَ يمِيل إِلَى قَول الْأَخْفَش.
وذُكِرَ أنّ المازنيّ نَاظر الْأَخْفَش فِي هَذَا، فَقطع المازنيّ الأخفشَ، وَذَلِكَ أَنه سَأَلَهُ، كَيفَ تُصَغِّر (أَشياء) ؟ فَقَالَ لَهُ: أَقُول (أُشَيَّاء) ، فَاعْلَم، وَلَو كانَتْ أفعلاء لرُدَّتْ فِي التصغير إِلَى وَاحِدهَا، فَقيل: (أشَيَّات) ، وَإِجْمَاع الْبَصرِيين أَن تَصْغِير أصدقاء إِن كَانَ للمؤنث (صُدَيِّقات) ، وَإِن كَانَ للمذكر (صُدَيِّقُون) .
قلت: وَأما اللّيث فَإِنَّهُ حَكَى عَن الْخَلِيل غير مَا حَكَاهُ الثِّقاتُ من أَصْحَابه عَنهُ، وخَلَّط فِيمَا حكى، وطوَّل تَطْوِيلاً دَلَّ على حَيْرَتِه وَلذَلِك أَعرَضت عَنهُ، وَلم أكتبه بعَيْنه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأَيْدَعُ والشَّيَّانُ: دَمُ الأَخَوَيْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيْء المَاء. وَأنْشد:
ترى رَكْبَه بالشَّيء فِي وَسْطِ قفْرَةٍ
قلت: لَا أعرِف الشَّيء بِمَعْنى المَاء، وَلَا أدرِي مَا هُوَ؟ وَلَا أَعْرِفُ الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الأصمعيْ: إِذا قَالَ لَك الرجل: مَا أردتَ؟ قلت: لَا شَيئاً، وَإِذا قَالَ لَك: لِمَ فعلتَ ذَلِك؟ قلت: للاشيءٍ. وَإِن قَالَ: مَا أَمْرُك؟ . قلت: لَا شيءٌ. تنون فِيهِنَّ كُلهنَّ.
شيشاء: أَبُو عُبيد عَن الْفراء: يُقَال للتَّمر الَّذِي لَا يشتدّ نوَاه الشيشاء.
وَأنْشد:
يَا لَكَ من تَمْرٍ ومِنْ شِيشَاءِ
يَنْشَبُ فِي الْمَسْعَلِ واللهَاء
شأشأ: أَبُو زَيْد: شأشأتُ بالحمار، إِذا دَعوته (شَأْشَأْ) و (تَشُؤْتَشُؤْ) .
عَمْرو عَن أَبِيه: الشأْشَاء: زجر الْحمار وَكَذَلِكَ الشأْشأ.
قَالَ: وَالشأشأ: الشيّص، والشأشأ: النّخل الطوَال.
وَقَالَ غَيره: شأشأت النَّخْلَة وصأصأت. وَقَالُوا: شاشت فَهِيَ مُشيشة من الشيشاء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّأشاء: الشيِّص.
وَفِي الحَدِيث: أَن رجلا من الْأَنْصَار قَالَ لبعير: (شأ لعنك الله) ، فَنَهَاهُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَعْنه.
قلت: قَوْله: (شأْ) زجر للجمل، وَبَعض الْعَرَب تَقول: (جأ) وهما لُغَتَانِ.
شوى: وَقَالَ اللَّيْث: الشَّيّ: مصدر شَوَيت،(11/302)
والشِّواء الِاسْم، وَتقول: أَشوَيْتُ أَصْحَابِي إشواءً إِذا أطعمتَهم شِوَاء، وَكَذَلِكَ شَوّيتهم تشويَةً.
قَالَ: واشْتَوينا لَحْمًا فِي حَالِ الْخُصوص، وانْشوى اللَّحم.
قلت: وَهَذَا كلّه صَحِيح.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شويت المَاء إِذا سَخَّنْتَه.
قَالَ وأَشْوَى الرجل وشَوْشَى وشمْشم وأشْرَى إِذا اقتَنى النّقَزَ من رَديء المَال.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُنجِيهِ كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً} (المعارج: 15، 16) . قَالَ الشَّوى: اليدان والرِّجلان والأطراف، وقحف الرَّأْس وجلدةُ الرَّأْس، يُقَال لَهَا: شواة، وَمَا كَانَ غير مقتل فَهُوَ شوًى.
وَقَالَ الزّجاج: الشَّوى: جمع الشّواة، وَهِي جلدَة الرَّأْس، وَأنْشد:
قَالَت قُتَيْلَةُ مَاله
قد جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُه
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيب:
إِذا هِيَ قَامَت تَقْشَعِرُّ شَوَاتُهَا
ويُشْرِقُ بَيْنَ اللِّيتِ مِنْهَا إِلَى الصُّقْلِ
وَقَالَ مُجَاهِد: مَا أَصاب الصَّائِم شَوًى إِلَّا الغِيبة والكذِب. قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ يحيى بن سَعِيد: الشَّوى: هُوَ الشَّيْء الْيَسِير الهيِّن، قَالَ: وَهَذَا وَجهه، وإياه أَرَادَ مُجَاهِد؛ ولكنَّ الأَصْل فِي الشّوى الْأَطْرَاف، وَأَرَادَ أَن الشَّوى لَيْسَ بمقتل، وَأَن كل شَيْء أَصَابَهُ الصَّائِم لَا يبطل صَوْمه، فَيكون كَالْقَتْلِ لَهُ إلاّ الغِيبة وَالْكذب، فَإِنَّهُمَا يُبطلان الصَّوم، فهما كالقَتْل لَهُ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر، وَأبي الْوَلِيد: الشِّوايةُ: الشيءُ الصَّغِير من الْكَبِير كالقِطعة من الشَّاة، قَالَ وشُوَايةُ الخُبْز: القُرص.
قَالَ أَبُو بكر: الْعَرَب تَقول: نَضِجَ الشُّوَاءُ، بِضَم الشين، يُرِيدُونَ الشِّواء. قَالَ: والشَّوى: جلدَة الرَّأْس، والشّوى: إخطاء المقتل، والشوى: اليدان وَالرجلَانِ، والشوى: رُذال المَال، وَيُقَال: كل ذَلِك شوًى ي هيِّنٌ مَا سَلِمَ دينك.
وَقَالَ اللَّيْث: الإشْواء يوضع مَوضِع الْإِبْقَاء، حَتَّى قَالَ بَعضهم: تَعَشَّى فلَان فأَشْوَى من عشائه، أَي أبقى بَعْضًا، وَأنْشد:
فإنَّ منَ القَوْل الَّتِي لَا شَوَى لَهَا
إِذا زَلَّ عَن ظهرِ اللِّسَان انْفِلاتُها
أَي لَا بُقْيَا لَهَا.
وَقَالَ غَيره: لَا خطأَ لَهَا. وَقَالَ الكُميت:
أَجيبُوا رُقَي الآسِي النِّطاسِيّ واحذروا(11/303)
مُطَفّئة الرَّضْفِ الَّتِي لَا شَوَى لَهَا
أَي لَا بَرْءَ لَهَا.
قلت: وَهَذَا كُله من إِشْواء الرامِي؛ وَذَلِكَ إِذا رَمَى فأَصاب الأطرافَ وَلم يُصِب المقتَل، فَيُوضَع الإشواء مَوضِع الْخَطَأ وَالشَّيْء الهَيِّن.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الشَّاء والشّوِيّ والشَّيِّهُ واحِد، وَأنْشد:
قالتْ بُهَيَّةُ لَا يُجَاوِرُ رَحْلنا
أَهلُ الشَّوِي وَغَابَ أهلُ الجامِل
قلت: وَالْوَاحد شَاة للذّكر والأُنثى، وَالشَّاة، الثَّور الوحشيّ، لَا يُقَال إلاّ للذّكر. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وحانَ انطلاقُ الشَّاةِ من حيثُ خَيَّما
وَرُبمَا كَنَّوْا بِالشَّاة عَن الْمَرْأَة فأنثّوا كَمَا قَالَ عنترة:
يَا شاةَ مَا قَنَصٍ لمن حَلَّتْ لَهُ
حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتها لم تَحْرُم
فأَنَّثها.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّاة كَانَت فِي الأَصْل (شاهة) ، وَبَيَان ذَلِك أنّ تصغيرها (شُوَيْهة) ، وَأَرْض (مُشاهة) كَثِيرَة الشَّاء.
قلت: وَإِذا نسبوا إِلَى الشَّاء قَالُوا: هَذَا شاوِيّ.
وشى: قَالَ الله عزّ وجلّ: {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} (الْبَقَرَة: 71) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي لَيْسَ فِيهَا لون يُخَالف سَائِر لَوْنهَا.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن جرير، قَالَ: أخبرنَا حجاج عَن حَمَّاد، عَن يحيى بن سعيد، عَن قَاسم بن مُحَمَّد أَن أَبَا سيّارة وَلِعَ بِامْرَأَة أبي جُندب، فَأَبت عَلَيْهِ، ثمَّ أعلمت زَوجهَا، وكَمَنَ لَهُ، وَجَاء فَدخل عَلَيْهَا، فأَخذه أَبُو جُنْدُب فدق عُنُقه إِلَى عَجْبِ ذَنبه، فائتشى مُحْدَوْدِباً.
قَالَ: والوشى فِي اللَّوْن خَلْطُ لونٍ بلون، وَكَذَلِكَ فِي الْكَلَام، يُقَال وشيت الثَّوْب أشيه وَشْيَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّيَة سَوَاد فِي بَيَاض، أَو بَيَاض فِي سَواد، وثور مُوَشَّى القوائم: فِيهِ سُفعة وَبَيَاض، والحائك واشٍ يشي الثَّوْب وَشْياً؛ أَي نسجاً وتأليفاً، والنَّمَام يشي الْكَذِب، يُؤلِّفه. وَقد وشى فلَان بفلان وشايَةً، أَي نمّ بِهِ. والْوَشي فِي الصَّوْت.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو والفرّاء: ائتِشى العَظم، إِذا برأَ من كسْرٍ كَانَ بِهِ.
قلتُ: وَهُوَ افتعال من الوشي.
ورُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ أَنه كَانَ يستوشي الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَسْتَخْرِجهُ بالبحث والمسأَلة، كَمَا يستوشي الرجل جَرْيَ الْفرس وَهُوَ ضربه جنبه بعقبه وتحريكه ليجري، يُقَال: أوشى فرسه(11/304)
واسْتَوْشاهُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
يُوشُونَهُنَّ إِذا مَا آنَسُوا فَزَعاً
تَحت السَّنَوّرِ بالأعقابِ والْجِذَمِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أوشى إِذا كثر مَاله، وَهُوَ الْوَشَاء والمشاء. وأَوْشى؛ إِذا اسْتَخرج ركض الْفرس بجرْيه، وأَوْشى استخرج معنى كلامٍ أَو شعر.
وَقَالَ اللَّيْث: الوشْوَاش: الْخَفِيف من النعام، وناقة وشواشة. وناقة شَوْشاء، مدود.
وَقَالَ حُمَيد:
من الْعَيْش شَوْشَاءٌ مِزَاقٌ تَرى بهَا
نُدُوباً من الأنشاع فَذّاً وتَوْأَماً
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ فَعْلاء، وَقيل: هِيَ فعلال. وسماعي من الْعَرَب: ناقه شَوشاه بِالْهَاءِ وَقصر الْألف.
أَبُو عُبيد: الشَّوشاة: الناقَة السريعة.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: الوشوَاش من الرِّجَال الْخَفِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الوشْوَشة: كَلَام فِي اخْتِلَاط وَكَذَلِكَ التشويش.
قلت: هَذَا خطأ، أمّا الوشوشة فَهِيَ الخِفَّة، وَأما التشويش فَإِن اللّغويين أَجمعُوا على أَنه لَا أصل لَهُ فِي الْعَرَبيَّة وَأَنه مِنْ كَلَام المَولّدين. وَأَصله التهويش، وَهُوَ التَّخْلِيط، وَقد مرَّ تَفْسِيره فِي كتاب الْهَاء.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي فلَان من أَبِيه وَشْوَاشَة، أَي شَبَهٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: رجل وَشْواش الذّراع ونَشْنَشِيُّ الذِّرَاع، لم يَتَلَبَّثُ وَلم يَهْمُمْ.
أشش: قَالَ اللَّيْث: الأَشُّ والأَشاش: الْهَشاشُ، وَهُوَ الإقبال على الشَّيْء بنَشاط، وَأنْشد:
كَيفَ يُوَاتيه وَلَا يَؤُشُّه
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الأشُّ: الْخبز الْيَابِس الهَشّ، وَأنْشد شَمِر:
رُبَّ فتاة مِنْ بني العِنَازِ
حَيَّاكَةٍ ذاتِ هَنٍ كِنَازِ
ذِي عضدين مُكْلَئِزَ نَازي
تَأَشُّ للقُبْلَةِ والْمحازِ
الْجِمَاع.
شمر عَن بعض بني كلاب: أَشَّت الشَّحمة ونَشَّت. قَالَ: أَشَّتْ، إِذا أَخَذَت تحلب، ونَشَّت إِذا قَطرت، تَنِشُّ نَشِيشاً.
شأي: قَالَ اللَّيْث: الشَّأْو: الْغايَةُ.
يُقَال: عَدَا الْفرس شَأْواً، أَو شأوَيْن، أَي طَلَقاً أَو طلَقين.
وَيُقَال: شَأَوتُ الْقَوْم، أَي سبقتهم، وشَآهُ يَشْآهُ شَأْواً، إِذا سبقه.(11/305)
وَيُقَال: تَشَاءى مَا بَينهم بِوَزْن تشاعَى، أَي تبَاعد.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
أَبوك تَلافَى الدِّينَ والناسَ بَعْدَمَا
تَشاءَوْا وبيتُ الدِّينِ مُنْقَطع الكسرِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّأْيُ: الْفساد، مِثل: الثّأْي. قَالَ: والشَّأْيُ التَّفْرِيق.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: شَآني الأمرُ مثل: شَعاني، وشاءني مثل: شاعني، إِذا حَزَنك.
وَقَالَ الْحَارِث بن خَالِد:
مَرّ الخُمولُ فَمَا شَأْونَكَ نَقْرَةً
وَلَقَد أراكَ تُشَاءُ بالأَظْعَان
فجَاء باللغتين جَمِيعًا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَمِنْه قَول عديّ بن زيد:
لَمْ أُغَمِّضْ لَهُ وَشَأْيِي بِهِ مّا
ذَاك أَنِّي بصَوبه مَسْرُور
وَمن أمثالهم: شَرُّ مَا أَشَاءك إِلَى مُخَّةِ عُرقُوب، وشرّ مَا ألجأَك، وَقد أُشِئْتُ إِلَى فلَان، وأُجِئْتُ إِلَيْهِ، أَي أُلْجِئْتُ.
اللَّيْث: شُؤْتُه أَشُوءُهُ أَي أَعْجَبتُه.
وَقَالَ سَاعِدَة الهُذْليّ:
حتّى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
باتت طِراباً وَبَات الليلَ لم يَنِمَ
شَآها، أَي شاقها وطَرَّبَها، بِوَزْن شَعَاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: شَأْوُ النَّاقة: زِمامُها.
قَالَ: وشَأْوُها بَعَرُها، وَقَالَ الشَّماخ عَيْراً وأتانه:
إِذا طَرَحا شأواً بِأَرْض هَوَى لَهُ
مُفَرَّضُ أطرافِ الذّراعين أفلَجُ
وَيُقَال: للزَّبيل الْمِشآة، فشبَّه مَا يُلْقِيه الْحمار والأتان من رَوْثهما بِهِ.
شيأ: وَقَالَ اللَّيْث: للشيئة مَصْدَر شَاءَ يَشَاء مشيئَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الشَّيِّئان بِوَزْن الشَّيِّعان: البَعيد النّظر، ويُنعتُ بِهِ الْفرس، وَأنْشد شمر:
مُخْتَتِياً لِشَيِّئانٍ مِرْجَمِ
وَيُقَال: شُؤتُ بِهِ: أعجبتُ بِهِ وسُررت.
أَبُو عُبيد: اشتأَيْتُ أَي استمعْتُ، وَأنْشد للشماخ:
وحُرَّتَيْنِ هِجانٍ لَيْسَ بَيْنَهما
إِذا هُما اشْتَأَتا للسَّمْع تَمَهْيل
أَبُو عُبيد: الإشاء الصغار من النّخل، وَاحِدهَا أشاءة.
أَبُو عَمْرو: الْمُشَيَّأ: الْمُخْتَلف الخَلْق، الْقَبِيح، وَقد شَيّأَ الله خَلْقَه أَي قَبَّحَهُ.
وَقَالَت امْرَأَة من الْعَرَب:
إِنِّي لأَهْوَى الأطْوَلين الْغُلْبَا
وأُبْغِضُ المشَيَّأَيْنِ الزُّغْبا
وَقَالَ أَبُو سَعِيد المُشَيَّأُ مثل المؤبَّن.
وَقَالَ الجَعديّ:(11/306)
زَفيرَ الْمُتِمّ بالْمُشَيَّأِ طَرَّقَتْ
بِكاهِله فِيمَا يَرِيم الملاقيا
اللِّحيانيّ: عَن الْكسَائي: جَاءَ بالعَيّ والشِّيّ.
وَهُوَ عَيِييّ شَيِيّ، وَمَا أعيَاه وأشياه، وأشواه أَكثر.
وَيُقَال: هُوَ عَوِيّ شَوِيَّ.
والشَّوى: رُذال الْإِبِل وَالْغنم، وصغارها شَوًى.
وَقَالَ الشَّاعِر:
أَكَلْنا الشَّوَى حَتَّى إِذا لم نَدَعْ شَوًى
أَشَرْنا إِلَى خَيْراتها بالأصابع
أَبُو عبيد، عَن الْأَحْمَر: يافَيْءَ مَالِي، وياشيْء مَالِي، وياهَيْء مَالِي، مَعْنَاهُ كُله الأسف والتلهُّف والحزن.
اللِّحيانيّ، عَن الكسائيّ، يافَيَّ مالِي، وَيَا هَيَّ مَالِي، لَا يهمزان، وَيَا شَيْءَ مَالِي وَيَا شيَّ مَالِي يهمز وَلَا يُهْمز. قَالَ: و (مَا) فِي كلهَا فِي مَوضِع رفع، تَأْوِيله يَا عجبا مَالِي وَمَعْنَاهُ التلهُّفُ والأسَى.
وَقَالَ الْفراء: قَالَ الكسائيّ: من الْعَرَب من يتعجب بشَيْءٍ وهيْء وفيء، وَمِنْهُم من يزِيد فَيَقُول: يَا شَيَّمَا، وَيَا هَيَّمَا وَيَا فَيَّما، أَي مَا أحسن هَذَا(11/307)
بَاب الرباعي من حرف الشين
شفصل: قَالَ اللَّيْث: الشِّفْصلي: حَمْلُ اللَّواء الَّذِي يلتوي على الشّجر، وَيخرج عَلَيْهِ أَمْثَال المَسالّ، تَتَفَلَّقُ عَن قطنٍ، وحبّ كالسمسم.
شندف: أَبُو عُبيد: فرس شُنْدُف، أَي مُشرف.
وَقَالَ المرَّار:
شُنْدُفٌ أشدفَ مَا وَرَّعْتَه
فَإِذا طُؤطِىء طَيَّارٌ طِمِر
شوصل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: شَفْصَل وشوصَل جَمِيعًا، إِذا أكل الشّاصُليّ، وَهُوَ نَبَات.
شرشف: وَقَالَ اللَّيْث: الشُّرْشُوف ضِلَعٌ على طرفها الغُضروف الرَّقيق وشَاة مُشَرْسَفَة، إِذا كَانَ بجنبها بَيَاض، قد غَشِيَ الشَّراسيف والشَّواكل.
الأصمعيّ: الشراسيف أَطراف أضلاع الصَّدر الَّتِي تُشرِف على البَطْن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّرْسُوف رَأس الضِّلَعِ مِمَّا يَلِي الْبَطن، والشُّرْسوف أَيْضا الْبَعِير المقَيّد، وهوالأسير المكتوف، وَهُوَ البعيرُ الَّذِي عُرْقِبَت إِحْدَى رجلَيْهِ.
شنترة: أَبُو زيد: الشَّنْتَرَة والشِّنْتِيرة: الإصبع، بلغَة أهل الْيمن، وَأنْشد:
فَلم يَبق مِنْهَا غير نصف عِجانها
وشِنْتِيرةٍ مِنْهَا وَإِحْدَى الذَّوائبِ
شفتر: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: اشْفَتَرَّ السِّراجُ إِذا اتسعت النَّار، فاحتجْتَ أَن تقطع من رأسِ الذُّبال.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول طرفَة:
فترى الْمَرْوَ إِذا مَا هَجَّرَتْ
عَن يَدَيها كالجراد الْمُشفَتِرّ
قَالَ: والْمُشفَتِرُّ: المتفرق.
قَالَ: وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: المشفتِرُّ: المنتصِب، وَأنْشد:
تَغْدُو على الشّرِّ بوَجْهٍ مُشفَتِرّ
وَقيل: المشفترّ المقْشعِرّ. 5
وَقَالَ اللَّيْث: اشفَتَرَّ الشيءُ اشفِتْرَاراً وَالِاسْم الشَّفتَرَة، وَهُوَ تفرُّق كَتَفَرُّق الْجَرَاد.
شرنف: وَقَالَ اللَّيْث: الشِّرْنَافُ: ورق الزَّرْع إِذا طَال وكثُرَ حَتَّى يخَاف فَساده فَيقطع، يُقَال: حينئذٍ: شَرْنَفْتُ الزَّرْع، وَهِي كلمة يمانيَّة.(11/308)
شنظب: قَالَ: والشُّنْظُب: مَوضِع فِي الْبَادِيَة، والشُّنْظُب: كلّ جُرف فِيهِ مَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: الشُّنْظُب الطويلُ الحسَنُ الخَلْق.
شنظر: قَالَ: والشِّنظير: الْفَاحِش الغَلِقُ من الرِّجَال وَالْإِبِل السَّيِّءُ الخُلُق.
أَبُو عَمْرو: وشَنظَرَ الرجُل بالقوم شنْظَرَةً، إِذا شتمهم، وَأنْشد:
يُشَنْظِرُ بالقَوْمِ الْكِرَام ويَعتزى
إِلَى شَرِّحَافٍ فِي الْبِلَاد وناعِلِ
شِمر: الشِّنظير مثل الشُّنْظُرَة، وَهِي الصَّخْرَة تَنْفلق من رُكن من أَرْكَان الْجَبَل فَتَسْقُط.
النَّضْر عَن أبي الْخطاب: شَناظِير الْجَبَل: أطرافُه وحُروفُه، الْوَاحِد شِنْظِير.
طفنشأ: أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: الطَّفَنْشَأُ، مَهْمُوز مَقْصُور: الضعِيف من الرِّجَال.
طرفش: قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طَرْفش طَرْفَشَةً، ودَنْفَشَ دَنْفَشَةً، إِذا نظر وَكسر عَيْنَيْهِ.
قلت: وَكَانَ شمِر وَأَبُو الْهَيْثَم يَقُولَانِ فِي هَذَا الْحَرْف: دنقس دنقسة، بِالْقَافِ وَالسِّين.
فرشط: أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: فرشط الرجل فرشَطَةً، إِذا ألصَقَ ألَيتَيْه بالأَرض وتوسَّدَ سَاقيه.
وَقَالَ ابْن بُزْرُج: الْفَرشطَةُ بَسْط الرِّجلين فِي الرّكُوب من جَانب، والبَرقطة القُعود على السَّاقَيْن بتفريج الرُّكْبَتَيْنِ.
شمصر: غيرُه: الشمْصَرَة: الضِّيق، يُقَال: شَمْصَرت عَلَيْهِ، أَي ضَيَّقْتَ عَلَيْهِ، وشَمَنْصِير: جبل من جبال هُذَيْل مَعْرُوف، ذكره بعضُهم فَقَالَ:
تَبَوَّأَ من شمَنْصِيرٍ مقَاما
شرذم: والشِّرْذِمَةُ: الجماعةُ الْقَلِيل، قَالَ الله تَعَالَى: {) (إِنَّ هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (الشُّعَرَاء: 54) . وَقَالَ اللَّيث: الشِّرذِمَةُ: الْقطعَة من السَّفَرْجَلة وَنَحْوهَا، وَأنْشد:
يُنَفِّرُ النِّيبَ عَنْهَا بَين أَسْوُقِهَا
لم يَبْقَ مِنْ شَرِّها إلاّ شَراذِيمُ
وَثيَاب شراذم، أَي أَخْلَاق متقطعة.
شبرذ: أَبُو عَمْرو: نَاقَة شَبَرْذَاةٌ: نَاجِيَةٌ سريعة.
وَقَالَ مرداس الزبيريّ:
لما أَتَانَا رافِعاً قِبِرّاه
على أَمُونٍ جَسْرَةٍ شَبَزذاهْ
شمذر: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: بعير شَمَيْذَر، وناقة شَمَيْذَرَةٌ، وسَير شَمَيْذَر، وَأنْشد:
وَهُنَّ يُبَارِيَن النَّجاءَ الشَّميْذَرا
وَأنْشد الْأَصْمَعِي لحُميد:
كَبْدَاءُ لاحِقَةُ الرَّحَا وشَمَيْذَرُ(11/309)
ابْن الأعرابيّ: غُلَام شمْذارة وشَمَيْذَر، إِذا كَانَ نشيطاً خَفِيفا.
شبذر وشنذر: أَبُو زيد: رجل شِبْذَارَةٌ وشِنْذَارة، أَي غَيور، وأنشده:
أَجَدَّ بِهِمْ شِنْذَارَةٌ مُتَعَبِّسٌ
عَدوّ صَديقِ الصَّالحين لَعِينُ
اللَّيْث: رجلٌ شِنْذيرَةٌ وشِنْظِيرَةٌ وشِنْفِيرَةٌ، إِذا كَانَ سَيِّىءَ الْخلق، وَأنْشد:
شِنْفِيرَةٍ ذِي خُلُقٍ زَبَعْبَقِ
وَقَالَ الطِّرمّاح يصف نَاقَة:
ذاتِ شِنْفَارَةٍ إِذا هَمّتْ الذِّفْ
رَى بِمَاء عَصائِمٍ جَسَدُهْ
أَرَادَ أَنَّهَا ذَات حِدَّةٍ فِي السِّيرَة.
شبرم: أَبُو عَمْرو: رجل شُبْرُمٌ، أَي قصير، قَالَ هِمْيان:
مَا منهُمُ إلاَّ لَئيمٌ شُبْرُمٌ
أَرْصَعُ لَا يُدْعَى لِعَنْزٍ حَلْكَمُ
والحَلْكُمُ: الْأسود، والشُّبْرُم: ضرب من النَّبات مَعْرُوف.
سلَمة عَن الْفراء: الشُّبْرُمُ: حبٌّ يُشبه الحِمَّص، والشُّبْرُم: النَّخيل، وَإِن كَانَ طَويلا.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: من الْعِضَاه، والشُّبْرُم الواحِدَة شُبْرُمَة، وَلها ثَمرة نَحْو النَّجْد فِي لَونه ونبْتَته، وَلها زهرةٌ حَمْرَاء، والنَّجْد: الحِمَّص.
برشم: أَبُو عُبَيد عَن الأُمَويّ: البِرشام حِدَّة النَّظر، والمبرشِمُ: الحادُّ النَّظر، وَهِي البَرشَمة والبَرهَمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُرشُوم من الرُّطَب الشَّقُم.
شفتن: قَالَ: وأَرَّ فلانٌ، إِذا شَفْتَنَ، وآرّ، إِذا شَفْتَنَ.
قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
وَمَا النَّاسُ إلاَّ آئِرٌ ومَئِير
قلت: وَمعنى شفتن، جَامع ونكح، مثل أَرَّ وآر.
شمطل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الشُّمطالة: الْبَضْعَةُ من اللَّحْم يكون فِيهَا شَحم.
فندش: وَغُلَام فَنْدَشٌ، إِذا كَانَ قَوِيّاً ضابِطاً، وَقد فَنْدش غيرَه، إِذا غَلبه وقهره، وأنشدني بعض بني نُمير:
قد دَمَصَتْ زَهراءُ بِابْن فَنْدشِ
يُفَنْدِشُ وَلم يُفَنْدِش
شنبل: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ عَن الدُّبيريّة: يُقَال: قَبَّلَهُ ورشفه وثاغَمَه وشَنْبَله ولَثَمه، بِمَعْنى وَاحِد.
شنظي: وَقَالَ أَبُو السَّميدع: امرأةٌ شِنْظيان عِنْظيان، إِذا كَانَت شَيِّئَة الخُلُق.
برنشأ: أَبُو عُبيد عَن أبي زَيد: مَا أَدري أيُّ الْبَرْنَشاء هُوَ، وأَيّ الْبَرْنَساء هُوَ،(11/310)
ممدودان.
وَقَالَ الكسائيّ مثله، مَعْنَاهُ، أَي النَّاس هُوَ؟ وَمن خماسيّة.
شمردل: أَبُو عُبيد، عَن أبي زِيَاد الكِلابيّ: الشَّمَرْدَلَة: النَّاقة الحسنةُ الجميلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّمَرْدَل: الْفَتِيُّ القويُّ الْجَلْد، وَكَذَلِكَ من الْإِبِل، وَأنْشد:
مُوَاشِكَةٌ الإيغالِ حَرْفٌ شَمردَلُ
عَمْرو عَن أَبِيه: الشَّمَرْدَلة: النّاقة الْقَوِيَّةُ على السّير، وَيُقَال للجمل: شَمَرْدَل، وللناقة: شمردل، وشمردَلَة.
قَالَ ذُو الرمّة:
بَعيدُ مَسَافِ الْخَطْوِ عَوْجٌ شَمَرْدَلٌ
تُقَطَّعُ أَنْفاسَ المهاري تَلاتِلُهْ
شرنبث: والشَّرْنبَث: الغليظ الكَفّ، وعُروق الْيَد.
شبربص: عَمْرو عَن أَبِيه: الشِّبَرْبَصُ والقِرْمِليّ والحَبَرْبَرُ: الْجمل الصَّغِير.
طفنش: ابْن دُريد: الطّفَنَّشُ: الرجل الواسِعُ صَدْر الْقدَم.
شمرضض: اللَّيْث: الشِّمِرْضاض: شجَرٌ بالجزيرة.
وَهَذَا آخر حرف الشين، والْمنَّة لله.(11/311)
كتاب حرف الضّاد [/ كت]
(أَبْوَاب مضاعف الضّاد)
قَالَ اللَّيْث: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الضَّاد مَعَ الصَّاد معْقُومٌ، لم تدخلا مَعًا فِي كلمة من كَلَام الْعَرَب إلاَّ فِي كلمة وُضِعت مِثَالا لبَعض حِسَاب الجمّل، وَهِي (صعفض) هَكَذَا تأسيسها، وبيانُ ذَلِك أَنَّهَا تُفَسَّر فِي الْحساب على أَن الصَّاد سِتُّونَ، وَالْعين سَبْعُونَ، وَالْفَاء ثَمَانُون، وَالضَّاد تسعون، فَلَمَّا قبحث فِي اللَّفْظ، حولت الضَّاد إِلَى الصَّاد، فَقيل: (صعفص) .
ض س
مهمل.
(بَاب الضَّاد وَالزَّاي)
ض ز
اسْتعْمل مِنْهُ: ضزّ.
ضز: قَالَ اللَّيْث: الأَضَزّ مَصْدَره الضَّزَزَ، وَهُوَ الَّذِي إِذا تكلم لم يَسْتَطع أَن يفرّج بَين حَنكيه، خِلْقَةً خُلِقَ عَلَيْهَا، وَهِي من صلابة الرَّأْس فِيمَا يُقَال: وَأنْشد لرؤبة:
دَعْنِي فقد يُقْرَعُ للأضَزِّ
صَكِّى حِجَاجَيْ رأسِه وبَهْزِي
والفِعل ضزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: فِي لَحْيه ضَززٌ وكَزَزٌ، وَهُوَ ضيق الشِّدْق، وَأَن تَلْتَقِي الأضراس العُليا والسُّفلى، إِذا تكلم لم يَبِنْ كَلَامه.
قَالَ: والضُّزَّازَ: الَّذين تقرُب أَلْحِيتُهم فيضيق عَلَيْهِم مخرجُ الْكَلَام حَتَّى يستعينوا عَلَيْهِ بالضاد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَكْبٌ أَضَرُّ: شَدِيد، وَأنْشد:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ تلَزُّلزَّا
بالفْخذين رَكَباً أَضَزَّا
وبئر فِيهَا ضزَزٌ، أَي ضيق، وَأنْشد:
وفَحَّت الأَفْعَى حِذَاءَ لِحْيَتِي
ونَشِبَتْ كَفّيَ فِي الجال الأضَزّ(11/312)
(بَاب الضَّاد والطاء)
ض ط
أهمله اللَّيْث.
ضط: وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الضُّطَط: الدَّواهِي.
وَقَالَ غَيره: الضَّطِيط: الوَحَل الشَّديد من الطِّين، يُقَال: وقَعْنا فِي ضَطيِطَة مُنْكَرَة، أَي وَحَلٍ وَرَدْغَة.
(بَاب الضَّاد وَالدَّال)
ض د
ضد: قَالَ اللَّيْث: الضِّدُّ: كل شَيْء ضَادَّ شَيْئا ليغْلِبَه، والسَّوادُ ضدُّ الْبيَاض، والموتُ ضدُّ الْحَيَاة، تَقول: هَذَا ضِدّه وضَدِيده، والليلُ ضدُّ النَّهَار، إِذا جَاءَ هَذَا ذهب ذَاك، ويُجمع على الأضْداد.
قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} (مَرْيَم: 82) ، قَالَ الْفراء: أَي يكونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً.
قلت: يَعْنِي الأصْنام الَّتِي عَبدها الْكفَّار، تكونُ أعواناً على عابديها يومَ الْقِيَامَة.
ورُوِي عَن عِكْرَمَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} (مَرْيَم: 82) قَالَ: أَعدَاء. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي يكونُونَ عَلَيْهِم.
وأخْبرني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} ، لِأَن الضِّدَّ يكونُ وَاحِدًا وَجَمَاعَة، مثل الرَّصَد والأرْصاد، قَالَ: والرّصد يكون للْجَمَاعَة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ فِي التَّفْسِير: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم عَوْناً، فَلذَلِك وُحِّد.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: حكى لنا أَبُو عَمْرو: والضِّدُّ مثل الشيْءِ، والضِّدّ خلافُه.
قَالَ: والضَّدّ: الملء يَا هَذَا.
وَقَالَ أَبو زيد: ضَدَدْتُ فلَانا ضَدّاً، أَي غَلَبْته وخَصَمْته، وَيُقَال: لَقِيَ القومُ أضدادهم وأَنْدَادَهم وأَيْدادهم، أَي أقرانهم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: ضادَّني فلَان إِذا خالفك، فأردتَ طولا وَأَرَادَ قِصَراً، وَأَرَدْت ظُلْمة وأرادَ نُوراً، فَهُوَ ضِدُّكَ وضَدِيدُك وَقد يُقَال: إِذا خالفك تذهبُ فأردتَ وَجها فِيهِ، ونازعَك فِي ضِدِّه.
وَفُلَان نِدِّي ونَدِيدي، للَّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تريده، وَهُوَ مستقلّ من ذَلِك بِمثل مَا تستقلّ بِهِ.
شمِر عَن الْأَخْفَش: النِّدُّ: الضِّدُّ، والشِّبه، {يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ} (فصلت: 9) ، أَي أضداداً، أَي أشباهاً.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت زَائِدَة يَقُول:(11/313)
صَدَّه عَن الْأَمر وضَدَّه، أَي صرفه عَنهُ بِرِفْق.
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ الضُّدُدُ: الَّذين يملئون للنَّاس الْآنِية إِذا طلبُوا، المَاء واحدهم ضَادّ، فَيُقَال: ضَادَد وضَدَد.
ض ت ض ظ ض ذ ض ث
أهملت وجوهها.
(بَاب الضَّاد وَالرَّاء)
ض ر
ضرّ، رض: (مستعملان) .
ضرّ: قَالَ اللَّيْث: الضَّرّ والضُّرُّ: لُغَتَانِ، فَإِذا جمعت بَين الضَّر والنّفع فتحت الضَّاد، وَإِذا أفردتَ الضُّرّ ضَمَمْتَ الضَّاد إِذا لم تَجْعَلهُ مصدرا، كَقَوْلِك: ضَررت ضُرّاً. هَكَذَا يَسْتَعْمِلهُ الْعَرَب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: الضُّرُّ: ضِدّ النَّفْع: والضُّر: الهُزَال وسُوء الْحَال، والضَّرَرُ: النُّقصان، تَقول: دخَل عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مَاله.
قلت: وَهَكَذَا قَالَ أَهلُ اللُّغَة، وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ} (يُونُس: 12) ، وَقَالَ: {كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ} (يُونُس: 12) . وكلّ مَا كَانَ من سُوء حالٍ وفقر، فِي بدنٍ، فَهُوَ ضُرٌّ، وَمَا كَانَ ضِدّاً للنّفع فَهُوَ ضَرٌّ.
وَأما الضِّرُّ، بِكَسْر الضَّاد، فَهُوَ أَن يَتَزَوَّج الرَّجلُ امْرَأَة على ضَرَّة، يُقَال: فلَان صَاحب ضِرِّ؛ هَكَذَا قَالَه الْأَصْمَعِي.
قَالَ: وَيُقَال: امْرَأَة مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ، ورجُل مُضِرٌّ، إِذا كَانَ لَهُ ضرائر. وَجمع الضَّرَّة ضرائر. والضَّرتان: امْرَأَتَانِ للرّجل، سُمِّيتا ضَرَّتين، لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تُضَارُّ صاحبتها، وكُرِه فِي الْإِسْلَام أَن يُقَال لَهَا: ضَرّة، وَقيل: جارَة، كَذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَام) ولكلِّ واحدةٍ من اللَّفْظتين معنى غير الآخر.
فَمَعْنَى قَوْله: (لَا ضَرَر) أَي لَا يَضُرُّ الرجلُ أخاهُ فينقص شَيْئا من حَقه أَو مسلكه، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْع.
وَقَوله: (لَا ضِرَار) أَي لَا يُضَارّ الرجل جَاره مُجَازاة فينقصه ويُدخِل عَلَيْهِ الضَّرر فِي شَيْء فيجازيه بِمثلِهِ، فالضِّرّار مِنْهُمَا مَعًا، والضّرر فعل وَاحِد، وَمعنى قَوْله: (وَلَا ضرار) ، أَي لَا يُدخلَ الضَّرَر، وَهُوَ النُّقْصَان على الَّذِي ضَرَّه، وَلَكِن يعْفُو الله عَنهُ، كَقَوْل الله: {السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ} (فصلت: 34) الْآيَة.
ورُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قيل لَهُ: أَنَرَى رَبَّنا يومَ الْقِيَامَة؟ فَقَالَ: (أَتُضارّون فِي(11/314)
رُؤْيَة الشَّمس فِي غَيْر سَحاب؟) ، قَالُوا: لَا، قَالَ: (فَإِنَّكُم لَا تُضارون فِي رُؤْيته تبَارك وَتَعَالَى) .
قلت: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث بالتَّشديد من الضّرّ. وَرُوِيَ: (تضارُون) بِالتَّخْفِيفِ من الضّيْر، وَالْمعْنَى وَاحِد. يُقَال: ضَارَّه ضِرَاراً وضَرَّه ضَرّاً وضَارَهُ ضَيْراً، وَالْمعْنَى: لَا يُضَارُّ بَعْضكُم بَعْضًا فِي رُؤْيته، أَي لَا يخالِفُ بَعْضكُم بَعْضًا فيكذِّبه؛ يُقَال: ضارَرْتُه ضِراراً ومُضارَّة؛ إِذا خالفته.
وَقَالَ الجعديُّ:
وَخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَى تُدْرَإ
مَتَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَب
ويُرْوَى: (لَا تُضامُون فِي رُؤْيته) ، أَي لَا يَنْضَمّ بَعْضكُم إِلَى بعض فيُزَاحمه، وَيَقُول لَهُ: أَرِنيهِ، كَمَا يَفْعَلُونَ عِنْد النَّظر إِلَى الهِلال، وَلَكِن ينْفَرد كلّ مِنْكُم برُؤْيته.
ورُوِيَ من وَجْهٍ آخر: (لَا تضامُون) بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ: لَا ينالُكُمْ ضَيْمٌ فِي رُؤْيَته، أَي تَرَوْنَهُ حَتَّى تَسْتووا فِي الرُّؤْية، فَلَا يَضِيمُ بَعْضكُم بَعْضًا؛ وَمعنى هَذِه الْأَلْفَاظ وَإِن اخْتلفت مُتَقَارِبَة، وكل مَا رُوِيَ فِيهِ صَحِيح، وَلَا يدْفع لفظ مِنْهَا لفظا، وَهُوَ من صِحاح أَخْبَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغُرَرها، وَلَا ينكرها إِلَّا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هوى.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرورة: اسْم لمصدر الاضْطرار، تَقول: حَملتنِي الضَّرورة على كَذَا، وَقد اضْطُرَّ فلَان إِلَى كَذَا وَكَذَا، بِنَاؤُه: (افْتُعل) ، فَجعلت التَّاء طاء؛ لِأَن التَّاء لم يَحْسُن لَفظهَا مَعَ الضَّاد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: هِيَ الضّارُورَة، والضارُورَاء، مَمْدُود.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرِير: الْإِنْسَان الذَّاهِب الْبَصر، يُقَال: رجل ضَريرٌ البَصر، إِذا ضَرَّ بِهِ ضَعْفُ الْبَصر، وَيُقَال: رجل ضَرِير، وَامْرَأَة ضَرِيرَة. والضَّرِيرُ: اسْم للمضَارّة، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الْغَيْرَة؛ يُقَال: مَا أشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيْهَا
وَقَالَ الراجز يصف عَيْراً:
حَتَّى إذَا مَا لاَنَ مِنْ ضَرِيرِه
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الضَّرِير: بَقِيَّة النَّفَس.
وَقَالَ الأصمعيّ: إنَّه لذُو ضَرير على الشَّيْء، إِذا كَانَ ذَا صَبْرٍ عَلَيْهِ ومقاساةٍ، وَأنْشد:
وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ
يُقَال ذَلِك فِي النّاس والدّواب، إِذا كَانَ لَهَا صَبْر على مقاساة الشرّ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الشَّاعِر:
بِمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرَافِها والْعِيسُ بادٍ ضَريرُها
قَالَ: ضَرِيرُها شدّتُها، حَكَاهُ الباهليّ عَنهُ.
وَيُقَال: انْزِلْ بِأحد ضرِيرَي الوادِي، أَي(11/315)
بِإِحْدَى ضِفّتيْه.
وَقَالَ أَوْس:
وَمَا خَليجٌ من الْمرُّوت ذُو شُعَبٍ
يَرْمِي الضَّرِير بخُشْبِ الطَّلحِ والضَّالِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الْإِضْرَار: التَّزْوِيج على ضَرّة. يُقَال مِنْهُ: رجل مُضِر، وَامْرَأَة مُضِرٌ بِغَيْر هَاء. والمضرّ أَيْضا، الدَّاني من الشَّيْء. وَمِنْه قولُ الأخطل:
ظَلَّتْ ظباء بَنِي الْبَكَّار راتعَةً
حَتَّى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرارِ
وَيُقَال: مَكَان ذُو ضِرار، أَي ضَيّق. وَيُقَال: لَيْسَ عَلَيْك فِيهِ ضَرَر وَلَا ضارُورة. وَيُقَال: أضرّ الْفرس على فَأْسِ اللِّجام؛ إِذا أَزَمَ عَلَيْهِ.
اللَّيْث: الضَّرَّتان للألية من جَانب عظمها، وهما الشَّحمتان اللَّتَان تَهدَّلان من جانبيها، وضِرّةُ الْإِبْهَام: لحمةٌ تحتهَا، وضَرَّةُ الضَّرْع لحمهما، والضَّرْعُ يذكّر وَيُؤَنث. والمِضرُّ الرجلُ: الَّذِي عِنْده ضَرَّةٌ من مَال، وَهِي الْقطعَة من الْإِبِل، وَأنْشد:
بِحَسْبكَ فِي القومِ أَن يَعْلَموا
بأَنَّكَ مِنْهُم غَنِيٌّ مُضِرّ
وَفِي حَدِيث مُعاذ: (أَنه كَانَ يُصلّي فأَضَرُّ بِهِ غُصْنٌ، فَمَدَّ يَدَه فكَسره) قَوْله: (أَضَرَّ بِهِ) ، أَي دَنا مِنْه.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمة الضبيّ:
لأُمِّ الأَرض وَيْلٌ مَا أَجَنَّتْ
بِحَيْثُ أضَرَّ بالحَسَن السبيلُ
أَي بِحَيْثُ دنا حَبل الْحسن من السَّبِيل.
وَقَالَ الأخطل:
لِكلِّ فَراشةٍ مِنْهَا وَفَجَ
أَضَاةٌ مَاؤُهَا ضَررٌ يمورُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَاؤُهَا ضَرَرٌ، أَي يَمُرَّ فِي مضيق، وَأَرَادَ أنَّه كثيرٌ غَزِيرٌ فمجاريه تضيق بِهِ وَإِن اتَّسَعَت.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: يُقَال: رجل ضِرُّ أضْرارٍ، وعِضُّ أَعْضاضٍ وَصِلُّ أَصْلالِ، إِذا كَانَ داهِيَةً فِي رَأْيه، وَأنْشد:
والقَومُ أَعْلَمُ لَو قُرْطٌ أُرِيد بهَا
لكانَ عُرْوةُ فِيهَا ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لَا يَسْتَنْقِذُه ببَأْسه وحِيَله.
وَعُرْوَة أَخُو أبي خِراش، وَكَانَ لأبي خِراش عِنْد قُرْطٍ منَّة، وأَسرت أزدُ السَّراةِ عُروة، فَلم يحمَد نِيَابَة قُرْط، عِنْد أبي خرَاش فِي إسارهم أَخَاهُ:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيفِ من رجلٍ
من سادة الْقَوْم أَو لاَلْتَفَّ بِالدَّار
سَلمَة عَن الْفراء: سَمِعت أَبَا ثَرْوان يَقُول: مَا يضرُّك عَلَيْهَا جَارِيَة، أَي مَا يزيدك.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: سمعتهم يَقُولُونَ: مَا يَضرك على الضَّبّ صَبْراً، وَمَا يَضيرُكَ على الضَّب صبرا، أَي مَا يزيدك.(11/316)
ثَعْلَب، عَن ابْن الإعرابيّ: يُقَال: مَا يَضُرُّك عَلَيْهِ شَيْئا وَمَا يزيدُك عَلَيْهِ شَيْئا، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي أَبْوَاب النَّفي: يُقَال: لَا يَضرك عَلَيْهِ رجل، أَي لَا يزيدك وَلَا يضرَّك عَلَيْهِ حمل.
وَسُئِلَ أَبُو الْهَيْثَم عَن قَول الْأَعْشَى:
ثُمَّ وَصّلْتَ ضَرَّةً بربيع
فَقَالَ: الضَّرَّة: شدَّة الْحَال، فَعْلَة من الضرّ. قَالَ: والضُّرُّر أَيْضا هُوَ حَال الضَّرِير، وَهُوَ الزَّمِنُ. والضَّرَّاء الزَّمانة، والضَّرّاء: السَّنَة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: الضَّرّة: الأذاة، والضَّرَّةُ: المَال الْكثير، وَمِنْه قيل: رجل مُضِرّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرَّةُ: الضَّرْعُ كلُّه مَا خلا الأطْباء، وَإِنَّمَا تُدْعى ضَرَّة إِذا كَانَ بهَا لَبن، فَإِذا قَلُص الضَّرْع وَذهب اللّبن، قيل لَهُ: خَيْف.
ر ض: قَالَ اللَّيْث: الرّضُّ: دَقُّكَ الشَّيْء، ورُضَاضُه: قطعه. قَالَ: والرَّضْراضَةُ: حِجَارَة تُرَضْرَضُ على وَجه الأَرْض، أَي تتحرك وَلَا تثْبت.
قلت: وَقَالَ غَيره: الرَّضْراض والرَّصراص: مَا دَقَّ من الْحَصَى.
وَقَالَ الباهليّ: الرّضُّ: التَّمر الَّذِي يُدَقُّ ويُنَقَّى من عَجَمِه، ويُلْقى فِي المَخْض.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المُرِضَّة: تمر يُنقع فِي اللَّبن فتشربه الْجَارِيَة، وَهُوَ الكُدَيْراء. وَقَالَ: المُرِضَّةُ بِهَذَا الْمَعْنى.
قَالَ: وسألتُ بعض بني عَامر عَن المُرِضَّة، فَقَالَ: هِيَ اللَّبَن الشَّديد الحموضة الَّذِي إِذا شربه الْإِنْسَان أصبح قد تكَسَّر.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: إِذا صْبّ لبنٌ حليب على لبن حَقين، فَهُوَ المرِضَّة والريْبَة، وَأنْشد قَول ابْن أَحْمَر:
إِذا شَرِبَ المُرِضّةَ قَالَ: أَوْكِي
على مَا فِي سقائِك قد رَوينَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الرَّضْرَاضَة: الْمَرْأَة الْكَثِيرَة اللَّحم.
قَالَ رُؤْبَة:
أَزْمانَ ذاتُ الكفَلِ الرّضْراضِ
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الفَضفاض
وَرجل راضْراض، وبعير رَضْرَاض: كثير اللَّحْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرَضَّ الرُّجُل إِرْضَاضاً: إِذا شَرِبَ المُرِضَّةَ فَثَقُلَ عَنْهَا.
وَأنْشد:
ثمَّ اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضّا
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُرِضَّةُ من الْخَيل: الشَّديدة العَدْو. وَقَالَ أَبُو زيد: المُرضَّةُ: الأُكلة والشُّرْبَةُ إِذا أكلتها أوْ شَرِبتها(11/317)
أَرَضَّتْ عَرَقَك، فأَسالته.
قَالَ: وَيُقَال للراعية إِذا رضّت العشب أكلا وهَرْساً: رَضَارض، وَأنْشد:
يَسْبُتُ راعيها وَهِي رِضارضُ
سَبْتَ الوَقيدِ والورِيدُ نابضُ
وَقَالَ الْجَعْدِي يصف فرسا:
فَعَرَفْنا هزّةً تأْخُذُه
فقرنّاهُ برَضْرَاضٍ رِفَلْ
أَرَادَ: قرَنّاهُ بِبَعِير ضخمٍ، والرّضُّ: التّمر والزُّبْد يُخْلطان. وَقَالَ:
جاريةٌ شَبّتْ شبَابًا غَضّاً
تشرب مَحْضاً وتَغَذَّى رَضّا
وَقَالَ ابْن السّكيت: الإرْضاض شِدةُ العَدْو، وأَرَضّ فِي الأَرْض: ذَهَب.
(بَاب الضَّاد واللاّم)
ض ل
ضلّ، لضلض: (مستعملان) .
لضلض: قَالَ اللَّيْث: اللّضْلاض الدَّلِيل، ولَضْلَضْتُه: التفَاتُه وتَحْفُّظُه، وَأنْشد:
وبَلَدٍ بعيَا على اللّضلاضِ
أَيْهَمَ مغبِّر الفِجاج فَاضى
أَي واسعٌ، من الفضاء.
ضل: الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: أَضْلَلْتُ بَعِيري وَغَيره، إِذا ذهب مِنْك، وَقد ضلِلْتُ المسجدَ والدّار، إِذا لم تعرفْ موضعَهما.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ضَلِلْتُ الدَّار وَالطَّرِيق، وكلِّ شَيْء ثابتٍ لَا يَبْرَح. وَيُقَال: ضَلَّني فلانٌ فَلم أَقْدِرْ عَلَيْهِ، أَي ذَهَبَ عني، وَأنْشد:
والسَّائِلُ المُبْتَغِي كرائمها
يعلم أَنِّي تَضِلُّني عِلِلي
أَي تذْهب عني، وَيُقَال: أضللت النَّاقة. وَالدَّرَاهِم وكلَّ شَيْء لَيْسَ بِثَابِت قَائِم؛ مِمَّا يَزُول وَلَا يثبت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله عزّ وجلّ؛ {فِى كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَلاَ يَنسَى} (طه: 52) . أَي لَا يَضِلُّه رَبِّي وَلَا ينساه.
وَيُقَال: أَضْلَلْتُ الشَّيْء، إِذا ضَاعَ مِنْك، مثل الدّابة والنّاقة، وَمَا أشبههما إِذا انْفَلَت مِنْك. وَإِذا أخطأتَ مَوضِع الشَّيْء الثَّابِت، مثل: الدَّار وَالْمَكَان قلت: ضَلِلْتُه وضَلَلْتَه، وَلَا تَقل: أَضْلَلْتُه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن فهمْ عَن مُحَمَّد ابْن سلاّم، قَالَ: سمِعْتُ حمّاد بن سَلمة يقْرَأ (فِي كتاب لَا يُضِلُّ رَبِّي وَلَا ينسى) فسألتُ عَنْهَا يُونُس فَقَالَ: (يُضلّ) جَيِّدَةٌ، يَقُولُونَ: ضَلَّ فلَان بعيرَه، أَي أَضَلّه.
قلت: خالفهم يُونُس فِي هَذَا.
وَقَالَ الزَّجاج: ضَلِلْتُ الشَّيْء أَضِلُّهُ إِذا جعلتَه فِي مَكَان وَلم تَدْرِ أَين هُوَ، وأضْلَلْتُه، أَي أضَعْته.(11/318)
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الاُْخْرَى} (الْبَقَرَة: 282) . وقُرىء (إنْ تَضِلَّ) بِالْكَسْرِ، فَمن كسر (إنْ) فَالْكَلَام على لَفْظ الْجَزَاء وَمَعْنَاهُ.
وَقَالَ الزَّجاج: الْمَعْنى فِي (إِن تضلّ) : إنْ تَنْسَ إِحْدَاهمَا تُذَكِّرْها الْأُخْرَى الذاكرة.
قَالَ: وتُذَكِّرُ وتُذْكِرُ، رفعٌ مَعَ كسر (إنْ) لَا غير. وَمن قَرَأَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهمَا فتذكِّرَ، وَهِي قِرَاءَة أَكثر النَّاس.
قَالَ: وَذكر الْخَلِيل وسيبويه أَن الْمَعْنى: اسْتَشهِدُوا امرأَتَين، لِأَن تُذَكّرَ إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، وَمن أجل أَن تُذَكّرها.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِن قَالَ إِنْسَان: فلمَ جَازَ أَن تضِلَّ، وَإِنَّمَا أُعِدَّ هَذَا للإذكار، فَالْجَوَاب عَنهُ أنّ الإذكار لما كَانَ سبَبُه الإضلال، جَازَ أَن يذكر أَن تَضِلَّ، لِأَن الإضلال هُوَ السَّبَب الَّذِي بِهِ وَجب الإذْكار. قَالَ: ومثلُه أَعْدَدْتُ هَذَا أَن يَمِيلَ الْحَائِط فأَدْعَمه، وَإِنَّمَا أَعْدَدْتُه للدَّعْم، لَا للميل؛ وَلَكِن الْميل ذُكِرَ، لِأَنَّهُ سَبَب الدَّعْم، كَمَا ذكر الإضلال، لِأَنَّهُ سَبَب الإذكار، فَهَذَا هُوَ الْبَيِّن إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَوله: عزّ وجلّ: تَشْكُرُونَ وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ} (السَّجْدَة: 10) . مَعْنَاهُ: أإذا مِتْنَا وصِرْنا تُراباً وعِظاماً، فضللنا فِي الأَرْض فَلم يتبيَّن شيءٌ من خَلْقِنا.
وَقَوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} (إِبْرَاهِيم: 36) .
قَالَ الزّجاجُ: أَي ضَلُّوا بِسَبَبِهَا، لِأَن الأصْنام لَا تعقل وَلَا تفعل شَيْئا، كَمَا تَقول: قد فتَنَتَنِي. وَالْمعْنَى: إِنِّي أحببتها، وافْتَتَنتُ بِسَبَبِهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ} (النَّحْل: 37) .
قَالَ الزّجاج: هُوَ كَمَا قَالَ جلّ وعزّ: {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ} (الْأَعْرَاف: 186) .
قلت: والإضلال فِي كَلَام الْعَرَب ضدّ الهِدَاية والإرشاد. يُقَال: أَضللْتُ فلَانا، إِذا وجهتَه للضلال عَن الطَّرِيق، وإياه أَرَادَ لبيد:
مَنْ هداه سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدَى
ناعِمَ البالِ وَمن شَاءَ أَضلّ
وَقَالَ لبيد هَذَا فِي جاهليته، فَوَافَقَ قَوْله التَّنْزِيل يُضلّ مَنْ يَشَاء، وللاضلال فِي كَلَام الْعَرَب معنى آخر.
يُقَال: أَضللْتُ الميِّتَ، إِذا دَفَنْتَهُ.
وَقَالَ المخَبَّلُ:
أَضلَّتْ بَنو قَيْسِ بن سَعْدٍ عَميدَها
وفارِسَها فِي الدَّهْرِ قَيْسَ بن عَاصِم
وَقَالَ النَّابِغَة:
فَآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيّةٍ
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ(11/319)
يُرِيد بمضلِّيه: دافِنيه حينَ مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: ضَلِلْتُ بَعِيري إِذا كَانَ معقولاً فَلم تهتد لمكانه، وأَضْلَلْتُه إضلالاً إِذا كَانَ مُطْلقاً، فَذهب وَلَا تَدْرِي أَيْن أَخذ، وكُلَّما جَاءَ الضلالُ من قِبَلِكَ قلت: ضللْتُه، وَمَا جَاءَ من الْمَفْعُول بِهِ، قلت: أَضللْتُه.
قَالَ أَبُو عَمْرو: أصل الضلال الغَيبوبة، يُقَال: ضلَّ الماءُ فِي اللَّبن، إِذا غَاب، وضلَّ الكافِرُ: غَابَ عَن الحُجَّة، وضلَّ الناسِي، إِذا غابَ عَنهُ حِفْظُه.
قَالَ الله تَعَالَى: {لاَّ يَضِلُّ رَبِّى} (طه: 52) ، أَي لَا يغيب عَنهُ شيءٌ، وَلَا يغيب عَن شَيْءٍ، وَقَوله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا} (الْبَقَرَة: 282) أَي تغيب عَن حِفظها، أَو يغيب حِفْظُها عَنْهَا.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الضُّلَّةُ، بِالضَّمِّ: الحذاقَةُ بالدّلالة فِي السَّفَر، والضَّلّة: الغيبوبةُ فِي خير أَو شَرّ، والضِّلّةُ: الضلال.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَضلَّنِي أَمرُ كَذَا وَكَذَا، أَي لم أَقْدِرْ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
إِنِّي إِذا خُلَّةٌ تَضيّفَنِي
يُريدُ مالِي أَضلَّني عِلَلِي
أَي فارقَتْني، فَلم أَقْدر عَلَيْهَا، وَيُقَال: أَرض مَضَلَّةٌ، ومَضِلّةٌ: لَا يَهْتَدِي فِيهَا.
وَقَالَ شمِر: قَالَ الأصمعيّ: المَضَلُّ: الأَرْض المَتِيهة.
وَقَالَ غَيره: أَرْضٌ مَضَلَّ يَضلّ فِيهَا الناسُ، والمَجْهل كَذَلِك.
وَيُقَال: أَخَذْتُ أَرْضاً مَضِلّةً، ومَضَلّة، وأَرْضاً مَضَلاَّ مَجْهلاً.
وَأنْشد:
أَلاَ طَرَقَتْ صَحْبِي عُمَيْرَةُ إنَّها
لَنا بالمَرَوْرَاةِ المَضَلِّ طَرُوقُ
وَقَالَ غَيره: أَرض مَضِلّة ومَزِلّةٌ، وَهُوَ اسْم، وَلَو كَانَ نَعْتاً كَانَ بِغَيْر الْهَاء. وَيُقَال: فلاةُ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلةٌ، الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالْجمع سَوَاء، كَمَا قَالُوا: الْوَلَد مَبْخَلَةٌ، وَقيل: أرضٌ مَضِلةٌ، وأَرَضونَ مَضِلاَّت.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَرْض مَتِيهة مَضِلَّةُ ومَزِلةٌ من الزّلَق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الضَّلَضِلَةُ: الأَرْض الغليظة. وَيُقَال للدليل الحاذِق: الضَّلاضِل، والضُّلَضِلَةُ، قَالَه ابْن الأعرابيّ.
وَيُقَال: فلَان ضُلّ بن ضُلّ، إِذا لم يُدْرَ مَنْ هُوَ؟ وممَّنْ هُوَ؟ وَهُوَ الضُّلالُ بن الأُلاَل، والضُّلالُ بن فَهْلَل، وَابْن ثَهلل، كلُّه بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: فلَان ضِلُّ أَضْلال وصِلُّ أَصْلال بالضاد وَالصَّاد، إِذا كَانَ(11/320)
داهِيَة، وضَلاضِلُ الماءِ وصَلاصِلُه: بقاياه، واحدتُها ضُلْضُلَة وصُلْصلَة، وضَلَّ الشَّيْءُ، إِذا ضَاعَ، وضَلَّ فلَان عَن الْقَصْدِ، إِذا جَارَ.
وسُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ضَوَالِّ الْإِبِل، فَقَالَ: (ضَالَّةُ الْمُؤمن حَرَقُ النَّار) وَخرج جَوابُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سُؤال السَّائِل، لِأَنَّهُ سَأَلَهُ عَن ضَوَالِّ الْإِبِل، فَنَهَاهُ عَن أَخذهَا، وحذَّره النَّار لِئَلَّا يَتَعَرَّض لَهَا، ثمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ثمَّ قَالَ: (دَعْها، مَا لَك ولَها، مَعهَا حذاؤها وسِقاؤها، ترد المَاء، وتأكل الشّجر) أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة الْمَذْهَب فِي الأَرْض، طَوِيلَة الظَّمَأ، ترد المَاء وترعى الشّجر بِلَا رَاع لَهَا، فَلَا تتعرض لَهَا، ودعها حَتَّى يَأْتِيهَا رَبهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّالَّةُ من الْإِبِل الَّتِي بمَضْيَعة لَا يُعرف لَهَا مَالك، وَهُوَ اسْم للذّكر وَالْأُنْثَى، والجميع الضَّوَالّ.
قَالَ: والضَّلال والضَّلالَة مَصْدران، ورجلٌ مُضَلَّل لَا يُوفّق لخيرٍ، صاحبُ غَوايات وبَطالات. وَفُلَان صاحبُ أَضاليل، واحدتها أُضْلُولة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وسُؤالُ الظِّبَاءِ عَن ذِي غَدِ الأَمْ
رِ أضاليلُ من فُنون الضَّلال
والضَّليل الَّذِي لَا يُقْلِعُ عَن الضَّلالة، والضَّلَل المَاء الَّذِي يكون تَحت الصَّخْر لَا تصيبه الشَّمْس. يُقَال: ماءُ ضَلَلٌ. قَالَ: والضَّلْضِلَة كلُّ حَجَر قدرَ مَا يُقِلُّه الرجل، أَو فَوق ذَلِك أملس يكون فِي بطُون الأودية. قَالَ: وَلَيْسَ فِي بَاب التَّضْعِيف كلمة تشبهها.
وَقَالَ الفرّاء: مَكَان ضَلَضِل وجَنَدِل، وَهُوَ الشَّديد ذِي الْحِجَارَة، وَقَالَ: أَرَادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بِنَاء حَمَصِيص، وصَمَكِيك، فحذفوا الْيَاء.
(بَاب الضّاد وَالنُّون)
ض ن
ضنّ، نضّ: (مستعملان) .
ضن: قَالَ اللَّيْث: الضِّنة وَالضِّنُّ والمِضنّة، كل ذَلِك من الْإِمْسَاك والبُخلُ، تَقول: رجل ضَنِين.
قَالَ الله تَعَالَى: {) الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ} (التكوير: 24) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَ زيد بن ثَابت، وَعَاصِم، وَأهل الْحجاز: {بِضَنِين، وَهو حَسَن. يَقُول: يَأْتِيهِ غَيب، وَهُوَ مَنْفوسٌ فِيهِ، فَلَا يبخلُ بِهِ عَلَيْكُم، وَلَا يَضِنُّ بِهِ عَنْكُم، وَلَو كَانَ مَكَان (على) (عَن) صَلَح، أَو الْبَاء كَمَا تَقول: مَا هُوَ بضنين بِالْغَيْبِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَا هُوَ على الْغَيْب ببخيل، أَي هُوَ يُؤَدِّي عَن الله، ويُعَلِّمُ كتابَ الله، وقُرِيء: بظنين، وَتَفْسِيره فِي(11/321)
بَابه. وَيُقَال: ضَنِنْتُ أَضَنُّ ضَنّاً وَهِي اللُّغَة الْعَالِيَة. وَيُقَال: ضَنَنْتُ أَضِنُّ.
وَيُقَال: هُوَ عِلْقُ مِضَنَّةٍ ومَضَنَّةٍ، أَي هُوَ شيءٌ نَفِيسٌ يُضَنُّ بِهِ، ويُتَنافَسُ فِيهِ.
وَيُقَال: فلَان ضِنَّتِي من بَين إخْوَانِي، أَي اخْتَصُّ بِهِ وأَضِنُّ بمودَّته.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ للَّهَ ضَنَائِنُ من خَلْقِه يُحْيِيِهمْ فِي عافِية، ويُميتُهُم فِي عَافِيَة) أَي خَصائِص.
وَيُقَال: أضطنَّ يضطَنُّ، أَي بَخِلَ يَبْخَلُ، وَهُوَ افْتِعال من الضنّ، وَكَانَ فِي الأَصْل: اضتَنَّ، فقُلِبت التَّاء طاءً.
وَقَالَ الأصمعيّ: المَضنُونَةُ: ضَرْبٌ من الغِسْلَةِ وَالطّيب.
وَقَالَ الرَّاعِي:
تضم على مَضنونةٍ فارسيَّةٍ
ضفائرَ لَا ضاحِي القُرون وَلَا جَعْد
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يداك بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ الْبَانِ والمضنُونِ
أكْنَبَتْ: غَلُظَتْ، والمضنُون: ضرب من الْغَوالِي الجَيِّدة.
نض: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ، قَالَ: اسمُ الدَّراهم والدَّنانير عِنْد أَهْلِ الْحجاز: (النَّاضُّ) وَإِنَّمَا يُسَمُّونَه ناضّاً، إِذا تحوَّلَ عَيْناً بعد أَنْ يكون مَتَاعاً، وفِعله: نَضَّ المالُ، أَي صَار عَيْناً بَعْدَمَا كانَ مَتاعاً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّضُّ: الإظهارُ، والنَّضُّ: الحاصِل، يُقَال: خُذْ مَا نَضَّ لَك من غَرِيمكَ. قَالَ: ونَضَّضَ الرّجُلُ، إِذا كثُر نَاضُّه، وَهُوَ مَا ظَهَر وحَصَلَ مَا مالِه، قَالَ: وَمِنْه الخَبْر: (خُذُوا صَدَقَةَ مَا نَضَّ من أَمْوَالِهم) ، أَي مَا ظَهَر وحَصَلَ.
وَوُصِفَ رجلٌ بِكَثْرَة المَال، فَقِيل: هوأكثرُ النّاس نَاضّاً.
وروى شمر بإسْنادٍ لَهُ، عَن عِكْرمة أَنَّه قَالَ: إنَّ الشَّريكَيْن يَقْتَسِمان مَا نَضَّ مِنْ أَمْوَالِهمَا وَلَا يَقْتسمان الدَّيْن.
قَالَ شمِر: مَا نَضَّ، أَي مَا صَار فِي أَيْدِيهما.
أَبُو عُبيد عَن أَبي زيد: هُوَ نُضَاضَةُ وَلَدِ أَبَوَيْه، ونُضَاضَةُ المَاء وَغَيره: آخِره وَبِقيَّتُه.
وَيُقَال: نَضِّ إليَّ من مَعْرُوفك نُضَاضَةً، وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: عَلَيْهِم نَضَائِضُ من أَمْوالهم وبَضَائِضُ، واحدتها نَضِيضَةٌ، وبَضِيضَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَضَّ لَهُ بَشيءٍ، وبَضَّ لَهُ بشيءَ، وَهُوَ الْمَعروفُ الْقَليل.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّضُّ: نَضِيضُ الماءِ كأَنَّما يخرج من حَجر، تَقول: نَضَّ الماءُ يَنِضُّ،(11/322)
وَفُلَان يَسْتَنِضُّ معروفَ فلَان، أَي يَسْتَخرجه، وَمِنْه قَول رؤبة:
إنْ كَانَ خيرا مِنْكِ مُسْتَنَضّاً
فَاقْنَى فشر الْقَوْلِ مَا أَنضّا
وَقَالَ أَيْضا:
تَمتَاحُ دَلْوَى مكْرَهُ البِضَاضِ
وَلَا الْجَدَى من مُتْعَبٍ حَبَّاض
والنّضُّ: مكرُوهُ الأمْرِ، تَقول: أَصَابَنِي نَضٌّ من أَمْرِ فلَان.
شمر، عَن ابْن الأعرابيّ: اسْتَنْضَضْتُ مِنْهُ شَيئاً، أَي اسْتَخْرجته وأَخذته، وَأنْشد بَيت رؤبة.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: نَضْنَضْتُ الشيءَ ونَصْنَصته، إِذا حَرَّكته وأَقْلَقْته، وَمِنْه قيل للحيَّة: نَضْنَاضٌ، وَهُوَ القلق الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانَهُ بِشرّته ونَشَاطِه. قَالَ الرَّاعِي:
يَبيتُ الحيّةُ النّضاضُ فِيهَا
مكانَ الْحِبِّ يَسْتَمعُ السِّرارَا
قَالَ: وَأَخْبرنِي الأصمعيّ: أَنه سَأَلَ أَعرابياً عَن النضناض: فَأخْرج لِسانه وحركه، وَلم يزِدْ على هَذَا، وَهَذَا كُله يرجع إِلَى الْحَرَكَة.
أَبُو عَمْرو: النَّضِيضة: الْمَطَر الْقَلِيل، وَجَمعهَا نَضائِض، وَأنْشد:
فِي كُلّ عَام قَطْرُهُ نَضائِضُ
أَبُو عبيد: النّضِيضَةُ من الرِّيَاح الَّتِي تنِضّ بِالْمَاءِ فَيَسِيل، وَيُقَال: الضّعيفة.
(بَاب الضَّاد وَالْفَاء)
ض ف)
ضف، فض: (مستعملان) .
ضف: قَالَ اللَّيْث: الضَّفَّةُ، والضِّفة، لُغَتَانِ، وهما: جانبا النَّهر اللَّذَان يَقع عَلَيْهَا النَّبائِتُ، والجميع الضَّفَات، والضِّفّات.
وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: ضَفَّةُ الْوَادي، وضِيفُهُ جَانِبه. وَقَالَ القُتَيْبيّ: الصَّوَاب الضِّفَّةُ بِالْكَسْرِ.
قلت: الضَّفَّة لغةٌ عالية جَيِّدة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبي لم يَشْبَعْ من خبزٍ وَلحم إِلَّا على ضفف، وبعضُهم يرويهِ: على شَظَف. قَالَ أَبُو عُبَيد، قَالَ أَبُو زيد: الضَّفَفُ والشَّظَفُ جَمِيعًا: الضِّيقُ والشِّدَّة، تَقول: لم يَشْبعَ إِلَّا بِضيق وقِلَّة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَيُقَال: فِي الضَّفَفِ: إنَّهُ اجْتماع النَّاس، يَقُول: لم يَأْكل وَحده، وَلَكِن مَعَ النّاس.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَاء مَضْفُوفٌ، وَهُوَ الَّذِي كَثُر عَلَيْهِ النَّاس وَأنْشد:(11/323)
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَح المضْفوفِ
إلاَّ مُدَاراتُ الْغُروبِ الْجُوف
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: الضَّفَفُ: أَن تكون الأَكْلَة أَكثر من مِقْدَار المَال، والْحَفَفُ: أَن تكون الْأكلَة بِمِقْدَار المَال.
وَكَانَ النَّبِي إِذا أَكَلَ كانَ من يَأْكُل مَعَه أَكثر عَدَداً مِن قَدْرِ مبلغ الْمَأْكُول وكفافِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الضّفَفُ: الْقِلّة، والْحفَف: الْحَاجة.
قَالَ: وَقَالَ العُقَيلِي: وُلِدَ الإنسانُ على حَفَف. أَي على حاجَةٍ إِلَيْهِ. وَقَالَ: الضّفَف والْحفَف وَاحِد.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَصَابَهُم من الْعَيْش ضَفَفٌ وحَفَف وشَظَفٌ، كل هَذَا من شِدّة الْعَيْش.
وَقَالَ اللَّيْث: الضّفف: العَجلَة فِي الأَمْر، وَأنْشد:
وَلَيْسَ فِي رَأْيه وَهْنٌ وَلَا ضَفَفُ
وَيُقَال: لَقيته على ضَفَف، أَي على عَجل من الْأَمر.
شمِر: الضَّفَفُ: مَا دون ملءِ المِكْيال، وكل مَمْلُوء وَهُوَ الْأكل دون الشِّبع.
أَبُو عبيد: عَن الكسائيّ: ضَبَبْتُ النَّاقة أَضُبُّها ضَبّاً؛ إِذا حَلَبْتَها بالكف. قَالَ: وَقَالَ الفَرّاء: هَذَا هُوَ الضَّفُّ بِالْفَاءِ، فَأَما الضّبُّ فأَنْ تَجعلَ إبْهامَك على الْخِلْف، ثمَّ تَرُدُّ أَصابِعَكَ على الْإِبْهَام والْخِلْف جَمِيعًا.
وَيُقَال: من الضَّفِّ: ضَفَفْتُ، أَضُفُّ.
أَبُو عَمْرو: ناقةٌ ضَفوف: كثيرةُ اللَّبن، وَعين ضَفُوف: كَثِيرَة المَاء، وَأنْشد:
حَلْبَانَةٌ رَكبانَةٌ ضَفُوفُ
وَقَالَ شمِر نَحوا مِنْهُ، وَقَالَ الطرماح:
وتَجُودُ من عَيْنِ ضَفو
فِ الْغَرْبِ مُتْرَعَةِ الْجَدَاوِل
قَالَ: وَمَاء مضفوف كثير الغاشية، وَأنْشد:
مَا يَسْتَقِي فِي النَّزحِ المضْفوف
إلاّ مُدَاراتُ الْغُروب الْجُوفِ
قَالَ: والمدار الْمَسوَّى إِذا وقعَ فِي الْبِئر اجْتَحَفَ ماؤُها، وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب: تُوُفَّى أَبُو صِبْياني، فَمَا رُئِيَ عَلَيْهِم حَفَفٌ وَلَا ضَفَفٌ، أَي لم يُرَ عَلَيْهِم حُفُوفٌ وَلَا ضيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّفُّ: الْحَلب بالكَفِّ كلِّه، وَأنْشد:
بِضَفِّ القوادِم ذاتِ الْفُضو
لِ لَا بالْبكاء الكِمَاشِ اهْتِصارا
أَبُو عُبيد: عَن الكسائيّ: الْجَفّة والضَّفَّة جمَاعَة الْقَوْم.
وَقَالَ الأصمعيّ: دخلتُ فِي ضَفَّة الْقَوْم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: دخل فلَان فِي ضَفّة الْقَوْم(11/324)
وضَفْضَفَتهم، أَي فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: يُقَال فلَان من لَفِيفَنا وضَفِيفِنا، أَي مِمَّن نَلُفُّهُ بِنَا، ونَضُفُّه إِلَيْنَا، إِذا حَزَبَتْنَا الْأُمُور.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شَاة ضَفّةُ الشَّخْبِ، أَي وَاسِعَة الشّخب.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: قوم مُتضافّون: خَفِيفَة أَمْوَالهم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: قوم متضافُّون: مُجْتمعون، وَأنْشد:
فراحَ يَحْدُوها على أكْسائِها
يضُفُّها ضَفّاً على انْدِرائِها
أَي يجمعها. وَقَالَ غيلَان:
مَا زالَ بالْعُنفِ وفَوقَ الْعُنفِ
حَتَّى اشْفَتَرّ الناسُ بعد الضَّفِّ
أَي تفرّقوا بعد اجْتِمَاع. قَالَ: والضُّفّ، والجميع الضِّفَفَة: هُنَيَّةٌ تشبه الْقراد إِذا لَسعت شَرِيَ الْجِلْدُ بَعْدَ لَسْعَتِها، وَهِي رَمْداء فِي لَوْنهَا، غبراء.
فض: قَالَ اللَّيْث: الفَضُّ تفريقُك حَلقَةً من النَّاس بعد اجْتِمَاعهم، وَيُقَال فَضَضْتُهم فانفضُّوا، وَأنْشد:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهم
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كَانُوا بَدَادِ
وفَضَضْتُ الخاتَم من الْكتاب، أَي كَسَرْته، وَمِنْه قَوْلهم: لَا يَفْضُض اللَّهُ فاكَ.
ورُوِي فِي حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه قَالَ: (يَا رَسُول الله، أَي إريدُ أَن أَمْتَدِحَكَ) فَقَالَ: (قل، لَا يَفْضُض اللَّهُ فَاكَ) ؛ ثمَّ أنْشدهُ قصيدة مدحه بهَا، وَمَعْنَاهُ: لَا يُسقِط الله أَسْنانَك، والفَم يقوم مَقامَ الْأَسْنَان، وَهَذَا من فَضّ الْخَاتم والجموع، وَهُوَ تَفْرِيقها.
قَالَ الله جلّ وعزّ: لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمرَان: 159) أَي: تفَرقُوا.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد أَنه كتب إِلَى مَرازبة فَارس: (أما بعد؛ فَالْحَمْد للَّهِ الَّذِي فَضّ خَدَمَتكم) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ فرَّق جمعكم؛ وكل مُنْكَسِرٍ مُتَفَرِّق، فَهُوَ منفضّ، وأصل الخَدَمَة الخَلْخَال، وَجَمعهَا خِدَام.
والفِضة مَعْرُوفَة. قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 16) .
يسْأَل السَّائِل: فَتَقول: كَيفَ تكون الْقَوَارِير من فضَّة جوهَرُها غير جَوْهَرِها؟ . فَقَالَ الزَّجَّاج: معنى قَوَارِير من فِضة: أصل الْقَوَارِير الَّذِي فِي الدُّنْيَا من الرَّمْل، فأَعْلَمَ الله أنَّ أفضلَ تِلْكَ الْقَوَارِير أصْله من فضَّة يُرَى من خَارِجهَا مَا فِي داخلها.
قلت: فَجمع مَعَ صفاء قواريره الأمْنَ من الكسْر، وقبوله الْجَبْر مثل الفِضة، وَهَذَا من أَحْسن مَا قيل فِيهِ.(11/325)
وَقَالَ شمر: الفَضْفاضَةُ: الدِّرْعُ الواسِعَة.
وَقَالَ عَمْرو بن معدي كرب:
وأَعْدَدْتُ للْحَرْبِ فَضْفاضَةً
كأَنَّ مَطَاوِيهَا مِبْرَدُ
قَالَ: وقميص فَضفاض: واسعٌ، وَجَارِيَة فضفاضة: كَثِيرَة اللَّحْم مَعَ الطُّول والجسم. وَقَالَ رؤبة:
رَقْرَاقَةٌ فِي بُدْنِها الْفَضْفَاضِ
والفَضفاض: الْوَاسِع.
وَقَالَ رؤبة:
يُسْعِطْنَهُ فَضفَاضَ بَوْلٍ كالصَّبِرْ
أَبُو عُبيد الفَضِيض: المَاء السَّائِل، والسّربُ مثله.
وَقَالَت عَائِشَة لمروان: (إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبيكَ كذَا وَكَذَا؛ فأَنت فَضَضٌ مِنْهُ) . أَرَادَت أَنَّك قِطْعَة مِنْهُ، وفَضَضُ المَاء: مَا انْتَشَر مِنْهُ إِذا تُطُهِّرَ بِهِ.
وَفِي حَدِيث أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: (جاءتْ امرأةٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إنّ ابنَتي تُوُفِّيَ عَنْهَا، زوجُها وَقد اشْتَكتْ عينهَا، أَفتَكْحُلُها؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا، مَرَّتين أَو ثَلَاثًا، إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر وَعشر، وَقد كَانَت إحداكُنَّ ترمى بالبَعْرة على رَأس الحوْل، قَالَت زَيْنَب بنت أم سَلمَة: وَمعنى الرَّمْي بالبَعْرَةِ: أَن المرأةَ كَانَت إِذا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُها دخلت خِفْشاً، ولَبِسَتْ شرّ ثِيَابهَا حَتَّى تَمُرّ بهَا سنة، ثمَّ تُؤْتى بَدابّة: شاةٍ أَو طَيْر، فتَفْتَضُّ بهَا، فقلما تَفْتَضُّ بِشَيْء إلاّ مَاتَ، ثمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بهَا) .
وَقَالَ القُتَيْبِي سَأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَن الافْتضاض فَذكرُوا أَن المُعْتَدَّةَ كَانَت لَا تَغْتَسِل، وَلَا تَمَسُّ مَاء، وَلَا تُقَلِّم ظُفْراً، وَلَا تَنْتِفُ من وَجههَا شعرًا، ثمَّ تخْرج بعد الحوْل بأَقْبَح مَنْظرٍ، ثمَّ تَفْتَضُّ بطائر تمسح بِهِ قُبُلَها وتَنْبِذُه، فَلَا يكَاد يعِيش.
قَالَ: وَهُوَ من فضضّتُ الشَّيْء، أَي كَسَرته، كَأَنَّهَا تكون فِي عِدّة من زَوجهَا فتكسِر مَا كَانَت فِيهِ، وَتخرج مِنْهُ بالدَّابّة.
قلت: وَقد رَوى الشافعيُّ هَذَا الحَدِيث، غير أَنه رَوى هَذَا الْحَرْف بعيْنه، فَتَقْبِضُ بِهِ بِالْقَافِ وَالصَّاد، وَقد مَرّ تَفْسِيره فِي بَاب الْقَاف.
وَرجل فضفاض: كثير الْعَطاء، شُبِّه بِالْمَاءِ الفضفاض، وتَفَضْفَضَ الْبَوْل، إِذا انْتَشَر على فَخذي النَّاقة. والمِفَضُّ مَا يُفَضُّ بِهِ مَدَرُ الأَرْض المُثَارَة، وَهُوَ المِفْضاض، وَيُقَال: افْتَضّ فلانٌ جَارِيَته واقْتَضَّها، إِذا افْتَرعها.
وفَضَّاض: من أَسْماءِ الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان فُضَاضَةُ وَلَدِ أَبِيه، أَي آخِرهم.
قلت: والمعروفُ بِهَذَا الْمَعْنى فلَان نُضَاضَةُ وَلَد أَبِيه بالنُّون.(11/326)
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: الفاضّةُ: الداهِية، وَهن الْفَوَاضّ.
وَقَالَ شِمر فِي قَوْله: (أَنا أول من فَضّ خَدَمةَ الْعَجَم) : يُرِيد كَسَرهم وفرّق جَمعهم، وكلُّ شَيْء كسرتَه وفَرَّقتْه فقد فَضَضتَه. وطارت عِظامُه فُضاضاً، إِذا تَطايرَتْ عِنْد الضَّرب.
قَالَ: والفَضَضُ: المتفرق من المَاء، والعَرق. وَأنْشد لِابْنِ ميّادة:
(تجلو بأخضر من فروع أراكة ... حسن المنصب كالفضيض الْبَارِد)
قَالَ: الفضض المتفرق من مَاء الْبرد أَو الْمَطَر، وَفِي حَدِيث عمر: حِين انقطعنا من فضَض الْحَصَا. قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي مَا تفرق مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الفضيض. وَقَالَ شمر فِي قَول عَائِشَة لمروان: " أَنْت فضَض من لعنة رَسُول الله ". قَالَ: الفضض اسْم مَا انفض، أَي تفرق. والفضاض نَحوه.
بَاب الضَّاد وَالْبَاء
ض ب
ضَب، بض: [مستعملان] .
ضَب: قَالَ اللَّيْث: الضَّب يكنى أَبَا حسل، وَالْأُنْثَى ضبة، وَيجمع ضبابا. وَفُلَان أضب. قَالَ: والضبة حَدِيدَة عريضة يضبب بهَا الْخشب، والجميع الضباب. قلت: يُقَال لَهَا: الضبة والكتيفة، لِأَنَّهَا عريضة كَهَيئَةِ خلق الضَّب، وَسميت كتيفة، لِأَنَّهَا عرضت على هَيْئَة الْكَتف. وَيُقَال للطلعة قبل انشقاقها عَن الْغَرِيض: ضبة، وَتجمع ضبابا. وَأنْشد ابْن السّكيت:
(يطفن بفجال كَأَن ضبابه ... بطُون الموَالِي يَوْم عيد تغدت)
أَرَادَ بضباب الفحال مَا خرج مَا طلعه الَّذِي يؤبر بِهِ طلع الْإِنَاث. وَيُقَال: أضبت أَرض بني فلَان، وَإِذا كثر ضبابها، وَأَرْض مضبة، ومربعة: ذَات ضباب، ويرابيع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: وقعنا فِي مضاب منكسرة، وَهِي قطع من الأَرْض يكثر ضبابها، وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: خرجنَا نصطاد المضبة، أَي نصيد الضباب، جمعوها على مفعلة كَمَا يُقَال للشيوخ: مشيخة، وللسيوف: مسيفة. أَبُو نصر، عَن الْأَصْمَعِي: أضب فلَان مَا فِي نَفسه، أَي أخرجه. وَقَالَ شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قَالَ أَبُو حَاتِم: أضب الْقَوْم، إِذا سكتوا، وأمسكوا عَن الحَدِيث، وأضبوا إِذا تكلمُوا وأفاضوا فِي الحَدِيث. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الْقَوْم، إِذا تكلمُوا،(11/327)
وأضبوا، إِذا سكتوا، وَزعم أَنه من الأضداد. وَقَالَ أَبُو زيد: أضب الرجل، إِذا تكلم، وَمِنْه يُقَال: ضبب يَده دَمًا، إِذا سَالَتْ، وأضببتها أَنا، إِذا أسلمت مِنْهَا الدَّم؛ فَكَأَنَّهُ أضب الْكَلَام، أَي أخرجه كَمَا يخرج الدَّم. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب، وَهُوَ يضب إضباباً. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تركت لثته تضب ضبيبا من الدَّم، إِذا سَالَتْ. وجاءنا فلَان تضب لثته، إِذا وصف بِشدَّة النهم للْأَكْل، أَو الشبق للغلمة، أَو الْحِرْص على حَاجته وقضائها. وَأنْشد أَبُو عبيد بشر بن أبي حَازِم:
(وَبني تَمِيم قد لَقينَا مِنْهُم ... خيلا تضب لثاتها للمغنم)
وَقَالَ آخر:
(أَبينَا أَبينَا أَن تضب لثاتكم ... على مرشقات كالظباء عواطبا)
يضْرب هَذَا مثلا للحريص النهم. وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه كَانَ يُفْضِي بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض إِذا سجد وهما تضبان دَمًا، أَي تسيلان. وَقَالَ أَبُو عبيد: الضَّب: دون السيلان الشَّديد، وَيُقَال مِنْهُ: ضَب يضب، وبض يبض، إِذا سَالَ المَاء وَغَيره. قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضبيبة سمن وَرب يَجْعَل للصَّبِيّ فِي العكة يطعمهُ. يُقَال: ضببوا لصبيتكم. وَيُقَال: ضَب نَاقَته، يضبها ضبا، إِذا حلبها بِخمْس أَصَابِع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أضبت السَّمَاء، إِذا كَانَ لَهَا ضباب، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ خبا منوعا: إِنَّه لخب ضَب. قَالَ: والضب: الحقد فِي الصَّدْر، والضب: ورم فِي خف الْبَعِير. وَقَالَ اللَّيْث: أضب الرجل على حقد فِي الْقلب وَهُوَ يضب إضباباً. وَيُقَال: الضَّب: الْقَبْض على الشَّيْء بالكف. والضب: دَاء يَأْخُذ فِي الشّفة فترم، أَو تجسو، وَيُقَال: تجسأ حَتَّى تيبس وتصلب. قَالَ: والضباب والضبابة: ندى كالغبار يغشى الأَرْض بالغدوات. يُقَال: أضب يَوْمنَا، وَيَوْم مضب، وسماء مضبة. وَقَالَ اللَّيْث فِي الحَدِيث: " إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا ضَبَابَة كضبابة الْإِنَاء " يَعْنِي فِي الْقلَّة وَسُرْعَة الذّهاب. قلت: الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: إِنَّمَا بقيت من الدُّنْيَا صبَابَة كَصُبَابَةِ الْإِنَاء بالصَّاد. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد وَغَيره. أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: أضببتُ على(11/328)
الشَّيْء: أشرفت عَلَيْهِ أَن أظفر بِهِ. قلت: وَهَذَا من أضبى يضبي، وَلَيْسَ من بَاب المضاعف، وَقد جَاءَ بِهِ اللَّيْث فِي بَاب المضاعف، وَالصَّوَاب مَا روينَاهُ للكسائي. وَقَالَ أَبُو زيد: أضب، إِذا تكلم، وأضبأ على الشي، إِذا سكت عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ضبضب، وَرجل ضباضب: فحاش جريء. قَالَ: وَرجل ضباضب أَيْضا، أَي قصير سمين مَعَ غلظ. قَالَ: والتضبب: السّمن حِين يقبل. وروى أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل ضباضب، إِذا كَانَ قَصِيرا سمينا. أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: بعير أضب، وناقة ضباء بَيِّنَة الضبب، وَهُوَ وجع يَأْخُذ فِي الفرسن. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْعَدَبَّس الْكِنَانِي: الضاغط والضب شَيْء وَاحِد، وهما انفتاق من الْإِبِط، وَكَثْرَة من اللَّحْم. ابْن السّكيت: ضبب الْبَلَد: كثرت ضبابه، ذكره فِي حُرُوف أظهر فِيهَا التَّضْعِيف، وَهِي متحركة، مثل قطط شعره، ومششت الدَّابَّة، وألل السقاء: تغير رِيحه. والمضبب الَّذِي يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرة الضباب، حَتَّى يذلقها، فَتبرز فيصيدها. قَالَ الْكُمَيْت:
(بغبية صيف لَا يُؤْتى نطافها ... ليبلغها مَا أخطأته المضبب)
يَقُول: لَا يحْتَاج المضبب أَن يُؤْتِي المَاء إِلَى جحرتها حَتَّى يسْتَخْرج الضباب ويصيدها؛ لِأَن المَاء قد كثر، والسيل علا الرِّبَا، فكفاه ذَلِك. شمر عَن ابْن شُمَيْل: التضبيب شدَّة الْقَبْض على الشَّيْء؛ كَيْلا ينفلت من يَده، يُقَال: ضبب عَلَيْهِ تضبيباً. أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: التضبب: السّمن حِين يقبل. وَالْعرب تشبه كف الْبَخِيل إِذا قصر عَن الْعَطاء بكف الضَّب، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(مناتين أبرام كَأَن أكفهم ... أكف ضباب أنشقت فِي الحبائل)
أَبُو زيد: رجل ضبضب، وَامْرَأَة ضبضبة، وَهُوَ الجريء على مَا أَتَى، وَهُوَ الأبلخ أَيْضا، وَامْرَأَة بلخاء، وَهِي الجريئة الَّتِي تَفْخَر على جِيرَانهَا. أَبُو عَمْرو: ضَب، إِذا حقد. ابْن بزرج: أضبت الأَرْض بالنبات: طلع نباتها جَمِيعًا. وأضب الْقَوْم: نهضوا فِي الْأَمر جَمِيعًا.
بض: الْأَصْمَعِي وَغَيره: بض الْحسي، وَهُوَ(11/329)
يبض بضيضا، إِذا جعل مَاؤُهُ يخرج قَلِيلا قَلِيلا، وَيُقَال للرجل إِذا نعت بِالصبرِ على الْمُصِيبَة: مَا تبض عينه. وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت لينَة الْجلد، ظَاهِرَة الدَّم: إِنَّهَا لبضة، وَقد بضت تبض بضاضة. أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: بضضت لَهُ أبض بضا، إِذا أعطَاهُ شَيْئا يَسِيرا، وَأنْشد شمر:
(وَلم تبضض النكد للجاشرين ... وأنفدت النَّمْل مَا تنقل)
قَالَ: هَكَذَا أنشدنيه ابْن أنس، بِضَم التَّاء، وهما لُغَتَانِ: بض يبض، وأبض يبض. وَرَوَاهُ الْقَاسِم: " وَلم تبضض ". قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البضة: اللينة الحارة الحامضة؛ وَهِي الصقرة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سقاني بضا وبضة؛ أَي لَبَنًا حامضا. وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة بضة، تَارَة مكتنزة اللَّحْم فِي نصاعة لون، وبشرة بضة بضيضة، وَامْرَأَة بضة بضاض. وبئر بضوض، يَجِيء مَاؤُهَا قَلِيلا قَلِيلا. والبضباض: قَالُوا: الكمأة، وَلَيْسَت بمحضة. وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي السقاء بضاضة من مَاء أَي شَيْء يسير. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: بضض الرجل إِذا تنعم؛ وغضض: صَار غضا متنعما، وَهِي الغضوضة. قَالَ: وغضض، إِذا أَصَابَته غَضَاضَة. قَالَ: والبضة: الْمَرْأَة الناعمة، سمراء كَانَت أَو بَيْضَاء، والمضة: الَّتِي تؤذيها الْكَلِمَة، أَو الشَّيْء الْيَسِير. أَبُو عبيد: عَن الْأَصْمَعِي: البضة من النِّسَاء: الرقيقة الْجلد كَانَت بَيْضَاء، أَو أدماء. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ اللحيمة الْبَيْضَاء. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: البض من الرِّجَال الرُّخص الْجَسَد، وَلَيْسَ من الْبيَاض خَاصَّة، وَلكنه من الرخوصة والرخاصة. وَقَالَ غَيره: هُوَ الْجيد الْبضْعَة السمين، وَقد بضضت يَا رجل تبض بضاضة.
بَاب الضَّاد وَالْمِيم
ض م
ضم، مض: [مستعملان] .
ضم: قَالَ اللَّيْث: الضَّم: ضمك الشَّيْء، تَقول: ضممت هَذَا إِلَى هَذَا، فَأَنا ضام، وَهُوَ مضموم، وضاممت فلَانا، إِذا أَقمت مَعَه فِي أَمر وَاحِد، والضمام كل شَيْء تضم بِهِ شَيْئا إِلَى شَيْء. والإضمامة: جمَاعَة من النَّاس لَيْسَ أصلهم وَاحِدًا، وَلَكنهُمْ لفيف، والجميع الأضاميم.(11/330)
وَأنْشد:
(حَيّ أضاميم وأكوار نعم ... )
قَالَ: والضماضم، من أَسمَاء الْأسد، وضمضمته: صَوته. قَالَ: وَالضَّم والضمام: الداهية الشَّدِيدَة. قلت: الْعَرَب تَقول للداهية: صمي صمام بالصَّاد، وأحسب اللَّيْث أَو غَيره: صحفوه فَجعلُوا الصَّاد ضادا، وَلم أسمع الضَّم والضمام فِي أَسمَاء الدَّوَاهِي. لغير اللَّيْث: وضمضم، اسْم رجل. وَيُقَال: اضط فلَان شَيْئا إِلَى نَفسه. وَقَالَ أَبُو زيد: الضماضم: الْكثير الْأكل الَّذِي لَا يشْبع. وَقَالَ اللحياني: قَالَ الْأمَوِي: يُقَال للرجل الْبَخِيل: الضَّرَر والضماضم، والعضمز، كُله من صفة الْبَخِيل، وَهُوَ الصوتن أَيْضا. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضمضم: الجسيم الشجاع، بالضاد. قَالَ: والصمصم: الْبَخِيل، النِّهَايَة فِي الْبُخْل، بالصَّاد. قَالَ: وضمضم الرجل إِذا شجع قلبه، ومضمض: نَام نوما قَلِيلا.
مض: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: " خباث كل عيدانك قد مضضنا فَوَجَدنَا عاقبته مرا ". وَقَالَ اللَّيْث: المض: مضيض المَاء كَمَا تمضه، وَيُقَال: لَا تمض مضيض العنز، وَيُقَال: ارشف وَلَا تمض إِذا شربت وَفِي الحَدِيث: " وَلَهُم كلب يتمضمض عراقيب النَّاس "، أَي يمض. قَالَ: مَضَت العنز تمض فِي شربهم مضيضا، إِذا شربت وعصرت شفتيها. والمضمضة: تَحْرِيك المَاء فِي الْفَم وَفِي الْإِنَاء. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مضني الْجرْح وأمضني. وَقَالَ أَبُو زيد والأصمعي: أمضني. وَهُوَ كخل يمض الْعين، لم يعرفا غَيره. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مضني الْأَمر. وأمضني وَقَالَ: وأمضني كَلَام تَمِيم. قَالَ اللَّيْث: كحل يمض الْعين، ومضيضه: حرقته، وَأنْشد:
(قد ذاق أكحالاً من المضاض ... )
ومضضت لَهُ، أَي بلغت مِنْهُ الْمَشَقَّة. وَقَالَ رؤبة:
(فاقني فشر مَا أمضا ... )
وَكَذَلِكَ الْهم يمض الْقلب أَي يحرقه، وَقَالَ: والمضاض. النّوم. يُقَال: مَا مضمضت عَيْني بنوم، أَي مَا نَامَتْ. وَقَالَ رؤبة:
(من يتسخط فالإله رَاض ... عَنْك وَمن لم يرض فِي مضماض)
أَي فِي حرقة.(11/331)
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن الْمفضل بن سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن الْفراء أَنه قَالَ: يُقَال: مَا علمك أهلك من الْكَلَام إِلَّا مضا وميضا، وبضا وبيضا وَيُقَال فِي مثل: " إِن فِي بض وبض لمطعما ". وَقَالَ اللَّيْث: المض. أَن يَقُول الْإِنْسَان بِطرف لِسَانه شبه " لَا "، وَهُوَ " هيج " بِالْفَارِسِيَّةِ، وَأنْشد:
(سَأَلتهَا الْوَصْل فَقَالَت: مض ... وحركت لي رَأسهَا بالنغض)
وَقَالَ الْفراء: مض كَقَوْل الْقَائِل: " لَا " يَقُولهَا بأضراسه، فَيُقَال: مَا علمك أهلك إِلَّا مض ومض، وَبَعْضهمْ يَقُول: إِلَّا مضًا، يُوقع الْفِعْل عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو زيد: كثرت المضائض بَين النَّاس، أَي الشَّرّ، وَأنْشد:
(وَقد كثرت بَين الْأَعَمّ المضائض ... )
والمضماض: الرجل الْخَفِيف السَّرِيع. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
(يتركن كل هوجل نفاض ... فَردا وكل معض مضماض)
أَبُو تُرَاب، قَالَ الْأَصْمَعِي: مضمض إناءه ومصمصه، إِذا حركه. وَقَالَ اللحياني: إِذا غسله. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مضض، إِذا شرب المضاض، وَهُوَ المَاء الَّذِي لَا يُطَاق ملوحة، وَبِه سمي الرجل مضاضا، وضده من الْمِيَاه القطيع وَهُوَ الصافي الزلَال. وَقَالَ بعض الكلابيين فِيمَا روى أَبُو تُرَاب: تماض الْقَوْم وتماظوا، إِذا تلاحوا وعض بَعضهم بَعْضًا بألسنتهم، وَالله أعلم.(11/332)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الضَّاد
ض ص
أهملتا مَعَ الْحُرُوف كلهَا إِلَى آخرهَا.
[أَبْوَاب الضَّاد وَالسِّين]
ض س ز - ض س ط - ض س د - ض س ت - ض س ظ - ض س ذ - ص س ث
أهملت وجوهها كلهَا.
ض س ر
اسْتعْمل من وجوهها: ضرس.
ضرس: قَالَ اللَّيْث: الضرس: العض الشَّديد بالضرس، قَالَ: والضرس: خور فِي الضرس من حموضة، والضرس مَا خشن من الآكام والأخاشب، والضرس: السحابة تمطر لَا عرض لَهَا. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضرس الأَرْض الخشنة، والضرس: الْمَطَر الْخَفِيف، والضرس، كف عَن البرقع، والضرس: طول الْقيام فِي الصَّلَاة، والضرس عض الْعدْل والضرس تَعْلِيم الْقدح، والضرس الفند من الْجَبَل، والضرس: سوء الْخلق، والضرس: صمت يَوْم فِي اللَّيْل، والضرس: الأَرْض الَّتِي نباتها هَاهُنَا، وَهَا هُنَا. قَالَ: والضرس: الْمَطَر هَا هُنَا، وَهَاهُنَا. والضرس: امتحان الرجل فِيمَا يَدعِيهِ من علم أَو شجاعة. أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: نَاقَة ضروس، أَي سَيِّئَة الْخلق، وَمِنْه قَوْلهم فِي الْحَرْب: قد ضرس نابها، أَي سَاءَ خلقه. وَقد ضرست الرجل، إِذا عضضته بأضراسك، وبئر مضروسة، إِذا بنيت بِالْحِجَارَةِ، وَهِي(11/333)
الضريس، وَوَقعت فِي الأَرْض ضروس من مطر، أَي وَقعت فِيهِ قطع مُتَفَرِّقَة، وَفُلَان، ضرس شرس أَي صَعب الْخلق. وريط مُضرس: ضرب من الوشي. وحرة مضرسة: فِيهَا كأضراس الْكلاب من الْحِجَارَة. شمر: رجل مُضرس، إِذا كَانَ قد سَافر وجرب، وَقَاتل. وضارست الْأُمُور: جربتها وعرفتها. وضرس بَنو فلَان بِالْحَرْبِ، إِذا لم ينْتَهوا حَتَّى يقاتلوا. وَيُقَال: أصبح الْقَوْم ضراسى، إِذا أَصْبحُوا جياعاً، لَا يَأْتِيهم شَيْء إِلَّا أكلوه من الْجُوع. قَالَ: وَمثل ضراسى قوم حزانى لجَماعَة الحزين، وَوَاحِد الضراسى ضريس، وثوب مُضرس أَي موشى، وَقَالَ الشَّاعِر:
(ردع العبير بجلدها فَكَأَنَّهُ ... ربط عتاق فِي المصان مُضرس)
قَالَ: وَرجل مُضرس: مجرب قد جعل ضرسا. وَقَالَ اللَّيْث: التضريس: تحزيز دِينَار، ونبر يكون فِي ياقوتة، أَو لؤلؤة، أَو خَشَبَة. وقدح مُضرس لَيْسَ بأملس. وَقَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي وأنشده الْأَصْمَعِي:
(أَتَانِي فِي الضبعاء أَوْس بن عَامر ... يخادعني عَنْهَا بجن ضراسها)
قَالَ الْبَاهِلِيّ: الضراس: ميسم لَهُم، وَالْجِنّ حَدثنَا ذَاك. وَقيل: أَرَادَ بحدثان نتاجها، وَمن هَذَا قيل: نَاقَة ضروس، وَهِي الَّتِي تعض حالبها. شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الضرس: الأكمة الخشناء الغليظة، وَهِي قِطْعَة من القف مشرفة شَيْئا، غَلِيظَة جدا، خشنة الموطئ، إِنَّمَا هِيَ حجر وَاحِد لَا يخالطه طين، وَلَا ينْبت شَيْئا، وَهِي الضروس؛ إِنَّمَا ضرسه غلظه وخشنته. وَقَالَ الْفراء: مَرَرْنَا بضرس من الأَرْض، وَهُوَ الْموضع يُصِيبهُ الْمَطَر يَوْمًا أَو قدر يَوْم. وَقَالَ غَيره: حرَّة مضرسة: فِيهَا كأضراس الْكلاب من الْحِجَارَة. وَقَالَ الْمفضل: الضرس: الشيح والرمث وَنَحْوه إِذا أكلت جذوله، وَأنْشد فِي صفة إبل تجلح أروم الشَّجَرَة:
(رعت ضرسا بصحراء التناهي ... فأضحت لَا تقيم على الجدوب)
وَقَالَ أَبُو زيد: الضرس: الضرم الَّذِي يغْضب من الْجُوع. والضرس: أَن يفْتَقر أنف الْبَعِير بمروة، ثمَّ يوضع عَلَيْهِ وتر أَو قد لوي على الْجَرِير يذلل بِهِ، فَيُقَال: جمل مضروس الْجَرِير وَأنْشد:
(تبعتكم يَا حمد حَتَّى كأنني ... لحبك مضروس الْجَرِير فؤود)(11/334)
الْحَرَّانِي، عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الضرس: طي الْبِئْر بِالْحِجَارَةِ، يُقَال: ضرسها يضرسها، والضرس: أَن يعلم الرجل قدحه بِأَن يعضه بِأَسْنَانِهِ، فيؤثر فِيهِ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
(وأصفر من قداح النبع فرع ... بِهِ علمَان من عقب وضرس)
والضرس: أَن تضرس الْأَسْنَان من شَيْء حامض.
ض س ل - ض س ن ض س ف
مهملات.
ض س ب
ضبس: أهمله اللَّيْث: وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ فِي الزبير: ضرس ضبس. هَكَذَا رَوَاهُ شمر فِي كِتَابه، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان: الضبس فِي لُغَة تَمِيم: الخب، وَفِي لُغَة قيس: الداهية. قَالَ: ويقالك ضبس، وضبس. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي أرجوزة لَهُ:
(بالجار يعلق حبله ضبس ضبث ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضبس: الثقيل الْبدن وَالروح. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضبس: إلحاح الْغَرِيم على غَرِيمه، يُقَال: ضبس عَلَيْهِ، والضبس: الأحمق الضَّعِيف الْبدن.
ض س م
مهمل.
أَبْوَاب الضَّاد وَالزَّاي
ض ز ط - ض ز د - ض ز ت - ض ز ط - ض ز ذ - ض ز ث: مهملات
ض ز ر
ضرز: قَالَ اللَّيْث: الضرز: مَا صلب من الصخور، والضرز: الرجل المتشدد الشَّديد الشُّح. وَقَالَ الْأمَوِي: يُقَال للرجل الْبَخِيل: ضرز. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ضرز الأَرْض: كَثْرَة هبوما، وَقلة جددها. يُقَال: أَرض ذَات ضرز.
ض ز ل: مهمل
ض ز ن: اسْتعْمل من وجوهها: ضظن.
ضزن: قَالَ اللَّيْث: الضيزن: الشَّرِيك فِي الْمَرْأَة. وَقَالَ أَوْس:
(الفارسية فِيكُم غير مُنكرَة ... فكلكم لِأَبِيهِ ضيزن سلف)
يَقُول: أَنْتُم مثل الْمَجُوس يتَزَوَّج الرجل مِنْهُم امْرَأَة أَبِيه، وَامْرَأَة ابْنه. وَقَالَ اللحياني: جعلت فلَانا ضيزنا عَلَيْهِ، أَي بندارا عَلَيْهِ. قَالَ: وأرسلته مضغطا(11/335)
عَلَيْهِ، وَأهل مَكَّة وَالْمَدينَة يَقُولُونَ: أَرْسلتهُ ضاغطاً عَلَيْهِ. قَالَ: والضيزن أَيْضا: ولد الرجل وَعِيَاله وشركاؤه، وَكَذَا كل من زاحم رجلا فِي أَمر فَهُوَ ضيزن، والجميع الضيازن. وَقَالَ غَيره: يُقَال للنخاس الَّذِي تنخس بِهِ البكرة إِذا اتَّسع خرقها الضيزن، وَأنْشد:
(على دموك تركب الضيازنا ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضيزن يكون بَين قب البكرة والساعد، والساعد خَشَبَة تعلق عَلَيْهَا البكرة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: للْفرس إِذا لم يتبطن الْإِنَاث، وَلم ينز قطّ: الضيزان. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الضيزن: الَّذِي يتَزَوَّج امْرَأَة أَبِيه إِذا طَلقهَا، أَو مَاتَ عَنْهَا. والضيزن: خد بكرَة السَّقْي، والضيزن: الساقي الْجلد، والضيزن: الْحَافِظ الثِّقَة. وَأنْشد:
(إِن شريبيك لضيزنانه ... )
ض ز ف
ضفز: ضفز يَده. قَالَ: قَالَ اللَّيْث: الضفز: تلقيمك الْبَعِير لقما عظاما، تَقول: ضفزته فاضطفز، وكل وَاحِدَة مِنْهَا ضفيزة، وَيُقَال: ضفزت الْفرس لجامه، إِذا أدخلته فِي فِيهِ. أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: الضفز والأفز: الْعَدو، وَيُقَال: مِنْهُ ضفز يضفز، وأفز يأفز. وَقَالَ غَيره: أبز وضفز بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ عَمْرو، عَن أَبِيه: الضفز: الْجِمَاع. وَقَالَ أَعْرَابِي: مَا زلت أضفز بهَا، أَي أنيكها إِلَى أَن سَطَعَ الْفرْقَان، أَي السحر. قَالَ: والضفز التلقيم، والضفز الدّفع، والضفز: القفز. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " مَلْعُون كل ضفاز ". وَقَالَ الزّجاج: معنى الضفاز: النمام مُشْتَقّ من الضفز، وَهُوَ شعير يجش فيعلفه الْبَعِير، وَقيل للنمام: ضفاز؛ لِأَنَّهُ يزور القَوْل، كَمَا يهيأ هَذَا الشّعير لقما لعلف الْإِبِل، وَلذَلِك قيل للنمام: " قتاب " من قَوْلهم: دهن مقتت، أَي مُطيب بالرياحين.
ض ز ب
[ضبز] : قَالَ اللَّيْث: الضبز. الشَّديد الْمُحْتَال من الذئاب، وَأنْشد:
(وتسرق مَال جَارك باختيال ... كحول ذؤالة شرس ضبيز)
قَالَ والضبز: شدَّة اللحظ، يَعْنِي نظرا فِي جَانب.
ض ز م
اسْتعْمل مِنْهُ: ضمز.
ضمز: قَالَ اللَّيْث: الضمز من الإكام،(11/336)
الْوَاحِدَة ضمزة، وَهِي أكمة صَغِيرَة خاشعة، وَأنْشد:
(موف بهَا على الإكام الضمز ... )
وَقَالَ شمرن عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضمز: الْغَلَط من الأَرْض، وَيُقَال للرجل إِذا جمع شدقيه فَلم يتَكَلَّم: قد ضمز. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الضمز: مَا ارْتَفع من الأَرْض، وَجمعه ضموز، وَقَالَ رؤبة:
(كم جَاوَزت من حدب وفرز ... ونكبت من جوءة وضمز)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضمز جبل من أصاغر الْجبَال مُنْفَرد، وحجارته حمر صلاب، وَلَيْسَ فِي الضمز طين، وَهُوَ الضمزز أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث: الضامز: السَّاكِت لَا يتَكَلَّم، وَالْبَعِير إِذا لم يجتر فقد ضمز. وَقَالَ الشماخ يصف عيرًا وأتنه:
(لَهُنَّ صليل ينتظرن قَضَاءَهُ ... يضاحي غَدَاة أمره وَهُوَ ضامر)
قَالَ: وكل من ضم فَاه، فَهُوَ ضامز، وناقة ضامز: لَا ترغو. وَالله تَعَالَى أعلم بمراده.
(أَبْوَاب) الضَّاد والطاء
ض ط د - ض ط ت - ض ط ظ - ض ط ذ - ض ط ث
مهملات.
ض ط ر
اسْتعْمل من وجوهه: ضرط ضيطر. ضطر.
ضطر: أَبُو عبيد، عَن الْأمَوِي: الضيطر: الْعَظِيم من الرِّجَال، وَجمعه: ضياطر، وضياطرة، وضيطارون، وَأنْشد أَبُو عَمْرو لمَالِك بن عَوْف:
(تعرض ضيطار وخزاعة دُوننَا ... وَمَا خير ضيطار يقلب مسطحًا)
وَقَالَ اللَّيْث: الضيطر: اللَّئِيم، قَالَ الراجز:
(صَاح ألم تعجب لذاك الضيطر ... )
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا لَا يغنون غناء: بَنو ضوطرى. وَقَالَ جرير:
(تَعدونَ عقر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى لَوْلَا الكمي المقنعا)
ضرط: قَالَ اللَّيْث: الضراط مَعْرُوف، وَقد ضرط يضرط ضرطا. وَقَالَ اللحياني: من أمثالهم: الْأَخْذ سريطاء، وَالْقَضَاء ضريطاء. قَالَ: وَبَعض يَقُول: الْأَخْذ سريط وَالْقَضَاء ضريط. قَالَ: وتأويله تحب أَن تَأْخُذ وَتكره أَن ترد. وَيُقَال: أضرط فلَان بفلان، إِذا استخف(11/337)
بِهِ وسخر مِنْهُ، وَمن أمثالهم: " كَانَت مِنْهُ كضرطة الْأَصَم "، إِذا فعل فعلة لم يكن فعل قبلهَا وَلَا بعْدهَا مثلهَا، يضْرب لَهُ، قَالَه أَبُو زيد.
ض ط ل
مهمل.
ض ط ن
اسْتعْمل مِنْهُ: ضنط. ضطن.
ضطن: قَالَ اللَّيْث: الضيطن والضيطان: الرجل الَّذِي يُحَرك مَنْكِبه وَجَسَده حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لحم. يُقَال: ضيطن الرجل ضيطنة وضيطانا، إِذا مَشى تِلْكَ المشية. قلت: هَذَا حرف مريب، وَالَّذِي عَرفْنَاهُ مَا روى أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: قَالَ: الضيطان بتحريك الْيَاء، أَي يُحَرك مَنْكِبَيْه وَجَسَده حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لحم. قلت: هَذَا من ضاط يضيط ضيطانا، وَالنُّون فِي الضيطان نون فعلان، كَمَا يُقَال: من هام يهيم هيماناً. وَأما قَول اللَّيْث: ضيطن الرجل ضيطنة، إِذا مَشى تِلْكَ المشية، فَمَا أرَاهُ حفظه الثِّقَات.
ضنط: قَالَ ابْن دُرَيْد: قَالَ أَبُو مَالك: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة الضنط: الضّيق، وَفِي " نَوَادِر أبي زيد ": ضنط فلَان من الشَّحْم ضنطا وَأنْشد:
(أَبُو بَنَات قد ضنطن ضنطا ... )
والضناط الزحام.
ض ط ف
اسْتعْمل من وجوهه: ضفط.
ضفط: فِي حَدِيث عمر: أَنه سمع رجلا يتَعَوَّذ من الْفِتَن، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الضفاطة أتسأل رَبك أَلا يرزقك أَهلا ومالا ". قلت: تَأَول عمر قَول الله جلّ وَعز: {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} [التغابن: 15] ، وَلم يرد فتْنَة الْقِتَال وَالِاخْتِلَاف الَّتِي تموج موج الْبَحْر، وَأما الضفاطة فَإِن أَبَا عبيد عَنى بِهِ ضعف الرَّأْي وَالْجهل. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال مِنْهُ: رجل ضفيط. وَرُوِيَ عَن ابْن سِيرِين أَنه شهد نِكَاحا، فَقَالَ: أَيْن ضفاطتكم؟ فسروه أَنه الدُّف، سمي ضفاطة، لِأَنَّهُ لعب وَلَهو، وَهُوَ رَاجع إِلَى ضعف الرَّأْي وَالْجهل. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضفاط: الأحمق. وَقَالَ اللَّيْث: الضفاط: الَّذِي قد ضفط بسلحه، وَرمى بِهِ. شمر: رجل ضفيط، أَي أَحمَق كثير الْأكل. قَالَ: وَقَالَ بَان شُمَيْل: الضفط: التار من(11/338)
الرِّجَال، والضفاط: الجالب من الأَصْل، والضفاط: الْحَامِل من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة أُخْرَى والضفاطة: الْإِبِل الَّتِي تحمل الْمَتَاع، والضفاط الَّذِي يكْرِي الْإِبِل من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة أُخْرَى. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضفاط الْجمال. وَرُوِيَ عَن عمر: أَنه سُئِلَ عَن الْوتر، فَقَالَ: " أَنا أوتر حِين ينَام الضفطى "، أَرَادَ بالضفطى جمع الضفيط، وَهُوَ الضَّعِيف الرَّأْي. قَالَ: وَعُوتِبَ ابْن عَبَّاس فِي شَيْء فَقَالَ: " هَذِه إِحْدَى ضفطاتي "، أَي غفلاتي.
ض ط ب
اسْتعْمل من وجوهه: ضبط.
ضبط: قَالَ اللَّيْث: الضَّبْط: لُزُوم شَيْء لَا يُفَارِقهُ فِي كل شَيْء، وَرجل ضَابِط: شَدِيد الْبَطْش، وَالْقُوَّة والجسم. وَفِي الحَدِيث: أَنه سُئِلَ عَن الأضبط. قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ الَّذِي يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا، يعْمل بيساره كَمَا يعْمل بِيَمِينِهِ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله. قَالَ أَبُو عبيد: وَيُقَال من ذَلِك للْمَرْأَة: ضبطاء، وَكَذَلِكَ كل عَامل يعْمل بيدَيْهِ جَمِيعًا. وَقَالَ معن بن أَوْس يصف نَاقَة:
(غدافرة ضبطاء تحذي كَأَنَّهَا ... فنيق غَدا تَحْمِي السوام السوارحا)
وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: أعْسر يسر، وَأنْشد ابْن السّكيت يصف امْرَأَة:
(أما إِذا أحردت حردى فمجرية ... ضبطاء تقرب غيلا غير مقروب)
فَشبه الْمَرْأَة باللبؤة الضبطاء نزقا وخفة. ثَعْلَب: عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِذا تبضبطت الضَّأْن شبعت الْإِبِل، وَذَلِكَ أَن الضَّأْن يُقَال لَهَا: الْإِبِل الصُّغْرَى، لِأَنَّهَا أَكثر أكلا من المعزى، والمغزى ألطف أحناكا، وَأحسن إراحة، وأزهد زهدا مِنْهَا، فَإِذا شبعت الضَّأْن فقد أَحْيَا النَّاس لِكَثْرَة العشب، وَمعنى قَوْله: تضبطت: قويت وسمنت. وَيُقَال: فلَان لَا يضْبط عمله، إِذا عجز عَن ولَايَة مَا وليه، وَرجل ضَابِط: قوي على عمله. ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: لعبة للأعراب تسمى الضبطة، والمسة، وَهِي الطريدة.
ض ط م
مهمل. وَأما الاضطمام فَهُوَ افتعال من الضَّم.(11/339)
(أَبْوَاب) الضَّاد وَالدَّال)
ض د ت ض د ظ ض د ذ ض د ث: مهملات.
ض د ر
اسْتعْمل من وجوهه: (رضد) .
رضد: قرأتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَضَدْتُ المتاعَ فارتَضد، ورَضَمتُه فارتضم: إِذا نَضَدّته. قَالُوا: ورَضَمْتُه فارتضم: إِذا كَسَرته فانكسر.
ض د ل. مهمل.
ض د ن:
اسْتعْمل من وجوهه: (نضد، ضدن) .
ضدن: أما ضَدَن فَإِن اللّيثَ أهمله.
وَقَالَ ابنُ دُريد: ضَدَنْتُ الشَّيْء ضَدْناً: إِذا أصلحْتَه وَسهلتَه، لُغَة يمانيّة، تفرّد بِهِ.
نضد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَضَد وضَمَد: إِذا جَمع وضَمّ. ونَضَد الشيءَ بعضَه إِلَى بعض مُتّسِقاً، أَو بعضَه على بعضٍ. والنَّضَدُ: الِاسْم، وَهُوَ من حُرّ المتَاع، يُنَضَّدُ بعضُه فَوق بعض، وَذَلِكَ الموضعُ يُسمّى نَضَداً.
الحَرّانيُّ عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: النَّضَدُ: مصدر نَضَدْتُ المتاعَ أنضِده نضْداً. والنَّضَدُ: متاعُ الْبَيْت، والجميع أنضاد.
قَالَ النَّابِغَة:
خَلَّتْ سبيلَ أَتِيَ كَانَ يَحبِسُه
ورَفّعَتْه إِلَى السِّجْفيْن فالنَّضَدِ
وَفِي الحَدِيث: (أَن الوَحْيَ احْتبسَ أيّاماً فلمّا نزل اسْتَبْطَأَهُ النبيُّ فَذكر أَن احتباسه كَانَ لكَلْب تَحت نَضَد لَهُم) .
قالَ اللَّيْث: النَّضَدُ: السّريرُ فِي بَيت النَّابِغَة، وَهُوَ غلط، إِنَّمَا النَّضَدُ مَا فسّره ابْن السكّيت، وَهُوَ بِمَعْنى المنضود. قَالَ الله جلّ وعزّ: مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} (الْوَاقِعَة: 29) ، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ} (ق: 10) .
قَالَ الفَرّاء: يَعْنِي الكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أكمامه فَهُوَ نضيد، ومعناهُ منضودٌ بعضُه فوقَ بعض، فَإِذا خَرج من أكمامه فَلَيْسَ بنَضِيد.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} : هُوَ الَّذِي نُضِد بالحَمْل من أَوله إِلَى آخِره أَو بالوَرَق لَيْسَ دونَه سُوقٌ بارزة.
وَقيل فِي قَوْله: (إِن الكَلبَ كَانَ تحتَ نَضَدٍ لَهُم) ، أَي: أَنه كَانَ تَحت مِشْجَب(12/5)
نُضّدت عَلَيْهِ الثيابُ والأثاثُ. وسُمّيَ السّريرُ نَضَداً لأنَّ النَّضدَ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: النَّضَدُ: هم الأعمامُ والأخوالُ، قَالَ الْأَعْشَى:
فقوْمُك إنْ يَضمنُوا جَارة
وَكَانُوا بِموضع أنْضادِها
أَرَادَ أَنهم كَانُوا بِموضع ذوِي شرفِها.
وَأما قَول رؤبة يصف جَيْشًا:
إِذا تدانَى لم يُفَرَّج أَجَمُه
يُرْجِف أَنْضادَ الجبالِ هَزَمُه
فَإِن أنضادَ الجبالِ مَا تراصَفَ من حجارتها بَعْضهَا فَوق بعض.
ض د ف
أهمله اللّيْث.
ضفد: وَقَالَ ابْن شُمَيل: المُضْفَئِدُّ من النَّاس وَالْإِبِل: المُنْزَوِي الْجلد، البَطِينُ البادِن.
وَقَالَ الأصمعيُّ: اضْفَأَدَّ الرَّجلُ يَضْفَئِدُّ اضْفِئْداداً: إِذا انتفَخَ من الْغَضَب.
ض د ب: مهمل الْوُجُوه.
ض د م
اسْتعْمل من وجوهه: (ضمد) .
ضمد: قَالَ اللَّيْث: ضَمَدْتُ رَأسه بالضِّماد: وَهِي خِرقَةٌ تُلَفُّ على الرَّأْس عِنْد الادّهان والغَسْل وَنَحْو ذَلِك. وَقد يُوضع الضِّمادُ على الرَّأْس للصُّداع يُضَمَّد بِهِ. قَالَ: والمَضْدُ لغةٌ يمانيةٌ. وَفِي حَدِيث طَلْحَة: (أَنه ضَمَد عينَه بِالصبرِ) .
قَالَ شمِر: يُقَال: ضمَدْتُ الجُرْح: إِذا جَعلتَ عَلَيْهِ الدَّوَاء. وَقَالَ: ضَمّدْتُه بالزَّعْفران وَالصَّبْر، أَي: لطَخْتُه، وضمّدتُ رأسَه: إِذا لَفَفْتَه بِخرقَة.
وَيُقَال: ضَمِد الدّمُ عَلَيْهِ، أَي: يَبِس وقَرِتَ. وأقرأَنا ابْن الْأَعرَابِي للنابغة:
وَمَا هُرِيق على غَرِيّك الضَّمَدُ
وَفَسرهُ فَقَالَ: الضّمَدُ الَّذِي ضُمِّد بِالدَّمِ.
وَقَالَ الغَنَوِيّ: يُقَال: ضَمِد الدمُ على حلْق الشَّاة: إِذا ذُبحت فَسَالَ الدمُ ويَبِس على جِلدها.
وَيُقَال: رَأَيْت على الدَّابَّة ضمْداً من الدّم وَهُوَ الَّذِي قَرَتَ عَلَيْهِ وجَفّ. وَلَا يُقَال: الضَّمَدُ إِلَّا على الدَّابَّة، لِأَنَّهُ يَجِيء مِنْهُ فيَجْمُد عَلَيْهِ.
قَالَ: والغَرِيُّ فِي بَيت النَّابِغَة مُشَبَّهٌ بالدابة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اضْمُدْ عَلَيْك ثِيَابك، أَي: شُدّها. وأَجِدْ ضَمْدَ هَذَا العِدْل.
وَقَالَ ابْن هانىء: هَذَا ضِمَادٌ، وَهُوَ الدَّوَاء الَّذِي يُضَمّدُ بِهِ الْجرْح، وجمعهُ ضَمائد.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: ضَمَدْتُ الجرحَ وغيرَه أضْمِدُه ضَمْداً. قَالَ: والضَّمْدُ أَيْضا: رَطْبُ النَّبْت ويابِسُه: إِذا اختَلطا. يُقَال: الإبلُ تَأْكُل من ضَمْد(12/6)
الْوَادي، أَي: من رَطْبِه ويابسه.
وَيُقَال: أُعْطيك من ضَمْد هَذِه الْغنم، أَي: من صغيرتِها وكبيرتها، ودقيقِها وجَلِيلها.
وَقد أَضْمَدَ العَرْفَجُ: إِذا تَجَوّفَتْه الخُوصة وَلم تَبْدُر مِنْهُ، أَي: كَانَت فِي جَوْفه.
وَيُقَال: ضَمِدَ عَلَيْهِ يَضْمَد ضَمَداً: إِذا غَضِبت عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَسمعت منتعجاً الكلابيّ وَأَبا مَهْدِيّ يَقُولَانِ: الضَّمَدُ: الغابرُ الْبَاقِي من الْحق؛ تَقول: لنا عِنْد بني فلَان ضَمَدٌ، أَي: غابرٌ من حقّ، من مَعْقُلَة أَو دَيْن. قَالَ: والضَّمَدُ: أَن تُخالّ المرأةُ ذاتُ الزّوج رجلا غير زَوجهَا أَو رجلَيْنِ؛ حَكَاهُ عَن أبي عَمْرو، وَأنْشد:
لَا يُخْلِصُ الدهرَ خليلٌ عَشْراً
ذَات الضِّماد أَو يَزُورَ القبْرَا
إِنِّي رأيتُ الضَّمْدَ شَيْئا نُكْراً
قَالَ: لَا يَدُوم رجلٌ على امْرَأَته، وَلَا امرأةٌ على زَوجهَا إلاّ قَدْرَ عَشْرِ ليالٍ للغَدْر فِي النَّاس فِي هَذَا الْعَام، لِأَنَّهُ رأَى النَّاس كَذَلِك فِي ذَلِك الْعَام فوصف مَا رأَى. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
أرَدْتِ لَكَيْمَا تَضْمُدِيني وصاحِبي
أَلا لَا أحِبِّي صاحِبي ودَعِيني
قَالَ: والضَّمَدُ: بِفَتْح الْمِيم فِي الأَصْل وَاللِّسَان الحقد. يُقَال: ضَمِد عَلَيْهِ يَضمِد فِي الأَصْل وَاللِّسَان ضَمَداً، قَالَ النَّابِغَة:
وَمن عصاكَ فعاقِبْه معاقبةً
تنهي الظَّلومَ وَلَا تَقْعد على ضَمَدِ
سلمةُ عَن الْفراء قَالَ: الضِّماد: أَن تصادق المرأةُ اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي القَحْط لتأكُلَ عِنْد هَذَا وَهَذَا لتَشْبَع، وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) الضَّاد وَالتَّاء)
ض ت ظ ض ت ذ ض ت ث ض ت ر ض ت ل: مهملات.
ض ت ن
(نتض) : قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَتَض المحارُ نَتُوضاً: إِذا خرج بِهِ داءٌ فأثار القُوَباءَ ثمَّ تقشَّر طرائق بَعْضهَا من بعض. قَالَ: وأَنْتَضَ العُرْجون وَهُوَ شَيْء طَوِيل من الكَمْأَة يَنْقشر أعاليه، وَهُوَ ينتضِ عَن نفسِه كَمَا ننتض الكَمْأَةُ الكَمْأَةَ، والسنُّ السنَّ إِذا خرجتْ فرفعتْها عَن نَفسهَا؛ لم يَجِيء إلاّ هَذَا.
قلت: هَذَا صَحِيح، وَقد سمعتُ نَحوا مِنْهُ من العَرَب.
وَقَالَ أَبُو زيد: من مُعاياة الْعَرَب قولُهم: ضأنٌ بذِي تُنَاتِضَهُ تقطع رَدْغَةَ المَاء بعَنَقٍ وإرخاء. قَالَ: يسكِّنُون الرَّدْغة فِي هَذِه الْكَلِمَة وَحدهَا.
ض ت ف، ض ت ب، ض ت م: مهملات.(12/7)
وأهملت (الضَّاد مَعَ الظَّاء و) الضَّاد مَعَ الذَّال إِلَى آخر الْحُرُوف.
(أَبْوَاب) الضَّاد والثاء)
ض ث ر ض ث ل ض ث ن ض ث ف: مهملات.
ض ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: (ضبث) .
ضبث: قَالَ اللَّيْث: الضَّبْثُ: قَبضك بكفِّك على الشَّيْء. والناقةُ الضَّبُوث: الَّتِي يُشَكّ فِي سِمَنها وهُزالها حَتَّى تُضبثَ بِالْيَدِ؛ أَي: تُجَسّ بِالْيَدِ. وَقَالَ ابْن شُميْل: الضَّبْثَةُ من سِمات الْإِبِل إِنما هِيَ حَلْقَةٌ ثمَّ لَهَا خطوطٌ من وَرائها وقُدّامها، يُقَال: بعير مَضْبُوثٌ، وَبِه الضَّبْثَة وَقد ضَبَثه ضَبْثاً، وَيكون الضَّبْث فِي الْفَخْذ فِي عُرْضها.
أَبُو عبيد عَن الكِسائي: الضَّبْثُ: الضَّربُ، وَقد ضُبِث بِهِ.
وَقَالَ شَمِر: ضَبَث بِهِ: إِذا قَبَض عَلَيْهِ وأَخَذَه، ورَجل ضُبَاثيّ: شديدُ الضَّبْثة، أَي القبضة، وأَسَدٌ ضُبَاثيٌّ. وَقَالَ رؤبة:
وَكم تخطّتْ من ضُبَاثيَ أضِمْ
ض ث م
(ضثم) : قَالَ اللّيث: الضَّيْثَم: اسمٌ من أَسمَاء الأسَد، فَيْعَل من ضَثَم.
قلت: لم أسمَع ضَيْثَم فِي أَسمَاء الْأسد بِالْيَاءِ، وَقد سمعتُ ضَبْثَم بِالْبَاء، وَالْمِيم زَائِدَة، أَصله مِنَ الضَّبْث، وَهُوَ القَبْض على الشَّيْء، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) الضَّاد وَالرَّاء)
ض ر ل: مهمل.
ض ر ن: اسْتعْمل مِنْهُ: (نضر، رضن) .
نضر: روَيْنا عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (نَضَّر الله عبدا سَمِعَ مَقالتي فوَعاها، ثمَّ أدّاها إِلَى من لم يَسْمَعْها) .
قَالَ شَمِر: رَوَى الرُّواةُ هَذَا الحرفَ بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ: ورُوِي عَن أبي عُبيدة بِالتَّخْفِيفِ، وفسّره فَقَالَ: جعله الله ناضراً. قَالَ: ورُوِي عَن الْأَصْمَعِي فِيهِ التَّشْدِيد، نضَّر الله وجهَه؛ وَأنْشد:
نَضَّر الله أعظُماً دَفَنُوها
بِسِجِسْتانَ طَلحةَ الطَّلَحاتِ
وَأنْشد شَمِر قولَ جرير:
والوجْهُ لَا حَسَناً وَلَا مَنْضورا
لَا يكون إلاّ مِن: نَضَرَه الله بِالتَّخْفِيفِ، وفسّره وَقَالَ شَمِر: وسمعتُ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: نَضَره اللَّهُ فَنَضر يَنْضُر، ونَضِر يَنْضَر.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَضَر الله وجْهَه، ونَضِر وأنضَر، ونَضره الله بِالتَّخْفِيفِ، وأَنْضر.(12/8)
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الاَْخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} (الْقِيَامَة: 22) ، قَالَ مُشرِقةٌ بالنعيم: قَالَ: وَقَوله: {) يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ} (المطففين: 24) ، قَالَ: بَريقُه ونَداه.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله تَعَالَى: {الاَْخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا} (الْقِيَامَة: 22، 23) قَالَ: نَضَرتْ بنعيم الْجنَّة، والنَّظرِ إِلَى رَبهَا جلّ وعزّ.
قلتُ: وَمعنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نَضّرَ الله عبدا) ، أَي: نعَّم الله عبدا. والنَّضرةُ: النِّعمة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أخْضَر ناضِرٌ: مَعْنَاهُ: ناعم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النّاضِرُ فِي جَمِيع الألوان.
قلتُ: كَأَنَّهُ يُجيز أَن يُقَال: أبيضُ ناضرٌ، وأخضرُ ناضرٌ، وأحمرُ ناضرٌ، وَمَعْنَاهُ: الناعم الَّذِي لَهُ بَريقٌ من رَفِيفه ونَعْمته.
وَقَالَ اللّيثُ: نَضَر اللّوْنُ وَالْوَرق والشجرُ يَنْضُر نَضْرةً ونُضوراً ونَضارةً، وَهُوَ ناضرٌ: حَسَنٌ. وَقد نَضَره الله وأنضره.
وَيُقَال: جارِيَةٌ غَضّةٌ نضرةٌ، وغلامٌ غَضٌّ نضِير. وَقد أنْضر الشجرُ: إِذا اخضَرّ ورقُه؛ وَرُبمَا صَار النَّضْر نعتاً، يُقَال: شيءٌ نَضْرٌ ونَضير وناضر. وَيُقَال: أخضرُ ناضِر، كَمَا يُقَال: أبيضُ ناصِعٌ.
أَبُو عبيد: النّضِيرُ: الذّهَب.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِذا جُرِّدتْ يَوْمًا حسِبْت خَمِيصةً
عَلَيْهَا وجِرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامصا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّضْرةُ: السَّبيكةُ من الذّهَب. والنَّضْرة: نعيمُ الْوَجْه.
ابْن شُمَيل عَن أبي الهُذَيل: نَضر الله وجهَه، ونَضر وجهُه سَوَاء.
أَبُو عَمْرو: وَهُوَ النُّضار والنَّضْر والنَّضِير لِلذَّهَبِ. وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم: لَا بأسَ أَن يشرب فِي قَدَح النُّضار.
قَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: معنى النضار هَذِه الأقداحُ الحُمُر الجيشانيّة، سُمِّيت نُضاراً. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النُّضار: النَّبْع. قَالَ: والنُّضارُ: شجرُ الأثْل. والنُّضارُ: الخالصُ من كل شَيْء. وَقَالَ يحيى بن نُجيم: كلُّ أثْلٍ ينْبت فِي جَبَل فَهُوَ نُضَار.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تراموْا بِهِ غَرَباً أَو نُضاراً
وَقَالَ المُؤَرِّج: النُّضار من الْخلاف يُدفَن خشبُه حَتَّى يَنْضر، ثمَّ يعْمل فَيكون أمكنَ لعامله فِي تَرْقيقه. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
نُقِّح جِسمي عِنْد نُضار العُودِ
بعد اضْطِرَاب العُنُق الأُمْلُودِ
قَالَ: نُضاره حُسْنُ عُودِه، وَأنْشد:
القَوْمُ نَبْع ونُضارٌ وعُشَرْ
وَزعم أَن النُّضار تُتَّخَذ مِنْهُ الْآنِية الَّتِي(12/9)
يُشْرب فِيهَا. قَالَ: وَهِي أجوَدُ العِيدان الَّتِي يُتَّخذ مِنْهَا الأقداح.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّضارُ: الخالصُ من جَوْهر التِّبر والْخشب؛ وَجمعه أنْضر. يُقَال: قَدحٌ نُضار، يُتَّخذ من أَثْلٍ وَرْسِيّ اللَّوْن يكون بالغَوْر. قَالَ: وذهبٌ نُضارٌ؛ صَار هَهُنَا نعتاً. والنَّضْرُ: الذهبُ، وَجمعه أنْضر. وَأنْشد:
كَناحِلَةٍ من زَيْنها حَلْيَ أنْضُرٍ
بِغَيْر نَدى مَن لَا يُبَالي اعْتِطالها
رضن: قَالَ اللَّيْث: المرْضُون: شِبْه المنْضُود من حِجَارَة أَو نحوِ ذَلِك، يُضَمّ بعضُها إِلَى بعض فِي بِنَاء أَو غَيره. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رُضِن على قَبْره، وضُمِد ونُضِدَ ورُثِدَ، كلُّه وَاحِد.
ض ر ف
ضفر، ضرف، فرض، (رفض) ، رضف: مستعملة.
ضفر: قَالَ الليثُ: الضفْرُ: حِقْفٌ من الرَّمْل عَرِيضٌ طويلٌ؛ وَمِنْهُم من يُثَقِّل. وَأنْشد:
عَرَانِكٌ من ضَفَرٍ مأْطُورِ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمرو: الضَّفْرة من الرمل: المنعقِّد بعضُه على بعض؛ وَجمعه ضَفِر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَفَر وضَفَر: إِذا وَثَب فِي عَدْوِه وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عَمْرو: وَفِي حَدِيث عليّ: (أَن طَلْحَة بن عُبيد الله نازعه فِي ضَفِيرة وَكَانَ عليٌّ ضَفَرها فِي وادٍ، وَكَانَت إِحْدَى عُدْوَتَي الْوَادي لَهُ، والأُخرى لطلْحَة؛ فَقَالَ طَلْحَة: حَمَل علَى السُّيول وأَضَرَّ بِي) .
قَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنّاة المستطيلة فِي الأَرْض، فِيهَا خَشَبٌ وحجارة؛ وَمِنْه الحَدِيث: (فَقَامَ على ضَفِير السُّدّة) .
قلت: أُخِذت الضَّفيرةُ من الضَّفْر، وَهُوَ نَسجٌ قَوِيُّ الشّعر وإدخالُ بعضه فِي بعض مُعْتَرضًا؛ وَمِنْه قيل للبِطَان المُعَرَّض: ضَفْرٌ وضَفِير.
وَيُقَال للذُّؤابة: ضَفِيرة: وكلُّ خصلةٍ من خُصَل الشّعرِ تُضْفَر قُواها فَهِيَ ضفيرة وَجَمعهَا ضفائر. وَفِي حَدِيث أمّ سَلَمة أَنَّهَا قَالَت للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنِّي امْرَأَة أشُدّ ضَفْرَ رَأْسِي أفأنقضُه للغُسْل؟) فَقَالَ: (إِنَّمَا يَكفيك ثلاثُ حَثَيَاتٍ من المَاء) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الضفائر والضمائر والجمائر، وَهِي غدائر الْمَرْأَة، واحدتها ضَفيرة وضَميرة وجَميرة. وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: تضافر القومُ على فلَان، وتظافروا عَلَيْهِ، وتظاهروا بِمَعْنى وَاحِد، كلّه إِذا تعاونوا وتجمّعوا عَلَيْهِ وتضابَرُوا عَلَيْهِ مثلُه.(12/10)
قَالَ أَبُو زيد: الضفيرتان للرِّجَال دون النِّسَاء، والغدائرُ للنِّسَاء.
ضرف: ثَعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضَّرِفُ: شجرُ التِّين، وَيُقَال لثمرة البَلَس؛ الواحدةُ ضَرفة.
قلت: وَهَذَا غَرِيب.
رضف: قَالَ اللّيث: الرَّضْفُ: حجارةٌ على وَجه الأَرْض قد حَمِيَتْ. وشِواءٌ مَرضوفٌ: يُشْوَى على تِلْكَ الْحِجَارَة. والحَمَلُ المرضوفُ: تُلْقَى تِلْكَ الحجارةُ إِذا احْمَرَّتْ فِي جَوْفه حَتَّى ينشوي الحَمَل.
والرَّضْفَةُ: سِمَةٌ تُكْوَى برضفةٍ من حِجَارَة حيثُما كَانَت.
والرَّضْفُ: جِرْمُ عظامٍ فِي الرُّكْبة، كالأصابع المضمومة قد أخذَ بعضُها بَعْضًا؛ والواحدة رَضْفَةٌ. وَمِنْهُم من يُثَقِّل فَيَقُول: رَضَفة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبيدة: جَاءَ فلانٌ بمُطْفِئَة الرّضْف.
وَقَالَ اللَّيْث: مُطْفِئةُ الرَّضْف: شَحْمةٌ إِذا أَصَابَت الرَّضْفَة ذَابَتْ فأخْمَدَته.
قَالَ: وأصلُها أَنَّهَا داهيةٌ أنْسَتْنا الَّتِي قبلهَا فأطفأتْ حرّها.
قلت: والقولُ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الأصْمَعِيّ: الرَّضْفُ: الحجارةُ المُحْماة بالنَّار أَو الشَّمْس؛ واحدتُها رَضْفة. قَالَ الكُمَيْت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَّطَّاسِيِّ واحذَرُوا
مُطَفِّئَةَ الرَّضْفِ الَّتِي لَا شِويَ لَهَا
قَالَ: وَهِي الحيّةُ الَّتِي تمُرُّ على الرّضْف فيُطْفِىءُ سَمُّهُ نارَ الرّضف.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الرّضْفُ: حجارةٌ يُوقَد عَلَيْهَا حَتَّى إِذا صَارَت لَهَباً أُلْقِيَتْ فِي القِدْرِ مَعَ اللَّحْم فأنْضَجَتْه. وَقَالَ الكُمَيْت:
ومَرْضُوفةٍ لم تُؤْنِ فِي الطَّبْخ طاهياً
عَجِلتُ إِلَى مُحْوَرِّها حِين غَرْغَرَا
وَفِي حَدِيث حُذيفة أَنه ذكر فِتَناً فَقَالَ: (أتتكم الدُّهَيْماءُ تَرْمِي بالنَّشَف، ثمَّ الَّتِي تَلِيهَا تَرْمي بالرَّضْف) .
قلت: وَرَأَيْت الْأَعْرَاب يَأْخُذُونَ الحجارةَ فيُوقدون عَلَيْهَا فَإِذا حَمِيَت رَضَفُوا بهَا اللّبن الحَقِين الَّذِي قد بَرَد. ورُبّما رَضَفُوا الماءَ للخيل إِذا بَرَد الزّمان.
قَالَ النَّضرُ فِي كتاب (الْخَيل) : وَأما رَضْفُ رُكبَتَيِ الفرسِ فَمَا بَين الكُراع والذّراع، وَهِي أعظمٌ صغارٌ مجتمعةٌ فِي أَعلَى رأسِ الذِّرَاع.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعت أعرابيّاً يصف الرضائف وَقَالَ: يُعمَد إِلَى الْجَدْيِ فيُلْبَأُ من لبن أمّه حَتَّى يمتلىء ثمَّ يذبح فيُزَقَّق من قِبل قَفاهُ، ثمَّ يُعمَد إِلَى حِجَارَة فتُحرق بالنَّار، ثمَّ تُوضَع فِي بَطْنه حَتَّى يَنْشويَ.(12/11)
وَأنْشد بَيت الكُميت الَّذِي كتبناه.
فرض: قَالَ الله عز وجلّ: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} (النُّور: 1) ، وقُرىء: (وفَرَّضناها) فَمن خفّف أَرَادَ: ألزمناكم العملَ بِمَا فُرِض فِيهَا. وَمن شدد فعلى وَجْهَيْن: أَحدهمَا على التكثير على معنى: إنّا فرَضنا فِيهَا فُروضاً؛ وَيكون على معنى بيّنا وفصّلنا مَا فِيهَا من الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (التَّحْرِيم: 2) ، أَي: بيّنها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَرْضُ: الحَزُّ فِي القِدْح وَفِي الزَّنْد وَفِي البُسْر وَغَيره. قَالَ: وَمِنْه فرضُ الصَّلَاة وَغَيرهَا إِنَّمَا هُوَ لازمٌ للْعَبد كلزوم الحَزّ للقِدْح. قَالَ: والفَرضُ ضربٌ من التَّمْر؛ وَأنْشد:
إِذا أكلتُ سمكًا وفَرْضاً
قَالَ: والفَرْض: الهِبَة. يُقَال: مَا أَعْطَانِي قَرضاً وَلَا فَرْضاً.
قَالَ: والفَرْضُ: الْقِرَاءَة. يُقَال: فرَضْتُ جُزئي، أَي: قرأتُه.
قَالَ: والفَرضُ: السُّنة. فرَض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: سنّ.
وَقَالَ غَيره: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: أوجب وجوبا لَازِما. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر.
أَبُو عُبَيْد: الفَرضُ: التُّرسُ.
وَأنْشد:
أرِقْتُ لَهُ مِثلَ لَمْعِ البَشير
قَلَّبَ بالكَفِّ فَرضاً خَفيفَا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (الْبَقَرَة: 197) ، أَي: أوجبه على نَفسه بإحرامه.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْضُ: جُنْدٌ يَفترِضون.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: فرض لَهُ فِي الْعَطاء يَفرِض فَرضاً. قَالَ: وأفرض لَهُ: إِذا جعل لَهُ فَرِيضَة.
والفَرْضُ: مصدر كلِّ شيءٍ تَفْرِضه فتوجبه على إِنْسَان بقدْرٍ مَعْلُوم؛ وَالِاسْم الْفَرِيضَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: فَرَض مِسواكه فَهُوَ يَفرضُه فَرضاً: إِذا قَرضه بِأَسْنَانِهِ.
قَالَ: والفارِضُ: الضَّخْمُ من كلّ شَيْء؛ الذَّكَر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء، وَلَا يُقَال: فارضةٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ} (الْبَقَرَة: 68) .
قَالَ الفرّاء: الفارِضُ: الهَرِمةُ، والبِكر: الشَّابَّةُ.
وَيُقَال من الفارض: فَرَضَتْ وفَرُضَت، وَلم يُسمع بِفَرَضَ.
وَقَالَ الْكسَائي: الفارض: الكبيرةُ الْعَظِيمَة؛ وَقد فَرَضت تفرِض فُروضاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفارض: الْكَبِير.(12/12)
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الفارضُ: المُسِنّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفُرْضةُ: المَشْرَعةُ، وجمعُها فِراض. يُقَال: سَقَاهَا بالفِراض؛ أَي: من فُرْضَة النَّهر. والفُرْضةُ: هِيَ الثُّلْمةُ الَّتِي تكون فِي النَّهر. وفُرضَةُ القوْس: الحَزُّ الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الوَتر. وفرضةُ الزَّنْد: الحَزُّ الَّذِي فِيهِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ عَن أبي الهيْثم أَنه قَالَ: فرائضُ الْإِبِل: الَّتِي تَحت الثَّنِيِّ والرُّبُع.
يُقَال للقَلُوص الَّتِي تكون بنتَ سنةٍ وَهِي تُؤْخَذ فِي خمس وَعشْرين: فريضةٌ. وللتي تُؤْخَذ فِي سِتّ وَثَلَاثِينَ وَهِي بنت لبون بنت سنتَيْن: فريضةٌ. وللتي تُؤْخَذ فِي سِتّ وَأَرْبَعين وَهِي حِقّةٌ وَهِي بنتُ ثلاثِ سِنِين: فريضةٌ، وللتي تُؤخذ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ: جَذَعَةٌ، وَهِي فريضتُها، وَهِي بنتُ أَربع سِنِين؛ فَهَذِهِ فرائضُ الْإِبِل.
وَقَالَ غَيره: سُمِّيت فَرِيضَة لِأَنَّهَا فُرِضَتْ، أَي: أُوجِبت فِي عددٍ مَعْلُوم من الْإِبِل، فَهِيَ مَفروضةٌ وفريضة، وأُدخِلت الْهَاء فِيهَا لِأَنَّهَا جُعلت اسْما لَا نعتاً.
وَقَالَ الليثُ: لِحْيَةٌ فارضةٌ: إِذا كَانَت ضخمةً.
وَيُقَال: أضمر عَلَيَّ ضِفْناً فارضاً، وضفينَةً فارضاً بِغَيْر هاءٍ، أَي: عَظِيما كَأَنَّهُ ذُو فَرْض، أَي: حَزّ. وَقَالَ الرّاجز:
يَا رُبَّ ذِي ضِفْن عليّ فارض
ورجالٌ فُرَّضٌ ضخام، واحدُهم فارض.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الفَرْض: العَطِيَّة وَقد أفرضتُه إفراضاً.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: مَا لَهُم إِلَّا الفريضتان، وهما الجَذَعةُ من الْغنم، والحِقّةُ من الْإِبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لذَكَر الخَنَافس: المُفَرَّض والحَوّازُ والكَبَرْتَلُ.
أَبُو عبَيد: يُقَال للرجل إِذا لم يكن عَلَيْهِ ثوب: مَا عَلَيْهِ فِرَاض. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: مَعْنَاهُ: مَا عَلَيْهِ سِتر.
رفض: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْضُ: تركُك الشيءَ، تَقول: رفَضَني فرفَضتُه. قَالَ: وَالرَّوَافِض: جنودٌ تركُوا قائدَهم وَانْصَرفُوا، فكلّ طَائِفَة مِنْهُم رافضة. والنَّسَب إِلَيْهِم رافِضِيّ.
وَذكر عُمر بن شَبَّة عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: سُمُّوا رافضةً لأَنهم كَانُوا بَايعُوا زيدَ بنَ عليّ ثمَّ قَالوا لَهُ: ابْرَأْ من الشَّيْخَيْن نُقاتلْ مَعَك، فَأبى، وَقَالَ: كانَا وزيرَيْ جَدِّي، فَلَا أَبرَأُ مِنْهُمَا، فرفَضوه وارْفَضُّوا عَنهُ، فسُمُّوا رافضة.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: فِي القِرْبةِ رَفْضٌ من المَاء، وَفِي المَزادة رَفضٌ من المَاء، وَهُوَ الماءُ القليلُ، هَكَذَا رَفْض بِسُكُون الْفَاء.
وأمّا أَبُو عُبَيد فَإِنَّهُ رَوَى عَن أبي زيد أَنه قَالَ: فِي القِرْبة رَفَضٌ من مَاء وَمن لَبَن مثل الجُزْعة، وَقد رَفَّضْتُ فِيهَا تَرْفيضاً.(12/13)
قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: الرَّفَض: الماءُ الْقَلِيل. وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: رَفَضْتُ إبلي أَرْفِضُها رفضاً: إِذا تركتَها وخلّيتَها وتركتَها تَبَدَّد فِي مَرعاها وتَرعَى حَيْثُ أحبّت، وَلَا تَثْنِيها عَن وجهٍ تريده، وَهِي إبلٌ رافضة، وإبلٌ رافِض وإرْفاض رَفَضتْ تَرفِض، أَي: ترعَى وحدَها والراعي يُبصِرها قَرِيبا مِنْهَا أَو بَعيدا لَا تُتعِبُه وَلَا يَجمعها، وَقَالَ الراجز:
سَقْياً بحيثُ يُهمَل المُعَرَّض
وحيثُ يَرْعَى وَرَعِي وأرفِضُ
وَقَالَ غَيره: رُمحٌ رَفيض: إِذا تقصَّد وتكسَّر. وَأنْشد:
ووَالَى ثَلَاثًا واثنتَيْن وأربعاً
وغادرَ أُخرى فِي قناةِ رَفِيضِ
وارفَضّ الدمعُ ارفِضَاضاً: إِذا تتابَع سَيَلانُه وقَطَرانه، وَيُقَال: راعٍ وقُبَضَةٌ رُفَضَة، فالقُبَضَة. الَّتِي يسوقُها ويجمَعُها، فَإِذا صَارَت إِلَى الْموضع الَّذِي تحبه وتهواه تركَها ترعَى كَيفَ شَاءَت، فَهِيَ إبلٌ رَفَضٌ.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: القومُ رَفَضٌ فِي الْبيُوت، أَرَادَ أَنهم تفرّقوا فِي بيوتِهم.
والناسُ أَرُّفاض فِي السَّفر، أَي: متفرِّقون وَيُقَال: لشَرَك الطَّرِيق إِذا تفرّقتْ. رِفَاضٌ. وَقَالَ رُؤْبة:
بالعِيسِ فوقَ الشَّرَك الرِّفَاض
وَهِي أخاديدُ الجادّة المتفرِّقة. ومَرافِض الأَرْض: مَساقِطُها من نواحي الْجبَال ونحوِها الْوَاحِد مَرْفَض. وترفَّض الشيءُ: إِذا تكسَّر.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أَرفَض القومُ إبلَهم: إِذا أرسلوها بِلَا رِعاء، وَقد رفَضَت الإبلُ إِذا تفرّقتْ.
ض ر ب
ضرب، ضبر، رضب، ربض، برض، بضر: مستعملة.
ضرب: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضَّربُ: الشكْلُ فِي القَدّ والخَلْق.
الحرّانيّ عَن ابْن السِّكِّيت قَالَ: الضَّربُ الصِّنف من الْأَشْيَاء؛ يُقَال: هَذَا من ضَربِ ذَاك، أَي: من نَحوه، وجمعُه ضروب. قَالَ: والضَّربُ: الرجلُ الْخَفِيف اللَّحم. وَأنْشد قَول طرَفة:
أَنا الرجلُ الضَّرْب الَّذِي تعرفونه
خَشَاشٌ كرأْسِ الحيَّة المتوقِّدِ
قَالَ: والضربُ: مصدر ضربتُه ضَرْباً. وضربْتُ فِي الأَرْض: أَبتغِي الخيرَ من الرِّزق. وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الاَْرْضِ} (النِّسَاء: 101) ، أَي: سافرتُم.
والضرْبُ أَيْضا من المطَر: الخفيفُ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (حَكِيمٌ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ(12/14)
الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً} (الزخرف: 5) ، مَعْنَاهُ: أفنضرب القرآنَ عَنْكُم وَلَا ندعوكم إِلَى الْإِيمَان بِهِ صَفْحاً، أَي: معرضين عَنْكُم. أقامَ (صفحاً) وَهُوَ مَصدر مقَام صافِحين، وَهَذَا تقريعٌ لَهُم وإيجابُ الْحجَّة عَلَيْهِم وَإِن كَانَ لفظُه لفظَ اسْتِفْهَام.
وَيُقَال: ضرَبْتُ فلَانا عَن فلَان، أَي: كفَفْتُه عَنهُ، فأَضرَبَ عَنهُ إضراباً: إِذا كفّ وَالْأَصْل فِيهِ: ضرْبُ الرجل دابّتَه أَو راحلتَه عَن وجهٍ نَحَاهُ: إِذا صرفه عَن وجهٍ يُريدهُ، وَكَذَلِكَ قَرَعه وأقْرَعه مثلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: أضرَبَ فلانٌ عَن الْأَمر فَهُوَ مُضرِب: إِذا كَفَّ. وَأنْشد:
أصبحتُ عَن طلب المعيشةِ مُضرِباً
لمَّا وثِقتُ بِأَن مالَكَ مَالِي
قَالَ: والمُضرِب: المقيمُ فِي الْبَيْت، يُقَال: أضرَب فلانٌ فِي بَيته، أَي أَقَامَ فِيهِ. وَيُقَال: أضرَبَ خُبْزُ المَلَّة فَهُوَ مُضْرِب: إِذا نَضج وآن لَهُ أَن يُضرَب بالعصا. ويُنفَض عَنهُ رمادُه وترابُه.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف خُبْزةً:
ومضروبةٍ فِي غير ذنبٍ بريئةٍ
كسرتُ لِأَصْحَابِي على عَجَلٍ كسراً
ابْن السّكيت: يُقَال: أضْرب عَن الْأَمر إضراباً. أضْرب فِي بَيْته: إِذا أَقَامَ؛ حَكَاهَا أَبُو زيد. قَالَ: وسمعتُها من جمَاعَة من الْأَعْرَاب.
وَقد أَضرب الرجُل الفَحل الناقةَ يُضْرِبها إضراباً، فضربها الفحلُ يَضربها ضَرْباً وضِراباً وَقد ضَرب العِرق يضْرب ضرباناً وَضَرب فِي الأَرْض ضَرباً.
وَقَالَ اللّيث: ضَربتِ المخَاضُ: إِذْ شالتْ بأَذنابها، ثمَّ ضَربتْ بهَا فُروجها ومَشَت؛ فَهِيَ ضَوَارِبُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ناقةٌ ضَارب: وَهِي الَّتِي تكون ذَلُولاً، فَإِذا لَقِحَتْ ضربَتْ حالِبهَا من قُدّامها؛ وَأنْشد:
بأَبْوَالِ المخَاضِ الضَّوَارِبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرَادَ جمع ناقةٍ ضارِب؛ روَاه ابنُ هانىء.
وَقَالَ اللّيث: ضربَ يَده إِلَى عمل كَذَا، وَضرب على يَدِ فلَان: إِذا مَنعه عَن أمرٍ أَخذ فِيهِ؛ كَقَوْلِك: حَجَرَ عَلَيْهِ.
قَالَ: والطَّيْر الضَّوارب: المخترقاتُ فِي الأَرْض؛ الطالباتُ أرزاقَها.
وَضرب الدهرُ من ضربَاته، إِن كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وضربَ العِرْق ضربا وضربَاناً: إِذا آلمه. وَقَالَ: الضَّريبةُ: كلُّ شَيْء ضَربته بسَيْفك من حَي أَو ميِّت؛ وأَنشد لجرير:
وَإِذا هَزَزْتَ ضريبةً قطَّعتها
فضيْتَ لَا كَزِماً وَلَا مَبْهُوراً(12/15)
وَقَالَ ابْن السّكيت: الضّريبة: الصُّوف أَو الشَّعر يُنفش ثمَّ يُدْرَج ليُغزَل؛ فَهِيَ ضرائبُ والضريبةُ: الخليقة؛ يُقَال: خُلق الإنسانُ على ضَرَائِب شَتَّى، وقولُ الله عزّ وجلّ: {فَضَرَبْنَا عَلَىءَاذَانِهِمْ فِى الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} (الْكَهْف: 11) ، مَعْنَاهُ: أَنمنَاهم. وَالْأَصْل فِي ذَلِك: أنَّ النَّائِم لَا يسمَع إِذا نَام، وَفِي الحَدِيث (فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتِهِم) ، أَي: نَامُوا فَلم ينتبهوا. والصِّماخ: ثَقْب الأُذُن.
وَيُقَال: ضرب الْبَعِير جهَازه: وَذَلِكَ إِذا نَفَرَ فَلم يَزلْ يَلتبط يَنْزُو حَتَّى طَوَّحَ عَن ظَهره كلَّ مَا عَلَيْهِ من أدَاته وحِمْله.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضُربت الأَرْض وجُلدت وصُفِعت، وَقد ضرِب البَغْلُ وجَلِدَ وصَقِع.
قَالَ: وأضربَ الناسُ وأُجلدوا وأُصقعوا كلّ هَذَا من الضّريب والصقيع والجليد الّذي يقعُ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللّيث: أَضربت السَّمائمُ المَاء حَتَّى أنشفته الأرضُ. والرِّيحُ والبَرْد يُضرب النباتَ إضراباً، وَقد ضرب النباتُ ضربا فَهُوَ نباتٌ ضرب، أضرَّ بِهِ البَرْد.
أَبُو زيد: أرضٌ ضربةٌ: إِذا أصابَها الجَليدُ فَأحرق نباتهَا. وَقد ضَربت الأرضُ ضَرباً، وأَضربهَا الضّريب إضراباً.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا صُبَّ بعضُ اللّبن على بعض فَهُوَ الضريب.
قَالَ: وَقَالَ بعض أهل الْبَادِيَة: لَا يكون ضريباً إلاّ مِنْ عِدّةٍ من الْإِبِل، فَمِنْهُ مَا يكون رَقيقاً، وَمِنْه مَا يكون خاثراً.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَمَا كنتُ أَخشى أَن تكونَ منيّتي
ضَريبَ جلاد الشَّوْلِ خَمْطاً وصافِيا
وَذكر اللَّحياني أسماءَ قِداح المَيْسر الأوّل وَالثَّانِي ثمّ قَالَ: وَالثَّالِث الرَّقيب، وبعضُهم يسمِّيه الضَّرِيب؛ وَفِيه ثَلَاثَة فُروض، وَله غُنْم ثَلَاثَة أنصباءَ إِن فازَ، وَعَلِيهِ غُرْمُ ثَلَاثَة أنصباء إِن لم يَفُز.
وَقَالَ غيرُه: ضَريبُ القِداح هُوَ الموكَّل بهَا، وأَنشدَ للكُمَيت:
وعَدَّ الرَّقيبُ خِصالَ الضريبِ
لَا عَنْ أَفَانِينَ وَكْساً قِمارَا
وَيُقَال: فلَان ضَريبُ فلَان، أَي: نظيرُه.
قَالَ: والضريبُ: الشَّهِيد؛ وَأنْشد بعضُهم قَول الجميح يَمدَح قوما:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكأسِ فيهمْ إِذا انْتَشَوْا
دَبيبَ الدُّجى وَسْطَ الضريب المُعَسّلِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: الضربُ: العسلُ الأبْيض الغليظ؛ يُقَال: قد استضرب العسلُ: إِذا غَلُظَ؛ وأَنشَد:
كأَنَّما رِيقَتُه مِسْكٌ عَلَيْهِ ضربُ
والضرَبُ: يُذكَّر ويؤنَّث، وَقَالَ الهذَلي فِي تأنيثه:(12/16)
فَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ يأوِي مَلِيكُها
إِلَى طُنُفٍ أَعيَا بِرَاقٍ ونازِلِ
وَقَالَ اللَّيْث: الاضطرابُ: تَضرُّبُ الوَلَد فِي البَطْن. وَيُقَال: اضطَرب الحَبْلُ بَين الْقَوْم: إِذا اختلفتْ كَلِمتُهم.
ورجلٌ مضطربُ الخَلْق: طويلٌ غيرُ شديدِ الأَسر.
والضَّاربُ: السابح فِي المَاء؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
كأنّني ضاربٌ فِي غَمْرةٍ لَجِبُ
قَالَ: والضَّرْب يَقع على جَمِيع الْأَعْمَال إلاّ قَلِيلا: ضَرْبٌ فِي التّجارة، وَفِي الأَرْض، وَفِي سَبِيل الله.
والضَّريبةُ: الغَلَّة تُضرَب على العَبْد؛ يُقَال: كم ضريبةُ عبدِك فِي كلّ شهر. والضَّريبة: الصُّوفُ يُضرَب بالمِطرَق.
والضَّرِيبة: الطبيعة؛ يُقَال: إِنَّه لكَريم الضَّرائب.
والضَّرائبُ: ضرائبُ الأَرَضين فِي وظائف الخَراج عَلَيْهَا.
والضاربُ: الوادِي الكثيرُ الشجَر؛ يُقَال: عَلَيْك بذلك الضارِب فانْزِلْه؛ وأَنشَد:
لَعمرُك إنّ البيتَ بالضارِبِ الّذي
رأيتَ وَإِن لَم آتِهِ ليَ شائِقُ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَرّبَتْ عَيْنُه وسَدّت وحَجَّلت، أَي: غارت.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الدِّيمةُ: مَطرٌ يَدُوم مَعَ سُكُون؛ والضَرْب فَوق ذَلِك قَلِيلا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المَضارِبُ: الحَيلُ فِي الحُروب. قَالَ: والتّضريبُ: تحريضُ الشُّجاع فِي الحَرْب؛ يُقَال: ضرَبَه وحرَّضه.
قَالَ: والمِضْرَبُ: فُسْطاطُ المَلِك. وَيُقَال: ضَربتْ فِيهِ فلانةُ بِعرْقٍ ذِي أَشَبٍ: إِذا عَرَّقت فِيهِ عِرْقَ سَوْء.
والمُضارَبَة: أَن تعطِيَ إنْسَانا من مالِك مَا يتجّر فِيهِ، على أَن يكون الرِّبْح بَيْنكُمَا؛ وكأنّه مأخوذٌ من الضَّرْب فِي الأَرْض لطَلَب الرِّزق، قَالَ الله تَعَالَى: {وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الاَْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} (المزمل: 20) ، وعَلى قياسِ هَذَا الْمَعْنى. يُقَال لِلْعَامِلِ: ضارِب؛ لأنّه هُوَ الّذي يَضرِبُ فِي الأَرْض.
وجائزٌ أَن يكون كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يُضارِبُ صاحبَه، وَكَذَلِكَ المُقَارِض.
وَقَالَ النَّضر: المُضارِبُ: صاحبُ المَال والّذي يَأْخُذ المالَ كِلَاهُمَا مُضارِب، هَذَا يُضارِبُه وذاكَ يُضارِبُه. وبساطٌ مُضَرَّبٌ: إِذا كَانَ مَخِيطاً وفلانٌ يَضرِب المجدَ، أَي: يَكسِبُه ويَطْلُبه. وَقَالَ الكُمَيت:
رَحْبُ الغِناءِ اضطرابُ المَجدِ رَغْبَتُهُ
والمجدُ أنفعُ مَضْرُوب لِمُضْطَرِبِ(12/17)
وَيُقَال للرّجل إِذا خَافَ شَيْئا فخَرِق فِي الأَرْض جُبْناً: قد ضَرَب بذَقَنه الأَرْض.
وَقَالَ الرّاعي يصف غِرْباناً، خافتْ صَقْراً:
ضَواربُ بالأَذقان مِن ذِي شَكِيمَةٍ
إِذا مَا هَوَى كالنَّيْزَكِ المتوقِّدِ
أَي: مِنْ صَقْر ذِي شَكِيمة، وَهُوَ شدّةُ نَفسه.
وَيُقَال: رأيتُ ضَرْبَ نِساءٍ، أَي: رَأَيْت نسَاء. وَقَالَ الرَّاعِي:
وضَرْبَ نِساءٍ لَو رآهنّ ضارِبٌ
لَهُ ظُلّةٌ فِي قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيَا
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ضَرَبتُ لَهُ الأرضَ كلَّها، أَي: طَلَبْته فِي كلّ الأَرْض. وَيُقَال: جاءَ فلانٌ يَضرِب، أَي: يُسرِع. وَقَالَ المُسيّب:
فإنّ الَّذِي كنتُم تَحذَرونْ
أَتَتْنَا عيونٌ بِهِ تَضرِبُ
قلتُ: ومِن هَذَا قولُ عليّ رَضِي الله عَنهُ حِين ذَكَر فِتنةً. وَقَالَ: فَإِذا كَانَ ذَلِك ضَرَب يَعسوبُ الدِّين بذَنَبه، أَي: أَسرَع الذَّهابَ فِي الأرضِ فِرَارًا من الفِتَن؛ وأنشَدني بعضُهم:
ولكنْ يُجابُ المستغيثُ وخَيْلُهمْ
عَلَيْهَا كُمَاةٌ بالمنِيّة تَضرِبُ
أَي: تُسرِع. يُقَال: جَاءَنَا راكبٌ يَضرِب ويُذَبِّب، أَي: يُسرِع.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال للنّاقة إِذا كَانَت مَهزولةً: مَا يُرِمُّ فِيهَا مَضرَبْ. يَقُول: إِذا كُسِر قَصَبُها لَم يُصَبْ فِيهِ مُخّ. وَيُقَال: مَا لفِلان مَضْرَبُ عَسَلةٍ، وَلَا يُعرَف لَهُ مَضرِبُ عَسَلةٍ: إِذا لم يكن لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوف، وَلَا يُعرف إعراقُه فِي نَسَبه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ضَرَبَ الدهرُ بَيْننَا، أَي: بَعَّد مَا بَيْننَا. وَقَالَ ذُو الرّمة:
فَإِن تَضرِب الأيّامُ يَا مَيَّ بينَنَا
فَلَا ناشِرٌ سِرّاً وَلَا متغيِّرُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَرْبُ الأَرضِ: البولُ والغائطُ فِي حُفَرها.
قَالَ: والضارب: المتحرِّك، والضارِب: الطَّوِيل من كلّ شَيْء؛ وَمِنْه قَوْله:
ورابَعَتْني تحتَ ليلٍ ضارِبِ
وَفِي الحَدِيث: النَّهْيُ عَن ضَرْبة الغائص، وَهُوَ أَن يَقُول الغَائِصُ للتاجر: أغُوص غَوْصَةً فَمَا أخرجتُه فَهُوَ لَك بِكَذَا؛ فيتَّفقان على ذَلِك، ونَهَى عَنهُ لأنّه غَرَر، وقولُ الله جلّ وعزّ: {إِمَامٍ مُّبِينٍ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ} (يس: 13) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى قَوْله: {وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً} : اذْكُرْ لَهُم مَثَلاً.
وَيُقَال: عِنْدي من هَذَا الضَّرْب، أَي: على هَذَا المِثال. فَمَعْنَى: {اضْرِب لَهُم مثلا: مَثِّل لَهُم مَثَلاً.
قَالَ: و (مَثَلاً) منصوبٌ لأنّه مفعولٌ بِهِ. ونَصَب قولَه: (أَصْحَاب القَرْية) لأنّه بَدَلٌ(12/18)
من قَوْله: (مَثَلاً) ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: اذكرْ لَهُم أصحابَ القَرْية، أَي: خَبَر أصحابَ القَرْية.
رضب: قَالَ اللَّيْث: الرُّضابُ: مَا يَرْضُبُ الإِنسانَ مِن رِيقه؛ كأنّه يمتصّه. وَإِذا قَبَّل جاريتَه رَضَبَ ريقَتَها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرُّضَابُ: فُتاتُ المِسْك. والرَّضْب: الفِعْل. قَالَ: والمَراضِبُ: الأَرْياقُ العَذْبة.
وَقَالَ أَيْضا: الرُّضابُ: قِطَعُ الثَّلْج والسُّكّر والبَرَد؛ قَالَه عُمارة بنُ عَقيل.
والرُّضاب: لُعاب العَسَل، وَهُوَ رَغْوَتُه.
وَقَالَ اللّيث: الراضِبُ: ضَرْبٌ من السِّدْر، والواحدة راضِبَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَضَبَت السماءُ وهَضَبَتْ، ومطرٌ رَاضب، أَي: هاطِل.
قَالَ الأصمعيّ: رُضاب الفَم: مَا تَقطَّع من رِيقِه. ورُضاب النَّدَى: مَا تَقطَّع مِنْهُ على الشَّجَر، ورُضابُ المِسْك: قِطَعُه.
برض: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: البُهمَى أوّلُ مَا يَبدُو مِنْهَا البارِض؛ فَإِذا تَحرَّك قَلِيلا فَهُوَ جَمِيم، وَقَالَ لَبيد:
يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً فِي النَّدَى
مِن مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: بَرَض النَّباتُ يبرُض بُرُوضاً، وَهُوَ أوّل مَا يُعرَف ويتناوَل مِنْهُ النَّعَم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا كَانَت العَطيَّة يسيرَة قلتَ: بَرَضْتُ لَهُ أبْرُض بَرْضاً. وَيُقَال: إنّ المَال لَيَتَبرَّض النّباتَ تبرُّضاً، وَذَلِكَ قبلَ أَن يَطول وَيكون فِيهِ شِبَع المَال، فَإِذا غَطَّى الأرضَ ووَفَّى فَهُوَ جَميم.
وتَبرَّضْتُ ماءَ الحِسْيِ: إذَا أخذتَه قَلِيلا قَلِيلا. وتبرَّضْتُ فلَانا: إِذا أصبْتَ مِنْهُ الشيءَ بعد الشَّيْء وتَبلَّغْتَ بِهِ. وأمّا قولُ امرىء القَيْس:
... فانتَحَى لليَرِيض
فَإِن اليَريض بياءيْن وَالرَّاء بَينهمَا، وَهُوَ وادٍ بعينِه. وَمن رَواه: البَريض بِالْبَاء قَبْلَ الرّاء فقد صَحَّف. وقولُه:
وَقد كنتُ بَرّاضاً لَهَا قبلَ وصْلها
فَكيف ولَدَّتْ حَبْلها بحِباليَا
مَعْنَاهُ: أنَّه كَانَ يُنيلُها الشيءَ بعد الشَّيْء قبل أَن واصَلَتْه، فَكيف وَقد عَلِقْتُها الْآن وعَلِقَتْني.
والبَرّاضُ بنُ قيس: أحدُ فُتَّاكِ العَرب معروفٌ، وبفتْكه بعُرْوة الرَّحّال هاجَتْ حربُ الفِجار بَين كِنانة وقيسِ غَيْلان.
وَقَالَ اللَّيْث: التبرُّضُ: التبلُّغُ بالبُلْغة من العَيْش، والتطلُّبُ لَهُ من هُنا وَهنا قَلِيلا قَلِيلا.
وتَبرّضتُ سَمَلَ الحَوضِ: إِذا كَانَ ماؤُه(12/19)
قَلِيلا، فأخذتُه قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَفِي حِياض المَجْد فامتلأَتْ بِهِ
بالرّيّ بعدَ تَبرُّض الأسْمال
قَالَ المبْرِض والبَرَّاض: الَّذِي يَأْكُل كلّ شَيْء من مالِه ويُفْسِده.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رجل مَبْروض، ومَضْفُوهٌ ومَطْفُوهٌ ومَضْيُوفٌ ومَحْدُودٌ: إِذا نَفِد مَا عندَه من كَثْرَة عَطائه.
ربض: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرَّبْضُ والرُّبْضُ والرَّبَضُ: الزَّوجةُ أَو الْأُم أَو الأخْت تُقرِّب ذَا قرابَتِها.
قَالَ: وَيُقَال فِي مَثَل: مِنْك رَبضُك وَإِن كَانَ سماراً.
قَالَ: والرّبَضُ: قيّم بَيته.
والرَّبَضُ: امرأةٌ تُرْبضه ويأْوِي إِلَيْهَا، وَأنْشد الْبَيْت:
جَاءَ الشّتاءُ ولمّا اتَّخِذْ رَبضاً
يَا وَيْحَ كَفِّيَ من حَفْر القَراميصِ
قَالَ: والرّبْضُ والرُّبْض: وسَطُ الشَّيْء. والرَّبَضُ: حَريمُ الْمَسْجِد، وَقَالَ اللَّحياني نَحوه. قَالَ: وَيُقَال: مَا ربض امرؤٌ مثلَ أُخْت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: رَبضُ الرجل، ورُبضُه امْرَأَته.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: إِنَّه لرُبُضٌ عَن الْحَاجَات وَعَن الْأَسْفَار على فُعُل أَي: لَا يخرج فِيهَا. قَالَ: والرَّبَض فِيمَا قَالَ بعضُهم: أساسُ الْمَدِينَة وَالْبناء والرّبَض: مَا حولَه من خَارج.
وَقَالَ بَعضهم: هما لُغَتان. قَالَ: والرِّبْضَة: الْجَمَاعَة من الغَنَم وَالنَّاس؛ يُقَال: فبها رِبْضَةٌ مِن النَّاس، وَيُقَال: أَتَانَا بتَمْرٍ مثل رُبضَة الخَروف، أَي: قَدْرَ الخَروف الرابض.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: (مثل المنافِقَ مَثلُ الشّاة بَين الرَّبْضَين، إِذا أتتْ هَذِه نطحَتْها) ، وبعضُهم رَوَاهُ: (بَين الرَّبِيضَيْن) ، فَمن قَالَ: (بَين الربضين) أَرَادَ مربضي غنمين، إِذا أَتَت مَربِض هَذِه الْغنم نطحها غنمه، وَإِذا أَتَت مَرْبَض الْأُخْرَى نطحها غنمه. وَمن رَوَاهُ: (بَين الربيضين) فالرَّبَض: الغَنَمُ نفسُها، وَمِنْه قَول الْحَارِث بن حِلِّزة:
عنتا باطِلاً وظُلْماً كَمَا يُعْتَرُ
عَن حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّباءُ
أَرَادَ النَّبِي بِهَذَا المَثَل قولَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذالِكَ لاَ إِلَى هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ وَلاَ إِلَى هَاؤُلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ} (النِّسَاء: 143) .
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّبيضُ: شَاءَ برُعاتِها اجتَمعتْ فِي مَربِضها.
قَالَ: والرُّبُوضُ: مَصْدَرُ الشَّيْء الرَّابض،(12/20)
وكلّ شَيْء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.
وَيُقَال: ربَضت الغنمُ، وبَركَت الْإِبِل، وجَثَمت الطيرُ جُثُوماً. والثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض فِي كِناسه وَقَول العَجَّاج:
واعتادَ أرباضاً لَهَا آريُّ
أَرَادَ بالأرباض جمع رَبَض، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِض والرّبِيض: مجتَمَع الحَوايا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إِلَى قومه وَقَالَ: (إِذا أتيتَهمْ فارْبِض فِي دارِهم ظَبْياً) ، قَالَ القُتَيْبيّ: رُوِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أَرَادَ: أَقِمْ فِي دارِهِم آمِناً لَا تَبْرح، كأنّك ظبيٌ فِي كِناسه، قد أَمِن حَيثُ لَا يَرَى إنسِيّاً.
قلت: وَفِيه وجهٌ آخر، وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَمَرَه أَن يأتيَهم كالمتوجّس لِأَنَّهُ بَين ظَهراني الكَفَرة، فَمَتَى رَابَه مِنْهُم رَيْبٌ نَفر عَنْهُم شارِداً.
وَفِي حَدِيث أمّ مَعْبَد (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمّا قالَ عِنْدهَا دَعا بِإِنَاء يُرْبِضُ الرَّهْط) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: أنّه يروِيهم حَتَّى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللَّبن الّذي شَرِبوه.
وَقَالَ الرّياشيّ: أربضت الشَّمسُ: إِذا اشتدّ حَرُّها حَتَّى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأَرْباضُ: حِبالُ الرَّحْل، وَقَالَ ذُو الرُّمة يذكر إِبِلاً:
إِذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ
يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها
وَقَالَ اللَّيْث: ربَضُ البَطْن: مَا وَلِيَ الأَرْض من البَعِير إِذا بَرَك، والجميعُ الأَرْباض، وَأنْشد:
أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض
قلتُ: غَلط الليثُ فِي الرَّبَض وَفِيمَا احتجّ لَهُ بِهِ، فأمّا الرَّبَضُ فَهُوَ مَا تَحوَّى من مَصارِين البَطْن، كَذَلِك قَالَ أَبُو عبيد، وأمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض هَهُنَا الحِبال، وَمِنْه قَول ذِي الرُّمّة:
إِذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً
سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ
والأخَرات: حَلَقُ الحِبال.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الرِّبُوضُ: الشَّجَرَة الْعَظِيمَة، وَقَالَ ذُو الرّمّة:
تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ
وسِلسِلةٌ رَبوض: ضَخْمة، وَمِنْه قولُه:
وفالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ فِي جِرانِه
وأسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ
أَرَادَ بالرَّبوض: سِلسلةً أُوثِق بهَا، جعلهَا ضخمةً ثَقيلَة.
وَأَرَادَ الأسمَر: قِدّاً غُلَّتْ يدُه بِهِ فيَبِس عَلَيْهِ.(12/21)
اللَّيْث: أرنَبَةٌ رابِضةٌ: إِذا كَانَت ملتزِقة بالوَجْه، هُوَ من أمثالهم فِي الرّجُل الَّذِي يَتعَيَّنُ الأَشيَاء فيصيبُها بعَيْنه. قولُهم: لَا تقومُ لفُلان رابضة، وَذَلِكَ إِذا قَتَل كلَّ شَيْء يُصِيبهُ بعَيْنِه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر أشراطَ السَّاعَة، وَمِنْهَا يود أَن تَنْطِق الرُّوَيْبِضَة فِي أُمُور العامّة، قيل: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (الرجل التّافِه ينْطق فِي أَمر العامّة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: وممّا يُثبت حديثَ الرُّوَيْبِضة الحديثُ الآخَرُ: (من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يُرَى رِعاءُ الشاءِ رؤُوسَ النّاس) .
قلتُ: الرُّوَيْبضة تصغيرُ الرابضةُ، كَأَنَّهُ جَعَل الرابضة راعِيَ الرَّبض، وأدخَل فِيهِ الْهَاء مُبَالغَة فِي وَصفه، كَمَا يُقَال: رجل داهِية.
وَقيل: إِنَّه قيل للتافه من النّاس: رابِضة ورُوَيْبِضة، لرُبوضِه فِي بَيْته، وقلّة انبعاثِه فِي الْأُمُور الجسيمة، وَمِنْه يُقَال: رجل رُبُض عَن الْحَاجَات والأسفار: إِذا كَانَ يَنهَض فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّبَض: سَفِيفٌ يُجعَل مِثلَ البِطَان فيُجعل فِي حَقْوَيِ النَّاقة حَتَّى يُحاوِزَ الوَرِكَين من الناحيتين جَمِيعًا، وَفِي طرَفيْه حَلَقتان يُعقَد فيهمَا الأنساع، ثمَّ يُشَدّ بِهِ الرَّحْل، وجمعُه أرْباض.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الرُّبْض: وَسَطُ الشَّيْء، والرُّبض: نواحيه. وأنكَر شَمِر أَن يكون الرُّبْضُ وَسَط الشَّيْء، وَقَالَ: الرُّبْض: مَا مَسّ الأَرْض مِنْهُ. وَيُقَال للدّابة هِيَ فَخْمة الرِّبْضة، أَي: فخمة آثَار المَرْبض.
ضبر: قَالَ اللَّيْث: ضَبَر الفَرسُ يَضْبُر ضَبْراً: إِذا عَدَا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَقَالَ: إِذا وَثَب الفرسُ فوقعَ مَجْمُوعَة يَدَاهُ لذَلِك الضَّبْر. يُقَال: ضَبَر يضبُر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضَّبْرُ جماعةٌ من القَوْم يَغْزُون على أرجُلِهم، يُقَال: خرج ضَبْرٌ من بني فلَان، وَمِنْه قولُ ساعدَة بن جُؤيّةُ الهُذَليّ:
بَينا هُمُ يَوْمًا كَذَلِك رَاعهُمْ
ضَبْرُ لَبُوسُهمُ الحديدُ مُؤلَّبُ
وَيُقَال: فلَان ذُو ضَبَارة فِي خَلْقه: إِذا كَانَ وثيق الخَلْق، وَبِه سُمِّيَ ضُبارَة، وابنُ ضَبارة كَانَ رَجُلاً من رُؤَسَاء أجناد بني أُميّة.
وَفِي حَدِيث الزُّهْري (أنّه ذكر بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: جعل الله عِنَبَهم الْأَرَاك، وجَوْزَهُم الضَّبْرَ ورمّانهم المَظَّ) .
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الضَّبْرُ: جَوْزُ البَرَّ. والمَظّ: رُمّان البَرّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:(12/22)
الضبْر: القَفْزُ. والضَّبْر: الشَّدُّ. والضَّبْر: جمع الأجْزاء. وَأنْشد:
مضبورةً إِلَى شبا حدائدا
ضَبَرَ براطيلَ إِلَى جَلاَمِدا
قَالَ: والضَّبْر الَّذِي يُسمّيه أهلُ الحَضَر جَوزَاً بواو الضَّبْر: الرَّجّالة. والمَضْبُور: المجمّع الخَلْق الأمْلس.
وَيُقَال للمِنْجَل: مَضْبُور.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّبْرُ: شِدّةُ تَلزيز العظامِ واكتنازِ اللّحم. وجَمَلٌ مضبَّرُ الظَّهر، وأَنشد:
مُضبَّر اللَّحْيَيْن بَسْراً مِنْهَسَا
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه ذكر قوما يَخْرجون من النَّار ضَبائر) ، كأنَّها جمعُ ضِبَارَة، مثل: عمَارَة وعمائر. والضَّبائر: جماعاتُ النَّاس.
وَيُقَال: رأيتهمْ ضبائر، أَي: جماعاتٍ فِي تَفْرِقَة.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: جَاءَ فلانٌ بإضبارَةٍ من كُتُب، وبإضْمامة من كُتب، وَهِي الأضابير والأضاميم أَو فلَان ذُو ضَبارَةٍ: إِذا كَانَ مشدّدَ الخَلْق.
وَقَالَ اللَّيْث: إضبارَةٌ من صحف أَو سِهام، أَي: حُزمة. وضِبارةٌ لغةٌ أَو ضَبّرتُ الكُتب تضبيراً: جمعتُها.
قلت: وغيرُ اللَّيْث لَا يُجِيز ضُبارةً من كُتُب، وَيَقُول: إِنَّمَا هِيَ إضبَارَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّبْرُ: جِلْدَةٌ تُغَشَّى خَشَباً تُقَرَّبُ إِلَى الحصُون لقِتال أهلِها، والجميع الضُّبُور.
قَالَ ابْن الْفرج: الضِّبْن والضِّبْر: الْإِبِط، وَأنْشد:
وَلَا يَئوبُ مُضْمَراً قد ضَبْرِي
زادِي وَقد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ
أَي: لَا أَخبأُ طَعَامي فِي السَّفَر فأَوب بِهِ إِلَى بَيْتي، وَقد نَفِد زادُ أَصْحابي، وَلَكِن أُطعِمُهم إِيَّاه. وَمعنى: شَوَّل: خَفَّ وقلَّ، كَمَا تُشوِّل المَزَادةُ: إِذا بَقِي فِيهَا جُزَيْعةٌ من مَاء.
بضر: قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ سَلمَة: قَالَ الفَرّاء: البضْر: نَوْفُ الجاريةِ قبل أَن تُخْفَض.
قَالَ: وَقَالَ المفضَّل: من الْعَرَب من يُبدل الظّاءَ ضاداً، فَيَقُول: قد اشتَكى ضَهْرِي. وَمِنْهُم من يُبدل الضّادَ ظاءاً فَيَقُول: قد عَظّت الحرْبُ بني تَميم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البُضَيْرة تصغيرُ البَضْرة وَهِي بُطُولُ الشَّيْء، وَمِنْه قولُهم: ذهب دمُه بِضْراً مِضْراً خِضْراً، أَي: هَدَراً.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً أَو ذهب بِطْراً (بِالطَّاءِ) .(12/23)
ض ر م
ضرم، ضمر، رمض، رضم، مُضر، مرض: مستعملات.
ضرم: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الضرَمُ من الحَطَب: مَا الْتَهَب سَرِيعا، والواحدة ضَرْمة.
والضَّرَمُ: مصدرُ ضَرِمَت النارُ تَضرَم ضَرَماً. وضرِم الأَسدُ: إِذا اشتدَّ حَرُّ جَوْفه من الجُوع، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يشتدّ جوعُه من اللَّواحِم.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الضَّرِم: الجائع، قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَا بِالدَّار نافخُ ضَرَمة، أَي: مَا بهَا أحد.
قلت: والضِّرام: مَا دَقّ من الحَطَب وَلم يكن جَزْلاً يثقبه النارُ، الْوَاحِد ضَرَم وضَرمة وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
أَرَى خَللَ الرَمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ
أُحاذِرُ أَن يَشِبَّ لَهُ ضِرامُ
وَيُقَال: أضرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ، وضَرَّمتُها فَضرَمَتْ وتضرّمَتْ.
وَقَالَ زُهَيْر:
وتَضْرَ إِذا ضَرَّيْتُموها فتَضرِم
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرِيمُ: اسمٌ للحريق، وأَنشَد:
شَدّاً كَمَا تُشَيِّع الضَّريمَا
شَبّه حَفيفَ شَدِّه بحفيف النَّار إِذا شَيَّعْتَها بالحَطَب، أَي: ألقيتَ عَلَيْهَا مَا يُذْكيها بِهِ؛ قَالَه الأصمعيّ.
وَقَالَ اللّيْثُ: الضَّرَمُ: شِدّةُ العَدْو.
وَيُقَال: فرسي ضَرِمُ العَدْوِ، وَمِنْه قولُ جرير:
ضَرِمِ الرَّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَرِمَ فلانٌ عِنْد الطَّعام ضَرَاماً: إِذا جَدَّ فِي أَكْله لَا يَدفَع مِنْهُ شَيْئا.
وَيُقَال: ضَرِمَ عَلَيْهِ تَضرّم: إِذا احتَدَمَ غَضَباً.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُضْطَرِم: المُغْتَلِمُ من الجِمال، ترَاهُ كَأَنَّهُ قد حُسْحِسَ بالنَّار. وَقد أضْرَمَتْه الغُلْمة.
رضم: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: إنّ عَدْوَك لرَضَمَان، أَي: بطيء. وإنّ أَكْلَك لَسَلَجَان، وَإِن قَضاءكَ لَلِيّان.
قَالَ شَمِر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الرِّضامُ: صُخور عِظامٌ أمثالُ الجُزر واحدتها رَضْمة. وَيُقَال: بنى فلَان دارَه فرضم فِيهَا الْحِجَارَة رَضْماً، وَمِنْه قيل: رَضَم البعيرُ بِنَفسِهِ: إِذا رَمَى بنفسِه. وَقَالَ لَبِيد:
حُفِزَت وزايلَها السَّرابُ كَأَنَّهَا
أجزاعُ بِيشة أَثْلُها ورِضَامُها
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّضامُ: حِجارةٌ تجمع واحدتها رَضْمَة ورَضْم، وأَنْشَد:
يَنْصَاحُ من جِبْلَةِ رَضْمٍ مُدَّهقْ(12/24)
أَي: من حجارةٍ مَرْضومة.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَضْمٌ ورَضَمٌ للحجارة المَرْضومة.
وَقَالَ رُؤبة:
حَدِيدُه وقِطْرُهُ ورَضمُهُ
وَقَالَ اللَّيْث: بِرْذَوْنٌ مَرْضومُ العَصَب: إِذا تشنّج وَصَارَ فِيهِ كالعَقَد، وأَنشد:
مُبيَّن الأَمْشاشِ مَرضُوم العَصَبْ
وَقَالَ النَّضر: طائِرٌ رُضمَة، وَقد رَضَمت، أَي: نَبَتت، ورَضَم الرجلُ فِي بيتِه، أَي: سَقَط وَلَا يَخرُج من بَيته. ورَمَأَ كَذَلِك. وَقد رَضَم يَرضِم رُضوماً. ورُضام: اسْم مَوضِع.
رمض: قَالَ اللّيْثُ: الرّمَضُ: حَرُّ الْحِجَارَة من شدّةِ حرّ الشَّمْس، والاسمُ الرّمْضاء. ورَمِض الإنسانُ رمْضاً: إِذا مَشَى على الرّمْضاء، والأرضُ رَمِضَة.
الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت: الرَمْضُ: مصدرُ رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرمِضُهُ رَمْضاً: إِذا جعلته بَين حَجَرين ثمَّ دقَقْتَه ليَرِقَّ.
قَالَ: والرّمَضُ: مصدرُ رَمِض الرجلُ يَرمَض رَمَضاً: احتَرَق قدماه فِي شدّة الحرّ، وأَنشَد:
فهنّ معترِضاتٌ والحَصَى رَمِضٌ
والرِّيح ساكنةٌ والظلُّ معتدِلُ
وَيُقَال: رَمِضَت الغنمُ تَرمَض رَمَضاً: إِذا رَعَتْ فِي شدّة الحرّ فتَحْبَن رئاتُها وأكبادُها، يُصيبها فِيهَا قُروح.
وَفِي الحَدِيث: (صَلاةُ الأوّابين إِذا رَمِضَت الفِصَال) ، وَهِي الصلاةُ الّتي سَنّها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَقت الضُّحى عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار.
ورَمَضُ الفِصالِ: أَن تَحترِق الرّمْضاءُ، وَهُوَ الرّمل، فتَبرُك الفِصال مِن شدّة حَرّها وإحراقِها أَخفافَها وفَراسِنَها.
وَيُقَال: رَمّض الراعِي مَواشِيه وأرمَضَها: إِذا رعاها فِي الرّمْضاء أَو أَرْبَضَها عَلَيْهَا.
وَقَالَ عمرُ بنُ الخطّاب لراعي الشَّاة: عليكَ والظَّلَفَ من الأَرْض لَا تُرَمِّضها. والظَلَفُ من الأَرْض: المكانُ الغَليظ الّذي لَا رَمْضَاءَ فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المَرْموضُ: الشِّواءُ الكَبِس. ومَررْنا على مَرْمِض شاةٍ ومَنْدَةِ شاةٍ. وَقد رمضْتُ الشاةَ فَأَنا أُرْمِضُها رَمْضاً، وَهُوَ أَلا يَسلُخها إِذا ذبَحَها ويَبقُر بَطنُها، ويُخرج حُشْوتَها، ثمَّ يُوقِدَ على الرِّضافِ حَتَّى تحمَرَّ فتصيرَ نَارا تتّقد، ثمَّ يَطْرَحها فِي جَوف الشَّاة وَيكسر ضلوعَها لتنطبق على الرِّضاف، وَلَا يزَال يُتَابع عَلَيْهَا الرِّضافَ المُحْرَقة حَتَّى يعلَم أَنَّهَا قد أنْضَجَتْ لحمُها، ثمَّ يُقشَر عَنْهَا جِلدُها الَّذِي يُسلَخ عَنْهَا، وَقد انشوَى عَنْهَا لحْمُها؛ يُقَال: لحمٌ مَرْمُوض، وَقد رُمِض رَمْضاً. والرّمِيض: قريبٌ من(12/25)
الحَنِيذ، غير أَن الحَنيذ يُكْبَس ثمَّ يُوقَد فوقَه.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: أتيتُ فلَانا فَلم أُصِبْه فرمَّضتُ ترْمِيضاً.
قَالَ شمر: تَرْمِيضُه أَن ينتظِره ثمَّ يَمضِي.
اللَّيث: الرمَضُ: حُرْقَةُ القَيْظ. وَقد أرمضَني هَذَا الأمرُ فرمِضْتُ؛ قَالَ رُؤْبة:
وَمن تَشَكَّى مَضْلَةَ الإِرْماضِ
أَو خُلَّةً أحْرَكْتُ بالإحماضِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإرْماضُ: كلُّ مَا أَوْجَع؛ يُقَال: أرْمَضَني، أَي: أَوْجَعَني. والرّمَضِيُّ من السَّحاب والمَطَر: مَا كَانَ فِي آخِر القَيْظ وأوّلِ الخريف؛ فالسحابُ رَمَضِيٌّ، والمطرَ رَمضّي. وَإِنَّمَا سُمِّي رَمَضِيّاً، لِأَنَّهُ يُدرِك سُخونةَ الشَّمْس وحَرَّها.
سلَمة عَن الفرّاء يُقَال: هَذَا شهرُ رَمَضَان، وهما شهرَا ربيع؛ وَلَا يُذكرُ الشَّهْر مَعَ سَائِر أسماءِ الشُّهُور الْعَرَبيَّة، يُقَال: هَذَا شعبانُ قد أَقبَل.
وَقَالَ جلّ وَعز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (الْبَقَرَة: 185) .
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
بِهِ أبلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كليْهِما
فقد مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقْتِرَارها
وَقَالَ مُدرِكٌ الكلابيّ فِيمَا روى ابْن الفَرَج: ارْتمزَتِ الفَرَسُ بالرّجُل، وارتَمَضَتْ بِهِ، أَي: وثَبَتْ بِهِ.
مرض: قَالَ اللَّيْث: المريضُ مَعْرُوف، والجميع المَرْضَى.
قَالَ: والتمريض: حُسنُ الْقيام على الْمَرِيض. يُقَال: مَرَّضتُ المريضَ تمريضاً: إِذا قُمتَ عَلَيْهِ.
وتمرِيض الْأَمر: أَن تُوَهِّنه وَلَا تُحْكمه. وَيُقَال: قلبٌ مرِيض من الْعَدَاوَة وَمن النِّفاق.
قَالَ الله تَعَالَى: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} (الْبَقَرَة: 10) ، أَي: نِفاق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصل المَرَض النُّقْصان: بَدَنٌ مرِيض: ناقِصُ القوّة. وقلبٌ مَرِيض: ناقصُ الدِّين.
ومَرَّض فلانٌ فِي حَاجَتي: إِذا نقصَتْ حركتُه فِيهَا.
وأخبرَني المنذِرِيّ عَن بعض أَصْحَابه أَنه قَالَ: المَرَض: إظْلامُ الطبيعة واضطرابُها بعد صفائها واعتدالها.
قَالَ: والمَرَض: الظُّلَمة.
وَأنْشد أَبُو العبّاس:
وليلةٍ مرِضَت من كل نَاحيَة
فَلَا يضيءُ لَهَا شمسٌ وَلَا قمر
قَالَ: مَرِضَتْ، أَي: أظلَمَتْ ونقَص نُورُها.(12/26)
وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَوْله: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} مَعْنَاهُ: شكٌّ ونِفاق.
قَالَ: والمرَض فِي القَلْب يَصلُح لكلّ مَا خَرج بِهِ الإنسانُ عَن الصحّة فِي الدِّين.
وَقَالَ اللَّيْث: المَراضَانِ: وادِيان مُلتقاهما واحدٌ.
قلت: المَراضان والمَرَايض: مَوَاضِع فِي ديار تَمِيم بَين كاظمة والنَّقِيرة فِيهَا أحْساء، وَلَيْسَت من بَاب المَرَض، وَالْمِيم فِيهَا مِيم مَفعَل، من استراض الوادِي: إِذا استنقع فِيهِ المَاء.
وَيُقَال: أَرض مريضةٌ: إِذا ضَاقَتْ بِأَهْلِهَا، وَأَرْض مَرِيضَة: إِذا كثُر بهَا الهَرْج والفِتن والقَتْل.
وَقَالَ أوسُ بن حَجَر:
ترَى الأَرْض مِنَّا بالفضاءِ مَرِيضَة
مُعَضَّلةً مِنّا بجَمْع عَرَمْرَم
وليلةٌ مريضةٌ: مظْلمَة لَا تُرى فِيهَا كواكبُها.
وَقَالَ الرَّاعِي:
وطَخْياء من لَيلِ التَّمام مريضةٍ
أجَنّ العَماءُ نجمها فَهُوَ ماصِحُ
ورَأْيٌ مريضٌ: فِيهِ انحراف عَن الصَّوَاب، قَالَ الشَّاعِر:
رأيتُ أبَا الْوَلِيد غَداةَ جَمْعٍ
بِهِ شَيْبٌ وَمَا فَقَد الشَّبابَا
ولكنْ تحتَ ذاكَ الشَّيبِ حَزْمٌ
إِذا مَا ظَنَّ أمرَض أَو أصَابَا
أمرَضَ: أَي: قارَبَ الصَّوَاب وَإِن لَم يُصِب كلَّ الصَّواب.
وَيُقَال: أتيت فلَانا فأمرَضتُه: أَي: وجدتُه مَرِيضا. وأمْرض بَنو فلانٍ: إِذا مَرِضتْ نَعَمُهُم فهم ممْرِضون.
مُضر: قَالَ اللَّيْث: لبنٌ مضيرٌ: شَدِيد الحموضة. قَالَ: وَيُقَال: إِن مُضَرَ كَانَ مُولَعاً بشُرْبه فسمِّي بِهِ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الماضر: اللّبن الَّذِي يَحذِي اللِّسَان قبل أَن يُدرك. وَقد مَضر يَمضرُ مُضوراً، وَكَذَلِكَ النَّبِيذ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو البَيْداء: اسْم مُضَر مشتقٌّ مِنْهُ.
وَقيل: سُمِّي مُضَراً لبيَاض لونِه. من مَضِيرة الطَّبِيخ.
قلتُ: والمضِيرةُ عِنْد الْعَرَب: أَن يُطبَخ اللحمُ باللّبن البَحْت الصَّريح، الَّذِي قد حَذَى اللسانَ حَتَّى يَنضَج اللحمُ وتَخْثُر المَضيرة وربّما خَلَطُوا الحليبَ بالحَقِين للمَضِيرة، وَهِي حِينَئِذٍ أطيبُ مَا تكون.
وَقَالَ الليثُ: يُقال: فلانٌ يتمَضَّر، أَي: يتعصّب لمُضَر.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ يُقَال: ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً: إِذا ذَهب هَدَراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ذهب دمُه خِضْراً مِضْراً،(12/27)
أَي: هَنِيئًا مريئاً.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: مَضّرَ اللَّهُ لَك الثَّنَاء، أَي: طيّبه، وتُماضِرُ اسْم امْرَأَة.
ضمر: رُوي عَن حُذيفة أَنه قَالَ فِي خطبَته: اليومَ مِضْمارٌ، وَغدا السِّباق، والسَّابقُ مَن سَبَقَ إِلَى الجنّة.
قَالَ شَمِر: أَرَادَ اليومَ الْعَمَل فِي الدُّنْيَا للاسْتباق إِلَى الجنّة؛ كالفَرس يُضَمَّر قبل أَن يُسابَق عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضُّمْرُ من الهُزال ولُحوق البَطْن والفعلُ ضَمَرَ يَضمُر ضُموراً. وقَضيبٌ ضامر، وَقد انضَمَرَ: إِذا ذَهب مَاؤُهُ.
قَالَ: والمِضمار: موضعٌ تُضمَّر فِيهِ الْخَيل، وتَضمِيرها أَن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها.
قلتُ: وَقد يكون المِضمار وقتا للأيام الَّتِي تُضمَّر فِيهَا الخيلُ للسباق أَو للرَّكْض إِلَى العَدُوّ، وتضميرُها أَن تُشدّ عَلَيْهَا سُروجُها، وتُجَلَّلَ بالأجِلَّة حَتَّى تعرَق تحتَها فيذهَب رَهَلُها ويشتدّ لَحمهَا، ويُحمل عَلَيْهَا غِلمانٌ خِفافٌ يُجرونها البردين وَلَا يُعَنِّفُون بهَا، فَإِذا ضُمِّرَتْ واشتدّتْ لحومُها أُمِنَ عَلَيْهَا القَطْع عِنْد حُضْرها وَلم يَقْطَعْها الشَّدُّ، فَذَلِك التَّضْمير الّذي تعرفه الْعَرَب، ويُسمونه مِضماراً وتَضْميراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَمِرُ: الشَّيْء الَّذِي تُضمِره فِي ضمير قَلْبِك، تَقول: أضمرتُ صَرْف الْحَرْف: إِذا كَانَ متحركاً فأسكَنْتَه.
قَالَ: والضَّمْرُ من الرِّجَال: المُهَضَّم الْبَطن، الْخَفِيف الْجِسْم. وَامْرَأَة ضَمْرة وَقد تَضمَّر وجهُها: إِذا انضمّتْ جلدتُه من الهزال.
ورُوِي عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أنّه كتب إِلَى مَيْمون بن مِهران فِي مَظالم كَانَت فِي بَيت المَال أَن يردَّها على أربابِها وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا زكاةَ عامها، فإنّه كَانَ مَالا ضِماراً.
قَالَ أَبُو عُبيد: الضِّمارُ: هُوَ الْغَائِب الَّذِي يُرْجَى، فَإِذا رُجِيَ فَلَيْسَ بِضمار؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
طلَبْن مَزَارَه فأَصبْن مِنْهُ
عَطاء لَم يكن عِدَةً ضِمارَا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
أرَانا إِذا أَضْمَرَتْكَ البِلاَ
دُ تُجْفَى وتُقْطَع مِنّا الرَّحِمْ
أَرَادَ: إِذا غيّبتْك البلادُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضِّمارُ من العِداتِ مَا كَانَ ذَا تَسْويف، وَأنْشد بيتَ الرَّاعِي.
قَالَ: واللؤْلُؤ المضطمِر: الَّذِي فِيهِ بعض الانضماد، وَأنْشد قولَ الشَّاعِر:(12/28)
تلأْلأَتِ الثُّرَيَّا فاستنارتْ
تلألُؤَ لؤلؤٍ فِيهِ اضطِمارُ
قَالَ: والضُمْران من دِقّ الشّجر.
قلت: لَيْسَ الضُّمْران من دِقّ الشّجر وَله هَدَبٌ كهَدَب الأرْطَى. وَمِنْه قولُ عُمَر بن لَجأ:
تحْسِبْ مُجْتَلّ الإماءِ الخُدَّم
من هَدَبِ الضُّمْران لم يحطَّمِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا رَوَى ابْن السكّيت لَهُ أَنه قَالَ فِي قَول النَّابِغَة:
فهابَ ضُمران منهُ حيثُ يُوزِعُهُ
قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو عُبيدة صُمْرَانُ، وَهُوَ اسْم كَلْبٍ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّيْمُران والضَّوْمَران: نوعٌ من الرياحين.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الضَمِيرة والضَّفِيرةُ: الغَدِيرةُ من ذَوائب الرَّأْس، وَجَمعهَا ضمائر.
وَقَالَ الفرّاء: ذَهَبُوا بِمَالِي ضِماراً مثل قِماراً؛ قَالَ: وَهُوَ النَّسِيئةُ أَيْضا.
قَالَ: والتَّضْمير: حُسْنُ ضَفْر الضَّمِيرة وحُسْنُ دَهْنِها.
(أَبْوَاب الضَّاد واللاّم)
ض ل ن
اسْتعْمل من وجوهها: (نضل) .
نضل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَضَل فلانٌ فلَانا: إِذا فَضلَه فِي مُراماة فَغَلبه. وخرجَ القومُ يَنْتَضِلون: إِذا استَبقوا فِي رَمْي الأَغْراض.
وَفُلَان نَضِيلِي: وَهُوَ الَّذِي يُرَامِيه ويُسابِقه.
وَيُقَال: فلانٌ يُناضِل عَن فلَان: إِذا نضح عَنهُ ودافَع. والمُناضَلةُ: المفاخَرةُ.
قَالَ الطّرِمَّاح:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ المُلو
ك وَلَا يُجاثيه المُناضِل
وانتَضَل القومُ: إِذا تَفاخَروا. وَقَالَ لَبيد:
فانتضَلْنَا وابنُ سَلْمَى قاعِدٌ
كعَتيق الطَّيْرِ يغْضَى ويُحَلُّ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النضَلُ والتّبديدُ: التَّعَبُ. وَقد نَضِل ينضَل نضَلاً.
وتَنضّلتُ الشيءَ: إِذا استخرجته.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: تنضّلتُ مِنْهُم نَضْلةً، واجْتَلْتُ مِنْهُم جَوْلاً، مَعْنَاهُ: الِاخْتِيَار.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: تَنَضَّلْتُ الشيءَ أخرجتُه.
ض ل ف
اسْتعْمل من وجوهه: (فضل) .
فضل: قَالَ اللَّيْث: الفضلُ مَعْرُوف. والفاضِلَةُ: الِاسْم. والفِضَال: اسمٌ للتفاضُل. والفُضالة: مَا فَضَل من شَيْء.
والفَضْلةُ: البقيّةُ من كل شَيْء.
والفَضِيلةُ: الدرجةُ الرفيعة فِي الفَضْل.(12/29)
والتّفَضُّلُ: التطول على غيرِك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} (الْمُؤْمِنُونَ: 24) ، مَعْنَاهُ: يُرِيد أَن يكون لَهُ الفضلُ عَلَيْكُم فِي القَدْر والمَنزِلة، وَلَيْسَ من التفضُّل الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الإفضال والتطوُّل.
وَقَالَ اللَّيْث: التفضُّل: التَّوَشُّح. ورجلٌ فُضُلٌ ومتفضِّل. وَامْرَأَة فُضلٌ ومتفضِّلة. وَعَلَيْهَا ثوبٌ فُضل وَهِي أَن تُخالِف بَين طَرفَيْهِ على عاتِقها وتتوشّح بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فلانٌ حَسَنُ الفِضْلة، من التفضّل بِالثَّوْبِ الْوَاحِد.
قَالَ الْأَصْمَعِي: امْرَأَة فُضلٌ فِي ثوبٍ وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفِضالُ: الثوبُ الواحدُ يتفضَّل بِهِ الرجُل يَلبَسُه فِي بَيته. وَأنْشد:
وأَلْقِ فِضَالَ الوَهْنِ عَنْك بوَثْبَةٍ
حَوارِيةٍ قد طالَ هَذَا التفضُّلُ
قَالَ: وأفضلَ الرجُل على فلَان: أنالَه من فَضله وأحسَنَ إِلَيْهِ.
وأفضَل فلانٌ من الطَّعَام وَغَيره: إِذا تركَ مِنْهُ شَيْئا ورجلٌ مِفضالٌ: كثيرُ الْخَيْر وَالْمَعْرُوف.
وَيُقَال: فَضَلَ فلانٌ على فلَان: إِذا غَلَب عَلَيْهِ. وفَضَلْتُ الرجَل: غلبتُه. وَأنْشد:
شِمالُك تَفْضُل الأَيمان إلاّ
يَمينَ أبيكَ نائِلُها الغَزِيرُ
ابْن السّكيت: فَضِل الشَّيْء يَفضَل، وفَضَل يَفضُل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فضِل مِنْهُ شَيْء قَلِيل؛ فإِذا قَالُوا يَفضُل ضمُّوا الضَّاد فأَعادُوها إِلَى الأَصْل. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام حَرْفٌ من السَّالِم يُشبه هَذَا.
قَالَ: وَزعم بعض النَّحْوِيين أَنه يُقَال: حَضِرَ القَاضِي امرأةٌ، ثمَّ يَقُولُونَ: يَحضُر.
وَقَالَ غَيره: فواضِلُ المَال: مَا يَأْتِيك من مَرافِقه وغَلّته.
وَالْعرب تَقول: إِذا عَزَب المَال قلّت فَواضِلهُ، يَقُول: إِذا بعُدت الضَّيْعَةُ قلّت مرافِقُ صَاحبهَا مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْإِبِل إِذا عَزَبتْ قلَّ انْتِفَاع رَبِّها بدَرِّها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سَأَبْغِيكَ مَالا بِالْمَدِينَةِ إِنني
أَرى عازِبَ الْأَمْوَال قلَّتْ فَواضِلُهْ
والعربُ تسمِّي الخَمر فِضَالاً.
وَمِنْه قولُ الْأَعْشَى:
والشارِبون إِذا الذِّوارِعُ أُغْلِبَتْ
صَفْوَ الفِضَال بطارفٍ وتِلادِ
وفُضُولُ الْغَنَائِم: مَا فَضَل من القَسْم مِنْهَا. وَقَالَ ابْن عَنمةَ:(12/30)
لَكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصَّفايا
وحُكْمُكَ والنَّشيطةُ والفُضولُ
وفَضَلاتُ المَاء: بقاياه.
والتفاضُل بَين الْقَوْم: أَن يكون بعضُهم أفضلَ من بعض.
ورجلٌ فاضِلٌ: ذُو فُضْلٍ. وَرجل مَفْضول: قد فَضَلَه غيرُه.
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (شهِدتُ فِي دَار عبدِ الله بن جُدْعانَ حِلْفاً لَو دُعِيتُ إِلَى مِثلِه فِي الْإِسْلَام لأجبْتُ) يَعْنِي حِلْفَ الفُضول.
وسُمِّيَ حِلْفَ الفُضول لأنّه قَامَ بِهِ رجالٌ يُقَال لَهُم: الفَضلُ بن الْحَارِث، والفضلُ بنُ وَدَاعة والفُضَيْلُ بن فَضالة؛ فَقيل: حِلْف الفضول جَمْعاً لأسماء هَؤُلَاءِ.
والفُضُولُ جمعُ فَضْل، كَمَا يُقَال: سَعْد وسُعود، وَكَانَ عَقَدهُ المُطَيَّبُون وهم خمس قبائل، وَقد ذكرتُها فِي بَاب الحِلْفِ من كتاب الْحَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المِفْضَلُ: الثوْبُ الَّذِي تتفضَّل بِهِ الْمَرْأَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للخياط: القَرَارِيّ والفُضُوليّ، وَيُقَال: فُضِّل فلانٌ على غَيره: إِذا غُلِبَ بالفَضْل على غَيره. والفَضْلتان: فَضْلَةُ الماءِ فِي المزاد، وفَضْلَة الخَمر فِي الرِّكوة.
ض ل ب
أهمله اللَّيْث.
(ضأبل) : وَذكر أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب الدَّوَاهِي. جَاءَ فلَان بالضَّئبِل والنِّئطِل، وهما الداهية، وَقَالَ الْكُمَيْت:
أَلاَ يَفزَع الأقوامُ ممّا أَظلَّهمْ
ولمّا تَجِئْهُمْ ذاتُ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلُ
وَإِن كَانَت الهمزةُ أصليَّة فالكلمة رباعيّة.
ض ل م
ضمل، لضم: (مستعملة) .
لضم: قَالَ اللَّيْث: اللَّضْمُ: العُنْف والإلحاحُ على الرّجل. يُقَال: لضَمْته أُلْضِمُه لَضْماً، أَي: عَنُفْتُ عَلَيْهِ وأَلْحَمْتُ. وَأنْشد:
مَنَنْتَ بنائلٍ ولَضَمْتَ أُخْرَى
برَدَ مَا كذَا فِعْلُ الكِرامِ
قلتُ: وَلَا أَعرِف اللَّضْمَ وَلَا هَذَا الشِّعر، وَهُوَ مُنْكر.
ضمل: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى عمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الضَّمِيلة: المرأةُ الزَّمِنَةُ.
قَالَ: وخَطَب رجلٌ إِلَى معاويةَ بِنْتا لَهُ عَرْجاء، فَقَالَ: إِنَّهَا ضَمِيلة، فَقَالَ: إِنِّي أردتُ أَن أتشرَّف بمصاهَرَتِك، لَا أُرِيدها للسِّباق فِي الْحَلبة، فزَوَّجَه إيّاها.
(أَبْوَاب الضَّاد وَالنُّون)
ض ن ف
ضفن، نضف، نفض: مستعملة.(12/31)
نضف: أَبُو تُرَاب عَن الحُصَيْنِيّ قَالَ: أنضفَت النَّاقة وأوضَفَت: إِذا خَبَّتْ. وأَوْضَفْتُها فوضَفَت: إِذا فعلت.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّضَفُ: هُوَ الصّعْتَر، الْوَاحِدَة نَضَفَة، وأَنشَد:
ظَلاَّ بأَقْرِية التُّفّاحِ يَوْمَهُما
يُنبِّشان أصولَ المَغْدِ والنَّضَفَا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنضفَ الرجلُ: إِذا دَامَ على أَكْل النَّضَف، وَهُوَ الصَّعْتَر. قَالَ: ومرّ بِنَا قومٌ نَضِفُون نَجِسُون؛ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: نَضَف الفصيلُ ضَرْعَ أمّه يَنْضِفُه ويَنْضُفُه وانتَضَفَه: إِذا شَرِب جميعَ مَا فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّضَف: إبداءُ الحُصَاص.
وَقَالَ غيرُه: رجلٌ ناضفٌ ومِنْضف، وخاضِفٌ ومِخْضَفٌ: إِذا كَانَ ضرّاطاً. وَأنْشد:
وَأَيْنَ موالينا الضّفافُ المنَاضِفُ
ضفن: أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: ضَفنت إِلَى الْقَوْم أضْفِن ضَفْناً: إِذا أتيتهم حَتَّى تجْلِس إِلَيْهِم.
وضَفَن الرجلُ بغائطه يَضفِن ضفناً: إِذا تغوط.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضَّفْن: إبداء العاذر.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَفَنْتُ مَعَ الضَّيف أضفِن ضَفْناً: إِذا جئتَ مَعَه، وَهُوَ الضَّيْفَن، وأَنشَد:
إِذا جَاءَ ضيفٌ جَاءَ للضَّيفِ ضَيْفَنٌ
فأوْدَى بِمَا يُقْرَى الضُّيوف الضيَّافِنُ
وَقَالَ شَمِر: الضَّفْنُ: ضَمُّ الرجلِ ضرعَ الشَّاة حِين يَحلُبها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَفَنوا عَلَيْهِ: مالُوا عَلَيْهِ واعتمدوه بالجوْرِ. وضَفَنْتُ إِلَيْهِ: إِذا تَرَعْتَ إِلَيْهِ وأردتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَفَن الرجلُ المرأةَ ضَفْناً: إِذا نَكَحها. قَالَ: وأصلُ الضَّفْن أَن يضمّ بيَدِه ضَرْعَ النَّاقة حِين تَحلُبها.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّفْنُ: ضَرْبُك بظَهْرِ قَدَمِك استَ الشَّاة ونحوِها. قَالَ: والاضطِفانُ: أَن تَضرِب بِهِ استَ نفسِك.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء قَالَ: إِذا كَانَ الرجل أحمقَ وَكَانَ مَعَ ذَلِك كثيرَ اللَّحْم ثقيلاً قيل: هُوَ ضِفْنٌ وضَفَنْدَد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الضِّفِنُّ والضَّفنّ.
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ضِفَنّةٌ: إِذا كَانَت رِخوةً ضخمة.
نفض: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّفْضُ: التحريكُ. والنَّفْضُ: تَبَصُّر الطّريق. والنَّفْضُ: الْقِرَاءَة، وَيُقَال: فلَان(12/32)
يَنفُض القرآنَ كلَّه ظَاهرا، أَي: يَقْرَؤُهُ.
قَالَ: والنَفَضَى: الحَرَكة. وَيُقَال: أخذتْه حُمَّى نافِضٍ، وحُمَّى بنافِض، وحمَّى نافِضٌ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَت الحمّى نافِضاً قيل: نفضَتْه فَهُوَ منفوض.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النِّفْضُ خُرْء النَّحْل. قَالَ: والنُّفَاضُ: الجَدْبُ، وَمِنْه قولُهم النُّفاض يُقطِّر الجَلَب. يَقُول: إِذا أجدَبُوا جَلَبوا الإبلَ قِطاراً قِطاراً.
والإنفاضُ: المجَاعةُ وَالْحَاجة. وَيُقَال: نفَضْنا حَلاَئِبَنَا نَفْضاً، واستنفَضْناها استِنْفاضاً، وَذَلِكَ إِذا استقصَوْا عَلَيْهَا فِي حَلبها فَلم يَدعُوا فِي ضُروعها شَيْئا من اللَّبن، وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
كِلاَ كَفْأَتَيْها تُنْفِضان وَلم يَجِد
لَهُ ثِيلَ سَقْب فِي النِّتاجَيْن لامِسُ
ويروى تُنْفَضان، وَمَعْنَاهُ: تُسْتَبْرآن، مِن قولِك: نفضْتُ المكانَ: إِذا نظرتَ إِلَى جَمِيع مَا فِيهِ حَتَّى تعرفَه.
وَقَالَ زهيرٌ يصف بقرة فقدتْ ولدَها:
وتَنفُض عَنْهَا غَيْبَ كلِّ خَميلَةٍ
وتَخشَى رُماةَ الغَوْث من كلِّ مَرْصَدِ
وَمن رَوَاهُ تَنْفَضان أَو تُنْفِضان فَمَعْنَاه: أَنّ كلّ وَاحِدَة من الكَفْأَتين تُلقِي مَا فِي بطونها من أجِنّتها فتوجَد إِنَاثًا لَيْسَ فِيهَا ذكر. أَرَادَ أَنَّهَا كلَّها مآنِيثُ تُنْتِج الإناثَ وَلَيْسَت بمَذاكيرَ تلدِ الذُّكْران.
واستِنْفاضُ البائِلِ ذكَرَه وانتِفاضه: استبراؤه ممّا فِيهِ من بقيّة البَوْل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: استنفَضَ مَا عندَه، أَي: استخرَجَه؛ وَقَالَ رُؤبة:
صَرَّحَ مَدْحِي لَك واستِنفاضِي
ابْن السكّيت قَالَ: النَّفِيضة: الَّذين يَنفُضون الطَريق. وَقَالَت الجهنية فِيهِ:
يَرِدُ المياهُ حَضيرةً ونَفِيضةً
وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسمألَّ التُّبَّعُ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: حضِيرة النَّاس هِيَ الجماعةُ. قَالَ: ونَفِيضتُهم هِيَ الْجَمَاعَة.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: حَضِيرَةٌ يَحضُرها النَّاس، ونَفِيضَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أحد.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَضةُ: قوم يُبعَثون يَنفُضون الأرضَ، هَل بهَا عدوّ أَو خوف.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: النَّفْض: مصدرُ نَفضتَ الثوبَ نَفْضاً. والنَّفَض: مَا وَقَع من الشَّيْء إِذا نفضْتَه. ونَفَضُ العِضاةِ: خَبْطُها، وَمَا طاحَ من حَمْل الشَّجَرَة فَهُوَ نَفَض.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَض: من قُضْبان الكَرْم بَعْدَمَا ينضُرُ الوَرَقُ وقبلَ أَن يَتعلَّق حَوالِقُه وَهُوَ أغَضُّ مَا يكون وأرخَصُه؛ وَقد انتَفَض الكَرْمُ عِنْد ذَلِك، والواحدةُ نَفْضَة جزم وَتقول: أنفضَتْ جُلَّة التَّمْر: إِذا أنفضت فِيهَا من التَّمْر.(12/33)
والنَّفْض: أَن تأخذَ بيَدِك شَيْئا فتنفُضَه تزَعْزِعُه وتُتَرْتِرَه وتَنفض الترابَ عَنهُ. قَالَ: ونَفَض الشَّجَرَة حِين تَنتَفِضُ ثَمرتُها.
والنفَض: مَا تَساقَط من غير نَفْض فِي أُصول الشَّجَر مِن أَنْوَاع الثَّمر.
قَالَ: ونُفُوضُ الأَمْر: راشانُها، وَهِي فارسيَّة، إِنَّمَا هِيَ أَشرافُها.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: النِّفاض: إزَارٌ منْ أُزُر الصِّبْيان، وَأنْشد:
جارِيةٌ بيضاءُ فِي نِفَاضِ
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: إِذا لُبس الثوبُ الأحمرُ أَو الأصفرُ فَذهب بعضُ لونِه قيل: قد نَفَضَ صِبْغُه نَفْضاً.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كسَاكَ الَّذِي يَكْسُو المكَارِمَ حُلَّةً
من الْمجد لَا تَبلَى بَطيئاً نُفُوضُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النُّفَاضةُ: ضُوازَةُ السِّواك ونُفاثتُه.
وَقَالَ ابْن شُميل: قومٌ نَفَضٌ، أَي: نَفَضُوا زادَهم. وأنفَضَ القومُ: إِذا فَنِيَ زادُهم.
ض ن ب
نضب، نبض، ضبن: مستعملة.
نضب: اللَّيْث: نضَب الماءُ يَنضُب نُضُوباً: إِذا ذَهب فِي الأَرْض.
ونَضَب الدَّبَرُ: إِذا اشتَدّ أثَرُهُ فِي الظَّهر: ونَضَبتِ المفازةُ: إِذا بَعُدَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الناضبُ: البعيدُ، وَمِنْه قيل للْمَاء إِذا ذَهَبَ: نَضَب، أَي: بَعُدَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: إنّ فُلاناً لنَاضِبُ الخَيْر، أَي: قليلُ الْخَيْر، وَقد نَضَب خيرُه نُضوباً، وَأنْشد:
إِذا رَأَيْن غَفْلةً من راقِبِ
يُومِين بالأعْيُنِ والحَواجِبِ
إيماءَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناضِبِ
أَبُو عُبيد: وَمن الْأَشْجَار التَّنَضُبُ، واحدتُها تَنْضُبَته.
قلتُ: هِيَ شَجَرَة ضَخْمةُ يقطَع مِنْهَا العَمَد للأَخْبِية.
وَقَالَ شَمِر: نَضَّبَتِ الناقَةُ، وتَنْضِيبُها: قِلَّةُ لَبَنِها، وطولُ فُواقِها وبِطَاءُ دِرَّتِها.
نبض: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أنْبَضْتُ القوسَ وأنضَبْتُها: إِذا جذبتَ وتَرَها لتُصوِّت.
قلت: وَهَذَا من المقلوب.
وَقَالَ اللَّيْث: نبضَ العِرْقُ يَنبِضُ نَبَضاناً، وَهُوَ تحرُّكُه؛ وَرُبمَا أنبضَتْه الحُمَّى وغيرُها من الأمْراض.
ومَنْبِضُ القَلْب: حَيْثُ ترَاهُ يَنبِض، وَحَيْثُ تَجِد هَمْسَ نَبضاتِه.
قَالَ: والنابض: اسْم للغَضَب.
وَقَالَ النَّابِغَة فِي إنباض القِسِيّ:(12/34)
أنْبَضوا مَعْجِس القِسِيِّ وأَبرَقْ
نَا كَمَا تُوعِد الفُحولُ الفُحُولا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: مَا لَهُ حَبَضٌ وَلَا نَبَض، أَي: مَا يتحرّك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّبْضُ: التحرّك، وَلَا أعرف الحَبَض.
وَقَالَ اللَّيْث: المَنَابض: المنادف، وَهِي المحابض، وَأنْشد:
لُغامٌ على الخَيْشُوم بعد هِبابه
كمحلوجِ عُطْبٍ طيّرته المنابضُ
قَالَ: وَالْوَاحد مِنْهَا مِنْبَض ومِحْبَض.
ضبن: قَالَ اللَّيْث: الضِّبْنُ: مَا تَحت الإبْطِ والكَشْح.
وَتقول: اضْطَبنْتُ شَيْئا، أَي: حَمَلْتُه فِي ضِبْنِي، ورُبَّما أَخذَه بيد فرفعه إِلَى فُوَيْق سُرّته. قَالَ: فأوّلُه الإبْط، ثمَّ الضَّبْن، ثمَّ الحَضْنُ، وَأنْشد:
لمّا تَغَلَّق عَنهُ قَيْضُ بَيْضَتِه
آوَاه فِي ضِبْنِ مَطْنِيَ بِهِ نَصَبُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضُبْنَةُ الرَّجُل وضَبْنَتُه وضَبِنَته: خاصَّتُه وبطانَته وزافِرَتُه، وَكَذَلِكَ ظاهِرَتُه وظِهَارَتُه.
وَقَالَ غَيره: ضِبْنةُ الرجل: عِيالُه.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: ضَبَنْتَ عنّا الهَدِيَّة، أَو مَا كَانَ من مَعْرُوف، نَضْبِن ضَبْناً، قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ضَبَنَتْ تَضْبِنُ ضَبْناً وخَضَنَتْ تخضِن خَضْناً كلُّه بِمَعْنى وَاحِد: إِذا كفَفْتَ وصَرَفْتَ.
عَن الْفراء قَالَ: نَحن فِي ضبينه وَفِي حريمه وظله وذمته وخضارته وحضره وذراه وحشاه وكنفه، كُله بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي (النَّوَادر) : ماءٌ ضَبْنٌ ومَضْبونٌ، ولَزْنٌ ومَلْزُون، ولَزِنٌ وضَبِنٌ: إِذا كَانَ مَشْفُوهاً كثير الْورْد لَا فَضْلَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّوْبانُ: الحَمَل المُسِنّ القوِيُّ. وَمِنْهُم من يَقُول: ضُوْبان، بضمّ الضَّاد.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخضرّ نابُه
فَلَا ناضِحِي وانٍ وَلَا القَرْبُ شَوّلا
قلت: من قَالَ: ضَوْباناً، احتَمَل أَن تكون النُّون لامَ الفِعل، وَيكون على مِثَال فَوْعال، وَمن جعله فُعْلاناً جعله من ضابَ يَضُوب.
ض ن م
ضمن، نضم: (مستعملان) .
أهملَ اللَّيْث: نضم.
نضم: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: النَّضْمُ: الْحِنطةُ الحادِرة السَّمينة، واحدتُها نَضْمة، وَهُوَ صَحِيح.
ضمن: ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء: ضَمِنتْ يدُه ضمانةً، بِمَنْزِلَة الزمانة. وَرجل(12/35)
مَضْمُون الْيَد: مثل مخبول الْيَد. وَقوم ضَمْنى: أَي زمنى.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فلانٌ ضامِنٌ وضَمِين، وكافِلٌ وكَفيل. ومِثْلُها سامِنٌ وسَمِين، وناضِر ونَضِيرٌ، وشاهِدٌ وشَهِيد.
وَيُقَال: ضَمِنْتُ الشيءَ أضمَنُه ضَماناً، فَأَنا ضامنٌ وَهُوَ مَضْمون.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عُمَر: (ومَن اكتَتَبَ ضَمِناً بعثَه الله ضَمِناً يومَ الْقِيَامَة) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو والأحمر: الضَّمِن الَّذِي بِهِ زَمَانَةٌ فِي جَسَده، من بَلاءٍ أوْ كَسْر أَو غيرِه، وَأنْشد:
مَا خِلْتُني زِلْتُ بعدَكمْ ضَمِناً
أشْكُو إليكمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ
قَالَ: والاسمُ الضَمَن والضَّمَان.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
ليكَ إلاه الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبتي
عِيَاذاً وخوفاً أَن تُطيلَ ضمَانِيَا
وَكَانَ قد أَصَابَهُ بعضُ ذَلِك، فالضَّمان هُوَ الدّاء نفسُه.
وَمعنى الحَدِيث: أَن يكتبَ الرجلُ أنّ بِهِ زَمانةً ليتخلّف عَن الغَزْو وَلَا زَمانةً بِهِ، وَإِنَّمَا يَفعل ذَلِك اعتلالاً. وَمعنى يكْتب يسْأَل أَن يُكتَب فِي جُمْلة الزّمْنَى وَلَا يُندَب للْجِهَاد، وَإِذا أَخَذ خَطّاً من أميرِ جُنْده فقد اكتتبه.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن بَيْع المَلاقيح والمضامين) . وَقد مرّ تَفْسِير الملاقيح.
وَأما المضامينُ فَإِن أَبَا عُبَيد قَالَ: هِيَ مَا فِي أَصْلاب الفُحول. وَأنْشد غَيره فِي ذَلِك:
إِن المَضامِين الَّتِي فِي الصُّلْبِ
ماءُ الفُحُولِ فِي الظُّهورِ الحُدْبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: مَا أَغنَى فلانٌ عنّي ضِمْناً، وَهِي الشِّسْع، أَي: مَا أَغنَى عنّي شَيْئا وَلَا قَدْرَ شِسْع.
وَفِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأُكَيْدِرَ دُومَةِ الجَنْدَلِ: (إنّ لنا الضّاحيَةَ من الضَّحْل والبُودَ والمَعَامِيَ، وَلكم الضامِنَةُ من النَّخل والمَعِين) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الضّاحِية من الضَّحْل: مَا ظهر وبَرَز وَكَانَ خَالِصا من العِمارة. والضّامنة من النَّخْل: مَا كَانَ دَاخِلا فِي العِمارة.
قلت: سمّيتْ ضامِنةً لِأَن أَرْبَابهَا ضَمِنوا عمارتَها، فَهِيَ ذاتُ ضَمان، كَمَا قَالَ الله جلّ وعزَّ: {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ} (الحاقة: 21) ، أَي: ذَات رِضاً.
وَفِي حَدِيث آخر: (من ماتَ فِي سَبِيل الله فَهُوَ ضامِنٌ على الله) ، أَي: هُوَ ذُو ضَمان(12/36)
على الله. وَهَذَا مَذهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل.
وَقَالَ اللَّيْث: كلّ شَيْء أُحْرِزَ فِيهِ شيءٌ فقد ضُمِّنه. وَأنْشد:
لَيْسَ لِمَن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ
أَي: لَيْسَ للّذي يُدفَن فِي الْقَبْر تَرْبِيتٌ، أَي: لَا يُرَبّيه القَبْر.
وَقَالَ اللَّيْث: المضمَّن من الشِّعر: مَا لم يتمَّ مَعَاني قَوافيه إِلَّا بِالْبَيْتِ الّذي يَلِيهِ، كَقَوْل الراجز:
يَا ذَا الَّذِي فِي الحُبِّ يَلْحَى أمَا
واللَّهِ لَو عُلِّقْتَ مِنْهُ كَما
عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ لما
قَالَ: وَهِي أَيْضا مشطورةٌ مضمَّنة، أَي: أُلقِيَ من كلّ بَيت نِصفٌ، وبُنِي على نِصف.
قَالَ: وَكَذَلِكَ المضمَّن للأصوات أَن تَقول للْإنْسَان: قِفْ قُلَى، بإشمام اللَّام إِلَى الْحَرَكَة.
ورُوِي عَن عِكرِمة أَنه قَالَ: لَا تَشترِ لبَن الْغنم والبقرِ مُضمَّناً، لِأَن اللّبن يزيدُ فِي الضَّرْع ويَنقُص، وَلَكِن اشتره كَيْلاً مُسمًّى.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو معَاذ: يَقُول: لَا تَشتَرِه وَهُوَ فِي الضَّرْع. يُقَال: شَرابُك مُضمّن: إِذا كَانَ فِي كُوز أَو إِنَاء.
أَبُو زيد: يُقَال: فلَان ضَمِنٌ على أصْحابه وكلٌّ عَلَيْهِم، وهما وَاحِد. وإنّي لَفِي غَفَلٍ عَن هَذَا وغُفُول وغَفْلة، بِمَعْنى واحدٍ.
(أَبْوَاب: ض ف ب ض ف م ض ب م: مُهْملَة)(12/37)
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الضَّاد
ض ص ض س ض ز:
أهملها اللَّيْث كلُّها.
وَقد جَاءَ الضَّاد وَالسِّين وَالضَّاد وَالزَّاي فِي المعتلّ مستعملين.
(ض س ض ز (وَا يء))
فأمّا الضّادُ والسِّين فَإِن المُنْذِرِيَّ أخبرَني عَن الطُّوشيّ عَن أبي جَعْفَر الخرّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ:
(ضوز ضيس) : الضَّوْزُ: لَوْكُ الشَّيْء.
والضَّوْسُ: أكلُ الطَّعام، وَأما الضّاد والزّايُ فَإِن الله جلّ وعزّ قَالَ فِي كِتَابه: {الاُْنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} (النَّجْم: 22) .
وروَى المفضّل بن سَلَمة عَن أَبِيه عَن الفرّاء أَنه قَالَ فِي قَوْله: {إِذاً قِسْمَةٌ} ، أَي: جائرة.
قَالَ: والقُرّاء جميعُهم على ترك همز: {ضِيزَى.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: ضِيزَى وَلَا يَهمِز. وبعضُهم يَقُول: ضِئْزَى وضُؤْزَى، بِالْهَمْز، وَلم يَقْرَأ بهَا أحد نعلمهُ.
قَالَ: وضِيزَى فُعْلَى، وَإِن رأيتَ أوَّلَها مكسوراً، وَهِي مِثْلُ بِيض وعِين، كَانَ أوَّلُها مضموماً فكَرِهوا أَن يُترَك على ضَمِّه، فَيُقَال: بُوضٌ وعُونٌ، والواحدةُ بَيْضَاءُ وعَيْناءُ، فكسَروا أَولهَا لتَكون بِالْيَاءِ، ويتألّف الْجمع والأثنان وَالْوَاحد.
وَكَذَلِكَ كَرهُوا أَن يَقُولُوا: ضُوزَى، فَتَصِير بِالْوَاو وَهِي من الْيَاء. وَإِنَّمَا قضيتُ على أوّلها بِالضَّمِّ، لأنَّ النُّعوت للمؤنث تَأتي إمّا بفَتْح وإمَّا بِضَم، فالمَفْتُوح مِثْل سَكْرَى وعَطْشَى، والمضموم مِثل الأُنثى والحُبلَى. وَإِذا كَانَ اسْما لَيْسَ بنعتٍ كَسَرُوا أوَّله كالذِّكرى والشِّعرى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: مَا أغْنى عَنّي ضَوْزَ سِوَاك، وأَنشَد:
تعَلَّمَا يَا أَيُّها العَجُوزَانْ
مَا هاهُنا مَا كنْتُما تَضُوزان
فروِّزَا الأمرَ الَّذِي تَرُوزَان(12/38)
وَأَخْبرنِي الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: ضِزْتُه حَقَّه، أَي: نقَصَتْهُ. قَالَ: وأفادني ابْن اليزيديّ عَن أبي زيد فِي قَوْله جلّ وعزّ: الاُْنثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} . قَالَ: جائرة؛ يُقَال: ضاز يَضِيزُ ضَيْزاً، وأَنشد:
إِذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا فِي غَنيمةٍ
تقنَّعَ جارَانَا فلَم يتَرَمْرَما
قَالَ: وضأَزَ يَضْأَزُ مِثلُه. وَأنْشد أَبُو زيد:
إِن تَنْأَ عنَّا نَنتَقِصْك وإنْ تُقِم
فحظُّكَ مَضْؤوزٌ وأنفُكَ راغِمُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ضِزْتُ فلَانا أضيزُ ضَيْزاً: جُرْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَقول الْعَرَب: قسمةٌ ضُؤْزَى (بالضمّ والهمز) وضُوزَى (بِالضَّمِّ بِلَا همز) وضِئْزَى (بِالْكَسْرِ والهمز) وضِيزَى (بِالْكَسْرِ وَترك الْهَمْز) . قَالَ: وَمَعْنَاهَا كُّلها الجَوْرُ؛ روى ذَلِك كُله عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى.
ورَوَى سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ: الضُّوَازة: شظيّةٌ مِنَ السِّواك.
قلتُ: ضازَ يَضُوز: إِذا أَكَلَ. وضازَ يَضِيز: إِذا جارَ.
ض ط (وَا يء)
أهملَه اللَّيْث.
(ضوط ضيط) : وَقَالَ أَبُو زيد فِي (النَّوَادِر) : ضاطَ الرجلُ فِي مَشْيه فَهُوَ يَضيِطُ ضَيَطاناً، وحاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً: إِذا حَرّك مَنْكِبَيه وجَسَدَه حِين يمشي، وَهُوَ الْكثير اللَّحم الرِّخْوُ.
وأقرأَني الإيادَيُّ لشَمِر عَن أبي عبيد عَن أبي زيد: الضَّيَطانُ أَن يُحَرِّك مَنْكِبَيه حِين يمشي مَعَ كثرةِ لَحْمٍ. ثمَّ أَقرأَنيه المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم: الضَّيَكَان بِالْكَاف بدل الطَّاء فَإِذا هُما لُغَتان بِمَعْنى وَاحِد.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت عَن الكلابيّ: الضَّوِيطَةُ: الْحَمْأَةُ والطين.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للحَيْس: ضَوِيطَةُ.
وَقَالَ غيرُه: رَجل ضَوِيطةٌ أحمقُ، وَأنْشد:
أَيَردُّني ذاكَ الضَّوِيطَةُ عَن هَوَى
نفسِي ويَفعلُ غيرَ فِعل العاقِلِ
وسمعتُ أَبَا حَمْزَة يَقُول: يُقَال: أَضْوَط الزِّيارَ على الفَرَس، أَي: زَيَّرَهُ بِهِ.
وَقَالَ الْفراء: إِذا عُجِن العجينُ رَقِيقا فَهُوَ الضَّوِيطة، والوَرِيخَةُ. وَفِي فَمه ضَوَط، أَي: عَوَج.
ض د (وَا يء)
استُعمل مِنْهُ: (ضأد، رأض، ضود) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الضُؤْدَةُ: الزُّكام، وَقد ضُئدَ فَهُوَ مَضْئود. وأضأَده الله، أَي: أَزْكَمه.(12/39)
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الضُؤاد، وَقد ضُئِد: إِذا زُكِم.
دأض: أهمَلَه اللّيث؛ وأَنشَد الباهليّ:
وَقد فَدَى أعناقَهُنّ المَحْصُن
والدَّأْضُ حَتَّى لَا يكون غَرْضُ
قَالَ: وَيَقُول: فَدَاهُنّ ألبانُهن من أَن يُنْحَرْن، قَالَ: والغَرْضُ: أَن يكون فِي جُلودها نُقْصَان.
قَالَ: والدَّأَضُ والدَّأَصُ بالضاد وَالصَّاد: ألاّ يكون فِي جلودها نُقْصَان. وَقد دَئِضَ يَدْأَض دَأَضاً، ودَئَصَ يَدْأَصُ دَأَصاً.
قلتُ: وَرَوَاهُ أَبُو زيد بالظاء فَقَالَ:
والدَّأْظُ حَتَّى لَا يكون غَرْضُ
وَكَذَلِكَ أقرأَنِيه المُنذرِيّ عَن أبي الهيْثم، وفسّره فَقَالَ: الدَّأْظ: السِّمَنُ والامتلاء. يَقُول: لَا يُنْحَرْنَ نَفاسةً بهنّ لسِمَنِهِنّ وحُسنهن.
(ضود) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضَّوادِي: الفُحْش.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: ضادَى فلانٌ فلَانا، وضادَّه بِمَعْنى وَاحِد. وَإنَّهُ لصاحبُ ضَدًى مِثل قَفاً من المُضادّة، أخرجه من التَّضْعِيف.
ض ت ض ظ ض ذ ض ث: أهملت مَعَ حُرُوف العلّة.
(بَاب الضَّاد والرّاء)
ض ر (وَا يء)
ضَرَا، (ضَرِي) ، وضر، رَضِي، روض، ريض، أَرض، ورض، ضور، ضير.
ضرا: الأصمعيّ: ضَرّا العِرْقُ يَضْرُو ضَرْواً: إِذا اهتزّ ونَفَرَ بالدّم.
وَقَالَ العجَّاج:
مِمّا ضَرَا العِرْقُ بِهِ الضَّرِيُّ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَرَى يَضرِي: إِذا سَالَ وجَرَى.
قَالَ: ونَهَى عليّ رَضِي الله عَنهُ عَن الشُّرب فِي الْإِنَاء الضّارِي. قَالَ: وَمَعْنَاهُ: السَّائِل، لِأَنَّهُ يُنقص الشُرْب. قَالَ: وضَرِيَ النَّبيذُ يضرى: إِذا اشتدّ.
قلتُ أَنا: الضَّارِي من الْآنِية: الإناءُ الَّذِي ضُرِّيَ بالخَمْر، فَإِذا جُعِل فِيهِ العَصيرُ صارَ مُسكِراً، وأصلُه من الضَّراوة وَهِي الدُّرْبة والعادَة.
ورَوَى أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: لَذِمْتُ بِهِ لَذَماً، وضَرِيتُ بِهِ ضَرَى وَدَرِبْتُ بِهِ دَرَباً.
قَالَ شمِر: الضَّراوةُ: الْعَادة يُقَال: ضَرِيَ بالشَّيْء: إِذا اعتاده فَلَا يكَاد يصبِر عَنهُ. وضَرِيَ الكلبُ بالصيد: إِذا تَطَعَّمَ بلَحْمه ودَمِه. والإناءُ الضّارِي بالشّراب، والبيتُ الضّاري باللَّحم مِن كَثْرَة الاعتياد حَتَّى(12/40)
يَبقَى فِيهِ ريحُه. وَأما قَول الأخطل:
لمّا أتَوْه بمصباحٍ ومِبْزَلهِمْ
سَارَتْ إِلَيْهِ سُؤْرَ الأَبجُل الضّارِي
فَإِن بَعضهم قَالَ: الضّاري: السائلُ بالدّم؛ من ضَرا يَضْرُو. وَقيل: الأَبْجلُ الضارِي: العِرْقُ من الدّابة الَّذِي اعْتَادَ التودِيج، فَإِذا حَان حِينُه ووُدِّج كَانَ سؤرُ دَمه أشَدَّ؛ ولكلَ وَجْهٌ.
وَفِي حَدِيث عمَر: (إِن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر) . أَرَادَ أنّ لَهُ عَادَة طَلاّبةً لأكلها كعادة الْخمر، وشدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها، وَمن اعْتَادَ الْخَمرَ وشُرْبَها أَسرَف فِي النّفقة حِرْصاً على شُرْبها، وَكَذَلِكَ من اعْتَادَ اللَّحْم وأَكله لم يَكَد يَصبِر عَنهُ، فَدخل فِي بَاب المُسرِف فِي نَفَقته، وَقد نَهَى الله عزّ وجلَّ عَن الْإِسْرَاف.
وَقَالَ الأصمعيّ: ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً: إِذا اعْتَادَ الصّيدَ.
وَيُقَال: كَلْبٌ ضِرْوٌ، وكَلْبة ضِرْوة، والجميع أَضْرٍ وضِراء.
وَيُقَال أَيْضا: كلبٌ ضارٍ، وكَلْبةٌ ضارِية. قَالَ: والضَّرَاء مَا وَراك من شجر.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: الضَّرَاء: البَرازُ والفَضاء. وَيُقَال: أرضٌ مستويةٌ فِيهَا شجر؛ فَإِذا كَانَت فِي هَبْطةٍ فَهِيَ غَيْضَة.
وَقَالَ ابْن شُميل: الضَّرَاءُ: المستوِي من الأَرْض؛ يُقَال: لأَمْشِيَنَّ لَك الضَّرَاء. قَالَ: وَلَا يُقَال: أرضٌ ضَرَاءٌ، وَلَا مَكانٌ ضَرَاء.
قَالَ: ونزلْنا بضَراءٍ من الأرْض؛ أَي: بأَرْضٍ مستوِية؛ وَقَالَ بِشْرُ:
عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلاَ
بشَهْباءَ لَا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها.
قَالَ: وَيُقَال: لَا أَمْشِي لَهُ الضَّراء وَلَا الْخَمرَة؛ أَي: أُجاهِرُه وَلَا أُخاتِله.
قَالَ شَمِر: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّراءُ: الاستخفاء.
وَيُقَال: مَا وَاراكَ من أَرْضٍ فَهُوَ الضَّرَاء، وَمَا واراك من شجرٍ فَهُوَ الخَمَرَ.
وَهُوَ يَدِبُّ لَهُ الضَّرَاءَ: إِذا كَانَ يَختِله.
وَقَالَ ابْن شُميل: مَا واراكَ من شَيْء وادّرأْتَ بِهِ فَهُوَ الخَمَر، الوَهْدةُ: خَمَرٌ. والأكمَةُ: خَمَر، والجَيَلُ: خَمَرٌ. والشجرُ: خَمَر. وكلُّ مَا وَاراكَ فَهُوَ خَمَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: مكانٌ خَمِر: إِذا كَانَ يغطِّي كلَّ شَيْء ويُوارِيه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضِّرْوُ والبُطْمُ: الحبّةُ الخَضْراء.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّرْوُ: ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه فِي العِطْر، وَيُقَال: ضِرْو.
قَالَ: وَهُوَ المحْلَب، وَيُقَال: حَبّةُ(12/41)
الْخَضْراء، وأَنشدَ غيرُه:
هَنِيئًا لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه
على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ
أَرَادَ عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضِّرْو: إِذا استاكتْ بِهِ هَذِه الْجَارِيَة كَانَ الرِّيقُ الّذي يَبتلّ بِهِ السِّواكُ مِن فِيهَا كالشَّهْد.
ضور ضير: أخبَرَني المنذريُّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: ضارَني يَضيرُني، ويَضُورني ضَيْراً.
سَلَمة عَن الفرّاء؛ قَرَأَ بعضُهم: {لَا يَضِرْكُم كيدهم شَيْئا} (آل عمرَان: 120) ، يَجعله من الضَّيْر.
قَالَ: وَزعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ الْعَالِيَة يَقُول: مَا يَنْفَعنِي ذاكَ وَلَا يَضُورُني.
والضّرُّ وَاحِد. قَالَ الله جلّ وعزّ: {لله (قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} (الشُّعَرَاء: 50) ، مَعْنَاهُ: لَا ضَرَّ.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء قَالَ: الضُّورةُ من الرّجال: الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.
قلتُ: وأَقرأَنيه الإياديّ عَن شَمِر بالراء، وأقرأنيه المنذريُّ رِوَايَة عَن أبي الْهَيْثَم: الضُّؤْزَةُ، بالزّاي مهموزاً، وَقَالَ لي: كَذَلِك ضبطتُه عَنهُ.
قلتُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الضُّورَةُ: الضعيفُ من الرّجال. والضَّوْرَةُ: الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.
ورَوى عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الضَّوْرُ: شِدّةُ الجُوع.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: هُوَ يَتلَعْلَع من الجُوع؛ أَي: يتضَوّر.
وَقَالَ اللّيث: التضوُّر: صِيَاحٌ وتَلَوَ عِنْد الضّرب من الوَجع.
قَالَ: والثعلبُ يتضوّر فِي صِياحه.
ورَوى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: هَذَا رجلٌ مَا يَضِيرُك عَلَيْهِ نَحْتاً للشّعر، ولحناً للشِّعر، أَي: مَا يَزيدك على قَوْله الشّعر. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن السكّيت: وَكَذَلِكَ مَا يُزَنِّدُك وَمَا يُزَرْنِقُك على قَوْله الشّعْر.
وضر: قَالَ اللَّيْث: الوَضَرُ: وَسَخُ الدَّسَم واللّبن، وغُسالةُ السِّقَاء والقَصْعَة وَنَحْوه، وأَنشَد:
إِن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً
أَو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للغُنْدُورة: وَضْرَى، يَعْنِي أمّ سُوَيْد.
وَقَالَ شمر: يُقَال: وَضِرَ الْإِنَاء يَوْضَر وَضَراً: إِذا اتّسخ، وَيكون الوَضَر من الصُّفرة والحُمْرة والطِّيب، ثمَّ ذكر حديثَ(12/42)
عبد الرّحمن بن عوْف حِين رأى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَضَراً من صُفْرة فَقَالَ لَهُ: (مَهْيَم) الْمَعْنى: أَنه رأى بِهِ لَطْخاً من خَلوق أَو طِيب لَهُ لون، فَسَأَلَهُ عَنهُ فأَخبَرَه أنّه تزوّج.
روض ريض: يُقَال: رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً ورِياضةً: إِذا علّمتَها السَّيْرةَ وذلّلتَها، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
ورُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ
دَلَّ بقَوْله: أيَّ إذْلال، أنّ معنى قَوْله: رُضْتُ: ذللّتُ، لِأَنَّهُ أَقَامَ الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.
وَقَالَ الأصمعيّ وغيرُه: الرَّيِّض من الدّوَاب: الّذي لم يَقبل الرّياضة ولَم يَمْهَر السَّيْرة، وَلم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كَيفَ يَشَاء.
وَيُقَال: قصيدة رَيِّضةُ القَوافي: إِذا كَانَت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها وَلَا عَرُوضَها. وأَمْرٌ رَيِّض: إِذا لم يُحكم تدبيرُه.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: استَراضَ الْوَادي: إِذا استَنقَع فِيهِ الماءُ.
وَقَالَ شَمِر: كأنّ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فِيهَا.
وَقَالَ غيرُه: أراضَ الوادِي إراضَةً: إِذا استراضَ الماءُ فِيهِ أَيْضا.
وَفِي حَدِيث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبَيْه لمّا نَزَلوا عَلَيْهَا وحَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها وسَقَوْها، ثمَّ حَلَبوا فِي الْإِنَاء حَتَّى امْتَلَأَ، ثمَّ أَراضُوا) . قَالَ أَبُو عُبَيد: معنى: (أَراضُوا) ، أَي: صَبُّوا اللّبَن على اللَّبن. ثمَّ قَالَ: أَراضُوا من المُرِضَّةِ وَهِي الرَّثيئة.
قَالَ: وَلَا أعلمُ فِي هَذَا الحَدِيث حرفا أغربَ مِنْهُ.
وَقَالَ غيرُه: معنى قَوْلهَا: (أراضُوا) ، أَي: شَرِبوا عَلَلاً بعد نَهَل. أَرَادَت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلاً، وَهُوَ من أَراضَ الْوَادي واستراضَ: إِذا استَنقَع فِيهِ المَاء. وأَراضَ الحوضُ: إِذا اجْتمع فِيهِ الماءُ؛ وَيُقَال لذَلِك المَاء: رَوْضة، وَأنْشد شَمِر قولَ الرّاجز:
وروضةٍ سَقيْتُ مِنْهَا نِضْوَتي
قلت: ورياضُ الصَّمَّان والحَزْن فِي البادِية: قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بَين ظَهرانَيْ قِفافٍ وجَلَدٍ من الأَرْض يَسيل فِيهَا ماءُ سيولِها فيستريض فِيهَا، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب والبُقول، وَلَا يُسرِع إِلَيْهَا الهَيْج والذُّبول، وَإِذا أعشبتْ تِلْكَ الرياضُ وتَتابَع عَلَيْهَا السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَنَعَمُها جَمْعَاء. وَإِذا كَانَت الرياض فِي أعالي البِراق والقِفَاف فَهِيَ السُّلْقان، وأحدها سَلَق. وَإِذا كَانَت فِي الوِطاءات فَهِيَ رِيَاض، وَفِي بعض تِلْكَ الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ، وربَّما كَانَت(12/43)
الروضةُ وَاسِعَة يكون تقديرها مِيلاً فِي ميل، فَإِذا عَرُضتْ جدّاً فَهِيَ قِيَعانٌ وقِيعةٌ، واحدُها قاع. كلُّ مَا يَجتمِع فِي الإخاذ والمَسَاكات والتَّناهي فَهِيَ رَوْضة عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ الأصمعيّ: الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. وَيُقَال: فِي المَزادة رَوْضَةٌ من المَاء، كَقَوْلِك: فِيهَا شَوْلٌ من المَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أراضَ الخوضُ فَهُوَ مُرِيض. وَفِي الْحَوْض رَوْضة من المَاء: إِذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه وأَرْضَه.
وَقَالَ: هِيَ الرَّوضَةُ والرِّيضةُ والأَرِيضَة والمُسترِيضَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً ورِيضاناً.
قلتُ: وَإِذا كَانَ الْبَلَد سَهْلاً يَنْشَف المَاء لسُهُولَته، وأسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فَهُوَ مَرَاضٌ، وجمعُه مَرائض، ومَرَاضات، وَإِذا احتاجوا إِلَى مِياه المَرائض حَفَروا فِيهَا جِفاراً فشَرِبوا مِنْهَا واستَقَوْا من أحسائها إِذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.
ورُوي عَن ابْن المسيّب أَنه كَرِه المُرَاوَضَة.
قَالَ شمر: المُرَاوَضة: أَن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة لَيست عِنْدَك.
قلت: وَهُوَ بَيْعُ المُواصَفة عِنْد الْفُقَهَاء. وأَجازَه بعضُ الْفُقَهَاء إِذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ: وأَبَى الْآخرُونَ إجازَتها، إِلَّا أَن تكون الصفةُ مَضْمُونَة إِلَى أجل مَعْلُوم.
ورض: قَالَ اللّيثُ: وَرَضَت الدَّجاجةُ: إِذا كَانَت مُرْخِمةً على البَيْض، ثمَّ قَامَت فوضَعَت بمَرَّةٍ وَاحِدَة.
قَالَ: وَكَذَلِكَ التَّوْريضُ فِي كلّ شَيْء.
قلتُ: هَذَا عِنْدِي تَصْحِيف، والصوابُ وَرَّصَتْ بالصَّاد.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: وَرَّص الشَّيْخ، بالصّاد: إِذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: أَوْرَصَ ووَرَّصَ: إِذا رَمَى بغائطِه. وَأما التَّوريضُ، بالضّاد، فَلهُ معنى غيرُ مَا ذكره اللّيثُ.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُوَرِّضُ: الَّذِي يَرْتاد الأرضَ ويَطلُب الْكلأ، وَأنْشد قولَ ابنِ الرِّقَاع:
حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أَن قَدْ
ذَرَّ مِنْهَا بكلّ نَبْءٍ صِوارُ
ذرَّ: أَي: تَفرَّق. النَّبْءُ: مَا نَبَا من الأَرْض.
وَقَالَ: يُقَال: نَوَيْتُ الصومَ وأَرَّضْتُه، ووَرَّضْتُه، ورَمَّضْتُه، وبَيَّتُّهُ، وخَمَّرْتُه،(12/44)
وبَنَّنْتُه، ودَسَّسْتُه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي الحَدِيث: (لَا صِيامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل) .
قلت: وأحسبُ الأصلَ فِيهِ مهموزاً، ثمَّ قُلِبت الْهمزَة واواً.
أَرض: الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الأرْضُ: الَّتِي عَلَيْهَا النَّاس. والأرْضُ: سُفلَةُ الْبَعِير والدّابة؛ يُقَال: بعيرٌ شديدُ الأرْض: إِذا كَانَ شديدَ القوائم. وأنشَد:
ولَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ
وَلَا لحَبْلَيْه بهَا حَبَارُ
يَعْنِي: لم يُقلِّب قَوَائِمهَا لعلَّة بهَا، وَقَالَ سُوَيد بن كرَاع:
فركِبناها على مَجْهولِها
بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ
وَقَالَ خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ:
إِذا مَا اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه
جَرَى وَهُوَ مَوْدُوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ
قَالَ: والأرْضُ: الرِّعْدةُ. ورُوي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بِي أرْضٌ، أَي: بِي رِعْدَة.
وَيُقَال: بِي أَرْضٌ فآرِضُوني، أَي: دَاوُوني. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها
أَو كَانَ صاحِبَ أَرْضٍ أَو بِهِ المُومُ
قَالَ: والأرضُ: الزُّكام، يُقَال: رجل مأْروض. وَقد أُرِض فلَان، وآرَضَه اللَّهُ إيراضاً.
والأرْضُ: مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فَهِيَ مأروضَة إِذا وَقعت الأرَضَة فِيهَا.
قَالَ: والأرَض بِفَتْح الرَّاء: مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض: إِذا تَفَشَّتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا فَسدتْ القُرحة وتقطَّعت.
قيل: أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الأرِيضَة: الأَرْض السهلة لَا تميل إلاّ على سَهْل ومنبت، وَهِي ليّنة كَثِيرَة النَّبَات، وَإِنَّهَا لأَرِيضة للنبت وَإِنَّهَا لذات أراضة، أَي: خَلِيقَة للنبت.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أُرِضَت الأَرْض تأرُض أرَضاً: إِذا أخصبَتْ وزكا نباتُها.
وأرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة: إِذا كَانَت كَرِيمَة.
قَالَ أَبُو النَّجم:
أبحرُ هِشامٍ وَهُوَ ذُو فِراضِ
بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ
وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ
فِي كل وادٍ واسِع المُفَاضِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإراضُ: العِراضُ، يُقَال: أَرضٌ أَرِيضةٌ، أَي: عريضة.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الإراض: بِساطٌ(12/45)
ضَخْمٌ من وَبرٍ أَو صوف.
وَقَالَ أَبُو البَيْداء: أَرْضٌ وأُرُوضٌ. وَمَا أَكثر أُروضَ بني فلَان.
وَيُقَال: أَرْضَ وأَرْضُون وأَرَضات. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات: خَلِيقَة، وَإِنَّهَا لَذاتُ إرَاضٍ.
وَقَالَ غَيره: المؤرِّضُ: الَّذِي يَرعَى كلأَ الأَرْض.
وَقَالَ ابْن دَالاَن الطائيّ:
وهم الحُلومُ إِذا الرّبيعُ تجنّبتْ
وهمُ الربيعُ إِذا المؤرِّضُ أجدَبَا
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: مَا آرَضَ هَذَا المكانَ، أَي: مَا أكثرَ عُشبَه.
وَقَالَ غيرُه: مَا أحسَنه وأطيَبَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: أرْضٌ أرِيضة، أَي: مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.
الأصمعيّ: تأَرَّضَ فلانٌ بِالْمَكَانِ: إِذا ثَبت فلَم يَبْرح.
وَقيل: التأرُّضُ: التأنّي والانتظار، وَأنْشد:
وصاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا
فقامَ عجلانَ وَمَا تأَرَّضا
يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً
إِذا الكَرَى فِي عَيْنِه تمَضْمَضَا
وَيُقَال: تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ، أَي: يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول أمّ معبد الخُزاعيَّة: (فَشرِبوا حَتَّى أَرَاضوا) ، أَي: نَامُوا على الإراض، وَهُوَ البِسَاط.
قلت: والقولُ مَا قَالَه غيرُه: إِنَّه بِمَعْنى نَقَعوا ورَوُوا.
رَضِي: قَالَ اللَّيْث: رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. والرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ، والرِّضا مقصورٌ.
قلتُ: وَإِذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً ومُراضاةً فَهُوَ مَمْدُود: وَإِذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فَهُوَ مَقْصُور.
وَقَالَ أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّضِيُّ: المُطِيعُ. والرَّضيُّ: المُحِبّ. والرِّضيّ: الضَّامِن.
وَمن أَسمَاء النِّسَاء: رُضَيَّا بوَزْن التُّرَيا وتكبيرهما رَضْوَى وثَرْوَى.
ورَضْوَى: اسمُ جبل بعَيْنَه والمَرْضاةُ والرُّضْوَان: مصدَران.
والقرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ بِكَسْر الرَّاء إلاّ مَا رُوِي عَن عَاصِم أَنه قَالَ: رُضوَان، وهما لُغَتَانِ.
وَيُقَال: فلَان مَرْضِيٌّ، وَمن الْعَرَب من يَقُول: مَرْضُوٌّ، لِأَنَّهُ من بَنات الْوَاو، وَالله أعلم.(12/46)
(بَاب الضَّاد وَاللَّام)
ض ل (وَا يء)
استُعمل من جَمِيع وجوهه: (ضول، ضلا، لضا) .
ضول: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً وضُؤُولة: إِذا قَال رأْيُه. وضَؤُل ضُؤولةً وضآلة: إِذا صَغُر.
وَقَالَ اللَّيْث: الضئيلُ نعتٌ للشَّيْء، فِي ضَعِفه وصِغَره ودقّته، وجمعُه ضُؤلاءُ وضَئيلون. وَالْأُنْثَى ضئيلة، وَأنْشد شَمِر لبَعض بني أَسَد:
أَنا أَبُو المِنهالِ بعضَ الأحيان
لَيْسَ عليَّ نَسَبي بضُؤْلان
أَرَادَ بضَئِيل.
وَفِي الحَدِيث: (إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ، وَإنَّهُ لَيَتَضَاءَل من خَشْيَة الله حَتَّى يصيرَ مثلَ الوَصَع) ، يُرِيد يتصاغَر ويتحاقَر تَواضُعاً لله، وخشيةً للربّ تبَارك وَتَعَالَى.
والضّالُ غير مَهْمُوز: هُوَ السِّدْرُ البَرّيّ، والواحدةُ ضالَةٌ.
وَيُقَال: خَرج فلانٌ بضالَتِه، أَي: بسلاحِه.
والضّالَةُ: السلاحُ أجمع، يُقَال: إِنَّه لكامِل الضّالَة، والأصلُ فِي الضّالَة: النِّبالُ والقِسيُّ الَّتِي تُسَوَّى وتُنحت من شَجَر الضَّالِ.
وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
أَبُو سليمانَ وصُنْع المُقْعَدِ
ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ
وضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد
ومؤْمِن بِمَا تَلاَ محمّد
أَرَادَ بالضّالَة: السهامَ، شَبّه نصالَها فِي حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الضُّؤُولةُ: الهُزال.
ضلا: أهملَه اللَّيْث.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: ضَلاَ: إِذا هَلَك.
(لضا) : قَالَ: ولضَا: إِذا حَذَق الدِّلالة.
(بَاب الضَّاد وَالنُّون)
ض ن (وَا يء)
ضني، ضنأ، ضَأْن، ضون، وضن، نضا، نوض، أنض.
ضني: وَقَالَ اللَّيْث: ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شَدِيدا: إِذا كَانَ بِهِ مرَضٌ مُخامِر، وَكلما ظنّ أَنه قد بَرَأ نُكِس، وَقد أضناه المَرَض إضْنَاءً.
سلمةُ عَن الفرّاء: الْعَرَب تَقول: رجلٌ ضَنًى ودَنف، وقَومٌ ضَنًى، أَي: ذوُو ضنًى وَكَذَلِكَ قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل وصَوْمٌ ونَوْم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجل ضنًى، وَامْرَأَة ضَنًى، وقومٌ ضَنًى، وَهُوَ المُضْنَى من(12/47)
الْمَرَض.
وقومٌ ضَنًى، أَي: ذَوُو ضَنًى، وَكَذَلِكَ قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.
وَقَالَ: تَضَنَّى الرجلُ: إِذا تمارَض. وأَضنَى: إِذا لَزِم الفِراشَ، من الضَّنَى.
وَيُقَال: رجلٌ ضَنِ، ورجلان ضَنِيَان، وَامْرَأَة ضَنِيَة، وَقوم أَضناءٌ.
وَيُقَال: أضناه المَرَضُ وأنضَاه بِمَعْنى وَاحِد.
ضنأ: قَالَ أَبُو زيد: ضنأَتِ المرأةُ ضَنّاً وضُنُوءاً: إِذا وَلَدَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّنْءُ: الوَلَد، مَهْمُوز سَاكن النُّون، وَقد يُقَال لَهُ: الضِّنء.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: قَالَ أَبُو المفضّل أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أَسد قَالَ: الضَّنْءُ: الْوَلَد، والضِّنْءُ: الأَصْل، وَأنْشد:
وميراث ابْن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ
بأصْل الضِّنْء ضِئْضِئة الأصيلِ
أَرَادَ ابْن هاجَر، وَهُوَ إِسْمَاعِيل.
اللَّيْث: ضنَتِ المرأةُ تضْنُو: إِذا كثُر ولدُها، وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي الضّانية.
وَيُقَال: ضَنَأتِ الماشيةُ: إِذا كثُر نِتاجُها قَالَ: وضِنْءُ كلّ شَيْء: نَسْلُه.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: امرأةٌ ضانئة وماشية، مَعْنَاهُمَا أَن يَكثُر ولدُهما، وَقد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً، وضَنأَتْ تضنُو ضَنْأً مَهْمُوز.
رَوَى شَمِر عَن أبي عُبَيد فِيمَا قرأْتُ على الإياديّ: اضطَبَأْتُ مِنْهُ: استحيَيْتُ، رَوَاهُ بِالْيَاءِ عَن الأُمَويّ.
وأَخبَرني الإياديّ عَن أبي الهَيْثم أنّه قَالَ: إِنَّمَا هُوَ اضْطَنَأْتُ بالنّون؛ وأَنشَد:
إِذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى
وَلَا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل
وأخبَرَني أَبُو المفضّل عَن الحرّاني عَن ابْن السّكيت أنّه أنشَده:
تَزَاءَك مُضْطَنِيءٌ آرِمٌ
إِذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لَا يَفْطَؤْهْ
قَالَ: والتَّزاؤُك: الاستحياء. آرِم، أَي: يُواصِل، لَا يَفْطأُه، أَي: لَا يَقهَره.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضُّنَى: الأَوْلاد. قَالَ: والضِّنَى بِالْكَسْرِ: الأوجاعُ المُخِيفة.
وَقَالَ ابْن دُرَيد فِي كتاب (الجَمْهرة) : قعد فلَان مَقعَد ضُنْأةٍ، أَي: مَقعَد ضَرورة، وَمَعْنَاهُ الأَنفَة.
قلت أَنا: أحسَب قولَ ابْن دُرَيد من الاضطِناء، وَهُوَ الاستحياء.(12/48)
ضَأْن ضون: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضّانةُ غيرُ مَهْمُوز: البُرَةُ الَّتِي يُبْرَى بهَا البَعِيرُ؛ ذكرهَا غيرُ وَاحِد مِنْهُم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّضَوُّن: كثرةُ الوَلَد. قَالَ: والضَّوْن: الإنْفَحة.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الضَّيْوَنُ: الهِرُّ، وجمعُه الضَّيَاوِن.
وَمن مَهموزِه: الضَّأْنُ والضَّأَن؛ مثلُ المَعْز والمَعَز، وتُجمع ضَئِيناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَّأْن: ذواتُ الأصْواف من الغَنَم؛ وَيُقَال للواحدة: ضائنة، ورَجلٌ ضائن؛ قَالَ بعضُهم: هُوَ اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. وَقَالَ آخَرُ: هُوَ الَّذِي لَا يزَال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.
وَيُقَال: رَمْلةٌ ضائنة، وَهِي البيضاءُ العَرِيضة، وَقَالَ الجَعْدِيّ:
إِلَى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا
وَيُقَال: اضْأَنْ ضَأْنَك، وامْعَزْ مَعْزَك، أَي: اعْزِل ذَا مِنْ ذَا. وَقد ضأَنْتُها: إِذا عزلتَها.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حَبيب: قَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ ضائنٌ: إِذا كَانَ ضَعِيفا، ورجلٌ ماعِزٌ: إِذا كَانَ حازماً مَانِعا مَا وراءَه.
قَالَ: والضِّئنِيّ: السِّقاءُ الَّذِي يُمخَض بِهِ الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إِذا كَانَ ضَخْماً من جلد الضَّأْن.
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثَوْر:
وجاءَتْ بضِئْنِيَ كأنّ دَوِيَّهُ
ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ
وضن: سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الميضَانة: القُفّة، وَهِي المَرْجُونة والقَفْعة، وَأنْشد:
لَا تَنْكِحنّ بعْدهَا حَنّانَهْ
ذَات قَتارِيد لَهَا مِيْضَانَهْ
قَالَ: حَنّ وهَنّ، أَي: بَكَى.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (الاَْخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ} (الْوَاقِعَة: 15) .
قَالَ الفرّاء: الموْضُونةُ: المَنْسُوجةُ، وَإِنَّمَا سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لِأَنَّهُ منسوج.
وَيُقَال: وضَنَ فلانٌ الْحجر والآجُر بعضُه فَوق بعضٍ: إِذا أشْرَجه: فَهُوَ مَوْضون.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَضْن: نسجُ السَّرِيرِ وأشباهِه بالجوهر وَالثيَاب، وَهُوَ مَوْضُونٌ.
قَالَ: والوَضِينُ: البِطَانُ العَرِيض.
وَقَالَ حُميد بن ثوْر:
على مُصْلَخِمَ مَا يكَاد جَسِيمُه
يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما
المسمَّمُ: المزيَّنُ بالسُّموم، وَهِي خَرَزٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّوَضُّن: التّحبُّبُ. والتوَضُّنُ: التذَلُّلُ. والوُضْنَةُ: الكرسيُّ المنسوجُ.
وَقَالَ شَمِر: المَوْضونةُ: الدِّرْعُ المَنْسوجة.
وَقَالَ بَعضهم: دِرْعٌ مَوْضونةٌ: مُقاربةُ(12/49)
النَّسْج مثل الموضُونة.
وَقَالَ رجل من الْعَرَب لامْرَأَته: ضِنِيه يَعني مَتاعَ بَيتهَا أَي: قارِبي بعضَه من بعض.
وَقيل: الوَضْنُ: النَّضْد، يُقَال: وَضَن متاعَه بعضَه فَوق بعض.
نوض: قَالَ ابْن المظفَّر: النَّوْضُ: وُصْلةُ مَا بَين العَجُز والمَتْن. وَلكُل امْرَأَة نَوْضان: وهما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها، يَعْنِي وَسَط الوَرِك، وَقَالَ رُؤبة:
إِذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ فِي انتِهاضِ
جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ
قَالَ: والنَّوْضُ: شِبْه التَّذَبْذُب والتَّعَثْكُل، يُقَال: ناضَ يَنُوض نَوْضاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأنواضُ: مدافع المَاء، وَقَالَ رؤبة:
غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ
يُسقَى بِهِ مَدافِعُ الأنْواضِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأنواضُ: الأوْدية، وَاحِدهَا نَوْض.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَنهُ أَنه قَالَ: النَّوْضُ: الْحَرَكَة، والتَّفَرّض. والنَّوْضُ: العُصْعُص.
وَقَالَ الْكسَائي: العَرَب تُبدِل من الصَّاد ضاداً، فَتَقول: مَا لَكَ مِن هَذَا مناض، أَي: مناص.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: يُقَال: فلَان مَا يَنُوض لحاجةٍ، وَمَا يَقدِر أَن يَنُوص، أَي: يَتَحَرَّك لشَيْء.
وَقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً: إِذا ذَهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً، أَي: ضرّجْته. وأَنشدَ فِي صِفَة الْأسد:
فِي غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كَأَنَّهُ
بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ
أَي: مُضَرَّج. أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن أبي العبّاس أَحْمد بن يحيى عَنهُ.
أَبُو تُرَاب عَن أبي سعيد الْبَغْدَادِيّ قَالَ: الأنْوَاضُ والأنْواطُ وَاحِد، وَهِي مَا نُوِّط على الْإِبِل إِذا أُوقِرَتْ، وَقَالَ رُؤْبة:
جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ
أنض: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أنَضْت اللحمَ إيناضاً: إِذا شَوَيْتَه وَلم تُنْضِجْه.
وَقَالَ اللَّيْث: لحمٌ أَنِيض: فِيهِ نُهُوأةٌ، وَقَالَ زُهَير:
يُلَجْلِجُ مُضغةً فِيهَا أَنِيض
أصَلّتْ فَهِيَ تحتَ الكَشْح داءُ
وَقد أَنُض أَناضَةٌ فَهُوَ أَنِيض.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الإناضُ: إدْراكُ النَّخْل، وَمِنْه قولُ لَبيد:
وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ(12/50)
ويُروَى: وأنِيض.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: إِذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فَهُوَ الإناض.
نضا: قَالَ اللَّيْث: نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عَن اللّحية، أَي: خَرَج وذَهب عَنهُ.
ونُضَاوةُ الحِنّاء: مَا يُؤْخَذ من الخِضاب مَا يَذهبُ لونُه فِي اليَد والشَّعْر. وَقَالَ كُثيّر يُخَاطب عَزّة:
وَيَا عَزَّ للوَصْلِ الَّذِي كَانَ بينَنا
نَضَا مِثلَ مَا يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ
ونَضَا الثوبُ عَن نفسِه الصِّبْغ: إِذا أَلقاه.
ونَضَت المرأةُ ثَوْبها عَن نفسِها، وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
فجئْتُ وَقد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها
لَدَى السِّتْر إلاّ لِبْسَةَ المتفضِّلِ
والدّابةُ تنضو الدّوابَّ: إِذا خرجتْ من بَينهَا.
ورملةٌ تنضو الرِّمال فَهِيَ تَخرُج مِنْهَا.
ونَضَا السهْم، أَي: مَضَى.
وَقَالَ رُؤبة:
يَنْضُون فِي أجوازِ ليلٍ غاضِي
نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: نَضَوْتُ ثِيَابِي عنّي: إِذا ألقيتها عَنْك.
وَقد نَضَوْتُ الجُلَّ عَن الْفرس نَضْواً، وَقد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.
ونَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها: إِذا تَقدَّمها وانْسَلَخَ مِنْهَا. والنِّضْو: الْبَعِير المهزول وَجمعه أنضاء، وَالْأُنْثَى نِضْوَة. وَيُقَال لأَنْضاء الْإِبِل: نِضْوان أَيْضا.
وَيُقَال: أَنْضى وَجه الرجل، ونَضَا على كَذَا وَكَذَا: إِذا أَخْلَق.
وَقَالَ اللّيْثُ: المُنْضِي: الرجل الّذي صَار بعيرُه نِضْواً، وَقد أَنْضاه السَّفر.
وانتضَى السيفَ: إِذا استلَّه من غِمْده. ونَضَا سَيْفَه: إِذا سَلَّه. وسَهْمٌ نِضْوٌ: إِذا فَسَد من كَثْرَة مَا رُميَ بِهِ حَتَّى أَخلَق، ونَضِيٌّ السَّهْمِ: قِدْحُه، وَهُوَ مَا جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إِلَى النَّصْل، وَقَالَ الْأَعْشَى:
غرَّ نَضِيُّ السّهمِ تحتَ لَبانِه
وجالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ
ونَضِيُّ الرُّمْح: مَا فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه، وأَنشدَ:
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ
إِذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ، أوّلُ مَا يكون القِدْح قبل أَن يُعمَل: نَضِيٌّ، فَإِن نُحِت فَهُوَ مَخْشوب وخَشِيب، فَإِذا لُيِّن فَهُوَ مُخلَّق.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّضِيُّ: نَصْلُ السَّهْم.
قلتُ: وقولُ الْأَعْشَى يحقِّق قولَ أبي عَمْرو. وَقَالَ ابْن دُريد: نَضِيُّ العُنُق:(12/51)
عَظْمُه، ونَضِيُّ السَّهم: عُودُه قبلَ أَن يُراشَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً: إِذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.
قَالَ: واسمُ الجُرْدان: النَّضِيُّ. وَيُقَال: نَضَا فلانٌ موضعَ كَذَا يَنْضُوه: إِذا جاوَزَه وخَلَّفه نيض.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّيْضُ بِالْيَاءِ: ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سَوَاء.
(بَاب الضَّاد وَالْفَاء)
ض ف (وَا يء)
ضفا، ضيف، فضا، فيض، فوض، وفض، وضف، فضأ.
ضفا: قَالَ اللّيث: يُقَال: ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو: إِذا كَثُر. وشَعرٌ ضَافٍ، وذَنَبٌ ضافٍ، وأَنشد قَوْله:
يضافٍ فوَيقَ الأَرْض ليسَ بأَعزَل
ودِيمَةٌ ضافِية، وَهِي تَضفو ضَفواً: إِذا أَخْصبت الأرضُ مِنْهَا.
والضَّفْوُ: السَّعةُ والخَيْر والكَثْرة، وأَنشدَ:
إِذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه
وأَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ
وَقَالَ الأصمعيّ: ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً وضُفُوّاً: إِذا كَثُر.
وضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو: إِذا فاضَ من امتلائه وأَنشَد:
يَضْفُو ويُبْدي تَارَة عَن قَعْرِه
يَقُول: يمتلىء فتَشْربُ الْإِبِل ماءَه حَتَّى يَظهَر قَعرُه. والضّفُّ: جَانب الشَّيْء، وهما ضفواه، أَي: جانباه.
ضيف: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهَى عَن الصّلاة إِذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عُبَيدة: قولُه: (تضيَّفَتْ) : مالَتْ للغُروب، يُقَال مِنْهُ: قد ضافَتْ فَهِيَ تَضِيف: إِذا مالَت.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: وَمِنْه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً، يُقَال مِنْهُ: ضِفْت فلَانا: إِذا مِلْتَ إِلَيْهِ ونزلتَ عَلَيْهِ، وأضفتُه: إِذا أمَلْتَه إِلَيْك، وأنزَلْتَه عَلَيْك، وَلذَلِك قيل: هُوَ مُضافُ إِلَى كَذَا وَكَذَا، أَي: مُحَالٌ إِلَيْهِ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا
إِلَى كلّ حَارِيَ جَديدٍ مُشطبِ
أَي: أسندْنا ظهورَنا إِلَيْهِ وأمَلْناها، وَمِنْه قيل للدَّعِيّ: مُضافٌ، لأنّه مُسنَد إِلَى قوم لَيْسَ مِنْهُم.
وَيُقَال: ضافَ السهمُ يَضِيف: إِذا عَدَل عَن الهدف، وَهُوَ من هَذَا، وَفِيه لغةٌ أُخْرَى لَيست فِي الحَدِيث: صَافَ السهمُ بِمَعْنى ضافَ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث بالضاد.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: أضافَ الرجلُ من الْأَمر: إِذا أشفَق، وَأنْشد قولَ(12/52)
الهُذَليّ:
وكنتُ إِذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ
أُشَمِّر حَتَّى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي
يَعْنِي الْأَمر: يشفق مِنْهُ الرجل.
أَرَادَ بالمَضُوفة: الْأَمر يُشْفَق مِنْهُ.
وَيُقَال: أضَاف فلانٌ فلَانا إِلَى كَذَا فَهُوَ يُضيفه إِضَافَة: إِذا ألجأَه إِلَى ذَلِك.
والمضافُ: الملجأُ المُحرَج المثقَلُ بِالشَّرِّ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَمَا إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول
بواحدِها إِذا يَغْزُو تُضِيفُ
أَي: تُشْفِقُ عَلَيْهِ وَتخَاف أَن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.
وَيُقَال: ضِفتُ الرجل وتضيّفْتُه: إِذا نزلت بِهِ وصرتَ لَهُ ضيفاً. وأَضفْتُه: إِذا أنزلْتَه عَلَيْك وقرّبْته. والمضاف: المُلْجَأُ والمُلْزَقُ بالقوم.
والضِّيفُ: جَانب الْوَادي. وَقد تضَايف الْوَادي: إِذا تضَايقَ.
وضِيفا الْوَادي: جانباه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضِّيفُ: الْجنب.
وَقَالَ الراجز:
يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلاَّ
إِذا تضايَفْن عَلَيْهِ انْسَلاَّ
يَعْنِي: إِذا صِرْنَ مِنْهُ قَرِيبا إِلَى جَنْبه.
وَقَالَ شَمر: سَمِعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يَقُول: ضَيّفْتُه: إِذا أطعمْتَه.
قَالَ: والتَّضيفُ: الْإِطْعَام.
قَالَ: وأضافه: إِذا لم يُطْعِمْهُ.
وَقَالَ رَجَاء فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} (الْكَهْف: 77) ، أَي: يطعموهما.
وأُخبرت عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: أَضَافَهُ وضيَّفَهُ بِمَعْنى وَاحِد؛ كَقَوْلِك: أكْرمه وكَرَّمه.
قَالَ: وَقَول الله: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} ، مَعْنَاهُ: أَن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لَهُم.
وروَى سلمةَ عَن الفرّاء فِي قَوْله: {فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} سألاهم الْإِضَافَة فَلم يَفْعَلُوا، وَلَو قُرِئتْ (أَن يُضيفوهما) كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وتضيّفْتُه: سَأَلته أَن يُضيفني.
قَالَ: وتضيّفْتُه: آتيته ضيفاً.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تضيّفْتُه يَوْمًا فأكرمَ مقعدي
وأَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا
يَقُول: أَعْطَانِي خَادِمًا يقودُني. وزمانَتُه: ذهابُ بَصَرِه.
وَقَالَ الفرزدق:
ومنَّا خطيبٌ لَا يُعَابُ وقائلٌ
ومَنْ هُوَ يَرْجو فضلَهُ المتضيِّفُ(12/53)
أَي: وَمنا مَن يَرْجُو المتضيّفُ الَّذِي ينزل بِهِ ضيفاً فَضله.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: امْرَأَة ضيْفه بِالْهَاءِ، وَأنْشد قَول البَعيث:
لَقًى حَمَلَتْه أمُّه وَهِي ضَيْفَةٌ
فَجَاءَت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: معنى قَوْله: وَهِي ضيْفَةٌ، أَي: ضافت يَوْمًا فحبِلتْ بِهِ فِي غير دَار أَهلهَا فَجَاءَت بِولد شَرِه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَيُقَال: ضافت الْمَرْأَة: حاضتْ؛ لِأَنَّهَا مَالَتْ من الطُّهر إِلَى الْحَيْضِ، فَأَرَادَ أَنَّهَا حملتْه وَهِي حَائِض.
وَقيل: معنى قَوْله: وَهِي ضيفة، أَي: ضافت قوما فحبلت بِهِ فِي غير دَار أَهلهَا.
فضا: قَالَ اللَّيْث: الفضَاءُ: الْمَكَان الْوَاسِع. والفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فَهُوَ فاضٍ.
وَقَالَ رؤبة:
أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ
عَنْكُم كِراماً بالْمقَام الفاضي
وَيُقَال: أفْضى فلانٌ إِلَى فلَان: إِذا وَصل إِلَيْهِ؛ وأَصله أَنه صَار فِي فُرْجته وفضَائه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْضى الرجلُ: دخل على أَهله.
قَالَ: وأفضى أَيْضا: إِذا جَامعهَا.
قَالَ: والإفضاء فِي الْحَقِيقَة: الِانْتِهَاء؛ وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (النِّسَاء: 21) ، أَي: انْتهى وَأَوَى.
وَقَالَ: وأفضى: إِذا افْتَقَرَ.
وَيُقَال: أفْضى الرجلُ جَارِيَته: جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً وَاحِدًا، وَهِي المفضاة من النِّسَاء.
وَقَالَ الفرّاء: الْعَرَب تَقول: لَا يُفضِ اللَّهُ فَاك؛ من أفْضَيْت.
قَالَ: والأفضاء: أَن تسْقط ثناياه من تَحت وَمن فَوق وكلُّ أَضْرَاسه؛ حَكَاهُ شَمِر للفرّاء.
قلتُ: وَمن هَذَا إفضاء الْمَرْأَة: إِذا انْقطع الحِتار الّذي بَين مسلَكَيْهَا.
وَقَالَ شَمِر: الفضاء: مَا اسْتَوَى من الأَرْض واتسع.
قَالَ: والصحراءُ فضاءٌ.
قَالَ: ومكانٌ فاضٍ ومُفْضٍ، أَي: وَاسع. وأرضٌ فضاءٌ وبَرَازٌ. والفاضي: البارز.
وَقَالَ أَبُو النّجم يصف فرسَه:
أما إِذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ
نجعلُه فِي مَرْبَطٍ ونجعلُه
مفضٍ: واسعٌ. والمُفْضَى: المتّسع.
وَقَالَ رُؤبة:
خَوْقَاءُ مُفْضَاها إِلَى مُنْخاق
أَي: مُتّسعها. وَقَالَ أَيْضا:
جاوَزْته بالقَوْم حَتَّى أَفضَى(12/54)
بهمْ وأمضَى سَفَرٌ مَا أمْضى
قَالَ: أفْضى بهم: بلغ بهم مَكَانا وَاسِعًا أَفضى بهم إِلَيْهِ حَتَّى انْقَطع ذَلِك الطَّرِيق إِلَى شَيْء يعرفونه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الفضَاءُ مَا اسْتَوَى من الأَرْض. وَقد أَفضيْنَا إِلَى الفضاء، وَجمعه أَفضِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تركتُ الْأَمر فضاً، أَي: تركتُه غير مُحْكم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: مَا بقيَ فِي كِنانته إلاّ سَهْمٌ فضاً، أَي: واحدٌ.
وَيُقَال: بقيتُ من أقراني فَضَا، أَي: بقيتُ وَحْدي؛ وَلذَلِك قيل لِلْأَمْرِ الضَّعِيف غير المُحكَم: فَضاً، مقصورٌ.
وَيُقَال: متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً، أَي: مختلطٌ مُشْتَرك.
وَقَالَ اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بَينهم، وفضاً بَينهم، أَي: سَوَاء بَينهم، وَأنْشد:
طعامُهُم فَوْضَى فَضاً فِي رِحالِهمْ
وَلَا يُحْسِنون الشرَّ إلاّ تَنادِيا
وَيُقَال: هَذَا تمرٌ فَضاً فِي العَيْبَة مَعَ الزَّبيب، أَي: مختلِط، وَأنْشد:
فقلتُ لَهَا يَا خَالَتِي لَكِ نَاقَتي
وتمْرٌ فَضاً فِي عَيْبَتي وزَبيبٌ
أَي: منثور.
وَيُقَال: النَّاس فَوْضَى: إِذا كَانُوا لَا أميرَ عَلَيْهِم وَلَا مَن يَجْمَعهم.
فيض فوض: قَالَ الأصمعيّ: فاضت عينُه تفيض فَيْضاً: إِذا سَالَتْ. اللحياني: فاض الماءُ يفِيض فيضاً وفُيوضاً وفيضاناً.
وفَاضَ الحديثُ: إِذا انْتَشَرَ.
وَيُقَال: أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفَاضَة. وأفاضَ فلانٌ دَمعَه، وأفاض إناءَه إفاضَةً: إِذا أَتْأَقَهُ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ} (الْبَقَرَة: 198) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: دلّ بِهَذَا اللَّفْظ أنّ الْوُقُوف بهَا واجبٌ، لِأَن الْإِفَاضَة لَا تكون إلاّ بعد وقُوف. وَمعنى: {أفَضْتُمْ؛ دفَعْتم بِكَثْرَة.
يُقَال: أَفَاضَ القومُ فِي الحَدِيث: إِذا اندَفَعوا فِيهِ وأَكثروا.
وأفاضَ البعيرُ بجَرَّته: إِذا رَمَى بهَا مفرَّقةً كَثِيرَة.
وَقَالَ الرَّاعِي:
وأَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ
من ذِي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا
وأفاضَ الرجُل بالقِداح إفَاضَة: إِذا ضَرَب بهَا؛ لِأَنَّهَا تقع مُنْبَثَّةً مُتَفَرِّقَة وَيجوز: أفاضَ على القِداح.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ يصفُ الْحُمُر:
وكأنهنّ رِبابةٌ وكأنَّه
يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح ويَصْدَعُ(12/55)
قَالَ: وكلُّ مَا فِي اللُّغَة من بَاب الْإِفَاضَة فَلَيْسَ يكونُ إلاّ عَن تفرُّق أَو كَثْرَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرض ذاتُ فُيوض: إِذا كَانَ فِيهَا مَا يفِيض حَتَّى يَعْلُو.
وَيُقَال: أعْطى فلانٌ فلَانا غَيْضاً من فَيْض، أَي: أعطَاهُ قَلِيلا من كثير ونهر الْبَصْرَة يُسمى الغيض. وَقَالَ اللحياني: يُقَال: شَارك فلَان فلَانا شركَة مُفَاوَضَة، وَهُوَ أَن يكون مَالهمَا جَمِيعًا من كل شَيْء يَمْلِكانِه بَينهمَا.
وَيُقَال: أمرُهم فَيْضُوضَى بَينهم، وفَيْضِيضى وفَوْضُوضى بَينهم.
قَالَ: وَهَذِه الأحرف الثَّلَاثَة يجوز فِيهَا الْمَدّ وَالْقصر.
وَقَالَ أَبُو زيد: القومُ فَيْضوضَى أمرُهم، وفَيْضُوضَى فِيمَا بَينهم: إِذا كَانُوا مختلطين، يلبَس هَذَا ثوبَ هَذَا، وَيَأْكُل هَذَا طعامَ هَذَا، لَا يؤامِرُ واحدٌ مِنْهُم صاحبَه فِيمَا يفعَل فِي أمره.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول: فوّضتُ الأمرَ إِلَيْهِ، أَي: جعلتُه إِلَيْهِ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى} (غَافِر: 44) ، أَي، أَتَّكل عَلَيْهِ وَصَارَ النَّاس فَوْضَى، أَي: متفرِّقين، وَهُوَ جمَاعَة الفائض، وَلَا يُفرد كَمَا لَا يُفرد الْوَاحِد من المتفرِّقين.
وَيُقَال: الوحْشُ فَوْضى، أَي: متفرِّقة تتردّد. والناسُ فَوْضَى: لَا سَراةَ لَهُم تجمعهم.
وفاضَ الماءُ والمطرُ والخيرُ: إِذا كثر، يَفيض فَيْضاً.
وفاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه: إِذا امْتَلَأَ.
والحوضُ فائضٌ، أَي: ممتلىءٌ يسيل الماءُ من أَعْلَاهُ.
قَالَ اللَّيْث: وحديثٌ مُسْتفاض: مأخوذٌ فِيهِ، قد استفاضوه، أَي: أخذُوا فِيهِ.
قَالَ: ومَن قَالَ مستفيض فَإِنَّهُ يَقُول: ذائع فِي النَّاس؛ مثلُ المَاء المستفيض.
قلت: قَالَ الفرّاء والأصمعيّ وابنُ السّكيت وعامّةُ أهل اللُّغَة: لَا يُقَال: حديثٌ مستفاض قَالُوا: وَهُوَ لَحْنٌ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، إِنَّمَا هُوَ مولّد من كَلَام الْحَاضِرَة. وَالصَّوَاب: حديثٌ مستفيض، أَي: منتشرٌ شَائِع فِي النَّاس، وَقد جَاءَ فِي شعر بعض المُحَدثين:
فِي حديثٍ من أمره مُستفاض
وَلَيْسَ بالفصيح من كَلَامهم.
أَبُو عُبَيد: امْرَأَة مُفاضَة: إِذا كَانَت ضَخمَة البَطن، مسترخيَةَ اللَّحْم، وَهُوَ عيبٌ فِي النّساء.
واستفاض المكانُ: إِذا اتَّسع فَهُوَ مُستفيضُ؛ وَقَالَ ذُو الرّمة:
بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ
وفَيَّاض: من أَسمَاء الرِّجَال. وفيّاض:(12/56)
اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب، وفرسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ: كثيرُ الجَرْي.
وَفِي حديثٍ جَاءَ فِي ذكر الرِّجال: (ثمَّ يكون على أثر ذَلِك الفَيْضُ) .
قَالَ شَمِر: سألتُ البكراويّ عَنهُ فَقَالَ: الفَيْضُ: الموتُ هَهُنَا، وَلم أسمعْه من غَيره إلاّ أَنه قَالَ: فاضتْ نفسُه، أَي: نَزعه عِنْد خُرُوج روحه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فاض الرجل وفاظ: إِذا مَاتَ. وَكَذَلِكَ فاظت نَفسه.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: فاضت نَفسه الفِعْلُ للنَّفْس.
وفاض الرجلُ يَفيضُ، وفاظَ يَفيظُ فَيْظاً وفُيُوضاً.
وَقَالَ أَبُو ربيعَة: قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا يُقَال: فاضَتْ نفسُه وَلَا فاظَتْ؛ وَإِنَّمَا هُوَ فاضَ الرجلُ وفاظَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول: لَا يُقَال: فاظتْ نفسُه، وَلَكِن يُقَال: فاظَ: إِذا مَاتَ بالظاء وَلَا يُقَال: فاض بالضاد بتّةً؛ وَقَالَ رُؤبة:
والأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا
لَا يَدْفِنون منهمُ من فاظا
وَقَالَ ابْن السّكيت: فاظ الْمَيِّت يَفيظ فَيْظاً، ويَفُوظُ فوضاً.
قَالَ: وَزعم أَبُو عُبَيدة: فاضت نفسُه لغةٌ لبَعض بني تَمِيم، وَأنْشد:
تجَمَّع النَّاس وَقَالُوا عُرْسٌ
فقُقِئَتْ عينٌ وفاضت نَفْسٌ
فأنشده الْأَصْمَعِي فَقَالَ:
إنَّما هُوَ: وَطَنَّ الضِّرْسُ
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللِّحياني.
قَالَ الْأَصْمَعِي: حَان فَوْظَه، أَي: موتُه.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: فاضَتْ نَفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً، وَهِي فِي تَمِيم وكلْب، وأفصح مِنْهَا وآثر: فاظتْ نَفسه فُيوظاً.
وَقَالَ أَبُو الْحسن: قَالَ بَعضهم: فاظَ فلانٌ نَفسه، أَي: قاءها. وضرَبْتُه حَتَّى أفظتْ نَفسه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الكسائيّ: إِذا تَفَيّظوا أنفسهم، أَي: تَقَيَّئُوها.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: هُوَ يَفيظُ نفسَه، وفاظت نفسُه، وفاظ هُوَ نفسُه وأفاظَه الله نفسَه، وَأنْشد غَيره:
فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها
وثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: الإفاضةُ: سُرْعة الرّكْض. وأفاضَ الرَّاكِب: إِذا دفع بعيرَه شدّاً بَين الجَهْد دون ذَلِك.
قَالَ: وَذَاكَ نصفُ عَدْوِ الْإِبِل عَلَيْهَا الرُّكْبان، وَلَا تكون الإفاضةُ إِلَّا وَعَلَيْهَا الرُّكْبان.(12/57)
وفض: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أَمَر بصدقةٍ أَن توضَع فِي الأوْفاض) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأوْفاض: هم الفِرَق من النَّاس والأخلاط.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: هم الَّذين مَعَ كل مِنْهُم وَفْضَة، وَهِي مِثل الكِنانة يُلقِي فِيهَا طعامَه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَلغنِي عَن شريك أَنه قَالَ فِي الأوفاض: هم أصلُ الصُّفّة.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا كلّه عندنَا وَاحِد، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إِنَّمَا كَانُوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى، وَأمكن أَن كَانَ يكون مَعَ كل رجل مِنْهُم وفْضَةٌ كَمَا قَالَ الْفراء.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ الَّتِي على فَمها طَبَق من فَوْقهَا، والوفْضة أصغرُ مِنْهَا، وأعلاها وأسفلُها مُستَوٍ، وَأنْشد غَيره بيتَ الطِّرماح:
قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة
يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض
الهضّاء: الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} (المعارج: 43) .
قَالَ: الإيفاضُ: الْإِسْرَاع.
وَقَالَ الراجز:
لأنْعَتَنْ نعَامَة مِيْفاضَاً
خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا
وَقَالَ اللَّيْث: الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً، وتَسْتَوْفِض، أوفَضَها راكبُها.
وَقَالَ ذُو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً:
طاوِي الحشا قَصَرتْ عَنهُ مُحرَّجةٌ
مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ
قَالَ الْأَصْمَعِي: مستوفَض، أَي: أفْزَع فاستَوْفَض، وأوْفَض: إِذا أسْرع.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَالِي أراكَ مستوفضاً، أَي مَذْعُوراً.
وَقَالَ أَبُو مَالك: استُوْفِض، أَي: استُعْجل. وَأنْشد:
تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للمكان الّذي يُمسِك المَاء الوفاضُ والمَسَكُ والمسَاك، فَإِذا لم يُمْسِك المَاء فَهُوَ مُسْهِب.
وضف: قَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ خَليفَة الحُصَينيّ يَقُول: أوْضَفَتْ الناقةُ وأوْضَعَتْ: إِذا خَبَّتْ. وأوضَعتُها فوَضَعَتْ وأوضفتُها فوضفت، أَي: أخبيْتُها فَخَبَّتْ.
فضأ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب الْهَمْز: أفضأْتُ الرجلَ: أطعمْتُه.
قلت: هَكَذَا رَوَاهُ شمر لأبي عبيد بِالْفَاءِ، وأنكَرَهُ شمر وحَقَّ لَهُ أَن يُنْكِرَه، لأنّه مصحَّف، وَالصَّوَاب: أقْضأْتُه بِالْقَافِ: إِذا أطعَمْتَه، كَذَلِك قَالَ ابْن السّكيت. وَقد مَرّ(12/58)
َ فِي بَاب الْقَاف، وَالله أعلم.
(بَاب الضَّاد وَالْبَاء)
ض ب (وَا يء)
ضوب، ضيب، بيض، ضبأ، أبض، ضبا: بِغَيْر همز.
ضوب ضيب: أَبُو الْعَبَّاس عَن سلَمة عَن الْفراء: ضابَ الرجلُ: إِذا استَخفَى. وباض: إِذا أَقامَ بِالْمَكَانِ.
قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ضابَ: إِذا خَتَل عَدُوّاً.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: بَلغنِي أَن الضَّيْب شَيْء من دَوابّ الْبَحْر، ولستُ على يقينٍ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ أَبَا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد:
إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ
يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع
قلت: والثّعثَع: الصَّدَفَةُ، وصَيْبُه: مَا فِي جوْفه من حَبّ اللُّؤْلُؤ؛ شَبَّه قَطرات الدُّمُوع بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضُّوبان من الْجمال: السمين الشَّديد، وَقَالَ الشَّاعِر:
على كلّ ضُوبانٍ كَأَن صَريفَه
بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم
وَقَالَ الراجز:
لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني
قَرَّبْتُ للرَّحْل وللظِّعان
كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ
والنيافيّ: الطويلُ المشرِف.
بيض: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: باض يَبوضُ بَوْضاً: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ.
وباضَ يَبوضُ بَوْضاً: إِذا حسُن وجهُه بعد كَلَف؛ ومثلُه بَضَّ يَبَضُ بَضَضاً. قَالَ: وبَضَا: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ أَيْضا.
أَبُو عُبَيد عَن العَدَبَّس الكِنانيّ: باضت البُهْمى: سقَطتْ نِصالُها.
وَقَالَ غَيره: باض الحرُّ: إِذا اشتدّ.
وروَى سَلَمة عَن الْفراء: باض: إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: باض السحابُ: إِذا أمطر. وَأنْشد:
باض النعامُ بِهِ فنَفّر أهلَه
إلاّ المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ
قَالَ: أَرَادَ مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يَقُول: إِذا وَقع هَذَا المطرُ هرَب الْعُقَلَاء وأقامَ الرجلُ الأحمق.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيضُ مَعْرُوف، والواحدة بَيضة. ودَجاجة بَيوض، ودجاجٌ بُيُضٌ للْجَمَاعَة، مثلُ: حُيُدٍ جمع حَيود، وَهِي الَّتِي تحيد عَنْك.
وبَيْضةُ الْحَدِيد مَعْرُوفَة. وبيضةُ الْإِسْلَام: جماعتُهم.
والجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ، لِأَنَّهَا فِي خِدرها مكنونة.(12/59)
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وبَيْضةِ حِدْرٍ لَا يرامُ خِباؤُها
تمتَّعْت من لَهوٍ بهَا غيرَ مُعْجَلِ
وَيُقَال: ابْتيضَ القومُ: إِذا استُبيحتْ بيْضَتهم وابتاضَهم العَدُوُّ: إِذا استأصَلَهم.
قَالَ: وَيُقَال: غُراب بائِضٌ، وديكٌ بائض، وهما مثل الْوَالِد.
قلت: يُقَال: دَجاجةٌ بائض بِغَيْر هَاء، لِأَن الدِّيك لَا يبيض.
وَقَالَ اللَّيْث: بيْضةُ العُقْر: مَثَلٌ يُضْرَب وَذَلِكَ أَن تُغْتَصب الْجَارِيَة فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة، وَتسَمى تِلْكَ البيضةُ بيضةَ العُقر.
وَقَالَ غيرُ اللَّيْث: بَيضة العُقْر: بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة وَاحِدَة ثمَّ لَا تعود، تُضرَبُ مَثلاً لمن يصنعُ صَنيعةً إِلَى إِنْسَان ثمّ لَا يَرُبُّها بمثلِها.
وَقَالَ اللَّيْث: بيْضة البَلَد: هِيَ تَرِيكة النَّعامة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي الأضداد: فلانٌ بيْضةُ الْبَلَد: إِذا ذُمَّ، أَي: قد أُفرِد وخُذل فَلَا ناصرَ لَهُ.
قَالَ: وَقد يُقَال ذَلِك فِي الْمَدْح، وَأنْشد بَيت المتلمِّس فِي مَوضِع الذّمّ:
لكنّه حَوْض مَن أَوْدَى بإخوتِه
رَيْبُ الزَّمَان فأضحى بيضةَ البَلدِ
وَقَالَ الرَّاعِي لِابْنِ الرِّفاع العامليّ فِي مثل هَذَا الْمَعْنى:
تأبَى قُضاعة أَن تَعْرِفْ لكم نسَباً
وابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ
كَانَ وجْه الْكَلَام أَن تعرفَ؛ فسكّن الْفَاء لحاجتِه إِلَى الْحَرَكَة مَعَ كَثْرَة الحركات.
أَرَادَ أَنه لَا نَسَب لَهُ وَلَا عَشرةَ تَحميه.
وَقَالَ حسان بنُ ثَابت فِي المَدْح ببَيْضة البَلَد:
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا وَقد كثُروا
وابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ
قَالَ: وَهَذَا مَدْح، وَابْن الفُريعَة أَبوهُ، وَأَرَادَ بالجلابيب: سَفِل النَّاس وعَثْرَاءَهم.
قلت: وَلَيْسَ مَا قَالَه أَبُو حَاتِم بجيِّد، وَمعنى قَول حسَّان: أَن سَفِل النَّاس عَزُّوا بعد ذِلّتهم وكَثروا بعد قلتهم، وَابْن الفُريعَة الَّذِي كَانَ ذَا ثروةٍ وثراءِ عِزَ أُخِّر عَن قديم شرفِه وسُودَدِه واستُبِدّ بإمضاء الْأُمُور دونَه وَدون وَلَدِه، فَهُوَ بمنزِلة بيْضة البَلَد الَّتِي تبِيضها النعامة ثمَّ تترُكها بالفَلاة فَلَا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لَا تُصان وَلَا تحضَن.
وروَى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: العربُ تَقول للرجل الْكَرِيم: هُوَ بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. وَيَقُولُونَ للْآخر: هُوَ بيْضة الْبَلَد: إِذا ذَمُّوه.
قَالَ: فالممدوح يُراد بِهِ البَيْضة الَّتِي تَصونُها النعامة وتُوقِّيها الْأَذَى، لأنّ فِيهَا(12/60)
فرخَها فالممدوح من هَهُنَا، فَإِذا انفلقَتْ وانقاضتْ عَن فَرْخها رَمَى بهَا الظَّليم فتَقَع فِي الْبَلَد القَفْر، عَن هَهُنَا ذُمَّ الآخَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: البَيْضةُ: بيْضةُ الحِبْن. والبَيْضةُ: أصلُ الْقَوْم ومجتمعُهم، وَيُقَال: أَتَاهُم العدوُّ فِي بَيْضتِهم، وَقد ابْتِيضَ القومُ: إِذا أُخِذَتْ بَيْضتُهم، عَنْوة.
وبيْضة القَيْظ: شِدَّة حرِّه.
قَالَ الشمّاخ:
طَوَى ظمأها فِي بَيْضة القَيْظ بَعْدَمَا
جَرَى فِي عَنانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأماعِز
والبَيْضة: بَيْضةُ الخُصية.
ابْن نجدة عَن أبي زيد فِيمَا رَوَى أحمدُ بن يحيى عَنهُ:
يُقَال لوَسَط الدَّار: بَيْضةٌ، ولجماعةِ المُسْلمين: بَيْضة، ولوَرَمٍ فِي رُكْبة الدّابة: بيْضةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أفرَخَ بيْضةُ القَوم: إِذا ظهر مكتومُ أمْرِهم. وأفرَخت البيضةُ: إِذا صَار فِيهَا فَرخ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِيضةُ، بكَسرِ الْبَاء: أَرض بالدَّ وَحَفَروا بهَا حتّى أتتْهم الرِّيح من تَحْتهم فرفعتْهم وَلم يَصِلوا إِلَى المَاء.
قَالَ شمر: وَقَالَ غَيره: البِيضةُ: أرضٌ بَيضاءُ لَا نَباتَ بهَا، والسَّوْرَة: أرضٌ بهَا نَخِيل، وَقَالَ رؤبة:
يَنْشقُّ عَنّي الحَزْنُ والبَرِّيتُ
والبِيضَةُ البَيْضاءُ والخُبُوتُ
قلتُ: رأيتُ بخطّ شمر: البِيضة، بِكَسْر الْبَاء، ثمَّ حُكيَ عَن ابْن الأعرابيّ قولَه. وَقَالَ ابْن حبيب فِي بَيت جَرير:
قَعيدكما الله الّذي أنتُما لَهُ
ألَمْ تَسمعا بالبَيْضَتين المُنادِيا
ثمَّ قَالَ: البِيضة بِالْكَسْرِ: بالحَزْن لبَني يَرْبوع. قَالَ: والبَيْضة بِالْفَتْح: بالصَّمّان لبني دَارِم.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضّرير: يقالُ لِما بَين العُذَيْب والعقَبة: بَيْضة. قَالَ: وَبعد البَيْضة البَسِيطةُ.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الأبيَضان: الماءُ والحِنْطة. قَالَ: والأبْيضان عِرْقا الوَرِيد.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: ذَهَب أبيَضاهُ شَحْمه وشبَابُه وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو زيد:
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الأبيَضان: الشَّحْمُ واللَّبن.
وَقَالَ الأصمعيّ: الأبيَضان: الخُبز وَالْمَاء ولَم يَقُله غيرُه. وَقيل: الأبيَضان: اللّبَن وَالْمَاء، وَأنْشد أَبُو عُبَيد:
وَلكنه يَأْتِي إلَى الحَوْلِ كلُّه
وَمَا لِيَ إلاّ الأبْيَضانِ شرابُ(12/61)
من المَاء أَو من دَرِّ وَجْنَاء ثَرَّةٍ
لَهَا حالبٌ لَا يَشتكِي وحِلابُ
وَقَالَ ابْن السكّيت: الأبيَضان: اللّبن وَالْمَاء، واحتجّ بِهَذَا الْبَيْت.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: مَا رأيتُه مُذْ أجْرَدان، ومُذْ جَرِيدان وأبيضان: يُرِيد: يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْن.
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه: إِذا قَالَت الْعَرَب: فلانٌ أبيَضُ، وفلانة بيضاءُ فَالْمَعْنى نَقاءُ العِرْض من الدَّنَس والعُيُوب، وَمن ذَلِك قولُ زُهير يَمْدَح رَجُلاً:
أشمّ أبيَض فيّاض يُفَكِّك عَنْ
أيْدي العُناةِ وَعَن أعناقِها الرِّبَقا
وَقَالَ الآخر:
أُمُّكَ بيضاءُ من قضاعةَ فِي الْ
بَيت الَّذِي تَستظَلّ فِي طُنُبِهْ
وَهَذَا كثيرٌ فِي كلامِهم وشعرهم، لَا يَذهبون بِهِ إِلَى بياضِ اللّون، ولكنّهم يُرِيدُونَ المَدحَ بِالْكَرمِ ونَقاء العِرْض من الْعُيُوب والأَدْناس.
وَإِذا قَالُوا: فلانٌ أبيَضُ الوَجْه، وفلانة بيضاءُ الوَجْه، أَرَادوا نَقاءَ اللَّون من الكَلَف والسّوادِ الشائن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي: بايضني فلَان فبضته، من الْبيَاض.
وَيُقَال: بَيّضتُ الإناءَ والسِّقاءَ: إِذا ملأتهُ. وبَيْضاءُ بني جَذِيمة فِي حُدُود الخَطّ بالبَحْرين، كَانَت لعبد الْقَيْس وبَني جَذيمة، وفيهَا نَخِيل كثيرةٌ وأحساءٌ عَذْبة، وآطام جَمّةٌ، وَقد أَقمت بهَا مَعَ القَرامِطة قَيْضة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَيْضاء: الشَّمس؛ وأنشدَ قولَ الشَّاعِر أحسَبه ذَا الرُّمَّة:
وبَيْضاء لم تُطبَع وَلم تَدْرِ مَا الخَنَا
تَرَى أعيُنَ الفِتْيان من دُونها خُزْرَا
والبَيْضاء: القِدْر؛ قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو. قَالَ: وَيُقَال للقِدر أَيْضا: أمُّ بَيْضاءَ. وأَنشدَ قولَ الشَّاعِر:
وإذْ مَا يُريحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ
يَنُوسُ عَلَيْهَا رَحْلُها مَا يُحَوَّلُ
فقلتُ لَهَا يَا أُمَّ بَيْضاءَ فِتيةٌ
يَعُودكِ منهمْ مُرحِلون وعُيَّل
قَالَ الْكسَائي: (مَا) فِي معنى الّذي فِي قَوْله: وإذْ مَا يُريح، قَالَ: وصَرْمَاءُ خَبرَ الّذي.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: البَيضاء: حِبالَةُ الصَّائِد. وأَنشَد:
وبَيْضاء مِن مَال الفَتَى إنْ أراحَها
أَفادَ وإلاّ مالُه مالُ مُقتِرِ
يَقُول: إنْ نشب فِيهَا عَيْرٌ فجَرَّها بقِيَ صاحبُها مُقْتراً.
سَلَمة عَن الفرّاء: العَرَبُ لَا تَقول حَمِر(12/62)
َ وَلَا بَيض وَلَا صِفر، وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء، إِنَّمَا يُنظَر فِي هَذَا إِلَى مَا سُمع من الْعَرَب، يُقَال: ابيَّض وابياضّ، واحمرّ واحمارَّ.
قَالَ: والعَربُ تَقول: فُلَانَة مُسْودةٌ ومُبْيضةٌ: إِذا وَلدتِ البيضانَ والسُّودَان، وأَكثَرُ مَا يَقُولُونَ مُوضحة: إِذا وَلَدَت البِيضان.
قَالَ: ولُعبةٌ لَهُم يَقُولُونَ: أَبِيض حَبالا، وأَسِيدي حِبَالًا.
قَالَ: وَلَا يُقَال: مَا أبيَض فلَانا، وَمَا أحمَر فلَانا، من الْبيَاض والحُمرة، وَقد جَاءَ ذَلِك نادِراً فِي شِعْرٍ قديم:
أمّا المُلوكُ فأنْتَ اليومَ ألأَمهمْ
لُؤْماً وأبيَضهم سِربالَ طبّاخ
وَيُقَال: بيّضتُ الإناءَ: إِذا فرّغْتَه، وبيّضْتُه: إِذا مَلأْتَه؛ وَهَذَا من الأضداد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: قَالَ بعضُ الْعَرَب: يكون على الماءِ بَيْضاءُ القِيْظ، وَذَلِكَ عِنْد طُلُوع الدَّبَران إِلَى طُلوع سُهَيل.
قلتُ: وَالَّذِي حفظتُه عَن الْعَرَب: يكون على المَاء حَمْراءُ القَيْظ؛ وحِمِرُّ القَيْظ، وحَمَارَّةُ القَيْظ.
ومَبِيضُ النَّعام والطَّيرِ كُله: الموضعُ الَّذِي يبيضُ فِيهِ.
والمُبَيِّضَةُ الَّذين يُبَيِّضون راياتِهم، وهم الحَرُورِيَّة، وَجمع الأَبْيَض والبَيضاء: بِيض.
أبض: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأبْض: الشَّدّ. والأبْض: التَّخْلِيةُ. والأبْضُ: السّكُون. والأبْض: الحَرَكة، وأَنشَد:
تَشْكو العُروقَ الآبِضاتِ أَبْضَا
قلتُ: والأبْضُ: شَدُّ يَدِ الْبَعِير بالإباض، وَهُوَ عِقالٌ يُنشَب فِي رُسْغ يدِه وَهُوَ قَائِم، فيُثْنَى بالعِقَال إِلَى عَضُده ويُشَدُّ. ويُصَغَّر الإباضُ أُبَيْضاً.
ومَأْبِضا البَعيرِ: مَا بطن من رُكْبَتَي يدِه إِلَى مُنتهَى مِرْفَقَيه. وَيُقَال للغُراب: مُؤْتَبِضُ النَّسَا، لأنّه يَحجِل كأنّه مَأْبُوض، وَقَالَ الشَّاعِر:
وظَلَّ غُرابُ البَيْن مؤتَبِض النَّسَا
لَه فِي ديارِ الجارَتَين نَعِيقُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: يُستحبّ من الفَرَس تأَبُّض رِجْليه وشَنَجُ نَساه.
قَالَ: ويعرفُ شَنَجُ نَسَاه بتأبُّض رِجْلَيه وتَوَتُّرهما إِذا مَشَى.
قَالَ: والإباضُ: عِرْقٌ فِي الرِّجْل؛ يُقَال للْفرس إِذا تَوتر ذَلِك العِرقُ مِنْهُ: مُتأبِّض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فرسٌ أبُوضُ النَّسا كَأَنَّهُ يَأْبِض رِجْلَيه من سُرْعَة رفعهما عِنْد وضعهما.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الأُبُضُ: الدّهر، وَقَالَ رؤبة:
فِي حِقْبةٍ عِشْنا بذاكَ أُبْضَا(12/63)
وجمعُه آباض.
وَقَالَ لَبيد يصف إبَل أَخِيه:
كَأَن هِجَانها متأبِّضاتٍ
وَفِي الأَقْرانِ أصوِرَةُ الرَّغامِ
متأبِّضات، أَي: مَعْقولات بالأُبُض، وَهِي منصوبةٌ على الْحَال.
ضبا: الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: ضَبَتْه النارُ والشمسُ تَضْبُوه ضَبْواً، وضَبَحَتْه ضَبْحاً: إِذا لَوَّحَتْه وغَيَّرَتْه.
(ضبأ) : قَالَ اللّحياني: يُقَال: أَضْبَأ على مَا فِي يَدَيْهِ وأَضْبَى وأَضَبّ: إِذا أمسَكَ.
قَالَ: وأَضبَأَ على مَا فِي نفسِه: إِذا كَتَمه. وأَضَبّ على مَا فِي نَفسه، أَي: سَكَنت.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضبَأْتُ فِي الأَرْض ضَبَأ وضُبُوءاً: إِذا اختبأَتَ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أضبَأَ الرجُل على الشَّيْء إضْباءً: إِذا سَكَت عَلَيْهِ وكَتَمه، وَهُوَ مُضْبِيءٌ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: أضبَيْتُ على الشَّيْء: إِذا أشرفْتَ عَلَيْهِ أَن أظْفَر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ضَبَأَه الذئبُ يَضْبَأُ: إِذا لَزِق بِالْأَرْضِ أَو بِشَجر ليَختِلَ الصَّيْدَ؛ وَمن ذَلِك سمِّي الرجلُ ضابئاً، وأنشدَ:
إلاَّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضايِئاً
بالفَرْجِ بَين لَبانِه ويَدِهْ
يصف الصَّيادَ أَنه ضبأَ فِي فُروج مَا بَين يدَيْ فرسِه ليَخْتِلَ بِهِ الوَحْش، وَكَذَلِكَ النَّاقة تُعلَّم ذَلِك، وأَنشَدْ:
لمَّا تَفَلَّق عَنهُ قَيْضُ بَيْضتِه
آواه فِي ضِبْن مَضْبِيَ بِهِ نَضَبُ
قَالَ: والمَضْبَأُ: المَوْضعُ الَّذِي يكون فِيهِ، يُقَال للنَّاس: هَذَا مَضْبَؤكم، أَي: موضعكم، وجمعُه مَضابىء.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَضْباءُ: وَعْوَعةُ جَرْوِ الكَلْب إِذا وَحْوَح، وَهُوَ بالفارسيّة فحنجه.
قلتُ: هَذَا عِنْدِي تَصْحِيف. وصوابُه: الأصْياء بالصَّاد من صأَى يَصْأَى، وَهُوَ الصَّئِيُّ.
أَبُو عُبَيدة عَن الأُمَوي: اضطبأْتُ مِنْهُ: إِذا استحييت.
قلت: وَقد مَرَّ تَفْسِيره وَتَفْسِير اضْطَنَأْتُ بالنُّون.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي أَحْمد البربريّ عَن ابْن السكّيت عَن العُكْلِيّ أَن أعرابيّاً أنشَدَه:
فَهاءَوا مُضابِئةً لم يُؤَلّ
بادِئَها البَدْءُ إذْ تَبدَؤُهُ
قَالَ ابْن السكّيت: المُضابِئة: الغِرارة المُثقَلة تُضْبِىءُ مَن يَحْمِلُها تحتهَا، أَي: تُخفيه. قَالَ: وعَنَى بهَا القصيدةَ المنبورة وقولُه: لم يُؤَلّ، أَي: يُضعَّف بادئَها الَّذِي ابتدأها.(12/64)
قَالَ: هاءُوا، أَي: هاتُوا.
(بَاب الضَّاد وَالْمِيم)
ض م (وَا ىء)
ضيم، ضمى، مضى، وَضم، ومض، أمض، (وميض) ، أضم.
ضيم: قَالَ اللّيثُ: ضامَه فِي الْأَمر، وضَامَهُ حَقّه يَضِيمه ضَيْما: وَهُوَ الانتقاص. وَيُقَال: مَا ضِمْتُ أحدا، وَلَا ضُمْتُ، أَي: مَا ضامَني أحد. والمَضِيمُ: المَظلومُ.
ضمي: أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: ضَمَى: إِذا ظَلم.
قلتُ: كَأَنَّهُ مقلوبٌ عَن ضامَ، وَكَذَلِكَ بَضَى: إِذا أَقَامَ، مقلوبٌ عَن باضَ.
مضى: يُقَال: مضيْتُ بِالْمَكَانِ، أَو مضَيْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: مَضَيْتُ ببيعي، أَي: أجَزْتُه. وَقد ماضَيْتُه، أَي: أجَزْتُه. وَيُقَال أَيْضا: أمضَيْتُ بَيْعي، ومَضَيْتُ على بَيْعي، أَي: أجزْتُه.
ابْن السكّيت عَن أبي عُبَيدة عَن يُونُس: مَضَيتُ على الْأَمر مُضُوّاً؛ وَهَذَا أمرٌ مَمْضُوٌّ عَلَيْهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب فَعُول بِفَتْح الْفَاء.
أَبُو عُبَيد: المُضَوَاءُ: التقدُّم.
وَقَالَ القُطاميّ:
فَإِذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوَائه
وَيُقَال: مضى الشيءُ يَمضي مُضُوّاً وَمضاءً.
قَالَ اللَّيْث: الفَرَس يُكنى أَبَا المضَاء.
وَيُقَال للرجل إِذا مَاتَ: قد مَضَى.
أمض: قَالَ اللَّيْث: أَمِضَ الرجلُ يأمَض فَهُوَ أمِضٌ: إِذا لم يُبالِ المعاتَبة، وعَزِيمتُه ماضيةٌ فِي قَلْبه، وَكَذَلِكَ إِذا أبْدَى بِلسانِه غيرَ مَا يُريد. قلت: لم أسمعْ أمِضَ لغير اللَّيْث وَلَا أعرفهُ.
ومض: قَالَ اللَّيْث: الوَمْضُ والوَمِيضُ: مِنْ لمعَان البَرْق وكلِّ شَيْء صافي اللّون.
وَيُقَال: أومضَتْه فُلَانَة بعَيْنها: إِذا برّقَتْ لَهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمِيضُ: أَن يومِضَ البَرقُ إيماضةً ضَعِيفَة ثمَّ يَخفَى ثمَّ يُومِض، وَلَيْسَ فِي هَذَا يأسٌ من مَطر قد يكون وَقد لَا يكون. [
وَقَالَ شَمِر وَغَيره: يُقَال: ومَض البرقُ يَمِضُ، وأَوْمَض يُومِضُ، وَأنْشد:
تَضحَك عَن غُرِّ الثّنايا ناصعٍ
مِثلِ وَمِيض البَرقِ لمَّا عَنْ وَمَضْ
يُرِيد: لمَّا أنْ وَمَضَ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: فِي البَرْق الإيماض وَهُوَ اللَّمْع الخَفِيّ.
أضم: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عَمْرو:(12/65)
الأضَمُ: الغَضَبُ. وَقد أَضِمَ يأضَم أضماً فَهُوَ أضِم.
وإضَمٌ: اسمُ جبل بِعَيْنِه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
شُبّتْ بِأَعْلَى عانِدَين مِنْ إضَمْ
وَضم: رُوِي عَن عمر بنِ الخطَّاب أَنه قَالَ: إِنَّمَا النّساءُ لحمٌ على وَضَم إلاّ مَا زُبَّ عَنهُ.
قَالَ أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الوَضَمُ: الخشبَة أَو البارِيَة الَّتِي يوضع عَلَيْهَا اللّحم يَقُول: فهنّ فِي الضَّعف مِثلُ ذَلِك اللَّحم الّذي على الوَضَم، وشَبَّه النساءَ بِهِ لأنّ من عَادَة الْعَرَب فِي بادِيَتها إِذا نُحِر بعيرٌ لجماعته يَقْتسمون لَحْمه أَن يَقْلعوا شَجرا كثيرا ويُوضَم بعضُه على بعض، ويُعَضَّى اللحمُ ويوضَع عَلَيْهِ، ثمَّ يُلقَى لحمهُ عَن عُراقِه ويُقطَّع على الوَضَم هَبْراً للقَسْم، وتُؤجَّج نَار، فَإِذا سقَط جَمْرُها اشتَوى مَن حضَر شِوايةً بعد شِوايةٍ على ذَلِك الجَمْرِ، لَا يُمنَع أحدٌ مِنْهُ، فَإِذا وقَعتْ فِيهِ المقاسم وأحرَز الشركاءُ مقاسِمَهم حَوَّل كلُّ شريك قَسَمه عَن الوَضَم إِلَى بَيته، وَلم يَعرِض أحد لما حازَه. فَشبه عمرُ النساءَ وقلَّةَ امتناعِهنّ على طُلاّبهنّ من الرِّجَال باللَّحم مَا دَامَ على الوَضم.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الوَضَمُ: كلُّ مَا وَقَيْتَ بِهِ اللَّحمَ من الأَرْض، يُقَال: أوصَمْتُ اللَّحْم، وأوْضَمْتُ لَهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: إِذا عملتَ لَهُ وَضَماً.
قلتَ: وَضَمْتُه أضِمُه، فَإِذا وضَعت اللّحم عَلَيْهِ قلت: أوضَمْتُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الوَضِيمَةُ: القوْم ينزِلون على القَوْم وهم قَلِيل فيُحسِنون إِلَيْهِم ويُكرِمونهم.
بَاب اللفِيف من حرف الضَّاد
ضوى، ضاء، ضوضى، ضيضى، أضا، أضّ، آض، وضوء، يضض، الضوة، الضواة، ضأى.
ضوى: قَالَ اللَّيْث: الضَّوَى مَقْصُور: الضاوي، ويمدّ فَيُقَال: ضاوِيٌّ على فاعُول. والفِعْلُ: ضَوِيَ يَضوَى ضَوًى فَهُوَ ضاوٍ، وَهَذَا الَّذِي يُولَد بَين الْأَخ والأُختِ وَبَين ذَوِي الْمَحَارِم.
وَقَالَ ذُو الرّمّة يصفُ الزَّنْد والزَّنْدة:
أَخُوهَا أَبوهَا والضَّوَى لَا يضيرُها
وساقُ أَبِيهَا أمُّها اعْتُصِرَتْ عَصْرَا
وصَفَ نارَ الزَّنْد والزَّنْدة حِين تُقتَدح مِنْهُمَا.
وسُئل شَمِر عَن الضاوي فَقَالَ: جَاءَ مشدَّداً، وَقَالَ: رجلٌ ضاوِيٌّ بيِّنُ الضاوِيّة.(12/66)
ورَوَى الفرّاء أَنه قَالَ: ضاوِيٌّ: ضعيفٌ فاسدٌ، على فَاعُولُ مِثل ساكُوت. وَتقول العَرَب من الضاوي مِن الهُزال: ضَوِيَ يَضوَى ضَوىً، وَهُوَ الَّذِي خرَج ضَعِيفا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أضْوَت الْمَرْأَة؛ وَهُوَ الضوَى، ورَجُلٌ ضاوِيٌّ: إِذا كَانَ ضَعِيفا، وَهُوَ الحارِضُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: المؤَدنُ الَّذِي يُولَد ضاوِياً.
وَفِي الحَدِيث: (اغْتَرِبوا لَا تُضووا) وَمَعْنَاهُ: أنكِحُوا فِي الغرائب فإنّ ولدَ الغَريبة أنجَبُ وأقوَى، وأولادَ القرائب أضعَف وأضْوَى، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
فَتًى لم تَلِدْه بنت عَمَ قريبةٌ
فيَضْوَى وَقد يَضوَى رَدِيدُ القَرائبِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أضْواه حَقَّه: إِذا نَقصه.
وسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: ضَوَى إِلَيْنَا البارحةَ رجلٌ فأَعلَمنا بكَيْتَ وكَيْت، أَي: أَوَى إِلَيْنَا. وَقد أضْواهُ اللَّيْل إِلَيْنَا فغَبَقْناه وَهُوَ يَضوِي ضَيّاً.
والضاوِيُّ: اسْم فَرَسٍ كَانَ لِغَنِيّ، وَأنْشد شَمِر:
غَداةَ صَبَّحْنا بطِرْفٍ أعوَجِي
مِن نَسَب الضاوِيّ ضاوِيِّ غَنِي
قَالَ اللَّيْث: أضوَيتُ الأمْر: إِذا لم تُحكِمه.
والضَّوَاةُ: هَنَةٌ تخرج من حَياء النَّاقة قبل أَن يُزايلَها ولدُها، كَأَنَّهَا مَثانةُ البَوْل.
وَقَالَ الشَّاعِر يَذكر حَوْصلةَ قطاة:
لَهَا كضَواةِ النّابِ شُدَّ بِلا عُرى
وَلَا خَرْزِ كفَ بَين نَحْرٍ ومَذْبَحِ
قَالَ: والضَّوَى: وَرَمٌ يُصيب البَعيرَ فِي رَأسه يَغلِبَ على عَيْنه ويَصْعُب لذَلِك خَطْمُه؛ فَيُقَال: بعيرٌ مَضْوِيٌّ، وربّمَا اعتَرَى الشِّدْق.
قلتُ: هُوَ الضُّواةُ عِنْد الْعَرَب تُشبِه الغُدَّة.
والسِّلْعة ضَواةٌ أَيْضا وكلُّ وَرَمٍ صُلْبٍ ضَواةٌ، وَهِي الجَدَرَةُ أَيْضا.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: الضَّوّةُ والعَوّةُ: الصّوت.
وَقَالَ أَبُو تُراب: قَالَ أَبُو زيد والأصمعي مَعًا: سمعتُ ضَوَّةَ القَوْم وَعوّتَهم، أَي: أصواتَهمْ.
قلتُ: ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوّةُ والعَوّةُ بالصَّاد.
وَقَالَ: الصَّوّةُ: الصّدَى. والعَوّة: الصِّياح. وَقَالَ: الصَّوّةُ بالصَّاد، فَكَأَنَّهَا لُغَتَانِ.
ضوأ: قَالَ اللَّيْث: الضَّوْءُ والضِّياء: مَا أَضَاء لَك.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ} (الْبَقَرَة: 20) ،(12/67)
يُقَال: ضاءَ السّراجُ يَضُوء وأَضاءَ يُضِيء. قَالَ: واللّغةُ الثانيةُ هِيَ المختارة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أضاءتِ النارُ، وأضاءَها غَيرُها، وَهُوَ الضَّوءُ، وأمّا الضِّياء فَلَا همزَ فِي يائه.
وَقَالَ اللَّيْث: ضوّأتُ عَن الْأَمر تَضْوِئةً، أَي: حِدْتُ.
قلت: لم أسمعْ ضوّأتُ بِهَذَا الْمَعْنى لغيره.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : التَّضَوُّءُ: أَن يقومَ الإنسانُ فِي الظّلمة حيثُ يَرى بضَوء النَّار أهلَها وَلَا يَروْنَه.
قَالَ: وعَلِق رجلٌ من الْعَرَب امْرَأَة، فَإِذا كَانَ اللَّيْل اجتنَحَ إِلَى حيثُ يَرَى ضوءَ نارِها فتضوَّأَها، فَقيل لَهَا: إِن فلَانا يتضوَّؤك لكيما تَحذَره فَلَا تُرِيه إلاّ حَسَناً؛ فلمّا سمعتْ ذَلِك حَسرتْ عَن يدَيْها إِلَى مَنكبيها ثمَّ ضربتْ بكَفّها الْأُخْرَى إبْطَها وَقَالَت: يَا مُتَضَوِّئاه، هَذِه فِي استِك إِلَى الإِبِط، فلمّا رأى ذَلِك رفَضَها. يُقَال ذَلِك عِنْد تَعْبِير مَن لَا يُبالي مَا ظَهَر مِنْهُ من قَبِيح.
ضوض: فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإخبارِه عَن رُؤْيَة النَّار، وَأَنه رأى فِيهَا قوما إِذا أتاهمْ لَهبُها ضَوْضَوا.
قَالَ أَبُو عبيد: أَي: ضَجُّوا وصاحوا، والمَصدَر من الضَّوضاء، وَقَالَ الْحَارِث بن حِلِّزة:
أَجمَعوا أمرَهمْ عِشاءً فلمّا أصبَحوا
أصبحتْ لَهُم ضوضاءُ
ضئضئى: فِي الحَدِيث أَن رجلا جَاءَ إِلَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقسِمُ الْغَنَائِم فَقَالَ لَهُ: اعدِل فإنّك لَم تَعدِل. فَقَالَ: (يَخرُج من ضِئْضِىءِ هَذَا قومٌ يقرأون القرآنَ لَا يُجاوِزُ تَراقِيَهم) .
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ: الضِّئضِىءَ: الأصْل.
وَقَالَ شَمِر: هُوَ الصِّئصىء بالصَّاد أَيْضا.
وَقَالَ يَعْقُوب ابْن السكّيت مثله، وأنشَد:
أَنا مِنْ ضِئضِىء صِدْق
أجل وَفِي أَكرَم نَسْل
من عزَاني قد بَوْبَهْ
سِنْخُ ذَا أكرمُ أصلِ
وَمعنى قَوْله: (يخرجُ من ضئضِىِء هَذَا) ، أَي: من أصلِه ونسلِه، وَقَالَ الراجز:
غَيْرانُ من ضِئِضىءِ أَجْمالٍ غُيُرْ
وَقَالَ اللّيث: الضِّئِضىءُ: كثرةُ النَّسْل وبَرَكَتُه.
قَالَ: وضِئضِىءُ الضَّأْن من ذَلِك.
قَالَ: وَيُقَال: ضَيَّأَتِ المرأةُ، أَي: كثُر ولدُها.
قلتُ: هَذَا تصحيفٌ، وصوابُه: ضَنَأت المرأةُ بالنُّون والهمز: إِذا كثُر ولدُها؛ وَقد مرّ تفسيرُه(12/68)
(بَاب الضَّاد وَالنُّون)
أضا: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الأَضاةُ: الماءُ المستنقِعُ من سَيْلٍ أَو غيرِه، وجمعُها أضاً مَقْصُور مِثْلُ قَناةٍ وقَناً. قَالَ: وجمْعُ الأَضاةِ أَضاً، وجمعُ الأضَا إضاءٌ ممدودٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَضاةُ: غَديرٌ صَغيرٌ، وَيُقَال: هُوَ مَسيل الماءِ إِلَى الغدير المتَّصل بالغَدِير؛ وثلاثُ أَضَوات، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وَرَدْتُه ببازلٍ نَهّاضِ
وِرْدَ القَطا مَطائَط الإياضِ
أَراد بالإياض: الإضَاءَ، وَهُوَ الغُدْران؛ فقَلب.
أضّ: قَالَ اللَّيْث: الأضُّ: المَشَقّة؛ يُقَال: أضّنِي هَذَا الأمرُ يَؤُضُّني أضّاً. وَقد ائتَضَّ فلانٌ: إِذا بَلغ مِنْهُ المشقّة.
وَقَالَ الفرّاء فِيمَا روى عَنهُ سَلَمة: الإضَاضُ: المَلْجأ، وأَنشَد:
خَرْجاءَ ظَلّت تَطْلب الإضاضا
أَي: تَطلب ملْجأ تَلجأ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَضّتْنِي إِلَيْك الحاجةُ وتؤُضُّني أضّاً، أَي: أَلجأَتْني؛ وَقَالَ رُؤبة:
وهيَ تَرى ذَا حاجةٍ مُؤْتضّاً
أَي: مُضْطرّاً مُلْجَأً.
الْأَصْمَعِي: ناقةٌ مؤتضّةٌ: إِذا أَخَذَها كالحُرْقة عِنْد نتاجها، فتصَلَّقتْ ظهرا لِبَطْن، وَوجدت إضَاضاً، أَي: حُرقةً ووجعاً يُؤلمها.
أيض: فِي حَدِيث الْكُسُوف الّذي يرويهِ سَمرة بن جُنْدَبُ: (أنّ الشَّمْس اسودّت حَتَّى آضَتْ كأنّها تَنّومَة) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: آضتْ، أَي: صارتْ، وأَنشَد قولَ كَعْب:
قَطعْتُ إِذا مَا الآلُ آضَ كأنّه
سيوفٌ تَنحَّى تَارَة ثمَّ تلتقي
الحرّاني عَن ابْن السّكّيت: تَقول: إفعلْ ذَاك أَيْضا، وَهُوَ مصدَرُ آض يَئِيض أَيْضا، أَي: رَجَعَ. فَإِذا قلتَ: فعلتُ ذَاك أَيْضا قلتَ: أكثرتَ من أَيْضٍ، ودَعْنِي من أَيْضٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَيْضُ: صَيْرُورةُ الشَّيْء شَيْئا غَيره. يُقَال: آضَ سوادُ شعرِه بَيَاضاً.
قَالَ: وقولُ الْعَرَب أَيْضا كأنّه مَأْخُوذ من آضَ يَئيض أَيْضا، أَي: عَاد؛ فَإِذا قلتَ أَيْضا تَقول: عُدْ لما مَضَى.
قلتُ: وتفسيرُ أَيْضا: زِيَادَة. قلت: أَيْضا عِنْد العرَب الّذين شاهدتُهم مَعْنَاهُ زيادةٌ وأصل آض: صَار وعادَ. وَالله أعلم.
وضأ: قَالَ اللّيث: الوَضَاءةُ مصدرُ الوَضيءُ،(12/69)
وَهُوَ الحَسَن النّظيف، والفِعلُ وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضاءةً.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: اسمُ المَاء الّذي يُتوضَّأ بِهِ: الوَضُوء.
قَالَ: وتوضّأتُ وَضُوءاً حَسَناً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: توضّأتُ وَضوءاً، وتَطهّرتُ طَهوراً.
قَالَ: والوَضوء: المَاء، والطَّهور مِثلُه، وَلَا يُقَال فيهمَا بضمّ الْوَاو والطاء؛ لَا يُقَال: الوُضوء وَلَا الطُّهور.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قلتُ لأبي عَمْرو بن العَلاء: مَا الوَضُوء؟ فَقَالَ: المَاء الّذي يُتوضَّأ بِهِ. قَالَ: قلتُ: فَمَا الوُضُوء بالضَّم؟ فَقَالَ: لَا أعرِفُه.
وأخبَرَنا عبدُ الله بن هَاجَك عَن ابْن جبَلة قَالَ: سمعتُ أَبا عُبَيد يَقُول: لَا يجوز الوُضوء، إِنَّمَا هُوَ الوَضوء.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: هُوَ الوَضوء للْمَاء الّذي يُتوضّأ بِهِ.
قَالَ: والوُضوء مصدرُ وَضوءَ يَوْضُؤُ وُضُوءاً ووَضاءةً.
وَقَالَ اللّيث: المِيضأة: مِطْهَرةٌ يُتوضّأ مِنْهَا أَو فِيهَا.
قلت: وَقد جَاءَ ذكرُ المِيضأة فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَروِيه أَبُو قَتَادة؛ وَهِي مِفْعَلة من الوَضُوء.
يضض: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: يَضَّض الْجِرْوُ وجَصَّصَ وفَقَّح، وَذَلِكَ إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ.
قلت: وَرَوَى أَبُو العبّاس عَن سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: يَصَّص بِالْيَاءِ وَالصَّاد مِثله.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيبانيّ: يُقَال: يَضَّض وبَصَّص بِالْبَاء وجَصَّص بِمَعْنى وَاحِد فِي الجِرْوِ إِذا فَتح عينيْه، وَهِي لُغاتٌ كلُّها فَصيحةٌ مسموعة.
ضأي: أهمَلَه اللّيث. وروَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: ضَأَى الرجلُ: إِذا دَقّ جسمُه.
عَمْرو عَن أَبِيه: الضَّأْضاء: صوتُ النَّاس فِي الحَرْب قَالَ: وَهُوَ الضَّوْضاء.
قلتُ: وَيُقَال من الضأضاة ضَأْضأَ ضأضأةً والضُّوَيْضِئَةُ: الدَّاهيةُ.(12/70)
بَاب الرباعي من حرف الضَّاد
(ضنفس) : قَالَ ابْن المظفَّر: رجلٌ ضِنْفِسٌ: رِخْوٌ لئيمٌ.
(ضنبس) : قَالَ: ورجلٌ ضِنْبِسٌ: ضعيفُ الْبَطْش سريعُ الانكسار.
(ضرسم) : ورجلٌ ضِرْسامَةٌ: نعتُ سَوْء مِن الفَسالةِ ونحوِها.
(ضرزم) : قَالَ: والضَّرْزَمةُ: شِدّةُ العَضّ والتّصميمُ عَلَيْهِ. وَيُقَال: أَفْعَى ضِرْسِم وضِرْزِم: شديدَةُ العَضِّ وأنشَد:
يُباشِر الحَرْبَ بِنابٍ ضِرْزِمِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الضَّرْسَمُ: ذَكَرُ السّباع. وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: من غَرِيب أسماءِ الْأسد الضَّرْصَم. قَالَ: وكنيتُه أَبُو العبّاس.
(ضمزر) : أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء قَالَ: الضَّمْزَرُ من النساءِ: الغليظة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فحلٌ ضُمازِرٌ وضُمارِزٌ: غليظٌ، وأنشَد:
يَرُدُّ غَرْبَ الجُمَّح الجَوامِزِ
وشعبَ كلِّ باجِجٍ ضُمارِزِ
قَالَ: الباجح: الفَرِحُ بمكانه الَّذي هُوَ فِيهِ. وَيُقَال: فِي خُلُقه ضَمْرَزَة وضُمارِز، أَي: سُوءٌ وغَلَظ. وَقَالَ حَنْدَل الطَّهَوِيّ:
إنّي امرؤٌ فِي خُلُقِي ضُمازِرُ
وعَجْرَ فِيّاتٌ لَهَا بَوَادِر
قَالَ: والضَّمْزَرُ: الغليظُ من الأَرْض، وَقَالَ رُؤبة:
كأنّ حَيْدَيْ رأسِهِ المُذَكَّرِ
حَمْدانِ فِي ضَمْزَين فوقَ الضَّمْزَرِ
يصف فَحْلاً. قَالَ: والضَّمْرُ: مَا غَلُظ من الأَرْض أَيْضا.
شمِر قَالَ أَبُو خَيْرة: رجلٌ ضِرْزِلٌ، أَي: شَحِيح.
أَبُو عُبَيد: يُقَال لِلنّاقة الَّتِي قد أسَنَّتْ وفيهَا بقيّة من شَباب: الضِّرْزِم.
(ضفنط) : اللّيث: رجل ضَفَنّطٌ: سمينٌ رخْوٌ ضَخْم البَطْن، بيّن الضَّفاطة.
(ضفند) : وَقَالَ: وامرأةٌ ضَفَنْدَةٌ وضَفَنْدَدَةٌ: رِخْوَةٌ، والذَّكَر ضَفَنْدَد.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: إِذا كَانَ مَعَ الحُمْق فِي الرّجل كَثرةُ لَحْم وثِقَلٌ قيل: رجل ضِفَنٌّ ضَفْنَدَدٌ خُجَأَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل ضَفَنَّدٌ: ضَخْمٌ رِخْوٌ.
(شرنض) : وَقَالَ اللَّيْث: رجل شِرْناضٌ:(12/71)
ضَخْمٌ طَوِيل العُنُق، وَجمعه شَرانِيض.
قلتُ: هَذَا حرفٌ لَا أحفَظُه لغير اللَّيْث، وَهُوَ مُنكر.
(ضبطر) : أَبُو عُبَيد عَن الأمَويّ قَالَ: الضِّبَطْرُ: الشَّديد.
وَقَالَ اللّيث: هُوَ الضخم المكتنِز. وَيُقَال: أسَدٌ ضِبَطْر، وجَمَل ضِبَطْر، وَبيْتٌ ضِبَطْر، وَأنْشد:
أشبَهَ أَرْكَانه ضِبَطْرَا
(ضفطر) : وَقَالَ اللَّيْث: الضِّفْطار: من أَسمَاء الضَّبّ، القبيحُ الَّتِي قَبُحَت خلقتُه وهَرِم.
(ضفرط) : قَالَ: وضَفاريطُ الْوُجُوه: كسورُها بَين الحَدّ والأنْفِ وَعند اللِّحاظين؛ كل وَاحِد ضُفْرُوط.
(ضمرط) : أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لخُطوط الجبين: الأساريرُ والضَّمَاريطُ، وَاحِدهَا ضُمْروط. قَالَ: والضُّمْروط فِي غير هَذَا: موضعٌ، يُخْتَبأُ فِيهِ. قَالَ: والضَّمَاريطُ: أذنابُ الأوْدية.
(ضبطر) : والضِّبَطْرُ والسِّبَطْرُ: من نعتِ الْأسد بالمضاء والشدّة. والضَّيْثَمُ: من أَسمَاء الْأسد.
قلت: الأصلُ من الضَّبْثِ، وَهُوَ القَبْضُ على الشَّيْء بِشدَّة؛ وَمِنْه يُقَال: أسدٌ ضُبَاثيٌّ.
(ضرطم) : وَقَالَ أَبُو سعيد الضّرِير: الضُّرَاطِمِيُّ من أركابِ النِّسَاء: الضَّخْم الجافي، وأنشدَ بيتَ جرير:
تواجِهُ بَعْلَهَا بضُرَاطِمِيَ
كَأَن على مشافره جُبَابا
وَقَالَ: هُوَ متاعٌ هَدّارُ المشَافر يَهْدر شِفْرُه لاغْتلامها، وروى ابْن شُمَيْل بَيت جرير:
تُنَازِعُ زوجَها بعُمارِطيَ
كأنَّ عَلَى مشَافِره جُبابَا
وَقَالَ عُمَارِطيُّهَا: فَرْجُهَا.
(ضرفط) : وَقَالَ يُونُس: جَاءَ فلانٌ مُضَرْفَطاً بالحبال، أَي: موثقًا.
(ضأبل) : وَقَالَ الكسائيّ: الضِّئْبِل: الدّاهية؛ ولغة بني ضَبَّه الصِّئْبِل.
قَالَ: الضَّاد أعرف.
قلتُ: وَأَبُو عُبيد قد جَاءَ بالضّئْبِل بالضاد.
انْتهى آخرُ كتاب الضَّاد، وَالْحَمْد لله وَحده، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من لَا نبيّ بعده(12/72)
كتاب حرف الصَّاد من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف من حرف الصّاد
أُهملت الصَّاد مَعَ السِّين وَالزَّاي والطاء فِي المضاعف.
(بَاب الصّاد وَالدَّال)
ص د
صد، دص: مستعملان.
(صد) : يُقَال: صَدّه يَصُدّه صَدّاً، وَقَالَ الله تَعَالَى: {) مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ} (النَّمْل: 43) .
يَقُول: صدَّها عَن الْإِيمَان، العادةُ الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا، لأنهَا نشأت وَلم تعرف إلاّ قوما يعْبدُونَ الشَّمْس، فصدّتها العادةُ، وبيّن عادتَها بقوله: {اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ} .
الْمَعْنى: صَدّها كونُهَا من قوم كَافِرين عَن الْإِيمَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (لِّلاَْخِرِينَ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ} (الزخرف: 57) .
قَالَ الفرّاء: قرىء (يَصِدّون) و (يَصُدُّون) .
قَالَ: والعربُ تَقول: صَدَّ يَصِدّ ويَصُدّ، مثل: شَدّ يَشِدّ ويَشُدّ، وَالِاخْتِيَار (يَصِدُّون) وَهِي قِرَاءَة ابْن عبّاس، وفسّره يَضِجُّون ويَعِجُّون.
قلت: يُقَال: صددتُ فلَانا عَن أمرِه أصُدُّهُ صَدّاً فصَدّ يَصُدّ، يَسْتَوِي فِيهِ لفظ الْوَاقِع وَاللَّازِم. وَإِن كَانَ بِمَعْنى يَضجّ ويَعِجّ، فَالْوَجْه الْجيد: صَدّ يصدّ، وَمن هَذَا قَول الله جلّ وعزّ: {إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) ، فالمُكاء: الصَّفِير، والتَّصْدِية: التصفيق. وَيُقَال: صَدّى يُصَدِّي تَصْدِيةً: إِذا صَفَّق، وَأَصله صَدّ. ويُصَدِّد، فكثرت الدالات فقُلِبت إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا: قَصَّيْتُ أظفاري، وَالْأَصْل قَصَصْتُ.
قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد وَابْن السّكيت(12/73)
وَغَيرهمَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول الله جلّ وَعز: {مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ} (الزخرف: 57) ، أَي: يَضِجُون ويعِجّون. يُقَال: صَدّ يَصِدّ، مثل: ضَجَّ يَضجّ. وَأما قولُ الله جلّ وَعز: { (الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} (عبس: 5، 6) فَمَعْنَاه: تتعرّض لَهُ، وتميل إِلَيْهِ، وتُقبل عَلَيْهِ، يُقَال: تصدَّى فلَان بفلانٍ يتصدَّى: إِذا تعرّض لَهُ، وَالْأَصْل فِيهِ أَيْضا تصدَّدَ يتصدَّدُ، يُقَال: تصدّيت لَهُ، أَي: أقبلتُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الراجز:
لما رأيتُ وَلَدِي فيهمْ مَيَلْ
إِلَى الْبيُوت وتَصَدّوْا للحَجلْ
قلتُ: وَأَصله من الصَّدد، وَهُوَ مَا استقبلك وَصَارَ قُبَالَتَكَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزجّاج: معنى قَوْله: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} ، أَي: أَنْت تُقبِل عَلَيْهِ، جعلَه من الصَّدد وَهُوَ القُبالة.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: هَذِه الدَّار على صَدَد هَذِه، أَي: قُبالتهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الصَدَد والصَّقب: القُرْب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن السّكيت.
قلتُ: فَقَوْل الله جلّ وَعز: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} ، أَي: تتقرب إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ} ، أَي: يَضْحَكُونَ.
قلتُ: وَالتَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس: يَضِجون ويعجّون وَعَلِيهِ الْعَمَل.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَيُسْقَى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إِبْرَاهِيم: 16، 17) ، قَالَ: الصَّديد: مَا يسيل من أهل النَّار من الدّم والقَيْح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّديدُ: الدّم المختلطُ بالقَيْح فِي الجُرح، يُقَال: أصَدّ الجُرح. قَالَ: والصّديد فِي الْقُرْآن: مَا سَالَ من أهل النَّار. وَيُقَال: بل هُوَ الحميمُ أُغْلِي حَتَّى خَثُر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: الصُّدّادُ فِي كَلَام قيس: سامُّ أبْرَصَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدّاد: ضرب من الجُرْذان، وَأنْشد:
إِذا مَا رَأَى أشرافهن انطوى لَهَا
خَفِيٌّ كصُدّادِ الجديرة أَطلَسُ
قَالَ: وصَدْصَدٌ: اسمُ امْرَأَة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الصَّدّان: ناحيتا الْجَبَل، وأَنشد قولَ حُمَيد:
تَقَلقَلَ قِدْحٌ بَين صَدّيْن أَشْخَصَتْ
لَهُ كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لَا يُرِيدُها
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصّدّان: الجَبلان. وَقَالَت ليلى الأخيليَّة:
وكُنْتَ صُنَيّاً بَين صَدّيْنِ مَجْهَلا(12/74)
والصُّنَيّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيل فِيهِ المَاء.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الصِّدَاد: مَا اصْطَدّت بِهِ الْمَرْأَة وَهُوَ السِّتْر.
وَقَالَ ابْن بُزرج: الصَّدُود: مَا دَلكْتَهُ على مِرْآة ثمَّ كَحَلْتَ بِهِ عَيْناً.
دصّ: قَالَ اللَّيْث: الدَّصْدَصَةُ: ضَرْبُك المُنْجَل بكَفَّيك.
(بَاب الصَّاد وَالتَّاء)
ص ت
صتّ: قَالَ اللَّيْث: الصَّتُّ: شِبْهُ الصَّدْمِ والقَهْرِ.
ورجلٌ مِصْتِيتٌ: فاضٍ متكَمِّش.
قَالَ: والصَّتِيتُ: الصَّوْتُ والجَلَبَة. وَفِي الحَدِيث: (قَامُوا صِتَّيْن) .
قَالَ أَبُو عُبَيد، أَي: جَماعَتين. يُقَال: صَاتَّ القومُ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّتِيتُ: الفِرقة.
يُقَال: تركتُ بني فلَان صَتِيتَيْن: يَعْنِي فِرْقَتين. وَقَالَ أَبُو زيد مِثلَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَا زلتُ أُصَاتُّه وأُعَاثُّه صِتَاتاً وعِثَاثاً، وَهِي الْخُصُومَة.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّتَّة: الجماعةُ من النَّاس.
ص ظ ص ذ ص ث: أهملت وجوهها.
(بَاب الصّاد والرّاء)
ص ر
صر، رص: (مستعملة) .
(صر) : قَالَ اللَّيْث: صَرَّ الجُنْدَبُ يصِرّ صَرِيراً. وصَرّ البابُ يَصِرُّ؛ وكلُّ صوتٍ شِبْهُ ذَلِك فَهُوَ صَرِيرٌ: إِذا امتدّ، فإِذا كَانَ فِيهِ تخفيفٌ وترجيعٌ فِي إعادةٍ ضُوعِف. كَقَوْلِك: صَرْصَر الأخْطَبُ صَرْصَرةً.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: صَرّ المَحْمِل يَصِرّ صَرِيراً.
قلتُ: والصَّقْرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً.
وَقَالَ الزَّجاجُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} : (الحاقة: 6) الصِّرُّ والصِّرّة: شِدَّةُ البَرْدِ.
قَالَ: وصَرْصَرٌ متكرِّرٌ فِيهَا الرَّاء؛ كَمَا تَقول: قَلقلتُ الشيءَ وأَقْلَلْتُه: إِذا رفعتَه من مَكَانَهُ إلاّ أنّ قَلْقَلتُه: رددتُه وكرَّرْتُ رَفْعَه. وأقْلَلْتُه: رفَعْتُه، وَلَيْسَ فِيهِ دليلُ تَكْرِير. وَكَذَلِكَ صَرْصَرَ وصَرَّ، وصَلْصَلَ وصَلَّ: إِذا سمعتَ صوتَ الصَّرير غيرَ مكرَّر.
قلتَ: صَرَّ وصَلَّ؛ فَإِذا أردتَ أنّ الصَّوْت تَكرَّر قلتَ: قد صَرْصَرَ وصَلْصَلَ.
قلتُ: وقولُه: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} ، أَي: شديدِ البَرْد جدّاً.(12/75)
وَقَالَ ابْن السكّيت: ريحٌ صَرْصَر، فِيهِ قَولَانِ:
يُقَال: أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ وَهُوَ البَرْد، فأَبدَلوا مكانَ الرّاء الْوُسْطَى فاءَ الْفِعْل، كَمَا قَالُوا: تَجَفْجَفَ، وأصلُه تَجَفَّف.
وَيُقَال: هُوَ من صَرِير الْبَاب وَمن الصَّرَّة وَهُوَ الضَّجَّة.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {عَلَيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} (الذاريات: 29) .
قَالَ المفسِّرون: فِي ضَجَّة وصَيْحة، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
جَواحِرُها فِي صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ
وَقيل: (فِي صرَّةٍ) : فِي جمَاعَة لم تتفرَّق.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: صَرَّ الْفرس أذُنَيه، فَإِذا لم يُوقِعوا قَالُوا: أصَرَّ الفرسُ، وَذَلِكَ إِذا جمع أذُنَيه وعَزَمَ على الشّدّ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: كَانَت مني صِرِّي وأَصِرِّي، وصِرَّى وأصِرَّى؛ أَي: كَانَت منّي عَزِيمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّهَا مِنّي لأَصِرِّي، أَي: لحَقيقة. وَأنْشد أَبُو مَالك:
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ
أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي
أَي: حَقِيقَة.
شَمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: علم اللَّهُ أَنَّهَا كَانَت منّي صِرِّي وأصِرَّى، وصِرِّي وأصِرِّي، وقائلها أَبُو السّمّاك الأسَدي حينَ ضَلَّتْ ناقتُه فَقَالَ: اللهمَّ إِن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لَك صَلَاة، فوجَدَها عَن قريب، فَقَالَ: علمَ اللَّهُ أَنَّهَا منّي صِرِّي، أَي: عَزْم عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا عَزِيمَة محتومةٌ.
قَالَ: وَهِي مشتقّة من أصررتُ على الشَّيْء: إِذا أقمتَ ودمتَ عَلَيْهِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمرَان: 125) .
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: أصِرِّي، أَي: اعْزِمي، وكأنّه يُخَاطِب نفسَه، من قَوْلك: أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً: إِذا عَزَم على أَن يَمضي فِيهِ وَلَا يَرجع.
قَالَ: وَيُقَال: كَانَت هَذِه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي، أَي: عَزِيمَة، ثمَّ جُعلت هَذِه الياءُ ألفا، كَمَا قَالُوا: بأَبي أنتَ، وبِأَبَا أنْتَ، وَكَذَلِكَ صِرِّي، على أَن تحذف الألفُ من أصِرّي لَا على أنّها لُغَة صَرَرتُ على الشَّيْء وأصرَرت.
قَالَ: وَجَاءَت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رَافِعَة لَهَا، وَإِنَّمَا تُصرّ آذانها: إِذا جَدّت فِي السَّيْر.
وَقَالَ الْفراء: الأَصْل فِي قَوْلهم: كَانَت منّي صِرِّي وأصِري: أمْرٌ، فَلَمَّا أَرَادوا أَن(12/76)
يغيِّروه عَن مَذهَب الْفِعْل حَوّلوا ياءَه ألفا، فَقَالُوا: صِرَّى وأصِرَّى، كَمَا قَالُوا: نُهِي عَن قَيَلٍ وَقَالَ، أُخْرِجِتَا من نيّة الْفِعْل إِلَى الْأَسْمَاء.
قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: أعْيَيْتَني من شُبَّ إِلَى دُبَّ، ويُخفض فَيُقَال: من شُبَ إِلَى دُبَ، وَمَعْنَاهُ: فَعَل ذَلِك مُذْ كَانَ صَغِيرا إِلَى أَن دَبَّ كَبِيرا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا لفُلَان صَريّ، أَي: مَا عندَه دِرْهم وَلَا دِينَار، وَيُقَال ذَلِك فِي النَّفْي خاصّة.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبة: يُقَال للدِّرهم صَريٌّ، وَمَا ترك صَريّاً إِلَّا قَبضه، وَلم يُثَنِّه وَلم يَجْمعه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: دِرْهمٌ صَريّ وصِريّ للَّذي لَهُ صَرير: إِذا نقَرْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (لَا صَرورةَ فِي الْإِسْلَام) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الصَّرورة فِي هَذَا الحَدِيث: هُوَ التبتل وتركُ النِّكاح.
قَالَ: لَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول: لَا أتزوّج. يَقُول: لَيْسَ هَذَا من أَخْلَاق الْمُسلمين، وَهُوَ مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
وَلَو أَنَّهَا عرضت لأشْمَطَ رَاهِب
عَبَدَ الإلهَ صَرورةٍ متعبِّدِ
وَيَعْنِي الراهبَ الَّذِي قد ترك النّساء.
قَالَ: والصَّرورة فِي غير هَذَا الَّذِي لم يَحْجُجْ قَطّ، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الْكَلَام.
وَقَالَ ابْن السكّيت: رجل صَرورةٌ وصارُورَةُ وصَرورِيّ: وَهُوَ الَّذِي لم يَحْجُجْ.
وَحكى الْفراء عَن بعض الْعَرَب قَالَ: رأيتُ قوما صَراراً واحدُهم صَرورة.
وَقَالَ اللّحياني: حَكى الكسائيّ: رجلٌ صَرارَةٌ للّذي لم يَحْجُجْ. ورجلٌ صَرورة وصَرارَة. وصاروريّ.
فَمن قَالَ: صَرورة، فَهُوَ فِي الْوَاحِد والجميع والمؤنث سَوَاء. وَكَذَلِكَ من قَالَ: صرارة وصَرَّارة وصارورة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: قوم صَراير، جمع صارورة. وَمن قَالَ: صرورى وصارورى، ثنّى وَجمع وأنّث.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّرُّ: البَرْدُ الَّذِي يَضرب النباتَ ويُحسِّنه. الصَّرَّةُ: شدّة الصِّياح. جَاءَ فِي صَرةٍ، وَجَاء يَصْطَرُّ.
والصُّرّة: صُرةُ الدّراهم وَغَيرهَا مَعْرُوفَة.
والصِّرارُ: الخَيْط الَّذِي يُشَدُّ بِهِ التَّوادِي على أخلاف النَّاقة وتُذَيَّر الأطْباءُ لبعَرِ الرَّطْب لئلاّ يؤثِّر الصِّرارُ فِيهَا.
قَالَ: والصَّرْصَرُ: دُويْبَّةٌ تَحت الأَرْض تَصِرّ أيّام الرّبيع.
وصَرَّت أُذُني صَرِيراً: إِذا سمعتَ لَهَا صَوتاً ودَوِيّاً.(12/77)
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّرارِيُّ: الملاّحُ، وَأنْشد:
إِذا الصَّراريُّ من أهواله ارْتَسما
اللَّيْث: الصَّرْصرانُ والصَّرْصرانيّ: ضربٌ من السَّمك أملسُ الجِلْد ضخم وَأنْشد:
مَرّتْ لظَهْر الصَّرْصَران الأدْخَنِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّرْصَرانُ: إبلٌ نَبَطيَّة يُقَال لَهَا الصَّرْصَرانيّات.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصرصرانيات: الْإِبِل الَّتِي بَين العِراب والبخاتيّ، وَهِي الفوالج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّارَّةُ: العَطَش، وجمعُها صرائر، وَأنْشد:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها
وَقد نَشَحْن فلارِيٌّ وَلَا هيمُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: لنا قِبَلَه صارَّةٌ، وجمعُها صَوارُّ، وَهِي الْحَاجة.
ابْن شُميل: أصَرَّ الزرعُ إصْراراً: إِذا خَرَج أَطْرَاف السَّفَاء قبل أَن يَخلص سُنْبُله فَإِذا خلص سنبله قيل: قد أسبل وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: يكون الزَّرْع صَرراً حَتَّى يَلتويَ الْوَرق ويَيْبَس طرَف السنبل، وَإِن لم يجر فِيهِ القَمْحُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحافِرُ المَصْرور: المُنْقَبِض. والأرَحّ: العريض؛ وَكِلَاهُمَا عَيْب، وَأنْشد غَيره:
لَا رَحَحٌ فِيهِ وَلَا اصْطِرارُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اصْطَرّ الحافرُ اصْطراراً: إِذا كَانَ فَاحش الضِّيقِ، وَأنْشد:
لَيْسَ بمصْطَرَ وَلَا فِرشاحِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُرْصُورُ: الفَحْلُ النَّجيب من الْإِبِل.
قَالَ: والصَّرُّ: الدَّلْوُ تسترخى فتُصَرُّ، أَي: تُشد وَتسمع بالمِسمَع، وَهُوَ عروةٌ فِي دَاخل الدَّلْو بإزائها عُروةٌ أُخْرَى، وَأنْشد فِي ذَلِك:
إِن كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فصرَّها
إِن امِّصار الدِّلوِ لَا يضُرُّها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: صَرَّ يَصِرُّ: إِذا عَطِشَ. وصَرًّ يَصُرّ: إِذا جَمَع.
قَالَ: والصَّرَّة: تقطيبُ الوجْه من الْكَرَاهَة. والصَّرَّةُ: الشاةُ المُصرَّاة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المُصْطارةُ: الخَمر الحامض.
رص: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تراصُّوا فِي الصَّلَاة) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي: التَّراصُّ: أَن يَلصَق بعضُهم بِبَعْض حَتَّى لَا يكون بَينهم خَلَل؛ وَمِنْه قولُ الله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ} (الصَّفّ: 4) .
وَقَالَ اللَّيْث: رصَصتُ البنيانَ رَصّاً: إِذا ضممتَ بعضَه إِلَى بعض. والرِّصاص مَعْرُوف.(12/78)
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الرَّصاص أكثرُ من الرِّصاص.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصّاصةُ والرَّصْراصة: حجارةٌ لازقةٌ بحوالَيِ العَيْن الْجَارِيَة، وَأنْشد:
حِجَارَة قَلْتٍ برَصراصةٍ
كُسِين غِشاءً من الطُّحْلُبِ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: النِّقابُ على مارِنِ الْأنف. قَالَ: والترصيص: ألاّ يُرَى إلاّ عَيناهَا وتَميمٌ تَقول: هُوَ التَّوْصيص بِالْوَاو وَقد رَصّصَتْ ووَصّصَتْ.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: رَصَّص: إِذا ألحّ فِي السُّؤَال، ورصصَ النِّقابَ أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: رَصرَصَ: إِذا ثَبت فِي الْمَكَان.
أَبُو عَمْرو: الرَّصيص: نِقابُ الْمَرْأَة: إِذا أدْنَتْه من عينيْها.
(بَاب الصَّاد وَاللَّام)
ص ل
صل، لص: (مستعملة) .
صل: أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: سَمِعت لجوفِه صلِيلاً من العَطَش، وَجَاءَت الإبلُ تَصِلّ عَطشاً، وَذَلِكَ إِذا سمعتَ لأجوافها صوْتاً كالبُحّة. وَقَالَ مُزاحم العُقَيلِيُّ يصف القَطا:
غَدَت مِن عَلَيْهِ بَعْدَمَا تمَّ ظِمْؤُها
تَصِلُّ وَعَن قَيْضٍ بزيْزاءَ مَجهَلِ
قَالَ ابْن السكّيت فِي قَوْله: من عَلَيْهِ: من فَوْقه، يَعْنِي من فوْق الفَرْخ.
قَالَ: وَمعنى: تَصِلُّ، أَي: هِيَ يابسة من الْعَطش.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: معنى قَوْله: من عَلَيْهِ من عِنْد فَرْخها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سمعتُ صليلَ الْحَدِيد، يَعْنِي صوْتَه.
وصلَّ المِسمارُ يَصِلُّ صلِيلاً: إِذا أكْرهْتَه على أَن يدخُل فِي القَتِير فَأَنت تسمَع لَهُ صَوتا، وَقَالَ لَبيد:
أحكم الجُنْثيّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرباءٍ إِذا أُكرِه صلّ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّلصالُ: الطينُ اليابسُ الَّذِي يَصِلُّ من يُبْسِه، أَي: يصوِّت، قَالَه فِي قَوْله: {الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ} (الرَّحْمَن: 14) ، وَأنْشد:
رَجَعتُ إِلَى صوتٍ كجِرَّة حَنْتَمٍ
إِذا قُرِعتْ صِفراً من الماءِ صلَّتِ
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء. قَالَ: هُوَ طينٌ حُرٌّ خُلط برمْل فَصَارَ يُصلْصِل كالفَخّار.
قلتُ: هُوَ صَلصال مَا لم تُصِبه النَّار، فَإِذا مسّتْه النَّار فَهُوَ فَخّار.
وَقَالَ الْأَخْفَش نَحوه، قَالَ: وكلُّ شَيْء لَهُ صوتٌ فَهُوَ صلْصالٌ من غير الطين.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الصالُّ:(12/79)
الماءُ يقعُ على الأرضِ فتنشّق، فَذَلِك الصال.
وَقَالَ مُجَاهِد: الصَّلصالُ: حَمَأٌ مسنون.
قلتُ: جعلَه حَمأً مَسنوناً لِأَنَّهُ جعله تَفْسِيرا للصلصال، ذهَب بِهِ إِلَى صلَّ، أَي: أَنتَنَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق مَنْ قَرَأَ: {ءإذا صَلَلْنا فِي الأَرْض} (السَّجْدَة: 10) ، بالصَّاد فَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَنْتَنَّا وتغيَّرْنا، وتغيرت صوَرُنا، يُقَال: صلَّ اللحمُ وأَصلَّ إِذا أنتَن وتغيَّر.
والضربُ الثَّانِي: (صلَلْنا) : يَبِسنا من الصلَّة، وَهِي الأرضُ الْيَابِسَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: مَا يَرفَعه من الصلّة من هوانِه عَلَيْهِ، يَعْنِي من الأَرْض.
وخُفٌّ حَيّد الصِّلَة، أَي: جيِّد الجِلْد.
وَيُقَال: بِالْأَرْضِ صِلالٌ من مَطر، الْوَاحِدَة صلَّة، وَهِي القطَع المتفرقة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سيَكفيكَ الْإِلَه بمُسْنَماتٍ
كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصلالاَ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الصلاصلُ: بقايا الماءِ، وَاحِدهَا صَلصلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُّلصل: الرَّاعِي الحاذق.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلصل: طَائِر تسميه العجَمُ الفاخِتَة، وَيُقَال: بل هُوَ الَّذِي يشبهها، والصُّلصل: ناصيةُ الفرَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصلاصِل: الفَواخِتُ وَاحِدهَا صُلْصل. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصلْصل والعِكْرِمة والسّعْدانة: الحَمامة.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الجُمَّة. والصُّلصلة للوَفْرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي صلْصل: إِذا أَوْعَد.
وصلْصل: إِذا قتل سيِّد الْعَسْكَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصُّلْصُل: القَدَح الصَّغِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصلُّ والصِّفصِلّ نبتان، وَأنْشد:
أرعَيْتُها أطيَبَ عُودٍ عُودَا
الصِّلَّ والصِّفْصِلَ واليَعْضِيدَا
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِنَّه لَصِلُّ أصْلالٍ وإنّه لَهِتْر أهتار. يُقَال ذَلِك للرّجل ذِي الدَّهاء والإرْب، وأصلُ الصِّلّ من الحيّات يُشبَّه الرجل بِهِ إِذا كَانَ داهيةً؛ وَقَالَ النَّابِغَة الذُّبياني:
مَاذَا رُزِئْنا بِهِ من حَيّةٍ ذَكَرٍ
نَضْنَاضَةٍ بالرَّزايَا صِلِّ أَصْلالِ
والصِّلِّيَان: من أطيَب الكَلأ، وَله جِعْثِنَةٌ ووَرَقُه رقيقٌ.
والعَرَب تَقول للرجُل يُقدم على يمينٍ كَاذِبَة، وَلَا يَتَتَعْتَع: جَذَّها جَذ العَيْر(12/80)
الصِّلِّيانة. وَذَلِكَ أَن العَيْرَ إِذا كَدَمَها بِفِيهِ اجتَثَّها بأَصلِها، وَالتَّشْدِيد فِيهَا على اللاّم، والياءُ خَفِيفَة، وَهِي فِعْلِيَانة من الصَّلْي، مثل حِرْصِيانة من الحِرْص، وَيجوز أَن يكون من الصِّلّ، وَالْيَاء وَالنُّون زائدتان.
أَبُو عُبيد: قَبَرَه اللَّهُ فِي الصَّلَّة، وَهِي الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: صَلَّ اللّجام: إِذا تَوهَّمْتَ فِي صوتِه حِكايَة صوتِ صَلْ، وَإِن توهَّمتَ ترجيعاً قلتَ: صَلصَل اللجامُ، وَكَذَلِكَ كلُّ يَابِس يُصَلْصِل.
وَقَالَ خَالِد بنُ كُلْثوم فِي قَول ابْن مُقبل:
ليَبْكِ بَنُو عُثمانَ مَا دامَ جِذْمُهمْ
عَلَيْهِ بأَصْلالٍ تُعَرَّى وتُخْشَبُ
الأصلال: السيوفُ القاطعة، وَالْوَاحد صِلّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصَلِّل: الأسْكَفُ، وَهُوَ الإسْكافُ عِنْد العامّة. والمصَلِّل أَيْضا: الخالصُ الكَرَم والنَّسب. والمصَلِّل: المَطَر الجَوْدُ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: قَالَ: الصَّلَّة: بقيَّةُ المَاء فِي الْحَوْض: والصَّلَّةُ: المَطْرة الواسعة. والصَّلَّةُ: الجِلْد المتين. والصَّلّةُ: الأَرْض الصُّلْبة. والصَّلة: صوتُ المِسمار إِذا أُكرِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَّلّة: المَطْرةُ الْخَفِيفَة. والصَّلَّة: قُوَارَةُ الخُفّ الصُّلْبة.
لص: قَالَ اللَّيْث: اللِّصُّ معروفٌ، ومصدرُه اللصُوصة واللُّصوصِيَّة والتلصُّص.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هُوَ لَصٌّ بيّن اللَّصوصِية، وفعلتُ ذَلِك بعد خصُوصيّة، وحَرُوريّ بيّن الحَرُوريّة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الألَصُّ: المجتمِعُ المَنكِبين يكادان يمُسَّان أُذُنَيه. قَالَ: والألَصّ أَيْضا: المتقاربُ الأضراس، وَفِيه لصَصَ.
الليثُ: التَّلْصِيص كالتَّرْصيص فِي البُنْيان. قَالَ رُؤبة:
لَصَّصَ من بُنْيانِه المُلَصِّصُ
الْأَصْمَعِي: رجل أَلَصُّ وَامْرَأَة لَصّاء: إِذا كَانَ مُلتَزِقي الفَخِذَين لَيْسَ بَينهمَا فُرْجة. وَيُقَال للزَّنْجيّ: ألَصّ الألْيَتَين والفَخِذَين.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: اللَّصَص فِي مَرْفَقي الفَرَس أَن تنضَمَّا إِلَى زَوْرِه وتَلْصقا بِهِ. قَالَ: ويستحبّ اللَّصَصُ فِي مَرْفِقَي الْفرس.
وَقَالَ أَبُو زيد: جمعُ اللَّصّ لُصوص وأَلْصاص، وَامْرَأَة لَصَّةٌ من نسْوَة لَصائص ولَصَّات.
(بَاب الصّاد وَالنُّون)
ص ن
صن، نَص: (مستعملان) .
صن: قَالَ اللَّيث: الصَّنُّ: شِبْه السَّلَّة المُطْبَقَة(12/81)
يُجعل فِيهَا الطّعام.
سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ: الصِّنّ: بَوْل الوَبْر. والصِّنُّ أَيْضا: أوّل يَوْم من أيّام العَجوز، وَأنْشد غَيره:
فَإِذا انقَضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا
صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ
وَقَالَ جرير فِي صِنّ الوَبْرِ:
تَطَلَّى وهيَ سَيِّئَةُ المعَرَّى
بِصِنِّ الوَبْر تحسَبه مَلابَا
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن نُصَيْر الرّازيّ يُقَال للتَّيْس إِذا هاج: قد أصَنّ فَهُوَ مُصِن. وصُنانه: ريحُه عِنْد هِياجه.
وَيُقَال للبَغْلَة إِذا أمسكْتَها فِي يَدِك فأنتَنَتْ: قد أصَنَّتْ.
وَيُقَال للرَّجُل المُطَيَّخِ المُخْفِي كلامَه: مُصِنَّ.
قَالَ: وَإِذا تأخَّر ولدُ النَّاقة حَتَّى يَقع فِي الصَّلاَ فَهُوَ مُصِنّ وهُنّ مِصِنّاتٌ مَصَانٌّ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: المُصِنّ: الرافعُ رأسَه تكبُّراً، وَأنْشد:
يَا كَرَواناً صُكَّ فاكْبأنّا
فشَنَّ بالسَّلْحِ فلمّا شَنَّا
بَلَّ الذَّنابَى عَبَساً مُبِنَّا
أَإِبِلِي نأكُلُها مُصِنَّا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَتَانَا فلانٌ مُصِنّاً بأَنْفه: إِذا رَفع أَنفَه من العَظَمة. وأَصَنَّ: إِذا سَكَت؛ فَهُوَ مُصِنٌّ ساكِت، وأَنشَد:
قد أخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بهَا مُصِنُّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدةَ: إِذا دنا نَتاجُ الفَرَسِ وارْتَكَضَ ولدُها وتحرّك فِي صَلاَها فَهِيَ حِينَئِذٍ مُصِنّة وَقد أصنّت الْفرس، ورُبَّما وَقع السّقيُ فِي بعض حركته حَتَّى ترى سوَاده من طُبييها، والسَّقيُ طرف السَّابيَاء.
قَالَ: وقلّ مَا تكونُ الْفرس مُصِنَّة: إِذا كَانَت مُذْكِرة تَلد الذُّكُور.
نَص: قَالَ اللَّيْث: النَّصُّ: رَفْعُك الشيءَ. ونَصَّصْتُ نَاقَتي: إِذا رَفَعْتَهَا فِي السَّيْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّصّ: الْإِسْنَاد إِلَى الرئيس الْأَكْبَر. والنَّصّ: التَّوْقيف. والنَّصّ: التَّعْيِين على شيءٍ مّا.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دَفَع من عَرَفات سارَ العَنَق، فَإِذا وَجد فَجْوَةً نَصَّ) . قَالَ أَبُو عُبَيْد: النَّصُّ: التحريك حتّى تستخرج من النَّاقة أَقْصَى سَيْرِها، وأَنشَد:
وتَقْطَع الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ
رُوي عَن عليّ أَنه قَالَ: إِذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقَاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى.
قَالَ أَبُو عُبيد: النَّصُّ: أصلُه منتَهى الْأَشْيَاء ومبلغُ أَقصاها، وَمِنْه قيل:(12/82)
نَصَصْتُ الرجلَ: إِذا استقصيْتَ مسألتَه عَن الشيءِ حَتَّى يسْتَخْرج كلَّ مَا عندَه، وَكَذَلِكَ النَّصّ فِي السَّيْرِ إنّما هُوَ أَقصَى مَا تَقدر عَلَيْهِ الدابّة. قَالَ: فَنَصّ الحِقاقِ إِنّما هُوَ الإدرَاك.
وَقَالَ ابْن المُبَارَك: نَصُّ الحِقاق: بُلُوغُ العَقْل.
ورُوِيَ عَن كَعْب أنّه قَالَ: يَقُول الجبّارُ: احذَروني فإنِّي لَا أُناصُّ عَبْداً إلاَّ عَذَّبْتُه) ، أَي: لَا أستقصِي عَلَيْهِ إِلَّا عَذَّبْتُه؛ قَالَه ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: نَصَّص الرجلُ غَرِيمَه: إِذا اسْتَقْصَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللّيث: الماشطة تَنُصُّ العَروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهيَ تَنْتَصُّ عَلَيْهَا لِتُرَى من بَين النِّسَاء.
وَقَالَ شمر: النّصْنَصَةُ والنّضْنَضَةُ: الْحَرَكَة، وكل شيءٍ قلقلته فقد نَصْنَصْتَه.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَصْنَصَ لسانَه ونَضْنَضَهُ: إِذا حَرَّكه.
وَقَالَ اللَّيث: النَّضْنَضَةُ: إثْبَاتُ الْبَعيرِ رُكْبَتَيْه فِي الأَرْض، وتَحَرُّكه إِذا هَمَّ بالنُّهُوضِ. قَالَ: وانتَصَّ الشيءُ وانتَصَب: إِذا استوَى واستَقامَ، وَقَالَ الرّاجز:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً ومَا تَكَرْدَسَا
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: كَانَ حَصِيصُ الْقَوْم وبَصيصُهم ونَصِيصُهم كَذَا وَكَذَا، أَي: عَدَدُهم بِالْحَاء وَالنُّون وَالْبَاء.
(بَاب الصَّاد وَالْفَاء)
ص ف
صف، فص.
(صف) : قَالَ اللَّيْث: الصَّفُّ مَعْرُوف قَالَ: والطّير الصّوَافُّ: الَّتِي تَصُفّ أجنَحتها فَلَا تحرِّكُها.
والْبُدنَ الصَّوافُّ: الَّتِي تُصَفَّفُ ثمَّ تُنْحَر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (الصافات: 1) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هم الْمَلَائِكَة، أَي: هم مصطفُّون فِي السَّمَاء يُسبِّحون لله.
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ} (الْحَج: 36) ، قَالَ: صَوافُّ منصوبةٌ على الْحَال، أَي: قد صفَّت قوائمَها؛ أَي: فاذكُروا اسمَ الله عَلَيْهَا فِي حَال نحرِها.
قَالَ: {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} (النُّور: 41) ، باسطات أجنِحَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: صَفَفْتُ القومَ فاصطَفُّوا. والمَصَفُّ: المَوْقِفُ والجميع المَصَافّ. والصَّفِيفُ: القَدِيدُ إِذا شُرِّر فِي الشَّمْس، يُقَال: صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي قَالَ: الصَّفِيفُ: القَدِيدُ، وَقد صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَفِيفَ شِواءٍ أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ(12/83)
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: التَّصفيف نحوُ التّشريح، وَهُوَ أَن تَقرض البَضْعة حَتَّى تَرِقّ فترَاهَا تَشِفّ شَفِيفاً. وَقد صفَفْتُ اللَّحْم أصُفُّه صفّاً.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبَة: الصَّفِيفُ: أَن يُشرّح اللحمُ غيرَ تَشريحِ القَدِيد، وَلَكِن يُوَسَّع مثل الرُغْفان الرِّقاق، فَإِذا دُقّ الصَّفِيف ليؤكل فَهُوَ زِيم، وَإِذا تُرِك وَلم يُدَقّ فَهُوَ صَفِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّةُ: صُفّةُ السَّرْج.
أَبُو عُبَيْد عَن الْكسَائي: صَفَفْتُ للدابة صُفّةً، أَي: عملتُها لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّة من البُنْيان. قَالَ: وعذابُ يَوْم الصُّفّة: كَانَ قَومٌ قد عَصَوْا رسولهم فأَرسَل الله عَلَيْهِم حَرَّاً وغَمَّاً غَشِيَهم من فَوقهم حَتَّى هَلَكوا.
قلتُ: الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} (الشُّعَرَاء: 189) ، لَا عَذَابُ يَوْم الصُّفّة، وعُذِّب قومُ شُعَيْب بِهِ، وَلَا أَدْرِي مَا عذابُ يَوْم الصُّفّة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهفَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً} (طه: 106) .
قَالَ الفرّاء: الصَّفْصَفُ: الَّذِي لَا نَبات فِيهِ، وَهُوَ قولُ الكَلْبيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَفْصَفُ: القَرْعاء.
وَقَالَ مُجَاهِد: {قَاعاً صَفْصَفاً} : مستوياً.
شمر عَن أبي عَمْرو: الصَّفْصَف: المستوِي من الأَرْض، وجمعُه صفَاصِف. وَقيل: الصَفْصَفُ: المُستوِي الأملَس.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا رَكبْتَ داوِّيةً مُدْلَهِمّةً
وغَرَّدَ حَادِيها لَهَا بالصَّفاصِفِ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّفُوفُ: الناقةُ الَّتِي تَجمَع بَين مِحْلَبَين فِي حَلْبة وَاحِدَة؛ والشَّفُوعُ والقَرُونَ مِثْلُها.
قَالَ: والصَّفوف أَيْضا: الَّتِي تَصُفّ يَدَيْها عِنْد الحَلب.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: تضافّوا على المَاء وتَصافُّوا عَلَيْهِ بِمَعْنى وَاحِد: إِذا اجتَمَعوا عَلَيْهِ.
اللّيْثُ: الصَّفْصَفة: دخِيل فِي الْعَرَبيَّة، وَهِي الدُّوَيْبّة الَّتِي يسميها العَجَم السّيسك.
أَبُو عُبَيد: الصَّفْصافُ: الخِلافُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ شجَر الْخِلاف بلُغة أهلِ الشَّام.
فص: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَصُّ الشَّيءِ: حقيقتُه كُنْهُه. قَالَ: والكُنْه: جَوْهَرُ الشَّيْء. والكُنْهُ: نهايةُ الشَّيْء وحقيقتُه.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعل يَسيلُ. قيل: فَصَّ يَفِصّ فَصيصاً، وفَزّ يَفِزّ فَزِيزاً. قَالَ: وَقَالَ(12/84)
أَبُو زيد: الفُصوصُ: المَفاصلُ فِي العِظام كلهَا إِلَّا الْأَصَابِع واحِدُها فَصّ.
وَقَالَ شَمِر: خُولِف أَبُو زيد فِي الفُصوص فَقيل: إِنَّهَا البَراجِم والسُّلاَمَيَات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الْخَيل) : الفُصوصُ من الفَرَس: مَفاصِلُ رُكبتَيه وأَرساغِه وفيهَا السُّلامَيَات، وَهِي عِظام الرُّسْغَيْن، وَأنْشد غيرُه فِي صفة الفَحْل:
قَريعُ هِجانٍ لم تُعَذَّبْ فُصوصُه
بِقَيْد وَلم يُرْكَب صَغيراً فيُجْدَعا
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت فِي بَاب مَا جَاءَ بِالْفَتْح، يُقَال: فَصُّ الخاتَم. وَهُوَ يَأْتِيك بالأمْر من فَصِّه، أَي: مَفْصِله، يُفصِّله لَك. وكلُّ ملتقَى عَظْمَيْن فَهُوَ فَصّ.
وَيُقَال للفَرَس: إِن فُصُوصَه لظِمَاء، أَي: لَيست برَهِلة كَثِيرَة اللَّحْم. والكلامُ فِي هَؤُلَاءِ الأحرف بِالْفَتْح.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَيُقَال: فِصُّ الْخَاتم وَهِي لُغَة ردية.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَصُّ: السِّنُّ من أَسْنان الثُّوم، وَأنْشد شَمِر قولَ امرىء الْقَيْس:
يُغالِينَ فِيهِ الجزْء لَوْلَا هَواجِرٌ
جَنادِبُها صَرْعَى لهنّ فَصِيصُ
يُغالين: يُطاوِلْن، يُقَال: غالبْتُ فلَانا فلَانا، أَي: طاوَلْتُه، وقولُه: لهنّ فَصِيصُ، أَي: صَوْتٌ ضعِيف مثل الصفير. يَقُول: يُطاوِلْن الجَزْء لَو قَدَرْنَ عَلَيْهِ، ولكنَّ الحَرَّ يُعْجِلُهنّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الفَصافِص: واحدتُها فِصْفِصَة وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ أَسْبُسْت، وَأنْشد للنابغة:
من الفَصافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ
وَقَالَ اللَّيْث: فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها، وَأنْشد:
بمُقْلةٍ تُوقِد فَصّاً أَزْرَقا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَصْفَص: إِذا أَتَى بالخَبَر حقّاً.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فَصَّ فِي يَدَيّ شَيْء، أَي: مَا بَرَدَ، وَأنْشد:
لأُمِّكَ وَيْلَةٌ وعليكَ أُخْرَى
فَلَا شاةٌ تَفِصُّ وَلَا بَعيرُ
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ حترش: قَصَصْتُ كَذَا مِن كَذَا، أَي: فصلته. وانْفَصّ مِنْهُ، أَي: انفَصَل. وافتَصَصْتُه: افْتَرَزْتُه.
(بَاب الصّاد والبَاء)
ص ب
صب. بص: (مستعملان) .
(صبّ) : قَالَ اللَّيْث: الصَّبُّ: صَبُّك الماءَ ونحوَه. والصَّبَبُ: تَصوُّبُ نهرٍ أَو طَرِيق يكون فِي حُدور.
وَفِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه كَانَ إِذا مَشَى كأنّما ينحطُّ فِي صَبَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمرو: الصَّبَبُ:(12/85)
مَا انحدَرَ من الأَرْض، وجمعُه أصْبَاب.
وَقَالَ رُؤْبة:
بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأصْبابْ
وَفِي حَدِيث عُتبة بن غَزْوانَ أنّه خطب الناسَ فَقَالَ: (ألاّ إنّ الدُّنْيَا قد آذَنَتْ بصَرْم، ووَلَّت حَذّاء، فلَم يَبقَ فِيهَا إِلَّا صُبابةٌ كصُبابة الْإِنَاء) .
وَلّت حَذّاء، أَي: مُسرِعةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصبابةُ: البَقِيَّةُ اليسيرةُ تَبقَى فِي الْإِنَاء من الشّراب؛ فَإِذا شَرِبها الرجل قَالَ: تصابَبْتُها.
وَقَالَ الشَّماخ:
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعيشةَ بَعْدَهُمْ
أَشدُّ عليّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرا
فشبّه مَا بَقي من العَيْشِ ببقيّة الشّراب يتمزّزُه ويتصَابُّه.
وَفِي حَدِيث عُقْبة بنِ عَامر أنّه كَانَ يَختَضِب بالصَّبِيب.
قَالَ أَبُو عُبيد: الصَّبِيب يُقَال: إنَّه مَاء وَرَق السِّمْسم أَو غيرِه من نباتِ الأَرْض.
وَقد وُصِف لي بِمصْر، ولونُ مائِه أحمرُ يعلوه سَواد، وَمِنْه قَول عَلْقَمَة بن عَبَدَةَ:
فأورَدْتُها مَاء كَأنّ جِمامَه
من الأجْنِ حِنَّاءٌ مَعًا وصَبِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الدّمُ، والعُصْفُر المُخلِص؛ وَأنْشد:
يَبْكُون من بَعد الدُّموعِ الغُزَّرِ
دَماً سِجالاً كصبِيب العُصْفُرِ
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للعَرَق صَبيبٌ، وَأنْشد قولَه:
هَواجِرٌ تحْتَلِبُ الصَّبيبَا
وَقَالَ أَبُو عمْرَة: الصَّبيبُ: الجليدُ، وَأنْشد فِي صفة الشّتاء:
وَلَا كلْبَ إِلَّا والِجٌ أنفَه استَنّه
وَلَيْسَ بهَا إلاّ صَباً وصَبِيبُها
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: صبّ الرجلُ: إِذا عشِق، يَصبّ صَبابةً. والصبابةُ: رقةُ الْهوى. قَالَ: وصُبّ الرجلُ والشيءُ: إِذا مُحِق.
عَمْرو عَن أَبِيه: صَبْصَب: إِذا فرّق جَيْشًا أَو مَالا.
قَالَ اللَّيْث: رجلٌ صَبٌّ، وامرأةٌ صَبّة، وَالْفِعْل يَصبُّ إِلَيْهَا عِشقاً، وَهُوَ صبٌّ قَالَ: والصبيبُ: الدّور. والعصفر المخلص؛ وَأنْشد:
يَبْكُونَ من بَعد الدُّمُوع الغُزّر
دَمًا سجالاً كسجال العُصفُر
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: خِمْسٌ صبْصَاب وبَصبَاص وحَصْحَاص، كلّ هَذَا السيرُ(12/86)
الَّذِي لَيست فِيهِ وتيرة وَلَا فتور.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: المُتَصَبْصبُ: الذَّاهِب المُمحق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَصبْصبَ تَصبْصُباً: وَهُوَ أَن يذهب إِلَّا قَلِيلا.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَصبصب الْقَوْم: إِذا تفرّقوا؛ أنْشد:
حَتَّى إِذا مَا يَوْمُها تَصبْصَبَا
أَي: ذهب إلاَّ قَلِيلا.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للحَدُور: الصبوب، وَجَمعهَا صُبُب، وَهُوَ الصب، وَجمعه أصْباب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّبَّة: الجماعةُ من النَّاس.
وَقَالَ غَيره: الصُّبّةُ: الْقطعَة من الْإِبِل والشاه.
وَقَالَ شمر: قَالَ زيد بن كُثْوة: الصُّبةُ مَا بَين العشْر إِلَى الْأَرْبَعين من المِعْزَى.
قَالَ: والفِزْر من الضَّأْن مثلُ ذَلِك، والصِّدْعَةُ نحوُها، وَقد يُقَال فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّصَبْصُبُ: شدَّة الخِلاف والجُرأة؛ يُقَال: تَصَبْصبَ علينا فلَان.
وَقَالَ فِي قَول الراجز:
حَتَّى إِذا مَا يومُها تَصبْصبَا
أَي: اشْتَدَّ عليّ الْخمر ذَلِك الْيَوْم.
قلتُ: وَقَول أبي زيد أحبُّ إليّ.
وَيُقَال: صَبَّ فلَان غنم فلَان: إِذا عاث فِيهَا. وصَبَّ الله عَلَيْهِم سَوْطَ عَذَابه، أَي: عَذبهم. وصبَّت الحيّةُ عَلَيْهِ: إِذا ارْتَفَعت، فانصبّتْ عَلَيْهِ من فوقُ. وَمِنْه حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكر فِتَناً فَقَالَ: (لَتَعودُنَّ فِيهَا أساوِدَ صُبّاً يَضربُ بَعْضكُم رِقابَ بعض) . والأسَاوِدُ: الحيّات. وَقَوله: صُبّاً:
قَالَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث: هُوَ من الصبّ.
قَالَ: والحيّةُ إِذا أَرَادَ النَّهْسَ ارْتَفع ثمَّ صَبّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد نَحوه. وَقَالَ: هِيَ جمعُ صَبُوبٍ أَو صابَ صُبُب، كَمَا يُقَال شاةٌ عَزُوز وعُززُ، وجَدود وجُدُد.
وَقَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: (لتَعودُنّ أَسَاوِدَ صُبّاً) ، على فُعْل من صَبَا يَصبو إِذا مَال إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَال غازٍ وغُزّى. أَرَادَ: لتعودُنَّ فِيهَا أساوِد، أَي: جماعاتٍ مُخْتَلفين وطوائفَ متنابِذين، صائبين إِلَى الْفِتْنَة، مائِلين إِلَى الدُّنْيَا وزُخْرُفها.
وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: أصلُه صَبأَ عَلَى فعَل بِالْهَمْز، جمعُ صابىء، من صبَأَ عَلَيْهِ: إِذا اندرأ عَلَيْهِ من حَيْثُ لَا يحتسبُه، ثمَّ خُفّف همزه ونوِّن فَقيل: صُبَّى مَوْزن غُزَّى.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: صب فلَان لفُلَان مغرفاً من اللَّبن وَالْمَاء.(12/87)
وَيُقَال: صُبّ رِجْلُ فلَان فِي القَيْد: إِذا قُيّد.
وَقَالَ الفرزدق:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيد مُجاشعٍ
مَعَ القَدرِ إِلَّا حَاجَة لي أُريدُها
وَيُقَال: صببتُ لفُلَان مَاء فِي قَدَح ليشربَه، واصطبَبْتُ لنَفْسي مَاء من القِرْبة لأشرَبَه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله: كَأَنَّمَا ينحطّ من صَبَب، أَرَادَ أَنه قويُّ الْبدن، فَإِذا مَشَى فَكَأَنَّهُ يَمْشي على صُدور قَدَمَيه من الْقُوَّة، وَأنْشد:
الواطِئين على صُدورِ نِعالهمْ
يَمشون فِي الدِّفْئِيِّ والإبْرادِ
بص: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَصَّ الشيءُ يَبِصّ بَصِيصاً، ووبَص بَيِصُ وَبيصاً: إِذا بَرَقَ وتلألأ.
وَقَالَ أَبُو زيْد: بَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً: إِذا فتح عَيْنه.
أَبُو عبيد عَنهُ: قَالَ شَمِر: وَقَالَ الْفراء: بصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً بِالْيَاءِ.
قلتُ: وهما لغَتان، وَفِيه لغاتٌ قد مرَّت فِي حرف الضَّاد.
وَقَالَ اللَّيْث: البَصْبَصةُ: تحريكُ الكلْب ذَنَبَه طَمَعا أَو خَوْفاً، والإبلُ تفعَل ذَلِك إِذا حُدِي بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
بَصْبَصْنَ بالأذناب من لَوْحٍ وَبَقْ
يصف الوحشَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم فِي فِرار الجبَان وخضوعه بَصْبَصْنَ إِذا حُدِين بالأذْنابِ.
ومثلُه قولُه: دَرْدَبَ لمّا عَضَّه الثِّقّافُ، أَي: ذَلّ وخَضَع.
وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، أَي: مُتْعِبٌ لَا فُتُورَ فِي سَيْرِه.
وَيُقَال: أبصَّتِ الأرضُ إِبْصَاصاً، وَأوبَصَصَتْ إيباصاً: أَوَّلُ مَا يَطْهَرُ نَبْتُها.
وَيُقَال: بَصَّصَتِ الْبَراعِيمُ: إِذا تفتّحتْ أكِمَّةُ زَهر الرياض.
(بَاب الصّاد وَالْمِيم)
(ص م)
صم، مص: مستعملان.
صم: قَالَ اللَّيْث: الصَّمَمُ فِي الْأذن ذَهابُ سَمْعِها. وَفِي القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها. وَفِي الحَجَر: صَلاَبَتُه، وَفِي الْأَمر: شِدَّتُه.
وَيُقَال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، وحَجَرٌ أصَمُّ، وفِتْنَةٌ صَمَّاء.
وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعَزّ فِي صفة الْكَافرين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (الْبَقَرَة: 171) ، يَقُول الْقَائِل: جَعلَهم اللَّهُ صُمّاً وهم يَسْمعون، وبُكْماً وهم ناطِقون،(12/88)
وعُمْياً وهم يُبْصِرون؟ وَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا بِهِ مَا سَمعوا، وبَصَرهم لما لم يُجْدِ عَلَيْهِم لأَنهم لم يَعْتَبِرُوا بِمَا عايَنوه من قُدْرة الله تَعَالَى وخَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه وَاحِد لَا شريكَ لَهُ، ونُطقَهم لما لم يُغْنِ عَنْهُم شَيْئا إذْ لم يُؤمنوا بِهِ إِيمَانًا يَنْفَعهم، كَانُوا بِمَنْزِلَة مَنْ لَا يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يَعِي، ونحوٌ من قَول الشَّاعِر:
أصَمُّ عمّا ساءَه سَمِيعُ
يَقُول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، وَإِن سَمِعه فَكَانَ كَأَنَّهُ لم يسمعهُ، فَهُوَ سميع ذُو سَمْع، أصَمُّ فِي تَغَابِيه عمّا أُريدَ بِهِ. وجمعُ الأصَم: صُمٌّ وصُمَّانٌ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ من أمثالهم: صَمِّي صَمَامِ. وَيُقَال: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضْرب مَثَلاً للداهية الشَّدِيدَة، كأنَّه قيل لَهَا: اخْرَسِي يَا داهية.
وَكَذَلِكَ يُقَال للحيّة الَّتِي لَا تجيب الرَّاقيَ: صَمّاء، لأنّ الرُّقَى لَا تَنْفَعُها. والعَرَبُ تَقول: أصَمّ اللَّهُ صَدَى فلَان، أَي: أهْلَكَهُ الله. والصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إِذا رَفعَ فِيهِ الإنسانُ صوتَهُ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَمَّ صَداها وعَفَا رَسْمُهَا
واسْتَعْجَمَتْ عَن مَنْطِق السائِل
وَمِنْه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ، يُرِيدُونَ بابنةَ الجبَل: الصّدى.
والعَرَبُ تَقول للحرب إِذا اشتدَّتْ وسُفِكَ فِيهَا الدِّماء الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يُرِيدُونَ أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ وكثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ فِي المَعركة، فَلَو وقعتْ حَصاةٌ على الأَرْض لم يُسمع لَهَا صوتٌ، لأنَّها لَا تقعُ إلاَّ فِي نجيع.
وَيُقَال للدَّاهية الشَّدِيدَة: صَمَّاءُ وصَمَامِ، وَقَالَ العجَّاج:
صَمَّاءُ لَا يبْرِئها من الصَّمَمْ
حوادثُ الدهرِ وَلَا طُولُ القِدَمْ
وَيُقَال للنَّذير إِذا أَنْذَرَ قوما من بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لَهُم بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، وَإِن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر، وَذَلِكَ أَنه لما كثر إلماعُه بِثَوْبِهِ كَانَ كأنهُ لَا يسمعُ الجوابَ، فَهُوَ يُديمُ اللمعَ، وَمن ذَلِك قَول بشر:
أَشَارَ بهم لمع الأصمِّ فَأَقْبَلُوا
عرانين لَا يَأْتِيهِ للنصر مُجلِبُ
أَي: لَا يَأْتِيهِ مُعينٌ من غير قومه، وَإِذا كَانَ المعينُ من قومه لم يكن مُجلباً. وَيُقَال: ضربه ضربَ الأصمّ: إِذا تابعَ الضربَ وَبَالغ فِيهِ، وَذَلِكَ أنَّ الأصمَّ وَإِن بَالغ يظنّ أَنه مقصِّر فَلَا يُقلع، وَقَالَ الشَّاعِر:
فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيَة
إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ والمَسُودَا
فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ
فقد تَعلمون بأنْ لَا خُلودَا(12/89)
وضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ
حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا
وَيُقَال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إِذا بَالغ فِي النّدَاء. وَقَالَ الراجزُ يصف فَلاَةً:
يُدْعَى بهَا القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ
وَهَذِه الْأَمْثَال الَّتِي مرّتْ فِي هَذَا الْبَاب مسموعة من الْعَرَب وَأهل اللُّغَة المعروفين، وَهِي صَحِيحَة وَإِن لم أعزها إِلَى الروَاة.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، وَجمعه صِمَم.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الْأسد. قَالَ: والصَّمِيمُ: هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف، وصَمِيم الرَّأْس، وَبِه يُقَال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إِذا كَانَ من خالِصهم، وَأنْشد الكسائيّ:
بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ
علينا تميمٌ من شَظًى وصَمِيمِ
وَيُقَال للضارب بالسّيف إِذا أصابَ الْعظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد صَمَّمَ فَهُوَ مصمِّم، فَإِذا أصَاب المَفْصِل فَهُوَ مُطَبِّق، وَأنْشد أَبُو عُبَيْد:
يُصَمِّمُ أَحياناً وَحِيناً يُطَبِّقُ
أَرَادَ أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، وَمرَّة يُصِيب المَفْصِل.
وَيُقَال للَّذِي يَشُدُّ على الْقَوْم وَلَا ينْثَنِي عَنْهُم: قد صَمَّم تَصْميماً. وصَمَّمَ الحيَّة فِي نَهْشِهِ: إِذا نَيّبَ، وَقَالَ المتلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاعِ وَلَو يرى
مَسَاغاً لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما
هَكَذَا أَنشدَه الفَرَّاء (لناباه) على اللُّغَة القَدِيمة لبَعض الْعَرَب.
أَبُو عُبَيْدة: من صِفَات الخَيْل: الصَّمَمُ، وَالْأُنْثَى صَمَمّة، وَهُوَ الشَّديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الَّذِي لَيْسَ فِي خلقه انتشار.
وَقَالَ الجَعديّ:
وغارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد
حارَبْتُ فِيهَا بِصِلْدِمٍ صَمَمِ
وَيُقَال لصِمام القارورة: صِمّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الصْمُّ: مصدرُ صَمَتُ القارورةَ أَصُمُّها صَمّاً: إِذا سددتَ رَأسهَا وَيُقَال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه صَمّاً: إِذا ضَرَبه بهَا، وَقد صَمَّه بحَجَر والصمم فِي الْأذن.
وَقَالَ ابْن الأعْرابيّ: صُمَّ: إِذا ضُرب ضَرْباً شَدِيدا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول ابْن أَحْمَر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى
بآخِرِنا وتَنْسَى أَوَّلِينَا
قَالَ: أصمّ دعاءُها، أَي: وافَق قوما صُمّاً لَا يَسمعون عَذْلَها. وَيُقَال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أَي: صادفتُه أصَمّ.(12/90)
أَبُو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من الرِّجَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصِّمْصِمة والزِّمْزِمَة: الجماعةُ من النَّاس.
وَقَالَ النَّضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة الَّتِي كَادَت حجارتُها أَن تكون منتصِبة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمّان: أرضٌ غَلِيظَة دون الجَبَل.
قلتُ: وَقد شَتَوْتُ الصَّمانَ ورياضها شَتوَتَين، وَهِي أرضٌ فِيهَا غِلَظ وارتفاع، قيعان واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية، ورِياضٌ مُعْشِبة، وَإِذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.
وَكَانَت الصَّمانُ فِي قديم الدَّهْر لبني حَنْظَلة، والحَزْن لبني يَرْبوع والدَّهْناءُ لجماعاتهم. والصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ: السيفُ الصارمُ الَّذِي لَا يَنثَني. قَالَ: والمصمِّمُ من السُّيوف: الَّذِي يَمُرّ فِي الْعِظَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف الْقَاطِع، وللأَسَد. قَالَ: وَيُقَال: إِن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي كَرِبَ حِين وهبَه فَقَالَ:
خليلٌ لَم أخُنْه وَلم يَخُنِّي
على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَجعل صَمصامة معرفَة فَلَا يَصْرِفه إِذا سَمَّى بِهِ سَيْفاً بعَيْنه؛ كَقَوْل الْقَائِل:
تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا
قَالَ: وصوتٌ مُصِمٌّ، يُصِمُّ الصِّماخ. وصَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه حَرّاً. وصَمِيمُ الشِّتاء. أشَدُّه بَرْداً.
قَالَ: وَيُقَال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى تصامُّوا واسكُتوا، وعَلى معنى احمِلُوا على العَدُو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَمْصَم: البخيلُ النهايةُ فِي الْبُخْل.
شمِر عَن أبي بخَيْم قَالَ: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.
وَقَالَ المعْلُوط القُريْعيّ:
وَكَأن أوابيها وصُمّ مخاضها
وشافعة أم الفصال رفُود
أَظُنهُ: وشافعها وإبلٌ صُمٌّ.
مص: قَالَ ابْن السّكيت: مَصِصْتُ الرّمّان أمَصُّه قَالَ: ومضِضْتُ من ذَلِك الْأَمر مِثله.
قلتُ: وَمن العَرَب من يَقُول: مَصَصْتُ أَمُصّ؛ والفصيح الْجيد مَصِصْتُ بِالْكَسْرِ أَمَص.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَصِصْتُه وامتصَصْتُه، والمَصُّ فِي مُهْلَةٍ ومُصاصَتُه: مَا امتصصتَ مِنْهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: مَصمَص إناءَه إِذا(12/91)
جعل فِيهِ الماءَ وحرّكه، وَكَذَلِكَ مَضْمَضَه.
وَقَالَ اللّحياني وَأَبُو سَعيد: إِذا غَسَلَه.
ورَوى بعضُ التَّابِعين أَنه قَالَ: أُمِرْنا أَن نُمَصْمِص من اللَّبَن وألاَّ نُمَصْمِص من التَّمْرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: المَصمَصة بطرَف اللِّسان وَهُوَ دون المَضْمَضَة. والمضمضةُ بالفم كلِّه، وَفرق مَا بَينهمَا شَبيه بِالْفرقِ مَا بَين القبضة والقبصة.
وَفِي حديثٍ مَرْفُوع: (القتلُ فِي سَبِيل الله مُمَصْمِصَة) ، الْمَعْنى: أَن الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله مطهِّرة للشهيد من ذنُوبه، ماحيةٌ خطاياه، كَمَا يُمَصْمَصُ الْإِنَاء بِالْمَاءِ إِذا رُقرق فِيهِ وحُرِّك حَتَّى يطهر، وَأَصله من المَوْص، وَهُوَ الغسيلُ.
قلتُ: والمصاصُ: نَبْت لَهُ قُشورٌ كثيرةٌ يابسةٌ، وَيُقَال لَهُ: المُصّاخ، وَهُوَ الثُّدّاء، وَهُوَ ثَقُوبٌ جيّد، وَأهل هَراةَ يسمّونه دِليزَاد.
وَيُقَال: فلانٌ من مُصاص قومه، أَي: من خالِصهم.
وَقَالَ رُؤبة:
أُلاكَ يَحْمُون المُصاصَ المَحْضَنا
وَقَالَ اللَّيْث: مُصاصُ الْقَوْم: أَصْلُ مَنبِتهم وَأفضل سِطِتْهم.
قَالَ: والماصّةُ: داءٌ يَأْخُذ الصبيَّ، وَهِي شَعَرات تَنْبُت على سَناسنِ القَفَار فَلَا يَنْجَع فِيهِ طعامٌ وَلَا شرابٌ حَتَّى تُنتَف من أُصُولهَا. ومَصّانّ ومَصّانّة: شَتْمُ للرجل يعيَّر برَضع الغَنَم من أخْلافها بِفِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال: رجلٌ مَصّانٌ ومَلْحانٌ ومَكّانٌ، كلُّ هَذَا من المَصّ، يَعنُون أَنه يَرضع الْغنم من اللّؤم، لَا يَجتلبها فيُسمع صوتُ الْحَلب وَلِهَذَا قيل: لئيم راضع.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قل يَا مَصّانُ، وللأنثى يَا مَصّانة، وَلَا تقل يَا ماصَّان.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (لَا تُحرِّم المَصَّةُ وَلَا المَصَّتان وَلَا الرَّضْعةُ وَلَا الرَّضْعتان، وَلَا الإملاجةُ وَلَا الإملاجَتان.
وَيُقَال: أمصَّ فلانٌ فلَانا: إِذا شَتَمه بالمَصَّان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَصُوص: النَّاقة القَمِئة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَصوصَةُ من النِّسَاء: المهزولة من داءٍ قد خامَرَها؛ رَوَاهُ ابْن السكّيت عَنهُ.
أَبُو عُبَيدة: من الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ وَهُوَ الَّذِي يستقري سراتَه جُدةٌ سَوْداء لَيست بحالكة، ولونُها لونُ السوَاد، وَهُوَ وَرْدُ الجَنْبَيْنِ وصفقتي الْعُنُق والجِرانِ والمَرَاقّ، ويعلو أَوظِفَته سوادٌ لَيْسَ بحالكٍ، وَالْأُنْثَى مُصَامِصة.
وَقَالَ غَيره: كُمَيْتٌ مُصامِص، أَي:(12/92)
خَالص الكُمْتة قَالَ: والمُصامِص: الخالصُ من كلّ شَيْء. وَإنَّهُ لمُصامِصٌ فِي قومه: إِذا كَانَ زاكِيَ الحَسَب خَالِصا فيهم.
وَقَالَ اللَّيْث: فَرسٌ مُصامِصٌ: شديدُ تركيب الْعِظَام والمفاصلُ. وَكَذَلِكَ المُصمِّص وثغرُ المصِّيصة مَعْرُوفَة بتَشْديد الصَّاد الأولى، وَالله أعلم.(12/93)
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الصّاد
(ص س ص ز: مهمل)
أهمِلت الصَّاد وَالسِّين مَعَ الْحَرْف الَّذِي يَليهَا.
ص ط
استُعمل من جَمِيع وجوهها مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا أحرف قَليلَة أهملها اللَّيْث.
مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو الْعَبَّاس قَالَ.
(صطب) : المِصْطَب: سَنْدان الحدّاد.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه: الأُصْطبَّة: مُشَاقَة الكَتّان.
قلت: وَقد سمِعْتُ أعرابيّاً من بني فَزارة يَقُول لخادم لَهُ: أَلا وارفَع لي على صَعيدِ الأَرْض مِصْطبة أَبيتُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ، فرَفع لَهُ من السّهْلة شِبْهَ دُكّانٍ مربّع قَدرَ ذِرَاع من الأَرْض يتّقي بهَا من الهَوامّ بِاللَّيْلِ. وسمعتُ أعرابيّاً آخَر من بني حنظلةَ سَمَّاهَا المَصْطَفّة بِالْفَاءِ.
(صطر) : ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: المُصطارُّ: الخمرُ الحامض؛ بتَشْديد الرَّاء.
قلتُ: وأصلُه من صَطَر مُفْعالٌّ مِنْهُ. وَأما الصِّراط والبَسْط والمُصَيْطِر، فَأصل هَذِه الصادات سِينٌ قُلِبت مَعَ الطَّاء صاداً لقُرب مَخارجِها.
(أَبْوَاب) الصّاد وَالدَّال)
ص د ت ص د ظ ص د ذ ص د ث: أهملت وجوهها.
ص د ر
اسْتعْمل من وجوهها: صدر، صرد، رصد، درص.
صدر: قَالَ ابْن المظفّر: الصَّدْرُ: أعْلى مقدَّم كلّ شَيْء قَالَ: وصَدْرُ القَناة: أعْلاها. وصَدْرُ الْأَمر أوّله. قَالَ: والصُّدْرةُ من الْإِنْسَان: مَا أشرَفَ من أَعْلى صَدْرِه.
قلتُ: وَمن هَذَا قَول امْرَأَة طائيَّةٍ كَانَت تحتَ امرىء الْقَيْس ففَرِكَتْه وَقَالَت: إِنِّي مَا علمتُك إلاّ ثقيلَ الصُّدْرة، سريع الهِراقة، بطيءَ الْإِفَاقَة.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِجْوَلُ الصُّدْرَةُ، وَهِي الصِّدار والأُصْدَة والإتْب والعَلَقة.
قلت: والعربُ تَقول للقميص الْقصير والدّرع القَصيرة: الصُّدْرةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّدارُ: ثوبٌ رأسُه(12/94)
كالمِقْنَعَةِ وأسفلُه يُغَشِّي الصدرَ والمنكِبين تَلبَسه الْمَرْأَة.
قلتُ: وَكَانَت الْمَرْأَة الثَّكلَى إِذا فَقدتْ حَميمَها فأحَدَّت عَلَيْهِ لبِستْ صِدَاراً من صوف، وَمِنْه قَول أخي خَنساءَ:
وَلَو هلكتُ لبستْ صِدَارَها
وَقَالَ الرّاعي يصف فَلاةً:
كأنّ العِرْمَسَ الوَجْناءَ فِيهَا
عَجُولٌ خَرّقتْ عَنْهَا الصِّدَارَا
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِمَا يَلِي الصَّدْر من الدِّرْع: صِدار.
وَقَالَ اللّيث: التصدير: حَبلٌ يُصدَّر بِهِ البعيرُ إِذا جرَّ حِمْلَه إِلَى خَلْف. والحبلُ اسْمه التَّصْدير، وَالْفِعْل التَّصْدير.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: وَفِي الرَّحْل حِزامَةٌ يُقَال لَهَا: التَّصْدير قَالَ: والوَضِينُ للهَوْدَج، والبِطَان للقَتَب؛ وأكثرُ مَا يُقَال الحِزامُ للسَّرج.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: صَدِّر عَن بَعيرك، وَذَلِكَ إِذا خَمُص بطنُه واضطرب تصديرُه، فيُشدُّ حبلٌ من التَّصدير إِلَى مَا وَرَاء الكرْكِرَة فيثبتُ التصديرُ فِي مَوْضِعه؛ وَذَلِكَ الحبلُ يُقَال لَهُ: السِّناف، قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث: إِن التصدير حَبل يُصَدَّر بِهِ الْبَعِير إِذا جَرّ حمله خطأ، وَالَّذِي أَرَادَهُ يسمّى السِّناف والتَّصديرُ الحزامُ نفسُه.
وَقَالَ الليثُ: التصديرُ: نَصْبُ الصَّدر فِي الجُلوس. قَالَ: والأَصْدَرُ الَّذِي أشْرفتْ صُدْرَته.
قَالَ: وَيُقَال: صَدَرَ فلَان فلَانا: إِذا أصَاب صَدْرَه. وصُدِر فلَان: إِذا وَجِع صَدْرُه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: صَدَرْتُ عَن المَاء صَدَراً، وَهُوَ الِاسْم، فَإِن أردتَ المَصدَر جزمْتَ الدَّال، وأَنشدَنا:
وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها
صَدْرَ المَطِيّة حَتَّى تعرف السَّدَفا
قَالَ: صَدْر المَطِيّة مصدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَر: الِانْصِرَاف عَن الوِرْد وَعَن كل أَمر، يُقَال: صَدَرُوا، وأصدَرْناهم. وطريقٌ صادر، مَعْنَاهُ: أنّه يَصدُر بأَهْله عَن المَاء. وَطَرِيق وارِدٌ يَرِدُ بِهِم، وَقَالَ لبيد يذكر ناقتين:
ثمَّ أصدَرْناهُمَا فِي واردٍ
صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قد مَثَلْ
أَرَادَ فِي طريقٍ يُورَد فِيهِ ويُصدَر عَن المَاء فِيهِ. والوَهْمُ: الضَّخم.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصدَر: أصلُ الْكَلِمَة الّتي تصدر عَنْهَا صَوَادِرُ الأَفعال. وتفسيرُه: أَن المصادر كَانَت أوّل الْكَلَام، كَقَوْلِك: الذَّهاب والسمعُ وَالْحِفْظ، وإنّما صَدَرت الأفعالُ عَنْهَا، فَيُقَال: ذهبَ ذَهاباً. وسَمِع سَمْعاً وسَمَاعاً، وحَفِظ حِفْظاً.
وَقَالَ اللَّيْث: المصدَّر من السِّهَام: الّذي(12/95)
صَدْرُه غليظ. وصَدْرُ السَّهم: مَا فَوق نِصْفِه إِلَى المَرَاش.
الْأَصْمَعِي: صُدِرَ الرجلُ يُصْدَرُ صَدْراً، فَهُوَ مَصْدور: إِذا اشتكَى صَدْرَه، وأَنشد:
كأنّما هُوَ فِي أحشاءِ مَصْدورِ
وَيُقَال: صَدّرَ الفرسُ: إِذا جاءَ قد سَبَق بصَدْرِه، وَجَاء مُصَدّراً، وَقَالَ طُفَيل الغَنَويّ يصف فرسا:
كأنّه بعدَ مَا صَدَّرن مِن عَرَقٍ
سِيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللّيلِ مَبْلولُ
(كَأَنَّهُ) لهاء لفَرَسِه، (بَعْدَمَا صَدَّرْن) يَعْنِي خيلاً سَبَقْن بصُدُورهن. والعَرَقُ: الصّفُّ من الْخَيل. وَقَالَ دُكَين:
مُصَدَّرٌ لَا وَسَطٌ لَا تالٍ
وَقَالَ أَبُو سَعِيد فِي قَوْله: بَعْدَمَا صَدَّرْن من عَرَق، أَي: هَرَقن صَدْراً من العَرَق وَلم يَستَفرِغْنَه كلَّه.
وَرُوِيَ عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه رَوَاهُ: بعدَما صدِّرْن، أَي: أصَاب العَرَقُ صدورَهن بَعْدَمَا عَرِقن.
وَيُقَال للّذي يبتدىءُ أمرا ثمَّ لَا يُتمّه: فلانٌ يُورِد وَلَا يُصدِر، فَإِذا أَتمَه قيل: أَورَدَ وأَصدَر. وَقَالَ الفَرَزْدَقُ يُخَاطب جَرِيرًا:
وحسبتَ خَيَل بني كُلَيب مَصْدَراً
فغَرِقْتَ حِين وقَعْتَ فِي القَمْقَامِ
يَقُول: اغتررتَ بخَيْل قَوْمك وظننتَ أنّهم يُخلِّصونك من بَحْرِي فَلم يَفْعَلُوا.
وَمن كَلَام كتّاب الدّواوين أَن يُقَال: صُودِرَ فلانٌ العاملُ على مالٍ يؤدّيه، أَي: فورِق على مالٍ ضَمَنه.
أَبُو زَيد: نعجةٌ مُصدَّرَة: إِذا كَانَت سَوداءَ الصَّدر بيضاءَ سائرِ الجسَد.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: إِذا جَاءَ الرجلُ فَارغًا قيل: قد جاءَ يضْرب أَصَدَريه. قَالَ: يَعْنِي عِطْفيه. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ مِثلَه، إِلَّا أنّه قَالَ بالسّين.
رصد: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: من أَسماء المَطَر: الرّصْدُ، واحدتُها رَصَدة، وَهِي المطَرةُ تقع أوّلاً لما يَأْتِي بعْدهَا. يُقَال: قد كانَ قبل هَذَا الْمَطَر لَهُ رَصْدة، والعِهَادُ نحوٌ مِنْهَا، واحدتها عِهْدة.
وَقَالَ اللّيث: الرصَدُ كَلأٌ قَلِيل فِي أَرض يُرجى بهَا حَيَا الرّبيع، تَقول: بهَا رَصَد من حَياً، وأرضٌ مُرْصِدَة: بهَا شيءٌ من رَصَد.
شمر عَن ابْن شمَيْلٍ: أرضٌ مُرصِدةٌ: وَهِي الَّتِي مُطِرتْ وَهِي تُرجَى لِأَن تُنبِتَ. قَالَ: وَإِذا مُطرت الأَرْض فِي أوّل الشِّتاء فَلَا يُقَال لَهَا مَرْتٌ؛ لِأَن بهَا حِينَئِذٍ رَصَداً والرصَدُ حِينَئِذٍ: الرَّجاء لَهَا، كَمَا ترجى الحاملة.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّصْدةُ: ترصُد وَليّاً من المَطَر. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا} ، إِلَى(12/96)
قَوْله: {وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (التَّوْبَة: 107) وَقَالَ الزَّجّاج: كَانَ رجل يُقَال لَهُ أَبُو عَامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمضى إِلَى هِرَقْل، قَالَ: وَكَانَ أحدَ الْمُنَافِقين؛ فَقَالَ المُنَافِقُونَ الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار: نَبني هَذَا الْمَسْجِد وننتظرُ أَبَا عَامر حَتَّى يَجِيء وَيُصلي فِيهِ. وَقَالَ: الإرصادُ: الانتظارُ.
وَقَالَ غَيره: الإرصاد: الإعدادُ. وَكَانُوا قَالُوا نَقْضي فِيهِ حاجتَنا وَلَا يُعاب علينا إِذا خَلَوْنا ونَرْصُدُه لأبي عَامر مجيئَه من الشَّام، أَي: نُعِدُّه.
قلت: وَهَذَا صَحِيح من جِهَة اللَّغة، رَوَى أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ وَالْكسَائِيّ: رصَدتْ فلَانا أرصُدُه: إِذا ترقّبته. وأَرصْدتُ لَهُ شَيْئا أَرْصده: أعددتُ لَهُ.
ورُوي عَن ابْن سِيرِين أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرْصدون الثِّمار فِي الدَّين، وَيَنْبَغِي أَن يُرصد العينُ فِي الدَّين، وفسّره ابْن المُبارك وَقَالَ: إِذا كَانَ على الرجل دَينٌ وَعِنْده مِثله لم تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة، وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ دينٌ وأخرجتْ أرضُه ثَمَرَة يجب فِيهَا العُشر لم يسقُطْ عَنهُ العُشْرُ من أجل مَا عَلَيْهِ من الدَّين، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: أَنا لَك مُرْصد بإحسانك حَتَّى أكافئك بِهِ. قَالَ: والإرصادُ فِي الْمُكَافَأَة بِالْخَيرِ، وَقد جعلَه بَعضهم فِي الشّر أَيْضا، وأَنشد:
لَا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِرِ
احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر
وَحيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر
فالحية لَا تُرصد إِلَّا بالشرّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المرصد: مَوَاضِع الرصد. والرّصَد أَيْضا: القومُ الّذين يَرصدون الطَّرِيق، راصد، كَمَا يُقَال: حارسٌ وحرس، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الْفجْر: 14) ، قَالَ الزّجاج: أَي يَرْصُد من كفر بِهِ وصَدَّ عَنهُ الْعَذَاب.
وَقَالَ غَيره: المرصادُ: المكانُ الَّذِي يرصد بِهِ الراصد الْعدَد وَهُوَ مثل الْمِضْمَار الْموضع الَّذِي تُضَمَّر فِيهِ الخيلُ للسّباق من مَيْدانٍ وَنَحْوه. والمرصد مثلُ المرصاد، وَجمعه المراصِد.
وحدّثنا السَّعديّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا القيراطي عَن عَليّ بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} قَالَ: المرصاد: ثلاثةُ جُسُور خلف الصّراط: جِسرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَة، وجسرٌ عَلَيْهِ الرَّحِم وجسرٌ عَلَيْهِ الرّبّ.
قَالَ أَبُو بكر ابْن الأنباريّ فِي قَوْلهم: فلَان يرصُدُ فلَانا، مَعْنَاهُ: يَقْعُد لَهُ على(12/97)
طَرِيقه. قَالَ: والمَرَصد والمرْصاد عِنْد الْعَرَب: الطَّرِيق. قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التَّوْبَة: 5) .
قَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: اقعُدوا لَهُم على طريقهم إِلَى الْبَيْت الْحَرَام. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} مَعْنَاهُ: لبالطّريق.
وَيُقَال للحيّة الَّتِي ترصد المارّة على الطَّرِيق: رَصيد.
وَقَالَ عرّام: الرَّصائدُ الوصائِد: مصايدُ تُعدّ للسّباع.
صرد: (نَهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ أَربع: النَّملة والنّحلة والصُّرَد والهُدهُد) .
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ أَنه قَالَ: أَرَادَ بالنملة الطويلَة القوائم الَّتِي تكون فِي الحِزَبات وَهِي لَا تؤذِي، ونَهى عَن قتل النحلة لِأَنَّهَا تُعسِّل شرابًا فِيهِ شِفاءٌ للنَّاس، ونَهَى عَن قتل الصُّرَد لأنّ الْعَرَب كَانَت تطَّيَّر من صَوْته، وَهُوَ الواقي عِنْدهم، فَنهى عَن قتلِه رَداً للطِّيَرَة. وَنهى عَن قتل الهدهد لِأَنَّهُ أطَاع نبيّاً من الْأَنْبِيَاء وأعانَه.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الصُّرَدُ: طائرٌ أبقَع ضخمُ الرَّأْس يكون فِي الشَّجر، نصفُه أبيَضُ، ونصفُه أسوَد، ضخمُ المِنْقار، لَهُ بُرْثُنٌ عظيمٌ نحوٌ من القارِيَة فِي العِظَم، وَيُقَال لَهُ: الأخْطبُ لاخْتِلَاف لَوْنَيه، والصُّرَدُ لَا ترَاهُ إِلَّا فِي شُعْبةٍ أَو شَجَرَة لَا يَقدِر عَلَيْهِ أحد.
قَالَ: وَقَالَ سُكيْن النُّمَيريُّ: الصُّرَدُ صُرَدان: أحدُهما أسْبَدُ يُسمّيه أهلُ العِراق العَقْعق.
قَالَ: وَأما الصُّرَد الْهَمهام فَهُوَ البَرِّيِّ الَّذِي يكون ينجَد فِي العِضاه لَا تَراه فِي الأَرْض يَقفِز من شَجَرَة إِلَى شَجَرَة.
قَالَ: وَإِن أصْحَر طُرِد فأُخِذ.
يَقُول: لَو وَقَع على الأَرْض لم يسْتَقلّ حَتَّى يُؤْخَذ.
قَالَ: ويُصَرْصِر كالصَّقْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّرَد: طَائِر فوقَ العُصفور يَصيد العصافيرَ، وَجمعه صِرْدان قلت:
غلط اللَّيْث فِي تَفْسِير الصرد، والصرد ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن السكّيت: التصريدُ: شُربٌ دُون الرِّيّ، يُقَال: صَرَّدَ شُرْبه، أَي: قَطَعه.
وَيُقَال: صَرِد السِّقاءُ صرداً: إِذا خَرجَ زُبْدُه متقطعاً فيداوَى بِالْمَاءِ الْحَار، وَمن ذَلِك أُخِذ صَرْدُ البَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصرَدُ: مصدَر الصرد من الْبرد. وقومٌ صَرْدَى، وَرجل صَرِدٌ ومِصْرادٌ وَهُوَ الَّذِي يشتدّ عَلَيْهِ البَرْد ويقلّ صبرُه عَلَيْهِ، وليلةٌ صَردَة، والاسمُ الصّرْد، مجزوم.(12/98)
وَقَالَ رُؤْبة:
بمَطَرٍ لَيْسَ بثَلْجٍ صَرْدِ
قَالَ: وَإِذا انْتهى القَلبُ عَن شَيْء صَرِد عَنهُ كَمَا قَالَ:
أصبَح قَلبي صَرِدا
لَا يَشْتَهِي أَن يرِدَا
قَالَ: وَقد يُوصَف الجيشُ بالصَّرْد فَيُقَال: صَرْدٌ مجزوم وصَردٌ؛ كَأَنَّهُ من تُؤدةِ سَيْرِه جامِدٌ.
خُفافُ بن ندبة:
صَرَدٌ تَوقَّصَ بالأبدان جُمْهور
والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْء على الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرِيدَةُ: النَّعْجَةُ: الَّتِي قد أنحلها البَرْدُ وأضرَّ بهَا وجمعُها صَرائِد.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّرَّاد: سَحابٌ باردٌ نَدٍ لَيْسَ فِيهِ مَاء، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَبُو عبيد: والصَّرْدُ والبَرْد، وَرجل صَرِد. وَيُقَال: صَرّد عطاءَه: إِذا قلّلَه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمرو: الصّرْد: الطَّعْن النَّافِذ. وَقد صَرِدَ السهْم يَصرَد، وَأَنا أصْرَدْتُه، وَقَالَ اللَّعِينُ المنْقَرِيّ:
فَمَا بُقْيا عليَّ تركتُماني
ولكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ
يخاطِب جَرِيرًا والفرزدق.
وَقَالَ قُطرب: سهمٌ مُصَرِّد: مُصيب. وَسَهْم مُصْرِد، أَي: مخطىء، وَأنْشد فِي الْإِصَابَة للنابغة:
وَلَقَد أَصَابَت قلبَه من حبِّها
عَن ظهرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصْردِ
أَي: مُصيب. وَقَالَ الآخَر: أصرَدَه الموتُ وَقد أظَلاَّ: أخطأه.
أَبُو زيد: يُقَال: أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً، أَي: خَالِصا. وشرابٌ صَرْد، وسَقاهُ الخمرَ صَرْداً، أَي: صِرْفاً، وَأنْشد:
فَإِن النَّبيذ الصَّرْد إِن شُرْبَ وَحده
على غير شَيْء أوْجَع الكبد جُوعها
وذهبٌ صَرْدٌ: خالصٌ. وجيشٌ صَرْدٌ: بنُو أبٍ واحدٍ لَا يخالطهم غَيرهم.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبَيْدة يُقَال: مَعَه جيشٌ صَرْدٌ، أَي: كلهم بَنو عمّه أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي الأضداد: أصرد السهمُ: إِذا نفذ من الرَّمية.
وَيُقَال أَيْضا: أصرد: إِذا أَخطأ. والسهمُ المصرد: المخطىء والمصيب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي قَول اللعين: وَلَكِن خفتما صَرَد النبال.
وَقَالَ: من أَرَادَ الصَّوَاب قَالَ: خفتما أَن تصيبكما نبالي. وَمن أَرَادَ الْخَطَأ قَالَ: خفتما أَن تخطىء نبلكما. وَأنْشد للنظار الْأَسدي:
أصرده السهمُ وَقد أطلاَّ(12/99)
أَي: أَخطَأ وَقد أشرف.
شَمِر عَن أبي عَمْرو: الصَّرْدُ: مكانٌ مُرْتَفع من الْجبَال وَهُوَ أبرزها.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
أسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرَاد إِذا
نَشِبُوا وتحضُر جَانِبي شِعْر
شعرٌ: جبل. ابْن السكّيت: الصُّرَدان: عِرقان مكتنفا اللِّسَان؛ وَأنْشد:
وأيُّ النَّاس أغدر من شآم
لَهُ صُرَدان منطلَق اللِّسَان
وَقَالَ اللَّيْث: هما عِرْقان أخضران أَسْفَل اللِّسَان.
أَبُو عُبَيْدَة قَالَ: الصُّردُ: أَن يخرج وَبَرٌ أَبيض فِي مَوضِع الدَّبرة إِذا برأت؛ فَيُقَال لذَلِك الْموضع: صُرد وَجمعه صِرْدَان، وَإِيَّاهَا عَنى الرّاعي يصف إبِلا:
كَأَن مواقِعَ الصِّردَان مِنْهَا
منَارَاتٌ بَنِينَ على جماد
جعل الدَّبر فِي أسنمة شبّهها بالمنار.
قَالَ: وفرسٌ صَرِدٌ: إِذا كَانَ بِموضع السَّرج مِنْهُ بياضٌ من دَبَرٍ أَصَابَهُ يُقَال لَهُ الصُّرد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصُّرد من الفَرَس: عِرْقٌ تَحت لسانِهِ، وَأنْشد:
خفيفُ النَّعامة ذُو مبعةٍ
كثيفُ الفَرَاشة ناتِي الصُّرَدْ
وبَنُو الصَّياد: حيٌّ من بني مُرّة بن عَوْف بن غطفان.
درص: أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: من أمثالهم فِي الحُجّة إِذا أَضَلَّها الظَّالِم ضَلَّ الدُّريصُ نَفَقَهُ وَهُوَ تَصْغِير الدِّرْص، وَهُوَ وَلَد اليربوع. ونَفَقُهُ: حُجره.
وَقَالَ اللَّيث: الدَّرْصُ والدِّرْص لُغَة، والجميع الدِّرْصان، وَهِي أَوْلَاد الفِأَرِ والقَنِافذ والأرانب وَمَا أشبه بهَا، وَأنْشد:
لَعَمْرُكَ لَو تَغْدو عليّ بِدِرْصِها
عَشَرْتُ لَهَا مَالِي إِذا مَا تَأَلَّتِ
وَقَالَ غيرُه: الجَنين فِي بطن الْأَوْثَان: دَرْصٌ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أذلك أم جَأبٌ يُطَارِدُ آتُناً
حَمَلْنَ فأدنى حَمْلِهِنَّ دُرُوصُ
يُقَال: دَرْص ودُرُوص وأَدْراص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدروص: النَّاقة السريعة.
(بَاب الصّاد وَالدَّال مَعَ اللَّام)
ص ل د
استُعمل من وجوهه: صَلَد، دَلَص.
صلد: قَالَ الله جلّ وَعز: {فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْءٍ} (الْبَقَرَة: 264) .
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: حَجَر صَلدٌ أَو جَبينٌ(12/100)
صَلدٌ: أَمْلَسُ يَابِس. وَإِذا قلتَ: صَلْتٌ، فَهُوَ مستَوٍ. ورجلٌ أصلَدُ صَلْدٌ، أَي: بَخيلٌ جدا، وَقد صَلُد صَلادَةً. وَيُقَال: رجلٌ صلُودٌ أَيْضا.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت: الصفَا: العريضُ من الْحِجَارَة الأملسُ. قَالَ: والصِّلْداء والصِّلداءةُ: الأَرْض الغليظة الصُّلبة. قَالَ: وكلُّ حجَرٍ صُلْبٍ فكلُّ ناحيةٍ مِنْهُ صَلْدٌ وأصلادٌ: جمعُ صَلْد، وَأنْشد:
بَرَّاقُ أَصلادِ الجَبين الأجْلَهِ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصلادُ الجَبين: الْموضع الَّذِي لَا شعر عَلَيْهِ، شُبِّه بالحَجر الأمْلَس. قَالَ: وحَجرٌ صَلْدٌ. لَا يُورِي نَارا، وحَجرٌ صَلود مِثلُه، وفرَسٌ صَلَدٌ وصلُود: إِذا لم يَعْرَق، وَهُوَ مَذْمُوم.
قَالَ: وأخبرَني أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: صَلَدَتِ الأَرْض وأصلَدَتْ. وحجَرٌ صَلْدٌ ومكانٌ صلْدٌ: صلْبٌ شَدِيد.
وَفِي حَدِيث عمرَ: (أنّه لمّا طعن سقَاهُ الطَّبِيب لَبَنًا فخَرَج من مَوضِع الطَّعْنة أَبيض يَصْلِد) ، أَي: يَبْرُق ويَبِصُّ وصلدتْ صَلعَة الرَّجل: إِذا بَرَقَتْ، وَقَالَ الهُذَليّ:
أشْغتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها
إِذا سَمِعتْ صوتَ المُغَرِّدِ يَصْلِدُ
يصف بقرة وحشية. والمقاطعُ النِّضال. وقولُه: تصلد، أَي: تنتَصب.
والصَّلُود الْمُنْفَرد: قَالَ ذَلِك الأصمعيّ، وَأنْشد:
تالله يَبْقَى على الْأَيَّام ذُو حِيدٍ
أدْفَى صَلُودٌ مِنَ الأوعالِ ذُو خَدَم
أَرَادَ بالحيد عُقَدَ قَرْنه، الْوَاحِد حَيْدٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: صَلَدَ الزّنْدُ يَصْلِد: إِذا صَوّت وَلم يُخرِج نَارا. وأصلدتُه أَنا قَالَ: وصلَد المسؤولُ الْمسَائِل: إِذا لم يُعطِه شَيْئا.
دلص: فِي (النَّوَادِر) : بَاب دلشاء ودرصاءُ، مثل: الدلقاء. وَقد دلصت ودرصت. وَفِيمَا قَرَأت بِخَط شمر قَالَ.
قَالَ شمر: الدَّلاَص من الدُّروع: اللَّينة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ الليّنة المَلْساء بينةُ الدَّلَص. قَالَ: ودَلّصْتُ الشيءَ: مَلَّسْته. وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
علينا كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ
تَرَى تحتَ النِّطاق لَهَا عُضُونَا
وَيُقَال: حَجَر دَلاَّصٌ: شديدُ المُلوسة. الدَّلاّص: اللّيّن البَرَّاق، وَأنْشد:
مَتْن الصَّفا المتزحلف الدَّلاّص
وَأَخْبرنِي المنذريُّ أنّ أعرابيّاً بفَيْدَ أَنْشَدَه:
كأنّ مَجْرَى النِّسْع من غِضَابِهِ
صَلْدٌ صفا دُلِّص من هِضَابِهِ
قَالَ: وغِضَابُ الْبَعِير: مَوَاضِع الحِزام ممّا(12/101)
يَلِي الظَّهر، واحدُها غَضْبة. وأَرْضٌ دَلاّصٌ ودِلاصٌ: مَلْساء.
قَالَ الْأَغْلَب:
فَهِيَ على مَا كَانَ من نَشاصِ
بظَرِب الأرضِ وبالدِّلاصِ
والدَّليص: البريق، وَأنْشد أَبُو تُرَاب:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيَانَ ضَوْزَا
ضَوْزَ العجوزِ العَصَبَ الدَّلَّوْصَا
قَالَ: والدَّلَّوْص: الَّذِي يَدِيصُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الاندِلاصُ: الانملاَصُ، وَهُوَ سرعةُ ضروج الشَّيْء من الشَّيْء وسقوطه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّدليص: النِّكاحُ خَارج الفَرْج، يُقَال: دَلّص وَلم يُوعِبْ، وَأنْشد:
واكتَشفَتْ لنا شيءٍ دَمَكْمَكِ
تَقول دَلِّصْ سَاعَة لَا بل نِكَ
ونابٌ دَلْصاء دَرْصاءُ ودَلْقاء، وَقد دلِصَتْ ودَرِصَت ودَرِقَتْ.
ص د ن
صدن، ندص، صند: (مستعملة) .
(صند) : أهمل اللَّيْث صند وَهُوَ مُسْتَعْمل. رَوَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصنديد والصِّنتيتُ: السَّيِّد الشريف.
وَقَالَ غَيره: يومٌ حامِي الصناديد: إِذا كَانَ شَديد الحَرّ، وَأنْشد:
حامِي الصَّنادِيد يُعَنِّي الْجُنْدُبَا
وصنادِيد السَّحاب: مَا كثُر وَبْلَه. وبردٌ صنديدٌ: شديدٌ ومَطَرٌ صنديد: وابِلٌ. وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السعديّ:
دعتْنا لِمَسْرَى ليلةٍ رَجَبيّةٍ
جَلا برْفها جَوْنَ الصَّنادِيد مُظلما
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّناديد: السادات، وهم الأجواد، وهم الحُلَماء، وهم حُماة العَسكر، وَيُقَال: صندد. قَالَ: والصَّناديد: الشَّدائد من الْأُمُور والدّواهي.
وَكَانَ الحسنُ يتعوّذ من صنادِيد القَدَر، أَي: من دواهِيه، وَمن جُنُون الْعَمَل، وَهُوَ الْإِعْجَاب بِهِ، وَمن ملح الْبَاطِل، وَهُوَ التَّبَخْتُر فِيهِ.
صدن: قَالَ اللَّيْث: الصيدَن: من أَسمَاء الثعالب. فَأَنْشد:
بُنَى مُكَوَيْن ثُلِّما بعد صيدينِ
وأخبَرَني الإياديّ عَن شمر أنّه قَالَ: الصَّيْدَن: المَلِك. والصَّيْدَنُ: الثَّعلَبُ. وَقَالَ رؤبة:
إنِّي إِذا اسْتَغلَق بابُ الصَّيْدَنِ
سَلَمة عَن الفرّاءِ: الصَّيْدَن: الكِساءُ الصِّفِيق، وَهُوَ إِلَى القِصَر، لَيْسَ بذلك الْعَظِيم ولكنّه وثيقُ العَمَل.
والصَّيْدَنُ: المَلِك أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن العَتَابي قَالَ الصَّيْدَنانيّ: دابةٌ تَعمَل لنَفسهَا شَيْئا فِي جَوف الأَرْض وتُعَمِّيه.(12/102)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لدابة كَثِيرَة الأَرجُل لَا تُعَدّ أَرجلُها من كثرتها، وَهِي قِصار وطِوال: صَيْدَ نانيّ، وَبِه شُبِّه الصَّيْدَ نانيّ كَثْرَة مَا عِنْده من الْأَدْوِيَة قَالَ الْأَعْشَى يَصفُ جَمَلاً:
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيْه تَجانُفاً
نَبِيلاً كبَيت الصَّيْدَ ناني تامِكَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَرَادَ بالصَّيْدَ نانيّ الثَّعْلَب.
وَقَالَ كُثيّر فِي مِثلِه:
كأنّ خَليفَيْ زَوْرِها ورَحاهُما
بُنَى مَكَويْن ثُلِّما بعد صَيْدَنٍ
هُوَ: الصَّيْدَنُ والصَّيْدَ نانيّ وَاحِد. وَقَالَ حُميدُ بنُ ثَور يصف صائداً وبيتَه:
ظَليلٌ كَبيت الصَّيْدَ نانيّ قُضْبُه
من النَّبْع والضّالِ السَّليم المثقَّفِ
وَقيل: الصَّيْدَ نانيّ المَلِك.
الصَّيْدَانُ: بِرام الحِجارة. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وسُودٌ من الصَّيْدَان فِيهَا مَذانِبٌ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيْدَان: ضَرْبٌ من حَجَر الفِضّة، الْقطعَة صَيْدَانة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الصَّيْدانة من النساءِ: السيّئة الخُلُق الكثيرةُ الْكَلَام. والصَّيْدانة: الغُولُ. وأَنشَد:
صَيْدَانَةٌ تُوقِد نارَ الْجنِّ
قلتُ: الصَّيْدانُ إِن جعلته فَيْعالاً فالنون أصليّة، وَإِن جعلته فَعْلاناً فالنّون زَائِدَة كنون السَّكْران والسَّكْرانة. وَالله أعلم.
ندص: قَالَ اللَّيْث: نَدَصَتْ عينُه نُدوصاً: إِذا جَحَظتْ وكادت تَخرج من قَلْتها كَمَا تَنْدُص عينُ الخَنيق. ورجلٌ مِنْداص: لَا يزَال يَندصُ على قوم بِمَا يَكرهون، أَي: يَطْرَأُ عَلَيْهِم، وَيظْهر بشَر.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المِنْداص من النِّساء: الْخَفِيفَة الطّيّاشة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِنداص من النِّساء: الرَّسْحاء. والمِنداص: الحَمقاء. والمِنْداص: البذِيّة.
وَقَالَ اللّحياني: نَدَصتِ التَبْرة تَنْدُص ندْصاً: إِذا غَمَزْتَها فَخرج مَا فِيهَا.
ص د ف
صدف، صفد، دفص، فصد: مستعملة.
(دفص) : أهمل اللَّيْث: دفص. وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الدَّوفص: البَصَل.
قلتُ: وَهُوَ حرف غَرِيب.
صدف: قَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: غِشاءُ خَلْقٍ فِي البَحْر تضمُّه صَدَفَتان مَفرُوجَتان عَن لحم فِيهِ روح يسمَّى المَحارَة، وَفِي مِثلِه يكون اللّؤلؤ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} (الْكَهْف: 96) .(12/103)
قرىء: (بَين الصَّدَفين) و (الصُّدُفَين) و (الصُدَفيْن) . والصَدَفة: الْجَانِب والناحية.
وَيُقَال لجَانب الجَبَلين إِذا تحاذَيا: صُدُفان وصَدَفان لتَصادفهما، أَي: تَلاقيهما يلاقي هَذَا الجانبُ الجانبَ الّذي يلاقيه، وَمَا بَينهمَا فَجٌّ أَو شِعْبٌ أَو وادٍ، ومِن هَذَا يُقَال: صادفْت فلَانا، أَي: لاقيْتُه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد قَالَ: الصُّدُفان: جانبا الجَبَل.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا مَرّ بصَدَف مائلٍ أَو هَدَف مائلٍ أَسرَعَ المَشيَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الصَّدَف والهَدَف وَاحِد، وَهُوَ كلُّ بِنَاء عَظِيم مُرْتَفع.
قلتُ: وَهُوَ مثل صَدَف الْجَبَل، شُبّه بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصَّدَف: أَن يَمِيل خُفُّ البَعير من الْيَد أَو الرِّجل إِلَى الْجَانِب الوحشيّ، وَقد صَدِفَ صَدَفاً. فَإِن مَال إِلَى الْجَانِب الإنسيّ فَهُوَ القَفَد وَقد قَفِد قَفَداً، وقولُ الله جلّ وعزّ: {سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} (الْأَنْعَام: 157) ، أَي: يُعرضون.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: المَيل عَن الشَّيْء، وأَصدَفَني عَنهُ كَذَا وَكَذَا.
أَبُو عُبيد: صَدَف ونَكب وكَنف: إِذا عَدَل. وَقيل فِي قَول الْأَعْشَى:
فَلَطْت بحجاب من دُوننا مَصْدُوف
إِنَّه بِمَعْنى مَسْتور.
فصد: قَالَ اللَّيْث: الفَصْد: قَطْع العُروق. وافتَصَد فلانٌ: إِذا قَطَع عِرْقَه ففَصَد.
قَالَ: والفَصيد: دمٌ كَانَ يُجعَل فِي مِعى لمن فَصْد عِرْق الْبَعِير فيُشْوَى، كَانَ أهلُ الجاهليّة يَأْكُلُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الّذي يُقضَى لَهُ بعضُ حَاجته دون تَمَامه لم يُحرَمْ مَنْ فُصْدَ لَهُ بِإِسْكَان الصَّاد وربّما قَالُوا: فزْدَ لَهُ، مَأْخُوذ من الفِصيد الّذي وَصفه اللَّيْث، يَقُول: كمَا يتبلّغ المُضْطرّ بالفَصيد، فاقنع أنتَ بِمَا ارْتَفع لكَ من قضاءِ حَاجَتك وَإِن لم تُقضَ كلُّها.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نَزَل عَلَيْهِ الوحيُ تَفصَّد عَرَقاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: المتفصَّد: السَّائِل. يُقَال: هُوَ يتفَصّد عَرَقاً، ويتبَضّع عَرَقاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: رأيتُ فِي الأَرْض تَفْصيداً من السَّيل، أَي: تَشقُّقاً وتخدُّداً.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: التّفصيد: أَن يُنقَع بِشَيْء من ماءٍ قَلِيل.
وَيُقَال: فَصَد لَهُ عَطاءً، أَي: قَطَع لَهُ وأَمضاه، يَفصِده فَصْداً.
وَقَالَ ابْن هاني: قَالَ ابْن كثوة: الفَصيدة: تمرٌ يعجَن ويُشابُ بِشَيْء من دَم وَهُوَ دَواءٌ يداوَى بِهِ الصِّبيان. قَالَه فِي تَفْسِير قَوْلهم:(12/104)
مَا حُرِم مَن فُصْدَ لَهُ.
صفد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ} (إِبْرَاهِيم: 49) ، ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (إِذا دخل شهرُ رَمَضَان صُفِّدت الشَّيَاطِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وغيرُه فِي قَوْله: (صُفِّدَتْ) يَعْنِي شُدَّت بالأغْلال وأُوثقَتْ، يُقَال مِنْهُ: صَفَدْتُ الرحلَ فَهُوَ مَصْفود، وصفَّدْتُه فَهُوَ مُصفَّد. وَأما أصفَدْته بِالْألف إصفاداً، فَهُوَ أَن تُعطِيَه وتَصِلَه، وَالِاسْم من العطيّة: الصَّفَد، وَكَذَلِكَ الوثاق، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَم أُعرضْ أبَّيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ
يَقُول: لم أمدَحْك لتُعطِيَني، وَالْجمع مِنْهَا أصْفاد.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي العطيّة يمدَحُ رجلا:
تضيّفْتُه يَوْمًا فأكرَمَ مَقْعَدِي
وأصفَدَني على الزَّمانة قائِدَا
يُرِيد: وَهب لي قائداً يَقودني.
قَالَ: والمصدَر من العطيّة: الإصفاد، وَمن الوَثاق: الصَّفْد والتَّصْفيد.
وَيُقَال للشَّيْء الَّذِي يُوثَق بِهِ الْإِنْسَان: الصِّفاد، وَيكون من نِسْع أَو قِدّ، وَأنْشد:
هَلاّ مَنَنْتَ على أَخِيك مُعَبّدٍ
والعامِرِي يَقُودُه بِصِفادِ
وأخبَرَني المنذريّ عَن المُفضَّل بن سَلَمة، عَن أَبِيه عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ} (إِبْرَاهِيم: 49) ، أَي: الأغلال، وَاحِدهَا صَفَد.
وَقيل: الصَّفَد: القَيْد، وجمعُه أصفاد.
ص د ب: مهمل.
ص د م
صدم، صَمد، دمص، مصد: (مستعملة) .
دصم، مدص: (مهملان) .
صدم: قَالَ اللَّيْث: الصَّدْمُ: ضربُ الشَّيْء الصُّلْب بشيءٍ مثله، وَالرجلَانِ يَعْدُوان فيتصادَمان.
قلت: والجيشان يتصادمان واصطدام السَّفينتين: إِذا ضَربَتْ كلُّ واحدةٍ صاحبتَها إِذا جَرَيا فوقَ المَاء بحَمُولَتهِما.
وَفِي الحَدِيث: (الصَّبْر عِنْد الصَّدْمة الأولى) ، أَي: عِنْد فَوْرة الْمُصِيبَة وحَمْوَتِها.
قَالَ شَمِر: يَقُول: مَن صَبَر تِلْكَ الساعَة وتلقّاها بالرِّضَى فَلهُ الْأجر.
قَالَ اللَّيْث: صِدام: اسمُ فَرَس.
قلتُ: لَا أَدْرِي صِدام أَو صِرام.
قَالَ: والصُّدَامُ داءٌ يَأْخُذ فِي رُؤُوس الدوابّ.(12/105)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: وَرجل مصدامَ: مجرب الصُّدام: داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل فَتَخْمص بطونُها وتَدَعُ المَاء وَهِي عِطاش أَيَّاماً حَتَّى تَبرأ أَو تَمُوت.
يُقَال مِنْهُ: جمل مَصْدوم، وإبل مُصدَّمة.
وَقَالَ بَعضهم: الصُّدام: ثِقَلٌ يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي رَأسه، وَهُوَ الخُشام.
وَالْعرب تَقول: رَمَاه بالصّدام والأولق والجذام.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّدْم: الدَّفْع. والصَّدِمتان: الجَبِينان. والصَّدمة: النزَعة. ورجلٌ أصدَم: أنزَع.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: لَا أفعل الْأَمريْنِ صَدْمةً وَاحِدَة، أَي: دَفْعةً وَاحِدَة.
وَقَالَ عبدُ الْملك بنُ مَرْوان لبَعض عمَّاله: إِنِّي ولّيتُك العِراقَين صَدْمة وَاحِدَة، أَي: دَفْعة وَاحِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الرَّأْس الصَّدِمتان بِكَسْر الدَّال وهما الجَبِينَان.
صَمد: الصَّمَد: من أَسمَاء الله جلَّ وعزَّ.
ورَوَى الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل أَنه قَالَ: الصَّمَدُ: السيّدُ الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
قلتُ: أمَّا الله تبَارك وَتَعَالَى فَلَا نهايَة لسؤدُدِه، لِأَن سؤدده غير مَحْدود.
وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمي: الصمَد الَّذِي يُصمَد إِلَيْهِ الأمْر فَلَا يُقضَى دُونَه، وَهُوَ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ فوقَه أحد.
وَقَالَ الْحسن: الصَّمَدُ: الدَّائِم.
وَقَالَ ميسرَة: المُصْمَت: المصْمَد. والمُصمَت: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، ونحواً من ذَلِك قَالَ الشّعْبي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّمَد: الَّذِي يَنتَهي إِلَيْهِ السُّودَد، وَأنْشد:
لقد بَكَّر النّاعي بخَيْرَيْ بني أسَدْ
بعَمرو بنِ مَسْعُود وبالسَّيّد الصَّمَدْ
وَقيل: الصمَد: الَّذِي صَمَد إِلَيْهِ كلُّ شَيْء، أَي: الَّذِي خَلَق الأشياءَ كلَّها لَا يَستغني عَنهُ شَيْء وكلُّها دالٌّ على واحدنيّته.
وَقيل: الصَّمَد: الدائِم الْبَاقِي بعد فَنَاءِ خَلْقه، وَهَذِه الصِّفَات كلُّها يجوز أَن تكون لله جلّ وعزّ.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: أيّها النَّاس، إيّاكم وتَعلُّمَ الأنسابِ والطَّعنَ فِيهَا، والَّذي نفسُ عمر بِيَدِه، لَو قلتُ: وَلَا يخرج من هَذَا البابِ إِلَّا صَمَدٌ مَا خرج إِلَّا أقلُّكم.
وَقَالَ شمر: الصَّمَد: السيّد الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
وَقَالَ اللَّيْث: صمدتُ صَمْدَ هَذَا الْأَمر، أَي: قصدتُ قصْدَه واعتمدتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَمَده بالعصا صَمْداً: إِذا ضَرَبه بهَا.(12/106)
وَيَقُول: إِنِّي على صمادة من أَمر: إِذا أشرف عَلَيْهِ وحفلت بِهِ.
قَالَ: وصَمَّد رأسَه تصميداً، وَذَلِكَ إِذا لَفَّ رأسَه بِخرقة أَو منديل أَو ثوبٍ مَا خلا الْعِمَامَة، وَهِي الصِّمادُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصِّماد: سِدادُ القَارُورة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّماد: عِفاصُ القارورة، وَقد صَمَدْتها أصمِدها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمْدُ: الْمَكَان الْمُرْتَفع الغليظ، والمُصمَّدُ: الصلْبُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خَدد.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: الصَّمْد والصِّماد: مَا دقَّ من غِلَظ الجَبَل وتواضَع واطمأنَّ ونَبَت فِيهِ الشّجر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصمْد: الشديدُ من الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الصمْدة: صخرةٌ راسيةٌ فِي الأَرض مستويةٌ بمَتْن الأَرْض، وَرُبمَا ارتفعتْ شَيْئا.
وَقَالَ غَيره: نَاقَة مِصْمادٌ وَهِي الْبَاقِيَة على القُرّ والجَدْب، الدائمةُ الرِّسْل. ونُوقٌ مَصامِد ومَصامِيد.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
بَين طَرِيِّ سَمَكٍ ومالحِ
ولُقَّحٍ مصامدٍ مجَالِحِ
دمص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّمصُ: الإسراعُ فِي كلّ شَيْء، وَأَصله فِي الدَّجاجة، يُقَال: دَمَصت بالكَيْكَة، وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا رمتْ ولدَها بزَحْرة وَاحِدَة: قد دَمَصَتْ بِهِ، وزَكَبَتْ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كلَّ عِرْق من أعراق الْحَائِط يسمَّى دِمْصاً، مَا خلا العِرْق الأَسفل، فَإِنَّهُ دِهْص.
قَالَ: والدّمَص: مصدَرُ الأدمص، وَهُوَ الَّذِي رقَّ حاجِبهُ من أُخُرٍ، وكَثُفَ من قُدُم. وربَّما قَالُوا: أدمص الرّأس: إِذا رَقَّ مِنْهُ مَوَاضِع وقلَّ شعرُه.
وَيُقَال: دمَصَت الكلبةُ ولدَها: إِذا أسقَطَتْه، وَلَا يُقَال فِي الْكلاب أسقَطَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للبَيْضة: الدَّوْمَصة ودَمَصت السباعُ إِذا وَلَدَتْ، ووضعتْ مَا فِي بطونها.
مصد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصْدُ: المَصُّ، مَصدَ جارِيَته ورَفَّها ومَصَّها ورَشَفَها بمعنَى وَاحِد.
قَالَ: والمصدُ: الرَّعد. والمصدُ: الْمَطَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا لَهَا مصْدةٌ، أَي: مَا للْأَرْض قُرٌّ وَلَا حَرّ.
وَيُقَال: مصَدَ الرجُل جَارِيَته وعصدها: إِذا نكَحها، وَأنْشد:
فأَبِيتُ أعتنِقُ الثُّغورَ وأقتفي
عَن مَصدها وشِفاؤها المصدُ(12/107)
وَقَالَ الرِّياشيّ: المصدُ: الْبرد. وَرَوَاهُ وانْتهى، عَن مصدها، أَي: أتَّقِي أخبرنيه المنذريُّ عَن الْأَسدي عَن الرِّياشيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المصد: ضَرْبٌ من الرَّضاع، يُقَال: قبَّلها فمصدها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُصدانُ: أعالي الْجبَال، وَاحِدهَا مصَاد.
قلت: ميمُ مصاد ميمُ مفْعَل وَجمع، على مُصدان، كَمَا قَالُوا مطيرٌ ومُطران، على توهُّم أنّ الْمِيم فاءُ الْفِعْل.
(أَبْوَاب) الصَّاد وَالتَّاء)
أهملت الصَّاد وَالتَّاء مَعَ الظَّاء والذال والثاء.
ص ت ر
ترص: عَمْرو عَن أَبِيه: التَّريصُ: المحكَمُ، يُقَال: أترصتهُ وترصتُه وترّصْتُه.
قَالَ الْأَصْمَعِي: رَصنتُ الشيءَ: أكملْتُه، وأتْرَصتُه: أحكمتُه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَرَّصَ أفْواقَها وقَوّمها
أنبلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعَا
وَفِي الحَدِيث: (وزِن رَجاءُ المُؤمِن وخَوفُه بميزانٍ تَرِبصٍ فَمَا زادَ أحدُهما على الآخر) ، أَي: بميزانٍ مستوٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَرصَ الشَّيْء تَراصةً فَهُوَ تريص، أَي: محكَم شَدِيد. وأَتْرَصْتُه أَنا إتراصاً.
وَيُقَال: أَتْرِصْ مِيزانَك فَإِنَّهُ شائل، أَي: سَوِّه وأَحكِمْه.
ص ت ل
صلت، لصت، تلص: (مستعملة) .
صلت: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْتُ: الأَملسُ. رَجُل صَلْتُ الوَجْه والخَدّ، وصَلْت الجَبين. وسيفٌ صَلْت.
وبعضٌ يَقُول: لَا يُقَال: الصّلتُ إِلَّا لما كَانَ فِيهِ طولٌ. وَيُقَال: أصلتّ السيفَ: إِذا جَرّبته. وسيفٌ صليتٌ، أَي: مُنْصَلتٌ ماضٍ فِي الضَّريبة. وربّما اشْتَقَّوا نَعْت أفْعَل من إفعِيلِ مثل إِبْلِيس، لأنّ الله عز وَجل أبلَسه. وَرجل مُنْصَلتٌ وأصلتيّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو والفرّاء: الصَّلَتان: الرجل الشَّديد الصُّلْب، وَكَذَلِكَ الحِمار.
وَقَالَ شمر قَالَ الأصمعيّ: الصَّلتان من الْحمير المُنْجَردُ القصيرُ الشَّعر.
وَقَالَ: أَخَذه من قَوْلك: هُوَ مِصْلاتُ العُنُق، أَي: بارِزُه مُنجردُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر والفرّاءِ: قَالَا: الصَّلتان والفَلتان والبَزَوَان والصَّمَيان كلّ هَذَا من التغلب والوَثب ونحوهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّلتُ: السكين الْكَبِير، وجمعُه أَصلات.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: وسكِّين(12/108)
صَلْت، وسَيْفٌ صَلْت، ومِخْيَطٌ صَلْت: إِذا لم يكن لَهُ غِلاف. قَالَ: ويُرْوَى عَن العُكْلِيّ أَو غَيره: جَاءُوا بصَلْتٍ مِثلِ كَتِفِ النَّاقة، أَي: بشَفْرَةٍ عَظِيمَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سكّين صَلْتٌ، وسَيْفٌ صَلْتٌ: انْجَرَدَ من غِمْدِه. وانْصَلَتَ فِي الأَمر: انْجَرَدَ.
أَبُو عُبيد يُقَال: انْصَلَتَ: يَعْدُو، وانْكَدَرَ فِي الأمْرِ، وانْجَرَدَ يَعْدُو: إِذا أسرَع بعضَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: جَاءَنَا بمَرَقٍ يَصْلِتُ، ولَبَنٍ يَصْلِت: إِذا كَانَ قليلَ الدّسَم، كثيرَ المَاء. وَيجوز: يَصْلِد بِالدَّال، بِهَذَا الْمَعْنى.
لصت: أَبُو عُبَيد وَغَيره فِي لُغَة طَيء: يُقَال لِلِّص: لَصْتٌ، وجمعُه لُصوت، وَأنْشد:
فَتَرَكْنَ نَهداً عَيِّلاً أَبْنَاؤُهُمْ
وَبَنِي كِنانَة كاللُّصُوتِ المُردِ
تلص: يُقَال: دَلَّصَه وتَلَّصَه: إِذا مَلَّسَه ولَيَّنَه.
ص ت ن
نصت، صنت، صتن: (مستعملة) .
نصت: قَالَ اللَّيْث: الإنصاتُ هُوَ السكوتُ لاستماع الحَدِيث، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} (الْأَعْرَاف: 204) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: نَصَتَ وَأَنْصَت وانْتَصَت بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: أنْصَتَهُ وأنْصَت لَهُ. وَقَالَ الطِّرِمّاح فِي الانتصات:
يُخَافِتْنَ بعضَ المَضْغ من خشيَة الرَّدَى
ويُنْصِتْنَ للسّمع انْتِصَاتَ الْقَنَاقِنِ
شمر: أَنْصَتُ الرَّجُلَ، أَي: سَكَتّ لَهُ. وأنصَتُّهُ: إِذا أسْكَتَّه؛ جعله من الأضداد. وَأنْشد للكُمَيْت:
صَهٍ وانْصِتُونَا؛ لِلتَّحاوُر واسْمَعُوا
تَشَهُّدَها من خُطبةٍ وارْتجَالِها
أَرَادَ: وأنصتوا لنا. وَقَالَ آخر فِي الْمَعْنى الثَّانِي:
أبوكَ الَّذِي أَجْدَى عَلَيَّ بنصرِهِ
فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كلَّ قائِلِ
قَالَ الأصمعيّ: يُرِيد فأسكت عنِّي. ويروَى كلُّ قائِل.
صنت: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصِّنتيتُ: السيّد الشريفُ؛ مثلُ الصِّنْدِيد سَوَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّنْتُوتُ: الفَرْدُ الحَرِيد.
صتن: اللّحياني عَن الأمويّ: يُقَال للبخيل: الصُّوتَنُ.
ص ت ف
صفت: فِي حَدِيث الْحسن: أَن رجلا قَالَ: سَأَلته عَن الَّذِي يَسْتَيْقِظ فيجدُ بَلةً، قَالَ: أما أَنْت فاغتسل ورآني صِفتاتاً. قَالَ(12/109)
اللَّيْث وَغَيره: الصفتاتُ: الرّجُلُ الْمُجْتَمع الشد، وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة، فَقَالَ بَعضهم: صفتاتة. وَقَالَ بَعضهم: صرفتات، بِلَا هاءِ.
وَقَالَ بَعضهم: لَا تُتْعَثُ الْمَرْأَة بالصِّفْتَات، بالهاءِ وَلَا بِغَيْر الْهَاء.
ابْن شُمَيْل: الصفتات: التّارّ الْكثير اللَّحْم المكتنز.
ص ت ب: مهمل
(ص ت م)
(مصت) ، صمت، صتم: (مستعملى) .
مصت: قَالَ اللَّيْث: المَصْتُ: لغةٌ فِي المسط، فَإِذا جعلُوا مَكَان السّين صاداً جعلُوا مَكَان الطّاء تَاء، وَهُوَ أَنْ يُدْخِل يَدَه فيقبضَ على الرَّحِم فَيَمْصُتَ مَا فِيهَا مَصْتاً.
صمت: سلَمة عَن الكسائيّ قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب: لَا صمْتَ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وَلَا صَمْتَ يومٌ إِلَى اللَّيْل، وَلَا صَمْتَ يومٍ إِلَى اللَّيْل، فَمن نصب أَرَادَ: لَا تَصْمُتْ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وَمن رفع أَرَادَ: لَا يُصْمَتُ يومٌ إِلَى اللَّيْل. وَمن خفض فَلَا سؤالَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصّمْتُ: السُّكُوت. وَقد أَخذه الصُّمَات. وقُفْلٌ مُصْمَتٌ، أَي: قد أُبْهِم إغلاقُه. وبابٌ مُصْمَتٌ كَذَلِك، وَأنْشد:
ومِن دون لَيْلَى مُصْمَتَاتُ المَقاصِرِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جَاءَ بِمَا صَاءَ وصَمَت. قَالَ: مَا صاء يَعْنِي الشاءَ والإبلَ. وَمَا صَمَت يَعْنِي الذَّهبَ والفِضَّة.
أَبُو عُبَيد: صَمتَ الرجلُ وأصْمَتَ بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: لقيتُه ببلدةِ إصْمِتْ، وَهِي القفرُ الَّتِي لَا أَحَدَ بهَا. وقطَع بَعضهم الْألف من إصمت فَقَالَ:
بوَحْشِ الإصْمِتَيْنِ لَهُ ذُبابُ
أنْشدهُ شمر. وَقَالَ: يقالُ: لَقِيتُهُ بوَحْشِ إصْمِتَ، الألفُ مكسورةٌ مَقْطُوعَة.
شَمِر: الصُّمُوتُ من الدُّروع: اللّينةُ المَسِّ ليستْ بخَشِنة وَلَا صَدِئةٍ، وَلَا يكون لَهَا صوتٌ قَالَ النَّابِغَة:
وكلّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيّةٍ
ونَسْجُ سُلَيْم كلّ قَضّاءَ ذَائلِ
قَالَ: والسيفُ أَيْضا يُقَال لَهُ صموتٌ لرسوبه فِي الضَّرِيبة، وَإِذا كَانَ كَذَلِك قَلَّ صوْتُ خُرُوج الدّم.
وَقَالَ الزُّبيرُ بن عبد الْمطلب:
ويَنْفِي الجاهلَ المُخْتالَ عني
رُقاقُ الحَدِّ وَقْعَتُه صَمُوتُ
وَيُقَال: بَات فلانٌ على صِمَات أمرِه: إِذا كَانَ مُعْتَزِماً عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الصِّمَاتُ: القصدُ، وَأنْشد:
وحاجةٍ بِتُّ على صِماتِها(12/110)
أَي: وَأَنا معتزم عَلَيْهَا.
وَمن أمثالهم: إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مُصْمِتٍ، أَي: لَا تَشْكُو إِلَى مَن يعبأ بشكواك. والصُّمْتَةُ: مَا يُصْمَتُ بِهِ الصبيُّ من تمر أَو شَيْء ظريف.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: مَا ذُقْتُ صُمَاتاً، أَي: مَا ذُقْت شَيْئا.
وَيُقَال: لم يُصْمِته ذَاك، بِمَعْنى لم يَكْفِه، وأصلُه فِي النَّفي، وَإِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُؤْكَل أَو يُشرب.
وجاريةٌ صَمُوتُ الخَلْخاليْن: إِذا كَانَت غليظَة السّاقيْن لَا يُسمع لخَلْخالها صوتٌ لغموضه فِي رِجْلَيْهَا.
وَيُقَال للّوْن البَهِيم: مُصْمَت. وللذي لَا جَوْفَ لَهُ مُصْمت. وفَرَسٌ مُصْمت؛ وخيلٌ مُصْمَتَاتٌ: إِذا لم يكن فِيهَا شِيَةٌ وَكَانَت بُهْماً.
وَيُقَال للرجل إِذا اعتقل لسانُه فَلم يتكلّم: أصْمَت، فَهُوَ مُصْمِت.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
مَا إِن رأيتُ من مُعَنياتِ
ذواتِ آذانٍ وجُمْجُمَاتِ
أَصْبَر مِنْهُنَّ على الصُّمات
قَالَ: الصُّمات: السكوتُ. وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: مِن مُغَنِّيات، أَرَادَ من صريفهن. قَالَ: والصُّمَاتُ العَطَشُ هَهُنَا، روَى ذَلِك كلَّه عَنْهُمَا أَحْمد بن يحيى.
قَالَ ابْن السّكيت: الثَّوْب المُصْمَتُ: الَّذِي لوْنُه لونٌ وَاحِد لَا يخالط لونَه لونٌ آخَرُ. وَحَلْيٌ مُصْمَتٌ: إِذا كَانَ لَا يُخالطُه غيرُه. وأدْهَمٌ مُصْمَتٌ: لَا يُخالط لونَه غير الدُّهْمة.
وَقَالَ أَحْمد بن عُبَيد: حَلْيٌ مُصْمَتٌ مَعْنَاهُ: قد نَشِب على لابسه فَمَا يَتحرّك وَلَا يتَزعزَع، مثلُ الدُّمْلُج والحِجْل وَمَا أشبهه.
صتم: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: صَتَمْتُ الشيءَ فَهُوَ مُصَتَّم وَصَتْمٌ، أَي: محكمٌ تامٌ.
الْفراء قَالَ: مالٌ صَتْمٌ، وأموال صُتْمٌ. وَيَقُول: عبدٌ صَتْمٌ، أَي: شَدِيد غليظ. وجَمَلٌ صَتْمٌ، وناقة صَتْمَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّتْمُ من كل شَيْء: مَا عَظُمَ واشتدّ. جملٌ صَتْمٌ، وبيتٌ صَتْمٌ. وأعطيْته ألفا صَتْماً. وَقَالَ زُهَير:
صحيحات ألْفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّم
قَالَ: والحروف الصُّتْمُ: الَّتِي لَيست من حُرُوف الحَلْق.
قَالَ غَيره: صتمت لَهُ ألفا تصطيماً، أَي: تممتها. قَالَ: والأصاتم جمع الأُصْطَمّة بلغَة تَمِيم؛ جمعوها بِالتَّاءِ كراهيةَ تفخيم أَصَاطم فردُّوا الطَّاء إِلَى التَّاء.
(ص ظ: مهمل)(12/111)
ص ذ
(صذم) : قَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: هَذَا قَضاءُ صَذُومُ (بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة) وَلَا يُقَال: سَدوم.
ص ث
أهملَها الليثُ مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا.
(صبث) : وروى سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الصَّبْثُ: ترقيعُ الْقَمِيص ورَفْوُه. يُقَال: رَأَيْت عَلَيْهِ قَمِيصًا مُصَبَّثاً، أَي: مُرَقّعاً.
(أَبْوَاب) الصّاد والرّاء)
ص ر ل: مهمل.
ص ر ن
صنر، نصر، رصن: (مستعملة) .
صنر: الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ أَبُو عَمْرو: تَقول: هِيَ الصِّنَارة بِكَسْر الصَّاد وَلَا تقل: صَنَّارة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّنَّارةُ: مِغْزَلُ الْمَرْأَة، وَهُوَ دخيل.
وَقَالَ غَيره: صِنَّارةُ المِغْزل: هِيَ الحديدةُ المُعَقَّفةُ فِي رَأسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصِنَّارَة: السيء الخُلق. والصِّنْوَرُ: الْبَخِيل السيىءُ الخلُق. والصنانير: البخلاء من الرِّجَال وَإِن كَانُوا ذَوي شرف.
قَالَ: والصّنانير: السَّيِّئُو الْآدَاب وَإِن كَانُوا ذوِي نباهة.
رصن: قَالَ اللَّيْث: رصن الشَّيْء يرصن رصانة، وَهُوَ شدَّة الثَّبَات. وأرصنته أَنا إرصاناً.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: رَصَنتُ الشَّيْء: أكملته.
وَقَالَ غَيره: أرصَنته: أحكمته، فَهُوَ مرصون، وَقَالَ لبيد:
أَو مُسلِمٌ عَمِلتْ لَهُ عُلوِيَّةٌ
رَصنتْ ظهورَ رواجبٍ وبَنَانِ
أَرَادَ بِالْمُسلمِ غُلَاما وَشَمَتْ يدَه امرأةٌ من أهل الْعَالِيَة.
نصر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّصْرةُ: المَطْرةُ التّامّة، وأرضٌ منصورةٌ ومَضْبُوطة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: نُصِرت البلادُ: إِذا مُطِرت، فَهِيَ منصورة. ونُصِر القومُ: إِذا أغِيثُوا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
من كَانَ أخطاه الرّبيعُ فَإِنَّمَا
نُصر الْحجاز بِغيْث عبد الْوَاحِد
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَصرْتُ أرضَ بني فلَان، أَي: أتيتها. وَقَالَ الرّاعي:
إِذا مَا انْقَضى الشَّهْر الْحَرَام فَودِّعِي(12/112)
بلادَ تميمٍ وانْصُرِي أرضَ عامِرِ
وَقَالَ الْفراء: نَصَر الغيثُ البلادَ: إِذا أنبتها.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: النّواصرُ من الشِّعاب: مَا جَاءَ من مَكَان بعيد إِلَى الْوَادي فنصَرَ سيْلَ الْوَادي؛ الْوَاحِد نَاصِر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّصْرُ: عوْنُ الْمَظْلُوم، وَفِي الحَدِيث: (انصُرْ أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما) ، وَتَفْسِيره: أَن يمنعهُ من الظُّلم إِن وجَدَه ظَالِما، وَإِن كَانَ مَظْلُوما أَعَانَهُ على ظالمه، وجمعُ النّاصِر أنصار. وانتصر الرجُل: إِذا امْتنع مِنْ ظالمه. قلت: وَيكون الانتصارُ من الظَّالِم: الانتصافُ والانتقامُ مِنْهُ، قَالَ الله مخبرا عَن نوح ودُعائه إيّاه بِأَن ينصره على قومه: {مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (الْقَمَر: 10، 11) ، كَأَنَّهُ قَالَ لربّه انتقم مِنْهُم، كَمَا قَالَ: {نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاَْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ} (نوح: 26) .
والنصيرُ: الناصرُ، قَالَ الله جلّ وَعز: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الْأَنْفَال: 40) . والنُّصْرَةُ: حسنُ المعونة، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ} (الْحَج: 15) الْآيَة. الْمَعْنى: من ظن من الْكفَّار أَن الله لَا يُظْهر محمّداً على مَن خالَفَه فليختنق غيْظاً حَتَّى يموتَ كمداً فَإِن الله يُظْهره وَلَا ينْفعُه موْتُه خَنْقاً. وَالْهَاء فِي قَوْله: {أَن لَّن يَنصُرَهُ} للنبيّ محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَاحِد النَّصَارَى فِي أحد الْقَوْلَيْنِ: نصران كَمَا ترى؛ مثل نَدْمان ونَدامَى وَالْأُنْثَى نصرانة، وَأنْشد:
فكِلْتاهما خَرَّتْ وأَسْجَد رأسُها
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانة لم تَحنَّفِ
فنَصْرانة: تأنيثُ نَصْران. وَيجوز أَن يكون واحدُ النَّصَارَى: نَصْرِيًّا مثلُ بعير مَهْرِيَ وإبلٍ مَهَارَى.
وَقَالَ اللَّيْث: زَعَمُوا أَنهم نُسِبوا إِلَى قَرْيَة بِالشَّام اسمُها نَصْرُونَه. والتّنَصُّرُ: الدخولُ فِي النّصرانية.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: النَّواصِرُ: مَسايل الْمِيَاه، واحدُها ناصِرة، لِأَنَّهَا تَجِيء من مَكَان بعيد حَتَّى تقع فِي مُجْتَمع المَاء حَيْثُ انْتَهَت، لِأَن كلّ مَسِيل يَضِيع مَاؤُهُ فَلَا يَقع فِي مُجْتَمع المَاء فَهُوَ ظَالِم لمائه.
ص ر ف
صرف، صفر، رصف، رفص، فرص.
صرف: رُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَدِينَة فَقَالَ: (مَن أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَو أَوَى مُحدثاً لَا يُقبَل مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: رُوي عَن مَكْحُول أَنه قَالَ: الصَّرْفُ: التَّوْبَة. والعَدْلُ: الفِدْيَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَقيل: الصّرفُ: النافلةُ،(12/113)
والعدلُ: الفَرِيضةُ.
وَرُوِيَ عَن يُونُس أَنه قَالَ: الصّرفُ: الحيلةُ وَمِنْه قيل: فلَان يتصرّف، أَي: يحتال. قَالَ الله جلّ وَعز: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً} (الْفرْقَان: 19) ، قلت: وَهَذَا أشبه الْأَقَاوِيل بِتَأْوِيل الْقُرْآن. وَيُقَال للرجل الْمُحْتَال: صَيْرَفٌ وصَيْرَفيّ، وَمِنْه قولُ أُميَّة بن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
قد كنتُ وَلاّجاً خَروجاً صَيْرَفاً
لم تَلْتَحِصنِي حَيصَ بَيص لحَاصِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الهَيْثَم أَنه قَالَ: الصَّيْرَفُ والصَّيْرَفِي: المحتالُ المُتَقَلِّبُ فِي أُمُوره المُجَرّبُ لَهَا.
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلة، يُقَال: فلانٌ يَصْرِفُ ويتَصَرَّفُ ويصطَرِفُ لِعِيَالِه، أَي: يَكتسب لَهُم.
وَفِي حَدِيث أبي إِدْرِيس الْخَوْلانِيّ أَنه قَالَ: (من طلب صَرْفَ الحَدِيث يَبْتَغِي بِهِ إقبالَ وجوهِ النَّاس إِلَيْهِ لم يُرَح رائحةَ الجَنَّة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: صَرْفُ الحَدِيث أَن يزِيد فِيهِ لِيُمِيلَ قلوبَ النَّاس إِلَيْهِ، أُخِذَ من صَرْفِ الدّراهم. والصرفُ: الفَضْلُ، يقالُ: لهَذَا صَرْفٌ على هَذَا، أَي: فضل. وَيُقَال: فلَان لم يُحسن صَرْفَ الْكَلَام، أَي: فضلَ بعض الْكَلَام على بعضٍ. وَقيل لمن يُمَيِّز ذَلِك: صَيْرَفٌ وصَيرَفيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: تصريفُ الرّياح: صَرْفُها من جِهَة إِلَى جِهَة. وَكَذَلِكَ تصريف السُّيُول والخيول والأمور والآيات.
قَالَ: وَصرف الدَّهْر: حَدَثُه وصَرْفُ الكلمةِ: إجراؤها بِالتَّنْوِينِ والصَّرَفُ أَن تَصرِفَ إنْسَانا على وجهٍ يُريدهُ إِلَى مَصْرِف غيرِ ذَلِك.
والصَّرْفَةُ: كوكبٌ واحدٌ خلْفَ خَرَاتَيِ الأسدِ، إِذا طلع أمامَ الْفجْر فَذَاك أوّل الخريف، وَإِذا غَابَ مَعَ طُلُوع الْفجْر فَذَاك أوّل الرّبيع، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر.
وَالْعرب تَقول: الصَّرْفَةُ: نابُ الدّهرِ، لِأَنَّهَا تَفْترُّ عَن الْبرد أَو عَن الحرّ فِي الحالتيْن.
وَقَالَ الزّجّاج: تصريفُ الْآيَات تَبْيينُها. وَلَقَد صرّفْنا الْآيَات: بَيّناها.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرِيفُ: الفضّة، وَأنْشد:
بني غُدَانةَ حَقّاً لستُم ذَهَباً
وَلَا صَرِيفاً وَلَكِن أَنْتُم خَزَفُ
والصَّرِيفُ: صوتُ الأنياب والأبواب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّرِيفُ: اللّبَنُ الَّذِي يَنْصرِف بِهِ عَن الضَّرْع حارّاً، فَإِذا سكنَتْ رَغْوَتهُ فَهُوَ الصَّريح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصريفُ: الخمرُ الطيّبة. وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:(12/114)
صَرِيفِيّة طَيِّبٌ طَعْمُها
لَهَا زَبَدٌ بَين كُوبٍ ودَنْ
قَالَ بَعضهم: جعلهَا صَرِيفيّة لِأَنَّهَا أخِذت من الدَّنّ ساعتئذ كاللبن الصريف. وَقيل: نسِبت إِلَى صَرِيفِين، وَهُوَ نهر يَتَخَلَّجُ من الفُرات. والصِّرفُ: الخمرُ الَّتِي لم تُمْزَج بِالْمَاءِ، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء لَا خِلْطَ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصِّرفُ: شَيْء أحمرُ يُدبَغ بِهِ الأدِيمُ. وَأنْشد:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ وَلَكِن
كلَوْن الصِّرِفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
أَي: أَنَّهَا خَالِصَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرفانُ: اسمٌ. الْمَوْت والصَّرَفانُ: جنسٌ من التَّمْر. والصَّرَفان: الرَّصاص، وَمِنْه قولُ الرّاجز:
أمْ صَرَفاناً بارِداً شَدِيداً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السّبَاعُ كلُّها تُجْعِل وتَصْرفُ إِذا اشتهتِ الفحلَ، وَقد صرَفت صِرافاً فَهِيَ صارِفٌ. وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك للكلبة.
وَقَالَ اللّيث: حِرْمةُ الشّاءِ والكلابِ والبقرِ. وَقَالَ المُتَنَخّل:
إِن يُمْس نَشْوانَ بمَصْرُوفة
مِنْهَا بِرِيَ وعَلى مِرْجَل
قَالَ: بمصروفة، أَي: بكأس شُرِبت صِرْفاً. وعَلى مِرْجل: أَي على لحم طُبخ فِي مِرجل وَهِي القِدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيرِفيّ من النجائب منسوبة وَلَا أعرفهُ، وَلَا الصَّدَفِي بِالدَّال.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَصْرفَ الشَّاعِر شِعرَهُ يُصْرِفه إصرافاً: إِذا أقْوَى فِيهِ. وَأنْشد:
بِغَيْر مُصرَفة القَوافِي
وَيُقَال: صَرَفْتُ فلَانا وَلَا يُقَال: أصرفته. وتصريف الْآيَات تبيينها.
رصف: الأَصْمَعِيُّ: الرَّصَفُ: صَفاً يَتَّصَل بعضُه بِبَعْض، وَاحِدهَا رَصَفه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّصَفُ: صَفاً طويلٌ كَأَنَّهُ مَرْصُوف.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت قَالَ: الرَّصفُ: مصدرُ رَصَفْتُ السّهمَ أرْصُفُه: إِذا شَدَدْتَ عَلَيْهِ الرِّصاف، وَهِي عَقَبةٌ تُشَدّ على الرَّعْط، والرُّعْطُ مَدْخَلُ سنح النَّصْل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا يروي أَبُو عبيد: هِيَ الرَّصفَة، وجمعُها الرِّصاف. وَفِي الحَدِيث: ثمَّ نظر فِي الرِّصاف فتحَارى أيرَى شَيْئا أم لَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصَفَةُ: عَقبةٌ تُلْوَى على مَوضِع الفُوق.
قلت: وَهَذَا خطأ، والصوابُ مَا قَالَ ابْن السكّيت.
والرَّصَفُ: حجارةٌ مرصوفٌ بعضُها إِلَى بعض. وَأنْشد للعَجّاج:(12/115)
فشَنّ فِي الإِبْرِيق مِنْهَا نُزَفا
من رَصفٍ نازعَ سيْلاً رَصفَا
قَالَ الْبَاهِلِيّ: أَرَادَ أنَّه صَبَّ فِي إبريق الْخمر من ماءٍ رَصفٍ نَازع سيلاً كَانَ فِي رَصَفٍ فَصَارَ مِنْهُ فِي هَذَا، فَكَأَنَّهُ نازعه إِيَّاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرْصَف الرّجلُ: إِذا مَزَج شرابه بِمَاء الرَّصف، وَهُوَ الَّذِي يَنحدر من الْجبَال على الصخر فيَصْفُو، وَأنْشد بَيت العجاج.
وَقَالَ: الرَّصفْاء من النِّسَاء: الضيّقةُ المَلاقِي وَهِي الرَّصُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للقائم إِذا صَفّ قَدَمَيْه: رَصَف قدمَيْه، وَذَلِكَ إِذا ضم إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى.
فرص: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَرْصاءُ من النُّوق: الَّتِي تقوم نَاحيَة، فَإِذا خلا الحوْضُ جَاءَت فشرِبتْ.
قلت: أُخذَت من الفُرْصة وَهِي النُّهْزة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِذا جَاءَت فُرْصَتُك من الْبِئْر فأدْل. وفُرُّصَته ساعتُه الَّتِي يُستَقَى فِيهَا. وَيُقَال: بَنو فلَان يَتفارَصُون بئرهم، أَي: يَتناوَبُونها. قلت: مَعْنَاهَا أَنهم يتناوبون الاستقاء مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُرْصة كالنُّهْزَةِ والنَّوْبة. تَقول: أصبت فرصتك يَا فلَان ونوبتك ونهزتك، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَالْفِعْل أَن تَقول: انتهزها وافترضها وَقد افترضت وانتهزت.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للْمَرْأَة الَّتِي أمرهَا بالاغتسال من المَحِيض: (خُذِي فِرْصةً مُمسّكة فتطهّري بهَا) ، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الفِرْصة: القطعةُ من الصُّوف أَو الْقطن أَو غَيره، وَإِنَّمَا أُخِذت من فَرصت الشَّيْء، أَي: قطعته.
وَيُقَال للحديدة الَّتِي يقطع بهَا الفضّة: مِقْراض، لِأَنَّهُ يقطع بهَا، وأنشدَنا للأعشى:
وأَدْفَعُ عَن أعراضكم وأُعيرُكم
لِساناً كمِفراصِ الخَفَاجِيّ ملْحَبَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال: افْرِصْ نعلَك، أَي: أخْرِق فِي أُذُنها للشِّراك.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجلَ ثائراً فريصُ رقبته قَائِما على مُرَيَّته يضْربهَا) .
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَرِيصة: المُضغةُ القليلة تكون فِي الجَنْب تُرْعد من الدَّابَّة إِذا فَزِعت، وجمعُها فَرِيص. وَقَالَ النَّابِغَة:
شكّ الفريصةَ بالمدْرى فأنقذه
شكّ المبيطر إِذْ يشفي من العضدِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ اللّحمة الَّتِي بَين الجَنْب والكَثف الَّتِي لَا تزَال تُرْعَد من الدَّابَّة.(12/116)
قَالَ: وأَحْسَب الَّذِي فِي الحَدِيث غير هَذَا، إِنَّمَا أَرَادَ عَصَبَ الرَّقبة وعروقَها، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تثور عِنْد الْغَضَب.
وَأَخْبرنِي ابنُ هاجك عَن ابْن جبلة أَنه سمع ابْن الْأَعرَابِي فسّر الفَرِيص كَمَا فسّره الْأَصْمَعِي، فَقيل لَهُ: هَل يَثور الفَرِيص؟ قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي الشّعْر الّذي على الفَرِيص كَمَا يُقَال: فلَان ثَائِر الرأسِ: أَي ثَائِر شَعرِ الرَّأْس.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فَرَصْت الرجلَ أفْرِصه: إِذا أصبتَ فريصتَه.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفَرِيصةُ: اللّحمَةُ الَّتِي بَين الكَتِف والصّدْر. والفَرِيصة أُم سُوَيْد.
وروى أَبُو تُرَاب للخليل أَنه قَالَ: فريصةُ الرجل: الرَّقَبَة. وفَرِيسُها: عروقُها.
وَفِي حَدِيث قَيْلَة: أَن جُوَيْرِيَةً لَهَا كَانَت قد أَخَذتهَا الفَرْصة.
قَالَ أَبُو عُبيد: الْعَامَّة تَقول لَهَا: الفَرسة بِالسِّين والمسموع من الْعَرَب بالصَّاد وَهِي ريحُ الحدَبة.
قَالَ: والفَرْسُ بِالسِّين: الكَسْر. والفَرْص: الشّق.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْصُ: شَدُّ الجلدِ بحديدة عريضة الطَّرَف تَفْرِصُه بهَا فَرْصاً غَمزاً؛ كَمَا يَفْرِص الحَذَّاءُ أُذُنَي النَّعل عِنْد عقبهما بالمِفْرَص ليجعل فِيهَا الشِّراك.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفريصة: الاست، وَهُوَ أَيْضا مرجع الْمرْفق. وَأنْشد:
جَوادٌ حِين يَفْرِصُه الفَرِيصُ
يَعْنِي حِين يشُقّ جلدَه العرَقُ.
وتَفْرِيصُ أسْفل نَعْلِ القِرَاب: تَنْقيشُه بِطرف الحديدة.
رفص: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: هِيَ الفُرْصةُ والرُّفْصة: النَّوْبةُ تكون بَين الْقَوْم يتَناوَبُونها على المَاء.
قَالَ الطِّرِمّاح:
كأَوْبِ يَدَيْ ذِي الرُّفْصَةِ المُتَمَتِّحِ
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: ارْتَفَص السّعرُ ارتفاصاً فَهُوَ مُرْتَفِص: إِذا غلا وارتفع.
قلت: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الرُّفْصة وَهِي النَّوْبَة.
صفر: فِي الحَدِيث: (لَا عَدْوَى وَلَا هامَةَ وَلَا صَفَر) .
قَالَ أَبُو عبيد: فسّر الَّذِي روى الحديثَ أَن الصَّفَر: دوابُّ الْبَطن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سمعتُ يُونُس يسْأَل رُؤْبَةَ عَن الصَّفَر فَقَالَ: هُوَ حَيَّةٌ تكون فِي الْبَطن، تصيبُ الماشيةَ وَالنَّاس.
قَالَ: وَهِي عِنْدِي أعْدَى من الجَرَب عِنْد الْعَرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: فأَبطل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا تُعْدِي.(12/117)
قَالَ: وَيُقَال: إِنَّهَا تشتدّ على الْإِنْسَان وتؤذيه إِذا جَاع.
وَقَالَ أعشى باهلة:
وَلَا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصَّفَر
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقَال فِي الصفَر أَيْضا: أَنه تأخيرهم المُحَرَّم إِلَى صفر فِي تَحْرِيمه. والوَجْه فِيهِ التفسيرُ الأوّل.
وَفِي حَدِيث آخر قَالَ: (صَفْرَةٌ فِي سَبِيل الله خيرٌ من حُمْرِ النَّعَم) ، أَي: جَوْعةٌ.
وَقَالَ التّمِيميّ: الصَّفَرُ: الجوعُ. وَقيل للحيّة الَّتِي تَعُضُّ البطنَ: صَفَرٌ، لِأَنَّهَا تفعل ذَلِك إِذا جَاع الْإِنْسَان.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر تصفيراً. وصَفِرَ الْإِنَاء من الطعامِ وَالشرَاب، والرَطْبُ من اللّبن يَصْفَر صَفَراً، أَي: خلا، فَهُوَ صَفِر.
وَيُقَال: نَعُوذ بِاللَّه من قرَع الْغناء وصَفَر الْإِنَاء. وَأنْشد:
وَلَو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
يَقُول: لَو أدركتْه الخيلُ لقتلته ففرَغَت وِطابُ دَمِهِ وَهِي جُسمانه مِن دَمِه إِذا سُفِك.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الصُّفارُ: الماءُ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللّيثُ: صَفَرُ: شهرٌ بعد المُحَرَّم، وَإِذا جُمعا قيل لَهما الصّفَران، قَالَ: والصُّفَارُ: صَفْرَةٌ تعلو اللَّونَ والبَشَرة من داءٍ.
قَالَ: وصاحبُه مَصْفُور، وَأنْشد:
قَضْبَ الطَّبيبِ نائِطَ المَصْفُور
وَقَالَ اللَّيْث: والصُّفْرَةُ: لونُ الْأَصْفَر. وَفعله اللازمُ الاصفرار.
قَالَ: وَأما الاصفِيرارُ: فَعَرَضٌ يَعْرِض للْإنْسَان، يُقَال: يَصْفَارُّ مرَّةً ويحمارُّ أُخْرَى. وَيُقَال فِي الأول: اصْفَرَّ يَصْفَرّ.
قَالَ: والصَّفِير من الصَّوْت بالدواب: إِذا سُقيت.
والصّفَّارةُ: هَنَةٌ جوفاءُ من نُحاس يَصْفِر فِيهَا الغلامُ للحَمام، ويصفِر فِيهَا بالحِمار ليَشربَ.
قَالَ: والصِّفرُ: الشَّيْء الْخَالِي، يُقَال: صَفِرَ يَصفُر صُفُوراً فَهُوَ صِفْر، والجميع والذّكَرُ وَالْأُنْثَى والواحدُ فِيهِ سَوَاء.
والصِّفْرُ فِي حِسَاب الهِنْد: هُوَ الدائرة فِي الْبَيْت يُغني حسابه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب قَالَ: قولُهم مَا فِي الدَّار صافِر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة والأصمعي: الْمَعْنى مَا فِي الدَّار أحَدٌ يَصْفِرُ بِهِ، وَهَذَا مِمَّا جَاءَ على لفظ فَاعل، وَمَعْنَاهُ مَفْعول بِهِ، وَأنْشد:
خَلَت المَنازِلُ مَا بهَا
ممّن عَهِدْتُ بهنّ صافِرْ
قَالَ: وَقَالَ غيرُهما: مَا بهَا صافر، أَي:(12/118)
مَا بهَا أحد، كَمَا يُقَال: مَا بهَا دَيَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: أَي مَا بهَا أحدٌ ذُو صَفِير. وَبَنُو الأصفَر: مُلوكُ الرُّوم.
وَقَالَ عديُّ بنُ زيد:
وَبَنُو الْأَصْفَر الكرامُ مُلُوكُ الر
وم لم يَبقَ منهمُ مأثُورُ
والصُّفْر: النُّحَاسُ الجيّد.
وأَبو صُفْرَة: كُنْيَةُ والدِ المُهلّب. والصُّفْرِيَّة: جنسٌ من الْخَوَارِج.
قَالَ بَعضهم: سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأَنهم نُسِبوا إِلَى صُفرة ألوانهم.
وروَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: الصوابُ فِي الْخَوَارِج الصِّفْرِيَّة، بِالْكَسْرِ.
قَالَ: وخاصَمَ رجل مِنْهُم صاحبَه فِي السجْن فَقَالَ لَهُ: أَنْت وَالله صِفرٌ من الدّين؛ فسُمُّوا صِفْرِيَّة.
قَالَ: وَأما الصَّفريَّة فهم المهالبة، نُسِبوا إِلَى أبي صفْرَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
يَا رِيحَ بَيْنُونَة لَا تَذْمِينا
جئتِ بألوان المُصْفَرِّينا
قَالَ قوم: هُوَ مَأْخُوذ من المَاء الْأَصْفَر، وصاحبُه يَرشَح رَشحاً مُنْتِناً.
وَقَالَ قوم: هُوَ مأخوذٌ من الصَّفَر، وَهِي حَيَّاتُ البَطن.
وأخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّفَرِيَّة: من لَدُن طُلُوع سُهَيل إِلَى سُقوط الذِّرَاع، تُسمَّى أَمطارُ هَذَا الْوَقْت صَفَرِية.
وَقَالَ: يطلع سُهَيْل والجبهة لَيْلَة وَاحِدَة لاثني عشرَة لَيْلَة من آب.
وَقَالَ أَبُو سَعيد الصفَرِيَّة: مَا بَين تَوَلِّي القَيْظ إِلَى إقبال الشتَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: أوّل الصفَرِيَّة طلوعُ سُهَيل وآخرُها طلوعُ السِّماك.
قَالَ: وَفِي أوّل الصفَرِيّة أَرْبَعُونَ لَيْلَة يخْتَلف حرُّها وبردُها تسمَّى المعتدِلات.
وَقَالَ اللَّيْث: الصفَرِيّة: نباتٌ يكونُ فِي أوّل الخريف تَخضرّ الأرضُ ويورق الشّجر.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: الصّقَعِيّ أولُ النّتاج، وَذَلِكَ حِين تَصقَع الشمسُ فِيهِ رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. وبعضُ العَرب يَقُول لَهُ: الشمسيّ والقَيْظِي، ثمَّ الصفَرِيّ بعد الصقَعِيّ وَذَلِكَ عِنْد صِرامِ النّخل، ثمَّ الشّتوِيّ وَذَلِكَ فِي الرّبيع، ثمَّ الدفَئِيّ وَذَلِكَ حِين تَدفَأُ الشَّمْس، ثمَّ الصيْفِيّ ثمَّ القَيْظِيّ، ثمَّ الخَرَفيَّ فِي آخر القَيْظ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ} (المرسلات: 33) ، قَالَ: الصُّفر: سودُ الْإِبِل، لَا تَرى أسوَدَ من الْإِبِل إلاّ وَهُوَ مُشرَب صفْرةً، وَلذَلِك سَمَّت العربُ سودَ الْإِبِل صفْراً، كَمَا(12/119)
سَمّوا الظِّباء أُدْماً لما يعلوها من الظُّلمة فِي بياضِها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأصفرُ: الأسوَد. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تلكَ خَيلِي مِنْهُ وَتلك رِكابي
هن صفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ
وَقَالَ الليثُ: الصفَارُ: مَا بَقيَ فِي أصُول أَسْنَان الدابَّة من التِّبْن والعَلَف للدوابّ كلهَا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّحَم والصَّفار بِفَتْح الصَّاد نَبْتان. وأَنشد:
إِن العُرَيْمَة مانعٌ أرمَاحنا
مَا كَانَ من سَحَمٍ بهَا وصفَارِ
والصفْراء: نَبْتٌ من العُشْب. والصفْراء: شِعبٌ بِنَاحِيَة بَدْرٍ، وَيُقَال لَهَا الأصافر.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: الصفَارِيّة: الصَّعْوَة. والصافر: الجبان.
ص ر ب
صَبر، صرب، برص، بصر، ربص: مُستعملة.
صَبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصبَرَ الرجلُ: إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وَهِي الرُّقاقةُ الَّتِي يَغْرِفُ عَلَيْهَا الخبازُ طعامَ العُرْس.
قَالَ ابْن عَرَفَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاصْبِرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الْأَنْفَال: 46) ، قَالَ: الصبرُ صبران هما عُدَّتان للْإيمَان: الصَّبْر على طَاعَة الله وَمَا أمره، وَالصَّبْر عَن مَعْصِيّة الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَمَا نهى عَنهُ.
وَقَالَ فِي قَوْله: {لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (إِبْرَاهِيم: 5) ، يُقَال: صابر وصبّار وصبور؛ فَأَما الصّبور فالمقتدر على الصَّبْر، كَمَا يُقَال: قتول وضروب، أَي: فِيهِ قدرَة على ذَلِك. والصبَّار: الَّذِي يصبر وقتا بعد وَقت. والشكور: أوكد من الشاكر وَهَذَانِ خلقان مدح الله بهما نَفسه، وَقد نعت بهما خلقه.
وأصبَرَ الرجلُ: وَقَع فِي أُمّ صَبُّور، وَهِي الدَّاهية، وَكَذَلِكَ إِذا وَقع فِي أمِّ صبّار، وَهِي الحرّة.
وأصبَر الرجل: إِذا جَلَس على الصَّبير الأقدر وَهُوَ الْوسط من الْجبَال وأصبَر سَدَّ رَأسَ الحَوْجَلَة بالصِّبار، وَهُوَ السِّداد. وَيُقَال لِرَأسها الفعولة والعرعُرة والأنبوب والبلبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبْرُ: نقيضُ الجَزَع. والصبْر: نَصْبُ الإنسانِ للْقتْل، فَهُوَ مَصْبور. والصَّبر: أَن تَأْخُذ يمينَ إنسانٍ، تَقول: صبَرتُ يمينَه، أَي: حلَّفْتُه، وكلُّ من حبستَه لقتلٍ أَو يمينٍ فَهُوَ قتلُ صبْرٍ، ويمينُ صبْرٍ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهى عَن قَتْل شيءٍ من الدَّوَابّ صَبراً) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عَمْرو فِي(12/120)
قَوْله: (صَبراً) : هُوَ الطَّائِر أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثمَّ يُرمَى حَتَّى يُقتَل.
قَالَ: وأصلُ الصَّبر الحَبْس، وكلُّ من حَبَس شَيْئا فقد صبَره.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر فِي رجُلٍ أمسَكَ رجلا وقتَلَه آخَرُ فَقَالَ: (اقتُلوا الْقَاتِل واصبروا الصابر) . قَوْله: اصبِرُوا الصابر: يَعْنِي احبِسوا الَّذِي حَبَسه للْمَوْت حَتَّى يموتَ.
وَمِنْه يُقَال للرجل يقدَّم فتُضرَب عُنقه: قُتِل صبرا، يَعْنِي أنّه أُمْسِك على الْمَوْت، وَكَذَلِكَ لَو حَبَس رجلٌ نفسَه على شَيْء يُريدهُ قَالَ: صبرتُ نَفسِي.
وَقَالَ عنترة يذكر حَربًا كَانَ فِيهَا:
فصبَرْت عارِفَة لذَلِك حُرَّةً
تَرْسُو إِذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ
قَالَ أَبُو عُبَيد: يقولُ: إِنَّه قد حبس نَفسه، ومِن هَذَا يَمين الصَّبْر، وَهُوَ أَن يَحبِسه، السّلطان على الْيَمين حَتَّى يحلِف بهَا، فَلَو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ مَا قيل: حلف صبْراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبِرُ: عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ غِلاظٌ فِي خُضْرَتها غُبْرة وكُمْدَة مقشعّرة المنظر، يخرج وَسطهَا ساقٌ عَلَيْهِ نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.
قَالَ: والصُّبَارُ: حَمل شَجَرَة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل لَهُ عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.
ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الصُّبَار: التَّمْر الهِنْديّ، بِضَم الصَّاد. والصُبَار: الحجارةُ المُلْس. قَالَ: والصبار: صِمامُ القارُورة.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عُبَيْدةَ قَالَ: الصُّبارة: الْحِجَارَة، بِضَم الصَّاد قَالَ الْأَعْشَى:
من مُبْلغُ عَمْراً بأنَّ
المَرْءَ لم يُخلق صبارَة
وَقَالَ: الصّبرُ: الأَرْض الَّتِي فِيهَا حَصباء وَلَيْسَت بغليظةٍ، وَمِنْه قيل للحَرّة: أمُّ صبار.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: أمُّ صبَّار: هِيَ الصَّفاة الَّتِي لَا يَحيكُ فِيهَا شَيْء. وَقَالَ: الصبَّارة: الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه لَا تُنبتُ شَيْئا، وَهِي نحوٌ من الجبلُ.
وَقَالَ: هِيَ أم صبّارٍ، وَلَا تسمَّى صبارةً، وَإِنَّمَا هِيَ قُفٌّ غَلِيظَة.
وَقَالَ الْأَحْمَر: الصُّبْرُ جانبُ الشَّيْء، وبُصْرُه مِثلُه.
وَيُقَال: صُبْرُ الشَّيْء: أَعْلَاهُ. ومنهُ قولُ ابْن مَسْعُود: سِدرَة المنتهَى: صُبْرُ الْجنَّة. قَالَ: صُبْرُها: أَعْلَاهَا.
وَقَالَ النَّمِر يصفُ رَوْضةً:(12/121)
عَزَبَتْ وباكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ
وَطْفاءَ يَملؤُها إِلَى أَصْبارِها
وَقَالَ غَيره: أصبارُ القَبْر: نواحِيه.
والصَّبْرة من الْحِجَارَة: مَا اشتدّ وغَلُظ، وجمعُها الصَّبار، وَأنْشد:
كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فِيهَا
قُبيلَ الصّبح أصواتَ الضَّبار
شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الْحِجَارَة. ويُقال للداهية الشَّدِيدَة أم صبور. وَقَالَ غَيره: يُقَال: وَقَع فلانٌ فِي أم صَبُّور، أَي: فِي أَمر لَا مَنْفَذ لَهُ عَنهُ. وَقيل: أمُّ صَبّور: هَضْبة لَا مَنفَذ لَهَا، تضْرب مَثلاً للداهية وَأنْشد:
أوقعَه اللَّهُ بسوءِ سَعْيِه
فِي أمِّ صَبُّورِ فأَوْدَى ونَشِبْ
وَفِي حَدِيث عمَّار حِين ضرَبه عُثْمَان رحمهمَا الله فلمّا عُوتِبَ فِي ضربِه إيّاه قَالَ: هَذِه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر، مَعْنَاهُ فليقتصّ. يُقَال: صَبَر فلانٌ فلَانا لوليِّ فلانٍ، أَي: حَبَسه. وأَصْبَره، أَي: أقصَّه مِنْهُ، فاصْطَبَر، أَي: اقتَصَّ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: أقادَ السلطانُ فلَانا وأقَصَّه وأَصْبَرَه بِمَعْنى وَاحِد: إِذا قَتَلَه بقَوَد وأَباءَهُ مِثلُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي زيد: صَبَرْت بفلان أَصْبِر بِهِ صَبْراً: إِذا كفلتَ بِهِ فأنابه صَبِيرٌ. وَقَالَ الْكسَائي مثله. قَالَ: وصَبَرْتُ الرجَل أصبره: إِذا لزمتَهُ وَقد أتيتُه فِي صَبَارّة الشِّتاء، أَي: فِي شدّة البَرْد.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الله جلَّ وعزَّ قَالَ: إِنِّي أَنا الصبور) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّبور فِي صِفَة الله تَعَالَى الْحَلِيم، قَالَ الأصمعيّ: أدهقتُ الكأس إِلَى أَصْحَابهَا، أَي: إِلَى أعاليها. قَالَ: والصَّبِيرُ: السحابة الْبَيْضَاء. قَالَ: والصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّبِيرُ: الجَبلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: صَبيرُ الْخُوان: رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تَحت مَا يُؤْكَل من الطَّعَام. وصَبيرُ الْقَوْم: زعيمُهم، والصُّبْرة من الطَّعَام: مثل الصُّوفة بعضه فَوق بعض.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الصَّبْر: الْإِكْرَاه؛ يُقَال: أصبَر الْحَاكِم فلَانا على يَمِين صبْرٍ، أَي: أكرَهَه.
قَالَ: والصّبر: الجرْأة، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (الْبَقَرَة: 175) ، أَي: مَا أجرأهم على عمل أهلِ النَّار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَأَلت الخَلَنْجِي عَن الصَّبْر فَقَالَ: ثَلَاثَة أَنْوَاع: الصبْرُ على طَاعَة الجبّار، والصبْرُ على مَعَاصي الجبَّار، وَالصَّبْر على الصبْر على طَاعَته وترِك مَعْصِيَته.
وَيُقَال: رجل صَبُور، وامرأةٌ صَبُور بِغَيْر(12/122)
هَاء، وجمعُها صبُر.
بصر: قَالَ اللَّيْث: البَصَرُ: العيْن، إلاّ أنّه مذكَّر. والبَصرُ: نَفاذٌ فِي القَلْب. والبصَارة: مَصدَر البَصير، والفعلُ بصُر يَبْصُر. وَيُقَال: بَصُرْتُ بِهِ.
وَيُقَال: تبصّرْتُ الشَّيْء شِبْه رَمَقْتُه. واستَبصَر فِي أمره ودِينِه: إِذا كَانَ ذَا بَصِيرَة.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَنِ السَّبِيلِ} (العنكبوت: 38) ، أَي: كَانُوا فِي دينهم ذَوي بصائر.
قَالَ: فَنَادَوْهُ: وَكَانُوا مستبصرين، أَي: معجبين بضلالتهم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: أنّهم أتَوْا مَا أتَوْا وَقد بُيّن لَهُم أَن عاقبتَه عذابُهم، والدَّليل على ذَلِك قَوْله: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَاكِن كَانُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (النَّحْل: 71) ، فَلَمَّا بيّن لَهُم عاقبةَ مَا نَهَاهُم عَنهُ كَانَ مَا فعل بهم عَدْلاً وَكَانُوا مستبصرين.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} (طه: 96) ، أَي: علمتُ مَا لم تعلمُوا، من البَصيرة. وأبصَرتُ بالعَيْن.
وَقَالَ الزّجاج: بَصُر الرجلُ يَبصُرُ: إِذا صَار عَلِيماً بالشَّيْء، وأبصرتُ أبصِرُ: نظرتُ، فالتأويل عَلِمْتُ بِمَا لم تعلَموا بِهِ.
وَقَوله جلّ وعزَّ: {) وَأَخَّرَ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} { (بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (الْقِيَامَة: 14، 15) .
قَالَ الْفراء: يَقُول على الْإِنْسَان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ: اليدان والرِّجْلان والعيْنان والذَّكَر، وَأنْشد:
كأَن على ذِي الطِّنْءِ عينا بَصِيرَة
بمَقْعَدِه أَو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ
يُحاذِر حَتَّى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ
من الْخَوْف لَا تَخفَى عَلَيْهِم سرائِرُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: البَصيرة: اسمٌ لما اعْتقد فِي القَلْب من الدِّين وَتحقّق الْأَمر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الباصِرُ: المُلَفِّق بَين شُقَّتَيْن أَو خِرْقَتَين، يُقَال: رأيتُ عَلَيْهِ بصيرَةً من الْفقر، أَي: شُقَّةً ملفَّقة.
قَالَ: والبَصيرة أَيْضا: الشُّقَّة الَّتِي تكون على الْخِباء.
ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: البَصرُ: أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلَى أَديم يُخَاطان كَمَا يُخاط حَاشيَتا الثَّوْب. والبصْر: الحِجارةُ إِلَى الْبيَاض، فَإِذا جاءُوا بِالْهَاءِ قَالُوا: البَصْرة، وَأنْشد:
جَوانبُه من بَصْرةٍ وسِلاَمِ
وَقَالَ:
إِن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لَا أؤَبِّسُهُ
أوقِدْ عَلَيْهِ فأَحْمِيهِ فيَنصدِعُ(12/123)
سَلمةُ عَن الفرّاء قَالَ: البِصْرُ والبَصْرة: الْحِجَارَة البَرَّاقة.
وَقَالَ ابْن شُميل: البَصَرَةُ: أرضٌ كَأَنَّهَا جَبَل من جِصّ، وَهِي الَّتِي بُنِيَتْ بالمِرْبَد؛ وَإِنَّمَا سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَصرةُ والكَذَانُ: كِلَاهُمَا الحجارةُ الَّتِي لَيست بصُلْبه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو: أرضُ فلانٍ بُصْرَة بِضَم الْبَاء: إِذا كَانَت حَمراءُ طيّبتَه. وأرضٌ بَصِرةٌ: إِذا كَانَت فِيهَا حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. وبُصْرُ الأَرْض: غِلَظُها.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: يُقَال: هَذِه بَصيرةٌ من دَم، وَهِي الجَدِيَةُ مِنْهَا على الأَرْض، وأَنْشَد:
رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ
وبَصيرَتِي يَعْدُو بهَا عَتَدٌ وَأَي
يَعْنِي بالبصائرِ: دمَ أَبِيهِم.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: راحُوا بَصائِرُهم، يَعنِي ثِقْل دِمَائِهِمْ على أكتافهم لَم يثأروا بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: البَصيرة: الدِّيَة. والبَصيرَة: مِقْدَار الدِّرْهم من الدَّم. البَصِيرة: التُّرْس. والبَصيرة: الثَّبَات فِي الدِّين.
قَالَ: والبصائر: الدِّيات فِي الْبَيْت. قَالَ: أَخَذُوا الدِّيات فَصَارَت عاراً. وبصيرتي، أَي: تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ بِهِ، فبَيْنِي وبينَهم فرق.
سَلمَة عَن الفَرّاء قَالَ: الباصَرُ: القَتَب الصَّغِير وَهِي البَواصِر.
وَقَالَ فِي قَوْله: {وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا} (الْإِسْرَاء: 59) ، قَالَ الْفراء: جعل الفعلَ لَهَا، وَمعنى: (مُبْصِرَة) : مضيئةً، كَمَا قَالَ جلّ وعزّ. {وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} (يُونُس: 67) ، أَي: مضيئاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى (مُبصِرة) : أتبصِّرهم، أَي: تبيِّن لَهُم. وَمن قَرَأَ: (مَبْصَرةً) فَالْمَعْنى: بيّنةً. وَمن قَرَأَ: (مُبْصَرَة) فَالْمَعْنى: مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بهَا) ، أَي: ظلمُوا بتكذيبها.
وَقَالَ الْأَخْفَش: (مُبْصِرَةً) ، أَي: مُبصَرّاً بهَا.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ الفرّاء، أَرَادَ: آتَيْنَا ثمودَ النَّاقة آيَة مبصِرةً، أَي: مضيئةً.
ابْن السكّيت فِي قَوْلهم: أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً، أَي: نظرا بتحديقٍ شَدِيد.
قَالَ: ومَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قَوْلهم: رجلٌ تامر، فَمَعْنَى باصر ذُو بَصَر، وَهُوَ من أبصَرْتُ، مثل: مَوْتٍ مائِت، من أمَتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: رأى فلَان لَمْحاً باصراً، أَي: أمرا مفروغاً مِنْهُ.
وَأنْشد:(12/124)
وَدون ذَاك الْأَمر لمح باصر
وَقَالَ غَيره: رَأَيْت فلَانا لمّاحاً باصراً، أَي: نظر بتحديق.
قلتُ: والقولُ هُوَ الأوّل.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل: بَصَّر تَبْصيراً.
وَيُقَال: البصيرة: الدِّرع، وكلُّ مَا لُبِس من السِّلَاح فَهُوَ بَصائرُ السّلاح.
وَيُقَال للفِراسة الصادقة: فِراسةٌ ذاتُ بَصِيرَة.
قَالَ: والبصيرةُ: العِبْرة، يُقَال: أما لَك بصيرةٌ فِي هَذَا؟ أَي: عِبْرةٌ تعْتَبر بهَا، وأَنشَد:
فِي الذّاهِبِين الأوّلينَ
من القُرون لنا بصائرْ
أَي: عِبَر.
اللِّحياني عَن الكسائيّ: إِن فلَانا لمَعْضُوب البُصَر: إِذا أصَاب جِلْدَه عُضابٌ، وَهُوَ داءٌ يَخرج بِهِ.
وَيُقَال: أعمى الله بصائره، أَي: فِطَنَه.
وَيُقَال: بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً: إِذا أَتَى البَصْرة.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ
وكائنْ تَرَى قبلِي من النَّاس بَصّرَا
وَقَالَ اللَّيْث: فِي البَصْرَة ثلاثُ لُغَات: بَصْرَة، وبِصْرة، وبُصْرة، اللّغة الْعَالِيَة البَصْرة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لاَّ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ} (الْأَنْعَام: 103) ، أعلمَ اللَّهُ جلّ وعزّ أنّه يُدرك الْأَبْصَار، وَفِي هَذَا الْإِعْلَام دليلٌ على أَن خَلْقَه لَا يُدرِكون الأبصارَ، أَي: لَا يعْرفُونَ حَقِيقَة البَصر، وَمَا الشيءُ الَّذي بِهِ صارَ الإنسانُ يُبصِرُ من عَيْنيه دون أَن يُبصِر من غَيرهمَا من سَائِر أَعْضَائِهِ، فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لَا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه، وَلَا يُحيطون بِعلمه، فَكيف بِهِ جلَّ وعزّ، فالأبصارُ لَا تُحيط بِهِ، وَهُوَ اللَّطيفُ الخبيرُ.
فأمّا مَا جَاءَ من الْأَخْبَار فِي الرُّؤْيَة وصحّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغيرُ مَدْفُوع، وَلَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة دليلٌ على دَفعها، لِأَن معنى هَذِه الْآيَة معنى إدراكِ الشَّيْء، والإحاطة بحقيقته، وَهَذَا مَذهبُ أهلِ السّنّة وَالْعلم بِالْحَدِيثِ.
وقولُه جلّ وعزّ: {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ} (الْأَنْعَام: 104) ، أَي: قد جَاءَكُم القرآنُ الَّذِي فِيهِ البيانُ والبصائر، فَمن أَبْصَر فلنفسِه نَفْعُ ذَلِك، وَمن عَمِي فعلَيْهَا ضَررُ ذَلِك، لِأَن الله غنيّ عَن خَلْقه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبصَرَ الرجلُ: إِذا خَرَجَ من الكُفْر إِلَى بَصيرة الْإِيمَان،(12/125)
وأنشَد:
قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ
وعَلى بصائرِها وإنْ لَم تُبْصِرِ
قَالَ: بصائرُها: إسلامُها، وَإِذ لم تبصر فِي كفْرِها، وأَبصر: إِذا عَلَّق على بَاب رَحْله بَصِيرَة، وَهُوَ شقة من قطن أَو غيرِه.
وَقَالَ اللّحياني فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} (طه: 96) ، أَي: أَبصَرْتُ، ولغةٌ أُخْرَى: بَصِرْتُ بِهِ أبْصَرُ بِهِ، وَيُقَال: أَبْصِرْ إليّ، أَي: انظُرْ إليّ.
وبُصْرَى: قريةٌ بِالشَّام فتُنسَب إِلَيْهَا السّيوف البُصْريَّة.
صرب: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً فِي السِّقاء حَتَّى اشتدّ حَمَضُه، فَهُوَ الصَّرْب والصَّرَب، وَأنْشد:
أرضٌ عَن الْخَيْر وَالسُّلْطَان نائيةٌ
فالأطْيَبان بهَا الطُّرْثُوثُ والصَّرَبُ
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو حَاتِم: غَلِط الأصمعيّ فِي الصَّرَب أَنه اللَّبن الحامِضُ.
قَالَ: وقلتُ لَهُ: الصَّرَبُ: الصّمْغ، والصَّرْبُ: اللَّبن، فعَرَفه، وَقَالَ كَذَلِك الحَرّانيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الصَّرَبُ: اللّبن الحامض.
يُقَال: صَرَب اللبَن فِي السِّقاء: إِذا حَقَنَه فِيهِ، يَصْرُبه صَرْباً، والسِّقاءُ: هِيَ المِصْرَب وجمعُه المَصارِب.
وَيُقَال: جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ، وَأنْشد:
سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ
وماءُ قُدور فِي الجِفان مَشُوب
قَالَ: والصَّرْبُ: الصمغُ الْأَحْمَر، صمغُ الطَّلْح.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: إِذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يَوْمًا لَا يُحْدِث قيل: صَربَ لِيَسْمَن.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَرَب بَوْلَه وحَقَنَه: إِذا أَطَالَ حَبْسَه.
وَفِي حَدِيث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عَن أَبِيه أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (هَل تُنْتَج إبِلُكَ وافيةً آذانُها فتجدَعُها، وَتقول صَرْبَى) .
قَالَ القُتَيْبي: قولُه: صَرْبَى، نَحْو سَكْرَى، من صَرَبْتُ اللَّبنَ فِي الضّرْع: إِذا جمعتَه وَلم تَحلُبه.
وَقيل للبَحِيرة: صَرْبَى، لأنّهم كَانُوا لَا يَحلُبونها إِلَّا للضَّيف فيَجتمع اللّبن فِي ضَرْعها، كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَقَالَ سعيد بنُ المسيَّب: البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت فَلَا يَحلُبها أحدٌ من النَّاس.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن فِي ضَرْعِها، أَي: جمعتْه.
قَالَ بَعضهم: يَجْعَل الصرب من الصرم(12/126)
وَهُوَ الْقطع، يَجْعَل الْبَاء مبدلةً من الْمِيم، كَمَا يُقَال: ضربةُ لازِمٍ ولازِب، وَكَأَنَّهُ أصحّ التفسيرين لقَوْله: فتجْدع هَذِه فَتَقول صَرْبَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرَابي قَالَ: الصربُ: جمعُ صَرْبَى، وَهِي المشقوقة الْأذن مثل البَحيرة فِي النوق. وَيُقَال للوطب الَّذِي يجمع فِيهِ اللَّبن فيحمض: مصرب وَجمعه مصارب.
وحدّثني محمّد بنُ إِسْحَاق قَالَ: حدَّثنا عمر بنُ شَبَّةَ قَالَ: حدَّثنا غُنْدَر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سمعتُ أَبا الْأَحْوَص يحدِّثُ عَن أَبِيه قَالَ: أَتيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا قَشِفُ الْهَيْئَة، فَقَالَ: هَل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إِلَى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فَتَقول هَذِه بُحُر وَتَشُقُّهَا فَتَقول هَذِه صُرُم فتحرّمها عَلَيْك وعَلى أهلك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: (فَمَا آتاك الله) لَك حِل وساعِدُ الله أَشَدُّ ومُوساه أَحَدّ.
قلت: قد تبيَّنَ بقوله: صُرُم مَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي فِي الصَّرْب: أَن الْبَاء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصِّرْبُ: البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الْأَعْرَاب.
قلتُ: والصِّرْمُ مِثل الصِّرْب، وَهُوَ بِالْمِيم أعرَف. وَيُقَال: كَرَصَ فلانٌ فِي مكْرَصِه، وصَرَبَ فِي مِصرَبِه، وقَرَعَ فِي مِقْرَعِه، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فِيهِ اللَّبَن.
برص: قَالَ الليثُ: البَرَص مَعْرُوف، نسألُ الله مِنْهُ الْعَافِيَة. وسامّ أَبْرَص: مضافٌ غير مَصْرُوف، والجمعُ سوامّ أبرص.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصْمَعِيّ قَالَ: سامّ أبْرَصَ بتَشْديد الْمِيم قَالَ: وَلَا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بِهَذَا؟ .
وَقَالَ أَبُو زيد: وجمعُه سَوامُّ أبْرَصَ، وَلَا يثنَّى أبرَص وَلَا يُجمَع، لِأَنَّهُ مُضافٌ إِلَى اسْم مَعْرُوف، وَكَذَلِكَ بناتُ آوَى وأُمهاتُ حُبَيْنِ وأشباهها.
وَقَالَ غيرُه: أبْرَصَ الرجلُ: إِذْ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. ويُصَغَّرُ أَبْرَصُ فَيُقَال: بُرَيْص، ويُجمع بُرْصاناً. وَمن الناسِ مَنْ يَجمع سامَّ أَبْرَصَ: البِرَصَةَ. وبَرِيص: نهرٌ بِدمَشْق، قَالَ حسَّان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ
ربص: قَالَ الليثُ: التربُّص بالشَّيْء: أَن تَنْتظِرَ بِهِ يَوْمًا مَّا، والفِعل تربَّصْتُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَ إِحْدَى(12/127)
الْحُسْنَيَيْنِ} (التَّوْبَة: 52) ، أَي: إلاَّ الظَّفَرَ وإِلاَّ الشهادةَ، {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ} إِحْدَى الشِّرَّتَيْن: عذَابا من الله، أَو قَتْلاً بِأَيْدِينَا، فبيْنَ مَا نَنتظِرُ وتنتظرونَ فرقٌ كَبِير.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال: أَقَامَت الْمَرْأَة رُبْصَتَها فِي بيتِ زوجِها، وَهُوَ الوقتُ الَّذِي جُعل لزَوجهَا إِذا عُنِّنَ عَنْهَا، فَإِن أَتَاهَا وإلاَّ فرِّقَ بَينهمَا. والبريص: مَوضِع.
ص ر م
صرَم، رصم، صمر، رمص، مرص، مصر: مستعملة.
مرص: قَالَ اللَّيْث: المَرْصُ للثَّدْيِ وغيرِه، وَهُوَ غَمْزٌ بالأصابع. والْمَرْسُ: الشيءُ يُمرَس فِي المَاء حَتَّى يَتَمَيَّثَ فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرُوصُ والدَّرُوسُ: النّاقَةُ السَّريعةُ.
قَالَ: والنَّشُوصُ: العظيمةُ السَّنام. والمَصُوصُ: القَمِئَةُ، والشخوص: النضوة من التَّعَب. والعَرُوصُ: الطيبةُ الرَّائِحَة إِذا عَرِقَتْ.
صمر: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التصْميرُ: الْجَمْع والمَنْع، يُقَال: صَمَر مَتاعَه وصَمَّرَه وأَصْمَرَه. والتَّصْمِيرُ أَيْضا: أَن يَدْخُل الرجلُ فِي الصُّمَيْرِ وَهُوَ مَغيبُ الشَّمْس، يُقَال: أَصْمَرَنا وصَمَّرْنَا، وأقْصرْنا وقَصَّرْنا، وأَعْرَجْنَا وعَرَّجْنَا بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً: إِذا جرى مِن حَدُورٍ فِي مُسْتَوٍ، فَسَكَنَ فَهُوَ يَجرِي، وَذَلِكَ المكانُ يُسَمَّى صِمْرَ الْوَادي.
قَالَ: وصَيْمَرَةُ: أرضٌ مَهْرَحان، وإليها يُنسبُ الْجُبْن الصَّيْمَرِي.
الفرّاء: أدهقْتُ الكأسَ إِلَى أَصْبَارِها وأَصْمَارِها، أَي: إِلَى أَعْلَاهَا الْوَاحِد صَيْر وصُمْر.
وَفِي حديثِ عليَ أَنه أعطَى أَبَا رَافع حَتِيّاً وعُكَّةَ سَمْنٍ. وَقَالَ: ادْفَعْ هَذِه إِلَى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس وَكَانَت تحتَ أَخيهِ جَعْفَر لِتَدْهُنَ بني أَخِيه من صَمَر الْبَحْر، وتُطعمهم من الحَتِيّ.
أمَّا صَمَرُ البحرِ: فَهُوَ نَتْنُ ريح غَمَقِه ووَمَدِه، والْحَتِيُّ: سَوِيقُ الْمُقْل.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّمَارَى: الاست لنَتْنها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّمْر: رائحةُ السَّمَكِ الطّرِيّ. والصَّمْرُ: غَتْمُ البَحْر إِذا خَبّ وخَبِيبُه: تَناطُح أمْوَاجِه.
ابنُ دُرَيد: رَجُلٌ صَمِيرٌ: يابِسُ اللَّحم على العَظْم.
رمص: أَبُو عُبَيْد: رَمَصَ اللَّهُ مصيبتَه، أَي: جَبَرها.(12/128)
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّمَص: عَمَصٌ أَبيض تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع لَهُ. عَينٌ رَمْصاءُ، وَقد رَمِصَتْ رَمَصاً: إِذا لَزِمها ذَلِك.
ابْن دُرَيد: رَمِيص: اسمُ بلدٍ.
مصر: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: نَاقَة مَصُورٌ: وَهِي الَّتِي يُتَمَصّر لبنُها قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصْرُ: حَلْبٌ بأطراف الْأَصَابِع، السّبابة والوُسْطى والإبهام وَنَحْو ذَلِك. وناقةٌ مَصُور: إِذا كَانَ لبنُها بطيءَ الْخُرُوج لَا يُحلَب إلاّ مَصْراً.
والتمصُّر: حَلْبُ بَقايا اللَّبن فِي الضَّرْع بعد الدَّرّ وَصَارَ مستعمَلاً فِي تتبُّع القِلّة، يَقُولُونَ: تمتصِرُونها. ومَصَّر فلانٌ غَطاءَه تمصيراً: إِذا فَرّقه قَلِيلا قَلِيلا.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} (الْبَقَرَة: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْأَكْثَر فِي الْقِرَاءَة إثباتُ الْألف وَفِيه وَجْهَان جائزان: يرادُ بهَا مصرٌ من الْأَمْصَار؛ لأَنهم كَانُوا فِي تِيهٍ، وَجَائِز أَن يكون أَرَادَ مصرَ بعيْنِها؛ فَجعل مِصْرَ اسْما للبلد فصَرفَ، لِأَنَّهُ مذكَّر سُمِيَ بِهِ مذكّر. وَمن قَرَأَ: (مصرَ) بِغَيْر ألفٍ أَرَادَ مِصْرَ بعينِها؛ كَمَا قَالَ: {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ اللَّهُءَامِنِينَ} (يُوسُف: 99) وَلم يُصرَف، لِأَنَّهُ اسْم الْمَدِينَة فَهُوَ مذكَّر سمّيَ بِهِ مؤنث.
وَقَالَ اللّيث: المِصْرُ فِي كَلَام الْعَرَب: كلّ كُورةٍ. تُقام فِيهَا الحُدود ويُقسَم فِيهَا الفَيْءُ والصدقاتُ من غير مُؤَامَرَة الْخَلِيفَة، وَكَانَ عمرُ رَضِي الله عَنهُ مَصّر الأمصارَ مِنْهَا البَصْرة والكوفة. والأمصار عِنْد الْعَرَب تِلْكَ.
قَالَ: ومصر: الكورة الْمَعْرُوفَة لَا تصرف.
وَقَالَ غَيره: الْمصر: الْحَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: قيل للكوفة والبَصْرة: المِصْران لِأَن عُمَر قَالَ: لَا تَجعلوا البحرَ فِيمَا بيني وَبَيْنكُم مَصِّرُوها، أَي: صيِّروها مِصْراً بَين الْبَحْر وبيني، أَي: حدّاً.
قَالَ: والمِصْرُ: الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
وجَعَل الشمسَ مِصْراً لَا خَفاءَ بِهِ
بَين النَّهَار وَبَين الليلِ قد فَصَلاَ
أَي: حدّاً.
وَيُقَال: اشتَرى الدارَ بمُصُورِها، أَي: بحُدودها.
أَبُو عُبَيد: الثِّيابُ المُمَصَّرة: الَّتِي فِيهَا شيءٌ من صُفْرة لَيست بالكثيرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثوبٌ ممصَّر: مصبوغٌ بالعِشْرِق، وَهُوَ نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة، تستعمله العرائس، وأَنشدَ:
مُختلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ(12/129)
قَالَ: والمِصْرُ: الحدُّ فِي كلّ شيءٍ. والمِصْرُ: الحدُّ فِي الْأَرْضين خاصّة.
قَالَ: والمَصْرُ: تَقطُّعُ الغَزْلِ وتَمسُّخُه، امَّصَرَ الغَزْلُ: إِذا تَمَسَّخه.
قَالَ: والمُمَصَّرَة: كُبّة الغَزْل، وَهِي المُسَفَّرة.
وَقَالَ شمر: قيل: الممصَّرُ من الثِّيَاب: مَا كَانَ مَصْبوغاً فغُسِل.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: التَّمصير فِي الصَّبغ: أَن يَخرج المصبوغُ مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.
قَالَ: والتَّمصر فِي الثِّيَاب: أَن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلَى.
قَالَ: والمَصِيرُ: المِعَى، وجمعُه مُصْران؛ كالغَدِير والغُدْران.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصَارين خطأ.
قلتُ: المَصارين جمعُ المُصْران، جمعته الْعَرَب كَذَلِك على توهُّم النُّون أَنَّهَا أصليّة، وَكَذَلِكَ قَالُوا: قُعُود وقِعْدان، ثمَّ قَعادِين جمع الْجمع. وَكَذَلِكَ توهَّموا الميمَ فِي المَصير أَنَّهَا أصليّة فجَمعوها على مُصْران؛ كَمَا قَالُوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل: مُصْدان.
رصم: أهمله اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّصَم: الدُّخولُ فِي الشِّعْب الضيِّق. والصَّرْمُ: الهِجران، فِي مَوْضِعه.
صرم: قَالَ اللَّيْث: الصَّرْمُ: دَخيل. والصَّرْمُ: القطعُ البائنُ للحبْل والعِذْق، ونحوُ ذَلِك الصِّرام؛ وَقد صَرَمَ العِذْقُ عَن النَّخْلَة. وأَصرَمَ النخلُ: إِذا حانَ وقتُ صِرَامِه.
والصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، وفِعلُه الصَّرْم. والمُصَارمَة بَين الِاثْنَيْنِ.
والصَّرِيمة: إحكامُك أمرا وعَزْمُك عَلَيْهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (الْقَلَم: 20) .
قَالَ الفرّاء: (كالصَّريم) ، يُرِيد: اللّيلَ المسوَدَّ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزجّاج.
قَالَ: وَقَوله: {حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ} (الْقَلَم: 22) ، إِن كُنْتُم عازمين على صِرام النّخل.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيْدة: الصَّرِيمُ: الصُّبْح. والصَّرِيمُ: اللَّيل.
وَقَالَ بِشر فِي الصَّريم بِمَعْنى الصُّبح يصف ثَوْراً:
فباتَ يقولُ أَصْبِحْ لَيْلُ حَتَّى
تَكَشَّفَ عَن صَرِيمته الظَّلاَمُ
قَالَ: وَمن اللَّيْل قولُ الله تَعَالَى: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (الْقَلَم: 20) يَعْنِي احترقتْ فَصَارَت سوداءَ مِثْل اللّيل.
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو فِي قَوْله: تكشَّفَ عَن صَرِيمته، أَي: عَن رَمْلَته الَّتِي هُوَ فِيهَا، يَعْنِي الثوّر، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن(12/130)
الْأَعرَابِي.
وَقَالَ قَتادة فِي قَوْله: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} ، قَالَ: كَأَنَّهَا صُرِمتْ.
وَقيل: الصَّرِيم: أرضٌ سَوْداء لَا تُنبِت شَيْئا.
وَقَالَ شَمِر: الصَّريمُ: اللَّيْل، والصَّرِيمُ: النَّهَار؛ يَنْصَرم النهارُ من اللّيل، واللّيلُ من النَّهَار.
قَالَ: ويُروى بَيت بشر:
تَكَشَّف عَن صَرِيميه
قَالَ: وصَرِيماه أوّلُه وَآخره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّرِيمةُ من الرَّمل: قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ عَن سَائِر الرمال، وتُجمع الصَّرائم.
أَبُو عُبيد: الصِّرْم: الفِرْقة من النَّاس لَيْسُوا بالكثير وجمعُه أصْرام.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
يَا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها
عَاما وَمَا يُبكيكَ من عامِها
وَقَالَ أَبُو زيد: الصِّرمةُ: مَا بَين الْعشْر إِلَّا الْأَرْبَعين من الْإِبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَ فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ: إِذا جَاءَ بائساً خَائفًا.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: أَنا من هَذَا الْأَمر صريم سحر، أَي: آيس مِنْهُ.
اللَّيْث: رجل صارِمٌ، أَي: ماضٍ فِي كلّ أَمر، وَقد صَرُم صرامةً.
قَالَ: وناقةٌ مصرَّمةٌ، وَذَلِكَ أَن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حَتَّى يَفْسُد الإحليل فَلَا يخرج اللَّبن فيَيْبَس، وَذَلِكَ أقوى لَهَا.
وَقَالَ نُصير الرَّازِيّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْهَيْثَم قَالَ: ناقةٌ مصرَّمةٌ: هِيَ الَّتِي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها، وَرُبمَا صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.
قلت: وَمِنْه قولُ عنترة:
لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ
وَيُقَال: أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فَهُوَ مُصْرِم: إِذا ساءَتْ حالُه وَفِيه تماسُك؛ والأصلُ فِيهِ أَنه بقيتْ لَهُ صِرْمة من المَال، أَي: قِطْعَة.
وسيفٌ صارِمٌ: أَي: قَاطع. وصَرَامِ: من أَسمَاء الْحَرْب.
قَالَ الكُمَيت:
جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ
على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ
وَقَالَ الجعْدِيّ:
أَلا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي
فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا
وصَرامُ من أَسمَاء الْحَرْب، وَفِي (الْأَلْفَاظ) لِابْنِ السكّيت: صُرامُ: داهية، وَأنْشد:
على حِين دَرّةٍ من صُرامِ
والصَّرْماءُ: الفَلاةُ من الأَرْض، وَقَالَ:(12/131)
على صَرْماءَ فِيهَا أصْرَماها
وخِرِّيتُ الفَلاةِ بهَا مَليل
قَالَ ابْن السكّيت: الأصرَمان: الذِّئْب والغُراب، لأنّهما انصَرَما من النّاس، أَي: انقطعا.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم فِي الْيَوْم واللّيلة: إِذا كَانَ يأكلُ الوَجْبَة.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: هِيَ الصَّيْلَم أَيْضا وَهِي الجَرْزَم، وَأنْشد:
وَإِن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم
لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ
وَقَالَ اللّحياني: هِيَ أَكلَةٌ عِنْد الضُّحى إِلَى مِثلها من الْغَد.
وَفِي الحَدِيث: (فِي هَذِه الْأمة خَمْسُ فِتَن، قد مَضَتْ أربعٌ، وَبقيت واحدةٌ وَهِي الصَّيْرَم) ، وَكَأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الصَّيْلَم، وَهِي الَّتِي تستأصل كلَّ شَيْء.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرُومُ: الناقةُ الَّتِي لَا تَرِدُ النَّضِيحَ حَتَّى يَخْلُو لَهَا.
تَنصرِم عَن الْإِبِل، وَيُقَال لَهَا: القَذُور والكَنُوف، والعَضَادُ، والصَّدُوف، والآزِيَة.
وَقَالَ غيرُه: الصَّيْرَم: الرأيُ المُحكَم. والصَّرِيمة: الْعَزِيمَة.
يُقَال: فلانٌ ماضِي الصَّريمة، أَي: الْعَزِيمَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المفضَّل عَن أَبِيه: صَرَم شَهْراً، بِمَعْنى مكث. وَالله أعلم.
(أَبْوَاب الصّاد واللاّم)
ص ل ن
اسْتعْمل من وجوهها: (نصل) .
نصل: قَالَ اللَّيْث: النَّصْلُ: نَصْلُ السهْم، ونَصْلُ السَّيْف، ونَصْلُ البُهْمَى ونحوَها من النَّبَات: إِذا خرجت نِصالُها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنصَلْتُ الرّمْحَ ونَصَلْتُه: جعلتُ لَهُ نَصْلاً، وأنصَلْتُه: نَزَعْتُ نَصْله.
وَقَالَ غَيره: سهمٌ ناصِلٌ: إِذا خرجَ منهُ نَصْلُه.
وَمِنْه قولُهم: مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بأَفْوَقَ ناصِل، أَي: مَا ظفِرْتُ مِنْهُ بسهمٍ انكسرَ فُوقُه وسَقَط نصلُه.
وسهمٌ ناصلٌ: ذُو نَصْل، جَاءَ بمعنَيين متضادَّين.
وَكَانَ يُقَال لرجب: مُنْصِل الألّةِ ومُنْصِل الإلال، لأَنهم كَانُوا يَنْزِعون فِيهِ أسنّةَ الرّماح. قَالَ الْأَعْشَى:
تدارَكَه فِي مُنْصُل الألِّ بَعْدَمَا
مضى غيرَ دَأْداءٍ وَقد كَاد يَذْهَبُ
أَي: تَدَارُكه فِي آخر ساعةٍ من ساعاته.
والمُنصُل بِضَم الْمِيم وَالصَّاد من أَسمَاء السَّيف.(12/132)
قَالَه أَبُو عُبَيد وغيرُه.
ونَصْلُ السَّيْف: حديدُه.
والنَّصِيل: قَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ حَجَر طويلٌ رقيقٌ كَهَيئَةِ الصفيحة المحدَّدة، وَجمعه النُّصُل، وَهُوَ البِرْطيل أَيْضا، ويشبَّه بِهِ رأسُ الْبَعِير وخُرْطُومُهُ إِذا رَجَف فِي سَيْرِه.
قَالَ رؤبة يصف فحلاً:
عريض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ
لَيْسَ بِلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّصِيلُ: مَا سَفَل من عَيْنَيْهِ إِلَى خَطْمه، شبّهه بِالْحجرِ الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو خِراش فِي النَّصيل فَجعله الْحجر:
وَلَا أَمغُر السَّاقين باتَ كأنّه
على مُحَزْئلاّتِ الإكامِ نَصيلُ
قَالَ: والنَّصيلُ: قدرُ ذِراع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَوْله:
بناصِلاتٍ تُحْسَب الفُئُوسا
قَالَ الواحدُ: نَصِيل، وَهُوَ مَا تَحت الْعين إِلَى الخَطْم، فَيَقُول: تحسبها فؤوساً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّصيل: حَيثُ نَصَل لَحْيَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّصيل: مَفصِلُ مَا بَين العُنُق وَالرَّأْس باطنٌ من تَحت اللَّحْيين.
هَذَا خلاف مَا حفظ عَن الْعَرَب.
قَالَ: ونصل الحافِر نصولاً: إِذا خرَج من مَوْضِعه فَسقط كَمَا ينْصُل الخِضَابُ ونصل فلانٌ من الْجَبَل من مَوضِع كَذَا وَكَذَا علينا، أَي: خرج.
قَالَ: والتنصُّلْ شِبْه التَّبرُّؤ من جِناية أَو ذَنْب.
وَيُقَال للغَزْل إِذا أُخْرِج من المِغْزَل: نَصَل. وَيُقَال: استنصَلَتِ الرِّيحُ اليَبِيسَ: إِذا اقتلعْته مِن أصلِه.
وَقَالَ ابْن شُميل: النَّصْلُ: السَّهْم العَرِيض الطّويل يكون قَرِيبا من فِتْرٍ، والمِشْقَص على النِّصف من النّصْل. قَالَ: والسَّهم نفسُ النَّصْل، وَلَو التقطْتَ نَصْلاً لَقلت: مَا هَذَا السهْم مَعَك، وَلَو التقطت قدحاً لم أقل مَا هَذَا السهْم مَعَك.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: أنْصَلْتُ السهمَ بِالْألف: جعلتُ فِيهِ نَصْلاً، وَلم يذكر الْوَجْه الآخر أنّ الإنصالَ بِمَعْنى النَّزْع والإخْراج، وَهُوَ صَحِيح، وَلذَلِك قيل لرَجَبٍ مُنْصِلُ الأسِنّة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّصْل: القَهْوَبَاةُ. بِلَا زِجاج. والقَهْوَبَاةُ: السِّهام الصغار.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: لحيةٌ ناصلٌ من الخِضاب، بِغَيْر هاءٍ.
قَالَ: ونَصَل السَّهْمُ فِيهِ: ثَبَتَ فَلم يَخْرُج.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غيرُ واحدٍ: نَصَلَ: خَرَج.(12/133)
وَقَالَ شمر: لَا أَعرف نَصَل بِمَعْنى ثَبَت. ونَصَلَ عِنْدِي: خَرج
ص ل ف
صلف، صفل، لصف، فصل، فلص.
لصف: قَالَ اللَّيْث: اللَّصَفُ: لُغَة فِي الأصف، والواحدةُ لصفة، وَهِي ثمرةُ شجرةٍ تُجعَل فِي المرَق لَهَا عُصارةٌ يُصطبغ بهَا تُمْرِىءُ الطَّعَام.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: اللَّصفُ: شيءٌ يَنْبتُ فِي أَصْل الكَبَر كَأَنَّهُ خيَار.
قلتُ: وَهَذَا هُوَ الصّحيحُ، وَأما ثَمَر الكَبَر فَإِن الْعَرَب تسمِّيه الشَفَلَّج: إِذا انشقّ وتفتَّح كالبُرْعومة. ولَصَافِ وثَبْرةٌ: ماءان بِنَاحِيَة الشَّواجن فِي دِيار ضَبّة بن أُدَ، وَقد شربتُ بهما، وإيّاهما أَرَادَ النابغةُ:
بمصطحِبَاتٍ من لَصافٍ وثَبْرةٍ
يَزُرْنَ أَلاَلاَ سَيرُهُنَّ التَّدافُعُ
أَبُو عُبَيد: لصَف لَوْنُه يَلْصف: إِذا بَرَق وتلألأ.
صلف: سمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ أَبَا العبّاس يَقُول: إناءٌ صَلِفٌ: خالٍ لَا يأخذُ من المَاء شَيْئا. قَالَ: وَقَالَ: أصْلَفٌ من ثَلْج فِي ماءٍ، وَمن مِلْحٍ فِي مَاء قَالَ: والصَّلَفُ: قِلّةُ الخَير.
وامرأةٌ صِلِفة: قليلةُ الْخَيْر لَا تَحظَى عِنْد زَوجهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ قوم: الصَّلِف مأخوذٌ من الْإِنَاء السَّائِل، فَهُوَ لَا يخالط الناسَ وَلَا يَصبِر على أَخْلَاقهم.
وَقَالَ قومٌ: هُوَ من قَوْلهم: إناءٌ صَلِفٌ: إِذا كَانَ ثخيناً ثقيلاً، فالصَّلَف بِهَذَا الْمَعْنى فِي هَذَا الِاخْتِيَار، والعامّة وَضَعَت الصَّلَف فِي غير محلِّه. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصّلفُ: الإِناءُ الصَّغِير. والصَّلَفُ: الإناءُ السَّائِل الَّذِي لَا يكَاد يُمسك المَاء. والصَّلِفُ: الإناءُ الثَّقيل الثَّخين.
قَالَ: وَيُقَال: أصلَفَ الرجلُ: إِذا قَلَّ خيرُه. وأَصلف: إِذا ثَقُل روحُه، وفلانٌ صَلِفٌ: ثَقيل الرُّوح.
أَبُو عُبَيد من أمثالهم فِي الْوَاحِد وَهُوَ بخيل مَعَ جِدَتِه: رُبَّ صَلِفٍ تحتَ الرّاعدة، قَالَ ذَلِك الأصمعيّ. قَالَ: والصَّلفُ: قِلّة النَّزَل وَالْخَيْر.
أَرَادوا أَن هَذَا مَعَ كَثْرَة مَا عِنْدهم من المَال مَعَ قلَّة الصنع كالغمامة الْكَثِيرَة الرَّعْد مَعَ قلَّة مطرها.
أَبُو عُبيد: الصَّلِفة من النِّسَاء الَّتِي لَا تَحظَى عِنْد زَوجهَا، وَقَالَ القُطاميّ:
لَهَا رَوْضةٌ فِي القَلبِ لَم تَرْعَ مِثلَها
فَرُوكٌ وَلَا المستعبِراتُ الصلائف
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّلَف: مجاوزَةُ قَدْرِ(12/134)
الظَّرْف والبَراعة والادّعاءُ فَوق ذَلِك. وطعامٌ صلف: مَسِيخٌ لَا طعمَ لَهُ. والصَلِيفُ: نعتٌ للذَّكَر. والصَّلِيفان: صَفْحتا العُنق.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّلْفاء: الْمَكَان الغلِيظُ الْجَلَد.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: هِيَ الصَّلِفَةُ للْأَرْض الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا، وكلُّ قُفّ صَلِف وظلفٌ، وَلَا يكون الصَّلَف إِلَّا فِي قُفّ أَو شبهه. والقاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ، زعَم. قَالَ: البَصْرة صلفٌ أَسِيف، لِأَنَّهُ لَا يُنبِت شَيْئا.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّلْفاء والأصْلفُ: مَا اشتدَّ من الأَرْض وصَلب.
وَقَالَ أوسُ بنُ حَجَر:
وخَبَّ سفَاقُرْيانه وتوقَّدتْ
عَلَيْهِ من الصَّمّانَتَيْن الأصالِفُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّلْف: خوافِي قلب النَّخْلة الْوَاحِدَة صَلْفة.
وَقَالَ الأصمعيّ: خُذْ بصَلِيفه وبصلِيفَته بِمَعْنى خُذ بقَفَاه.
أَبُو زيد: الصَّلِيفان: رَأْسا الفَهْقَة من شِقَيْها.
فلص: قَالَ اللَّيْث: الأفلاص: التفلُّت من الكَفِّ وَنَحْوه.
وَقَالَ عرّام: انْفَلَص مِنِّي الأمرُ وانملَصَ: إِذا أفْلت، وَقد فَلَّصْته. وَقد تفلَّص الرشاء من يَدي وتملَّصَ بِمَعْنى وَاحِد.
صفل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصفلَ الرجل: إِذا رَعَي إبِلَه الصِّفْصلَّ، وَهُوَ نبت، وَأنْشد:
الصَّل والصِّفْصِّل واليَعْضيدَا
فصل: قَالَ اللَّيْث: الفَصلُ: بَوْنُ مَا بَين الشَّيْئَيْنِ. والفَصْلُ من الجسَد: موضعُ المَفْصل، وَبَين كلّ فصلين وصلٌ، وَأنْشد:
وصلا وفَصْلاً وتَجمِيعاً ومُفترقا
فَتْقاً ورَتقاً وتأليفاً لإنسانِ
والفَصلُ: القضاءُ بَين الحقّ وَالْبَاطِل، وَاسم ذَلِك الْقَضَاء الَّذي يَفصل فيصل. وَهُوَ قضاءٌ فيْصلٌ وفاصل.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: الفَصيلةُ: القِطْعةُ من أَعْضَاء الْجَسَد، وَهِي دون القَبيلة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فصيلةُ الرجل: رَهْطُه الأدْنَوْن، وَكَانَ يُقَال الْعَبَّاس: فصيلةُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى} (المعارج: 13) .
وَقَالَ اللَّيْث: الفَصيلة: فَخِذ الرجل من قومِه الَّذين هُوَ مِنْهُم. والفَصيلُ: من أولادِ الْإِبِل، وجمعُه الفُصْلان. والفَصيلُ: حائِطٌ قَصير دون سورِ الْمَدِينَة والحِصْن. والانفصال مُطاوَعَةُ فَصل. والمَفْصل بِفَتْح الْمِيم: اللّسان.(12/135)
والمَفصلُ: أَيْضا: كلُّ مَكَان فِي الجَبَل لَا تَطلُع عَلَيْهِ الشّمس، قَالَ الهذَلي:
مطافيلَ أبْكارٍ حديثٍ نِتاجُها
يُشاب بماءٍ مِثْل ماءِ المفاصِلِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المَفصل: مَفرق مَا بَين الجَبَل والسَّهل.
قَالَ: كلُّ موضعٍ مَا بَين جَبَلين يَجرِي فِيهِ المَاء فَهُوَ مَفصل.
وَقَالَ أَبُو العُمَيثل: المفاصِلُ: صُدُوعٌ فِي الْجبَال يَسيل مِنْهَا المَاء، وَإِنَّمَا يُقَال لما بَين الجَبَلين: الشِّعْبُ.
والفِصال: الفِطام، قَالَ الله تَعَالَى: {كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ} (الْأَحْقَاف: 15) ، الْمَعْنى: مَدى حَمْل الْمَرْأَة إِلَى مُنْتَهى الْوَقْت الَّذِي يُفصَل فِيهِ الْوَلَد عَن رَضاعها ثَلَاثُونَ شهرا.
وَقَالَ هَجَريّ: خير النَّخْل مَا حُوِّل فسيلُه عَن منبِته.
قَالَ: والفَسيلة المحوَّلة تسمَّى الفَصلة، وَهِي الفَصلات، وَقد افتصلْنا فَصلاتٍ كَثِيرَة فِي هَذِه السّنة، أَي حوّلناها.
وَيُقَال: فَصَّلتُ الوشاحَ: إِذا كَانَ نظمُه مُفَصلاً بِأَن يَجعل بَين كل لؤلؤتين مَرْجانةً أَو شَذْرةً أَو جَوهرةً تَفصل بَين اثْنَتَيْنِ من لونٍ وَاحِد. وتَفْصيلُ الجَزور: تَعْضِيَتُه، وَكَذَلِكَ الشَّاة تفصَّل أَعْضَاء.
وَقَالَ الْخَلِيل: الفاصلة فِي العَرُوض: أَن يَجمع ثَلَاثَة أحرف متحرّكة وَالرَّابِع سَاكن مثل فَعِلَنْ.
قَالَ: فَإِذا اجْتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فَهِيَ الفاضلة بالضاد مُعْجمَة مثل: فعُلَتُنْ.
والفَصل عِنْد البصريِّين: بِمَنْزِلَة العِماد عِنْد الكوفيِّين، كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ} (الْأَنْفَال: 32) ، فَقَوله: {هُوَ فصلٌ وعِمادٌ، ونُصِب الحقّ لأنّه خبرُ كَانَ، ودخلتْ هُوَ لِلفصْل. وأواخِرُ الْآيَات فِي كتابِ الله فواصِل، بِمَنْزِلَة قوافِي الشِّعر، واحِدَتُها فاصِلة.
وقولُ الله جلّ وعزّ: الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْءَايَاتُهُ قُرْءَاناً} (فصلت: 3) ، لَهُ مَعنيان: أحدهُما: تفصلُ آياتِه بالفواصل، وَالْمعْنَى الثَّانِي: فصَّلناه: بيّنّاه. وقولُه جلّ وعزّ: {ءَايَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ} (الْأَعْرَاف: 132) ، بَين كل آيَتَيْنِ مُهْلَهْ. وَقيل: مُفَصَّلات مبَيَّنات، وَالله أعلم.
وَيُقَال: فَصل فلانٌ من عِنْدِي فُصولاً: إِذا خَرَج. وفَصل منّي إِلَيْهِ كتابٌ: إِذا نَفَذ، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ} (يُوسُف: 95) ، أَي: خرجت.
قلتُ: ففَصل يكون لَازِما وواقعاً، وَإِذا كَانَ وَاقعا فمصدرُه الفَصل، وَإِذا كَانَ لَازِما فمصدرُه الفُصول.(12/136)
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ شَبَّاية: فصلَت المرأةُ ولدَها وفسَلَتْه، أَي: فَطَمَتْه.
ص ل ب
صلب، صبل، بلص، بصل، لصب: مستعملة.
صبل: أهمله اللَّيْث. ورَوَى أَبُو تُرَاب الْكسَائي: يُقَال: هَذِه الصِّئْبِل للدّاهية.
قَالَ: وَهِي لغةٌ لبني ضَبّة.
قَالَ: وَهِي بالضاد أعرَف.
قلتُ: وَأَبُو عُبَيْد رَوَاهُ الضِّئْبِل بالضاد، وَلم أسمعْه بالصّاد إِلَّا مَا جَاءَ بِهِ أَبُو تُرَاب.
بلص: شَمِر عَن الرّياشيّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد لأعرابي: مَا اسمُ هَذَا الطَّائِر؟
قَالَ: البَلَصوص. قلتُ: مَا جمعُه؟
قَالَ: البَلَنْصى. قَالَ: فَقَالَ الْخَلِيل أَو قَالَ قَائِل:
كالبَلَصُوصِ يَتبَعُ البَلَنْصَى
قَالَ: وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: بلأَصَ الرجلُ بَلأَصَةً: إِذا فَرّ.
لصب: أَبُو زيد: لَصب الجِلْدُ بِاللَّحْمِ يَلصَب لصَباً: إِذا لصقَ بِهِ من الهُزال.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: اللِّصْبُ: الشِّعبُ الصَّغِير فِي الجَبَل، وجمعُه لُصوب.
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّصْبُ: مَضِيق الوادِي. وَيُقَال: لَصِبَ السيفُ لَصَباً: إِذا نَشِب فِي الغِمْد فلَم يَخرُج، وَهُوَ سيفٌ مِلْصاب إِذا كَانَ كَذَلِك.
وَرجل لَحِزٌ لَصبٌ: لَا يُعطِي شَيْئا. وطريقٌ مُلْتَصِبٌ: ضيّق.
بصل: البَصَلُ مَعْرُوف. والبَصَل: بَيْضة الرَّأْس من حَدِيد، وَهِي المحدَّدة الوسَطِ، شُبّهتْ بالبَصَلِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: البَصَلة إِنَّمَا هِيَ سَقيفةٌ وَاحِدَة، وَهِي أكبر من التَّرْك. وقِشْرٍ متبصِّلٌ: كثيف كثيرُ القُشور، وَقَالَ لبيد:
قُرْدَمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
صلب: الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الصَّلْبُ: مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبُه صَلْباً، وأصلُه من الصَّلِيب، وَهُوَ الوَدَك.
قَالَ الهُذَليّ وَذَكر عُقاباً:
جَريمة ناهِضِ فِي رأسِ نِيقٍ
تَرَى لِعظامِ مَا جَمعتْ صَلِيبا
أَي: وَدَكاً. وَيُقَال: قد اصْطَلَبَ الرجلُ: إِذا جَمَع العظامَ ليَطبُخها، فيُخرِج وَدَكَها ويأتَدِم بهَا، وَقَالَ الكُميت:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَهُ
وباتَ شيخُ العِيال يَصْطَلِبُ
قَالَ: والصَّلَب: الصُّلب، قَالَ العجاج:
فِي صَلَبٍ مِثلِ العِنانِ المؤدَمِ
إِلى سَوَاءٍ قَطَنٍ مُؤَكمِ(12/137)
وَقَالَ شَمِر: الصَّلَب نَحْو الحَزِيزِ، وجمعُه صِلَبة، حَكَاهُ عَن الأصمعيّ. قَالَ: وَقَالَ غَيره: الصَّلَب من الأَرْض: أَسْنادُ الآكام والرَّوابي، وجمعُه أَصْلاب، قَالَ رُؤبة:
تَغْشَى قُرًى عارِيةً أَقراؤُهُ
تَحْبو إِلَى أَصْلابه أَمْعاؤُهُ
الأصمعيّ: الأصْلاب هِيَ من الأرْض. الصَّلَب: الشَّديد المُنْقاد وقولُه تَحبو، أَي: تَدْنو.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأصْلابُ: مَا صَلُب من الأَرْض وارتفع، وأمعاؤُه: مَا لَان مِنْهُ وانخَفض.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلْبُ من الجرْي ومِن الصَّهِيل: الشَّديد، وأنشَد:
ذُو مَيْعَةٍ إِذا تَرامَى صُلْبُهُ
ورجلٌ صُلَّبٌ: صُلْبٌ، مثل القُلّب الحُوَّل. ورجُل صُلْب صَلِيب: ذُو صَلابة، قد صَلُب. وأرضٌ صُلْبة، والجميعُ صِلَبة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزِيز الغليظِ المنقاد، وجمعُه صِلَبَة مثل عِنَبَة. والصُّلْب: موضعٌ بالصَّمان أرضُه حِجَارَة، وبَيْن ظهرانَي الصُّلْب وقِفَافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبة المنابت، كثيرةُ العُشْب.
قَالَ اللَّيْث: الصَّليب: مَا يتّخِذه النّصارى قِبلةً. قَالَ: والتَّصليب: خِمْرَةٌ للْمَرْأَة، ويُكرَه للرّجل أَن يصلِّي فِي تَصلِيب العِمامة حتّى يجعلَه كَوراً بعضَه فَوق بعض.
وَيُقَال: قد تصلّب لَك فلانٌ، أَي: تَشدَّد.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: إِذا كَانَت الحُمَّى صَالِباً قيل: صَلَبَتْ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ غَيره: الصَّالِبُ: الَّتِي مَعهَا حَرٌّ شَدِيد وَلَيْسَ مَعهَا بَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أخذتْه الحُمَّى بصالِب.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: أَخَذَتْه حُمَّى صالِبٌ، وأخذتْه بصالِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْلَب والصَّوْليب: هُوَ البَذْر الَّتِي يُنثَر على الأَرْض، ثمَّ يُكرَبُ عَلَيْهِ.
قلتُ: وَمَا أرَاهُ عَرَبيا، وَأما قولُ العبّاس بن عبد المطّلب يَمدَح النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تُنقَل من صالَبٍ إِلَى رَحِمٍ
إِذا مضى عَالم بَدَا طَبَق
قيل: أَرَادَ بالصالب الصُّلْب. يُقَال: للظَّهْر صُلْبٌ وصَلَبٌ وصالَبٌ، وَقَالَ:
كأنّ حُمَّى بك مَغْرِيَّه
بَين الحيازِيمِ إِلَى الصَّالَب
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: (أَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى التَّصليبَ فِي ثوبٍ قَضيَه) ، أَي: قَطَع(12/138)
مَوضِع التَّصليب مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصُّلّبُ: المِسَنُّ، وَهُوَ الصُّلَّبيّ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبيّ النّحِيضِ
أَرَادَ بالسِّنان المِسَنّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا بلغ الرُّطَب اليُبْس فَذَلِك التَّصْليب، وَقد صَلَّب، وأنشَد المازنيُّ فِي صفة التَّمَر:
مُصَلَّبَةٌ من أَوْتَكى القَاعِ كُلَّما
زَهَتْها النُّعامَى خِلتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوتَكَى: تَمر الشِّهْرِيز ولَبَنُ: اسمُ جبل بِعَيْنِه.
وَقَالَ شمر: يُقَال: صلبَتْه الشمسُ تَصْلِبُه صَلْباً: إِذْ أحرَقَتْه، فَهُوَ مصلوبٌ مُحْرَق. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
مستوقِدٌ فِي حَصاة الشمسُ تَصلُّبُه
كأنّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوحُ
وَقَالَ النّضر: الصَّليب: مِيسَمٌ فِي الصُّدْغ وَفِي العُنُق، خَطَّان أحدُهما على الآخر، يُقَال: بَعِيرٌ مَصْلوب، وإبل مُصَلَّبة.
أَبُو عَمْرو: أصلبَتِ الناقةُ إصلاباً: إِذا قَامَت ومدَّتْ عنقَها نحوَ السَّمَاء لتدِرَّ لوالدِها جَهْدَها إِذا رَضَعَها، وربّما صَرّمها ذَلِك، أَي: قَطَع لَبنَها.
أَبُو عَمْرو: الصُّلَّبيُّ: حِجَارَةُ المِسَنّ. وَيُقَال: الصُّلَّبيّ: الّذي جُلِيَ وسُحِك بحجارةِ الصُّلْب، وَهِي حِجَارَة يُتّخذ مِنْهَا المَسانّ، وَقَالَ الشّماخ:
وكأنّ شَفْرَة خَطْمِه وجَبِينِه
لمّا تَشَرْفَ صُلَّبٌ مَفْلوقَ
والصُّلْب: الشَّديد من الْحِجَارَة وأشدُّهما صلابَةً.
ص ل م
صلم، صمل، لمص، مصل، ملص: مستعملة.
لمص: قَالَ اللَّيْث: اللَّمَص: شَيْء يُباع مِثلُ الفَالُوذ لَا حلاوَةَ لَهُ، يَأكُله الفِتْيان مَعَ الدِّبْس.
سلَمةُ عَن الْفراء: لَمَص الرجُل: إِذا أكل اللَّمَص وَهُوَ الفالوذ.
وَقَالَ شَمَر: رجلٌ لَمُوصٌ، أَي: كذّاب خدّاع.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
إنّكَ ذُو عَهْدٍ وذُو مَصْدَقٍ
مُخالِفٌ هَدْي الكَذُوبِ اللَّمُوصِ
صلم: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْم: قَطْعُ الأُذُن والأنْف من أصلِه. والاصطلامُ: إِذا أُبِيدَ قومٌ من أَصْلِهم قيل: اصْطُلموا.
قَالَ: والصيْلم: الأكلةُ الْوَاحِدَة كلَّ يَوْم. والصيْلَم: الأمرُ المفني المستأصِل؛ ووقْعةٌ صَيْلَمةٌ من ذَلِك.
أَبُو عبيد: الصَّيْلَم: الدّاهية. الصيْلَمُ:(12/139)
لِأَنَّهَا تصْطَلِم، وَقَالَ بِشر:
غضِبتُ تميمٌ أَن تَقتَّلَ عامرٌ
يومَ النِّسارِ فأُغْضِبُوا بالصَّيْلَم
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّلِيمُ يسمَّى مصلَّماً لِقَصر أُذُنه وصِغَرِها قَالَ: والأصلم: المصلَّم من الشِّعر، وَهُوَ ضربٌ من السّريع، يجوز فِي قافيته فَعُلْنْ فَعْلُنْ، لقَوْله:
لَيْسَ على طولِ الحياةِ نَدَمٌ
وَمن وَراءِ الْمَوْت مَا لَا يُعلَمُ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود وذَكر فِتناً فَقَالَ: يكون الناسُ صُلاماتٍ، يضربُ بَعضهم رِقابَ بعض.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله: صُلاماتٍ يَعنِي الفِرَق من النَّاس يكونُونَ طوائفَ فتجتمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقَاتل أُخْرَى، وكلُّ جمَاعَة فَهِيَ صُلامة، وَأنْشد أَبُو الجرّاح:
صُلاَمَةٌ كَحُمُرِ الأبَكّ
لَا ضَرعٌ فِينا وَلَا مُذَكِّي
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: صَلامة بِفَتْح الصَّاد. قَالَ: والصَّلامة: الَّذِي فِي دَاخل نَواة النَّبِقَة يُؤْكَل وَهُوَ الألْبوب. والصلاَمة: القومُ المستَوون فِي السّنّ والشجاعة والسّخاء.
صمل: قَالَ اللَّيْث: صَمَل الشيءُ يَصمُل صمُولاً: إِذا صلُب واشتدّ واكتنَز. يُوصف بِهِ الْجَبَل والجمَل وَالرجل، قَالَ رُؤبة:
عَن صاملٍ عاسٍ إِذا مَا اصْلَخْمَمَا
يصف الجملَ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّمُلّ: الشديدُ الْخلق العظيمُ، وَالْأُنْثَى صُمُلّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمِيلُ: السِّقاءُ الْيَابِس. والصّامِلُ: الخَلَقُ. وَأنْشد:
إِذا ذاد عَن ماءِ الفُرات فَلَنْ تَرَى
أَخا قِرْبَةٍ يَسقِي أَخا بَصَميلِ
وَيُقَال: صَمَل بدنه وبطنُه، وأصمله الصّيام، أَي: أيبَسَه، قَالَ: والصَّوْمَلُ: شجرةٌ بِالْعَالِيَةِ.
أَبُو عَمْرو: صَمَلَه بالعصا صملاً: إِذا ضَرَبه، وَأنْشد:
هِراوَةٌ فِيهَا شِفاءُ العَرِّ
صَمَلتُ عُقْفانَ بهَا فِي الجرّ
فبُجْتُه وأَهلَه بِشَرِّ
الجرّ: سَفْح الْجَبَل. بُجتُه: أصبْتُه بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: المصمئّلُ الشَّديد. وَيُقَال للدّاهية مُصمَئّلَة، وَأنْشد:
وَلَم تَتَكأَدَهُم المعضِلاتُ
وَلَا مُصمئِلَّتُها الضِّئبِلُ
أَبُو تُرَاب عَن السُّلَمي: صَنقلَه بالعصا وصمله: إِذا ضربه بهَا.
مصل: قَالَ اللَّيْث: المصلُ مَعْرُوف. والمُصُولُ: تَميُّز الماءِ من اللَّبن. والأقطُ إِذا عُلِّق مصل ماؤُه فقطَر مِنْهُ، وبعضُهم يقولُ مَصلة مثل أَقْطَة.(12/140)
وشاةٌ مُمصل وممْصال وَهِي الَّتِي يصير لبنُها فِي العُلْبة متزايلا قَبلَ أَن يُحْقَنَ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: المُمْصل من النِّسَاء: الَّتِي تُلقِي ولدَها وَهُوَ مُضْغَة، وَقد أمصلت.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال: قد أمصلْتَ بضاعةَ أهلكَ: إِذا أفسدْتَها وصرفْتَها فِيمَا لَا خَيْر فِيهِ، وَقد مصَلَتْ هِيَ. وَيُقَال: تِلْكَ امْرَأَة ماصلة، وَهِي أمصلُ النَّاس.
قَالَ أَبُو يُوسُف وأنشدني الكلابيّ:
لَعَمري لقد أمصلتُ ماليَ كلَّه
وَمَا سُسْتِ من شيءٍ فربُّكِ ماحِقُه
وَيُقَال: أعطَى عَطاءً ماصلاً، أَي: قَلِيلا. وإِنه ليَحلُب من النَّاقة لَبَنًا ماصلاً، أَي: قَلِيلا.
الْأَصْمَعِي: مصلت استُه، أَي: قَطَرتْ. والمُصالة: قُطارة الحبّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَصْل: ماءُ الأقِط حِين يُطبَخ ثمَّ يعصر، فعُصارة الأقِط هِيَ المصل.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ سلمَان بن الْمُغيرَة: مصل فلانٌ لفُلَان من حقّه: إِذا خرج لَهُ مِنْهُ.
وَقَالَ غَيره: مَا زِلتُ أُطالبه بحقّي حَتَّى مصل بِهِ صاغراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِمْصلُ: الَّذِي يبذلُ مَاله فِي الْفساد. والممصل أَيْضا رَاوُوق الصبّاغ.
ملص: فِي الحَدِيث: (أنّ عمرَ سَأَلَ عَن إمْلاَصِ الْمَرْأَة الجَنِينَ، فَقَالَ الْمُغيرَة بنُ شُعْبَة: قَضَى فِيهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغُرَّةٍ) . أَرَادَ الْمَرْأَة الْحَامِل تُضرَب فتُملِص جَنِينَها، أَي: تُزْلِقُه قبلَ وقتِ الوِلادة، وكلُّ مَا زَلِق من الْيَد أَو غيرِها فقد مَلِص يَمْلَص مَلَصاً.
قَالَ الراجز:
فَرَّ وَأَعْطَانِي رِشاءً مَلِصا
يَعْنِي: رَطْباً تزلق مِنْهُ اليَدُ، فَإِذا فعلتَ ذَلِك أنتَ بِهِ.
قلتَ: أملصْتُه إمْلاصاً.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا قبضتَ على شَيْء فانفَلَت من يدِك قلتَ: انْمَلَص من يَدِي انْمِلاصاً، وانمَلَخ بِالْخَاءِ، وَأنْشد ابنُ الأعرابيّ:
كأنّ تحتَ خُفِّها الوَهّاصِ
مِيظَبَ أُكمٍ نِيطَ بالمِلاَص
قَالَ: الوَهّاصُ: الشَّديد. والمِلاَصُ: الصَّفا الأبيَض. والمِيظَب: الظُّرَرْ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَلِصة: الزّلخة والأطوم من السَّمَك، وَالله أعلم.(12/141)
(أَبْوَاب) الصَّاد وَالنُّون)
ص ن ف
صنف، صفن، نفص، نصف: مستعملة.
صنف: قَالَ اللَّيْث: الصَّنْفُ: طائفةٌ من كلّ شَيْء، فكلُّ ضَرْب من الْأَشْيَاء صَنْفٌ وَاحِد على حِدَة. والتّصنيف: تمييزُ الْأَشْيَاء بعضِها من بعضٍ.
ابْن السكّيت: يُقَال: صِنْفٌ وصَنْفٌ من المَتاع، لُغَتان. وعُودٌ صَنْفِيّ للبخور لَا غير.
أَبُو عُبَيْد: صَنِفَةُ الْإِزَار: طُرّتُه.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: صَنِفةُ الثَّوْب: زاوِيَتُه، وللثوب أَربع صَنِفات.
اللَّيْث: الصَّنِفَة والصِّنْفة: قِطعةٌ من الثوْب، وطائفةٌ من الْقَبِيلَة.
ورَوَى أَبُو العبَّاس عَن سَلمَة عَن الفرَّاء أنّه أنشدَه:
سَقْياً لحُلْوانَ ذِي الكروم
وَمَا صُنِّفَ من تينه وَمن عِنَبِه
أنْشدهُ الفرّاء: صُنِّف وغيرُه رَوَاهُ صَنَّف.
وَقَالَ: صُنِّف: مُيِّز، وصَنَّفَ: خَرج ورَقُه.
نصف: قَالَ اللَّيْث: النِّصف: أحدُ جُزْأَيِ الكمالِ. ونُصْف: لغةٌ رَدِيئَة.
الحَرّاني عَن ابْن السكّيت: أنصَفَ الرجلُ صاحبَه إنصافاً، وَقد أعطَاهُ النّصَفة. وَيُقَال: قد نَصَف النهارُ يَنصُف: إِذا انتَصَف.
وَقَالَ المسيّب بن عَلَس يصفُ غائصاً فِي الْبَحْر على دُرّة:
نَصفَ النهارُ الماءُ غامِرُهُ
ورَفيقُه بالغَيْب مَا يَدرِي
أَرَادَ انتَصَف النهارُ والماءُ غامره فانتصَف النهارُ وَلم يَخرج من المَاء. وَيُقَال: قد نَصَف الإزارُ ساقَه يَنصفُه: إِذا بلغ نِصفَها، وَأنْشد:
وكنتُ إِذا جارِي دَعَا لمَضُوفةٍ
أُشمِّر حَتَّى يَنصُفَ الساقَ مِئْزرِي
وَقَالَ ابْن ميادة يمدح رجلا فَقَالَ:
تَرى سيْفَه لَا يَنصُفُ السَّاقَ نَعْلُه
أجَلْ لَا وَإِن كَانَت طِوالاً مَحَامِلُهْ
وَقَالَ: نصفَ القومَ يَنصُفُهم إِذا خَدَمَهم. والنّاصفُ والمِنصَفُ: الْخَادِم.
ابْن الأعرابيّ: نصفتُ الشَّيْء: أخذتُ نِصْفَه. وَيُقَال للخادم: مِنصَف ومَنْصَف. وَقد نَصَفْتَه: إِذا خدمْتَه، وتنصَّفْتُه مثله.
قَالَ: والنّصيف: الْخمار. والنَّصيف: الْخَادِم. ونَصفَ الشَّيْء: إِذا بَلَغ نِصْفَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَنصف الرجل: إِذا أَخَذ الحقّ وأَعطَى الحقّ. وأَنصف: إِذا سارَ نصفَ النَّهَار. وأَنصف: إِذا حَزم سيِّده.(12/142)
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَسُبّوا أَصْحَابِي فإنّ أحدَكم لَو أنفَق مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا أَدرَك مُدَّ أحدِهم وَلَا نَصِيفَه) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: العَرَبُ تسمِّي النِّصْف النّصِيفَ، كَمَا يَقُولُونَ فِي العُشر: العَشِير، وَفِي الثّمن الثمِين، وَأنْشد:
لَم يَفْذُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ
وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعجيفُ
قَالَ: والنصِيف فِي غير هَذَا الخِمار، وَمِنْه الحَدِيث الآخَر فِي الحُورِ العِينِ: (ولَنصِيفُ إحداهنّ على رَأسهَا خيرٌ من الدّنيا وَمَا فِيهَا) ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
سَقَط النَّصيفُ وَلم تُرِد أسقاطَه
فتناولْته واتْقتنا باليَدِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: النَّصيف: ثوبٌ تتجلّل بِهِ المرأَة فَوق ثِيَابهَا كلِّها؛ سُمِّي نصيفاً لِأَنَّهُ نصَف بَين النَّاس وَبَينهَا فحجز أَبْصَارهم عَنْهَا.
قَالَ: والدليلُ على صِحَة مَا قَالَه: سَقَط النّصيف، لأنّ النّصيفَ إِذا جُعِلَ خِماراً فسَقَط فَلَيْسَ لِسِتْرِها وجهَها مَعَ كشفِها شعرَها معنى. نَصيفُ الْمَرْأَة: مَجرُها.
اللَّيْث: قَدَحٌ نَصْفانُ: بلغ الكَيْلُ نِصْفَه، وشَطْران مثله.
أَبُو عبيد: قَدَحٌ نَصْفان: بلغَ الكيلُ نِصْفَه. قَالَ: والنَّصف من النِّساء: الَّتِي بَلَغتْ خمْسا وَأَرْبَعين وَنَحْوهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَرْأَة بَين الحديثة والمُسِنَّة. والنّصفة: اسْم الْإِنْصَاف، وتفسيرُه أَن تعطيَه من نفسِك النّصف، أَي: تعطيه من الحقّ لنَفسك.
وَيُقَال: انتَصفْتُ من فلَان، أَي: أخذتُ حقّي كملاً حَتَّى صِرْتُ وَهُوَ على النَّصيف سراء.
والنَّصفة: الْخُدّام، واحدهم ناصِف. والمَنْصفُ من الطَّرِيق وَمن النَّهار وَمن كل شَيْء وسَطُه.
قَالَ: ومنتصف اللَّيْل وَالنَّهَار: وسطُه، وانتَصف النهارُ ونَصفَ فَهُوَ يَنصف.
قَالَ: والناصفةُ: صَخرةٌ تكون فِي مَناصِف أسنادِ الْوَادي وَنَحْو ذَلِك من المسايل.
أَبُو عبيد: النّواصف: مَجارِي المَاء، واحدتُها ناصفةُ، وأنشَد:
خَلايا سَفين بالنَّواصِفِ من دَدِ
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّاصفة من الأَرْض: رَحَبة بهَا شجر، لَا تكون ناصفةً إلاّ وَلها شجر.
وَقَالَ غَيره: تنصّفْتُ السلطانَ، أَي: سألتُه أَن يُنصِفني، وَقَول ابْن هَرْمة:
أنِّي غَرِضْتُ إِلَى تناصُفِ وجْهِها
غَرَضَ المُحِبُّ إِلَى الحبيبِ الغائبِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَناصُف وجهِها:(12/143)
محاسنُها، أَي: أَنَّهَا كلهَا حَسَنة يَنصِف بعضُها بَعْضًا.
وَقَالَ غَيره: كلّ شَيْء بلغ نِصْفَ غيرِه فقد نصفَه، وكلُّ شَيْء بَلَغَ نِصفَ نَفْسِه فقد أنصف.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ ابْن السكّيت: نَصفَ النهارُ: إِذا انتَصف.
وَيُقَال: نصفتُ الشيءَ: إِذا أخذتَ نصفَه. والنّصفُ: الْإِنْصَاف.
ابْن شُميل: إنّ فلانَة لعلَى نَصِفها، أَي: نِصف شَبابها. وَأنْشد:
إنّ غُلاماً غرَّه جَرْشَبِيّةٌ
على نَصَفها من نَفْسِه لضَعِفُ
قَالَ: الجَرْشَبيَّة: العَجوزُ الكبيرةُ الهَرِمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنصَف الرجلُ: إِذا سارَ نِصفَ النهارِ.
نفص: اللَّيْث: أنْفَص الرجلُ ببوْله: إِذا رَمَى بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أخَذَ الغَنم النُّفَاصُ: وَهُوَ أَن يَأْخُذهَا داءٌ فتَنفِصُ بأبوالها، أَي: تَدفَعُها دَفْعاً حَتَّى تَمُوت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نافَصْتُ الرجلَ منافَصةً، وَهُوَ أَن تَقول لَهُ: تَبُول أَنْت وأبولُ أَنا، فننظرَ أيُّنا أبعَدُ بَوْلاً، وَقد نافَص فنَفَصَ، وَأنْشد:
لَعَمرِي لقد نافَصْتَني فَنَفَصْتَني
بذِي مُشْتَفِرَ بَوْلهُ مُتفاوِتُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أنْفصَ بالضَّحِك وأنْزَقَ وزهْزَقَ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمة عَن الْفراء: أنفَص بشَفَتيه كالمُتَرَمِّزِ، وَهُوَ الَّذِي يُشير بشفَتَيه وعيْنَيْه.
صفن: رُوِي عَن الْبَراء بن عَازِب أَنه قَالَ: (كنّا إِذا صلّينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرفَع رَأسه من الرُّكُوع قُمنا خَلْفَه صُفوناً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: (صُفوناً) يُفسَّر الصافنُ تفسيرين، فبعضُ النَّاس يَقُول: كلّ صَاف قَدَميْه قَائِما فَهُوَ صافِن. والقولُ الثَّانِي: أَن الصَّافن من الخيْل: الَّذِي قد قَلَب أحدَ حَوافره وَقَامَ على ثلاثِ قوائمَ.
كَانَ ابنُ مَسْعُود وابنُ عَبَّاس يقرآن قولَ الله جلّ وعزّ: (فاذكروا اسمَ اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِن) (الْحَج: 36) ، بالنُّون.
فأمَّا ابْن عَبَّاس ففسَّرها: مَعقولةً إِحْدَى يدَيْها على ثلاثِ قَوَائِم.
وَأما ابْن مَسْعُود فَقَالَ: يَعْنِي قيَاما.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد نَحْو قَول ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ الْفراء: رأيتُ العربَ تَجعَل الصافِنَ القائمَ على ثلاثٍ وعَلى غير ثَلَاث.
قَالَ: وأشعارُهم تَدُلّ على أنّ الصُّفُون القيامُ خاصّة، وَأنْشد للطّرماح:
وقامَ المَها يُفْفِلْن كلَّ مُكبَّلٍ
كَمَا رُصَّ أيْقاً مُذْهَبِ اللَّون صافِنِ(12/144)
قَالَ: الصافنُ: الْقَائِم. وَأما الصائن: فَهُوَ الْقَائِم على طَرْف حافرِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: صفَنَ الفَرَسُ: إِذا قامَ على طرف الرَّابِعَة. والعَرَب تَقول لجَمِيع الصَّافِن: صَوَافن وصافنات وصُفُون.
وَفِي حَدِيث عمر: لَئِن بقِيتُ لأُسوِّيَنّ بَين النَّاس حَتَّى يأتيَ الراعيَ حقُّه فِي صُفْنِه لَم يَعرَق فِيهِ جَبِينُه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الصُّفْنُ: خريطةٌ تكون للرّاعي فِيهَا طَعامُه وزِنادُه وَمَا يَحتاج إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ شيءٌ مثل الرَّكْوة يُتوضَّأ فِيهِ، وَأنْشد للهُذَلِيّ:
فخضخضتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ
خِياضَ المُدابِر قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ أَبُو عبيد: وَيُمكن أَن يكون كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْفراء جمعا أَن يُسْتعمل الصُفْنُ فِي هَذَا وَفِي هَذَا.
قَالَ: وسمعتُ من يَقُول: مُصَفن بِفَتْح الصَّاد، والصَّفْنة أَيْضا بالتأنيث.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّفْنة بفَتْح الصَّاد: هِيَ السُّفْرة الَّتِي تُجمَع بالخيط، وَمِنْه يُقَال: صَفَن ثيابَه فِي سَرْجِه: إِذا جمعهَا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه عوَّذ عليّاً حِين رَكِب وصَفَن ثِيَابه فِي سَرْجه) ، قَالَ: وأمّا الصُّفْن بِضَم الصَّاد: فَهُوَ الرَّكوة.
قَالَ: الصَّفَنُ: جِلْدُ الأنْثيَين بِفَتْح الْفَاء وَالصَّاد وجمعُه أصفان، وَمِنْه قولُ جَرِيرٍ:
يَتْرُكْن أَصفانَ الْخُصَى جَلاَجِلا
قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي من الأحرف الثَّلَاثَة.
وَقَالَ اللَّيْث: كلّ دَابَّة. وخَلْق شِبْه زُنْبُور يُنضِّدُ حولَ مَدخَله ورَقاً أَو حَشيشاً أَو نَحْو ذَلِك، ثمَّ يُبَيِّتُ فِي وَسطه بَيتاً لنَفسِهِ أَو لِفراخه فَذَلِك الصَّفَن، وفعلُه التَّصْفِين.
والصافن: عِرْقٌ فِي بَاطِن الصُّلْب يتّصل بِهِ طُولاً، ونِياطُ القَلْب مُعَلَّق بِهِ ويسمّى الأكْحَلُ من الْبعيد الصافنَ.
وَقَالَ غيرُه: الأكحلُ من الدّوابّ الأبْجَل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأكْحَل والأبْجَل والصافِن: هِيَ العُروق الَّتِي تُفْصَد، وَهِي فِي الرِّجْل صَافِن وَفِي اليَدِ أكْحَل.
عَمرو عَن أَبِيه: صَفَنَ الفَرَس برجلِه وبَيْقَرَ بِيَدِه: إِذا قَامَ على طرف حافرِهِ.
قَالَ: والصّفَن أَيْضا: أَن يُقسَمَ الماءُ إِذا قلّ بحَصاة القَسْم، وَيُقَال لَهَا المقْلَةُ؛ فإِن كَانَت من ذَهَب أَو فِضّة فهِيَ الْبَلَد.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافناً، وَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سَفَرٍ وَلَا ماءَ مَعَهم وَلَا شيءَ يَقْتَسِمُونه على حَصاةٍ يُلْقُونَها فِي الإناءِ يُصَبُّ فِيهِ من الماءِ قدرَ مَا يَغْمُر الحَصاة فيُعطاه كل رجل مِنْهُم،(12/145)
وَقَالَ الفرزدق:
فلمّا تَصافَنَّا الإداوَةَ أَجْهَشَتْ
إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُرَاضِمِ
شَمر عَن أبي مَنْحُوف عَن أبي عُبَدة: الصَّفْنَةُ كالعَيْبة يكون فِيهَا متاعُ الرجل وأَدَاتُه، فَإِذا اطرحتَ الهاءَ قلتَ صُفْن، وَأنْشد:
تركتُ بِذِي الجَنْبَيْنِ صُفْنِي وَقِرْبَتِي
وقَدْ أَلَّبُوا خَلْفِي وقَلَّ المَسَارِبُ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّفْن والصَّفْنَةُ: شِقْشِقةُ البَعير.
ابنُ شُميل: الصافِن: عِرْق ضَخْمٌ فِي بَاطِن السَّاق حتَّى يَدخُل الفَخذ، فَذَلِك الصَّافِن.
ص ن ب
صبن، صنب، نصب، نبص، بصن.
بصن: قريةٌ تُعْمَل فِيهَا السُّتُورُ البَصَنِيَّة، وَلَيْسَت بعربيّة.
صبن: اللّحيانيّ عَن الأصمعيّ: صَبَنْتَ بالصَّاد عنّا الهديّةَ تَصِبْنَ صَبْناً.
قَالَ: وَقَالَ رجُل من بني سعْد بن زيد: صَبَنْتَ تَصْبِن صَبْناً، وَكَذَلِكَ كلُّ معروفٍ إِذا صرفتَه إِلَى غيرِه. وَكَذَلِكَ كَبَنْتَ وَخَضَنْتَ وزنبت.
وَقَالَ الأصمعيّ: تأويلُ هَذِه الْحُرُوف: صَرْفُ الهديّة أَو الْمَعْرُوف عَن جيرانك ومعارفك إِلَى غَيرهم.
وَقَالَ اللّيث: الصَّبْنُ: تسويةُ الكَعْبَيْن فِي الكَفّ ثمَّ تَضْرِب بهما.
يُقَال: أَجِلْ وَلاَ تَصْبِن.
قَالَ: وَإِذا خَبَأَ الرجلُ شَيْئا فِي كَفَهِ وَلَا يُفطَن لَهُ كالدِّرهم وغيرِه قيل: صَبَن. فَإِذا صَرَف الكأسَ عمَّن هُوَ أحقُّ بهَا إِلَى غَيره قيل لَهُ: صَبَنَها، وَأنْشد:
صَبَنْتِ الكَأْسَ عنّا أُمَّ عمرٍ
ووكان الكأسُ مَجْراها اليمِينَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّبْنَاءُ: كَفُّ المُقَامِر إِذا أمالها لِيغْدِرَ بصاحبِه يَقُول لَهُ شيخ البير، وَهُوَ رئيسُ المُقامِرين: لَا تَصْبِن؛ لَا تَصْبِن، فإنّه طَرَف من الصَّغْوِ. والصابون: الَّذِي يُغْسَل بِهِ الثّياب، مَعْرُوف، معرّب.
نبص: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّبْصاء من القِيَاسِ: المصوِّتةُ من النَّبِيص، وَهُوَ صوتُ شَفَتَيِ الْغُلَام إِذا أرادَ تزويجَ طائرٍ بِأُنثاهُ.
اللّحياني: نَبَصْتُ بالطائرِ والعصفورِ أَنْبِصُ بِهِ نَبِيصاً، أَي: صوَّتُّ بِهِ. ونَبَصَ الطائرُ والعصفورُ يَنْبِصُ نَبِيصاً: إِذا صوَّت صَوتا ضَعِيفا. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ اللَّيْث: وَهُوَ صَحِيح من كَلَام الْعَرَب.
صنب: أَبُو العبّاس: المِصْنَبُ: المُولَعُ بِأَكْل(12/146)
الصِّناب، وَهُوَ الخَرْدل بالزَّبيب.
وَفِي الحَدِيث: (أُهْدِيَ للنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْنَبٌ بِصِنَابِهَا) ، أَي: بِصِباغِها.
وَمِنْه حديثُ عمر: (لَو شئتُ لأمرتُ بِصَرائقَ وصِنَابٍ) .
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الصِّنَاب: الخردَل والزَّبيب.
قَالَ: وَلِهَذَا قيل لِلْبِرْذَوْنِ: صِنَابِيّ، إنّما شُبِّه لَونه بذلك.
وَقَالَ اللّيث: الصِّنَابِيّ من الدّوَابّ والإِبل: لونٌ بَين الحُمْرَةِ والصُّفْرة مَعَ كثْرَةِ الشَّعَر والوَبر.
نصب: قَالَ اللّيث: النّصَبُ: الإعياءُ من العَناء. وَالْفِعْل نَصِبَ يَنْصَب. فأَنْصَبَنِي هَذَا الأمرُ. وأمْرٌ نَاصِبٌ ومُنْصِب، وَقَالَ النَّابِغَة:
كِلِينِي لِهَمَ يَا أُصَيْمَةَ ناصِبِ
قَالَ: ناصب: بِمَعْنى مُنْصِب. وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الأصمعيّ: ناصِب: ذِي نَصَب؛ مثل: ليل نَائِم، ذِي نوم يُنَامُ فِيهِ. ورَجُلٌ دارعٌ: ذُو دِرْع. قَالَ: وَيُقَال: نُصْبٌ ناصِبٌ. مِثْلُ: مَوْتٍ مائت؛ وشِعْرٍ شاعِر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: ناصبٌ: نَصَبَ نَحْوِي، أَي: جَدّ؛ وَيُقَال: نَصَبَ الرجلُ فَهُوَ ناصب ونصِبَ. ونصَبَ لَهُ الهمَّ وأنصَبَه.
وَقَالَ اللّيث: النَّصْبُ: نصْبُ الدَّاء، يُقَال: أصَابَهُ نَصْب من الدَّاء. قَالَ: والنِّصْبُ: لُغَةٌ فِي النَّصِيب، وَقَالَ الله: {سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ} (المعارج: 43) ، وقرىءَ: إِلَى (نَصْب) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَنْ قَرَأَ: (إِلَى نَصْب) ، فَمَعْنَاه: إِلَى عَلَم منصوبٍ يَسْتَبِقون إِلَيْهِ، ومَنْ قرأَ: (إلَى نُصُب) ، فَمَعْنَاه: إِلَى أَصْنَامٍ، كَقَوْل: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} (الْمَائِدَة: 3) ، وَنَحْو ذَلِك.
قَال الفرّاء: قَالَ: والنَّصْبُ وَاحِد، وَهُوَ مصدَرٌ وجمعُه الأنْصاب.
وَقَالَ اللّيث: النُّصُبُ: جماعَةُ النَّصِيبة، وَهِي علامةٌ تُنصَب للْقَوْم.
وَقَالَ الفرّاء: كأنّ النُصُبَ الآلهةُ الَّتِي كَانَت تُعبَد من أَحْجَار.
قلتُ: وَقد جَعل الْأَعْشَى النُّصُبَ وَاحِدًا حَيْثُ يَقُول:
وَذَا النُّصُبَ المَنْصوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ
أَبُو عُبَيد: النَّصائب: مَا نُصِب حولَ الْحَوْض من الْأَحْجَار؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
هَرَقْناهُ فِي بادِىء النَّشِيئة داثر
قديمٍ بعَهْدِ الماءَ بُقْعٍ نَصائبُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: النُّصْبُ: رَفعُكَ شَيْئا تَنْصِبُه قَائِما منتصِباً.
والكلِمةُ المنصوبةُ يُرفَع صَوْتُها إِلَى الْغَار الْأَعْلَى.(12/147)
وناصَبْتُ فلَانا الشرَّ والحربَ والعداوةَ؛ ونَصَبْنَا لَهُم حَرْباً، وكلُّ شَيْء انتصب بِشَيْء فقد نَصَبْتَه. وتَيْسٌ أَنصب، وعَنْز نَصْباء: إِذا كَانَا منتصِبَي القُرون. وناقةٌ نَصْباءُ: مرتفِعة الصَّدْر.
أَبُو عُبَيد: أنصبتُ السكّينَ: جعلتُ لَهَا نِصاباً؛ قَالَه أَبُو زيد والكسائيّ، قَالَا: وَهُوَ عَجْزُ السّكّين. ونِصابُ كلِّ شَيْء أَصله ومرجعه الَّذِي يرجع إِلَيْهِ يُقَال: فلانٌ يَرجِع إِلَى نِصابِ صِدْقٍ؛ وتنْصِب صِدْق، وأصلُه مَنبِته وَمحْتِدُه.
اللَّيْث: نِصابُ الشَّمس: مَغيبُها ومَرجِعُها الّذي تَرجِعُ إِلَيْهِ.
غَيره: ثغرٌ منصَّب: مُستوِي النِّبْتة، كَأَنَّهُ نُصِب مُسوِّيَ. ونَصَبْتُ للقَطاةِ شَرَكاً ونصَبتُ للقدَر نَصْباً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِنْصَبُ: مَا يُنصَب عَلَيْهِ القِدْر إِذا كَانَ من حديدٍ. وتَنصَّب فلانٌ وانْتَصَب: إِذا قامَ رَافعا رأسَه.
والنَّصْبُ: ضربٌ من أغانِي الأَعْراب.
وَقد نصَبَ الرَّاكِب نَصْباً: إِذا غَنَّى النَّصْبَ.
وَفِي الحَدِيث: (لَو نَصَبتَ لنا نَصْبَ العَرَب) ، أَي: لَو تَغَنّيْتَ.
ويَنْصُوب: مَوضِع.
وَقَالَ شَمِر: غِنَاءُ النَّصّب: هُوَ غِنَاءُ الرُّكْبان، وَهُوَ العَقِيرة، يُقَال: رَفَع عقيرتَه إِذا غَنَّى النَّصْبَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّصْبُ: حُدَاءٌ يُشْبه الغِناء.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: النَّصْب: أَن يسير القومُ يومَهم، وَهُوَ سيْرٌ ليِّن، وَقد نَصَبُوا نصْباً.
ص ن م
صنم، نمص، نصم: (مستعملة) .
صنم (نصم) : قَالَ اللَّيْث: الصَّنم مَعْرُوف، والأَصنام الْجَمِيع.
وروَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّنَمَةُ والنَّصَمةُ الصُّورةُ الّتي تُعبَد.
قَالَ: والصنمَةُ: الدّاهيةُ.
قلتُ: أصلُها صَلمة.
نمص: رُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه لَعَن النامِصة والمُتَنَمِّصَة) .
قَالَ أَبُو زيد: قَالَ الفرّاء: النامِصة: الّتي تَنتِف الشَّعر من الْوَجْه، وَمِنْه قيل للمِنقاش مِنماص، لأنّه يُنتف بِهِ والمُتَنمِّصةُ هِيَ الّتي يُفعَل ذَلِك بهَا، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
تَجَبَّر بعد الأكلِ فهوَ نَمِيصُ
يصفُ نباتاً قد رَعَتْهُ الْمَاشِيَة فجرَدَته، ثمّ نبت بقَدر مَا يُمكن أخذُه، أَي: هُوَ بقَدْر مَا يُنتف ويُجَزّ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّمَصُ: دِقّةُ الشَّعر ورِقّته حتّى ترَاهُ كالزَّغَب. ورجلٌ أَنمَصُ الرأسِ أَنمَصُ الحاجبِ، وربّما كانَ أَنمص(12/148)
َ الجَبِين. وامرأةٌ نمصَاء تَتَنَمَّص، أَي: تأْمُرُ نامِصةً فتنمِص شعرَ وَجههَا نَمْصاً؛ أَي: تَأْخُذهُ عَنْهَا بخَيْط. والمنص والمنموص: مَا أمكنك جذه من النَّبَات.
ابْن الأعرابيّ: المِنماصُ: المِظفارُ، والمِنتاشُ والمِنْقاشُ والمِنْتاخُ.
وأَقرأَني الإياديُّ لامرىء الْقَيْس:
تَرَعَّت بجَبْل ابْني زُهَيْرٍ كلَيهِمَا
نُمَاصَينِ حتّى ضاقَ عَنْهَا جُلودُها
قَالَ: نُماصين: شَهْرَين. ونُماص: شهرٌ، تَقول: لم يأتني نُماصاً، أَي: شهرا. وجمعُه نُمُص وأَنمِصة. قَالَ: رَوَاهُ شَمِر لأبي عَمْرو.
ص ف ب: مهمل.
ص ف م
اسْتعْمل مِنْهُ: (فَصم) .
فَصم: فِي الحَدِيث: (دُرّةٌ بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا فَصْمٌ وَلَا وَصْمٌ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الفَصْمُ بِالْفَاءِ أَن ينصدعَ الشيءُ من غير أَن يَبين؛ يُقَال مِنْهُ: فصَمْتُ الشيءَ أَفصِمه فَصْماً، إِذا فعلت ذَلِك بِهِ، فَهُوَ مفصوم؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة يذكر غَزَالاً شَبَّهه بدُمْلُج فضّة:
كأنّه دُمْلُجٌ من فضّةِ نَبَهٌ
فِي مَلْعبٍ مِن جَوارِي الحيِّ مَفْصومُ
قَالَ: وأمّا القَصْم بِالْقَافِ فأَن يَنْكسِرَ الشيءُ فيَبين.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {لاَ انفِصَامَ لَهَا} (الْبَقَرَة: 256) ، وَقيل: لَا انْكسارَ لَهَا.
وأفْصَمَ المَطَرُ: إِذا أَقلَعَ. وأَفصَم الفَحْلُ: إِذا جَفَر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة أنَّها قَالَت: (رأيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنْزَل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الشديدِ البَرْدِ فيَفْصِمُ الوَحْيُ عَنهُ، وإنَّ جَبينَه ليتفصّد عَرَقاً) .
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: أَفْصَمَ المطرُ وأفْصَى: إِذا أَقْلَعَ؛ وَمِنْه قيل: كلُّ فَحْل يُفْصِمُ إِلَّا الْإِنْسَان؛ أَي: يَنْقَطِع عَن الضِّراب.
أخبَرني المنذريُّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرّاء. قَالَ: فأس فَيْصَمٌ: وَهِي الضخمة. وفأسٌ قِيدَايَةٌ لَهَا خُرْتٌ؛ وَهُوَ خَرق النِّصاب.
(بَاب الصَّاد وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ص ب م
أهمله اللَّيْث.
بصم: وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: يُقال: مَا فارقْتَك شِبْراً وَلَا فِتْراً، وَلَا عَتَباً وَلَا رَتَباً وَلَا بُصْماً.
قَالَ: والبُصْمُ مَا بَين الْخِنْصِر والبِنْصِر. وَقد مرّ تفسيرُ العَتَب والرَّتَب. وَالله تَعَالَى أعلم.(12/149)
أَبْوَاب معتلاّت الصّاد
أهملت الصَّاد مَعَ السِّين وَمَعَ الزَّاي فِي السَّالِم والمعتلّ.
ص ط: مهمل.
(بَاب الصّاد وَالدَّال)
(ص د (وَا يء))
صدى، صدأ، صيد، (صَاد) وَصد، أصد، ديص، دصا: (مستعملة) .
صدى صدأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) .
قَالَ ابْن عَرَفة: التَّصدِيةُ من الصَدى، وَهُوَ الصَّوت الَّذِي يَرُدُّهُ عَلَيْك الجبلُ.
قَالَ: والمُكَاءُ والتَّصْدِية ليسَا بصَلاة، ولكنَّ الله أخبر أَنهم جعلُوا مكانَ الصَّلاةِ الَّتِي أُمِروا بهَا المُكَاءَ والتَّصْدية.
قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِك: رَفَدني فلانٌ ضَرْباً وحِرْماناً، أَي: جَعَلَ هذَيْن مكانَ الرِّفْد والعَطا؛ وَهُوَ كَقَوْل الفَرَزْدَق:
قَرَيْناهُم المَأْثُورةَ البِيضَ قَبْلَها
يَثُجُّ العُروقَ الأَيْزَنِيُّ المثقَّف
أَي: جعَلْنا لَهُم بَدَلَ القِرَى السيوفَ والأسِنّة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس المبَرِّد: الصَّدَى على ستّة أوجه: أحدُها: مَا يَبقَى من الميّت فِي قَبره، وَهُوَ جُثّته.
وَقَالَ النَّمِر بن تَولَب:
أعاذِلُ إِن يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْرةٍ
بَعيدا نَآني ناصِرِي وقَرِيبي
فصَداه: بدَنُه وجُثّته. وَقَوله: نآني، أَي: نأى عنّي.
قَالَ: والصدَى الثَّانِي: حُشْوَة الرَّأْس؛ يُقَال لَهَا: الهامةُ والصَّدَى، وَكَانَت العربُ تَقول: إِن عظامَ المَوْتَى تَصِير هَامةً فتَطِير.
وَكَانَ أَبُو عُبَيدة يَقُول: إِنَّهُم كَانُوا يُسمُّون(12/150)
ذَلِك الطائرَ الَّذِي يَخرج من هَامة الميّت إِذا بَلِيَ: الصَّدَى، وجمعُه أَصْداء.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
سُلِّط الموتُ والمَنونُ عليهمْ
فلهمْ فِي صَدَى المَقابر هامُ
وَقَالَ لَبيد:
فليسَ الناسُ بَعدَك فِي نَقيرٍ
وَلَيْسوا غيرَ أَصْداءٍ وَهَامِ
وَالثَّالِث: الصَّدَى: الذَّكَر من البُوم، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: إِذا قتل قتيلٌ فَلم يُدرَكْ بِهِ الثَّأْر خَرَجَ من رَأسه طائرٌ كالبُومة، وَهِي الهامة، والذَّكَر الصَّدَى فَيَصِيح على قَبره: اسقُوني اسقوني، فَإِن قُتِل قاتلُه كَفّ عَن صِيَاحِه، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهامةُ اسقُونِي
وَالرَّابِع: الصَّدَى: مَا يَرجِعُ من صَوت الْجَبَل، وَمِنْه قولُ امرىء الْقَيْس يصف دَارا دَرَسَتْ:
صَمَّ صَداها وَعَفَا رَسْمُها
واستَعْجَمتْ عَن منطقِ السّائلِ
وَالْعرب تَقول:
صُمّي ابْنة الْجَبَل
مهما يُقَل تَقُلْ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحمّادي عَن ابْن أخي الأصمعيّ عَن عَمه قَالَ: العَرَب تَقول: الصَّدَى فِي الهامة، والسَّمْعُ فِي الدِّماغ، أَصمّ الله صداه من هَذَا.
وأنشدني أَبُو الْفضل عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لسدوس بن ضباب:
إِنِّي إِلَى كل أيسار ونَادبة
أَدْعُو حُبَيشاً كَمَا تَدْعُو ابْنة الْجَبَل
أَي: أنوّه كَمَا ينوّه بابنة الْجَبَل.
وَقيل: ابْنة الْجَبَل هِيَ الْحَيَّة. وَقيل: هِيَ الداهية الْعَظِيمَة.
وَالْبَيْت الَّذِي يَلِيهِ يحقّق هَذَا القَوْل الأول:
إِن تَدَعْه مَوْهناً بجابته
عاري الأشاجع يسْعَى غير مشتَمِل
يَقُول: يعجل حُبَيْش بجابته كَمَا تعجل الصدى، وَهُوَ صَوت الْجَبَل.
وَقَالَ المبرّد: والصَّدَى أَيْضا العطَشُ.
يُقَال: صَدِي الرجل يَصْدَى صدًى فَهُوَ صدٍ وصادٍ وصيدان، وَأنْشد:
ستعلم إِن متْنا غَدا أيّنا الصّدِي
وَقَالَ غَيره: الصدَى: الْعَطش الشَّديد. وَيُقَال: إِنَّه لَا يشتدّ حَتَّى يَيْبَسَ الدِّماغ. وَلذَلِك تَنْشَقُّ جِلْدةُ جبهة من يَمُوت عَطَشاً.
وَيُقَال: امرأةٌ صَدْيَا وصادِيةٌ.
والصَّدَى: السادسُ: قولُهم: فلانٌ صَدَى مالٍ: إِذا كَانَ رَفِيقًا بسياستها.(12/151)
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إِنَّه لصَدَى مالٍ: إِذا كَانَ عَالما بهَا وبمصلَحتِها، ومِثلُه هُوَ إزاَءُ مالٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: والصَّدَى أَيْضا: الرجُل اللَّطيف الجَسَد.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شَمِر: رَوَى أَبُو عُبيد هَذَا الحَرْفَ غيرَ مَهْمُوز، وأُراه مهموزاً، كأنَّ الصَّدَى لغةٌ فِي الصَّدَع، وَهُوَ اللّطيفُ الجِسْم.
قَالَ: وَمِنْه مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (صَدَأٌ من حديدٍ) فِي ذِكر عليَ.
قلتُ: وَقد فَسَّر أَبُو عُبَيد هَذَا الْحَرْف على غير مَا فسّره شَمِر.
رَوَي عَن الأصمعيّ أنّ حمّاد بن سَلَمة رَوَاهُ: (صدأ من حَدِيد) .
قَالَ: وَرَوَاهُ غيرُه: (صَدَع من حَدِيد) ، فَقَالَ عُمر: وَادفْرَاه.
قَالَ الأصمعيّ: والصَّدَأ أشبَه بِالْمَعْنَى، لأنَّ الصَّدَأَ آلَة ذَفَرٍ، والصَّدَع لَا ذَفَر لَهُ، وَهُوَ حِدَّة رائحةِ الشَّيْء، خبيثاً كَانَ أَو طيّباً. وأمّا الدّفَرُ بِالدَّال فَهُوَ فِي النَّتْن خاصّة.
قلتُ: وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ شمر مَعْنَاهُ حَسَن. أَرَادَ أنَّه يَعْنِي عليا خفيفٌ يَخِفّ إِلَى الحُروب وَلَا يكسل وَهُوَ حَدِيد لشدَّة بأسه وشجاعته؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ} (الْحَدِيد: 25) .
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَى: الذَّكَر من الْهَام. والصَّدَى: الدِّماغ نفسُه.
وَيُقَال: بل هُوَ الْموضع الَّذِي جُعِل فِيهِ السَّمْع من الدّماغ، وَلذَلِك يُقَال: أصَمَّ الله صَدَاه.
قَالَ: وَقيل: بل أصمَّ اللَّهُ صداه، مِنْ صَدَى الصوتِ الَّذي يُجيبُ صوتَ المُنادِي.
قَالَ: وَقَالَ رؤبة فِي تَصْدِيق من يَقُول: الصَّدَى: الدِّماغ:
لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ وأَنْقُّخُ
أُمَّ الصَّدَى عَن الصَّدَى وأَصْمَخُ
قَالَ: والصَّدَاة فِعْل للمُتَصَدِّي، وَهُوَ الَّذِي يَرفَع رأسَه وصدرَه يتصدّى للشَّيْء يَنظُر إِلَيْهِ، وَأنْشد للطِّرِمّاح:
لَهَا كلَّما صاحت صداةٌ ورَكْدَةٌ
يصف هَامة إِذا صاحت تصدّتْ مرّةً وركدَتْ أُخْرَى.
قَالَ: والتَّصْدِيةُ: ضربُك يدا على يَدٍ لتُسمع بذلك إنْسَانا، وَهُوَ من قَوْله: {مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) وَهُوَ التصفيق، وَقد مرّ تفسيرُه فِي مُضاعَف الصَّاد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {الْعَالَمِينَ} {وَالْقُرْءانِ} (ص: 1) .
قَالَ الزّجّاج: من قَرَأَ: (صَاد) فَلهُ وَجْهَان؛ أحدُهما: أَنه هِجاءٌ موقوفٌ(12/152)
فكُسِرَ لالتقاء الساكنَين. وَالثَّانِي: أَنه أمرٌ من المُصاداةِ على معنى: صادِ القرآنَ بعَمَلِك، أَي: قَابل.
يُقَال: صادَيْتُه، أَي: قابلتُه، وعادلْتُه.
قَالَ: وَالْقِرَاءَة: (صادْ) ، بِسُكُون الدَّال: الْوُقُوف عَلَيْهَا.
وَقيل: مَعْنَاهُ: الصادقُ اللَّهُ.
وَقيل: مَعْنَاهُ: الْقسم، وَيكون صَاد اسْما للسُّورة لَا ينصرفُ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: صاديْتُ الرجل وداجَيْتُه ودارَيْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو العبّاس فِي المُصاداة: قَالَ أهل الْكُوفَة: هِيَ المداراة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ العِنايةُ بالشَّيْء.
وَقَالَ رجلٌ من الْعَرَب وَقد نَتجَ نَاقَة لَهُ فَقَالَ لما مَخَضَتْ:
بِتُّ أُصاديها طولَ لَيْلِي
وَذَلِكَ أَنه كره أَن يَعْقِلَها فيُعْنِتَها أَو يَدَعَها فتَفْرُق، أَي: تَنِدّ فِي الأَرْض فيأكُلَ الذِّئبُ ولدَها، وَذَلِكَ مُصاداتُه إيّاها.
وَكَذَلِكَ الرَّاعِي يُصادِي إبِلَه إِذا عَطِشَتْ قبلَ تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عَن القرَبِ.
وَقَالَ كُثَيِّر:
أيا عَزّ صَادِ القَلْبَ حَتَّى يَوَدَّنِي
فؤادُكِ أَو رُدِّي عليَّ فُؤَادِيَا
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّوادي من النَّخيل: الطِّوال.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقد تكون الصوادي الَّتِي لَا تَشْرَبُ الماءَ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة يصفُ الأجمال:
مِثْلَ صَوَادِي النَّخْل والسَّيَالِ
وَقَالَ آخر:
صَوادِياً لَا تُمكِنُ اللُّصوصَا
وَقيل فِي قَوْلهم: فلانٌ يتصدّى لفُلَان: إِنَّه مأخوذٌ من اتّباعه صَداه.
وَفِيه قولٌ آخر: إنّه مأخوذٌ من الصَّدَد، فقُلِبَتْ إحدَى الدّالات فِي يتصدّى يَاء، وَقد مرّ فِيمَا تقدّم.
والصدأ مهموزٌ مَقْصُور الطبَع والدَّنَس يَركب الحديدَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: كتيبةٌ جَأْوَاءُ: إِذا كَانَ عِلْيَتُها صَدَأَ الْحَدِيد.
وَقد صَدِىء الحديدُ يَصْدَأ صَدَأً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنّه لَصاغِرٌ صَدِىءٌ، أَي: لزِمه صدَأُ الْعَار واللَّوْم.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب أَلوان الإِبِل إِذا خالَطَ كُمتَةَ البَعير مِثل صدإ الْحَدِيد فَهُوَ الجُؤْوَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّدْأَةُ: لونُ شُقْرَةٍ تَضْرِب إِلَى سوادٍ غَالب؛ يُقَال: فرسٌ أصْدأُ وَالْأُنْثَى صَدْآء، وَالْفِعْل على وَجْهَيْن: يُقَال: صَدِىءَ يَصْدأُ، وأَصدأَني يُصْدِأُني.(12/153)
قَالَ: وصُدَاءُ مَمْدُود حَيٌّ من اليَمَن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم صُدَاوِيٌّ بِمَنْزِلَة الرَّهاويّ. قَالَ: وَهَذِه المَدَّة وَإِن كَانَت فِي الأَصْل يَاء أَو واواً فَإِنَّهَا تجْعَل فِي النِّسْبَة واواً كراهيةَ التقاءِ الباءات، أَلا تَرَى أَنَّك تَقول رَحًى ورَحَيان، فقد عَلمتَ أَن ألفَ رَحًى يَاء، وَقَالُوا فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا: رَحَوِيّ لتِلْك الْعلَّة.
شمِر: الصَّدْءاءُ: الأرضُ الَّتِي تَرَى حَجَرَها أصدأَ أَحمر، يَضرِب إِلَى السوَاد، لَا تكون إلاّ غَلِيظَة، وَلَا تكون مستويةً بِالْأَرْضِ، وَمَا تحتَ حِجَارَة الصَّدْءاء أرضٌ غَلِيظَة، وَرُبمَا كَانَت طيناً وحجارة.
أَبُو عبيد: من أمثالِهم فِي الرَّجُلَين يكونَانِ ذَوَيْ فَضْل غير أَن لأَحَدهمَا فضلا على الآخَر قولُهم: ماءٌ وَلَا كَصدَّاء. هَكَذَا أَقرأَنيه المنذريُّ.
عَن أبي الهيْثم بتَشْديد الدَّال والمَدة. وَذكر أَن المَثَل لِقَذُورَ بنت قيس بن خَالِد الشيَّبانيّ، وَكَانَت زوجةَ لَقيط بنِ زُرارة، فتزوّجها بعده رجلٌ من قَومهَا، فَقَالَ لَهَا يَوْمًا: أَنا أجمل أَمْ لَقيطٌ؟ فَقَالَت: ماءٌ وَلَا كَصدّاء، أَي: أَنت جميلٌ ولستَ مِثلَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ المفضّل: صَدّاء: رَكِيَّةٌ لَيْسَ عِنْدهم ماءٌ أَعذب من مَائِهَا؛ وفيهَا يَقُول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدِيّ:
وَإِنِّي وتَهْيَامِي بزينبَ كَالَّذي
يُطالب من أَحْواضِ صدَّاءَ مَشربَا
قَالَ: وَلَا أَدرِي صدّاء، فعَّال أَو فَعْلاء، فَإِن كَانَ فَعَّالاً فَهُوَ من صَدا يَصدو، أَو صَدِيَ يَصدَى.
وَقَالَ شمر: صَدا الهامُ يَصدُو: إِذا صَاح. وَإِن كَانَت صَدَّاءُ فَعْلاَء فَهُوَ من المضاعَف، كَقَوْلِهِم صَمَّاء من الصَّمَم.
أَبُو عُبيد عَن العَدَبَّس قَالَ: الصَّدَى هُوَ الطائرُ الَّذِي يَصِرّ باللّيل ويَقْفِز قَفَزاناً ويطيرُ.
قَالَ: والناسُ يَرَوْنه الجُنْدُب، وَإِنَّمَا هُوَ الصدَى يكون فِي البَرارِي، فَأَما الجُندب فَهُوَ أصغَر من الصَّدَى يكون فِي البراري. قَالَ: والجُدْجُد: الَّذِي يُصِرّ بِاللَّيْلِ أَيْضا.
صيد: يُقَال: صادَ الصيَّد يَصيدُه صَيْداً: إِذا أَخَذه. وصِدْتُ فلَانا صَيْداً: إِذا صدتَه لَهُ، كَقَوْلِك: بَغَيْتُه حَاجَة، أَي: بغَيْتُها لَهُ.
قَالَ اللَّيْث: مِصْيَدَةٌ: الَّتِي يُصادُ بهَا. قَالَ: وَهِي المِصْيَدَة، لِأَنَّهَا من بَنَات الْيَاء المعتلّة، وجمعُ المصيدة مصايد بِلَا همز، مثلُ معايشَ جمع معيشة.
والعرَبُ تَقول: خرجْنا نَصيد بَيْضَ النَّعام ونصيدُ الكَمْأَة، والافتعالُ مِنْهُ الِاصْطِيَاد، يُقَال: اصطادَ يَصطاد فَهُوَ مُصطاد والمَصيدُ مصْطادٌ أَيْضا. وَخرج فلانٌ يتصيَّد الوَحْشَ، أَي: يطلبُ صيدَها.(12/154)
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الصادُ والصِّيد والصُيَدُ: داءٌ يُصِيب الإبلَ فِي رؤوسها فيسيل من أُنوفها مِثلُ الزَّبَد وتَسْمُو عِنْد ذَلِك برؤوسها.
قَالَ: والصِّيد أَيْضا جمعُ الأَصْيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيَد: مصدرُ الأصيَد، وَله مَعْنيانِ. يُقَال: مَلِكٌ أَصيَدُ: لَا يلتفِت إِلَى النّاس يَمِينا وشِمالاً. والأصيَد أَيْضا: من لَا يَسْتَطِيع الالتفاتَ إِلَى النَّاس يَمِينا وَشمَالًا من داءٍ ونحوِه.
والفِعلُ صَيِد يَصْيدُ.
قَالَ: وأَهل الْحجاز يُثْبِتون الواوَ وَالْيَاء، نَحْو: صَيِد وعَوِد، وغيرُهم يَقُول: صَادَ يَصادُ وعارَ يَعار.
قَالَ: ودَواءُ الصَّيَد: أَن يُكوَى بَين عَيْنَيْهِ فَيذْهب الصيَدُ، وأَنشد:
أَشفِي المجانين وأَكْوي الأصْيدا
أَبُو عبيد: الصادُ: قُدودُ الصُّفْر والنُّحاس.
قَالَ حسّان بن ثَابت:
رأَيتُ قُدورَ الصادِ حولَ بيوتِنا
قَالَ: والصَّيَداءُ: حَجَرٌ أبيضُ يُعمَل مِنْهُ البِرَام. والصَّيْدانُ: بِرامُ الْحِجَارَة، وَأنْشد:
وسُودٍ من الصِّيدانِ فِيهَا مَذانِبُ
وَقَالَ النَّضْرُ: الصيْداء: الأَرْض الَّتِي تُربتُها حمراءُ غليظةُ الْحِجَارَة مستويةٌ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: هِيَ الأَرْض الغليظة.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الصيْداءُ: الحَصَى، وَقَالَ الشَّمَّاخ:
حَذاها من الصيْداءِ نعلا طِراقُها
حَوامِي الكُراع المُؤْيدات العَشَاوِزِ
أَي: حَذاها حَرَّةً نِعالها الصّخور.
شمر عَن أبي عَمْرو قَالَ: الصَّيْداءُ: الأَرْض المستوية، وَإِذا كَانَ فِيهَا حَصًى فَهُوَ قاع. قَالَ. وَكَانَ فِي البُرْمة صِيْدان وصَيْدَاء يكون فِيهَا كَهَيئَةِ بَريق الفضّة، وأجوده مَا كَانَ كالذّهب وَأنْشد:
طِلْحٌ كضاحِية الصَّيْداءِ مَهْزولُ
قَالَ: وصَيْدانُ الحَصَى: صغارُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّيْدان والصَّيْدء: حَجرٌ أَبيض تَعمَل مِنْهُ البِرَام.
وَقَالَ بَعضهم: الصَّيْدانُ: النُّحاس، قَالَ كَعْب:
وقِدْراً تَغْرَق الأَوْصالَ فِيهِ
من الصَّيْدان مُترَعَةً رَكُودا
وَصد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ} (الْكَهْف: 18) ، قَالَ الفرّاءُ: الوَصِيدُ والأصيد لُغتان، الفِناء مِثلُ الوِكاف والإكاف، وهما العِناء.
وَقَالَ ذَلِك يُونُس، وَقَوْلهمْ: {الاَْفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ} (الْهمزَة: 8) ، وقرىء (مُوصَدة) .(12/155)
(أصد) : قَالَ ابْن السِّكيت: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَصَدْتُ وأَوْصَدْتُ: إِذا أطبَقْتَ، وَمعنى مؤصَدَة: أَي: مطبقةٌ عَلَيْهِم.
وَقَالَ الليثُ: الإصاد والأُصُد بِمَنْزِلَة المُطْبَق، يُقَال: أطبق عَلَيْهِم الإصادَ والوِصاد والآصِدة.
وَقَالَ ثَعْلَب: الأُصْدةُ: الصُّدْرة، وَأنْشد:
مثل البِرَام غَدا فِي أُصْدَةٍ خَلَقٍ
لَم يستَعِنْ وحوامي الموتِ تَغْشاه
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأصِيدُ: الفِناء: وآصَدْت البابَ وأَوْصَدْته: إِذا أغلقْتَه.
وَقَالَ الأمويّ: الأصِيدةُ كالحَظيرة تعْمل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: أصَدَتْنا مُذ اليومِ، أَي: آذَبَتْنا إصادَةً. وَفِي (النَّوَادِر) : وَصَدْتُ بِالْمَكَانِ أَصِد، ووتَدْتُ أَتِد: إِذا ثَبَتَ.
ديص: قَالَ اللَّيْث: داصت الغُدَّة بَين اللَّحْم وَالْجَلد تَدِيصُ. قَالَ: والانْدِياصُ: الشّيءُ يَنسَل من يَدِك، تَقول: انْدَاصَ علينا بشرِّه. وإنّه لمُنْداص بالشرّ، أَي: مفاجِىءٌ بِهِ، وقّاعٌ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: داصَ يَدِيص دَيْصاً: إِذا فَرّ.
وَقَالَ الْأَحْمَر مِثلَه. قَالَ: والداصَةُ مِنْهُ.
أَبُو العبّاسَ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّيْصُ: نَشاطُ السّائس. وداصَ الرجُل: إِذا خَسّ بعد رِفْعة.
الأصمعيّ: رجلٌ دَيّاصٌ: إِذا كنتَ لَا تَقدر أَن تَقبِض عَلَيْهِ من شدّة عَضَلِه.
(بَاب الصّاد وَالتَّاء)
ص ت (وَا يء)
صَوت صيت: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: صَوّت يُصوِّت تصويتاً فَهُوَ مصوِّت، وَذَلِكَ إِذا صَوّتَ بِإِنْسَان فَدعاه. وَيُقَال: صاتَ يَصُوت صَوْتاً فَهُوَ صائت، مَعْنَاهُ: صائح. وَقد يُسمَّى كلُّ ضَرْب من الأُغنِيات صَوتاً، والجميع الْأَصْوَات. وَرجل صَيِّتٌ: شديدُ الصوْت.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: الصَّوتُ، صَوْتُ الإِنسان وغيرِه. والصِّيتُ: الذِّكْر، يُقَال: قد ذهب صِيتُه فِي النّاس، أَي: ذكْرُه.
وَقَالَ ابْن بُزْرُج: أصاتَ الرجُل بالرّجل: إِذا شَهَرَ بأمرٍ لَا يَشتهيه. وأنصاتَ الزّمانُ بِهِ إنصياتاً: إِذا اشتَهر.
وَقَالَ غَيره: إنصات الأمرُ: إِذا استقام، وَأنْشد:
ونَصرُ بنُ دَهْمانَ الهُنيدةَ عاشَها
وتِسعين حولا ثمَّ قُوِّم فانْصَانَا
قَالَ: انصات، أَي: استقام.
والصَّيِّتةُ بِالْهَاءِ: الصَّيِّت، وَقَالَ لَبيد:
وَكم مُشتَرٍ من مالِه حُسْنَ صِيتِه
لأيَّامه فِي كلّ مَبْدًى ومَحْضَرِ(12/156)
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجلٌ صاتٌ: شديدُ الصّوتُ كَقَوْلِهِم: طانٌ كثيرُ الطَين، وكبشٌ صافٌ: كثيرُ الصُّوف.
(بَاب الصّاد وَالرَّاء)
ص ظ. ص د. ص ت: مهملات.
ص ر واي
صرى. صَار. أصر. ورص. وصر. رصا. صور.
صرى: رُوِيَ عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنَّ آخِرَ مَن يَدخلُ الجنَّة رجلٌ يَمشي على الصّراط فيَنكَبُّ مرّةً ويَمشِي مَرَّةً وتَسَفُعه النَّار، فَإِذا جَاوَزَ الصِّراط تُرفَع لَهُ شَجَرَةٌ فيقولُ: يَا ربُّ أَدْنِني مِنْهَا، فَيَقُول الله، أَي: عبْدِي مَا يَصرِيك مِني) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: (مايَصْريك) : مَا يَقطع سأَلتَك منّي، يُقَال: قد صَرَيْتُ الشيءَ، أَي: قطعتُه ومنعتُه، وَأنْشد:
هَواهُنّ إِن لم يَصْرِه اللَّهُ قاتِلُهْ
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: صَرَى الله عَنْك شَرَّ فلَان، أَي: دفَعَه. قَالَ: والصَّرَى: الماءُ الّذي قد طَال مَكْثُه وتَغَيَّر. وَهَذِه نُطْفَةٌ صَراةٌ. وَقد صَرَى فلانٌ الماءُ فِي ظهرِه زَماناً، أَي: حَبَسه. وَيُقَال: جَمَعه. وَأنْشد:
رُبَّ غلامٍ قد صَرَى فِي فِقْرَتِهْ
مَاء الشّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِهْ
كَذَا رَوَاهُ شمر، وَزَاد: أَنعظ حَتَّى اشْتَدَّ سَمُّ سُمَتِهْ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من اشْترى مُصَرّاةً فَهُوَ بآخر النَّظَريْن إنْ شاءَ رَدَّها ورَدَّ مَعهَا صَاعا من تَمْر) .
قَالَ أَبُو عُبيد: المُصَرّاة: هِيَ النَاقة أَو الْبَقر أَو الشّاة يُصرَّى اللبنُ فِي ضَرْعها، أَي: يُجمَع ويُحبَسُ، يُقَال مِنْهُ: صَرَيْتُ المَاء وصَرَّيْتُه.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: صَرت الناقةُ تَصْرِي، من الصَّرْي، وَهُوَ جمع اللّبن فِي الضَّرْع.
وناقة صريي وَجَمعهَا صراء، مثل: عطشى وعطاش.
الفرّاء: صَرِيَتِ الناقةُ: إِذا جَفَلت واجتمعَ لبنُها، وأَنشَد:
مَن للجَعافِرِ يَا قَوْمي فَقَدْ صَرِيَتْ
وَقد يُساقُ لِذاتِ الصُّرْية الحَلَبُ
وَقَالَ الآخر:
وكل ذِي صَرْيةٍ لَا بدّ مَحلوبُ
وَقَالَ اللَّيْث: صَرِيَ اللّبنُ يَصْرَى فِي الضَّرْع: إِذا لم يُحلَب ففسَد طعمه، وَهُوَ لبنٌ صَرًى. وصَرِيَ الدمعُ: إِذا اجتَمع فَلم يَجْر.
وَقَالَت خَنْساء:
فلَم أَملِكْ غداةَ نَعيِّ صَخْرٍ
سوابِقَ عبْرةٍ حُلِبَتْ صَراهَا(12/157)
قَالَ: وصَرِيَ فلانٌ فِي يَد فلانٍ: إِذا بَقِيَ فِي يدِه رَهْناً؛ قَالَ رؤبة:
رَهْنَ الحَرورِيين قد صَرِيتُ
وأَخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قيل لابنَة الخُسِّ أيُّ الطَّعَام أثقَل؟ فَقَالَت: بَيْضُ نَعامْ، وصِرَى عامٍ بعدَ عامٍ، أَي: نَاقَة تُغَرَّز عَاما بعد عَام.
وَحكى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الصَّرَى: اللّبنُ يُترَك فِي ضَرع النَّاقة فَلَا يُحتلب فَيصير مِلْحاً ذَا رِياح.
وأَخبرني عَن أبي الهَيْثم أنَّه ردّ على ابْن الأعرابيّ قَوْله: صِرَى عَام بعدَ عَام، وَقَالَ: كَيفَ يكون هَذَا؟ والناقةُ إِنَّمَا تُحلَب ستَّةَ أشهر أَو سبعةَ أشهر، فِي كلامٍ طَوِيل قد وَهِمَ فِي أَكْثَره، والّذي قَالَه ابنُ الأعرابيّ صَحِيح، ورأيتُ العَرَب يَحلُبون الناقةَ من يومِ تُنْتَجُ سنة إِذا لم يَحمِلوا الفحلَ عَلَيْهَا كِشافاً، يغرِّزُونها بعد تمَام السّنة ليَبقَى طِرْقُها، وَإِذا غَرَّزُوها وَلم يَحْتَلبوها، وَكَانَت السّنة مُخصِبةً تَرَادَّ اللبنُ فِي ضَرْعها فخَثُر وخَبُثَ طعمُه فانمَسَخَ، وَلَقَد حَلَبْتُ لَيْلَة من اللّيالي نَاقَة مغرَّزَةً فَلم يتهيّأ لِي شُرْبُ صَرَاها لخُبْث طعمِه ودَفْقَتِه، وَإِنَّمَا أَرَادَت ابْنة الخُسِّ بقولِهَا: صَرَى عامٍ بعد عَام، لبنَ عَام استقبلتْه بعد انْقِضَاء عامٍ نُتِجَتْ فِيهِ، وَلم يَعرِف أَبُو الْهَيْثَم مُرَادَها، وَلم يَفهم مِنْهُ مَا فَهِمه ابْن الأعرابيّ فعَلِق يَرُدّ بتطويلٍ لَا معنى فِيهِ.
أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيّ: صَرَى يَصرِي: إِذا قَطَع، وصَرَى يَصْرِي: إِذا عَطَف، وصَرَى يَصرِي: إِذا تَقدَّم، وصَرَى يَصرِي: إِذا تأخَّر، وصَرَى يَصرِي: إِذا عَلاَ، وصَرَى يَصري: إِذا سَفَل، وصَرَى يَصرِي: إِذا أَنْجَى إنْسَانا من هَلَكة وأغاثه وأَنشد:
بَين الفَراعِلِ إنْ لم يَصْرِنِي الصّارِي
وَقَالَ آخر فِي صَرَى إِذا سَفَل:
والناشئاتِ الماشياتِ الخَيْزَرِي
كعُنُق الآرام أَوْفَى أَوْ صَرَى
قَالَ: أَوْفَى: عَلاَ. وصَرَى: سَفَل، وأَنشد فِي عَطَف:
وصَرَيْنَ بالأعناقِ فِي مَجْدُولةٍ
وصَلَ الصّوانعُ نِصْفَهنَّ جَديدا
وَقَالَ ابْن بزرج: صَرَتِ الناقةُ عُنُقَها: إِذا رفعتْه من ثِقلَ الوِقْر، وأَنشد:
والعِيسُ بَين خاضِعٍ وصَارِي
قَالَ: والصارِي: الْحَافِظ، وَيُقَال: صَرَاه الله: حَفِظه الله.
وَقَالَ شمر: قَالَ المنتجع: الصَّرْيانُ من الرّجال والدوابّ: الّذي قد اجْتمع الماءُ فِي ظهرِه، وأَنشد:
فَهُوَ مِصَكٌّ صَمَيان صرْيان(12/158)
والصارِّيَّةُ من الرَّكايا: الْبَعِيدَة العَهْد بِالْمَاءِ، فقد أَجِنَتْ وعَرْمَضَتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصّارِي: المَلاّح، وَجمعه صُرَّاءٌ على غير قِيَاس.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ماءٌ صِرًى وصَرًى، وَقد صَرِيَ يَصْرَى، وَقَالَ: صَرَيْتُ مَا بَينهم: أصْلَحْتُ، فَأَنا أَصرِي صَرْياً.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا اصفرّ الحَنْظل فَهُوَ الصرَاء مَمْدُود، واحدته صَرايةٌ، وجمعُها صَرايَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنْشد أَبُو مَحْضة أبياتاً ثمَّ قَالَ: هَذِه بِصَراهُنّ وبِطَرَاهُنّ.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وسألتُ الحُصينِيَّ عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه الأبيات.
بَطرَاوِتِهنّ وصَرَاوتَهنّ، أَي: بِجدّتهنّ وغَضاضَتِهنَّ.
صري: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: صُرْتُ إليَّ الشيءَ وأَصَرْته: إِذا أَمَلْتَه إِلَيْك، وأَنشد:
أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ
وَيُقَال: صاره يصوره ويصيره: إِذا أماله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من قَرَأَ: (صُرهن) ، مَعْنَاهُ: أملهن. وَمن قَرَأَ: (صِرْهن) مَعْنَاهُ: قَطَعهن. وَأنْشد للخنساء:
لظلت الشُّم مِنْهَا وهْي تَنصار
يَعْنِي: الْجبَال تصدع وتغرق.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} (الْبَقَرَة: 260) .
قَالَ الفرَّاء: ضَمت العامّة الصَّاد، وَكَانَ أصحابُ عبد الله يَكسِرونها، وهما لُغتان، فَأَما الضّم فكثير، وَأما الكَسْر فَفِي هُذَيْل وسُلَيم، وأَنشدني الكسائيّ فَقَالَ:
وفَرْعٌ يَصير الجِيدَ وَحْفٌ كأنهْ
على اللِّيْث قِنْوانُ الكروم الدَّوَالح
يَصيرُ: يمِيل وكلّهم فسَّروا: (فُصرْهُن) : أَمِلْهُنَّ، وَأما (فَصُرْهنَّ) بِالْكَسْرِ فإنَّه فُسِّر بِمَعْنى قَطِّعْهن.
قَالَ: وَلم نجد قطّعهن مَعْرُوفَة، وأراها إِن كَانَت كَذَلِك من صرَيْتُ أَصْرِي، أَي: قَطَعْتُ، فقُدمَتْ ياؤها، كَمَا قَالُوا: عَثِيت وعِثْت.
وَقَالَ الزجّاج: قَالَ أهل اللُّغَة: معنى: (صُرْهُنَّ إِلَيْك) : أَمِلْهُن إِلَيْك واجمَعْهنَّ وأَنشد:
وَجَاءَت خُلْعةً دُهْساً صَفايَا
يَصور عُنوقَها أَحوَى زَنيمُ
أَي: يعطِفُ عُنوقَها تَيْسٌ أَحْوى.
صور: وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوَرُ: المَيْل، والرجلُ يَصُور عُنُقَه إِلَى الشَّيْء: إِذا مَال نحوَه بعنُقه، والنَّعتُ أَصْوَر، وَقد صَوِر.
وعُصفورٌ صَوّار: وَهُوَ الَّذِي يُجيب الدّاعي.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ: أَنه دخَل صَوْرَ نَخْلٍ.(12/159)
قَالَ أَبُو عُبَيد: الصَّوْر: جِماع النّخل، وَلَا واحدَ لَهُ من لقطه، وَهَذَا كَمَا يُقَال لجَماعَة الْبَقر: صُوار.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّوارُ والصِّوارُ: القطيع من الْبَقر، وَالْعدَد أَصْوِرة، والجميع صِيرَان. وأَصوِرَة المِسْك: نافقاتُه.
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ: يُقَال: صرعه فتجوّرَ وتَصَوَّر: إِذا سَقَطَ.
وأَخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَول الله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ} (الْكَهْف: 99) : اعْترض قوم فأنكروا أَن يكون الصُّورُ قَرْناً، كَمَا أَنكَروا العرشَ والمِيزان والصراط، وادَّعَوْا أَن الصُّور جمع الصُّورَة، كَمَا أَن الصُّوف جمع الصوفة، والثُّوم جمع الثُّومة، ورَوَوْا ذَلِك عَن أَبي عُبَيدة.
قَالَ أَبو الْهَيْثَم: وَهَذَا خطأٌ فَاحش، وتحريفٌ لكلِم الله عَن موَاضعهَا، لِأَن الله جلّ وَعز قَالَ: {بِنَآءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ} (غَافِر: 64) ، بِفَتْح الْوَاو، وَلَا نعلَم أَحداً من الْقُرَّاء قرأَها: (فأحْسَن صُورَكم) ، وَكَذَلِكَ قَالَ الله: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ} (الْكَهْف: 99) فَمن قرأَها (ونُفخ فِي الصُّوَر) أَو قَرَأَ: (فَأحْسن صُوْرَكم) فقد افترَى الكَذِب وبدّل كتابَ الله، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة صاحبَ أخبارٍ وغريب، وَلم يكن لَهُ معرفَة بالنحو.
وَقَالَ الْفراء: كلُّ جمعٍ على لفظ الْوَاحِد الذكَر سبق جمعُه واحدتَه، فواحدتُه بِزِيَادَة هَاء فِيهِ، وَذَلِكَ مثل الصُّوف والوَبر والشعَر والقطْن والعشب، فكلّ وَاحِد من هَذِه الْأَسْمَاء اسمٌ لجَمِيع جنسه، فَإِذا أُفْرِدتْ واحدتُه زيدتْ فِيهَا هَاء، لِأَن جميعَ هَذَا الْبَاب سبق واحدتَه، وَلَو أَن الصوفةَ كَانَت سَابِقَة للصوف لقالوا: صوفَةٌ وصُوَف، وبُسْرَةٌ وبُسَر، كَمَا قَالُوا: غُرْفة وغُرَف، وزُلْفَة وزُلَف.
وَأما الصُّورُ القَرْنُ فَهُوَ وَاحِد لَا يجوز أَن يُقَال واحدتُه صورَة، وَإِنَّمَا تُجمع صُورَة الْإِنْسَان صُوَراً، لِأَن واحدتَه سبقتْ جَمْعَه.
فالمصوِّر من صِفَات الله تَعَالَى لتصويره صوَر الْخلق. وَرجل مصوَّر إِذا كَانَ معتدل الصُّورَة. ورحل صيّر: حسن الصُّورَة والهيئة.
ورَوَى سُفْيانُ عَن مُطرّف عَن عطيّة عَن أبي سعيد الخدرِي قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَيفَ أَنْعَمُ وصاحِبُ القَرْن قد التَقَم القَرْن، وحَتى جَبْهَته وأَصْغَى سَمعه ينْتَظر مَتى يُؤمَر) ، قَالُوا: فَمَا تأمُرنا يَا رَسُول الله، قَالَ: (قُولُوا حسْبُنا الله وَنعم الْوَكِيل) .
قلتُ: قد احتجَّ أَبُو الهَيْثم فأحسَنَ الِاحْتِجَاج، وَلَا يَجوز عِنْدِي غيرُ مَا ذَهَب(12/160)
إِلَيْهِ، وَهُوَ قولُ أهلِ السنّة وَالْجَمَاعَة. والدّليل على صحّة مَا قَالُوا: أَن الله جلّ وعزّ ذكر تصويرَه الخَلْق فِي الْأَرْحَام قبل نَفْخ الرُّوح، وَكَانُوا قبلَ أَنْ صوَّرهم نُطَفاً، ثمَّ عَلقَاً، ثمَّ مُضَغاً، ثمَّ صوّرَهم تصويراً.
فأمّا البَعْث فإنّ الله جلّ وعزّ يُنشِئهم كَيفَ شَاءَ، وَمن ادّعى أَنه يصوِّرُهم ثمَّ ينْفخ فيهم فَعَلَيهِ البَيَان، ونَعوذ بِاللَّه من الخِذْلان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّوْرةُ: النَّخْلة، والصَّوْرةُ: الحِكَّة انتغاشِ الحَطى فِي الرَّأْس.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب لابنَة لَهَا: هِيَ تَشْفِيني من الصَّوْرة، وتستُرني من الغَوْرَة، وَهِي الشّمس. والصِّوارانِ صِماغَا الفَمِ، والعامّة تُسمِّيهما الصَّوَّارَيْن، وهما الصّامغانِ أَيْضا.
صير: وَرُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَن اطَّلع من صِيرِ بابٍ فقد دَمَرَ) ، قَالَ أَبُو عُبيد: تَفْسِيره فِي الحَدِيث: إِن الصِّير: الشّقُّ.
وَفِي حديثٍ آخَر يَروِيه سالمٌ عَن أَبِيه: أَنه مَرّ بِهِ رجُل مَعَه صِيرٌ فذاقَ مِنْهُ.
قَالَ: وتفسيرُه فِي الحَدِيث أَنه الصَّحْناء. وَقَالَ أَبُو عُبيد: الصِّيرة: الحَظِيرة للغنم، وجمعُها صِيَر، قَالَ الأَخْطَل:
واذكرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمةً
من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حولَها الصِّيَرُ
قَالَ: وَيُقَال: أَنا على صيرِ أمرٍ، أَي: على طَرَف مِنْهُ، قَالَ زُهَير:
وَقد كنتُ من سَلْمَى سنينَ ثمانياً
على صِير أَمَرٍ مَا يمرُّ وَمَا يَحْلُو
وَقَالَ اللّيث: صِيرُ كُلَ أمرٍ مَصيرُه. والصَّيْرُورة مصدرُ صارَ يصيرُ.
قَالَ: وصارةُ الْجبَل: رأسُه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الصِّيرةُ على رَأس القَارة مثلُ الأمَرَة، غير أنّها طوَيْت طَيّاً، والأَمَرَةُ أطوَلُ مِنْهَا وأعظَم، وهما مطويّتان جَمِيعًا، فالأَمَرَة مُصَعْلكَة طَوِيلة، والصِّيرة مستديرةٌ عريضة ذاتُ أَرْكان، وربّما حُفِرَتْ فَوجدَ فِيهَا الذّهب والفضّة، وَهِي من صَنْعة عادٍ وإرَم. والصَّيِّرُ: الْجَمَاعَة، وَقَالَ طُفَيْل الغَنَويُّ:
أَمسى مُقيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُهُ
بالبئر غَادَرَهُ الأحياءُ وابتَكَرُوا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: صَيِّرُه: قَبْرُه، يُقَال: هَذَا صَيِّرُ فلَان، أَي: قبرُه، وَقَالَ عُرْوَة بن الوَرْد:
أحاديثُ تَبقَى والفتَى غيْر خالدٍ
إِذْ هوَ أَمْسَى هَامة فوقَ صَيِّرِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: بالهُزَر وَهُوَ مَوضِع ألفُ صَيِّر، يَعْنِي قُبوراً من قُبورِ أهل الْجَاهِلِيَّة ذكَره أَبُو ذُؤَيْب فَقَالَ:(12/161)
كانتْ كَلْيَلةِ أَهلِ الهَزَرْ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: تصيَّرَ فلانٌ أَبَاهُ وتقيَّضَه: إِذا نَزَع إِلَيْهِ فِي الشَّبه. قَالَ: وَيُقَال: مَا لَه صَيُّور، مِثَال فَيْعُول، أَي: مَا لَه عَقْل وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَقَالَ أَبُو سَعِيد: صَيُّور الأمرِ: مَا صَار إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو العَمَيْثَل: صارَ الرجلُ يَصيرُ: إِذا حَضَرَ المَاء فَهُوَ صائر، والصائِرة: الحاضِرة، وَقَالَ الْأَعْشَى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّعَ رَوْضَ القَطا
ورَوْضَ التَّناضُبِ حَتَّى تَصِيرَ
أَي: حتّى تحضر المَاء، وَيُقَال: جمعتهم صائرةُ القَيظ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصَّيْرُ: رُجُوع المنتجِعين إِلَى مَحاضِرِهم، يُقَال: أَيْن الصائرة، أَي أَيْن الْحَاضِرَة. والصِّيارُ: صَوْت الصَّنْجِ وأنشَد:
كأنّ تَراطُنَ الهاجاتِ فِيها
قُبَيْلَ الصُّبْح رَنّاتُ الصِّيَارِ
يريدُ: رَنِين الصَّنْجِ بأوْتاره.
وَيُقَال: صِرْت إِلَى مَصِيري وَإِلَى صِيرِي وصَيُّوري. وصَيرُ الأَمْرِ: مُنْتَهاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للمنزل الطيّب مَصِيرٌ ومِرَبٌّ ومَقْمَرٌ ومَحْضَر، يُقَال: أَيْن مصيرُكم؟ أَي: أَيْن منزلُكم.
والصائر: المُلَوِّي أعناقَ الرِّجال.
وصر: قَالَ اللّيث: الوَصَرَّةُ معرّبة، وَهِي الصَّكّ، وَهِي الأَوْصَر، وأنشَد:
وَمَا اتَّخذْتُ صَراماً للمُكُوثِ بهَا
وَمَا انْتَقَيْتُك إِلَّا للوَصَرّاتِ
ورُوِي عَن شُريح: أنّ رجلَيْنِ احتَكَما إِلَيْهِ، فَقَالَ أَحدهمَا: إنّ هَذَا اشتَرى منّي دَارا وقَبضَ منّي وِصْرَها، فَلَا هُو يُعطيني الثّمن وَلَا هُوَ يُردّ عَلَى الوِصْر. قَالَ القتيبي: الوِصْرُ: كتاب الشّراء، والأصلُ إصْرٌ سمِّي إصْراً لأنّ الإصْرَ العَهْدُ، ويسمَّى كتابَ الشُّروط، وكتابَ العُهودِ والمَواثِيق، وَجمع الوِصْر أَوْصار، وَقَالَ عَدِيّ بنُ زَيْد:
فأيُّكُمْ لَم يَنله عُرْف نائِله
دَثْراً سَواماً وَفِي الأَريافِ أوصارَا
أَي: أقطعَكم فَكتب لكم السجلاّت فِي الأَرياف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أخذت عَلَيْهِ إصْراً، وأخذتُ مِنْهُ إصْراً، أَي: مَوثقاً من الله. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا} (الْبَقَرَة: 286) ، الْآيَة.
وَقَالَ الْفراء: الإصْر: العَهْد، وَكَذَلِكَ فِي قَوْله: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذالِكُمْ إِصْرِى} (آل عمرَان: 81) ، قَالَ: والإصْرُ هَهُنَا إِثْم العَقْد والعَهْد إِذا ضَيّعوه كَمَا شُدّد على بني إِسْرَائِيل.(12/162)
وروَى السُّديّ عَن أبي الهزهار عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله: {وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا} : قَالَ: عهدا تعذِّبنا بترْكِه ونَقْضه. وَقَوله: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذالِكُمْ إِصْرِى} قَالَ: ميثاقِي وعَهْدِي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كُلّ عَقْد من قرَابَة أَو عَهْد فَهُوَ إصْر. وَتقول: مَا تأصيرُني على فلَان آصرة، أَي: مَا تعطفني عَلَيْهِ مِنّة وَلَا قرَابَة. وَقَالَ الحُطَيْئة:
عَطَفوا عليّ بِغير آ
صِرَة فقد عَظُم الأوَاصِرْ
أَي: عَطَفُوا عليَّ بِغَيْر عَهْدٍ أَو قرَابَة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: أَصَرْتُ الشيءَ آصِرُه أصْراً: كسَرْتُه. والمآصِرُ يُقَال: هُوَ مأخوذٌ من آصِرَة العَهْد، إِنَّمَا هُوَ عقْدٌ ليُحبَس بِهِ. وَيُقَال للشَّيْء الَّذِي تُعقَد بِهِ الأشياءُ: الإصار من هَذَا.
وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى: لَا تَحْمل علينا إصْراً يثْقُلُ علينا كَمَا حَملته على الَّذين من قَبْلنا نحوَ مَا أمِر بِهِ بَنو إِسْرَائِيل من قَتْل أنفسِهم، أَي: لَا تَمتحِنّا بِمَا يثقُل علينا أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: المأْصِرُ: حَبْلٌ يُمدُّ على نَهْر أَو طريقٍ تُحبَس السُّفُن والسابلة لتؤخذ مِنْهُم العُشور. وكلأٌ آصِرٌ: يَحبِس من يَنتهي إِلَيْهِ لكثرته.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الإصارُ: الطُّنُبُ وجمعُه أُصُرٌ. والأيْصَر: الْحَشيش المجتمِع، وجمعُه أياصر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الإصار: وَتِدٌ قَصِير، وجمعُه أُصُر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأيْصَر: حُبَيْل قَصير يُشَدّ فِي أَسْفَل الخِباء إِلَى وَتِد، وَفِيه لغةٌ: أَصارٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هُوَ جارِي مُكاسِري ومُؤاصِرِي، أَي: كِسْر بيتِه إِلَى جَنْب كِسْر بَيتي، وإصارُ بَيْتِي إِلَى جَنْب إصَارِ بيتِه، وَهُوَ الطُّنُب.
وَقَالَ الكسائيُّ: أصَرَني الشيءُ يَأْصِرني، أَي: حَبَسني.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإصْرانِ: ثَقْبَا الأُذَنين، وأَنشَد:
إنّ الأُحَيمِرَ حِين أرجُو رِفْدَه
غَمْراً لأَقطَعُ سيّىءُ الإصْرانِ
قَالَ: والأقطع الأصمّ والإصْران: جمعُ إصْرٍ.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمر: (مَن حَلَف على يمينٍ فِيهَا إصرُ فَلَا كفّارَة لَهَا) ، يُقَال: إنّ الإصْرَ أنْ تَحلِف بطَلاقٍ أَو عِتْق أَو نَذْرٍ. وأَصْلُ الإصْر الثِّقْلُ والشدَّة، لأنَّها أثقَل الأيْمان وأَضْيَقُها مَخْرَجاً. والعَهْدُ يُقَال لَهُ: إصْرٌ.
ورص: سَلَمة عَن الفرّاء: وَرَّصَ الشَّيخُ(12/163)
وأَوْرَصَ: إِذا استرخَى حِتارُ خَوْرانِه فَأَبْدى. وامرأةٌ مِيراصٌ: تُحدِث إِذا أُتِيَتْ.
رصى: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رصَاه: إِذا أَحْكمه.
قَالَ: وراصَ الرجُل: إِذا عَقَل بعد رُعُونة، ورساه: إِذا نَوَاه للصَّوْم.
(بَاب الصّاد واللاّم من المعتل)
ص ل (وَا يء)
صلى، صول، وصل، لصا، لوص، (ألاص، يليص) .
وصل: قَالَ اللَّيْث: كلُّ شيءٍ اتّصل بِشَيْء، فَمَا بَينهمَا وُصْلَة. وموْصِل الْبَعِير: مَا بَين العَجُز وفخِذِه، وَقَالَ أَبُو النّجم:
تَرَى يَبِيس الماءِ دُونَ المَوْصلِ
مِنْهُ بعَجْزٍ كصفَاة الجَيْحل
وَقَالَ المتنخّل:
لَيْسَ لمَيْتٍ بوَصيلٍ وَقد
عُلِّق فِيهِ طَرَفُ المَوْصلِ
يَقُول: باتَ الميّت فَلَا يُواصلُه الحيّ، وَقد عُلّق فِي الحيّ السّبب الَّذِي يُوصّله إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ الميّت، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
إنْ وصلتَ الكتابَ صِرْتَ إِلَى الله
ومَن يُلْفَ واصلاً فَهُوَ مُودي
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَعْنِي لَوْح المقَابر يُنقَر ويُترَك فِيهِ موضعٌ بَياضاً فَإِذا مَاتَ إِنْسَان وُصل ذَلِك الْموضع باسمه. وَيُقَال: هَذَا وَصيلُ هَذَا، أَي: مِثْله. والوَصائل: بُرودُ اليَمَن، الْوَاحِدَة وصيلة.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة) ، قَالَ أَبُو عُبيد: هَذَا فِي الشَّعر، وَذَلِكَ أَن تصل الْمَرْأَة شَعْرَها بشعرٍ آخَر.
ورُوِي فِي حديثٍ آخَر: (أيُّما امرأةٍ وصلت شعَرها بشعرٍ آخَر كَانَ زُوراً) . قَالَ: وَقد رَخصَت الفُقهاءُ فِي القَرَامِل، وكلُّ شَيْء وُصِل بِهِ الشَّعر مَا لم يكن الوَصل شعرًا لَا بَأْس بِهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ} (الْمَائِدَة: 103) ، قَالَ المفسّرون: الوصيلةُ: كَانَت فِي الشّاء خاصّة، كَانَت الشاةُ إِذا وَلَدتْ أُنْثَى فَهِيَ لَهُم، وَإِن ولَدَتْ ذكرا جَعَلُوهُ لآلهتهم، وَإِذا ولدتْ ذكرا وَأُنْثَى قَالُوا: وصلَتْ أخاها، فَلم يَذبحوا الذَّكَر لآلهتهم.
قَالُوا: والوصيلة: هِيَ الأَرْض الوَاسِعة كَأَنَّهَا وُصلَت بأُخرى، يُقَال: قطَعْنَا وصيلةً بعيدَة.
ورُوِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِذا كنتَ فِي الوصيلة فأَعْطِ راحِلَتَك حَظَّها. لَم يُرد بالوصيلة هُنَا الأرضَ الْبَعِيدَة، وَلكنه أَرَادَ(12/164)
أَرضًا مُكْلِئة تتّصل بِأُخْرَى ذَات كلأ، وَفِي الأولى يَقُول لَبيد:
وَلَقَد قَطَعت وصيلةً مجرُودةً
يَبكِي الصَّدَى فِيهَا لشَجْوِ البُومِ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} (النِّسَاء: 90) ، وَالْمعْنَى: اقْتُلُوهُمْ وَلَا تتّخذوا مِنْهُم أولياءَ إلاّ من اتَّصل بِقوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق واعتَزوْا إِلَيْهِم، وَهُوَ من قَول الْأَعْشَى:
إِذا اتَّصلتْ قَالَت أَبَكْرَ بن وائلٍ
وَبَكْرٌ سَبَتها والأُنُوفُ رَوَاغِمُ
أَي: إِذا انتَسَبتْ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} أَي: يَنتسبون.
قلتُ: والاتّصالُ أَيْضا: الاعتزاءُ المَنهي عَنهُ إِذا قَالَ: يال فلَان. والوِصلُ بكَسر الْوَاو كلُّ عَظْمٍ على حدةٍ لَا يُكسَر وَلَا يُوصل بِهِ غَيره، وَهِي الكِسْر والجَدْل، وجمعُه أوْصال وجُدول، وَيُقَال: وصل فلانٌ رَحمه يصلُها صلَة. وَوصل الشيءَ بالشَّيْء يَصلُه وصلا. وَوصل كتابُه إليّ وَبرُّه يَصل وُصولاً، وَهَذَا غيرُ وَاقع. وواصَلْتُ الصيامَ بالصيام: إِذا لم تُفْطر أَيَّامًا تباعا. وَقد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال.
وتوصّلتُ إِلَى فلَان بوُصلَةٍ وسببٍ تَوصُّلاً: إِذا تسبَّبْتَ إِلَيْهِ بحُرمة. ومَوصل كُورَةٌ مَعْرُوفَة.
صول: قَالَ أَبُو زيد: صالَ الجملُ يصُول صيالاً وصُوالاً، وَهُوَ جَمَلٌ صَوْلٌ وجمالٌ صَوْلٌ لَا يُثنَى وَلَا يُجمع لأَنه نعتٌ بالمَصدر.
قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: صَؤُلَ البعيرُ يصؤُل صآلةً، وَهُوَ جملٌ صَؤُلٌ، وَهُوَ الّذي يَأْكُل راعِيه ويواثِبُ النَّاس فيأكلهم قَالَ: والصَّؤول من الرّجال: الَّذِي يضْرب الناسَ ويتطاول عَلَيْهِم.
قلت: الأَصل فِيهِ تركُ الهَمْز، وَكَأَنَّهُ هُمِز لانضمام الْوَاو، وَقد همزَ بعضُ القرَّاء: {وَإِن تَلْؤُوا أَو تُعْرضوا} (النِّسَاء: 135) ، لانضمام الْوَاو.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعرابي قَالَ: المِصْولة: المِكْنَسة الَّتِي يُكنَس بهَا نواحي البَيْدَر.
صلى: رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا دُعي أحدكُم إِلَى طعامٍ فليُجب، فَإِن كَانَ مُفْطراً، فلْيَطْعم، وَإِن كَانَ صَائِما فليُصلّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه: (فليُصلّ) يَعْنِي فليَدْعُ لَهُم بالبَرَكة وَالْخَيْر، وكلُّ داعٍ فَهُوَ مصلَ وَمِنْه قولُ الْأَعْشَى:
عليكِ مِثلَ الَّذِي صلَّيْتِ فاغتمِضي
نَوماً فإنَّ لجَنْب الْمَرْء مُضْطجعا(12/165)
وَأما حديثُ ابْن أبي أوْفَى أَنه قَالَ: أَعْطَانِي أبي صَدَقَة مَاله فأتيتُ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صلّ على آل أبي أوْفَى) فإنّ هَذِه الصلاةَ عِنْدِي الرحمةُ، وَمِنْه قولُه جلَّ وعزَّ: {شَىْءٍ شَهِيداً إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} (الْأَحْزَاب: 56) ، فَالصَّلَاة من الْمَلَائِكَة دعاءٌ واستغفار، وَمن الله سُبْحَانَهُ رَحْمَة. وَمن الصَّلَاة بِمَعْنى الاسْتِغْفَار حديثُ الزُّهْريِّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوفَل عَن سَوْدة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسول الله إِذا مُتْنا صلَّى لنا عُثمان بنُ مَظْعون حَتَّى تأتيَنا، فَقَالَ لَهَا: (إِن الْمَوْت أشدُّ مِمَّا تقدِّرين) .
قَالَ شمر: قَوْلهَا: (صَلى لنا) ، أَي: استغْفَرَ لنا عِنْد رَبّه، وَكَانَ عثمانُ ماتَ حينَ قَالَت سَوْدَةُ ذَلِك. وأمَّا قولُ الله جلَّ وعزَّ: {أُولَائِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ} (الْبَقَرَة: 157) ، فَمَعْنَى الصَّلَوَات هَهُنَا: الثَّنَاء عَلَيْهِم من الله، وَقَالَ الشَّاعِر:
صلَّى على يَحيَى وأشياعِه
رَبٌّ كريمٌ وشفيعٌ مُطاعْ
مَعْنَاهُ: ترحّم الله عَلَيْهِ على الدّعاء لَا على الْخَبَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّلَاة من الله رَحْمَة، وَمن المخلوقين الملائِكة وَالْإِنْس والجنِّ القِيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاءُ والتسبيحُ. والصلاةُ من الطّير والهَوام التَّسْبِيح.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: {بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِى} (الْأَحْزَاب: 43) ، فيصلّي يَرحَم، وملائكتُه تَدْعُو للْمُسلمين وَالْمُسلمَات.
قَالَ: وقولُ الْأَعْشَى:
وصَلّى على دَنِّها وارتَسَمْ
قَالَ: دَعَا لَهَا أَلا تَحمَض وَلَا تَفسُد.
وَقَالَ الزّجاج: الأصلُ فِي الصَّلَاة اللّزوم، يُقَال: قد صلِيَ واصطَلَى: إِذا لزم، وَمن هَذَا: من يُصْلَى فِي النَّار، أَي: يُلزَم النارَ.
وَقَالَ أهلُ اللُّغَة فِي الصَّلَاة: إِنَّهَا من الصلَوَيْن، وهما مُكتَنِفا الذَّنَب من النَّاقة وغيرِها، وأوّلُ مَوْصِلِ الفَخِذين من الْإِنْسَان فكأنَّهما فِي الْحَقِيقَة مكتنفا العُصْعُص.
قَالَ: والقولُ عِنْدِي هُوَ الأول، إِنَّمَا الصَّلَاة لُزوم مَا فَرَض الله، والصلاةُ من أعظَم الفَرْض الَّذِي أُمِرَ بلزومه. وَأما المُصلِّي الَّذِي يَلي السابقَ فَهُوَ مأخوذٌ من الصلَوَيْن لَا محَالَة، وهما مكتَنِفا ذَنب الْفرس، فَكَأَنَّهُ يَأْتِي ورأسُه مَعَ ذَلِك الْمَكَان.
وَفِي حديثٍ آخر: (إنّ للشَّيْطَان مَصالِيَ وفُخُوخاً) ، والمصالِي شبيهةٌ بالشَّرَك(12/166)
تنصب للطير وغيرِها.
قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد: يَعْنِي مَا يَصيدُ بِهِ الناسَ من الْآفَات الَّتِي يستفِزُّهم بهَا من زِينة الدّنيا وشَهواتها.
وَفِي حديثٍ آخَر: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الكسائيّ: المَصْلِيّة المشوِيّة، يُقَال: صَلَيتُ اللحمَ وغيرَه: إِذا شَوَيْتَه، فَأَنا أَصْلِيه صَلْياً: إِذا فعلتَ ذَلِك وَأَنت تُرِيدُ أَن تشويَه، فَإِذا أردتَ أنّك تُلقِيه فِيهَا إِلْقَاء كأنّك تُرِيدُ الإحراقَ قلت: أصليتُه بِالْألف إصلاءً، وَكَذَلِكَ صلَّيته أُصَلِّيه تَصْلِيَة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً} (النِّسَاء: 29) .
ويُروَى عَن عليّ أَنه قَرَأَ: (ويُصَلَّى سعيراً) (الانشقاق: 12) .
وَكَانَ الكسائيّ يقرأُ بِهِ، فَهَذَا لَيْسَ من الشَّيْء، إِنَّمَا هُوَ من إلقائك إِيَّاه فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زُبيد:
فَقَدْ تصلّيت حَرّ حَرْبهمُ
كَمَا تَصَلَّى المقرورُ مِنْ قَرَسِ
وَيُقَال: قد صَلِيت بِالْأَمر أَصلَى بِهِ: إِذا قاسَيْت شدّتَه وتَعَبه. وَصلَيْتُ لِفُلان بِالتَّخْفِيفِ، وَذَلِكَ إِذا عمِلتَ لَهُ فِي أمرٍ تُرِيدُ أَن تَمْحَلَ بِهِ، وتُوقِعَه فِي هَلَكة، وَالْأَصْل فِي هَذَا من المَصالِي وَهِي الشَّرَك تُنْصَب للطَّير.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: صَلَّيت العَصا تَصلِيةً: إِذا أدرْتها على النَّار لتقوِّمها، وَأنْشد:
وَمَا صَلّى عَصاكَ كمستَديم
وَيُقَال: أَصْلَتِ الناقةُ فَهِيَ مُصْليَةٌ: إِذا وَقع ولَدُها فِي صَلاَها وقَرُبَ نتَاجُها.
وَفِي حَدِيث عليّ أَنه قَالَ: (سبقَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصلَّى أَبُو بكر، وثَلَّث عُمَر، وحَبَطَتْنا فِتنةٌ فَمَا شَاءَ الله) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: وأصلُ هَذَا فِي الْخَيل، فالسابقُ الأوَّلُ، والمصلِّي الثَّانِي، قيل لَهُ: مُصَلَ لِأَنَّهُ يكون عِنْد صَلاَ الأوّل، وصَلاَه: جانِبا ذَنَبِه عَن يَمِينه وشِماله، ثمَّ يتلوه الثَّالِث.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَلم أسمعْ فِي سوابق الْخَيل مِمَّن يُوثَقُ بِعِلمِه اسْما لشَيْء مِنْهَا إِلَّا الثَّانِي، والسُّكَيْت، وَمَا سِوَى ذَيْنِك إِنَّمَا يُقَال الثَّالِث وَالرَّابِع، وَكَذَلِكَ إِلَى التَّاسِع.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو العبَّاس: المصلِّي فِي كَلَام الْعَرَب: السابقُ: المتقدِّم.
قَالَ: وَهُوَ مُشَبَّهٌ بالمصلِّي من الْخَيل، وَهُوَ السابقُ الثَّانِي، وَيُقَال للسابق الأوّل: المُجَلِّي، وَللثَّانِي: المصلِّي، وللثالث: المُسَلِّي، وللرابع: التَّالي، وللخامس:(12/167)
المُرْتاح، وللسادس: العاطِفِ، وللسابع: الحَظِيّ، وللثامن: المؤمَّل، وللتاسع: اللَّطيم، وللعاشر: السُكَيْت، وَهُوَ آخر السُّبَّق.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: الصِّلاء اسمٌ للوَقود، وَهُوَ الصَّلا: إِذا كَسَرْتَ الصادَ مَدَدْتَ، وَإِذا فَتحتَها قَصَرْتَ، قَالَه الفرّاء.
وَقَالَ اللَّيث: الصِّلِّيَان: نَبْت، قَالَ بعضُهم: هُوَ على تَقْدِير فِعِّلاَن.
وَقَالَ بعضُهم: فِعْلِيان؛ فَمن قَالَ فِعليان قَالَ: هَذِه أرضٌ مَصْلاةٌ، وَهُوَ نَبتٌ لَهُ سَبْطة عَظِيمَة كأنّها رَأس القَصَبة، إِذا خَرجَت أذنابُها تَجِدُ بهَا الإبلُ، والعربُ تسمِّيه خُبزَة الْإِبِل.
وَقَالَ غيرُه: من أَمْثَال الْعَرَب فِي الْيَمين إِذا أَقدَم عَلَيْهَا الرجلُ ليَقْتَطِع بهَا مالَ الرجلِ: جَذَّها جَذَّ العيْرِ الصِّلِّيَانَة، وَذَلِكَ أَن لَهَا جِعْثِنةً فِي الأَرْض، فَإِذا كَدَمَها العَيْرُ اقتَلَعها بجِعْثِنَتها.
شَمر عَن أبي عَمْرو: الصَّلاَيَةُ: كلُّ حَجَر عريضٍ يُدَقّ عَلَيْهِ عِطْرٌ أَو هَبِيد، يُقَال: صَلاءةٌ وصَلاية.
وَقَالَ ابْن شُميل: الصَّلاَية: سَرِيحة خَشِنةٌ غليظةٌ من القُفّ.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس فِي قَول الله تَعَالَى: {وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} (الْحَج: 40) ، قَالَ: الصَّلَوَات: كنائسُ الْيَهُود، قَالَ: وأصلُها بالعِبْرَانيّة صَلُوتا، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الزجَّاج: وقُرِئَت: (وصُلُواتٌ ومَساجد) (الْحَج: 40) . قَالَ: وَقيل: إِنَّهَا مواضعُ صلوَات الصابِئِين.
لوص: قَالَ أَبُو تُراب: يُقَال: لاصَ عَن الْأَمر ونَاص: بِمَعْنى حادَ.
وَقَالَ أَبُو سعيد اللِّحياني: أَلَصْتُ أنْ آخُذَ مِنْهُ شَيْئا أُلِيصُ إلاصَةً، وأَنَصْتُ أُنِيصُ إِنَاصَةً، أَي: أَرَدْتُ.
أبُو عُبَيْد: الإلاصةُ مِثْلُ العِلاصة، إدارَتك الإنسانَ على الشّيء تطلُبُه مِنْهُ، يُقَال: مَا زلتُ أُلِيصُه على كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ عُمر لعُثْمَان: هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي أَلاَصَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا عمَّه عِنْد الْمَوْت: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إلاّ الله.
اللَّيْثِ: اللَّوْص من الملاوَصة، وَهُوَ فِي النَّظَر كأَنه يَخْتِل لِيَرُوم أَمْراً. والإنسانُ يُلاَوِصُ الشجرةَ إِذا أَرَادَ قَلْعَهَا بالفأس، فَتَراه يُلاَوِصُ فِي نظرِه يَمْنَةً ويَسْرَةً كَيفَ يَضْرِبُهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرَابيِّ: يُقَال للفالُوذ: المُلَوَّصُ وَالمُزَعْزَعُ وَالمُزَعْفَرُ، وَهُوَ اللَّمْص. قَالَ: ولوَّص الرجلُ: إِذا أَكلَ اللَّواص، وَهُوَ العَسَل الصافي.
أصل: قَالَ اللّيث: الأصلُ: أسفلُ كلِّ شَيْء، وَيُقَال: اسْتَأصَلَتْ هَذِه الشجرةُ، أَي: ثَبَتَ أَصلُها، واسْتَأصَلَ الله بني(12/168)
فلَان، أَي: لم يَدَعْ لَهُم أصْلاً. وَيُقَال: إنَّ النَّخلَ بِأَرْضِنا لأَصِيل، أَي: هوَ بِهِ لَا يزَال وَلَا يَفْنَى. وفلانٌ أَصِيلُ الرَّأيِ، وَقد أَصُلَ رأيُه أَصَالَة، وَإنَّهُ لأَصيلُ الرَّأي والعَقْل. والأصيل: هُوَ العَشِيّ. وَهُوَ الأُصُل.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: لقيتُه أُصَيْلالاً وأُصَيْلاَناً: إِذا لقيتَه بالعشيّ. ولقِيتُه مُؤْصِلاً. وجمعُ أَصيل العشيِّ: آصالٌ.
وَقَالَ اللَّيث: الْأَصِيل: الهَلاك، وَقَالَ أَوْس:
خافُوا الأَصيلَ وَقد أَعْيَتْ مُلُوكَهُمُ
وحُمِّلُوا مِن ذَوِي غَوْمٍ بأَثْقَالِ
والأَصِيلُ: الأصْل. ورَجُلٌ أَصِيلٌ: لَهُ أَصْل.
ابْن السّكِّيت: جاءُوا بِأَصِيلَتِهِمْ، أَي: بِأَجْمَعِهِمْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أخذتُ الشيءَ بِأَصَلَتِه: إِذا لم تَدَعْ مِنْهُ شَيْئا.
وَيُقَال: أَصِلَ فُلانٌ يَفعَل كَذَا وَكَذَا، كَقَوْلِك: عَلِقَ وطَفِقَ.
وَقَالَ شَمر: الأَصَلَة: حيَّةٌ مِثْلُ رِئة الشَّاة لَهَا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ، وَقيل: هِيَ مِثْلُ الرَّحَى مستديرةٌ حَمْراءُ لَا تَمَسّ شَجَرَة وَلَا عُوداً إِلَّا سَمَّتْه، لَيست بالشديدةِ الْحُمْرَة، لَهَا قَائِمَة تَخُطُّ بهَا فِي الأَرْض، وتَطْحَن طَحْنَ الرَّحَى.
لصا: قَالَ اللّيث: يُقَال: لَصَى فلانٌ فلَانا يَلْصُوه ويَلْصُو إِلَيْهِ: إِذا انْضمّ إِلَيْهِ لِريبة، ويَلْصِي أعربهُما، وأَنشد:
عَفٌّ فلاَ لاصٍ وَلَا مَلْصِيُّ
أَي: لَا يُلْصَى إِلَيْهِ.
وَقَالَ غيرُه: اللَّصْوُ والقَفْوُ: القَذْفُ للْإنْسَان برِيبة يَنسبُه إِلَيْهَا؛ يُقَال: لَصاه يَلْصُوه ويَلْصِيه: إِذا قَذَفه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُروَى عَن امْرَأَة من العَرَب أنّه قيل لَهَا: إنّ فلَانا قد هَجاكِ، فَقَالَت: مَا قَفَا وَلَا لَصَا؛ تَقول: لم يَقْذِفْني. قَالَ: وَقَوْلها لَصَا مثل قَفَا؛ يُقَال مِنْهُ: رجلٌ قافٍ لاصٍ؛ وأَنشدَ:
إِنِّي امرؤٌ عَن جارتي غنيُّ
عَفٌّ فَلَا لاصٍ وَلَا مَلْصِيُّ
يَقُول: لَا قاذِف وَلَا مقْذوفُ.
(بَاب الصّاد وَالنُّون)
ص ن (وَا ىء)
صون، صين، صنا، نوص، نصا، نصأ، وصن، نيص.
صون: قَالَ اللَّيْث: الصَّوْنُ: أَنْ تَقِيَ شَيْئا ممّا يُفسِده. والصِّوانُ: الشيءُ الَّذِي تَصون بِهِ، أَو فِيهِ، شَيْئا أَو ثوبا.
والفَرَسُ يَصُون عَدْوَه وجَريَه: إِذا اذّخر مِنْهُ ذخيرة لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ. والحُرُّ يَصُون عِرْضَه كَمَا يَصُون الْإِنْسَان ثوبَه.(12/169)
وَقَالَ لَبيد:
يُراوِح بَين صَوْنٍ وابتذالِ
أَي: يَصُون جَرْيَه مرّة فيُبقِي مِنْهُ ويبتَذِلُه مرّة فيجتهدُ فِيهِ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصَّوّان: الحِجارة الصُّلْبة، واحدتُها صَوّانة.
قلتُ: والصَّوّانُ: حَجَر صُلْبٌ إِذا مَسّتْه النَّار فَقَّع تفقيعاً وتَشقَّق، وربّما كَانَ قَدَّاحاً تُقْتَدَح مِنْهُ النَّار، وَلَا يَصلح للنُّورة وَلَا للرِّضاف.
وَقَالَ النَّابِغَة:
بَرَى وَقَعُ الصَّوّان حَدّ نُسُورها
فهنّ لِطافٌ كالصِّعاد الذَّوابلِ
أَبُو عُبَيد: الصَّائن من الخَيل: القائمُ على طَرفِ حافرِه من الحَفا.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَمَا حاوَلْتُما بقِيادِ خَيْلٍ
يَصُون الوَرْدُ فِيهَا والكُمَيْتُ
وأمَّا الصائِم فَهُوَ الْقَائِم على قَوائمِه الأَربعِ من غير حَفا.
وَيُقَال: صنتُ الشيءَ أَصُونه، وَلَا تَقُل أَصَنْتُه وَهُوَ مَصُون، وَلَا تَقُل مُصانٌ.
وَقَالَ الشافعيّ: بِذْلةُ كلامِنا صَوْن غَيرِنا.
صنا: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيه) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: مَعْنَاهُ: أَن أصلَهما وَاحِد. قَالَ: وأصلُ الصِّنْو إِنَّمَا هُوَ فِي النَّخْل.
ورَوَى أَبُو إِسْحَاق عَن البَراء بن عَازِب فِي قَول الله جلّ وعزّ: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} (الرَّعْد: 4) ، قَالَ: الصِّنْوان: المجتمعُ، وَغير الصِّنْوان المتفرِّق.
وَقَالَ الفرّاء: الصِّنْوانُ: النَّخَلاتُ أصلُهُنّ وَاحِد.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، أَي: أَخُوهُ، وَلَا يُسمَّى صِنْواً حَتَّى يكون مَعَه آخَرُ، فهما حِينَئِذٍ صِنْوان، وكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صِنْوُ صاحبِه.
قَالَ: والصِّنْوان: النَّخْلَتان والثلاثُ والخَمسُ والستّ، أصلُهنّ وَاحِد وفروعُهُنّ شتَّى. وغيرُ صِنْوانٍ: الفارِدة.
وَقَالَ أَبُو زيد: هَاتَانِ نَخْلتان صِنْوان، ونَخِيل صِنْوانٌ وأَصْنَاءٌ.
وَيُقَال للاثنين: قِنْوان وصِنْوان، وللجماعة قِنْوانٌ وصِنْوانٌ.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أخذْتُ الشيءَ بصنايَته وسِنايَته، أَي: أخذْتُه بِجَمِيعِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصِّناء: الرَّماد، يُمَدّ ويُقْصَر.
وَيُقَال: تَصنَّى فلانٌ: إِذا قَعَدَ عِنْد القِدْر من شَرَهِه يُكَيِّب ويَشْوِي حَتَّى يصيبَه الصِّناء.
شمر عَن أبي عَمْرو: الصُّنَيُّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيلُ فِيهِ الماءُ بَين جَبَلين.(12/170)
وَقَالَت ليْلَى الأخيليّة:
أنابِغَ لم تَنْبُغ وَلم تَكُ أوّلاً
وكنتَ صُنَيّاً بَين صُدَّيْن مَجْهلا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّاني: اللَّازِم للخِدْمة. والناصي: المُعَرْبِد. قَالَ: والصَّنْوُ: الغَوْرُ الخَسِيس بَين الجَبَلَين. قَالَ: والصَّنْوُ: الماءُ الْقَلِيل بَين الجَبَلين. والصَّنْوُ: الْحجر يكون بَين الجبلين، وجمعُها كلُّها صُنُوٌ.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الأصْناءُ: الأمْثال. والأصْناءُ: السَّابِقُونَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصِّنْوَة: الفَسِيلة. ابْن بُزُرْج: يُقَال للحَفَرِ المعطَّلِ صِنْوٌ، وجمعُه صِنْوان. وَيُقَال: إِذا احتَفَر: قد اصْطَنَى، وَهُوَ الاصطِناء.
نصا: وَفِي الحَدِيث: (أنَّ بنت أبي سَلَمة تَسَلَّبتْ على حَمْزَة ثلاثةَ أَيَّام، فَدَعَاهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأمَرَها أَن تَنصَّى وتَكتَحِل) . قولُه: (أمَرَها أَن تَنَصَّى) ، أَي: تُسرِّح شعرَها، وَيُقَال: تَنَصَّت المرأةُ: إِذا رَجَّلَتْ شعرَها.
وَفِي حَدِيث عائشةَ حِين سُئلتْ عَن الميّت يُسرَّح رأسُه؟ فَقَالَت: علامَ تنْصون ميِّتَكم. قولُها: تَنْصُون: مأخوذٌ من النَّاصية، يُقَال: نَصوْتُ الرجلَ أنصُوه نصْواً: إِذا مددْتَ ناصِيَتَه: فَأَرَادَتْ عائشةُ أنَّ الميّتَ لَا يَحتاج إِلَى تَسْرِيح الرَّأْس، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَة الأخْذ بالنَّاصية.
وَقَالَ أَبُو النَّجم:
إنْ يُمْسِ رأسِي أشمَطَ العنَاصِي
كَأَنَّمَا فَرَّقَه مُناصِي
وَيُقَال: نَاصيْتُه: إِذا جاذَبْتَه، فأخَذَ كلُّ وَاحِد مِنْكُمَا بناصية صاحِبه، وَقَالَ عَمْرو بن مَعدِ يكرب:
أعبّاسُ لَو كَانَت شَيَاراً جِيادُنَا
بتَثليثَ مَا ناصَيْتَ بعدِي الأحَامِسا
وَقَالَ اللّيث: الناصية: هِيَ قُصاصُ الشّعَر فِي مقدَّم الرَّأْس، وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {يَنتَهِ لَنَسْفَعاً} (العلق: 16) ، ناصيتُه مُقدَّمُ رَأسه، أَي: لنَهْصُرَنَّها، لَنأخذنّ بهَا، أَي: لنقيمنّه ولنُذِلّنّه.
قلتُ: والناصية عِنْد العَرب: مَنبِتُ الشّعْر فِي مقدَّم الرَّأْس، لَا الشّعر الّذي تسمّيه العامّة الناصية، وسُمِّي الشعرُ نَاصِيَة لنَباتِه فِي ذَلِك الْموضع. وَقد قيل فِي قَوْله: {يَنتَهِ لَنَسْفَعاً} ، أَي: لنُسَوِّدَنَّ وَجهه فَكَفَت النَّاصيَةُ لأنّها من الْوَجْه والدّليل على ذَلِك قَول الشَّاعِر:
وكنتُ إِذا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ بِهِ
سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِين مِنْهُ بِمِيسَمِ
ولغة طَيِّء فِي الناصيَة: النّاصَاةُ حَكَاهُ أَبُو عُبَيد وَأنْشد فَقَالَ:
لقد آذَنَتْ أَهْلَ اليمَامةِ طَيِّءٌ
بحربٍ كنَاصَاةِ الحِصان المُشَهَّرِ(12/171)
وَقَالَ ابْن السكّيت: النَّصِيّةُ: البقيّة، وَأنْشد:
تجرَّدَ من نَصيَّتِها نَوَاجٍ
كَمَا يَنْجُو من البَقَرِ الرَّعِيلُ
وَفِي الحَدِيث: أنّ وَفْدَ همْدانَ قَدِموا عَلَى النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: نَحن نصيَّةٌ من هَمْدانَ. قَالَ الفرّاء: الأَنْصَاءُ: السَّابِقُونَ. قَالَ القتيبي: نصية قَومهمْ، أَي: خيارهم. والنصِّية: الخيارُ الأَشراف. ونواصِي القومِ: أشرافُهم، وَأما السّفِلةُ فهم الأَذْناب.
الحزّاز عَن ابْن الأعرابيّ: إِنِّي لأجد فِي بَطْني نَصْواً ووَخْزاً، والنّصْوُ مِثلُ المَفْس، سُمِّي نَصْواً لأنّه يَنْصُوك، أَي: يُزعِجك عَن القَرار.
وَقَالَ الفرَّاء: وجدتُ فِي بَطْني حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بِمَعْنى وَاحِد. وَيُقَال: هَذِه الفَلاة تُناصِي أرضَ كَذَا وتُواصِيها، أَي: تتّصل بهَا. والنَّصِيُّ: نبتٌ مَعْرُوف، يُقَال لَهُ: نَصِيُّ مَا دَامَ رَطْباً، فَإِذا يَبِسَ فَهُوَ حَلِيّ. وَقَالَ اللَّيْث: هَذِه مفازة تناصي مفازة أُخْرَى إِذا كَانَت مُتَّصِلَة بِالْأولَى.
(نصأ) : أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : نَصأْتُ الناقةَ أَنصَؤها نَصْأً: إِذا زَجَرْتَها.
أَبُو زيد عَن الأصمعيّ: نَصَأْتُ الشَّيْء: رَفَعْتُه نَصْأً.
نوص: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّوْصَةُ: الغَسْلَة بِالْمَاءِ أَو غَيره.
قلت: الأصلُ المَوْصَةُ فقُلِبت الْمِيم نوناً. قَالَ ابْن الأعرابيّ: والنَّيْصُ: الْحَرَكَة الضعيفة. اللّحيانيّ عَن أبي عَمْرو: مَا يَنُوص فلانٌ لحاجتي وَمَا يَقْدِر على أَن يَنُوص، أَي: يتحرَّك لشَيْء.
أَبُو سعيد: انتاصَتْ الشمسُ انتياصاً: إِذا غَابَتْ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ} (ص: 3) .
قَالَ الفرَّاء: لَيْسَ بِحِين فرار. النَّوْصُ: التأخُّر فِي كَلَام الْعَرَب.
قَالَ: والبَوْصُ: التقدُّم؛ وَيُقَال: بصْتُه، وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
أمِن ذكر سَلمى إنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ
فتقصر عَنْهَا خطوَةً وَتَبُوص
فمناص: مَفعل مثل مَقام.
وَقَالَ اللَّيْث: المناص: المَنْجَا.
قَالَ: والنَّوْصُ: الحِمَار الوحشي لَا يزَال نائِصاً رَافعا رَأسه يتردَّد كَأَنَّهُ نافرٌ جامح. وَالْفرس يَنُوص ويَسْتنيصُ، وَذَلِكَ عِنْد الكَبْح والتّحريك.
وَقَالَ حَارِثَة بن بَدْر:
غَمْرُ الجِراء إِذا قصرتُ عِنانه
بِيَدِي استناص ورامَ جَرْيَ المَسْحَلِ
وصن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي:(12/172)
الوَصْنَة: الخِرْقة الصّغيرة. والصَّوْنَةُ: العَتيدة. والصِّنْوة: الفَسِيلة.
نيص: قَالَ اللّيث: النَّيْص من أَسمَاء القُنْفُد الضَّخْم.
قلت: لم أسمعهُ لغيره.
صين: والصِّين: بلدٌ معروفٌ، إِلَيْهِ يُنْسَبُ الدّارصِينيّ.
(بَاب الصّاد وَالْفَاء)
ص ف (وَا ىء)
صوف، صيف، صفا، وصف، فيص، فصا، أصف.
صوف: قَالَ اللّيث: الصُّوفُ للضَّأن وَمَا أشْبَهَه. ويقالُ: كَبْشٌ صافٌ، ونَعْجَةٌ صائِفَة.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: كَبْشٌ أَصْوَفُ وصَوِفٌ مِثالُ فَعِل وصائفٌ وصافٌ، كلُّ هَذَا أَن يكون كثيرَ الصُّوف. وأخبرَني المنْذِرِيُّ عَن أبي الهَيْثم، يُقَال: كبشٌ صائِفٌ وصافٌ، كَمَا يُقَال: جُرُفٌ هَائرٌ وهارٍ على القَلْب. وَقَالَ اللَّيث: كبشٌ صُوفانِيٌّ أَو نَعْجَةٌ صُوفانَةٌ. وَيُقَال لوَاحِدَة الصُّوف: صُوفَة، وتصغَّر صُوَيْفَة.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: من أمثالهم فِي المَال يَملِكه من لَا يَستأهِله: خَرْقَاءُ وَجدتْ صُوفاً، يُضرَبُ للأحمَق يُصِيبُ مَالا فَيضعه فِي غير موضِعه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّوفَانَةُ: بقلة مَعْرُوفَة.
وَقَالَ اللّيث: هِيَ بَقْلَةٌ زَغْبَاءُ قصيرةٌ.
قَالَ: وتسمَّى زَغَبَاتُ القَفَا: صوفةُ القفَا.
قَالَ: وصُوفة: اسمُ حَيَ من بني تَمِيم، وَكَانُوا يُجِيزون الحاجّ فِي الجاهليَّةِ مِنْ مِنًى، فيكُونون أَوَّلَ، مَنْ يَدْفَعُ، يُقَال: أَجِيزِي صُوفَة، فَإِذا أَجَازَتْ قيلَ: أَجِيزِي خِنْدِفٌ، فَإِذا أجازتْ أُذِنَ للناسِ كلِّهِمْ فِي الإجازةِ وَهِي الإفاضةُ، وَفِيهِمْ يقولُ أَوْس بن مَغْرَاء:
حتَّى يُقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانَا
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: خُذْ بصوفةِ قَفاه، وبصوفِ قَفاه، وبِقَرْدَنِهِ وبِكَرْدنِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أخذَه بصُوفِ رقَبتِه وبطوفِ رقبته، بِمَعْنى وَاحِد، يريدُ بشعرِ رقبته.
وصف: فِي حَدِيث أبي ذَرّ أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (كَيفَ أنتَ وموتٌ يصيبُ الناسَ حَتَّى يكون البَيتُ بالوَصيف) .
قَالَ شمِر: مَعْنَاهُ: أَن الْمَوْت يَكثُر حَتَّى يصيرَ موضعُ قبرٍ يُشتَرى بعَبْدٍ من كَثْرَة الْمَوْت مِثل المُوتَان الَّذِي وَقع بِالْبَصْرَةِ وغيرِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَوْصفَ الوَصيفُ: إِذا تَمّ قَدُّهُ، وأوصفتِ الجاريةُ، ووَصِيفٌ ووُصفاء، ووَصِيفة(12/173)
ٌ ووصائف.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَصفُ: وصفُك الشيءَ بحليتهِ ونَعْتِه.
قَالَ: وَيُقَال للمُهْر إِذا تَوجَّه لشيءٍ من حُسن السِّيرَة: قد وَصَف، مَعْنَاهُ: أَنه قد وَصَف الْمَشْي؛ يُقَال: هَذَا مُهر حِين وَصف.
وَفِي حَدِيث الحَسَن أنّه كَرِه المواصفة فِي البيع.
قَالَ شَمِر: قَالَ أَحْمد بنُ حَنْبَل: إِذا بَاعَ شَيْئا عِنْده على الصِّفة لزِمَه البيع. وَقَالَ إِسْحَاق كَمَا قَالَ.
قلتُ: وَهَذَا بَيْعُ الصِّفة الْمَضْمُونَة بِلَا أَجَل بمنزِلة السَّلَم، وَهُوَ قَول الشافعيّ، وأهلُ الْكُوفَة لَا يجيزون السَّلَم إِذا لم يكن إِلَى أجَلٍ مَعْلُوم.
صفا: اللَّيْث: الصَّفْوُ: نَقِيضُ الكَدَر، وصَفْوَةُ كلِّ شَيْء: خالصُه مِن صَفْوة المَال وصَفْوَة الإخاء.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هُوَ صِفْوة المَاء، وصَفْوةُ المَاء، وَكَذَلِكَ المالُ، وَهُوَ صَفوةُ الإهالة لَا غَيرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصفاءُ: مُصافاةُ المودّةِ والإخاء. والصَّفْو أَيْضا: مصدر الشَّيْء الصافي.
قَالَ: وإِذا أَخَذَ صَفْوَ ماءٍ من غَديرٍ، قَالَ: استصفَيتُ صَفْوةً.
والاصطفاء: الاختيارُ، افتعالٌ من الصفْوَة، وَمِنْه النَّبِي المُصطَفى، والأنبياء المُصطَفَوْن، وهم من المُصطَفَيْن: إِذا اختِيروا، وهم المُصطَفُون: إِذا اخْتَارُوا، هَذَا بضَمِّ الْفَاء.
وصفِيّ الْإِنْسَان: أَخُوهُ الَّذِي يُصافيه الإخاء. وناقة صَفِيٌّ: كَثِيرَة اللَّبن. ونخلةٌ صَفِيٌّ: كثيرةُ الحَمل، والجميعُ الصفايا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: النَّاقة الصفيُّ: الغَزِيرة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو مِثله.
وَقَالَ: صَفْوَتْ وصَفَتْ.
وَقَالَ الْكسَائي: صَفَوَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصَّفِيُّ من الْغَنِيمَة: مَا اخْتَارَهُ الرئيسُ قَبل الْقِسْمَة من فَرَس أَو سَيْف أَو جَارِيَة، وجمعُه صفَايَا، وَأنْشد:
لَك المِرْبَاعُ فِيهَا والصَّفايَا
واستصفَيْتُ الشَّيْء: إِذا اسْتَخلَصته. وَمن قَرَأَ: (فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافِيَ) (الْحَج: 36) ، بِالْيَاءِ، فتفسيره: أَنَّهَا خَالِصَة لله؛ يُذْهَبُ بهَا إِلَى جمع صَافِيَة، وَمِنْه قيل للضياعِ الَّتِي يَستخلصها السّلطان لخاصَّته: الصَّوافي.
وَيُقَال: أصفَيْتُ فلَانا بِكَذَا وَكَذَا، أَي: آثَرْتُه بِهِ.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: الصفوَاء والصفْوَانُ والصفَا مقصورٌ كلُّه وَاحِد.(12/174)
وَأنْشد:
كَمَا زَلَّتْ الصفْوَاءُ بالمتنزَّلِ
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الصَّفَا: العريضُ من الْحِجَارَة، الأمْلس، جمع صفَاة، يُكتب بِالْألف، وَإِذا ثنِّي قيل صَفَوان، وَهُوَ الصفْواءُ أَيْضا، وَمِنْه الصفَا والمَرْوَة: وهما جبلان بَين بَطْحَاء مكَّة وَالْمَسْجِد. وبالْبحرَين نهر يتخلَّجُ من عَيْنِ محلِّم يُقَال لَهُ: الصَّفَا، مَقْصُور.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أصْفَتْ الدَّجاجة إصفَاءً: إِذا انْقَطع بَيْضها. وأَصْفَى الشاعرُ: إِذا لم يَقُل شعرًا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَصفَى الرجل: إِذا أنفد النساءُ ماءَ صُلْبِهِ. واصطفيت الشَّيْء، أَي: اخترته. والمصفاة: الراووق. وصفّيت الشَّرَاب.
فيص: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: قبضْتُ عَلَى ذَنَب الضَّبّ فأَفاصَ من يَدي حَتَّى خلص ذنَبُه، وَهُوَ حِين تنفرج أصابعك عَن مقبِض ذَنبه، وَمِنْه التَّفَاوُصُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: قبضْتُ عَلَيْهِ فَلم يَفِصْ وَلم يَنْزُو لَمْ يَنُصْ بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَيْصُ: بيانُ الْكَلَام.
وَفِي حَدِيث النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَمَا يُفيضُ بهَا لسانُه) ، أَي: مَا يُبين. وفلانٌ ذُو إفاصةٍ: إِذا تكلم، أَي: ذُو بَيَان.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَيْصُ من المُفَاوصة، وَبَعْضهمْ يَقُول: مُفايصة.
فصى: فِي حَدِيث قَيْلَةَ بنت مَخْرَمة أَن جُوَيْرِيةً من بَنَات أُخْتهَا حُدَيْبَاء قَالَت حِين انتَفَجَتِ الأرنبُ وهما يسيران الفَصية.
قَالَ أَبُو عُبَيد: تفاءلت بانتفاج الأرنب، وأرادت أَنَّهَا خرجتْ مِن الضِّيق إِلَى السَّعة.
وَمن هَذَا حَدِيث آخر عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْقُرْآن فَقَالَ: (لَهُوَ أَشَدُّ تفصِّياً من قُلُوب الرجَال من النعَم من عُقُلها) ، أَي: أشدُّ تَفَلُّتاً. وأصل التفصِّي أَن يكون الشيءُ فِي مضيق، ثمَّ يخرج إِلَى غَيره.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْصَى: إِذا تَخَلص من خير أَو شَرّ، وأفْصَى عَنْك الحرُّ أَو الْبرد: إِذا انْسَلَخَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أفْصَى عَنَّا الْحر: إِذا خرج وَلَا يكون أَفْصى عنّا الْبرد.
وَقَالَ اللَّيْث: كل شَيْء لازِقٍ فخلَّصته. قلت: قد انْفَصَى. واللّحْمُ المتهرِّىء يَنْفَصِي عَن الْعظم، والإنسَانُ يَتَفَصَّى من البليّة.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: من أمثالهم فِي الرّجل يكون فِي غمّ فَيخرج مِنْهُ قَوْلهم: أفْصَى عنَّا الشتَاء. وأفْصَى: اسمُ أبي ثَقِيف، وَاسم أبي عبد الْقَيْس.(12/175)
صيف: قَالَ اللَّيْث: الصيْفُ: رُبْعٌ من أَربَاع السّنة، وَعند الْعَامَّة نصفُ السَّنة.
قلتُ: الصيْفُ عِنْد الْعَرَب: الفَصل الَّذِي يُسمِّيه عوامُّ النَّاس بالعِراق وخُراسان: الرَّبيع، وَهِي ثلاثةُ أَشهر، والفَصلُ الَّذِي يَلِيهِ: القَيْظُ، وَفِيه تكون حَمراء القَيْظ، ثمَّ بعده فصل الخَريف، ثمَّ بعده فصلُ الشتَاء. والكَلأُ الَّذِي ينْبت فِي الصَّيف: صَيْفيّ، وَكَذَلِكَ الْمَطَر الَّذِي يَقع فِيهِ صَيِّف وصيْفيّ.
وَقَالَ ابْن كُناسة: وَاعْلَم أَن السّنة أربعةُ أزمنة عِنْد الْعَرَب: الرّبيع الأول، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الْفرس الخريف، ثمَّ الشتَاء ثمَّ الصَّيف، وَهُوَ الرّبيع الآخر، ثمَّ القيظ، فَهَذِهِ أَرْبَعَة أزمنة.
وسُمِّيت غزوَة الرّوم: الصائفة، لِأَن سُنَّتَهُم أَن يُغْزَوْا صيفاً ويُقفل عَنْهُم قبل الشِّتاء.
وَيُقَال: صافَ القومُ: إِذا أَقَامُوا بالصيف فِي مَوضِع فهم صائفون. وأصافوا فهم يُصيفون: إِذا دخلُوا فِي زمَان الصَّيف. وأَشْتَوْا: إِذا دخلُوا فِي الشتَاء.
وَيُقَال: صُيِّف الْقَوْم ورُبِعُوا: إِذا أَصَابَهُم مطر الصَّيف وَالربيع، وَقد صِفْنا ورُبِعْنَا، وَكَانَ فِي الأَصْل صُيِفْنَا فاستُثقلت الضمة مَعَ الْيَاء فحذِفت الْيَاء وكُسرت الصَّاد لتدل عَلَيْهَا.
ابْن السّكيت: أصافَ الرجل فَهُوَ مُصيف: إِذا وُلِد لَهُ بَعْدَمَا يُسِنّ، وولدُه صَيْفِيُّون.
وصاف فلانٌ ببلَدٍ يصيف: إِذا أَقَامَ بِهِ فِي الصَّيف. وصاف السَّهْم عَن الْغَرَض يصيف، وضاف يَضِيف: إِذا عدل عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو زُبيد:
كلَّ يومٍ تَرْميه مِنْهَا برَشْقٍ
فَمُصيفٌ أَو صافَ غير بعيدِ
أَبُو عبيد: استأجرته مُصايفة ومُرابعة ومشاتَاة ومُخَارفة: من الصَّيف والرَّبيع والشِّتاء والخريف.
وَمن أمثالهم: الصَّيف ضيَّعَت اللَّبن: إِذا فَرّط فِي أمره فِي وقته.
وَمن أمثالهم فِي إتْمَام قضاءِ الْحَاجة: تمامُ الرَّبيع الصيفُ، وَأَصله فِي الْمَطَر، فالربيعُ أوّله، والصيفُ الَّذِي بعده، فَيَقُول الْحَاجة بكمالها، كَمَا أنَّ الرّبيع لَا يكون تمامُه إلاَّ بالصيف.
أصف: قَالَ اللَّيْث: الأصَفُ: لغةٌ فِي اللَّصَف.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الفرّاء: هُوَ اللَّصَف، وَهُوَ شَيْء يَنبُت فِي أَصْل الكَبَر؛ وَلم يَعرف الأَصَف.
وَقَالَ اللَّيْث: آصف: كاتبُ سليمانَ الّذي دَعَا الله جلَّ وعزَّ باسمه الْأَعْظَم، فرأَى(12/176)
سليمانُ العرشَ مستقرّاً عِنْده، وَالله أعلم.
(بَاب الصّاد والبّاء)
ص ب (وَا يء)
صيب، صأب، صبا، بوص، وصب، وبص، أبص، بصا.
صيب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: صابَ: إِذا أَصابَ. وصابَ: إِذا انصَبّ؛ وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْ كَصَيِّبٍ} (الْبَقَرَة: 19) .
قَالَ الزَّجاج: الصيِّبُ فِي اللُّغَة: الْمَطَر: وكلُّ نازلٍ من عُلْوٍ إِلَى استِفالٍ فقد صابَ يَصُوبُ، وَأنْشد:
كأنهُم صابَتْ عليهمْ سحابةٌ
صَواعقُها لطَيْرِهِنَّ ذَبِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْبُ: المَطَرُ. والصيِّب: سَحَاب ذُو صَوْب. وصابَ الغيثُ بمَكَان كَذَا وَكَذَا، وصابَ السهمُ نَحْو الرَّمِيَّة يَصُوب صَيْبُوبَةً: إِذا قَصَدَ، وَإنَّهُ لسهمٌ صائِبٌ، أَي: قاصِدٌ. والصوابُ: نقيضُ الْخَطَأ. والتصوّبُ: حَدْبٌ فِي حُدُور.
وصَوّبتُ الإناءَ ورأسَ الخشبةِ تصويباً: إِذا خَفَضْتَه.
وكُرِه تصويب الرَّأْس فِي الصَّلاة.
والعرَبُ تَقول للسائر فِي فَلاةٍ تُقطَع بالحَدْس إِذا زَاغَ عَن القَصْد: أقِمْ صَوْبَك، أَي: قَصْدَك.
وفلانٌ مُسْتَقِيم الصَّوْب: إِذا لم يَزِغْ عَن قَصْده يَمِينا وشِمالاً فِي مَسيره.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أصَاب فلانٌ الصَّوَاب فأَخطأَ الْجَواب؛ مَعْنَاهُ: أَنه قَصَد قَصْد الصَّوَاب، وأَرادَه فأَخطأَ مُرادَه وَلم يُصِب.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله تَعَالَى: {الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ} (ص: 36) ، أَي: حَيْثُ أَرَادَ أَنه يُصِيب.
وَيُقَال: صابَ السهمُ الرمِيّة يَصوبها وأَصابها: إِذا قَصدها.
وَقَالَ الزَّجَّاج: أجمعَ النحويّون على أَن حَكَوْا مصائب فِي جمع مُصيبة بِالْهَمْز، وأَجمعوا على أنّ الاختيارَ مصاوِب؛ ومصائب عِنْدهم بِالْهَمْز من الشاذّ.
قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي إِنَّمَا هُوَ بدل من الْوَاو الْمَكْسُورَة، كَمَا قَالُوا وِسادة وإسادَة.
قَالَ: وَزعم الأخفشُ أنّ مَصائب إِنَّمَا وَقعت الْهمزَة فِيهَا بَدَلا من الْوَاو، لِأَنَّهَا أُعِلّت فِي مُصيبة.
قَالَ الزّجّاج: وَهَذَا رَدِيء، لِأَنَّهُ يُلزم أَن يقالَ فِي مَقام: مَقائم، وَفِي مَعونة: مَعَائن.
وَقَالَ أحمدُ بنُ يحيى: مُصيبة كَانَت فِي الأَصْل مُصْوِبَة، ومثلُه أقِيمُوا الصَّلَاة، أصلُه أَقْوِموا، فألقَوْا حركةَ الْوَاو على الْقَاف فانكسرتْ، وقلَبُوا الواوَ يَاء لكسرة الْقَاف.(12/177)
وَقَالَ الفرّاء: يُجْمَع الفُواق أَفْيِقَة، وَالْأَصْل أفْوِقَة.
وَقَالَ ابْن بَزُرج: تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم، أَي: على طبقاتهم ومَنازلهم.
وَقَالَ ابْن السكّيت: فِي عَقْل فلَان صابةٌ، أَي: كَأَنَّهُ مَجْنُون.
وَيُقَال للمجنون: مُصاب. والصُّوبة: الكُثْبة من تُرابٍ أَو غَيره.
أَبُو عُبَيد: فلانٌ من صُيَّابةِ قومِه، أَي: من مُصَاصِهم وأخلَصِهم نَسَباً.
وَقَالَ غَيره: من صُوَّابة قومِه مثله.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الصَّابُ والسَّلَع ضَرْبان من الشَّجر مُرّان.
وَقَالَ اللَّيْث: الصابُ: عُصارةُ شجر مُرَ.
ابْن الْأَعرَابِي: المِصْوَبُ: المِغْرفَة.
صأب: أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء، وثعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي: صَئِبَ من المَاء: إِذا كَثُر شُرْبُه. وَزَاد ابْن الأعرابيّ: صَئِمَ بِمَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ قَئبَ وذَئِجَ.
وَقَالَ اللِّحياني: صَئِب وصَئِمَ: إِذا رَوِي وامتلأَ، وَكَذَلِكَ زَئِمَ.
أَبُو عُبَيدة: الصِّئبان: مَا يتحبَّبُ من الْجَليد كاللّؤلؤ الصِّغار، وَأنْشد:
فأَضحَى وصِئبانُ الصَّقيع كأنّه
جُمانٌ بضاحِي مَتْنِه يتحدَّرُ
وَقَالَ اللّيث: الصُؤَابة: واحدةُ الصِّئْبان وَهِي بَيْضة القَمْل والبُرغُوت.
وصب: قَالَ اللّيث: الوَصَبُ: المَرَض، وتكسيرُه والجميعُ الأوْصاب.
ورجلٌ وَصِبٌ، وَقد وَصِبَ يَوْصَب وَصَباً، وأصابه وصيب: أَي وجع.
قَالَ: والوُصوبُ: دَيْمُومَةُ الشَّيْء.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} (النَّحْل: 52) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل فِي مَعْنَاهُ: دَائِما، أَي: إنَّ طَاعَته دائمةٌ وَاجِبَة أبدا.
قَالَ: وَيجوز وَالله أعلم أَن يكون {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أَي: لَهُ الدينُ وَالطَّاعَة، رَضِيَ العبدُ بِمَا يُؤمَر بِهِ أَو لم يَرْضَ بِهِ، سَهُل عَلَيْهِ أَو لم يَسْهلُ؛ فَلهُ الدِّينُ وَإِن كَانَ فِيهِ الوَصَب.
والوَصَبُ: شدّة التَّعَب.
وَقَوله: {جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ} (الصافات: 9) ، أَي: دَائِم، وَقيل: مُوجِع.
وَيُقَال: واظَبَ على الشَيء وواصَبَ عَلَيْهِ: إِذا ثابَرَ عَلَيْهِ.
وبص: اللَّيْث وغيرُه: الوَبيصُ: البَريق، وَقد وَبَص الشيءُ يبِيصُ وَبِيصاً، وَإِن فلَانا لوَابِصَةُ سَمْعٍ: إِذا كَانَ يَسْمع كلَاما فيعتمد عَلَيْهِ ويظنّه ولمَّا يكن على ثِقَة، يُقَال: هُوَ وابصةُ سَمعٍ بفلان، ووابصةُ سمع بِهَذَا الْأَمر.(12/178)
وَفِي الحَدِيث: (رأيتُ وبِيص الطِّيب فِي مَفارِق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُحرِم) ، أَي: بَرِيقَه. وأَوْبَصَت النارُ عِنْد القَدْح: إِذا ظَهَرتْ. وأوبصَت الأرضُ: أوّل مَا يَظْهر من نَباتها. ورجلٌ وبّاص: بَرّاق اللَّون.
وَقَالَ الْفراء: فِي أَسمَاء الشُّهُور: وَبْصان شهر ربيع الآخَر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَبِيصة والوابِصةُ: النَّار.
عَمْرو عَن أَبِيه: هُوَ القَمَر، والوَبّاص.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: وَقع القومُ فِي حَيْص بَيْصَ، أَي: فِي اختلاطٍ من أمرٍ لَا مَخرَجَ لَهُم مِنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: وقَع فِي حِيْصَ بِيصَ، بِكَسْر الْحَاء وَالْبَاء.
وَقَالَ غَيره: وَقع حَيْصَ بَيْصَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَيْصُ: الضِّيق والشّدّة.
صبا: قَالَ الله جلّ وعزّ مخبِراً عَن يوسفَ: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} (يُوسُف: 33) .
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أخبَرَني المنذريُّ عَنهُ، يُقَال: صَبَا فلانٌ إِلَى فلانَة، وَصَبا لَهَا يَصْبو صَباً مَنْقوصٌ، وصَبْوَةً: أَي: مالَ إِلَيْهَا.
قَالَ: وصَبَا يَصبُو فَهُوَ صاب وصَبِيٌّ، مثل قادِر وقَدِير.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: إِذا قَالُوا صَبيٌّ فَهُوَ بِمَعْنى فَعُول، وَهُوَ الْكثير الْإِتْيَان للصِّبَا.
قَالَ: وَهَذَا خطأ، لَو كَانَ كَذَلِك لقالوا: صَبُوٌّ، كَمَا قَالُوا: دَعُوٌّ وسَمُوٌّ ولَهُوٌّ فِي ذَوَات الْوَاو، وأمّا البَكِيُّ فَهُوَ بِمَعْنى فَعُول، أَي: كثيرُ الْبكاء، لِأَن أَصله بَكُويٌ.
وأَنْشَدَ:
وإنّما يَأتي الصِّبَا الصَّبِيُّ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبْوَةُ: جَهْلةُ الفُتُوة وَاللَّهْو من الغَزَل، وَمِنْه التّصابي والصِّبا.
قَالَ: والصِّبْوة: جمعُ الصَّبِي، والصِّبْيةُ لُغَة، والمصدر الصِّبا. يُقَال: رأيتُه فِي صِباه، أَي: فِي صِغَرِه.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رأيتُه فِي صَبائه، أَي: فِي صِغَره. وَامْرَأَة مُصْبٍ بِلَا هَاء: مَعهَا صَبِيّ.
قَالَ: وَإِذا أَغمَد الرجلُ سيفَه مقلوباً قيل: قد صابى سيفَه يُصابيه.
قَالَ: والصَّبِيُّ من السّيف: مَا دُون الظَّبَة قَليلاً. والصَّبِيُّ من القَدَم مَا بَين حِمَارَتِها إِلَى الْأَصَابِع.
وَقَالَ شمر: الصَّبِيّان: مُلتقَى اللَّحيين الأسفَلين.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّبِيَان: مَا دَقّ من أسافل اللَّحْيين.(12/179)
قَالَ: والرَّأْدانِ: هما أَعلَى اللَّحيين عِنْد الماضِغَين، وَيُقَال: الرُّؤْدانِ أَيْضا.
والصَّبا: ريحٌ معروفةٌ تُقابِل الدَّبور، وَقد صَبَت الريحُ تَصْبو. وَيُقَال: صابَى البعيرُ مَشافِرَه: إِذا قَلَبها عِنْد الشُّرب.
وَقَالَ ابنُ مقبل يذكر إِبلاً:
يُصابِينَها وَهِي مَثْنِيّةٌ
كثَنْيِ السُّبوتِ حُذِينَ المِثَالا
وَقَالَ أَبُو زيد: صابَيْنا عَن الحَمْض، أَي: عَدَلْنا. وَيُقَال: صابى رُمْحَه: إِذا حَدَر سنانَه إِلَى الأَرْض لِلطَّعْنِ.
وَقَالَ النَّابِغَة الجعديّ:
مُصابَين خِرْصَانَ الرماحِ كأنّنا
لأعدائنا نُكْبٌ إِذا الطَّعْنُ أفْقَرا
وَيُقَال: أصبَى فلانُ عِرْسَ فلانٍ: إِذا استمالَها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال لِلْجَارِيَةِ صبيّة وصَبِيٌّ، وصَبَايا للْجَمَاعَة، والصِّبْيَان: الغِلْمان.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَبَأَ الرجلُ فِي دينه يَصْبَأُ صُبُوءاً: إِذا كَانَ صابئاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَالصَّابِئِينَ} (الْبَقَرَة: 62) ، مَعْنَاهُ الخارِجِين من دين إِلَى دين، يُقَال: صبَأَ فلانٌ يَصْبَأَ: إِذا خرجَ من دِينه.
قَالَ: وصَبَأَتِ النُّجُوم: إِذا ظَهرتْ، وصَبَأ نابُه: إِذا خرجَ، يَصْبَأُ صُبُوءاً.
قَالَ اللَّيْث: الصابئُون: قوم يُشبِه دينهُم دينَ النّصارى، إِلَّا أَن قِبلتَهم نحوَ مَهَبّ الجَنوب، يَزعمون أنّهم على دِين نوح، وهم كاذبون.
وَكَانَ يُقَال للّرجل إِذا أسلم فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صَبَأَ؛ عَنَوْا أَنه خرج من دِينٍ إِلَى دينٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أصبأْتُ القومَ إصبَاءً، وَذَلِكَ إِذا هجمتَ عَلَيْهِم وَأَنت لَا تَشعُر بمكانهم وَأنْشد:
هَوَى عليهمْ مُصْبِئاً مُنْقَضَّاً
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: صَبَأْتُ على القَوْم صَبْأٌ وصَبَعْتُ، وَهُوَ أَن يَدُلَّ عَلَيْهِم غَيرهم.
وَقد فسرت قَوْله: لتعودن صُبّاً، فِي بَاب المضاعف بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة.
وَسُئِلَ ابْن الأعرابيّ عَنهُ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ (أساود صُبَّى) مَعْنَاهُ: أنّهم مجتمعون جماعات، ويقتتلون فيكونون كالحيات الَّتِي تميل بَعْضهَا على بعض؛ يُقَال: صبا عَلَيْهِ: إِذا خرج عَلَيْهِ بالعداوة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: صَبَأَ عَلَيْهِ: إِذا خرج عَلَيْهِ، ومالَ عَلَيْهِ بالعداوة. وجعلَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (لَتَعُوُدُنَّ فِيهَا أساوِدَ صُبيَّ) فُعَّلاً من هَذَا، خُفِّف همزُهُ، أَرَادَ أنّهم كالحيات الَّتِي يَميل بعضُها على بعض.(12/180)
بوص: أَبُو عُبَيد: البُوصُ: العَجُز بِضَم الْبَاء، والبَوْصُ: اللَّوْنُ، بِفَتْح الْبَاء. والبَوصُ: الفَوْت والسَّبْق؛ يُقَال: باصَني الرجل، أَي: فَاتَنِي وسَبَقني.
وَقَالَ اللَّيْث: البَوْص: أَن تَستعجِل إنْسَانا فِي تَحمِيلكَه أمرا لَا تَدَعُه يتمهّل فِيهِ، وأَنشدَ:
فَلَا تعْجل عليّ وَلَا تَبُصني
ودالِكْني فَإِنِّي ذُو دَلاَلِ
وسارَ القومُ خِمْساً بائصاً، أَي: معجلا مُلِحّاً.
قَالَ: والبُوصِيُّ: ضَرْبٌ من السُّفُن، وَقَالَ:
كَسُكَّانِ بُوصِيَ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البُوصِيُّ: زَوْرَقٌ، وَلَيْسَ بالملاّح.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: بَوَّصَ: إِذا سَبَق. وبَوَّص: إِذا سَبَق فِي الْحَلْبة. وبَوَّص: إِذا صفا لَونه، وبَوَّص: إِذا عظم بوصه.
الْفراء: أبص يأبص وهَبِصَ يَهْبَص: إِذا أَرِنَ ونَشِط.
بصا: سَلَمةُ عَن الفَرَّاء قَالَ: بصا: إِذا اسْتَقْصَى على غَريمِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البِصَاءُ: أَن تَسْتَقْصِيَ الخِصاءَ؛ يقالُ مِنْهُ: خَصِيٌّ بَصِيٌّ. وَالله أعلم.
(بَاب الصَّاد وَالْمِيم)
ص م (وَا يء)
صَوْم، صمي، وصم، موص، أمص، مصي.
صَوْم: قَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الله عزَّ وجلَّ: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لي) قَالَ أَبُو عبيد: إِنَّمَا خَصَّ تبارَكَ وَتَعَالَى الصَّوْمَ بأنَّهُ لَهُ، وَهُوَ يَجْزِي بِهِ وَإِن كَانَت أعمالُ البِرِّ كلُّها لَهُ وَهُوَ يَجْزِي بهَا؛ لِأَن الصَّوْمَ لَيْسَ يَظهَر من ابنِ آدمَ بلسانٍ وَلَا فِعْل فتكتبه الحَفَظَة؛ إِنَّمَا هُوَ نيَّةٌ فِي الْقلب، وإمساكٌ عَن حَرَكَة المَطْعَم والمَشرَب، يَقُول الله: فَأَنا أتولَّى جزاءَه على مَا أحِبُّ من التَّضْعِيف، وَلَيْسَ على كتابٍ كُتِبَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَيْسَ فِي الصَّوْم رِياءٌ) . قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيينَةَ: الصومُ هُوَ الصَّبْر، يَصْبِرُ الإنسانُ عَن الطَّعامِ والشَّرابِ والنّكاح، ثمَّ قَرَأَ: {وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ} (الزمر: 10) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: والصائم من الْخَيل: الْقَائِم السَّاكِت الّذي لَا يَطْعَم شَيْئا، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ
تَحْتَ العَجَاجِ وأخرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
وَقد صَامَ يَصُوم. وَقَالَ الله تَعَالَى: {إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً} (مَرْيَم: 26) ، أَي:(12/181)
صَمْتاً. وَيُقَال للنهار إِذا اعتدل وَقَامَ قَائِم الظَّهيرة: قد صامَ النهارُ. وَقَالَ امرُؤُ الْقَيْس:
فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسرَةٍ
ذَمُولٍ إِذا صامَ النَّهَارُ وهَجَّرَا
وَقَالَ غيرُه: الصَّوْمُ فِي اللُّغَة: الإمساكُ عَن الشيءِ والتَّرْكُ لَهُ. وَقيل للصائمِ صَائِم: لإمساكه عَن الْمطعم وَالْمشْرَب والمنكح. وَقيل للصامت: صَائِم، لإمساكه عَن الْكَلَام. وَقيل للفرسِ: صَائِم، لإمساكه عَن العَلَف مَعَ قِيَامه. وَيُقَال: صامَ النَّعامُ: إِذا رَمَى بِذَرَقِه، وَهُوَ صومُه. وصامَ الرجلُ: إِذا تَظَلَّلَ بالصَّوْم، وَهُوَ شجر؛ قالهُ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْمُ: تَرْكُ الْأكل وترْكُ الْكَلَام. وَصَامَ الفَرَس على آرِيِّه: إِذا لم يَعْتَلِف. والصومُ: قِيَامٌ بِلَا عَمل. وصامَتِ الرِّيحُ: إِذا رَكَدَتْ، وصامت الشَّمسُ عِنْد انتصاف النَّهَار: إِذا قَامَت وَلم تَبرَح مَكَانهَا. وبَكْرَةٌ صائمةٌ: إِذا قَامَت فَلم تَدُر، وَقَالَ الراجز:
شَرُّ الدِلاء الْوَلْغَةُ المُلاَزِمَة
والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصائمهْ
وَيُقَال: رجلٌ صَوْمٌ، ورجلان صَوْم، وَقوم صَوْم، وامرأةٌ صَوْم، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَع لِأَنَّهُ نُعِت بالمصْدَر، وتلخيصُه: رجُلٌ ذُو صَوْم، وَقَوْمٌ ذُو صَوْم، وامْرَأَةٌ ذاتُ صَوْم. ورَجُلٌ صَوَّام قَوّام: إِذا كَانَ يَصومُ النَّهارَ ويقومُ الليلَ. ورِجَالٌ ونِسَاءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ، وصُوَّامٌ وصُيَّام، كل ذَلِك يُقَال: ومَصَامُ الْفرس: مَقامُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يقالُ: أقمتُ بالبصرةِ صَوْمَيْنِ، أَي: رَمَضَانَيْن.
ابْن بُزْرُج: لَا صَمياء وَلَا عمياء لَهُ من ذَلِك متروكتان: إِذا انكب على الْأَمر فَلم يقْلع عَنهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج: أصل الصَّميان فِي اللُّغَة السرعة.
صمي: قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أصل الصَّمَيَانِ فِي اللُّغة: السرعةُ والخِفَّة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الفرَّاء: الصَّمَيان: التَّقَلُّبُ والوَثْب. ورَجُلٌ صمَيَانٌ: إِذا كَانَ ذَا تَوَثُّب على النَّاس. ورُوِي عَن ابْن عبَّاس أَنَّه سُئِلَ عَن الرَّجُل يَرمِي الصيدَ فيَجِدُهُ مقْتولاً فَقَالَ: كلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الإصماء أَن يَرْمِيَه فَيَمُوت بَين يَدَيْهِ لم يَغب عَنهُ، والإنْماءُ: أَن يَغيبَ عَنهُ فَيَجِدَهُ ميِّتاً. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْمَعْنى فِي قَوْله: (كُلْ مَا أَصْمَيْت) ، أَي: مَا أصابَه السَّهم وَأَنت ترَاهُ فأسرَعَ فِي الموتِ، فرأَيتَه وَلَا محالةَ أَنه مَاتَ برمْيِكَ. وأصلُه من الصَّمَيَان، وَهُوَ السرعةُ والخِفَّة.(12/182)
وَقَالَ اللَّيْث: الصمَيان: الشُّجاعُ الصادقُ الحَمْلَة. قَالَ: وأَصْمَى الفرسُ عَلَى لِجَامِه: إِذا عَضَّ عَلَيْهِ وَمضى، وأَنْشَد:
أَصْمَى عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ وَقُرْبُه
بالماءِ يَقْطُرُ تارَةً ويَسِيلُ
قَالَ: والانصماء: الإقبالُ نحوَ الشَّيْء كَمَا يَنْصمِي البَازِي: إِذا انقضّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصَمَيَان: الجريءُ على الْمعاصِي.
وصم: قَالَ أَبُو عُبَيدة: الوَصْمُ: العَيْبُ يكون فِي الْإِنْسَان وَفِي كلّ شَيْء، يُقَال مَا فِي فلَان وَصْمَةٌ، أَي: عَيْبٌ. والتَّوْصِيم: الفَتْرة والكَسَل.
وَقَالَ لَبِيد:
وَإِذا رُمْت رحيلاً فارتحل
وَاعْصِ مَا يَأْمُرُ تَوْصِيمُ الكَسِلْ
سلَمة عَن الفرّاء: الوَصْمُ: العَيْب. وقَناةٌ فِيهَا وَصْم، أَي: صَدْع فِي أنْبُوبها. وَرجل مَوْصوم الحَسَب: إِذا كَانَ مَعِيباً.
مصي: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: المَصْواء من النّساء: الَّتِي لَا لحم فِي فَخِذَيها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد والأصمعيّ: المَصْواء: الرَّسْحاء: وَهِي العَصُوب والمنْداص. والمُصاية: القارُورة الصَّغيرة.
أمص: قَالَ اللَّيْث: الآمص: إعْرابُ الخاميزْ.
موص: قَالَ أَبُو عُبَيد: المَوْص الغَسْل، يُقَال: مُصْتُه أَمُوصُه مَوْصاً. وَقَالَت عائشةُ فِي عُثْمَان: مُصْتمُوه كَمَا يُماص الثوبُ، ثمَّ عَدَوْتم عَلَيْهِ فقتلتموه. تَعنِي: استِعْتَابهم إيّاه وإعتابَه إيّاهم فيمَ عَتَبوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَوْصُ: غَسْلُ الثَّوْب غَسْلاً لَيِّناً يَجعل فِي فِيهِ مَاء، ثمّ يَصُبُّه على الثّوب وَهُوَ آخذُه بَين إِبْهامَيْه يَغسِله ويَموصه.
وَقَالَ غيرُه: ماصَه ومأصه بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابي: المَوْصُ: التِّبنُ. ومَوَّص الرجلُ: إِذا جَعَل تجارتَه فِي المَوْص وَهُوَ التِّبْن. ومَوَّصَ ثَوْبَه: إِذا غَسَله فأنقاه. وَالله أعلم.(12/183)
بَاب لفيف الصّاد
صوه. صيا. أصآ. صأى. صأصأ. صيصية. وصيى. أصى. اص. وصواص. يصص. صوى. صوص.
صيأ: روِي عَن أبي هُرَيرة أنّه قَالَ: إنَّ لِلْإِسْلَامِ صُوى ومَناراً كمنَار الطَّرِيق.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الصُّوَى: أعلامٌ من حِجارة منصوبةٌ فِي الفَيافي المجهولة يُستدَلّ بهَا على طُرُقها، واحدتُها صُوّة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصُّوَى: مَا غَلُظ من الأَرْض وارتفع وَلم يَبلُغ أَن يَكون جَبَلاً.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَول أبي عَمْرو: أَعجَبُ إليّ، وَهُوَ أشبَه بِمَعْنى الحَدِيث. وَالله أعلم.
وَقَالَ لبيد:
ثمَّ أَصْدَرْناهُمَا فِي وَارِدٍ
صَادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ قد مَثَلْ
وَقَالَ أَبُو النَّجم:
وبَيْنَ أعْلاَمِ الصُّوَى المَوَاثلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّوَّة: صَوْتُ الصَّدَى.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ فِي الشَّاءِ إِذا أَيْبَس أربابُها ألبانَها عَمْداً ليَكُون أسْمَن لَهَا، فَذَلِك التَّصْوِية، وَقد صَوَّيناها.
وَقَالَ العَدَبَّسَ الكِنانِيّ: التَّصوِية للفُحول من الْإِبِل: ألاّ يحمَل عَلَيْهِ وَلَا يُعقدَ فِيهِ حَبْل فَيكون أنشَطَ لَهُ فِي الضِّراب وأَقوَى، وأنشَد قَول الفَقْعَسي يصف إبِلا وراعيها:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنةٍ جُلاعِدَا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّصوِية فِي الْإِنَاث: أَن تُبَقَّى ألبانُها فِي ضُروعها ليَكُون أشدَّ لَهَا فِي الْعَام المقبِل، وَأنْشد:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْنَاسُ صَوَّى لِقَاحَهُ
فإنّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ
قَالَ: وناقةٌ مُصَوّاةٌ ومُصَرَّاةٌ ومحفَّلةٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (التَّصْوِية خِلاَبة) ، وَكَذَلِكَ التَّصْرِية.
وَقَالَ غيرُه: ضَرعٌ صاوٍ: إِذا ضَمَر وذَهب لبنُه.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
مُتفلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِىء
كالقُرْطِ صاوٍ غُبْرُه لَا يُرْضَعُ
أَرَادَ بالقانىءِ: ضَرْعَها، وَهُوَ الْأَحْمَر، لِأَنَّهُ ضَمَر وارتفَع لبنُه.(12/184)
وَقَالَ اللَّيْث: الصاوي من النّخيل: الْيَابِس. وَقد صوَت النخلةُ تَصوِي صوِيّاً.
صأي: أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: الصآةُ بِوَزْن الصّعاة: ماءٌ ثخين يخرج مَعَ الْوَلَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الصَّاءَةُ، بِوَزْن الصاعة.
قَالَ: والصآةُ بوَزْنِ الصَّعَاةِ، والصَّيْأَةُ بوَزْن الصَّيْعَة. والصَّيَّةُ: المَاء الَّذِي يكون فِي المَشيمة، وَأنْشد شَمِر:
على الرِّجْلَيْن صاءٍ كالخُراجِ
قَالَ: وبعت الناقةَ بِصَيتِها، أَي: بِحِدْثانِ نَتاجها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: صَيّأْتَ رأسَه تَصْيآءً: بللتُه قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ غَيره: هُوَ أَن يغسلهُ فيثوّر وسَخَه وَلَا يُنَقِّيه.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: صأى الفَرْخ، بوَزْن صعَى.
قَالَ: والفِيل والخِنْزير والفأر كلهَا تصأى صئِيَّاً وصئِيئَّا، واليَرْبُوع مِثلُه، وَأنْشد أَبُو صفوانَ للعجّاج:
لَهُنّ فِي شَبَاتِه صئيُّ
وَقَالَ جرير:
لَحَى الله الفَرَزْدقَ حِينَ يَصأَى
صئِيَّ الكلْب بَصبَص للعِظالِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جَاءَ بِمَا صأى وصَمَت، أَي: جَاءَ بالشّاء وَالْإِبِل. وَمَا صَمتَ: الذّهبُ والفضّة.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصائي: كلُّ مالٍ من الْحَيَوَان مثلُ الرقيقِ وَالدَّوَاب. والصامت: مِثلُ الأثواب والوَرِق، سُمِّي صامتاً لِأَنَّهُ لَا رُوحَ فِيهِ.
وَقَالَ خَالِد بنُ يزِيد: يُقَال: صاءَ يصيءُ، مثل صاعَ يَصيع، وصئِيَ يَصأى، مِثل صعِيَ يَصعَى.
صأصأ: كَانَ عُبَيد الله بن جَحْش أسلَم ثمَّ ارتدَّ وتنصّر بالحَبشة، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك؟ فَقَالَ: إِنَّا فَقَّحْنا وصأْصأْتُم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال: صأصأ الجِرو: إِذا لم يَفْتح عَيْنَيْهِ أَوانَ فتحِه. وفَقّح: إِذا فَتَح عَيْنيه، فَأَرَادَ أَنا أبصَرْنا أَمْرَنا وَلم تُبصِروه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصأصأُ: تَأْخِير الجِرْو فتحَ عَيْنَيْهِ. والصأْصأُ: الفَزَع الشَّديد. والصأصَاءُ: الشِّيص.
أَبُو عبَيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للنّخْلة إِذا لم تقبل اللَّقاح وَلم يكن للبُسْر نَوًى: قد صأْصأَتْ النخلةُ صئصاءً.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: فِي لُغة بني الْحَارِث بنِ كَعْب: الصِّيص هُوَ الشِّيص عِنْد النَّاس، وَأنْشد:
بأعْقَارِها الفِرْدانُ هَزْلَى كأنَّهَا
نَوَادِرُ صِيصَاءِ الهَبيدِ المُحطَّمِ(12/185)
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصِّيصاء: قِشْر حَبّ الحَنظَل.
وَقَالَ الأصمعيّ: صأصأ فلانٌ صَأْصَأَة: إِذا استَرخَى وفَرِق.
صيص: عَمْرو عَن أَبِيه: الصِّيصَة من الرِّعاء: الْحَسنُ الْقيام على مَاله.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (الْأَحْزَاب: 26) مَعْنَاهُ: من حُصُونهم.
وَقَالَ الزَّجَّاج: الصِّياصِ: كلُّ مَا يُمتَنَع بِهِ، وَهِي الحُصون. وَقيل: القُصور لَا يُتحصّن بهَا. والصَّياصي: قُرُون البَقَر والظِّباء. وكلُّ قَرْن صِيصةِ، لِأَن ذَوَات القُرون يتحصّن بهَا. قَالَ: وصِيصَة الدِّيك: شوْكتُه، لِأَنَّهُ مُحصّن بهَا أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصِّيصة: حَفٌ صغيرٌ من قُرون الظِّباء تَنسِج بِهِ الْمَرْأَة. وَقَالَ دُريد بن الصِّمّة:
فجِئْتُ إلَيْهِ والرِّمَاحُ تَنُوشُهُ
كَوَقْع الصَّيَاصِي فِي النَّسِيج المُمدَّدِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أصاصَتِ النخلةُ إصَاصَةً، وصَيَّصَتْ تَصْييصاً: إِذا صَارَت شِيصاً، وَهَذَا من الصِّيص لَا مِن الصِّيصَاء، يُقَال من الصِّيصاء: صَأْصَأَتْ صِيصَاءً. ابْن السكّيت: هُوَ فِي ضِئْضِي صِدْقٍ، وصِئْصِىء صِدْقٍ، وَقَالَهُ شَمِر واللّحياني.
أصص: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: الأَصُّ: الأصْل، وجمعُه آصاص. وَقَالَ خَالِد بن يزِيد: الأصِيص: أسفلُ الدَّنّ يُبالُ فِيهِ، وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَأَنا ذُو عَجّةٍ
مَتى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصِيْص
العجة: الصّوت.
وَيُقَال: هُوَ كهَيئة الجَرِّ لَهُ عُرْوَتان يُحمَل فِيهِ الطّين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ناقةٌ أَصُوص عَلَيْهَا صُوصٌ. قَالَ أَبو عَمْرو بن الْعَلَاء: الأَصُوص: النّاقة الْحَائِل السمينة.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مُداخَلةٌ صَمُّ العِظَامِ أَصُوص
أرادَ: صَمُّ عِظامُها. وَقد أصَّتْ تَؤُصُّ أصُوصاً: إِذا اشتدّ لحمُها وتلاحَكت ألواحُها.
صوص: وأمّا الصُّوص فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: هُوَ الرجل اللَّئِيم الّذي يَنزل وَحده ويأكلُ وَحده، فإِذا كَانَ باللّيل أَكَل فِي ظلّ القَمَر لئلاّ يَراه الضّيف، وأَنشَد:
صُوصُ الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَهُ
وَيكون جَمْعاً وأَنشد:
فأَلْفَيتكُمْ صُوصاً لُصُوصاً إِذا
دَجَى الظّلاَمُ وَهَيّا بينَ عِنْد البَوارِق
وصوص: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر:(12/186)
الوصواص: البُرْقعُ الصَّغِير. وَقَالَ الفرّاء؛ إِذا أدْنَت المرأةُ نِقابها إِلَى عَيْنَيها فَتلك الوَصْوَصةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: التَّرْصيص فِي النِّقاب، ألاّ يُرَى إلاّ عَيْناها.
وَتَمِيم تَقول: هُوَ التّوصيصُ بِالْوَاو. وَقد رَصَّصت ووَصَّصَتْ توصيصاً وترصيصاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَصْواص: خَرْقٌ فِي السِّتْر ونحوِه على مِقْدَار العَين يُنظر مِنْهُ، وأَنشَد:
فِي وَهَجَانٍ يَلجُ الوَصْوَاصا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَصيُّ: إحكامُ العَمَل من بناءٍ أَو غيرِه.
قَالَ: والصَّوُّ: الفارغ. وأَصوَى: إِذا جَفَ. والصوّة: صَوْتُ الصَّدَى، بالصَّاد.
يصص: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يَصَّصَ الجِرْو بِالْيَاءِ وَالصَّاد إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وَيُقَال: بَضَّضَ وبصّصَ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوَى: السُّنْبُل الفارغ، والقُنْبُع: غِلافُه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: وأَصْتُ بِهِ الأَرْض: إِذا ضربت بِهِ الأرضَ. ومَحصتُ بِهِ الأرضَ، مثلُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَصَى الرَّجُل: إِذا عَقَل بعد رُعونة.
وَيُقَال: إِنَّه لذُو حَصاةٍ وأَصَاةٍ، أَي: ذُو عَقْل ورأي.
وصّى: أَبُو عُبَيد: وَصَيْتَ الشيءَ ووصَلْتُه سَوَاء.
وَقَالَ ذُو الرمَّة:
نصِي اللَّيلَ بالأيّامِ حَتى صَلاتنا
مقاسَمة يَشْتَقُّ أَنصافَها السَّفْرُ
وفلاة واصيةٌ: يتَّصل بفلاة أُخْرَى، وَقَالَ ذُو الرّمة:
بَيْنَ الرَّجا والرَّجا مِن جَنْبِ واصيَةٍ
يهْماءَ خابِطُها بالخَوفِ مَعْكوم
وَقَالَ الأصْمَعيُّ: وَصَى الشَّيْء يصِي: إِذا اتَّصَلَ. ووَصَاه غيرُه يَصِيه: وَصَله. وَقَالَ اللَّيْث: الوَصاةُ كالوصيّة؛ وأَنشد:
أَلاَ مَن مُبْلِغ عني يَزيداً
وَصاةً مِن أَخي ثِقَةٍ وَدُودِ
وَيُقَال: وَصِيٌّ بيّنُ الوَصاية، وَالْفِعْل أَوْصَيتُ ووَصَّيتُ إيصاءً وتوصيةً. والوصيّة: مَا أَوْصَيْتَ بِهِ، وسُميتْ وَصِيةً لاتصالها بِأَمْر الميّت.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَصِيُّ: النباتُ الملتفُّ.
وَقيل لعليّ عَلَيْهِ السَّلَام: وَصِيٌّ، لاتصال نسبِه وسبَبِه وسَمْتِه، وإِذا أَطاعَ المَرْتَعُ للسَّائمة فأصابتْه رغَداً قيل: وصَى لَهَا المَرْتَعُ يَصِي وَصْياً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا اتَّصل نباتُ الأَرْض بعضُه بِبَعْض قيل: وَصَت الأَرْض(12/187)
فَهِيَ واصيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الآصيَة: طعامٌ مثلُ الحَسَاء يُصنَع بالتَّمر، وأَنشد:
والإتْر والصَرْبُ مَعاً كالآصيَهْ
وَقَالَ اللَّيْث: ابْن الآصي: طائرٌ شبه الباشَق، إلاّ أَنه أطوَلُ جَناحاً، وَهُوَ الحِدَأَة، يُسَمِّيه أهلُ الْعرَاق ابْن آصَى انْتهى، وَالله تَعَالَى أعلم(12/188)
بَاب الرباعي من حرف الصّاد
(صفرد) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصِّفْرِدُ: طائرٌ جَبانٌ يَفزَع من الصَّعْوة وَغَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّفْرِدُ: طائرٌ يألَف الْبيُوت وَهُوَ أَجبَن الطّير، يُقَال: أَجبَنُ مِن صِفْرِد.
فرصد: اللَّيْث: الفِرْصادُ: شجرٌ مَعْرُوف، وأَهلُ البَصرة يسمُّون الشجرةَ: فِرْصاداً، وَحَمْلَه التُّوت. وَأنْشد:
كَأَنَّمَا تَفَضَ الأَحْمَالَ ذَاوِيَةً
على جَوَانِبِه الفِرْصاد والعِنَبُ
أَراد بالفِرْصاد والعِنَب: الشجرتين لَا حَمْلَهُما. أَراد: كَأَنَّمَا نَفَضَ الفرصادُ أحمالَه: ذاوِيَةً نُصبَ على الْحَال، والعنَبُ كَذَلِك، شبَّه أَبْعارَ البقَر بحَب الفِرْصاد والعِنَب.
وَقَالَ أَبو عبيد: هُوَ الفِرْصاد والفِرْصيد لِحَمْل هَذِه الشَّجَرَة.
وروَى أَبُو عمر عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفِرْصد: عَجْمُ الزَّبيب، وَهُوَ العُنْجُد أَيْضا.
(صندل) : قَالَ اللَّيْث: الصنْدَل: خشبٌ أحمرُ، وَمِنْه الْأَصْفَر طيّب الرّيح. والصَّنْدَل من الحُمُر: الشديدُ الخلْق الضَّخْم الرَّأْس، قَالَ رؤبة:
أَنْعَتُ عَيْراً صَنْدلاً صُنادِلا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: صنْدَلَ البعيرُ: إِذا ضَخُم رأسُه، وقَنْدَلَ الرجُل: ضخمُ رأسُه.
قَالَ: والصِّمْرِدُ: الناقةُ الغَزِيرة اللَّبن. والصمْرِدُ: القليلةُ اللَّبن.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصَّماريد: الغَنَمُ. والصَّمارِيد: الغَنَم السِّمان، والصماريد: الأرَضون الصلاب.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصمرِد: النَّاقة القليلةُ اللَّبن.
وَقَالَ غيرُه: بئرٌ صِمْرِد: قليلةُ المَاء، وَأنْشد:
لَيْسَتْ بثَمْدٍ للشِّبَاكِ الرُّشَّحِ
وَلَا الصَّمارِيدِ البِكاءِ البُلَّحِ
الشِّباك: رَكَايا فُتِح بعضُها فِي بعض.
صلدم: قَالَ اللَّيْث: الصِّلْدِم: القويُّ الشَّديد الحافرِ، وَالْأُنْثَى صِلْدِمة، وَكَذَلِكَ الصلاَدِم، وجمعُه صلادِم.(12/189)
(صنبر) : (رجل) صنْبُورِ (فَرْد ضَعِيف ذليل لَا أهل لَهُ وَلَا عِقب وَلَا نَاصِر) ، وَفِي الحَدِيث: أَن كنايته كَانُوا يَقُولُونَ: إِن مُحَمَّدًا صنبور وَقَالُوا: صُنَيْبيرُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الصنْبُورُ: النَّخلةُ تَخرُج من أصل النَّخْلة الْأُخْرَى لم تغرَس. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصنبُورُ: النخلةُ تَبقَى منفَرِدة، ويَدِقُّ أسفَلها. قَالَ: ولقِيَ رجُلٌ رجُلاً من العرَب فسأَل عَن نَخْله فَقَالَ: صنْبَر أَسْفَلُه، وعَشَّشَ أَعْلَاهُ، يَعْنِي: دَقّ أسفلُه، وقَلَّ سَعفُه ويبِس.
قَالَ أَبُو عُبيد: فشبَّهوه بهَا، يَقُولُونَ: إِنَّه فَرْدٌ لَيْسَ لَهُ وَلَد، فَإِذا مَاتَ انْقَطع ذِكرُه.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَول الْأَصْمَعِي: أَعجَبُ إليَّ من قَول أبي عُبَيدة.
وَقَالَ أَوْس يعيبُ قوما:
مُخَلَّفُون ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ
غشُّ الأَمانَةِ صنْبُورٌ فصنْبُورُ
قَالَ: والصنْبورُ فِي هَذَا: القَصَبَةُ الَّتِي تكون فِي الإداوةِ من حَدِيد أَو رصاص يشرب مِنْهَا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الصنبور: مَثْعَبُ الْحَوْض، وَأنْشد:
مَا بَين صنبور إِلَى الإزَاء
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الصُّنْبُورُ من النَّخْلَة: فُريخٌ ينبتُ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: صَنابيرُ النَّخْلَة: سَعَفَاتٌ تَنْبُت فِي جِذع النَّخْلَة غير مستَأرِضة فِي الأَرْض، وَهُوَ المُصَنْبِر من النّخل، وَإِذا نبت الصنابير فِي جذْع النَّخْلَة أَضْوَتْها، لِأَنَّهَا تَأْخُذ غذَاء الأُمهات. قَالَ: ودواؤها: أَن تُقلع تِلْكَ الصنابير مِنْهَا.
فَأَرَادَ كفار قُرَيْش أَن محمَّداً بِمَنْزِلَة صُنبور نَبتَ فِي جذع نَخْلَة، فَإِذا قُلع انْقَطع، وَكَذَلِكَ محمدٌ إِذا مَاتَ فَلَا عقِب لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: وَقَالَ سِمْعان: الصنابير يُقَال لَهَا العِقَّان والرَواكِيب؛ وَقد أَعقَّت النَّخْلَة: إِذا أنبتت العِقّان. قَالَ: وَيُقَال للفَسِيلة الَّتِي تنْبت فِي أمهَا: الصُّنبور، وأصلُ النَّخْلَة أَيْضا صُنْبُورها.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: المُصَنْبَرة من النخيل: الَّتِي تنْبت الصنابير فِي جُذوعها فتُفسدها، لِأَنَّهَا تَأْخُذ غذَاء الْأُمَّهَات فتُضوِيها.
قلت: وَهَذَا كلُّه يُقَوي قَول أبي عُبَيدة.
وروَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُّنبورُ: الوَحِيد. والصُّنبورُ: الضعيفُ.(12/190)
والصُّنبورُ: الَّذِي لَا وَلدَ لَهُ وَلَا عَشيرةَ، وَلَا ناصرَ من قريب وَلَا من غَرِيب. والصُّنورُ: الداهية، وَأنْشد:
لِيَهْنىءْ تُراثِي لامرىء غيرِ ذِلّةٍ
صَنابِرُ أُحْدانٌ لهنَّ حَفِيفُ
سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتِ إفاقةٍ
إِذا مَا حُمِلْن حَمْلُهنَّ خَفِيفُ
قَالَ: أَرَادَ بالصنابر سِهاماً دِقاقاً، شُبِّهت بصنابير النَّخلة الَّتِي تَخرجُ فِي أَصْلهَا دِقاقاً. وَقَوله: أُحدانٌ، أَي: أفرادٌ. سريعاتُ موتٍ: يُمِتْنَ مَن رُميَ بهنَّ، قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي، أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَنهُ.
عَن عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّنْبَرُ: الرَّقيقُ الضّعيف من كل شَيْء، من الْحَيَوَان والشجَر.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصَّنَّبَرُ: آخِرُ أَيَّام الْعَجُوز، وَأنْشد:
فَإِذا انقضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا
صنٌّ وصِنّبُر مَعَ الوَبْرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصنَّبَرْ والصنَّبِرُ: البَرْد. وَقَالَ غيرُه: يُقَال: صِنِّبَرْ بِكَسْر النُّون، وَقَالَ طَرَفة:
بجفانٍ تَعتَرِي نادِينَا
وسَدِيفٍ حينَ هَاجَ الصنِّبِرْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصنَّوْبَر: ثَمَرَة الأَرْزَة وَهِي شَجَرَة. قَالَ: وتسمَّى الشَّجَرَة صَنَوْبَرةً من أجلِ ثَمِرها.
بنصر: وَقَالَ اللّيث: البِنْصِر: الإصبع الَّتِي بَين الْوُسْطَى والخِنْصِر. قَالَ: والإصْطَبْل: موقف الفرَس، شاميَّة والجميعُ الأُصَابِل، قَالَ: والبَلَنْصاةُ: بَقْلة. وَيُقَال طَائِر، والجميع البَلَنْصَى.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَلَصوص: طَائِر، ويُجمع البَلَنْصَى على غَيْرِ قِيَاس، وَنَحْو ذَلِك رُوِي عَن الْخَلِيل بن أَحْمد.
دلمص: أَبُو عُبَيد: الدُّلامِصُ: البَرَّاق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الدُّلَمِص. والدُّمَالِص: لِلّذي يَبرُق لونُه.
قَالَ: وبعضُ العَرَب تَقول: دُلَمِص ودُلامِص.
(صطفل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الاصْطَفْلِين: الجَزَر الّذي يُؤْكل، وَهِي لغةٌ شاميّة، الْوَاحِدَة إِصْطَفْلِيْنَة، وَهِي المَشَا أَيْضا.
ورَوَى شَمِر بإسنادٍ لَهُ عَن الْقَاسِم بن مُخَيْمَرَة أنّه قَالَ: إِن الوَالِيَ ليَنْحِتُ أَقَاربه كَمَا تَنْحِتُ القَدُوم الإصْطَفْلِيْنَة حَتَّى تَخلُص إِلَى قَلْبها.
وقالَ شمر: الإصْطَفْلِيْنَة كالجَزَرَة، وَلَيْسَت بعربيَّة مَحْضَة، لِأَن الصَّاد والطاء لَا تكادان تجتمعان فِي محضِ كلامِ الْعَرَب.
قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ فِي الصِّراط والإصْطَبل(12/191)
والأصطُم، وَأَصلهَا كلُّها السِّين.
(صفنط سفنط) : وَقَالَ الأصمعيّ: الأصفِنْطُ: الْخَمْر بالروميّة، وَهِي الإسْفَنْط وَقَالَ بعضُهم: هِيَ خَمْرٌ فِيهَا أفاوِيه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: هِيَ أَعلَى الْخمر وصفْوتها. وَقَالَ ابْن نُجِيم: هِيَ خُمور مخلوطَة.
وَقَالَ شمر: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي عَنْهَا فَقَالَ: الإسْفِنْط اسمٌ من أسمائها لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَقد ذَكَرها الْأَعْشَى فَقَالَ:
أَو اسْفِنْطَ عَانَة بَعْدَ الرُّقا
دِ شَكَّ الرّصَافُ إِلَيْهَا غدِيرَا
(قرفص) : وَقَالَ ابْن شُمَيل: القُرافِصَة: الصغِير من الرِّجال.
وَقَالَ غَيره: قُرافِصة من أَسمَاء الأَسَد.
(بلصم) : وَقَالَ ابْن السكّيت: بَلْصَم الرَّجُل. وكَلْصَم: إِذا فَرَّ.
(بربص) : قَالَ اللَّيث: بربصنا الأَرْض: إِذا أرسلتَ فِيهَا المَاء فمخرتها لتجود.
آخر حرف الصَّاد(12/192)
هَذَا كتاب حرف السِّين من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف منْ حرف السّين
قَالَ ابْن المظفّر: قَالَ الْخَلِيل بنُ أَحْمد: أُهمِلت السِّين مَعَ الزَّاي فِي كَلَام الْعَرَب.
(بَاب السّين مَعَ الطّاء)
(س ط)
سط: أهمل ابْن المظفر: سط.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا يَروِي عَنهُ أَبُو العبّاس: الأَسَطُّ من الرّجال: الطويلُ الرِّجْلين. قَالَ: والسُّطُط: الظَّلْمَة. والسُّطَط: الجائرون.
طس: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَا أدْري أينَ طَسُّ، وَلَا أينَ دَسَّ، وَلَا أَيْن طَسَم وطَمَس وسَكَعَ، مَعْنَاهُ: أينَ ذَهَب.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة قَالَ: وممّا دَخَل فِي كَلَام الْعَرَب: الطَّسْتُ والتَّوْر والطاجِن، وَهِي فارسيّة كلهَا. قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: طيّءُ، تَقول: طَسْت، وغيرُهم طَسٌّ، وهُمُ الّذين يَقُولُونَ لِصْت للِّصّ، وَجمعه طُسُوت ولُصُوت عِنْدهم.
حَدثنَا ابنُ عُرْوة عَن يُوسُف بن مُوسَى عَن يزِيد بن هَارُون، ومهران بن أبي عَمْرو عَن سُفيان عَن عَاصِم بن بَهْدَلة عَن زِرّ قَالَ: قلتُ لأبي بن كَعْب: أخْبِرْني عَن لَيْلَة الْقدر؟ فَقَالَ: إنّها فِي لَيْلَة سبعٍ وَعشْرين، قلتُ: وأَنَّى عَلِمتَ ذَلِك؟ قَالَ: بِالْآيَةِ الّتي أَنبأَنَا رسولُ الله، قلتُ: فَمَا الْآيَة؟ قَالَ: أَن تَطلُع الشمسُ غداتَئِذ كأنَّها طَسّ لَيْسَ لَهَا شُعاع.
قَالَ يُوسُف بن مِهْران: قَالَ سُفيانُ الثَّوْري: الطَّسُّ هُوَ الطَّسْت: ولكنَّ الطّسْ، بالعربيّة.
قلتُ: أَرَادَ أنَّهم لمّا أعربوه قَالُوا: طَسُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّسِيسُ جمعُ الطَّسُّ على فَعِيل، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء، وأنشدَ قولَ رؤبة:
ضَرَبَ يَدِ اللَّعَّابة الطَّسِيسا(12/193)
قَالَ: هُوَ جمعُ الطَّسّ.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: الطَّسْت: هِيَ فِي الأَصْل طَسّة، ولكنَّهم حَذفوا بتثقيل السّين فخفَّفوا وسكنتْ فظهرتْ التَّاء الَّتِي فِي مَوضِع هَاء التَّأْنِيث لسكون مَا قبلَها، وَكَذَلِكَ تَظْهر فِي كلّ مَوضِع سكَن مَا قبلهَا غير ألف الفَتْح، والجميع الطَسَاس.
قَالَ: والطّسَاسَة: حِرْفةُ الطَّسّاس.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يُتِم الطَّسّة فيثَقِّل ويُظْهر الْهَاء. وَقَالَ: وَأما من قَالَ: إِن التَّاء الَّتِي فِي الطست أصليّة فَإِنَّهُ يَنتقِض عَلَيْهِ قَوْله من وَجْهين: أحدُهما: أنّ التَّاء مَعَ الطَّاء لَا يَدخُلان فِي كلمة وَاحِدَة أصليّتين فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب، والوجْهُ الآخَر: أَن الْعَرَب لَا تَجمع الطَّسْت إلاّ الطِساس، وَلَا تُصَغِّرها إِلَّا طُسَيْسة، وَمن قَالَ فِي جمعهَا الطَّسّات فَهَذِهِ التَّاء هِيَ هَاء التَّأْنِيث، بِمَنْزِلَة التاءِ الّتي فِي جمَاعَة المؤنَّث المجرورة فِي مَوضِع النَّصْب. ومَن جَعل هَاتين اللّتين فِي الْبِنْت والطَّسْت أصليّتين فَإِنَّهُ ينصِبُهما، لأنَّهما يصيران كالحروف الْأَصْلِيَّة كالأقواتِ والأصْوات، وَمن نصَب البَنَات على أَنه لفظ فَعَالٍ انتقَضَ عَلَيْهِ مثلُ قَوْلهم: هناتٍ وذَوات.
وأَخبرَني المنذريُّ عَن المبرِّد عَن المازنيّ قَالَ: أنشَدني أعرابيّ فصيح:
لَو عَرَضَتْ لأُيْبُلِيَ قَسِّ
أَشْعَثَ فِي هَيْكَلِهِ مُنْدَسِّ
حَنَّ إِلَيْهَا كحَنِينِ الطَّس
قَالَ: جَاءَ بهَا على الأَصْل، لِأَن أَصْلهَا طَسّ، والتاءُ فِي طَسْت بدلٌ من السِّين، كَقَوْلِهِم: سِتَّة أصلُها سِدْسَة، وجمعُ سِدْس أسْداس مبيَّن على نَفسه. وطَسْت يُجمع طِساساً، ويُجمع فيصغر طُسَيْسة.
(بَاب السّين وَالدَّال)
(س د)
سد: قَالَ اللّيث: السُّدُود: السِّلالُ تُتّخذ من قُضْبان لَهَا أَطْباق وتُجمَع على السِّداد أَيْضا، الْوَاحِدَة سَدّة.
وَقَالَ غَيره: السَّلَّة يُقَال لَهَا السَّدّة والطَّبْل والسَّد، وقولُ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} (الْكَهْف: 93) ، قَرَأَ ابْن كَثير وَأَبُو عَمْرو: (بَين الشَّدَّين) ، {وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} (الْكَهْف: 94) ، بِفَتْح السِّين. وَقَرَأَ فِي يس: (من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سُدَّاً) (يس: 9) ، بِضَم السِّين، فِي هَذَا الْحَرْف وحدَه، وبفتح السِّين فِي الْبَاقِي، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: (بَين السُّدَّين) بِالضَّمِّ.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أبي جَعْفَر الغَسَّاني عَن سَلَمة عَن أبي عُبيدة قَالَ: السُّدَّيْن: مضموم إِذْ جَعَلوه مخلوقاً من فِعل الله تَعَالَى، وَإِن كَانَ من فِعْل الآدمِيِّين فَهُوَ سَدّ مَفْتُوح، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَخْفَش.(12/194)
وَقَالَ الْكسَائي: السُّدّين بضَم السِّين وفَتحِها سَوَاء السَّد والسُّد، وَكَذَلِكَ قولُه: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} هما سَوَاء، فتح السِّين وضمّها.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: سَدّ وسُدّ، وكلّ مَا قابلكَ فسَدَّ مَا وراءَه فَهُوَ سَدّ وسُدّ. قَالَ: وَأَخْبرنِي الطُّويسِي عَن الخرّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَمَاه فِي سَدِّ نَاقَتِه: أَي فِي شخصها. قَالَ: والسُّدّ والذّرِيعَة والدَّرِيئَةُ: النَّاقة الَّتِي يسْتَتر بهَا الصائدُ ويخْتل ليرميَ الصَّيْد، وَأنْشد:
فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عَلَيْهِمُ
ولكنْ لَقوا نَاراً تَجُسُّ وتَسْفَعُ
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: المِعْزَى سَدٌّ يُرَى من وَرائِه الفَقْر، الْمَعْنى: أنّه المعزى لَيْسَ إلاّ مَنْظرها، وَلَيْسَ لَهَا كبيرُ مَنْفَعة.
ورُوِي عَن المفسّرين فِي قَوْله: {فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ} (يس: 9) قَولَانِ: أحدُهما: أَن جمَاعَة من الكفّار أَرَادوا بالنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوءا، فحالْ اللَّهُ بَينهم وَبَين مُرادِهم، وسَدَّ عَلَيْهِم الطريقَ الّذي سلكوه. وَالثَّانِي: أَن الله وَصَفَ ضلالَ الكفّار فَقَالَ: سَددْنا عَلَيْهِم طريقَ الهُدى كَمَا قَالَ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (الْبَقَرَة: 7) ، الْآيَة.
وقرأتُ بخطّ شمر يُقَال: سَدّ عَلَيْك الرجل يَسِدّ سَدّاً: إِذا أَتَى السَّدَاد، وَمَا كَانَ هَذَا الشيءُ سَديداً. وَلَقَد سَدَّ يَسدّ سَداداً وسُدوداً، وَقَالَ أَوْس:
فَمَا جَبنُوا إنّا نَسُدّ عليهمُ
يَقُول: لم يَجبنوا من الْإِنْصَاف فِي الْقِتَال، ولكنّا جُرْنا عليهمْ فَلَقُونا وَنحن كالنّار الَّتِي لَا تُبقِي شَيْئا.
قلت: وَهَذَا خلافُ مَا قَالَه ابْن الأعرابيّ.
وَفِي حَدِيث النبيّ أَنه قَالَ: (لَا تَحل المسألةُ إلاّ لثلاث. .) فَذكر رجلا أصابتْه جَائِحَة فاجتاحَتْ مالَه فَيسْأَل حتَّى يصيبَ سَداداً من عَيْش أَو قواماً.
قَالَ أَبو عُبَيد: (سِداداً من عَيْش) هُوَ بِكَسْر السِّين، وكلَّ شَيْء سَدَدَتْ بِهِ خَلَلاً فَهُوَ سِداد، وَلِهَذَا سُمِّي سِداد القارورة وَهُوَ صِمامُها، لأنّه يَسُدّ رَأسهَا، وَمِنْه سِدادُ الثَّغْر: إِذا سُدَّ بِالْخَيْلِ والرِّجال، وَأنْشد:
أضاعوني وأيَّ فَتى أضاعوا
ليَوْم كريهة وسِدادِ ثَغْرِ
قَالَ: وأمَّا السَّداد بِالْفَتْح فَإِن مَعْنَاهُ: الإصابةُ فِي المنطِق أَن يكون الرجل مُسَدَّداً، يُقَال: إِنَّه لذُو سَدَاد فِي منطقِه وتدبيره، وَكَذَلِكَ الرَّمي.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه سَأَلَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِزَار فَقَالَ: (سَدّد وقارب) .
قَالَ شمر فِي (كتَابه) : سدِّد من السَّداد،(12/195)
وَهُوَ المُوَفَّقُ الَّذِي لَا يعاب.
قَالَ: والوَفْق المِقْدار: اللَّهُمَّ سدِّدْنا للخير، أَي: وفِّقنا لَهُ.
وَقَوله: قارِب، قَالَ القرابُ فِي الْإِبِل: أَن تقاربَها حَتَّى لَا تتَبَدَّد.
قلتُ: معنى قَوْله قارِب، أَي: لَا تُرْخِ الْإِزَار، فنُفْرِطَ فِي إسباله، وَلَا تُقلِّصه فتُفرط فِي تشميره وَلَكِن بَين ذَلِك.
قَالَ شمِر: وَيُقَال: سدِّد صاحبَك، أَي: علِّمه الخيرَ واهدِه. وسَدِّدْ مالَك، أَي: أَحسن العملَ بِهِ. والتسديد للإِبل: أَن تُيَسِّرَها لكلِّ مَكَان مَرْعًى وكل مَكَان لَيانٍ وكلِّ مكانٍ رَقاق. قَالَ: والسَّداد: القَصْد والوَفْق والإصابة، وَرجل مُسدَّد، أَي: موفَّق. وَسَهْم مسدَّد: قويم. وَيُقَال: أَسِدَّ يَا رجُل، وَقد أسدَدْتَ مَا شئتَ، أَي: طلبتَ السَّداد، وأَصبْتَه أَو لَم تُصِبه.
وَقَالَ الأسوَد بن يَعْفُر:
أَسِدِّي يَا مَنِيُّ لِحِمْيَرِي
يطوِّفُ حَوْلَنا وَله زَئير
يَقُول: اقصدِي لَهُ يَا مَنِيَّة حتّى يَمُوت. وأمّا قَوْله:
ضربَتْ عليّ الأرضُ بالأسداد
فَمَعْنَاه: سُدَّتْ عليَّ الطُّرق وعميَتْ عليَّ مَذاهبي، وَوَاحِد الأسداد سُدُّ.
ورُوي عَن الشَّعبيّ أَنه قَالَ: مَا سددتُ على خَصْم قطّ. قَالَ: وَيُقَال: سَدَّ السَّهْمُ فَسَدَّ: إِذا استقام. وسدَّدته تسديداً. انْتهى.
قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّد بنُ إسحاقَ قَالَ: حَدثنَا إبراهيمُ بن هانىء قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنَا الأَوْزاعيُّ عَن يحيى بن كثير عَن هِلَال بن أبي ميمونَة عَن عَطاء بنِ يَسار عَن رِفاعة بن عَوانة الجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَالَّذِي نَفسِي بيَدِه مَا مِن عبدٍ يُؤمِن بِاللَّه ثمَّ يُسدِّد إِلَّا سَلَك فِي الْجنَّة) ، قولُه: (ثمَّ يسدِّد) ، أَي: يقتصد فَلَا يَغْلو وَلَا يُسرِف. والسّداد: المَقصِد، وَمعنى: (لَا يَغْلو) : ألاّ يكون مِثل الخوَارِج وَلَا يُسرِف فيرتكب الذنوبَ الكثيرةَ والخطايا الجمَّة.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَدنان قَالَ لي جَابر: البَذِخُ الَّذِي إِذا نَازع قوما سَدَّد عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
قلتُ: وَكَيف يُسَدِّد عَلَيْهِم؟ قَالَ: يَنْقض عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قَالُوهُ.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه ليَسُدُّ فِي القَوْل: وَهُوَ أَن يُصيب السَّداد يَعْنِي القَصْد قَالَ: جَاءنا سُدٌّ من جَراد: إِذا سَدَّ الأُفُق من كثرته. وأرضٌ بهَا سَدَدة، والواحدة سُدَّة، وَهِي أودِية فِيهَا حجارةٌ وصخورٌ يبْقى فِيهَا المَاء زَمَانا.
قَالَ: والسُّدَّةُ: بَاب الدَّار وَالْبَيْت، يُقَال: رَأَيْته قَاعِدا بسُدَّة بَابه.(12/196)
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: السُّدَّةُ كالصُّفَّة تكون بَين يَدي الْبَيْت، والظُّلَّةُ تكون بِبَاب الدَّار.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَمِنْه حَدِيث أبي الدَّرْداء: (مَن يَغْشَ سُدَّة السُّلْطَان يَقُمْ ويَقْعُد) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي حَدِيث المُغِيرة بن شُعبة (أَنه كَانَ يصلّي فِي سُدَّة الْمَسْجِد الْجَامِع يومَ الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام) ، يَعْنِي الظِّلال الَّتِي حَوْله.
قَالَ أَبُو سعيد: السُّدَّة فِي كَلَام الْعَرَب الفِنَاء، يُقَال لبَيْت الشَّعر وَمَا أشبهَه. قَالَ: والَّذِين تَكَلَّموا بالسُّدَّة لم يَكُونُوا أصحابَ أبنِية وَلَا مَدَر. ومَن جَعل السُّدَّة كالصُّفَّة أَو السَّقيفة فَإِنَّمَا فَسّره على مذهبِ أَهلِ الحَضَر قَالَ: وَإِنَّمَا سمّي إِسْمَاعِيل السُّدي لأنّه كَانَ تَاجِرًا يَبيع فِي سُدَّة المَسجِد الخُمُرَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ يَجعل السُّدَّة البابَ نَفسه.
وَقَالَ اللّيث: السُّدّيّ: رجلٌ مَنْسُوب إِلَى قَبيلَة من اليَمَن.
قلتُ: إِن أَرَادَ إسماعيلَ السُّدَّيَّ فَهُوَ وهمٌ، وَلَا نعلم فِي قبائل الْيمن سُدّاً.
قَالَ اللَّيْث: والسُّدَّة والسُّداد: هما داءٌ يَأْخُذ فِي الْأنف يَأْخُذ بالكَظَم ويَمنع نسيمَ الرّيح. قَالَ: والسُّد مقصورٌ من السَّداد. وَيُقَال: قل قولا سَدَداً وسَدَاداً وسديداً، أَي: صَوَابا.
أَبُو عُبيد: الأسِدَّة: العُيُوب، واحدُها سَدَّ، وَهُوَ على غير قِيَاس، وَالْقِيَاس أَن يكون جمع سَدِّ: أَسُدّاً وسُدُوداً.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الوَدَس والسُّدّ: العَيْب، وَكَذَلِكَ الأبن والأمن.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: مَا بفلان سِداد يَسُدّ فَاه عَن الْكَلَام، وجمعُه أَسِدّة، أَي: مَا بِهِ عَيْب.
أَبُو زيد: السُّدُّ من السَّحَاب: النَّشْءُ الأسوَد، من أيّ أقطار السَّمَاء نَشأ. وجمعُه سدود.
ابْن الْأَعرَابِي: السُّدُودُ: العيونُ الْمَفْتُوحَة لَا تُبصِر بَصَراً قويّاً. يُقَال مِنْهُ: عينٌ سَادَّة. قَالَ: والسُّدُّ الظِّلّ.
قَالَ: وَيُقَال للناقة الهَرِمة: سادّةٌ وسلَّةٌ وسَدِرةٌ وسَدِمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: عَينٌ سادّة وقائمة: إِذا ابيضَّتْ لَا يُبصر بهَا صاحبُها وَلم تنفقِىءْ بعد.
ابْن شُمَيْل: السِّداد: الشيءُ من اللبَن يَيْبَسُ فِي إحليل النَّاقة.
دَسَّ: قَالَ اللَّيث: الدَّسُّ: دَسُّك الشيءَ تحتَ شَيْء، وَهُوَ الْإخْفَاء، وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ} (النَّحْل: 59) ، أَي: يَدْفِنُه.(12/197)
قلتُ: أَرَادَ المَوْءودَة الَّتي كَانَ أهل الجاهليّة يئدونَها وَهِي حَيّة، وذَكّر فَقَالَ: {يَدُسُّه وَهِي أُنْثَى لأنَّه ردَّه على لفظ (مَا) فِي قَوْله: يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} (النَّحْل: 59) ، فردَّه على اللَّفْظ، لَا على الْمَعْنى، وَلَو قَالَ: (بهَا) لَكَانَ جَائِزا.
قَالَ اللَّيْث: والدَّسِيس: من تَدُسّه ليأتيَك بالأخبار.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّسِيس: الصُّنان الّذي لَا يَقلَق الدَّواء. والدَّسِيس المَشْوِيّ. والدُّسُسُ: المُراءُون بأَعمالهم يَدخلون مَعَ القُرّاء وَلَيْسوا قُرّاء. قَالَ: والدُّسُسُ: الأَصِنَّة الدَّفِرة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ بالبعير شَيْء خفِيفٌ من الجَرَب، قيل: بِهِ شيءٌ من جَرَب فِي مساعِدِه، وَقيل: دُسَّ فَهُوَ مَدْسُوس. وَقَالَ ذُو الرمَّة:
قَريعُ هِجانٍ دُسَّ مِنْهُ المَسَاعِدُ
ومساعِدُه: آباطه وأدفاغُه. وَيُقَال للهِناء الّذي يُطلَى بِهِ أرفاغُ الإبلِ: الدَّسُّ أَيْضا، وَمن أمثالهم: لَيْسَ الهِناءُ بالدَّسّ، الْمَعْنى: أنَّ الْبَعِير إِذا جَرِب فِي مَساعِرِه لم يُقْتَصر من هِنائه على مَوَاضِع الجَرَب، وَلَكِن يُعَمُّ بالهِناء جميعُ جِلْده لئلاَّ يتعدَّى الجَرَب موضعَه فيَجرَبَ موضعٌ آخَر. يُضرَب مثلا للّذي يَقتصِر من قَضَاء حَاجَة صَاحبه على مَا يَتبلغ بِهِ وَلَا يُبالَغ فِي الْحَاجة بكمالها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سألتُ ابنَ الْأَعرَابِي عَن قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن} (الشَّمْس: 10) ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ: من دَسَّ نفسَه مَعَ الصَّالِحين وَلَيْسَ هُوَ مِنْهُم. قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: خابت نفسٌ دَسَّاها الله. وَيُقَال: قد خَابَ مَنْ دَسَّ نفسَه فأَخْمَلَها بتَرْك الصَّدَقة وَالطَّاعَة. قَالَ: ونَرَى وَالله أعلم أنَّ (دَسَّاها) من دَسَّسْتُ، بُدِّلت بعضُ سيناتها يَاء كَمَا قَالُوا: تظنَّيْت من الظنّ. قَالَ: ويُرَى أنَّ (دَسَّاها) دسّسَها، لِأَن الْبَخِيل يُخفي منزله وَمَاله، والسَّخِيُّ يُبرِز منزله فَينزل على الشَّرَف من الأَرْض لئلاّ يسْتَتر عَن الضِّيفان وَمن أَرَادَهُ، ولكلَ وَجْه، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الزَّجَّاج.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّسَّاسة: حَيّة صَمّاء تكون تَحت التّراب.
وَقَالَ أَبُو عمر: الدَّسّاس من الحيّات: الّذي لَا يدْرِي أيُّ طرفَيْه رأسُه، وَهُوَ أَخبثُ الحيّات، يَندَس فِي التُّرَاب وَلَا يَظهَر للشّمس، وَهُوَ على لون القُلْب من الذَّهب.
وَقَالَ شمر: الدَّسَّاس: حَيّةٌ أحمَر كأنّه الدَّم محدَّدُ الطَّرَفين، لَا يُدرَى أَيهمَا رأسُه، غليظُ الجِلد لَا يَأْخُذ فِيهِ الضَّرْب،(12/198)
وَلَيْسَ بالضَّخم غليظ. قَالَ: وَهُوَ النَّكَّاز.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الدَّسَّاسة: شَحْمة الأَرْض. قَالَ: وَهِي العَنَمة أَيْضا.
قلت: والعربُ تسمِّيها الحُلكَة تغوصُ فِي الرَّمْل كَمَا يَغُوص الحُوت فِي المَاء، ويُشبَّه بهَا بَناتُ العذَارى، وَيُقَال لَهَا: بَنَات النَّقَى.
(بَاب السّين وَالتَّاء)
(س ت)
سِتّ: قَالَ اللّيث: السِّتُّ والسِّتّة فِي التأسيس على غير لفظَيْهِما، وهُما فِي الأَصْل: سِدْس وسِدْسَة؛ ولكنّهم أَرَادوا إدْغامَ الدّال فِي السّين، فالتَقيا عِنْد مَخْرَج التَّاء فغَلَبتْ عَلَيْهَا كَمَا غَلَبَت الحاءُ على العَين فِي لُغَة سَعْد، يَقُولُونَ: كنت مَحُّمْ فِي معنى مَعَهم. وبيانُ ذَلِك: أنّك تُصَغِّر ستّةُ سُدَيسة، وَجَمِيع تصغيرِها على ذَلِك، وَكَذَلِكَ الأسداس.
الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت، يُقَال: جَاءَ فلانٌ خَامِسًا وخَامياً، وَجَاء فلانٌ سادِساً وسادِياً وَجَاء سَاتّاً، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا مَا عُدَّ أَرْبَعَةٌ فِسَالٌ
فَزَوْجُكِ خَامِسٌ وَأَبُوكِ سَادِي
قَالَ: فمَنْ قَالَ سادِساً بناه على السِّدْس، وَمن قَالَ ساتّاً بناه على لَفْظِ سِتّة وسِتّ. والأصلُ سِدْسَة، فأَدْغموا الدالَ فِي السّين فَصَارَت تَاء مشدَّدة، وَمن قَالَ: سادِياً وخامِياً أَبْدَلَ من السّين يَاء.
شَمر عَن ابْن الأعرابيّ: السُّدُوس: هُوَ النِّيلَنْج. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السّدُوس. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مَنَابِته مِثْلُ السُّدُوسِ ولونُه
كَلَوْنِ السَّيَالِ وَهُوَ عَذْبٌ يفِيضُ
قَالَ شمر: سمعتُه من ابْن الأعرابيّ بِضَم السِّين. وروَاه إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن أبي عَمْرو بفَتْح السِّين، وروى بَيت امرىء الْقَيْس:
إِذا مَا كنتَ مفتَخِراً ففَاخِرْ
بِبَيْتٍ مِثْلِ بَيْتِ بَنِي سَدُوسِ
بِفَتْح السِّين أَرَادَ خَالِد بن سَدُوس النَّبْهَانِيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّدُوس: الطَّيْلَسَان بالْفتح وَاسم الرجل سُدوس.
قَالَ شمر: يُقَال لكلّ ثوب أخضَر سَدُوس وسُدُوس.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: سَدُوس فِي بني شَيْبَان، وسُدُوس فِي طيّىء.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا أَلقَى البَعِيرُ السِّنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَة، وَذَلِكَ فِي السّنة الثَّامِنَة، فَهُوَ سَدَس وَسَدِيس، وهما فِي المؤنَّث والمذكّر بِغَيْر هاءٍ. وَقَالَ غَيره: السُّدْس: سهم وَاحِد من ستَّة أَجزَاء، وَيُقَال للسُّدس سَدِيس أَيْضا.(12/199)
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال عِنْدِي ستّة رجالٍ وسِتُّ نِسْوَةٍ، وَتقول: عِنْدِي ستّة رجال ونِسْوَةٍ، أَي: عِنْدِي ثلاثةٌ من هَؤُلَاءِ وثلاثةٌ من هَؤُلَاءِ، وَإِن شِئْتَ قلتَ: عِنْدِي سِتَّةُ رِجَالٍ ونِسْوةٌ فَنَسَقْتَ بالنِّسْوة على السّتة، أَي: عِنْدِي سِتَّةٌ من هَؤُلَاءِ، وَعِنْدِي نِسْوة. وَكَذَلِكَ كلُّ عَدَد احْتَمَل أَن يُفرَد مِنْهُ جَمْعان، فلك فِيهِ الْوَجْهَانِ. فَإِن كَانَ عددا لَا يحْتَمل أَن يفرد مِنْهُ جَمْعَان فالرَّفع لَا غير. تَقول: عِنْد خمسةُ رجال ونِسْوةٌ، وَلَا يكونُ الخَفْضُ. وَكَذَلِكَ الْأَرْبَعَة والثلاثةُ، وَهَذَا قولُ جَمِيع النحويّين.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: كَانَ الْقَوْم ثَلَاثَة فَرَبَعْتُهُمْ، أَي: صِرْتُ رابعَهم، وَكَانُوا أَرْبَعَة فَخَمْسَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ إِلَى العَشرة. وَكَذَلِكَ إِذا أَخَذْتَ الثُّلُثَ من أَمْوَالهم أَو السُّدْس قلتَ ثَلَثْتُهُمْ، وَفِي الرُّبع رَبَعْتُهُم إِلَى العُشْر. فَإِذا جِئْتَ إِلَى يَفعِل قلتَ فِي العَدَد: يَخْمِسْ ويَثْلِث إِلَى العَشْر؛ إلاَّ ثلاثةَ أَحْرُف فَإِنَّهَا بِالْفَتْح فِي الحدّين جَمِيعًا: يَرْبَعْ ويَسْبَع ويَتْسَع. وَتقول فِي الْأَمْوَال: يَثْلُث ويَخْمُس ويَسْدُس بِالضَّمِّ: إِذا أخذتَ ثُلُثَ أَمْوَالهم أوْ خُمْسَها أَو سُدْسَها، وَكَذَلِكَ عَشَرَهُم يعشُرُهم إِذا أَخذ مِنْهُ العُشر، وعَشَرَهم يَعْشِرُهُمْ إِذا كَانَ عاشِرَهم والسِّتُّون عَقْد بَين عَقْدَيِ الخمسينَ والسّبعين، وَهُوَ مبنِيٌّ على غير لفظِ واحدِه، والأصلُ فِيهِ السِّتّ، تَقول: أخذْتُ مِنْهُ ستِّينَ دِرْهماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّتُّ: الْكَلَام الْقَبِيح، يُقَال: سَتَّهُ وسَدَّه: إِذا عابه. انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.
س ظ س ذ س ث: أهملت وجوهها.
(بَاب السِّين وَالرَّاء)
س ر
رس، سر، سرس: (مستعملة)
سر: أخبَرَني المُنْذِريّ عَن الحرَّاني عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: السِّرّ: مصدَرَ سَرَّ الزَّنْدَ يَسرّه سَرّاً: إِذا كَانَ أَجْوَفَ فَجعل فِي جَوْفه عُوداً لِيَقْدَحَ بِهِ، يُقَال: سُرَّ زَنْدَكَ فَإِنَّهُ أَسَرّ.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وحَكَى لنا أَبُو عَمْرو: قَنَاةٌ سَرّاء: إِذا كَانَت جَوْفاء. قَالَ: والسِّرُّ: النّكاح، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَاكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (الْبَقَرَة: 235) ، قَالَ رؤبة:
فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارِها بَعْدَ الفَسَق
وَيُقَال: فلانٌ فِي سِرِّ قَوْمِه، أَي: فِي أفضلهم. قَالَ: وسِرُّ الْوَادي: أفضلُ موضعٍ فِيهِ، وَهِي السَّرارةُ أَيْضا: والسرُّ: من الأسْرار الَّتي تُكْتَم. وحَكى لنا أَبُو عَمرو: السِّرُّ: ذَكَرَ الرَّجل، وأنْشَدَنا(12/200)
لِلأَفْوَه الأَوْدي:
لما رأتْ سِرِّي تغيَّر وانثَنَى
من دُونِ نَهْمَةِ شَبرِها حِين انثنى
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السِّرّ: الزِّنى، والشرِّ: الْجِمَاع. وَقَالَ الْحسن وَأَبُو مِجلَز فِي قَوْله: {وَلَاكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا}
قَالَا: هُوَ الزِّنى، وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ أَن يَخطُبها فِي الْعدة. وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} يَقُول: لَا يصفن أحدكُم نفسَه للْمَرْأَة فِي عِدتها بالرغبة فِي النِّكَاح والإكثارِ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السرُّ: مَا أَسْرَرْت. والسَّريرةُ: عمل السِّرّ من خَيْر أَو شَرّ.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي عُبَيدة: أسررتُ الشيءَ: أخْفيتُه، وأسررتُه: أعلنته. قَالَ: وَمن الْإِظْهَار قولُ الله جلّ وَعلا: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ} (يُونُس: 54) ، أَي: أظهروها، وَأنْشد للفرزدق:
فلمّا رأى الحجاجَ جرَّدَ سَيْفه
أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرَا
قَالَ شمر: لم أجد هَذَا الْبَيْت للفرزدق، وَمَا قَالَ غير أبي عُبيدة فِي قَوْله: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ} (يُونُس: 54) ، أَي: أظهرُوها، وَلم أسمع ذَلِك لغيره.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرَّاء فِي قَوْله: {وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ} يَعْنِي الرؤساءَ من الْمُشْركين أسرُّوا النَّدامة من سَفِلَتهم الَّذين أضَلوهم، وأسرُّوها، أَي: أخفوها وَعَلِيهِ قولُ المفسّرين. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَأَلَ رجلا: (هَل صُمْتَ من سرار هَذَا الشهرِ شَيْئا؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَإِذا أفطرتَ من رمضانَ فصُمْ يَوْمَيْنِ) .
وَقَالَ أَبُو عبَيدة: قَالَ الْكسَائي وغيرُه: السِّرار: آخرُ الشَّهْر لَيْلَة يستسِرُّ الْهلَال. قَالَ أَبُو عُبيدة: وَرُبمَا استَسرَّ لَيْلَة، وَرُبمَا استَسر لَيْلَتَيْنِ إِذا تَمَّ الشَّهْر، وَأنْشد الْكسَائي:
نَحنُ صَبَحْنا عَامِرًا فِي دارِها
جُزْءاً تعادَىَ طرَفَيْ نهارِها
عَشِيَة الهِلال أَو سرارِها
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغةٌ أُخْرَى: سرَر الشَّهر.
قلتُ: وسرار لُغَة لَيست بجيّدة.
شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: سرار الرَّوْضَة: أوسَطُه وأكرَمُه. وَأَرْض سرَّاء، أَي: طيّبة. قَالَ الفرَّاء: سرٌّ بيّنُ السرارة: وَهُوَ الْخَالِص من كل شَيْء. قَالَ: وأسرَّةُ البنْتِ: طَرائقُه.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: السِّرارُ: مَا على الكمأة من القشور وَالتُّرَاب.
قَالَ أَبُو عبيد: وسمعتُ الْكسَائي يَقُول: قُطع سرَرُ الصَّبيِّ، وَهُوَ وَاحِد. وَقَالَ ابْن شُميل: الفِقْعُ أَرْدَأُ الكَمْءِ طعماً(12/201)
وأسرَعُها ظُهوراً، وأقصَرُها فِي الأَرْض سرَراً. قَالَ: وَلَيْسَ للكَمأة عُروق، وَلَكِن لَهَا أَسرار. قَالَ: السَّرَرُ: دُمْلوكَة من تُرَاب تنبُت فِيهَا.
وَفِي حَدِيث عائشةَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا تَبرُق أساريرُ وَجهه) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: والأسارير هِيَ الخُطوط الَّتِي فِي الْجَبْهَة مثل التكسُّر فِيهَا، واحدُها سرر وسرٌّ، وجمعُه أَسرُّة، وَكَذَلِكَ الخطوطُ فِي كل شَيْء، قَالَ عنترة:
بزُجاجةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسرَّةٍ
قُرِنَتْ بأزهرَ فِي الشِّمال مُفَدَّمِ
ثمَّ الأسارِير جمعُ الْجمع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي أسرَّة الكَفّ مثله. قَالَ الْأَعْشَى:
فانظرْ إِلَى كَفَ وأسرارها
هَل أَنْتَ إنْ أَوْعَدْتَني ضائري
يَعْنِي خُطوطَ بَاطِن الْكَفّ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: ينَال قُطِع سَرَرُ الصَّبيِّ، وَلَا تَقول: قَطَعْتُ سُرَّته، إِنَّمَا السُّرَّة الَّتِي تبقى، والسرَر مَا قُطِع سرَره وسرُّه.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَّة: الوَقْبَةُ. وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَّة: الَّتِي فِي وسط الْبَطن، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فلَان كريم السِّر، أَي: كريم الأَصْل داءٌ يأخذُ فِي السُّرَّة، يُقَال: بعيرٌ أَسَرُّ، وناقةٌ سراء بيِّنا السرر، يأخذهما الداءُ فِي سُرتهما، فَإِذا بركَتْ تَجافَتْ.
قلتُ: هَذَا وَهمٌ، السرَر: وجعٌ يَأْخُذ البعيرَ فِي كِرْكرَته لَا فِي سُرَّته. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: نَاقَة سراء، وبعيرٌ بيّنُ السرر: وَهُوَ وجعٌ يَأْخُذ فِي الكِرْكرة. وأنشدني بعضُ أهل اللُّغَة:
إنَّ جَنبِي عَنِ الفِراشِ لَنَابِي
كَتَجَافي الأسَرِّ فَوق الظِّرَابِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المسرَّة: أطرافُ الرَّياحين.
وَقَالَ اللَّيْث: السرُور من النباتِ: أنصافُ سُوقها العُلَى، قَالَ الْأَعْشَى:
كَبْرِدِيّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيفِ
قد خالَطَ الماءُ مِنْهَا السرورا
ويُروِى السَّرِيرا، يُرِيد جَمِيع أَصْلهَا الَّتِي استقرّت عَلَيْهِ، أَو غَايَة نعمتها، وَقَالَ الشَّاعِر:
وفارَقَ مِنْهَا عِيشةً غَيْدَقِيّةً
ولَمْ يَخْشَ يَوماً أنْ يزُولَ سرِيرُها
قَالَ: سَريرُ العَيش: مستقرُّه الَّذِي اطمأنَّ عَلَيْهِ خَفْضُه ودَعَتُه.
وَيُقَال: سِرّ الْوَادي خَيْرُه: وَجمعه سُرُور فِي قولِ الْأَعْشَى. قَالَ: وسرير الرَّأْس: مستقرُّه. وَأنْشد:(12/202)
ضَرْباً يُزيلُ الهامَ عَن سَريرِه
إزالةَ السُّنْبِل عَن شَعِيرِه
والسرير مَعْرُوف، والعَدَد أسِرة، والجميع السُّرر، وَأَجَازَ كثيرٌ من النحويّين السُّرر والسِّرارُ: مصدَر ساررتُ الرجلَ سِراراً وَامْرَأَة سارَّة سَرَّة. وَاخْتلفُوا فِي السُّرِّيّة من الإماءِ لِمَ سُمِّيتْ سُرِّيّة؟ فَقَالَ بَعضهم: نُسبَتْ إِلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِماع، وضُمَّت السينُ فَرْقاً بَين المَهِيرة وَبَين الْأمة تكونُ للوطْء، فَيُقَال للحُرَّة إِذا نكحَت سِرّاً: سِرِّية، وللأَمةَ يتسَّراها صاحبُها سُرِّيّة.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الهَيْثم أَنه قَالَ: السُّرُّ: السُّرُورُ فسمِّيت الجاريةُ سُريّةً لِأَنَّهَا مَوضِع سُرورِ الرجل، وَهَذَا أحسنُ الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ اللّيث: السُّرِّيّة: فُعلِيّة من قَوْلك تَسرَّرْتُ. قَالَ: وَمن قَالَ: تَسَرّيتُ فقد غَلِط.
قلت: لَيْسَ بغَلَط، وَلكنه لما توالت ثلاثُ راءات فِي تَسَرَّرْت قُلِبت إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا قَصَّيْت أظْفاري، وَالْأَصْل قَصَصْت. والسَّرّاءُ: النِّعمة. والضَّرّاء: الشّدّة.
وَيُقَال: سُرِرتُ بقُدومِ زَيْدٍ، وسَرّني لقاؤُه. وَقَالَ: سَرَرْتُه أسُرُّه، أَي: فَرَّحْته. قَالَ أَبُو عَمْرو: فلَان سُرْسُورُ مالٍ وسُوبَانُ مالٍ: إِذا كَانَ حَسَنَ الْقيام عَلَيْهِ.
وَقَول أبي ذُؤَيب:
بِآيةِ مَا وَقَفَتْ والرِّكا
بُ بَيْنَ الحَجُون وبَيْنَ السُّرَر
قيل: هُوَ الْموضع الّذي جَاءَ فِي الحَدِيث: شجرةٌ سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نبيّاً تسمِّىَ سُرَراً لذَلِك. والسِرَرُ: مَا قُطِع من السُّرّة فرُمِي بِهِ. وَقَوله:
وأَغْفِ تحتَ الأَنجُمِ العَواتم
واهْبِطْ بهَا مِنْك بِسِرِّ كاتمِ
فالسِّرّ: أخصَب الْوَادي، وكاتِم، أَي: كامن. ترَاهُ فِيهِ قد كَتَم نَداه وَلم يَيبس.
وَيُقَال: رَجلٌ سَرُّبَر: إِذا كَانَ يَسُرّ إخوانَه ويَبَرُّهم. والسَّرارَةُ: كُنْهُ الفَضْل، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فَالَهَا مُقَلدُها ومُقْلَتها
ولَها عَلَيْه سَرارَةُ الفَضْلِ
وَصفَ امرؤُ الْقَيْس امْرَأَة فشبّهها بظَبْية جَيْدَاءَ كَحْلاءَ، ثمَّ جَعَل للْمَرْأَة الفَضْلَ عَلَيْهَا فِي سائِر محاسِنها، وَأَرَادَ بالسَّرارة كُنْهَ الفَضْل وحقيقتَه.
وَسرارَةُ كلِّ شَيْء: مَحْضُه، وَالْأَصْل فِيهَا سَرَارة الرَّوْضة، وَهِي خَيْرُ منابِتها، وَكَذَلِكَ سُرّة الرَّوضةُ. وَقَالَ الفرّاء: لَهَا عَلَيْهَا سَرارةُ الفَضْل، أَي: زِيادةُ الفَضْل. وَقَالَ بَعضهم: استَسَرَّ الرجُل جاريَته: إِذا اشْتَرَاهَا. وتسرَّرها مثلُها: إِذا اتَّخذها سُرِّية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّرَّة: الطاقَةُ(12/203)
من الرَّيْحان، وَيُقَال: سَرْسَرْت شَفْرَتِي: إِذا أحدَدْتَها. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فلانٌ سُرْسُوري وسُرْسُورتِي، أيْ: حَبِيبي وخاصّتي، وَيُقَال: فِي سُرّته سَرَرٌ، أَي: وَرَم يؤلمه. وَيُقَال: فلانٌ سُرْسورُ هَذَا الأَمر: إِذا كَانَ عالِماً بِهِ. ورُوي عَن أبي زيد: رَجُل أسَرّ: إِذا كَانَ أجوَفَ.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: سِرٌّ بَين السَّرارة: وَهُوَ الخالصُ من كلّ شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَرَّ يَسَرُّ: إِذا اشتكَى سُرَّتَه. وسَرّه يَسُرّه: إِذا حيّاه بالمَسَرّة وَهِي الرّياحين.
ابْن بُزُرج: يُقَال: ولد لَهُ ثَلَاثَة على سِرَ وعَلى سِرِرٍ وَاحِد، وَهُوَ أَن تُقطَع سُررَهم أشباصاً لَا يَخلُطهم أُنْثَى. وَيَقُولُونَ: وَلَدت المرأةُ ثَلَاثَة فِي صِرَرٍ، جمع الصَّرّة وَهِي الصَّيْحة، وَيُقَال: الشدّة.
شمر: قَالَ الْفراء: سِرارُ الشَّهْر: آخر لَيْلَة إِذا كَانَ الشَّهْر تِسعاً وَعشْرين، فسِرارُه لَيْلَة ثمانٍ وَعشْرين، وَإِذا كَانَ الشهرُ ثَلَاثِينَ فسِرارُه ليلةُ تسعٍ وَعشْرين. والسِّرّ: مَوضِع فِي ديار بني تَمِيم. وسَرارَة العَيْشِ: خيْرُه وأفضَلُه.
سرس: ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو: السَّرِيسُ: الكَيِّسُ الحافظُ فِي يَدَيْه. قَالَ: وَهُوَ العِنِّين أَيْضا، وأَنشَد أَبُو عُبَيد قَالَ:
أَفِي حَقِّي مُواسَاتي أَخاكُمْ
بمالِي ثمَّ يَظلمني السَّرِيسُ
قَالَ: وَهُوَ العِنِّين. قَالَ: وسَرِيَّ: إِذا عُنَّ. وسَرِسَ: إِذا ساءَ خُلُقُه. وسَرِسَ: إِذا عَقَل وحَزُم بعد جَهْل.
رس: قَالَ أَبُو عُبيدة: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: أول مَا يجِد الإنسانُ مَسَّ الحُمَّى قبل أَن تأخذَه وتَظهَرَ فَذَاك الرَّسُّ، والرَّسيس أَيْضا. وَقَالَ أَبُو زيد: رَسَسْتُ بينَهم أَرسّ رسّاً: إِذا أَصْلَحتَ.
وَفِي حَدِيث سَلَمة بن الأكوَع: أَن الْمُشْركين رَاسُّونا الصلْح حتّى مَشى بَعْضنَا إِلَى بعض فاصطَلَحنا، وَذَلِكَ فِي غَزْوَة الحُدَيبِية. فراسونا: أَي: واصَلُونا فِي الصُّلْح وابتدأت فِي ذَلِك. ورَسَسْتُ بَينهم، أَي: أصْلَحْت.
وَقَالَ الفَرّاء: أخَذتْه الحُمَّى بِرَسِّ: إِذا ثَبَتَتْ فِي عظامِه.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال: بلغَني رَسٌّ مِنْ خَبَر، وذَرْءٌ من خبر، وَهُوَ الشَّيْء مِنْهُ.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} (الْفرْقَان: 38) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الرَّسُّ: بِئْر، يُروَى أنّهم قوم كَذّبوا نبيَّهم ورَسوه فِي بِئْر، أَي: دَسُّوه فِيهَا.
قَالَ: ويُرْوى أَن الرسّ قريةٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَال لَهَا: فَلْج. ويُروَى: أنّ الرسّ ديار لطائفة(12/204)
من ثمودَ، وكلّ بِئْر رَسّ، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
تَنابِلةٌ يَحْفرون الرِّساسَا
وَقَالَ اللّيث: الرّسُّ فِي قوافي الشّعْر: الحَرْفُ الّذي بعد ألف التأسيس، نَحْو: حَرَكة عَيْن فَاعل فِي القافية كَيْفَمَا تحرّكتْ حركتها جازَتْ، وَكَانَت رَسّاً للألف. قَالَ: والرَّسيس: الشيءُ الثَّابِت الّذي قد لَزِم مكانَه. وَأنْشد:
رَسِيسَ الهوَى مِن طُول مَا يَتذَكَّرُ
قَالَ: والرَّسّ: ماءان فِي الْبَادِيَة معروفان. والرَّسْرَسة مثل النَّضْنَضَة: وَهُوَ أَن يُثبِّت البعيرُ ركبتَيه فِي الأَرْض للنُّهوض.
وَيُقَال: رَسَسْتُ ورَصَصْتُ، أَي: أثبتُّ.
ويُروَى عَن النَّخْعِيُّ أَنه قَالَ: إِنِّي لأَسمعُ الحديثَ فأحدِّث بِهِ الْخَادِم أَرُسُّه بِهِ فِي نَفسِي.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ الأصمعيّ: الرَّسّ: ابتداءُ الشَّيْء؛ وَمِنْه رَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُها، وَذَلِكَ حِين تبدأ. فَأَرَادَ بقوله: أرُسُّه فِي نَفسِي، أَي: أبتدىء بِذكر الحَدِيث ودَرْسِه فِي نَفسِي وأحدِّث بِهِ خادمي، أَسْتَذكر بذلك الحَدِيث، وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا غَيّر النأْيُ المُحِبِّين لَم أَجِدْ
رَسيسَ الهوَى مِن ذِكرِ مَيّة يَبرَحُ
وَقَالَ ابْن مُقبِل يَذكر الرِّيح ولينَ هُبوبها:
كأنّ خُزامَى عالج طَرقَتْ بهَا
شَمالٌ رَسيسُ المَسِّ أَو هُوَ أطيب
قَالَ أَبُو عَمْرو: أَرَادَ أَنَّهَا لينَة الهبوب رخاء.
أَبُو عَمْرو أَيْضا: الرسيس: العاقلُ الفطِن.
وَقَالَ شمر: وَقيل فِي قَوْله: (أرُسُّه فِي نَفسِي) ، أَي: أُثَبِّتُه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: إنَّك لتَرُسّ أمرا مَا يَلتئم، أَي: تثبت أمرا مَا يلتئم.
وَقَالَ أَبُو مَالك: رَسيسُ الْهوى: أصلُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرّسّة: السّارية المُحْكَمة.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أَخَذته حُمّى برَسّ، أَي: ثبتَتْ فِي عِظَامه. وَقَالَ فِي قَوْله: (كنتُ أَرُسُّه فِي نَفسِي) ، أَي: أعاوِدُ ذكرَه وأردِّده؛ وَلم يرد ابْتِدَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتَانَا رَسٌّ من خَبَر، ورَسِيسٌ من خَبَر: وَهُوَ الخَبر الَّذِي لم يصحّ وهم يتراسُّون الخَبَرَ ويَتَرَهْمَسُونَه، أَي: يَتسارُّون بِهِ، وَمِنْه قولُ الحَجّاج:
أمِنْ أهلِ الرَّسّ والرَّهْمَسة أَنْت
انْتهى وَالله أعلم.
(بَاب السّين واللاّم)
(س ل)
سلّ، لس، سَلس: (مستعملة) .
سل: قَالَ اللَّيْث: السَّلُّ: سَلُّك الشَّعْرَ من(12/205)
العَجين ونحوِه.
قَالَ: والانسلال المُضِيُّ ولخُرُج من مَضِيق أَو زِحام. وسَلَلتُ السيفَ من غِمْدِه فانْسَلّ. والسُّلُّ والسُّلالُ: داءٌ مِثْله يُهزِل ويُضْني ويَقتل، يُقَال: سُلّ الرجلّ، وأَسلَّه الله فَهُوَ مَسْلول.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} (الْمُؤْمِنُونَ: 12) .
قَالَ: السُّلالة: الَّذِي سُلَّ من كلّ تُرْبة.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السُّلالة: مَا سُلَّ من صُلْب الرجُل وتَرائِب الْمَرْأَة كَمَا يُسَلّ الشيءُ سَلاًّ. والسَّلِيلُ: الْوَلَد، سُمّي سَلِيلاً حِين يَخرُج من بطن أمه. والسَّلّة: السَّرِقة. وَيُقَال للسّارق: السّلاَّل. وَيُقَال: الخَلّةُ تَدعُو إِلَى السَّلّة. وَيُقَال: سَلَّ الرجلُ وأَسَلَّ: إِذا سَرَق.
قلت: ورُوِي عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ فِي السُّلالة: إِنَّه المَاء يُسَلُّ من الظَّهْر سَلاًّ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: السُّلالةُ: الوَلَد. والنُّطْفَةُ: السُّلالةُ، وَقَالَ الشَّمّاخ:
طَوَتْ أَحْشاءَ مُرْتجةٍ لوَقْتٍ
عَلَى مَشِجٍ سُلالَتُه مَهِينُ
فَجَعل السُّلالةَ المَاء. والدليلُ على أنّه قولُ الله جلّ وعزّ فِي سُورَة أُخْرى: {شَىْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ} (السَّجْدَة: 7) ، يَعْنِي آدم، {مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} (السَّجْدَة: 8) ، ثمَّ تَرْجَمَ عَنهُ فَقَالَ: {مِن سُلاَلَةٍ مِّن} (السَّجْدَة: 8) ، فَقَوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ} أَرَادَ بالإنسان وَلَدَ آدم وجُعل اسْما للجِنس، وَقَوله: {مِّن طِينٍ} أَرَادَ تَولُّدَ السُّلالة مِن طِيْن خُلِقَ آدمُ مِنْهُ.
وَقَالَ قَتَادة: استلَّ آدمُ مِن طين فسُمِّي سُلالةً، وَإِلَى هَذَا ذَهَب الفرّاء. وَفِي الْكتاب الَّذِي كتبه النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحُدَيْبية حِين صالَح أهلَ مَكَّة: (وَأَن لَا إِغْلالَ وَلَا إِسْلال) .
قَالَ أَبُو عُبَيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الإسْلالُ: السَّرِقَةُ الخَفِيّة، يُقَال: فِي بَنِي فلانٍ سَلّة: إِذا كَانُوا يَسرِقون.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّلِيلةُ: بِنْتُ الرَّجل من صُلْبه.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلِيلُ والسُّلاّن: الأوْدية.
قَالَ: والسَّليل والسَّليلة: المُهْر والمُهْرة. والسَّلِيلة: عَقَبةٌ أَو عَصَبة أَو لحمةٌ إِذا كَانَت شبْه طرائق يَنفصِل بعضُها من بعض.
وَأنْشد:
لاءَمَ فِيهَا السليلُ القَفَازا
قَالَ: السَّليلُ: لَحمةُ المَتْنَين.
ابْن السّكيت: أَسَلَّ الرّجلُ: إِذا سَرَق. وَفِي بني فلَان سَلّةٌ، أَي: سَرِقة.
وَيُقَال: أَتيناهم عِنْد السَّلَّة، أَي: أتيناهم عِنْد استلال السُّيوف، وأَنشَد:(12/206)
وَذُو غِرَارَيْن سَرِيعُ السَّلّة
وسَلَّ الشيءَ يَسَلّه سَلاًّ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا إِغْلالَ وَلَا إِسْلالَ) .
قَالَ: وسَلّةُ الفَرَس: دَفَعْتُه فِي سِباقِه. يُقَال: قد خَرجَتْ سَلّةُ هَذَا الفَرس على سائرِ الْخَيل.
قَالَ المَرّار العَدَوِيّ:
أَلِزاً قَدْ خَرَجَتْ سَلَّتُه
زَعِلاً تَمسَحُه مَا يَسْتَقِرّ
قَالَ: والأَلزُ: الوَثَّاب. قَالَ: والسَّلَّة: السَّبذَةُ كالجُؤْنة المُطبَّقَة.
قلت: ورأيتُ أعرابيّاً نَشأ بفَيْد يَقُول لسَبَذة الطِّين: السَّلَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّلَّة: السُّلُّ وَهُوَ الْمَرَض. والسَّلّةُ: استلالُ السُّيوف عِنْد الْقِتَال، يُقَال: أتيناهم عِنْد السَّلة. والسَّلَّةُ: النَّاقة الّتي سقطتْ أسنانُها من الهَرَم.
اللّحياني قَالَ أَبُو السِّمْط: رَجُل سَلُّ، وامرأةٌ سَلَّة، وشاةٌ سَلَّة، أَي: ساقِطةُ الْأَسْنَان، وَقد سَلّت تَسِل سَلاًّ.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلّ وَعلا: {يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً} (النُّور: 63) .
قَالَ: يَلوذُ هَذَا بِهَذَا، يَستتِر ذَا بذا.
وَقَالَ اللَّيْث: يتسلّلون وينسلّون وَاحِد.
أَبُو عُبَيد: السُّلاسلُ: الماءُ السَّهل فِي الحَلْق وَيُقَال: هُوَ الْبَارِد أَيْضا.
قَالَ لَبيد:
حَقائِبُهمْ راحٌ عَتِيقٌ ودَرْمَكٌ
ورَيْطٌ وفاثُورِيّةٌ وسَلاسِلُ
وَقَالَ اللَّيث: هُوَ السَّلْسَل، وَهُوَ المَاء العَذْب الصافي الَّذِي إِذا شُرِب تَسَلْسَل فِي الْحَلْق. والماءُ إِذا جَرَى فِي صَبَب أَو حَدُور تَسَلْسَل، وَقَالَ الأخطَل:
إِذا خافَ مِن نجمٍ عَلَيْهَا ظَماءَةً
أَدَبَّ إِلَيْهَا جَدْوَلاً ويَتَسَلْسَلُ
وخمرٌ سَلْسل.
وَقَالَ حسّان:
بَرَدَى يُصفَّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ
قَالَ: والسَّلَّة: الفُرْجة بَين نَصائب الحَوْض، وأنشَد:
أسَلَّةٌ فِي حَوْضها أم انْفَجَرْ
وَفِي حَدِيث أبي زرع بن أبي زرع: كمَسَلِّ شَطْبة. أَرَادَ بالمَسَلِّ: مَا سُلّ من شَطْب الجَريدة شَبَّهه بِهِ لدِقة خَصْره. والسِّلسلةُ مَعْرُوفَة. وبَرْق ذُو سَلاسِل، ورَمْل ذُو سَلاسِل: وَهُوَ تَسَلْسُلُه الَّذِي يُرى فِي التوائه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّلاسلُ: رَمْلٌ يتعقّد بعضُه على بعض.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَرْقُ المُسَلْسَل: الَّذِي يَتَسَلْسَل فِي أعاليه ول(12/207)
ايكاد يُخلِف. والأَسَلُّ: اللّص.
أنْشد أَبُو عبيد قَول تأبّطَ شَرّاً:
وأَنْضُوا المَلاَ بالشّاحِبِ المُتَسَلْسِلِ
وَهُوَ الَّذي تخَدَّدَ لحمُه وقَلّ.
قلتُ: أَرَادَ بِهِ نفسَه. أَرَادَ قطَع الْمَلأ، وَهُوَ مَا اتّسع من الفَلاة، وَأَنا شاحب مُتسلسِل وَرَوَاهُ غيرُه: (بالشاحب المُتَشَلْشِل) وفسَّره أَنْضُوا المَلا: أجوزُه. والمَلا: الصَّحْراء. والشاحب: الرَّجلُ الغَزّاء. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الشاحب: سيفٌ قد أَخلَق جَفْنهُ. والمُتشلشل: الّذي يَقطُر الدّمُ مِنْهُ لِكَثْرَة مَا ضُرِب بِهِ.
وَفِي الحَدِيث: (اللهمَّ اسقِنا من سَلِيل الجنَّة) ، وَهُوَ صافِي شرابِها، قيل لَهُ سليلٌ: لِأَنَّهُ سُلَّ حَتَّى خَلَص.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا وَضَعت الناقةُ فوَلدُها ساعَة تضعُه سَلِيل قَبلَ أَن يُعلم أذكرٌ هُوَ أم أُنْثَى. وسَلائل السَّنام طرائِقُ طوالٌ يُقطع مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَاحِدهَا سَليل. قَالَ ابْن شُميل: وَيُقَال للْإنْسَان أَيْضا أوّل مَا تضعه أمُّهُ سَلِيل. والسَّلِيلُ: دماغُ الفَرَس، وَأنْشد:
كَقَوْنَسِ الطِّرْفِ أَوْفَى شَأَنُ قَمَحْده
فِيهِ السَّليلُ حَوَالَيْه لَهُ أَرَمُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للغُلام الخفيفِ الرُّوح النّشيط لُسْلُس وسُلْسُل.
وَقَالَ النَّضْر: سَلِيلُ اللَّحْم: خَصِيلُه، وَهِي السَّلائِل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّليلُ: طرائق اللَّحْم الطِّوال تكون ممتدّة مَعَ الصُّلب.
وَقَالَ النَّضر: السّالُّ: مكانٌ وَطِىء وَمَا حولَه مُشرِف، وَجمعه سَوَالّ، يُجمَع فِيهِ المَاء.
شَمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: سَلِيلٌ من سَمُر، وغالُّ من سَلَم، وفَرْشٌ من عُرْفط.
اللحياني: تَسَلْسَل الثوبُ وتَخَلْخلَ: إِذا لُبِس حَتَّى رَقّ، فَهُوَ مُتسَلْسِل. والتَّسَلْسُلُ: بَرِيقُ فِرِنْدِ السَّيْف ودَبيبُه. وسيفٌ مُسَلْسَل، وثَوْبٌ مُلَسْلَس فِيهِ وشيُ مخطَّط، وبعضُهم يَقُول: مُسَلْسَل كأنّه مقلوب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السُّلاّن: بطونٌ من الأَرْض غامضةٌ ذاتُ شجر، وَاحِدهَا سالٌّ غالٌّ.
قَالَ: والسُّلاّنُ: وَاحِدهَا سالٌّ وَهُوَ المَسِيل الضيّق فِي الْوَادي.
وَقَالَ غَيره: السِّلْسِلةُ: الوَحَرة، وَهِي رُقَيْطاء لَهَا ذَنَب دَقيقٌ تمصع بِهِ إِذا عَدَتْ؛ يُقَال: إِنَّهَا مَا تَطَأُ طَعاماً وَلَا شَراباً إلاّ سَمَّتْه فَلَا يأكلُه أحدٌ إلاّ وَحَر وأصابَه داءٌ رُبمَا ماتَ مِنْهُ.
ابْن الأعرابيّ: سَلْسَلَ: إِذا أَكَل السِّلْسلة، وَهِي القِطْعة الطويلةُ من السَّنا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ اللَّسْلسة.(12/208)
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ اللَّسْلِسَة، وَيُقَال: سَلْسَلة. وَيُقَال: انْسَلّ وانْشَلَّ بِمَعْنى وَاحِد. يُقَال ذَلِك فِي السَّيْل وَالنَّاس قَالَه شَمر.
سَلس: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السَّلْسُ: الخَيْطُ ينظَم فِيهِ الخَرزُ، وَجمعه سُلُوس، وأَنشَدَنا:
ويزِينُها فِي النَحْر حَلْيٌ وَاضِحٌ
وقَلائِدٌ من حُبْلةٍ وسُلوِس
وَقَالَ غيرُه: السُّلاَسُ: ذَهابُ العَقْل. وَرجل مَسْلُوسٌ فِي عَقْله، فَإِذا أَصابه ذَلِك فِي بَدَنه فَهُوَ مَهْلُوسٌ. وسَلِسَ المُهْرُ: إِذا انْقاد، وشَرابٌ سَلِسٌ: لَيِّن الانحدار. وسَلِسَ بَولُ الرجلِ: إِذا لم يتهيّأ لَهُ أَن يُمسِكه، وكلُّ شَيْء قَلِق فقد سَلِس. وأسْلسَتِ النّخلة فَهِيَ مُسْلِس: إِذا تَناثَر بُسْرُها. وسَلْسَت النَّاقة: إِذا أخدَجَت الولدَ قبل تَمام أيّامه فَهِيَ سُلِس، وَقَالَ المعطَّل الهُذَلي:
لم يُنْسِنِي حُبَّ القَتُول مَطارِدٌ
وأفَلُّ يختضِمُ القَقَارُ مُسلَّسُ
أَرَادَ بالمَطارِدِ سِهَاماً يُشبِه بعضُها بَعْضًا، وَأَرَادَ بقوله: مسلَّس: مُسَلسَل، أَي: فِيهِ مِثل السِّلْسلة من الفِرِند.
لس: أَبُو عبيد: لَسَّ يَلُسُّ: إِذا أَكل، وَقَالَ زُهير:
قد اخضَرَّ مِنْ لَسن الغَمِيرِ حَجافِلُهْ
الدينوريّ قَالَ: اللُّسَاس من البَقْل: مَا اسْتمكَنَتْ مِنْهُ الراعية.
واللَّسُّ أصلُه الأَخْذ باللّسان من قبلِ أَن يَطُول البَقْلُ. وَقَالَ الرّاجز: وَوصف فَحْلاً:
يُوشِكُ أَن توجسَ فِي الإيجاسِ
فِي ياقِلِ الرِّمْث وَفِي اللُّساس
مِنْهَا هَدِيمُ ضَيَعٌ هَوّاس
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: اللُّسُ: الجَمّالون الحُذاق.
قلتُ: الأصْل النُسُسُ. والنَّسُّ: السُّوق، فقُلبت النُّون لاماً. قَالَ: واللَّسْلاسُ: السَّنامُ المقطَّع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللِّسلِسةُ. انْتهى وَالله أعلم.
(بَاب السّين وَالنُّون)
(س ن)
سنّ، نس: (مستعملان) .
سنّ: قَالَ أَبُو الْحسن اللّحياني: أسنَنْتُ الرُّمْح: إِذا جعلتَ لَهُ سِناناً وَهُوَ رُمْح مُسَنٌّ. قَالَ: وسَنَنْتُ السِّنان أسُنُّه سَنّاً فَهُوَ مَسْنون: إِذا أحدَدته على المِسَن بِغَيْر ألف.
وَكَذَلِكَ قَالَ اليزيديّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو عبيد، وَزَاد عَنهُ: سَننتُ الرمحَ: ركبت فِيهِ السِّنان، بِغَيْر ألف أَيْضا. وَقَالَ(12/209)
اللحياني: سننت الرجل أسُنُّه سَنّاً: إِذا طَعَنْته بالسِّنان. وسَنَنْتُ الرجلَ: إِذا عَضضْتَه بأسنانِك، كَمَا تَقول: ضرَسْته. وسَنَنْتُ الرجَل: إِذا كسرتَ أسنانَه، أَسُنُّه سَنّاً. والسُّنّة الطريقةُ المستقيمة المحمودة، وَلذَلِك قيل: فلانٌ من أهل السنّة، وسَننتُ لكمْ سُنّة فاتبعوها.
وَفِي الحَدِيث: (من سَنَّ سُنّةً حَسنةً فَلهُ أجرُها وأجرُ من عَمل بِها وَمن سَنّ سُنّةً سَيِّئةً) يُريد من عَمِل بهَا ليُقتَدَى بِهِ فِيهَا. وسنَنْتُ فلَانا بالرُّمْح: إِذا طَعَنْتَه بِهِ. وسنَنْتُ إِلَى فلَان الرُّمْحَ تَسنِيناً: إِذا وجّهتَه إِلَيْهِ.
وَيُقَال: أسَنّ فُلانٌ: إِذا كَبر، يُسنُّ إسْناناً، فَهُوَ مُسِنّ. وبعير مُسِنّ. والجميع مَسانٌ ثَقيلَة.
وَيُقَال: أسَنْ: إِذا نبَت سِنهُ الّذي يَصيرُ بِهِ مُسِناً من الدوابّ.
قَالَ شَمر: السُنّة فِي الأَصْل: سُنّهُ الطَّرِيق. وَهُوَ طريقٌ سنه أَوَائِل النَّاس فَصَارَ مَسلَكاً لمَن بعدَهم. وسَنَّ فلانٌ طَرِيقا من الْخَيْر يَسُنّه: إِذا ابْتَدَأَ أمرا من البِرّ لم يَعرِفه قَومُه، فاستَنُّوا بِهِ وسلَكُوه وَهُوَ يَسْتنُّ الطَّريقَ سَنّاً وسنَناً؛ فالسَّنُّ المصدَر، والسَنَنُ: الِاسْم بِمَعْنى المسنُون.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: سنَن الرَّجُل: قَصْدُه وهمّتُه. وسُنّت الأرضُ فَهِيَ مَسْنونة وسنين: إِذا أُكل نباتُها، قَالَ الطَّرِمّاح:
بمُنخَرِقٍ تحِنُّ الرِّيحُ فِيه
حَنينَ الجُلْبِ فِي البَلدِ السَّنِين
يَعْنِي المَحْلَ. وَفِي حَدِيث مُعاذ قَالَ: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن فأَمَرني أَن آخذَ من كلّ ثلاثينَ من الْبَقر: تَبِيعاً، وَمن كلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنّة. والبَقَرةُ والشاةُ يَقَع عَلَيْهَا اسمُ المُسِنّ إِذا أَثْنَيا، فَإِذا سَقَطتْ ثنِيتها، بعد طُلُوعهَا فقد أسَنَّتْ، وَلَيْسَ معنى أسنانِها كِبَرها كالرّجل، وَلَكِن مَعْنَاهُ طُلوعُ ثنِيّتها. وتُثْنى البَقرةُ فِي السّنة الثَّالِثَة، وَكَذَلِكَ المِعْزَى تُثْنى فِي الثَّالِثَة، ثمَّ تكون رَبَاعِيةً فِي الرَّابِعَة، ثمَّ سِدْساً فِي الْخَامِسَة، ثمَّ سالِفاً فِي السَّادِسَة؛ وَكَذَلِكَ البقرُ فِي جَمِيع ذَلِك.
وروى مَالك عَن نافعٍ عَن ابْن عُمَر أنّه قَالَ: يتّقى من الضّحايا الّتي لم تُسْنن، هَكَذَا حدَّثنيه محمدُ بنُ إِسْحَاق عَن أبي زُرْعة عَن يحيى عَن مَالك. وذَكر القُتَيبي هَذَا الحديثَ فِي (كِتَابه) : (لم تُسْننْ) بِفَتْح النُّون الأولى، وفسّرهُ: الَّتِي لم تَنبُت أَسنانُها كَأَنَّهَا لم تُعطَ أسناناً، كَقَوْلِك: لم يُلْبَن، أَي: لم يُعطَ لَبَنًا، وَلم يُسمَن، أَي: لم يُعطَ سَمْناً. وَكَذَلِكَ يُقَال: سُنِّنتِ البَدَنةُ: إِذا نبتتْ أسنانُها، وسَنّها الله.
قَالَ: وقولُ الْأَعْشَى:(12/210)
حتّى السَّدِيسُ لَهَا قد أَسَنّ
أَي: نَبَت وصارَ سِنّاً؛ هَذَا كلّه قَول القتيبيّ، وَقد أَخطَأ فِيمَا رَوَى وفسّر من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أنّه رُوِي فِي الحَدِيث: (لم تُسنَن) بِفَتْح النُّون الأولى وَلم تُسن فأَظهَر التضعيفَ لسكون النُّون الْأَخِيرَة، كَمَا يُقَال: لم تُحلل، وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْن عمر أَنه يتقى أَن يُضَحَّى بضحيّته لم تُثْنِ، أَي: لم تَصِر ثَنِيّة، وَإِذا أَثْنَتْ فقد أسَنَتْ؛ وعَلى هَذَا قولُ الْفُقَهَاء، وَأدنى الأسنَان: الإثناء، وَهُوَ أَن تَنْبُت ثَنِيّتاها، وأقصاها فِي الْإِبِل البُزُول، وَفِي الْبَقر وَالْغنم الصُّلُوع.
والدّليل على صِحَة مَا ذكرتُه مَا حدّثنا بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الحَسن بنِ عَفَّان عَن أَسْبَاط، عَن الشّيباني، عَن جَبَلة بن سُحَيم قَالَ: سألَ رجلٌ ابْنَ عمرَ فَقَالَ: أضحِّي بالجَذَع؟ فَقَالَ: ضَحِّ بالثَّنِيِّ فصاعِداً؛ فَهَذَا يسِّر لَك أنّ معنى قَوْله: (يُتّقى من الضّحايا الَّتِي لم تُسْنِنْ) أَرَادَ بِهِ الإثناء.
وَأما خطأ القُتَيْبي من الْجِهَة الْأُخْرَى فقولُه: سُنت البَدَنة إِذا نبتتْ أسنانُها، وسَنَّها الله؛ وَهَذَا باطلٌ، مَا قَالَه أحد يَعرِف أدنى شَيْء من كَلَام الْعَرَب.
وقولُه أَيْضا: (لم يُلْبَنْ وَلم يُسْمَنْ، أَي: لم يعْطَ لَبناً وسَمْناً) خطأ أَيْضا، إِنَّمَا مَعْنَاهُمَا: لم يُطعَم سَمْناً، وَلم يُسْق لَبنَاً.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: السَّنُّ: مصدرُ سَنّ الحَديدَ سَنّاً، وسَنَّ لِلقَوم سُنّة وَسَنناً وسَنَّ عَلَيْهِ الدِّرْعَ يَسُنّها سَنّاً: إِذا صَبّها. وسَن الإبِل يَسُنّها سَنّاً: إِذا أحسَن رِعْيَتَها حتّى كَأَنَّهُ صَقَلها. قَالَ: والسَنَنُ: استِنانُ الْإِبِل وَالْخَيْل. وَيُقَال: تَنَحَّ عَن سَنَن الخَيْل، وَجَاء: (من الْإِبِل وَالْخَيْل) سنَنٌ مَا يُرَدّ وجهُه. وَيُقَال: تَنَحَّ عَن سَنَن الطَّرِيق وسُنَنه. وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْفراء: سَنَن الطَّرِيق وسُنَنُه: محجّتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الأصمعيّ: يُقَال: سَنّ عَلَيْهِ دِرْعَه: إِذا صَبَّها، وَلَا يُقَال: شنّ. قَالَ: وَيُقَال: شَنّ عليهِ القارةَ، أَي: فرَّقها. شَنّ الماءَ على شرابِه، أَي: فرّقه عَلَيْهِ. وسَنّ الماءَ على وَجْهِه، أَي: صَبّه عَلَيْهِ صَبّاً سَهْلاً. وقولُ الله جلّ وعزّ: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الْحجر: 26) ، قَالَ ابْن السّكيت: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} ، أَي: متغيِّر.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُنَّ الماءُ فَهُوَ مَسْنون، أَي: تغيِّر. وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (الْحجر: 26) ، أَي: مَصْبوب على سُنّة الطَّرِيق.
وَقَالَ اللّحياني: قَالَ بَعضهم: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} : متغيِّر. وَقَالَ بَعضهم: طوّله جَعَله طَويلا مسنوناً؛ يُقَال: رجل مسنون(12/211)
الْوَجْه، أَي: حَسَنُ الوَجْه طَوِيلَة.
وَقَالَ الفرّاء: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} هُوَ المتغيِّر، كأنّه أُخِذَ من سَنَنْتُ الحَجَر على الحَجَر، والّذي يَخرُج بينَهما يُقَال لَهُ السَّنِينَ وَالله أعلم بِمَا أَرَادَهُ.
قَالَ الفرّاء: يسمَّى المِسَنُّ مِسَنّاً لِأَن الْحَدِيد يُسَنّ عَلَيْهِ، أَي: يُحَدّ عَلَيْهِ، وَيُقَال للَّذي يسيل عِنْد الحَكّ: سَنِين. قَالَ: وَلَا يكون ذَلِك السائلُ إِلَّا مُنتِناً. وَقَالَ فِي قَوْله: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} يُقَال: المحكوك. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الرَّطْب. وَيُقَال: المُنْتِن. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المَسْنُون المصْبُوب على صُورة. وَقَالَ: الوَجْه المَسْنون سمّيَ مَسْنوناً لِأَنَّهُ كالمخروط.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم فلَان من أهل السُّنة مَعْنَاهُ: من أهل الطَّرِيقة المستقيمة المحمودة، وَهِي مَأْخُوذَة من السَّنَن وَهُوَ الطَّرِيق؛ يُقَال: خُذْ على سَنَن الطَّرِيق وسُنَنِه. والسُّنّة أَيْضا: سُنّة الوَجْه. والحديدةُ الّتي يُحرَث بهَا الأرضُ يُقَال لَهَا: السِّنّة والسِّكّة وجمعُها السِّنَن. وَيُقَال للفُؤُوس أَيْضا: السِّنَن، وَيُقَال: هَذِه سِنٌّ وَهِي مؤنّثة وتصغيرُها سُنَيْنَة، وتُجمَع أَسُنّاً وأَسْناناً. قَالَ اللّحياني: قَالَ القَنَاني: يُقَال لَهُ بُنَيٌّ سَنِينةُ أَبِيك. وَيُقَال: هُوَ سنّةٌ وتِنُهُ وحِتْتُهُ: إِذا كَانَ قِرْنَه فِي السِّن.
قَالَ ابْن السكّيت: الفحلُ سَانَّ الناقةَ سِناناً ومُسَانّةً حتّى نَوَّخها، وَذَلِكَ أَن يَطرُدَها حَتَّى تَبْرك، قَالَ ابْن مُقبِل:
وتُصبِح عَن غِبِّ السُّرَى وَكَأَنَّهَا
فَنِيق ثَنَاهَا عَنْ سِنانٍ فَارْقَلاَ
يُقَال: سَانَّ ناقَتَه ثمَّ انتَهى إِلَى العَدْوِ الشّديد فأَرْقَل، وَهُوَ أَن يرتقِع عَن الذَّميل. وَقَالَ الأَسَديّ يصف فَحْلاً:
لِلْبَكَرات العِيطِ مِنْهَا ضاهِدَا
طَوْعَ السِّنان ذَارِعاً وعاضِدا
(ذارعاً) يُقَال: ذَرْع لَهُ: إِذا وَضَعَ يَده تَحت عُنُقه ثمَّ خَنَقه. والعاضدُ: الّذي يَأْخُذ بالعَضُد (طَوْع السِّنان) يَقُول: يُطاوِعه السِّنان كَيفَ شَاءَ. وَيُقَال: سَنَّ الفحلُ الناقَة يَسُنُّها سَنّاً: إِذا كَبَّها على وجهِها. قَالَ:
فاندَفَعَتْ تأْبزُ واستقْفَاهَا
فسَنَّها للوَجْه أَوْ دَرْبَاهَا
أَي: دَفَعَها.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا سافرتم فِي الخِصْب فأَعْطُوا الركبَ سنّتَها، وَإِذا سافرتم فِي الجَدْب فَاسْتَنْجُوا) .
قَالَ أَبُو عُبيد: لَا أعرف الأسِنّة إلاّ جَمْع سِنَان؛ الرمْح فَإِن كَانَ الحَدِيث مَحْفُوظًا فَكَأَنَّهَا جمع الْأَسْنَان يُقَال: سِنٌّ وأَسْنان من المَرْعَى، ثمَّ أسِنّة جمعُ الْجمع.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: الأَسنّة جمع السِّنان لَا جَمْع الأسْنان. قَالَ: والعَرَب تَقول:(12/212)
الحَمْضُ يَسُنّ الإبِلَ على الخُلَّة فالحَمْض سِنانٌ لَهَا على رعْي الخُلة وَذَلِكَ أَنَّهَا تَصدُق الْأكل بعد الحَمْض، وَكَذَلِكَ الرِّكابُ إِذا سُنّت فِي المرتَعِ عِنْد إراحة السَّفْر ونزُولهم، وَذَلِكَ إِذا أَصَابَت سِنّاً من المرَّعْى يكون ذَلِك سِناناً على السَّيْر، ويُجمع السِّنانُ أسِنّة، وَهُوَ وجهُ العربيّة.
قَالَ: وَمعنى: (يَسُنّها) أَي: يقوِّيها على الْخلة. قَالَ: والسِّنان: الِاسْم من سَنَّ يَسُنُّ، وَهُوَ القوّة.
قلت: قد ذهب أَبُو سَعِيد مَذهَباً حَسَناً فِيمَا فَسّر، وَالَّذِي قَالَه أَبُو عُبَيد أصحُّ وأبيَن.
قَالَ الْفراء فِيمَا روى عَن ثَعْلَب عَن سلَمة: السِّنّ: الأَكل الشَّديد.
قَالَ: وسمعتُ غيرَ واحدٍ من العَرَب يَقُول: أَصَابَت الإبلُ اليومَ سِنّاً من الرّعْي: إِذا مَشَقَتْ مِنْهُ مَشْقاً صَالحا، ويُجمَع السنّ بِهَذَا الْمَعْنى أَسْناناً، ثمَّ يُجمع الأَسنان أسنّة، كَمَا يُقَال: كنّ ويُجمَع أكناناً، ثمَّ أكنّة جمع الْجمع.
فَهَذَا صَحِيح من جِهَة العربيّة، ويقوّيه حديثٌ رَوَاهُ هِشام بن حسان عَن جَابر بن عبدِ الله قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سِرْتم فِي الخِصبِ فأَمكنوا الرِّكابَ أَسْنانها) .
قلتُ: فَهَذَا اللّفظ يدلّ على صِحَة مَا قَالَه أَبُو عُبَيد فِي الأسنة: إِنَّهَا جمع الأَسْنان. والأَسنان: جمعُ السّنّ وَهُوَ الأَكل والرّعي.
حدّثنا مُحَمَّد بنُ سعيد قَالَ: حَدَّثنا الحَسَن بنُ عَليّ قَالَ: حدَّثنا يزِيد بنُ هَارُون قَالَ: حدَّثنا هِشَام، عَن الحَسَن عَن جابرِ بنِ عبد الله عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا كُنْتُم فِي الخِصْبِ فأعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنتَها، وَلَا تعدوا الْمنَازل، وَإِذا كَانَ الجَدْب فاستَنْجُوا؛ وَعَلَيْكُم بالدُّلْجَة فإِنّ الأَرْض تُطْوَى باللّيل، وَإِذا تغوّلت بكم الغِيلان فبادِرُوا بِالْأَذَانِ، وَلَا تَنزِلوا على جَوادِّ الطّريق، وَلَا تُصلُّوا عَلَيْهَا فإِنَّها مَأوَى الحيّات والسِّباع، وَلَا تَقْضوا عَلَيْهَا الحاجاتِ، فَإِنَّهَا المَلاعِنُ) .
وَيُقَال: سَانَّ الفحلُ الناقةَ يُسانُّها سِناناً: إِذا كدّتها. وتَسانَّت الفُحول: إِذا تكادَمَتْ. وَيُقَال: هَذِه سُنّة الله، أَي: حُكمُه وأمرُه ونهيُه؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ} (الْأَحْزَاب: 38) ، (سنة الله) لِأَنَّهُ أُرِيد بِهِ الفِعْل؛ أَي: سَنَّ اللَّهُ ذَلِك فِي الّذين نافَقوا الأنبياءَ، وأَوجَفوا بهم أَن يُقتَلوا أينَ ثُقِفُوا، أَي: وُجِدوا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: هُوَ أشبهُ شيءٍ بِهِ سُنّةً وأُمّةً، فالسُّنّة: الصُّورَة والوَجْه. والأُمّةُ: القامةُ.(12/213)
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سِنٌّ من ثُوم، أَي: حَبَّةٌ من رأسِ الثُّوم. وأَسْنان المِنْجَل: أُشَره. وسُنّة الْوَجْه: دوائره.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: من أَمْثَال الصَّادِق فِي حديثِه قَوْلهم: صَدَقني سِن بَكْرِهِ. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: أصلُه أنّ رجلا ساوَمَ رجلا ببَكْر أَرَادَ شِراءَه، فَسَأَلَ البائعَ عَن سنَه، فأَخبَرَه بالحقّ؛ فَقَالَ المشترِي: صَدَقَني سِنُّ بَكْرِه؛ فذَهَبَ مثلا. وَهَذَا المَثَل يُروَى عَن عليّ بن أبي طَالب أنّه تكلّم بِهِ بالكوفَة.
وَقَالَ اللّيث: السَّنّة: اسمُ الدُّبّة أَو الفَهْد روَى للمؤرّج: السِّنانُ: الذِّبَان. وأنشَد:
أيأكل تأزيزاً ويحسو حريرَةً
وَمَا بَين عينين وَنِيمُ سِنانِ
قَالَ: تأزيزاً: مَا رَمَتْ بِهِ القِدْر: إِذا فارت.
قَالَ: والمُسْتَسَنْ: طريقٌ يُسْلَك، قَالَ: سُنْسُنُ اسمٌ أعجمي يُسمَّى بِهِ أهل السَّوادِ، والسُّنة: الطَّرِيقَة المستقيمة.
وَيُقَال للخطِّ الأسوَد على مَتْن الحِمار: سُنّة. وسَنَّ اللَّهُ سُنّةً، أَي: بَيّن طَرِيقا قويماً. وَيُقَال: أسْنُنْ قُرونَ فرَسِك، أَي: بُدّه حَتَّى يَسِيلَ عَرقُه فيَضْمُرَ. وَقد سُنَّ لَهُ قَرْن وقُرون، وَهِي الدُّفع من العَرَق، وَقَالَ زُهَير:
نُعَوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يوْمٍ
يُسَنُّ على سَنابِكِها القُرونُ
وَيُقَال: سَنَّ فلانٌ رِعْيَتَه: إِذا كَانَ حَسَن الْقيام عَلَيْهَا، وَمِنْه قولُ النّابغة:
سَنُّ المُعَيْدِيِّ فِي رَعْيٍ وتَقْرِيبِ
والسنائن: رمالٌ تستطيل على وَجه الأَرْض، واحدتُها سَنِينة.
وَقَالَ الطَرمّاح:
وأَرْطاةِ حِقْفٍ بَين كِسْرَىْ سَنائنِ
وَقَالَ مَالك بنُ خَالِد الخُناعيّ فِي السّنائن الرِّياح:
أبَيْنا الدِّياتِ غيرَ بِيضٍ كأنَّها
فضول رجاع زفزفتْها السَّنائِن
قَالَ: السَّنائِن: الرّياح، واحدُها سَنِينة. والرِّجاع: جمعُ الرَّجْع، وَهُوَ ماءُ السَّماء فِي الغَدِير.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَاءَت الرّياح سَنائن: إِذا جَاءَت على وَجْه واحدٍ لَا تخْتَلف. الفرّاء والأصمعيّ: السِّنُّ: الثَّوْر الوَحْشيّ.
وَقَالَ الراجز:
حَنَّت حَنِيناً كثُوَاجِ السِّنِّ
فِي قَصَب أجوَفَ مُرْثَعِنِّ
والسَّنُون: مَا يُستَنّ بِهِ من دَواء مؤلَّف يقوِّي الْأَسْنَان ويطرِّيها.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد يُقَال: وَقع فلَان فِي سِنّ رأسِه، أَي: فِيمَا شاءَ واحتكم.(12/214)
قَالَ أَبُو عبيد: وَقد يُفَسَّر سِنُّ رأسِه: عَدَدُ شَعْرِه من الْخَيْر. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَقع فلانٌ فِي سِنِّ رأسِه، وَفِي سِيّ رَأسِه، وسَوَاءِ رأسِه بِمَعْنى وَاحِد.
رَوَى أَبُو عبيد هَذَا الحرفَ فِي الْأَمْثَال: (فِي سِنِّ رأسِه) ، أَي: فِيمَا شَاءَ واحتَكم. وَرَوَاهُ فِي (المؤلَّف) : (فِي سيِّىءِ رأسِه) وَالصَّوَاب بِالْيَاءِ، أَي: فِيمَا سَاوَى رَأسَهُ من الخِصْبِ. يُقَال: جَاءَ من الإبلِ سَنَنٌ لَا يردّ وجهُه، وَكَذَلِكَ من الخَيْل، وطعَنَه طعنةً فجاءَ من دَنّها سَنَنٌ يَدْفع كلَّ شَيْء إِذا أَخْرَجَ الدَّمَ بِحَمْوَيه. والطَّرِيق سَنَنٌ أَيْضا، وَقَالَ الأعْشَى:
وقَدْ نَطْعَنُ العَزْجَ يَومَ اللِّقَا
ءِ بالرُّمْحِ نَحْبِسُ أُولَى السَّنَن
قَالَ شَمِر: يُريدُ أُولى القوْم الَّذين يُسْرِعون إِلَى الْقِتَال. قَالَ: وكلُّ مَن ابتَدَأَ أَمْراً عَمِل بِهِ قومٌ بعدَه قيل: هُوَ الَّذي سَنَّه. قَالَ نُصَيب:
كأنِّي سَنَنْتُ الحُبَّ أَوَّلَ عاشِقٍ
من الناسِ أَوْ أَحْبَبْتُ بَينهم وَحْدي
أَبُو زيد: اسْتَنَّت الدابةُ على وَجْهِ الأَرْض، واسْتَنَّ دَمُ الطَّعْنَةِ: إِذا جَاءَت دَفْعَةٌ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو كَبِير الْهُذَلِيّ:
مُسْتَنَّةً سَنَنَ الفُلُوِّ مُرِشّة
تَنْقِي التُّرَابَ بِفَاخِرٍ مُعْرَوْرَفِ
وَمن أمثالهم: استَنَّتْ الفُصْلاَنُ حَتَّى القَرْعَى؛ يُضْرَبُ مثلا للرجل يُدْخِل نفسَه فِي قوم لَيْسَ مِنْهُم. والقَرْعَى من الفِصَال: الَّتِي أصَابَهَا قَرَع وَهُوَ بَثْر، فَإِذا استَنَّت الفصالُ الصّحاحُ مَرَحاً نَزَت القَرْعَى نَزْوَها تشَبَّهُ بهَا، وَقد أضعَفَها القَرَعُ عَن النَّزَوَان. والسُّنَّةُ: ضَرْبٌ من تَمْرِ المَدِينة مَعْرُوفَة.
أَبُو تُرَاب: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّنَاسِن والشَّنَاشِنُ: العِظام، وَقَالَ الجَرَنْفَش:
كيفَ تَرَى الْغَزْوَةَ أَبْقَتْ مِنّي
شَنَاشِناً كَخَلَقِ المِجَنِّ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السَّنَاسِن: رؤُوس المَحال، واحِدُها سِنْسِن.
قلت: ولحمُ سَنَاسِنِ البَعير من أطيَب اللُّحْمَان، لِأَنَّهَا تكون بَين شَطَّيِ السَّنام. ولحمُهَا يكون أشمط طيّباً.
نس: قَالَ اللَّيْث: النَّسُّ: لُزُومُ المَضاءِ فِي كلّ أَمر، وَهُوَ سرعةُ الذّهاب لِوُرودِ الماءِ خاصَّةً، وأنْشَد:
وبَلَدٍ يَمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا
قلت: لم يُصِبْ الليثُ فِي شَيْء فِيمَا فسَّرَه، وَلَا فِيمَا احتجَّ بِهِ. أما النَّسُّ فَإِن شَمِراً قَالَ: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول: النَّسّ: السَّوْقُ الشَّديد، وأنشَد:
وَقَدْ نَطَرْتُكُمْ إِينَاءَ صادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ طَالَ بهَا حَوْزِي وتَنْساسِي
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول العَجَّاج:(12/215)
حَصْبَ الْغُواةِ العَوْمَجَ الْمَنْسُوسَا
قَالَ: المنسوس: المَطْرود المَسُوق. والعَوْمَجُ: الحيَّةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّسُّ: السَّوْقُ الشَّديد، وَأما قَوْله:
وبَلَدٍ يُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا
فَإِن النُّسَّسَ هَا هُنَا لَيست من النَّسّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنى السَّوْق، ولكنَّها القَطَا الَّتِي عَطِشَتْ كَأَنَّهَا يَبِسَتْ من شدّةِ الْعَطش.
وَقد رَوَى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: جاءَنا بِخُبْزٍ نَاسَ وناسَّةٍ. وَقد نَسَّى الشيءُ يَنِسّ ويَنُسُّ نَسَّاً، وَمِنْه قَوْله:
وبَلَدٍ يُمَسِي قَطَاهُ نَسَّسَا
فَجعل النُّسَّسَ بِمَعْنى البُبَّس عطشاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّسِيسُ: الجُوع الشَّديد، والنَّسِيس: السّوْق وَمِنْه حَدِيث عمرَ أَنه كَانَ يَنُسّ أَصحابَه، أَي: يَمْشِي خَلْفَهم. وَقَالَ شَمِر: يُقَال: نَسَّ ونَسْنس مثلُ: نَشَّ ونَشْنَشَ، وَذَلِكَ إِذا سَاق وطَرد.
أَبُو عُبَيد: النَّسِيس: بقيَّة النَّفْس، وأنْشَد:
فَقَدْ أَوْدَى إِذا بَلَغَ النَّسِيسُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّسِيسُ: غايةُ جَهد الْإِنْسَان، وأنْشَدَنَا:
باقِي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْن
وأخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشَدَه:
قطعتَها بِذَات نِسْنَاسٍ باقْ
قَالَ: النَّسْنَاسُ: صَبْرُها وجَهْدُها.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت الْغَنَوِيَّ يَقُول: ناقةٌ ذاتُ نَسْنَاسٍ، أَي: ذاتُ سَيْرِ باقٍ.
قَالَ: وَيُقَال: بَلَغَ من الرَّجُل نَسِيسُهُ: إِذا كَانَ يَمُوتُ وَقد أَشْرَف على ذَهَاب نِكِيسَتِهِ وَقد طُعِنَ فِي حَوْصِهِ مثلُه.
عَمْرو عَن أَبِيه: جُوعٌ مُلَعْلَع ومُضَوِّر ونِسْناس ومُقَحِّز بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النِّسناس بِكَسْر النُّون: الجُوعُ الشَّديد. والنِّسْناسُ: يَأْجُوجُ ومَأْجوج.
حَدثنَا محمدُ بن إسحاقَ، قَالَ: حدَّثنا عليُّ بن سَهْل، قَالَ: حدَّثنا أَبُو نعيم، قَالَ: حدَّثنا سُفيانُ عَن ابْن جُرَيج، عَن ابْن أبي مُلَيكة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النِّسناس. قيل: ومَا النِّسناس؟ قَالَ: الَّذين يُشبِهُون النَّاس وَلَيْسوا بِالنَّاسِ.
وأخبَرَني الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن يعقوبَ الحَضْرَميّ عَن مهْدي بن مَيْمُون؛ عَن غَيْلانَ بن جرير، عَن مطْرف قَالَ: ذَهَب الناسُ وبقيَ النَّسناس، وأُناسٌ غُمِسوا فِي ماءِ النَّاس؛ فتح النُّون.
ابْن السّكيت: قَالَ الكلابيّ: النَّسِيسة: الإيكالُ بَين النَّاس؛ يُقَال: أكلَ بيْن النَّاس: إِذا سَعَى بَينهم بالنّمائم، وَهِي(12/216)
النَّسائِس جمعُ نَسِيسة.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: نَسَسْت الشاةَ أُنسّها نَساً: إِذا زجرتَها فَقلت لَهَا: إسْ إسْ.
وَقَالَ غَيره: أسَسْتُ.
وَقَالَ ابْن شُميل: نَسَّسْتُ الصبيَّ تنسيساً، وَهُوَ أَن تَقول: إسْ إسْ ليَبول أَو يَخْرأَ.
اللَّيْث: النَّسْنَسةُ فِي سُرعة الطّيَران؛ يُقَال: نَسْنَسَ ونَصْنَص.
قَالَ: والنَّسِنْاس: خَلْقٌ على صُورة بني آدَم، أشبَهوهم فِي شَيْء وخالَفوهم فِي شَيْء، وَلَيْسوا من بني آدم.
وَجَاء فِي حَدِيث: أَنّ حَيّاً من قوم عادٍ عَصَوْا رسولَهم فمسَخَهم الله نَسْناساً، لكل إِنْسَان مِنْهُم يدٌ ورِجْل مِن شِقَ وَاحِد يَنقُزون كَمَا ينقُز الطَّائِر، ويَرْعَوْن كَمَا تَرعَى الْبَهَائِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّسُسُ: الأصولُ الرَّديئَة.
وَفِي (النَّوَادِر) : ريحٌ نَسْنَاسَة وسَنْسانَة: بَارِدَة. وَقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ: إِذا هبَّتْ هُبُوباً بَارِدًا.
وَيُقَال: نَسْنَاسٌ من دُخان، وسَنْسانٌ، يُرِيد دخانَ نَارا. انْتهى وَالله أعلم.
(بَاب السّين والفَاء)
(س ف)
سف، فس: (مستعملان) .
(سف) : قَالَ اللَّيْث: سَفِفْتُ السَّوِيقَ أسَفُّه سَفّاً: إِذا اقتمحته. قَالَ: واقتماح كلِّ شَيْء يَابِس: سَفٌّ. والسَّفوفُ: اسمُ مَا يُستَفّ. وأسفَفْتُ الجَرُحَ دَوَاء، وأسفَفْتُ الوَشْم نَئوراً. والسَّفّة من ذَلِك: القَمْحة. والسَّفَّة: فعلُ مَرَّةٍ وأَسْفَفْتُ الخُوص إسفافاً: إِذا نَسَجْتَ بعضَه فِي بعضٍ. وكلُّ شَيْء يُنسَج بالأصابع فَهُوَ الإسْفاف.
وَقَالَ أَبُو زيد نَحوا ممّا قَالَه أَبُو عُبَيد: رمَلْتُ الحَصيرَ وأَرْمَلْتُه، وسفَفَتْه وأَسفَفْته: مَعْنَاهُ كلُّه نسجْتُه.
وَيُقَال لتَصْدير الرَّحْل: سَفِيف؛ لأنّه مُعرَّض كسَفيف الخُوص. والسَّفِيفُ والسُّفّة: مَا سُفّ حَتَّى جُعِل مِقْدَارًا للزَّبيل وللجُلّة.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم: أنّه كَرِه أَن يوصلَ الشّعْر، وَقَالَ: لَا بَأْس بالسُّفّة: شَيْء من القَرامِل تضَعُه المرأةُ على رَأسهَا.
ورُوِي عَن الشَّعبيّ أَن كَرِه أَن يُسِفَّ الرجلُ النَّظر إِلَى أمّه أَو ابنَتِه أَو أُخْتِه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الإسفافُ: شِدَّة النّظر وحِدّتُه، وكلُّ شَيْء لَزِم شَيْئا ولَصِق فَهُوَ مُسِفّ.
وَقَالَ عَبيد يصف سَحَاباً:
دَانٍ مُسِفَ فُوَيْقَ الأرْض هَيْدَبُه
يَكادُ يَدْفَعُه مَن قامَ بالرّاحِ
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُحِب مَعَالِيَ(12/217)
الْأُمُور ويُبغِضُ سَفَسافها؛ أَرَادَ مَداقّ الْأُمُور ومَلائِمها؛ شُبِّهتْ بِمَا دَقَّ من سَفْساف التُّرَاب.
وَقَالَ لَبيد:
وَإِذا دفَنْتَ أَبَاك فاجع
لْ فوقَه خَشَباً وطِينا
لِيَقَين وَجْه المَرْءِ سَفْ
افَ التُّرابِ وَمن يَقِينَا
قَالَ اليزيديّ: أسففتُ الخُوصَ إسفافاً: قاربتُ بعضه من بعض، وكلُّه من الإلصاق والقُرْب، وَكَذَلِكَ فِي غير الْخُوص؛ وأَنشَد:
بَرَداً أسفَّ لِثاتُهُ بالإثْمِدِ
وأحسَنُ اللِّثات الحُمَّ. والطائر يُسِفّ: إِذا طَار على وَجْه الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّفْسفة: انتخال الدَّقيق بالمنخل.
وَقَالَ رُؤبة:
إِذا مَساحِيجُ الرِّياح السُّفَّنِ
سَفْسَفْنَ فِي أَرْجاءِ خاوٍ مُزْمِن
قَالَ: وسَفْسَافُ الشِّعر: رديئه. وَيُقَال للرَّجل اللَّئيم العطيّة: مُسَفْسفٌ.
وَقَالَ شَمِر: السِّفَّ: الحَيّة، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرو فِيمَا رَوَى ثعلبٌ عَن عمرَ عَنهُ.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
جَميلَ المُحَيَّا ماجداً وابنَ ماجِدٍ
وسُفّاً إِذا مَا صُرّحَ الموتُ أقرَعَا
قَالَ اللَّيْث: السُّف: الحيّة الَّتِي تطير فِي الْهَوَاء، وأَنشَد:
وَحَتَّى لَوَ انّ السُّفّ ذَا الرِّيشِ عَضّنِي
لمَا ضَرّني مِن فِيهِ نَابٌ وَلَا ثَعْرُ
قَالَ: الثَّعْرُ: السُّمّ.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: سَفِفْتُ المَاء أَسَفُّه سَفّاً، وسفته أَسْفُتُه سَفْتاً: إِذا أكثرتَ مِنْهُ وأنتَ فِي ذَلِك لَا تَرْوي.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: ريحٌ مُسفسِفة: تجْرِي فُوَيقَ الأَرْض، وأَنشَد:
وسَفْسَفَتْ مُلاّحَ هَيْفٍ ذَابِلاَ
أَي: طيّرتْه على وجْهِ الأَرْض.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: السَّفِيفُ من أَسْماء إِبْلِيس.
فس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الفَسِيس: الرّجلُ الضعيفُ العَقْل. قَالَ: وفَسْفَس الرجلُ: إِذا حَمُق حَماقةً محكَمة.
وَقَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو: الفَسْفاسُ: الأَحمَق النِّهاية.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُسيْفِساء: ألوانٌ من الخَرَز يُؤلَّف بعضُه إِلَى بعض، ثمَّ يُركَّب بعضه إِلَى بعض ثمَّ يُركَّب حِيطان البُيوت من دَاخل كَأَنَّهُ نقشٌ مصوَّر. وأَنشَد:
كصَوْتِ اليَرَاعَةِ فِي الفِسْفِسِ(12/218)
قَالَ: يَعْنِي بَيْتاً مصوَّراً بالفُسَيْفساء
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفُسفُس: الضَّعْفَى فِي أبدانهم. انْتهى وَالله أعلم.
(بَاب السّين والبَاء)
(س ب)
سبّ، بس: (مستعملان) .
سبّ: الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: السَّبُّ: مصدَرُ سَبَبْتُه سَبّاً. والسِّبُّ: الخِمارُ. قَالَ: وسِبُّك: الّذي يُسابُّك وأَنشَد:
لَا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بسبِّي
إنّ سِبِّي من الرّجال الكَرِيمُ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّبُّ: الطِّبِّيجات.
قلت: جعل السّبُ جمع السّبّة وَهِي الدُّبر.
وَقَالَ الْفراء: السَّبّ القَطَع وأَنشَد:
وَمَا كَانَ ذنبُ بني مالكٍ
بأنْ سُبّ منهمْ غُلامٌ فسَبْ
عرَاقيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى
تخرُّ بَوائكُها للرُّكَبْ
قَالَ: أَرَادَ بقوله: (سُبَّ) ، أَي: عُيِّر بالبُخْل فسَبَّ عَراقبَ إبلِه أَنَفةً ممّا عُيِّر بِهِ. والسَّيفُ يسمَّى سَبّابَ العَراقيبِ لأنّه يقطعُها.
شمر عَن أبي عُبَيدة: السِّبُّ: الحَبْل، وَكَذَلِكَ السَّبُّ، وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف مُشْتار الْعَسَل:
تَدَلَّى عَلَيْهَا بَين سَبَ وخَيْطةٍ
بحَرْداء مِثِل الوَكْف يَكْبو غُرابها
أَرَادَ: أَنه تَدَلّى من رَأس جَبَل على خَلِيّة عَسَل ليشَتَارَها بحَبْل شده فِي وَتد أثبتَه فِي رَأس الْجَبَل، وَهِي الخَيْطة، وجمعُ السِّبّ سُبُوب، وأَنشَد:
سَبَّ اللَّهِيفُ لَهَا السُّبوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبِي العُقابَ كَمَا يُلَطّ المِجْنَبُ
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: السُّبوبُ: الثِّياب الرِّقاق واحدُها سِبٌ، وَهِي السَّبائب، وَاحِدهَا سَبِيبة.
وأَنشَد:
ونَسَجتْ لوامعُ الحَرور
سَبائباً كسَرِق الحَرِير
وَقَالَ شمر: السَّبائب: مَتاعُ كَتّانٍ يُجاءُ بهَا من نَاحيَة النيلِ، وَهِي مَشْهُورَة بالكَرْخ عِنْد التّجار، وَمِنْهَا مَا يُعمَل بمصرَ فطُولُها ثَمَان فِي سِتَ. والسِّبُّ: العِمامة؛ وَمِنْه قولُ المخبَّل السَّعدِي:
وأَشهَد من عَوْفٍ حُلُولاً كَثيرةً
يَحجّونَ سِبَّ الزَّبْرِقانِ المُزْعَفرا
وأخبَرَني المُنذرِيّ عَن الرِّياشي: السَّبيبُ: شَعَرُ الذَّنَب، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ شعر الناصية وَأنْشد:(12/219)
بِوافِي السَّبِيب طويلِ الذَّنَبَ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاَْسْبَابُ} (الْبَقَرَة: 166) ، قَالَ ابْن عبّاس: المَودّة. وَقَالَ مُجَاهِد: تَواصُلُهم فِي الدّنيا.
وَقَالَ أَبُو زَيد فِيمَا أخبَرَ المنذريّ عَن ابْن اليزيدي عَنهُ الأسبابُ: المَنازِل. وَقيل: المودّة. وأَنشَد:
وتَقطّعتْ أَسبابُها ورِمَامُها
فِيهِ الْوَجْهَانِ مَعاً: المودّة والمنازل. قَالَ: وَقَوله تَعَالَى: {صَرْحاً لَّعَلِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَبْلُغُ} {الاَْسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَاهِ مُوسَى وَإِنِّى لاََظُنُّهُ كَاذِباً} (غَافِر: 36، 37) ، قَالَ: هِيَ أَبْوَابهَا، وَاحِدهَا سبَبٌ، وَأما قولُه: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَآءِ} (الْحَج: 15) ، فالسَبَب الحَبْل فِي هَذَا الْموضع. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيدة: السَّبَب: كل حَبْل حَدَرْته من فَوْق.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة: السَّبَب من الحِبال: القويُّ الطَّوِيل قَالَ: وَلَا يُدعَى الحبلُ سَبَباً حَتَّى يُصعَد بِهِ ويُنحَدَرَ بِهِ.
وَقَول الشمّاخ:
مُسبَّبة قُبَّ البطُونِ كَأَنَّهَا
رِماحٌ نَحاها وجْهَة الرِّيحِ راكزُ
يصِف حميرَ الوَحْش وسِمَنَها وجَوْدَتها، فَمن نَظَر إِلَيْهَا سَبَّها وَقَالَ لَهَا: قاتَلَها الله: مَا أجْوَدَها.
أَبُو عُبَيْدة عَن الكسائيّ: عِشْنا بهَا سَبةً من الدَّهْر، وسَنْبة من الدَّهْر؛ كَقَوْلِك: بُرهةً وحِقبةً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدّهر سَبّاتٌ، أَي: أَحْوَال: حَال كَذَا وحالٌ كَذَا؛ يُقَال: أصابتْنا سَبّةٌ من بَرْدٍ فِي الشتَاء، وسَبّةٌ من صَحْو، وسَبّةٌ من حَرّ، وسَبّةٌ مِن رَوْح: إِذا دَامَ ذَلِك أيّاماً.
اللَّيْث: السَّبّابة: الإصبَع الّتي تلِي الْإِبْهَام، وَهِي المُسَبِّحة عِنْد المُصَلِّين. والسُّبّة: العارُ. وكلّ شَيْء يُتوصّل بِهِ إِلَى شَيْء فَهُوَ سَبَب. وجعلتُ فلَانا سَبَباً إِلَى فلَان فِي حَاجَتي وَوَدَجاً، أَي: وُصْلَةً وذَرِيعةً.
قلتُ: وتسبِيبُ مالِ الفَيْء أُخذ من هَذَا لأنَّ المسبَّب عَلَيْهِ المالُ جُعِل سَببا لوصُول المَاء إِلَى مَن وَجَب لَهُ من أهل الفَيْء.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: السَّبْسَب: الأَرْض القَفْرُ الْبَعِيدَة، مستويةً وغيرَ مستوِية، وغليظةً وغيرَ غَلِيظَة، لَا مَاء بهَا وَلَا أنيس.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّباسِبُ والبَسابِسُ: القِفار، وَاحِدهَا سَبْسَب وبَسْبَس، وَمِنْه قيل للأباطيل التُّرّهاتُ: البَسابسُ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: السَّبْسَب: الأرضُ الشأسبة الجَدْبة.
عَمْرو عَن أَبِيه: سَبْسَب: إِذا سَار سَيْراً(12/220)
ليّناً. وسَبْسب: إِذا قَطَع رحِمَه. وسَبْسَب: إِذا شَتَم شَتْماً قبيحاً.
بس: رُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَخرج قومٌ من الْمَدِينَة إِلَى اليَمَنِ وَالشَّام وَالْعراق يَبِسّون، والمدينةُ خيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ) .
قَالَ أَبُو عُبَيد قَوْله: (يَبِسون) هُوَ أَنْ يُقَال فِي زَجْر الدَّابَّة إِذا سُقْتَ حِماراً أَو غَيره: بَسْ بَسْ، وبِسْ بِسْ، وأكثرُ مَا يُقَال بِالْفَتْح، وَهُوَ صوتُ الزَّجْر للسَّوْق، وَهُوَ من كَلَام أهل اليَمَن، وَفِيه لُغَتَانِ: بَسَّسْتُ وأَبْسَسْتُ، فَيُقَال على هَذَا يَبُسُّون ويُبِسُّون.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَبسَّ بالغنم: إِذا أشْلاها إِلَى المَاء. وأَبَسّ بِالْإِبِلِ عِنْد الحَلب: إِذا دَعَا الفصيلَ إِلَى أمِّه، أَو أَبَسَ بأُمِّه لَهُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد يَبِسُّون، أَي: يَسبحون فِي الأَرْض. وانْبَسَّ الرجل: إِذا ذهب. وبُسُّهُمْ عَنْك، أَي: اطردهم. ابْن السكّيت: أبسَسْتُ بالغَنِم إبْساساً، وَهُوَ إشْلاؤُك إيّاها إِلَى المَاء. وأبسَسْتُ بِالْإِبِلِ عِنْد الْحَلب، وَهُوَ صَوتُ الرّاعي يسكِّن بِهِ الناقَة عِنْد الْحَلب. وناقةٌ بَسُوسٌ: تَدِرّ عِنْد الإبساس. وبسبس بالناقة، وَأنْشد:
لِعاشِرةٍ وهوَ قد خافَها
فظَلَّ يُبَسْبِسُ أَو يَنْقُرُ
الْعَاشِرَة: بَعْدَمَا سَارَتْ عشرَ لَيَال يُبَسْبِس، أَي: يُبسُّ بهَا يسكِّنها. وَمن أمثالهم: لَا أفعَلُ كَذَا مَا أَبَسَّ عبدٌ بناقةٍ. وَقَالَ اللّحياني: هُوَ طوَفانُه حَولها ليحلبها. قَالَ: وَيُقَال: أبَسَّ بالنعجة: إِذا دَعَاهَا للحلب. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: لم أسمَع الإبساسَ إِلَّا فِي الْإِبِل. وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: { (رَجّاً وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} (الْوَاقِعَة: 5) ، صَارَت كالدقيق، وَذَلِكَ قَوْله: {للهأَبْوَاباً وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} (النبأ: 20) ، قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تُنشِد:
لَا تَخبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّاً
قَالَ: والبَسِيسَةُ عِنْدهم: الدَّقِيق أَو السويق يُلتّ ويتخذ زاداً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بَسْبَستُ السَّويق والدقيقَ أبُسُّه بَسّاً: إِذا بَلَلْتُهُ بِشَيْء من المَاء، وَهُوَ أشدُّ من اللَّتّ. قَالَ: وبَسَّ الرجلُ عقارِبَه: إِذا أرسَلَ تَمائمه.
وَيُقَال: بَسستُ الإبِلَ أبُسُّها بَسّاً: إِذا سُقْتَها سَوْقاً لطيفاً. وَقيل فِي قَوْله:
لَا تَخْبِزا خَبْزاً وبَسَّابَسَّا
البَسُّ: السَّوْق اللّطيف. والخَبْز: السَّوْق الشَّديد بالضّرْب. وَقيل: البَسُّ: بَلّ الدَّقِيق، ثمَّ يَأْكُلهُ. والخَبْز: أَن يخبز المَلِيل، والإبْساس بالشفتين دون اللِّسَان والنقر بِاللِّسَانِ دون الشّفتين. والجمَل لَا يُبسّ إِذا استصعب، وَلَكِن يُشْلَى باسمه(12/221)
وَاسم أمّه فيسكن. وَقيل: الإِبْساس: أَن يَمسح ضرع النَّاقة يُسكِّنها لتَدِرّ، وَكَذَلِكَ يَبُسُّ الرِّيح بالسحابة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: بُست الجبالُ، أَي: إِذا صَارَت تُراباً. والبَسيسةُ: خُبزٌ يجفَّف ويُدَقّ فيُشرب كالسَّوِيق. وَقَالَ الزَّجاج: بُست الْجبَال: لُتّت وخُلِطَت. وبُست أَيْضا سِيقت، وَأنْشد:
وانْبسّ حَيّاتُ الكَثيبِ الأهْيلِ
وَقَالَ اللّحياني: انبَسّت الحيّات انبساساً: إِذا جَرت على الأَرْض. وانبسّ الرجُل: إِذا ذَهَب. وَيُقَال: بُسَّهم عَنْك، أَي: اطردهم. وقولُه: بُست الْجبال، أَي: سُوّيت. وَقيل: فُتِّتَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: بَسَّ الشَّيْء: إِذا فَتَّتَه. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البُسبُس: الرُّعاةُ. والبسُسُ: النُّوق الإنسية. والبسس: الأسْوِقة المَلْتوية.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زَيد: البسيسة: كلُّ شَيْء خلطتَه بِغَيْرِهِ، مِثلُ السويق بالأقِط ثمَّ تَبُلُّه بالرُّبّ أَو مثل السّعير بالنّوى لِلْإِبِلِ، يُقَال: بَسستُه أَبُسُّه بَسّاً.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: هُوَ أَشْأَمُ من البسوس، وَهِي ناقةٌ كَانَت تَدِرّ على البسيس بهَا. وَلذَلِك سُمِّيت بَسوساً أَصَابَهَا رجلٌ من الْعَرَب بسَهْم فِي ضَرْعها فقَتَلها، فهاجت الحربُ بِسَبَبِهَا بَين حَيّي بكرٍ وتَغْلِبَ سِنِين كَثِيرَة؛ فَصَارَت البسوسُ مَثَلاً فِي الشؤم.
وَفِي البسوس قولٌ آخَر: رُوِي عَن ابْن عبّاس وَهُوَ أشبَه بالحقِّ. حدّثنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن المَخْزُومِي عَن سُفْيانَ بن عُيَينة عَن أبي سَعد الأعوَر، عَن عكرِمَة عَن ابْن عبّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءاتَيْنَاهُءَايَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} (الْأَعْرَاف: 175) الْآيَة.
قَالَ: هُوَ رجُلٌ أُعْطِيَ ثلاثَ دَعَوَاتٍ يُستجاب لَهُ فِيهَا، وَكَانَت لَهُ امرأةٌ يُقالُ لَهَا البَسُوس، وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ولد، وَكَانَت لَهُ محِبَّة، فَقَالَت: اجعلْ لي مِنْهَا دَعْوَة وَاحِدَة قَالَ: فلكِ وَاحِدَة، فَمَاذَا تأمرين؟ قَالَت: ادْعُ اللَّهَ أَن يَجْعَلنِي أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل، فَلَمَّا علمتْ أنَّهُ لَيْسَ فيهم مثلُها رَغِبَتْ عَنهُ، وأرادت شَيْئا آخَر، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا أَن يَجْعَلَها كَلْبَة نبّاحة، فَذهب فِيهَا دعوتان، وَجَاء بَنُوها فَقَالُوا: لَيْسَ لنا على هَذَا قَرَار، قد صَارَت أُمُّنا كلبةً تُعَيِّرنا بهَا النَّاس، فادعُ الله أَن يردَّها إِلَى الْحَالة الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا، فَدَعَا الله، فَعَادَت كَمَا كَانَت، فَذَهَبت الدّعوات الثَّلَاث فِي البَسُوس، وَبهَا يُضرَب المَثَلُ فِي الشؤم فَيُقَال: أشأَمُ من البَسوس.
وَقَالَ اللَّيْث: البَسْبَاسةُ: بقلة. قلت: وَهِي(12/222)
معدودَةٌ عِنْد الْعَرَب. قَالَ: والبَسيْس: شجرٌ يتَّخذ مِنْهُ الرِّحال. اللّحياني: بَسَّ فلَان فِي مَاله بَسةً، ووُزِم وَزْمةً: إِذا ذهب شيءٌ من مَاله.
قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي البسْبَس إنّه شجر لَا أعرفهُ، وأَراه أَرادَ السيْسَب. وَقد رَوَى سلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: السَّيْسبان: اسمُ شجر وَهُوَ السيسبَى، يذكَّر ويؤنَّث، يُؤْتى بِهِ من بِلَاد الْهِنْد، وَرُبمَا قَالُوا السيْسبُ، قَالَ طلق بن عَديّ:
وعُنْق مِثل عَمُود السيْسبِ
وَقَالَ آخر فِيمَن أنّث:
كَهَزِّ نَشْوانِ قَضِيبَ السّيْسَبى
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البابوس: ولدُ النَّاقة. قَالَ: والبابوس: الصبيُّ الرَّضيع فِي مَهْده، وَمِنْه خبرُ جُريج الرّاهب حِين استنطق الرضيعَ فِي مَهْده فَقَالَ لَهُ: يَا بابوس، من أَبوك؟ فَقَالَ: فلانٌ الرَّاعِي. وَقد ذكر ابْن أَحْمَر الباسوس فِي شعرِه فَقَالَ:
حنّت قَلُوصي إِلَى بابوسها جَزَعا
فَمَا حنينُكِ أم أنتِ والذِّكَرُ
انْتهى وَالله أعلم بذلك.
(بَاب السّين وَالْمِيم)
س م
سم، مس: (مستعملان) .
سم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (الْأَعْرَاف: 40) ، أخبَرَنا المنذريّ عَن ابْن فهم، عَن مُحَمَّد بن سَلام، عَن يُونُس، قَالَ: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: السُّمّ والشُّهد، يرفعون. وتميمٌ تفتح السّم والشَّهد قَالَ: وسمعتُ أَبَا الْهَيْثَم يَقُول هما لُغَتَانِ: سم وسُمّ، لخرْق الإبرة. والسَّمّ: سَمُّ الحيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: السمُّ الْقَاتِل جمعه سمام. قَالَ: والسمانِ: عرقان فِي خيْشوم الْفرس. قَالَ: والسامّة والجميعُ سوامّ: عُروق فِي خَيْشومه. وسامُّ أبرصَ، من كبار الوَزَغِ. قَالَ: وسامّاً أبرص وسوامُّ أبرص.
أَبُو عُبيد عَن اليزيديّ: السامّةُ الخاصةُ، وأنشدنا:
وَهُوَ الَّذِي أَنعَم نُعمتي عمّتِ
على العِبادِ رَبُّنا وسَمَّتِ
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: أهلُ المسمّة: الخاصةُ والأقارب. وَأهل المنحاة: الَّذين لَيْسُوا بالأقارب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المسمّة الْخَاصَّة والمعمّة الْعَامَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: السامة: الْمَوْت.
قلتُ: الْمَعْرُوف فِي هَذَا الْحَرْف تخفيفُ الْمِيم، وَالتَّشْدِيد فِيهِ خطأ عِنْد البصريِّين والكوفيين، وَأما السامّة بتَشْديد الْمِيم فَهِيَ(12/223)
ذَوَات السم من الْهَوَام، وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بك من كلِّ شيطانٍ وَهَامة، وَمن شَرّ كلِّ عينٍ لَامة، وَمن شرِّ كل سامة) .
قَالَ شمر: مَا لَا يقتلُ ويسمُّ فَهُوَ السَّوام بتَشْديد الْمِيم؛ لِأَنَّهَا تَسم، وَلَا تَبلُغ أَن تقتُل مثل الزُّنبور والعَقْرب وأشباهها.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّموم: الوَدَع وأشباهُه يسْتَخْرج من الْبَحْر يُنظم للزِّينَة، وَاحِدهَا سَمٌّ وسُمّة، وَأنْشد:
على مُصلَخمَ مَا يكَاد جَسيمُه
يَمُدُّ بعطفَيْه الوضينَ المسمَّما
أَرَادَ وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. قَالَ: السمامة: والجميع السَّمامُ ضربٌ من الطّير دون القَطَا فِي الْخِلْقَة.
ثَعْلَب: عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لتزاويق وَجْه السقْف سَمَّان. وَقَالَ غَيره: سمُّ الوَضِين: عُرْوتُه، وكل خَرْق سَمٌّ. والتَّسميمُ: أَن يتَّخذ للوَضِين عُرًى، وَقَالَ حُميد بن ثَور:
على كل نابي المحْزَمَيْن نَرَى لَهُ
شَراسيفَ تَغتالُ الوَضِين المسمَّما
أَي: الَّذِي لَهُ ثَلَاث عُرًى، وَهِي سُمومه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: السَّمُوم بِالنَّهَارِ وَقد تكون باللَّيل، والحرور باللّيل. وَقد يكون بِالنَّهَارِ. والعجّاج جعل الحرور بِالنَّهَارِ فَقَالَ:
ونسجت لوافح الحَرور
يرقْرَقَان آلها الْمَسْجُور
شبائباً كسرَقِ الحَرير
وَقَالَ اللحياني: السَّمَان: الأَصباغ الَّتِي تزَوَّق بهَا السُّقوف، وَلم أسمعْ لَهَا بِوَاحِدَة. قَالَ: وَيُقَال للجُمّارة: سِمة القُلْب. وَيُقَال: أصبتُ سمَّ حاجتِك، أَي: وَجههَا. وسَمَمت الشيءَ أسُمُّه سَمّاً، أَي: شدَدْتُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: السَّموم بِالنَّهَارِ، وَقد تكون باللّيل. والحرور بالنَّهار وَقد تكون باللّيل.
وأخْبَرني المنذريّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: سمّ اليومُ: إِذا هَبَّ فِيهِ السّموم. وَقَالَ الْفراء: وَيُقَال: يومٌ مَسْموم وإناء مَسْمُوم من سُمّ، وَلَا يُقَال: سُمّ.
قَالَ يَعْقُوب: والسَّموم والحَرور أنثيان، وَإِنَّمَا ذكّرت فِي الشّعْر.
قَالَ الرّاجز:
الْيَوْم يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
مَن جَزِعَ اليَومَ فَلَا تَلُومُه
وسمعتُ العَرَب تُنشِد:
اليومُ يومٌ بكَرَتْ سَمُومُهُ
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: سَموم بيّن السّم، وحَرُور بيّن الحَرّ. وَقد سُمّت لَيلتُنا وأسمّت. وَيُقَال: كَانَ يومُنا سَموماً،(12/224)
وليلةٌ سَموم ذاتُ سَموم.
وَقَالَ اللَّيْث: نَبَات مَسمومٌ: أصابتْه السَّموم. وسَامَة كل شَيْء وسمامة كل شَيْء سَماوَته: شخصُه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: سممتُ الشيءَ أسمّه: أَصلحتُه. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: سممتُه: شدَدْتُه، ومثلُه رَتَوْته. وسَمَمْتُ بَين القومِ: أصلحت.
قَالَ الكُمَيت:
وتنأَى قُعورُهم فِي الْأُمُور
عمّنْ يَسُمُّ ومَنْ يَسْمُل
الأصمعيّ والفرّاء وَأَبُو عَمْرو: سَمامُه الرّجل وكلِّ شَيْء: شخصه، وَكَذَلِكَ سَماوَته، وَقيل: سَماوَته أَعْلاَه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: مَا لَه سَمٌّ وَلَا حَمّ غيرُك، وَلَا سمٌّ مَعًا، أَي: مَا لَه هَمٌّ غيرُك. وسمُومُ السَّيف: حُزورٌ فِيهِ يعلَّم بهَا، وَقَالَ الشَّاعِر يمدَحَ الْخَوَارِج:
لِطافٌ برَاهَا الصَّوْمُ حتّى كأنّها
سُيُوفُ يَمانٍ أخْلَصَتْهَا سُمومُها
يَقول: بَيَّنَت هَذِه السُّموم عَن هَذِه السّيوف أَنَّهَا عُتُق. قَالَ: وسُموم العُتُق غيرُ سُموم الحُدْث.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: فِي وجهِ الفَرَس سُموم واحدُها سَمّ، وَهُوَ مَا دَقّ من صَلاَبَة العَظَم من جانِبيْ قصَبَة أنْفِه إِلَى نواهِقه. قَالَ: وتستَحبُّ عُرْيُ سمُّونِ، ويُستَدَلّ بِهِ على العِتْق، وَقَالَ حميد:
طِرْفٌ أسِيل معقد البِرَيمِ
عارٍ لطيفِ موضعِ السُّموم
قَالَ: وَمن دوائر الفَرَس: دَائِرَة السّمامة، وَهِي الَّتِي تكون وسَطَ العُنُق فِي عرضهَا، وَهِي تُستحَبّ. قَالَ: وسُموم الفَرَس أَيْضا: كلُّ عظْم فِيهِ مُخّ. قَالَ: والسُّموم أَيْضا: فُروجُ الفَرَس وَاحِدهَا سمّ. قَالَ: وفُروجه: عَيناهُ وأُذُناه ومَنخراه.
وأَنشَد:
فنَفَّستُ عَن سمَّيه حتّى تَنَفسا
أَرَادَ عَن مَنخَريه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّمسامُ: والسُّمْسُماني: الخفيفُ السريعُ. قَالَ: والسمسامة: الْمَرْأَة الْخَفِيفَة اللطيفة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السمسَم: الثَّعْلَب. وَأنْشد:
فارَقَني ذَأْلاَنَهُ وسَمْسَمُهْ
وسَمْسَم: اسمُ مَوضِع.
وَقَالَ ابْن السكّيت: وَهِي رمْلةٌ مَعْرُوفَة؛ وأَنشد قولَ البَعيث:
مُدامِنُ جَوْعاتٍ كأنَّ عُرُوقَه
مَسارِبُ حَيّاتٍ تَسَرَّبْنَ سَمْسَمَا
قَالَ: وَرَوَاهُ عُمارةُ: (تَشَرّبْن سَمْسَمَا) يَعْنِي: شرِبْن السم. وَمن رَوَاهُ: (تَشَرّبن) جَعَل سَمسَماً رَملَة. ومسَارِبُ الْحَيَاة:(12/225)
آثارها فِي السَّهل إِذا مرّت تَسرَّبُ تَجيءُ وتَذهب، شَبَّه عُروقَه بمَجارِي حَيَّاتٍ، لِأَنَّهَا ملتوية.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لدُوَيْبّةٍ على خِلْقَة الأَكلَة حمراءَ هِيَ السِّمْسِمة.
قلت: وَقد رأيتُها فِي الْبَادِيَة، وَهِي تَلسَع فتؤلِمُ إِذا لَسَعَتْ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: هِيَ السَّماسم، وَهِي هَناتٌ تكون بالبَصْرة يَعْضُضْن عَضّاً شَدِيدا، لهنّ رُؤوسٌ فِيهَا طول إِلَى الحُمرة ألوانُها.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال فِي مَثَلٍ إِذا سُئل الرجل مَا لَا يَجِد وَمَا لَا يكون: كَلَّفْتَنِي سَلاَ جَمَلٍ، وكلَّفْتَني بَعْضَ الأنُوق، وكلَّفْتَني بَيْض السِّمَاسم.
قَالَ: وَهِي طَيرٌ مِثلُ الخَطاطِيف وَلَا يُقدَر لَهَا على بَيْض.
قَالَ: والسُّمّةُ: شِبْه سُفْرة عَظِيمَة تُسَفُّ من الخُوص وتُبْسَط تحتَ النَّخْلَة إِذا صُرِمت ليسقُط مَا تَناثَر من الرُّطَب والتَّمْر عَلَيْهَا، وجمعُها سُمَم.
قَالَ: وسُمّة الْمَرْأَة: صدغُها وَمَا اتَّصل بِهِ مِنْ رَكَبِها وشَفْرَيْها.
قَالَ الْأَصْمَعِي: سُمّة المرأةِ: ثَقْبة فَرجِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَمسَم الرجلُ: إِذا مَشَى مَشْياً رَقِيقا. ومسْمَس: إِذا تخبط.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لِجُمّار النَّخْلَة: سُمّة، وَجَمعهَا سُمَم، وَهِي اليَفَقَةُ: ومَسامُّ الْإِنْسَان: تخلخُل بشَرَته وَجلده الَّتِي يَبرُز عرقُه وبُخارُ باطِنه مِنْهَا، سُمّيتْ مَسامَّ لأنّ فِيهَا خُروقاً خفيّةً وَهِي السُّموم.
مس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (الْبَقَرَة: 275) .
قَالَ الْفراء: المَسُّ: الجنُونُ. وَالْعرب تَقول: رجل مَمْسوسٌ.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَأسُوس والمَمْسوس والمُدَلّس كُله الْمَجْنُون. والمَسُّ: مَسّك الشيءَ بِيَدَك.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (الْبَقَرَة: 237) ، وقرىء: (تُماسُّوهُنّ) .
قَالَ أَحْمد بن يحيى: اخْتَار بَعضهم (مَا لم تَمَسُّوهن) وَقَالَ: لأنّا وجَدْنَا هَذَا الحرفَ فِي غير مَوضِع من الْكتاب بِغَيْر ألف {وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ} (آل عمرَان: 47) ، فكلُّ شَيْء من هَذَا الْبَاب فَهُوَ فِعل الرجل فِي بَاب الغِشْيان.
قَالَ: وأخبَرَنا سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: إِنَّه لَحَسَن المَسِّ فِي مَاله، يُريد أَنه حَسَن الْأَثر والمَسّ يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر: والمَسَّ والمَسِيس: جِماع الرجلِ الْمَرْأَة.
وأُخبرتُ عَن شمر أَنه قَالَ: سُئِلَ أعرابيٌّ عَن رَكِيّةٍ، فَقَالَ: مَاؤُهَا الشّفاء المَسُوس.(12/226)
قَالَ: والمَسُوس: الَّذِي يمَسُّ الغُلّة فيَشفيها، وَأنْشد:
لَو كنتَ مَاء كنتَ لَا
عَذْباً يُذَاق وَلَا مَسُوسَا
وَقَالَ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَسُوس: كلُّ مَا شَفَى الغَليل، لِأَنَّهُ مَسَّ الغُلّة، وأَنشَد:
يَا حَبّذا رِيقتُكِ المَسُوسُ
وأَنْتِ خَوْدٌ بادنٌ شَمُوسُ
اللَّيْث: الرَّحِمُ الماسّة والمسّاسة: الْقَرِيبَة وَقد مَسّتْه مواسُّ الخَبَل.
عَمْرو عَن أَبِيه: الأسْنُ: لُعْبَةٌ لَهُم يسمُّونها المَسّة والضّبَطة.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله عز وَجل: {فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَواةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ} (طه: 97) ، قرىء: (مِسَاسِ) بِفَتْح السِّين مَنْصُوبًا على التّبرئة. قَالَ: وَيجوز (لاَ مَسَاسِ) مبنيٌّ على الْكسر، وَهُوَ نفي قَوْلك: مَساسِ مَساسِ، فَهُوَ نفي ذَلِك، وبُنِيَتْ (مَساسِ) على الْكسر وأصلُها الفَتْح لمَكَان الْألف، فاختير الكسرُ لالتقاء الساكنين.
وَقَالَ اللَّيْث: (لَا مَساس) : أَي: لَا مُماسّة، أَي: لَا يَمَسُّ بعضُنا بَعْضًا. قَالَ: والمَسْمسَةُ: اختلاطُ الأمْرِ واشتباهُه.
قَالَ رُؤْبة:
إِن كنتَ من أمرِك فِي مَسْماسِ
فاسْطُ عَلَى أُمِّك سَطْوَ الماسِ
قَالَ: خفّف سينَ الماس كَمَا يخفّفونها فِي قَوْلهم: مَسْتُ الشيءُ، أَي: مسَسْتُه.
قلت: هَذَا غَلَط، الماسي هُوَ الَّذِي يُدخِل يَده فِي حَيَاء الْأُنْثَى لاستخراج الْجَنِين إِذا نَشِب يُقَال: مَسَيْتها أَمْسيها مَسْياً، رَوَى ذَلِك أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي، وَلَيْسَ المَسْيُ من المَسِّ فِي شَيْء، وَأما قولُ ابْن مَغْراء:
مَسْنا السَّماءَ فنِلْناهَا وطَالْهُمْ
حَتَّى يَرَوْا أُحُداً يَمشي وثَهْلاَنَا
فَإِنَّهُ حَذَف إِحْدَى السينين من مَسسنا استثقالاً للْجمع بَينهمَا، كَمَا قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الْوَاقِعَة: 65) وَالْأَصْل: فظللتم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَسِسْتُ الشيءَ أمَسُّه مسّاً، وَهِي اللُّغَة الفصيحة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: مَسَسْتُ الشَّيْء أمَسُّه أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الساسَمُ: شجرةٌ يُسوَّمنها الشِّيزَى، وأَنشَد قولَ ضَمرَة:
ناهَبْتُها القومَ على صُنْتُعٍ
أجرَد كالقِدْحِ من السَّاسَمِ
عَمْرو عَن أَبِيه: الطَّرِيدةُ لُعبةٌ: تسَمّيها العامّةُ: المَسّة والضَّبَطة، فَإِذا وقعتْ يدُ اللاعب من الرَّجُل على بدَنِه رأسِه أَو(12/227)
كَتِفه فَهِيَ المَسَّةُ، وَإِذا وَقعت على رِجله فَهِيَ الأَسْنُ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
تَطايح الطّلُّ عَن أسدانها صُعُداً
كَمَا تَطايح عَن ماموسة الشَّرَرُ
أَرَادَ بماموسة: النَّار، جعلهَا معرفَة غير منصرفة.
وَرَوَاهُ بَعضهم: عَن مأنوسة الشرر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المأنوسة: النَّار. وَالله أعلم.(12/228)
كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف السِّين
(بَاب السِّين وَالزَّاي: مهمل)
(أَبْوَاب السّين والطاء)
س ط د س ط ت س ط ظ
س ط ذ س ط ث. مهملات.
س ط ر
سطر، سرط، طرس، وسط، رطس.
أمّا رَسَط ورَطَس: فَإِن ابْن المظفَّر أهمَلهما.
رسط: وأهلُ الشَّام يسمُّون الخمرَ: الرَّساطون، وسائرُ الْعَرَب لَا يعرفونه. وأراها روميّة دخلتْ فِي كَلَام مَن جاوَرَهم من أهلِ الشَّام. وَمِنْهُم من يقلب السِّين شَيْئا، فَيَقُول: الرشاطون.
رطس: قَالَ ابْن دُرَيد: الرَّطَسُ: الضَّرْبُ بَبَطْن الكفّ، يُقَال: رطسَه رَطْساً، قلت: وَلَا أحفظ الرّطس لغيره.
طرس: قَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطّه: يُقَال للصَّحيفة إِذا مُحيتْ: طِلْسٌ وطِرْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْسُ: الكتابُ الممحُو الّذي يُسْتَطَاع أنْ تُعاد عَلَيْهِ الْكِتَابَة؛ وفِعلُك بِهِ التَّطْريس.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتطَرِّس والمُتَنَطِّس: المتنوِّقُ الْمُخْتَار.
وَقَالَ المَرّار الفَقْعَسيّ يصف جَارِيَة:
بيضاءُ مُطعَمةُ المَلاحةِ مِثلُها
لَهْوُ الجَلِيس وَنيقَةُ المتطرِّسِ
سطر: الحّراني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: سَطْر وسَطَر؛ فَمن قَالَ سَطْر فَجَمعه الْقَلِيل أَسطُر، وَالْكثير سُطُور. وَمن قَالَ: سَطَر جمَعَه أسطاراً. قَالَ جرير:
من شاءَ بايَعْتُه مالِي وخُلْعَتَه
مَا تكمُل التِّيم فِي ديوانهمْ سَطَرَا
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سَطَرٌ من كُتُب، وسَطْرٌ من شجر مغروس وَنَحْو ذَلِك، وَأنْشد:
إِنِّي وأَسطارٍ سُطِرنَ سَطْرا
لقَائلٌ يَا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاطِيرُ الاَْوَّلِينَ} (الْفرْقَان: 5) ، خَبَرٌ لابتداءٍ محذوفٌ، الْمَعْنى: وَقَالُوا الّذي جَاءَ بِهِ أساطيرُ الأوّلين، مَعْنَاهُ: مَا سَطَّره(12/229)
الأوّلون. قَالَ: وواحدُ الأَساطير أُسْطُورة، كَمَا قَالُوا أُحْدُوثَة وأحَادِيث.
وَقَالَ اللّحياني: وَاحِد الأساطير أسطُور وأسْطُورة، وأسْطِير.
قَالَ: وَيُقَال: سَطْر ويُجمع إِلَى العَشَرة أَسْطاراً، ثمَّ أساطيرُ جمعُ الجَمْع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَطَّر فلانٌ علينا تَسْطيراً: إِذا جَاءَ بِأَحَادِيث تُشبِه الباطلَ، يُقَال: هُوَ يسطِّر مَا لَا أصْلَ لَهُ، أَي: يؤلِّف. وسَطَر يَسْطُر: إِذا كَتَب؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَّعِينٍ} {ن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - وَالْقَلَمِ وَمَا} (الْقَلَم: 1) ، أَي: وَمَا يَكْتُب الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد الضَّرير: سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً يَقُول: أسَطَرَ فلانٌ اسمِي، أَي: تجاوَزَ السَّطر الّذي فِيهِ اسْمِي، فَإِذا كَتَبه قيل: سَطَره. وَيُقَال: سَطَر فلانٌ فلَانا بالسَّيف سَطَراً: إِذا قَطَعَهُ بِهِ، كأنّه سَطْرٌ مَسْطور. وَمِنْه قيل لسيف القَصّاب ساطُور.
سَلَمة عَن الْفراء: يُقَال للقصّاب ساطِرٌ وسَطّار، وشصّاب ومُشَقِّص ولَحّام وجَزّار وقُدار.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يَقُولُونَ للرّجل إِذا أَخطأَ فكنَوْا عَن خطئه: أسطَرَ فلانٌ اليومَ، وَهُوَ الإسْطار بمعنَى الإخطاء.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: السَّطْرُ: العَتُودُ من الغَنَم.
قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} (الطّور: 37) ، قَالَ: المصَيْطرون كتَابَتهَا بالصَّاد، وقراءتُها بالسّين وبالصاد. ومثلُه قَوْله: {مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} (الغاشية: 22) ، ومثلُه: {بَسْطَةً} (الْبَقَرَة: 247) و (بَصْطة) كُتب بَعْضهَا بالصَّاد وَبَعضهَا بِالسِّين، وَالْقِرَاءَة بالسِّين.
وَقَالَ الزّجّاج: المسيطِرون: الأرباب المسلطون؛ يُقَال: قد تَسيطَر علينا وتصيطر بِالسِّين وَالصَّاد، وَالْأَصْل السّين، وكلّ سين بعدَها طاءٌ يجوز أَن تُقلبَ صاداً، نقُول: سَطْر وصَطَر، وسَطَا عَلَيْهِ، وصَطَا.
وَقَالَ اللّيث: السَّيطَرة مَصْدَرُ المُسيطِر، وَهُوَ كالرّقيب الحافظِ المتعهّدِ للشَّيْء، تَقول: قد سَيْطَر علينا، قَالَ: وَتقول: سُوطِر يُسيْطِر فِي مَجْهُول فعلِه، وَإِنَّمَا صَارَت سُوطِرَ وَلم تقل سُيْطِر لِأَن الياءَ سَاكِنة لَا تثبت بعد ضَمّة، كَمَا أَنَّك تَقول: من آيَسْتُ: أويس يُؤيْس.
وَمن الْيَقِين: أوقِنَ يوقَن، فَإِذا جَاءَت يَاء سَاكِنة بعد ضمّة لم تثبت، ولكنّها يَجْترّها مَا قَبلَها فيصيِّرها واواً فِي حالٍ؛ مثل قَوْلك: أعْيَشُ بيّنُ العِيشَة، وأبيَض وجمعُه بِيض، وَهِي فُعْلَة وفُعْل، فاجترّت الياءُ مَا قبلَها فكسَرتْه. وَقَالُوا: أكيَسُ كُوسَى وأَطيَبُ طُوبى، وإنّما توخُوْا فِي ذَلِك(12/230)
أوْضَحَه وأحْسَنه، وأيَّاً مَا فعلوا فَهُوَ الْقيَاس، وَلذَلِك يَقُول بَعضهم فِي {إِذاً قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) ، إِنَّمَا هِيَ فُعلَى وَلَو قيل: بُنِيتْ على فِعلَى لم يكن خطأ. أَلا ترى أنّ بَعضهم يهمزها على كسرتها. فاستَقْبَحوا أَن يَقُولُوا: سِيطِرَ لِكَثْرَة الكَسَرات. فَلَمَّا تراوحَتِ الضمّة والكسرة كَانَت الْوَاو أحسن.
وأمّا يُسَيطَر فلمّا ذهبت مِنْهُ مَدّة السِّين رجعت الياءُ.
قلتُ: سَيْطَرَ: يُسَيْطِر. جَاءَ على فَيْعل فَهُوَ مُسَيْطر، وَلم يُستعمَل مجهولُ فِعلِه. ويُنتهَى فِي كَلَام الْعَرَب إِلَى مَا انتهَوْا إِلَيْهِ.
وَقَول اللّيث: لَو قيل: بُنِيْت {قِسْمَةٌ} (النَّجْم: 22) على فِعْلى لم يكن خطأ وَهُوَ عِنْد النحويِّين خطأ أَن فِعلى جَاءَت اسْما. وَلم تَجِيء صِفةً. و (ضيزى) هِيَ عِنْدهم فُعلَى. وكُسِرت الضّاد من أَجل الْيَاء الساكنة. وَهِي من ضِزْته حقَّه أَضِيزُه: إِذا نقصْته. وَقد مرّ تفسيرُه فِي كتاب الضَّاد.
وأمّا قَول أبي دُوَاد الإياديّ:
وأَرَى الموتَ قد تَدَلَّى من الحَضْ
ر على رَبِّ أهلِهِ السّاطِرُونِ
فَإِن السّاطرون اسمُ مَلِك من مُلوك العَجَم كَانَ يَسكُن الحَضر. وَهِي مدينةٌ بَين دِجْلة والفُرات. غَزاهُ سابُورُ ذُو الأكتاف وأَخَذَه وقتلَه وقولَ عديّ بن زيد:
كأنّ رِيقَه شُؤبوبُ غادِيةٍ
لما تقفّى رقيبَ النَّفْع مُسْطارا
قَالَ أَبُو نصر: المُسْطار: هُوَ الْغُبَار المرتفِع فِي السّماء. وَقيل: كَانَ فِي الأَصْل مُستطاراً فحذفت التَّاء. كَمَا قَالُوا: اسْطَاع فِي مَوضِع اسْتَطَاعَ. وَقَالَ عديُّ بنُ الرْقاع:
مُسطَارةٌ ذهبتْ فِي الرّأس سَوْرتُها
كأنّ شَارِبها مِمّا بِهِ لَمَمُ
وَقَالَ أَيْضا:
نَقْرِي الضيوف إِذا مَا أزمة أزْمَت
مُسطارَ ماشيةٍ لم يَعْد أَن عُصِرا
جعل اللَّبنَ بِمَنْزِلَة الخَمْر. يَقُول: إِذا أجدَبَ النَّاس سقَيناهم الصَّرِيف وَهَذَا يدلّ على أَن المستطار الحديثةُ. وَأَن من قَالَ هِيَ الحامضة لَم يُجد.
سرط: أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: سَرِطتُ الطّعام وزَرَدْتُه: إِذا ابْتَلَعْتَه، أَسْرِطه سَرْطاً، وَلَا يجوز سَرَطتُ. وَمن أَمْثَال العَرَب: الأخْذُ سَرَطان، والقضاءُ لَيّان. وَبَعْضهمْ يَقُول: الأخْذُ سُرّيْطى والقَضَاءُ ضُرّيْطى. وبعضٌ يَقُول: الأخْذُ سُرَّيْطٌ، والقَضاءُ ضُرّيْط.
وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: الأخْذُ سِرِّيَطى والقضاءُ ضِرِّيَطِى؛ وَهِي كلُّها لُغَاتٌ صَحِيحَة قد تكلّمتْ الْعَرَب بهَا، وَالْمعْنَى فِيهَا كلّها: أَنْت تُحِبُّ الأخْذ، وتَكره الإعْطاء.(12/231)
وَيُقَال: استَرَط الطعامَ: إِذا ابْتَلَعَه. وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الْفَاتِحَة: 6) ، كُتِبَتْ بالصَّاد، وَالْأَصْل السِّين، وَمَعْنَاهُ: ثَبِّتْنَا على الْمِنْهَاج الْوَاضِح.
وَقَالَ جرير:
أميرُ الْمُؤمنِينَ على صِراطٍ
إِذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيم
وَقَالَ الفرّاء: المَوارد: الطُّرُق إِلَى المَاء، واحِدَتُها مَوْرِدة.
وَقَالَ الفرّاء: إِذا كَانَ بعد السّين طاءٌ أَو قافٌ أَو غينٌ أَو خاءٌ فَإِن تِلْكَ السِّين تُقْلَب صاداً. قَالَ: وَنَفر من بَلْعَنْبَرِ يصيّرون السِّين إِذا كَانَت مقدَّمة ثمَّ جَاءَت بعْدهَا طاءٌ أَو قافٌ أَو غَين أَو خاء صاداً. وَذَلِكَ أَن الطَّاء حرف تضَع فِيهِ لسَانك فِي حَنَككِ فينْطَبِق بِهِ الصَّوْت، فقُلِبَتْ السِّين صاداً صُورتها صورةُ الطَّاء، واستخَفُّوها ليَكون المَخْرَج وَاحِدًا، كَمَا اسْتَخَفُّوا الإدْغامَ؛ فَمن ذَلِك قولُهم: السِّراطُ والصِّراط، قَالَ: وَهِي بالصَّاد لُغَة قُريش الأوَّلين الَّتِي جَاءَ بهَا الكِتَابُ؛ قَالَ: وعامّة العَرَب تَجْعَلُها سِيناً. وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيل للطريق الْوَاضِح: سِراط لأنّه كَانَ يَسْتَرِط المارّة لِكَثْرَة سُلوكِهم لاحِبَه.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّرِطْراطُ والسَّرَطْراط بِفَتْح السّين وَالرَّاء: وَهُوَ الفالُوذَج.
قلت: أما بِالْكَسْرِ فَهِيَ لُغَة جيِّدَة لَهَا نَظَائِر، مِثل جِلِبْلاَب وسِجِلاَّط. وَأما سَرَطْرَاط فَلَا أعرف لَهُ نظيراً. وَقيل للفالوذ: سِرِطْرَاطٍ؛ فكررت فِيهِ الطَّاء وَالرَّاء تبليغاً فِي وصفِه واستلذاذ آكِلِه إيّاه، إِذا سَرَطَه وأَساغَه فِي حَلْقِه.
وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ سريعَ الأكْل: مِسْرَط وسُرَط وسَرَّاط.
وَقَالَ اللّيث: السَّرطان: من خَلْق المَاء، تسمِّيه الفُرْس: (عُخْ) . قَالَ: والسَّرَطان: بُرْجٌ من بُرُوج السَّمَاء، والسَّرَطان: داءٌ يَظْهَرُ بِقَوائم الدَّوَابّ.
وَقَالَ غيرُ الْخَلِيل: السَّرَطان: داءٌ يَعْرِض للْإنْسَان فِي حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يشبه الدُّبَيْلَة، انْتهى وَالله أعلم بذلك.
(بَاب السِّين والطاء مَعَ اللَّام)
س ط ل
طسل، سطل، طلس، لطس، سلط: مستعمَلَة.
طسل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: طَسَل السرَابُ: إِذا اضْطَرَبَ؛ وَقَالَ رُؤبة:
يُقَنِّعُ المَوْمَاةَ طَسْلاً طاسِلاً
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطَّيْسَل: السّراب البرّاق. وَيُقَال للماءِ الْكثير: طَسْل وطَيْسَل.(12/232)
سطل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للطسْت: السَّيْطَل. وَقَالَ اللَّيْث: السَّيْطَل: الطُّسَيْسَةُ الصَّغِيرَة، وَيُقَال: إنَّهُ عَلَى صَنْعَة تَوْرٍ، وَله عُرْوَةٌ كعُرْوَة المِرْجَل، والسَّطْلُ مِثْلُه، قَالَ الطِّرِمَّاح:
فِي سَيْطَلٍ كُفِئَتْ لَهُ يَتَرَدَّدُ
وَقَالَ هِمْيانُ بنُ قُحافةَ فِي الطَّسْل:
بَلْ بَلَدٍ يُكْسَى القَتَامَ الطّاسِلاَ
أَمْرَقْتُ فِيهِ ذُبْلاً ذَوَابِلا
قَالُوا: الطَّاسِلُ: المُلْبِس. وَقَالَ بَعضهم: الطاسِلُ والسّاطِل من الْغُبَار: المرتفعُ. وأيَّدَ قَوْلُ هِمْيَانَ قولَ رؤبةَ الأوَّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّيْسَلُ والطَّسْيَلُ: الطّسْت. قَالَ: وطَيْسَلَ الرجلُ: إِذا سافَرَ سَفَراً قَرِيبا وكَثُرَ مَاله. وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
تَرْفَعَ فِي كلِّ رَقاقٍ قَسْطَلا
فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمَانَ مَنْهَلاَ
أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلاَ
يصف حَمِيراً وَرَدَتْ مَاء. قَالَ: والطَّيْسُ والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبِيسُ بِمَعْنى وَاحِد فِي الْكَثْرَة.
طلس: رُوِي عَن النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أَمَر بطَلْس الصُّوَر الّتي فِي الكَعْبة) .
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ بطَمْسِها. يُقال: اطْلِسِ الكتابَ، أَي: امحُه. وطَلَسْتُ الكتابَ، أَي: مَحَوْتُه. وَيُقَال للصحيفة إِذا مُحِيَت: طِلْسٌ وطِرْس؛ وأَنشَد:
وجَوْنِ خَرْقٍ يَكتَسى الطُّلُوسَا
يَقُول: كَأَنَّمَا كُسِي صُحُفاً قد مُحِيتْ مرَّةً لدُروس آثارِها. قَالَ: وَرجل أطلَسُ الثِّياب: وَسِخُها. وثيابٌ طُلْس: وَسِخة. ورجلٌ أطلَس: إِذا رُمِيَ بقبيح، وأَنشَد أَبُو عُبَيد:
ولسْتُ بأَطْلس الثَّوْبَين يُصْبِي
حَلِيلَتَه إِذا هَدَأَ النِّيامُ
لم يُرد بحليلتِه: امْرَأَته، ولكنّه أَرَادَ جارتَه الّتي تُحالُّه فِي حِلّته.
قَالَ: والطَّلْس والطَّمْس واحدٌ. والطُّلْسةُ: غُبْسة فِي غُبْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّلْسُ: كتابٌ قد مُحِيَ وَلم يُنعَم مَحوهُ فَيصير طِلْساً. وَيُقَال لِجلْد فخِذ الْبَعِير: طِلْسٌ لتَساقُط شَعرِه ووَبرِه.
قَالَ: وَإِذا محوتَ الكتابَ ليَفسُد خَطُّه قلت: طَلَسْته، فَإِذا أنعمتَ محوَه. قلت: طَرَسْتُه.
قَالَ: والطَّلَس والطَّلسة: مصدرُ الأَطْلَس من الذئاب، وَهُوَ الّذي تَساقَط شَعرُه، وَهُوَ أخبثُ مَا يكون.
وَفِي حَدِيث أبي بكر: أنّ مُوَلَّداً أطلسَ سَرَقَ فقَطَع يدَه.
قَالَ شمر: الأطلس: الأسوَد كالحَبشيّ وَنَحْوه، قَالَ لَبيد:(12/233)
فأجازني مِنْهُ بِطِرْس ناطقٍ
وبكلِّ أطلسَ جَوْبُه فِي المَنْكِبِ
أطلس: عبدٌ حَبشيٌّ أسوَد.
وَيُقَال للثوب الأسوَد الوَسِخ: أطلَس؛ وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمَّة:
بَطْلساء لَمْ تَكْمُل ذِرَاعا وَلَا شِبْرا
يَعني خرقَة وسِخة ضَمَّنها النَّار حِين اقتَدَح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأطلَس: اللِّص، يشبَّه بالذِّئب.
قَالَ: والطَّيْلسان بِفَتْح اللَّام مِنْهُ ويُكسَر وَلم أسمَع فيعِلان بِكَسْر الْعين، إنّما يكون مضموماً كالخَيْزران. والجَيْسُمان، وَلَكِن لمّا صَارَت الكسرةُ والضمّة أختَيْن واشترَكتا فِي مواضعَ كَثِيرَة دخلتْ عَلَيْهَا الكسرة مَدخَل الضمّة.
وحُكي عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: الطيلَسان لَيْسَ بعَربيّ. قَالَ: وأصلُه فارسيّ إِنَّمَا هُوَ تالشان فأُعرب. قلت: وَلم أَسمع الطيلسان بِكَسْر اللَّام لغير اللَّيث.
وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: السُّدُوسُ: الطَّيْلَسَان، هَكَذَا رَوَاهُ، ويُجمع طَيالسة.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّلْس والطَّيْلسان: الأسوَد. والطِّلْس: الذِّئب الأمْعَط، والجميع الطُلْس مِنْهَا.
لطس: سَلَمة عَن الفرّاء: المِلْطاسُ: الصَّخرةُ الْعَظِيمَة. والمُدُقُّ: المِلْطاس.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطْسُ: ضربُك الشيءَ بالشَّيْء العريض، يُقَال: لَطَسَه البعيرُ بخُفّه والملطاسُ: حَجَرٌ عريضٌ فِيهِ طُول، وربّما سُمِّي خُفُّ الْبَعِير مِلطاساً.
وَقَالَ شمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: المَلاطِيس: المَناقيرُ من حَدِيد يُنقَر بهَا الْحِجَارَة والواحدة مِلْطاس. والمِلْطاسُ: ذُو الخَلْفَين الطَّوِيل الّذي لَهُ عَنَزَة، وعَنَزتُه حدُّه الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: المِلَطس: مَا نُقِرت بِهِ الأرحاء؛ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وتَرْدى على صُمَ صِلابٍ مَلاطِسٍ
شَديدات عَقْدٍ ليّناتٍ مِتانِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِلْطَسُ: الحافرُ الشَّديد الوطيء.
وَقَالَ الفرّاء: ضربه بمِلْطاسٍ، وَهِي الصَّخْرة الْعَظِيمَة، ولطَسَ بهَا، أَي: ضَربَ بهَا.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: اللَّطْسُ: اللَّطْم، وَقَالَ الشّماخ: فَجعلَ أخفافَ الْإِبِل مَلاَطِسَ:
يهوِي على شَراجِعٍ عَلِيّاتْ
مَلاطِسٍ أفتَلِيات الأَخْفافِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ أنّها تَضرِب بأخفافها تَلطُس الأرضَ، أَي: تدقّها بهَا.(12/234)
سلط: قَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (هود: 96) ، أَي: وحجّة مبيَّنة.
حدّثنا أَبُو زيد عَن عبد الجبّار عَن سُفيانَ عَن عَمْرو عَن عِكرِمة عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله: {كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} (الْإِنْسَان: 15، 16) ، قَالَ: فِي بَيَاض الفضّة، وصفاء القَوارِير. قَالَ: وكلُّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجّة.
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمّي سُلْطَانا لأنّه حجّة لله جلّ وعزّ فِي أرضه.
قَالَ: واشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط، قَالَ: والسَّلِيط مَا يُضاءُ بِهِ، وَمن هَذَا قيل للزَّيْت: السَّلِيط. قَالَ: وقولُه: {وَالاَْرْضِ فَانفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ} (الرَّحْمَن: 33) ، أَي: حيْثما كُنْتُم شاهدتمْ حُجَّةً لله وسُلطاناً يَدلّ على أنّه وَاحِد.
وَقَوله: {مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ} (الحاقة: 29) ، مَعْنَاهُ: ذهبَ عنّي حجّتي. والسُّلطانُ: الحُجّة، وَلذَلِك قيل لِلْأُمَرَاءِ: سَلاطِين، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج والحُقُوق.
قَالَ: وقولُه: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عليهمْ من حجّة، كَمَا قَالَ: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (الْحجر: 42) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} ، أَي: مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم من حجّة يضلُّهم بهَا إلاَّ أنّا سلّطناه عَلَيْهِم {سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن} (سبأ: 21) .
وَقَالَ ابْن السّكّيت: السُّلْطَان مؤنَّثة، يُقَال: قَضَتْ بِهِ عَلَيْهِ السُّلْطان، وَقد آمَنَتْه السّلطان.
قلت: وربّما ذُكِّر السُّلْطَان لأنّ لفظَه مذكَّر، قَالَ الله تَعَالَى: {مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ} (إِبْرَاهِيم: 10) ، قَالَ أَبُو بكر: فِي السّلطان قَولَانِ: أحدُهما: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لتسليطه. وَالْقَوْل الآخر: أَن يكون سُمِّي سُلْطَانا لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج الله.
قَالَ الفرّاء: السُّلطان عِنْد الْعَرَب: الحُجّة، ويذكَّر ويؤنَّث، فَمن ذكّر السُّلْطَان ذهب بِهِ إِلَى معنى الرَّجُل، ومَن أنّثه ذَهبَ بِهِ إِلَى معنى الحجّة.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ يزِيد: من ذكّر السُّلْطَان ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الْوَاحِد، وَمن أَنَّثه ذهبَ بِهِ إِلَى معنَى الجَمع.
قَالَ: وَهُوَ جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ وسُلْطان، قَالَ: وَلم يَقلْ هَذَا غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السّلطان: قدرةُ المَلِك، مثل قَفِيز وقُفْزان، وبَعيرٍ وبُعْران، وقُدرةُ من جُعِل ذَلِك لَهُ وَإِن لم يكن مَلِكاً، كَقَوْلِك: قد جعلت لَهُ سُلطاناً على أَخذ حَقِّي من فلَان. والنُّون فِي السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائِهِ من التَّسليط.(12/235)
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: سلطانُ كلِّ شَيْء: حِدّتُه وسَطْوَته؛ من اللِّسان السليطِ الحديدِ.
قلت: والسَّلاطةُ بِمَعْنى الحِدّة، وَقَالَ الشَّاعِر يصف نِصالاً مُحَدَّدة:
سلاطٌ حِدَادٌ أرهقَتْها المَواقِعُ
وَإِذا قَالُوا: امرأةٌ سَليطةُ اللِّسان، فَلهُ معنَيان: أحدُهما: أنّها حَدِيدَة اللِّسان، وَالثَّانِي: أَنَّهَا طويلةُ اللِّسَان.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السُّلُط: القوائمُ الطِّوال.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: إِذا كَانَ الدّابة وقاحَ الْحَافِر، والبعيرُ وقاحَ الخُفّ، قيل: إِنَّه لسَلْطُ الْحَافِر، وَقد سَلِط يسَلَط سَلاطةً، كَمَا يُقَال: لِسانٌ سَلِيط وسَلِط.
سَلْطِيط: جَاءَ فِي شعر أميّةَ بِمَعْنى المُسَلَّط، وَلَا أَدرِي مَا حَقِيقَته.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلاطة: مَصدرُ السليط من الرِّجَال والسليطةِ من النّساء، وَالْفِعْل سلُطَت وَذَلِكَ إِذا طَال لسانها واشتدّ صَخْبُها.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السليط عِنْد عامّة الْعَرَب: الزَّيْت، وَعند أهلِ اليَمن: دُهْنُ السِّمْسِم، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أهان السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المفَتَّلِ
س ط ن
سنط، سطن، نطس، طنس، نسط، (طسن) .
طنس ونسط: أهمله اللَّيْث
روى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطَّنَسُ: الظُّلْمة الشَّدِيدَة.
قَالَ: النُّسُط: الَّذين يستخرجون أَوْلَاد النُّوق إِذا تَعسَّر وِلادُها.
قلت: النُّون فِي هذَيْن الحرفين مبدَلةٌ من الْمِيم؛ فالطّنْس أصلُه الطّمْس والطَّلْس، والنَّسْط مِثل المَسْط سَوَاء، وسنَقِفُ عَلَيْهَا فِي بَابهَا.
(نطس) : وَأما نَطَس فقد رُوِي عَن عمرَ أنّه خرج من الخَلاء فَدَعَا بِطَعَام، فَقيل لَهُ: ألاَ تتوضّأ؟ فَقَالَ: لَوْلَا التنطُّس لما بالَيْتُ أَن لَا أَغسِل يَدي.
قَالَ أَبُو عُبَيد: سُئِلَ ابْن عُلَيَّة عَن التّنطُّس فَقَالَ: هُوَ التّقذُّر. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ المبالَغة فِي الطَّهور، وَكَذَلِكَ كلّ من أدقّ النظَر فِي الْأُمُور، واستقصَى عَلَيْهَا فَهُوَ متنطِّس؛ وَمِنْه قيل للطبيب: نِطَاسِيّ ونطِّيس، وَذَلِكَ لدقة نظرِه فِي الطبّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نَحوه، وَأنْشد أَحدهمَا للبَعيث يصف شَجَّةً:
إِذا قاسها الآسي النِّطاسيُّ أدبَرَتْ
غَثِيثَتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها(12/236)
وَقَالَ رُؤْبة:
وَقد أكون مرّة نَطِيسَاً
طَبَّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسَا
قَالَ: والنِّقْرِيس: قريب الْمَعْنى من النِّطِّيس، وَهُوَ الفَطن للأمور العالِمُ بهَا.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عَمرو: امرأةٌ نطسة: إِذا كَانَت تنطِّسُ من الفُحْش، أَي: تَقَزَّز. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لشديد التنطس، أَي: التَقزَّز. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المتنطِّس والمتطرِّس: المتنوِّق الْمُخْتَار. قَالَ: والنُّطس: المتَقَزِّزون. والنطس: الْأَطِبَّاء الحُذَّاق. وَقَالَ اللَّيْث: النِّطاسيّ والنِّطِّيس: العالِم بالطبّ، وَهِي بالروميّة النِّسْطاس، يُقَال: مَا أَنْطَسَه. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّطس: الْمُبَالغَة فِي الطَّهارة. والنَّدس: الفطْنة والكيس.
سنط: قَالَ اللَّيْث: السَّناط: الكَوْسَجُ من الرِّجَال، وفعلُه سَنُط، وَكَذَلِكَ عَامَّة مَا جَاءَ على بناءِ فِعال، وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ على بِنَاء الْمَجْهُول ثَلَاثًا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السنُط: الخفيفو العوارِض وَلم يَبلُغوا حَال الكواسج.
وَقَالَ غَيره: الْوَاحِد سنوط.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ سُناط وسِناط: لَا شَعْر فِي وَجهه قَالَ: والسِّنْطُ المَفْصل بَين الكَفِّ والساعد. وعُبيد سنوط: اسْم رجل مَعْرُوف.
سطن: قَالَ اللَّيْث: الأسطُوانة مَعْرُوفَة. وَيُقَال للرجل الطويلِ الرِّجْلين والظَّهْر: أُسْطوانة قَالَ: وَنون الأسْطُوانة من أصل بناءِ الْكَلِمَة، وَهُوَ على تَقْدِير أُفعُوالة؛ وَبَيَان ذَلِك أنّهم يَقُولُونَ: أساطِينُ مسطَّنة.
وَقَالَ الفرّاء: النُّون فِي الأسطُوانة أصليّة. قَالَ: وَلَا نظيرَ لهَذِهِ الْكَلِمَة فِي كَلَامهم. وَيُقَال للرجل الطَّوِيل الرجْلين، وللدَابةِ الطَّوِيلَة القوائم مُسطَّن، وقوائِمُهُ أساطينُه.
وَقَالَ ابْن دُريد: جَمَلٌ أسْطُوانة: إِذا كَانَ طويلَ العُنُق، وَمِنْه الأسطوانة ورَوَى ابْن هانىء عَن أبي مَالك: الساطُن الْخَبيث، وَلم يَعرفه أَصْحَابنَا.
وروى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأَسَطان: آنِية الصُّفْر.
قلت: لَا أَحسب الأُسطُوان مُعَرَّباً، والفُرس تَقول: أُستُون.
طسن: قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَت الْعَامَّة فِي جمع طس وحم: طواسين، وحواميمُ، وَالصَّوَاب ذَوَات طس وَذَوَات حم وَذَوَات ألم وَمَا أشبه ذَلِك، وَأنْشد بيتَ الكُمَيت:
وجدْنا لكمْ فِي آل حَامِيم آيَة
تأوَّلها مِنَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ(12/237)
س ط ف
فطس، طفس، سفط، فسط: (مستعملة) .
فطس: قَالَ اللَّيْث: الفَطسُ: حبُّ الآس، والواحدةُ فطسة. والفَطسُ: انخفاضُ قَصَبة الْأنف. وَيُقَال لخَطْم الخِنزير: فطسة. ورجلٌ أفطس وامرأةٌ فطسَاء، وَقد فَطس فَطساً.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: الفِطِّيس: المطرقةُ الْعَظِيمَة. وأَخبرني المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: هِيَ الشَّفَة من الْإِنْسَان، وَمن الخُف المِشفَر، وَمن السبَاع الخَطْمُ والخرطوم، وَمن الْخِنْزِير الفِنْطيسة، وَهَكَذَا رَوَاهُ على فِنْعيلة وَالنُّون زَائِدَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: فَطس يَفْطس فُطوساً: إِذا مَاتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَطسَ وفَقَس: إِذا مَاتَ من غير داءٍ ظَاهر.
طفس: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: طفَس وفَطس: إِذا مَاتَ، فَهُوَ طافِس وفاطس.
وَقَالَ غَيره: الطَّفَسُ: قذَر الْإِنْسَان إِذا لم يعْهَد نَفسه بالتنظيف، يُقَال: فلَان نجسٌ طفسٌ: قَذِرٌ.
فسط: قَالَ اللَّيْث: الفسيط: غِلاف مَا بَين القَمِح والنَّواة وَهُوَ التُّفْروق، والواحدة فسيطة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَسيط مَا يقلَّم من الظُّفُر إِذا طَال، وَأنْشد:
كأنّ ابْن مُزْنتها جانحاً
فَسيطٌ لَدَى الأُفق من خنْصرِ
أَرَادَ بِابْن مزنتها هِلالاً أهلّ بَين السَّحَاب فِي الأُفق الغربيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفسْطَاط: ضرب من الْأَبْنِيَة. والفسطاط أَيْضا؛ مُجْتَمع أهل الكورة حوالَي مَسْجِد جَمَاعَتهمْ. يُقَال: هَؤُلَاءِ أهلُ الْفسْطَاط.
وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يدَ الله على الْفسْطَاط) يُرِيد الْمَدِينَة الَّتِي فِيهَا مجتَمع النَّاس، وكل مَدِينَة فُسطاط، وَمِنْه قيل لمدينة مِصْرَ الَّتِي بناها عَمْرو بنُ الْعَاصِ: الفُسطاط.
ورُوِي عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي العَبْدِ الآبِق: إِذا أُخِذ فِي الفُسْطاط فَفِيهِ عشرةُ دَرَاهِم، وَإِذا أُخِذ خارجَ الفُسطاط فَفِيهِ أَرْبَعُونَ.
قلت: وللعَرَب لغاتٌ فِي الفُسطاط، يُقَال: فُسْطَاط وفِسْطاط، وفُسّاط وفِسّاط، وفُسْتَاط وفِسْتَاط، وَيجمع فَساطيط وفساتِيط.
سفط: السَّفَط: الّذي يعبَّأ فِيهِ الطِّيب وَمَا أشبَهه من أدوات النِّسَاء، ويُجمع أسفاطاً.(12/238)
وَرُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه يُقَال: سَفَّطَ فلانٌ حوضَه تَسْفيطاً: إِذا شَرّفه ولاطَه، وأَنشَد:
حَتَّى رَأَيْت الحَوْضَ ذُو قَدْ سُفِّطَا
قَفْراً من المَاء هَواءً أَمْرَطَا
ذُو بِمَعْنى الّذي، لُغَة طَيء. وَأَرَادَ بالهواء: الفارغَ من المَاء.
ابْن السكّيت عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه لسَفِيط النّفْس، وسخيُّ النَّفس، ومَذْلُ النّفس: إِذا كَانَ هَشّاً إِلَى الْمَعْرُوف جَواداً. وَأنْشد:
حَزَنْبَلِ يَأْتِيك بالْبَطِيطِ
لَيْسَ بذِي حَزْمٍ وَلَا سَفِيطِ
وَقَالَ اللَّيْث: السفِيط: السخيّ. وَقد سَفُط سَفاطةً.
قَالَ: والسفَط مَعْرُوف.
س ط ب
سبط، سطب، بسط، بطس، طبس، طسب: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: سطب، وطبس، وبطس.
سطب: ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: المساطِب: سنادِينُ الحدّادين.
قَالَ: والمطَاسِب: المِياه السُّدْم، الْوَاحِدَة سَدُوم.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ المَسْطبة، وَهِي المَجَرّة، وَيُقَال للدّكّان يَقعُد الناسُ عَلَيْهِ: مَسْطَبة؛ سمعْتُ ذَلِك من الْعَرَب.
بطس: قَالَ الفرّاء: بِطْياسُ: اسمُ مَوضِع على بِنَاءٍ الجِرْيال والكِرْياس. قَالَ: وكأنّه أعجَميّ.
طبس: قَالَ اللَّيْث: التَّطبِيس: التّطبين.
قَالَ: والطَّبَسَان: كورتان من كُوَر خُراسان.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّبْسُ: الأسوَد من كلّ شَيْء، والطِّبْسُ: الذِّئب.
سبط: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} (الْأَعْرَاف: 160) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أحمدَ بن يحيى قَالَ: قَالَ الأخفشُ فِي قَوْله: {اثْنَتَىْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} فأنَّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ اثنتَيْ عشرةَ فِرْقةً، ثمَّ أخبر أَن الفِرَق أسباطٌ: وَلم يَجْعَل الْعدَد وَاقعا على الأسْبَاط.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هَذَا غَلَط، لَا يخرج العَدَد على غير الثَّانِي، وَلَكِن الفِرَق قبل ثِنْتَيْ عشرَة حَتَّى تكون اثْنَتَيْ عشرَة مؤنّثة على مَا قبلهَا؛ كَأَنَّهُ قَالَ: قَطعناهم فِرَقاً اثْنَتَيْ عشرَة، فيصحّ التَّأْنِيث لما تقدّم.
قَالَ قُطرُب: واحدُ الأسْباط سِبْط.
يُقَال: هَذِه سِبْط، وَهَذَا سِبْط، وَهَؤُلَاء سِبْط، جَمْع، وَهِي الفِرقة.
وَقَالَ الفرَّاء: لَو قَالَ اثنَيْ عشَرَ سِبْطاً لتذكير السِّبط كَانَ جَائِزا.(12/239)
وَقَالَ ابْن السكّيت: السِّبط: ذَكر، ولكنّ النيّة وَالله أعلم ذهبتْ إِلَى الأُمَم.
وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى: وقطّعناهم اثْنَتَيْ عشرةَ فِرْقةَ {أَسْبَاطًا} من نعتِ فِرْقة، كأَنه قَالَ: جعلناهم أسباطاً، فَيكون {أسباطاً بَدَلا من اثْنَتَيْ عشرةَ، وَهُوَ الْوَجْه.
وَقَوله: أُمَمًا} من نعت {أَسْبَاطًا} .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: الأسباطُ: القبائلُ.
قَالَ: والحَسن والحُسين سِبْطا النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: هما طَائِفَتَانِ مِنْهُ؛ قطعتان مِنْهُ.
وَقَالَ الزَّجّاج: قَالَ بَعضهم: السِّبْطُ: القَرْن الَّذِي يَجِيء بعد قَرْن.
قَالَ: وَالصَّحِيح أنّ الأسباط فِي ولد إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام بِمَنْزِلَة الْقَبَائِل فِي ولدِ إِسْمَاعِيل.
فولد كلِّ ولد من أَوْلَاد يعقوبَ سِبْط، وولدُ كلِّ ولدٍ من أَوْلَاد إِسْمَاعِيل قَبيلَة، وَإِنَّمَا سُمُّوا هَؤُلَاءِ بالأسباط، وَهَؤُلَاء بالقبائل ليُفْصل بَين ولد إسماعيلَ وَولد إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام.
قَالَ: وَمعنى: ولد إِسْمَاعِيل فِي الْقَبِيلَة معنى الْجَمَاعَة.
يُقَال لكلِّ جمَاعَة من أبٍ وَاحِد: قَبيلَة.
قَالَ: وَأما الأسباط فمشتقٌّ من السَّبَط، والسَّبَطُ: ضَربٌ من الشّجر ترعاه الْإِبِل.
يُقال: الشجرةُ لَهَا قبائل، وَكَذَلِكَ الأسباط من السَّبَط، كأَنّه جعل إِسْحَاق بِمَنْزِلَة شَجَرَة، وَجعل إِسْمَاعِيل بِمَنْزِلَة شجرةٍ أُخْرَى.
وَكَذَلِكَ يفعل النَّسَّابون فِي النّسَب، يجْعَلُونَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة الشَّجَرَة، والأولادَ بِمَنْزِلَة أَغْصَانهَا.
فَيُقَال: طوبَى لفَرْع فلَان، وفلانٌ من شَجَرَة مباركة، فَهَذَا وَالله أعلم معنى الأسباط والسِّبْط.
وَقَالَ اللَّيْث: السّبَط: نباتٌ كالثِّيل، إلاّ أَنه يطول وينبُت فِي الرِّمال، الْوَاحِدَة سَبَطة وتُجْمع على الأسباط.
قَالَ: والساباط: سَقيفةٌ بَين دارَيْن من تحتهَا طريقٌ نَافِذ.
والسّبِطُ: الشَّعرُ الَّذِي لَا جُعُودَةَ فِيهِ.
ولغةُ أهلِ الْحجاز: رجلٌ سَبِط الشَّعرِ، وامرأةٌ سَبِطة، وَقد سَبُط شعرُه سُبُوطةً.
وَيُقَال للرّجل الطَّوِيل الْأَصَابِع: إِنَّه لسَبْط الْأَصَابِع، وَإِذا كَانَ سَمْحَ الكفّين.
قيل: إِنَّه لسَبْط اليَدَين والكفّين، وَقَالَ حسان:
رُبَّ خالٍ لِيَ لَوْ أَبْصَرْتَهُ
سَبِطِ الكَفَّيْن فِي اليَوْمِ الخَصِرْ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رجلٌ سَبِط الجِسم بيّن السَّباطة، وَهُوَ طُولُ الأَلْوَاح(12/240)
واستواؤُها مِن قومٍ سِباط. وَرجل سَبْطٌ بِالْمَعْرُوفِ: إِذا كَانَ سَهْلاً.
وَقَالَ شمر: مَطرٌ سَبْط وسَبِط، أَي: متدارِكٌ سَحٌّ، وسَبَاطتُه سَعتُه وكثرتُه، وَقَالَ القُطاميّ:
صافَتْ تَعَمَّجُ أعرافُ السُّيولِ بِه
من باكِرٍ سَبِطٍ أَو رائحٍ يَبِلِ
يُرِيد بالسَّبِط: المطرَ الواسعَ الْكثير.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي مَا مَعْنَى السِّبْط فِي كَلَام الْعَرَب؟ فَقَالَ: السِّبْط والسِّبْطان والأَسْباط: خاصّة الْأَوْلَاد، أَو المُصَاص مِنْهُم.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَضرِب اليتيمَ يكونُ فِي حِجْرِها حَتَّى يُسْبِط، معنى يُسبِط، أَي: يمتدّ على وَجْه الأَرْض سَاقِطا.
أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ أنّه قَالَ: أسبط الرجلُ إسباطاً: إِذا امتدّ وانبَسَط على الأَرْض من الضَّرْب، وَأنْشد غَيره:
قد لبِثَتْ من لَذّة الخِلاَط
قد أَسبَطتْ وأيُّما إسْباطِ
يَعْنِي امْرَأَة أُتِيتْ، فلمّا ذاقت العُسَيلةَ مدّت نَفْسَها على الأَرْض.
وَفِي حَدِيث النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه أَتَى سُباطَة قومٍ فبالَ ثمَّ توضّأ ومَسَح على خُفّيه) . قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السُّباطة: نحوٌ من الكُناسة. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للنّاقة إِذا ألقَتْ ولدَها قبل أَن يستبينَ خَلْقُه: قَدْ سَبَّطَت وغَضَّنَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سبّطت الناقةُ بوَلَدها وسبّغَتْ: إِذا ألقَتْه وَقد نَبَتَ وبَره قبل التَّمام.
وَقَالَ اللّيث: سُباط: اسمُ شهرٍ تسمّيه أهلُ الرّوم شَبَاط، وَهُوَ فِي فصل الشّتاء، وَفِيه يكون تَمامُ اليومِ الّذي تَدُور كُسورُه فِي السِّنين، فَإِذا تمّ ذَلِك اليومُ فِي ذَلِك الشهرِ سَمَّى أهلُ الشأم تِلْكَ السّنة عامَ الكَبِيس، وهم يتيمّنُون بِهِ إِذا وُلِدَ فِيهَا مولودٌ أَو قَدِم قادم من بَلَد. وسَباطٍ: اسمٌ للحمّى مبنيّ على الْكسر، ذكَره الهذَلي فِي شعرِه. قَالَ: والسَّبَطانةُ: قَناةٌ جَوْفاءُ مَضروبةٌ بالعَقَب يرْمى فِيهَا سهامٌ صغارٌ، تنفخ فِيهَا نَفْخاً فَلَا تكَاد تُخطىء.
بسط: قَالَ اللّيث: البَسْطُ: نَقِيضُ القَبْض. والبَسِيطةُ من الأَرْض كالبِساط من الثِّياب، والجميع البُسُط. والبَسْطة: الْفَضِيلَة، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (الْبَقَرَة: 247) ، وَقَالَ الزجّاج: أعلَمهم الله أنّه اصطفاه عَلَيْهِم، وزادَه فِي العِلْم والجِسم بَسْطةً، وأَعلَمَ أَن العِلم الّذي بِهِ يجب أَن يَقع الاختيارُ لَا المالَ، وَأعلم أَن الزّيادة فِي الْجِسْم مِمَّا يهَيَّبُ بِهِ العدوُّ، فالبَسْطة: الزِّيادة.(12/241)
وَقَالَ اللّيث: البَسِيط: الرجل المنبسط اللِّسَان وَالْمَرْأَة بسيطة، وَقد بَسُط بَساطةً.
والبَصْطة بالصَّاد لغةٌ فِي البَسْطة. وَيُقَال: بسطَ فلَان يدَه بِمَا يُحبّ ويَكرَه. وَيُقَال: إِنَّه ليَبْسُطني مَا بَسَطك، ويَقبِضُني مَا قبَضك، أَي يسرّني مَا سَرَّك، ويسوءُني مَا ساءَك.
ورَوَى شُعْبَة عَن الحكم قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله: (بل يَدَاهُ بسطان) (الْمَائِدَة: 64) ، قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ: معنى: (بُسْطان) : مَبْسُوطتان. قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ، عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مكتوبٌ فِي الحِكمة: لِيكنْ وجهُك بُسْطاً تكن أحبَّ إِلَى النَّاس ممّن يُعطيهم الْعَطاء. قَالَ: وبِسْطٌ وبُسْط بِمَعْنى مبسوطتين.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَتَب لوَفْد كلْب كتابا فِيهِ: فِي الهَمُولة الراعية البِسَاط الظؤار فِي كلّ خمسين من الْإِبِل ناقةٌ غير ذَات عَوَارٍ) . الهَمُولةُ: الإبلُ الراعية. والحمولة: الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، والبُساط: جمع بِسْط، وَهِي النَّاقة الَّتِي تُرِكت وولدُها لَا يمنَع مِنْهَا، أَو لَا تعطف على غَيره، وَهِي عِنْدَ الْعَرَب بِسْط وبَسوط، وجمعُ بِسْط بُساط، وَجمع بَسوط بُسُط، هَكَذَا حفظتُه عَن الْعَرَب، وَقَالَ أَبُو النّجم:
يَدفَع عَنْهَا الجوعَ كلَّ مَدفِع
خَمْسُونَ بُسْطاً فِي خَلايَا أَربَع
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنشَدَه للمرار الْأَسدي يصف إبِلا:
مَتابِيعُ بُسْط مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ
كَمَا رَجعتْ فِي لَيلِها أُمُّ حائلِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بُسْطٌ: بُسطِتْ على أولادِها لَا تنقبض عَنْهَا. مُتْئِمات: مَعهَا حُوار وَابْن مَخاض، كَأَنَّهَا وَلدتْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ من كَثْرَة نَسْلِها. رَواجِع: تَربِع إِلَى أَوْلَادهَا وتَنزِع إِلَيْهَا.
قلت: بَسُوط: فَعُول بِمَعْنى مفعولة، كَمَا يُقَال: حَلوب ورَكوب للَّتِي تُحْلَب وتركَب. وبِسْط: بِمَعْنى مبسوطة، كالطِّحن بِمَعْنى المطحون، والقِطْف بِمَعْنى المَقْطوف.
أَبُو عُبَيد: البَساط: الأَرْض العريضة الواسعة.
وسمعتُ غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: بَيْننَا وَبَين المَاء مِيلٌ بِسَاط، أَي: مِيلٌ مَتّاح.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ودَوِّ ككفّ المشترِي غيرَ أَنه
بَساطٌ لأخفاف المَراسِيلِ واسعُ
وَقَالَ الفرّاء: أرضٌ بَسَاط وبِساط: مستويةٌ لَا نَبَك فِيهَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التبسُّط: التنزُّه يُقَال: خرج يَتَبَسَّط، مَأْخُوذ من البَساط، وَهِي الأَرْض(12/242)
ذَات الرَّياحين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَسَاط والبَسيطة: الأرضُ العريضة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فرَش لي فلَان فِراشاً لَا يَبسُطُني: إِذا ضَاقَ عَنهُ، وَهَذَا فِراشٌ يَبسُطني: إِذا كَانَ سابغاً.
ابْن السكّيت: سِرْنا عَقَبةً جواداً، وعَقَبةً باسطةً، وَعقبَة حَجُوفاً، أَي: بعيدةَ طَوِيلَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَفَر الرجلُ قامةً باسطةً: إِذا حَفَرَ مَدَى قامتِه وَقد مدَّ يَدَه.
وَقَالَ غَيره: الباسُوط من الأقتاب ضدّ المفروق.
وَيُقَال أَيْضا: قَتَبٌ مَبْسُوط، ويُجمع مَباسيط، كَمَا يُجمع المفروق مَفاريق.
س ط م
سمط، سطم، طمس، طسم، مسط، مطس.
سمط: من أَمْثَال الْعَرَب السائرة قَوْلهم للرجل يُجِيزون حُكْمَه: حكمُك مسمَّطاً.
قَالَ المبرّد: هُوَ على مَذْهَب (لَك حُكمُك مسمَّطاً) أَي: متمَّماً إِلَّا أَنهم يحذفون مِنْهُ (لَك) .
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للرجل: حكمك مسمّطاً. قَالَ: مَعْنَاهُ: مُرسَلاً، يُعْنى بِهِ جَائِز.
قَالَ: وَيُقَال: سَمَّط غَرِيمَه، أَي: أَرسَله.
قَالَ: وَيُقَال سَمَطْتُ الرجلَ يَمِينا على حَقِّي، أَي: استحْلفْتُه. وَقد سَمَط على الْيَمين يَسمُط، أَي: حلف.
قَالَ: وَيُقَال: سَبَط فلانٌ على ذَلِك الْأَمر يَمِينا، وسمَط عَلَيْهِ يَمِينا بِالْبَاء وَالْمِيم، أَي: حَلَف عَلَيْهِ. وَقد سَمَطْتُ يَا رجلُ على أَمر أَنْت فِيهِ فاجِرٌ، وَذَلِكَ إِذا وَكَّد الْيَمين وأحْلطها.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: إِذا كَانَت النَّعلُ غيرَ مَخْصُوفة قلت نَعْلٌ أسماط. وَيُقَال: سَراويلُ أَسْماط، أَي: غيرُ محشوّة. وَيُقَال: نَعْلٌ سَمِيط: لَا رُقْعةَ لَهَا.
وَقَالَ الأسوَد:
فأَبلِغ بني سَعدِ بن عجلٍ بأَنّنا
حَذَوْناهُم نعلَ المِثالِ سَمِيطَا
وَقَالَ شمر فِيمَا أفادني عَن الإياديّ: نَعلٌ سُمْط وسُمُط.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السِّمْط: الثّوبُ الَّذِي لَيست لَهُ بِطانةُ طَيْلَسان، أَو مَا كَانَ من قُطن، وَلَا يُقَال: كِساءٌ سِمْط، وَلَا مِلْحفةُ سِمْط، لِأَنَّهَا لَا تُبطَّن.
قلت: أَرَادَ بالمِلْحَفة إزارَ اللّيل، تُسمّيه الْعَرَب اللِّحافَ والمِلْحفة: إِذا كَانَ طاقاً وَاحِدًا.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: السِّمط: الخَيْط الْوَاحِد والسِّمْطان اثْنَان، يُقَال: رأيتُ فِي يدِ فلانَة سِمْطاً، أَي: نَظْماً وَاحِدًا يُقَال لَهُ(12/243)
يَكْ سَنْ، فَإِذا كَانَت القِلادة ذاتَ نَظْمَين فَهِيَ ذاتُ سِمْطَين، وأَنشَد:
مُظاهِرُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ وزَبَرْجَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّعرُ المسمَّط الَّذِي يكون فِي صَدْرِ الْبَيْت أَبْيَات مشطورة أَو مَنْهوكة مقفّاة تجمعُها قافيةٌ مخالِفةٌ لازمةٌ للقصيدة حَتَّى تَنْقضي.
قَالَ: وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس قصيدتين على هَذَا المثالِ يُسمَّيان السِّمْطَين، فصدرُ كلِّ قصيدة مصراعان فِي بيتٍ، ثمّ سائره ذُو سُموط، فَقَالَ فِي إِحْدَاهمَا:
ومُسْتلئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمح ذَيْلَهُ
أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذِي سفاسِقَ مَيْلَهُ
فَجَعْتُ بِهِ مُلتقَى الْخَيْلِ خَيْلَهُ
تركتُ عِثَّاقَ الطير يخجَلْن حَوْلَه
كأنّ على سِرْبالِهِ نَضْحَ جِرْيالِ
وناقةٌ سُمُط وأَسماط: لَا وَسم عَلَيْهَا، كَمَا يُقَال: ناقةٌ غُفْل.
وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً وصيَّاداً وكِلابه فَقَالَ:
عايَنَ سِمْطَ قَفْرةٍ مُهَفْهَفا
وسَرْمَطِيّاتٍ يُجِبْن السُّوَّفَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بخَطه: فلَان سِمْط قَفْره، أَي: واحدُها لَيْسَ فِيهَا أحدٌ غَيره.
قَالَ: والسَّرْمطيّات: كلابٌ طِوالُ الأشرق والألحى. والسُّوف: الصيادون، يَعْنِي أنّهن يجئن الصيادين إِذا صَفّروا بهنّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: المَحْصن من اللَّبَن: مَا لم يُخالِطْه ماءٌ حلواً كَانَ أَو حامضاً فَإِذا ذهبتْ عَنهُ حَلاوة الحَلَب وَلم يتغيّر طعمُه فَهُوَ سامِط، فَإِن أَخَذَ شَيْئا من الرِّيح فَهُوَ حَامط.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ أَبُو زيد: الخميط: اللحمُ المشويُّ، يَعْنِي إِذا سُلِخ ثمَّ شُوِي.
وَقَالَ غَيره: إِذا مُرِط عَنهُ صوفه ثمَّ شوِي بإهابه فَهُوَ سميط: وَقد سمط الحَمل يسمطه سمطاً فَهُوَ مسموط وسميط.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السامِط: السَّاكِت. والسَّمْط، السُّكُوت عَن الفضول. وَيُقَال: سَمَط وسَمّط وأَسْمَط: إِذا سكت.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّمط من الرِّجَال: الخفيفُ فِي جِسْمه، الداهيةُ فِي أمرِه، وأكثرُ مَا يوصَف بِهِ الصَّيّاد؛ وَأنْشد لرؤبة:
سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعَابِلاَ
قَالَ أَبُو عَمْرو: يَعْنِي الصَّائد كأنّه نظامٌ منْ خِفّته وهُزَاله. والزَّعابِل: الصِّغار.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَعْجَةٌ مَنْصوبة: إِذا كَانَت مَسْمُوطةٌ محلوقَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: يُقال للآجُرّ القائِم بعضُه فوقَ بعض عِنْدهم: السُّمَيْط، وَهُوَ الَّذِي يسمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ براسْتَق.(12/244)
وَيُقَال: قَامَ القومُ حولَه سِماطَيْن، أَي: صَفّين، وكلّ صَفّ من الرِّجَال سِماط. وسُمُوطُ العِمامة: مَا أُفضِل مِنْهَا على الصَّدر والأكتاف.
سطم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِسَدادِ القِنِّينَة: الفِدَامُ. والسِّطامُ والعِفاص والصّماد والصِّبَار.
وَفِي حَدِيث النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من قضيتُ لَهُ بشيءٍ من حقِّ أَخِيه فَلَا يأخُذَنَّه، فَإِنَّمَا أقْطَعَ لَهُ إسطاماً من النَّار) . أَرَادَ بالإسْطام: القطعةَ مِنْهَا. وَيُقَال للحديدة الَّتِي تحرث بهَا النَّار: سِطامٌ وإسطام، إِذا فُطِحَ طرفها. وَقد صحّت هَذِه اللَّفْظَة فِي هَذِه السُّنّة وَلَا أَدْرِي أعربيّة مَحْضَة أَو مُعَرَّبة.
وَفِي حَدِيث آخر: (العَرَبُ سِطام النَّاس) ، أَي: حدّهم. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: السَّطْم والسِّطام: حدُّ السَّيف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّطُم: الْأُصُول. وَيُقَال لِلدَّرَوَنْد: سِطام. وَقد سَطَّمْتُ البابَ وَسَدَمْتُه: إِذا ردمتَه فَهُوَ مَسطُوم ومَسْدوم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلانٌ فِي أسْطُمَّة قومِه: إِذا كَانَ وَسِيطاً فيهم مُصاصاً. قَالَ: وأُسطُمَّة الْبَحْر: وَسطُه. وَقَالَ رُؤْبَة:
وَسَطْتُ من حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا
ورُوِي الأطسُمّا سمعناه.
مسط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المَسْطُ أَنْ يُدْخِلَ الرّجُل يدَه فِي رَحِم النّاقة فيَستخرج وَتْرَهَا، وَهُوَ ماءُ الْفَحْل يجْتَمع فِي رَحِمها، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَ ضِرابُهَا ولَمْ تَلْقَح.
وَقَالَ اللّيثُ: إِذا نَزَا على الفَرَس الْكَرِيمَة حِصَانٌ لئيمٌ أَدخَل صاحبُهَا يَدَه فَخَرط مَاءَهُ من رَحِمها، يُقَال: مَسَطَهَا وَمَصَتها ومَساها. قَالَ: وَكَأَنَّهُم عاقَبوا بينَ التّاء والطاء فِي المَصْت والمَسْط. قَالَ: والْمَسْطُ: خَرْطُ مَا فِي المِعَى بالإصبَع لإِخْرَاج مَا فِيهِ، يُقَال: مَسَطَ يَمسُطُ. قَالَ: والماسِطُ: ضَرْبٌ من شجر الصَّيف إِذا رَعَتْه الْإِبِل مَسَطَ بُطونها فَخَرطَها، وَقَالَ جرير:
يَا ثَلْطَ حَامِضَةٍ تربَّع ماسِطا
من وَاسِطٍ وتَرَبَّعَ الُقُلاَّما
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَحْل مَسِيط ومَلِيخ ودَهِين: إِذا لم يُلْقِح. وَقيل: ماسِط: ماءٌ مِلْح إِذا شَرِبته الْإِبِل مَسَطَ بطونَها، وروى الْبَيْت:
... ... ... ... . . تَرَوَّحَ أهلُها
عَن ماسِطٍ وتَنَدَّتِ القُلاَّما
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كنتُ أَمشي مَعَ أعرابيّ فِي الطِّين، فَقَالَ: هَذَا المَسِيط، يَعْنِي الطِّين.(12/245)
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّغِيطُ: الرَّكيّة يكون إِلَى جَانبهَا ركيّة أُخْرَى فَتُحْمَأ، وتَنْدَفِن فيُنْتِن مَاؤُهَا ويسيل مَاؤُهَا إِلَى العَذْبة فيُفسِدُها فَتلك الضَّغِيط والْمَسِيط، وَأنْشد:
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغِيط
وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْمَسيطَةُ: الماءُ الَّذِي يَجري بَين الحوضِ والبئر فيُنْتِن، وأنشَد:
ولاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائِط
يَمُدُّهَا من رِجْرِجٍ مَسَائِطُ
ابْن السكّيت قَالَ أَبُو الغَمْر: إِذا سَالَ الْوَادي بسَيْل صَغِير فَهِيَ مَسيطة، وأصغَرَ من ذَلِك مُسَيِّطَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصْمَعِي: الْمَسِيطَة: الماءُ الكَدِر الَّذِي يَبقَى فِي الْحَوْض، والْمَطِيطة نحوٌ مِنْهَا.
طمس: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَمَسَ الطَّرِيقُ وطَسَم: إِذا دَرَسَ.
وَقَالَ شمر: طموسُ البَصَر: ذَهابُ نُورِه وضَوئِه، وَكَذَلِكَ طُموسُ الكَواكب: ذَهاب ضوئها. وَيُقَال: طَمَسَ الرجلُ يطمس: إِذا تبَاعد. والطامس: البَعيد، وَقَالَ ذُو الرّمة:
وَلَا تحسِبي شَجِّي بك البِيدَ كلَّما
تَلألأ بالفَوْر النّجُوم الطّوامسُ
وَهِي الّتي تَخفَى وتَغيب. وَيُقَال: طمَسْتُه فطمَس؛ وَيُقَال: طَمَس الله على بصَرِه يطمس. وطمَسَ طُمُوساً: إِذا ذَهَب بَصَرُه. وطُموسُ القَلْب: فسادُه، قَالَ الله جلّ وعزّ: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} (يس: 66) ، يَقُول: لَو نشَاء لأَعْميناهم، وَيكون الطُّموس بِمَنْزِلَة المَسْخ للشَّيْء، قَالَ الله جلّ وعزّ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} (يُونُس: 88) ، قَالُوا: صَارَت حِجَارَة، وَكَذَلِكَ قَوْله: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ} (النِّسَاء: 47) .
وَقَالَ الزّجاج: فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال: قَالَ بَعضهم: نَجعل وُجُوههم كأقفائهم. وَقَالَ بَعضهم: نَجعل وجوهَهم مَنَابت الشَّعْر كأقفائهم. وَقيل: الْوُجُوه هَاهُنَا تمثيلٌ بأَمر الدِّين، المعنَى: من قبل أَن نُضِلَّهم مُجازاةً لما هم عَلَيْهِ من العِناد فنضلّهم إضلالاً لَا يؤمِنون مَعَه أبدا.
قَالَ: وَقَوله: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} قَالَ: المَطْمُوس: الّذي لَا يتبيّن لَهُ حَرْفُ جَفْنِ عَيْنَيْهِ، لَا يُرَى شُفْرُ عَيْنَيْهِ؛ الْمَعْنى: لَو نشَاء لأَعْمَيْنَاهم.
وَقَالَ فِي قَوْله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه جعل شكرهم مجارة وَتَأْويل الْحسن إذهابُه عَن صُورته.
وَقيل: إِن الطَّمْس إِحْدَى الْآيَات التِّسع الَّتِي أُوتِيَتْ مُوسى.(12/246)
ابْن بُزُرْج قَالَ: لَا تسبقنّ فِي طميس الأَرْض، مثل جَدِيد الأَرْض.
وَقَالَ الفرّاء فِي كتاب (المَصادِر) : الطَّمَاسة كالحَزْرِ وَهُوَ مصدر، يُقَال: كم يَكفِي دَاري هَذَا من آجُرّة؟ قَالَ: طَمّس، أَي: احْزُرْ قَالَ: وطَمَس بَصرُه، يَطمِس طَمْساً، وَيطمِس طُمُوساً.
أَبُو زيد: طَمَس الكتابُ طُموساً: إِذا دَرَس. وطُموسُ القَلْب: فسادُه. وطَمَس الرجلُ يَطمُس طُموساً: إِذا تَباعَد. والطامسُ: البَعِيد، وَأنْشد شمر لِابْنِ مَيَّادة:
ومَوْمَاةٍ يَحارُ الطَّرفُ فِيهَا
صَمُوتِ اللَّيلِ طامِسةِ الْجِبالِ
قَالَ: طامسة بعيدَة: لَا تتبيّن من بُعْدٍ، وَتَكون الطّوامس الّتي غطّاها السّراب فَلَا تُرَى.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: رأيتُه فِي طسَام الغُبارِ، وطُسّامه، وطسَّامِه وطيْسانِهِ، تُرِيدُ بِهِ فِي كَثِيره.
مطس: قَالَ اللَّيْث: مَطَس المعذِرة يَمْطُس: إِذا رمى بمرَّة.
وَقَالَ ابْن دُرِيد: المَطْسُ: الضَّرْب بِالْيَدِ كاللَّطْمة.
انْتهى، وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) السّين والدّال)
س د ت س د ظ س د ذ س د ث: أهملت وجوهها.
س د ر
سدر، سرد، دسر، درس، ردس: مستعملة.
سدر: السِّدر: اسْم الْجِنْس، والواحدة سِدْرَة.
السِّدْر من الشَّجَر سِدْران: أحدُهما سِدْرٌ بَرّيّ لَا يُنتَفَع بثَمره، وَلَا يصلُح ورقُه للغَسول، وَرُبمَا خُبِط ورقُه للرّاعية، وَله ثمَر عَفِصٌ لَا يُؤْكَل، والعرَب تسمِّيه الضّال، والجِنْس الثَّانِي من السِّدر ينبُت على المَاء، وثمرُه النَّبِق، ورَقُه غَسولُ، يُشبه شجر العُنّاب، لَهُ سُلاّء كسُلاّئه وورَقٌ كوَرَقِه، إِلَّا أنَّ ثمرَ العُنَّاب أَحْمَرُ حُلْو، وثمرُ السِّدْر أصفَرُ مُزّ يتفكَّه بِهِ، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {) أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى} { (الْمُنتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (النَّجْم: 14، 15) ، فَإِن اللّيث زعم أنّها سِدْرةٌ فِي السَّمَاء السَّابِعَة لَا يجاوِزُها ملك وَلَا نبيّ، وَقد أَظَلّت السماءَ والجَنّة ويُجمَع السِّدْرةُ سِدْراً وسِدَراً وسِدِرات. والسدر: اسمُ للْجِنْس، الْوَاحِدَة سِدْرة.
أَبُو عبيد: السادِرُ: الّذي لَا يَهتمّ لشَيْء وَلَا يُبالِي مَا صَنَع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَر،(12/247)
يُقَال: سَدِر بصرُه يسْدر سَدَراً: إِذا لم يكن يُبصِر فَهُوَ سَدِر. وعينٌ سَدَرة.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السَّدَر: قَدَع الْعين؛ والسَمادِير: ضَعْفُ البَصَر. والسَّدْرُ والسَّدْل: إرسالُ الشَّعر، يُقَال: شعر مَسْدُور ومَسْدول وَشعر مُنْسَدِر ومُنْسَدِل: إِذا كَانَ مسترسِلاً. أَبُو عُبَيْد: يُقَال: انسَدَرَ فلانٌ يَعْدُو، وانّصَلت يَعْدُو: إِذا أسْرَع فِي عَدْوه.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّدِير: نهرٌ بِالْحيرَةِ.
وَقَالَ عديّ:
سَرَّه حالُه وكثرةُ مَا يملِك
والبحرُ مُعرِضاً والسَّدِير
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: السَّدِير فارسية، كَأَن أَصله سادِلٌ، أَي: قُبّة فِي ثَلَاث قِبابٍ مُداخَلة، وَهُوَ الّذي تسمِّيه الناسُ اليومَ سِدْليّاً فأعرَبته العَرَب فَقَالُوا سَدِير. وَفِي (نَوَادِر الْأَصْمَعِي) الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ أَبُو يَعلى قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاء: السَّدِيرُ: العُشْبُ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقَال للرجل إِذا جَاءَ فَارغًا: جَاءَ يَنْفُض أَسْدَرَيه. قَالَ: وبعضُهم يَقُول: جَاءَ ينفض أصْدَريْه. وَقَالَ: أسدراه: مِنكباه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ ينفُض أزْدَرَيْه إِذا جَاءَ فَارغًا.
وَقَالَ اللّحياني: سَدَرَ ثَوْبه سَدْراً: إِذا أرسَله طُولاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تَسدَّر بثَوْبه: إِذا تجَلَّل بِهِ. قَالَ: وسمعتُ بعضَ قيس يَقُول: سَدَل الرجل فِي الْبِلَاد وسَدَر: إِذا ذَهَب فِيهَا فَلم يَثْنه شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَدر: قَمر. وسَدِر: تحير مِن شدّة الحرّ. قَالَ: ولُعبةٌ للعَرب يُقَال لَهَا: السُّدّر والطُّبن.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عُبيدة: جَاءَ فلَان يَضرب أَسْدَرَيه وأَصْدَرَيه، أَي: عِطْفَيْه، وَذَلِكَ إِذا جَاءَ فَارغًا.
دسر: قَالَ اللَّيْث: الدَّسْر: الطَّعن والدفْعُ الشَّديد، يُقَال: دَسَره بالرُّمح، وَأنْشد:
عَن ذِي قَدَامِيسَ كَهَامٍ لَو دَسَرْ
قَالَ: والبُضْعُ يُستعمَل فِيهِ الدَّسْر، يُقَال: دسَرَها بأَيْرِه.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (الْقَمَر: 13) ، قَالَ: الدُّسُر: مَسامِيرُ السَّفِينَة وشُرُطُها الّتي تُشَدُّ بهَا.
وَقَالَ الزّجّاج: كلّ شيءٍ يكون نَحْو السَّمْر. وَإِدْخَال شَيْء فِي شَيْء بقوّة وشِدّة فَهُوَ الدَّسْر، يُقَال: دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره وأدسِره دَسْراً. قَالَ: وَوَاحِد الدُّسْرِ دِسَار.
وسُئِل ابْن عبّاس عَن زكاةِ العَنْبَر فَقَالَ: إنّما هُوَ شَيْء دَسَره البحرُ، وَمَعْنَاهُ: أَن موج الْبَحْر دَفعه فَأَلْقَاهُ إِلَى الشطّ فَلَا زَكَاة فِيهِ.(12/248)
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّسْر: السَّفِينة.
وَقَالَ ثَعْلَب فِي قَوْله: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ} .
قَالَ بَعضهم: هُوَ دَفْعُها الماءَ بكلْكلِها. وَيُقَال: الدُّسُر: المسامير. وَيُقَال: الدِّسارُ: الشَّريط من اللِّيف الّذي يشدّ بعضُه ببَعض.
وَقَالَ اللَّيْث: جَمَلٌ دَوْسَرِيٌّ ودَوْسَر: وَهُوَ الضَّخْم ذُو الهامة والمَناكِب.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الدَّوْسَرِيُّ: القَوِيُّ من الْإِبِل. ودَوْسَر: كتيبةٌ كَانَت للنُّعمان بن الْمُنْذر، وأنشَد:
ضَرَبتْ دَوْسَرُ فِينَا ضَرْبةً
أَثبتَتْ أوتاد مُلْكٍ فاستَقَرّ
وَبَنُو سَعْد بنِ زيد مَناةَ كَانَت تُلَقَّبُ: دَوْسَر فِي الجاهليّة.
سرد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ} (سبأ: 11) .
قَالَ الفرَّاء: يَقُول: لَا تجْعَل مِسمارَ الدِّرْع دَقِيقاً فيَنفَلق، وَلَا غَليظاً فيَفْصِم الحَلَق.
وَقَالَ الزّجّاج: السّرْد فِي اللّغة: تَقدِمة شَيْء إِلَى شَيْء حَتَّى يتّسق بعض إِلَى إثْرِ بعض متَتابعاً.
وَيُقَال: سَرَدَ فلانٌ الحديثَ يَسرُدُه سَرْداً: إِذا تابَعَه. وسَرَد فلانٌ الصَّوْمَ: إِذا وَالاه.
وَقَالَ فِي التَّفْسِير: السَّرْدُ: السَّمْرُ، وَهُوَ غير خارجٍ من اللّغة، لأنّ السَّمْر تقديرُك طرَف الحَلْقة إِلَى طَرَفها الآخر.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: رجل سَرَنْدَى: مشتقّ من السّرْد، وَمَعْنَاهُ: الّذي يَمضِي قُدُماً. قَالَ: والسَّرَد: الحَلَق، وَهُوَ الزَّرَد، وَمِنْه قيل لصَاحِبهَا سرّاد وزَرّاد.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْد: اسمٌ جامعٌ للدُّروع وَمَا أَشبَهَها من عَمَل الحَلَق، وسُمِّي سَرْداً لِأَنَّهُ يُسرَّد فيُثقب طرفَا كلّ حَلقَة بالمسمار، فَذَلِك الحَلَق المُسَرَّد، والمِسْرَد هُوَ المِثقَب، وَهُوَ السِّراد.
وَقَالَ لَبيد:
كَمَا خَرَج السِّرادُ من النِّقال
وَقَالَ طَرَفة:
حِفَافَيْه شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمِسْرَدِ
ويسمَّى اللّسان مِسرَداً.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: سردَ فلانٌ الكتابَ مَعْنَاهُ: دَرَسه مُحكماً مجوَّداً، أَي: أَحكَمَ دَرْسَه وأجادَه، من قَوْلهم: سَرَدْتُ الدِّرعَ إِذا أحكمتَ مَسامِيرها، ودِرْع مسرودةٌ: محكمةُ المسامير والحَلَق.
والسَّرَادُ من الثَّمر: مَا أَضَرَّ بِهِ الْعَطش فيبِس قبلَ ينْعِه. وَقد أَسرَد النخلُ، والواحدة سَرَادَة.
وَقَالَ الفرَّاء: السَّرادة: الخَلالة الصُّلبة. والسراد من الزَّبِيب يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: زنجير.(12/249)
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السّرادُ: المتتابع.
وَقيل لأعرابيّ: مَا أَشهُرُ الحُرُم؟ فَقَالَ: ثلاثةٌ سَرْد، وَوَاحِد فَرْد.
عَمْرو عَن أَبِيه: السارِدُ: الخرّاز. والإشْفَى يُقَال لَهُ: السِّرادُ والمِسرَدُ والمخْصَف.
ردس: قَالَ اللَّيْث: الرَّدْس: دَكُّك أَرضًا أَو حَائِطا أَو مَدَراً بِشَيْء صُلْبٍ عريضٍ يُسمى مِرْدَساً، وأَنشد:
يُغَمِّد الأعداءَ جَوْزاً مِرْدَسا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: المِرْداسُ: الصَّخْرة يُرمَى بهَا فِي الْبِئْر ليُعلمَ أفيها ماءٌ أم لَا.
قَالَ الراجز:
قَذْفَك بالمِرْداس فِي قَعْرِ الطَّوِي
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَدَسه بالحَجَر، أَي: ضرَبَه ورَمَاه بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
هُنَاكَ مِرْداناً مِدَقٌّ مِرْداسْ
أَي: داقٌّ. وَيُقَال: رَدَسَه بحَجَر ونَدَسَه ورَداه: إِذا رَماه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّدُوس: النُّطوح المِزحَم، وَقَالَ الطِّرمّاح:
تَشُقّ مُغمِّضاتِ اللَّيل عَنْهَا
إِذا طَرقَتْ بمرْداسٍ رَعُونِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: المِرْدَاسُ: الرَّأْس لِأَنَّهُ يردُسُ بِهِ، أَي: يردُّ بِهِ ويُدفَع. والرَّعُون المتحرّك؛ يُقَال: رَدَس بِرَأْسِهِ، أَي: دَفَع بهَا.
درس: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ بالبَعير شيءٌ خَفيف مِن الجَرَب قيل: بِهِ شَيْء من دَرْس وأَنشد:
من عَرَق النَّضْج عَصِيمُ الدَّرْسِ
وأخبَرَ المنذريُّ عَن أبي العبّاس فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكَذالِكَ نُصَرِّفُ الاَْيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ} (الْأَنْعَام: 105) ، قَالَ: مَعْنَاهُ: وَكَذَلِكَ نُبيِّن لَهُم الْآيَات مِن هُنا وهُنا لكَي يَقُولُوا: إِنَّك دَرَسْتَ، أَي: تَعَلّمتَ، أَي: هَذَا الّذي جئتَ بِهِ عُلِّمتَ.
قَالَ: وَقَرَأَ ابنُ عبّاس وَمُجاهد: (دارَسْتَ) ، وفسّرها: قرأتَ على الْيَهُود وقرءوا عليكَ، وقرئت: (وليقولوا دُرِسَت) ، أَي: قُرِئَتْ وتُلِيَتْ. وقُرىء: (دَرِسَتْ) ، أَي: تَقادَمت، أَي: هَذَا الّذي تتلوه علينا شَيْء قد تَطاوَل ومَرَّ بِنَا.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: دَرَسَ الشيءُ يَدْرُس دُرُوساً، ودَرَسْتُ الكتابَ أدرُسُه دِراسةً. والمِدْرَسُ: الْمَكَان الَّذِي يُدرَس فِيهِ. والمِدْرَس: الكِتاب. والدِّراس: المُدارَسة.
قَالَ: والدُّروس: دُرُوس الْجَارِيَة إِذا طَمِشَتْ، يُقَال: جَارِيَة دارِسُ، وجوارٍ دُرَّس وَدَوارِس.(12/250)
وَقَالَ الأسوَد بنُ يَعفُر يصف جَواريَ حِين أدركنَ:
اللاّتِ كالبَيضِ لمّا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ
صُفْرُ الأَناملِ من نقْف القَوارِيرِ
ودرَسَت الجاريةُ تَدْرُس دُرُوساً. والدَّرْسُ: الجَرَب أوّلُ مَا يظْهر مِنْهُ. والدَّرْس والدِّرْس والدَّرِيس: الثوبُ الخَلَق.
قَالَ ابنُ أَحْمَر:
لَم تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَج قَبْلَها
ودِراسُ أعوَصَ دارِسٍ متخدِّد
قَالَ ابْن السكّيت: ظنّ أَن اليَرَنْدَج عمل من عَمَل النَّاس يُعمَل، وإنّما اليَرَنْدج جلودٌ سُود. وقولُه: ودِراس أعوَصَ، لَم يُدارِس الناسَ عَوِيصَ الْكَلَام، وقولُه: دارسٍ متخدِّر، أَي: يَغْمضُ أَحْيَانًا فَلَا يُرَى، وَيظْهر أَحْيَانًا فَيرى، مَا تخدّد مِنْهُ غُمضَ، وَمَا لم يتخدّد ظَهَر. ويُروَى: متجدِّد بِالْجِيم، وَمَعْنَاهُ: أَن مَا ظَهَر مِنْهُ جَدِيد وَمَا لم يظْهر دارس.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الهَيْثَم يَقُول: دَرَس الأَثرُ يَدرسُ دُرُوساً، أَو دَرَسهُ الرِّيح تَدْرُسه دَرْساً، أَي: مَحَتْه وَمن ذَلِك قيل:
دَرَسْتُ الثوبَ أدرُسُه دَرْساً فَهُوَ مَدْرُوس ودَرِيس، أَي: أَخْلَقْته وَمن قيل للثّوب الخَلُق دريس، وجمعُه دِرْسَان.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: دَرَس البعيرُ: إِذا جَرب جَرَباً شَدِيدا فقُطِرَ، قَالَ جرير:
رَكِبتْ نَوارُكُمُ بَعيراً دارِساً
فِي السَّوْقِ أَفْضَح راكبٍ وبَعيرِ
قَالَ: وَقيل: دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسه دَرْساً، أَي: ذَلَّلتُه بِكَثْرَة الْقِرَاءَة حَتَّى خَفّ حِفْظُه عليّ من ذَلِك، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الحِلْم إدْهانٌ وَفِي العَفْو دُرْسةٌ
وَفِي الصِّدق مَنْجاةٌ من الشّرّ فاصدُقِ
قَالَ: الدُّرْسةُ: الرّياضة؛ وَمِنْه دَرَسْتُ السُورة حتّى حفِظتُها؛ ودَرَستُ الْقَضِيب، أَي: رُضْتُه. والإدْهان المَذَلة واللِّين.
وَقَالَ غَيره: دُرِسَ الطعامُ يُدْرس دِراساً: إِذا دِيسَ. والدِّراسُ: الدِّياسُ بِلُغة أهلِ الشَّام، وَقَالَ:
حَمراءُ مِمّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق
أَي: داسَ، وأرادَ بالحَمراءِ برّةً حَمْراءَ فِي لَونها.
وَقَول لَبيد:
يَوْمَ لَا يُدخل المُدارِسَ فِي
الرَّحْمة إِلَّا براءةٌ واعتذارُ
قَالَ الْمُدارِس: الَّذِي قَرَأَ الْكتب ودَرَسها. وَقيل: المُدَارِسُ: الَّذي قارَفَ الذُّنوبَ وتَلَطَّخَ بهَا، من الدَّرْسِ وَهُوَ الجَرَب. والمِدْراسُ: البيتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ الْقُرْآن، وَكَذَلِكَ مِدْرَاسُ اليَهود.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدِّرْوَاسُ:(12/251)
الكبيرُ الرَّأْس من الكلابِ. والدِّرْباس بِالْبَاء: الكلبُ العَقُور، وَأنْشد:
أَعْدَدْتُ دِرْوَاساً لِدِرْباسِ الْحُمْتْ
هَذَا كلبٌ كَأَنَّهُ قد ضَرِيَ فِي زِقَاقِ السَّمْن يأكلها، فأَعَدَّ لَهُ كَلْبا آخَر يُقَال لَهُ دِرْوَاس.
وَقَالَ غيرُه: الدَّرَاوس من الْإِبِل: الذُّلُل الغِلاظ الْأَعْنَاق، واحِدها دِرْواس.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاءِ: الدَّرَاوِس: العِظامُ من الْإِبِل.
س د ل
سدل، لدس، لسد، دلّس: (مستعملة) .
سدل: فِي حَدِيث عليّ: أنّه خرج فَرَأى قوما يُصلُّون قد سَدَلوا ثِيابَهم فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ اليهودُ خَرجوا من فُهْرِهم.
قَالَ أَبُو عُبَيد: السَّدْل: هُوَ إِسبالُ الرَّجل ثوبَه من غير أَن يَضُمّ جانبيه بَين يَدَيْهِ، فَإِن ضَمَّه فَلَيْسَ بسَدْل؛ وَقد رُوِيتْ فِيهِ الكَراهيةُ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ اللَّيْث: شَعرٌ مُنسَدِل ومُنْسَدِر: كثيرٌ طويلٌ قد وَقع على الظَّهر.
الأصمعيّ: السُّدول والسُّدُون بالنُّون وَاللَّام: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب.
قَالَ الراجز:
كأنّ مَا جُلِّلن بالأُسْدانِ
يانِعَ حُمّاض وأرْجُوانِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سَوْدَل الرجلُ: إِذا طَال سَوْدلاه؛ أَي: شارِباه.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة (أَنَّهَا سدَلت طرف قناعها على وَجههَا وَهِي مُحرمَة) ، أَي: أسبلته.
وَفِي الحَدِيث (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدِم الْمَدِينَة وأهلُ الكتابَ يسدِلون أشعارَهم وَالْمُشْرِكُونَ يَفْرُقون؛ فسَدَل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَعرَه ففَرّقه، وَكَانَ الفَرْقُ آخِرَ الأمرَين) .
قَالَ ابْن شُمَيْل: المسدَّلُ من الشَّعر. الكثيرُ الطَّوِيل، يُقَال: سَدَّل شعرَه على عاتقَيه وعُنقِه، وسَدَله يَسدِله. والسَّدْل: الْإِرْسَال لَيْسَ بمَعْقُوف وَلَا مُعقَّد. وشَعرٌ مُنسَدِلٌ ومُنسَدِرٌ.
وَقَالَ الفرّاء: سَدَلْتُ السِّترَ وسَدَنْتُه: أرخَيْتُه.
دلّس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّلَسُ: السّواد والظلمة. وَفُلَان لَا يُدالس وَلَا يُوالس قَالَ: لَا يدالس وَلَا يظلم، وَلَا يوالس: أَي: لَا يخون لَا يُوارِب.
وَقَالَ شَمر: المُدالسةُ: إِذا باعَك شَيْئا فَلم يُبَيِّنْهُ لَك، يُقَال: دلّس لي سِلعةَ سَوْء. واندلس الشَّيْء: إِذا خَفِي. ودلّسْتُه فتدلَّس، وتَدلُّسُه أَلا يشْعر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دلّس فِي البيع وَفِي كل شَيْء: إِذا لم يبيّن عَيْبَه.(12/252)
قلت: ومِنْ هَذَا أُخِذ التدليسُ فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ أَن يُحدِّث بِهِ عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر وَقد كَانَ قد رَآهُ، وَإِنَّمَا سَمعه عَمَّن دونه مِمَّن سَمعه مِنْهُ، وَقد فعل ذَلِك جماعةٌ من الثِّقات. والدُّلْسةُ: الظلمَة. وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: لامرىء قُرفَ بِسوء فِيهِ، مَا لي فِي هَذَا الْأَمر وَلْسٌ وَلَا دَلْسٌ، أَي: مَا لي فِيهِ خِيانة وَلَا خديعة.
سَلمة عَن الْفراء قَالَ: الإدلاس: بقايا النَّبت والبَقْل، وَاحِدهَا دَلَس، وَقد أدلست الأَرْض، وَأنْشد:
بَدَّلتْنَا من قَهْوَسٍ قِنْعاسَا
ذَا صَهَوات يَرْتَع الأَدلاسَا
لدس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَلدَسَتِ الأرضُ إلْداساً: إِذا طَلَع فِيهَا النّبات. وناقةٌ لَدِيس رَدِيس: إِذا رُميت باللّحم رَمْياً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَموسٌ شِمِلَّةٌ
تُبارُ إِلَيْهَا المُحصنَاتُ النَّجائبُ
الْمُحْصنَات النّجائب: اللّواتي أحصنَها صاحبُها أَن لَا يضْربهَا إِلَّا فحلٌ كريم. وَقَوله: تبارُ يَقُول: يُنظَر إليهنّ وَإِلَى سَيْرهنّ بسَيْر هَذِه الناقةِ، ويختَبرْن بهَا وبسيرها. وَيُقَال: لَدّسْتُ الخُفَّ تلدِيساً: إِذا نَقَّلْتَه ورَفَعْتَه. ولَدَّسْتُ فِرْسِنَ البعيرِ: إِذا أَنْعَلته.
وَقَالَ الراجز:
حَرْف عَلاَة ذَات خُفَ مِرْدَسِ
دَامِي الأظَلِّ مُنْعلٍ مُلَدَّسِ
لسد: أَبُو عبيد: لَسَدَ الطَّلَى أمَّه يَلْسِدها: إِذا رَضَع جَمِيع مَا فِي ضَرْعها، رَوَاهُ أَبُو عُبيدة عَنهُ. وأَنشَد النّضر:
لَا تَجزَعَنَّ على عُلاُلةِ بَكْرةٍ
بسْطٍ يُعارضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
قَالَ: اللَّسْدُ: الرَّضْع. والمِلسَد: الَّذي يَرضَع أُمَّه من الفُصْلان.
س د ن
سدن، سَنَد، ندس، دنس: (مستعملة) .
سدن: ذَكَر النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِدَانةَ الكَعْبة وسقاية الْحَاج فِي حَدِيث.
قَالَ أَبُو عبيد: سِدَانة الْكَعْبَة: خِدمْتَها.
يُقَال مِنْهُ: سَدَنْتُ أسْدُنُ سِدَانة. ورجُلٌ سادِن من قومٍ سَدَنة: وهم الخَدَم.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الأسْدانُ والسُّدُون: مَا جُلِّل بِهِ الهَوْدَج من الثّياب. واحدُها سَدَن.
عَمْرو عَن أَبِيه: السَّدِين: الشَّحْمُ. والسَّدِين: السَّتر.
سَنَد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: مِن عُيوب الشِّعر السِّناد، وَهُوَ اخْتِلَاف الأرداف. كَقَوْلِه:
كأنّ عُيونهُنّ عُيونُ عِينِ(12/253)
ثمَّ قَالَ:
وأَصبَحَ رأسُه مِثلَ اللُّجَيْنِ
وأخبَرَني أَبُو محمّد المُزَنيّ عَن أبي خَليفَة عَن محمّد بن سلاّم الجَمَحيّ أَنه قَالَ: السِّنَاء فِي القافية مِثل شَيْبٍ وشِيبٍ.
يُقَال: سانَدَ فلانٌ فِي شِعرِه، قَالَ: وَمن هَذَا يقالُ خرج الْقدَم متساندين إِذا خرج كلُّ بني أبٍ على رايةٍ وَلم يَجتمعوا على راية وَاحِدَة.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: أَسنَدَ فِي الشِّعْر إِسْنَادًا بِمَعْنى سانَدَ مثل إِسناد الْخَبَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّنَدُ: ضَرْبٌ من البُرود.
وَفِي الحَدِيث: (أنّه رأى على عَائِشَة أربعةَ أَثوَاب سَنَد) . وَهُوَ وَاحِد وَجمع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد: ضَربٌ من الثّياب: قَمِيص، ثمَّ فوقَه قميصٌ أقصرَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ قُمُص قِصار من خِرَق مُغَيَّب بعضُها تَحت بعض. وكلُّ مَا ظهر من ذَلِك يسمَّى سِمْطاً سِمطاً.
وَقَالَ العجَّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً:
كَتّانها أَو سَنَدٍ أَسْماط
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: السَّندُ وَاحِد الأَسْناد من الثِّياب، وَهِي مِنَ البُرود، وَأنْشد:
جُبّةُ أَسْنادٍ نَقِيٌّ لَوْنها
لَم يَضرِب الخيّاطُ فِيهَا بالإبَر
قَالَ: وَهِي الْحَمْرَاء من جِبَابِ البُرُود.
قَالَ: والسَّنَد مثقَّلٌ: سُنود القومِ فِي الجَبَلِ. والإسناد: إِسْنَاد الرّاحلة فِي سيْرها، وَهُوَ سيْرٌ بَين الذَّميل والهمْلَجة.
وَقَالَ: سنَدْنا فِي الْجَبَل، وأَسنَدْنا إبِلَنا فِيهَا.
ابْن الْأَعرَابِي: سَنَد الرجلُ: إِذا لبس السَّنَد، وَهُوَ ضرْب من البُرود.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الهبِيطُ: الضامر. وَقَالَ غيرُه السِّناد مثلُه. وَأنْكرهُ شمر. وَقَالَ: قَالَ أَبُو عمْرو: ناقةٌ سِنَاد: شديدةُ الخُلق.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ سنادٌ: طَوِيلَة القَوائم مُسنَدة السَّنام.
وَقَالَ ابْن بزرج: السِّناد: من صِفَات الْإِبِل أَن يُشرِفَ حارِكُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: هِيَ المُشرِفة الصَّدْر والمُقدَّم، وَهِي المُساندة. قَالَ شمر: أَي: يساند بعضُ خَلْقها بَعْضًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سمعتُ الكِسائيّ يَقُول: رجلٌ سِنْدَأْوَة وقِنْدَأْوَة: وَهُوَ الْخَفِيف.
وَقَالَ الْفراء: من النُّون الجريئة. وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَد مَا ارْتَفع من الأَرْض فِي قُبل جبَل أَو وَادِ، وكلُّ شَيْء أسنَدْتَ إِلَيْهِ شَيْئا فَهُوَ مُسنَد. قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الْكَلَام سنَد ومُسنَد، فَالسَّنَد كَقَوْلِك: عبدُ الله رجلٌ صَالح، فعبدُ الله سنَد، ورجلٌ صَالح مُسنَدٌ إِلَيْهِ.(12/254)
قَالَ: والمسنَدُ: الدّعِيّ. والمسند: الدهْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتيه يَد الدهْر، ويدَ المُسنَد: أَي: لَا آتِيه أبدا.
وَقَالَ أَبُو سعيد: السِّنْدَأوَةُ: خرْقةُ تكون وقايةً تَحت العِمامة من الدُّهن.
قلتُ: والمسنَد من الحَدِيث: مَا اتّصل إِسْنَاده حَتَّى يُرفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمرسلُ والمنقطع: مَا لَم يتَّصل. وَيُقَال للدَعِيّ: سنيد، وَقَالَ لَبيد:
كريمٌ لَا أَحَدُّ وَلَا سنيدُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْمسند: كلامُ أولادِ شِيث.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: سندتُ إِلَى الشَّيْء أَسنُد سُنوداً: إِذا استَنَدْتَ إِلَيْهِ وأسندت إِليه غَيْرِي.
وَيُقَال: سانَدْتُه إِلَى شَيْء يتسانَدُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زيد:
سانَدُوه حَتَّى إِذا لَمْ يَرَوْه
شُدَّ أجلاَدُه على التَّسْنِيدِ
وَمَا يسْتَند إِلَيْهِ يسمَّى مِسنَداً ومُسنَداً.
السنْد: جيلٌ من النَّاس تُتاخم بلادُهم بِلَاد أهلِ الْهِنْد، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم سنْدِيّ. والسَّنَدُ: بلد مَعْرُوف فِي الْبَادِيَة. وَمِنْه قَوْله:
يَا دارمَيَّةَ بالْعَلْياءِ فالسَّنَدِ
والعلياء: اسمُ بلدٍ آخر.
ندس: الحَراني عَن ابْن السكّيت: رجلٌ نَدِسٌ ونَدُسٌ: إِذا كَانَ عَالما بالأخبار.
ورجلٌ نَطِسٌ ونُطُسٌ: للمُبالِغ فِي الشَّيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تندّستُ الخبَر وتحسسْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: النّدُسُ: السريعُ الِاسْتِمَاع للصّوت الخفيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّدْسُ: الطَّعن، وَقَالَ الكُميت:
وَنحن صَبَحْنا آل نَجْرَانَ غَارة
تَميمَ بنَ مُرَ والرِّماح النَّوَادِسَا
حَكَاهُ أَبُو عُبيد عَنهُ.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيرة (أَنه دخل المسجدَ وَهُوَ يَنْدُس الأَرْض برجلِه) ، أَي: يَضربها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَسمَاء الخُنْفساء: المَنْدُوسة والفاسيَاء.
قيل: وتَندَّسَ ماءُ البئرِ: إِذا فاض من حَوَاليْها.
دنس: قَالَ اللَّيْث: الدَّنس فِي الثِّيَاب: لطخ الوَسخ، وَنَحْوه فِي الْأَخْلَاق.
رجُلٌ دَنسُ المُروءَةِ، وَقد دَنِس دنساً، وَالِاسْم الدَّنس. ودنَّس الرجلُ عرضَه إِذا فَعل مَا يشينُه.(12/255)
س د ف
سدف، سفد، فسد، فَدس، دسف، دفس: مُسْتَعْمل.
سدف: أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: السُّدْفة فِي لُغة تَمِيم: الظُّلْمة. قَالَ: والسُّدْفة فِي لُغَة قيْس: الضَّوْء، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد اليزيديّ، وأنشدنا للعجّاج:
وأَقطَع الليلَ إِذا مَا أَسْدَفَا
أَي: أُظلم. قَالَ: وَبَعْضهمْ يَجعل السُّدفةَ اخْتِلَاط الضَّوء والظُّلمة مَعًا كوقتِ مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى أوّل الْإِسْفَار.
الحرّاني: عَن ابْن السكّيت قَالَ: السَّدَفُ والسُّدفة: الظُّلْمة والضَّوء أَيْضا.
وَيُقَال: أَسدفِ السِّترَ، أَي: أرفَعه حَتَّى يُضيءَ الْبَيْت. قَالَ:
وَقَالَ عمَارَة: السدْفة ظُلمةٌ فِيهَا ضوءٌ من أوّل اللَّيْل وَآخره، مَا بَين الظلمَة إِلَى الشَّفق وَمَا بَين الفَجْر إِلَى الصَّلَاة.
قلتُ: وَالصَّحِيح مَا قَالَه عمَارَة.
اللحياني: أتيتُه بسُدْفةٍ من اللَّيْل، وشُدْفة وشَدْفة وَهُوَ السَّدَف والشَدَف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: أَسدَفَ الليلُ وأَشْدَفَ: إِذا أَرخَى سُتورَه وأَظلَم.
قَالَ: والإسدافُ من الأضداد.
يُقَال: أَسدِفْ لنا، أَي: أضِيءْ لنا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ رجلٌ قائمٌ بِالْبَابِ قلتَ لَهُ: أسدِف، أَي: تَنَحَّ عَن الْبَاب حَتَّى يُضيءَ لنا البيتُ.
وَقَالَ الفرّاء: السَّدَف والشَّدَف: الظُّلْمة والسَّدَف أَيْضا: الصُّبْح وإقبالُه، وَأنْشد:
بِيضٌ جِعادٌ كأنَّ أعيُنَهُمْ
يكْحَلُها فِي المَلاحِمِ السَّدَفُ
يَقُول: سوَادُ أَعينهم فِي الْمَلَاحِم باقٍ، لأنّهم أَنجادٌ لَا تَبرقُ أعينُهم من الفَزَع فيغيب سَوادُها.
وَيُقَال: سَدَفْتُ الحجابَ، أَي: أرخيتُه. وحجاب مَسدوف؛ قَالَ الْأَعْشَى:
بحِجابٍ مِن دُونِنا مَسْدُوفِ
وَرَوَاهُ الرُّواة: مَصْدوف بالصَّاد، وفسّروه أَنه المَسْتُور.
وَفِي حَدِيث أمِّ سَلَمة أَنَّهَا قَالَت لعَائِشَة لمّا أَرَادَت الخُروجَ إِلَى البَصْرة: تَرَكْت عُهَّيْدَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجَّهْتِ سِدَافَتَه.
أَرادت بالسِّدَافة الحِجابَ، وتوجيهُها كشفُها.
وَيُقَال: وجّه فلانٌ سِدافته: إِذا ترَكها وَخرج مِنْهَا.
وَقيل للسِّتْر: سِدافة، لِأَنَّهُ يُسْدَف، أَي: يُرخى عَلَيْهِ.
وَقَالَ الليثُ: السُّدْفةُ: اللّبَاب وَأنْشد لامرأةٍ من قيسٍ تهجو زَوْجَها:
لَا يَرْتَدِي بِرَادِيَ الحريرِ
وَلَا يُرَى بسُدْفة الأميرِ(12/256)
أَبُو عُبَيد: السَّدِيف: شَحْمُ السَّنام، وَمِنْه قَول طَرَفة:
ويُسعى علينا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ
وَقَالَ غَيره: السُّدوف والشدُوف: الشُّخوص ترَاهَا من بُعْد، وَقَالَ الهُذَلِيّ:
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها
من المغارِبِ مَخْطوفُ الحشَا زَرِمُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: أسْدَف الرجلُ وأَزْرَفَ وأغْدَف: إِذا نَام.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَسدَف الليلُ وأَزْدَف: إِذا أظلَم.
سفد: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للسِّباع: كلهَا سَفَدَ أُنْثاه يسفِدُها سِفاداً، والتَّيْسُ والثَّوْرُ مِثلُها.
وَقَالَ أَبُو زيد نحوَه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا ضَرَب الجملُ الناقَة قيل: فَقَا وقَاعَ، وسَفِد يَسفَد.
وأجازَ غيرُه: سَفَد يَسفِد. والسَّفُّود مَعْرُوف، وجمعُه سفافِيد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: استسفد فلَان بعيره: أَتَاهُ من خَلفه فَرَكبهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتَاهُ فتسفَّده، وتعرقبه مثله.
دسف: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدْسفَ الرجل إِذا صارَ مَعاشُه من الدُّسْفة، وَهِي القِيادة، وَهُوَ الدُّسْفان.
وَقَالَ اللَّيْث: والدُّسْفانُ: شِبْه الرَّسول يطلبُ الشيءَ.
وَقَالَ أميّة:
وأَرْسَلُوه يسوفُ الغَيْثَ دُسْفانَا
دفس: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أدفس الرَّجلُ: إِذا اسوَدَّ وجهُه من غير عِلَّة.
قلتُ: لم أسمَع هَذَا الحرفَ لغيره.
فَدس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: أفْدَسَ الرجلُ: إِذا صارَ فِي إنائه الفِدَسة، وَهِي العَناكِبُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفُدْسُ: العنكبوت.
قلتُ: ورأيتُ بالخَلْصاء دَحْلاً يُعْرَف بالفِدَسيّ، وَلَا أَدْرِي إِلَى أيّ شَيْء نُسِبَ.
فسد: قَالَ اللَّيْث: الفَساد: نقيضُ الصَّلاح، وَالْفِعْل فَسَد يَفْسُدُ فَسَادًا.
قلتُ: ولغة أُخْرَى: فَسُد فُسُوداً.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {وَيَسْعَوْنَ فِى الاَْرْضِ فَسَاداً} (الْمَائِدَة: 33) ، نصب (فَسَادًا) لِأَنَّهُ مفعول لَهُ، كأنّه قَالَ: يَسعَوْن فِي الأَرْض للْفَسَاد.
وَيُقَال: أفسَدَ فلانٌ المالَ يُفسِدُه إفساداً وَفَسَادًا {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ} (الْبَقَرَة: 205) وفَسَّد الشيءَ: إِذا أَبارَه.
وَقَالَ أَبُو جُنْدَب:
وقلتُ لهمْ قد أدركَتْكُمْ كتِيبَةٌ
مُفَسَّدةُ الأدْبارِ مَا لَمْ تُخَفّرِ
أَي: إِذا شَدَّتْ على قوم قَطَّعَتْ أدبارهم مَا لم تُخفَّر الأدبار، أَي: مَا لم تُمنَع.(12/257)
واستسفد السُّلْطَان قائده: إِذا سَاءَ إِلَيْهِ حَتَّى استعصى عَلَيْهِ.
س د ب
سبد، دبس: (مستعملان) .
سبد: قَالَ اللَّيْث: السَّبَد: الشَّعْر. وَقَوْلهمْ: مَا لَه سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه ذُو شَعْر وَلَا ذُو وَبَر متلبِّد، وَلِهَذَا الْمَعْنى سُميَ المالُ سَبَداً.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ سَبَد وَلَا لَبَد، أَي: مَا لَه قَليل وَلَا كثير.
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: السَّبَد من الشَّعْر واللَّبَد من الصُّوف.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكر الخوارجَ فَقَالَ: (التَّسبيد فيهم فاشٍ) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: سألتُ أَبَا عُبيدة عَن التسبيد فَقَالَ: هُوَ تَرْك التّدهُّن وغَسل الرَّأْس. قَالَ وغيرُه يَقُول: إِنَّمَا هُوَ الحَلْق واستئصالُ الشّعْر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: وَقد يكون الْأَمْرَانِ جَمِيعًا، وَقَالَ النَّابِغَة فِي قصر الشَّعر يَذكُر فَرخَ قَطاةٍ حَمَّم:
فِي حاجِبِ العَيْنِ من تَسْبِيده زَغَبٌ
وَقَالَ: يَعْنِي بالتّسبيد طلوعَ الزَّغَب.
قَالَ: وَقد رُوِي فِي الحَدِيث مَا يثبِت قَول أبي عُبَيدة: قَالَ ابْن جريج عَن محمدِ بنِ عبّاد بنِ جَعْفَر: رأيتُ ابنَ عَبَّاس قَدِمَ مكّة مسبِّداً رأسَه، فأَتَى الحجَر فقبَّله.
قَالَ أَبُو عُبَيد: فالتّسبيد هَا هُنَا: تَرْكُ التَّدَهُّن والغَسل. وَبَعْضهمْ يَقُول: التسميد بِالْمِيم ومعناهما وَاحِد.
وَقَالَ غيرُ وَاحِد: سبَّد شَعرَه وسَمَّد: إِذا نَبَت بعد الحَلْق حِين يَظهر.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب سمعتُ سليمانَ بنَ المُغيرة يَقُول: سبَّد الرجلُ شعرَه: إِذا سرَّحه وبَلّه وتَرَكه. قَالَ: والشَّعر لَا يُسبِّد وَلكنه يُسبَّد.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سبّد شعرَه وسَمَّدَه: إِذا استأصَلَه حَتَّى ألصقَه بالجلْد. قَالَ: وسبَّد شعرَه: إِذا حلَقه ثمَّ نبت مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَبَد شعره وسَبّده وسبَتَه وأسبته: إِذا حلقه. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس، عَن عمْرو عَن أَبِيه.
أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: السُّبَد: طائرٌ ليّن الريش إِذا قطر على ظَهره قطرتان من مَاء جرى، وَجمعه سِبْدان.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبَد: طَائِر مثلُ العُقاب.
قَالَ: وحَكَى أَبُو مَنجوف عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: السُّبَد هُوَ الخطّاف البَرّيّ.
وَقَالَ أَبُو نصر: هُوَ مِثل الخطّاف إِذا أَصَابَهُ الماءُ جرى عَنهُ سَرِيعا، وَقَالَ طُفَيل الغَنَوِي:(12/258)
كأنَّه سُبَدٌ بالماءِ مَغْسولُ
وَقَالَ أَبُو سعيد: السُّبَد: ثوبٌ يُسدّ بِهِ الحَوْض المَرْكُوُّ لئلاّ يتكدّر الماءُ، يفرش فِيهِ وتسقى عَلَيْهِ الْإِبِل، وإيّاه عَنَى طُفيل.
قلتُ: وقولُ الراجز يحقِّق مَا قَالَه الأصمعيّ:
حَتَّى ترى المئزَر ذَا الفُضولِ
مثل جَناح السُّبَد المغسول
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: بِأَرْض بني فلَان أسباد، أَي: بقايَا من نَبْت وَاحِدهَا سِبْد وَقَالَ لَبيد:
سَبِداً من التَّنوُّم يَخْبِطُه النّدَى
ونوادراً من حَنظلٍ خُطْبانِ
وَقَالَ غَيره: أَسبَدَ النَّصيُّ إسباداً، وتسبَّد تَسْبِيداً: إِذا نَبَت مِنْهُ شَيْء حَدِيث فِيمَا قَدُم مِنْهُ، وَقَالَ الطِّرماح:
أَو كأسْباد النَّصيةِ لم يجتدِلْ
فِي حاجزٍ مُستَنامْ
قَالَ أَبُو سعيد: إِسبادُ النصية، سَنَمَتُها وتسميها العَرب الفورَان، لِأَنَّهَا تَفُور.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: أَسبادُ النَّصيِّ: رُؤُوسُه أولَ مَا يطلع، جمع سَبَد.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح فِي قصيدة أُخْرَى يصف قِدْحاً فائزاً:
مُجرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ
خَصْلُ الجوارِي طرائفٌ سبَدُه
أَرَادَ أَنه يُستطرَف فَوْزُه وكسْبُه.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: يُقَال للرجل الدّاهي فِي اللُّصوصِيَّة: إِنَّه لسِبْدُ أَسبادٍ.
اللَّيْث: السُّبَد: الشؤمُ، حَكَاهُ عَن أبي الدُّقَيش فِي قَوْله:
امرؤُ القَيْس أَيْن أَرْوَى مؤلياً
إِن رَآني لأَبُوأَنْ بسُبَدْ
قلتُ بَجْراً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يمنعُني سَيْفي ويَدْ
دبس: قَالَ اللَّيْث: الدِّبْسُ: عُصارة الرُّطَب. والدُّبسة: لونٌ فِي ذَوَات الشّعر أحمرُ مُشربٌ سَواداً. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لرَكّاض الدُّبَيريّ:
لَا ذَنْبَ لي إذْ بنتُ زُهْرةَ دَبَّسَتْ
بغيرِك أَلْوَى يُشبِه الحَقَّ باطلُهْ
قَالَ: دَبَّسْتُه: واريتُه، وأَنشَدَنا:
قَرمٌ إِذا رَآهُ فَحل دبسَا
قَالَ: والدَّبُوسُ خِلاص تَمرٍ يُلقَى فِي مَسلَإِ السمْن فيَذوب فِيهِ، وَهِي مطيّبة للسّمن. قَالَ: والدَّبْسُ: الكثيرُ. وَقيل: دَبس خُفَّه: إِذا رقَّعه ولَدّمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّبسُ الأسودُ من كل شَيْء. والدَّبسُ: الجمعُ الْكثير من النَّاس.
قَالَ: وَيُقَال للسماء إِذا مَطَرت: دُرِّي دُبَسُ.(12/259)
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: مالٌ ربسٌ، أَي: كثير بالراء وَجَاء بأمرٍ رِبس، أَي: معكر، وكلُّ ذَلِك صَحِيح.
والدَّبوس مُعرب. وَأَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: دبَّسْتُ الشَّيْء: إِذا واريتَهْ. ودَبَّس: إِذا توارى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: جِئْت بِأُمُور دُبس، وَهِي الدّواهي فِي بَاب الدَّوَاهِي فِي الْمُؤلف.
س د م
سدم، سمد، دسم، دمس، مسد: مستعملة.
سدم: قَالَ اللَّيْث: السَّدَمُ: همٌّ ونَدَمٌ، تَقول: رَأَيْته سادِماً، ورأيته سَدْمانَ نَدْمانَ. وقلَّما يُفرَد السَّدَمُ من النّدم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّدِيمُ: الضَّباب. والسَّدِيمُ: التَّعبُ. والسديم: السّدِر. والسديم: المَاء المندفقُ. والسدِيمُ: الْكثير الذِّكْرِ. الدَّسيمُ: القليلُ الذّكر.
قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
لَا يَذْكُرون اللَّهَ إلاّ سَدْماً
وَقَالَ اللَّيْث: ماءٌ سُدُم، وَهُوَ الَّذِي وَقعت فِيهِ الأقمشة والجَوْلانُ حَتَّى يكَاد يندفن، وَقد سَدَم يَسْدُم، ومياهٌ أسْدام.
قَالَ: وَيُقَال: مَنْهَلٌ سَدُوم فِي مَوضِع سُدُمٍ، وَأنْشد:
ومَنْهَلاً ورَدْتَهُ سَدُوما
قَالَ: وسَدُوم: مَدِينَة من مَدَائِن قوم لوط، كَانَ قاضيها يُقَال لَهُ: سدُوم.
قلت: قَالَ أَبُو حَاتِم فِي كتاب (المُزال والمُفْسَد) : إنّما هُوَ سَذُوم بِالذَّالِ، وَالدَّال خطأ.
قلتُ: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّحِيح.
أخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المَسْدومُ: المَمْنوعُ من أَن يَضرِب الإبلَ، يَعْنِي الفحلَ. قَالَ: وسدمتُ البابَ وسَطَمْتُه واحدُ وَهُوَ بَاب مَسْطُوم ومَسْدُوم، أَي: مَرْدوم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: رجلٌ نادِمٌ سادِمٌ. قَالَ قوم: السادِم: مَعْنَاهُ: المتغيِّر من الغَمِّ، وأَصلُه من قَوْلهم: ماءٌ مُسْدم، ومياهٌ سُدْم وأَسْدام: إِذا كَانَت متغيرة.
قَالَ ذُو الرمّة:
أَوَاجِنُ أَسْدامٌ وبعْضٌ مُعوَّرُ
وَقَالَ قومٌ: السّادمُ: الحزين الّذي لَا يُطيق ذَهاباً وَلَا مجيئاً. من قَوْلهم بَعيرٌ مَسْدوم: إِذا مُنع من الضِّراب.
وأَنشَد:
قَطَعْتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى
والمُسدَّم من فُحول الإبِل. والسَّدِمُ: الّذي يُرغَب عَن فَحْلتِه فيُحالُ بَينه وَبَين أُلاَّفِه، ويقيَّد إِذا هاج فيَرعَى حَوالَي الدّار، وَإِن(12/260)
صالَ جُعل لَهُ حِجامٌ يمنَعهُ عَن فتح فمِه، وَمِنْه قَوْله:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المعنَّى
يُهدِّد فِي دِمَشقَ وَمَا تَرِيمُ
وَقَالَ ابْن مُقْبل:
وكلّ رَباعٍ أَو سَديسٍ مُسدَّمٍ
يَمُدُّ بذِفْرَى حُرّةٍ وجِرَانِ
وَيُقَال للبعير إِذا دَبِر ظهرُه فأُعْفِيَ عَن القَتَب حَتَّى صلَح دَبَرُه: مسدَّم أَيْضا، وإيّاه عنَى الكُمَيت بقوله:
قد أَصبَحتْ بكَ أَحْفاضِي مسدَّمةً
زُهْراً بِلَا دَبَرٍ فِيهَا وَلَا نَقَبِ
أَي: أَرحتها من التَّعب فابيضّتْ ظهورُها ودَبرُها وصلحت. والأُحْفاض جمع حَفَض، وَهُوَ البَعير الّذي يُحمَل عَلَيْهِ خُرَثيُّ المَتاع وسَقَطُه.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبيدة: بعيرٌ سَدِمٌ، وعاشِقٌ سَدِمٌ: إِذا كَانَ شديدَ العِشْق، ورجُلٌ نَدِمٌ سَدِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للنَّاقة الهَرِمة: سَدِمَة وسَدِرة وسادَّةٌ وسَلَّة وكافَّة.
دسم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّسِيمُ: القليلُ الذِّكْر، قَالَ: وَمِنْه قولُه:
لَا يَذكُرون الله إلاّ دَسْماً
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يكون هَذَا مَدْحاً وَيكون هَذَا ذَمّاً، فَإِذا كَانَ مَدْحاً فالذِّكْر حَشْوُ قُلُوبهم وأفواههم، وَإِذا كَانَ ذَمّاً فَإِنَّمَا هُمْ يَذكرون الله ذكْراً قَلِيلا: من التَّدسِيم، وَهُوَ السّواد الَّذِي يُجعَل خَلْفَ أُذُنِ الصبيّ كَيْلاَ تُصيبَه العَينُ. قَالَ: ومثلُه أنّ رجلا ذُكر بَين يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
(ذاكَ رجلٌ لَا يتَوَسَّد الْقُرْآن) يكون هَذَا أَيْضا مَدْحاً وذَماً، فالمَدح أنّه لَا يَنام اللّيل وَلَا يتوسَّد، فَيكون الْقُرْآن متوسَّداً مَعَه، والذَّمّ أَنه لَا يَحفظ من الْقُرْآن شَيْئا، فَإِذا نَام لم يتوسَّدْ مَعَه القرآنَ.
قلت: والقولُ هُوَ الأول.
ورُوِي فِي حديثٍ: (إنّ للشَّيْطَان لَعُوقاً ودِساماً) ، فالدِّسام: مَا تُسَدّ بِهِ الأُذُن فَلَا يَعي ذِكْراً وَلَا مَوْعظة. وكلُّ شَيْء سَدَدْته فقد دَسَمْتَه دَسْماً، وَيُقَال للرجل إِذا غَشِيَ جاريتَه قَدْ دَسمَها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّسْمةُ: السَّوادُ.
وَمِنْه قيل للحَبَشيّ: أَبُو دُسْمة، وَقَالَ رؤبةُ يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنفَجَرَ الكَوْكَب أَو مَدْسُوماً
فَخَمْنَ إذْ هَمَّ بأنْ يَخيمَا
المنفَجِر: المنفَتح الكثيرُ المَاء. وكَوكَبُ كلِّ شَيْء: مُنظمه. والمَدْسُوم: المَسْدود. والدَّسم: حَشْوُ الجَوْف.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:(12/261)
لَا يذكرُونَ الله إلاَّ دَسْماً
مَا لَهمْ هَمُّ إلاّ الأكْل، ودَسْم الأجواف.
قَالَ: ونَصب دَسْماً على الخِلاف، وفلانٌ أَدسَمُ الثَّوبِ، وأَطلَسُ الثَّوْب ودَنسُ الثَّوبِ: إِذا لم يكن زاكياً. وَقَالَ: أوجب حَجاً فِي ثِيابٍ دُسم.
والدَّيسَم: الظُّلمة. وَيُقَال: مَا أنتَ إلاّ دَسْمَة، أَي: لَا خير فِيهِ.
وَرَأى رجلٌ غُلَاما مليحاً فَقَالَ: دَسِّموا نُونَته، أَي: سوِّدوها لئلاّ تُصيبَه العَين. قَالَ: ونُونَتُه: الدائرةُ المليحة الَّتِي فِي حَنَكِه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خطَب وعَلى رأسِه عِمَامَة دَسماء) ، أَي: سَوْداء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْسَمُ: الدُّبّ وَأنْشد:
إِذا سَمِعْتُ صَوت الوَبيل تَشَنعَتْ
تَشَنُّعَ فُدْسِ الغَارِ أَو دَيْسَمٍ ذَكَر
قَالَ عَمْرو: الدّيْسَم: ولَدُ الذِّئب من الكَلبة.
وسألتُ أَبَا الفَتْح صاحبَ قُطْرُب وَاسم أبي الفَتْح دَيْسَم فَقَالَ: الدَّيْسَم: الذُّرَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المبرّد أَنه قَالَ: الدَّيْسَم: ولدُ الكَلبة من الذِّئب. والسِّمْع: ولَدُ الضَّبُع من الذِّئب.
وَقَالَ اللّيث: الدَّيْسَم: الثَّعْلَب. والدَّسم: كل شَيْء لَهُ وَدَكٌ من اللَّحم والشَّحْم، والفعلُ دسمَ يَدْسَم فَهُوَ دَسِم.
وَيُقَال للرّجل إِذا تَدَنَّس بمذامّ الْأَخْلَاق: إِنَّه لدَسِم الثَّوْب.
وأَنشَد أَبُو عُبَيدة:
لَا هُمَّ إِن عامرَ بنَ جَهْم
أوذَمَ حَجّاً فِي ثِيابٍ دُسْم
وَهُوَ كَقَوْلِهِم: فلانٌ أطلَسُ الثَّوب.
سمد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (النَّجْم: 61) .
قَالَ المفسِّرون فِي قَوْله: {وَأَنتُمْ} : لاهُون.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: {تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} : مستكبرون. وَيُقَال للفَحل إِذا اغْتَلم: قد سمَدَ، رَوَاهُ شَمِر عَنهُ بإسنادٍ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيث: {وَأَنتُمْ} : لاهون، والسُّمود فِي النَّاس: الغَفْلة والسّهْوُ عَن الشيءِ.
ورُوِي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه خرج إِلَى الْمَسْجِد والناسُ ينتظرونه للصّلاة قيَاما، فَقَالَ: (مَا لي أَرَاكُم سامِدِين؟) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله: {وَأَنتُمْ} : يَعْنِي القُيَّام وكل رافعٍ رَأسه فَهُوَ سامِد، وَقد سَمَد يَسمَد ويسمُد سُموداً.
وروِي عَن عِكرمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: السُّمود: الغناءُ فِي لُغَة حِميَر، يُقَال:(12/262)
اسْمُدي لنا، أَي: غَنِي لنا.
وَقَالَ المبرّد: السّامدُ: الْقَائِم فِي تحيُّر. وأَنشد:
قِيل قُمْ فَانْظُر إليهمْ
ثمَّ دَعْ عنكَ السُّمُودا
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَادَ: تُرابٌ يُسمَّدُ بِهِ النّبات.
قَالَ: وسَمَّد شَعْرَه: إِذا أَخَذه كلّه.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السَّمَد من السَّير: الدَّأَب.
يُقَال: سَمَدت الإبلُ سمُوداً: إِذا لم تَعرِف الإعياءُ.
وأَنشَد:
سَوامِد اللَّيل خِفافُ الأزْوادْ
أَي: دوائبُ لَيْسَ فِي بطونها كَبِير عَلَف.
وَقَالَ اللّحياني: هُوَ لَك سَمْداً سَرْمداً بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ: السُّمود يكون سُرُورًا وحُزْناً، وَأنْشد:
رَمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ
بأمرٍ قد سَمَدْنَ لَهُ سُمُودَا
فَردَّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضاً
ورَدَّ وُجوهُهَنّ البيضَ سودَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللاهي، والسامد: الغافل. والسامد: السّاهي. والسامد: المتكبِّر، والسامد: الْقَائِم.
أَبُو زيد: المُسْمَئدّ: الوارِم، وَقد اسمأدّ الجُرْح: إِذا وَرِم. والسامد: المتحيِّر بَطَراً وأَشراً. والسامد: المُغَنِّي.
دمس: قَالَ اللَّيْث: ادمَس الظلامُ وأدمَس: وليلٌ دامس: إِذا اشتدّ ظلامُه. والتَّدْميسُ: إخْفاء الشَّيْء تحتَ الشَّيْء، وَيُقَال بِالتَّخْفِيفِ، وَأنْشد:
إِذا ذُقْتَ فاهَا قلتَ عِلْقٌ مُدمس
أريدَ بِهِ قَيلٌ فغُودِرَ فِي سأبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: دَمَسْتُ الشيءَ: غطّيْتُه. والدَّمَس: مَا غُطِّي.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِلَا دَمَسٍ أَمْر الغَرِيبِ وَلَا غَمْلِ
قَالَ: والدَّمِيس: المغطّى.
أَبُو زيد: تَقول: أَتَانِي حيثُ وَارَى دَمَسٌ دَمْساً. حَيْثُ وارَى رُؤْيٌ رُؤْياً، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَذَلِكَ حينَ يُظلم أولُ اللَّيل شَيْئا. ومِثلُه: أَتَانِي حِين يَقُول أَخُوك أم الذِّئب.
ورَوَى أَبُو تُرَاب لأبي مَالك: المدمَّسُ والمُدنَّس بِمَعْنى وَاحِد، وَقد دَنس ودمِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُدَمَّس: المخبوء.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: المدمَّس: الَّذِي عَلَيْهِ وَضَر العَسل، وأَنكر قولَ أبي زيد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَمَسَ الموضعُ، ودَسم وسَمَد: إِذا درَس.(12/263)
وَقَالَ: الدُّوْدَمسُ: الحيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: وَهُوَ ضرْبٌ من الحَيّات مُحْرَنْفِش الغَلاصيم، يُقَال: إِنَّه ينفُخ نَفْخاً فيحرِقَ مَا أَصَابَهُ، والجميع الدَّوْدَمسَات والدَّواميس.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَمَسْتُه فِي الأَرْض دَمْساً: إِذا دَفَنْتَه، حيّاً كَانَ أَو مَيّتاً.
وَفِي حَدِيث الدجّال: كَأَنَّهُ خَرج من الدِّيماس، وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماسُ: الكِنّ، أَرَادَ كَأَنَّهُ مُخْدَرٌ لم يرَ شَيْئا، شَمْساً وَلَا ريحًا.
وَقَالَ بَعضهم: الدِّيماس: الحمّام، وَكَانَ لبَعض المُلوك حبْسٌ سَمَّاهُ دِيماساً لِظُلْمته.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدِّيماس: السَّرَب. وَمِنْه: دَمَستُه: قَبَرْتُه.
مسد: قَالَ الله جلّ وعزّ: { (الْحَطَبِ فِى جِيدِهَا حَبْلٌ} (المسد: 5) ، قَالَ المفسِّرون: هِيَ السِّلسِلة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَقَالَ: {سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ} (الحاقة: 32) ، يَعْنِي جلّ اسْمه أَن امْرَأَة أبي لَهب تسلك فِي النَّار فِي سلسلة طولهَا سَبْعُونَ ذِرَاعا.
وَقَالَ الزَّجّاج: المَسَدُ فِي اللُّغة: الحَبْل إِذا كَانَ من لِيف المَقْل. ويقالُ لما كَانَ من وَبَر الإِبلِ مِن الحِبال: مَسَد.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الْمَسْدُ: مصدَر مَسَدَ الحبلَ يَمْسُده مَسْداً: إِذا أَجَاد فَتْلَه. ورَجلٌ مَمْسُودٌ: إِذا كَانَ مَجدولَ الخَلْق. وجاريةٌ ممسودةٌ: إِذا كَانَت حسنةَ طيّ الخَلْق. قَالَ: والمَسَدُ: حبْل من جُلُود الْإِبِل، أَو من لِيف، أَو من خُوص. وَأنْشد:
ومَسَدٍ أُمِرَّ من أَيَانِقِ
أَرَادَ من جُلُودِ أَيَانِق؛ وأَنشد:
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي
إنْ تَكُ لَدْناً ليِّناً فإنِّي
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ
وَيُقَال: حَبْلٌ مَسَد، أَي: مَمسود، قد مُسِد، أَي: أُجِيد فَتْلُه مَسْداً. فالْمَسْدُ: المصْدَر. والْمَسَد: بِمَنْزِلَة الممْسُود؛ كَمَا يُقَال: نَفَضْتَ الشَّجَر نَفْضاً؛ وَمَا نُفِض فَهُوَ نَفَض. ودلّ قولُ الله جلّ وعزّ: {جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن} (المسد: 5) أَنَّ السِّلسلة الَّتِي ذَكَرها الله تَعَالَى فُتِلَتْ من الْحَدِيد فَتْلاً مُحْكَماً، كَأَنَّهُ قيل: فِي جِيدِها حَبل حديدٍ قد لُوِيَ لَيّاً شَدِيدا.
وَقَالَ اللّيث وغيرُه: المِسادُ: نِحْيٌ يُجْعَلُ فِيهِ سَمْن وعَسَل، وَمِنْه قولُ أبي ذُؤَيْب:
غَدَا فِي خافَةٍ مَعَهُ مِسادٌ
فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
والخافَة: خريطةٌ يَتَقَلَّدُها المُشْتارُ ليَجعل فِيهَا العَسَل.(12/264)
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَسْدُ: إدْآب السَّيْر فِي اللَّيْل، وأنشَد:
يُكابِدُ الليلَ عَلَيْهَا مَسْدا
وَقَالَ العَبْديّ يَذكر نَاقَة شبّهَها بثوْرٍ وَحْشِيّ:
كَأَنّها أَسْفَعُ ذُو جُدّةٍ
يَمْسُدُه القَفْرُ وليْلٌ سَدِي
كَأَنَّمَا يَنظرُ من بُرْقُعٍ
من تَحت روْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
قولُهُ: يَمْسُده: يَعْنِي الثورَ، يَطوِيه ليلٌ سَدِيٌّ، أَي: نَدِيٌّ، وَلَا يزَال البَقْلُ فِي تمامٍ مَا سقط من النَّدَى عَلَيْهِ، أَرَادَ أَنه يَأْكُل البقل فيجزأ بِهِ عَن المَاء فيطويه ذَلِك. وشبّه السُّفعة الَّتِي فِي وَجه الثّور ببرقُع.
وَجعل اللّيث الدَّأَبَ مَسْداً، لِأَنَّهُ يمسَدُ خَلق من يَدأبُ فيَطْوِيه ويُضَمّرُه.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الممسودة من النِّسَاء: المطوِية الممشُوقة، وأنشدنا:
يَمسُدُ أعْلى لَحْمه ويَأرِمُه
أَي: يشده.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المِسَاد: الرِّق الْأسود.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ أحسَنُ مِسَاد شِعْرٍ من فلَان، يُرِيد: أحسنَ قِوامَ شِعر من فلَان.
انْتهى وَالله أعلم بمراده.
(أَبْوَاب) السّين والتّاء)
س ت ظ س ت ذ س ت ث: أهملت وجوهه.
س ت ر
(ستر، ترس: مستعملان) .
ستر: قَالَ اللَّيْث: السِّتْرُ مَعْرُوف، والجميعُ أستارٌ وسُتور، وَالْفِعْل سَتَرْتُه أستُرُه سَتراً، وامرأةٌ سَتيرةٌ: ذاتُ سِتارة. والسَّتْرةُ: مَا استترتَ بِهِ من شَيْء كَائِنا مَا كَانَ، وَهُوَ أَيْضا السِّتارة.
قلتُ: والسِّتاران فِي ديار بني سفد: وادِيان يُقَال لَهما السَّوْدة، يُقَال لأَحَدهمَا: السِّتارُ: الأغبَر، وَللْآخر: السِّتار الجابرِيّ؛ وَفِيهِمَا عُيُونٌ فَوَّارَة تَسقِي نَخيلاً كَثِيرَة زِينةً مِنْهَا عينُ حَنِيذ، وعينُ فِرْياضٍ، وعينُ بَثاء، وعينُ حُلوة، وَعين ثَرْمدا، وَهِي من الأحساء على ثَلَاثَة أَمْيَال.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَا لفُلَان سِتْر وَلَا حِجْر، فالسِّترُ: الْحيَاء، والحِجْرُ: الْعقل.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: سمعتُ العَرَب تَقول للأربعة: إسْتار، لِأَنَّهَا بالفارسيّة جِهَار، فأعربوه وَقَالُوا: إسْتار.
وَقَالَ جَرير:
إنّ الفرزدقَ والبَعيثَ وأُمَّه
وأبَا الفَرزدقِ شَرُّ مَا إسِتارِ(12/265)
أَي: شَرُّ أَرْبَعَة، و (مَا) صلَة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
تُوفى ليومٍ وَفِي ليلةٍ
ثَمَانِينَ يُحسبُ إستارُها
قَالَ: والإستار رابعُ أَرْبَعَة. ورابعُ الْقَوْم إستارُهم.
قلت: وَهَذَا الوَزْن الّذي يُقَال لَهُ الإستار معرَّبٌ أَيْضا أَصله جِهَار. فأُعرب فَقيل: إستار. وَيجمع أساتير.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله عز ذكره: { (يَسْرِ هَلْ فِى ذَلِكَ} (الْفجْر: 5) ، لذِي عقل. قَالَ: وَكله يرجع إِلَى أَمر وَاحِد من الْفِعْل.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: إِنَّه لذُو حِجْر، إِذا كَانَ قاهراً لنَفسِهِ ضابطاً لَهَا كَأَنَّهُ أَخذ من قَوْلك: حجرت على الرجل، وَقَوله: {حِجَابًا مَّسْتُورًا} (الْإِسْرَاء: 45) ، هَهُنَا بِمَعْنى سَاتِر، وَتَأْويل الْحجاب الطَّبْع.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: ثَلَاثَة أساتير وَالْوَاحد إستار، وَيُقَال: لكلّ أَرْبَعَة إستار، يُقَال: أكلتُ إستاراً من خبز، أَي: أربعةَ أرغفة. قَالَ: وَأما أَسْتَار الْكَعْبَة فمفتوحة. ورَوَى شَمِر فِيهِ حَدِيثا: (أيُّما رجلٍ أَغلَق على امْرَأَته بَابا أَو أَرخَى دونَها إستارة فقد تمّ صَداقُها) .
قَالَ شمر: الإستارة من السِّتر، ولَم نَسْمعها إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَقد جَاءَ عَنْهُم السِّتارة والمِسْتَر بِمَعْنى السِّتر، وَقد قَالُوا: أُسْوار للسِّوار، وَقَالُوا: إشْرارة لما يُشْرَر عَلَيْهِ الأَقِطُ وجمعُها الأشارِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: فلَان بيني وبينَك سُترةٌ ووَدَج وصاحِنٌ: إِذا كَانَ سفيراً بَيْنك وبينَه.
ترس: قَالَ اللَّيْث: التُّرس مَعْرُوف، ويُجمع تِرَسة، وكل شَيْء تترَّسْتَ بِهِ فَهُوَ مِتْرَسه لَك. والمَتَرسُ: الشِّجار الَّذِي يُوضَع خَلْف الْبَاب دِعامةً، وَلَيْسَ بعَرَبيّ، مَعْنَاهُ: مَتَّرْس، أَي: لَا تَخَفْ.
س ت ل
ستل، سلت، تلس: مستعملة.
ستل: قَالَ اللَّيْث: السَّتْلُ: من قَوْلك: تساتل علينا الناسُ، أَي: خَرَجوا من موضعٍ وَاحِد بعدَ آخر تِباعاً متساتِلين. وكلُّ مَا جَرَى قَطَراناً فَهُوَ تَساتُلٌ، نَحْو الدمع واللّؤلؤ إِذا انْقَطع من سِلْكِه. قَالَ: والسُّتالة: الرُّذالة من كلّ شيءٍ.
وَقَالَ ابْن دُريد: تَساتَل القومُ: جَاءَ بعضُهم فِي إِثْر بعض، وَجَاء القومُ سَتْلاً.(12/266)
قَالَ: والمَساتِل: الطُّرُق الضيقة، الْوَاحِدَة مَسْتَل.
سلت: أَبُو تُرَاب عَن الحُصَيْنِيّ: ذهب مني الْأَمر فَلْتةً وسَلْتَةً، أَي: سَبَقني وفاتَني.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّلْت: شَعيرٌ لَا قِشْرَ لَهُ، أجردُ، يكون بالغَوْر، وأهلُ الحِجاز، يتبرّدون بسَوِيقه فِي الصَّيف.
قَالَ: والسَّلْتُ: قَبضُك على الشَّيْء أصابَه قَذَر أَو لَطْخ فتَسْلِتُه عَنهُ سَلْتاً.
والمِعَى يُسْلَت حَتَّى يخرج مَا فِيهِ.
وَيُقَال: سَلَت فلَان أَنْفَ فلانٍ بالسَّيف سَلْتاً: إِذا قَطَعه كلَّه، وَهُوَ من الجدْعان أسْلَت.
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله أَنه لَعَن السَّلْتَاءُ من النِّساء، وَهِي الَّتِي لَا تَخْتضب. واسمُ مَا يخرج من المِعَى سُلاَتَة.
غَيره: سَلَت الحلاّق رأسَه سَلْتاً، وسَبَته سَبْتاً: إِذا حَلَقه. وسَلَتت المرأةُ الخِضَابَ من يَدِها: إِذا مَسَحَتْه. وسَلَتَ القَصْعة من الثّريد: إِذْ مَسَحه.
تلس: التِّلِّيسةُ: وِعاءٌ يُسَوَّى من الخُوص شِبه قَفْعَة، وَهِي القِنِّينَة الَّتِي تكون عِنْد العَصّارين.
س ت ن
سنت، ستن، تنس: (مستعملة) .
(تنس) : أما تنس فَمَا وَجَدْتُ للعَرَب فِيهِ شَيْئا، وأعرِف مَدِينَة بنيتْ فِي جَزِيرَة من جزائر بَحر الرّوم يُقَال لَهَا: تِنِّيس، وَبهَا تُعمَل الشُّروب الثَّمِنية.
ستن: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَسْتان: أصولُ الشّجر.
وَقَالَ غيرُه: الأسْتَنة أصل الشَّجَرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسْتَن الرّجلُ وأَسْنَتَ: إِذا دخل فِي السَّنة.
قَالَ: والأُبْنة فِي القَضِيب إِذا كَانَت تَخفَى فَهِيَ الأَسْتَن.
سنت: ابْن شُمَيْل: أرضٌ مُسْنِتَة: لم يُصِبْها مَطَر فلَم تُنْبِت، وَإِن كَانَ بهَا يبس من يبس عامٍ أوّلَ فَلَيْسَتْ بمُسْنِتَة حَتَّى لَا يكون بهَا شَيْء.
وَيُقَال: أسنَتَ القومُ فهم مُسْنِتون: إِذا أَصَابَتْهُم سنَةٌ وقَحْط، وَمِنْه قَوْله:
ورجالُ مَكةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
ويقالُ: تَسَنَّتَ فلانٌ كريمةَ آلِ فلَان: إِذا تزوّجها فِي سنةِ القحْط.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (عَلَيْكُم بالسَّنَاء والسِّنَّوْتِ) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِّنَّوْتُ: العَسَل، والسِّنّوت: الكَمُّون، والسّنُّوت: الشِّبِتُّ، وفيهَا لغةٌ أُخْرَى: السَّنُّوت بِفَتْح السِّين، وَقَالَ الشَّاعِر:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لَا أَلْسَ فيهِمُ
وهم يَمْنَعون جارَهم أَن يقرَّدا(12/267)
س ت ف
أهملت وجوهها غير: (سفت) .
سفت: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: سَفِتُّ الماءَ أَسْفَتُهُ سَفْتاً: إِذا أكثرتَ مِنْهُ وأنتَ لَا تَرْوَى، وَكَذَلِكَ سَفِهْتُه وسَفِفْتُه.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: السَّفِتُ: الطَّعام الَّذِي لَا بَرَكةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ السِّفْت.
س ت ب
اسْتعْمل من وجوهه: (سبت) .
سبت: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْتُ: الحَلْق، يُقَال: قد سَبَتَ رَأسه يَسْبِته سبْتاً، والسَّبْتُ: السيرُ السّريع، وَأنْشد:
ومَطْوِيّةِ الأقرابِ أَمّا نهارُها
فَسَبْتٌ وأمَّا لَيْلُها فَزَمِيلُ
والسَّبْتُ أَيْضا: من الأيّام. والسَّبْتُ: السُّبات، وَأنْشد الأصمعيّ:
يُصْبِحَ مَخْمُوراً ويُمْسِي سبْتاً
أَي: مَسْبُوتاً، والسَّبْت أَيْضا: بُرْهَةٌ من الدَّهر، وَقَالَ لَبِيد:
وغَنِيتُ سبْتاً قَبْلَ مُجْرَى داحِسٍ
لَو كَانَ للنّفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ
قَالَ: والسَّبتُ: جُلُودُ الْبَقر المدبوغة بالقَرَظ.
وَقَالَ شَمِر: السَّبْتُ: ضَرْبٌ من السَّيْر وأنْشَد:
يَمْشِي بهَا ذُو الشِّرَّةِ السَّبُوتُ
وهْوَ مِنَ الأَيْزِوَجِ نَجِيتُ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: فَرَسٌ سبْت: إِذا كَانَ جَواداً كثيرَ العدْو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ} (النبأ: 9) ، أَي: قِطَعاً. والسَّبْت: القَطْع، فَكَأَنَّهُ إِذا نَام فقد انقَطع عَن النَّاس.
وَقَالَ الزَّجَّاج: السُّبَاتُ: أَن يَنْقَطِع عَن الحَركة والرّوحُ فِي بَدَنه، أَي: جعلنَا نومَكم رَاحَة لكم.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: السَّبْت: القَطْع، وسُمّي يَوْم السبت سبْتاً لِأَن الله جلّ وَعز ابْتَدَأَ الخلْقَ وَقطع فِيهِ بعض خلق الأَرْض. وَيُقَال: أُمر فِيهِ بَنو إسرائيلَ بقَطع الْأَعْمَال وَتركهَا.
قَالَ: وَقَوله جلّ وَعز: {جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} (الْفرْقَان: 47) ، أَي: قطعا لأعمالكم.
قَالَ: وأَخطأَ من قَالَ سُمِّي السبتُ لِأَن الله أَمر فِيهِ بَني إسرائيلَ بالاستراحة وَخلق هُوَ عز وَجل السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي ستَّة أَيَّام آخرهَا يَوْم الْجُمُعَة، ثمَّ استراح. قَالَ: وَهَذَا خطأ، لِأَنَّهُ لَا يُعلم فِي كَلَام العَرَب سبَت بِمَعْنى استراح، وإنّما معنى سبت قَطَع، وَلَا يُوصفُ الله تَعَالَى بالاستراحة لِأَنَّهُ لَا يَتعب، والراحة لَا(12/268)
تكون إلاّ بعد تَعَبٍ أَو شُغْل، وَكِلَاهُمَا زائل عَن الله جلّ وَعز. قَالَ: واتّفق أهلُ العِلم على أَن الله ابتدأَ الخَلْق يَوْم السبت، وَلم يخلُق يَوْم الْجُمُعَة سَمَاء وَلَا أَرضًا.
قلت: والدّليلُ على صِحَة مَا قَالَ، مَا حدّثناه أَبُو إِسْحَاق الْبَزَّاز عَن عثمانَ بن سعيد عَن عبد الله بن صَالح، عَن خَالِد بن حُمَيْد، عَن مُعَاوِيَة بن يحيى، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: خلَق اللَّهُ التّراب يَوْم السبت، وَخلق الحجارةَ يومَ الْأَحَد، وَخلق الشجَر يومَ الْإِثْنَيْنِ، وَخلق الكروم يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَخلق الدوابَّ يَوْم الْخَمِيس، وخَلَق آدم يَوْم الْجُمُعَة فِيمَا بَين العَصر وغُروب الشَّمْس.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُسبِتُ الَّذِي لَا يتحرّك، وَقد أَسبَت.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبات من النّوم: شبهُ غَشْية، يُقَال: سُبِت الْمَرِيض فَهُوَ مَسبوت.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: ابْنَا سُبات: اللَّيْل وَالنَّهَار، قَالَ ابْن أَحْمَر الباهليّ:
وكنّا وهمْ كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقَا
سوى ثمَّ كانَا مُنْجداً وتِهامِيَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سبَتَ شعرَه وسلَته وسبَّده وسبَّته: إِذا حلَقه. قَالَ: وسبّده إِذا أعْفاه، وَهَذَا من الأضداد.
أَبُو زيد: السبْتاء: الصَّحْراء وجمعُها السَّباتيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا جرى الإرطاب فِي الرُّطَبة كلّها فَهِيَ المُنْسبِتة، وَهُوَ رُطَب مُنْسبِت.
وَفِي الحَدِيث أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَمشي بَين الْقُبُور فِي نَعْلَيه فَقَالَ: (يَا صَاحب السِّبْتَين اخلَعْ سِبْتَيْك) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّبتُ: الجِلدُ المدبوغ. قَالَ: فَإِن كَانَ عَلَيْهِ شَعر وصُوف أَو وَبَر فَهُوَ مُصْحب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النِّعالُ السِّبِتيّة: هِيَ المدبوغة بالقَرَظ.
قلت: وحديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدلُّ على أَن السِّبْت مَا لَا شَعْرَ عَلَيْهِ.
حدّثنا مُحَمَّد بن سعيد البوشنجي الْمَعْرُوف بالكوفي قَالَ: حدّثنا الحُلْوانيّ، عَن عبد الرزّاق، عَن مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن عُبَيد بن جُريج أَنه قَالَ لِابْنِ عمر: رأيتُك تلبس النِّعال السِّبتِيَّة، فَقَالَ: رأيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلبس النِّعَال الَّتِي(12/269)
لَيْسَ عَلَيْهَا شعر ويتوضّأ فِيهَا، وَأَنا أُحبّ أَن أَلبَسَها.
قلت: كَأَنَّهَا سُمّيتْ سِبْتيّة لِأَن شَعَرها قد سُبِت عَنْهَا. أَي: حُلِق وأُزيلَ بعلاج من الدِّباغ مَعْلُوم عِنْد دَباغِيها. يُقَال: سَبَت شَعْرَه: إِذا حَلَقَه.
أسبتتِ الحيّة إسباتاً: إِذا أطرق لَا يَتَحَرَّك. قَالَ:
أصممُّ أعمى لَا يُجيب الرُّقى
من طول إطراق وإسبات
قَالَ أَبُو بكر: أَرض سبتاء: إِذا كَانَت مستوية.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمّيت النِّعَال المدبوغة سبتية لِأَنَّهَا انسبتت بالدباغ، أَي: لانت. قَالَ: وانسبتت الرَّطبة، أَي: لانت، فَهِيَ منسبتة، أَي: لينَة.
وَقَالَ عنترة:
بطلٌ كَأَن ثِيَابه فِي سرحة
يُحدَى نعال السِّبت لَيْسَ بتوأم
مدحه بِأَرْبَع خِصَال كَرِيمَة:
أَحدهَا: أَنه جعله بطلاً، أَي: شجاعاً.
وَالثَّانِي: أَنه جعله طَويلا، شبهه بالسَّرحة.
وَالثَّالِث: أَنه جعله شريفاً للُبْسه نعال السِّبت.
وَالرَّابِع: أَنه جعله تَامّ الْخلق نامياً، لِأَن التوأم يكون أنقص خلقا وقوّة وعقلاً وخُلقاً.
س ت م
اسْتعْمل من وجوهها: سمت، متس.
متس: قَالَ اللَّيْث: المَتْسُ: لغةٌ فِي المَطْس. وَهُوَ الرَّمْي بالجِعْس.
سمت: قَالَ النَّصْر بن شمَيل: التَّسْميت: الدُّعَاء بِالْبركَةِ تَقول بَارك الله فِيك. وَقَالَ اللَّيْث: السمت: حسن النَّحْو فِي مَذْهَب الدّين والفِعل مِنْهُ سَمَت يسمت سَمْتاً وَإنَّهُ لحسَنُ السمت. والسمت: الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السمت.
قَالَ: والسَّمْت أَيْضا: السيْرُ بالحدْس والظّنّ على غير طَرِيق، وَأنْشد:
لَيْسَ بهَا زيغٌ لِسمْتِ السّامِتِ
قَالَ: والتَّسميتُ: ذِكرُ الله على كلّ شَيْء. والتَّسميتُ: قولُك للعاطس: يرحمُك الله.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي العبّاس أَنه قَالَ: يُقَال: سَمَّتَ فلانٌ العاطسَ تسميتاً، وشَمّته تشْميتاً: إِذا دَعَا لَهُ بالهَدْيِ، وقصْدِ السمتِ الْمُسْتَقيم، وَالْأَصْل فِيهِ السِّين فقلبت شيناً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تعمّده تعمُّداً، وتسمّته تسمُّتاً: إِذا قصد نَحوه.
وَقَالَ شمر: السمتُ: تنسُّمُ القَصْد.(12/270)
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: سمَتَ لَهُم يَسْمِتُ سَمْتاً: إِذا هُوَ هَيّأ لَهُم وَجْه الْعَمَل وَوجه الْكَلَام والرأي. وَهُوَ يسمِت سَمْتَه، أَي: يَنحُو نَحوه. وَفُلَان حسَنُ السمْت، أَي: حسن القَصْد.
وَفِي حَدِيث حُذيفة: (مَا أعلم أحدا أشبهَ سمتاً وهَدياً ودَلاًّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ابْن أم عبد) .
قَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: السمتُ: اتّباعُ الْحق والهَدْيِ وَحسن الجِوار وقلّةُ الأذيّة. قَالَ: ودلَّ الرجلُ: حَسُنَ حديثُه ومَزْحُه عِنْد أَهله.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ حسنُ السمت: إِذا كَانَ حسنَ الْقَصْد وَالْمذهب فِي دينه ودنياه.
وَقَالَ أَعْرَابِي من قيس:
سَوف تجُوبين بِغَيْر نَعْتْ
تعسُّفاً أَو هَكَذَا بالسَّمْتِ
السمتُ: القَصد. والعَسْف: السّير على غير علم وَلَا أثر.
وَقد أهملت السِّين مَعَ الطَّاء إِلَى آخر الْحُرُوف، وَمَعَ الدَّال إِلَى آخرهَا، وَمَعَ الثَّاء إِلَى آخرهَا فَلم يُستعمل من جَمِيع وجوهها شَيْء فِي مُصاص كَلَام الْعَرَب.
وَأما قَوْلهم: هَذَا قضاءُ سَذُوم بِالذَّالِ: فقد تقدّم القَوْل فِيهِ أنّه عجمي، وَكَذَلِكَ البُسَّذ لهَذَا الجوْهر لَيْسَ بعربي، وَكَذَلِكَ السَّبَذَة فارسيّ.
(أَبْوَاب: س ظ س ذ س ث: مُهْملَة)
(أَبْوَاب) السّين والرّاء)
س ر ل
اسْتعْمل من وجوهها: رسل، سرل.
سرل: أمّا سرل: فَإِنَّهُ لَيْسَ بعربيّ صَحِيح، والسراويل معرّبة، وَجَاء السَّرَاوِيل على لفظ الْجَمَاعَة، وَهِي وَاحِدَة، وَقد سمعتُ غير وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: سرْوال. وَإِذا قَالُوا سَرَاوِيل أنّثوا.
وَفِي حديثٍ رُوِي عَن أبي هُرَيْرَة (أَنه كره السَّرَاوِيل المخَرْفجة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: هِيَ الواسعة الطَّوِيلَة، وَقد مرَّ تفسيرُها فِي كتاب الْخَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّرَاوِيل: أعجميّة أُعرِبتْ وأُنِّثت، وَتجمع سراويلات. قَالَ: وسرْوَلْتُه: إِذا ألبسته السَّرَاوِيل.
قَالَ أَبُو عُبَيدة فِي شِيات الْخَيل إِذا جَاوز بَيَاض التّحْجيل العَضُدَين والفَخْذَين فَهُوَ أَبْلَق مُسَرْوَل.
قلتُ: والعربُ تَقول للثَّوْر الوَحشيّ: مُسَرْوَلٌ للسواد الَّذِي فِي قوائمه، وَأما قَول ذِي الرُّمّة فِي صفة الثَّور:(12/271)
تَرَى الثَّوْر يَمْشي رَاجعا من ضحائهِ
بهَا مثلَ مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْولِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالهبرزيّ: الْأسد، جعله مُسرْوَلاً لِكَثْرَة شَعر قوائمه.
وَقيل: الهبْرِزِيُّ: الْمَاضِي فِي أمره. ويُروَى:
مِثلَ مَشْيِ الهِرْبِذِيّ
يَعْنِي مَلِكاً فارسيّاً، أَو دِهْقاناً من دَهاقِينهم، وجعلَه مُسَرْوَلاً لِأَنَّهَا من لباسهم.
يَقُول: هَذَا الثور يتبختر إِذا مَشَى تَبختُر الفارسيِّ إِذا لَبس سراوِيله.
رسل: قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ فِي قَول المؤذِّن: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: معنى أشهَد أُعلم وأُبيِّن أَن مُحَمَّدًا مُتابع للإِخبار عَن الله جلَّ وَعز.
قَالَ: وَالرَّسُول مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة الَّذِي يُتَابع أَخْبَار الَّذِي بَعثَه؛ أُخِذ من قَوْلهم: جَاءَت الإبلُ رسلًا، أَي: متتابعة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مُوسَى وأخيه: {فَقُولا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: 16) ، مَعْنَاهُ: إِنَّا رسالةُ ربّ الْعَالمين، أَي: ذَوَا رِسالةِ رَبِّ الْعَالمين، وَأنْشد هُوَ أَو غَيره:
لقد كَذَب الواشُون مَا فُهتُ عندَهم
بسرَ وَلَا أَرْسَلْتهُم برَسولِ
أَرَادَ: وَلَا أرسلتهُم برسالة.
قلت: وَهَذَا قولُ الْأَخْفَش، وسمِّيَ الرسولُ رَسُولا لِأَنَّهُ ذُو رَسول، أَي: ذُو رِسَالَة، وَالرَّسُول اسمٌ من أَرسلْت، وَكَذَلِكَ الرسَالَة.
وَيُقَال: جَاءَت الإبلُ أَرْسالاً: إِذا جَاءَ مِنْهَا رَسل بعد رَسل، وَالْإِبِل إِذا وَرَدت الماءَ وَهِي كَثِيرَة فَإِن القيِّم بهَا يُورِدها الحوضَ رَسلاً بعد رَسل، وَلَا يُورِدُها جملَة فتزدَحم على الْحَوْض وَلَا تَرْوَى. والرَّسلُ: قطيعٌ من الْإِبِل قَدْر عَشر تُرسل بعد قَطِيع.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للفحل العربيّ يُرْسل فِي الشَّوْل ليَضربَها: رَسيلٌ، يُقَال: هَذَا رسيلُ بني فلَان، أَي: فَحْل إبلِهم، وَقد أَرسل بنُو فلَان رَسيلَهم، أَي: فَحلَهم، كَأَنَّهُ فَعِيل، بِمَعْنى مُفعَل من أُرسل.
وَهُوَ كَقَوْل الله: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - م صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} {تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (لُقْمَان: 1، 2) ، يُرِيد وَالله أعلم الكتابَ المُحكَم دَلَّ على ذَلِك قولُه: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - رَ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ} (هود: 1) ، وَمِمَّا يشاكله قَوْلهم للمُنذَر: نَذِير، وللمُسْمَع: سَميع.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الأَرْض إِذا دُفِن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عليّ فَدّاداً ذَا مالٍ كثير وَذَا خُيَلاء) .(12/272)
وَفِي حديثٍ آخَرَ: (أَيُّما رجلٍ كَانَت لَهُ إبلٌ لم يُؤَدِّ زكاتَها بُطِحَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تَطؤُه بأخفافها إلاَّ من أَعطَى فِي نَجْدَتها ورِسلها) .
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: إِلَّا من أعْطى فِي إبلِه مَا يَشُقّ عَلَيْهِ عطاؤه، فَيكون نجدةً عَلَيْهِ، أَي: شدَّة، أَو يُعطى مَا يهون عَلَيْهِ عطاؤه مِنْهَا، فيعطِي مَا يعطِي مُسْتهيناً بِهِ على رِسلِه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: (إلاّ من أَعطَى فِي رِسلِها) ، أَي: بطيبِ نَفْس مِنْهُ. والرِّشْل فِي غير هَذَا: اللَّبَنُ.
يُقَال: كثُر الرِّسل الْعَام، أَي: كثُر اللَّبن.
وَقد مر تَفْسِير الحَدِيث فِي بَاب الْجِيم بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَإِذا أورد الرجل إبلَه متقطعةً قيل: أوردهَا أَرْسَالًا. فَإِذا أوردهَا جمَاعَة قيل: أوردهَا عِراكاً.
وَفِي حَدِيث فِيهِ ذِكر السَّنَة: (ووَقِير كثير الرَّسَل، قَلِيل الرِّسْل) .
قَوْله: (كثير الرَّسل) ، يَعْنِي الَّذِي يُرسل مِنْهَا إِلَى الرِّعي كثير. أَرَادَ أَنَّهَا كثيرةُ الْعدَد قَليلَة اللَّبن.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: الرَّسَلُ من الْإِبِل وَالْغنم: مَا بَين عشر إِلَى خمس وَعشْرين.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة مُرَاسِلاً، يَعْنِي ثيّباً.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيّ أَنه قَالَ: رَأَيْت فِي عَام كثُر فِيهِ الرِّسْل البياضَ أكثرَ من السوَاد، ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك فِي عَام كثر فِيهِ التّمر السوادَ أكثرَ من الْبيَاض. الرِّسْلُ: اللَّبن، وَهُوَ الْبيَاض إِذا كثُر قلّ التّمر، وَهُوَ السوَاد. وَأهل البَدْو يَقُولُونَ: إِذا كثر الْبيَاض قل السوَاد، وَإِذا كثر السوَاد قل الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسْل بِفَتْح الرَّاء الَّذِي فِيهِ لِينٌ واسترخاء.
يُقَال: ناقةٌ رَسْلةُ القوائم، أَي: سِلسةٌ ليّنة المفاصل، وَأنْشد:
برَسْلَةٍ وُثِّق مُلتَقاها
مَوضِع جُلْبِ الكُورِ من مَطاهَا
وَقَالَ أَبُو زيد: الرَّسْل بِسُكُون السِّين الطويلُ المسترسل، وَقد رَسل رَسَلاً ورَسَالة.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسترسال إِلَى الْإِنْسَان كالاستئناس والطُّمأنينة.
يُقَال: غَبْنُ المُسترسِل إِلَيْك رِياً.
قَالَ: والتَّرسُّل: من الرِّسْل فِي الْأُمُور والمَنطِق: كالتمهُّل والتوقُّر والتثبت. وجمعُ الرسَالَة الرسائل، وَجمع الرَّسول الرُّسل.
والرسولُ بِمَعْنى الرسَالَة يؤنَّث ويذكّر فَمن أنّث جمعَه أَرسُلاً. وَقَالَ الشَّاعِر:
قد أَتَتْها أَرْسُلِي(12/273)
وَيُقَال: هِيَ رَسولُك. وناقةٌ مِرْسال: رَسلةُ القوائم، كثيرةُ شعر السَّاقَيْن، طَوِيلَة.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: يُقَال: امرأةٌ مُراسل، وَهِي الَّتِي مَاتَ عَنْهَا زوجُها أَو طلّقها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تسمِّي المُراسل فِي الغِناء والعَمل: المُتالي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَرسل القومُ فهم مُرسلون: إِذا كَانَ لَهُم رِسل، وَهُوَ اللَّبن. وَقَول الْأَعْشَى:
عُولَيْنِ فوْق عُوّجٍ رِسَالِ
أَي: قَوَائِم طوال.
وَقَالَ اليزيديّ: الترتيل فِي الْقِرَاءَة والتَّرْسيل وَاحِد.
قَالَ: وَهُوَ التَّحْقِيق بِلَا عجلة. وَقيل: بعضه على إِثْر بعض. والمُرْسلةُ: القِلادة فِيهَا الخَرَز وَغَيرهَا.
وَيُقَال: جارِيةٌ رُسُلٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة لَا تَخْتَمِر. وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
وَلَقَد أَلْهُو ببِكْرٍ رُسُلٍ
مَسُّها أَلْيَنُ من مَسِّ الرَّدَنْ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْفرق بَين إرسالِ الله جلّ وعزّ أنبياءَه وإرسالِه الشياطينَ على أعدائه فِي قَوْله: {أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مَرْيَم: 83) ، أَن إرسالَه الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا هُوَ وَحيُه إِلَيْهِم أَن أَنذِروا عِبادي، وإرسالُه الشياطينَ على الْكَافرين تَخليَتُهم وإياهم، كَمَا تَقول: كَانَ فِي يَدي طائرٌ فأرسلتُه، أَي: خلّيته وأطلَقْتُه، وحديثٌ مُرسل: إِذا كَانَ غيرَ متّصل الْإِسْنَاد، وجمعُه مَراسيل.
الخرّاز بن الْأَعرَابِي: أرسل الْقَوْم: إِذا كَثُر رِسلهم، وَهُوَ اللَّبن. وَأَرْسلُوا إبلَهم إِلَى المَاء إرْسَالًا، أَي: قِطعاً. واسترسل: إِذا قَالَ أرسلْ إِلَى الْإِبِل أَرْسَالًا. ورجلٌ مُرَسِّلٌ: كثيرُ الرِّسل وَاللَّبن والشِّرْب. وَقَالَ تأبّط شرّاً:
ولستُ بِرَاعي ثلّة قَامَ وسطَها
طويلِ الْعَصَا غُرْنَيْقِ ضَحْلِ مُرَسَّلِ
مُرسِل: كثير اللَّبن، فَهُوَ كالغُرْنيق، وَهُوَ شبه الكُرَليّ فِي المَاء أبدا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن خَالِد بن جنْبة: الترسلُ فِي الْكَلَام: التّوَقّر والتفهُّم والتَّرفُّق من غير أَن يرفع صَوته شَدِيدا. قَالَ: والترسلُ فِي الرّكُوب: أَن يبسط الدَّابَّة ثُم تُرخى ثِيَابه على رجلَيْهِ حَتَّى يغيّبهما. قَالَ: والترسلُ فِي الْقعُود: أَن يتربَّع، وَأَن يُرْخِي ثِيَابه على رجلَيْهِ حوله.
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله: حَدثنَا ابْن منيع عَن جده عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد عَن ابْن أبي ذُؤَيْب عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تزوج رجل من الْأَنْصَار امْرَأَة مُراسلاً يَعْنِي ثيّباً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فهلاّ تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك) .(12/274)
وَأنْشد الْمَازِني:
يمشي هبيرةُ بعد مقتل شَيْخه
مَشْيَ المُراسِل بُشّرتْ بطلاقِ
قَالَ: المُراسِلُ: الَّتِي طُلقت مَرَّات، فقد بسأت بِالطَّلَاق، فَهِيَ لَا تباليه. يَقُول: فهُبيرة قد بسأ بِأَن يقتل لَهُ قَتِيل وَلَا يطْلب بثأره، فتعوّدَ ذَلِك مثل هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي بسأت بِالطَّلَاق، أَي: أنست بِهِ.
س ر ن
سنر، نسر، نرس، رسن: (مستعملة) .
سنر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّنانِيرُ: عِظامُ حُلوقِ الْإِبِل، وَاحِدهَا سِنَّوْر، وأَنشَد:
مَا بَيْن لَحْيَيْهِ إِلَى سِنَّوْرِهِ
قَالَ: والسِّنَّوْر: السيِّد. وَقَالَ: السَّنانير: رُؤَسَاء كلِّ قَبيلَة، الْوَاحِد سنَّوْر. وَقَالَ: والسِّنَّوْر: الضَّيْوَن، وجمعُه السَّنانير.
وأَخبرني المنذريُّ عَن الصّيداوي عَن الرّياشي قَالَ: السِّنَّوْر: أصلُ الذَّنب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: السَّنَوَّرُ: السِّلاح، وَيُقَال: هِيَ الدّروع.
أَبُو منجوف عَن أبي عُبيدة: السَّنَوَّرُ: الحديدُ كُله.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّنَوَّرُ: مَا كَانَ من حَلَق، يُرِيد الدُّروع، وأَنشَد:
سَهِكِين مِن صَدَإ الحديدِ كأنّهمْ
تحتَ السَّنَوَّرِ جِنَّةُ البَقّارِ
نسر: قَالَ اللّيث: النِّسر: طَائِر مَعْرُوف. والنَّسْران: نَجْمان فِي السّماء يُقَال لأَحَدهمَا الْوَاقِع وَللْآخر الطَّائِر، معروفان. والنَّسْرُ: نَتْفُ اللَّحْم بالمنقار، ومِنقارُ البازِي ونحوِه مَنْسِر ونَسْرُ الْحَافِر لَحمة يُشبههُ الشعراءُ بالنَّوَى، وَقد أَقْتَمها الحافرُ، وجمعُه النُّسور.
وَقَالَ سَلَمة بن الخُرشُب:
غَدَوْت بِهِ تُدافِعُني سبُوحٌ
فَراشُ نُسورِها عَجَم جَرِيرُ
قَالَ أَبُو سعيد: أَرَادَ بفَراش نسورِها حَدَّها، وفَراشةُ كلّ شَيْء حَدُّه، فَأَرَادَ أَن مَا يتقشّر من نُسورِها مِثل العَجَم وَهُوَ النَّوَى.
قَالَ: والنُّسور: الشَّواخص اللّواتي فِي بطن الْحَافِر، شبِّهت بالنّوَى لصلابتها، وَأَنَّهَا لَا تَمَسّ الأَرْض. ونَسْرِين الوَرْد مَعْرُوف، وَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا.
والنّاسور بالسِّن وَالصَّاد عِرْقٌ غَبِر، وَهُوَ عرقٌ فِي باطنِه فَساد، فكلَّما برأَ أَعْلَاهُ رَجَع غَبِراً فاسِداً، يُقَال: أصابَه غَبَرٌ فِي عِرْقه، وَأنْشد:
فَهُوَ لَا يَبرأُ مَا فِي صَدْرِه
مِثْل مَا لَا يَبْرأ العِرْقُ الغَبِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: من أَسمَاء العُقاب: النُّسارية، شُبِّهت بالنَّسْر، وَيجمع النَّسر نُسوراً، وَفِي الْعَدو الْأَقَل أنسُراً.(12/275)
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المَنسِر: مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين من الْخَيل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: المِنْسَر من الْخَيل: مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى العَشَرة، وَقد يُقَال: مَنْسِر، وَأما مِنْسر الطَّائِر وَهُوَ مِنقارُه فَهُوَ بِكَسْر الْمِيم لَا غير، يُقَال: نَسَره بِمِنْسِره نَسْراً.
رسن: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: رَسَنْتُ الفرسَ وأَرْسنْتُه: جعلت لَهُ رسناً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: رسنْتُ البِرْذَوْن: إِذا شَدَدْتَه، وأَرْسنْته: جعلتُ لَهُ رَسناً. وحزَمْتُ الفَرس: شدَدتُ حِزامَه وأَحزَمْته جعلتُ لَهُ حزاماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسَن: الحَبْل وجمعُه أرسان. قَالَ: والمَرْسَن: الْأنف وجمعُه المَراسِنُ.
نرس: فِي سَواد الْعرَاق قريةٌ يُقَال لَهَا: نَرْسٌ، ويُحْمل مِنْهَا الثِّياب النَّرْسيّة. ونِرْسيان: ضَرْبٌ من التَّمْر أجوده يكون بِالْكُوفَةِ، وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهَا عربيّاً. وَأهل الْعرَاق يَضْربون الزبدَ بالنِّرْسيانِ مَثَلاً لما يستطاب.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (وأجررت المرسون رَسَنَه) . المرسون: الَّذِي جُعل عَلَيْهِ الرسن. يُقَال: رسنت الدَّابَّة وأرسنته؛ تُرِيدُ خلّيته وأهملته يرْعَى كَيفَ شَاءَ. أخبر عَن مسامحته وسماحة أخلاقه، وَتَركه التَّضْيِيق على أَصْحَابه.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: ثَمَرَة نرسيانة بِكَسْر النُّون؛ والجميع نرسيان.
س ر ف
سفر، سرف، فرس، فسر، رسف، رفس.
سرف: قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (الْإِسْرَاء: 33) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ: لَا يَقتُل غيرَ قَاتله، وَإِذا قَتلَ غيرَ قَاتله فقد أسرَف.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: السَّرَف: تجَاوز مَا حُدَّ لَك. والسَّرَف الْخَطَأ؛ وإخطاءُ الشَّيْء: وضعُه فِي غير مَوْضِعه.
قَالَ: والسَّرَف: الإغفال. والسَّرَف: الْجَهْل.
ورُوي عَن عائشةَ أَنها قَالَت: إِن لِلَّحم سَرَفاً كسَرَف الْخمر.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال: سَرِفْتُ الشيءَ، أَي: أخطأته وأغفَلْتُه.
وَقَالَ أَبُو زِيَاد الكلابيّ فِي حَدِيث: (أَرَدْتُكُم فَسَرِفْتُكم) ، أَي: أَخْطَأْتُكم.
وَقَالَ جرير يَمْدح بني أميّة:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوها ثمانيةٌ
مَا فِي عطائِهمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ(12/276)
يُرِيدُ أَنهم لم يُخطِئُوا فِي عَطِيَّتِهم، وَلَكنهُمْ وضَعوها موضِعَها.
وَقَالَ شَمِر: سَرَفُ الماءِ: مَا ذهب مِنْهُ فِي غير سقْي وَلَا نفع، يُقَال: أرْوَت البئرُ النخيلَ، وذهبَ بقيَّةُ الماءِ سَرَفاً؛ وَقَالَ الهُذَليّ:
فَكَأَنَّ أَوْساطَ الجَدِيَّةِ وَسَطَها
سَرَفُ الدِّلاءِ من القَلِيبِ الخِضْرِمِ
قَالَ: سَرِفْتُ يَمِينَه، أَي: لم أعرفهَا. وَقَالَ ساعِدَةَ الهُذَليّ:
حَلِفَ امرىءٍ بَرَ سَرِفْتِ يَمينَه
ولكلِّ مَا قَالَ النُّفوسُ مُجَرّبُ
يَقُول: مَا أخفَيتُ وَمَا أظهَرْت فإنّه سَيظْهر عِنْد التّجربة.
وَقَالَ سُفيانُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ} (الْفرْقَان: 67) ، أَي: لم يَضَعوه فِي غير مَوْضِعه، {وَلَمْ يَقْتُرُواْ} ، أَي: لم يقصِّروا بِهِ عَن حقّه.
قَوْله: {وَلَا تُسرِفوا} (الْأَعْرَاف: 31) : إِن الإِسراف أكلُ مَا لَا يحل أكله، وَقيل: هُوَ مُجَاوزَة الْقَصْد فِي الْأكل مِمَّا أحله الله.
وَقَالَ سُفْيَان: الْإِسْرَاف: أكل مَا أنفِق فِي غير طَاعَة الله.
وَقَالَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة: الْإِسْرَاف مَا قُصِّر بِهِ عَن حق الله. والسَّرَفُ: ضد الْقَصْد. وَقَوله تَعَالَى: {اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ} (غَافِر: 34) : كَافِر شَاك. والسَّرفُ: الجهلُ. والسرفُ: الإغفال، أردتكم فسرِفتكم، أَي: أغفلتكم.
وَقَالَ شمر: رُوي عَن محمّد بن عَمْرو أَنه قَالَ فِي قَول عَائِشَة: (إنّ للّحم سَرَفاً كسرَف الْخمر) ، أَي: ضَراوةً كضَراوة الْخَمر.
قَالَ شَمِر: لم أَسمَع أحدا ذَهَب بالسَّرَف إِلَى الضَّراوة، وَكَيف يكون ذَلِك تَفْسِيرا لَهُ وَهُوَ ضدّه، والضَّراوة للشَّيْء: كثرةُ الاعتياد لَهُ، والسّرَف بالشَّيْء: الجهلُ بِهِ إِلَّا أَن تصير الضَّراوة نفسُها سَرَفاً، أَي: اعتيادُه وكثرةُ شِرائه سَرَف.
وَفِي حَدِيث ابْن عمرَ أَنه قَالَ لرجل: إِذا أَتيتَ مِنًى، فانتهيتَ إِلَى موضِع كَذَا فَإِن هُنَاكَ سَرْحةً لم تُجْرَد وَلم تُسْرَف، سُرَّ تحتَها سَبْعُونَ نَبيا فَانْزِل تحتهَا.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ اليزيديّ: لم تُسرَف يَعنِي لم تُصِبْها السُّرْفة، وَهِي دُوَيْبَة صغيرةٌ تَثقُب الشّجر وتَبنِي فِيهَا بَيْتا. قَالَ: وَهِي الَّتِي يُضْرَب بهَا المَثَل فَيُقَال: أصنَع من سُرْفَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّرْفُ ساكنُ الرَّاء: مصدرُ سُرِفت الشّجرة تُسرَف سَرْفاً: إِذا وقعتْ فِيهَا السُّرْفة.
أَبُو عُبيد: السَّرِف: الْجَاهِل.
وَقَالَ طَرَفة:(12/277)
إنَّ امْرأ سَرِفَ الفُؤادِ يَرَى
عَسَلاً بماءِ سَحابةٍ شَتْمِي
والأُسْرُفُّ: الآتكُ، فارسيَّة معرّبة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَسرَف الرجلُ: إِذا جاوَزَ الْحَد، وأسرَف إِذا أخطأَ، وأسرَف: إِذا غَفَل.
سفر: قَالَ الله جلّ وَعز: { (مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ} {سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (عبس: 15، 16) .
قَالَ المفسِّرون: السفرة: الكَتَبَة، يَعْنِي الملائكةَ الَّذين يَكتُبون أعمالَ بني آدَم، واحدُها سَافر، مثل كاتِب وكَتَبة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: واعتباره بقوله: {لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ} {كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا} (الانفطار: 11، 12) ، وَإِنَّمَا قيل للْكتاب سِفْر وللكاتب سافِر، لأنَّ مَعْنَاهُ أَن يبيِّن الشيءَ ويوضِحه، وَمِنْه يُقَال: أسفَر الصبحُ: إِذا أضاءَ إضاءةً لَا يُشكّ فِيهِ.
وَمِنْه قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَسْفِروا بالفَجْر فَإِنَّهُ أعظَم لِلْأجرِ) يَقُول: صلُّوا صلاةَ الْفجْر بَعْدَمَا يتبيَّن الفجرُ ويَظهَر ظهوراً لَا ارتيابَ فِيهِ، فكلُّ من نَظَر إِلَيْهِ عَلِم أَنه الْفجْر الصَّادِق، وَمن هَذَا يُقَال: سفَرَت المرأةُ عَن وَجههَا: إِذا كشفتْ النِّقابَ عَن وَجههَا تَسفِر سفُوراً، وَمِنْه يُقَال: سفَرْتُ بَين القومِ أسفِر سفَارَةً: إِذا أصلحتَ بَينهم وكشفتَ مَا فِي قَلْب هَذَا وقلبِ هَذَا لتُصلح بَينهم. والسَّفِير: المُصلِح بَين النَّاس، قَالَه أَبُو عُبَيد.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: السَّفير: الرسولُ المُصلِح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السفَر: إسفارُ الْفجْر.
وَقَالَ الأخطل:
إنِّي أبِيتُ وهَمُّ الْمَرْء يَصْحَبُهُ
من أوّل اللَّيل حَتَّى يُفْرِجَ السفَرُ
يُرِيد الصُّبْح، يَقُول: أبِيتُ أسرِي إِلَى انفِجار الصّبح.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة وَذكر قوم لوط: أَو تُتُبِّعت أسفارهم بِالْحِجَارَةِ، يَعْنِي الْمُسَافِر مِنْهُم يَقُول: رُمُوا بِالْحِجَارَةِ حَيْثُ كَانُوا فألحقوا بِأَهْل الْمَدِينَة.
يُقَال: سَافر وسفْر، ثمَّ أسافر جمع الْجمع.
وَسُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَل عَن الإِسفار بِالْفَجْرِ فَقَالَ: هُوَ أَن يَضِحَ الفجرُ حَتَّى لَا يُشَكّ فِيهِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ إِسْحَاق، وَهُوَ قولُ الشافعيّ وذوِيه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} (عبس: 38) .
قَالَ الفرَّاء: أَي: مشرِقة مضيئة، وَقد أسفَر الصبحُ وأسفَر الْوَجْه.
قَالَ: وَإِذا ألقَت المرأةُ نِقَابها قيل: سفَرتْ فَهِيَ سافِرٌ بغيرِ هَاء. والسُّفْرة: الَّتِي يُؤكَل(12/278)
عَلَيْهَا، سُمّيتْ سفْرة لِأَنَّهَا تُبسط إِذا أُكل عَلَيْهَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن عمَر دخل على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله بيتَه فَقَالَ: (لَو أمرتَ بِهَذَا الْبَيْت فسفِر) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: قَوْله: فسفِر، أَي: كُنِس، يُقَال: سفَرْتُ البيتَ وغيرَه: إِذا كنستَه، فَأَنا أسفِره سفرا، وَيُقَال للمِكنسة: المِسفَرة. وَمِنْه قيل لِما سقَط من وَرَق العُشْب: سفِير، لأنّ الرّيح تَسفِره.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
وَحَائِل من سَفِير الحَوْل جائِلُهُ
حَوْلَ الجَراثِين فِي ألوانِ شَهَبٌ
يَعْنِي الْوَرق تغيّر لونُه فحالَ وابيَضّ بعد مَا كانَ أخضَرَ.
وَيُقَال: سفَرَت الرِّيحُ الغَيْمَ عَن وجهِ السَّمَاء: إِذا كَشَطَتْه عَنهُ، وأنْشَدَ:
سَفْرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجَا
حَدثنَا السَّعْدِيّ عَن أَحْمد بن مُصعب عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عمرَان بن مُسلم عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: قَالَ عمر: صَلَاة الْمغرب فِي الفجاج مُسفرة. قَالَ أَبُو مَنْصُور: معنى قَوْله: أَي بيّنة مبصَرة لَا تخفى. وَفِي الحَدِيث: صَلَاة الْمغرب يُقَال لَهَا: صَلَاة الْبَصَر؛ لِأَنَّهَا تُؤَدّى قبل ظلمَة اللَّيْل الحائلة بَين الإبصار والشخوص. والسَّفَرُ: سفران: سفرُ الصُّبْح، وسفَرُ الْمسَاء.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: كَثُرَتْ السافِرَةُ بِموضع كَذَا، يَعْنِي المُسافِرين. قَالَ: والسَّفْر: جمعُ سافِر وسفْر أَيْضا. ورجلٌ مِسْفَر: إِذا كَانَ قويّاً على السَّفر، وَالْأُنْثَى مِسْفَرة.
قلت: وسمّي الْمُسَافِر مُسَافِرًا لكشفِه قِناعَ الكِنِّ عَن وَجهه ومنازل الْحَضَر عَن مَكَانَهُ ومنزل الْخَفْض عَن نَفسه، وبرُوزِه إِلَى الأَرْض الفضاء. وسُمِّيَ السَّفَر سفَراً لِأَنَّهُ يُسْفِر عَن وُجُوه الْمُسَافِرين وأخلاقِهِمْ فيَظْهِر مَا كَانَ خافياً مِنْهَا. وَيُقَال لبقيّةِ بياضِ النَّهَار بعد مَغيب الشَّمْس: سَفَرٌ لِوُضوحه وَمِنْه قولُ الساجع: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سفَراً لَهَا، لم تَرَ فِيهَا مَطَراً. أَرَادَ طلوعَها عِشاء. وَيُقَال: سافَر الرجلُ إِذا مَاتَ؛ وأنْشَد:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعَانَ بْنِ عَمْرٍ
وأنَّهُ يَوْمًا مُسافِرْ
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو زيد: السفارُ: سفارُ البَعير، وَهِي الحديدةُ الَّتِي يُخطم بهَا الْبَعِير.
قَالَ أَبُو زيد: وأَسفَرْتُ البَعيرَ إسفَاراً.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: سفَرْت البعيرَ بالسفار بِغَيْر أَلف.
وَقَالَ اللَّيْث: السفارُ: حَبْلٌ يُشَدُّ طرفُه(12/279)
عَلَى خِطام الْبَعِير فيُدار عَلَيْهِ ويُجْعَل بقيَّته زِماماً، وَرُبمَا كَانَ السفارُ من حَدِيد، وجمعُه الأسفِرَة، وأمّا قولُ الله جلَّ وَعز: {يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ} (الْجُمُعَة: 5) ، فَإِن الزّجّاج قَالَ: الأسفارُ: الْكتب الْكِبَار، وَاحِدهَا سفْر، أعلَمَ اللَّهُ أنَّ اليَهودَ مَثَلُهم فِي تَركهم استِعمالَ التَّوْرَاة وَمَا فِيهَا كَمَثَلِ الْحمار يُحْمَلُ عَلَيْهِ الكُتُب وَهُوَ لَا يَعرِف مَا فِيهَا وَلَا يَعِيها. وواحدُ الْأَسْفَار: سفْرٌ، يُقَال: السّفر مقدَّم رأسِه من الشَّعْر: إِذا صَار أَجْلَح. وانسفَرَتْ الْإِبِل: إِذا ذَهَبَتْ فِي الأرْض. وفرسٌ سافِرُ اللَّحْمِ: أَي قَلِيلُهُ. وَقَالَ ابنُ مُقْبِل:
لَا سافِرُ اللَّحمِ مَدْخُولٌ وَلَا هَيجٌ
كاسِي العِظامِ لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المُسفَّرَة: كُبَّة الغَزْل.
ورُوِي عَن سعيد بنِ المُسَيِّب أَنه قَالَ: لَوْلَا أصواتُ السافِرة لسمعتم وَجْبَة الشَّمس. قَالَ: والسافرة: أمّةٌ من الرُّوم جَاءَ متَّصلاً بِالْحَدِيثِ ووجبةُ الشَّمْس: وُقوعُها إِذا غَرَبَتْ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ قَالَ: السفْسير: الفَيْجُ، والتّابع وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه فِي قَول أَوْس:
مِن الفَصافِصِ بالنُّمِّيّ سفْسيرُ
إنّه يَعْنِي السمسارَ.
قلت: وَهُوَ معرّب عِنْده. وَقَالَ شمر: هُوَ القيّمُ بِالْأَمر الْمُصلِح لَهُ، وَأنكر أَن يَكونَ بيّاعَ القَتّ. وَيُقَال للثور الوحشيّ: مُسَافر ونابىء وناشط وَقَالَ:
كَأَنَّهَا بعد مَا خفّتْ ثَمِيلَتُهَا
مسافرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسفَرُ: الْأَثر يبْقى عَلَى جِلد الْإِنْسَان وغيرِه، وَجمعه سفور. قَالَ أَبُو وجزَة:
لقد ماحت عَلَيْك مؤبَّدَاتٌ
يلوح لهنَّ أندابٌ سفُورُ
قَالَ ابْن عَرَفَة: سُمِّيت الْمَلَائِكَة سُفَرةٌ لأَنهم يَسفِرون بَين الله وَبَين أنبيائه. قَالَ أَبُو بكر: سمُّوا سفرةً لأَنهم ينزلون بِوَحْي الله وتأديته، وَمَا يَقع بِهِ الصّلاح بَين النَّاس، فشُبِّهوا بالسفير الَّذِي يصلح بَين الرجلَيْن فيصلح شَأْنهمَا.
فرس: سلَمة عَن الْفراء قَالَ: الفِرسة: الحَدْبة، والفَرْصَة: رِيحُ الحَدَب. والمَفْزُورُ والمَفْرُوس: الأحدَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَرَس السَّبُعُ الدابّة فَرْساً: إِذا دَقّ عُنُقُه.
وَقَالَ: الأَصْل فِي الفَرْس: دَقُّ العُنُق، ثمَّ جُعِل كلُّ قَتْل فَرْساً.
يُقَال: ثورٌ فَرِيس، وبقرةٌ فَريس، وَيُقَال للرجل إِذا ذَبح فنَخع: قد فَرس. وَقد كُرِه الفَرْسُ فِي الذَّبيحة. رَوَاهُ أَبُو عُبيد بإسنادٍ لَهُ عَن عُمر.(12/280)
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الفَرْس: هُوَ النَّخْع. يُقَال: فَرَسْتُ الشاةَ ونَخْعتُها، وَذَلِكَ أَن يَنتهيَ بالذبْح إِلَى النُّخاع، وَهُوَ الخَيْط الَّذِي فِي فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فَهِيَ أَن يُنتهىَ بِالذبْحِ إِلَى ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أما النَّخْع فعلى مَا قَالَ أَبُو عُبيدة. وَأما الفَرْس فقد خُولِف فِيهِ، فَقيل: هُوَ الْكسر، كَأَنَّهُ نهَى أَن تُكسَر رقبةُ الذَّبِيحَة قبلَ أَن تَبرُد، وَبِه سمّيت فريسة الْأسد للكسْر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْسُ بِالسِّين الْكسر وبالصاد: الشَّقّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الفَرْس: أَن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أَن تُذبح الشَّاة قَالَ: والفَرْس: رِيح الحَدب، والفِرْس أَيْضا ضَرْبٌ من النَّبَات، واختلَف الأعرابُ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو المكارم: هُوَ القَضْقاض.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ الشِّرْشِر. وَقَالَ غَيره: هُوَ الحَبْن. وَقَالَ غَيره: هُوَ البَرْوَق.
قَالَ: ويكنَى الأسدُ: أَبَا فِراس، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: من أَسماء الأَسد: الفِرْناسُ، مَأْخُوذ من الفَرْس وَهُوَ دقُّ العُنُق وَالنُّون زَائِدَة.
الْأَصْمَعِي: يُقَال: فارسٌ بيّنُ الفُروسة والفَراسة، وَإِذا كَانَ فَارِسًا بعَينه ونَظَره فَهُوَ بيّن الفِرَاسة بِكَسْر الْفَاء.
وَيُقَال: إِن فلَانا لفارِسٌ بذلك الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.
وَيُقَال: اتّقُوا فِراسة الْمُؤمن، فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله. وَقد فَرُس فلَان يَفرسُ فُروسة وفَراسةً: إِذا حَذق أمرَ الْخَيل.
وَيُقَال: هُوَ يتفرّس: إِذا كَانَ يُرِي الناسَ أَنه فَارس على الْخَيل.
وَيُقَال: فلانٌ يتفرَّس: إِذا كَانَ يَتثبَّتُ ويَنظُر.
وروَى شَمِر بإسنادٍ لَهُ حَدِيثا أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَرَض يَوْمًا الخيلَ وعندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري، فَقَالَ لَهُ: (أَنا أعلمُ بِالْخَيْلِ مِنْك) ، فَقَالَ عُيَيْنة: وَأَنا أعلم بِالرِّجَالِ مِنْك. فَقَالَ: خِيارُ الرِّجَال الَّذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم، ويعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كذبتَ، خِيارُ الرِّجَال رجالُ أهلِ الْيمن، الإيمانُ يَمانٍ وَأَنا يَمانٍ) .
وَفِي حديثٍ آخر: (وَأَنا أَفْرَس بِالرِّجَالِ مِنْك) ، يُرِيد: أبصَر.
يُقَال: رجلٌ فَارس بيّن الفُروسة والفَراسة فِي الْخَيل، وَهُوَ الثَّبَات عَلَيْهَا والْحِذْق بأمرِها. قَالَ: والفِراسة بِكَسْر الْفَاء فِي النّظر والتثبّت والتأمّل للشَّيْء والبَصَر بِهِ.
يُقَال: إِنَّه لفارسٌ بِهَذَا الْأَمر: إِذا كَانَ عَالما بِهِ.(12/281)
وَفِي حديثٍ آخر: (أفرَسُ النَّاس ثَلَاثَة) ، ثمَّ ذكَر الحَدِيث.
وَفِي حديثٍ آخر: (عَلِّموا رجالَكم العَوْم والفَرَاسة) .
قَالَ: والفَراسة: العِلْم بركوب الْخَيل ورَكْضِها.
قَالَ: والفارس: الحاذقُ بِمَا يمارس من الْأَشْيَاء كلِّها، وَبهَا سمّيَ الرجُل فَارِسًا.
وَفِي حديثِ يأجوجَ ومأجوجَ: (إنّ الله يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى) ، أَي: قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ، وَمِنْه فَريسة الْأسد. وفَرْسى جمعُ فَريس، مِثلُ قَتِيل وقَتلى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال أصابتْه فَرْسة: إِذا زَالَت فَقْرةٌ من فِقَر ظَهره. وَأما الرّيح الَّتِي يكون مِنْهَا الحَدَب فَهِيَ الفَرْصة بالصَّاد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَراس: تَمرٌ أسوَد، وَلَيْسَ بالشِّهْرِيز، وأَنشد:
إِذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً
على الأَنْباكِ مِنْهُم والغُيوبِ
قَالَ: والأَنباكُ: التِّلال.
ابْن السكّيت: الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق، ثمَّ صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً، وبالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس، وَقد رأيتُها. والفِرْس: ضَربٌ من النَّبت.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرِيس: حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ فِي طرف الحَبْل، وَأنْشد غَيره:
فَلَو كَانَ الرِّشا مائتَين باعاً
لَكَانَ مَمَرُّ ذَلِك فِي الفَرِيسِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الفَرْسة: قَرحة تكون فِي الْعُنُق فتَفْرِسها.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفرسة: الحدب.
قَالَ: والفِرسة بِكَسْر الْفَاء: الحَدب. قَالَ: والأحدب مفروس، وَمِنْه فرست عُنُقه.
وَفِي حَدِيث الضَّحَّاك فِي رجل آلَى من امْرَأَته ثمَّ طَلقهَا، قَالَ: هما كفرسيْ رِهان، أَيهمَا سبق أُخِذ بِهِ. تَفْسِيره: بِأَن الْعدة وَهِي ثَلَاث حيض، إِذا انْقَضتْ قبل انْقِضَاء إيلائه وَهُوَ أَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ الْمَرْأَة بِتِلْكَ التطليقة، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ من الْإِيلَاء؛ لِأَن الْأَرْبَعَة الْأَشْهر تَنْقَضِي وَلَيْسَت لَهُ بِزَوْج، وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة الْأَشْهر وَهِي فِي الْعدة بَانَتْ مِنْهُ بالإيلاء مَعَ تِلْكَ التطليقة، فَكَانَت اثْنَتَيْنِ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: فارسٌ فِي النَّاس بيّن الفَراسة، والفِراسة وعَلى الدَّابَّة بيّن الفروسية والفرُوسةِ لُغَة فِيهِ.
فسر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَسْرُ: كشفُ مَا غُطِّيَ.(12/282)
وَقَالَ اللَّيْث: الفَسْر: التَّفْسِير وَهُوَ بيانٌ وتفصيلٌ للْكتاب.
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّفْسِير والتأويل، وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّفْسِرةُ: اسمٌ للبَوْل الَّذِي يَنظُر فِيهِ الْأَطِبَّاء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل وكلُّ شَيْء يُعْرَف بِهِ تَفْسِير الشَّيْء وَمَعْنَاهُ فَهُوَ تَفسرَته.
وَقَوله عز وَجل: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} (الْفرْقَان: 33) ، الفَسرُ: كشف المغطَّى.
وَقَالَ بَعضهم: التَّفْسِير: كشف المُرَاد عَن اللَّفْظ الْمُشكل. والتأويل: رد أحد المحتملين إِلَى مَا يُطَابق الظَّاهِر.
رسف: قَالَ اللَّيْث: الرَّسْف والرَّسِيف والرَّسَفان: مَشْيُ المقيّد، وَقد رَسَف فِي القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فَهُوَ راسف.
أَبُو الْهَيْثَم عَن نصير: يُقَال للبعير إِذا قَارب الخطو وأسرع الْإِجَارَة، وَهِي رفع القوائم ووضعها: رَسف يرسُف. فَإِذا زَاد عَن ذَلِك فَهُوَ الرَّتَكان. ثمَّ الْحَفْد بعد ذَلِك.
رفس: قَالَ اللَّيْث: الرَّفْسَةُ: الصَّدمة بالرِّجل فِي الصَّدر. يُقَال: رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.
س ر ب
سرب، سبر، رسب، ربس، بسر. برس.
رسب: قَالَ اللَّيْث: الرُّسوبُ: الذَّهابُ فِي المَاء سفْلاً. وَالْفِعْل رَسب يَرْسب.
قَالَ: وَالسيف الرَّسوبُ: الْمَاضِي فِي الضريبة، الغائبُ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: كَانَ لخَالِد بن الْوَلِيد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً، وَفِيه يَقُول:
ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ
بصارمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيق
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
قُبِّحْتَ من سالفةٍ ومِن قَفَا
عبدٌ إِذا مَا رَسَب القومُ طَفَا
قَالَ أَبُو العبّاس: مَعْنَاهُ: أَن الحُكَماء إِذا مَا تَرزَّنوا فِي مَحافِلهم طَفَا هُوَ بجَهْله، أَي: نَزا بجهله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المرسب: الأواسِي. والرَّسُوب: الْحَكِيم. وَفِي (النّوادر) : الرَّوْسَب والرَّوْسَم: الداهية.
ربس: قَالَ اللَّيْث: الرَّبْسُ مِنْهُ الارتباس؛ يُقَال: عُنقودٌ مرتَبس، وَمَعْنَاهُ: انهضامُ حَبِّه وتداخُلُ بعضِه فِي بعض، وكبشٌ رِبيس ورَبِيز، أَي: مكتنزٌ أَعجَر.
ابْن السّكيت: الرَّبِيس من الرِّجال: الشُجاع.(12/283)
وأَنشَد:
ومِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جَاءَ بمالٍ ربيس، أَي: كثير. وَجَاء بالدِّبْس والرَّبْس وهما الداهية. وَقَالَ أَبُو زيد: جِئْت بأمورٍ دُبْس وبأمورٍ رُبْس، وَهِي الدّواهي بِالدَّال وَالرَّاء.
أَبُو عُبيد عَن الأمويّ: اربَسَّ الرجلُ اربساساً، أَي: ذَهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ارْبسّ: إِذا غَدا فِي الأَرْض.
برس: ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء، وَأَبُو عُبيد عَن الأَصْمَعِي: البُرْسُ: القُطْن، وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ قُطن البَرْدِيّ.
وأَنشَد:
كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ
وبَرْبَسْتُ فلَانا، أَي: طَلَبتُه.
وأَنشَد:
وبَرْبَسْتُ فِي تَطْلابِ أرضِ ابْن مالكٍ
فأعجَزَني والمرءُ غيرُ أَصيلِ
ابْن السّكيت: يُقَال جَاءَ فلَان يَتبربس، أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ دُكين:
فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس
أَي: يمشي مشياً خفيّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَاءَنَا فلَان بتبربس: إِذا جَاءَ متبختراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِرْباسُ: البئرُ العَمِيقة. قَالَ: والبَرْس: حَذاقَة الدَّليل. وبرَسَ: إِذا تَشدَّد على غَرِيمه.
سبر: الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّبْرُ: مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً: إِذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه، وَيُقَال: إِنَّه لحَسَن السِّبْر: إِذا كَانَ حَسَن السَّحَناء والهَيْئة، والسَّحْناء اللّون، وجمعُه أَسْبار.
وَفِي الحَدِيث: (يَخرُج رجلٌ من النَّار قد ذَهَب حِبْرُه وسِبْرُه) ، أَي: هَيئته.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّبْر: اسْتِخْرَاج كُنْه الأَمْر. والسَّبْر: حُسْن الوَجه، وَمِنْه الحَدِيث: (قد ذهب حِبْرُه وسِبرهُ) . والمَسْبور: الحَسْن السبْر. وَفِي حَدِيث الزُّبير أنّه قيل لَهُ: مُرْبَنِيك فليتزوّجوا فِي الغَرانب، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر ونُحولُه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّبر هَهُنَا الشَّبَه. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن، فأمَرَه الرجُل أَن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لَهُم حُسنُ أبي بكر وشدّة غَيره.
وَقَالَ أَبُو زَيد: السِّبر: مَا عرفت بِهِ لؤمَ الدَّابَّة أَو كرمها أَو لَوْنهَا من قِبَل أَبِيهَا. والسبْرُ أَيْضا: معرفتك الدَّابَّة بخِصب أَو جَدْب.
وَيُقَال: عرفتُه بسبر أَبِيه، أَي: بهَيْئته(12/284)
وشَبَهِه وَقَالَ الشَّاعِر:
أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل
وهَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ
علينا سبْرُهُ ولِكلّ فَحْلٍ
على أولادِه مِنْهُ نِجارُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّبْرة: طَائِر: تصغيرُه سُبَيرة.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: السُّبَر والنُّهس: طائران.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبَر: طائرٌ دونَ الصَّقر. وأَنشَد:
حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ والسُّبُر
قَالَ: والسَّبر: من أَسماء الأَسَد. وَلم أسمعهُ لغير اللَّيْث. وَقَالَ المؤرّج فِي قَول الفرزدق:
بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو
خَوادِرُ فِي الأخْياسِ مَا بَينهَا سِبْرُ
قَالَ: مَعْنَاهُ: مَا بينَها عَدَاوَة. قَالَ: والسِّبر: الْعَدَاوَة، وَهَذَا غَرِيب.
وَقَالَ اللّيث: السبر: التجربة، وَيُقَال: اسْبرُه مَا عندَ فلَان، أَي: ابلُه. قَالَ: والمِسبار: مَا يُقدَّر بِهِ غَوْر الجِراحات، قَالَ: والسِّبار: فَتيلةٌ تُجعَل فِي الجُرح.
وأَنشَد:
ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا
وَحدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا الْمحَاربي عَن مُسَافر الْعجلِيّ عَن الْحسن عَن أنس قَالَ: لم يخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي سفر قطّ إِلَّا قَالَ حِين ينْهض من جُلُوسه: (اللَّهُمَّ بك ابتسرْت، وَإِلَيْك تَوَجَّهت، وَبِك اعتصمت، أَنْت رَبِّي ورجائي. اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أهمني وَمَا لم أهتم بِهِ؛ وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني. وزودني التَّقْوَى، واغفر لي ذَنبي، ووجهني للخير حَيْثُ تَوَجَّهت) ثمَّ يخرج.
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله: (ابتسرت) ، أَي: ابتدأت سَفَرِي. وكلّ شَيْء أخذتَه غضاً فعد بسرته.
وَمِنْه قَول لبيد:
بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه
والبَسْرُ: المَاء الطري سَاعَة ينزل من المزن.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الْوضُوء فِي السَّبرَات.
قَالَ أَبُو عُبيد: السَّبْرة: شِدّة البَرْد.
وأَنشَد قولَ الحطيئة يصف الْإِبِل:
عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها
يُباكِرْنَ حَدَّ المَاء فِي السبراتِ
يَعْنِي شدّه بَرْد الشّتاء والسَّنة.(12/285)
بسر: قَالَ الله جلّ وَعز: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} (الْقِيَامَة: 24) .
وَقَالَ تَعَالَى: {نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ} (المدثر: 22) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: (بَسَر) ، أَي: نظر بكراهية شَدِيدَة. وَقَوله عز وَجل: {) نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} ، أَي: مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أَن الْعَذَاب نازِلٌ بهَا.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فَذَلِك البَسَر، وَقد بَسَرها الفحلُ فَهِيَ مَبْسورة.
قَالَ شمر: وَمِنْه يُقَال: بَسَرْتُ غَريمي: إِذا تقاضيته قبل محلّ المَال. وبَسَرْت الدُّمُّل: إِذا عَصَرْتَه قبل أَن يتقيّح، وَكَأن البَسْر مِنْهُ.
أَبُو عُبَيْدَة: إِذا هَمت الْفرس بالفحل وأرادت أَن تستودق، فَأول وداقها المباسرة وَهِي مباسِرة، ثمَّ تكون وديقاً. والمباسِرَةُ: الَّتِي هَمت بالفحل قبل تَمام وداقها: فَإِذا ضربهَا الحصان فِي تِلْكَ الْحَال فَهِيَ مبسورة.
قَالَ شمر: وبَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً: إِذا رعيتَه غَضّاً وكنتَ أوّلَ من رَعاه.
وَقَالَ لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه
بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ
سَلَمةَ عَن الفرّاءِ قَالَ: البُسْرُ: الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن، والبَسْرُ: حَفْرُ الْأَنْهَار إِذا عَرا الماءُ أوطانَه.
قلتُ: وَهُوَ التبسّر؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرْض عَنهُ
تبسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسارَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَنَاتُ الأَرْض الأنهارُ الصِّغار، وَهِي الغُدْرانُ فِيهَا بَقايا المَاء، وَيُقَال للشمس بُسْرَة: إِذا كَانَت حَمْراء لم تَصْفُ؛ وَقَالَ البَعِيثُ يذكرهَا:
فَصَبَّحَه والشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ
بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ
وَقَالَ أَبو عُبيدة: إِذا همّت الفَرسُ بالفحْل وَلم تَسْتَوْدِق فَهُوَ مباسَرة، ثمَّ تكون وَدِيقاً؛ فَإِذا سفِدَها الحِصان فِي تِلْكَ الْحَال قيل: تَبَسَّرَها وبَسَرَها.
ورُوِيَ عَن الأشجع العَبْدِيّ أَنه قَالَ: لَا تَبْسُروا وَلَا تَثْجُروا؛ فَأَما البَسْرُ فَهُوَ خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب وانْتِبَاذُهُما مَعاً. والثَّجْرُ: أَن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مَعَ التَّمر، وكرِه هَذَا حِذار الخليطين؛ لنهي النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا. والبُسْر: مَا لَوَّنَ وَلم يَنضَج، وَإِذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدار فَهُوَ جَدالٌ، فَإِذا عَظُمَ فَهُوَ البُسْرُ، فَإِذا احْمَرَّت فَهِيَ شِقْحَةٌ.
اللَّيْث: البسرَة من النّبات مَا قد ارْتَفع عَن وَجْه الأَرْض ولَم يَطُل وَهُوَ غَضٌّ أطيَب(12/286)
مَا يكون، وأَنشد:
رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً
وصَمْعَاءَ حَتَّى آنَفَتْهَا فِصالْها
والبَيَاسِرَةُ: جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم، ورجُلٌ بَيْسرِي. والبِسَارُ: مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد فِي الصَّيف لَا يُقلِع عَنْهُم سَاعَة، فَتلك أيَّامُ البِسار.
والبَاسورُ: داءٌ مَعروفٌ، وَهُوَ معرَّب ويُجْمَع البواسير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البسرةُ رأسُ قضيبِ الْكَلْب، والمبْسُور: طالبُ الْحَاجة فِي غير موضعِها. وبَسَر النهرَ: إِذا حفر فِيهِ بِئْرا وَهُوَ جافّ؛ وَأنْشد:
تَبَسّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسَارَا
وَقَالَ: انبَسَر وبَسَرَ: إِذا خَلَط البُسْرَ بِالتَّمْرِ أَو الرطب فَنَبَذَهُما. وأَبْسرَ وبَسَرَ: إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه، وأَبْسَرَ: إِذا حَفَرَ فِي أرضٍ مَظْلومة.
سرب: قَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} (الرَّعْد: 10) ، قَالَ: ساربٌ بِالنَّهَارِ أَي ظاهرٌ بِالنَّهَارِ؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
قَالَ: (وسارِبٌ بِالنَّهَارِ) ظاهرٌ بِالنَّهَارِ فِي سِرْبِه؛ يُقَال: خَلِّ لَهُ سِرْبَه، أَي: طَرِيقَه. فَالْمَعْنى: الظاهرُ فِي الطُّرُقات، والمستخفِي فِي الظُّلُماتِ، والجاهرُ بِنُطْقه، والمُضْمِرُ فِي نَفسه، عِلْمُ الله تَعَالَى فيهم سَوَاء.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله عز وَجل: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ} ، أَي: ظَاهر. والسارب: المتواري.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: المستخفِي: الْمُسْتَتر. قَالَ: والساربُ: الظَّاهِر، الْمَعْنى الظَّاهِر والخفِيّ عِنْده واحِدٌ.
وَقَالَ قَتَادة فِي قَوْله: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} : ظَاهر، وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عبَّاس.
وَقَالَ قُطْرُب: (ساربٌ بالنّهار) ومستتر، يُقَال: انسَرَبَ الوحشُ: إِذا دخلَ فِي كِنَاسِه.
قلت: تَقول العَرَب: سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ، وسَرَبَ الفحلُ سُرُوباً، أَي: مضتْ فِي الأَرْض ظَاهِرَة حَيْثُ شَاءَت. وَقَالَ الْأَخْنَس بن شهَاب التّغْلبي:
وكلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ
وَنحن خَلَعْنَا قَيْدَه فَهُوَ سَارِبُ
وأمّا الانسِراب فَهُوَ الدُّخُول فِي السّرَب كَمَا قَالَ. وَفِي الحَدِيث: (من أصبحَ آمنا فِي سِرْبِه) أَخْبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السِّرْبُ: النَّفْسُ، بِكَسْر السِّين. وفلانٌ آمِنٌ فِي سِرْبِه، أَي: فِي نَفْسِه، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السكّيت. قَالَ: والسِّرْبُ أَيْضا بالكَسْر: القَطيع من(12/287)
الظِّبَاء والبَقَر والنِّساء.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السِّرْب والسُّرْبة من القَطا والظِّباء والشَّاء: القَطِيعُ.
وَيُقَال: فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب، أَي: وَاسعُ الصَّدر، بَطِيءُ الغَضَب. قَالَ: وفلانٌ آمنٌ فِي سِرْبه بِالْكَسْرِ. وَأما السَّرْبُ بِالْفَتْح فَإِن ابْن السكّيت قَالَ: السَّرْبُ: المالُ الرّاعي يُقَال: أَغير على مَال سَرْب بني فلَان وَيُقَال للْمَرْأَة عِنْد الطَّلَاق: اذهبِي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. وَنَحْو ذَلِك.
حَكَى أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أَنِّي لَا أَرُدُّ إبلك لتذهب حَيْثُ شَاءَت وأَصْلُ النَّدْه: الزَّجْرُ. وَقَالَ غَيره: كَانَ هَذَا من طَلاق أهلِ الْجَاهِلِيَّة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: خَلِّ سَرْبَ الرجل بِالْفَتْح، أَي: خَلِّ طريقَه قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: خل سِرْبَ الرَّجُل بِالْكَسْرِ. وَأنْشد بَيت ذِي الرّمة:
خَلَّى لَهَا سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهَا
مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ
قَالَ شمر: الرِّوَايَة: خَلَّى لَهَا سَرْبَ أُولاها بالفَتح.
قلتُ: وَهَكَذَا سمعتُ العَرَبَ تَقول: خَلِّ سَرْبَه، أَي: طَرِيقه.
وَكَانَ الْأَخْفَش يَقُول: أصبح فلانٌ آمِناً فِي سَرْبه بِالْفَتْح، أَي: فِي مَذْهبه ووَجْهه. والثِّقاتُ من أهل اللّغة قَالُوا: أصبح آمِناً فِي سِرْبه، أَي: فِي نَفْسِه.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: سَرِّبْ عليَّ الْإِبِل، أَي: أَرْسِلْها قِطْعَة قِطْعَة. قَالَ: وَيُقَال: خَرَج الماءُ سَرِباً، وَذَلِكَ إِذا خرج من عُيون الخُرَز؛ وَيُقَال: سَرِّب قِرْبَتَك، أَي: اجْعَل فِيهَا الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ؛ وأَنشد قَول جرير:
نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ
كَمَا عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السرَب: الماءُ السَّائِل.
قَالَ: وَقَالَ الْأمَوِي: السَّرَب: الْخَرز. وَأما قَوْله:
كَأَنَّهُ من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ
فَإِن الروَاة رَوَوْهُ بِالْفَتْح، وَقَالُوا: السَّرَبُ: المَاء. والسربُ: السَّائِل.
يُقَال: سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً: إِذا سَالَ فَهُوَ سَرِب.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} (الْكَهْف: 61) ، قَالَ: كَانَ الْحُوت مالحاً، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من الْعين فوَقَع فِي الْبَحْر جَمَد مَذْهَبُه فِي الْبَحْر، فَكَانَ كالسَّرَب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَت فِيمَا رؤيَ سَمَكةً مملوحةً، وَكَانَت آيَة لمُوسَى فِي الْموضع الّذي يَلقَى فِيهِ الْخَضِر، فاتّخذ سبيلَه فِي البحرَ سَرَباً، أَحْيَا الله تَعَالَى السّمكةَ حتّى(12/288)
سَرَبتْ فِي البحرَ قَالَ: (وسَرَبا) منصوبٌ على جِهَتَيْنِ: على الْمَفْعُول، كَقَوْلِك: اتّخذتُ طريقي فِي السَّرَب، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كَذَا وَكَذَا، فَيكون مَفْعُولا ثَانِيًا؛ كَقَوْلِك: اتّخذت زيدا وَكيلا. قَالَ: وَيجوز أَن يكون (سَرَباً) مصدرا يَدُلَّ عَلَيْهِ (اتّخذ سبيلَه فِي الْبَحْر) ؛ فَيكون الْمَعْنى: نَسِيَا حُوتَهما. فجَعل الحوتُ طريقَه فِي الْبَحْر، ثمَّ بيّن كَيفَ ذَلِك، فكأنّه قَالَ: سَرِب الحوتُ سَرَباً.
وَقَالَ المُعْترِض الظَّفرى فِي السَّرب وَجعله طَرِيقا:
تركنَا الضَّبع سَارِيَة إِلَيْهِم
تنوب اللحمَ فِي سَرَب المَخِيم
قيل: تنوبه، تَأتيه. والسَّربُ: الطَّرِيق. والمَخِيمُ: اسْم وَاد؛ وعَلى هَذَا معنى الْآيَة: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ} (الْكَهْف: 61) ، أَي: سَبِيل الْحُوت طَرِيقا لنَفسِهِ، لَا يحيد عَنهُ. الْمَعْنى: اتخذ الْحُوت سَبيله الَّذِي سلكه طَرِيقا اطّرقه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً} قَالَ: أظنّه يُرِيد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً؛ كَقَوْلِك: يَذهَب ذَهاباً.
وَقَالَ شمِر: الأَسراب من النَّاس: الأَقاطيع، واحدُها سِرْب. قَالَ: وَلم أَسمَع (سِرْبَ) فِي النَّاس إِلَّا للعجّاج:
ورَبِّ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً، أَي: يَجرِي جَرْياً؛ يُقَال: سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السراب: مَا لَصِقَ بِالْأَرْضِ، والآلُ: الّذي يكون ضُحًى كالمُلاَء بَين السَّماء وَالْأَرْض.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السراب: الّذي يَجرِي على وَجْه الأَرْض كأنّه المَاء، وَهُوَ يكون نِصفَ النَّهَار، وَهُوَ الّذي يَلصِق بِالْأَرْضِ؛ وَفِي صفة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ دقيقَ المَسْرُبَة؛ قَالَ أَبُو عبيد: المَسرُبة: الشَّعْرُ النَّابِت وَسطَ الصَّدْر إِلَى البَطْن؛ وأَنشَد:
الآنَ لما ابيَضَّ مَسْرُبَتي
وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: سُرِب الرجلُ فَهُوَ مَسروب سَرْباً، وَهُوَ دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الْإِنْسَان وفمه ودُبُرَه فَيَأْخذهُ حَصَرٌ عَلَيْهِ فرُبما أفرَق وربّما مَاتَ وَالِاسْم الأُسرُبُ.
وَقَالَ شمِر: الأُسرُبُ مخفف الْبَاء، وَهُوَ بالفارسيّة سُرْب.
قَالَ أَبُو عبيد: مَسربةُ كلّ دَابَّة: أعاليه من لدن عُنُقه إِلَى عَجْبه، وَأنْشد:
جلال أَبوهُ عمُّه وَهُوَ خَاله
مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ
قَالَ: أقرابه: مَراقّ بَطْنه. قَالَ الشَّيْخ:(12/289)
وَفِي الحَدِيث فِي الِاسْتِنْجَاء بِالْحِجَارَةِ يمسح صفحتيه بحجرين، وَيمْسَح بالثالث المَسْرُبة، يُرِيد أَعلَى الْحلقَة. وَقَالَ بَعضهم: السُّربة: كالصُّفة بَين الغرفة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: تسرّبْتُ من المَاء وَمن الشَّرَاب، أَي: تملأتُ مِنْهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل إِذا حَفَر: قد سرَّب: أَي: أخَذَ يَميناً وشِمالاً. وَإنَّهُ لبَعيد السرْبة: أَي: بَعيد المَذْهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ الشَّنْفَرَى، وَهُوَ ابْن أختِ تأبّط شَرّاً:
خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ
وبَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي
أَي: مَا أَبعدَ الموضعَ الّذي مِنْهُ ابتدأتُ مَسيرِي.
اللَّيْث: فلانٌ آمِن السِّرْب، أَي: آمنُ القَلْب، أَي: لَا يُغزَى مالُه ونعَمُه. . وَفُلَان مُنساح السّرب، يُرِيدُونَ شعر صَدره. قَالَ: ومَسَارِب الدّوابّ: مَراقُّها فِي بطونها وأرفاغِها، ومَسارِب الحيّات: مواضعُ آثارِها إِذا انسابت فِي الأَرْض على بطونها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْبةُ: جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون ويَرجِعون. والسِّرْب: النَّفْس.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السربة: السّفر الْقَرِيب، والسبأة: السّفر الْبعيد، يُقَال: سبأته الشَّمْس، أَي: لوّحته وغيرته. وَيُقَال: إِنَّك تُرِيدُ سبأة، أَي: سفرا بَعيدا.
س ر م
سرم، سمر، مسر، رمس، رسم، مرس.
سرم: أخبرَني المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يَقُول: اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً، ومَعِدةً هَضُوماً، وسُرْماً نَثُوراً.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: السُّرْم: أمُّ سويْد، وَقَالَ اللَّيْث: السرْم: باطنُ طَرف الخَوْران. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: السَّرَم: وَجَع العَوَّاء، وَهِي الدُّبُر.
وَقَالَ اللّيث: السَّرْمُ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب، تَقول: سَرْماً سَرْماً: إِذا هيَّجتَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الطائفيّ: السُّرْمانُ: ضَرْب من الزَّنابير صُفْر، ومِنْها مَا هُوَ مجزَّع بحُمْرة، وصُفْرة، وَهُوَ من أخبثِها، وَمِنْهَا سُودٌ عِظام.
سمر: قَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله عز وَجل: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) ، قَالَ: سامراً بِمَعْنى سمّاراً. قَالَ: والسَّامرُ: الجماعةُ يتحدّثون لَيْلًا. والسَّمَرُ: ظِلُّ الْقَمَر، والسُّمْرة مأخوذةٌ من هَذَا. وأَخبَرني المنذريُّ عَن اليزيديّ عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً} ، أَي فِي السَّمر،(12/290)
وَهُوَ حديثُ اللَّيْل، يُقَال: قومٌ سامرٌ وسمْر وسُمَّار وسمَّر.
سلَمة عَن الفرّاء فِي قولِ العَرب: لَا أَفعَل ذَلِك السَّمَرَ والقَمر، قَالَ: السَّمَرُ: كلُّ ليلةٍ لَيْسَ فِيهَا قمر تسمَّى السمر، المعنَى: مَا طَلَع القَمر وَمَا لَم يَطلُع. وَقَالَ غيرُه: السمَر: اللّيل، وأَنشَد:
لَا تَسقِني إِن لَمْ أَزُرْ سمَراً
غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ
وسامِرُ الْإِبِل: مَا رَعى مِنْهَا باللّيل، يُقَال: إنّ إبِلَنا تَسمُر، أَي: تَرعَى لَيْلًا. وسمَر القومُ الخَمرَ: شَرِبوها لَيْلًا، وَقَالَ القُطاميّ:
ومُصَرّعِينَ من الكلاَلِ كأَنّما
سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ
وَقَالَ ابْن أَحْمَر فَجعل السمَر لَيْلاً:
مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً
حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ
أَرَادَ: إِن جئتَهم لَيْلًا.
وَقَالَ اللَّيْث: السامرُ: المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فِيهِ للسمَر. وأَنشَد:
وسامِرٍ طالَ فِيهِ اللَّهْوُ والسمَرُ
قلتُ: وَقد جَاءَت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل وَهِي جمعٌ عَن العَرَب، فَمِنْهَا الجَامِل والسامِر والباقر والحاضِر، فالجَاملُ: الإبلُ فِيهَا الذُّكور وَالْإِنَاث. والسامِرُ: جماعةُ الْحَيّ يَسمُرون لَيْلًا. والحاضرُ: الحيُّ النُّزول على الماءِ. والباقرُ: البقرُ فِيهَا الفُحولُ وَالْإِنَاث.
وَقَالَ اللَّيْث: السمْرُ: شَدُّك شَيْئا بالمسمار والسمْرةُ: لونٌ يَضرِب إِلَى سَوادٍ خَفِيّ. وقَناةٌ سمراءُ وحِنْطةٌ سمْراء.
أَبُو العَبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السمْرة فِي النَّاس: هِيَ الوُرْقة. والسمَرة: الأُحْدوثة باللّيل. قَالَ: وَيُقَال: لَا آتيكَ مَا سمَر السمِير. وهم النَّاس يسمُرون، وَمَا سمَر ابنَا سمِير: وهما اللّيل والنّهار. وَلَا آتِيك السمَرَ والقَمَر، أَي: لَا آتِيك دَوامَهما. وَالْمعْنَى لَا آتِيك أبدا.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: حلف بالسمَر وَالْقَمَر. قَالَ الْأَصْمَعِي: السمر عِنْدهم الظلمَة. وَالْأَصْل اجْتِمَاعهم يسمرون فِي الظلمَة. ثمَّ كثر الِاسْتِعْمَال حَتَّى سمُّوا الظلمَة سمَراً. قَالَ أَبُو بكر: السمَر أَيْضا جمع السامر. وَرجل سامر وَرِجَال سمّر. وَأنْشد:
من دونهم إِن جئتهم سمراً
عَزفُ القِيان ومجلسٌ غَمْرُ
قَالَ: وَيُقَال فِي جمع السامر: سُمَّار وسمَّر. وَقَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 67) : تهجرون الْقُرْآن فِي حَال سمركم. وقرىء: (سمَّراً) وَهُوَ جمع السامر. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن(12/291)
ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا آتِيك مَا سمر السمير. وهم النَّاس يسمرون بِاللَّيْلِ. وَمَا اخْتلف ابْنا سمير، أَي: مَا سمر فيهمَا. وَمَا سمر ابْنا سمير، وهما اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السميرُ: الدهرُ. وابناه: اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة أَنه سمع الْفراء قَالَ: بعثت من يسمُر الْخَبَر. قَالَ: وَيُسمى السمر بِهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: لَا آتِيك مَا سمر ابنَا سَمِير، وَلَا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي، وَقَالَ الشَّنْفَرَي:
هُنالِك لَا أرجُو حَياةً تسرُّني
سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلاً بالجَرائرِ
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّميرُ: الدَّهْر. وَفِي (النّوادر) : رجلٌ مَسْمور: قليلُ اللَّحم؛ شديدُ أسْرِ العِظام والعَصَب.
وَفِي حَدِيث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا الْمَدِينَة فأَسلَموا ثمّ ارْتَدُّوا فسَمَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعينَهم، ويُروَى سمَلَ، فَمن رَوَى سَمَر بالراء فَمَعْنَاه: أنّه أَحْمَى لَهُم مَساميرَ الْحَدِيد ثمَّ كَحَلهم بهَا ومَن رَوَاهُ سَمَل بِاللَّامِ فَمَعْنَاه: فقَأَها بشَوْك أَو غَيره.
وَقَالَ اللّيث: السِّمسار فارسيّة معرَّبة، والجميع السَّماسرة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمّاهم التُّجّار بَعْدَمَا كَانُوا يُعرَفون بالسَّماسرة والمَصدَر السَّمْسَرة؛ وَهُوَ أَن يتوكّل الرجلُ مِن الْحَاضِرَة للبادية فيَبيع لَهُم مَا يَجلبونه. وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (وَلَا يَبيع حاضرٌ لِباد) أَرَادَ أَنه لَا يكون لَهُ سِمْسَاراً، وَالِاسْم السَّمْسَرة؛ وَقَالَ:
قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة
والسَّمُرُ: ضَرْبٌ من العِضَاه، الْوَاحِدَة سَمُرة.
سَمَر إبِله وسمّرها: إِذا أكمشها. وسَمَّر شوكه: إِذا خَلاهَا، وَكَذَلِكَ شمَّرها إِذا سيّبها، وَالْأَصْل الشين فأبدلوا مِنْهَا السِّين، قَالَ:
أرى الْأسود الحلبوب سمّر شولنا
لشول رَآهَا قد شتَتْ كالمجادل
قَالَ: رأى إبِلا سماناً فَترك إبِله وسمّرها، أَي: خلاّها وسَيّبها.
قَالَ شمر: وناقة سَمُور: نجيبة سريعة. وَأنْشد:
فَمَا كَانَ إِلَّا عَن قَلِيل فألحقت
بِنَا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ
وَفِي حَدِيث عمرَ أنّه قَالَ فِي الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها: إِن عَلَيْهِ أَن يحصِّنها فَإِنَّهُ يُلْحِقُ بِهِ وَلدَها. قَالَ: وَمن شَاءَ فليُسَمِّرها.
قَالَ أَبُو عُبيد: الرِّوَايَة فليُسَمِّرها بالسِّين، والمعروفُ فِي كَلَام الْعَرَب التَّشْمير، وَهُوَ الْإِرْسَال، وَقَالَ شَمِر: هما لُغَتان بالشين وَالسِّين مَعْنَاهُمَا الْإِرْسَال.(12/292)
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: التّسمير: إرسالُ السَّهْم بالعجلة. والخَرْقَلة: إرْسَاله بالتأني، يُقَال للْأولِ: سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ، وللآخَر: خَرْقِل حَتَّى يُخْطِبك الصَّيْد.
وَقَالَ اللّيث: السامِرةُ: قومٌ من اليَهود يخالفونهم فِي بعض دِينهم، وإليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الَّذِي سُمِع لَهُ خوَار.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السَّمَّار: اللَّبَن الممذوقُ بِالْمَاءِ.
وأَنشَد:
وليَأْزِلَنّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه
ويُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ
وَقَالَ غيرُه: السَّمُّور: دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غَالِيَة الأَثْمان، وَقد ذَكره أَبُو زُبَيد الطَّائِي فَقَالَ يَذكر الأَسد:
حَتَّى إِذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَّ سمُّورِ
جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا، أَرَادَ جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَبَرَه واجتَاب: دَخَل فِيهِ ولَبسهُ.
أَبُو عُبَيدة: الأسمَران: الماءُ والحِنْطة.
رسم: قَالَ اللّيث: الرَّسْمُ: الأثَر. وترسمتُ، أَي: نظرتُ إِلَى رُسُوم الدَّار. والرَّوْسَمُ: لُوَيحٌ فِيهِ كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم بِهِ الطَّعام، والجميع الرَّواسِم والرَّوَاسِيم.
وَقد جَاءَ فِي الشِّعر:
قُرْحة رَوْسَم
أَي: بوجهِ الْفرس، وناقةٌ رَسُومٌ: وَهِي ترسُمُ رَسِيماً، وَهِي الَّتِي تؤثّر فِي الْأَمر من شدَّة وَطْئِهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: تَرَسَّمْتُ المنزلَ: إِذا تأَمَّلتَ رَسْمَه وتفرّسْتَه.
أَبُو عبيد: الارتسامُ: التَّكْبِير والتعوُّذ، وَقَالَ القطاميّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة
إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ عَرَّاماً يَقُول: هُوَ الرَّسْمُ والرّشْمُ للأَثَر، ووَسَمَ على كَذَا ورشَم، أَي: كَتَب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للّذي يُطْبَع بِهِ: رَوْسَم ورَوْشَم، وراسُوم وراشُوم، مثل رَوْسَم الأكداس، ورَوْسَمِ الْأَمِير، وَقَالَ ذُو الرمّة:
ودِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها
كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ
والهِدَمْلاتُ: رمالٌ مَعْرُوفَة بِنَاحِيَة الدَّهْناء.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّسِيم من سَيْرِ الْإِبِل فوقَ الذَّمِيل.
ابْن الأعرابيّ: الرَّسَمُ: حُسْنُ المَشْي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الثَّوْبُ المُرَسَّم: المخطَّط.(12/293)