قَالَ: والفِعْلةُ تجيءُ فِي مصدرِ فَاعل. تَقول: هاجرَ هِجرةً وعاشر عِشرةً.
قَالَ: وَإِنَّمَا يكونُ هَذَا التأسيسِ فِيمَا يدْخل الإفتعالُ على تفاعلا جَمِيعًا.
قَالَ: وزعمَ أَبو الدُّقيشِ: أَن الكَاشِرَ ضربٌ من البُضْع.
يُقَال: باضَعَها بُضعاً كاشِراً، وَلَا يُشتَقُّ منهُ فعلٌ.
ورُوِي عَن أَبي الدَّرداءِ أنَّه قَالَ: (إنَّا لنَكْشِرُ فِي وجوهِ أَقوامٍ وإنَّ قلوبنَا لتَقْلِيَهُم) أَي نتبسَّمُ فِي وُجُوههم.
وَيُقَال: كَشَرَ السَّبُعُ عَن نابِه إِذا هَرَّ للخِرَاشِ، وكَشرَ فلانٌ لفلانٍ إِذا تنّمرَ لَهُ وأَوْعدَه، كأَنهُ سبعٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: العُنْقودُ إِذا أُكِل مَا عَلَيْهِ وأُلْقي، فَهُوَ الكَشَرُ، قَالَ: والكشَرُ: الخُبزُ اليابسُ.
قَالَ وَيُقَال: كَشِرَ إِذا هَرَبَ، وكشَرَ إِذا افترَّ.
كرش: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الأنصارُ كَرِشي وعَيبَتِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد يُقَال: عَلَيْهِ كرشٌ من النَّاس أَي جماعةٌ، فَكَأَنَّهُ أرادَ أنهُم جماعتي وصحابتي الَّذين أَثقُ بهم وأعتمدُ عَلَيْهِم.
قَالَ، وَقَالَ الأحمرُ: همْ كَرِشٌ منثورةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَرِش الرجُل: عيالُه من صغَار وَلدِه.
وَيُقَال: كَرشٌ منثورةٌ أَي صبيان صغارٌ، وتزوَّجَ فلانٌ فُلانةَ فَنَثرَتْ لهُ ذَا بَطِنها وكَرِشها أَي كَثُرَ وَلَدهَا، وأَتانٌ كَرْشاءُ: ضخمةُ الخاصرَتينِ.
وَيُقَال للدَّلْو المُنتفخةِ النّوَاحي: كرشاءُ، وتكَرَّشَ جلدُ وجهِ الرجُل إِذا تَقبَّضَ، وَيُقَال ذَلِك فِي كل جلدٍ.
وَيُقَال للصبيِّ إِذا عظُمَ بطنُه وأخذَ فِي الأكلِ: قد اسْتكرَش.
قَالَ: وَأنكر بعضهُم ذَلِك فِي الصبيّ، فَقَالَ يُقَال للصبيّ: قد اسْتَجفرَ، إِنَّمَا يُقَال: استكرَش الجَديُ، وكلُّ سَخلٍ يَسْتكرشُ حِين يعظمُ بطنُه، ويشتدُّ أكله.
قَالَ: والكَرشُ لكلّ مُجْترَ، تؤنثُه الْعَرَب بِمَنْزِلَة الْمعدة للْإنْسَان، ولليربوع كرشٌ وللأرنب كرشٌ. قَالَ رؤبة:
طَلْقٌ إِذا استكرشَ ذُو التكريش
أَبلجُ صَدَّافٌ عَن التّحريش
قَالَ شمر: استكرشَ: تقبض، وقطّب، وَعَبس.
ابْن بُزُرْجَ: ثوبٌ أكْراشٌ وثوبٌ أكْباشٌ، وَهُوَ من برود الْيمن، وَبينهمْ رحم كرشاءُ أَي بعيدةٌ.(10/9)
وَقَالَ غيرُه: مَا وجَدتُ إِلَى ذَلِك الْأَمر فا كَرِشٍ أَي لم أجِد إِليه سَبِيلا.
وامرأةٌ كَرْشاءُ: واسعةُ الْبَطن.
وَيُقَال: كَرِشَ الجِلد يَكْرَشُ كَرشاً إِذا مسَّتْه النارُ فانْزَوَى، والمُكرَّشةُ مِن طَعَام البادِين: أَنْ يُؤخذ اللَّحْم الأشْمَط فيهَرَّم تهرِيماً صِغاراً ويُقَطَّع عَلَيْهِ شحمٌ ثمَّ تُقوَّر قطعةُ كَرِشٍ من كرِش الْبَعِير ويُغسل ويُنظَّف وجهُه الأملس الَّذِي لَا فَرْثَ فِيهِ ويُجعل فِيهِ اللحمُ المُهَرَّم ويُجمَع أطرافُه ويُخَلّ عَلَيْهِ بخلالٍ وتُحفَر لَهُ إِرَةٌ ويُطْرَح فِيهَا الرِّضافُ ويوقَد عَلَيْهَا حَتَّى تَحمَى وتَحْمَرَّ فتصيرَ كالنار ثمَّ يُنَحَّى الجمرُ عَنْهَا وتُدْفَن المُكرَّشةُ فِيهَا ويُجعل فَوْقهَا مَلَّةٌ حاميةٌ ثمَّ يوقَد فَوْقهَا بحطبٍ جزْلٍ ثمَّ يُترك حَتَّى يَنْضَج فتَخرج وَقد طابت وَصَارَت كالقطعة الْوَاحِدَة فتُؤكل طيِّبة. يُقَال: كَرّشوا لنا تَكْرِيشاً.
والكَرِشُ من نَبَات الرِّياض والقِيعانِ أَنْجَعُ مَرتعٍ وأمرؤه تَسْمَنُ عَلَيْهِ الْإِبِل وتغزُرُ، وَكَذَلِكَ الخيلُ تَسمنُ عَلَيْهِ يَنْبُتُ فِي الشتَاء ويَهِيجُ فِي الصَّيف.
شكر: قَالَ اللَّيْث: الشُّكْرُ: عِرفانُ الإحسانِ ونَشرُه، وحَمْدُ مُوليهِ، وَهُوَ الشُّكور أَيْضا، والشُّكُورُ من الدَّوابِّ: مَا يكفيهِ للسِّمَنِ العلفُ القليلُ، والشَّكِرَةُ من الحَلائِبِ: الَّتِي تصيبُ حظّاً من بقلٍ أَو مرعًى فتغْزُرُ عَلَيْهِ بعد قلةِ لبنٍ. وإِذا نزلَ القومُ منزلا فأصابتْ نَعَمُهُمْ شَيْئا من البُقول فَدَرَّتْ، قيل: أَشْكَرَ القومُ، وإِنهم ليحتلِبُونَ شَكْرَةً جَزْم، وَقد شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً، وَأنْشد:
نَضْرِبُ دِرَّاتِهَا إِذا شَكِرَتْ
بأَقْطِهَا والرِّخَاَف نسلؤها
والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ، والشَّكِيرُ من الشَّعرِ والنباتِ: مَا يَنْبُت من الشَّعر بَين الضفائرِ، والجميعُ: الشُّكُرُ. وَأنْشد:
وبيْنَا الْفَتى يَهْتَزُّ للعَين نَاضِراً
كَعُسْلُوجَةٍ يَهْتزُّ مِنْهَا شَكِيرُها
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الشَّكِيرُ: مَا ينبتُ فِي أصلِ الشجرِ من الورقِ لَيْسَ بالكِبار، والشكيرُ من الفَرْخِ: الزَّغَبُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : يُقَال: شَكِرَتِ الشجرةُ وأَشْكَرَت إِذا خرج فِيهَا الشَّيْء.
وَحدثنَا مُحَمَّد بنُ إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا يعقوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدثنَا الحارثُ بن مُرَارَةَ الحنفيُّ، قَالَ: حَدثنَا الْمَأْثُور بن سِرَاج بن مَجَّاعَةَ، وطريفُ بن سلاَمة بن نوحِ بن مَجَّاعَةَ والأَفْوَاقُ بنت الأغرِّ أَن مَجَّاعَةَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قَائِلهمْ:(10/10)
ومَجَّاعُ اليَمَامَةِ قد أَتَانَا
يُخَبِّرُنَا بِمَا قَالَ الرَّسُولُ
فأعطينا المَقَادَة واستقمنا
وكانَ المَرْء يسْمَعُ مَا يقولُ
فأَقْطَعَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكتبَ لَهُ بذلك كتابا:
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
هَذَا كتابٌ كتبه محمدٌ رسولُ الله لمَجَّاعَة بن مُرارةَ بن سُلمى: أَنِّي أقطعْتُكَ الفَوْرَة وعَوَانةَ من العَرَمَةِ والحُبَلِ فَمن حاجَّك فإِليَّ.
قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفَدَ على أبي بكرٍ فأَقطعهِ الخِضْرِمَة ثمَّ وفدَ على عمر فأقطعهُ الريا بِالحَجْرِ. ثمَّ إِن هلالَ بن سراجِ بن مَجَّاعة وَفد إِلَى عُمر بن عبد الْعَزِيز بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعدَما استُخلف فأَخذهُ عمر فقبَّله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ ومَسَحَ بِهِ وجههُ رجاءَ أَن يصيبَ وجههُ موضِعَ يَدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمَرَ عِنْده هِلالٌ لَيْلَة فَقَالَ لَهُ: يَا هلالُ، أَبَقِيَ من كهُولِ بني مَجَّاعَةَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نعمْ وشَكِيرٌ كثيرٌ. فَضَحِك عمر، وَقَالَ: كلِمَةٌ عربيةٌ، قَالَ، فَقَالَ جُلَساؤهُ: وَمَا الشَّكِيرُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: أَلمْ ترَ إِلَى الزَّرْعِ إِذا زَكا فأَخرجَ فنبتَ فِي أُصُوله فذلكم الشّكِيرُ، ثمَّ أجازهُ وَأَعْطَاهُ وأكرمه وَأَعْطَاهُ فِي فرائضِ العِيَال، والمُقَاتِلَة.
(قلت) : أَرَادَ بقوله: وشكِيرٌ كثيرٌ أَي ذريةٌ صغارٌ شبههم بشكِيرِ الزَّرْع وَهُوَ مَا نبتَ مِنْهُ صغَارًا فِي أُصُوله.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: الشّكِرَةُ: الممتلئةُ الضّرْع من النُّوقِ.
وَقَالَ الحُطَيْئَةُ يصف إبِلا غزاراً:
إِذا لم يكن إلاّ الأمالِيسُ أصبحتْ
لَهَا حُلَّقٌ ضَرَّاتُها شَكِرَات
قَالَ العجاج يصف رِكاباً أَجْهضت أولادَها:
والشّدَ نِيّاتُ يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
حُوصَ العيونِ مُجْهِضَاتٍ مَا استَطَرْ
منهنَّ إتمامُ شكيرٍ فاشْتَكَرْ
مَا استطرَّ من الطر يُقَال طرَّ شعره أَي نبت، وطر شَاربه مثله يَقُول: مَا استطر مِنْهُم إتْمَام يَعْنِي بُلُوغ التَّمام والشكير: مَا نبت صَغِيرا فأشكر صَار شكيراً.
بِحَاجِبٍ وَلَا قَفَاً وَلَا أَزْبَأَرّ
مِنْهُنَّ سيساء وَلَا استغشى الْوَبر
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : اشْتَكَرَتِ السَّماءُ وحَفَلتْ واغْبَرَّت، كل ذَلِك من حِين يجدُّ وقعُ مطرِها ويشتدُّ. وَأنْشد غَيره لامرىء الْقَيْس:
فترى الوَدَّ إِذا مَا أشْجَذَتْ
وتُوَاريه إِذا مَا تَشْتَكِر
واشتكرت الريحُ إِذا اشتدَّ هُبُوبُها. وَقَالَ ابْن أَحْمَر:(10/11)
المُطْعِمُونَ إِذا ريحُ الشِّتَا اشتكرت
والطّاعِنُون إِذا مَا استلحمَ البطلُ
واشتكَرَ الحرُّ والبردُ كَذَلِك. وَقَالَ الشَّاعِر:
غَداةَ الخِمْسِ واشْتكرَتْ حَرُورٌ
كأنّ أَجيجَها وهَجُ الصِّلاءِ
وشَكْرُ الْمَرْأَة: فرجُها.
وَمِنْه قَول يحيى بن يعمَرَ لرجلٍ خاصَمته إِليه امرأتُهُ فِي مَالهَا مَهْرِها (أَإِنْ سأَلَتْك ثَمنَ شكرِها وشَبْرِكَ أَنشأَتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُهَا) .
وَقَالَ الشَّاعِر يصف امْرَأَة أنْشدهُ ابْن السّكيت:
صَنَاعٌ بإشفَاها حَصانٌ بشكرها
جوادٌ بزادِ الرّكب والعِرقُ زاخرُ
وَيُقَال للفِدْرة من اللَّحْم إِذا كَانَت سَمِينَة: شَكْرَى. قَالَ الرَّاعي:
تَبيتُ المحالُ الغُرُّفى حَجَراتها
شكارَى مَرَاها ماؤُها وحديدها
أَرَادَ بحديدها مِغْرَفَةً من الْحَدِيد تُساط القدرُ بهَا وتُغْتَرَفُ بهَا إِهالتها.
وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: فاتحْتُ فلَانا الحديثَ وكاشرتُهُ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وشاكرتُه: أريتُه أنِّي لهُ شاكرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يَشْكُرُ: قبيلةٌ من رَبيعةَ. وشاكر: قبيلةٌ من هَمْدَانَ فِي الْيمن.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الشِّكارُ: فروجُ النساءٍ وَاحِدهَا: شَكْرٌ.
والشَّكورُ من أسماءِ الله جلّ وعزّ مَعْنَاهُ أَنه يزكو عِنْده القليلُ من أَعمال الْعباد فيُضَاعفُ لَهُم بِهِ الْجَزَاء. قَالَ ذَلِك أَبُو إسحاقَ الزَّجاجُ.
وَأما الشكورُ من عباد الله فَهُوَ الَّذِي يجتهدُ فِي شكر ربِّه بِطَاعَتِهِ وأدائه مَا وُظِّفَ عَلَيْهِ من عِبَادَته.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْءَالَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ} (سبأ: 13) نُصِبَ قَوْله شكرا لِأَنَّهُ مفعولٌ لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: اعْمَلُوا للَّهِ شكرا، وَإِن شِئْت كَانَ مَنْصُوبًا على أَنه مصدرٌ مؤكدٌ. وعشبٌ مَشْكَرَةٌ: مَغْزَرةٌ للبن.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِشكارُ من النُّوقِ: الَّتِي تغزُرُ فِي الصَّيف وتنقطعُ فِي الشِّتاء وَالَّتِي يَدُوم لَبَنها سنتها كلهَا، يُقَال لَهَا: رَفُودٌ، ومَكودٌ، ووَشولٌ، وصفيٌّ.
شرك: قَالَ الله جلّ وعزّ مُخْبِراً عَن عَبده لُقمانَ الْحَكِيم أنهُ قَالَ لِابْنِهِ: {وَهُوَ يَعِظُهُ ياَبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ} (لُقْمَان: 13) والشرك: أَن تجْعَل لله شَرِيكا فِي رُبُوبيَّته، تَعَالَى الله عَن الشُّركاءِ والأنداد، وَإِنَّمَا دخلت الباءُ فِي قَوْله: {يَعِظُهُ ياَبُنَىَّ لاَ} لِأَن مَعْنَاهُ لَا تعدل بِهِ غَيره فتجعلَه شَرِيكا لَهُ، وَكَذَلِكَ قولُهُ:(10/12)
{بِمَآ أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} (آل عمرَان: 151) لِأَن مَعْنَاهُ عدلوا بِهِ، وَمن عدل بِاللَّه شَيْئا من خلقه فَهُوَ مشركٌ لِأَن الله واحدٌ لَا شريكَ لَهُ وَلَا ندَّ وَلَا نديد.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّرْكةُ: مُخالطة الشَّرِيكين. يقالُ: اشْتَركْنَا بِمَعْنى تَشاركنا وَجمع الشَّرِيكِ: شُرَكاءُ، وأشراكٌ. وَقَالَ لبيد:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً
وَوِتراً والزَّعامةُ لِلْغُلامِ
يُقَال: شَرِيكٌ وأشْرَاكٌ كَمَا قَالُوا: يتيمٌ وأيتامٌ، ونصيرٌ وأنصارٌ، والأشراكُ أَيْضا جمع الشِّرْكِ، وَهُوَ النصيبُ كَمَا يُقَال: قِسمٌ وأقسامٌ، فَإِن شِئْت جعلت الأشْرَاكَ فِي بَيت لبيد جمع شريكٍ، وَإِن شِئْت جعلته جمع شِرْكٍ وَهُوَ النصيبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه شَرِيكَتِي، وَيُقَال فِي الْمُصَاهَرَة: رَغِبنا فِي شِرْكِكُم، أَي فِي مصاهرتكُم.
قلتُ: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول: فلانٌ شَرِيك فلانٍ إِذا تزوَّج بابنتِه أَو بأخته، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الناسُ: الخَتَنَ.
قلت: وَامْرَأَة الرجلِ: شريكتُه؛ وَهِي جارَتُه، وَزوجهَا جارُها وَهَذَا يدلُّ على أنَّ الشَّرِيكَ جارٌ وَأَنه أقرب الْجِيرَان.
وَقَالَ اللَّيْث الشِّرَاكُ: سَيْرُ النَّعْل.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال مِنَ الشِّرَاكِ: شرَّكْت النَّعْلَ وأشْرَكْتها إِذا جعلتَ لَهَا شِرَاكاً.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: شَرِكَتِ النَّعّلُ وشَسِعَتْ وزَمَّت إِذا انْقَطع كلُّ ذَلِك مِنْهَا.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الْزَمْ شَرَكَ الطَّرِيق، الواحدةُ: شَرَكةٌ، وَهِي أَنْسَاعُ الطَّرِيق.
وَقَالَ غَيره: هِيَ أخاديدُ الطَّرِيق، ومعناهما واحدٌ، وَهِي مَا حَفرت الدَّوابُّ بقوائمها فِي مَتْنِ الطَّرِيق، شَرَكةٌ هاهُنا، وَأُخْرَى بِجَنْبِها.
وَقَالَ شمر: أُمُّ الطَّرِيق، مُعظمُه وبُنَيَّاتُه: أشْرَاكٌ صغارٌ تتشعَّبُ عَنهُ ثمَّ تَنْقَطِع.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال: لطَمهُ لطْماً شُرَكِيّاً أَي مُتَتَابِعًا، ولطمهُ لطمَ المُتَنَقِّشِ وَهُوَ الْبَعِير تدخلُ فِي يَده الشَّوْكةُ فيضرِبُ بهَا الأَرْض ضربا شَدِيدا، فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَنَقشٌ.
وَقَالَ: وماءٌ لَيْسَ فِيهِ أشْرَاكٌ أَي لَيْسَ فِيهِ شُرَكاءُ، وَاحِدهَا شِرْكٌ.
قَالَ: وَرَأَيْت فلَانا مُشْتَرَكاً إِذا كَانَ يُحَدِّث نَفسه أَي أَن رَأْيه مُشترَكٌ لَيْسَ بواحدٍ.
وَيُقَال: الكلأُ فِي بني فلانٍ شُرُكٌ أَي طرائقُ، وَاحِدهَا شِرَاكٌ، وَيُقَال: شَرَكهُ فِي الْأَمر يَشْرَكُهُ: إِذا دخل مَعَه فِيهِ، وأشْرَكَ فلانٌ فلَانا فِي البيع إِذا أدخلهُ مَعَ نَفسه فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: شَرَكُ الصَّائدِ: حِبالته يرتبكُ(10/13)
فِيهَا الصَّيد، والواحدة شَرَكةٌ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (النَّاس شُرَكاءُ فِي ثلاثٍ: الكَلأِ والماءِ والنّارِ) .
قلت: وَمعنى النَّار: الحطبُ الَّذِي يُسْتَوْقَدُ بِهِ، وَيُؤْخَذ من عَفْوِ البلادِ، وَكَذَلِكَ الماءُ الَّذِي يَنْبُعُ من منبعٍ غير مملوكٍ، والكلأ الَّذِي منبته غير مَمْلُوك وَالنَّاس فِيهِ مُسْتَوُون، وَالْفَرِيضَة الَّتِي تسَمَّى المُشْتَرَكةَ، وَهِي زوجٌ وأمٌ وأخوانِ لأُمَ وأخوانِ لأبٍ وأُمٍ، للزَّوْج النّصْف، وللأُم السُّدس، وللأَخوين للأُم الثُّلُث ويَشْرَكُهُم بَنو الْأَب وَالأُم، لِأَن الْأَب لمَّا سَقَط سَقَطَ حُكْمه، وَكَانَ كمن لم يكن، وصاروا بني أُمَ مَعًا، وَهَذَا قَول زيد بن ثَابت، وَكَانَ عمرُ حَكَم فِيهَا بِأَن جعل الثُّلُث للإخوة للْأُم وَلم يَجْعَل للإخوة للأَب وَالأُم شَيْئا فَرَاجعه فِي ذَلِك الإِخوة للأَب وَالأُم، وَقَالُوا لَهُ: هَبْ أَبَانَا كَانَ حِماراً فأشركنا بِقرَابَة أُمِّنا، فأَشرك بَينهم فسمِّيت الْفَرِيضَة مُشَرَّكةً.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ المُشْتَرَكةُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} (النَّحْل: 100) مَعْنَاهُ: الَّذين صَارُوا مُشْرِكين بطاعتهم للشَّيْطَان وَلَيْسَ الْمَعْنى أَنهم آمنُوا بِاللَّه وأشركوا بالشيطان، وَلَكِن عَبدوا الله وعبدوا مَعَه الشَّيْطَان فصاروا بذلك مُشركين لَيْسَ أَنهم أشركوا بالشيطان وآمنوا بِاللَّه وَحده، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عمرَ الزَّاهِد.
قَالَ: وعرضتُه على المُبَرّد: فَقَالَ: مُتْلَئِبٌّ صحيحٌ.
رشك: قَالَ اللَّيْث: الرّشْكُ اسْم رجلٍ يُقَال لَهُ يزيدُ الرِّشْك، وَكَانَ أحسبَ أهلِ زَمَانه، فَكَانَ الحسنُ البصريُّ إِذا سُئِل عَن حِسَاب فَرِيضَة قَالَ: علينا بيانُ السِّهام وعَلَى يزيدَ الرِّشْكِ الحسابُ.
قلت: مَا أرى الرِّشْكَ عَرَبيا وَأرَاهُ لقباً لَا أصل لَهُ فِي العربيَّة.
ك ش ل
استُعمل من وجوهها: شكل، كشل: (مستعملان) .
كشل: قَالَ اللَّيْث: الكَوْشَلَةُ: الفَيْشَلَةُ الضخمة، وَهِي الكَوْش والفَيْشُ.
قلت: الْمَعْرُوف الكَوْسَلَة بِالسِّين فِي الفَيشةِ، ولعلَّ السِّين فِيهَا لغةٌ، فإِن الشين عاقَبَتِ السينَ فِي حروفٍ كَثِيرَة مِنْهَا الرَّوْشَمُ والرَّوْسَمُ، وَمِنْهَا التَّسْمِيرُ والتَّشْمِيرُ بِمَعْنى الْإِرْسَال، وَمِنْهَا تَشْمِيتُ العاطِس وتَسْمِيتُه، والسَّوْدَقُ والشَّوْذَق والسُّدْفَةُ والشُّدْفَةُ.
شكل: (أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه) : فِي فلانٍ شَبَهٌ من أَبِيه وشَكْلٌ وأَشْكَلَةٌ، وشُكْلَةٌ وشاكلٌ ومشاكلةٌ.(10/14)
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: { (وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} (ص: 58) قَرَأَ الناسُ وآخَرُ إِلَّا مُجاهداً فَإِنَّهُ قَرَأَ: (وأُخر من شكله) .
وَقَالَ الزّجَّاج: من قَرَأَ: { (وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} فآخَر عطفٌ على قولِه: {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} أَي وعذابٌ آخر مِن شكله أَي من مثل ذَلِك الأول.
وَمن قَرَأَ (وأُخَرُ مِن شكِله) فَالْمَعْنى وأنواعٌ أُخَر من شكله، لِأَن معنى قَوْله أَزوَاج: أَنْوَاع.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّكْلُ: غُنْجُ الْمَرْأَة وحُسنُ دَلِّها.
يُقَال: إِنَّهَا شَكِلَةٌ مُشَكَّلةٌ: حَسنةُ الشِّكل.
قَالَ: الشَّكلُ: المِثل، تقولُ هَذَا على شكلِ هَذَا أَي على مِثَاله، وفلانٌ شكلُ فلانٍ أَي مثله فِي حالاتِه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: الشَّكلُ: المِثلُ، والشِّكلُ: الدَّلُّ، ويجوزُ هَذَا فِي هَذَا، وَهَذَا فِي هَذَا.
قَالَ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّكْلُ: ضربٌ من النَّبَات أصفرُ وأحمرُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (الْإِسْرَاء: 84) .
قَالَ: الشاكِلة: الناحيةُ والطَّريقةُ والجَدِيلة.
وَقَالَ الزَّجاج: يُقَال: هَذَا طريقٌ ذُو شَوَاكِلَ، أَي تَتشعَّبُ مِنْهُ طُرقٌ جَماعةٌ.
وَقَالَ الأخْفَشُ: (على شاكِلته) أَي على ناحيته وخَلِيقَتِه.
قَالَ، وَيُقَال: هَذَا مِن شَكل هَذَا أَي مِن ضَرْبه وَنَحْوه.
وأمَّا الشِّكل للْمَرْأَة: فَمَا تتحسَّن بِهِ من الغُنْجِ.
(سَلَمةُ عَن الفرّاء) قَالَ: الشَّوْكَلَةُ: الرَّجَّالةُ، والشَّوْكلَة: الناحِيَةُ، والشَوْكلة: العَوْسَجة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَشْكَلُ فِي ألْوان الإِبل والغَنم ونحوِه: أَن يَكون مَعَ السوادِ غُبْرَةٌ وحُمْرَةٌ، كَأَنَّهُ قد أَشكَلَ عَلَيْك لَوْنُه، وَتقول فِي غير ذَلِك من الألوان إِن فِيهِ لشُكْلَةً من لَوْن كَذَا وَكَذَا، كقولكَ أَسمَرُ فِيهِ شُكْلَةٌ من سوادٍ، والأشكلُ فِي سَائِر الْأَشْيَاء: بياضٌ وحُمْرَةٌ قد اختلَطَا. قَالَ ذُو الرُّمّة:
يَنْفَحْنَ أشكَلَ مَخْلوطاً تَقَمَّصَهُ
مَنَاخِرُ العَجْرَ فِيَّاتِ المَلاَجِيجِ
جمع مِلجاج تلج فِي هديرها.
وَقَالَ جَرِيرٌ يُنكِرُ الدّماء:
فَمَا زالَت القَتْلى تمورُ دماؤُها
بدِجْلةَ حَتَّى ماءُ دِجْلةَ أشْكَلُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأشكلُ فِيهِ بياضٌ وحُمرةٌ.(10/15)
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ) : الضَّبُعُ فِيهَا غُثْرَةٌ وشُكْلَةٌ لَوْنان فِيهِ سوادٌ وصُفرةٌ سَمِجَةٌ.
وَقَالَ شمر: الشُّكْلة: الحُمْرَةُ تختلط بالبياض، وَهَذَا شيءٌ أشكلُ. وَمِنْه قيل لِلْأَمْرِ المشتبِه: مُشْكِلٌ.
(المنذريُّ، عَن الصَّيْداوِيّ عَن الرِّياشِيِّ) يُقَال: أشكَل عَلَيَّ الْأَمر إِذا اخْتَلَط.
وَيقال: شَكَلْتُ الطيرَ، وشكَلتُ الدّابة.
(سَلمة عَن الفرّاء) قَالَ: أَشكلَتْ عَلَيَّ الأخبارُ وأَحْكلَتْ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: أَشكلَ عَلَيَّ الأمرُ أَي اختَلط، والأشكلُ عِنْد الْعَرَب: اللونانِ المختلطان.
وَقَالَ: فِي قَوْله فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سَأَلته عَن شَكْلِه) ، قَالَ: مَعْنَاهُ عَمَّا يشاكلُ أفعالَه.
وَفِي حَدِيث عليَ رَضِي الله عَنهُ فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي عَينيه شُكْلَةٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الشُّكلةُ كَهَيئَةِ الحُمْرة تكون فِي بَيَاض الْعين، فَإِذا كَانَت فِي سَواد الْعين حُمرةٌ فَهِيَ شُهْلةٌ. وَأنْشد:
وَلَا عيبَ فِيهَا غيرَ شُكْلةِ عينِها
كذاكَ عِتاقُ الطيْرِ شُكْلٌ عيونُها
قَالَ شمر: عتاق الطير هِيَ الصقور والبزاة، وَلَا تُوصَف بالحُمرِة، وَلَكِن تُوصَف بزرقة الْعين وشهلتها.
قَالَ: ورُوِي هَذَا الْبَيْت: شهلة عينهَا.
قَالَ وَقَالَ غير أبي عبيدٍ: الشكلة فِي الْعين: الصُّفْرَة الَّتِي تخالط بَيَاض الْعين الَّتِي حَوْلَ الحَدَقة على صفة عين الصَّقْر، ثمَّ قَالَ: وَلَكنَّا لم نسْمع الشكلة إِلاّ فِي الْحمرَة، وَلم نسمعها فِي الصُّفْرَة.
وَأنْشد:
وَنحن حَفزْنا الحَوْفزانَ بطعنة
سقتْه نجيعاً مِن دم الْجوف أَشكلا
قَالَ: فَهُوَ هَا هُنَا حُمرةٌ لَا شكّ فِيهِ.
قَالَ: ورَوَى أَبُو عدنان عَن الْأَصْمَعِي، يُقَال: فِي عينه شكْلَة، وَهِي حُمرةٌ تخالط الْبيَاض.
وَقَالَ اللَّيْث الأشكالُ: الْأُمُور والحَوائجُ المختلفةُ فِيمَا يُتكلَّفُ مِنْهَا ويُهتمُّ لَهَا وَأنْشد للعجاج:
وتَخلُجُ الأشكالُ دونَ الأشكالْ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) يُقَال: لنَا قِبلَ فُلانٍ أَشْكَلَةٌ وَهِي الحاجةُ.
وَقَالَ (ابْن الْأَعرَابِي) يُقَال للحاجةِ: أشْكَلَةٌ، وشَاكلَةٌ وشَوْكَلاءُ ونَوَاةٌ، بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَبو زيد: نَعْجَةٌ شَكْلاَءُ إِذا ابْيَضَّتْ شَاكلتَاها، وسَائرُهَا أَسْوَدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّاكلتَانِ: ظَاهِرُ الطِّفْطِفَتَيْن(10/16)
من لَدُنْ مَبْلغِ القُصَيْرَى إِلى حَرْفِ الحَرْقَفَةِ من جانِبَي البَطْنِ.
قَالَ: والمشَاكِلُ من الأمورِ: مَا وَافَقَ فَاعِلَهُ ونَظِيرَهُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَرِهَ الشِكَالَ فِي الخَيْلِ.
قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي أَنْ تكون ثلاثُ قَوَائمَ مِنْهُ مُحَجَّلةً وَوَاحِدَةٌ مُطْلَقَةً وإنَّمَا أُخِذَ هَذَا من الشِّكالِ الَّذِي يُشْكَلُ بهِ الخَيْلُ، شُبِّهَ بهِ لأنَّ الشِّكالَ إِنما يكوُن فِي ثلاثِ قَوائم أَو أَنْ تكونَ الثَّلاَثُ مُطْلَقَةً ورِجْلٌ مُحَجَّلةٌ، وَلَيْسَ يكون الشِّكالُ إِلاَّ فِي الرِّجلِ، وَلَا يكون فِي اليَدِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنهُ قَالَ: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يُمنَى يَدَيْهِ وَفِي يُمنَى رِجْلَيْهِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَقَالَ آخرُ: الشكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يُسْرَى يَديهِ وَفِي يُسْرَى رِجْلَيْهِ.
وَقَالَ آخر: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي يَديهِ حَسْبُ.
وَقَالَ آخرُ: الشِّكالُ: أَن يكون البَياَضُ فِي يَديَهِ وَفِي إِحْدَى رِجْليهِ.
وَقَالَ آخرُ: الشِّكالُ: أَنْ يكون البَيَاضُ فِي رِجليهِ وَفِي إِحدى يَديهِ.
(قلت) : وروى أَبُو قَتادة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خَيْرٌ الخَيْلُ الأَدْهَمُ الأَقْرَحُ المحجَّلُ الثَّلاَثِ طَلْقُ اليمنَى أَوْ كميْتٌ مثلُه) .
(قلت) : والأَقْرَحُ الَّذِي غُرَّتُهُ صَغيرةٌ بَين عَيْنَيْهِ، وَقَوله: طَلْقُ الْيُمْنَى: لَيْسَ فِيهَا من البَيَاضِ شيءٌ، والمحجَّلُ الثَّلاثِ: الَّتِي فِيهَا بَيَاضٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الشِّكالُ أَن يكون بَيَاضُ التّحْجِيلِ فِي رِجْلٍ واحدةٍ ويَدٍ من خِلافٍ، قَلَّ البَيَاضُ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ فَرَسٌ مَشْكُولٌ.
وَقَالَ شمر عَن عبد الْغفار عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: إِذا كَانَ البَيَاضُ بيدٍ ورجْلٍ من خلافٍ قَلَّ أَوْ كثُرَ فَهُوَ مَشكُولٌ.
وَقَالَ غَيره: الأشْكالُ: حُلِيٌّ يشاكلُ بَعْضهَا بَعْضًا يُقَرَّطُ بهَا النِّساءُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَمِعْت مِنْ صَلاَصِلِ الأشْكالِ
أَدْباً عَلَى لَبَّاتِها الحَوَالِي
هَزَّ السَّنَا فِي لَيْلَةِ الشَّمالِ
(أَبُو حَاتِم) : شَكَلْتُ الكِتابَ أشْكُلُهُ فَهُوَ مَشْكُولٌ إِذا قَيَّدْتَهُ.
قَالَ: وأَعْجَمْتُ الكتابَ إِذا نَقَطْتَه، وحَرْفٌ مُشِكلٌ: مُشتَبِهٌ مُلْتَبِسٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الشَّاكِلُ: البَيَّاضُ الَّذِي بَين الصُّدْغِ والأُذُنِ، وحُكيَ عَن بعضِ التَابعينَ أَنه أوْصى رَجُلاً فِي طَهَارَتِهِ فَقَالَ: تَفقُدِ المَنْشَلَةَ والمَغْفَلةَ والرَّوْمَ والفَنِيكَينِ والشَّاكلَ والشَّجْرَ.
قَالَ: المْغَفَلَةُ: العَنْفَقةُ نفسُها، والرَّوْمُ:(10/17)
شَحْمَةُ الأُذُنِ، والمَنْشَلَةُ: مَوْضِعُ حَلْقَةِ الخاتَمِ.
ك ش ن
كنش، نكش: (مستعملان) .
نكش: قَالَ اللَّيْث: النّكْشُ: الأتْيُ على الشيءِ والفَراَغُ مِنْهُ، تقولُ: انْتَهوا إِلَى عُشْبٍ فنَكَشُوهُ أَي أَتَوْا عَلَيْهِ وحَفَرُواَ بِئْرا فَمَا نَكشُوا مِنْهَا بَعدُ أَي مَا فَرَغُوا مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: لم يجوِّد اللَّيْث فِي تَفْسِير النكش.
وَقَالَ غَيره: النكشُ: أنْ يُسْتَقَى من الْبِئْر حَتَّى تُنْزَحَ.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي أَنه قَالَ: هَذِه بئرٌ مَا تُنْكَشُ أَي مَا تُنزْحُ.
قَالَ وَقَالَ رجلٌ من قُرَيْش فِي عليِّ بن أبي طَالب: عِنْده شَجاعَةٌ لَا تُنْكشُ.
كنش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكنْشُ: أَنْ يَأْخذَ الرَّجُلُ المِسْوَاكَ فَيُليِّنَ رأْسَهُ بعد خُشُونَتِهِ، يُقَال: قد كَنَشَهُ بعد خُشُونَةٍ.
قَالَ: والكنْشُ: فَتْلُ الأكْسيَة.
ك ش ف
اسْتعْمل من وجوهه: (كشف) .
كشف: قَالَ اللَّيْث: الكشْف: رَفْعُكَ شَيْئا عمَّا يُواريهِ ويُغَطِّيهِ. والكشفُ: مَصدرُ الأكْشَفِ، والكشَفَةُ الاسمُ، وَهِي دائرةٌ فِي قُصاصِ الناصيةِ، وربمَا كَانَت شَعرات تَنْبُتُ صُعُداً وَلم تكنْ دَائِرَة فَهِيَ كَشَفةٌ يُتشَاءَمُ بهَا.
قَالَ: والكَشُوفُ من الْإِبِل: الَّتِي يَضربهَا الفَحْلُ وَهِي حَامِل، ومصدرهُ: الكِشافُ.
(قلت) : هَذَا التفسيرُ خطأُ، والكِشافُ: أَنْ يُحمَل على النّاقةِ بعد نِتَاجِهَا وَهِي عائِذٌ قد وَضعتْ حَدِيثا.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: إِذا حُمِلَ عَلَى النَّاقةِ سَنتَيْن مُتَواليَتَيْن فذاكَ الكشَافُ، وَهِي ناقةٌ كشوفٌ.
(قلت) : وأَجودُ نِتاجِ الْإِبِل: أَن يضربَها الفَحْل فَإِذا نُتِجت تُركتْ سَنَةً لَا يضْربهَا الفحْلُ فَإِذا فُصِل عَنْهَا فصيلها وَذَلِكَ عِنْد تَمام السّنة من يَوْم نِتاجها أُرسِلَ الفحْلُ فِي الْإِبِل الَّتِي هِيَ فِيهَا فيضربها فَإِذا لم تجمَّ سنة بعد نِتاجهَا كَانَ أَقلَّ لِلبَنِهَا. وأَضعف لولدها، وأَنْهك لقُوَّتها وطِرْقها، وَمن هَذَا قَول زُهَيْر فِي حرْبٍ امْتَدَّتْ أَيَّامُها.
فتعرُككُم عَرْكَ الرَّحَا بثِفَالها
وتَلْقَحْ كشافاً ثمَّ تُنتَجْ فتُتئم
فَضرب لقاحها كشافاً بحدثان نتاجها، وإتآمها مثلا بِشدَّة الْحَرْب ودوامها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَكْشَفَ القومُ إِذا صَارَت إبلهمْ كُشُفاً، الْوَاحِدَة: كَشوف فِي الحَمْل.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : الأكْشَفُ: الَّذِي(10/18)
لَا تُرْسَ مَعَه فِي الْحَرْب.
وَقَالَ غَيره: أَكْشفَ الرجلُ إكشافاً إِذا ضحك فانقلبتْ شفتُه حَتَّى تبدوَ دَراَدِرُه.
ك ش ب
كشب، كَبْش، شكب، شَبكَ، بشك: (مستعملة) .
كشب: قَالَ اللَّيْث: الكَشْبُ: شدَّة أَكلِ اللَّحْم وَنَحْوه.
وَقَالَ الراجز:
ثمَّ ظَلِلْنَا فِي شِوَاءٍ رُعْبَبُهْ
مُلَهْوَج مِثْل الكُشَى نُكَشِّبُه
وكشب: اسْم جبل فِي الْبَادِيَة.
كَبْش: قَالَ اللَّيْث: إِذا أَثْنَى الحَمَل فقد صَار كَبْشاً، وكَبشُ الكتيبةِ: قائدُها.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: بلد قِفَارٌ كَمَا يُقَال: بُرْمة أَعْشارٌ وثوب أكْباشٌ، وَهِي ضُرُوب من بُرُودِ الْيمن، وثوب شَمارق، وشَبَارق إِذا تمزق.
قَالَ الْأَزْهَرِي: هَكَذَا أَقْرَأنيه المنذريُّ: ثوب أكباش بِالْكَاف والشين، وَلست أحفظه لغيره.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: ثوب أكْراشٌ، وثوب أكباش، وَهَذَا من برُود الْيمن، وَقد صَحَّ الْآن أكباشٌ.
وكُبيْشَةُ: اسْم امْرَأَة، كَأَنَّهُ تصغيرُ كَبْشَة، وَكَانَ مشرِكو مَكَّة يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أبي كَبْشةَ، وَقيل: إِن ابْن أبي كَبْشَة كَانَ رجلا من خُزاعةَ خالفَ قرَيشاً فِي عبَادَة الْأَوْثَان، وعَبَدَ الشِّعْرَى العَبُورَ، فشبهوا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنه خالفَهم كَمَا خالفهم ابْن أبي كَبْشَة.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَبُو كبشةَ: كنيةُ وَهْبِ بن عبد منَاف جدِّ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مِن قِبَلِ أمِّه، فنسب إِلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ نزعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ.
شَبكَ: قَالَ اللَّيْث: الشَّبْكُ: مصدرُ قَوْلك شَبكتُ أصابعي بعضَها بِبَعْض. فاشتبَكت وشبَّكتها فتشبكتْ على التكثير.
ورُوي عَن النَّبِي صلى عَلَيْهِ وَآله أَنه قَالَ: (إِذا خرج أحدُكم إِلَى الصَّلَاة فَلَا يُشَبِّكْ بَين أَصابعه) ، وَيُقَال لأسنان المِشْطِ: شَبَكٌ، واشتباكُ الرّحِم وَغَيرهَا: اتِّصَال بَعْضهَا بِبَعْض.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرّحِمُ المشتَبِكة: الْمُتَّصِلَة، وَيُقَال: بَيني وبينهُ شُبْكَةُ رَحِمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشُّبّاكُ: اسمٌ لكل شَيْء كالقصَب المحبّكةِ الَّتِي تُجعَل على صنعةِ البَواري، فكلُّ طائفةٍ مِنْهَا شُبّاكةٌ، قَالَ: والشَّبَكةُ للرأس، وجمعُها شبَكٌ، والشبكةُ: المَصْيَدة فِي المَاء وَغَيره، والشِّباكُ من الأَرْض: مواضعُ لَيست بسِباخٍ وَلَا تنْبت كنحو شِبَاك البصْرة.(10/19)
(قلتُ) : شِباك البصْرة: ركايا كَثِيرَة مفتوحٌ بَعْضهَا فِي بعض. قَالَ طَلْقُ بن عديّ:
فِي مُسْتَوَى السّهْلِ وَفِي الدَّكْدَاكِ
وَفِي صِمَادِ البِيدِ والشِّباكِ
وأَشبَك المكانُ: إِذا أَكثر النَّاس احتِفارَ الرَّكايا فِيهِ.
روى ابْن شُمَيْل عَن الهِرْماس بن حبيب عَن أَبِيه عَن جده أَنه الْتقط شبكةً بقُلَّةِ الحَزْنِ أَيَّام عمر فَأتى عمرَ. وَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: أسقني شبَكةً بقُلة الحَزْن، فَقَالَ عمر: مَن تركْتَ عَلَيْهَا من الشاربة؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الزبير: إِنَّك يَا أَخا تَمِيم تسْأَل خيرا قَلِيلا فَقَالَ عمر: لَا بل خير كثيرٌ، قِرْبتانِ، قربةٌ من مَاء، وقربة من لبَن يغاديِان أهلَ بَيت من مُضرَ بقلَّةِ الحَزْن، قد أسقاكه الله.
قَالَ القُتَيبي: الشبَكةُ: آبارٌ مُتَقَارِبَة قريبةُ المَاء، يُفضي بَعْضهَا إِلَى بعض، وَجَمعهَا شِبَاكٌ.
وَقَوله: التقطْتُها: أَي هجمت عَلَيْهَا وَأَنا لَا أشعر بهَا، يُقَال: وردتُ المَاء التقاطاً.
وَقَوله: أسقِنيها: أَي أَقْطِعنيها وَاجْعَلْهَا لي سُقْيا، وَأَرَادَ بقوله: قربتان: قربَة من مَاء، وقربة من لبن أَن هَذِه الشبَكة تَرِدُ عَلَيْهَا إِبلهم وترعى بهَا غَنمهمْ فيأتيهم اللبنُ والماءُ كل يَوْم بقلة الحزْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: طريقٌ شَابكٌ أَي مُلتبِسٌ مختلِطٌ شَرَكُه، بعضُها بِبَعْض، وبعيرٌ شابك الأنيابِ، ورجلٌ شابكُ الرُّمح إِذا رأيتَه من ثقَافَتِه يطعن بِهِ فِي الْوُجُوه كلهَا، وَأنْشد:
كَمِيٌّ ترَى رُمْحَهُ شابِكا
وَيُقَال: اشتَبَكَ الظلام إِذا اختَلط، واشتبكتِ النُّجُوم إِذا تداخلَت واتصل بَعْضهَا بِبَعْض، والشابك مِن أَسمَاء الْأسد، وَهُوَ الَّذِي اشتبكتْ أنيابُه وَاخْتلفت.
وَقَالَ البُرَيقُ الهذليُّ:
وَما إنْ شابِكٌ مِنْ أُسْدِ تَرْجٍ
أَبُو شِبْلَينِ قدْ مَنعَ الخُدَارَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال للدرُوع: شُبّاكٌ. وَقَالَ طفيل:
لهنّ بشُبَّاكِ الدُّرُوع تَقَاذُفُ
والشُّبَّاك: القُنَّاص الَّذين يحبُلون الشباكَ وَهِي المصايد للصَّيْد، وكل شَيْء جُعِل بعضُه فِي بعض فَهُوَ مُشبَّكٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشِّباك: جِحَرَةُ الجِرْذان، والشِّباك: الرَّكايا الظَّاهِرَة.
شكب: روى بَعضهم قَول وِعَاس الْهُذلِيّ:
وهنَّ مَعًا قيام كالشُّكوبِ
قَالَ: وَهِي الكرَاكيُّ.
وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: كالشُّجُوب، وَهِي عمدٌ من أعمدة الْبَيْت، الشُّكْبان: شُبَّاك يسوِّيه حَشّاشو الْبَادِيَة مِنَ اللِّيف والخُوْص،(10/20)
يُجعل لَهَا عُرًى وَاسِعَة يتقلدها الحشاش، وَيجمع فِيهِ الحَشيش الَّذِي يحتش، وَالنُّون فِي الشكبان: نون جمع، وكأَنها فِي الأَصْل شُبْكانٌ فقُلِبَتِ الشّكْبَانَ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الشُّكْبَانُ: ثوبٌ يُعقد طرفاه من وَرَاء الحَقْوَين، والطرفان الْآخرَانِ فِي الرَّأْس يحشُّ فِيهِ الحشاشُ على الظّهْر، ويُسمَّى الحالَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الفَقْعسي:
لما رأيتُ جفوة الْأَقَارِب
فقلتُ للشِّقْبَان وهْو راكبي
أنتَ خليلِي فالزَمَنَّ جَانِبي
وَإِنَّمَا قَالَ: وَهُوَ راكبي، لِأَنَّهُ على ظَهره، وَيُقَال لَهُ: الزَّوْالُ، وَقَالَهُ بِالْقَافِ، وهما لُغَتَانِ: شُكبانٌ وشقْبَان، وسماعي من الْأَعْرَاب: شكبان.
بشك: قَالَ اللَّيْث: البَشْكُ فِي السَّير: خفَّة نقل القوائم، إِنَّهَا لتَبْشُكُ وتَبْشِكُ بشكاً، وَيُقَال للْمَرْأَة: إِنَّهَا لبَشَكَى الْيَدَيْنِ أَي عَمُولُ الْيَدَيْنِ، وبَشَكَى العَمَل أَي سريعة الْعَمَل.
ابْن بُزُرْجَ: إِنه بَشَكى الْأَمر أَي يُعَجّلُ صَريمة أمره.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : البَشْكُ: السّير الرَّفيق، وَقد بَشَكَ بشكاً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال للخيَّاطِ إِذا أَسَاءَ خياطَة الثَّوْب: بَشَكَهُ وشَمْرجَهُ.
قَالَ: والبَشْكُ: الْخَلْط من كل شيءٍ رديءٍ وجَيِّدٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ابْتَشكَ فلانٌ الْكَلَام ابتشاكاً إِذا كذب.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَشَكَ وابْتَشَكَ إِذا كذب وَيُقَال للرجل إِذا أسرعَ فِي باطلٍ اختلقَه: لقد ابْتَشَكَهَا فِي جيبه.
ك ش م
كشم، كمش، شكم: مستعملة:
كشم: قَالَ اللَّيْث: الكَشْمُ: اسْم الفَهْدِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الأَكْشَمُ: الفهدُ، وَالْأُنْثَى كَشْماء، والجميع كُشْمٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الأكْشَمُ: النَّاقِص الخَلْقِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كَشَمَ أَنفَهُ كَشْما، إِذا قطعه.
قَالَ: والأكْشَمُ: النَّاقِص فِي جِسمه، وَقد يكون فِي الحسَب أَيْضا، وَمِنْه قولُ حسَّان:
غلامٌ أتاهُ اللُّؤْم من نَحْو خالهِ
لهُ جانبٌ وافٍ وآخرُ أكْشَمُ
كمش: قَالَ اللَّيْث: رجلٌ كمِيشٌ أَي عزومٌ ماضٍ، وَقد كمُشَ يَكمُشُ كَماشةً،(10/21)
وانكمشَ فِي أمره.
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَوْلهم: قد تكَمَّش جِلدُه أَي تقبّض وَاجْتمعَ، وانْكَمشَ فِي الْحَاجة مَعْنَاهُ اجْتمع فِيهَا، ورجلٌ كميشُ الإِزارِ: مُشَمِّرُه.
قَالَ اللَّيْث: والكَمْشُ: إِن وُصف بِهِ ذَكرٌ من الدَّوابِّ فَهُوَ الصغيرُ الْقصير الذَّكر وَإِن وُصفت بِهِ الْأُنْثَى فَهِيَ الصَّغِيرَة الضَّرْع، وَهِي كمْشَةٌ، ورُبَّما كَانَ الضَّرْع الكْمشُ مَعَ كُموشَتِه دَرُوراً. وَقَالَ:
يَعُسُّ جِحاشُهُنَّ إِلَى ضُرُوعٍ
كماشٍ لم يُقبّضْها التِّوَادِي
(أبوعبيد عَن الْكسَائي) : الكَمْشَةُ من الْإِبِل: الصَّغِيرَة الضَّرْع، وَقد كمُشَتْ كمَاشةً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأكْمَشُ: الَّذِي لَا يكادُ يُبصرُ من الرِّجَال.
(أَبُو عُبَيْدَة) : الكَمْشُ من الْخَيل: الْقصير الجُرْدَانِ، وَجمعه كِماشٌ وأكماشٌ.
(الْأَصْمَعِي) : انْكَمش فِي أمره وانْشَمَر بِمَعْنى واحدٍ.
شكم: فِي الحَدِيث أَن أَبَا طَيْبَة حجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اشْكُموه.
قَالَ أَبُو عبيد: سَمِعت الْأمَوِي يَقُول: الشَّكْمُ: الجَزاءُ، وَقد شَكمتُه أشْكُمه شَكْماً، فالشَّكْم: الْمصدر، والشُّكْمُ: الِاسْم.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: الشُّكْمُ: العِوَصُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الشُّكْمُ والشُّكْدُ: العطيّةُ.
وَقَالَ اللَّيْث الشُّكْمُ: النُّعْمَى، يُقَال: فعل فلانٌ كَذَا فَشكَمْتُه أَي أَثَبْتُه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَكِيمَةُ اللِّجام: الحديدة المعترضة فِي الفَم، وَأما فأْسُ اللِّجام فالحديدة الْقَائِمَة فِي الشَّكِيمة.
وَقَالَ اللَّيْث: جمع الشَّكِيمةِ: الشكائم والشُّكُم.
قَالَ: وَيُقَال: فلانٌ شَدِيد الشَّكيمة إِذا كَانَ ذَا عارِضةٍ وجِدَ.
(ابْن الْأَعرَابِي) : الشَّكيمةُ: قوَّةُ القلبِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: إِنه لشديد الشَّكِيمة إِذا كَانَ شَدِيد النَّفْسِ أنِفاً أبِيّاً.
وَيُقَال: شَكَم الفرسَ يَشْكُمه شَكْماً إِذا أدخلَ الشَّكِيمة فِي فَمِه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الشَّكِيمُ من القِدْرِ: عُراها.
الشَّكِمُ: الشَّديد القويُّ من كل شيءٍ، وَقَالَ أَبُو صَخْر الهذليُّ يصفُ الأَسدَ:
جَهْمُ المُحَيَّا عَبُوسٌ باسلٌ شَرِسٌ
وَرْدٌ قَسَاقِسةٌ رِئْبالَةٌ شَكِمُ(10/22)
(أَبْوَاب الْكَاف وَالضَّاد)
ك ض ص ك ض س ك ض ز
ك ض ط ك ض د ك ض ت
ك ض ظ ك ض ذ ك ض ث
أهملت وجوهها.
ك ض ر
كرض، ضرك، ركض: مستعملة.
كرض: قَالَ اللَّيْث: الكَرِيضُ: ضَرْب من الأقِطِ، وصنعتُه الكِراضُ، وَقد كرَضُوا كراضاً، وَهُوَ جُبْنٌ يتحلَّب عَنهُ مَاؤُهُ فَيَمْصُل كَقَوْلِه:
... ... كَرِيضٍ مُنَمِّس
قلت: أَخطَأ اللَّيْث فِي الكَريض وصحَّفه، وَالصَّوَاب: الكَريصُ بالصَّاد غير مُعْجمَة مسموعٌ من الْعَرَب.
وأقرأني الإياديُّ عَن شمر، والمنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم كِلَاهُمَا لأبي عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: الكَرِيصُ والكَريزُ بالزّاي: الأقِطُ، وَهَكَذَا أنشدونا للطِّرماح فِي صفة العَيْر:
وشَاخَسَ فاهُ الدَّهرُ حَتَّى كأَنه
مُنَمِّس ثيرانِ الكريصِ الضَّوَائنِ
وثِيرانُ الكَرِيص: جمع ثَوْر: الأَقِطِ، والضَّوائنُ: البِيض مِن قِطَع الأقِطِ، والضَّاد فِيهِ تصحيفٌ مُنكَرٌ لَا شكّ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِراضُ: ماءُ الفَحْل.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
سَوْفَ تُدْنيكَ مِن لَمِيسَ سَبَنْتَا
ةٌ أَمَارتْ بالبَول ماءَ الكرَاضِ
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : فإنْ قَبِلَت النَّاقة مَاء الفَحل بَعْدَمَا ضربهَا ثمَّ أَلقته قيل: كَرَضتْ تَكْرِضُ، واسمُ ذَلِك المَاء: الكِراض.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: خَالف الطِّرِمّاح الأمويّ فِي الكِراض، فجَعل الطرماح الكِراضَ الفَحل، وَجعله الْأمَوِي ماءَ الْفَحْل.
وأَخبرني المنذريُّ عَن المُبَرّد أَنه حَكى عَن الأصمعيّ أنَّ الكِراض: حَلَقُ الرَّحِم، قَالَ: وَلم أَسمعه إِلَّا فِي شِعر الطِّرمَّاح.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِراض: ماءُ الفَحل فِي رَحِم النَّاقة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تَدْعُو الفُرْضة الَّتِي فِي أَعْلى الْقوس كُرْضَة وجمعُها: كِراضٌ، وَهِي الفُرْضةُ الَّتِي تكونُ فِي طرَف أَعلى القوْس يُلقَى فِيهَا عَقْدُ الوتَر.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الكِراضُ: حَلَقُ الرَّحِمِ، وأَنشد:
حيثُ تُجِنُّ الحَلَقَ الكِراضا
قَالَ وَقَالَ غَيره: هُوَ مَاء الفَحل.
(قلت) : والصوابُ فِي الكِراض مَا قَالَ الْأمَوِي وَابْن الْأَعرَابِي وَهُوَ مَاء الْفَحْل إِذا أَرْتجَت عَلَيْهِ رَحِمُ الطَّرُوقة.(10/23)
ضرك: قَالَ اللَّيْث: الضَّرِيكُ: اليابِسُ الْهَالِك سُوءَ حالٍ.
قَالَ: والضريك: النَّسِرُ الذَّكر.
قَالَ: وقَلَّما يُقَال للْمَرْأَة ضَرِيكةٌ، قَالَ: وضُرَاكٌ: من أَسمَاء الْأسد، وَهُوَ الغليظ الشَّديد عَصْبِ الخَلْق فِي جِسمٍ، والفعلُ ضَرُكَ يَضْرُك ضَراكةً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الضَّرِيكُ: الْأَعْمَى، والضَّرِيكُ: الجائع.
ركض: قَالَ اللَّيْث: الرّكْضُ: مِشْيَةُ الرجل بالرِّجلين مَعًا، والمرأَةَ تَركُض ذُيولها برجْليْها إِذا مَشت. قَالَ النَّابِغَة:
والرَّاكِضاتِ ذيول الرَّيْطِ فَنَّقَها
بَرْدُ الهواجرِ كالغِزلان بالجَرَدِ
وفلانٌ يَرْكُضٌ دابّته، وَهُوَ ضَرْبُه مَرْكلَيها برجليه. فلمّا كثر هَذَا على أَلْسنتهم استعملوه فِي الدَّوابِّ فَقَالُوا: هِيَ تركُض، كأَنّ الرّكْضَ مِنْهَا، والمَركضَانِ: هما مَوضِع عَقِبَيِ الْفَارِس مِن مَعَدَّيِ الدَّابَّة.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} {لاَ تَرْكُضُواْ وَارْجِعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (الْأَنْبِيَاء: 12، 13) .
قَالَ: يَركضون: يهربون وينهزمون وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج. قَالَ: يهربون من الْعَذَاب.
(قلت) وَيُقَال: رَكض البعيرَ برجلِه كَمَا يُقَال: رَمَح ذُو الْحَافِر برجْله، وأصل الرَّكض: الضَّرْبُ.
وَفِي الحَدِيث: (لَنَفْسُ الْمُؤمن أَشَدُّ ارتِكاضاً عَلَى الذَّئْب من العُصفورِ حِينَ يُغْدَفُ بِه) أَي أشدُّ اضطراباً على الْخَطِيئَة حِذارَ الْعَذَاب من العُصفور إِذا أُغدِفَت عَلَيْهِ الشَّبكةُ فاضطَرب تحتهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرْكَضَتِ الفَرَسُ فَهِيَ مُرْكِضةٌ ومُرْكِضٌ إِذا اضْطَرَبَ جنينُها فِي بَطنهَا. وَأنْشد:
ومُرْكِضةٌ صَرِيحيٌّ أَبوها
يُهانُ لَهَا الغُلامةُ والغُلامُ
ويُروى: ومِرْكَضة بِكَسْر الْمِيم نعْتُ الفَرس أَنَّهَا رَكَّاضةٌ، تركض الأَرْض بقوائمها إِذا عَدَتْ وأَحضرَت.
وَقَالَ اللَّيْث: مِشْيَةُ التَّرْكَضَى: مِشيةٌ فِيهَا تَبخترٌ وتَرفُّلٌ، وقوْسٌ رَكُوض. تَحِفز السهمَ حَفْزاً. وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
شَرِقاتٍ بالسُّمِّ مِن صُلّبيَ
ورَكوضاً مِنَ السَّرَاءِ طَحُورا
وَقَالَ آخر:
وَلَّى حَثِيثاً وَهَذَا الشيبُ يَطْلُبُه
لَو كَانَ يُدْرِكُه رَكْضُ اليَعَاقيبُ
جَعل تصفيقها بجناحَيها فِي طيرانها ركْضاً لاضطرابِها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَكَضْت الدابةَ(10/24)
بِغَيْر أَلِفٍ.
قَالَ وَلَا يُقَال: رَكض هُوَ، إِنَّمَا هُوَ تحريكُكَ إِيَّاه، سارَ أَو لم يَسِر.
قَالَ شمر: وَقد وَجدْنا فِي كَلَامهم رَكَضَتِ الدّابّةُ فِي سَيرهَا. وركَض الطائرُ فِي طيرانه. وَقَالَ زُهَيْر:
جوانِحُ يَخْلِجْن خلْجَ الظِّبَا
ء يركُضن مِيلاً ويَنْزِعْنَ مِيلا
وَقَالَ رؤبة:
والنَّسِرَ قد يَركُض وَهُوَ هَافِي
أَي يطيرُ يَضرِب بجناحيه، والهافي: الَّذِي يَهفو بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا رَكِب الرجلُ البعيرَ فضَرب بعَقِبِه مَرْكَلَيه فَهُوَ الرَّكْضُ والرَّكْلُ، وَقد رَكَضَ الرجلُ إِذا فَرَّ وعدَا.
وَقَالَ مجاهِد فِي قَول الله: {إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ} (الْأَنْبِيَاء: 12) أيْ يَفرُّون.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا رَوَى شمر عَنهُ: يُقَال: فلانٌ لَا يَركُضُ المِحْجَنَ إِذا كَانَ لَا يدفعُ عَن نَفسه.
وَفي حَدِيث ابْن عَبَّاس: فِي دَمِ المُسْتَحاضة (إِنما هُوَ عِرقٌ عاندٌ أَو رَكْضةٌ منَ الشَّيْطَان) .
قَالَ: الرَّكْضة: الدَّفْعةُ والحركةُ. وَقَالَ زُهير يصف صقراً انقَضَّ على قَطاً فَقَالَ:
يَرْكُضْنَ عِنْد الذُّنابَى وهْي جاهِدَةٌ
يَكادُ يَخطَفها طَوْراً وتَهتلِكُ
قَالَ: ورَكْضُها: طيرانُها.
ك ض ل
اسْتعْمل من وجوهه حرفٌ وَاحِد.
ضكل: رَوَى أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الضَّيْكَل: الرجلُ العُريان، وَهُوَ حرفٌ غريبٌ صحيحٌ.
ك ض ن
اسْتعْمل من وجوهه:
ضنك: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} (طه: 124) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الضَّنك: أصلُه فِي اللُّغَة الضِّيقُ وَالشِّدَّة، وَمَعْنَاهُ وَالله أَعلم أَنَّ هَذِه المعيشةَ الضَّنْكَ فِي نَار جَهَنَّم.
قَالَ: فأَكْثر مَا جاءَ فِي التَّفْسِير أنّه عَذَاب القبْر.
قَالَ قَتَادَة: معيشة ضنكا: جَهَنَّم، وَقَالَ الضَّحَّاك: الكَسب الْحَرَام، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: عَذَاب الْقَبْر.
وَقَالَ اللَّيْث فِي تَفْسِيره: أَكْلُ مَا لم يكن من حَلَال فَهُوَ ضَنْكٌ، وإِنْ كانَ موسَّعاً عَلَيْهِ وَقد ضَنُكَ عيشهُ.
قَالَ: والضَّنْكُ: ضيقُ العَيْشِ، وكلُّ مَا ضَاقَ فَهُوَ ضَنْكٌ.(10/25)
وَقَالَ اللحياني: الضِنَاكُ: المرأَةُ الضَّخْمَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ التَّارَّةُ المكْتَنِزَةُ الصُّلبةُ اللَّحْمِ.
قَالَ: ورجلٌ ضُنْأَكٌ على وزنِ فُعْلَلٍ مهموزُ الألفِ وَهُوَ الصُّلبُ المعصوبُ اللحْمِ، والمرأَةُ بِعينهَا على هَذَا اللَّفْظِ ضُنْأَكَةٌ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الضَّنِيكُ: العَيشُ الضَّيّقُ؛ والضَّنِيكُ: المقطوعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: للضَّعِيفِ فِي بدنهِ ورَأْيه: ضَنِيكٌ، والضَّنِيكُ، التابعُ الَّذِي يعملُ بخُبزِه.
وَقَالَ أَبُو عبيد وغيرُه: الضُّنَاكُ: الزكامُ وَقد ضُنِكَ الرجل فَهُوَ مَضْنُوكٌ إِذا زُكِمَ، واللَّهُ أضْنَكَهُ. قَالَ العجاج يصف جَارِيَة:
فَهْيَ ضِنَاكٌ كالكَثِيبِ المُنهَالْ
عَزَّزَ مِنْهُ وَهُوَ مُعْطِي الإِسْهَالْ
ضَرْبُ السَّوَارِي مَتْنَه بالتَّهْتَالْ
الضّنَاكُ: الضخمة كالكثيب الَّذِي ينهال، عَزَّز مِنْهُ: أَي شدَّدَ من الْكَثِيب، ضربُ السّوارِي: أَي أَمْطَارُ اللَّيْل فَلَزِمَ بعضه بَعْضًا، شبه خَلْقَها بالكثيب، وَقد أَصَابَهُ الْمَطَر، وَهُوَ مُعطي الإسهال أَي يعطيك سهُولة مَا شئتَ.
ك ض ف: مهمل.
ك ض ب
ضبك، بضك: مستعملان:
ضبك: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: اضْبَأكَّتِ الأرضُ وَاضمَأَكَّت إِذا خرج نبتها.
وَقَالَ أَبُو زيد: اضْمَأَكَّ النّبْتُ: إِذا رَوِي.
وَقَالَ اللِّحيانيُّ: اضْمأكَّتِ الأرضُ إِذا اخضرَّتْ.
بضك: أهمله اللَّيْث.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سيفٌ بَضُوكٌ: أَي قاطعٌ، وَلَا يَبْضِكُ اللَّهُ يدهُ أَيْ لاَ يقطَعُ الله يدهُ.
(ك ض م: مهمل)
(أَبْوَاب الْكَاف وَالصَّاد)
ك ص س ك ص ز ك ص ط
مهملات.
مصطك: وأمَّا المُصْطُكى: العِلْكُ الرُّومِيُّ فليسَ بعربيّ، والميمُ أَصليةٌ، والحرف رباعيٌّ.
ابْن الْأَنْبَارِي المَصْطَكاءُ، قَالَ: وَمثله: ثَرمداءُ على بِنَاء فَعللاء.
ك ص د ك ص ت ك ص ظ
(ك ص ذ) ك ص ث: مهملات.(10/26)
ك ص ر
اسْتعْمل من وجوهه: كصر، كرص.
كصر: قَالَ أَبُو زيد: الكَصِيرُ. لُغةٌ فِي القَصِير لبَعض العربِ.
قَالَ: والغَسَكُ: لُغَةٌ فِي الغَسَقِ، وَهُوَ الظُّلمةُ، والبُورَقُ والبُوركُ لِلَّذِي يجْعَلُ فِي الطَّحِين.
كرص: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء أَنه قَالَ: الكَرِيصُ والكَرِيزُ: الأقِطُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الاكْتِرَاصُ: الْجمع يُقَال: هُوَ يكتْرِصُ، ويَقْلِدُ أَي يجمعُ، وَهُوَ المِكْرَصُ والمِصْرَبُ.
ك ص ل: مهمل
ك ص ن
كنص، نكص: (مستعملان) .
كنص: رُوِي عَن كَعْب أَنه قَالَ: كَنَّصَتِ الشياطينُ لسليمانَ.
قَالَ كَعْب: أولُ من لبسَ القَبَاء سُليمانُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَلِكَ أَنَّه كانَ إِذا أدخلَ رأسَهُ لِلبُسِ الثَّوْبِ كَنَّصَتِ الشَّياطينُ اسْتهزَاءً، فَأُخْبِر بذلكَ فَلبسَ القَبَاء.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَنَّصَ إِذا حرَّكَ أَنفَهُ استهزاءً.
نكص: وَقَالَ اللَّيْث: النُّكُوصُ: الإحْجَامُ والانقداعُ عَن الشيءِ تقولُ: أَرادَ فلانٌ أمرا ثمَّ نكَصَ على عَقِبيهِ.
قلت: يُقَال: نكَصَ يَنكُصُ وَينكِصُ، وقرأَ القُرَّاءُ (تَنكُصُونُ) (الْمُؤْمِنُونَ: 66) بضمِّ الكافِ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ: سمعتُ السُّلَميَّ يَقُول: نَكَصَ فلانٌ عَن الْأَمر، ونَكَفَ بِمَعْنى واحدٍ، وَهُوَ الإحجامُ.
ك ص ف: مُهْمَل
ك ص ب
كبص: قَالَ اللَّيْث: الكُبَاصُ والكُباصَةُ من الإبلِ والحُمرِ وَنَحْوهَا: القويُّ الشديدُ على العملِ.
ك ص م
كصم، صمك، صكم: مستعملة.
صكم: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: صَكَمْتُه، ولكَمْتُه، وصَكَكْتُهُ، ودَكَكْتُهُ، ولكَكْتُهُ: كلُّهُ إِذا دَفَعْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّكْمَةُ: صَدْمَةٌ شديدةٌ بحجرٍ أَو نَحْو ذَلِك، تقولُ: صَكَمتْهُ صَوَاكِمُ الدَّهرِ، والفَرَسُ يَصْكُمُ إِذا عضَّ على لجامهِ ثمَّ مَدَّ رأسَهُ يُريدُ أَن يغالِب.
صمك: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الصَّمَكُوكُ: الشَّدِيدُ، وَيُقَال ذَلِك أَيْضا للشَّيْء اللزِجِ، وَيُقَال لَهما أَيْضا صَمَكِيكٌ فِيمَا قَالَ شمرٌ.(10/27)
وَأنْشد:
وصَمَكِيكٍ صَمَيَانٍ صِلِّ
ابنِ عجوزٍ لم يزلْ فِي ظِلّ
هاجَ بعِرْسٍ حَوْقلٍ قِثوَلِ
وَقَالَ شمر: الصَّمَكِيكُ من اللَّبن: الخاثرُ جدّاً، وَهُوَ حامضٌ، والصَّمَكِيكُ: التَّارُّ الغَلِيظُ من الرِّجال وَغَيرهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمَكِيكُ: الأهوجُ الشَّدِيدُ، وَهُوَ الصَّمَكوكُ، والمُصْمَئِكُّ: الأهوَجُ الشَّدِيدُ الْجيد الْجِسْم القويُّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اصْمَأَكَّ الرَّجلُ وازْمَأَكَّ واهمأَكَّ إِذا غضبَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُصْمَئِكٌّ: الغضبان، وَحكي عَن أبي الْهُذيْل: السماءُ مُصْمَئِكَّةٌ أَي مستويةٌ خليقةٌ للمطرِ.
وروى شمر عَنهُ: أصبحَتِ الأرضُ مُصْمَئِكةً عَن المطرِ أَي مبتلةً، وجملٌ صَمَكةٌ أَي قويٌّ، وكذلكَ عبدٌ صَمَكةٌ أَي قويٌّ.
كصم: أَبُو نصرٍ: كَصَمَ كُصُوماً إِذا ولّى وأَدبرَ.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو تُرَاب: قَصَمَ رَاجعا، وكَصَمَ رَاجِعاً إِذا رجعَ من حيثُ جاءَ وَلم يتِمَّ إلىَ حيثُ قَصَدَ.
وَأنْشد بَيت عديّ بنِ زيدٍ:
وأَمرناهُ بهِ من بينهَا
بعدَما انصاعَ مصرّاً وكصَمْ
(أَبْوَاب الْكَاف وَالسِّين)
ك س ز ك س ط: مهملان وَيُقَال:
كسط: القُسْطُ والكُسْطُ لهَذَا العودِ البحري.
ك س د
كسد، كدس، سدك، دكس: مستعملة.
كسد: قَالَ اللَّيْث: الكَسَادُ: خِلافُ النَّفاقِ ونقيضُهُ، والفعلُ: يكْسُدُ. وسوقٌ كاسدةٌ: بائرةٌ.
كدس: قَالَ اللَّيْث: الكُدْسُ: جماعةُ طعامٍ وَكَذَلِكَ مَا يجمعُ من دراهمَ وَنَحْوه، يُقَال: كُدْسٌ مكَدَّسٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكَدْسُ: إسراعُ الإبلِ فِي سيرِها، وَقد كدَستْ تَكدِسُ كَدْساً.
وَقَالَ شمر، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَدْسُ الْخَيل: ركوبُ بَعْضهَا بَعْضًا، والتكدُّسُ: السرعةُ فِي الْمَشْي أَيْضا.
وَقَالَ عَبِيد أَو مُهَلْهِل:
وخَيْلٌ تَكَدَّسُ بالدّارِعِين
كمشْيِ الوُعولِ على الظّاهِرَهْ
ويقالُ: التّكَدُّس: أَنْ يُحَرِّكَ مَنكِبَيه ويَنصَبَّ إِلَى مَا بَين يَدَيْهِ إِذا مَشَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّكدُّس: أَنْ يُحَرِّكَ(10/28)
مَنكِبَيه وكأنّه يَركب رأسَه، وَكَذَلِكَ الوُعولُ إِذا مَشت.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) أَنه قَالَ: الكَوادسُ: مَا تُطُيِّرَ مِنْهُ مِثل الفأْل والعُطاس ونحوِه. يُقَال مِنْهُ: كَدَس يَكدِس.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فلَوْ أَنَّني كُنْتُ السَّليمَ لَعُدْتَنِي
سَرِيعا وَلم تَحْبِسْكَ عَنِّي الكوادِس
وَقَالَ اللَّيْث: الكادِسُ: القَعِيدُ مِن الظِّبَاء الَّذِي يُتَشاءَمُ بِهِ، وَهُوَ الجائي مِن خَلْفُ.
وَقَالَ النَّضْر: أَكداسُ الرّمل وَاحِدهَا كُدْسٌ وَهُوَ المتراكِبُ الْكثير الَّذِي لَا يُزايلُ بعضه بَعْضًا.
قَالَ ابْن السّكيت فِي قَول المتلمس:
هَلُمَّ إِليه قد أُبيثتْ زرُوعُه
وعادت عَلَيْهِ المَنجَنونُ تَكَدَّسُ
قَالَ: يُقَال: جَاءَ فلَان يتكدس، وَهِي مشْيَة من مشْيَة الْغِلَاظ الْقصار.
قَالَ، يُقَال: أَخذه فكدَس بِهِ الأَرْض.
سدك: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) سَدِكَ بِهِ سَدَكاً، ولَكِيَ بهِ لَكىً إِذا لزمَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ سَدِكٌ: خفيفُ العملِ بيديهِ.
يُقَال: إِنه لَسَدِكٌ بالرُّمْحِ أَي رَفيقٌ بِهِ سَريعٌ، وسَمِعتُ أَعْرَابيّاً يَقولُ: سَدَّكَ فلانٌ جِلالَ التَّمْرِ تَسْدِيكاً إِذا نَضَدَ بَعْضهَا فَوق بعضٍ فَهِيَ مُسَدَّكةٌ.
دكس: اللَّيْث: الدَّوْكَسُ من أَسماءِ الأسَدِ. وَهُوَ الدَّوسَكُ لُغةٌ فِيهِ.
(قلت) : لم أَسمع الدَّوكَسَ، وَلَا الدَّوْسَكَ فِي أَسماءِ الأسَدِ والعربُ تَقول: نَعَمٌ دَوْكَسٌ، وَشَاءٌ دَوكَسٌ: كثيرةٌ. وَأنْشد بَعضهم:
مَنِ اتقَى الله فلمَّا يَيْأَسِ
مِنْ عَكَرٍ دَثْرٍ وشَاءٍ دَوْكَسِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّيَكْساءُ: قطعةٌ عظيمةٌ من النَّعَمِ والغَنَمِ.
وَيُقَال: نَمٌ دِيَكْساءُ، قَالَ: ودَكَسْت الشيءَ إِذا حَشَوْتَهُ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَعمٌ دَوْكَسٌ ودَيْكَسٌ أَيْ كثيرٌ. ودَيْكَسَ الرجلُ فِي بَيته إِذا كَانَ لَا يَبرزُ لحَاجَة الْقَوْم، يَكْمُنُ فِيهِ.
ك س ت
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهها: (سكت) .
سكت: قَالَ اللَّيْث يُقَال: سَكتَ الصَّائتُ يَسكُتْ سُكُوتاً إِذا صَمتَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلَّ وعزّ: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} (الْأَعْرَاف: 154) معناهُ: وَلما سَكَنَ.
قَالَ وَقَالَ بَعضهم: معنى قَوْله: {وَلَمَّا(10/29)
سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} : لما سَكَتَ مُوسَى عَن الغَضَبِ عَلَى القَلْبِ كَمَا قَالُوا: أَدْخَلتُ القَلنْسُوةَ فِي رَأْسي، وَالْمعْنَى أَدخلتُ رَأْسيَ فِي القَلَنْسُوَةِ.
قَالَ: وَالْقَوْل الأولُ الَّذِي مَعْنَاهُ سَكَنَ هُوَ قولُ أهْلِ العربيَّةِ.
قَالَ وَيُقَال: سَكتَ الرجل يَسكُتُ سَكْتاً إِذا سَكنَ، وسَكتَ يَسْكُتُ سكُوتاً وسَكْتاً إِذا قطع الكلامَ، ورجلٌ سِكِّيتٌ: بَيِّنُ السَّاكُوتَةِ والسُّكُوتِ إِذا كَانَ كثير السكُوتِ، وأَصابَ فلَانا سُكاتٌ إِذا أَصابهُ دَاء مَنعه من الْكَلَام.
وَقَالَ: والسُّكَيْتُ، والسُّكَّيْتُ بالتَّخْفيفِ والتَّشدِيدِ: الَّذِي يجيءُ آخرَ الخَيْلِ.
وَقَالَ اللَّيْث: السكَيْتُ خَفِيف: العَاشِرُ الَّذِي يجيءُ فِي آخر الْخَيل إِذا أُجْرِيَتْ بَقِيَ مُسكِتاً.
قَالَ وَيُقَال: ضَربْتُهُ حَتَّى أَسكت، وَقد أَسكَتَتْ حَرَكتُهُ.
قَالَ: فَإِن طَالَ سُكُوتُه مِنْ شَرْبَةٍ أَوْ دَاءٍ قيل: بِهِ سُكاتٌ.
قَالَ: والسَّكْتُ: من أصُولِ الألْحَانِ شِبْهُ تَنَفُّسٍ بَينَ نَغْمَتَين من غير تَنفُّسٍ يُرَادُ بذلك فَصْلُ مَا بَينهمَا.
قَالَ: والسَّكْتَتَانِ فِي الصلاةِ تُسْتَحَبَّانِ: أَن تَسكُتَ بعد الافتتَاح سَكْتَةً ثمَّ تَفْتَحَ القراءَة، فإِذا فَرَغْتَ من الْقِرَاءَة سَكتَّ أَيْضا سَكْتَةً ثمَّ تفتح مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن.
(أَبُو عبيد عَن أبي أَزِيد: صَمَتَ الرّجُلُ، وأَصْمَتَ وسكَتَ وأَسْكَتَ) .
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال: تَكلَّمَ الرجلُ ثمّ سَكَتَ بِغَيْر أَلف، فإِذا انقطَعَ وَلم يتكلَّمْ قيل: أَسْكَتَ وَأنْشد:
قد رَابَنِي أَنّ الكَرِيَّ أَسْكَتَا
لَو كانَ مَعْنِيّاً بِنَا لهَيَّتَا
(غَيره) : حَيَّةٌ سُكاتٌ إِذا لم يَشعرْ بهِ المَلْسُوعُ حَتَّى يَلْسَعَهُ. وَأنْشد:
فمَا تَزْدَوِي من حَيَّةٍ جَبَلِيَّةٍ
سُكاتٍ إِذا مَا عضَّ لَيْسَ بأوردا
ورجلٌ سَكْتٌ وسِكِّيت، وسَاكُوتٌ، وسَاكوتَةٌ إِذا كَانَ قليلَ الْكَلَام من غَيرِ عِيَ وإِذا تكلَّم أَحسَنَ.
(أَبُو زيد) : سَمِعتُ رجلا من قيسٍ يَقُول: هَذَا رجلٌ سِكْتِيتٌ بِمَعْنى سِكِّيت.
ك س ظ ك س ذ ك س ث
أهملت.
ك س ر
كسر، كرس، ركس، سكر، سرك: (مستعملة) .
كسر: قَالَ اللَّيْث يُقَال: كَسَرْتُ الشيءَ أَكْسِرُهُ كَسْراً، ومُطاوعُهُ: الانكسَارُ، وكلُّ شيءِ فَتَرَ عَن أَمْرٍ يَعْجَزُ عَنهُ يُقَال فِيهِ: انْكَسَرَ، حَتَّى يُقَال. كَسَرْتُ من بَرْدِ الماءِ فانْكَسَرَ.(10/30)
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الكِسْرُ: أَسفلُ الشُّقَّةِ الَّتِي تَلي الأرضَ من الخِبَاءِ.
قَالَ وَقَالَ الأَحمرُ: هُوَ جَارِي مُكاسِرِي ومُؤاصِري أَي كِسْرُ بَيتهِ إِلَى جَانِبِ كِسْرِ بَيْتي.
وَقَالَ اللَّيْث: كِسْرَا كلَّ شيءٍ: نَاحِيَتَاهُ، حَتَّى يُقَال لِنَاحِيَتي الصّحَراءِ: كِسْرَاهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فيهِ لُغتَانِ: الكَسْرُ والكِسْرُ.
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء) : يُنْسَبُ إِلَى كِسْرَى وَكَانَ يَقُوله بكسْرِ الكافِ فإِذا نَسبَ إِليهِ: قَالَ: كِسْرِيّ بتشديدِ اليَاءِ وكَسْرِ الكافِ، وكِسْرَويُّ بِفَتْح الرّاء وبتشديدِ اليَاءِ.
وَقَالَ: الأمويُّ: كِسْرِيٌّ بالكسْرِ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كِسْرَى مُعَرّبٌ، وأَصْلُه خُسْرَى فَعرّبتْه العَرَب فَقَالُوا: كِسْرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال كِسرَى وكَسرَى، ويقولونَ فِي الجمعِ: أَكاسرةٌ وكَساسرَةٌ، وكِلاَهما مُخَالفٌ للْقِيَاس. إِنَّمَا القِيَاسُ كَسرَوْنَ كَمَا يُقَال: عِيسَوْنَ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : يُقَال: رجل ذُو كَسَرَاتٍ وهَزَرَاتٍ وَهُوَ الَّذِي يُغبَنُ فِي كل شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْأَرْض ذاتِ الصعُود والهبوط: أرضٌ ذاتُ كُسور.
قَالَ: وكُسورُ الْجبَال والأودية لَا يُفرد مِنْهُ الْوَاحِد، لَا يُقَال: كِسر الْوَادي.
قَالَ: والكَسْر من الْحساب: مَا لم يكن سَهْما تامّاً، والجميع: الكسور.
وَقد كَسَرَ الطائرُ يكسِر كُسوراً، فإِذا ذكرْت الجناحين قلت: كسرَ جناحيه كسْراً وَهُوَ إِذا ضم مِنْهُمَا شَيْئا فَهُوَ يُرِيد الْوُقُوع أَو الانقضاض، يُقَال: بازٌ كاسر، وعُقابٌ كاسر، وَأنْشد:
كأَنّها كاسِرٌ فِي الجوِّ فَتْخَاءُ
طرحوا الْهَاء لِأَن الْفِعْل غَالب.
والكَسِيرُ من الشاءِ: المنكسرةُ الرِّجْلِ.
وَفِي الحَدِيث: لَا يجوزُ فِي الْأَضَاحِي الكسير البيِّنةُ الكسرِ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجُل إِذا كَانَت خِبرَتُه محمودة: إِنه لطيِّبُ المَكْسِرِ (وصُلْبُ المكسِر كَمَا يُقَال للشَّيْء الَّذِي إِذا كُسر عُرف بباطنِه جودتُه: إِنه لجيِّدُ المكسرِ) ومكسِرُ الشَّجَرَة: أصلُها حَيْثُ يكسر مِنْهُ أَغْصَانهَا، وَقَالَ الشُّوَيعِرُ:
فمَنَّ واسْتَبْقَى ولمْ يَعْتصِرْ
مِنْ فَرْعِه مَالاً وَلَا المَكْسِرِ
وَقَالَ غَيره: يُقَال: فلَان يكسرُ عَلَيْهِ الفُوقَ إِذا كانَ غضبانَ عَلَيْهِ، وَفُلَان يكسِر عَلَيْهِ الأَرْعاظَ غَضبا.
والمُكَسِّرُ: لقَب رجُل. قَالَ أَبُو النَّجْم:(10/31)
أَوْ كالْمُكَسِّرِ لَا تؤوبُ جيَادُه
إِلاَ غَوَانِمَ وهْيَ غيرُ نِوَاء
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كسَرَ الرجلُ إِذا بَاعَ مَتَاعه ثوْباً ثوبا، وكَسِرَ إِذا كسل، والكاسور، بَقَّالُ القُرَى، والصَّيْقَبَانيُّ: صَيْدَنانيُّ القُرَى.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال لكل عظمٍ: كِسْرٌ وكَسْرٌ، وَأنْشد:
وَفي يَدِها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : يُقَال لعَظم الساعد مِمَّا يَلِي النّصْف مِنْهُ إِلَى الْمرْفق: كِسرُ قبيحٍ، وَأنْشد شمر:
لوْ كنتَ عَيْرا كُنْتَ عَيرَ مَذَلّةٍ
أَوْ كنُتَ كِسرا كنْتَ كِسْرَ قَبِيح
(ابْن السّكيت) : يُقَال فلَان هَشُّ المكسِر، وَهُوَ مدحٌ وذمٌّ، فَإِذا أَرَادوا أَن يَقُولُوا: لَيْسَ بمُصْلِد القِدْح فَهُوَ مدحٌ وإِذا أَرَادوا أَن يَقُولُوا هُوَ خوَّار الْعود فَهُوَ ذمُّ.
وَجمع التكسير: مَا لم يُبْنَ على حَرَكَة أَوله، كَقَوْلِك: دِرْهَم ودراهمُ، وبطنٌ وبطونٌ، وقِطْفٌ وقطوفٌ، وَأما مَا يجمع على حَرَكَة أَوله فَمثل: صَالح وصالحين، وَمُسلم ومسلمين.
كرس: قَالَ اللَّيْث: الكِرْسُ: كِرْسُ الْبناء، وكرْسُ الحَوض حَيْثُ تقف النَّعمُ فيتلبد، وَكَذَلِكَ يكرَّسُ أُسُّ الْبناء فيصلُبُ، وَكَذَلِكَ كِرْس الدِّمنَة إِذا تلبدت فلزِقت بِالْأَرْضِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال: إِنه لكريم الكِرْس، وكريم القِنْس، وهما الأَصْل.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكِرْسُ: الأبوال والأبعارُ يتلبَّد بَعْضهَا فَوق بعض فِي الدَّار.
قَالَ: والدِّمَن: مَا سوَّدوا من آثَار البعر وَغَيره.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأكاريس: الأَصْرام من النَّاس، وَاحِدهَا: كِرْس وأكراسٌ ثمَّ أَكاريسُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ} (الْبَقَرَة: 255) فِيهِ غيرُ قَول.
قَالَ ابْن عَبَّاس: كرسيه: عِلُمه.
وَرُوِيَ عَن عَطاء أَنه قَالَ: مَا السمواتُ وَالْأَرْض فِي الكرسيِّ إِلَّا كحلقة فِي أَرض فلاةٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القَوْل بَيِّنٌ، لِأَن الَّذِي نعرفه من الكرسيّ فِي اللُّغَة: الشَّيْء الَّذِي يُعتمد ويُجلسُ عَلَيْهِ، فَهَذَا يدل على أَن الْكُرْسِيّ عظيمٌ دونه السمواتُ وَالْأَرْض.
قَالَ: والكرسي فِي اللُّغَة والكُرَّاسة إِنَّمَا هُوَ الشَّيْء الَّذِي قد ثَبت وَلزِمَ بعضه بَعْضًا.(10/32)
قَالَ: وَقَالَ قوم: كرسيهُ: قدرته الَّتِي بهَا يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَالُوا: وَهَذَا كَقَوْلِك: اجْعَل لهَذَا الْحَائِط كرْسيّاً أَي اجْعَل لَهُ مَا يعتمدُه ويمسكه وَقَرِيب من قَول ابْن عَبَّاس، لِأَن علمه الَّذِي وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا يخرج من هَذَا، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الكُرسيّ، إِلا أنّ جُملته أمرٌ عَظِيم من أَمر الله جلّ وَعز.
وروى أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: الْكُرْسِيّ: مَا تعرفه الْعَرَب من كراسيِّ الْمُلُوك. وَيُقَال: كِرسي أَيْضا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه أنْشدهُ:
يَا صاحِ هَل تعرفُ رَسْماً مُكْرَسَا
قَالَ: المُكْرَسُ: الَّذِي قد بعرتْ فِيهِ الإِبلُ وبَوَّلَتْ فركبَ بعضه بَعْضًا، وَمِنْه سميت الكُرَّاسَةُ.
قلت: والصحيحُ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسِيّ مَا رواهُ الثَّوْريُّ وغيرهُ عَن عمارٍ الدُّهْنِي عَن مُسْلمٍ البَطِينِ عَن سعيد بن جُبَيْرٍ عَن ابْن عباسٍ أَنه قَالَ: الكُرْسِيُّ: موضعُ القدمينِ، وأَما العَرْشُ فإنَّهُ لَا يُقدرُ قدرهُ، وَهَذِه روايةٌ اتفقَ أَهْلُ العلمِ على صِحتها، وَالَّذِي رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسيّ أنَّهُ العِلمُ، فَليسَ ممّا يُثبتُه أَهلُ المعرِفةِ بالأخبارِ.
أَبُو بكر: لُمْعَة كَرْساءُ للقطعة من الأَرْض فِيهَا شجرٌ، تدانتْ أُصُولهَا والتفتْ فروعها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِرْسُ من أَكْرَاسِ القَلائد والوُشُحِ وَنَحْوهَا.
يُقَال: قلادةُ ذاتُ كِرْسَيْنِ، وذاتُ أكْرَاسٍ ثلاثةٍ إِذا ضُمَّت بَعْضهَا إِلَى بعض وَأنْشد:
أَرِقتُ لِطَيْفٍ زَارَنِي فِي المَجَاسِدِ
وأَكْرَاسِ دُرَ فُصِّلَتْ بالفرائدِ
والكَرَوَّس: الرجُلُ الشديدُ الرَّأْس، والكاهل فِي جِسْمٍ. قَالَ العجَّاجُ:
فِينَا وَجَدْتَ الرجُلَ الكَرَوَّسَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَرَوَّس: الشديدُ، رجلٌ كَرَوَّسٌ.
وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب الأنصاريّ أَنه قَالَ: (مَا أَدْري مَا أَصنَعْ بِهَذِهِ الكَرَاييسِ، وَقد نهَانَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ نستقبلَ القبلةَ بغائطٍ أَو بولٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكَرَاييسُ واحدُها: كِرْياسٌ، وَهُوَ الكَنِيفُ الَّذِي يكون مشرفاً على سطحٍ بقناةٍ إِلَى الأرضِ، فإِذا كَانَ أسفلَ فليسَ بكِرْياسٍ.
قلت: يسمَّى كِرْياساً لما يعلقُ بِهِ من الأقذارِ والعَذِرَةِ فيركَبُ بعضه بَعْضًا مثل كِرْسِ الدمنِ والوأْلةِ وَهُوَ فِعيالٌ من الكِرْسِ مثل جِريالٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : يقالُ للرجُلِ إِذا وَلَدَتهُ أَمَتَانِ أَو ثلاثٌ: مُكَرْكَسٌ.(10/33)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: المكَرْكَسُ: الّذِي أُمُّ أُمّهِ، وأُمُّ أبيهِ، وأُمُّ أُمِّ أمّهِ، وأمُّ أمِّ أبيهِ: إِماءٌ.
وَقَالَ الليثُ: المُكَرْكَسُ: المقَيَّدُ، وَأنْشد:
فهلْ يَأكُلَنْ مالِي بنُو نَخَعِيَّةٍ
لَهَا نسبٌ فِي حَضْرَمَوْتَ مُكَرْكَسُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَرِسَ الرجُلُ إِذا ازدحمَ علمهُ على قلبِهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : انكَرَسَ فِي الشَّيْء إِذا دخلَ فيهِ.
سكر: قَالَ اللَّيْث: السُّكْرُ: نَقيضُ الصَّحْو قَالَ: والسُّكْرُ: ثلاثةٌ: سكْرُ الشَّرَاب، وسكْرُ المَال، وسكر السلطانِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} (الْحجر: 15) ، قرىء: (سُكِّرَتْ) ، (وسُكِرَتْ) بالتَّشْديدِ والتخفيفِ، ومعناهُ سُدَّتْ وَأُغْشِيتْ بالسِّحْرِ، فَيتخايَلُ لأبصارنا غيرُ مَا نرى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سَكَرْتُهُ: مَلأْتُهُ.
وَقَالَ الليثُ: السَّكْرُ: سَدُّ البَثْق ومُنْفَجَرِ المَاء، والسِّكْرُ: اسمُ ذَلِك السِّدادِ الَّذِي يجعلُ سدّاً لِلْبثقِ وَنَحْوه.
وَقَالَ مُجَاهِد: سُكِّرت أبصارُنا: أَي سدت.
قَالَ أَبُو عبيد: يذهب مُجَاهِد إِلَى أَن الْأَبْصَار غشيها مَا منعهَا من النّظر كَمَا يمْنَع السِّكْرُ المَاء من الجري.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُكِّرت أبصار الْقَوْم إِذا دِيرَ بهم وغشيهم كالسَّمادير فَلم يبصروا، وَيُقَال للشَّيْء الحارِّ إِذا خَبَا حرُّه، وَسكن فورُه: قد سَكَر يسكُرُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: سكّرت أبصارنا مأخوذٌ منْ سُكْرِ الشرابِ كأنّ الْعين لحقها مَا يلحقُ شاربَ المُسْكِرِ إِذا سَكر.
وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ حُبِسَت ومنعت من النّظر.
وَقَالَ ثَعْلَب: سُكِرَت وسُكِّرَت: حبست، وَيكون بِمَعْنى أُغشِيت، وهما متقاربان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَكِرَ من الشَّرَاب يسكَرُ سُكْراً، وسكِرَ من الغَضَبِ يَسكَرُ سَكَراً إِذا غضبَ. وَأنْشد:
فجاءُونا بهمْ سكَرٌ علينا
فأَجْلَى اليومُ والسكْرَانُ صاحِي
وَقَالَ الزجاجُ يُقَال: سكَرَتْ عينُهُ تَسكُرُ: إِذا تحيَّرَتْ، وسكَنَتْ عَن النَّظَرِ وسكَرَتِ الرّيحُ تسكُرُ: إِذا سكَنَتْ، وسكَرَ الحَرُّ يَسكُرُ. وَأنْشد:
جاءَ الشتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ
وجعلتْ عينُ الحَرُورِ تسكُرُ
قَالَ أَبُو بكر: اجثألّ: مَعْنَاهُ اجْتمع وتقبّض.(10/34)
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : ليلةٌ ساكِرَةٌ: لَا ريح فِيهَا. قَالَ أوسٌ:
خذَلْتُ على ليلةٍ ساهرهْ
فليسَتْ بِطلْق وَلَا ساكِرَهْ
(أَبُو زيد) : الماءُ الساكِرُ: الساكِنُ الَّذِي لَا يجْرِي، وَقد سكَرَ سكُوراً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى} (الْحَج: 2) وقرىء (سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) .
التَّفْسِير: إنكَ تَرَاهم سُكَارَى من الْعَذَاب والخوفِ وَمَا هم بُسكَارَى من الشَّرابِ، يدلُّ عَلَيْهِ قَوْله: {وَلَاكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} وَلم يقرأْ أحدٌ من القُرّاءِ سَكَارَى بِفَتْح السِّينِ، وَهِي لُغةٌ، وَلَا يجوزُ القراءةُ بهَا لأنّ الْقِرَاءَة سُنةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: النعْتُ الَّذِي على فَعْلانَ يُجمَعُ على فُعَالَى وفَعالى مثل أَشرانَ وأُشارَى وأَشارَى، وغيرانَ وقومٌ غُيارَى وغَيارى، وَإِنَّمَا قَالُوا سَكْرَى وفَعْلَى أَكثرُ مَا تجيءُ جَمعاً لفعيلٍ بِمَعْنى مفعولٍ مثل قتيلٍ وقَتْلى وجريجٍ وجرحى وصريعٍ وصرعَى لِأَنَّهُ شُبه بالنّوْكَى والحمقى والهلكى لزوَال عقل السكْرَانِ، وأَما النَّشوانُ: فَلَا يقالُ فِي جمعِه غير النَّشَاوَى.
وَقَالَ الْفراء: وَلَو قيل: سكْرَى على أنّ الجمعَ يَقع عَلَيْهِ التّأْنيثُ فَيكون كالواحدَة كَانَ وَجها. وأنشدني بَعضهم:
أضحَتْ بنُو عامرٍ غَضْبَى أُنوفهُمُ
إِنِّي عفَوْتُ فَلَا عارٌ وَلَا باسُ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (النَّحْل: 67) .
قَالَ الفراءُ يُقَال: إِنه الخمرُ قبلَ أَن تحرمَ، والرِّزقُ الحسنُ: الزّبيبُ وَالتَّمْر، وَمَا أَشبههمَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: السَّكَرُ: نقيعُ التَّمْر الَّذِي لم تمسهُ النارُ وَكَانَ إبراهيمُ والشعبيُّ وَأَبُو رَزِين يَقُولُونَ: السَّكَر: خَمْرٌ.
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: السكَرُ من التمرِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وحدَه: السكَرُ: الطعامُ، وَاحْتج بقول الآخر:
جعلتَ أَعْرَاضَ الكِرَامِ سكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لَك.
وَقَالَ الزّجاجُ: هَذَا بِالْخمرِ أشبهُ مِنْهُ بِالطَّعَامِ، الْمَعْنى جعلتَ تتخمَّرُ بأَعراض الناسِ وهوَ أبينُ مَا يُقَال للذِي يَبتَرِكُ فِي أَعراض النَّاس.
وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن المَخْزُومِي عَن سفيانَ عَن الْأسود بن قيس عَن عَمْرو بن سُفْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (النَّحْل: 67) قَالَ: السَّكَرُ: مَا حرِّم من ثَمَرَتهَا، والرِّزقُ الحسنُ: مَا أُحِلّ من ثَمَرَتهَا.(10/35)
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّكَرُ: الغضبُ، والسَّكَرُ: الامتلاءُ، والسَّكَرُ: الخمرُ، والسَّكَرُ: النَّبيذُ. قَالَ جرير:
إِذا رَوِينَ عَلَى الخِنْزِيرِ من سَكَرٍ
نادَيْنَ يَا أعظمَ القِسِّينَ جُرْدانَا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ} سكرة الْمَوْت: غَشْيَتُهُ الَّتِي تَدُلُّ الإِنسانَ على أَنه ميت، وقولهُ بالحقِّ أَي بِالْمَوْتِ الحقِّ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّكْرَةُ: الغَضْبَةُ، والسَّكْرةُ: غَلبةُ اللَّذَّةِ على الشَّبَاب.
اللَّيْث: رجلٌ سِكِّيرٌ: لَا يزالُ سكرانَ، والسَّكْرةُ: الْوَاحِدَة من السُّكْر.
ورُوِي عَن أبي مُوسَى الأشعريّ أَنه قَالَ: السُّكْركَةُ: خَمرُ الحبشةِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهِي من الذُّرَة.
قلت: وَلَيْسَت بعربية.
وقيَّده شمر بِخَطِّهِ: السُّكْرُكَةُ: الجَزْمُ على الْكَاف، والرَّاءُ مَضْمُومَة.
ركس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (النِّسَاء: 88) .
قَالَ الفرّاء، يَقُول: رَدَّهُمْ إِلَى الْكفْر.
قَالَ: ورَكَسَهم: لغةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بِرَوْثٍ فِي الاستنجاءِ، فَقَالَ: إِنه رِكْسٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الرِّكْسُ: شبيهُ الْمَعْنى بالرَّجيع.
يُقَال: ركَسْتُ الشيءَ وأَرْكَستُه: لُغتانِ إِذا رَدَدْتَهُ.
وَفِي حَدِيث عديّ بن حاتمٍ أَنه أَتى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النبيُّ: (إِنكَ من أهْلٍ دينٍ يقالُ لَهُم الرَّكُوسِيَّةُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُرْوَى فِي تَفْسِير الرَّكُوسِيَّة عَن ابْن سِيرين أَنه قَالَ: هُوَ دينٌ بَين النَّصارى وَالصَّابِئِينَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّاكِسُ: الثَّوْرُ الَّذِي يكونُ فِي وسطِ البَيْدَرِ حِين يُداس، والثِّيرانُ حواليه فَهُوَ يَرْتكِسُ مَكَانَهُ، وإِن كَانَت بقرة فَهِيَ راكسةٌ.
قَالَ: وإِذا وقعَ الإِنسانُ فِي أمرٍ بعدَ مَا نجا مِنْهُ قيل: ارْتَكَسَ فِيهِ.
قَالَ: والرَّكْسُ: قْلبُ الشيءِ على رأسهِ، أَو ردُّ أوَّله إِلَى آخِره.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) قَالَ: الرِّكْسُ: الكثيرُ من النَّاس.
وَقَالَ مُجَاهِد: الارْتكاسُ: الارتداد.
وَقَالَ شمر: بَلغنِي عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه قَالَ: المَنْكُوسُ والمَرْكُوسُ: المُدْبِرُ عَن حَاله.
وَسُئِلَ عَن حَدِيث عديِّ بن حاتمٍ، قيل لَهُ: إِنَّكَ رَكُوسِيٌّ، فَقَالَ: هَذَا من نَعْتِ النَّصَارَى، وَلَا يُعَرَّبُ.(10/36)
قَالَ: وأَرْكَسَتِ الجاريةُ إِذا طلعَ ثَدْيُها، فَإِذا اجتمعَ وضخُمَ فقدْ نَهَدَ.
سرك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سَرِكَ الرجلُ إِذا ضعف بدنُهُ بعد قُوَّةٍ.
قَالَ ابْن السّكيت: تَسَاَركْتُ فِي الْمَشْي وتَسَرْوَكْتُ، وهما رَدَاءةُ المشيِ من عَجَفٍ أَو إِعياءٍ.
ك س ل
كسل، كلس، سلك: مستعملة.
كسل: قَالَ اللَّيْث: الكَسَلُ: التَّثَاقُلُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُتَثَاقَلَ عَنهُ. والفعلُ: كَسِلَ يَكْسَل كَسَلاً، ورجلٌ كَسْلاَنُ، وامرأةٌ كَسْلَى، وكسْلانةُ: لُغةٌ رَدِيئَة.
وَيُقَال للفَحْلِ الفَاتِرِ كَسِلَ وأكْسَلَ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة عَن العجاج:
أَظَنَّتِ الدَّهْنَا وظَنَّ مِسْحَل
أنَّ الأميرَ بالقضاءِ يعجل
عَن كَسَلاتي والحِصانُ يكْسل
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَسمعت رؤبة ينشدها:
... والجَوادُ يُكْسِلُ
وسمعتُ غَيره من ربيعةِ الجُوعِ يرويهِ: ... يَكَسَلُ.
وَقَالَ العجاج أَيْضا:
قد ذَادَ لَا يَستكسِلُ المَكاسلا
أَرَادَ بالمكاسل: الكَسَل، أَرَادَ لَا يكسل كسلا.
وَفِي اللَّيْث: وللإِكسالِ معنى آخر، يقالُ للرجلِ إِذا عَزَلَ وَلم يُرِدْ ولدا: أَكسلَ.
قَالَ وَيُقَال: فلانٌ لَا تُكسله المكاسلُ، يَقُول: لَا تُثْقِلُهُ وُجوهُ الكسلِ، وامرأةٌ مِكْسالٌ، وَهِي الَّتِي لَا تكَاد تبرحُ مجلسها.
قلتُ: وَفِي الحَدِيث: (أنَّ رجلا سأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله فَقَالَ: إِنَّ أحدَنا يجامعُ فَيُكْسِلُ) مَعْنَاهُ أَنه يَفْتُرُ ذَكرُهُ قبلَ الْإِنْزَال وَبعد الْإِيلَاج، وَعَلِيهِ الغُسلُ إِذا فعل ذَلِك لالتقاء الخِتانَيْنِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكِسْلُ: وَتَرُ قوسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِع مِنْهَا.
والكَوْسَلَةُ: الحوْثرَةُ: وَهِي رأسُ الأدافِ، وَبِه سُمِّيَ الرجلُ حَوْثَرَة.
المِكْسَلُ: وترُ قَوْسِ النَّدَّافِ إِذا خُلِعَ مِنْهَا.
كلس: قَالَ اللَّيْث: الكِلْسُ: مَا كَلَسْتَ بهِ حَائِطا أَو باطنَ قصرٍ شبهُ الجِصِّ من غير آجُرَ.
قَالَ: والتَّكلْيسُ: التَّمْلِيسُ فإِذا طُلِيَ ثَخيناً فَهُوَ المُقَرْمَدُ.
(أَبُو عبيد) : الكِلْسُ: شِبْهُ الصّارُوجِ يُبْنَى بِهِ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ، قَالَ الأصمعيّ: كَلَّسَ على القومِ وكَلَّلَ وصَمّمَ إِذا حمَلَ.(10/37)
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كَلَّسَ فلانٌ عَن قِرْنِهِ وهَلَّلَ إِذا جَبُنَ وفرّ عَنهُ.
(قلتُ) : وَهَذَا أَصحُّ مِمَّا روى أَبُو ترابٍ.
سلك: قَالَ اللَّيْث: السِّلْكُ: الخيوط الَّتِي يخاطُ بهَا الثِّيابُ، الْوَاحِدَة: سِلْكةٌ، والجميع: السُّلُوك.
قَالَ: والسُّلُوكُ: مصدرُ سَلَكَ طَرِيقا، والمَسْلكُ: الطريقُ، والسَّلْكُ: إِدخال الشَّيْء تَسْلُكُهُ فِيهِ كَمَا يطعنُ الطاعنُ فيَسْلُكُ الرُّمْحَ فِيهِ إِذا طعنه تِلْقاءَ وجههِ على سَجيحَتِهِ. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نَطَعَنُهُمْ سُلْكَى ومخلوجةً
كَرَّكَ لأَمَيْنِ على نابلِ
قَالَ: وصفهُ بسرعةِ الطعْن وشَبّهَهُ بِمن يَدْفعُ الرِّيشةَ إِلَى النَّبَّال فِي السُّرْعة، وَإِنَّمَا يحتاجُ فِيهِ إِلَى السُّرْعة والخفَّة لِأَن الغِراء إِذا بَرَدَ لم يَلزق فيستعملُ حارّاً.
(أَبُو عبيد) : الطَّعْنَةُ السُّلْكَى هِيَ المستقيمة، والمخلوجةُ: الَّتِي فِي جَانب.
قَالَ: ويُرْوَى عَن أَبي عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه قَالَ: ذهبَ مَن كَانَ يُحْسِنُ هَذَا الكلامَ يَعْنِي سُلْكَى ومخلوجةً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: يُقَال: الرّأْي مَخْلُوجَةٌ وَلَيْسَ بُسلْكَى أَي لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهُ يُسْلِكُ الكُفَّارَ فِي جَهَنَّم أَي يدخلهم فِيهَا وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
حَتَّى إِذا سَلَكُوهُم فِي قُتَائِدَةٍ
شَلاًّ كَمَا تَطرَدُ الجمَّالةُ الشُّرُدا
(أَبُو عبيد) : سلَكْتُه فِي الْمَكَان وأَسلكتُه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: والسُّلَكُ: وَلدُ الحَجَل، وَجمعه: سِلْكانٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّلْكانُ: فِراخُ القَطَا، الْوَاحِد: سُلَكٌ.
قَالَ: وَمِنْهُم مَن يَقُول للْوَاحِد: سِلْكانة وَأنْشد:
تَضِلُّ بِهِ الكُدْرُ سِلكانها
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سلكْتُ الطريقَ، وسَلكْتُه غَيْرِي، وَيجوز أَسْلكتُه غَيْرِي.
ك س ن
كنس، سكن، نسك، نكس، سنك: (مستعملة) .
سنك: أهمله اللَّيْث: ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: السُّنُكُ: المَحَاجُّ اللَّيِّنة، وَلم أسمعهُ لغيرِه؟ .
كنس: قَالَ اللَّيْث: الكَنْسُ: كَسْحُ القُمامِ عَن وَجه الأَرْض، والكُنَاسةُ: مُلْقاها، والكِناسُ: مَوْلِجٌ للوحْش من الْبَقر تَسكنُ فِيهِ من الحرِّ.
يُقَال: كنَسَتِ الظِّبَاءُ، وتَكَنَّسُوا. وَقَالَ(10/38)
لبيد:
شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ حِين تحمَّلوا
فتَكنَّسُوا قُطُنْاً تَصِرُّ خِيَامُها
أَي دخلُوا هَوادِجَ جُلِّلَتْ بِثِيَاب قُطْنِ.
وَقَالَ الله: { (أَحْضَرَتْ فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} {بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} (التكوير: 15، 16) .
قَالَ الزّجاج: الكُنَّسُ: النجومُ تَطْلُعُ جَارِيَة، وكُنوُسها: أَن تَغِيب فِي مغاربها الَّتِي تغيبُ فِيهَا.
قَالَ وَقيل: الكُنَّسُ: الظِّبَاءُ والبقرُ تَكنِسُ أَي تدخل فِي كُنُسِها إِذا اشتدَّ الحرُّ. قَالُوا: والكُنّسُ: جمعُ كانِسٍ وكانسةٍ.
وَقَالَ الفرّاءُ فِي الخُنّسِ والكُنَّسِ: هِيَ النُّجوم الْخَمْسَة تَخنِسُ فِي مجْراهَا وتَرجِع، وتَكنِس: تَسْتَتِر كَمَا تَكنِس الظِّباءُ فِي المَغارِ، وَهُوَ الكِنَاسُ، والنُّجوم الْخَمْسَة: بَهْرَامُ، وزُحَلُ، وعُطارِدُ، والزُّهَرَةُ، والمُشْتَرِي.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ النجومُ الَّتِي تَسْتسِرُّ فِي مجاريها فتَجري وتَكنِسُ فِي مجاريها فيَتحَوَّى لكلِّ نَجم حَوِيٌّ يقف فِيهِ ويستدير ثمَّ ينصرفُ رَاجعا، فكُنوسُه: مُقامُه فِي حَوِيِّهِ، وخُنوسُه: أَن يَخنسَ بِالنَّهَارِ فَلَا يُرَى.
وَيُقَال: فِرْسِنٌ مكْنوسةٌ، وَهِي الملساءُ الجرداءُ من الشَّعر. (قُلت) : الفِرْسِنُ المَكنوسة: المَلساء الباطنِ، تُشبِّهها الْعَرَب بالمرايا لِمَلاستِها.
وكنيسَةُ اليهودِ، وَجَمعهَا كَناَئسُ، وَهِي مُعرَّبةٌ.
والمِكْنَسة جمعهَا: مكانسُ، ومكانسُ الظِّبَاءِ وَاحِدهَا مَكْنِسُ.
سكن: قَالَ اللَّيْث: السَّكْنُ: السُّكَّان، والسُّكْنُ: أَن تُسْكِنَ إِنساناً منزلا بِلَا كِرا. قَالَ والسَّكْن: العيالُ، وأهلُ الْبَيْت، الْوَاحِد: ساكنٌ.
(الحرَّانيُّ، عَن ابْن السكت) : السَّكْنُ: أهلُ الدَّار. وَقَالَ سلامةُ بن جَندل:
يُسْقَى دَوَاءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
قَالَ والسَّكَنُ: مَا سَكَنْتَ إِليه.
والسَّكَن: النَّار. وَأنْشد:
أقامَها بِسَكَنٍ وأَدْهان
يَعْنِي قناةً ثقفها بالنَّار والدُّهْن. وَأنْشد:
ألجأني اللَّيْل وريح بلّه
إِلَى سَواد إبل وثلَّه
وسَكَنٍ توقَد فِي مِظَلّهْ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الأَسْكان: الأقْوات، واحِدها: سُكْنٌ.
وَقَالَ غَيره: قيل للقوتِ: سُكْنٌ لأنَّ الْمَكَان بِهِ يُسْكَن. وَهَذَا كَمَا يُقَال: نُزُلُ العَسكر لإِرزاقهم المُقدَّرة لَهُم إِذا أُنزِلوا منزلا.
وَيُقَال: مَرْعًى مُسْكِنٌ إِذا كَانَ كثيرا لَا(10/39)
يُخرج إِلَى الظّعْن عَنهُ، وَكَذَلِكَ مَرْعًى مُرْبِعٌ ومُنْزِلٌ.
وسُكْنَى الْمَرْأَة: المَسكَن الَّذِي يُسْكِنها الزَّوجُ إيَّاه.
تَقول: لكَ دَاري هَذِه سُكْنَى إِذا أَعارَه مَسكناً يَسكنه.
وَتقول: سَكنَ الشيءُ يَسكُنُ سكوناً إِذا ذهبَت حركتُه، وسكنَ فِي معنى سكتَ، وسكنتِ الرِّيح، وسكنَ الْمَطَر، وَسكن الْغَضَب.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (الْأَنْعَام: 13) .
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ وَله مَا حَلَّ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِه الْآيَات اْحتِجَاجٌ على المُشْرِكِين، لأَنهم لم ينكروا أنَّ مَا استقرَّ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار للَّهِ أَي هُوَ خالقُه ومُدَبِّرُه، فَالَّذِي هُوَ كَذَلِك قادرٌ عَلَى إِحياء الْمَوْتَى.
قَالَ أَحْمد بن يَحيى فِي قَوْله: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِى الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (الْأَنْعَام: 13) : إِنَّمَا السَّاكِن من النَّاس والبهائم خاصَّةً.
قَالَ: وسَكَنَ: هَدَأَ بعد تحرُّكٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ وَالله أعلم الخَلْق.
وَقَوله: {أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (الْبَقَرَة: 248) .
قَالَ الزَّجَّاج مَعْنَاهُ: فِيهِ مَا تسكنون بِهِ إِذا أَتَاكُم.
وَقيل فِي التَّفْسِير: إِنَّ السكينَة لَهَا رأسٌ كرأسِ الهِرِّ مِن زَبَرْجَدٍ وياقوتٍ، وَلها جَناحان.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ الحَسَن: جعَل الله لَهُم فِي التابوت سكِينةً لَا يَفرُّون عَنهُ أبدا وتطمئنُّ قُلُوبهم إِليه.
وَقَالَ مقاتلٌ: كَانَ فِيهِ رأسٌ كرأس الهرّةِ إِذا صَاح كَانَ الظّفَرُ لبني إِسْرَائِيل.
والمِسِكين قد مرّ تَفْسِيره فِي بَاب الْفَقِير وَهُوَ مِفْعِيلٌ من السّكُون مِثل المنطيق من الْمنطق.
وَقَالَ اللَّيْث: المَسكَنَة: مصدر فعل المِسكين، وإِذا اشْتَقُّوا مِنْهُ فعلا قَالُوا: تَمَسْكنَ الرجل أيْ صَار مِسكيناً.
وَيُقَال: أَسْكنُه الله، وأَسْكَنَ جَوْفَهُ أَي جَعلهُ مِسكيناً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَسْكنَ الرَّجلُ وسَكَنَ إِذا كانَ مِسكيناً، وَلَقَد أَسْكنَ.
وَقَالَ غَيره: تَمَسْكَنَ إِذا خَضَعَ لله، وَهِي المَسْكنةُ لِلذّلَّةِ.
قَالَ: وَهُوَ قَول ابْن السّكيت، والمِسْكينُ أَسْوَأُ حَالا من الفَقير.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي قَالَ يُونُس: الفَقيرُ: الَّذِي لَهُ بعض مَا يُقيمُه.(10/40)
قَالَ: وَرُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: المِسْكينُ أَحسنُ حَالاً من الْفَقِير، قَالَ وَإِلَيْهِ ذهبَ أَحْمد بن عبيد، قَالَ: وَهُوَ القَوْل الصحيحُ عندنَا، لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} (الْكَهْف: 79) فأَخبرَ أَنهم مَساكينُ وَأَن لَهُم سَفينةً تَسَاوِي جُمْلةً.
وَقَالَ: {لِلْفُقَرَآءِ الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الاَْرْضِ} الآيةَ إِلَى قولهِ {إِلْحَافًا} (الْبَقَرَة: 273) . فَهَذِهِ الْحَال الَّتِي أَخبَرَ بهَا عَن الْفُقَرَاء هِيَ دونَ الحالِ الَّتِي أَخبَرَ بهَا عَن المسَاكينِ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لِلْمصَلِّي: (تَبْأَس وتَمَسْكنُ وتقنع يَديك) قَوْله تَمَسْكنُ أَي تَذِلُّ وتخضعُ.
قَالَ القُتيبيُّ: أَصْلُ الحَرْفِ: السُّكونُ، والمَسْكَنةُ: مَفعلةٌ مِنْهُ، وَكَانَ الْقيَاس تُسَكَّنَ كَمَا يُقَال: تَشَجَّعَ وتحلَّمَ، إِلا أَنه جَاءَ فِي هَذَا الحَرْفِ تَمَفْعَلَ، وَمثله: تَمدْرَعَ من المِدْرَعَةِ، وأَصلُهُ: تَدَرَّعَ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كلُّ مِيمٍ كانتْ فِي أَوَّلِ حَرْفٍ فَهِيَ مَزيدةٌ إِلاَّ مِيمَ مِعْزَى، وَمِيمَ مَعَدَ، تَقول: تَمَعْدَدَ، وميمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَجٍ، ومِيمَ مَهْدَدَ.
(قلت) : وَهَذَا فِيمَا جاءَ عَلَى مَفْعَلٍ أَو مِفْعَلِ أَو مِفْعِيل، فأَمَّا مَا جاءَ عَلَى بنَاءِ فَعْلٍ أَو فِعَالٍ فالميمُ تكونُ أَصْلِيَّةً مثل المَهْدِ والمِهَادِ والمَرْدِ وَما أَشْبَهَهُ.
سَلمَة عَن الْفراء من الْعَرَب من يَقُول: أنزل الله عَلَيْهِم السِّكِّينة للسَّكِينةِ.
قَالَ: وَحكى الْكسَائي عَن بعض بني أَسد المَسْكِينُ بِفَتْح الْمِيم للمِسكِين.
وَقَول الله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ} (الْمُؤْمِنُونَ: 76) أَي فَمَا خضعوا، كَانَ فِي الأَصْل (فَمَا اسْتَكَنُوا) فمدت فَتْحة الْكَاف بِأَلف كَقَوْلِه:
لَهَا مَتْنَتَانِ خَظَاتَا، أَرَادَ: خَظَتَا.
فَمد فَتْحة الظَّاء بِأَلف.
يُقَال: سَكَنَ، وأَسْكن، واسْتَكن وتمسكن، واستكان أَي خضع وذل. وَقَالَ:
يَنْبَاعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ
أَي يَنْبَع فمُدَّت فَتْحة الْبَاء بِأَلف.
وَقَالَ الزّجاج: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التَّوْبَة: 103) أَي يَسْكُنونَ بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخَيْزُرَانة: السُّكّانُ، وَهُوَ الكَوْثَلُ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الخَدْفُ: السُّكّانُ، وَهُوَ الكوثَلُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّكّانُ: ذَنَبُ السَّفينَةِ الَّذِي بِهِ تُعدَلُ، وَقَالَ طَرَفة:(10/41)
كَسُكَّانِ بُوصِيَ بدجْلَةَ مُصْعِدِ
قَالَ: وسُكّان السَّفِينَة: عَرَبِيّ، سمى سكاناً لِأَنَّهَا تسكن بِهِ عَن الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب.
قَالَ: والسِّكِّينُ تُؤَنَّثُ وتُذكَّرُ، ومُتّخِذُ السكّين يقالُ لَهُ: سَكّانٌ وسَكاكِينيّ.
قَالَ ابْن دُرَيْد: السكين: فِعِّيل من ذبحت الشَّيْء حَتَّى سكَن اضطرابه.
قَالَ الْأَزْهَرِي: سمي سكيناً لِأَنَّهَا تُسكِّن الذَّبِيحَة أَي تسكنها بِالْمَوْتِ، وكل شَيْء مَاتَ فقد سَكَن، وَمثله غِرِّيد للْمُغني لتغريده بالصوت، وَرجل شِمِّير لتشميره إِذا جد فِي الْأَمر وانكمش.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) التَّسْكينُ:
تَقويمُ الصَّعْدَةِ بالسِّكَنِ وَهُوَ النَّارُ، والتَّسكِينُ: أنْ يَدُومَ الرَّجلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَينِ وَهُوَ الحمارُ الخفيفُ السَّريعُ، والأتانُ إِذا كَانَت كَذَلِك: سُكَيْنَة، وَبِه سُمّيَتِ الجاريةُ الخفيفةُ الرُّوحِ سُكيْنَةَ.
قَالَ: والسُّكَيْنَةُ أَيضاً: البَقَّةُ الَّتِي دخلت فِي أَنْفِ نُمْرودَ الخاطِىء فأَكلَتْ دِماغَهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الناسُ على سَكِنَاتِهم ونزلاتهم ورَباعتهمْ ورَبعاتهم، يَعْنِي عَلى اسْتِقَامتهمْ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: الناسُ عَلَى سَكِناتهمْ، وَقَالُوا: تركْنا النَّاس على مَصاَباتهم. على طبقاتهم ومَنازلهم.
وَقَالَ غَيره: سُكّانُ الدَّارِ هُمُ الجنُّ المقيُمونَ بهَا، وَكَانَ الرجلُ إِذا اطَّرَفَ دَاراً ذَبحَ فِيهَا ذبيحَةً يَتَّقِي بهَا أَذى الجِنِّ فنهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَبائح الجنّ.
وَفِي حَدِيث قَيْلةَ أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: (يَا مِسكِينَة عليكِ السكِينَةَ) أرَادَ عليكِ الوَقارَ والوَداعة والأَمْنَ، يُقَال: رجلٌ وَدِيعٌ أَي سَاكِنٌ هادِىءٌ وَيُقَال لِلْموضِعِ الَّذِي تسكُنُهُ: مَسكَنٌ.
ومَسْكِنٌ: مَوضعٌ بعيْنهِ.
والسَّكُونُ: قبيلةٌ بِالْيمن.
وأَمَّا المُسْكانُ بِمَعْنى العَرَبُون فَهُوَ فُعلانٌ، والميمُ أَصليّة، وجَمعُه: المساكِينُ، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
نكس: قَالَ اللَّيْث: النَّكْسُ: قلبُكَ شَيْئا عَلَى رأْسِهِ تَنْكُسهُ، والولدُ المنْكُوسُ: أَن يخرجَ رِجْلاهُ قبل رأسِه.
والنُّكْسُ: العَودُ فِي المرَض.
يُقَال: نُكِسَ فِي مَرَضهِ نُكْساً.
والنِّكْس من الْقَوْم: المُقصِّرُ عَن غايةِ النّجدةِ والكرمِ، والجميعُ: الأنْكاسُ. وإِذا لم يَلْحق الفرَسُ بِالْخَيْلِ السوابق قيلَ: نَكَّس.
وَأنْشد:
إِذا نَكسَ الكاذِبُ المحْمَرُ
قَالَ أَبُو بكر: نُكِس المريضُ مَعْنَاهُ قد(10/42)
عاودته العلةُ.
يُقَال: نَكَسْت الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عَلَيْهِ مرَّة بعد مرّة، وَأنْشد:
كالوَشْم رُجّع فِي اليَدِ المنكوس
وَفِي الحَدِيث: أَنه قيل لِابْنِ مسعودٍ: إِن فُلاناً يقرأُ الْقُرْآن مَنْكُوساً، قَالَ: ذَاك منكوسُ القْلبِ.
قَالَ أَبُو عبيد: يَتَأَوَّله كثيرٌ من النَّاس أَنه أَن يبدأَ الرَّجلُ من آخر السُّورَةِ فيقرأَها إِلَى أوَّلها. قَالَ: وَهَذَا شيءٌ مَا أَحسِبُ أَحداً يطيقُه، وَلَا كَانَ هَذَا فِي زمن عبد الله وَلَا أعرفهُ. وَلَكِن وَجهه عِندي أَن يبْدَأ من آخر الْقُرْآن من المعوذتين ثمَّ يرْتَفع إِلَى الْبَقَرَة كنحو مِمَّا يتَعَلَّم الصّبيان فِي الكُتّابِ، لِأَن السُّنة خلاف هَذَا، يُعلم ذَلِك بِالْحَدِيثِ الَّذِي يحدِّثه عُثْمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ إِذا أُنزلت عَلَيْهِ السُّورَة أَو الْآيَة قَالَ: ضعوها فِي الْموضع الَّذِي يُذكر كَذَا وَكَذَا) أَلا ترى أَن التَّأْلِيف الْآن فِي هَذَا الحَدِيث من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كُتبت الْمَصَاحِف على هَذَا. قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَت الرُّخصة فِي تعلم الصبيِّ والعجميِّ مِنَ المُفَصَّل لصعوبة السُّوَر الطوَال عَلَيْهِمَا. فَأَما مَن قَرَأَ الْقُرْآن وحفِظه ثمَّ تعمّد أَن يقرأه مِنْ آخِره إِلَى أَوله فَهَذَا النَّكْسُ الْمنْهِي عَنهُ، وإِذا كرِهنا هَذَا فَنحْن للنَّكْسِ مِن آخر السورةِ إِلَى أَولهَا أشدُّ كَرَاهَة، إِن كَانَ ذَلِك يكون.
وَقَالَ شمر: النَّكْسُ فِي أَشْيَاء. وَمَعْنَاهُ يَرْجع إِلَى قلبِ الشَّيْء وردِّه وجعلِ أَعْلَاهُ أسفلَه، ومقدَّمِه مؤخَّرَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نكَسْتُ فلَانا فِي ذَلِك الْأَمر أَي رَدَدتُه فِيهِ بَعْدَمَا خرج مِنْهُ.
وَقَالَ شمر: النُّكَاسُ: عوْدُ الْمَرِيض فِي مَرضه بعد إِفراقِه. وَقَالَ أُميَّة بن أبي عائذٍ الْهُذلِيّ:
خَيَالٌ لِزَيْنَبَ قَدْ هَاجَ لي
نُكاساً مِنَ الحُبِّ بَعْدَ انَدِمَالِ
قَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءُوسِهِمْ} يَقُول: رجعُوا عَمَّا عرفُوا من الْحجَّة لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ يَرْجِعُونَ وَمَن نّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} (يس: 68) .
قَالَ أَبُو إِسحاق: مَعْنَاهُ: مَن أطلْنا عُمْرَه نكَّسْنا خلقه، فَصَارَ بدلُ الْقُوَّة الضعفَ وبدلُ الشَّبَاب الهرمَ.
وَقَالَ الْفراء: قرأَ عاصمٌ وَحَمْزَة: {نُنَكِّسْه فِي الخَلْقِ وَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة: نَنْكُسْهُ بِالتَّخْفِيفِ. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ الهرمُ.
وَقَالَ شمر: يُقَال: نكَّسَ الرجلُ إِذا ضَعُف وَعجز.
وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي فِي الانتكاس:
وَلَمْ يَنْتَكِسْ يَوْماً فَيُظْلِمَ وجْهُهُ
لِيمَرَضَ عَجْزاً أَوْ يضارعَ مَأثما(10/43)
أَي لم ينَكِّسْ رأْسَهُ لأمر يأنف مِنْهُ.
قَالَ: ونكَسَ رأسَه إِذا طأطأَه من ذُلَ وَأنْشد:
وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيتَهُمْ
خُضْعَ الرِّقَابَ نَوَاكِسَ الأبْصَارِ
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا كَانَ الفِعْل لغير الْآدَمِيّين جُمِع عَلَى فواعل لِأَنَّهُ لَا يجوز فِيهِ مَا يجوز فِي الْآدَمِيّين منَ الْوَاو وَالنُّون فِي الِاسْم وَالْفِعْل فضارَعَ الْمُؤَنَّث، تَقول: جِمالٌ بَوَازلُ وعَوَاضِهُ، وَقد اضطُر الفرزدق فَقَالَ:
خُضْعَ الرِّقابِ نَوَاكِسَ الْأَبْصَار
لِأَنَّك تَقول: هِيَ الرِّجَال، فشُبِّه بالجِمال.
(قلت) : وروى أَحْمد بن يحيى هَذَا الْبَيْت:
... نَوَاكِسي الأبصَارِ
وَقَالَ: أَدخل الْيَاء لِأَنَّهُ رَدَ النوَاكِس إِلَى الرِّجَال وإِنما كَانَ وإِذا الرِّجَال رأيتَهم نواكِسَ أبصارُهم، فَكَانَ النواكِسُ للأبصار فنُقِلت إِلَى الرِّجَال، فَلذَلِك دخلت الْيَاء، وَإِن كَانَ جَمعَ جمْع، كَمَا تَقول: مَرَرْت بِقوم حَسَنِي الْوُجُوه، وحِسانٍ وجوهُهم، لما جعلتهم للرِّجَال جئتَ بِالْيَاءِ، وَإِن شئتَ لم تأتِ بهَا. قَالَ: وَأما الْفراء وَالْكسَائِيّ فَإِنَّهُمَا رويا الْبَيْت: نواكِسَ الْأَبْصَار. بِالْفَتْح، أقرَّا نواكسَ على لفظ الْأَبْصَار.
قَالَ: والتذكيرُ: ناكِسِي الْأَبْصَار.
وَقَالَ الْأَخْفَش: يجوز نواكِسِ الْأَبْصَار بِالْجَرِّ لَا بِالْيَاءِ كَمَا قَالُوا جُحْرُ ضَبَ خَرِبٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : النِّكْسُ من السِّهَام: الَّذِي يُنكَس فيُجْعل أَعْلَاهُ أَسْفَله، وأنشدني الْمُنْذِرِيّ للحطيئة:
قَدْ ناضَلونَا فَسَلّوا مِن كِنَانتهمْ
مَجْداً تليداً وعزًّا غَيرَ أَنكاس
قَالَ: الأنكاس: جمْع النِّكْس من السِّهَام، وَهُوَ أضعفها. قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: أَن الْعَرَب كَانُوا إِذا أسرُوا أَسِيرًا خيَّرُوه بَين التخلِية وجزِّ الناصية أَو الأسْرِ. فَإِن اخْتَار جز الناصية جَزُّوها وخلَّوا سَبيله، ثمَّ جعلُوا ذَلِك الشَّعر فِي كِنانتهم، فإِذا افتخرُوا أَخْرجُوهُ وأَرَوْه مَفاخرَهم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: الكُنُس: والنُّكُس ميادين بقر الوحْش، وَهِي مأواتها.
قَالَ: والنُكُسُ: المُدْرَهِمُّون من الشُّيُوخ بعد الْهَرم.
نسك: قَالَ اللَّيْث: النُّسْك: الْعِبَادَة، رجل ناسكٌ: عابدٌ، وَقد نسَكَ ينسُكُ نسْكاً.(10/44)
قَالَ: والنُسْكُ: الذَّبِيحَة، يَقُول: من فعل كَذَا وَكَذَا فعَليه نسْكٌ أَي دَمٌ يهرِيقه بِمَكَّة، واسمُ تِلْكَ الذَّبِيحَة: النسيكة، والمنسك: الموضعُ الَّذِي يذبحُ فِيهِ الذبائحُ.
قَالَ: وَالمَنْسَك: النُّسْك نَفسه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: النُّسُك: سَبائك الْفضة، وكل سبيكةٍ مِنْهَا: نسيكة، وَقيل للمتعبِّد: ناسِكٌ، لِأَنَّهُ خلَّص نَفسه وصفَّاها من دنَسَ الآثام كالسبيكة المخلَّصة مِن الخبَثِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قرىء: لِكلِّ أمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً} (الْحَج: 34) و (منسِكاً) .
وَقَالَ: والمنْسَك فِي هَذَا الْموضع يَدُل على معنى النَّحْر كَأَنَّهُ قَالَ: جعلنَا لكل أُمَّةٍ أَن تتقرَّب بِأَن تذبحَ الذبائحَ لله.
قَالَ، وَقَالَ بَعضهم: المَنْسِكُ: الْموضع الَّذِي تُذبَح فِيهِ. فَمن قَالَ: مَنسِكٌ فَمَعْنَاه مكانُ نُسْكٍ مثل مجلسٍ: مكانُ جُلُوس.
وَمن قَالَ: مَنسَكٌ فَمَعْنَاه المصْدر نحوُ النُّسُك والنُّسُوك.
شمرٌ: قَالَ النَّضر: نَسَكَ الرجل إِلَى طريقةٍ جميلَة أَي داوَم عَلَيْهَا، ويَنْسُكون الْبَيْت: يأتونه.
قَالَ الفرّاء: المَنْسِك فِي كَلَام الْعَرَب الْموضع الْمُعْتَاد الَّذِي يَعتادُه.
يُقَال: إِنَّ لفلانٍ مَنسِكاً يعتاده فِي خير كَانَ أَو غَيره، وَبِه سُمِّيَت المَناسك.
ك س ف
كفس، كسف، سكف، سفك: (مستعملة) .
كفس: (ابْن دُرَيد) : الكَفَسُ: الحَنَفُ، وَقد كَفِسَ كفَساً.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلم أسمعهُ لغيره.
كسف: قَالَ اللَّيْث: الكَسْفُ: قطْع العُرقوب. يُقَال: استَدبر فرسَه فكسَف عُرْقوبيْه.
قَالَ: وكَسَفَ القمرُ يَكسِف كُسوفاً، وَكَذَلِكَ الشَّمْس.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول: انكسفَ وَهُوَ خطأٌ.
(قلت) : ورَوى يحيى القطَّان، عَن عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان عَن عطاءٍ، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: انكَسفت الشَّمْس على عهْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حديثٍ طَوِيل، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عبيد: انكسفَتْ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} (الْإِسْرَاء: 92) .
الكِسْفُ، والكِسَف: وَجْهان، والكسَف: جِماعُ كِسْفة.
سمعْت أعرابيّاً يَقُول: أَعْطِنِي كِسْفةً، يُرِيد قِطعةً كَقَوْلِك: خِرقةً، وكِسف: فِعْلٌ. وَقد يكون الكِسْف جِماعاً للكِسْفة مِثل دِمْنةٍ ودِمْنٍ.(10/45)
وَقَالَ الزّجاج: فِي قَوْله: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} (الْإِسْرَاء: 92) ، و (كِسْفاً) ، فَمن قَرَأَ كِسَفاً جعلهَا جمعَ كِسْفة، وَهِي القِطعة. وَمن قَرَأَ: كِسْفاً قَالَ: أَو تُسْقِطها طَبَقاً علينا، واشتقاقُه من كسفْت الشيءَ إِذا غطَّيتَه.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: وَيُقَال: كسَفَ أَمَلُه، فَهُوَ كاسفٌ إِذا انْقَطع رجاؤه مِمَّا كَانَ يأْمُل وَلم يَنبسِطْ.
قَالَ أَبُو الْفضل: وسألْتُ أَبَا الْهَيْثَم عَن قَوْلهم: كسفتُ الثوبَ أَي قطَعته. فَقَالَ: كلُّ شيءٍ قطعته فقد كسفتَه.
قَالَ، وَيُقَال: كَسفَتِ الشمسُ إِذا ذهب ضوءُها، وكسَف الْقَمَر إِذا ذهب ضوءُه، وكسَف الرَّجلُ إِذا نَكَسَ طرْفَه، وكسفَت حالُه إِذا تغيرَتْ.
قَالَ: وكسَفت الشمسُ وخسَفَت بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو زيد: كسفَت الشمسُ تَكسِفُ كسوفاً إِذا اسْودَّت بِالنَّهَارِ، وكسفَت الشمسُ النُّجومَ إِذا غَلَبَ ضوءُها النجومَ فَلم يَبْدُ مِنْهَا شيءٌ، والشمسُ حِينَئِذٍ كاسِفَةٌ للنجوم.
قَالَ جريرٌ:
فالشمسُ طَالعةٌ لَيست بكاسفةٍ
تَبْكِي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقَمرا
قَالَ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا طالعةٌ تبْكي عَلَيْك ولمْ تَكْسف النجومَ وَلَا القمرَ لِأَنَّهَا فِي طُلُوعهَا خاشعةٌ لَا نُورَ لَهَا.
قَالَ: وَتقول: خَشَعَت الشَّمْس وكسَفَتْ وَخسَفَتْ بِمَعْنى وَاحِد. وَرَوَاهُ اللَّيْث:
الشمسُ كاسفةٌ ليستْ بِطَالعةٍ
تَبْكي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقمرا
وَقَالَ: أَرَادَ مَا طلعَ نجْمٌ وَمَا طلع الْقَمَر، ثمَّ صرَفه فنصَبَه، وَهَذَا كَمَا تَقول: لَا آتِيك مَطْرَ السماءِ: أَي مَا مَطَرتْ السَّمَاء، وطلوعَ الشَّمْس أَي مَا طلَعَت الشمسُ، ثمَّ صرَفْته فنصَبَتْه.
قَالَ شمر: سَمِعت ابْن الأعرابيّ يَقُول فِي قَوْله:
تَبكي عليكَ نجومَ اللَّيْل والقمرا
أَي مَا دامتِ النجومُ وَالْقَمَر. وحُكِيَ عَن الْكسَائي مِثلُهُ.
قَالَ: وَقلت للفراء: إِنَّهُم يَقُولُونَ فِيهِ: إِنَّه على معنى المُغالبة: باكَيْتُه فبكَيتُه، فالشمس تغلبُ النجومَ بكاء فقالَ: إنَّ هَذَا الْوَجْه حَسَنٌ، فقلتُ: مَا هَذَا بحَسَن وَلَا قريبٍ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ كاسِفُ الْوَجْه: عابسٌ من سوء الْحَال. يُقَال: عَبَسَ فِي وجْهِي وكَسَف كسوفاً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : يُقَال لِخرَق الْقَمِيص قبل أَن يُؤَلَّفَ: الكِسَف والكِيَف والخِدَف واحدتُها كِسْفةٌ وكِيفَةٌ وخِدْفةٌ.(10/46)
قَالَ شمر: الكُسوفُ فِي الوجْهِ: الصُّفرةُ والتغير، ورجلٌ كاسِفٌ: مهمومٌ تغير لوُنه وهُزِلَ من الحُزْن، وكَسَفَ: ذهب نُورُه، وتغيَّر إِلَى السَّوَادِ، قَالَه ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَسَفَ بالهُ إِذا حَدَّثَتهُ نَفسه بالشَّرِّ، قَالَ أَبُو ذُؤَيب:
يَرْمي الغُيُوبَ بعينيْهِ، ومَطْرِفُهُ
مُغضٍ كَمَا كَسفَ المستَأْخِذُ الرَّمِدُ
وَقيل: كُسُوفُ باله: أَن يضيقَ عَلَيْهِ أَمله.
سكف: قَالَ اللَّيْث: الأُسكُفَّةُ: عَتَبَةُ الْبَاب الَّتِي يوطأُ عَلَيْهَا. والإسكافُ: مصدرُه السِّكَافةُ، وَلَا فِعلَ لَهُ، وَهُوَ الأَسْكَفُ.
وَقَالَ النَّضر: أُسْكُفَّةُ الْبَاب: عَتبتُه الَّتِي تُوطَأُ، والساكِف: أَعْلَاهُ الَّذِي يَدور فِيهِ الصائِرُ، والصائرُ: أَسْفلُ طرَف الْبَاب الَّذِي يَدور أَعْلاه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أَسْكَفَ الرجلُ إِذا صَار إِسكافاً.
قَالَ: والإسكافُ عِنْد الْعَرَب: كلُّ صانعٍ غيرِ مَن يعْمل الْخِفافَ، فإِذا أَرَادوا معنى الإسكافِ فِي الحَضَر قَالُوا: هُوَ الأَسْكَفُ. وَأنْشد:
وَضَعَ الأسكَفُ فِيهِ رُقَعاً
مِثل مَا ضَمَّدَ جَنْبَيْه الطَّحِلْ
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الإسكافُ: الصَّانِع.
وَقَالَ الشماخ:
لم يَبْقَ إِلَّا منطقٌ وأطرافْ
وشَجَرَامَيْسٍ بَرَاها إِسكاف
ابْن السّكيت: جعل النجارَ إِسكافاً على التَّوَهُّم، أَرَادَ براها النجار.
وَقَالَ شمر: سَمِعت ابنَ الْفَقْعَسِيِّ يَقُول: إنَّكَ لإسكافٌ بِهَذَا الْأَمر أَيْ حاذِقٌ.
وَأنْشد:
حَتَّى طَوَيْناها كطيِّ الإسكاف
يصِفُ بِئْرا. قَالَ الإسكاف: الحاذقُ. وَيُقَال: رجلٌ إسكافٌ وأُسكُوفٌ للخَفّافِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: لَا أَتسكَّفُ لَك بَيْتا، مَأخوذٌ من الأُسكُفَّةِ أَي لَا أَدخلُ لَهُ بَيْتا.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
تُجِيلُ عَينْاً حالكاً أُسْكُفُّها
قَالَ: أُسكفُّها: منَابتُ أَشْفارِها. وَأنْشد:
حَوراء فِي أُسكُفِّ عَينيها وَطَفْ
وَفِي الثَّنايا البِيضِ مِن فيهَا رَهَفْ
قَالَ: رَهَف: رِقة.
سفك: قَالَ اللَّيْث السَّفْكُ: صَبُّ الدَّمِ، ونَثْرُ الكلامِ، ورَجلٌ سَفَّاكٌ للدِّماءِ، سفَّاكٌ بالْكلَام يَسْفِكُ سَفْكاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السُّفْكَة: مَا يُقَدَّمُ إِلَى الضَّيف مِثْل اللُّمْجَةِ. يُقَال: سَفِّكُوه ولَمِّجُوه.(10/47)
أَبُو زيد: مِن أَسمَاء النفْسِ: السَّفُوكُ والجائشةُ والطَّمُوعُ.
ك س ب
كسب، كبس، سكب، سبك، بكس: (مستعملة) .
كسب: قَالَ اللَّيْث: الكَسْبُ: طلبُ الرِّزق، تَقول: فلانٌ يَكْسِبُ أهلَه خيرا، ورجلٌ كَسُوبٌ.
قَالَ: وكَسَابِ اسْم للذئب. وَرُبمَا جَاءَ فِي الشِّعر كُسَيْباً.
قَالَ: وكَسَابِ من أَسمَاء إناث الْكلاب. والكُسْبُ: الكُنْجَارَقُ.
قَالَ: وبعضُ السَّوَادِيِّينَ يُسمُّونه الكُسْبَجَ.
قلت: الكُسْبَجُ مُعرَّبٌ، وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كُشْب فقُلبت الشين سيناً كَمَا قَالُوا: سَابُور، وَأَصله: شاه بُور أَي مَلِكُ بورَ، وبور: الابْن بِلِسَان الفُرس والدَّشْتُ أُعرِب فَقيل: الدَّسْتُ للصحراء.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: كلُّ النَّاس يَقُولُونَ: كَسَبكَ فلانٌ خيرا إِلَّا ابْن الْأَعرَابِي فَإِنَّهُ يَقُول أَكْسبكَ فلانٌ خيرا.
كبس: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : جَاءَ فلانٌ مُكَبِّساً وكابساً إِذا جَاءَ شادًّا، وَكَذَلِكَ جَاءَ مُكلِّساً. قَالَ: والأكْبَاسُ: بيوتٌ من طينٍ، وَاحِدهَا: كِبْسٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبْسُ: طَمُّكَ حُفرةً بِتُرابٍ، كبسَ يكبِسُ كبْساً. وَاسم التُّرَاب: الكِبْسُ. يُقَال: الهواءُ والكِبْسُ، فالكِبْسُ: مَا كَانَ من نَحْو الأَرْض مِمَّا يَسُدُّ من الْهَوَاء مَسَدًّا.
قَالَ: وَالْجِبَال الكُبَّسُ هِيَ الصِّلاب الشّدَادُ.
والأرنبةُ الكابِسَةُ: المُقْبِلَةُ على الشَّفَةِ العُليا، والناصِيةُ الكابسةُ هِيَ المُقبلة على الْجَبْهَة، تَقول: جَبْهةٌ كَبَستها الناصِيةُ، والتكبيس: الاقتحام على الشَّيْء تَقول: كَبَّسُوا عَلَيْهِم.
قَالَ: وكابوسٌ كلمة يُكنَى بهَا عَن البُضْع، يُقَال: كبَسَها إِذا فعلَ بهَا مرَّة.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الكابوسُ: النِّيدِلاَنُ وَهُوَ الباروكُ والجاثومُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) ، قَالَ: الكِبْسُ: الكَنْزُ. والكِبْسُ. الرَّأْس الْكَبِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِبَاسَةُ: العِذْقُ التامُّ بِشمارِيخِهِ وبُسْرِه.
قَالَ: وعامُ الكَبِيسِ فِي حِسَاب أهل الشَّام المأْخوذ من أهل الرّوم كل أَربع سِنِين يزِيدُونَ فِي شهر شُبَاط يَوْمًا وَفِي ثَلَاث سِنِين يعدُّونه ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا، يقوِّمُون بذلك كسور حِسَاب السّنة، يسمُّون الْعَام الَّذِي يزِيدُونَ فِيهِ ذَلِك الْيَوْم عامَ الكَبِيسِ.
وَقَالَ غَيره: رجلٌ كُبَاسٌ وَهُوَ الَّذِي إِذا سَأَلته حَاجَة كَبَسَ برأسِه فِي جيب قَمِيصه.(10/48)
يُقَال: إِنَّه لكُباسٌ غير خُباسٍ. وَقَالَ الشَّاعِر يمدح رجلا:
هُو الرُّزءُ المُبَيّنُ لاَ كُباسٌ
ثقيلُ الرَّأسِ يَنْعِقُ بالضَّئِينِ
وَقَالَ شمر: الكُبَاسُ: الذَّكَرُ، وَأنْشد قَول الطِّرِمَّاح:
وَلَو كُنْتَ حُرّاً لم تَنَمْ لَيْلَةَ النَّقَا
وجِعْثِنُ تُهْبَى بالكُبَاسِ وبالْعَردِ
تُهْبَى: يُثار مِنْهَا الغبارُ لشدَّة الْعَمَل بهَا.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ كُباسٌ: عَظِيم الرَّأْس. وَقَالَت خنساءُ:
فذاكَ الرُّزْءُ عَمْرُكَ لاَ كُباسٌ
عظيمُ الرأْسِ يَحْلُمُ بالنَّعِيقِ
قَالَ: والكُبَاسُ: الَّذِي يَكْبِسُ رَأسه فِي ثِيَابه وينام.
ورُوِي عَن عَقِيل بن أبي طَالب أَنه قَالَ: إِن قُريشاً أَتَت أَبَا طَالب فَقَالَت لَهُ: إِن ابْن أَخِيك قد آذَانا فانْههُ عَنَّا. فَقَالَ: يَا عَقيلُ انْطلق فأْتني بمحمدٍ فانطلقتُ إِلَيْهِ فاستخرجته من كِبْسٍ.
قَالَ شمر: من كِبسٍ أَي من بَيت صَغِير، والكِبْسُ اسْم لما كُبِسَ من الْأَبْنِيَة، يُقَال: كِبسُ الدَّار، وكِبسُ الْبَيْت، وكلُّ بنيانٍ كُبِسَ، فَلهُ كِبْسٌ. قَالَ العجاج:
وإنْ رأَوْا بُنْيَانَهُ ذَا كِبْسِ
تطارَحُوا أركانهُ بالرّدْسِ
والكابسُ من الرِّجال: الكابسُ فِي ثَوْبه المُغَطَّى بِهِ جسده الداخلُ فِيهِ.
قَالَ شمر: وَيجْعَل الْبَيْت كِبْساً لما يُكْبَسُ فِيهِ أَي يدْخل كَمَا يَكْبِسُ الرجلُ رَأسه فِي ثَوْبه، وَيُقَال رأسٌ أَكْبَسُ إِذا كَانَ مستديراً ضخماً، وهامةٌ كَبْساءُ وكُباسٌ، ورجلٌ أكْبَسُ بَيِّنُ الكَبَسِ إِذا كَانَ ضخم الرَّأْسِ، وَيُقَال: قِفافٌ كُبْسٌ إِذا كَانَت ضِعافاً.
قَالَ العجاج:
وُعْثاً وُعُوراً وقِفافاً كُبسَا
سكب: قَالَ اللَّيْث: السَّكْبُ: صَبُّ الماءِ. يُقَال: سَكَبْتُ الماءَ فانْسَكَبَ، ودَمْعٌ سَاكِبٌ. وَأهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: اسْكُبْ عَلَى يَدِي.
قَالَ: والسَّكْبَة: الكُرْدَةُ العُليا الَّتِي يُسْقَى مِنْهَا كُرْدُ الطبَابةِ من الأَرْض، والسَّكْبُ: ضربٌ من الثِّياب رقيقٌ كَأَنَّهُ غبارٌ من رِقَّتِه، وَكَأَنَّهُ سَكْبُ ماءٍ من الرِّقة. والسَّكْبَةُ من ذَلِك اشتُقت. وَهِي الخِرْقَةُ تُقَوَّرُ لِلرأْسِ تُسمِّيها الفُرْسُ: الشَّسْتَقَةَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) ، قَالَ: السَّكَبُ: ضربٌ من الثِّيَاب، مُحَرَّكُ الْكَاف.
قَالَ: والسَّكَبُ: الرَّصاصُ.
ورَوَى ابْن الْمُبَارك عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله كَانَ يُصَلِّي فِيمَا بَين(10/49)
العِشاء إِلَى انصداع الْفجْر إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، فَإِذا سَكَب المؤذّن بِالْأولَى من صَلَاة الْفجْر قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
قَالَ سُوَيد: سَكَبَ يُرِيد: أَذَّن، وَأَصله من سَكَبَ الماءَ، وَهَذَا كَمَا يُقَال: أَخَذَ فِي خُطْبَةٍ فَسَحَلها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من نباتِ السَّهل: السكَبُ.
وَقَالَ غَيره: السَّكَبُ: بَقلةٌ طيِّبة الرّيح، لَهَا زهرةٌ صفراءُ. وَهِي من شجرِ القيظ. والإِسْكابَةُ: خشبةٌ على قدرِ الفَلْسِ إِذا انشقَّ السقَاء جعلوها عَلَيْهِ ثمَّ صرُّوا عَلَيْهَا بسيرٍ حَتَّى يَخْرُزُوهُ مَعَه فَهِيَ الإسْكابةُ.
يُقَال: اجعلْ لي إِسْكابَةً فيتخذ ذَلِك.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : فرسٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ جواداً. وَكَذَلِكَ فرسٌ فيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ، وغُلاَمٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ خَفِيف الرّوح نشيطاً فِي عمله.
وَيُقَال: هَذَا أمرٌ سَكْبٌ أَي لَازم.
وَيُقَال: سُنَّةٌ سَكْبٌ.
وَقَالَ لَقِيط بن زُرَارَة لِأَخِيهِ مَعْبَدٍ لمّا طلب إِلَيْهِ أَن يَفْدِيَهُ بمائتين من الْإِبِل، وَكَانَ أَسِيرًا: مَا أَنَا بِمُنْطٍ عَنْك شَيْئا يكونُ على أهلِ بَيْتك سُنَّةً سَكباً، وتدْرَبُ النَّاس لَهُ بِنَا دَرْباً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للسكَّةِ من النَّخلِ: أُسْكُوبٌ وأُسْلُوبٌ، فإِذا كَانَ ذَلِك من غيرِ النَّخلِ قيل لَهُ: أُنْبُوبٌ ومِدَادٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا رَوَى شمر عَنهُ يُقَال: ماءٌ أُسْكُوبٌ، وسَحَابٌ أُسْكُوبٌ.
وَأنْشد:
بَرْقٌ يُضِيءُ خلالَ البَيتِ أُسْكُوبُ
سبك: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: السَّبْكُ: تَسبيكُ السَّبِيكةِ من الذَّهبِ والفضةِ تُذَابُ فَتُفْرَغُ فِي مِسْبَكَةٍ من حديدٍ كَأَنَّهَا شِقّ قَصَبَةٍ.
بكس: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : بَكَسَ خَصْمَه إِذا قهره.
قَالَ: والبُكْسَة: خَزَفَةٌ يُدَوِّرُها الصِّبيان، ثمَّ يَأْخُذُونَ حجرا فيُدَوِّرُونَهُ كأنَّه كُرَةٌ، ثمَّ يتقامرونَ بهما، وَتسَمى هَذِه اللعبةُ الكُحَّةَ.
وَيُقَال لهَذِهِ الخَزَفَةِ أَيْضا: التُّونُ والآجُرّةُ.
ك س م
كسم، كمس، سمك، سكم، مسك، مكس: (مستعملة) .
سمك: قَالَ اللَّيْث: السّمَكُ الواحدةُ: سمكةٌ. قَالَ: والسَّمَكةُ: بُرْجٌ فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ: الْحُوت. قَالَ. والسِّمَاكُ: مَا سمكْتَ بِهِ حَائِطا أَو سقفاً، والسقْف يُسمى سَمْكاً، وَالسَّمَاء مَسموكةٌ، أَي مَرْفُوعَة كالسَّمْكِ.
وَجَاء فِي حَدِيث عليَ: (اللهمَّ بارِىءَ المَسْمُوكاتِ السَّبْعِ ورَبَّ المَدْحُوَّاتِ) ،(10/50)
والمَسْمُوكاتُ: السمواتُ السبعُ، والمَدْحُوَّاتُ: الأرَضُونَ، وسَنَامٌ سَامِكٌ تَامِكٌ: مرتفعٌ تَارٌّ، والسِّمَاكانِ: نَجْمَان، أَحدهمَا: الأعزل، وَالْآخر: الرَّامِحُ، وَالَّذِي هُوَ من منَازِل الْقَمَر: الأعزلُ، وَبِه يَنزِلُ القمرُ، وَهُوَ شآمٍ. وسُمِّي أعزلَ لِأَنَّهُ لَا شيءَ بَين يَدَيْهِ من الْكَوَاكِب؛ كالأعزل الَّذِي لَا رُمْحَ مَعَه.
وَيُقَال: سُمِّي أعزلَ لِأَنَّهُ إِذا طلعَ لَا يكونُ فِي أيامهِ ريحٌ وَلَا بردٌ، هُوَ أعزلُ مِنْهَا.
والسّمْكُ: القامةُ من كل شَيْء بعيدٍ طَوِيل السَّمْكِ. قَالَ ذُو الرُّمَّة:
نَجَائِبَ من نِتَاجِ بني غُرَيْرٍ
طِوَالَ السّمْكِ مُفْرَعَةً نِبَالاَ
والمِسْماكُ: عمودٌ من أعمدةِ الخِباء، وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّة:
كأَنَّ رجليهِ مِسْماكانِ من عُشَرٍ
سَقْبَانِ لم يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
كسم: قَالَ اللَّيْث: الكَيْسُومُ: الكثيرُ من الْحَشِيش.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَسْمُ: الكَدُّ على الْعِيَال من حرامٍ أَو حَلَال.
وَقَالَ: كَسَمَ وكسَب: واحدٌ.
وَأنْشد:
وحامِلُ القِدْرِ أَبُو يَكْسُومِ
يُقَال: جَاءَ يَحْمِلُ القِدْرَ إِذا جَاءَ بالشَّرِّ.
ابْن دُرَيْد الكَسْمُ: فَتُّكَ الشيءَ بِيَدِك، وَلَا يكون إلاّ من شيءٍ يَابِس، كسَمْتُه كسَمْاً.
وكَيْسَم: أَبُو بَطْن من الْعَرَب.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الفرجِ قَالَ الْأَصْمَعِي: الأكاسِمُ: اللُّمَعُ من النَّبْتِ المتراكِبَةُ.
يُقَال: لُمْعَةٌ أكْسُومٌ أَي متراكمة.
وَأنْشد:
أكاسِماً للطَّرْفِ فِيهَا مُتّسَعْ
وللأبُول الآبل الطبِّ فَنَعْ
وَقَالَ غَيره: رَوْضةٌ أُكْسُومٌ ويَكْسومٌ أَي نَدِيَةٌ كثيرةٌ، وأَبُو يَكْسوم من ذَلِك، وكَيْسومٌ: فَيْعُولٌ مِنْهُ.
كمس: (قلتُ) : لم أجدْ فِيهِ من مَحْضِ كَلَام الْعَرَب وصريحه شَيْئا.
وَأما قَول الأطباءِ فِي الكيْمُوسَاتِ: إِنَّهَا الطبائعُ الأربعُ فَلَيْسَتْ من لغاتِ الْعَرَب، وأحسبها يونانية.
مسك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المَسْكُ الجِلدُ.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: نَحن فِي مُسوكِ الثعالِبِ إِذا كَانُوا مذعورين. وَأنْشد الْمفضل:
فيَوْماً تَرَانَا فِي مُسُوك جيَادِنَا
وَيَوْماً تَرَانا فِي مُسُوك الثعالب
وَقَوله: فِي مُسُوك جيادِنا مَعْنَاهُ أَنّا أُسِرْنا فكُتِّفنَا فِي قِدَ قُدَّ مِن مَسْك فرس ذُبِحَ أَو(10/51)
أُصِيب فِي الْحَرْب فمَات فقُدَّتْ مِن مسكه سيورٌ غُلّوا بهَا وأسِروا.
وَقَالَ غَيره: معنى قَوْله فِي مسوك جيادنا أَي على مسوك جيادنا أَي تَرَانَا فُرْسَاناً نغير على أَعدائنا، ثمَّ يَوْمًا تَرَانَا خَائِفين غير آمِنين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المَسَكُ: الذَّبْلُ مِن العَاج كَهَيئَةِ السِّوار تَجْعَلهُ المرأَةُ فِي يَديهَا فَذَلِك المَسَكُ، والذبلُ: الْقُرُون. فَإِن كَانَ من عاج فَهُوَ مَسَكٌ وعاجٌ ووقْفٌ، وَإِذا كَانَ مِن ذَبْل فَهُوَ مَسَك لَا غير.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : المَسَك: مثل الأسْوِرة من قرونٍ أَو عاج. وَقَالَ جريرٌ:
ترى العَبَسَ الْحَوْلِيَّ جَوناً بكُوعها
لهَا مَسَكاً مِن غير عاج وَلَا ذَبْلِ
وَقَالَ اللَّيْث: المِسْكُ: معروفٌ إلاَّ أَنه لَيْسَ بعربي مَحْض.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ المِسْكُ: الطِّيبُ، وأَصله مِسكٌ محركة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خذي فِرْصَةً فتمَسَّكي بهَا) . قَالَ بَعضهم: تمسَّكي أَي تطيَّبي مِنَ الْمسك.
وَقَالَت طائفةٌ: هُوَ مِن التمسُّك بِالْيَدِ.
قَالَ اللَّيْث: سِقَاءٌ مَسِيكٌ: كثيرُ الأخذِ للْمَاء.
وَيُقَال: فِي فلانٍ إِمْسَاكٌ ومَسَاكٌ ومِسَاكٌ ومَسَكةٌ، كلُّ ذَلِك مِن الْبُخْل والتمسك بِمَا لَدَيْهِ ضَنًّا بِهِ.
قَالَ: والمُسْكَةُ مِن الطَّعَام والشرابِ: مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ، تقولُ: أَمسكَ يُمسكُ إِمساكاً. والتَّمسُّكُ: استمساكُكَ بالشَّيْء. تقولُ: مَسَكْتُ بِه، وتمسَّكتُ بِهِ واستمْسكت بِهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس:
صبحتُ بهَا القَوْمَ حتَّى امتسكْ
تُ بِالْأَرْضِ أَعْدِلُها أَنْ تَميلاَ
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله أَنه قَالَ: (لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيءٍ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ إلاّ مَا أَحَلَّ الله، وَلَا أحرِّمُ، إلاَّ مَا حرَّمَ الله) قَالَ الشَّافِعِي، مَعناهُ إنْ صَحَّ أَن الله تَعَالَى أَحَلَّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْيَاء حظرها على غَيره من عدد النِّسَاء، والموهوبة وَغير ذَلِك وَفرض عَلَيْهِ أَشْيَاء خففها عَن غَيره فَقَالَ: لَا يمسكن الناسُ عليَّ بشيءٍ يَعْنِي بِمَا خُصِصْت بِهِ دونهم، فَإِن نِكَاحي أكثرَ من أَربع لَا يحل لَهُم أَن يبلغوه لِأَنَّهُ انْتهى بهم إِلَى أَربع، وَلَا يجب عَلَيْهِم مَا وَجب عليَّ من تَخْيِير نِسَائِهِم لِأَنَّهُ لَيْسَ بفَرْضٍ عَلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} (الْأَعْرَاف: 170) قَرَأَ عاصمٌ (يُمْسِكون) بِسُكُون الْمِيم، وسائرُ القُرَّاء (يمسِّكون) بالتَّشْديد، وَأما قَوْله: {أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ} (الممتحنة: 10) فإنّ(10/52)
َ أَبا عَمْرو وابنَ عَامرٍ ويْعقُوبَ الحَضْرَمِيَّ قَرَأُوا: (وَلاَ تُمَسِّكُوا) بتَشْديد السِّين خففها البَاقُونَ وَمعنى قَوْله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} (الْأَعْرَاف: 170) أَي يُؤمنُونَ بِهِ ويحكمونَ بِمَا فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: مسَّكتُ بالنَّار تمسيكاً، وثقَّبْتُ بهَا تثقيباً، وَذَلِكَ إِذا فحصت لَهَا فِي الأَرْض ثمَّ جَعلتَ عَليها بعْراً أَو خشباً أَو دفنتها فِي التُّرَاب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المَسَكُ: الواحدةُ: مَسَكةٌ، وَهُوَ أَن يحفِرَ الْبِئْر فِي الأَرْض فَيبلغ الموضعَ، الَّذِي لَا يحتاجُ إِلى أَنْ يطوى فيقالُ: قد بلُغوا مَسَكةً صُلْبةً، وإنَّ بِئَارَ بني فُلاَنٍ فِي مَسَكٍ، وَأنْشد:
اللَّهُ أَرْوَاكَ وعَبْد الجَبَّارْ
ترسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المنقارْ
فِي مَسَك لَا مُجْبِلٍ وَلاَ هَارْ
والعربُ تَقول: فلَان حَسَكَةٌ مَسَكَةٌ أَي شُجَاعٌ كأَنهُ حَسَكٌ فِي حَلْق عَدوِّه، وَوصف بَعضهم بَلحَارثِ بن كَعْبٍ فَقَالَ: حَسَكٌ أَمْراسٌ ومَسَكٌ أَحَمَاسٌ، تَتَلظِّى المنايَا فِي رِماحهم، وَأما المَسَكةُ والمسيكُ فالرجلُ البخيلُ، قَالَ ذَلِك ابْن السكِّيت، وَفُلَان لَا مُسْكَة لَهُ أَي لَا عقل لَهُ، وَمَا بفلان مُسكة أَي مَا بِهِ قُوَّة وَلَا عقلٌ.
وَيُقَال: بَيْننَا مَاسكةُ رَحِم، كَقَوْلِك: ماسّةُ رحم، وواشِجَة رحمٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الماسكةُ: الجلدةُ الَّتِي تكون على رأْس الْوَلَد وعَلى أَطْرَاف يَدَيْهِ فَإِذا خرج الْوَلَد من الماسكة والسَّلَى فَهُوَ بقيرٌ، وَإِذا خرج الْوَلَد بِلَا ماسكة وَلَا سَلًى فَهُوَ السَّلِيل.
والمُسْكان: العُرْبَانُ، وَيجمع مَسَاكِين، يُقَال: أعْطه المسكان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأرضُ: مَسَكٌ وطرائقُ، فمسكةٌ كَذَّانَهٌ، ومسكةٌ مُشاشةٌ، ومَسكةٌ حجارةٌ، ومُسكةٌ لينةٌ، وَإِنَّمَا الأرضُ طرائقُ، فكلُّ طَريقَة: مسكةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ الفرسُ محجَّل الْيَد والرِّجل من الشقِّ الْأَيْمن. قَالُوا: هُوَ مُمْسَك الأيامنِ مطلقُ الأياسر، وهم يكرهونه، فَإِذا كَانَ ذَلِك من الشِّقِّ الْأَيْسَر قَالُوا: هُوَ مُمسكُ الأياسرِ مُطلق الأيامن، وهم يستحبُّون ذَلِك.
قَالَ: وكلُّ قائمةٍ بهَا بياضٌ فَهِيَ مُمسَكةٌ، والمطلقُ: كلُّ قائمةٍ لَيْسَ بهَا وضَحٌ.
قَالَ: وقوْمٌ يجعلونَ الْبيَاض إِطلاقاً، وَالَّذِي لَا بَيَاض فِيهِ إمْساكاً. وَأنْشد:
وَجَانبٌ أُطْلِقَ بالبياضِ
وَجَانبٌ أُمْسِكَ لَا بياضُ
وَفِيه مِن الاختِلاَف عَلَى القلْبِ كمَا وصفتُ فِي الإمْساك، وَفِي صفة النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه بادن متماسك) أَرَادَ أَنه مَعَ بدانته(10/53)
متماسك اللحمِ لَيْسَ بمسترخيهِ وَلَا مُنفَضِجه.
وَالْعرب تَقول للتَّنَاهِي الَّتِي تمسكُ مَاء السَّمَاء: مَسَاكٌ ومَسَاكةٌ ومَساكاتٌ، كلُّ ذَلِك: مسموعٌ مِنْهُم.
(أَبُو زيد) : المَسِيك من الأساقِي: الَّذِي يَحبِسُ المَاء فَلَا ينضح، وأرضٌ مَسيكةٌ: لَا تُنَشِّفُ المَاء لصلابتها، وأرضُ مَسَاكٌ أَيْضا.
وَيُقَال للرجلِ يكونُ مَعَ القومِ يَخُوضون فِي الْبَاطِل: إِن فِيهِ لَمُسْكَةً عَمَّا هم فِيهِ.
مكس: قَالَ اللَّيْث: المَكْسُ: انتقاص الثّمن فِي البياعة، وَمِنْه أُخِذَ المَكَّاسُ لِأَنَّهُ يستنقصه. وَأنْشد:
وَفِي كلِّ مَا بَاعَ امْرُؤ مَكْسُ دِرْهَم
أَي نقصُ دِرهم بعد وُجُوبِ الثَّمن.
وَقَالَ غَيره: المكْس: مَا يأخُذُهُ العَشَّارُ.
يُقَال: مَكَسَ فَهُوَ ماكسٌ إِذا أَخذ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : المكْس: الجِبَايةُ.
يُقَال: مَكَسَه فَهُوَ ماكسٌ إِذا نقص.
وَقَالَ شمر: المكْسُ: النَّقْصُ كَمَا قَالَ اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المكْسُ دِرهمٌ كَانَ يَأخذُهُ المصدِّق بعد فَرَاغِهِ.
وَفِي الحَدِيث (لَا يَدخُل صَاحبُ مَكْسٍ الجَنّةَ) .
وَقَالَ الأصمعيّ: الماكسُ: العَشَّارُ، وَأَصله: الجِبايَةُ، وَأنْشد:
وَفِي كلِّ مَا بَاعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهم
سكم: مُهمل.
وَقَالَ الدُّرَيديُّ: السَّيْكمُ: الَّذِي يُقَارب خَطوَهُ فِي ضَعْفٍ.
والسَّكْم: فِعْلٌ مُماتٌ.
(أَبْوَاب الْكَاف وَالزَّاي)
ك ز ط ك ز د: أهملت وجوهها.
ك ز ت
زكتْ: (أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : زكَّتُّ السِّقاء تَزْكِيتاً إِذا مَلأْتَهُ.
وَقَالَ اللحياني: زَكَتَه، وزَكَّتُه، والسِّقاءُ مَزْكُوتٌ ومُزَكَّتٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) زَكَتَ فُلانٌ فُلاناً عَلَيَّ يَزْكُتُهُ أَي أَسْخطَهُ، وقِرْبةٌ مَزْكُوتَةٌ ومَوْكُوتةٌ ومَزْكُورةٌ ومَوْكُورةٌ بِمَعْنى واحدٍ.
ك ز ظ ك ز ذ ك ز ث: أهملت وجوهها.
ك ر ز
كرز، زكر، ركز: مستعملة.
كرز: قَالَ اللَّيْث: الكُرْزُ: ضربٌ من الجُوَالِقِ، والكَرَّازُ: كَبْشٌ يَحملُ عَلَيْهِ الرَّاعي أَدَاتَه، ويكونُ أَمامَ الغَنَمِ.(10/54)
وَقَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكُرْزُ: الجُوالِقُ الصغيرُ.
وَقَالَ ابْن المَظَفَّرِ الكرَّزُ من النَّاس: الْعَيِيُّ اللَّئِيمُ، وَهُوَ دَخيلٌ فِي العربيةِ، تُسمِّيهِ الفُرْسُ: كُرْزِي وَأنْشد:
وَكُرَّزٌ يمشِي بَطِينَ الكُرْزِ
قَالَ: والطائرُ يُكَرَّز، وَهُوَ دَخيلٌ ليسَ بعَرَبيَ قَالَ رؤبةُ:
رَأَيتُهُ كَمَا رَأَيْتُ النَّسْرَا
كُرِّزَ يُلِقي قادِماتٍ زُعْرَا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) أَنه أنْشدهُ:
لَمَّا رَأَتني رَاضِيا بالإِهماد
كالكُرَّزِ المرْبُوط بَين الأَوتَادْ
قَالَ الكُرَّزُ هَا هُنَا: البَازي شَبهَهُ بالرجلِ الحاذِق وَهُوَ فِي الفارِسيّة كرو.
وَقَالَ شمر: يُرْبَطُ لِيسقُطَ رِيشُهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : قَالَ الكَرِيصُ والكَرِيزُ: الأقِطُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: إِنه ليُعاجِز إِلَى ثقةٍ مُعاجَزَةً، ويُكارِزُ إِلَى ثِقةٍ مُكارَزَةً إِذا مَال إِلَيْهِ. قَالَ الشَّماخُ:
فلمَّا رَأَيْن الماءَ قد حَال دُونه
ذُعافٌ لَدَى جَنْبِ الشَّريعة كارِزُ
قيل كارزٌ بِمَعْنى المستَخفى، يُقَال: كرَزَ يَكرِزُ كروزاً فَهُوَ كارزٌ إِذا اسْتخفى فِي خَمَرٍ أَو غارٍ.
(قلت) : والمكارَزةُ مِنْهُ، وكُرْزٌ، وكُرَيْزٌ، ومِكْرَزٌ من الْأَسْمَاء واشتِقاقها مِمَّا ذكرْتُ.
وَقَالَ أَبُو عمروٍ: الكُرَّزُ: المدَرَّبُ المجرَّبُ، وَهُوَ فارسيٌّ، وَقد كُرِّزَ البازِي إِذا سقط ريشهُ.
قَالَ ابْن الأنباريِّ: هُوَ كُرّزٌ أَي دَاهٍ خَبيثٌ مُحْتالٌ، شُبِّهَ بالبازِي فِي خُبْثه واحْتِياله، وَذَلِكَ أَن العربَ تُسمي البَازى كُرَّزاً.
زكر: قَالَ ابْن المظفَّر: الزُّكْرَةُ: وعاءٌ من أَدَمٍ يجعلُ فِيهِ شرابٌ أَو خَلٌّ.
وَقد تزَكَّرَ بَطْنُ الصبيِّ إِذا عَظُمَ وحَسُنتْ حَاله.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: زَكَّرْتُ السِّقاءَ تزكيراً، وزَكَّتُّه تزكِيتاً إِذا مَلأْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: مِن العُنُوزِ الحُمْر، عَنْزٌ حَمْراءُ زَكْريَّةٌ وزكَريَّةٌ، لُغتان، وَهِي الشديدةُ الحمرَةِ، وَقَول الله جلّ وعزّ: (وكَفَلَها زَكَرِيَّاء) ، وقرىء (وكفَّلَهَا زَكَريَّاءُ) وقرىءَ {زَكَرِيَّا} (آل عمرَان: 37) بِالْقصرِ.
قرأَ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وَأَبُو عمروٍ وَابْن عامرٍ والحَضْرَميُّ يعقوبُ: (وَكَفَلَها زَكَريَّاءُ) ممدودٌ مَهْموزٌ مَرْفوعٌ.
وقرأَ أَبُو بكر عَن عَاصِم: (وكفّلها) مُشدّداً (زكَريّاءَ) ممدوداً مَهْمُوزاً أَيْضا.
وقرأَ حَمزةُ وَالْكسَائِيّ وحَفْصٌ {وَكَفَّلَهَا(10/55)
زَكَرِيَّا} (آل عمرَان: 37) مَقصوراً فِي كلِّ الْقُرْآن.
وَقَالَ الزّجاج: فِي زكريَّا: ثَلَاث، لُغاتٍ هِيَ الْمَشْهُورَة: زكريَّاءُ مَمدودٌ، وزَكريَّا بالقَصْرِ غير مُنَوّنٍ فِي الجِهَتَيْن، وزكَريٌ بِحَذْف الْألف مُعْرَبٌ مُنونٌ، فأمّا ترك صرفهِ فلأنّ فِي آخِره أَلفي التأنيثِ فِي المَدِّ، وأَلفَ التأْنيث فِي الْقصر.
قَالَ وَقَالَ بعض النَّحويين: لم ينصرفْ لِأَنَّهُ عجمي، وَمَا كَانَت فِيهِ أَلف التَّأْنِيث فَهُوَ سَواءٌ فِي الْعَرَبيَّة والعجمية وَيلْزم صاحبَ هَذَا القَوْل أَن يقولَ: مَررت بِزكريّاءَ وزكريّاءِ آخَرَ لأنَّ مَا كَانَ أَعجميّاً فَهُوَ ينصرفُ فِي النَّكِرَة، وَلَا يجوز أنْ تُصْرَفَ الأسماءُ الَّتِي فِيهَا أَلِفُ التَّأْنِيث فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكرة لِأَنَّهَا فِيهَا عَلامَة تأنيثٍ وَأَنَّهَا مَصوغةٌ مَعَ الِاسْم صِيغةً وَاحِدَة، فقد فارقَتْ هاءَ التَّأْنِيث فَلذَلِك لمْ تُصرف فِي النّكرة.
وَقَالَ اللَّيْث: فِي زكريَّا: أربعُ لُغات:
تَقول: هَذَا زَكَرِيَّاءُ قد جَاءَ، وَفِي التَّثْنِيَة: زَكَرِيَّاآنِ، وَفِي الْجمع زَكَرِيَّاؤُون.
واللغة الثَّانِيَة: هَذَا زَكَرِيَّا قد جاءَ، والتثنية زكَرِيَّيَانِ وَفِي الْجمع: زَكَرِيَّيُونَ.
واللغةُ الثَّالِثَة: هَذَا زكرِيٌّ، وَفِي التَّثْنِيَة: زكرِيَّانِ، كَمَا يُقَال: مَدِنيٌّ ومَدَنِيَّانِ.
واللغةُ الرابعةُ: هَذَا زَكَري بتَخْفِيف الْيَاء، وَفِي التَّثنية: زَكَرِيانِ، الْيَاء خَفِيفَة، وَفِي الْجمع: زَكَرُون بطرْح الْيَاء.
ركز: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (مَرْيَم: 98) قَالَ الفرّاء: الرِّكْزُ الصَّوتُ.
قَالَ: وسمعْت بعضَ بَني أَسَدٍ يَقُول: كلّمْتُ فلَانا فَمَا رأيتُ لَهُ رِكْزَةً، يُرِيد لَيْسَ بِثَابِت الْعقل.
وَقَالَ خالدٌ: الرِّكْز: الصَّوت لَيْسَ بالشديد.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّكْز: صَوتُ الْإِنْسَان تَسْمعه من بعيد، نَحْو رِكْزِ الصَّائِد إِذا نَاجَى كِلابَه.
وَأنْشد:
وَقد تَوَجَّسَ رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ
بِنَبْأَةِ الصَّوت مَا فِي سَمِعه كذِبُ
وثابتٌ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (فِي الرِّكَازِ الخُمْسُ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: اخْتَلف أهل الحجازِ وَأهل الْعرَاق فِي الرِّكاز، فَقَالَ أهل الْعرَاق: الرِّكاز: الْمَعَادِن كلُّها، فَمَا اسْتُخرِج مِنْهَا من شيءٍ فلمُسْتَخْرِجِه أربعةُ أَخماسِه، ولبيتِ المَال الخُمُس.
قَالُوا: وَكَذَلِكَ المَال العاديُّ يوجَد مَدْفُونا. وَهُوَ مِثل المعدِن سواءٌ، قَالُوا: وَإِنَّمَا أصلُ الرِّكازِ المعدِن والمالُ العاديّ(10/56)
ُ الَّذِي قد مَلَكه النَّاس فشُبِّهُ بالمعدِن.
وَقَالَ أهل الْحجاز: إِنَّمَا الرِّكازُ: المَال المدفون خاصَّة مِمَّا كنَزه بَنُو آدم قبل الْإِسْلَام، فَأَما المعادِن فَلَيْسَتْ برِكازٍ، وَإِنَّمَا فِيهَا مِثلُ مَا فِي أموالِ الْمُسلمين منَ الزكاةِ: مَا أصَاب مِائتي دِرهمٍ كَانَ فِيهَا خمسةُ دراهمَ، وَمَا زَاد فبِحسابِ ذَلِك. وَكَذَلِكَ الذهبُ إِذا بَلغ عشْرين مِثْقَالا كَانَ فِيهِ نصفُ مثْقال.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّكازُ: قِطَعُ الفِضَّةِ تَخرجُ من المعدِن، وأَرْكزَ الرَّجلُ إِذا أَصابَ ذَلِك.
وَأَخْبرنِي عبد الملِك البَغَوِيُّ عَن الرّبيع عَن الشافعيّ أَنه قَالَ: الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الرِّكاز: دفن الجاهليّة، وَالَّذِي أَنَا واقفٌ فِيهِ الرِّكاز فِي المعدِن والتِّبْرِ الْمَخْلُوق فِي الأَرْض.
ورَوى شمرٌ فِي حديثٍ عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَنّ عَبْداً وَجد رِكْزَةً عَلَى عهد عمرَ فأَخذها مِنْهُ عمر.
قَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الأعرابيِّ: الرِّكاز مَا أَخْرَجَ المعدِنُ وأَنالَ.
وَقَالَ غيرُه: أرْكزَ صاحبُ المعدِن إِذا كثُرَ مَا يَخرُجُ مِنْهُ لَهُ من فضةٍ وَغَيرهَا.
والرِّكازُ: الاسمُ، وَهِي القِطَع العِظام مثل الجَلاَمِيدِ من الذَّهَب وَالْفِضَّة تَخرج من الْمَعْدن.
وَقَالَ الشافعيُّ: يُقَال للرَّجل إِذا أصَاب فِي المعدِن النَّدْرَةَ المجتمعةَ: قد أَرْكزَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شَيْئا منتصباً كالرُّمْح تَرْكُزُه رَكْزاً فِي مركَزِه.
قَالَ: والمُرتكِزُ من يابِس الْحَشِيش: أَنْ تَرَى ساقاً وَقد تطايرَ عَنْهَا وَرَقُها وأَغصانُها، ومركَزُ الجُنْدِ: الْموضع الَّذِي قد أُلْزِموه، وأُمِروا إلاّ يَبْرَحُوه.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَحْمد بنُ خالدٍ: الرِّكازُ جمع، وَالْوَاحد. رَكِيزةٌ.
وَقَالَ شمر: والنّخلة الَّتِي تَنبُت فِي جذْع النخلةِ ثمَّ تُحوَّلُ إِلَى مَكَان آخر هِيَ الرَّكْزَة.
وَقَالَ بَعضهم: هَذَا رَكْزٌ حَسَنٌ، وَهَذَا وَدِيٌّ حَسنٌ، وَهَذَا قَلْعٌ حَسن.
وَيُقَال: رُكِزَ الوَدِيُّ والقَلْعُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الرِّكْز: الرجلُ الْعَاقِل الحليمُ السَّخِيُّ.
ك ز ل
اسْتعْمل من وجوهه: لكز كلز، لزك.
لزك: أما لزك فإنَّ ابنَ المظفَّر زَعم أنّه يُقَال: لَزِكَ الجُرْحُ لَزَكا إِذا استوَى نباتُ لحمِه، ولمّا يَبْرأْ بعد. (قلت) : لمْ أَسمع لزِك بِهَذَا الْمَعْنى إِلَّا لِلّيث وأظنُّه مصَحَّفاً، والصوابُ بِهَذَا الْمَعْنى الَّذِي ذهب إِلَيْهِ اللَّيْث أَرَكَ الجُرْحُ يَأرُك ويَأْرِكُ أُروكا إِذا(10/57)
صَلَحَ وتماثَل.
وَقَالَ شمرٌ: هُوَ أَن يَسقُط جُلْبُه ويَنبُت لحُمه.
لكز: قَالَ اللَّيْث: اللكز: الوَجْءُ فِي الصَّدر بِجُمْع الْيَد. وَكَذَلِكَ فِي الحَنَك.
وَأنْشد:
لوْلا عِذَارٌ للَكَزْتُ كَرْزَمَهْ
(قلت) : ولُكَيْز: قبيلةٌ من رَبيعة.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفدَّى لُكَيْزٌ) . وَله قصةٌ، يُضرَب مثلا لمنُ يعاني مراسَ عملٍ فيُحْرَمُ ويَحظى غيرُه فيُكْرَم.
كلز: (أَبُو عبيد) : المُكْلَئِزُّ: المُنْقبِض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: اكْلأَزَّ وَهُوَ انقباضٌ فِي جَفَاءٍ لَيْسَ بمطمئنَ كالراكبِ إِذا لمْ يتمكَّن من السَّرْج.
يُقَال: قد اكْلأزَّ فَوق دابَّتِه، وحِمْلٌ مُكْلئِزٌّ فَوق الظّهْر لم يتَمَكَّن عدلا عَن ظهر الدَّابَّة.
وَأنْشد غيرُه:
أقولُ والناقُة بِي تَقَحَّمُ
وأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزٌّ مُعْصِمُ
وثُلاثيُّه غير مستعملٍ.
وَأنْشد شمر:
رُبَّ فتاةٍ مِن بَني العِنازِ
حَيَّاكةٍ ذاتِ حِرٍ كنَازِ
ذِي عَضُدَين مُكْلِئزَ نازِي
كالنَّبَتِ الأحمرِ بالبَرَازِ
واكْلاَزَّ كَانَ فِي الأَصْل: اكَلأَزَّ.
ك ز ن
كنز، نزك، نكز، زنك، زكن: (مستعملة) .
كنز: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: كنَزَ الإنسانُ مَالا يَكنِزُه، والكَنْز: اسمٌ لِلْمَالِ إِذا أُحْرِز فِي وِعَاءٍ.
يُقَال: كنَزْتُ البُرَّ فِي الجرابِ فاكتنَز.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: شدَدْت كنْزَ الْقرْبَة إِذا ملأتَها، ورجلٌ مُكْتنِزُ اللحمِ. وكَنيزُ اللحمِ، والكَنِيزُ: التمرُ يُكتنَزُ للشتاء فِي قواصِرَ وأوعيةٍ، والفعلُ: الاكتِناز، وَقد كنزْته كنْزاً وكِنازاً وكَنَازاً.
وسمعتُ البَحْرانيِّين يَقُولُونَ: جَاءَ زَمنُ الكِنَاز إِذا كنزُوا التَّمْر فِي الجِلاَل، وَهُوَ أَن يُلقى جرابٌ فِي أَسْفَل الجُلَّة ويُكنز بالرِّجلين حَتَّى يدْخل بعضُه فِي بعض، ثمَّ يُصبّ فِيهَا جرابٌ بعد جرابٍ ويُكنز حَتَّى تمتلىء الجُلّة مكْنوزة، ثمَّ يُخاط رأسُها بالشُّرُط الدِّقَاقِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : أتيتُهم عِنْد الكِنَاز والكَناز، يَعْنِي حِين كنزوا التَّمْر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الكَنَازُ بِالْفَتْح لَا غير.(10/58)
زنك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزَّوَنَّك من الرِّجَال: المختال فِي مشيته النَّاظر فِي عِطفيه، يَرَى أَن عِنْده خيرا وليسَ عِنْده ذَاك.
قَالَ ابْن السّكيت: رجلٌ زَوَنَّكٌ إِذا كَانَ غليظاً إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ، وَأنْشد:
وَبَعْلُهَا زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزَّوَنْزَى: ذُو الأبَّهة والكِبْرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّوَنَّكُ: الْقصير الدميمُ.
(أَبُو عبيد) : فِي الكبد: زنكتان وهما زَنمَتَانِ خارجتا الْأَطْرَاف عَن طرَف الكبد، وَأَصلهَا فِي أعلا الكبد.
زكن: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هَذَا الجيشُ يُزَاكِنُ ألفا، ويناظر ألفا أَي يُقَارب ألفا.
وَقَالَ اللَّيْث: الإزكانُ أَن تُزكِنَ شَيْئا بالظنِّ فتصيب، تَقول: أَزكَنْتُه إزكاناً.
وَقَالَ اللحياني: هِيَ الزَّكانَةَ والزكانِيَة.
قَالَ: وَبَنُو فلانٍ يزاكِنون بني فلانٍ مُزاكنةً أَي يدانونهم ويُثافِنُونهم إِذا كَانُوا يستخصونهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: زكِنْتُ من فلانٍ كَذَا وَكَذَا أَي علمتُ، وَأنْشد لِابْنِ أمِّ صَاحب:
وَلَنْ يُرَاجِعَ قَلْبي وُدَّهْم أَبَدْاً
زَكِنْتُ مِنهُمْ عَلَى مِثْلِ الَّذِي زَكوُا
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : زَكِنتُ الرجلَ أزكَنُه زكَناً إِذا ظَنَنْت بِهِ شَيْئا، وأَزكنته الخَبرَ إزكاناً: أَفْهَمْتُه حَتَّى زكِنه: فهمه فهما.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد: زَكِنتُ مِنْهُ مثل الَّذِي زِكنَه مني وأَنَا أزكَنُه زَكَناً، وَهُوَ الظَّن الَّذِي يكون عنْدك بمنزِلة الْيَقِين وَإِن لم يخبِرْك بِهِ أحدٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّقْر: زِكنْتُ من الرجلِ مثلَ الَّذِي زَكِن منِّي يَقُول: علمتُ مِنْهُ مثل الَّذِي علم مني.
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : زَكِنت بفلان كَذَا، وأزكنت أَي ظَنَنْت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: زَكِنَ فلانٌ إِلَى فلانٍ إِذا مَا لَجأ إِلَيْهِ وخالطه وَكَانَ مَعَه، يَزكَنُ زُكوناً، وزكِن فلانٌ من فلانٍ زَكَناً أَي ظنَّ بِهِ ظنّاً، وزكِنْتُ مِنْهُ عَدَاوَة أَي عرفتُها، وَقد زِكنْتُ أَنه رجل سَوْء أَي علمت.
نكز: قَالَ اللَّيْث: النَّكْزُ كالْغَرْز بشيءٍ محدّد الطّرف، والنَّكّاز: ضرْب من الحيَّات لَا يعضُّ بفِيه، إِنَّمَا ينكُز بأَنفه، فَلَا تكَاد تعرف أنفَه من ذَنبه لدقِة رَأسه.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : نكزتُه. ووكزْتُه ولهزْتُه وثَفَنْتَه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: النَّكْزُ من الْحَيَّة بالأنف، وَقد نَكَزتْه الحيةُ.
قَالَ: والنَّكْز مِن كل دابّة سوَى الْحَيَّة:(10/59)
العَضّ.
وَقَالَ أَبُو الجرّاح: يُقَال للدَّسَّاسة مِن الحيَّات وحدَها: نَكَزتْه وَلَا يُقَال لغَيْرهَا.
قَالَ شمر: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: نَكَزَتْهُ الحيَّةُ، ووكزَته، ونَشَطتْه، ونهشته بِمَعْنى وَاحِد، وغيرُه يقولُ: النكْز: أَن يَطعن بأنفهِ طعْناً.
(أَبُو عبيد) : بئرٌ ناكزٌ، وَقد نَكَزَت إِذا قلَّ مَاؤُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّكْز: طعْنٌ بطرفِ سِنان الرُّمْحِ.
(شمرٌ) : النَّكَّازُ: حيةٌ لَا يُدْرَى مَا ذَنبُها من رَأسهَا، وَلَا تَعضُّ إِلَّا نكْزاً أَي نَقْزاً.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: سُمِّيَ نكَّازاً لِأَنَّهُ يطعنُ بِأَنْفِهِ وَلَيْسَ لَهُ فمٌ يعضُّ بِهِ، وَجمعه: النكاكيز والنَّكَّازات.
نزك: قَالَ اللَّيْث: النَّزْكُ: سُوءُ القَوْل فِي الْإِنْسَان تَقول: تَزَكَه بِغَيْر مَا رأى مِنْهُ، والنَّزْكُ: الطّعن بالنَّيْزَك، وَهُوَ رُمحٌ قصير، وَبِه يَقْتُل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام الدجَّالَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الصَّيْداوي عَن الرياشيِّ قَالَ: للضَّبِّ نِزْكانِ.
وَيُقَال: نَزْكانِ أَي قَضيبانِ، وَأنْشد:
سِبَحلٌ لهُ نِزْكَانِ كانَا فَضيلَةً
عَلَى كلِّ حَافٍ فِي البِلاَدِ ونَاعِلِ
وَسمعت أعرابيّاً يَقُول: لِلْوَرَلِ أَيضاً نِزْكانِ.
وَسمعت آخر يَقُول: لَهُ نَيْزَكانِ، وللأنثى فِي رَحِمها: نِزْكَتانِ. وأنشدني مُعَلًّى الكلَيْبي:
تَفَرَّقْتمُ لَا زِلْتمُ قَرْنَ وَاحِدٍ
تَفَرُّقَ نِزْكِ الضَّبِّ والأصْلُ واحِدُ
(أَبُو زيد) : نَزَكْتُ الرجلَ إِذا خزقته والنّيْزَكُ: ذُو سنانٍ وَزُجَ، والعُكَّازُ لَهُ زُجٌّ وَلَا سِنانَ لَهُ.
ك ز ب
كزب، زكب: (مستعملة) .
زكب: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الزَّكْبُ: إِلقاءُ المرأةِ وَلَدَها بِزَحْرَةٍ وَاحِدَة.
يُقَال: زَكَبَتْ بهِ وأَزْلخَتْ وأَمْصَعَتْ بهِ وحَطَأَتْ بِهِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: زَكَبَ بِنُطْفَتِهِ وزكم بهَا أَي أَنْفَصَ بهَا.
وَيُقَال: هُوَ الأمُ زُكْبَةٍ وزُكمَةٍ فِي الأرضِ، أَي الأمُ شيءٍ لفظَهُ شيءٌ.
(اللَّيْث) : زَكَبَتْ بِهِ أمُّهُ: رمتْ بِهِ، وانزَكَبَ إِذا انْقَحَمَ فِي وَهْدَةٍ أَو سَرَبٍ.
قَالَ: والزَّكْبُ: النِّكاح، والزّكْبُ: المَلْءُ.
يُقَال: زكَبَ إِناءَهُ يزْكبه إِذا ملأَهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المزكوبة: المَلْقُوطةُ من النِّسَاء.(10/60)
كزب: قَالَ: والمَكْزُوبَةُ من الْجَوَارِي: الخِلاسِيَّةُ فِي لَوْنهَا.
قَالَ: والكَزَبُ: صِغَرُ مُشطِ الرِّجلِ وتقبُّضُهُ وَهُوَ عيبٌ.
قَالَ اللَّيْث: الكُزْبُ: لغةٌ فِي الكُسْبِ، كالكزْبَرَةِ والكسبُرَةِ.
ك ز م
كزم، كمز، زكم، زمك: مستعملة.
كزم: قَالَ اللَّيْث: الكَزَمُ: قِصَرٌ فِي الأنفِ قبيحٌ، وقِصرٌ فِي الْأَصَابِع شديدٌ، تَقول: أَنفٌ أَكْزَمُ، ويدٌ كَزْماءُ، والكَزُومُ مِن النِّيبِ: الَّتِي لم يبقَ فِي فمها سنٌّ مِن الهَرَم، نعتٌ لَهَا خَاصَّة دون الْبَعِير.
وَقَالَ: يُقَال: مَن يَشْتَرِي نَاقَة كَزُوماً؟ .
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَزُومُ: الهَرِمةُ مِن النَّوقِ.
وَيُقَال: كَزَمَ فُلاَنٌ يكْزِمُ كَزْماً إِذا ضمَّ فاهُ وسكتَ، فإنْ ضم فاهُ عنِ الطَّعَام قيل: أَزَمَ يأْزِمُ.
وَوصف عونُ بن عبد الله رجلا فَقَالَ: إِنْ أُفيض فِي الْخَيْر كَزَمَ.
وَيُقَال: كزَمَ الشيءَ الصُّلْبَ كَزْماً إِذا عضَّه عضّاً شَدِيدا.
والعَرَبُ تَقول للرَّجُل الْبَخِيل: أَكْزَمُ الْيَد.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنهُ كانَ يتعوَّذ مِن الكَزَم والقَزَم، والكَزمُ: شدَّةُ الْأكل، مِن قَوْلك: كَزَمَ فلانٌ الشيءَ بِفِيهِ كَزْماً إِذا كسرهُ، والاسمُ: الكَزَمُ.
وَقيل: الكَزَمُ: البخلُ يُقَال: هُوَ أكْزَمُ البَنَانِ: قصيرها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَزَمُ: أَنْ يريدَ الرَّجلُ المعْرُوفَ والصدقَةَ فَلَا يقدرُ على دينارٍ وَلَا دِرهم.
قَالَ صَخْر الْهُذلِيّ:
بهَا يَدَعُ القُرُّ البَنَانَ مُكَزَّماً
وَكانَ أَسِيلاً قَبْلَهَا لَم يُكَزَّمِ
مُكَزَّمٌ: مُقَفَّعٌ، ورجُلٌ أكْزَمُ الأنْفِ: قصيرُه.
وَفِي (النَّوَادِر) : أكْزَمْتُ عَن الطَّعَام، وأَقْهمتُ وأَزْهمتُ إِذا أَكْثرَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَشْتَهِي أَن يعودَ فِيهِ، وَرجل كَزْمانُ وزَهمان وفَهْمَانُ ودَقْيَانُ.
زكم: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : رجُلٌ مَزكُومٌ، وقدْ أَزكَمهُ اللَّهُ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي: وَقَالَ: لَا يقالُ: أَنْتَ أَزْكَمُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كل مَا جَاءَ على فُعِلَ فَهُوَ مفعولٌ، لَا يقالُ: مَا أَزْهاك، وَأما أَجَنَّكَ، وَمَا أَزْكَمَكَ.
(اللحياني) : زَكَم بنُطفته: رَمَى بهَا، وَفُلَان ألأمُ زُكْمَةٍ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: زَكَمَتْ بِهِ أمُّه إِذا وَلدته سُرُحاً.(10/61)
(قلت) : الزُّكام: مأخوذٌ مِن الزَّكْم والزَّكْبِ وَهُوَ الملءُ.
يُقَال: زُكِمَ فلانٌ ومُلِىَء بِمَعْنى واحدٍ.
زمك: (الحرَّاني عَن ابْن السِّكيت) : الزِّمِكي والزِّمَّجي مقصوران: أَصلُ ذَنبِ الطَّائِر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُسمى الذَّنَبُ نفسُهُ إِذا قصَّ: زِمِكّى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زحمت القِرْبةَ، وزَمَكْتُها إِذا مَلأَتَهَا.
(قلت) : وَمِنْه يقالُ: ازْمَأَكَّ فلانٌ يَزْمِئكُّ إِذا اشتدَّ غَضَبه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمكْتُ فلَانا على فلانٍ وزَمَجْته إِذا حَرَّشْتَه حَتَّى اشتدَّ عَلَيْهِ غضبُه.
كمز: قَالَ اللَّيْث: الكُمْزَةُ والجُمْزةُ: الكُتْلُة مِن التَّمْرِ وَغَيره.
ويقالُ للكُثْبة مِن الرمْل والتُّرَاب: كُمْزةٌ وقُمزَةٌ، وَجَمعهَا: كُمَزٌ، وقُمَزٌ.
وَقَالَ أَبو تُراب قَالَ عرام: هَذِه قُمْزةٌ مِن تمرٍ وكُمْزَةٌ وَهِي الفِدْرَةُ كجُثْمانِ القَطَا أَو أَكثر قَلِيلا، والجميعُ: كُمَزٌ وقُمزٌ.
وَيُقَال: فلانٌ مِن قَمَزِ النَّاس، ومِن قَزَمهمْ، أَيْ مِنْ رُذَالهمْ.
(أَبْوَاب) الْكَاف والطاء)
ك ط د ك ط ت ك ط ظ
ك ط ذ ك ط ث: أُهْملت وجوهها.
ك ط ل
اسْتعْمل من وجوهها:
كلط: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَلَطَة.
واللَّبَطَةُ: عدْوُ الأقْزَلِ، والقَزَلُ: سوءُ العَرَج.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكُلُطُ: الرِّجال المتَقَلِّبُونَ فَرحا ومرحاً.
ورُوي عَن جرير: أنَّهُ كانَ لهُ ابنٌ يقالُ لَهُ كَلَطَةُ، وابنٌ آخَرُ يُقَال لَهُ: لَبَطَةُ وثالثٌ: اسْمه خَبَطَة.
ك ط ن
نطك: أنْطَاكِيةُ: اسْم مدينةٍ، أُراها رُومِيَّةً، والنِّسبةُ إِلَيْهَا: أَنطاكِيٌّ.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عَلوْنَ بأَنطاكِيَّةٍ فوْقَ عِقْمَةٍ
ك ط ف ك ط ب ك ط م
أهملت وجوهها.
(أَبْوَاب) الْكَاف وَالدَّال)
ك د ت
استعملَ من وجُوهها.(10/62)
كتد: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَتَدُ: مَا بَين الكاهلِ إِلَى الظّهْر، والثَّبَجُ: مثله.
وَقَالَ شمرٌ: الكَتَدُ: مِن أَصل العُنُق إِلى أَسفلِ الكتفَيْنِ، وَهُوَ يجمعُ الكاثِبَة والثَّبج والكاهل، كلُّ هَذَا كَتَدٌ.
وَقَالُوا فِي بَيت ذِي الرمة:
وَإِذ هُنَّ أكتاد ... .
أكتاد: أشباه، لَا اخْتِلَاف بَينهم، يُقَال: مرّ بِجَمَاعَة أكتاد.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : خَرَج القومُ علينا أَكتاداً، وأَكداداً، وأفلالاً أَي فرقا وأرسالاً.
وَيُقَال: مررتُ بجماعةٍ أَكتادٍ، ويقالُ: هم أَكْتادٌ أيْ أَشباهٌ لَا اخْتِلَاف بَينهم.
وَمِنْه قَول ذِي الرُّمة:
وإِذ هُنَّ أكتادٌ بِحَوْضَى كأَنما
زها الآلُ عَيْدانَ النخيل البواسقِ
ك د ث
ثكد: ثُكُدٌ: اسمُ مَاء، قَالَ الأخطل:
حلّت ضُبَيْرةُ أَمواهَ العِداد وَقد
كَانَت تحلُّ وأَدنى دَارِها ثُكُدُ)
ك د ر
كرد كدر دكر دَرك ركد ردك: (مستعملة) .
كدر: قَالَ اللَّيْث: الكَدَرُ: نقيض الصَّفاء، يُقَال: عيشٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ، وماءٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ.
قَالَ: والكدْرَةُ فِي اللّون خَاصَّة، والكدُورَةُ فِي الْعَيْش وَالْمَاء.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال: كَدِرَ الماءُ وكَدُرَ، وَلَا يُقَال: كَدَرَ إِلَّا فِي الصَّبِّ، يُقَال كَدَرَ الشَّيْء يَكْدُرُهُ كَدْراً إِذا صبَّه.
قَالَ العجاج يصف جَيْشًا:
فَإِن أصَاب كدراً مدّ الكدر
سنابك الْخَيل يصد عَن الأير
والكدر جمع الكدرة، وَهِي المدرة الَّتِي يثيرها السن، وَهِي هَاهُنَا مَا تثير سنابك الْخَيل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال: خُذ مَا صَفَا ودَعْ مَا كَدِرَ وكَدُرَ وكَدَرَ، ثَلَاث لُغَات.
(اللَّيْث) : الكَدَرَة: القُلاَعة الضخمة من مَدَر الأَرْض المُثارة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الزَّرْع) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَطَا: ضَرْبَان، فضربٌ جُونِيةٌ، ضربٌ مِنْهَا الغَطَاطُ، فالجونيُّ والكُدْرِيُّ: مَا كَانَ أَكدَرَ الظّهْر أسودَ باطنِ الْجنَاح مُصفرَّ الحَلقِ قصيرَ(10/63)
الرِّجلين فِي ذَنَبِه ريشتان أطول من سَائِر الذَّنَبِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : انْكَدَرَ يَعْدُو، وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أسْرع بعض الْإِسْرَاع.
وَقَالَ اللَّيْث: انْكَدَرَ عَلَيْهِم الْقَوْم إِذا جاءُوا أَرْسَالًا حَتَّى انصبُّوا عَلَيْهِم.
(الْأَصْمَعِي) : حِمارٌ كُدُرٌّ وَهُوَ الغليظ.
وَأنْشد:
نجَاءَ كُدُرَ مِنْ حَمِير أَتِيدَةٍ
بفائِلهِ والصَّفحتين نُدُوبْ
وَيُقَال: أتانٌ كُدُرَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو. يُقَال للرَّجل الحادِر القويِّ المُكتنز: كُدُرٌّ. وَأنْشد:
خُوصٌ يَدَعْنَ العَزَبَ الكُدُرَّا
لَا يَبْرَحُ المنزلَ إلاَّ جَرَّا
ونُطْفة كَدْرَاءُ: حَدِيثَة الْعَهْد بالسماء.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : فَإِن أُخِذ لبنٌ حليبٌ فأُنقِع فِيهِ تمرٌ بَرْنيٌّ فَهُوَ كُدَيْرَاءُ.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ قَالَ شُجاعٌ: غلامٌ قُدُرٌّ وكُدُرٌّ وَهُوَ التامُّ دون المُحتَلِم.
وَقَالَ شَبَابَةُ نَحوه وَأنْشد الرجز الَّذِي قدمتُه.
كرد: قَالَ اللَّيْث: الكَرْدُ: سَوْقُ العَدُوِّ فِي الحملة، وَهُوَ يَكْرُدُهُمْ كَرْداً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كَرَدَهُمْ كَرْداً، وكَدَشَهُمْ كَدْشاً إِذا طردهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرْدُ: لُغةٌ فِي القَرْدَ، وَهُوَ مَجْثَمُ الرَّأْس على العُنق.
وَأنْشد:
فطارَ بمشحُوذِ الحديدةِ صارمٍ
فطبَّق مَا بَين الذُّؤَابةِ والكَرْدِ
والكُرْدُ: جيلٌ معروفون.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لعمركَ مَا كُرْدٌ مِنَ ابناء فارسٍ
وَلكنه كُرْدُ بنُ عَمْرو بنِ عامرِ
فنسبهم إِلَى الْيمن وجعلهم إخْوَة الْأَنْصَار.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكِرْدِيدَةُ: الفِدْرَة من التَّمْر.
وَأنْشد:
أفلحَ مَن كَانَت لَهُ كِرْدِيدَهْ
يأكلُ مِنْهَا وهْوَ ثانٍ جِيدَهْ
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بأُطْرَهْ
وأبلغَتْ كِردِيْدَةً وقِدْرَه
والكُرْدَةُ: المَشَارَةُ من الْمزَارِع وتُجمعُ كُرْداً.
دكر: قَالَ أَحْمد بن يحيى أَبُو الْعَبَّاس: الدِّكَرُ بتَشْديد الدَّال جمع دِكْرَةٍ أُدغمت لَام الْمعرفَة فِي الدَّال فجعلتا دَالا مُشَدّدَة، فَإِذا قلت: ذِكْرٌ بِغَيْر الْألف وَلَام التَّعْرِيف قلت: بِالذَّالِ، وَقد جمعُوا الدِّكَرَ: الدِّكَرات بِالدَّال أَيْضا.(10/64)
وَأما قَول الله جلّ وعزَّ: {لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن} (الْقَمَر: 17) فَإِن الْفراء قَالَ: حَدثنِي الْكسَائي عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود قَالَ: قلت لعبد الله: (فَهَل من مذَّكرٍ) أَو (مُدَّكر) ، فَقَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُدَّكرٍ) بِالدَّال.
وَقَالَ الْفراء: (مُدَّكرٍ) فِي الأَصْل مُذْتَكر على مُفتعل فصيِّرت الذَّال وتاء الافتعال دَالا مُشَدّدَة.
قَالَ: وَبَعض بني أَسد يَقُولُونَ: مُذّكر فيقلبون الدَّال فَتَصِير ذالاً مُشَدّدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّكْرُ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، وربيعةُ تَغْلَطُ فِي الذِّكْرِ فَتَقول: دِكْرٌ.
دَرك: (شمر) : الدَّرْكُ: أَسْفَل كل شَيْء ذِي عمق كالرَّكيَّة وَنَحْوهَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان، يُقَال: أدْرَكوا مَاء الرّكيَّة إِدراكاً ودَرَكاً، ودَرَكُ الرّكيَّة: قعرُها الَّذِي أُدرِكَ فِيهِ المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرَكُ: أقْصَى قَعْرِ الشَّيْء كالبحر وَنَحْوه، والدّرَكُ: واحدٌ من أدراكِ جَهَنَّم من السَّبع، والدَّرْكُ: لُغَة فِي الدَّرَكِ.
(سَلمَة عَن الْفراء) فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الاَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النِّسَاء: 145) يُقَال: أَسْفَل درَجِ النَّار.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرَكُ: الطبقُ من أطباق جَهَنَّم.
ورُوِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: الدَّرَكُ الْأَسْفَل: توابيت من حَدِيد تُصَفَّدُ عَلَيْهِم فِي أَسْفَل النَّار.
وَقَالَ الْفراء: الدَّرَكُ، والدَّرْكُ: لُغَتَانِ، وجمعُه: أدْراكَ.
وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول للحبلِ الَّذِي يعلَّقُ فِي حلْقةِ الَّتصديرِ فيشدُّ بِهِ القَتَبُ: الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ.
وَيُقَال للحبلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ العَرَاقِي ثمَّ يشدُّ الرِّشاءُ فِيهِ، وَهُوَ مَثْنِيٌّ: الدَّرَكُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيّ: الدَّرَكُ: حبلٌ يُوَثِّقُ فِي طرفِ الحبلِ الْكَبِير ليكونَ هُوَ الَّذِي يَلِي الماءَ فَلَا يَعْفَنُ طرفُ الرِّشاءِ.
(قلتُ) : ودَرَكُ رِشاءِ السانيةِ: الَّذِي يُشَدُّ فِي قَتَبِ السَّانِيَةِ ثمَّ يشدُّ إِلَيْهِ طرفُ الرِّشاءِ ويَمُدُّهُ بَعِيرُ السانية.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرَكُ: إِدراكُ الحاجةِ ومطلبِهِ، يُقَال: بَكِّرْ فَفِيهِ دَرَكٌ.
قَالَ: والدَّرَكُ: اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ. وَمِنْه ضمانُ الدَّرَكِ فِي عُهدةِ البيع.
قَالَ: والدَّرَكَةُ حَلْقَةُ الوترِ الَّتِي تقعُ فِي الفُرْضَةِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: { (صَادِقِينَ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى السَّمَاواتِ والاَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} {يُبْعَثُونَ بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاَْخِرَةِ(10/65)
بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} (النَّمْل: 65، 66) قَرَأَ شيبةُ ونافعٌ (بَلِ ادَّارَكَ) وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَهِي قراءةُ مجاهدٍ، وَأبي جَعْفَر الْمدنِي (بَلْ أدْرَكَ) .
ورُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (بلَى أأدرك علمهمْ) يستفهمُ وَلَا يشدِّدُ، فَأَما قراءةُ من قَرَأَ (بَلِ ادَّارَكَ) فإِن الفرّاء قَالَ مَعْنَاهُ: لُغةً تداركَ أَي تتابعَ علمهمْ فِي الْآخِرَة يُريد بِعلم الْآخِرَة: تكونُ أَو لَا تكونُ، وَلذَلِك قَالَ: {الاَْخِرَةِ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا} (النَّمْل: 66) .
قَالَ وَهِي فِي قِرَاءَة أُبيَ (أمْ تَدَارَكَ) . وَالْعرب تجْعَل بلْ مَكَان أمْ، وأمْ مَكَان بل إِذا كَانَ فِي أوَّلِ الكلمةِ اسْتِفْهَام مثل قَول الشَّاعِر:
فواللَّهِ مَا أَدْرِي أسَلْمَى تَغَوَّلَتْ
أمِ النّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حبيبُ
معنى أَمْ بَلْ.
وَقَالَ أَبُو معَاذ النحويُّ من قَرَأَ (بَلْ أَدْرَكَ) وَمن قَرَأَ (بَلِ ادّارَكَ) فمعناهما وَاحِد، يَقُول: هم علماءُ فِي الْآخِرَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} (مَرْيَم: 38) . وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ السُّدِّي فِي تَفْسِيره قَالَ اجْتمع علمهمْ يَوْم الْقِيَامَة فَلم يشكّوا وَلم يَخْتَلِفُوا.
ورَوَى ابْن الفرجِ عَن أبي سعيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ أما أَنا فأقرأ (بلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرةِ) ، وَمَعْنَاهُ عِنْده أَنهم علمُوا فِي الْآخِرَة أَن الَّذِي كَانُوا يوعدونَ حقٌّ.
وَأنْشد الأخطل:
وأَدْرك عِلمي فِي سُوَاءَةَ أَنَّهَا
تُقيمُ على الأوْتار والمَشْربِ الكَدْرِ
أَي أحَاط علمي أَنَّهَا كَذَلِك.
قَالَ: والقولُ فِي تَفْسِير أَدْرَكَ وادّارَك، وَمعنى الْآيَة مَا قَالَه السُّدِّي، وَذهب إِلَيْهِ أَبُو معَاذ النحويُّ وَأَبُو سعيد الضريرُ، وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الفرَّاء فِي معنى تدارك أَي تتَابع علمهمْ بالحَدْسِ والظّنِّ فِي الآخرةِ أَنَّهَا تكون أَو لَا تكونُ لَيْسَ بالبَيِّن، إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن عِلمهم فِي الآخرةِ تواطأَ وحَقَّ حِين حقّتِ الْقِيَامَة وحُشِرُوا وَبَان لَهُم صدقُ مَا وُعِدُوا بِهِ حِين لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِك الْعلم ثمَّ قَالَ جلّ وعزّ: بل هم فِي شكّ من أَمر الْآخِرَة بل هم مِنْهَا عمون أَي جاهلون.
والشّكُّ فِي أَمر الْآخِرَة: كفرٌ.
وَقَالَ شمر فِي قَوْله: (بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرةِ) هَذِه الكلمةُ فِيهَا أشياءُ، وَذَلِكَ أنّا وجَدْنا الْفِعْل اللَّازِم والمتعدِّي فِيهَا فِي أفعل وتفاعَل وافتعل وَاحِدًا، وَذَلِكَ أَنَّك تَقول: أَدْرَكَ الشيءُ وأدركته، وتداركَ القومُ وادّارَكُوا وادّرَكُوا إِذا أدْرَكَ بَعضهم بَعْضًا.
وَيُقَال: تداركته وادّارَكْتُهُ وادّرَكْتُهُ. وَأنْشد:
... مَجُّ النّدَى المُتَدَارِكِ(10/66)
فَهَذَا لَازم. وَقَالَ زُهَيْر:
تداركْتُما عبْساً وذُبْيَانَ بَعْدَمَا
تفانَوْا ودَقُّوا بَينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
وَهَذَا واقعٌ. وَقَالَ الطِّرِمّاح:
فلمّا ادّرَكْنَاهُنّ أَبْدَيْنِ للهوى
وَهَذَا مُتَعَدَ.
وَقَالَ الله فِي اللَّازِم: {بَلِ ادّارَكَ عِلمُهم} (النَّمْل: 66) .
وَقَالَ شمر: سَمِعت عبد الصَّمد يحدِّثُ عَن الثّوْرِيِّ فِي قَوْله: {يُبْعَثُونَ بَلِ ادَارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الاَْخِرَةِ بَلْ هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ} (النَّمْل: 65) .
وَقَالَ مجاهدٌ: أمْ تواطأَ علمهمْ فِي الْآخِرَة.
(قلتُ) : وَهَذَا يُوَاطِىءُ قَول السُّدِّيِّ لأنّ معنى تواطأَ: تَحقَّق وتتابع بِالْحَقِّ حِين لَا يَنْفَعهُمْ، لَا على أَنه تواطأ بالحَدْسِ، كَمَا توهمه الفرّاء وَالله أعلم.
قَالَ شمر: ورُويِ لنا حرفٌ عَن ابْن المُظَفَّرِ، وَلم أسمعهُ لغيره، ذكَرَ أنهُ يُقَال: أَدْرَكَ الشيءُ إِذا فَنِيَ، وَإِن صحّ فَهُوَ فِي التَّأْوِيل: فَنِي علمهمْ فِي معرفَة الْآخِرَة.
(قلت) : وَهَذَا غير صحيحٍ وَلَا محفوظٍ عَنِ الْعَرَب، وَمَا علمت أحدا. قَالَ: أدركَ الشيءُ إِذا فنيَ وَلَا يُعَرَّجُ على هَذَا القَوْل، وَلَكِن يُقَال: أَدركَتِ الثِّمارُ إِذا انْتهى نضجها.
(قلت) : وأَما مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قرأَ (بلَى أأَدْرَك عِلمهمْ فِي الْآخِرَة) فإِنه إِن صَحَّ اسْتِفهَاٌ م بِمَعْنى الرَّدِّ ومعناهُ مَا أَدْرَكَ علمهمْ فِي الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك: روى شُعْبةُ عَن أبي حَمْزَة عَن ابْن عباسٍ فِي تَفْسِيره.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعَزَّ: {مُّبِينٍ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (الطّور: 39) لفْظُهُ لفظُ الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ رَدٌّ وتكذيبٌ.
وَقَول الله سُبْحَانَهُ {لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى} (طه: 77) أَي لَا تخَاف أَن يدركك فِرْعَوْن وَلَا تخشاه، وَمن قَرَأَ لَا تخف فَمَعْنَاه لَا تخف أَن يدركك وَلَا تخش الْغَرق، والدرَك اسْم من الْإِدْرَاك مثل اللحَق.
وَقَالَ اللَّيْث: المتداركُ من القوافي والحروف المتحركةِ: مَا اتفقَ مُتحرِّكانِ بعدهمَا سَاكنٌ مِثلُ (فَعُو) وأَشباه ذَلِك، والعربُ تَقول: غِلمانٌ مَدَاريكُ أَي بالغُونَ، جمعٌ مُدْركٍ.
ردك: أهمله اللَّيْث، وَقد جَاءَ فِيهِ شيءٌ مستعملٌ.
قَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: يُقَال: خَلْقٌ مَرَوْدَكٌ أَي حَسنٌ، وجاريةٌ مَرَوْدَكةٌ: حَسْنَاءُ.
(قلت) : ومَرَوْدكٌ إِن جُعلتِ الميمُ فِيهِ أَصلِيّةً فَهُوَ بِناءٌ على (فَعَوْلكٍ) وَإِن كَانَت(10/67)
الميمُ غير أَصلِيَّةٍ فإِني لَا أَعرفُ لَهُ فِي كَلَام العرَبِ نظيراً، وَقد جاءَ مَرْدكٌ فِي الأسماءِ، وَلَا أَدْري أَعَرَبيٌّ هُوَ أَمْ عَجَمِيٌّ.
ركد: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهى أَنْ يُبالَ فِي المَاء الرَّاكِدِ ثمَّ يُتوضَّأَ مِنْهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: الرَّاكد هُوَ الدَّائِم السَّاكِنُ الَّذِي لَا يجْرِي.
يُقَال: رَكَدَ الماءُ رُكُوداً إِذا سكَنَ.
(اللَّيْث) : رَكَدَتِ الرِّيحُ إِذا سَكنَتْ، فَهِيَ رَاكِدَةٌ.
قَالَ: ورَكَدَ الميزانُ إِذا اسْتَوَى. وَقَالَ الشَّاعِر:
وقَوَّمَ الميزانَ حينَ يَرْكُدُ
هَذَا سَميرِيٌّ وَذَا مُولّدُ
قَالَ: هما دِرْهَمَانِ:
قَالَ: ورَكدَ القومُ رُكوداً إِذا سَكَنوا وهَدأوا، وَقَالَ الطرماح:
لهَا كلَّمَا رِيعَتْ صَدَاةٌ ورَكْدَةٌ
بِمُصْدانَ أَعْلى ابنيْ شَمام البَوائن
والجَفْنةُ الرَّكودُ: الثقيلةُ المملوءة، وَقَالَ الراجز:
المُطْعِمينَ الجفْنَةَ الرَّكُودَا
ومَنَعوا الرَّيعانَة الرَّفُودَا
يَعني بالرَّيْعانَةِ الرّفُودِ: نَاقَةً فَتِيَّةً ترفدُ أَهلَهَا بكثرةِ لَبنِهَا.
ك د ل
كلد، كدل، لكد، لَدُكَّ، دكل، دلك: مستعملة.
كدل: أما كدل فإِنَّ اللَّيْث أهمله، ووجدْتُ أَنَا فِيهِ بَيتاً لِتَأَبَّطَ شَرّاً:
أَلاَ أَبْلِغَا سعدَ بنَ لَيْثٍ وجُنْدُعاً
وكَلْباً أَثيبُوا المَنَّ غيرَ المُكَدَّلِ
وَقيل فِي تَفْسِير المكدَّلِ أَنه بِمَعْنى المكَدَّرِ، وَالْقَصِيدَة لامِيةٌ.
لَدُكَّ: وَأما لَدُكَّ فَإِن اللَّيْث: زَعم أَن اللَّدَكَ: لزوقُ الشيءِ بالشَّيْء.
(قلت) : فإِن صَحّ مَا قالهُ فالأصْلُ فِيهِ: لَكِدَ أَي لصِقَ، ثمَّ قيل: لَدِكَ لَدَكاً، كَمَا قَالُوا: جَذَبَ وجَبَذَ.
دلك: قَالَ اللَّيْث يُقَال: دلكْتُ السُّنُبلَ حَتَّى انفرَك قشرُه عَن حَبِّهِ.
قَالَ: والدّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخذُ من الزُّبْدِ والبُرِّ شِبْهُ الثَّريدِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} (الْإِسْرَاء: 78) .
وَقَالَ الفراءُ: جاءَ عَن ابْن عَبَّاس فِي دُلُوكِ الشمسِ أنَّه زوالُهَا للظُّهرِ.
قَالَ: ورأَيتُ الْعَرَب يَذهبُونَ بالدُّلُوكِ إِلَى غِيابِ الشَّمْس، أَنشدني بَعضهم:
هَذَا مَقُامُ قَدميْ رَبَاحِ
ذَبّبَ حَتَّى دَلَكتْ بَرَاحِ(10/68)
يَعني الشَّمْس.
(قلت) : وَقد روينَا عَن ابْن مسعودٍ أَنه قَالَ: دُلُوكُ الشَّمْس: غروبُها.
وروى ابْن هانىءٍ عَن الْأَخْفَش أنهُ قَالَ: دُلُوكُ الشَّمس: مِن زَوَالهَا إِلَى غُرُوبهَا.
وَقَالَ أَبو إِسْحَاق: دُلُوكُ الشمْس: زَوالُهَا فِي وقتِ الظُّهرِ وَكَذَلِكَ مَيْلُهَا للغروبِ هُوَ دلُوكها أَيضاً.
يُقَال: قد دلكت بَرَاحِ وبِرَاحٍ أَي قد مَالَتْ للزوال حَتَّى صَار النَّاظر يحتاجُ إِذا تبصَّرها أَن يكسِر الشعاعَ عَن بصرهِ براحَتهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابنِ الْأَعرَابِي فِي قَوْله: دَلكَتْ بَرَاح أَي اسْتريح مِنْهَا.
(قلت) : وَالَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بالحقِّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ... الْآيَة أَنَّ دُلُوكَها: زَوَالُهَا نصفَ النَّهَارِ حَتَّى تكون الآيةُ مُنْتَظمةً للصَّلوات الخمسِ، الْمَعْنى، وَالله أَعْلم: أَقِمِ الصَّلاةَ يَا محمَّدُ أَي أدِمها فِي وَقت زَوَال الشَّمْس إِلَى غَسَقِ اللَّيْل، فيدْخُل فِيهَا صلاَتَا العَشيِّ، وهما الظُّهْرُ والعَصْرُ، وصلاتَا العِشَاء فِي غَسَقِ اللَّيْل فَهَذِهِ أربعُ صَلوَاتٍ، والخامسةُ قَوْله جلّ وعزّ: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} (الْإِسْرَاء: 78) ، أَيْ وأَقِمْ صلاَةَ الفَجْر فَهَذِه خَمْسُ صُلواتٍ فُرضتْ على مُحمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُمَّتِهِ. وَإِذا جعلْتَ الدُّلُوكَ غروبَ الشَّمْسِ كانَ الأمْرُ فِي هَذِه الآيةِ مَقْصُوراً على ثلاثِ صَلَوَاتٍ.
فإنْ قِيلَ فَمَا مَعْنى الدُّلُوكِ فِي كلامِ العَرَبِ؟ .
قيل: الدُّلوكُ: الزَّوَالُ، وَلذَلِك قيل لِلشَّمْسِ إِذا زَالَتْ نصفَ النَّهارِ: دَالِكَةٌ، وَقيل لَهَا إِذا أَفَلَتْ: دَالِكَةٌ لأنَّها فِي الحَالتَيْن زَائِلةٌ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَمَكَتِ الشمسُ، ودَلَكَت، وعلَتْ، واعْتَلَتْ، كلُّ هَذَا: ارْتفاعُهَا، وسُمِّيَ ارْتِفَاعُها دُلُوكاً لِزَوَالها عَن مطْلَعها، وَقيل لَهُ: دُمُوكٌ لِدَوَرَانِها.
وَفِي حَدِيث عمر أنَّه كَتَبَ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد أنّهُ بَلغني أنهُ أُعِدَّ لَك دَلُوكٌ عُجنَ بِالْخمرِ، وإنِّي أَظُنُّكُمْ آلَ المُغِيرة ذَرْوَ النَّارِ، والدَّلُوكُ: اسمُ الدّواءِ أَو الشَّيْء الَّذِي يُتَدَلَّكُ بِهِ كالسَّحُورِ لما يُتَسَحّرُ بِهِ، والفَطُورِ لما يُفْطَرُ عَلَيْهِ، وسُئلَ الحسنُ عَن الرَّجُل يُدَالِكُ أَهْلَهُ فقالَ: نعمْ إِذا كانَ مُلْفَجاً.
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: يُدَالكُ يَعْني المَطْلَ بالمهْرِ، وكلُّ مُماطِلٍ فَهُوَ مُدَالِكٌ.
وَقَالَ شمرٌ قَالَ الفَرّاءُ: المدَالِكُ: الَّذِي لَا يرفَعُ نَفْسَهُ عَن دَنِيَّةٍ وَهُوَ مُدْلِكٌ وهم يُفَسِّرونَه المَطُولَ. وَأنْشد:(10/69)
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ ولاَ تَبُصْنِي
وَدَالِكْني فإِنِّي ذُو دِلاَكِ
وَقَالَ بَعضهم: المُدَالكةُ: المصابَرَةُ، وَقَالَ بَعضهم: المدالكَةُ، الإِلحاحُ فِي التَّقاضي، وَكَذَلِكَ: المُعارَكةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّلُكُ: عُقلاءُ الرِّجال، وهمُ الحُنُكُ، ورجلٌ دَليكٌ حَنِيكٌ، قد مارَسَ الأمورَ وعرَفَها، وبَعِيرٌ مَدْلوكٌ إِذا عاوَدَ الأسْفارَ ومرنَ عَلَيْهَا، وقدْ دَلَكَتْهُ الأسفارُ. وَقَالَ الرَّاجزُ:
علِّ عَلاَوَاكَ على مَدْلوكِ
على رَجِيعِ سَفَرٍ مَنْهوكِ
وَيُقَال: فَرَسٌ مَدْلوكُ الحرْقَفَةِ إِذا كانَ مُسْتَوِياً.
كلد: قَالَ اللَّيْث: أَبُو كَلَدَةَ مِن كُنَى الضَّبع وَيُقَال: ذِيخٌ كالِدٌ أَي قديمٌ، والكَلَدَةُ: الأرْضُ الصُّلْبَةُ.
والعربُ تقولُ: ضَبُّ كَلَدَةٍ لِأَنَّهَا لَا تحفر جُحْرها إِلَّا فِي الأرْضِ الصُّلبَةِ.
دكل: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الدَّكَلةَ: القوْمُ الَّذين لَا يُجيبون السُّلطانَ من عزِّهم.
يُقَال: هُمْ يَتَدَكَّلون على السلطَان.
(أَبُو زيد) : تَدَكَّلْتُ عليهِ تَدَكُّلاً أَي تدَلَّلتُ، وَأنْشد:
عليَّ بالدّهْنَا تَدَكَّلِينَا
وَقَالَ ابْن أَحْمرَ:
أَقولُ لِكَنَّازٍ تَدَكِّلْ فإِنّهُ
أُباً لَا أَظُنُّ الضأْنَ مِنْهُ نواجِيَا
ويروى توكَّلْ ومعناهُما وَاحِد، وَأنْشد غَيره:
عليٌّ لَهُ فَضْلانِ فَضْلُ قَرَابةٍ
وفَضلٌ بِنَصْل السيْف والسُّمُر الدُّكْل
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الدُّكْلُ والدُّكْنُ: الرِّماحُ الَّتِي فِيهَا دُكْنَةٌ.
لكد: قَالَ اللَّيْث: الألْكَد: اللئيمُ المُلصَق بقَوْمه. وَأنْشد:
يُناسبُ أَقواماً لِيُحْسَبَ فيهمُ
ويَتركُ أَصلاً كانَ من جِذْمِ أَلْكَدَا
وإِذا أَكلَ الإنسانُ شَيْئا لزجاً فلزِجَ بشفتِهِ. قيل: لَكِدَ بِفيهِ أَي لصِقَ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَلَكَّدَ فلانٌ فلَانا إِذا اعْتنَقهُ تَلَكُّداً.
وَيُقَال: بَاتَ فلانٌ يُلاَكِدُ الغُلَّ ليلته أَي يُعانيهِ ويعالجه.
وَقَالَ أسامَةُ الهذليُّ يصفُ رَامِياً:
فمدَّ ذِرَاعيهِ وَأَجْنَأَ صُلبَهُ
وفَرَّجَها عَطْفَى مُمِرٌّ ملاكِدُ
وَيُقَال: لَكِدَ الوَسَخُ بيدهِ، ولَكِدَ شَعرهُ إِذا تَلَبَّدَ، ورجلٌ لَكِدٌ نَكِدٌ إِذا كَانَ لَحِزاً.
قَالَ صَخْرُ الغَيِّ:(10/70)
وَالله لَو أَسْمَمَتْ مَقَالتَهَا
شَيْخاً من الزُّبِّ رَأسُهُ لَبِدُ
لفاتَح البَيْعَ يَومَ رُؤيتهَا
وَكانَ قَبْلُ ابتِياعُهُ لَكِدُ
وَيُقَال: رأيتُ فلَانا مُلاكِداً فلَانا أَي مُلازماً.
ك د ن
كدن، كند، نكد، دكن، دنك: مستعملة:
دنك: أما دنك فَلم أجد فِيهِ غير الدَّوْنَك، وَهُوَ مَوضِع ذكره ابْن مقبل:
يَكادَانِ بَين الدَّوْنَكَيْنِ وأَلْوَةٍ
وذاتِ القَتَادِ السُّمْرِ ينسلخان
وَقَالَ الحطيئة:
أَدَارَ سُلَيْمَى بالدَّوَانِكِ فالعُرف
كدن: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكُدُونُ: الَّتِي تُوَطِّىُء بِهِ المرأَةُ لِنفسها فِي الهوْدَجِ.
قَالَ الْأَحْمَر: هِيَ الثيابُ الَّتِي تكونُ على الخُدورِ، وَاحِدها: كِدْنٌ.
وَقَالَ غَيرهمَا: الكُدُونُ واحدُها: كِدْنٌ، وهيَ عَباءَةٌ أَو قَطِيفَةٌ تُلْقيهِ المرأةُ على ظَهْرِ بَعيرها ثمَّ تَشُدُّ هَودَجَها عَلَيْهِ، وَتَثني طَرَفَيِ العباءَةِ من الشِّقيْنِ وتَخُلُّ مُؤخَّرَ الكدِنِ ومُقدَّمهُ، فيصيرُ مثلَ الخُرْجينِ، فَتلقى فِيهِ بُرْمتها وأَداتها مِمَّا تحْتَاج إِلَى حَمْلهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: امْرأَةٌ ذاتُ كِدْنةٍ أَي ذَاتُ لحمٍ.
(قلت) : ورجلٌ ذُو كِدْنةٍ إِذا كَانَ عَبْلاً سَميناً.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْدَنُ والكَوْدَنِيُّ: البَغْلُ.
قَالَ وَيُقَال لِلفيلِ أَيْضا: كَودَنٌ: وَأنْشد:
خَلِيليَّ عُوجَا من صُدورِ الكَوَادِنِ
إِلَى قَصْعةٍ فِيهَا عُيونُ الضَّيَاونِ
قَالَ: شَبَّهَ الثَّرِيدةَ الزُّرَيقَاء بِعيونِ السَّنانيرِ لما فِيهَا من الزّيْتِ.
(أَبُو عبيد) الكِدْيَوْنُ: دُرْدِيُّ الزّيْتِ.
وَقَالَ النَّابغَةُ يصفُ الدُّرُوعَ:
عُلِينَ بِكدْيوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً
فَهُنّ وِضَاءٌ صافِياتُ الغلائلِ
وصَفَ دُروعاً جُلِيَتْ بالكديَونِ والبعرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِدْيَوْنُ: دُقاقُ التُّرَابِ، ودقاقُ السِّرْقينِ يجلى بِهِ الدُّروعُ.
وَيُقَال: يُخلطُ بِهِ الزّيْتُ فَيسَمَّى كِدْيوناً، وَقَالَ الطرماح:
تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَونِ كَيْلاَ يفوتَني
من المقْلةِ البَيضاء تَقْريظُ باعِقِ
وَيُقَال لِلبِرْذَوُن الثَّقيلِ: كَوْدَنٌ، شُبِّهَ بالبَغْلِ.
(الحرّاني عَن ابْن السّكيت) : كَدِنَتْ مَشافِرُ الإبلِ، وكَتِنَتْ إِذا رعَتِ العُشبَ فاسودّتْ مشافرُهَا من مائهِ وغَلُظَتْ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : إِذا كثر شَحم(10/71)
الناقةِ ولحمها فَهِيَ المكدَنَة، والكدنة: الشحمُ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب قَالَ أَبو عَمْرو: الكَدَنُ أنْ تُنْزَحَ البئرُ فَيْبقى الكَدَرُ فَذَلِك الكَدَنُ.
يُقَال: أَدْرِكُوا كَدَنَ مائكم أَي كَدَرَهُ.
وَيُقَال: كَدِنَ الصِّلِّيَانُ إِذا رُعِيَ فُرُوعُهُ وبَقيَتْ أصولُه.
(قلت) : الكَدَنُ، والكَدَرُ، والكَدَلُ: وَاحِدٌ.
كند: قَالَ الله جلّ وَعز: {جَمْعاً إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ} (العاديات: 6) .
قَالَ الفراءُ قَالَ الكلبيُّ: لكَنُودٌ: لكَفُورٌ بالنعمةِ.
وَقَالَ الحَسنُ: {جَمْعاً إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ} (العاديات: 6) قَالَ: لوَّامٌ لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصائبَ ويَنسى النِّعَمَ.
وَقَالَ الزّجاج: لكنودٌ مَعْنَاهُ: لكفُورٌ يَعْنِي بذلك الكافِرَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : امرأَةٌ كُنُدٌ وكَنُودٌ أَي كَفُورٌ للمواصَلةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَنَدَ يَكْنُدُ كُنوداً.
وَقَالَ النّمِرُ بن تَولَبٍ يَصِفُ امرأَةً كَفَرت مودّتَه إِيّاها:
كَنُودٌ لَا تمنُّ وَلَا تُفادِي
إِذا عَلِقَتْ حَبائلُها بِرَهْنِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: كَنُودٌ: كَفورٌ لِلموَدّةِ.
نكد: قَالَ اللَّيْث: النَّكَدُ: الشُّؤمُ واللؤمُ، وكلُّ شيءٍ جَرَّ على صَاحبه شرّاً فَهُوَ نَكَدٌ، وَصَاحبه: أَنكد نكِدٌ، والنكدُ: قِلّةُ الْعَطاء وَألا يهنأَه من يعطاه وَأنْشد:
وأعْطِ مَا أعطيتَه طيِّباً
لَا خَيرَ فِي الْمَنْكُودِ والناكدِ
وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَالَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا} (الْأَعْرَاف: 58) قرأَ أهلُ الْمَدِينَة (نَكَداً) بفتْح الْكَاف. وقرأَتِ العامةُ (نَكِداً) ، قَالَ ذَلِك الفرّاءُ.
وَقَالَ الزَّجاجُ: وَفِيه وجهانِ آخرَانِ لم يُقرأْ بهما: نَكْداً، ونُكْداً.
وَقَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: لَا يخرج إلاّ فِي نَكَدٍ وَشِدَّةٍ.
وَيُقَال: عطَاءٌ مَنْكُودٌ أَي نَزْرٌ قليلٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : النُّكْدُ: النوقُ: الغزيراتُ اللبنِ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: النُّكْدُ: الَّتِي لَا يبْقى لَهَا ولد. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَوَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُهَا
وَلَمَ يَكُ فِي النُّكْد المَقَالِيتِ مَشْخَبُ
وَقَالَ بَعضهم: النكْدُ: النُّوقُ الَّتِي مَاتَت أولادُها فَغَزُرَتْ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَلَمْ تَبْضِضِ النُّكْدُ لِلْجَاشِرِينَ
وَأَنْفَدَتِ النملُ مَا تَنْقُلُ
وَأنْشد:(10/72)
وَلم أرَأم الضيمَ اختتَاءً وَذلة
كَمَا شمت النَّكداء بوًّا مُجلدا
النكداء: تَأْنِيث أنكد، ونكِد، وَالْأُنْثَى: نكداء وَيُقَال للناقة الَّتِي مَاتَ وَلَدهَا: نكداء، وَإِيَّاهَا عَنى الشَّاعِر.
وَيُقَال: نُكِدَ الرجلُ فَهُوَ منكودٌ إِذا كثر سؤالُه وقلَّ خَيره.
دكن: قَالَ اللَّيْث: الدُّكْنَةُ: لون الأدْكن كلون الخزِّ الَّذِي يضربُ إِلَى الغُبْرة بَين الْحمرَة والسواد. والنعتُ: أدكَنُ، وَالْفِعْل دَكِن يدكَنُ دَكَناً.
قَالَ: والدُّكّانُ: فُعَّالٌ، والفعلُ التَّدكينُ.
وَقَالَ غَيره: ثَرِيدَةٌ دَكْناءُ، وَهِي الَّتِي عَلَيْهَا من الأبزارِ مَا دَكَّنها من الفُلفُل وَغَيره.
ك د ف
اسْتعْمل من وجوهه: كدف، فدك.
كدف: أهمله اللَّيْث. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : سمعنَا: كَدَفَتهم، وجَدَفَتهم، وهَدَفَتَهم، وحَشَكَتهم، وهَدَأَتهُم، ووبدهم، وأوبدهم، وأَزَّهْم وأَزِيزهم، وَهُوَ الصوتُ تسمعُه مِن غير مُعاينةٍ.
فدك: فَدَكُ: قريةٌ بِنَاحِيَة الْحجاز ذَات عين فوَّارة ونخيل كَثِيرَة، أفاءَها الله جلّ وَعز على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عليٌّ وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بعد وفاتِه يتنازعانها، وسلَّمها عمر إِلَيْهِمَا فَذكر عليٌّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جعَلها فِي حياتِه لفاطمة رَضِي الله عَنْهَا، وَكَانَ العباسُ يَأْبَى ذَلِك.
وَقَالَ ابْن دُريد: فَدَّكْتُ القطنَ تفديكاً إِذا نَفَشْتَه.
قَالَ: وَهِي لُغةٌ أَزْدِيّةٌ. وفُدَيْكٌ اسْم عَرَبِيّ.
والفُدَيْكاتُ قومٌ من الْخَوَارِج نُسِبُوا إِلَى أبي فْدَيْكٍ الخارجيّ.
ك د ب
كدب، كبد، دكب: مستعملة.
كدب: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: المَكْدُوبة من النِّسَاء: النقيّة البياضِ.
وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن قراءةِ من قرأَ: (بِدَم كدب) (يُوسُف: 18) بالدَّال فَقَالَ: إِن قَرَأَ بِهِ قارىء فَلهُ مَخْرجٌ، قيل لَهُ فَمَا هُوَ فَلهُ إِمَام فَقَالَ: الدَّمُ الكَدِبُ: الَّذِي يضرِب إِلَى الْبيَاض مأخوذٌ منْ كَدَبِ الظُّفْرِ وَهُوَ وبَشُ بياضِه.
دكب: والمَدْكُوبةُ: المعضوضة مِن القِتال.
كبد: قَالَ اللَّيْث: الكبِدُ: معروفةٌ، وموضِعها من ظَاهر يسمّى كَبِداً، وَفِي الحَدِيث: (وضَعَ يدَه على كبِدِي) وَإِنَّمَا وضعَها على جنبه مِن الظَّاهِر.
قَالَ: والأكْبَدُ: الناهدُ موضعِ الكبِدِ.
قَالَ رؤبة:(10/73)
أَكْبَدَ زَفَّاراً يَمُدُّ الأنسُعَا
يصفُ جَمَلاً مُنتَفِخَ الخواصِرِ.
قَالَ: وكبِدُ القوْس: فوَيقَ مَقْبِضِها حَيْثُ يقعُ السهْم، يُقَال: ضَعِ السهمَ على كبدِ القوْس.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي الْقوس: كَبِدُها، وَهُوَ مَا بينَ طرَفي العلاقة، ثمَّ الكُلية تَلِي ذَلِك، ثمَّ الأبهرُ يَلِي ذَلِك، ثمّ الطَّائِف، ثمَّ السِّيَةُ وَهُوَ مَا عُطِفَ من طرَفيها.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (وتُلْقِي الأرضُ أَفلاذَ كبِدِها) أَي تُلقِي مَا دُفِنَ فِي بَطنهَا مِن الْكُنُوز، وقيلَ إِنَّهَا ترمي مَا فِي بَطنهَا مِن معادن الذهبِ والفِضَّة.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كبَدْتُه أَكْبِدُه، وكلَيتُهُ أَكْلِيه إِذا أَصَبتَ كبِدَه وكُليته.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أضَرَّ الماءُ بالكبد، قيل: كَبَدَه، والكُبَاد: داءٌ يَأْخُذ فِي الكَبِدِ، وَالْعرب تؤنِّث الكبدَ وتُذَكِّرُه، قَالَ ذَلِك الْفراء وَغَيره.
اللِّحيانيُّ: هُوَ الْهَوَاء واللُّوحُ والسُّكَاك والكَبِدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَبِدُ السَّمَاء: مَا استقبلك مِن وسَطها.
يُقَال: حَلَّقَ الطَّائِر حَتَّى صَار فِي كبدِ السَّمَاء وكُبَيْداء السَّمَاء، إِذا صَغَّرُوا جعلوها كالنَّعْتِ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سُويداء الْقلب، وهما نادِرتان حُفِظتا عَن الْعَرَب هَكَذَا قَالَ: وكبدُ كل شَيْء: وسَطُه.
يُقَال: انتزعَ سَهْما فَوَضعه فِي كبدِ القِرْطاس، وقوْسٌ كَبْدَاءُ: غَلِيظَة الكبِد شديدتُها.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {) وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ} (الْبَلَد: 4) .
قَالَ الفرَّاء يَقُول: خَلَقْناهُ مُنْتَصباً معتدلاً، وَيُقَال فِي كَبَدٍ: أنّه خُلِقَ يُعَالِجُ ويُكابِدُ أمرَ الدُّنْيا وَأمر الآخرةِ.
وَقَالَ المنذِري: سمعتُ أَبا طالبٍ يَقُول: الكَبَدُ: الاسْتواءُ والاستقامة، والكَبَدُ أَيْضا: الشِّدَّةُ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: تَعَالَى: {) وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ} : هَذَا جَوَاب القَسَم، الْمَعْنى: أُقْسِمُ بِهَذِهِ الأشْياءِ: {لَقَدْ خَلقْنَا الإنسانَ فِي كَبَدٍ: يُكَابِدُ أَمرهُ فِي الدُّنيا والآخرَةِ.
قَالَ وَقيل: كَبَدٍ أَي خُلق الإنسانُ فِي بَطْنِ أُمهِ ورَأْسه قِبَلَ رَأسهَا فإِذا أَرَادتْ أمُّهُ الْولادَة انْقَلب الرأسُ إِلَى أَسفلَ.
(قلت) : ومُكابَدَةُ الْأَمر: مُعاناته ومشقته.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجل يُكابِدُ الليلَ إِذا ركبَ هَوْلهُ وصُعوبته.
وَيُقَال: كابَدْتُ ظُلْمة هَذِه الليْلةِ بكابِدٍ شديدٍ أَي بمكابَدَةٍ شديدةٍ. وَأنْشد:(10/74)
وَليْلَةٍ مِنَ اللَّيَالي مَرَّتِ
بِكابِدٍ كابَدْتُها فجرَّتِ
أَي طَالَتْ. وَقَالَ لبيد:
عَيْنُ هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذ قُمْ
نَا وقامَ الخُصومُ فِي كَبَدِ
أَي فِي شدَّةٍ وَعَنَاءٍ، واللَّبنُ المُتَكَبِّدُ: الَّذِي يخثُرُ حَتَّى يصير كَأَنَّهُ كَبِدٌ يَترجْرَجٌ.
(أَبُو عبيد) : يُقَال للأعداءِ: همْ سودُ الأَكْبَادِ، كأنَّ العَداوةَ أَحْرقَتْ أَكْبادَهُمْ فاسْودَّتْ، والكَبِدُ: معدِنُ العَدَاوةِ، ورمْلة كَبْدَاءُ: عظيمةٌ الوَسطِ، وَنَاقَةٌ كَبْدَاءُ: كذلِكَ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوى وَطْأَةٍ دهْماءَ من غيرِ جَعْدةٍ
ثَنى أخْتَها فِي غَرْزِ كَبْدَاءَ ضَامرِ
وَيُقَال: تَكَبَّدْتُ الأمرَ أَي قَصَدْته وَأنْشد:
يرومُ البلاَدَ أَيُّها يَتَكَبَّدُ
وتَكَبَّدَ الفلاةَ إِذا قصد وسطَها ومُعْظَمها. والكَبْدَاءُ: الرَّحَا الَّتِي تُداَرُ باليدِ، سُمِّيتْ كَبْدَاءَ لما فِي إِدارَتِها من المشقَّة، وَأنْشد:
بُدِّلْتُ من وَصْلِ الحِسانِ البيضِ
كَبْدَاءَ مِلْحاحاً عَلَى الرَّضِيضِ
تخلأُ إلاَ فِي يَدِ القبيضِ
أَي فِي يدِ رجلٍ قبيضِ اليدِ أيْ خفِيفها وَقَالَ:
بِئْسَ طعامُ الصِّبْيةِ السَّوَاغِبِ
كَبْدَاءُ جاءَت من ذُرَى كُواكِبِ
وكواكِبُ: جبَلٌ معروفٌ بالبَادِيةِ.
ك د م
كَدم، كمد، دكم، مكد، دمك مدك: مستعملة.
كَدم: قَالَ اللَّيْث: الكَدْمُ: العَضُّ بأَدنى الفمِ، كَمَا يَكْدُمُ الحمارُ، وَيُقَال للدَّوَابِّ إِذا لم تَسْتمكنْ من الحشيشِ: إنَّها لتكادمُ الحشيشَ، والكدْمُ: اسْم أَثرِ الكَدْمِ.
يُقَال: بهِ كُدُومٌ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: نعجة كَدِمَةٌ: غَلِيظَة كَثِيرَة اللَّحْم، وَقَول رؤبة:
كأنّه شَلاّلُ عاناتٍ كُدُمْ
قَالَ: حمَار كَدِمٌ: غليظ شَدِيد، والجميع: كُدُم، وفَنِيق مُكْدَم: غليظ وقَدَح مُكْدَم: غليظ، وأسير مُكْدم: مشدود بالصِّفادِ، وكدَمت الصيدَ أَي طردته.
والعربُ تَقول: بَقِيَ من مَرْعانَا كُدَامةٌ أَي بَقيَّةٌ تَكْدِمها المَال بأَسْنانِها وَلَا تشبعُ مِنْهُ.
ورجلٌ مُكَدَّمٌ إِذا لقيَ قتالاً فأَثَّرَت فِيهِ الجِراحُ، وفحلٌ مُكَدَّمٌ، ومُكْدَمٌ إِذا كَانَ قويّاً، قد نُيِّبَ فِيهِ.
(اللِّحْيانيُّ) : أُكْدِمَ الأسيرُ إِذا استُوثِقَ مِنْهُ، وَيُقَال للرجلِ إِذا طلب حَاجَة لَا يُطلب مثُلها: لقد كَدَمْت فِي غير مَكْدَمٍ. والكَدْم: التمشُّش والتعرُّق.
(أَبُو زيد) : يُقَال: كَدَمْتَ غيرَ مَكْدَمٍ أَي(10/75)
طلبت غيرَ مطلبٍ.
(ابْن السّكيت) : يُقَال: مَا بالبَعيرِ كَدْمةٌ إِذا لم يَكن بِهِ أُثْرةٌ وَلَا وَسْمٌ، والأثرةُ: أَن يُسْحَى باطِنُ الخُفِّ بحدِيدةٍ.
كمد: قَالَ اللَّيْث: الكَمَدُ والكُمْدةُ: تَغيُّر لونٍ يبْقى أثرُه وَيَزُول صفاؤه.
وَيُقَال: أكْمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إِذا لم يُنَقِّ غَسلَه.
والكَمَدُ: حُزنٌ وهمٌّ لَا يُسْتَطَاع إمْضاؤُهُ.
(غيرُه) : كَمِدَ لونَه إِذا تغيرَ، ورأيتُه كامِد اللَّوْن.
وكمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إِذا دَقَّهُ، وَهُوَ كمادُ الثَّوْب.
وَيُقَال: كَمَدْتُ فلَانا إِذا أَخذه وجَعٌ فِي بعض أعضائِه فسخّنْتَ لَهُ ثوبا أَو حَجراً وتابعتَ وضعَه عَلَى موضعِ الوجع فيستريح إِلَيْهِ، وَهُوَ التكمِيدُ والكِمادُ.
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: الكِمَادُ مَكَان الكيِّ، والسَّعُوطُ مَكَان النَّفْخِ، واللَّدُودُ مَكَان الغَمْزِ.
وَقَالَ شمرٌ: الكِمادُ: أَن يؤخذَ خِرقةٌ فَتُحْمَى بالنَّار وتوضعَ على موضعِ الورم، وَهُوَ كيٌّ مِن غير إِحراق.
وَقَول عَائِشَة: السَّعوطُ مَكَان النفخ، هُوَ أَن يَشْتَكِيَ الحلْقَ فيُنفخَ فِيهِ فَقَالَت: السعوط: خيرٌ مِنْهُ.
وَقيل: النّفْخُ: دواءٌ ينفخُ بالقَصَبِ فِي الأنفِ، وَقَوْلها: اللّدُودُ مَكَان الغمز، هُوَ أَن تسقطَ اللَّهاةُ فتُغمزَ بِالْيَدِ، فَقَالَت: اللدودُ: خيرٌ مِنْهُ وَلَا تُغْمز بِالْيَدِ.
دكم: قَالَ اللَّيْث: الدَّكْم: دَقُّ شيءٍ بعضه على بعض، يُقَال: دَكَم يَدْكُمُ دَكْماً.
وَقَالَ غَيره: دَكمهُ دَكْماً، ودَقَمه دْقماً إِذا دَفَع فِي صَدره، وانْدَكَم علينا فلانٌ واندقَم إِذا انقَحَم، ورأيتهم يَتَدَاكَمُونَ، أَي يتدافعون.
دمك: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الدَّمُوكُ: البَكْرَةُ السريعة المرِّ، وَكَذَلِكَ: كلُّ شَيْء سريع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للأرْنب السريعة العَدْوِ: دَمُوكٌ.
قَالَ: والدَّمُوكُ: أعظم مِن البَكْرة يُسْتقى عَلَيْهَا بالسّانية.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّمكْمَك: الرجُل الشَّديد القويُّ.
(أَبُو عَمْرو) : الدَّمِيكُ: الثَّلْجُ، وَيُقَال لِزَوْرِ النَّاقة: دَامِكٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَزَوْراً ترَى فِي مِرْفَقَيْهِ تجَانفاً
نَبِيلاً كَبَيْتِ الصَّيْدَنَانيِّ دَامِكَا(10/76)
وَقَالَ أَبُو زيد: دمَك الرجلُ فِي مشيهِ إِذا أسرَع، ودَمَكَتِ الإبلُ ليلَتَها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : السَّافُ فِي الْبناء: كلُّ صَفَ من اللّبِن، وَأهل الْحجاز يسمونه المِدْماكَ.
وَقَالَ شُجَاع: دَمَكَتِ الشمسُ فِي الجو ودَلَكَتْ إِذا ارتفعتْ.
ورُوَى سُفْيَان عَن عمروٍ عَن مُحَمَّد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ بِنَاء الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة مِدْماكَ حجارةٍ ومِدْماكَ عِيدانٍ من سفينة انكسَرَتْ.
وَيُقَال: أَقمت عِنْده شهرا دَمِيكاً أَي شهرا تامّاً قَالَ كَعْب:
دَابَ شهرينِ ثمَّ شهرا دَمِيكا
مكد: قَالَ اللَّيْث: مَكَدَتِ الناقةُ إِذا نقَصَ لبنُها من طول العَهْد، وَأنْشد:
قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ
حتَّى الجلاَدُ دَرُّهُنَّ مَاكِدُ
وَقَالَ بعض الْعَرَب فِي صفة عَجُوز: مَا ثَدْيُها بناهِدٍ، وَلَا دَرُّها بماكدٍ، ولافُوها ببارِدٍ.
وروى الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: ناقةٌ مَكُودٌ إِذا دامَ غَزُرُها، ونُوقٌ مكائِدُ، وَأنْشد:
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ
فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ
وناقةٌ بْرِعِيسٌ إِذا كَانَت غزِيرة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مِثل قَوْله فِي المَكُودِ.
(قلت) : وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لَا مَا قَالَه اللَّيْث، وإنَّما احتجَّ اللَّيْث بقول الراجز:
حَتَّى الجِلاَد دَرُّهُنَّ ماكِدُ
فَظن أَنه بِمَعْنى الناقصِ وَهُوَ غلطٌ، وَالْمعْنَى حَتَّى الجِلاَد اللواتي دَرُّهُنَّ ماكِدٌ أَي دائمٌ قد حاردْنَ أَيْضا، والجِلاَدُ: أدْسَمُ الإبلِ لَبَنًا وَلَيْسَت فِي الغَزارة كالخُورِ لَكِنَّهَا دائمة الدَّرِّ، واحدتُها: جَلْدَةٌ، والخورُ فِي ألبانِهنّ رِقةٌ مَعَ الكثرةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : مكَدَ فلانٌ بالمكانِ يمكُدُ مُكوداً إِذا أَقام بِهِ، وثَكِمَ يَثْكَم: مِثْلُه، ورَكَدَ ركوداً.
وَقَالَ الساجع: مَا دَرُّها بماكِد أَي مَا لبنُها بدائمٍ، وَمثل هَذَا التَّفْسِير الْمحَال الَّذِي فسَّرَه اللَّيْث فِي مكدَتِ الناقةُ مِمَّا يجب على ذوِي الْمعرفَة تَنْبِيه طَلَبَة هَذَا الْبَاب من علم اللُّغَة لِئَلَّا يتعثّر فِيهِ ذَوُو الغباوة تقليداً لِليثِ.
مدك: المَدَاكُ: الصَّلاَية، أَحْسِبه مَفْعَلاً من الدَّوْكِ وَهُوَ الدّقُّ.(10/77)
(أَبْوَاب الْكَاف وَالتَّاء)
ك ت ظ ك ت ذ ك ت ث:
أهملت وجوهها.
ك ت ر
كتر، كرت، ترك، رتك، تكر: (مستعملة) .
كتر: (أَبُو عبيد) : الكَتْرُ، والكتَرُ: السَّنام الْعَظِيم.
وَيُقَال: الكَتْرُ: بناءٌ مثل القُبَّةِ، شُبِّه السَنَامُ بهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَتْرُ: جَوْزُ كل شَيْء أَي أوْسَطُه، وأصلُ السنامِ: كترٌ، يُقَال للجمل الجسيم: إِنه لعَظيم الكتر، ويُقال للرجلِ: إِنه لرفيع الكِتْرِ فِي الحسبِ ونحوِه.
وَقَالَ عَلْقَمَة بن عَبَدَةَ يصف نَاقَة:
قَدْ عُرِّيَتْ حِقْبَةً حَتى اسْتَطَفَّ لَهَا
كِتْرٌ كحَافَةِ عُسِّ القيْنِ مَلمومُ
اسْتَطفَّ: أشرَفَ وأمكنَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكترَة: القِطعة مِنَ السنَام، والكترَة: القبّة.
تكر: قَالَ اللَّيْث: التكرِيُّ: الْقَائِد من قواد السِّند، والجميعُ: التّكاكرة.
وَأنْشد:
لقد عَلمتْ تَكاكِرَةُ ابْن تيرى
غداةَ البُدِّ أنِّي هِبرِزيُّ
ترك: قَالَ اللَّيْث: التَّرْكُ: ودْعُكَ شَيْئا تترُكه تركا.
وَقَالَ غَيره: التَّرْكُ: الإِبقاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: هُمُ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى} (الصافات: 78) أَي أبقينا عَلَيْهِ ذكرا حسنا.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرْكُ: الجَعْلُ فِي بعض الْكَلَام، تَقول: تركتُ الحبلَ شَدِيدا، أَي جعلتهُ شَدِيدا.
قَالَ والتَّرْكُ: ضربٌ من البَيْضِ مستديرٌ شبيهٌ بالتُرْكةِ والتَّرِيكَةِ، وَهِي بيضُ النّعامِ المُنْفَرِدُ. وَأنْشد:
مَا هاجَ هَذَا القلبَ إِلا تركةٌ
زهراءُ أخرجهَا خَرُوجٌ مِنْفَجُ
(أَبُو عبيد) : التَّرْكُ: البَيْضُ للرأسِ، واحدته: تركةٌ. وَقَالَ لبيد:
قُرْدُ مانيًّا وتركاً كالبصلْ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التُّرْكُ: جماعةُ البَيْض وإِنما هِيَ سَفِيفةٌ وَاحِدَة وَهِي البَصَلةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تَرِكَ الرجلُ إِذا تزوَّج بالتَّرِيكَةِ، وَهِي العانسُ فِي بيتِ أبَوَيْهَا.
(أَبُو زيد) : امرأةٌ تَرِيكَةٌ، وَهِي الَّتِي تُتركُ فَلَا تتزوَّج.
رتك: (أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : الرَّاتِكَةُ من النُّوقِ: الَّتِي تمشي وكأنَّ برجليها قيدا وتضرب بِيَدَيْهَا.(10/78)
وَقَالَ اللَّيْث: رَتَكَ الْبَعِير رَتَكاناً، وَهُوَ مشيٌ فِيهِ اهتزاز.
وَقَالَ غَيره: رَتَكَ البعيرُ رَتْكاً ورَتَكاناً، وأَرْتَكْتُهُ أَنا إِرْتَاكاً إِذا حَمَلتَهُ على السّير السَّرِيع.
وَيُقَال: أَرْتكْتُ الضَّحِكَ وأَرْتَأْتُهُ إِذا ضحِكْتَ ضِحْكاً فِي فُتورٍ.
كرت: أَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: حولٌ كَرِيتٌ وقَمِيطٌ ومُجَرَّمٌ وجرَيمٌ أَي تامُّ العددِ. وتَكْرِيتُ: موضعٌ معروفٌ.
ك ت ل
كتل، كلت، تكل: (مستعملة) .
كتل: قَالَ اللَّيْث: الكُتْلَةُ: أعظم من الجُمْزة، وَهِي قطعةٌ من كَنِيز التّمْرِ. وَأنْشد ابْن السّكيت:
وبالغَدَاةِ كتَلَ البَرْنِجِّ
أَرَادَ البَرْنيّ.
قَالَ اللَّيْث: والأكْتَلُ من أسماءِ الشَّدِيدَة من شدائدِ الدَّهْر، واشتقاقه من الكَتَالِ، وَهُوَ سُوءُ الْعَيْش وضِيقُهُ. وَأنْشد:
إِن بهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزَامَا
خُوَيْرِبَانِ يَنْقُفَانِ الْهاما
قَالَ ورِزامُ: اسمٌ للشديدة.
(قلت) : غَلِطَ اللَّيْث فِي تَفْسِير أكْتَلَ ورِزَاماً مَعًا، وليسَا من أَسمَاء الشدائد إِنَّمَا هما اسْما لِصَّيْنِ من لصوص الْبَادِيَة، أَلا ترَاهُ يَقُول: هما خُوَيْرِبَانِ.
يُقَال: لصٌّ خاربٌ، ويُصَغَّرُ فيقالُ خَوَيْرِبٌ.
ورَوَى سَلمَة عَن الْفراء أَنه أنْشدهُ:
إِن بهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزَاما
خُوَيْرِبان ينْقُفَان الْهاما
قَالَ الْفراء: أَو هَا هُنَا بِمَعْنى واوِ الْعَطف أَرَادَ: إِنَّ بهَا أَكْتَلَ ورِزاماً، وهما خاربان.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الكَتَالُ: القُوَّةُ، والكَتَالُ: اللَّحْم، والكَتَالُ: الحاجةُ تقضيها، والكَتالُ: كل مَا أصلحت من طعامٍ أَو كسوةٍ، وَألقى عَلَيْهِ كتالَه، أَي ثِقْلَه. وَأنْشد غَيره:
ولستُ براحلٍ أبدا إِلَيْهِم
وَلَو عالجتُ من وَبَدٍ كَتاَلاَ
أَي مؤونة وثقلا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَرّ فلانٌ يتكَرَّى ويتكَتَّلُ، ويتقلّى إِذا مَرْ مرّاً سَرِيعا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّأس المُكَتَّلُ: المجمَّعُ المُدَوَّرُ.
وَيُقَال: رجلٌ مُكَتَّلُ الخَلْقِ إِذا كانَ مُداخَلَ الْبدن إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ، وفلانٌ يَتَكَتّلُ فِي مشيهِ إِذا قاربَ خطوَه كَأَنَّهُ يتدحرجُ.
والمِكْتَلُ: الزَّبِيلُ يحمل فِيهِ التَّمْر وَغَيره.(10/79)
وَفِي حَدِيث سعد: (مِكتَلُ عُرَّةٍ: مِكتَل بُرَ) .
(ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو) : الكَتِيلةُ بلغَة طَيِّىءٍ: النخلةُ الَّتِي فَاتَت الْيَد، وَجَمعهَا كَتَائلُ. وَأنْشد:
قد أبصرَتْ سلمى بهَا كَتائِلي
مثلَ العذارَى الحُسَّر العطابلِ
طويلةَ الأقْنَاءِ والعَثاكل
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَتِيلةُ: النَّخْلَة الطَّوِيلَة، وَهِي العُلْبَة، والعَوَانَةُ، والقِرْوَاحُ.
وَقَالَ النَّضر: كُتُولُ الأرْضِ: فنَاديرُها وَهِي مَا أشرف مِنْهَا. وَأنْشد:
وتَيْماء تمسى الرِّيح فِيهَا رَدِيّةً
مريضةَ لون الأَرْض طُلسْاً كُتولُها
وَيُقَال: كَتِنَتْ جحافلُ الخيلِ من العشبِ وكَتِلَتْ بالنُّون وَاللَّام إِذا لزِجتْ ولَكِدَ بِهَا ماؤُهُ فتلبد.
وَقَالَ ابْن مقبل:
والعَيْرُ يَنْفُخُ فِي المَكْنَانِ قد كَتِنَتْ
مِنْهُ جَحافِلُهُ والعِضْرِسِ الثَّجِرِ
وَيُقَال للحمار إِذا تمرَّغ فلزق بِهِ التُّرَاب: قد كَتِلَ جلدُه. وَقَالَ الراجز:
تشربُ منهُ نَهَلاتٍ وتعِلْ
وَفِي مراغٍ جلْدُها مِنْهُ كَتِلْ
وَمن الْعَرَب من يَقُول: كاتَلَهُ اللَّهُ بِمَعْنى قاتلهُ اللَّهُ.
كلت: قَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الثَّعْلَبِيّ يَقُول: فَرَسٌ فُلَّتٌ كُلَّتٌ. وفُلَتٌ كُلَتٌ إِذا كَانَ سَرِيعا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : إِنَّهُ لكُلَتَةٌ فُلَتَةٌ كُفَتَةٌ أَي يثبُ جَمِيعًا فَلَا يُستمكنُ مِنْهُ لِاجْتِمَاع وثبتِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثعلبٍ عَن سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: خذْ هَذَا الإِناءَ فاقْمَعْهُ فِي فَمه ثمَّ اكلِته فِي فيهِ فَإِنَّهُ يكْتَلِتُهُ، وَذَلِكَ أَنه وصف رجلا بشرْبِ النَّبِيذ يكلِته كلْتاً ويكْتَلِتهُ، والكالتُ: الصابُّ، والمُكْتَلِتُ: الشَّاربُ.
وَسمعت أَعرابيّاً يَقُول: أَخذتُ قَدَحاً مِنْ لبنٍ فكلتُّه فِي قَدَح آخر.
قَالَ ثعلبٌ: وأنشدنا ابْن الْأَعرَابِي:
وصاحبٍ صاحَبْتهُ زِمِّيتِ
مُنْصَلِتٍ بالقَوْم كالكلِّيتِ
قَالَ: الكِلِّيتُ: حجر مستطيلٌ كالبِرْطيِل يسترُ بِهِ وجارُ الضَّبع.
قَالَ: والكُلْتَةُ: النَّصِيب مِن الطَّعَام وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو محجن وَغَيره من الْأَعْرَاب: صَلَتُّ الفَرَسَ وكلَتُّه إِذا رَكضته.
قَالَ: وصببتهُ: مِثله، ورجلٌ مِصْلَتٌ مِكلَتٌ إِذا كَانَ مَاضِيا فِي الْأُمُور.(10/80)
تكل: (ابْن السّكيت) : رجل وُكلَةٌ تكلَةٌ إِذا كَانَ عَاجِزا يكلُ أمره إِلَى غَيره ويتكلُ (قلت) : وَالتَّاء فِي تكلة أَصْلهَا: الواوُ قلبت تَاء، وَكَذَلِكَ التُّكلان أَصْلهُ: وُكْلاَنٌ وَكَذَلِكَ تُراثٌ أَصلهُ: وُرَاتٌ.
ك ت ن
كتن، كنت، نكت، نتك، (تكن) : (مستعملة) .
كتن: قَالَ اللَّيْث: الكَتَنُ: لَطْخُ الدُّخانِ بِالْبَيْتِ، والسَّوادِ بالشَّفة وَنَحْوه.
وَيُقَال للدَّابة إِذا أكلتِ الدَّرِينَ الأسودَ: قد كتِنت جحافلها أَي اسْوَدَّت (قلت) : غلط اللَّيْث فِي قَوْله إِذا أكلت الدّرين لأنَّ الدرينَ مَا يبس مِن الْكلأ وأتى عَلَيْهِ حول فاسودَّ وَلَا لَزَج لَهُ حينئذٍ فيظهرُ لَونه فِي الجحافل، وَإِنَّمَا تكتَنُ الجحافلُ مِن رعْي العُشْبِ الغَضِّ يسيلُ ماؤهُ فيركب وَكَبُهُ ولَزَجُهُ عَلَى مَقامِّ الشَّاءِ، ومشافرِ الْإِبِل، وجحافل الحافرِ، وَإِنَّمَا يَعرِفُ هَذَا مَن شاهدهُ وثافنهُ. فَأَما مَن يعتبرُ الألفاظَ وَلَا مُشاهدةَ لَهُ وَلَا سَماع صَحِيح من الْأَعْرَاب فإنهُ يخطىءُ مِن حَيْثُ لَا يعلم.
وَبَيت ابْن مقبلٍ الَّذِي فسرتهُ فِي بَاب الكتل يبين لَك مَا قلته، وَذَلِكَ أنَّ المَكْنان والعِضْرِسَ بقْلتانِ غضَّتانِ رقيقتانِ وهما مِن أَحْرَار العشب وَإِذا يبستا فتنَاثرَ ورقهمَا اخْتَلَط بقميم العُشْبِ فَلم يتميزا مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكتَنُ فِي شعر الْأَعْشَى: الكتَّان حيثُ يَقُول:
هُوَ الواهبُ المسمعات الشَّرُو
بَ بينَ الْحَرِير وَبَين الكَتنْ
وَيُقَال: لبس الماءُ كَتَّانَه إِذا طَحْلَب واخضرّ رأْسُهُ. وَقَالَ ابْن مُقبلٍ:
أسَفْنَ المسافِرَ كَتَّانَهُ
فأمْرَرْنه مستدِرّاً فَجالا
أَسَفْنَ يَعْنِي الْإِبِل أَي أَشممن مشافرَهنَّ كتّان المَاء وَهُوَ طُحلبهُ. وَيُقَال: أَرَادَ بكتانه غُثاءَه.
وَيُقَال أَرَادَ زَبَدَ الماءِ، فأمررْنه أَي شربنهِ مِن الْمُرُور، مستدرّاً أَي أَنه استدرَّ إِلَى حلوقها فَجرى فِيهَا، وَقَوله فجالا أَي جال إِليها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الكَتَنُ: ترابُ أصلِ النَّخْلَة، والكتَنُ: التزاقُ العَلفِ بفَيْدَىْ جحفلتي الْفرس، وهما صِمغاها.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَتِنُ بِكَسْر التَّاء: القَدَحُ.
كنت: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَنَتَ فلانٌ فِي خَلْقه وكَانَ فِي خُلُقِه، فَهُوَ كَنتي وكِانِيٌّ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: الكُنْتِيُّ: القويُّ الشديدُ.
وَأنْشد:
إِذا مَا كنتَ مُلتمساً لقُوتٍ
فَلَا نصرُخْ بكنتي كبيرِ(10/81)
وَقَالَ عديُّ بن زيدٍ:
فاكتَنِتْ لاتكُ عبدا طائراً
واحذرِ الأقتالَ منا والثُّؤَرْ
قَالَ أَبُو نصر: قَوْله: فاكتنت أَي أرضَ بِمَا أَنت فِيهِ:
وَقَالَ غَيره: الاكتناتُ: الخُضوعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد:
مسُتَضْرِعٌ مادَنَا منهنَّ مُكْتَنِتٌ
للعظم مُجْتَلمٌ مَا فوقَه فَنَعُ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: لَا يُقَال: فعلتُني إِلَّا مِن الْفِعْل الَّذِي يتعدَّى إِلَى مفعولين مثل ظننتُني ورأيتُني، ومحالٌ أَنْ تَقول: ضربتُني وصبرتُني، لِأَنَّهُ يشبه إِضَافَة الْفِعْل إِلَى (ني) ولكنْ تَقول: صبرتُ نَفسِي وضربتُ، وَلَيْسَ يضافُ مِن الْفِعْل إِلَى (ني) إلاّ حرفٌ واحدٌ وَهُوَ قَوْلهم: كُنْتِيٌّ وكُنْتُنِيٌّ. وَأنْشد:
وَمَا كنتُ كنتيّاً وَلَا كنتُ عاجناً
وشرّ الرِّجالِ الكنتنيُّ وعاجِنُ
فَجمع كنتيّاً وكنتنيّاً فِي الْبَيْت.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قيلَ لصبيّةٍ مِن العربِ: مَا بلغ الكِبَرُ من أَبِيك.
فَقَالَت: قد عجن وخبز، وثنّى وثلّث، وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ، وكَانَ وكَنَتَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، وَأَخْبرنِي سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: الكُنْتيُّ فِي الجسمِ، والكانيُّ فِي الخُلقِ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِذا قَالَ: كنتُ شابّاً وشجاعاً فَهُوَ كُنتيٌّ، وإِذا قَالَ: كانَ لِي مالٌ فكُنْتُ أُعْطي منْهُ فهوَ كانِيٌّ.
وَقَالَ ابْن هانىء فِي (بابِ الْمَجْمُوع مثلثاً) رجلٌ كِنْتَأْوٌ، ورجلانِ كِنْتأْوَان، ورجالٌ كِنْتَأْوُونَ، وَهُوَ الكثيرُ شَعرِ اللّحيةِ الْكَثُّهَا، وَمثله: جَملٌ سِنْدأْوٌ، وجملانِ سِنْدَأْوَانِ، وجمالٌ سِنْدَأْوُون، وَهُوَ الفسيحُ من الإبلِ فِي مشيتهِ، ورجلٌ قِندأْوٌ، ورَجُلانِ قِنَدْأْوَانِ، ورجالٌ قِندَأْوُون، مهموزاتٌ.
وروى شمر عَن أَحْمد بن حَرِيش عَن يزِيد بن هَارُون عَن المَسْعُودِيّ عَن عَمْرو بن مُرَّةَ عَن عبد الله بن الْحَارِث، قَالَ: دخل عبد الله بن مَسْعُود المسجدَ، وعامَة أَهله الكُنْتِيُّونَ، فَقلت: مَا الكُنْتِيُّونَ؟ فَقَالَ: الشُّيُوخ الَّذين يَقُولُونَ: كَانَ كَذَا، وَكُنَّا وَكنت. فَقَالَ عبد الله: دارت رَحا الْإِسْلَام على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ، ولأَنَّ يَمُوت أهلُ دَاري أحبُّ إليَّ من عدتهمْ من الذِّبَّانِ والجِعْلانِ.
قَالَ شمر، قَالَ الْفراء: تَقول: كَأَنَّك قد مُتَّ، وصرت إِلَى كَانَ، وكأنكما مُتُّما وصرتما إِلَى كَانَا وَالثَّلَاثَة: كَانُوا: الْمَعْنى صرت إِلَى أَن يُقَال: كَانَ، وَأَنت ميت لَا وَأَنت حَيّ.
قَالَ: وَالْمعْنَى على الْحِكَايَة على كنت،(10/82)
مرَّةً للمواجهة، وَمرَّة للْغَائِب، كَمَا قَالَ: عز وَجل: {قل للَّذين كفرُوا سيغلبون وسَتُغْلَبُونَ} (آل عمرَان: 12) ، هَذَا على معنى كنت وَكنت، وَمِنْه قَوْله:
وكلُّ امرىءٍ يَوْمًا يصير إِلَى كَانَا
وَتقول للرجل: كَأَنِّي بك وَقد صرت كانيّاً، أَي يُقَال: كَانَ، وللمرأة: كانيَّة، وَإِن أردْت أَنك صرت من الْهَرم إِلَى أَن يُقَال كنت مرّة، وَكنت مرّة قيل: أَصبَحت كنْتِيّاً، وكُنتنُيّاً، وَإِنَّمَا قَالَ: كنْتُنِيّاً لِأَنَّهُ أَحْدَث نوناً مَعَ الْيَاء فِي النِّسْبَة ليتبيّنَ الرفعُ، كَمَا أَرَادوا تبيُّنَ النصب فِي ضَرَبَنِي.
نكت: قَالَ الليثُ: النّكْتُ أَن تَنْكُتَ بِقَضيبٍ فِي الأرضِ فَتُؤثرَ بطرَفِهِ فيهَا، والنُّكْتةُ: شبْهُ وَقَرةٍ فِي العينِ، والنُّكْتةُ أَيْضا: شبه وسخٍ فِي المرآةِ، ونكْتَةُ سوادٍ فِي شيءٍ صافٍ، والظَّلِفَةُ المنْتَكِتَةُ هِيَ طرفُ الحِنْوِ من القَتَبِ والإكَافِ إِذا كانَتْ قَصيرَةً، فَنَكَتَتْ جنْبَ البعيرِ إِذا عقرتْهُ.
(أَبُو عبيد عَن العَدَبَّس الكنانيّ) : النّاكِتُ: أنْ ينحرفَ المِرْفَقُ حَتَّى يقعَ فِي الجنبِ فيحُزَّ فيهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: إِذا أثَّرَ فِيهِ قيلَ: بهِ ناكِتٌ، فَإِذا حزَّ فيهِ، قيلَ: بِهِ حازٌّ.
وَقَالَ الليثُ: النّاكِتُ بالبعير: شبهُ النّاحِزِ وَهُوَ أَن ينكُثَ مرفقُهُ حرْفَ كِرْكِرَتِهِ، تَقول: بِهِ ناكِتٌ.
وَقَالَ غيرهُ: النَّكّات: الطعّانُ فِي الناسِ مثلُ النزّاكِ والنّكّازِ وَاحِد، قَالَ: والنّكِيتُ: المطعونُ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : طعنهُ فنَكَتَهُ إِذا أَلقاهُ على رأسهِ. وَأنْشد:
مُنتكِتُ الرأسِ فِيهِ جائفةٌ
جياشَةٌ لَا تردُّها الفُتُلُ
وَيُقَال للعظم الْمَطْبُوخ فِيهِ المخُّ فيضربُ بطرَفِهِ رَغيفٌ أَو شيءٌ ليخرُجَ مخُّهُ: قد نُكِتَ فَهُوَ منكوتٌ.
نتك: قَالَ الليثُ: النَّتْكُ: جَذْبُ الشَّيْء تقبضُ عَلَيْهِ ثمَّ تكسرهُ إِليكَ بجفوةٍ.
(قلتُ) : وَهُوَ النَّتْرُ أَيْضا بالراء؛ يُقَال: نَتَر ذَكَرَهُ ونَتَكهُ: إِذا استبرأَ على أَثر البولِ، ونفضَ ذكَرَهُ حَتَّى يَنْقَى ممّا فيهِ.
تكن: وَأما تُكْنَى من أسماءِ النِّسَاء فِي قولِ العجاج:
خيالُ تُكْنَى وخيالُ تُكْتَما
فَإِنِّي أَحْسبهُ من قَوْلك كُنِيَت تُكْنَى وَكُتِمَتْ تُكْتَمُ.
ك ت ف
كتف، كفت، فتك: مستعملة.
كتف: قَالَ الليثُ: الكَتِفُ: عظمٌ عريضٌ خلفَ المنكِبِ، تُؤَنّثُ، والكِتْفُ: شَدُّك(10/83)
الْيَدَيْنِ من خلفُ؛ والكَتَفُ: مصدر الأكْتَفِ، وَهُوَ الَّذِي انضمت كتفاهُ عَلَى وسَطِ كَاهِله خلقَة قبيحةً.
والكِتَاف: مصدرُ المِكتَافِ منَ الدوابِّ وَهُوَ الَّذِي يعقِرُ السرجُ كَتِفَه. والكِتَافُ: وثاقٌ فِي الرَّحْل والقتبِ وَهُوَ أَسْرِ حِنْوَين أَو عودين يُشدُّ أَحدهمَا إِلَى الآخر.
والكِتَافُ: الحبلُ الَّذِي يُكْتَفُ بِهِ الْإِنْسَان، والكَتيفةُ: حديدةٌ عريضةٌ طَوِيلَة، وَرُبمَا كَانَت صفيحة.
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبَة: كَتِيفُة الرحْل: واحدةُ الكَتَائِفِ وَهِي حديدةٌ يُكتفُ بهَا الرَّحْلُ.
قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أُخِذَ المكتوفُ من هَذَا لِأَنَّهُ جمعَ يَدَيْهِ.
(أَبُو عبيد) : الكَتيِفُ: الضَّبّةُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
... وداني صُدُوعَهُ بالكَتيفِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكَتِيفةُ: الضبَّةُ من الْحَدِيد.
قَالَ: والكَتيِفَةُ: الجماعةُ من الْحَدِيد، والكتيفةُ: الحِقد، وَيجمع كُله الكَتِيف، وَيجمع الحقدُ على الكتائف أَيْضا.
قَالَ القَطامِيُّ:
وترفَضُّ عِنْد المُحْفِظاتِ الكتائِفُ
وَقَالَ شمر: يُقَال للسيف الصفيح: كتيفٌ وَقَالَ أَبُو دواد:
فَوَدِدْتُ لَو أنِّي لقيتُك خَالِيا
أَمْشِي بِكفِّي صَعْدةٌ وكتيفُ
أَرَادَ سَيْفا صفيحاً فسمّاه كتيفاً.
(أَبُو عبيد) : يكونُ الجَرادُ بعدَ الغوغاء كُتفَاناً واحدته: كتْفانةٌ.
(قلت) : وسَماعِي من الْعَرَب فِي الكتفان أَنه الْجَرادُ الَّتِي ظهرتْ أَجْنِحَتهَا وَلما تَطِرْ بعدُ فَهِيَ تَنْقُزُ من الأَرْض نَقَزَاناً مثلَ المكتوفِ الَّذِي يستعينُ بيدَيْهِ إِذا مَشى. وَيُقَال للشَّيْء إِذا كثُرَ: مثلُ الدّبَا والكتفانُ، والغوغاء من الجَراد: مَا قد طَار ونبتت أجنحته.
وَقَالَ اللَّيْث: الكتَفَانُ: ضرب من الطيران كأنهُ يضمُّ جناحيه من خلف شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكَتْفُ: المشيُ الرُّوَيدُ وَقَالَ لبيد:
قَرِيحُ سلاحٍ يَكتِفُ المْشيَ فاتِرُ
قَالَ وَقَوْلهمْ: مَشَتْ فكتَفَتْ أَي حَرّكَتْ كتِفيْهَا يَعْنِي الفَرَس.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أَكْتَفُ وَهُوَ الَّذِي فِي فُرِوعِ كَتفيْهِ انفرَاجٌ فِي غَرَاضِيفهَا مَّمِا يَلِي الكاهِلَ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بالْبعيرِ كَتَفٌ شديدٌ إِذا اشْتكى كَتِفَهُ.
ورجلٌ أَكْتَفُ: عَظِيم الكتِفِ، كَمَا يُقَال: رجلٌ أَرْأَسُ، وَأَعْنَقُ، والأكْتَفُ من الرِّجَال: الَّذِي يَشْتكي كَتِفَهُ.(10/84)
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : إِذا قَطَّعْتَ اللحمَ صِغاراً قلتَ كَتَّفْتُهُ تَكْتيفاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا اسْتَبان حجمُ أَجْنِحةِ الجَرادِ فَهِيَ كُتْفَانٌ وَإِذا احمرَّ الجَرادُ فانْسَلَخَ من الألوَانِ كلِّها فَهِيَ الغَوْغاءُ.
كفت: قَالَ الله جلّ وَعز: { (لِّلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الاَْرْضَ} {كِفَاتاً أَحْيَآءً وَأَمْواتاً} (المرسلات: 25، 26) .
قَالَ الفراءُ: يريدُ تَكفِتُهمْ أَحْياءً على ظَهْرِها فِي دُورهْم ومَنازِلهمْ، وتَكفِتُهُمْ أَمواتاً فِي بَطنها أَي تحفَظهُمْ وتحْرِزُهمْ.
قَالَ: ونَصْبهُ أَحياءً وأَمواتاً بِوقُوعِ الكِفاتِ عليهِ كأنَّكَ قلتَ: أَلمْ نجعلِ الأَرضَ كِفَاتَ أَحياءٍ وأَمْواتٍ فَإِذا نَوَّنْتَ نَصَبْتَ.
قَالَ وَيُقَال: وقعَ فِي النَّاس كَفْتٌ أَي مَوْتٌ.
وَيُقَال: كفتَهُ الله أَي قبَضهُ الله.
وَقَالَ: هَذَا جِرَابٌ كفيتٌ إِذا كَانَ لَا يُضيِّع شَيْئا مِما يَجْعَل فيهِ.
وجِرَابٌ كِفْتٌ مثله، ورجلٌ كَفيتٌ قَبيصٌ أَي خفيفٌ سريعٌ، وتَكفّتَ ثوبي إِذا تَشَمَّرَ وقلص.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اكفِتُوا صِبيَانَكم) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي ضُمُّوهمْ إِليكُمْ وَاحْبِسُوهم فِي البيوتِ، وَكلُّ شيءٍ ضَمَمْتَهُ إِليكَ فقد كفتهُ. وَقَالَ زُهَيرٌ:
ومُفاضَةٍ كالنِّهْيِ تَنْسُجُهُ الصَّبَا
بَيْضاءَ كَفَّتَ فَضْلَها بمُهنّدِ
يَصفُ دِرْعاً عَلّقَ لابسُهَا فُضولَ أَسافلها فَضَمّها إليهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَفْتُ: صَرْفُكَ الشيءَ عَن وجههِ تكفِتُهُ فَينْكفِتُ أَي يرجع رَاجعا، والكِفاتُ من العَدْوِ والطَّيرانِ كَالْحَيَدانِ فِي شدَّةِ.
والمكفِّتُ: الَّذِي يَلْبَسُ دِرعَينِ بَينهمَا ثوبٌ.
(قلت) : المكفِّتُ الَّذِي يلبس دِرعاً طَوِيلَة فَيضمُّ ذَيلهاَ بمعاليقَ إِلَى عُراً فِي وَسطها لتَشَمَّرَ عَن لَابسهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: والكَفْتُ: تَقليبُ الشيءِ ظهرا لِبَطْن وبَطناً لظهرٍ، وانكَفَتَ القومُ إِلَى مَنازِلهم أَي انقلَبُوا.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (حُبِّبَ إِلَيّ النساءُ والطّيبُ ورُزقْتُ الكَفِيتَ) أَي مَا أَكْفِتُ بِهِ مَعِيشَتيِ أَي أَضمُّها.
وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (ورُزِقْتُ الكَفِيتَ) أَي القُوّةَ فِي الْجِمَاع.
(قلت) : وَقَالَ بعضهمُ فِي قَوْله: رُزقْت الكفِيتَ، إِنَّهَا قِدْرٌ أُنْزِلْتُ لَهُ من السماءِ فأكلَ مِنْهَا وقويَ على الجماعِ بِمَا أَكل مِنْهَا.(10/85)
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَبي الْهَيْثَم فِي (الأمثالِ) لأبي عبيد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من أمثالهم فيمنْ يَظلمُ إنْسَانا ويحمِّلهُ مَكروهاً ثمَّ يزِيدهُ (كفْتٌ إِلَى وَئيّةٍ) ، والكِفْتُ فِي الأَصْل هِيَ القِدْرُ الصَّغِيرَة بِكَسْر الْكَاف، والوَئِيَّةِ هِيَ الْكَبِيرَة من القُدورِ.
(قلت) : هَكَذَا رَوَاهُ: كِفتٌ بِكسْرِ الكافِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: كَفْتٌ بالفتحِ للقدرِ.
(قلت) : وهما لُغتانِ كَفْتٌ، وَكِفْتٌ، وفرسٌ كَفِيتٌ وقبِيضٌ، وعَدْوٌ كَفِيتٌ أَي سريعٌ.
وَقَالَ رؤبة:
تَكادُ أَيديها تَهادَى فِي الزّهَقْ
مِنْ كَفْتِها شدّاً كإضْرَامِ الْحَرَق
والكَفْتُ فِي عَدْوِ ذِي الحافرِ: سُرْعةُ قَبْضِ اليَدِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ إِنَّه ليَكْفِتُني عَن حَاجَتي ويَعْفِتُنِي عَنْهَا أَي يحبِسُني عَنْهَا.
وَقَالَ شمر: عَدْوٌ كَفِيتٌ وكفَاتٌ: سَريع.
فتك: فِي الحَدِيث أَن رجلا أَتى الزُّبيرَ فَقَالَ لَهُ: أَلاَ أَقْتُلُ لَك عَليّاً. قَالَ: وكيفَ تَقتلهُ. قَالَ أَفتِكُ بهِ، فَقَالَ: سمعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (قيَّدَ الإِيمانُ الفَتْكَ، لَا يَفْتِكُ مؤمنٌ) .
قَالَ أَبو عبيد: الفَتْكُ، أَن يأتيَ الرجلُ صاحبَه وَهُوَ غافلٌ حَتَّى يشدَّ عَلَيْهِ فيقتلَه وإِن لم يكن أَعْطاهُ أَماناً قبل ذَلِك، وَلَكِن يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعلمهُ ذَلِك، وكلَّ من قتل رجلا غارّاً فَهُوَ فاتِكٌ.
وَقَالَ المُخبَّلُ السعديُّ:
وإِذ فَتَكَ النُّعمْانُ بالنَّاس مُحْرِماً
فَمُلِّىءَ من عَوْف بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
وَكَانَ النُّعْمَان بعث إِلَى بني عَوْف بن كَعْب جيْشاً فِي الشهرِ الحرامِ وهم آمِنون غارُّون فَقَتلَ فيهم وَسَبَى.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الفرّاء: الفَتْكُ، والفُتْكُ للرجل يَفْتِكُ بالرّجل: يَقْتلهُ مُجاهَرةً. وَقَالَ بَعضهم: الفِتْكُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء أَيْضا: فَتَكَ بِهِ وأَفْتَكَ وَذكر عَنهُ اللُّغَات الثَّلَاث.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: تَفَتَّكَ فُلانٌ بأمرهِ أَي مَضى عَلَيْهِ لَا يُؤامِرُ أَحداً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفَاتكُ: الجريءُ الصَّدْر. وَقَالَ فِي قَول رُؤْبة:
لَيْسَ امْرؤٌ يمْضِي بِهِ مَضَاؤُهُ
إِلاَّ امْرُؤٌ من فَتْكِهِ دَهَاؤُهُ
أَي مَعَ فَتْكهِ كَقَوْلِه: (الحَيَاء مِنَ الإيمَانِ) أَيْ هُوَ معهُ لَا يُفارِقهُ.
قَالَ: ومضاؤُه: نفَاذُهُ وذهابُهُ.
وَفِي (النَّوادر) : فَاتَكْتُ فلَانا مُفاتَكةً أَي دَاوَمتُه وَاسْتأْكلته، وإِبلٌ مُفاتِكَةٌ للحَمْض(10/86)
ِ إِذا داوَمتْ عَلَيْهِ مُستأْكِلةً مُسْتمرِئَةً.
أَخبرني المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: فاتَكَ فُلانٌ فلَانا إِذا أَعْطاه مَا اسْتامَ بِبيْعِهِ، وفاتحهُ إِذا ساوَمَهُ وَلم يُعْطه شَيْئا.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أصل الفَتْكِ فِي اللغةِ: مَا ذكره أَبُو عبيد ثمَّ جَعَلوا كلّ من هَجَم على الْأُمُور العِظامِ فاتِكاً. قَالَ خَوَّاتُ بن جُبَيرٍ:
عَلَى سَمْنِها وَالْفَتْكُ مِنْ فَعَلاتِي
والغِيلة: أَن تخدَعَ الرّجل حَتَّى تخرجَه إِلَى مَوضِع يخفَى فِيهِ أَمره ثمَّ تَقتُله، وَفِي مثل: (لَا تَنفعْ حِيلة من غِيلة) .
ك ت ب
كتب، كبت، بتك، بَكت، تبك: مُستعملةٌ.
كتب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} (النُّور: 33) معنى الْكتاب وَالْمُكَاتبَة أَن يُكَاتب الرجل عَبده أَو أمته على مَال ينجمه عَلَيْهِ، ويكتبَ عَلَيْهِ أَنّه إِذا أدَّى نجومه وكل نجم كَذَا وَكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَإِذا وَفَّرَ على مَوْلَاهُ جَمِيع نجومه الَّتِي كَاتبه عَلَيْهِ عَتَقَ وَولاؤُه لمولاهُ الَّذِي كَاتبه، وَذَلِكَ أنَّ مَوْلَاهُ سَوَّغَه كَسْبَه الَّذِي هُوَ فِي الأصْلِ لِسَيده، فالسّيِّدُ: مُكاتِبٌ، والْعبد: مُكاتَب، إِذا تَفَرّقا عَن تراضٍ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي اتَّفَقَا عَلَيْهَا، سُمِّيت مُكاتبةً لما يُكتَبُ للْعَبد على السَّيد من العِتْق إِذا أدَّى مَا فُورقَ عَلَيْهِ، وَلما يُكتَبُ للسَّيِّد على العبْد من النُّجُوم الَّتِي يؤدِّيها وَقتَ حلولها، وأنَّ لَهُ تعجيزَه إِذا عَجَزَ عَن أَداءِ نَجْمٍ يحلُّ عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كَتَبْتُ السِّقاءَ أكْتُبُه كَتْباً إِذا خرزتَه، وكتبْتُ البَغلةَ أَكْتُبهَا كَتْباً إِذا خزمْتَ حَياءَهَا بحلقةٍ حديدٍ أَوْ صُفْرٍ تضمُّ شَفْريْ حيائِها، وَكَتَّبْتُ النَّاقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْت أَخْلافَها، وكَتَّبْتُ الكَتائِبَ إِذا عَبّأْتَهَا.
وَقَالَ شمر: كلُّ مَا ذكرَ أَبو زيدٍ فِي الكتْبِ: قريبٌ بعضُه من بَعْضٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جمعُكَ بَين الشيئيْنِ.
قَالَ: اكْتُبْ بَغْلتَكَ وَهُوَ أَنْ يضمَّ شَفْريْها بحلقةٍ، وَمن ذَلِك سُمِّيت الكتيبَةُ لِأَنَّهَا تَكتّبتْ فاجتمعت، وَمِنْه قيل: كَتَبْتُ الكتابَ لِأَنَّهُ يُجمعُ حرفا إِلَى حرْف.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : أَكْتَبْتُ القِرْبةَ وكَمْتَرْتها إِذا شددْتها بالْوِكاء.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي الإِكْتاب مثله.
(اللِّحْياني) : كتَّبْتُ الغلامَ تَكتِيباً، وأكْتَبْتهُ إِكْتاباً إِذا علَّمتَهُ الكتابَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُتّابُ: اسْم المكتَبِ الَّذِي يعلّمُ فِيهِ الصِّبيان.
وَقَالَ المَبّردُ المكتَبُ: مَوضِع التّعليم،(10/87)
والمُكْتِبُ: المعَلِّم، والكُتَّاب: الصِّبيان.
قَالَ: وَمن جَعَلَ الموضعَ الكتابَ فقدْ أَخْطأَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال لصبْيانِ المَكْتَبِ: الفُرقان أَيْضا.
وَسمعت أَعرابيّاً يَقُول أَكْتبْتُ فَمَ السِّقاء فلمْ يَسْتكْتِبْ أَي لم يَستَوْكِ بجفَائهِ وَغلَظِه.
(اللَّيْث) : الكُتْبةُ: الخُرْزَةُ المضمومَةُ بالسّير، وجمعُها: كُتَبٌ، والنَّاقة إِذا ظُئِرَتْ على وَلَدِ غَيرهَا كُتِبَ مَنْخِراهَا بخيطٍ قبلَ حلِّ الدُّرْجَةِ عَنْهَا ليَكون أَرْأَمَ لَهَا.
وَكَتبْتُ الكتَابَ كَتْباً وكِتاباً، فالكتابُ: اسمٌ لما كُتِبَ مجموعاً، والكتابُ: مَصْدرٌ، والكتَابَةُ لمنْ تكون لَهُ صناعَةً كالصِّياغةِ والخياطَةِ، وَالكِتْبَةُ: اكْتتابُكَ كِتاباً تنْسَخُه، والكتِيبَةُ: جماعةٌ مُستحِيزةٌ فِي حيِّزٍ على حدةٍ.
وَالكِتْبَةُ: الاكْتِتابُ فِي الفَرْضِ والرِّزقِ.
وَيُقَال: اكْتتَبَ فلَان أَي كَتَبَ اسْمه فِي الفَرْضِ.
وَقَالَ ابْن عمرَ: منِ اكْتَتَبَ ضَمِناً بعثهُ الله ضَمِناً يومَ القيامةِ وهوَ الرّجُلُ مِنْ أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ لَهُ فِي الديوانِ فرضٌ فلمَّا نُدبَ للجهَادِ ذَكَرَ أَنَّه من الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنىَ وَهُوَ غيرُ ضَمِنٍ.
وَيُقَال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلَانا إِذا سَأَلهُ أَنْ يَكتُبَ لَهُ كتابا فِي حاجةٍ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الْفرْقَان: 5) ، أَي اسْتَكْتَبهَا.
وَالكِتَابُ يُوضَعُ مَوْضعَ الفَرْضِ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (الْبَقَرَة: 178) و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (الْبَقَرَة: 183) أَي فُرضَ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ} ، أَي فرضنَا.
وَمن هَذَا قَول النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجلينِ احتكمَا إِليه: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنكمَا بِكتَابِ الله) ، أَي بفرضِ الله تَنزيلاً أوْ أَمراً بيَّنهُ عَلَى لِسَانِ رسولهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجمعُ الكاتبِ: كُتَّابٌ وَكَتَبَةٌ، وقولُ الله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ} (النِّسَاء: 24) ، مصدرٌ أريدَ بهِ الفعلُ أَي كَتَبَ الله عَلَيْكُم، وهوَ قولُ حذَّاقِ النَّحْويينَ.
كبت: قَالَ الله جلَّ وعزّ: {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} (آل عمرَان: 127) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن} (المجادلة: 5) .
وروى الأثرمُ عَن أبي عُبيدة أَنه قَالَ: كَبَتَهُ الله لوجههِ أَي صرعَه لوجههِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الليثُ.
وَقَالَ: الكَبْثُ: صَرْعُ الرّجُلِ لوَجْههِ.(10/88)
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ الزجاجُ فِي قَوْله: {وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن} (المجادلة: 5) معنى كُبِتُوا: أُذِلُّوا وأُخِذُوا بالعذَابِ بأنْ غُلبوا كَمَا نزلَ بمنْ قبلهُمْ ممّنْ حادّ الله.
(سَلمَة عَن الفرّاء) : فِي قولهِ كُبِتوا أَي غِيظُوا وأُحِزنوا يومَ الخَنْدَقِ كَمَا كُبِتَ مَنْ قاتلَ الأنبياءَ قَبْلَهُمْ.
(قلت) : وَقَالَ بعض من يحتجُّ لقولِ الفرّاءِ: أَصلُ الكَبْتُ: الكَبْدُ فقلبتِ الدّالُ تَاء، أُخِذَ ذَلِك من الكَبِد وهوَ موضعُ الغَيْظِ والحقْدِ، فكأنّ الغَيْظَ لما بلغَ منهمْ مبلغَ المَشَقة أَصابَ أكْبَادهم فأَحْرَقهَا. ولذلكَ يقالُ لِلأَعدَاء سُودُ الأكْبَادِ.
وَقَالَ الأصمعيّ فِيمَا روى أَبُو عبيدٍ عَنهُ: الكَبْتُ والوَقْمُ: كسْرُ الرجُلِ وإِخزَاؤُهُ.
بَكت: (أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : التَّبْكيتُ والبَكْعُ: أَن تستقبِلَ الرُّجلَ بِمَا يكرَهُ.
وَقَالَ الليثُ: بكَّتَهُ بالعصا تبكيتاً، وبالسيفِ ونحوهِ.
وَقَالَ غيرهُ: بَكَّتَهُ تبكيتاً إِذا قَرّعهُ بالعَذْلِ تقريعاً.
وَقَالَ بَعضهم فِي تَفْسِير قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِذا الموءودة سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} (التكوير: 8، 9) سُؤالُهَا تَبْكيتٌ لوائدِهَا.
بتك: البَتْكُ: القطعُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلَيُبَتِّكُنَّءَاذَانَ الاَْنْعَامِ} (النِّسَاء: 119) .
قَالَ أَبُو العبّاس: أيْ فَليقَطِّعُنَّ.
(قلتُ) : كأنَّهُ أَراد وَالله أعلمُ تبحيرَ أهلِ الجاهليَّةِ آذانَ أَنعامهمْ وقطعهم إيّاها.
وَقَالَ الليثُ: البَتْكُ: قطعُ الأذنِ مِنْ أَصلهَا.
قَالَ: والبَتْكُ: أَن تقبضَ عَلَى شعرٍ أَوْ ريشٍ أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ تجذبُهُ إِليك فينبِتكُ من أَصله أَي ينتَتِفُ، وكلُّ طاقةٍ من ذَلِك صَارَت فِي يدكَ فاسمُهَا بِتْكَةٌ.
وَمِنْه قَول زهيرٍ:
طارتْ وَفِي كفّهِ من ريشهَا بِتَكُ
وَقَالَ غَيره: سيفٌ باتكٌ أَي قاطعٌ، وسيوفٌ بواتكُ.
(أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيُّ) : بَتَكْتُ الشَّيْء أَي قطعتهُ.
تبك: قَالَ اللَّيثُ: تَبُوكُ: اسمُ أرضٍ.
(قلت) : إِن كَانَت التَّاء أَصليةً فِي تَبُوكَ فَهِيَ فعولٌ من تَبَكَ وَلَا أَعرفُهُ فِي كلامِ العربِ، وَإِن كانَتِ التّاء تاءَ الاستقبَالِ فَهِيَ من بَاكَتْ تَبُوكُ، وَقد فُسِّرَ فِي بَابه.
ك ت م
كتم، كمت، متك، مكت، تمك، تكم: مستعملة.(10/89)
كتم: قَالَ اللّيثُ: الكَتَمُ: نباتٌ يخلطُ بالوسْمَة للخضَابِ الأسْوَدِ.
(قلت) : الكَتَم: نبتٌ فِيهِ حمرةٌ، ورويَ عَن أبي بكرٍ أنّهُ كانَ يَخْتَضِبُ بالحِنَّاءِ والكَتَمِ.
وَقَالَ أميّة ابْن أبي الصَّلْت:
وشَوَّذَتْ شمسُهُمْ إِذا طلعتْ
بالْجُلبِ هِفًّا كأنّهُ كَتَمُ
وَقَالَ بعض الهذليينَ:
ثُمّ يَنُوشُ إِذا آدَ النهارَ لَهُ
على الترقُّب من نِبمٍ وَمن كَتَمِ
وَقَالَ اللّيثُ: الكِتمانُ: نَقيضُ الإعلانِ، وناقةٌ كَتُومٌ وَهِي الَّتِي لَا ترغو إِذا رُكِبتْ.
وَقَالَ الْأَعْشَى أَو غَيره:
كَتومُ الهَوَاجرِ مَا تَنْبَسُ
وَقَالَ الطرماحُ:
قد تجاوزتُ بهِلْواعَةٍ
عُبرِ أَسفارٍ كَتُومِ البُغَامِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من القِسيّ: الكتومُ وَهِي الَّتِي لَا شقَّ فيهَا. وَقَالَ أَوْس ابْن حجرٍ يصفُ قوساً:
كَتُومٌ طلاعُ الكفّ لَا دونَ مِلئها
وَلَا عَجْسهَا عَن موضعِ الكفّ أَفضلاَ
وَقَالَ اللّيثُ: الكاتمُ منْ القسيّ: الَّتِي لَا تُرِنُّ إِذا أُنبضَتْ وربَّما جاءَت فِي الشعرِ كاتِمة.
(قلت) : والصوابُ مَا قَالَ الأصمعيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كتمَتِ المَزَادةُ تَكتم كُتُوماً إِذا ذهبَ مرَحُهَا وسيلانُ الماءِ من مَخَارزهَا أَولَ مَا تشَرَّبُ، وَهِي مزادةٌ كتوم.
قَالَ: وكَتَمَتِ الناقةُ فَهِيَ كَتُومٌ ومِكْتامٌ إِذا كَانَت لَا تشُولُ بذنبهَا وَهِي لاقحٌ.
وأنشدني فِي صفةِ فحلٍ منْ فُحولِ الإِبل:
فهْوَ لجَوْلانِ القِلاص شَمّامْ
إِذا سمَا فوقَ جَموحٍ مكْتامْ
جولانُ القلاص: صغارُها. وكتمانَ: اسمُ بلد فِي بِلَاد قيسٍ.
(ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ) : الكَتِيمُ: الْجمل الَّذِي لَا يَرغو، والكَتِيمُ: الْقوس الَّتِي لَا تَنشقُّ.
كمت: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكمِيت الطَّوِيل التَّامُّ من الشهورِ والأعْوام.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُميْتُ: لونٌ لَيْسَ بأَشقَرَ وَلَا أَدهمَ، وَكَذَلِكَ الكُميْتُ من أَسمَاء الْخمر فِيهَا حُمرة وسوادٌ، والمصدرُ: الكُمتَةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرقُ مَا بَين الكميْتِ والأشْقر فِي الْخَيل بالعُرْف والذَّنَبِ فَإِن كانَا أَحمريْن فَهُوَ أَشْقَرُ، وَإِن كَانَا أَسْودين فَهُوَ كميْتٌ.
قَالَ والوردُ بَينهمَا، والكُميْتُ للذَّكَرِ(10/90)
وَالْأُنْثَى سَوَاء.
يُقَال: مُهْرةٌ كميْتٌ، جاءَ عَن الْعَرَب مُصغَّراً كَمَا ترى.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي ألوانِ الإِبلِ: بَعيرٌ أَحمر إِذا لم يُخالطْ حُمرته شيءٌ، فَإِن خالط حُمرته قُنُوءٌ فَهُوَ كميْتٌ، وناقةٌ كميْتٌ، فَإِن اشْتدَّتِ الكُمتَةُ حَتَّى يدخلهَا سوادٌ فَتلك الرُّمكَةُ، وبعيرٌ أَرَمكُ، فَإِن كَانَ شَدِيد الحمرةِ يخلِطُ حُمرته سوادٌ لَيْسَ بخالصٍ فتلْك الكُلْفَة وَهُوَ أَكْلَفُ، وناقةٌ كلْفَاءُ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: تمرةٌ كميْتٌ فِي لَوْنهَا وَهِي من أَصلَبِ التُمرَانِ لحِاءً وأَطيَبها ممَضَغةً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
بكلُّ كميْتٍ جَلدةٍ لم تُوَسَّفِ
متك: قرأَ أَبُو رَجَاء العُطارديُّ فِيمَا يرْوى عَن الأعمشِ عَنهُ {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) على فُعْلٍ.
وروى سَلمَة عَن الْفراء فِي تفسيرِه: وَاحِدَة المُتْكِ، مُتْكَةٌ، وَهِي الأُتْرجة.
وروى أَبُو روقٍ عَن الضحاكِ أَنه قرأَ (مُتْكاً) ، وَفَسرهُ بزماوَرْد.
وحَدثني الْمُنْذِرِيّ عَن عثمانَ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن فضيْلٍ عَن حصينٍ عَن مجاهدٍ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) .
قَالَ الأُترُجُّ (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ المُتْك: طَرَفُ الزُّبِّ من كل شَيْء، وَالْمَرْأَة المتكاءُ: البَظْراءُ.
وَقَالَ غَيره: المَتْكُ والبَتْكُ: القَطْع، وسمِّيتِ الأترجة مُتْكاً لِأَنَّهَا تُقطع.
وَقَالَ اللَّيْث: المُتْك: أنف الذبابِ.
قَالَ والمُتْكُ من الْإِنْسَان: وَتَرَتُه أَمامَ الإحْلِيل، وَمن الْمَرْأَة: عِرْقُ بَظْرها، وَلذَلِك قيل فِي السَّبِّ ياابْنَ المَتْكَاء، أَي عظيمةِ ذَلِك.
القتيبي: المَتْكاء: الَّتِي لَا تحبس بولها، وَقيل: هِيَ الَّتِي لم تُخْفَضْ.
(عَمْرو عَن أَبيه) : المُتْكُ: الأُتْرُجُّ، والمُتكُ: الزَّمَاوَرْدُ، والمُتْكُ: عِرْقٌ فِي غُرْمُولِ الرَّجُل.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: زَعَمُوا أنّه مَخْرَجُ المَنِيِّ.(10/91)
مكت: أهمله اللَّيْث.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ يُقَال: اسْتَمْكَتَ العُدُّ فافْتَحْهُ، والعُدُّ: البثْرَةُ، واستِمكاتُها: أَن تمتلىءَ قَيْحاً، وفتحُها: فضخُها عَن قَيْحِها.
تمك: قَالَ اللَّيْث: تَمَكَ السَّنامُ تُموكاً إِذا تَرَّ واكتَنز.
(أَبُو عبيد) : التَّامِكُ: السَّنَام، وَيُقَال: بِناءٌ تامِكٌ أَي مُرْتفع.
تكم: قَالَ اللَّيْث. تُكْمَةُ: بنتُ مُرَ. قلت: وَلَا أَدري ممَّ اشْتُقَّ.
(أَبْوَاب) الْكَاف والظاء)
ك ظ ذ ك ظ ث: أهملت.
ك ظ ر
كظر: (مستعملة) .
كظر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : فِي سِيَةِ القَوْس: الكُظْرُ وَهُوَ الفَرْضُ الَّذِي فِيهِ الوَتَر.
وَقَالَ اللَّيْث: وجمعُه: الكِظَارُ، يُقَال: كظَرها كَظْراً.
قَالَ: والكُظْرةُ أَيْضا: الشَّحمة الَّتِي قد اقتمَّت الكُلْية فَإِذا انتُزعَت الكُلْية كَانَ موضعُها كُظْراً، وهما الكُظران.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ والشَّيْبَانيُّ: الكُظر: جانبُ الفَرْج، وَجمعه: أَكْظارٌ: وأَنشد:
واكْتَشَفَتْ لناشِىءٍ دَمَكْمَكِ
عَن وَارِمٍ أَكظَارُه عَضَنَّكِ
وَيُقَال: اكظُرْ زَنْدَتَك أَي حُزَّ فِيهَا فُرْضةً.
ك ظ ل: مهمل.
ك ظ ن
نكظ، كنظ: (مستعملان) .
نكظ: (أَبُو زيد) : نَكِظَ الرَّحِيلُ نَكَظاً إِذا أَزِفَ، وَقد نَكِظْتُ لِلْخُرُوجِ، وَأَفِدْتُ لَهُ نَكَظاً وأَفَداً.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّكَظَةُ من العَجَلة.
وَأنْشد:
قد تجاوَزْتُها عَلَى نَكَظِ المَيْ
طِ إِذا خَبَّ لامعاتُ الآلِ
وَقَالَ الأصمعيُّ: أَنْكَظتُه إنْكَاظاً إِذا أَعْجَلْتَه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: إِذا اشتدَّ على الرجل السفَر وبَعُد، قيل: قد تنكَّظَ، فَإِذا التَوى عَلَيْهِ أَمرُه فقد تعكَّظَ.
كنظ: قَالَ اللَّيْث: الكَنْظُ: بُلُوغ المشقَّة من الْإِنْسَان، يُقَال: إِنّهُ لمكنُوظٌ مُغْنوظٌ وَقد كَنظَه الْأَمر يَكنِظُه كَنظاً.
وَقَالَ النضْر: غنَظه وكَنظه يَكنِظُه وَهُوَ الكرب الشَّديد الَّذِي يُشفِي مِنْهُ على الْمَوْت.(10/92)
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت أَبا مِحْجَنٍ يَقُول: غَنَظه وكَنَظه إِذا ملأَهُ وغمَّه.
ك ظ ف: مهملٌ.
ك ظ ب
كظب: (مُسْتَعْمل) .
كظب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: حَظَب يَحظِبُ حُظوباً، وكَظب يَكظب كُظوباً إِذا امْتَلَأَ سِمَناً.
ك ظ م
اسْتعْمل من وجوهه: كظم.
كظم: قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ} (آل عمرَان: 134) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي أُعدَّت الْجنَّة للَّذين جرَى ذِكرهم وللَّذِينَ يكظِمون غيظَهم.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا من جُرْعةٍ يتجرّعها الْإِنْسَان أعظمَ أَجْراً من جُرعة غيْظٍ مخافةَ الله) .
وَيُقَال: كظمْتُ الغيظ أكظِمُه كَظْماً إِذا أَمْسكتَ على مَا فِي نفسِكَ مِنْهُ.
وَيُقَال: كَظَم البعيرُ على جِرَّتِه إِذا ردَّدها فِي حَلْقه، وكظَم البعيرُ إِذا لم يَجْتَرَّ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فأَفَضْنَ بَعد كُظومهنَّ بجِرَّةٍ
مِن ذِي الأبارِق إذْ رَعَيْنَ حقِيلا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكِظَامةُ: العَقَبُ الَّذِي على رُؤوس القُذَذِ مِمَّا يَلِي حَقْو السهْم وَهُوَ مُستدقُّه مِمَّا يَلِي الرِّيش.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَى كِظَامةَ قومٍ فتوضّأَ فِيهِ وَمسح على خُفّيْه) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن الكِظَامةِ وغيرَه من أهل الْعلم فَقَالُوا: هِيَ آبار تُخْفَرُ ويُباعَدُ مَا بَينهَا ثمَّ يُخْرَق مَا بَين كل بئرَين بقناةٍ تؤدِّي الماءَ من الأولى إِلَى الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يجْتَمع المَاء إِلَى آخِرهِنَّ. وإنَّما ذَلِك من عَوَز المَاء ليبقى فِي كل بِئْر مَا يحتاجُ إِلَيْهِ أهلُها للشربِ وسَقْي الأرضِ ثمَّ يخرج فضلُها إِلَى الَّتِي تَلِيها، فَهَذَا معروفٌ عِنْد أهل الْحجاز.
وَفِي حَدِيث آخر: (إِذا رَأَيْتَ مَكةَ قدْ بُعِجَتْ كظَائمَ وسَاوَى بِنَاؤُها رُؤوسَ الجِبَالِ فاعْلمْ أنَّ الأمرَ قَدْ أَظَلَّكَ) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هِيَ الكَظِيمةُ، والكِظَامةُ.
وكاظِمَةُ: جَوٌّ عَلَى سِيفِ الْبَحْر مِن البَصرة على مرحلَتَيْنِ، وفيهَا رَكايَا كثيرةٌ، وماؤها شَرُوبٌ، وأنشدني أَعْرَابِي من بني كُلَيْبِ بن يَرْبُوع:
ضَمِنْتُ لَكُنَّ أَن تَهْجُرْنَ نَجْداً
وأَنْ تَسْكُنَّ كاظِمَةَ البُحُورِ
وَقَالَ اللَّيْث: كظمَ الرجلُ غيظَه إِذا اجْترَعَه، وكظَمَ البعيرُ جِرَّتَه إِذا ازْدَرَدَها وكَفَّ عَنْهَا وناقةٌ كظُومٌ، ونُوق كُظومٌ إِذا(10/93)
لم تجترَّ، والكظَمُ: مَخْرَج النَفس، يُقَال: كظَمَني فلَان، وَأخذ بكظَمِي.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أخذتُ بكِظَامِ الْأَمر أَي بالثقة.
(أَبْوَاب الْكَاف والذال)
ك ذ ث: مهمل.
ك ذ ر
اسْتعْمل من وجوهه: ذكر.
ذكر: (الْحَرَّانِي) ، عَن ابْن السّكيت: عَن أبي عُبَيْدَة: يُقَال: مَا زالَ ذَاك مِنِّي على ذِكْر وذُكْرٍ.
وَقَالَ الْفراء: الذِّكْرُ: مَا ذكرْتَه بلسانك وأظهرْتَه.
قَالَ: والذُّكْرُ بِالْقَلْبِ.
يُقَال: مَا زالَ منِّي عَلَى ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الذِّكْرُ: الحفظُ للشَّيْء تَذكُرُه، والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيءِ على لسَانك.
قَالَ: والذِّكْرُ: ذِكر الشّرف، والصوتُ قَالَ الله تَعَالَى: {مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} (الزخرف: 44) والذِّكْر: الكتابُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيل الدِّين، وكلُّ كتابٍ من كُتبِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ذِكْرٌ، والذِّكْرُ: الصَّلَاة لله تَعَالَى، والدعاءُ والثناءُ.
وَفِي الحَدِيث: (كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام إِذا حَزَبَهم أمرٌ فزِعوا إِلَى الذِّكر أَي إِلَى الصَّلَاة يقومُونَ فيُصلونَ، وَذكر الحقِّ هُوَ الصَّكُّ وجمعُه: ذُكُور حقوقٍ) .
ويُقال: ذُكورُ حقَ، والذِّكْرى: اسْم للتذكِرة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الذكْرُ: الصَّلاةُ، والذكْرُ قِرَاءَة الْقُرْآن، والذِّكْرُ: التسبيحُ، والذِّكر: الدُّعَاء، والذكرُ: الشُّكْرُ، والذَّكْرُ: الطَّاعَة.
قَالَ: وَمعنى قَوْله جلّ وَعز: {الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ} (العنكبوت: 45) فِيهِ وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن ذِكْرَ الله إِذا ذَكَره العبدُ خير للْعَبد مِن ذكر العَبْد للْعَبد.
وَالْوَجْه الآخر: أَن ذكرَ الله يَنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر أكبرَ مِمَّا تنْهى الصَّلَاة.
وَقَول الله تَعَالَى: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الْأَنْبِيَاء: 60) .
قَالَ الْفراء فِيهِ، وَفِي قَوْله تَعَالَى: {أَهَاذَا الَّذِى يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} (الْأَنْبِيَاء: 36) .
قَالَ: يُرِيد: يِعيب آلِهَتكُم.
قَالَ: وَأَنت قائلٌ للرجل: لَئِن ذكَرْتني لتَندَمنّ، وَأَتَتْ تريدُ: بسوءٍ فَيجوز ذَلِك.
قَالَ عنترة:
لَا تَذْكُرِي فَرَسي ومَا أَطْعَمْتُه
فَيَكونَ جِلْدُكِ مِثلَ جِلْدِ الأجْربَ
أَي لَا تعيبي مُهري، فَجعل الذِّكْرَ عَيْبا.(10/94)
(قلت) : وَقد أنكر بعضُهم أَن يكون الذِّكْرُ عَيْبا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول عنترة:
لَا تَذْكُرِي فَرَسي ...
مَعْنَاهُ: لَا تُولَعِي بِذكرِهِ، وذِكْرِ إِيثارِي إِياه باللَّبنِ على الْعِيَال.
وَقَالَ الزّجاج نَحوا من قَول الْفراء.
وَقَالَ: يُقَال: فلانٌ يذكُر الناسَ أَي يغتابُهم وَيذكر عيوبَهم، وفلانٌ يذكُر اللَّهَ أَي يصِفه بالعظمة ويُثني عَلَيْهِ ويوحِّدُه، وَإِنَّمَا يحدف مَعَ الذِّكر مَا عُقِل مَعْنَاهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الذَّكَرُ: مَعْرُوف وجمعُه: الذِّكَرَة، وَمن أَجله يُسمى مَا يَلِيهِ المَذَاكِيرُ، وَلَا يفرَدُ، وإنْ أُفرِدَ فَمُذْكِرٌ، مِثل: مُقْدِم ومقاديم.
والذَّكَرُ: خلاف الْأُنْثَى، وَيجمع الذُّكُورَ، والذُّكُورَةَ، والذِّكارَةَ، والذُّكْرَان.
وَقَالَ: الذَّكَرُ من الْحَدِيد: أَيبسهُ وأشدُّه، وَلذَلِك سُمِّيَ السيفُ مُذَكّراً ويذكَّرُ بِهِ القَدُومُ والفأسُ وَنَحْوه أعْنِي بالذَّكَرِ من الْحَدِيد، وامرأةٌ مُذَكَّرَةٌ، وناقةٌ مُذَكَّرةٌ إِذا كَانَت تُشْبِه فِي خِلقتها الذكَرَ أَو فِي شمائلها الرجلَ أَعْنِي الْمَرْأَة.
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا ولدت ذَكَراً قد أَذَكَرَت فَهِيَ مُذْكِرٌ، فَإِذا كَانَ من عَادَتهَا أَن تَلِدَ الذُّكورَ فَهِيَ مِذْكارٌ، والرجلُ أَيْضا مِذْكارٌ.
وَيُقَال للحُبْلَى، على الدعاءِ: أيْسَرْتِ وأَذْكَرْتِ.
والاستذكارُ: الدِّراسَةُ للْحِفْظ، والتَّذَكُّرُ، تذكُّرُ مَا أُنْسِيتَهُ.
وَقَالَ كَعْب:
وعرفتُ أنِّي مُصْبِحٌ بمَضِيعَةٍ
غَبْرَاءَ تعزِفُ جِنُّها مِذْكارِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَلاَةٌ مِذْكار: ذاتُ أهوالٍ، وَقَالَ مَرَّةً: لَا يسلكها إِلَّا الذَّكَرُ من الرِّجال، ويومٌ مُذَكّر إِذا وُصِفَ بالشدةِ والصعوبة وَكَثْرَة الْقَتْل. وَقَالَ لبيد:
فإِن كنتِ تَنْعَيْنَ الكرامَ فأَعْوِلِي
أَبَا حازمٍ فِي كلِّ يَوْم مُذكَّرِ
وطريقٌ مُذْكِرٌ: مَخُوفٌ صعبٌ، وفلاة مُذْكِرٌ: تُنبت ذكورَ البُقول، وذُكُورُه: مَا خشُنَ مِنْهُ وغَلُطَ، وأَحْرَارُ البُقُول: مَا رقَّ مِنْهُ وَطَالَ، وداهيةٌ مُذكِرٌ: شَدِيدَة.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وداهيةٍ عمياءَ صمَّاء مُذكِرِ
تَدُرُّ بِسَمَ فِي دَمٍ يتحلَّب
ورجلٌ ذَكَر إِذا كَانَ قويّاً شجاعاً أَنِفاً أَبِيّاً، ومَطر ذكرٌ: شديدٌ وابلٌ.
قَالَ الفرزدق:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبلاليقِ قد رعتْ
بِمُسْتَنِّ أَغْيَاثٍ بُعَاقٍ ذكورها
وَقَول ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِينٌ، وشِعْر ذكَرٌ: فَحْلٌ.(10/95)
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المُذَكَّرَةُ وَهِي سيوف شَفَراتُها حَدِيد ذكَرٌ، ومُتونها: أَنيثٌ، يقولُ النَّاس إِنَّهَا من عمل الْجِنّ.
(أَبُو زيد) : ذهبتْ ذُكْرَةُ السَّيْفِ والرجلِ، أَي حِدته.
وَقَالَ الْفراء: يكون الذِّكْرَى بِمَعْنى الذِّكْر، وَيكون بِمَعْنى التَّذكير فِي قَوْله: {) وَالاَْبْصَارِ إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} (ص: 46) .
ك ذ ل
كلذ: (اسْتعْمل مِنْهُ) :
كلذ: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكِلْوَاذُ: تَابوتُ التَّوْراة.
وكلْوَاذَي: قَرْيَة أسفلَ بَغْدَاد.
ك ذ ن
كذن: (اسْتعْمل مِنْهُ) :
كذن: قَالَ اللَّيْث: الكَذَّانَةٌ: حِجَارَة كَأَنَّهَا المَدَرُ فِيهَا رَخاوةٌ، وَرُبمَا كَانَت نَخِرَةً وجمعُها: الكَذَّانُ.
يُقَال: إِنَّهَا فَعْلانَةٌ، وَيُقَال: فَعَّالَةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكَذّانُ: الْحِجَارَة الَّتِي لَيست بصُلْبةٍ.
ك ذ ف: مهمل.
ك ذ ب
كذب، ذكب: (مستعملان) .
كذب ذكب: قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) وقرىء ( ... لَا يُكْذِبونَكَ) قَالَ معنى التَّخْفِيف وَالله أعلم لَا يجعلونك كذَّاباً، وأنَّ مَا جِئْت بِهِ بَاطِل لأَنهم لم يجربوا عَلَيْهِ كَذِباً فَيُكْذِبوه، إِنَّمَا أكذبوه، أَي قَالُوا إِنَّمَا جِئْت بِهِ كَذِبٌ لَا يعرفونه من النُّبُوَّةِ.
وَقَالَ الزّجاج: معنى كذّبْتُهُ: قلت لَهُ كذبْتُ، وَمعنى أكذبْتُهُ: أَرَيْتُهُ أَن مَا أتَى بِهِ كذِب.
قَالَ وَتَفْسِير قَوْله: { ... لاَ يُكَذِّبُونَكَ} لَا يقْدِرُون أَن يَقُولُوا لَك فِيمَا أَنبَأت بِهِ مِمَّا فِي كُتبهم كذبْتَ.
قَالَ وَوجه آخر { ... لاَ يُكَذِّبُونَكَ} بقلوبهم أَي يعلمُونَ أَنَّك صَادِق.
قَالَ وجائزٌ أَن يكون: فَإِنَّهُم لَا يكذِّبونك أَي أَنْت عِنْدهم صَدُوقٌ، وَلَكنهُمْ جَحَدُوا بألسنتهم مَا تشهد قُلُوبهم بكذبهم فِيهِ، وَقَوله جلّ وعزّ: {وَجَآءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} (يُوسُف: 18) .
جَاءَ فِي التَّفْسِير أنَّ إِخوةَ يوسفَ لما طرحوه فِي الْجُبِّ أخذُوا قَمِيصه وذبحوا جَدْياً فلَطَّخُوا الْقَمِيص بدمِ الجَدْي، فَلَمَّا رأى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام الْقَمِيص قَالَ: كَذبْتُمْ لَو أكله الذئبُ لخرَّقَ قَمِيصه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: (بِدَمِ كذِبٍ) ،(10/96)
مَعْنَاهُ: مَكْذُوب.
قَالَ وَالْعرب تَقول للكذِبِ: مَكْذُوب وللضعفِ مضعوف، وللجَلد مجلود، وَلَيْسَ لَهُ مَعْقودُ رأيٍ يُرِيدُونَ عَقْد رأيٍ فيجعلون المصادر فِي كثيرٍ من كَلَامهم مَفْعُولا.
وَحكي عَن أبي ثَرْوَان أَنه قَالَ: إنَّ بني نُميرٍ لَيْسَ لِحِدِّهم مَكذُوَبةٌ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: بِدَمٍ كَذِبٍ فَجعل الدَّمَ كذبا لِأَنَّهُ كُذِبَ فِيهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ} (الْبَقَرَة: 16) .
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هُوَ مصدر فِي معنى مفعول، أَرَادَ بدمٍ مَكذُوب.
وَقَالَ الزّجاج: بدمٍ كَذِبٍ أَي ذِي كَذبٍ، وَالْمعْنَى: مكذوبٌ فِيهِ.
ابْن الأنباريِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) .
قَالَ سألَ سَائل: كيفَ خَبَّرَ عَنْهُم أَنهم لَا يكذِّبون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَقد كَانُوا يظهرون تَكْذِيبه ويخفونه.
قَالَ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحدهَا: فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك بقلوبهم بل يكذبُونَك بألسنتهم.
وَالثَّانِي: قراءةُ نافعٍ والكسائيّ ورُوِيت عَن عليّ صلوَات الله عَلَيْهِ (فَإِنَّهُم لَا يُكذِبُونَك) بِضَم الْيَاء وتسكين الْكَاف على معنى لَا يُكْذِبُونَ الَّذِي جِئْت بِهِ إِنَّمَا يجحدونَ آيَات الله ويتعرَّضون لعقوبته، وَكَانَ الكسائيُّ يحتجُّ لهَذِهِ الْقِرَاءَة بِأَن الْعَرَب تَقول: كذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلَى الْكَذِب، وأكذبته إِذا أخْبَرْتَ أنَّ الَّذِي يحَدِّثُ بِهِ كذب.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَيُمكن أَن يكونَ {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) أَن يكونَ بِمَعْنى لَا يجدونك كذّاباً عِنْد الْبَحْث والتَّدَبُّر والتفتيش.
وَالثَّالِث: أَنهم لَا يكذّبونك فِيمَا يجدونه مُوَافقا فِي كِتَابهمْ لِأَن ذَلِك من أعظم الْحجَج عَلَيْهِم.
وَقَالَ جلّ وَعز: (حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كُذِّبوا) (يُوسُف: 110) قرأهُ أهل الْمَدِينَة وَهِي قراءةُ عَائِشَة بِالتَّشْدِيدِ وضمِّ الْكَاف.
رَوَى عبد الرَّزَّاق عَن مَعْمَرٍ عَن الزُّهرِيّ عَن عُروَةَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كذَّبهم من قَومهمْ أَن يصدِّقوهم، وظنت الرُّسل أَن مَنْ قد آمنَ من قَومهمْ قد كذبوهم جَاءَهُم نصر الله، وَكَانَت تقرؤه بِالتَّشْدِيدِ، وَهِي قِرَاءَة نَافِع وَابْن كثيرٍ وَأبي عَمْرو وَابْن عامرٍ، وقرأَ عَاصِم وَحَمْزَة والكسائيّ (كُذبوا) بِالتَّخْفِيفِ.
ورَوَى حَجَّاجٌ عَن ابْن جُرَيْجٍ عَن ابْن أبي مُلَيْكة عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: (كُذِبُوا)(10/97)
بِالتَّخْفِيفِ وَضم الْكَاف.
وَقَالَ: كَانُوا بشرا يَعْنِي الرُّسل يذهبُ إِلَى أَن الرُّسلَ ضَعُفوا فظنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا.
(قلت) : إنْ صَحَّ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس فَوجْهُهُ عِندي وَالله أعلم أَن الرُّسُلَ خَطَرَ فِي أَوهامِهم مَا يخطُرُ فِي أَوْهامِ البَشَرِ من غير أَن حَقَّقوا تِلْكَ الخواطرَ وَلَا رَكَنُوا إِلَيْهَا وَلَا كَانَ ظنُّهمْ ظَنّاً اطْمأْنُّوا إليهِ، وَلكنه كَانَ خاطراً يَغْلِبهُ اليَقينُ، وَقد رَويْنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تجَاوز اللَّهُ عَن أُمَّتي مَا حَدَّثَتْ بهِ نَفسهَا مَا لم يَنطِقْ بِهِ لِسانٌ أَو تَعْملْهُ يَد) فَهَذَا وجهُ مَا روى ابْن أَبي مُليكة عَن ابْن عباسٍ.
وَقد رُوِيَ عَنهُ فِي تفسيرهَا غَيره.
روى سُفيانُ الثّوري عَن حُصْين بن عمرَان بن الْحَارِث عَن ابْن عَبَّاس أَنه قرأَ (حَتَّى إِذا اسْتيأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمِهم الإجابةَ وظَنَّ قَوْمُهُمْ أَن الرُّسُلَ قد كَذبتْهُمُ الوعيدَ) .
(قلت) : وَهَذِه الروايةُ أَسلم، وبالظاهِر أَشْبَهُ، وممَّا يُحقِّقُها مَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَيرٍ أَنه قَالَ: (اسْتيْأسَ الرُّسُلُ من قَومهمْ وظنَّ قَومُهمْ أنَّ الرُّسُلَ قد كُذِبُوا جاءَهم نَصْرُنَا) .
وَسَعِيد بن جُبيرٍ أَخذَ التَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس، وقرأَ بَعضهم: (وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبُوا) أَي ظَنَّ قَوْمُهمْ أَنَّ الرسُلَ قد كَذَبُوهمْ.
(قلت) : وأَصَحَّ الأقاويلِ مَا رَوَينَا عَن عائشةَ، وبقرَاءتها قرأَ أهلُ الْحَرَمَيْنِ وأهلُ البَصْرَةِ وأَهلُ الشامِ.
وَقَول الله جلّ وَعز: {الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (الْوَاقِعَة: 2) .
قَالَ الزجاجُ أَي لَيْسَ يَرُدُّها شيءٌ كَمَا تَقول: حَمْلةُ فلانٍ لَا تَكْذِبْ أَي لَا يَرُدُّ حَمْلتَهُ شيءٌ.
قَالَ: وكاذبةٌ مَصدَرٌ كقولكَ: عافاهُ الله عافِيةً، وكذلكَ كَذَبَ كاذِبةً، وهذهِ أَسماءٌ وُضعَتْ مَواضعِ المصادِر.
وَقَالَ الْفراء: فِي قولهِ: {الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} (الْوَاقِعَة: 2) .
يَقُول: لَيْسَ لَهَا مَرْدُودٌ وَلا رَدٌّ فالكاذبةُ هَا هُنَا مَصْدرٌ.
يُقَال: حَمَلَ فَمَا كذَبَ، وَقَول الله جلّ وعزّ: {أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (النَّجْم: 11) يَقُول: مَا كَذبَ فُؤَادُ مُحمدٍ مَا رَأَى، يَقُول: قد صَدقَة فؤادُه الَّذِي رَأَى، وقُرىء (مَا كَذَّبُ الفؤادُ مَا رَأَى) وَهَذَا كلَّهُ قَول الفراءِ.
وروى المنذريُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قولهِ: {أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (النَّجْم: 11) أَي لم يَكذِبِ الفؤادُ رُؤيتَهُ، وَمَا رأَى بِمَعْنى الرؤيةِ كقولكَ: مَا أنْكرتُ(10/98)
مَا قَالَ زيدٌ أَي قَول زيدٍ.
وَيُقَال: كذَبني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْنِي فَقَالَ لي الكذِبَ.
وَأنْشد قَول الأخْطَلِ:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رأَيتَ بِواسِط
غَلَسَ الظَّلاَمِ من الرَّياب خَيَالاَ
مَعْنَاهُ أوْهمتكَ عَينُكَ أَنَّهَا رأتْ وَلم ترَ، يَقُول مَا أَوْهَمهُ الفؤادُ أَنه رأى وَلم يرَ، بل صَدَقه الفؤادُ رؤيتَهُ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً} (النبأ: 28) .
وَقَالَ: { (دِهَاقاً لاَّ يَسْمَعُونَ} (النبأ: 35) .
قَالَ الفراءُ: خَفَّفهُمَا عَليّ ابْن أبي طالِبٍ جَمِيعًا كِذَاباً، كِذَاباً.
قَالَ وثقَّلَهمَا عاصمٌ وأهلُ الْمَدِينَة، وَهِي لُغةٌ يمَانية فصيحةٌ، يقولُون: كذَّبتُ بِهِ كِذَّاباً، وخَرّقْتُ القَميصَ خِرّاقاً، وكلُّ (فَعّلْتُ) فمصْدَرَه (فِعَّالٌ) فِي لُغتهمْ مُشَدّدَةً.
وَقَالَ لي أعرابيٌّ مَرّةً على المَرْوَة يَسْتفْتيني آلْحَلْقُ أَحَبُّ إليكَ أم القِصَّارُ؟ وأنشدني بعضُ بَنِي كلابٍ:
لقد طالما ثَبّطْتِني عَن صَحَابتي
وعَن حِوجٍ قِصَّاؤهَا من شِفَائيَا
وَقَالَ الفراءُ: كَانَ الْكسَائي يُخفّفُ (لَا يَسْمعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَاباً) لِأَنَّهَا لَيست مُقَيّدَة بِفعل يُصَيِّرها مصدرا ويُشَدِّد {حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً} (النبأ: 28) لِأَن كَذّبُوا يُقيِّدُ الكِذّابَ، وَالَّذِي قَالَ حَسَنٌ، وَمعناه لَا يَسمعونَ فِيهَا لَغواً أَي بَاطِلا، وَلَا كِذّاباً لَا يُكَذِّبُ بَعضهمْ بَعْضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن نجدةَ عَن أبي زيد) قَالَ: الكذوبُ والكذوبة: من أسماءِ النفْس.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: (كَذَبَ عَلَيْكُم الحجُّ والعُمْرَة والجهادُ، ثَلَاثَة أسْفار كذبنَ عَليكم) .
وَرُوِيَ عَنهُ أنَّ رجلا شكا إليهِ النّقْرِسَ فَقَالَ: كَذبَ عَلَيْك الظَهائر.
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: معنى كَذَبَ عَلَيْكُم: معنى الإغراءِ، أَي عَلَيْكُم بهِ، وَكَانَ الأصلُ فِي هَذَا أَن يكون نَصْباً ولكنّه جَاء عَنْهُم بالرَّفع شَاذّاً على غيْرِ قِيَاسٍ.
قَالَ: وَممّا يُحقِّقُ ذَلِك أنّه مرفوعٌ قَوْلُ الشاعِر:
كَذَبْتُ عليْك لَا تَزَالُ تَقُوفُني
كَمَا قَافَ آثَارَ الوسِيقَةِ قَائف
فَقَوله: كَذَبْتُ عَلَيْك إنمَا أَغْرَاه بنفْسِه أَي عليْكَ بِي فَجَعَل نفسهُ فِي مَوضِع رَفْعٍ ألاَ(10/99)
تراهُ قد جَاءَ بالتَّاءِ فَجَعَلها اسمهُ، قَالَ مُعَقِّرُ بن حِمَار البَارقيُّ:
وذُبْيَانيَّةٍ وَصَّتْ بَنيها
بأَنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أَسْمَع فِي هَذَا حَرْفاً مَنْصوباً إلاَّ فِي شيءٍ كَانَ أبوعبيدة يَحْكِيه عَن أَعرابي نظر إِلَى ناقةٍ نِضْوٍ لرجلٍ فَقَالَ: كَذَب عَلَيْك البَزْرَ والنَّوى.
وَقَالَ ابْن السكيتِ: تَقول للرَّجلِ إِذا أمرتَهُ بالشَّيءْ وأَغْرَيته: كَذَبَ عليكَ كَذَا وَكَذَا أَي عليكَ بِهِ، وَهِي كَلمةٌ نادِرَةٌ.
قَالَ: وأَنشدني ابْن الأعرابيّ لخداشِ بن زُهَيرٍ:
كَذَبْتُ عليكُم أَوْعِدوني وعَلّلُوا
بيَ الأرْضَ والأقْوَامَ قِردانَ مَوْظبَا
أَي عَلَيْكُم بِي وبِهِجَائي إِذا كُنْتم فِي سَفَرٍ واقطعوا بذكرِى الأَرْض وأنْشِدوا القَوْم هِجَائي يَا قِردان موظَبَ.
وَقَالَ الفرّاء: كَذَبَ عَلَيْك الحَجُّ أَي وَجَبَ، وَهُوَ الكذْبُ فِي الأَصْل إِنَّمَا هُوَ أنْ قيل: لَا حَجَّ فَهُوَ كَذِبٌ. وَقَالَ عَنْترة:
كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنَ بارِدٍ
إِن كُنتِ سائلتي غَبُوقاً فاذْهَبي
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِيرُ: معنى قَوْله: كَذَبَ عليكَ الحجُّ أنّه حضٌّ على الحجّ. وَقَالَ: إِن الحجَّ ظَنَّ بكْم حِرصاً عَلَيْهِ ورغْبةً فِيهِ فَكَذَب ظَنُّه لقلَّة رغبَتكم فِيهِ.
قَالَ وقولُه:
كَذَبْتُ عليْكَ لَا تزَالُ تَقُوفُني
أَي ظننْتُ أنَّكَ لَا تنام عَن وِتْري فكَذَبْتُ عليكَ فأَذَلَّه بِهَذَا الشِّعرِ وأَخْمَل ذِكْرَه، وَقَالَ فِي قَوْله:
بِأنْ كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوفُ
قَالَ: القَراطف: أكْسَيةٌ حُمرٌ، وَهَذِه امرأةٌ كَانَ لَهَا بَنُونَ يركبون فِي شارةٍ حَسَنةٍ وهم فُقَرَاء لَا يملكونَ وراءَ ذَلِك شَيْئا فَسَاءَ ذَلِك أُمَّهم لأنْ رأَتهم فُقَراءَ، فَقَالَت: كَذَب القرَاطِفُ أَي زِينتهم هَذِه كاذبةٌ لَيْسَ وراءَهَا عندهمْ شيءٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تَقول العَرَب لِلْكَذَّاب فُلان لَا يُؤَالَفُ خَيْلاَهُ، وَلاَ تُسَايَرُ خَيْلاه كَذِباً.
قَالَ اللحيانيُّ: يقالُ للكذَّابِ إِنَّه لَكَيْذُبَانٌ، وكُذُبْذُبٌ وكُذُّبْذُبٌ وَأنْشد:
وَإِذا سَمِعتَ بأنَّني قد بِعْتكم
بوصالِ غانيةٍ فقُلْ كذُّبْذُبُ
وَيُقَال لِلكَذِبِ: كِذَّابٌ، قَالَ الله تَعَالَى: { (دِهَاقاً لاَّ يَسْمَعُونَ} (النبأ: 35) أَي كَذِباً، وَأنْشد أَحْمد بن يحيى قَول أبي دُوادٍ الإِياديِّ:
قُلتُ لمَّا نَصَلاَ منْ قُنَّةٍ
كَذَبَ العَيْرُ وَإِن كَانَ برحْ
قَالَ مَعْنَاهُ: كَذَبَ العَيْرُ أَن ينجوَ منِّي أيَّ طريقٍ أَخذ سَانحاً أوْ بَارِحاً.(10/100)
قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: هَذَا إغراءٌ أَيْضا.
وَيُقَال: كَذَبَ لبنُ النَّاقةِ: أَي ذهب، وكَذَبَ البَعيرُ فِي سَيْرِهِ إِذا سَاءَ سَيرهُ.
قَالَ الْأَعْشَى:
جُمَاليَّة تَغْتَليِ بالرِّدافْ
إِذا كَذَبَ الآثماتُ الهجيرا
وَمن أمثالهم: (لَيْسَ لمكْذُوبٍ رأْي) وَمِنْهَا (المعاذِر مَكاذِبُ) .
وَمن أمثالهم: (إنّ الكَذُوب قد يَصدُقُ) ، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: (مَعَ الخواطِىء سهمٌ صائب) .
وَقَالَ اللحياني: رجل تِكذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكذِبُ ويَصْدُقُ.
وَقَالَ النّضر: يُقَال للنّاقةِ الَّتِي يضربُها الفحْل فتشولُ ثمَّ ترجع حَائِلا مُكَذِّبٌ، وكاذِبٌ، وَقد كَذَبَتْ وكذَّبَتْ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للرجل يُصاح بِهِ وَهُوَ ساكِتٌ يُرى أنّه نَائِم: قد أكْذَب وَهُوَ الإكْذَابُ.
وَفِي حَدِيث الزبير أنّه حَمَل يَوْم اليَرمُوك على الرُّوم، وَقَالَ للْمُسلمين إِن شددتُ عَلَيْهِم فَلَا تُكَذِّبوا.
قَالَ شمر: يُقَال للرجل إِذا حَمَل ثمَّ ولَّى وَلم يمضِ: قد كَذَّبَ تَكذِيباً، وَقد كَذّب عَن قِرْنه، وَقَالَ زُهَيْر:
ليثٌ بِعَثّرَ يصطادُ الرجالَ إِذا
مَا الليثُ كَذَّب عَن أَقْرانه صَدَقَا
وَيُقَال: حَمَل فَمَا كَذّب أَي مَا جُبنَ وَمَا رَجَعَ، وَكَذَلِكَ حَمل فمَا هَلّل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المَكْذُوْبةُ من النِّساء: الضعيفة.
قَالَ: المَذْكوَبة: المرأةُ الصالحةُ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: كَذَبَك الحجُّ أَي أمكنك فَحُج، وكَذَبك الصَّيْدُ أَي أمكنك فَارْمِهِ.
ك ذ م: مهمل.
(أَبْوَاب الْكَاف والثاء)
ك ث ر
استُعمل من وجوهه: كثر، كرث.
كرث: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَا كَرَثَني هَذَا الأمرُ أَي مَا بَلغ مني مَشقّةً، وَالْفِعْل المجاوزُ أَن تَقول: كَرثْته أكْرثهُ كَرْثاً وَقد اكْتَرَثَ هُوَ اكْتراثاً. وَهَذَا فعل لازمٌ، والكْرَّاثُ: بقلةٌ.
(قلتُ) : والكَرَاثُ بِفَتْح الْكَاف وتخفيفُ الراءِ: بقلةٌ أخرَى، الواحِدةً كَرَاثةٌ.
قَالَ أَبُو ذَرَّة الْهُذلِيّ:
إنَّ حبيبَ بنَ اليَمان قد نَشِبْ
فِي حصدٍ من الكَرَاثِ والكَنِبْ
إنْ يَنتَسِبْ يُنْسَبْ إِلَى عرقٍ وَرِبْ
أهْلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجٍ صخِبْ
وعازبٍ أَقْلَحَ فوهُ كالخَرِبْ(10/101)
قَالَ: الكَرَاثُ والكَنَبُ: شجرتَانِ. وَأَرَادَ بالعازب مَالا عزبَ عَن أَهْلهِ، أَقْلَح: اصفرَّ أسنانُه من الهرمِ.
وَيُقَال: بُسرٌ قَريثَاءُ وكَرِيثَاء لضربٍ منَ التمرِ معروفٍ.
(الأصمعيُّ) : كَرَثَنِي الأمرُ وقَرَثنِي: إِذا غمَّهُ وأَثقلَهُ.
كثر: قَالَ اللَّيْث: الكَثْرَةُ نماءُ العدَدِ، تَقول: كَثُرَ الشيءُ يَكْثرُ كَثْرَةً فَهُوَ كَثِيرٌ.
وَتقول: كَاثَرْنَاهُمْ فكَثرْنَاهُمْ، وكُثْرُ الشَّيْء: أَكْثرُهُ، وقُلُّهُ: أَقَلُّه.
وأنشدَ ابْن السّكيت:
فإنَّ الكُثْرَ أَعْيَانِي قَدِيما
وَلم أُقْتِرْ لدُنْ أَنَّي غلامُ
ورجلٌ مُكْثرٌ: كثيرُ المالِ، ورجلٌ مِكْثَارٌ وامرأةٌ مِكْثَارٌ إِذا كَانَا كثِيرَيِ الكلامِ، ورجلٌ مَكْثورٌ عَلَيْهِ إِذا كَثُرَ من يطلبُ إليهِ المعروفَ.
وَفِي الحديثِ المرفوعِ: (لاَ قَطْعَ فِي ثمرٍ ولاَ كَثرٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عبيدةَ: الكَثرُ: جُمَّارُ النَّخْل فِي كلامِ الأنصارِ، وَهُوَ الجَذَبُ أَيْضا.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَول الله تَعَالَى: {} {التَّكَّاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ} (التكاثر: 1، 2) نَزَلتْ فِي حَيّيْنِ تفاخَرَا أَيُّهُمَا أَكْثرُ عددا، وهمَا بنُو عبدِ منافٍ، وبنُو سهمٍ فكَثرَتْ بنُو عبدِ منافِ بني سهمٍ، فقالتْ بَنو سهمِ: إنَّ البغيَ أَهْلَكَنَا فِي الْجَاهِلِيَّة فعادُّونا بالأحياء والأمواتِ فكَثَرَتهُمْ بنُو سهمٍ فأَنزَلَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {} حَتَّى ذكرْتُمْ الأمواتَ.
وَقَالَ غيرُ الفراءِ: أَلْهاكُم التّفاخرُ بِكَثْرَة العددَ والمالِ حَتَّى زرتُم المقابرَ أيْ حَتَّى مُتمْ. وَمِنْه قولُ جريرَ فِي الأخطلِ حينَ ماتَ:
زارَ القُبورَ أَبو مالكٍ
فأَصبحَ أَلأَمَ زُوَّارِها
فجعلَ زيارةَ القَبْرِ بِالْمَوْتِ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {} (الْكَوْثَر: 1) .
قَالَ الْفراء، قَالَ ابْن عَبَّاس: الْكَوْثَر هُوَ الْخَيْر الْكثير.
(قلت) : وَقد روى ابْن عمر وَأنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الكَوْثرُ: نهرٌ فِي الجنةِ أَشدُّ بَيَاضًا من اللبَن وأَحْلَى من العسلِ على حافتيْهِ قِبابُ الدُّرِّ المجوَّفِ) والكوثرُ فوعلٌ من الكثرةِ، ومعناهُ الخَيرُ الكثيرُ، وجاءَ فِي التَّفْسِير أَن الكوثرَ الإِسلامُ والنُّبُوّةُ، وجميعُ مَا جاءَ فِي تَفْسِير الكوْثرِ قد أعطي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطيَ النبوَّةَ وإظهارَ الدّين الَّذِي بعثَ بهِ عَلَى كل دينٍ، والنصرَ على أعدائهِ،(10/102)
والشفاعة لأمتِهِ وَمَا لَا يُحصىَ من الخيرِ وَقد أعطيَ من الجنةِ على قدرِ فَضله على أهلِ الجنةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكوْثرُ: الرجلُ الكثيرُ العطاءِ والخيرِ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وأنتَ كثيرٌ يَا ابْن مروانَ طيبٌ
وكانَ أَبوك ابْن العقائلِ كوْثرَا
والكوْثرُ: السيدُ، قَالَ لبيدٌ:
وعندَ الرِّداعِ بَيْتُ آخرَ كوْثَرُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ عبد الْكَرِيم أَبُو أُميَّة قَالَت عجوزٌ: قدمَ فلانٌ بكوثرٍ كثيرٍ، وَهُوَ فوعلٌ من الكثرةِ، وَيُقَال للغبار إِذا سطعَ وكثرَ: كَوثرٌ. وَقَالَ الهذليُّ:
بحَامِي الْحقيق إِذا مَا احْتدَمْنَ
حَمْحَمَ فِي كَوثرٍ كَالجِلالْ
أَرادَ فِي غُبَار كأنهُ جلالُ السفينةِ يصفُ حمارا وَعَانثهُ.
(أَبُو عبيد) : شيءٌ كثيرٌ وكُثارٌ مثلُ طَويلٍ وطُوالٍ.
والكثر والكوثر: وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: يُقَال للْكثير كَيْثَرٌ وكَوثرٌ، وأَنشد:
هلِ العزُّ إِلَّا الُّلهى والثرَا
ءُ والعددُ الكيثَرُ الْأَعْظَم
(ابْن شُمَيْل عَن يُونُس) : رجال كثيرٌ ونساءٌ كثير ورجالٌ كثيرةٌ، ونساءٌ كثيرةٌ، زعم، وكثّرَتُ الشيءَ: جعلته كثيرا زَعم، وَرجل مُكثِرُ: كثيرُ المالِ.
ك ث ل
اسْتعْمل من وجوهه: لكث، ثكل، كثل.
كثل: أَمَّا كثل فأصلُ بِنَاء الكَوْثلِ وَهُوَ فَوْعَلٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكوْثَلُ: مُؤخّر السَّفِينَة، وَفِي الكوثَلِ يكون الملاّحونَ وأداتهم، وَأنْشد:
حَملْتُ فِي كوْثَلِها عُوَيفَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المرْنَحةُ: صدرُ السفينةِ، والدَّوْطِيرَةُ: كوثَلُهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخَيْزرانةُ: السُّكّانُ وَهُوَ الكَوْثَلُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
من الْخَوْف كوثلُها يُلتزمْ
لكث: (ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: اللَّكاثِيُّ من الرجالِ: الشَّديد البَيَاض، مأخوذٌ من اللُّكاث وَهُوَ الحجرُ البَرَّاقُ الأملس يكون فِي الجِصِّ.
وَقَالَ اللحياني: اللكاث، والنُّكاثُ: داءٌ يَأْخُذُ الإِبلَ وَهُوَ شبْه البَثْر يَأْخُذهَا فِي أفواهِها:
(عَمْرو عَن أَبِيه) : اللُّكَّاثُ: الجَصَّاصون. الصُّناعُ مِنْهُم لَا التُّجّارُ.
ثكل: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: ثَكِلَتْه أُمُّه تثكلهُ، فَهِيَ بِهِ ثَكْلى، وَقد أُثكِلَتْ وَلَدهَا فَهِيَ(10/103)
مُثْكلةٌ بِوَلَدِهَا، والجميع: مثاكيلُ.
وَقَالَ غَيره: امرأةٌ مُثْكِلٌ بِغَيْر هَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الثّكُولُ: المرأةُ الفاقِدُ.
وَقَالَ غَيره: فَلاَةٌ ثَكُولٌ: مَن سَلَكها فُقِدَ، وثُكلَ، وَمِنْه قَول الجُمَيح:
إِذا ذَاتُ أَهْوَالٍ ثَكُولٌ تَغَوَّلَتْ
بهَا الرُّبْدُ فَوْضَى والنّعَامُ السَّوَارِحُ
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّكْلُ: فِقْدَانُ الحبيب، وأكثرُ مَا يسْتَعْمل فِي فِقدان الْمَرْأَة زوجَها، وامرأةٌ ثَكلَى، ونسوة ثَكالى.
قَالَ ابْن السّكيت، قَالَ الْأَصْمَعِي: الإثكالُ، والأثْكولُ: الشِّمْراخُ لعِذْق النَّخْل.
ك ن ث
كنث، نكث، ثكن: (مستعملة) .
كنث: قَالَ اللَّيْث: الكنْثَة: نَوَرْدَجةٌ تُتخذ مِن آسٍ وأغصانِ خلافٍ، تُبسط وتُنضد عَلَيْهَا الرياحين ثمَّ تطوى.
قَالَ: وَإِعْرَابه: كُنْثَجَةٌ، وبالنبطة: كُنْثَا.
نكث: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} (النَّحْل: 92) وَاحِد الأنكاث: نِكْثٌ، وَهُوَ الْغَزل من الصُّوف، والشّعر يُبرمُ ويُنسج أكْسية وأَخبيةً، فَإِذا أَخلقَتْ قطِّعَتْ قطعا صغَارًا، ونُكِثتْ خيوطها المبرمة وخُلطت بالصوفِ الْجَدِيد، ومِيشتْ بِهِ فِي المَاء، فَإِذا جفَّت ضُربتْ بالمطارقِ حَتَّى تختلط بهَا، وغُزلتْ ثَانِيَة واستُعملت، وَالَّذِي يَنكُثها يقالُ لَهُ النّكاثُ، وَمن هَذَا: نكَث العهدَ، وَهُوَ نقضُه بعد إحكامه كَمَا تُنكثُ خيط النَّسَائج بعد إبرامها.
وَقَالَ ابْن السّكيت: النّكْثُ: الْمصدر، والنِّكث: أَن تُنقْضَ أَخلاقُ الأخْبية فتغزلَ ثَانِيَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: النّكيثة: النَّفس، يُقَال: بُلغتْ نكيثتُه إِذا جُهد قوَّته، ونكائثُ الْإِبِل: قواها. وَقَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
تُمْسِي إِذا العِيسُ أدْرَكْنا نكائثَها
خَرْقاءَ يَعْتَادُها الطُّوفَانُ والزُّؤُدُ
وَمِنْه قَول طرفَة:
مَتَى يَكُ أَمْرٌ للّنكيثَةِ أَشْهَدِ
يَقُول: مَتى ينزلْ بالحيِّ أمرٌ شَدِيد يبلغُ النكيثَة، وَهِي النفْس ويجهدُها فَإِنِّي أشهدُه واضطلع بِهِ. وَقَالَ أَبُو نُخَيْلَة:
إِذا ذَكَرْنَا والأُمورُ تذكَرُ
واسْتَوعَبَ النّكَائِثَ التّفَكرُ
قْلنَا أَمِيرُ المؤْمِنينَ مُعْذِرُ
يَقُول: استوْعَبَ الفكرُ أَنْفُسنَا كلهَا وجَهدها.
(اللحياني) : النُّكافُ والنُّكاثُ: داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل، وَيُقَال لَهُ: اللُّكاثُ أَيْضا، وَيُقَال: بعير مُنتِكثٌ إِذا كَانَ سميناً فَهُزل. وَقَالَ الشَّاعِر:(10/104)
ومُنَتكِثٍ عَالَلْتُ بالسَّوطِ رَأْسَه
وَقد كَفَرَ الليلُ الخَرُوْقُ المَوامِيا
(قلت) : وسميَتِ النْفسُ نُكيثةً لأنَّ تكاليف مَا هِيَ مضطرة إِلَيْهِ تَنكُث قواها والكِبَرُ يفْنيها، فَهِيَ مَنكوثةُ القوَى بالتَّعَب والفناء، ودخلتِ الهاءُ فِي النّكِيثَة لِأَنَّهَا جعِلت اسْما.
ثكن: (ابْن شُمَيْل) : فِيمَا روى عَنهُ أَبُو دَاوُد المصاحفيُّ فِي قَوْله: (يُحشرُ الناسُ عَلَى ثكْنِهم) أَي على مَا مَاتُوا عَلَيْهِ فأُدخلِوُا قبورَهم.
قَالَ: والثُّكنة: حفرَة على قدْر مَا يواريه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الثَّكنة: الْجَمَاعَة من النَّاس والبهائم، والثُّكنةُ: القِلادة، والثكنَةُ: الإرَة وَهِي بِئْر النَّار، والثكْنة: الْقَبْر، والثكنَة: المحجَّة، والثكنة: الرَّاية وَمِنْه الحَدِيث: (يُحشَرُ النّاسُ عَلَى ثكنهِمْ) أَي على مزاياتهم فِي الْخَيْر وَالشَّر وَالدّين. وَقَالَ طرفَة:
وهَانِئاً هَاِنئاً فِي الحيِّ مُومِسَة
ناطَتْ سِخَاباً ونَاطتْ فوْقَه ثُكَنَا
وَيُقَال للعُهُون الَّتِي تعَلّق فِي أَعْنَاق الْإِبِل: ثُكَنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّكَنُ: مراكِزُ الأجناد على راياتهم ومجتمَعهم على لِوَاء صَاحبهمْ وعَلَمِهم، وَإِن لم يكن هُنَاكَ لواءٌ وَلَا علم، واحدتها: ثُكْنَةٌ.
والأثْكُونُ، والأثْكُولُ: العُرجُون. وَقَالَ الْأَعْشَى:
لِيُدْرِكَها فِي حَمَامٍ ثُكَنْ
أَي فِي حَمَامٍ مجتمعة.
ك ث ف
كثف: قَالَ اللَّيْث: الكثافة: الْكَثْرَة والالتِفاف، والفِعل كثُف يكثف كثَافة، والكثف اسْم كثرته، يُوصف بِهِ الْعَسْكَر وَالْمَاء والسحاب، وَأنْشد:
وتحْتَ كثِيف المَاءِ فِي بَاطِن الثّرَى
مَلاِئكة تَنْحَطُّ فِيهِ وتَصعَدُ
وَيُقَال: استَكثَفَ الشيءُ اسْتكثافاً، وَقد كثّفْته أَنا تكثيفاً.
ك ث ب
كثب، كبث: (مستعملان) .
كبث: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَرِيرُ: ثمَرُ الأراكِ، والغَضُّ مِنْهُ: المَرْدُ، والنَّضيجُ: الكَبَاثُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكَبِيثُ: اللَّحْمُ الّذِي قد غُمّ، وَقد كَبَثْتُهُ فهوَ مَكْبُوثٌ وكَبيثٌ، وَأنْشد:
أَصْبَحَ عمارٌ نشيطاً أَبِثَا
يَأَكلُ لَحْمًا بَائتاً قد كَبِثَا
كثب: فِي حَدِيث ماعزِ بنِ مالكٍ أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمَرَ بِرَجْمِهِ، حينَ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا ثُمَّ قَالَ: يَعْمِدُ أَحدُهمْ إِلَى المَرْأَةِ(10/105)
المُغِيبَةِ فَيَخْدَعَهَا بالكُثْبَةِ، لاَ أُوتي بأَحَدٍ مِنْكْم فعلَ ذلكَ إلاّ جَعَلْتُهُ نَكَالاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ شُعبَةُ: سأَلْتُ سِمَاكاً عَن الكُثْبةِ فقالَ: القليلُ من اللَّبن.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وهوَ كذلكَ فِي غيرِ اللبنِ وكلُّ مَا جمعتَهُ من طعامٍ أَو غيرِه بعدَ أَن يكونَ قَلِيلا فهوَ كُثْبَةٌ، وجمعُهَا: كُثَبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يذكرُ أبعارَ البقَرِ:
مَيْلاَءَ منْ مَعْدِنِ الصّيرَانِ قاصيَةً
أَبْعَارُهُنَّ عَلَى أَهْدَافِهَا كُثَبُ
وَيُقَال: كَثَبْتُ الشيءَ أكثِبُه كثْباً إِذا جمعتَه.
وَقَالَ أوسُ بن حجرٍ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاق الحَصَى
مكانَ النَّبِيّ مِنَ الكَاثِبِ
قَالَ يريدُ بالنَّبِّي: مَا نَبَا من الحَصى إِذا دُقّ فَنَدَرَ، والكَاثِبُ: الجامعُ لمَا ندرَ منهُ، وَيُقَال: هما موضعانِ.
أَبُو حَاتِم: احْتَلَبُوا كُثَباً أَي من كل شاةٍ شَيْئا قَلِيلا، وَقد كثَبَ لبَنُها إِذا قَلَّ، إِمَّا عِنْد غَزَارَةٍ، وإمَّا عندَ قلّة كَلأ.
وَقَالَ الليثُ: يقالُ للتّمْرِ أَو البُرِّ ونحوِه إِذا كَانَ مصبُوباً فِي مواضعَ، فكلُّ صُوبةٍ مِنْهَا: كُثْبَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للرَّجلِ إِذا جَاءَ يطلبُ القِرَى بِعِلّةِ الخِطبَةِ: إنهُ ليخْطُبُ كُثْبَةً، وأَنشَد:
بَرَّحَ بالعيْنَيْنِ خَطَّابُ الكُثَبْ
يقولُ إِنِّي خَاطِبٌ وقدْ كذَبْ
وإنَّمَا يَخْطُبُ عُسًّا من حلبْ
وَقَالَ الفراءُ فِي قَول الله عز وَجل: {وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً} (المزمل: 14) الكَثِيبُ: الرَّمل، والمَهِيلُ: الَّذِي يُحرَّكُ أَسفله فينهَالُ عليكَ منْ أَعلاهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَثِيبُ: القطعةُ من الرَّمْلِ تنقادُ مُحْدَوْدِبَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: كثَبْتُ التُّرَابَ فَانكَثَبَ إِذا نَثَرْتَ بعضهُ فوقَ بعضٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَثَبْتُ الطعامَ أَكْثُبُهُ كثْباً ونثَرْتُه نَثراً، وهما واحدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَاثِبَةُ: مَا ارتفعَ من مَنْسِجِ الفرسِ، والجميعُ: الكَوَاثِبُ، والأكْثَابُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكُثابُ: سهمٌ لَا نصْلَ لَهُ وَلَا ريش يلعبُ بِهِ الصبيانُ.
وَقَالَ الراجزُ يصفُ حَيَّة:
كأنَّ قَرْصاً من طَحين مُعْتَلثْ
هامتُهُ فِي مِثْل كثَّابِ العَبِثْ
(ابْن السّكيت) : أَكثَبَكَ الصيدُ فارمِهِ أَي أَمكنكَ ودنا مِنْكَ، وفلانٌ يرمِي من كثَبٍ وَمن كثمٍ أَي من قُرْبٍ وتمكُّنٍ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ. أَكثَب فلانٌ إِلَى القومِ أَي دنا مِنْهُم، وأكثبَ إِلَى الْجَبَل أَي دنا(10/106)
مِنْهُ، وكَاثَبْتُ القومَ: أَي دنوتُ مِنْهُم، وَيُقَال: كثَبَ القومُ إِذا اجتمعُوا فهمْ كَاثِبُونَ.
ك ث م
كثم، مكث، ثكم: (مستعملة) .
كثم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكثَمَةُ: الْمَرْأَة الرَّيّا من شرابٍ أَو غَيره.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَطْبٌ أكثمُ أَي مملُوءٌ وَأنْشد:
مُذَممةٌ يُمْسِي ويُصبحُ وَطبُهَا
حَرَامًا عَلَى مُعْتَرِّها وَهُوَ أَكثمُ
وَقَالَ الْفراء: هُوَ يَرْمِي من كثمٍ أَي من قُربٍ، وكمَأَةٌ كَاثمةٌ أَي غليظةٌ.
وأَكثمُ: من أسماءِ الْعَرَب.
ثكم: أهمله اللَّيْث.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الثُّكمةُ: المَحَجَّةُ.
وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قالتْ لعثمانَ رضيَ الله عَنهُ: (تَوَخَّ حيثُ تَوَخّى صاحبَاكَ فإنهُما ثَكَمَا لكَ الحقَّ ثَكْماً) أَي بيَّنا وأَوضحنا حَتَّى تبيّن كأنَّه مَحَجةٌ ظاهرةٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : ثَكِمَ بالمكَانِ يَثْكُم إِذا أقامَ بِهِ، وثُكَامةُ: اسمُ بلدٍ.
مكث: قَالَ اللَّيْث: المُكْثُ: من الِانْتِظَار، ورجلٌ مَكِيثٌ، وَقد مكثَ مَكَاثةً، وَهُوَ الرَّزِينُ الَّذِي لَا يَعجَلُ فِي أمرِه، وهم المُكثَاءُ، والمَكيثُونَ، والماكثُ: المنتظرُ وَإِن لم يكنْ مكيثاً فِي الرَّزَانةِ. وَقَالَ الله: {مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} (النَّمْل: 22) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَهَا الناسُ بالضمِّ، وَقرأَهَا عاصمٌ بِالْفَتْح (فمكثَ) .
قَالَ: وَمعنى غيرَ بعيد: أَي غير طَوِيل من الْإِقَامَة.
(قلت) : اللُّغَة العاليةُ: مكُثَ بالضمِّ جاءَ نادِراً، ومكَثَ: لُغةٌ ليستْ بالكثيرة وَهِي القياسُ.
وَيُقَال: تَمكّثَ: إِذا انتظرَ أمرا أَو أقامَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُتمكِّثٌ ومُنتظرٌ.
قَالَ الأزهريُّ: يُقَال: مَكُثَ ومكَثَ بالمكَان إِذا لبِثَ، وأجوَدُهما: مكُثَ.
(أَبْوَاب الْكَاف وَالرَّاء)
ك ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: ركل.
ركل: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْلُ: الضَّرْب برجْلٍ وَاحِدَة، والمرْكلانِ من الدَّابةِ هما موْضِعا القُصْريَيْنِ منَ الجَنْبين، وَلذَلِك يُقَال: فرسٌ نهدُ المَرَاكلِ، والمركلُ: الرِّجْلُ منَ الراكبِ.
قَالَ: والتركُّلُ كَمَا يَحفِرُ الحافرُ بالمسِحاةَ إِذْ تركَّلَ عَلَيْهَا برِجْله.
وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:(10/107)
رَبَتْ وَربا فِي كَرْمها ابنُ مَدِينَةٍ
يَظَلُّ على مِسحاتِهِ يَتَركلُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الرَّكلُ: الطِّيطَانُ، وَهُوَ الكرَّاثُ، وبائعه: رَكالٌ.
ك ر ن
كنر، كرن، نكر، ركن، رنك.
كرن: قَالَ اللَّيْث: الكَرِينَةُ: الضاربة بالصَّنْج، والكِرَانُ: الصَّنْج.
قَالَ لبيد:
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ
وكَأَنَّ جُؤْجُؤه صَفِيحُ كِران
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَرِينَةُ المُغَنِّيَةُ.
كنر: قَالَ اللَّيْث: الكِنَّارَةُ: الشقة من ثيابُ الكتَّان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل مثله.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنزلَ الحقَّ ليُذهبَ الباطلَ واللَّعِبَ والزَّمَّارَات والكنّارات) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكِنَّاراتُ، اخْتلف فِيهَا فَيُقَال: إِنَّهَا العيدان الَّتِي يضْرب بهَا، وَيُقَال: هِيَ الدُّفوف.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَنانيرُ: وَاحِدهَا كنَّارةٌ.
قَالَ قومٌ: هِيَ العيدان، وَيُقَال: هِيَ الطنَابير. وَيُقَال: الطُّبول.
ركن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَرْكَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (هود: 113) قَرَأَهُ القرّاء بِفَتْح الْكَاف من ركِن يركَنُ رُكوناً إِذا مَال إِلَى الشَّيْء واطمأنَّ إِلَيْهِ، ولغة أُخْرَى: رَكَن يركنُ، وَلَيْسَت بفصيحة.
وَقَالَ اللَّيْث: رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا إِذا مَال إِلَيْهَا.
وَكَانَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ يُجيزُ: ركَنَ يركَنُ بِفَتْح الْكَاف من الْمَاضِي والغابر، وَهُوَ خلاف مَا عَلَيْهِ أبنيَةُ الْأَفْعَال فِي السَّالِم.
وَقَول الله جلّ وعزّ {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود: 80) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الرُّكنُ: العشيِرَة.
قَالَ: والرُّكنُ: رُكْنُ الْجَبَل وَهُوَ جَانِبه.
قَالَ: والرُّكْنُ: الأمرُ العظيمُ فِي بَيت النَّابِغَة:
لَا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لَا كفاءَ لَهُ
وَلَو تَأَثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} إنَّ الرُّكنَ: الْقُوَّة، وَيُقَال للرجلِ الْكثير العددِ: إِنَّه ليأوِي إِلَى ركن شَدِيد، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ سَاكِنا وقوراً: إِنَّه لرَكينٌ، وَقد رَكُنَ رَكَانَةً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الرُّكَيْنُ الجُرَذَ، وَقَالَ اللَّيْث مثله.(10/108)
والمرْكَنُ: شبهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ أَو شِبهُ لَقْنٍ، وناقه مُرَكَّنَةُ الضَّرْعِ، وضَرْعٌ مُرَكَّنٌ وَهُوَ الَّذِي قد انتفخ فِي مَوْضِعه حَتَّى مَلأَ الأرْفاغ وَلَيْسَ بحدًّ طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِرْكَنُ: الإجَّانَةُ الَّتِي يُغسلُ فِيهَا الثيابُ وَنَحْوهَا.
وَمِنْه حَدِيث حَمْنَةَ أَنَّهَا كَانَت تجلسُ فِي مِرْكنٍ لأخْتها زَيْنَب وَهِي مُسْتَحَاضَةٌ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه دخل الشَّام فأتاهُ أُرْكُونُ قريةٍ فَقَالَ: قد صَنَعْتُ لَك طَعَاما.
رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نافعٍ عَن أسلم.
قَالَ شمر: أُرْكُونُ القريةِ: رئيسها، وفلانٌ ركنٌ من أَرْكَان قومه أَي شرِيف من أَشْرَافهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال للعظيم من الدَّهاقِينِ: أُرْكُونٌ.
نكر: قَالَ اللَّيْث: النُّكْرُ: الدَّهاءُ، والنُّكْرُ: نعت لِلْأَمْرِ الشَّديد، والرجلِ الدَّاهي، تَقول: فَعَلَه من نُكْرِه ونَكارَته، والنَّكِرَةُ: إنكارُكَ الشيءَ وَهُوَ نقيضُ الْمعرفَة.
وَيُقَال: أَنْكرْتُ الشيءَ وأَنا أُنْكِرُهُ إنكاراً ونكِرْتُه: مثله. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ
من الحوادثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} (هود: 70) .
قَالَ اللَّيْث: وَلَا يسْتَعْمل نَكِرَ فِي غابرٍ وَلَا أمْرٍ وَلَا نهيٍ.
قَالَ: والاستنكارُ: استفهامُك أمرا تُنْكرُه، وَاللَّازِم من فِعل النُّكْرِ المُنْكَرِ نَكرَ نَكارَةً.
قَالَ: وامرأَةٌ نكْراءُ، ورجلٌ مُنْكَرٌ: داهٍ، وَلَا يُقَال للرجلِ: أَنكرُ بِهَذَا المعْنَى.
(قلت) : وَيُقَال: فلانٌ ذُو نَكْرَاءَ إِذا كَانَ داهياً عَاقِلا.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنَكُّرُ: التّغَيُّر عَن حالٍ تَسُرُّكَ إِلَى حالٍ تكْرَهُها، والنَّكيرُ: اسمٌ للإنكار الَّذِي مَعْنَاهُ التَّغْيِير.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} (الْملك: 18) أَي إنكاري.
قَالَ: والنَّكرَةُ اسمٌ لما خرج من الحُوَلاءِ، وَهُوَ الخُرَاجُ من قَيْحٍ ودَمٍ كالصَّديد وَكَذَلِكَ من الزّجير.
يُقَال: أسْهِلَ فلانٌ نكرَةً ودماً. وَلَيْسَ لَهُ فعلٌ مشتقٌّ، وجماعةُ الْمُنكر من الرِّجال: مُنكرُونَ وَمن غير ذَلِك يجمع أَيْضا بِالْمَنَاكِيرِ.
وَقَالَ الأُقَيْبِل القَيْني:
مُسْتَقْبلا صُحُفاً تَدْمِي طوابِعها
وَفِي الصَّحائِف حَيّاتٌ مَنَاكيرُ
وَقَالَ غَيره: المُناكرَة: الْمُحَاربَة، وَيُقَال: فلانٌ يناكرُ فلَانا، وَبَينهمَا مُناكرةٌ أَي(10/109)
معاداةٌ وقِتالٌ.
وَقَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب: إنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يناكرْ أحدا إِلَّا كَانَت مَعَه الأهوالُ أَرَادَ أَنه كَانَ منصوراً بالرُّعب.
حَدثنَا عبد الْملك عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق عَن معَاذ بن هاني عَن شُعْبَة عَن أبان بن ثَعْلَب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ} (لُقْمَان: 19) قَالَ: أقبح الْأَصْوَات.
رنك: قَالَ: الرَّانِكيَّةُ: نسبةٌ إِلَى الرَّانِكِ، قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلَا أعرف مَا الرانِك.
ك ر ف
كرف، كفر، فرك، فكر، ركف: (مستعملة) .
كرف: قَالَ اللَّيْث: كرَفَ الحمارُ والبِرْذَوْن يكرِفُ كرفاً وَهُوَ شَمُّه الْبَوْل وَرَفعه رَأسه حَتَّى تقْلص شفتاه. وَأنْشد:
مشاخساً طَوْراً وطوْراً كارفا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكرْفىءُ واحدتها: كرْفئةٌ وَهِي قطعٌ متراكمةٌ من السَّحَاب وَهِي الكرْثىءُ أَيْضا بالثاء.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: الكرْفِىءُ من الْبَيْضَة قِشْرُها الْأَعْلَى الَّذِي يُقَال لَهُ: القيض.
كفر: قَالَ اللَّيْث: الْكفْر: نقِيض الْإِيمَان آمَنّا بِاللَّه وكفرْنا بالطاغُوتِ وَيُقَال لأهل دَارِ الْحَرْب: قد كفَرُوا أَي عَصوْا وامتنعوا.
قَالَ: وَالْكفْر: كُفرُ النِّعْمَة، وَهُوَ نقيضُ الشُّكْر.
قَالَ: وَإِذا ألجأت مُطيعَك إِلَى أَن يَعْصيكَ فقد أكفَرْتَه.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قتالُ الْمُسلم كُفرٌ، وسِبابُه فِسْقٌ) .
قَالَ شمر: قَالَ بعضُ أهلِ الْعلم: الْكفْر على أَرْبَعَة أنحاء: كفر إنكارٍ، وكفرُ جُحودٍ، وَكفر مُعاندةٍ. وَكفر نفاقٍ. وَمن لِقي رَبَّهُ بِشَيْء من ذَلِك لم يغْفر لَهُ ويغفرُ مَا دونَ ذَلِك لمن يَشَاء، فأَما كُفرُ الإنكارِ فَهُوَ أَن يَكفُرَ بقلْبه ولسانِه وَلَا يَعْرفُ مَا يُذكَر لَهُ من التَّوْحِيد.
وَكَذَلِكَ رُوي فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وَعز: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (الْبَقَرَة: 6) ، أَي الَّذين كفرُوا بتوحيد الله.
وَأما كُفرُ الجُحُودِ فأَنْ يعرِفَ بِقَلْبِه وَلَا يُقِرَّ بِلِسَانِهِ، فَهَذَا كافرٌ جاحِدٌ ككُفر إبليسَ، وَكفر أُمَيَّةَ ابْن أَبي الصَّلْت.
وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ: {فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} (الْبَقَرَة: 89) يَعْنِي كُفر الجُحود.(10/110)
وَأما كُفْرُ المعاندة فَهُوَ أَنْ يَعرف بِقَلْبِه ويَقِرَّ بِلِسَانِهِ، ويأْبَى أَنْ يَقبَل ككفْر أَبي طَالب حيثُ يَقُول:
وَلَقَد عَلِمْتُ بأَنَّ ديِنَ محمدٍ
مِن خيرِ أَدْيان البَرِيَّة دينَا
لوْلا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ
لوَجَدْتَنِي سمْحاً بذاكَ مُبينَا
وَأما كُفر النِّفاق فأَن يَكفر بِقَلْبِه ويقِرَّ بِلِسَانِهِ.
وَقَالَ شمر: وَيكون الْكفْر أَيْضا بِمَعْنى البراءَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن الشَّيْطَان فِي خَطيئته إِذا دخل النَّار {إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} (إِبْرَاهِيم: 22) أَي تبرَّأْتُ.
ورُوي عَن عبد الْملك أنَّهُ كَتب إِلَى سعيد بن جُبَيْرٍ يسأَلُه عَن الكُفْرِ، فَقَالَ: الْكفْر عَلَى وُجوه، فكفْرٌ هُوَ شِرْكٌ يَتَّخِذُ مَعَ الله إِلَهًا آخرَ، وكفرٌ بِكِتَاب الله وَرَسُوله، وَكفر بادِّعاء وَلَدٍ لله، وكفرُ مُدَّعِي الْإِسْلَام، وَهُوَ أَنْ يعملَ أعمالاً بِغَيْر مَا أنزل الله: يَسْعَى فِي الأرضِ فَسَادًا ويقتُل نفسا محرَّمةً بِغَيْر حقَ، ثمَّ نَحْو ذَلِك من الْأَعْمَال.
وكفران أَحدهمَا يَكفر بنعمةِ الله، وَالْآخر التَّكْذِيب بِاللَّه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (النِّسَاء: 137) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج: قيل فِيهِ غيرُ قَوْلٍ، قَالَ بَعضهم: يَعْنِي بِهِ اليهودَ لأَنهم آمنُوا بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمّ كفرُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمّ ازدَادُوا كفرا بِكفرِهم بمحمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وجائزٌ أنْ يَكونَ مُحاربٌ آمن ثمّ كَفَرَ ثمّ آمنَ ثمّ كَفَرَ.
وَقيل جائزٌ أنْ يَكون منافقٌ أَظْهَر الإيمانَ وأَبطَنَ الكفرَ ثمّ آمن بَعْدُ ثمّ كفر وازداد كفرا بإقامتِه عَلَى الكُفْرِ.
قَالَ فَإِن قَالَ قائلٌ: إِن الله جلّ وعزّ: لَا يَغْفِرُ كفرَ مرّةٍ واحدةٍ، فلِمَ قيل هَا هُنَا فِيمَن آمنَ ثمَّ كفر ثمّ آمن ثمَّ كفر: {لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} وَمَا الفائدةُ فِي هَذَا؟ فَالْجَوَاب فِي هَذَا وَالله أعلم أَن اللَّهَ يغْفر للْكَافِرِ إِذا آمَنَ بَعْدَ كفرِه، فإِن كَفَرَ بعد إيمَانه لمْ يَغفر الله لَهُ الْكفْر الأوَّل، لأنّ اللَّه جلّ وعزّ يَقبل التَّوبة، فَإِذا كفر بَعْد إيمانٍ قبلَه كفر فَهُوَ مُطالَبٌ بِجَمِيعِ كفرِه، وَلَا يجوزُ أنْ يكونَ إِذا آمنَ بعد ذَلِك لَا يُغفَر لَهُ، لأنّ الله يَغفرُ لكلِّ مُؤمن بعد كفره.
وَالدَّلِيل على ذَلِك قولُه تَعَالَى: {الصُّدُورِ وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (الشورى: 25) وَهَذَا سيئةٌ بِالْإِجْمَاع.
وَقَوله جلّ وَعز: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ(10/111)
اللَّهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (الْمَائِدَة: 44) مَعْنَاهُ أَنّ مَن زَعَم أَنّ حُكْماً من أَحْكَام اللَّهِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ الأنبياءُ باطلٌ فَهُوَ كافرٌ.
وَقد أَجَمع الفقهاءُ أَنّ من قالَ: إنّ المُحصَنَيْنِ لَا يجبُ أَن يُرْجَما إِذا زَنَيَا وكانَا حُرَّيْنِ كافرٌ، وَإِنَّمَا كُفِّرَ مَنْ رَدَّ حُكماً من أَحْكَام النبيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ مُكذِّبٌ لَهُ.
وَمن كذّبَ النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فَهُوَ كافرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنّه سُمِّيَ الكافرُ كافرّاً لأنَّ الكُفْر غطّى قَلْبَه كلَّه.
قَالَ: والكافرُ من الأَرْض: مَا بَعُدَ عَن النَّاس لَا يكادُ يَنْزِلُه أَحدٌ وَلَا يَمرُّ بِهِ أَحدٌ.
وَأنْشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَزِّ عِكرِشَةٍ
فِي كافرٍ مَا بِهِ أَمْتٌ وَلَا عِوَجُ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الْكَافِر: الْحَائِط الواطىء. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
(قلت) : وَمعنى قَول اللَّيْث: قيل لَهُ كافرٌ لأنّ الْكفْر غطَّى قلبَه، يحْتَاج إِلَى بيانٍ يَدلُّ عَلَيْهِ، وإيضاحه أنّ الْكفْر فِي اللُّغَة مَعْنَاهُ التَّغْطيةُ، والكافرُ ذُو كفرٍ أَي ذُو تغطيةٍ لِقَلْبِهِ بكفرِه كَمَا يُقَال للابِس السِّلاح: كافرٌ وَهُوَ الَّذِي غطّاه السلاحُ.
وَمثله: رجلٌ كاسٍ: ذُو كسوةٍ، وماءٌ دافقٌ: ذُو دَفْقٍ.
وَفِيه قولٌ آخرُ: وَهُوَ أَحسنُ مِمَّا ذهب إِلَيْهِ اللَّيْث. وَذَلِكَ أَنّ الكافرَ لمّا دَعَاهُ الله جلّ وعزّ إِلَى توحيدِه فقد دَعَاهُ إِلَى نعمةٍ يُنعِم بهَا عَلَيْهِ إِذا قَبِلها، فلمَّا رَدَّ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ من توحيده كَانَ كَافِرًا نعمةَ الله أَي مُغَطِّياً لَهَا بِإبائِه حاجباً لَهَا عَنهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: إِذا لبس الرجل فَوق دِرْعِه ثوبا فَهُوَ كافرٌ، وَقد كَفَرَ فَوق دِرْعِه.
قَالَ: وكل مَا غَطّى شَيْئا فقد كَفَره.
وَمِنْه قيل لِليْل: كافرٌ لِأَنَّهُ ستَر بظلمته كل شَيْء وغطَّاه.
وَأنْشد لثَعْلَبَة بن صُعَيْرٍ الْمَازِني يصف الظليم والنعامة ورواحهما إِلَى بيضهما عِنْد إياب الشَّمْس فَقَالَ:
فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَمَا
ألْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينهَا فِي كافرِ
وذُكاءُ: اسمٌ للشمس وَهِي معرفةٌ لَا تُصْرَفُ، أَلْقَت يَمِينهَا فِي كَافِر أَي بَدَأتْ فِي المغيب.
قَالَ: وَمِنْه سُمِّي الكافرُ كَافِرًا لِأَنَّهُ ستَر نعمَ الله.
(قلت) : ونعمُ اللَّهِ جلّ وَعز: آياتُهُ الدَّالةُ على تَوْحيده.
حَدثنَا السَّعْدِي، قَالَ: حَدثنَا الرَّمادِيّ قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن أَيُّوب عَن ابْن سيِرِينَ عَن(10/112)
عبد الرحمان بن أبي بَكْرَةَ عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله فِي حَجَّةِ الوَدَاع: (ألاَ لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض) .
قَالَ أَبُو مَنْصُور: فِي قَوْله كُفَّاراً قولانِ أَحدهمَا: لابسينَ السِّلاحَ متهيئينَ للقتالِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يُكَفِّرُ الناسَ فيكفُرُ كَمَا تفعل الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيكفِّروهم وَهُوَ كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام: (مَنْ قالَ لأخِيه يَا كافرُ. فقد بَاءَ بِهِ أَحُدُهما) .
وَيُقَال: رَمَادٌ مَكْفُورٌ أَي سَفَتْ عَلَيْهِ الرِّياحْ التُّراب حَتَّى وارَتْه. قَالَ الراجز:
قدْ دَرَسَتْ غَيْرَ رمادٍ مَكْفُورْ
مُكتئبِ اللونِ مَرُوحٍ مَمْطور
وَقَالَ الآخر:
فَوَرَدتْ قبلَ انبلاجِ الفَجْرِ
وابنُ ذُكاءٍ كامنٌ فِي كَفْرِ
ويروى فِي كِفْرٍ، وهما لُغَتَانِ، وابنُ ذكاءَ يَعْنِي الصبحَ.
ويروى فِي كَفْرٍ أَي فِيمَا يواريه من سَواد اللَّيْل، وَقد كَفَرَ الرَّجلُ متاعهُ أَي أوعاهُ فِي وعاءٍ.
(قلت) : ومَا قَالَه ابْن السّكيت، فَهُوَ بَيِّنٌ صَحِيح، والنِّعَمُ الَّتِي سترهَا الكافُر هِيَ الآياتُ الَّتِي أبانت لِذَوي التَّمْيِيز أنَّ خَالِقهَا وَاحد لَا شريكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إرسالُه الرسلَ بِالْآيَاتِ المعجزة، والكتب الْمنزلَة، والبَراهِينِ الْوَاضِحَة: نِعَمٌ مِنْهُ جلّ اسمُه بينةٌ، وَمن لم يصدِّقْ بهَا وردّها فقد كَفَرَ نعْمَة الله أَي سَتَرها وحَجَبَها عَن نَفسه.
وَالْعرب تَقول للزارع: كافرٌ لِأَنَّهُ يَكْفُرُ البَذْرَ المبذورَ فِي الأَرْض بِتُرَاب الأَرْض الَّتِي أثارها ثمَّ أمَرَّ عَلَيْهَا مالَقَه.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز {وَالاَْوْلْادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} (الْحَدِيد: 20) ، أَي أعجب الزُّرَّاعَ نباتُه مَعَ علمهمْ بِهِ فَهُوَ غايةُ مَا يُسْتَحْسَنُ، والغيثُ هَا هُنَا: المطرُ، وَالله أعلم.
وَقد قيل: الكفَّارُ فِي هَذِه الْآيَة: الكفارُ باللَّهِ، وهم أَشد إعجاباً بزينة الدُّنْيَا وحَرْثِها من الْمُؤمنِينَ.
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (لَيُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرْض) قيل وَمَا ذَلِك السُنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمَي جُذَامٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله كَفْراً كَفْراً يَعْنِي قَرْيةً قَرْيَة، وأَكْثرُ من يتَكَلَّم بِهَذِهِ الْكَلِمَة أهلُ الشَّام، يُسَمُّونَ القريةَ: الكَفْرَ.
وَلِهَذَا قَالُوا كَفْرُ تُوثا، وكَفْرُ يعْقابَ وكَفْرُ(10/113)
بيا. وَإِنَّمَا هِيَ قرى نسبت إِلَى رجالٍ.
وَقد رُوِيَ عَن مُعَاوِيَة أَنه قَالَ: (أهْلُ الكُفُور هم أهلُ القُبور) .
(قلت) : أَرَادَ بالكفور الْقرى النائية عَن الْأَمْصَار ومجتمع أهل الْعلم وَالْمُسْلِمين، فالجهل عَلَيْهِم أغلب، وهم إِلَى البِدع والأهواء المضِلة أسْرع.
وَيُقَال: كافَرَني فلانٌ حَقي إِذا جَحده حقَّه والكفَّارَاتُ سمِّيت كفاراتٍ لِأَنَّهَا تُكفِّرُ الذنوبَ أَي تستُرها مِثل كَفَّارَة الْأَيْمَان، وَكَفَّارَة الظِّهَارِ، والقَتل الْخَطَأ، قد بَينهَا الله جلّ وَعز فِي كِتَابه وَأمر بهَا عباده.
وَأما الحُدودُ فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أدْري: الحدودُ كفاراتٌ لأَهْلهَا أمْ لَا) .
وَرُوِيَ غير ذَلِك، وكافُورُ الطَّلعةِ:
وِعاؤها الَّذِي يَنشَقُّ عَنْهَا، سمي كافوراً لِأَنَّهُ قد كفرها أَي غَطَّاها.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الكافُور: وِعاء طَلْعِ النّخْل.
قَالَ وَيُقَال لَهُ: قَفُورٌ.
قَالَ: وَهُوَ الكفُرَّى، والجُفُرَّى.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الكفِرُ: العظيمُ من الجِبال، وَأنْشد:
تَطلّعَ رَيَّاهُ من الكفِرَاتِ
وَقَالَ أبوعبيد: التكفيرُ: أنْ يضعَ الرجلُ يَديهِ على صَدْره وَأنْشد قَول جرير:
وَإِذا سمعتَ بحرْبِ قَيسٍ بعْدَها
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّروا تكْفيرا
واخْضُعوا وانقَادُوا.
حدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى الحَرشيُّ الْبَصْرِيّ قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو الصَّهْبَاء عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي سعيد الخُدْري، رفَعه قَالَ: (إِذا أصبح ابنُ آدمَ فَإِن الْأَعْضَاء تكَفِّرُ كلهَا للسانِ، تَقول: اتقِ الله فِينَا، فَإِن استقمتَ استقمنا، وَإِن اعوجَجْت اعوجَجْنا) ، وَقَوله تكفِّر كلهَا للسان أَي تذلُّ وتقرّ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وتخضع لأَمره، والتكفير أَيْضا: أَن يتكفر المحاربُ فِي سلاحه، وَمِنْه قَول الفرزدق:
حَرْبٌ تردّدُ بَينهَا بتشاجُرٍ
قد كفّرَتْ آباؤها أبناؤها
رفع أبناؤها بقوله: تَرَدّدُ، وَرفع قَوْله: آباؤها. بقوله قد كَفّرَتْ أَي كفرت آباؤها فِي السِّلَاح.(10/114)
وَقَالَ اللَّيْث: التكفيرُ: إِيمَاء الذمِّي برأْسِه، لَا يُقَال: سَجدَ فلانٌ لفلانٍ وَإِنَّمَا كَفّرَ لَهُ تكفيراً.
قَالَ: والتكفيرُ: تَتويج الْملك بتاج إِذا رؤى كُفِّرَ لَهُ وَأنْشد:
ملكٌ يُلاثُ برأسِهِ تكفيرُ
قَالَ: جعل التَّاج نَفسه هَا هُنَا تكفيراً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : اكْتَفَرَ فلانٌ إِذا لزمَ الكُفورَ. وَقَالَ العجاج:
كالكرْمِ إذْ نادَى من الكافورِ
وكافور الكرمِ: الورقَ المغطِّي لما فِي جَوْفهِ من العُنقودِ، شبّهَه بكافورِ الطّلع لِأَنَّهُ ينفرجُ عَمَّا فِيهِ أَيْضا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز { (وَسَعِيراً إِنَّ الاَْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ} (الْإِنْسَان: 5) قَالَ الْفراء يُقَال: إِنَّهَا عَينٌ تُسَمَّى الكافورَ، وَقد يكون: كَانَ مِزَاجُهَا كالكافورِ لطيب رِيحه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجوز فِي اللغةِ أَن يكون طعمُ الطّيب فِيهَا والكافور، وجائزٌ أَن تمْزَجَ بالكافورِ، وَلَا يكون فِي ذَلِك ضَرَرٌ، لأنّ أهلَ الْجنَّة لَا يَمسهمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَلَا نَصَبٌ ولاَ وَصَبٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكافور: نَبَاتٌ لَهُ نَوْرٌ أَبيض كنورِ الأقحوان، والكافور: عَيْن مَاء فِي الجنةِ طيبِ الرّيح، والكافور: من أخلاط الطّيب، والكافور: وعَاء الطّلع. وَمِنْهُم من يَقُول: هَذِه كفرّاة وَاحِدَة، وَهَذَا كفرّي وَاحِد.
قَالَ: والكَفْرُ: اسمٌ للعصا القصيرة، وَهِي الَّتِي تقطع من سَعفِ النّخل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَفْرُ: الخشَبَةُ الغليظة القصيرة، والكَفْرُ: تَعْظيم الفَارسيِّ لمِلكِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل كفرِّين عفرِّين أَي عفريت خَبِيث، وَرجل مُكَفَّرٌ وَهُوَ المحسان الَّذِي لَا يُشْكر على إحْسانِه.
وكلمةٌ يلهجون بهَا لمن يُؤمر بأمرٍ فَيعْمل على غير مَا أُمر بِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: مكْفُورٌ بكَ يَا فلَان عَنَّيْت وآذَيْتَ.
وَيُقَال: كَفَرَ نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْرَاناً وكُفُوراً.
وَالْكَافِر: البَحر، وَيجمع الكافِرُ: كِفَاراً.
وَأنْشد اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفَرَاعنةُ الكِفَارُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الكافرتانِ والكافِلَتانِ: الألْيَتانِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القِيرُ: ثَلَاثَة أَضْرُبٍ الكُفْرُ، والقِير، والزِّفت، فالكُفر يُطلى بِهِ السُّفنُ، والزِّفت يَجْعَل فِي الزِّقاق والكُفْر(10/115)
ُ يُذاب ثمَّ يُطلى بِهِ السُّفن، وَيُقَال: كافرٌ وكُفَّارٌ، وكَفَرَةٌ.
فكر: قَالَ اللَّيْث: التَّفَكُّرُ: اسْم للتَّفكير، وَيَقُولُونَ: فكّرَ فِي أمره، وتفكَّرَ، وَرجل فِكِّيٌ ر: كثير الإقبال على التّفكُّرِ والفِكْرَة، وكلُّ ذَلِك مَعْنَاهُ وَاحِد.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: الفِكرُ للفكرة والفِكرى على فعْلى: اسْم وَهِي قليلةٌ.
فرك: قَالَ اللَّيْث: الفَرْك: دَلكك شَيْئا حَتَّى يتقّلعَ قشرهُ عَن لُبِّه كاللَّوْز.
والفَرِكُ: المُتفرِّكْ قشره.
وَتقول: قد أَفرَكَ البُرُّ إِذا اشْتَدَّ فِي سُنْبله وبُرٌّ فَرِيكٌ، وَهُوَ الَّذِي فُرِك ونُقِّيَ، والفِرْك: بُغضُ المَرْأَةِ زَوجهَا، وَهِي امرأةٌ فَرُوكٌ، وفارِكٌ، وَجَمعهَا فَوَارِكُ، وَرجل مُفَرَّك: يُبْغضه النِّساء.
قَالَ: وَيُقَال للرجل أَيْضا: فَرَكَها فَرْكاً أَي أَبْغَضها. قَالَ رُؤبة:
وَلم يُضِعها بَين فِرْكٍ وعَشَقْ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي تزوَّجت امْرَأَة شَابة أَخَاف أَن تَفْرَكَني. فَقَالَ عبد الله: إنّ الحبَّ من الله والفِرْك من الشّيطان فَإِذا دخَلتْ عَلَيْك فَصَلِّ ركْعتْين ثمَّ ادْعُ بكَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِرْك: أَن تُبغِضَ الْمَرْأَة زَوجهَا، وَهِي امرأةٌ فَرُوك، وَهَذَا حرف مَخْصُوص بِهِ الْمَرْأَة وَالزَّوْج.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف إبِلا:
إِذا اللْيل عنْ نَشْزٍ تجلى رَمَيْنه
بأَمثال أَبصارِالنِّساءِ الفَوَارِك
يصف إِبلاً شبَّهها بالنِّساءِ الفَوَاركِ لأنّهُنَّ يطمحنَ إِلَى الرِّجال ولَسْن بقاصراتِ الطّرْف على الأَزْوَاج.
يَقُول: فَهَذِهِ الإبلُ تصبح وَقد أسْأَدَتِ الليْلَ كلّه فَكلّمَا أشرف لَهَا نَشْزٌ رميْنه بأبصارِهنَّ من النّشاط، والقوَّة على السَّير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: إِذا أبغضَتِ الْمَرْأَة زَوجهَا قيل: قد فركَتْهُ تفْرَكُه فِرْكاً وفُروكاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أولادُ الفِرْك فيهم نجابةٌ لأَنهم أشبَه بآبائهم، وَذَلِكَ أنّه إِذا وَاقَعَ امرأتَه وَهِي فارِكٌ لم يُشبهها وَلدُه مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: فارَكَ فلانٌ صاحبَه مُفاركةً، وتارَكهُ مُتارَكةً بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو بكر عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: المُفَرَّك: الْمَتْرُوك المبْغَضُ.
يُقَال: فارك فلانٌ فلَانا إِذا تَاركه، فَإِذا أبْغض الزوجُ الْمَرْأَة، قيل: صَلَفها، وصلِفَت عِنْده، وَإِذا أبغضته هِيَ. قيل: فَرِكَتْه، تَفْرَكُه.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أبي عَن أبي هِفّان عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ: خرج أعرابيّ، وَكَانَت امرأتُه(10/116)
تَفْرَكه، وَكَانَ يَصْلِفها فأتبعَتْه نواةً وَقَالَت: شَطّتْ نواكَ، ثمَّ أتبعَتْه رَوْثة وَقَالَت: رثَيْتُكَ ورَاثَ خبَرُك، ثمَّ أتبعته حَصاة. وَقَالَت: حاصَ رزْقُكَ، وحُصَّ أثرُك، وَأنْشد:
وَقَدْ أُخبِرْتُ أنّكِ تَفْرَكِينِي
وأصلِفُكِ الغَدَاةَ فَلَا أُبَالِي
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا زالتِ الوابلة من العَضُدِ عَن صدفةِ الكتِفِ فاسترخى المَنكب قيل: قد انفرك مَنْكِبُه، وانفركت وابِلَتُه، وَإِن كَانَ مثل ذَلِك فِي وابلةِ الفَخِذ، والورك لَا يُقَال: انفرَك وَلَكِن يُقَال: حُرقَ فَهُوَ محروق.
(أَبُو عُبَيْدَة) : الفَرَك: استرخاءٌ فِي الأذُن.
يُقَال: أذنٌ فركاءُ، وَقد فَرِكَتْ فَرَكاً.
وَقَالَ: هِيَ أشدَّ أصلا من الخذْوَاء.
وَقَالَ النضرُ: بعيرٌ مفروك وَهُوَ الأفَكُّ الَّذِي ينخرم منكِبهُ وتنفكُّ الْعصبَة الَّتِي فِي جَوف الأَخرم.
ركف: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ شمر: ارتكفَ الثلجُ إِذا وَقع فَثَبت على الأَرْض.
ك ر ب
كرب، كبر، ركب، رَبك، برك، بكر: مستعملات.
كرب: قَالَ اللَّيْث: الكربُ مجزومٌ هُوَ الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ، يُقَال: كربه الْغم، وَإنَّهُ لمكروب النَّفس، والكربة: الِاسْم، والكريب: المكروب، وأمرٌ كارب، والكُرُوبُ: مصدر كَرَب يكرُب، وكل شَيْء دنا فقد كرَب.
يُقَال: كرَبت الشَّمْس أَن تغيبَ وكرَبت الجاريةُ أَن تُدرِك.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا اسْتَغْنى أَو كرَبَ اسْتَعَفَّ) . قَالَ أَبُو عبيد: كرب أَي دنا من ذَلِك وقرُب، وكل دانٍ قريب فَهُوَ كارب.
وَقَالَ عبد قيس بن خفَافٍ البُرْجُمِي:
أَبُنيَّ إنَّ أباكَ كارِبُ يَوْمِه
فَإِذا دُعيتَ إِلَى المكارِم فاعْجَلِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : قَالَ: أصُول السَّعَفِ الغِلاَظُ هِيَ الكرَانيف، واحدُها: كِرْنافة، والعريضة الَّتِي تيبسُ فتصيرُ مثل الكتِف هِيَ الكَرَبة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سمِّيَ كَرَبُ النّخل كرَباً لِأَنَّهُ استغنيَ عَنهُ، وكَرَبَ أَن يُقطعَ ودنا من ذَلِك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكرَابة: التَّمْر يُلقَط من الكَرَبَ بعد الصِّرام.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: تكرَّبْتُ الكرَابة إِذا تلقّطتها من الكرَب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكرَابُ: واحدتها: كرَبة، وَهِي مَجَاري المَاء.(10/117)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ صُدورُ الأودية.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف النَّحْل:
جَوَارِسُهَا تَأرِي الشُّعُوفَ دوائباً
وتَنْصَبُّ أَلْهَاباً مَصِيفاً كِرَابُها
الشعوفُ: رُؤُوس الْجبَال، ألهاباً: شُقُوقاً فِي الْجبَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَيْضا: الكربُ: أَن يُشدّ الْحَبل فِي الْعِرَاقِيّ، ثمَّ يثّنى ثمَّ يثَلث، يُقَال مِنْهُ: أكْربْتُ الدَّلوَ فهيَ مُكرَبةٌ.
قَالَ الحطيئة:
قَوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجَارِهِمُ
شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فَوْقَهُ الكَرَبا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: دلوٌ مُكربة: ذَات كرَبٍ، وَقيد مكروبٌ إِذا ضُيِّقَ، وَأنْشد غَيره:
إذَنْ يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مكْرُوبُ
(أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي) : أكربتُ السِّقاء إكرَاباً إِذا ملأته، وَأنْشد:
بَجَّ المزَادَ مُكْرَباً تَوْكيرَا
ورَوى أَبُو الرّبيع، عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ: الكَرُوبِيُّونَ: سادةُ الْمَلَائِكَة. مِنْهُم: جِبريل، وميكائيلُ، وإسرافيلُ.
وَأنْشد شمرٌ لأمية بن أبي الصَّلْت:
كَرُوبيَّةٌ مِنْهُم رُكوعٌ وسُجَّدُ
(اللَّيْث) : يُقَال لكلِّ شيءٍ من الْحَيَوَان إِذا كَانَ وَثِيقَ المفاصل: إِنَّه لمُكْرَبُ المفاصل.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَكرَبَ الرّجلُ إكراباً إِذا أَحضرَ وعَداً، وإنّه لَمُكْرَبُ الخَلْق إِذا كَانَ شديدَ الأسْر.
وَالْعرب تَقول: خُذْ رِجْلَك بإِكْرابٍ أَي أعْجَلْ وأَسْرعْ.
قَالَ اللَّيْث: وَمن الْعَرَب مَن يَقُول: أكربَ الرجل إِذا أَخذ رجلَيْهِ بإكرابٍ، وقلَّما يُقَال.
قَالَ: والكِرَابُ: كَرْبُكَ الأرضَ حَتَّى تقْلبَها، وَهِي مَكروبةٌ مُثارَةٌ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: (الكِرَابُ على البَقر) أَي لَا تُكْرَبُ الأرضُ إِلَّا عَلَى البقَر.
قَالَ: وَمِنْهُم مَن يَقُول: (الكلابَ على الْبَقر) بالنَّصْب أَي أَوْسِدِ الكِلابَ عَلَى الْبَقر الوَحْشيّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَوْلُ هُوَ الأوَّل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبو عَمْرو: المُكْرَباتُ: الْإِبِل الَّتِي إِذا اشتدَّ البرْد عَلَيْهَا جَاءُوا بهَا على أَبْوَاب بُيُوتهم حَتَّى يُصيبَها الدُّخَانُ فتَدْفأَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكرِيبُ: الشَّوَبقُ وَهُوَ الفَيْلَكونُ. وَأنْشد:
لَا يَستوي الصَّوْتَانِ حِين تَجَاوَبَا
صوتُ الكَرِيبِ وصَوْتُ ذِئبٍ مُقْفِرِ
قَالَ: والكَرْبُ: القُرْب، وَالْمَلَائِكَة(10/118)
الكَرُوِبيُّونَ: أقرب الْمَلَائِكَة إِلَى حَمَلةِ الْعَرْش، والكَرَب: الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ على الدلْو بَعْد المَنِينِ وَهُوَ الحَبْل الأول فإِذا انْقَطع المَنِينُ بَقي الكرَبُ.
والتكريب: أَنْ تَزرعَ فِي الكَرِيب الجادِس، والكريبُ: القَرَاح، والجادِسُ: الَّذِي لم يُزْرَعْ قطُّ.
كبر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النُّور: 11) .
قَالَ الفراءُ: أَجمع القُرَّاء على كَسر الْكَاف، وَقرأَهَا حُمَيْدٌ الأعرجُ وَحْدَه (كُبْرَهُ) وَهُوَ وَجهٌ جيِّدٌ فِي النَّحْو، لِأَن الْعَرَب تَقول: فلانٌ تولَّى عُظْمَ الْأَمر يُرِيدُونَ أكثَره (قلت) : قاسَ الفرَّاء الكُبْرَ على العُظْم، وكلامُ العرَب على غَيره.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّانيِّ عَن ابْن السّكيت أنّه قَالَ: كِبْرُ الشَّيْء: مُعظُمه بالكسْر. وَأنْشد قولَ قيس بن الخَطِيم:
تنام عَن كِبْرِ شَأْنهَا فإِذا
قامتْ رُوَيْداً تكادُ تَنْغَرِفُ
وَمن أمثالهم: (كِبْرُ سياسة النَّاس فِي المَال) .
قَالَ: والكِبْر من التكبُّر أَيْضا، فأَما الكُبْر بالضمّ فَهُوَ أكبر وَلد الرجل.
وَيُقَال: الوَلاء للكُبْر.
أَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ، يُقَال: هَذَا كِبْرَةُ وَلَدِ أَبيه للذَّكر وَالْأُنْثَى، وَكَذَلِكَ: هَذَا عِجزةُ وَلَدِ أَبِيه للذّكر وَالْأُنْثَى، وَهُوَ آخرُ وَلد الرَّجل، ثمَّ قَالَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبيه بِمَعْنى عِجْزَة، وَفِي (الْمُؤلف) للكسائي فلَان عجزةُ وَلَد أَبِيه: آخرُهم وَكَذَلِكَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبِيه.
قَالَ: والمذكَّر والمؤنَّث فِي ذَلِك سواءٌ: بِالْهَاءِ، ذهب شمرٌ إِلَى أنّ كِبْرَة: مَعْنَاهُ عِجْزَة، وَجعله الكسائيّ مِثله فِي اللَّفْظ لَا فِي الْمَعْنى.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله: {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ} (النُّور: 11) بِكَسْر الْكَاف هَكَذَا سمعناه، وَقد كَانَ بَعضهم يَرفع الْكَاف، وأظنها لُغة.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : قَالَ: إِذا كَانَ أقْعَدَهم فِي النَّسَب قيل: هُوَ كُبْر قومه، وإكْبِرَّةُ قومه فِي وَزْن إفْعِلّة، والمرأَة فِي ذَلِك كالرَّجل.
(ابْن السّكيت عَن أبي زيد) : يُقَال: هُوَ صِغْرَةُ ولد أَبِيه وِكبرتهم أَي أكبرهم، وَفُلَان كبرة القومِ، وصغرة الْقَوْم إِذا كَانَ أَصْغَرهم وأكبرهم.
وَقَول الله جلّ وَعز: {سَأَصْرِفُ عَنْءَايَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146) .
قَالَ الزَّجّاج: أَي أجعَل جزاءهم الإضلال عَن هِدَايَة آياتي.(10/119)
قَالَ: وَمعنى يتكَبرون أَي أَنهم يرَوْنَ أَنهم أفضلُ الْخلق، وأنَّ لَهُم مِن الحقِّ مَا لَيْسَ لغَيرهم.
وَهَذِه الصّفة لَا تكونُ إِلَّا للَّهِ خَاصَّة، لِأَن الله جلّ وَعز هُوَ الَّذِي لَهُ القدرةُ والفضلُ الَّذِي لَيْسَ لأحدٍ مِثله، وَذَلِكَ الَّذِي يستحقُّ أَن يقالَ لَهُ المتكبِّر، وَلَيْسَ لأحدٍ أَن يتكبَّر لأنَّ النَّاس فِي الحقوقِ سواءٌ، فَلَيْسَ لأحد مَا لَيْسَ لغيره، فَالله المتكَبرُ جلّ وَعز، وأَعلم الله أنَّ هَؤُلَاءِ يتكبَّرُونَ فِي الأَرْض بِغَيْر حقَ أَي هَؤُلَاءِ هَذِه صفتُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: فِي قَوْله: {يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146) مِن الكِبَرِ لَا مِن الكِبْرِ أَي يتفضلون ويرون أَنهم أفضلُ من غَيرهم.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وَعز: {قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنَّ أَبَاكُمْ} (يُوسُف: 80) أَي أعْلَمُهُمْ كأنَّه كَانَ رئيسَهمْ، وأمَّا أكْبَرُهم فِي السِّنِّ فرُوبيلُ.
قَالَ: والرئيسُ: شَمعونُ.
وَقَالَ الْكسَائي فِي رِوَايَته: كبيرُهم: يَهُوذَا.
وَقَوله جلّ وَعز: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِى عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} (طه: 71) أَي معلمكم ورئيسكم، والصبيُّ بالحجاز إِذا جَاءَ مِن عِنْد معلمه قَالَ: جِئْت مِن عِنْد كَبيري، والكَبيرُ فِي صفة اللَّهِ تَعَالَى الْعَظِيم الْجَلِيل، المتكبر: الَّذِي تكبر عَن ظلم عباده، وَالله أعلم.
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} (يُوسُف: 31) فأكثرُ المفسِّرينَ يقولونَ: أَعْظَمْنَه.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: أكبَرْنه: حِضْنَ، وَلَيْسَ ذَلِك بِالْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَة.
وَأنْشد بَعضهم:
نأتِي النِّسَاء على أَطْهَارِهنَّ وَلَا
نأتِي النِّساءَ إِذا أكبَرْنَ إكبْارا
(قلت) : وَإِن صحت هَذِه اللَّفْظَة بِمَعْنى الْحيض فلهَا مخرجٌ حسنٌ، وَذَلِكَ أنَّ المرأةَ إِذا حاضتْ أوَّل مَا تحيض فقد خَرجَتْ من حدِّ الصِّغَرِ إِلَى حدِّ الكِبَر. فَقيل لَهَا: أَكبَرتْ أَي حَاضَت فَدخلت فِي حدِّ الكبَر الموجبِ عَلَيْهَا الأمرَ والنّهْيَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سأَلت رجلا من طيىءٍ.
فَقلت لَهُ: يَا أَخا طيىءٍ: ألكَ زَوْجةٌ؟
قَالَ: لَا وَالله مَا تزَوَّجت، وَقد وُعِدْتُ فِي بنتِ عمَ لي.
قلت: وَمَا سِنُّها؟
قَالَ: قد أكْبرَتْ أَو كَرَبَتْ.
فَقلت: مَا أكْبرَتْ؟
فَقَالَ: حاضَتْ.(10/120)
(قلت) أَنا: فَلُغَة الطَّائِيِّ تصحح أنَّ إِكْبَارَ المرْأَة أوَّلُ حَيْضهَا إلاَّ أنَّ هَاءَ الكِنَاية فِي قولِ الله {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} يَنْفِي هَذَا الْمَعْنى، فالصَّحيح أنَّهُنَّ لما رأين يوسفَ رَاعَهُنَّ جماله فأعظمنه.
وحَدثني الْمُنْذِرِيّ عَن عُثْمَان بن سعيد عَن أبي هِشَام الرِّفاعيِّ، قَالَ: حَدثنَا جَمِيع عَن أبي رَوْقٍ عَن الضَّحَّاكِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} (يُوسُف: 31) قَالَ: حِضْنَ.
(قلت) : فإِنْ صحَّتْ هَذِه الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس سلمنَا لَهُ، وَجَعَلنَا الهاءَ فِي قَوْله أكْبرْنه هاءَ وقفةٍ لَا هاءَ كنايةٍ، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ. وَيُقَال: رجلٌ كَبِير وكُبَارٌ وكُبَّار.
قَالَ الله جلّ وَعز: {خَسَاراً وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً} (نوح: 22) .
والكبِرِياء: عَظمَة الله جاءتْ على فعلياء.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الْكِبْرِيَاء: المْلك فِي قَوْله تَعَالَى: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِى الاَْرْضِ} (يُونُس: 78) .
والاستكْبارُ: الِامْتِنَاع عَن قبولِ الحقِّ معاندةً وتكَبُّراً.
والأكابر: أحياءٌ من بكرِ بن وائلٍ، وهم: شَيبَان، وعامِر، وجليحةُ من بني تيم بن ثَعْلَبَة بن عُكَابةَ، أصابتهمْ سَنَةٌ فانتجعوا بِلَاد تيم، وضبةَ، ونزلوا عَلَى بدرِ بن حَمْرَاء الضَّبِّي فأَجارهم وَوَفَى لَهُم.
فَقَالَ بدر فِي ذَلِك:
وفيتُ وَفَاء لم يَرَ النَّاسُ مِثله
بتِعْشارَ إِذْ تحبو إليّ الأكابرُ
قَالَ: والكُبْر فِي الرِّفعة والشرف.
قَالَ المرّارُ:
وَلِيَ الْأَعْظَم من سُلاَّفها
ولي الهامةُ فِيهَا والكُبرْ
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الكابرُ: السَّيِّد، والكابر: الجَدُّ الأكُبر.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زيد الَّذِي أُري الْأَذَان: (أنهُ أخَذَ عُوداً فِي مَنَامه ليتَّخذ مِنْهُ كَبَراً) رَوَاهُ شمر فِي كِتَابه.
قَالَ شمر: والكَبَر: الطَّبْل فِيمَا بلغنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبَر: الطَّبْل الَّذِي لَهُ وجهٌ واحدٌ بلغَة أهلِ الْكُوفَة.
(ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي) : الكَبَر: الطَّبْل، وَجمعه: كِبار مِثل جملٍ وجمالٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِبْر: الْإِثْم، جعل من أَسمَاء الكبيرةِ كالخِطْءِ من الْخَطِيئَة.
والكِبَر: مصدرُ الْكَبِير فِي السِّنِّ من النَّاس والدّوَابِّ، وَقد كبِرَ كِبَراً، وَإِذا أَردْتَ عظمَ الشِّيءِ والأمْرِ قلتَ: كَبُرَ يكبُر كِبَرا(10/121)
ً أَيْضا، كَمَا تَقول: عظَمَ يعظُم عِظَماً.
وَتقول: كبُر الأمْرُ يكبُر كَبَارَةً.
وَيُقَال: ورثوا المجدَ كَابِرًا عَن كابرٍ أَي عَظِيما وكبيراً عنْ كبيرٍ فِي الشّرَف والعز.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : قَالَ: الكابر: السّيِّد والكابر: الجَدُّ الْأَكْبَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُلُوك الأكابرُ: جماعةُ أكبرَ، وَلَا تَجوزُ النَّكرةُ فَلَا تَقول: ملوكٌ أَكابرُ، وَلَا رِجالٌ أكَابِر، لِأَنَّهُ لَيْسَ بنعْتٍ إِنَّمَا هُوَ تعجُّبٌ، وَقَول المصلِّي: الله أكبرُ، وَكَذَلِكَ قَول المؤَذِّن، فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أنَّ مَعْنَاهُ: الله كبيرٌ، كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ} أَي هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ. ومِثلُه قَول مَعْنِ بن أَوْسٍ:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
مَعْنَاهُ: وإنِّي لوَجِلٌ، والقولُ الآخر أنَّ فِيهِ ضميراً، الْمَعْنى: الله أكبرُ كبيرٍ وَكَذَلِكَ: الله الأعزُّ أَي أَعَزُّ عزيزٍ. قَالَ الفرزدق:
إنَّ الَّذِي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا
بَيتاً دعائمُه أَعَزُّ وأطوَلُ
مَعْنَاهُ: أعَزُّ عزيزٍ، وأطول طَوِيل.
أخبرنَا ابْن مَنِيعٍ، قَالَ: أخبرنَا عليُّ بن الجَعْد عَن شُعبةَ عَن عَمْرو بن مُرَّة، قَالَ: سمعتُ عَاصِمًا العَنَزِي يحدِّثُ عَن ابْن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عَن أَبِيه أَنَّهُ رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يُصَلِّي قَالَ: فكبَّرَ، وَقَالَ: الله أكبر كَبيراً ثلاثَ مراتٍ، ثمَّ ذَكر الحَدِيث بِطُولِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: نصب كَبِيرا لِأَنَّهُ أَقامه مُقَام المصْدر لِأَن معنى قَوْله: الله أكبرُ: أُكبِّرُ الله كَبِيرا بِمَعْنى تَكْبِيرا، يدلُّ على ذَلِك مَا رَوَى سعيد عَن قَتادةَ عَن الْحسن أنُّ نبيَّ الله عَلَيْهِ السلامُ كَانَ إِذا قَامَ إِلَى صلَاته من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلهَ إلاَّ الله، الله أكبرُ كَبِيرا ثَلَاث مرّاتٍ، فقولُه: كَبِيرا بِمَعْنى: تَكْبِيرا فَأَقَامَ الاسمَ مُقَام الْمصدر الْحَقِيقِيّ.
وَقَوله: الْحَمد لله كثيرا، أَي أحمدُ اللَّهَ حَمْداً كثيرا.
وَيُقَال للشَّيخ: قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ، وعلاه المَكْبَرُ إِذا أَسَنَّ.
وَيُقَال للسيف والنَّصْل العَتِيق الَّذِي قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَةٌ. وَمِنْه قَوْله:
سَلاَجِمُ يَثْرِبَ الَّلاتي عَلَتهَا
بِيَثْرِبَ كَبْرَةٌ بعد المرُونِ
(شمرٌ) : يُقَال: أَتَانِي فلانٌ أَكبرَ النَّهَار وشَبَابَ النَّهَار أَي حِين ارْتَفَعَ النهارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَاعَة أكبرَ النَّهَارُ كَمَا
شَدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إعْتَاماً
يَقُول: قتَلناهم أوَّلَ النَّهَار فِي ساعةٍ قَدْرَ مَا يشدُّ المحيلُ أَخْلافَ إِبِلهِ لِئَلَّا يَرضَعها الفُصْلاَنُ.(10/122)
ركب: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: رَكِبَ فلانٌ فلَانا يَركبُه رَكْباً إِذا قَبَضَ على فَوْدَيْ شَعْره ثمَّ ضَرب جَبْهتَه بركبتَيْه.
قَالَ: ورُكْبةُ البَعيرِ فِي يَده، وَقد يُقَال لذوات الْأَرْبَع كلِّها من الدَّوابِّ: رُكَبٌ، ورُكْبتَا يدَيِ الْبَعِير: المَفْصِلانِ الَّلذانِ يليَانِ البَطْنَ إِذا برَك، وأمَّا المَفْصِلان الناتِئَانِ من خلْف فهما العُرْقوبان.
وَيُقَال: للمُصَلِّي الَّذِي أثَّرَ السُّجودُ فِي جَبْهَتِه: بيْن عَيْنَيْهِ مِثلُ رُكبةِ العَنْز، وَيُقَال لكلِّ شَيْئَيْنِ يستويان ويتكافآن: هُما كركبَتَي العَنْزِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَقعان مَعًا إِلَى الأَرْض مِنْهَا إِذا رَبَضَتْ.
وَيُقَال من الرُّكُوبِ: رَكِبَ يَرْكَبُ رُكوباً، والرَّكْبةُ: مرَّةٌ وَاحِدَة، والرِّكبةُ: ضربٌ من الرُّكوب، يُقَال: حَسنُ الرِّكْبة، وركبَ فلانٌ فلَانا بأَمْرٍ، وارْتكبَه، وكلُّ شَيْء علا شَيْئا فقد رَكبَهُ، وركبَه الدَّيْنُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا سافرتم فِي الخِصْب فأعطوا الرُّكُبَ أَسنَّتَهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: الرُّكُبُ: جمع الرِّكاب، والركابُ: الْإِبِل الَّتِي يسَار عَلَيْهَا، ثمَّ يجمع الركابُ رُكباً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرُّكُبُ لَا يَكون جمع رِكاب.
وَقَالَ غَيره: بعيرٌ رَكُوبٌ، وَجمعه: رُكُب، وَجمع الركاب: ركائب وروَاكِبُ الشَّحْم: طرائقُ بَعْضهَا فَوق بعض فِي مقَدَّمِ السَّنَام، فأمَّا الَّتِي فِي المؤخَّر: فهِي الرَّوَادِف.
والرِّكابةُ: شِبْهُ فَسِيلةٍ فِي أَعْلى النَّخْلَة عِنْد قِمّتِهَا، ربَّما حملتْ مَعَ أُمِّهَا، وَإِذا قُلِعَتْ كَانَ أَفْضل للأمِّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الأصمعيَّ يَقُول: إِذا كَانَت الفَسِيلةُ فِي الجِذْع وَلم تكُنْ مُستأْرِضةً فَهِيَ من خَسِيسِ النّخل، وَالْعرب تسَمِّيها الراكِب.
وَقَالَ شمر: هِيَ الرَّاكوبُ أَيْضا، وَجَمعهَا: رَوَاكيبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: العربُ تسمِّي من يركب السفينةَ: رُكّابَ السفينةِ، وأمَّا الرُّكْبَانُ الأرْكوبُ، والرَّكْب فراكبو الدَّوَابِّ، يُقَال: مَرُّوا بِنَا رُكوبا (قُلت) : وَقد جَعل ابْن أحْمَرَ ركابَ السَّفِينَة رُكباناً فَقَالَ:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكبانُهَا
كَمَا يُهِلُّ الراكبُ المعْتَمِر
يَعْنِي قوما ركبُوا سفينة فغمَّت السماءُ وَلم يَهتدُوا، فَلَمَّا طلع الفرْقدُ كبَّروا لأَنهم اهتدوْا للسَّمْتِ الَّذِي يَؤُمُّونه.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : تَقول: مَرَّ بِنَا راكبٌ إِذا كَانَ على بعيرٍ، والرَّكْب: أَصْحَاب الإبلِ، وهم: العَشَرَة فَمَا فَوْقهَا، والأُركوبُ: أَكثر من الرَّكْبِ، والرَّكَبَةُ أقلُّ من الرَّكْبِ، والرِّكاب: الْإِبِل، واحدتها: راحلةٌ، وَلَا وَاحدَ لَهَا من لفَظِها.(10/123)
وَمِنْه قيل: زَيْتٌ رِكَابيٌّ أَي يُحمَل على ظُهُور الْإِبِل، فَإِذا كَان الرَّكْبُ على حافرٍ بِرْذَوْناً كَان أَو فرَساً أَو بغلاً أَو حِماراً قلتَ: مرَّ بِنَا فارِس عَلَى حِمار، ومرّ بِنَا فارسٌ على بَغل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : راكِبٌ ورِكابٌ، وَهُوَ نادِرٌ.
قَالَ: والراكِبُ أَيْضا: رأسُ الْجَبَل، والرَّاكِبُ: النخلُ الصِّغار يخرُج فِي أصُول النّخل الكِبار.
والرُّكْبَةُ: أصل الصِّلِّيَانة إِذا قُطعت.
وَقَالَ ابْن شُميلٍ فِي كتاب (الْإِبِل) : الْإِبِل الَّتِي تُخرَج ليُجاءَ عَلَيْهَا بِالطَّعَامِ: تسمى رِكاباً حِين تَخرُج وَبَعْدَمَا تجيءُ، وَتسَمى عِيراً على هَاتين المنزلتين، وَالَّتِي يُسافَرُ عَلَيْهَا إِلَى مَكَّة أَيْضا رِكابٌ يحمَلُ عَلَيْهَا المحامل، وَالَّتِي يُكْرُون ويُحمَل عَلَيْهَا مَتَاع التُّجّار وطعامهم كلُّها ركابٌ، وَلَا تسمى عِيراً، وَإِن كَانَ عَلَيْهَا طعامٌ إِذا كَانت مُؤاجَرة بكرَاء، وليسَ العيرُ الَّتِي تَأتي أهلَها بِالطَّعَامِ وَلكنهَا رِكَابٌ. وَلَا تسمى عِيراً، وَالْجَمَاعَة: الرِّكَائب والرِّكاباتُ إِذا كَانت ركَابٌ لي، وركَاب لكَ وركابٌ لهَذَا، جِئْنَا فِي ركاباتِنا، وَهِي ركابٌ وَإِن كَانَت مرعِيّة: تَقول: تردُ علينا اللَّيْلَة ركابُنا، وَإِنَّمَا تسمى رِكاباً إِذا كَانَ يحدِّث نَفسه بِأَن يبعثَ بهَا أَو ينحدِرَ عَلَيْهَا، وَإِن كَانَت لم تُرْكَبْ قطّ. هَذِه رِكابُ بني فلانٍ.
وَفِي حَدِيث حُذَيفَة: (إنَّما تَهلِكونَ إِذا صرْتُم تَمْشُون الرَّكَباتِ كأنكم يَعَاقِيبُ الحَجَل، لَا تَعْرِفونَ مَعرُوفاً، وَلَا تُنْكِرُونَ مُنكراً) مَعْنَاهُ أَنكُمْ تركبونَ رُؤوسكم فِي الباطلِ والفِتَنِ يَتبعُ بَعْضكُم بَعْضًا بِلَا رَوِيَّةِ.
وأَركَبَ المُهْرُ إِذا حَان رُكوبُه، فَهُوَ مُرْكِبٌ، وتراكَبَ السحابُ وترَاكَم: صَار بعضُه فَوق بعض. وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيب.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} (يس: 72) .
قَالَ الْفراء: اجتمعَ الْقُرَّاء على فتح الرَّاء لِأَن الْمَعْنى فَمِنْهَا يركبون، ويُقوِّي ذَلِك أَن عَائِشَة قرأتْ (فَمِنها رَكُوبتهمْ)
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الرَّكوبة: مَا يركبون.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكوبُ: كل دَابَّة يُركَب، والرَّكوبة: اسمٌ لجَمِيع مَا يُركبُ، اسمٌ للواحدِ والجميع.
قَالَ: والركابُ: الإبلُ الَّتِي تحمل الْقَوْم وَهِي رِكابُ الْقَوْم إِذا حَمَلتْ أَو أريدَ الحملُ عَلَيْهَا، وَهُوَ اسمُ جمَاعَة لَا يُفرد والرِّياحُ: رِكابُ السَّحَاب. قَالَ أُميَّة:
تردَّدُ والرِّياحُ لَهَا رِكابُ
قَالَ: والرَّكِيبُ: مَا بَين نهرَيِ الكَرْم،(10/124)
والركيبُ يكونُ اسْما للمرَكَّب فِي الشَّيْء مثل الفَصِّ وَنَحْوه، لِأَن المفعَّلُ والمفْعَلَ كلٌّ يردُّ إِلَى فَعيل، وثوبٌ مجدَّد: جديدٌ، ورجلٌ مُطْلقٌ: طليقٌ.
والمرْكَبُ: الدَّابَّة، تقولُ: هَذَا مَرْكَبي، والجميعُ: المراكب.
والمرْكبُ: المصدَرُ، تَقول: ركبْتُ مَرْكباً أَي ركوباً، والمرْكَبُ: الموْضعُ.
والمرْكبُ: الَّذِي يَغْزُو على فرَس غَيره.
وَتقول: هَذَا الرَّجُل كريمُ المركَّب أَي كريمُ الأَصْل.
والرَّكَبُ: رَكبُ المرأةِ. معرُوف، والجميعُ: الأَركابُ، وَلَا يُقَال: رَكبُ الرَّجُل
(قلت) : وغيرُه يجيزُ أَن يُقَال: رَكَب الرجل، وَأنْشد الْفراء:
لَا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ
وَلَا الوشَاحانِ وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دون أَنْ تلتقيَ الأركابُ
ويَقْعُدَ الأيرُ لَهُ لُعابُ
وَقَالَ اللَّيْث: رِكابُ السَّرْج، والجميع: الرُّكُبُ.
قَالَ: والأرْكبُ: العظيمُ الرُّكْبةِ، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ، وَيُقَال: طَرِيق رَكُوبٌ أَي موْطوءٌ مَلْحُوبٌ، وبَعير رَكُوب، بِهِ آثارُ الدَّبَر والقَتَب.
(ابْن شُمَيْل عَن الجعديِّ) : رُكْبانُ السُّنْبُل: سوابقُ السنبُل الَّتِي تخرج فِي أوَّله.
يُقال: قد خرَجت فِي الحَبِّ رُكْبانُ السنبُل.
ورَكُوبة: اسْم ثَنيَّةٍ بحذاء العَرْج سلكها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُهاجَره إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي الحَدِيث: (بَشِّرْ رِكيبَ السُّعاة بقِطْعٍ منْ جَهنمَ مثل قُور حِسْمَي) ، الرَّكيبُ بِمَعْنى الرَّاكب، كَأَنَّهُ أَرَادَ الَّذِي يرْكبُ السُّعاة فيظلمُهمْ ويكتبُ عَلَيْهِم أَكثر ممَّا قبَضوا، ويرفعُه إِلَى مَنْ فَوْقهم، والسُّعاة: الَّذين يقبِضون الصَّدقَات.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: رَكِيب من نخل وَهُوَ مَا غُرسَ سطراً على جَدْوَل أَو غير جدول.
وَقَالَ: يُقَال للقَرَاح الَّذِي يُزرعُ فِيهِ: رَكِيب. قَالَ: تأَبط شرّاً:
وَيوْماً عَلَى أَهلِ الموَاشِي وَتارةً
لأهلِ ركيبٍ ذِي ثَميلٍ وسُنْبُلِ
الثميل: بَقِيَّة مَاء بعد نضوب الْمِيَاه، قَالَ: أهل الركيب: هم الحُضّار.
رَبك: (أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الرَّبِيكةُ: شيءٌ يطْبَخ من بُرَ وتمرٍ.
يُقَال: مِنْهُ: رَبَكْتُه أرْبُكهُ رَبْكاً، وَمن أمثالهم: (غَرْثَانُ فارْبُكُوا لَهُ) وَأَصله أنَّ(10/125)
رجلا قدِمَ من سفرٍ وَهُوَ جَائِع، وَقد ولدتِ امرأَتهُ لَهُ غُلَاما فَبُشّرَ بِهِ فَقَالَ: مَا أَصنعُ بِهِ أَآكلُه أَمْ أشربُهُ، ففطنت لَهُ امْرَأَته فَقَالَت: (غَرْثانُ فارْبكُوا لَهُ) أَي أَنه جائعٌ فسَوُّوا لَهُ طَعَاما يهجأ غَرَثَه ففَعَلوا فلمَّا شبع قَالَ: كَيفَ الطَّلاَ وأُمُّهُ؟
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّبْكُ: إصلاحُ الثَريدِ وخلطُهُ بِغَيْرِهِ.
والرَّبكُ: أَنْ تُلقَى إِنساناً فِي وَحْلٍ فَيَرْتَبِكَ فِيهِ، وَلَا يُمكنهُ الخروجُ مِنْهُ، والصيدُ يَرْتَبِكُ فِي الحِبالة إِذا نشِبَ فِيهَا، وإِذا تَتعْتَعَ الرَّجلُ فِي كلامِهِ قيل: قد ارْتَبَكَ فِي منطقِه.
وَيُقَال: ارْتَبَكَ الأمرُ، والْتَبَكَ بِمَعْنى وَاحِد إِذا اخْتَلَطَ.
فِي الحَدِيث عَن أبي أمامةَ فِي صفة أهل الْجنَّة: (إِنَّهُم يَركَبونَ المَيَاثِرَ على النُّوقِ الرُّبْكِ، عَلَيْهَا الحَشَايَا) .
قَالَ شمرٌ: الرُّبكُ، والرُّمْكُ: واحدٌ وَالْمِيم أعرفُ.
قَالَ: والأرْمَكُ والأرْبكُ منَ الْإِبِل: الأسودُ، وَهُوَ فِي ذَاك مُشربٌ كُدْرَةً، وَهُوَ شديدُ سوادِ الأذُنْينِ، والدُّفوفِ، وَمَا عدا أذنيِ الأرْمَكِ، ودُفوفَه مشربٌ كُدْرةً.
بكر: قَالَ اللَّيْث: البَكْرُ من الْإِبِل: مَا لم يَبْزُلْ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ، فَإِذا بزَلاَ فجمَلٌ وناقةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: البَكْرُ: ابْن المخاضِ، وَابْن الَّلبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فَإِذا أثنى فَهُوَ جملٌ وَهُوَ جِلَّةٌ، وَهُوَ بعيرٌ حَتَّى يبزُلَ وَلَيْسَ بعدَ البازلِ سنٌّ يُسمى، وَلَا قبل الثّنِيّ سنٌّ يسمَّى.
(قلت) : وَمَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي صحيحٌ، وَعَلِيهِ كَلَام من شاهدتُ من الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: البَكْرَةُ، والبَكَرَةُ: لُغتان للَّتِي يستقى عَلَيْهَا، وَهِي خشبةٌ مستديرةٌ فِي وَسطهَا مَحَزٌّ للحبلِ، وَفِي جوفها مِحْورٌ تَدور عَلَيْهِ.
قَالَ: والحَلَقُ الَّتِي فِي حلية السَّيْف هِيَ البَكَرَاتُ، كَأَنَّهَا فتوخُ النساءِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قولهمْ: جَاءُوا على بَكْرَةِ أَبيهم.
قَالَ قَالَ الأصمعيُّ: يَعْنِي جاءُوا على طريقةٍ واحدةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: معناهُ جَاءُوا بأَجمعهم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ جَاءُوا بَعضهم فِي إثرِ بعضٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ بَكْرَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البُكَيرةُ: تصغيرُ البَكْرَةِ وَهِي جماعةُ الناسِ.
يُقَال: جَاءُوا على بَكْرَتهمْ، وعَلى بكْرَة أُمّهمْ أَي بأَجمعهمْ، وليسَ ثَمَّ بكْرَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَل.
وَقَول الله جلّ وَعز: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذالِكَ} (الْبَقَرَة: 68) .(10/126)
قالَ أَبُو إِسْحَاق: أيْ ليستْ بِصغيرةٍ وَلَا كبيرَة، وَمعنى (بَين ذَلِك) بَين البِكْرِ والفارضِ.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: البِكْرُ: الجاريةُ الَّتِي لم تقتضَّ، وجمعُها: أبكارٌ، والبِكْرُ: النَّاقة الَّتِي حملتْ بَطنا وَاحِدًا، وبِكْرُهَا: وَلَدهَا، والبَكْرُ: الفَتيُّ من الْإِبِل وَجمعه: بِكارٌ، وبِكَارةٌ.
وَقَالَ أَبُو الهيثمِ: العربُ تسمِّي الَّتِي ولدت بَطنا وَاحِدًا بِكْراً بولدِها الَّذِي تَبتكِرُ بِهِ.
وَيُقَال لَهَا أَيْضا بِكْرٌ مَا لم تَلد، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الأصمعيُّ: إِذا كَانَ أولَ ولد ولدتهُ الناقةُ فَهِيَ بكْرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِكْرُ من النِّسَاء: الَّتِي لم تمسَّ، والبِكْرُ من الرِّجَال: الَّذِي لم يقرب النِّسَاء بعْدُ، والبِكْرُ: أوَّلُ وَلدِ الرجل غُلَاما كَانَ أَو جَارِيَة.
وَيُقَال: أشدَّ الرِّجَال بِكْرٌ ابنُ بِكْرَينِ، وبقرةٌ بِكْرٌ: فتيَّةٌ لم تحمِل، وبِكْرُ كلِّ شَيْء: أولهُ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيّ) : هَذَا بكْر أَبويهِ وَهُوَ أَوَّلُ ولدٍ يولدُ لَهما، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة بِغَيْر هَاء، والجميعُ مِنْهُمَا: أبكارٌ، وبِكْرةُ ولدِ أَبويه: أَكْبرهمْ.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: مَا هَذَا الأمرُ منكَ بِكْراً وَلَا ثِنْياً على معنى: مَا هُوَ بأَول وَلَا ثَان. قَالَ ذُو الرمة:
وقُوفاً لَدَى الأبوابِ طَلاَّبَ حاجةٍ
عوَانٍ من الحاجَاتِ أَو حَاجَةً بِكْرَا
وَبَنُو بكرٍ فِي العرَب: قبيلتانِ: إِحْدَاهمَا: بَنو بكر بن عبد مَناةَ بنِ كِنانةَ.
والأخرَى: بكرُ بن وَائِل فِي ربيعَة، وَإِذا نُسِبَ إِلَيْهِمَا قَالُوا بَكْريٌّ، وَأما بَنو بكر بنِ كِلابٍ فالنسبةُ إِلَيْهِم بَكْرَاوِيٌّ، والبُكْرَةُ من الغَدَاة تُجمع بُكراً وأبكاراً.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَنُذُرِ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ} (الْقَمَر: 38) بكرَة وغدوة إِذا كَانَتَا نكرتين أُنثتا وصُرِفتا، وَإِذا أَرَادوا بهما بكرةَ يومِك؛ وغداةَ يَوْمك لم تصرفهما فبكرة هَا هُنَا نكرَة.
والبُكورُ، والتبكيرُ: الْخُرُوج فِي ذَلِك الْوَقْت.
والإبكارُ: الدُّخول فِي ذَلِك الْوَقْت، وَيُقَال: باكَرْتُ الشَّيْء إِذا بكَّرْتَ لَهُ. وَقَالَ لبيد:
بَاكَرْتُ حاجَتَها الدّجَاجَ بسُحْرَةٍ
لأعِلَّ مِنْهَا حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا
أَي بادرْتُ صقيعَ الدِّيكِ سَحَراً إِلَى حَاجَتي.
والباكورُ من كل شَيْء هُوَ المبَكِّرُ السَّرِيع الْإِدْرَاك، والأُنثى: باكورَةٌ، وغيثٌ بَكورٌ، وَهُوَ المبَكِّرُ فِي أوّل الوَسْمِيِّ وَيُقَال أَيْضا: هُوَ الساري فِي آخر اللَّيْل وَأول النَّهَار،(10/127)
وَأنْشد:
جَرَّرَ السيْلُ بهَا عُثْنُونَه
وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكرْ
وسحابةٌ مِدْلاجٌ: بَكُورٌ.
وَيُقَال: أتيتُهُ باكِراً. فَمن جعل الباكِرَ نعتاً قَالَ للأُنثى: باكِرَة وَقَوله:
... أَوْ أَبكارُ كَرْمٍ تُقَطّفُ
واحِدُها: بِكْرٌ، وهوَ الكَرْمُ الَّذِي حملَ أول حملِه.
وعَسَلٌ أبكارٌ: يُعَسِّلهُ أبكارُ النَّحْل أَي أَفتاؤُها، وَيُقَال: بل أبكار الجوارِي يلينَه.
وكتبَ الحجَّاجُ إِلَى عَامل لَهُ: ابعثْ إليَّ بعَسَل من الدَّسْتَفْشارِ، الَّذِي لم تمَسَّهُ النارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَنَحَّلَها مِن بِكارِ القِطافِ
أُزَيرِقُ آمِنُ إكْسادِها
بِكارُ القطاف جمع باكر كَمَا يُقَال: صَاحب وصِحاب، وَهُوَ أول مَا يُدْرِكُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: نَارٌ بِكْرٌ: لم تُقْتَبَسْ من نارٍ، وحاجةٌ بكْر: طُلِبت حَدِيثا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يزَالُ النَّاس بخيْرٍ مَا بَكَّرُوا بصلاةِ المَغْرِب) مَعْنَاهُ: مَا صَلّوْها فِي أول وَقتهَا.
وَفِي حَدِيث آخر: (مَنْ بَكَّرَ يوْمَ الجُمَعةِ وابتَكر فلهُ كذَا) فَمَعْنَى بَكَّرَ: خرج إِلَى الْمَسْجِد باكِراً، وَمعنى ابتَكرَ: أَدركَ أول الخُطبة.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: من بكر وابتكر إِلَى الْجُمُعَة، تَفْسِيره عندنَا: من بكر إِلَى الْجُمُعَة قبل الْأَذَان، وَإِن لم يأتها باكراً فقد بكَّر، وَأما ابتكارها فَأن تدركَ أول وَقتهَا، وَأَصله من ابتكار الْجَارِيَة، وَهُوَ أَخذ عُذْرتها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَت النخلةُ تُدرِكُ فِي أوّل النّخل، فهيَ البَكورُ، وهنّ البُكُر. وَقَالَ المُتَنَخِّلُ الْهُذلِيّ:
ذلكَ مَا دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ
أحْمَالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: البَكِيرةُ: مِثلُ البَكُور.
(أَبُو زيد) : أبكَرْتُ الوِرْدَ إبكاراً وأبكَرْتُ الغداءَ إبكاراً، وبكَرْتُ على الْحَاجة بكوراً، وغدوْت عَلَيْهَا غُدُوّاً، مثل البُكور، وأبكرْتُ الرّجلَ على صاحبهِ إبكاراً حَتَّى بَكر إِلَيْهِ بُكوراً.
(ابْن شُمَيْل) قَالَ: قَالَ أَبُو البَيْداء: ابتكرَتِ الحاملُ إِذا ولَدَت بِكرَها، وأثنتْ(10/128)
فِي الثَّانِي، وثلَّثتْ فِي الثَّالِث: ورَبَّعتْ وخَمَّستْ وعشّرتْ.
وَقَالَ بَعضهم: أَسْبَعتْ وأعْشرتْ وأَثمنتْ فِي الثَّامِن وَالسَّابِع والعاشر.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : ابتَكرَتِ المرأةُ ولدا إِذا كانَ أولُ ولدِها ذكرا، وأثْتَنَتْ إِذا جاءتْ بولدٍ ثِني، واثْتلثَتْ ولدَها الثَّالِث، وابتكرْتُ أَنا واثْتنيْت، واثتلثتُ.
برك: قَالَ اللَّيْث: البَرْكُ: الْإِبِل البُرُوك اسمٌ لجماعتها. قَالَ طرَفة:
وبَرْكٍ هُجودٍ قدْ أَثارَتْ مخافتي
نوَاديها أَمْشى بعَضْبٍ مُجَرّدِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : البَرْك: جماعةُ الْإِبِل البُرُوك.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البِرْكة: أَن يَدُرّ لَبنُ النَّاقة بارِكةً فيُقيمَها ويحلُبَها. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وحَلَبْتُ بِرْكَتَها اللَّبُو
نَ لبُونُ جودِك غيرَ ماصِرْ
وَقَالَ اللَّيْث: البِرْكةُ: مَا وَلِيَ الأَرْض من جلدِ بطن البَعير وَمَا يَلِيهِ من الصدْر، واشتِقَاقُه من مَبْرَك الْبَعِير.
والبَرْك: كَلْكَلُ الْبَعِير وصدرُه الَّذِي يَدُوك بِهِ الشَّيْء تَحْتَهُ، يقالُ: حكَّه ودكَّه وداكهُ ببَركه ودلَكه، وَأنْشد فِي صفةِ الحَرْبِ وشدَّتِها:
فأَقعَصتهمْ وحكَّت برْكها بهمُ
وأَعْطتْ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بيَّانِ
قَالَ: والبِرْكة: شِبْه حوْض يُحفرُ فِي الأَرْض، وَلَا يُجعَل لَهُ أعضاد فَوق صَعيد الأَرْض، وَهُوَ البِرْك أَيْضا؛ وَأنْشد:
وأَنتِ الَّتِي كلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأَوْرَدتِنيهِ فانظري أَيّ مَوْرِد
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البِرْكة تطفح مثل الزَّلف، والزلف: وَجه المِرْآة.
(قلت أَنا) : والعرَب تُسمِّي الصهاريجَ الَّتِي سُوِّيتْ بالآجر، وصُرِّجتْ بالنّورة فِي طَرِيق مَكَّة ومناهلِها: بِرَكا، واحدتها: بِرْكة، ورُبَّ بِركةٍ تكون أَلفَ ذِرَاع وَأكْثر وأقلَّ، وَأما الحياضُ الَّتِي تحتفر وتسوّى لماء السَّمَاء وَلَا تُطوَى بالآجرِّ فَهِيَ الأصْناع وَاحِدهَا: صِنْعٌ عِنْدهم.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَرُوكُ من النّسَاءِ: الَّتِي تتزوَّجُ وَلها ولدٌ كبيرٌ واسمُ ذَلِك الْوَلَد: الجَرَنْبَذُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الخَبِيصُ يُقَال لَهُ: البُرُوكَ ليسَ الرُّبُوكُ.
قَالَ وَقَالَ رجلٌ من الأعرابِ لامْرَأَته: هَل لكِ فِي البُرُوكِ؟ فأجابتهُ: إنَّ البُرُوكَ عملُ الملوكِ، والاسمُ مِنْهُ البَرِيكةُ، فأمَّا الرَّبِيكةُ فالحَيْسُ.
وَفِي كتاب شمرٍ، قَالَ: رَوى إِبْرَاهِيم عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لمَالِك بن الرّيْبِ:(10/129)
إِنَّا وَجدنَا طَرَدَ الهوامِلِ
والمَشْيَ فِي البِرْكةِ والمراجل
قَالَ: البِرْكةُ: جنس من برُودِ الْيمن، وَكَذَلِكَ المَرَاجِلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرَكُ: واحدتها: بُرْكَةٌ وَهُوَ من طيرِ المَاء أَبيضُ. قَالَ زهيرٌ:
ثمَّ اسْتَغَاثَت بماءٍ لاَ رِشَاءَ لَهُ
من الأبَاطِح فِي حَافاتِهِ البُرَكُ
وَيُقَال: ابتَرَكَ الرجلُ فِي عِرْضِ أخيهِ يَقْصِبُه إِذا اجتهدَ فِي ذمه، وَكَذَلِكَ الابِتَراكُ فِي الْعَدو: الاجْتهاد فِيهِ. وَقَالَ زُهَيْر:
مَرًّا كِفَاتاً إِذا مَا الماءُ أَسْهَلهَا
حتَّى إِذا ضَرِبتْ بالسَّوْط تَبْتَرِكُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وهُنَّ يَعْدُونَ بنَا بُرُوكَا
أَي تجتهدُ فِي عدوها.
قَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ القومُ فِي الْحَرْب إِذا جَثَوْا على الرُّكبِ ثمَّ اقتتلُوا ابتراكاً، والبَرَاكاءُ: مُبَاحَتَهُ القتالِ. قَالَ بشرٌ:
وَلَا يُنجِي منَ الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتَالِ أَو الفرارُ
وَقَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ السَّحَابُ إِذا أَلَحَّ بالمطر.
والبِرْكانُ: من دِقِّ الشَّجَر، الواحدةُ: بِرْكانَةٌ. وَقَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى غَدَا خَرِصاً طَلاَّ فرائصُهُ
يَرْعَى شَقائقَ من عَلْقَى وبِركَانِ
وأَخبرني المنذريُّ عَن أبي العبَّاس أنهُ سئلَ عَن تَفْسِير (تَبَارَكَ الله) فَقَالَ: ارتفعَ والمُتَبَارِكُ: المرتفعُ.
وَقَالَ الزَّجاجُ: تَبَارَكَ: تفَاعل منَ البَرَكةِ، كَذَلِك يقولُ أهل اللغةِ.
وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عباسٍ، وَمعنى البَرَكةِ: الكثرةُ فِي كلِّ خيرٍ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: تَبَارَكَ: تَعَالَى، وتعَاظَمَ.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: تَبَارَكَ الله أَي يُتَبَرَّكُ باسمهِ فِي كلِّ أمرٍ.
وَقَالَ الليثُ فِي تَفْسِير: (تَبَارَك اللَّهُ) : تمجيدٌ وتعظيمٌ.
وَقَالَ أَبُو بكر: معنى تبَارك: تقدّسَ أَي تطهر، والمقدّسَ: المطهَّرَ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} (الْأَنْعَام: 155) .
قَالَ: المُبَارَك: مَا يَأْتِي من قبله الخيرُ الكثيرُ، وَهُوَ من نعت كتاب.
وَمن قَالَ: أَنزَلْنَاهُ مُبَاركاً: جَازَ فِي الْقِرَاءَة.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بَارَكْتُ على التِّجَارَة وَغَيرهَا أَي وَاظبتُ عَلَيْهَا.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ(10/130)
وَمَنْ} (النَّمْل: 8) .
قَالَ: النَّارُ: نورُ الرَّحمن، والنورُ هُوَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى، ومَنْ حوْلها: موسَى والمَلاَئكةُ.
وروَى شَرِيكٌ عَن عَطاء عَن سعيدِ بن جُبيرٍ عَن ابْن عَبَّاس: {نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى} (النَّمْل: 8) ، قَالَ الله تَعَالَى ومَنْ حَوْلهَا: المَلاَئكةُ.
(سلمةُ عَن الفرَّاء) أَنه قَالَ فِي حرف أبَيَ (أَنْ بُورِكَتِ النارُ، ومَنْ حولهَا) .
قَالَ: والعربُ تَقول: بَارَكك اللَّهُ وبَارَكَ فيكَ.
(قلتُ) : وَمعنى بَرَكةِ الله: علوٌّ على كل حالٍ، وأصل البَرَكة: الزِّيَادَة والنماءُ.
والتَّبْرِيكُ: الدعاءُ للإنسانِ وَغَيره بالبَرَكةِ.
يُقَال: بَرَّكْتُ عَلَيْهِ تَبْرِيكاً أَي قلتُ: بَارَكَ الله عليكَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ} (هود: 73) قَالَ: البَرَكاتُ: السَّعَادَة.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَكَذَلِكَ قولُه فِي التَّشَهُّد: (السَّلَام عَلَيْك أَيها النَّبِي ورحمةُ الله وبركاتُه) ، لأنّ منْ أَسْعَدَه الله بِمَا أسعدَ بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَآله فقد نَالَ السَّعَادَة، الْمُبَارَكَة الدائمة.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : بُرَكُ: اسمُ ذِي الحِجَّة، قَالَ: والبُرَك والبَارُوكُ: الكابوسُ وَهُوَ النَّيْدُلاَنُ.
وَقَالَ الْفراء، يُقَال: كِساءٌ بَرَّكانيٌّ وَلَا تقلُ: برْنَكَانيٌّ.
وبَرْكُ الشتاءِ: صدرهُ، وَقَالَ الكميتُ:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشتاءِ منزلهُ
وباتَ شيخُ العيالٍ يصطلبُ
قَالَ: أَرَادَ وَقت طلوعِ العَقْرَبِ، وَهُوَ اسمٌ لعدةِ نجومٍ، مِنْهَا الزُّبانَى والإكليلُ والقَلْبُ، والشَّوْلة وَهِي تَطلعُ فِي شدّةِ البردِ.
وَيُقَال لَهَا: البُرُوك، والجُثُوم، يَعْنِي الْعَقْرَب.
وَيُقَال: للجماعةِ يَتَحَّملون حَمالةً: بُرْكة وجَمَّةٌ، والحَمالةُ نفسُهَا تسمَّى بُرْكةً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : البَرِيكُ: الزُّبدُ بالرُّطَبِ.
ويقالُ: أَبْرَكْتُ النَّاقَةَ فَبَركَت بُرُوكاً.
والتَّبرَاكُ بِفَتْح: التَّاء البُرُوكُ. وَقَالَ جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغانغُ رُكْبَتيْهَا
من التّبْرَاكِ ليسَ من الصَّلاةِ
وأمَّا تِبْرَاكُ بِكَسْر التَّاء فَهُوَ موضعٌ، وَلَا ينصرفُ.(10/131)
ك ر م
كرم، كمر، ركم، رمك، مكر: مستعملات.
كرم: الكَرِيمُ: من صفاتِ الله عز وَجل وأسمائه، وَهُوَ الكثيرُ الخيرِ الجوادُ المنعمُ المفضِلُ.
وَقَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الاَْرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} (الشُّعَرَاء: 7) .
معنى الزَّوْجِ: النَّوْعُ، والكَرِيمُ: الْمَحْمُود فِيمَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِيهِ، الْمَعْنى من كل نوع نَافِع لَا يُثبتهُ إِلَّا رب الْعَالمين.
وَقَالَ جلّ وَعز: {الْمَلأُ إِنَّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ} (النَّمْل: 29) .
قَالَ بعضهُم: مَعْنَاهُ: حسنٌ مَا فِيهِ، ثمَّ بَينَتْ مَا فِيهِ فَقَالَت: {إنَّهُ منْ سَلَيمانَ وإنَّه بسمِ اللَّهِ الرحمان الرحيمِ أَن لَا تَعْلُوا عليَّ وأْتُوني مسلِمينَ} (النَّمْل: 30، 31) .
وَقيل: {ألقيَ إليَّ كِتاب كريمٍ} (النَّمْل: 29) ، عَنَت أَنه جاءَ من عِنْد رجل كريمٍ.
وَقيل: كتابٌ كرِيمٌ أَي مَخْتومٌ، وَقَوله تَعَالَى: {)) يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) .
قَالَ الْفراء: العرَبُ تَجعل الكَريم تَابعا لكُلِّ شَيْء نَفَتْ عَنهُ فِعْلاً تنْوي بِهِ الذَّمَّ.
يُقَال: أَسَمِينُ هَذَا؟ .
فَيُقَال: مَا هُوَ بسمينٍ وَلَا كَريم، وَمَا هَذِه الدَّارُ بواسعة وَلَا كَريمةٍ.
والكريم: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ مَا يُحمدُ. فَالله كريمٌ حميدُ الفعال.
وَقَالَ: {عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ} {كَرِيمٌ فِى كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} (الْوَاقِعَة: 77، 78) أَي قُرْآن يحمد مَا فِيهِ من الهدْي وَالْبَيَان والعِلم وَالْحكمَة.
وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} أَي سهلاً لينًا، {وَرب الْعَرْش الْكَرِيم الْعَظِيم.
وَقَوله: أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا} (الْإِسْرَاء: 23) أَي كثيرا.
وروينا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإنَّمَا الكَرْمُ الرَّجُلُ المسْلمُ) :
رَوَاهُ أَبُو الزِّناد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله.
وتأويله وَالله أعلم أَن الْكَرم: صفةٌ محمودة، والكريمُ من صِفَات الله جلّ ذِكْرُه. ومَنْ آمن بِاللَّه فَهُوَ كريمٌ، والكَرَم: مصدر يقامُ مُقَامَ الموصُوفِ.
فَيُقَال: رَجْلٌ كَرَمٌ. ورجُلانِ كَرَمٌ، ورجالٌ كَرَمٌ، وامرأةٌ كَرَمٌ، لَا يثنى وَلَا يجمعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لأنَّ معنى قَوْلك: رَجل كَرَمٍ أَي ذُو كرم. وَلذَلِك أُقيم مُقامَ المنعوتِ فُخفِّفَ، والكرْمُ سُمِّي كَرْماً لأنهُ وصف بكَرَمِ شجرته وثمرته.(10/132)
وَقيل: كرمٌ بسكُونِ الرَّاء لأنَّهُ خُفِّف عَن لَفْظَة كَرَمٍ لما كثر فِي الْكَلَام. فَقيل: كَرْمٌ كَمَا قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
نَزَلْتُ عَلَى عمْرِو بْنِ دَرْعَاءَ بُلْطَةً
فَيَا كَرْمَ مَا جارٍ وَيَا كَرْمَ مَا محلْ
أَرَادَ: يَا كَرَم جارٍ، وَمَا صِلةٌ.
وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَسْمِيَته بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ يُعتْصرُ مِنْهُ المسكِر المنْهيُّ عَن شُرْبه وَأَنه يُغير عَقْلَ شَاربه، ويوقعْ بَين شَرْبه العداوةَ والبغْضَاءَ.
فَقَالَ: الرجُلُ الْمُسلم أَحقُّ بِهَذِهِ الصِّفة من هَذِه الشَّجَرَة الَّتِي يُؤَدِّي مَا يُعْتَصر من ثَمَرهَا إِلَى الأخْلاق الذَّميمة اللئيمة.
قَالَ أَبُو بكر: يُسمى الكَرْمُ كرْماً لِأَن الْخمر الْمُتَّخذ مِنْهُ يحث على السخاء وَالْكَرم وَيَأْمُر بمكارم الْأَخْلَاق فاشتقوا لَهُ اسْما من الْكَرم للكرم الَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ فكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله أَن يُسمى أصل الْخمر باسم مَأْخُوذ من الْكَرم، وَجعل الْمَرْء الْمُؤمن أولى بِهَذَا الِاسْم الْحسن، وَأنْشد:
والخَمْرُ مشتقَّة الْمَعْنى من الكرَمِ
وَلذَلِك سموا الْخمر رَاحا لِأَن شاربها يرتاح للعطاء أَي يخف.
قَالَ: وَيُقَال للكرم: الجَفْنَة والحَبَلة، والزَّرَجُون.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: رَجلٌ كريمٌ، وَقوم كرم كَمَا قَالُوا: أَدِيم وأَدَم وعمود وعمَدٌ، وَأنْشد:
وأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الجَواري
فتنبوا العيْنُ عَن كرمٍ عِجافِ
(قلت) : والنحويون يأبون مَا قَالَ اللَّيْث.
وَيَقُولُونَ: رجلٌ كَرِيمٌ وقومٌ كِرامٌ.
كَمَا يُقَال: صغيرٌ وصِغَارٌ، وكبيرٌ وكِبارٌ.
وَلَكِن يُقَال: رَجُلٌ كَرَمٌ، ورِجَالٌ كَرمٌ أَي ذَوُو كَرَم، ونساءٌ كَرَم أَي ذَوَات كَرَمٍ.
كَمَا يُقالُ: رجُلٌ عَدْلٌ، وقومٌ عدلٌ، ورَجْلٌ حَرَضٌ، وقومٌ حرضٌ، ورَجلٌ دَنَفٌ وقومٌ دنفٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَابْن السّكيت وَهُوَ قَول الْفراء: رجلٌ كَرِيمٌ، وكُرَامٌ، وكُرَّامٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالُوا: وكُرَامٌ: أبلغُ فِي الوصفِ من كريمٍ، وكُرَّامٌ بِالتَّشْدِيدِ، أبلغ من كُرَامٍ.
وَكَذَلِكَ: رجلٌ كبيرٌ وكبَارٌ وكُبَّارٌ وظريفٌ وظُراف وظُرَّافٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال: تكرَّمَ فلانٌ عَمَّا يشينه إِذا تَنَزَّه، وأكرَمَ نَفسه عَن الشَّائِنَات والكَرَامةُ: اسمٌ يوضعُ مَوضِع الإكرامِ، كَمَا وُضعت الطاعةُ مَوضِع الإطاعة، والغارةُ موضعَ الإغارة.
والكَرْمَةُ: الطاقةُ الْوَاحِدَة من الكَرْم.(10/133)
ويقالُ: هَذِه البقعةُ إِنَّمَا هِيَ كرمةٌ ونَخلةٌ، يُعنى بذلكَ الكَثرَةُ.
وَالْعرب تَقول: هِيَ أكْثرُ الأرضِ سَمْنَة وعَسَلةً.
وَإِذا جاءتِ السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَتْ تَكْرِيماً.
قَالَ اللَّيْث: والمُكْرَمُ: الرجُلُ الكَرِيُم على كلِّ أحد.
وَيُقَال: كَرُمَ الشيءُ الكَرِيمُ كَرَماً، وكَرُمَ فلَان علينا كَرَامة.
والكَرَمُ: أرضٌ مُثارة مُنَقّاة من الحجارةِ.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: للبُقْعَة الطَّيِّبِة التُّربةِ العَذاةِ المنبتِ: هَذِه بقعةٌ مكْرُمةٌ وَيَقُولُونَ للرَّجُل الكَرِيم: مكْرَمَانٌ إِذا وُصف بالسخاءِ وسَعةِ الصدرِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكُرُومُ: القلائدُ، وَاحِدهَا كرْمٌ، وَأنْشد:
تَبَاهَى بصَوْغٍ من كُرُومٍ وفِضَّةٍ
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَجُلاً أهْدى إِلَيْهِ راويةَ خمرٍ فَقَالَ: (إنَّ الله حَرَّمَها، فَقَالَ الرجل: أَفَلا أُكَارِمُ بهَا يَهودَ؟ فَقَالَ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَها حَرَّم أنْ يكَارَمَ بهَا) أَرَادَ بقوله أكَارِمُ بهَا يهودَ أَي أُهديها إِلَيْهِم، فَيُثيبوني عَلَيْهَا.
وَمِنْه قَول دُكَيْن:
يَا عُمَرَ الخَيْراتِ والمَكَارِم
إنِي امْرُؤٌ من قَطَنِ بنِ دَارِم
أَطْلَبُ دَيْني من أخٍ مُكارِمٍ
أَي من أخٍ يْكافِئُني على مدحي إِيَّاه، يَقُول: لَا أطلب جائزتهُ بِغَيْر وسيلةٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أفعلُ ذَلِك وكرْمَة لَك وكُرْمَى لَك، وكَرَامَةً لَك، وكُرْماً لَك، وَكُرْمَةَ عَيْنٍ، ونَعيمَ عينٍ ونُعمْة عينٍ، ونُعْمَ عينٍ، ونُعَامى عَيْنٍ ونَعام عينٍ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب فِي الكُرْمِ:
وأَيْقَنْتُ أَنِّ الجُود منكَ سَجِيَّة
وَمَا عِشْتَ عْيشاً مِثْلَ عْيشِك بالكُرْم
أَراد بالكُرْمِ: الكَرَامَةَ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: يُقَال: كَرُمَتْ أرضُ فلَان العامَ، وَذَلِكَ إِذا دَمَلها فزَكا نَبْتُها، قَالَ: وَلَا يَكْرُمُ الحَبُّ حَتَّى يكونَ كَثير العَصْفِ يَعْنِي التِّبْنَ وَالْوَرق.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : يُقَال لطبق الْقدر والحُبِّ: الْكَرَامَة.
وَقَالَ الْكسَائي: لم يجىء عَن الْعَرَب مَفْعُلٌ مصدرا بِغَيْر هَاء إِلَّا حرفان: مَكْرُمٌ ومعْونٌ.
وَأنْشد فِي المكْرُمِ:
لِيَوْمِ رَوْعٍ أَوْ فَعَالِ مَكْرُمِ
وَقَالَ:
بُثَيْنَ الْزَمِي (لَا) إنَّ (لَا) إِنْ لَزِمْتِهِ
على كَثْرَة الواشينَ أيُّ مَعُونِ(10/134)
وَقَالَ الْفراء: مَكْرُمٌ: جَمْعُ مَكْرُمَة وَكَذَلِكَ مَعُونٌ: جَمْعُ مَعُونَةٍ، وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يَقُول: إِذا أَنا أَخَذْتُ من عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وَهُوَ بهما ضَنِينٌ فصَبَرَ لي لم أرْضَ لَهُ بِهمَا ثَوَاباً دُونَ الجَنَّةِ) . وَرَوَاهُ بَعضهم: إِذا أَخذْتُ من عَبدِي كَرِيمَتَهُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ إِسْحَاق بنُ مَنْصُورٍ: قَالَ بَعضهم: يُرِيدُ أَهله، وبعضُهم يَقُول: عَيْنَه، قَالَ: وَمن رواهُ كَرِيمَتَيْهِ فهما: العينانِ.
قَالَ شمر: كلُّ شَيْءٍ يَكْرُمُ عَلَيْك فَهُوَ كَرِيمُكَ وكَرِيمَتُكَ، قَالَ: والكَرِيمَةُ: الرجُلُ الحَسيبُ، تَقول: هُوَ كَرِيمَة قَوْمِهِ. وَأنْشد:
وأَرَى كَرِيمَكَ لَا كُرِيمةَ دُونَهُ
وأَرَى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوَادِ
أَرَادَ من يَكْرُمُ عَلَيْك لَا تَدَّخِرُ عَنهُ شَيْئا يَكْرُمُ عَلَيْك.
وَفِي حَدِيث آخِره: (إِذا أَتَاكُمْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ) أَي كرِيمُ قومٍ. وَقَالَ صَخْرُ بنُ عَمْرو:
أَبَى الفَحْرَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي
وأَنْ ليسَ إِهْدَاءُ الخَنَا من شِمَالِيَا
يَعْنِي بقوله كَرِيمَتِي: أخَاه مُعَاوِيَة بن عَمْرو وَأما الحديثُ الآخرُ (خيْرُ الناسِ يَوْمَئذٍ مُؤمِنٌ بَيْنَ كَرِيمْينِ) فإنَّ بَعضهم قَالَ هما الحَجُّ والجِهَادُ، وَقيل أَرَادَ بَين فَرَسَيْنِ يَغْزُو عَلَيْهِمَا.
وَقيل بَين أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ كَرِيميْنِ.
وَيُقَال: هَذَا رجُلٌ كَرَمٌ أَبوهُ وكرمٌ آباؤُهُ، وَقَول الله جلّ وَعز: {وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} (النِّسَاء: 31) قَالُوا حَسَناً وَهُوَ الجَنَّةُ، وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (الْإِسْرَاء: 23) أَي لينًا سهلاً إِكْرَاما لَهما، وَقَوله: {هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ} (الْإِسْرَاء: 62) أَي فضَّلتَ، وَقَوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (الْمُؤْمِنُونَ: 116) أَي الْعَظِيم.
وَقَوله: {كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ} (النَّمْل: 40) أَي عَظِيم مفضل وَقَوله: {أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا} (الْأَحْزَاب: 31) أَي كثيرا.
مكر: قَالَ اللَّيْث: المكْرُ: احتيالٌ فِي خُفْيَة، قَالَ: وَسَمعنَا أنَّ الكَيْدَ فِي الحربِ حلالٌ، والمَكْرُ فِي كلِّ حالٍ حرامٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لله (لَصَادِقُونَ وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (النَّمْل: 50) .
قَالَ غير واحدٍ من أهلِ الْعلم بالتأويلِ: المَكْرُ من الله: جَزَاءٌ، سُمِّيَ باسم مَكْرِ المُجَازَى كَمَا قَالَ: {يَنتَصِرُونَ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا} (الشورى: 40) ، فالثانية ليستْ بسيّئة فِي الْحَقِيقَة، وَلكنهَا سمّيت سَيِّئة للجَزَاء، وَكَذَلِكَ قَوْله جلّ وَعز: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: 194) ، فَالْأول: ظلمٌ(10/135)
وَالثَّانِي: لَيْسَ بظُلْم، ولكنَّه سُمِّيَ باسم الذَّنب ليُعْلَمَ أَنه عِقابٌ عَلَيْهِ. وجَزَاءٌ بِهِ، ويَجْرِي مَجْرى هَذَا القَوْل قَول الله جلّ وَعز: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النِّسَاء: 142) و {اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (الْبَقَرَة: 15) من هَذَا الضَّرب.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَكْرُ: الغْرَةُ. وَقَالَ القَطَامِيُّ:
بِضَرْبٍ تَهْلِكُ الأبطالُ فِيهِ
وتَمْتَكِرُ اللِّحَى مِنْهُ امْتِكارَا
أَي تَخْتِضِبُ، وَيُقَال لِلأَسدِ: كَأَنَّهُ مُكِرَ بالمَكْرِ أَي طُلِيَ بالمغْرَةِ، والمَكرُ: نَبْتٌ وَجمعه: مُكُورٌ. قَالَ العجاج:
تَظَلُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
النَّضْرُ عَن الجعْدِيِّ قَالَ: المَكْرُ: سَقْيُ الأَرْض، يُقَال: امْكُرُوا الأرضَ فَإِنَّها صُلبةٌ ثمَّ احْرُثُوهَا يُرِيد: اسْقُوهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: المكْرُ: ضرْبٌ من النّباتِ، الواحِدةُ: مَكْرَةٌ، سُمِّيت مَكْرَةً لارْتوائِها، وأمّا مُكُورُ الأغْصَانِ فَهِيَ شَجَرَة على حِدَةٍ.
قَالَ: وضروبٌ من الشجرِ تُسَمَّى المكُورَ مثل الرُّغْل وَنَحْوه.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الممْكُورَةُ من النِّساء: المَطْوِيَّةُ الخَلْقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَكْرُ: حُسْنُ خَدَالةِ السَّاقِ.
يُقَال: هِيَ مَمْكُورَةٌ: مُرْتَوِيَة السَّاقِ خَدْلةٌ، شُبِّهَت بالمَكْرِ من النَّباتِ.
قَالَ: ومَكْوَرَّى: نَعْتٌ للرجُل، يُقَال: هُوَ القصيرُ اللئيمُ الخِلْقَةِ.
وَيُقَال فِي الشَّتِيمةِ: ابْن مَكْوَرَّى، وَهُوَ فِي هَذَا القَوْل: قَذْف، كأنَّها توصفُ بزِنْيةٍ.
قلت: هَذَا حرف لَا أَحْفَظُه لغير اللَّيْث، وَلَا أَدْري أَعَرَبٌ يٌّ هُوَ أَو أَعْجَمِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَكْرَةُ: الرُّطَبة الْفَاسِدَة.
والمكْرةُ: التَّدبِيرُ والحِيلة فِي الْحَرْب.
والمكْرةُ: الساقُ الغليظةُ الحَسْنَاءُ.
والمكْرةُ: السَّقْيَةُ للزَّرْع.
يُقَال: مَرَرْت بزَرْعٍ مَمْكُورٍ أَي مَسْقِيَ.
والمكْرةُ: شجرةٌ، وَجَمعهَا: مُكُورٌ.
ركم: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْمُ: جمعُكَ شَيْئا فَوق شيءٍ حَتَّى تجعلَه رُكاماً مَرْكوماً، كرُكامِ الرَّمْل والسَّحابِ وَنَحْو ذَلِك من الشَّيْء المرْتَكِمِ بعضُه على بعْضٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّكَمُ: السحابُ المُتَرَاكِمُ.
كمر: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المكْمُورُ من الرِّجَال: الَّذِي أَصَاب الخاتنُ كمَرَتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمَرُ: جمع الكَمَرَةِ.
وَقَالَ: رجلٌ كِمِرَّى إِذا كَانَ ضَخْمَ الكَمَرَةِ.(10/136)
رمك: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَكَةُ: هِيَ الفَرَسُ. والبِرْذَوْنَةُ الَّتِي تتَّخذ للنسل، والجميعُ: الأرْماكُ، وأَمَّا قَول رؤبة:
لَا تَعْدِليِني بالرُّذالاَتِ الحَمَكْ
وَلاَ شَظٍ فَدْمً وَلَا عَبْدٍ فَلِكْ
يَربِضُ فِي الرَّوْثِ كَبِرْذَوْنِ الرَّمَكْ
فإنَّ أَبا عَمْرو زَعمَ أنَّ الرَّمَكَ فِي بَيت رؤبةَ أَصله بالفارسيَّةِ: رَمَهْ.
قَالَ: وقولُ الناسِ: رَمَكَةٌ: خطأٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَمَكَ الرَّجلُ إِذا أَوْطَنَ البَلَد فَلم يَبْرَحْ، ورَمَكَ فِي الطَّعَام رُمُوكاً، ورَجَنَ فِيهِ يَرْجُنُ رجوناً إِذا لم يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وروى أَبُو عبيد عَنهُ: رَمَكْتُ بالمكانِ. وأَرْمَكْتُ غَيْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَمَك بِالْمَكَانِ ودَمَكَ ومَكَدَ إِذا أَقام فِيهِ.
وَقَالَ الْكسَائي: رَمَكَ بِالْمَكَانِ رُمُوكاً، ورَجَنَ رُجوناً.
والرامِكُ: المُقيمُ، بكسرِ الْمِيم.
والرامِكُ بالكسْرِ: الَّذِي يُسَمِّيهِ الناسُ الرَّامَك وَهُوَ شَيْء، يُصَيَّرُ فِي الطَّيبِ.
اللَّيْث: الرامَكُ: شيءٌ أسودُ كالقَارِ يخلط بالمِسْكِ فَيجْعَل سُكًّا، والرَّامَكُ تَتَضَيَّقُ بِهِ المَرْأَةُ.
ابْن السّكيت عَن الْفراء قَالَ: هُوَ الرامِك والرامَكُ، فِي بَاب مَا يُفْتَحُ ويُكْسَرُ.
غَيره: اسْتَرْمَكَ القومُ استرماكاً إِذا اسْتَهْجَنُوا فِي أَحسابِهِم، ورجلٌ رمَكَةٌ إِذا كَانَ ضَعِيفا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اشتدّتْ كُمْتَةُ الْبَعِير حَتَّى يَدخُلَهَا سوادٌ فَتلك الرُّمْكةُ، وبعيرٌ أَرْمَكُ.
ابْن الْأَعرَابِي قَالَ حُنَيْفُ الحَنَاتمِ وَكَانَ من آبَلِ العربِ الرَّمْكاءُ من النُّوقِ: بُهْيَا والحَمْرَاءُ: صُبْرَى والخَوَّارةُ: غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ: سُرْعَى.
(أَبْوَاب الْكَاف وَاللَّام)
ك ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لَكِن، نكل، نلك.
نكل: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ) قيل وَمَا النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قَالَ: (الرَّجلُ القويُّ المُجرَّبُ المُبْدِىءُ المعيدُ على الفَرَسُ المجرَّبِ المبْدِىء المِعيدِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: رجلٌ نَكَلٌ، ونِكْلٌ، ومعناهُ قريبٌ من التَّفْسيرِ الَّذِي فِي الحَدِيث.
قَالَ وَيُقَال: رجلٌ بَدَلٌ وبِدْلٌ، ومَثلٌ ومِثْلٌ وشَبهٌ وشِبهٌ.
قَالَ: وَلم نسْمع فِي (فَعَلٍ وفعْلٍ) بِمَعْنى وَاحِد غيرَ هَذِه الْأَرْبَعَة الأحْرُفِ.(10/137)
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {قَلِيلاً إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً} (المزمل: 12) فَإِن التَّفْسِير جَاءَ فِي الأنكَال أَنَّهَا هَاهُنَا: قُيُودٌ من نَار، واحِدُهَا: نِكْلٌ.
وَقَالَ شمر: النِّكْلُ: الَّذِي يَغلِبُ قِرْنَه، والنِّكْلُ: القَيْدُ، والنِّكْل: اللّجَامُ، وفلانٌ نِكْلُ شَرَ أَي قويٌّ عَلَيْهِ، ويكونُ: نِكلُ شرَ أَي يُنكِّلُ فِي الشَّرِّ، ورَجلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ إِذا نُكِّلَ بِهِ أَعداؤه أَي دُفِعُوا وأُذِلُّوا، والنِّكْلُ: لِجَامُ البريدِ، وَقيل لَهُ نِكْلٌ لِأَنَّهُ يُنكلُ بِهِ المُلْجَمُ أَي يُدفَعُ كَمَا سمّيت حَكمةُ الدابَّةِ حَكمةً لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة عَن الصعوبة.
وَيُقَال: نَكَلَ الرجلُ عَن الأمْر يَنْكُلُ نكولاً إِذا جَبُن عَنهُ، ولُغَة أُخرى: نَكِلَ يَنْكَلُ، وَالْأولَى: أَجودُ.
وَقَالَ اللَّيْث: النّكالُ: اسمٌ لما جَعلْتَهُ نَكالاً لغيره إِذا رَآهُ خافَ أَن يَعمَلَ عَملَه.
قَالَ: والمَنْكَلُ: اسمٌ للصَّخْرِ، (هُذَليةٌ) .
وَقَالَ غَيره: نكَّلْتُ بفلانٍ إِذا عَاقَبْتَه فِي جُرْمٍ أَجْرَمَه عُقُوبةً تُنَكِّلُ غيرَه عَن ارتكابِ مثله، وأَنْكَلْتُ الرجلَ عَن حاجَتِهِ إنْكالاً إِذا دَفَعْتَهُ عَنْهَا، وأَنكَلْتُ الحجَرَ عَن مكانهِ إِذا دَفَعْتَهُ عَنهُ.
وَمِنْه الحديثُ (مُضَرُ صَخْرَةُ الله الَّتِي لَا تُنْكَلُ) أَي لَا تُدْفَعُ عَمَّا سُلِّطَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} (الْبَقَرَة: 66) أَي جعلنَا هَذِه الفَعْلَة عِبْرةً يَنْكُلُ أَن يَفعلَ مثلهَا فَاعِلٌ فينالَه مثلُ الَّذِي نالَ اليهودَ والمعتدينَ فِي السَّبْتِ.
نلك: قَالَ اللَّيْث: النُّلْكُ: شَجَرةُ الدُّبِّ، الواحدةُ: نُلْكةٌ، وَهِي شجرةٌ حَمْلُها زُعْرُورٌ أَصْفَرُ. قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي النُّلْكِ إنَّه الزُّعْرُورُ.
لَكِن: قَالَ اللَّيْث: الألْكَنُ: الَّذِي لَا يقيمُ عَرَبِيَّتَه، وَذَلِكَ لعُجْمةٍ غالبةٍ على لسانهِ.
يُقَال: لُكْنةٌ شديدةٌ، ولُكُونةٌ، وأَخبرني المنذريُّ عَن المُبَرَّدِ أَنه قَالَ: اللُّكْنة: أَن تعترض على كَلَام الْمُتَكَلّم اللغةُ الأعَجِميَّةُ.
يُقَال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً أَو حَبشِيَّةً أَو سندية، أَو مَا كَانَت من لُغاتِ العَجَمِ.
سَلمَة عَن الفراءِ أنَّهُ قَالَ: للْعَرَب فِي لاكِنْ وكُتِبَتْ فِي المَصَاحِفِ بِغَيْر أَلفٍ لَكِن لُغَتَانِ تَشْدِيد النُّونِ مَفْتُوحَة، وإسْكَانُها خَفيفةً، فمَنْ شَدَّدها نَصبَ بهَا الأَسماءَ، ولمُ يَلِهَا (فَعَلَ، وَلَا يَفْعَلُ) وَمن خَفَّفَ نُونَها وأَسْكنها لمْ يُعْمِلْها فِي شيْءٍ: اسْمٍ وَلَا فِعْلٍ، وَكَانَ الَّذِي يعْمَلُ فِي الاسْم الَّذِي بعْدهَا مَا مَعَه مِمَّا يَنْصِبُه أَوْ يرفعهُ أَو يخفِضهُ، من ذَلِك قولُ الله: {وَلَاكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (يُونُس: 44) و {وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (الْأَنْفَال: 17) {وَلَاكِنَّ الشَّيْاطِينَ(10/138)
كَفَرُواْ} (الْبَقَرَة: 102) رُفعتْ هَذِه الأحْرُفُ بالأفَاعِيل الَّتِي بعْدهَا وَأما قولُهُ جَلَّ وعَزَّ: {بِاللَّهِ حَسِيباً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (يُونُس: 37) فإِنك أَضْمَرْتَ كانَ بعد: (ولَكنْ) فنصبتَ بهَا وَلَو رفعْتَه على أَن تُضمر (هُوَ) فتريد وَلَكِن هُوَ رَسُول الله، كَانَ صَوَابا. وَمثله (وَمَا كَانَ هَذَا القرآنُ أَن يُفترَى من دون الله، ولكنْ تصديقُ) و {تَصْدِيقَ} (يُونُس: 37) وَإِذا أَلْقَيْتَ من (لَكِن) الواوَ الَّتِي فِي أَوَّلها آثرَتِ العربُ تخفِيفَ نونها، وَإِذا أَدخَلوا الواوَ آثروا تشديدها، وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك لِأَنَّهَا رُجُوعٌ عماأَصابَ أوَّل الْكَلَام فشُبِّهَتْ ببلْ إِذْ كَانَت رُجُوعا مِثلَها، ألاَ ترى أَنَّك تَقول: لم يَقمْ أخوكَ بل أَبوك ثمَّ تقولُ: لم يقم أخوكَ لكِن أَبوك فتراهما فِي معنى وَاحِد، وَالْوَاو لَا تَصْلح فِي بل فَإِذا قَالُوا: ولكِنْ فادخلُوا الْوَاو تباعَدت من بل إِذْ لم تصلح فِي بل الواوُ فآثروا فِيهَا تشديدَ النونِ، وَجعلُوا الواوَ كَأَنَّهَا دخلت لعَطفٍ لَا بِمَعْنى بلْ.
وَإِنَّمَا نصبتِ الْعَرَب بهَا إِذا شدَّدتْ نونها لأنَّ أَصلها إنَّ عبد الله قائمٌ زيدت على إنَّ لامٌ وكافٌ فصارتا جَمِيعًا حرفا وَاحِدًا.
أَلا ترى أَن الشَّاعِر قَالَ:
وَلَكِننِي مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ
فَلم يُدخل اللامَ إِلَّا أنَّ مَعْنَاهَا إِن.
وَلَا تجوز الإمالة فِي لَكِن، وَصُورَة اللَّفْظ بهَا لَا كن، وكتبت فِي الْمَصَاحِف بِغَيْر ألف، وألفها غير ممالة.
وَقَالَ الكسائيُّ: حرْفان من الِاسْتِثْنَاء لَا يقعان أَكثر مَا يقعان إِلَّا مَعَ الْجحْد، وهما: بل وَلَكِن.
قَالَ: والعربُ تجعلهما مثل وَاو النَّسَق.
ك ل ف
كلف، كفل، فلك، فَكل، لفك: مستعملات.
كلف: قَالَ اللَّيْث: كَلِفَ وجهُهُ يَكْلَفُ كَلَفاً، وبَعِيرٌ أكْلَفُ، وَبِه كُلْفَةٌ كل هَذَا فِي الْوَجْه خَاصَّة، وَهُوَ لونٌ يَعْلُو الجلدَ فيغيِّرُ بشرتَه.
وَيُقَال للبَهَقِ: الكَلَفُ وَالْبَعِير الأَكْلَفُ يكون فِي خدَّيه سوادٌ خفِيٌّ.
قَالَ: وخَدٌّ أَكْلَفُ أَي أَسْفَعُ.
وَقَالَ العجَّاج:
عَنْ حَرْفِ حَيْشُومٍ وخَدَ أَكْلَفَا
يصف الثور.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا كَانَ البعيرُ شديدَ الحمرَة يخلِط حُمرَته سوادٌ لَيْسَ بخالصٍ فتلكَ الكُلْفَةُ، وَهُوَ أَكْلَفُ، وناقة كَلفَاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلِفْتُ هَذَا الأمرَ وتكلَّفتُه.(10/139)
قَالَ: والكُلْفَة: مَا تكلّفْتَ من أمرٍ فِي نائبةٍ أَو حقَ، والجميعُ: الكُلَفُ.
وَيُقَال: فلانٌ يتكلَّفُ لإخوانه الكُلَفَ، والتكاليفَ.
والمُكَلَّفُ: الوقَّاعُ فِيمَا لَا يعنيه.
وذُو كُلاَفٍ: اسمُ وادٍ فِي شِعْر ابْن مُقبل.
وَقَالَ شمر وَغَيره: من أَسمَاء الْخمر: الكَلْفَاء والعَذْرَاء.
أَبُو زيد: كَلِفْتُ مِنْك أمرا كَلَفاً، وكَلِفْتُ بهَا أشدَّ الكَلَفِ إِذا أَحبها، ورجلٌ مِكْلافٌ: مُحبٌّ للنِّسَاء، وَرجل كَلِفٌ بِالنسَاء: مِثلُه.
كفل: قَالَ الله جلّ وَعز: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا} (النِّسَاء: 85) .
قَالَ الفرّاء: الكِفْلُ: الحظُّ، وَمِنْه قَول الله: {بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن} (الْحَدِيد: 28) مَعْنَاهُ: حظّين.
وَقَالَ الزجَّاج: الكِفْلُ فِي اللُّغَة: النَّصِيب أُخذ من قَوْلهم: اكتَفلْتُ البعيرَ إِذا أدرتَ عَلَى سَنَامه أَو على مَوضِع من ظهرهِ كسَاء وركبْتَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قيل لَهُ كِفْل وَقيل: اكتَفلَ البعيرَ لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل الظَّهرَ كلّه إِنَّمَا اسْتعْمل نَصِيبا من الظّهْر.
وَقَالَ ابْن الأنباريِّ فِي قَوْلهم: قد تكفّلْتُ بالشَّيْء مَعْنَاهُ قد ألزمْتهُ نَفسِي، وأزلْتُ عَنهُ الضَّيْعة والذّهاب وَهُوَ مَأْخُوذ من الكِفْل.
والكِفْلُ: مَا يحفظُ الرَّاكبَ من خَلفه، والكِفْلُ، النصيبُ: مَأْخُوذ من هَذَا، وَرجل كِفْل: لَا يثُبت على الْجمل: لَيْسَ من الأوَّل.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ: عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُمِّي ذَا الكِفْل لِأَنَّهُ كفَلَ بمئة ركعةٍ كلَّ يَوْم.
قَالَ: والكِفْلُ: الَّذِي لَا يثبُت على مَتْن الْفرس، وَجمعه: أكْفال، وَأنْشد:
مَا كُنْتَ تَلْقى فِي الحُروب فوَارسي
مِيلاً إِذا رَكِبُوا وَلَا أَكفَالا
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: إنَّ ذَا الكِفْل سُمِّي بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ تكفَّل بأَمر نبيَ فِي أُمته، فَقَامَ بِمَا يجبُ فيهم.
وَقيل: تكفّلَ بِعَمَل رجل صَالح فَقَامَ بِهِ.
ورُوي عَن إِبْرَاهِيم: أَنه كره الشُّربَ من ثُلمةِ القَدَح أَو العروة، وَيُقَال: إِنَّهَا كِفْلُ الشَّيْطَان.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ: الكِفْلُ: أَصله: المرْكَبُ، فَأَرَادَ أَن العُروةَ والثُّلمةَ: مركبُ الشْيطان.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والكِفْلُ أَيْضا: ضِعفُ الشيءِ.
وَيُقَال: إِنَّه النصيبُ.
النَّضْرُ عَن أبي الدُّقْيشِ: اكتَفَلْتُ بِكَذَا إِذا وَلَّيتَه كَفَلَك، قَالَ: وَهُوَ الافتعال،(10/140)
وَأنْشد:
قدِ اكْتَفلَتْ بالحَزْن واعوَجَّ دُونَها
ضَوَارِبُ مِن خَفَّانَ مُجْتابةً سِدْرَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ أَنشده بيتَ خِدَاش بن زُهير:
إِذا مَا أَصَاب الغَيْثُ لم يَرْعَ غيثَهُمْ
من النَّاس إلاّ مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
قَالَ: والمُحْرِمُ: المُسالِم، والْمُكافِلُ: المُعَاقِدُ المحالِف، والكَفِيلُ: من هَذَا أُخِذ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكافِلُ: الَّذِي لَا يَأْكل، وَيُقَال للَّذي يَصل الصيامَ من النَّاس: كافِلٌ.
وَقَالَ القطاميُّ يصف إبِلا عِطاشاً:
يَلُذْنَ بِأَعْقَارِ الحِياض كأَنَّها
نِساءُ النصارَى أَصبحَتْ فهْيَ كُفَّلُ
قَالَ ابْن لأعرابي فِي قَوْله: وَهِي كفّلُ أَي ضَمِنَتِ الصَّوْم.
وروى أَبُو إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن أبي مُوسَى (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحمِته) قَالَ: ضِعفين، وَقيل: مِثْلين.
يُقَال: مَا لفُلَان كِفْلٌ: أَي مَاله مِثْلٌ.
قَالَ عَمْرو بن الْحَارِث:
يَعْلُو بهَا ظَهْرَ الْبَعِير وَلم
يوجَد لَهَا فِي قَومهَا كِفْلُ
كأَنّه بِمَعْنى مِثل، قَالَ الأزهريُّ: والضِّعْفُ يكون بِمَعْنى المِثل.
وَفِي حديثٍ آخر: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجُل: (لكَ كِفْلاَنِ من الأجْر) . أَي مِثلان، والكِفْلُ: النصِيب، والأجْر يُقَال: لَهُ كِفْلان أَي جزآن ونصيبان.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَكْفَلْتُ فلَانا المالَ إِكْفالاً إِذا ضمَّنْتَه إيَّاهُ، وكفَلَ هُوَ بِهِ كُفولاً وكَفْلاً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى} (ص: 23) .
قَالَ الزَّجَّاج: مَعْنَاهُ اجْعَلْني أَنا أَكفُلُهَا وانْزِلَ أَنتَ عَنْهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كَفِيلٌ وكَافِلٌ، وضَمِينٌ وضامِنٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وقرىءَ قولُ الله جلَّ وعزَّ: (وكَفَلَهَا زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) بِالتَّخْفِيفِ، وقُرِىءَ (وكَفَّلَهَا زكريَّاءَ) أَي وكفَّلَها اللَّهُ زكرياءَ أَي ضَمَّنَه إيَّاها حَتَّى تكَفَّل بحَضَانَتها، وَمن قرأَ (وكَفَلَها زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) فالفعلُ لزكرياء أَي ضَمِنَ القيامَ بأَمْرِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَفَلُ: رِدْفُ العَجُزِ، وَإِنَّهَا لَعَجْزاءُ الكفَل.
قَالَ: والكِفْلُ من الأَجْر والإثمِ: الضِّعْفُ.
يُقَال: لَهُ كِفْلاَن من الأجْرِ، وَلَا يُقَال: هَذَا كِفْلُ فلانٍ حَتَّى تكونَ قد هَيَّأْتَ لغيره مِثلَه كَالنَّصِيب، فَإِذا أَفردْتَ فَلَا يُقَال:(10/141)
كِفْلٌ وَلَا نصيب.
قَالَ: والكِفْلُ من الرِّجال: الَّذِي يكون فِي مُؤخَّرِ الحَرْب، إِنَّمَا همَّتُه التأخُّر والفِرارُ وَهُوَ بَيِّنُ الكُفُولة.
قلتُ: الكِفْلُ من الرِّجَال: الَّذِي يكونُ فِي مؤخّر الْحَرْب لَا يَثْبُتُ عَلَى ظَهْر الدَّابة.
وَقَالَ اللَّيْث: الكفِيل: الضامِنُ للشيءِ.
يُقَال: كَفَلَ بِهِ يَكْفُلُ كَفَالةً، وأمّا الكَافلُ. فَهُوَ الَّذِي كَفَلَ إنْسَانا يَعُولُه ويُنْفِقُ عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (الرَّبِيبُ كَافِلٌ) وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ الْيَتِيم، كأَنّه كفَل نفقتَه.
لفك: عَمْرو عَن أَبِيه: العَفِيكُ واللَّفِيكُ: المُشْبَعُ حُمْقاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الألْفَكُ والألْفَتُ: الأَعْسَرُ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: الأَلْفَكُ: الأحمَقُ.
فلك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَفْلَكُ: الَّذِي يَدُور حَوْلَ الفَلَك، وَهُوَ التَّلُّ من الرّمل، حولَه فضاءٌ.
وَقَالَ الليثُ: الفَلَكُ جَاءَ فِي الحَدِيث أنّه دَوَرَانُ السماءِ وَهُوَ اسمٌ للدَّوَران خاصَّةً، وأمَّا المُنَجِّمُونَ فَيَقُولُونَ: سبعةُ أَطْوَاقٍ دُونَ السماءِ قد رُكِّبَتْ فِيهَا النجومُ السبعةُ، فِي كلِّ طَوْقٍ مِنْهَا: نجْمٌ، وَبَعضهَا أَرفعُ من بعض تَدُورُ فِيهَا بإِذن الله.
وَقَالَ الفرَّاء يُقَال: إنَّ الْفَلَكَ: مَوْجٌ مَكْفورٌ تجْرِي فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب.
وَقَالَ الكَلْبيُّ: الفَلَكُ: اسْتِدارةُ السماءِ.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَول الله: {سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى} (الْأَنْبِيَاء: 33) لكلَ مِنْهَا فَلَكٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفَلَكُ: قِطَعٌ من الأَرْض تستديرُ وترتفع عَمَّا حولهَا، والواحدة: فَلَكَةٌ، وَقَالَ الرَّاعِي:
إِذا خِفْنَ هَوْلَ بُصونِ البِلادِ
تَضَمَّنَهَا فَلَكٌ مُزْهِرُ
يَقُول: إِذا خافتِ الأدْغَالَ وبطونَ الأرضِ ظَهَرَتِ الفَلَكَ.
شمر عَن ابْن شميلٍ الفَلْكَةُ: أَصَاغِرُ الإكامِ وَإِنَّمَا فَلَّكَهَا اجْتماعُ رَأْسهَا كأَنها فَلْكةُ مِغْزَلٍ لَا تُنْبِتُ شَيْئا، والفَلْكَةُ: طويلةٌ قدرُ رُمْحَيْنِ أَو رُمْحٍ ونصفٍ، وَأنْشد:
يَظَلاَّنِ النَّهارَ برَأْسِ قُفَ
كُمَيْتِ اللَّوْنِ ذِي فَلكٍ رَفيعِ
وَقَالَ اللَّيْث: الفُلْكُ تُذَكَّرُ وتُؤنَّثُ وَهِي وَاحِدَة، وتكونُ جَمعاً، قَالَ الله تَعَالَى فِي التوحيدِ: {فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (يس: 41) فذكَّرَ الفُلكَ. وَقَالَ فِي الجمعِ {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} (يُونُس: 22) فأَنَّثَ وجَمعَ، ويجوزُ أَن يُؤنَّثَ واحدهُ كقولهِ تَعَالَى: {جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} (يُونُس: 22) فَقَالَ: جَاءَتْهَا فأَنَّثَ وَقَالَ: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ} فجمَعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَلَّكَتِ الجاريةُ تَفْليكاً إِذا(10/142)
تَفلَّكَ ثَدْيُهَا أَي صَارَ كالفَلْكةِ وَأنْشد:
جَارِيَةٌ شَبَّتْ شَبَاباً هَبْرَكَا
لم يَعْدُ ثَدْيَا نَحْرِهَا أَنْ فَلَّكَا
مُسْتَنْكِرَانِ المَسَّ قد تَدَمْلَكَا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّفْليكُ: أَنْ يَجْعَلَ الرَّاعِي مِن الهُلْبَ مثلَ فَلْكةِ المِغْزَلِ ثمَّ يَثْقُبُ لِسانَ الفَصِيلِ فيَجْعَلهُ فِيهِ لِئلا يَرضَعَ ثدْي أُمِّهِ.
قَالَ ابنُ مُقبلٍ فِيهِ:
رُبَيِّبُ لمْ تُفَلِّكهُ الرِّعَاءُ وَلمْ
يَقْصُرْ بِحَوْمَلَ أَدْنَى شُرِبْهِ وَرَعُ
أَي كَفٌّ.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَّكتُ الجَدْيَ، وَهُوَ قضيبٌ يُدارُ عَلَى لسانهِ لِئَلاَّ يَرضَعَ.
قلت: والصوابُ فِي التَّفْليكِ مَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَجُلاً وَهُوَ جَالِسٌ عِندهُ فَقَالَ: إِنِّي تركْتُ فرسكَ كأَنَّهُ يَدُورُ فِي فَلَكٍ.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: فِي فَلَكٍ، فيهِ قولانِ: فأَمَّا الَّذِي تَعرفُهُ العامَّةُ شَبَّهَهُ بِفَلكِ السَّمَاء الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ النجومُ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: القُطْبُ، شُبِّهَ بقُطْبِ الرَّحَا.
قَالَ وَقَالَ بعضُ الْأَعْرَاب: الفَلَكُ: المَوْجُ إِذا ماج فِي البحْرِ فَاضْطربَ وَجَاء وَذهب، فَشبَّه الفرسَ فِي اضْطِرابهِ بذلك، وَإِنَّمَا كانتْ عَيْناً أَصَابتْهُ وَقَول رؤبة:
وَلاَ شَظٍ فَدْمٍ وَلاَ عَبْدٍ فَلِكْ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَلِكُ: العَبْدُ الَّذِي لَهُ أَلْيَةٌ على خِلْقةِ الفَلْكةِ، وأَليَاتُ الزِّنْجِ مُدَوَّرَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَيْلَكُونُ: الشُّوبَقُ.
(قلت) : وهما مُعَرَّبانِ مَعًا.
وَيُقَال فَلْكةٌ، وفَلَكةٌ لِفَلْكةِ المِغْزَلِ.
فَكل: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الأَفكَلُ: رِعْدةٌ تَعْلُو الإنسانَ، وَلا فِعْلَ لَهُ.
وَيُقَال: أَخذَ فُلاناً أَفْكَلٌ إِذا أَخذَتْهُ رعْدةٌ.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ مُوسَى لمَّا ضَربَ البَحْرَ بعَصَاهُ فانْفرقَ بَاتَ وَله أفْكَلٌ أَي رِعْدةٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: افْتَكَلَ فلانٌ فِي فعْلهِ افتكَالاً، واحْتفل احتفالاً بِمَعْنى واحدٍ.
ك ل ب
كلب، كبل، لبك، لكب، بلك، بِكُل: مستعملات.
أما بلك، ولكب فإنَّ اللَّيْث أهملها، وهما مستعملانِ.
لكب: روى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: المَلْكَبَةُ: الناقةُ الكثيرةُ الشَّحْم واللَّحْم.
قَالَ: والملكَبَةُ: القيادةُ.
بلك: ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: البُلْكُ. أَصْواتُ الأشْداق إِذا(10/143)
حرَّكتْها الأصابعُ من الوَلَع.
كلب: قَالَ اللَّيْث: الكَلْب: وَاحِد الكِلاب. قَالَ: والكَلْبُ الكَلِبُ: الَّذِي يَكْلَبُ فِي أَكل لُحُوم النَّاس فيأْخذُه شِبْهُ جُنونٍ، فإِذا عَقَرَ إنْسَانا كَلِبَ المعقورُ وأصابه داءُ الكَلَب، يَعْوِي عُواءَ الكَلْب، ويمزِّق ثِيَابه عَن نَفسه. ويَعقِرُ مَنْ أصابَ ثمَّ يَصير آخر أمره إِلَى أَنْ يأخذَه العُطَاشُ فيموتَ من شدَّة العَطش وَلَا يشرب.
ورجُل كَلِبٌ، وَقد كَلِبَ كَلَباً إِذا اشتدَّ حِرْصُه على طلب شيءٍ.
وَقَالَ الحَسن: إنَّ الدُّنيا لمّا فُتِحتْ عَلَى أَهلهَا كَلِبوا عَلَيْهَا أَشدَّ الكَلَب، وعَدَا بعضُهم على بعض بِالسَّيْفِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَلْب: خَرْزُ السَّيْرِ بَين سَيْرَيْن، كلَبْتُه أَكلُبُه كَلْباً وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث. وَأنْشد:
سَيْرُ صَنَاعٍ فِي خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الكَلْبُ: مِسمارٌ يَكون فِي رَوافد السَّيْفِ يُجعلُ عَلَيْهِ الصُّفْنَةُ وَهِي السُّفرة الَّتِي تُجمَعُ بالخيط.
قَالَ: والكَلْبُ: أوَّلُ زيادةِ المَاء فِي الْوَادي.
والكَلْبُ: مِسْمارٌ على رَأس الرَّحْل يُعَلِّقُ عَلَيْهِ الراكبُ السَّطِيحَةَ.
والكَلْبُ مِسمارُ مَقْبِض السَّيْف، وَمَعَهُ آخرُ يُقَال لَهُ: العَجوزُ.
وَقَالَ: الكَلَبُ: القِيادةُ، والكَلَبُ: الأكلُ الكثيرُ بِلَا شِبَع، والكَلْبُ: القِدُّ، والكَلَبُ: وُقوعُ الحبْل بَين القَعْوِ والبَكْرَة، وَهُوَ المَرَسُ، والْحَضَبُ.
والكَلَبُ: أَنفُ الشِّتاء وحَدُّهُ. والكَلَبُ: صياحُ الَّذِي قد عضَّه الكلْب.
قَالَ: وَقَالَ المُفَضّل: أَصْلُ هَذَا أنَّ دَاء يقعُ على الزرْع فَلَا يَنْحَلُّ حَتَّى تطلُع عَلَيْهِ الشَّمْس فيذوبَ، فإِنْ أَكَلَ مِنْهُ المالُ قبلَ ذَلِك مَاتَ.
وَمِنْه مَا رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهَى عَن سَوْمِ اللَّيْل أَي عَن رَعْيِه، وَرُبمَا نَدَّ بعيرٌ فأَكل من هَذَا الزَّرْع قبْل طُلُوع الشَّمْس، فإِذا أَكله مَاتَ، فَيَأْتِي كلْبٌ فيأكلُ من لحمِه فيَكْلَبُ، فإِن عَضَّ إنْسَانا كَلِبَ المعضوضُ، فإِذا سَمع نُباحَ كلبٍ أَجَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: دَهْرٌ كَلِبٌ: قد أَلَحَّ عَلَى أَهْلِه بِمَا يَسُوءُهم. وَأنْشد:
مالِي أَرَى الناسَ لَا أَبَا لَهُمُ
قد أَكلوا لحمَ نَابِحٍ كَلِبِ
ويقالُ للشجرة العارِدَةِ الأغصان، والشَّوْكِ اليابِسِ المقْشَعِرَّةِ: كَلِبَةٌ. والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ: خشبةٌ فِي رَأسهَا عُقافَةٌ مِنْهَا أَو من حَدِيد، فأمّا الكلبتان: فالآلة الَّتِي تَكون مَعَ الحدَّادِين وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: وحَديدةٌ ذاتُ كَلْبَتيْن وحَدِيدتانِ ذَوَاتَا كَلْبتين وحَدَائدُ ذَوَات كَلْبتين فِي الْجمع.(10/144)
وكَلاَلِيبُ البَازِي: مَخَالبُه.
قَالَ. والكَلْبُ: من النُّجُوم بحِذَاء الدلْو من أَسْفَل، وعَلى طَرِيقَته نَجْمٌ آخرُ يُقَال لَهُ: الرَّاعِي.
والكَلِيبُ: جماعةُ الكِلاب، والكَلاَّبٌّ، والْمُكَلَّبُ: الَّذِي يُعلَم الكلابَ أخْذَ الصَّيد.
وكَلْبٌ: وكُلَيْبٌ، وكِلاَبٌ: قَبائلُ مَعْرُوفَة.
والكُلْبَةُ: شِدَّةُ البرْد. وَأنْشد:
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ وكانَتْ
قد أقامَتْ بِكُلْبَةٍ وقِطَارِ
وَيُقَال: كَلِبَ عَلَيْهِ القِدُّ كَلَباً إِذا أُسِرَ بِهِ فيَبِسَ وعضَّه.
وأَسِيرٌ مُكَلَّب ومُكَبَّلٌ أَي مقيَّدٌ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ: مأْسُور بالقِدِّ.
وأرْضٌ كَلِبَةُ الشَّجَر إِذا لم يُصِبْها الرَّبيع.
اللحياني: اكْتَلَبَ الخارِزُ إِذا استَعمل الكُلْبَةَ، والكُلْبَةُ: السَّير وراءَ الطَّاقَة من اللِّيف، تسْتَعْمل كَمَا يسْتَعْمل الإِشْفَى الَّذِي فِي رَأسه جُحْرٌ يَدْخَلُ السيرُ أَو الخيْطُ فِي الكُلْبَة، وَهِي مَثْنِيَّة، فيُدخَل فِي مَوضِع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارزُ يَده فِي الإدَاوةِ، ثمَّ يَمُدُّ السيرَ أَو الخيطَ، والخارِزُ يُقَال لَهُ: مُكْتَلِبٌ.
ولِسَان الكَلْبِ: اسْم سيفٍ كَانَ لأوس بن حارثةَ بن لأْمٍ الطائيّ وَفِيه يَقُول:
فإنَّ لسَانَ الكَلْبِ مانعُ حَوْزَتي
إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفنَاءُ بُحْتُرِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الناسُ فِي كُلْبَةٍ أَي فِي قَحْطٍ وشدَّةٍ من الزَّمَان.
ورَأْسُ الكَلْبِ: اسمُ جَبلٍ مَعْرُوف.
أَبُو زيد: كُلْبَة الشتاءِ وهُلْبَتُه: شِدَّتُه.
وَقَالَ الْكسَائي: أَصَابَتْهُم كُلْبَةٌ من الزَّمَان فِي شدَّة حَالهم وعيشهم، وهُلبةٌ من الزَّمان.
قَالَ، وَيُقَال: هُلْبة، وهُلُبّةٌ من الحرّ وَمن القُرّ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل عَن أَبي خَيْرةَ: أرضٌ كَلِبَةٌ: أَي غليظةٌ قُفٌّ، لَا يكون فِيهَا شجرٌ وَلَا كلأٌ، وَلَا تكون جبلا.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: أَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجَرِ أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ لم يُصِبْها الربيعُ بعدُ، وَلم تَلِنْ.
كبل: قَالَ اللَّيْث: الكَبْلُ: قيد ضخمٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ القَيدُ: والكَبْلُ، والنِّكْلُ، والوَلْمُ، والقُرْزُلُ والمكْبولُ: المحبوسُ.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (إذَا وَقَعَتِ السُّهْمَانُ فَلَا مُكَابَلَةَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: تكون المكابلةُ بمعنيين، تكون من الحبْس، يَقُول: إِذا حُدَّت الحدُود فَلَا يحبسُ أحدٌ(10/145)
عَن حقِّه، وَأَصله من الكَبْلِ، وَهُوَ القيدُ، وَجمعه: كُبولٌ، والمكْبول: المحبوسُ.
وأنشدني الأصمعيّ:
إِذا كنتَ فِي دارٍ يُهينُكَ أَهْلُهَا
وَلم تكُ مَكبولاً بهَا فتحوَّلِ
قَالَ الأصمعيُّ: وَالْوَجْه الآخر أَن تكونَ المكَابَلَةُ من الِاخْتِلَاط وَهُوَ مقلوبٌ من قَوْلك: لبَكْتُ الشيءَ، وبكَلْته إِذا خَلَطتَه.
يَقُول: فَإِذا حُدَّتِ الحدُودُ، فقد ذهبَ الاختلاطُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ الكَبْلُ وَمَعْنَاهُ الحبْس عَن حَقه، وَلم يذكر الوجهَ الآخر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصوابُ، وَالتَّفْسِير الآخر غلطٌ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ من بَكلْتُ لقَالَ: مُبَاكَلَةً.
وَقَالَ اللحياني فِي المُكَابَلَةِ، قَالَ بَعضُهم: هِيَ التَّأخِيرُ.
يُقَال: كَبَلْتُكَ دَيْنَكَ: أَخَّرْتُهُ عنكَ.
وَقَالَ بعضُهم: المُكَابَلَةُ: أَن تُبَاعَ الدارُ إِلَى جَنْبِ داركَ وَأَنت تُرِيدُهَا فَتُؤَخِّر ذَلِك حَتَّى يَسْتَوْجِبهَا المُشْتَرِي ثمَّ تأخذها بالشّفْعِةِ، وَهِي مَكرُوهَةٌ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ وَلَا يَكْتَبِلْ
مِنْهُ العَطَايَا طُولُ إِعْتَامِهَا
اعْتَامها: الإبْطَاءُ بهَا، لَا يَكْتَبِلْ: لَا يَحْتَبِسْ.
وَذُو الكَبْلَيْنِ: فَحْلٌ فِي الجاهليّة كَانَ ضَبَّاراً فِي قَيْدِه.
لبك: قَالَ اللَّيْث: اللَّبْكُ: جَمْعُكَ الثَّرِيدَ لِتَأْكُلَهُ.
والْتَبَكَ الأمرُ إِذا اخْتَلَطَ والْتبَسَ. قَالَ زُهَيْر:
إِلَى الظَّهِيرَةِ أَمْرٌ بَيْنَهُمْ لَبِكُ
أَي مُلْتَبِسٌ لَا يَسْتَقِيمُ رَأَيُهُمْ على شَيْء وَاحِدٍ.
وَيُقَال: مَا ذُقْتُ عِنْده عَبَكةٌ وَلَا لَبَكةٌ فالعَبَكَةُ: الحبّةُ من السَّويقِ وَنَحْوه، واللَّبَكَةُ: القِطْعَةُ من الثَّريدِ.
ابْن السّكيت عَن الْكلابِي قَالَ: أَقولُ: لَبِيكَةٌ من غنَمٍ. وَقد لَبَكُوا بَين الشَّاءِ أَي خَلَطُوا بَيْنَه.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيْت لُبَاكةً من النَّاس ولَبيكة أَي جمَاعَة.
بِكُل: أَبُو عبيد عَن الأمَوِيِّ: البَكْلُ: الأَقِطُ بالسَّمْنِ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَكِيلَةُ والبَكَالةُ جَمِيعًا: الدقيقُ يُخْلَطُ بالسوِيق ثمَّ تَبُلُّهُ بِمَاء أَو زيتٍ أَو سَمْنٍ، بَكلْتُهُ أَبْكُلَهُ بَكْلاً.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن الْكلابِي: البَكِيلَةُ: الجافُّ من الأقِطِ الَّذِي يُبْكَلُ بِهِ الرَّطْب.
يُقَال: (ابْكُلي واعْبِثي) وَيُقَال للغنمِ إِذا(10/146)
لَقِيَتْ غَنَماً أُخرى فدخَلَتْ فِيهَا: ظَلَّتْ عَبِيثَةً وَاحِدَة، وبَكيلَةً وَاحِدَة أَي قد اخْتَلَط بَعْضها ببَعْضٍ، وَهُوَ مَثَلٌ، وَأَصله من الأقِط والدّقِيقِ يُبْكَلُ بالسّمْن فَيُؤْكَلُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ الطائيّ: البَكِيلَةُ: تَمْرٌ وطَحِينٌ يُخْلَطُ، يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ أَو الزَّيْت وَلَا يُطْبَخُ، وَمن أَمثالهم فِي الْتِبَاسِ الأمْرِ (بَكْلٌ مِنَ البَكْل) وَهُوَ اخْتِلَاط الرَّأْي فِيهِ وارْتِجَانُهُ.
أَبُو عبيد: التَّبَكُّلُ: الغنِيمَةُ. وَقَالَ أَوْسٌ:
عَلَى خَيْرِ مَا أَبْصَرْتُها من بِضَاعَةٍ
لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً لهَا أَو تَبَكُّلاَ
وَقَالَ اللَّيْث: الإنسانُ يَتَبَكَّلُ: أَي يَخْتالُ.
قَالَ: والبَكِيلُ: مَسُوطُ الأقِطِ.
وَفِي بعض اللُّغَات: إِنَّه لجَمِيلٌ بَكِيلٌ أَي مُتَنَوِّقٌ فِي لُبْسِهِ ومَشْيهِ.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيتُ لُبَاكَةً من النّاس وَلبِيكَةً أَي جمَاعَة.
ك ل م
كلم. كمل. لكم. لمك. ملك. مكل: مستعملات.
كلم: قَالَ اللَّيْث: الكَلْمُ: الجَرْحُ، والجميع: كُلُومٌ، وَتقول: كلَمْتُه وأَنا أَكْلِمُه كَلْماً وأَنا كالِمٌ، وَهُوَ مَكْلُومٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعَزَّ: {عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الاَْرْضِ} (النَّمْل: 82) .
قَالَ الفرَّاءُ: اجْتَمَعَ القُرَّاءُ على تَشْدِيد تُكَلِّمُهُم وَهُوَ من الكَلام وحَدَّثِني بعض المُحَدِّثِينَ أَنه قُرىءِ: تَكْلِمُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن اليزيدي: سَمِعَ أَبَا حَاتِم يَقُول: قَرَأَ بعضُهم: تَكْلِمُهُمْ، وفُسِّرَ: تَجْرَحُهُم، والكِلاَمُ: الجِرَاحُ، وَكَذَلِكَ إنْ شُدِّدَ: تُكلِّمُهُم فَذَلِك الْمَعْنى: تُجَرِّحُهُم، وفُسِّرَ فَقيل: تَسِمُهُمْ فِي وُجُوهِهِم، تَسِمُ المؤمنينَ بِنُقْطَةٍ بَيضاءَ، فَيَبْيَضُّ وجهُهُ، وتَسِمُ الكافرَ بنقطةٍ سوداءَ فَيَسْوَدُّ وَجهه.
وَقَالَ اللَّيْث: كَلِيمُكَ الَّذِي تُكَلِّمُهُ ويُكَلِّمُكَ، والكلامُ: مَعْرُوف، والكِلْمَةُ: لُغَةٌ تَمِيمِيّةٌ، والكلِمةُ: لُغة حِجَازيَّة، والجميعُ فِي لُغَة تَمِيم: الكِلَمُ، قَالَ رؤبة:
لَا يَسْمَعُ الرَّكْبُ بهَا رَجْعَ الكِلَمْ
وَقَالَ غَيره: الْكَلِمَة تقع على الْحَرْف الْوَاحِد من حُرُوف الهجاء، وَتَقَع على لَفْظَةٍ وَاحِدَة مُؤلَّفةٍ من جماعةِ حروفٍ لَهَا مَعْنى، وَتَقَع على قصيدة بكمالها وخُطْبَة بأسْرها.
يُقَال: قَالَ الشَّاعِر فِي كَلمته أَي فِي قصيدته، والقرآنُ كلاَمُ الله، وكَلِمُ الله، وكَلمَاتُ الله، وكلمةُ اللَّهُ، وَهُوَ كَيْفَمَا تَصَرَّفَ، مَتْلُوَّا، ومَحْفُوظَاً، ومَكْتُوباً: غيرُ مَخْلُوق، ورجلٌ تِكْلاَمَةٌ يُحْسِنُ الكَلاَمَ.(10/147)
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي قَول الله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (النِّسَاء: 164) لَو جَاءتْ: كلَّمَ الله مُوسَى مُجَرّداً لاحْتَمَلَ مَا قُلْنَا وَمَا قَالُوا يَعْني المُعْتَزِلةَ فلمَّا جَاءتْ: (تكليماً) خَرجَ الشَّكُّ الَّذِي كَانَ يدخلُ فِي الْكَلَام، وخَرجَ الاحْتمالُ للشَّيْئَيْنِ، وَالْعرب تَقول: إِذا وُكِّدَ الكلامُ لم يَجُزْ أَن يكونَ التوكيدُ لَغوا، والتَّوكيدُ بالمَصْدَرِ دَخَلَ لإخْرَاجِ الشّكِّ.
ابْن السّكيت يُقَال: كانَا مُتَهَاجِرَيْنِ، فَأصْبَحَا يَتَكَالَمَانِ، وَلَا تَقُلْ يَتَكَلَّمَانِ.
كمل: قَالَ اللَّيْث: كَمَلَ الشيءُ يَكْمُلُ كَمَالاً، ولُغةٌ أخْرَى: كَمُلَ يَكْمُلُ، فَهُوَ كَاملٌ فِي اللُّغتيْنِ، وأكملتُ الشيءَ أَي أَجْمَلْتُهُ وأَتْمَمْتُهُ.
والكمالُ: التَّمَامُ الَّذِي يُجَزَّأ مِنْهُ أَجْزاؤهُ.
يُقَال: لَكَ نِصْفُهُ، وبَعْضُه، وكمالهُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} (الْمَائِدَة: 3) الآيةَ، ومعنَاهُ واللَّهُ أَعْلَمُ الآنَ أكْمَلْتُ لكُمْ الدِّينَ بِأَن كَفَيْتُكُمْ خوْفً عَدُوِّكم، وأَظْهَرْتُكُمْ عَلَيْهِم، كَمَا تقولُ: الْآن كملَ لَنَا المُلكُ، وكملَ لنا مَا نريدُ، بأَنْ كُفِينَا من كُنَّا نَخَافهُ، وَقد قيل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (الْمَائِدَة: 3) أَي أكمْلتُ لكُمْ فَرق مَا تَحتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي دِيِنكم، وَذَلِكَ جائزٌ، فأَمَّا أَن يكون دِينُ اللَّهِ فِي وقْتٍ من الأوقاتِ غيرَ كاملٍ فَلَا.
قلت وَهَذَا كلُّهُ كلامُ أبي إِسْحَاق النَّحْويِّ وَهُوَ حَسنٌ.
وَقَالَ الليثُ: كاملٌ: اسمُ فَرَسٍ سَابِقٍ كَانَ لِبَنِي امرىءِ القَيسِ، وتقولُ: أَعْطَيْتُه هَذَا المَال كَمَلاً هَكَذَا يُتَكلمُ بِهِ، وَهُوَ فِي الْجَمِيع والوُحْدَانِ: سواءٌ، وَلَيْسَ بمصدرٍ وَلَا نَعْتٍ، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِك: أَعْطَيْتُهُ كلَّهُ، ويجوزُ للشاعر أَن يجعلَ الكامِلَ كمِيلاً.
وَأنْشد:
عَلَى أَنَّنِي بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى
ثَلاثُونَ للهَجْرِ حَوْلاً كمِيلا
ويقالُ: كَمَّلْتُ لَهُ عددَ حَقِّهِ تَكْمِيلاً وَتَكْمِلَةً، فَهُوَ مُكَمَّلٌ.
ويقالُ: هَذَا المُكَمِّلُ عِشرينَ، والمُكَمِّلُ مِئَةً، والمُكمِّلُ ألْفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
فكمَّلَتْ مِئَةً فِيهَا حَمَامَتُها
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلِك العَدَدِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المِكْمَلُ:
الرجلُ الكاملُ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ
والكامِلِيّةُ من الرَّوافِضِ، شَرُّ جِيل
لكم: قَالَ اللَّيْث: اللّكْمُ: اللّكْزُ فِي الصَّدْرِ.
يُقَال: لَكَمَهُ يَلْكُمُهُ لَكْماً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: وَقَالَ أعرابيٌّ: جَاءَ فُلانٌ فِي نِخَافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ أَي فِي خُفَّيْنِ مُرَقّعَيْنِ، والمُلَكَّمُ: الَّذِي فِي(10/148)
جَوانِبه رِقاعٌ يَلْكُمْ بهَا الأرضَ.
لمك: قَالَ اللَّيْث: نُوحُ بْنُ لَمَكَ وَيُقَال: ابْن لاَمَكَ.
(ابْن السّكيت) يُقَال: مَا تَلَمَّجَ عندنَا بِلَمَاجٍ، وَلَا تَلَمّكَ عندنَا بلَمَاك، وَمَا ذاق لماكاً وَلَا لماجاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللّمَاكُ واللّمْكُ: الجِلاَءُ يُكحَلُ بِهِ العَيْنُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللِّمِيكُ: المكحُولُ العَيْنَيْنِ.
مكل: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) بِئْرٌ مكُولٌ. وَهِي الَّتِي يَقلُّ مَاؤُهَا فيَسْتَجمُّ حَتَّى يجتَمِعَ المَاء فِي أسْفلِها، واسْمُ ذَلِك المَاء: الْمُكْلَةُ.
وَقَالَ الكسائيُّ، يقالُ: مُكْلَةٌ، ومَكْلَةٌ لِجَمَّةِ البِئر.
(عَمْرو عَن أَبِيه) المَكْلُ: اجْتِماعُ المَاء فِي البِئْر.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَلَتِ البِئرُ إِذا اجْتَمع المَاء فِي وَسَطِها وكَثُرَ وَهِي: الْمُكْلَةُ وبئرٌ مَكُولٌ، وجمّةٌ مَكُولٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِمْكَلُ: الغديرُ القليلُ المَاء.
ملك: قرأَ ابنُ كثِيرٍ ونافِعٌ، وأَبو عَمْرٍ و، وابنُ عامرٍ، وحَمْزَةُ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بغيْر أَلفٍ، وقَرَأَ عاصمٌ والكسائيُّ ويعقوبُ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) بألفٍ.
ورَوَى عَبْد الوَارِث عَن أبي عَمْرٍ و: (مَلْكِ يَومَ الدِّينِ) وَهَذَا من اخْتِلاسِ أَبي عمرٍ و.
وأَخبرني المنْذِرِيُّ عَن أَبي الْعَبَّاس أَنَّه اخْتَارَ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) .
وكلُّ من يمْلِكُ فَهُوَ مالكٌ لِأَنَّهُ بتَأويل الفِعْل مالكُ الدّرَاهِم، ومالكُ الثَّوبِ، ومَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ يَمْلِكُ إِقامَةَ يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنْه قَوْلُه: (مَالِكَ الْمُلْكِ) .
قَالَ: وأَما (مَلِكُ النّاسِ، وسَيِّدُ النَّاس، ورَبُّ النَّاسِ) ، فَإِنَّهُ أَرادَ أَفْضَل من هَؤلاءِ، ولَمْ يُرِدْ أَنهُ يَمْلِكُ هَؤُلاءِ، وَقد قَالَ اللَّهُ جلّ وعزَّ: {مَالِكَ الْمُلْكِ} (الْفَاتِحَة: 4) أَلاَ ترى أَنه جعلهُ مَالِكاً لكلِّ شيءٍ، فَهَذَا يَدُلُّ على الفِعْلِ، ذكرَ هَذَا بِعَقِبِ قَول أبي عُبَيْدٍ واخْتِيَارِه.
وَقَالَ اللَّيْث: المَلِكُ هُوَ اللَّهُ، مَلكُ الملُوكِ، لهُ المُلكُ، وَهُوَ مالكُ يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ مَلِيكُ الْخلْقِ أَي رَبُّهمْ ومالِكُهُمْ، والملِكُ من مُلوكِ الأرْضِ، وَيُقَال لَهُ: مَلْكٌ بِالتَّخْفِيفِ، والجمعُ: ملوكٌ، وأملاكٌ، والمِلْكُ: مَا مَلَكَتِ اليَدُ من مالٍ وخَوَلٍ، والمَلَكةُ: مِلْكُكَ العَبْدَ، والمَمْلَكة: سُلْطَانُ الملِكِ فِي رَعِيَّتِهِ.
ويقالُ: طالتْ مَمْلَكَتُهُ، وساءتْ مملَكتُهُ،(10/149)
وحَسُنَتْ مَملكَتُهُ، وعَظمَ مُلْكُهُ، وكَبُرَ مُلْكُهُ.
وَيُقَال: هم عَبيدُ مَملَكةٍ، وَهُوَ أَن يُغلَبَ عَلَيْهِم فيُسْتَعْبَدُوا وهُم أحرارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : يُقَال: هَذَا عَبْدُ مَملَكةٍ ومملُكَةٍ جَمِيعًا، وَهُوَ الَّذِي سُبِيَ وَلم يُملَكْ أَبَوَاهُ.
والعَبْدُ: القِنُّ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وأَبوَاهُ.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ الكسائيُّ: المَمْلكَةُ أَنْ يَغلِبَ عَلَيْهِم وهم أَحْرَارٌ فيستعبدَهم.
(اللِّحيَانيُّ) : مَلَكَ فلانٌ فَهُوَ يملِكُ مُلْكاً، ومِلْكاً، ومَلَكةً، ومَملَكةً، ومَملُكةً، ومَلْكاً، ورجُلٌ مَلِكٌ، وثلاثةُ أملاكٍ إِلَى العَشَرَةِ، فإِذا كَثُرُوا فهم مُلوكٌ.
وَيُقَال للملِكِ: مَليكٌ، ويُجْمَعُ مُلَكاءَ.
وَيُقَال: لَهُ مَلَكُوتُ العِرَاقِ وعِزُّهُ وسُلطَانُه ومُلْكُه.
وَيُقَال: مَلْكُوَةٌ.
وَيُقَال: طالتْ مَلَكةُ العَبْدِ، أَي: رِقُّهُ.
وَيُقَال: إِنهُ لَحسَنُ المَلكةِ والمِلْكِ.
وَيُقَال للرَّجُل إِذا تزوَّجَ: قد مَلَكَ فلانٌ يَملِكُ مَلْكاً، ومُلكاً، ومِلكاً، وَقد أُمْلِكَ فلانٌ يُملَكُ إملاكاً إِذا زُوِّجَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: يُقَال: شَهِدْنا إملاكَ فلانٍ، ومِلاكُه، ومَلاكَهُ، وَهَذَا مِلاكُ الأمْر ومَلاكُه، أَي صَلاحُه.
ويقالُ: خَلِّ عَن مِلْكِ الطريقِ، ومِلْك الوَادي، ومَلْكِه ومُلْكِه أَي حَدِّه ووسَطِه.
وَيُقَال: مالَهُ مُلْكٌ، ومَلْكٌ، ومِلكٌ أَي شيءٌ يملِكَه.
الكسائيُّ: ارحموا هَذَا الشيْخَ الَّذِي ليسَ لهُ مُلْكٌ وَلَا بَصَرٌ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء.
وَيُقَال: مَلَّكَ القوْمُ فلَانا، وأَملَكوهُ على أَنفُسهم، أَي صَيَّرُوهُ مَلِكاً.
ويقالُ: أُمْلِكَتْ فلانةُ أَمْرَها إِذا جُعِلَ أَمرُ طلاقِها بيَدِها.
(قلت) : ومُلِّكتْ أَمرَها أَكثر من أُملِكتْ، وَهُوَ التمليكُ.
ويقالُ: مَلِّكْ ذَا أَمرٍ أَمرَه، كَقَوْلِك: مَلِّكَ المالَ ربَّهُ وَإِن كَانَ أَحْمَقَ.
وَقَالَ الليثُ: مِلاكُ الْأَمر: الَّذِي يُعتمَدُ عَلَيْهِ، والقَلْبُ: مِلاكُ الجسدِ.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَمْلِكُوا العَجِينَ فَإِنَّهُ أَحَدُ الرّيعيْنِ) . قَالَ شمرٌ:
قَالَ الْفراء: يُقَال: عَجَنَتِ المرْأَةُ فأَمْلَكتْ إِذا بَلَغتْ مَلاَكتَهُ وأجادتْ عَجْنهُ، حَتَّى يأخُذَ بَعضُه بَعْضًا، وَقد مَلَكَتْه تَملِكُه مَلْكاً إِذا أَنعَمتْ عَجْنَهُ، وَنَحْو ذَلِك.
وَحكى أَبُو عبيدٍ عَن الأمويِّ، وَأنْشد غَيره لأوْس بن حجَرٍ يصفُ قوْساً:
فَمَلَّكَ باللِّيطِ الَّذِي تحْتَ قِشْرِها
كَغِرْقىءٍ بَيْضٍ كنَّهُ القَيْضُ مِنْ عَلُ(10/150)
قَالَ: مَلَّكَ، شَدَّدَ كَمَا تمَلِّكُ المرأةُ العَجِينَ تَشُدُّ عَجْنَهُ، أَي تركَ من القِشر شَيْئا تتمالكُ القوْسُ بِهِ، يَكنُّها لئلاّ يَبْدُوَ قَلبُ القَوْسِ فتتشقَّقَ، وهم يجْعَلُونَ عَلَيْهَا عَقَباً، إِذا لم يكن عَلَيْهَا قِشْرٌ.
وَقَالَ قيسُ بن الخَطِيمِ يصف طَعْنةً شَدَّ بهَا كفَّه حِين طَعَنَ:
مَلَكْتُ بهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها
يَرَى قائمٌ مِنْ دونهَا مَا وَرَاءها
أيْ شَدَدْتُ بالطعنة كَفِّي.
(غيرُه) : مَا تَمالك فلانٌ أَن وقَعَ فِي كَذَا إِذا لم يسْتَطع أَن يَحبسَ نفْسَه. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَا تَمَالُكَ عَن أرْضٍ لَهَا عَمَدُوا
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : الماءُ مَلَكُ أَمْرِه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: مالَه مَلْكٌ وَلَا نَقْرٌ، أَي مَا لَه ماءٌ.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) أنَّه قَالَ: المَلْكُ: مَا مُلِكَ.
يُقَال: هَذَا مَلْكُ يَدِي، وَمَا لأحَدٍ فِي هَذَا مَلْكٌ غَيْرِي، ومِلْكٌ.
وَيُقَال: الماءُ مَلْكُ أَمْرِي إِذا كَانَ مَعَ الْقَوْم ماءٌ مَلَكُوا أَمرَهم.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْديُّ:
ولَمْ يَكُنْ مَلَكٌ لِلْقَوْمِ يُنْزِلُهُمْ
إِلاَّ صَلاصِلُ لَا تُلْوِي عَلَى حَسَبِ
(أَبُو عُبيد عَن الْأمَوِي) : من أمثالهم: (المَاء مَلك أَمْرِه أَي أَن المَاء ملاك الْأَشْيَاء يضْرب للشَّيْء الَّذِي بِهِ كَمَال الأمْرِ) .
والأمْلُوكُ: مَقَاوِلُ من حمِيرَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَى أُمْلُوكِ رَدْمَانَ، ورَدْمَانُ: مَوضِع بِالْيمن.
(ابْن بُزُرْجَ) : مِيَاهُنا: مُلوكُنَا، وَمَات فلَان عَن مُلوكٍ كَثِيرَة.
(الأصمعيُّ) : مالَه مَلاكٌ أَي لَا يَتماسَك، وَهَذَا مِلاَكُ الْأَمر، (وَلَا يَدخُلُ الْجنّة سَيِّىءُ الْمَلَكَة) مُتَحَرِّكٌ.
وَيُقَال: الْزَمْ مِلْكَ الطَّرِيق أَي وَسَطه، وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
رَثِيمَ الْحَصا مِن مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَبو مالكٍ كُنْيَةُ الكِبَرِ والسنِّ، كُنِيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَه وغَلَبَهُ وَأنْشد:
أَبَا مَالِكٍ إنَّ الْغَوَانِي هَجَرْنَنِي
أَبَا مالِكٍ إِنِّي أَظنُّكَ دَائِبَا
(أَبُو عبيد) : جَاءَنَا تقودُه مُلُكُهُ يَعني قوائمَه وهادِيَه، وقوائمُ كلِّ دابَّةٍ: مُلُكُهُ.
وَيُقَال: نفْسي لَا تُمَالِكُني لأنْ أَفعلَ كَذَا أَي لَا تُطَاوِعُنِي.
وَفِي حَدِيث أَنسٍ (البَصْرَةُ إِحْدَى(10/151)
المُؤْتَفِكَاتِ فانْزِلْ فِي ضواحيها وإِيَّاكَ والمَمْلَكَةَ) .
قَالَ شمرٌ: أَرَادَ بالممْلَكةِ وَسَطها، ومَلْكُ الطَّرِيق: مُعْظمُه ووسَطُه.
(الفرّاء عَن الدُّبَيْرِيَّةِ) : يُقَال للعَجِينِ إِذا كَانَ مُتمَاسِكاً متِيناً: مَمْلوكٌ، ومُمَلَّكٌ.
وَقَالَ الليثُ: المَلَكُ: واحدُ المَلاَئِكةِ، إِنَّمَا هُوَ تخفيفُ الْمَلأَكِ، واجتمعوا على حَذْف همزِه، وَهُوَ مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وتمامُ تَفْسِيره فِي مُعْتَلاَّتِ حرف الْكَاف.
(أَبْوَاب الْكَاف وَالنُّون)
ك ن ف
كنف، كفن، نكف، فنك، فَكُن: مستعملات.
كنف: قَالَ اللَّيْث: الكَنَفَانِ: الجَناحان، وَأنْشد:
سِقْطَانِ مِن كَنَفَيْ نعَامٍ جافِلِ
وكَنَفَا الإنسانِ: جانباه، وناحِيَتَا كلِّ شيءٍ: كَنَفاه.
وقولُهم: فِي حِفظ الله وكَنَفه أَي فِي حِرزه وظلِّه، يَكْنُفُه بالكَلاءَة وحُسْنِ الْولَايَة.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر فِي النَّجوى: (يَدْنُو المؤمِنُ من رَبِّهِ يومَ القِيَامَةِ حتَّى يَضَعَ عَليه كَنَفَهُ) .
قَالَ ابنُ المبارَكِ: يَعني ستره.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: يَضعُ الله عَلَيْهِ كَنَفه أَي رَحمتَه وبِرِّه.
قَالَ: وكَنَفا الْإِنْسَان: ناحيَتاه عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله، وهُما حِضْناه. وفلانٌ يعيشُ فِي كَنَف فلانٍ أَي فِي ظلِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: أَكْنَفْتُ الرجلَ: حَفِظتُه وأعنتُه فَهُوَ مُكْنَف.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : أكْنَفتُ الرَّجلَ: حفِظْتُه وأعنتُه.
وكَنَفْتُ كَنِيفاً: عَمِلْتُه، وأَنا أَكْنُفُه كَنْفاً وكُنوفاً.
وَقَالَ غيرُه: الكَنِيفُ: الحَظيرَةُ تُحْظَرُ لِلْإِبِلِ والغنمِ من الشَّجَرِ تقِيها البَرْدَ والرِّيحَ.
وَقَالَ الراجز:
تبيت بَين الزَرْب والكثيف
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للإنسانِ لَا تَكْنُفُه من الله كَانِفَةٌ: أَي لَا تحجِزُه.
وتَكَنَّفوهُ من كل جانبٍ أَي احْتَوَشُوهُ.
والكِنْفُ: وعاءٌ يضعُ فِيهِ الصَّائغُ أداتَه.
وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُود: كُنَيْفٌ مُلِىءَ عِلْماً، أَرَادَ أَنه وعَاء للعلوم بِمَنْزِلَة الْوِعَاء الَّذِي يضع فِيهِ الرجل أداته، وتصغيرُه على جِهَة المَدْحِ لَهُ.
وناقةٌ كَنُوفٌ: وَهِي الَّتِي إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ اكْتَنَفَت فِي أكْنَافِ الإبلِ تَسْتَتِرُ بهَا من البردِ.
اللحياني: جَاءَ فلَان بِكِنْفٍ فِيهِ متاعٌ، وَهُوَ(10/152)
مثلُ العَيْبة، وَبَنُو فلَان يكنفونَ بني فلَان أَي هم نزُول فِي ناحيتهم، وأَكْنَفْتُ فلَانا أَي أعنته، وَأَجَازَ بَعضهم كنفتهُ، واطلب ناقَتكَ كَنَفَ الْإِبِل وكَنَفَيْها أَي فِي ناحيتها، وناقة كَنُوفٌ تبرك فِي نَاحيَة الْإِبِل، وكَنَفْت الدارَ اكنُفُها اتِّخذت لَهَا كنيفاً.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) مُكْنِف من الْأَسْمَاء بِضَم الْمِيم وَكسر النُّون.
وأهلُ العراقِ يسمُّونَ مَا أَشرَعُوا أَعالي دُورهم كَنِيفاً.
قَالَ واشْتقاقُ اسْم الكَنِيفِ كأَنَّه كُنِفَ فِي أَسْتَرِ النَّوَاحي.
والحظيرةُ تسمَّى كَنِيفاً لِأَنَّهَا تَكْنُفُ الإبلَ من البردِ، فعيلٌ بِمَعْنى فَاعل.
وأَكْنافُ الجَبَلِ والوادي: نواحيهما حَيْثُ تنضم إِلَيْهِ، الواحدُ: كَنَفٌ.
وَقَالَ غَيره: الكَنِيفُ: التُّرْسُ: وكلُّ ساترٍ: كَنِيفٌ. وَقَالَ لبيد:
حَرِيما حِين لم يَمنَعْ حَرِيما
سيوفهُمُ وَلاَ الحَجَفُ الكَنِيفُ
أَي السَّاترُ.
(أَبُو عبيد) : كَنَفَ عَن الشَّيْء ونكَبَ أَي عدَلَ. قَالَ القُطَامِيُّ:
ليُعْلَمَ مَا فينَا عَن البيعِ كَانِفُ
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَنَفَه عَن الشيءِ أَي حجزه عَنهُ.
وَيُقَال: انهزمَ القومُ فَمَا كانَتْ لَهُم كَانِفَةٌ دونَ العَسْكَرِ: أَي حاجزٌ يحجزُ العدُوَّ عَنْهُم.
وكَنَفَ الكيالُ يَكْنُفُ كَنْفاً حَسَناً وَهُوَ أَن يَجْعَل يديهِ على رأسِ القَفيزِ يمسِكُ بهما الطَّعَامَ.
يُقَال: كِلْه كَيْلا غير مَكْنُوفٍ.
كفن: (اللَّيْث) : كَفَنَ الرَّجُلُ يَكْفِنُ أَي يغزلُ الصُّوف، كَقَوْل الشَّاعِر:
يَظَلُّ فِي الشَّاءِ يرعاهَا ويَعْمِتُهَا
ويَكْفِنُ الدَّهْرَ إلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِدُ
قَالَ: وخَالَف أَبُو الدُّقَيْشِ فِي هَذَا الْبَيْت بِعَيْنِه، فَقَالَ يَكْفِنُ يَخْتَلي الكَفْنَةَ للمراضيع من الشَّاء، والكَفْنَةُ من دِقّ الشَّجَرِ صغيرةٌ جعدةٌ إِذا يبسَت صَلُبَت عيدانُها كَأَنَّهَا قطعٌ شُقّقَتْ عَن القَنَا.
قَالَ: والكَفَنُ: معروفٌ، يُقَال ميّتٌ مكْفونٌ مُكَفَّنٌ. وأنشده أَبُو عَمْرو:
فظلَّ يَعْمِتُ فِي قَوْطٍ ورَاجِلَةٍ
يُكَفّتُ الدَّهرَ إلاَّ ريثَ يَهْتَبِدُ
وَيُقَال: يُكَفِّتُ: يَجمع ويَحْرِص إلاَّ سَاعَة يَقْعُدُ يَطبُخُ الهَبِيدَ.
والرّاجِلَةُ: كَبْشُ الرّاعِي يَحمِلُ عَلَيْهِ متاعَه وَهُوَ الكَرَّازُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ) : الكَفْنُ: التَّغْطِيَةُ.(10/153)
(قلت) : وَمِنْه أُخذ كَفَنُ الميِّتِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُه.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عَلَى حَرَجٍ كَالْقَرِّ يَحْمِلُ أَكْفَانِي
أَرَادَ بأَكفانه ثيابَه الَّتِي تُوَارِيه. وكَفَنْتُ الخُبْزَةَ فِي المَلَّةِ إِذا وَاريتها بهَا.
نكف: قَالَ اللَّيْث: النَّكْفُ تَنْحِيَتُكَ الدُّموعَ عَن خدِّكَ بإصبَعِك، وَأنْشد:
فَبانُوا فَلَوْلاَ مَا تَذَكَّرُ مِنْهُمُ
مِن الْخُلْفِ لم يُنْكَفْ لعَيْنِكَ مَدْمَعُ
وسمِعتُ المُنْذِرِيّ يَقُول: سمِعْتُ أَبَا العبّاس، وسُئِل عَن الاستِنكَافِ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} (النِّسَاء: 172) ، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ: لَا، وَهُوَ من النَّكَفِ والوَكَفِ.
يُقَال: مَا عَلَيْهِ فِي ذَاك الْأَمر نَكَفٌ وَلَا وَكَفٌ، فالنكَفُ أَنْ يقالَ لَهُ سُوءٌ، واسْتَنكَفَ ونَكِفَ إِذا دفَعه وَقَالَ: لَا، والمفسِّرون يَقُولُونَ: الاستِنكافُ والاستِكْبَارُ وَاحِد.
والاستكبارُ: أَن يتكبَّرَ ويتعظَّمَ والاستنكافُ: مَا قُلْنَا.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} ، أيْ: لَيْسَ يَسْتنكف الَّذِي تَزْعمون أَنَّه إلاهٌ أَنْ يَكونَ عبدا لله وَلَا الملائكةُ المقَرّبُونَ وهم أَكْثَرُ من البَشَرِ.
قَالَ: وَمعنى لَنْ يَسْتَنْكِفَ: لن يأْنف، وأصلُه مُن نَكَفْتَ الدمْعَ إِذا نَحَّيْته بإِصبَعيكَ عَن خدِّك ثمَّ ذَكَر الْبَيْت.
قَالَ: فتأويلُ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ) لن يَنْقَبِضَ وَلنْ يَمتنِعَ من عُبُودَةِ الله.
قَالَ اللحياني: النَّكَفُ ذِرْبَةٌ تحتَ اللُّغْدَيْن مثل الغُدَدِ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) : النَّكْفُ: مَصْدَرُ نَكَفْتُ الغيْثَ أَنكفُهُ إِذا أَقْطَعْته.
وَيُقَال: هَذَا غيثٌ لَا يُنْكَفُ.
والنَّكَفُ: غُدَدَةٌ فِي أصل اللَّحْي بَين الرَّأْدِ وَشَحْم الأُذن.
وإبِلٌ مُنَكِّفةٌ، إِذا ظَهرت نَكَفَاتُها.
وَقَالَ أَيْضا: نَكَفْتُ أَثَرَه وانتَكَفْتُه إِذا اعْتَرَضْتَه أَنْكُفُهُ نَكْفاً، وَذَلِكَ إِذا علا ظَلَفاً من الأَرْض غليظاً لَا يُؤَدِّي الأثَرَ فاعْتَرَضْتَه فِي مكانٍ سَهْلٍ.
وَيُقَال: نَكِفْتُ من ذَلِك الأمْرِ أَنْكَفُ نَكَفاً إِذا اسْتَنْكَفْتَ مِنْهُ، حَكَاهَا أَبو عمرٍ وَعَن أبي حِزَامٍ العُكْلِيِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النَّكَفُ: اللُّغْدَانِ اللذانِ فِي الحَلْقِ وهُمَا جَانِبَا الْحُلقُوم.
وَأنْشد:(10/154)
فَطَوَّحَتْ ببَضْعَةٍ والبَطْنُ خِفْ
فَقَذَفَتْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَنْقَذِفْ
فَحَرَفَتْها فَتَلَقَّاهَا النَّكَفْ
قَالَ: والمَنْكُوفُ: الَّذِي يشتكي نَكَفَتَه، وَهُوَ أَصْلُ اللِّهْزِمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَكَةُ: لغَةٌ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه: النُّكَافُ أَنْ تَدْرَأَ الغُدَّةَ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه عِنْده شجاعَةٌ لَا تُنْكَفُ وَلَا تُنْكَشُ أَي لَا تُدْرَكُ كُلُّها.
وَقَالَ بعضُهم: انْتَكَفْتُ لَهُ فَضَرَبْتُهُ انْتِكافاً أَي مِلْتُ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
لمَّا انْتَكَفْتُ لَهُ فَوَلَّى مُدْبِراً
كَرْنَفْتُهُ بهِرَاوَةٍ عَجْرَاء
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الْأَصْمَعِي: ماءٌ لاَ يُنْكَفُ وَلَا يُنْزَحُ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَكَفَ البِئْرَ ونَكَشَهَا أَي نَزَحَهَا.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: تَناكَفَ الرَّجُلاَنِ الكَلاَمَ إِذا تَعَاوَرَاهُ.
فَكُن: فِي الحَدِيث: (مَثَلُ العَالِم مَثَلُ الحَمَّةِ منَ المَاءِ يأْتِيهَا البُعَدَاءْ ويِتْرُكُهَا القُرَبَاءُ، حَتى إِذا غَاضَ ماؤُهَا بَقِي قَوْمٌ يَتَفكَّنُونُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَتَفَكَّنُونَ أَي يَتَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ اللحياني: أزْدُشَنُوءَةَ يقولونَ: يَتَفَكَّهُونَ، وتَمِيمٌ تقولُ: يَتَفَكَّنُونَ.
وَقَالَ مجاهدٌ فِي قَوْله: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الْوَاقِعَة: 65) أَي تَعَجَّبُونَ.
وَقَالَ عِكْرِمَة: تَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَفَكَّهْتُ وَتَفَكَّنْتُ أَي تَنَدَّمْتُ. وَقَالَ رؤبة:
أَمَا جَزَاءُ العَارِفِ المُسْتَيْقِنِ
عِنْدَكِ إلاَّ حَاجَةُ التَّفَكُّنِ
وَقَالَ الكسائيُّ وَأَبُو عمرٍ و: التَّفَكُّنُ: التَّلَهُّفُ على مَا فَاتَ. وَأنْشد:
وَلا خَائِبٌ إنْ فَاتَهُ زَادُ ضَيْفِهِ
يَعَضُّ على إبْهَامِه يَتَفَكَّنُ
وَقَالَ أَبو تُرَاب سَمِعْتُ مُزَاحِماً يَقُول: تَفَكَّنَ وتَفَكَّر: واحدٌ.
وروى أَبُو العَبَّاسِ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفُكْنَةُ: النَّدَامَةُ.
فنك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَنْكُ العَجَبُ، والفَنْكُ الكَذِبُ، والفَنْكُ التَّعَدِّي، والفَنْكُ اللَّجَاحُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عبيدةَ) : فَنَكَ فِي أَمْرِه أَي ابْتزّه وغَلَبَه. من قَول عبيدٍ:
إِذْ فَنَكَتْ فِي فَسَاد بَعْدَ إِصْلاحِ
قَالَ: والفَنَكَ: مِثْلُه سَوَاء.
قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: فَنَكَ بالمَكَانِ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إِذْ أَقَامَ.
(سَلَمَةُ عَن الْفراء) : قَالَ فَنَكْتَ فِي لَوْمِي(10/155)
وأَفْنَكْتَ إِذَا مَهَرْتَ ذَاكَ وأَكْثَرْتَ فِيهِ، فَنَكْتَ تَفْنُكُ فَنْكاً وفُنُوكاً.
وَأنْشد:
لَمَّا رَأَيْتُ أَمْرَهَا فِي حُطِّي
وفَنَكَتْ فِي كَذبِي ولَطِّي
أَخَذْتُ مِنْهَا بقُرُونٍ شُمْطِ
وَقَالَ أَبُو طَالب: فَانَكَ فِي الكَذِبِ والشَّرّ، وفَنَكَ وفَنَّكَ، وَلَا يُقَال فِي الخَيْرِ ومعناهُ لَجَّ فِيهِ ومَحك وَهُوَ مثل التَّتَابُعِ لَا يَكونُ إلاّ فِي الشَّرِّ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الفَنِيكُ: طَرَفُ اللّحْيَيْنِ عندَ العَنْفَقَةِ، وَلم يَعْرِف الإفْنِيك.
وأَخْبَرَنِي الإيَادِيُّ عَن شمرٍ أنَّه قَالَ: الفَنِيكَانِ: طَرَفَا اللّحْيَيْنِ، العَظْمَانِ الدَّقِيقَان النَّاشِزَان أسْفَلَ من الأذُنَيْنِ بَيْنَ الصُّدْغِ والوَجْنَةِ، والصَّبِيّانِ: مُلْتَقَى اللَّحْيَيْنِ الأسْفَلَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَنِيكَانِ من لَحْي كُلِّ إِنْسَانِ: الطّرَفَان اللّذَان يتَحَرّكان مِنَ المَاضِغِ دُونَ الصُّدْغَينِ. ومَنْ جَعَلَ الفَنِيكَ وَاحِدًا فِي الإنْسَانِ فَهُوَ مَجمَعُ اللّحْيَينِ فِي وَسَطِ الذّقَنِ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ: (أَمَرَنِي جبريلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ أَتَعَاهَدَ فَنيكَيَّ بالمَاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ) .
وَقَالَ الفَنِيكانِ: عَظْمَانِ مُلزَقَان فِي الحَمَامَةِ إِذا كُسِرَا يَسْتمْسِكْ بيضُها فِي بَطْنها حتَّى تُخْدِجَهُ.
والفَنَكُ مُعَرَّب.
(عَمْرٌ وَعَن أَبيه) : الفَنِيكُ: عَجْبُ الذّنَبِ.
ك ن ب
كنب، كبن، نكب، نبك، بنك، بكن: مستعملات.
كنب: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : أكْنَبَتْ يَدُهُ فَهِيَ مُكْنِبَةٌ، وثَفِنتَ ثَفَناً: مِثْلُه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يَدَاكَ بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ البَانِ والمَضْنُونِ
وهَمَّتَا بالمَسِّ والمُرُونِ
والمضنون: جِنْس من الغالية.
وَقَالَ العجاج:
قَدْ أَكْنَبَتْ نُسُورهُ وأكْنَبَا
أَيْ: غَلَظَتْ وَعَسَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَنَبُ: غِلَظٌ يَعْلُو اليَدَ من العَمَلِ إِذا صَلُبَتْ.
(أَبُو عبيد عَن الأمَوي) : الكِنَابُ والعَاسِي: الشِّمْرَاخُ. وَقَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة:
وأَنْتَ امْرُؤٌ جَعْدُ القَفَا مُتَعَكِّسٌ
مِنَ الأقِطِ الْحَوْلِيِّ شَبْعَانُ كانِبُ
وَقَالَ أَبُو زيد: كَانِبٌ: كَانِزٌ. يُقَال: كَنَبَ فِي جِرَابِه شَيئاً إِذا كَنَزَه فِيهِ.(10/156)
الكَنِبُ: شَجَرٌ، قَالَ الشَّاعِر:
فِي خَضَد من الكَرَاث والكَنِب
كبن: (أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء) : رَجُلٌ مَكْبُونُ الأصابِعِ: مِثْلُ الشَّثنِ.
(اللحياني عَن الْأَصْمَعِي) : كلُّ كَبْنٍ: كَفٌّ، يُقَال: كَبَنْتُ عنكَ لِسَاني أَي: كَفَفْتُه.
(ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ كُبنَّةٌ، وامرأةٌ كُبُنَّةٌ: الَّذِي فِيهِ انقباضٌ، وَأنْشد:
فِي القَوْمِ كل كَبُنَةٍ عُلْفُوفِ
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُبُنّةُ: الْخُبْزَةُ اليَابِسَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبْنُ: عَدْوٌ ليِّنٌ فِي اسْتِرْسَالٍ. وَأنْشد:
يَمُرُّ وهْوَ كَابِنٌ حَيِيُّ
والفِعْلُ كَبَنَ يَكْبِنُ كُبوناً وكَبْناً.
(قُلْتُ) : الكبْنُ فِي العَدْوِ: أَنْ يَكُفَّ بَعْضَ عَدْوِه وَلاَ يَجْهَدَ نَفْسَه والكُبُونُ: السُّكُونُ. وَمِنْه قَوْله:
وَاضِحَةُ الخَدِّ شَرُوبٌ لِلَّبَنْ
كَأَنَّها أُمُّ غَزَالٍ قَدْ كَبَنْ
أَي سَكَنَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَبْنُ: مَا ثُنِيَ مِنَ الجِلْدِ عندَ شَفَةِ الدَّلْوِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الكَبْنٌ والكَبْلُ، بالنُّونِ واللاَّم، حَكَاهُ عَن الْفراء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اكْبَأَنَّ اكْبئْناناً إِذا انْقَبَضَ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: الْمُكْبِئنُّ الَّذِي قد احْتَبَى وأَدخَلَ مِرْفَقَيْهِ فِي حُبْوَتِه ثمَّ خَضَعَ بَرقَبته ورَأْسِه على يَدَيْهِ.
قَالَ: والْمُكْبَئِنُّ والمُقْبَئِنُّ: الْمُنْقَبِضُ المُنْخَنِسُ.
وَقَالَ غَيره: الكُبْنَةُ: لُعْبَةٌ للأعْرَابِ، تُجْمَعُ كُبَناً. وَأنْشد:
تَدَكّلَتْ بَعْدِي وأَلْهَتْها الكُبَنْ
(أَبُو عُبَيْدَة) : فَرَسٌ مَكْبُونٌ، والأُنْثى: مَكْبُونَةٌ، والجميعُ: المكَابِينُ، وَهُوَ القَصِيرُ القَوَائِمِ، الرَّحيبُ الجَوْفِ، الشّخْتُ العِظَامِ.
قَالَ: ولاَ يكُونُ المكْبُونُ أَقْعَسَ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : فَرَسٌ فِيهِ كُبْنَةٌ وَكَبَنٌ إِذا كَانَ لَيْسَ بالعَظِيمِ وَلَا القَمِىءِ.
قَالَ: والكُبَانُ: دَاءٌ يأْخُذُ الإبِلَ، يُقَال مِنْهُ: بَعِيرٌ مَكْبُونٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المكْبُونَةٌ: المرْأَةُ العَجِلَةُ.
والمكْبُونَةُ: الذّلِيلةُ.
بكن: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَبْكونَةُ المرأَةُ الذَّلِيلَةُ.
نكب: قَالَ اللَّيْث: النَّكَبُ: شِبْهُ مَيَلٍ فِي المَشْيِ. وأنْشَدَ:
... عَنِ الحَقِّ أَنْكَبُ(10/157)
أَي مائلٌ عَنهُ، وإِنه لَمِنْكَابٌ عَن الحَقِّ.
والأنْكَبُ من الْإِبِل كأنَّما يَمْشي فِي شِقَ.
وَأنْشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ وَمَا فِيهِ نَكَبْ
والعربُ تقولُ: نَكَبَ الدَّليلُ عَن صَوْبِه يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عَنهُ، ونَكَّبَ عَنهُ تَنْكِيباً: مثلُه، ونَكَّبَ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ عَن عمرَ أَنه قَالَ لِهُنيَ مَولاهُ: (نكِّبْ عَنَّا ابنَ أُمِّ عَبْدٍ) ، أَي نَحِّهِ عَنَّا.
وتَنَكّب فلانٌ عنّا تَنَكُّباً أَي مالَ عنّا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجلُ يَنْتَكِبُ كِنانَتَهُ ويَتَنَكَّبُها إِذا أَلْقَاهَا فِي مَنْكِبِه.
ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ: مَجْمَعُ عظْم العَضُدِ والكتِفِ وحَبْل العَاتِقِ مِنَ الإنسانِ والطّائرِ، وكلِّ شيءٍ.
وقولُ الله جلَّ وعزَّ: {ذَلُولاً فَامْشُواْ فِى} (الْملك: 15) .
قَالَ الْفراء: يُريدُ فِي جَوَانبها.
وَقَالَ الزّجاج: معناهُ فِي جِبَالها، وَقيل فِي طُرُقِهَا.
وأَشْبَهُ التفسيرِ واللَّهُ أعلَمُ تَفسيرُ من قَالَ فِي جِبَالها، لأنَّ قَوْله: {الْخَبِيرُ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ} (الْملك: 15) مَعْنَاهُ: سَهَّلَ لكم السُّلُوكَ فِيهَا فأمْكَنَكُمُ السُّلُوكُ فِي جبالها، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّذْليلِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِلْمَنْكبِ نَكَبَ: عَلَيْهِم فَهُوَ يَنْكُبُ نِكابَةً.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: المَنْكِبُ: عَوْنُ العَرِيفِ.
وَقَالَ اللَّيْث: مَنْكِبُ القومِ: رأسُ العُرَفَاءِ، على كذَا وكذَا عرِيفاً: مَنْكِبٌ.
وَيُقَال: لهُ النِّكابَةُ فِي قوْمِهِ.
قَالَ: والنَّكْبُ: أنْ يَنْكُبَ الحَجَرُ ظَفْراً أَو حافراً أَو مَنْسِماً.
يُقَال: مَنْسِمٌ مَنْكُوبٌ ونَكِبٌ.
وَقَالَ لبيد:
وتَصُكُّ المَرْوَ لَمَّا هَجَّرَتْ
بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأظَلّ
وَيُقَال: نكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْرِ، وأَصابَتْهُ نَكْبةٌ ونَكبَاتٌ ونُكُوبٌ كَثِيرَة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: كلُّ رِيحٍ من الرِّياحِ تَحَرَّفَتْ فَوقَعَتْ بَين رِيحيْنِ فهيَ نَكْبَاءُ، وقَدْ نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً.
وَقَالَ أَبُو زيد: النِّكْبَاءُ: الَّتِي تَهُبُّ بَين الصَّبَا والشَّمالِ، والجِرْبيَاءُ: الَّتِي بَين الجَنُوبِ والصَّبَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النُّكْبُ من الرِّياحِ أَرْبعٌ: فَنَكْبَاءُ الصَّبَا والجَنوب: مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيبَاسٌ للبَقْلِ، وَهِي الَّتِي تَجِيءُ بَين الرِّيحيْنِ. ونَكْبَاءُ الشَّمالِ: مِعْجَاج مِصْرَادُ لَا مطر فِيهَا وَلَا خَيرَ، وَهِي قَرَّةٌ، وَرُبمَا كَانَ مَعهَا مطرٌ قليلٌ.(10/158)
ونكباءُ الدَّبُورِ والجَنوب حارَّةٌ.
قَالَ: والدبورُ: ريحُ من رِياحِ القَيْظِ، لَا تكونُ إِلَّا فِيهِ وَهِي مِهْيَافُ.
والجنُوبُ تَهُبُّ فِي كلِّ وقتٍ.
قَالَ ابْن كُنَاسَةَ: مَخْرَجُ النَّكْبَاء: مَا بَين مَطْلَع الذّراعِ إِلَى القُطْبِ، وَهُوَ مطلع الْكَوَاكِب الشامية، وجعلَ مَا بَين القُطْب إِلَى مَسْقَط الذِّرَاع مَخْرَجَ الشّمال، وَهُوَ مسْقط كل نجم طلع من مَخْرَج النكباء من اليمَانيَةِ، واليَمانِيَةُ لَا تنزل فِيهَا شمسٌ وَلَا قمرٌ، إِنَّمَا يُهْتَدَى بهَا فِي البَرِّ والبَحْرِ، فَهِيَ شامية.
وَقَالَ غيرُه: قامَةٌ نكْبَاءُ: مائلَةٌ وقِيمٌ نُكْبٌ والقامةُ: البَكْرَةُ. ونَكَبَ فلانٌ كنانتَه إِذا كبَّها ليُخرجَ مَا فِيهَا من السِّهامِ نَكْباً.
ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشتَكى مَنْكِبَهِ.
وَقَالَ شمرٌ: لكلِّ ريحٍ من الرِّيَاح الأربعِ: نكباءُ تُنْسَبُ إِلَيْهَا، فالنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الصَّبَا: هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الشّمال، وَهِي تشبهها فِي اللِّينِ، وَلها أَحْيَانًا عُرَامٌ وَهُوَ قَلِيل، إِنَّمَا يكون فِي الدَّهْر مرَّةً، والنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الشّمَال، وَهِي الَّتِي بَينهَا وَبَين الدّبُور، وَهِي تشبهها فِي البَرْدِ.
وَيُقَال لهَذِهِ الشمالِ: الشاميَّة، كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عِنْد الْعَرَب: شاميةٌ، والنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الدَّبُورِ هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الجَنُوب، تَجِيء من مَغِيبِ سُهيْلٍ، وَهِي تُشبهُ الدبورَ فِي شِدَّتها وعَجَاجِها، والنكباء الَّتِي تنْسب إِلَى الْجنُوب: هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الصَّبَا، وَهِي أشبهُ الرِّيَاح بهَا فِي دفئها ولينها فِي الشتَاء.
نبك: شمرٌ فِيمَا أَلَّفَ بخطِّهِ: النَّبَكُ: هِيَ رَوَابٍ من طينٍ، واحدتُها: نَبَكَةٌ.
قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّبْكَةُ مِثل الفَلْكةِ غيرَ أنَّ الفلكةَ أَعْلَاهَا مُدَوَّرٌ مجتمِعٌ، والنّبْكَةُ رَأسهَا مُحَدَّدٌ كَأَنَّهُ سِنَانُ رُمْحٍ وهما مصعّدتان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النّبْك: مَا ارتفَع من الأَرْض.
وَقَالَ طرفَة:
تَتَّقِي الأرضَ برُحَ وُقَّحٍ
وُرُقٍ تَقْعَرُ أَنْباكَ الأكَمْ
(قلت) : وَالَّذِي شاهدتُ الْعَرَب عَلَيْهِ فِي النِّبَاكِ أَنَّهَا رَوَابِي الرِّمال فِي الْجرْعاوَاتِ اللَّيِّنة، الواحدةُ: نَبَكَةٌ.
بنك: قَالَ اللَّيْث: تقولُ العربُ: كلمة كَأَنَّهَا دَخِيلٌ تَقول: ردَّهُ إِلَى بُنْكهِ الخَبيث تريدُ أَصْلَه.
وَيُقَال: تَبَنّك فلانٌ فِي عِزَ راتِبٍ.
(قلت) : البُنْكُ: أَصْلُه فارسيَّةٌ مَعْنَاهُ: الأصلُ.
وأَنشد ابنُ بُزُرْجَ:(10/159)
وصاحبٍ صاحَبْتُهُ ذِي مأْفَكَهْ
يَمْشِي الدَّوَالَيْكَ ويَعْدُو البُنَّكَهْ
قَالَ: البُنَّكَةَ يَعْنِي ثِقْلَه إِذا عَدا، والدَّوَالِيكُ: التَّحَفُّزُ فِي مَشْيه إِذا حَاكَ.
ك ن م
كمن، كنم، مكن، نكم: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: نكم، وكنم.
(نكم كنم) : وَقد رَوَى أَبُو عُمَر، عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ: النَّكْمَةُ: المصيبةُ الفادحة، والكَنْمةُ: الْجِراحة.
كمن: قَالَ اللَّيْث: كَمَنَ فلَان يَكْمُنُ كُموناً إِذا اسْتَخْفَى فِي مَكْمَنٍ لَا يُفْطَنُ لَهُ.
ولكلِّ حرفٍ مَكْمَنٌ إِذا مرَّ بِهِ الصّوت أَثَارَه.
والكَمِينُ فِي الحَرْبِ: معروفٌ.
وَتقول: هَذَا أَمْرٌ فِيهِ كَمِينٌ أَي فِيهِ دَغَلٌ لَا يُفْطَنُ لَهُ.
(قلت) : كمينٌ بِمَعْنى كامِن مثلُ علِيمٍ وعالمٍ وقديرٍ وقادرٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ كَمُونٌ، وَهِي الكَتُومُ لِلِّقَاحِ إِذا لَقِحَتْ لم تبشِّرْ بذنَبها وَلم تَشُلْ، وَإِنَّمَا يُعرفُ حَمْلُها بِشوَلاَنِ ذَنَبِها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقةٌ كَمُونٌ إِذا كَانَت فِي مُنْيَتِهَا وزادت عَلَى عَشْر ليالٍ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ ويُستَيْقَنُ لِقَاحُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمُّونُ: معروفٌ. وأَنشدَ:
فأصْبَحْتُ كالكمُّونِ ماتَتْ عُروقُهُ
وأغْصانُه مِمَا يُمنُّونه خُضْرُ
قَالَ: والكُمْنةُ: جَرَبٌ وحُمْرَةٌ تَبقَى فِي العَين من رَمَدٍ يُساءُ علاجه فتُكْمَنُ: وَهِي مَكْمُونة. وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
سِلاحُها مُقْلةٌ تَرَقْرَقُ لَمْ
تَحْذَلْ بهَا كُمْنَةٌ وَلَا رَمَدُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكُمْنَةُ فِي العَين: وَرَمٌ فِي الأجفان وغِلَظٌ وأُكَالٌ يَأْخذُ فِي الْعين فتَحْمَرُّ لَهُ.
يُقَال: كَمِنَتْ عَينُهُ تَكْمَنُ كُمْنَةً شَدِيدَة.
وَقَالَ الطرماح:
بِمُكْتَمِنٍ مِنْ لاعِجِ الْحُزْنِ وَاتِنِ
المكْتَمِن: الخافي الْمُضْمَرُ.
وروى شمرٌ عَن إسحاقَ بنِ منصورٍ عَن سعيدِ بنِ سليمانَ، عَن فرج بن فُضَالَة عَن ابْن عامرٍ عَن أبي أمامةَ الباهليِّ قَالَ: نَهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ عَوَامِرِ الْبيُوت إلاّ مَا كَانَ مِن ذِي الطُّفْيَتَيْنِ، والأبْتَرِ، فَإِنَّهُمَا يُكمِنَانِ الأبصارَ أَو يُكْمِهَان وتُخْدِجُ مِنْهُ النِّسَاء.
قَالَ شمرٌ: الكُمْنَةَ: وَرَمٌ فِي الأجْفَانِ،(10/160)
وَقيل: قَرْحٌ فِي المآقِي.
وَيُقَال: حِكَّةٌ ويُبْسٌ وَحُمْرَةٌ. قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
تَأَوَّبَنِي الدَّاءُ الَّذِي أَنَا حَاذِرُهْ
كَمَا اعْتَادَ مَكْمُوناً مِن اللَّيْلِ عَاثِرُهْ
ومَن رَوَاهُ بالهاءِ: يُكْمِهَانِ، فَمَعْنَاه يُعْمِيَانِ، من الأكْمَهِ، وَهُوَ الأعمَى.
قَالَ حدّثنا عبدُ الله بن عمرَ عَن حَجَّاج عَن عَطاء بن عمرَ أَنه قَالَ: الأكْمَهُ: الممْسُوحُ العَيْنِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ، وَلَا يُبْصِرُ باللَّيْل.
مكن: (أَبُو زيد) يُقَال: امْشِ على مَكِينَتِكَ ومكَانتِكَ وهِينَتِك.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَنِيرِ: يُقَال: فلانٌ يَعمَلُ على مَكينَتِه أَي على اتِّئَادِه.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} (الْأَنْعَام: 135) أَي: على حِيالِكُمْ ونَاحِيَتِكُمْ.
وأَخبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن الغَسَّاني عَن سَلَمَة عَن أبي عبيدةَ مِثْلُه.
وَقَالَ سَلمَة: قَالَ الْفراء: لَهُ فِي قَلْبي مكانَةٌ ومَوْقِعَةٌ ومَحِلَّةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : فلانٌ مَكينٌ عِنْد فلانٍ بَيِّنُ المكانَةِ يَعْنِي المنزِلَة، قَالَ: والمَكَانَةُ: التؤدَةُ أَيْضا.
وَقَالَ الليثُ: المَكْنِ بَيْضُ الضَّبِّ وَنَحْوه، ضَبَّة مكُونٌ، والوَاحِدَة: مَكْنَةٌ. قَالَ: وكلُّ ذِي رِيشٍ وكلُّ أَجْرَدَ يَبِيضُ، وَمَا سواهُما يَلِدُ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: ضَبَّةٌ مَكُونٌ، وضِبَابٌ مِكَانٌ. وَأنْشد:
وقالَ تَعْلّمْ أنَّها صَفَرِيَّةٌ
مِكَانٌ نمَا فِيهَا الدَّبَا وجَنَادِبُه
قَالَ: ومَكِنَتِ الضَّبَّةُ وأَمْكَنَتْ إِذا جَمَعَتْ البيْضَ فِي جَوْفِها.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الضَّبَّةُ المَكُونُ: الَّتِي قد جَمَعَتْ بَيْضها فِي بَطْنِهَا، يُقَال مِنْهُ: قَدْ أَمْكَنَتْ فَهِيَ مُمْكِنٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد مثلَه، قَالَ: والجَرَادَةُ مِثْلُها، واسمُ البَيْض: المِكْنُ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي مَكُنَاتِهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: سألتُ عِدَّةً من الْأَعْرَاب عَنهُ فَقَالُوا: لَا نَعْرِفُ للطّيْرِ مَكِناتٍ إِنَّمَا المكِنَاتُ بَيْضُ الضِّبَابِ، واحدتها: مكِنَة، وَقد مَكِنَتِ الضَّبّةُ وأَمْكَنَتْ، فَهِيَ ضَبّةٌ مَكُونٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وجائزٌ فِي كَلَام العربِ: أَن يُسْتَعَارَ مَكْنُ الضِّبابِ فيُجْعَلَ للطّيْرِ كَمَا قَالُوا: مَشَافِرُ الْحَبَشِ، وإنّما المشَافِرُ للإبلِ.
قَالَ: وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ(10/161)
على مَكِناتِها) (يُرِيد على أَمْكِنَتها) ومعناهُ: الطّيْرُ الَّتِي يُزْجَرُ بهَا.
يقولُ: لَا تزْجُرُوا الطّيْرَ وَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا أَقِرُّوها على مَوَاضِعها الَّتِي جعلهَا اللَّهُ بهَا أَي أَنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ.
وَقَالَ شمرٌ: الصَّحِيحُ من قَوْله: (أَقِرُّوا الطيْرَ على مَكِنَاتِها) أَنَّهَا جَمْعُ المَكِنَة، والمكِنَةُ: التَّمكُّنُ، تَقول العربُ: إنَّ بَنِي فُلانٍ لَذُو مَكِنَةٍ منَ السُّلطانِ أَي ذُو تمكُّنٍ، فيقولُ: أَقِرُّوا الطّيْرَ على مكِنَةٍ ترَوْنها عَلَيْهَا ودَعُوا التَّطيُّرَ مِنْهَا، قَالَ: وَهِي مِثْلُ التَّبِعَةِ من التَّتَبُّع والطَّلِبَةِ منَ التَّطَلُّبِ.
قَالَ: وَقَول الله: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} (الْأَنْعَام: 135) أَي: على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ مُسْتَمْكِنُون.
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الناسُ على سَكِنَاتِهمْ، ونَزِلاتهمْ، ومَكِنَاتِهم.
وَقَالَ الشافعيُّ فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِها) مَعْنَاهُ: أَن أهلَ الجاهليةِ كَانَ الرجلُ يخْرُجُ من بيْتِه فِي حاجَتِهِ فإِنْ رأَى طيراً فِي طريقِه طيَّرَه فَإِن أخذَ ذاتَ اليمينِ ذهب فِي حاجتِه، وَإِن أَخَذ ذاتَ الشِّمالِ لم يَذهب.
(قلتُ) : وَهَذَا هُوَ الصحيحُ، وَكَانَ ابنُ عُيَيْنَة يذهبُ إِلَيْهِ، والمكِنَاتُ بِمَعْنى الأمكِنةِ على تأوِيلِها.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَان فِي أَصْلِ تَقْدِير الْفِعْل (مَفْعَل) لِأَنَّهُ موضعٌ لِكَيْنُونَة الشَّيْء فِيهِ غيرَ أَنه لما كثُرَ أَجْرَوْهُ فِي التصْريف مجْرى (فَعَال) فَقَالُوا: مكَّنَّا لَهُ وَقد تَمَكَّنَ وَلَيْسَ هَذَا بأَعْجَبَ من تَمْسكنَ من المسكِين، قَالَ: والدليلُ على أَن مَكَان (مفعل) أَن العربَ لَا تقولُ: هُوَ مِنِّي مكَانَ كَذَا وَكَذَا بالنّصْبِ.
وَقَالَ غَيره: أمكنني الأمرُ يُمْكِنُني فَهُوَ أَمْرٌ مُمكِنٌ: وَلَا يقالُ: أَنا أُمكِنُه بِمَعْنى أَسْتطيعُه، ويقالُ لَا يُمكِنُكَ الصُّعُودُ إِلَى هَذَا الْجَبَل، وَلَا يقالُ: أنتَ تُمكِنُ الصُّعُودَ إِلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المَكْنَانُ: نَبْتٌ.
(قلت) : وَهُوَ من بُقُولِ الرَّبيعِ (الوَاحِدَةُ: مَكْنَانة) .
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَبِالرَّوْضِ مَكْنَانٌ كأَنَّ حَدِيقَهُ
زَرَابِيُّ وَشَّتْها أكُفُّ الصَّوَانِع
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فِي قَول الشَّاعِر، رواهُ عَنهُ أحمدُ بن يحيى:
ومجَرَّ مُنْتَحَرِ الطَّلِيِّ تَنَاوَحَتْ
فِيهِ الظِّبَاءُ بِبَطنِ وَادٍ مُمْكِنِ
قَالَ: مُمكِن: يُنبِتُ المكْنَانَ.
ك ف ب ك ف م: أهملت وجوهها.(10/162)
(بَاب الْكَاف وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ك ب م
بكم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للرَّجُل إِذا امْتنع مِنَ الكَلاَمِ جَهْلاً أَو تَعَمُّداً: بَكِمَ عَنِ الكَلاَمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (النَّوَادِر) : رَجُلٌ أَبْكَمُ وَهُوَ العَيُّ الْمُفْحَمُ، وَقد بَكِمَ بَكَماً وبَكَامَةً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: الأبْكَمُ: الأقْطَعُ اللِّسَانِ، وَهُوَ العَيُّ بالجوابِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ قَالَ: الأبكَمُ: الَّذِي لَا يعْقِلْ الجوابَ.
وَقَالَ الله تَعَالَى فِي صفةِ الكُفَّار: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ} (الْبَقَرَة: 18) وَكَانُوا يَسْمَعُونَ وينْطِقُونَ ويُبْصِرُونَ ولكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعُونَ مَا أَنْزَلَ الله وَلَا يَتَكَلَّمونَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ، فَهُمْ بمنزلةِ الصُّمِّ البُكْمِ العُمْيِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: (بُكْمٌ) إنَّهُمْ بمنْزلةِ مَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ.
وَيُقَال: الأبْكَمُ: المسْلُوبُ الفُؤَادِ.
(قلت) : وبَيْنَ الأخْرَسِ والأبْكَمِ فَرْقٌ فِي كَلَام العَربِ، فالأخْرَسُ: الَّذِي خُلِقَ وَلَا نُطْقَ لَهُ كالبَهِيمَةِ العَجْمَاءِ، والأبكَمُ: الَّذِي لِلسَانِه نُطْقٌ وهُوَ لَا يعقِلُ الجوابَ وَلَا يحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ، وجَمْعُ الأبكَمِ: بُكْمٌ وبُكْمَانٌ، وجَمْعْ الأصَمِّ: صُمٌّ وصُمَّانٌ.(10/163)
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الْكَاف
ك ج (وايء)
كيج: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كَاجَ الرَّجُلُ إذَا زَادَ حُمْقُه.
قَالَ: والكِيَاج: الفَدَامَة والحَمَاقَةُ.
ك ش (وايء)
كوش، كيش، كشي، شوك، شكا، وَشك، شكأ، كشأ: (مستعملة) .
شكا: فِي حديثِ خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا) ، قَوْله: مَا أَشْكانَا أَي مَا أَذِنَ لنا فِي التَّخَلُّفِ عَن صَلاة الظُّهْرِ وَلَا أَخَّرَها عَن وَقْتِهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد، قَالَ أَبُو عبيدةَ: أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ إِذا أَتَيْتُ إِلَيْهِ مَا يَشْكُونِي.
قَالَ: وأَشْكَيْتُهُ إِذا شكَا إليكَ فَرَجَعْتَ لَهُ مِنْ شِكايَتِهِ إيَّاكَ إِلَى مَا يحِبُّ.
وَقَالَ الراجزُ يصِفُ إبِلا:
تمُدُّ بالأعْنَاقِ أَوْ تَثْنِيهَا
وتَشْتَكِي لَوْ أَنَّنَا نُشْكِيهَا
(قلت) : وللإشْكَاء: مَعْنيَانِ آخَرَانِ.
قَالَ أَبُو زيد: شَكاني فلانٌ فأشْكَيتُه إِذا شكاكَ فَزِدْتُه أَذًى وشَكْوَى.
وَقَالَ الْفراء: أَشْكَى إِذا صادفَ حَبِيبَه يَشْكُو.
وروى بَعضهم قَول ذِي الرمة يَصِفُ الرَّبْعَ ووقُوفَه عَلَيْهِ:
وأُشْكِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أبثّهُ
تُكَلِّمُنِي أَحْجَارُهُ ومَلاَعِبُهْ
قَالُوا: مَعْنَاهُ أبِثُّه شَكْوَايَ وَمَا أكابدُه من الشَّوقِ إِلَى مَنْ ظَعَنَ عَن الرَّبْع حِينَ شَوَّقَتْنِي مَعَاهِدُهُمْ فِيهِ إِلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّكْوُ. والاشتِكاءُ، تقولُ: شَكا يَشْكُو شكاةً.
قَالَ: ويُسْتَعْمَلُ فِي المَوْجِدَةِ والمرَضِ.
وَيُقَال: هُو شاكٍ: مريضٌ، وَقد تَشَكَّى واشْتَكَى.
(قلت) : والشَّكَاةُ تُوضَعُ موضِعَ العَيْبِ أَيْضا.(10/164)
وعَيَّرَ رَجُلٌ عبدَ الله بن الزُّبيرِ بأُمِّه فَقَالَ: يَا ابْنَ ذَات النِّطَاقَيْنِ، فتمثل بقول الهُذْلِيِّ:
وتِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُها
أَرَادَ أَنَّ تعييرِه إيَّاه بأنَّ أُمَّه كَانَت ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ لَيْسَ بعَارٍ، وَمعنى قَوْله: (ظَاهِرٌ عَنْك عَارُهَا) أَي نابٍ، أَرَادَ أنَّ هَذَا لَيْسَ بعَارٍ يُتَعَيَّرُ مِنْهُ ويُنْتَفى لأنَّه مَنْقَبَةٌ لَهَا، أنَّها إنَّما سُمِّيت ذَات النِّطَاقينِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَحْمِلُ فِي أحَدِهمَا الزَّادَ إِلَى أَبِيهَا وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الغَارِ وَكَانَت تَنْتَطِقُ بالنِّطَاقِ الآخرِ، وَهِي أَسْماءُ بنت أَبي بكر الصِّدِّيقِ رَضِي الله عَنهُ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة قَالَ: بِهِ شَكَأٌ شَدِيد: تَقَشُّرٌ، وَقد شَكِئَتْ أصابعُه، وَهُوَ التقشر بَين اللَّحْم والأظفار شَبيه بالتشقق.
وَيُقَال: للبعير إِذا أتْعَبَهُ السَّيْرُ فمدَّ عُنُقَه وكَثُرَ نَحِيطُه: قد شكَا. وَمِنْه قَالَ الراجز:
شَكَا إلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى
صَبْراً جُمَيْلُ فكِلاَنَا مُبْتَلَى
وَيُقَال: شَكَا يَشْكُو شَكْواً، على (فَعْلاً) وشَكْوَى، عَلَى (فَعْلَى) .
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّكْوُ: المرضُ نفسهُ. وأَنشد:
أَخ إنْ تَشَكَّى مِنْ أَذًى كُنْتَ طِبَّهُ
وإِنْ كَانَ ذَاكَ الشَّكْوُ بِي فَأَخِي طِبِّي
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِمِسْكِ السَّخْلَةِ، مَا دَامَتْ تَرْضَعُ: الشَّكْوَةُ، فإذَا فُطِمَ فَمَسْكُهُ: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فَمَسْكُهُ: السِّقَاءُ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى بنُ كُنَاسَةَ: تقولُ العربُ فِي طُلُوع الثُّرَيَّا بالغَدَوَاتِ فِي أول القَيْظ:
طَلَعَ النَّجْمُ غُدَيَّهْ
ابْتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ
والشُّكَيَّةُ: تَصْغِيرُ الشَّكْوَةِ وذلكَ أَن الثُّريَّا إِذا طلعتْ هَذَا الوَقْتَ من الزمانِ هَبتِ البَوَارِحُ ورَمِضَتِ الأرْضُ وعَطِشَ الرُّعْيَانُ فاحْتَاجُوا إِلَى شِكَاءٍ يَسْتَقُونَ فِيهَا لِشِفَاهِهِمِ ويَحْقِنُونَ اللَّبَنَ فِي بَعْضِهَا لِيَشْرَبُوهُ بارِداً قَارِصاً.
يُقَال: شَكّى الرَّاعِي وتَشَكّى إِذا اتّخَذَ الشَّكْوَةَ.
وَقَالَ الشَّاعِر فِي شَكّى الرَّاعِي مِنَ الشَّكْوَة:
وحَتّى رَأَيْتُ العَنْزَ تَشْرَى وشكَّت ال
أَيَّامى وأضحى الرِّئمُ بالدَّوّ طاويا
وشَكّتِ الأيَامى إذَا كَثُرَ الرِّسْل حَتَّى صارتِ الأيِّمُ يَفْضُلُ لَهَا لَبَنٌ تَحْقِنُهُ فِي شَكوتِهَا.
ابْن السّكيت: فلانٌ يُشْكَى بِكَذَا وَكَذَا أَي يُزَنُّ ويُتَّهَمُ. وَأنْشد:
قالتْ لَهَا بَيْضَاءُ من أَهْلِ مَلَلْ
رَقْرَاقَةُ العَيْنَيْنِ تُشْكَى بالغَزَلْ(10/165)
والشّكِيُّ أَيْضا: المُوجِعُ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ بن عَدِيَ:
أَنَا الطِّرِمَّاحُ وعَمِّي حَاتِمُ
وَسْمِي شَكِيٌّ ولِسَاني عَارِمُ
كالبَحْرِ حِينَ تَنْكَدُّ الهَزَائِمُ
الهَزَائِمُ: بِئَارٌ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَسْمِي شَكِيٌّ أَي مَشْكُوٌّ لَذْعُهُ وإحْرَاقُهُ.
وقولُهُ جَلَّ وعَزَّ: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (النُّور: 35) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: هِيَ الكَوَّةُ.
وقِيلَ: هِيَ بلُغَةِ الحَبَشِ.
قَالَ: والمِشْكَاةُ من كلامِ العربِ.
قَالَ: ومِثْلُهَا وإنْ كَانَ لِغَيْرِ الكَوَّة الشَّكْوَةُ وَهِي مَعْرُوفَة، وَهِي الزُّقَيْقُ الصغِيرُ أَوَّلَ مَا يُعْمَلُ مِثْلُه.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ واللَّهُ أعلم بالمِشْكَاةِ قَصَبَةَ القِنْدِيل من الزُّجَاجِ الَّذِي يُسْتَصْبَحُ فِيهِ، وَهِي موضعُ الفَتِيلَةِ فِي وَسَط الزّجَاجَة شُبِّهَتْ بالمِشْكَاةِ وَهِي الكَوَّةُ الَّتِي لَيست بِنَافِذَةٍ.
والعربُ تقولُ: سَلِّ شاكِيَ فُلاَنٍ أَي طَيِّبْ نَفْسَه وَعَزِّهِ عَمَّا عَرَاهُ.
وَيُقَال: سَلّيْتُ شَاكِيَ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا أَيْ تَرَكْتُها فَلَمْ أَقْرَبُهَا، وكُلُّ شيءٍ كَفَفْتَ عَنهُ فقَدْ سَلَّيْتَ شَاكِيَهُ.
(شكأ) : وروى أَبُو العبَّاس عنِ ابنِ الْأَعرَابِي، يُقَالُ: شَكَأ فلانٌ إِذا تَشَقَّقَتْ أَظْفَارُه.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ: قَالَ الأصمعيُّ: شَقَأَ نابُ البَعِيرِ وشَكَأَ إِذا طَلَعَ فَشَقَّ اللَّحْمَ.
وقِيلَ فِي قولِ ذِي الرمة:
عَلَى مُسْتَظِلاَّتِ العُيُونِ سَوَاهِمٍ
شُوَيْكِئَةٍ يَكْسُو بُرَاهَا لُغَامُهَا
أَرادَ شُوَيْقِئَةً فَقَلَبَ القَافَ كَافاً مِنْ شَقَأَ نَابُهُ إِذا طَلَعَ كَمَا قيل: كُشِطَ عَن الفَرس الْجُلُّ وَقُشِطَ بِمَعْنى واحدٍ، وَقيل شُوَيْكِيَةٌ بِغَيْر هَمْزٍ: إِبْلٌ مَنْسُوبَةٌ.
وتَشَكَّى فلانٌ واشْتَكَى بِمَعْنى واحدٍ.
قَالَ أَبُو بكر: الشَكَأُ فِي الْأَظْفَار: شبيهٌ بالتشقق مَهْمُوز مَقْصُور.
شوك: قَالَ اللَّيْث: الشَّوْكَةُ، والجميعُ: الشَّوْكُ، وشجرةٌ شائِكة: ذاتُ شَوْكٍ، ومُشِيكةٌ: مِثلُها، والشَّوْكُ الَّذِي ينبُتُ فِي الأَرْض، الْوَاحِدَة مِنْهَا: شَوْكة، وَقد شاكتْ إصْبَعَه شوكةٌ إِذا دخلَتْ فِيهَا، وشِكْتُ الشَّوْكَ أَشَاكُه، فَإِذا أردْتَ أَنّه أصابكَ: قلْتَ: شَاكَنِي الشَّوْكُ يَشُوكُني شَوْكاً.
قَالَ: وَتقول: مَا أَشَكْتُه أَنا شَوْكةً، وَلَا شُكْتُه بهَا، وَهَذَا مَعْنَاهُ أَي لم أُوذِهِ بهَا.
قَالَ:(10/166)
لَا تَنْقُشَنَّ بِرِجْلِ غَيْرِكَ شَوْكةً
فَتَقِي بِرِجْلِكَ رِجْلَ مَن قد شَاكَها
شَاكَها مِنْ شِكْتُ الشَّوْكَ أشاكه، بِرَجُل غَيْرك أَي من رجل غَيْرك.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : شَاكَتْنِي الشوكةُ تَشُوكُنِي إِذا دخَلَتْ فِي جسَدِه، وقَدْ شِكْتُ أَنَا أَشَاكُ إِذا وَقَعَ فِي الشَّوك.
قَالَ وَقَالَ الكسائيُّ: شُكْتُ الرجلَ إِذا أَدْخَلْتَ الشَّوكةَ فِي رِجْلِه.
(قلت) : أَرَاهُ جَعَله متَعَدِّياً إِلى مَفْعُولَيْنِ كَمَا قَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
شَاكَتْ رُغَامَى قَذُوفِ الطَّرْفِ خَائِفَةٍ
هَوْلَ الجَنانِ ومَا هَمَّتْ بإِدْلاجِ
حرَّى مُوَقَّعةً مَاجَ البَنانُ بهَا
عَلَى خِضَمَ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ
يَصِفُ قَوْساً رَمَى عَنْهَا فشَاكَتِ القوسُ رُغَامَى الطائرِ مِرْماةً حَرَّى مَسْنونةً، والرُّغامَى: زِيادةُ الكَبِدِ؛ والحَرَّى هِيَ المِرْماةُ العَطْشَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: شَوّكْتُ الحائطَ: جعلتُ عَلَيْهِ الشَّوْكَ.
وشَوّكَ لَحْيَا البَعيرِ إِذا طالتْ أَنْيَابُه.
(أَبُو عبيد) : الشّاكِي، والشائكُ جَمِيعًا: ذُو الشَّوك والحدِّ فِي سلاحه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ شَاك فِي السِّلاح، وشائكٌ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَال: شَاك إِذا أَردت معنَى (فَاعِلٍ) ، فَإِذا أَرَدْتَ معنى (فَعِلٍ) قلتُ هُوَ شاكُ السلاحِ.
وَقيل: رجُلٌ شاكي السِّلَاح: حديدُ السِّنَانِ والنَّصْلِ، وَنَحْوهمَا.
وَقَالَ الفرّاء: رجُلٌ شَاكُ السِّلاح، وشاكِي السِّلَاح مثلُ جُرُفٍ هارٍ، وهَارٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الشاكي من السِّلاح، أَصْلُه: شَائِكٌ من الشَّوْكِ، ثمَّ يُقْلَبُ فيُجْعَلُ من بنَات الْأَرْبَعَة، فيُقال: هُوَ شَاكٍ.
ومَنْ قَالَ: شاكُ السِّلاح بحذفِ الْيَاء، فَهُوَ كَمَا يُقَال: رَجُلٌ مالٌ، ونالٌ منَ المَال وَالنَّوَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ مائلٌ ونائلٌ.
وَقَالَ غيرُه: شَاك ثَدْيَا المرأةِ، وشَوّكَ ثدْيَاهَا إِذا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ.
وحُلَّةٌ شَوْكَاءُ.
قَالَ الأصمعيُّ: مَا أَدْرِي مَا يُعْنَى بهَا، وَقَالَ غيرُه: هِيَ الْخَشِنَةُ من الْجِدَّةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّوْكَةُ: الْحُمْرَةُ تَظْهَرُ فِي الوجْه وغيرِه من الجَسد، فَتُسَكَّنُ فِي الرُّقَى، ورجُلٌ مَشُوكٌ، وَقد شِيكَ إِذا أصابَتْهُ هَذِه العِلّةُ.
والشّوْكةُ: طِينةٌ تُدَوَّرُ رَطْبَةً، ثمَّ تُغْمَزُ حَتَّى تنبسِطَ، ثمَّ يُغْرَزُ فِيهَا سُلاَّءٌ للنَّخل، يُخَلَّص بهَا الكتَّانُ، تُسَمَّى شَوكةَ الكَتَّانِ.
وَيُقَال: شَوَّكَ الفَرْخُ تَشْوِيكاً، وَهُوَ أَوَّلُ(10/167)
نبَاتِ رِيشِه.
وشَوْكَةُ المُقاتِل: شِدَّةُ بأْسِه، هُوَ شديدُ الشَّوْكة.
وَشك: قَالَ اللَّيْث: أَوْشَكَ فلَان خُروجاً، وتقولُ: لَوَشْكانَ ذَا خُرُوجاً، وَلَسُرْعان ذَا خُروجاً. وَأنْشد:
أَتَقْتُلُهُمْ طَوْراً وتَنكِحُ فِيهِمُ
لَوَشْكَانَ هَذَا والدِّماءُ تَصَبَّبُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول: يُوشِك أَن يكون كَذَا؛ وَكَذَا، وَلَا تَقُلْ: يُوشَكُ.
وَمن أمثالِهم: (لَوَشْكَانَ ذَا إهَالةً) يُضربُ مثلا للشيءِ يَأْتِي قَبلَ حِينه، وَوَشْكَانَ: مَصدَرٌ فِي هَذَا الْموضع، والوَشِيكُ: السَّرِيع، ووَشْكُ البَيْنِ: سُرْعةُ الفِراق.
(أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي) : يُقَال: وَشْكَانَ مَا يكُونُ، ووِشْكَانَ، ووُشْكَانَ، والنُّونُ مفتوحةٌ فِي كلِّ وَجهٍ.
وَكَذَلِكَ: سَرْعَانَ مَا يكونُ ذَاك، وسُرْعَانَ، وسِرْعانَ.
(أَبُو عُبَيْدَة) : فرسٌ مُوَاشِكٌ، والأُنثى: مُوَاشِكَةٌ، والمُوَاشَكةُ: سُرْعةُ النّجَاءِ والخِفّة.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمَةَ يرثِي بِسْطامَ بنَ قَيْسٍ:
حَقِيبَةُ سَرْجِه بَدَنٌ ودِرْعٌ
وتَحمِلُه مُوَاشِكَةٌ دَؤُولُ
كشي: أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الصَّيْداوِيِّ عَن الرِّياشِيِّ قَالَ: الكُشْيَةُ: شحْمٌ يَكونُ فِي بَطْن الضّبِّ.
وَأنْشد:
فلَو كَانَ هَذَا الضَّبُّ لَا ذَنَبٌ لَهُ
وَلَا كُشْيَةٌ مَا مَسَّهُ الدَّهْرَ لامِسُ
ولكنَّه مِن أَجْلِ طيبِ ذُنَيْبِهِ
وكُشْيَتِهِ دَبّتْ إِلَيْهِ الدَّهَارِسُ
وَيُقَال: كُشَّةٌ، وكُشْيَةٌ بِمَعْنًى وَاحِد.
(كشأ) : ومِنْ مهْمُوزه: مَا روى أَبُو عبيدٍ لأبي عمرٍ و: إِذا شَوَيْتَ اللَّحْم حَتَّى يبِس فَهُوَ كَشِىءٌ مَهْمُوزٌ، وَقد كَشَأْتُهُ، وَمثله: وزَأْتُ اللَّحْم إِذا أَيْبَسْتَهُ.
وَقَالَ الأمَويٌّ: أكْشَأْتُهُ بالألِف.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: كَشِئْتُ الطَّعامَ كَشْأً إِذا أكلْتَهُ حتَّى تمتلىءَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: كَشَأتُ الطَّعامَ كشْأً إِذا أكلْتَهُ كَمَا تأكلُ القِثَّاءَ وَنَحْوه.
قَالَ: وكَشَأْتُ وسطَه بالسَّيْف كشْأً إِذا قَطعْتَهُ.
وَيُقَال: تكَشّأَ الأديمُ تكشُّؤاً إِذا تَقَسَّمَ؟ .
وَقَالَ الفراءُ: كَشَأْتُهُ، ولفَأْتُهُ أَي قشرتُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَشَأَ يَكْشَأُ إِذا أكل قِطْعَة من الكَشِىءِ وَهُوَ الشِّوَاءُ المُنْضَجُ، وأَكْشَأَ إِذا أكَلَ الكَشِىءَ.
ابْن شُمَيْل: رَجُل كَشِىءٌ: مُمْتَلِىءٌ مِن(10/168)
َ الطّعَامِ، وكَشَأْتُ اللَّحْمَ وكَشّأْتُه إِذا أكلتَه، وَلَا يُقَال فِي غير اللَّحْمِ.
كوش كيش: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كاش يكُوشُ كَوْشاً إِذا فَزِعَ فَزَعاً شَدِيدا، وكاش جِارِيتَه يكُوشُهَا إِذا مَسَحَهَا.
أَبُو الْهَيْثَم لِابْنِ بُزُرْجَ: ثَوْبٌ أكْيَاشٌ، وجبّةٌ أَسْنَادٌ، وثَوْبٌ أَفْوافٌ.
قَالَ: والأكْيَاشُ مِنْ بُرُودِ اليَمنِ.
ك ض (وايء)
استُعْمِلَ من جَمِيع وجوهه مَا روى أَبُو عبيد عَن أبي زيد.
ضوك ضيك: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: الضّيَكَانُ والحَيَكان: مِنْ مَشْيِ الْإِنْسَان: أَنْ يُحَرِّكَ فِيهِ مَنْكِبَيْه، وجَسَدَهُ حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لَحْمٍ.
وَقَالَ اللحياني عَن أبي زِيَاد: تَضّوّكَ فلَان فِي رجيعه تضوُّكاً إِذا تلطَّخ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: تَصَوَّكَ فِيهِ بالصَّاد غير مُعْجمَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم الْعقيلِيّ: تورَّك فِيهِ تورُّكاً إِذا تلطّخ.
وروى أَبُو ترابٍ عَن عرَّامٍ: يُقَال: رَأَيْتُ ضُوَاكَةً من النَّاس، وضَوِيكَةً أَي جمَاعَة من سَائِر الْحَيَوَان.
ويقالُ: اضْطَوَكُوا على الشَّيْء واعْتَلَجُوا وادَّوَسُوا إِذا تنازعُوا بِشدَّة.
ك ص (وايء)
صوك، صأك، كيص، كصا، صكا: (مستعملة) .
صوك صأك: قَالَ اللَّيْث: الصَّأْكةُ، مَجْزُومةٌ: ريحٌ يجدُها الإنسانُ من عَرقٍ أَو خَشَبٍ أصابهُ ندًى فتغيرت ريحُهُ، والصَّائكُ: الوَاكِفُ إِذا كَانَت فِيهِ تِلْكَ الرِّيحُ، والفِعْلُ: صَئِكَتِ الخَشبةُ تصأَك صَأَكاً.
وَقَالَ الْأَعْشَى: فَتَرَكَ فِيهِ الهَمْزَ، وخَفّفه فَقَالَ: صَاك:
وَمِثْلُكِ مُعْجَبَةٍ بالشّبِا
ب صاكَ العبيرُ بأَثْوَابها
أَرَادَ: صَئِك. قَالَ: والصَّائكُ: الدَّمُ اللاَّزقُ.
ويقالُ: الصَّائكُ: دَمُ الْجَوفِ. وَقَالَ الشَّاعِر، فجَعَلهُ يصُوكُ:
سَقَى اللَّهُ خَوْداً طَفْلةً ذاتَ بَهْجَةٍ
يَصُوكُ بكفّيها الخِضابُ ويَلْبَقُ
يصوكُ يلْزَقُ.
وروى عمرٌ وَعَن أَبِيه قَالَ: الصَّائكُ: اللازقُ، وَقد صاك يصِيكُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: صَئِك الرَّجلُ يَصْأَك صَأَكاً إِذا عَرِقَ فهاجتْ ريحٌ مُنْتِنَةٌ من ذَفَرٍ أَو غير(10/169)
ذَلِك.
وَفِي (النوادِرِ) : رَجُلٌ صَئِكٌ. وَهُوَ الشديدُ من الرِّجال.
وظلَّ يُصايكُني منذُ الْيَوْم ويُحايكُني.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَصَوَّك فلانٌ فِي رَجِيعِه تَصَوُّكاً إِذا تَلَطّخَ بِهِ. وتقولُ مِثلهُ بالضَّادِ.
كيص: وَقَالَ الليثُ: الكِيصُ من الرِّجال: القصيرُ التّارُّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَيْصُ: البُخْلُ التَّامُّ ورجلٌ كِيصٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: رَجُلٌ كِيصًى يَا هَذَا بِالتَّنْوِينِ: ينزل وحدَه. وَيَأْكُل وَحده، وَقد كاصَ طَعَامَه إِذا أكله وَحده.
(ابنُ بُزُرْج) : كاصَ فلانٌ من الطَّعَام وَالشرَاب إِذا أَكثر مِنْهُ.
وفلانٌ كاصٌ أَي صَبُورٌ باقٍ على الْأكل وَالشرب.
كصا: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَصَا إِذا خَسّ بعد رِفعة.
صكا: وصَكَا إِذا لَزِمَ الشَّيْء.
ك س (وايء)
كسا، كوس، كيس، كأس، وكس، أسك، سوك. سكا: (مستعملة) .
كسا سكا: قَالَ اللَّيْث: الكِسْوَةُ، والكُسْوَة: اللّبَاسُ، وَلها معانٍ مُخْتَلِفَةٌ.
تقولُ: كَسَوْتُ فُلاَناً أَكْسُوهُ. إِذا أَلْبَسْتَهُ ثَوْباً أَو ثِيَاباً.
واكْتَسَى فلانٌ إِذا لَبِسَ الكِسْوَةَ.
وَقَالَ رؤبةُ يَصِفُ الثَّوْرَ والكِلاَبَ:
وَقَدْ كَسَا فِيهِنَّ صِبْغاً مُرْدَعَا
يَعْنِي: كَسَاهُنَّ دَماً طَرِيّاً.
وَقَالَ أَيْضا يَصِفُ العَيْرَ وأُتُنَهُ:
يَكْسُوهُ رَهْبَاهَا إِذا تَرَهَّبَا
على اضْطِرَامِ اللُّوحِ بَوْلاً زَغْرَبَا
يَكْسُوهُ رَهْبَاهَا أَي يَبُلْنَ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: اكْتَسَتِ الأرضُ بالنَّبَاتِ إِذا تَغَطَّت بِهِ. والكِسَاءُ: اسمٌ موضوعٌ.
وَيُقَال: كِسَاءٌ، وكِسَاءانِ وكِسَاوَانِ، والنّسْبَةُ إِلَيْهِ: كِسَائيٌّ، وكسَاوِيٌّ، والكُسَى: جمعُ الكُسْوَةِ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ يُقَال: جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْر، وعَلى دُبْرِهِ، وكُسْأَهُ، وأَكْسَاءَهُ وجِئْتُكَ على كُسْئه وَفِي كُسْئه أَي بعد مَا مضى الشَّهْرُ كلُّه. وَأنْشد أَبُو عبيد:
كلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقاً يَمَانِيَةً
إذَا الحُدَاةُ على أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَي على أَدْبَارِهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كاسَأَهُ إِذا فَاخَرَهُ.
قَالَ: وساكاه إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فِي المعامَلَةِ.
وَسَكَا إِذا صَغُرَ جسْمُهُ.
أَبُو بكر: الكَسَاءُ بِفَتْح الْكَاف مَمْدُود:(10/170)
الْمجد والشرف والرفعة، حَكَاهُ أَبُو مُوسَى هَارُون بن الْحَارِث.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ غَرِيب.
وَيُقَال: كَسِيَ فلانٌ يَكْسَى فَهُوَ كاسٍ إِذا اكْتَسَى، وَمِنْه قَوْله:
يَكْسَى وَلَا يَغْرَثُ مَمْلُوكُهَا
إِذا تَهَرَّتْ عَبْدَهَا الهارِيَهْ
وقولُ الحطيئة:
وَاقْعُدْ فَأَنْتَ لَعَمْرِي الطَّاعِمُ الكَاسِي
أَي المُكْتَسِي.
أَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: فلانٌ أكْسَى من بَصَلَةٍ إِذا لَبِس الثِّيَاب الْكَثِيرَة.
قَالَ: وَهَذَا من النَّوَادِر أَن يُقَال للمكتسي: كاسٍ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ: وَيُقَال: فلانٌ أكْسَى من فلَان أَي أكثرُ إِعْطَاء للكُسْوَةِ، من كسَوْتُه أكْسُوهُ، وفلانٌ أكسى من فلَان أَي أَكثر اكتساء مِنْهُ، وَقَالَ فِي قَوْله:
فَإنَّك أَنْت الطاعم الكاسي
أَي المكتسي، هَكَذَا أملاه علينا.
كوس: (ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ) : الكَوْسُ: مَشيُ النَّاقَةِ على ثَلاَثٍ.
والكُوسُ: جمْعُ أكوَسَ، وكَوْسَاءَ.
وَفِي حَدِيث عبدِ الله بن عبدِ الله بن عُمَرَ أَنَّه كَانَ عندَ الحجَّاجِ فَقَالَ: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيءٍ نَدَمِي عَلَى أَن لَا أكُونَ قَتَلْتُ ابنَ عُمَرَ، فَقَالَ عبدُ الله: أَمَا وَالله لَو فَعَلْتَ ذَلِك لكَوَّسَكَ اللَّهُ فِي النَّارِ.
قَالَ أَبُو عُبيْدٍ: معناهُ لَكَبَّكَ الله.
يقالُ: كوَّسْتهُ على رأسِهِ تَكْوِيساً، وَقد كاسَ يكُوسُ إِذا فعلَ ذَلِك.
وقالتْ عَمْرَةُ بِنْتُ مِرْدَاسٍ، أَخْتُ العبَّاس بن مِرْدَاسٍ، تَذْكُرُ أَخَاهَا أَنَّه كَانَ يَعْقِرُ الإبلَ:
فَظَلّتْ تكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ
ثَلاَثٍ وغَادَرْتَ أُخْرَى خَصيبَا
يَعْنِي القائِمةَ الَّتِي عَرْقَبَها فَهِيَ مُخَضّبَةٌ بالدّمَاءِ.
وَقَالَ الليثُ: الكُوسُ: خَشبَةٌ مُثَلّثَةٌ تكونُ مَعَ النَّجَّارِينَ يقيسُونَ بهَا تَرْبيعِ الخشبِ، وَهِي كلمةٌ فارِسِيَّةٌ، والكوسُ أَيْضا كأَنّها عَجَمِيَّةٌ، والعربُ تكلّمَتْ بهَا وَذَلِكَ إِذا أَصَابَ النَّاسَ خَبٌّ فِي البحرِ فخافُوا الغرقَ، قَالُوا: خافُوا الكُوسَ.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: الكُوسِيُّ من الْخَيل: القصيرُ الدَّوَارِجِ، وَلَا تراهُ إلاَّ مُنَكّساً إِذا جرى؛ وَالْأُنْثَى: كُوسِيَّةٌ.(10/171)
وَقَالَ غيرُه: هُوَ القصيرُ اليَدَيْنِ، وكَاسَتِ الحَيَّة إِذا تَحَوَّتْ فِي مَكاسِهَا، وتكَاوَسَ النَّبْتُ إِذا الْتَفَّ؛ وسَقَط بعضُه على بَعْضٍ، فَهُوَ مُتَكاوِسٌ.
وَفِي (النَّوَادِرِ) : اكْتَاسنِي فلانٌ عَن حَاجَتِي وارْتَكَسَنِي أَي حَبَسَنِي.
كيس: وَمن ذَوَاتِ الياءِ، رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ) أَرادَ أَنّ العاقلَ منْ حَاسَبَ نفْسَهُ.
وَيُقَال: كَاسَ يَكِيسُ كَيْساً، فَهُوَ كَيّسٌ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الكَيْسُ: العقلُ، والكَيْسُ: الجِماعُ وطلَبُ الوَلَدِ فِي قولِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا قَدِمْتُمْ عَلَى أَهَالِيكُم فالكَيْسَ الكَيْسَ) : أَي جَامِعُوهنّ طالبينَ الولَدَ.
وَقَالَ الليثُ: جمعُ الكَيّسَ: كَيَسَةٌ.
قَالَ: ويقالُ: هَذَا الأكْيَسُ، وَهِي الكوسَى، وهُنَّ الكُوسُ، والكُوسَيَاتُ للنّساءِ خَاصَّة. وقولُ الشَّاعِر:
فَمَا أَدْرِي أَجُبْناً كَانَ دَهْرِي
أَمِ الكُوسى إِذا جَدَّ العَزِيمُ
أَرَادَ الكَيْسَ، بنَاهُ على فُعْلَى، فَصَارَت الياءُ واواً، كَمَا قَالُوا: طُوبى من الطِّيبِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الكَيِّسُ: الْعَاقِل، والكَيْسُ: الْعقل.
وَأنْشد:
فَلَو كُنْتُم لكيّسَةٍ أكاسَتْ
وكيْسُ الْأُم أكيَسُ للبَنينا
وَقَالَ الآخر:
فَكُن أكيَسَ الكَيْسَى إِذا مَا لقيتهم
وَكن جَاهِلا إمَّا لقيتَ ذَوي الْجَهْل
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: أَكاسَ الرَّجُلَ إِذا أخذَ بِنَاصيتِهِ، وأكاسَتِ المرأَةُ إِذا جَاءَت بولَدٍ كَيّسٍ، فَهِيَ مُكِيسَةٌ ومُكْيسَةٌ.
ويقالُ: كايَسْتُ فُلاناً فَكِسْتهُ أكِيسُهُ إِذا غلبتَهُ بِالكَيْسِ.
وَفِي حَدِيث جابرٍ: (أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتُرَانِي إنّمَا كِسْتُك لآخُذَ جَمَلكَ) .
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: كَيْسَانُ: اسْم للغَدْرِ.
وَأنْشد:
إِذا مَا دَعَوْا كيْسَانَ كَانَت كُهُولُهُم
إِلَى الغَدْرِ أَسْعى منْ شبَابهمِ المُرْدِ
وَيُقَال لما يكونُ فِيهِ الولَدُ: الكِيسُ، شُبِّه بالكيسِ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ النَّفقَةُ.
(كأس) : قَالَ الله تَعَالَى: {سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ} (الصافات: 45) .
قَالَ الزّجاج: الكأس: الْإِنَاء إِذا كَانَ فِيهِ خمرٌ، فَهُوَ كأس، ويقَعُ الكأس لكل إناءٍ مَعَ شَرَابِه.
قَالَ الْأَزْهَرِي: والكأسُ مهموزٌ وَجمعه كؤوسٌ.(10/172)
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: كاص فلَان من الطعامِ والشرابِ إِذا أَكثر مِنْهُ.
وَتقول: وجدت فلَانا كُؤَصاً كُعَصاً أَي صبوراً بَاقِيا على شربه وَأكله.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وأحْسِبُ الكأْسَ مأخوذاً مِنْهُ؛ لِأَن الصَّاد وَالسِّين يتعاقبان فِي حُرُوف كَثِيرَة لقرب مخرجيهما.
(ابْن السّكيت) : هِيَ الكأسُ والفأسُ، والرأسُ: مهموزاتٌ، وَهُوَ رابط الجأْشِ.
أسك: قَالَ أبُو الهيثمِ: قَالَ نُصَيرٌ: الإسْكَتَانِ: ناحِيَتَا الفَرْجِ، وطرَفاهُ: الشَّفْرانِ.
وَقَالَ شمرٌ: الإسْكُ: جانبُ الاسْتِ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: امْرَأَةٌ ماسُوكةٌ إِذا أَخطأَت خافِضتُها فأصابَت شَيْئا مِنْ إسْكتَيْها.
وآسَكُ: موضعٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
قبحَ الْإِلَه وَلَا أقبِّح غيرَهُم
إسْكَ الإماءِ بَني الأسَكّ مُكَدَّمِ
قَالَ: الإسْكُ: جَانب الاست، شبههم بِهِ لنَتْنهم.
يُقَال للْإنْسَان إِذا وصف بالنَّتْنِ: إِنَّمَا هُوَ إسْكُ أمَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَطِينةٌ.
وكس: قَالَ اللَّيْث: الوَكْسُ فِي البَيْع: اتِّضَاعُ الثَّمَنِ.
يقالُ: لاَ تَكِسْ يَا فلانُ، وإنَّهُ لَيُوضَعُ ويُوكَسُ، وقَدْ وُضِعَ، وَوُكِسَ.
قَالَ: والوَكْسُ: دخولُ القَمَرِ فِي نَجْمٍ يُكْرَهُ.
وَأنْشد أَبُو عَمْرٍ و:
هَيَّجَهَا قَبْلَ ليَالِي الوَكْسِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أنَّ معاويةَ كتَبَ إِلَى الحُسَيْنِ بن عَلِيَ: (إنِّي لَمْ أَكِسْكَ، ولَمْ أَخِسْكَ) .
قَالَ ابْن الأعرابيّ: لَمْ أَكِسْكَ: لَمْ أَنْقُصْكَ، ولَمْ أَخِسْكَ: لَمْ أُبَاعِدْكَ مِمَّا تُحِبُّ، والأوَّلُ مِنْ وَكَسَ يَكِسُ، والثّاني مِنْ خَاسَ بِهِ يَخِيسُ بِهِ.
(عَمْرٌ وَعَن أبِيهِ) قَالَ: الوَكْسُ: مَنْزِلُ القَمَر الَّذِي يُكْسَفُ فِيهِ.
سوك: قَالَ اللَّيْث: السَّوْكُ: فِعْلُكَ بالسِّوَاكِ، والمِسْوَاكِ.
يقالُ: ساكَ فَاهُ يَسُوكُهُ سَوْكاً، فَإِذا قُلْتَ: اسْتَاكَ فَلاَ تَذْكر الفَمَ.
قَالَ عَدِيُّ بنُ الرِّقَاع:
وكأَنَّ طَعْمَ الزَّنجَبِيلِ ولَذَّةً
صَهْباءَ ساكَ بهَا المُسَحِّرُ فَاهَا
ساك وسوّكَ: وَاحِد، والمسحر: الَّذِي يَأْتِيهَا بسَحُورها، قَالَ: والسِّواكُ تُؤَنِّثُه العربُ.
وَفِي الحَدِيث: (السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ) أَي(10/173)
يُطهِّرُ الفمَ.
(قلت) : مَا عَلِمْتُ أَحَداً من اللغَوِيِّينَ جَعلَ السِّواكَ مُؤَنَّثاً، وَهُوَ مُذَكَّرٌ عِنْدِي.
وقولُه: مَطْهَرَةٌ كقولِهم: الوَلَدُ مَجْبنَةٌ مَجْهَلَةٌ. وكقولهم:
والكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنفْسِ الْمُنْعِمِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَاءَت الإبلُ تَسَاوَكُ، أَي مَا تُحَرِّكُ رُؤوسَها.
(قلت) العربُ تقولُ: جاءتِ الغَنَمُ هَزْلَى تَسَاوَكُ، أَي تَتَمَايَلُ مِنَ الهُزَالِ والضّعْفِ.
وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبَدٍ (أَنَّ زَوْجَها أَبَا مَعْبَدٍ جَاءَ يَسُوقُ أَعْنُزاً عِجَافاً تَسَاوَكُ هَزْلاً) .
وأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ لعُبَيْدِ الله بن الحُرِّ الجُعْفِيِّ:
إِلَى الله نَشْكُو مَا نَرَى بِجِيَادِنَا
تَسَاوَكُ هَزْلاً مُخُّهُنَّ قَلِيلُ
قَالَ أَبُو زيد: يُجْمَعُ السِّوَاكُ: سُوُكاً على فُعُلٍ.
قَالَ: وأَنشدني الخليلُ بنُ أحمدَ:
أَغَرُّ الثَّنَايَا أَحَمُّ اللِّثا
تِ تَمْنَحُهُ سُوُكَ الأسْحِلِ
قَالَ: ورَجُلٌ قَؤُولٌ من قَوْمٍ قُوُلٍ، وقُوْلٍ مثلُ سُوُكٍ، وسُوْكٍ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: تَسَاوَكَتْ فِي المشْي، وتَسَرْوَكْت، وهما رَدَاءَةُ المشْيِ، والبُطْءُ فِيهِ من عجفٍ وإِعياءٍ.
ك ز (وايء)
كوز، كزا، زوك، زكأ، زكا، زأك، وكز، وزك: (مستعملة) .
كزا: أهمله اللَّيْث، وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنَّه قَالَ: كَزَا إذَا أَفْضَلَ عَلَى مُعْتِفِيهِ.
زوك: أهمله الليثُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الزَّوْكُ: مِشْيَةُ الغُرَابِ، وَهُوَ الخَطْوُ المُتَقَارِبُ فِي تَحَرُّكِ جَسَدِ الماشِي.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: زَاكَ يَزُوكُ زَوْكاً إِذا مَشى فَحَرَّكَ جسدَهُ وأَلْيَتَيْهِ، وفَرّجَ مَا بَين رِجْلَيْهِ، وَهُوَ الزَّوَنَّكُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الزَّوْكُ: مِشْيةٌ فِي تقارُبٍ وفَحَجٍ، وَأنْشد:
رَأَيْتُ رِجَالاً حِينَ يَمشُون فَحّجُوا
وزَاكُوا وَمَا كانُوا يزُوكُونَ من قبلُ
وزك: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الفراءُ: رَأَيتُها مُوزِكَةً، وَقد أَوْزَكَتْ، وَهُوَ مشْيٌ قبيحٌ من مشْيِ القصيرةِ.
زأك: بِالْهَمْز، أهمله اللَّيْث، وأقرأني المنذريُّ فِي المَنْبُورَةِ لأبي حِزَامٍ:
تَزَاءَكَ مُضْطَنِىءٌ آرمٌ
إِذا ائْتَبّهُ الأدُّ لاَ يَفْطَؤُهْ
قَالَ ابْن السّكيت: التَّزَاؤكُ: الاستحياءُ،(10/174)
والمُضْطَنِىءُ: المستحي.
قَالَ: والآرِمُ: المُوَاصِلُ، ائتَبَّهُ: تَهَيأَ لَهُ، لَا يَفْطَؤُهُ: لَا يقهَرُهُ.
كوز: يُقَال: كازَ يَكُوزُ، واكْتَازَ يَكْتَازُ إِذا شرب بالكُوزِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: كاب يكُوبُ إِذا شَرِبَ بالكُوبِ، وَهُوَ الكُوزُ بِلَا عُرْوَةٍ، فَإِذا كَانَ بعُرْوَةٍ فَهُوَ كُوزٌ.
يُقَال: رَأَيْته يَكُوزُ ويكْتَازُ، ويكُوبُ ويكْتَابُ، وَجمع الكُوز: كيزَانٌ.
ابْن دُرَيْد: كُزْتُ الشَّيْء أكوزُه كَوْزاً إِذا جمعتَه.
وبنُو الكُوزِ: بطن من الْعَرَب.
وسمَّت الْعَرَب مَكوزَة ومِكْوَازاً.
وَقَالَ غيرُه: مَكْوَزَةُ من أَسمَاء الْعَرَب.
زكا: قَالَ اللَّيْث: الزَّكَاةُ: زَكاةُ المَال، وَهُوَ تطهيرُه، والفعلُ مِنْهُ: زَكَّى يُزَكّي تَزْكِيةً، والزَّكاةُ: الصَّلاَح.
يُقَال: رجلٌ تقيٌّ زَكيٌّ، ورجالٌ أتقيٍ اءُ أَزْكِياءُ، والزَّرْعُ يزْكُو زَكاءً، ممدودٌ، وكلُّ شيءٍ يَزْدَادُ ويسمَنُ فَهُوَ يَزْكُو زَكاءً.
وتقولُ: هَذَا الأمرُ لَا يَزْكُو بفُلانٍ أَي لَا يليقُ بِهِ.
وَأنْشد:
والمالُ يَزْكُو بكَ مُسْتَكْبِراً
يَخْتَالُ قَدْ أَشْرَفَ لِلنَّاظِرِ
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً} (مَرْيَم: 13) مَعْنَاهُ: وَفعلنَا ذَلِك رَحْمَة لِأَبَوَيْهِ وتزكيةً لَهُ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أَقَامَ الِاسْم مُقامَ الْمصدر الْحَقِيقِيّ.
وَقَالَ جلّ وَعز: {) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَواةِ فَاعِلُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 4) .
قَالَ بعضُهم: الَّذين هم للزَّكاةِ أَي العملِ الصَّالحِ فاعِلُونَ.
وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {خَيْراً مِّنْهُ زَكَواةً} (الْكَهْف: 81) أَي خيرا مِنْهُ عملا صَالحا.
وَقَالَ الْفراء: زَكَاة: صلاحاً.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً} قَالَ: صَلاَحاً.
(ابْن اليزيديّ عَن أبي زيدٍ النَّحوي) فِي قَوْله جلَّ وَعز: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً} (النُّور: 21) وقرىءَ (مَا زكَّى) فَمن قَرَأَ: (مَا زَكا) فمعناهُ: مَا صَلَحَ، وَمن قرأَ (مَا زكَّى) فمعناهُ: مَا أَصْلَحَ {وَلَاكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ} (النُّور: 21) أَي يصلحُ.
وَقَالَ غيرُه: قيلَ لما يُخْرَجُ من المالِ للمساكينِ من حقوقهمْ: زَكَاةٌ لأنَّه تطهيرٌ لِلْمَالِ وتثميرٌ وإصلاحٌ ونماءٌ، كلُّ ذَلِك قد قيلَ.(10/175)
والعربُ تقولُ لِلْفَرْد: خَساً، وللزَّوْجَين اثْنَينِ: زَكاً، وقِيلَ لَهما: زَكاً، لأنَّ اثْنَينِ أَزْكَى منَ الوَاحِدِ. وَقَالَ العجاج:
عَنْ قَبْضِ مَنْ لاَقى أَخَاسٍ أَمْ زَكا
وَقَالَ ابنُ السّكيت: الأخَاسِي: جمْعُ خَساً، وَهُوَ الفَرْدُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: زَكِيَ الرّجُلُ يَزْكَى، وزَكا يَزْكو زُكُوّاً، وزكاءً، وَقد زَكَوْتُ وزَكِيتُ أَي صِرْتُ زَاكياً.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الزَّكاءُ: الزِّيَادَة من قَوْلك: زكا يزكو زكاءً، وَهَذَا: مَمْدُود، وزكاً مَقْصُور: الزَّوْحَانِ، وَيجوز خَساً وزَكاً بالإجراء، وَمن لم يجرهما جَعلهمَا (بِمَنْزِلَة مَثْنَى وثُلاَثَ ورُبَاعَ، وَمن أجراهما جَعلهمَا) نكرتين.
وَقَالَ أَحْمد بن عبيد: خَسَا وَزَكَا لَا يُنَوَّنانِ، وَلَا تدخلهما الْألف وَاللَّام، لِأَنَّهُمَا على مَذْهَب (فَعَلَ) مثل: وَهِي وَعَفا، وَأنْشد للكميت:
لأدْنَى خَسَا أَو زكا من سِنِيك
إِلَى أَربَعٍ فَيَقُول انتظارا
وَقَالَ الْفراء: يكْتب خَسَا بِالْألف لِأَنَّهُ من خَسَأَ مَهْمُوز وزكا يكْتب بِالْألف لِأَنَّهُ من يزكو.
(سَلمة عَن الْفراء) : العربُ تقولُ للزَّوْج: زَكاً، وللفَرْدِ: خَساً فَتُلْحِقُهُ بِبَابِ قَناً، وَمِنْهُم مَنْ يقولُ: زَكَى، وخَسى.
قَالَ: ويُلْحِقُه ببَابِ زُفَرَ.
وَيُقَال: هُوَ يُخَسِّي ويُزَكِّي إِذا قَبَضَ على شيءٍ فِي كَفِّهِ وَقَالَ: أَزَكاً أَمْ خَساً. وأنشدَ:
يَعْدُو على خَمْسٍ قَوَائِمُه زَكا
زكأ: ومِنْ مَهْمُوزِه.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ زُكَأَةٌ أَي مُوسِرٌ.
وروى اللِّحْيَانيُّ عَنهُ: إِنَّه لَملِيءٌ زُكَأَةٌ أيْ حَاضِرُ النَّقْد عَاجِلُهُ.
ويقالُ: قد زَكَأَهُ أَي: عَجَّلَ نَقدَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: زَكَأَتِ النَّاقَةُ بِوَلدِها حِينَ ترْمِي بهِ عِنْدَ الطَّلْقِ، والمَصْدَرُ: الزِّكْءُ على فَعْلٍ مَهْموزٌ، ويُقالُ: قَبَحَ اللَّهُ أُمّاً زَكَأَتْ بِهِ، ولَكأَتْ بهِ أيْ: وَلدَتْهُ.
وكز: قَالَ اللَّيْث: الوكْزُ: الطَّعْنُ، يقالُ: وَكَزَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ.
(أَبُو عُبيدٍ عَن الْكسَائي) : وكَزْتُه، ونَكَزْتُه، ونهَزتُهُ، ولهَزْتُهُ، وثَفَنْتُهُ بمعْنًى وَاحِد.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى} (الْقَصَص: 15) .
قَالَ: الوَكْزُ: أَنْ يَضرِبَ بجُمعِ كَفِّهِ.
وَقيل: وَكَزَهُ بالْعَصَا.
وروى أَبُو ترابٍ لبَعض العربِ: رُمْحٌ مَرْكُوزٌ، وموْكُوزٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد:(10/176)
وَالشَّوْكُ فِي أَخْمَصِ الرِّجْلَيْنِ مَوْكُوزُ
(ك ط (وَا يء) : مهمل)
ك د (وَا يء)
كدا، كدأ، كأد، كود، كيد، وكد، أكد، ودك، دوك، دكأ، ديك، دكا: (مستعملة) .
كدا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أعْطى قَلِيلا وأكدى} (النَّجْم: 24) قَالَ الْفراء: أَكْدَى: أَمْسَكَ عَن العَطِيّةِ وقَطَع.
وَقَالَ الزجاجُ: معنى أَكْدَى: أَمْسَكَ من العطيّة وقطَع، وأَصْلُه من الحَفْرِ فِي الْبِئْر.
يُقَال للحافر إذَا حَفَرَ البئرَ فبَلغَ إِلَى حَجَر لَا يمكِنُهُ مَعَه الحَفْرُ: قد بَلغَ الكُدْية وَعند ذَلِك يَقطعُ الحَفْرَ.
وَقَالَ الليثُ: الكُدْيةُ: صلابةٌ تكونُ فِي الأَرْض.
وَيُقَال: إنَّ فلَانا قد بَلغَ النَّاسُ كُدْيتَهُ أَي: كَانَ يُعْطِي ثمَّ أَمْسَكَ.
قَالَ: ويقالُ: أَكْدَى أَيْ: أَلحَّ فِي المسألةِ وَأنْشد:
تَضِنُّ فنُعْفِيها إِن الدارُ سَاعَفَتْ
فَلاَ نَحْنُ نُكْدِيها وَلَا هِيَ تَبْذُلُ
وتقولُ: لَا يُكْدِيكَ سُؤالي أَي: لَا يُلِحُّ عليكَ وَقَوله: فَلَا نَحْنُ نُكْدِيها أَي فَلَا نحنُ نلِحُّ عَلَيْهَا.
وَقَالَت خنسَاءُ:
فتَى الفِتْيَانِ مَا بَلَغُوا مَدَاهُ
وَلَا يُكْدِي إِذا بَلغَتْ كُدَاها
أَي: لَا يَقْطَعُ عَطاءَهُ، وَلَا يُمسِكُ عَنهُ إِذا قَطَعَ غيرُه وأَمسكَ.
وَقَالَ: الكِدَاءُ بِكَسْر الْكَاف: القَطْعُ من قَوْلك: أَعْطَى قَلِيلا وأَكْدَى أَي: قطع.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : أَكْدَى: مَنَعَ، وأكدَى: قطَعَ؛ وأكْدَى إِذا انْقَطع، وأكدَى النبْتُ إِذا قصُرَ منَ البرْد، وأكْدَى العامُ إِذا أجدَبَ، وأكْدَى إِذا بلغَ الكُدَا وَهُوَ الصَّحْراءُ، وأكْدَى إِذا حفَرَ فبلغَ الكُدَى وَهِي الصُّخُورُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أكدى: افتقَرَ بَعْدَ غِنًى، وأكدَى: قَمِىءَ خَلْقُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: أَصابَ الزَّرْعَ بردٌ فكدَاهُ أَي: رَدَّهُ فِي الأَرْض.
وَيُقَال أَيْضا: أَصابَتهمْ كُدْيةٌ، وكاديةٌ منَ البَرْدِ.
ويقالُ: كَدَأَ النبتُ بِالْهَمْز منَ البَرْدِ.
وكُدَيٌّ، وكَدَاءٌ: جَبَلانِ بِمكَّةَ.
وَقَالَ ابنُ رُقَيَّاتٍ:
أَنْتَ ابنُ مُعْتَلجِ البِطَا
حِ كُدَيِّها فكَدَائها(10/177)
ومِسكٌ كَدٍ: لَا رِيحَ لَهُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : كَدَتَ الأَرْض تكدُو كَدْواً فَهِيَ كاديةٌ إِذا أبطأَ نباتُها.
وكَدِيَ الجِرْوُ يَكْدَى كَدًى وَهُوَ داءٌ يَأْخُذُ الجِرَاءِ خاصَّةً يُصيبها مِنْهُ قيءٌ وسعالٌ حَتَّى يُكْوَى مَا بَين عينيها.
قَالَ: والكُدْيةُ: الارتفاعُ من الأرضِ.
(شمرٌ) : كَدِيَ الكلْبُ كَدًى إِذا نَشِبَ العظمُ فِي حلقِهِ.
وَيُقَال: كَدِيَ بالعظْمِ إِذا غصَّ بِهِ، قَالَه ابْن شمَيلٍ.
كدأ: (أَبُو زيد) : كَدَأَ النَّبْتُ يَكْدَأُ كُدُوأً إِذا أصابهُ البَرْدُ فَلَبَّدَهُ فِي الأرْضِ، أَو عَطِشَ فأَبْطَأَ نَبَاتُهُ، وإِبلٌ كادِيةٌ الأوْبَارِ قليلَتُهَا، وَقد كَدِئَتْ تَكْدَأُ كَدَأً.
وَأنْشد:
كَوَادِىءُ الأوْبَارِ تَشْكُو الدَّلَجَا
وكَدِىءَ الغُرَابُ فِي شَحيجِه يَكْدَأُ كَدَأً.
دكأ: أَبُو زيد: دَاكَأْتُ القَوْمَ مُدَاكَأَةً إِذا زَاحَمْتَهُمْ.
وَقَالَ غَيره: تَدَاكَأَ القَوْمُ عَلَيْهِ إِذا تزاحَمُوا.
قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
وقَرَّبُوا كُلَّ صِهْميمٍ مَنَاكِبُهُ
إِذا تَدَاكَأَ مِنْهُ دَفْعُه شَنَفَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصِّهْميمُ مِنَ الرِّجَالَ والجِمالِ إِذا كانَ حَمِيَّ الأنْفِ أبِيّاً شَدِيدَ النَّفْسِ، بطِيءَ الانْكِسَارِ.
قَالَ: وتَدَاكَأَ: تَدَافَعَ، ودَفْعُهُ: سَيْرُه.
كأد: قَالَ اللَّيْث: عَقَبَةٌ كَأَدَاءُ: ذَاتُ مَشَقَّةٍ، وَهِي الكَؤُودُ أَيْضاً.
تكاءدتْهُ الأمورُ إِذا شَقَّتْ عَلَيْهِ.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكأدَاءُ: الشِّدَّةُ والخَوْفُ، والحِذَارُ، ويقالُ الهَوْلُ واللَّيْلُ، المظْلمُ.
(أَبُو زيد) : تَكَاءدْتُ الذَّهابَ إِلَى فلَان تكَاؤُداً إِذا ذهبتَ إِلَيْهِ على مَشَقَّةٍ.
وَيُقَال: تَكأَّدني الذَّهَابُ إِلَيْك تكَؤُّداً إِذا مَا شَقَّ عَلَيْك.
وَأنْشد:
وَلَمْ تكَأَّد رِحْلَتي كأدَاؤُهُ
وَيُقَال: هِيَ الكُؤَدَاءُ، والصُّعَدَاءُ، والكَؤُودُ: المرْتقَى الصَّعْبُ، وَهِي الصَّعُودُ.
كود كيد: قَالَ اللَّيْث: الكَوْدُ: مصدرُ كادَ يكُودُ كوْداً، ومَكَادَة، تَقول لمن يطلُبُ إليكَ شَيْئا وَلَا تريدُ أَن تعطيه: لَا وَلَا مكادَةً وَلَا مَهَمَّةً، وَلَا كَوْداً، وَلَا همّاً، وَلَا مَكاداً، وَلَا مهمّاً.
قَالَ: ولُغَةُ بنِي عَدِيَ: كُدْتُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يقالُ: لاَ ولاَ كَيْداً لَك وَلَا همّاً.(10/178)
وَبَعض العربِ يَقُول: وَلَا كَوْداً بالوَاوِ.
قَالَ: وَقَالَت العوَامُّ كادَ زَيدٌ أَن يَمُوت وأنْ لَا تدْخلُ مَعَ كَاد. وَلَا مَعَ مَا تصرَّفَ مِنْهَا.
قَالَ اللَّهُ: {وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى} ، وَكَذَلِكَ جميعُ مَا فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَيْدُ من المَكِيدَةِ، وَقد كادَهُ مَكِيدَةً، ورأيتُ فلَانا يَكيدُ بنفسِهِ أَي يَسُوقُ سِيَاقاً.
(ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ) قَالَ: الكَيْدُ: صِيَاحُ الغُرَابِ بِجَهْدٍ، والكَيْدُ: إخْرَاجُ الزَّنْدِ النارَ، والكَيْدُ: القَيءُ.
وَقَالَ الحسنُ: (إِذا غَلَبَ الصائمَ الكَيْدُ أَفْطَرَ) والكَيْدُ: التَّدْبِيرُ بباطلٍ أَو حقَ، والكَيْدُ: الحَيْضُ.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (أَنَّهُ نَظَر إِلَى جَوَارٍ وَقد كِدْنَ فِي الطريقِ فأَمر أَنْ يُنَحّيْنَ) والكيد: الحرْبُ: (غَزَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرَ كَيْداً) .
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: { (بِالْهَزْلِ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} {كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً} (الطارق: 15، 16) .
قَالَ الزَّجَّاج: يَعني بِهِ الكُفّارَ أَنهم يَخَاتِلُونَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويُظْهِرون مَا هُمْ عَلَى خِلافه.
وأكِيدُ كَيْداً، قَالَ: كَيدُ الله لَهُم: اسْتِدْرَاجُهم من حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ.
وَقَالَ الله: {إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (النُّور: 40) .
قَالَ الزجاجُ فِي قَوْله: (لَمْ يَكَدْ) .
قَالَ بَعضهم رَآها مِنْ بَعْدِ أَنْ لَمْ يَكَدْ يَرَاها من شدَّة الظُّلْمَةِ.
وَيُقَال مَعْنَاهُ: لمْ يَرَها وَلم يَكَدْ، وَهَذَا القولُ أشبهُ بِهَذَا الْمَعْنى، لأنَّ فِي دُون هَذِه الظُّلمَاتِ لَا تُرَى الكَفُّ.
وَقَالَ الفرّاء: العربُ تقولُ: مَا كِدْتُ أَبْلُغُ إليكَ وأَنتَ قد بَلَغْتَ، وَهَذَا هُوَ وَجْهُ العربيَّة.
وَمن العربَ من يُدْخِلُ كادَ، ويَكَادُ فِي الْيَقِين، وَهُوَ بِمَنْزِلَة الظّنِّ، أصْلُهُ: الشَّكُّ ثمَّ يُجْعَلُ يَقيناً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي العبَّاس قَالَ:
قَالَ الأخفَشُ فِي قَوْله: {إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (النُّور: 40) حُمِلَ على الْمَعْنى وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرَاهَا، وَذَلِكَ أنّكَ إِذا قُلت: كَاد يَفعلْ إِنَّمَا تَعْنِي قاربَ الفعلَ وَلم يفعلْ، عَلَى صحَّةِ الْكَلَام، وَهَذَا معنى هَذِه الْآيَة، إلاَّ أنَّ اللُّغَةَ قد أجازَتْ لم يَكَد يَفعلُ. وَقد فعل بعد شِدَّةٍ؛ وَلَيْسَ هَذَا صحّةَ الْكَلَام لِأَنَّهُ إِذا قَالَ: كَاد يفعلُ فَإِنَّمَا يَعْنِي قاربَ الْفِعْل.
وَإِذا قَالَ: لم يَكَدْ يفعل، يَقُول: لم يُقَارِبِ الفعلَ، إلاّ أنَّ اللُّغة جَاءَت على مَا فَسَّرْتُ لَك، وَلَيْسَ هُوَ على صحةِ الكلمةِ.(10/179)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الفرّاء كلَّما أَخْرَجَ يَده لم يَكد يَراها من شِدّةِ الظَّلْمَةِ، لأنّ أقلَّ من هَذِه الظُّلْمَةِ لَا تُرَى اليدُ فِيهِ، وأمَّا لمْ يكد يَقُومُ فقد قَامَ، هَذَا أكثرُ اللُّغة فَكَأَن الأخفشَ جاءَ بِالْمَعْنَى، وَذهب الفرّاءُ إِلَى لفظ اللُّغَة.
وَقَالَ ابْن الأنباريِّ: قَالَ اللُّغَوِيون: كِدْتُ أفعلُ. مَعْنَاهُ عِنْد الْعَرَب قَارَبْتُ الفِعلَ ولَمْ أفعل، وَمَا كِدْتُ أَفْعَلُ، مَعْنَاهُ: فَعَلْتُ بعد إِبْطَاءٍ، وشَاهِدُه قولُ الله: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} (الْبَقَرَة: 71) ، معناهُ: فَعَلوا بعدَ إِبْطَاءٍ، لِتَعَذّرِ وِجْدانِ البَقَرَةِ عَلَيْهِم، وَقد يكونُ: مَا كِدْتُ أَفْعَلُ بِمَعْنى: مَا فَعَلْتُ وَلاَ قَارَبْتُ إِذا أُكّدَ الكلامُ بأَكَادُ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: يُقَال: مِن كادَ يَكادُ: هُمَا يَتَكاوَدَانِ.
وأصحابُ النَّحْوِ يقولونَ: يَتَكَاوَدَانِ، وَهُوَ خطأٌ لأَنهم يَقُولُونَ: إِذا حُمِلَ أَحدُهُمْ على مَا يكْرَهُ: لَا وَالله وَلاَ كيْداً، وَلاَ همًّا، يريدونَ: لاَ أَكَادُ وَلا أَهُمُّ.
وكد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَكَّدْتُ العَقْدَ أَي: أوْثَقْتُه، وَكَذَلِكَ: أَكَّدْتُهُ.
ويقالُ: وكَّدْتُ اليمينَ، والهمزُ فِي العَقْدِ: أَجْوَدُ.
قَالَ: والسُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بهَا القَرَبُوسُ تسمَّى المَكَايِيدَ، وَلاَ تُسَمَّى التَّوَاكِيدَ.
وتقولُ: إِذا عقَدْتَ فَأكِّدْ، وإذَا حَلفْتَ فَوَكِّدْ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّوْكِيدُ: دخلَ فِي الكلامِ لإخرَاج الشّكّ، وَفِي الأعدادِ لإحاطَةِ الأجزاءِ.
وَمن ذَلِك أَن تقولَ: كلَّمنَي أخُوكَ فيجوزُ أَن يكونَ كلَّمَك هُوَ أَوْ أمرَ غُلاَمَهُ بِأَنْ يكلّمكَ، فَإِذا قلتَ: كَلَّمنِي أَخوكَ تَكْلِيماً لَمْ يَجُزْ أَن يكونَ المكلّم لَك إلاَّ هُوَ.
وَيُقَال: وكَدَ فلانٌ أَمْرَهُ يكِدُهُ وَكْداً إِذا مارَسه وقصدَه.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
ونُبّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَهُ
قُفَيْرَةَ أُمَّ السَّوْءِ أَنْ لَمْ يكِدْ وَكْدِي
معناهُ: أَنْ لم يَعْمَلْ عَمَلي، وَلم يقْصِدْ قَصْدِي، ولمْ يُغْنِ غَنَائي.
ويقالُ: مَا زالَ ذاكَ وُكْدِي، بضمِّ الْوَاو، أَي فِعْلي ودَأْبي، فكأَنَّ الوُكْدَ: اسمٌ، والوَكْدَ: مصدرٌ.
وَقَالَ ابْن دريدٍ: الوَكائِدُ: السُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بهَا القَرَبُوسُ إِلَى دَفّتَي السَّرْجِ، الواحدُ: وِكَادٌ وإكَادٌ.
قَالَ: ووكَدَ بالمكانِ يكِدُ وُكُوداً إِذا أقامَ بِهِ.
قَالَ: والكوْدُ: كلُّ شيءٍ جَمعْتَهُ كُثَباً من ترابٍ أَو طعامٍ، وجمعهُ: أكوادٌ، وَلم(10/180)
أَسمَعْ هذينِ الحرْفَيْنِ لغير ابْن دريدٍ.
وَقَالُوا أَيْضا: كَدَوْتُ وجهَ الرّجُل أكْدُوهُ كَدْواً إِذا خَدَشْتَهُ.
أكد: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : دُسْتُ الحِنْطَة ودَرَسْتها، وأكَدْتُها.
وَيُقَال: ظلَّ مُتَوكّداً بِأَمْر كَذَا، ومُتَوكزاً، ومُتَحَرِّكاً، أَي: قَائِما مُستعِدّاً.
وَيُقَال: وكَدَه يكِدُه وكْداً أَي أصابَهُ.
دوك: قَالَ اللَّيْث: الدَّوْكُ: دَقُّ الشيءِ وسَحْقُه وطحنُه، كَمَا يَدُوكُ البعيرُ الشيءَ بكَلْكلهِ، والمَدَاكُ: صَلاَيةُ العِطْرِ يُدَاكُ عَلَيْهِ الطِّيبُ دَوْكاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِخَيْبَرَ: (لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غَداً رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ فِيمَنْ يَدْفَعُهَا إلَيه) .
قولُه: يدوكون أَي يَخُوضون ويختلفون فِيهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : بَات القومُ يَدُوكون دَوْكاً أيْ باتُوا فِي اختلاطٍ، ودَوَران.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: وَقَعُوا فِي دَوْكَةٍ، وبُوحٍ أَي وَقَعُوا فِي اختلاطٍ، وَفِيه لُغتان: دَوْكَةٌ، ودُوكَةٌ، وجمعُ الدَّوْكَةِ: دِوَكٌ ودِيَكٌ، وَمن قَالَ: دُوكةٌ، قَالَ: دُوَكٌ فِي الجَمْع.
(أَبُو عمرٍ و) : داك الرَّجلُ المرأَة يدوكُها دَوْكاً، وباكَها بَوْكاً إِذا جامَعَهَا.
وَأنْشد:
فدَاكَها دَوْكاً على الصِّراطِ
لَيْسَ كدَوكِ زَوجِهَا الوَطْوَاطِ
وَقَالَ أَبُو ترابٍ قَالَ أَبُو الرَّبيع البَكراوِيُّ: داكَ القومُ إِذا مَرِضوا، وهم فِي دَوْكَةٍ أَي مَرَضٍ.
ودك: (سلمةُ، عَن الفرّاء) : لَقِيتُ مِنْهُ بَنَاتِ أَوْدَكَ، وَبَناتِ بَرْحٍ وبَنات بِئْسَ يَعْنِي الدّوَاهِي.
وَقَالَ الليثُ: الوَدَكُ: معروفٌ، والفِعْلُ: ودَّكْتُه تَوْدِيكاً، وَذَلِكَ إِذا جَعَلْتَهُ فِي شيءٍ وَهُوَ من الشَّحْم أَو حُلاَبةِ اللَّحْمِ، وشيءٌ وَدِكٌ، ووَدِيكٌ، ودَجاجةٌ وَدِيكةٌ: ذاتُ وَدَكٍ، ووَدِيكٌ: جائزٌ.
والدِّكَةُ: اسمٌ من الوَدَكِ وَقَالَت امرأةٌ من العربِ: كنتُ وَحْمَى للدِّكَةِ أَي كنتُ مُشْتَهِيَةً لِلْوَدَكِ.
ديك: وَقَالَ اللَّيْث: الدِّيكُ: معروفٌ، وجمعُه دِيَكَةٌ، وأَرْضٌ مَداكةٌ ومَدْيَكةٌ: كثيرَةُ الدِّيَكةِ.
وَقَالَ المؤرِّجُ: الدِّيكُ فِي كَلَام أَهل الْيمن: الرَّجلُ الْمُشْفِقُ، الرَّؤُومُ، وَمِنْه سُمِّيَ الديكُ دِيكاً.
قَالَ: والدِّيكُ: الرَّبيعُ فِي كلامِهم.(10/181)
والدِّيكُ: الأثَافِي، الواحدُ والجميعُ سَوَاءٌ.
دكا: أهمله اللَّيْث: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَكَا إِذا سَمِنَ وكدا إِذا قَطَعَ.
ك ت (وَا يء)
كتأ، كتا، وكت، كَيْت، تكأ، وتك، (أوتكى) .
كتأ: قَالَ اللَّيْث: الكتْأَةُ بِوَزْنِ فَعْلَةٍ مَهموزٌ: نباتٌ كالجِرْجِيرِ، يُطْبَخُ فيؤكَلُ.
(قلت) : هِيَ الكَثْأَةُ بالثاء منقوطةٌ بثَلاَثٍ، وتُسَمَّى النَّهَقَ.
قَالَ ذَلِك أَبُو مالِكٍ وغيرُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَكْتَى إِذا غَلاَ على عَدُوِّه.
كتا: وَقَالَ اللَّيْث: اكْتَوَتَى الرّجلُ، فَهُوَ يَكتَوتِي إِذا بَالغ فِي صفةِ نفسِه من غير فِعْلٍ، وَعند العمَلِ يَكْتَوتي كَأَنَّهُ يَنْقَمِعُ.
قَالَ: والكوتِيُّ: القَصِير.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عُبَيدةَ فِي الكوتِيِّ مثلَهُ: أَنَّهُ القَصِيرُ.
تكأ: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) .
قَالَ الزجاجُ: هُوَ مَا يُتَّكَأُ عليهِ لطعامٍ أَو شرابٍ أَو حَدِيثٍ.
قَالَ: وَيُقَال: تَكِىءَ الرجُلُ يَتْككأُ تكأً، والتُّكأَةُ: أَصْلُهُ وَكَأَةٌ، وَإِنَّمَا مُتَّكأٌ أَصْلُهُ مُوْتَكأٌ، مِثْلُ مُتَّقٌ مُوْتَفِقٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: تُكَأَةٌ بوزنِ فُعَلَةٍ، قَالَ: وأصلُهُ وُكَأَةٌ، فَقُلِبَتِ الْوَاو تَاء، كَمَا قَالُوا تُرَاثٌ، وأَصلُهُ: وُرَاثٌ واتّكأْتُ اتِّكاءً أَصلُهُ أوْتَكَيْت فأُدْغِمَتِ الْوَاو فِي التَّاء، وشُدِّدَتْ، وأَصْلُ الْحَرفِ: وكَّأَ يُوَكِّىءُ تَوْكِئَةً.
ويقالُ: طَعَنَهُ فأَتْكَأَهُ إِذا أَلْقَاهُ على هَيئَةِ المُتّكىءِ.
وَقَالَ المُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئًا} (يُوسُف: 31) ، قَالُوا: طَعَاما، وقِيلَ للطعامِ مُتّكأً لأنَّ القومَ إِذا قَعَدُوا على الطعامِ اتكئوا.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمَّا أَنَا فآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ وَلَا آكُلُ مُتَّكِئاً) .
كَيْت: قَالَ اللَّيْث: كَانَ من الأمْرِ كَيْتَ وكَيْتَ وَهَذِه التاءُ فِي الأصْلِ: هاءٌ، مثل: ذَيْتَ وذَيْتَ، وأصلهما: كَيَّهْ وذَيَّهْ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: التَّكييِتُ: تَيْسِيرُ الجِهَازِ، يُقَالُ: كَيِّت جِهَازَكَ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كَيِّت جِهَازَكَ إمَّا كُنْتَ مُرْتَحِلاً
إِنِّي أَخَافُ على أَذْوَادِكَ السَّبْعَا
وَفِي (النَّوَادِر) : كَيَّتَ الوِعاءَ تَكييتاً وحَشَاهُ بِمَعْنى واحِدٍ.
وكت: قَالَ اللَّيْث: الوَكْتةُ: شِبْهُ النُّقْطَةِ فِي(10/182)
العَيْنِ، وعَيْنٌ مَوْكُوتَةٌ إِذا كَانَ فِي سَوَادِهَا نُقْطَةُ بَيَاضٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تكُونُ نُقْطَةً حَمْرَاءَ فِي البَيَاضِ، فإنْ غُفِلَ عَنْهَا صارتْ وَدْقَةً.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا بَدَأَ فِي الرُّطَبِ نُقَطٌ من الإرْطَابِ قِيلَ: قد وَكَّتَ، وَهِي بُسْرَةٌ مُوَكِّتَةٌ، فَإِذا أَتاهَا التَّوْكِيتُ من قِبَلِ ذَنَبِها فَهِيَ مُذَنِّبَةٌ.
وَقَالَ شمرٌ: الوَكْتُ فِي المَشْي هُوَ القَرْمَطَةُ، والشَّيْءُ اليَسِيرُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) وَكَتَ القَدَحَ ووَكَّتَهُ وزكَتَهُ، وزكَّتَهُ إِذا مَلأَهُ، وكلُّ نُقْطَة سَوَادٍ فِي بَيَاضٍ فَهِيَ: وَكْتَةٌ.
وتك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الأوْتَكى: السِّهْرِيزُ قَالَ: وَهُوَ القُطَيْعَاء.
(قلت) : والبَحْرَانِيُّونَ يُسَمُّونَه أَوْتَكى، وَقَالَ الشَّاعِر:
تُدِيمُ لَهُ فِي كلِّ يَوْمٍ إِذا شَتَا
ورَاحَ عِشَارُ الحَيّ مِنْ بَرْدِهَا صُعْرا
مُصَلِّبَةً مِنْ أَوْتَكى القَاعِ كلَّمَا
زَهَتْهَا النُّعَامَى خِلْتَ مِنْ لَيِّنٍ صَخْرا
وَإِذا بَلَغَ الرُّطَبُ اليُبْسَ فَذَلِك التَّصْلِيبُ. وَقد صَلَّبَ فَهُوَ مُصَلِّبٌ، وصَلَبَتْهُ الشَّمْسُ تَصْلِبُه فَهُوَ مَصْلوبٌ.
وَأَوْتَكى: مِيزَانه أَجْفَلَى.
(بَاب الْكَاف والظاء)
ك ظ (وَا يء)
وكظ، كظا: (مستعملان) .
(كظا) : (أَبُو عبيد عَن الْفراء) : خَظَا بَظَا كَظَا بِغَيْر هَمْزٍ يَعْنِي اكْتَنَزَ، وَمثله يَخْظُو ويَبْظُو ويكظو.
وَقَالَ اللحياني: خَظَا بَظَا كَظَا إِذا كَانَ صُلْباً مُكْتنِزاً.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: كَظَا: تَابِعٌ لخظَا.
وكظ: (أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : الواكِظُ: الدَّافِعُ، وَقد وكَظْتُهُ أكِظُه وَكْظاً. فَهُوَ مَوْكُوظٌ.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فلَان مُوَاكِظٌ على كَذَا، وواكِظٌ، ومواظب وَوَاظِبٌ ومُوَاكِبٌ، ووَاكِبٌ أَي مثابر.
ك ذ (وَا يء)
كَذَا، كوذ، ذكا: (مستعملة) .
كَذَا: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أكْذَى الشَّيْء إِذا احْمَرَّ، وأكْذَى الرَّجُلُ إِذا احمرّ لَوْنُه من خجلٍ أَو فزعٍ، ورأَيْتُه كاذِياً كذْياً أَي أَحْمَرَ، قَالَ: والكَاذِي والْجِرْيالُ: البَقَّمُ.
وَقَالَ غيرُه: الكَاذِيّ: ضرب من الأدهان مَعْرُوف.(10/183)
كوذ: قَالَ اللَّيْث: الكَاذَتَان منْ فَخِذَي الحِمَارِ فِي أَعْلاَهُما، وهُما فِي مَوْضع الكَيِّ، من جاعِرَتي الحمَارِ: لَحْمَتَانِ هُنَاكَ مُكْتنِزَتانِ بَين الفَخِذَيْنِ والوَرِكِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الكاذَتَانِ: لَحْمَتا الفَخِذَيْنِ من بَاطِنهما، الواحدةُ: كاذَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرَّبْلَةُ: لحمُ باطنِ الفَخِذِ، والكَاذةُ: لحمُ ظاهرِ الفَخِذِ، والحَاذُ: لحم باطنِ الفَخِذِ. وَأنْشد:
فاسْتَكْمَشَتْ وانتهزْتُ الحَاذَتَيْنِ معَا
وَقَالَ: هما أسْفَلَ الجاعِرَتَيْنِ.
وروى ابْن الْأَعرَابِي فِي الكاذَتَيْنِ نَحْواً مِمَّا قَالَ أَبُو الهَيْثَمِ، وَيُقَال للإزَارِ الَّذِي لَا يَبْلُغ إلاَّ الكَاذَةَ: مُكَوِّذٌ، وَقد كَوَّذَ تكويذاً.
وَقَالَ اللَّيْث: كَذا وكَذا، الكافُ فيهمَا: كَافُ التَّشْبِيه، وذَا: إشارةٌ، وتفسيرُه فِي بَاب الذَّال.
ذكا: قَالَ اللَّيْث: الذكِيُّ من قَوْلك: قَلْبٌ ذَكِيٌّ، وصَبِيٌّ ذَكِيٌّ إِذا كَانَ سَرِيعَ الفِطْنَةِ، والفِعْلُ: ذَكِيَ يَذْكَى ذَكَاءً، وَيُقَال: ذكَا يَذْكُو ذكاءً، وأَذْكَيْتُ الحربَ إِذا أَوْقَدْتَهَا، وَقَالَ الراجز:
إنّا إِذا مُذكي الحُرُوب أَرَّجَا
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (الْمَائِدَة: 3) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معناهُ إلاَّ مَا أَدْرَكْتُمْ ذكاتَه من هَذِه الَّتِي وصَفْنَا.
قَالَ: وكلُّ ذَبْحٍ: ذَكاةٌ، وَمعنى التَّذْكِية: أَنْ يُدْرِكَهَا وفيهَا بَقِيَّةٌ تَشْخُبُ مَعهَا الأوْدَاجُ، وتَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ المَذْبُوحِ الَّذِي أَدْرَكت ذَكَاتَه.
قَالَ. وأَهْلُ العلْم يقولونَ: إنْ أَخْرَجَ السَّبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَعَ الجَوْفَ قَطْعاً تَخْرُج مَعَه الحشوةُ فَلَا ذَكاةَ لذَلِك، وتأْوِيلُه أنْ يَصيرَ فِي حالةِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي حَيَاته الذَّبْحُ، قَالَ: وأَصْلُ الذكاةِ فِي اللُّغَة كلهَا: تَمَامُ الشّيءِ، فَمن ذَلِك: الذَّكَاةُ فِي السِّنِّ والفَهْمِ، وَهُوَ تَمَامُ السِّنِّ.
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: الذَّكَاةُ فِي السِّنِّ أَن يأتِيَ على قُرُوحِه سَنَةٌ، وَذَلِكَ تَمَامُ استِتْمَامِ القُوَّة قَالَ زُهَيْر:
يُفَضِّلُه إِذا اجْتَهَدُوا عَلَيْهِ
تَمَامُ السِّنِّ مِنْهُ والذَّكاءُ
وَمن أمثالهم: جَرْيُ المُذَكِّيَاتِ غِلاَبٌ.
أَي جَرْيُ المَسَانِّ القُرَّحِ من الخَيْلِ أَنْ تُغَالِبَ الجَرْيَ غِلاَباً، وتَأْوِيلُ تَمَامِ السِّنِّ: النِّهَايةُ فِي الشبابِ، فَإِذا نَقَصَ عَن ذَلِك أَو زَادَ فَلَا يُقَال لَهُ: الذكاءُ، والذّكاءُ فِي الفَهْمِ: أَنْ يكونَ فَهْماً تَامّاً سَرِيعَ القَبُولِ، وذَكَّيْتُ النَّارَ، وتَأوِيلُه أَتْمَمْتُ إشْعَالها، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (الْمَائِدَة: 3) ذَبْحُه على التَّمَامِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: ذُكَاءُ: اسْمٌ للشمسِ معرفَة لَا تَنْصَرِف وَهِي مُشْتَقّةٌ من ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو.(10/184)
وَيُقَال للصُّبْحِ: ابنُ ذكاءَ لأنَّه من ضَوْئِهَا، وَأنْشد:
فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلاَجِ الفَجْرِ
وابْنُ ذُكاءٍ كَامِنٌ فِي كَفْر
وَقَالَ ثَعْلَبَةُ بنُ صُعَيْرٍ:
فَتَذَكّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَمَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينَها فِي كَافِرِ
وَيُقَال: ذَكُوَ قَلْبُهُ يَذْكُو إِذا حَيَّ بعد بَلاَدَةٍ، فَهُوَ ذَكِيٌّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الذَّكْوَانُ: شجرٌ، الواحدةُ ذَكْوَانَةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : ذَكّيْتُ النّارَ تذكِيَةً إِذا رَفَعْتَها؛ واسمُ ذَلِك الشيءِ الَّذِي تُلْقِيهِ عَلَيْهَا من حَطَبٍ أَو بَعْرٍ: الذُّكْيَةُ.
ك ث (وَا يء)
كثأ، كوث، (كوثى) ، وكث: (مستعملة) .
وكث: قَالَ اللَّيْث: الوِكَاثُ: مَا يُسْتَعْجَلُ بِهِ للغَدَاءِ، تقولُ: اسْتَوْكَثْنَا أَي أَكَلْنَا شَيْئا نتَبَلّغُ بِهِ إِلَى وَقت الغَدَاءِ.
(قلت) : لم أسمعْ لغير اللَّيْث فِي الوِكاثِ شَيْئا، وأَرْجُو أَنْ يكونَ أَخَذَه عَن الثِّقَاتِ.
كثأ: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : كَثَأَ اللَّبَنُ وكَثَعَ إِذا خَثَرَ وَعَلاَهُ دَسَمُهُ وَهُوَ الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَثَأَتِ القِدْرُ إِذا أَزْبَدَتْ للغَلْيِ.
وَقَالَ الأمويّ: كَثَأَ النَّبْتُ والوَبَرُ فَهُوَ كاثىءٌ إِذا طَلَع.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الكَثَاةُ بِلَا هَمْزٍ، وكَثاً كثيرٌ، وَهُوَ الأيْهُقَانُ والنَّهَقُ، كُلُّه واحدٌ.
كوث: قَالَ النَّضْرُ: كَوَّثَ الزَّرْعُ تَكْوِيثاً إِذا صارَ أَرْبَعَ ورَقَاتٍ وخَمْسَ ورَقَاتٍ، وَهُوَ الكَوْثُ.
(قلت) : وأَرَى المَقْطُوعَ الَّذِي يُلْبَسُ القَدَمَ سُمِّيَ كَوْثاً تَشْبِيها بكَوْثِ الزَّرْعِ، وَيُقَال لَهُ: القَفْشُ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ.
وأَمَّا كُوثَى الَّتِي بالسَّوَادِ فَهِيَ قَرْيَةٌ.
حدثَنَا محمدُ بنُ إسحاقَ السَّعْدِيُّ عَن الرَّمَادِيِّ عَن عبد الرزاقِ عَن مَعْمَرٍ عَن أَيُّوبَ عَن محمدِ بنِ سِيرِينَ: قَالَ سَمِعت عُبَيْدَة يَقُول: سَمعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: من كَانَ سَائِلًا عَن نِسْبَتِنَا فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثى.
ورُوِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: سألَ رَجْلٌ عَلِيّاً: أَخْبِرنِي يَا أمِيرَ المُؤْمِنينَ عَن أَصْلِكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ فَقَالَ: نحنُ قَوْمٌ من كُوثَى.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: واخْتَلَفَ الناسُ فِي: نَحن من كُوثى. فَقَالَ قومٌ: أَرَادَ: كُوثى: السَّوَاد الَّتِي وُلِدَ بهَا إبراهيمُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَ عليّ بقوله كُوثى: مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّ محلَّةِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُقَال(10/185)
لَهَا: كُوثى، فَأَرَادَ عليّ أَنّا مَكِّيُّونَ أُمِّيُّونَ من أُمِّ القُرَى وَأنْشد:
لَعَنَ اللَّهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثى
ورمَاه بالفَقْرِ والإمْعَارِ
لَيْسَ كُوثَى العِرَاقِ أَعْني ولكنْ
كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ
(قلت) : والقَوْلُ: هُوَ الأوَّلُ، لقَوْل عليّ رَضِي الله عَنهُ: فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثَى، وَلَو أرادَ كُوثَى مكَّةَ لما قَالَ: نَبَطٌ، وكوثَى العِرَاقِ هِيَ سُرَّةُ السَّوَادِ، وأرادَ على أَنَّ أَبَانَا إبراهيمَ كانَ من نَبَطِ كُوثى وأنَّ نَسَبنَا إِلَيْهِ.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس: نَحْنُ مَعَاشِرَ قُرَيْش حَيٌّ من النَّبَطِ من أَهْل كُوثى.
(قلت) : وَهَذَا من عليَ وَابْن عَبَّاس رحمهمَا الله تَبَرُّؤٌ من الفَخْرِ بالأنْسَابِ ورَدْعٌ عَن الطَّعْنِ فِيهَا وتَحْقِيقٌ لقَوْل الله جلّ وعزّ: {لِتَعَارَفُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ} (الحجرات: 13) .
ك (وَا يء)
كري، كرا، كور، كير، ركا، (راك) ، ورك، وكر، أرك، أكر: (مستعملة) .
كرا: قَالَ اللَّيْث: كَرَوْتُ البِئرَ كرْواً إِذا طَوَيْتَها.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عمرٍ و، وَأَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيِّ: كَرَا الغُلاَمُ يَكْرُو كَرْواً إِذا لَعِبَ بالكُرَةِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: كَرَوْتُ بالكُرَةِ إِذا ضَرَبْتَ بهَا.
وَقَالَ المُسَيَّبُ بن عَلَسٍ:
مَرِحَتْ يَدَاهَا للنَّجَاءِ كَأَنَّمَا
تَكْرُو بكَفَّيْ لاَعِبٍ فِي صَاعِ
قَالَ: والصَّاعُ: المُطْمَئِنُّ من الأرْضِ كالْحُفْرَةِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَرْوَاءُ: المَرْأَةُ الدَّقِيقَةُ السَّاقَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرَا: الذَّكَرُ من الكَرَوَانِ.
وَيُقَال: الكَرَوَانَةُ، الْوَاحِدَة، والجَميعُ: الكِرْوَانُ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الكَرَوَانُ: طائرٌ، وجمعُه: كِرْوَانٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي (كتاب الطَّيْرِ) : الكَرَوَانُ: القَبْجُ، وجَمْعُه: كِرْوَانٌ، وَمن أَمثالهم: (أَطْرِقْ كَرَا إنَّ النَّعَامَ بالقُرَى) ، يُضرَبُ مثلا للرَّجُلِ يُخْدَعُ بِكَلَام يُلَطَّفُ لَهُ، ويُرَادُ بِهِ الغَائِلَةُ.
وأَخبرَني المنذِرِيُّ عَن أَبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُمِّيَ الكَرَوَانُ كَرَوَاناً بِضِدّهِ لِأَنَّهُ لَا ينامُ بِاللَّيْلِ.
وَقيل: الكَرَوَانُ: طائرٌ يُشبهُ البَطَّ.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: أَطْرِقْ كَرَا، رَخَّمَ الكَرَوَانَ وَهُوَ نَكِرَةٌ.(10/186)
كَمَا قَالَ بَعضهم: قُنْفُ، يُرِيدُ يَا قُنْفُذُ.
قَالَ: وإنَّما يُرَخَّمُ فِي الدُّعاءِ المعَارِفُ نَحْو مالكٍ وعامرٍ وَلَا تُرَخَّمُ النكرةُ نَحْو غُلَام، فرُخِّمَ كَرَوَانٌ وَهُوَ نكرَة، وجُعِلَ الواوُ ألِفاً فجَاء نادِراً.
كري: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَرَى النّهْرَ يَكْرِيهِ.
وَقَالَ غَيره: كَرَيْتُ النَّهْرَ كَرْياً: إِذا حَفَرْتَه.
وكَرِيَ يَكْرَى كَرًى إِذا نامَ، والكَرَى: النَّوْمُ.
(والكُرَةُ الَّتِي يُلعبُ بهَا أَصلها: كُرْوَةٌ فحُذِفَتِ الواوُ كَمَا قَالُوا: قُلَةٌ للَّتِي يُلْعبُ بهَا، والأصلُ: قُلْوَةٌ، وَجمع الكُرَةِ: كُرَاتٌ وكُرُونَ) .
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أكْرَيْنَا فِي الحَدِيث اللَّيْلةَ أَي أَطَلْنَاه.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : أَكْرَى الكَرِيُّ ظَهْرَه يُكْرِيهِ إكْرَاءً.
وَيُقَال: أَعْطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَهُ، حَكَاهَا أَبُو زيد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إِذا نَقَصَ، وأَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إِذا زادَ، وَهُوَ من الأضداد، وَقد أكْرَى زادُه إِذا نَقَصَ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
كَذِي زَادٍ مَتى مَا يُكْرِ منهُ
فَلَيْسَ وَراءَه ثِقَةٌ بزَادِ
وَقَالَ غَيره:
تُقَسِّمُ مَا فِيهَا فَإِن هِيَ قَسَّمَتْ
فَذَاك، وَإِن أكْرَت فَعَن أَهْلِها تكْرِي
أَراد إِن نَقَصَت فَعَن أَهلهَا تَنْقُصُ، يَعْنِي القِدْرَ. وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
وتَوَاهَقَتْ أَخْفَافُها طَبَقاً
والظِّلُّ لم يَفْضُلْ ولَمْ يُكْرِي
أَي وَلم يَنْقُصْ، وَذَلِكَ عندَ انتِصَافِ النَّهَار، وَقد أكْرَيْتُ أَي أخّرْتُ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة بَيت الحطيئة:
وأَكْرَيْتُ العَشَاءَ إِلَى سُهَيْلٍ
أَو الشِّعْرَى فطالَ بِي الأناءُ
وَقَالَ فقيهُ الْعَرَب: مَنْ سرَّهُ النَّسَاءُ وَلاَ نَساءُ، فَلْيُكْرِ العَشاءَ، ولْيُبَاكِرِ الغَدَاءَ، ولْيُخَفِّفِ الرِّدَاءَ، ولْيُقِلَّ غِشْيانَ النِّسَاءِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَكْرَى الرَّجُل: سَهِرَ فِي طاعةِ الله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُكَرِّي: السَّيْرُ اللَّينُ البَطِيءُ وَأنْشد:
مِنْهَا المكَرِّي وَمِنْهَا اللَّيِّنِ السّادِي
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هَذِه دَابّةٌ تُكَرِّي تكْرِيةً: إِذا كَانَ كأَنّه يَتَلَقّفُ بيَده إِذا مَشَى.(10/187)
قَالَ: والكَرِيُّ: الرجُلُ الَّذِي أكْرَيْته بعيركَ، ويكونُ الكَرِيُّ الَّذِي يُكْرِيكَ بَعيرَه، فأَنا كَرِيُّكَ، وأَنت كَريّي.
وَقَالَ الراجز:
كَرِيُّهُ مَا يُطْعِمُ الكَرِيَّا
بِاللَّيْلِ إلاَّ جِرْجِراً مَقْلِيّاً
والكَرِيُّ: نَبْتٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الكَرِيَّةُ: شجرةٌ تنْبُتُ فِي الرَّمْلِ فِي الخِصْبِ بنَجْدٍ ظَاهِرَة نِبْتَةَ الجَعْدَةِ. وَقَالَ العجاج:
حَتَّى غَدَا واقْتَادَهُ الكَرِيُّ
وشَرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَضْرِيُّ
وَهَذِه نُبُوتٌ غَضَّةٌ، وَقَوله: واقْتَاده أَي دَعَاهُ كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
... ... . يَدْعُو أَنْفَه الرّبَبُ
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : هُوَ الكِرَاءُ ممدودٌ لِأَنَّهُ مصدر كارَيْتُ، والدليلُ على ذَلِك قولُك: رجُلٌ مُكَارٍ (مفَاعِلٌ) ، وَهُوَ من ذَوَاتِ الواوِ لِأَنَّهُ يُقَال: أَعْطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَه.
وَيُقَال: اكْتَرَيْتُ مِنْهُ دابَّةً واستَكْرَيتُها فأكْرَانِيها إكْرَاءً.
وَيُقَال للأجْرَةِ نَفسهَا: كِرَاءٌ أَيْضا.
كور كير: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَتَعَوَّذُ مِن الْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ.
قَالَ أَبُو عبيد: الحَوْرُ: النُّقْصَانُ، والكَوْرُ: الزِّيَادَةُ، أُخِذَ من كَوْرِ العِمامة.
يَقُول: قد تغيَّرَتْ حالُه وانتقضت كَمَا يَنْتَقِضُ كوْرُ العِمامة بعدَ الشدِّ، وكلُّ هَذَا قريبٌ بعضُه من بعض.
وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: الكِيرُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ الحَدَّادُ، والكُورُ: كُورُ الحدَّاد الَّذِي توقَدُ فِيهِ النَّار.
وَيُقَال: هُوَ الزِّقُّ أَيضاً.
والكُورُ: الرَّحْلُ، والكُورُ: بِنَاءُ الزَّنَابِيرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْرُ: لَوْثُ العِمامِة وَهُوَ إدَارَتُهَا على الرَّأْسِ، وَقد كَوّرْتُها تكْويراً.
والْكِوَارَةُ: لَوْثٌ تلْتَاثُهُ المرأَةَ بِخِمَارِها وَهُوَ ضَرْبٌ من الْخِمْرَةِ وَقَالَ الشَّاعِر:
عَسْرَاءُ حِينَ تَرَدَّى مِن تَفَجُّسِهَا
وَفِي كِوَارَتِهَا من بَغْيِها مَيَل
والكِوارُ، والكِوَارَةُ: يُتَّخَذُ من قُضْبَانٍ ضَيِّقُ الرَّأْسِ للنَّحْل.
وَقَالَ النَّضْرُ: كلُّ دَارَةٍ من العِمامةِ: كَوْرٌ.
والكِوَارةُ: خِرْقةٌ تجعلها المرأَةُ على رَأْسِهَا.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زيد) : الكوْرُ: الإبِلُ الكثيرةُ الْعَظِيمَة.
وَقَالَ ابْن حبيب: كَوْرٌ: أَرْضٌ بالْيَمَامةِ.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للكَوْرِ وَهُوَ الرَّحْلُ: المَكْوَرُ إِذا فَتَحْتَ الميمَ خَفَّفْتَ الرّاءَ.
وَأنْشد:(10/188)
قِلاَص يَمَانٍ حَطَّ عَنْهُنَّ مَكْوَرَا
فَخَفَّفَ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي للحِمَّانيِّ:
كأَنَّ فِي الحَبْلَيْنِ مِنْ مُكوَرِّهِ
مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ لَضَرِّهِ
وقولُ الله: {بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى} أَي يُدْخِلُ هَذَا على هَذَا، وأَصْلُه من تَكْوِير العِمامةِ، وَهُوَ لَفُّهَا وجمعُها.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قولِ الله: {} (الزمر: 5) : أَي جُمِعَ ضوءُها ولُفَّ كَمَا تلَفُّ العِمامةَ.
يُقَال: كُرْتُ العِمامةَ عَلَى رأْسِي أَكُورُها كوْراً، وكَوَّرْتُها أكَوِّرُهَا إِذا لَفَفْتَهَا.
وَقَالَ الأخْفَشُ: تُلَفُّ فَتُمْحَى.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كُوِّرَتْ كَمَا تُكوَّرُ العِمامةُ.
وَقَالَ قَتَادةُ: كُوِّرَتْ: ذهب ضوءها، وَهُوَ قَول الفرّاء.
وَقَالَ عِكرِمَةُ: نُزِعَ ضَوْءُها.
وَقَالَ مُجَاهِد: كُوِّرَت: دُهْوِرَت.
وَقَالَ الرّبيعُ بن خَيْثَم: كُوِّرَتْ: رُمِيَ بهَا.
وَيُقَال: دَهْوَرْتُ الحَائِطَ إِذا طَرَحْتَه حَتَّى يَسقُطَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : طَعَنَهُ فكَوَّرَه وجَوّرَه إِذا صَرَعَه. قَالَ أَبُو كَبِير:
مُتَكوِّرِينَ عَلَى المَعَاري بَينهم
ضَرْبٌ كَتعْطَاطِ المَزَادِ الأَثْجَلِ
وَقَالَ اللَّيْث: سُمِّيَتِ الكارَةُ الَّتِي للقصَّار لِأَنَّهُ يجمع ثِيَابه فِي ثَوبٍ واحدٍ، يُكوِّرُ بَعْضهَا على بعض.
وَيُقَال: والاكتيارُ فِي الصِّرَاع: أَنْ يُصْرَعَ بعضُه على بعض.
والكُورَةُ: من كُوَرِ البُلْدَان.
والكِيرُ: كِيرُ الحَدَّادِ، وجمعُه: كِيرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمرٍ و: الكُورُ: مَوضِع النَّار الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ الحَدَّاد.
وكَوَّرَ المَتَاعَ: ألْقَى بعضَهُ على بعض.
وَيُقَال: جاءَ الفَرَسُ مُكْتاراً إِذا جاءَ مادّاً ذَنَبَهُ تحتَ عَجُزِه.
وَقَالَ الكُمَيتُ يصفُ ثَوراً:
كأَنَّهُ مُرْتَدٍ قُبْطِيَّةً لَهِقاً
بالأتحَمِيّةِ مُكْتَارٌ ومُنْتَقِبُ
قَالُوا: هُوَ من اكْتَارَ الرّجُلُ اكتِيَاراً إِذا تَعَمَّمَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اكْتَارت النّاقةُ اكتِيَاراً إِذا شالَتْ بذَنَبها بعد اللِّقَاحِ، واكْتَارَ الرّجلُ للرّجُلِ إِذا تَهَيَّأَ لِسبَابِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَكَرْتُ على الرَّجُلِ أُكِيرَ إِكَارَةً إِذا اسْتَذْلَلْتَه واسْتَضْعَفْتَه، وأَحَلْت عَلَيْهِ إحَالَة نحْوٌ مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِوَارَةُ، والمِكْوَرَةُ: العِمَامَةُ.(10/189)
أكر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الأُكَرُ: الحُفَرُ فِي الأرْضِ، واحدتُها: أُكْرَةٌ.
وَمِنْه قيل لِلْحَرَّاثِ: أَكَّارٌ قَالَ العجاج:
من سَهْلهِ ويَتَأَكَّرْنَ الأكَرْ
وَقَالَ الْفراء: يُقَال للَّذي يُلْعَبُ بِهِ: الكُرَةُ، وَلَا تَقُلْ: الأكْرَةُ، وَقَالَ غَيره: الأكْرَةُ: لُغَةٌ لَيْسَت بجيِّدة، وَقَالَ:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ:
الكِيَارُ: رَفْعُ الفَرَسِ ذَنَبَه فِي حُضْرِه، والكَيَّرُ: الفَرَسُ إِذا فَعَلَ ذَلِك.
وَقَالَ بُزْرُج: أَكَارَ عَلَيْهِ يَضْرِبُه، وهما يَتَكايَرَانِ.
ركا: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : رَكَاهُ: إِذا أَخَّرَه، ورَكَاهُ: إِذا جاوَبَ رَوْكه، وَهُوَ صَوْتُ الصَّدَى من الجَبَل والحَمَّام.
قَالَ: وَفِي الحَدِيث (يُغْفَرُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ لكُلِّ مُسْلِمْ إلاَّ للمُتَشَاحِنَيْنِ، أُرْكُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا) رواهُ بضَمِّ الألِفِ.
وروى مالكٌ عَن مُسْلِمِ بنِ أبي مَرْيمَ عَن أَبِي صالِحٍ السَّمّانِ عَن أبي هُرَيْرَة أَنّه قَالَ: (تُعرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كل جُمُعَةٍ مَرَّتَيْن، يَوْمَ الاثْنَين ويومَ الْخَمِيس فَيُغْفُر لكُلِّ عبَدٍ مُؤْمنٍ إلاَّ عَبداً كَانَت بَيْنَه وبَين أَخِيهِ شَحنَاءُ، فيُقَالُ أُرْكُوا هذَين حَتَّى يَفِيئا) . ومعنَى قَوْله: اُرْكُوا أَيْ أَخِّرُوا وَفِيه لُغَةٌ أُخْرَى.
أخبرِني المنذِرِيُّ عَن سلمةَ عَن الْفراء أَنَّه قَالَ: أَرْكَيْت عَلَيَّ دَيناً، وَرَكَوْته.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: رَكَوْتُ عَلَيَّ الأمرَ أَي ورَّكْتُه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: رَكَوْتُ الحَوْضَ أَي سَوَّيْتُه.
وروى أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرٍ و: المَرْكُوُّ: الحَوْضُ الكَبيرُ.
(قلت) : وَالَّذِي سَمِعْتُه من غيرِ واحدٍ من الْعَرَب فِي المَرْكوِّ أَنَّه الحَوْضُ الصَّغيرُ الَّذِي يُسَوِّيه الرّجُل بيَدَيْهِ على رَأْسِ البِئْرِ إِذا أَعْوَزَهُ إنَاءٌ يَسْقِي فِيهِ بعيره فيَصُبُّ فِيهِ دَلْواً أَو دَلْوَيْن من ماءٍ أَو قَدْرَ مَا يُرْوِي ظَهْرَهُ.
يُقَال للرَّجُلِ: أُرْكُ مَرْكُوّاً تَسْقَى فِيهِ بعيرك، وأَمّا الحوضُ الْكَبِير الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الماءُ للإبلِ الكثيرةِ فَلَا يُسَمَّى مَرْكُوّاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرْكَيْتُ لَبنِي فلانٍ جُنْداً أَي هَيَّأْتُه لَهُم، وأَرْكَيْتَ عَلَيَّ ذَنْباً لم أَجْنِهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عُبَيْدَةَ) : أَرْكَيْتُ فِي الْأَمر: تأخَّرْتُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرْكَيْتُ إِلَى فلانٍ اعْتَزَيْتُ إِلَيْهِ، وَأنْشد:
إِلَى أَيِّمَا الْحَيّينِ تُرْكَوْا فَأنتُمُ
ثِفَالُ الرَّحَى مِنْ تَحْتها لَا يَرِيمُهَا(10/190)
وأَمّا قَوْلُ الشَّاعِر:
فَأَمْرَكَ إلاَّ تَرْكُهُ مُتَفَاقِمُ
فَمَعْنَاه إلاَّ تُصْلِحُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكْوُ: أَنْ تَحْفِرَ حوضاً مستطيلاً وَهُوَ المَرْكُوُّ.
والرَّكِيَّةُ: بِئرٌ تُحْفَرُ، فَإِذا قُلْتَ الرَّكِيّ فقد جَمَعْتَ، وَإِذا قَصَدْتَ إِلَى جمع الرَّكِيّةِ قلت: الرَّكَايَا.
قَالَ وَيُقَال: أَرْكَى عَلَيْهِ كَذَا وكَذَا أَي ركَّهُ فِي عُنُقِه أَي جَعَلَه.
والرَّكْوَةُ: شِبْهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ، وجَمْعُها: الرِّكَاءُ.
وَقَالَ: ابْن الأعرابيّ: رَكْوَةُ المرأَةِ: فَلْهَمُهَا، وجمعُها: الرُّكَى.
وكر: قَالَ اللَّيْث: الوَكْرُ والوَكْرَةُ: موضعُ الطائرِ الَّذِي يبيضُ فِيهِ ويُفْرِخُ، وَهِي الْخُرُوقُ فِي الحيطانِ والشجرِ، وجمعُه: وكورٌ وأَوْكَارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الوَكْرُ والوَكْنُ: الْمَكَان الَّذِي يَدْخُل فِيهِ الطَّائِر، وَقد وَكَنَ يَكِنُ وَكناً.
قَالَ: وَوَكّرْتُ الإنَاءَ تَوْكِيراً إِذا ملأتَه.
وَقَالَ الليثُ: تَوَكَّرَ الطائرُ إِذا مَلأ حَوصْلَتَه، وَكَذَلِكَ: وَكّرَ فلانٌ بَطْنَه.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَكَرْتُ السِّقَاءَ أكِرُه وَكْراً إِذا ملأتَه.
وَقَالَ: وَقَالَ الأحْمَرُ: وَكَرْتُه، ووَرَكْتَه وَرْكاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الوَكِيرَةُ: الطعامُ الَّذِي يُصنعُ عِنْد البِناءِ، يَبْنِيهِ الرّجُلُ فِي دَارِه، وَقد وكّرْتُ توكيراً.
(سَلمَة عَن الْفراء) : الوَكِيرَةُ تَعْمَلُها المَرْأَةُ فِي الجِهَازِ، قَالَ: ورُبَّما سَمِعَتهم يَقولُونَ: التَّوْكِير فِي الدَّارِ.
(أَبُو عبيد) : هُوَ يَعْدُو الوكَرَى أَي يُسْرِعُ.
وَأنْشد غَيره لحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ:
إِذا المَحمَلُ الرِّبْعِيِّ عَارَضَ أُمَّه
عَدَت وَكَرَى حَتَّى تَحِنَّ الفراقِدُ
ورك: قَالَ اللَّيْث: الوَرِكَانِ: هما فَوْقَ الفخذْيْنِ، كالكتِفيْنِ فَوْقَ العَضُدَيْنِ.
والتَوْرِيكُ: تَوْرِيكُ الرّجُل ذَنْبَه غَيرَ كأَنَّهُ يُلْزِمُه إيَّاه، وفلانٌ ورَّكَ على دابّتِهِ وتَورّكَ عَلَيْهَا إِذا وضع وَرْكُه فنزَلَ، بجزم الرَّاءِ.
(الْأَصْمَعِي) : يُقَال مِنْهُ وَرَكْتُ أرِكُ، وَهَذِه نَعْلٌ مَوْرِكَةٌ، ومَوْرِكٌ إِذا كَانَت من الوَرِك.
ووَرَّكْتُ الجَبَلَ تَوْرِيكاً إِذا جاوَزْتَه.
(أَبُو عبيد عَنهُ) : وَفِي حَدِيث عُمَرَ أَنَّه كَانَ يَنْهَى أَنْ يُجْعَل فِي ورَاكٍ صَلِيبٌ، رواهُ شمر بإسْنَادٍ لَهُ، قَالَ شمرٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوِرَاكُ: رَقْمٌ يُعْلَى المَوْرِكَةَ، وَلها ذُؤَابةُ عُهُونٍ، وَقَالَ: المَوْرِكَةُ حَيْثُ يَتَوَرَّكُ الرَّاكِبُ على تِيكَ اليت كأَنَّها رِفَادَةٌ من(10/191)
أَدَمٍ، يُقَال لَهَا: مَوْرِكة ومَوْرِك.
وَجمع الوِرَاكِ: وُرُكٌ، وَأنْشد:
إلاَّ القُتُودَ على الأكْوارِ والوُرُكِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الوِرَاكُ: ثَوبٌ يُحَفُّ بِهِ الرَّحْلُ.
قَالَ: والميرَكَةُ: تكُونُ بَين يَدَي الرَّحْلِ يَضَعَ الرَّجُلُ رِجْلَه عَلَيْهَا إِذا أَعْيَا، وَهِي المَوْرِكةُ، وجَمْعُها: المَوَارِك، وَأنْشد:
إِذا حَرَّدَ الأكْتَافَ مَوْرُ المَوَارِكِ
قَالَ أَبُو زيد: الوِرَاكُ: الَّذِي يُلْبَسُ المَوْرِكَ.
وَيُقَال: هِيَ خِرْقَةٌ مُزَيَّنَةٌ صَغِيرَة تُغَطِّي المَوْرِكَةَ، وَيُقَال: وَرَكَ الرّجُلُ على المَوْرِكَةِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَا أَحْسَنَ رِكَتَهُ ووُرْكَهُ من التَّورُّكِ.
وَيُقَال: وَرَكْتُ على السَّرْجِ والرَّحْلِ وَرْكاً وَوَرَّكْتُ تَوْرِيكاً.
وثَنَى وَرْكَهُ فنَزَلَ بِجَزْمِ الرَّاءِ.
وَقَالَ غيرُه: وَرَّكَ فلانٌ ذَنْبَهُ على غَيره توريكاً إِذا أضافَهُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ إبراهيمُ النَّخَعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُسْتَخْلِفُ قَالَ: إنْ كَانَ مَظْلُوما فَوَرَّكَ إِلَى شيءٍ جَزَى عَنهُ التّوْرِيكُ، وَإِن كَانَ ظَالِما لم يَجْزِ عَنهُ التَّوْرِيكُ، وكأنَّ التَّوْرِيكَ، فِي اليَمِينِ نِيَّةٌ يَنْوِيها الخالفُ غير مَا نَوَاها مُسْتَحْلِفُه.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أنَّه كَانَ لَا يرَى بَأْسا أَن يَتَورك الرَّجُلُ على رِجْلِه اليُمْنَى فِي الأرضِ المُسْتَحيلةِ فِي الصَّلَاة.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: التَّوَرُّكُ على اليُمنَى: وَضْعُ الوَرِكَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ فِي حَدِيث إبراهيمَ: (أنَّه كَانَ يَكْرَهُ التَّوَرُّكَ فِي الصَّلاةِ) أَي وضعَ الألْيَتَيْنِ أَو إحداهُمَا على الأرضِ.
(قلت أَنا) : التَّوَرُّكُ فِي الصَّلاَةِ: ضربانِ، أحدُهُمَا سُنَّةٌ، والآخَرُ مكْرُوهٌ، فَأَما السُّنَّةُ فأَنْ يُنْحِّي المُصَلِّي رجْليهِ فِي التشَهُّدِ الْأَخير، ويلزقَ مَقْعَدَتَه بالأرْض كَمَا جَاءَ فِي الخَبَرِ.
وَأما التّوَرُّكَ المكْرُوهُ فأنْ يضعَ المصلّي يدَيْهِ على وَرِكَيْهِ فِي الصلاةِ قَائِما أَو قَاعِدا.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم، يُقَال: ثَنَى وَرِكهُ فنَزَلَ، وَلَا يجوزُ وَرْكهُ فِي ذَا المَعْنى، إِنَّمَا هُوَ مصدرُ وَرَكَ وَرْكاً، ويسمَّى ذَلِك الموضعُ من الرَّحْلِ المَوْرِكةَ، لأنَّ الرَّاكبَ يَثْنِي عَلَيْهِ رِجْلَه ثَنْياً كأنّه يَتَرَبّعُ ويضعُ رجلا على رجْلٍ، وَأما الوَرِكُ نَفسها فَلَا تُثْنَى، وَفِي الوَرِكِ: لغاتٌ، وَرِكٌ ووَرْكٌ ووِرْكٌ.
أرك: قَالَ اللَّيْث: الأرَاكُ: شجرٌ معروفٌ، وَهُوَ شجر السِّوَاكِ، والإبلُ الأوَارِكُ: الَّتِي اعَتَادَتْ أكلَ الأرَاكِ، والفعلُ: أرَكَتْ تَأْرُكُ أركاً، وإبلٌ أَوَارِكُ، وَقد أَرَكَتْ(10/192)
أُرُوكاً إِذا لزِمَتْ مكانَها فَلم تَبْرَحْ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) : الإبلُ الأوَارِكُ: المقِيماتُ فِي الحَمْضِ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ البعيرُ يأكلُ الأرَاكَ، قيل: آرِكٌ.
وَيُقَال: أَطْيَبُ الألْبَانِ: ألْبَانُ الأوَارِكِ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيّ) : أرَكَ فلانٌ بِالْمَكَانِ يَأْرُكُ إِذا أقامَ بِهِ.
قَالَ: وأَرِكَتِ الإبلُ أرَكاً إِذا اشْتَكَتْ من أَكلِ الأرَاكِ، وَهِي إبلٌ أَرَاكَى؛ وأرِكَةٌ، وَكَذَلِكَ: طَلاَحَى وطِلحةٌ وقَتَادة وقَتِدَةٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فِى ظِلَالٍ عَلَى} (يس: 56) .
قَالَ المفسِّرُونَ: الأرَائِكُ: السُّرُرُ فِي الحِجَالِ، واحدتُها: أرِيكةٌ.
وروى أَبُو ترابٍ للأصمعي: هُوَ آرَضُهُمْ أَنْ يفعلَ ذَاكَ، وآركُهُمُ أَنْ يفعلَهُ أَي أخَلَقُهُمْ.
قَالَ: وَلم يَبْلُغنِي ذَلِك عَن غَيره.
(شمر عَن ابْن شُمَيْل) : الأرَاكُ: شجرةٌ طويلةٌ خضراءُ ناعمةٌ كثيرةُ الوَرَقِ والأغصانِ خوّارَةُ العُودِ، تنبُتُ بالغوْرِ، يُتّخذُ مِنْهَا المَسَاويكُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : إِذا صَلَحَ الجرحُ وتماثلَ قيل: أَرَكَ يأْرُكُ أُرُوكاً.
وَقَالَ شمرٌ: يأْرِكُ: لُغَة.
ك ل (وَا يء)
كول، كيل، كلي، كلأ، كلاّ، أكل، أَلَك، لكأ، وكل، لكَي، (لوك: مستعملة) .
كول كيل: تَكَوَّلَ القومُ عَلَيْهِ تكَوُّلاً، وتثَوَّلُوا عَلَيْهِ تَثَوُّلاً إِذا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ يَضْرِبونَه، فَلَا يُقْلِعُونَ عَن ضربِه وشَتْمه، وهم قاهرونَ لَهُ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: انكَالُوا عَلَيْهِ، وانْثَالُوا بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْلاَنُ: نباتٌ ينْبُت فِي المَاء مثل البرْديّ يُشْبِهُ ورقهُ وساقهُ السعْدَ إِلَّا أَنَّه أغْلظُ وأعظمُ، وأصلُه مثل أَصْلِه، يُجْعلُ فِي الدَّواءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اكْوَألّ الرَّجُلُ، فَهُوَ مكْوِئلُّ إِذا قصُرَ، وَهُوَ الكَوَأْلَلُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ فِيهِ قصرٌ وغلظٌ من شِدَّةٍ قيل: رجُلٌ كَوَأْللٌ، وكُلْكُلٌ، وكُلاكِلٌ.
وَمن ذَوَاتِ اليَاءِ، قَالَ اللَّيْث: الكَيْلُ: كَيْلُ البُرِّ ونَحْوه، تَقول: كالَ يكِيلُ كيْلاً، وبُرٌّ مكِيلٌ، ويجوزُ فِي القياسِ: مكْيُولٌ، ولُغةُ بني أَسدٍ مكُولٌ ولغةٌ رَدِيَّةٌ: مُكَالٌ.
(قلتُ) : أَمَّا مُكَالٌ فَمن لُغةِ المُولَّدِين وَأما مَكُولٌ فمنْ لغةٍ رَدِيَّةٍ، واللغةُ الفصيحةُ: مَكِيلٌ ثمَّ يَليهَا فِي الجودَةِ: مكْيُولٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِكْيَالُ: مَا يكالُ بِهِ،(10/193)
حديداً كَانَ أَو خشباً، واكْتَلْتُ من فلانٍ، واكْتَلْتُ عَلَيْهِ.
وَمِنْه قَول الله: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ} (المطففين: 2) ، أَي: اكْتَالُوا مِنْهُم لأنفُسِهمْ، وكِلْتُ فلَانا طَعَاما، أَي: كِلْتُ لَهُ.
قَالَ الله: {يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (المطففين: 3) أَي كَالُوا لهمْ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: المِكْيَالُ: مكيالُ أَهْلِ المدينةِ، وَالْمِيزَان: ميزانُ أهل مكةَ.
قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: إنَّ هَذَا الحديثَ أصْلٌ لكلِّ شيءٍ من الكيْلِ والوَزْنِ، إنَّمَا يَأْتَمُّ الناسُ فيهمَا بِأَهْل مَكَّة، وَأهل المدينةِ، وَإِن تغيَّر ذَلِك فِي سَائِر الأمصارِ، ألاَ ترَى أَن أصلَ التَّمْر بِالْمَدِينَةِ: كَيْلٌ، وَهُوَ يُوزنُ فِي كثيرٍ من الأمصارِ، وأنَّ السمنَ عِنْدهم: وَزْنٌ، وَهُوَ كَيْلٌ فِي كثيرٍ من الأمصارِ، وَالَّذِي يعرفُ بِهِ أصْلُ الكَيْلِ والوزنِ أنَّ كلَّ مَا لَزِمَهُ اسمُ المَخْتُومِ والقَفِيز، والمكُّوك، والمُدِّ، والصَّاعِ فَهُوَ كَيْلٌ وكلّ مَا لَزِمَهُ اسمُ الأرْطَالِ، والأوَاقيّ والأمْنَاءِ فَهُوَ وَزْنٌ.
(قلت) : فالتَّمْرُ أَصْلُه الْكَيْل، فَلَا يجوزُ أَن يباعَ مِنْهُ رطلٌ برطل، وَلَا وزنٌ بوزنٍ، لأنَّه إِذا رُدَّ بعد الوزنِ أَن الكَيْلِ تفَاضَل وإنَّمَا يُباعُ كَيْلا بكَيْلٍ سَوَاء بسواءٍ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ أصلُه مَوْزُونا فإنَّه لَا يجوزُ أَن يباعَ مِنْهُ كَيْلٌ بكَيْلٍ، لأنَّه إِذا رُدَّ إِلَى الوزنِ لم يُؤْمَنْ فِيهِ التفاضلُ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا الحَدِيث لهَذَا الْمَعْنى، وَلِئَلَّا يتهافت النّاسُ فِي الرِّبَا المنهيّ عَنهُ.
وَفِي حَدِيث آخرَ: أَن رجُلاً أَتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقاتلُ العَدُوَّ، فَسَأَلَهُ سَيْفا يقاتلُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: فلَعَلّكَ إنْ أعْطَيْتُك أَن تقومَ بِهِ فِي الكَيُّولِ، فَقَالَ: لَا، فأَعطاهُ سَيْفا فجعلَ يقاتِلُ بِهِ وَهُوَ يَقُول:
إنّي امرؤٌ عاهَدَنِي خَلِيلِي
أَنْ لَا أَقُومَ الدّهرَ فِي الكَيُّولِ
أضْرِبْ بِسَيْفِ الله والرَّسُولِ
فَلم يزلْ يقاتلُ بِهِ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه فِي الكَيُّولِ: هُوَ مُؤَخَّرُ الصفوفِ، وَلم أسمَعْ هَذَا الحرفَ إِلَّا فِي الحَدِيث.
(قلت) : والكَيُّولُ فِي كَلَام الْعَرَب: فيْعُولٌ من كَالَ الزّنْدُ يكِيلُ كَيْلاً إِذا كبا وَلم يُخْرِجْ نَارا فشُبّهِ مُؤَخَّرُ صُفُوف الحربِ بِهِ، لِأَن مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يكَادُ يقاتلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرَسُ يكَايِلُ الفَرَسَ فِي الجري إِذا عارضَه وبَارَاه، كأَنَّهُ يكِيلُ لَهُ من جَرْيهِ مثل مَا يكِيلُ لَهُ الآخَرُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المُكايلَةُ: أَنْ يتَشَاتمَ رَجُلاَن فَيُربِي أحدُهَما على الآخرِ.(10/194)
قَالَ: والمُوَاكلَةُ: أَنْ يُهدِيَ المُدَانُ لِلْمُدينِ ليُؤخّرَ قضاءَهُ.
وَقَالَ غيرُه: كِلْتُ فلَانا بفُلاَنٍ أَي: قستُه بِهِ، وَإِذا أَرَدْتَ عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بِغَيْرِهِ؛ وكلِ الفَرَسَ بغيرِه أَي قسهُ بِهِ فِي الجري.
وَقَالَ الأخطل:
فَقَدَ كِلْتُمُوني بالسَّوَابِقِ قَبَلَها
فَبَرَّزتُ مِنْهَا ثَانِياً من عَنَانيَا
أَي سبقتها وبعضُ عناني مكفوف، وَقَالَ آخر فجعلَ الكَيلَ وزنا:
قارُورَةٌ ذاتُ مِسكٍ عندَ ذِي لَطَفٍ
من الدّنانِيرِ كالُوها بمثقَالِ
قَالَ يُقَال: كل هَذَا الدِّرْهَم أَي زِنْهُ، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي هَذَا الْبَيْت.
وَفِي (نوادِرِ الأعرابِ) : الأكَاوِلُ: نشُوزٌ من الأرضِ أشباهُ الجِبالِ، واحدُها: أكْوَل.
كلي: قَالَ اللَّيْث: الكُلْيَةُ للإنسانِ وكل حيوَان، وهما لَحْمتَانِ مُنتَبِرَتانِ حَمْرَاوَانَ لازقتَانِ بعَظْم الصُّلْبِ عِنْد الخاصِرَتينِ فِي كُظْرين من الشَّحمِ، وهما منبتُ بيتِ الزّرْع، هَكَذَا يُسمَّيَانِ فِي كتبِ الطِّبِّ، يرادُ بِهِ زَرْعُ الولَدِ.
وكُلْيَةُ المزَادةِ: رقعةٌ مستديرةٌ تُخْرزُ تَحت العُرْوَةِ على أديمِ المزَادةِ، وَجَمعهَا: الكُلَى، وَأنْشد:
كأنَّهُ منْ كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الكُلْوَةُ: لغةٌ فِي الكلْيَةِ، لأهل اليمنِ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يُقَال: كلَيْتُ فلَانا فَهُوَ مكلْيٌّ إِذا أَصبْتَ كُلْيَتُه.
قَالَ حُمَيْدٌ الأرْقَطُ:
مِنْ عَلَقِ المكْلِيِّ والمَوْتُونِ
وَإِذا أُصيبَ كِبدُه فَهُوَ مكْبُودٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الهيثمِ أَنه قَالَ: العربُ إِذا أَضافَتْ (كُلاَّ) إِلَى اثْنَيْنِ ليَّنَتْ لامَهَا، وجعلَتْ مَعهَا ألف التَّثنيةِ، ثمَّ سوتْ بَينهَا فِي الرفعِ والنصبِ والخفضِ فَجعلت إعرابها بِالْألف، وأضافتَها إِلَى اثْنَيْنِ، وأَخْبرَتْ عَن واحدٍ، فَقَالَت: كِلاَ أخَوَيْكَ كَانَ قَائِما، وَلم يَقُولُوا: كانَا قائِميْنِ، وكلا عمَّيْكَ كَانَ فَقِيهاً، وكلْتَا المَرْأتين كَانَت جميلَة، لَا يَقُولُونَ: كانَتَا جَمِيلَتَيْنِ.
قَالَ الله جلّ وَعز: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} (الْكَهْف: 33) وَلم يقل: آتتا.
وَتقول: مَرَرْت بِكلاَ الرَّجُلين، وَجَاءَنِي كِلاَ الرَّجُلَين، فيسْتَوِي فِي كلا إِذا أضفتها إِلَى ظاهرَيْنِ الرفعُ، والنصبُ، والخفضُ، فَإِذا كنَوْا عَن مَخْفوضِها أجرَوها بِمَا يُصيبُها من الْإِعْرَاب.
فَقَالُوا: أَخَوَاكَ مررتُ بكلَيْهِما، فجُعلوا نَصْبَها وخفضها بِالْيَاءِ.(10/195)
وَقَالُوا: أَخَوَايَ جاءاني كلاهُمَا جعلُوا رفعَ الْإِثْنَيْنِ بِالْألف.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي مَوضِع الرَّفعِ:
كِلاَ أَبَوَيكُمْ كانَ فَرْعاً دِعَامةً
يريدُ كل واحدٍ مِنْهُمَا كَانَ فرعا، وَكَذَلِكَ قَالَ لبيد:
فَعَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه
مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها
عَدَتْ يَعْنِي بقرة وحشيةً، وكلاَ الفَرْجين أَرَادَ كِلاَ فرجَيْها، فأقامَ الألفَ وَاللَّام مُقام الكِنايَة.
ثمَّ قَالَ: تحسب يَعْنِي الْبَقَرَة، أَنه وَلم يقل: أَنَّهُما مَوْلى المخافة أَي وليُّ مخافتِها، ثمَّ ترجمَ عَن قَوْله كِلاَ الفَرْجينِ فَقَالَ: خلفُها وأمامُها.
وَكَذَلِكَ تقولُ: كِلاَ الرَّجُلين قائمٌ، وكلتا المرأتينِ قائمةٌ.
وَأنْشد:
كِلاَ الرَّجُلَيْنِ أَفّاكٌ أثِيمُ
وَقد مر تفسيرُ (كلّ) فِي بَاب المضاعف، فكرهتُ إِعَادَته.
كلأ: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَانِ} (الْأَنْبِيَاء: 42) .
قَالَ الْفراء: هِيَ مَهْمُوزَة، وَلَو تَركْتَ هَمْز مثله فِي غير الْقُرْآن لقلتَ يَكْلُوكم بواوٍ سَاكِنة، ويكلاَكُم بِأَلف سَاكِنة، مثل يَخْشَاكُمْ، فَمن جعلهَا واواً سَاكِنة، وَقَالَ: كلاَتُ بِأَلف يتْرك النَّبرَة مِنْهَا، وَمن قَالَ: يَكَلاكُم قَالَ: كلَيْتُ مثل قَضَيْت، وَهِي من لُغَة قُرَيْش، وكلٌّ حسنٌ، إِلَّا أنَّهم يقولونَ فِي الْوَجْهَيْنِ: مكْلُوَّة ومكْلُوٌّ أكْثرَ مِمَّا يقولُونَ: مكْليٌّ.
وَلَو قيل: مكْليٌّ فِي الَّذين يقولُون: كلَيْتُ كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وسمعتُ بعض الْعَرَب ينشد:
مَا خَاصم الأقوامَ من ذِي خصومَةٍ
كَوَرْهَاءَ مَشْنِيَ إِلَيْهَا حَليلُها
فَبَنَى على شَنَيْت بتركِ النَّبْرةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلأكَ اللَّهُ كَلاءَةً أَي حفظِكَ وحَرَسكَ، وَالْمَفْعُول بِهِ: مكلوءٌ، وَأنْشد:
إنَّ سُلَيمَى، وَالله يكْلَؤُها
ضَنَّتْ بزادٍ مَا كَانَ يَرَزَؤُها
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه نهَى عَن الكالِىء بالكالىء) .
قَالَ أَبُو عبيدةَ: هُوَ النّسيئةُ بالنّسيئةِ.
وَيُقَال: تكلأَّتُ كلاءةً إِذا استَنْسأتَ نَسِيئَة، والنَّسِيئةُ: التّأخيرُ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وتفسيرُه أَن يسلم الرَّجُلُ إِلَى الرجل مِئةَ درهمٍ إِلَى سنةٍ فِي كُرِّ طعامٍ، فَإِذا انقضتِ السنةُ وحلَّ الطعامُ عَلَيْهِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطعامُ للدّافع: ليسَ(10/196)
عِنْدِي طعامٌ وَلَكِن بِعْني هَذَا الكُرَّ بمئتي دِرْهَم إِلَى شهرٍ، فَهَذِهِ نَسيئةٌ انْتَقَلت إِلَى نَسِيئَة، وكلُّ مَا أشبهَ هَذَا هَكَذَا، وَلَو قبضَ الطعامَ مِنْهُ ثمَّ بَاعه مِنْهُ أَو من غَيره بنسيئة لم يكن كالِئاً بكالىء.
وَقَالَ أَبُو زيد: كلَّأْتُ فِي الطعامِ تكلِيئاً، وأكلأْتُ فِيهِ إكلاءً إِذا سلَّفْتَ فِيهِ، وَمَا أعطيتَ فِي الطَّعَام من الدَّرَاهِم، نَسِيئَة، فَهِيَ الكُلأةُ.
قَالَ وَيُقَال: كلأَ القومُ سفِينتَهُم تكليئاً إِذا مَا حبسوها.
ويقالُ: بَلَغَ الله بكَ أَكْلأ العُمُرِ، يَعْنِي آخِرَه وأَبْعدَه.
وَقَالَ غيرُه: الكَلاَّء والمُكَلَّأُ، والأوَّلُ ممْدُودٌ، وَالثَّانِي مَهْمُوز مَقْصورٌ: مكانٌ يُرْفأُ فِيهِ السُّفُنُ، وَهُوَ ساحلُ كلِّ نَهْرٍ، وَجَاء فِي بعض الأخْبَارِ (مَن عَرَّضَ عرَّضْنَا لَهُ. ومَنْ مشَى على الكَلاَّءِ ألْقَيْناهُ فِي البَحْرِ) ومَعْنَاهُ أنَّ مَنْ عرَّض بالقَذْفِ، وَلم يُصَرّحُ عُرِّضَ لَهُ بضرْبٍ خَفِيف تأْديباً، وَلم يُضْرَبِ الحدَّ كَامِلا، ومَنْ صَرَّحَ بالقَذْفِ ألقيناه فِي نَهَرِ الحَدِّ فحدَدْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الكَلاَّءَ: مَرْفأُ السُّفُنِ عِنْد السّاحِلِ فِي الماءِ، ويُثَنَّى الكَلاَّءُ فيقالُ: كَلاّءانِ، ويُجْمَعُ فَيُقَال: كَلاّءونَ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
, تَرَى بكَلاَّوَيْهِ مِنْهُ عَسْكَرَا
قَوْماً يدُقُّون الصَّفَا المكَسَّرَا
وصَفَ الهَنِىءَ والمَرِىءَ، وهما نهرانِ حفرهُما هِشَام بن عبد الْملك يَقُول: ترى بكَلاَّوَيْ هَذَا النهْرِ من الحَفرَةِ قَوْماً يَحْفِرُون ويدُقونَ حِجَارةً موضعَ الحَفْرِ مِنْهُ ويُكَسّرُونَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: اكْتَلأتُ مِنَ الرَّجُلِ اكْتِلاَءً إِذا مَا احْتَرَسْتَ مِنْهُ.
وَيُقَال اكتلأَتْ عَيْنِي اكتِلاءً إِذا حَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ لَهُ وَلم تَنَمْ.
وقَالَ غيرُه: كَلأتُه مِئةَ سَوْطٍ كَلأً إِذا ضَرَبْتَه.
ويُقَالُ: كَلأتُ إِلَيْهِ تكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ.
وأنْشد الْفراء فِي لُغَة مَنْ لَا يَهْمِزُ:
فَمَنْ يُحْسِنْ إليْهِمْ لَا يُكلِّي
إِلَى جازٍ بذَاكَ وَلَا شَكُورِ
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
فإنْ تبدَّلْتَ أَو كلَّأتَ فِي رجُلٍ
فَلَا يغُرَّنْكَ ذُو ألْفَينِ مغمورُ
قَالُوا أرادَ بذِي ألْفَينِ: من لَهُ ألْفان من المالِ.
أخبرنَي المُنْذِريُّ عَن الحَرَّانِيِّ عَن ابْن السّكيت أَنّه قَالَ: الكَلاّءُ: مُجْتَمَعُ السُّفُنِ، وَمن هَذَا سُمِّي كلاءُ البَصْرَةِ كلاّءً لاجْتِماع سُفُنِه.(10/197)
قَالَ: والتَّكْلِئةٌ: التَّقَدُّمُ إِلَى المكانِ، والوقوفُ بِهِ، وَمن هَذَا يُقَال كلّأتُ إِلَى فلانٍ فِي الأمْرِ أَي تقدّمْتُ إِلَيْهِ.
وَيُقَال: كلّأتُ فِي أَمْرِكَ تكلِيئاً أَي تأمَّلْتُ ونَظَرْتُ فِيهِ، وكلّأتُ فِي فلانٍ أَي نَظَرْتُ إِلَيْهِ متأمِّلاً فأعْجَبَنِي.
وَيُقَال: عَينٌ كَلُوءٌ إِذا كَانَت ساهرةً، ورجُلٌ كَلُوءُ العَينِ، وَقَالَ الأخطل:
ومَهْمَهٍ مُقْفِرِ تُخْشَى غَوَائِلُه
قطعْتُهُ بكلُوءِ العَيْنِ مِسْفَارِ
والكَلأُ مَهْمُوزٌ: مَا يُرْعَى، وأَرضٌ مُكْلِئَةٌ، وَقد أَكْلأت إكْلاءً.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبيدةَ) : كَلأَتِ النَّاقَةُ وأَكْلأَت إذَا أَكَلَتِ الْكلأ.
وَقَالَ أَبُو نَصرٍ: كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكلِيَةً، وَهُوَ أَن يَأْتِيَ مَكَانا فِيهِ مُستَتَرٌ، جَاءَ بِهِ غيرَ مهموزٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَلأُ: العشْبُ رطَبُه ويَبْسُهُ، قَالَ: وأَرْضٌ مُكْلِئةٌ ومِكْلاءٌ: كثِيرَةُ الْكلأ، والكَلأُ: اسْمٌ لجماعةٍ لَا يُفْرَدُ.
(قلت) : الْكلأ: اسْمٌ واحدٌ يدخُلُ فِيهِ النَّصِيُّ والصِّلِّيان، والحَلَمةُ والشِّيحُ والعَرْفجُ، وضُرُوبُ العُرَا كلُّها دَاخِلةٌ فِي الْكلأ، وَكَذَلِكَ: العُشْبُ والبَقْلُ، وكُلُّ مَا يرعاهُ المَال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كلأتُ الرَّجُلَ كلْأً، وسَلأْتُه سَلأً بالسّوطِ.
وَقَالَ النَّضْرُ: أرضٌ مُكْلِئةٌ وَهِي الَّتِي قد شبعَ إبلُهَا، وَمَا لم تَشْبَعِ الإبلُ لم يَعُدُّوهُ إعْشَاباً وَلَا إكْلاءً وإنْ شَبِعَتِ الغَنَمُ، والمُكِلئةُ والكَلِئةُ: واحدٌ.
قَالَ: والكَلأُ: البَقْلُ والشجرُ.
(تَفْسِير كلاَّ)
(كلاَّ) : سَلمَة عَن الْفراء. قَالَ: قَالَ الْكسَائي: (لَا) تَنْفِي حَسْبُ و (كَلاَّ) تَنْفِي شَيْئا وتُوجِبُ غَيْرَه، من ذَلِك قَوْلك لرَجُلٍ قَالَ لَك: أَكلْتَ شَيْئاً فقلتَ أَنْتَ: لَا، وَيَقُول الآخَرُ: أكَلْتُ تَمْراً، فَتَقول أَنْتَ: كلاَّ، أَرَدْتَ أَنَّكَ أكَلْتَ عَسَلاً لَا تَمْراً، قَالَ: وتَأْتِي كلاَّ بمعنَى قَوْلهم: حَقّاً.
ورواهُ أَبُو عُمَرَ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة.
وَقَالَ ابْن الأنْبَارِيِّ فِي تَفْسِير كلاَّ: هِيَ عِنْد الْفراء تكونُ صِلَةً لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا، وتكونُ حرْفَ ردَ بمنْزِلة نَعَمْ وَلَا فِي الاكتِفَاءِ، فَإِذا جَعلتهَا صِلَةً لِمَا بعدَها لم تَقِفْ عَلَيْهَا، كَقَوْلِك: كلاَّ وربِّ الكعبةِ، لَا تَقَفُ على كلاَّ لأنَّها بِمَنْزِلَة إِي وَالله، قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ} (المدثر: 22) الوَقْفُ على كلا قبيحٌ، لِأَنَّهَا صِلةٌ لليَمِينِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَخْفَش: معنى كلاَّ: الرَّدْعُ والزّجْرُ.
(قلت) : وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل، وَإِلَيْهِ ذهب الزّجاجُ فِي جَمِيع القُرْآنِ.(10/198)
وَقَالَ ابْن الأنْبَاريِّ: قَالَ المفسِّرُونَ: معنى كلاَّ: حقّاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَاتِم: جَاءَت كلاَّ فِي القرآنِ على وجهَيْن، فَهِيَ فِي موضعٍ بِمَعْنى لَا، وَهُوَ رَدٌّ للأوَّلِ كَمَا قَالَ العجاج:
قَدْ طَلَبَتْ شَيْبانُ أَنْ يُصَاكِمُوا
كَلاّ ولمَّا تَصْطَفِقْ مَآتِمُ
قَالَ: وتَجيءُ كلا بِمَعْنى أَلاَ الَّتِي للتّنْبِيه كَقَوْلِه: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} (هود: 5) وَهِي زائدةٌ، لَوْ لمْ تَأْتِ كَانَ الكلامُ تامّاً مفهوماً، قَالَ وَمِنْه المَثَلُ: (كلاَّ زَعمْتَ العِيَرُ لَا تُقَاتَل) وَقَالَ الْأَعْشَى:
كلا زَعمْتُمْ بِأنَّا لَا نُقَاتِلُكُمْ
إنَّا لأمْثَالِكُمْ يَا قَوْمَنَا قُتُلُ
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا غلطٌ، معنى كلاَّ فِي المَثَلِ والبَيْتِ: لَا، لَيْسَ الأمْرُ على مَا يقولونَ، قَالَ: وَسمعت أَبَا الْعَبَّاس، يَقُول: لَا يُوقَفُ على كلاَّ فِي جَمِيع القُرَآن، لِأَنَّهَا جوابٌ، والفائدة تَقَعُ فِيمَا بَعْدَهَا، قَالَ: واحْتَجَّ السِّجِسْتَانيُّ فِي أَنّ كلاَّ بِمَعْنى ألاَ بقوله جلَّ وعزَّ: {يَعْلَمْ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} (العلق: 6) قَالَ: فمعناهُ: ألاَ، قَالَ أَبُو بكر: ويجوزُ أنْ يكون بِمَعْنى حقّاً إنّ الْإِنْسَان ليطْغى، ويجوزُ أنْ يكونَ رَدّاً كَأَنَّهُ قَالَ: لَا، لَيْسَ الأمْرُ على مَا تظُنُّونَ.
وروى ابْن شُمَيْل عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ: كلُّ شَيْء فِي الْقُرْآن كلاّ: رَدٌّ يَرُدُّ شَيْئا، ويُثْبِتُ آخر.
قَالَ أَبُو زيد: وسمعتُ العربَ تَقول: كلاَّكَ وَالله، وبلاك وَالله بِمَعْنى كلاَّ وَالله، وبَلَى وَالله.
(قلت) : وَالْكَاف لَا مَوضِع لَهَا.
أكل: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : أكلْتُ أُكْلَةً أَي لُقْمَةً، وأكلْتُ أَكْلَةً إِذا أكلَ حَتَّى يَشْبَعَ، وَإنَّهُ لذُو أُكلة للنَّاس وإكلةٍ إِذا كَانَ ذَا غِيبة يَغْتَابُهُمْ.
وَفِي أَسْنَانِه أَكَلٌ أَي أَنّها مُؤْتكِلةٌ.
وإنّه لعظيمُ الأكْلِ فِي الدُّنْيَا أَي عَظِيم الرزْقِ، وَمِنْه قيل للمَيِّتِ: انقطعَ أُكْلُهُ.
ورجُلٌ ذُو أُكْلٍ إِذا كَانَ ذَا رأْيٍ وعَقْلٍ.
وتَوْبٌ ذُو أُكْلٍ إِذا كَانَ صفِيقاً، قَوِيّاً.
وَقَالَ أعرابيٌّ: أُريدُ ثَوْباً لَهُ أكْلٌ أَي نفْسٌ وقُوَّةٌ.
(الْأَصْمَعِي وَالْكسَائِيّ) : وجَدْتُ فِي جَسَدِي أُكَالاً أَي حِكّةً.
وَقَالَ غيرُه: أكَلَتِ النَّارُ الحَطَبَ، وآكَلْتُها إيّاه أَي أَطْعَمْتُها، وَكَذَلِكَ: كلُّ شَيْء أَطْعَمْتَه شَيْئا.
وَيُقَال: آكَلْتُ الرَّجُلَ، وواكلتُه فَهُوَ أكِيلِي، والهمزةُ فِي آكَلْتُ: أكْثَرُ وأَجْوَدُ.
قَالَ: وواكَلَتِ الدابَّةُ وِكَالاً إِذا أساءتِ(10/199)
السَّيْرَ، وَمَا ذُقْتُ أَكَالاً أَي مَا يُؤْكلُ.
وَيُقَال: أَكِلَتِ الناقةُ تأكَلُ أكَلاً إِذا نَبَتَ وَبَرُ جَنِينِهَا فِي بَطْنِها فوجَدَتْ لذَلِك حِكَّةً وأَذىً.
وسمعتُ بعضَ العَرَبِ يَقُول: جِلْدِي يأْكُلُنِي إِذا وَجَدَ حِكَّةً، وَلَا يقُولُ: جِلْدِي يَحُكُّنِي.
وَقَالَ أَبُو نصرٍ فِي قَول الأعْشَى:
أَبَا ثُبَيْتٍ أَمَا تَنْفَكُّ تَأْتَكِلُ
قَالَ: مَعْنَاهُ أَمَا تَرَاكَ تَأْكُلُ لحُومنَا وتَغْتَابُنَا، وَهُوَ تَفْتَعِلُ من الأكْلِ.
ورَجلٌ أَكُولٌ أَي كثيرُ الأكْلِ.
وفلانٌ أَكِيلِي، وَهُوَ الَّذِي يأْكُلُ مَعَكَ.
وَيُقَال لما أُكِلَ: مأْكولٌ وأَكِيلٌ.
وتَأَكَّلَ السّيفُ تأكُّلاً إِذا مَا تَوَهَّجَ من الحِدَّةِ.
وَقَالَ أوسُ بن حجرٍ:
وأبْيَضَ صُوليّاً كأَنَّ غِرَارَهْ
تَلألُؤُ بَرْقٍ فِي حَبِيَ تأكَّلا
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَيَضْرِبَنَّ أحَدُكم أخاهُ بمِثْلِ آكِلَةِ اللّحْمِ ثمَّ يَرَى أَنَّي لَا أُقِيدُه، وَالله لأُقِيدَنَّهُ مِنْهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الْحجَّاج: أَرَادَ بِآكِلَةِ اللّحْمِ عَصاً مُحَدَّدةً.
قَالَ: وَقَالَ الأمَوِيُّ: الأصلُ فِي هَذَا أَنَّهَا السِّكِّينُ، وَإِنَّمَا شُبِّهَتِ الْعَصَا المحدَّدة بهَا.
وَقَالَ شمر: قِيلَ فِي آكِلَةِ اللّحم: إِنَّهَا السِّيَاطُ، شَبَّهَهَا بالنَّار لأنَّ آثارَها كآثارِها.
وَيُقَال: أكلَتْهُ العَقْرَبُ، وأكلَ فلانٌ عُمْرهُ إِذا أَفْنَاهُ، والنّارُ تأكلُ الحَطَبَ.
وَفِي حديثٍ آخرَ لعمرَ أَنه قَالَ لِسَاعٍ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً: (دَعِ الرُّبَّى والمَاخِضَ والأَكُولَةَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأكُولَةُ الَّتِي تُسَمَّنُ للأكْلِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ غَيره: أَكُولَةُ غَنَمِ الرَّجُلِ: الْخَصِيُّ والهَرِمَةُ والعَاقِرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أكُولَةُ الحيِّ: الَّتِي يَجْلُبُونَ لِلْبَيْع يَأْكُلُون ثَمَنها: التَّيْسُ والجَزْرَةُ، والكَبْشُ العظيمُ الَّتِي لَيست بِقُنْوَةٍ، والْهَرِمَةُ والشارِفُ الَّتِي لَيست من جَوَارِح المَالِ.
قَالَ: وَقد تكُونُ أكُولَةُ الحَيِّ أَكِيلَةً، فِيمَا زعم يُونُس فَيُقَال: هَلْ فِي غَنَمِكَ أكُولةٌ؟ فَيُقَال: لَا إِلاَّ شَاةٌ واحدةٌ.
يقالُ هَذَا من الأكُولة، وَلَا يُقَال للواحدة هَذِه أكولة.
وَيُقَال: مَا عِنْدَهُ مِئَةُ أكَائِلَ، وعندَه مِئَةُ أكولة.
وَقَالَ الفرّاء: هِيَ أكولةُ الرّاعِي، وأكِيلةُ السَّبُعِ.
قَالَ: وأَكِيلَةُ السَّبُعِ: الَّتِي يأكلُ مِنْهَا، وتُسْتَنْقَذُ مِنْهُ.(10/200)
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ أَكِيلَةُ الذِّئْبِ، وَهِي فَرِيستُه.
قَالَ: والأكُولةُ من الغَنَم خَاصَّة وَهِي الواحدةُ إِلَى مَا بَلَغَتْ وَهِي القَواصِي، وَهِي العاقرُ، والهَرِمُ والْخَصِيُّ من الذِّكَارَةِ، صغَاراً أَو كِبَاراً، وجمعُها: الأكَائِلُ.
(اللحياني) : إِنَّهُ لَيَجِدُ أَكِلَةً، عَلَى فَعِلَةٍ، وأَكْلَةً، وأُكَالاً أَي حِكَّةً.
قَالَ: وَيُقَال: كَثُرَتِ الآكِلَةُ فِي أرضِ بني فلانٍ، أَي كثُرَ مَن يَرْعَى، وناقةٌ أكِلةٌ على فَعِلَةٍ إِذا وَجَدَتْ أَلَماً فِي بطْنِهَا من نَبَاتِ وَبَرِ جَنِينِها.
والإكْلَةُ: الحالُ الَّتِي يأكلُ عَلَيْهَا مُتَّكئاً أَو قاعِداً.
والتأكُّلُ: شِدَّةُ بَرِيقِ الكُحْلِ إِذا كُسِرَ، والفِضَّةِ أَو الصَّبرِ.
وَيُقَال: فلانةُ أكِيلَتي للمرأةِ الَّتِي تُؤَاكِلُكَ.
وإنَّهُ لَعَظِيمُ الأكْلِ من الدُّنْيَا أَيْ عظيمُ الرِّزْقِ.
والأكْلُ: الطُّعْمَةُ: يُقَال: جَعَلْتُه لَهُ أُكْلاً أَي طُعْمَةً.
وَيُقَال: مَا هُمْ إِلَّا أَكَلَةُ رَأْسٍ أَي قليلٌ، قَدْرُ مَا يُشْبِعُهم رَأْسٌ.
والأكولةُ: الشَّاةُ تُنْصَبُ للأسَد أَو الذِّئْب أَو الضّبُع يُصَادُ بهَا.
وَأما الَّتِي يَفْرِسُها الأسدُ فَهِيَ أَكِيلةٌ.
وَيُقَال: أكَّلْتَنِي مَا لمْ آكُلْ، وآكلْتَنِي مَا لمْ آكُلْ.
وَيُقَال: أَلَيْسَ قَبِيحاً أَنْ تُؤَكِّلَنِي مَا لمْ آكُلْ؟
وَيُقَال: قد أَكَّلَ فلانٌ غَنمِي وشَرَّبَها.
ويقالُ: ظَلّ مالِي يُؤَكَّلُ ويُشَرَّبُ.
ورَجُلٌ أُكَلَةٌ: كثيرُ الْأكل.
وَيُقَال: أُكُلُ بُسْتَانِكَ دائمٌ، وأُكُلْهُ: ثَمَرُه.
وَيُقَال: شاةٌ مَأْكلَةٌ، ومَأكُلَةٌ.
والمِئْكَلَةُ: ضَرْبٌ من البِرَامِ، وضَرْبٌ من الأقْدَاحِ، وكلُّ مَا أُكِلَ فِيهِ فَهُوَ المِئكَلَة، والجميعُ: المآكِلُ.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: الْحَمد لله الَّذِي أَغنانا بالرِّسْلِ عَن الْمَأكَلَةِ.
قَالَ: وَهِي المِيرَةُ، وَإِنَّمَا يَمْتَارُونَ فِي الجَدْبِ.
وَقَالَ الليثُ: الآكالُ: جماعةُ الآكِلِ. والأكْلُ: مَا جَعَلَهُ الملُوكُ مأكَلَةً، والأكْلُ: الرِّعْيُ أَيْضا.
قَالَ: وأَكُولَةُ الرّاعي الَّتِي يُكْرَهُ للمُصَدِّقِ أَنْ يأخذَها، هِيَ الَّتِي يُسَمِّنُها الرّاعِي.
والْمَأكلَةُ: مَا جُعِلَ للْإنْسَان لَا يحاسَبُ عَلَيْهِ.
قَالَ: والنارُ إِذا اشتَدّ التِهابُها كأَنَّها تأكلُ(10/201)
بعضَها. يُقَال: ائْتَكَلَتِ النَّارُ، والرَّجُلُ إِذا اشْتَدَّ غضبُهُ يأتَكِلُ، واحتَجَّ بقول الأعْشَى. والرجُلُ يَسْتَأكِلُ قوما أَي يأكلُ أَمْوالهم من الإسْنَاتِ.
والْمُؤْكِلُ: الْمُطْعِمُ، وَفِي الحَدِيث: (لُعِنَ آكِلُ الرِّبَا ومُؤْكِلُهُ) .
والآكالُ: مَآكِلُ المُلوكِ.
(أَبُو سَعِيدٍ) : رجُلٌ مُوكَلٌ أَي مرزوقٌ، وأنشدَ:
مُنْهَرِتِ الأشْدَاقِ عَضْبٍ مُؤْكَلِ
فِي الآهِلِينَ واخْتِرَامِ السُّبَّلِ
آكَلْتُ بينَ القومِ أَي حرَّشْتُ وأَفْسَدْتُ.
وأكلَ فلانٌ عُمْرَهُ إِذا أَفْنَاهُ، وَقَالَ الجعديُّ:
سَأَلَتْنِي عَن أُنَاسٍ هَلَكُوا
شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِم وأَكَلْ
قَالَ أَبُو عمرٍ وَيَقُول: مَرَّ عَلَيْهِم، وَهُوَ مَثَلٌ.
وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ شَرِبَ النّاسُ بعدَهمُ وأكَلُوا.
أَلَك: قَالَ اللَّيْث الألُوكُ: الرِّسالةُ، وَهِي المأْلُكَةُ، على مَفْعُلَةٍ سُمِّيَتْ ألُوكاً لأنّه يُؤْلَكَ فِي الفَمِ، مُشْتَقٌّ من قولِ الْعَرَب: الفرسُ يألُكّ اللِّجَامَ، والمعروفُ: يَلُوكُ أَو يَعْلُكُ أَي يَمْضَغُ.
وَقَالَ غيرُه: جاءَ فلانٌ وَقد اسْتَالَكَ مالُكَتَه أَي حَمَلَ رسالَتَه.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : هِيَ المأْلُكَةُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت مِثْلَه، قَالَ: والمَلأكَةُ على القَلْبِ.
والمَلاَئِكَةُ: جَمْعُ مَلأَكَةٍ ومَلأَكٍ، ثُمّ تُرِكَ الهَمْزُ، فقيلَ: مَلَك فِي الوُحْدَانِ، وأَصْلُه مَلأَكٌ كَمَا ترى، وَأنْشد:
فَلَسْتَ لإنْسِيَ ولكِنْ لِمَلأكٍ
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ
لكَي: (أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرٍ و) : لَكِيَ بِهِ لكًى، مَقْصُوراً إِذا لَزِمَهُ.
وَقَالَ شمرٌ: لَكِيَ بِهِ إِذا أُولِعَ بِهِ.
وَقَالَ رؤبةُ:
والمِلْغُ يَلْكَى بالكلامِ الأمْلَغِ
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : لَكِئْتُ بِهِ: لَزِمْتُه، جَاءَ بِهِ مهموزاً.
لكأ: وَقَالَ اللَّيْث: لكَأْتُهُ بالسَّوْطِ لكْأً إِذا ضربْتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: تلَكَّأتُ عَلَيْهِ تلكُّؤاً إِذا اعْتَلَلْت عَلَيْهِ وامْتَنعت.
وكل: قَالَ ابْن الأنباريّ فِي قَوْلهم: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمرَان: 173) يَقُول كافِينَا الله وَنعم الكافِي، كَقَوْلِك: رَازِقُنا اللَّهُ ونِعْمَ الرَّازِقُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْل الله {أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً} (الْإِسْرَاء: 2) .(10/202)
قَالَ، يُقَال: ربّاً، وَيُقَال: كافِياً.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وقيلَ: الوكِيلُ: الحافِظُ، وقيلَ: الوَكيلُ: الكَفيلُ، فَنِعْمَ الكفيلُ اللَّهُ بأرْزَاقِنا.
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ: الوكيلُ فِي صِفةِ الله جلّ وعزّ: الَّذِي توكَّل بالقِيَامِ بِجَمِيعِ مَا خَلَق.
وَقَالَ اللحْياني: رجُلٌ وَكَلٌ إِذا كانَ ضَعيفاً ليْس بنَافِذٍ.
وَيُقَال: رَجُلٌ مُوَاكِلٌ أَي لَا تَجِدُهُ خَفيفاً، بِغَيْر هَمْزٍ.
وَيُقَال: فِيهِ وَكَالٌ أَي بُطْءٌ وبَلادَةٌ.
وَيُقَال: قدِ اتَّكلَ فُلانٌ عَلَيْكَ، وأَوْكَل عليكَ فلانٌ بمعْنًى واحدٍ.
ويقالُ: قَدْ أوْكلْتَ على أخِيكَ العَمَلَ: خلَّيْتَه كلَّهُ عَلَيْهِ.
ورجُلٌ وُكَلَةٌ إِذا كَانَ يَكِلُ أمْرَه إِلَى النّاسِ.
ورجُلٌ تُكَلَة إِذا كانَ يَتَّكِلُ على غيرِه.
وَقَالَ غَيره: المتوَكِّلُ على الله: الَّذِي يعلمُ أَن الله كافِلُ رزْقِهِ وأَمْرِه فاطْمَأنَّ قلْبُه على ذَلِك، وَلم يَتَوَكلْ على غَيره.
وغُرْفةُ مَوْكَل: موضعٌ باليَمَنِ ذَكَرَه لبيد فَقَالَ:
وغَلَبْنَ أَبْرَهَةَ الَّذِي أَلْفَيْنَهُ
قد كَانَ خُلِّدَ فَوْق غُرْفَةِ مَوْكَلِ
وجاءَ مَوْكَلٌ على مَفْعَلٍ نَادِراً فِي بابِه، والقياسُ: مَوْكِلٌ.
(أَبُو عبيد) : وَاكَلَتِ الدَّابَّةُ وِكالاً إِذا أساءَت السَّيْرَ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المُوَاكِلُ من الخَيْلِ: الَّذِي يَتَّكلُ على صاحبِهِ فِي العَدْوِ.
وَكِيلُ الرَّجُل: الَّذِي يقومُ بأمْره، سُمِّيَ وَكِيلاً، لأنَّ مُوَكِّلَه بِهِ قد وَكلَ إِلَيْهِ القِيَامَ بأمْرِه فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأمْرُ، والوَكِيلُ على هَذَا المعْنَى: فَعيلٌ بِمَعْنى مَفْعُولٍ.
ويُقالُ: اللَّهُمَّ لَا تكِلْنَا إِلَى أنفُسنَا طرْفَةَ عيْنٍ.
وقيلَ: الوَكِيلُ: رَبُّ الإبِل.
لوك: (شمرٌ) : مَا ذُقْتُ عِنْده لَوَاكاً أَي مَضَاغاً، مِنْ لاكَ يَلُوكُ إِذا مَضغَ.
وَقَالَ الليثُ: اللَّوْكُ: المَضْغُ للشَّيْء الصُّلْبِ المَمْضَغةِ، وإدَارَتُه فِي الفَم: لَوْكٌ، وَأنْشد:
ولَوْكُهُمُ جَذْلَ الحصَى بِشِفَاهِهِم
كَأنَّ على أكْتَافِهِمْ فِلَقاً صَخْرَا
ك ن (وَا يء)
كُنَّا، كَون، كين، كَأَن، وَكن، أَنَّك، نكأ، (نكي) ، نوك، نيك، أكن: (مستعملة) .
كُنَّا: قَالَ اللَّيْث: كنَى فُلانٌ عَن الكلمَة المُستَفْحَشَةِ يَكني إِذا تكلّمَ بغَيْرهَا مِمَّا(10/203)
يُسْتَدلُّ بِهِ عَلَيْهَا، نَحْو الرّفَثِ والغائِط وَنَحْوه.
وَفِي الحَدِيث (مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجاهِليّة فَأَعِضُّوهُ بأيْرِ أبِيهِ وَلَا تَكْنُوا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد يُقالُ: كَنَيْت الرَّجُلَ، وكَنَوْتُه: لُغتان. وأنشدني أَبُو زِيَادٍ:
وإِنِّي لأكْنِي عَنْ قَذُورَ بغَيْرهَا
وأُعْرِبُ أَحْيَاناً بهَا وأُصَارِحُ
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ أَهْل البَصْرَة: فلانٌ يُكْنَى بِأبي عَبْد الله.
وَقد قَالَ غَيْرُهُمْ: فلانٌ يُكْنَى بِعَبْد الله.
وروى أَبُو العَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنّه قَالَ: أَفْصحُ اللُّغاتِ أَنْ تَقول: كُنِّيَ أَخُوكَ بعَمرٍ و، والثَّانيَةُ: كُنِّيَ أَخُوكَ بأَبِي عمرٍ و، الثالثةُ: كُنِّيَ أَخُوكَ أَبا عَمْرٍ و.
قَالَ: وَيُقَال: كَنَيْتُه وكَنَوْتُه، وأكْنَيْتُه، وكَنَّيْتُه، وكَنَيْتُ عَن اللَّفْظِ القَبِيح بلَفْظٍ أَحْسَنَ مِنْهُ.
وتُكْنَى: من أَسْمَاءَ النِّسَاءِ وَقَالَ الرَّاجزُ:
خيَالُ تُكْنَى، وخَيَالُ تُكْتَمَا
وَقَالَ غيرُه: الكُنْيَةُ على ثَلَاثَة أَوْجُهٍ، أحدُهَا: أَنْ يُكْنَى عَن الشيءِ الَّذِي يُسْتَفْحَشُ ذِكْرُه كالنَّيْكِ يُكْنَى عَنهُ بالنِّكَاحِ والجِمَاِع، والبِضَاع، وَمَا أَشْبَهَها، وَالثَّانِي: أَنْ يُكْنَى الرّجُلُ باسْمٍ، توْقِيراً وتَعْظِيماً، والثالثُ: أَنْ تقومَ الكُنْيَةُ مقامَ الاسْمِ، فيُعْرَفَ صَاحِبُها بهَا كَمَا يُعْرَفُ باسْمِه كأَبِي لَهَبٍ، اسْمُه: عَبْدُ العُزَّى، وعُرِفَ بكُنْيَتِه فسَمَّاهُ اللَّهُ بهَا.
كَون كين: قَالَ الْفراء، يُقَال: باتَ فلانٌ بِكينَةِ سَوْءٍ وبحِيبَةِ سَوْءٍ أَي بحالِ سَوْءٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : كأَنْتُ: اشْتَدَدْتُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: أَكَانَهُ اللَّهُ يُكِينُه إكانةً أَي أَخْضَعَه حَتَّى اسْتَكَانَ، وَقد أَدْخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ مَا أَكانَه، وَأنْشد:
لَعَمْرُكَ مَا تَشْفِي جِرَاحٌ تُكِينُه
ولكِنْ شِفَائِي أَنْ تَئِيمَ حَلاَئِلُهْ
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَمَا اسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 76) من هَذَا أَي مَا خَضَعُوا لربّهم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: استكانَ فلانٌ إِذا خضع، فِيهِ قَوْلاَنِ، أحدُهُما أَنَّه من السّكِينَةِ، وكانَ فِي الأصْلِ: اسْتَكَنَ. وَهُوَ افْتِعَالٌ من سَكَنَ فَمَدَّوا اسْتَكَنَ لمَّا انْفَتَحَ الكَافُ مِنْهُ بألِفٍ، كَمَا يَمُدُّونَ الضَّمَّةَ بالواوِ، والكسرةَ بالياءِ، كَقَوْلِه
(فأنْظُورُ) أَي فانْظُرُ وَكَقَوْلِه: شِيمَالٌ فِي مَوضِع الشِّمَالِ، وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه استفعال من كانَ يَكونُ.
(قلت) : وَالَّذِي قَالَه أَبُو سعيد حَسَنٌ كأَنَّ الأصْلَ فِيهِ: الكِينَةُ، وَهِي الشِّدَّةُ والمَذَلَّةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَيْنَة: النَّبِقَةُ، والكَيْنَةُ: الكَفَالةُ.(10/204)
وَقَالَ اللحياني: كَيْنُ المرْأَةِ: بُظَارَتُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَيْنُ، وجمْعه: الكُيُونُ: غُدَدٌ دَاخِلَ قُبُلِ المرأَةِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُكْتَانُ: الكَفيلُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: اكْتَنْتُ بِهِ اكْتِياناً، والاسمُ مِنْهُ: الكِيَانَةُ، وكُنْتُ عَلَيْهِم أكُونُ كَوْناً: مِثْله من الكَفَالة أَيْضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : التَّكَوّنُ: التَّحَرُّكُ، تقولُ العربُ لِمَنْ تَشْنَؤُهُ: لَا كانَ ولاَ تَكَوَّنَ، لَا كانَ: لَا خُلِقَ، وَلَا تكَوَّنَ: لَا تَحَرَّكَ أَي ماتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْنُ: الحَدَثُ، يكونُ من النّاس، وَقد يكونُ مصدرا من كانَ يكُونُ، كَقَوْلِهِم: نَعُوذُ بِاللَّه من الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ أَي نَعُوذُ بِاللَّه مِن رُجُوعٍ بَعْدَ أَن كَانَ؛ ومِنْ نَقْصٍ بعد كَوْنٍ قَالَ: والكائنة أَيْضا: الأمْرُ الحادِثُ.
قَالَ: والكَيْنُونَةُ: فِي مصدر كَانَ يكونَ: أَحْسَنُ.
وَقَالَ الفرّاء: العربُ تَقول فِي ذَوَات اليَاءِ مِمَّا يُشْبِهُ: زِغْتُ، وسِرْتُ وطِرْتُ طَيْرُورةً، وحِدْتُ حَيْدُودةً، فِيمَا لَا يُحْصَى من هَذَا الضَّرْبِ، فأَمّا ذَوَاتُ الواوِ مثل: قُلْتُ، ورُضْتُ، فَإِنَّهُم لَا يقولونَ ذَلِك، وَقد جاءَ عَنْهُم فِي أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، مِنْهَا: الكَيْنُونَةُ من كُنْتُ، والدَّيْمُومَةُ من دُمْتُ، والهَيعُوعَةُ من الهُوَاعِ، والسَّيْدُودَةِ من سُدْتُ، وكانَ يَنْبَغِي أَن يكونَ، كَوْنُونةً، وَلكنهَا لما قَلّتْ فِي مصَادر الْوَاو، وَكَثُرت فِي مصَادر اليَاءِ ألحقوها بِالَّذِي هُوَ أَكثر مجيئاً مِنْهَا إِذا كَانَت الْوَاو وَالْيَاء متقارِبَي المَخْرَجِ، قَالَ: كانَ الْخَلِيل يقولُ: كَيْنُونَةٌ: فَيْعُولةٌ، هِيَ فِي الأصْلِ: كَيْوَنُونَةٌ، الْتَقَتْ مِنْهَا ياءٌ وَوَاوٌ، وَالْأولَى مِنْهُمَا ساكِنَةٌ فَصُيِّرَتَا يَاء مُشَدَّدَةً، مثل مَا قالُوا الهَيِّنُ من هُنْتُ ثمَّ خَفَّفُوها فقالُوا: كَيْنُونة، كَمَا قَالُوا هَيْنٌ لين.
قَالَ الْفراء، وَقد ذهب مَذْهَباً، إلاَّ أَنَّ القولَ عِنْدِي هُوَ الأولُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كانَ إِذا كَفَلَ، وكانَ يَدُلُّ على خَبَرٍ ماضٍ فِي وسطِ الْكَلَام وآخرِه، وَلَا يكون صِلَةً فِي أوَّلِه، لأنّ الصّلَةَ تابعةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ؛ وكانَ فِي معنى جاءَ كَقَوْل الشَّاعِر:
إذَا كانَ الشِّتَاءُ فأَدْفِئونِي
فإنَّ الشَّيْخَ يَهْدِمُهُ الشِّتَاءُ
وكانَ تأتِي باسْمِ وَخبر؛ وَتَأْتِي باسمٍ واحدٍ وَهُوَ خَبَرُها؛ كَقَوْلِك: كانَ الأمْرُ. وكانتِ القِصَّةُ؛ أَي وَقَعَ الأمْرُ؛ ووَقَعَتِ القِصَّةُ، وَهَذِه تُسَمَّى التَّامَّةَ المكْتفيَة، وَكَانَ يكونُ جَزَاءً.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتَلَفَ النّاسُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَان(10/205)
َ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً} (مَرْيَم: 29) .
فَقَالَ بَعضهم: كانَ هَاهُنَا صِلة، ومعناهُ: كيفَ نُكلِّمُ مَنْ هُوَ فِي المهْدِ صبيّاً.
قَالَ وَقَالَ الْفراء: كَانَ هَاهُنا شَرْط، وَفِي الْكَلَام تعَجُّبٌ وَمَعْنَاهُ: من يَكُنْ فِي المهْدِ صبيّاً، فكيْفَ يُكلَّمُ؟ .
وأَمَّا قولُ الله جلَّ وعزَّ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (النِّسَاء: 96) وَمَا أَشْبَههُ فإنّ أَبَا إسحاقَ الزّجاج قَالَ: اختَلف الناسُ فِي كَانَ.
فَقَالَ الحسنُ البصْرِيُّ: كَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً لعبَادِهِ وَعَن عِبَادِه، قبل أَنْ يَخْلُقَهُمْ.
وَقَالَ النحويونَ البصريون: كأنَّ الْقَوْم شاهدُوا من الله رَحمَةً، فأُعْلِمُوا أَن ذَلِك لَيْسَ بحادث، وأَنَّ الله لم يَزْلَ كَذَلِك.
وَقَالَ قومٌ من النَّحْوِيين: كانَ وفَعلَ من الله جلّ وعزّ بمنْزِلَةِ مَا فِي الْحَال فَالْمَعْنى وَالله أعلم وَالله عَفُوٌّ غَفُورٌ.
قَالَ أَبُو إسحاقَ: وَالَّذِي قَالَ الحَسَنُ وَغَيره أَدْخَلَ فِي العربيَّة وأَشْبَه بِكَلَام الْعَرَب، وَأما القولُ الثَّالِث فَمَعْنَاه يؤُولُ إِلَى مَا قَالَه الْحسن وسيبويه، إلاَّ أَن كَون الْمَاضِي بِمَعْنى الْحَال يقلُّ، وصاحبُ هَذَا القَوْل لَهُ من الحُجَّةِ: قولُنَا: غفرَ الله لفلانٍ، بِمَعْنى ليَغْفِرَ الله لَهُ، فلمّا كَانَ فِي الْحَال دليلٌ على الاستقبَالِ، وقَعَ الْمَاضِي مُؤدّياً عَنْهَا اسْتِخْفَافاً لِأَن اخْتِلاَفَ ألْفاظ الأفعَالِ إنّما وقعَ لاختلافِ الأوقاتِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمرَان: 110) أَي أنْتُمْ خَيْرُ.
قَالَ وَيُقَال: معناهُ: كنْتُم خَيْرَ أُمَّةٍ فِي علم الله.
وَقَالَ اللَّيْث: المكانُ، اشْتِقَاقُه من كَانَ يكون، وَلكنه لما كثُر فِي الْكَلَام صَارَت الْمِيم كَأَنَّهَا أصليّةٌ.
قَالَ: والكانُونُ، إِن جعلْتَه منَ الكِنّ فَهُوَ (فاعُولٌ) ، وَإِن جعلْتَهُ (فَعَلُولاً) على تقديرِ قَرَبُوسٍ فالألف فِيهِ أصليَّةٌ، وَهُوَ من الواوِ. وسُمِّيَ بِهِ مَوْقِدُ النارِ.
وَقد مرَّ تفسيرُ الكانُونِ وَمَا قِيلَ فِيهِ فِي (بَاب كَنَّ يكِنُّ) من مضاعَفِ الْكَاف.
كأنَّ: قَالَ النحويون: (كأَنَّ) أصلُها (أَنَّ) أُدْخِلَ عَلَيْهَا كافُ التَّشْبِيه وَهُوَ حرف تَشْبِيه وَالْعرب تنصبُ بِهِ الاسمَ، وترفَعُ خبرَه، وَقد قَالَ الْكسَائي: تكونُ (كأَنَّ) بِمَعْنى الجحْدِ كَقَوْلِك: كأَنَّكَ أمِيرُنا فتأْمُرَنَا، معناهُ لست أميرنَا.
قَالَ: وكأنَّ أُخرى بِمَعْنى التَمني كَقَوْلِك كأنّك بِي قَدْ قلتُ الشِّعْرَ فأُجِيدَه، معناهُ: لَيْتَنِي قد قلت الشِّعْرَ فأُجِيدَه، وَلذَلِك نُصبَ فأُجِيدَه.
وَقَالَ غَيره: تَجيءُ بِمَعْنى العِلْم والظّنِّ(10/206)
كَقَوْلِك: كأنَّ الله يَفْعَلُ مَا يشاءُ، وكأنّكَ خارجٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن المبَرَّدِ عَن الرياشيّ عَن أبي زيدٍ أَنه قَالَ: سَمِعت الْعَرَب تُنشِدُ هَذَا الْبَيْت:
ويَوْمٍ تُوَافِينَا بوجْهٍ مقسَّمٍ
كأَنْ ظَبْيَةً تَعْطُو إِلَى نَاضِرِ السَّلَمْ
ورُوِي: كأَنْ ظَبيَةٍ، وكأَنْ ظَبيَةٌ، قَالَ: فَمن رواهُ: كأَنْ ظبيَةً أَرَادَ كأَنَّ ظبيَةً فخفَّفَ وأَعْمَلَ.
وَمن رواهُ: كأَنْ ظبيةٍ، أرادَ: كظَبيَةٍ.
وَمن رواهُ كأَنْ ظَبْيَةٌ أرادَ كأَنها ظَبيَةٌ فَخَفَّفَ وأَعْمَل مَعَ الكِنَايةِ.
(الخزَّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أنهُ أنْشد:
كَأَمَّا يَحْتَطِبْنَ عَلَى قَتَادٍ
ويَسْتَضْحكْنَ عَن حَبِّ الغمامِ
قَالَ يريدُ: كأَنَّمَا فَقَالَ: كأَمّا.
وَكن أكن: شمرٌ عَن أبي عَمْرو: الواكِنُ من الطيْرِ: الواقعُ حَيْثُمَا وَقع: على حَائِط أَو عودٍ أَو شجرٍ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الوكْنَةُ: موضعٌ يقعُ عَلَيْهِ الطائرُ للراحةِ، وَلَا يبيتُ فِيهِ.
قَالَ: والتوكُّنُ: حُسْنُ الاتّكَاءِ فِي الْمجْلس. وَأنْشد غَيره:
قلتُ لَها إيّاكِ أَنْ تَوَكَّنِي
فِي جِلْسَةٍ عِنْدِيَ أَو تَلَبَّنِي
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَوْقِعَةُ الطَّائِر: أُقْنَتُهُ، وَجَمعهَا: أُقَنٌ، وأُكْنتُه: موضعُ عُشِّه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ الوُكْنَةُ، والأُكْنَةُ، والوُقْنَةُ، والأُقْنَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَكَنَ الطَّائرُ يكنُ وكُوناً إِذا حَضَنَ على بيضته، فَهُوَ واكِنٌ، والجميعُ وكُونٌ، وَأنْشد:
يذكّرُني سَلْمَى، وَقد حيلَ دُونَهَا
حمامٌ على بَيْضاتِهِنّ وُكُونُ
والمَوْكِنُ: هُوَ الموضِع الَّذِي تكنُ فِيهِ على البَيْضِ، والوُكْنَةُ: اسمٌ لكل وَكْرٍ وعُشَ والجميعُ: الوُكُناتُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الوَكْر، والوَكْنُ جَمِيعًا: المكانُ الَّذِي يدخُلُ فِيهِ الطائرُ، وَقد وَكَنَ يكِنُ وَكْناً.
(قلت) : وَقد يُقَال لمَوْقِعَةِ الطائرِ وَمِنْه قولُ الراجز:
تَرَاهُ كَالبَازِي انْتَمى فِي المَوْكِنِ
(أَبُو عبيد عَن الأمويّ) : أَنه أنْشدهُ:
إنّي سَأُودِيكَ بسَيْرٍ وكْنِ
وَهُوَ الشديدُ.
وَقَالَ شمرٌ: لَا أَعرفه.
أَنَّك: فِي الحَدِيث: (مَنِ اسْتَمَعَ لحَدِيثِ قَوْمٍ هُمْ لَهُ كَارهُونَ صُبَّ فِي أُذُنيْهِ الآنُكُ يَوْمَ(10/207)
القِيَامَةِ) .
قَالَ القُتَيْبيُّ: الآنُكُ: الأسْرُبُّ.
(قلت) : وأحسِبُهُ معَرَّباً، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر العربيّ:
... . . بأرْطَال آنُكِ
والقِطْعةُ الواحدةُ: آنكَةٌ.
قَالَ رؤبة:
فِي جِسْمِ خَدْلٍ صَلْهَبِيّ عَمَمُهْ
يأنك عَن تفئيمه مُفَأَّمُهْ
قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أَدْرِي مَا يأنك.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يأنك: يعظم.
نكأ نكي: قَالَ اللَّيْث: نكأتُ الجِرَاحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها بَعْدَمَا كادتْ تَبْرَأُ ونكَأْتُ فِي العَدُوَّ نَكْأً.
قَالَ: ولُغَة أُخَرى: نَكَيْتُ فِي العَدُوِّ نِكَايةً.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي تُهْمَزُ فَيكون لَهَا معنى، وَلَا تهمَزُ فَيكون لَهَا معنى آخر: نَكَأْتُ القُرْحَةَ أَنْكَؤُهَا نَكْأً إِذا قَرَفْتَها.
وَقد نكَيْتُ فِي العدُوِّ أَنْكِي نِكَاية إِذا هزَمْتَهُ وغَلَبْتَه، فَنَكِيَ يَنْكَى نَكىً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال فِي الدعاءِ للرّجُلِ: هَنِئْتَ وَلَا تُنْكَهْ، أَي أَصَبْتَ خيرا، وَلَا أصابكَ الضُّرُّ، يدْعُو لَهُ.
قَالَ أَبُو الهَيْثَمِ، يُقَال فِي المثلِ: لَا تَنْكَهْ؛ وَلاَ تُنْكَهْ جَمِيعًا.
فَمن قَالَ: لَا تَنْكَهْ، فالأصلُ: لَا تَنْكَ بِغَيْر هاءٍ، فَإِذا وُقِفَ على الكافِ اجْتمع ساكنان فحُرِّك الكافُ، وزيدَتِ الهاءُ بِسُكُون عَلَيْهَا.
قَالَ: وقولُهم: هَنِئْتَ أَي ظفِرْتَ، بِمَعْنى الدعاءِ لَهُ.
وَقَوْلهمْ: لَا تُنْكَ، أَي لَا نكِيتَ، أَي لَا جعلكَ اللَّهُ مَنكِياً مُنْهزماً مَغْلُوبًا.
(ابْن شُمَيْل) : نَكَأْتُه حَقَّه نَكْأً أَي قَضَيتُه، وازْدَكأْتُ مِنْهُ حَقّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه.
ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً: يَقْضى مَا عَلَيْهِ.
نوك: قَالَ اللَّيْث: النُّوكُ: الحُمْق، والأنْوَكُ: الأحمَقُ، وَجمعه: النَّوْكَى.
قَالَ: ويجوزُ فِي الشّعْر: قومٌ نُوكٌ، والنَّوَاكَةُ: الحماقةُ، واسْتَنْوَكْتُه: اسْتَحمَقْتُه.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: فلانٌ أَنْوَكُ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الأنْوَكُ. الْعَاجِز الجاهلُ.
قَالَ: والنُّوكُ عِنْد الْعَرَب: العجزُ، وَالْجهل.
وَأنْشد:
واسْتَنْوَكَتْ وللشَّبَابِ نُوكُ
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: الأنْوَكُ: العَيِيُّ فِي كلامِه.
وَأنْشد:(10/208)
فَكُنْ أَنْوَكَ النّوْكَى إِذا مَا لقِيتَهُمْ
نيك: قَالَ اللَّيْث: النَّيْكُ: معروفٌ، والفاعلُ: نائكٌ، وَالْمَفْعُول بِهِ: مَنِيكٌ ومَنْيوكٌ، وَالْأُنْثَى: منيُوكةٌ.
ك ف (وايء)
كفي، كفأ، كوف، كَيفَ، وكف، أفك، أكف.
كفي: قَالَ اللَّيْث: كَفَى يَكْفِي كِفَايةً إِذا قامَ بالأمْرِ، واسْتَكْفَيْتُه أَمْراً فكفَانِيهِ، وَيُقَال: كفاكَ هَذَا الأمرُ أَي حَسْبُكَ، وكفاكَ هَذَا الشيءُ، وتقولُ: رأيْتُ رَجُلاً كافِيَكَ مِنْ رَجُلٍ، وَرَأَيْت رَجُلَيْنِ كافِيَيْكَ مِنْ رجُلَيْنِ، ورأيتُ رِجَالاً كافِيكَ من رِجَالٍ، معناهُ: كفاكَ بِهِ رجُلاً.
وَقَالَ الزجاجُ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً} (النِّسَاء: 45) وَمَا أَشْبَهَه فِي الْقُرْآن، معنى البَاءِ: التوكيد، والمعْنَى: كَفَى اللَّهُ، إلاَّ أَنَّ البَاءَ دَخَلَتْ فِي اسْمِ الْفَاعِل، لأنَّ معنى الكلامِ الأمْرُ، المعنَى: اكْتفَوا بِاللَّه وَلِياً، قَالَ: وَوَلِيّاً، مَنْصُوبٌ على الحَالِ، وقِيلَ على التَّمْييز.
وَقَالَ فِي قَوْله: {الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ} (فصلت: 53) معناهُ: أَو لَمْ يَكْفِ ربَّكَ، أولَمْ تَكْفِهِمُ شَهادَةُ رَبِّكَ، ومعنَى الكِفَايَةِ هاهُنَا: أنَّه قد بَيّنَ لَهُم مَا فِيهِ كفايَةٌ فِي الدّلالةِ على توحيده.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : هَذَا رَجُلٌ كافِيكَ من رَجُلٍ وناهِيكَ مِنْ رجُلٍ، وجازِيكَ مِنْ رَجُلٍ، وشَرْعُكَ مِنْ رَجُلٍ، كلُّه بِمَعْنى وَاحِدٍ.
(اللَّيْث) : الكِفْيُ: بَطْنُ الوَادِي، والجميعُ: الأكْفَاءُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكُفَى: الأقْوَاتُ، وَاحِدَتُها: كُفْيَةٌ.
وَيُقَال: فلانٌ لَا يَمْلِكُ كُفَى يَوْمِه، على مِيزَانِ هُدًى أَي قُوتَ يَوْمِه، وَأنْشد:
ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ مِنْ دُونِنَا كُفًى
كفأ: (ابْن هانىء عَن أبي زيد) : سمعْتُ امْرَأَةً من عُقَيْلٍ وَزَوْجَهَا يَقْرءان (لم يلد وَلم يُولد، وَلم يكن لَهُ كُفىً أحد) (الْإِخْلَاص: 3، 4) فألْقَى الهَمْزَةَ وحَوَّلَ حَرَكَتها على الفَاءِ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: (وَلم يكن لَهُ كُفؤًا أحد) (الْإِخْلَاص: 3) ، فِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، القِراءَةُ مِنْهَا بثلاثةٍ، (كُفُؤاً) ، بِضَم الكافِ والفاءِ، (كُفْؤاً) ، بِضَم الْكَاف وسكونِ الفاءِ، وَ (كِفْأً) بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون الفاءِ، ويجوزُ: (كِفَاءً) بكسرِ الْكَاف والمَدِّ، وَلم يُقْرَأ بهَا، ومَعْناهُ: وَلم يكنْ أحَدٌ مِثلاً لله جلّ وعزَّ، وَيُقَال: فلانٌ كَفِيءُ فلانٍ وكُفُؤُ فلانٍ، وَقَرَأَ ابنُ كثيرٍ، وابنُ عامرٍ وَأَبُو عمرٍ و، وَالْكسَائِيّ وَعَاصِم (كُفُؤاً) مُثقَّلاً مهموزاً وَقَرَأَ حَمْزَة. (كُفْؤاً) ، بِسُكُون الفاءِ مَهْمُوزاً، وَإِذا وَقَفَ قَرَأَ:(10/209)
(كُفَى) بِغَيْر همزٍ، وَاخْتلف عَن نَافِع، فرُوِيَ عَنهُ (كُفُؤاً) مثل أبي عمرٍ وورُوِي (كُفْؤاً) مثل حَمْزَة.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِمَاؤهُمْ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُرِيدُ: تَتَسَاوَى فِي الدِّيَاتِ والقِصَاصِ فَلَيْسَ لشريفٍ على وضيعٍ فَضْلٌ فِي ذَلِك، وَفِي حديثٍ آخر فِي العَقيقَةِ (عَنِ الغُلاَمِ شَاتَانِ مُتَكافِئَتَانِ) يريدُ: مُتَساوِيَتَانِ، وكلُّ شيءٍ ساوَى شَيْئا حَتَّى يكونَ مثلَه فَهُوَ مُكَافِىءٌ لَهُ، والمُكَافَأَةُ بَيْنَ النَّاسِ من هَذَا، يقالُ: كافأْتُ الرجُلٍ أَي فعلتُ بِهِ مِثْلَ مَا فعلَ بِي، وَمِنْه: الكُفء من الرِّجَالِ للمَرْأَةِ، يقولُ: إنَّهُ مِثْلُها فِي حَسبها، وأَمَّا قَوْله عَلَيْهِ السَّلامُ: (لَا تَسْأَلِ المرأةُ طَلاَقَ أُخْتَها لِتَكْتفِىءَ مَا فِي صَحْفَتها، فإنَّمَا لَهَا مَا كُتِبَ لَهَا فإنّ معنى قَوْله: لتكْتفىءَ تَفْتعِلُ من كفَأْتُ القِدْرَ وغيرَها إِذا كبَبْتَها لِتُفْرِغَ مَا فِيهَا، والصَّحْفَةُ: القَصْعَةُ، وَهَذَا مَثَلٌ لإمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتِها من زَوْجِها إِلَى نَفْسِها لِيَصِيرَ حقُّ الأخْرى كلُّه من زوجِهَا لَهَا.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : كَفَأْتُ الإناءَ إِذا كبَبْتَهُ، وأَكْفَأْتُ الشيءَ إِذا أَمَلْتَه، وَلِهَذَا قيلَ أَكْفَأتُ القوسَ إِذا أمَلْتَ رأسَهَا وَلم تَنْصِبْها نَصْباً حَتَّى تَرْمِي عَنْهَا، وَأنْشد:
قطَعْتُ بهَا أرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِها
إذَا مَا عَلَوْهَا مُكْفَأً غَيْرَ ساجعِ
أَي مُمَالاً غير مستقيمٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَفَأْتُ الإناءَ كَفْأً إِذا قلبْتَهُ، وأكْفَأْتُ فِي مَسِيرِي إِذا مَا جُرْتَ عَن القَصْدِ، وَقَالَ فِي قَوْله:
... مُكْفَأً غير سَاجِعِ
السّاجِعُ: القاصدُ، والمُكْفَأُ: الجائرُ.
قَالَ: وأكْفَأْتُ الشِّعْرَ إكْفَاءً إِذا خالفْتَ بقوافِيه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة عَن أبي عَمْرو بن العلاءِ) قَالَ: والإكْفَاءُ: اختلافُ إعرابِ القوافِي.
(أَبُو زيد) : اسْتَكْفَأَ زيدٌ عمرا ناقَتَه سأَلَه أَنْ يهَبَهَا لَهُ، وَوَلَدَها وَوَبَرَها سنَةً.
وكَفَأْتُ القومَ كَفْأً إِذا مَا أَرَادُوا وَجْهاً فَصَرَفْتَهُم عَنهُ إِلَى غَيره.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة وَالْكسَائِيّ) : أَكْفَأْتُ إبِلي فلَانا إِذا جَعَلْتَ لَهُ أَوْبَارَها وأَلْبَانَها. وأَكْفَأْتُ إِبِلِي أَيْضا كَفْأَتَيْنِ، وبعضُهُم يقولُ: كُفْأَتَيْن، وَهُوَ أَنْ تجْعَلَ نِصْفَيْنِ، يَنْتِجُ كلَّ عامٍ نِصْفاً كَمَا يَصْنَعُ بالأرضِ بالزّراعة.
(ابْن السّكيت عَن أبي عمرٍ و) : يُقَال: نَتَج فلَان إبِلَهُ كفأَةً، وكُفأَةً، وَهُوَ أَنْ يُفَرِّقَ إِبِلَهُ، فَيُضْرِبُ الفَحْلَ العامَ إحْدَى الفِرْقَتَيْنِ ويَدَع الأخْرَى، فَإِذا كَانَ العامُ المُقْبِلُ أَرْسَلَ الفَحْلَ فِي الفِرْقَةِ الَّتِي لم تكن أَضْرَبَها الفَحْلَ فِي الْعَام الْمَاضِي، وتَرَكَ(10/210)
الَّتِي كانَ أَضْرَبَها الفَحْلَ فِي الْعَام الآخَرِ؛ لِأَن أفضلَ النِّتاج أَن يُحْمَل على الإبِلِ الفَحْلُ عَاما وَأنْشد قولَ ذِي الرمةِ فِي ذَلِك:
تَرَى كَفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ وَلم يَحِدْ
لَهُ ثِيلَ سَقْبٍ فِي النِّتَاجَيْنِ لامِسُ
يَعْنِي أَنها نُتِجَتْ إِنَاثًا كلُّها.
وَأنْشد لكعب بن زُهَيْر:
إِذا مَا نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كُفْأَةٍ
بَغَاهَا خَنَاسِيراً فأهْلَكَ أَرْبَعا
قَالَ: وكَفَأتُ الإناءَ بِغَيْر ألِفٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أكْفَأْتُ: لُغَةٌ. قَالَ: وكَفَيْتُه مَا أَهَمَّه.
قَالَ: وأَكْفَأْتُ البَيْتَ فَهُوَ مُكْفَأٌ إِذا عَمِلْتَ لَهُ كِفَاءً، وكِفَاءُ البَيْتِ: مُؤَخَّرُهُ.
ورَوَى حَمَّادُ بن سَلَمَة عَن سِمَاكِ بن حَرْبٍ عَن الحارثِ بن أبي الْحَارِث الأزْدِي من أهل نَصِيبِينَ أنّ أَبَاهُ اشتَرَى مَعْدِناً بمئةِ شاةٍ مُتْبِعٍ فأَتَى أمه فاستأْمَرَهَا فَقَالَت: إنّكَ اشْتَرَيْته بثلاثمئةِ شَاة أُمُّها: مئةٌ وأولادُها: مئةُ شاةٍ، وكُفْأَتُها: مئةُ شاةٍ فنَدِمَ فاسْتَقَالَ صاحبَه فأَبَى أَن يُقِيلَهُ، فقَبَضَ المَعْدِنَ فأذابَه وأَخْرج مِنْهُ ثمَنَ أَلْفَيْ شَاة. فَأتى بِهِ صاحبُه إِلَى عليَ رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا الْحَارِث أصابَ رِكَازاً، فَسَأَلَهُ عليّ فأخبَرَهُ أَنه اشتراهُ بمئةِ شاةٍ مُتُبِعٍ، فَقَالَ عليّ: مَا أرى الخُمْسَ إِلَّا عَلَى البَائِع. فأخَذَ الخُمْسَ من الغَنَمِ.
أَرَادَ بالمُتْبِعِ الَّتِي يَتْبَعُها أولادُها.
وَقَوله: أثى بِهِ أَي وَشَى بِهِ وسَعَى بِهِ يأثُو أَثْواً.
والكُفْأَةُ: أَصْلُها فِي الْإِبِل كَمَا قَالَ أَبُو عمرٍ و، وَالْكسَائِيّ، وَأَبُو عبيدةَ، وَهُوَ أنْ تُجْعَلَ الإبلُ قِطعتين، يُرَاوَحُ بينَهما فِي النِّتَاجِ.
وَأنْشد شمر:
قَطَعْتُ إِبِلِي كُفْأَتَينِ ثِنْتَيْن
قَسمْتُها بِقِطعَتَيْنِ نِصْفَيْنِ
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهمَا فِي عامَيْن
أَنْتِجُ عَاما ذِي وهذِي يُعْفَيْنْ
وأَنتِجُ المُعْفَى من القَطِيعَيْن
مِن عامِنا الجَائِي، وتِيكَ يَبْقَيْن
(قلت) : لم يَزِدْ شمرٌ على هَذَا التَّفْسِير والمعنَى أَنَّ أَمَّ الرَّجُل جَعَلَتْ كُفْأَةَ مئةِ شاةٍ، كلّ نِتَاجِ: مئةً، وَلَو كَانَت إبِلا كَانَ كُفْأَةُ مئةٍ من الْإِبِل خمسينَ، لأنَّ الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فِيهَا وَقْتَ ضِرَابِهَا أَجمَع، وليستْ كَالْإِبِلِ يُحمَلُ الفحْلُ عَلَيْهَا سَنةً، وسَنَةً لَا.(10/211)
وأَرادت أُمُّ الرَّجُلِ تكْثِيرَ مَا اشتَرَى بِهِ ابنُهَا، وإعْلاَمَهُ أَنه مَغْبُونٌ فِيمَا ابتَاعَ، ففَطَّنَتْهُ أَنَّه كأَنّه اشْترى المَعدِنَ بثلاثمئة شاةٍ فنَدِمَ ابنُها، واستقال بائعَه فأَبَى، وبارَك اللَّهُ لَهُ فِي المعدِنِ فحسده البائعُ على كثرةِ الرِّبح، وسَعَى بِهِ إِلَى عليّ رَضِي اللَّهُ عَنهُ، ليأْخُذَ مِنْهُ الْخُمسَ، فألْزَمَ الخُمْسَ البائعَ، وأَضَرَّ السَّاعِي بنفْسه.
(أَبُو نصر) : يُقَال: مالِي بِهِ قِبَلٌ وَلَا كِفَاءٌ أَي طاقةٌ على أَنْ أُكَافِئَه.
وَأنْشد:
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ بعضُهم: الإكْفَاءُ فِي الشِّعر هُوَ المُعاقَبةُ بَين الرَّاء واللاّم، أَو النُّون والميمِ.
(قلت) : والقَولُ فِيهِ مَا قَالَ أَبُو عمرٍ و.
وَقَالَ اللَّيْث: ورأيتُ فلَانا مُكْفَأَ الْوَجْه إِذا رأيتَهُ كاسف اللَّونِ ساهِماً.
وَيُقَال: كَانَ الناسُ مُجتمِعين فانكفَأُوا وانْكَفَتُوا إِذا انْهَزَمُوا.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: اسْتَكْفَأْتُ فلَانا نَخْلَة إِذا سأَلْتَهُ ثمرَها سنَةً، فجَعَل للنَّخْل كَفْأَةً، وَهُوَ ثمرُ سَنَتها، شُبِّهَتْ بكَفْأَة الْإِبِل.
وَأنْشد:
غُلْبٌ مَجَالِيحُ عِنْد المَحْلِ كُفْأَتُها
أَشْطَانُها فِي عِذَاب البحْرِ تَستَبِقُ
أَرَادَ بِهِ النَّخْلَ، وَأَرَادَ بأشطانِها: عُروقَها.
وَفِي صِفَةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنّه كَان إِذا مَشَى تَكَفَّأَ تَكفُّؤاً) .
فالتَّكفُّؤُ: التَّمايُلُ كَمَا تتكفَّأُ السَّفينةُ فِي المَاء يَمِينا وَشمَالًا، وكلّ شَيْء أَمَلْتَهُ فقد كَفَأْتَه.
وَيُقَال: أصبح فلانٌ كَفِيءَ اللّون: مُتَغَيِّره كأنّه كُفِىءَ، فَهُوَ مَكفوءٌ وكَفِىءٌ.
وَقَالَ دريدُ بن الصِّمَّةِ:
وأَسْمَرَ مِن قِدَاحِ النَّبْعِ فَرْعٍ
كَفِيءِ اللّوْن من مَسَ وضَرْسِ
أَي مُتَغيِّرِ اللَّون من كثرةِ مَا مُسِحَ وعُضَّ.
وَيُقَال: كافَأَ الرجلُ بينَ فارسَينِ برُمحِه إِذا وَالَى بَينهمَا، فطَعَنَ هَذَا ثمَّ هَذَا.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
نَحْرَ الْمُكافِىءِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
والْمَكْثُورُ: الَّذِي غلبَه الأقرانُ بكثرتهم، يَهتَبِلُ: يَحْتالُ للخلاص.
وَيُقَال: بنى فلَان ظُلَّةً يُكافىء بهَا عينَ الشَّمْس لِيتَّقِيَ حرّها.
وَقَالَ أَبُو ذَر: (لنا عَبَاءَتَان نُكافىءُ بهما عَنَّا عين الشَّمْس أَي نقابل بهما الشَّمْس، وَإِنِّي لأخشى فضل الْحساب) .
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سَنَامٌ أَكْفَأ: وَهُوَ الَّذِي مالَ عَلَى أَحد جنبَي البعيرِ، وناقةٌ كَفَآء وجملٌ أَكْفَأُ، وَهُوَ من أَهْون عيوبِ(10/212)
البعيرِ، لِأَنَّهُ إِذا سَمِنَ استقام سنَامُه.
كوف كَيفَ: قَالَ اللَّيْث: كُوفانُ: اسمُ أرضٍ، وَبهَا سُمِّيَتِ الكُوفَةُ.
(اللحياني عَن الْكسَائي) : كَانَت الْكُوفَة تُدْعَى كُوفانَ.
قَالَ: والناسُ فِي كُوفانٍ من أمرهِم، وَفِي كَوَّفَانٍ، وكَوْفانٍ أَي فِي اختلاطٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : إنّه لَفِي كُوفَانٍ أَي فِي حِرْزٍ ومنَعَةٍ.
(ثَعْلَب عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه) : قَالَ: الكوفانُ: الشَّرُّ الشديدُ:
والكُوفَانُ: الدَّغَلُ من القَصَب والخَشب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكافُ: ألِفُها وَاوٌ، فَإِن استُعملَتْ فِعلاً، قلتَ: كَوَّفْتُ كافاً حسَناً أَي كَتبْتُ كافاً، وَكَذَلِكَ قَالَ اللِّحيانيُّ وغيرُه.
قَالَ: وَيُقَال: كَيَّفْتُ الأديمَ، وكَوَّفْتُه إِذا قطَعتَه.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: يُقَال للخِرْقةِ الَّتِي يُرقَعُ بهَا ذَيْلُ الْقَمِيص القُدَّام: كِيفَةٌ، وَالَّتِي يُرْقَعُ بهَا ذيلُ الْقَمِيص الخَلْف: حِيفةٌ.
وَيُقَال: لَيست عَلَيْهِ تُوفَةٌ وَلَا كُوفةٌ، وَهُوَ مِثْلُ المَرْزِية، وَقد تَاف وكَافَ.
(تَفْسِير كَيفَ)
حَرْفُ أَداةٍ، ونُصِبَ الفاءُ فِرَاراً من التقاء الساكنين فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قولِ الله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا} (الْبَقَرَة: 18) الْآيَة، تأْوِيلُ كيفَ استفهامٌ فِي معنى التعجُّب، وَهَذَا التَّعجُّبُ إِنَّمَا هُوَ للخَلْقِ وَلِلْمُؤْمنِينَ أَي اعْجَبُوا من هَؤُلَاءِ كَيفَ يَكْفرون، وَقد ثَبَتَتْ حُجَّةُ الله عَلَيْهِم.
وَقيل فِي مصدر كَيفَ: الكَيْفِيَّةُ.
وكف أكف: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خِيارُ الشُّهَدَاءِ عِنْد الله: أصحابُ الوكَفِ) قيل: يَا رسولَ الله ومَن أصحابُ الوَكَفِ؟ قَالَ: (قومٌ تُكَفَّأ عَلَيْهِم مَراكِبُهم فِي الْبَحْر) .
قَالَ شمر: الوَكَفُ قد جَاءَ مُفسَّراً فِي الحَدِيث.
قَالَ: وأصلُ الوَكَفِ: الجَورُ والْمَيْل.
يُقَال: إنِّي لأخْشَى وَكَفَ فلانٍ أَي جورَه ومَيْلَه.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بِكَ نَعْتَلِي وكفَ الأمو
رِ ويَحْمِلُ الأثقالَ حامِلْ
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الوَكَفُ: الثِّقْلُ، والشِّدَّةُ.
وَقَالَت الكِلابيَّةُ: يُقَال: فلانٌ على وَكَفٍ من حاجتِهِ إِذا كَانَ لَا يَدْرِي على مَا هُوَ مِنْهَا، وكل هَذَا لَيْسَ بخارِجٍ مِمَّا جَاءَ مُفَسَّراً فِي الحَدِيث، لأنّ التَّكفِّي هُوَ(10/213)
المَيْلُ، والوَكَفُ: مَا انْهَبَطَ من الأرضِ.
وَقَالَ العجاجُ يصف ثوراً:
يَعْلُو الدّكاديكَ ويَعْلُو الوَكَفَا
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : وَكِفَ الرَّجُلُ يَوْكَفُ وكَفاً إِذا أثِمَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَكَفُ الإثْمُ.
يُقَال: مَا عَلَيْك فِي هَذَا وَكَفَ، والوَكفُ: العيبُ أَيْضا. وَأنْشد:
الحافِظُو عَوْرَةِ العَشِير وَلاَ
يَأْتِيِهِمُ مِنْ وَرَائِهِم وَكَفُ
قَالَ: والوَكْفُ: النِّطْعُ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ومُدَّعسٍ فيهِ الأنيضُ اخْتَفَيتُه
بجَرْدَاءَ مِثْلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرَابُها
بجَرْدَاءَ يَعْني أَرضًا ملساءَ لَا تُنْبِتُ شَيْئا، يكْبُو غُرَابُ الفَأسِ عَنْهَا لصلابتها إِذا حُفِرَت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوكْفُ من الأرضٍ: الفِنْعُ يَتَّسِعُ، وَهُوَ جَلَدٌ، طِينٌ وحَصًى، وجمعُه: أوْكافٌ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَنْ مَنَحَ مِنْحَةً وَكُوفاً فَلهُ كَذَا وكَذا) .
قَالَ أَبُو عبيد: الوَكُوفُ هِيَ الغَزِيرَةُ الكثيرةُ الدَّرِّ وَمن هَذَا قيلَ: وَكَفَ البَيْتُ بالمطرِ، ووَكَفَتِ العَيْنُ بالدمْعِ.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوَكُوفُ: الَّتِي لَا يَنْقطِعُ لبنُها سَنَتَها جَمعَاءَ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : وَكَفَ البيتُ، وأَوْكَفَ، ومصدرُ وَكَفَ: الوَكْفُ والوَكِيفُ.
وَفِي حَدِيث آخر: (أَهْلُ القُبُورِ يَتَوكَّفُونَ الأخْبَارَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: معنى يَتَوَكَّفُونَ: يَتَوقَّعُونَ.
يقالُ: هُوَ يتَوَكَّفُ خَبَراً يَرِدُ عَلَيْهِ أَي يتوقَّعهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَكْفُ: وَكْفُ البَيْتِ، مثل الجَنَاحِ يكون على الكَنِيفِ.
وَقَالَ اللحياني: وكَفَتِ العَيْنُ تَكِفُ وَكْفاً وَوَكِيفاً، ووُكُوفاً، ووَكَفَاناً، قالَ: وسحابٌ وَكُوفٌ إِذا كانَ يسيلُ قَلِيلا قَلِيلا.
وجاءَ فِي حَدِيث مَرْفُوعٍ (أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأَ فاسْتَوْكَفَ ثَلاَثاً) .
قَالَ غيرُ واحدٍ: مَعْنَاهُ أنّه غسلَ يَدَيْهِ حتّى وكَفَ الماءُ من يَدَيْهِ أَي قَطَرَ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثوْرٍ يصفُ الْخمر:
إذَا اسْتُوكِفَتْ باتَ الغويُّ يشُمُّهَا
كَمَا جَسَّ أَحْشَاءَ السَّقِيمِ طَبِيبُ
أرادَ إِذا اسْتُقْطِرَتْ.
وَقَالَ اللحياني: أوْكَفْتُ البَغْلَ أُوكِفهُ إيكافاً، وَهِي لُغَة أهل الْحجاز.
وتميمٌ تقولُ: آكَفْتُهُ أوكفه إيكافاً، وَهِي لُغَة أَهْلِ ذَلِك الشِّقِّ.(10/214)
وَقَالَ بعضُهُم: وكَّفْته توْكِيفاً، وأكَّفْتُه تأكِيفاً، والاسْمُ: الوِكافُ، والإكافُ.
وَيُقَال: هُوَ يَتَوكَّفُ عِيالَهُ وحشَمَه أَي يَتَعَهَّدُهُم ويَنْظُرُ فِي أُمورِهم.
وَيُقَال: واكَّفْتُ الرّجُلَ مواكفةً فِي الحربِ وغيرِها إِذا واجهتُه وعارضته.
وَقَالَ ذُو الرّمّة:
مَتَى مَا يُوَاكِفْهَا ابْنُ أُنْثَى رَمَتْ بِهِ
مَعَ الجَيْشِ يَبْغِيْهَا المَغَانِم يَثْكَلِ
أفك: قَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} (الذاريات: 9) .
قَالَ الْفراء يَقُول: يُصْرَفُ عَنِ الإيمَانِ مَنْ صُرِفَ، كَمَا قَالَ: {قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ} (الْأَحْقَاف: 32) يَقُول لتَصْرِفَنَا وتَصُدَّنَا.
وقولُ الله: {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (التَّوْبَة: 7) .
قَالَ الزّجاج: المُؤْتَفِكَاتُ: جمعُ مُؤْتَفِكَةٍ، ائْتَفَكَتْ بهِمُ الأرضُ أَي انقلبت.
يُقَال: إنّهم قومُ لُوطٍ، وَيُقَال: إنَّهم جميعُ مَنْ أُهلِكَ، كَمَا يُقَال للهالك: قَدِ انقلبتْ عَلَيْهِ الدّنيا.
وروى النَّضْرُ بن أَنَسٍ عَن أبِيهِ أَنه قَالَ: (أَي بُنَيَّ لَا تَنْزِلَنَّ البَصْرَة فَإِنَّهَا إحْدَى المُؤْتَفِكَاتِ قد ائْتَفَكتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَيْنِ، وَهِي مُؤْتَفِكَةٌ بهم الثَّالِثَة) .
قَالَ شمرٌ يَعْنِي بالمؤتفكة أَنَّهَا قد غَرِقَت مَرَّتَينٍ، قَالَ: والائتفاكُ عِنْد أهل الْعَرَبيَّة: الانْقِلابُ كَقَرْيَاتِ قومِ لُوط الَّتِي ائتفكت بِأَهْلِهَا أَي انقلبت. وَقَالَ فِي قَول رؤبة:
وجَوْزِ خَرْقٍ بالرِّيَاحِ مُؤْتَفِكْ
أَي اخْتلفت عَلَيْهِ الأرْوَاحُ مِن كلِّ وَجْهٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَفَكَ يَأْفِكُ، وأَفِكَ يأْفَكُ إِذا كذبَ، والإفْكُ: الإثْمُ، والإفْكُ: الكَذِبُ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : تقولُ العربُ: يَا لِلأفِيكَةِ، وَيَا لَلإفِيكَةِ بِكَسْر اللامِ وفَتْحِها؛ فمَنْ فَتَحَ اللَّام فَهِيَ لامُ الاستغاثةِ، وَمن كسرهَا فَهِيَ تَعَجُّبٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: يأيُّهَا الرّجُلُ اعْجَبْ لهَذِهِ الأفِيكَةِ، وَهِي: الكِذْبَةُ الْعَظِيمَة، وأرضٌ مأفُوكةٌ، وَهِي الَّتِي لم يُصِبْهَا المطرُ فأمْحَلَتْ. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
كأنّهَا وَهْيَ تَهَاوى تَهْتَلِكْ
شمْسٌ بِظِلِّ ذَا بِهَذَا يأْتَفِكْ
قَالَ يَصِفُ قَطَاةً باطِنُ جَناحِها أسودُ، وظاهِرُه أبيضُ، فشبّه السوادَ بالظُّلْمَة، وَشبه البياضَ بالشّمْسِ، ويأتفِكُ أَي ينْقِلبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأفِيكُ الَّذِي لَا حَزْمَ لَهُ وَلَا حِيلة، وَقَالَ الراجزُ:
مَالِي أَرَاكَ عاجِزاً أَفِيكَا
والأفَّاكَ: الَّذِي يَأفِكُ النّاسَ أَي يصُدُّهُمْ(10/215)
عَن الحقِّ بباطله.
والمأفوكُ: الَّذِي لَا زَوْرُ لَهُ.
(شمرٌ) : أُفِكَ الرجُلُ عَن الخيْرِ أَي قُلِبَ عَنهُ وصُرِفَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ائْتفكَتْ تِلْكَ الأرْضُ أَي احترقت من الجَدْبِ.
ك ب (وَا يء)
كبا، كأب، كوب، وكب، بكا، بكأ، بوك، كَوْكَب: (مستعملة) .
كبا: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (مَا أَحَدٌ عَرَضْتُ عَلَيْهِ الإسْلاَمَ إِلَّا كَانَت لَهُ عِنْده كَبْوَةٌ غَيْرَ أبي بَكْرٍ فإنّه لم يَتَلَعْثَم) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكَبْوَةُ: مثل الوَقْفَةِ تكُونُ عِنْد الشَّيْء يكرهُه الإنسانُ يُدْعَى إِلَيْهِ أَو يُرَادُ مِنْهُ، وَمِنْه قيل: كَبَا الزَّنْدُ فَهُوَ يَكْبُو إِذا لم يُخْرِجْ شَيْئا.
والكَبْوَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: السُّقوطُ للوجْهِ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصفُ ثوراً رُمِيَ فَسقط:
فكَبَا كَمَا يَكْبُوا فَنِيقٌ تارِزٌ
بالخَبْتِ إِلَّا أنّه هُوَ أبْرعُ
(أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي) : كَبَا يَكْبُو كَبْوَةً إِذا عَثَر.
وكَبَا الفرسُ يَكْبُو إِذا ربَا وانتفخ من فَرَقٍ أَو عَدْوٍ. وَقَالَ العجاج:
جَرَى ابنُ لَيْلَى جِريةَ السَّبُوحِ
جِرْيةَ لَا كابٍ وَلَا أنُوحِ
وَيُقَال: فلانٌ كابِي الرّمادِ أَي عظيمُه مُنتفِخُه أَي أنّه صاحبُ إطْعَامٍ كثير.
وَيُقَال: أكْبَى الرجلُ إِذا لم تَخرجْ نَارُ زَنْدِه.
وَيُقَال للكُناسة تُلْقَى بفِنَاءِ الْبَيْت: كباً مقصورٌ، والأكْبَاءُ للْجَمِيع، وأمّا الكِبَاءُ مَمْدُود فَهُوَ البَخُورُ.
يُقَال: كَبَّى ثَوْبه تكْبِيةً إِذا بخَّرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الفرسُ الكابِي: الَّذِي إِذا أَعْيا قَامَ فلمْ يَتَحرَّكْ من الإعياء، وَالتُّرَاب الكابي: الَّذِي لَا يَستقرُّ على وَجه الأرضِ.
وَقَالَ غيرُه: نارٌ كابِيَةٌ إِذا غَطّاها الرّمادُ والجمرُ تحتهَا.
وعُلْبةٌ كَابِيةٌ: فِيهَا لَبنٌ عَلَيْهَا رَغْوَة.
ورَجلٌ كابِي اللَّوْنِ: عَلَتْهُ غَبْرَةٌ.
وكَبَا الغُبارُ إِذا لم يَطِرْ وَلم يتحرَّكْ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يقالُ فِي مثل: (الهابِي شرٌّ من الكابي) .
قَالَ: والكابي: الفَحْمُ الَّذِي قد خمَدت نارُه فكَبا، أَي خلا من النَّار، كَمَا يُقَال: كَبَا الزَّنْدُ إِذا لم تَخرجْ مِنْهُ نارٌ، وكَبا الفرسُ إِذا حُنِذ بالجِلالَ فَلم يَعْرَقْ.
والهابي: الرّمادُ الَّذِي تَرَفَّتَ وهَبا، وَهُوَ قبْلَ أَن يَكون هباءً كَابٍ.
ورَوَى إسماعيلُ بن خَالِد عَن يزيدَ بنِ أَبي(10/216)
زِيَاد عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفل عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أنّه قَالَ: قلتُ يَا رسولَ الله: إِن قُريشاً جَلَسُوا فتذاكروا أحسابَهم فَجعلُوا مَثَلَكَ مَثَلَ نخلةٍ فِي كَبْوةٍ من الأَرْض، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنَّ الله خَلَقَ الخلقَ فجعلنِي فِي خَيرهمْ، ثمَّ حِين فرَّقهم جعلني فِي خيرِ الْفَرِيقَيْنِ، ثمَّ جعلهم بُيُوتًا فجعلني فِي خير بُيُوتهم، فأَنَا خَيْرُكُم نَفْساً، وخَيْرُكُم بَيْتا) .
قَالَ شمر: قولُه: فِي كَبْوة، لم نَسْمَع فِيهَا من عُلَمَائِنَا شَيْئا، وَلَكنَّا سمِعنا الكِبَا، والكُبَةَ، وَهُوَ الكُناسةُ والتّراب الَّذِي يُكْنَسُ.
وَقَالَ خالدٌ: الكُبِين: السَّرْجينُ، الْوَاحِدَة: كُبَةٌ.
(قلت) : الكُبَةُ: الكُنَاسة، من الْأَسْمَاء النَّاقِصَة، أصْلُها: كُبوْةٌ، بِضَم الْكَاف، مثل القلَة، أصلُها: قُلْوَةٌ، والثُّبَةُ أَصلُها: ثُبْوَةٌ، وكأنَّ المحدِّثَ لم يَضْبِطْه فَجعله كَبْوَةً.
وَمِنْه يُقَال: كَبَا الفرسُ إِذا رَبًّا وانتفخَ.
وَيُقَال: اكْتَبى إِذا تَبَخَّرَ بالعُودِ.
وَقَالَ أَبو دُوَادٍ:
تَكْتَبِينَ الْيَنْجُوجَ فِي كُبَةِ المَشْ
تَى وبُلْهٌ أَحْلامُهنَّ وِسامُ
قولُه: بُلْهٌ أحلامُهنَّ وسام، أَرَادَ أنَّهنَّ غافلاتٌ عَن الخَنَا والخِبِّ. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وبالعَذَوَاتِ مَنْبِتُنا نُضَارٌ
ونَبْعٌ لَا فَصَافِصُ فِي كُبِينَا
أرادَ أنّا عربٌ نشأنا فِي نُزْهِ الْبِلَاد، ولسنا بحاضرةٍ نشأوا فِي القُرَى.
كأب: وَقَالَ اللَّيْث: كَئِبَ يَكأَبُ كآبةً، وكأْبةً وكأْباً، فَهُوَ كَئِبٌ وكَئيبٌ، واكْتَأَبَ اكتئاباً.
وَيُقَال: مَا الَّذِي أكأبَك؟ .
والكَأْباءُ: الحُزن الشديدُ على فَعْلاَءَ.
كوب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ} (الزخرف: 71) .
قَالَ الْفراء: الكُوبُ الْكوز المستديرُ الرّأْسِ الَّذِي لَا أُذنَ لَهُ. وَقَالَ عديُّ بن زيد:
مُتَّكِئاً تُصْفَقُ أبوابُه
يَسْعَى عَلَيْهِ العبْدُ بالكوبِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَابَ يَكُوبُ إِذا شَرِب بالكُوبِ.
قَالَ: والكَوَبُ: دِقّةُ الْعُنُق وعِظَمُ الرّأْسِ.
وكب (كَوْكَب) : وَقَالَ اللَّيْث: الوَكَبُ: سوادُ اللّوْنِ من عِنَبٍ أَو غير ذَلِك إِذا نَضِج.
وَقد وكّبَ العِنبُ تَوْكِيباً إِذا أخَذ فِيهِ تكوينُ السّواد، واسمُه فِي تِلْكَ الْحَال: مُوَكِّبٌ.
(قلت) : الَّذِي نَعرفُه فِي أَلْوان الأعْناب والأرْطَاب إِذا ظَهر فِيهِ أَدنى سوَادٍ أَو(10/217)
صُفْرةٍ: التَّوْكِيتُ، وبُسْرٌ موكِّتُ، وَهَذَا معروفٌ عِنْد أَصْحَاب النخيل فِي القُرَى العربيَّة.
وأمّا الوَكَبُ بِالْبَاء فَإِن أَبَا الْعَبَّاس روى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الوَكَبُ: الوَسَخُ.
يُقَال: وَكِبَ الشيءُ يَوْكَبُ وكَباً، ووَسِبَ وَسَباً، وحَشِنَ حشناً إِذا رَكبه الوسَخُ والدَّرَنُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَكَبانُ: مِشْيةٌ فِي دَرَجَانٍ.
تَقول: ظَبْيَةٌ وكُوبٌ، وعَنْزٌ وكُوبٌ، وَقد وَكَبَتْ تَكِبُ وُكوباً.
وَمِنْه: اشتُقَّ اسمُ المُوْكِب.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لَهَا أُمٌّ مُوَقّفَةٌ وكُوبٌ
بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَرِيرُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَوْكَبَ البعيرُ إِذا لَزِم الموكِبَ.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: أَوْكَبَ الطائرُ إِذا نَهَضَ للطَيران.
وَأنْشد:
أَوْكَبَ ثمَّ طارا
وناقةٌ مُواكِبَةٌ: تُسايرُ الموكبَ، والتّوْكيبُ: المقاربة فِي الصِّرَار.
وَقَالَ اللّحياني، يُقَال: فلَان مُواكِبٌ عَلَى أمره، ووَاكِبٌ، ومُواصِبٌ ووَاصب، بِمَعْنى المثابِر المواظِب وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ: وَذكر اللَّيْث: الكَوْكَبَ فِي بَاب الرُّباعيّ، ذهب إِلَى أنّ الْوَاو أصليَّةٌ، وَهُوَ عِنْد حُذّاق النحويِّين كَوْكَب من بَاب وكب، صُدِّرَ بكافٍ زَائِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الكَوْكَبُ: البياضُ فِي سوادِ الْعين، ذَهب البصرُ لَهُ أَو لم يذهب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوْكَبُ مَعْرُوف من كواكب السّماءِ، ويُشبَّه بِهِ النَّوْرُ فيسمّى كوكَباً. وَقَالَ الْأَعْشَى:
يُضَاحِكُ الشَّمسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ
مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وَيُقَال لقَطرات الجليد الَّتِي تقعُ عَلَى البَقْل بِاللَّيْلِ: كوكبٌ أَيْضا، والكوكبُ: شِدَّةُ الحرِّ ومُعْظمُه. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَيَوْم يَظَلُّ الفرْخُ فِي بيتِ غَيْرِه
لَهُ كوكبٌ فَوقَ الحِدَابِ الظواهرِ
وَيُقَال للأمْعَزِ إِذا توقَّدَ حَصاَه ضَحاءً: مُوْكِبٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
تَقْطَعُ الأمْعَزَ المُكوكِبَ وَخْداً
بِنَواجٍ سريعةِ الإيغالِ
وكَوكبُ كلِّ شيءٍ: معظمُه، مثلُ كَوْكَب العُشْبِ، وكوكبِ المَاء، وكَوكبِ الجَيش: وَقَالَ الشَّاعِر يصفُ كَتِيبَةً:
ومَلْمُومَةٍ لَا يَخْرِقُ الطّرْفُ عَرْضَها(10/218)
لَهَا كَوكَبٌ فَخْمٌ شديدٌ وُضوحُها
ويومٌ ذُو كَواكبَ إِذا وُصف بالشدّة كَأَنَّهُ أَظْلَمَ بِمَا فِيهِ من الشدائدِ حَتَّى رُؤِي كواكِبُ السَّمَاء. وَمِنْه قولُ طرفَة:
وتُرِيه النَّجْمَ يَجري بالظُّهُرْ
وَقَالَ: تُرِيه الكواكِب كفرا وبِيضاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : غلامٌ كَوكبٌ إِذا تَرَعْرع وحَسُنَ وجْهُه.
وَقَالَ المؤرِّجُ: الكوكبُ: الماءُ، والكَوكبُ: السّيفُ، والكوكَبُ: سيِّدُ الْقَوْم.
(قلت) : وسمعْتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب يَقُول: الزُّهرَةُ من بينِ الْكَوَاكِب: الكوكَبَةُ يُؤَنِّثونَها، وَسَائِر الْكَوَاكِب تُذكَّرُ، فَيُقَال: هَذَا كوكبٌ قد طلَع.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً} (الْأَنْعَام: 76) .
ومِثْلُ الْكَوْكَب: القَوْقَلُ، والشَّوْشَبُ، وأمَّا شَوْزَبٌ فَهُوَ (فَوْعَلٌ) من شَزَبَ.
بكا: البُكَا يُقْصَرُ ويمَدُّ، قَالَ ذَلِك الفرّاء وغيرُه وَأنْشد:
بكَتْ عَيْنِي وحُقَّ لَهَا بُكَاها
وَمَا يُغْنِي البُكَاءُ وَلَا العَويلُ
وَقد بَكَى الرجلُ يَبْكِي، فَهُوَ باكٍ. وباكَيْتُ فلَانا فبكَيْتُه إِذا كنتَ أكْثَر بُكَاءً مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زيد) قَالَا: بَكَيْتُ الميِّتَ وبكَّيْتُه كِلَاهُمَا إِذا بَكَيْتَ عَلَيْهِ، وأَبكَيْتُه إِذا صنَعْتَ بِهِ مَا يَحمِلُه عَلَى الْبكاء.
بكأ: الْأَصْمَعِي: بَكُؤَتِ الناقةُ والشّاةُ تَبْكُؤُ بَكَاءً إِذا قَلَّ لبنُها، وناقةٌ بَكِيئَةٌ وَهِي القليلةُ اللّبَنِ. وَأنْشد أَبُو عبيد:
ولَيَأْزِلَنَّ وتَبْكُؤَنَّ لِقَاحُه
ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّهُ بسَمَارِ
هَكَذَا سمِعنا فِي كتاب (غَرِيب الحَدِيث) بَكُؤَتْ تبكُؤُ، وأقرأنا الإياديُّ فِي كتاب (المصنَّف) لشمرٍ عَن أبي عبيد عَن أبي عمرٍ و: بَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ إِذا قلَّ لبنُها.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي تَفْسِير حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نحنُ مَعَاشِرَ الأنْبِياءِ فِينَا بكْءٌ) قَالَ: مَعْنَاهُ فِينا قِلّةُ كلامٍ إلاَّ فِيمَا نحتاجُ إِلَيْهِ، مثل بَكْءِ الناقةِ إِذا قَلَّ لبنُها) .
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: بكَأَتِ النّاقةُ تَبْكَأُ، وبكُؤَتْ تَبْكُؤُ بَكَاءٍ وبَكْأً، كلُّ ذَلِك مهموزٌ، وجمعُ البَكِيئَةِ من النُّوقِ: بَكَايَا.
بوك: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البَوْكُ: سِفَاد الحِمَارِ، والبَوْكُ: تَثْوِيرُ الماءِ.
يُقَال: باكَ العَيْنُ يَبُوكُهَا، وَفِي الحَدِيث (أَنَّ بَعْضَ المُنَافِقِينَ باكَ عَيْناً كانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ وَضَعَ فِيهَا سَهْماً) .
والبَوْكُ: البَيْعُ، وَحكي عَن أَعْرابيَ أنّه قَالَ: (مَعِي دِرْهَمٌ بَهْرَجٌ لَا يُبَاكُ بِهِ شيءٌ)(10/219)
أَي لَا يُبَاعُ.
قَالَ: وباكَ إِذا اشْتَرَى، وَبَاكٍ إِذا باعَ وباكَ إِذا جَامع.
وَيُقَال: لَقِيتُه أَوَّلَ صَوْكٍ وبَوْكٍ أَي أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَه الأصمعيّ وَأَبُو زيد.
وَقَالَ: هُوَ كَقَوْلِك: لَقِيتُه أَوّل ذاتِ يَدَيْنِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ المُسْلِمينَ بَاتُوا يَبُوكُونَ حِسْيَ تَبُوكَ بِقدْحٍ) ، فَلذَلِك سميت: تَبُوكَ، أَي يُحَرِكُونَه ويُدْخِلُونَ فِيهِ القِدْحَ، وَهُوَ السّهْمُ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الماءُ، وَمِنْه يُقَال: باكَ الحِمَارُ الأتانَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البائِكُ والفَاثِجُ: النَّاقة الْعَظِيمَة السَّنَامِ، والجميع البَوَائِكُ.
وَقَالَ النَّضْرُ بن شُمَيْل: بَوَائكُ الإبلِ: كِرَامُها وخِيَارُها.
ك م (وَا ي ى)
كمى، كمأ، (كمؤ) ، كوم، وَكم، أكم، مكا، ومك.
كمى: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتلف الناسُ فِي الكَمِيِّ من أَيِّ شيءٍ أُخِذَ؟ .
فَقَالَ طائفةٌ: سُمِّيَ كمِيّاً لِأَنَّهُ يَكْمِي شجاعَتَه لوَقْتِ حَاجته إِلَيْهَا، وَلَا يُظْهِرُها مُتَكَثِّراً بهَا، ولكنّه إِذا احتاجَ إِلَيْهَا أَظْهَرَها.
وَقَالَ بعضُهم إِنَّمَا سُمِّيَ كَمِيّاً لأنَّه لَا يَقْتُلُ إلاَّ كَمِيّاً، وَذَلِكَ أَن العربَ تأْنفُ من قَتْلِ الأخِسَّاء.
والعربُ تقولُ: القومُ قد تُكمُّوا، وقَدْ تشُرِّفُوا وتُزُوِّرُوا إِذا قُتِلَ كمِيُّهُمْ وشَرِيفُهُمْ وزَوَيْرُهُم، وَمِنْه قولُه:
بَلْ لَوْ شَهِدْتَ القَوْمَ إِذا تُكُمُّوا
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: رَجُلٌ كَمِيٌّ بَيِّنُ الكِمَايَةِ.
وَقَالَ: والكَمِيُّ على وَجْهَيْنِ: الكَمِيُّ فِي سِلاَحِهِ، والكَمِيُّ: الحافظُ لِسِرِّه.
قَالَ: والكامِي للشَّهَادَة: الَّذِي يَكْتُمُهَا.
وَيُقَال: مَا فلانٌ بِكَمِيَ وَلَا نَكِيَ أَي لَا يَكْمِي سرَّهُ، وَلَا يَنْكِي عدُوَّه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كلَّ مَنْ تَعَمَّدْتَه فقد تكَمَّيْتَه، وَسمي الكَمِيُّ كَمِيّاً لأنَّه يتَكَمَّى الأقْرَانَ أَي يَتَعَمَّدُهُم.
وَقَالَ: وأَكْمَى: كَتَمَ شَهَادَتَه، وأَكْمَى: سَتَر مَنْزلَه مِنَ العُيُون.
وأَكْمَى: قَتَل كَمِيَّ العَسْكَرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَكَمَّتْهُمُ الفِتْنَةُ إِذا غَشِيَتْهُم، وتَكَمَّى فِي سِلاَحِهِ إِذا تَغَطَّى بِهِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه مَرَّ على أبْوَابِ دُورِ مُسْتَفِلةٍ. فَقَالَ: اكْمُوهَا أَي اسْتُرُوهَا لِئَلاَّ تقعَ عيونُ الناسِ عَلَيْهَا.
كوم: ورُوي من وَجه آخر ... أكِيمُوها) أَي ارْفَعُوهَا لِئَلاَّ يَهْجُمُ السَّيْلُ عَلَيْهَا، مأخوذٌ من الكَوْمَةِ وَهِي الرَّمْلَةُ المُشْرِفَةُ، وَمن النَّاقةِ الكَوْمَاءِ، وَهِي الطَّوِيلَة السَّنَامِ،(10/220)
والكَوَمُ: عِظَمٌ فِي السَّنَامِ.
وَيُقَال لِلْفَرسِ فِي السِّفَادِ: كامَ يكُومُ كَوْماً، وَكَذَلِكَ كلّ ذِي حافرٍ من بَغْلٍ أَو حِمَارٍ.
وَيُقَال للعقربِ أَيْضا: كامَ يكُومُ كَوْماً، وَأنْشد أَبُو عبيد:
كأنّ مَرْعَى أُمَّكُمْ إذْ غَدَتْ
عَقْرَبَةٌ يكُومُهَا عُقْرُبَان
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال للحمار باكَهَا، وللفرس: كامَها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كامَ الحِمَارُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: الكُومَةُ: تُرَاب مجتمعٌ طُولُه فِي السَّمَاء ذرَاعَانِ وثُلُثٌ، ويكونُ من الْحِجَارَة والرّمْلِ، والجميع: الكُومُ.
وَقد كَوَّمَ الرّجُلُ ثِيَابَه فِي ثَوْبٍ واحدٍ إِذا جمعهَا فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى فِي نَعَمِ الصَّدَقَةِ نَاقَة كَوْمَاءَ) وَهِي الضَّخْمَةُ السّنَامِ، وبَعيرٌ أكْوَمُ، والجميعُ: كُومٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
رِقابٌ كالمَوَاجِنِ خاظِيَاتٌ
وأَسْتَاهٌ على الأكْوَارِ كُومُ
والاكْتِيامُ: القُعُودُ على أَطْرَافِ الْأَصَابِع، تَقول: اكْتَمْتُ لَهُ، وتَطَالَلْتُ لَهُ، ورَأَيْتُه مُكْتَاماً على أَطْرَافِ أَصَابِع رِجْلِه.
كمأ: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : كَمِىءَ الرَّجُلُ يَكْمَأَ كَمَأً، مَهْمُوزاً إِذا حَفِيَ وَعَلِيهِ نَعْلٌ، وَأنْشد شمرٌ:
وأَنْشُدُ بِاللَّه مِنَ النَّعْلَيْنِهْ
نِشْدَةَ شَيْخٍ كَمِىءِ الرِّجْلَيْنِهْ
وَقَالَ الْكسَائي أَيْضا فِيمَا رَوَى أَبُو عبيد عَنهُ: فَإِن جَهِلَ الرَّجُلُ الخَبرَ قَالَ: كَمِئْتُ الأخبارَ أَكْمأُ عَنْهَا، وغَبِيتُ عَنْهَا: مثلُها.
(شمرٌ) : الكَمَّاءُ الَّذِي يتَّبعُ الكَمْأَةَ، وسمعتُ أعرابيّاً يَقُول: بَنو فلانٍ يَقْتلُونَ الكَمّاءَ والضَّعِيفَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الكَمْأةُ: هِيَ الَّتِي إِلَى الغُبْرَةِ والسّوادِ، والجَبْأَة إِلَى الحُمْرة، والفِقَعَةُ: البِيضُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم كَمْءٌ للْوَاحِد، وجمْعُه: كَمْأةٌ، وَلَا يُجْمعُ على فَعْلَة إلاَّ كمْءٌ وكَمْاةٌ، ورَجْلٌ ورَجْلَة.
وَيُقَال: خرجَ المُتَكَمِّئُونَ، وهم الَّذين يطلُبَون الكَمْأةَ، وأكْمأتِ الأرضُ فَهِيَ مُكْمِئَةٌ إِذا كَثُر كَمْأتُها.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يجمعُ كَمْءٌ: أكْمُؤاً، وَجمع أَكْمُؤ: كَمْأةٌ.
وَقَالَ غَيره يُقَال للواحدةِ: كمأةٌ.
وَحكى شمرٌ عَن زَيدِ بن كَثْوَةَ مثلَ مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : تلَمَّعَتْ عَلَيْهِ الأرْضُ، وتكَمَّأَت عَلَيْهِ إذَا غَيَّبَتْه(10/221)
وَذَهَبت بِهِ.
أكم: قَالَ اللَّيْث: الأكَمَةُ: تَلٌّ منَ القُفِّ، والجميعُ: الأكَمُ والإكَامُ والأكُمُ، والآكامُ، وَهُوَ حَجَرٌ واحِدٌ.
والمأْكَمَتانِ: لَحْمَنَانِ بَين العَجُزِ والمَتْنَيْنِ والجميعُ: المآكِمُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأكَمةُ: قُفٌّ غيرَ أنّ الأكمَة أَطْوَلُ فِي السَماءِ وأَعْظمُ.
وَيُقَال: الأكَمُ: أَشْرَافٌ فِي الأرضِ كالرَّوَابِي.
يُقَال: هُوَ مَا اجتمعَ من الْحِجَارَة فِي مكانٍ وَاحِد، فرُبَّما غَلُظَ، وَرُبمَا لم يغلُظُ.
وَيُقَال: الأكمَةُ: مَا ارْتَفع على القُفِّ مُلَمْلَمٌ مُصَعِّدٌ فِي السّماءِ، كثيرُ الْحِجَارَة.
وَيُقَال: أُكْمٌ لجَمِيع الأكمَةِ.
وروى ابنُ هانىءٍ عَن زَيْد بن كَثْوَة أَنَّه قَالَ: من أَمْثَالِهِم (حَبَسْتُمُوني ووَرَاءَ الأكمَةِ مَا ورَاءَهَا) قالتْها امرأةٌ كَانَت واعَدَت تبَعاً لَهَا أَنْ تأْتِيَهُ ورَاءَ الأكمَةِ إِذا جَنَّ رُؤيٌ رُؤْياً فَبَيْنَمَا هِيَ مُعِيرَةٌ فِي مَهْنَةِ أَهلهَا إِذْ مَسَّهَا شَوقٌ إِلَى موعدها، وَطَالَ عَلَيْهَا المُكْتُ وصَخِبَتْ فَخَرَجَ مِنْهَا الَّذِي كَانَت لَا تُريدُ إظْهَارَه.
وَقَالَت: (حبَسْتُمُونِي ووَرَاءَ الأكمَةِ مَا ورَاءَهَا) .
يُقَال ذَلِك عِنْد الهزء بكُلِّ مَنْ أَخْبر عَن نفْسِه ساقِطاً مّا لَا يُريدُ إظْهارَهُ رؤيٌ رُؤْياً: شخْصٌ شخْصاً.
مكا: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) .
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحَرَّانِيِّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: المُكاءُ: الصَّفيرُ.
قَالَ: والأصْواتُ مضْمُومَةٌ إلاَّ حَرْفَينِ، النِّداءُ والغِنَاءُ، وَقَالَ حسان:
صَلاَتُهُمُ التَّصَدِّي والمُكَاءُ
وَقَالَ الليثُ: كَانُوا يطوفونَ بالبَيْتِ عُراةً يصْفِرونَ بأفْوَاهِهم، ويُصَفِّقُونَ بأيْدِيهم.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) قَالَ: إِذا كَانَت اسْتُه مَكْشُوفَة مَفْتُوحَة قيل: مَكَت استه تمْكو مُكَاءً.
وَيُقَال للطعنة إِذا فَهَقَتْ فَاها: مَكَتْ تَمْكو، وَقَالَ عنترة:
تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأعْلَمِ
والمكَّاء: طائِرٌ يأْلفُ الرِّيف، وجَمْعُه: المكَاكِيُّ، وَهُوَ: فُعَّالٌ من مَكَا إِذا صَفَر.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لجُحْرِ الثَّعْلَب والأرْنب: مَكَاً ومكْوٌ، وجمعُه أَمْكَاءٌ، ويُثَنَّى مَكاً: مَكَوانِ. وَقَالَ الشَّاعِر:
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بَعْدَ صَيْدَنِ
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : تَمَكَّى الغلامُ إِذا تطهَّرَ(10/222)
للصَّلَاة، وَكَذَلِكَ: تَطَهّرَ وتكَرَّع.
وَأنْشد:
كالمُتَمكِّي بدَمِ القَتِيل
(أَبُو عُبَيْدَة) : تمكَّى الفرسُ تمكِّياً إِذا ابتَلَّ بالعرَق. وَأنْشد:
والقَوْدُ بَعْدَ القَوْدِ قد تَمَكيْن
أَي ضَمَرْنَ بِمَا سالَ من عَرَقهنَّ.
وَيُقَال: مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكاً شَدِيدا إِذا غلظَتْ.
وَكم ومك: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الْمَوْكُومُ: المَوْقُومُ: الشديدُ الحُزْن، وَقد وَكَمَهُ الأمْرُ، ووَقَمه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الوَكْمةُ: الغَيْظَةُ المُشْبَعةُ، والوَمْكَةُ: الفَسْخةُ.
(كمى) : وأمّا قولُهم: كمَا، فَهِيَ فِي الأصْل مَا أُدْخِلَ عَلَيْهَا كافُ التَّشبيه، وَهَذَا أكْثرُ الْكَلَام.
وَقد قَالَ بعضُهم: إنَّ العربَ تَحْذِفُ الياءَ من كَيْمَا فتجعلُه كَمَا، وَيَقُول الرَّجُلُ لصَاحبه: اسْمَعْ كَمَا أُحَدِّثُك مَعْنَاهُ كَيْمَا أُحَدثك ويَرْفَعون بهَا الفعلَ ويَنْصُبون.
قَالَ عديّ بن زيد:
اسمَعْ حَدِيثا كَمَا يَوْمًا تحدِّثُه
عَن ظَهْرِ غَيْبٍ إِذا مَا سائلٌ سَأَلَا
مَنْ نصبَ فبمعنى كَيْ، وَمن رفعَ فَلِأَنَّهُ على غَيْرِ لَفْظِ كَيْمَا.
بَاب اللفيف من حرف الْكَاف
كوي، كاء، أكّ، أيك، وكي، وكك، (وكوك) ، (وكا) ، كي، كيك، كيا، كأي، أكي، كوك.
كوي: قَالَ اللَّيْث: كَوَى البَيْطَارُ وغيرُه الدَّابَّة وغيرَهَا بالمِكْوَاةِ يكْوِيها كيّاً وكَيَّةً.
والمِكْوَاةُ: الحديدة المُحْمَاةُ الَّتِي يكْوَى بهَا.
والكَوَاءُ: فَعَّالٌ من الكَاوِي.
واكْتَوَى يكْتَوِي اكْتِواءً، فَهُوَ مُكْتَوٍ.
وَفِي الحَدِيث: (إنّي لأغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ ثمَّ أَتَكَوَّى بجارِيَتِي) أَي اسْتَدْفِىءُ بمُبَاشَرَتَها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَوُّ، والكَوَّةُ: تأْسِيسُ بِنَائِهَا مِنْ كافٍ وواوَيْنِ، ومنهمْ من يقولُ: تأسِيسُ بِنَائِها من كافٍ وَوَاوٍ وياءٍ، كأنَّ أَصْلهَا كَوْيٌ ثُم أُدْغِمَتِ الواوُ فِي الْيَاء، فجُعِلَتْ واواً مُشَدَّدَةً.
وَيُقَال: كَوَّيْتُ فِي الْبَيْت كَوَّةً.
والرجُلُ يَسْتَكْوِي: إِذا طَلَبَ أَنْ يُكْوَى.
ويُجْمَعُ الكَوَّةُ: كُوًى، كَمَا يُقَال: قَرْيةٌ وقُرًى.
وَيُقَال: كِوًى، وكِوَاءٌ.
كاء: قَالَ أَبُو زيد: كِئْتُ عَن الأمْرِ كَيْأَةً إِذا مَا هِبْتَه.(10/223)
وَيُقَال للرجُلِ الجبانِ: كَيْءٌ، وَأنْشد شمرٌ:
وإنّي لَكَيْءٌ عَن الموئِبَاتْ
إِذا مَا الرَّطيءُ انمأَى مَرْثَؤُه
وأَكَأْتُ الرَّجُلَ إكاءةً وإكاءً إِذا مَا أرادَ أمرا ففاجأته على تَئِفَّةِ ذَلِك فهابَك ورَجَعَ عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجُل كَيْأَةٌ، وَهُوَ الجبانُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكأْكأَةُ: النُّكوصُ، وَقد تَكَأْكأَ إِذا انْقَدَعَ.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) قَالَ: الكَأْكَاءُ: الجُبْنُ الهالع.
قَالَ: والكأْكَاءُ: عَدْوُ اللِّصَّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَكَأْكَأَ الرجُلُ إِذا مَا عَيَّ بالْكلَام فَلم يقدِرْ على أَن يتكلَّمَ.
أك: قَالَ الْأَصْمَعِي: الأكَّةُ: الحَرُّ المُحْتَدِمُ.
يُقَال: أصابتْنَا أَكَّةٌ شديدةٌ، ويومٌ ذُو أَكِّ، وَذُو أكَّةٍ، وَقد ائتَكَّ يَوْمُنَا، وَهُوَ يومٌ مُؤْتَكٌّ، وَكَذَلِكَ: العَكُّ فِي وجُوهِهِ.
وَيُقَال: إنَّ فِي نفْسِهِ عليَّ لأكَّةً، أَي حِقْداً.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَعاهُ الله بالأكَّةِ، أَي بالموْتِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأكَّةُ: الشِّدَّةُ من شدائدِ الدَّهْرِ، وائتَكَّ فلانٌ من أَمْرٍ أَقْلَقه وأَذْلَقَه.
أيك: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} (الشُّعَرَاء: 176) ، وقرىء: (أصحابُ لَيْكةَ) .
وَجَاء فِي التَّفْسِير: أَنّ اسمَ المدينةِ كَانَ لَيْكةَ، واختارَ أَبُو عبيد هَذِه الْقِرَاءَة وجعلَ لَيْكةَ غير منصرفَةٍ.
ومَنْ قرأَ: (أصحابُ الأيْكَةِ) فإنَّ الأيكةَ والأيْكَ: الشَّجَرُ الملتفُّ.
وَجَاء فِي التَّفْسِير أَنَّ شجرَهم كَانَ الدَّوْمَ، وَهُوَ شجرُ المَقْلِ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: أيكةٌ مِنْ أَثْلٍ، ورَهْطٌ مِنْ عُشَر، وقَصِيمةٌ من الغَضَا.
وَقَالَ الزجاجُ، فِي سُورَة الشُّعَرَاء: يجوزُ وَهُوَ حسنٌ جدّاً (كَذَّبَ أصحابُ لَيْكةِ المُرْسَلِينَ) (الشُّعَرَاء: 176) بِغَيْر ألفٍ على الْكسر، على أَنَّ الأصلَ: الأيكَةِ، فأُلْقيَتِ الهمزةُ فَقيل الْيكَة، ثمَّ حُذِفَت الألفُ فَقيل: لَيْكَةِ.
قَالَ: والعربُ، تَقول: الأحْمَرُ قد جَاءَنِي.
وَتقول إِذا أَلْقَتِ الهمزةَ: الَحمرُ قد جَاءَنِي بِفَتْح اللَّام، واثبات ألف الوصلِ.
وَيَقُولُونَ أَيْضا: لَحمرَ جَاءَنِي يُرِيدُونَ: الأحمَر.
قَالَ: وإثباتُ الألِف وَاللَّام فِيهَا فِي سَائِر القُرآن يدلُّ على أنّ حذفَ الْهمزَة مِنْهَا الَّتِي هِيَ ألف الْوَصْل بِمَنْزِلَة قَوْلهم: لحمَر.(10/224)
وكي: الوكَاءِ: كلُّ سَيرٍ أَو خَيطٍ يُشَدُّ بِهِ السِّقَاءُ أَو الوِعاءُ؛ وَقد أوْكيتُه بالوِكَاءِ إيكاءً إِذا شددته.
وَفِي حَدِيث الزُّبير بن الْعَوام، أَنه كَانَ يُوكِي بَين الصَّفا والمَرْوَةِ سَعياً.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ عِنْدِي من الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام، كَأَنَّهُ يُوكِي فَاهُ فَلَا يتكلَّمُ.
ويُرْوَى عَن أَعْرَابِي أَنه سَمِع رَجلاً يتكلّمُ فَقَالَ: أوْكِ حَلْقَكَ أَي شُدَّ فمكَ واسْكُتْ.
(قلت) : وَفِيه وجهٌ آخرُ هُوَ أَصَحُّ عِنْدِي مِمَّا ذهب إِلَيْهِ أَبُو عبيد، وَذَلِكَ أَنَّ الإيكاءَ فِي كلامِ العربِ يَكونُ بِمَعْنى السَّعْيِ الشَّديد.
والدليلُ على ذَلِك قَوْله فِي الحَدِيث: أَنه كَانَ يُوكِي مَا بَينهمَا سَعْياً.
وَفِي (نَوَادِر الأعرابِ) المحفوظةِ عَنْهُم: المُوكِي: الَّذِي يَتَشَدَّدُ فِي مشيِهِ، فَمَعْنَى الإيكاءِ: الاشتدادُ فِي الْمَشْي.
وَيُقَال: فلانٌ مُوكِي الغُلْمَةِ، ومُزِكُّ الغُلْمَةِ، ومُشِطُّ الغُلْمة إِذا كَانَت بِهِ حاجةٌ شديدةٌ إِلَى الخِلاَطِ.
(قلت) : وَإِنَّمَا قيل لِلّذِي يَشْتَدُّ عَدْوُه: مُوكٍ، لِأَنَّهُ كأنّه مَلأ هَوَاء مَا بَيْنَ رِجْليه عَدْواً وأَوْكَى عَلَيْهِ.
والعربُ تقولُ: مَلأ الفرسُ فُرُوجَ دَوَارِجِه عَدْواً إِذا اشتدَّ حُضْرُه، والسِّقَاءُ إِنَّمَا يُوكَى عَلَى امْتِلاَئِه.
وَقَالَ اللَّيْث: تَوَكَّأَتِ الناقةُ، وَهُوَ تَصَلُّقَها عِنْد مَخاضِها.
والتَّوكُّؤُ: التحامُلُ على الْعَصَا فِي المَشْيِ.
يُقَال: هُوَ يَتَوكَّأُ علَى عصاهُ، ويتَّكِىءُ.
قَالَ: والعربُ تَقول: أوكَأْتُ فلَانا إِذا نَصَبْتَ لَهُ متَّكَأ، وأتْكَأْتُه إِذا حَمَلْته على الإتِّكَاءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَتْكَأْت الرَّجُلَ إتْكَاءً إِذا وسَّدْتَهُ حَتَّى يتَّكِىءَ.
وَيُقَال: اسْتَوْكَتِ الإبلُ اسْتِيكَاءً إِذا امْتَلأَتْ سِمَناً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اسْتَوْكَى بطن الإنْسَانِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ نَجْوُه، وَيُقَال للسِّقَاءِ وَنَحْوه إِذا امْتَلَأَ: قد اسْتَوْكَى، وَإِذا كانَ فَمُ السِّقَاءِ غَلِيظَ الأدِيمِ قيل: هُوَ لَا يَسْتَوْكِي، وَلَا يَسْتَكْتِبُ.
وكك: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الوَكُّ: الدَّفْعُ، والكَوُّ: الكِنُّ.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: يُقَال: ائْتَزَرَ فلانٌ إزْرَةَ عَكَّ وَكَّ، وَهُوَ أَنْ يُسْبِلَ طَرَفَيْ إزَارِه، وَأنْشد:
إِن زُرْتَهُ تَجِدْهُ عَكَّ وَكَّا
مِشْيتُه فِي الدَّارِ هَاكَ رَكَّا
قَالَ: وهَاكَ رَكَّا: حِكَايَةٌ لِتَبَخْتُرِه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رَجُلٌ وَكْوَاكٌ إِذا كَانَ كأنّما يتدحْرَجُ مِنْ قِصَرِه، وَقد تَوَكْوَكَ إِذا(10/225)
مَشى كَذَلِك.
كيك: (سَلمَة عَن الْفراء واللِّحياني عَن الرُّؤَاسِيِّ) قَالَا يُقَال: للبَيْضَةِ: كَيْكَةٌ، قَالَا: وجَمْعُها: الكَيَاكِي.
قَالَ الْفراء: الكَيْكَةُ: البَيْضَةُ، أَصْلها: الكَيْكِيَةُ ونظيرها: اللَّيْلَة، أصلُها: لَيْلِيَةٌ، وَلذَلِك صُغِّرَتْ لُيَيْلِيَةٌ، وجُمِعَت اللَّيْلَةُ: ليَالِيَ.
كيا: وَقَالَ اللَّيْث: كِيَا هُوَ عِلْكٌ رُوميٌّ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: المُصْطَكَى، وَلَيْسَ كِيَا عَربِياً مَحْضاً.
كي: كي: من حروفِ الْمعَانِي يُنصَبُ بهَا الفعلُ الغَابرُ.
يُقَال: أدِّبْهُ كي يَرْتَدِعَ عمَّا ارتَكَبه من السُّوءِ، ورُبَّما أُدْخِلَتِ اللَّام عَلَيْهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ جلَّ وعزَّ: {يَسِيرٌ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (الْحَدِيد: 13) ورُبَّما حَذَفُوا كي، واكْتَفَوْا بِاللَّامِ، وَقد تُوصَلُ كيْ بِلاَ وبِمَا، فَيُقَال تَحَرَّزْ كَيْلا يُصيبَكَ مَا تكْرَهُ، وخرجَ فلانٌ كَيْمَا يُصَلِّيَ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَآءِ} (الْحَشْر: 7) .
كأي: (أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَأَي إِذا أَوْجَعَ بالْكلَام.
أكي: وأَكَى: إِذا اسْتَوْثَقَ من غريمِه بالشُّهُودِ عَلَيْهِ.
كوك: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَيْكَاءُ، والمُكَوْكِي هما الشَّرَطَانِ أَي مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ من الرِّجَال.
وَقَالَ شمرٌ: رَجُلٌ كَوْكاةٌ: وَهُوَ القصيرُ.
قَالَ: ورأيتُ فلَانا مكَوْكِياً وَذَلِكَ إِذا اهْتَزَّ فِي مَشْيه وأسرعَ، وَهُوَ من عَدْوِ القصَارِ وَأنْشد:
دعوتُ كَوْكَاةً بِغَرْبٍ مِرْجَسِ
فجاءَ يَسْعَى حاسِراً لم يَلْبَسِ(10/226)
أَبْوَاب الرباعي من حرف الْكَاف
(بَاب الْكَاف وَالْجِيم)
(ك ج)
كنفج: قَالَ اللَّيْث: الكُنَافِجُ: الكثيرُ من كل شيءٍ.
(قلت) : وأنشدني أَعْرَابِي بالصَّمَّانِ، وَنحن فِي رياضَها:
تَرْعَى مِنَ الصَّمَّانِ رَوْضاً آرِجَا
ورُغُلاً باتَتْ بِهِ لَوَاهِجَا
والرِّمْثَ فِي أَلْواذِه الكنَافِجَا
وَقَالَ شمرٌ: الكُنَافِجُ: السمينُ المُمتلِىءُ وسُنْبُلٌ كنَافِجٌ: مُكْتنِزٌ. وَأنْشد:
يَفْرُكُ حَبَّ السُّنْبُلِ الكُنَافِجِ
كربج: وَيُقَال للحانوتِ: كُرْبَجٌ، وكُرْبَقٌ.
كسبج: والكُسْبَجُ: الكُسْبُ، مُعرب.
(بَاب الْكَاف والشين)
(ك ش)
كنفش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَنْفَشَةُ: أَنْ يجيءَ الرَّجُلُ، وَقد لَفَّ عِمَامَتَه عِشْرِينَ كَوْراً.
قَالَ: والكَنْفَشَةُ: السِّلْعَةُ تكونُ فِي لَحْيي البَعير، وَهِي النَّوْطَةُ.
والكَنْفَشَةُ: الجلوسُ فِي البيتِ أيامَ الفِتَنِ.
وَأنْشد:
لمّا رَأَيْتُ فِتْنَةً فِيهَا عشَا
كُنْتُ امْرَءاً كنْفَش فيمَن كَنْفَشَا
والكَنْفَشَةُ: الرَّوَغَانُ فِي الحربِ.
كرشف: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الكَرْشَفَةُ: الأرضُ الغليظةُ، وَهِي: الخَرْشَفَة.
وَيُقَال: كِرْشِفَةٌ وخِرْشِفَةٌ، وَأنْشد:
هيَّجَهَا من أَجْلَبِ الكِرْشَافِ
ورُطُبٍ من كلأ مُجْتافِ
أَسْمَرَ للوَغْدِ الضَّعِيفِ نافِ
جَرَاشِعٌ جَبَاجِبُ الأجْوَافِ
حُمْرُ الذُّرَى مُشْرِفَةُ الأفْوَافِ
(قلت) : وبالبَيْضاءِ منْ بلاَد بني جَذيمَة على سِيفِ الخَطِّ: بَلَدٌ. يُقَال لَهُ: خِرْشافٌ فِي رمالٍ وَعْثَةٍ تحتهَا أَحْسَاءٌ عَذْبةُ المَاء، عَلَيْهَا نَخْلٌ بَعْلٌ عروقهُ راسخةٌ فِي تِلْكَ الأحْسَاءِ.
كرشم: قَالَ أَبُو عمرٍ وَيُقَال: قَبَحَ اللَّهُ كَرْشَمَتَه يعنونَ وجْهَه.
كرشب: قَالَ الْأَصْمَعِي: الكِرْشَبُّ: المُسِنُّ الجافي.(10/227)
قرشب: قَالَ: والقِرْشَبُّ: الأكُولُ.
كنبش: قَالَ: وتكَنْبَشَ القومُ إِذا اخْتَلَطُوا.
(بَاب الْكَاف وَالضَّاد)
(ك ض)
ضبرك: (اللَّيْث) : يُقَال للرجل الضَّخْم الطويلِ: ضُبَارِكٌ، وضِبْرَاكٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال للأسد: ضُبَارِمٌ وضُبَارِكٌ، وهما من الرّجالِ: الشّجاعُ.
(كندش: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أَخبرني المَفضَّلُ أَنَّه يُقَال: هُوَ أَخْبَثُ من كِنْدِشٍ، وَهُوَ العَقْعَقُ.
وَأنْشد:
مُنِيتُ بزَمَّرْدَةٍ كالعَصَا
ألَصَّ وأَخْبَثَ مِنْ كِنْدِشِ)
(بَاب الْكَاف وَالصَّاد)
صملك: وَقَالَ اللَّيْث: الصَّمَلَّكُ: الرَّجُلُ الشديدُ القوَّةِ والبَضْعةِ، والجميعُ: الصَّمالِكُ.
صمك: وَقَالَ ابْن السّكيت: اصْمَأَكّ الرّجُلُ، وازْمَأَكَّ إِذا غضِبَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اصْمَأكَّتِ الأرضُ، فَهِيَ مُصْمَئِكَّةٌ، وَهِي النَّدِيَةُ الممْطورَةُ.
وحكِيَ عَن أبي الهُذَيْلِ: السماءُ مُصمَئِكَّةٌ أَي مستويةٌ خَلِيقَةٌ للْمَطَرِ.
(قلت) : وأَصلُ هَذِه الْكَلِمَة وَمَا أَشبَهَها ثلاثيٌّ، والهمزة فِيهَا مُجتَلَبَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: اصْمَأَكَّ اللَّبَنُ إِذا خَثَرَ جِدّاً حَتَّى يصير فِي حَدِّ الغِلَظِ.
(ضبك: وروى أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: اضبَأَكَّتِ الأرضُ، واضمَأَكَّتْ إِذا خرَجَ نبتُها، بالضَّادِ) .
مصطك: (اللَّيْث) : المُصْطَكَى: عِلْكٌ رُومِيٌّ، وَهُوَ دَخِيلٌ.
ودوَاءٌ مُمَصْطَكٌ قد جُعِلَ فِيهِ المُصْطَكَى.
(بَاب الْكَاف وَالسِّين)
(ك س)
كردس: فِي صفةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه كَانَ ضَخْمَ الكَرَادِيسِ) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ وَغَيره: الكَرَادِيسُ: رُؤُوسُ العظامِ، وَاحدُها: كرْدُوسٌ.
قَالَ: والكَرادِيسُ: كتائبُ الخيلِ، واحدُها: كُرْدُوسٌ، شُبِّهَتْ برُؤُوسِ العظامِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُرْدُوسُ: فِقْرَةٌ من فِقَرِ(10/228)
الكَاهِلِ، فكلُّ عظمٍ عظُمَتْ نَحْضَتُه فَهُوَ كُرْدُوسٌ.
وَيُقَال لرأْس كَسْرِ الفَخِذِ: كُرْدُوسٌ.
وَقَالَ شمرٌ: التَّكَرْدُسُ: التّجمُّعُ والتَّقَبُّضُ. قَالَ العجاج:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً وَمَا تَكَرْدَسَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التكَرْدُسُ: أَن يجمعَ بَين كَرَادِيسِه من بَرْدٍ أَو جُوع.
وكَرْدَسَه إِذا أَوْثَقَه وجَمَع كَرَادِيسَه.
وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيِّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة الْقِيَامَة، وجَوَازِ النَّاس على الصِّرَاط (فَمنهمْ مُسَلَّمٌ ومخْدُوشٌ، وَمِنْهُم مُكَرْدَسٌ فِي نَار جَهَنَّمَ) أَرَادَ بالمُكَرْدَسِ المُوثَق المُلْقى فِيهَا.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَرْدَسَه إِذا صَرَعَه.
قَالَ: وكلُّ عظمٍ تامَ ضخْمٍ. فَهُوَ كُرْدُوسُ.
وَقَالَ المُفَضَّلُ: فَرْدَسَهُ وكَرْدَسَه إِذا أَوْثَقَه، وَأنْشد:
فَباتَ على خَدَ أَحَمَّ ومَنْكِبٍ
وضِجْعَتُهُ مِثْلُ الأسِيرِ المُكَرْدَسِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَرَاديسُ: دَأَيَاتُ الظَّهْرِ.
دسكر: اللَّيْث: الدسْكَرَةُ: بِنَاءٌ شِبْهُ قَصْرٍ حولَهُ بيوتٌ، وَجمعه: الدّساكِرُ، تَكُونُ للمُلوكِ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَهُوَ مُعَرَّب.
كرفس: قَالَ: والكَرْفَسَةُ: مِشْيَةُ المُقيّدِ.
وَقَالَ غَيره: تَكَرْفسَ الرّجُلُ إِذا دخلَ بعضُه فِي بعضٍ.
والكَرَفْسُ من البُقُولِ، معروفٌ، وأَحْسبِهُ دَخِيلاً.
فرسك: والفِرْسِكُ: مِثْلُ الخَوْجِ فِي القَدْرِ إلاَّ أنَّه أَجْرَدُ أمْلَسُ، أَحْمَرُ أَو أَصْفَرُ.
وَقَالَ شمرٌ: سَمِعْتُ حِمْيَرِيَّةٌ فَصِيحَةً سألْتُها عَن بَلَدِها، فَقَالَت: النَّخْلُ قُلٌّ، وَلَكِن عَيْشُنَا أم قَمْحُ، أمْ فِرْسِكُ، أمْ عِنَبُ، أم حَمَاطُ، طُوبٌ أَي طَيِّبٌ.
(قلت) : لَهَا مَا الفِرْسِكُ؛ فَقَالَت: هُوَ مثلُ أمْ تِينِ عِنْدَكم.
وَقَالَ الأغْلَبُ:
كَمُزْلَغِبِّ الفِرْسِكِ المُهالِبِ
والفِرْسِكُ: الخَوْخُ.
كُرْسُف: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكُرْسُفُ: القُطْنُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : هُوَ الكُرْسُفُ، والكُرْسُوفُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) قَالَ: المُكَرْسَفُ: الجَمَلُ المُعَرْقَبُ.
كربس: وَقَالَ اللَّيْث: الكِرْبَاسُ: فارِسِيٌّ(10/229)
يُنْسَبُ إِلَيْهِ بَيَّاعُه فَيُقَال: كَرَابِيسِيٌّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الظّرِبَانُ: دابّةٌ صغِيرُ القوائِمِ يَكُونُ طُولُ قوائِمه قَدْرَ نِصْفِ أصْبَعٍ، وَهُوَ عَرِيضٌ يَكُونُ عَرْضُه شِبْراً وفِتْراً، وطُولُه مِقْدَارُ ذِرَاعٍ، وَهُوَ مُكَرْبَسُ الرَّأْسِ أَي مُجْتَمِعهُ.
قَالَ: وأُذْنَاهُ كَأذُني السّنَّوْرِ، وجَمْعُه: الظَّرَابِيُّ.
وَقَالَ غَيره يُقَال: ظَرِبَانٌ للواحِد، وجَمْعُه ظِرْبانٌ.
سبكر: (أَبُو عبيد عَن أبي زِياد الكِلاَبِيِّ) قَالَ: المُسْبَكِرُّ: الشَّابَّ المُعْتَدِلُ التامُّ، وأنشدَ قولَه:
إِذا مَا اسْبَكَرَّثْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ
وكل شيءٍ امتدَّ وطالَ فَهُوَ مُسْبَكِرٌّ مثلُ الشَّعْرَ وَغَيره.
بلكس: قَالَ أَبُو سعيد: سَمِعْتُ أَعْرابياً يَقُول بحَضْرَةِ أبي العَمَيْثَلِ: يُسَمَّى هَذَا النَّبْت الَّذِي يَلْزَقُ بالثِّيَاب، وَلَا يكادُ يتَخَلَّصُ مِنْهَا: البَلْكَسَاءَ، فكتبَه أَبُو العَمَيْثَلِ، وَجعله بَيْتاً من شِعرِه ليَحْفَظَه:
تُخبّرُنَا بِأنَّكَ أَحْوَزِيٌّ
وأنتَ البَلْكَسَاءُ بِنَا لُصُوقَا
قسطل كسطل: (أَبُو عَمْرو) يُقَال للغُبَارِ: قَسْطَلٌ وكَسْطَلٌ وكَسْطَنٌ، وقَسْطَانٌ، وكَسْطَانٌ. وَأنْشد:
حتَّى إِذا مَا الشَّمْسُ هَمَّتْ بعَرَجْ
أَهَابَ رَاعِيَها فَثَارَتْ برَهَجْ
ثُثِيرُ كَسْطَانَ غُبَارٍ ذِي وَهَجْ
(قلت) : جعل أَبُو عَمْرو: قَسْطَانَ وكَسْطَانَ بِفَتْح الْقَاف فَعْلاَناً لَا فَعْلاَلاً، وَلم يُجِزْ قَسْطالاً وَلَا كَسْطَالاً، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فَعْلاَلٌ من غير حدِّ المضاعف إلاَّ حَرْفٌ واحدٌ جَاءَ نَادرا، وَهُوَ قولُهم: ناقةٌ بهَا خَزْعَالٌ، هَكَذَا قَالَ الْفراء.
كلمس كلسم: وَقَالَ اللَّيْث: الكَلْمَسَةُ: الذَّهابُ، تَقول: كَلْمَسَ الرَّجلُ، وكلْسَمَ إِذا ذهب.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) يُقَال: كَلْسَمَ فلانٌ إِذا تَمَادَى كَسَلاً عَن قَضَاء الْحُقُوق.
سكرك: (أَبُو عبيد) : ومنَ الأشْرِبةِ: السُّكُرْكَةُ.
قَالَ: ورُوِي عَن أبي مُوسَى الأشعريِّ أَنه قَالَ: هُوَ خَمْرُ الْحَبَشَةِ، وَهُوَ من الذُّرَةِ يُسكِرُ.
فسكل: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الفِسْكِلُ: الَّذِي يجيءُ فِي الْحَلْبَةِ آخِرَ الْخَيل.
وَقَالَ شمرٌ: الفِسْكِلُ، والمُفَسْكَلُ هُوَ المؤخَّرُ البَطيءُ.
وَقَالَ الأخْطَلُ:
أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عَبْداً تابِعاً
فبَقِيتَ أنتَ المُفْحَمُ المَكْعُومُ(10/230)
وَيُقَال: رَجُلٌ فِسْكَوْلٌ وفُسْكُولٌ، وَقد فسْكِلْتَ أَي أُخِّرْتَ.
مسكن: وَجَاء فِي الخَبرِ: (أنّهُ نَهَى عَن بَيْعِ المُسْكَانِ) ، فرُوِيَ عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه أنَّهُ قَالَ: المساكينُ: العَرَابِينُ، واحدُها: مُسْكَانٌ:
قَالَ: والمساكينُ: الأذِلاَّءُ المَقْهورُونَ، وَإِن كَانُوا أَغنياءَ.
سنبك: ورُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (لَتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ كَفْراً كفرا إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأرْضِ) . قيل: وَمَا ذَاك السُّنْبُكُ؟ قَالَ: (حِسْمَى جُذَامٍ) :
قَالَ أَبُو عبيد: شَبَّه الأرضَ الَّتِي يُخْرَجون إِلَيْهَا بسُنْبُكِ الدَّابة فِي غِلَظِها.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سُنْبُكُ كلِّ شيءٍ: أَوَّلُهُ.
يُقَال: كَانَ ذَلِك على سُنْبُكِ فلانٍ أَي على عَهْدِ وِلاَيَتِه، وأَوَّلِها، وأصابنا سُنْبُكُ السماءِ: أولُ غَيْثِها:
وَقَالَ الأسْودُ بنُ يَعْفُرَ:
ولَقَدْ أُرجِّلُ لِمَّتي بِعَشِيَّةٍ
للشَّرْبِ قَبلَ سَنابِكِ المُرْتَادِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ) قَالَ: السُّنبُكُ: الخَرَاجُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّنْبُكُ: طرَفُ الحافرِ وجانِبَاهُ من قُدمٍ، وجمعُه: سَنابكُ.
وسُنْبكُ السَّيفِ: طرَفُ نَعْلِه.
(بَاب الْكَاف وَالزَّاي)
ك ز
كرزم كرزن: (اللَّيْث) : الكَرْزَمُ: فأْسٌ مَفْلُولةُ الحَدِّ، والجميعُ: الكَرَازِمُ:
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) قَالَ: هُوَ الكَرْزَنُ.
قَالَ: وأَحْسِبُنِي قد سَمعْتُ بالكسرِ: كِرْزِنٌ.
وَقَالَ الأحمرُ: الكِرْزِينُ: فأسٌ لَهَا حدٌّ نَحْو المِطرَقَةِ، والكِرْتِيمُ: نَحوه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للفأْسِ: كَرْزَمٌ وكَرْزَنٌ.
وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب، يَقُول للرَّجُل القصيرِ: كَرْزَمٌ، ويُصَغَّرُ كُرَيْزِماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرَازِيمُ: شدائدُ الدّهْر الواحدُ: كِرْزِيمٌ.
وَأنْشد:
مَاذَا يَرِيبُكَ من خِلْمٍ عَلِقْتُ بِهِ
إنَّ الدُّهُورَ علينا ذاتُ كِرْزِيمِ
قَالَ: والكَرْزَمَةُ: أَكْلةُ نصفِ النَّهَارِ.
(قلت) : وَهَذَا مُنكَرٌ لم يقلهُ غيرُ اللَّيْث.
وروى أَبُو الْأَحْوَص، عَن مُحَمَّد ابْن أبي يحيى الأسلم عَن الْعَبَّاس بن سهل عَن أَبِيه قَالَ: كنتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله يَوْم الخَنْدَق فَأخذ الكِرْزِينَ يحفِر فِي حَجَرٍ فضحِكَ، فَسُئِلَ مَا أَضْحَكَ؟(10/231)
فَقَالَ: (من ناسٍ يُؤْتَى بهم مِن قِبَلِ المشرِقِ فِي الكُبُول يُسَاقون إِلَى الجنَّةِ وهُم كارِهُونَ) .
قَالَ الفرّاء: يُقَال للفأس: كَرْزَم وكَرْزَن.
وَأنْشد:
فَقَدْ جَعَلْتَ أَكْبَادُنا تَجْتَوِيكُمُ
كَمَا تَجْتَوِي سوقُ العضاه الكَرَازِنَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ لَهَا حَدٌّ واحدٌ فَهِيَ فأْسٌ وكَرْزَن، وكِرْزِن.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَحْمَر) : الكِرْزِينُ: فأسٌ لَهَا حَدٌّ.
وَقَالَ غيرُه: الكَرَازِنُ: مَا تحتَ مِيرَكَةِ الرَّحْلِ.
وَقَالَ الرَّاجز:
وَقَفْتُ فِيهِ ذاتَ وَجه سَاهِمٍ
تُنْبِي الكَرَازِينَ بصُلبٍ زَاهِمِ
وَقَالَ جرير فِي الكرازِم: الفُؤُوس، يهجو الفرزدق:
عَنِيفٌ بِهَزِّ السَّيفِ قَيْنُ مُجاشِعٍ
رَفِيقٌ بِأَخْرَاتِ الفُؤُوسِ الكَرَازِمِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الكرزم: الكثيرُ الأكْلِ.
زنكل: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الزَّوَنْكَلُ: القَصيرُ.
زرنك: وَقَالَ غَيره: الزُّرْنوكُ: الخَشَبَةُ الَّتِي يَقْبِضُ عَلَيْهَا الطَّاحِنُ إذَا أَدَارَ الرَّحَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وكأَنَّ رُمْحَكَ إذْ طَعَنتَ بِهِ العِدَا
زُرْنُوكُ خَادِمَةٍ تَسُوقُ حِمَارا
كربز: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: القَثْوُ: أكلُ القَثَدِ، والكِرْبِزِ، فَأَما القَثَدُ فَهُوَ الخِيَارُ، وَأما الكِرْبزُ فالقِثَّاءُ الكِبَارُ.
(بَاب الْكَاف والطاء)
ك ط
بطرك: قَالَ الْأَصْمَعِي فِي قولِ الرَّاعي يصفُ حِمَاراً وَحْشيّاً:
يَعْلُو الظَّوَاهِرَ فَرْداً لَا ألِيفَ لَهُ
مَشْيَ البِطَرْكِ عَلَيْهِ رَهْطُ كَتَّانِ
قَالَ البِطَرْكِ هُوَ البِطْرِيقُ.
وَقَالَ غَيره: البِطَرْكُ هُوَ السَّيِّدُ مِنْ سادةِ المَجُوسِ.
(قلت) : وَهُوَ دخيلٌ، وَلَيْسَ بعربي.
(بَاب الْكَاف وَالدَّال)
ك د
كندر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ الرجُلُ فِيهِ قِصَرٌ وغِلَظٌ مَعَ شدَّةٍ فَهُوَ كُنْدُرٌ، وكُنَادِرٌ وكُنَيْدِرٌ.
وروى شمرٌ لِابْنِ شميلٍ: كُنَيْدرٌ على فُعَيْلل، وكُنَيْدِرٌ: تصغيرُ كُنْدُرٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُنْدُرُ: اسمٌ للعِلْكِ.
قَالَ: وَيُقَال: حِمارٌ كُنْدُرٌ وكُنَادِرٌ، وَهُوَ(10/232)
الغليظُ، وَأنْشد:
كأَنَّ تحتِي كُنْدُراً كُنادِرَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إنَّه لَذُو كِنْدِيرَةٍ. وَأنْشد:
يَتْبَعْنَ ذَا كِنْدِيرَةٍ عَجَنَّسَا
إذَا الغَرَابانِ بِهِ تَمَرَّسَا
لم يجِدَا إِلَّا أَدِيماً أَمْلَسَا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكُنْدُرُ: الشَّدِيدُ الخَلْقِ، وفِتْيَانٌ كَنَادِرةٌ.
درنك: وَقَالَ أَبُو عُبيدةَ: الدُّرْنُوكُ: البِسَاطُ، وجمعُه: دَرَانِكُ.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الطّنْفسةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرْنُوكُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ لَهُ خَمْلٌ قصيرٌ كخَمْلِ المنَاديلِ، وَبِه شُبِّه فَرْوَةُ البعيرِ. وَأنْشد:
عَنْ ذِي دَرَانِيكَ ولِبْداً أَهْدَبَا
كردم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَرْدَمُ: الشجاعُ، وَأنْشد:
ولَوْ رَآهُ كَرْدَمٌ لكَرْدَمَا
أَي لهربَ.
وَقَالَ الليثُ: الكَرْدَمُ: الرّجُلُ القَصِيرُ.
وَقَالَ غَيره: كَرْدَمْتُ القومَ إِذا جَمَعْتهم وعَبَّأتَهُم، فهم مكَرْدَمُونَ، وَأنْشد:
إِذا فَزِعُوا يَسْعَى إِلَى الرَّوْعِ مِنْهُمُ
بجُرْدِ القَنَا سَبْعُون ألْفاً مَكَرْدَمَا
وكرْدَمَ الرجُلُ إِذا عَدَا فأمْعَنَ، وَهِي الكردمة.
قَالَ: والكَرْمَحَةُ، والكَرْبَحَةُ دُونَ الكَرْدَمَةِ فِي العَدْوِ.
درمك: (اللَّيْث) : الدَّرْمَكُ: الدَّقِيقُ الحُوَّارى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرْمَكُ: النَّقِيُّ الْحُوَّارَى.
قَالَ: وخطبَ بعضُ الحَمْقى إِلَى بعض الرُّؤسَاءِ حريمةً لَهُ فَرَدَّه، وَقَالَ:
امسح من الدَّرْمَكِ عِنْدِي فاكَا
إنّي أَراكَ خاطِباً كَذَاكَا
قَالَ: والعربُ تَقول: فلانٌ كَذَاكَ أَي سَفِلَة من النَّاس.
وَفِي الحَدِيث: (تُرَابُ الجنَّة دَرْمَكةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ) .
قَالَ شمر قَالَ خَالِد: الدَّرْمَكُ: الَّذِي يُدَرْمَكُ حَتَّى يكونَ دُقَاقاً من كل شَيْء، الدقيقُ، والكُحْلُ، وَغَيرهمَا وَكَذَلِكَ: الترابُ الدَّقِيق: دَرْمَكٌ.
كندد: (اللَّيْث) : كَنْدَدَةُ الْبَازِي: مَجْثمٌ يُهَيّأُ لَهُ من خشبٍ أَو مَدَرٍ، وَهُوَ دخيلٌ، لَيْسَ بعربي، وبيانُ ذَلِك أنّه لَا يَلْتَقي فِي كلمة عَرَبِيَّة حرفان مِثْلانِ فِي حَشْوِ الْكَلِمَة إلاَّ بفصلٍ لازمٍ كالعَقَنْقَلِ، والخَفَيْفَدِ وَنَحْوه.
قَالَ الأزهريُّ: قد التقى حرفان مِثْلاَنٍ بِلَا فصلٍ بَينهمَا فِي حُرُوف كَثِيرَة مِنْهَا: السُّقْدُدُ، والقُنْدَدُ، والخَفَيْدَدُ، والعُنْدُدُ.
قَالَ المبرَّدُ: مَا كَانَ من حرفين من جنسٍ(10/233)
واحدٍ فَلَا إدغام فِيهَا إِذا كَانَت فِي مُلحقاتِ الْأَسْمَاء لِأَنَّهَا تنقُص عَن مقادير مَا أُلْحِقَت بِهِ.
وَذَلِكَ قَوْلهم: قَرْدَدٌ، ومهدَدٌ، لأنَّه مُلحَقٌ بجعفرٍ، وَكَذَلِكَ الْجمع نَحْو قَرَادِدَ، ومَهَادِدَ ليكونَ مثل جَعَافِر، فَإِن لم يكن مُلْحَقاً لَزِمَه الإدغامُ، مثل: رجُلٌ أَكَدَّ.
بندك: (أَبُو عبيد) : البنَادِكُ: مثلُ البَنَائِق، وَهِي لَبِنَةُ القَمِيص.
قَالَ ابنُ الرِّقَاع:
كَأَن زُرُور القُبْطُرِيَّةِ عُلقت
بَنَادِكُها منهُ بجِذْعٍ مُقَوَّمِ
كلند: (أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : المكْلَنْدِدُ: الشديدُ الخَلْقِ العظيمُ.
وَقَالَ اللحياني: اكْلَنْدَى الرجُلُ، واكلَنْدَدَ إِذا اشْتَدَّ.
دملك: (اللَّيْث) : الدُّمْلُوكُ: الحجرُ المُدَمْلَكُ المُدَمْلَقٌ، وَقد تَدَمْلَكَ ثديُها، وَلَا يُقَال: تَدَمْلَقَ، وَأنْشد:
لم يَعْدُ ثَدْيَاها عَن أَن تَفَلّكَا
مُستَنْكِرَانِ المَسَّ قد تَدَمْلَكَا
كردن: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضربَ كَرْدَنَه أَي عُنُقَه.
وَبَعْضهمْ يَقُول: ضربَ قَرْدَنَه، وَيُقَال للعُنُقِ: الكَرْدُ والقَرْدُ.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
يَا رَبِّ بَدِّل قُرْبَهُ ببُعْدِهِ
واضْرِبْ بحَدِّ السَّيف عَظْمَ كَرْدِهِ
دبكل: وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَبْكَلْتُ المَال دَبْكَلَةً: وحَبْكَرْتُه حَبْكَرَةً وكَمهلْتُه كمهَلةً، وكَرْكَرتْهُ كَرْكَرَةً: إِذا جمعته.
(بَاب الْكَاف وَالتَّاء)
(ك ت)
كمتر: الكَمْتَرَةُ: من عدْوِ القصيرِ المتقارب الخَطْوِ المُجتهدِ فِي عَدْوِه.
وَنَحْو ذَلِك روى أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي، وَأنْشد:
حَيثُ ترى الكوَأْلل الكُماتِرا
كالهُبَعِ الصِّيفِيِّ يَكْبُو عَاثِرَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَمْتَرْتُ السِّقَاءَ وقَمْطَرْتُه إِذا مَلأْتَه.
كرتم: قَالَ: والكِرْتِيمُ: الفأْسُ.
وَقَالَ غَيره: الكُرْتُومُ: الصَّفَا من الْحِجَارَة، وحَرَّةُ بني عُذُرَةَ تدعَى كُرْتُومَ.
وَقَالَ الراجز:
أَسْقَاكِ كلُّ رائحٍ هَزِيمِ
يَتْرُكُ سَيْلاً جَارحَ الكُلومِ
ونَاقِعاً بالصَّفْصَفِ الكُرْتُومِ
برتك: وَفِي (النَّوَادِر) : بَرْتكْتُ الشَّيْء برتكةً وفَرْتَكْتُه فرتكةً، وكرْنَفْتُه كرَنَفَةً إِذا قطَّعته مثل الذَّرِّ.(10/234)
ورُوي عَن أبي عمرٍ والشيبانيّ نحوٌ من هَذَا.
كلتب: (ثَعْلَب عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: الكَلْتَبَانُ: مأخوذٌ من الكَلَب وَهُوَ القيادة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الكَلْتَبَةُ: القِيَادَةُ.
كَبرت: وَقَالَ اللَّيْث: الكِبْرِيتُ: عَيْنٌ تَجْرِي. فَإِذا جَمَدَ ماؤُهَا صَار كبْرِيتاً أَبْيَضَ، وأَصْفَرَ، وأَكْدَرَ.
قَالَ: والكِبْريتُ الأحْمَرُ؛ يُقَال هُوَ من الجَوْهَرِ، ومَعْدِنُه خَلْفَ بلادِ التُّبَّت، وَادي النَّمْلِ الَّذِي مَرَّ بِهِ سليمانُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.
وَيُقَال: فِي كل شيءٍ كِبْرِيتٌ وَهُوَ يُبْسُه مَا خلا الذَهَبَ والفِضَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْكَسِرُ، فَإِذا صُعِّدَ أَي أُذِيبَ ذَهَبَ كِبْرِيتُه.
وَقَالَ فِي قَول رؤبة:
هلْ يَعْصَمَنِّي حَلِفٌ سِخْتيتُ
أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْرِيتُ
قَالَ: هُوَ الذهبُ الأحمرُ فِي قَوْله:
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ظن رؤبةُ أَن الكِبْرِيتَ ذَهَبٌ.
وسمعْتُ أَعْرابيّاً يقولُ: كَبْرَتَ فلانٌ بَعِيرَهُ إِذا طلاهُ بالكِبْرِيتِ والْخَضْخَاضِ.
كمتل: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجُلٌ كَمْتَلٌ وكُمَاتِلٌ، وكَمْتَرٌ وكُمَاتِرٌ: صُلْبٌ شديدٌ.
(قلت) : وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: ناقةٌ مُكَمْتَلَة الْخلق إِذا كَانَت مُدَاخَلَة مجتمعة.
(بَاب الْكَاف والثاء)
ك ث
كنبث: قَالَ ابْن دُرَيْد: رَجُلٌ كُنْبُثٌ، وكُنَابِثٌ: مُنْقَبِضٌ بَخِيلٌ.
قَالَ: وتكنبث الرجُلُ إِذا تَقَبَّضَ، ورَجُلٌ كُنْبُثٌ وَهُوَ الصُّلْبُ الشَّديد.
كلثم: وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَةٌ مكَلْثَمةٌ: ذاتُ وَجْنَتَيْنِ حَسَنَةُ دَوَائِرِ الوَجْهِ فَاتَتْها سُهُولةُ الخَدِّ، وَلم تَلْزَمْهَا جُهُومَةُ القُبْحِ، والمصدرُ: الكَلْثَمَة.
قَالَ شمر قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه لم يَكُنْ بالمُكَلْثَمِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: معناهُ: لم يَكُنْ مُسْتَدِيرَ الوَجْهِ، ولكِنَّه كانَ أَسِيلاً.
وَقَالَ شمرٌ: المُكَلْثَمُ من الْوُجُوه: القَصيرُ الحَنْكِ، الداني الجَبْهَةِ المُسْتَدِيرُ الوَجْهِ.
قَالَ: وَلَا تكونُ الكَلْثَمَةُ إلاَّ مَعَ كثرةِ اللحْمِ.
وأَخْلاَفٌ مُكَلْثَمَةٌ أَي غليظةٌ.
قَالَ شَبيبُ بنُ البَرْصَاء يصف أَخْلاَف نَاقَة:
وأخْلافٌ مُكَلْثَمَةٌ وشجرٌ
صيَّر أَخْلافَها مُكَلْثَمَة لغلظها وعظمها.(10/235)
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الكُلْثُومُ: الفيلُ، وَهُوَ الزَّنْدَبِيلُ.
كلبث: قَالَ ابْن دُرَيْد: كَلْبَثٌ، وكُلابثٌ، وَهُوَ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ.
كنثب: (ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكِنْثَابُ: الرَّمْلُ المُنْهَالُ.
كمثر: (اللَّيْث) : الكُمَّثْرَاةُ: مَعْرُوفةٌ.
(قلت) : وسأَلْتُ جمَاعَة من الْأَعْرَاب عَن الكُمَّثراة فَلم يَعْرِفُوها.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الكَمْثَرَةُ: تداخلُ الشَّيْء بعضِه فِي بعض، واجتماعهُ، فَإِن يكنِ الكُمَّثرى عَرَبيا فَمِنْهُ اشتقاقه.
(بَاب الْكَاف وَالرَّاء)
(ك ر)
كرتب: قَالَ ابْن دُرَيْد: وَيُقَال: تَكَرْتَبَ بِالتَّاءِ فلانٌ علينا أَي تغلَّب.
كنبذ: قَالَ: ورجُلٌ كُنَابِذٌ: غليظ الوَجْهِ جهمٌ.
كنثر: قَالَ: ورجلٌ كُنْثَرٌ وكُناثِرٌ، وَهُوَ المجتمعُ الخَلْقِ.
دركل: وقرأت بِخَط شمر قَالَ: قُرىء على أبي عبيد، وَأَنا شاهدٌ فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه مرَّ على أَصْحَاب الدِّرْكِلة فَقَالَ: خُذُوا يَا بني أَرْفَدَة حَتَّى تعلم اليهودُ أَن فِي ديننَا فُسحةً) .
قَالَ شمر قَالَ أَبُو عدنان أنشدت أَعْرَابِيًا من بكر بن وَائِل:
أسْقى الإلهُ صدى لَيْلَى ودر كَلَها
إنَّ الدَّرَاكِلَ كالْحَلفَاء فِي الأجَمِ
فَقَالَ: إنَّ الدَّرْكَلةً وحْياً فانظُرْ مَا هِيَ، قَالَ ثُمَّ أنْشَدْتُ جَابر بن الأزْرَقِ الكلابيَّ كَمَا أنْشَدْتُ هَذَا الأعرابيَّ.
فَقَالَ: الدرْقلُ: لُغةُ قوم لستُ أَعْرِفُهم، وأَزْعُمُ أَن دَرَاقِلَهَا: أَوْلادُها.
قَالَ فقلتُ كلاَّ إِنَّه قد قَالَ:
لَوْ دَرْقَلَ الفِيلُ مَا انْفَكَّتْ فَرِيصَتُه
تَنْزُو ويَحْبِقُ من ذُعْرٍ وَمن أَلَمِ
قَالَ فَمَا يُشَرِّدُه لَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ، قلت وَقَالَ آخر:
لَوْ دَرْكَلَ اللَّيْثُ لم يَشْعُرْ بِهِ أَحدٌ
حتَّى يَخِرَّ على لَحْيَيْهِ فِي طَرَقِ
فَقَالَ: أَبْعَدَه الله اللَّهُمَّ لَا تَسْمَعْ لأصْحَابِ هَذَا القَوْلِ، هَؤُلَاءِ لعَّابُونَ أَجْمَعُونَ، غُوَاةٌ يَرْكَبُ أحدُهم مِذْرَوَيْهِ، لَهِجَ برويَ يُضْحِكُ بِهِ، قُلتُ فَمَا معناهُ؟
قَالَ: لَا أَدْرِي.
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: قَدِمَ فِتْيَةٌ من الحبشةِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُدَرْقِلُون.
قَالَ: والدَّرْقَلَةُ: الرَّقصُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الدَّرْكَلَةُ: لُعْبَةٌ للصبْيَانِ،(10/236)
أَحْسِبُهَا حبشيَّةً مُعَرَّبةً.
كرشم: قَالَ: والكُرْشُومُ: القبيحُ الْوَجْه.
كلذم: والكَلْذَمُ: الصُّلْبُ.
كركدن: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الكَرْكَدَّنُ: دابَّةٌ عَظِيمَةٌ الخَلْقِ، يُقَال: إنَّها تَحْمِلُ الفِيلَ على قَرْنِها، ثُقِّل دالُ كَرْكَدَّنَ.
كربل: وَقَالَ اللَّيْث: الكَرْبَلةُ: رخاوةُ القَدَمَيْنِ، يُقَال: جَاءَ يَمْشِي مُكَرْبِلاً.
وكَرْبَلاَءُ: اسمُ موضعٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كَرْبلْتُ الطَّعَام كَرْبلةً: هذَّبْتُه ونَقَّيْتُه، وَأنْشد فِي صفه حنطةٍ:
يَحْمِلْنَ حَمْرَاءَ رَسُوباً للثَّقَلْ
قَدْ غُرْبِلَتْ وكُرْبِلَتْ مِنَ القَصَلْ
وكَرْبَلٌ: اسمُ نَبْتٍ، وقيلَ هُوَ الحُمَّاضُ، وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ يَصِفُ عُهُونَ الهَوْدَجِ:
وثَامِرُ كَرْبَلٍ وعَمِيمُ دِفْلَى
عَلَيْهَا والنَّدَى سَبِطٌ يَمُورُ
كرنف: وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكَرَانيفُ: أُصُولُ السَّعَفِ الغِلاَظُ الوَاحِدَةُ: كِرْنافةٌ، وَقَالَ غيرُه: المُكَرْنِفُ: الَّذِي يلْقُطُ التَّمْرَ من أُصُولِ كَرَانِيفِ النَّخْلِ. وَقَالَ الرَّاجزُ:
قَدْ تَخِذَتْ لَيْلَى بِقَرْنٍ حَائِطا
واسْتَأجَرَتْ مُكَرْنِفاً ولاقِطَا
وكَرْنَفَه بِالسَّيْفِ إِذا قطَّعه، وكَرْنَفه بالعَصَا إِذا ضَرَبه بهَا.
قَالَ اللَّيْث: الكَرْنَفَةُ من قَول الشَّاعِر:
كَرْنَفْتُه بهِرَاوَةٍ عَجْرَاءِ
إِذا دققته.
كرنب: (عمرٌ وَعَن أَبِيه) الكُرْنُبُ: بَقْلةٌ. والكَرْنِيبُ والكُرنَابُ: التَّمرُ باللَّبن.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَرْنِيبُ: المَجِيعُ، وَهُوَ الكُدَيْرَاءُ، يُقَال: كَرْنِبُوا لضَيْفِكُمْ فإنَّه لَتْحَانُ أَي جائِعٌ.
كركم: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُرْكُبُ، والكُرْكُمُ: نَبْتٌ، وَقَالَ: ثوبٌ مُكَرْكَمٌ: مصبوغٌ بالكُرْكُمِ، وَهُوَ شبيهٌ بالوَرْسِ، قَالَ والكُرْكُمُ تُسَمِّيه العربُ الزَّعْفَرانَ، وَأنْشد:
قامَ على المَرْكُوِّ ساقٍ يُفْعِمُهْ
يَرُدُّ فِيهِ سُؤْرهُ وَيَثْلِمُهْ
مُخْتَلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ
فَرِيحُه يَدْعُو على مَنْ يَظْلِمُهْ
يصف عَرُوساً ضَعُفَ عَن السَّقْي فاستعان بعرسه، وَفِي الحَدِيث (فعَادَ لَوْنُهُ كأنَّه كُرْكُمةٌ) .
قَالَ اللَّيْث: هُوَ الزعْفَرَانُ.
قَالَ: والكُرْكُمَانِيُّ: دَوَاءٌ منسوبٌ إِلَى الكُرْكُم، وَهُوَ نَبْتٌ شبيهٌ بالكَمُّون يُخْلَطُ بالأدْوِيَةِ، وتوَهَّمَ الشَّاعِر: أَنه الكمونُ فَقَالَ:(10/237)
غَيْباً أُرجِّيهِ ظُنُونَ الأظْنُنِ
أَمَاني الكُرْكُم إِذْ قَالَ اسْقِنِي
وَهَذَا كَمَا يُقَال: أَمَانيُّ الكمون.
(بَاب الْكَاف وَاللَّام)
(ك ل)
كنفل: وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ كَنْفَلِيلُ اللِّحْيَةِ، ولحيَةٌ كَنْفَلِيلةٌ: ضَخْمَةٌ جافِيَةٌ.
دمك: وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّمَكْمَكُ: الشَّدِيدُ من الرِّجال.
وَمن خماسي الْكَاف
كنفرش: قَالَ شمرٌ: الكَنْفَرِشُ: الضَّخْمُ من الكَمَرِ، وَأنْشد:
كَنْفَرِشٌ فِي رَأْسِهَا انقِلاَبُ
كبرتل: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال لذَكَرِ الخُنْفُسَاءِ: الكَبَرْتَلُ وَهُوَ المُقَرَّضُ والحوَّازُ، والمُدَحْرِجُ والجُعَلُ.
برنكان: وبَرْنَكانُ: معربٌ والصوابُ: البرَّكانُ، قَالَه الْفراء.
شبكر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشَّبْكَرَةُ: العشا وَهُوَ معربٌ.
آخر (كتاب الْكَاف) من (تَهْذِيب اللُّغَة) وَالْحَمْد لله وَحده.(10/238)
كتاب الْجِيم من كتاب تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف من حرف الْجِيم
(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش
جش، شج: مستعملان.
جش: قَالَ أَبُو عبيد: أَجْشَشْتُ الحبَّ إجْشَاشاً بالألِفِ.
وَقَالَ غيرُه: جَشَشْتُ الحبَّ، لغةٌ.
وَفِي الحَدِيث أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِه بجَشِيشَةٍ) .
قَالَ شمرٌ: الجشيشُ: أَنْ يُطْحَنَ طَحْناً جَلِيلاً ثمَّ يُنصب بِهِ القِدْرُ ويُلْقَى فِيهِ لَحْمٌ أَو تمرٌ فيُطْبَخ، فَهَذِهِ الجشيشةُ.
وَقد جَشَشْبُ الحِنْطَةَ.
قَالَ: والجَرِيشُ: مثلُ الجشيشِ.
وَقَالَ رؤبة:
لَا يُتَّقى بالذَّرَقِ المَجْرُوشِ
مُرُّ الزُّوَانِ مَطحَنُ الجَشيشِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجشُّ: طَحْنُ السّويقِ والبُرِّ إِذا لم يُجْعَلْ دَقِيقًا.
والمِجَشَّةُ: رَحا صغيرةٌ يُجَشُّ بهَا الجشيشةُ من البُرِّ وَغَيره، وَلَا يُقَال للسَّويقِ: جشيشةٌ. وَلَكِن يُقَال: جَذِيذَةٌ.
قَالَ: والجَشَّةُ، والجُشَّةُ: لُغتان، وهم جماعةٌ من النَّاس يُقْبِلُون مَعًا فِي نَهْضَهٍ وثَوْرَة.
(ابنُ هانىءٍ عَن أبي مَالك) قَالَ: الجشَّةُ: النَّهْضَةُ.
وَيُقَال: هَل شَهِدْتَ جشَّتَهُمْ؟ أَي نَهْضَتُهُم.
وَجَاءَت جَشَّةٌ من النَّاس أَي جماعةٌ، وَقَالَ العجاج:
بجَشَّةٍ جشُّوا بهَا مِمَّنْ نَفَرْ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجُشُّ: الموضعُ الخَشِنُ الْحِجَارَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَشّهُ بالعصا: وجثَّه جشّاً وجثًّا إِذا ضربه بهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجشَّتِ الأرضُ وأبشَّتْ إِذا التفَّ نَبْتُها.(10/239)
وَقَالَ أَبُو عبيد من السّحابِ الأجشّ الشّديد الصّوْتِ صَوْت الرَّعْدِ، وفَرَسٌ أَجَشُّ الصّوْتِ.
وَقَالَ لبيد:
بِأَجَشِّ الصَّوْتِ يعُبُوبٍ إِذا
طَرَقَ الحيُّ مِنَ الغَزْوِ صَهَلْ
وَقَالَ الليثُ: كانَ الخليلُ يَقُول: الأصْوَاتُ الَّتِي تُصَاغُ مِنْهَا الألْحَانُ: ثَلاَثَةٌ، فَمِنْهَا: الأجَشُّ، هُوَ صوتٌ من الرَّأْسِ يَخْرُجُ مِنَ الخَيَاشِيمِ، فِيهِ غِلَظٌ وبُحَّةٌ، فيُتْبَعُ بحَدْرٍ مَوْضُوع على ذَلِك الصَّوْت بِعَيْنِه، ثمَّ يُتْبَعُ بوَشْيٍ مِثْلِ الأوّل، فَهِيَ صيَاغَتُه، فَهَذَا الصَّوْتُ الأجشُّ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : جَشَشْتُ البِئْرَ أَي كَنَسْتُها.
وَقَالَ أَبُو ذؤيبٍ:
يقُولُون لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ أَوْرِدُوا
ولَيْسَ بهَا أَدْنَى ذُفَافٍ لوَارِدِ
والجُشُّ: شِبْهُ النَّجفَةِ فِيهِ غِلَظٌ وارْتِفَاعٌ، والجشّاءُ: أرضٌ سَهْلَةٌ ذاتُ حَصْبَاءَ تُسْتَصْلَحُ لغَرْسِ النَّخْلِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ جاشَتْ بجُمَّتِها
جشَّاء خالَطَتِ البَطْحَاءَ والجَبَلاَ
وجُشُّ أعْيَارٍ. مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي البَادِيةِ.
(قلت) : والخَشَّاءُ بالخاءِ: أَرْضٌ فِيهَا رَمْلٌ.
يُقَال: أَنْبَطَ فِي خَشَّاءَ.
شج: قَالَ الليثُ: الشَّجُّ: كسرُ الرَّأسِ.
يُقَال شَجَّه يَشُجُّهُ شَجّاً، وَكَانَ مِنْهُم شِجَاجٌ إِذا شَجَّ بَعْضُهُم بَعْضًا، والشَّجَجُ: أَثَرُ شَجَّةٍ فِي الجبين، والنَّعْتُ مِنْهُ: أشَجُّ.
قَالَ: وشجَجْتُ المَفَازَةَ شَجّا أَي قَطَعْتُها وشجَجْتُ الشَّرَابَ بالمِزَاجِ، وشَجَّتِ السَّفينَةُ البحرَ، وَمن أَمثالهم: (فلانٌ يَشُجُّ بيدٍ ويأْسُو بأخْرَى) إِذا أَصْلَحَ مَرَّةً وأَفْسَدَ مرَّةً.
وَأَخْبرنِي المُنْذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: الشَّجُّ: أَنْ يَعْلُوَ رأْسَ الشّيء بالضَّرْبِ، كَمَا يُشَجُّ رأْسُ الرّجُلِ، وَلَا يكونُ الشّجُّ إلاَّ فِي الرّأْسِ، والخَمْرُ يُشَجُّ بِالْمَاءِ.
وَقَالَ زُهَيْر يصفُ عَيْراً وأُتُنَه:
يَشُجُّ بهَا الأمَاعِزَ وَهِي تَهوِي
هُوِيَّ الدَّلْوِ أَسْلَمَها الرِّشاءُ
أَي يَعْلُو بالأتُنِ الأماعِزَ، والوَتِدُ يُسمَّى شجِيجاً، وجَمْعُ الشَّجَّةِ: شِجاجٌ.
(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض
جض، ضج: (مستعملات) .
جض: أهمل اللَّيْث جض:
روى أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَالْكسَائِيّ:(10/240)
جضَّضْتُ عَلَيْهِ السَّيْف إِذا حَمَلْتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَضَّضَ إِذا حَمَلَ على عَدُوِّه بالسّيفِ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَضَّ إِذا مَشى الجِيَضَّى، وَهِي مِشْيَةٌ فِيهَا تَبَخْتُرٌ.
ضج: قَالَ اللَّيْث: ضَجَّ يضِجُّ ضجاً، وضَجَاجاً وضَجِيجاً، وضجّ البعيرُ ضَجِيجًا وضج القومُ ضَجاجاً، وَقَالَ العجاج:
وأَعْشَبَ النَّاسَ الضَّجَاجَ الأضْجَحَا
قَالَ: أَظْهَرَ الْحَرْفَيْنِ، وَبنى مِنْهُ أفعل لحاجتِه إِلَى القافية.
(الحَرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أضَجَّ القومُ إضْجَاجاً إِذا صاحُوا وجلَّبُوا، فَإِذا جزعُوا من شَيْء وغُلِبُوا قيل: ضَجُّوا يضِجُّون.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ضجَّ إِذا صاحَ مستغيثاً.
وروى أَبُو عبيد عَن الأمَوِيِّ نَحْواً ممَّا قَالَ ابْن السّكيت.
قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ الأصمعيُّ: الضَّجَاجُ: المُشَاغَبَةُ والمشاقَّةُ، وَهُوَ اسمٌ من ضاجَجْتُ وَلَيْسَ بمصدر وَأنْشد:
إنِّي إِذا مَا زَبَّبَ الأشْدَاقُ
وكَثُرَ الضَّجَاجُ واللَّقْلاَقُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الضَّجَاج: صَمْغٌ يؤكلُ رَطْباً فَإِذا جفَّ سُحِقَ ثمَّ كُتِّلَ وقُوِّيَ بالقِلى ثمَّ غُسِلَ بِهِ الثوبُ فيُنَقِّى تنقيَةَ الصابون.
وَقَالَ غَيره: الضَّجَاجُ: العَاجُ، وَهُوَ مثلُ السِّوارِ للمَرْأةِ، قَالَ الْأَعْشَى:
وتَرُدُّ مَعْطوف الضَّجَاجِ على
غَيْلٍ كأنَّ الوَشْمَ فِيهِ خِلَلْ
ومعْطوفُهُ: مَا عُطِفَ من طَرَفَيْهِ.
(بَاب الْجِيم وَالصَّاد)
ج ص
جص صج.
صج: أهمل اللَّيثُ صجَّ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنَّه قَالَ: صَجَّ إِذا ضربَ حديداً على حَدِيدٍ فصَوَّتا، والصّججُ: صَوْتُ الحَدِيد بَعْضِهِ على بعضٍ.
جص: قَالَ اللَّيْث: الجَصُّ: معروفٌ، وَهُوَ من كَلَام العَجَمِ، قَالَ: ولغةُ أهلِ الْحجاز فِي الجصِّ: القَصُّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الجَصُّ، وَلَا تقل: الجِصّ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جصَّص فلانٌ إناءهُ إِذا مَلأهُ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيدٍ وَالْفراء) : فَقَحَ الجِرْوُ وجَصَّصَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عمرٍ و، قالَ: ويصَّصَ: مِثْله.
(بَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س
جس سج.
جس: قَالَ اللَّيْث: الْجَسُّ: اللَّمْسُ بِالْيَدِ(10/241)
لَتَنْظُرِ ممَسَّة مَا تمَسُّ.
والْجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، وَمِنْه: التَّجَسُّسُ قَالَ: والجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأخبارَ ثمَّ يَأْتِي بهَا.
قَالَ: والجَسَّاسَةُ دابّةٌ فِي جَزَائِرِ البَحْرِ تتجَسَّسُ الْأَخْبَار، وَتَأْتِي بهَا الدَّجَّال.
والمَجَسُّ والمَجَسَّةُ: ممسّةُ مَا جَسَسْته بِيَدِك.
قَالَ: والجواسُّ من الْإِنْسَان: خمسٌ، اليَدَانِ، والعَيْنَانِ، والفَمُ، والشَّمُّ، والسَّمْعُ، الْوَاحِد: جاسّةٌ، وَيُقَال بِالْحَاء: حاسّةٌ، والجميعُ: الحواسُّ.
وَيُقَال: تَجَسَّسْتُ الخَبَرَ، وتَحَسّسْتُهُ بِمَعْنى واحدٍ.
والعربُ تَقول: فلانٌ ضَيِّقُ المَجَسِّ إِذا لم يَكُنْ وَاسع السَّرْبِ، وفلانٌ واسعُ المَجَسِّ إِذا كَانَ واسعَ السَّرْبِ، رَحِيبَ الصَّدْرِ.
وَيُقَال: إنَّ فِي مَجَسِّكَ لَضِيقاً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : جَسَّ إِذا اخْتَبَرَ، وسَجَّ إِذا صَلَعَ.
سج: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سجَّ سَطْحَهُ يسُجُّهُ سَجّاً إِذا طيَّنَهُ.
والسُّجُجُ: الطَّايَاتُ المُمَدَّرَةُ:
قَالَ: والسُّجُجُ أَيْضا: النُّفُوسُ الطِّيَّبَةُ.
وَيُقَال للمَالَجِ: مِسَجَّةٌ، ومِمْلقَ، ومِمْدَرٌ، ومِمْلَطٌ ومِلْطَاطٌ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ) : إِذا جعل الرَّجُلُ اللَّبن أرقَّ مَا يكونُ بِالْمَاءِ فَهُوَ السَّجَاجُ، وَأنْشد:
يَشْرَبُه مَذْقاً ويَسْقِي عِيَالَه
سَجَاجاً كأقْرَابِ الثعالِبِ أَوْرَقا
ويقالُ: هُوَ يسُجُّ، ويسُكُّ سكاً إِذا رقَّ مَا يجيءُ مِنْهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال: سَجَّ بسَلْحِه وهكَّ بِهِ، وتَرَّ بِهِ إِذا حذف بِهِ.
وَفِي الحَدِيث (إنَّ الله قَدْ أَرَاحَكُمْ من السَّجَّةِ والبَجَّةِ) .
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ بعضُهُم: كَانَت آلِهَةً يَعْبُدُونَها، وَأنكر أَبُو سعيدٍ الضَّريرُ قَوْله، وزَعَمَ أَن السَّجَّة: اللَّبَنَةُ الَّتِي رُقِّقتْ بالماءِ، وَهِي السَّجَاجُ.
قَالَ: والبَجَّةُ: الدَّمُ الفَصِيدُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّة يَتَبَلَّغُونَ بهما فِي المَجَاعَاتِ، وَفِي حديثٍ آخر: (أَرض الجَنَّةِ سَجْسَجٌ) ، لَا حَرَّ فِيهَا وَلَا بَرْدَ، وكلُّ هواءٍ معتدلٍ: سَجْسَجٌ.
أَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس، يُقَال لَهُ: السَّجْسَجُ، قَالَ: وَمن الزَّوَالِ إِلَى العَصْرِ، يُقَال لَهُ: الهَجِيرُ، والهَاجِرَةُ، وَمن غُرُوبِ الشَّمْس إِلَى وَقت اللَّيْل: الجِنْحُ، ثمَّ السَّدَفُ، والمَلْثُ، والمَلْسُ.(10/242)
سجس: (أَبُو عبيد عَن طَيْبَةَ الْأَعرَابِي) : السَّجَسُ: المَاء المُتَغَيِّرُ وَقد سَجِسَ الماءُ.
قَالَ: وَقَالَ الأحْمَرُ: لَا آتِيكَ سَجِيسَ الأوْجَسِ، ومِثْلُه: لَا آتِيكَ سجيس عُجَيْسٍ.
قَالَ: ومعناهُمَا: الدَّهْر وَأنْشد:
فأقْسَمْتُ لَا آتِي ابْنَ ضَمْرَةَ طَائِعا
سَجِيسَ عُجَيْسٍ مَا أَبَانَ لِسَانِي
قَالَ: وَيُقَال: كَبْشٌ ساجسِيٌّ إِذا كانَ أبْيَضَ الصُّوفِ فحيلاً كَرِيمًا، وَأنْشد:
كأنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَدْبَسَا
بَيْنَ صَبَّيْ لَحْيِهِ مجَرْفَسَا
(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز
جز، زج.
جز: قَالَ اللَّيْث: الجِزَزُ: الصُّوفُ الَّذِي لم يُسْتَعْمَلْ بَعْدَمَا جُزَّ، تَقول: صُوفٌ جِزَزٌ.
وَيُقَال: هَذِه جِزَّةُ هَذِه الشّاةِ أَي صوفُها المَجْزُوزُ عَنْهَا، وجمعُها: جِزَزٌ.
وَيُقَال للرَّجُلِ الضّخْمِ اللِّحْيَةِ كأنّه عاضٌّ على جِزَّةٍ أَي على صوف شاةٍ جُزَّتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزُّ: جَزُّ الشِّعْرِ وَالصُّوف والحَشِيشِ وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه: الجَزَاجِزُ: خُصَلُ العِهْنِ والصُّوفِ المصبوغةُ تُعَلَّقُ على هوادجِ الظّعائِنِ يَوْم الظَّعْنِ، وَهِي الثُّكَنُ والجَزَائِزُ، قَالَ الشماخُ:
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الجَزائزُ
وَقيل: الجَزِيزُ: ضَرْبٌ من الخرَزِ يُزَيَّنُ بِهِ جَوارِي الأعرابِ.
وَقَالَ النَّابِغَة: يصفُ نسَاء شَمَّرْنَ عَن أَسْوُقِهِنَّ حَتَّى بَدَت خلاخيلُهُنَّ:
خَرَزُ الجِزِيزِ من الخِدَامِ خَوَارِجٌ
مِنْ فَرْجِ كُلِّ وَصِيلَةٍ وإزَارِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزَازُ كالحصَادِ واقعٌ على الحينِ والأوَانِ يُقَال: أَجَزَّ النَّخْلُ كَمَا يُقَال: أَحْصَدَ البُرُّ.
وَقَالَ الْفراء: جَاءَنَا وقتُ الجِزَازِ، والجَزَازِ حِين يُجَزُّ الْغَنَمُ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أجَزَّ النخْلُ: حانَ لَهُ أنْ يُجَزَّ أَي يُصْرَمَ.
قَالَ: وَحكى لنا أَبُو عمرٍ و: قد جَزَّ التمرُ إِذا يَبِسَ يَجِزُّ جُزوزاً، وتمرٌ فِيهِ جُزُوزٌ.
وَيُقَال: قد جَزَزْتُ الكَبْشُ والنّعجة.
وَيُقَال فِي العَنْزِ والتَّيْسِ: حَلَقْتُهُمَا، وَلَا يُقَال: جَزَزْتُهما.
(أَبُو عبيد عَن اليزيديِّ) : أَجَزَّ القومُ، من الجَزَاز فِي الْغنم إِذا حَان أَنْ تُجَزَّ غَنَمُهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: جَزَّةُ: اسمُ أرضٍ مِنْهَا يخرجُ الدَّجَّال فِيمَا رُوي.
قَالَ: والجُزازُ: مَا فَضَلَ من الْأَدِيم إِذا قُطِعَ، الواحدةُ: جُزَازةٌ.(10/243)
زج: قَالَ اللَّيْث: الزُّجُّ: زُجُّ الرُّمْح، والسَّهْم، والجميعُ: الزِّجَاجُ.
(قلت) : زُجُّ الرمْح: الحديدةُ الَّتِي تُرَكَّبُ سافلة الرُّمح، والسِّنَانُ: الَّتِي تُرَكَّبُ عاليتَه، والزُّجُّ يُرْكَزُ بِهِ الرمحُ فِي الأَرْض، والسِّنَانُ يُطْعن بِهِ.
(أَبُو عبيدٍ عَن اليزيديِّ) : أَزْجَجْتُ الرُّمَّحَ: جعلْتُ فِيهِ الزُّجَّ إزْجَاجاً، وزَجَجْتُ الرّجُلَ وَغَيره إِذا طعنته بالزُّجِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَزْجَجْتُ الرُّمحَ: جعلتُ لَهُ زُجّاً، وأنْصَلْتُه: نَزَعتُ نصله، وَلَا يُقَال: أَزْججْتُه إِذا نَزَعْتُ زُجَّه.
وَيُقَال لنصل السّهم: زُجٌّ.
وَقَالَ زُهَيْر:
ومَنْ يَعْصِ أطرافَ الزِّجَاجِ فإنّه
يُطيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ
قَالَ ابْن السّكيت: يقولُ: مَنْ عصى الأمرَ الصغيرَ صَار إِلَى الْأَمر الْكَبِير.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هَذَا مَثَلٌ، يَقُول. إنَّ الزُّجَّ لَيْسَ يُطعَنُ بِهِ، إنّما الطَّعْنُ بالسِّنَانِ، فَمن أَبى الصُّلحَ وَهُوَ الزُّجُّ الَّذِي لَا طَعْنَ بِهِ، أُعْطِي العَوَالِي، وَهِي الَّتِي بهَا الطَّعنُ.
قَالَ: ومثلٌ للْعَرَب (الطَّعْنُ يَظْأَرُ) أَي يعطِفُ على الصُّلح.
وَقَالَ خالدُ بن كُلْثُوم: كَانُوا يستقبلون أعداءهم إِذا أَرَادوا الصُّلحَ بأزِجّةِ الرِّماح، فَإِن أجابوا إِلَى الصُّلح وإلاَّ قلبوا الأسِنَّةَ وقاتَلُوهم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : إِذا طَعَن بالعَجَلَة.
قَالَ: والزُّجُجُ: الحِرابُ المنصَّلة، والزُّجُجُ أَيْضا: الحَميرُ المُقْتَتِلةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِزَجُّ: رُمحٌ قصير فِي أَسْفَله زُجٌّ.
والزَّجُّ: رَمْيُكَ بالشَّيْء تَزُجُّ بِهِ عَن نَفسك.
وَيُقَال للظَّلِيمِ إِذا عدا: زَجَّ برجليه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الزُّجُّ: طرَفُ المِرْفَقِ المحدَّدُ وإبْرَةُ الذِّراع: الَّتِي يَذْرَع الذارِعُ من عِنْدهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: زِجَاجُ الفَحْلِ: أَنْيَابُه.
وَأنْشد:
لَهَا زِجَاجٌ ولهَاةٌ فَارِضُ
قَالَ: والزَّجَجُ: دِقّةُ الحواجب، واسْتِقْواسُها، وزَجَّجَتِ المرأةُ حاجبَها بالمِزَجِّ.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
إِذا مَا الغَانِياتُ بَرَزْنَ يَوْماً
وزجَّجْنَ الحواجبَ والعُيونا
وَقَالَ اللَّيْث: الأزجُّ من النَّعام: الَّذِي فَوق عينِه ريشٌ أبيضُ، والجميع: زُجٌّ.(10/244)
وَقَالَ غَيره: زَجَجُ النّعامة: طولُ رِجْلَيْهَا، قَالَه ابْن شُمَيْل.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) قَالَ: هُوَ الزُّجاج، والزَّجاج والزِّجاجُ للقَوارِيرِ، وأقلُّها الكَسْرُ.
وَقَالَ الليثُ: الزُّجَاجةُ فِي قَول الله: القِنْدِيلُ.
وأَجْمَادُ الزِّجَاجِ بالصَّمَّانِ، ذكرهُ ذُو الرمة:
فَظَلَّتْ بأَجْمَادِ الزِّجاجِ سَواخِطاً
صِيَاماً تغنِّي تَحْتَهُنَّ الصفائحُ
يَعْنِي الحَميرَ سَخِطَتْ على مَرْتَعِها ليُبْسه.
ج ط: مهمل
(بَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د
جد دج: مستعملان.
جد: تَقول العربُ: سُعِيَ بجَدِّ فلانٍ، وعُدِيَ بجَدِّه وأُدْرِكَ بجَدِّه إِذا كَانَ جدُّه جيِّداً.
والجَدُّ على وُجوهٍ، قَالَ الله تَعَالَى: {أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً} (الْجِنّ: 3) .
قَالَ الْفراء: حدَّثَني أَبُو إسرائيلَ عَن الحكم عَن مجاهدٍ أَنه قَالَ: جَدُّ رَبِّنا: جلالُ ربِّنَا.
وَقَالَ بعضُهم: عظمَةُ رَبِّنا، وهما قريبان من السَّواءِ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: (لَوْ عَلِمَتِ الجِنُّ أَنَّ فِي الإنْسِ جَدّاً مَا قَالَت: تَعَالَى جَدُّ ربّنَا، معناهُ أَنَّ الجِنَّ لَو علمت أَنَّ أَبَا الأبِ فِي الإنْسِ يُدْعى جدّاً مَا قَالَت الَّذِي أَخْبَرَ الله عَنهُ فِي هَذِه السُّورَةِ عَنْهَا) .
وَفِي الحَدِيث (كَانَ الرَّجُلُ إِذا قَرَأَ سُورة البَقَرَةِ، وَسورَة آل عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا) أَي جَلَّ قَدْرُه وعظُمَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقد رُوِيَ عَن الْحسن وعِكْرِمَةَ فِي قَوْله: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ} قَالَ أحدُهُما: غِنَاهُ، وَقَالَ الآخَرُ: عظمَتُه.
وَأما قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد تَسْلِيمه من الصَّلاة المكْتُوبةِ: (اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لما مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجدِّ مِنْكَ الجدُّ) ، فإنَّ أَبَا عبيدٍ قَالَ: الجَدُّ بِفَتْح الْجِيم لَا غَيْرُ، وَهُوَ الغِنَى والحظُّ فِي الرّزْقِ.
وَمِنْه قيل: لفلانٍ فِي هَذَا الأمْرِ جَدٌّ إِذا كَانَ مرزوقاً مِنْهُ، فتأْوِيلُ قَوْله: لَا يَنْفَعُ ذَا الجِدّ مِنْك الجدُّ أَي لَا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُه العملُ بطاعتِكَ.
قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِه: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} {إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشُّعَرَاء: 88، 89) .
وَكَقَوْلِه: {لاَ يَعْلَمُونَ وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْءَامَنَ وَعَمِلَ} (سبأ: 37) ، الْآيَة.(10/245)
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (قُمْتُ على بابِ الجنَّةِ فَإِذا عامَّةُ مَنْ يَدْخُلُها الفُقَرَاءُ، وَإِذا أَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ) ، يَعْنِي ذَوِي الحظِّ والغِنَى فِي الدُّنْيَا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقد زَعَمَ بعضُ النَّاس أنَّمَا هُوَ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجِدِّ مِنْكَ الجِدُّ، بِكَسْر الْجِيم، والجِدُّ إِنَّمَا هُوَ الاجتهادُ فِي الْعَمَل.
قَالَ: وَهَذَا التأويلُ خلافُ مَا دَعَا الله إِلَيْهِ المؤمنينَ، وَوَصَفَهُمْ بِهِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه: {ياأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً} (الْمُؤْمِنُونَ: 51) ، فقد أَمرهم بالجِدّ وَالْعَمَل الصَّالح، وحَمِدَهُمْ عَلَيْهِ، فَكيف يَحْمَدُهم عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَنْفَعُهُم.
(قلت) : وقولُ الْعَرَب: فلانٌ صاعدُ الجَدَّ، معناهُ: البَخْتُ والحَظُّ فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رَجُلٌ جَدِيدٌ إِذا كَانَ ذَا حَظَ من الرِّزْقِ، ورجُلٌ مَجْدُودٌ: مثلُه، وفلانٌ أجدُّ من فلانٍ، وأحَظُّ مِنْهُ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ أَنه قَالَ: رَجُلٌ جُدٌّ بضمِّ الْجِيم أَي مَجْدُودٌ، وقومٌ جُدُّونَ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ يُقَال: هم يَجَدُّونَ بهم ويَحَظُّونَ بهمْ، وَقد جدِدْتَ وحَظِظْتَ تَجَدُّ وتحَظُّ، أَي: صِرْتَ ذَا حَظَ وغِنًى.
والجَدُّ: أَبُ الأبِ مَعْرُوف، وَجمعه: جُدُودٌ، وجُدُودَةٌ وأَجْدَادٌ.
وأُمُّ الأمِّ، وأُمُّ الأبِ يُقَال لَهَا: جَدَّةٌ، وجمعُها: جَدَّاتٌ.
والجدُّ: مصدرُ جَدَّ التَّمرَةَ يَجُدُّها جَدّاً وَنهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جَدَادِ اللَّيْلِ.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ أَنْ يَجُدَّ النَّخْلَ لَيْلاً، والجَدَادُ: الصَّرَامُ.
يُقَال: إنَّه إنَّما نهى عَن ذَلِك لَيْلًا لمَكَان الْمَسَاكِين أنهُم كانُوا يَحْضُرُونَهُ فيتصَدَّقُ عَلَيْهِم مِنْهُ لقَوْله جلّ وعزّ: {وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام: 141) ، وَإِذا فعل ذَلِك لَيْلًا فَإِنَّمَا هُوَ فارٌّ من الصَّدَقَةِ.
قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ الْكسَائي: هُوَ الجِدَادُ والجَدَادُ، والحِصَادُ، والحَصَادُ، والقَطَافُ والقِطَافُ، والصَّرَامُ، والصِّرَامُ.
وَفِي حَدِيث أبي بكرٍ، أَنه قَالَ لابنته عَائِشَة عِنْد مَوته: (إنّي كُنْتُ نَحْلْتُكِ جادَّ عِشْرِينَ وَسْقاً من النَّخْلِ وبُودّي أنكِ كنت حُزْتيه فأمَّا الْيَوْم فَهُوَ مالُ الوَارِثِ) وتأويلُه أنَّه كَانَ نَحَلَها فِي صحّتِه نَخْلاً كَانَ يُجَدُّ مِنْهُ فِي كل سنةٍ عِشْرُون وَسْقاً، وَلم يكُنْ أقْبَضَها مَا نَحَلَها بِلِسَانِهِ، فلمّا مرض رأى النَّخْلَ وَهُوَ غيرُ مقبوضٍ غيرَ جائزٍ لَهَا فأَعْلَمها أَنه لم يصحّ لَهَا، وأنّ سائرَ الوَرَثَةِ شُرَكَاؤُها فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: لفلانٍ أرضٌ جادُّ مئةِ وَسْقٍ أَي تُخْرجُ مئَةَ وَسْقٍ إِذا زُرِعَتْ، وَهُوَ كلامٌ عربيٌّ فصيحٌ.(10/246)
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} (فاطر: 27) فإنّ الْفراء قَالَ: الجُدَدُ: الخُطَطُ والطُّرُقُ تكونُ فِي الجبالِ، خُطَطٌ بيضٌ وسودٌ وحمرٌ، كالطُّرُقِ تكونُ فِي الْجبَال، واحدُها: جُدّةٌ.
وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
كأنّ سَرَاتَهْ وَجُدَّة مَتْنِه
كَنَائنُ يَجْرِي فوْقهُنَّ دليصُ
قَالَ: والجُدَّةُ: الخُطَّةُ السوداءُ فِي مَتْنِ الحمارِ، والدّليصُ: الَّذِي يَبْرُقُ.
وَقَالَ الزجاجُ: كلَّ طريقةٍ: جُدّةٌ، وجادّةٌ.
(قلت) : وجادّةُ الطريقِ: سُمِّيتْ جادّةً لِأَنَّهَا خُطَّةٌ مستقيمةٌ مَلْحُوبةٌ وجمعُها: الجوَادُّ بتَشْديد الدَّال.
وَقَالَ اللَّيْث فِي كِتَابه: الجادّةُ تخُفَّفَ وتُثَقَّلُ، أما المُخفَّفُ فاشتقاقه من الجَوَادِ إِذا أَخْرَجَه على فعله.
قَالَ: والمُشَدَّدُ: مَخْرَجُهُ من الطَّرِيق الجَدَدِ الْوَاضِح.
(قلت) : وَقد غلط اللَّيْث فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا، أما التَّخْفِيف فِي الجَادَةِ فَمَا علمت أحدا من أئمةِ اللُّغَة أجَازه، وَلَا يجوزُ أَن يكون فعلةً من الجَوَادِ بِمَعْنى السَّخِيِّ.
وَأما قَوْله: إِنَّه إِذا شُدّدَ فَهُوَ من الأَرْض الجَدَد فَغير صَحِيح، إِنَّمَا سُمِّيت المحجة المَسْلُوكةُ جادّةً لِأَنَّهَا ذاتُ جُدَّةٍ، وجُدّةٍ وَهِي طرقاتُها، وشَرَكُها المُخطَّطَةُ فِي الأَرْض، كَذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ فِي قَول الرَّاعِي:
فأصْبَحَت الصَّهْبُ العِتاقُ وَقد بدا
لهُنّ المَنارُ والجوادُ اللَّوائحُ
أَخطَأ الرَّاعِي حِين خفف الجوادّ وَهُوَ جمع الجادَّة من الطُّرُق الَّتِي بهَا جُدَدٌ.
والجُدّةُ أَيْضا: شاطىءُ النَّهر، إِذا حذفوا الْهَاء كسروا الْجِيم فَقَالُوا: جِدٌّ، وجُدّةٌ وَمِنْه: الجُدّة: سَاحل الْبَحْر بحذاء مكَّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: كُنَّا عِنْدَ جِدَّةِ النَّهْرِ بِالْهَاءِ، وأَصْلُهُ نَبَطِيٌّ: كِدٌّ فأُعْرِبَ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عمرٍ وكُنَّا عِنْد أَمِير، فَقَالَ جَبَلَةُ بنُ مَخْرَمَة: كُنَّا عِنْدَ جِدِّ النَّهْرِ، فقلتُ: جِدَّةُ النَّهْرِ، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فيهِ.
والجِدُّ بِلَا هاءٍ: البِئْرُ الجيِّدَةُ الموضعِ مِنَ الكَلأ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للْأَرْض المُسْتَويةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رَمْلٌ وَلَا اختلاَفٌ: جَدَدٌ.
(قلت) : والعربُ تَقول: هَذَا طَرِيقٌ جَدَدٌ إِذا كَانَ مستوياً، لَا حدَبَ فِيهِ وَلَا وُعُوثَة.
وَهَذَا الطريقُ أَجدُّ الطريقينِ أَي أَوْطؤُهُمَا وأشدُّهُما اسْتِوَاء، وأقَلُّهُما عُدَوَاءَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجَدَّ الرَّجُلُ فِي أَمْرِه يُجِدُّ إذَا بلغَ فِيهِ جِدَّه، وجدَّ: لُغَةٌ، وَمِنْه(10/247)
يُقَال: جادٌّ مُجِدٌّ أَي مُجْتَهِدٌ، وَقد أجدَّ يُجِدُّ إِذا صارَ ذَا جِدَ واجتهادٍ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: لم يَجُدَّ.
(الْأَصْمَعِي) : الجُدَّادُ فِي قَول المُسَيَّبِ بن عَلَسٍ:
فِعْلَ السَّريعةِ بَادَرَتْ جُدَّادَهَا
قَبْلَ المَسَاءِ تَهُمُّ بالإسْرَاعِ
وَقَوله:
واللَّيْلُ غَامِرُ جُدَّادِهَا
قَالَ أَبُو نصر: سَمِعْتُ غيرَه يقُولُ: الجُدَّادُ: خُيُوطُ المِظَلَّةِ، قَالَ وَقَوله:
واللَّيْلُ غَامِرُ جُدَّادِها
كَانَت فِي الخُيُوطِ ألْوَانٌ فغمرها الليلُ بسوادِه فصارتْ على لونٍ واحدٍ، قَالَ: والسَّرِيعَةُ: المَرْأَةُ الَّتِي تسْرِعُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) قَالَ: الجُدَّادُ بالنَّبَطِيَّةِ: الخُيُوطُ المُعَقَّدَةُ، يُقَال: كُدَادٌ بالنَّبَطِيَّةِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يقالُ: جُدَّتْ أَخْلاَفُ النَّاقة إِذا أصابَها شيءٌ يَقْطَعُ أَخْلاَفَها، وناقةٌ جَدُودٌ وَهِي الَّتِي انْقَطع لبنُها.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ) : نَعْجَةٌ جَدُودٌ إِذا ذهب لبنُها إِلَّا قَلِيلا، وجمعُها: جَدَائِدُ، قَالَ: فَإِذا يَبِسَ ضرعُهَا فَهِيَ جدّاءُ.
والجدُودُ مِنَ الأُتُنِ: الَّتِي قد انْقَطع لبنُها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَدَّاءُ: الناقةُ الَّتِي قد انْقَطع لبنُها.
قَالَ: والمُجَدَّدَةُ: المصَرَّمَةُ الأطْبَاء، وأصلُ الجدِّ: القَطْعُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَدُودُ: النَّعْجَةُ الَّتِي قلَّ لبنُها مِنْ غَيْرِ بَأْس.
وَيُقَال لِلْعَنْزِ: مَصُورٌ وَلَا يقالُ: جَدُودٌ.
والجدَّاءُ: الَّتِي ذهب لبنُها من غير عَيْبٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يقالُ جُدَّ ثَدْيُ أُمِّهِ، وَذَلِكَ إِذا دُعِيَ عَلَيْهِ بالقَطِيعة.
وَقَالَ الهُذَلِيُّ:
رُوَيْدَ عليّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمِّهمْ
إلَيْنَا ولكِنْ وُدُّهُمْ مُتَمَايَنُ
(قلت) : وتَفْسِيرُ البيْتِ: أَنَّ عَلِيّاً: قبيلَةٌ من كنَانةَ، كأَنَّه قَالَ: رُوَيْدَك عَلِيّاً أَيْ أَرْوِد بهم، وارْفُقْ بهم، ثمَّ قالَ: جُدَّ ثَدْيُ أُمِّهمْ إلَيْنَا، أَي بَيْنَنَا وبَيْنهم خُؤُولةُ رَحِمٍ وقَرَابَةٌ من قِبلِ أُمِّهم، فهم مُنْقَطِعُونَ إِلَيْنَا بهَا، وَإِن كَانَ فِي ودّهم مَيْنٌ أَي كَذِبٌ ومَلَقٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للناقة: إِنَّهَا لَمَجَدَّةٌ بالرحْلِ إِذا كَانَت جادَّةً فِي السَّيْرِ.
(قلت) : لَا أَدْرِي قَالَ: مَجِدَّةٌ أَو مُجِدَّةٌ؟ فَمَنْ قَالَ: مَجِدَّةٌ فَهِيَ مِنْ جَدَّ يَجِدُ، وَمن قَالَ: مُجِدَّةٌ فَهِيَ مِنْ أَجَدَّتْ.
وِكِسَاءٌ مُجَدَّدٌ: فِيهِ خيوطٌ مختلفةٌ، وَيُقَال: كَبِرَ فلانٌ ثمَّ أصَاب فَرْحَةً وسروراً فَجَدَّ جِدَّةً كَأَنَّهُ صَار جَدِيدا.(10/248)
والعربُ تقولُ: مُلاَءةٌ جديدٌ بِغَيْر هاءٍ لِأَنَّهَا بِمَعْنى مَجْدُودَةٌ أَي مقطوعةٌ، وثوبٌ جديدٌ: جُدَّ حَدِيثا أَي قُطِعَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجَدَّ فلانٌ أَمْرَهُ بِذَاكَ أَي أحكمهُ وَأنْشد:
أَجَدَّ بهَا أَمْراً وأَيْقَنَ أَنَّهُ
لَهَا أوْ لأخْرَى كالطَّحِينِ تُرَابُها
قَالَ أَبُو نصر: حُكيَ لي عَنهُ أنَّه قَالَ: أَجَدَّ بهَا أَمْراً معناهُ: أَجَدَّ أَمْرَه بهَا، والأوَّلُ: سَمَاعِي مِنْهُ.
قَالَ وَيُقَال للرجُلِ إِذا لبسَ ثوبا جَدِيدا: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسي.
ويقالُ: بَلِيَ بيتُ فلانٍ ثمَّ أَجَدَّ بَيْتا.
وَقَالَ لبيد:
تَحَمَّلَ أهْلَهَا وأَجَدَّ فِيهَا
نِعَاجُ الصَّيْفِ أَخْبِيَةَ الظِّلاَلِ
وأَجَدَّ الطريقُ إِذا صَار جدداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِدُّ: نقيضُ الهَزْلِ. يُقَال: جَدَّ فلانٌ فِي أمرِه إِذا كَانَ ذَا حقيقةٍ ومضاء.
وأجدَّ فلانٌ السَّيْرَ إِذا انْكَمَشَ فِيهِ.
والجِدَّةُ: مصدرُ الْجَدِيد.
وأجَدَّ ثوبا واسْتَجَدَّهُ.
قَالَ: وُجدَّةُ النَّهْرِ مَا قرب من الأَرْض مِنْهُ. وجديدُ الأَرْض: وَجْهُهَا. وَقَالَ الراجز:
حتَّى إِذا مَا خَرَّ لم يُوسَّدِ
إلاّ جديدَ الأرضِ أَو ظَهْرَ اليدِ
والجَدِيدَانِ، والأجَدَّانِ: الليلُ وَالنَّهَار، رواهُ أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ.
وتجمعُ الجُدودُ من الأتُنِ: جِدَاداً.
قَالَ الشماخ:
مِنَ الحُقْبِ لاحَتْهُ الجِدَادُ الغَوَارِزُ
وجَدُودٌ: موضعٌ بِعَيْنِه.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : أجِدَّك، وأجَدَّك مَعْنَاهَا: مَالك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجِدَّك معناهُ: أبجِدَ هَذَا منكَ؟
وَقَالَ اللَّيْث: من قَالَ: أجِدَّك فَإِنَّهُ يستحلفهُ بِجِدّه وَحَقِيقَته، وَإِذا فتح الْجِيم استحلفَه بجدِّه وَهُوَ بَخْتهُ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقَالَ بعض النَّحْوِيين: معنى أجدَّكَ: أتجِدُّ جِدَّك؟ وَهُوَ ضدُّ اللَّعِب، وَلذَلِك نَصبه.
(شمرٌ عَن الْأَصْمَعِي) : الجَدْجَدُ: الأرضُ الغليظةُ.
قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَدَدُ: مَا اسْتَوَى من الأَرْض وأَصْحَرَ.
قَالَ: والصحراءُ: جَدَدٌ، والفضاءُ: جَدَدٌ لَا وعْثَ فِيهِ وَلَا جَبَل وَلَا أكَمة، ويكونُ وَاسِعًا، وقليلَ السعةِ، وَهِي أَجْدَادُ الأَرْض.(10/249)
(أَبُو عَمْرو) : الجَدْجَدُ. الفَيْفُ الأمْلَسُ وَأنْشد:
كفَيْضِ الآتيّ على الجَدْجَدِ
قَالَ: والجُدْجُدُ: الَّذِي يَصِرُّ بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ العَدَبَّسُ: هُوَ الصّدى والجُنْدَبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُدْجُدُ: دُوَيْبَّةٌ على خلقَة الجُنْدُبِ إِلَّا أَنَّهَا سُوَيْدَاءُ قصيرةٌ، وَمِنْهَا مَا يضربُ إِلَى الْبيَاض، ويُسَمَّى أَيْضا صُرْصُراً.
قَالَ: والجدَّاءُ: المَفَازَةُ اليابسةُ، وَكَذَلِكَ السَّنةُ الجدَّاءُ، وَلَا يُقَال: عَام أَجَدُّ.
قَالَ: والجَدَّاءُ: الشاةُ المقطوعةُ الأذُنِ. وَفِي كتاب اللَّيْث: الجدّادُ: صَاحب الحانوتِ الَّذِي يبيعُ الخمرَ.
(قلت) : وَهَذَا حاقُّ التَّصْحِيف الَّذِي يَسْتَحِيي مِنْ مثله من ضعفت مَعْرِفَتُه فَكيف الَّذِي يدَّعي الْمعرفَة الثاقبة، وَصَوَابه: الحدَّادُ بِالْحَاء، وَقد مرَّ تفسيرُه فِي مضاعف الْحَاء.
وَيُقَال: رَكِبَ فلانٌ جُدَّةً من الْأَمر. أَي طَريقَة ورأياً رَآهُ.
والجُدَّةُ: الطريقةُ فِي السَّمَاء والجبل.
وَقَالَ اللَّيْث: جُدّادُ الطَّلْح: صِغَارُه، وَمِنْه قَول الطرماح:
تَجْتَنِي ثامر جُدّادِه
مِنْ فُرادَى بَرَمٍ أَو تَوْأَمِ
(عمروٌ عَن أَبِيه) : الجُدْجُدُ: بَثْرَةٌ تَخْرُجُ فِي وسطِ الحدَقةِ.
والجُدْجُدُ: الأرضُ الصُّلْبَةُ.
والجُدْجُدُ والصُّرْصُرُ: صيَّاحُ اللَّيْل.
قَالَ وَيُقَال: صَرَّحَتْ جِدَّاءُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ، وصَرَّحتْ بجِدَّى غَيْرَ مُنْصَرِفٍ، وبجِدَّ غير مُنْصَرِفٍ؟ وبجِدَّانَ، وبجِذَّانَ، وبقِدَّانَ، وبقِذَّانَ، وبقِرْدَحْمَةَ وبقِذَّحْمَةَ،، وأَخْرَجَ اللَّبَنُ أزْغِدَتَهُ، كل هَذَا فِي الشَّيْء إِذا وَضَحَ بعد التباسه.
وَقَالَ شمرٌ: الجدّاءُ: الشّاة الَّتِي انْقَطع أَخْلاَفُهَا.
وَقَالَ هِيَ المقطوعةُ الضّرْع، وَقيل: هِيَ اليابسةُ الأخْلاَفِ، إِذا كَانَ الصِّرَارُ قد أضَرَّ بهَا.
(سلمةُ عَن الْفراء) : الأجَدَّانِ، والأحَدَّانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَار.
قَالَ أَبُو عبيد: جَاءَ فِي الحَدِيث (فأَتَيْنَا على جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجُدْجُدُ لَا يُعْرَفُ إِنَّمَا الْمَعْرُوف: الجُدُّ، وَهِي البِئْرُ الجيِّدَةُ الموضعِ من الكَلإِ.
وروى غيرُه عَن اليزيديِّ أَنه قَالَ: الجُدْجُدُ: البئْرُ الكثيرةُ المَاء.
قَالَ الْأَزْهَرِي: ونَظِيرُه: الكُمْكُمَةُ للكُمَّةِ، والرَّفْرَفُ للرَّفِّ.(10/250)
دج: (عمرٌ وَعَن أَبِيه) : دَجَّ إِذا أسْرع، يَدِجُّ.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ودَجَّ البيتُ إِذا وَكَفَ.
وَفِي حَدِيث ابنِ عُمرَ (هَؤُلَاءِ الدّاجُّ، ولَيْسُوا بالحاجّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الدّاجُّ: الذينَ يكونونَ مَعَ الحاجّ مثل الأُجَرَاءِ والجمّالِينَ والخدمِ وأشباهِهِم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنّما قيل لَهُم: داجٌّ لأَنهم يَدِجُّونَ على الأَرْض.
والدَّجَجَانُ هُوَ الدَّبِيبُ فِي السَّيْر. وأنشدنا:
بَاتَتْ تُدَاعِي قِرَباً أَفَايِجا
تَدْعُو بِذَاكَ الدَّجَجَان الدَّارِجَا
قَالَ أَبُو عبيد: أرادَ ابنُ عُمَرَ أَنْ هؤلاءِ لَيْسَ عِنْدهم شيءٌ إلاّ أنّهم يَسِيرُونَ ويَدِجُّونَ وَلَا حَجَّ لَهُم.
وَقَالَ غيرُه: دَجَّ يَدِجُّ، ودَبَّ يَدِبُّ بِمَعْنَى.
وَقَالَ ابْن مُقْبِلٍ:
إذَا سَدّ بالمَحَلِ آفاقَها
جَهَامٌ يَدِجُّ دَجِيجَ الظّعَنْ
وَقَالَ الأصمعيّ: دَجَجْتُ السِّتْرَ دجّاً إِذا أَرْخَيْته، فَهُوَ مدجوجٌ.
ودَجُوجٌ: اسمُ جَبَلٍ فِي بِلَاد قَيْس.
(أَبُو عبيد عَن الأمويِّ) : دَجَّجَتِ السماءُ إِذا تَغَيّمَتْ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّجُجُ: الجبالُ السّودُ، والدُّجُحُ أَيْضا: تَرَاكُمُ الظلام.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدّاجُّ: التُّبَّاعُ والجمَّالُون، والحاجُّ: أصحابُ النِّيَّات، والنَّاج: المُراؤُون.
وَقَالَ الْكسَائي: دَجْدَجْتُ بالدّجَاجَةِ، وكَرْكَرْت بهَا إِذا صِحْتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّجَّةُ: شدّةُ الظلمَة، وَمِنْه اشتقاقُ الدَّيْجوجِ يَعْنِي الظلام، وليلٌ دجُوجِيُّ، وشعرٌ دجوجيٌّ، وسوادٌ دجوجيٌّ.
وتَدَجْدَجَ الليلُ، فَهِيَ دَجْدَاجَةٌ.
وَأنْشد:
إذَا رِدَاءُ لَيْلَةٍ تَدَجْدَجَا
(أَبُو عبيد) : المُدَجَّجُ: اللاّبسُ السِّلاَحِ التَّامّ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: مُدَجِّجٌ، ومُدَجَّجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُدَجَّجُ: الفارسُ الَّذِي قد تَدَجّجَ فِي شِكّتِه.
والمُدَجَّجُ: الدُّلْدُلُ من القنافذ، وإيَّاهُ عَنى القائلُ:
ومُدَجَّجٍ يعدُو بشِكَّتِه
مُحْمَرَّةٍ عيْنَاهُ كالكلْبِ
وَقَالَ: الدَّجَاجَةُ: لُغَةٌ فِي الدِّجَاجَةِ.
قَالَ: والدَّجَاجَةُ: جَسْتَقَةٌ من الغَزْلِ وَأنْشد(10/251)
قَول الخُزَاعِيِّ:
وعجُوزاً رَأَيْتُ باعَتْ دَجَاجاً
لم يُفَرِّخْنَ قد رَأَيْتُ عُضَالا
ودَجَاجَة: اسمُ امْرَأةٍ.
وقِيلَ فِي قَول لبيد:
بَاكَرْتُ حَاجَتَها الدَّجَاجَ بسُحْرَةٍ
إِنَّه أَرَادَ بالدَّجاج: الدِّيكَ، وصَقِيعَهُ فِي سَحَرِهِ.
وجَمْعُ الدَّجَاجِ: دُجُجٌ.
(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت
جت، تج: أهملهما اللَّيْث.
جت: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الجتُّ: الجسُّ للكَبْشِ ليُنْظَرَ أسمينٌ أم لَا، جَتَّهُ، وجَسَّه، وغَبَطَه.
(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ
جظ، ظج: أهملهما اللَّيْث.
جظ: وَفِي حديثٍ رواهُ مجاهدٌ عَن أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ألاَ أُنْبِئُكَ بأَهْل النَّار، كُلُّ جظَ جَعْظٍ مُسْتَكْبِرٍ منَّاعٍ) ، قلتُ: مَا الجَظُّ؟ قَالَ: الضَّخْمُ، قُلْتُ: مَا الجعْظُ؟ قَالَ: العَظِيمُ فِي نَفْسِهِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جظَّ إِذا سَمِنَ مَعَ قِصَرٍ.
وَقَالَ بعضُهُم: الجظُّ: الرَّجُلُ الضّخْمُ الكثيرُ اللَّحْمِ.
وَفِي (نوادِرِ الأعرابِ) يُقَال: جَظَّهُ، وشَظَّه، وأرَّهُ إِذا طَرَدَهُ، قَالَ: ومَرَّ بِي فلانٌ يجُظُّ، ويَعُظُّ، ويَلْعَظُ، كُلُّه فِي العَدْوِ.
ظج: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : ظجَّ إِذا صَاح فِي الْحَرْب صِياحَ المستغيث.
(قلت) : الأَصْل فِيهِ ضَجَّ، ثمَّ جُعل: ضَجَّ فِي غير الحَرْبِ، وظج فِي الْحَرْب.
(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ
جذ. ذج: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث (ذج) .
ذج: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه قَالَ: ذَجَّ الرَّجُلُ إِذا قدِمَ من سَفَرٍ، فَهُوَ ذَاجٌّ.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه أنّه قَالَ: ذَجَّ إِذا شَرِبَ.
جذ: قَالَ اللَّيْث: الجَذُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِلُ الوَحِيُّ، والكَسْرُ للشَّيْء الصُّلْبِ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ} (الْأَنْبِيَاء:(10/252)
58 -) قَرَأَهَا الناسُ: جُذَاذاً، وَقرأَهَا يحيى بنُ وثَّابٍ: (جِذاذاً) فَمن قَرَأَ: جُذَاذاً، فَهُوَ مِثْلُ الحُطام والرُّفَاتِ، وَمن قَرَأَ: (جِذَاذاً) فَهُوَ جمع جَذِيذٍ، مثلُ خفيفٍ، وخِفاف.
وَرُوِيَ عَن أَنَسٍ (أَنه كَانَ يأكُلُ جذِيذَةً قبل أَنْ يغْدُوَ فِي حاجتِه) أرادَ بالجذيذَةِ: شَرْبةً من سويقٍ، سُمِّيَتْ جَذِيذَةً لِأَنَّهَا تُجَذُّ أَي تُكسر، وتُجشُّ إِذا طُحِنَتْ.
وَيُقَال: لحِجارةِ الذّهَبِ: جُذَاذٌ، لأنّها تُكسرُ، وتُسْحَلُ.
وَأنْشد:
كَمَا صَرَفَتْ فَوْقَ الجُذَاذِ المَسَاحِنُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُذَاذُ: قِطَعُ مَا كُسرَ، الواحدةُ: جُذَاذَةٌ.
قَالَ: وقطَعُ الفضّةِ الصِّغَارُ: جُذَاذٌ.
والسّويقُ الجَذِيذُ: الكثيرُ الجُذاذِ.
والجَذيذَةُ: الجَشيشَةُ تُتَّخَذُ سويقاً غليظاً.
قَالَ: وجَذذْتُ الحَبْل جذّاً: قَطَعْتُه فانجذَّ أَي انْقَطع.
قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى ابْن الفَرجِ: الجذّانُ والكذّانُ: حجارةٌ رخْوةٌ، الواحدةُ: جَذّانةٌ، وكذّانةٌ، وَمن أَمْثَالِهِم السَّائرة فِي الَّذِي يُقْدِمُ على الْيَمين الكاذبة (جذّها جذَّ الْبَعِير الصِّلِّيانَةَ) أَرَادوا أنّه أسْرع إِلَيْهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَذُّ: طرفُ المِرْوَدِ، وَهُوَ الميلُ وَأنْشد:
قالَتْ وقَدْ سَافَ مَجِذَّ المِرْوَدِ
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أنَّ الحسْناء إِذا اكْتَحَلتْ مسَحَت بطرَفِ الْميل شفتَيْها لتَزْداد حُمَّةً أَي سواداً، وساف أَي شمَّ.
(بَاب الْجِيم والثاء)
ج ث
جث ثج: مستعملان.
جث: قَالَ اللَّيْث: الجثُّ: قَطْعُك الشَّيْء من أصْلِه، والاجْتِثَاثُ: أَوْحَى مِنْهُ، يُقَال: جَثَثْتُهُ، واجْتَثَثْتُه فانْجَثَّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي الشَّجرَةِ الخَبِيثةِ: {اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الاَْرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} (إِبْرَاهِيم: 26) .
وَقَالَ الزجاجُ أَي استُؤْصِلتْ من الأَرْض وَمعنى اجْتُثَّ الشيءُ فِي اللُّغَة: أُخِذتْ جُثَّتُه بكمالها:
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَثَّ المُشْتَارُ إِذا أَخذ العسلَ بجثّه ومَحَارِينِه وَهُوَ مَا مَاتَ من النَّحْل فِي الْعَسَل.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّجَرَةُ المُجتَثَّةُ: الَّتِي لَا أَصْل لَهَا.
وَقَالَ ساعِدَةُ الهُذَلِيُّ يذكُرُ المُشْتَارَ:
فَمَا بَرِحَ الأسْبَاب حَتَّى وضَعْنَهُ
لَدَى الثَّوْلِ يَنْفِي جثَّها ويَؤُومُهَا
يؤومُها: يُدَخِّنُ عَلَيْهَا من الإيام.(10/253)
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يقولُ فِي صغَار النخْلِ أوَّلَ مَا يُقْلَعُ مِنْهَا شيءٌ من أُمِّهِ فَهُوَ: الجَثيثُ والوديُّ والهِرَاءُ والفَسِيلُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَثِيثَةُ: النَّخْلةُ الَّتِي كَانَت نواةً فحُفِرَ لَهَا وحُمِلَتْ بجُرْثُومَتِها، وَقد جُثَّتْ جثّاً.
(النضرُ عَن أبي الخطَّاب) قَالَ: الجثيثَةُ: مَا تساقَطَ من أُصول النخْلِ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : جُئث الرَّجُلُ جأْثاً، وجُثَّ جثا، فَهُوَ مَجْؤُوثٌ، ومَجْثُوث إِذا فزع وَخَافَ.
ثج: سُئلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحجّ فَقَالَ: (هُوَ العَجُّ والثَّجُّ) فَأَما العَجُّ فرَفْعُ الصَّوْت بالتَّلْبِيَةِ، وَأما الثَّجُ فَإِن أَبَا عبيدٍ زعم أَنه سيلانُ دِمَاء الهَدْي، وذَكَرَ حَدِيث المُسْتَحَاضَةِ أَن النبيَّ عَلَيْهِ السلامُ قَالَ لَهَا: (احتشي كُرْسُفاً) ، فَقَالَت: إِنَّه أكثرُ من ذَلِك إنّي أثُجُّه ثجّاً، فَقَالَ: (تَلَجَّمي واسْتَثْفِرِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ من المَاء الثَّجَّاج السَّائِل.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: ثَجَجْتُ المَاء ثَجًّا أثُجُّه، وَقد ثَجَّ يثِجُّ ثُجُوجاً، ويجوزُ: أثْجَجْتُه بِمَعْنى ثَجَجْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: مطرٌ ثجَّاجٌ: شديدُ الانصباب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الثّجَّةُ: الرَّوْضَةُ إِذا كَانَ فِيهَا حياضٌ للْمَاء، تصوب فِي الأَرْض، لَا تُدْعَى ثجّةً مَا لم يكنْ فِيهَا حياضٌ، وَجَمعهَا: ثَجّاتٌ.
وثَجَّ الماءُ يَثِجُّ إِذا انْصبَّ.
ورجلٌ مِثَجٌّ: إِذا كَانَ خَطِيبًا مُفوَّهاً.
(بَاب الْجِيم وَالرَّاء)
ج ر
جر، رج، جرج: مستعملة.
جر: قَالَ اللَّيْث: الجَرُّ: آنِيَةٌ من خَزَفٍ، الْوَاحِدَة: جَرَّةٌ، والجميع: جِرَارٌ.
وَفِي الحَدِيث: (النّهْيُ عَن شُرْب نَبِيذ الجرِّ) : أَرَادَ مَا يُنْبَذُ فِي الجِرَارِ الضّارِية يدخُلُ فِيهَا الحَنَاتِمُ وغيرُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرَارَةُ: حِرْفةُ الجرَّار.
والجرَّارَةُ: عُقَيْرِبَةٌ صفراءُ كأنّها تِبْنَةٌ.
(قلت) : سُمِّيَتْ جرَّارةً لجِرَّها ذَنَبَها، وَهِي مِنْ أخبثِ العقاربِ وأَقْتَلها لِمنْ تَلْدَغُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَارُورُ: نَهْرٌ يَشُقُّهُ السَّيْلُ فيجُرّه.
والجَرُورُ من الركايا: البعيدةُ القَعْرِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بِئرٌ جَرُورٌ وَهِي الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا على بعيرٍ.
وَقَالَ ابْن بُزُرجَ: مَا كَانَت جَرُوراً، وَلَقَد أَجرَّتْ، وَلَا جُدَّاً وَلَقَد أَجَدَّتْ، وَلَا عِدّاً، وَلَقَد أَعدَّت.(10/254)
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَرُّ فِي الْإِبِل أَنْ تَجُرّ الناقةُ وَلَدهَا بعد تَمام السّنة شهرا أَو شَهْرَيْن.
قَالَ: والسُّودُ من الْإِبِل: أغلظُ جُلوداً وأضْيَقُ أجوافاً من غَيرهَا، وَلَا يكادُ شيءٌ منْهنّ يجُرُّ، وأطْولُهُنّ جراً: الحُمْرُ والصُّهْبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرُورُ من الْحَوَامِل: الَّتِي تجُرُّ وَلَدهَا إِلَى أقْصَى الْغَايَة، أَو تجاوزُ وَأنْشد:
جرّتْ تَمامًا لم تُخنِّقْ جَهْضَا
وَأما الإبلُ الجارَّةُ فَهِيَ العَوَامِلُ الَّتِي تُجَرُّ بالأزِمَّةِ، وَهِي فاعلةٌ بِمَعْنى مفعولةٌ، ويجوزُ أَنْ تكونَ جارّةً فِي سَيرهَا، وجرُّها أَنْ تُبْطِىءَ وتَرْتَعَ.
والجَرُّ: سَفْحُ الْجَبَل، ويُجْمعُ جِراراً.
وفلانٌ يَجُرُّ الْإِبِل أَي يسوقُها سوقاً رُوَيْداً.
قَالَ ابنُ لَجَأ:
تَجُرَّ بالأهْوَنِ مِنْ أدْنَائِها
جَرَّ العَجُوزِ الثِّنْيَ من جفَائِهَا
وَقَالَ:
إِنْ كُنْتَ يَا رَبَّ الجِمَالِ حُرَّا
فارْفَعْ إِذا مَا لم تَجِدْ مَجَرَّا
يُقَال: جُرَّهَا على أفواهها، أَي سُقْها وَهِي تَرْتَعُ وتُصِيبُ من الْكلأ.
وَقَوله: ارفَعْ إِذا لم تَجِدْ مجرَّا، يقولُ: إِذا لم تَجِدِ الإبلُ مرْتَعاً فارْفَعْ فِي سَيرهَا، وَهَذَا كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا سافرْتُمْ فِي الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا) .
وَقَالَ الراجز:
أَطْلَقَهَا نِضْوَ بَلِيَ طِلْحِ
جرّاً على أَفْوَاهِهنَّ السُّجْح
أَرَادَ أَنَّهَا طِوَالُ الخَرَاطِيمِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَرَّ يجُرُّ إِذا جَنَى جِنايةً.
وجَرَّ يجُرُّ: إِذا ركبَ نَاقَة وَتركهَا ترعى.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمَرَ: (أنّه شهد فَتح مكّة، وَمَعَهُ فرسٌ حَرُونٌ، وجملٌ جرُورٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجملُ الجَرُورُ: الَّذِي لَا ينقادُ، وَلَا يكادُ يتْبَعُ صَاحبه.
(قلت) : وَهُوَ فَعُولٌ بِمَعْنى مفعولٍ، ويجوزُ أَن يكون بِمَعْنى فَاعل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الجَرُورُ من الْخَيل: البطيء، ورُبّما كَانَ من قِطَافٍ.
وَأنْشد:
جرُورُ الضُّحَى مِنْ نَهْكَةٍ وسآمِ
وجمعُه: جُرُرٌ، وَأنْشد:
جُرُرُ القِيادِ وَفِي الطِّرادِ كأنّها
عِقْبانُ يومِ تَغَيُّمٍ وطِلاَلِ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي قَول مُزَاحِمٍ العُقَيْلِيِّ:
أَخَادِيدُ جَرَّتْهَا السّنَابِكُ غادَرَتْ
بهَا كلَّ مشْقُوقِ القَميصِ مُجَدَّلِ(10/255)
(قلت) : للأصمعي: جرّتْهَا السّنَابِكُ من الجَرِيرَةِ. قَالَ: لَا وَلَكِن من الجَرِّ فِي الأَرْض والتَّأْثِير فِيهَا كَقَوْلِه:
مَجَرَّ جُيُوشٍ غَانِمينَ وخُيَّبِ
وَقَالَ شمرٌ: امرأةٌ جرُورٌ: مُقْعَدَةٌ.
وركِيَّةٌ جرُورٌ: بعيدةُ القَعْرِ.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : أَجْرَرْتُ الفَصِيلَ إِذا شققْتَ لسانهُ لئلاَّ يرْضعَ.
وَقَالَ عَمْرو بنُ مَعْدِي كَرِبَ:
فَلَو أَنَّ قومِي أَنْطَقَتْني رِماحُهُمْ
نَطَقْتُ ولكنّ الرِّماح أَجَرَّتِ
أَي لَو قاتلُوا وأَبلَوْا لذكَرْتُ ذَلِك، ولكنَّ رماحَهُم أجرَّتْنِي أَي قطعتْ لساني عَن الْكَلَام أرادَ أَنَّهُم لم يقاتِلُوا: / /
وَيُقَال: قد أجرّه الرُّمحَ إِذا طعنه وتَرَكَ الرمْح فِيهِ.
قَالَ الشَّاعِر:
ونَجُرُّ فِي الهَيْجَا الرّماح ونَدّعِي
وَيُقَال: قد أَجْرَرْتُه رسَنه إِذا مَا تَرَكْتَه يصنعُ مَا يشاءُ.
وَقد جَرَرْتُ الشَّيْء جرّاً أجُرُّهُ.
وجرَّتِ الناقةُ تجُرُّ جرّاً إِذا أتَتْ على مَضْرِبها ثمَّ جاوزتْهُ بأيّامٍ وَلم تُنْتجْ.
وَقد جَرّ عَلَيْهِ يجُرُّ جرِيرَةً إِذا جنَى.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ الْمُنْذِرِيّ: من أمثالهم (هُوَ كالباحث عَن الجُرّةِ) .
قَالَ: وَهِي عَصا تُرْبَطُ إِلَى حِبَالَةٍ تُغيَّبُ فِي التُّرَابِ للظَّبْي يُصطادُ بهَا، فِيهَا وتَرٌ، فَإِذا دَخَلَتْ يَدُهُ فِي الحِبَالَةِ انْعقدت الأوْتَارُ فِي يَدَيْهِ، فَإِذا وثبَ ليُفْلِتَ فمدَّ يدَهُ ضَرَبَ بتلكَ الْعَصَا يَدَهُ الْأُخْرَى ورِجْلَهُ فَكَسرهَا، فَتلك العَصَا هِيَ الجُرَّةُ.
قَالَ: وَمن أمْثَالِهم فِيهَا (نَاوَصَ الجُرَّةَ ثُمَّ سَالَمَها) يُضربُ مثلا لمن يقعُ فِي أمْرٍ فيَضْطَرِبُ فِيهِ ثُمَّ يسْكُنُ.
قَالَ: والمناوصَةُ: أَن يَضْطَرِبَ فَإِذا أعياهُ الخلاصُ سَكَنَ.
قَالَ: والجُرَّةُ: خشبةٌ قَدْرُ ذِراعٍ تُنْصَبُ فِي رَأسهَا كُفَّةٌ، وَفِي وَسطهَا حبلٌ يُحْبَلُ للظَّبْي فَإِذا وَقع فِيهَا مارسها لِيَنْفَلِتَ فَإِذا أَعْيَتْهُ سكن.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سُئِلَ ابْن لسانِ الحُمَّرَةِ عَن الضَّأْنِ فَقَالَ: مالُ صِدْقٍ، قَرْيَةٌ لَا حِمَى لَهَا إِذا أَفْلَتَتْ من جُرَّتَيْها يَعْنِي بجُرَّتَيْها المَجَرَ فِي الدَّهْر الشَّديد، والنَّشَرَ، وَهُوَ أَن تَنْتَشِرَ بِاللَّيْلِ فَيَأْتِي عَلَيْهَا السِّباعُ.
(قلت) : جَعَلَ المَجَرَ والنَّشَرَ لَهَا جُرَّتَيْنِ أَي حبالَتَيْنِ تقعُ فيهمَا فتهلكُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجُرُّ: جمع الجُرَّةِ وَهِي المكُّوكُ الَّذِي ثُقبَ أَسْفَله يكونُ فِيهِ البَذْرُ فيَمْشي بِهِ الأكَّار(10/256)
ُ والفَدَّانُ، وَهُوَ يَنْهَالُ فِي الأرضِ.
قَالَ: والجَرُّ: الزَّبِيلُ، والجَرُّ: أَصْلُ الجَبَلِ، والجَرُّ: أَنْ تَزِيدَ الناقةُ على عَدَدِ شهورها، والجرُّ: الجَرِيرَةُ، والجَرُّ: أَن تسير الناقةُ وترعى وراكبُها عَلَيْهَا وَهُوَ الانْجِرَارُ، وَأنْشد:
إنِّي على أوْنِيَ وانْجِرَارِي
أؤُمُ بالمَنْزِلِ والدَّرَارِي
أَرَادَ بالمَنْزِلِ: الثُّرَيَّا.
وَقَالَ الليثُ، يُقَال: جُرَّ الفصيلُ فَهُوَ مجرورٌ، وأُجِرَّ فَهُوَ مُجَرٌّ، وَأنْشد:
وإنِّي غَيْرُ مجرُورِ اللِّسَانِ
قَالَ: والمَجَرَّةُ: شَرَجُ السَّمَاء.
والمَجَرُّ: المَجَرَّةُ، وَمن أمثالهم (سِطِي مَجَرّ تُرطِبْ هَجَرْ) يُرِيدُ: توسَّطي يَا مَجَرَّةُ كَبِدَ السَّمَاء، فإنَّ ذَلِك وقتُ إرْطَابِ النَّخِيلِ بهَجَرَ.
وَيُقَال: كَانَ عَاما أَوَّلَ كَذَا، وَكَذَا فهَلُمَّ جَرًّا إِلَى الْيَوْم أَي امْتَدَّ ذَاك إِلَى الْيَوْم.
وسَمِعْتُ المُنْذِريَّ، يَقُول: سمعتُ المُفَضَّلَ بن سَلَمَةَ فِي قَوْلهم: هَلُمَّ جرًّا أَي تعالَوْا على هِينَتِكُمْ، كَمَا يَسْهَلُ عَلَيْكُم من غير شِدَّةٍ وَلَا صُعوبةٍ، وأصلُ ذَلِك من الجَرِّ فِي السَّوْقِ، وَهُوَ أَن تُتْرَكَ الإبلُ والغنمُ تَرْعَى فِي مَسِيرِهَا، وَأنْشد:
لطالما جَرَرْتُكُنَّ جرَّا
حَتَّى نوى الأعْجَفُ واسْتَمَرَّا
فاليَوْمَ لَا آلُوا الرِّكاب شَرَّا
وتقولُ: فعلتُ ذَلِك مِنْ جَرَّاكَ، ومِنْ جَرِيرَتِكَ أَي من أَجْلِكَ.
قَالَ أَبُو النَّجْم:
فاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنْ جرَّاها
واهاً لِرَيَّا ثُمَّ واهاً واها
والجِرَّةُ: جِرَّةُ البَعِيرِ حِين يَجْتَرُّها فيَقْرِضُها ثمَّ يَكْظِمُهَا، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: أصلُ الجَرْجَرَةِ: الصوتُ: وَمِنْه قيل للبعير إِذا صوَّت: هُوَ يُجَرْجِرُ.
وَقَالَ الأغْلَبُ يصفُ فَحْلاً:
وهْوَ إذَا جَرْجَرَ بَعْدَ الهَبِّ
جَرْجَرَ فِي حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ
(قلت) : أَرَادَ بقوله: يُجَرْجِرُ فِي جَوْفه نارَ جَهَنَّم أَي يَحْدُرُ فِيهِ نَار جَهَنَّم إِذا شرب من آنِيةِ الذَّهَبِ فَجعل شُرْبَ المَاء، وجَرْعَهُ جَرْجَرَةً، لصوتِ وُقُوع المَاء فِي الْجوف عِنْد شِدَّةِ الشّرْب، وَهَذَا كقولِ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً} (النِّسَاء: 10) فَجعل أكل مَال اليتيمِ مثل أكل النارِ، لِأَن ذَلِك يُؤدِّي إِلَى النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْجَارُ: نَبَاتٌ، والجِرْجِيرُ: نَبْتٌ آخَرُ معروفٌ.
وَقَالَ غَيره: يقالُ للحُلُوقِ: الجَرَاجِرُ لما(10/257)
يُسْمَعُ من صَوت وُقُوع المَاء فِيهَا، وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
لهامِيمُ يَسْتَلْهُونَها فِي الجَرَاجِرِ
(أَبُو عبيد) : الجَرَاجرُ، والجَرَاجبُ: العظامُ من الْإِبِل، الواحدُ: جُرْجُورٌ، يُقَال: إبل جُرْجُورٌ: عظامُ الأجواف.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْجِرُ: القُولُ، فِي كَلَام أهل الْعرَاق:
والجَرْجَرُ: مَا يُدَاسُ بِهِ الكُدْسُ من حديدٍ.
والتّجَرْجُرُ: صبُّك المَاء فِي حَلْقِكَ.
(ابنُ نَجْدة) : هِيَ القِرَّيَّةُ والجرِّيَّةُ للْحَوْصَلَة.
وَقَالَ غيرُهُ: الجرِّيُّ: لغةٌ فِي الجرِّيث من السَّمكِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للمطر الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئا إلاَّ أسَالَهُ وجرَّهُ: جَاءَنَا جارُّ الضَّبُعَ، وَلَا يجُرُّ الضبع إِلَّا سَيْلٌ غالبٌ، وأصابتْنَا السَّمَاء بجارِّ الضبعِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: غنَّاهُ فأَجَرَّه أغانيَّ كَثِيرَة إجْرَاراً إِذا أَتْبعهُ صَوتا بعد صوتٍ، وَأنْشد:
فَلَمَّا قَضَى مِنِّي القَضَاءَ أَجَرَّنِي
أَغَانِيَّ لَا يَعْيَا بهَا المُتَرَنِّمُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَقْتُ حَمْلِ الفَرَسِ مِنْ لَدُنْ أَنْ يقطعُوا عَنْهَا السِّفَادَ إِلَى أنْ تَضعهُ أحَدَ عَشَرَ شهرا، فَإِن زَادَت عَلَيْهَا شَيْئا قَالُوا جرّتْ، وكُلَّما جرّتْ كَانَ أقوى لولدها، وأكثرُ مَا تَجُرُّ بعد أَحَدَ عشر شهرا خَمْسَ عَشْرَة لَيْلَة، فَهُوَ أكثرُ أوقاتِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرِيرُ: حَبْلُ الزِّمَامِ.
وَقَالَ غيرُه: الجَرِيرُ حَبْلٌ من أَدَمٍ يُخْطَمُ بِهِ البعيرُ، وَفِي حَدِيث ابنِ عُمرَ (مَنْ أَصْبَحَ على غير وِتْرٍ أصْبَحَ، وعَلى رأْسِهِ جريرٌ سَبْعُونَ ذِرَاعا) .
قَالَ شمرٌ: الجَرِيرُ: الحَبْلُ، وَجمعه: أجَرّةٌ، وَزِمَامُ النَّاقة أَيْضا: جَرِيرٌ.
وَقَالَ زُهيرُ بنُ جنابٍ فِي الجَرِيرِ فَجعله حبلاً:
فَلِكُلِّهِمْ أعْدَدْتُ تيَّاحاً تُغَارُ لَهُ الأجرّهْ
وَقَالَ الهوازنيُّ: الجَرِيرُ من أَدَمٍ مُلَيَّنٍ يُثْنَى على أنْفِ النَّجِيبةِ والفَرَسِ.
وَقَالَ سمْعَان أَوْرَطْتُ الجَرِيرَ فِي عنقِ الْبَعِير إِذا جعلتَ طرفه فِي حَلْقَتِهِ، وَهُوَ فِي عُنُقه ثُمّ جذبْتَه، وَهُوَ حينئذٍ يَخْنُقُ الْبَعِير، وَأنْشد:
حتَّى تَرَاها فِي الجَرِيرِ المُورَطِ
سَرْحَ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهَبُّطِ
قَالَ شمرٌ: وحديثُ ابنِ عُمر هَذَا يُفَسِّرهُ مَا روى الأعمشُ عَن أبي سُفيان عَن جابرٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا من عبدٍ ينامُ باللَّيْل إلاَّ على رأْسِهِ جَريرٌ مَعْقُودٌ،(10/258)
فإنْ هُوَ تَعَارَّ وَذكر الله حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِن هُوَ قَامَ فَتَوَضَّأ وصلّى حُلّتْ عُقْدةٌ وأصْبَح نشيطاً قد أصَاب خيرا، وَإِن هُوَ لم يذكر الله حَتَّى يُصْبِحَ بَال الشّيْطانُ فِي أُذُنيْهِ) .
وَقَالَ شمرٌ: سمعتُ ابْن الأعرابيِّ يقولُ: جئْتُك فِي مثل مَجَرِّ الضّبُع، يُريدُ السّيْل قد خرق الأَرْض فكأنّ الضَّبُعَ جرَّتْ فِيهِ.
قَالَ: وأصابهُمْ غيْثٌ جِوَرٌّ أَي يجُرُّ كلَّ شيءٍ، وَيُقَال: غيثٌ جِوَرٌّ إِذا طَال نبْتُه وارتفع.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: غَرْبٌ جِوَرٌّ: فارضٌ ثقيلٌ.
وَقَالَ غيرُه: جَمَلٌ جِوَرٌّ أَي ضخمٌ، ونَعْجةٌ جِوَرَّةٌ، وَأنْشد:
فاعْتَام مِنْهَا نَعْجةً جِوَرَّهْ
كأنّ صَوْتَ شَخْبِهَا للدِّرَّهْ
هَرْهَرَةُ الهِرِّ دَنَا لِلْهِرَّهْ
وَقَالَ الْفراء: (جِوَرٌّ) إِن شِئْت جعلت الْوَاو فِيهِ زَائِدَة من جَرَرْتُ، وَإِن شِئْت جعلته (فِعَلاًّ) من الجَوْرِ، ويصيرُ التّشْديدُ فِي الرّاء زِيَادَة كَمَا شدّدُوا: حَمَارّة الصّيْفِ.
(الْأَصْمَعِي) : كتيبةٌ جرّارةٌ لَا تقْدِرُ على السّير إِلَّا رُوَيداً من كثرتها.
رج: قَالَ الله جلّ وعزّ: {) رَّافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ} (الْوَاقِعَة: 4) معنى رُجَّت: حُرِّكَتْ حَرَكَة شَدِيدَة وزُلْزِلَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الارْتِجَاجُ: مطاوعةُ الرَّجِّ.
قَالَ: وارْتَجَّ الكلامُ إِذا الْتَبَسَ.
قَالَ: والرَّجُّ: تَحْرِيكُكَ شَيْئا كحائطٍ إِذا زكَكْتَه، وَمِنْه: الرَّجْرَجَةُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : كَتِيبَةٌ رَجْرَاجَةٌ إِذا كَانَت تمخَّضُ لَا تكادُ تسيرُ، وكتيبَةٌ جرَّارَةٌ: لَا تسيرُ إلاَّ رُوَيْداً مِنْ كَثْرَتِها.
(اللَّيْث) : امرأةٌ رَجْرَاجَةٌ: يترجرجُ كَفَلُهَا ولحمُها.
قَالَ: والرَّجْرَجُ: نعتُ الشَّيْء الَّذِي يترجرجُ، وَأنْشد:
وكَسَتِ المِرْطَ قطاةً رَجْرَجَا
والرَّجْرَجُ: الثَّرِيدُ المُلَبَّقُ المُكْتَنِزُ.
والرَّجْرَاجُ: شيءٌ من الأدْوِيَةِ.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ: (لَا تقُومُ السَّاعةُ إلاَّ على شِرَار النَّاسِ كَرِجْرَاجَةِ المَاء الْخَبيث الَّتِي لَا تَطَّعِمُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: أَمَّا كلامُ العربِ فرِجْرِجَةٌ، وَهِي بقيّةُ المَاء فِي الحَوْضِ الكَدِرَةُ المُخْتَلِطَةُ بالطين لَا يُمكنُ شُربُها وَلَا يُنْتَفعُ بهَا، وَإِنَّمَا تقولُ العربُ: الرَّجْرَاجَةُ: الكَتِيبَةُ الَّتِي تَمُوجُ من كثْرَتِها.
وَمِنْه قيل: امرأةٌ رَجْرَاجَةٌ لَتَحرُّكِ جسدِهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الرِّجْرِجَةِ فِي شيءٍ.
وَفِي حَدِيث الحسنِ: أنَّه ذَكَرَ يَزِيدَ بْنَ المُهَلَّبِ قَالَ: (فاتَّبَعَهُ رِجْرِجَةٌ من النّاس) .(10/259)
قَالَ شمرٌ: يَعْنِي رُذَالَ النّاس، ويقالُ: رِجْرَاجَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ الكلابيُّ: الرِّجْرِجَةُ من الْقَوْم: الَّذِي لَا عقلَ لَهُم.
وَيُقَال للأحْمَقِ: إنَّ قلْبَكَ لكثيرُ الرِّجْرِجَةِ.
وفلانٌ كثيرُ الرِّجْرِجَة: أَي كثيرُ البُزَاقِ.
والرِّجْرِجَةُ: الجماعةُ الكثيرةُ فِي الْحَرْب.
وَفِي (النَّوادر) : رَجَجْتُ البابَ، ورَدَمْتُهُ أَي ثنَيْتُه.
وإبلٌ رجاجٌ، وناسٌ رجاجٌ: ضَعْفَى لَا عقول لَهُم، قَالَه الْأَصْمَعِي وَغَيره.
جرج: (أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيدٍ) : رَكِبَ فلانٌ الجَادّةَ والجَرجَةَ والمحجَّةَ، كلَّه: وسطُ الطَّرِيق.
(شمرٌ عَن الرياشي عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: خَرَجَةُ الطَّرِيق بالخَاءِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَرَجَة.
قَالَ الرياشيّ: والصوابُ عندنَا مَا قَالَ الأصمعيّ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَرِجَ الخاتَمُ فِي يَدي إِذا قَلِقَ.
وجرجَ الرَّجُلُ إِذا مَشى فِي الجَرَجَةِ وَهِي المحجّةُ فَوَافَقَ أَبَا زيدٍ.
(قلت) : وهما لُغتانِ، الخَرَجَةُ والجَرَجَةُ فِي الطَّرِيق.
وَقَالَ ابْن المُسْتَنِيرِ: الجُرْجَةُ: وعاءٌ من أَوْعِيَةِ النِّسَاء، والجُرْجَةُ: خَريطَةٌ من أدَمٍ، واسِعَةُ الأسْفَلِ ضيقةُ الرَّأْس، يُحملُ فِيهَا الزّادُ.
قَالَ أَوْسٌ:
ثلاثةُ أَبْرَادٍ جِيادٍ وجُرْجَةٌ
وأدكَنُ من أَرْيِ الدَّبُورِ مُعَسَّلُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سِكّينٌ جرجُ النّصَابِ: قَلِقُهُ.
وَأنْشد:
إنّي لأهْوَى طِفْلَةً فِيهَا غُنُجْ
خَلْخَالُها فِي سَاقهَا غيرُ جَرِجْ
(بَاب الْجِيم وَاللَّام)
ج ل
جلّ، لج، جلج، جلجل: (مستعملة) .
جلّ: قَالَ اللَّيْث: جلَّ جلالُ الله، وَهُوَ الجَليلُ، ذُو الْجلَال والإكْرَامِ.
يُقَال: جَلَّ فلانٌ فِي عَيْني أَي عظُمَ، وأجْلَلْتُه أَي رأيتُه جَليلاً نبيلاً، وأجلَلْتُه أَي عَظَّمْتُه.
وكل شَيْء يَدِقُّ، فجُلالُه خلافُ دُقاقِهِ.
وجُلُّ كل شيءٍ: عُظْمُهُ.
وَيُقَال: مَالَهُ دِقٌّ وَلا جلٌّ.
وَيُقَال: جِلَّةٌ جريمٌ للعظَامِ الأجْرَامِ.
قَالَ: والجِلُّ: سُوقُ الزَّرْعِ إِذا حُصِدَ عَنهُ السُّنْبُلُ.(10/260)
(ابْن السّكيت) : يُقَال: مَالَه دقيقةٌ وَلَا جَلِيلَةٌ أَي مَاله شاةٌ وَلَا ناقةٌ.
وأتيتُ فُلاناً فَمَا أجلَّنِي وَلَا أحْشاني أَي مَا أَعْطانِي جليلةً وَلَا حَاشِيَة.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه نَهى عَن أكْلِ الجلاَّلَةِ) .
والجلاَّلَةُ: الَّتِي تأْكُلُ الجِلَّةَ، والجِلَّةُ: البَعْرُ فاستعير وَوُضع موضعَ العَذِرَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَلَّ يجُلُّ جلاَّ إِذا الْتقط البَعْرَ، واجتَلَّة: مثلُه.
قَالَ ابنُ لَجَأ:
تُحْسِبُ مُجْتَلَّ الْإِمَاء الخُدَّمِ
من هَدَبِ الضَّمْرَانِ لم يُخَطَّمِ
يصفُ إبِلا يَكْفِي بَعْرُها من وقُودٍ يُسْتَوْقَدُ بِهِ من أغصانِ الضَّمْرَانِ.
وَيُقَال: خرج الإماءُ يَجْتَلْلن أَي يَلْتَقِطْنَ البَعْرَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : الجَلَلُ فِي كَلَام الْعَرَب من الأضداد.
يُقَال للكبير جَلَلٌ، والصغيرُ: جَلَلٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
أَلا كلُّ شيءٍ سِوَاهُ جلَلْ
أَي يسيرٌ هينٌ.
وَأنْشد أَبُو زيد لأبي الأخْوَصِ الرِّياحيّ:
وَلَو أدْرَكَتْهُ الخَيْلُ، والخيلُ تُدَّعَى
بِذِي نَجَبٍ مَا أَقْرَنَتْ وأجلَّتِ
قَالَ: أجَلّتْ: دخلت فِي الجَلَلِ، وَهُوَ الأمرُ الصغيرُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ذاكَ الْأَمر جَلَلٌ فِي جَنْب هَذَا الأمْرِ أَي صغيرٌ يسيرٌ.
قَالَ والجَلَلُ: العظيمُ أَيْضا، فَأَما الجَلِيلُ فَلَا يكون إلاَّ الْعَظِيم.
وَيُقَال: فعلتُ ذَلِك من جَلَلِ كَذَا وَكَذَا أَي من عظمه فِي صدْرِه.
وَأنْشد:
رَسْمِ دارٍ وَقَفْتُ فِي طَلَلِهْ
كِدْتُ أَقْضِي الغَدَاةَ من جَلَلِهْ
قَالَ: ومشْيَخَةٌ جِلَّةٌ أَي مَسَانُّ، وَالْوَاحد مِنْهُم: جليلٌ.
والجُلَّى: الأمْرُ العظيمُ. قَالَ طرفةُ:
وَإِن أُدْعَ للجُلّى أكُنْ من حُماتها
قَالَ ابنُ الأنباريّ: من ضمّ الْجِيم من الجُلّى قصر، وَمن فتح الْجِيم مدَّ، فَقَالَ: الجلاّءُ: الخصلةُ العظيمةُ.
وَأنْشد:
كميشُ الْإِزَار خارجٌ نصفُ سَاقه
صبُورٌ على الجلاّءِ طلاّعُ أَنْجُدِ
قَالَ: وَلَا يُقَال: الجلالُ إلاَّ لله تبَارك وَتَعَالَى.
والجليلُ من صِفَات الله، وَقد يُوصَفُ بِهِ الأمْرُ العظيمُ، والرَّجُلُ ذُو القَدْرِ الخطيرِ.
وَيُقَال: جَلَّ الرَّجُلُ عَنْ وَطَنِهِ يَجُلُّ(10/261)
جُلُولاً، وجَلاَ يَجْلُو جلاءً وأجْلَى يُجْلِي إِجْلاءً إِذا أَخَلَّ بوطَنِهِ.
وَمِنْه يُقَال: اسْتُعْمِلَ فُلانٌ على الجاليَةِ والجالَّةِ وهُمْ أَهْلُ الذَّمِّةِ، وإنَّما لزِمَهُمْ هَذَا الاسمُ لأنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجْلَى بعْضَ اليَهُود من المَدِينَةِ، وأَمَرَ بإِجْلاَءِ مِنْ بَقِي مِنْهُم بجزِيرَةِ العَرَبِ فأجْلاهُمُ عمر بن الْخطاب فسُمُّوا جاليةً للُزُومِ الِاسْم لهُمْ وإنْ كَانُوا مُقِيمين بالبلاد الَّتِي أوْطَنُوها.
وَيُقَال: تَجَلَّلِ الدَّراهِم أَي خُذْ جْلالها، وتَجَلَّلَ فُلانٌ بَعيرَه إِذا علا ظَهْره.
والجَليلُ: والثَّمامُ، الوَاحِدَةُ: جليلةٌ، وَهَذِه ناقةٌ قد جَلَّتْ أَي أسَنّتْ.
والمَجَلةُ: صحيفَةٌ يُكْتَبُ فِيهَا وَقَالَ النابغةُ:
مَجَلَّتُهُمْ ذَاتُ الْإِلَه ودِينُهم
قَوِيمٌ فَمَا يَرْجُونَ غَيْرَ العَواقِبِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلَّةُ تُتَّخَذُ من الخُوص، وعاءٌ للتَّمْرِ يُكْنَزُ فِيهَا، وجَمْعُها: جلالٌ، وجِلاَلُ كُلِّ شيءٍ: غِطَاؤُه، نَحْو الحَجَلةِ وَمَا أَشْبَهها.
(أَبُو عبيد) : الجُلُولُ: شِرَاعُ السَّفِينَةَ، الواحدُ: جُلٌّ.
قَالَ القُطاميُّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ ساكِنُهُ
إِذا الصَّرَارِيُّ مِنْ أَهْوَالِه ارْتَسَّما
الصَّرَارِيُّ: الملاّحُ، والارْتِسامُ: التَّكْبيرُ. وتجَالَلْتُ الشَّيْء تجَالاًّ، وتجَلَّلْتُ إِذا أَخَذْتَ جُلاله، وتَدَاقَقْتُه إِذا أَخَذْتَ دُقاقَه.
(ابنُ السّكيت) : الجُلُّ: جُلُّ الدَّابَّةِ، وجُلُّ كلِّ شيءٍ: مُعْظَمُه، والجِلُّ: قَصَبُ الزَّرْع إِذا حُصِدَ.
وجَلُّ بنُ عديَ: رجُلٌ من العَرَبِ. وَذُو الجَليلِ: وادٍ لبني تَميمٍ، يُنْبتُ الثُّمامَ، وَهُوَ الجَلِيلُ.
وجِلٌّ، وجلاَّنُ: حيّانِ من الْعَرَب.
وَهَذِه ناقةٌ تَجِلُّ عَن الكَلاَلِ أَي هِيَ أجَلُّ من أَنْ تكلَّ لصَلابتِها.
وناقةٌ جُلاَلةٌ: ضَخْمةٌ.
وبعيرٌ جلالٌ: مُخْرَجٌ من جليلٍ.
وَيُقَال: أَنْتَ جَلَلْتَ هَذَا على نَفْسِكَ، وأَنْتَ جَرَرْتَه أَي جَنَيْتَه.
وفَعَلْتُ ذاكَ مِنْ جَرَّاكَ وَمن جَلَلكَ، وجَلاَلِكَ أَي من أجْلِكَ.
جلجل: قَالَ ابْن شُميل: جَلْجَلْتُ الشَّيْء جَلْجلةً إِذا حركته حتَّى يكون للحركة صَوْتٌ، وكلُّ شيءٍ تحرَّك فقد تَجْلجَل، وسَمِعْنا جَلْجَلَة السّبُع وَهِي حركَتُه.
وتَجْلجل القومُ للسّفر أَي تحركُوا لهُ.
والمُجَلْجِلُ: السحابُ ذُو الرَّعد. وخِمْسٌ جَلْجَالٌ: شديدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث التَّجلْجُلُ: السُّووخُ فِي(10/262)
الأَرْض والتَّحرُّكُ والجَوَلانُ، وَقد تَجَلْجَلَ الرِّيحُ تَجَلْجُلاً.
وحِمَارٌ جُلاجِلٌ: صافي النّهيق.
والجَلْجَلةُ: تحرِيكُ الجُلْجُلِ، والجَلْجَلَةُ: صَوْتُ الرَّعْد وَمَا أشبهه، والمُجَلْجِلُ: السَّيِّدُ القويُّ وَإِن لم يكُنْ لَهُ حسبٌ وَلَا شرفٌ، وَهُوَ الجريءُ الشَّديدُ الدَّفعَ وَاللِّسَان.
وَقَالَ شمرٌ: هُوَ السيدُ البعيدُ الصّوتِ.
وَأنْشد ابْن شُمَيْل:
مُجَلْجِلٌ سِنُّكَ خَيْرُ الأسْنَانْ
لَا ضَرَعُ السِّنِّ وَلَا قَحْمٌ فَانْ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم، من أمثالهم فِي الرَّجُلِ الجريء (إنّهُ ليُعَلِّقُ الجُلْجُلَ) .
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
إِلَّا امْرءاً يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ
يُريدُ الجريء الَّذِي يُخَاطِرُ بِنَفسِهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَلْجَلَ الرّجُلُ إِذا ذهب وَجَاء، وغُلامٌ جُلْجُلٌ، وجُلاَجِلٌ: خَفِيفُ الرُّوحِ نشيطٌ فِي عمله. وجُلاَجِل: حَبْلٌ من حبال الدَّهْنَاء.
وَمِنْه قولُ ذِي الرُّمَّةِ:
أيَا ظَبْيَة الوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبَيْنَ النَّقَا آأَنْتِ أُمُّ سالِمِ
وَقَالَ شمرٌ: المُجَلْجَلُ: المَنْخُولُ المُغَرْبَلُ، قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
حَتَّى أجَالَتْهُ حَصى مُجَلْجَلاَ
أَي لم يُتْرَكْ فِيهِ إِلَّا الْحَصَا، والمُجَلْجَلُ: الخالصُ النَّسَبِ.
(ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي) : الجُلْجُلانُ: السِّمْسِمُ.
(أَبُو زيد) يُقَال: أَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِه، وجُلْجُلانَ قلبه، وحَمَاطَةَ قلبه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَيُقَال لما فِي جَوْفِ التّين من الحَبِّ: الجُلْجلاَنُ، وَأنْشد غَيره لوضَّاحِ اليمانِيِّ:
ضَحِكَ النَّاسُ وَقَالُوا
شِعْرُ وضَّاحِ اليَمَانِي
إنّما شِعْرِيَ مِلْحٌ
قَدْ خُلِطْ بجُلْجُلاَنِ
جلج: وَفِي الْحَدِيد أنَّه قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت {} {مُّبِيناً لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ} (الْفَتْح: 1، 2) الْآيَة: هَذَا لَكَ يَا رسُولَ الله وبَقِينَا نحنُ فِي جَلَجٍ لَا نَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِنَا.
قَالَ أَبُو حاتمٍ: سألْتُ الأصمعيَّ عَنْه فَلم يَعْرِفْهُ.
قَالَ: وأَنَا لَا أَعْرِفُه.
(قلت) : وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعَن عَمْرو عَن أَبِيه: أنَّهُمَا قَالَا: الجِلاَجُ: رُؤُوسُ النَّاس، واحِدَتُها: جَلَجَةٌ.(10/263)
(قلت) : فَالْمَعْنى: إنَّا بَقِينَا فِي عدد رُؤوسٍ كثيرةٍ من المُسْلِمين، وَكتب عُمرُ إِلَى عَامله على مِصْرَ: خُذْ من كُلِّ جَلْجَةٍ من القِبْط كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ بعضُهُم: الجَلَجُ جَمَاجِمُ النَّاس.
لج: قَالَ اللَّيْث: لجّ فلانٌ يَلِجُّ، ويَلَجُّ، لُغَتَانِ، وَأنْشد:
وقَدْ لَجِجْنَا فِي هواكِ لججَا
قَالَ: أَرَادَ لجَاجا فَقَصره، وَأنْشد:
وَمَا العَفْوُ إلاَّ لامْرِىءٍ ذِي حَفِيظَةٍ
مَتَى تَعْفُ عَنْ ذَنْبِ امْرِىء السَّوْء يَلْجَجِ
(سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: لَجِجْتُ، ولَجَجْتُ لَجَاجَةً ولَجَجاً.
وَقَالَ غيرُه: لُجَّةُ البَحْرِ حَيْثُ لَا يُدْرَكُ قَعْرُه.
ولجَّجَ القَوْمُ: وقعُوا فِي اللُّجَّة وَقَالَ الله {فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ} (النُّور: 40) .
قَالَ الْفراء يُقَال: بَحْرٌ لُجِّيٌّ، ولِجِّيٌّ، كَمَا يُقَال: سُخريُّ وسِخْرِيُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: بَحْرٌ لُجِّيٌّ ولَجَّاجٌ: واسِعُ اللُّجَّةِ.
والتجَّ الظَّلامُ إِذا اخْتَلَطَ، والتَجَّتِ الأصواتُ إِذا ارْتَفَعَت فاخْتَلطت، وَفِي حَدِيث طَلْحة بن عبيد الله (أَدْخَلُونِي الحُش فوضَعُوا اللُّجَّ على قَفَيَّ) .
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيُّ: عَنَى باللُّجِّ: السَّيف.
قَالَ: ونُرَى أَن اللُّجَّ اسمٌ سُمِّي بِهِ السّيْفُ، كَمَا قالُوا: الصَّمْصَامَةُ، وذُو الفَقَارِ وَنَحْوه.
قَالَ: وَفِيه قَوْلٌ آخَرُ أنّه شبهه بلُجَّةِ البَحْرِ فِي هَوْلِه.
وَيُقَال: هَذَا لُجُّ البَحْرِ، وَهَذِه لُجَّةُ البَحْرِ.
وَقَالَ شمرٌ قَالَ بعْضُهُم: اللُّجُّ السَّيْفُ بلُغة هذيلٍ، وطَوَائِفَ من اليَمَنِ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: اللُّجُّ: السَّيْفُ.
وَقَالَ ابنُ الكلْبِيِّ: كَانَ للأشْتَرِ سَيْفٌ يُسَمِّيهِ اللُّجَّ، واليمَّ، وَأنْشد لَهُ:
مَا خانَنِي اليمُّ فِي مأْقِطٍ
وَلَا مَشْهَدٍ مُذْ شَدَدْتُ الإزارا
ويُرْوَى:
مَا خَانَنِي اللُّجُّ فِي مَأْقطٍ
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ بعضُهُم: اللُّجَّةُ: الجماعةُ الكثيرةُ كلُجَّةِ الْبَحْر، وَهِي اللُّجُّ.
قَالَ: ولُجُّ الْوَادي: جانِبهُ، ولُجُّ الْبَحْر: عُرْضُه.
قَالَ: ولُجُّ البَحْرِ: المَاء الكثيرُ الَّذِي لَا يُرى طرفاهُ، ولُجُّ اللّيْلِ: شدّةُ ظُلْمَته وسَواده.
وعَيْنٌ مُلْتجّة، وكأنّ عَيْنَه لُجَّةٌ أَي شديدةُ السَّوادِ.
وَقَالَ العجَّاجُ يصفُ اللَّيْل:(10/264)
ومُخْدِرُ الأبْصَارِ أخْدَرِيُّ
لُجٌّ كأنَّ ثِنْيَهُ مَثْنِيُّ
أَي كأنَّ عِطْفَ اللّيل معطوفٌ مرَّةً أُخرى، فاشتَدَّ سوادُ ظُلْمتهِ.
واللَّجّةُ: الصّوْتُ.
وَأنْشد:
فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فلَانا عَن فُلِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأننا والقِنَانَ القَودَ يَحْمِلُنَا
مَوْجُ الفُرات إِذا الْتَجَّ الدَّيَامِيمُ
قَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو حَاتِم: الْتَجَّ: صَار لَهُ كاللُّجّ من الشَّراب.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا اسْتَلَجَّ أحدُكم بِيَمِينِهِ فإنّه آثمٌ لَهُ عِنْد الله من الْكَفَّارَة) .
قَالَ شمرٌ: مَعْنَاهُ أَنْ يَلِجَّ فِيهَا وَلَا يُكَفِّرها، ويزْعم أَنه صادقٌ فِيهَا.
وَيُقَال: هُوَ أَنْ يَحلِفَ. وَيرى أَنَّ غَيرهَا خيرٌ مِنْهَا فيُقِيم على البِرِّ فِيهَا، وترْكِ الكفَّارَةِ فإنّ ذَلِك آثَمُ لَهُ من التَّكْفِير والحِنْث، وإتْيَانِ مَا هُوَ خيرٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُلْتَجَّةُ: الأرضُ الشديدةُ الخُضْرَةِ الْتَفَّتْ أَو لم تَلْتَفَّ، أرْضٌ بقْلُها مُلْتَجٌّ.
وَيُقَال: عَيْنٌ مُلْتجّةٌ أَي شديدةُ السّواد، وإنّه لشديد الْتِجَاج الْعين إِذا اشتدَّ سوادُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: الحقُّ أبلَجُ، والباطلُ لَجْلَجٌ.
قَالَ: واللَّجْلَجُ: المُختَلِطُ الَّذِي لَيْسَ بمستقيمٍ، والأبْلَجُ: الْمُضِيءُ المُستقيمُ.
قَالَ: واللَّجْلاَجُ: الَّذِي سَجِيَّةُ لِسَانه ثِقَلُ الْكَلَام ونَقْصُه.
وَقَالَ اللَّيْث: اللّجْلَجَةُ: أَن يتكلّم الرَّجُلُ بلسانٍ غيرِ بيِّنٍ.
ومَنْطِقٍ بلسانٍ غيرِ لَجْلاَجِ
قَالَ: وربَّما لَجْلَجَ الرجُلُ اللُّقْمَة فِي الْفَم من غير مَضْغٍ.
وَقَالَ زُهَيْر:
يُلَجْلِجُ مُضْغَةً فِيهَا أنِيضٌ
أَصَلَّتْ فَهِيَ تَحْتَ الكَشْحِ داءُ
وَقَالَ ابنُ السكِّيت: قَالَ الأصمعيُّ: يَقُول: أَخَذْتَ هَذَا المَال فَأَنت لَا ترُدُّه وَلَا تأخُذُه، كَمَا يُلَجْلِجُ الرجُلُ اللُّقْمَة فَلَا يَبْتَلِعها وَلَا يُلْقِيَها، والأنِيضُ: اللّحْمُ الَّذِي لم يَنْضَجْ.
(ابْن شُمَيْل) : اسْتَلَجَّ فلانٌ مَتَاع فلَان، وتَلَجَّجهُ إِذا ادَّعاهُ.
(بَاب الْجِيم وَالنُّون)
ج ن
جن، نج، جنجن، نجنج.
جن: قَالَ الليثُ: الجِنُّ: جماعةُ ولد الجانّ، وجَمْعُهُم: الجِنَّةُ، والجانُّ، وَإِنَّمَا(10/265)
سُمُّوا جناً لأنّهُمُ اسْتَجنُّوا من النَّاس، فَلَا يُرَوْنَ، والجانُّ هُوَ أَبُو الجِنِّ خُلِقَ من نارٍ ثمَّ خُلِق مِنْهُ نَسْلُه.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الله: {رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّى} ، الجانُّ: حيَّة بيضاءُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجانُّ: الحيَّةُ، وجمعُها: جوانُّ.
وَقَالَ الزجَّاج: الْمَعْنى أنّ الْعَصَا صَارَت تَتَحَرَّكُ كَمَا يتحرَّكُ الجانُّ حَرَكَة خَفِيفَة.
قَالَ: وَكَانَت فِي صُورَة ثُعْبَانٍ، وَهُوَ العظيمُ من الحيَّات. وَنَحْو ذَلِك، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس.
قَالَ: شبَّهَها فِي عِظَمِهَا بالثُّعْبان، وَفِي خفّتِها بالجانِّ.
وَلذَلِك قَالَ الله مرَّةً: {فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ} (الْأَعْرَاف: 107) ومرَّةً {تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا} (الشُّعَرَاء: 34) .
وَقَوله جلَّ وعزَّ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (النَّاس: 6) .
قَالَ الزَّجَّاج: التَّأْويلُ عِنْدِي: (قُلّ أعُوذُ بربِّ النَّاسِ، من شَرّ الوسواس، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاس من الجِنَّةِ الَّذِي هُوَ من الجنِّ) وَالنَّاس معطوفٌ على الوَسْوَاسِ، الْمَعْنى: من شرِّ الوَسْوَاسِ، وَمن شَرّ النَّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: الجنّةُ: الْجُنونُ أَيْضا.
وَيُقَال: بِهِ جُنُونٌ، وجِنَّةٌ، ومَجَنَّةٌ.
وَأنْشد:
من الدَّارِمِيِّين الَّذين دماؤُهُمْ
شِفَاءٌ من الدّاءِ المجنَّةِ والخبلِ
قَالَ: وأَرْضٌ مجَنَّةٌ: كثيرةُ الجِنِّ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجانُّ من الجنِّ، وجَمْعُه جِنَّانٌ.
وَقَالَ الْفراء: الجُنُنُ: الجُنُونُ. وَأنْشد:
مِثلَ النَّعَامَةِ كَانَت وَهِي سالمةٌ
أذْنَاء حَتَّى زَهَاها الحَينُ والجُنُنُ
وَقَوله جلَّ وعزَّ: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (الْكَهْف: 50) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي سِيَاق الْآيَة دليلٌ على أَن إبْلِيسَ أُمِرَ بالسُّجود مَعَ الْمَلَائِكَة.
قَالَ: وأكثرُ مَا جَاءَ فِي التَّفْسِير أنّ إبليسَ من غير الْمَلَائِكَة، وَقد ذَكَر الله ذَلِك فَقَالَ: (كَانَ من الجِنِّ) .
وَقيل أَيْضا: إنَّ إبْلِيسَ من الجِنِّ بِمَنْزِلَةِ آدَمَ من الإنْسِ.
وَقد قيل: إنَّ الجِنَّ: ضَرْبٌ من الْمَلَائِكَة كانُوا خُزّانَ الأَرْض.
وَقيل: خزّان الْجنان، فَإِن قَالَ قائلٌ: كَيْفَ اسْتُثْنِيَ مَعَ ذِكْرِ الْمَلَائِكَة؟ فَقَالَ: {فَسَجَدُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} (الْكَهْف: 50) فَكيف وَقع الاستِثْنَاءُ وَهُوَ لَيْسَ من الأوَّلِ؟ فالجوابُ فِي هَذَا أنَّهُ أُمِرَ مَعَهم بالسُّجُود، فاسْتُثْنِيَ من أنّه لم يَسْجُدْ، والدليلُ على(10/266)
ذَلِك أَنَّك تقولُ: أمَرْتُ عَبْدِي وإخْوَتِي فأطاعُوني إلاّ عَبْدي.
وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: 77) فربّ الْعَالمين لَيْسَ من الأوَّلِ، لَا يَقْدِرُ أحدٌ أَنْ يعرف من معنى الْكَلَام غير هَذَا.
وقولُه جلَّ وعزَّ: {نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ} (الصافات: 158) .
قَالُوا: الجِنَّةُ: الملائكةُ هاهُنا عَبَدَهُمْ قومٌ من الْعَرَب.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} (الصافات: 158) .
يُقَال: الجِنَّةُ هاهُنا الملائكةُ، يَقُول: جعلُوا بَين الله وَبَين خَلْقِهِ نسبا. فَقَالُوا: الملائكةُ بناتُ الله، ولقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ أنَّ الَّذين قالُوا هَذَا القَوْل مُحْضَرُون فِي النَّار.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا علَيَّ جَنَنٌ إِلَّا مَا ترى أَي مَا عَلَيَّ شيءٌ يُوارِيني.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للنَّخْلِ الْمُرْتَفع طُولاً: مَجْنُونٌ، وللنّبْتِ الملَتَفّ الكثيف الَّذِي قَدْ تأزَّرَ بعضُهُ فِي بَعْضٍ: مَجْنُونٌ.
وَقَالَ الْفراء: جُنَّتِ الأرضُ إِذا قاءَتْ بشيءٍ مُعْجِبٍ من النَّبْتِ.
وَقَالَ الهُذَليُّ:
ألمّا يَسْلَم الجيرَانُ مِنْهُمْ
وقَدْ جُنَّ العِضَاهُ من العَمِيمِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الأرضُ المَجْنُونَةُ: المُعْشِبَةُ الَّتِي لم يَرْعَها أحدٌ، وأتَيْتُ على أَرض هادِرَةٍ مُتَجَنّنَةٍ، وَهِي الَّتِي تُهالُ من عُشبها وَقد ذهب عُشْبُها كلَّ مَذْهَبٍ.
وَقَالَ شمرٌ: المجنُّ: التُّرْسُ، والمِجَنُّ: الوشاحُ.
قَالَ: وسُمّيَ القَلْبُ جَناناً لِأَن الصَّدرَ أجَنَّةُ.
وَأنْشد لعديَ:
كلُّ حيَ تقُودُهُ كفُّ هادٍ
جِنَّ عَيْنٍ تُعْشيه مَا هُوَ لاقي
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: جِنَّ عَيْنٍ أَي مَا جُنَّ من العَيْنِ فَلم ترَهُ.
يَقُول: المنيّةُ مسْتُورةٌ عَنهُ حتَّى يَقع فِيهَا.
(قلت أَنا) : الْهَادِي: القَدَرُ هاهُنَا جعله هادياً لأنّه تقدّمَ المَنِيةَ وسبقها، وَنصب: جِنَّ عَيْن، بِفِعْلِهِ أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
وَلَا جِنَّ بالبَغْضَاء والنَّظَرِ الشَّزْرِ
ويروَى: وَلَا جَنَّ، ومعناهُما: وَلَا سَتْرَ، وَالْهَادِي: المتقَدِّمُ، أَرَادَ أنّ القَدَرَ سابقٌ للمنِيَّةِ المُقَدّرَةِ.
وَقَالَ شمرٌ: الجَنَانُ: الأمرُ الخفِيُّ،(10/267)
وَأنْشد:
الله يَعْلَمُ أَصْحَابي وقَوْلُهمُ
إذْ يرَكَبُونَ جَنَاناً مُسْهَباً وَرِبَا
أَي يركبُون مُلْتَبِساً فَاسِدا.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
جَنَانُ المسلِمينَ أَوَدُّ مَسًّا
وَإِن لاقَيْتَ أَسْلَمَ أوْ غِفَارَا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جَنَانُهُمْ: جمَاعَتُهُم وسَوَادُهُمْ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَنَانُهُم: مَا سَتَرَكَ من شيءٍ، يَقُول: أكُونُ بَين المُسْلِمينَ خيرٌ لي، قَالَ: وأَسْلَمُ وغفارٌ خيرُ النَّاس جِوَاراً.
وَقَالَ الرِّياشيُّ فِي معنى بَيت ابْن أَحْمَرَ، قَالَ قولُه: أوَدُّ مَساً أَي أسهلُ لَك.
يَقُول: إِذا نزلتَ الْمَدِينَة فَهُوَ خيرٌ لَك من جِوَارِ أقاربِكَ.
وَقَالَ الرَّاعِي يصفُ العَيْرَ:
وهَابَ جَنَان مَسْحُورٍ تَرَدَّى
بِهِ الحلفاءُ وائْتَزَرَ ائْتِزَارَا
قَالَ: جَنَانُه: غَيْبُه وَمَا وَارَاهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَنَانُ: رُوعُ القلبِ.
يُقَال: مَا يستقِرُّ جَنَانُه من الفَزعِ.
قَالَ: والجَنِينُ: الولدُ فِي الرَّحِمِ والجميع: الأجِنّةُ.
وَيُقَال: أجَنّتِ الحاملُ ولدا.
وَقد جنَّ الولدُ وَهُوَ يَجِنُّ فِيهَا جَنّاً.
وَقَول الله جلّ وَعز: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً} (الْأَنْعَام: 76) .
يُقَال: جنَّ عَلَيْهِ الليلُ، وأجنَّهُ اللَّيْلُ إِذا أظْلَم حَتَّى يَسْتُرَه بظلمته.
وَيُقَال: لكلِّ مَا سَتَرَ قَدْ جنَّ، وَقد أجنَّ.
وَيُقَال: جَنّه الليلُ، والاختيارُ: جنّ عَلَيْهِ الليلُ، وأجنَّه الليلُ، قَالَ ذَلِك أَبُو إِسْحَاق.
واستَجَنّ فلانٌ إِذا اسْتَتَر بشيءٍ.
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عُبَيْدَة) : جَنَنْتُه فِي القبْرِ وأجنَنْتُه.
وَقَالَ غيرُه: الجَنَنُ: القبرُ، وَقد أجنّهُ إِذا قَبَرَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
وهَالِكُ أهلٍ يُجِنُّونَهُ
كآخَرَ فِي أهلهِ لم يُجَنْ
وَقَالَ آخَرُ:
وَمَا أُبَالِي إِذا مَا مُتُّ مَا فَعَلُوا
أأَحْسَنُوا جَنَنِي أمْ لم يُجِنُّونِي
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَنَنُ: الكَفَنُ.
وَيُقَال: كَانَ ذَلِك فِي جِنّ صِبَاهُ أَي: فِي حدَاثَته، وَكَذَلِكَ جِنُّ كلِّ شيءٍ: أوّلُ ابتدَائِه.
وَيُقَال: خُذِ الأمرَ بجِنّهِ. واتّقِ النَّاقة فَإِنَّهَا بجِنّ ضراسَها أَي بحِدْثَانِ نِتَاجِها.(10/268)
وَيُقَال: جُنَّتِ الرِّيَاضُ جُنُوناً إِذا اعْتَمَّ نَبتُها.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
وجُنَّ الخَازِبازِ بِهِ جُنُونَا
قَالَ بَعضهم: الخَازِبَازِ: نبتٌ، وَقيل: هُوَ ذُبَابٌ، وجُنُونُه: كَثْرَةُ ترنُّمِه فِي طيرانه، وجُنُونُ النَّبْتُ: التِفَافُه.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للنَّخْلِ الْمُرْتَفع طُولاً: مَجْنُونٌ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وطَالَ جِنّيُّ السَّنَامِ الأمْيَلِ
أرادَ تمُوكَ السَّنَامِ وطولَهُ.
والجِنِّيَّةُ: ثيابٌ معروفةٌ.
وَقَالَت امرأةُ عبد الله بن مسعودٍ لَهُ: أجَنَّكَ مِنْ أصْحَابِ رسُولِ الله.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الكسائيُّ وَغَيره: معنى قَوْلهَا لَهُ: أجَنَّكَ: مِنْ أَجْلِ أنَّكَ، فتركَتْ مِنْ.
كَمَا يُقَال: فَعَلْتُ ذاكَ أجْلِكَ بِمَعْنى من أجْلِكَ، وقولُها: أجنَّكَ فحذَفَتْ الألِفَ وَاللَّام.
كَمَا قَالَ الله: {لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّى} (الْكَهْف: 38) .
يقالُ معناهُ: (لكنْ أنَا هُوَ الله) ، فحُذفت الألفُ والتقى نُونَانِ فجَاء التَّشْدِيد، كَمَا قَالَ الشَّاعِر، أنْشدهُ الْكسَائي:
لِهَنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لوَسِيمَةٌ
على هَنَواتٍ كاذبٍ من يَقُولُها
أَرَادَ لله إنَّكَ لوسيمةٌ فَحذف إِحْدَى اللامين من لله، وَحذف الْألف من إنَّكِ، كَذَلِك حُذِفت اللامُ من أجْلِ، والهمزةُ من إنَّ.
وَيُقَال: جُنَّ فلانٌ فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَقد أَجَنَّهُ الله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَات فلانٌ ضَيْفَ جِنَ أَي بمكانٍ خالٍ لَا أنيس بِهِ.
وَقَالَ الأخطل:
وبِتْنَا كأنَّا ضيفُ جِنَ بلَيْلَةٍ
(جنجن) : وَقَالَ اللَّيْث: الجَنَاجِنُ: أطرافُ الأضلاع مِمَّا يَلِي قصَّ الصَّدْرِ وعَظْمِ الصُّلْبِ، وَاحِدهَا: جَنْجَنٌ، وجِنْجِنٌ.
والجَنَّةُ: الحديقةُ وجمعُها: جِنَانٌ، وَيُقَال: للنَّخِيلِ وَغَيرهَا.
نج نجنج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا سَالَ الجُرْحُ بِمَا فِيهِ، قيل: نَجَّ يَنِجُّ نَجِيجاً.
وَأنْشد:
فَإنْ تَكُ قُرْحَةٌ خَبُثَتْ ونجَّتْ
فإنَّ الله يَفْعَلُ مَا يشاءُ
وَيُقَال: جَاءَ بأَدْبَرَ ينِجُّ ظَهْرُه.
ونَجْنَجَ إبلَهُ نَجْنَجَةً: إِذا ردَّها عَن المَاء.
ونَجْنَجَ أَمْرَه إِذا ردَّدَ أمرَه ولَمْ يُنْفِذْهُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:(10/269)
حتَّى إِذا لم يَجِدْ وَغْلاً ونَجْنجها
مَخَافَة الرَّمْي حتّى كلُّها هيمُ
والنّجْنَجَةُ: التحريكُ والتقْلِيبُ.
يُقَال: نَجْنِجْ أمْرَكَ فلَعَلّكَ تَجِدُ إِلَى الْخُرُوج مِنْهُ سَبِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: النّجْنَجَةُ: الجَوْلَةُ عندَ الفَزْعَةِ.
قَالَ العجاج:
ونَجْنَجَتْ بالخَوْفِ مَنْ تَنَجْنَجَا
(أَبُو تُرَاب) : قَالَ بعضُ غَنِيَ: يُقَال: لَجْلَجْتُ المُضْغَةَ ونَجْنَجْتُها إِذا حَركْتَها فِي فِيك ورَدَّدْتها فلَمْ تَبْتَلِعْهَا.
(أَبُو عبيد) : نَجْنَجْتُ الرَّجُل: حرَّكْتُه.
(بَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف
جف، فج: مستعملان.
جف: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) يُقَال: جَفِفْتَ تَجَفُّ، وجَفَفْتَ تَجِفُّ، وَقَالَ ذَلِك الْفراء والأصمعي، وكلُّهم يَخْتَارُ يَجِفُ على يَجَفُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُفّةُ: ضربٌ مِنَ الدِّلاء.
يُقَال: هُوَ الَّذِي يكونُ مَعَ السَّقَّائِينَ يَمْلَؤُونَ بِهِ المَزَايدَ. وَأنْشد:
كلُّ عَجُوزٍ رَأْسُها كالقُفّهْ
تَسْعَى بجُفَ مَعهَا هِرْشَفَّهْ
وَقَالَ غيرُه: الجُفُّ: قِيقَاءةُ الطَّلْعِ. وَهُوَ الغِشَاءُ الَّذِي على الوليع وَأنْشد:
وتَبِسمُ عَن نَيِّرٍ كالوَلي
ع شقّقَ عَنهُ الرُّقَاةُ الجفُوفَا
الوَلِيعُ: الطَّلْعُ مَا دامَ طريًّا حِين يَنْشَقُّ عَنهُ الكافورُ، وَقَوله عَن نَيِّرٍ أَي عَن ثَغْرٍ مُضِيءٍ حسنٍ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه جُعِلَ سِحْرُهُ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ودُفِنَ تَحْتَ راعُوفَةِ البِئرِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: جُفُّ الطَّلْعَةِ: وعَاؤُهَا الَّذِي تكُونُ فِيهِ.
قَالَ: والجُفُّ أَيْضا فِي غيْرِ هَذَا: شيءٌ من جُلُودٍ كالإناء، يُؤْخَذُ فِيهِ ماءُ السَّمَاء إِذا جَاءَ المطرُ يسعُ نِصْفَ قِرْبَةٍ أَو نَحوه.
قَالَ: والجُفّ أَيْضا فِي غير هذَيْنِ: جماعةُ النَّاس، وَقَالَ النَّابِغَة:
فِي جُفِّ تَغْلِبَ وَارِدِي الأمْرَارِ
والجفَّةُ: مِثْلُ الجُفِّ، وَفِي الحَدِيث (لَا نَفَلَ فِي غَنِيمَةٍ حَتَّى تُقْسَمَ جُفَّةً) أَي كلّها.
وَقَالَ الْكسَائي: الجفَّةُ، والضَّفَّةُ والقِمَّةُ: جماعةُ القَوْمِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُفُّ: الكثيرُ من النَّاس.
قَالَ: والجُفُّ فِي غير هَذَا شيءٌ يُنْقَرُ من جُذُوع النَّخْلِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّجْفَافُ: معرُوفٌ. وجمْعُه: التَّجَافيفُ.(10/270)
والتَّجْفَافُ بِفَتْح التَّاء: مثلُ التَّجْفِيفِ. جَفَّفْتُه تجْفِيفاً وتَجْفَافاً.
قَالَ: والجَفْجَفُ: القَاعُ المُسْتَدِيرُ الواسعُ، وَأنْشد قَوْله:
يَطْوِي الفَيَافي جَفْجَفاً فَجَفْجَفا
والجُفَافُ: مَا جَفَّ من الشَّيْء الَّذِي تجِفِّفُه، تَقول: اعزِلْ جُفَافَه عَن رَطْبِه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجُفَّانِ: بَكْرٌ وتَمِيمٌ.
وجُفَافٌ: اسمُ وادٍ معروفٍ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الجُفَافَةُ: الَّذِي يَنْتَثِرُ من القَتِّ.
وَيُقَال للثَّوْبِ إِذا ابْتَلَّ ثمَّ جفَّ وَفِيه نَدًى: قد تَجَفْجَفَ، فَإِذا يَبِسَ كلَّ اليُبْسِ قيل: قَفَّ.
(الْأَصْمَعِي) الجَفْجَفُ: الأرضُ المُرْتَفِعَةُ وَلَيْسَت بالغليظة وَلَا اللَّيِّنة.
فج: قَالَ اللَّيْث: الفَجُّ: الطريقُ الواسعُ بَين الجَبَلَيْنِ، وجمعُهُ: فِجَاجٌ، وَقَوله تَعَالَى: {مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ} (الْحَج: 28) .
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الفَجُّ: طريقٌ فِي الْجَبَل واسعٌ، يُقَال: فَجٌّ وأفُجٌّ وفِجَاجٌ.
قَالَ: وكُلُّ طريقٍ بعُدَ فَهُوَ فَجٌّ.
والفَجُّ فِي كَلَام العَرَب: تَفْرِيجُكَ بَين الشَّيْئَيْنِ، يقالُ: فَاجَّ الرَّجُلُ يُفَاجُّ فِجَاجاً ومُفَاجَّةً إِذا باعَدَ إِحْدَى رِجْلَيْه من الْأُخْرَى ليَبُولَ، وَأنْشد:
لَا يَمْلأ الحَوْضَ فِجاجٌ دُونَهُ
إلاَّ سجالٌ رُذُمٌ يَعْلُونَهُ
وقَدْ فَجَجْتُ رِجْلَيَّ أَفُجُّهُمَا فجّاً، وفَجَوْتُهُمَا أَفْجُوهُما أَي وسَّعْتُ بيْنَهُما.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَجَجُ أقْبَحُ من الفحَج.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الأفَجُّ والفَنْجَلُ: المُتَباعِدُ الفَخِذَيْنِ الشديدُ الفَجَجِ، ومثلُه: الأفْجَى وَأنْشد:
الله أعْطَانِيك غيْرَ أحْدَلا
وَلَا أَصَكَّ أَوْ أَفَجَّ فَنْجَلا
وَقَالَ اللَّيْث: النَّعَامةُ تَفِجُّ إِذا رَمَتْ بصَوْمِها.
وَقَالَ ابنُ القِرِّيَّة: أفَجَّ إفْجَاجَ النعامة، وأَجْفَلَ إجْفَالَ الظّليم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَجَّ قَوْسَه وَهُوَ يفُجُّها فجّاً إِذا رفع وَتَرَها من كبِدِها، وَكَذَلِكَ فجا قَوْسَه يَفْجُوها.
وَيُقَال: افْتَجَّ فلانٌ افْتِجَاجاً إِذا سَلَكَ الفِجَاج.
قَالَ: والإفْجِيجُ: الْوَادي الواسعُ. وَهُوَ بِمَعْنى الفَجِّ.
ورجلٌ فُجَافجٌ: كثيرُ الْكَلَام والصِّياح والجَلَبة.
وبِطِّيخٌ فجٌّ إِذا كَانَ صُلْباً غيرَ نَضِيجٍ.
والثّمارُ كلُّها تكونُ فِجَّةً فِي الرّبيع حِين تَنْعَقِدُ حَتَّى يُنْضِجَها حَرُّ القَيْظِ أَي تكون(10/271)
ُ نِيَّةً، والفِجُّ النِّيُّ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الفَجُّ كأنّهُ طريقٌ وربَّما كَانَ طَرِيقا بَيْنَ حرفين مُشْرِفَيْنِ عَلَيْهِ، إِنَّمَا هُوَ طريقٌ عريضٌ وَرُبمَا كَانَ ضيّقاً بَين جبليْنِ أَو فأوَيْنِ، وينْقادُ ذَلِك يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة، إِذا كَانَ طَرِيقا أَو غير طريقٍ: وَإِذا لم يكن طَرِيقا فَهُوَ أريضٌ كثيرُ العُشبِ والكَلأ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الفُجُجُ: الثُّقَلاءُ من النَّاس.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : من الْقيَاس: الفَجَّاءُ والْمُنْفَجَّةُ والفَجْواءُ، والفارج، والفُرُجُ، كلُّ ذَلِك: القَوْسُ الَّتِي يبينُ وَتَرُها عَن كَبِدِهَا.
(بَاب الْجِيم وَالْبَاء)
ج ب
جب، بج: (مستعملان) .
جبّ: قَالَ اللَّيْث: الجَبُّ: اسْتِئْصَالُ السَّنَامِ من أَصله، وبعيرٌ أجَبُّ وَأنْشد:
ونأْخُذْ بَعْدَهُ بذِنَابِ عَيْشٍ
أجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ
وَقَالَ غيرُه: المَجْبُوبُ: الخِصيُّ الَّذِي قد اسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وخُصْيَاهُ، وَقد جُبَّ جبا.
والْجَبُوبِ: وَجْهُ الأرْضِ.
ويقالُ: للْمَدَرَةِ الغليظَةِ تُقلَعُ من وجْهِ الأَرْض: جَبُوبَةٌ، وَفِي الحَدِيث (أَنَّ رجُلاً مَرَّ بجَبُوبِ بدرٍ فَإِذا رجُلٌ أَبْيَضُ رَضْرَاضٌ) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الجَبوبُ: الأرضُ الغليظةُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَبوبُ: الأرضُ الصُّلْبَةُ، والجبَوبُ: المدَرُ المُفَتَّتُ.
والجُبَابُ: شبهُ الزُّبْدِ يَعْلُو ألْبَانَ الإبلِ إِذا مَخَضَ البَعِيرُ السِّقَاء، وَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ فيَجْتَمِعُ عِنْد فَمِ السِّقاءِ، وَلَيْسَ لألبَانِ الْإِبِل زُبْدٌ، إِنَّمَا هُوَ شيءٌ يُشْبِهُ الزُّبْدَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجُبَّةُ: مَا دخل فِيهِ الرُّمْحُ من السِّنَانِ.
والثَّعْلبُ: مَا دخل من الرُّمْحِ فِي السِّنانِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبَّةُ: بياضٌ يطأُ فِيهِ الدَّابَّةُ بحافره حَتَّى يبلغ الأشاعرَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجبَّبُ: الفرسُ الَّذِي يبلُغُ تحْجيلُه إِلَى رُكْبَتَيْهِ. [
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: إِذا ارْتَفع البياضُ إِلَى رُكْبَتَيْه فَهُوَ مُجَبَّبٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ: الجُبُّ: البِئرُ الَّتِي لم تُطْوَ.
وَقَالَ الزجاجُ نَحوه، قَالَ: وسُمِّيَتْ جُبّاً لأنّها قُطِعَتْ قطعا، وَلم يحدث فِيهَا غيرُ القطعِ من طيَ وَمَا أشْبَهه، وجَمْعُ الجُبِّ: أجْبَابٌ.(10/272)
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبُّ: البِئرُ غيرُ البَعيدةِ، والجميعُ: جِبَابٌ، وأجْبَابٌ وجِبَبَةٌ.
(أَبُو عبيد) : جَبَّبَ الرَّجُلُ تَجْبيباً، فَهُوَ مُجَبَّبٌ إِذا فَرَّ وعَرَّدَ.
وَقَالَ الحطيئة:
ونَحْنُ إِذا جَبَّبْتُمُ عَن نِسَائِكُم
كَمَا جَبَّبَتْ من عِنْدَ أَوْلاَدِها الحُمْرُ
ويُقالُ: جبَّتِ المَرْأةُ نساءهَا بحُسْنِهَا إِذا غَلَبَتْهُنَّ.
وَقَالَ الراجز:
جَبَّتْ نِسَاءَ وائلٍ وعبْسِ
(شمر عَن الباهليِّ) : فرشَ لنا فِي جُبَّةِ الدَّارِ أَي فِي وَسطهَا.
وجُبَّةُ العَيْنِ: حجاجُها.
وجُبَّةُ الرُّمْحِ: مَا دخل من السِّنَانِ فِيهِ.
والجُبَّةُ: الَّتِي تلْبَسُ، وجمْعُها: جِبَابٌ.
والجُبَّةُ: من أَسمَاء الدُّرُوعِ، وجمعُها: جُبَبٌ. وَقَالَ الرَّاعِي:
لنا جُبَبٌ وأرْماحٌ طِوَالٌ
بِهِنَّ نُمَارِسُ الحرْبَ الشَّطُونا
وَفِي حَدِيث عَائِشَة (أنَّ دَفِينَ سِحْرِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُعِلَ فِي جُبِّ طلعةٍ) بِالْبَاء.
قَالَ شمرٌ: أَرَادَ داخِلَهَا إِذا أُخْرِجَ مِنْهَا الجُفُرَّى كَمَا يُقَال لداخل الرَّكِيّةِ من أَسْفَلهَا إِلَى أَعْلاَها: جُبٌّ، يقالُ: إنّها لواسعةُ الجُبِّ، مطويّةً كَانَت أَو غير مطويّةٍ.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: بِئرٌ مُجَبّبةُ الجوفِ إِذا كَانَ وَسَطُها أَوْسَعَ شيءٍ مِنْهَا مُقَبّبةً.
وَقَالَت الكلابِيّةُ: الجُبُّ: القَلِيبُ الواسِعَةُ الشَّحْوَةِ.
وَقَالَ ابْن حبيبٍ: الجُبُّ: ركيّةٌ تُجَابُ فِي الصَّفا.
وَقَالَ مشيِّعٌ: الجُبُّ: جُبُّ الرّكيّة قبل أَن تُطْوَى.
وَقَالَ زيدُ بنُ كَثْوَةَ: جُبُّ الرّكيَّة: جِرَابُها.
وجُبُّ القَرْنِ: الَّذِي فِيهِ المشَاشَةُ.
وَقَالَ أَوْس:
لَهَا ثُنَنٌ أرْسَاغُها مُطْمَئِنّةٌ
على جُبَبٍ خُضْرٍ حُذِين جَنَادلا
يُقَال: هِيَ لينَة ليْسَتْ بجاسِيَةٍ، والجُبَبُ: جمع جُبَّةٍ، وَهُوَ وِعَاءُ الْحَافِر. خُضْر: سُود، شبَّه حَوَافِرِهِ بِالْحِجَارَةِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَبَابُ: القحْطُ الشَّديدُ، وروى أَحْمد بن حنبلٍ عَن مُحَمَّد بن بكرٍ عَن قطنٍ قَالَ: حدّثْتَنِي أُمُّ عُتْبَةَ عَن ابْن عباسٍ أَنه قَالَ: نهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الجُبِّ قُلْتُ: وَمَا الجُبُّ؟ فَقَالَت امْرَأةٌ عِنْده: هُوَ المَزَادَةُ يُخَيّطُ بعضُها إِلَى بعض.
(قلت) : كَانُوا يَنْتَبِدُون فِيهَا حَتَّى ضَرِيَتْ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : رَكِبَ فلانٌ(10/273)
المجبَّةَ، وَهِي الجادّةُ.
قَالَ: والجُبْجُبَةُ زَيِيلٌ من جلودٍ يُنقلُ فِيهِ التُّرابُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُبْجُبَةُ: الكَرِشُ يُجْعَلُ فِيهَا اللَّحْمُ ويُسَمّى الخلْعَ، وَأنْشد:
أَفِي أَنْ سرى كلْبٌ فبَيّتَ جُلَّةً
وجُبْجُبَةً للوطْبِ، سلمى تُطَلّقُ؟
وأمّا قولُ الشَّاعِر:
فَلَا تَهْدِمَنْهَا واتّشِقْ وتَجَبْجَبِ
فَإِن أَبَا زيدٍ قَالَ: التّجَبْجُبُ: أَن يَجْعَل خَلْعاً فِي الجبْجُبَةِ، ورجلٌ جُبَاجبٌ ومُجَبْجَبٌ إِذا كَانَ ضَخْمَ الجنْبَيْنِ، ونوقٌ جباجِبُ.
وَقَالَ الراجز:
جرَاشِعٌ جَباجِبُ الأجْوَافِ
حُمّ الذُّرَا مُشْرِفَةُ الأنْوَافِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا لقّحَ الناسُ النّخِيلَ قيل: قَدْ جبُّوا، وَقد أَتَانَا زَمَنُ الجِبابِ.
(أَبُو عَمْرو) : جملٌ جُباجِبٌ، وبُجَابجٌ: ضَخْمٌ.
وَقد جبجَ إِذا عظُمَ جِسْمُه بعد ضعفٍ، وجَبْجَبَ إِذا سَمِنَ، وجَبْجَبَ إِذا تَجَر فِي الجَبَاجِبِ.
وجابَّتِ المرأةُ صاحِبَتَهَا فجبَّتْها حُسْناً أَي فاقَتْها، وَأنْشد:
مَنْ رَوَّلَ اليَوْمَ لنا فَقَدْ غَلَبْ
خُبْزاً بسَمْنٍ فَهْوَ عِنْد النَّاسِ جبّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جُبَّةَ الفَرَسِ: مُلْتَقى الوظيف فِي أَعلَى الحَوْشَبِ.
وَقَالَ مرَّةً: هُوَ مُلْتَقى ساقَيْهِ ووظِيفَيْ رجلَيْهِ، ومُلْتَقى كلِّ عَظْمَيْنِ إلاَّ عظمَ الظَّهْرِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُبْجُبَةُ: أتانُ الضّحْلِ، وَهُوَ صخْرَةُ المَاء.
بج: (الْأَصْمَعِي) : بَجَّ الجُرْحَ يَبُجُّهُ بَجًّا إِذا شقَّهُ.
ويقالُ: انْبَجَّتْ ماشِيَتُك من الْكلأ إِذا فتَقَها البَقْلُ فأوسع خواصرها وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي: لجُبَيْهاء الْأَسْلَمِيّ:
لجاءتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بجَّهَا
عساليجُهُ والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَجُّ: الطعْنُ يُخالِطُ الجَوْف وَلَا يَنْفُذُ، وَقد بجَجْتُهُ أبُجُّهُ بجّاً وَأنْشد:
نَقْخاً على الهامِ وبَجّاً وخْضَا
وفُلانٌ أبَجُّ العَيْنِ إِذا كَانَ واسِعَ مشَقِّ العَيْنِ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
ومُخْتَلِقٌ لِلْمُلكِ أبْيَضَ فدْغَمٌ
أشَم أَبَجُّ العَيْنِ كالقَمَرِ البَدْرِ(10/274)
ورجُلٌ بَجْبَاجٌ إِذا كَانَ بادِناً.
ورَمْلٌ بَجْبَاجٌ: مُجْتَمِعٌ ضَخْمٌ.
قَالَ الرَّاعِي:
كَأَن مِنْطَقَهَا لِيثَتْ معَاقِدُه
بِعَانِكٍ من ذُرَى الأنْقَاء بَجْبَاجِ
وجارِيَةٌ بَجْبَاجَةٌ: سَمِينَةٌ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
دارٌ لبَيْضَاء حَصَانِ السِّتْرِ
بَجْبَاجَةِ البَدْنِ هَضِيمِ الخَصْرِ
وَقَالَ المُفَضَّلُ: برْذَوْنٌ بَجْبَاجٌ وَهُوَ الضَّعيفُ السَّريعُ العَرَقِ.
وَأنْشد:
فَلَيْسَ بالكابِي وَلاَ البَجْبَاجِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البُجُجُ: الزِّقاقُ المُشَقَّقَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَجْبَجَةُ: مُناغاةُ الصَّبِيِّ بالفَمِ.
(بَاب الْجِيم وَالْمِيم)
ج م
جم، مج: (مستعملان) .
جم: (أَبُو نصرٍ عَن الْأَصْمَعِي) : جمَّت البِئرُ فَهِيَ تجُمُّ جُمُوماً إِذا كثُرَ ماؤُها واجْتَمَعَ.
وَيُقَال: جِئْتُها وَقد اجْتَمَعَتْ جمَّنُها وجَمُّها أَي مَا جمَّ وارتفع.
وجمَّ الفَرسُ يجُمُّ جَمَاماً إِذا ذهب إعْيَاؤُه.
وشاةٌ جمَّاءُ إِذا لم تكُنْ ذَات قَرْنٍ.
وَيُقَال: أعْطِهِ جُمامَ المَكُّوك أَي مَكوكاً بِغَيْر رَأْسٍ، واشْتُقَّ ذَلِك من الشَّاة الجمَّاءِ.
وَيُقَال: جاءُوا جمّاً غفيراً، وجمّاءَ أَي بجماعتهم.
وَقيل: جاءُوا بجمَّاءِ الغَفِير أَيْضا.
وَيُقَال: فِي الأرْضِ جميمٌ حسنٌ، لنبتٍ قد غطَّى الأَرْض وَلم يتمَّ بعد.
وَيُقَال أجمَّت الْحَاجة إِذا دَنَتْ وحانَتْ تُجِمُّ إجماماً.
وَيُقَال: أجْمِمْ نفْسَكَ يَوْماً أَو يَوْمَين أَي أرِحْها.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ فِي جُمَّةٍ عظيمةٍ أَي فِي جماعةٍ يَسْألون فِي جَمَالَةٍ.
ومالٌ جَمٌّ أَي كثيرٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : هُمُ الجُمَّةُ والبُرْكةُ وَأنْشد.
وجُمَّةٍ تَسْألُني أعْطَيْتُ
قَالَ: وجُمَّ إِذا مُلِىء. وجَمَّ إِذا علا.
قَالَ: والجِمُّ: الشَّياطينُ.
قَالَ: والجِمُّ: الغَوْغَاءُ والسِّفَلُ.
(أَبُو عبيد) : فرسٌ جَمُومٌ وَهُوَ الَّذِي كلما(10/275)
ذهب مِنْهُ إحضارٌ جَاءَهُ إحضارٌ.
قَالَ، وَقَالَ الْكسَائي: إناءُ جمّانُ إِذا بلغ الكَيْلُ جُمامَهُ، وَقد أَجْمَمْتُ الْإِنَاء بِالْألف.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الْإِنَاء جِمَامُه وجمَمُهُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جِمامُ الْإِنَاء، وجُمامُهُ، وطُفافُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي كتاب (الفصيحِ) : عندَهُ جِمامُ القَدَحِ مَاء، وجُمام المكوك، بالرّفع، دَقِيقًا.
وَقَالَ اللَّيْث: جَمّ الشيءُ واسْتجَمَّ أَي كئُر.
قَالَ: وجَمَمْتُ المِكْيالَ جمّاً.
والجَمامُ والجُمامُ: الكَيْلُ إِلَى رَأس المِكيال.
والجُمَّةُ: الشَّعَرُ، والجميعُ: الجَمَمُ.
والجَمَمُ: مصدَرُ الشّاةِ الأجَمِّ، وَهُوَ الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ.
وَيُقَال للرَّجُلِ الَّذِي لَا رُمْحَ لَهُ: أَجَمُّ، قَالَه أَبُو زيد.
وَقَالَ عنترة:
ألَمْ تَعْلَمْ لَحَاكَ الله أنِّي
أجَمُّ إِذا لَقِيتُ ذَوي الرِّماحِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَمْجَمَةُ أَلا تُبينَ كلامك من عِيَ. وَأنْشد:
لَعَمْرِي لقد طَالَمَا جَمْجَمُوا
فمَا أخّرُوهُ وَمَا قَدّمُوا
والجُمْجُمَةُ: القِحْفُ وَمَا تعَلّقَ بِهِ من العِظامِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : الجُمْجُمَةُ: البِئْرُ تُحفرُ فِي السّبَخَةِ.
(ابْن السّكيت) : أجَمَّ الفراقُ إِذا دنا.
وَأنْشد:
حيِّيَا ذَلِك الغَزَالَ الأحمّا
إنْ يَكُنْ ذَلِك الفِرَاقُ أجَمّا
وَفِي حَدِيث ابْن عبَّاس: (أمِرْنَا أنْ نَبْنِيَ المَدَائن شُرَفاً والمساجدَ جُمّاً) فالشُّرَفُ: الَّتِي لَهَا شُرُفاتٌ، والجُمُّ: الَّتِي لَا شرف لَهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : فلانٌ واسعُ المَجَمِّ إِذا كَانَ وَاسع الصَّدْرِ رَحْبَ الذِّرَاعِ.
وَأنْشد:
رُبّ ابنِ عَمَ لَيْسَ بابْنِ عَمِّ
بَادِي الضَّغِينِ ضَيِّقِ المَجَمِّ
(ابْن شُمَيْل) : جمَّمَتِ الأرضُ تَجْمِيماً إِذا وفى جميمُها.
وجمَّم النَّصيُّ والصِّلِّيّانُ إِذا صَارَ لَهما جُمَّةٌ.
والأجَمُّ: الكَعْثَبُ.
وَأنْشد:(10/276)
جاريةٌ أعَظَمُها أجَمُّها
بائِنَةُ الرِّجْلِ فَمَا تضُمُّها
والجَمَاجِمُ: موضعٌ بَين الدَّهنَاء ومُتَالِعٍ فِي دِيارِ بني تَمِيمٍ.
ويَوْمُ الجماجِمِ: يومٌ من وَقَائِعِ الْعَرَب فِي الْإِسْلَام مَعْرُوفٌ.
وجَماجِمُ الْعَرَب: رُؤساؤُهُمْ، وكلُّ بني أبٍ، لَهّمْ عِزٌ وشَرَفٌ فَهُمْ جُمْجُمَةٌ.
وَقَالَ أنسٌ (تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والوحيُ أجَمُّ مَا كَانَ لم يَفْتُرْ عَنهُ) .
قَالَ شمرٌ: أجَمُّ مَا كَانَ: أكْثَرُ مَا كَانَ.
جَمَّ الشَّيْءُ يَجُمُّ جمُوماً، يقالُ ذَلِك فِي المَاء والسّيْرِ. وَقَالَ امرؤُ الْقَيْس:
يَجِمُّ على السّاقَيْنِ بعد كَلاَلِه
جُمُومَ عُيُونِ الحِسْيِ بعد المَخِيضِ
قَالَ أَبُو عمرٍ و: يَجُمُّ ويَجِمُّ أَي يَكْثُر.
ومَجَمُّ البِئرِ حَيْثُ يُبْلُغُ الماءُ وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ.
ورجُلٌ رَحْبُ المَجَمِّ: واسعُ الصّدْرِ.
مج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا بَدَأَ الفرسُ يعْدو قبل أَن يضطرم جريُه. قيل: أَمَجَّ إمْجَاجاً، فَإِذا اضْطَرَم عدْوُه قيل: أهْذَبِ إهْذَاباً.
وَيُقَال: مَجَّ رِيقَهُ يمُجُّه إِذا لَفظه، ومُجاجُ فمِ الْجَارِيَة: رِيقُهَا.
ومُجَاجُ العِنَبِ: مَا سَالَ من عصيره، وَيُقَال: لما سَالَ من أفْوَاهِ الدَّبَا: مُجاجٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَذَ من الدَّلْوِ حَسْوةَ مَاء فمجَّهَا فِي بِئْرٍ ففاضَتْ بِالْمَاءِ الرَّواءَ) .
قَالَ شمرٌ: مجَّ المَاء من الفَمِ إِذا صبَّه.
وَقَالَ خَالِد بن جَنَبَةَ: لَا يكون مُجاجاً حَتَّى يُبَاعِدَ بِهِ شِبْهَ النَّفْخِ.
وَقَالَ أصحابُه: إِذا صبَّه من فِيهِ قَرِيبا أَو بعِيداً فَقَدْ مَجَّهُ، وَكَذَلِكَ إِذا مجَّ لُعَابه، والأرضُ إِذا كَانَت ريَّا منَ النَّدَى فَهِيَ تمُجُّ الماءَ مجّاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجُجُ: السُّكارى.
والمُجُجُ: النَّحْلُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : المَجَجُ: بُلُوغُ العِنَبِ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تَبِعِ العِنَبَ حتَّى يَظْهَرَ مَجَجُهُ) .
وَيُقَال لما يَسيلُ من أفْوَاهِ الدَّبَا: مُجاجٌ. قَالَ الشَّاعِر:
وماءٍ قديمٍ عهْدُهُ وكأنَّهُ
مُجاجُ الدَّبَا لاقَتْ بهاجِرَةٍ دبَا
والماجُّ: الأحْمَقُ الَّذِي يسيلُ لُعَابُهُ.
والمَاجُّ: البعيرُ الَّذِي أَسَنَّ وسال لُعَابُه.
وَقيل الأذُن مُجَّاجَةٌ، وللنّفْسِ حَمْضَةٌ، معناهُ أنَّ للنَّفْسِ شَهْوَةً فِي اسْتِماعِ العِلْمِ، والأذُنُ لَا تَعِي مَا تسمع، ولكنَّها تُلْقِيهِ نِسْيَاناً كَمَا يمُجُّ الشيءُ من الفَمِ.(10/277)
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مَجَّ ونجَّ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَوْسٌ:
أُحَاذِرُ نجَّ الخَيْلِ فَوْقَ سرَاتِهَا
وربًّا غَيُوراً وَجْهُهُ يتَمَعّرُ
قَالَ: نجُّها إلقاؤُها زَوَالها عَن ظُهورِها.
(اللَّيْث) المُجُّ: حبٌّ كالعَدَسِ إلاَّ أنهُ أشَدُّ اسْتِدَارَةً مِنْهُ.
(قلت) هَذِه الحَبّةُ يقالُ لَهَا: الماشُ، والعربُ تُسَمِّيها الخُلَّرَ، والزِّنّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَجْمَجَةُ: تَخْلِيطُ الكتابَةِ وإفسادُها بالقَلَم.
وكَفَلٌ مُمَجْمَجٌ إِذا كَانَ يَرْتجُّ من النَّعْمَةِ.
وَأنْشد:
وكَفَلاً رَيَّانَ قد تَمَجْمجَا
ويُقال للرّجُلِ إِذا كَانَ مُسْتَرْخِياً رَهِلاً: مَجْمَاجٌ.
وَقَالَ أَبُو وجْزَةَ:
طَالَتْ عَلَيْهِنَّ طُولاً غَيْرَ مَجْمَاجِ
وَقَالَ شُجاعٌ السُّلميُّ: يُقَال: مَجْمَج بِي ونَجْنَجَ بِي إِذا ذَهَبَ بك فِي الكَلاَمِ مذهبا على غَيْرِ الاسْتِقامةِ، ورَدَّكَ من حالٍ إِلَى حالٍ.(10/278)
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْجِيم
(أَبْوَاب الْجِيم والشين)
ج ش ض ج ش ص ج ش س
ج ش ز ج ش ط ج ش د
ج ش ت ج ش ظ.
أُهْمِلَتْ جَمِيع وُجُوهها.
ج ش ذ
شجذ: أهمله اللَّيْث، وَقد اسْتَعْمَله العربُ، مِنْهُ الإشْجَاذُ.
قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال: أشْجذَ عَنّا المطَرُ مُنْذُ حينٍ أَي نأى عنَّا وبعُدَ، وأشْجَذَ المطرُ إِذا أقْلعَ بَعْدَ إثْجَامِهِ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فَتَرَى الودّ إِذا مَا أشْجَذَتْ
وتُوَاريه إِذا مَا تَعْتَكِرْ
يقولُ: إِذا أقْلَعَتْ هَذِه الدِّيمَةُ ظَهَرَ الوتِدُ، وَإِذا عادَتْ ماصرةً وارَتْهُ.
ويقالُ: أشْجذَتِ الحُمَّى إشجاذاً إِذا أقْلَعَتْ.
ج ش ث: مُهْمَلٌ.
ج ش ر
جشر، جرش، شجر، شرج: مستعملة.
جشر: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بَعِيرٌ مَجْشُورٌ: بِهِ سُعَالٌ جافٌّ.
وَقَالَ غيرُه: جُشِرَ فَهُوَ مَجْشُورٌ، وجَشِرَ يَجْشَرُ جَشَراً، وَهِي الجُشْرَةُ.
قَالَ حُجْرٌ:
رُبَّ همَ جَشِمْتُه فِي هواكُمْ
وبَعِيرٍ مُنَفَّهٍ مَجْشُورِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : جَشَرَ الصُّبْحُ يجْشُرُ جُشُوراً إِذا انْفَلَقَ.
قَالَ: واصْطَبحْتُ الجاشِرِيّةَ وَهِي الشَّرْبةُ الَّتِي مَعَ الصُّبْح.
وَفِي حَدِيث عُثْمان أنّه قَالَ: (لَا يغُرَّنَّكُم جَشَرُكُم مِنْ صَلاتِكُم فإنّما يَقْصُرُ الصَّلاَةَ مَنْ كَانَ شَاخِصاً أَو بحَضْرةِ عدُوَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجَشَرُ: القَوْمُ الَّذين يخرُجُونَ بدَوَابِّهِمْ إِلَى المَرْعى.
وَقَالَ الأخطلُ يذكر قَتْل عميْرِ بن(10/279)
الحُبابِ:
يَسْألُهُ الصُّبْرُ من غسّانَ إِذا حضَرُوا
والحَزْنُ كَيفَ قرَاهُ الغِلْمَةُ الجَشَرُ
يُعرِّفُونَكَ رَأس ابنِ الحُبَابِ وقَدْ
أمْسَى وللسَّيْفِ فِي خَيْشُومِهِ أثَرُ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بنُو فلانٍ جَشَرٌ إِذا كانُوا يَبِيتُون مكانَهُم لَا يأْوُونَ بُيُوتَهُمْ، وَكَذَلِكَ: مَالٌ جَشَرٌ: يَرْعَى مَكَانَهُ، لَا يأْوِي إِلَى أَهْلِه.
وجَشَرْنَا دَوَابَّنَا: أَخْرَجْنَاها إِلَى الرِّعْيِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المُجَشَّرُ: الَّذِي لَا يَرْعَى قُرْبَ المَاء، والمُنَدَّى: الَّذِي يَرْعَى قُرْبَ المَاء.
وَيُقَال: قَوْمٌ جَشْرٌ وجَشَرٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجَشْرُ حِجَارَةٌ تَنْبُتُ فِي البُحُورِ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: مكانٌ جشرٌ أَي كثيرُ الجَشَرِ بتَحْرِيكِ الشِّينِ.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: الجَشَرُ: حجارَةٌ فِي البَحْرِ خَشِنَةٌ.
وَقَالَ أبُو نَصْرٍ: جَشِرَ السَّاحِلُ يَجْشَرُ جشَرَاً.
والجاشِرِيَّةُ: قَبِيلَةٌ فِي رَبِيعَةَ.
ورجُلٌ مَجْشُورٌ: بِهِ سُعَالٌ، وَأنْشد:
وسَاعِلٍ كَسَعَلِ المَجْشُورِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الجُشْرَةُ والجَشَرُ: بَحَحٌ فِي الصَّوْتِ.
قَالَ: والجُشَّةُ والجَشَشُ: انْتِشَارُ الصَّوْتِ فِي بُحَّةٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجُشْرَةُ: الزُّكَاُم.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرٍ و) : الجَشِيرُ: الجُوَالِقُ الضَّخْمُ، وجَمْعُه: أَجْشِرَةٌ وجُشُرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَشَرُ: مَا يكونُ فِي سواحِلِ البَحْرِ وقَرَارِه مِنَ الحَصَا والأصْدَافِ يَلْزَمُ بَعْضُهَا ببَعْضٍ فَتَصِيرُ حَجَراً تُنْحَتُ مِنهُ الأرْحِيَة بالبَصْرَةِ، لَا تَصْلُحُ للطَّحِينِ، ولكِنَّهَا تُسَوَّى لِرُؤُوسِ البَلاَليع.
جرش: قَالَ اللَّيْث: الجَرْشُ: حَكُّ شَيْءٍ خَشِنٍ بشيءٍ مِثْلِه، كَمَا تَجْرُشُ الأفْعَى أَثْنَاءَهَا إِذا احْتَكَّتْ أَطْوَاؤُهَا، تَسْمَعُ لذَلِك جَرْشاً وصَوْتاً.
والمِلْحُ الجَرِيشُ: المَجْرُوشُ كَأَنَّهُ قَدْ حَكَّ بَعْضُهُ بعْضاً فتَفَتَّتَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عمرٍ و) : الجِرِشَّى: النَّفْسُ وَأنْشد:
بَكَى جَزَعاً مِنْ أَنْ يَمُوتَ وَأَجْهَشت
إِليه الجِرشَّى وارْمَعَلَّ خَنِينُهَا
وَقَالَ اللحياني: مضى جَرْشٌ من اللَّيْلِ وجَوْشٌ، وجُشٌّ، وجُؤْشُوشٌ أَي ساعةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المُجْرَئِشُّ: الغَلِيظُ(10/280)
الجَنْبِ.
وَقَالَ النَّضْرُ قَالَ أَبُو الهُذَيْلِ: اجْرَأَشَّ إِذا ثابَ جِسْمُه بعْدَ هُزَالٍ وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: هُوَ الَّذِي هُزِلَ وظَهَرَتْ عِظَامُه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المُجْرَئِشُّ: المُجْتَمعُ الجَنْبِ وَقَالَ اللَّيْث: هوالمُنْتَفِخُ الوَسَطِ من ظاهِرٍ وباطنٍ.
قَالَ: ومنَ العُنُوقِ: حَمْراءٌ جُرَشِيَّةٌ، ومنَ العِنَبِ: عِنَبٌ جُرَشِيٌّ جَيِّدٌ بالغٌ يُنْسَبُ إِلَى جُرَش.
قَالَ: والجَرْشُ: الأكْلُ.
(قلت) : الصَّوابُ الجَرْسُ بالسِّينِ: الأكْلُ، وسَتَراهُ فِي بَابِه مُفَسَّراً إنْ شَاءَ اللَّهُ.
والجُرَاشَةُ: مِثْلُ المُشَاطَةِ، والنُّحَاتَةِ.
والجَرِيشُ: دَقِيقٌ فِيهِ غِلَظٌ، يَصْلُحُ لِلْخَبيصِ المُرَمَّلِ.
شجر: الشَّجَرَةُ: الواحِدةُ تُجْمَعُ على الشَّجَرِ والشّجَرَاتِ وَالْأَشْجَار.
والمُجْتِمعُ الكَثيرُ مِنْهُ فِي مَنْبَتِهِ: شَجْرَاءٌ.
وأَمَّا المَشْجَرَةُ فهيَ أرضٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ الكَثيرَ.
وأرضٌ شَجِيرَةٌ، ووادٍ شَجيرٌ: ذُو شَجَرٍ كَثيرٍ.
قَالَ: والشَّجَرُ: أصنافٌ، فأَمَّا جِلُّ الشّجَرِ فعِظَامُه الَّتِي تَبْقَى على الشِّتَاءِ، وأَمَّا دَقُّ الشَجَرِ فصِنْفَانِ: أَحَدُهُمَا تَبْقَى لَهُ أَرُومَةٌ فِي الأرضِ فِي الشِّتَاءِ، ويَنْبُتُ فِي الربيعِ، وَمِنْه مَا يَنْبُتُ مِنَ الحِبَّةِ كَمَا تَنْبُتُ البُقُولُ، وفَرْقُ مَا بَيْنَ دِقِّ الشّجَرِ والبَقْلِ، أَنَّ الشّجَرَ تَبْقَى لَهُ أَرُومَةٌ على الشِّتَاءِ، وَلَا يَبْقَى لِلبَقْلِ شَيْءٌ.
وأَهْلُ الحِجَازِ يَقُولُونَ هَذهِ الشّجَرُ، وهذِه البُرُّ، وَهِي الشِّعِيرُ وَهِي التَّمْرُ، ويَقُولُونَ هِيَ الذَّهَبُ، لأنَّ القِطْعَةَ مِنهُ ذَهَبَةٌ، وبِلُغَتِهِمْ نَزَلَ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا} (التَّوْبَة: 34) فأنّثَ.
قَالَ: والمُشَجَّرُ منَ التَّصَاويرِ: مَا يُصَوَّرُ على صِيغَةِ الشّجَرِ.
وَقَالَ الله جلّ وعَزَّ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النِّسَاء: 6) .
قَالَ الزّجاج أَي فِيمَا وقعَ مِنْ الاخْتِلاَفِ من الخصوماتِ حتَّى اشْتَجَرُوا وتشَاجَرُوا أَي تَشَابَكُوا مُخْتَلِفِينَ، وَيُقَال: الْتَقَى فِئَتَانِ فَتَشَاجَرُوا بِرمَاحِهِم أَيْ تَشَابَكُوا، واشْتَجَرُوا بِرِمَاحِهِم كَذَلِك، وكُلُّ شيءٍ خالفَ بَعْضُه بَعْضاً فقَدِ اشْتَبَكَ واشْتَجَرَ، وسُمِّيَ الشّجَرُ شَجرا لدخولِ بعضِ أَغْصَانِه فِي بعضٍ، ومِنْ هَذَا قِيلَ لمِرَاكِبِ النِّساءِ: مَشَاجِرُ، لِتَشَابُكِ عِيدَانِ الهَوْدَجِ، بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ، وَاحِدُهَا: مِشْجَرٌ، وشِجَارٌ قالَه الْأَصْمَعِي.(10/281)
قَالَ: والشِّجَارُ أَيْضا: الخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ خَلْفَ البَابِ يُقَالُ لَهَا بالفارسيَّةِ: المَتْرَسُ، وَكَذَلِكَ الخشَبَةُ الَّتِي يُضَبَّبُ بهَا السَّرِيرُ مِنْ تَحْتُ هِيَ الشِّجَارُ.
وَأنْشد:
لَوْلاَ طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرَائِرُ
وفَاءَ والمُعْتَقُ شَيءٌ بائِرُ
غُلَيِّمٌ رِطْلٌ وشَيْخٌ دَامِرُ
كَأَنَّمَا عِظَامُنَا المَشَاجِرُ
والمِشْجَرُ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ، وَمِنْه قَول لبيد:
وأَرْبَدُ فَارِسُ الهَيْجَا إِذا مَا
تَقَعَّرَتِ المَشَاجِرُ بالفِئَامِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الشَّجْرُ: مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ.
وَقَالَ غيرُه: باتَ فلانٌ مُشْتَجِراً إِذا اعْتَمَدَ بِشّجْرِه على كَفِّهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الشَّجِيرُ: الغَرِيبُ.
قَالَ: والسَّجِيرُ بالسِّينِ: الصَّدِيقُ.
وَيُقَال: نَزَلَ فلانٌ شَجِيراً فِي بَنِي فلانٍ أَي غَرِيباً.
وَقَالَ المُنَخَّلُ:
وإِذَا الرِّيَاحُ تَكَمَّشَتْ
بجَوَانِبِ البَيْتِ الْكَبِير
أَلْفَيْتَنِيِ هَشَّ النَّدَى
بِشَرِيجِ قِدْحِي أَو شَجِيرِي
فالقِدْحُ الشَّجِيرُ هُوَ المُسْتَعَارُ الَّذِي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِه، والشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ.
يقالُ: هَذَا شَرِيجُ هَذَا وشَرْجُه أَي مِثْلُهُ:
(الحَرَّانِيُّ عنِ ابْن السِّكِّيت) : شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ فلَمْ يُبْقِ مِنْهُمَا شَيْئا فَصارَ إِلَى الشَّجَرِ يَرْعَاهُ.
قَالَ الراجزُ يصفُ إبِلا:
تَعْرِفُ فِي أَوْجُهِها البَشَائِرِ
آسَانَ كُلِّ آفِقٍ مُشَاجِرِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّجَارُ: خَشَبُ الهَوْدَج، فَإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صارَ هَوْدَجاً.
قَالَ: وإِذا تَدَلَّتْ أَغْصَانُ شَجَرٍ أَو ثَوْبٍ فَرَفَعْتَهُ وأَجْفَيْتَهُ قُلْتَ: شَجَرْتُه، فَهُوَ مَشْجُورُ.
وَقَالَ العجاج:
رَفَّعَ مِنْ جِلاَلِهِ المَشجُورِ
والشَّجْرُ: مَفْرَجُ الفَم.
وَفِي حَدِيث الْعَبَّاس، قَالَ كُنتُ آخُذُ بَحكَمَةِ بغلَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد شَجَرتُها أَي ضربت لِجَامَها أكفُّها حَتَّى فَتَحَت فاها.
وَفِي حَدِيث سعد (أنَّ أمَّه قَالَت لَهُ: لَا أَطْعَمُ طَعَاماً وَلَا أشربُ شَرَاباً أَو تكفُرَ بمحمَّدٍ) .
قَالَ: فَكَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يُطعِموها (أَو(10/282)
يسُقوها) شَجَرُوا فَاهَا أَي أدخلُوا فِيهِ عُوداً فَفَتَحُوهُ.
وكل شَيْء عَمَدْتَهُ بِعِمَادٍ فقد شَجَرْتَه.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : شَجَرْتُ فلَانا أشجرُه شَجْراً إِذا صَرَفْتَه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كل شَيْء اجْتمع ثمَّ فرَّق بَينه شَيْء فانفرق، يُقَال لَهُ: شجر.
وَفِي الحَدِيث ذكر فتْنَةٍ (يَشْتَجِرُونَ فِيهَا اشتجَارَ أطْباقِ الرَّأسِ) أَي يَخْتَلِفُونَ كَمَا تَشْتَجِرُ الْأَصَابِع إِذا دخل بعضُها فِي بعضٍ.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
طَاف الخَيَالُ بِنَا وَهنا فأرَّقَنا
من آل سُعدى فَبَاتَ النَّوم مُشْتَجِرَا
معنى اشتجار النّوم تجافيه عنهُ، وَكَأَنَّهُ من الشَّجير وَهُوَ الغريبُ، وَمِنْه: شَجَر الشيءَ إِذا نحَّاه.
قَالَ العجاج:
وَشَجَرَ الهُدَّاب عَنْهُ فَجَفَا
أَي جافاه عَنهُ فَتَجَافَى، وَإِذا تجافى قيل: انْشَجَرَ واشْتَجَرَ.
وَيُقَال: فلَان من شَجَرَةٍ مباركةٍ أَي من أصْلٍ مبارك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الاشْتِجَارُ والانْشِجَارُ: النَّجَاءُ.
وَقَالَ عَوِيجٌ:
عَمْداً تعدَّيناك واشْتَجَرْتَ بِنَا
طوالُ الهوادي مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ
ويُروى: وانشَجَرَتْ بِنَا.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) شَجَرَ: طَعَنَ بالرُّمْحِ، وشَجَرَ إِذا كَثُرَ جَمْعُه.
(أَبُو زيد) أَرض شَجِيْرَةٌ: كَثِيرَة الشجَرِ، وَأَرْض عَشِيبةٌ: كثيرةُ العُشْبِ، وَبقِيْلةٌ، وعاشبةٌ، وَبقِلَةٌ، وَثَمِيْرَةٌ إِذا كثر ثَمَرَتُهَا، وَأَرْض مُبْقِلَةٌ ومُعْشِبَةٌ.
(ابْن الْأَعرَابِي) الشَّجَرَةُ: النقطة الصَّغِيرَة فِي ذَقَنِ الغُلامِ.
قَالَ: والشِّجَارُ: المُتَرَّسُ.
والشِّجَارُ: الهَوْدَجُ الصَّغِير الَّذِي يَكْفِي وَاحِدًا حَسْبُ.
والشِّجارُ عُودٌ يُجْعَلُ فِي فمِ الجدْي لِئَلَّا يرضعَ أمَّه.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن ثعلبٍ عَن الْفراء أَنه أنْشدهُ لِلْقِتَالِ:
إِذا لاقيت منا ذَا ثَنَايَا
قَالَ: الشِّجَارُ: خشبتان على القَليْبِ فِي هَذَا الْموضع.
وَقَالَ: الشِّجُارُ: عمودٌ من أعمدةِ الْبَيْت.
شرج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : شَرَجَ إِذا سَمِنَ سِمَناً حَسناً. وشَرِجَ إِذا فَهِم.
وَفِي حَدِيث الزبير: (أنّهُ خاصَم رجلا من الأنصَارِ فِي سُيُولِ شرَاجِ الحَرَّة إِلَى(10/283)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا زُبَيُر: احبِسِ الماءَ حَتَّى يبلُغَ الجُدُر) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الشِّرَاجُ: مجارِي الماءِ من الحِرارِ إِلَى السَّهلِ، وَاحِدهَا: شَرجٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عمرٍ و.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمن أمثالهم (أشبَهُ شَرْجٌ شَرْجاً لَو أنّ أُسَيْمِراً) .
قَالَ: وَكَانَ المفضَّلُ يحدِّثُ أنَّ صَاحب المَثَل لُقَيمُ بن لُقمان، وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ قد نزلا منزِلاً يُقَال لَهُ: شَرْجٌ، فَذهب لُقَيمٌ يُعشِّي إبِله، وَقد كَانَ لُقمان حَسَدَ لُقيماً فَأَرَادَ هَلَاكه واحتَفَر لَهُ خَنْدقاً وَقطع كل مَا هُنَالك من السَّمُرِ ثمَّ مَلأ بِهِ الخَندقَ، وأوقَدَ عَلَيْهِ ليَقَع فِيهِ لُقيم، فَلَمَّا أقبل عرف المكانِ، وَأنكر ذهَاب السَّمُر، فَعندهَا قَالَ: (أشْبَهَ شَرْجٌ شرجاً لَو أَن أُسَيْمِراً) ، فَذهب مثلا.
وَقَالَ ابْن السّكيت، يُقَال: هما شَرْجٌ واحدٌ أَي ضَرْبٌ واحدٌ، ساكِنةٌ الرَّاء.
وشَرْج أَيْضا: ماءٌ لبني عبسٍ. قَالَ: وَهُوَ شَرَجُ العيبة بِفَتْح الرَّاء.
قَالَ: والشَّرَج فِي الدَّابة مفتوحُ الرَّاء أَن تكونَ إِحْدَى خُصيَيْه أعظَمَ من الْأُخْرَى.
يُقَال: دابَّةٌ أشرَج.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأشرج: الَّذِي لَهُ خصيَةٌ وَاحِدَة من الدَّوابِّ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : شرَجَ، وبَشَكَ، وَخَدَب، كلُّه إِذا كَذَب.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّدَّاج، والسَّرَّاج: الكذَّاب بالسِّين، وَقد سَدَج وسَرَج إِذا كذَبَ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : من القِسِيِّ: الشَّرِيجُ، وَهِي الَّتِي تُشَقُّ من العُود فِلقتَيَنِ، وَهِي القَوسُ الفِلْقُ أَيْضا.
وَيُقَال: هَذَا شَرِيجُ هَذَا وشَرجُه أَي مثله.
وكل مُخْتَلِطَينِ: شريجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّريجةُ: جَدِيلةٌ من قَصَبٍ للحَمَام.
والشَّريجَان: لونان مُختلفانِ.
وَيُقَال لِخَطَّي نيرَي البُردِ: شَريجَانِ، أحدُهَما أخضرُ والآخَرُ أبيضُ أَو أحمرَ.
والشَّريجُ: العَقَبُ، تقولُ أَعْطِنِي شَرِيجَةً مِنْهُ.
وَقَالَ فِي صِفَة القَطَا:
سَبُقت بوِرْدِهِ فُرَّاط شِربٍ
شَرَائِجُ بَين كُدريَ وجُونِ
وَقَالَ:
شَرِيجَانِ من لَوْنَينِ خِلطَان مِنْهُمَا
سَواءٌ وَمِنْه واضحُ اللَّون مُغرِبُ
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) أخرَطتُ الخَرِيطة، وشرَّجتها، وأشرَجْتُها، وَشَرَجْتُها:(10/284)
شَدَدتُها.
وَفِي الحَدِيث: (أصبح الناسُ شَرْجَينِ فِي السّفَر) يَعْنِي نِصْفَيْنِ، نصفٌ صِيَامٌ، ونصفَ مَفَاطيرُ.
وَيُقَال: مَرَرْتُ بفتياتٍ مُشَارِجَاتٍ أَي أترابٍ مِتساوياتٍ فِي السِّنِّ.
وَقَالَ الأسودُ بن يَعْفُرَ:
فَشَوى لنا الوَحَدَ المُدِلُّ بحُضْرِهِ
بِشَريج بَين الشدِّ والإِرْوَادِ
أَي بَعِدْوٍ خِلْطٍ من شدَ شديدٍ، وشدَ فِيهِ إرواد.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الشارج: الشّريكُ.
وَيُقَال: شَرَجْتُ العَسَل وغيرَه بِالْمَاءِ إِذا مَزَجْتَهُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يَصِفُ عَسَلاً:
فَشرّجها من نُطْفَةٍ رَجَبِيَّةٍ
سُلاَسِلةٍ من ماءِ لِصبٍ سُلاسلِ
قَالَ المُؤَرِّجُ: الشَّرجَةُ: حُفْرةٌ تُحفرُ ثمَّ تُبسَطُ فِيهَا سُفرةٌ، وَيُصَبُّ المَاء عَلَيْهَا فتشرَبُه الْإِبِل.
وَأنْشد فِي صفة إِبِلٍ عِطَاشٍ سُقِيَتْ:
سَقَيْنَا صواديها على مَتْنِ شَرْجَةٍ
أضَامِيمَ شتَّى من حِيَالٍ ولُقّح
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الشريجةُ: العَقَبةُ الَّتِي يُلصق بهَا ريشُ السَّهم، فَإِن رِيْشَ بالغِرَاء، فالغِراءُ: الرُّوْمةُ.
ويُرْوَى عَن يوسفَ بنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: أَنا شَرِيجُ الْحجَّاج بن يُوسُف، يُرِيد أَنا مثله فِي السِّنِّ.
ج ش ل
مهمل الْوُجُوه.
ج ش ن
جشن، جنش، شجن، شنج، نجش نشج: مستعملة:
جشن: قَالَ اللَّيْث: جَوْشَنُ الجَرَادةِ: صدرُها.
والجَوْشَنُ: مَا عُرضَ من وَسَط الصَّدر.
والجَوشَنُ: اسمُ الْحَدِيد الَّذِي يُلبَسُ من السِّلاح.
وَقَالَ ذُو الرِّمَّة يصف ثوراً طَعَن كلاباً بروْقَيْه فِي صدرها:
فكرَّ يمشُقُ طَعنا فِي جَوَاشِنِهَا
كأنهُ الأجرَ فِي الإقبالِ يَحْتَسِبُ
أَي فِي صدورها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المَجْشُونةُ: الْمَرْأَة الكثيرةُ الْعَمَل النشيطةُ.
جنش: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَنْشُ: نزحُ الْبِئْر.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعت السُّلَمِيَّ يَقُول: جَنَشَ القومُ للْقَوْم وَجَمَشُوا لَهُم أَي أقبَلُوا(10/285)
إِلَيْهِم.
وَأنْشد:
أقُولُ لعبَّاسٍ وَقد جَنَشَتْ لنا
حُيَيٌّ وأفْلَتْنَا فُوَيْتَ الأظافِرِ
وَفِي (النَّوَادِر) : الجنش: الغلظ، وَقَالُوا:
يَوْمًا مُرَا مِرَاتٍ يَومَا الجَنَشِ
(قلت) : هُوَ عيِدٌ لَهُم، ويقالُ: جَنَشَ فلَان إليَّ، وجاشَ، وهاشَ، وتحوَّر، وأَرَزَ بِمَعْنى واحدٍ.
شجن: قَالَ اللَّيْث: الشَّجَنُ: الهمُّ والحُزنُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : الشَّجَنُ: الحاجةُ حَيْثُ كَانَت، وَقد شَجَنَتْني الْحَاجة حَيْثُ كَانَت تَشْجُنُنِي شَجْناً إِذا حَبَسَتْكَ.
وَقَالَ الْكسَائي مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: أشْجنَني الأمرُ فَشَجُنْتُ أشجُنُ شُجُوناً.
والحمامة تَشْجُنُ شُجُوناً إِذا نَاحَتْ وتحزَّنتْ.
وَفِي الحَدِيث: (الرَّحِمُ شِجْنَةٌ من الله) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يَعْنِي قرَابَة مُشْتَبِكَة كاشتباكِ العُرُوقِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَأن قَوْلهم: (الحديثُ ذُو شُجُونٍ) مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ تَمَسُّكُ بعضهِ ببعضٍ، قَالَ: وفيهَا لغتانِ: شِجْنَةٌ وشَجنَةٌ، وَبِه سمِّيَ الرجل: شِجْنَة.
(أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي) : (الحَدِيث ذُو شُجُون) يُرَاد أنَّ الحَدِيث يتَفَرَّقُ بالإنسانِ شُعَبُهُ ووجُوهُهُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْلهم (الحديثُ ذُو شُجُونٍ) أَي ذُو فُنُونٍ وتشبُّثٍ بعضه بِبَعْض.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُضربُ مثلا للْحَدِيث يُستذكَرُ بِهِ حديثٌ غَيره.
قَالَ: وَكَانَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْمثل عَن ضَبَّةَ بن أُدَ حِين رأى مَعَ الحارثِ بن كعبٍ سيفَ ابنِهِ سعيدٍ فَعرفهُ فَأَخذه وَقتل بِهِ الحارثَ بنَ كعبٍ، وَقَالَ: (الحَدِيث ذُو شُجُون) وَفِيه يَقُول الفرزدق:
فَلَا تَأمَنَنَّ الحربَ إِن استِعَارَهَا
كَضَبَّة إِذْ قَالَ: الحديثُ شُجُونُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الشجوُنُ: أعالي الْوَادي، وَاحِدهَا: شَجْنٌ، وَهِي الشّوَاجِنُ، وَاحِدهَا: شَاجِنَةٌ.
(قلت) : فِي ديار ضَبَّةَ: وادٍ يُقَال لَهُ: الشَّوَاجِنُ، فِي بَطْنه أطوَاءٌ كثيرةٌ، مِنْهَا: لَصَافِ واللِّهَابَةُ، وثَبْرَةُ، ومياهها عَذْبَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث، يُقَال: شَجِنْتُ أشجُنُ شَجَناً أَي صَار الشَّجَنُ فيَّ، وَأما تشجَّنتُ فَكَأَنَّهُ بِمَعْنى تذكرتُ، وَهُوَ كَقَوْلِك: فطُنْتُ فَطَنا، وفَطِنْتُ للشَّيْء فِطْنةً وفَطَناً، وَأنْشد:
هيَّجْنَ أشجاناً لِمَنْ تَشَجَّنا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال شُجَنَةٌ وشُجنٌ للغُصن، وشُجنةٌ وشُجَنٌ، وشِجنَةٌ وشِجَنٌ،(10/286)
وشِجْنَةٌ وشِجْنٌ، وشُجْنَةٌ وشُجُناتٌ وشُجناتٌ.
قَالَ: والشجَنُ: الحَزَنُ، والشجَن: هَوى النَّفس، والشجَنُ: الحاجَةُ، والجمعْ: أشجانٌ.
نشج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَشَجَ الباكي يَنْشِجُ نشَيجاً ونَشْجاً وَهُوَ إِذا غصّ البكاءُ فِي حَلقِهِ عِنْد الفَزعَةِ.
والطعنة تَنْشِجُ عِنْد خروجِ الدَّم: تسمُعُ لَهَا صَوتا فِي جوفها.
والقِدْرُ تَنْشِجُ عِنْد الغَلَيانِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الأنشاجُ: مجارِي الماءِ، واحدُهَا: نَشَجٌ، وَأنْشد شمر:
تأبَّدَ لأيٌ منهُمُ فعُتائِدُه
فذو سَلَمٍ، أنشاجُهُ فسواعِدُه
وَفِي حَدِيث عمر (أَنه قَرَأَ سُورَة يُوسُف فِي صَلَاة الْفجْر فسُمع نشيجُهُ خلف الصُّفوفِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: النَّشيجُ: مثلُ بكاء الصَّبِي إِذا ضُرب فَلم يُخرِجْ بُكاءَه، وردَّدَهُ فِي صَدْره، وَلذَلِك قيل لصوتِ الحمارِ: نَشِيجٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : النَّشِيجُ من الْفَم، والخَنِينُ من الْأنف، وَكَذَلِكَ: النَّخِيرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النشيج: صَوت المَاء يَنْشجُ، ونُشُوجُه فِي الأَرْض أَن يَقُول: أُش، يُسمع لَهُ صَوت، وَقَالَ هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا مَا قَضَتِ الحَوَائِجَا
وَمَلأَتْ حُلاّبُهَا الخَلانِجَا
مِنْهَا وثَمُّوا الأوطُبَ النواشِجَا
قَالَ أَبُو عبيد: النَّوَاشِجُ: المُمْتلئة.
شنج: قَالَ اللَّيْث: الشَّنَجُ: تَشَنُّجُ الجِلدِ والأصابعِ كلِّها، وَأنْشد:
قَامَ إِلَيْهَا مُشْنِجُ الأنَامل
أغثَى خَبيثُ الرِّيحِ بالأصَائِلِ
قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا: شَنِجٌ أشْنَجُ، وَشَنِجٌ مُشَنَّجٌ، والمشنَّج: أشدُّ تشنُّجاً، وَإِذا كَانَت الدَّابَّة شَنِجَ النَّسَا فَهُوَ أقوى لَهَا، وأشدَّ لرجلَيْها.
وَقَالَ غَيره: من الْحَيَوَان: ضروب توصفُ بشنَجِ النَّسَا، وَهِي لَا تسمحُ بالمشيِ، مِنْهَا: الظَّبيُ.
وَقَالَ أَبُو دُوادٍ الإياديُّ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا
ءِ نبَّاحٍ من الشُّعب
وَمِنْهَا: الذِّئْب، وَهُوَ أقْزَلُ إِذا طُرِدَ فَكَأَنَّهُ يتوجَّى.
وَمِنْهَا: الغُرابُ وَهُوَ يَحْجِلُ كَأَنَّهُ مقيَّد.
وَقَالَ الطِّرمَّاح يذكر الْغُرَاب:
شَنِجُ النَّسَا حَرِقُ الجَنَاح كَأَنَّهُ
فِي الدَّار إِثْر الظَّاعنِين مقيَّد(10/287)
وَشَنجُ النَّسَا يُستحب فِي العتاقِ خَاصَّة، وَلَا يُستحبُّ فِي الهَمَاليجِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول هُذيل: غَنَجٌ على شَنَجٍ أَي رَجُلٌ على جَمَلٍ، فالغَنَحُ هُوَ الرجل، والشنجُ: الْجمل، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ ابْن دُرَيْد.
نجش: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّجشِ، وَقَالَ: (لَا تَنَاجَشُوا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ أَن يزيدَ الرجلُ فِي ثمنِ السِّلعة وَهُوَ لَا يرُيدُ شِرَاءَهَا، وَلَكِن لِيَسْمَعَهُ غيرُه فيزيدَ بِزِيَادَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُروى فِيهِ عَن ابْن أوفى أَنه قَالَ: (النَّاجِشُ آكل رَبًّا خَائنٌ) .
قَالَ: والنّجاشيُّ هُوَ الناجِشُ الَّذِي يَنجُشُ الشيءُ نَجشاً فيَسْتَخرِجَهُ.
والنجْشُ: استثارة الشَّيْء.
وَقَالَ شمر: أصل النّجْشِ: الْبَحْث وَهُوَ اسْتِخْرَاج الشَّيْء.
قَالَ رؤبة:
فالخُسُر قَول الكَذِبِ المنجُوش
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَنْجُوشٌ: مُفْتَعَلٌ مكذُوبٌ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: النجَّاش: الَّذِي يَسُوق الدوابّ والرِّكابَ فِي السُّوق يسْتَخْرج مَا عِنْدهَا من السَّيرِ، وَأنْشد:
غير السُّرَى وسائِقٍ نَجّاشِ
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو سعيد: فِي التّناجُشِ شَيْء آخر مُبَاحٌ وَهُوَ المرأةُ الَّتِي تزوّجَتْ وطُلِّقَتْ مرّة بعد أُخْرَى، أَو السِّلعةُ الَّتِي اشتُريَت مرّة بعد مرّة ثمَّ بيْعَتْ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النجْشُ أَن تمدحَ سِلعَةَ غَيْرك ليبيعها أَو تذمَّها لِئَلَّا تنفُقَ، عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي الْخطاب.
والنَّاجشُ: الَّذِي يثيرُ الصيدَ لِيَمُرَّ على الصّيَّادِ.
ج ش ف
فشج، فجش، جفش.
فشج: روى أَبُو عبيد حَدِيثا بِإِسْنَاد لَهُ (أَن أَعْرَابِيًا دخل الْمَسْجِد فَفَشَجَ فَبَال) ، قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم فَشَّج بتَشْديد الشين قَالَ: والفَشْحُ دون التّفَاجّ، والتّفشيجُ: أَشد من الفُشْحِ وَهُوَ تفريج مَا بَين الرِّجْلَينِ.
وَقَالَ اللَّيْث: التّفشِيجُ: التّفَحُّجُ على النَّار، قَالَ: وَتَفَشّجَتِ النَّاقة إِذا تَفَرشَحَتْ لِتَبُول أَو لِتُحْلَبَ.
(جفش) : قَالَ ابْن دُرَيْد: جَفَشَ الشَّيْء إِذا جمعه (قلت) : لم أسمعهُ لغيره.
(فجش) : قَالَ ابْن دُرَيْد: الفَجْشُ: الشّدخُ، فَجَشْتُ الشَّيْء بيَدي إِذا شَدَخْتَهُ، وَلَا أعرف الحرفين لغيره.
ج ش ب
جشب، شجب، جبش.
جشب: قَالَ اللَّيْث: طَعَام جَشِبٌ: لَيْسَ مَعَه(10/288)
أُدم.
وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يُبَالي مَا أكل وَلم ينل أُدُماً: إِنَّه لَجَشبُ المأكَلِ، وَقد جَشُبَ جُشُوبَةً.
وَقَالَ شمر: طَعَامٌ جَشِبٌ: غليظٌ خَشِنٌ، وَقد جَشُبَ جُشُوبَةً، وطعامٌ جَشْبٌ.
والجَشَّابُ من الندى: الَّذِي لَا يزَال يقعُ على البقْلِ.
وَقَالَ رؤبة:
روضاً بجشَّاب الندىَ مأدُومَا
(أَبُو عبيد) : المِجْشَابُ: الْبدن الغليظ.
قَالَ أَبُو زبيد:
تُوْلِيكَ كَشْحاً لطيفاً لَيْسَ مِجْشَابَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: جَمَلٌ جَشِبٌ: ضخمٌ شديدٌ.
وَأنْشد:
بِجَشِبٍ أتلَعَ فِي إصغَائِهِ
وَيُقَال للطعام: جَشِبٌ وَجَشْبٌ وَجَشِيبٌ.
وَقَالَ شمر: رَجُلٌ مُجَشَّبٌ: خَشِنُ المعيشةِ.
قَالَ رؤبة:
وَمن صَبَاحٍ رامياً مُجَشَّبَا
وَسِقَاءٌ جَشِيبٌ: غليظٌ خَلَقٌ.
(شمر) : طعامٌ مَجْشُوبٌ، وَقد جَشَبْتُه، وأقرأنا ابْن الْأَعرَابِي:
لَا يَأكُلونَ زادَهُمُ مَجْشُوبَا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِجْشَبُ: الضخم الشُّجَاعُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: أهل الْيمن يُسَمُّون قُشورَ الرُّمَّانِ: الجُشْبَ.
شجب: رُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: (الْمجَالِس ثَلَاثَة: فَسَالِمٌ وغانِمٌ وشاجِبٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الشَّاجِبَ: الآثمُ الهالكُ.
يُقَال مِنْهُ: رجلٌ شاجِبٌ وشَجِبٌ.
قَالَ: وشَجَبَ الرجُلُ يشْجُبُ شجُوباً إِذا عَطِبَ وهلكَ فِي دِيْنٍ أَو دُنيا.
وَفِيه لُغَة: شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً، وَهُوَ أجودُ اللغتين، قَالَه الْكسَائي.
وَأنْشد للكميت:
ليلك ذَا ليلك الطَّوِيل كَمَا
عَالجَ تبريح غُلِّه الشَّجِب
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّك لتشجُبنُي عَن حَاجَتي أَي تجذبُني عَنْهَا.
وَمِنْه يُقَال: هُوَ يشجُبُ اللِّجامَ أَي يجذِبُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّجَبُ: الهمُّ والحَزَنُ، وَقد أشجبك هَذَا الْأَمر فشَجِبْتَ شَجَباً، وغُرَابٌ شاجبٌ يَشجُبُ شجيباً، وَهُوَ الشَّديد النعيق الَّذِي يَتَفَجَّعُ من غِربَان البَينِ.
وَأنْشد:
ذكّرنَ أشْجاباً لمنْ تَشَجَّبَا
وهِجْنَ إعجاباً لمن تَعَجَّبَا(10/289)
والمِشْجَبُ: خَشَباتٌ موثَّقَةٌ تُنصَبُ فيُنشَرُ عَلَيْهَا الثِّيَاب.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (أَنه بَات عِنْد خَالَته ميمونَةَ. قَالَ: فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شَجْبٍ فاصطَبَّ مِنْهُ المَاء وَتَوَضَّأ) .
سَمِعت أَعرابياً من بني سُلَيم، يَقُول: الشَّجبُ من الأساقِي: مَا تشنَّن وأخلقَ.
قَالَ: وَرُبمَا قُطِعَ فَم الشَّجبِ وجُعِلَ فِيهِ الرُّطَبُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الشَّجَبُ: تداخُلُ الشَّيْء بعضِه فِي بعضٍ.
قَالَ: والشجْبُ والشِّجابُ: المِشْجَبُ.
وَقَالَ غَيره: سقاءٌ شاجِبٌ: يابسٌ.
وَأنْشد:
لَو أنَّ سَلمى سَاوَقَتْ ركائِبي
وَشَرِبَت من ماءِ شَنَ شَاجِبِ
(أَبُو عبيد) : الشُّجُوبُ: أعمدة من أعمدة الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو وعَّاسٍ الهُذُلي:
وهُنَّ مَعًا قيامٌ كالشُّجُوبِ
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المِشْجَبُ: أَعْوَاد تُربَطُ توضعُ عَلَيْهَا الثيابُ.
(الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت) : يُقَال:
شَجَبَهُ يشجُبُهُ شَجْباً إِذا شَغَلَهُ، وشَجَبَهُ إِذا حَزَنَهُ، وشَجِبَ إِذا حَزِنَ.
وَمَاله شَجَبَهُ الله أَي أهلَكَهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَجْبُ الرجل: حَاجته وهمه.
وَامْرَأَة شَجُوبٌ: ذَات همَ قلبُها متعلّقٌ بِهِ.
جبش: قَالَ المُفَضَّل: الجَبيشُ والجَميشُ: الركَبُ المحلوقُ.
ج ش م
جشم، جمش، شمج، مشج، شجم: مستعملة.
جشم: قَالَ اللَّيْث: جَشِمْتُ الأمرَ أجشَمُهُ جَشْماً أَي تَكَلّفْتُه، وتَجَشَّمْتُهُ: مِثْلُه، وجشَّمَنِي فُلانٌ أمرا، وأجشَمَني أَي كلَّفني.
وجُشَمُ الْبَعِير: صدرُه وَمَا يَغْشَى بِهِ القِرْنَ من خَلْقِهِ.
يُقَال: غتَّه بجُشَمِهِ: أَي أُلقِيَ صَدْرَهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا جشمْتُ الْيَوْم ظِلْفاً، يَقُوله القانِصُ إِذا لم يَصِد وَرجع خائباً.
وَيُقَال: مَا جَشَمتُ اليومَ طَعَاما: أَي مَا أكلتُ.
قَالَ: وَيُقَال ذَلِك عِنْد خَيْبَة كلِّ طالبٍ، فَيُقَال: مَا جَشَمْتُ الْيَوْم شَيْئا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجُشُمُ: السِّمانُ من الرِّجَالِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَشَمُ: السِّمَنُ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعت أَبَا مِحْجَن(10/290)
ٍ وباهلياً يَقُولَانِ: تجشَّمتُ الْأَمر وتجسَّمتُه إِذا حملتَ نَفسك عَلَيْهِ.
قَالَ عَمْرو بن جميل:
تَجَشُّمَ القُرقُور موجَ الآذي
وَقَالَ أَبُو عبيد: تجشَّمْتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي اختَرْتُهُ.
وَأنْشد:
تجشَّمْتُهُ من بينهنِّ بمُرْهِفٍ
لَهُ جالِبٌ فَوْقَ الرِّصَافِ عَلِيلُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: تجشَّمْتُ الْأَمر إِذا رَكِبْتَ أَجْشَمَهُ، وتجشَّمتُه إِذا تكلَّفْتَه وتجشَّمتُ الأرضَ إِذا أخذتَ نَحْوهَا تُريدُها وتجشَّمْتُ الرملَ إِذا ركبتَ أعظمَهُ.
وَقَالَ النضرُ: تجشَّمْتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي قصدتُ قَصْدَه.
وَأنْشد:
وبَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنَا بِهِ
على جَفَاه وعَلى أنْقَابِهِ
شجم: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الشُّجُمُ: الطِّوَالُ الأعفَارُ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : قَالَ: الشُّجَمُ: الهلاَكُ.
جمش: قَالَ اللَّيْث: الجَمْشُ: حَلْقُ النُّورَةِ، وَأنْشد:
حَلْقاً كَحَلْقِ النُّورَةِ الجَمِيشِ
وَرَكَبٌ جَمِيشٌ: مَحلُوقٌ، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
إِذا مَا أقبلَتْ أحوى جَمِيشاً
أتيت على حِيالك فانْثَنَيْنَا
قَالَ: والجَمْشُ أَيْضا: ضربٌ من الحَلْبِ بأطرَاف الْأَصَابِع كلهَا.
والجَمْشُ: المُغَازلةُ، وَهُوَ يَجْمِشُها: أَي يَقْرِصُها ويُلاعِبُها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الجَمِيشُ: الزَّرَدَانُ المحلوقُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قيل للرّجُلِ: جمَّاشٌ لِأَنَّهُ يطْلب الرَكَبَ الجَمِيشَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قيل للمُغازلة: تجميشٌ من الجَمْشِ وَهُوَ الكَلاَمُ الخفيُّ، وَهُوَ أَن يَقُول لهواه: هَيْ هَيْ.
وَرُوِيَ عَن أبي عمرٍ وَأَنه قَالَ: الجُمَاشُ: مَا يُجعل بَين الطيِّ والجَال فِي القليبِ إِذا طُويَتْ بالحِجَارَةِ، وَقد جَمَشَ يَجْمِشُ.
(قلت) : وَقَالَ غيرُه: هِيَ النِّخَاسُ والأعقَابُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يَحِلُّ لأحدكم من مَالِ أَخِيه شَيءٌ إِلَّا بِطِيْبَةِ نَفسه، فَقَالَ عَمْرو بن يَثْرِبِيِّ يَا رَسُول الله أرأيتَ إِن لقيتُ غَنَمَ ابْن أخي أأجتَزِرُ مِنْهَا شَاة؟ فَقَالَ: إِن لقيتَها نَعْجَةً تحمل شَفْرَةً وزناداً، بِخَبْتِ الجَمِيشِ فَلَا تَهِجْهَا) .
يُقَال: إنَّ خَبْتَ الجَمِيشِ: صحراءُ لَا(10/291)
نباتَ بهَا، فالإنسان بهَا أشَدُّ حَاجَة إِلَى مَا يُؤْكَل، فَيَقُول: إِن لقيتها فِي هَذَا الْموضع على هَذِه الْحَال فَلَا تَهجْها.
شمج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: شَمَجُوا من الشعيرِ والآرُز وَنَحْوه إِذا اخْتَبَزُوا مِنْهُ شِبْه قِرْصَةٍ غَلاِظٍ.
يُقَال: مَا أكلتُ خبْزًا وَلَا شَمَاجاً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : مَا ذقتُ أكَالاً وَلَا لَمَاجاً وَلَا شَمَاجاً، أَي مَا أكلت شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: إِذا خاط الخَيَّاطُ الثَّوبَ خياطَة متباعدةً قَالَ: شَمَجتُه أشمُجُهُ شَمجاً، وشَمْرَجْتُه شَمْرَجَةً.
قَالَ وَقَالَ الأُموي: ناقةٌ شَمَجَى إِذا كَانَت سريعةً.
وَأنْشد:
بِشَمَجى الْمَشْي عَجُولِ الوَثْبِ
حَتَّى أَتَى أُزبِيُّها بالأدبِ
(أَبُو عمرٍ و) : شَمَجَ إِذا استعجل.
مشج: قَالَ الله جلّ وَعز: {مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} (الْإِنْسَان: 2) .
قَالَ الْفراء: أمشاجٍ: هِيَ: الأخلاطُ، ماءُ المرأةِ، وماءُ الرجلِ، والدَّمُ والعَلَقَةُ.
وَيُقَال للشَّيْء من هَذَا إِذا خُلِطَ: مَشِيجٌ، كَقَوْلِك: خَلِيطٌ، وممشُوجٌ، كَقَوْلِك: مخلُوطٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : واحِدُ الأمشَاجِ: مَشَجٌ، وَيُقَال: مَشْجٌ.
وَقَالَ الشماخ:
طَوَت أحشَاءَ مُرتِجَةٌ لِوَقْتٍ
على مَشَجٍ سُلاَلَتُهُ مَهِينُ
وَقَالَ آخر:
فَهُنَّ يقذِفْنَ من الأمشَاجِ
مثل بُرُودِ اليُمْنَةِ الْحجَّاج
قَالَ: والمَشْجُ: شيئانِ مَخْلُوطِانِ.
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ: أمْشَاجٌ: أخلاطٌ من منيّ وَدَمٍ، ثمَّ ينْقل من حالٍ إِلَى حالٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أمشَاجٌ وأوشَاجٌ: غُزُولٌ داخلٌ بعضُها فِي بعضٍ.
وَقيل: الأمشَاجُ: أخلاطُ الكَيمُوساتِ الْأَرْبَع، وَهِي المِرَارُ الأحمَرُ، والمِرارُ الأسودُ والدَّمُ والمنيُّ.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض ص، ج ض س، ج ض ز،
ج ض ط: (مهملات) .
ج ض د
أهمله اللَّيْث.
جضد: وروى أَبُو تُرَاب للفراء: رَجُلُ جَلْدٌ، ويُبْدِلُوْن اللَّام ضاداً: رجل جَضْدٌ.(10/292)
ج ض ت ج ض ظ ج ض ذ
ج ض ث: مهملات.
ج ض ر
ضرج، جرض، ضجر: مستعملة.
ضرج: قَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
وأكِسيَةُ الإضْرِيجِ فوقَ المَشَاجِبِ
قَالَ: أكسِيَةُ الإضرِيج: أكسِيَةُ خزَ حُمْرٌ.
والإضرِيجُ: صِبْغٌ أَحْمَرُ.
وثوبٌ مضرَّجٌ من هَذَا.
قَالَ: وَلَا يَكُونُ الإضرِيجُ إِلَّا من خزَ، قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي.
وَقَالَ اللَّيْث: الإضرِيجُ: أكسِيَةٌ تُتخَذُ من المِرْعِزَّى من أَجْوَدِه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الإضِريْجُ من الخَيْل الجَوَادُ الكثيرُ العَرَقِ.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ:
ولَقَدْ أَغْتَدِي يُدَافِعُ رُكْنِي
أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ إضْرِيجُ
وَقيل: الإضْرِيجُ: الواسِعُ اللَّبَان.
وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شَديدٌ.
وكلُّ شيءٍ تَلَطخَ بِدَمٍ أَو غيرِه فقَدْ تَضَرَّجَ.
وَقد ضُرِّجَتْ أثوابُه بِدَمِ النجيعِ وَأنْشد:
فِي قَرْقَر بلُعاب الشِّمْسِ مَضْرُوج
يَصِفُ السرابَ على وَجهِ الأرضِ، ومضْرُوج من نَعْتِ القَرقر. وَإِذا بدَتْ ثمَارُ البُقُول من أكمَامَها قيل: انضَرَجَتْ عَنْهَا لَفَائِفُها أَيِ انْفَتَحَتْ.
والضَّرجُ: الشقُّ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصِفُ نِسَاءً:
ضَرَجْنَ البُرُودَ عَنْ تَرَائِب حُرَّةٍ
أَي شَقَقْنَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عينٌ مَضرُوجةٌ: واسعةٌ نَجْلاَءُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
تَبَسَّمْنَ عَنْ نَوْرالأقَاحِيِّ فِي الثرَى
وفَتَّرن عَن أبْصَارِ مَضْرُوجةٍ نُجْلِ
وَيُقَال: انْضَرَجَ البَازِي على الصَّيْدِ إِذا انْقَضَّ عَلَيْهِ.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كتَيْسِ الظِّبَاءِ الأعْفَرِ انْضَرَجَتْ لَهُ
عُقَابٌ تَدَلَّتْ منْ شَمَاريخِ ثَهْلاَنِ
وَقيل: انْضَرَجَتْ لَهُ: انْبَرَتْ لَهُ.
وَقيل: أَخَذَتْ فِي شِقَ، وانضرَجَ الثَّوبُ إِذا انْشَقَّ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: تَضْرِيجُ الْكَلَام من المَعَاذِيرِ وَهُوَ تَزْوِيقُهُ وتَحْسِينُه.
وَيُقَال: خير مَا ضُرِّج بِهِ الصدْق، وشَرُّ مَا ضُرِّجَ بِهِ الكذِبُ.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَضْرَجَتِ الْمَرْأَة جَيْبَها إِذا أَرْخَتْهُ.
وضَرَجْنَا الإبلَ أَي ركَضْنَاها فِي الغارةِ.(10/293)
وضَرَجَتِ الناقةُ بجِرَّتِهَا وجَرَضَتْ.
جرض: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : هُوَ يَجْرَضُ نفسَهُ أَي كادَ يَقضِي، وَمِنْه قيل: أَفْلَتَ جَرِيضاً.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: القَرِيضُ والجريضُ يحدُثانِ بالإنسانِ عِنْد الموتِ، فالجَرِيضُ: تبلُّعُ الرِّيقِ، والقَرِيضُ صَوْتُ الْأَسْنَان.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرِيضُ: المُفْلِتُ بعدَ شَرَ.
يُقَال: إِنَّه ليَجْرِضْ الريقَ عَلَى هَمَ وحَزَنٍ، ويَجْرِضْ الرِّيقَ غَيْظاً، أَي يَبْتَلِعُه.
وَفِي قَوْلهم: (حالَ الجَرِيضُ دُونَ القَرِيضِ) .
قَالَ أبوُ الدُّقَيْشِ: الجَرِيضُ: الغُصَّةُ، والقَرِيضُ: الجِرَّةُ.
قَالَ: وماتَ فلانٌ جَرِيْضاً أَي مَرِيضاً مَغمُوماً، وقَدْ جَرِضَ يَجْرَضُ جَرَضاً شَدِيداً، قَالَ رؤبة:
مَاتُوا جَوًى والمُفْلِتُونَ جَرْضَى
أَي حَزِنينَ.
قَالَ: والجرِياضُ: الرجُلُ الجرِيضُ الشدِيدُ الغَمِّ.
وَأنْشد:
وخَانِقٍ ذِي غُصَّةٍ جِرْيَاضِ
خَانِقٍ: مَخْنُوقٍ ذِي خَنْقٍ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الذِّفِرُّ: العظيمُ من الإبلِ، والجُرَائِضُ: مثله.
قَالَ: وناقةٌ جُراضٌ وَهِي اللطِيفةُ بِوَلَدِهَا، نعتٌ لَهَا خاصَّةً دون الذَّكَرِ.
وَأنْشد:
والمَرَضِيعُ دَائبَاتٌ تُرَبّى
لِلْمنَايَا سَلِيلَ كلِّ جُرَاضِ
وجملٌ جُرائضٌ، وَهُوَ الأكُولُ الشديدُ القصلِ بأنيَابه للشَّجَرِ.
قَالَ: وبعيرٌ جِرْوَاضٌ: ذُو عُنُقٍ جِرْوَاض أَي غَلِيظ شَدِيد.
وَقَالَ الراجز:
بهِ نَدُقُّ القَصَرَ الجِرْوَاضَا
وَقَالَ غيرُه: دلوٌ جِرْوَاضٌ وجُرَاضٌ: عظيمةٌ، وَأنْشد:
إنَّ لهَا سَانِيَةً نَهَّاضَا
ومَسْكَ ثَوْرٍ سَحْبَلاً جُرَاضَا
(اللحياني) : نعجةٌ جُرَائِضَةٌ، وجُرَئِضَةٌ إِذا كَانَت ضخمةً.
(ابْن هانىءٍ عَن زيد بن كَثْوَة) فِي قَوْلهم: (حالَ الجَرِيضُ دونَ القَرِيضِ) ، يُقَال عِنْد كلِّ أمرٍ كَانَ مقدُوراً عَلَيْهِ فحيلَ دُونَه، وأولُ من قَالَه عبيدُ بن الأبرص.
ضجر: قَالَ اللَّيْث: الضَّجَرُ: اغْتِمامٌ فِيهِ كلامٌ وتَضَجُّرٌ.
ورجلٌ ضَجِرٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ من أمثالهم فِي البخيلِ يُستَخرَجُ مِنْهُ المالُ عَلَى بُخْلِهِ (إِن الضَّجُورَ(10/294)
كَانَ مَنوعاً قد تُحلبُ العُلْبَةُ) أَي أنَّ هَذَا الْبَخِيل وَإِن فقد يُنَالُ مِنْهُ الشَّيءُ بعد الشَّيءِ كَمَا أنَّ النَّاقةَ الضَّجُور قد يُنَالُ منْ لبنهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن يَعْقُوب قَالَ: نَاقَة ضَجُور وَهِي الَّتِي ترغو عِنْد الْحَلب.
وَقَوْلهمْ: فلانٌ ضَجِرٌ.
قَالَ أَبُو بكر: معناهُ ضيِّقُ النَّفسِ من قَول العربِ: مكانٌ ضَجِرٌ إِذا كانَ ضَيِّقاً.
وَأنْشد لِدُرَيْدٍ:
فإمَّا تُمْسِ فِي جَدَث مُقِيماً
بمَسْهَكَةٍ منَ الأرْوَاحِ ضَجْرِ
أَي ضيّق.
عمروٌ عَن أَبِيه: مكانٌ ضَجِرٌ وضَجْرٌ أَي ضيقٌ، والضَّجرُ: الاسمُ، والضَّجَرُ: المصدرُ.
قَالَ والغَلَقُ والضّجَرُ: واحدٌ ومَكانٌ غَلِقٌ: ضَجِرٌ.
ج ض ل: مهمل.
خَ ض ن
اسْتعْمل مِنْهُ: نضج، ضجن.
ضجن: أما ضجن فَلم أسمع فِيهِ شَيْئا مُسْتَعْملا غير جَبَل بناحِيةِ تِهَامَةَ، يُقالُ لَهُ: ضَجْنَانُ.
ورُوِيَ فِي حَدِيث عمرَ، ولستُ أدْرِي مِمَّ أُخِذَ.
نضج: يُقَال: نَضِجَ العنبُ والثمرُ واللحمُ، قَدِيرًا، وشِوَاءً يَنْضَج نَضْجاً ونُضْجاً، والنُّضْج: الاسمُ.
يُقَال: جَادَ نُضْجُ هَذَا اللّحم، وَقد أنْضَجه الطّاهي، وَهُوَ نَضِيج مُنْضَجٌ.
ورَجُلٌ نَضِيجُ الرأيِ إِذا كَانَ مُحكَمَ الرأيِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: إِذا حَمَلتِ الناقةُ فجَازَتِ السَّنةَ من يَوْم لَقِحَتْ قيل: أدْرَجَتْ ونضَّجَت، وَقد جَازت الحَقَّ، وحَقُّها: الوقتُ الَّذِي ضُرِبَتْ فِيهِ، وَيُقَال لَهَا مِدْرَاجٌ، ومُنَضِّجٌ.
وَأنْشد المَبردُ للطِّرِمَّاح:
سوفَ تُدْنِيكَ مِن لَمِيسَ سَبَنْدَا
ةٌ أَمَارَتْ بالبَوْلِ مَاءَ الكِرَاضِ
أَنضَجَتْهُ عِشرين يَوْمًا وَنِيلَتْ
حِينَ نِيْلَتْ يَعَارَةً فِي عِرَاضِ
قَالَ: أَنضجَتْهُ عشْرين يَوْمًا إِنَّمَا يريدُ بَعْدَ الحَول من يومِ حَمَلَتْ فَلَا يَخرج الولَدُ إِلَّا مُحْكَماً، كَمَا قَالَ الآخرُ وَهُوَ الحُطيئة:
لأدْمَاءَ مِنْهَا كالسَّفِينةِ نَضَّجَتْ
بِهِ الحَوْلَ حتّى زادَ شَهْراً عَدِيدُها
(قلتُ أنَا) : أمَّا بيتُ الحُطيئةِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ منَ التَّنْضِيج فَهُوَ كَمَا فسَّرَه المُبَرَّدُ.
وَأما بيتُ الطِّرمَّاحِ فَمَعْنَاه غيرُ مَا ذهب(10/295)
إِلَيْهِ، لأنّ مَعْنَاهُ فِي بيتِه صِفة النّاقة نفسِها بالقوّة، لَا قوَّةَ وَلدِها، أَرَادَ أنّ الْفَحْل ضَرَبَها يَعارَةً، لأنَّها كَانَتْ نَجِيبة، فضنَّ بهَا صاحبُها لنجابتها عَن ضِرَاب الْفَحْل إِيَّاهَا، فعارضها فحلٌ فضرَبَها فأَرْتَجَتْ على مَائه عشْرين يَوْمًا ثمَّ ألقَتْ ذَلِك الماءَ، قبلَ أنْ يُثقِلَها الحَمْلُ فتذهبَ مُنَّتُها.
ورَوَى الرواةُ البيتَ: أضمرتْهُ عِشرين يَوْمًا لَا أنضَجَتْهُ، فَإِن رُوِي أنضجَتْهُ فمعناهُ أَن مَاء الفحْل نَضِج فِي رَحِمِها عشرِين يَوْمًا ثمَّ رمت بِهِ كَمَا تَرْمِي بِوَلَدِهَا التَّام الخَلْقِ، وَبَقِي لَهَا مُنَّتُها وَلها طِرْقها.
ج ض ف
استُعمل من وجوهه: فَضَجَّ:
فَضَجَّ: قَالَ اللَّيْث: تفضَّج جَسَدُهُ بالشَّحم، وَهُوَ أَن يَأْخُذ مأخَذَه فتنْشَقَّ عُروقُ اللّحم فِي مَداخِل الشَّحْم بَين المَضائغِ. يُقَال: قد تَفَضَّجَ عَرقاً.
وَقَالَ العجاج:
يَعدُو إِذا مَا بُدْنُه تَفضّجَا
وَقَالَ شمر، يُقَال: انْفضَجَتِ الدَّلوُ، بالجيمِ إِذا سَالَ مَا فِيهَا من الماءِ.
وانفضَج فلانٌ بالعَرَق إِذا سَالَ بِهِ.
قَالَ ابنُ مُقْبِل، يَذكرُ الخيلَ:
مُتَفَضِّجاتٍ بالحَميمِ كأنّما
نُضِجَت لُبُودُ سُرُوجِها بذِنَابِ
قَالَ، ويقالُ: انفضَخَت بالخاءِ أَيْضا يَعْنِي الدَّلوَ بِمَعْنى انفضَجَتْ.
وَيُقَال: انْفَضَجتْ سُرَّتُه بالجيمِ إِذا انْفَتَحَت.
وكلُّ شيءٍ تَوَسَّعَ فقد تفَضّج.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
يَنْفَضِج الجُودُ من يَدْيه كَما
يَنفضِج الجَوْدُ حِينَ ينسكبُ
وَقَالَ ابْن أحمرَ:
ألمُّ تَسْألْ بِفَاضجَةِ الدِّيارا
أَي بحيثُ انفَضَج واتَّسَع.
قَالَ: وَقَالَ ابنُ شميلٍ: انْفضَج الأفُقُ، بِالْجِيم إِذا تبين.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رَجلٌ عِفْضَاج ومِفْضَاج وَهُوَ العظيمُ البطْن المسْتَرخِيهِ.
وَفِي حَدِيث عَمرِو بن الْعَاصِ أنهُ قَالَ لِمُعاويةَ: (لقَدْ تَلافَيْتُ أمْرَكَ وَهُوَ أشَدُّ انْفِضَاجاً من حُقِّ الكَهُولِ) أيْ أشَدُّ اسْتِرْخَاءً مِنْ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ.
ج ض ب
مهمل:
ج ض م
ضجم، ضمج، جضم: مستعملة.
ضجم: قَالَ اللَّيْث: الضَّجَمُ: عِوَجٌ فِي(10/296)
الأنفِ يَميلُ إِلَى أحدِ شِقّيهِ، والضَّجَمُ فِي خَطْمِ الظَّليمِ: عِوَجٌ كذلكَ، ورُبَّما كَانَ معَ الأنفِ أَيْضا فِي الفَمِ، وَفِي العُنُقِ مَيَلٌ يسَمَّى ضجماً، والنَّعْتُ أَضجَمُ وضَجْمَاءُ.
(قلت) : وضُبَيْعَةُ أَضْجَمَ: قبيلةٌ فِي ربيعَةَ مَعْرُوفَةٌ.
وقَلِيبٌ أضجمُ إِذا كانَ فِي جالهَا عِوَجٌ.
وَقَالَ العَجَّاجُ يصفُ الجِرَاحاتِ:
عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
شَبَّهَهَا فِي سَعَتِها بالآبارِ المُعْوَجَّةِ الجِيلاَنِ.
ضمج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الضَّمَجُ: هَيَجانُ الخَيْعَامَةِ وَهُوَ المَجْبُوسُ المأبُونُ، وَقد ضَمِجَ ضَمَجاً.
وَيُقَال: ضَمَجَه إِذا لَطَخَه، وَقَالَ هِمْيَان:
أَنْعَتُ قَرْماً بالهدِيرِ عَاجِجَا
ضُبَاضِبَ الخَلْقِ وَأَى دُهَامِجَا
يُعْطِي الزِّمَامَ عَنَقاً عُمَالِجَا
كأنَّ حِنَّاءَ عَلَيْهِ ضَامِجَا
أَي لاصقاً، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ضَمِجَ بِالْأَرْضِ إِذا لصق بهَا.
وضَمَّجَهُ إِذا لطَّخَه.
وَقَالَ أَعْرَابِي من بني تميمٍ يذكرُ دَوَابَّ الأَرْض، وَكَانَ من بادية الشَّام:
وَفِي الأَرْض أحْنَاشٌ وسَبْعٌ وخَارِبٌ
ونَحْنُ أَسَارَى وسْطَهْم نَتَقَلَّبُ
رُتَيْلاَ وطَبُّوعٌ وشِبْثَانُ ظُلْمَةٍ
وأرْقَطُ حَرْقُوصٌ وضَمْجٌ وعَنْكَبُ
والضَّمْجُ من ذَوَاتِ السُّمُومِ، والطَّبُّوعُ من جنس القُرَادِ.
جضم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجُضُمُ من الرِّجَالِ: الكثيرُوا الأكلِ، وهُمُ الجَرَاضِمَة أَيْضا.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالصَّاد)
ج ص س ج ص ز ج ص ط
ج ص ت ج ص ظ ج ص ذ
ج ص ث مهملات.
ج ص ر
صرج، جرص (مستعملان) .
صرج: قَالَ اللَّيْث: الصَّارُوجُ: النُّورَةُ وأَخْلاَطُها الَّتِي يُصرَّجُ بهَا البِرَك وغيْرُها.
جرص: قَالَ ابنُ الأنبارِيِّ: الجُراصِيَةُ: الرجُلُ العظيمُ، وَأنْشد:
يَا رَبَّنَا لاَ تُبْقِيَنَّ عَاصِيَه
فِي كلِّ يَوْمٍ هيَ لِي مُنَاصِيَه
تُسَامِرُ الحَيَّ وتُضْحِي شَاصِيَهْ
مِثْلَ الهجِينِ الأحَمِر الجُرَاصِيَهْ
ج ص ل
صلج: سَمعتُ غيرَ واحدٍ من أعرابِ قيسٍ وتميمٍ يَقولُ للأصمِّ: أصلجُ بالجيمِ، وفيهَا لُغةٌ أُخرَى لِبَنِي أسَدٍ، وَمن جَاوَرَهُمْ(10/297)
يقولونَ: أصلخُ بالخاءِ للأصمِّ، وَقد مَرَّ تفسِيرُه مُشبَعاً فِي (كِتَابِ الخَاءِ) وأمَّا الصَّلَجُ بِمَعْنى الصَّمَمِ فَهُوَ صَحِيح.
وُفلاَنٌ يَتَصَالجُ عَلَيْنا أيْ يَتَصَامَمُ، وَلَا شكّ فِي صِحَّته.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلَّجَةُ: فِيلَجَةٌ وَاحِدٌ ة من القَزِّ.
والصَّولجَ: الفِضَّةُ الجَيِّدَةُ، يُقالُ: هَذه فِضَّةٌ صَوْلَجٌ وصَولَجَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الصُّلُجُ: الدَّرَاهِمُ الصِّحَاحُ.
وَقَالَ غيرُه: الصَّوْلَجَانُ: عَصاً يُعطَفُ طَرَفُها يُضرَبُ بهَا الكُرَةُ عَلَى الدَّوابِّ، فَأَما الْعَصَا الَّتِي اعوَجَّ طرُفها خِلْقَةً فِي شَجَرَتها فَهِيَ محِجَنٌ.
(قلت) : والصَّوْلَجَانُ والصَّوْلَجُ، والصُّلَّجَةُ كلهَا معرَّبةٌ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الصَّلِيجَةُ، والنَّسِيكَةُ، والسَّبِيكَةُ: الفِضَّةُ المُصَفّاةُ، وَمِنْه أُخِذَ النُّسْكُ لأنهُ صُفِّيَ من الرِّياءِ.
ج ص ن
استُعمِلَ من وُجُوهِه: جنص، صنج.
صنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الصُّنُجُ: الشِّيزَةُ.
وَقَالَ غيرُه: الصَّنْجُ ذُو الأوتَارِ: الَّذِي يُلعبُ بِهِ، واللاَّعِبُ بِهِ يُقالُ لَهُ: صَانجٌ وصَنّاجٌ وصَنّاجَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّنْجُ العربيُّ: هُوَ الَّذِي يكون فِي الدُّفُوفِ وَنَحْوه فأمَّا ذُو الأوتَارِ فَهُوَ دخيلٌ معَرَّبٌ.
قَالَ: والأُصْنُوجَةُ: الدُّوَالِقَةُ من العَجِيَن.
جنص: (أَبُو مَالك واللَّحيانيُّ وَابْن الأعرابيِّ) : جَنَّصَ الرَّجُلُ إِذا مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الجَنِيصُ: المَيِّتُ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الإجْنِيصُ: العَيُّ الفَدْمُ الَّذِي لَا يَضرُّ وَلَا يَنفعُ.
قَالَ: وَجَنَّصَ بَصَرهَ إِذا حَدّدَه.
(سَلمةُ عَن الفراءِ) : جَنَّصَ إِذا هربَ من الفزعِ، وجنّصَ: فتح عَيْنَيهِ فَزعًا.
وَقَالَ أَبُو مالكٍ: ضَرَبه حَتَّى جنّصَ بِسلاحهِ أَي رمى بِهِ.
أخْبَرَني المُنْذِري عَن الطُّوسيِّ عَن الحرّاني عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التجنيصُ: تَحْدِيْدُ النظَرِ.
والإجنِيصُ من الرِّجالِ: الَّذِي لَا يَبْرَحُ موضعَهُ كسَلاً، وَهُوَ الكَهَام الكَليلُ النوَّام:
ج ص ف: مهمل.
ج ص ب: مهمل.
ج ص م
صمج: (عَمْرو عَن أَبِيه) قَالَ: الصّمَجُ: القَنَادِيُل قَالَ الشماخ:(10/298)
. بالصَّمَج الرُّوْمِيَّات
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : لَيْلَة قَمْراءُ صَنَّاجةٌ، وصمَّاجَة إِذا كَانَت مُضيئةً. قَالُوا: وصَنَّج فلَان بفلان تصنيجاً إِذا صرعه.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالسِّين)
ج س ز: مهمل.
ج س ط
اسْتعْمل من وجوهه: (طسوج)
طسوج: لواحِدِ طَسَاسِيجِ السَّوَادِ.
وَكَذَلِكَ الطّسُّوجُ لمقدارٍ من الوزْنِ كَقَوْلِه: فَرْبَيُون بطَسُّوج، وكِلاَهُمَا معربٌ.
ج س د
جَسَد، جدس، سجد، سدج، دسج: مستعملة.
جدس: قَالَ اللَّيْث: جَدِيسٌ: حَيٌّ من عَرَبِ عادٍ الأولى، وهم إخْوَةُ طَسْمٍ، وَكَانَت مَنازِلُهُمْ اليمامَةَ، وَفِيهِمْ يَقُولُ رُؤبَةُ:
بَوَارُ طَسْمٍ بِيَدَيْ جَدِيسِ
وروِي عَن مُعَاذِ بنِ جَبَل أَنه قَالَ: (منْ كانَتْ لَهُ أرضٌ جادِسَةٌ قد عُرفتْ لهُ فِي الجاهِلِيَّةِ حَتى أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأرضُ الجادِسَةُ: الَّتِي لم تُعمَرْ وَلم تُحْرثْ.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَوَادِسُ: البِقاعُ الَّتِي لم تُزْرَعْ قَطُّ.
(عمرٌ وَعَن أَبِيه) : جَدَسَ الأثرُ وطلق، ودمَسَ، ودَسمَ إِذا دَرَسَ.
جَسَد: قَالَ الله جلّ وَعز: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ} (طه: 88) .
قَالَ أَبُو إسحاقَ: الجَسَدُ هُوَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُميّزُ، إِنَّمَا معنى الجَسَدِ معنى الجُثَّة فقَطْ.
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وَعز: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} (الْأَنْبِيَاء: 8) .
قَالَ: جَسَدٌ واحدٌ ينبىءُ عَن جماعةٍ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: وَمَا جعلناهم جَسَداً إِلَّا لِيَأكلوا الطعامَ، وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: {مَا لِهَاذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} (الْفرْقَان: 7) فأُعْلِمُوا أنَّ الرُّسُلَ أجَمعِينَ يَأْكلُونَ الطّعامَ، وأَنّهُمْ يَمُوتُونَ.
وروى أَبُو عُمر عَن أبي العبَّاس ثعلبٍ، وَأبي العبَّاس المبَرَّدِ أنّهُمَا قَالَا: العَرَبُ إِذا جاءَتْ بَين الكَلاَمَيْنِ بجَحْدَيْنَ كَانَ الكلامُ إِخْبَاراً، قَالَا: وَمعنى الْآيَة: إِنَّمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لِيَأكلوا الطَّعَام.
قَالَا: ومثلُه فِي الْكَلَام: مَا سمِعتُ منكَ، وَلا أَقْبَلَ منكَ، مَعْنَاهُ: إِنَّمَا سمِعْتُ منكَ لأقبلَ منكَ.
قَالَا: وَإِذا كَانَ الجَحْدُ فِي أول الْكَلَام كَانَ الكلامُ مَجْحُوداً جَحْداً حقيقيّاً، قَالَا: وَهُوَ كقولكَ: مَا زَيْدٌ بخَارِجٍ.
وَقَالَ الليثُ: الجَسَدُ: جَسَد الْإِنْسَان، وَلَا(10/299)
يُقَال لغير الْإِنْسَان جَسَدٌ منْ خَلْقِ الأرضِ.
قَالَ: وكُلُّ خلق لَا يَأكُلُ وَلا يَشْرَبُ من نَحْوِ الملاِئكةِ والجِن مِمَّا يعقل فَهُوَ جَسَدٌ.
(قلت) : جَعَل اللَّيْث قولَ الله جلّ وَعز: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} كالملائكة وَهُوَ غلطٌ، وَمَعْنَاهُ الإخبَار كَمَا قَالَ النحويُّون: أَي جَعَلنَاهُمْ جَسَداً لِيَأكلوا الطعَامَ، وَهَذَا يدل على أنَّ ذَوي الأجساد يَأْكُلُون الطعامَ، وأنَّ الملائكةَ رُوحانِيُّونَ لَا يأكلونَ الطعامَ، وَلَيْسوا جَسَداً.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَول الله: {سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ} (ص: 34) ، قَالَ الشَّيْطَان، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْحسن.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَسَدُ من الدَّمَاء: مَا قدْ يَبِسَ، فَهُوَ جَسَدٌ جَاسِدٌ.
وَقَالَ الطرماح يصف سهاماً بِنِصَالِهَا:
فِرَاغٌ عَوَارِي اللّيطِ تُكْسَى ظُباتُهَا
سَبَائِبَ، مِنْها جَاسِدٌ ونَجِيْعُ
قَالَ اللَّيْث: فالجَسَدُ: الدمُ نفسُهُ والجاسِدُ: اليابِسُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المجَاسدُ: جمعُ المجْسَد، وَهُوَ القَميصُ الَّذِي يَلِي البَدنَ.
والمجَاسِدُ: جمع مِجْسَدٍ وَهُوَ الْقَمِيص المُشْبَعُ بالزعفران.
وَقَالَ الْفراء: المُجسَدُ، والمِجْسَدُ: واحدٌ وَهُوَ من أُجْسِدَ أَي أُلزِق بالجَسَد، إِلَّا أنَّهُمُ استَثْقَلُوا الضَّم فكَسرُوا المِيمَ، كَمَا قَالُوا لِلمُطْرَفِ: مِطْرَفٌ، وللمُصْحَف: مِصْحَفٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَسَدُ: الزَّعفَرَانُ، وَهُوَ قيل لِلَّثوب: مُجْسَدٌ إِذا صُبِغَ بالزَّعفَرَان.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للزَّعفَرَان: الرَّيْهُقَانُ، والجَادِي، والجِسَادُ، بكَسرِ الجِيمِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابنُ السّكيت.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِسَادُ: الزَّعْفَرَان ونحوُه من الصُّبغِ الأحمَر، والأصفَرِ الشَّدِيدِ الصُّفْرَةِ، وَأنْشد:
جِسَادَيْنِ مِنْ لَوْنَيْنِ وَرْسٍ وعَنْدَمِ
وَقَالَ: والثَّوْبُ المُجْسَدُ هُوَ المُشْبَعُ عُصْفُراً أَو زَعْفَرَاناً.
قَالَ: والجُسَادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطن يُسمى: بجَيدقٍ.
قَالَ: وَقَالَ الخليلُ: صوتٌ مَجَسَّدٌ أَي مَرقومٌ على محنةٍ وَنَغَمَاتٍ.
سجد: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : أسْجَدَ الرجلُ إِذا طَأطَأ رأسَهُ وانحَنى، وسَجَدَ إِذا وضعَ جَبهتَهَ بِالْأَرْضِ.(10/300)
وَقَالَ حُمَيد:
فُضُولَ أزمَّتهَا أَسْجَدَتْ
سُجُودَ النَّصَارَى لأرْبابِهَا
قَالَ: وأنشدني أَعْرَابِي من بني أَسد:
وقُلْنَ لَهُ أَسْجِدْ لِلَيْلَى فَأَسْجَدَا
يَعْنِي بَعِيرهَا أنَّه طأطَأ رأسَهُ لِتَرْكَبَهُ.
وَقَالَ ابْن السكَّيتِ نَحوا مِنْهُ، قَالَ: والإسْجَادُ أَيْضا: فُتُورُ الطَّرْفِ.
وَقَالَ كُثيِّرٌ:
أَغَرَّكِ مِنَّا أَنَّ دَلَّكِ عندنَا
وإسْجَادَ عَيْنَيْكِ الصَّيُودَيْنِ رابحُ
(أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو) : الإسْجَادُ: إدامةُ النَّظرِ مَعَ سكونٍ.
وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الإسْجَادُ بِكَسْر الْهمزَة: اليَهُودُ.
وَأنْشد:
وَافَى بهَا لِدَرَاهِمِ الإسْجَادِ
وروى ابنُ هاني لأبي عبيدةَ أَنه قَالَ: يُقَال: أعْطَونا إسجاداً أَي الجِزْيَةَ.
وَرُوِيَ بَيت الأسودِ بِالْفَتْح:
وَافَى بهَا لِدَراهِمِ الأسْجادِ
وَقَالَ: عَنَى دَرَاهِمَ الجزيةِ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قولِ الله: {صَعَداً وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (الْجِنّ: 18) .
قَالَ: السُّجُودُ مواضعُهُ من الجَسَدِ، وَالْأَرْض: مَسَاجِدُ، وَاحِدهَا: مَسْجَدٌ.
قَالَ: والمَسْجِدُ: اسمٌ جامعٌ حيثُ يُسجَدُ عَلَيْهِ، وَفِيه، وحيثُ لَا يُسجَدُ بعد أَن يكون اتُّخِذَ لذَلِك، فأمّا المَسْجَدُ منَ الأَرْض فموضعُ السُّجْودِ نفسُه.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مَسْجَدٌ بِفَتْح الْجِيم: مِحْرَابُ الْبيُوت، ومُصَلّى الجماعاتِ: مَسْجِدٌ بِكَسْر الجيمِ، والمَسَاجِدُ: جَمعُهُما.
والمَسَاجِدُ أَيْضا: الآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا.
وَيُقَال: سَجَدَ سَجْدَةً.
وَمَا أَحسنَ سِجْدَتَهُ، أَي: هَيْئَةَ سُجوُدِهِ.
وَقَالَ الزّجاج: قيل المَسَاجِدُ: مواضعُ السُّجُودِ من الإنسانِ. الجَبْهةُ، والأنفُ، واليَدانِ، والركْبَتانِ والرِّجْلانِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء وَقَالَ غيْرُهما فِي قَوْله {صَعَداً وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (الْجِنّ: 18) : أَراد: وأنَّ السُّجودَ لله، وَهُوَ جَمعُ مَسْجِدٍ، كَقَوْلِك: ضَرَبْتُ فِي الأَرْض مَضْرَباً.
وَقَوله جلّ وَعز: {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا وَقَالَ ياأَبَتِ هَاذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (يُوسُف: 100) .
قَالَ الزّجاج: قيل: إنهُ كَانَ من سُنَّةِ التعظيمِ فِي ذَلِك الوقتِ أَن يُسجَدَ للمعظَّمِ فِي ذَلِك الوقتِ.
قَالَ: وَقيل: (خَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أَي خَرُّوا لله سُجَّداً.
(قلت) : وَهَذَا قولُ الحَسن، والأشبهُ(10/301)
بِظَاهِر الكِتاب أَنهم سَجَدوا ليُوسُفَ، دَلَّ عَلَيْهِ رُؤياهُ الَّتِي رَآهَا حِين قَالَ: {إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} (يُوسُف: 4) . فظاهِرُ التلاوةِ أنَّهم سَجدُوا ليوسُفَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غير أنْ أشْرَكُوا بِاللَّه شَيْئا، وكأنَّهُمْ لم يَكونوا نُهُوا عَن السُّجُود لغير الله فِي شريعتهم.
فَأمَّا أمة محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نهَاهُمُ الله عَن السُّجودِ لغيرِ الله جلّ وعزّ.
وَفِيه وَجْهٌ آخرُ لأهلِ العَربيَّةِ، وَهُوَ أَن تُجعَلَ اللامُ فِي قَوْله: {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا} . وَفِي قَوْله: {رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} (يُوسُف: 4) لاَمَ من أَجْل الْمَعْنى: وَخَرُّوا من أَجْلِه سُجَّدا لله تَشَكُّراً لِمَا أنْعَمَ الله عَلَيْهِم بيوسفَ عَلَيْهِ السلامُ، وَهَذَا كقولِكَ: فَعلْتُ ذَلِك لِعُيون النَّاس أَي مِن أَجْلِ عُيونهم.
وَقَالَ العجَّاجُ:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ إِذا اسْتُحِيرَا
لِلْمَاءِ فِي أجْوَافِها خَرِيرَا
من أجْل الجَرْعِ، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّاجِدُ فِي لُغةِ طَيِّىءٍ: المُنْتَصِبُ.
قلت: وَلَا أحفظه لغيره.
حَدثنَا الْحُسَيْن، عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الله جلّ وَعز: {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} قَالَ: بَاب ضيق، وَقَالَ: (سجدا) أَي ركَّعاً. وَفِي نَوَادِر أبي عَمْرو: الساجد فِي لُغَة طيىء المنتصب.
وروى ابنُ هانىء لأبي عبيدةَ أَنه قَالَ: عَيْنٌ ساجدةٌ إِذا كَانَت فاترةً، ونَخْلَةٌ ساجدةٌ إِذا أَمالها حِمْلُها.
قَالَ لبيد:
غُلبٌ سَواجِدُ لمْ يَدْخُلْ بهَا الحَصَرُ
وكل مَن ذَلَّ وخضَعَ لمِا أُمِرَ بِهِ فقد سَجَدَ.
وَمِنْه قَول الله {شَىْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ} (النَّحْل: 48) أَي خُضَّعاً متسخِّرة لما سُخِّرتْ لَهُ.
وَسُجُود المَوَاتِ كلُّه فِي الْقُرْآن: طاعتُه لِمَا سُخِّرَ لَهُ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ} إِلَى قَوْله {وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} (الْحَج: 18) وَلَيْسَ سُجُودُ المَوَاتِ لله بأَعْجَبَ مِنْ هُبُوطِ الحِجَارَةِ من خَشْيَةِ الله، وعلينَا التَّسْلِيمُ لله، والإيمانُ بمَا أنْزَلَ منْ غَيْرِ تَطَلُّبِ(10/302)
كَيْفِيَّةِ ذلكَ السُّجُودِ وَفِقْهِه، لأنَّ الله جلَّ وعزَّ لمْ يُفَقّهْنَاهُ، وَنَحْو ذَلِك: تَسْبِيحُ المَوَاتِ منَ الجبالِ وَغَيرهَا من الطيورِ والدوابِّ يلزمُنَا الإيمانُ بِهِ، والاعترافُ بقصورِ أفْهَامِنَا عَنْ فِقْهِه. كَمَا قَالَ الله: {وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (الْإِسْرَاء: 44) .
سدج: قَالَ اللَّيْث: السَّدْجُ، والتَّسَدُّجُ: تَقَوُّلَ الأباطِيلِ وتألِيفُهَا.
وَأنْشد:
فِينَا أَقَاوِيلُ امْرِىءٍ تَسَدَّجَا
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السّدَّاجُ والسَّرَّاجُ، بِالدَّال وَالرَّاء: الكَذَّابُ.
قَالَ رؤبةُ:
شَيْطَانَ كلِّ مُتْرَفٍ سَدّاجِ
دسج: المُدْسِجُ، لم يذكُرِ الأزهريُّ من هَذَا شَيْئا.
وبخط غَيره: المُدْسِجُ: دُوَيْبَّةٌ تَنْسِجُ كالعَنْكَبُوتِ.
ج س ت
ستج: قَالَ اللَّيْث: الإِسْتَاجُ والإسْتِيجُ: لُغتانِ من كَلَام أهل العراقِ، وَهُوَ الَّذِي يُلَفُّ عَلَيْهِ الغزلُ بالأصابع لِيُنسَجَ، تُسَمّيه العَجمُ: اسْتُوجَةً وأُسْجوتَةً.
(قلت) : وَهما مُعَرَّبَان، وَالْبَاب مهملٌ.
ج س ظ: مهمل.
ج س ذ
اسْتعْمل مِنْهُ: السَّاذَجُ، وَهُوَ مهملٌ.
ج س ث: مهمل.
ج س ر
جسر، جرس، سرج، سجر، رِجْس: مستعملة.
جسر: قَالَ اللَّيْث: الجَسْرُ، والجِسْرُ: لُغتانِ وَهُوَ القَنْطَرَةُ ونحوُه مِمَّا يُعْبَرُ عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ جَسْرٌ إِذا كانَ طَوِيلاً ضَخماً، ومنهُ قيلَ للنَّاقَةِ: جَسْرَةٌ، وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
هَوْجَاءُ مَوْضِعُ رَحْلِها جَسْرُ
أَي ضَخْمٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ جسرةٌ إِذا كَانَت ماضِيَةً، قلّما يقالُ جَمَلٌ جسرٌ.
ورجلٌ جَسْرٌ: جَسيمٌ جَسُورٌ شُجاعٌ.
وإنَّ فُلاناً ليُجسِّرُ فُلاناً أيْ يُشَجِّعُهُ.
(ابْن السّكيت) جَسَرَ الفَحلُ وفَدَرَ وجَفَرَ إِذا تَرَكَ الضِّرَابَ، قَالَ الرَّاعِي:
تَرَى الطَّرِفَاِت العِيطَ مِنْ بَكَرَاتِهَا
يَرعْنَ إلَى أَلْوَاحِ أَعْيَسَ جَاسِرِ
وَفِي قُضَاعَةَ: جَسْرٌ مِن بَني عِمْرَانَ بنِ الحَافِ.
وَفِي قَيْسٍ: جَسْرٌ آخرُ، وهوَ جَسرُ بن(10/303)
مُحَارِبِ بن خَصَفَةَ، وذَكَرَهُمَا الكُمَيْتُ فَقَالَ:
تَقَصَّفَ أَوْبَاشُ الزَّعَانِفِ حَوْلَنَا
قَصِيفاً كَأَنَّا مِنْ جُهَيْنَة أَوْ جَسْرِ
وَمَا جَسْرَ قَيسٍ قَيْسِ عَيْلانَ أبْتَغِي
وَلكِنْ أَبَا القَيْنِ اعتدلنا إِلَى الجَسْرِ
وجَاريَةٌ جَسْرَة السَّوَاعِدِ أَي مُمْتَلِئَتهُمَا، وَأنْشد:
دَارٌ لِخَوْدٍ جَسْرَةِ المُخَدَّمِ
(شمرٌ) : نَاقةٌ جَسْرةٌ: مَاضِيَةٌ، وَتَجَاسَرَ القَوْمُ فِي سَيْرهْمِ، وَأنْشد:
بَكَرَتْ تجاسَرُ عَنْ بُطُونِ عُنَيْزَةٍ
أَي تسيرُ، وَقَالَ جرير:
وأَجْدَرُ إنْ تَجَاسَرَ ثمَّ نَادَى
بِدَعْوَى يَالَ خِنْدِفَ أنْ يُجَابَا
قَالَ: تَجَاسَرَ: تَطَاوَلَ، ثمَّ رَفعَ رَأَسَهُ، وَفِي (النَّوادرُ) : تَجَاسَرَ فُلانٌ لِفُلانٍ بالعَصَا إِذا تَحَرَّكَ لهُ بهَا.
سجر: قَالَ اللَّيْث: السَّجْرُ: إيقَادكَ فِي التنُّورِ تَسْجُرُه بالوَقُودِ سَجْراً.
والسَّجُورُ: اسْمُ الحَطَبِ.
والمِسْجَرَةُ: الخَشَبَةُ الَّتِي يُسَاطُ بهَا السَّجُورُ فِي التّنُّورِ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} (الطّور: 6) وَفِي قَوْله: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} (التكوير: 6) كَانَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ الله عَنهُ يقولُ: مَسْجُورٌ بالنّارِ أَيْ مَمْلُوءٌ.
وَقَالَ الْفراء: المَسْجُورُ فِي كلامِ العَرَبِ: المَمْلُوءُ، وَقد سَجَرْتُ الإنَاءَ وسَكَرْتُهُ إِذا ملأتَهُ، وَقَالَ لبيدٌ:
مَسْجُورَةً متجاوراً أقلامُهَا
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} أَي أفضَى بعْضُها إِلَى بَعضٍ فَصَارَ بَحْراً وَاحِداً.
وَقَالَ الربيعُ بن خَيثَمٍ: {حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} (التكوير: 6) : فَاضَتْ وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَهَبَ مَاؤُها.
وَقَالَ كَعْبٌ: الْبَحْر: هُوَ جَهَنَّمُ يُسْجَرُ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِىء سُجِّرت، وسُجِرَتْ ومَعنَى سُجِّرتْ: فُجِّرتْ، وَمعنى سُجِرَتْ: مُلِئَتْ.
وَقيل: جُعلت مياهُهَا نِيرَاناً بهَا يعذبُ أَهْلُ النارِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الساجِرُ: السيلُ الَّذِي يَملأُ كلَّ شيءٍ.
قَالَ: والسَّجَرُ والسُّجرَةُ: حُمْرَةٌ فِي العَينِ فِي بياضهَا، وبعضُهم يقولُ: إِذا خالَطتِ الحُمرَةُ الزُّرقَةَ فهيَ أيْضاً سَجْرَاء.
(أَبُو عبيدٍ) : المسْجُورُ: السَّاكِنُ، والمُمْتَلِىءُ مَعاً.
وَقَالَ الليثُ: المُسَجَّرُ: الشَّعرُ المرسَلُ، وأَنشد:(10/304)
إِذا تَثَنّى فَرْعُهَا المُسَجَّرُ
(أَبُو عبيد وَابْن السّكيت) : السَّجِيرُ: الصَّديقُ، وجَمعهُ: سُجَرَاءُ.
وَقَالَ الفراءُ: المسجورُ: اللبنُ الَّذِي ماؤهُ أكثرُ مِنْ لَبَنِه.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: المَسجُورُ يكونُ المَملُوءَ، ويكونُ الَّذِي ليسَ فِيهِ شيءٌ.
ولؤْلؤَة مسجورةٌ إِذا كانتْ كثيرةَ الماءِ.
وكلبٌ مَسْجُورٌ: فِي عنقِهِ ساجورٌ.
(سَلمَة عَن الْفراء) قَالَ: السَّجوريُّ: الأحمقُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا حنَّت النَّاقة فطرَّبتْ فِي إثرِ وَلدهَا قيلَ: سَجَرتْ تسجُرُ سَجْراً.
وَقَالَ أَبُو زُبَيدٍ:
حَنَّتْ إِلَى برقٍ فقلتُ لَهَا قِرِي
بعضَ الحَنِينِ فإنَّ سَجْرَكِ شَائِقِي
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: كَتَبَ الحجاجُ إِلَى عاملٍ لَهُ: أنِ ابعثْ إليّ فُلاناً مُسَمَّعاً مُسوجَراً، أَي مُقيداً مغلُولاً.
وشَعْرٌ منسجرٌ أَي مُسْتَرْسِلٌ.
ولؤلؤٌ مَسجورٌ إِذا انتَثرَ منْ نِظَامِهِ، وَأنْشد:
كَالُّلؤلؤ المسجورِ أُغفِلَ فِي
سِلْكِ النِّظَامِ فَخَانَهُ النَّظْمُ
وسَجَرتُ الماءَ فِي حَلقِهِ: صببتُه.
قَالَ مُزاحِمٌ:
كمَا سَجَرتْ ذَا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ
بِيُمْنَى يَدَيْهَا من قَدِيَ مُعَسَّلِ
القَديُّ: الطيبُ الطعمِ من الشرابِ والطعامِ.
ويُقالُ: وَرَدْنَا مَاء سَاجِراً. إِذا مَلأَ السَّيْل، وَقَالَ الشماخ:
وَأَحْمَى عَلَيْهَا ابْنَا يزيدَ بنِ مُسْهرٍ
بِبَطْنِ المَرَاضِ كُلَّ حِسْيٍ وسَاجِرِ
وَقَالَ أَبُو العبَّاسِ: اختلُفوا فِي السَّجَرِ فِي العينِ فَقَالَ بَعضهم: هُوَ الحُمرَةُ فِي سوادِ العينِ، وَقيل: هُوَ البياضُ الخَفِيفُ فِي سوادِ العينِ، وَقيل: هِيَ كُدرَةٌ فِي بَيَاضِ العينِ منْ تَرْكِ الكُحْلِ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: بحرٌ مسجورٌ ومَفْجُورٌ.
ويقالُ: سَجِّرْ هَذَا الماءَ: أَي فَجِّرْهُ حيثُ تُرِيدُ.
جرس: قَالَ الليثُ: الجرسُ: مصدرُ الصوتِ المجروسِ، والجرسُ: الصوتُ نفسُه، وجرستُ الكلامَ أَي تَكلَّمتُ بهِ، وجرْسُ الحَرْفِ: نغمتُهُ، والحروفُ الثَّلاثةُ الجوفُ لَا جُرُوس لهَا، وَهِي الياءُ والألِفُ والواوُ، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ.
(ابْن السّكيت عَن الأصمعيّ) قَالَ: الجَرْسُ، والجِرْسُ: الصَّوْتُ.
يقالُ: قد أجرَسَ الطائرُ إِذا سُمعَ صوتُ مَرِّهِ.(10/305)
وأَجْرَسنيِ السَّبُعُ إِذا سمِعَ صَوْتِي.
وأجرَسَ الحَيُّ إِذا سَمِعْتَ صَوتَ جَرْسِ شيءٍ، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا أجرَسَ كلُّ طائرِ
قامَتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحَاضِرِ
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دَخَلَ بيتَ بعضِ نسائِهِ فَسَقَتْهُ عسَلاً، فَتَواطأتْ ثِنتانِ منْ نِسَائِهِ أَن تقولَ لهُ أَيَّتُهُمَا دخَلَ عليْهَا: أأكلتَ مَغَافيرَ؟ فإنْ قَالَ: لَا قالتْ لَهُ: فَشَرِبْتَ إِذن عَسَلاً جَرَسَتْ نَحْلهُ العُرْفُطَ) ، أَي: أَكَلتْ ورَعَتْ.
ونَحْلٌ جَوَارِسُ: تأكُلُ ثَمَرَ الشجَرِ، وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصفُ النحْلَ:
يَظَلُّ على الثَّمراءِ مِنْهَا جَوَارس
مراضيعُ صُهْبُ الريشِ زُغبٌ رقابها
صُهْبُ الريشِ: صُفْرُ الأجنحةِ، والمراضيعُ: الَّتِي مَعهَا أولادُها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الجَرْسُ: الأكلُ، وَقد جَرَسَ يجرِسُ.
(ابْن السّكيت) : الجَرَسُ: الَّذِي يُضرب.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفقةً فِيهَا جَرَسٌ) .
وَقَالَ اللَّيْث: النَّحْل تجرُسُ العَسَلَ جَرساً، وتجرِسُ النَّورَ جَرساً، وَهُوَ لحسُها إِيَّاه ثمَّ تعسيلُهُ.
وأجرَسَ الحلىَ إِذا صوَّت كصوت الجَرَس.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
تَسمَعُ للحَلي إِذا مَا وَسْوَسَا
وارتَجَّ فِي أجيادِها وأجرَسَا
زَفْزَفَةَ الريحِ الحَصَادَ اليَبَسَا
وَيُقَال: فلانٌ مَجْرَسٌ لفُلَان إِذا كَانَ يأنس بِكَلَامِهِ.
وَأنْشد:
أَنْت لي مجرُسٌ إِذا
مَا نبا كلُّ مجرَسِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : رجُلٌ مجرَّسٌ منجَّذٌ إِذا جرَّبَ الأمورَ وَعرفهَا، وَقد جرَّسَتُه الأمورُ.
وَأنْشد:
مجرّساتٍ غرَّةَ الغَريرِ
بالرَّيمِ والرَّيمُ على المزجُورِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجارُوسُ: الكثيرُ الأكلِ.
والجِرسُ: الأصلُ.
والجَرسُ، والجِرسُ: الصَّوتُ.
(أَبُو سعيد) : اجْتَرَسْتُ، واجْتَرَشْتُ أَي كسبتُ.
رِجْس: قَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنصَابُ وَالاَْزْلاَمُ رِجْسٌ} (الْمَائِدَة: 90) .
قَالَ الزّجاج: الرِّجسُ فِي اللُّغَة: اسمٌ لكل مَا استُقذِرَ من عَمَلٍ، فبالغَ الله فِي ذمِّ هَذِه(10/306)
الْأَشْيَاء وسمَّاها رِجْساً.
وَيُقَال: رَجُسَ الرَّجُلُ رَجْساً، وَرَجِسَ يَرْجَسُ إِذا عَمِلَ عَمَلاً قبيحاً.
والرَّجسُ بِفَتْح الرَّاء: شدَّة الصَّوْت، فَكَأَن الرِّجسَ: العملُ الَّذِي يقبُحُ ذِكْرُهُ ويرتفعُ فِي القُبْحِ.
وَرَعْدٌ رَجَّاسٌ: شديدُ الصَّوْت، وَأنْشد:
وكلُّ رجَّاسٍ يسوقُ الرُّجَّسا
قَالَ: وَأما الرِّجزُ بالزاي فالعذاب، أَو العَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّجْسُ: مَصْدَرُ صوتِ الرَّعدِ وتمخُّضُه.
قَالَ: والرِّجسُ: الشيءُ القَذِرُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِرْجَاسُ: حَجَرٌ يُلقى فِي جَوف الْبِئْر ليُعلَمَ بِصَوْتِهِ قَدْرُ قَعْرِ المَاء وعمقِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُسَ الرجل يرجُسُ رَجَاسَةً، وَإنَّهُ لَرِجْسٌ مَرْجُوسٌ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: يُقَال: هم فِي مَرْجُوسَةٍ من أَمرهم، وَفِي مَرجُوسَاء أَي فِي التباسٍ.
وَأنْشد أَبُو الجَدَلِ الْأَعرَابِي:
نحنُ صَبَحْنَا عَسْكَرَ المَرْجُوسِ
بدارِ حالٍ ليلةَ الخميسِ
قَالَ: المَرجوسُ: الملعونُ، وَأَرَادَ مَزوَزَ بن مُحَمَّد، أَخذه من الرِّجْسِ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ) : هم فِي مَرجُوسةٍ من أَمرهم، أَي فِي اخْتِلَاط ودَوَرانٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: بعيرٌ رجَّاسٌ ومِرجَسٌ أَي شديِدُ الهَدِيرِ.
قَالَ: والرِّجسُ فِي الْقُرْآن: العذابُ كالرِّجز، وكل قَذَرٍ: رِجْسٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مر بِنَا جماعةٌ رَجِسُونَ نَجِسُونَ نَضِفُونَ وَجِرُونَ صقَّارونَ أَي كُفَّارٌ.
وأرْجَسَ الرجل إِذا قدَّر المَاء بالمِرجَاسِ.
وَقيل: الرِّجْسُ: المَأْثَمُ.
وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} (الْأَنْعَام: 145) الرِّجس: المأثَمُ.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله: {كَذاَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ} (الْأَنْعَام: 125) ، قَالَ: مَا لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر فِي قَوْله: {اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ} (الْأَحْزَاب: 33) .
قَالَ: الرِّجس: الشَّك.
وَقَالَ ابْن الكلبيِّ فِي قَوْله: {إِنَّمَا الأنصاب والأزلام رِجْس} (الْمَائِدَة: 90) أَي مَأْثَمٌ.
سرج: قَالَ اللَّيْث: السَّرجُ: رِحَالَةُ الدابَّةِ.
يُقَال: أسرَجتُه إسراجاً.(10/307)
ومُتَّخِذُهُ: سرَّاجٌ.
وحِرْفَتُهُ: السِّراجَةُ.
والسِّراجُ: الزَّاهِرُ الَّذِي يَزْهَرُ بِاللَّيْلِ.
وَقد أسرَجْتُ السِّرَاجَ إسراجاً.
والمَسْرَجَةُ: الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا المِسْرَجَةُ.
والمِسْرَجَةُ: الَّتِي تُوضَع فِيهَا الفتيلة.
والشَّمسُ: سِرَاجُ النَّهَار، والهُدى: سِرَاجُ الْمُؤمنِينَ.
وَيُقَال: سرَّج الله وَجهه وبهَّجَهُ أَي حسَّنه:
وَأنْشد قولَهُ:
وفاحماً ومَرْسِناً مسرَّجا
قَالَ: عَنى بِهِ الحُسْنَ والبهجةَ، وَلم يعنِ أَنه أفطَسُ مسرَّجُ الوَسَطِ.
وَقَالَ غَيره: شَبَّهَ أَنْفَهُ وامتِدَادَهُ بالسَّيْفِ السُّرَيجيِّ، وَهُوَ ضربٌ من السيوفِ الَّتِي تعرف بالسُّرَيجيَّاتِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سرَّج الله وَجهه أَي حسنه.
وقولُ الله: {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً} {) وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} (الْأَحْزَاب: 46) .
وَقَالَ الزّجاج: أَرَادَ بقوله: {اللَّهِ بِإِذْنِهِ} أَي وكتاباً بيِّناً.
الْمَعْنى: أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَذَا سِرَاجٍ مُنِير أَي وَذَا كتاب مُنِير: بيِّن، وَإِن شِئْتَ كَانَ سِرَاجًا مَنْصُوبًا على معنى، دَاعيا إِلَى الله، وتالياً كتابا بيِّناً.
(قلت) : وَإِن جعلتَ سِرَاجًا نعتاً للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حسنا، وَيكون مَعْنَاهُ هادياً كَأَنَّهُ سِرَاجٌ يُهتدى بِهِ فِي الظُّلم.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : إِنَّه لكريم السُّرجُوجَةِ، والسِّرجيجَةِ، أَي كريم الطبيعة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّرّاج: الْكذَّاب، وَقد سَرَجَ أَي كَذَب.
وَيُقَال: تكلّم بِكَلِمَة فَسَرَّجَ عَلَيْهَا بأُسْرُوجَةٍ:
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اسَتَوتْ أَخْلَاق الْقَوْم قيل: هُمْ على سُرجُوجَةٍ وَاحِدَة ومَرِنٍ ومَرِسٍ.
ج س ل
جلس، سجل، سلج: (مستعملة) .
جلس: قَالَ اللَّيْث: نَاقَة جَلْسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ: وَثيقٌ جَسِيمٌ:
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصله جَلزٌ فقُلِبَتْ الزايُ سِيْناً كَأَنَّهُ جُلِزَ جَلزاً أَي فُتل حَتَّى اكتنز وَاشْتَدَّ أَسْرُهُ.
وَقَالَت طَائِفَة: يُسَمَّى جَلْساً لطوله وارتفاعه، والجَلْسُ: مَا ارْتَفع عَنِ الغَوْرِ فِي بِلَاد نَجْدٍ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: جَلَسَ الْقَوْم إِذا أَتَوْا نَجْداً وَهُوَ الجَلْسُ.
وَأنْشد:(10/308)
شِمَالَ مَنْ غَارَ بِهِ مُفْرِعاً
وَعَن يَمينِ الجَالسِ المُنجِدِ
وَقَالَ:
قل للفَرَزدَقِ والسُّفَاهَةُ كاسمِهَا
إِن كُنتَ تَارِكَ مَا أَمَرتُكَ فاجلِسِ
أَي ائتِ نَجْداً.
وَجَبَلٌ جَلْسٌ إِذا كَانَ طَويلا، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
أوفى يَظَلُّ على أقذافِ شَاهِقَةٍ
جَلسٍ يزل بهَا الخُطَّافُ والحَجَلُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ: الجِلْسُ بِكَسْر الْجِيم: الفَدْمُ.
والجَلْسُ: البَقِيَّةُ من العسلِ تبقى فِي الْإِنَاء. وَقَالَ الطرماح:
وَمَا جَلْسُ أبكارٍ أطاعَ لِسَرحِهَا
جَنَى ثَمَرٍ بالوادِيَيْنِ وُشُوعُ
وَيُقَال: فُلانٌ جَليسِي، وَأَنا جَليِسُهُ.
وَهُوَ حَسَنُ الجِلْسَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلَّسَانُ: دَخِيْلٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُلَّشانُ وَقَالَ الْأَعْشَى:
لنا جُلَّسَانٌ عِنْدهَا وَبَنَفْسَجٌ
وَسِيَنسَنْبرٌ والمَرزَجُوشُ مُنَمْنَمَا
سجل: (ابْن السّكيت) : السَّجلُ: ذكَرٌ، وَهُوَ الدَّلْو ملآن مَاء، وَلَا يُقَال لَهُ وَهُوَ فارغ: سَجْلٌ وَلَا ذَنوبٌ، وَأنْشد:
السَّجل والنُّطفَةُ والذَّنُوبُ
حَتَّى ترى مَركُوَّهَا يَثُوبُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أُرَجِّيّ نائلاً من سيب ربَ
لَهُ نُعمى وذمَّته سِجَالُ
قَالَ الذَّمَّة: الْبِئْر القليلة المَاء.
والسَّجْلُ: الدَّلْو الملآن، وَالْمعْنَى قَلِيله: كثير. وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي:
... ... . . وذمته سِجَالُ
أَي عَهْدُهُ مُحكمٌ، من قَوْلك: سجَّل القَاضِي لفُلَان مَاله أَي استَوْثَقَ لَهُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله: {حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} (الْحجر: 74) ، قَالَ النَّاس فِي (سجيل) أقوالاً.
وَفِي التَّفْسِير: أَنَّهَا من: جِلَ وطين، وَقيل من جِلَ وحجارة.
وَقَالَ أهل اللُّغَة هَذَا فارسيٌّ، وَالْعرب لَا تعرف هَذَا، وَالَّذِي عندنَا وَالله أعلم أَنه إِذا كَانَ التَّفْسِير صَحِيحا فَهُوَ فارسيٌّ أُعْرِبَ لِأَن الله قد ذكر هَذِه الْحِجَارَة فِي قصَّة قوم لوط فَقَالَ: {مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ} (الذاريات: 33) . فقد بيَّن للْعَرَب مَا عُنِيَ بسِجِّيلٍ.
وَمن كَلَام الْفرس مَا لَا يُحصى مِمَّا قد أَعْرَبَتْهُ العربُ نَحْو: جاموسٍ، وديباجٍ فَلَا أُنكر أَن يكون هَذَا مِمَّا أُعرب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: (من سِجِّيلٍ) تَأْوِيله:(10/309)
كَثِيرَة شَدِيدَة.
وَقيل: إِن مثل ذَلِك قَول ابْن مُقبل:
وَرَجْلَةٍ يضرِبونَ البيَضَ عَن عُرُضٍ
ضَرْباً تواصَت بِهِ الأبطالُ سِجِّينا
قَالَ: وسِجِّينٌ وسجِّيلٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ بَعضهم: سِجِّيلُ من سَجَلْتُه أَي أرسلتُه، فَكَأَنَّهَا مُرَسَلَةٌ عَلَيْهِم.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن عليَ أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {للهتُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ} (الرحمان: 60) . قَالَ هِيَ مُسْجَلَةٌ للبَرِّ والفاجر.
وَقَوله مُسْجَلَةٌ أَي مُرسَلةٌ لم يُشترطْ فِيهَا بَرٌّ وَلَا فَاجر.
يَقُول: فالإحسان إِلَى كلِّ أحدٍ جزاؤُه الإحسانُ، وَإِن كَانَ الَّذِي يصطَنِعُ إِلَيْهِ فَاجِرًا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ بَعضهم: سِجِّيل من أسجَلتُ إِذا أعطيتَ، وَجعله من السِّجْلِ.
وَأنْشد بَيت اللَّهبيِّ:
من يُسَاجِلْنِي يُسَاجِل ماجِداً
يَمْلأُ الدِّلوَ إِلَى عقدِ الكَرَب
وَقيل: من سِجِّيلٍ كَقَوْلِك: من سجلَ أَي مَا كُتب لَهُم.
وَهَذَا القَوْل إِذا فسِّر فَهُوَ أَبْيَنُها لِأَن فِي كتاب الله دَلِيلا عَلَيْهِ.
قَالَ الله: {الْعَالَمِينَ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِى} {سِجِّينٍ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} {سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (المطففين: 7، 9) .
وسِجِّيلٌ فِي معنى سِجِّينٍ، الْمَعْنى أَنَّهَا حجارةٌ مِمَّا كتب الله أَنه يعذِّبهُم بهَا، وَهَذَا أحسن مَا مر فِيهَا عِنْدِي.
وَقَالَ غَيره: دَلْوٌ سَجِيْلَةٌ أَي ضَخْمَةٌ.
وَقَالَ الراجز:
خُذها وأعطِ عَمَّكَ السَّجيله
إِن لم يَكُن عَمُّك ذَا حَلِيلَهْ
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَمر بصَبِّ سَجْلٍ على بَوْل أعرابيَ) . والسَّجْلُ: أعظمُ مَا يكون من الدِّلاءِ، وَجمعه: سِجَالٌ.
قَالَ لبيد:
يُحِيْلُونَ السِّجَالِ على السِّجَالِ
والمُسَاجَلَةُ: مأخوذةٌ من السَّجْلِ.
وَفِي حَدِيث أبي سُفْيَان: (أَن هِرَقْلاً سَأَلَهُ عَن الحربِ بَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: (الحربُ بَيْننَا سِجَالٌ) ، وَمَعْنَاهُ أَنا نُدالُ عَلَيْهِ مرّة، ويُدَالُ علينا أُخْرَى، وَأَصله أَن المُسْتَقِيَيْنِ بسَجْلَينِ من الْبِئْر يكونُ لكلِّ وَاحِد مِنْهُمَا سَجْلٌ أَي دَلوٌ ملأى مَاء) .
وَقَالَ اللَّيْث: السَّجيلُ من الضُّروع: الطَّوِيل.
والخُصيَةُ السَّجيلةُ: المسترخيةُ الصَّفَنِ.(10/310)
وَقَالَ الله: {كَطَيِّ السّجل للْكتاب} (الْأَنْبِيَاء: 100) ، وقُرىء السِّجْلِ بِإِسْكَان الْجِيم وَتَخْفِيف اللَّام، وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن السِّجِلَّ: الصَّحِيفَة الَّتِي فِيهَا الْكتاب.
وحُكي عَن أبي زيد أَنه روى عَن بَعضهم أَنه قَرَأَهَا: (السِّجْلِ للْكتاب) بِسُكُون الْجِيم.
قَالَ: وَقَرَأَ بعض الْأَعْرَاب: (السَّجْل)
بِفَتْح السِّين.
وَقيل: السِّجِلُّ: مَلَكٌ.
وَقيل: السِّجِلُّ بلغَة الحَبَش: الرَّجُلُ.
وَعَن أبي الجوزاء: أَن السِّجِلَّ: كاتبٌ كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَمام الْكَلَام للْكتاب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ضَرْعٌ أَسْجَلُ وَهُوَ الْوَاسِع الرِّخوُ المضطَرِب الَّذِي يَضربُ رِجْلَيها من خلفِها، وَلَا يكون إِلَّا فِي ضُروع الشاءِ.
وانسَجلَ الماءُ انسِجالاً إِذا انصبَّ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وأردَفَتِ الذِّراعُ لَهَا بعينٍ
سَجُومِ الماءِ فانْسَجَلَ انسِجَالاَ
سلج: من أَمْثَال الْعَرَب: (الْأكل سَلَجَانٌ، وَالْقَضَاء ليّانٌ) .
(أَبُو عبيد) : عَن الْكسَائي: سُلِجْتُ الطعامَ سَلْجاً، وَسَرَطْتُهُ سَرْطاً إِذا ابتلعتَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَلِجَ يُسْلَجُ سَلْجاً وسَلَجَاناً.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّلَّجُ: نَبَاتٌ رِخْوٌ من دقِّ الشجَرِ.
والسُّلَّجَانُ: ضَرْبٌ مِنْهُ.
(أَبُو عبيد عَن الأمويِّ) : قَالَ: إِذا أكلتِ الْإِبِل السُّلّجَ فاستطلقت عَنهُ بطونُها قيل: سَلَجَتْ تسلُجُ.
وَقَالَ شمر: سَلِجَت تسلُجُ عِنْدِي أَجود.
قَالَ: والسُّلّجُ من الحَمْضِ لَا يزالُ أخضرَ فِي القيظ وَالربيع، وَهِي خوَّارة.
(قلت) : نَبْتٌ مَنْبِتُهُ القِيْعَانُ، وَله ثَمَرٌ، فِي أَطْرَافه حِدَّة، وَيكون أخضَرَ فِي الرّبيع ثمَّ يهيجُ فَيَصْفَرُّ وَلَا يُعدُّ من شجر الحَمْضِ.
وَقَالَ اللحياني يُقَال: تركته يتَزَلَّجُ النبيذَ ويستَلِجهُ أَي يُلحُّ فِي شربه.
قَالَ: وَيْستَلِجُهُ: يُدْخِلُهُ فِي سِلِّجَانه أَي فِي حلقومه.
وَيُقَال: رَمَاه الله فِي سِلِّجانهِ أَي فِي حلقومه.
قَالَ: وَقَوْلهمْ: (الْأَخْذ سَلَجَان، وَالْقَضَاء ليَّان) تَأْوِيله: تُحِبُّ أَن تأخُذَ وتكرَهُ أنْ تَرُدَّ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ بعض أعرابِ قَيْسٍ: سَلَجَ الفَصِيْلُ الناقةَ ومَلَجَها إِذا رضعها.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السَّلاَلِيجُ: الدُّلْبُ الطوالُ.(10/311)
وَيُقَال للسَّاجَةِ الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا البابُ: السَّلِيجَةُ.
والسِّلَّجْنُ: الكَعْكُ، وَأنْشد:
يأكلُ سِلَّجْناً بهَا وسُلَّجا
(قلت) : وَلم أسمع السِّلَّجن لغيره، وَكَأن الواجر أَرَادَ: يَأْكُل سِلَّجْناً، ويرعى سُلَّجا.
ج س ن
جنس، نجس، نسج، سجن، سنج.
جنس: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَنَسُ: جمود المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِنْسُ: كل ضَرْبٍ من الشَّيْء وَمن النَّاس وَالطير، وَمن حُدُودِ النَّحْو وَالْعرُوض والأشياء: جُمْلَةٌ، والجميعُ: الأجناسُ.
وَيُقَال: هَذَا يُجَانِسُ هَذَا أَي يشاكله، وَفُلَان يُجَانِسُ الْبَهَائِم، وَلَا يُجَانِسُ النَّاس إِذا لم يكن لَهُ تَمْيِيز وَلَا عقلٌ.
وَالْإِبِل: جِنْسٌ من الْبَهَائِم العُجْمِ، فَإِذا واليت سِناً من أَسْنَان الْإِبِل على حِدَةٍ فقد صنَّفتها تصنيفاً، كَأَنَّك جعلت بَنَات الْمَخَاض مِنْهَا صِنْفاً، وَبَنَات اللَّبون صنفا، والحِقَاقَ صنفا، وَكَذَلِكَ الجِذَاعُ، والثَّنِيُّ، والرُّبَعُ.
وَالْحَيَوَان: أَجْنَاسٌ، فَالنَّاس: جِنْسٌ وَالْإِبِل: جِنْسٌ، وَالْبَقر: جِنْسٌ، والشَّاءُ: جِنْسٌ.
سنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : السُّنْجُ: العُنَّاب.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: السِّناجُ: أثر دُخان السِّراجِ فِي الْحَائِط وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث أَبُو عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: سَنْجَةُ الْمِيزَان وصَنْجَتُهُ، وَالسِّين أفْصح.
نسج: قَالَ اللَّيْث: النسجُ: مَعْرُوف، وعامِلُهُ: النَّسَّاج.
وَالرِّيح تَنْسِجُ التُّرَاب إِذا نَسَجَتِ المُورَ، والجَولَ على رُسُومِهَا، وَالرِّيح تَنْسِجُ المَاء إِذا ضربت متنَهُ فانْتَسَجَتْ لَهُ طرائق كالحُبُك، والشاعر يَنْسِجُ الشِّعر. والكذاب يَنْسِجُ الزُّور.
والمِنْسَجُ: الخشبُ والأداةُ الَّتِي يُمَدُّ عَلَيْهَا الثَّوْب للنَّسجِ، والمَنْسِجُ: لُغَة فِيهِ.
والمِنْسَجُ: المُنْتَبِرُ من كاثبة الدَّابَّة عِنْد مُنْتَهى منبت الْعرف تَحت القَرَبُوس الْمُقدم.
وناقة نُسُوجٌ وَسُوجٌ: تَنْسِجُ وَتَسِجُ فِي سَيرهَا، وَهُوَ سرعَة نقلهَا قوائِمَهَا.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : ومِنْسَجُ الْفرس بِكَسْر الْمِيم وَفتح السِّين، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ الْأَصْمَعِي وَابْن شُمَيْل.
وَقَالَ شمر: قد قَالُوا: مَنْسِجٌ، قَالَ: وَيَقُولُونَ: مِنْسَجُ الثَّوْب، وَمْنسِجُهُ حَيْثُ(10/312)
يُنْسَجُ.
وَقَالَ شمر: سمِّيَ مِنْسَجُ الْفرس لِأَن عصب الْعُنُق يَجِيء قِبَلَ الظّهْر، وَعصب الظّهْر يذهب قِبَلَ الْعُنُق فَيَنْسِجُ على الْكَتِفَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِنْسَجُ والحَارِكُ: مَا شخص من فروع الْكَتِفَيْنِ إِلَى أصل العُنُقِ إِلَى مستوى الظّهْر.
وَقَالَ أَبُو زيد: المِنْسَجُ: مَا بَين عُرف الدَّابَّة إِلَى مَوضِع اللِّبْدِ، قَالَ: والكاهل خلف المِنْسَجِ.
ومَنْسِجُ الثَّوْب حَيْثُ يَنْسِجُونَهُ.
والمِنْسَجُ: الَّذِي يُنسَجُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّسُوجُ من الْإِبِل: الَّتِي تُقدِّم جهازها إِلَى كاهلها لشدَّة سَيرهَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : النُّسُجُ: السَّجَّادات.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا ذكرت عمر فَقَالَت: (كَانَ وَالله أحوذياً نَسِيجَ وَحده) ، أَرَادَت أَنه كَانَ مُنْقَطع القرين، وَأَصله أَن الثَّوْب إِذا كَانَ نفيساً لم يُنسج على منواله غَيره لدقته، وَإِذا لم يكن دَقِيقًا عُمل على منواله سدًى لعدة أَثوَاب، فضُرب ذَلِك مثلا لكل من بوُلغَ فِي مدحه، وَهَذَا كَقَوْلِك: فلَان وَاحِد عصره، وقريع قومه.
نجس: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الرّجس النَّجس، الْخَبيث المخبث) .
قَالَ أَبُو عبيد: زعم الْفراء أَنهم إِذا بدأوا بالنَّجَس، وَلم يذكرُوا الرجس فتحُوا النُّون وَالْجِيم، وَإِذا بدأوا بالرجس ثمَّ أتبعوه النَّجس كسروا النُّون.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجِسُ: الشَّيْء القَذِرُ من النَّاس وَمن كل شَيْء قذرته.
رجل نَجَسٌ، وَقوم أنجَاسٌ، ولغة أُخْرَى: رجل نَجَسٌ ورجلان نَجَسٌ، وَرِجَال نَجَسٌ، وَامْرَأَة نجس.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (التَّوْبَة: 28) .
وَقَالَ الْفراء: نَجَسٌ لَا يجمع وَلَا يؤنث.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (التَّوْبَة: 28) أَي أخباثٌ أنجاسٌ.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) أَنه قَالَ: إِذا قَالُوا: رِجْسٌ نِجْسٌ كَسَروا لِمَكانِ رِجْسٍ وثنَّوا، وجمعوا، كَمَا قَالُوا: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّم، فَإِذا أفردوا قَالُوا: جَاءَ بالطَّمِّ ففتحوا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: من المَعَاذَات: التميمة، والجُلْبَةُ والمُنَجَّسَةُ، وَيُقَال: للمُعَوِّذِ: مُنَجِّسٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: المعوَّذ لم قيل لَهُ: مُنَجَّسٌ، وَهُوَ مَأْخُوذ من النَّجَاسَةِ؟ فَقَالَ إِن للْعَرَب أفعالاً يُخَالف مَعَانِيهَا ألفاظها.(10/313)
يُقَال: فلَان تنجَّس إِذا فعل فعلا يخرج بِهِ من النَّجاسة.
كَمَا قيل: يتأثم، ويتحرَّج ويتحنَّث إِذا فعل فعلا يخرج بِهِ من الْإِثْم والحرج والحنث.
وَقَالَ اللَّيْث: المنجَّس: الَّذِي يُعلَّق عَلَيْهِ عِظَام أَو خِرَقٌ.
وَيُقَال للمعوِّذ: مُنَجِّسٌ، وَأنْشد:
وجَارِيَةٍ مَلبُوبَةٍ ومُنَجِّسٍ
وطَارِقَةٍ فِي طَرقِهَا لم تُشدِّدِ
يصف أهل الْجَاهِلِيَّة أَنهم كَانُوا بَين كَاهِن ومُنَجِّسٍ.
وَقَالَ غَيره: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعلِّقون على الصّبيّ، وَمن يُخافُ عَلَيْهِ عيونُ الجِنِّ الأقذار من خِرَقِ الْمَحِيض.
وَيَقُولُونَ: الجِنُّ لَا تقرُبُهَا، ثمَّ قيل لِلمُعَوِّذِ: مُنَجِّسٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَ دَاء لَا يُبرأ مِنْهُ فَهُوَ نَاجِسُ ونَجيسٌ، وعُقَامٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النُّجُسُ: المُعوِّذون، والجُنُسُ: الْمِيَاه الجامدة.
(سجن) : قَالَ الله جلّ وَعز: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ} (يُوسُف: 33) .
قَالَ الْفراء: وقرىء (السَّجْنُ) فَمن كسر السِّين فَهُوَ المَحْبِس، وَهُوَ اسْم، وَمن فتح السِّين فَهُوَ مصدر سَجَنْتُهُ سَجْناً.
وَفِي الحَدِيث: (مَا شَيْء أحقَّ بطول سَجْنٍ من اللِّسَان) .
وَقَول ابْن مقبل:
ضربا تواصَتْ بِهِ الأبطالُ سِجِّينا
قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّجِّين من النّخل: السِّلتِينُ بلغَة أهل الْبَحْرين.
يُقَال: سَجِّنْ جِذْعَكَ هَذَا إِذا أردْت أَن تَجْعَلهُ سِلتِيناً.
وَالْعرب تَقول: سِجِّينٌ مَكَان سِلتين، وسِلِتينٌ لَيْسَ بعربيَ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: السجين: الشَّديد.
وَقَالَ غَيره: هُوَ فِعّيل من السَّجن كَأَنَّهُ يُثبت من وَقع بِهِ فَلَا يبرح مَكَانَهُ.
وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي: سِخّيناً أَي سخناً يَعْنِي الضَّرْب.
وَرَوَاهُ ابْن المنخَّل عَن المؤرِّج قَالَ: سِجّيل وسِجّينٌ: دَائِم فِي قَول ابْن مقبل.
ج س ف
جفس، سجف، فجس، فسج: مستعملة.
جفس: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اتخم الرَّجُلُ قيل: جَفِسَ الرجل جَفَساً، فَهُوَ جَفِسٌ.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ جِفْسٌ، وجَفِسٌ، أَي ضَخْمٌ جَافٍ.
سجف: قَالَ اللَّيْث: السِّجفَانِ: سترا بَاب الحَجَلَةِ، وكل بَاب يَسْتُرُهُ سِتْرانِ مَشْقُوقٌ(10/314)
بَينهمَا فَكل شقَ مِنْهُمَا: سَجْفٌ، وَكَذَلِكَ: سِجْفَا الخِبَاءِ.
والسَّجْفُ والتَّسْجيفُ: إرخاء السِّجَفين.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : السِّجفانِ: اللَّذَان على الْبَاب.
يُقَال مِنْهُ: بَيت مُسَجَّفٌ.
وَقَالَ الفرزدق:
رَقَدْنَ عليهنَّ الحِجَالُ المسجَّفُ
فجس: قَالَ اللَّيْث: الفَجْسُ، والتّفَجُّسُ: عَظمَة وتطاول، وَأنْشد:
عَسْرَاءُ حِين تَرَدّى من تَفَجُّسِهَا
وَفِي كِوَارَتِها من بَغْيِهَا مَيَلُ
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : فَجَسَ يَفْجُسُ فَجْساً، وتفجَّسَ تَفَجُّساً، وَهُوَ التّكَبُّرُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفجَسَ الرجُلُ إِذا افتخر بالبَاطِلِ.
فسج: (أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الفَاسِجُ والفَاثِجُ: الْعَظِيمَة من الْإِبِل.
قَالَ: وَبَعض الْعَرَب يَقُول: هما الْحَامِل، وَأنْشد:
تخدي بِنَا كل خنوف فَاسِجِ
وَقَالَ النَّضر: الفَاسِجُ: الَّتِي حَمَلَتْ فزمَّت بأنفها واستكبرت.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: هِيَ السريعة الشَّابَّةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الَّتِي أعجَلَهَا الفَحْلُ فَضَرَبَها قبل وَقت المَضْرِبِ، وَقد فَسَجَتْ فُسُوجاً.
وَيُقَال فِي الشَّاء، وَهُوَ فِي النُّوق أعرفُ عِنْد الْعَرَب.
ج س ب
جبس، سبج، بجس: مستعملة.
جبس: قَالَ اللَّيْث: الجِبْسُ: الرَّدِيُّ الدَّنيُّ الجبان.
قَالَ الراجز:
خِمْسٌ إِذا سَار بِهِ الجِبْسُ بَكَى
وَيُقَال الجبس: ولد زِنْيَةٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المَجْبُوس والجَبيسُ: نعت سَوءٍ للرجل المَأْبُون.
قَالَ: والجِبْسُ: الجَامِدُ من كل شَيْء.
والجِبْسُ: الثقيلُ البَدَنِ، الثقيلُ الرّوح الفَاسِقُ.
(أَبُو عبيد) : تَجَبَّسَ فِي مَشيهِ تجبُّساً إِذا تَبَخْتَرَ.
قَالَ عمر بن لجأٍ:
تمشي إِلَى رِوَاءِ عَاطِنَاتِهَا
تَجَبُّسَ العَانِسِ فِي رَيْطَاتِهَا
سبج: (أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: السُّبجة، والسَّبيجةُ: كسَاء أسود.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّبْجَةُ: ثوب يلْبسهُ الطَّيَّانُونَ لَهُ جيب، وَلَا يَدَانِ لَهُ، وَلَا فرجان.(10/315)
ورُبَّما تَسَبَّجَ الإنسانُ بِكِسَاءٍ تَسَبُّجاً.
قَالَ العجاج:
كالحَبَشِيِّ التفَّ أَو تسبَّجا
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّبيج: بقيرة، وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ: شَبي.
وَفِي حَدِيث قَيْلَةُ أَنَّهَا حملت بنت أَخِيهَا وَعَلَيْهَا سُبَيِّجٌ من صوف، أَرَادَت تَصْغِير السَّبيجِ، وَهُوَ معرَّب.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبيجِيُّ، والجميع: السَّبابِجَةُ: قوم ذَوُو جلد من السِّند، يكونُونَ مَعَ استيام السَّفِينَة البحرية، وَهُوَ رَأس الملاَّحين.
والسَّبَجُ: خَرَزٌ أسوَدُ، وَهُوَ مُعرب، أَصله: سَبَه.
(أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء) . أَنه أنْشدهُ:
إنَّ سُلَيمَى وَاضِحٌ أبدانُها
ليِّنة الأطرَافِ من تَحت السَّبَجْ
قَالَ: السَّبَجُ من الْقَمِيص: لَبِنَتُهُ ودَخارِيصُهُ.
بجس: قَالَ اللَّيْث: البَجْس: انشقاقٌ فِي قِربةٍ أَو حجر أَو أَرض ينبُعُ مِنْهُ المَاء فَإِن لم يَنْبع فَلَيْسَ بانبجاس.
وَأنْشد:
وَكَيف غربى دالح تبجَّسا
قَالَ الله: {فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (الْأَعْرَاف: 160) .
والسَّحابُ يتبجَّسُ بالمَطَر.
والانبِجَاسُ عامٌّ، والنُّبُوعُ للعين خَاصَّة.
وبَجْسَةُ اسْم عَيْنٍ.
ج س م
جسم، جمس، سجم، سمج، مجس: مستعملة.
جسم: قَالَ اللَّيْث: الجِسمُ يَجْمَعُ البَدَنَ وأعضاءَهُ من النَّاس والإبلِ والدَّوابِّ وَنَحْو ذَلِك مِمَّا عَظُمَ من الخَلق الجسيم.
والفِعلُ: جَسُمَ يَجْسُمُ جَسَامَةً.
وَيُقَال: جُسَامٌ وجَسِيمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد:
أنعتُ عَيْراً سَهْوَقاً جُسَاما
قَالَ: والجُسْمَانُ: جسِمُ الرجُل، يُقَال: إِنَّه لَنَحيفُ الجُسمَانِ.
وَقَالَ غَيره: جُسْمَانُ الرَّجُلِ، وجُثْمَانُهُ: وَاحِد.
وَرَجُلٌ جُسْمَانِيٌ وجُثْمَانِيٌ إِذا كَانَ ضخم الجثة.
(أَبُو عُبَيْدَة) : تَجَسَّمتُ فلَانا من بَين الْقَوْم أَي اخترته.
وَأنْشد:(10/316)
تَجَسَّمَهُ من بينهنِّ بمُرهَفٍ
بِهِ جالِبٌ فَوق الرِّصافِ عَليلُ
المُرهَفُ: النّصلُ الرَّقيقُ، والجالِبُ: الَّذِي علته كالجُلبَة مِن الدَّمِ.
(ابْن السّكيت) : تَجَسَّمتُ الْأَمر إِذا ركبت أجسَمَهُ ومُعظَمَهُ وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو سعيد ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجُسُمُ: الأمُوُر العِظَامُ.
قَالَ: والجُسُمُ: الرِّجَالَ الْعُقَلَاء.
جمس: قَالَ اللَّيْث: الجَامُوسُ: دَخِيلٌ، ويُجمَعُ جَوَامِيسَ، تُسَمِّيهِ الفرسُ: كاوميش.
وَجَمَسَ الماءُ إِذا جَمُدَ، وسُئل ابْن عمر عَن فَأْرَة وَقعت فِي سمن فَقَالَ: إِن كَانَ جامساً ألقِي مَا حوله عَنهُ وَأكل وَإِن كَانَ مَائِعا أريق كُلُّهُ، أَرَادَ أَن السَّمْنَ إِن كَانَ جَامِدا أُخذ مِنْهُ مَا لَصِقَ الفأر بِهِ فرُمي، وَكَانَ بَاقِيه طَاهِرا، وَإِن كَانَ ذائباً حِين مَاتَ فِيهِ نَجِسَ كُلُّهُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : يُقَال للرُّطَبَةِ إِذا دَخَلَهَا كُلَّها الإرطَابُ وَهِي صُلبَةٌ لم تنهضم بعد فَهِيَ جُمْسَةٌ، وَجَمعهَا: جُمْسٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: هِيَ الجَمَامِيسٌ للِكَمْأة.
سجم: قَالَ اللَّيْث: سَجَمَتِ العَينُ تَسْجُمُ سُجُوماً، وَهُوَ قَطَرَانُ الدَّمعِ وسَيْلُهُ، قَلَّ أَو كَثُرَ، وَكَذَلِكَ السَّاجِمُ من المَطَرِ، وَتقول الْعَرَب: دَمْعٌ سَاجِمٌ، وَقد سَجَمَ سُجُوماً، ودَمعٌ مَسجُومٌ: سَجَمَتْهُ الْعين سَجْماً، وَأما قَول الهُذَليِّ:
[حَتَّى أتيح لَهُ رَامٍ بِمُحدَلةٍ
جَشءٍ وبِيضٍ نَوَاحِيهنَّ كالسَّجَمِ
فإنّ السَّجَمَ هَا هُنَا: ماءُ السَّمَاءِ، شَبَّهَ النِّصَال فِي بَيَاضِهَا بِهِ.
وَقيل السّجَمُ: نَبتٌ لَهُ وَرَقٌ مُؤَلّلُ الْأَطْرَاف.
وَيُقَال: انسَجَمَ الدَّمعُ وَالْمَاء فَهُوَ مُنْسَجِمٌ إِذا انصَبّ، وسَجّمَتِ السَّحَابَةُ مَطَرَهَا تَسجِيماً، وتَسْجاماً إِذا صَبَّته، قَالَ:
... . دَائِما تَسْجامُهَا
سمج: قَالَ اللَّيْث: سَمُجَ الشَّيْء يَسْمُجُ سَمَاجَةً، فَهُوَ سَمِجٌ إِذا لم يكن فِيهِ مَلاَحَةٌ.
وَقَالَ اللحياني: هُوَ سَمِيجٌ لَمِيجٌ، وسَمِجٌ لَمِجٌ.
وَقد سَمَّجَهُ تَسْمِيجاً إِذا جعله سَمِجاً.
مجس: فِي الحَدِيث: (كل مولودٍ يولدُ على الفِطرَةِ حَتَّى يكون أَبَواهُ يهوِّدانِهِ ويمجِّسَانِهِ) مَعْنَاهُ أنَّهُما يعلِّمانه دين المجوسِيَّةِ.
المَجُوسُ: جَمْعُ المَجُوسيِّ، وَهُوَ مُعرب، أَصله: مِنْج قُوش، وَكَانَ رجلا صَغِير(10/317)
الْأُذُنَيْنِ، كَانَ أول من دَان بدين المَجُوسِ، ودعا النَّاس إِلَيْهِ، فعرَّبته الْعَرَب. فَقَالَت: مَجُوسٌ، وَنزل الْقُرْآن بِهِ وَالْعرب رُبمَا تركت صرف مَجُوس إِذا شُبّه بقبيلة من الْقَبَائِل، وَذَلِكَ أَنه اجْتمع فِيهِ العجمة والتأنيث.
وَمِنْه قَوْله:
كَنَارِ مَجُوس تَستَعِرُ اسْتِعَارا
وَقد تمجَّس الرَّجُلُ، وَمَجَّسَ غَيْرَه.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز ط ج ز د ج ز ت
ج ز ظ ج ز ث:
مهملات.
ج ز ر
جزر، جرز، زجر، زرج، رجز: مستعملة.
زجر: قَالَ اللَّيْث: زَجَرْتُ البعيرَ حَتَّى ثارَ وَمضى أزجُرُهُ زَجْراً، وزَجَرْتُ فلَانا عَن السُّوء فانزَجَرَ، وَهُوَ كالرَّدع للْإنْسَان، وَأما للبعير فَهُوَ كالحَثِّ بلفظٍ يكون زجْراً لَهُ.
قَالَ الزّجاج: الزَّجْرُ: النَّهْي، والزَّجْرُ للطير وَغَيرهَا: التَّيَمُّنُ بِسُنُوحِهَا، أَو التَّشَاؤُمُ بِبِرُوحِهَا وَإِنَّمَا سُمِّي الكاهنُ زاجراً لِأَنَّهُ إِذا رأى مَا يظنّ أَنه يتشاءم بِهِ زَجَرَ بِالنَّهْي عَن الْمُضِيّ فِي تِلْكَ الْحَاجة بِرَفْع صوتٍ وَشدَّة، وَكَذَلِكَ الزجرُ لِلْإِبِلِ، وَالدَّوَاب، وَالسِّبَاع.
وَيُقَال: زَجَرْتُهُ، وازدَجَرْتُهُ.
قَالَ الله تَعَالَى: {مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنُّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (الْقَمَر: 9، 10) .
وَقد يوضع الإزدجار مَوضِع الإنزِجَار فيكونُ لَازِما.
وازْدَجَرَ كَانَ فِي الأَصْل ازتجر فقُلبت التَّاء دَالا لقرب مَخْرَجَيْهما، واخْتِيَرت الدَّال لِأَنَّهَا أليق بالزاي من التَّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّجرُ: أَن يَزْجُرَ طائراً أَو ظَبْيًا سَانِحاً أَو بَارِحاً فَيَتَطَيَّرَ مِنْهُ، وَقد نُهي عَن الطِّيَرَةِ.
(قلت) : وزَجْرُ الْبَعِير أَن يَقُول لَهُ حَوْب، وللناقة: حَلْ، وأمَّا الْبَغْل فَزَجْرُهُ: عَدَسْ مجزومٌ، ويُزْجَرُ السَّبُعُ فَيُقَال لَهُ: هَجْ هَجْ، وَجَهْ جَهْ، وجَاه جَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّجْرُ: ضربٌ من السَّمَكِ عِظامٌ، والجميع: الزُّجُورُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للناقة العَلُوقِ: زَجُورٌ.
قَالَ الأخطل:
وَالْحَرب لاقِحَةٌ لَهُنَّ زَجُورُ
وَهِي الَّتِي تَرأَمُ بأنفها وتمنَعْ درَّها.
جزر: قَالَ اللَّيْث: الجَزْرُ مجزُومٌ: انقطاعُ الْمَدّ.(10/318)
يُقَال: مَدَّ البَحْرُ أَو النَّهر فِي كَثْرَة المَاء، وَفِي الِانْقِطَاع: جَزَرَ جَزْراً، وهما يَجْزُرَان.
والجَزِيْرَةُ: أرضٌ فِي البَحْرِ يَنْفَرِجُ عَنْهَا مَاء الْبَحْر فتبدو، وَكَذَلِكَ الأَرْض الَّتِي لَا يعلوها السَّيْل، ويُحْدِقُ بهَا فَهِيَ جَزِيْرَةٌ.
والجَزِيْرَةُ أَيْضا: كُورةٌ تُتَاخِمُ كُوَرَ الشَّامِ وحُدُوَدَهَا.
والجَزِيرَة بالبَصْرَةِ: أَرض نَخْلٍ بَين الْبَصْرَة والأبُلَّة، خُصَّت بِهَذَا الِاسْم.
وجزيرة الْعَرَب: مَجَالها، سُمِّيت جَزِيرَة لِأَن الْبَحْرين بحرَ فَارِس، وبَحْرَ السُّودان أحاطا بجانِبَيْها، وأحاط بالجانب الشَّمالي: دجلةُ والفراتُ، وَهِي أَرض الْعَرَب ومَعدِنُها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: جَزِيرَة الْعَرَب: مَا بَين عَدَنِ أبيَنَ إِلَى أَطْرَاف الشَّام فِي الطول وَأما الْعرض فَمن جُدَّة وَمَا والاها من شط الْبَحْر إِلَى ريف الْعرَاق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ مَا بَين حَفَرِ أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى تِهَامَةَ فِي الطول. وَأما الْعرض فَمَا بَين رمل يَبْرِينَ إِلَى مُنْقَطع السَّمَاوَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزْرُ: نَحْرُ الجزَّار الجَزُورَ، وَالْفِعْل: جَزَرَ يَجْزُرُ.
والجُزَارَةُ: حق الجَزَّارِ.
وتُسَمَّى قَوَائِمُ الْبَعِير ورأسُهُ جُزَارَةً، لِأَنَّهَا كَانَت لَا تُقسَّم فِي المَيْسِرِ وتُعطى الجزَّار.
وَقَالَ ذُو الرمة:
شَخْتُ الجُزَارَةُ مثل الْبَيْت سَائِرُهُ
من المُسُوح خِدَبٌّ شَوقَبٌ خَشِبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَزُورُ إِذا أُفْرِدَ أُنّثَ، لِأَن أَكثر مَا يَنْحَرُونَ النُّوقَ.
وَقد اجتَزَرَ القومُ جَزُوراً إِذا جُزِرَ لَهُم.
وأجزرتُ فُلاناً جَزُوراً إِذا جَعلتهَا لَهُ، قَالَ: والجَزَرُ: كل شَيْء مُبَاح للذبح، والواحدة: جَزَرَةٌ وَإِذا قُلتَ: أعطيتُه جَزَرَةً فَهِيَ شاةٌ، ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، لِأَن الشَّاة لَيست إِلَّا للذبح خَاصَّة، وَلَا تقع الجَزَرَةُ على الناقةِ والجَملِ لِأَنَّهُمَا لسَائِر العَمَل.
ويقالُ: صارَ القومُ جزَراً لعدوهِمْ إِذا قتِلُوا.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يقالُ أجزرتهُ شَاة إِذا دفعتَ إِلَيْهِ شَاة يذبحُهَا، نعجةً أَو كَبْشًا أَو عَنْزًا، وَهِي الجَزَرَةُ إِذا كَانَت سَمِينَةً، والجميع: جَزَرٌ، وَلَا تكون الجَزَرَةُ إلاَّ مِن الغَنَمِ، وَلَا يقالُ: أجزرتُه ناقَةً.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : هُوَ الجِزَرُ، والجزرُ للَّذي يُؤْكَلُ، وَلَا يقالُ فِي الشاةِ إِلَّا الجَزَرُ.
وَقَالَ الليثُ: الجَزيرُ بلُغَة أهلِ السوادِ: رجلٌ يختارهُ أهلُ القريةِ لِمَا ينُوبهُمْ من نفقاتِ مَنْ يَنزلُ بهمْ من قِبَلِ السلطانِ،(10/319)
وَأنْشد:
إذَا مَا رَأَونَا قَلَّسُوا مِنْ مَهَابَةٍ
ويَسْعَى عَلَيْنَا بِالطَّعَامِ جَزِيرُهَا
(أَبُو عبيد عَن اليزيدي) : أجزرَ القومُ، من الجزَار، والجَزَار، وهُوَ وَقْتُ صِرَامِ النَّخْلِ، مِثْلُ الجَزَازِ.
يقالُ: جَزروا نخلهمْ إذَا صرموهُ، وأجزرَ النخلُ إِذا حانَ صرامُهُ.
وَيُقَال أجزرَ الرجُلُ إِذا أسَنَّ ودَنَا فناؤهُ كَمَا يُجْزِرُ النخلُ إِذا أَتَى صِرامُه.
وَيُقَال: جزرتُ العسلَ إِذا شُرْتَهُ واستخرجتَهُ من خليَّتِهِ.
وتوعَّدَ الحجاجُ بنُ يوسفَ أنسَ بنَ مالكٍ فقالَ: (لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضرَبِ) أَي لأستأصلنَّكَ، والعَسَلُ يُسَمَّى ضَرَباً إِذا غلُظَ، وَإِذا استضرَبَ: سَهُلَ اشتيارُه عَلَى العاسِلِ لأنَّهُ إِذا رَقَّ سالَ.
وَفِي حَدِيث عمر (اتَّقُوا هَذِه المَجَازِرَ فَإنَّ لَهَا ضراوةً كضراوةِ الخمرِ) أرادَ بالمجازرِ: مواضِعَ الجزَّارينَ الَّتِي تُنحَرُ فِيهَا الإبلُ وتُذبحُ البَقَرُ، ويُباعُ لُحْمَانُها، وواحدُ المجازِرِ: مَجْزَرَةٌ ومَجْزِرَةٌ، وإنَّمَا نَهاهُمْ عُمر عَن المجازر لِأَنَّهُ كَرِهَ لَهُم إدمانَ أَكْلِ اللحُومِ وجَعَلَ لَهَا ضَراوَة الخَمْرِ أَي عَادَة كعادتِها لأنَّ مَنِ اعتادَ أكلَ اللحومِ أسرفَ فِي النفقةِ، فجعلَ العادةَ فِي أكلِ اللحمِ كالعادةِ فِي شربِ الخمرِ لمِا فِي الدوَامِ عليهِما منْ صَرْفِ النَّفَقةِ والفَسادِ.
وَيُقَال: ضري فلَان فِي الصَّيْد وَفِي أكل اللَّحْم إِذا اعتادَه ضَراوة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : جَزَرَ النخلَ يَجْزِرُهُ ويَجْزُرُهُ إِذا صرمه ويَحْزِرُهُ، ويَحْزُرُهُ إِذا خَرَصَهُ.
قَالَ: وأجزَرَ الْقَوْم، من الجَزُورِ.
وَقَالَ الْكسَائي: أجْزَرَ النّخل وأصْرَمَ وأجدَّ بِمَعْنى وَاحِد.
زرج: قَالَ اللَّيْث الزَّرجُ فِي بعض: جَلَبَةُ الْخَيل وأصواتُها.
(قلت) : لَا أعرف الزَّرْجَ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الزَّرَجُونُ: الخمرُ.
وَيُقَال: شَجَرُها.
(شمر) : قَالَ ابْن شُمَيْل: الزَّرَجُونُ: شَجَرُ العِنَب، كل شَجَرَة: زَرَجُونَةٌ.
قَالَ شمر: أُراها فارسية معرَّبة ذَرْدَقُونَ.
قَالَ: وَلَيْسَت بمعروفة فِي أَسمَاء الْخمر.
وَقَالَ غَيره: زَرْكُون فصُيِّرتِ الكافُ جيماً، يُرِيدُونَ لونَ الذهبِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّرَجُونُ بلغَة أهل الطَّائِف وَأهل الغَوْرِ: قُضْبانُ الكَرْمِ.
وَأنْشد:(10/320)
بُدِّلوا من منابت الشِّيحِ والإذ
خِرِ تيناً ويانعاً زَرَجُونا
جرز: (أَبُو عبيد عَن الْكسَائي والأصمعي) : أَرض مَجرُوزَة من الجُرُزِ وَهِي الَّتِي لم يُصِبْها المَطَرُ.
وَيُقَال: الَّتِي أُكل نباتها.
وَقَالَ الله: {أَفَلاَ يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الْمَآءَ إِلَى الاَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} (السَّجْدَة: 27) .
قَالَ الْفراء: الجُرُز: أَن تكون الأَرْض لَا نباتَ فِيهَا.
يُقَال: قد جُرِزَتِ الأَرْض، فَهِيَ مُجرَوزَةٌ، جَرَزَهَا الْجَرَاد أَو الشَّاء وَالْإِبِل وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق قَالَ: الجرُزُ: الأَرْض الَّتِي لَا تُنبِتُ كَأَنَّهَا تَأْكُل النبتَ أكلا.
يُقَال: أرضٌ جُرُزٌ، وأرَضُوُنَ أجْرازٌ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: سَنَةٌ جُرُزٌ إِذا كَانَت جَدْبةً.
وَقَالَ القتيبي: الجُرُزُ: الرَّغيبة الَّتِي تَنْشَفُ مَطَراً كثيرا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجوز: الجُرَزُ، والجَرَزُ، والجُرْزُ، كل ذَلِك قد حُكي.
قَالَ: وَقد جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّهَا أرضُ الْيمن.
وَيُقَال: امْرَأَة جَرُوزٌ إِذا كَانَت أكولاً.
وَيُقَال: سيف جُرَازٌ إِذا كَانَ مستأصِلاً.
قَالَ: فَمَنْ قَالَ: الجُرْزُ فَهُوَ تخفيفُ الجُرُزِ، وَمن قَالَ: الجَرَزُ والجَرْزُ فهما لُغَتَانِ، وَيجوز أَن يكون جَرْزٌ مصدرا وُصف بِهِ كَأَنَّهَا أَرض ذَات جَرْزٍ أَي ذَات أكل للنبات.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : أَرض جُرُزٌ: لَا نَبَات فِيهَا.
وأجْرَزَ الْقَوْم: وَقَعُوا فِي أَرض جُرُزٍ.
وَقَالَ الْفراء: نَاقَة جَرُوزٌ إِذا كَانَت تَأْكُل كل شَيْء.
وإنسان جَرُوزٌ إِذا كَانَ أكولاً.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجُرَازُ من السيوف: الْمَاضِي النَّافِذ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَرَزُ: لحم ظهر الْجمل، وَجمعه: أجْرَازٌ، وَأنْشد فِي صِفَةِ جَمَلٍ كَانَ سميناً ففضخه الحِمْل فَقَالَ:
وانْهَمَّ هَامُومُ السَّدِيفِ الواري
من جَرَزٍ صُلْبٍ وجَرْزٍ عَارِي
قَالَ: والجَرْزُ: القَتْلُ.
قَالَ رؤبة:
حَتَّى وَقَمْنَا كَيْدَهُ بالرِّجزِ
والصَّقعِ من قَاذِفَةٍ وجرْزِ
قَالُوا: أَرَادَ بالجَرزِ: القَتلَ، كالسُّمِّ الجُرَازِ، والسيفِ الجُرَازِ.
يُقَال: رَمَاه الله بشَرْزَةٍ وَجَرْزَةٍ، يُرَاد بِهِ(10/321)
الْهَلَاك.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : قَالَ: الجَارِزُ: السُّعَال.
وَقَالَ الشَّماخُ يصف حُمُرَ الْوَحْش:
لَهَا بالرُّغَامى والخَيَاشِيمِ جَارِزُ
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: جرزه بالشَّتم إِذا مَا رَمَاه بكلامٍ سوء.
قَالَ: التجارز بالْكلَام والفعال.
وَيُقَال: طوى فلَان أجْرَازَهُ إِذا انقَبَضَ وانضم بعضُهُ إِلَى بعض.
وَطوَى الحَيَّةُ أجرَازَهُ أَي ترحَّى، وأجْرَازُه جمع الجَرَزِ.
يُقَال: إِنَّه لذُو جَرَزٍ، أَي: ذُو خُلُقٍ شَدِيد.
وَقَالَ الراجز يصف حَيَّة:
إِذا طوى أجْرَازَهُ أَثلَاثًا
فَعَاد بعد طَرْقَةٍ ثَلَاثًا
أَي عَاد ثَلَاث طَرْقٍ بَعْدَمَا كَانَ طَرْقَةً وَاحِدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُرْزُ من لِبَاس النِّسَاء من الوَبَرِ، أَو مُسُوك الشَّاءِ، والجميع: الجُرُوزُ.
قَالَ: والجُرْزُ من السِّلَاح، والجميع: الجِرْزَةُ.
(قلت) : هُوَ عَمُود من حَدِيد.
قَالَ: الجُرْزَةُ: الحُزْمَةُ من قتَ وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال للناقة إِنَّهَا لجُرَازٌ للشجر، أَي تَأْكُله وتكسِرهُ.
رجز: قَالَ الله جلّ وَعز: { (فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 5) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قرىء: (والرِّجْزَ) (والرُّجْزَ) ، ومعناهما: وَاحِد: وَهُوَ الْعَمَل الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْعَذَاب.
قَالَ الله جلّ وَعز: {لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} (الْأَعْرَاف: 134) أَي كشفت عَنَّا الْعَذَاب.
قَالَ: وَيُقَال فِي قَوْله: { (فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} إِنَّه عبَادَة الْأَوْثَان.
قَالَ: وأصل الرِّجْزِ فِي اللُّغَة: تتَابع الحركات، وَمن ذَلِك: قَوْلهم: نَاقَة رَجْزَاءُ إِذا كَانَت قَوَائِمهَا ترتعد عِنْد قِيَامهَا، وَمن هَذَا: رَجَزُ الشّعْر لِأَنَّهُ أقصر أَبْيَات الشّعْر، فالانتقال من بَيت إِلَى بَيت سَرِيْعٌ، نَحْو قَوْله:
يَا لَيْتَني فِيهَا جَذَعْ
أخُبُّ فِيهَا وأضَعْ
وَنَحْو قَوْله:
صبرا بني عبد الدَّار
وَكَقَوْلِه:
مَا هاج أشجاناً وشجواً قد شجا(10/322)
قَالَ: وَزعم الْخَلِيل أَن الرَّجَزَ لَيْسَ بِشِعْرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْصَاف أَبْيَات وأثلاث، وَدَلِيل الْخَلِيل فِي ذَلِك مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله:
ستُبدي لَك الأيَّامُ مَا كنتَ جَاهِلا
ويأتيك من لم تُزَوَّدِ بالأخبار
قَالَ الْخَلِيل: لَو كَانَ نِصْفُ البيتِ شِعْراً مَا جرى على لِسَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:
ستبدي لَك الْأَيَّام مَا كنت جَاهِلا
وَجَاء بِالنِّصْفِ الثَّانِي على غير تأليف الشّعْر، لِأَن نصف الْبَيْت لَا يُقَال لَهُ شِعرٌ، وَلَا بيتٌ، وَلَا جَازَ أَن يُقَال لنصف الْبَيْت: شِعرٌ؛ لقيل لجُزْءٍ مِنْهُ شعر، وَجرى على لِسَانه فِيمَا يُروى:
أَنا النَّبِي لَا كذب
أَنا ابْن عبد الْمطلب
قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا هُوَ: لَا كَذبَ بِفَتْح الْبَاء فِي الوَصْل.
قَالَ الْخَلِيل: فَلَو كَانَ شِعْراً لم يَجْرِ على لِسَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ الله تَعَالَى: {أَفَلاَ يَعْقِلُونَ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ} (يس: 69) أَي وَمَا يتسَهَّل لَهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَالَ الْأَخْفَش: قَول الْخَلِيل إِن هَذِه الْأَشْيَاء شِعْرٌ وَأَنا أَقُول: إِنَّهَا لَيست شِعْراً، وَذكر أَنه هُوَ ألزَمَ الْخَلِيل مَا ذكرنَا، وأنَّ الْخَلِيل اعتقده.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق، وَمعنى الرِّجْز فِي العَذَابِ هُوَ الْعَذَاب المقَلْقِل لِشِدَّتِهِ، قَلْقَلَةً شَدِيدَة متتابعة.
وَقَالَ اللَّيْث قَالَ الخليلُ: الرَّجَزُ المشطُورُ والمنهوكُ: ليَسا من الشّعْر كَقَوْلِه:
أَنا النَّبيُّ لَا كذب
والمُشْطُورُ: الأنصاف المسجَّعَةُ.
والرَّجَزُ: مصدر رَجَزَ يَرْجُزُ.
والأُرَجُوْزَةُ: الْوَاحِدَة، والجميع: الأَرَاجِيْزُ.
وارتَجَزَ الرَّجَّازُ ارتِجَازاً، وَهُوَ رَجَّازٌ، وَرَجَّاَزَةٌ، ورَاجِزٌ.
(أَبُو عبيد) : الرَّجَائِزُ: مراكبُ أَصْغَر من الهَوَادِجِ.
وَقَالَ الشماخ:
كَمَا جَلَّلَتْ نِضْوَ القِرَامِ الرَّجَائِزُ
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّجَازَةُ: شَيْء يُعدل بِهِ ميل الحِمْلِ، وَهُوَ شَيْء من وِسَادَةٍ أَو أَدمٍ إِذا مَال أحد الشِّقَّين وُضِع فِي الشِّقِّ الآخر ليستوي تُسَمَّى رجَازَةَ الْميل، قَالَ: وَوَسْوَاسُ الشَّيْطَان: رِجْزٌ.
(أَبُو عبيد عَن العَدَبَّس الكنائي) : قَالَ: الْبَعِير إِذا كَانَ يُصِيبهُ اضْطِرَاب فِي فَخذيهِ إِذا أَرَادَ الْقيام سَاعَة ثمَّ ينبسط فَهُوَ أَرْجَزُ، وَقد رَجِزَ رَجَزَاً.
قَالَ الرَّاعِي يصف الأثافي:(10/323)
ثَلاَثٌ صَلَيَن النَّاَر شهرا وأرْزمَتَ
عليهنَّ رَجْزَاءُ القيامِ هَدُوجُ
يَعْنِي ريحًا تَهْدِجُ، لَهَا رَزَمَةٌ.
وَيُقَال: أَرَادَ برَجْزَاءِ الْقيام قِدْراً كَبِيرَة ثَقيلَة، هَدُوجٌ: سريعةُ الغَلَيَان.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم فِي صفة النَّاقة الرَّجْزَاء:
حَتَّى يقومَ تكلُّفَ الرَّجْزَاءِ
وَيُقَال للريح إِذا كَانَت دائمة: إِنَّهَا لرَجْزَاءُ، وَقد رَجَزَتْ رَجْزاً.
وارتَجَزَ الرَّعْد ارتِجَازاً إِذا سَمِعت لَهُ صَوتا مُتَتَابِعًا.
وَتَرَجَّزَ السَّحَاب أَي تحرّك تحركاً بطيئاً لِكَثْرَة مَائه.
قَالَ الرَّاعِي:
ورجَّافاً يَحِنّ المزنُ فِيهِ
تَرَجَّزَ من تِهَامة فاسْتَطَارا
أَرَادَ بالرَّجَّاف: السَّحَاب.
ج ز ل
جلز، جزل، زجل، زلج، لزج: مستعملة.
جزل: (الْأَصْمَعِي) : الجَزَلُ: أَن يُصيبَ الغارِبَ دبَرة فيخرُجَ مِنْهُ عَظْمٌ، ويُشد حَتَّى يُرى مَكَانَهُ مطمئناً، يُقَال مِنْهُ: جَزِل الْبَعِير يَجْزَلُ جَزَلاً.
وَأنْشد قَول أبي النَّجْم:
يُغَادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْرِ الأجزَلِ
وامرأةٌ جزلَةٌ إِذا كَانَت جيدةَ الرَّأْي، ورجلٌ جَزْلٌ، وَمَا أبينَ الجَزَالةَ فِيهِ أَي جودةَ الرَّأْي.
وَيُقَال: ضَرَبَ الصَّيدَ فَجَزَلَهُ جَزْلَتَين أَي قطعه قِطعتين.
والحَطَبُ الجَزْلُ: الغليظُ مِنْهُ.
وَيُقَال: جَاءَ زَمَنُ الجُزَالِ وَهُوَ زمن صِرَامِ النّخل.
وَقد أجْزَلَ لَهُ الْعَطاء إِذا أعَظَمَ.
وجَزَلَ يَجْزِلُ إِذا قَطَعَ، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا مَا حَان من جَزَالِهَا
وحطَّت الجُرَّام من جِلاَلِهَا
وَقَالَ اللَّيْث: عَطاء جَزْلٌ وجَزِيلٌ إِذا كَانَ كثيرا.
وَامْرَأَة جَزْلَةٌ: ذَات أرداف وثيرة.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَوْزَلُ: السُّمُّ.
وَقَالَ ابْن مقبل يصف نَاقَة:
سَقَتْهُنَّ كأساً من زُعَافٍ وجَوَزلاَ
قَالَ شمر: لم أسمع الجَوْزَلَ بِمَعْنى السمِّ لغير ابْن مقبل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الجَوْزَلُ: الفَرْخُ، وَجمعه: الجَوازِلُ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
سوى مَا أصابَ الذئبُ مِنْهُ وسُرْبَةٌ
أطافت بِهِ من أُمَّهَات الجَوَازِلِ(10/324)
(ابْن الْأَعرَابِي) : بَقِي فِي الْإِنَاء جَزْلة، وَفِي الجُلَّةُ جِزْلَةٌ، وَمن الرَّغِيف جِزْلَةٌ أَي قِطْعَة.
وَيُقَال: جُزِلَ غَارِبُ الْبَعِير فَهُوَ مَجْزُولٌ: مثل جَزِلَ.
وَقَالَ جرير:
مَنَعَ الأُخيطِلُ أَن يسامِيَ عِزَّنا
شَرَفٌ أجبُّ وغاربٌ مَجْزُولُ
جلز: قَالَ اللَّيْث: الجَلزُ: شدَّة عَصْبِ العَقَبِ، وكل شَيْء يُلوى على شىء فَفِعْلُهُ: الجَلْزُ، واسْمه: الجِلاَزُ.
وجَلائِزُ القوسِ: عَقَبٌ يُلوى عَلَيْهَا فِي مَوَاضِع، وكل وَاحِدَة مِنْهَا: جِلاَزَةٌ، والجِلاَزُ: أَعم، أَلا ترى أَن الْعِصَابَة: اسْم للَّتِي للرأس خَاصَّة.
وكل شَيْء يُعصَّب بِهِ فَهُوَ العِصَابُ.
وَإِذا كَانَ الرجل معصُوبَ الخَلْقِ واللحْم.
قلت: إِنَّه لَمَجلُوزُ اللَّحْم والخلق، وَمِنْه اشتُق: نَاقَة جَلْسٌ، بِالسِّين بَدَلٌ من الزَّاي، وَهِي الْوَثِيقَة الخَلْقِ.
والجِلْوَازُ: الشُّرَطِيُّ، وَجَلْوَزْتُهُ: خِفَّتُهُ فِي ذَهَابه ومجيئه بَين يَدي الْعَامِل.
وَقَالَ الفرّاء: الجِلئِزُ من النِّسَاء، بِالْهَمْز: القصيرة.
وَأنْشد أَبُو ثروان:
فَوق الطَّوِيلَة والقصيرة شَبْرُها
لَا جِلئِزٌ كُنُدٌ وَلَا قَيْدُودُ
قَالَ: وَهِي الفِنئِلُ أَيْضا.
وَيُقَال: جَلَّزَ فِي نَزْعِ الْقوس إِذا أَغْرقَ فِيهِ حَتَّى بلغ النَّصْلَ، وَقَالَ عدي:
أبلِغْ أَبَا قابوسَ إِذْ جلَّزَ النَّ
زعُ وَلم يُوْجَدْ كَظَبيٍ يُسُر
(ابْن السّكيت عَن أبي عمرٍ و) : التَّجْلِيزُ: الذّهاب، وَقد جلَّز فَذهب وَأنْشد:
ثمَّ سَعَى فِي إثْرهَا وجلَّزا
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجِلَّوْزُ: البُنْدُقُ، والجِلَّوزُ: الضَّخْمُ الشُّجاع.
وَقَالَ النَّضر: جَلَزَ شَيْئا إِلَى شَيْء أَي ضمَّه إِلَيْهِ وَأنْشد:
قَضَيْتُ حُوَيْجَةً وَجَلَزْتُ أُخْرَى
كَمَا جَلَزَ الفُشَاغُ على الغصون
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ ابْن مِجْلَزٍ، والعامة تَقول: مَجْلِزْ، وَهُوَ مُشْتَقّ من جَلْزِ السَّوْط وَهُوَ أغلظه عِنْد مَقْبِضِهِ، وجَلْزُ الشَّيْء: أغلظه.
زجل: قَالَ اللَّيْث: الزَّجْلُ: الرَّمْي بالشَّيْء تأخُذُهُ بِيَدِك فترمي بِهِ.
والزَّجْلُ: إرْسَال الحَمَام الْهَادِي من مَزْجَلٍ بعيد. وَقد زَجَلَ بِهِ يَزْجُلُ.
والزَّجَلُ: رفع الصَّوْت الطَّرب.
يُقَال: حَادٍ زَجِلٌ، ومغنَ زَجِلٌ، وَقد زَجِلَ(10/325)
يَزْجَلُ زَجَلاً، وَقَالَ فِي قَوْله:
وَهُوَ يغنِّيها غناء زَاجِلا
وَقَالَ:
يَا ليتنا كُنَّا حمامَيْ زَاجِل
قَالَ: والزَّاجِلُ: الْحلقَة من الخَشَبَةِ تكون مَعَ المُكاري فِي الحِزَامِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الزَّاجِلُ بِفَتْح الْجِيم: العُودُ الَّذِي يُشد بِهِ القِرْبَة، قَالَ: وَجمعه: زَوَاجِلُ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
فهان عَلَيْهِ أَن تَجِفَّ وِطَابُكم
إِذا حُنِيَتْ فِيمَا لَدَيْهِ الزَّوَاجِلُ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الزَّاجَلُ: مَنِيُّ الظليمِ.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَمَا بَيْضَاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفَ
سُقين بِزَاجِلٍ حَتَّى رَوِينا
(قلت) : سمعتهما مَعًا بِفَتْح الْجِيم بِغَيْر همز، والهمزُ فِيهَا لُغَة.
(أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي) : الزُّجْلَةُ: الْجَمَاعَة، وَجَمعهَا: زُجَل.
قَالَ لبيد:
كَحَزِيقِ الحَبَشِيِّيْنَ الزُّجَلْ
وَقَالَ غَيره: الزَّاجِلُ: سِمَةٌ يُوْسَمُ بهَا أعناقُ الْإِبِل.
قَالَ الراجز:
حمضيَّةٌ جَاءَت عَلَيْهَا الزَّاجَل
والمِزجالُ: شبه المزراقِ، وَهُوَ النَّيْزَكُ يُرمى بِهِ.
وَقد زَجَله زَجْلاً بالمِزْجَالِ قَالَ أَبُو النَّجْم:
وترتمي بالصخر زُجْلاً زَاجِلا
أَي رمياً شَدِيدا.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي بَيت ابْن أَحْمَر: كَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: الزَّاجَلُ: مَاء الظليم.
قَالَ: وَأَخْبرنِي من سمع الْعَرَب تَقول: إِن الزَّاجَلَ هَا هُنَا مُزَاجَلَة النعامة والهَيْقِ فِي أَيَّام حِضَانِهما، وَهُوَ التقليب، لِأَنَّهَا إِذا لم تُزاجل مَذِرَ الْبيض، فَهِيَ تُقلِّبه لِيَسْلَمَ من المَذَرِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : الزِّئجيل، والزُّؤاجل: الضَّعِيف من الرِّجَال.
وَقَالَ الْأمَوِي: هُوَ الزِّنجيل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الزَّاجِلُ: الرَّامِي، والزّاجلُ: قَائِد العساكر.
(أَبُو عبيد) : زَجَلتُ بالشيءِ ونَجَلْتُ بِهِ إِذا رمَيْتَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الزُّجْلةُ: البِلَّةُ من الشَّيْء الهَنِيْهَةُ مِنْهُ.
يُقَال: زُجْلَةٌ من مَاء أَو بُرَدٍ أَو نَجْلٍ.
قَالَ: والجِلْدَةُ الَّتِي بَين الْعَينَيْنِ تسمى زُجْلَةً، قَالَه فِي قَوْله:
كأنَّ زُجلَةَ صَوْبٍ صَابَ من بَرَدٍ
شنَّت شآبِيبُهُ من رائِحٍ لَجِبِ(10/326)
نَوَاصِحٌ بَين حَمَّاوَينِ أحْصَنَتَا
مُمَنَّعاً كهُمَامِ الثّلجِ بالضَّرَبِ
النَّوَاصِحُ: أَرَادَ بهَا الثنايا البيضَ، وَأَرَادَ بالحَمَّاوَينِ شَفَتَيْهَا.
لزج: قَالَ اللَّيْث: اللَّزَجُ: مصدر الشَّيْء اللَّزِجِ، وَقد لَزِجَ يَلْزَجُ لَزَجاً، وأكلتُ شَيْئا فَلَزِجَ بإصبعي أَي عَلِقَ بِهِ، وَزِبيبَةٌ لَزِجَةٌ.
قَالَ: والتَّلَزُّجُ: تتبُّع البُقُول والرِّعْي الْقَلِيل من أَوله أَو فِي آخر مَا يَبْقَى، وَقَالَ العجاج:
وفَرَغَا من رعْي مَا تَلَزَّجَا
وَقَالَ غَيره: تلزَّج البقل إِذا كَانَ لدْناً فَمَال بعضه على بعض.
زلج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزُّلُج: السِّراع من جَمِيع الْحَيَوَان.
والزُّلُجُ: الصخور المُلْسُ.
قَالَ: والزَّالجُ: الَّذِي يَشْرَبُ شُرباً شَدِيدا من كل شَيْء وَهُوَ الزابج، والزَّالِجُ: النَّاجِي من الغمرات، يُقَال: زَلَجَ يَزْلِجُ فيهمَا جَمِيعًا.
والزَّلِيجَةُ: النَّاقة السريعة.
وَأما قَول ذِي الرمة:
حَتَّى إِذا زَلَجَتْ من كُلِّ حنَجَرَةٍ
إِلَى الغليل وَلم يقصَعْنَه نُغَبُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ زَلَجَتْ نُغَبٌ من المَاء أَي جُرَع إِلَى غليلها أَي انحدرت فِي حناجرها مسرعة لِشِدَّةِ عَطَشِهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّلَجُ: سُرْعَةُ ذهَاب الْمَشْي ومُضِيِّه.
يُقَال: زَلَجَتِ النَّاقة تَزْلَجُ زَلْجاً إِذا مَضَت مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا لَا تُحَرِّك قوائِمَها من سُرْعتها.
والسهمُ يَزْلِجُ على وَجه الأَرْض ثمَّ يمْضِي مَضَاءً زَلْجاً وزَليجاً.
وَإِذا وَقع السهْم بأرضٍ، وَلم يقْصد إِلَى الرَّمِيَّة قلتَ أزلَجْت السهْم يَا هَذَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الزَّالِجُ من السِّهَام إِذا رَمَاه الرَّامِي فقصَّر عَن الهدف وَأصَاب صَخْرَة إِصَابَة صُلبة فاستقل من إِصَابَة الصَّخْرَة إِيَّاه فقوي وارتفع إِلَى القرطاس، وَهُوَ لَا يُعدُّ مُقَرطِساً، فَيُقَال لصَاحبه:
أَلحَثَنِي لَا خير فِي سَهْمٍ زَلَجْ
(اللِّحياني) : سِرنا عَقَبَةً زُلُوجاً، وزَلُوقاً أَي بعيدَة طَوِيلَة.
والزَّلَجَانُ: التَّقَدُّم فِي السُّرعَةِ، وَكَذَلِكَ: الزَّلَخان.
وَمَكَان زلجٌ وزَلْخٌ أَي دَحْضٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَلَجَتْ رِجْلُهُ، وزَلَخَتْ، وَأنْشد:
قَامَ على مَرْتَبَةٍ زَلجٍ فَزَل
وَأما السرعة فِي الْمَشْي فَيُقَال: زَلَجَ يَزْلجُ زَلْجاً، وَأنْشد:(10/327)
وَكم هجَعَتْ وَمَا أطلقتُ عَنْهَا
وَكم زَلَجَت وظِلُّ اللَّيْل داني
والمُزَلَّجُ من الْعَيْش: المدافع بالبُلغة، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
عِتْقُ النجَار وعيشٌ فِيهِ تَزْلِيجُ
والمُزَلَّج: الدُّوُن من كل شَيْء.
وحُبٌّ مُزَلَّجٌ: فِيهِ تَغْرِيرٌ.
وَقَالَ مُلَيْح الهُذلي:
وَقَالَت أَلا قد طالما قد غررتَنا
بِخَدْعٍ وَهَذَا مِنْك حُبٌّ مُزَلَّجُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : المُزَلَّج من الرِّجَال: المُلصَقُ بالقوم.
وزلَّجَ فُلانٌ كلاَمَهُ تزليجاً: إِذا أخرجه وسيَّره.
وَقَالَ ابْن مُقبل:
وصَالَحَةِ العَهدِ زلَّجتُها
لِوَاعِي الْفُؤَاد حَفِيْظِ الأُذُنْ
يَعْنِي قصيدةً أَو خُطبةً.
وَقَالَ اللِّحياني: تركتُ فلَانا يتزلَّج النَّبِيذ تزلُّجاً أَي يُلح فِي شربه.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : أزلجتُ الْبَاب إزلاجاً إِذا أغلقته.
وَقَالَ اللَّيْث: المِزلاَج: كَهَيئَةِ المغلاق وَلَا ينغلق إِنَّمَا يُغلق بِهِ الْبَاب، وَهُوَ الزِّلاج أَيْضا.
يُقَال: أَزْلَجَ البابَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَزَالِيجُ أهل الْبَصْرَة إِذا خرجتِ الْمَرْأَة من بَيتهَا، وَلم يكن فِيهِ رَاقِبٌ تثق بِهِ، خرجَت فردَّت بَابهَا، وَلها مِفْتَاح أعقَفُ مثل مِفْتَاح المَزَالِيجِ من حَدِيد، وَفِي الْبَاب ثقبٌ فتُولِجُ فِيهِ المفتاحَ فتُغلِقُ بِهِ بابَها، وَقد زَلَجَتْ بَابهَا زَلْجاً إِذا أغلقته بالمِزْلاَجِ.
ج ز ن
جنز، زنج، نزج، نجز، جزن: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: نزج، وزنج وهما مستعملان.
نزج: روى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: نزج إِذا رقص.
وَقَالَ غَيره: النَّيْزَجُ: جَهَازُ الْمَرْأَة إِذا كَانَ نازِيَ البَظْرِ طَوِيْلَهُ، وَأنْشد ابْن السّكيت:
بِذَاكَ أشفي النَّيَزَجَ الحِجَامَا
(زنج) : (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: الزَّنجُ، والزِّنجُ: لُغَتَانِ، وهم جيل من السودَان، وَرُبمَا نادَوْ فَقَالُوا: يَا زَنَاجِ للزِّنجِيِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الزَّنَجُ: شدَّة الْعَطش.
وَقد زَنِجَ زَنَجاً، وصَرّ صَرِيراً، وصَرِيَ، وصَدِيَ بِمَعْنى وَاحِد.
(عمروٌ عَن أَبِيه) : الزِّنَاجُ: الْمُكَافَأَة بِخَير(10/328)
أَو شرَ.
وَقَالَ ابْن بُزُرجَ: الزَّنَجُ والحَجَزُ: وَاحِد، يُقَال: حَجِزَ الرجل أَو زَنِجَ وَهُوَ أَن يُقْبَضَ أمعاء الرجل ومصارينه من الظَمَأ فَلَا يستطيعُ أَن يُكثِرَ الشُّربَ أَو الطُّعْمَ.
جنز: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ: السرير، والجَنَازَةُ بِالْفَتْح: الميِّتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجنَازَةُ: الْإِنْسَان الميِّت.
وَالشَّيْء الَّذِي قد ثَقُلَ على قوم واغتَمَّوا بِهِ هُوَ أَيْضا: جَنَازة، وَأنْشد:
وَمَا كُنْتُ أخْشَى أَن أكون جَنَازَةً
عَلَيكِ وَمن يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ
قَالَ: إِذا مَاتَ الإنسانُ فَإِن الْعَرَب تَقول: رُمي فِي جِنَازَتهِ فَمَاتَ.
قَالَ اللَّيْث: وَقد جرى فِي أَفْوَاه النَّاس جَنَازة بِالْفَتْح، والنَّحَارِيرُ يُنكروُنه. وَيَقُولُونَ: جُنِزَ الشَّيْء فَهُوَ مَجْنُوزٌ إِذا جُمِعَ.
(أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي) : الجِنَازَةُ بِالْكَسْرِ هُوَ الميِّت نفسُهُ، والعوام يتوهَّمُونَ أَنه السرير، تَقول الْعَرَب: تركتُه جَنَازَةً أَي مَيْتاً، وَقَالَ أَبُو دَاوُد المَصَاحِفيُّ قلت للنضر: الجَنَازَةُ هُوَ الرجل أَو السرير؟ فَقَالَ: السرير مَعَ الرجل، قَالَ: وَسمعت عبيد الله بن الْحسن يَقُول: سُمِّيَت الْجِنَازَة لِأَن الثِّيَاب تُجمع والرجُلُ على السرير.
قَالَ: وجُنِزوا أَي جُمِعُوا، وَقَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: ضُرب الرَّجُلُ حَتَّى تُرك جِنَازَةً.
وَقَالَ الْكُمَيْت يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيا وَمَيتًا:
كَانَ مَيتاً جِنَازَةً خير مَيْتٍ
غيَّبَتْهُ حفائِرُ الأقوامِ
قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِنَازَةُ الميِّت، يُقَال طُعِنَ فِي جِنَازَتِهِ إِذا مَاتَ، وَأنْشد:
كَأَنَّمَا القَومُ على صِفَاحِها
جَنَائِزٌ قَدْ بِنَّ من أرواحها
وَقَالَ شمر: يُقَال: جَنَازَةٌ وجِنَازَةٌ، ودجَاجةٌ ودِجَاجَةٌ.
جزن: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ المؤرج: حَطَبٌ جَزْنٌ وجَزلٌ، وَجمعه: أجزُنٌ وأجزُلٌ، وَهِي الْخشب الغِلاظ.
قَالَ جَزْءُ بن الْحَارِث:
حمى دونه بالشوك والتفَّ دونه
من السِّدر سُوقٌ ذاتُ هول وأجزُنِ
نجز: قَالَ اللَّيْث يُقَال: نَجَزَ الوَعْدُ يَنْجُزُ نَجْزاً، وأنجَزْتُهُ أَنا، ونَجَزتُ بِهِ وإنجازُكه: تَعْجِيلُكَه، ووفاؤك بِهِ، وَنَجَزَ هُوَ أَي وفى بِهِ، وَهُوَ مثل قَوْلك: حَضَرتِ الْمَائِدَة، وَإِنَّمَا أُحضِرَت، وَمن أمثالهم (نَاجِزٌ بِنَاجِزٍ) كَقَوْلِك: يدا بيد، وعاجلٌ بعاجلٍ.(10/329)
وَأنْشد:
رَكْضَ الشَّموس نَاجِزاً بناجِزِ
والمُنَاجَزَةُ فِي الْحَرْب: أَن يتبارز الفارسان حَتَّى يُقتل أَحدهمَا.
وَأنْشد:
ووقفتُ إِذْ جبن المشيَّ
عُ موقف القِرن المُنَاجِزْ
قَالَ: وَهَذَا عَروض مُرَفَّل من ضرب الْكَامِل على أَرْبَعَة أَجزَاء مُتَفَاعِلُن وَفِي آخِره حرفان زِيَادَة، وَهُوَ مقيَّد لَا يُطلق، والتَّنَجُّزُ: طلب شَيْء قد وُعِدْتَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم: (إِن أردْت المُحَاجَزَةَ فَقَبْلَ المُنَاجَزَةِ) يُضربُ لِمَنْ يطْلب الصُّلحَ بعد الْقِتَال.
(أَبُو عبيد) : نَجَزَ الشَّيْء إِذا فني وَذهب فَهُوَ ناجز.
وَقَالَ النَّابِغَة:
فمُلكُ أبي قَابُوس أضحى وَقد نَجَزْ
وَنَجَزَتِ الْحَاجة إِذا قُضيت، وإنجَازُكَهَا: قَضَاؤُهَا.
(ابْن السّكيت) : نَجَزَ: فَنِيَ، وَنَجَزَ: قضى حَاجته.
وَقَالَ أَبُو الْمِقْدَام السُّلَمي: يُقَال: أنْجَزَ عَلَيْهِ وأوجَزَ وأجْهَزَ عَلَيْهِ بِمَعْنى وَاحِد.
ج ز ف
اسْتعْمل من وجوهه: (جزم)
جزف: قَالَ اللَّيْث: الجُزَافُ فِي البيع، وَالشِّرَاء: دخيل، وَهُوَ بالحَدْسِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، تَقول: بِعْتُهُ بالجُزَافِ، والجُزَافَة، وَالْقِيَاس: جِزَافٌ، واجتَزَفْتُ الشَّيْء اجتِزَافاً: إِذا اشْتَرَيْته جِزَافاً.
وَقَالَ صَخْر الغيِّ يصف السَّحاب:
فأقبَلَ مِنْهُ طِوَالَ الذّرَى
كأنَّ عليهنِّ بَيْعاً جَزِيفَا
أَي اشتُري جِزَافاً بِلَا كيل، وَيُقَال: تجزَّفْتُ فِي كَذَا تجزفاً أَي تنفَّذْتُ فِيهِ.
ج ز ب
جبز جزب بزج زبج: مستعملة.
زبج: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَابْن الْأَعرَابِي: أخذتُ الشَّيْء بزَأبَجِهِ، وبِزَأْمَجِهِ إِذا أَخَذته كُلَّهُ، والهمزة فيهمَا غير أَصْلِيَّة.
بزج: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البازِجُ: المُفَاخِرُ.
وَقَالَ أعرابيٌّ لرجُلٍ: أَعْطِنِي مَالا أُبَازِجُ بِهِ أَي أُفاخِرُ بِهِ.
وَأنْشد شمر:
فَإِن يَكُنْ ثوبُ الصِّبا تضرَّجا
فقد لَبِسْنَا وشْيَهُ المبزَّجا
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُبَزَّجُ: المُحَسَّنُ المُزَيَّنُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نصر وَقَالَ شمر فِي كَلَامه: أَتَيْنَا فلَانا فَجعل يُبزِّج كَلَامه:(10/330)
أَي يحسِّنه.
وَيُقَال: بازَجَ يُبازِجُ مُبَازَجَةً.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هُوَ يَبْزُجُ عليَّ فلَانا، وَيَمْزُجُهُ ويزمُكُهُ ويزُكُّهُ أَي يحرِّشُهَ.
وهما يَتَبَازَجَانِ وَيَتَمَازَجَانِ: أَي يَتَفَاخَرَانِ.
جزب: أهمله اللَّيْث.
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجِزْبُ: النَّصيبُ، أعطِنِي جِزْبِي أَي نَصِيبي وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن المستنير.
وَقَالَ: الجِزْبُ: والجِزمُ للنصبيب.
قَالَ: والجُزب: العبيد.
وَبَنُو جُزَيبة: مَأْخُوذ من الجُزْبِ، وَأنْشد:
ودُودَانُ أجلَتْ عَن أبانين والحِمى
فِراراً وَقد كُنَّا اتخذناهُمُ جُزْبَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِجْزَبُ: الحَسَنُ السِبّرِ: الظاهِرُهُ.
جبز: قَالَ اللَّيْث: الجِبْزُ: اللَّئِيم الْبَخِيل.
(قلت) : وَقد ذكره رؤبة فِي زَائيَّتِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: أكلتُ خُبزاً جَبِيزاً: أَي يَابسا قفاراً.
ج ز م
جزم جمز مزج زمج زجم: مستعملة.
جزم: قَالَ اللَّيْث: الجَزْمُ: عزيمةٌ فِي النَّحْو فِي الْفِعْل، فالحرف المَجْزُوُم، آخِرُهُ لَا إِعْرَاب لَهُ.
والجَزْمُ: ضرب من الْكِتَابَة، وَهُوَ تَسْوِيَة الْحَرْف، وَقَلَمٌ جَزْمٌ: لَا حرف لَهُ. وَمن الْقِرَاءَة: أَن يُجْزَمَ الكلامُ جَزْماً، تُوضَع الْحُرُوف فِي مَوَاضِع فِي بيانٍ ومَهَلٍ.
والجَزْمُ: الْحَرْف إِذا سكن آخِره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس المُبَرَّد فِيمَا روى أَبُو عمر لَهُ: إِنَّمَا سمي الْجَزْم فِي النَّحْو جزما لِأَن الْجَزْم فِي كَلَام الْعَرَب: القَطْعُ.
يُقَال: أفْعَلُ ذَلِك جزما، فَكَأَنَّهُ قطع الإعرابَ عَن الحَرفِ.
وَرُوِيَ عَن النَّخَعي أَنه قَالَ: التَّكبير: جَزْمٌ، وَالتَّسْلِيم: جزم، أَرَادَ أَنَّهُمَا لَا يُمَدَّانِ، وَلَا يُعرب آخر حروفهما، وَلَكِن يسكَّن، فَيُقَال: الله أكبرْ إِذا وقف عَلَيْهِ، وَلَا يُقَال: الله أكبرُ فِي الْوَقْف.
وَيُقَال: جزمتُ مَا بيني وَبَينه، أَي قَطَعْتُهُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : جزمْتُ النّخل، وَجَرمْتُهَ إِذا خَرَصْتَه وحَزَرته.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: إِذا بَاعَ الثَّمَرَة فِي أكمامها بِالدَّرَاهِمِ فَذَلِك الجَزْمُ، وَقد اجْتَزَمَ فلَان نخل فلَان فَأَجْزَمَهُ أَي ابتاعه مِنْهُ فَبَاعَهُ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جَزَمتُ القِرْبَة: ملأتُها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَأنْشد:(10/331)
فَلَمَّا جَزَمْتُ بِهِ قِربَتي
تيمَّمْتُ أطِرقَةً أَو خَلِيفَا
(أَبُو عبيد) : جزَّم القومُ إِذا عجزوا.
وبقيتُ مُجَزِّماً: أَي مُنْقَطِعًا بِي، وَأنْشد:
وَلَكِنِّي مَضَيْتُ وَلم أُجَزِّم
فَكَانَ الصَّبرُ عَادَة أوَّلينا
وَيُقَال: جزَّم الْبَعِير فَمَا يبرح.
وانْجَزَمَ الْعظم إِذا انْكَسَرَ.
(سَلمَة عَن الْفراء) : جَزَمَتِ الْإِبِل إِذا رويَتْ من المَاء.
وبعير جَازِمٌ، وإبلٌ جَوَازِمُ.
وَيُقَال للسِّقاء مِجْزَمٌ، وَجمعه: مَجَازِمُ.
زمج: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمَجَ القِرْبَةَ وجَزَمَها إِذا مَلأَها.
وَقَالَ اللحياني: وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زَمَجَ على الْقَوْم، ودَمَقَ ودَمَر بِمَعْنى وَاحِد.
وروى أَبُو تُراب عَن شمر: زَمَجَ بَين القومِ، وزَأجَ إِذا حرَّشَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَخذ الشَّيْء بزَأبَرِهِ، وبَزأمَجِهِ إِذا أَخذه كُله.
(اللَّيْث) : الزُّمَّج: طَائِر دون العُقاب، فِي قِمَّته حُمرة غالبَةٌ تُسَمّيهِ العَجَمُ دُبرَاذَ.
قَالَ: وترجمته أَنه إِذا عجز عَن صَيْده أَعَانَهُ أَخُوهُ على أَخذه.
مزج: قَالَ اللَّيْث: المَزْجُ: خلطُك المِزَاجَ بالشَّيْء.
ومِزَاجُ الجسمِ: مَا أُسِّس عَلَيْهِ البدنُ من الْمَرَّتَيْنِ، والدمِ والبَلْغَمِ.
وَيُقَال: قد مزَّج السُّنْبُلُ إِذا لوَّن من خُضْرةٍ إِلَى صُفْرةٍ.
والمَزْجُ: الشَّهدُ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فجَاء بِمَزجٍ لم ير الناسُ مثله
هُوَ الضَّحْكُ إِلَّا أَنه عَمَلُ النَّحْل
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَسأَلُ السَّائِلُ، فَيُقَال: مزِّجوه أَي أَعْطوهُ شَيْئا، وَأنْشد:
وأغْتَبِقُ الماءَ القَرَاحَ وأنطوي
إِذا المَاءُ أَمْسَى للممزَّجِ ذَا طعمِ
جمز: قَالَ اللَّيْث: جَمَزَ الإنسانُ والدابةُ وَالْبَعِير يَجْمِزُ جَمْزاً. وجَمَزَى وَهُوَ عَدْوٌ دون الحُضْرِ الشَّديد، قَالَ أُميَّة بن أبي عَائِذ الهُذلي:
كَأَنِّي ورحلي إِذا زُعتُها
على جَمَزَى جازىءٍ بالرِّحالِ
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : النَّاقة تعدو الجَمَزَى، والوَكَرَى. والوَلَقَى، وَقد جمَزَتْ، وَهُوَ العَدْوُ الَّذِي كَأَنَّهُ ينزُو.
وَقَالَ شمر: بَلغنِي أَن الْأَصْمَعِي قَالَ: قَول الهذليِّ.
جَمَزَى وحَيَدى بالرِّحال
خطأ لِأَن (فَعَلَى) لَا تكون إِلَّا للمؤنث.
قَالَ شمر: وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي: حيِّد(10/332)
بالرِّحَالِ يُرِيد عَن الرِّحَالِ.
(قلت) : ومَخرَجُ من رَوَاهُ: على جَمَزَى على عيْر ذِي جَمَزَى أَي ذِي مِشْيَة جَمَزَى، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: نَاقَة وَكَرَى أَي ذَات مِشيةٍ وَكَرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمْزَانُ: ضرب من التَّمْر، وَالنَّخْل والجُمَّيز، وَمِنْهُم من يَقُول: الجُمَّيزى: شجر كالتين فِي الخِلقَةِ، ويعظُمُ عِظَمَ الفِرصَادِ، وورقُهُ أصغَرُ من ورق التِّين، وَيحمل تيناً صغَارًا من بَين أصفر وأسود، يكون بالغور، ويسمَّى التِّين الذَّكَرَ. ويُسَمِّي بعضُهم حَمْلَهُ الحُما، فالأصفر مِنْهُ حُلْوٌ، وَالْأسود يدمِّي.
والجُمْزَةُ كُتلة من تمر وأقط وَنَحْو ذَلِك.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه تَوَضَّأ فَضَاقَ عَن يَدَيْهِ كُمًّا جُمَّازة كَانَت عَلَيْهِ فأَخْرَجَ يَدَيْهِ من تَحْتِهَا) .
والجُمَّازة: مِدْرَعَةُ صُوفٍ ضيِّقةٌ الكُمَّيْن، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
بكفيك من طاقٍ كثير الْأَثْمَان
جُمَّازةٌ شُمِّر مِنْهَا الكُمَّان
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ:
دَلَنْظَى يَزِلُّ القَطْرُ عَن صَهَوَاتِهِ
هُوَ اللَّيْث فِي الجُمَّازَةِ المتورِّد
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَمْزُ: الاستهزاءُ.
زجم: قَالَ اللَّيْث: مَا تَكَلَّم بِزَجْمَةٍ، أَي مَا نَبَسَ بِكَلِمَة.
قَالَ: والزَّجُومُ من القسيِّ: الَّتِي لَيست بشديدة الإرَنانِ، وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
فَظَلَّ يمطُو عُطُفاً زجوما
(أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : بعيرٌ أَزْيَمُ وأسجَمُ وَهُوَ الَّذِي لَا يرغو.
قَالَ شمر: الَّذِي سَمِعت: بَعِيرٌ أزجَمُ بالزاي وَالْجِيم، وَلَيْسَ بَين الأزيَمِ والأزْجَم إِلَّا تَحْوِيلُ الياءِ جيماً، وأنشدنا أَبُو جَعْفَر الهُزيميُّ، وَكَانَ عَالما:
من كل أزجَمَ شَابِكٍ أنيَابُهُ
ومقصَّف بالهدل كَيفَ يَصُولُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تجْعَل الْجِيم مَكَان الزَّاي لِأَن مخرجهما من شَجْرِ الْفَم، وشَجْرُ الْفَم: الْهَوَاء، وخَرْقُ الْفَم الَّذِي بَين الحَنَكَيْنِ.
وَقَالَ غَيره: الزَّجُومُ: النَّاقَةُ السيِّئة الخُلُقِ الَّتِي لَا تكَاد تَرْأَمُ سَقْبَ غَيرهَا، ترتاب بشمِّه، وَأنْشد بَعضهم:
كَمَا ارتاب فِي أنف الزَّجُوم شميمها
وَرُبمَا أُكرهت حَتَّى ترأمه فتدر عَلَيْهِ.
قَالَ الْكُمَيْت:
وَلم أُحْلِلْ لصاعقةٍ وبرقٍ
كَمَا درَّت لِحَالِبِها الزَّجُومُ
لم أُحْلِل من قَوْلك: أحلَّت النَّاقة إِذا(10/333)
أَصَابَت الرّبيع فأنزلت اللَّبن، يَقُول: لم أعطهم على الكُره مَا يُرِيدُونَ كَمَا تَدِرُّ الزَّجُومُ على الكُرهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الزَّجْمَةُ: الصَّوْت بِمَنْزِلَة النَّأمَةِ.
وَيُقَال: مَا عَصَيتُهُ زَجْمَةً وَلَا نَأْمَةً وَلَا زَأْمَةً وَلَا وَشْمَةً أَي مَا عَصَيْتُهُ فِي كَلِمَةً.
(أَبْوَاب الْجِيم والطاء)
قَالَ اللَّيْث: أُهْمِلتِ الجيمُ والطَّاءُ فِي الثُّلاثِيِّ الصَّحِيح.
(قلت) : وَقد وجَدْنا فِي هَذَا البابِ أَحْرُفاً مُسْتَعْملةً، بَعْضهَا: عربيَّةٌ، وبَعضُها: مُعَرَّبةٌ. فَمنَ المُعَرَّب.
(طنج) : قولهمْ: طَنْجَةُ: اسمُ بَلدٍ مَعْرُوفٍ.
(طجن) : وقَوْلهم: للطَّابِقَ الَّذِي يُقْلَى عَلَيْهِ اللَّحْمُ: الطَّاجِنُ.
وقَلِيّةٌ مُطَجَّنَةٌ، والعاَمَّةُ تَقول: مُطَنْجَنةٌ.
(جلط) : وَمن كلامِ العربِ الصَّحيح: الجَلْطُ.
رَوَى أَبُو العَبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَلَطَ الرَّجُلُ يَجْلِطُ إِذا كَذَبَ.
قَالَ: والجِلاَطُ: المُكاذَبةُ.
ويقالُ: جَلَطَ رَأْسَهُ يَجْلِطُه إِذا حَلَقَهُ.
(طنج) : وَفِي نَوَادِر الأعْرَابِ: تَنَوَّعَ فُلانٌ فِي الكلاَم تَنَوُّعاً، وتَطَنَّجَ، وتَفَنَّنَ إِذا أَخَذَ فِي فُنُونٍ شَتَّى.
(طبج) : وَمن العَرَبيَّ فِي هَذَا الْبَاب: مَا رَوى أَبُو العَبّاس عَن عَمْروٍ عَن أَبيهِ: طَبجَ يَطْبَجُ طَبجاً إِذا حَمُقَ، والطَّبجُ: اسْتِحكامُ الحمَاقَةِ.
قَالَ: ويقالُ لأُمِّ سُوَيْدٍ: الطِّبِّيجَةُ.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالدَّال)
ج د ت ج د ظ ج د ذ:
(مهملات) .
ج د ث
استُعمل مِنْهُ: الجَدَثُ.
جدث: قَالَ ابْن السّكيت وَغَيره يُقَال للقبر: جَدَثٌ وَجَدَفٌ.
ج د ر
جدر، جرد، درج، دجر، ردج، رجد.
جدر: قَالَ اللَّيْث: الجَدْرُ: ضرب من النَّبَات، الْوَاحِدَة: جَدْرَةٌ.
قَالَ: وَمن شجر الدِّقِّ: ضروب تنْبت فِي القِفَافِ والصِّلابِ، فَإِذا أطلعَت رؤوسها فِي أول الرّبيع قيل: أجدَرَتِ الأرضُ، وأجدَرَ الشّجر، فَهُوَ جَدْرٌ حَتَّى يَطُولَ، فَإِذا طَال تفرَّقَت أسماؤه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) الجَدَرَةُ: الْحبَّة من الطّلع.(10/334)
والجَدْرُ، والجِدَارُ: معروفان.
(قلت) وَفِي حَدِيث الزبير حِين اخْتصم هُوَ والأنصاري إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سُيُولِ شِرَاجِ الحَرَّةِ، فَقَالَ للزبير: (اسقِ أرضَكَ حَتَّى يبلغ المَاء الجَدْرَ، ثمَّ أرسِلْهُ إِلَيْهِ) أَرَادَ بالجَدْرِ: مَا رُفِعَ من أعضَادِ المَزْرَعَةِ لتمسك المَاء كَالجِدَارِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدِيرُ: مَكَان قد بُني حَوَالَيهِ جِدارٌ مَجْدُورٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
ويبنون فِي كل وادٍ جَدِيراً
وَقَالَ رؤبة:
تشييد أعضاد الْبناء المُجْتَدَرْ
والجُدَريُّ: قُرُوحٌ تَنَفَّطُ عَن الجِلدِ ممتلئةٌ مَاء ثمَّ تقيَّح، وصاحِبُها: جَدِيرٌ مُجَدَّرٌ.
وَيُقَال: الجَدَرِيُّ بِفَتْح الْجِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدَرُ: انتبارٌ فِي عُنُقِ الحِمَارِ، وَرُبمَا كَانَ من آثَار الكَدْمِ.
يُقَال: جَدِرَت جَدَراً إِذا انْتَبَرتْ.
وَأنْشد لرؤبة:
أَو جَادرُ اللِّيتَيْن مطويُّ الحَنَق
وَفُلَان جديرٌ لذَلِك الْأَمر أَي خليق لَهُ، وَمَا كَانَ جَدِيرًا، وَلَقَد جَدُر جَدَارة.
وأجدِرْ بِهِ أَن يفعل ذَاك.
وَقَالَ اللحياني: إِنَّه لجَديرٌ أَن يفعل ذَاك، وإنهما لجديران، وَإِنَّهُم لجديرون.
وَقَالَ زُهَيْر:
جَدِيرُون يَوْمًا أَن ينالوا ويستعلوا
وَيُقَال للْمَرْأَة: إِنَّهَا لخليقةٌ وجديرةٌ أَن تفعل ذَاك، وإنهن لجَدِيراتٌ وجَدَائِرُ أَن يفعلن ذَاك.
(أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الطوسيِّ عَن الخرَّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: أجدَرَ الشجرُ، وجدَّر إِذا أخرج ثمره كَأَنَّهُ الحِمَّص.
وَقَالَ الطِّرمَّاح:
وأجدَرَ من وَادي نَطَاةَ وَلِيعُ
نَطَاةٌ: عَيْنٌ بِخَيْبَرَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كنيفُ الْبَيْت مثل الحُجْرَةِ يُجمَعُ من الشّجر، وَهِي الحَظِيرةُ أَيْضا.
والحِظَارُ: مَا حُظِرَ على نباتٍ بِشَجَرٍ فَإِذا كَانَت الحظيرة من حِجَارَة فَهِيَ جَدِيرةٌ، فَإِن كَانَ من طين فَهُوَ جِدَارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) الجيْدر: الْقصير.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للْمَرْأَة: جَيْدَرة.
قَالَ: والمُجَدَّرُ بِالدَّال: الْقصير أَيْضا.
وَيُقَال: جَدِرَ الكَرمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حبَّب وهمَّ بالإيراق.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَدَرَةُ: الوَرَمَةُ فِي أصل لحي الْبَعِير.
وَقَالَ النَّضر: الجَدَرَةُ: غُدَدَةٌ تكون فِي عُنُقِ الْبَعِير يسقيها عِرْقٌ فِي أَصْلهَا نَحْو(10/335)
السِّلعة برأسِ الْإِنْسَان. وجَمَلٌ أجدَرُ، وناقة جَدْرَاءُ.
دجر: (أَبُو عبيد) : رجل دَجِرٌ وَدَجْرَان، وَهُوَ النشيط الأشِرُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَجَرَ الرجل دَجَراً وَهُوَ الأحمق الَّذِي يَذْهَبُ لغير وَجْهِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجَرُ: شبه الْحيرَة، وَقد دَجِرَ فَهُوَ دَجِرٌ ودَجْرَانُ أَي حَيْرَانُ فِي أمره.
قَالَ رؤبة:
دَجْرَانَ لم يَشْرَب هُنَاكَ الخَمْرَا
والجميع: الدَّجَارَى.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّجْرُ: اللوبياء بِفَتْح الدَّال، وقرأته بِخَط شمر: الدُّجْر: اللوبياء.
(أَبُو عبيد) : لَيْلَة دَيْجُوجٌ وَدَيْجُورٌ: مظْلمَة.
وَقَالَ شمر: الدَّيجور: التُّرَاب نَفسه، والجميع: الدَّياجير.
يُقَال: تُرَابٌ دَيْجُورٌ، يَضْرِبُ إِلَى السوَاد كَلَوْنِ الرماد، وَإِذا كَثرَ يَبِيْسُ النباتِ فَهُوَ الدَّيجُورُ لسواده.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّيجُورُ: الْكثير من الكَلأ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجْرُ، والدِّجرُ لُغَتَانِ وَهِي الْخَشَبَة الَّتِي يُشد عَلَيْهَا حَدِيدَة الفدَّان، وَمِنْهُم من يَجعله دُجْرَينِ كَأَنَّهُمَا أذنان، الحديدة: اسْمهَا: السّنَّةُ، والفدَّان: اسْم لجَمِيع أدواته. والخشبة الَّتِي على عنق الثور هِيَ النِّير، والسَّميقَانِ: خشبتان قد شُدَّتا فِي الْعُنُق، والخشبة الَّتِي فِي وَسطه يُشد بهَا عِنَانُ الوَيْج وَهُوَ القُنّاحة والويج والمَيْسُ باليمانية: اسْم الْخَشَبَة الطَّوِيلَة بَين الثورين، والخشبة الَّتِي يُمسكها الحَرَّاثُ هِيَ المِقوَم.
قَالَ: والمِمْلَقَةُ: النمرز.
(قلت) : وَهَذِه حُرُوف صَحِيحَة قد ذكرهَا ابْن شُمَيْل فِي صِفَاته، وَذكر بَعْضهَا ابْن الْأَعرَابِي.
جرد: (الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) : الجَردُ: الثَّوْب الخلَقُ.
وَقَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: جَرْدُ حِبَرَةٍ للثوب الَّذِي قد ذهب زِئْبَرُهُ.
وَأنْشد:
أجَعَلتَ أسعد للرماح دَرِيئَةً
هَبِلَتْكَ أمك أيَّ جَردٍ تَرْقَعُ
قَالَ الْأَصْمَعِي فِي معنى قَوْله أيَّ جرد ترقع أَي ترقع الْأَخْلَاق، وتترُكُ أسْعَدَ قد خرَّقَتْهُ الرِّماح، فَأَي شيءٍ تُصلِحُ بعده.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ قَالَ أَخْبرنِي المبرَّد عَن الرِّياشيِّ قَالَ: أَنْشدني الْأَصْمَعِي فِي النُّون(10/336)
مَعَ الْمِيم:
أَلا لَهَا الويل على مُبينِ
على مُبينٍ جَرَدِ القَصِيم
مُبين: اسْم بِئْر، والقَصِيم: نبت. قَالَ: والأجاردُ من الأَرْض: مَا لَا يُنبِتُ وأنشدني فِي مثل ذَلِك:
يَطْعَنُهَا بِخَنْجَرٍ من لَحْمِ
تَحت الذُّنابى فِي مَكَان سُخن
(أَبُو عبيد) : ثوب جَرْدٌ أَي خَلَقٌ.
وَإِذا أصَاب الجَرَادُ الزرعَ قيل: جُرِدَ الزَّرعُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَرَدُ: أَن يشْرَى جِلدُ الإنسانِ من أكل الجَرادِ.
وَقَالَ شمر: الجَرَدُ من الأَرْض: فضاءٌ لَا نباتَ فِيهِ، وَهَذَا الِاسْم للفَضَاء، فَإِذا نعتَّ بِهِ، قُلْتَ: أرضٌ جرداءُ، وَمَكَان أجرَدُ، وَقد جرِدَت جَرَداً، وجرَّدها القَحْطُ تجريداً.
ورجلٌ أجرَدُ: لَا شَعْرَ على جسدهِ وَفِي الحَدِيث: (أهل الجَنَّةِ جُردٌ مُردٌ) .
والأجرَدُ من الْخَيل كلهَا: الْقصير الشَّعر، حَتَّى يُقَال: إِنَّه لأجرَدُ القوائم، وَأنْشد:
كَأَن قُتودي والفِتَان هَوَت بِهِ
من الذَّرْوِ جرداءُ الْيَدَيْنِ وثيقُ
والجَرْدُ مُخَفَّفٌ: أخذُك الشَّيْء عَن الشَّيْء جَرْفاً، وسَحْفاً، فَلذَلِك يُسمَّى المشؤوم جاروداً، وَأنْشد:
لقد جَرَدَ الجَارُودُ بكر بن وَائِل
وَإِذا جدَّ الرجل فِي سَيْرِهِ فَمضى، يُقَال: انجرد فَذهب، وَإِذا أجدَّ فِي الْقيام بِأَمْر قيل: تجرَّد لأمر كَذَا وَكَذَا، وتجرَّد لِلْعِبَادَةِ.
وامرأةٌ بَضَّةُ المتجرَّد إِذا كَانَت بضة الْبشرَة إِذا جُرِّدت من ثوبها.
والجَريدة: سَعَفةٌ رَطْبَةٌ جُرِدَ عَنْهَا خُوصُها كَمَا يُقشَرُ الوَرقُ عَن القَضيبِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : هُوَ الجَريدُ عِنْد أهل الْحجاز، واحدَتُهِ: جَرِيدَة، وَهُوَ الخُوصُ.
والجُردانُ، والمُجَرَّدُ: من أَسمَاء الذَّكَرِ.
وجُرَادُ: اسْم رَمْلَةٍ فِي الْبَادِيَة.
والجَرَادُ، والجَرادَةُ: الْمَعْرُوفَة اللحّاسَةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: أرضٌ جَرِدَةٌ ومَجَرُودَةٌ قد لَحِسَهَا الجَرادُ.
والجَرَدُ: مَوضِع فِي ديار تَميمٍ، يُقَال لَهُ: جَرَدُ القصيم.
ولَبَنٌ أجَرَدُ: لَا رغَوةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
ضَمِنَت لنا أعجازَهُ أرمَاحُنَا
مِلء المَرَاجِلِ والصَّريَحَ الأجرَدَا
وأُجَارِدُ: اسْم موضعٍ بِعَيْنِه، وَمثله: أُبَاتِرُ.
وَيُقَال: نَدَبَ القائِدُ جَرِيدَة من الخَيْلِ إِذا(10/337)
لم يُنهِضْ معَهُم رَاجلاً.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف عيرًا وأُتُنَه:
يقلِّب بالصَّمّان قُوداً جَرِيدَة
ترامى بِهِ قِيْعَانُهُ وأخاشِبُه
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجريدة: الَّتِي قد جَرَدَها من الصِّغار.
(أَبُو زيد) : يُقَال للرجل إِذا كَانَ مُخْتَتِياً وَلم يكن بالمُنْبَسِطِ فِي الظُّهُور مَا أَنْت بمنجرد السِّلك.
وَيُقَال: تنقَّ إبِلا: جَرِيدَةً أَي خياراً شداداً.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الجريدة الْجَمَاعَة من الْخَيل.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : يُقَال: مَا رَأَيْته مذ أجَردان وَجَريدَانِ، ومذ أبيضان يُرِيد مُنْذُ يَوْمَيْنِ أَو شَهْرَيْن تامَّين.
وَكَانَ بِمَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة قَيْنَتَان يُقَال لَهما: الجَرَادَتَانِ.
وَجَرادَةُ العيّار: اسْم فَرَسٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الإجرِدُّ: بَقَلٌ كَأَنَّهُ الفُلْفُلُ، وَأنْشد غَيره:
مِنْ مَنْبِتِ الإجرِدِّ والقَصِيْصِ
وَرُوِيَ عَن عمر (تجرَّدوا بالحجِّ وَإِن لم تُحرموا) .
قَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور: قلت لِأَحْمَد: مَا قَوْله: تجرَّدوا بالحجِّ؟ فَقَالَ: يَعْنِي تشبهوا بالحاج.
قَالَ: وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم كَمَا قَالَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جرَّد فلَان الْحَج إِذا أفرد وَلم يَقْرِن.
ردج: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لكل ذِي حافر أول شَيْء يخرج من بَطْنه: الرَّدَجُ، وَذَلِكَ قبل أَن يَأْكُل شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّدَجُ: مَا يخرج من بطن السَّخْلَةِ أولَ مَا يَرْضَعُ، وَيُقَال للصَّبِيّ أَيْضا.
(قلت) : الردَجُ لَا يكون إِلَّا لذِي الحافِرِ كَمَا قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ جرير:
لَهَا رَدَجٌ فِي بَيتهَا تَستَعِدُّهُ
إِذا جاءها يَوْمًا من النَّاس خَاطِبُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نسَاء الْأَعْرَاب يَتَطرَّزْنَ بالرَّدَجِ.
رجد: (عَمْرو عَن أَبِيه) : أُرْجِدَ إِرْجَاداً، إِذا أُرْعِدَ، وَأنْشد:
أُرْجِدَ رَأس شيخةٍ عَيْصُومِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : رُجِدَ رأسُهُ وأُرْجِدَ، ورُجّد.
قَالَ: والرَّجْدُ: الارتعاش.
درج: قَالَ اللَّيْث: الدَّرَجَةُ: الرِّفْعَةُ فِي الْمنزلَة، ودرجات الجِنَانِ: منَازِل أَرْفَعُ(10/338)
من منازلَ.
والدَّرَجان: مشْيَة الشَّيْخ وَالصَّبِيّ، وَقد دَرَجَ يَدْرُجُ دَرْجاً ودرَجَاناً.
قَالَ: وكل بُرجٍ من بروج السَّمَاء ثَلَاثُونَ دَرَجَة.
والمَدْرَجَةُ: ممرُّ الْأَشْيَاء على مَسْلَكِ الطَّرِيق وَغَيره.
وَقَالَ العجاج:
أَمْسَى لِعَافِى الرامِسَات مَدْرَجَا
وَيُقَال: درج قَرْنٌ بعد قَرْنٍ، أَي فَنُوا، وأدْرَجَهُم الله إدْراجاً.
وَيُقَال: أدرجتُ الْكتاب إدراجاً، وَفِي دَرْجِ الكتابِ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (والقلم: 44) .
قَالَ بَعضهم: سنأخذهم قَلِيلا قَلِيلا، وَلَا نُبَاغِتُهُم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: امْتنع فلَان من كَذَا وَكَذَا حَتَّى أَتَاهُ فلَان فاستدرجه أَي خدعه حَتَّى حمله على أَن درج فِي ذَلِك.
وَيُقَال للصَّبِيّ إِذا دَبَّ وَأخذ فِي الْحَرَكَة: دَرَجَ يَدْرُجُ دَرَجَاناً، فَهُوَ دَارِجٌ.
وَأنْشد:
يَا لَيْتَني قد زُرتُ غير خَارِجِ
أمَّ صبيَ قد حَبَا أَو دَارِجِ
والدَّرُوجُ من الرِّيَاح: الَّتِي تَدْرُجُ أَي تمر مرّاً لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَلَا الشَّديد، وَالرِّيح إِذا عصفت اسَتْدرَجَتْ الْحَصَى أَي صيَّرته إِلَى أَن يَدْرُجَ على وَجه الأَرْض من غير أَن ترفعه إِلَى الْهَوَاء، فَيُقَال: دَرَجَتْ بالحصى واسْتَدْرَجَتِ الْحَصَى، وَمَا دَرَجَتْ بِهِ فجرت عَلَيْهِ جَريا شَدِيدا دَرَجَتِ فِي جريها، ومااسْتَدرَجَتْه فصيَّرته بِجَرْيِهِ عَلَيْهَا إِلَى أَن دَرَجَ الْحَصَى هُوَ بِنَفسِهِ.
وَيُقَال: للطريق الَّذِي يَدْرُجُ فِيهِ الْغُلَام والريحُ وَغَيرهمَا: مَدْرَجٌ، ومَدْرَجَةٌ، ودَرَجٌ، وَجمعه: أدْرَاجٌ أَي ممر وَمذهب.
وَيُقَال لما طويته: أدرَجْتَهُ إدرَاجاً، لِأَنَّهُ يُطوى على وَجهه.
وَيُقَال: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحَالَ كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
صَرِيف المَحَالِ استَدَرَجَتْهَا المَحَاوِرُ
أَي صيرتها إِلَى أَن تدرج.
وَقَالَ غَيره: الإدراج: لَفُّ الشَّيْء فِي الشَّيْء.
وأَدْرَجَتِ المرأةُ صبيَّها فِي مَعَاوِزِهَا.
وأدَرَجَ الميتُ فِي أَكْفَانه.
وأدرَجْتُ الْكتاب فِي الْكتاب إِذا جعلته فِي دَرْجِهِ أَي فِي طيّه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: (أحسنُ من دَبَّ ودَرَجَ) فدبَّ:(10/339)
مَشى، ودَرَجَ: مَاتَ، وَقَالَ الأخطل:
قبيلةٌ كَشِرَاكِ النَّعل دَارِجَةٌ
إِن يَهبِطُوا العَفْوَ لَا يُوجَد لَهُم أَثَرُ
قَالَ: ودَرَجَ فِي غير مثل هَذَا الْموضع مثل دَبَّ.
وَدَوارِجُ الدَّابَّة: قَوَائِمهَا، الْوَاحِدَة: دارجة.
وَمن أمثالهم: (لَيْسَ ذَا بعشّك فادرُجي) ، أَي: تحوَّلي وامضي واذهبي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبرَّد عَن التَّوَّزيّ قَالَ: كنت عِنْد أبي عُبَيْدَة فَجَاءَهُ رجل من أَصْحَاب الْأَخْفَش فَقَالَ لنا أَلَيْسَ هَذَا فلَانا؟ قُلْنَا بلَى، فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ الرجل قَالَ (لَيْسَ هَذَا بعشك فادرُجي) فَقُلْنَا يَا أَبَا عُبَيْدَة لمن يُضرب هَذَا الْمثل؟ قَالَ لمن يُرفع لَهُ بحبال أَو يُطرد، قَالَه المبرِّد.
وَيُقَال: خلِّ دَرَجَ الضَّبِّ، ودَرَجُهُ: طَرِيقه، أَي لَا تَعْرِضْ لَهُ.
وَيُقَال: اسْتمرّ فلَان دَرَجَهُ، وأدْرَاجُهُ، وَرجع فلَان دَرَجَهُ أَي رَجَعَ فِي طَرِيقه الَّذِي جَاءَ فِيهِ.
وَقَالَ سَلامَة بن جندل:
وكرُّنَا خَيْلَنَا أدرَاجَها رُجُعاً
كُسَّ السَّنَابِكِ من بَدءٍ وتعقيِبِ
وَيُقَال: استَدْرَجَتِ النَّاقة وَلَدهَا إِذا استَتْبَعَتْه بَعْدَمَا تُلقيه من بَطنهَا.
وناقةٌ مِدْرَاجٌ إِذا كَانَت تُؤخّر جَهَازَهَا، وَهِي ضِدُّ المِسْنَافِ.
وَقَالَ أَبُو طَالب: الإدرَاجُ: أَن يَضْمَرَ البعيرُ فيضطرب بِطَانُهُ حَتَّى يسْتَأْخر إِلَى الحَقَبِ، فيستأخر الحِمْلُ، وَإِنَّمَا يُسنَفُ بالسِّنَافِ مَخَافَةَ الإدراجِ.
وَيُقَال: فلَان دَرْجُ يَديك، وَبَنُو فَلَا دَرْجُ يَديك أَي لَا يعصونك، لَا يُثنَّى وَلَا يُجمع.
(أَبُو عمرٍ و) : أدْرَجْتُ الدَّلْو إدراجاً إِذا مَتَحْتَ بِهِ فِي رِفْقٍ وَأنْشد:
يَا صاحبيَّ أدرجَا إدرَاجَا
بالدلو لَا يَنْضَرِجُ انضِرَاجا
وَقَالَ:
وَلَا أُحِبُّ الساقِيَ المِدْرَاجَا
كَأَنَّهُ محتضن أَوْلَادًا
قَالَ: وَتسَمى الدَّال وَالْجِيم فِي القافية الْإِجَازَة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المِدْرَاجُ: النَّاقة الَّتِي تجر الْحمل إِذا أَتَت على مضربها.
قَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: اسَتْدرَجَهُ كَلَامي أَي أقْلَقَهُ حَتَّى تَركه يَدْرُجُ على الأَرْض، وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القُولُ حَتَّى تَهُرَّهُ
وَتعلم أنِّي مِنْك غير مَلْجَمِ(10/340)
ويُروى: مُفْحَمِ.
وَيُقَال للخِرَقِ الَّتِي تُدرج إدراجاً وتُلف وَتجمع ثمَّ تُدَسُّ فِي حَيَاء النَّاقة الَّتِي يُرِيدُونَ ظَأرَهَا على وَلَدِ ناقةٍ أُخْرَى، فَإِذا نُزعت من حيائها حَسِبَتْ أَنَّهَا ولدت ولدا فيُدنى مِنْهَا وَلَدُ النَّاقة الْأُخْرَى فترأمُهُ، يُقَال لتِلْك اللَّفِيفَةِ: الدُّرجَةُ والجَزْمُ، والوَثيِغَةُ.
وَأما الدُّرَجَةُ بِفَتْح الرَّاء فَإِن ابْن السّكيت قَالَ: هُوَ طَائِر أسود بَاطِنُ الجَنَاحَينِ، وظاهِرُهُمُا أغبر، وَهِي على خِلْقَةِ القطاة إِلَّا أَنَّهَا أنطف.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرَّاج: من الطير بِمَنْزِلَة الحَيْقُطَانِ، وَهُوَ من طير الْعرَاق وَهُوَ أرقَطُ.
قَالَ: والدِّرِّيج: شَيْء يُضرب بِهِ ذُو أوتار كالطنبور.
وَيُقَال للدَّبَّابات الَّتِي تُسوَّى لِحَرْبِ الحِصار، يَدْخُلُ تحتهَا الرِّجالُ: الدَّبَّابات والدَّرّاجات.
والدرَّاجة: الَّتِي يَدْرَجُ عَلَيْهَا الصَّبِي أول مَا يمشي.
والدُّرْجُ: دُرْجُ الْمَرْأَة تضع فِيهِ طيبها وأداتها، وَهُوَ الحِفْشُ أَيْضا. والمَدَارِجُ: الثنايا الغِلاظُ بَين الْجبَال. وَمِنْه قَول المزنيِّ:
تعرَّضي مَدَارِجاً وسُومي
تعرُّض الجوزاء للنجوم
وَيُقَال: درَّجْتُ العليل تَدْريجاً إِذا أطعمته شَيْئا قَلِيلا من الطَّعَام. ثمَّ زِدْتَه عَلَيْهِ قَلِيلا، وَذَلِكَ إِذا نَقِهَ حَتَّى تدرَّج إِلَى غَايَة أكله كَانَ قبل العِلَّةِ دَرَجة فدرجةً.
وَقيل فِي قَوْله جلّ وَعز: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (الْأَعْرَاف: 183) سنأخُذُهم من حَيْثُ لَا يحتسبون، وَذَلِكَ أَن الله جلّ وَعز يفتح عَلَيْهِم من النَّعيم مَا يغتبطون بِهِ فيركنون إِلَيْهِ ويأنسون بِهِ وَلَا يذكرُونَ الْمَوْت، فيأخذهم على غرَّتهم أغفل مَا كَانُوا، وَلِهَذَا قَالَ عمر بن الْخطاب لما حُمل إِلَيْهِ كنوز كسْرَى: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أكون مُسْتَدْرَجَاً فَإِنِّي أسمعك تَقول: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (الْأَعْرَاف: 183)) .
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّرْجُ: لَفُّ الشَّيْء.
يُقَال: دَرَجْتُهُ، وأدْرَجْتُهُ، ودرَّجتُهُ، والرُّباعي أفصَحُها، والدَّرَجُ: المَحاجُّ، والدَّرَجُ: الطَّرِيق.
يُقَال: رَجَعَ فلَان ذَرَجَهُ إِذا رَجَعَ فِي الْأَمر الَّذِي قد كَانَ ترك.
قَالَ: وَيُقَال: دَرِجَ إِذا صَعِدَ فِي الْمَرَاتِب.
وَدِرجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدّين.
كُله بِكَسْر الْعين من فَعِلَ.(10/341)
وَقَالَ ابْن السّكيت: فِي قَوْلهم: (أكذب من دَبَّ ودَرَجَ) أَي أكذب الْأَحْيَاء والأموات.
يُقَال للْقَوْم إِذا انْقَرَضُوا: دَرَجُوا.
(قلت) : وأصل هَذَا مِنْ درَجْتُ الثَّوْب إِذا طويته، كَأَنَّهُمْ لما مَاتُوا وَلم يُخلِّفوا عَقِباً دَرَجُوا طَرِيق النَّسْل والبقاء أَي طوَوْه.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للرجل إِذا طلب شَيْئا فَلم يقدر عَلَيْهِ: رَجَعَ على غُبَيْراءِ الظّهْر، وَرجع على أدراجه، وَرجع دَرَجَهُ الأولَ، وَمثله: رَجَعَ عَوْدَهُ على بَدْئِهِ، ونكَصَ على عَقِبِه، وَذَلِكَ إِذا رَجَعَ وَلم يُصب شَيْئا.
قَالَ: وَيُقَال: رَجَعَ فلَان على حَافِرَتِهِ وادِرَاجِهِ بِكَسْر الْألف، هَكَذَا أَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شمر: رَجَعَ على إدراجه إِذا رَجَعَ فِي طَرِيقه الأول.
أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: فلَان دَرْجُ يدك أَي لَا يعصيك.
وَيُقَال: مَا أَنا الأدْرَجُ يَدِكَ أَي مَا أعصيك؟ .
(بَاب الْجِيم وَالدَّال مَعَ اللَّام)
(ج د ل)
جدل، جلد، دجل، دلج: مستعملة.
جدل: الجَدْلُ: شِدَةُ الفَتْلِ.
يُقَال: إِنَّه لَحَسنُ الأَرْمِ وَحَسَنُ الجَدْل إِذا كَانَ حَسَنَ أسر الخَلْق.
وجَدَلْتُ الحَبْلَ جَدْلاً إِذا شَدَدتَ فتله، وَمِنْه قيل لِزِمَامِ النَّاقة: الجَدِيل.
(أَبُو عبيد) : الجَدْلاَءُ والمَجْدُولةُ من الدروع: نَحْو الموضونة، وَهِي المنسُوجةُ.
قَالَ الحطيئة:
جَدلاءَ مُحْكَمَةٍ من نَسجِ سلاَّمِ
قَالَ اللَّيْث: جمع الجَدلاءِ: جُدْلٌ، وَقد جُدِلَتْ الدروع إِذا أُحكمت.
وَيُقَال: إِنَّه لَجَدِلٌ إِذا كَانَ شَدِيد الْخِصَام، وَإنَّهُ لَمِجْدَلٌ، وَقد جادل فلَانا جِدالاً ومجادلة.
والجُدُول: الْأَعْضَاء، وَاحِدهَا: جَدْلٌ.
وَقَالَ شمر: سمِّيت الدروع جَدْلاَءَ ومَجْدُلَةً لإحكام حَلَقِها كَمَا يُقَال: حَبْلٌ مجدول: مفتول، ودجُدِلَتْ جَدْلاً أَي أُحكمَت إحكاماً.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدْلُ: الصَّرعُ.
يُقَال: جَدَلْتُهُ فانجدل صَرِيعاً، وَهُوَ مَجْدول، وَأكْثر مَا يُقَال: جدَّلته تجديلاً.
والجَدَالَةُ: اسْم للْأَرْض.
وَقيل للصَّريع: مُجَدَّل لِأَنَّهُ يُصْرَعُ بالجَدَالة.
وَقَالَ الراجز:
قد أركَبُ الْآلَة بعد الآله
وأترُكُ العاجِزَ بالجَدَاله(10/342)
(قلت) : الْكَلَام الْمُعْتَمد: طعنه فجدَّله بِالتَّشْدِيدِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا اخضرَّ حَبُّ طلع النّخل واستدار قبل أَن يشْتَد فَإِن أهل نجد يسمونه الجَدَالَ. وَأنْشد:
وسارت إِلَى يَبْرِينَ خمْسا فَأَصْبَحت
يخر على أَيدي السُّقَاة جَدَالُها
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للذّكر العَرْدِ: إِنَّه لجَدْلٌ خَدْلٌ.
قَالَ وجُدُول الْإِنْسَان: قَصَبُ الْيَدَيْنِ والرِّجلين، وَرجل مجدُولُ الْخلق: لطيف الْقصب.
قَالَ: والجَدِيْلةُ: شَرِيْجَةُ الحَمَامِ، وَنَحْوهَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال لصَاحب الجَدِيْلَةِ: جَدَّالٌ.
قَالَ: وَيُقَال: رجل جَدَّالٌ بدّالٌ: مَنْسُوب إِلَى الجَدِيلةِ الَّتِي فِيهَا الْحمام.
قَالَ: وَيُقَال: رجل جدَّال للَّذي يَأْتِي بِالرَّأْيِ السخيف، وَهَذَا رَأْي الجدّالين.
وَيُقَال: الْقَوْم على جَدِيلَةِ أَمرهم أَي على حَالهم الأول.
(سَلمَة عَن الفرّاء) فِي قَول الله جلّ وَعز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} (الْإِسْرَاء: 84) فصحَّف بَعضهم وَقَالَ: (على حدَ يَلِيهِ) ، الشاكلة: النَّاحِيَة والطريقة والجديلة قَالَ: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: (وَعبد الْملك إِذْ ذَاك على جَدِيَلَتِهِ، وَابْن الزبير على جَدِيْلَتِهِ) يُرِيد ناحيته، وَيُقَال: فلَان على جَدِيْلَتِهِ وجَدْلاَئِهِ كَقَوْلِك: على ناحيته، وَقَالَ شمر: مَا رَأَيْت تصحيفاً أشبه بِالصَّوَابِ مِمَّا قَرَأَهُ سُلَيْمَان بن مَالك فِي التَّفْسِير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله جلّ وَعز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} فصحَّف وَقَالَ: (على حدَ يَلِيهِ) وَإِنَّمَا هُوَ: على جَدِيْلَتِهِ أَي ناحيته، وَهُوَ قريب بعضه من بعض. وَقَالَ أَيْضا أَعنِي اللَّيْث: الجَدِيْلَةُ أَيْضا: الرَّهْط وَهِي من أَدَمٍ يأتزرُ بهَا الصّبيان، والحُيَّض من النِّسَاء.
وَقَالَ غَيره: جديلةُ طيِّيءٍ: قَبيلَة مِنْهُم، يُنسب إِلَيْهِم فَيُقَال: جَدَلِيٌّ، وَقَالَ اللَّيْث: وجَدَيِلَةُ أسَدٍ: قَبيلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأجدَلُ من صفة الصَّقر، قَالَ: وَرجل أجْدَلُ الْمنْكب: فِيهِ تطأطؤ، وَهُوَ خلاف الْأَشْرَف من المناكب:
(قلت) : هَذَا عِنْدِي خطأ، إِنَّمَا الصَّوَاب: رجل أحدلُ الْمنْكب، هَكَذَا رُوي لنا عَن أبي عبيد، عَن أبي عمرٍ وَقَالَ: الأجْدَلُ: الَّذِي فِي مَنْكِبَيْه ورقبته انكباب على صَدره وَقد مر فِي بَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا جعلت الأجْدَلَ نعتاً قلتَ: صقر أجْدَلُ، وصقور جُدْلٌ، وَإِذا تركته اسْما للصّقر قلتَ: هَذَا الأجْدَلُ،(10/343)
وَهِي الأجادلُ، لِأَن الْأَسْمَاء الَّتِي على أفعَل تُجمع على فُعْل إِذا نُعت بهَا فَإِن جَعلتهَا أَسمَاء مَحْضَة جُمعت على أفَاعِل، وَأنْشد أَبُو عبيد:
يخُوتُون أُخْرَى القَوم خَوْتَ الأجَادِلِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) قَالَ: الأجَادِلُ: الصقور، وَاحِدهَا: أجْدَلُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قويَ الفصيل وَمَشى فَهُوَ راشحٌ فَإِذا ارْتَفع عَن الراشحِ فَهُوَ جَادِلٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدْوَلُ: نهر الْحَوْض وَنَحْو ذَلِك من الْأَنْهَار الصغار، يُقَال لَهَا: الجَدَاوِلُ.
والمِجْدَلُ: الْقصر المشرف، وَجمعه: مَجَادِلُ.
وَقَالَ غَيره: الجَدْلُ: أَن يُضْرَبَ عُرض الْحَدِيد حَتَّى يُدَمْلَجَ. وَهُوَ أَن يُضرب حُرُوفه حَتَّى يستدير.
وَيُقَال: جادلتُ الرجل فَجَدَلْتُهُ جَدْلاً إِذا غَلَبْتَهُ.
وَرجل جِدلٌ إِذا كَانَ ألوى فِي الخِصَامِ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَنا خَاتم النَّبِيين فِي أم الْكتاب وَإِن آدم لمُنْجَدِلٌ فِي طينته) .
قَالَ شمر: المُنْجَدِلُ: السَّاقِط.
والمُجَدَّلُ: الْملقى بالجدالة وَهِي الأَرْض، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
مُجَدَّلٌ يُتَكَسَّى جِلدُهُ دَمَهُ
كَمَا تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ
دجل: يُقَال: دَجَلَ وسَرَجَ إِذا كذب.
وَبينهمْ دَوْجَلَةٌ وهوجَلَةٌ، ودَوْجَرَةٌ وسَوْرَجَةٌ، وَهُوَ كَلَام يُتناقل، وناس مُخْتَلفُونَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الدَّاجِلُ: المُموِّهُ الْكذَّاب، وَبِه سُمِّي الدَّجَّال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: دَجَلَ الرَّجُلُ الْمَرْأَة وَدَجَاها إِذا جَامعهَا، وَهُوَ الدَّجْلُ، والدَّجْوُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجْلُ: شدَّة طليِ الجرب بالقَطْرانِ.
(أَبُو عبيد) : المُدَجَّل: الْبَعِير المهنوء بالقِطرَان.
ودِجْلَةُ: اسْم معرفَة لنهر الْعرَاق، ودُجَيْل: نهر صَغِير يَنْخَلِجُ من دجلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّجَّالُ هُوَ الْمَسِيح الْكذَّاب، وَإِنَّمَا دَجْلُهُ، سِحْرُهُ وكَذِبُهُ لِأَنَّهُ يُدْجِلُ الْحق بباطله، وَيُقَال: إِنَّه رجل من الْيَهُود يخرج فِي آخر هَذِه الْأمة.
(قلت) : كل كَذَّابٍ فَهُوَ دجال، وَجمعه: دجَّالون، قيل للكذاب دَجَّالٌ لِأَنَّهُ يستر الْحق بكذبه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا هُنِىءَ الْبَعِير أَجمعَ(10/344)
فَذَلِك التدجيل، وَقد دجَّلته، فَإِذا جعلته فِي المساعر فَذَلِك: الدَّسُّ.
قَالَ: والدّجَّالة: الرّفْقَة الْعَظِيمَة، وَأنْشد:
دجَّالة من أعظم الرِّفاق
وكل شَيْء موّهته بِمَاء ذهب وَغَيره فقد دجَّلته.
وَيُقَال لماء الذَّهَب: دَجَّالٌ، وَبِه شُبِّه الدّجّال لِأَنَّهُ يُظهر خلاف مَا يُضمر.
دلج: قَالَ ابْن السّكيت: أَدْلَجَ الْقَوْم إدلاجاً إِذا سَارُوا اللَّيْل كُله فهم مُدْلِجُونَ، وادّلجوا بتَشْديد الدَّال إِذا سَارُوا فِي آخر اللَّيْل، وَأنْشد:
إِن لَهَا لَسَائِقاً خَدَلَّجَا
لم يُدلِجِ اللَّيْلَة فِيمَن أدلجا
وَيُقَال: خرجنَا بِدَلْجَةٍ ودُلْجَةٍ إِذا خَرجُوا فِي آخر اللَّيْل.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الدَّلَجُ، والدُّلْجَةُ، وَالْفِعْل: الإدلاَجُ، والادِّلاَجُ.
والمُدْلِجُ: من أَسمَاء الْقُنْفُذ، سمي مُدْلجاً لِأَنَّهُ لَا يهدأ بِاللَّيْلِ سَعْياً، وَقَالَ عبدَةُ:
قَوْمٌ إِذا دَمَسَ الظلام عَلَيْهِم
حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنميمة تَمْزَعُ
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : المَدْلَجُ: مَا بَين الْحَوْض إِلَى الْبِئْر، والأصمعي مثله.
والدَّالِجُ. الَّذِي يتَرَدَّد بَين الْبِئْر والحوض بالدلو يُفرغها فِيهِ وَأنْشد:
بَانَتْ يَدَاهُ عَن مُشَاشِ والجِ
بَيْنُونَةَ السّلم بكف الدَّالجِ
وَقد دَلَجَ يَدْلُجُ دُلُوجاً.
وَيُقَال للَّذي ينْقل اللَّبن، إِذا حُلبت الْإِبِل، إِلَى الجِفَان: دَالِجٌ.
والعُلبة الْكَبِيرَة الَّتِي يُنقل فِيهَا اللَّبن هِيَ المِدلجَةُ.
والدَّوْلَجُ، والتَّوْلَجُ: الكِنَاس، الأَصْل: وَوْلَجٌ، فقُلبت الْوَاو تَاء ثمَّ قُلبت دَالا والتُّلَجُ: فرخ العُقابِ، أَصله: وُلَجٌ.
جلد: قَالَ اللَّيْث: الجِلدُ: غشاء جَسَد الْحَيَوَان، وَيُقَال جِلْدَةُ الْعين، وَقَالَ الله جلّ وَعز ذَاكِرًا أَصْحَاب النَّار حِين تشهد جَوارِحُهُم: {يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ} (فصلت: 21) قَالَ أهل التَّفْسِير وَقَالُوا لفروجهم فكنى بالجلود عَنْهَا، وَقَالَ الفرَّاء: الجِلْدُ هَا هُنَا: الذَّكَرُ كنى الله عَنهُ بِالْجلدِ كَمَا قَالَ: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ} (النِّسَاء: 43) وَالْغَائِط: الصَّحرَاء، وَالْمرَاد من ذَلِك: أَو قضى أحد مِنْكُم حَاجَة.
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: القُلْفة، والقَلَفَة، والرُّغْلة، والرَّغْلة،(10/345)
والجُلدة، كُله: الغُرلة وَقَالَ الفرزدق:
من آل حَوْرَانَ لم تَمْسَسْ أُيُورَهُم
مُوسَى فَتَقْطَعَ عَنْهُم يَابِس الجُلَدِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: الجَلْدُ: مصدر جَلَدَهُ يَجْلِدُهُ جَلْداً.
وَرجل جَلْدٌ وجليد بيِّن الجَلَدِ والجَلاَدَةِ.
وَالْجَلد أَيْضا: الْإِبِل الَّتِي لَا أَوْلَاد لَهَا، وَلَا ألبانَ بهَا.
والجَلَدُ: أَن يُسلخ جِلْدُ الحُوَارِ ثمَّ يحشى ثماماً أَو غَيره من الشّجر، وتُعطَفُ عَلَيْهِ أمُّه فترأمُهُ، قَالَ العجاج:
وَقد أرَانِي للغَوَانِي مَصْيَدَا
مُلاوَةً كَأَن فَوقِي جَلَدَا
أَي يَرْأَمْنَنِي ويعطفن عليَّ كَمَا ترأَمُ النَّاقة الجَلَدَ.
قَالَ: والجَلَدُ: الغليظ من الأَرْض، وَأنْشد:
والنَّؤْيُ كالحوض بالمظلومة الجَلَدِ
وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: الجِلْدُ، والجَلَدُ: وَاحِد، مثل شِبْهٍ، وشَبَهٍ.
قَالَ ابْن السّكيت: وَلَيْسَ بِمَعْرُوف مَا قَالَ.
قَالَ: والتجليد لِلْإِبِلِ بِمَنْزِلَة السَّلخِ للشاء، وَقد جلَّدْتُ النَّاقة إِذا سلختها.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه أَرض جلدَة، وَمَكَان جلد، والجميع: الجَلَدَاتُ.
وناقة جَلْدَةٌ، ونوق جَلَدَاتٌ، وَهِي القوية على الْعَمَل وَالسير.
وَيُقَال: جَلَدْتُهُ بِالسَّيْفِ جلدا إِذا ضَرَبْتَ جِلْدَهُ.
وجالدناهم بِالسُّيُوفِ جلاداً أَي ضاربناهم.
وجلدتُ بِهِ الأَرْض أَي صَرَعْتُهُ.
قَالَ: وَيُقَال للناقة النَّاجِية: جَلْدَةٌ، وَإِنَّهَا لذات مَجْلُودٍ أَي فِيهَا جلادة، وَأنْشد:
من اللواتي إِذا لانت عَرِيكَتُها
يبْقى لَهَا بعْدهَا آلٌ ومجلُودُ
قَالَ: مجْلُودُها: بقيةُ جَلَدِها، قالهُ أبُو الدُّقَيْشِ.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جُلِدَتِ الأرضُ من الجَلِيدِ، وأَجْلَدَ الناسُ، وَجَلِدَ البَقْلُ.
ويُقالُ فِي الصَّقيع والضَّريبِ: مِثلُهُ، ضُرِبَتِ الأرضُ، وَأَضْرَبْنا، وضَرِبَ البَقْلُ.
ويُقالُ لمِئْلاَةِ النَّائِحَةِ: مِجْلَدٌ، وجمعُهُ: مَجالِدُ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وَهِي خِرَقٌ تُمْسِكها النَّوَائِحُ إِذا نُحْنَ بأَيديهِنَّ.
وَقَالَ عديُّ بنُ زيدٍ:
إِذا مَا تكَرَّهْتَ الخَلِيقَةَ لامْرِىءٍ
فلاَ تَغْشَهَا وَاجْلِدْ سِوَاها بمجْلَدِ
أَي خذْ طَرِيقا غيْرَ طريقها، ومَذْهباً آخرَ(10/346)
عَنْهَا، واضْرِبْ فِي الأرضِ لِسِوَاها.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : أَحْرَجتُهُ إِلَى كَذَا وأَوْجَيْتُهُ، وأَجلَدْتهُ، وأَدْمَغْتُهُ، وأدْغَمتُهُ إِذا أَحْوَجْتَه إليْهِ.
(ابْن الْأَعرَابِي) : جَزَزْتُ الضأَنَ، وحَلَقْتُ المِعْزَى، وجَلْدْتُ الجَمَلَ، لَا تقولُ العرَبُ غيرَ ذلكَ.
(أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ) : الجَلَدُ من الإبِلِ: الكِبارُ الَّتِي لَا صِغارَ فِيهَا.
وأنشدنا:
تَوَاكَلَها الأزْمانُ حَتَّى أَجَأْنَهَا
إِلَى جَلَدٍ مِنها قليلِ الأسافِلِ
أسافلُها: صِغارُها.
وَقَالَ الفرَّاء: الجَلَدُ من الإبلِ: الَّتِي لَا أولادَ مَعها فتَصبر عَلَى الحرِّ والبرْدِ.
(قلت) : الجَلَدُ من الإبلِ: الَّتِي لَا ألبانَ لَهَا، وَقد وَلَّى عَنْهَا أولادُها.
ويَدخُلُ فِي الجَلَدِ: بَناتُ اللَّبُون فمَا فَوقها من السِّنِّ ويُجمعُ الجَلَدُ أجلاداً، وأجاليدَ.
ويدخلُ فِيهَا المخاضُ، والعِشارُ، والحيالُ، فَإِذا وضَعَتْ أولادَها زالَ عَنْهَا اسمُ الجَلَد، وقيلَ لَهَا: العِشارُ واللِّقَاحُ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الجلَدُ: أَن يُسلخَ جلدُ البعيرِ أَو غيرِه من الدَّوَابّ فيُلبَسَه غَيْرُه من الدوابِّ، وَقَالَ العجاج يصفُ الأسدَ:
كأنْهُ فِي جَلَدٍ مُرَفّلِ
(غَيْرُه) : تَمْرَةٌ جَلْدَةٌ صُلْبَةٌ مُكْتَنِزَةٌ.
وَأنْشد:
وكنتُ إِذا مَا قُرّب الزَّاد مُولَعاً
بِكُلِّ كُمَيْتٍ جَلَدَةٍ لَمْ تُوَسَّفِ
والمجلَّد: مِقْدَار من الحِمْلِ مَعْلوُمُ المَكِيلَةِ وَالْوَزْن.
وَيُقَال: فلَان عَظِيم الأجْلادِ والتَّجَالِيدِ إِذا كَانَ ضخماً قويَّ الْأَعْضَاء والجسم.
وَجمع الأجْلادِ: أجَالِدُ، وَهِي الْأَجْسَام.
وَفِي حَدِيث القَسَامَةِ: (رُدُّوا الْأَيْمَان على أجَالِدِهِم) أَي عَلَيْهِم أنفسهم، وَكَذَلِكَ: التجاليد. قَالَ الشَّاعِر:
يَبْنِي تجاليدي وأقتَادَهَا
نَاوٍ كرأس الفَدَنِ المُؤْيَدِ
وَجَلُودُ: قَرْيَة بأفريقية إِذا نُسب إِلَيْهَا قيل: جَلُوديٌّ بِفَتْح الْجِيم.
وَقَالَ أَبُو زيد: حملتُ الْإِنَاء فاجْتَلَدتُهُ واجتلدتُ مَا فِيهِ إِذا شَرِبْتَ كل مَا فِيهِ.
(قلت) : وَيُقَال: اجَتْلتُهُ. واجتلْتُ مَا فِيهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : إِذا ولَدَتِ الشَّاة فَمَاتَ وَلَدُهَا فَهِيَ شَاةٌ جَلَدٌ.
وَيُقَال لَهَا أَيْضا: جَلّدَةٌ.
وجِمَاعُ جَلَدَةٍ: جَلَدٌ، وجَلَدَاتٌ.(10/347)
ج د ن
جدن، جند، دجن، دنج، نجد: مستعملة.
جدن: ذوجَدَنٍ: اسْم مَلِكٍ من مُلُوك حِمْيَرٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَنْشدني أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء:
لَو أنني كنت من عَادٍ وَمن إرَمٍ
غَذِيَّ بَهْمٍ ولقماناً وَذَا جَدَنِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أجْدَنَ الرجل إِذا اسْتغنى بعد فقر.
جند: قَالَ اللَّيْث: الجُنْدُ: مَعْرُوف.
وكل صنف من الْخلق: جندٌ على حِدَةٍ.
وَفِي الحَدِيث: (الأرواحُ جُنُودٌ مجنَّدةٌ فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف) .
والمجنَّدة: الْمَجْمُوعَة، وَهَذَا كَمَا يُقَال: ألف مؤلفة، وقناطير مقنطرة أَي مضعَّفة.
وَيُقَال: هَذَا جُنْدٌ قد أقبل، وَهَؤُلَاء جُنْدٌ قد أَقبلُوا.
قَالَ الله {الاَْسْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الاَْحَزَابِ} (ص: 11) فوحَّد النَّعْت لِأَن لفظ الْجند وَاحِد.
وَكَذَلِكَ: الْجَيْش والحزب.
وَقَالَ اللَّيْث: جَنَدق: مَوضِع بِالْيمن وَفُلَان الجَنَدِيُّ.
قَالَ: والجَنَدُ: أَيْضا حِجَارَة شبه الطين.
وجُنادةُ: حيٌّ من الْيمن.
وَيَوْم أجْنَادِينِ يَوْم مَعْرُوف كَانَ بِالشَّام أيَّام عمر.
وأجنَادُ الشَّام: خمس كُوَرٍ، وَمِنْهَا دمشق، وفلسطين، وحمص، والأردن، وقِنَّسرين.
دنج: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قَالَ الدُّنُجُ: العُقَلاء.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الدِّنَاجُ: إحكام الْأَمر وإتقانه.
(والدِّماجُ: الصُّلح على دَخَنٍ) .
دجن: قَالَ اللَّيْث: الدَّجْنُ: ظلّ الْغَيْم فِي الْيَوْم المطير.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : دَجَنَ يَوْمنَا وَدَغَنَ.
وَيَوْم ذُو دُجُنَّةٍ، ودُغُنَّةٍ.
قَالَ: وَيَوْم دَجْنٍ إِذا كَانَ ذَا مطر.
وَيَوْم دَغْنٍ إِذا كَانَ ذَا غيم بِلَا مطر.
وَقَالَ غَيره: دَجَنَ فلَان بِالْمَكَانِ دُجُوناً إِذا أَقَامَ بِهِ، وَكَذَلِكَ: رَجَنَ بِهِ.
وَيُقَال: دَجَنَ فِي بَيته إِذا لزمَه، وَبِه سُمِّيَت دَوَاجِنَ الْبيُوت، وَهِي مَا ألِفَ الْبَيْت من الشَّاء وَالطير وَغَيرهَا، الْوَاحِدَة: دَاجِنَةٌ.(10/348)
وَقَالَ ابْن أم قعنب يهجو قوما:
رأسُ الخَنَا مِنْهُم، وَالْكفْر خامسُهُم
وحِشّوَةٌ مِنْهُم فِي اللؤم قد دَجَنُوا
وَقَالَ اللَّيْث: كلب دَاجِن: قد ألِفِ الْبَيْت.
والدَّجُونُ: الأَلَفَانُ.
قَالَ، وَيُقَال للناقة الَّتِي قد عُوِّدَت السِّناوة: مَدْجُونَةٌ أَي دُجِنت للسِّناوة، هَكَذَا: القَوْل فِيهَا.
قَالَ: والمُدَاجَنَةُ: حُسن المُخَالَطَةِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدَّجُونُ من الشَّاء: الَّتِي لَا تمنع ضرْعهَا سِخَالَ غَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّجُنَّة: الظلماء، وَالْفِعْل مِنْهَا: ادجوْجَن، وَأنْشد:
لِيَسْقِ ابْنة العَمْريِّ سلمى وَإِن نَأَتْ
كِثَافَ العُلى واهي الدُّجُنَّة رَائِحُ
وَيُقَال: أَدْجَنَ يَوْمنَا فَهُوَ مُدْجِنٌ إِذا أضبَّ فأظلم.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أَدْجَنَ أَقَامَ فِي بَيته.
(أَبُو زيد) : سَحَابَة دَاجِنَةٌ وَمُدْجِنَةٌ، وَقد دَجَنَتْ تدجُنُ، وأدجَنتْ.
قَالَ: والدُّجُنَّة من الْغَيْم: المطبِّق تطبيقاً، والرَّيَّان المظلم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مطر.
يُقَال: يَوْم دَجْنٌ، ويومٌ دُجُنَّة، ويومُ دَجْنٍ، وَيَوْم دُجُنَّة، وَكَذَلِكَ: اللَّيْلَة على وَجْهَيْن، بِالْوَصْفِ وَالْإِضَافَة، والدَّجْنُ: الْمَطَر الْكثير.
(اللَّيْث) : الدَّيْدَجَانَ: الْإِبِل تحمل التِّجارة.
نجد: قَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: النجد: قفاف الأَرْض وصلابتها، وَمَا غلُظ مِنْهَا وأشرف، وَالْجَمَاعَة: النِّجَادُ، وَلَا يكون إِلَّا قُفًّا أَو صلابة من الأَرْض فِي ارْتِفَاع مثل الْجَبَل مُعْتَرضًا بَين يَديك، يرُدُّ طرفك عمَّا وَرَاءه.
وَيُقَال: أعْلُ هاتيك النِّجَادِ، وَهَا ذَاك النِّجاد يوحَّد.
وَأنْشد:
رمَيْنَ بالطرف النِّجاد الأبعدا
قَالَ: وَلَيْسَ بالشديد الِارْتفَاع والحزيز نجاد.
قَالَ وَقَالَ أَبُو أسلم كَمَا قَالَ: النّجدُ والنِّجادُ: وَاحِد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ النُّجُودُ عدَّة، فَمِنْهَا نجد كَبْكَبٍ، ونجُد مَرِيعٍ، ونجدُ خَالٍ.
قَالَ: ونجد كَبْكَبٍ: طَرِيق كَبْكَبٍ وَهُوَ الجَبَل الْأَحْمَر الَّذِي تَجْعَلهُ فِي ظهرك إِذا وقفت بِعَرَفَة.
وَقَالَ: وَقَول الشماخ:
أَقُول وَأَهلي بالجَنَاب وَأَهْلهَا
بِنَجْدَين لَا تَبْعَدْ نَوَى أمِّ حَشْرَجِ(10/349)
قَالَ: بِنَجْدِين: مَوضِع: يُقَال لَهُ نَجْدَا مَرِيع.
وَقَالَ: فلَان من أهل نجد قَالَ: وَفِي لُغَة هُذَيْل والحجاز: من أهل النُّجُدِ.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فِي عانة بجنوب السِّيِّ مَشْرَبُهَا
غُوْرٌ، ومصدرها عَن مَائِهَا نُجُدُ
قَالَ: وَمَا ارْتَفع عَن تِهَامَةَ فَهُوَ نَجْدٌ، فَهِيَ ترعى بنَجْدٍ، وتشرب بتهامة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الصيداويِّ عَن الرِّياشيِّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: سَمِعت الْأَعْرَاب يَقُولُونَ: إِذا خلّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً وعَجْلَزٌ فَوق القريتين فقد أنجدْتَ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: مَا ارْتَفع عَن بطن الرُّمَّة والرُّمَّة: وادٍ مَعْلُوم فَهُوَ نَجْدٌ إِلَى ثنايا ذَات عِرْق.
قَالَ وَسمعت الباهليَّ يَقُول: كل مَا وَرَاء الخَنْدَق الَّذِي خندقه كسْرَى على سَواد الْعرَاق فَهُوَ نَجْدٌ إِلَى أَن تميل إِلَى الحَرَّةِ، فَإِذا مِلْتَ إِلَيْهَا فأنتَ فِي الْحجاز.
وقرأْتُ بِخَط شمر قَالَ: يُقَال: النَّجْدُ إِذا جاوزتَ عُذَيْباً إِلَى أَن تُجاوز فَيْدَ، وَمَا يَليهَا.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} (الْبَلَد: 10) قَالَ: النجدان: سَبِيل الْخَيْر، وسبيل الشَّرّ.
قَالَ وحدَّث قيس عَن زِيَاد بن علاقَة؟ عَن أبي عُمارة عَن عليَ فِي قَوْله: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} قَالَ: الْخَيْر وَالشَّر.
وَقَالَ الزّجاج: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} أَي الطَّرِيقَيْنِ الواضحين.
والنجد: الْمُرْتَفع من الأَرْض، فَالْمَعْنى: ألم نُعرِّفْهُ طَرِيق الْخَيْر وَطَرِيق الشرِّ، بيِّنَين كبيان الطَّرِيقَيْنِ العاليين؟ .
وَقَالَ بَعضهم: {للهوَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ} قَالَ: الثديين.
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : النَّجُودُ من الحُمُرِ: الَّتِي لَا تحمل، والعِائُط: مثلهَا.
وَقَالَ شمر: تَفْسِير الْأَصْمَعِي فِي النَّجُودِ أَنَّهَا لَا تحمل: مُنكر، وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ فِي أَبْوَاب الْأَجْنَاس: النَّجُودُ: الطَّوِيلَة من الحُمُر.
وَقَالَ شمر: قَالَ القزملي عَن الْأَصْمَعِي: أُخذَت النَّجُودُ من النَّجدِ أَي هِيَ مُرْتَفعَة عَظِيمَة.
قَالَ شمر والشيباني: النَّجُودُ: الْمُتَقَدّمَة، وَيُقَال للناقة إِذا كَانَت مَاضِيَة: نَجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَرَمَى فأنفَذَ من نَجُودٍ عِائِطِ
قَالَ شمر: وَهَذَا التَّفْسِير فِي النَّجُود صَحِيح، وَالَّذِي رَوَاهُ فِي بَاب حُمُر الوَحْش: وَهَمٌ.(10/350)
(أَبُو عبيدٍ عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ نَجْدٌ، ونَجُدٌ من شِدَّةِ الْبَأْس، وَقد نَجُدَ، وَالِاسْم النَّجْدَةُ، واستنجدني فلَان فأنجدته أَي أعَنْتُهُ.
وَقد نَجِدَ الرجل يَنْجَدُ إِذا عرِقَ من عملٍ أَو كَرْبٍ، وَقَالَ الْكسَائي مثله.
(سَلمَة عَن الفرَّاء) : رجل نَجِدٌ، ونَجْدٌ.
قَالَ: وَقد نُجِدَ عَرَقاً إِذا سَالَ، فَهُوَ مَنْجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَجَدْتُ الرجل أنجدُهُ أَي غَلَبْته.
قَالَ: وأنجَدتُهُ: أعنته.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: النِّجَادُ: حمائل السَّيْف.
والإنْجَادُ: الْأَخْذ فِي بِلَاد نَجْدٍ.
والنُّجُودُ: مَا يُنجَّدُ بِهِ الْبَيْت، وَاحِدهَا: نَجْدٌ.
وَبَيت منجَّد إِذا كَانَ مزيَّناً بالثياب والفرش.
وَقَالَ شمر: أغرَبُ مَا جَاءَ فِي النَّجُودِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيث الشورى: (وَكَانَت امْرَأَة نَجُوداً) يُرِيد: ذَات رَأْي.
قَالَ: وَرجل نَجِدٌ بيِّن النَّجَدِ، وَهُوَ الْبَأْس والنُّصْرة، وَكَذَلِكَ: النَّجْدَةُ.
قَالَ: وَيُقَال: نَجِدَ يَنْجَدُ إِذا بلَّد وأعيا، فَهُوَ ناجِدٌ وَمَنْجُودٌ.
وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
صادياً يستَغِيثُ غير مُغَاثٍ
وَلَقَد كَانَ عُصرَةَ المَنْجُودِ
يُرِيد: المغلوبَ المُعْيَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: النَّجَّاد: الَّذِي يُنَجّدُ الْبيُوت والفُرُشَ والبُسُطَ.
والنُّجُودُ هِيَ الثِّيَاب الَّتِي يُنجَّد بهَا الْبيُوت فتُلبس حيطانها وتُبسط كَمَا قَالَ ذُو الرمة:
حَتَّى كأنَّ رياض القف ألبَسَهَا
مِنْ وَشْي عبقر تَجْلِيلٌ وتنجيدُ
ونجَّدْتُ الْبَيْت: بسطته بِثِيَاب مَوْشيَّة.
وَقَالَ أَبُو نصر: استَنْجَدَ الرجل استنجاداً إِذا قَوِيَ بعد ضعف أَو مرض.
وَرجل نَجُدٌ فِي الْحَاجة إِذا كَانَ ناجحاً فِيهَا ناجياً.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذكر الْإِبِل، ووطأَها يَوْم الْبَعْث صَاحبهَا الَّذِي لم يُؤدّ زَكَاتهَا، فَقَالَ: (إِلَّا: من أعْطى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَجْدَتُها: أَن تَكْثُرَ شُحُومُهَا حَتَّى يمْنَع ذَلِك صَاحبهَا أَن يَنْحَرَهَا نفاسة بهَا، صَار ذَلِك بِمَنْزِلَة السِّلَاح لَهَا تمْتَنع بِهِ من رَبهَا.
قَالَ: ورِسْلُهَا: أَن لَا يكون لَهَا سِمَنٌ، فيَهُون عَلَيْهِ إعطاؤها، فَهُوَ يُعطيها على رِسْلِهِ أَي مستهيناً بهَا، كأنَّ مَعْنَاهُ أَن(10/351)
يُعْطِيهَا على مشقة من النْفسِ، وعَلى طِيْبٍ مِنْهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: إِلَّا مَنْ أعْطى فِي رِسْلِهَا أَي بِطيب نفس مِنْهُ.
(قلت) : كَأَن قَوْله: فِي نَجْدَتِهَا مَعْنَاهُ: ألاَّ تطيب نفسُه بإعطائها، ويشتدَّ عَلَيْهِ.
وَقَول ابْن الْأَعرَابِي يقرب من قَول أبي عُبَيْدَة.
وَقَالَ المرَّار يصف الْإِبِل:
لَهُم إبل لَا من دِيَاتٍ وَلم تكن
مُهُوراً وَلَا من مَكْسَبٍ غير طائل
مُخَيَّسَةٌ فِي كل رِسْلٍ ونجدة
وَقد عُرِفَت ألوانها فِي المَعَاقِلِ
(أَبُو عمرٍ و) : الرِّسْلِ: الخِصْبُ، والنجدة: الشِّدة، والمخيَّسة هِيَ المعقَّلة فِي معاقلها لتُنحَر وتُطعم.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير فِي قَوْله: إِلَّا مَن أعْطى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِها.
قَالَ: نَجْدَتُها: مَا يَنُوب أَهلهَا مِمَّا يُشُقُّ عَلَيْهِ من المَغَارِمِ والدِّيَات، فَهَذِهِ نَجْدَةٌ على صَاحبهَا، والرِّسْلُ: مَا دون ذَلِك من النجدَةِ، وَهُوَ أَن يُفقِرَ هَذَا، ويَمْنَحَ هَذَا، وَمَا أَشْبَهَهُ دون النَّجدة، وَأنْشد قَول طرفَة يصف جَارِيَة:
تَحْسِبُ الطَّرفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً
يَا لقَوْمِيْ للشباب المُسْبَكِرّ
قَالَ: الطّرف: النّظر، يَقُول: يَشُقُّ عَلَيْهَا النّظر وَهِي ساجية الطّرف.
حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن أبي الرّبيع الجُرجَاني عَن يزِيد بن هَارُون عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي عمر الغُدَانيِّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (مَا من صَاحبِ إبل لَا يُؤَدِّي حَقَّها فِي نَجْدَتِها ورِسْلِهَا) قَالَ وَقد قَالَ رَسُول الله: (نَجْدَتُهَا ورِسْلُهَا) : عُسرها ويُسرها (إِلَّا بَرَزَ لَهَا بقاعٍ قَرْقَرٍ تطؤه بأخفافها، كلما جَازَت عَلَيْهِ أخراها أُعيدت عَلَيْهِ أولاها فِي يومٍ كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة حَتَّى يُقضى بَين النَّاس) . فَقيل لأبي هُرَيْرَة فَمَا حق الْإِبِل؟ . قَالَ: تُعطي الْكَرِيمَة، وتمنح الغزيرة، وتُفقِر الظّهْر، وتُطرِق الْفَحْل) .
(قلت) : ورَوَيتُ هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ لتفسير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّجْدَةَ والرِّسْلَ، وَهُوَ قريب مِمَّا فسَّره أَبُو سعيد، وَالله أعلم.
وَفِي حَدِيث آخر: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة تَطوف بِالْبَيْتِ عَلَيْهَا مَنَاجِدُ من ذهب فَقَالَ: أَيَسُرُّك أَن يحلِّيَكِ الله مَنَاجِدَ من نَار؟ قَالَت: لَا، قَالَ فأدي زَكَاته) .
قَالَ أَبُو عبيد: أُراه أَرَادَ بالمناجد الْحلِيّ المكلَّل بالفصوص، وَأَصله من تنجيد الْبَيْت.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المَنَاجِدُ: وَاحِدهَا:(10/352)
مِنْجَدٌ، وَهِي قلائد من لُؤلُؤٍ وَذهب أَو قرنفل، وَيكون عرضهَا شبْرًا، تَأْخُذ مَا بَين الْعُنُق إِلَى أَسْفَل الثديين، سمِّيَت، مَنَاجِدَ لِأَنَّهَا تقع على مَوضِع نِجَادِ السَّيْف من الرجل، وَهُوَ حمائله.
وَقَالَ اللَّيْث: نَجَدَ الْأَمر نَجُوداً، فَهُوَ نَاجِدٌ إِذا وضح واستبان.
وَقَالَ أُميَّة:
ترى فِيهِ أنباء الْقُرُون الَّتِي مَضَت
وأخبارَ غَيبٍ فِي الْقِيَامَة تَنْجُدُ
أَي تظهر.
قَالَ: وناقة نَجُودٌ، وَهِي الَّتِي تُناجد الْإِبِل فَتَغْزُرُهُنَّ.
والنَّجَدَاتُ: قوم من الحَرُورّيَة يُنْسَبُونَ إِلَى نَجْدَةَ الحروريِّ.
يُقَال: هَؤُلَاءِ النَّجَدَاتُ، والنَّجْدِيَّةُ.
وَيُقَال: نَاجدْتُ فلَانا إِذا بارَزْتَهُ الْقِتَال.
قَالَ: والنَّاجود: هُوَ الراوُوقُ نَفْسُه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّاجودُ: كل إِنَاء يُجعل فِيهِ الشَّرَاب من جَفْنَةٍ أَو غَيرهَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو نصر: قَالَ الْأَصْمَعِي: النَّاجُودُ: الدَّم، والنَّاجُودُ: الْخمر، والنَّاجُودُ: الزَّعْفَرَان.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الناجود: الباطية.
وَقَالَ غَيره: النَّاجُودُ: الْخمر الجيِّد، وَهُوَ مُذَكّر، وَأنْشد:
تمشَّى بَيْننَا ناجُودُ خَمْرٍ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجُودُ من الْإِبِل: الَّتِي تَبْرُكُ على الْمَكَان الْمُرْتَفع.
وَقَالَ اللحياني: لَاقَى فلانٌ نَجْدَةً أَي شدَّة، قَالَ: وَلَيْسَ من شِدُّةِ النَّفس، وَلكنه من الْأَمر الشَّديد.
قَالَ: وَيُقَال للرجل إِذا ضرِيَ بِالرجلِ واجترأ عَلَيْهِ بعد هَيْبَة: قد استنجد عَلَيْهِ.
وَأنْجَدَ فلَان الدعْوَة إِذا أجَاب.
وَرجل مُنَجَّدٌ، ومنجَّذٌ بِالدَّال والذال، وَهُوَ الَّذِي قد جرَّب الْأُمُور وقاساها، وَقد نجَّدَته بعدِي أُمُور، وَقَالَ صَخْر الغيِّ:
لَو أَن قومِي من قُرَيمٍ رَجْلاَ
لمنعوني نَجَدَةً وَرِسْلاَ
لمنعوني بِأَمْر شَدِيد، وَأمر هيِّن.
ج د ف
جدف، فدج.
فدج: اللِّحياني: الفَوْدَجُ والهَوْدَجُ: وَاحِد، والجميع: الفَوَادِجُ، والهَوَادِجُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وَرُبمَا قَالُوا للناقة الواسعة الأرفاغ: وَاسِعَة الفَوْدَجِ.
وفَوْدَجُ الْعَرُوس: مركبها.
(أَبُو عمرٍ و، والأصمعي) : فِي الفَوْدَج مثل مَا قَالَ اللحياني، وَقَالَ اليزيدي: الَفْوَدَجُ: شَيْء يَتَّخِذهُ أهل كرمان، وَالَّذِي يَتَّخِذهُ الْأَعْرَاب: هَوْدَجٌ.(10/353)
جدف: فِي الحَدِيث (شَرّ الحَدِيث: التَّجْدِيفُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: التَّجْدِيفُ: كفر النِّعمة، واستقلال مَا أنعم الله عَلَيْك، وَأنْشد:
وَلَكِنِّي صبرتُ وَلم أُجدِّف
وَكَانَ الصَّبْر عَادَةَ أوَّلينا
وَفِي حَدِيث عمر (أَنه سَأَلَ رجلا استهوته الْجِنّ عَن طَعَام الْجِنّ وشرابهم) . فَقَالَ: كَانَ شرابهم الجَدَفَ.
قَالَ أَبُو عبيد: الجَدَفُ لم أسمعهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَمَا جَاءَ إِلَّا وَله أصل، وَلَكِن ذهب من كَانَ يعرفهُ، وَيتَكَلَّم بِهِ، كَمَا قد ذهب من كَلَامهم شَيْء كثير، ثمَّ رُوي عَن بَعضهم: أَنه قَالَ: الجَدَفُ: نَبَات يكون بِالْيمن، يَأْكُل الْآكِل، وَلَا يحْتَاج مَعَه إِلَى شرب مَاء، قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: أَن الجَدَفَ: مَا لَا يُغطَّى من الشَّرَاب.
وَقَالَ بَعضهم: أُخذ الجَدَفُ من الجَدْفِ، وَهُوَ الْقطع؛ كَأَنَّهُ أَرَادَ ايُرمى من الشَّرَاب من زَبَدٍ أَو رَغْوَةٍ، أَو قذًى، كَأَنَّهُ قُطع من الشَّرَاب فرُمي بِهِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الجَدْفُ، والجَذفُ كِلَاهُمَا: القَطْعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لمُجَدَّفٌ عَلَيْهِ الْعَيْش أَي مضيَّق عَلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : جَدَفَ الطَّائِر يَجْدِفُ إِذا كَانَ مقصوصاً فرأيته إِذا طَار كَأَنَّهُ يَرُدُّ جناحيه إِلَى خَلفه، وَمِنْه سُمِّيَ مِجْدَافُ السَّفِينَة.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: مثله أَو نَحوه.
قَالَ وَيُقَال: جَذَفَ الرجل فِي مشيته إِذا أسْرع، هَذِه بِالذَّالِ، وَتلك بِالدَّال.
وَقَالَ الْكسَائي: الْمصدر من جَدَفَ الطَّائِر: الجُدُوفُ.
وَقَالَ غَيره: المِجْدَافُ: مِجْدَافُ السَّفِينَة.
قَالَ: والطائر إِذا طيَّر من جناحيه شَيْئا عِنْد الْفرق من الصَّقْر يُقَال: جَدَفَ.
وَأنْشد:
وَأَنت حُبَارَى خِيْفَةَ الصَّقْر تَجْدِفُ
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الجَدَافَاةُ: الْغَنِيمَة.
وَأنْشد:
لقد أَتَانِي رَامِعاً قِبِرَّاه
لَا يَعرِفُ الْحق وَلَا يهواه
فَكَانَ لي إِذْ جَاءَنِي جَدَافَاه
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : هِيَ الجُدَافَى، والغُنامى، والغُنْمَى، والهُبالة والأبالة، والحُواسة، والخُباسة.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: جَدَفَ الطَّائِر وجَدَفَ الملاّح بالمِجْدَافِ، وَهُوَ المُرديُّ، والمِقْذفُ، والمِقْذَافُ.
(أَبُو تُرَاب عَن أبي الْمِقْدَام السلميِّ) : جَدَفَتِ السَّمَاء بالثلج، وخَذَفَتْ تَجْدِفُ،(10/354)
وتَخْذِفُ إِذا رَمَتْ بِهِ.
ج د ب
جَدب، بجد، دبج، دجب: مستعملة.
جَدب: قَالَ اللَّيْث: مَكَان جَدْبٌ، وَقد جَدُبَ جُدُوَبَةً.
وأجدبَتِ الأَرْض فَهِيَ مُجْدِبَةٌ، وأجدبَتِ السَّنة، وأجدَبَ الْقَوْم.
قَالَ: والجادِبُ: الْكَاذِب، وَلم أسمع لَهُ فِعْلاً.
(قلت) : هَذَا تَصْحِيف، والكاذب يُقَال لَهُ: الخَادِبُ بِالْخَاءِ، كَذَلِك أَقْرَأَنِيهِ الْإِيَادِي لشمر عَن أبي عبيد، قَالَ: قَالَ أَبُو زيد شَرَجَ، وخَدَبَ، وَبَشَكَ إِذا كذب.
(قلت) : والجادِبُ بِالْجِيم: العَائِبُ، وَمِنْه حَدِيث عمر (أَنه جَدَبَ السَّمَرَ بعد العَتَمَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: جَدَبَ السمر أَي عابه وذمَّه، وكل عائب فَهُوَ جَادِبٌ، وَقَالَ ذُو الرمة:
فيا لَك من خدَ أَسِيْلٍ ومنطق
رخيم، وَمن خَلْقٍ تعلَّل جَادِبُه
يَقُول: لم يجد فِيهِ مقَالا، فَهُوَ يتعلل بالشَّيْء، يَقُوله وَلَيْسَ بِعَيْب.
(ابْن السّكيت) : جَادَبَتِ الْإِبِل الْعَام مُجَادَبَةً، وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْعَام مَحْلاً، فَصَارَت لَا تَأْكُل إِلَّا الدرين الْأسود، والثمام، فَيُقَال لَهَا حِينَئِذٍ: جَادَبَت.
وَقَالَ غَيره: نزلنَا بفلان فأجْدَبْنَاه إِذا لم يقرهم.
وروى شمر بِإِسْنَادِهِ عَن حُذيفة أَنه قَالَ: (جَدَبَ إِلَيْنَا عمر السمر) وَمَعْنَاهُ: جَدَبَ لنا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجَدْبَةُ: الأَرْض الَّتِي لَيْسَ بهَا قَلِيل وَلَا كثير، وَلَا مرتع، وَلَا كلأ.
وَقَالَ الفرَّاء: أجدبَتِ الأَرْض، وجدُبَت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عامٌ جُدُوُبُ، وَأَرْض جُدُوبٌ.
بجد: (أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : بجَّدَ الرجل بِالْمَكَانِ وألحم إِذا أَقَامَ بِهِ تبجيداً، وَمِنْه يُقَال: أَنا ابْن بَجْدَتِهَا أَي الْعَالم بهَا أَي أقمتُ بالبلدة فخبرتُها، وعلمتُ علمهَا.
وَيُقَال: هُوَ عَالم بَبَجْدَةِ أمركَ، وبِبُجْدَةِ أَمرك: أَي عَالم بِدِخْلةِ أَمرك.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : بَجْدٌ من النَّاس أَي جمَاعَة، وَجمعه: بُجُودٌ.
وَقَالَ كَعْب بن مَالك:
تلوذ البُجُودُ بأَذْرائِنَا
من الضّر فِي أَزَمَاتِ السِّنينا(10/355)
وَيُقَال للرجل الْمُقِيم بالموضع: إِنَّه لَبَاجِدٌ، وَأنْشد:
فَكيف وَلم تُنْفَطْ عَنَاقٌ وَلم يُرَعْ
سَوَامٌ بِأَكْنَافِ الأحِزَّة بَاجِدُ
قَالَ أَبُو زيد: كل بِجادٍ: شقة من شقَاق بيُوت الْأَعْرَاب، وَجمعه: بُجُدٌ.
وَيُقَال للشقة من البُجُد: فليج، وَجمعه: فُلُجٌ.
قَالَ: ورفُّ الْبَيْت: أَن يَقْصُرَ الكِسْرُ عَن الأَرْض، فيوصَلَ بخِرْقَةٍ من البُجُد أَو غَيرهَا ليبلغ الأَرْض، وَجمعه: رُفُوفٌ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: رفائف الْبَيْت: أكسية تُعلَّق إِلَى الشقاق حَتَّى تلْحق بِالْأَرْضِ.
دبج: قَالَ اللَّيْث: الدِّيباجُ: أصوب من الدَّيبَاجِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عبيد فِي الدِيباج والدِيوان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدِّيْبَاجُ كَانَ فِي الأَصْل: الدِّبَّاجُ فقُلبت إِحْدَى الباءين يَاء، وَكَذَلِكَ: الدِّينَار، أَصله: الدنَّار، وَكَذَلِكَ قِيرَاط، أَصله: قِرَّاط، وَلذَلِك جُمع الدِّيْبَاج دَبَابِيجَ، وَمثله: ديوانٌ جُمع دواوين.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الدِّيبَاجَتَانِ: الخدَّان، وَيُقَال: هما اللَّيتان.
وَقَالَ ابْن مقبل:
يخدى بهَا بازل فُتْلٌ مَرَافِقُهُ
يجْرِي بِدِيْبَاجَتَيْهِ الرشح مُرتَدِعُ
وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ لَهُ طيلسان مُدَبَّجُ، قَالُوا: هُوَ الَّذِي زُيّن تطاريفه بالدِّيبَاجِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مدبَّج وَهُوَ الْقَبِيح الرَّأْس والخِلقة.
قَالَ: والمُدَبَّجُ: ضرب من الْهَام، وَضرب من طير المَاء، يُقَال لَهُ أغبر مُدَبَّج منتفخ الريش قَبِيح الهامة، يكون فِي المَاء مَعَ النُّحَامِ.
دجب: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدَّجُوبُ: جُوَالِقٌ يكون مَعَ الْمَرْأَة فِي السّفر خَفِيف، وَأنْشد:
هَل فِي دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيْطِ
وذيلة تشفي من الأطيط
قَالَ: والوَذْيِلَةُ: قِطْعَة من سَنَام تُشَقُّ طولا، والأطيط: عصافير الجُوعِ.
ج د م
جدم، جمد، دجم، دمج، مجد، مدج: مستعملة.
مدج: قَالَ اللَّيْث: مُدَّجٌ: اسْم سَمَكَة بجرية. وَأَحْسبهُ معرَّباً.
جدم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للْفرس: إجْدَم، وأقدِم إِذا هِيْجَ ليَمْضِيَ، وأقدِمْ: أجودهما.
(أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و) : الجَدَمَةُ: الْقصير، وجَمْعُها: جَدَمٌ. وَأنْشد أَبُو(10/356)
الْهَيْثَم:
فَمَا ليلى من الهَيْقَاتِ طُولاً
وَمَا ليلى من الجَدَمِ القِصَارِ
والجُدَامُ: أصل السَّعُفِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ على تِلْكَ الدِّجْمَةِ والدِّمَجةِ أَي الطَّرِيقَة.
(ابْن الْأَعرَابِي) : نَخْلَة جُدَامِيَّةٌ: كَثِيرَة السعف.
وَفِي نَوَادِر الْأَعْرَاب: أجدَمَ النّخل، وزبَّب إِذا حَمَلَ حَمْلاً صِيْصَاء.
جمد: (اللَّيْث) : الجَمَدُ: المَاء الجامد، وَقد جَمَدَ يَجْمُدُ جُمُوداً.
وَيُقَال: لَك جامد هَذَا المَال وذائبه، أَي مَا جَمَدَ مِنْهُ، وَمَا ذاب.
ومُخَّةٌ جَامِدَةٌ أَي صُلبة، وَرجل جَامِدُ الْعين إِذا قلَّ دَمْعُهُ.
وَسنة جَمَادٌ: جَامِدَةٌ لَا كَلأَ فِيهَا وَلَا خِصْبَ وَلَا مَطَرَ.
وَأجْمَدَ الْقَوْم إِذا بَخِلُوا، وقلَّ خَيرهمْ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : جَمَدَ الرجل يَجْمُدُ فَهُوَ جَامِدٌ، إِذا بَخِلَ بِمَا يلْزمه من الْحق.
وَأَجْمَد يُجْمِدُ إجْمَاداً فَهُوَ مُجْمِدٌ إِذا كَانَ أَمينا بَين الْقَوْم.
قَالَ: والجامدُ: الْبَخِيل.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّد بن عمرَان التَّيْمِيّ: إِنَّا وَالله لَا نَجْمُدُ عِنْد الْحق، وَلَا نتدفق عِنْد الْبَاطِل.
واحتجَّ غَيره فِي المُجْمِدِ بقول طرفَة:
وأصفر مضبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ
على النَّار واستودعته كفَّ مُجْمِدِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المُجْمِدُ: الْأمين مَعَ شح لَا يخدع:
وَقَالَ خَالِد: رجل مُجْمِدٌ: بخيل شحيح.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: اسْتوْدعت هَذَا القِدْحَ رجلا يَأْخُذهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ فَلَا يخرج من يَدَيْهِ شَيْء.
(شمر) : قَالَ أَبُو عمرٍ و: الجُمُدُ: مَكَان حَزْنٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع الغليظ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الجُمُدُ: قارة لَيست بطويلة فِي السَّمَاء، وَهِي غَلِيظَة تَغْلُظُ مرّة، وتلين أُخْرَى، تُنبت الشّجر، وَلَا تكون إِلَّا فِي أَرض غَلِيظَة، سُمِّيَت جُمُداً من جُمُودها أَي يُبسها.
والجُمُدُ: أَصْغَر الآكام، يكون مستديراً، والقارة: مستديرة طَوِيلَة فِي السَّمَاء، وَلَا ينقادان فِي الأَرْض، وَكِلَاهُمَا غليظ الرَّأْس، ويسميان جَمِيعًا أكَمَةً.
قَالَ: وَجَمَاعَة الجُمُد: جِمَادٌ، يُنبت البَقْلَ وَالشَّجر.(10/357)
قَالَ: وَأما الجُمُود فأسهل من الجُمُدِ، وأشدُّ مخالَطَةً للسُّهُول، وَتَكون الجُمُود فِي ناحيةِ القُفِّ، وناحيةِ السُّهول.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: وَأَرْض جَمَادٌ: جَامِدَةٌ لم يُصِبْها مَطَرٌ، وَلَا شَيْء فِيهَا.
وَقَالَ الكُمَيتُ:
أمرعَت فِي نداه إِذْ قحط القط
ر فأمسى جَمَادُها ممطورا
ويُجمع الجُمُد: أجْمَاداً أَيْضا.
قَالَ لبيد:
فأجمادَ ذِي رَقْدٍ فأكنافَ ثادِقٍ
والجَمَادُ: النَّاقة لَا لبن بهَا.
وَسنة جَمَادٌ: لَا مطر فِيهَا وَقَالَ الشَّاعِر:
وَفِي السَّنَةِ الجَمَادِ يكُونُ غَيْثاً
إِذا لم تُعط درَّتها العَصُوب
(أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الجَوَامِدُ: الأُرَفُ، وَهِي الْحُدُود بَين الْأَرْضين، وَاحِدهَا: جَامِدٌ.
قَالَ: وَفُلَان مُجَامِدِي إِذا كَانَ جَارك بَيْتَ بَيْتَ، وَكَذَلِكَ: مُصَاقِبي، ومُؤَارفي، ومُتَاخمي.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا وُضِعَتِ الجَوَامِدُ فَلَا شُفعة) .
(أَبُو عمرٍ و) : سَيْفٌ جَمَّادٌ: صَارِمٌ: وَأنْشد:
وَالله لَو كُنتمْ بِأَعْلَى تَلْعَةٍ
من رأسِ قُنْفُذ أَو رُؤُوسِ صِمَادِ
لَسمِعْتُمُ مِنْ حَرِّ وَقْعِ سُيُوفِنَا
ضَرْباً بكُلِّ مُهَنَّدٍ جَمَّادِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمَادَيَانِ: اسمان معرفَة لشهرين، فَإِذا أضفتَ قلتَ: شهرا جُمادى، وَشهر جُمادى.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم: جُمَادَى سِتَّة هِيَ جُمَادَى الْآخِرَة وَهِي تَمام سِتَّة أشهر من أول السّنة، ورَجَبَ هُوَ السَّابِع، وجُمادى خَمْسَة هِيَ جُمادى الأولى، وَهِي الْخَامِسَة من أول شهور السّنة، قَالَ لبيد:
حَتَّى إِذا سَلَخَا جُمادى سِتَّة
هِيَ جُمَادَى الْآخِرَة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الشتَاء عِنْد الْعَرَب: جُمَادَى، لجُمُود المَاء فِيهِ، وَأنْشد للطِّرِمَّاح:
لَيْلَة هَاجَت جُمادية
ذَات صرَ جِربِيَاء النّسام
أَي لَيْلَة شتوية، وَقَالَ بعض الْأَنْصَار:
إِذا جُمادى مَنَعَت قَطْرَهَا
زَان جنابي عطَنٌ مُغْضِفَ
(سَلمَة عَن الفرَّاء) : الجِمَاد: الْحِجَارَة، وَاحِدهَا: جُمُدٌ.
(الْكسَائي) : ظلَّت الْعين جُمَادَى أَي جَامِدَةٌ لَا تَدْمَعُ، وَأنْشد:
مَنْ يطعم النّوم أَو يبت جَذَلاً
فالعين منِّي للهَمِّ لم تَنَمِ(10/358)
ترعَى جُمَادَى النَّهَار خاشِعَةً
وَاللَّيْل مِنْهَا بِوَاكِفِ سَجِمِ
أَي ترعى النَّهَار جَامِدَةً، فَإِذا جاءها اللَّيْل بَكت.
دمج: قَالَ الليثُ: دَمَجَتِ الأرنبُ تَدْمُجُ فِي عدوهَا، وَهُوَ سرعةُ تقاربِ قَوَائِمهَا فِي الأرضِ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) دَمَجَ عَلَيْهِم وَدَمرَ، وادْرَمَّجَ، وتَعلَّى عَلَيْهِم، كلٌّ بمعنىَ واحدٍ.
وَقَالَ الليثُ: متنٌ مُدْمَجٌ، وَكَذَلِكَ الأعضاءُ المُدْمَجَةُ كَأَنَّهَا أدمجِتْ ومُلِّسَتْ كَمَا تُدِمجُ الماشطةُ مِشطَة المرأةِ إِذا ضفرَتْ ذوائِبَها.
وكُلُّ ضفيرةٍ مِنْهَا عَلَى حِيالها تُسمَّى دَمجاً وَاحداً.
قَالَ: والدُّمُوجُ: الدُّخُولُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ليلةٌ دامجةٌ، وليلٌ دامجٌ أَي مظلمٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: تَدَامَجَ القومُ عَلَى فلانٍ تَدَامُجاً إِذا تَضَافَرُوا عليهِ.
وصُلحٌ دُمَاجٌ أَي مُحْكَمٌ، وَقَالَ ذُو الرمةِ:
وإذْ نحنُ أسبابُ المَوَدَّةِ بَيْنَنَا
دُمَاجٌ قُوَاهَا لم يَخُنْهَا وصولُهَا
وادَّمجَ فِي الشيءِ إدِّماجاً، وانْدَمَجَ فِيهِ اندماجاً إِذا دخل فِيهِ.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : الدُّمَاجُ: الصُّلْح على دَخَنٍ.
مجد: قَالَ اللَّيْث: المَجْدُ: نيل الشّرف، وَقد مَجَدَ الرجل، ومَجُدَ: لُغَتَانِ، والمَجْدُ: كرم فعاله، وَالله تبَارك وَتَعَالَى هُوَ الْمجِيد، تَمَجَّدَ بفعاله، ومَجَّدَهُ خُلُقُهُ لِعَظَمَتِهِ، وَقَالَ جلّ وَعز: { (الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (البروج: 15) .
قَالَ الفرَّاء: خَفَضَهُ يحيى وَأَصْحَابه كَمَا قَالَ: {مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ} (البروج: 21) فوصف القرآنَ بالمجَادَةِ. وَقَالَ غَيره: يُقْرَأُ: (بل هُوَ قرآنُ مَجِيدٍ) وَالْقِرَاءَة: {هُوَ قُرْءَانٌ} ، وَمن قَرَأَ: (قرآنُ مجيدٍ) ، فَالْمَعْنى: بل هُوَ قُرْآن ربَ مَجِيدٍ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : قرآنٌ مجيد، المَجيدُ: الرفيع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى المجيدِ: الكريمُ، فَمَعْنَى خفضَ المجيدِ فَمن صفة الْعَرْش، وَمن رفع فَمن صفة ذُو.
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : قَالَ: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: مَجَدْتُ الدَّابَّة إِذا علفتها ملْء بَطنهَا مُخَفّفَة، وَأهل نجد يَقُولُونَ: مَجَّدتُها إِذا علفتها نصف بَطنهَا.
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : مَجَدَتِ الإبِلُ إِذا وقَعَتْ فِي مرعًى كثيرٍ واسعٍ.
وأمجَدَهَا المرعى، وأمجَدتُها أَنا، قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا شبعت الْغنم مَجَدَتِ(10/359)
الْإِبِل تمجُدُ مَجْداً.
والمَجْدُ: نحوٌ من نصف الشِّبَع، وَقَالَ أَبُو حَيَّةَ فِي صفة امْرَأَة:
... ... . . وليسَتْ
بِمَاجِدَةٍ للطعام وَلَا الشرابِ
أَي لَيست بكثيرة الطَّعَام وَلَا الشَّرَاب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أمجَدْتُ الدَّابَّة علفاً: أكثرتُ لَهَا ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: مَجَدَتِ الْإِبِل مُجُوداً إِذا نَالَتْ من الْكلأ قَرِيبا من الشِّبَعِ، وعُرف ذَلِك فِي أجسامها، وأمْجَدَ الْقَوْم إِبلَهُم، وَذَلِكَ فِي أوَّلِ الرّبيع.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب (فِي كل الشّجر نَار، واستَمْجَدَ المَرخ والعَفَار) أَي استكثرا من النَّار فصلحا للاقتداحِ بهما.
يُقَال أمْجَدَ فلَان عطاءه، ومَجَّده إِذا كثَّره، قَالَ عديٌّ:
فاشتراني وَاصْطَفَانِي نِعْمَةً
مجَّد الهِنْءَ وَأَعْطَانِي الثّمن
ومَجْدُ: بنت تَمِيم الأدرم بن عَامر بن لؤيَ هِيَ أم كلاب وَكَعب وعامر، وكُلَيْبٍ بَنِي ربيعةَ بن عامرٍ، وَذكرهَا لبيدٌ ففخرَ بهَا:
سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وأَسْقَى
نُميراً والقبائلَ من هِلَال
دجم: (ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الدُّجُومُ واحدهُمْ: دِجْمٌ، وهم خاصةُ الخاصةِ، ومثلهُ: قِدرٌ وقدورٌ.
قَالَ اللَّيْث: ويقالُ: انْقَشَعَتْ دُجَمُ الأباطيلِ، وإنهُ لَفِي دُجَمِ الهوَى أَي فِي غمراتهِ وظُلَمِهِ، الواحدةُ: دُجْمَةٌ.
(قلت) : وَقَالَ غيرُهُ: دِجْمَةٌ ودِجَمٌ، وَهِي العاداتُ:
ودِجْمُ الرجُلِ: صاحِبُهُ وخليلهُ.
وفلانٌ مُداجِمٌ لفلانٍ، ومُدَامِجٌ لهُ، وَقَالَ رؤبة:
وكَلَّ مِنْ طُولِ النِّضَال أسْهُمُه
واعْتَلَّ إِذْ بَانَ الصِّبَا ودِجَمُهْ(10/360)
(أَبْوَاب الْجِيم والتّاء)
ج ت ظ ج ت ذ ج ت ث: مهملات.
ج ت ر
ترج، تجر، رتج: مستعملات.
ترج: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: تَرِجَ الرجلُ على (فَعِلَ) ، إِذا أَشكَلَ عَلَيْهِ الشيءُ من عِلْمٍ أَو غَيره.
وتَرْجٌ، مَأْسَدَةٌ بِنَاحِيَة الغَوْر، والأُتْرُجُّ: مَعْرُوف، والعوام يَقُولُونَ: أُتْرُنْجٌ، وتُرُنْجٌ. وَالْأولَى كَلَام الفصحاء. عَمْرو عَن أَبِيه تَرَجَ: إِذا استتر، ورَتِجَ، إِذا أَغلق كلَاما أَو غَيره.
تجر: قَالَ اللّيث: التَّجْرُ: جَماعة التّاجر وهم التُّجَّار أَيْضا، وَقد تَجَرَ يَتْجَرُ تِجارَة، وَأَرْض مَتْجَرَةٌ: يُتْجَرُ إِلَيْهَا.
وَالْعرب تَقول: نَاقَة تاجِرَة، إِذا كَانَت تَنْفُقُ إِذا عُرِضت على البيع لِنجابَتها، ونُوقٌ تَواجر، وَأنْشد الأصمعيّ:
مَجَالِحٌ من سِرِّها التَّواجِرُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: تَقول الْعَرَب: إِنَّه لتاجر بذلك الْأَمر، أَي حاذق بِهِ، وَأنْشد:
لَيْسَتْ لقومي بالكَنيفِ تجارَةٌ
لكَنَّ قومِي بالطِّعانِ تِجَارُ
وَيُقَال: رَبِحَ فلَان فِي تِجَارَته، إِذا أَفضَلَ، وأربح، إِذا صَادف سُوقاً ذاتَ رِبحْ.
رتج: قَالَ شِمَر: فِي الحَدِيث: (مَنْ ركب الْبَحْر إِذا أَرْتَجَ فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة) . قلت: هَكَذَا قَيَّده شَمِر بخَطِّه، قَالَ: وَيُقَال: أَرْتَجَ البحرْ، إِذا هَاج.
قَالَ: وَقَالَ الغِتْريفيّ: أَرَتَجَ البحرُ، إِذا كَثُر ماؤُه فَغَمر كلَّ شَيْء، قَالَ: وَقَالَ أَخُوهُ: السَّنَةُ تُرْتِجُ، إِذا أَطْبَقَتْ بالجدْب،(11/5)
ولَمْ يجِد الرجل مِنْهُ مَخْرجاً. وَكَذَلِكَ إرْتاجُ البحرِ: لَا يَجِدُ صاحِبُه مِنْهُ مخرجا.
وإرْتاجُ الثَّلْج: دَوامه وإطْباقُه، وإرْتاجُ الْبَاب مِنْهُ. قَالَ: والخِصْب إِذا عَمَّ الأَرْض فَلم يُغادِرْ مِنْهَا شَيْئا، فقد أَرْتَج، وَأنْشد:
فِي ظُلْمَةٍ من بعيدِ القَعْر مُرْتاجِ
سَلَمة، عَن الفرّاء، يُقال: بِعَلَ الرجل ورَتِجَ، ورَجِيَ، وغَزِلَ: كلُّ هَذَا إِذا أَرَادَ الْكَلَام فأُرْتِجَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: الرِّتاجُ: الْبَاب المُغْلَق، وَقد أَرْتَجَ البابَ: إِذا أَغلقه إغلاقاً وثيقاً وَأنْشد:
أَلَم تَرَنِي عاهدتُ ربِّي وإنني
لَبَيْنَ رِتاجٍ مُقْفَلٍ ومَقامِ
وَيُقَال: أَرْتِجَ على فلَان، إِذا أَرَادَ قولا أَو شعرًا فَلم يصل إِلَى تَمَامه، وَقَالَ: فِي كَلَامه رَتَجٌ أَي تَتَعْتُع.
وَقَالَ غَيره: أَرْتَجت الأتانُ: إِذا حَمَلَتْ، فَهِيَ مُرْتِج.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
كأنّا نَشُدُّ الْمَيْسَ فَوق مَراتِجٍ
من الحُقْبِ أَسْفَى حَزْنُها وسُهولُها
وناقةٌ رِتاجُ الصَّلا: إِذا كَانَت وَثيقَةً وَشِيجة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
رِتَاجُ الصَّلا مَكْنوزَةُ الْحاذِ يَسْتَوي
على مِثْلِ خَلْقاءِ الصَّفاةِ شَلِيلُها
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لأَنْفِ الْبَاب: الرِّتاجُ، ولِدَرَوَنْدِه: النِّجَافُ، والنَّجران، ولِمتْرَسِه: الْقُنّاحُ.
وَقَالَ شمر رَتِجَ فِي مَنْطِقه، وأُرْتِجَ عَلَيْهِ، إِذا استغلق عَلَيْهِ الْكَلَام، وَأَصله مَأْخُوذ من الرِّتاج، وَهُوَ الْبَاب، وأَرْتَجْتُ البابَ إِذا أَغْلَقْتَه.
وَقيل للحامل: مُرتِج؛ لِأَنَّهَا إِذا عَقَدَتْ على ماءِ الفَحل انسَدَّ بابُ رَحمهَا فَلم يدْخلهُ شَيْء، فَكَأَنَّهَا أَغْلقته على مَائه.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرّتَجُ: استغلاقُ الْقِرَاءَة على القارىء، يُقَال: أُرْتِجَ عَلَيْهِ واسْتُبهِمَ عَلَيْهِ.
وأرتجت الدجاجةُ: إِذا امْتلأَ ظهرهَا بَيْضاً، وأمكنت الضَّبَّةُ كَذَلِك.
ج ت ل
اسْتعْمل من وجوهه: تلج، جلت.
تلج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التُّلَجُ: فَرْخُ العُقاب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: التّوْلَج: الكِناس؛ وَأنْشد:
مُتَّخِذاً فِي صَفَوَاتٍ تَوْلَجا
وَيُقَال لَهُ: الدَّوْلَج، وَالْأَصْل وَوْلَج، فقلبت إِحْدَى الواوين تَاء.
جلت: يُقَال: جَلتُّهُ عشْرين سَوْطاً: أَي ضَربتَه. قلت: أَصله جَلَدْتُه، فأُدْغِمَت الدَّال فِي التّاء.
وجالوت: اسْم أَعْجَمِيّ لَا ينْصَرف.(11/6)
قَالَ الله: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} (الْبَقَرَة: 251) .
وَيُقَال: اجْتَلَتُّه، واجتلدْتُه: أَي شربتُه أجمع.
ج ت ن
اسْتعْمل من وجوهه: نتج.
نتج: قَالَ اللَّيْث: النِّتاج: اسمٌ يجمَعُ وَضْعَ الغَنَم، والبهائم. وَإِذا وَلِيَ الرّجلُ نَاقَة ماخِضاً ونِتاجَها حَتَّى تضع، قيل: نَتَجها نَتْجاً، ونِتاجاً.
وَقد نُتِجَت النَّاقة، إِذا ولدت، وَلَا يُقَال نَتَجَت، وَلَا يُقَال: نُتِجَتْ الشاةُ إِلَّا أَن يكون إنسانٌ يَلِي نِتاجَها، وَلَكِن يُقَال: نتَجَ الْقَوْم، إِذا وضعت إبلُهم وشاؤُهم.
قَالَ، وَمِنْهُم من يَقُول: أَنْتَجت النَّاقة: أَي وَضعَت. قلت: هَذَا غلط، لَا يُقَال أَنْتجت النَّاقة بِمَعْنى وضعت.
وروى أَبُو عُبَيْد، عَن أبي زيد: أَنْتَجت الفَرس، فَهِيَ نَتوج، ومُنْتِج: إِذا دنا وِلادُها، وعَظم بَطنُها.
قَالَ: وَإِذا ولدت النّاقة من تِلْقَاء نَفسهَا، وَلم يل نِتاجها أَحدٌ قيل: قد أَنْتَجَت، وَقد نَتَجْتُ النَّاقة أنتِجُها، إِذا ولِيتَ نِتاجها، فَأَنا ناتج، وَهِي مَنْتوجة.
وَقَالَ ابْن حِلِّزَة:
لَا تكْسَع الشَّوْلَ بأَغْبارِها
إنَّك لَا تَدري مَنِ النّاتجُ
وَقد قَالَ الْكُمَيْت بَيْتا فِيهِ لفظٌ لَيْسَ بمستفيضٍ فِي كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ قَوْله:
لِيَنْتَتجُوها فِتْنةً بعد فتنَة
أَي لِيُولِّدوها، وَالْمَعْرُوف فِي كَلَامهم ليَنْتِجُوها.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: النِّتاج يكون لِلْإِبِلِ وَالْبَقر، وَلَا يُقَال للشاء. قَالَ: وَيُقَال للِّبأ اللِّبانُ أَيْضا. والمُفَصِّح: الَّذِي قد ذهب اللِّبَأُ عَنهُ، وَهُوَ الفِصْحُ والمُفْصِّح، لِأَن اللِّبأ خاثر مثل الصمغ فَإِذا ذهب اللِّبأُ عَنهُ خرج رَقِيقا طيِّباً.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّتُوج: الْحَامِل من الدَّواب، فرسٌ نَتُوجٌ، وأَتانٌ نَتُوجٌ: فِي بَطنهَا وَلَدٌ قد اسْتبان، وَبهَا نتاج، أَيْ حَمْلٌ.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول للنَّتوج من الدَّوَابّ: قد نَتَجَت، بِمَعْنى حَمَلت، وَلَيْسَ بعامّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت، قَالَ يُونُس: يُقَال للشاتَيْنِ إِذا كَانَا سِنّاً وَاحِدَة: هما نَتِيجةٌ، وَكَذَلِكَ غَنَمُ فلانٍ نَتَائِج، أَي فِي سِنَ وَاحِدَة ومَنْتِجُ النَّاقة: حَيْثُ تُنْتَجُ فِيهِ أَي تلدِ، أنْشد أَبُو الْهَيْثَم لذِي الرمة:
قد أنْتُتِجَتْ من جَانب من جُنوبها
عوانا وَمن جنب إِلَى جَنْبِ بَكْراً
قَالَ انْتُتِجت على (افْتُعِلَتْ) من نُتِجَتْ، فاستجاز ذُو الرمة (انْتُتِجَتْ) فِي معنى (نُتِجَتْ) لَا فِي معنى (انْتَتَجَتْ) . قَالَ: وانْتَتَجَت الناقةُ انْتِتاجاً إِذا ولدت، وَلَيْسَ قربهَا أحد.(11/7)
ج ت ف
اسْتعْمل مِنْهُ: جَفتْ.
وَأما التَّجفاف فَهُوَ اسمٌ على (تِفْعَال) من المضاعفَ، من جَفّ يَجِفُّ وجفَّفَ، وَقد مرّ تَفْسِيره.
وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : اجْتَفتُّ المالَ، واكْتَفتُّه، وازْدَفَتُّه، وازْدَعَبْتُه، واكْتَلطْتُه، واكْتَدَرتُه إِذا استحبتَه أجمع. ازْدَفْتُّه افْتعلت من زَفَتُّ.
ج ت ب
اسْتعْمل من وجوهها: جبت، تجب.
جبت: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (النِّسَاء: 51) .
قَالَ الزّجاج، قَالَ أهل اللُّغَة: كلُّ معبود من دون الله جِبْتٌ وطاغوت.
قَالَ: وَقيل: الجِبْتُ والطَّاغوت: الكَهَنة وَالشَّيَاطِين. وَجَاء فِي التَّفْسِير الجبت والطَّاغُوت: حُيَيّ بن أخْطَب، وكعبُ بن الأشْرف اليهوديان.
قَالَ: وَهَذَا غير خَارج مِمَّا قَالَ أهْلُ اللُّغَة، لِأَنَّهُمَا إِذا اتبعُوا أَمرهمَا فقد أطاعوهما من دون الله.
قلت: وَقد رُوِي هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، من رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة.
قَالَ الطَّاغوت: كعبُ بنُ الأشْرف، والجِبْتُ حُيَيُّ بن أَخطب، وَقَالَهُ الضَّحاك.
وَأما الشعبيّ، وَعَطَاء، وَمُجاهد، وَأَبُو الْعَالِيَة، فقد اتَّفقُوا على أَن الجِبْت: السِّحر والطَّاغوت: الشَّيْطان.
وَنَحْو ذَلِك رُوي عَن عمر بن الْخطاب: حَدثنَا السعديُّ عَن عُثْمَان، عَن أبي عُمر الحوْضِيّ، عَن شُعْبه، عَن ابْن أبي إِسْحَاق، عَن حسان بن أبي قَائِد، عَن عمر، قَالَ: الجِبْتُ: السِّحر، والطاغوت: الشَّيْطَان.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِبْتُ: رَئِيس الْيَهُود، والطاغوت رَئِيس النَّصَارَى.
تجب: قَالَ اللَّيْث: التِّجابُ من حِجَارَة الفِضَّة: مَا أُذيب مَرَّة، وَقد بَقِيت فِيهَا فِضَّة، والواحدة تِجَابة.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّجْبابُ: الخَطُّ من الفِضَّة يكونُ فِي حَجَرِ الْمَعْدن، وتَجُوب: قَبيلَةٌ من قبائل الْيمن.
ج ت م
اسْتعْمل من وجوهها: متج.
متج: قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدَع يَقُول: سِرْنا عُقْبَةً مَتُوجاً. ومَتُوجاً أَي بَعِيدَةً، وَذكره فِي بَاب الْجِيم والحاء. وَيُقَال أَيْضا فِي بَاب الْجِيم وَالْخَاء.
سَمِعت أَبَا السميدع، ومُدْركاً، ومُبْتَكِراً(11/8)
الجَعْفَرِ يَّيْن، يَقُولُونَ: سِرْنا عُقْبَةً مَتُوجاً ومَتُوخاً، أَي بَعيدة، فَإِذا هِيَ ثَلَاث لُغَات مَتُوحٌ، ومَتوخ، ومتُوج.
(أَبْوَاب الْجِيم والظّاء)
ج ظ ذ ج ظ ث ج ظ ر ج ظ ل ج ظ ن: مهملات.
ج ظ ف
اسْتعْمل مِنْهُ: جفظ.
جفظ: ثَعْلَب، عَن سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ: الجفيظ: المَقْتُول المُنْتَفخ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: المُجْفَئِظُّ: الْمَيِّت المُنْتَفخ.
أَبُو عَمْرو: المُجْفَئِظُّ: كل شَيْء يُصبح على شَفا الْمَوْت من مرضٍ أَو شَرَ أَصَابَهُ، تَقول أصبح مُجْفِئِظّاً.
قَالَ: والْمجفَئِظُّ: الْمَيِّت المنتفخ.
ج ظ ب ج ظ م
أهملت وُجُوههمَا.
(أَبْوَاب الْجِيم والذال)
ج ذ ث: مهمل
ج ذ ر
جذر، جرذ: مستعملان.
جذر: قَالَ اللَّيْث: الجَذْرُ: أَصْلُ اللِّسان، وأصل الذَّكَر، وأَصلُ كلِّ شيءْ، قَالَ: وأَصلُ الْحساب الَّذِي يُقال: عَشَرة فِي عشرَة أَو كَذا فِي كَذَا، نقُول: مَا جَذْرُه؟ أَي مَا مَبْلَغُ تمامِهِ فَتَقول: عَشَرة فِي عشرَة، مائَة. وَخَمْسَة فِي خَمْسَة، خَمْسَة وَعِشْرُونَ؛ فَجذْر مائَة عَشرة، وجَذْر خَمسةٍ وَعشْرين، خَمْسَة.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ بنِ الْيَمَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلتِ الأَمانَةُ فِي جَذْرِ قُلُوب الرّجال، ثمَّ نَزَلَ الْقُرْآن، فعلِموا من القُرآن، وَعَلمُوا من السّنة، ثمَّ حدَّثنا عَن رَفْع الْأَمَانَة فِي حَدِيث طَوِيل.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ الْأَصْمَعِي، وَأَبُو عَمْرو الجَذْرُ: الأَصْل من كلِّ شَيْء.
وَقَالَ زُهَيْر يصف بقرة وحشية:
وسامِعَتَيْن تَعْرِفُ العِتْقَ فيهمَا
إِلَى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعوب مُحَدَّدِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الجِذْرُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: بالفَتح.
وَقَالَ ابْن جبلة: سَأَلت ابنَ الأعرابيّ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ جَذْرٌ وَلَا أَقولُ جِذْر بِالْكَسْرِ. قَالَ: والجَذْرُ: أصْلُ حِسَاب ونَسب، والجِذْرُ بِالْكَسْرِ: أصلُ شَجَرَة، وَنَحْو ذَلِك.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: المُجَذَّرُ: القَصِيرُ من الرّجال.
أَبُو زيد: جَذَرْتُ الشّيء جَذْراً وَأَجْذَرْتُه إِذا اسْتَأْصلْتَه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَذَرْتُ الشيءَ(11/9)
أجْذِرُه جَذْراً: إِذا قطعتَه.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال إِنَّه لَشديدُ جَذرِ اللّسان أَي أَصله، وشَديدُ جَذْر الذَّكَر: أَي أَصله.
قَالَ الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجلامِيدِ فُتِّحَتْ
أَحالِيلُها حَتَّى اسْمَأَدَّتْ جُذُورها
أَي أُصُولهَا.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الجَذْرُ: جَذْرُ الْكَلَام، وَهُوَ أَن يكونَ الرجلُ مُحْكماً لَا يَسْتعين بأَحد، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يُعاب. فَيُقَال: قاتلَه الله، كَيفَ يَجْذِرُ فِي المُجادلة؟
وقالَ أَسِيد: الجَذْرُ أَيْضا: الانْقطاع من الحَبْل والصَّاحب والرُّفقة وَمن كُلِّ شَيْء، وَأنْشد:
يَا طَيبَ حَالَ قَضَاهُ الله دونكم
واسْتحصَد الحبْلُ مِنْك اليومَ فانجذَرا
أَي انْقَطع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجِذْرُ بِكَسْر الْجِيم: الأَصل.
جرذ: أَبُو عُبيدة: الْجَرَذُ: كلُّ مَا حَدَثَ فِي عُرقوبِ الْفرس من تَزَيُّد أَو انْتفاخِ عَصَبِ، وَيكون فِي عُرضِ الكَعْب من ظاهِرٍ أَو بَاطِن، وقرأت فِي (كتاب الْخَيل) لِابْنِ شُمَيل، قَالَ: أمَّا الْجرَذُ بالذَّال فَوَرَمٌ يأخُذُ الفَرس فِي عُرض حافِره، وَفِي ثَفِنَتِهِ من رِجله حَتَّى يَعْقِرَه وَرَمٌ غَليظ يَتَعَقَّر، وَالْبَعِير يَأْخُذُه أَيْضا.
قَالَ: والجَرْدُ بِالدَّال بِلَا تعجيم: ورَمٌ فِي مُؤخَّر عُرقوب الفَرس، يَعظُم حَتَّى يمنعُه المشيَ والسَّعْي.
قلت: وَلم أسْمع الجَرَدَ بالدَّال فِي عُيوب الْخَيل لغير ابْن شُمَيْل، وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُون، وَقد ذكرَ الجَرَدَ والجَرَذَ فِي عُيوب الْخَيل بمعنيين مُختلفين.
وَأما أَبُو عُبَيْدة فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الجردَ بِالدَّال، وَكَذَلِكَ الْأَصْمَعِي وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَرَذُ، بِالذَّالِ: داءٌ يأْخُذُ فِي قَوائم البِرْذَوْن. دَابَّةٌ جَرِذ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الجرَذ داءٌ يأْخذ فِي مَفْصِل العُرقوب، فيكوي مِنْهُ تمشيطاً فَيبْرأُ عُرقوبه آخِراً ضَخْماً غليظاً، فَيكون رديئاً فِي حمله ومشيه.
قَالَ: والجُرَذُ: اسمُ الذكرَ من الفار، وَجمعه جِرْذَان.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: جَرَّذَه الدَّهْر، ودَلَّكَه، وديَّثَه، ونَجَّذَه، وحَنَّكَه بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ المُجَرَّذُ والمُجَرَّسُ. روى ذَلِك أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو.
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: نَجَّذَه الدهرُ، وقلّحَهُ، وجرَّذَه إِذا أحكمه. قَالَ: وأجْرَذْت فلَانا من مَاله إِذا أخرجته من(11/10)
مَاله. رَوَاهُ الإياديّ عَنهُ. أَبُو عبيد، عَن أبي عمرٍ و: المُجَرَّذُ، والمجرَّسُ والمُضَرَّسُ، والمُقَتَّلُ؛ كُله الَّذِي قد جرّب الْأُمُور.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجّرَذْتُه إِلَى كَذَا وَكَذَا، أَي اضْطَررته وَأنْشد:
كأَنَّ أوْبَ صَنْعَةِ الملاّذِ
يَسْتَهْيعُ المُراهِقَ المُحَاذِي
عافِيه سَهْواً غير مَا إجْراذِ
وعافيه: مَا جاءَ من عَدْوِه عفوا.
سَهْواً: عَفْواً سَهلاً، بِلَا حَثَ شَدِيد وَلَا إكْراه عَلَيْهِ.
جذل، جلذ، لجذ، ذجل، لذج، ذلج: مستعملة.
(ج ذ ل)
جذل: قَالَ اللَّيْث: الجَذْلُ: انتصابُ الحِمارِ الوحْشيّ وَنَحْوه ناصباً عُنُقَه.
وَالْفِعْل: جذَلَ يَجْذُلُ جُذُولاً.
قَالَ: وجَذِلَ يَجْذَلُ جَذَلاً، فَهُوَ جَذِلٌ، وجَذْلانٌ، وامرأةٌ جَذْلى، مثل فَرِح وفَرحان.
قلت وَقد أجَاز لبيد (جاذِلاً) بِمَعْنى (جَذِل) فِي قَوْله:
وعانٍ فَكَكْناه بِغَيْر سُوَامه
فأصْبح يَمشي فِي المَحلَّةِ جاذِلاً
أَي أصْبحَ فَرِحاً.
والجاذِل، والجاذي: المنْتَصِب، وَقد جَذا وجذَلَ يَجْذُو ويَجْذُلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْلُ: أصْل كلّ شَجرة حِين يذهب رَأسهَا، تَقول: صَار الشَّيْء إِلَى جِذْلِه أَي إِلَى أصْله.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لأصل الشَّيء جَذْلٌ وجِذْلٌ بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَكَذَلِكَ أصْل الشَّجَرة تَقْطَع، ورُبما جُعِلَ العُودُ جِذْلاً.
وَفِي الحَدِيث: كيفَ تُبْصِرُ القَذَاةَ فِي عين أخيكَ، وَلَا تُبْصِرُ الجِذْلَ فِي عَيْنك) .
جلذ: قَالَ اللَّيْث: الجُلْذِيُّ: الشَّديد من السّير.
قَالَ العجّاج يصفُ فلاة:
الخِمْسُ والْخِمسُ بهَا جُلْذِيّ
يَقُول: سَيْرُ خِمْس بهَا: شديدٌ.
الْأَصْمَعِي: ناقَةٌ جُلْذِيَّةِ: صُلْبةٌ شَدِيدَة. قَالَ: والجِلْذَاءَةُ: الأَرْض الغليظة، وَجَمعهَا جَلاَذِيّ، وَهِي الحِزْباءَة.
شَمِر، عَن ابْن شمَيْل: الجُلْذِيَّة: المكانُ الخَشِنُ الغليظُ من القُفّ، لَيْسَ بالمُرتفع جدا، يَقْطَع أخْفاف الْإِبِل، وقَلَّما يَنْقَادُ وَلَا يَنْبُتُ شَيْئا.
قَالَ اللَّيْث: والجُلْذِيَّةُ من الفَراسن أَيْضا: الغليظة الوكيعَةُ.
وسيْرٌ جُلْذِي وخمْسٌ جُلْذِيٌّ: شَدِيد.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي الاجْلِوَّاذُ، والاجْرِوَّاط فِي السّير: المضاءُ والسُّرعة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِلْذيَّةُ: النَّاقة(11/11)
الغليظةُ الشَّدِيدَة شَبَّهها بِجِلْذَأَةِ الأَرْض وَهِي النَّشْر الغليظ.
واجْلَوَّذَ الْمَطَر: إِذا ذَهَب وقَلَّ، وَأَصله من الاجْلِوَّاذِ فِي السّير، وَهُوَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: والجَلاذِيُّ فِي شِعْر ابْن مُقْبل، جمع الجُلْذِيَّةِ، النَّاقة الصُّلبة. وَهُوَ:
صوتُ النَّواقيس فِيهِ مَا يُفرِّطُه
أيْدي الجَلاذِي وجُونٌ مَا يُعَفِّينا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَلاذِيّ: الصُّنَّاعُ، واحدهم جُلْذِيّ.
وَقَالَ غيرَة: الْجَلاذِيّ. خَدَمُ الْبيعَة؛ جَعَلهم جَلاذِيّ لِغِلَظِهِم.
ابْن الْأَعرَابِي: اجْلَوَّذ، إِذا أَسْرَع، وَمثله اجْرَهَدَّ، وَمثله قَوْله: واجْلَوَّذَ الْمَطَر.
ذجل: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الذَّاجِل: الظَّالم، وَقد ذَجَلَ إِذا ظلَمَ.
لجذ: أهمله اللَّيْث. ورَوى عَمْرو عَن أَبِيه: لجِذَ الكلبُ، ولَجَذَ، ولَجَنَ: إِذا وَلَغَ فِي الْإِنَاء. قَالَ: واللَّجْذُ: الْأكل بِطَرَفِ اللّسان، ونَبْتٌ مَلْجوذٌ: إِذا لم يتمكَّن مِنْهُ السِّن من قِصَرِه فَلَسَّتْه الْإِبِل.
قَالَ الراجز:
مثل الوَأَي المُبْتَقِلِ اللَّجَّاذِ
وَيُقَال للماشية إِذا أكلت الْكلأ، قد لُجِذَ الْكلأ، ولَجِذَ الكلبُ الْإِنَاء، إِذا لَحِس.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا سَأَلَك رجُلٌ فأعطيْتَه، ثمَّ سَأَلَك، قلت: لَجَذَني، يَلْجُذُني لجْذاً.
لذج ذلج: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْدِ: لَذَجَ الماءُ فِي حَلْقِهِ وذَلَجه بِمَعْنى وَاحِد.
ج ذ ن
استُعمِل من وجوهه: نجذ.
نجذ: قَالَ اللَّيْث: النَّجْذُ شِدَّةُ العَضِّ بالنَّاجِذ، وَهِي السِّنُّ، بَين النَّاب والأضْرَاس.
قَالَ: وَتقول الْعَرَب: بَدَتْ نواجِذه، إِذا أظْهرها غَضَباً أَو ضَحِكاً.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: رجل مُنَجَّذٌ، ومُنَجِّذٌ، وَهُوَ المجرَّب والمُجرِّب، وَهُوَ الَّذِي جرَّب الأمورَ وعَرفها، وَأنْشد:
أَخُو خَمْسين مُجْتمِعٌ أشُدِّي
ونَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُون
وَيُقَال للرجل إِذا بَلَغَ أشُدَّه: قد عَضَّ على ناجِذِه؛ وَذَلِكَ أنَّ الناجِذَ يَطلُعُ إِذا أسَنَّ، وَهُوَ أقْصَى الأضْراس.
وروى أَبُو عُمَر؛ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاس فِي النَّواجذ فِي الخَبَر الَّذِي جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه فَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّواجِذُ: أقْصى الأضْراس.(11/12)
وَقَالَ غَيره: النَّواجِذ أدْنى الأضراس.
وَقَالَ غَيرهمَا: النَّواجِذ المضَاحِك.
قَالَ: وروى عبدُ خَيْرٍ، عَن عليّ أَنه قَالَ: إنَّ الملَكيْن قاعدان على ناجِذَي العَبد يِكْتُبان.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّواجِذُ فِي قَول عَلِيَ: الأَنْياب، وَهُوَ أَحْسنُ مَا قيل فِي النَّواجِذ، لأنّ الْخَبَر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جُلّ ضَحِكه تَبَسُّما.
ج ذ ف
أهمله اللَّيْث.
جذف: وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: جَذَفْتُ الشَّيْء: قطعْته بالذَّال.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
قاعِداً حوله الندامى فَمَا يَنْ
فَكُّ يُؤتَى بمُوكَرٍ مَجْذُوفِ
أَرادَ بالمُوكَر السِّقَاءُ الْمَلآنَ من الْخمر، والمجذوف: الَّذِي قُطِعَ قوائمه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَذَفَه: قَطَعَه، قَالَ: والمجذُوف والمجدُوف: الْمَقْطُوع، وجَذَفَ الطائرُ إِذا كَانَ مقْصوصاً، وَقد مرَّ. أَبُو عَمْرو، وجَذَفَ الرَّجل فِي مَشْيه: إِذا أَسْرَع.
رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
ج ذ ب
جذب، جبذ، بذج: (مستعملة) .
جذب جبذ: قَالَ اللَّيْث: الجَذْبُ: مدُّك الشّيءَ. والجَبْذُ: لُغةُ تَمِيم:
قَالَ: وَإِذا خَطب الرجلُ امرأَةً فردَّته، قيل: جَذَبَتْه، وجَبَذَتْه.
قَالَ: وكأنَّه من قَوْلك جاذَبْته فجذَبْته، أَي غَلَبتْه، فَبَان مِنْهَا مَغلوباً.
قَالَ: وَيُقَال: انْجَذَبَ الرجل فِي سيره، وَقد انجذب بِهِ السّير.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَذَبَ الشَّهْرُ يَجْذِبُ جَذْباً، إِذا مضى عامَّتُه وَيُقَال للصبيِّ، أَو السَّخْلة إِذا فُصِل: قد جُذِب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
ثمَّ جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُه
وَيُقَال للناقة إِذا غَرَزَت وذَهب لبنُها: قد جَذَبَتْ، فَهِيَ جاذب والجمعُ: جَواذب.
قَالَ الْهُذلِيّ:
بِطَعْن كرَمْح الشَّوْل أَمْست غوارِزا
جواذبُها تأْبَى على المتَغَبِّر
وَيُقَال للرّجل إِذا كَرِعَ فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين: جَذَبَ نفسا أَو نفسين.
عَمْرو، عَن أَبِيه، يُقَال: مَا اَغنى عَنِّي جِذِبّاناً، وَهُوَ زِمامُ النَّعل وَلَا ضِمْناً، وَهُوَ الشِّسْع.
ابْن شُميل: بَيْننَا وَبَين بني فلَان نَبْذَةٌ وجَذْبَةٌ، أَي هُمْ مِنَّا قَريب.
والجَذْبُ: جُمَّارُ النّخل، والواحدة جَذَبة،(11/13)
وَهِي الشَّحْمَةُ الَّتِي تكون فِي رَأس النَّخْلة، يُكْشَطُ عَنْهَا اللَّيفُ فتُؤكل، وَهُوَ الكَثْرُ.
وجَذَبَ فلانٌ حَبْلَ وِصاله وجَذَمَه: إِذا قَطَعَه.
وَقَالَ البعيث:
أَلاَ أَصْبَحَت خَنْساء جاذِمَة الْوَصْلِ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: ناقَةٌ جاذِبٌ: إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وَقْت مضْرِبها.
وَقَالَ النَّضر: يُقَال تَجَذَّبَ اللَّبَن: إِذا شَرِبَه.
وَقَالَ العُدَيْل:
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْل للظَّعن بَعْدَمَا
تَجَذَّبَ راعي الإبْلِ مَا قد تَحَلَّبا
بذج: رُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يُؤْتَى بابْنِ آدمَ يَوْم الْقِيَامَة كأَنَّه بذَجٌ من الذُّلِّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الفرّاء: البَذَجُ: ولد الضَّأْنِ، وَجمعه بِذْجَان، وَأنْشد:
قَدْ هَلكَتْ جارَتُنا من الْهَمَجَ
وَإِن تَجُعْ تأْكُلْ عَتُوداً أَوْ بَذَج
والعَتُودُ: من أَوْلاد المِعزَى.
ج ذ م
جذم: قَالَ الأصمعيّ: جِذْمُ الشَّجرة وجِذْيُها بِالْيَاءِ: أَصْلُها، وَكَذَلِكَ من كُلِّ شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِذْمَةَ: القِطعة من الشّيء، يُقْطَع طَرَفه وَيبقى جِذْمه، وجذْمُ الْقَوْم: أَصْلُهم، والجِذْمَةُ من السَّوْط: مَا تَقْطَّعَ طَرَفُه الدّقيق وبَقِيَ أَصله.
قَالَ لبيد:
صائِبُ الجِذْمَةِ فِي غَيْر فَشَلْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجِذْمَةُ فِي بَيت لبيد الإسْراع، جَعله اسْما من الإِجْذام، وَجعله الأصمعيّ بَقِيِّة السَّوْط، وأَصْله.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الإِجْذامُ السُّرعة فِي السَّير، والإِجذام الإقلاع عَن الشَّيْء وجِذْمُ الْأَسْنَان: مَنابِتُها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
الْآن لما ابْيضَّ مَسْرَبَتِي
وعَضِضْتُ من نابِي على جِذْم
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زَيد: أَنَّه رأى فِي الْمَنَام كَأَنَّ رجُلاً نزل من السَّمَاء فَعلا جذْمَ حائِط، فأَذَّن. وجِذْمُ الْحَائِط: أَصْلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَذْم: سُرْعَةُ الْقطع، والجَذَمُ: مصدر الأجْذَم اليَد، وَهُوَ الَّذِي ذهبت أَصَابِع كَفَّيه. وَيُقَال مَا الَّذِي جَذَّمَ يَدَيْهِ؟ وَمَا الَّذِي أَجْذَمه حَتَّى جَذِم؟ والجاذِمُ: الَّذِي وَلِيَ جَذْمَه، والمُجْذَّمُ: الَّذِي يَنْزِل بِهِ ذَلِك، وَالِاسْم الْجُذام.
ورُوِيَ عَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: (من تعلَّم الْقُرْآن ثمَّ نَسِيَه لقى الله وَهُوَ أَجْذَم) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الأجْذم المقطوعُ الْيَد، يُقَال مِنْهُ: جَذِمَتْ يَده تَجْذَمُ جَذَماً، إِذا انْقطعت وَذَهَبت وَإِن قَطَعْتَها أَنْت، قلت: قد جَذَمْتُها، أَجْذِمُها جَذْماً.
قَالَ فِي حَدِيث عليّ: (من نَكَثَ بيعَته لَقِي(11/14)
الله وَهُوَ أَجْذم، لَيست لَهُ يَد) ، فَهَذَا يُفسر لَك الأجْذم.
وَقَالَ المتَلمِّس:
وَهل كُنْتُ إِلَّا مثلَ قَاطع كَفِّه
بكفَ لَهُ أُخْرَى فأصبحَ أجذما؟
وَقَالَ غير أبي عُبَيْد: الأجْذم فِي هَذَا الحَدِيث: الَّذِي ذهبت أَعضاؤها كلُّها، قَالَ وَلَيْسَت يدُ النَّاسِي لِلْقُرْآنِ بالجَذَمِ أَوْلَى من سَائِر أَعْضَائِهِ، قَالَ: وَيُقَال: رجُلٌ أجْذَم ومَجْذوم ومُجَذَّم إِذا تهافتت أطْرافه من دَاء الْجُذَام.
وروى أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمْرو، أَنه قَالَ: الأجْذَم: الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: والجَذْم والخَذْمُ كِلَاهُمَا الْقَطع.
والجَذْماء: امرأةٌ من بني شَيْبان كَانَت ضَرَّة للبَرشاء، وَهِي امْرَأَة أُخْرَى، فرمت الجَذْماءُ البَرْشَاءَ بنارٍ فأحرقتها، فسُميت البَرْشاء، فَوَثَبت عَلَيْهَا البرشاءُ فَقطعت يَدهَا، فسميت الجذماء.
وَبَنُو جَذِيمة: حيٌّ من عبد الْقَيْس، كَانُوا ينزلون الْبَحْرين ومنازلهم الْبَيْضَاء من نَاحيَة الخَط.
وروى عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (أربعٌ لَا يَجُزْنَ فِي البيع، وَلَا النِّكاح: الْمَجْنُونَة، والمَجْذومة، والبَرْصاء والعَفْلاء) : كَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس مَجْذومة، كَأَنَّهَا من جُذِمَتْ فَهِيَ مجذومة.
ورُوِي عَن عليَ أَنه قَالَ: إِذا تزوج الْمَجْنُونَة أَو المجذومة أَو العَفْلاء، فَإِن دخل بهَا جَازَت عَلَيْهِ، وَإِن لم يكن دخل بهَا فُرِّق بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: القَوْل مَا قَالَ أَبُو عُبَيد فِي تَفْسِير الأجذم، وَأَنه الْمَقْطُوع الْيَد، قَالَ: وَمعنى قَوْله: لَقِيَ الله وَهُوَ أجْذَم، لَا يَدَ لَهُ، أَي لَا حُجة لَهُ، وَالْيَد: يُراد بهَا الحُجة، أَلا ترى أَن الصَّحيح الْيَد وَالرجل يَقُول لصَاحبه: قَطَعْتَ يَدي ورِجْلي أَي أذْهَبْتَ حُجَّتي.
(أَبْوَاب) الْجِيم والثّاء)
ج ث ر
ثجر، جرث، جثر: (مستعملة) .
جثر: أهمله اللَّيثُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: مكانٌ جَثْرٌ: فِيهِ تُرابٌ يُخالِطه سَبَخ.
ثجر: قَالَ اللَّيْث: الثَّجير: مَا عُصِرَ من الْعِنَب فجرت سُلافته، وَبقيت عصارته فَهُوَ الثَّجير، وَيُقَال: الثَّجير: ثُفْلُ الْبُسْر يُخْلَطُ بِالتَّمْرِ فيُنْتَبَذُ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا تَثْجُرُوا) .
وَقَالَ شَمِر، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثُّجْرَةُ: وَهْدَةٌ من الأرْض منخفضة.
قَالَ، وَقَالَ غَيره: ثُجْرَةُ الْوَادي: أولُ مَا تَنْفَرجُ عَنهُ المضايق قبل أَن يَنْبَسط فِي(11/15)
السَّعة، ويُشَبَّه ذَلِك الموضعُ من الْإِنْسَان بثُجْرة الْوَادي.
وَقَالَ الأصمعيّ: الثُّجَر الأوساط، واحدتها ثُجْرة.
وَقَالَ اللَّيْث: ثُجْرَةُ الحشا: مُجْتَمَعُ أَعلَى السَّحْر بقَصَبِ الرئة.
والثُّجَرَ: سِهَام غِلَاظ الْأُصُول عِراض.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَجَاوَبَ فِيهِ الخيزرانُ المُثَجَّرُ
والمثَجَّرُ: المعرَّض حوفه وَقد ثُجِّرَ تَثْجيراً.
وَأما قَول تَمِيم بن أُبيّ بن مقبل:
والعَيْرُ يَنْفُحُ فِي المكْتانِ قد كَتِنَتْ
مِنْهُ جحافِلُه والعَضْرَسِ الثَّجِرِ
ويروى: الثُّجَرِ. فَمن رَوَاهُ الثَّجِر: فَمَعْنَاه المُجْتَمِع، والعَضْرَسُ: نبت أَحْمَر النَّوْر.
وَمن روى الثُّجَرُ: فَهُوَ جمع ثُجْرَة، وَهُوَ مَا تَجَمَّعَ فِي نَبَاته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ثُجْرَةٌ من لَحْمٍ، أَي قِطْعَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثُّجَرُ: جماعات مُتَفرِّقَةٌ، والثَّجِر: العريض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: انْثَجَرَ الجُرح، وانْفَجَر: إِذا سَالَ مَا فِيهِ.
جرث: الجِرِّيثُ: من السّمك مَعْروف، وَيُقَال لَهُ: الجِرِّيُّ بِلَا ثَاء.
وروى سُفْيَان، عَن عبد الْكَرِيم الجَزَري: عَن عِكْرمة، عَن ابْن عَبَّاس: أنَّه سُئِلَ عَن الجِرِّيّ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شيءٌ حَرَّمه اليَهود.
وروى شَمِرَ، عَن أَحْمد بن الحَرِيش، عَن ابْن شُميل بإِسنادٍ لَهُ، عَن عمار، أَنه قَالَ: لَا تَأْكُلُوا الصِّلَّوْرَ والأَنْقَلِيس.
قَالَ أَحْمد، قَالَ النَّضر: الصِّلَّوْرُ: الجِرِّيث، والأنْقَلِيس: المارْمَاهِي.
ج ث ل
جثل، ثلج، ثجل: مستعملة.
ثجل: أَبُو عُبَيد، عَن اليزيديّ: الأثْجَلُ: العظيمُ البَطْن.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الْعَثْجَلُ أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّجَلُ عِظَمُ الْبَطن، ورَجُل أَثْجَل، وامْرَأَةٌ ثَجْلاَء.
وَفِي حَدِيث أمِّ معبد فِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لم تُزْرِ بِهِ ثُجْلَة) أَي ضِخَمُ بَطن.
جثل: قَالَ اللَّيْث: الجَثْلُ من الشَّعر: أَشَدُّهُ سَواداً وأَغْلَظه.
وَقَالَ غَيره: الشَّعرُ الجَثْل: المُلْتَفّ، وَفِيه جُثُولةٌ وجَثَالَة. واجْثَأَلَّ النَّبْتُ: إِذا الْتَفَّ وَطَالَ وغَلُظ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجُثَالُ: الْقُبَّر، واجْثَأَلَّ الْقُبَّرُ: إِذا انْتَفَشَتْ قُنْزُعَتُه، وَأنْشد:(11/16)
جَاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ
قَالَ والجَثْلَةُ: النملةُ السَّوداء.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: تَقول الْعَرَب: ثَكِلَتْه الْجَثَل، وثَكِلَتْهُ الرّعيل أَي ثَكِلَتْهُ أمُّه.
ثلج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الثُّلُجُ: الْفَرِحون بالأخْبَار، والثُّلُجُ: البُلَداءُ من الرِّجال.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبي عَمْرو: ثَلَجَتْ نَفْسِي تَثْلِجُ: إِذا اطْمَأَنَّتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ثَلَجَتْ تَثْلَجُ، وثَلَجَتْ تثلُجُ. وَقَالَ اللَّيْث: الثَّلْج: مَعرُوفٌ، وَقد ثُلِجْنَا أَي أَصَابَنَا ثَلْجٌ. وَيُقَال: ثَلِجَ الرجل، إِذا بَرَدَ قلبُه عَن شَيْء، وَإِذا فَرِحَ أَيْضا، فقد ثَلج.
الحرّاني، عَن ابْن السّكّيت: ثَلِجْتُ بِمَا خَبَّرَني، أَي اشْتَفَيْتُ بِهِ وسَكَن قلبِي إِلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثُلِجَ قلبُه أَي بَلُدَ، وثَلِجَ بِهِ أَي سُرَّ بِهِ وَسكن إِلَيْهِ، وَأنْشد:
فَلَو كُنْتُ مَشْلُوجَ الفُؤادِ إِذا بَدَتْ
بلادُ الأعادِي لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي
أَي لَو كنتُ بَلِيدَ الفؤادِ، كنت لَا أُمِرُّ وَلَا أُحْلِي، أَي لَا آتِي بمُرَ وَلا حُلْوٍ من الفِعل.
غيرُه: حَضَرَ فأَثْلَجَ، إِذا بلغ الثَّرَى والنَّبَط.
وَيُقَال: قد أَثْلَجَ صدرِي خَبَرٌ وَارِدٌ، أَي شَفَانِي وَسَكَّنَني، فَثَلِجْتُ إِلَيْهِ.
وَنَصْلٌ ثُلاَجِيُّ، إِذا اشتَدَّ بياضُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي عَمْرو: إِذا انْتهى الحافرُ إِلَى الطين فِي الْبِئْر قَالَ: أَثْلَجْتُ.
وَقَالَ شَمِر: ثَلِج صَدْرِي لذَلِك الْأَمر، أَي انشرَحَ ونَقَعَ بِهِ، يَثْلَجُ ثلَجاً، وَقد ثَلَجْتُه، إِذا بَلَلْتَهُ وَنَقَعْتَه.
وَقَالَ عَبِيد:
فِي رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرَارَها
مَوْلِيَّةٍ لم يَسْتَطِعْهَا الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلِجٌ: بَارِد.
ج ث ن
جنث، نثج، نجث، ثجن: مستعملة.
جنث: قَالَ اللَّيْث: الْجِنْثُ: أَصْلُ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ العِرقُ المستقيمُ أرومَتُه فِي الأَرْض، وَيُقَال: بل هُوَ من ساقِ الشَّجرةِ مَا كَانَ فِي الأَرْض فَوق العُروق.
أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: جِنْثُ الْإِنْسَان: أَصْلُهُ، وَإنَّهُ ليرجعُ إِلَى جِنْثِ صِدْق.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: التَّجَنُّثُ أَن يَدَّعيَ الرجلُ غَيْرَ أَصْلِهِ.
وَقَالَ ابنُ السّكّيت، قَالَ الأصمعيّ: سمِعتُ خَلَفاً يَقُول: سِمعْتُ الْعَرَب تُنْشِد بَيت لَبِيد:
أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ عَن عَوْراتها(11/17)
كلَّ حِرْبَاءٍ إِذا أُكْرِه صَلّ
قَالَ: الجِنثِيّ: السَّيْف بِعَيْنِه، وَقَوله أَحْكَمَ: أَي رَدَّ. يَقُول: رَدَّ الحرباءُ وَهُوَ المسمار عَن عورتها السَّيْف، وَأنْشد خلف:
ولَيْست بأَسْواقٍ يكون بِياعُها
بِبَيْضٍ تُشَافُ بالجِيادِ المنَاقِلِ
وَلكنهَا سوقٌ يكون بِياعُها
بِجُنْثِيَّةٍ قد أَخْلَصَتْها الصَّياقِلُ
قَالَ: وَمن روى:
أَحكمَ الجِنْثيُّ من عوراتها
كلَّ حرباء ...
فَإِن الجِنْثِيّ: الحدّاد إِذا أحكم عَوْرات الدِّرْع؛ لم يَدَع فِيهَا فَتْقاً وَلَا مَكَانا ضَعِيفا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة الجِنْثى، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر: من أَجْوَد الْحَدِيد، هَذَا الَّذِي سمعناه من بني جَعْفَر.
وقا أَبُو عُبَيد: الجُنْثِيّ: الحدَّاد، وَيُقَال الزَّرّاد.
نثج: أَهْمله اللَّيث.
ثَعْلَب: عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْثَجَةُ: الاست، سُمِّيت مِنْثَجَة، لِأَنَّهَا تَنْثجُ، أَي تُخْرِجُ مَا فِي الْبَطن.
وَقَالَ غَيره: يُقال لأحد العِدْلَيْن إِذا اسْتَرْخَى: قد اسْتَنْثَج فَهُوَ مُسْتَنْثِج. قَالَ هِمْيان:
يَظَلُّ يَدْعُو نِيبَهُ الضَّماعِجا
بصَفْنَةٍ تَزْقِي هَديراً ناثِجا
أَي مُسّتَرخِياً.
نجث: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: النَّجِيثُ: الهدَف، سُمِّي نَجِيثاً لانْتِصابه واسْتِقْباله.
والاسْتِنْجاث: التَّصَدِّي للشَّيْء، والإقبال عَلَيْهِ، والولُوع بِهِ.
أَبُو عبيدُ: خرج فلَان يَنْجُثُ بني فلَان، أَي يَسْتَغويهم ويستَغِيثُ بهم، وَيُقَال: يَسْتَعْوِيهم بِالْعينِ، وأتانا نَجِيثُ الْقَوْم، أَي أَمرهم الَّذِي كَانُوا يُسِرّونه.
قَالَ لَبِيد يذكر بقرة:
مَدَى الْعين مِنها أَن تُراعَ بنَجْوَةٍ
كَقَدْرِ النَّجيث مَا يَبُذُّ المُناضِلا
أَرَادَ أَن البقرةَ قريبةٌ من وَلَدِها، تُراعيه كَقدْر مَا بَين الرَّامِي والهدف.
الأصمعيّ: نَبَثوا عَن الْأَمر، ونَجَثُوا عَنهُ، وَبَحَثُوا عَنهُ، بِمَعْنى وَاحِد. وَرجل نجَّاث ونَجِثٌ يتَتبَّعُ الْأَخْبَار ويَسْتَخْرِجُها.
وَقَالَ الأصمعيّ:
لَيْسَ بِقَسَّاسٍ وَلَا نَمَ نَجِثْ
وَيُقَال: بُلِغَتْ نَجِيثَتُه ونكيثتُه: أَي بُلِغَ مَجْهوده.
والنُّجُثُ: غِلافُ الْقلب، وَجمعه أنجاث. وَأنْشد:(11/18)
تَنْزُو قلوبُ القَوم من أَنْجاثِها
وَأنْشد شَمِر:
أَزْمانَ غَيُّ قلبِكَ المْسْتَنْجِثُ
بمَأْلَفٍ من جمعكم مُسْتَنبِثُ
قَالَ: المستَنْجِثُ: المُسْتَخْرِج. يُقَال: نَجَثَهُ أَي أَخْرَجَه. وَقيل: المستَنْجِث: مثل المُنْهَمِك.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: من أمثالهم فِي إعلان السِّرِّ، وإبدائه بعد كتْمانه، قَوْلهم: (بَدا نَجِيثُ الْقَوْمِ) أَي سِرُّهم الَّذِي كَانُوا يخفونه.
ثجن: أَهْمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الثَّجَنُ طَرِيق فِي غِلَظٍ من الأَرْض لغةٌ يمَانيَّة.
ج ث ف
فثج، ثفج: أهملهما اللَّيْث.
فثج: وروى عَمْرو عَن أَبِيه، أَنه قَالَ: إِذا نَقَص فِي كلِّ شَيْء.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: عدا الرجل حَتَّى أَفْثَج، وأفْثَأَ، وَذَلِكَ إِذا أعيا وانبَهَر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عدا حَتَّى أَفْثَج، وأُفْثِج، وَيُقَال: فَثَجتُ الماءَ الحارّ بالبارد إِذا كَسرتَ حرّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: هَذَا ماءٌ لَا يُفْثَجُ وَلَا يُنْكشُ: أَي لَا يُنْزَح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: ماءٌ لَا يُفْثَجُ أَي لَا يُبْلَغُ غَوْرُه.
الأصمعيّ: الفاثجُ والفاسِجُ: النَّاقة الَّتِي لَقِحَتْ فَسَمِنَتْ، وَهِي فَتيَّة.
وَقَالَ هِمْيان:
والبَكِراتِ اللُّقحَ الْفَواثِجا
ثفج: أهمله اللَّيْث.
عَمْرو، عَن أَبِيه: ثَفَجَ ومَفَجَ: إِذا حَمُق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ ثَفَّاجَةُ مَفَّاجَة، وَهُوَ الأَحْمَق.
ج ث ب
استُعْمِل من وجوهه: ثبج.
ثبج: أَبُو عُبَيْد، عَن الأصمعيّ: الثَّبَجُ: مَا بَين الكاهِل إِلَى الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الثَّبَجُ: مَا بَين العَجُز إِلَى المَحْرَك.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثّبَجُ: مُسْتدارُ أعْلى الكاهِلِ إِلَى الصّدر، قَالَ: وَالدَّلِيل على أَن الثَّبَجَ من الصَّدْر أَيْضا، قَوْلهم: أَثْباجُ الْقَطَا.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الثَّبَجُ: نُتُوُّ الظَّهْر، والثَّبَجُ: عُلُوُّ وسط الْبَحْر إِذا تلاطمت أمواجه، والثَّبَجُ: اضْطِرَاب الْكَلَام وتفْنينُه، والثَّبَجُ: تَعْمِيَةُ الخَطِّ وتَرْكُ بيانِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّثْبيجُ: التَّخْليط.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الثَّبَجُ: من عَجْبِ الذَّنب إِلَى عُذْرَيْه.(11/19)
وَقَالَت بنت القَتَّال الْكلابِي. ترثي أَبَاهَا:
كأَنَّ نَشِيجَنا بِذَوَات غِسْلٍ
نَهيمُ المنزلِ تُثْبُجُ بالرِّحالِ
أَي تُوضَعُ الرحالُ على أثْباجها، وكتابٌ مُثَبّجٌ، وَقد ثُبِّجَ تَثبيجاً.
وَأما قَول الْكُمَيْت يمدح زِيَاد بن مَعْقَلِ:
وَلم يُوايِم لَهُم فِي ذَبِّها ثَبَجاً
وَلم يكُنْ لَهُم فِيهَا أَبَا كَرِبِ
وثَبجٌ هَذَا رَجُلٌ من أهل الْيمن غَزاه ملِكٌ من الْمُلُوك فصالَحه عَن نَفسه وَأَهله وَولده، وَترك قومه فَلم يدخلهم فِي الصُّلْح، فغزا الملكُ قومه، فَصَارَ ثَبَجٌ مَثَلاً لمن لَا يَذُبُّ عَن قَوْمه، وأرادَ الْكُمَيْت أَنه لم يفْعَل فعل ثَبج، وَلَا فِعْل أبي كَرِب، وَلكنه ذَبَّ عَن قومه.
ج ث م
جثم، ثجم، مثج: (مستعملة) .
جثم: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (الْأَعْرَاف: 78) أَصَابَهُم البلاءُ فبركوا فِيهَا.
والجاثمُ: البارِكُ على رِجْلَيه، كَمَا يَجْثِمُ الطَّير، أَي أَصَابَهُم الْعَذَاب فماتوا جاثمين، أَي باركين.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المصْبُورة والمُجثَّمةُ.
قَالَ أَبُو عبيد: المُجَثَّمَةُ الَّتِي نهى عَنْهَا هِيَ المَصْبُورةُ؛ وَلكنهَا لَا تكونُ إِلَّا فِي الطَّير والأرانب، وأشْباهِها؛ لِأَن الطَّير تَجثِمُ بِالْأَرْضِ إِذا لَزِمتْها ولَبَدَت عَلَيْهَا، فإنْ حَبَسها إنْسانٌ قيل: قَدْ جُثِّمَتْ، فَهِيَ مُجثَّمَة إِذا فُعِلَ ذَلِك بهَا، وَهِي المحبوسَة، فَإِذا فعلت هِيَ من غيرِ فعْل أحد، قيل: جَثَمَت تَجْثِمُ جُثوماً، وَهِي جاثمة.
وَقَالَ شَمِر فِي تَفْسِير المجَثَّمَة: هِيَ الشَّاة الَّتِي تُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوت، ثمَّ تُؤُكل.
قَالَ والشَّاة لَا تَجْثِمُ؛ إِنَّمَا الجثومُ للطَّير، وَلكنه اسْتُعير.
قَالَ، ورُوِيَ عَن عِكْرِمةَ أَنه قَالَ: المُجَثَّمَةُ: الشَّاة، تُرْمَى بالنَّبْل حَتَّى تُقْتَل.
وَيُقَال: جَثَم فلَان بِالْأَرْضِ يَجْثِمُ جُثُوماً إِذا لَصِق بهَا ولَزِمَها، فَهُوَ جاثِم.
وَقَالَ النَّابِغَة يصفَ رَكَبَ امْرَأَة:
وإذَا لَمسْتَ لمسْتَ أجْثَمَ جاثماً
مُتَحَيِّزاً بمكانه مِلْءَ اليَد
قَالَ: وجَثَمت العُذُوق: إِذا عَظُمت، فلَزِمَتْ مَكَانهَا، وَقَوله:
وباتت بِجُثْمانِيَّةِ المَاء نِيبُها
إِذا ذَاتُ رَحْلِ كالمآتم حُسَّرا
جُثمانية المَاء: الماءُ نَفْسُه.
وَيُقَال جُثْمانيَّةُ المَاء: وسَطُه ومُجْتَمعه،(11/20)
ومكانه وَالْبَيْت للفرزدق.
وَقَالَ رؤبة:
واعْطِفْ على بَازٍ تَرَاخَى مَجْثَمُه
قيل: تَراخى مَجْثَمُه، أَي بَعُدْ وكْرُه.
قَالَ: ويُقال للَّذي يَقَعُ على الْإِنْسَان وَهُوَ نائمٌ: جاثُومٌ وجُثَمٌ وجُثَمَة، ورازِمٌ، وركَّاب، وجثّامة.
قَالَ: وَهُوَ هَذَا النّجْثُ الَّذِي يَقع على النَّائم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجاثُوم: هُوَ الكابوس، وَهُوَ الدَّيْثان.
وَقَالَ اللَّيْث: الجاثِمُ: اللاَّزمُ مكانَه لَا يَبْرح.
وَيُقَال: إِن العَسلَ يَحثِمُ على المِعدة ثمَّ يَقْذِفُ بالدَّاء.
وَقَالَ غَيره: الجَثَّامَةُ: الرجل الَّذِي لَا يبْرَحُ بيتَه، وَهُوَ اللُّبَدُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُثمان بمنزله الجُسْمان، جامعٌ لِكلِّ شَيء، تُرِيدُ بِهِ جِسْمه وألْواحَه. والجَثَمةُ، والحَثَمة كِلَاهُمَا الأكمة، وَهِي الجَثوم.
قَالَ تأبط شرا:
نَهَضْتُ إِلَيْهَا من جَثُومٍ كأنَّها
عجوزٌ عَلَيْهَا هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَل
الْأَصْمَعِي: جَثَمْتُ وجَثَوْتُ وَاحِد.
ثجم: قَالَ اللَّيْث: الثَّجْمُ مِثْلُ الصَّرف عَن الشّيء.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: أثجم الْمَطَر وأغْضَن، إِذا دَامَ أَيَّامًا لَا يُقْلِع.
مثج: يُقَال: مَثَج البِئْرَ، إِذا نَزَحَها.
(أَبْوَاب) الْجِيم والرّاء)
ج ر ل
استُعْمِلَ منْ وُجُوهِهِ: جرل، رجل.
جرل: قَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الجَرَاوِلُ: الحِجَارَةُ. واحِدَتُها جَرْوَلَةٌ.
ويُقالُ: منْهُ أَرْضٌ جَرِلَةٌ، وجَمْعُها أَجْرَالٌ.
وقالَ جَرير:
مِنْ كلِّ مُشْتَرِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى
ضَرِم الرِّقَاقِ مُنَاقِلِ الأَجْرَالِ
وقالَ غيرُه: الجَرَلُ: الخَشِنُ من الأرْض، الكثيرُ الحِجَارَة، ومكانٌ جَرِلٌ.
قَالَ: ومنهُ الجَرْوَلُ، وهوَ من الحَجَرِ مَا يُقِلُّهُ الرَّجُلُ ودونه، وفيهِ صَلاَبَة، وَأنْشد:
لَوْ هَبَطُوهُ جَرِلاً شَرَاساً
لَتَرَكُوهُ دَمِثاً دَهَاساً
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: أَمَّا الجَرْوَلُ فَزَعَمَ أَبُو خَيْرَةَ أنَّهُ مَا سالَ بِهِ الماءُ من الحِجَارَة حَتَّى ترَاهُ مُدَلَّكاً من سَيْلِ الماءِ بِهِ فِي بطْنِ الْوَادِي، وَأنْشد:
مُتَكَفِّتٌ ضَرِمُ السِّبا
ق إذَا تَعَرَّضَتِ الْجَرَاولْ(11/21)
مُتَكَفِّتٌ: سَرِيعٌ، ضَرِمٌ: مُحْتَرِقٌ. والسِّياق: طَرْدُهُ إيَّاها إِلَى الماءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرْوَلُ اسمٌ لبَعْضِ السِّباع.
قُلْتُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئا من السِّباع يُدْعَى جَرْوَلاً.
واسْمُ الحُطَيْئَةِ جَرْوَل، سُمِّيَ بالحَجَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِرْيالُ لَوْنُ الحُمْرَة.
وَقَالَ غَيره: الْجِرْيالُ الْبَقَّمُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ النَّشَاسْتَج
وَقَالَ شَمِر: العَربُ تَجْعَلُ الْجِرْيالَ الخَمْر نَفسهَا، وَهِي الْجِرْياله.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
كَأَنِّي أَخُو جِرْيالَةٍ بَابِلِيَّةٍ
كُمَيْتٍ تُمَشَّي فِي العِظامِ شَمُولَها
فَجَعَلَ الجِرْيالَة الخَمر بِعَيْنِها.
وَقيل: هُوَ لَوْنها الأَحْمَرُ أَو الأصْفَر.
وسُئِلَ الأعْشَى عَن قَوْله:
كدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُها جِرْيالَها
فَقَالَ: شَرِبْتُها حَمْراء. وبُلْتُها بَيْضاء.
سلَمة، عَن الْفَرَّاءِ، قَالَ: الجِرْيالُ: البَقَّم.
أَبُو تُراب عَن الكلابِيّ: وادٍ جَرِل، إذَا كانَ كثيرَ الجِرَفَةِ، والعَتَبُ والشَّجَر.
قَالَ: وَقَالَ حَتْرَشَ: مكانٌ جَرِلُ، فِيهِ تَعَادٍ واخْتِلاف.
قَالَ: وَقَالَ غيْرهُ من أَعراب قَيْس: أَرْضٌ جَرِفَة مُخْتَلِفَةٌ، وقِدحٌ جَرِفٌ ورَجلٌ جَرِفٌ كَذَلِك.
رجل: قَالَ الليثُ: الرجلُ مَعْرُوف.
وَفِي معنى تَقُول: هَذَا رجلٌ كامِلٌ، وهذَا رَجُلٌ، أيْ فَوْقَ الغُلام.
وتَقُولُ: هذَا رَجُلٌ، أيْ راجِلٌ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنى للمرْأَةِ، هِيَ رَجُلَةٌ. أَيْ رَاجِلَةٌ، وَأنْشد:
وَإِنْ يَكُ قَوْلُهُمْ صادِقاً
فَسِيقَتْ نِسائي إليكمْ رِجالاً
أَيْ رَوَاجِل.
ويقالُ: هَذَا أَرْجَلُ الرَّجُلَيْن، أيّ فِيهِ رُجْلِيَّةٌ، لَيْسَتْ فِي الآخرَ.
والرَّجْلُ: جَماعَةُ الرّاجِل، وهُم الرَّجَّالة والرُّجَّال. وَأنْشد:
وظَهْرِ تَنُوفَةٍ حَدْباءَ يمْشي
بهَا الرُّجَّالُ خَائفَةً سِراعاً
وقدْ جاءَ فِي الشِّعر الرَّجْلَة.
وَقَالَ تميمُ بنُ أُبَيّ بن مُقْبِل:
ورَجْلَةٍ يضْرِبُونَ الّبيضَ عَن عُرُضٍ
ضرْباً تَواصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيناً
قَالَ أَبُو عَمرٍ و: الرَّجْلَةُ الرَّجَّالَةُ فِي هَذَا البَيْت؛ وليسَ فِي كلامِهم فَعْلَةٌ جاءَتْ جَمْعاً غَيرُ رَجْلَةٍ جَمْعُ رَاجل؛ وكَمأَة جَمْعُ كَمْء.
وَقَالَ الله: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا}(11/22)
(الْبَقَرَة: 239) . أَي فصلُّوا رِجَالاً أَو رُكْبَاناً، جمعُ راجلٍ مثلُ صاحبٍ وصِحَابٍ، أَي إِن لم يُمْكِنْكُمْ أَن تقوموا قانِتينَ أَي عابدينَ مُوَفِّينَ الصَّلَاة حَقَّهَا لخوفٍ ينالكم فصلُّوا رُكْباناً.
وَقَالَ شَمِر: الرِّجَل مَسَايِلُ المَاء، واحِدُها رَجْلَة. قَالَ لَبِيد:
يَلْمُجُ البارضَ لَمْجاً فِي النَّدى
منْ مَرَابيعِ رِيَاضٍ ورِجَل
وَقَالَ الليثُ: الرِّجْلَةُ مَبِيتُ العَرْفَج الْكثير فِي رَوْضةٍ وَاحِدَة.
قَالَ: والتَّرَاجِيلُ: الكَرَفْسُ بلغَة الْعَجمِ، وَهُوَ اسمٌ سَوادي من بُقُول الْبَساتين.
والرِّجْل خِلافُ الْيَد، وَكَذَلِكَ رِجْلُ الْقَوْسِ وَهِي سِيَتُهَا السُّفْلَى، ويدُها سِيتُها الْعُلْيا.
وَيُقَال: فلانٌ قائمٌ على رِجل، إِذا أخَذَ فِي أمْرٍ حَزَبَه.
ثعلبُ عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقالُ: لي فِي مالكَ رِجْل أَي سَهْم.
والرِّجْل: الْقَدَم، والرِّجل: الْقطعةُ من الجَراد، والرِّجْلُ: السَّراويل الطاقُ، وَمِنْه الْخَبَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَرى رِجْل سَرَاوِيل، ثمّ قَالَ لِلْوَزَّانُ: (زِنْ وأرْجِحْ) .
والرِّجْل: الخَوْفُ والفزعُ من فَوْتِ الشيءِ، أَنَا من أمْرِي على رِجْلٍ أَي على خوْفٍ من فَوْته.
والرِّجْل، قَالَ أَبُو المكارمِ: تَجْتَمعُ الْقُطُر، فَيَقُول الجمَّال: لي الرِّجْل، أَي أنَا أتَقَدّم.
ويقولُ الآخر: لَا، بل الرِّجل لي. ويشَاحُّون على ذَلِك أَي يتضَايقُون.
والرِّجْلُ: الزَّمان، يُقَال: كل ذَلِك على رِجْل فلَان أَي فِي حَيَاته وزمانه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّجْلَة نجَابة الرَّجيل من الدَّواب والإبلِ، وَهُوَ الصَّبور على طول السَّير، وَلم أسْمَع مِنْهُ فِعلاً إِلَّا فِي النُّعوت، ناقةٌ رجيلةٌ، وحمارٌ رجيل، ورجلٌ رجيل: مَشَّاء.
شَمِر: الرُّجْلة: القُوَّة على الْمَشْي، يُقَال: رَجِلَ الرَّجُلُ يَرجَلُ رَجَلاً ورُجلَةً، إِذا كَانَ يمشي فِي السَّفر وَحده، وَلَا دابَّة لَهُ يَرْكبهَا.
ورجلٌ رُجْليّ، للَّذي يَغْزُو على رِجلَيْهِ، منْسُوبٌ إِلَى الرُّجلة، والرَّجيلُ: القويُّ على الْمَشْي، الصَّبُور عَلَيْهِ، وَأنْشد:
حَتَّى أُشِبَّ لَهَا وطالَ أيابُهَا
ذُو رُجلَةٍ شَثْنُ البراثِنِ جَحْنَبُ
وَامْرَأَة رجيلة: صبورٌ على الْمَشْي. وناقَةٌ رَجيلة.
أَبُو عُبَيد عَن الكِسائي: رَجلٌ بيِّنُ الرُّجولةِ، ورَاجلٌ بيِّنُ الرُّجْلَة.(11/23)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ بيِّنُ الرُّجولة والرُّجوليَّة.
قَالَ: وقومٌ رجَّالةٌ، ورجَّالٌ ورجالَي ورُجلة ورُجَّال.
وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول للرَّاجل رَجَّالٌ، ويجْمع رجاجيل. والرَّجيل من الخَيْلِ الَّذِي لَا يَعرق. والرَّجيلُ من النَّاس: المشَّاءُ الجَيِّد الْمَشْي.
وَقَالَ اللَّيْث: ارْتَجَلَ الرَّجل إِذا ركب رِجلَيه فِي حَاجته وَمضى.
ويُقال: ارتَجِلْ مَا ارْتَجَلْتَ من الْأَمر، أَي ارْكَب مَا ركبْتَ من الْأَمر. وَارْتَجَلَ الرَّجل الزَّنْدَ، إِذا أَخذهَا تَحت رجله وتَرَجَّل الْقَوْم، أَي نزلُوا عَن دوابِّهم فِي الْحَرْب لِلْقِتَالِ.
ويُقَال: حَمَلَكَ اللَّهُ عَن الرُّجْلَةِ وَمِنَ الرُّجْلَة.
والرُّجْلَةُ هَاهُنَا: فِعْلُ الرَّجُلِ الَّذي لَا دَابَّةَ لَه. والرُّجْلَة أَيْضاً مَصْدَرُ الأَرْجَلِ من الدَّواب، وهُوَ الَّذي بإِحْدَى رِجْلَيْه بياضٌ لَا بَيَاضَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ غَير ذلَكَ.
قَالَ: وتَصْغِيرُ رَجُلٍ رُجَيْل، وعامَّتَهُمْ يَقُولون: رُوَيْجِلُ صِدْقٍ، ورُويْجِلُ سُوء، يَرْجِعُون إلَى الرَّاجِل، لأنَّ اشْتِقَاقَه مِنه. كَمَا أَنَّ العَجِلَ من الْعَاجِل، والحَذِرَ من الْحاذِر.
ويُقال: ارْتَجَلَ النَّهار وتَرَجَّلَ النَّهار أَي ارْتَفَعَ. وشَعْرٌ رَجِلٌ بَيِّنُ الرَّجَل، وحَرَّةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْمُسْتَوِيَةُ بالأَرض الْكَثيرَةُ الحِجَارَة.
وقالَ أَبُو الهَيْثَم فِي قَوْله: وحَرَّةٌ رَجْلاء؛ الحرَّةُ أرْضٌ حِجارتُها سُود، والرَّجْلاءُ الصُّلْبَة الخشْنة، لَا يَعْمَلُ فِيهَا خَيْلٌ وَلَا إبل، وَلَا يَسْلُكُها إلاَّ رَاجِل.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: الأرْجَلُ من الرِّجال، الْعظيمُ الرِّجْل قَالَ: والأَرْكَبُ، الْعظِيمُ الرُّكُبَة، والأَرأَس، الْعظيمُ الرَّأْس، والْعَرَبُ تَقول: تَرَجَّلْتُ الْبِئْرَ تَرَجُّلاً، إِذْ أنَزَلْتَها مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدَلَّى.
وَفِي الحَدِيث: (الْعَجْماءُ جَرْحُها جُبَار) .
ورَوَى بَعْضُهم: الرِّجْلُ جُبَار، وفَسَّرَهُ مَن ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَاكِبَ الدَّابَّة إذَا أَصَابَتْ وهُو راكِبُها إنْسَانا، أَو وَطِئَتْ شَيئاً، فضَمانُه على رَاكبها، وإِنْ أصابَتْه بِرِجْلها فَهُو جُبَار، أَي هَدَر، وَهَذَا إِذا أَصابَتْهُ وهِيَ تَسِير.
فَأَما أَنْ تُصيبَه وهِي واقِفَةٌ فِي الطَّريق فالرَّاكب ضامنٌ مَا أَصابَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْل. وَكَانَ الشَّافعيّ يَرَى الضَّمانَ واجِباً على راكبها على كُلِّ حَال، نَفَحَتْ (الدَّابةُ) بِرِجْلها، أَو خَبَطَتْ بِيَدها، سائِرَةً كانَتْ أوْ وَاقِفَة. والحديثُ الَّذي رَوَاهُ الكُوفيَّون أنَّ الرِّجْل جُبَار غَيرُ صَحيح عِنْد الحُفّاظ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَصْمَعِيّ: إِذا خَلَطَ الْفَرَسَ(11/24)
الْعَنَقَ بالْهَمْلَجَة، قيل: ارْتَجَلَ ارْتِجالاً.
قَالَ: وقالَ أَبُو عُبَيْدة: ارْتَجلْتُ الكَلامَ ارْتِجالاً، واقْتَضَبتُهُ اقْتِضَاباً، مَعْنَاهُمَا: أَلاَّ يكونَ هَيَّأَه قَبْلَ ذَلِك.
وَقَالَ غَيره فِي بَيت الرَّاعي:
كَدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلَى تَلْعَةٍ
غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولاً
المُرْتَجِلُ: الَّذي أَخَذَ رِجْلاً مِن جَرَادٍ فَشَواها.
وَقيل: المُرتَجِلُ، الَّذي اقْتَدَحَ النَّارَ بِزَنْدَةٍ جَعَلَها بَيْن رِجْلَيْه وفَتَلَ فِي فُرْضَتِها بِيَده حَتَّى يُورِي.
وَقيل: المُرْتَجِلُ. الَّذي نصَبَ مِرْجَلاً يَطْبُخ فِيهِ طَعَاما. قَالَ المتنخل:
إِن يُمْسِ نشوان بمصْروفَةٍ
مِنْهَا بِريَ وعَلى مِرْجَلِ
لَا تَقِهِ الموتَ وقَيَّاتُه
خُطَّ لَهُ ذَلِك فِي المَحْبَلِ
نشوان: سَكرَان، بمصروفةٍ، أَي بِخَمْر صِرْفٍ، وعَلى مِرْجَلٍ، أَي على لحمٍ فِي قِدرٍ أَي وَإِن كَانَ هَذَا فَلَيْسَ يَقِيه من الْمَوْت، فِي المَحْبَل أَي حِين حَبَلَت بِهِ أمه، ويُروى المَحْبِل، أَي فِي الْكتاب، وكلٌّ رِوَايَة.
أَبُو عُبَيْد، عَن أَبِي زَيْد: نَعْجَةٌ رَجْلاَء، وَهِي الْبَيْضَاءُ، إِحْدى الرِّجْلَين إِلَى الْخَاصِرَة وسائِرُها أَسْوَد.
وقَالَ الأُمَوِيّ: إِذَا وَلَدَت الْغَنَمُ بَعْضُها بَعْد بَعْض قيل: وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاَء، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً.
الْحَرَّانِيُّ، عَن ابْن السِّكِّيت: الرَّجَلُ، أَنْ تُرْسَلُ الْبَهْمةُ مَعَ أُمِّها تَرْضَعُها مَتى شَاءَت.
يُقَال: بَهْمَةٌ رَجَلُ، وبَهْمٌ رَجَلٌ، وَقد رَجَلَ أُمَّهُ يَرْجُلُها رَجْلاً إذَا رَضَعَها، وَقد أَرْجَلَها الرَّاعي مَعَ أمهاتها.
وأَنْشَدَ شمر:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِلَ حَتَّى فُطِمَا
وَفِي (النَّوادِر) : الرَّجْلُ النَّزْوُ؛ يُقَال: بَاتَ الحِصَانُ يَرْجُلُ الْخيْلَ، وأَرْجَلْتُ الحِصانَ فِي الْخَيل إِذا أرْسلت فِيهَا فَحْلاً. وطَرِيقٌ رَجِيلٌ إذَا كانَ غَلِيظاً وَعْراً فِي الْجَبَل.
والْعَربُ تَقُول: أَمْرُكَ مَا ارْتَجلْتَ، مَعْنَاهُ مَا اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْيِكَ فِيه.
قَالَ الْجَعْدِيّ:
وَما عَصَيْتُ أَمِيراً غَيْرَ مُتَّهتم
عِنْدي، ولكنَّ أَمْرَ الْمرْءِ مَا ارْتجلاَ
أَبُو عُبَيْد عَن الْفراء الجُلْدُ الْمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ رِجْلٍ واحِدَة.
قَالَ: والمنجُولُ الَّذي يُشَقُّ عُرْقوباه جَمِيعًا كَمَا يَسْلُخُ النَّاسُ الْيَوْم، والمُزَقَّقُ الَّذي يُسْلَخُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه.(11/25)
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله:
أَيَّامَ أَلْحَفُ مِئْزَرِي عَفَر الثَّرى
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
أَراد بالمُرْجَّل الزِّقَّ الْمَلآنَ مِنَ الْخمر، وغَضُّه: شُرْبُه.
قَالَ: والمُرَجَّلُ الَّذي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: قَالَ المُفَضَّلُ يَصِفُ شَعْره وحُسْنَه. وَقَوله: أَغُضُّن أَيْ أنْقُضُ مِنْهُ بالْمِقْراض لِيَسْتَوِي شَعثُه.
قَالَ: والمرَجَّلُ الشَّعْرُ المُسَرَّح، ويُقالُ للمُشْط مِرْجَل، ومِسْرَحٌ. رَيَّان: مَدْهُون. والْعَفَرُ: التُّراب.
وَقَالَ أَبُو العَبّاس: حَدَّثْتُ ابْنَ الأَعْرابيِّ بِقَوْل الأَصمَعيّ فاسْتَحسنه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: أرجُلُ القِسيّ إِذا وُترتْ أعاليها، قَالَ: وأيديها أسافلُها، قَالَ: وأرجلها أشدُّ من أيديها.
وَأنْشد:
لَيْت القسيَّ كلَّها من أرجُل
قَالَ: وطرفا القويس ظُفراها، وحزَّاها: فُرْضتاها، وعِطفاها، سِيتاهَا؛ وَبعد السِّيتين الطِّائِفان، وَبعد الطّائِفيْن الأَبْهَران وَمَا بَين الأَبْهَريْن كَبدُها وَهُوَ مَا بَين عَقْدي الْحمالَة، وعَقداها يسميان الكُليتين؛ وأوتارُها الَّتِي تُشد فِي يَدِها ورجلها تسمى الوُقوفَ وَهِي المضَائِغ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التَّرَجُّل إلاَّ غِيَّاً، وَمَعْنَاهُ أنَّهُ كَرِه كَثْرَةَ الادّهان، ومَشْط الشَّعر وتَسويته كلَّ يَوْم.
أَبُو عُبيد: رَجَلْتُ الشَّاةَ وارَتَجَلْتُها إِذا عَلَقْتَها برِجْلِها.
ورَوى عليُّ بنُ الخَليل عَن أبِيه أَنَّه قَالَ: يُقَال جاءَتْ رِجْلٌ دَفّاع، أَي جَيشٌ كَثِير، شُبِّهَ بِرِجْلِ الْجَرَاد.
والرِّجْلُ: القِرْطَاسُ الخَالي، والرِّجْلُ: البُؤْسُ والفَقْر، والرِّجْلُ القاذُورَةُ من الرِّجال، والرِّجْل: الرَّجُلُ النَّؤُوم، والرِّجْلَةُ: المَرْأَةُ النَّؤُومُ، كل هَذَا بِكَسْر الرّاء.
وَقَالَ: الرَّجُلُ فِي كلامِ أَهْلِ اليَمن: الكَثِيرُ المجامَعة، حَكَاهُ عَنْ خالٍ للفَرَزْدَق قَالَ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يقولُ ذَلِك. وزَعَمَ أَنَّ من الْعَرَب من يُسَمِّيهِ العُصْفُورِيّ، وأَنشد:
رَجُلاً كُنْتُ فِي زَمان غُرُورِي
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهُودُ
والمَراجِلُ: ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمن.
ويُقال لِلْبَقْلَةِ الْحَمْقَاءِ رِجْلَة. يُقَال: فلانٌ أَحْمَقُ من رِجْلة، يعنون هذهِ الْبَقْلَة، لِأَنَّهَا أَكثر مَا تَنْبُتُ فِي المسايل، فَيَقْطَعُها ماءُ السَّيْل.(11/26)
وَقَالَ أبُو عَمْرو: الرَّاجِلَةُ: كَبْشُ الرَّاعي الَّذي يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَتَاعَه. وأَنْشَدَ:
فَظَلَّ يَعْمِدُ فِي قَوْلٍ وَرَاجِلَةٍ
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ
يُكَفِّتُ: يَجْمَعُ، ويَهْتَبِدُ: يَطْبُخُ الْهَبِيدِ.
ج ر ن
جَرَنَ، رجن، رَنَجَ، نَجَرَ، نَرَجَ: مستعملة.
جرن: قالَ اللَّيْث: الْجِبرانُ: مُقَدَّمُ العُنُق مِنْ مَذْبَح الْبَعِيرِ إلَى مَنْحَرِه، فَإِذا بَرَكَ الْبَعِيرِ ومَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الأرْض، قيل: أَلْقَى جِرانه بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ غَيْرُه: سُمِّيَ جِرَانُ الْعَوْدِ جِرانَ الْعَوْدِ، بقَوْلِهِ يُخاطِبُ ضَرَّتَيْه:
خُذَا حَذَراً يَا جارَتَيّ فإنَّني
رَأَيْتُ جِرَان الْعَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ
أَراد بِجِرَانِ الْعَوْدِ سَوْطًا قَدَّهُ مِنْ جِرَانِ عَوْدٍ نَحَرَه، وَهُوَ أَصْلَبُ مَا يَكُون.
ورَأَيْتُ الْعَرَب تُسَوِّي سِيَاطَهَا من جُرُنِ الجِمال البُزْل لِصَلابَتِها، وإنَّما حَذَّرَ امْرَأَتَيْهِ سَوْطَه وكانتا نشزتا عَلَيْه.
والجَرِينُ: المَوْضِعُ الَّذي يُجْمَعُ فِيهِ التَّمْرُ إِذا صُرِمَ، وَهُوَ الْفَدَاءُ عِنْدَ أَهْلِ هَجَر.
وَقَالَ اللّيْثُ: الجَرِينُ مَوْضِعُ الْبَيْدَرِ بِلُغَةِ أَهْلِ اليَمن، قَالَ: وعامَّتُهُمْ بِكَسْرِ الجِيمِ، وجَمْعُه جُرُن.
والجَرْنُ: الطّحْنُ، بلُغَةِ هُذَيْل، وَقَالَ شاعِرُهم:
ولصوته زَجَلٌ، إِذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحَا بِجَرِينِها الْمَطْحُون
الْجَرين: مَا طَحَنْتَه، وقَدْ جُرِنَ الحَبُّ جَرْناً شَديداً.
وقالَ اللّيْث: الْجَارِنُ: مَا لاَنَ مِنْ أَوْلاَدِ الأفَاعِي. وأَدِيمٌ جَارِنٌ، وقَدْ جَرَنَ جُرُوناً، إِذا لانَ.
وَقَالَ لَبِيد يَصِفُ غَرْبَ السَّانية:
بِمُقَابِلٍ سرِبِ الْمَخارِزِ عِدْلُه
قَلِقُ الْمَحَالَةِ جارِنٌ مَسْلُومُ
قلت: وكُلُّ سِقاءٍ قَدْ أَخْلَقَ أَوْ ثَوْبٍ فقد جَرَنَ جُروناً فَهُوَ جارِن.
ويُقال: جَرَنَ فلَان على العَذْلِ، ومَرَنَ ومَرَدَ بمَعْنًى واحِد، قالَه الفَرَّاءُ وغيرُه.
وَقَالَ شَمِر: الجارِنَةُ اللَّيِّنَةُ من الدُّرُوع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرُو: الْجَارِنَةُ الْمَارِنَة، وكلّ مَا مَرَنَ فقد جَرَن. وَقَالَ لَبِيدٌ يذْكُر الدُّروع:
وجَوَارِن بِيضٌ وكُلُّ طِمِرَّةٍ
يَعْدو عَلَيْها القَرَّتَيْنِ غُلام
وَقَالَت عائِشَةُ فِي حَديثٍ رُوِيَ عَنْهَا أنَّها قَالَت: (حَتَّى ضَرَبَ الحَقُّ بِجِرَانِه) ، أَرَادَتْ أَنَّ الحَقَّ اسْتقامَ وقَرّ فِي قَرارِه، كَمَا أنَّ الْبَعيرَ إِذا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ جِرانَه عَلَى الأرْض.
اللحياني: أَلْقَى فلانٌ على فُلانٍ أَجْرامَه(11/27)
وأَجْرانَه، وشَرَاشرَه، الواحِدُ جِرْمٌ وجِرْنٌ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدْ: الْجُرْنُ: المِهْرَاسُ الَّذي يُتَطَهَّرُ مِنه.
وَقَالَ الأصمَعيّ: إنَّمَا سَمِعْتُ فِي الْكلامِ أَلْقَى عَلَيْهِ جِرَانَه والجميعُ جُرُنٌ، وَهُوَ باطِنُ العُنُق.
رنج: الرَّانِجُ هُوَ الجَوْزُ الهِنْدِي، وَمَا أَرَاه عربيّاً، لِأَنَّهُ لَا ينْبت فِي بِلَاد الْعَرَب. وَقيل: إِنَّه ينْبت بعُمَانَ ونواحِيها.
رجن: أَبُو عُبَيد عَن الْكِسَائيّ: رَجَنَ الرَّجلُ بالمكانِ يَرْجُنُ رُجُوناً إِذا أَقامَ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجَنَ الرّجُلُ فِي الطَّعام وَرَمَكَ، إِذا لَمْ يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاجِنُ: الآلِفُ مِنَ الطَّيْرِ وغيرِه. قَالَ: ورَجَنَ فلانٌ دَابَّتَه رَجْناً فهيَ رَاجِنٌ ومَرْجُونَةٌ، إِذا أَسَاءَ عَلَفَها حَتى هُزِلَتْ.
أَبُو عبَيد عَن الأصمعيّ: ارْتَجَنَ عَلَيْهِم أمْرُهُم، أَي اخْتَلَطَ، أُخِذَ من ارْتِجَان الزُّبْد إِذا طُبِخَ فَلم يَصْفُ.
وَقَالَ بِشْر:
وكُنْتُم كَذاتِ القِدْرِ لمْ تَدر إِذْ غَلَتْ
أَتُنْزِلُها مذمومةً أَمْ تُذِيبُها
وَقَالَ أَبُو زَيد: رَجَّنْتُ الشَّاةَ فِي الْعَلَف تَرْجِيناً إذَا حَبسْتَها فِي الْمنزل على الْعَلَف؛ قَالَ وَإِذا حَبَسْتَها على المَرْعَى من غَيرِ عَلَف، قلت: رَجَّنْتُها رَجْناً؛ فَهِيَ مَرْجُونَة.
قَالَ: وَرَجِنْتُ الرَّجلَ أَرْجنَةُ رَجَناً، إِذا اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ، وَهَذَا من (نَوادِرِ أَبي زَيْد) .
وَقَالَ ابنُ شُميْل: رَجَن القومُ رِكَابَهم ورَجَنَ فلانٌ راجِلتَه رَجْناً شَدِيدا فِي الدَّار، وَهُوَ أَنْ يحْبِسَها مُنَاخَةً لَا يَعْلِفُها.
ورَجَنَ البعيرُ فِي النَّوى والبَزْرِ رُجوناً ورُجُونَة: اعتلافُه.
نرج: اللَّيثُ النَّيْرَجُ، والنَّوْرَجُ لُغَتَان. وأهْلُ الْيمن يَقُولُونَ: نُورَج، وَهُوَ الَّذي يُدَاسُ بِهِ الطَّعام من حَدِيدٍ كَانَ أَو من خَشَب.
قَالَ: وَيُقَال: أَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوَابُّ نَيْرَجاً؛ وعَدَتْ عَدْواً نَيْرَجاً، وَهُوَ سُرْعةٌ فِي تَرَدُّد.
وَقَالَ العجّاج:
ظَلَّ يُبارِيها وظَلَّتْ نَيْرَجَا
فِي (نَوادِر الأَعْراب) : النَّوْرَجُ السّراب؛ والنَّوْرَجُ سِكَّةُ الحرّاث.
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: النَّوْجَرُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُكْرَبُ بهَا الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيث: النِّيَرجُ أُخَدٌ كالسِّحْر، ولَيْسَ بِسِحْر، إنّما هُوَ تَشْبِيهٌ وتَلْبِيس.
نجر: قَالَ اللَّيثُ: النَّجْرُ: عَملُ النَّجار ونَحْتُه. والنَّجرانُ خَشبَةٌ يَدُورُ عَلَيْهَا رِجْلُ الْباب، وَأنْشد:
صَبَبْتُ البابَ فِي النَّجْرانِ حتّى
تَركْتُ البابَ لَيْسَ لَهُ صَرِيرُ(11/28)
ثَعْلَب عَن ابْنُ الأَعْرابيّ: يُقالُ لأَنْفِ الْبَاب: الرِّنَاج ولدَرَوَنْدِه: النّجاف والنَّجران، ولمتْرسِه الْقُنّاح.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: نَجْرانُ الْبابِ: الْخَشَبَةُ الّتي يَدُورُ فِيهَا.
وَقَالَ اللّيث: النَّجيرة سَقِيفَةٌ من خَشَبٍ لَا يُخالِطُها الْقَصب وَلَا غَيْرُه.
وَقَالَ الرِّياشيّ فِيمَا أفادَنِي المُنْذِرِيّ عَن الصَّيْدَاوي عَنهُ: النَّجِيرَةُ بَيْنَ الْحسُوِّ وبَيْنَ الْعَصِيدَة.
قَالَ: وَيُقَال: انْجرِي لِصبْيانِكِ ورعائِك. وَيُقَال: ماءٌ مَنْجورٌ أَيْ مُسَخَّن.
وَقَالَ: وَيُقَال: شَهْرَا نَاجِرِ وآجِر، يَشْتَدُّ فِيهما الْحرّ، وأَنْشَدَ عُركُز الأَسَدِي:
تُبَرِّدُ ماءُ الشَّنِّ فِي لَيْلَةِ الصَّبا
وتَسْقِينِيَ الكُرْكُورَ فِي حَرِّ آجِرِه
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعْرابِيّ، قَالَ: هِيَ الْعَصِيدَةُ ثمَّ النَّجِيرَةُ ثمَّ الحرِيرَةُ ثمَّ الْحَسُوّ.
أَبُو الْحسن اللِّحْيانِي: نَجَرَ يَنْجُرُ نَجْراً، ومَجَرَ يَمْجُر مَجْراً، إذَا أَكْثَر من شُرْبِ الماءِ فَلم يَكَدْ يَرْوى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي النَّجَرِ مِثْلُه.
وَقَالَ اللَّيث: نَجَرْتُ فُلاناً بيَدي، وَهُوَ أنْ تَضُمَّ من كَفِّكَ بِرُجْمَةِ الأصْبُعِ الوُسْطَى ثمَّ تَضْرِب بهَا رَأْسَه، فَضَرْبُكَه النَّجْرُ.
قلت: لم أسمَعَ نَجَرتُ بِهَذَا الْمَعْنى لِغَيْر اللَّيث، والَّذي سَمِعْنَاه: نَحَزْتُه (بِالْحَاء وَالزَّاي) إِذا دَفَعْتَه ضَرْباً.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
يُنْحَزْنَ فِي جانِبَيْها وَهِي تَنْسَلِبُ
وأَصَلُ النَّحْزِ: الدَّقّ، ومِنْه قِيلَ للهاوُنِ مِنْحاز.
ابنُ السِّكِّيت عَن أَبِي عَمْرو: النَّجِيرَةُ: اللَّبَن الْحلِيبُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ سَمْن.
قَالَ: وقالَ الطَّائِيّ: النَّجِيرَةُ ماءٌ وطحِين يُطْبَخ.
سَلَمَةُ عَن الْفَراء، قَالَ المفضَّل: كَانَت الْعربُ تَقول فِي الجاهليّةِ للمحَرَّمِ مُؤتَمِر، ولِصَفَر ناجِر، ولِرَبيع الأَوَّل خَوَّان.
وقالَ اللَّيْثُ فِي (كِتَابه) : شَهْرٌ نَاجِرِ هُو رَجَب، قَالَ: وكلُّ شَهرٍ فِي صَميمِ الْحرِّ فاسْمهُ ناجِر، لأَنَّ الإبِلَ تَنْجُرُ فِيهِ، أيْ يَشْتَدُّ عَطَشُها حَتَّى تَيْبَسَ جُلودُها.
وقالَ غَيْرُه: شَهْرا نَاجِر، هما تَمُّوز وحَزِيرَان، وَكَانَ يُقالُ لصفَرَ فِي الْجاهِلِيّة: نَاجِر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْجَر: مِرْساةُ السَّفينة، وَهُوَ اسمٌ عِراقيّ، وَمن أمثالهم: فُلانٌ أَئْقَلُ من أَنْجَر، وَهُوَ أَن تُؤْخَذَ خَشَبَاتٌ(11/29)
فيُخالَفُ بَين رُؤوسِها، وتُشَدُّ أَوْساطُها فِي مَوْضعٍ وَاحِد، ثمَّ يُفْرَغُ بَينهَا الرَّصاص المُذَاب، فيصيرُ كأَنّه صَخْرَةَ، ورُؤُوسُ الْخَشَب نائِيَةٌ يُشَدُّ بهَا الحِبال، ثمَّ تُرْسَلُ فِي المَاء، فَإِذا رَسَتْ، أَرْسَتْ السَّفِينَة فأَقَامَتْ.
قَالَ: والإنْجَارُ لغةٌ يمانيَّة فِي الإجِّار، وَهُوَ السَّطْح. أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأُمَويّ: النِّجار الأَصْل، وَيُقَال: اللَّون. وَقَالَ غَيره: النَّجْر: اللَّوْن، وأنْشَدَ:
نِجارُ كلِّ إبِلٍ نِجارُها
ونارُ إِبِلِ العالمينَ نارُها
هَذِه إبلٌ مَسروقةٌ من آبال شَتَّى، فَفِيهَا من كلِّ ضَرْبٍ وَلَوْن وسِمَة ضَرْبٌ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرُو: النّجْرُ: السَّوْقُ الشَّديد، وَقد نَجَر إبِلَه، وَأنْشد:
جَوَّاب لَيْلٍ مِنْجَرُ الْعَشِيّاتْ
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: النَّجْرُ شَكلُ الأسْنان، وهَيْئَتُه. وَقَالَ الأخطل:
وَبَيضَاءَ لاَ نَجْرُ النّجاشِيِّ نَجْرُها
إذَا الْتَهَبت مِنْهَا الْقَلاَئِدُ والنّجْرُ
والنَّجْرُ: الْقَطْعُ، وَمِنْه نَجْرُ النَّجار، وَقد نَجَرَ الْعُودَ نَجْراً، وَمِنْه قَوْله:
رَكبْتُ من قَصْدِ الطَّرِيقِ مَنْجَرَه
فَهُوَ الْمَقصَدُ الَّذِي لَا يَعْدِلُ وَلا يُجُورُ عَن الطَّريق.
ج ر ف
جرف، جفر، رجف، رفج، فجر، فرج: مستعملات.
جرف: قَالَ اللَّيْثُ: الجَرْفُ، اجْتِرَافُك الشَّيءَ عَن وَجْهِ الأَرْض، حَتَّى يُقَال: كَانَت الْمرْأَةُ ذَات لِثَةٍ فاجْتَرَفَها الطَّبيب، أَي اسْتَحاها عَن الأسْنَانِ قَطْعاً.
قَالَ: والطَّاعون الجارِفُ نزل بأَهْلِ العِراق ذَرِيعاً، فَسُمِّيَ جَارِفاً.
قَالَ: والجارِفُ شُؤْمٌ أَو بَلِيَّةٌ يجتَرِفُ مَالَ الْقَوْم، ورَجُلٌ مُجَرَّفٌ قد جَرَّفَهُ الدَّهرُ أَي اجْتاح مَاله وأَفْقَره.
وَرَجُلٌ جَرَّافٌ: وَهُوَ الأكُولُ لَا يُبْقِي شَيْئاً.
وجُرْف الْوادي وَنَحْوه من أَسْنادِ المسايِل إذَا نَجَخَ الماءُ فِي أَصْلِه فاحْتَفَره فَصَارَ كالدَّحْل وَأَشرَفَ أَعْلاه، فَإِذا انْصَدَعَ أَعْلاه، فَهُوَ هارٍ، وَقد جَرَّف السيلُ أَسنادَه. وَقَالَ الله: {أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (التَّوْبَة: 109) .
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الجُرْفُ عُرْضُ الْجَبَلِ الأمْلَس.
وَقَالَ شَمِر. يُقَال: جُرْفٌ وَأَجْرَافٌ وَجُرْفَة وَهِي الْمَهَواه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ: أَجْرَفَ الرَّجل إِذا رَعَى إبِلَه فِي الجَرْفِ، وَهُوَ الخِصْبُ والْكَلأُ المزْدَجُّ المُلتَفّ؛ وأَنشد:(11/30)
فِي حِبّةٍ جَرْفٍ وَحِمْضٍ هَيْكَل
والإبِل تَسْمَنُ سِمَناً مُكْتَنِزاً؛ يَعْنِي على الحِبّة، وَهُوَ مَا تَناثَر من حُبوب الْبُقُول واجْتمعَ مَعهَا وَرَقُ يَبِيسِ البقل فَتَسْمَن الإبِلُ عَلَيْهَا.
وأَجْرَفَ الرجلُ، إِذا أَصَابه سَيْلٌ جُرافٌ.
أَبُو عبيد: الجُرفَةُ من سِماتِ الْإِبِل، أَنْ تُقْطَع جِلدةٌ من فَخِذِ الْبَعِير من غير بَيْنونَةٍ ثمَّ تُجْمَع، ومِثلُها فِي الأنْفِ القُرْمَة.
وَقَالَ بَعضهم: الجَوْرَفُ: الظَّلِيمُ؛ وَأنْشد لكعب بن زُهَيْر الْمُزَنيّ:
كَأَنَّ رَحْلِي، وَقد لانَت عريكَتُها
كَسَوْتُهُ جَوْرَفاً أَقْرَابُه خَصِفَا
قلت: هَذَا تَصْحيف. وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الجَوْرَق بالْقافِ: الظليم.
قَالَ: وَمن قَالَه بِالْفَاءِ فقد صَحَّف.
أَبُو تُرَاب عَن اللِّحيانيّ: رجل مُجَارَفٌ: وَمُحَارَفٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِبُ خيرا.
ثَعْلَب عَن الأعرابيّ قَالَ: الْجَرْف: المالُ الكثيرِ من الصَّامِت والنَّاطق.
قَالَ ابنُ السِّكّيت: الْجُرافُ: مِكْيال ضَخْم، قَالَ: وَقَوله، الْجُرافُ الأكْبَرُ، يَقُول: كانِ لَهُم من الهوان مِكْيالٌ وَافٍ. وَسَيْلٌ جُرافٌ: يَجْرُف كلَّ شَيء.
رجف: قَالَ اللَّيث: رَجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً وَرَجَفَاناً، كَرَجَفَانِ البَعير تَحت الرَّحْل، وكما ترجُفُ الشَّجرة إِذا رَجَّفَتْهَا الرّيح، وكما يَرْجُف السِّنُّ إِذا نَفَضَ أَصْلُهَا، وَنَحْو ذَلِك رَجْفٌ كلّه. وَرَجَفَت الأرْضُ إِذا تَزَلْزَلَت، وَرَجَفَ الْقَوْم، إِذا تَهَيَّئُوا للحرب.
وَقَالَ الله: {أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} (النازعات: 6، 7) .
قَالَ الفرّاء: هِيَ النَّفْخَةُ الأولى، تَتْبَعُها الرَّادفة، وَهِي النَّفْخة الثَّانِيَة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الرَّاجِفَةُ الأرْض تَرْجُفُ تَتَحَرك حَرَكَة شَدِيدَة.
وَقَالَ مُجَاهِد: الرَّاجِفة: الزَّلْزَلة.
وَقَالَ اللَّيث: الرَّجْفَةُ فِي الْقُرْآن: كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قوما فَهُوَ رَجْفَةٌ وَصَيْحَةٌ. وصَاعِقَة.
والرّجْف: يرجُف رَجْفاً وَرَجِيفاً، وَذَلِكَ تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِهِ فِي السَّحَاب.
وَقَالَ غَيره: الرَّجْفَةُ الزَّلزَلَة مَعهَا الخَسْف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أَرْجَفَ الْبَلَدُ: إِذا تَزَلْزَل، وَقد رَجَفَت الأرْض وأَرْجَفت وأُرْجِفَتْ.
وَقَالَ غَيره: الرَّجَّافُ: الْبَحْر اسمٌ لَهُ، وَمِنْه قَوْله:
المُطعِمون الشَّحْمَ كُلَّ عَشِيَّةٍ
حَتَّى تَغيبَ الشمسُ فِي الرّجّاف(11/31)
اللَّيْث: أَرْجَفَ القومُ، إِذا خَاضُوا فِي الأخْبار السَّيئة، وذِكْرِ الفِتَن.
قَالَ الله جلّ وعَزَّ: {قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ} (الْأَحْزَاب: 60) وهم الَّذين يُولِّدون الأخْبارَ الكاذِبة، الَّتِي يكونُ مَعهَا اضْطرابٌ فِي النّاس.
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: رَجَفَت الأرْض، إِذا تَزَلْزَلَتْ.
فرج: رُوِيَ فِي الحَدِيث: (وَلَا يُتْرَكُ فِي الإسْلام مُفْرَج) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ جابِرٌ الجُعْفيّ: الْمُفْرَجُ الرجل يكون فِي الْقوم من غَيْرهم، فحقٌّ عَلَيْهِم أَن يَعْقِلُوا عَنهُ.
قَالَ: وَسَمِعْت مُحمد بنَ الْحسن يَقُول: هُوَ يُرْوَى بالْحاءِ والْجيم، فَمن قَالَ مُفرَجٌ فَهُوَ الْقَتِيلُ بأَرْضٍ فَلاةٍ، وَلَا يكون عِنْد قَرْية يَقُول: فَهُوَ يُودَى من بَيْتِ المَال وَلَا يُبْطَلُ دَمه.
وَمن قَالَ: مُفْرَح: فَهُوَ الَّذِي أَثْقَلة الدَّين.
وَقَالَ أَبو عُبيد: قَالَ أَبو عُبيدة: المُفْرَجُ أَن يُسْلِمَ الرجل وَلَا يُوالِي أَحداً، فإِذا جَنى جِنايَةً، كَانَت جِنايَتُهُ على بَيت المَال؛ لِأَنَّهُ لَا عاقِلَة لَهُ، فَهُوَ مُفْرَجٌ بِالْجِيم.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الَّذي لَا دِيوَانَ لَهُ.
وأَخْبرني المُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: المُفرَحُ: المُثْقَلُ بِالدّينِ. والمُفْرَجُ: الَّذِي لَا عَشيرةَ لَهُ. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: المُفْرَحُ: الَّذِي لَا مَالَ لَهُ. والمُفْرَجُ: الَّذي لَا عَشِيرَةَ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفَرَجُ: ذَهَابُ الْغَمّ، وانكِشاف الكَرْب، يُقَال: فَرَجَه الله فانْفَرج، وفَرَّجَهُ تَفْرِيجاً.
وأَنْشد:
يَا فارِجَ الهَمِّ وكَشَّاف الكُرَبْ
قَالَ: والْفَرْجُ اسْم يَجْمع سَوْءات الرّجال والنساءِ والقُبْلانِ وَمَا حَواليهما، كُلُّه فَرْج، وَكَذَلِكَ من الدّواب وَنَحْوهَا من الخَلْق.
وكُلُّ فُرْجَةً بَين شَيْئين فَهُوَ فَرْج؛ كَقَوْلِه:
إلاَّ كُمَيْتاً بالْقَناةِ وضَابِئاً
بالفَرْج بَيْن لبانِه ويَدهِ
جعل مَا بَين يَدَيْهِ فَرْجاً. وَكَذَلِكَ قَول امرىء القَيس:
لَها ذَنَبٌ مثل ذَيلِ الْعَرُوس
تَسُدُّ بِهِ فَرْجَها من دُبُرْ
أَرَادَ مَا بَين فَخِذيها ورِجْليها.
والفَرْجُ: الثَّغْرُ المخُوف، وَجمعه فُروج، سُمِّي فرْجاً؛ لأنَّه غيرُ مَسْدود.
وفَرُّوجَةُ الدَّجاجة تُجمع فَراريج.
وَفِي الحَدِيث أَن النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى وَعَلَيْه فَرُّوجٌ من حَرير.
قَالَ أَبُو عُبَيد: هُوَ الْقَباءُ الَّذِي فِيهِ شَقٌّ من خَلْفِه.(11/32)
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: رَجُلٌ أَفْرَجٌ، وامْرأة فَرْجاء: الْعَظِيمَة الأليتين لَا يَلْتقيان، وَهَذَا من الْحَبَش.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: الفُرُجُ بِضَم الْفَاء والراءِ: الَّذِي لَا يَكْتُمُ السِّرّ، والْفِرْجُ مِثْله.
قَالَ: والْفِرَجُ: الَّذِي لَا يزَال يَنْكَشِف فَرْجُه.
وَقَالَ الهُذَلِيّ يصف دُرَّة:
بكَفَّى رَقاحِيَ يُريدُ نَماءَها
فَيُتْرِزُها للْبيع وَهِي فَرِيجُ
مَعْنَاهُ: أَنه كُشِفَ عَن الدُّرة غطاؤُها لِيَراها النّاس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: فَتحاتُ الْأَصَابِع يُقال لَهَا التَّفاريجُ والحُلْفُقْ.
وَقَالَ النَّضْر: فَرْجُ الْوَادي: مَا بَين عُدْوَتَيْه، وَهُوَ بَطْنه. وفَرْجُ الطَّريق: مَتْنُه وفُوَّهَتُه. وفَرْج الجَبل: فَجُّه.
وَقَالَ القَطاميّ:
مُتَوَسِّدين زِمام كُلِّ نَجِيبَةٍ
ومُفَرَّجٍ عِرْقَ الْمَقَذِّ مُنَوَّقِ
أَرَادَ وزِمامُ كُلِّ مُفَرَّج وَهُوَ الوَسَاع.
وَيُقَال: المُفَرَّجُ: الَّذِي بَان مِرْفقُهُ عَن إِبطِهِ.
ويُقال: أَفْرجَ القومُ عَن قَتيل، إِذا انْكَشفوا، وأَفْرَجَ فلانٌ عَن مَكَان كَذَا وَكَذَا، إِذا أخَلَّ بِهِ وتَركه.
ويُقال: مَا لهَذَا الْغمّ من فُرْجَة وَلَا فَرْجَةٍ وَلَا فِرْجَة، وأَخْبرني المُنذريّ. عَن ابْن اليَزيديّ، عَن أبي ناجِية، عَن ابْن الأَعْرابيّ أَنَّه أَنْشد:
رُبّما تكْرَهُ النُّفوس من الأمْ
رِ لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ العقَالِ
قَالَ: يُقَال فُرْجَةْ وفَرْجَةٌ فُرْجَةٌ اسْم، وفَرْجَةٌ مصدر، وفُروجُ الأَرْض نَواحيها.
اللِّحيانيّ: قَوْسٌ فَرِيجٌ، إِذا بانَ وَتَرُها عَن كَبِدِها، وَهِي الفارِجُ أَيْضا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: هِيَ الفارِجُ والفُرُج، وَرَوَاهُ أَبُو عُبيدِ عَنهُ.
وَيُقَال: رَجُل أَفْرَجُ الثَّنايا، وأَفْلَجُ الثَّنايا، بِمَعْنى وَاحِد.
ابْن السِّكّيت: قَالَ الأصمعيّ: الفَرَجانُ: خُراسانُ وسِجِسْتَان، وأَنْشد قَول الغُدانِيّ:
على أَحَدِ الفَرْجَيْن كَانَ مُؤَمَّري
أَبُو زيد: يُقَال للمُشْط: النَّحِيتُ، والمُضَرِّجُ والمِرْجَلُ، وَأنْشد أَحْمد بن يحيى لبَعْضهِم:
فاتَه المَجْدُ والعلاءُ فأَضْحَى
يَنْفُضُ الْخِيسَ بالنَّخِيتِ المُفَرِّج
أَرَادَ بالْخِيس لَحْيَتَه، يَصِفُ رجلا كَانَ شاهِدَ زُور.
وَقَالَ أحمدُ بن عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد:(11/33)
الْعَرَب تَقول: جرت الدابةُ مَلأى فُروجُها، وفُرُوجُها: مَا بَين قَوائِمها، فالفروج: رَفْعٌ بمَلأَى.
وَيُقَال فِي المذَكَّر: جَرَى الفَرسُ بملأَى فُروجه وَهِي مَا بَين قَوائمه، أَي من شِدَّة إِسْراعه فِي الجري امْتَلأ مَا بَين قوائمه بالغُبار والتُّراب.
وَالْعرب تُسَمِّي مَا بَين القوائم خَوَاء، وَكَذَلِكَ كل فُرْجَةٍ بَين شَيئين.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفَارِج: النَّاقَة الَّتِي انْفَرَجت عَن الْولادَة، فَهِيَ تُبْغِضُ الفَحْلَ وتَكْرَه قُرْبَه.
جفر: فِي حَديثِ عُمرَ أنَّه قَضَى فِي اليَرْبوع إِذا قَتَله المحْرِمُ بجِفْرَة.
أَبُو عبيد عَن أَبي زَيْد قَالَ: إِذا بَلغت أولادُ المِعْزَى أربعةَ أَشهر، وفُصِلَت عَن أُمهاتها فَهِيَ الجفار، واحِدها جَفْر، والأنْثى جَفْرَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الجَفْرُ: الحَمَلُ الصَّغِير، والجَدْيُ بعد مَا يُفْطَم ابْن سِتّة أَشْهر. قَالَ: والغُلام جَفْر.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الجَفْرة: العَناقُ الَّتِي شَبِعت من الْبَقل والشَّجر، واسْتَغْنت عَن أمهَا، وَقد تجفَّرَت واسْتَجْفَرت: أَي عَظُمت وسَمِنَت.
وَيُقَال: قد تَراغَب هَذَا واستَجْفَر.
قَالَ: وَيُقَال: أُجفِرَ بَطْنُه، واستَجْفَرَ بطنُه، أَي عَظُم.
حكى ذَلِك كلّه عَنْهُم شِمرٌ فِي كِتابه، وَقَالَ:
جُفْرَةُ البَطْنِ بَاطِن الْمُجْرئِشّ
وَقَالَ غَيره: جُفْرَة كلِّ شَيْء وَسَطه ومُعْظمه.
أَبُو عبيد، عَن أَبي زيد: الجَفْرُ: البِئْر لَيست بمَطْوِيَّة.
وَقَالَ غَيره: الجُفْرةُ: حُفْرةٌ واسِعة من الأَرْض مُستديرة.
أَبُو عبيد، عَن الأَحْمر: الجَفيرُ والْجَشِيرُ مَعًا: الكِنانة وَهِي الجَعْبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَفير شِبْه الكِنانة إلاّ أنَّه أَوْسع، يُجْعَلُ فِيهِ نُشَّابٌ كَثير.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (صُوموا ووفِّروا أَشْعَارَكم، فَإِنَّهَا مَجفَرَةٌ) .
أَبُو عبيد: يَعْني مَقْطَعَةٌ للنِّكَاح، ونَقْصٌ للْمَاء.
وَيُقَال للبعير إِذا أكْثَر الضِّرابَ حَتَّى يَنْقَطع قد جَفَرَ يجْفُر جفوراً، فَهُوَ جافر.
وَقَالَ ذُو الرّمة فِي ذَلِك:
وَقد عارضَ الشِّعْري سُهَيلاً كأنّه
قريعُ هِجانٍ عارَضَ الشوك جافرُ
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مُجْفِر.
وَقد أَجفَرَ إِذا تَغَيَّرت رائحةُ جَسَدِه.
أَبُو عبيد، عَن الفَراء: كُنْتُ آتِيكم، فقد(11/34)
أجْفَرْتكم، أَي تركتُ زِيارتكم وقَطَعتها.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرَّجل الَّذِي لَا عَقْل لَهُ: إنَّهُ لَمُنْهدِمُ الجال، ومُنْهدِم الجَفْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجُفَرِيُّ والكُفَرِي: وِعاءُ الطَّلْع. وإبلٌ جِفارٌ، إِذا كَانَت غِزَاراً، شُبِّهت بِجِفَار الرَّكايا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أجْفَرَ الرجل، وجَفَر وجَفَّر: إِذا انْقَطع عَن الجِماع، وَكَذَلِكَ اجتَفَرَ، وَإِذا ذَلَّ قيل: اجْتَفَر.
رفج: قَالَ اللَّيْث: الرُّفوجُ: أصْلُ كَرَبِ النَّخل؛ وَلَا أَدْرِي: أَعربِيٌ أمْ دَخيل.
فجر: قَالَ اللَّيْث: الفَجْرُ: ضَوْءُ الصُّبح، وَقد انْفَجر الصُّبح.
وَيُقَال للصُّبْح المُستطير فَجْرٌ، وَهُوَ الصَّادق. والمستطيل الكاذِب يُقَال لَهُ: فجر أَيْضا.
وَأما الصُّبْح فَلَا يكونُ إِلَّا الصَّادق.
والفَجْرُ: تفجيرُك المَاء. والمَفْجَرُ: الْموْضعُ الَّذِي يَفْجَرُ مِنه.
وَيُقَال: انْفجَرت عَلَيْهِم الدّواهي، إِذا جَاءَهُم الكثيرُ مِنْهَا بَغْتَه، وأيّام الفِجار: أَيّام وقائع كَانَت بعُكاظ، تفاخروا فِيهَا فاجْتَربوا واستَحَلُّوا الحُرُمات.
والفجور: الرِّيبة والكَذِب من الفُجور. وَقد رَكِبَ فلانٌ فَجْرةً وفَجار لَا يَجْرِيان إِذا فَجَرَ وكَذب، وَقَالَ النّابغة:
إنّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنَا بَيْننا
فَرحَلْتُ بَرّةَ، وارْتحلْتَ فجارِ
أَبُو عبيد: الفَجَرُ الجُودُ الْواسعُ، وَالْكَرم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: أفْجر الرجل، إِذا جَاءَ بالْفَجَرِ، وَهُوَ المَال الْكثير، وأَفْجرَ إِذا كَذَب، وأفجر إِذا عَصَى بِفَرْجِه، وأُفجر إِذا كَفَر، ومثلُه فَجَرَ وفَجَّرَ.
قَالَ وَقَوله: ونَتْرُك من يَفْجُرُك، أَي من يَعْصيك، ومَنْ يُخَالفك.
وَقَالَ رجلٌ لعمر وَقد اسْتأذنه فِي الجِهاد فمنَعَه لضَعْف بَدَنه، فَقَالَ: إِن أطْلَقْتَني وإلاّ فَجَرْتُك، أَي عَصَيْتُك.
وأفْجَرَ: مَال مِنْ حَقَ إِلَى بَاطِل. وأفجَرَ يَنْبوعاً من مَاء، أَي أخْرجه.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: الفَجور والفَاجِر: المخطِىء، والفُجورُ خِلاف البِرّ، والفاجِرُ المائِلُ، والسَّاقطُ على الطَّريق. وفَجَر أَي كَذَب، وَأنْشد:
قَتَلْتُمْ فَتًى لَا يَفْجُر الله عامِداً
وَلَا يَجْتَوِيه جارُهُ حِين يُمْحِلُ
أَي لَا يَفْجُرُ أمْر الله، أَي لَا يَميلُ عَنهُ وَلَا يَتْركه.
وَقَالَ شِمر: قَالَ الْهوازِنيّ: الافْتِجارُ فِي الْكَلَام اخْتِراقُه من غير أَن يَسْمَعه من أحد، أَو يَتَعَلَّمه، وَأنْشد:(11/35)
نَازعِ القَومَ إِذا نازَعْتَهم
بأريبٍ أَو بَحَلاَّفٍ أبَلْ
يَفْتَجِرُ القولَ وَلم يَسْمَعْ بِهِ
وهُو إنْ قيلَ: اتّق الله، احْتَفَل
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جَلَّ وعَز: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . حدَّثني قيسٌ، عَن ابْن حُصَيْن، عَن سعيد بن جُبَيْر قَالَ: تَقول: سَوف أَتُوبُ، سَوف أَتُوب.
قَالَ: وَقَالَ الكَلْبِيّ: يُكْثِرُ الذُّنوبَ، ويُؤَخِّرُ التَّوْبة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ أَنه يُسَوِّفُ بالتَّوبة، ويُقَدِّمُ الأعمالَ السَّيِّئة. قَالَ: ويجوزُ وَالله أعلم أنَّه يكْفُر بِمَا قُدَّامَه من الْبَعْث.
وَقَالَ المؤرَّج: فَجر إِذا رَكِبَ رَأْسَه، فمضَى غيرَ مُكْتَرثٍ. قَالَ: وَقَوله: {الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ} ، ليمْضيَ رَاكِبًا رَأسه. قَالَ: وفَجرَ أخْطأَ فِي الْجَواب. وفجر من مَرضه، إِذا بَرَأَ. وفَجرَ، إِذا كلَّ بَصَرُه.
وَقَالَ ابْن شُميْل: الفُجورُ رُكوب مَا لَا يَحِلّ. وحَلَفَ فلَان على فَجْرة، واشْتَمَلَ على فجرة، أَي رَكِبَ أمْراً قبيحاً من يَمِين كاذِبة، أوْ زِنًى، أوكَذِب.
قلت: والفَجْرُ أصلهُ الشَّقّ، وَمِنْه أُخِذَ فجرُ السِّكْر، وَهُوَ بَثْقُه. وسُمِّيَ الفَجْر فجراً لانفِجَارِه، وَهُوَ انْصِداعُ الظُّلمة عَن نور الصُّبْح.
والفجورُ أصْلُه الميْلُ عَن القَصْد.
قَالَ لَبيد:
وإنْ أَخَّرتَ فالْكِفْلُ فاجِر
والكاذبُ فاجِر، والمكَذَّبُ بِالْحَقِّ فاجِر، والكافِرُ فاجِر، لميْلِهم عَن الصِّدْق والقَصْد.
وَقَول الأعرابيّ لعُمَر:
اغْفِرِ اللهمَّ إنْ كانَ فَجَرْ
أَي مالَ عَن الْحق.
وَقيل فِي قَول الله: { (بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} (الْقِيَامَة: 5) . أَي: ليُكَذِّب بِمَا أَمامه من البعْث، والحِساب والجَزاء، وَالله أعْلم.
ج ر ب
جرب، جبر، رَجَب، ربج، برج، بجر: مستعملات.
جرب: قَالَ اللَّيث: الجَربُ مَعْروف. والجَرْباءُ من السَّماء: النّاحِيَة الَّتِي لَا يَدور فِيهَا فَلَكُ الشَّمس وَالْقَمَر.
وأَخْبَرني المُنْذِرِيّ، عَن أَبي الهَيْثِمِ أَنه قَالَ: الْجَرْبَاءُ: السَّماءُ الدُّنيا، وَهِي الملْسَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْضٌ جَرْباءُ: إِذا كانَت مُمْحِلَةً لَا شيءَ فِيهَا.(11/36)
وَقيل سُمِّيت السَّماء الدُّنيا جَرْباء، لما فِيهَا من الْكَوَاكِب. أَبو عُبيد، عَن الأصمعيّ، قَالَ: الْجِربياءُ من الرِّياح الشَّمالُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الْجِربِياءُ الرِّيحُ الَّتِي تَهُبُّ بَين الْجَنوبِ والصَّبا.
وَقَالَ اللَّيث: الْجِرْبياءُ شَمالٌ بارِدَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِنَّما جِرْبِياؤُها بَرْدُها، فَهَمَزَ.
ثعْلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الجَرْباءُ الْجَارِيَةُ المَلِيحَة، سُمِّيتْ جَرْباء لأنَّ النِّساء يَنْفِرْنَ عَنْها لتَقْبِيحِها بمَحاسِنها محاسِنَهُنّ. وَكَانَ لعَقِيل بن عُلَّفَة المُرِّي بِنْتٌ يُقال لَهَا الجَرْباء، وَكَانَت من أَحْسَن النِّساء.
وجَرِبَ البعيرُ يَجْرَبُ جَرَباً فَهُوَ جَرِب وأَجْرَب.
وَقَالَ: والجريبُ من الأَرْض نِصْفُ الفِنْجان، والجريب مِكْيالٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْفِزَة.
قلت: الْجَريبُ من الأرْض مِقدارٌ مَعْلوم الذرع والمساحة، وَهُوَ عَشَرةُ أَقْفِزَة، كلّ قِفيزٍ مِنْهَا عَشَرةُ أَعْشِراء، فالعَشِيرُ جُزْةٌ من مائَة جُزْءٍ من الْجَرِيب.
وَقَالَ اللَّيث: الْجَرِيبُ الْوادي وجَمْعُه أَجْرِبة، قَالَ: وجَريبُ الأَرْض جمعه جُرْبان، وَالْعدَد أَجْرِبة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجِرْبُ: القَرَاح، وجَمعه جِرَبَه، والجِربة: البُقْعَةُ الحَسَنَةُ النَّبات، وَجَمعهَا جِرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ أبُو عُبَيْدة الجِرْبَةُ المَزْرَعَة.
وَقَالَ بشر:
على جِرْبِةٍ يَعْلو الدِّيارَ غُرُوبها
وَقَالَ ابنُ الأعْرابيّ: الْجَرَبُ العَيْب.
وَقَالَ غَيره: الجَرَبُ الصَّدَأُ يرْكَبُ السَّيف.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصْمعيّ: رَجُلٌ مُجَرِّبٌ ومُجَرَّبٌ، وَهُوَ الَّذِي قد جَرَّبَ الأمُورَ وعَرفها. والمُجَرَّبُ أَيْضا: الَّذي جُرِّب فِي الْأُمُور وعُرِف مَا عِنْده.
أَبُو عُبيد، عَن الأَحْمر: جِرابُ البِئْر اتِّسَاعُها.
وَقَالَ غَيره: جِرابها مَا حَوْلَها. ويُقال: اطْوِ جِرَابَها بالحِجارة.
وَقَالَ اللَّيث: جِرابُ البِئْر جَوْفُها من أَوَّلِها إِلَى آخِرِها.
قَالَ: والجِرابُ وِعاءٌ من إِهابِ الشّاءِ، لَا يُوعَي فِيهِ إِلاَّ يَابِس، والجميع: الْجُرُب.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: عِيالٌ جَرَبَّةٌ: يَأكلون أَكْلاً شَديداً وَلَا ينْفعون. قَالَ: والجرَبَّةُ الحُمرُ الشِّداد الغِلاظ. والجرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجَة، يَكونون مُسْتَوِين.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْج: الجَرَبَّةُ: الصّلامَةَ من الرِّجال الَّذين لَا يُساء لَهُم، وهم مَعَ أمِّهم.(11/37)
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وحَيَ كِرامٍ قد هَنَأْنا جَرَبَّةٍ
ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قَالَ: جَرَبَّةٌ صِغارُهم وكِبارُهم. يَقُول: عَمَمْناهُمْ ولَم نخُصَّ كبارَهم دون صِغَارِهم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَربُّ من الرِّجال القَصيرُ الخَبُّ، وَأنْشد:
إنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبا
تَحْسِبُه، وَهُوَ مُخَنْذٍ، صَبَّا
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء، قَالَ: جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدهُ. وعَلى لَفْظِه جُرُبَّانُ القَمِيص.
شَمِر، عَن ابْن الأعْرابيّ: الجُرُبَّان قِرابُ السَّيْفِ الضَّخْم، يكون فِيهِ قَوْسُ الرَّجُل وسَوْطُه، وَمَا يَحْتاجُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
وعَلى الشَّمائِلِ أَن يُهاجَ بِنَا
جُرْبان كلِّ مُهَنَّد عَضْبِ
وَقيل: جُرُبَّان الْقَمِيص هُوَ بالْفارِسيَّة كَرِيبان، وَهُوَ الجَيْب.
وَقَالَ اللَّيث: الجَوْربُ لِفَافةٌ الرِّجْل.
ابنُ السِّكّيت: الأجرَبان عَبْسٌ وذُبْيان. وَأنْشد:
وَفِي عِضَادَته اليُمنى بَنو أَسَدٍ
والأجْرَبان: بَنو عبس وذُبْيانُ
والجريبُ: وادٍ مَعْروفٌ فِي بِلاد قَيْس، وحَرَّةُ النَّار بِحِذَائِهِ. أَبُو زيد: من أَمْثالهم: أَنت على المُجَرَّب، قالتها امرأَةٌ لِرَجُل سَأَلَهَا بَعْدَمَا قَعَدَ بَين رِجْليها، أَعَذْراءٌ أَمْ ثَيِّب؟ فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت: أَنْتَ على المُجَرَّب.
يُقالُ: عِنْد جَوَاب السَّائل عَمَّا أَشْفَى على عِلْمِه.
رَجَب: قَالَ اللَّيث: رَجَبُ شَهْر، تَقول: هَذَا رَجَبٌ، فَإِذا ضَمُّوا إِلَيْهِ شَعْبان فهما الرَّجَبان.
وَكَانَت الْعَرَب تُرَجِّبُ، وَكَانَ ذَلِك لَهُم نُسُكاً أَو ذَبائِح فِي رَجَب.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ وَالْفراء: رَجَبْتُ الرَّجُلَ رَجَباً، إِذا هِبْتَهُ وعَظَّمْتَه وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُ الشَّيءَ: هِبْتُه ورَجِبْتُه: عَظَّمتُه وَأنْشد:
أَحْمَدُ رَبِّي فَرَقاً وأَرْجبَه
قَالَ: أرْجَبَهُ، أَي أُعَظِّمهُ. ومِنه سُمِّي شهر رَجَبَ.
وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرو:
إِذَا العجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبها
وَلَا تَهَيَّبْها وَلَا تَرْجَبْها
وَقَالَ شَمِر: رَجَبْتُه عَظَّمْتُه.
أَبُو عَمْروٌ، عَن أَبيه: الرَّاجِبُ المُعظِّمُ لسَيِّده. وَيُقَال: رَجِبَه يَرْجَبُه رَجَباً، ورَجَبَهُ(11/38)
يَرْجبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبَه تَرجِيباً، وأَرْجَبَه إِرْجَاباً.
ومِنه قَول الحُباب بن المُنْذر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيقُها المرجَّب.
قلت: وَأما أَبو عُبَيْدة والأصْمَعيّ، فإنَّهما جَعَلا المُرَجَّبَ هَا هُنَا من الرُّجْبَة، لَا من التَّرْجِيب الَّذِي هُوَ من التَّعظيم.
قَالَا: والرُّجْبَة والرُّجْمَة بالْبَاء وَالْمِيم: أَن تُعْمَدَ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَة إِذا خِيفَ عَلَيْهَا أَنْ تقعَ لِطولها وكثْرَةِ حَمْلها بِبِناءٍ من حِجارَةٍ تُرَجَّبُ بِهِ أَي تُعْمَدُ بِهِ، ويكونُ تَرجيبُها أَن يَجْعَل حولهَا شوك إِذا وقرت، لِئَلَّا يَرْقأ فِيهَا راقٍ، فيجْنى ثَمَرهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرُّجْمَة بِالْمِيم البِناءُ من الصّخر تُعْمَدُ بِهِ النّخْلة، والرُّجْبَةُ أنْ تُعْمَدَ النَّخلةُ بخشَبَة ذاتِ شُعْبَتين.
أَبُو عُبَيْدَة: رَجبتُ فلَانا بقَوْلٍ سِّيء، ورجَمْتُه بِمَعْنى صَككْتُه.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وَقَالَ أَبُو العَميثل مِثْلَه.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: الأرْجَابُ الأمْعاءِ، وَلم يَعْرِفْ واحِدَها.
ورَوى ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ، قَالَ: الرَّجْبُ المِعَى: قَالَ: والرَّاجِبَةُ البُقْعَةُ الملساءُ بَين البَراجِم. قَالَ: والبراجمُ المُشَنَّجاتُ فِي مَفَاصِل الأصَابع، وَفِي كلِّ إصْبَع ثلاثُ بُرْجُمات، إلاّ الإبْهام فلهَا بُرْجُمَتان.
وَقَالَ اللَّيْث: بُرْجُمَة الطَّائر. الإصْبَع الَّتِي تلِي الدّائرة من الجانِبين الوحْشِيّيْن من الرِّجلين.
قَالَ: ورجَّبتُ النّخْل تَرْجِيباً، وَهُوَ أَن تُوضَع عُذُوقُها على سَعفِها، ثمَّ تُنْضَدُ وتُشَدُّ بالخوص، لِئَلَّا يَنْفُضُها الرّيح، وَقد يُقَال أَيْضا: هُوَ أَن يُوضَعَ الشَّوك حَوْل العُذُوق لِئَلاَّ تُقْطَف. وَأنْشد أَبُو عبيد:
والعادِياتُ أسابِيُّ الدِّماء بهَا
كأَنَّ أعْناقَها أنْصابُ ترْجِيبِ
وَهَذَا الْبَيْت يَدُلُّ على صِحَّةِ قَول من جَعلَ الترجِيبَ دعْماً للنّخلة.
برج: قَالَ اللَّيْث: البُرْجُ واحِدٌ من بُرُوج الفَلَك، وَهِي اثْنَا عَشَر بُرْجاً، كلّ بُرْج مِنْهَا مَنزِلان، وثُلُثٌ مَنْزِلٌ للقمر، وَثَلَاثُونَ دَرجةً للشمس إِذا غَابَ مِنْهَا سِتّة ولكلّ بُرْج اسمٌ على حِدة فَأَوَّلها الحَمَلُ، وَأول الحَمل الشَّرَطان، وهما قَرْنا الحَمَل كَوْكَبان أَبيضان إِلى جَنْب السَمكة، وخَلْفَ الشَّرَطَيْن البُطَيْن، وَهِي ثَلاثةُ كَواكب، فهذان مَنْزِلان، وثُلثُ الثريا من بُرْج الْحمل.
وَقَالَ أَبو إسْحاق فِي قَول الله: {} (البروج: 1) قيل: ذَات البُروج، ذاتِ الْكَوَاكِب، وَقيل: ذاتِ القصُور، لِقُصُورٍ فِي السَّماء.(11/39)
سَلَمة، عَن الْفراء: اخْتَلفوا فِي البُروج، فَقَالُوا: هِيَ النُّجوم، وَقَالُوا: هِيَ البُروجُ المعرُوفَة، اثْنا عَشَر بُرجاً، وَقَالُوا: هِيَ قُصورٌ فِي السَّمَاء.
وَالله أعلمُ بِمَا أَراد.
وَقَوله جَلَّ وعَزَّ: {وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (النِّسَاء: 78) . البروج هَاهُنَا الحُصُون، واحدُها بُرْج.
وَقَالَ اللَّيث: بُرُوج سُورِ الْمَدِينَة والحصن: بُيوتٌ تُبْنَى على السّور، وَقد تُسمّي بيُوت تُبْنَى على نَواحِي أَركان الْقَصْر بُروجاً.
قَالَ: وثَوْبٌ مُبَرَّج، قَدْ صُوِّرَت فِيهِ تَصاوِيرُ كَبُروج السُّور.
قَالَ العجّاج:
وَقد لَبِسنَا وَشْيَه المبَرَّجا
وَقَالَ أَيْضا:
كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُبَرَّجا
شَبَّه سَنامها ببُرْج السُّور.
قَالَ: والبَرَجُ: سَعَةُ بَياضِ الْعين مَعَ حُسْن الْحَدَقَة. وإذَا أَبْدَت المرأَةُ محاسِنَ جِيدها وَوَجْهَها، قيل: تَبَرَّجَتْ وتُرِي مَعَ ذَلِك من عَيْنَيها حُسْنَ نَظر، كَقَوْل ابْن عِرس فِي الجُنَيْد بن عبد الرحمان يهجوه:
يُبْغَضُ من عَينيكَ تَبْرِيجُها
وصُورةٌ فِي جَسَدٍ فاسدٍ
قَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {جَعَلَ فِى السَّمَآءِ بُرُوجاً} (الْفرْقَان: 61) قَالَ: البروج الْكَوَاكِب الْعِظَام، قَالَ: والْبَرَجُ، تَباعُد مَا بَين الحاجبين. قَالَ: وكل ظَاهر مُرْتَفع فقد بَرَج، وَإِنَّمَا قيل لَهَا البروج لظهورها وبيانها وارتفاعها.
أَبُو عُبيد، عَن أَبي عَمْرو: البَرَجُ، أَن يكونَ بَياضُ الْعين مُحْدِقاً بالسَّواد كُلِّه، لَا يغيبُ من سَوادِها شَيْء.
قَالَ أَبُو زيد: البَرَجُ، نَجَلُ الْعين، وَهُوَ سَعَتها.
وَقيل: الَبَرجُ، سَعَةُ الْعين فِي شِدَّة بَيَاض بَياضِها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: بَرِجَ الرَّجُل إِذا اتَّسَعَ أَمْره فِي الأَكْل والشُّرب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ} (النُّور: 60) ، التَّبرُّحُ إظهارُ الزِّينة، وَمَا يُسْتَدْعَى بِهِ شهوَةُ الرَّجل.
وَقيل: إِنَّهن كُنَّ يتكَسَّرْن فِي مَشْيِهِنَّ ويَتَبَخْتَرْن.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ} (الْأَحْزَاب: 33) ذَلِك فِي زمن وُلِدَ فِيهِ إبراهيمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت المرأةُ إذْ ذَاك تلْبسُ الدِّرع من اللُّؤْلؤ غير مَخيط من الْجَانِبَيْنِ، وَيُقَال: كَانَت تَلبسُ الثِّيَاب تَبلغُ المالَ لَا تُواري جسدَها، فأُمِرْنَ أَلاَّ يفعلْنَ ذَلِك.(11/40)
وَقَالَ اللَّيْث: حِسابُ البُرجان، هُوَ قَوْلك: مَا جُداءُ كَذَا فِي كَذَا، وَمَا جَذْر كَذَا فِي كَذَا، فجداؤه: مبلَغهُ، وجذرُه: أَصله الَّذِي يُضرَبُ بعضُه فِي بعض، وَجُمْلَته البُرجان.
يُقَال: مَا جَذْرُ مائَة؟
فَيُقَال: عشرَة.
وَيُقَال: مَا جُداء عشرَة فِي عشرَة؟
فَيُقَال: مائَة.
وَقَالَ شَمَر: بُرْجان: جِنْسٌ من الرُّوم ويُسَمَّوْنَ كَذَلِك.
قَالَ الْأَعْشَى:
وهِرَقْلٌ يَوْم ذِي ساتيدَمَا
مِنْ بني بُرْجَانَ فِي البَّأْسِ رُجُحْ
يَقُول: هُمْ رُجُحٌ على بني برجان أَي هُمْ أَرْجحُ فِي القِتال، وَشدَّة الْبَأْس مِنْهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أبْرَج الرجلُ إِذا جاءَ ببنينَ مِلاح.
قَالَ: والْبارِجُ المِلاّحُ الفَارِهُ.
أَبُو نصْر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَوَارِج السُّفُنُ الْكِبَار، واحدتها بارجةٌ، وَهِي القَوادِسُ والخلايا.
وَقَالَ اللَّيْث: البارجة السَّفينةُ من سُفن الْبَحْر تُتَّخَذُ لِلْقِتَالِ.
جبر: قَالَ الله جلّ وَعز: (إنَّ فِيهَا قَوماً جَبَّارين) .
قَالَ أَبُو الْحسن اللِّحيانيّ: أَرادَ الطُّولَ والقُوَّة والعِظَم، وَالله أعلمُ بذلك.
قلت: كأَنه ذَهبَ بِهِ إِلَى الجبَّارِ من النَّخيل، وَهُوَ الطَّوِيل الَّذِي فاتَ يَد المُتناوِل.
يُقَال: رجلٌ جبّار إِذا كَانَ طَويلا عَظِيما قويّاً، تَشْببها بالجبار من النَّخيل.
وأمل قَوْله جلّ وَعز: {للهوَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} (الشُّعَرَاء: 130) .
فإنَّ الجبارَ هاهُنا القَتَّالُ فِي غير حق، وَكَذَلِكَ قولُ الرجل لمُوسَى: (إنْ تُريدُ إلاَّ أَنْ تكونَ جبَّاراً فِي الأَرْض) . أَي قَتَّالاً فِي غيرِ حق.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: والجبَّار المُتَكبِّرُ عَن عبَادَة الله تَعَالَى، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} (مَرْيَم: 14) ، وَكَذَلِكَ قَول عِيسَى: {وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً} (مَرْيَم: 32) أَي مُتَكبِّراً عَن عبَادَة الله.
والجبار أَيْضا: القاهِرُ الْمُسَلَّط. قَالَ الله: {يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ} (ق: 45) ، أَي بمُسَلَّط فَتَقْهرهم على الْإِسْلَام.
والجبارُ: الله تبَارك وَتَعَالَى، القاهرُ خلْقَه على مَا أَرَادَ.
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: الجبارُ فِي صفةِ الله الَّذِي لَا ينَال، وَمِنْه قيل للنخلة إِذا فَاتَت يدَ المتناول: جبارَة. مأخوذٌ من جبَّارِ النَّخْل.(11/41)
وَرَوى سلمةُ عَن الْفراء أَنه قَالَ: لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلاَّ فِي حرفين وهما: جبّار من أَجْبَرْتُ، وَدَرَّاك من أَدركتُ.
قلت: جعَلَ جبّاراً فِي صفَةِ الْعباد من الإجبارِ، وَهُوَ القَهّرُ والأكْراه لَا من (جَبَرَ) .
أبُو عُبيد، عَن الأَحمرِ: فِيه جَبَرِيَّةٌ وجَبَرُوَّةٌ، وجَبَروت وجُبُّورَةُ وجَبُّورَةٌ أَيْضاً، وأَنشَدَنا:
فإنَّك إنْ عادَيْتَني غَضِبَ الْحصا
عَلَيْكَ، وذُو الْجَبُّورَةِ الْمتَغَترِفُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ امْرَأَة حَضَرت النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَمَرها بأَمْرٍ فتَأَبَّتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: (دَعُوها فإِنَّها جَبَّارة) أَي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرة.
وَقَالَ اللَّيْت: قَلْبٌ جَبَّار، ذُو كِبْرٍ لَا يَقْبَلُ مَوْعِظَة.
عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال للْملك جَبْرٌ، وَقَالَ: والجَبْرُ الشُّجاع وَإِن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً. والْجَبْرُ: تَثْبيتُ وقّوع الْقَضَاءِ والْقَدَر.
أَبُو عُبَيد عَن أَبي عَمْرو: الْجَبْرُ الرَّجلُ.
وَقَالَ ابنُ أَحْمر:
وانْعَمْ صَباحاً أَيُّها الْجَبْرُ
قيل: أرادَ أَيهَا الرَّجُل، وَقيل: أرادَ أَيُّها المَلْكِ. والْجَبر أَنْ تُغْنِيَ الرَّجُلَ من الْفَقْرِ، أَوْ تَجْبُرَ عظْمَة من الكَسْر.
قَالَ: والإِجْبارُ فِي الحُكْم، يُقَال: أَجْبَرَ الْقاضِي الرَّجُلَ على الحُكْمِ إِذا أكْرَهَه عَلَيْهِ.
وأَخْبَرنِي الإياديّ عَن أَبِي الّهَيْثَم أَنَّه قَالَ: جَبَرْتُ فَاقَة الرَّجُلِ أَجْبُرُها، إِذا أَغَنَيْتَه.
قَالَ: والجَبُرُيَّة، الَّذين يَقُولون: أَجَبَر اللَّهُ الْعِبَادَ على الذُّنُوب أَيْ أَكْرَهَهُمْ ومَعاذَ اللَّهِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ على مَعْصَية ولكنَّه قد عَلِمَ مَا الْعِبادُ عامِلون، وَمَا هُمْ إِلَيْهِ صائِرُون.
قلت: وَهَذَا مَعْنى الْإِيمَان بالْقَضاء والْقَدر إنّما هُوَ عِلْمُ الله السَّابق فِي خَلْقِه، وَقد كَتَبه عَلَيْهِم، فهم صائرون إِلى مَا عَلِمه، وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ لَهُ.
وروى الأَعْمش عَن إِسْمَاعِيل بن رَجاءِ عَن عُمَيْر مَوْلى ابّن عبّاس، عَن ابنِ عبّاس فِي جِبْريل ومِيكائيل: كَقَوْلِك عبد الله، وعبدِ الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يعمر يَقرأ.
قَالَ أَبَو عُبيد قَالَ الأصمعيّ: معنى إيل الرُّبُوبِيَّة، فأُضِيفَ جَبْروميكا إِليه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَبْر هُوَ الرَّجُل.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَكأَنّ مَعناه عَبْد إيل، رَجُلُ إيل.
قَالَ: فَهَذَا تأْويل قَوْله: عبد الله، وَعبد الرحمان، وَكَانَ يحيى بن يَعْمر يَقْرؤها (جَبْرِئلّ) ، وَيَقُول: جَبْرَ: عبْد، والّ: هُو الله.
قلت: وَفِي جِبْريل لغاتٌ كَثِيرَة، قد(11/42)
حَصَّلْتُها لَك فِي رُباعيِّ الْجِيم.
وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال: أَجْبَرْتُ فلَانا على كَذا، أُجْبِره إجْباراً، فَهُوَ مُجْبَر، وَهُوَ كَلَام عامَّة الْعَرَب أَي أَكْرَهْتُه عَلَيْهِ.
وتَمِيمٌ تَقول: جَبَرْتُه على الأَمْرِ أَجُبُرُهُ جَبْراً وجُبُوراً بغَير ألف. قلت: وَهِي لُغَةٌ مَعْرُوفَة وَكثير من الحجازين يَقُولُونَهَا.
وَكَانَ الشّافعيّ يَقُول: جَبَرَه السُّلْطَان بِغَيْر ألفِ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ.
وَقيل لِلْجَبرِيَّة: جَبْرِيَّةٌ، لأَنَّهم نُسِبُوا إِلَى القَوْل بالْجَبْر، فهما لُغَتَانِ جَيِّدتان جَبَرتُه وأَجْبَرْتُه، غير أنَّ النَّحويين أسْتَحبوا أَنْ يَجْعلوا حَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْم بعد كَسْره وجَبْر الْفَقِير بعد فَاقَته، وأَن يكون الإِجْبارُ مَقَصوراً على الإكْراه، وَلذَلِك جعل الفَراء الجَبَّار من أَجْبَرْتُ، لَا من جَبَرْت، وَجَائِز أَن يكون الجبَّار فِي صِفَةِ الله، من جَبْرِه الْفَقير بالْغِنَى، وَهُوَ تبَارك وَتَعَالَى جابرُ كُلِّ كَسير وفَقير، وَهُوَ جَابر دِينه الَّذي ارْتَضاه كَمَا قَالَ العَجَّاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الألَهُ فَجَبَرْ
وَقَالَ اللِّحيانيّ: جَبَرْتُ اليتيمَ والفَقير أَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً، فَجَبَرَ يَجْبُرُ جُبُوراً، وانْجَبَرَ انْجِباراً، واجْتَبَرَ اجْتِباراً، بِمَعْنى واحِد.
وَيُقَال أَيْضا: جَبَّرْتُ الكسيرَ أُجَبِّرُه تَجْبِيراً، وجَبَرْتُه جَبْراً، وأَنْشَد:
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ تَخُبُّ
وأُخْرى مَا يُسَتِّرها وَجَاحُ
وَيُقَال: تَجَبَّر فلَان: إِذا عَاد إِليه من مَاله بعضُ مَا كَانَ ذَهَب. وتَجَبَّر النَّبتُ وَالشَّجر، إِذا نَبَتَ فِي يابِسة الرَّطْب.
وَيُقَال: قد تَجَبَّر فلَان مَالاً، أَي أَصَاب، وَقَوله:
تَجَبَّرَ بَعْدِ الأَكْلِ فَهُوَ نَمِيصُ
فَمَعْنَاه: أَنَّه عَاد نَابتاً مُخَضَرّاً، بَعْدَمَا كَانَ رُعِيَ، يَعْنِي الرَّوض.
وَقَالَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْعَجْمَاءُ جُرْحُها جُبَار) ، والْمَعْدِنُ جُبَار، والبِئْرُ جُبَار وَقد مرّ تَفْسِير العجماء فِي كتاب (الْعين) . والجُبار: الهَدَر وَمَعْنَاهُ أَن تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ العجماءُ فَتُصيب فِي انفِلاتها إِنساناً أَوْ شَيئاً فجَرْحُها هَدَر، وَكَذَلِكَ البِئْر العادِيَّة يَسْقط فِيهَا الْإِنْسَان فَيَهْلِك، فدَمُه هَدَر والمعدن إِذا انهار على حَافره فَقتله فدمه هَدَر. قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا جَابر بن حَبّه: اسْم للخبز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْجَبائِرُ الأسْوِرَة، واحِدتها جِبَارَة وجَبِيرَة.
قَالَ الْأَعْشَى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً فِي الْخِضا
بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الْجِبَارَة
وَيُقَال للخشباتِ الَّتِي تُوضع على مَوْضع الْكسر لِيَنْجَبِر على اسْتِوَاء: جَبائِر، واحدتها جِبَارَة.(11/43)
سَلمَة، عَن الْفراء قَالَ: قَالَ المُفَضَّل: الجُبَار: يَوم الثُّلَاثَاء. قَالَ: والجَبَارَةُ بِفَتْح الجِيم، فِناء الجَبَّان. والجِبَارُ: الْمُلُوك، واحِدُهم جَبْر.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرَ الْكافِر فِي النَّار، فَقَالَ: ضِرْسهُ مثلُ أُحُد، وكَثافَةُ جِلْدِه أَرْبَعُونَ ذِراعاً بِذِراع الجبَّار. قيل: الجَبَّارُ هَا هُنا المِلك. والجبَابِرَةُ: المُلوك. وَهَذَا كَمَا يُقَال: هُوَ كَذَا وَكَذَا ذِراعاً بِذراع المَلك، وأحسِبُه مَلِكاً من مُلوك العَجَم، نُسِبَ إِلَيْهِ هَذَا الذِّراع، وَالله أعلم.
بجر: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الباجِرُ: المُنْتَفِخُ الجَوْف. الْهِرْدَبَّةُ الْجَبان.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: الباحِر الأحمق بِالْحَاء قلت: وَهَذَا غَيْرُ الباجِر، ولكلَ مَعْنًى.
أَبُو عبيد، عَن الأصْمَعيّ، فِي بَاب إِسْرارِ الرَّجلِ إِلى أَخِيه مَا يَسْتُرُه عَن غَيره أخْبَرْتُه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَظْهَرتُه من ثِقَتِي بهِ على مَعايِبي، وَقد فَسَّرتُ العُجَرَ فِي بَابه. وأمَّا البُجَر: فالعُروقُ المُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْن خاصَّة.
ثَعْلَب، عَن ابنْ الأعرابيّ: العُجْرَةُ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْر، فَإِذا كَانَت فِي السُّرَّة فَهِيَ بُجْرَة.
قَالَ: ثمَّ تُنْتَقلان إِلَى الهُمومِ والأَحْزان.
قَالَ: ومَعْنى قَول عليّ رَضِي الله عَنهُ: إِلَى الله أَشكو عُجَرِي، وبُجَري، أَي هُمومي وأَحْزَانِي.
قَالَ: وأَبْجَرَ الرَّجُلُ، إِذا اسْتَغْنَى غِنًى كادَ يُطْغِيه بعد فَقْرٍ كادَ يُكْفِرُه.
وأَخبرني المُنْذِريّ عَن السكُدَيْميّ، قَالَ: سأَلت الأصمعيّ فَقلت لَهُ: مَا عُجَرِي وبُجَرِي؟ فَقَالَ: هُمومِي وغُمومِي وأَحْزانِي.
أَبُو عبيد، عَن أبِي زيد: لَقِيتُ مِنْهُ البَجَارِيّ، واحِدها بُجْرِيّ، وَهُوَ السِّرّ والأَمْرُ الْعَظِيم. والْبُجْرُ: الْعَجَب. وَأنْشد أَبُو عبيد:
أَرْمي عَلَيْهَا وهِي شَيْءٌ بُجْرُ
والْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ
وأمَّا قولُ العَرب: عَيَّر بُجَيْرٌ بَجَرَة، ونَسِيَ بُجَيْرٌ خَبَره؛ فقد حُكِيَ عَن المْفَضَّل أَنه قَالَ: بُجَيْرٌ وبَجَرَة كَانَا أَخَوين فِي الدَّهْر الْقَدِيم، وَذكر قِصَّةً لَهما، وَالَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ أهْلُ اللُّغة أَنهم قَالُوا البُجَيْرُ: تَصْغِير الأبْجَر، وَهُوَ النّاتِىء السُّرَّة، والمَصْدَرُ الْبَجَر، فَالْمَعْنى: أَنَّ ذَا بُجْرَةٍ فِي سُرَّته عَيَّرَ غَيْرَه بِمَا فِيهِ، كَمَا قيل فِي امْرَأَةٍ عَيَّرت أخْرى بِعَيْب فِيهَا: رَمَتْنِي بِدَائِها وانْسَلَّت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إنَّه لَيَجِيءُ بالأَباجِير، وَهِي الدَّوَاهي، قلت: وكأنَّها(11/44)
جمع بُجْرٍ وأَبْجار، ثمَّ أباجير جمع الْجمع.
وَقَالَ الفرّاء: الْبَجَرُ والْبَجْرُ انْتِفَاخُ الْبَطن، رَوَاهُ عَنهُ سَلمة.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الْبَجِيرُ: المَال الكَثير.
وَفِي (نِوادِر الأَعْراب) : ابْجارَرتُ عَن هَذَا الْأَمر، وابْتَارَرْتُ، وابْتَاجَجْتُ أَي اسْتَرخَيْتُ وتَثَاقَلت، وَكَذَلِكَ نَجِرْتُ ومَجِرْتُ.
اللِّحيانيّ: يُقال للرَّجُل إِذا أَكثر من شُرب الْماء، وَلم يَكَدْ يَرْوَى: قد بَجِرَ بَجَراً، ومَجَرَ مَجَراً، وَهُوَ بَجِرٌ مَجِر، وَكَذَلِكَ الممتلىء من اللَّبن، ذكَر ذَلِك فِي بَاب الْبَاءِ وَالْمِيم. ومِثْلُه: نَجِرَ ومَجِرَ فِي بَاب النُّون والمِيم.
ربج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَبْرَجَ الرَّجلُ، إِذا جَاءَ بِبَنِين مِلاَح، وأَرْبَجَ، إِذا جَاءَ بِبَنِين قِصار.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّبْجُ الدِّرهم الصَّغيرُ الْخَفيف.
قلت: وسَمِعْتُ أَعرابياً يُنْشِد وَنحن يَوْمئِذٍ بالصَّمّان:
تَرْعَى من الصَّمّانِ رَوْضاً آرجا
مِنّ صِلِّيَانٍ ونَصِيّاً رابجا
ورُغْلاً باتت بِهِ لَواهِجا
فَسَأَلته عَن الرَّابج، فَقَالَ: هُوَ المُمتَلِىء الرَّيان.
وأَنْشَدَنيه أَعْرابيٌّ آخر فَقَالَ: (ونِصِيًّا رَابِجاً) ، وَهُوَ الكَثِيف المُمتَلىء، وَفِي هَذِه الأرْجوزَة:
وأَظْهَر الماءُ بِها روابجاً
يصف إبِلاً ورَدت مَاء عِدًّا فَنَفَضَتْ جِرَرَهَا، فَلَمَّا رَويت انْتَفَخَت خواصِرها وعَظُمت، وَهِي معنى قَوْله: (رَوابِجَا) .
ج ر م
جرم، جمر، رمج، رجم، مرج، مجر: مستعملة.
جرم: الحرَّاني، عَن ابْنِ السِّكِّيت: الْجَرْمُ: الْقَطْع، يُقَال: جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً إِذا قَطَعه. والْجِرْمُ: الْجَسَد، والجِرْمُ: الصَّوت.
قَالَ: وحَكَى لنا أَبُو عَمْرو: جِلَّةٌ جَرِيمٌ، أَي عِظَامُ الأجْرام، يَعْني الأجْسام.
ثعلبُ عَن عَمْرو، عَن أَبيه: الْجِرْمُ: البَدَن، والْجِرْمُ: اللَّون، والجِرم: الصَّوْت. وَيُقَال: جَرِمَ لَوْنُه إِذا صَفَا، وجَرِمَ إِذا عَظُمَ جِرْمُه، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأعرابيّ: وَقَالَ اللّيث: الجَرْمُ نَقيضُ الصَّرْد. وَيُقَال: هَذِه أَرض جَرْمٌ، وَهَذِه أرضٌ صَرْد، وهما دَخيلان مستعملان فِي الحَرّ والْبَرْد.
قَالَ: والْجُرمُ أَلْواحُ الْجَسَد وجُثْمانُه(11/45)
ورَجلٌ جَرِيم، وامْرأة جَريمَةٌ: ذاتُ جِرْم وجِسْم.
قَالَ: وجِرْمُ الصَّوت: جَهَارَتُه، تَقول: مَا عَرَفتُه إِلَّا بِجِرْم صَوْته.
قَالَ: والجُرْمُ مَصْدَرُ الجارِم الَّذِي يَجْرِمُ نَفسَه وقَوْمَه شَرّاً، وفلانٌ لَهُ جَرِيمَةٌ إليَّ: أَي جُرْمُ، وَقد جَرَمَ وأَجْرَمَ جُرْماً وإِجْراماً، إِذا أَذْنَب. والجارم: الْجانِي، والمجرمُ، والمذْنِب، وَقَالَ:
وَلَا الْجارِمُ الجانِي عَلَيْهِم بمُسْلَمِ
وَقَول الله جلّ وعزَّ: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ} (الْمَائِدَة: 2) .
قَالَ الفَراء: القُرّاء قَرءوا: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، وَقرأَهَا يَحيى بن وثّاب، والأعْمَش: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، من أَجْرَمْتُ، وَكَلَام الْعَرَب بفَتْح الْيَاء.
وَجَاء فِي التَّفْسير: وَلَا يَحْمِلَنَّكُم بُغْضُ قَوْمٍ.
قَالَ: وسَمِعْتُ العربَ تَقول: فلانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِه، يُريدون كاسِبَهم، وخَرَجَ يَجْرِمُ قومه، أَي يكسِبهم، فَالْمَعْنى فِيهَا مُتَقارب لَا يَكْسِبَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْم أَنْ تَعْتَدوا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يُقَال: أَجْرَمَني كَذَا، وجَرَمني وجَرَمت وأَجْرَمت بِمَعْنى وَاحَد.
وَقد قيل: لَا يُجْرِمَنَّكم: لَا يُدْخِلَنَّكُم فِي الجُرْم. كَمَا يُقَال: أَثَمْتُه، أَي أَدْخَلْتُه فِي الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (الْمَائِدَة: 2) أَي لَا يُحِقَّنَّ لكم لِأَن قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ} (النَّحْل: 62) ، إنّما هُوَ حَقٌّ أَنَّ لَهُم النّار.
وَأنْشد:
جَرَمَتْ فَزارَةُ بَعْدَها أَن يَغْضَبُوا
يَقُول: حُقَّ لَهَا.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أمّا قَوْله لَا يُحقَّنَّ لكم، فَإِنَّمَا أَحْقَقْتُ الشَّيْءَ إِذَا لم يَكُن حَقّاً، فَجَعَلته حَقّاً وإِنَّما معنى الْآيَة وَالله أعلم فِي التَّفسير: لَا يَحْمِلنّكم وَلَا يَكْسِبَنَّكُم.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن الحُسَين بنُ فهم عَن مُحمد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَوْله: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ} ، قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ، وأَنْشَد بيتَ أبي أَسمَاء.
وَأما قَوْلهم: لَا جَرَمَ، فَإِن الفَرّاء زَعَم أَنها كلمة كَانَت فِي الأصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ، وَلَا مَحالة، فكَثُر اسْتِعمالها حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقّاً.
أَلا تَرى العربَ تَقول: لَا جَرَمَ لآتِينَّكَ، لَا جَرَمَ لقد أَحْسَنْت، فتراها بمنزلَةِ الْيَمين، وَكَذَلِكَ فَسَّرها الْمُفَسِّرُونَ: حَقّاً إِنَّهُم فِي الْآخِرَة هُمُ الأَخْسرون. وَأَصلهَا من جَرَمْتُ، أَي كَسَبْتُ الذَّنْب.
قَالَ الْفراء: ولَيْس قولُ من قَالَ إِن جَرَمْتُ كَقَوْلِك حُقِقْتُ أَو حَقَقْت بِشيء، وَإِنَّمَا(11/46)
لَبَّسَ عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر:
جَرَمت فَزارَةُ بعْدهَا أَنْ تَغْضَبا
فَرَفَعوا فَزَارة. وَقَالُوا: نَجْعَل العِفل لِفَزَارَة كأَنَّهُ بِمَنْزِلَة حقَّ لَهَا، أَو حُقَّ لَهَا أَنْ تَغْضَب.
قَالَ: وفَزارة مَنْصوبٌ فِي الْبَيْت، الْمَعْنى: جَرَمَتْهُم الطَّعْنَةُ الغَضَبَ، أَي كَسَبَتْهم.
وَقَالَ غير الفرّاء: حَقِيقَة معنى لَا جَرم، أَنَّ (لَا) نَفْيٌ هاهُنا لمَّا ظَنُّوا أنَّهُ يَنْفَعُهم، فَرُدَّ ذَلِك عَليهم، فَقيل: لَا يَنْفعُهم ذَلِك، ثمَّ ابْتَدأَ وَقَالَ: جَرَم أَنَّهُمْ فِي الآخِرة هُمُ الأخْسرون، أَي كَسب ذَلِك العملُ لَهُم الخُسْران، وَكَذَلِكَ قَوْله: {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، الْمَعْنى: لَا يَنْفَعُهم ذَلِك، ثمَّ ابتَدأ فَقَالَ: جرَمَ إِفْكُهُمْ وكَذِبُهم لَهُم عَذاب النَّار، أَي كَسَب لَهُم عَذابها، وَهَذَا من أَبْينَ مَا قِيلَ فِيهِ.
وَقَالَ الكسائيّ: من العَرَب من يَقُول: لاذَا جَرَم، وَلَا أَنْ ذَا جَرَم، وَلَا عَن ذَا جَرَمَ، وَلَا جَرَ، بِلَا مِيم، وَذَلِكَ أنهُ كَثر فِي كَلَامهم فَحُذِفَت الْمِيم، كَمَا قَالُوا: حاشَ للَّهِ وَهُوَ فِي الأَصْل (حاشى) . وكما قَالُوا: أيْش، وإِنما هُوَ أيّ شَيْء. وكما قَالُوا سَوْتَرى، وإنَّما هُوَ سَوْفَ تَرى.
قلت: وَقد قيل لَا صِلَةٌ فِي جَرَمَ، وَالْمعْنَى كَسَب لَهُم عَمَلُهم النَّدم.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه أنْشدهُ:
يَا أُمَّ عَمْرٍ وبَيِّنِي لَا أَوْ نَعمْ
إنّ تَصْرِمي فراحةٌ ممَّن صَرَم
أوْ تَصلِي الحَبْلَ فَقد رَثَّ ورَمّ
قلت لَهَا: بيني، فَقَالَت: لَا جَرَمَ
إنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظلمَ
قَالَ: وأخبرَني الطُّوسِيّ عَن الخَرَّازِ، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: لَا جَرَمَ، لقد كَانَ كَذَا وَكَذَا، أَي حقّاً، وَلَا ذَا جَرَ، وَلَا ذَا جَرَم.
والعربُ تَصِلُ كلامَها بِذا، وذِي وذُو، فَيكون حَشْواً وَلَا يعْتد بهَا وَأنْشد:
إنَّ كِلاباً وَالِدِي لَا ذَا جَرَم
أَبُو عُبيد عَن الأصْمَعِيّ: الجُرامَةُ مَا الْتُقِطَ من التَّمر بَعْدَمَا يُصْرَم ويُلْقَطُ من الكَرَب.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَرِمَ الرّجل، إِذا صارَ يأْكل جُرَامةَ النّحْل بَين السَّعَف.
وَقَالَ اللَّيث: جَرْم قَبيلَةٌ من الْيمن، وأقَمْت عندَه حَوْلاً مُجَرَّماً.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيد قَالَ: الْعامُ الْمُجَرَّمُ الْماضي المُكَمَّل.
وروى ابنُ هانِي لأبي زيد: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ، وشَهْرٌ مُجْرَّمٌ، وكَريتٌ فيهمَا، ويَوْمُ مُجْرَّم، وكَرِيتٌ وَهُوَ التَّام.
وَقَالَ اللَّيْث: جَرَّمنا هَذِه السَّنَة، أَي خَرَجْنا مِنْها، وتَجَرَّمت السَّنة.(11/47)
وَقَالَ لَبِيد:
دِمَنٌ تَجرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسها
حِجَجٌ خَلَوْنَ خَلالُها وحَرامُها
قلت: وَهَذَا كُله من الجَرْم، وَهُوَ الْقَطْع، كأَنَّ السَّنَةَ لما مَضَتْ، صارَت مَقْطوعة من السَّنَةِ المُسْتَقْبلة.
وَيُقَال: جَاءَ زَمن الْجِرَام والْجَرَام، أَي جَاءَ زمن صرام النَّخل، والجُرَّامُ الَّذين يَصْرِمون التَّمر المَجْرُوم، وفلانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَرِيمُهم.
وَقَالَ الهذليّ:
جَرِيمَةُ ناهِضٍ فِي رَأَسِ نيقٍ
ترى لعِظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا
يصف عُقَاباً تُطعمُ فَرْخَها النَّاهض مَا تَأْكله من صَيْدِ صَادَتْه لتأْكلَ لَحْمه وبَقِيَ عظامُه يسيلُ مِنْهَا الوَدَك.
والْجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وَكَذَلِكَ الْجَرِيمَة، وَقَالَ الشَّاعِر:
فإنَّ مَولاي ذُو يُعَيِّرُني
لَا إِحْنَةٌ عندَه وَلَا جَرِمَهْ
والمُدُّ يُدْعى بالحجاز جَرِيماً، يُقَال: أَعْطيتُه كَذا وَكَذَا جَرِيماً من الطَّعام.
وَقَالَ الشَّماخ:
مُفِجُّ الْحَوامِي عَن نسورٍ كأَنَّها
نَوًّى القَسْبِ تَرَّتْ عَن جَرِيمُ مُلَجْلَجِ
أرادَ بالْجَريم: النَّوى. وَقيل: الْجَريم: البُؤْرَةُ الَّتي يُرْضَخُ فِيهَا النَّوى.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الجُرامُ والْجَرِيمْ هما النَّوى وهما أَيْضا: التَّمْرُ الْيابِس.
ورُوِيَ عَن أَوْس بن حَارِثَة أَنه قَالَ: لَا وَالَّذِي أخرج العَذْقَ من الجريمة، وَالنَّار من الوثيمة، أَرَادَ بالجريمة النواة أخرج مِنْهَا النَّخْلَة، والوثيمةُ: الْحِجَارَة المكسورةُ. أَخْبرنِي بذلك المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابنُ الْأَعرَابِي، قَالَ: قَالَ أَوْس بن حَارِثَة، هَكَذَا رَوَاهُ الْعَذْق بِفَتْح الْعين.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة جَرَمتُ النَّخْلَ وجَزَمتُه، إِذا خَرَصْتَه وجَزَزْتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: الجُرْمُ التَّعَدِّي، والجُرْمُ الذَّنْب، والجِرْمُ: اللَّوْن، والْجِرْم الصَّوْت، والْجِرْمُ الْبَدَن.
رجم: الرَّجْمُ: الرَّمْيُ بالحِجارة، يُقَال: رَجَمْتُه فَهُوَ مَرْجوم أَي رَمَيْتُه، والرَّجْم: القَتْل، وَقد جاءَ فِي غير مَوْضع من كتاب الله وإنّما قيل للْقَتْل رجم، لأَنهم كَانُوا إِذا قتلوا رجلا رَمَوْه بِالْحجارة حَتَّى يَقْتُلوه، ثمَّ قيل لكل قَتْلٍ رَجْم، وَمِنْه رجمُ الثَّيِّبَيْن إِذَا زَنَيَا، والرَّجم: السَّبُّ والشَّتْم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن أبي إِبْرَاهِيم لِابْنِهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً} (مَرْيَم: 46) . أَي لأَسُبَّنَّكَ وأَشْتُمَنّكَ، والرَّجْم أيْضاً: اسْم لما يُرْجَمُ بِهِ الشّيْء(11/48)
ُ المرجُومُ وَجمعه رُجُوم، قَالَ الله فِي الشُّهُب: {بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً} (الْملك: 5) . أَي جَعَلْناها مَرامِيَ لَهُم.
والرَّجْم: اللَّعْن، والشَّيطانُ الرّجيم، بِمَعْنى المَرْجُوم، وَهُوَ الملعون المُبْعَد.
والرّجْمُ: القَوْل بالظَّنِّ والحَدْس، وَمِنْه قَول الله: {رَجْماً بِالْغَيْبِ} (الْكَهْف: 22) . قَالَ الهُذَلِيّ:
إنَّ الْبَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ
مَا كَانَ من غَيْبٍ ورَجْم ظُنونِ
وَقَالَ زُهَيْر:
ومَا هُوَ عَنْها بالْحديثِ المُرَجَّمِ
والرَّجَمُ بفتْح الْجِيم: القَبْر، سُمِّي رَجَما لما يُجْمَعُ عَلَيْهِ من الأحْجار والرِّجام، وَمِنْه قَول كَعْب بن زُهير:
أَنا ابنُ الَّذي لم يُخْزُنِي فِي حَياتِه
وَلم أُخْزِه حَتَّى تَغَيَّبَ فِي الرَّجَمْ
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَول عبد الله بن مُغَفّل فِي وَصيته بنيه: لَا ترجُموا قبْري، مَعْنَاهُ لَا تنوحوا عِنْد قَبْرِي، أَي لَا تَقولُوا عِنْده كلَاما سَيِّئًا قبيحاً. قَالَ: والرجيم فِي نعت الشَّيْطَان المرجومُ بالنجوم. فَصُرفَ إِلَى فعيل من مفعول. قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى المشتوم المسبوب، من قَوْله: {لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ} (مَرْيَم: 46) أَي لأسبّنّك، قَالَ: وَيكون الرَّجِيم بِمَعْنى الملعون، وَهُوَ المطرود. قَالَ: وَهُوَ قَول أهل التَّفْسِير.
وَقَالَ اللَّيث: الرُّجْمَةُ: حِجَارَة مَجْمُوعَة كأَنَّها قُبور عَاد، وَتجمع رِجاماً.
وَقَالَ شَمِرَ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ الرُّجْمَةُ دون الرِّضَام. قَالَ: والرِّضام: صُخُورِ عِظَام تُجْمع فِي مَكان.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ: الْهِضاب واحدهما رُجْمَة. وَقَالَ لَبِيد:
بِمنًى تَأَبَّدَ غَوْلُها فَرِجَاحُها
قَالَ: والرَّجَم والرِّجَام الحِجارة الْمَجْمُوعَة على الْقُبور، وَمِنْه قَول عبد الله بن المُغَفَّل المُزَني: لَا تَرْجُموا قَبْري، يَقُول: لَا تَجْعلوا عَلَيْهِ الرَّجَم.
أَرَادَ تَسْوِيَة الْقَبْر بِالْأَرْضِ، وَألا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً.
وَيُقَال: الرَّجَمُ الْقَبْرَ نَفْسُه. وَمِنْه قَوْله:
وَلم يُخْزني حَتَّى تغيَّب فِي الرَّجَمْ
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرِّجام حجر يُشَدُّ فِي طرف الحَبْل، ثمَّ يُدَلَّى فِي الْبِئر، فَتُخَضْخَضُ بِهِ الْحَمأَةُ حَتَّى تَثُور، ثمَّ يُسْتَقَى ذَلِك الماءُ فَتُسْتَنْقَى البِئر، قَالَ: هَذَا إِذا كَانَت البِئر بعيدَة القَعْر لَا يقدرُونَ على أَن ينزلُوا فِيهَا فَيُنَقُّوها، وأَنْشَد شَمِر لصخر الغيّ:
كأَنَّهما إِذا عَلَوَا وَجيناً
ومَقْطَعَ حَرَّةٍ بَعَثَا رِجَاما(11/49)
يَصِفُ عيرًا وأَتَانا، يَقُول: كأنَّما بَعثَا حِجَارَة، قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّجامُ مَا يُبْنَى على الْبِئْر ثمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْخَشَبَةُ للدَّلْو، قَالَ الشَّماخ:
على رِجَامَيْن من خُطّافِ ماتِحَةٍ
تَهدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقيل
قَالَ: والرُّجُماتُ: الْمَنَار، وَهِي الحِجارة الَّتي تُجْمَعَ وَكَانَ يُطاف حَوْلها تُشَبَّهُ بالْبَيْت، وَأنْشد:
كَمَا طافَ بالرُّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
والرُّجْمَةُ هِيَ الرُّجْبَة الَّتِي تُرَجَّبُ النَّخْلَةُ الكريمةُ بهَا، ولِسانٌ مِرْجَمٌ إِذا كَانَ قَوَّالاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فَقَالَ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبِ مِزْحَم، ورُكْنٍ مِدْعَم، ولسانٍ مِرْجَم. والمِرْجامُ الَّذِي تُرْجَمُ بِهِ الحِجَارَة.
اللِّحيانيّ: يُقَال تَرجُمان وتُرجمان، وقَهرمان وقُهرُمان.
قَالَ: والرَّجْمُ الْهِجْران، والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْم اللَّعْن، والرَّجْمُ الظَّنُّ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ارْتَجَمَ الشَّيءوارْتَجَنَ إِذا ركب بعضُه بَعْضاً.
مرج: قَالَ اللَّيْث: الْمَرْجُ أَرْضٌ واسِعةٌ فِيهَا نَبْتٌ كَثير تَمْرَجُ فِيهَا الدَّواب وجمعُها مُروج.
وأَنْشد:
رَعَى بهَا مَرْجَ رَبيعٍ مُمْرَجَاً
وَقَالَ الفَراءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {جَآءَهُمْ فَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَمْرٍ} (ق: 5) .
يَقُول: هُمْ فِي ضَلال.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق أَي فِي أَمْرٍ مُخْتَلِفٍ مُلْتَبِسٍ عَلَيْهِم.
يَقُولُونَ للَّنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَّةً شاعِرٌ، ومَرَّةً ساحِرٌ ومَرَّةً مُعَلِّمٌ مَجْنون، فَهَذَا الدليلُ أَن قَوْله مَريجٌ مُلْتَبِسٌ عَلَيْهِم.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كَيْف أَنتُم إِذا مَرِج الدِّين وظَهرت الرَّغْبَة، واخْتَلفَ الأخَوَان وحُرِّقَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟) .
وَفِي حديثٍ آخر أَنه قَالَ لعَبْد الله بن عَمْرو: (كَيفَ أَنْتَ إِذا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ من النَّاس، قد مَرِجَتْ عُهودُهم وأَماناتُهم) وَمعنى قَوْله: مَرِجَ الدّين، أَي اضْطَرَب والْتَبس المخرَجُ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَرَجُ العهود: اضْطِرابُها، وقِلَّةُ الوفاءِ بهَا.
وأَصْلُ المرَج الْقَلقَ، يُقَال: مَرِج الخاتِمُ فِي يَدي مَرَجاً، إِذا قَلِقَ.
قَالَ الفَراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} (الرحمان: 19) يَقُول: أَرسلهما ثمَّ يَلتقيان بعد.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرَّحْمَن: 19) قَالَ: خَلاَّهُما ثمَّ جَعَلَهما لَا يَلْتَبس(11/50)
ُ ذَا بذَا، قَالَ: وَهُوَ كلامٌ لَا يَقُوله إِلَّا أَهْلُ تِهامة.
وأمّا النَّحْويون فَيَقُولُونَ: أَمْرَجْتَه، وأَمْرَجَ دابَّتَه.
وَقَالَ الزَّجَّاج: مَرَجَ خَلَطَ يَعْنِي الْبَحْر المِلح بالبحر العذب، وَمعنى: {بَرْزَخٌ لاَّ} (الرحمان: 20) : لَا يَبْغِي المِلح على العذب وَلَا العذبُ على الْملح.
وَقَالَ فِي قَوْله: { (كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن} (الرحمان: 15) .
قَالَ: المارجُ اللَّهَبُ المختلِطُ بسوَادِ النَّار.
وَقَالَ الفرَّاء: المارِجُ هَا هُنَا نارٌ دُون الحجابِ، مِنْهَا هَذِه الصَّوَاعِق، ويُرَى جِلْدُ السماءِ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: {الْجَآنَّ مِن} ، من خِلْطٍ من نارِ، والْمَرجان: صغارُ اللُّؤُلُؤْ فِي قَوْلهم جَمِيعًا.
قلت: وَلَا أَدْري أَرُباعيُّ هُوَ أم ثُلاثي.
وَقَالَ الليثُ: المارِجُ من النَّار الشُّعْلَةُ الساطعة ذاتُ اللَّهب الشّديد، وغُصْنٌ مَريجُ قد الْتَبَسَتْ شناغِيبُه وَقَالَ الْهُذَلِيّ:
فجَالَت فالْتَمَستُ بهَا حَشاها
فخرَّ كأَنَّه خُوطٌ مَرِيجُ
أَي غصْنٌ لَهُ شُعَبٌ قِصار قد الْتَبَستْ.
وَقَالَ القُتَيْبِيُّ: مَرَج دابَّتَه إِذا خَلاَّها، وأَمْرجها: رعاها.
قَالَ أَبُو الهيثمْ: اخْتلفُوا فِي المِرجانِ، فَقَالَ بَعضهم صغَار اللُّؤْلُؤ، وَقَالَ بَعضهم هُوَ الْبَسْتَذ، وَهُوَ جَوْهَر أَحْمَر، يُقَال إِن الْجِنّ تطرحة فِي الْبَحْر.
حَدثنَا عبد الله بن هاحَك عَن حَمْزَة، عَن عبد الرازق، عَن إِسْرَائِيل، عَن السُّدِّيّ عَن أبي ملك، عَن مَسْرُوق عَن عبد الله، قَالَ: المرجان: الخرز الْأَحْمَر، وَقَول الأخطل حجةُ من قَالَ هُوَ اللُّؤْلُؤ:
كأَنّما القَطْرُ مرجانٌ يساقطه
إِذا علا الرَّوْق والمتْنَيْن والكَفَلا
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المرْجُ: الإِجْراءُ، وَمِنْه وَقَوله تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} (الرحمان: 19) أَي أجْراهُما.
الْمرجُ: الْفِتْنةُ المُشكلة، والْمَرَجُ الْفساد.
وَقَالَ غَيره: إبلٌ مَرَجٌ، إِذا كَانَت لَا رَاعي لَهَا وَهِي تَرْعى، ودَابَّةٌ مَرَجٌ لَا يُثَنى وَلَا يُجْمع، وَأنْشد:
فِي رَبْرَبٍ مَرَجٍ ذَواتِ صَيَاصي
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَمْرَجَتِ النَّاقَةُ، إِذا أَلْقَتْ وَلَدهَا بَعْدَمَا يَصيرُ غِرْساً، وناقةٌ مِمْرَاج إِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا.
رمج: قَالَ اللَّيْث: الرَّامجُ الْمِلْواحُ الَّذي يُصادُ بِهِ الصُّقُورةُ وَنَحْوهَا من الجَوارِحِ. والتَّرْميج: إِفْسَاد السُّطور بعد كِتْبتها.
يُقَال: رَمَّج مَا كتَب بالتُّراب حَتَّى فَسد.(11/51)
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّمْجُ إلْقاءُ الطّائر سَجَّه، أَي ذَرْقَه.
جمر: قَالَ اللَّيْث: الجمْرُ النَّار المتَّقد، فَإِذا بَرَدَ فَهُوَ فَحْم.
قَالَ: والمِجْمَرُ قد تُؤَنث، وَهِي الَّتِي تُدَخَّن بهَا الثِّياب.
قلت: من أَنَّثَه ذَهبَ بِهِ إِلَى النَّار، وَمن ذكَّره عَنى بِهِ الْموضع وَأنْشد ابنُ السكِّيت:
لَا تَصطلي النارَ إِلَّا مِجْمَراً أرِجاً
قد كَسَّرتُ من يَلَيْجُوجٍ لَهُ وقَصا
أَرَادَ: إِلَّا عوداً أرجاً على النَّار، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صِفَةِ أهل الْجنَّة: (ومَجَامِرُهم الأَلُوّة) . أَرَادَ: وبُخُورهم العُودُ الهندِيّ غير مُطَرًّى.
وَقَالَ اللَّيْث: ثَوْبٌ مُجَمَّرُ، إِذا دُخِّنَ عَلَيْهِ، ورجلٌ جامِرٌ للَّذي يَلِي ذَلِك، وأَنشد:
وريحٌ يَلَنْجُوجٌ يُذَكِّيه جَامِرُه
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (لَا تُجَمِّروا الجيوشَ فَتَفْتِنوهم) . وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: جَمَرَ الأميرُ الْجَيْش، إِذا أطالَ حَبْسَهم بالثّغْر، وَلم يأذَنْ لَهُم فِي القَفَل إِلَى أَهَالِيهمْ، وَهُوَ التّجْمير.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن ابْن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أنّه أنْشدهُ:
وجَمّرْتَنا تَجْمَيرَ كسْرَى جُنودَه
ومَنيّتنا حَتَّى نَسِينَا الأمانِيَا
قَالَ الأصمعيّ: أَجْمرَ ثَوْبه إِذا بَخَّرَه، فَهُوَ مُجْمِر وأجمرَ الْبعيرُ إِجْماراً إِذا عدا.
وَقَالَ لبيد:
وَإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرت
أَوْ قِرابى عَدْوَجَوْنٍ قَدْ أبَلْ
وأجمرت الْمَرْأَة شعرهَا، وجَمَّرته، إِذا ضَفَرتْه جَمائر، وَاحِدهَا جَمِيرة، وَهِي الضّفائر والضّمائر والجمائر.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَمَرَ بَنو فلَان إِذا كَانُوا أَهْل منعةٍ وشِدّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَمْرَةُ كلُّ قوم يصبرون بِقِتَال من قَاتلهم، لَا يُحَالفون أحدا، وَلَا يَنْضَمُّون إِلَى أحد، تكون القَبيلةُ نفسُها جَمْرَة، تَصبِر لقراعِ الْقَبَائِل كَمَا صبرت عَبْسٌ لقبائل قَيْس.
وبلغنا أَن عمرَ بن الْخطاب سَأَلَ الْحُطيئة عَن ذَلِك، فَقَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمنِينَ، كُنَّا ألْفَ فَارس، كأننا ذَهَبَةٌ حمراءُ لَا تَسْتَجْمِرُ وَلَا تُحالف.
قَالَ: وَبَعض النَّاس يَقُول: كَانَت الْقَبيلةُ إِذا اجْتَمع فِيهَا ثلثمِائة فَارس، فَهِيَ جَمْرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: جَمَرات الْعَربِ ثَلاث؛ فَعَبْس جَمْرَة، وبَلْحارث بن كَعْب جَمْرة، ونُمَيْرٌ جَمْرَة.(11/52)
والجَمْرَة: اجْتماعُ الْقَبِيلَة الوَاحدة على من ناوأها من سائِر الْقَبَائِل، وَمن هَذَا قيل لمواضع الجِمار الَّتِي تُرْمى بمِنًى جمرات؛ لأنَّ كلَّ مُجْتَمعِ حَصًى مِنْهَا جَمْرَة، وَهِي ثلاثُ جَمَرات.
وتَجْمير الجيوش: حَبْسُهم أَجْمَعِينَ عَن أَهَالِيهمْ، وتجمير المَرأة شَعْرَها ضَفِيرةً: تَجْمِيعُه.
وَقَالَ عَمْرو بن بَحر: يُقَال لعبْسٍ وضَبَّةَ ونُمَيرِ الْجَمرات، ويُقال: كَانَ ذَلِك عِنْد سُقوط الْجَمْرَة. وفلانٌ لَا يعرف الْجَمْرَة من التّمرة، وَأنْشد لأبي حيَّةَ النُّميْريّ:
فهم جمرةٌ مَا يصطلي الناسُ نارهم
توقَّدُ لَا تَطفأ لرَيْبِ الدَّوابر
وَقَالَ آخر:
لنا جمرات لَيْسَ فِي الأَرْض مِثْلُها
كِرامٌ وَقد جَرَّبن كل التّجارب
نُمير وَعَبس يُتَّقَى نَفيانُهَا
وضَبَّةُ قَوْمٌ بأسهُمْ غير كَاذِب
أنْشد ابْن الْأَنْبَارِي:
وركوبُ الْخَيل تعدو المَرَطَى
قد عَلاها نَجَدٌ فِيهِ اجْمِرار
قَالَ: رَوَاهُ يَعْقُوب بالحاءِ أَي اخْتَلَط عرقُها بِالدَّمِ الَّذِي أَصَابَهَا فِي الْحَرْب، وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَر (فِيهِ اجمرار) بِالْجِيم؛ لِأَنَّهُ يصف تَجَعُّد عرقِها وتَجَمُّعه.
وَقَالَ الأصْمَعيّ: عَدَّ فلَان إبِلَه جَماراً إِذا عَدَّها ضَرْبةً وَاحِدَة، والْجَمار: الْجَماعة بفَتح الْجِيم، وَمِنْه قَول ابْن أَحْمَر:
وظَلَّ رِعاؤُها يَلْقَوْنَ مِنْهَا
إِذا عُدَّتْ نَظائِرَ أَو جَمَاراً
والنَّظائر أَن تُعَدّ مَثْنَى، والجَمار: أَن تُعَدَّ جَماعةَ.
وَقَالَ اللَّيث: الْجُمَّارُ شَحْمُ النَّحْل الَّذِي فِي قِمَّة رَأسه، تَقْطَعُ قِمَّتُهُ ثمَّ تُكْشَطُ من جُمَّارَةٍ فِي جوفها بَيْضَاء كَأَنَّهَا قطعةُ سَنامٍ ضخمَة، وَهِي رَخْصَةٌ تؤكَلُ بالعسل.
قَالَ: والكافورَ يَخْرُج من الجُمَّار بَيْنَ مَشَقّ السَّعْفَتَيْن وَهِي الكُفَرَّى.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعْرابيّ أنَّه سَأَلَ المفضّل عَن قَول الشَّاعِر:
ألَم تَر أَنَّني لاقَيْتُ يَوْمًا
مَعاشِر فيهمُ رَجُلٌ جَماراً
فَقِيرُ اللَّيْل تَلْقاهُ غَنِيّاً
إِذا مَا آنَسَ اللَّيْلُ النَّهارا
فَقَالَ: هَذَا مُقَدَّمٌ أريدَ بِهِ التَّأْخِير، وَمَعْنَاهُ: لاقيتُ مَعاشِرَ جَماراً، أَي جمَاعَة فيهم رَجُلٌ فَقيرُ اللَّيل، إِذا لم تكن لَهُ إبِلٌ سود، وفلانٌ غَنِيُّ اللَّيْل إِذا كَانَت لَهُ إبل سُودٌ تُرَى باللَّيل.
وتَجَمَّرت القَبائلُ إِذا تَجَمَّعَت، وَأنْشد:
إِذا الجمارُ جَعَلتْ تَجَمَّرُ(11/53)
وأخْبرني المُنْذريّ عَن أبي العبَّاس أنَّه سُئِلَ عَن الْجِمار الَّتي بِمنًى، فَقَالَ: أَصْلها من جَمَرْتُه وذَمَرْتُه إِذا نَحَّيْتَه.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيَّ: الجَمْرَةُ الظُّلمةُ الشَّديدة، والْجَمْرَةُ: الخُصْلَةُ من الشَّعر.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: الجِمارُ طُهَيَّةٌ وبَلَعْدَوِيَّة، وهم من بني يَرْبوع بن حَنْظَلة.
وَفِي حَدِيث النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا تَوَضَّأْتَ فَانْئِر، وَإِذا اسْتَجْمَرت فأَوْتِرْ.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ عبد الرحمان بن مَهديّ: فسَّر مَالك بن أنَس الاسْتِجْمار أنَّه الاسْتِنْجَاء.
قَالَ أَبُو عُبيد وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الاسْتِنْجَاءُ بالحِجارة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو والكِسائي: هُوَ الاسْتِنْجاء أَيْضا.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد، يُقَال: اسْتَجْمَرَ واسْتَنْجى واحِد، إِذا تَمَسَّحَ بالْحجارة.
عَمْرو عَن أَبِيه الْجَمِيرُ: اللَّيل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابنُ الأعرابيّ، أَنه قَالَ: ابنُ جَمِير هُوَ الهِلال وَقَالَ غَيره: ابنُ جَميرٍ أَظْلَمُ لَيْلَةٍ فِي الشُّهر.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقَال لِلَّيلة الَّتِي يَسْتَسِرُّ فِيهَا الْهلَال: قد أَجْمَرِت. قَالَ كَعْب:
وإنْ أَطافَ فَلم يَحلَ بِطائِلَةٍ
فِي لَيْلَة ابنْ جُمَيْر سَاوَرَ الْفُطُما
يصف ذئباً، يَقُول: إِذا لم يُصب شَاة ضَخْمَةً أَخذ فَطيماً.
وَالْعرب تَقول: لَا أَفْعل ذَلِك مَا أجْمَرَ ابنُ جَمِير، وَمَا سَمَرَ ابْنا سمير.
وَيُقَال لِلْخارِص: قد أَجْمَر النَّخْلَ إِجْماراً إِذا خَرَصَهَا ثمَّ حَسَبَ فَجمع خِرْصَها. وأَجْمَرْنَا الخَيْلَ إِذا ضَمَّرْناها وجَمَّعناها، وحافِرُ مُجْمَرٌ وقَاحٌ، والمُفِجُّ: المقَبَّبُ من الْحوافر وَهُوَ مَحْمود.
مجر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه نَهى عَن المَجْر.
قَالَ أَبُو عُبيد قَالَ أَبُو زيد: المَجْرُ أنْ يُباع البَعير أَو غَيره بِمَا فِي بَطْن النَّاقة. يُقَال مِنْهُ: أَمْجَرْتُ فِي الْبَيع إِمْجاراً. وَكَانَ ابنُ قُتَيْبَة جَعَلَ هَذَا التَّفْسيرَ غَلَطاً، وذَهَب بالْمجَر إِلَى الولدَ يَعْظُم فِي بطن الشَّاة والصَّواب مَا فَسَّره أَبُو زيد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن الأثْرَم عَن أبي عُبَيدَة أَنه قَالَ: المَجْرُ مَا فِي بَطْن الشَّاة، قَالَ: والثَّاني حَبَلُ الْحَبَلَة والثَّالِث الغَمِيس.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَأَبُو عُبَيْدة ثِقَة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: المَجْرُ الوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْن الحامِل، قَالَ: والمجْرُ: الرِّبا، والمجْر الْقِمار. قَالَ:(11/54)
والمحاقَلَة والمُزَابَنَة، يُقَال لَهما: مَجْر.
قلت: فَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة اجْتَمَعوا فِي تَفْسِير المَجْرِ بِسُكُون الْجِيم على شَيْءٍ واحدِ، إِلاَّ مَا زَاد ابْن الأعرابيّ على أنَّه وَافَقَهُم على أنَّ المجْر مَا فِي بَطْنِ الْإِبِل، وَزَاد عَلَيْهِم أَنْ المجْر الرِّبا.
وأَمَّا المَجَرُ بتحريك الْجِيم، فَإِن المنذِرِيّ أَخْبرني عَن أَبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
أَبْقَي لنا اللَّهُ وتَقْعيرُ المَجَرْ
قَالَ: والتَّقْعير أَنْ يَسْقطَ فَيَذْهَب.
قَالَ: والْمَجَرُ انْتِفَاخ البَطْن من حَبَلٍ أَو حَبَنٍ. يُقَال: مَجَرَ بطنُها، وأَمْجَر، فَهِيَ مَجِرَةٌ ومُمْجِر.
قَالَ: والإمْجار أنْ تَلْقَحَ النَّاقةُ أَو الشَّاة فَتَمْرَض، أَو تَحْدَب فَلَا تقدِرُ أَنْ تَمْشي، وَرُبمَا شُقَّ بَطْنُها فأُخْرِجَ مَا فِيهِ لِيُرَبُّوه. وأنشدَ:
تَعْوِي كلابُ الحيِّ من عُوَائها
وتحمِلُ الممْجِرَ فِي كِسائِها
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت قَالَ: الْمجَرُ أنْ يَعْظُمَ بَطْنُ الشّاة الحامِل فَتُهْزَل، يُقَال: شَاة مُمْجِرٌ، وغَنَم مَمَاجِر.
قلت: فقد صَحَّ أنَّ المجْرَ بِسُكُون الْجِيم شيءٌ على حِدَة، وأَنَّه يَدْخل فِي البُيوع الفاسِدَة، وأَن الْمجَرَ شَيءٌ آخر، وَهُوَ انْتِفاخ بَطْنِ النَّعْجة إِذا هُزِلَت.
وَقَالَ الأصْمعِيّ: المَجْرُ الجَيْش الْعَظيم المُجتمِع.
وَيُقَال: مَجَرَ ونَجِرَ إِذا عَطش فأَكْثَر من الشُّرب، وَلم يَرْوَ.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُمْجِر الشَّاة الَّتِي يُصيبها مَرَضٌ وهُزال، ويَعْسِر عَلَيْهَا الوِلادة.
قَالَ: وأَما المَجْرُ فَهُوَ بَيْع مَا فِي بَطْنها.
وَقَالَ ابنُ هانىء: ناقَةٌ مُمْجِرٌ إِذا جَازَت وَقْتَها فِي النِّتاج. وَأنْشد:
ونَتَجُوها بعد طُول إِمْجار
(أَبْوَاب) الْجِيم وَاللَّام)
ج ل ن
جلن، نجل، لجن، لنج: مستعملة.
جلن: قَالَ اللَّيث: جَلَنَ حِكاية صَوْب بابٍ ذيَ مصْراعين فَيُرَدُّ أَحدهمَا فَيَقُول: جَلَن، ويُرَدُّ الآخَر فَيَقُول: بَلَق. وَأنْشد:
وتَسْمَعُ فِي الحاليْن مِنْه جَلَنْ بَلَقْ
لنج: قَالَ اللَّيث: الألَنْجُوج، والْيَلَنْجُوج: عُودٌ جَيِّد.
وَقَالَ اللِّحْيانيّ: يُقَال عُودٌ أَلَنْجُوجٌ ويَلَنجُوج ويَلَنجِيج، وَهُوَ عودٌ طَيِّبُ الرِّيح. قَالَ: وعودٌ يَلَنجُوجِيُّ مِثْلُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: عود يَلَنْجُوج وأَلَنْجُوج هُوَ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ.(11/55)
لجن: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: تَلَجَّنَ رَأْسهُ، إِذا اتَّسَخَ وَتَلَزَّجَ، وَهُوَ من تَلجَّنَ وَرَقُ السِّدْرِ إِذا لَجَّن مَدْقُوقاً.
قَالَ الشَّمَّاخ:
وماءٍ قد وَرَدْتُ لوصْلِ أرْوَى
عَلَيْهِ الطَّيْرُ كالوَرَقِ اللَّجِين
وَهُوَ وَرَقُ الْخَطْمِيّ إِذا أوخِفَ.
قَالَ: وَمِنْه قيل: نَاقَة لَجونٌ، إِذا كَانَت ثَقيلة.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لَجَّنْتُ الخَطْمِيّ وأوْخَفْتُه، إِذا ضَرَبْتَه بيَدك.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّجين ورَقُ الشَّجر يُخْبَطُ ثمَّ يُخْلَط بدقيق أَو شعير فَيُعْلَفُ لِلْإِبِلِ، وكلُّ ورَقٍ أَو نَحوه فَهُوَ لَجِينٌ مَلْجون حَتَّى آسُ الغِسْلَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: اللُّجون واللِّجان فِي كلِّ دَابَّة، والحِرَانُ فِي الحافِر خاصَّة، والخِلاَءُ فِي الْإِبِل. وَقد لَجَنَتْ تَلْجُنُ لُجوناً ولِجَاناً.
وَقَالَ اللُّجَين: الفِضَّة.
وَقَالَ غَيره: اللَّجِين: زَبَدُ أفْواه الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو وجْزَة:
كأنَّ النّاصِعات الغُرَّ مِنْهَا
إِذْ صَرَفُتْ وَقَطَّعَت اللَّجِينا
أرادَ بالناصعات الغر: أنْيابها، وشَبّه لُعَابهَا بلَجِين الخِطْمِيّ.
نجل: سلَمةُ عَن الفرّاء قَالَ: الْإِنْجِيل هُوَ مثل الإكليل والإخْريط من قَوْلك: هُوَ كريمُ النجْل، تريدُ: كريم الأصْل والطَّبع، وَهُوَ من الفِعل إفْعيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النجْلُ الولَد، وَقد نَجَلهُ أَبوهُ، وَأنْشد:
أنْجَبَ أيامَ والداه بِهِ
إذْ نَجَلاه فنعْمَ مَا نَجلا
عَمْرو: عَن أَبِيه: النّاجل: الْكَرِيم النّجل، وَهُوَ الْوَلَد وأنْشد الْبَيْت، وَقَالَ: أرادَ أنْجَبَ والداه بِهِ إِذْ نَجَلاه، وَالْكَلَام مُقَدَّمٌ ومُؤَخَّر، قَالَ: والنَّجْلُ: الماءُ المسْتَنْقَع، والنّجلُ النّزّ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: النَّجْلُ ماءٌ يُسْتَنْجَلُ من الأَرْض أَي يُسْتَخرج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّجلُ الْجمع الْكثير من النّاس، والنّجل: المحجّة، والنّجل: سَلْخُ الجِلْدِ من قَفاه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: المنْجول الجِلْدُ الَّذِي يُشَقُّ من عُرْقُوبَيْه جَمِيعًا، كَمَا يَسْلُخُ النَّاس الْيَوْم.
أَبُو عَمْرو: النَّجْلُ إثارَةُ أخْفافِ الإبِل الكَمْأةَ وإظْهارُها. والنّجل: السَّير الشَّديد، وَيُقَال للجَمَّال إِذا كَانَ حَاذِقاً: مِنْجل، وَقَالَ لَبِيد:
بِجَسْرَةٍ تَنْجُلُ الظِّرَّانَ نَاجِيَةٍ
إِذا تَوَقَّدَ فِي الدّيمُومَةِ الظُّررُ(11/56)
تَنْجلُ الظِّرَّان: تُثيرُها فَترمي بهَا. والنَّجْل: مَحْو الصّبِيِّ اللّوْح. يُقَال: نَجَلَ لوْحَه، إِذا مَحاه.
وَقَالَ اللَّيْث: فَحْلٌ نَاجِلٌ وَهُوَ الْكَرِيم الكثيرُ النَّجْلُ، وَأنْشد:
فَزَوّجوه مَاجداً أَعْراقُها
وانْتَجلوا من خير فحْلٍ يُنْتَجلْ
قَالَ: والنجْل رَمْيُكَ بالشَّيْء.
والمِنْجَلُ: مَا يُقْضَبُ بِهِ الْعود من الشَّجر فيُنْجلُ بِهِ أَي يُرْمى بِهِ، والنَّجَل: سَعَةُ الْعين مَعَ حُسن. يُقَال: رَجلٌ أَنْجلَ، وعَيْن نَجْلاءُ: والأسد أنجل، وطعنة نجلاء وَاسِعَة، وسنَانٌ مِنْجَلٌ، إِذا كَانَ يُوسِّعُ خَرْقَ الطَّعنة، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
سِنانُها مِثلُ القُدَامَى مِنْجَلُ
أَبُو عُبيد: الطَّعْنةُ النَّجْلاءُ الْوَاسِعة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّجَلُ: نَقَّالُو الجَعْوِ فِي السَّابل، وَهُوَ مِحْمَلُ الطَّيانين إِلَى البَنّاء، قَالَ: والنَّجِيل ضَرْبٌ من الحَمْص مَعْروف.
ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو: النّواجلُ من الْإِبِل: الَّتِي تَرْعَى النجيل، وَهُوَ الهَرْمُ من الحمض.
ورُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: قَدِمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدينةَ، وَهِي أَوْبَأُ أَرض الله، وَكَانَ واديها نَجْلا يَجْرِي. أَرَادَت: أَنه كَانَ نَزّاً.
واسْتَنْجَلَ الْوَادي، إِذا ظهر نُزُوزُه.
وَقَالَ الأصمعيُ: لَيْلٌ أَنْجَلُ: واسعٌ قد علا كلَّ شَيْء وأَلبَسه، وليلةٌ نَجْلاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التّناجل تنازُع النَّاس، وَقد تَناجَلَ القومُ بَينهم، إِذا تنَازَعوا.
وانْتجل الأمرُ انْتجالاً، إِذا اسْتَبَان وَمضى، ونَجَلْتُ الأَرْض نجْلاً: شَقَقْتَها للزِّراعة.
اللِّحياني: المَرْجولُ والمَنْجُول الَّذِي يُسْلَخُ من رجلَيْهِ إِلَى رَأسه.
وَقَالَ أَبُو تُراب: سَمِعْتُ أَبَا السَّمَيْدَع يَقُول: المَنْجُولُ الَّذي يُشَقُّ من رِجليه إِلَى مَذْبَحه، والمَرْجُول: الَّذِي يُشَقُّ من رجلَيْهِ ثمَّ يُقْلَبُ إهابه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: المِنْجَلُ: السَّائق الحاذق، والمِنْجَل: الَّذِي يمحو ألواحَ الصّبيان، والمِنْجَلُ: الزَّرع الملتَفّ المُزْدَجّ والمِنْجَلُ: الرَّجل الكثيرُ الأوْلاد، والمِنْجَلُ: البَعير الَّذِي ينْجُلُ الكمأة بخُفِّه.
ج ل ف
جلف، جفل، لجف، لفج، فلج. فجل: مستعْملات.
لفج: سُئِلَ الحَسنُ عَن الرَّجلُ يُدالِكُ أهْلَه، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذا كَانَ مُلْفَجاً.
أَبُو عَبيد عَن أبي عَمْرو: أَلفَجَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُلْفَجٌ، إِذا كَانَ ذَهَبَ مالُه.(11/57)
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المُلْفِجُ المُعْدِمُ الَّذي لَا شَيْء لَهُ، وَأنْشد:
أَحسابُكُم فِي العُسْرِ والألفاجِ
شِيَبتْ بَعذْبٍ طَيِّب المِزَاجِ
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر عَن ابْن الأعرابيّ والمنذريّ عَن ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: كلامُ الْعَرَب كُلّه على (أَفْعَل) ، وَهُوَ (مُفْعِل) إِلَّا فِي ثلاثةَ أحرف: ألْفَجَ فَهُوَ مُلْفَج، وأَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَن، وأَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَلْفَجَنِي إِلَى ذَلِك الاضْطِرار إلْفَاجاً، ورجُلٌ مُلْفَجٌ، تَضْطَره الحاجَةُ إِلَى من لَيْس لذَلِك بأَهْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّفْج الذُّلّ.
فجل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابيّ: الفاجل الْقَامِر.
وَقَالَ اللّيث: الفُجْلُ أَرُومَةُ نباتٍ، وإياه عَنَى بقوله: وَهُوَ مُجَهّز السَّفينة يهجو رَجلاً:
أَشْبَهُ شيءٍ بجُشَاءِ الفُجْلِ
ثِقْلاً على ثِقْلٍ وأيُّ ثِقْلِ
جلف: قَالَ اللَّيث: الجَلفُ أَخْفَى من الجَرْف وأَشَدُّ استِئصالاً، تَقول: جَلَفْتُ ظُفْرَه عَن إِصْبعه.
ورجُل مُجَلَّف، قد جَلَّفه الدّهر أَي أَتَى على مَاله، وَهُوَ أَيْضا مُجَرَّف، والجَلائِف السّنون، وَاحِدهَا جَليفة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَفَ الرّجل إِذا نَحَّى الْجُلافَ عَن رأْس الْجُنْبُخة، والجُلاف: الطّين.
الحرَّانِيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الْجَلْفُ مصْدر جَلَفْت أَي قَشَرْت، يُقَال: جَلفْتُ الطِّينَ عَن رَأْس الدَّنّ.
قَالَ: والجِلْف: الأعْرابيُّ الْجافي، والجِلْفُ: بَدَنُ الشَّاة بِلَا رَأْسٍ وَلَا قَوَائِم.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أَبي الهيثمْ، يُقَال للسَّنَةِ الشَّدِيدة الَّتِي تَضُرُّ بالأموال سَنَةٌ جالِفَة، وَقد جَلَفَتُهُم وزمان جالف وجارف.
قَالَ: والْجِلْفُ فِي كَلَام الْعَرَب: الدَّنُّ وَجمعه: جُلُوف. وَأنْشد:
بَيْتُ جُلُوفٍ طيِّبٌ ظِلُّهُ
فِيهِ ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ
الظّباء: جمع الظَّبْية، وَهِي الْجُرَيِّبُ الصَّغير يكون وعَاء للمسك والطِّيب.
قَالَ: وَيُقَال للرَّجُل إِذا جَفَا: فلانٌ جِلْفٌ جَافٍ.
قَالَ: وَإِذا كَانَ المالُ لَا سِمَنَ لَهُ وَلَا ظَهْر وَلَا بَطْن يَحْمل، قيل: هُوَ كالجِلْف.
وَقَالَ غَيره: الجِلْفُ أَسْفَلُ الدَّنِّ إِذا انكَسر.(11/58)
وَقَالَ اللَّيث: الجِلْفُ: فُحَّالُ النَّخْلِ الَّذِي يُلَقَّحُ بطَلَعة.
الأصمعيّ: طَعنَةُ جالفة إِذا قشرت الجِلْدَ وَلم تَدخُل الْجوف، وخُبْزٌ مَجْلوف، وَهُوَ الَّذِي أَحْرَقه التَّنُّور فلَزِقَ بِهِ قُشُوره.
وأمَّا قَول قَيْس بن الْخطيم يَصف امْرَأَة:
كأنَّ لَبَّاتِها تَبَدَّدَها
هَزْلَى جَرادٍ أَجْوافُه جُلُف
فَإِن شبَّه الحُلِيَّ الَّذِي على لبَّيتها، بجرادٍ لَا رُؤوس لَهَا، وَلَا قَوائم. وَقَالَ: الجُلُفُ جمع جَليف، وَهُوَ الَّذِي قُشِر.
وَذهب ابنُ السّكّيت إِلَى الْمَعْنى الأوَّل، قَالَ: وَيُقَال أصابَتْهُم جَليفَةٌ عَظِيمَة: إِذا اجْتَلَفَت أموالَهم، وهم قوم مُجْتَلِفون.
أَبُو عُبيد: الْمُجَلَّفُ: الَّذِي قد ذَهب مَاله، والْجَالِفَةُ: السّنة الَّتِي تَذهَبُ بِالْمَالِ، وَقَالَ الفَرزدق:
مِن الْمال إِلَّا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّف
والجِلْف: الخُبز الْيَابِس بِلَا أُدْم.
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي طَالب قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطيالسيّ قَالَ: أخبرنَا حُرَيث بن السَّائب قَالَ: حَدثنَا الحسَن قَالَ: حَدثنَا حُمران بنُ أبان، عَن عُثْمَان بن عَفّان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ شَيْءٍ سوى جِلْفِ الطّعام، وظِلّ بَيت، وثَوب يَسْتُره فَضْل) :
قَالَ شمر، قَالَ ابنُ الأعرابيّ: الجِلْفَةُ والْقِرْفَةُ والجِلْفُ من الخُبْز: الغليظُ الْيَابِس الَّذِي لَيْسَ بمأْدوم وَلَا يابسِ لَيِّن كالْخَشب وَنَحْوه. وَأنْشد:
القَفْرُ خَيْرٌ من مَبِيتٍ بِتُّه
بجُنوب زَخَّةَ عِنْد آلِ مُعارِكِ
جَاءُوا بِجِلْفٍ من شعير يَابِس
بَيْني وَبَين غُلامهم ذِي الْحارِكِ
لجف: قَالَ اللَّيْث: اللَّجْفُ الحَفْرُ فِي جَنْب الكِناس وَنَحْوه، وَالِاسْم: اللَّجَف.
قَالَ: واللَّجَفُ أَيْضا: مَلْجأُ السَّيْل، وَهُوَ مَحْبِسُه.
قَالَ: واللِّجاف مَا أشْرَفَ على الْغار من صَخْرة أَو غير ذَلِك ناتٍ من الْجَبل، وَرُبمَا جُعِلَ كَذَلِك فَوق الْبَاب.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التَّلَجُّفُ الْحفْرُ فِي نواحي الْبِئْر.
وَقَالَ العجاج:
إذَا انْتَحى مُعْتَقِماً أَو لَجَّفاً
قَالَ: واللَّجَيفُ من السِّهام الَّذِي نَصْلُه عَريض.
شكّ أَبُو عُبيد فِي اللَّجيف. قلت: وحُقَّ لَهُ أَن يَشُكَّ فِيهِ؛ لأنَّ الصَّوَاب فِيهِ (النَّجيفُ) بالنُّون، وَهُوَ من السِّهام العريض النّصْل، وجَمْعه نُجفُ. وَمِنْه قَول أبي كَبِير الهُذَلي:(11/59)
نُجفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ ناهِضِ
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: اللَّجَفَ سُرَّةُ الْوادي، قَالَ وَيُقَال: بِئْرُ فلَان مُتَلّجِّفة.
وَأنْشد شمر:
لَو أَنَّ سَلْمَى وَرَدَتْ ذَاتَ اللَّجَافْ
لَقَصَّرَتْ ذناذِنَ الثَّوْبِ الضَّافْ
وَقَالَ ابْن شُميل: أَلْجافُ الرَّكيَّة: مَا أَكل الماءُ من نواحي أَصْلها وَإِن لم يأْكلها وَكَانَت مُسْتَوية الأسْفل فَلَيْسَ لَهَا لِجْف.
وَقَالَ يُونُس: لَجَفَ.
وَيُقَال: اللَّجَفُ مَا حضر الماءُ من أَعلَى الرَّكيَّة وأَسْفِلها، فَصَارَ مثل الْغَار.
فلج: قَالَ اللَّيْث: الْفَلَجُ الماءُ الجارِي من العَين.
وَقَالَ العجاج:
تَذكَّرا عَيناً رَوَاءً فَلَجا
أَي جَارية، يُقَال: عَيْنٌ فَلَجٌ، وماءُ فَلَجٌ.
وأنشدهُ أَبُو نصر:
تذكرا عينا رِوى وفلجا
الروى: الْكثير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْفَلَجُ النَّهْر.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا فَلَجٌ يسْقى جَداولَ صَعْنَبَى
لَهُ مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلَى كلِّ مَوْردِ
وَفِي حَدِيث عُمَر: أنَّه بَعثَ حُذَيفَة، وعُثمان بن جُنيف، إِلَى السّواد، فَفَلجا الْجِزْيَة على أَهْله.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصْمَعيّ قَوْله: فَلَجا، يَعْنِي قَسَما الْجِزْيَة عَلَيْهِم.
قَالَ: وأَصْلُ ذَلِك من الفِلْج، وَهُوَ المكْيال الَّذِي يُقال لَهُ الْفالِج.
قَالَ: وأَصْلُه سُرْيانيُّ، يُقَال لَهُ بالسُّريانية: فَالغاء، فعرِّب، فَقيل: فالِجٌ وفلْجٌ.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الخَمر:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ من مسْك دا
رِينَ وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قَالَ: وإنَّما سمَّى القِسْمة بالْفِلْج؛ لأنَّ خراجَهم كَانَ طَعَاما.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا الْفِلْج، فَأَما الفُلْجُ بضَمِّ الْفَاء، فَهُوَ أَن يَفْلُجَ الرَّجلُ أَصْحابَه، يعلوهم ويفُوقُهُم، يُقَال مِنْهُ: فَلَجَ يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً.
والفَلَجُ: تبَاعد مَا بَين الأسْنان، وَرجل أَفْلجَ، إِذا كَانَ فِي أَسْنانه تَفَرُّق، وَهُوَ التَّفْلِيج أَيْضا.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: والأفْلَجُ الَّذِي اعْوِجاجه فِي يَدَيْهِ فَإِذا كَانَ فِي رِجْلَيه، فَهُوَ أَفْجَج، والفَلِيجَةُ: شُقَّةٌ من شُقَق الْخِباء. قَالَ الأصمعيّ: وَلَا أَدْري أيْن تكون؟(11/60)
قَالَ عُمر بن لَجأ:
تَمَشَّى غير مُشْتَمِل بثوْبٍ
سِوَى خَلِّ الفَلِيجَة بالخِلالِ
وَقَالَ الأصمعيّ: فَلَجَ فلانٌ على فُلان، وَقد أَفْلَجَهُ الله عَلَيْهِ فُلْجاً وفُلوجاً، والمَفْلوجُ: صاحِبُ الفَالج، وَقد فُلِجَ.
وَقَالَ: الْفَلَج: الْفَحج فِي السَّاقين، والْفَلَجُ فِي الثَّنِيَّتَيْن.
قَالَ: وأَصْلُ الْفَلج النِّصْفُ من كُلِّ شَيْء، وَمِنْه يُقَال: ضَرَبه الفَالِج، وَمِنْه قَوْلهم: كُرٌّ بالفالج وَهُوَ نصْفُ الكُرِّ الْكَبِير.
والْفَالِج: الْجَمل ذُو السَّنامَيْن، والجميع الفَوَالج.
شَمِر: فَلَجْتُ المَال بَينهم، أَي قَسَمْته، وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
فَفَريق يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً
وفَريقٌ لطابخيه قُتَارُ
وَيُقَال: هُوَ يَفْلُجُ الْأَمر أَي يَنْظُر فِيهِ، ويَقْسِمُه ويُدَبِّرُه. وَقَالَ ابْن طُفيل:
تَوَضَّحْن فِي عَلياءِ قَفْرٍ كأَنَّها
مهارِيقُ فَلُّوجٍ يُعارِضْن تَاليا
قَالَ خالدُ بن جَنْبَةَ: الفَلُّوجُ الكاتِب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَج، وَهُوَ الفُلْجُ والفَلْجُ قَالَ: والفَلْجُ والْفُلْجُ: الْقَمَر والفَلْجُ. الْقَسْمُ. وفَلْج: اسْم بَلَد. قُلت: وَمِنْه قيل لِطَريقٍ يَأْخُذُ من طَرِيق الْبَصْرَة إِلَى الْيَمَامَة، طريقُ بطن فَلْج، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَإِن الَّذِي حانَتْ بفلج دِماؤُهم
هُمُ الْقَومُ كُلُّ القومِ يَا أُمَّ خالِدِ
وَقَالَ اللَّيْث: فَلالِيج السَّوَاد قُراها، الْوَاحِدَة فَلُّوجة، قَالَ: وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: لَيْسَ بمُسْتَقيمٍ على جِهَته، والفَلَجُ: تبَاعُد مَا بَين الثَّنايا والرَّباعيات خِلْقَةً، فَإِن تُكُلِّفَ فَهُوَ التَّفْليج، قَالَ: والفَلَجُ: تباعُد الْقَدَمين أُخُراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا وَقَع فِي أَمْرٍ قد كَانَ عَنهُ بمَعزل: كنت عَن هَذَا الأمْر فَالِجَ بنَ خَلاَوة يَا فَتى.
أَبُو عُبيد: عَن الْأَصْمَعِي: أَنا مِنْهُ فالجُ ابْن خَلاَوة أَي أَنا بَرِيءٌ مِنْهُ، وَمثله لَا نَاقَةَ لي فِيهَا وَلَا جَمل وَقد قَالَه أَبُو زيد، رَوَاهُ شِمر لِابْنِ هانىء عَنهُ.
جفل: قَالَ اللَّيْث: الْجَفْلُ: السَّفينَةُ، والجُفول السُّفُن. قلت: لم أسمع الْجَفْل بِهَذَا المعْنى لِغَير اللَّيْث، والْجفْلُ: السَّحابُ الَّذِي قد هَراقَ ماءَه، فخفَّ رَوَاحه.
وَقَالَ اللَّيْث جَفَلَتُ اللَّحْمَ من الْعظم، والشَّحْمَ عَن الجلْد، والطِّينَ عَن الأَرْض.
قلت: وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى جَلَفْتُ، وكأَنَّ الْجَفلَ مَقْلوبٌ بِمَنْزِلَة جَذَبْتُ وجَبَذْتُ.(11/61)
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّيحُ يجفِلُ السَّحابَ الْخَفِيف من الْجَهام، أَي تَسْتَخفُّه فَتَمْضي بِهِ، وَاسم ذَلِك السَّحاب: الْجَفْلُ.
قَالَ وَيُقَال: إنِّي لآتي الْبَحْر فأَجده قد جَفَل سَمَكاً كثيرا، أَي ألقاهُ على السَّاحل.
وَفِي الحَدِيث أنَّ البَحر جَفَل سمكًا، أَي أَلْقَاهُ وَرمى بِهِ. وَقَالَ ابْن شُميل: جَفَلْتُ المتاعَ بعضَه على بعض، أَي رميته بعضه على بعض.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَحَيْتُ الطيرَ وجَفَلته إِذا جَرَفْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي قَتَادة: أَنه كانَ مَعَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَر، فَنَعَسَ على ظَهْر بَعيره حَتَّى كادَ يَنْجفل فدعَمتْه، معنى قَوْله: يَنْجَفل، أَي يَنْقَلب.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف إبِلاً:
يَجْفِلُها كلُّ سنامٍ مِجْفَلِ
لَأْياً بِلَأْيٍ فِي الْمراغ الْمُسهِلِ
يُرِيد: يَقْلِبُها سَنامُها من ثِقلِه إِذا تمرَّغت، ثمَّ أَرادَت الاسْتوَاء، قَلَبَها ثِقْلُ أَسْنِمَتِها.
والجُفول: سُرْعَةُ الذَّهابِ والنُّدودُ فِي الأَرْض، يُقَال: جَفَلت الْإِبِل جُفولاً، إِذا شَرَدَت نادَّة، وجَفَلت النَّعامَةُ، ورجلٌ إجْفِيل، إِذا كَانَ نَفوراً جَبَانًا وجَفَّلَ الفزعُ الإبِلَ تجفيلاً، فجفلت جُفولاً. وَقَالَ: إِذا الحرُّ جَفَّلَ صِيرَانَها. وانْجَفَل الْقَوْم انجفالاً، إِذا هَربوا بسُرعة. وانْجَفَلت الشَّجرة، إِذا هَبَّت بهَا ريح شَديدة فَقَعَرتْها.
والْجُفَالُ من الشَّعْر: المجتمِعُ الكَثِير، وَقَالَ ذُو الرمة يصف شَعر امْرَأَة:
وأسْودَ كالأَسَاوِدِ مُسْبَكِرّاً
على الْمَتْنَيْن مُنْسَدِلاً جُفَالاً
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْجِفْلُ: تَصْليعُ الْفيل. وَقد قَالَه الكسائيّ، وَقد جَفَل الفيلُ يَجْفِلُ، إِذا رَاثَ، قَالَ: وشَعْرٌ جُفَالٌ أَي مُنْتَفِشٌ، وَيُقَال لِرَغْوة القِدر: جُفَال.
ورُوِي عَن رؤْبة أنَّه كَانَ يَقْرأ: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً} (الرَّعْد: 17) .
وَفِي كَلَام الْأَعْرَاب، فِيمَا حُكِيَ عَن الْبَهَائِم: أَن الضّائِنَةَ قَالَت: أُجَرُّ جُفَالاً، وأُحْلَبُ كُثَباً ثُفَالاً، وَلم تَرَ مِثْلي مَالا:
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِنه لجافِلُ الشَّعر، إِذا شَعِثَ وَتَنصَّبَ شَعْرُه تَنَصُّباً، قد جَفَلَ شَعْرُه يَجْفِلُ جُفُولاً.
وَقَالَ اللَّيْث: جَفَلَ الظَّليم، وأَجْفَل، إِذا شَرَدَ فَذَهَبَ، وَمَا أَدْري مَا الَّذي جَفَّلها؟ أَي نَفَّرها، قَالَ: والجَفَّالَةُ من النَّاس: جماعَةٌ ذَهَبوا وجاؤوا.
ج ل ب
جلب، جبل، لجب، لبج، بلج، بجل: مستعملات.
جلب: قَالَ اللَّيث: الْجَلَبُ مَا جَلَبَ القومُ(11/62)
من غَنَمٍ أَو سَبْي، وَالْجمع أَجْلاب، والفِعْل يَجْلِبُون، وعَبْدٌ جَلِيبٌ، وعَبيدٌ جُلَبَاء، قَالَ: والْجَلَبُ: الْجَلَبَةُ فِي جَماعةِ النّاس، وَالْفِعْل أَجْلَبُوا وجَلَّبوا من الصّياح، والْجَلُوبَةُ: مَا جُلِبَ للْبيع، نحوِ النّاب والفَحْل والقَلُوص، فأَمَّا كِرامُ الْإِبِل والفُحولة الَّتِي تُنْتَسَل، فلَيْسَت من الْجَلُوبَة. يُقَال لصَاحب الْإِبِل: هَل فِي إِبِلِكَ جَلُوبة؟ يَعْني شَيْئاً جَلَبه للْبيع.
وَفِي الحَدِيث: (جَلَبَ وَلَا جَنَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الْجلَبُ يكون فِي شَيْئَين، يكونُ فِي سِبَاق الْخَيل، وَهُوَ أَن يَتْبَعَ الرجلُ فَرسَه فَيَزْجُرَه، ويُجَلِّبَ عَلَيْهِ، فَفِي ذَلِك مَعونةٌ للْفرس على الْجَرْي.
والوجْهُ الآخر فِي الصَّدَقة، أَنْ يَقْدُمَ المَصَدِّقُ فَيَنْزِلَ مَوْضِعاً، ثمَّ يُرْسِلَ إِلَى الْمِيَاه من يَجْلُبُ إِلَيْهِ أَغْنَامَ أَهْلِ الْمِيَاه فَيُصَدِّقَها، فَنُهِيَ عَن ذلكَ، وأُمِرَ بأَنْ يَصَّدَّقوا على مِيَاههمْ وبأَفْنِيَتِهم.
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت. قَالَ: يُقَال هم يُجْلِبون عَلَيْهِ، ويُحْلِبُون عَلَيْهِ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي يُعِينُون عَلَيْهِ.
روى مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البخاريّ، عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن أبي عَاصِم، عَن حَنْظَلَة، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نَحْو الجُلاّب، فَأخذ بكفه، فَبَدَأَ بِشِقّ رَأسه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، فَقَالَ بهما على وَسَطِ رأسِه) . قلت: أرَاهُ أَرَادَ بالجُلابِ ماءَ الْورْد وَهُوَ فارسيّ مُعرب، والورد يُقَال لَهُ: جُلْ واب مَعْنَاهُ المَاء، فَهُوَ مَاء الْورْد، وَالله أعلم.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْلَبَ الرجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِالشَّرِّ، وجَمَعَ عَلَيْهِ الْجمع، بِالْجِيم.
قَالَ: وأَجْلَبَ الرَّجل إِذا نُتِجَتْ نَاقَته سَقْباً، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت إِبِلهُ تُنتجُ الذُّكور، فَقد أَجْلَبَ، وَإِذا كَانَت تُنتجُ الْإِنَاث، فقد أَجْلَب، ويَدعو الرجلُ على صاحبِه فَيَقُول: أَجْلَبْتَ وَلَا أَحْلَبتَ، أَي كَانَ نِتاجُ إبِلك ذُكُورا لَا إِنَاثًا لِيَذْهَبَ لَبَنُهُ.
وَقَول الله جلَّ وعزّ: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (الْإِسْرَاء: 64) أَي اجْمَع عَلَيْهِم وتَوَعَّدْهُم بالشّرّ.
أَبُو عُبيد، عَن الأصْمَعيّ: إِذا عَلَتْ الْقَرْحَةَ جِلْدَةٌ لَلْبُرْء، قيل جَلَبَ يَجْلِبُ، ويَجْلُبُ، وأَجْلَبَ يُجْلِبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال قرحةٌ مُجْلِبَةٌ وجَالبة، وقروحٌ جوالب وجُلّب، وأَنشد:
عافاك ربِّي من قُروحٍ جُلَّبِ
بعد نُتُوضِ الْجلد والثّقَوُّبِ.
قَالَ أَبُو عُبيد، عَن أبي عمر: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه: عيدانُه وَأنْشد:(11/63)
كأَنَّ أَعْلاقي وجِلْبَ كُوري
عَلَى سَراةِ رائحٍ فَطُور
الحرانيّ عَن ابْن السِّكّيت: جِلْبُ الرَّحْل وجُلْبُه أَحْنَاؤه قَالَ: الْجِلبُ من السّحاب، مَا ترَاهُ كَأَنَّه جبل، وَأنْشد:
ولستُ بِجِلْبٍ، جِلْبِ ريحٍ وقِرَّةٍ
وَلَا بِصَفَا صَلْدٍ عَن الخيْرِ مَعْزلِ
وَقَالَ أَبُو زيد: الجُلْبَة الشِّدَّة والجَهْدُ والجوع، وأَنشد الرياشيّ:
كأَنَّما بَين لَحْيَيْه ولَبَّته
من جُلْبَة الْجُوع جَيَّارٌ وإرْزِيرُ
قَالَ: والْجُلْبَةُ الشِّدَّة، وأصابتهم جُلْبَةٌ، وَهِي السَّنة والشِّدَّة والمجاعة. والإرزيز: الطَّعنة. والْجَيَّار: حُرْقةٌ فِي الجَوْف.
رَأَيْت فِي نُسْخَة (ديوَان العجاج) فِي قصيدة لَهُ يذكر فِيهَا العَيْرَ وأُتُنَه:
تكسوه رَهْباها إِذا تَرَهَّبا
عَلَى اضْطِمار اللَّوْح بَوْلاً زَغْرَبَا
عُصارةَ الجُزْءِ الَّذِي تجلَّبا
فَأَصْبَحت مُلْساً وأضحى مُعْجَبَا
قَالَ: عُصارة الْجُزْء: مَا انْعصَر من بَوْلها، وَهِي جازئة.
قَالَ: والتَّجَلُّبُ التماسُ المرعى مَا كَانَ رَطْباً من الْكلأ. رَوَاهُ بِالْجِيم كَأَنَّهُ بِمَعْنى اجْتَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُلْبَةُ: العُوذَةُ الَّتِي يُخْرز عَلَيْهَا الْجلد، وَجَمعهَا: الجُلَب.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ يصف فرسا:
بغَوْجٍ لبانُهُ يُتَمُّ بَرِيمُهُ
عَلَى نفْثِ راقٍ خَشْيَة الْعين مُجْلِبِ
الْغَوْجُ: الْوَاسِع جِلْد الصدْر. والبَرِيمُ خيْطٌ يُعْقَدُ عَلَيْهِ عُوذةٌ: يُتَمُّ بَرِيمه: أَي يُطالُ إطالةً لسعة صدْرِه.
والمُجْلِبُ: الَّذِي يجعلُ العوذةِ فِي جِلْبٍ ثمَّ يُخاط علَى الفَرَس عَن أبي عَمْرو وَقَالَ اللَّيْث: الْجُلْبَة: الحديدةُ يُرقع بهَا القَدَح، وَهِي حَدِيدَة صَغِيرَة، والجُلْبَة فِي الْجَبَل، إِذا تراكم بعض الصخر على بعض، فَلم يكن فِيهِ طَرِيق تَأْخذ فِيهِ الدّوابّ.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} (الْأَحْزَاب: 59) .
قَالَ ابْن السكّيت، قَالَت العامِريَّةِ: الجلْباب الخِمار. وَقيل: جلْباب الْمَرْأَة مُلاءَتُها الَّتِي تَشتَمِلُ بهَا، وَاحِدهَا جِلْبَاب، وَالْجَمَاعَة جلابيب.
وَقَالَ اللَّيْث: الجلباب: ثوبٌ أَوسعُ من الخِمار دون الرِّداء، تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وصدرَها، وَقد تجلببت، وَأنْشد:
والعَيْشُ داجٍ كنَفَاً جلْبابُه
وَقَالَ الآخر:
مُجَلْبَبٌ من سَواد اللَّيْل جلْبابا
وَفِي حَدِيث عَليّ: من أَحَبَّنا أَهْلَ الْبَيْت فَلْيُعِدَّ للفقر جلباباً أَو تَجفافاً.(11/64)
قَالَ القُتَيبيُّ: معنى قَوْله فلْيُعِدّ للفقر جلباباً وتَجفافاً أَي لِيَرْفض الدُّنْيَا وليزهد فِيهَا، وليَصْبِرْ على الْفقر والتَّقَلُّل، وكنى عَن الصَّبْر بالجلباب والتَّجفاف لِأَنَّهُ يستر الْفقر كَمَا يستر الجلباب والتّجفاف الْبدن.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس، قَالَ ابْن الأعرابيّ: الْجِلْبابُ الْإِزَار. قَالَ: وَمعنى قَوْله (فلْيُعِدّ للفقر جلباباً) . يُرِيد لفقْرِ الْآخِرَة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبيد قلت: وَمعنى قَول ابْن الأعرابيّ: الجلبابُ الْإِزَار، وَلم يرد بِهِ إِزَار الْحَقْو، وَلكنه أَرَادَ بِهِ الْإِزَار الَّذِي يستمل بِهِ فيُجَلِّلُ جَمِيع الْجَسَد، وَكَذَلِكَ إزارُ اللَّيْل هُوَ الثَّوْب السابغ الَّذِي يشتملُ بِهِ النَّائِم فيغطي جسده كلّه.
اللَّيْث: الجُلْبان المُلْكُ، الْوَاحِدَة جُلبانة، وَهُوَ حَبٌّ أَغبَرُ أكْدَرُ عَلَى لون الماشِ، إِلَّا أَنه أشَدّ كُدْرَةً مِنْهُ وأعظمُ جرْماً، يُطبخ.
حَدثنَا ابْن عُروة، عَن البُسْرِيّ، عَن غُنْدَر، عَن شُعْبة، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: لما صالحَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين بِالْحُدَيْبِية، صَالحهمْ عَلَى أَن يَدخُلَ هُوَ وَأَصْحَابه من قابلٍ ثلاثةَ أَيَّام؛ وَلَا يُدخِلونها إلاَّ بجُلبَان السِّلَاح.
قَالَ: فَسَأَلته: مَا جُلبان السِّلَاح. قَالَ: القِرَاب بِمَا فِيهِ.
قلت: القِرابُ: هُوَ الغمدُ الَّذِي يُغمدُ فِيهِ السَّيْف، والجِلْبانُ: الجراب من الأدَم يوضع فِيهِ السَّيْف مغموداً، ويَطرح فِيهِ الراكبُ سوطَه وأداتَه ويُعلِّقُه من آخِرةِ الرّحْلِ أَو واسطِه.
وَقَالَ غَيره: امرأَةٌ جِلِبّانَةٌ وجُلُبَّانه وتِكِلاَّبةٌ، إِذا كَانَت سيِّئَة الخُلق، صَاحِبَة جَلَبَةٍ ومُكالبة.
وَقَالَ شَمر: الجُلُبّانة من النِّسَاء الجافيةُ الْغَلِيظة، كَأَن عَلَيْهَا جُلْبَة، أَي قَشْرَةٌ غَلِيظَة.
وَقَالَ حُمَيد بن ثَوْر:
جُلُبَّانَةٌ وَرْهاءُ تُخْصَى خِمارها
بفي من بَغَى خيرا لَدَيْهَا الجلامدُ
والأجلاب: أَن تأخذَ قطعةَ قِدَ فتُلبِسها رَأْسَ القَتَب، فَتَيْبَسُ عَلَيْهِ، وَهِي الْجُلْبةُ.
قَالَ الجعدِيّ:
كتَنْحِية الْقَتَب الْمُجْلَبِ
والتَّجْليبُ: أَن تُؤْخذ صُوفَةٌ، فَتلقى عَلَى خِلْفِ النَّاقة، ثمَّ تُطْلى بطينٍ أَو عجين، لِئَلَّا يَنْهَزَها الفصيل.
يُقَال: جلِّب ضَرْعَ حلوبَتِكَ، وَيُقَال: جَلَّبته عَن كَذَا وَكَذَا تَجْلِيباً وأَصفحتُه، إِذا منَعْتَه.
وَيُقَال: إِنَّه لفي جُلْبة صدْق، أَي فِي بُقْعة(11/65)
صدق؛ وَهِي الجُلَب.
وَيُقَال: جَلَبْتُ الشَّيْء جَلَباً وجنبت الفرسَ جنبا؛ والمجلوبُ أَيْضا: جَلَبٌ، وَهَذَا كَمَا يُقَال لما نُفضَ من الشّجر نَفَضٌ؛ وللمعدودِ عدد وَجمعه أجْلاب.
وَفِي حديثِ الحُدَيْبِية أَلا يَدْخُلَ الْمُسلمُونَ مَكَّةَ إِلَّا بجُلُبَّان السِّلاح.
قَالَ شَمِر: قَالَ بَعضهم: جُلُبَّانُ السِّلاح الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ.
قَالَ شِمر: كأَنَّ اشتقاق الجُلُبّان من الجُلْبَة، وَهِي الجلْدة الَّتِي تُجعَلُ على القَتَب، والجلدةُ الَّتِي تُغَشِّي التميمه، لِأَنَّهُ كالغِشاء لِلقِراب، وَقَالَ جِران العَوْد:
نَظَرْتُ وَصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ
وجُلْبُ اللَّيْلِ يَطْرُده النّهارُ
أَرَادَ بجُلْبَ اللَّيل سَوادَه.
سَلمَة، عَن الْفراء، قَالَ. الجُلْبُ جمع جُلْبَة وَهِي السَّنَةُ الشبهاء والجُلْبُ: جمعِ جُلْبَة وَهِي بَقْلَة.
والجَلْبُ: الجِنايَة على الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ الأجْل.
وَقد جَلَبَ عَلَيْهِ، وأَجَلَ عَلَيْهِ: أَي جَنَى عَلَيْهِ.
جبل: قَالَ اللَّيْث: الْجَبَل اسمٌ لكلِّ وَتِد من أَوْتَاد الأرْض إِذا عَظُمَ وطالَ من الأعْلام والأطْوار، والشَّناخِيب والأنْضاد. فأمَّا مَا صَغُرَ وانْفَرد، فَإِنَّهَا من الآكام والقِيران.
قَالَ: وجَبْلَةُ الْجَبَل تَأْسيسُ خِلْقَتِهِ الَّتي جُبِلَ عَلَيْهَا.
وَيُقَال للثَّوْب الجيِّد النَّسج والغزل والفتل إنَّه لَجيِّدُ الْجَبْلَة. وجَبْلَةُ الْوَجْه بَشرَتُه. ورَجُلٌ جَبْلُ الْوَجْه: غَليظُ بَشَرة الْوَجهْ ورَجُلٌ جَبْلُ الرأْس: غليظُ جِلْدَةِ الرَّأس والْعِظام.
وَقَالَ الراجز:
إِذَا رَمَيْنا جَبْلَةَ الأشَدّ
بمُقْذَفٍ باقٍ على المرَدّ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمَعيّ: الجُبْلُ الناسُ الْكثير، والْعُبْر مثْله.
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) قَالَ أَبُو إِسْحَاق تُقْرَأ. (جُبْلاً) و (جُبُلاٌ) و (جِبِلاً) ، وَيجوز أَيْضا جِبَلاًّ بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْبَاء، جمع جِبْلَة وجِبلَ، وَهُوَ فِي جَميع هَذِه الْأَوْجه خَلْقاً كثيرا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: جُبْلٌ وجُبُلٌ، وجِبْلٌ وجِبِلٌ، وَلم يعرف جُبُلاً بالضمّ وتَشْديد اللاَّم.
قَالَ: وجَبِيلٌ وجَبِلَّةَ لُغَات كلهَا.
وَقَوله جلّ وعزّ {وَالْجِبِلَّةَ الاَْوَّلِينَ} (الشُّعَرَاء: 184) .
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن ابْن جَابر، عَن أبي(11/66)
عمر الدُّوريّ، عَن الكسائيّ، قَالَ: الجِبِلَّةُ والجُبُلَّةُ تكسر وتُرفع مُشَدّدة كُسِرَت أَو رفعت، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ} (يس: 62) كَمثل.
قَالَ: فَإِذا أَردت جِماع الْجَبِيل قلت: جُبُلاً، مثل قَبِيل وقُبُلٍ، كلٌّ قد قُرِيء قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة، وَالْكسَائِيّ، والحَضْرميّ: (جُبُلاً) بِضَمَّتَيْنِ، وَتَخْفِيف اللَّام. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو، وَابْن عَامر: (جُبْلاً) بتسكين الْبَاء. وَقَرَأَ عاصمُ، وَنَافِع، (جِبِلاًّ) بِكَسْر الْجِيم وَالْبَاء وَتَشْديد اللَّام، وَلم يقْرَأ أحدٌ جُبُلاًّ.
قَالَ: وسمِعتُ أَبَا طَالب يَقُول فِي قَوْلهم: (أجَنَّ اللَّهُ جِباله) قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ أَجَنَّ الله جِبْلَتَه، أَي خِلْقَتَه.
وَقَالَ لَهُ غَيره: أجَنَّ اللَّهُ جبالَه، أَي الْجبَال الَّتِي يَسكنُها أَي أكْثَر الله فِيهَا الجِنَّ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
جِهاراً ويَسْتَمْتِعْنَ بالأنَسِ الجَبْلِ
أَي الْكثير.
سَلَمَةُ، عَن الْفراء: الجبَلُ سَيِّدُ الْقَوم وعالِمُهم فَمَعْنَى أَجَنَّ الله جباله، أَي سَادَات قومه، يُقَال: هَؤُلَاءِ جبال بني فلانِ، وَهَؤُلَاء أَنْيَاب بني فلَان أَي سادتهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِبِلُّ: الخلْق، جَبَلَهم الله فهم مَجْبُولون، وَأنْشد:
بحَيْثُ شَدَّ الجابِلُ المجابِلا
أَي حَيْثُ شَدَّ أَسْرَ خَلْقِهم، وكلُّ أمَّة مَضَتَ على حِدَةٍ فَهِيَ جِبِلِّة.
وجُبِلَ الإنسانُ على هَذَا الْأَمر، أَي طُبِعَ عَلَيْهِ، وأجْبلَ القومُ، أَي صَارُوا فِي الْجبَال، وتجبَّلوها، أَي دخلوها.
قَالَ: والجُبْل: الشجرُ الْيَابِس.
ابْن السكّيت: مالٌ جِبْلٌ، أَي كثير، وَأنْشد:
وحاجِبٍ كَرْدَسُه فِي الحَبْلِ
منا غلامٌ كَانَ غير وَغْلِ
حَتَّى اقْتَدَى مِنْهُ بمالٍ جِبْلِ
وَرُوِيَ بَيت أَبُو ذُؤَيْب: الجِبْل.
وَقَالَ: الأَنَسُ والإنْس والجِبْلُ: الْكثير، وَيُقَال: أَنْت جَبْلٌ وجَبِل، أَي قَبيح. والمُجْبَلُ فِي الْمَنْع.
وَفِي (النَّوادر) ، اجْتبلتُ فلَانا على أَمر وجَبَلْتُه، أَي أجبرْتُه.
ابْن بُزُرْج: قَالُوا لَا حَيَّا اللَّهُ جَبْلَته، وجَبْلَتُه غُرُّته.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْبَلَ، إِذا صادَفَ جبلا من الرَّمل، وَهُوَ العريض، الطَّوِيل وأَحبل: إِذا صَادف حبلاً من الرمل، وَهُوَ الدَّقِيق الطَّوِيل.
لجب: قَالَ اللَّيْث: اللَّجَب: صَوت الْعَسْكَر، يُقَال: عسكرٌ لَجِبٌ: ذُو لَجب. وسحابٌ لَجِب بالرَّعْد. ولَجَبُ الأمواج كَذَلِك.(11/67)
أَبُو عُبَيْد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أَتَى على الشاةِ بعد نِتاجِها أَرْبَعَة أشهر، فخفّ لَبنهَا وقلَّ فَهِيَ لِجابٌ، الْوَاحِدَة لَجْبَة.
وَقَالَ أَبُو زيد اللَّجْبَةُ من المِعْزَى خَاصَّة.
رُوي لأبي ذُؤَيْب:
فجاءَ بهَا كالتّين فِي جَوف وَرْبَةٍ
مُلَمْلَمةٍ بيضاءَ فِيهَا لِجَابُها
قَالَ اللِّجابُ: الشمع يكون فِي الشُّهد، والوَرْبةُ مَا يُجعلُ فِيهِ الشُّهْد، والتِّين الزُّبد.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال مِنْهُ لجبتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَجُبتْ لُجوبةٌ. وشياه لَجْباتٌ، وَيجوز لَجَّبتْ.
لبج: أَبُو عُبيد: يُقَال لُبِجَ، بفلان، ولُبطَ بِهِ إِذا صُرعَ يُلْبَجُ لَبْجاً. وَيُقَال: لَبَج بِهِ الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّبَجَةُ: حديدةٌ ذَات شُعَبٍ، كَأَنَّهَا كفٌّ بأَصابعها، تنفرجُ فتوضع فِي وسَطها لحمةٌ، ثمَّ تُشَدُّ إِلَى وَتِدٍ، فَإِذا قبَضَ عَلَيْهَا الذِّئْبُ. الْتَبَجَتْ فِي خَطمِه فقبضت عَلَيْهِ فَصَرعَتْه، والجميع اللَّبَج.
بلج: ابْن شُمَيْل: بَلَجَ الرجلُ يَبْلَجُ بلَجاً، إِذا وضح مَا بَين عَيْنَيْهِ وَلم يكن مقرونَ الحواجب، فَهُوَ أبلَج.
ابْن السّكيت هِيَ البَلْجة والْبُلْجَةُ. قلت يَعْنِي مَا بَين الحاجبين المفروقين.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: هِيَ البُلْجَةُ والبُلْدَة، وَهُوَ الأبلجُ والأبلَد إِذا لم تكن أقْرن.
وَيُقَال هَذَا أمرٌ أَبْلَج، أَي واضحٌ وَقد أبلجه وأوْضحه، وَمِنْه قَوْله:
الحقُّ أبلجُ لَا تَخفَى مَعالمُه
كالشَّمس تظهرُ فِي نُورٍ وإِيلاجِ
قَالَ: والبَلجُ أَيْضا الفرحُ وَالسُّرُور، وَهُوَ بَلِجٌ فَرح، وَقد بَلِجت صدورُنا وفرِحَت.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ: بلِجَ بالشَّيْء، وثَلِجَ بِهِ، بِالْبَاء والثّاء، إِذا فَرح بِهِ، يَبلَجُ بَلَجاً، وَقد أبلجني وأثلجني، أَي سَرَّني.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الطّلْق الْوَجْه: أبلَجٌ وبَلْجٌ، وأبلجت الشمسُ، إِذا أَضَاءَت.
وَيُقَال: انبلج الصُّبحُ، إِذا أضاءَ.
أَبُو عُبيد: بلج الصُّبْح يبلَجُ، وَيُقَال: أَتَيْته ببُلْجَةٍ من اللَّيْل وبَلْجةٍ، وَذَلِكَ حِين ينْبَلِجُ الصُّبْح حَكَاهُ عَن الكسائيّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيُّ، قَالَ: البلْجُ النَّقِيُّو مَوَاضِع القَسماتِ من الشّعْر.
ورجلَ بلْجٌ: كَقَوْلِك طلق، وأَبلَجَ الحقُّ إِذا أَضَاء.
بجل: أَبُو عُبيد: يُقَال: بجلكَ درهمٌ وَقد أبجلني ذَاك، أَي كفاني.
وَقَالَ الْكُمَيْت:(11/68)
ومِنْ عِندِه الصَّدَرُ المُبْجِلُ
وَقَالَ لبيد:
بَجلِي الْآن من العَيش بَجَلْ
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ مجزوم لاعتمادِه على حَرَكَة الْجِيم، وَلِأَنَّهُ لَا يَتمكَّن فِي التَّصريف.
وَفِي حَدِيث لُقمان بن عَاد، وَوَصفه إخْوَته لامرأةٍ كَانُوا خَطبوها فَقَالَ لُقْمَان فِي أحدهم: خُذِي منِّي أخي ذَا البَجَل.
قَالَ أَبُو عبيد: معنى البجَل: الْحسب، قَالَ: وَوَجهه أَنه ذَمَّ أَخَاهُ، وَأخْبر أَنه قصير الهِمَّة، لَا رغبةَ لَهُ فِي معالي الْأُمُور، وَهُوَ راضٍ بأَنْ يُكَفي الْأُمُور وَيكون كَلاًّ على غير، وَيَقُول: حَسْبي مَا أَنا فِيهِ.
قَالَ: وَأما قَوْله فِي أَخ آخر: خُذِي منِّي أخي ذَا الْبَجْلة، يَحْملُ ثِقْلِي وثِقْلَه، فإنَّ هَذَا مَدْحٌ لَيْسَ من الأوَّل.
يُقال: رَجُلٌ ذُو بَجْلَة، وذُو بَجَاله، وَهُوَ الرُّواء والحُسْن والنُّبل، وَبِه سُمِّي الرجل بَجَالة.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: رَجُلٌ بَجَالٌ كبيرٌ عَظِيم.
قَالَ شَمِر: الْبَجَالُ من الرجالِ: الَّذِي يُبَجِّلُه أَصْحَابه ويُسَوِّدونَه، والبَجيلُ: الأمرُ الْعَظِيم، وَإنَّهُ لذُو بَجْلَةٍ، أَي ذُو شارةٍ حسنَةٍ، وَرجل بجال: حسن الْوَجْه. قَالَ والبَجْلَةُ: الشيءُ إِذا فُرحَ بِهِ.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: حدَّثني أَبُو سُفْيَان، أَنه سَأَلَ الْأَصْمَعِي عَن قَوْله: خُذِي مِنّي أَخِي ذَا البَجَل، فَقَالَ: يُقَال: رَجلٌ بَجالٌ وبَجيلٌ، إِذا كَانَ ضَخْماً، وَأنْشد:
شَيْخاً بَجالاً وغُلاماً حَزْوَراً
وبَجَّلْتُ فلَانا: عَظَّمْتُه. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى القُبور، فَقَالَ: (السَّلَام عَلَيْكُم، أَصَبْتُم خَيْراً بجيلاً، وسَبَقْتُم سَبْقاً طَويلا) .
وَلم يُفَسِّر قَوْله: أَخي ذَا البَجْلَة، وكأَنَّه ذَهب إِلَى معنى البَجَل.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل بَجالٌ: ذُو بَجالةٍ وبَجْلة، وَهُوَ الكَهْلُ الَّذِي ترى لَهُ هَيْبَة، وتَبْجيلاً وسِنّاً.
وَأنْشد:
قامَتْ وَلَا تَنْهزُ حَظّاً واشِلاَ
قَيْسٌ تُعدُّ السَّادة البَجابلا
قَالَ: وَلَا يُقَال: امرأةٌ بَجالةَ ورَجل باجِلٌ، وَقد بَجَلَ يَبْجُلُ بُجولاً، وَهُوَ الْحسن الجَسيم، الخَصيبُ فِي جِسْمه.
وَأنْشد:
وَأَنت بِالْبَابِ سَمينٌ باجل
وبَجْلَة: حيٌّ من قيسِ عَيْلان، والنِّسْبة إِلَيْهِم: بَجْلِي.
وَقَالَ غَيره:(11/69)
وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ
وبجيلة: حيُّ من الأزْد وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم: بَجَلِيّ، وإليهم نسب جَريرُ بن عبد الله البَجَليّ.
اللَّيْث: البُجُل البُهتان الْعَظِيم، يُقَال: رَمَيْتَه بِبُجلِ.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ الإياديّ:
امْرُؤُ القَيْسِ بن أَرْوَى مُولياً
إِن رَآني لأَبُوءَنْ بُسْبَدْ
قلتَ: بُجلاً قلتَ قولا كَاذِبًا
إِنما يَمنعني سَيْفي وَيَدْ
قلت: وغيرُ اللَّيْث يَقُول: رْمَيْته بِبُجْر بالراء، وَقد مر فِي بَاب الرَّاء وَالْجِيم من هَذَا الْكتاب، وَلم أسمعهُ بِاللَّامِ لغير اللَّيْث، وَأَرْجُو أَن تكونَ اللَّام لُغة.
فَإِن الرَّاء وَاللَّام متقاربا الْمخْرج، وَقد تعاقبا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأبْجل من الفَرس وَالْبَعِير بمنزل الأكحل من الْإِنْسَان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأبْجل والأكحل والصَّافِنُ عروق، تُفْصَد، وَهِي من الجداول لَا من الأوْردة وَقَالَ اللَّيْث: الأبْجلان العِرقان فِي الْيَدَيْنِ، وهما الأكحلان من لَدُن المنكبِ إِلَى الكفّ، وَأنْشد:
عارِي الأشاجِع لم يُبْجَل
أَي لم يُفْصَدْ أَبْجَلُه.
ج ل م
جلم، جمل، لجم، لمج، مجل، ملج: مستعملات.
جلم: قَالَ اللَّيْث: الجَلَمُ اسْم يَقع على الجَلَميْن. كَمَا يُقَال المِقْراضُ والمِقْراضان، والقلم والقلمان.
قَالَ: وجَلَمْتُ الصُّوفَ والشَّعر بالجَلَم، كَمَا تَقول: قَلَمْتُ الظُّفر بالقلم.
وَأنْشد:
لما أُتيتُم فَلم تنْجُوا بمَظْلمةٍ
قِيسَ القُلامَةِ مِمَّا جَزَّهُ الجَلَمُ
والقَلَم كلُّ يُرْوى.
وأَخبرني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمه، عَن الفرّاء، عَن الكسائيّ قَالَ: يُقَال للمِقراض المِقلام والقَلَمان والجَلَمانُ، هَكَذَا رَوَاهُ بِضَم النُّون، كَأَنَّهُ جعله نَعْتاً على (فَعلان) من القَلْم والجلْم وَجعله اسْما وَاحِدًا.
كَمَا يُقَال: رجلٌ صَحَيَان وأَبَيان. قَالَ: وشَحَذانُ.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرانيّ عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الجَلْمُ مصدر جَلَم الجزُورَ يَجْلِمُها جَلْماً، إِذا أخَذَ مَا على عظامها من اللَّحم.
يُقَال: خُذْ جَلْمَةَ الْجَزُور أَي لَحمهَا أجْمع.(11/70)
وَيُقَال: قد أَخَذَ الشيءَ بِجَلْمَتِه، بِإِسْكَان اللَّام، إِذَا أخَذَه أجمع وَقد جَلَمَ صُوفَ الشَّاة، وَإِذا جَزَّه، والْجَلَمُ: الَّذِي يُجَرُّبه.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَخذ الشّيءَ بجَلْمَتِه، إِذا أخَذَه كُلَّه.
وَقَالَ أَبُو مَالك: جَلْمة مثل حَلْقَه، وَهُوَ أَن يُحْتَلَمَ مَا على الظَّهر من الشَّحم واللَّحم.
أَبُو حَاتِم: يُقال لِلْإِبِلِ الْكَثِيرَة: الجَلَمَة والعكَنَانُ.
وَقَالَ اللَّيْث: جَلْمَة الشَّاة وَالْجَزُور بِمَنْزِلَة المسْلوخة إِذا أُخِذ أكارِعُها وفُضولها.
قلتُ: وَهَذَا غير مَا روينَاهُ عَن الْعلمَاء، وَالصَّحِيح مَا قَالَ أَبُو زيد، وَأَبُو مَالك.
أَبُو عبيد: الجِلامُ الجدَاء.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَوَاهِمُ جُذْعانُها كالجِلا
مِ قد أَقْرَحَ القَوْدُ مِنْهَا النُّسُورا
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الجِلامُ شاءُ أهل مكَّة، وَاحِدهَا جَلمَة، وَأنْشد:
شَواسِفٌ مِثلُ الجِلامِ قُبُّ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الجَلَمُ القَمر، واللُّجْمُ الشُّؤم، والجلاَّم الثُّيوس المَحْلُوقَة.
لجم: قَالَ اللَّيْث: اللِّجام لجامُ الدَّابة، واللِّجام ضربٌ من سِمات الْإِبِل، من الخَدَّيْن إِلَى صَفْقَتي العُنق، والجميعُ مِنْهُمَا اللُّجُم والْعَدَدُ أَلْجِمَة.
وَيُقَال: أَلْجَمْتُ الدّابة، وَالْقِيَاس على الآخر مَلْجُوم، وَلم أسمع بِهِ، وَأحسن مِنْهُ أَن تَقول: بِهِ سِمَةُ لِجامٍ، قَالَ: واللُّجَمُ دابَّةٌ أَصْغَرُ من العَظَايَة، وَأنْشد لِعَدِيّ بن زيد:
لَهُ سَبَّةٌ مِثْلُ جُحْر اللُّجَمْ
يصف فرسا.
وأمّا قَول الأخطل:
ومَرَّتْ عَلَى الأَلْجامِ ألْجامِ حَامِرٍ
يُثِرْنَ قَطاً لَوْلَا سُراهُّنَّ هُجَّدا
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالألجام جمع لُجْمةِ الْوَادي، وَهِي نَاحيَة مِنْهُ. وَقَالَ رؤبة:
إِذا ارْتَمَتْ أَصْحانُه ولُجَمُه
قَالَ ابْن الأعرابيّ: واحدتها لُجْمة؛ وَهِي نواحيه.
قَالَ النَّضر: اللجام سمةٌ تكون من الْجُنُون؛ تكون مُجْتَمع شِدْقيه؛ وتُمَدُّ حَتَّى تبلغ عَجْب الذَّنب من كلا الْجَانِبَيْنِ خَطّاً، وبعير ملجوم ومُلْجَمٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّجَم: الصَّمْد المرْتفع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللُّجْمة: الْجَبَل المسطّح لَيْسَ بالضّخْم. واللّجَم: مَا يُتَطَيّرُ مِنْهُ، واحدته لَجَمَه؛ وَقَالَ رؤبة:(11/71)
وَلَا يخافُ اللُّجمَ العَواطسا
وتلجَّمَتْ المرأَة، إِذا اسْتنفرت لمحيضها.
ولُجْمَة الدَّابَّة: موقع اللِّجام من وَجْهها، وأَلْجَمَتُ الدَّابَّة، فَهِيَ مُلجَمة؛ وَالَّذِي يُلْجِمه مُلجِم.
لمج: أَبُو عبيد: لمجْتُ أَلْمُجُ لَمْجاً، إِذا أَكلت.
قَالَ لبيد يصِف عِيراً:
يَلْمُج البارِضَ لمجاً فِي النّدى
من مَرابيع رياضٍ ورِجَلْ
أول مَا يطلع من النّبات تَلْمَجه لمجاً، أَي تنْتِفه، والشّماج: الَّذِي لَا يُتنوَّقُ فِي مَضغه كَمَا يَشْمَج الْخياط.
وَقَالَ اللَّيْث: اللّمْج تنَاول الْحَشِيش بِأَدْنَى الْفَم.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَا ذُقْت لمَاجاً وَلَا شمَاجاً، قَالَ: وَأَصله الشَّيْء الْقَلِيل.
واللُّمْجَة: مَا يُتعلَّل بِهِ قبل الْغِذَاء، وَقد لَمَّجْتُه ولَهَّنْته بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللّميج الْكثير الْأكل، واللَّميج: الْكثير الجِماع.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: لَمَجَ أُمَّه ومَلَجَها، إِذا رَضَعَها.
وَيُقَال: إِنَّه تسمِيج لَمِيج، وسَمِجٌ لَمِج وسَمْجٌ لَمْجٌ، كل ذَلِك حَكَاهُ اللحيانيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: اللاَّمج: الكثيرُ الجِماع، والمالج: الراضع.
قَالَ: وقَدَّمَ رجلٌ رجُلاً إِلَى السُّلْطَان، وادَّعَى عَلَيْهِ أَنه قَذَفه، وَقَالَ لَهُ: لَمَجْتَ أمَّك، فَقَالَ المدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّمَا قلتُ لَك: مَلَجْتَ أُمَّك، فخلَّى سَبيله.
ملج: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تُحرِّمُ الإملاجةُ، وَلَا الإمْلاجتَان) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ وَأَبُو الجرَّاح: يَعْنِي المرأةَ تُرْضع الصبيَّ مرّة أَو مرَّتَيْنِ، مَصَّة أَو مَصَّتين. والمصُّ: الملْج. يُقَال: ملَجَ الصَّبيُّ أُمه يملُجُها ملْجاً، وملِج يملَجُ، وَمن هَذَا يُقَال: رجل مَصَّان وملْجان ومكَّانٌ، كلُّ هَذَا من الْمَصّ، يعنُونَ أَنه يَرْضَعُ الْغنم من اللُّؤم لَا يحتَلِبها فيُسمَعُ صوتُ الحلْب.
وَيُقَال: قد أملجت المرأةُ صبِيَّها إملاجاً. فَذَلِك قَوْله: الإملاجةُ والإملاجتان، يَعْنِي أَن تُمِصَّهُ هِيَ لبنَها.
الخرَّازُ عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: املاجَّتْ عَيناهُ إِذا رأيتهما كَأَنَّهُمَا شهلاوان من الكبَر، قَالَ: واملاجّ الصبيُّ واشهابّ إِذا طلع، مهموزاً وَغير مَهْمُوز.
قلت: هَكَذَا سَمِعت المنذريّ عَن الطوسيّ عَن الخراز عَنهُ بِالْجِيم وَيحْتَمل: املاحَّت بالحاءُ من الأملح، والأملح بالأشهب أشبه، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْكتب: الأملجُ من الألوان(11/72)
بَين الْأسود والأبيض، وَمن النَّبَات بَين الْأَخْضَر والأبيض. قَالَ مُليج:
هملن بِهِ حَتَّى دنا الصَّيف وانقضى
ربيع وَحَتَّى صارعُ الْقلب أملَجُ
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلْج نَوَى المُقْل، وَجمعه أملاج.
وَفِي الحَدِيث: أَن قوما من أهل الْيمن وفدوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَشكونَ الْقَحْط، فَقَالَ قَائِلهمْ: سقط الأُملوج، وَمَات العُسلوج، قلت: الأملوج عِنْدِي نَوَى المُقْل مثل المُلْج سَوَاء.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: الأمْلوجُ ورق كالعِيدان لَيْسَ بعرِيضٍ مثل وَرَق الطّرْفاء والسَّرْو، وَيكون لبَعض الشّجر، والجميع الأماليج. قلت: وَلَا أحفظ مَا قَالَ لغيره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: المُلْج نَواةُ المُقْلَة، قَالَ ومَلَجَ الرّجل: إِذا لاك الملْج.
قَالَ: والمُلْجُ: الجِدَاءُ الرُّضَّع.
والملْجُ السُّمْر من النَّاس، وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أَسْوَدُ أَمْلَج، وَهُوَ اللَّعِس.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَليجُ الرَّضيع، والمَلِيجُ الْجَلِيل من النَّاس أَيْضا.
مجل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَجِلت يَده تَمَجَلُ، ومَجَلَتْ تَمْجُلُ، لُغَتَانِ، إِذا كَانَ بَين الْجلد واللّحْم مَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: مَجِلتْ يَده، إِذا مَرَنَتْ وصَلُبَتْ، وَكَذَلِكَ الرَّهْصَةُ تُصيبُ الدَّابَّة فِي حافرها، فيشتَدّ ويَصْلُب.
قَالَ رؤبة:
رَهْصاً ماجِلاً
قلت: وَالْقَوْل فِي مَجِلتْ يَده مَا قَالَ أَبُو زيد، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَيُقَال: جَاءَت إبلُ فلانٍ كَأَنَّهَا المَجلُ من الرِّيّ.
قَالَ: والمجْلُ أَن يُصيب الجِلدَ نارٌ أَو مشَقّة، فيَتَنَفَّطُ ويمتَلِىءُ مَاء، والرَّهْص الماجل الَّذِي فِيهِ مَاء فإِذَا بُزِغَ خرج مِنْهُ المَاء وَمن هَذَا قيل لمستنقع المَاء ماجِل. هَكَذَا رَوَاهُ بِكَسْر الْجِيم ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ غير مَهْموز.
وَأما أَبُو عبيد فَإِنَّهُ رَوَى عَن أبي عَمْرو: المأْجَلُ، بِفَتْح الْجِيم وهمزة قبلهَا، وَقَالَ: هُوَ مثل الْجَيْئَة، وَجمعه مآجِل.
وَقَالَ رؤبة:
وأَخْلَفَ الوِقْطانَ والمآجِلا
وَقد قَالَ أَبُو عُبيد: المَجْلُ أثرُ الْعَمَل فِي الكَفّ يُعالجُ بهَا الإنسانُ الشيءَ حَتَّى يَغلظَ جِلدُها، وَأنْشد غَيره:
قد مَجَلَتْ كفَّاه بَعْدَ لِينِ
وهَمَّتا بالصَّبْرِ والمُرونِ(11/73)
جمل: قَالَ اللَّيْث: الْجمل يستحِقُّ هَذَا الِاسْم إِذا بزَل.
وَقَالَ شمر: البَكْرُ والبَكْرَةُ بِمَنْزِلَة الْغُلَام وَالْجَارِيَة، والجملُ والنَّاقة بِمَنْزِلَة الرجل وَالْمَرْأَة. وَقَالَ الله: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ} (الْأَعْرَاف: 40) .
قَالَ الْفراء: الْجمل هُوَ زَوْجُ النَّاقة. وَقد ذكِرَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (الجُمَّل) ، يَعْنِي الجِمال الْمَجْمُوعَة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن أبي طَالب أَنه قَالَ: رَوَاهُ الْفراء الجُمَّل بتَشْديد الْمِيم، وَنحن نظن أَنه أَرَادَ التَّخْفِيف.
قَالَ أَبُو طَالب: وَهَذَا لِأَن الْأَسْمَاء إِنَّمَا تَأتي على (فُعَل) مُخفّف، وَالْجَمَاعَة تَجِيء على فُعَّل، مثل صُوَّم ونُوَّم.
وَقَالَ فِيمَا وجدتُ بخطِّ أبي الْهَيْثَم، قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَالْحسن وَهِي قراءةُ ابْن مَسْعُود: (حتَّى يَلجَ الجُمَل) ، مثل النُّغَر فِي التَّقْدِير.
قلت: الصَّحِيح لأبي عَمْرو (الْجَمَلُ) ، وَعَلِيهِ الْقُرَّاء، وَأَبُو الْهَيْثَم مَا أرَاهُ حفظ لأبي عَمْرو: (الجُمَل) . اتّفق قراء الأمْصارِ على الجَمَل وَهُوَ زوج النَّاقة.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: (الجُمَّلُ) ، بالتَّثْقيل وَالتَّخْفِيف أَيْضا، فَأَما الجُمَلُ بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الحبْلُ الغليظ، وَكَذَلِكَ الجُمَّلُ مشدَّد.
وَحكى عَن عبد الله وأُبَيّ: (حَتَّى يَلجَ الجُمَلُ) .
وَأما قَول الله جلَّ وعزَّ: {كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (المرسلات: 33) فَإِن سَلَمة رَوى عَن الْفراء أَنه قَالَ: قَرَأَ عبدُ الله وأَصحابه: (جِمَالةٌ) .
وروى عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ: (جِمالات) . قَالَ وَهُوَ أَحَبُّ إليَّ، لِأَن الجِمَال أكثرُ من الجِمالة فِي كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ يجوز، كَمَا يُقَال: حَجَرٌ وحِجارة، وذَكَرٌ وذِكارة، إلاَّ أَن الأول أَكثر، فَإِذا قلت: (جِمالات) : فواحدها جِمال، مثل مَا قَالُوا: رِجالٌ ورِجالات، وبيُوت وبيُوتات، وَقد يجوز أَن تجْعَل واحدَ الجِمالات جِمالة.
وَقد حكى عَن بعض القُراء: (جُمالات) بِرَفْع الْجِيم، فقد يكون من الشَّيْء. المُجْمَل، وَيكون الجُمالات جمعا من جمع الجِمال كَمَا قَالُوا: الرَّخِل والرُّخال، والرِّخال.
قلت: ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الجِمالات: حِبالُ السفن يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى تكون كأَوساط الرِّجَال، وَقَالَ مُجَاهِد: جِمالات حِبال الجُسور.
وَقَالَ الزجّاج: من قَرَأَ جُمالات فَهِيَ جمع جُمالة، وَهُوَ القَلس من قلوس سُفُن الْبَحْر أَو كالقَلْس من قلوس الجِسر،(11/74)
وقرئت: (جُمالة صُفر) على هَذَا الْمَعْنى.
قلت: كَأَن الحبلَ الغليظ سُمِّي جُمالة، لِأَنَّهَا قُوى كَثِيرَة جُمِعت فأُجْمِلت جُمْلة، وَلَعَلَّ الجُملة أُخِذَت من جملَة الحبال.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمْلة جمَاعَة كُلِّ شَيْء بكمالة من الْحساب وَغَيره، يُقَال: أجملت لَهُ الحسابَ وَالْكَلَام.
وَقَالَ الله: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الْفرْقَان: 32) .
وَقَالَ اللَّيْث: حسابُ الجُمَّلُ: مَا قُطِعَ على حُرُوف أبي جاد.
وَفِي (نَوَادِر أبي عَمْرو) : الجميلةُ جميلَة الظِّباء والحمامِ وَهِي جماعتها. قلت: وَكَأن الجُملَةَ مأخوذةٌ من الجميلة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه قَالَ: الجامِلُ الجِمال.
وَقَالَ غَيره: الجامل قطيع من الْإِبِل، مَعهَا رُعْيانُها وأَرْبابها كالبَقَر والباقِر.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَعْرَابِي: الجامِلُ الحَيُّ الْعَظِيم، وأَنكَرَ أَن يكون الجامِلُ الجِمال، وَأنْشد:
وَجَامِلٍ حَوْمٍ يَروحُ عَكَرُه
إِذا دنا من جُنْح ليل مَقِصْرُه
يُقَرْقِرُ الْهَدْرَ وَلَا يُجرْجِرُه
قَالَ: وَلم يَضْع الأعرابيّ شَيْئا فِي إِنكاره أَن الجامِلَ الجِمال.
أَبُو زيد: جَمَّل الله عَلَيْك تجميلاً، إِذا دَعوْتَ لَهُ أَن يَجْعَلَه الله جميلاً حسنا.
وَأما قَول طرفَة:
وجَامِلٍ خَوَّعَ من نِيبه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيحْ
فَإِنَّهُ دلّ على أَن الجامِل يجمع الجِمال والنوّق، لِأَن النِّيب إناث وَاحِدهَا نَاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الجَمَلُ الكُبَعُ. قلت: أرادَ بالجَمْل والكُبَع، سمكةٌ بَحْرية تُدْعى الْجَمَل.
قَالَ رؤبة:
واعْتَلَجَتْ جِمالُه ولُخمُه
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجَمَلُ سَمَكَة تكون فِي الْبَحْر، وَلَا تكون فِي العَذْب.
قَالَ: واللُّخْمُ الكَوْسَج، يُقَال: إِنَّه يَأْكُل النَّاس.
وروى سَلمَة، عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الجَملُ الكُبَع.
وَفِي حَدِيث المُلاعَنةِ أَنه قَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن جاءَت بِه أُمُّه أَوْرَقَ جَعْداً جُماليّاً فَهُوَ لِفلان) . والجمالَيّ: الضَّخْم الأعْضاء التّامّ الأوْصال، ونَاقَةٌ جُمالية كَأَنَّهَا جَمَلٌ عِظَماً.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
جُمَالِيَّةٌ تَغْتَلِي بالرِّدَافِ
إِذا كَذَّبَ الآثماتُ الْهَجِيرا(11/75)
وَقَالَ اللَّيْث: طَائِر من الدَّخاخيل، يُقَال لَهُ: جُمَيلٌ وجُمْلانة. قلت: يُجمَعُ جُمَيْلُ جُملاناً.
وَمن أَمْثال الْعَرَب: اتَّخذ فلانُ اللَّيل جَملاً إِذا سرى اللَّيلَ كُلَّه.
والْجُميلُ: طَائِر شَبيه بالعصفور والقُنبر والغُرّ، وَقَالَ:
وصِدْتُ غُرَّا أَو جُمَيلاً آلِفَا
وبرْقشاً يَعْلُو على مَعالِفَا
والجَمِيلُ: الإهالةُ المُذَابة، وَاسم ذَلِك الذّائب: الجُمالة، والاجْتِمال: الادِّهانُ بِهِ، والاجْتِمالُ أَيْضا: أَنْ تَشْوِيَ لَحْماً، فكُلما وَكَفَتْ إِهالَته اسْتَودَقْتَه على خُبْز، ثمَّ أَعَدْتَهُ. والجمَال: مصدر الْجَمِيل، والفِعل مِنْهُ: جَمُلَ يَجْمُلُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النَّحْل: 6) . أَي بَهاءٌ وحُسْن.
وَيُقَال: جامَلْتُ فلَانا مُجاملةً، إِذا لم تُصْف لَهُ الموَدَّة وماسَحْتَه بالْجَميل، وَيُقَال: أَجْمَلْتُ فِي الطَّلب.
وَقَالَ غَيره: جَمَّلْتُ الْجَيْش تَجْميلاً، وجَمَّرته تَجْميراً، إِذا أَطَلْتَ حَبْسه.
وَقَالَ شَمِر، أَقْرَأَنِي ابْن الأعرابيّ:
فَأَنا وَجَدْنا النِّيبَ إذْ يَفْصدونها
يُعيشُ بَنِينَا وجَمُّها وجَميلُها
قَالَ: الْجَمِيلُ المرَقُ، وَمَا أُذيب من شَحْم أَو إهَالةٍ فَهُوَ جَميل. وَأنْشد:
ومَكنونةٍ عِنْد الْأَمِير عظيمةٍ
إِذا قَحطَ السُّيَّامُ فار جَميلُها
قَالَ: المكنونة الْقِدْرُ، والسُّيَّام الرُّعاه، والجمالةُ: الصُّهارة.
أَبُو عبيد، عَن الفرّاء: جَمَلْتُ الشّحم أَجْمُلُه جَمْلاً، وَيُقَال: أَجْمَلْتُه، وجَمَلْت أَجْوَد، واجْتَمَلَ الرجل.
وَقَالَ لبيد:
فاشْتوى لَيْلَة رِيحٍ واجْتَمَلْ
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: المُجامِل الَّذِي يَقْدر على جوابك فيتركه إبْقَاء على مَوَدَّتك. والمُجامل: الَّذي لَا يَقْدر على جوابك فيتركه ويَحقد عَلَيْك إِلَى وَقْتٍ مَا.
ابْن السِّكِّيت: استجمل البعيرُ إِذا صَار جَمَلاً، قَالَ: وَيُسمى جَمَلا إِذا أَرْبع، واسْتَقْرَم بكْرُ فلَان إِذا صَار قَرْماً.
(أَبْوَاب) الْجِيم وَالنُّون)
ج ن ف
جنف، جفن، نجف، نفج، فجن، فنج: مستعملة.
جنف: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) .
قَالَ اللَّيْث: الجَنَفُ الْميل فِي الْكَلَام، وَفِي الأُمور كلِّها، تَقول: جَنَفَ فلَان(11/76)
ٌ علينا، وأَجْنَفَ فِي حُكمه، وَهُوَ شَبيهٌ بالْحَيْف، إلاَّ أنَّ الحَيف من الْحَاكِم خاصّة، والجَنَفُ عَام.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} (الْمَائِدَة: 3) أَي مُتَمَايل مُتَعَمِّد.
ورجلٌ أَجْنَف: فِي أَحَدِ شَقَّيْه مَيَلٌ على الآخر.
قلت: أمَّا قَوْله الحَيْفُ من الْحَاكِم خاصَّة، فَهُوَ خطأ، والحَيْفُ يكون مِن كل مَنْ حاف، أَي جارَ. وَمِنْه قَول بعض الْفُقَهَاء:
يُرَدَّ مِنْ حَيْف النَّاحِلِ مَا يُرَدُّ من جَنَفِ المُوصِي، والنّاحِل إِذا فَضَّل بعض أَوْلَاده على بعض بنُجْل فقد حافَ وَلَيْسَ بحاكم.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الحِنَفُ: الميْلُ والجَوْر، جَنِف جَنَفاً.
قَالَ الْأَغْلَب:
غِرٌّ جُنَافِيُّ جَميلُ الزِّيِّ
والجُنافِيُّ: الَّذِي يَتَجانَف فِي مَشْيه اختِيالاً.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال: رَجُلٌ جُنافِيُّ بِضَم الْجِيم مُخْتال فِيهِ مَيَل، قَالَ: وَلم أسْمع جُنَافِيّ إِلا فِي بَيْت الْأَغْلَب وقَيَّده شَمِر بخَطِّه بِضَم الْجِيم.
وَقَالَ الْفراء: الجَنَفُ الجَوْر.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا} (الْبَقَرَة: 182) أَي مَيْلاً، أَو إِثْمًا، أَي قَصْدَ الْإِثْم.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: لَجَّ فِي جِنافِ قَبيج، وجِنابٍ قَبِيح، إِذا لَجَّ فِي مجانَبَة أَهلِه.
جفن: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الجَفْنَةُ الأصْل من أُصولِ الكَرْم، وجمعهما الجَفْن، وَهِي الحبَلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجفْنُ ضَرْبٌ من العِنب، ويُقال: بل الجَفْنُ الكَرْمُ نفسُه، بلغَة أهل الْيمن، قَالَ: وَيُقَال: الجفْنُ والجفْنَةُ: قَضِيبٌ من الكَرْم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجَفْنُ الكَرْمُ، والْجَفْنُ جَفْنُ الْعَين، والجَفْنُ جَفْنُ السَّيف الَّذِي يُغْمَدُ فِيهِ، والْجَفْنَةُ مَعْرُوفَة، وَتجمع جفاناً، وَالْعدَد: الْجَفَنات.
وآلُ جَفْنَةَ ملوكٌ من أهل الْيمن كَانُوا استوطنوا الشَّام، وَقَالَ حسان يذكرهم:
أولادُ جَفْنَةَ عِنْد قَبْرِ أَبيهمُ
قَبرِ ابنِ مارِيَةَ الكَرِيم المُفْضِلِ
وَأَرَادَ بقوله: عِنْد قَبْرِ أَبيهم أَنهم فِي مسَاكِن آبَائِهِم ورِباعهم الَّتِي ورثوها عَنْهُم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَفْنُ ظَلْفُ النَّفْس عَن الشَّيْء الدّنيّ، يُقَال: جَفَنها جَفْنا، وَأنْشد:(11/77)
وَفَّرَ مالَ الله عَمْداً وجَفَنْ
نَفْساً عَن الدُّنيا إِذْ الدُّنيازِيَنْ
وَقَالَ أَبُو سعيد: لَا أَعْرِفُ الجَفْنَ بِمَعْنى ظَلْفِ النَّفْس.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّجفِين كثرةُ الجِماع.
قَالَ: وَقَالَ أَعْرَابِي: أَضْوَانِي دَوَامُ التَّجَفِين.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَنه انْكَسَرت قَلوصٌ من نَعَمِ الصَّدقة فَجَفَّنَها) معنى جَفَّنها، أَي نَحرَها وطَبَخَها، وأطعَم لَحمَها فِي الْجِفان، ودَعَا عَلَيْهَا النَّاس حَتَّى أكلوها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنُ قِشْرُ الْعِنَب الَّذِي فِيهِ المَاء، ويُسَمَّى الْخَمْر ماءَ الْجَفْنِ، والسَّحابُ جَفْن المَاء.
وَقَالَ الشَّاعِر يصفُ امْرَأَة شَبَّه طعْمَ رِيقهَا بِالْخمرِ:
تُحسِي الضَّجِيعَ مَاءَ جَفْنٍ شابَه
صَبِيحةَ الْبَارِقِ مَثْلوجٌ ثَلِجْ
قلت: أَرَادَ بِمَاء الْجَفْنِ الْخمر، والجَفْنُ: أَصل العِنَب، شيب أَي مُزِجَ بماءٍ بَارِد.
قَالَ الدينوَرى: وَمن الشّجر الطّيب الرّيح الجَفْنُ والغَارُ. وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:
آلَتْ إِلَى النِّصْف من كَلْفَاءَ أنْزَعَها
عِلْجٌ ولَثَّمها بالْجَفْنِ والغارِ
لَثَّمَها: عَصَبَ فمها بالجَفْن، قَالَ: والجفن أَيْضا جَفْنُ الكَرْمَ.
وَقَالَ اللحياني: لُبُّ الخُبْز مَا بَين جَفْنَيْه، وجَفْنَا الرَّغيف وَجْهاه من فوقٍ وَمن تَحت.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَفْنَةُ الكَرْمَة، والْجَفْنَة الْخمر، والْجَفْنَةُ الرَّجُل الْكَرِيم، قَالَ: وأَجّفَن إِذا أَكثر الجِماعَ.
وَمن أمثالهم: وَعند جُفَيْنَةَ الْخَبَرُ اليَقِين.
قَالَ ابْن السّكيت: وَلَا تَقُل (جُهَيْنَة) وجُفَيْنَةُ: اسمُ رَجُلٍ فِي الْمثل.
فجن: قَالَ اللَّيْث: الفِجَّانة إناءٌ من صُفْر، وَجَمعهَا فجاجين. قَالَ: والفِجَّانُ مقدارٌ لأهل الشَّام فِي أَرَضِيهم.
قلتُ: هُوَ مِقدارٌ للْمَاء إِذا قُسمَ بالفِجَّانِ، وَهُوَ معرّب، وَمِنْهُم يَقُول فِنجان، وَالْأول أفصحَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَيْجنُ والفَيْجَلُ: السَّذَاب، وَقد أَفْجَن الرَّجلُ، إِذا أدام على أكْلِ السَّذاب.
نجف: قَالَ اللَّيْث: النَّجَفةُ تكون فِي بَطْنِ الْوَادي، شِبه جِدارٍ لَيْسَ بعريض، لَهُ طولٌ مُنْقادٌ من بَين مُعْوَجَ ومستقيم لَا يعلوها الماءُ، وَقد تكون فِي بطن الأَرْض.
وَقد يُقَال لإبِطِ الكثِيب نَجفَةٌ، وَهُوَ(11/78)
الموضِعُ الَّذِي تُصَفِّقُه الرِّياحُ فَتَنْجُفُه، فيصيرُ كأَنه جُرُفٌ مَنْجُوف.
وقَبْرٌ مَنْجُوف وَهُوَ الَّذِي يُحْفَرُ فِي عُرْضَةٍ، وهوغير مَضْروح.
وغارٌ منجوف: مُوَسَّع، وَأنْشد:
يَفْضِي إِلَى جَدَثٍ كالغارِ مَنْجوفِ
وإناءٌ مَنْجُوف: واسِعُ الأسْفَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّجَفَةُ المُسَنَّاة والنَّجَفُ التَّلّ.
قلت: والنَّجفَةُ هِيَ الَّتِي بِظَاهِر الكُوفَة، وَهِي كالمُسَنَّاةِ تمنعُ ماءَ السَّيل أَن يَعْلُوَ منَازِل الكُوفة ومقابِرَها.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النِّجَافُ هُوَ الدَّرَوَنْد والنَّجْران.
وَقَالَ ابنُ شُميل: النِّجاف الَّذِي يُقال لَهُ الدَّوَّارة، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقبِلُ البابَ من أَعْلَى الأُسْكُفَّة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النِّجافُ أَيْضا شِمال الشَّاة الَّذِي يُعَلِّقُ على ضَرْعِها، وَقد أَنْجَفَ الرجل إِذا علق على شَاته النِّجاف، والمِنْجَفُ الزَّبيل، والنَّجَفُ قُشور الصِّلِّيان، والنّجْفُ: الحَلَبُ الجَيِّد حَتَّى يُنْفِضَ الضَّرْعَ.
وَقَالَ الراجز يصف نَاقَة غَزِيرَة:
تَصُفُّ أَو تُرْمِي على الصِّفوفْ
إِذا أَتاها الحالِبُ النَّجوفْ
والنَّجيفُ: النَّصْل الْعريض، وَجمعه نُجُفٌ، وَقَالَ أَبُو كَبِير:
نُجُفٌ بَذَلْتُ لَهَا خَوَافِيَ طائرٍ
حَشْرِ القوادم كاللِّفاعِ الأَطْحَلِ
أَبُو عبيد، عَن الأمويّ: انتَجَفْتُ الشيءَ انتجافاً، وانتجثتُه انتجاثاً، إِذا استخرجته.
وَقَالَ الْفراء: نِجافُ الْإِنْسَان مَدْرَعَتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: نِجَافُ التَّيْس جِلْدٌ يُشَدُّ بَطنِه والقضِيب، فَلَا يقدر على السِّفاد، وَيُقَال تَيْس مَنْجُوف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الْمِنْجَفُ الزَّبِيل، وهوالمِجْفَنُ والمِسْمَدُ، والخِرْص والمِنْثَلة.
نفج: قَالَ اللَّيْث: نَفَجَت الأَرْنَبُ تَنْفُجُ، وتَنفِجُ نُفُوجاً وانْتَفَجَت انْتِفاجاً، وَهُوَ أَوحَى عَدْوِها، وَقد أَنْفَجَها الصَّائِد إِذا أثارها من مَجْثَمِها.
وَرجل مُنْتَفِجُ الجَنْبين، وبَعيرٌ مُنْتَفِجُ، إِذا خرجت خَواصِرُه. وَرجل نَفَّاج ذُو نَفْج، يَقُول مَا لَا يَفعل، ويَفْتَخِرَ بِمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: النّافِجَةُ أوّلُ كُلَّ ريحٍ تَبْدأُ بِشدَّة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
حَفِيفُ نافِحَةٍ عُثْنُونُها حَصِبُ
ويروى: (نافِجةٍ) .(11/79)
قَالَ الأصمعيّ: وَأرى فِيهَا بَرْداً.
وَقَالَ شَمَر: النّافِجَة من الرِّيَاح الَّتِي لَا تَشْعُر حَتَّى تَنْتَفِجُ عَلَيْك، وانتِفاجُها: خُروجُها عاصِفاً عَلَيْك وَأَنت غافل.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو، قَالَ: النَّوافج بِالْجِيم مُؤخَّرات الضلوع، وَاحِدهَا نافِجٌ ونافِجَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّفاجَةُ رُقْعَة للقميص تَحت الكُمّ، وَهِي تِلْكَ المربّعة.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: تُسَمى الدَّخاريص التّنافيج، لِأَنَّهَا تَنفُجُ الثَّوْب فتوَسِّعه، وَيُقَال: مَا الَّذِي استَنْفَجَ غضبك؟ أَي أَظهره وأَخرجه. وامرأةٌ نُفُجُ الحقيبة، إِذا كَانَت ضخمةَ الأرداف والمآكم، وَأنْشد:
نُفُجُ الحقِيبَةِ بضَّةُ المَتَجرَّدِ
وَقَالَ الراجز:
تسمعُ للأعْبُد زَجراً نافجاً
من قِيلهِم أَيا هجَا أَيا هَجا
قَالَ بَعضهم: صوتٌ نافجٌ جَاف غليظ، وَقيل أَرَادَ بالزّجْر النافج: الَّذِي يَنْفُج الإبِلَ حَتَّى تتوسَّع فِي مَراعيها وَلَا تَجْتَمع.
وَكَانَت الْعَرَب تَقول للرّجل إِذا وُلدت لَهُ بنت: هَنِيئًا لَك النّافجة، يَعنُون أَنه يزَوِّجها بإِبل تُمْهَرها، فَينفجُ بهَا إبِلَهُ أَي يُكثِّرها.
وَيُقَال لِلْإِبِلِ الَّتِي يَرِثُها الدَّجل فيكثر بهَا إبِله: نافِجَةٌ أَيْضا.
وَفِي الحَدِيث: ذِكر فتْنَتَيْن فَقَالَ: (مَا الأولى عِنْد الْآخِرَة، إلاَّ كَنَفْجَةِ أَرْنَب) يَعْنِي فِي تقليل المُدَّة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَفْجَةُ الأَرْنَب وثْبته من مَجْثمِه.
ورُوي عَن أبي بكر، أَنه كَانَ يَجْلُبُ بَعِيرًا، فَقَالَ: (أأُنفِجَ أم أُلْبِد) ؟ وَمعنى الإنْفاج، إبَانَةُ الإناءِ من الضَّرْع عِنْد الحَلب، والإلباد، إِلْصَاقُ الإِناء بالضِّرع، ونَفَجت الفَرُّوجة من بَيْضَتها إِذا خَرجت.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّفيج، بِالْجِيم، الَّذِي يَجِيء أَجْنَبِيّا فيدخُل بَين الْقَوْم، ويسْمُل بَينهم، ويُصْلح أمرَهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: النَّفيجُ: الَّذِي يَعْترض بَين الْقَوْم لَا يُصْلِحُ وَلَا يُفْسد.
فنج: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُنُجُ: الثُّقلاءَ من النَّاس.
ج ن ب
جنب، جبن، نجب، نبج، بنج: مستعملات.
جنب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
سَلمة، عَن الفرّاء: الجَنْبُ: القُرْب، وَقَوله: {ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} . أَي(11/80)
فِي قُرْبِ الله وجواره، قَالَ والجَنْبُ: معظمُ الشَّيْء وأكثرُه، وَمِنْه قَوْلهم: هَذَا قَلِيل فِي جَنْبِ مودَّتك.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} : فِي قُرْب الله، من الْجَنَبَةِ.
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ عَلَى مَا فَرَّطَتْ فِي الطَّرِيق الَّذِي هُوَ طريقُ الله الَّذِي دَعاني إِلَيْهِ، وَهُوَ توحيدُ الله، وَالْإِقْرَار بنبوَّةِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} هُوَ الرَّفيق فِي السَّفر، {وَابْنِ السَّبِيلِ} (النِّسَاء: 36) : الضَّيْف، وَهُوَ قولُ عِكْرِمة ومُجاهد وَقَتَادَة.
وَيُقَال: اتَّقِ الله فِي جَنْب أَخيكَ، وَلَا تَقْدَح فِي شَأْنه، وَأنْشد اللَّيْث:
خلِيلَيَّ كُفَّا واذكرا الله فِي جنْبِيْ
أَي فِي الوَقِيعَةِ فيَّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} (الْمَائِدَة: 6) .
يُقَال للْوَاحِد: رجُلٌ جُنُبٌ، وامرأةٌ جُنُب، ورجلان جُنُبٌ، وقَوْمٌ جُنُبٌ، كَمَا يُقَال: رجلٌ رِضاً، وقومٌ رِضاً، وَإِنَّمَا هُوَ على تَأْوِيل ذوِي جُنب، فالمصْدَرُ يقومُ مقَام مَا أُضيف إِلَيْهِ. وَمن الْعَرَب من يُثَنِّي وَيجمع وَيجْعَل الْمصدر بمنزله اسمِ الْفَاعِل، وَإِذا جُمعَ جُنُب قيل فِي الرّجال: جُنُبُون، وَفِي النِّسَاء: جُنُبَات، وللاثنين: جُنُبَان.
سَلمَة عَن الفرّاء: يُقَال من الجنَابة أَجْنَبَ الرجل وجنِب، وجنَّب، وتَجَنَّب.
شمر: قَالَ الْفراء: أجنبت المرأةُ الرّجلَ إِذا ألْزَمهَا الْجَنَابَة، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء يُجْنِب شَيْئا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَجْنَبَ: تَبَاعَدَ.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: الْإِنْسَان لَا يُجْنب، والثَّوْبُ لَا يُجنب، وَالْمَاء لَا يُجنب، وَالْأَرْض لَا تُجنب، وَتَفْسِيره: أَنَّ الجُنُب إِذا مَسَّ رَجُلاً لَا يُجْنِب، أَي لم يَنجُسَ بمُماسة الجُنب إِيَّاه، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ إِذا لَبِسَه الْجُنب لم يَنجس، وَالْأَرْض إِذا أَفضى إِلَيْهَا الجُنُب لم تَنجس، وَالْمَاء إِذا غَمَس الجُنُب فِيهِ يَده لم يَنجس.
وَقيل للجُنُب: جُنُب، لِأَنَّهُ نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصَّلَاة مَا لم يتطَهَّر فتجنَّبها وَأَجنب عَنْهَا، أَي بَعُدَ.
وَفِي الحَدِيث: (لَا جَنَبَ، وَلَا جلب) .
وَهَذَا فِي سِباق الْخَيل والجَنبُ: أَن يَجْنبُ فَرساً عُرْياً إِلَى فَرسه الَّذِي يُسابق عَلَيْهِ؛ فَإِذا فَتَرَ المركوبُ تَحوَّل على المجْنوبُ.
وَقد مرَّ تَفْسِير قَوْله: (لَا جَلَب) فِي الْبَاب قبله.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الشّيخيّ عَن الرياشيّ فِي تَفْسِير قَوْله (لَا جَنب) . قَالَ: الجَنبُ أَن يكون الفرسُ قد أعْيا فَيُؤتى(11/81)
بفرسٍ مُرَيَّح فَيجْرِي إِلَى جنبه ليجري الآخر بجريه كَأَنَّهُ يُنشِّطه.
وَيُقَال: جَنَبتُ الْفَرس أَجْنُبُه جَنباً إِذا قُدْتَه.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث خالدَ بن الْوَلِيد يَوْم الفَتح على المُجنِّبة الْيُمْنَى؛ والزُّبير على المُجَنِّبة الْيُسْرَى، وجعَلَ أَبَا عُبيدة الحُسَّر وهم البياذقة.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابنُ الأعرابيّ، يُقَال: أَرْسَلوها مُجَنَّبين، أَي كتيبتين أَخذتا ناحِيَتي الطَّريق.
وَقَالَ غَيره: المُجَنِّبة الْيُمْنَى هِيَ: مَيْمَنَة العَسْكَر؛ والمُجنِّبة الْيُسْرَى. هِيَ الميْسرة، والحسَّرُ: الرَّجَّالة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: نَزَل فلانٌ جَنْبةً يَا هَذَا، أَي نَاحيَة.
وَقَالَ عمر فِي أَمْر النِّسَاء: (عَلَيْكُم بالجَنْبة، فَإِنَّهَا عفاف) .
وَقَالَ الرَّاعِي:
هَمّان باتا جَنْبةً ودَخِيلاً
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ ذُو جَنْبَة أَي ذُو عُزْلَة من النّاس.
وَقَالَ شَمِر: جَنَبَتَا الوادِي ناحِيتاه، وَكَذَلِكَ جِنَاباه وَضِيفاه. وَيُقَال: أَصابنا مَطرٌ نَبَتت عَنهُ الجَبَبَة.
قلت: والجَنْبَةُ اسمٌ وَاحِد لنُبُوتٍ كَثِيرَة، هِيَ كلُّها عُرْوَة، سُمِّيت جَنْبة لأنّها صَغُرت عَن الشّجر الْكِبَار، وَارْتَفَعت عَن الَّتِي لَا أَرومه لَهَا فِي الأَرْض، فَمن الجَنْبة: النَّصِيّ، والصِّلِّيان، والعَرْفج، والشّيح والمَكْر والجدَر وَمَا أشبههَا مِمَّا لَهُ أَرُومة تبقى فِي الْمحل، وتَعْصِمُ المَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَعْطني جَنْبة، فيعطيه جِلْداً فيتّخِذُه عُلْبَه.
والجَنْوب من الرِّياح: حارَّة، وَهِي تَهْبّ فِي كلِّ وَقت، ومَهَبُّها مَا بَين مَهَبّي الصَّبا والدَّبُّور، على صوب مَطْلعَ سُهَيل، وَجمع الجَنُوب: أَجْنُب، وَقد جَنَبَت الريحُ تَجْنُبُ جُنُوباً.
قَالَ ابْن بُزرْج: وَيُقَال: أَجْنبْت أَيْضا.
وَقَالَ الأصمعيّ: سَحابةٌ مَجْنوبَةُ: هبتَّ بهَا الجَنوب؛ وأَجْنَبْنَا منذُ أَيام، أَي دَخَلنا فِي الْجنُوب، وجُنِبْنا، أَي أَصابَتنا الجَنوب.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: قَالَ الأصمعيّ مَجيءُ الجَنوبُ مَا بَين مَطلَعَ سُهَيلٍ إِلَى مطلع الشَّمْس فِي الشّتاء.
قَالَ وَقَالَ عُمارة: مَهَبّ الْجنُوب مَا بَين مَطْلَع سُهَيل إِلَى مَغْرِبِه.
وَيُقَال: جُنِبَ فلَان؛ وَذَلِكَ إِذا مَا جُنبَ إِلَى دَابَّة والجَنببةُ: الدَّابةُ تُقاد، وَقد جَنِبَت الدابةُ جَنَباً، وفَرَسٌ طَوْعُ الجَنب والجِناب، وَهُوَ الَّذِي إِذا جُنب كَانَ سَهْلاً مُنقاداً وجَنب فلَان فِي بني فلَان، إِذا نَزل(11/82)
فيهم غَرِيباً يَجنِب ويَجنُب.
وَمن ثَمَّ قيل: رجل جانِبٌ؛ أَي غَرِيب، والجميع جُنّابٌ، وَرجل جُنُب غَرِيب، والجميع أَجْناب.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْمُ هُمْ لِجارِ الجنَابَة، أَي لجارِ الغُرْبة.
وجَنِب البعيرُ جَنَباً إِذا طَلَعَ من جنْبه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الجَنب أَن يَعطَشَ البعيرُ عَطَشاً شَدِيدا حَتَّى تلتصق رِئته بجَنبه؛ وَقد جَنَب جنبا.
قَالَ ذُو الرمة:
كأَنهُ مُسْتَبان الشَّكِّ أَو جَنب
وجَنَّب بَنو فلَان؛ فهم مُجَنِّبون، إِذا لم يكن فِي إِبلهم لَبن.
وَقَالَ الْجُمَيح:
لما رَأَتْ إِبِلى قَلّتْ حَلوبتُها
وكلُّ عامٍ عَلَيْهَا عامُ تجَنيب
يَقُول: كلُّ عَام يمرُّ بهَا، فَهُوَ عَام قِلّةٍ من اللَّبن.
سَلمة؛ عَن الفرَّاء؛ قَالَ: الجَنابُ الجانِب، وَجمعه أجْنبه.
ابْن السِّكّيت: الجَنيبة صُوف الثَّنِيِّ والعقِيقةُ: صُوفُ الجذَع.
قَالَ: والجنيبة من الصُّوف أفضلُ من العَقيقة وَأكْثر.
قَالَ: والجَبَنية النَّاقَةُ يُعطيها الرَّجلُ القومَ يمتارون عَلَيْهَا لَهُ، وَهِي العَلِيقَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَجنَبُ الخيْرُ الْكثير.
يُقَال: خَيْرٌ مَجْنَبٌ.
وَقَالَ كثَيِّر:
وإذْ لَا ترى فِي النَّاس شَيْئاً يَفُوقُها
وفيهنّ حُسْنٌ لَو تَأَمَّلتَ مَجْنَبُ
قَالَ شمر: والمَجْنَبُ، يُقَال فِي الشَّر إِذا كَثُر، وَأنْشد:
وكُفْراً مَا يُقوَّجُ مَجْنَبَا
والمِجْنَبُ: التُّرْس، قَالَ سَاعِدَة:
صَب اللَّهِيفُ السُّبُوبَ بطَغْيةٍ
تُنْبِي العُقاب كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهيف الْمُشْتار، وسُبُوبُه: حِبالُه الَّتِي يُدَلَّى بهَا إِلَى العَسَل، والطَّغْيَةُ: والصَّفَاةُ الْمَلْساء.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: المُجَنَّبُ من الْخَيل: الْبعيد مَا بَين الرجلَيْن من غير فَجج، وَهُوَ مَدْح.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: التّحْنِيبُ: أَن يُنَحِّي يَدَيْهِ فِي الرّفع والوَضْع. وَقَالَ الأصمعيّ: التَّجْنِيب بِالْجِيم فِي الرِّجْلين، والتَّحْنِيب بِالْحَاء فِي الصُّلْتِ وَالْيَدَيْنِ.
والجِنابُ: أَرْض معروفَةٌ بنَجْد.
وَيُقَال: لَجَّ فلَان فِي جِنابٍ قَبيح، أَي فِي مُجانَبَةِ أَهْلِه، وضَرَبه فَجَنَبَه، إِذا أَصابَ جَنْبَه.(11/83)
وأخْصَبَ جَنابُ الْقَوْم بِفَتْح الْجِيم، وَهُوَ مَا حَوْلهم.
وَيُقَال: مَرُّوا يَسِيرُونَ جِنابَيْه، وجِنَابَتيْه، وَجَنَبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْه، وقَعَدَ فلَان إِلَى جَنْبِ فلَان؛ وَإِلَى جَانب فلَان.
ابْن الْأَعرَابِي: جَنِبْتُ إِلَى لقائك، وغَرِضْتُ إِلَى لِقائك جَنَباً، وغَرَضاً، أَي قَلِقْتُ من شدَّة الشَّوْق إلَيْك.
وذَاتُ الْجَنب: عِلَّةٌ صَعْبَةٌ، تأخُذُ فِي الجَنب.
وَقَالَ ابْن شُميل: ذاتُ الجَنْب هِيَ الدُّبَيْلة، وَهِي قَرْحَةٌ قبيحة تثقبُ الْبَطن، وَرُبمَا كَنَوْا عَنْهَا فَقَالُوا: ذاتُ الجَنْب، قَالَ: وجَنِبَت الدَّلْوُ تَجْنِبُ جَنَباً، إِذا انْقَطَعت مِنْهَا وَذَمَةٌ، أَوْ وَذَمتان فمالَت.
سَلمَة، عَن الْفراء: الجَناب الْجَانِب، وَجمعه أَجْنِبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل ليّن الْجَانِب والجَنْب، أَي سهل القُرْب، وَأنْشد:
الناسُ جَنْبٌ والأمير جَنب
كَأَنَّهُ عدلَه بِجَمِيعِ النَّاس. وَقَوله عزْ وجَلَّ مُخْبِراً عَن دُعَاء إِبْرَاهِيم إِيَّاه: {وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاَْصْنَامَ} (إِبْرَاهِيم: 35) أَي نَجِّني.
يُقَال: جَنَبتُه الشَّرَّ وأجْنَبتُه، وجَنَّبتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَه الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَأْنب بالْهمز، الرَّجل الْقَصِيرُ الجافي الخِلقة، وَرجل جأنب إِذا كَانَ كزّاً قَبيحاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلَا ذاتُ خَلْقٍ إنْ تأَمَّلتَ جَأَنب
قَالَ: والجُنابيَ، لُعْبةٌ لَهُم، يتَجانَب الغُلامان فَيعتَصِمُ كل وَاحِد من الآخر.
ورَجلٌ أَجْنب: وَهُوَ الْبَعيد مِنْك فِي القَرابة، وأَجْنبيُّ مثله، والجارُ الجُنب، هُوَ الَّذِي جاوَرَك ونَسَبُه فِي قومٍ آخَرين.
وَقَالَ عَلْقَمَة:
فَلَا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عَن جَنَابَةٍ
فَإِنِّي امرؤٌ وَسْط القِبابِ غَريبُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: (عَن جَنَابَةٍ) أَي بعد غُرْبَةٍ.
وَيُقَال: نِعْمَ الْقَوْم هم لِجَارِ الجَنَابَة، أَي لِجار الغُرْبَة، والجنَابة: ضِدُّ القَرابة.
وَفِي الحَدِيث: (المَجْنُوبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهيد) .
قيل: المجنُوبُ، الَّذِي بِهِ ذَات الجَنْب، يُقَال: جُنِبَ فَهُوَ مَجْنُوب، وصُدِرَ فَهُوَ مَصْدُور، وَيُقَال: جَنِبَ جَنَباً، إِذا اشْتَكَى جَنْبَه، فَهُوَ جَنِب.
كَمَا يُقَال: رجل فَقِرٌ وظَهِرٌ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره وفَقارَه.
جبن: فِي الحَدِيث: أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتضَنَ أَحَدَ ابْنَيْ بِنْتَه، وَهُوَ يَقُول: (إِنَّكُم(11/84)
لَتُجِّبنُون، وتُبَخِّلون، وتُجَهِّلُون، وَإِنَّكُمْ لمن رَيْحان الله) .
يُقَال: جَبَّبْتُ الرّجل، وبَخَّلْتُه، وجَهَّلْتُه، إِذا نَسَبْته إِلَى الجُبن، والبُخل، وَالْجهل.
وأَجْبَنْتُه، وأَبُخَلْتُه، وأَجْهَلْتُه، إِذا وَجدْتَه جَباناً بَخيلاً جَاهِلا، يُرِيد: أَن الْوَلَد لما صَار سَببا لجُبن الْأَب عَن الْجِهَاد، وإنْفاق المَال، والافْتِتان بِهِ، كَانَ كأَنَّه نَسَبَه إِلَى هَذِه الْخلال، ورماه بهَا، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: (الْوَلَد مجْنَبَةٌ مَبْخَلَة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، عَن المُفَضَّل: الْعَرَب تَقول: فلانٌ جَبَان الْكَلْب، إِذا كَانَ نِهَايَة فِي السَّخاء، وَأنْشد:
وأَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ كَلْبُهُمْ
وإنْ قَذَفَتْهُ حَصَاةٌ أَضافا
قَذَفته: أَصَابَته. أضَاف: أَي فرّ وأَشْفَق.
أَبُو زيد: امرأةٌ جَبان وجَبانَة.
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ جَبان، وامرأَة جَبانة، وَرِجَال جُبناء، وَنسَاء جَبانات.
قَالَ: وأَجْبَنْتُه، حَسِبْتُه جَباناً.
والجبين: حرف الجَبْهة مَا بَين الصُّدْغَيْن، عِدَاءَ النّاصية، كل ذَلِك جبين وَاحِد.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول هما جَبينان.
قلت: وعَلى هَذَا كَلَام الْعَرَب، والجبهة بَين الجبينين.
وَقَالَ اللَّيْث: جَبّانَةٌ واحدةٌ، وجَبَابِينُ كَثِيرة.
وَقَالَ شِمر: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الجَبَّان مَا اسْتَوى من الأَرْض فِي ارْتِفَاع، ويكونُ كريمَ المَنْبِت.
وَقَالَ ابنُ شُميل: الجَبَّانَة مَا اسْتَوَى من الأَرْض ومَلُسَ وَلَا شَجَر فِيهِ، وَفِيه آكامٌ وجِلاهٌ، وَقد تكون مستويةٌ لَا آكامَ فِيهَا وَلَا جِلاه، وَلَا تكونُ الجَبَّانَةُ فِي الرَّمْل وَلَا فِي الْجَبَل، وَقد تكون فِي القِفاف والشَّقائق، وكل صحراءَ جَبَّانة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجُبُنُّ مُثَقَّل الَّذِي يُؤْكَل، الْوَاحِدَة جُبُنَّة، وَقد تَجَبَّنَ اللّبن، إِذا صارَ كالجُبُنِّ.
ورُوي عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، أَنه قَالَ: كُلِ الْجُبُنَّ عُرْضاً، رَوَاهُ أَبُو عُبيد بتَشْديد النُّون، وَيُقَال: اجْتَبَنَ فلانٌ اللّبَن، إِذا اتَّخذهُ جُبُنّاً.
نجب: قَالَ اللَّيْث: النَّجَبُ قُشُورُ الشَّجر، وَلَا يُقال لما لاَنَ من قِشْرِ الأغْصَان نَجَب، وَلَا يُقال قِشْرُ العُروق، وَلَكِن يُقَال: نَجَبُ العُروق، والقِطعة مِنْهُ نَجَبَةٌ، وَقد نَجَّبْتُه تَنجيباً، وَذهب فلانٌ يَنْتَجِبُ أَي يَجْمَعُ النَّجَب.
قلت: النَّجب قشورُ السِّدْرِ يُصْبَغُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سِقَاءُ مَنْجُوب، أَي دُبِغَ بالنَّجَب، وَهُوَ قُشورُ، سُوقِ الطَّلْح، وسِقاء نجَبِيّ.(11/85)
أَو عُبيد، عَن الْأَحْمَر: المَنْجُوبُ الْجِلْدُ المدبوغُ بالنَّجَب وَهُوَ لحاءُ الشَّجر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْجَب الرجلُ جَاءَ بِولد نجيب، وأَنجب، إِذا جَاءَ بِولد نجيب، قَالَ: وَمن جَعَله ذَمّاً أخذَه من النَّجب، وَهُوَ قِشْرُ الشَّجر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: المِنْجابُ الرَّجل الضَّعيف وَجمعه مَناجِيب، وَأنْشد لعُرْوَة:
بَعَثْتُهُ فِي سَوادِ اللَّيْلِ يَرْقُبُنِي
إِذْ آثَرَ النَّومَ والدِّفْءَ المناجِيبُ
وَقَالَ الأصمعيّ: المِنْجابُ من السِّهام مَا بُرِيَ وأُصْلِح، وَلم يُرَشْ وَلم يُنَصَّل.
وأَنجَبَت الْمَرْأَة، إِذا وَلَدتْ ولدا نجيباً، وامرأَةٌ مِنْجاب: ذَات أَوْلَاد نُجَباء، ونساءٌ مَناجِيب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّجابَةُ مَصْدرِ النَّجِيب من الرِّجَال، وَهُوَ الكريمُ ذُو الحسَب إِذا خَرج خُروج أَبِيه فِي الْكَرم، وَالْفِعْل نَجُب يَنْجُب نجابَةً، وَكَذَلِكَ النَّجابَة فِي نَجَائِب الْإِبِل، وَهِي عِتاقها الَّتِي يُسابَقُ عَلَيْهَا، وَقد انْتَجب فلانٌ فلَانا، إِذا استخلَصَه واصطفاه على غَيره.
نبج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: رَجُلٌ نَبَّاجُ، ونَبَّاحُ: شَدِيد الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: هُوَ نَبيجُ الْكَلْب، ونَبُجُه، ونَبيحُه، ونَبْحُه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبْجُ ضَرب من الضُّرَاط قَالَ: وَنَبَجَتِ القَبَجةُ، إِذا خَرجت من جُحْرِها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَنْبجَ الرَّجُل، إِذا خَلَّطَ فِي كَلَامه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْبجُ حَمْلُ شَجَرَةٍ هِنْدِية، تُرَبَّب بالعَسَل على خِلْقة الخَوْخ، مُجَرَّفُ الرَّأْس، يُجْلب إِلَى العِراق وَفِي جَوْفِه نَواةٌ كنواة الخَوْخ، وَمِنْه اشتُقَّتْ الأَنْبجات الَّتِي تُرَبَّب بالعسل من الأَتْرُجِّ، والأَهْلِيلَجة وَنَحْوهَا.
اللّحيانيّ: يُقال للضَّخْم الصَّوْتِ من الْكلاب: إِنَّه لَنَبّاجٌ، ونُبَاجِيّ، وَإنَّهُ لَشَدِيدُ النُّباج والنِّباج.
وَقَالَ ابْن الْفرج: وَسَأَلت مُبْتكراً عَن النُّباج فَقَالَ: لَا أَعْرفُ النُّباجَ إِلَّا الضُّراط.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّابِجَةُ والنَّبيجُ كَانَ من أَطعمة العَرب فِي المجاعة، يُخاضُ اللَّبن فِي الْوَبرَ ويُجْدَح.
وَقَالَ الجعديّ يذكر نسَاء:
تَركْنَ بَطالَةً وأَخَذن جِذّاً
وأَلْقَيْنَ المكاحِلَ للنَّبِيج
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الجِذُّ والمِجَذُّ: طَرَفُ المِرْوَد.
وَمِنْه قَول الراجز:(11/86)
قالَتْ وَقد سَافَ فَجَذُّ المِرْوَدِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنْبَجَ الرَّجُلُ: جَلَس على النِّباج، وَهِي الآكام الْعَالِيَة.
قَالَ، وَقَالَ المفَضّل: الْعَرَب تَقول للمِخْوَض: المِجْدَحَ، والمِزْهَف، والنَّبَّاج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَبَجَ، إِذا قَعَدَ على النَّبَجة، وَهِي الأكمة. ونَبَجَ إِذا خَاضَ سَويقاً أَو غَيره. والنُّبُجُ: الغرائر السُّود، وَفِي بلادِ الْعَرَب نِباجان، أَحدهمَا على طَرِيق الْبَصْرَة، يُقَال لَهُ: نِبَاجُ بني عَامر، وَهُوَ بحذاء فَيْد، والنِّباج الآخر نِباجُ بني سَعْد بالقَرْيتين.
بنج: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أَبنَجَ الرجل إِذا ادَّعى إِلَى أصل كريم، قَالَ: والبُنْجُ الأُصول.
وَقَالَ ابْن السِّكيت عَن الأصمعيّ: رَجَع فلَان إِلَى جِنْجِه، وبِنْجِه، أَي إِلَى أَصْلِه وعِرْقِه.
ج ن م
جنم، جمن، نجم، مجن، منج: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: جنم.
جنم: روى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْجَنْمَةُ جماعَةُ الشَّيْء.
قلت: أَصْلُه الجَلْمَه، فَصُيِّرت اللَّام نوناً، وَقد أَخَذ الشَّيْء بجَلْمَته وجَنْمته، إِذا أَخَذَه كلَّه.
جمن: قَالَ اللَّيْث: الجُمانُ من الفِضّة، يُتَّخَذُ أَمْثال اللُّؤْلُؤ.
وَقَالَ غَيره: توهَّمه لبيدُ لُؤْلُؤَ الصَّدف البَحريَّ فَقَالَ فِيهِ:
كَجُمانَةِ البَحْرِيّ سُلَّ نِظامُها
نجم: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {} (النَّجْم: 1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَقسم الله جلَّ وعزَّ بالنَّجم، وَجَاء فِي التَّفْسِير، أَنه الثريا، وَكَذَلِكَ سَمَّتها الْعَرَب.
وَمِنْه قَول ساجعهم: طَلَعَ النجْمُ غُدَيَّهْ، ابتَغَى الرَّاعِي شُكَيَّهْ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فباتَتْ تَعُدُّ النجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ
سَريعٍ بأَيدي الآكلين جُمودُها
أَرَادَ الثُّريا.
قَالَ: وَجَاء فِي التَّفْسِير أَيْضا، أَن النَّجم نزولُ القرآنِ نَجْماً بعد نجْم، وَكَانَ ينزل مِنْهُ الْآيَة والآيتان، وَكَانَ بَين أوَّل مَا نَزل مِنْهُ وَآخره عِشرون سنة.
قَالَ، وَقَالَ أهل اللُّغَة: النَّجْم بِمَعْنى النُّجُوم، وَأما قَوْله جلّ وَعز: {بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} (الرحمان: 6) . فَإِن(11/87)
أهل اللُّغَة وَأكْثر أهل التَّفْسِير قَالُوا: النَّجم: كل مَا نَبَتَ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ لَهُ سَاق، وَمعنى سجودهما: دَوَران الظِّلِّ مَعَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قد قيل إِن النَّجم يُرَاد بِهِ النُّجُوم، وَجَائِز أَن يكونَ النَّجْم هَا هُنَا، مَا نَبت على وَجه الأَرْض، وَمَا طلع من نُجُوم السَّمَاء، وَيُقَال لكلِّ مَا طلع: قد نجمَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} (الصافات: 88، 89) .
وأُثْبِتَ لنا عَن أَحْمد بن يحيى، أَنه قَالَ فِي قَوْله: (فَنظر نظرةً فِي النُّجوم) ، قَالَ: جمْعُ نجم، وَهُوَ مَا نَجم من كَلَامهم لمّا سأَلوه أَن يخرج مَعَهم إِلَى عِيدهم، قَالَ: ونَظَرَ هُنَا، تَفَكَّرَ لِيُدَبِّر حُجَّة، فَقَالَ: {النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} أَي سقيم من كفْرِكُم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (فَنظر نظرةً فِي النجومِ فَقَالَ إنِّي سقيم) . قَالَ لِقَوْمِهِ وَقد رأى نَجْماً: (إِنِّي سقيمُ) أَوْهمَهم أنَّ بِهِ طاعوناً {للهإِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ} (الصافات: 90) فِرَارًا من عَدْوى الطَّاعُون.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْإنْسَان إِذا تَفَكَّرَ فِي أَمر لينْظر كَيفَ يُدَبِّرُه: نظر فِي النُّجُوم.
وَقَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ عَن الْحسن فِي تَفْسِير قَوْله: {بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى} أَي تفكر مَا الَّذِي يصرفُهم عَنهُ إِذا كلَّفُوه الْخُرُوج مَعَهم.
قَالَ: والنجومُ تجمعُ الْكَوَاكِب كلَّها، قَالَ: والنجوم وظائف الْأَشْيَاء وكلُّ وظيفَة نجْم.
قَالَ: والنجوم مَا نجم من الْعُرُوق أَيَّام الرّبيع، ترى رؤوسَها أَمْثَال المسالِّ تَشُقُّ الأَرْض شَقّا.
ونجَم النَّبَات، إِذا طلع.
وَقَالَ غَيره: يُقال جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، وأصل ذَلِك أَن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها.
قَالَ زهيرٌ يذكر دِياتٍ جُعلت نجوماً على الْعَاقِلَة:
يُنَجّمها قومٌ لقومِ غَرَامَة
وَلم يُهَرِيقُوا بَينهم ملْءُ مِحْجم
فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه، وكَتبوا فِي ذكر حُقُوقهم المؤجَّلة نجوماً،(11/88)
وَقد جعل فلانٌ مَاله على فلَان نجوماً يُؤدِّي عِنْد انْقِضَاء كلِّ شهر مِنْهَا نجماً، فَهِيَ مُنَجَّمةٌ عَلَيْهِ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: النَّجْمَةُ شَجَرَة، والنجمة الْكَلِمَة، والنجمةَ نَبْتَةٌ صَغِيرَة، وَجَمعهَا نَجْم.
قَالَ: فَمَا كَانَ لَهُ سَاق فَهُوَ شَجر، وَمَا لم يكن لَهُ سَاق فَهُوَ نَجْم.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّرَاديخُ أَمَاكِن تنْبت النجمَةَ والنَّصِيّ.
قَالَ: والنجمَة تَنْبُتُ مُمْتَدَّة على وَجه الأَرْض.
وَقَالَ شمِر: النَّجَمَةُ هَا هُنَا بِالْفَتْح، وَقد رَأَيْتهَا بالبادية، وفَسَّرَها غيرُ واحدٍ مِنْهُم، وَهِي الثَّيِّلَةُ، وَهِي شُجَيُرَةٌ خضراء، كَأَنَّهَا أوّل بَذْر الحَبِّ حِين يخرج صِغاراً، قَالَ: وَأما النجمة، فَهُوَ شَيْء ينْبت فِي أصُول النّخْلة وَأنْشد:
أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظلَّ يَكْدِمُ نَجْمةً
أَتُؤْكَلُ جاراتي وجارك سالِمُ
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك، لِأَن الْحمار إِذا أرادَ أَن يَقْلَع النجمة، وكَدَمها ارْتَدّتْ خُصْياه إِلَى مُؤَخَّره.
قلت: النجمة لَهَا قَضْبَة تفترش الأَرْض افتراشاً.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: أَنجَمَ المطرُ، إِذا أَقْلع، وَكَذَلِكَ أَقْصَم وأَقصى.
وَيُقَال: مَا نَجَم لَهُم مَنْجَمٌ مِمَّا يطْلبُونَ، أَي مَخرَج، لَيْسَ لهَذَا الأَمر نَجْمٌ، أَي أصل.
والمنجَم: الطَّريق الواضِح.
وَقَالَ البَعيثُ:
لَها فِي أَقَاصِي الأَرْض شَأْوٌ ومَنْجم
ومِنْجَما الرِّجل: كَعْباها.
وَقَالَ شمر فِي قَول ابْن لَجأ، قَالَ: وأنشده أَبُو حبيب الأعرابيّ:
فَصَجَّتْ وَالشَّمْس لم تُنعم
أَن تَبلُغَ الجُدَّةَ فَوق المَنْجَمِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لم تُردْ أَن تبلغ الجُدَّة، وَهِي جُدَّة الصُّبح؛ طَرِيقَته الْحَمْرَاء، والمَنْجَمُ: مَنْجَمُ النَّهَار حِين يَنْجُم.
منج: قَالَ اللَّيْث: المَنْجُ إِعراب المَنْك، دَخيل فِي الْعَرَبيَّة.
قَالَ: وَهُوَ حَبٌّ إِذَا أُكِل أَسْكَر آكِلَه، وغَيَّر عَقْلَه.
مجن: قَالَ اللَّيْث: الماجِنُ والماجِنَةُ معروفان، والمجَانة أَلا يُبالي مَا صَنَع وَمَا قِيل لَهُ، والفِعْل: مَجَن مُجُوناً.
قلت: وَسمعت أَعرابياً يَقُول لخادم لَهُ كَانَ يَعْذِلُه وَهُوَ لَا يَريعُ إِلَى قَوْله: أَراكَ قد مَجَنتَ عليّ الْكَلَام. أَرَادَ أَنه مرَن عَلَيْهِ، لَا يَعْبأ بِهِ، وَمثله: مَرد على الْكَلَام. قَالَ(11/89)
الله تَعَالَى: {مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
والماجِنُ عِنْد الْعَرَب: الَّذِي يرْتكب المقابِحَ المُرْدِية، والفضائحَ المُخزية، وَلَا يمضُّه عَذْلُ العاذل، وتأنيبُ المُوبِّخ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المجْنُ خَلْطُ الجِدِّ بِالْهَزْلِ، يُقَال: قد مَجَنْتَ فاسْكُتْ، وَكَذَلِكَ المسْنُ، وَقد مسَنَ ومجَن بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: المَجَّانُ عطيةُ الشَّيْء بِلَا مِنَّةٍ وَلَا تَمَنّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: سَمِعت ابنَ الأعرابيّ يَقُول: المَجَّانُ عِنْد الْعَرَب الْبَاطِل، وَقَالُوا: ماءٌ مَجَّان.
قلت: وَالْعرب تضع المجّان مَوضِع الشَّيْء الْكَبِير الْكَافِي، يُقَال تمْرٌ مجان وماءٌ مجان، أَي كثير وَاسع، واستَطعَمني أعرابيٌّ تَمرا فأطعمته كُتْلة، واعتذرتُ إِلَيْهِ من قلَّته، فَقَالَ: هَذَا وَالله مَجّان، أَي كثيرٌ كافٍ.
(أَبْوَاب الْجِيم وَالْفَاء)
ج ف ب: مهمل)
ج ف م
مفج: سَلمَة عَن الْفراء: رجل نَفَّاجَةَ مَفَّاجة، إِذا كَانَ أَحمَق مائقاً، وَقد نَفَجَ ومَفَجَ.
(بَاب الْجِيم وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ج ب م
(بجم) : عَمْرو عَن أَبِيه: رَأَيْت نَجْماً من النَّاس، وَبَجْذاً، أَي جمَاعَة، قَالَ: والنَجْمُ الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة. وَقد بَجَّمَ الرّجل، إِذا سكت.(11/90)
كتاب الثلاثي المعتل من حرف الْجِيم
(بَاب الْجِيم والشين)
ج ش و (وَا يء)
جشو، جشأ، جاش، شجا، وشج، أشج.
شجا: أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: شجاني الحبُّ يشجوني شَجْواً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن الحرانيّ، عَن ابْن السكِّيت، أَنه قَالَ الشجْوُ الحزْن، يُقَال: شجاه شَجْواً، قَالَ: وأَشْجاه يُشجيه، إِذا أَغَصَّهُ، وَقد شَجِيَ يَشْجَى شَجًى.
ابْن شُميل: شَجَاه يَشْجُوه حَزَنَه، قَالَ: وأَشْجَيْتُ فُلاناً عَنِّي، إِمَّا غَرِيمٌ. وإمَّا رَجُلٌ سَأَلَكَ فأعْطَيتَه شَيْئاً أَرْضَيْتَه بِهِ، فَذهب، فقد أَشْجَيْتَه.
وَيُقَال للْغَرِيم: شَجًى عَنِّي يَشْجَى شَجًى، أَي ذهبَ.
أَبُو زيد: أَشْجَاني قِرْنِي إِشْجاءً، إِذا قهَرَك وغَلَبَكَ حَتَّى شَجِيتَ بِهِ شَجَّى، وَمثله: أَشجاني العُودُ فِي الحَلْق حَتَّى شَجِيتُ بِهِ شَجًى.
وَقَالَ أَبُو عبد الرحمان: أَشجاه العَظْمُ، إِذا اعترضَ فِي حَلْقه، وأَشْجَيْتُ الرَّجل إِذا أَوْقَعْتَه فِي حُزْن.
وَقَالَ غيرُه: شجَانِي تَذَكُّرُ إِلْفِي، أَي طَرَّبَنِي وهَيَّجَنِي، وأَشْجَانِي: حَزَنَنِي وأَغْضَبَنِي.
الحرانيّ، عَن ابْن السكّيت: الْعَرَب تَقول: وَيْلٌ للشَّجِي من الخَلِيّ، فالشّجي مَقْصور والخَلِيّ مَمْدُود.
وَقَالَ غَيره: الشَّجي الَّذِي شَجِيَ بعظمٍ فغَصَّ بِهِ حَلْقُه، يُقَال: شَجِيَ يَشْجَى شَجًى، فَهُوَ شَجٍ كَمَا ترى، وَكَذَلِكَ الَّذِي شَجِيَ بالهمِّ فَلم يجد مَخْرجاً مِنْهُ، وَالَّذِي شَجِيَ بِقِرْنِهِ فَلم يُقاوِمْه، وكلُّ ذَلِك مَقْصور.
قلت: وَهَذَا هُوَ الكلامُ الفصيح، فَإِن تجامَلَ إِنْسَان ومَدَّ الشَّجِيّ فَلهُ مَخَارِجُ فِي(11/91)
الْعَرَبيَّة، تُسَوِّغُ لَهُ مذهَبه، وَهُوَ أَن تجعلَ الشَّجِيَّ بِمَعْنى المَشْجُوّ. (فعيلاً) من شَجَاه يَشْجُوه، فَهُوَ مَشْجُوٌ وشَجِيّ.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أنَّ الْعَرَب تَمُدُّ (فَعِلاً) بياء، فَتَقول: فلَان قَمِنٌ لذَلِك، وقمين، وسَمِج وسمِيج: وَفُلَان كَرَ وكَرِيّ للنائم، وَأنْشد ابنُ الأعرابيّ:
مَتَى تَبِتْ بِبَطْنِ وادٍ أَو تَقِل
تَتْرُكْ بهِ مِثْلَ الكَرِيِّ المُنْجَدِلْ
أَرَادَ بالكَرِيّ الناعس الَّذِي قد كَرِيَ. وَقَالَ المتنخل الهذليّ:
وَمَا إنْ صَوْتُ نَائِحَةٍ شَجِيُّ
فشدَّد الْيَاء، وَالْكَلَام صوتٌ شَجٍ.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن الْعَرَب تُوازي اللَّفظ بِاللَّفْظِ إِذا ازْدَوَجَا؛ كَقَوْلِهِم: إنِّي لآتية بالغَدايا والعَشايا، وَإِنَّمَا تُجْمَعُ الغدة غَدَوات، فَقَالُوا: غَدايا لازدواجه بالعشايا.
وَيُقَال: مَا ساءَه وناءَه، وَالْأَصْل: أَنَاءه وَكَذَلِكَ وازنوا الشَّجِيَّ بالخَلِيّ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّجْوُ الْحَاجة، والشَّجْوُ الحُزْن، قَالَ: وشَجاه الغِنَاءُ، إِذا هَيَّجَ أَحْزَانَه وشَوَّقَه.
وَقَالَ اللَّيْث: شَجَاهُ الهَمُّ. وَفِي لغةٍ: أَشْجَاه، وَأنْشد:
إنِّي أَتَانِي خَبَرٌ فأَشجانْ
إنَّ الْغُواةَ قَتلُوا ابنَ عَفانْ
قَالَ: والشَّجا مَقْصُورٌ، مَا نَشَبَ فِي الحَلْق من غُصَّةِ هَمَ أَوْ عُودٍ، والفِعْلُ: شَجِيَ يَشْجَى، والشَّجَى: اسْم ذَلِك الشَّيء وَأنْشد:
ويَرانِي كالشَّجَا فِي حَلْقِهِ
عَسِراً مَخْرَجُه مَا يُنْتَزَعْ
قَالَ: مَفَازَةٌ شَجْوَاء: صَعْبَةُ المَسْلَك مُهِمَّةٌ.
وَيُقَال: بَكَى فلانٌ شَجَوَه، ودَعَتِ الحمامةُ شَجوها.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الشَّجَوْجَى الطَّويل، وَقيل هُوَ الطَّوِيل الرِّجْلَين الْقَصيرُ الظَّهْر. وَيُقَال للعَقْعَق شَجَوْجَى، وَالْأُنْثَى شَجَوْجَاةٌ، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ الأصمعيّ: جَمَّشَ فَتًى مِنَ الْعَرَب حَضَرِيَّةً، فتشاجَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: وَالله مالكِ مُلَاءَةُ الحُسنِ، وَلَا عَمُودُه وَلَا بُرْنُسُه، فَمَا هَذَا الِامْتِنَاع؟
قَالَ الأصمعيّ: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: مُلاءتُه بَياضه، وعَمُودُه طُولُه؛ وبُرْنُسه شَعْرُه، وَمعنى قَوْله: (فتشاجَتْ عَلَيْهِ) أَي تَمَنَّعَتْ وتحازَنَتْ، وَقَالَت: وَاحَزَناً حِين يَتَعرض جِلْفٌ لمثلي.
وشج: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَشَجَتْ العُرُوقُ والأَغْصَانُ وكلُّ شيءٍ يَشْتَبِك؛ فَهُوَ واشِجٌ، وَقد وَشَجَ يَشِجُ وَشِيجاً، والوَشيج من القَنَا والقَصَبِ، مَا ثَبَتَ مِنْهُ مُعْتَرِضاً(11/92)
مُلْتفّاً، دخل بعضُه فِي بعض؛ وَهُوَ من القَنا أَصْلَبُه.
وأنشَدَ اللّيث:
والقراباتُ بَيْنَنا واشِجاتٌ
مُحْكَمَاتُ القُوى بِعَقْدٍ شَدِيدِ
قَالَ: والوشِيجَةُ لِيفٌ يُفْتَل، ثمَّ يُشَدُّ بَين خَشَبَتَيْن يُنْقَلُ بِهِ البُرُّ المحصودُ وَمَا أشبهه من شُبَيْكةٍ بَين خَشبتيْن، فَهِيَ وَشِيجةٌ، مثل: الكَسِيح وَنَحْوه.
والمُوَشَّجُ: الأمْرُ الْمُداخَلُ بعضه فِي بعْض وأنشدَ:
حَالا بحالٍ يَصْرِفُ الْمُوَشَّجا
وَلَقَد وَشَجَتْ فِي قلبه أمورٌ وَهُموم.
أَبُو عُبيد: الواشِجَة الرَّحِمُ الْمُشْتَبِكةُ الْمُتَّصِلة.
وَقَالَ الكسائيّ: هُم وَشِيجةٌ فِي قَولهم وَوَلِيجَة، أَي حَشْوٌ.
وَقَالَ النَّضر: وَشَجَ فلانٌ مَحْمِلَهُ وَشْجا إِذا شَبَّكَه بِقِدَ أَو شَرِيطٍ لِئَلَّا يسقُط مِنْهُ شَيْء.
أشج: قَالَ اللَّيْث: الأَشَجُّ أكبر من الأَشقّ وهما مَعًا هَذَا الدَّوَاء.
جوش جَيش: قَالَ اللَّيث: الجَيْشُ، جُنْدٌ يَسِيرُونَ لحرْب أَو غَيرهَا، قَالَ: والجَيْش جَيَشانُ القِدْر، وكلُّ شَيء يَغْلِي، فَهُوَ يَجِيش، حَتَّى الهَمّ والغُصَّة فِي الصَّدر، والبَحرُ يَجيشُ، إِذَا هَاج.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: جاشَتْ نفسُه جَيْشاً، إِذا دَارَت للغَثَيان، وجَشَأَت، إِذا ارْتَفَعَتْ من حُزْنٍ أَو فَزع.
وَقَالَ اللَّيْث: جَأْشُ النَّفْس، رُوَاعُ القَلْبِ، إِذا اضطربَ عِنْد الفَزَع، يُقَال: إنَّه لَوَاهِي الجأْشِ، وإِذا ثَبَت قيل: إنَّه لَرابِطُ الجأْش.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الرابِطُ الجَأْشِ الَّذِي يَرْبِطُ نفسَه عَن الفِرار، يَكُفُّها لجُرْأَتِه وشَجاعَته.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {أَحَدٌ ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} {الْمُطْمَئِنَّةُ} (الْفجْر: 27، 28) ، هِيَ الَّتِي أَيْقَنَتْ أَنَّ اللَّهَ ربِّها، وَضربت لذَلِك جَأْشاً، أَي قَرَّتْ يَقيناً واطمَأنَّت، كَمَا يضربُ البعيرُ بصدرهِ الأرضَ إِذا بَرَكَ وسَكَن.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال رَبَطْتُ لذَلِك الأَمْرِ جَأْشاً بِالْهَمْز لَا غير.
وَقَالَ الْأَحْمَر: مَضَى جَوْشٌ من اللَّيل، وجَرْشٌ وجَرْسٌ، أَي هَزِيع.
وَقَالَ اللَّحْيانيّ: مَضَى جُؤْشُوشٌ من اللَّيل.
قَالَ أَبُو زيد: الجُؤْشوش الصَّدْر.
وَقَالَ أَبُو ناظرة: مَضَى جَوْشٌ من اللَّيل، من لَدُنْ رُبْع اللَّيْل إِلَى ثُلُثه.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
من اللَّيلِ جَوْشٌ واسْبَطَرَّتْ كواكبُه
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جاشَ يجُوش(11/93)
جَوْشاً، إِذا سارَ الليلَ كلَّه، وجاش صدرُه يَجِيش جَيْشاً، إِذا غَلَى غَيْظاً ودَرَداً، وجاشت نَفْسُ الجبانِ وجَشَأَتْ، إِذا هَمَّ بالفرار.
(قلت: وصف القَوَسِ ب الأجَشُّ وَهُوَ الأبَحُّ فِي إرْنانه إِذا أنْبض) .
جشأ (جشو) : أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: جشأت نَفْسِي إِذا ارتَفَعَتْ من حُزْنٍ أَو فَزَع.
وَقَالَ ابْن شُميل: جَشَأَتْ إليَّ نَفْسِي أَي خَبُثَتْ من الوَجَعِ مِمَّا تَكْرَه تجْشأُ، وَأنْشد:
وقَولِي كُلَّما جَشَأَتْ لنَفْسي
مكانَكِ تُحْمَدِي أَو تَسْتَرِيحي
يُرِيد تَطَلَّعت ونَهَضَتْ جَزَعاً وكَراهَة.
قَالَ العجاج:
أجْراسُ نَاسٍ جَشَئُوا ومَلَّتِ
أَرضًا وأَهْوالُ الْجنان اهْوَلَّتِ
جشئوا: نهضوا من أَرض إِلَى أَرض، يَعْنِي النَّاس، وملَّتِ أَرضًا واهوَلَّت: اشتدّ هَولُها.
شَمِر، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الجَشْءُ: الْكثير، وَقد جَشأَ اللَّيلُ، وَجَشَأَ البَحرُ، إِذا أَظْلَمَ وأَشْرف عَلَيْك، وجُشَأُ اللَّيلِ والبَحْرِ دُفْعَتُه.
وَقَالَ شمِر: جَشَأَت نَفْسِي، وخَبُثَت، ولَقِسَتْ، وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: جَشَأَتِ الغَنم، وَهُوَ صَوْتٌ يخرج من حُلُوقِها.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لَهَا ثُغاءً
كأَنَّ الحيَّ صَبَّحَهم نَعِيُّ
قَالَ: وَمِنْه اشْتُقَّ تَجَشَّأْتُ، وَالِاسْم الجُشاء، وَهُوَ، تَنَفُّسُ المَعِدَةِ عِنْد الامتلاء.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: اجْتَشَأَتْني البِلادُ واجْتَشأْتُها، لم تُوافِقْني.
وَقَالَ شَمِر: أَحْسِبُ ذَلِك من جَشَأْتْ نَفسِي.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ قَالَ: الجَشْءُ: الْقوس الْخَفِيفَة. وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ ذَات الإرْنان فِي صَوتهَا، وقِسِيٌّ أجْشاء وجَشْآت.
وَأنْشد:
ونَميمَةً من قانصٍ مُتَلَبِّبٍ
فِي كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
ابْن شُمَيل: جَشَأ فلَان عَن الطِّعام، إِذا مَا اتَّخَم فكَرِه الطَّعامَ، وَقد جَشَأَتْ نَفْسُه فَمَا تَشتهِي طَعَاما تَجْشأ، والبَشَم: التُّخَمَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَوْشُ اللَّيل، جَوْزُه وَوَسَطُه.(11/94)
(بَاب الْجِيم وَالضَّاد)
ج ض (وَا يء)
جَاضَ، ضاج: (مستعملان) .
جيض: قَالَ أَبُو عُبيد فِي حَدِيث رُوِيَ: فجاض الْمُسلمُونَ جَيْضَةً. يُقَال: جَاضَ يجِيضُ جَيْضَةً وحَاصَ يَحيصُ حَيْصَة، وهما الرَّوَغانُ والعُدُول عَن القَصْد، قَالَ ذَلِك الأصمعيّ.
وَقَالَ القُطامي:
وَتَرى لِجَيْضَتِهنَّ عِنْد رَحِيلنا
وَهَلاً كَأَنَّ بِهنَّ جِنَّةَ أَوْلَقِ
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِشْيَةُ الجِيَضُّ فِيهَا اختِيال.
ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ يمشي الجِيَضَّى بِفَتْح الْيَاء، وَهِي مِشْيَةٌ يختال صاحبُها.
قَالَ رؤبة:
مِن بَعْد جَذْبِي المِشْيَةَ الجِيضَيَّ
فقد أُفَدِّي مِرْجَماً مُنْقَضّاً
وَابْن السّكيت هَكَذَا قَالَه.
ضوج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الضَّوْجُ بِالْجِيم: جِزْعُ الوادِي، وَهُوَ مُنْعَرَجهُ حَيْثُ يَنعَطِف، وجَمْعُه: أَضْواج.
قَالَ رُؤبة:
خَوْقاءُ من تَراغُبِ الأضْواجِ
وتَراغبُها: اتِّساعُها.
اللَّيْث: الضَّوْجَان من الإبلِ والدَّواب كلُّ يابِسِ الصُّلْب، وَأنْشد:
فِي ضَبْرِ ضَوْجَانِ القَرَى لِلْمُمْتَطى
يصِف فَحْلاً.
قَالَ: ونَخْلَةٌ ضَوْجَانَةٌ، وَهِي اليابِسةُ الكَزَّةُ السَّعَف، قَالَ: والعصا والكَزّةُ ضَوْجانَة.
وروى أَبُو تُرَاب لبَعض الْأَعْرَاب: ضاجَ السَّهْمُ عَن الهَدف، إِذا مالَ عَنْه.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: ضاج الرجلُ عَن الْحق: مالَ عَنهُ.
الطُّوسِيّ، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: ضاجَ عَدَلَ ومالَ يَضِيجُ ضُيُوجاً، وضَيَجاناً وَأنْشد:
إِمَّا تَرَيْنِي كالْعريشِ المَفْرُوجْ
ضَاجَتْ عِظامِي عَن لَفِيءٍ مَضْرُوج
اللّفيءُ: عَضلُ لَحْمِه، مَضْرُوج: مَكْشوف وَقَالَ قَائِل من الْعَرَب: فَلَقِينا ضَوْجٌ من أَضْواجِ الأَوْدِيَةِ، فانْضَوَجَ فِيهِ، وانضَوَجْتُ على أَثَرِه.
ج ص: مهمل.
ج س (وَا يء)
جسأَ، جاس، وجس، سجا، سَاج، وسج: (مستعملة) .
جسأ: قَالَ اللَّيْث: جَسَأَ الشَّىءُ يَجْسَأُ جُسُوءاً وَهُوَ جَاسِيء، إِذا كَانَت فِيهِ صَلابة، وخُشُونة وجَبل جاسِيءٌ، وأَرض جاسِئَةٌ ودابَّة جاسِئَةُ القوائم. قلت: وتَرْكُ الْهَمْز فِي جَمِيع ذَلِك جَائِز.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: جَسَأَتْ يدُ الرجل(11/95)
جُسُوءاً، إِذا يَبِسَتْ، وَكَذَلِكَ النَّبتُ إِذا يَبِسَ، فَهُوَ جاسِىء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جاسَى فلانٌ فلاتاً، إِذا عَادَاهُ، وسَاجاه، إِذا رَفَقَ بِهِ.
الكِسَائيّ: جُسِئت الأَرْض فَهِيَ مَجْسُوءَةٌ من الجَسْءِ، وَهُوَ الجِلْدُ الخشن الَّذِي يُشْبه الحَصى الصِّغار.
جوس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ} (الْإِسْرَاء: 5) .
سَلَمة، عَن الْفراء، يَقُول: قَتلوكُم بَين بُيُوتكم. قَالَ: وجاسُوا بِمَعْنى واحدٍ يذهبون ويَجيثُون.
وَقَالَ الزّجاج: {فَجَاسُواْ خِلَالَ الدِّيَارِ} ، أَي فَطافُوا فِي خِلال الدِّيار ينظرُونَ هَل بَقِيَ أَحَدٌ لم يَقتلوه؟
قَالَ: والجَوْسُ طلَبُ الشَّيء باستِقْصاء.
المنذريّ عَن الحرَّاني، عَن ابْن السِّكّيت عَن الأصمعيّ قَالَ تركتُ فلَانا يُحوسُ بَني فُلان ويجوسهم، أَي يَدُوسهم، ويَطْلُبُ فيهم؛ وَأنْشد أَبُو عُبيد:
نَجُوسُ عِمَارَةً وَنَكُفُّ أُخْرى
لنا حتّى يجاوِزَها دَليلُ
قَالَ: نَجوّس. نَتَخَلَّل.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كلُّ مَوضِع خالَطْته وَوَطِئْتَه، فقد جُسْتَه وحُسْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجوسانُ التَّرَدُّدُ خلال الْبيُوت فِي الْغَارة، قَالَ: وجَيْسان اسْم.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ، قَالَ: الجُوس الْجُوع، وَهُوَ الجودُ. يُقَال جُوساً لَهُ وجُوداً لَهُ وجُوعاً بِمَعْنى وَاحِد.
وجس: قَالَ الله تَعَالَى: {تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ} (الذاريات: 28) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق مَعْنَاهُ: فأَضْمَرَ مِنْهُم خَوْفاً، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: معنى أَوْجَس وَقع فِي نَفسه الْخَوْف.
وسُئِلَ الحسنُ عَن الرّجُلِ يُجامِع الْمَرْأَة وَالْأُخْرَى تَسمع، فَقَالَ: كَانُوا يَكرهون الوَجْس.
قَالَ أَبُو عُبيد: الوَجْس هُوَ الصَّوْتُ الخَفِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَجْس فَزْعَةُ القَلب، يُقَال: أَوْجَسَ القَلب فَزَعاً، وتَوَجَّسَت الأُذن إِذا سَمِعَتْ فَزَعاً، قَالَ: والوَجْس الفَزَعُ يَقَع فِي القَلب، أَو فِي السَّمع من صَوْتٍ أَو غير ذَلِك.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: لَا أَفعل ذَلِك سَجِيسَ الأوْجَس، أَي لَا أَفْعله طُولَ الدَّهر.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَحْمَر، مثله، قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيّ: مَا ذُقت عِنْده أَوْجَسَ يَعْنِي الطَّعام.
وَقَالَ شَمِر: لم أَسمعه لغيره، قلت: وَهُوَ حرفٌ صَحِيح. يُقَال: تَوَجَّسْتُ الطعامَ(11/96)
والشّرابَ، إِذا تَذَوَّقتَه قَلِيلا قَلِيلا.
وَهُوَ مأخوذٌ من الأَوْجَسِ، وتوجَّستُ الصوتَ، إِذا سمعتَه وَأَنت خَائِف مِنْهُ، وَمِنْه قَوْله:
فَغَدَا صَبِيحَة صَوْتها مُتَوجِّساً
سجا: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} (الضُّحَى: 2) .
قَالَ اللَّيْث: إِذا أَظْلَمَ ورَكَدَ فِي طوله، كَمَا يُقَال: بَحْرٌ ساجٍ، ولَيْلٌ ساجٍ، إِذا رَكَدَ وأَظلم، وَمعنى رَكَدَ سَكَن.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: سجا: سكن، وسجا: امتدّ بظلامه، وسجا: أظلم. حَمْزَة، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن مَعْمَر، عَن قَتَادَة: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} قَالَ: إِذا سكن بِالنَّاسِ. قَالَ حَمْزَة: وَحدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} قَالَ: إِذا ألبس الناسَ إِذا جَاءَ.
وَقَالَ الزّجاج، مَعْنَاهُ: إِذا سكن، وَأنْشد:
يَا حَبَّذا القَمْراءُ وَاللَّيْل السَّاجْ
وطُرُقٌ مِثْل مُلاءِ النّسَّاج
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: سَجا يَسْجو سَجْواً وسَجَّى يُسَجِّي، وأَسْجى يُسْجي، كلُّه إِذا غَطَّى شَيْئا مَا.
وَقَالَ اللَّيْث: عينٌ ساجِيةٌ، فاتِرَة النَّظَر يَعْتَرِي الحُسْنَ فِي النساءِ، وليلةٌ ساجِيَةٌ، إِذا كَانَت ساكِنَةَ الرِّيح غير مُظلمة، وسجا الْبَحْر، إِذا سَكَنت أمواجُه، والتّسْجيةُ: أَن يُسَجَّى الميتُ بثَوب، أَي يُغَطَّى بِهِ، وَأنْشد فِي صِفَةِ الرّيح:
وإِنْ سَجَتْ أَعْقَبَها صَباها
أَي سكنت.
أَبُو زيد: أَتانا بِطَعَام فَمَا ساجَيْناه، أَي مَا مَسَسْناه.
وَقَالَ أَبُو مَالك، يُقَال: هَل نُسَاجِي ضيْعةً، أَي هَل نُعالجها.
قَالَ ابْن بُزرج، قَالَ الأصمعيّ: سُجُوّ اللَّيْل: تغطيته النَّهَار مثل مَا يُسَجَّى الرجل بالنوب، وسجا البحرُ وأسْجى إِذا سكن. نَاقَة سَجْواء، إِذا حُلِبت سكنت. وَكَذَلِكَ السَّجو فِي النّظر والطرف، امْرَأَة سجواء الطّرف وساجية الطّرف، أَي فاتِرة الطّرف ساكنته، ابْن بزرج: مَا كَانَت الْبِئْر سَجُوّاً وَلَقَد أسْجتْ، وَكَذَلِكَ الناقةُ أسْجت فِي الغَزارة فِي اللَّبن، قَالَ: وسجا اللَّيْل سُجُوّاً، إِذا سكن، وَمَا كَانَت الْبِئْر عَضُوضاً وَلَقَد أَعَضَّتْ.
سوج سيج: قَالَ اللَّيْث: السِّيجانُ: الطّيالِسَة السُّود، وَاحِدهَا ساجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الطَّيْلَسان الضَّخْم الغَليظ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ساجَ يَسوج سَوْجاً وسُواجاً وسَوجَاناً، إِذا سارَ سَيْراً رُوَيْداً، وَأنْشد:(11/97)
غَرَّاءُ لَيْسَتْ بالسَّؤوجِ الجِلْبح
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّوَجان الذَّهابُ والمجيء.
ابْن كيسَان: السِّيجان فِي الطيالسة السُّود كَمَا قَالَ ابْن الأعرابيّ، الْوَاحِد ساجٌ. يُقَال: حَظّرَ فلانٌ جِدَاره، بالسياج وَهُوَ أَن يُسَيِّجَ حَائِطه بالشّوْكِ لئلاّ يُتَسَوَّر.
اللَّيْث: الساجةُ، الخَشَبة الوَاحدة المشَرْجَعَةُ المُرَبّعة كَمَا جُلِبت من الهِنْد، وجَمْعها السَّاج.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال للسَّاجَة الَّتِي يُشَقُّ مِنْهَا الْبَاب: السَّلِيجَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوج مَوْضِع، وسُوَاجٌ اسْم جَبَل.
وَيُقَال: حَظَّرَ فُلانٌ كَرْمَه بالسِّياجِ، وَهُوَ أَنْ يُسَوِّجَ حائِطَهُ بالشَّوك يُتَسَوَّر.
وسج: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الوَسْجُ والعَسْجُ ضَرْبَان من سَيْرِ الْإِبِل، وَقد وَسَجَ البعيرُ يَسِج وسْجاً ووَسِيجاً.
وَقَالَ النَّضْر: أَوّلُ السَّيْرِ الدَّبِيبُ، ثمَّ العَنَقُ، ثمَّ التَّزَيُّد، ثمَّ الذَّمِيلُ، ثمَّ العَسْج والوَسْج، ثمَّ الرَّنْك وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ، وَقَالَ اللَّيْث: وسَجَبَ النَّاقَةُ تَسِج وَسِيجاً، وهيَ وَسُوجٌ: وَهُوَ مَشْيٌ سَريع.
(بَاب الْجِيم وَالزَّاي)
ج ز (وَا يء)
جزا، جَزَأ، جَازَ، جئِز، وجز، زاج، زجا، أَزجّ.
جزى: سَمِعْتُ المُنذِريّ يَقُول: سَمِعْتُ أَبَا الهيْثَم يَقُول: الجزاءُ يكون ثَواباً، ويكونُ عِقاباً. قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {) قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ} {قَالُواْ جَزؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} (يُوسُف: 74، 75) .
قَالَ: مَعْنَاهُ، قَالُوا فَمَا عُقوبَتُه إنْ بانَ كَذِبُكم بأَنّه لم يَسْرِق، أَي مَا عُقُوبَةُ السّرِقِ عِنْدَكُم إِن ظهرَ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: جَزَاءُ السّرِقِ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ، أَي الموجُودُ فِي رَحْلِه، كأنّه قَالَ: جَزاءُ السَّارِق عندنَا استرقاقُ السارِق الَّذِي يُوجَدُ فِي رَحْله سَنَة؛ وَكَانَت سُنَّةُ آلِ يَعْقُوب، ثمَّ وَكَّدَه، فَقَالَ: فَهُوَ جَزَاؤُه.
قلت: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُه فِي الهاءات وغَيرها، قولُ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى، وَقَول أبي إِسْحَاق الزّجاج.
وَالْجَزَاء أَيْضا: الْقَضَاء. قَالَ الله جَلّ وعَزّ: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} (الْبَقَرَة: 48) .
قَالَ الْفراء: يَعودُ على الْيَوْم واللّيلة، ذكرهمَا مَرَّةً بِالْهَاءِ وحدَها، ومرَّةً بالصِّفَة، فَيجوزُ ذَلِك، كَقَوْلِه:(11/98)
لَا تَجْزِيهِ نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً: وتُضْمِرُ الصفةَ، ثمَّ تظهرها فَتَقول: لَا تجزي فِيهِ نفسٌ عَن نفسٍ شَيْئا.
قَالَ: وَكَانَ الكسائيّ لَا يُجِيزُ إِضْمَار الصِّفَة فِي الصِّلات.
وسمعتُ المُنْذِريّ يَقُول: سَمِعت أَبا العبّاس، يَقُول: إِضْمَار الْهَاء والصِّفَة واحِدٌ عِنْد الفرّاء. تَجْزِي وتَجْزِي فِيه، إِذا كَانَ المَعْنَى واحِداً.
قَالَ: والكِسائِيّ يُضْمِرُ الْهَاء، والبَصْريونُ يُضْمرون الصِّفة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى {لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} (الْبَقَرَة: 48) أَي لَا تَجْزِي فِيهِ. وَقيل: لَا تَجْزِيهِ، وحَذْفُ (فِيهِ) هَا هُنا سائِغ، لأنَّ (فِي) مَعَ الظُّروف مَحْذوفَة، وَقد تَقول: أَتَيْتُكَ الْيَوْم، وأَتَيْتُكَ فِي الْيَوْم، فَإِذا أضْمَرْت، قلت: أَتيتك فِيهِ، ويجوزُ أَن تَقول: أَتَيْتَكَهُ، وَأنْشد:
ويَوْماً شَهِدْناهُ سُلَيماً وعَامِراً
قَلِيلاً سِوى الطّعْنِ النِّهال نَوَافِلُه
أرادَ شَهِدْنا فِيه.
قلت: وَمعنى قَوْله: {لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة، أَي لَا تَقْضِي فِيهِ نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيئاً.
يُقَال: جَزَيتُ فلَانا حَقَّه، أَي قَضَيْتُه، وأَمَرْتُ فلَانا يَتَجَازَى دَيْني، أَي يَتَقَاضَاه، وَمِنْه حديثُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لأبي بُرْدَة بن نِيَار فِي الْجَذَعَةِ الَّتِي أَمَره أَن يُضَحِّي بهَا من المِعْزَى: (وَلَا تَجْزِي عَن أَحَدٍ بَعْدَك) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: هُوَ مأْخوذٌ من قَوْلك: قد جَزَى عَنِّي هَذَا الأمْر، فَهُوَ يَجْزِي عَنِّي، وَلَا هَمْزَ فِيهِ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ لَا تَقْضِي عَن أَحَدٍ بَعْدك، وَلَيْسَ فِي هَذَا هَمْز.
وَيُقَال: جَزيت فلَانا بِمَا صَنَع جَزاءً.
وقضيتُ فلَانا قَرْضَه، وجزيته قرضه.
وَتقول: إِن وَضَعْتَ صدقَتَك فِي آلِ فلَان جَزَتْ عَنْك، وَهِي جازِيَةٌ عَنْك.
قلت: وبعضُ الْفُقَهَاء يَقُول: أَجْزَى عَنْك بِمَعْنى جَزَى أَي قَضَى. وَأهل اللُّغة يَقُولُونَ: أَجْزَأَ بِالْهَمْز، وَهُوَ عِنْدهم بِمَعْنى كَفَى.
قَالَ الأصمعيّ: أَجْزَأَنِي الشّيءُ إِجْزاءً مَهْمُوز، مَعْنَاهُ كفاني. وَأنْشد:
لَقد آلَيْتُ أغْذِرُ فِي جَدَاعٍ
وَإِن مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ فِي الأَقْوام عارٌ
وأنَّ المرْءَ يَجْزَأُ بالكُرَاعِ
قَوْله: يَجْزَأُ بالكراعِ، أَي يَكْتَفِي بهَا، وَمِنْه قَول النَّاس: اجتَزَأْتُ بكَذا وكَذا، وتَجَزَّأْتُ بِهِ، أَي اكْتَفَيْت بِهِ وأَجْزَأْتُ بِهَذَا الْمَعْنى.(11/99)
وَمِنْه قَول الْعَرَب: جَزَأْت الماشيةُ تَجْزَأُ جَزْءاً إِذا اكتَفَتْ بالرّطْبِ عَن شرب الماءِ.
وَقَالَ لبيد:
جَزَأ فَطالَ صيامُه وصِيامُها
أَي اكْتَفَيا بالرّطب عَن شُربِ المَاء، يَعْني عَيْراً وأتانة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، أَنه أنْشدهُ لبَعض بني عَمْرو بن تَمِيم:
وَنحن قتلنَا بالْمَخَارِقِ فَارِسًا
جَزَاءَ العُطاسِ لَا يَمُوت المُعاقب
قَالَ: يَقُول: عَجَّلنا إِدراك الثأر كَقدْر مَا بَين التّشميت والعُطاس.
والمُعاقب: الَّذِي أدْرك ثَأْره لَا يَمُوت المُعاقِب أَي أَنه لَا يَمُوت ذكرُ ذَلِك بعد مَوته، قَالَ: وَمثله قَول مهلهل:
فقتلى بقتلانا وجَزٌّ بجَزِّنا
جَزَاء العُطاسِ لَا يموتُ مَن اتّأَرْ
أَي لَا يَمُوت ذكره.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: يُجزِىءُ قليلٌ من كثِير. ويُجْزِي هَذَا من هَذَا، أَي كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يَقُومُ مقَام صاحِبه.
وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن جَزَيْتُه وجازَيْته، فَقَالَ: قَالَ الْفراء: لَا يكون جَزَيتُه إِلَّا فِي الْخَبَر، وجازيته يكون فِي الخيْر والشّرّ.
قَالَ: وَغَيره يُجِيز جَزَيتُه فِي الْخَيْر والشّر، وجازيته فِي الشّر، وَيُقَال: اللّحم السّمين أَجْزَأَ من المهزول، وَمِنْه يُقَال: مَا يُجْزِئُني هَذَا الثَّوْب، أَي مَا يَكفيني.
وَيُقَال: هَذِه إبلٌ مَجازِيءٌ يَا هَذَا، أَيْ تَكْفِي الحِمْل، الواحدُ مُجْزِىءٌ، وَفُلَان بارع مُجزىءٌ لأَمره، أَي كافٍ أمْرَه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (لَمُنقَلِبُونَ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ} (الزخرف: 15) .
قَالَ أَبو إِسْحَاق: يَعْني بِهِ الَّذين جَعَلوا الملائِكة بَنَات الله، تَعالى اللَّهُ عَمَّا افتَرَوْا.
قَالَ: وَقد أُنْشِدْتُ لبَعض أهلِ اللُّغَة بَيتاً يَدُلُّ على أَنَّ معنى: جُزءٍ معنى الْإِنَاث وَلَا أَدْرِي البيتُ قَديمٌ أم مَصْنوع.
أنشدوني:
إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبٌ
لَا تُجزِيءُ الْحُرَّةُ المِذْكَارُ أَحْياناً
أَي إنْ آنَثَتْ، أَي وَلَدت أُنْثى.
قلت: وَاسْتدلَّ قَائِل هَذَا القَوْل بقوله جلّ وَعز: {مُبِينٍ وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} (الزخرف: 19) .
وأَنْشَد غَيره لبَعض الأَنْصار:
نَكَحْتُها من بَنَات الأوْس مُجْزِئَةً
للعَوْسَج اللَّدْنِ فِي أَبْياتِها زَجَلُ(11/100)
يَعْنِي امْرَأَةً غَزَّالَةً بمغازِلَ سُوِّيَتْ من خَشَب العَوْسَج.
قلت: والجزْءُ فِي كَلَام الْعَرَب: النَّصِيب، وَجمعه أَجزَاء.
وَيُقَال: جَزَأْتُ الحالَ بَينهم، وجَزَّأْتَه إِذا قَسَّمْتَه، يُخَفَّف ويُنْقّل.
وكأنَّ الْمَعْنى فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {لَمُنقَلِبُونَ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ} (الزخرف: 15) .
أَي جَعَلوا نَصيبَ الله من الْوَلَد الإناثَ، دُون الذُّكُور، واسْتَأْثروا بالذكور.
قلت: وَلَا أَدْرِي مَا الْجُزْء بِمَعْنى الْإِنَاث، وَلم أَجِدْه فِي شِعْر قديم وَلَا رَوَاه عَن الْعَربِ الثّقاب. وَلَا يعبأ بِالْبَيْتِ الَّذِي ذكره لِأَنَّهُ مَصْنُوع.
وَقَالَ الأصمعيّ: اسمُ الرجل جَزْءٌ بِفَتْح الْجِيم، وكأَنَّهُ مَصدر جَزَأْتُ جَزْءاً.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبيدة، قَالَ: والجُزْأَةُ: نِصابُ السِّكين.
قَالَ أَبُو زيد: وَقد أَجْزَأْتُها إجْزَاءً، وأَنْصَبتُها إنْصاباً، أَي جَعَلْتُ لَهَا نِصَابا، وجُزْأَةً، وهما عَجُزُ السِّكين.
قَالَ أَبُو زيد: والجُزأَةُ لَا تكون للسَّيْف وَلَا للخِنجَر، وَلَكِن للمِئثَرة الَّتِي تُوسَمُ بهَا أَخفافُ الإِبل، وللسكاكين، وَهِي المقْبضُ.
وَيُقَال: مَا لفُلَان جُزْءُ، وَمَاله أجْزاء، أَي مَاله كِفَاية.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أَجْزَأْتُ عَنْك مُجْزَأَ فُلان، ومُجْزَأَتَه، ومَجْزَأ فُلان، ومَجْزَأَتَه، وَكَذَلِكَ أَغْنَيْتُ عَنْك مِثْلهُ فِي اللَّغات الأرْبع.
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا رَجُلٌ حَسْبُك من رَجُلِ، ونَاهِيك وكافيك وجَازِيكَ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ القُطامي:
وَمَا دَهرِي يُمنِّيني وَلَكِن
جَزَتْكُم يَا بني جُشَمَ الجوازِي
أَي جزتكم جوازيَ حقوقكم وذمامكم، وَلَا مِنَّة لي عَلَيْكُم.
والجزْية: جِزْيَة النَّاس الَّتِي تُؤْخَذ من أهل الذمّة، وَجَمعهَا: الْجِزَى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْجِزَى الجوالي، والجالية الجِزيَةُ.
وَقَالَ أَبُو بكر: الْجِزْيَة فِي كَلَام الْعَرَب: الْخراج المَجعول على الذِّمِّيّ، سُمِّيت جِزْيَة لِأَنَّهَا قضاءٌ مِنْهُ لما عَلَيْهِ، أُخِذَ من قَوْلهم: جَزَى يَجْزِي، إِذا قضى.
وأَمَّا قَوْلهم: جَزَتكَ عَنِّي الجوازي، فَمَعْنَاه جَزَتكَ جوازي أفعالِكَ المحمودة؛ وحقوقِكَ الْوَاجِبَة، والجوازِي مَعْنَاهَا الجَزاءَ: جمع الجازِية مَصْدَر على (فاعِلة) كَقَوْلِك: سَمِعْت رَواغي الْإِبِل وثَواغِي الشّاه أَي سَمِعت رُغاءها وثُغاءها، وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {عَالِيَةٍ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا} (الغاشية: 11) أَي لَغْواً، وَجَمعهَا(11/101)
اللَّواغِي. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليل مَخَانَةً
فَتِلْكَ الجوازِي عَقْبُها ونَصِيرُهَا
أَي جُزِيت كَمَا فعلت؛ وَذَلِكَ أَنه اتهَمَه فِي حيلته.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان ذُو جزاءٍ، وَذُو غَناءٍ، محدودان. قَالَ: والمجزوءُ من الشِّعرِ، إِذا ذَهَب فعلٌ وَاحِد من فواصله. كَقَوْلِه:
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ
ن أَنَّهما قد الْتَأَمَا
فإِنْ تَسْمَعْ بِلأْمِهِمَا
فإِنَّ الأمرَ قد فَقِما
وَمثله قَوْله:
أَصْبَحَ قلْبي صَرِداً
ذهب مِنْهُ الْجُزْء الثَّالِث من عَجزه.
جوز جيز جأز: الأصمعيّ: الجَأَز الْغَصَصُ، يُقَال: جَئِز يَجأَزُ جَأَزاً، إذَا غَصَّ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّ امرأَةً أَتَته، فَقَالَت: إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَام كأَنَّ جائِزَ بَيتي انْكسر، فَقَالَ: خير، يَرُدُّ اللَّهُ غَائِبَك، فَرجع زَوْجُها، ثمَّ غابَ، فرأَتْ مِثْلَ ذَلِك، فَلم تَجِد النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووجدَت أَبَا بكر، فَسَأَلته، فَقَالَ: يَمُوت زَوْجُك) .
قَالَ أَبُو عبيد: الجائِزُ فِي كَلَامهم الْخَشبَةُ الَّتِي توضَعُ عَلَيْهَا أَطْرَاف الْخُشُب، وَهِي الَّتِي تُسمَّى بالفارِسيَّة التِّير.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: جَمع الجائِز أَجْوِزَةُ وجُوزَان.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نحوَه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الجائِزُ الَّذِي يُمرُّ على الْقَوْم، وَهُوَ عَطْشان سُقِيَ أَو لم يُسْق، فَهُوَ جَائِز، وَأنْشد:
مَنْ يَغْمس الجائِزَ غَمْسَ الوَذَمَهْ
خَيْر مَعَدَ حَسَباً وأكْرَمَه
وَقَالَ اللَّيْث: جَزْتُ الطَّريقَ جَوَازاً، ومَجَازاً وجُؤُوزاً، وَالْمجَاز: الْموضع، وَكَذَلِكَ الْمجَازَه.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: جُزْتُ الموضِع، سِرْتُ فِيهِ، وأَجَزْتُه: خَلَّفتُه وقَطَعْتُه، وأَجَزْتُه: أَنَقَذتُه.
هَكَذَا رَوَاهُ شَمِر لأبي عُبَيد بِالْقَافِ، وَمِنْه قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فلمَّا أَجَزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتَحَى
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
وَقَالَ أَوْس بن مَغراء:
حَتَّى يُقال أَجِيزوا آلَ صَفْوَانَا
أَي أَنفِذُوهم، يمْدحُهُم بأَنَّهُم يُجيزون الْحَاج.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاوزتُ الموضعَ جَوازاً، بِمَعْنى جُزْتُه؛ وتجاوَزْتُ عَن ذَنبه، أَي لم آخذْه بِهِ.(11/102)
الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، قَالَ: الْجَوَاز السَّقْيُ؛ يُقَال: أَجِيزونا أَي اسْقونا، والمسْتَجِير: المسْتَقِي.
قَالَ الراجز:
يَا صاحبَ الماءِ فَدتكَ نَفْسي
عَجِّل جوازِي وأَقِلَّ حَبْسِي
أَي عجل سَقْي.
وَقَالَ الْقطَامِي:
وقَالوا: فُقَيْمٌ فَيِّمُ الماءِ فاسْتَجزْ
عُبادَةَ إنَّ الْمسْتَجيزَ على قُتْرٍ
وَقَالَ: وَحكى ابنُ الأعْرابيَّ، عَن بعض الْأَعْرَاب: لِكُلِّ جابَةٍ جَوْزَة ثمَّ يُؤَذِّن، أَي لِكُلِّ من وَرَدَ عَلَيْنَا سَقْيَةٌ، ثمَّ يُمْنَعُ من المَاء. يُقَال: أَذَّنْتُه تَأْذِيناً، أَي رَدَدْتُه.
أَبُو بكر: أجَاز السلطانُ فلَانا بجائزة، وأصل الْجَائِزَة أَن يُعطىَ الرجلُ الرجلَ مَاء يُجيزه ليذهبَ لوجهه، فَيَقُول الرجلُ: إِذا وردَ مَاء لِقَيِّم المَاء أجزْني أَي أَعْطِنِي مَاء حَتَّى أذهب لوجهي، وأجوز عَنْك، ثمَّ كثر هَذَا حَتَّى سَمُّوْا العطيّة جَائِزَة.
وَقَالَ اللَّيْث: التّجوُّز فِي الدَّراهم أَنْ تُجَوِّزَها، قَالَ: والْمجَوَّزةُ من الغَنمَ الَّتي بِصَدْرِها تَجويز، وَهُوَ لَونٌ مُخَالف لِلَوْنها.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد فِي شِيات الضّأن، قَالَ: إِذا ابْيَض وَسَطُها، فَهِيَ جَوْزاء.
وَقَالَ غَيره: جَوْزُ كُلِّ شَيء وَسَطُه، وجَوْزُ الْفَلاة: وسَطُها، وجَوْزُ الْجراد: وَسَطُها.
وَقَالَ ابْن الْمُظَفَّر: الإجاز: ارْتفاق الْعَرَب. كَانَت الْعَرَب تَحْتَبِي وتَسْتَأجِزُ على وسادَة، وَلَا تَتَّكِىءُ على يَمين وَلَا على شمال أَي تَتَحَنَّى عَلَى وِسادة.
قلت: لم أسمع الإجازَ لغير اللّيث، وَلَعَلَّه قد حَفِظه.
ورُوِيَ عَن شُرَيْحٍ أَنه قَالَ: إِذا بَاعَ الْمُجِيزان فَالْبيع للأوّل، وَإِذا أَنْكَح الْمُجيزان فَالنِّكَاح للأَول، والمجيز: الوَليّ.
وَيُقَال: هَذِه امرأةٌ لَيْسَ لَهَا مُجيز، والمجيز: الوصِيّ، والمجيز: القَيِّم بأَمْر الْيَتِيم؛ والمجيزُ: العَبْد المأْذون لَهُ فِي التِّجارة.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ رجلا خَاصم إِلَى شُرَيح غُلاماً لزيادٍ فِي بِرْذَونةٍ بَاعهَا وكَفل لَهُ الغُلام، فَقَالَ لَهُ شُريح: إنْ كَانَ مُجِيزاً، وكفل لَك غَرِمَ، أَرَادَ، إنْ كَانَ مَأذوناً لَهُ فِي التِّجارة.
قلت: والْجِيزةُ من المَاء مِقْدَارُ مَا يَجُوز بِهِ المسافرِ من مَنْهلٍ إِلَى مَنهل. يُقَال: اسْقِني جِيزةً وجائِزةً وجَوْزَةً.
وَفِي الحَدِيث: الضِّيافَةُ ثلاثَةُ أَيَّام، وجائِزَتهُ يومٌ وَلَيْلَة، أَي يُعْطَى مَا يجوزُ بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة.
والتّجاويز: بُرودُ مَوْشِيَّةٌ من بُرودِ الْيمن،(11/103)
وَاحِدهَا تِجْواز.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
حَتَّى كأَنَّ عِراصَ الدارِ أرْدِيةٌ
من التجاوِيزُ أَو كُرّاسُ أَسْفارِ
والْمجازَة: موسمٌ من المواسم. وذُو المجازة: مَنْزل من مَنازِل طَرِيق مَكَّة بَين ماوِيّة وينْسُوعَةَ على طَرِيق البَصْرَة.
والْجِيزة: النّاحية، وَجَمعهَا جِيزٌ، وَعِبْرُ النّهر: جِيزَتُه، وجِيزُ: قَرْيةٌ من قرى مصر، وإليها نسب الرّبيع بن سُلَيْمَان الجِيزيّ.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن يحيى، قَالَ: دَفَع إليّ الزبيرُ الإِجازةَ، وكتَب بخطِّه. وَكَذَلِكَ عبد الله بن شَبيب أجَاز إلَيَّ، فَقلت لَهما: أَيْش أقولُ فِيهِ؟ فَقَالَا: قل فِيهِ إِن شِئت: حَدَّثنا، وَإِن شِئْت أَخبرنا، وَإِن شِئْت كَتَبَ إلَيَّ.
أَزجّ: قَالَ ابنُ السّكّيت: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأُزُوجُ: سُرْعَةُ الشَّدّ، وفَرَسٌ أزُوج؛ وَأنْشد:
فَزَجَّ رَمْدَاءَ جواداً تَأْزِجُ
وَقَالَ النضْر: الأزَجُ مَعْروفٌ؛ يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (أُوسْتَان) .
وَقَالَ اللّيْث نحوَه، قَالَ والتَأْزِيجُ: الْفِعْل، وَهُوَ بَيْتٌ يبْنى طَويلا.
وجز: قَالَ اللَّيْث: الوجْزُ الوَحَاءُ، تَقول: أَوْجَزَ فلانٌ إيجازاً فِي كلِّ أَمر، وَقد أَوْجزَ الكلامَ والعِطيّة وَنَحْوهَا.
وَأنْشد:
مَا وَجْزُ مَعْرُوفِكَ بالرِّماقِ
وأَمْر وَجِيز، وكلامٌ وجِيز.
قَالَ رُؤْبة:
لَوْلاَ عَطاءٌ من كَريمٍ وَجْزِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الوَجْزُ السَّريعُ العَطاء، وَجَزَ فِي كَلَامه وأَوْجَزَ.
وَقَالَ رُؤْبة أَيْضا:
عَلَى حَزَابيَ جُلالٍ وَجْزِ
يَعْنِي بَعيراً سَريعاً.
زوج: قَالَ اللَّيْث: الزّاج، يُقَال لَهُ: الشَّبّ الْيَمانيّ، وَهُوَ من الأدْوية وَهُوَ من أَخلاط الحِبْر.
الحرّاني عَن ابْن السِّكّيت: يُقَال هُوَ زَوْجها وَهِي زَوْجه.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ} (الْأَحْزَاب: 37) .
وَقَالَ أَيْضا: {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ} (النِّسَاء: 20) أَي امْرأَةً مكانَ امْرَإِةٍ، والجميع الأزْوَاج.
وَقَالَ: {شَىْءٍ قَدِيراً ياأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَْزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} (الْأَحْزَاب: 28) . قَالَ: وَيُقَال: هِيَ زَوْجتُه.
وَأنْشد:
يَا صَاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوْجات كلِّهمُ
أَنْ لَيْسَ وصَلٌ إِذا انحلَّتْ عُرَا الذنَبِ(11/104)
وَتقول الْعَرَب: زَوَّجته امْرأَةً، وتَزَوَّجت امرأَةً، وَلَيْسَ من كَلَام الْعَرَب. 0 تزوَّجتُ بامْرَأَةً، وَلَا زوَّجْت مِنْهُ امْرأَةً.
قَالَ: وَقَول الله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ} (الدُّخان: 54) أَي قَرَنَّاهم.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ لُغَةٌ فِي أَزْدِ شَنُوءة.
وَقَالَ أَبُو بكر: الْعَامَّة تخطيءُ فَتَظنّ أنّ الزّوجَ اثْنَان، وَلَيْسَ ذَلِك من مَذَاهِب الْعَرَب، إِذا كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ بِالزَّوْجِ موَحَّداً فِي مثل قَوْلهم: زوج حمام، وَلَكنهُمْ يُثنُّونَه فَيَقُولُونَ: عِنْدِي زوجان من الْحمام، يَعنون ذكرا وَأُنْثَى، وَعِنْدِي زوجان من الخِفاف، يعنون الْيَمين وَالشمَال. ويوقعون الزّوجين على الجنسين الْمُخْتَلِفين، نَحْو: الْأسود والأبيض، والحلو والحامض.
قَالَ الله: {وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ} (النَّجْم: 45) .
وَقَالَ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} (الْأَنْعَام: 143) أَرَادَ ثَمَانِيَة أَفْرَاد، دلَّ هَذَا على ذَلِك.
قَالَ: وَلَا تَقول للْوَاحِد من الطير زوجٌ كَمَا يَقُولُونَ للاثنين زوجان؛ بل يَقُولُونَ للذّكر فَرْدٌ، وللأُنْثى: فَردةٌ.
قَالَ الطرماح:
خرجنَ اثْنَتَيْنِ، واثنتين وفَرْدَةً
يُبادِرْنَ تَغليساً سِمالَ المداهنِ
وَتقول الْعَرَب فِي غير هَذَا: الرجل زوج الْمَرْأَة، وَالْمَرْأَة زوج الرجل وَزَوجته، وسمَّى الْعَرَب الِاثْنَيْنِ زَكاً، وَالْوَاحد: خَساً.
والافتعال من هَذَا الْبَاب ازدوَج الطيرُ ازدِواجاً فَهِيَ مزدَوِجةٌ.
قَالَ: وَتقول: عِنْدِي زَوْجا نِعالٍ وزَوجَا حَمام، وأنْتَ تَعْنِي ذَكراً وأُنثى.
قَالَ الله: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (الْمُؤمنِينَ: 27) .
وَيُقَال للنَّمَطِ زَوْجٌ، قَالَ لبيد:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وقِرَامُهَا
وَقَالَ الله: {مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (ق: 7) . أَي من كلِّ ضَرْبِ من النَّبَات حَسَن، والزَّوج: اللَّوْن.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكلُّ زَوْجٍ من الدِّيباجِ يَلْبَسُه
أَبُو قُدامةَ مَخْبُوٌ بذَاك مَعا
وَكَانَ الحَسَن يَقُول فِي قَوْله: {الْمَاهِدُونَ وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا} (الذاريات: 49) . قَالَ: السَّماءُ زَوْجٌ، والأَرْضَ زَوْج والشِّتاء زَوْج، والصَّيْف زَوْج، واللَّيْلُ زَوْج، وَالنَّهَار زوج، ويُجْمَعُ الزَّوْجُ أَزْواجاً وأزَاوِيج، وَقد ازْدَوَجَتْ الطَّيْر، افْتِعالٌ مِنْهُ.(11/105)
وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ، أنّه سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (منْ أَنْفَقَ زَوْجَيْن من مَاله فِي سَبِيلِ الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَةُ الجَنَّة. قَالَ: وَقلت: وَمَا زَوْجانِ من مَاله؟ قَالَ: عَبْدَان أَوْ فَرَسان أوْ بَعيران من إبِله) وَكَانَ الحَسَن يَقُول: دِيناران أَوْ دِرْهمان أَو عَبْدَان، وَاثْنَانِ من كلِّ شَيْءٍ زَوْجٌ.
إِسْحَاق، قلت لِأَحْمَد: مَا زوجان من مَاله؟ قَالَ: عَبْدَان. وَقَالَ: عجبت من امْرَأَة عجبت من امْرَأَة حَصَانٍ رَأَيْتهَا لَهَا ولَدٌ من زَوجهَا وَهِي عَاقِر. أَرَادَ من زوج حمام لَهَا، وَهِي، يَعْنِي الْمَرْأَة، عَاقِر.
فَقلت لَهَا: بُجْراً فَقَالَت مُجيبَتِي
أتعجب مِن هَذَا ولي زوجٌ آخَرُ
يَعْنِي زوجَ حمامٍ آخر.
قَالَ الزّجاج فِي قَول الله: {بِهِ تُكَذِّبُونَ احْشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ} (الصافات: 22) مَعْنَاهُ: ونظراءهم ضَرَبَاءَهم. تَقول: عِنْدِي من هَذَا أَزوَاج أَي أَمْثَال، وَكَذَلِكَ زوجان من الخِفافِ أَي كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا نَظِير صَاحبه، وَكَذَلِكَ الزّوج: الْمَرْأَة، والزوجُ: المرْء قد تنَاسبا بِعقد النِّكَاح. وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} (ص: 58) أَي أَنْوَاع.
وَقَالَ: فِي قَوْله: {الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (الشورى: 50) معنى يزوجهم: يَقْرِنُهم، وكل شَيْء اقْترن أَحدهمَا بِالْآخرِ فهما زوجان.
وَقَالَ الْفراء: يجعلُ بعضَهم بَنِينَ، وبعضَهم بَنَات؛ فَذَلِك التَّزْويج. قلت: أَرَادَ بِالتَّزْوِيجِ التَّصنيف؛ وَالزَّوْج: الصِّنْف، فالذكر صِنْف، وَالْأُنْثَى: صِنف.
قَالَ: وَكَانَ الأصمعيّ لَا يُجيزُ أَن يُقال لفَرْخَيْن من الْحمام وغَيره زَوْج. وَلَا للنّعْلين زَوْج. وَيُقَال فِي ذَلِك كلِّه: زَوْجان لكُلّ اثْنَين.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الزوْج اثْنَان؛ وكل اثْنَيْنِ زَوْجٌ، وَقَالَ: اشْتَرَيْت زَوْجَيْنِ من خِفاف، أَي أَرْبعة.
قلت: وأنكرَ النَّحويون مَا قَالَ ابْن شُمَيل. والزَّوْجُ: الْفَرْدُ عِنْدهم.
وَيُقَال للرّجل وَالْمَرْأَة: الزَّوجان.
وَقَالَ الله: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} (الْأَنْعَام: 143) ، يُرِيد ثَمَانِيَة أَفراد.
وَقَالَ: {احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} (هود: 40) وَهَذَا هُوَ الصَّواب.
وَيُقَال للْمَرْأَة: إنَّها لَكَثِيرَةُ الأَزْوَاج والزِّوَجةَ، وَيُقَال: زَوَّجْتُ الْمَرْأَةَ الرَّجُلَ، وَلَا يُقَال: زَوَّجْتُها مِنْه.
زجا: قَالَ اللَّيْث: التَّزْجيَةُ دَفْعُ الشَّيْء كَمَا تُزَجِّي البَصَرَةُ وَلَدَها، أَي تَسوقُه، وأَنْشَدَ:
وصَاحِبٍ ذِي غِمْرَةٍ داجيْتُه
زَجَّيْتُهُ بالْقَوْلِ وازْدجيْتُهُ(11/106)
والرّيحُ تُزْجي السَّحاب: أَي تَسُوقُه سَوْقاً رَفِيقًا، والْمُزَجيَ الْقَليلُ.
وَقَالَ الله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} (يُوسُف: 88) أخبرنَا الْمُنْذِرِيّ، عَن الغسّانيّ، عَن سلمَة، عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ فِي قَوْله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} (يُوسُف: 88) أَي يَسيرَة قَليلة، وَأنْشد:
وحاجةٍ غَيْرِ مُزْجاةٍ من الْحَاجِ
وَيُقَال: أَزْجَيْتُ الشَّيءَ إِزْجاءً، أَي دَافَعْتُ بقَليله، وَهَذَا أمْرٌ قد زَجوْنا عَلَيْهِ نَزجُو.
وَيُقَال: أَزْجَيتُ أَيامى وزَجَّيتها، أَي دافعتها بقوتٍ قَلِيل.
قلت: وسَمعتُ أَعْرابياً من بَني فَزارة يَقُول: (أَنْتم مَعاشِرَ الحاضِرَةِ قبلتمْ دُنياكم بِقُبْلانٍ وَنحن نُزَجِّيها زجاةً) أَي نَتبلّغُ بقليلِ الْقُوت ونَجْتزِىءُ بِهِ.
ورُوِي عَن أَبي صَالح، أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} قَالَ: كَانَت حَبَّةَ الخضْراء والصّنوْبَر.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم النّخَعي فِي قَوْله: (مُزْجاة) مَا أَراها إِلَّا القَليلة. وَقَلِيل كَانَت مَتَاع الْأَعْرَاب: الصُّوف، والسَّمن.
وَقَالَ سعيد بن جُبيْر: (بِضَاعَةٌ مُزْجاةٌ) دَراهمُ سَوْء.
وَقَالَ عِكْرِمة: هِيَ النَّاقِصة.
وَقَالَ اللَّيْث: زَجا الخَراجُ يَزْجُو: إِذا تَيسرتْ جِبَايَته.
ج ط (وَا يء)
مهمل.
(بَاب الحيم وَالدَّال)
ج د (وَا يء)
جاد، جدا، ودج، وجد، دجا، (داج) ، أجد.
جود جيد أجد: الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، يُقَال: هَذَا شَيْءٌ جيد، بَيِّنُ الجودَة من أَشْياء حَياد، وَهَذَا رَجلٌ جوادٌ من قَوْم أَجْوادٍ بيِّن الجَوْدَة، وَهَذَا فَرسٌ جَوادٌ من خيلِ جِيادٍ بَيِّنَةُ الجُودةِ، والجَودةِ، وَهَذَا مَطرٌ جَوْدٌ، بيِّن الْجَوْد، وَقد جِيدَت الأرْضُ، وَيُقَال: هاجَت بِنَا سماءٌ جَوْد، وَقد جادَ بنفْسهِ عندَ الْمَوْت يَجُودُ جؤوداً، وقَدْ جِيدَ فلانٌ من الْعَطش، يُجادَ جُوَاداً وجَوْدَةً.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
تُعاطِيه أَحْياناً إِذا جِيدَ جَودةً
رُضاباً كطعم الزَّنجبيلِ المُعَسَّلِ
أَي إِذا عَطِشَ عَطْشَةً.
وَقَالَ الْبَاهِلِيّ فِي الْجُواد:
ونَصْرُكَ خَاذِلٌ عَنِّي بَطيءٌ
كأَنَّ بكم إِلَى خَذْلِي جُوَاداً
أَبُو عبيد: الجُوَادُ الْجُوع.
وَقَالَ أَبُو فراس:(11/107)
تكادُ يَداه تُسْلمان رِدَاءَه
من الجودِ لما اسْتَقَبَلَتْها الشَّمائل
يُرِيد جمع الشمَال.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: من الْجُود، أَي من السّخاء وَيُقَال للَّذي غَلَبَهُ النَّوم مَجُود، كأَنَّ النَّومَ جادَه، أَي مَطَره.
قَالَ لَبِيد:
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرى
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المبْتَذَلْ
وَيُقَال: جِيدَ فُلانٌ، إِذا أَشْرف على الهَلاك، كَأَن الْهَلَاك جادَة؛ وَأنْشد:
وقِرْنٍ قد تَرَكْتُ لَدى مِكَرَ
إِذَا مَا جادَهُ النَّزْفُ اسْتَدارا
وَيُقَال: إنِّي لأُجَادُ إِلَى لقائك، أَي أُسَاقُ إليْك، كأَنَّ هَواهُ جادَةُ الشَّوْقُ، أَيْ مَطَرَه، وإنَّه ليُجادُ إِلَى فلَان، وَإِلَى كلِّ شَيْء يَهْواه.
وَقَالَ الليْث مثل ذَلِك، وَقَالَ: هُوَ يجُودُ بنَفْسِه، ويَرِيقُ بنَفْسه ويَفُوق بهَا، إِذا كَانَ فِي السّياق. وَهُوَ يَسُوق نَفسه، ويغيظُ نَفسه بِلَا بَاء. وَقَالَ: وَهُوَ يجُودُ بنَفسه، مَعْنَاهُ يَسوقُ نَفسَه، من قَوْلهم: إنَّ فلَانا ليُجادُ إِلَى فلَان، وَإنَّهُ لَيُجاد إِلَى حَتْفِهِ، أَي يُساق إِلَيْهِ. وَقَول لبيد:
ومَجُودٍ من صُبابات الكَرى
مَعْنَاهُ سِيقُ إِلَى صُبَابات الكَرى.
وَقَالَ الأصمعيّ: مَعْنَاهُ صُبَّت عَلَيْهِ صُبابات الكَرى صبًّا من جَوْد الْمَطَر وَهُوَ الْكثير مِنْهُ.
وَيُقَال: أَجادَ فلانٌ فِي عِلمه، وأَجْوَدَ وجَوَّدَ فِي عَدْوِه تجويداً. وعَدَا وعَدْواً جَوَاداً. وإنِّي لأجَادُ إِلَى الْقِتَال: أَي لأساق إِلَيْهِ.
والجيدُ: مُقَدَّمُ العنقُ، وَجمعه أَجياد وامْرأَةٌ جيْدَاء، إِذا كَانَت طَوِيلَة العنقَ، لَا يُنْعَت بِهِ الرُّجل. وَقَالَ العجاج:
تسمعُ للحَلْيِ إِذا مَا وَسْوسَا
وارتجَّ فِي أجيادِها وأَجْرَساً
جَمْعُ الْجيد بِمَا حَوْله. قَالَ: وامرأةٌ جيْد أَنه حَسَنةُ الْجيد.
أَبُو عبيد: أَجادَ الرَّجُل، إِذا كانَ ذَا دابَّةٍ جَوَادٍ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمِثْلُكِ قَدْ لَهَوْتِ بهَا وأَرْضٍ
مَهَامَه لَا يَقُودُ بهَا الْمُجِيدُ
ويُقال: أَجَاديه أَبَوَاه: إِذا وَلَدَهُ جَوَاداً.
وَقَالَ الفرزدق:
قَومٌ أَبُوهُمْ أَبُو العَاصِي أَجاد بهم
قَرْمٌ نجيبٌ لجَدَّاتٍ مَنَاجِيب
اللِّحياني: سرنا عُقْبَةً جواداً، وسِرْنا عُقْبَتَيْن جَوَادَيْن، وسِرْنا عُقُباً أَجْواداً إِذا كانَتْ بَعِيْدَةً.
وَيُقَال: جَاوَرْتُ فُلاناً فجدتُه أَجُودُه إِذا غَلَبْتَهُ فِي الْجُود.(11/108)
وَقَالَ أَبُو سعيد: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: كنتُ أَجْلِسُ إِلَى الْقَوْم يَتجاوَبُون الحَدِيث، ويَتجاودُون، فَقلت لَهُ: مَا يَتجاوَدون؟
قَالَ: يَنْظرون أَيُّهُمْ أَجْوَد حُجَّةً.
وأَرْضٌ مَجُودَةٌ: أَصَابها مَطَرٌ جَوْدٌ.
وجَاد عملُه يَجُود جَوْدَةً، وَجَدْتُ لَهُ بالمالِ جُوداً، وقَوْمٌ أَجْوَادٌ وجُودٌ، ونِساءٌ جُودٌ.
قَالَ الأَخْطَل:
وَهُنَّ بالبَذلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
ابْن هانىء عَن أبي زيد: وَقَعَ النّاسُ فِي أَبي جادٍ أَي فِي باطلٍ.
جدا: قَالَ الأصمعيّ: الْجَداءُ الغَنَاءُ مَحدودٌ، يُقَال: فلانٌ قليلُ الجدَاء عَنْك: أَي قليلُ الغَنَاءِ، وَمِنْه يُقَال: قَلَّ مَا يُجْدِي فلانٌ عَنْك، أَي قلَّ مَا يُعْنِي.
والجَدَى من العَطِيّة مقصورٌ، يُقَال: فلانٌ قليلُ الجَدَى على قومه، وَيُقَال: مَا أَصَبْتُ من فلانٍ جَدْوَى قطُّ أَي عَطِيَّة، وَيُقَال: فلانٌ يَجْتَدِي فلَانا، ويجْدُوه أَي يسأَله، والسُّؤَّال: الطالبون، يُقَال لَهُم: الْمُجتَدُون.
وَيُقَال: أَصَابَنا مطَرٌ جدًى، أَي مطرٌ عَام.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جَدَى علينا فلانٌ يجدو جَدْوَى، وأجدى فلَان أَي أَعْطَى، وَقَالَ: قومٌ جُداةٌ ومُجْتَدُون.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو، يُقَال: هَذِه بصيرةٌ من دَمٍ، وجَدِيَّةٌ من دمٍ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الجِدِيَّةُ مَا لَزِقَ بالجَسَد، والبَصِيرَةُ مَا كَانَ على الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَدِيَّة هِيَ لونُ الْوَجْه. يُقَال: اصْفَرّتْ جَدِيَّةُ وجهِه، وَأنْشد:
تَخَالُ جَدِيَّةَ الأبطالِ فِيهَا
غداةَ الرَّوْع جادِيّاً مَدُوفاً
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الجَادِيُّ الزَّعْفَرَانُ، والجِسَادُ مثله.
جاديَّة: قَرْيَة بِالشَّام ينْبت بهَا الزَّعْفَرَان؛ فَلذَلِك قَالُوا جادِيّ.
وَقَالَ عَبَّاس بن مَرْداس:
سُيول الجَدِيّة جادتْ بهَا
مُراشاةُ كلِّ قتيلٍ قَتِيلا
سُلَيْمٌ وَمن ذَا الَّذِي مثلهم
إِذا مَا ذَوُو الْفضل عَدّوا الفضولا
أَرَادَ جَدِيَّة الدَّم.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الجَدَاية من أَوْلَاد الظِّبَاءِ الذّكر وَالْأُنْثَى مِنْهَا. قَالَ: والجَدْيُ الذّكر من أَوْلَاد المِعْزَى، وَإِذا أَجذَعَ الجَدْي والعَنَاقُ سُمِّيَ عريضاً وعَتُوداً. ويقالُ للجدْي: إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ، وهِلَّعٌ وهِلّعَةٌ، قَالَ: والعُطْعُطُ الجَدْي.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: من أداةِ الرَّحْلِ(11/109)
الجَدْيَاتُ، واحدتُها جَدْيَةٌ بتَخْفِيف الْيَاء، وَهِي القِطَع من الأكْسِيَة المحشُوَّةِ، تُشَدُّ تَحت ظَلِفَات الرَّحْل. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فِي الجَدْية مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: فِي جَدْيات القَتَبِ مثله. وَقد جَدَّيْنَا قَتَبَنَا بجَديَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: جَدْيةُ السَّرْج الَّتِي يُسَمُّونها الْحَدِيدة، والجميع الجَدْياتُ.
وَيُقَال: إِنَّهَا لسماءٌ جَدًى مَا لَهَا خُلْفٌ، أَي واسعٌ عامٌ.
وَيُقَال للرجل: إنَّ خيْرَه لجَدًى على النّاس، أَي واسعٌ.
ابْن السكّيت: الجَدَي يُكتب بِالْألف وبالياء. ونجْمٌ فِي السَّماءِ، يُقَال لَهُ: الجَدْي قريبٌ من القُطْب.
وَأما الَّذِي يُقال لَهُ الجَدْي، فَهُوَ بِلِزْقِ الدَّلْوِ، وَهُوَ غيرُ جَدْي القُطْب. والجُدَاءُ محدودُ: مبلغُ حسابِ الضَّرْبِ، ثلاثةٌ فِي اثْنَيْنِ، جُدَاء ذَلِك ستّة.
وجد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: وَجَدْتُ على فلَان فأَنا أَجِدُ عَلَيْهِ مَوْجِدَةً وَذَلِكَ فِي الغَضب، ووجَدْتُ بفلان فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وَذَلِكَ فِي الحُزْن، وإنّه لَيَجِد بفلانة وجْداً شَدِيدا إِذا كَانَ يَهْواها، ووجدتُ فِي الغِنى واليَسَار وُجْداً ووِجداناً، وَمِنْه قَوْله: لَيُّ الواجِد يُحِلّ عِرْضَه وعقوبته.
قَالَ أَبُو عبيد: اللَّيُّ المَطْلُ، والواجِدُ: الَّذِي يَجد مَا يقْضِي بِهِ ديْنَه، وَمثله: مَطْلُ الغَنيّ ظُلْمٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزٌ: {أَجْراً أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلَاتِ حَمْلٍ} (الطَّلَاق: 6) . وقرِىء (من وِجْدِكم) .
يُقَال: وجدْتُ فِي المَال وُجداً ووِجْداً وجِدَةً، أَي صِرْتُ ذَا مَال، ووجدْت الضَّالَّةِ وِجداناً، وَقد يُسْتَعْملُ الوجدانُ فِي الوُجد؛ وَمِنْه قَول الْعَرَب: وِجدانُ الرَّقِين يُغَطِّي أَفَنَ الأفِين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: توجَّدَ فلانٌ أَمْرَ كَذَا أَي شكاه، وهُمْ لَا يتَوَجّدُون سهرَ لَيْلهِم، وَلَا يَشْكون مَا مَسّهم من مَشَقَّتِهِ.
ابْن السّكّيت، عَن الأصمعيّ: الحمدُ لله الَّذِي أَوْجَدَني بَعْدَمَا أَفْقَرَني أَي أَغْنَاني. والواجِدُ: الغَنِيّ، وأَنشد:
الحمدُ للَّهِ الغَنيِّ الواجِدِ
وَيُقَال: الحمدُ لله الَّذِي آجَدَنِي بعد ضعفٍ، أَي قَوّاني.
وناقَةٌ أُجُدٌ، أَي قويَّةٌ مُوثَّقَةُ الخَلْق.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَجْدُ اشتقَاقُه من الإجاد، والإِجادُ كالطّاق الْقصير. يُقَال: عَقْدٌ مُوَجَّدٌ، وبابٌ مُوَجَّدٌ. وناقَةٌ مُؤْجَدَة القَرَى، وناقةٌ أُجُدٌ، وَهِي الَّتِي فَقارُ ظَهْرِها مُتّصِلٌ كأَنَّه عَظمٌ وَاحِد.
ابْن السّكيت: بناءٌ مُؤَجّدٌ وثيقٌ مُحْكم.
ودج: قَالَ اللَّيْث: الوَدَجُ عِرْقٌ متصلٌ من(11/110)
الرّأس إِلَى السَّحْر، والجميع الْأَوْدَاج، وَهِي عروقٌ تكْتَنِفُ الْحُلْقُوم، فَإِذا فُصِدَ قيل: وُدِّجَ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْوَدَجَان عِرْقَانِ غليظانِ عريضانِ عَن يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْر ويسارها، والوريدَانِ بجنْبِ الْوَدَجَين. فالودَجَان: من الْجَداول الَّتِي تجْرِي فِيهَا الدِّماء، والوريدان: للنّبْضِ والنَّفَس.
وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ ودَجِي إِلَيْك: أَي وسيلَتي وسبَبَي، والتَّوْدِيجُ فِي الدّوابّ كالفَصْدِ فِي النَّاس.
أَبُو عُبَيد: ودَجْتُ بيْنَ القَوْمَ أَدِجُ، وَدْجاً إِذا أَصْلَحْتَ.
أَبُو مَالك: يُقَال لْلأَخوين هُما وَدَجَان.
وَقَالَ زيد الْخَيل:
فقُبِّحْتُمَا من وافِدَيْنِ اصْطُفِيتُمَا
وَمن وَدَجَيْ حَرْبٍ تَلَقَّحُ حائلِ
أَرَادَ بوَدَجَيْ حَرْبٍ أخَوَا حرْب.
ابْن شُميل: المَوَادَجَةُ المسَالَمَةُ والمُلايَنَةُ، وحُسْنُ الخُلق، ولينُ الْجَانِب.
دجا: قَالَ اللَّيْث: الدُّجْوُ الظُّلْمَة، ولَيْلَةُ داجِيَةٌ مُدْجِيَةٌ، وَقد دَجَتْ تَدْجُو، وأَدْجَت تُدْجِي.
أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ دَجَا اللَّيْل يَدْجُو إِذَا ألْبَسَ كلَّ شَيْء، قَالَ: ولَيْسَ هُوَ من الظُّلْمَةِ قَالَ: وأَنْشَدني أَعْرَابي:
أَبَى مُذْدجَا الإسْلام لَا يَتَحنَّفُ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: دَجَا الشَّيْءُ الشَّيْءَ، إذَا سَتَرَه. قَالَ: وَمعنى الْبَيْت يَقُول: لَجَّ هَذَا الكافِرُ أَنْ يُسْلِمَ بَعْدَمَا غَطَّى الإسْلامُ بِثَوْبِهِ كلَّ شَيْء.
الحرانيّ، عَن ابْن السّكّيت، يُقَال: مَا كانَ ذَاكَ مُذْدَجَا الإسْلام، أَي أَلْبَسَ كُلَّ شَيْء، وَيُقَال: دَجَا شَعْرُ الماعِزَةِ، رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنَّهُ لَفِي عَيْشٍ دَاجٍ دجيِّ، وَأنْشد:
والْعَيْشُ دَاجٍ كَنَفاً جِلْبَابُه
قَالَ: وَيُقَال دَاجَيْتُ فُلاناً إِذَا ماسَحْتَهُ على مَا فِي قَلْبِهِ وجَامَلَته.
والْمُدَاجَاةُ: الْمُدَارَاةُ. والْمُداجاة: الْمُطَاوَلَة.
أَبُو عُبيد: دَاجَيْتُهُ وَوَالَيْتُه، وصَادَيْتُهُ، إِذَا دَارَيْتَه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الدُّجى: صِغَارُ النَّحْل، وَأنْشد:
دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيب الْمُعَسَّلِ
والدُّجّيَةُ: قُتْرَةُ الصَّائِدِ، وَجَمعهَا: الدُّجَى.
قَالَ الشّمّاخ:
عَلَيْهَا الدُّجَى الْمُسْتَنْشآتُ كَأَنَّها
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الْجَزَاجِزُ
والدجْيَةُ: الظُّلمَة، وجَمْعها: الدُّجَى.(11/111)
أَبُو عَمْرو: الدَّجْوُ الْجِماعُ، وَأنْشد:
لَمَّا دجَاها بِمتَلَ كالصَّقَبْ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الدُّجَى الصُّوفُ الأَحْمر، وأَرَاد الشَّماخُ هَذَا بقوله: عَلَيْها الدُّجَى.
يُقَال: دِجًى ودُجًى.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأَعْرابي، قَالَ: مُحاجَاةٌ للأَعْراب، يَقُولون: ثَلاثُ دُجَهْ يَحْمِلْنَ دُجَهْ، إِلَى الُغَيْهَبَان، فالمِنْثَجَهْ. قَالَ: الدُّجَه: الأصَابِعُ الثَّلاثَ، والدُّجَةُ: اللُّقمَة، والْغَيْهَبَان: الْبَطْن، والمِنْثجة: الإسْت.
قَالَ: والدُّجَة زِرُّ الْقمِيص، يقَال: أَصْلحْ دُجَةَ قمِيصك، قَالَ: والدُّجَةُ على أَربع أَصَابِع من عُنْتُوتِ القَوْس؛ وَهُوَ الحَزّ الَّذِي تدخل فِيهِ الْغانَة والْغَانَةُ حلَقَةُ رأْسِ الْوتَر.
ديج: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: داجَ الرجلُ يَدُوج دَوْجاً إِذا خَدَمَ. ودَاجَ يَدِيجُ دَيْجاً وَدَيَجاناً، إِذا مَشَى قَليلاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدَّاجَةُ تُباعُ الْعَسْكَر بالتَّخْفِيف.
وَقَالَ شَمِر: الدَّيِّجانُ الْحَوَاشي الصِّغَار، وأَنْشدَ:
باتَتْ تُداعى قَرَباً أفَايَجَا
بالْخَلِّ تَدْعُو الدَّيِّجَانَ الدَّاجِحَا
وَجَاء رَجلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَركْتُ من حاجَةِ وَلَا دَاجةٍ إِلاَّ أَتَيْتُ، أَرَادَ أَنه لم يَدَعْ شَيْئاً دَعَتْهُ إِلَيْهِ نَفْسُه من الْمعاصِي الشَّهوات إِلَّا أَتاها. قَالَ: ودَاجةُ إتباعٌ لحَاجَة كَمَا يُقَال: حَسَنٌ بَسَنٌ.
وَقيل الدّاجَةُ: مَا صَغُرَ من الحَوَائج، والْحاجَةُ: مَا عَظُمَ مِنْها.
جَيَد: الجِيد: العُنُق، وَامْرَأَة جَيْدَاء: طَوِيلَة الْعُنُق حَسنتُه، وأَجْياد: مَوضِع فِي مَكَّة مَعْرُوف.
أَبُو عبيد: عَن أبي عُبَيْدة، أَنه قَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
وَبَيْدَاءَ تَحْسِبُ آرامَها
رِجالَ جِيَادٍ بأَجْيَادِهَا
قَالَ: أَرادَ بالأَجْيَاد الْجُوذِيَاء، وَهُوَ الكِساءُ بالفارِسيَّة وأَنشدَ شَمِر لأَبي زُبَيْد الطَّائِي فِي صِفَةِ الأسَد:
حَتى إِذَا مَا رأَى الأبْصارَ قَدْ غَفَلَتْ
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُوذِيَّ سَمُّورِ
قَالَ: جُوذيَّ: بالنبطيّة جُّوذياء، أَرَادَ جُبّةَ سَمّور.
(بَاب الْجِيم وَالتَّاء)
ج ت (وَا يء)
جوت، تَاج، توج: (مستعملة) .
توج (تَاج) : قَالَ اللّيث: التّاج: جمعه التِّيجان، وَالْفِعْل التَّتْوِيج.(11/112)
ابْن الأعرابيّ: الْعَرب تُسَمِّي العِمامة التَّاج، وَقد تَوَّجَهُ إِذا عَمَّمه، ويَكون تَوَّجَه بِمَعْنى سَوَّده، والمْتَوَّج: المُسَوَّد، وَكَذَلِكَ المُعَمَّم، والعمائمُ: تِيجانُ الْعَرَب، والأكاليل: تِيجانُ مُلوك الْعَجَم.
ويُقال للصَّلِيحَةِ من الفِضة تاجَة، وأَصْله تازَةُ بالْفارِسِيَّة لِلدِّرْهَم المَضْروبِ حَديثاً. وَقَول هِمْيان:
تَنَصَّفَ النَّاسُ الهمامَ التائجا
أرادَ مَلِكاً ذَا تَاج، وَهَذَا كَمَا يُقَال: رَجُلٌ دَارعٌ: ذُو دِرْعٍ.
وتَوَّجُ: اسْم مَوْضِع، وَهُوَ مَأْسَدَة، ذَكره مُلَيْح الهُذَليّ:
ومِنْ دُونِهِ أَثْباجُ فَلْجَ وَتَوَّجُ
جوت: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيّ: يُقَال لِلْبعير إِذا دَعَوْتَهُ إِلَى المَاء، جَوْتَ جَوْتَ، وأَنْشَد:
كَمَا رُعْتَ بالْجَوْتِ الظِّمَاءَ الصَّوادِيا
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: يُقال للبعير: جَوْتَ جَوْتَ، فَإِذا أَدْخَلوا عَلَيْهِ الْألف واللاَّم تَرَكُوهُ على حَاله قبل دُخُولهما.
وكانَ أَبُو عَمْرو يكسر التَّاء من قَوْله: (كَمَا رُعْتَ بالْجَوْتِ) ؛ وَيَقُول: إِذا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام ذَهَبتْ مِنْهُ الحِكَاية، والأوّل قَوْلُ الفَرّاء وَالْكسَائِيّ وَكَانَ أَبُو الْهَيْثَم يُنكر النَّصب، وَيَقُول: إِذا دخل الألفُ أُعرب، وينشده: كَمَا رعتَ بالجَوْتِ.
(بَاب الْجِيم والظاء)
ج ظ (وَا يء)
جوظ: روى أَبُو الْعَبَّاس، عَن سلَمة، عَن الفَرّاء: يُقَال للرّجُل الطّويل الْجِسم، الأكُول، الشّرُوب، البَطِر، الْكافِرِ: جَوّاظ، جَظٌّ، جِعْظار.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجَوّاظَةُ الأكُول.
وَقَالَ النّضر: الْجَوّاظ الصَّيّاحُ. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَجُلٌ جَيّاظٌ سَمينٌ سَمِجُ المِشْيَة.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الْجُوَاظُ الضجَرُ، وقِلّة الصّبر على الْأُمُور، يُقَال: ارْفُقْ بجُواظِكَ، وَلَا يُغْنِي جُواظُكَ عَنْك شَيْئا.
وروى القُتَيبيُّ عَن أبي حَاتِم عَن أبي زيد، أَنه قَالَ: الجَوَّاظ الْكثير اللَّحْم، المختال فِي مِشْيته، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الأصمعيْ، وَأنْشد لرُؤبة:
يَعْلو بِهِ ذَا الْقَصَلِ الجوّاظا
قَالَ أَبُو زيد: والجَعْظَرِيُّ: الَّذِي ينتفخ بِمَا لَيْسَ عِنْده. وَهُوَ إِلَى القِصَرِ مَا هُوَ.
وَحدثنَا السّعديّ قَالَ: حَدثنَا الصَّغَانيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو نُعَيم قَالَ: حَدثنَا سُفْين عَن معبد بن خَالِد قَالَ: سَمِعت حَارِثَة بن وهب الخزاعيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أَلا أُخبركم بأهلِ النَّار؟ كلُّ عُتُلَ جَوّاظٍ مُستكبر) .(11/113)
(بَاب الْجِيم والذال)
ج ذ (وَا يء)
جذا، جاذ، ذيج، ذاج، وجذ: مستعملة.
جذا: فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَنَّه مَرّ بِقوم يَتَجاذَوْنَ حَجَراً، وَرَوَاهُ بَعضُهم يُجْذُونَ حَجَراً، فَقَالَ: عُمّالُ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ.
قَالَ أَبُو عبيد: الإجْذاءُ إشَالَةُ الحجَرِ لتُعرفَ بِهِ شِدّةُ الرّجل، يُقَال: هُمْ يُجْذَوْنَ حَجَراً وَيَتَجَاذَوْنَه، وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (مَثَلُ الّكافِرِ كَمَثَلِ الأَرَزَةِ المجْذِيَةِ حَتَّى يكون انجِعَافُها مَرّةً وَاحِدَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المجْذِيَةُ الثَّابِتَة على الأَرْض.
قلت: فالإِجْذَاءُ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَاقِعٌ مُتَعَدَ، وهُو فِي هَذَا الحَدِيث الْمَرْفُوع لازمٌ غيرُ واقِع. يُقَال: أجذَى الشْيءُ يُجْذِي إِجذاءً، وجَذا يَجذُو جُذُوًّا، إِذا انْتَصَبَ واسْتَقام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: واجْذَوْذَى اجْذِيذَاءً مثله، وَأنْشد:
أَلَسْتَ بِمُجْذَوْذٍ عَلَى الرّحْل دائِبِ
فَما لَكَ إلاّ مَا رُزِقْتَ نَصِيبُ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: أَجْذَى الشَّيْءُ، إِجْذَاءً، وجَذَا يَجْذُو إِذا ثَبت. لُغتان.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: إِذا حَمَل ولدُ النّاقَةِ فِي سنَامِهِ شَحْماً، فَهُوَ مُجْذٍ، وَقد أَجْذَى. وأمَّا قولُ الرّاعي يَصِفُ ناقَةً صُلْبَة:
وبازِلٍ كعلاةٍ القَيْنِ دوسَرَةٍ
لم يجذُ مِرْفَقُها فِي الدّفِّ من زَوَرِ
فإِنَّهُ أَراد أنّه لم يتباعد من جنْبَيْهِ مُنتصباً من زَوَر، وَكَانَ خلقَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الجوَّاذِيّ الإبلُ السِّرَاع اللَّاتِي لَا يَنْبسِطنَ فِي سَيْرهِنّ، وَلَكِن يَجذُون ويَنتَصِبن.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يصف جِمالاً:
على كل مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه
شَؤُوَ لأبْوَاعِ الجَوَاذِي الرَّواتِكُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الجاذي عَلَى قَدَمَيه، والجاثي على رُكْبَتَيْه.
وَأما الْفراء فإنّه جعلَهُما وَاحِدًا.
ابْن السِّكيت: جِذوةٌ من النَّار، وجِذَى: وَهُوَ العودُ الغليظ يُؤْخَذ فِيهِ نَار. قَالَ: ونبتٌ يُقَال لَهُ الجِذَاه، يُقَال: هَذِه حِذاه كَمَا ترى، فَإِن أَلْقيت مِنْهَا الهاءَ فَهُوَ مقصورٌ يكْتب بِالْيَاءِ لِأَن أَوله مكسور.
والحِجَى: الْعقل: يكْتب بِالْيَاءِ لِأَن أَوله مكسور. واللِّثَى: جمع لِثَةٍ، يكْتب بِالْيَاءِ. قَالَ: والقِضَةُ نبت، يجمع القِضِين. والقِضُون؛ فَإِذا جمعته على مثالِ البُرَى. قلت: القُضَى.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَثَوْتُ وجَذَوْتُ،(11/114)
وَهُوَ القيامُ على أَطْرَاف الْأَصَابِع. وأنشدنا:
إِذا شِئْتُ غنّتْني دَهاقِينُ قَرْيَةٍ
وصَنّاجةٌ تَجذُو عَلَى كلِّ مَنْسِمٍ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَثَا وجَذَا لُغَتان.
قَالَ: والجاذِي الْقائِم على أَطْرَافه.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ يَصِفُ الْخَيْل:
جَاذِياتٌ على السَّنابِكَ قَدْ أَنْ
حَلَهُنَّ الإسْرَاجُ والإلجامُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله: {بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ} (الْقَصَص: 29) . الجِذوَةُ مثل الجِذمَة، وَهِي القِطعَة الغليظةُ من الخَشَب. لَيْس فِيهَا لَهب، والجميع جُذًى. وَأنْشد:
جَزْلَ الجِذَا غَيْرَ خَوَّارٍ وَلَا ذَعَرِ
وَقَالَ الْفراء: يُقَال جُذوَةٌ من النَّار. وجُثوَةٌ وجَذوةٌ وجَثوَةٌ. وكلٌّ يَقُول: جِذوَةٌ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: الجِذْوَةُ عُودٌ غَلِيظٌ، يكونُ أَحد رأسيْه جَمْرَة، والشّهاب دُونَها فِي الدِّقَّة؛ قَالَ: والشُّعلَةُ مَا كانَ فِي سِرَاجٍ أَوْ فَتِيلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ جاذٍ، وامْرَأَةٌ جاذِيَةٌ، بَيِّنُ الجُذُوِّ، وَهُوَ الْقَصِيرُ البَاع.
وأَنشد:
إنّ الْخِلاَفَةَ لَمْ تَكُنْ مَقْصُورَةً
أَبَداً على جَاذِي الْيَدَيْنِ مُجَذَّرِ
يُرِيد: قَصِير الْيَدَيْنِ المُوَرِّج.
يُقَال: لأصْل الشَّجرة: جِذْيَةٌ وَجِذْلَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: جِذْمُ كلِّ شَيْءٍ، وجِذْيُهُ: أَصْلُه.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: أَكلْنَا طَعاماً فَجاذَى بَيْنَنا، ووَالَى بَيْنَنا، وتابَع بَيْننا، أَي قَتَلَ بَعْضَنا على أَثَرِ بَعْض، وَيُقَال: جَذَبْتُه عَن كَذَا وَكَذَا، وأَجْذَبْتُه: إِذا مَنَعْتَه.
وَمِنْه قَول أبي النَّجْم يصف ظليماً:
وَمرَّة بالحَدِّ من مِجذَايِه
قَالَ: المِجذَى مِنقارُه، أَرَادَ أَنه ينْزع أصُول الْحَشِيش بمِنْقاره.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: المِجْذَى عودٌ يُضرَبُ بِهِ.
وَقَالَ الراجز:
ومَهْمَهٍ للركبِ ذِي انْجياذِ
وَذي تباريحَ وَذي اجْلوّاذِ
لَيْسَ بِذِي عِدَ وَلَا إِجَاذِ
غَلّسْتُ قَبلَ الأَعْقدِ الشَّمّاذِ
لَا أدْرِي انْجِياذٌ أم انْجِباذُ
أَزجّ: أَبُو عَمْرو: أَذَجْ، إِذا أَكْثَرَ من الشُّرْب، وذَأَجَ، إِذا شَرِبَ قَلِيلا.
رَوَاهُ عمر عَن أَبِيه.
جاذ: قَالَ اللّيث: الْجَائِذُ الْعَبّابُ فِي الشُّرْب، والفِعْل: جَأَذَ يَجْأَذُجَأَذَاً، إِذا شَرِبَ.(11/115)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو نَحوَه: جَأَذَ فلانٌ فِي القدَح، يَجأَذُ، إِذا عَبَّ. وَأنْشد:
مُلاَهِسُ القَوْمِ عَلَى الطَّعَامِ
وجَائِذٌ فِي قَرْقَفِ المُدَامِ
ذأج ذيج: أَبُو عبيد (عَن الْأمَوِي) : ذَأَجْتُ السِّقَاءَ نَفَخْتُه.
وَقَالَ شَمر: الذَّأْجُ الجَرْعُ الشَّدِيدُ، ذَأَجَ يَذأَجُ، إِذا أكثرَ من شُرْبِ المَاء. وَأنْشد:
حَوامِضاً يَشْرَبْنَ شُرْباً ذَأْجَا
لَا يَتَعَيَّضْنَ الأُجَاجَ المأْجَا
قَالَ: وذَأَجَهُ، إِذا ذبحه.
قَالَ شَمر: لَمْ أَسْمَعْه بِمَعْنى نَفَخَهُ لغيْر الأُمَوِيّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ذَأَجَ من الشَّرَابِ، ومِن اللّبَن، أَوْ مَا كانَ يَذْأَجُ ذَأَجاً، إِذا أكثرَ مِنْهُ.
أَبُو عُبيد: عَن الفَراء: ذَئِجَ يَذْأَجُ، وقَئِبَ يَقأَبُ، وصَئِبَ وصَئِمَ، إِذا أكثرَ من شُرْب المَاء.
وجذ: أَبُو عَمرو: الوَجْذُ النُّقْرَةُ يَسْتنقعُ فِيهَا المَاء، وَجمعه وِجَاذ وَكَذَلِكَ الوَقْطُ، وَجمعه وِقاطٌ.
(بَاب الْجِيم والثاء)
ج ث (وَا يء)
جوث، ثوج، جأث، جثا، ثأج، وثج، (ثجه) .
جوث جأث: قَالَ اللَّيْث: الجَوَثُ عَظمٌ فِي أَعْلى البَطْنُ كأَنَّهُ بَطنُ الحُبْلَى، والنّعْتُ: أَجوَثُ، وجَوْثَاء.
وَقَالَ ابنُ دُرَيد: الجَوَثُ اسْتِرخاءُ البَطن.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَأْثُ ثِقَلُ المَشي، يُقَال: أَثقَلهُ الحِمْلُ حَتَّى جَأَثَ.
وَقَالَ غَيره: الجأَثَانُ: ضَرْبٌ من الْمَشْي.
وَأنْشد:
عَفَنْجَجٌ فِي أَهلِه جئَّاثُ
وجُوَاثي: قريةٌ بالبَحْرين مَعْرُوفة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جأَثَ البَعير جَأْثاً، وَهُوَ مِشيَتُه مُوقَراً حِمْلاً.
أَبُو عُبيد: جُئِثَ فَهُوَ مَجْؤُوثٌ، وجُثّ فَهُوَ مَجثُوثٌ، إِذا فَزِعَ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنَّه رأَى جبْريل، قَالَ: فَجُئِثْتُ مِنْهُ فرَقاً) مَعْنَاهُ: ذُعِرْتُ.
ثَعْلَب عَن أبي نصر، عَن الأصمَعيّ: جَأَثَ يَجأَثُ جَأْثاً، إِذا ثَقلَ الْأَخْبَار.
وَأنْشد:
جآثُ أَخْبارٍ لَهَا نَبَّاثُ
ثوج ثأج: ابْن دُرَيْد: الثّوْجُ شَيْءٌ يُعْمَل من الخُوصِ نحْوَ جُوَالِقِ الجصّ، يُحْمَل فِيهِ التُّراب وَغَيره، قَالَ: وَهُوَ عَربيُّ صَحِيح.
أَبُو زيد: ثَأَجت الغَنَمُ تَثأَج ثُؤَاجاً، إِذا صاحَت، وَيُقَال: قَد ثَأَجوا كثُوَاجِ الغَنم.(11/116)
وثاج: قَرْية فِي أَعراض البَحرين، فِيهَا نخَلٌ زَينٌ.
وَقَالَ أَبُو ترَاب: الثَّوْج: لُغةٌ فِي الفوْج.
وَأنْشد لجندل:
من الدَبا ذَا طَبَقٍ أَثَايِجِ
ويروى: أَفَاوِج، أَو فوْجاً فوْجاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ثاجَ يَثُوج ثَوْجاً، وثَجَا يَثجُو ثَجُواً، مثل حاثَ يَحُوث حَوْثاً، إِذا بَلبَلَ مَتاعَه وفَرَّقَه.
وثج (ثجة) : الحرّانيّ، عَن ابْن السِّكيت؛ عَن الأصمَعيّ: استَوثجَ فُلانٌ من المَال، واستَوثَن استِثيَاجاً، واستِيثاناً، إِذا استَكثرَ مِنْهُ.
والوَثِيجُ: الكثِيفُ من كلِّ شَيْء. واستَوثجَت المرْأَةُ، إِذا تمَّ خَلْقُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَثِيجَة الأَرْض الكثِيرة الشّجر المُلتَفّة، وَيُقَال: بَقلٌ وَثِيجٌ، وكلأٌ وَثِيجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: فرَسٌ وَثِيجٌ: قويّ وَقد وَثُجَ وَثاجةً، وَهُوَ اكتِنازُه.
وَقَالَ العجاج يَصِف جَيْشًا:
بِلَجِبٍ مثلِ الدَّبا أَوْ أَوثَجا
شِمر، عَن أبي عُبَيْدَة: الثَّجَة: الأقنَة، وَهِي حُفْرَةٌ يحتَفرُها ماءُ الْمَطَر. وَأنْشد:
فوَرَدَت صادِيةً حِرارَا
ثِجَاتِ ماءٍ حُفِرَتْ أُوَارَا
أَوقَاتَ أُقنٍ تَعتَلِي الْغِمارَا
وَقَالَ شمِر: والثَّجَّةُ بِفَتْح الثَّاء، وتشدِيد الْجِيم: الرّوضة الَّتِي حُفِرَت فِيهَا الحِياض، وَجَمعها ثجّات، سمِّيت بذلك لثجِّها الماءَ فِيهَا.
شمِر، عَن ابْن الأعرابيّ: مَكَان وَثيجٌ: كثير الْكلأ. وَيُقَال: أَوثِجْ لنا من هَذَا الطَّعام، أَيْ أكثِرْ.
شمِر: من الثِّياب الموْثُوج، وَهُوَ الرِّخو الغَزْل والنّسج، قَالَه رَجل من باهِلة.
جثا: الْفراء: جِثْوَةٌ من النَّار، وجِذْوَةٌ، وجُثْوَةٌ وجُذْوَةٌ.
قَالَ: والجُثَى تُرابٌ مَجْموعَة، واحدتها جُثْوَة.
وَفِي الحَدِيث: (فلانٌ من جُثَي جَهَنَّمْ) وَله مَعْنيان فِيمَا فَسَّر أَبُو عُبيد: أَحدُهما أَنَّه مِمَّن يَجْثُو على الرُّكَب فِيهَا، وَالْآخر أَنه من جماعات أَهْلِ جَهَنَّم، على رِوَايَة من رَوى جُثَى بالتَّخفيف، ومَنْ رَواه من جُثِيّ جَهَنَّم، بتَشْديد الْيَاء، فَهُوَ جَمْعُ الثَّاني.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً} (مَرْيَم: 68) .
وَقَالَ طَرَفَة فِي الجُثْوَةِ يصفُ قَبْرَيْ أَخَوين:
تَرَى جُثْوَ ثَيْنِ من تُرابٍ عَلَيْهِمَا
صَفائحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيحٍ مُصَمَّدِ
وَيُقَال: جثا فُلانٌ على رُكْبَتَيْهِ، يَجْثُو جُثُوّاً(11/117)
وجِثيّاً.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابنَ شُمَيْل يُقَال للرجل إِنَّه لَعَظِيمُ الجُثْوَةِ، والجُثَّةِ، وجثْوَةُ الرَّجل: جَسَدُه، والجميع الجُثَى.
وأَنشد:
يَوْمَ تَرَى جثْوَتَهُ فِي الأَقْبُرِ
قَالَ: والْقَبْرُ جُثْوَةٌ، وَمَا ارْتَفَعَ من الأرْض، نَحْو ارْتفاعِ الْقَبْر جُثْوَة.
وَقَالَ أَبُو عمر: والجُثْوَةُ التُّرابُ الْمجْتَمِع.
(بَاب الْجِيم وَالرَّاء)
ج ر (وَا يء)
جرى، جأر، جَار، جرو، راج، رجا، أرج، أجر، وجر، رجى.
جرى: فِي حديثِ عبدِ الله بن الشِّخِّير، أَنَّه قَالَ: (قَدِمْتُ الْمَدِينَة فِي رَهْطٍ من بني عَامِر، فسلَّمنا على النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قَائِل منا: أَنْتَ سَيِّدُنا، وأَنْتَ الجَفْنَةُ الغَرّاء، فَقَالَ: (قُولُوا بقَوْلكم، وَلَا يَسْتَجرِيَنَّكُمُ الشّيطان) . كَانَت العربُ تَدْعو السَّيد المِطْعام جَفْنَةً لإطْعامِهِ فِيهَا، وجعلوها غَرَّاء لما فِيهَا من وَضَحِ السَّنَام، وَقَوله: (وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمْ الشَّيْطَان) ، هُوَ من الجَرِيّ، وَهُوَ الوَكِيل، تَقول: جرَّيْتُ جَرِيّاً، واستجريتُ جَرِيّاً، أَي اتخذتُ وَكيلاً؛ يَقُول: تكلَّموا بِمَا يحضُركم من القَوْل، وَلَا تَتَنَطَّعُوا وَلَا تَسْجَعُوا كأَنما تنطقون على لِسان الشَّيْطَان، وَهَذَا قَول القُتَيْبيّ، وَلم أرَ القومَ سجعوا فِي كَلَامهم، فَينْهاهم عَنهُ، وَلَكنهُمْ مَدَحوا فَكَرِهَ لَهُم الْهَرْفَ فِي الْمَدْح، وَكَانَ فِي ذَلِك تأْدِيبٌ لَهُم ولغيرهم من الَّذين يمدحون النَّاس فِي وجُوههم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الجَرِيُّ الوَكيل. قَالَ: والجَرِيُّ الرَّسول، والجَرِيُّ الضامِن.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَيل تَجْرِي والرياح تجْرِي وَالشَّمْس تجْرِي جَرْياً إِلَّا المَاء فَإِنَّهُ يَجْرِي جِرْيَةً. والجِراءُ: للخيل خَاصَّة. وَأنْشد:
غَمْرُ الجِرَاءِ إِذا قَصَرْتَ عِنَانَه
وفرسٌ ذُو أَجَارِيّ، أَي ذُو فنونٍ من الجَرْي.
قَالَ أَبُو عُبيد: الإِجْرِيّاء الوَجهُ الَّذِي نأخُذُ فِيهِ.
قَالَ لبيد:
عَلَى كلِّ إجرِيّا يَشُقُّ الْخَمائِلاَ
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: جرَّيْتُ جِريّاً. أَي وَكَّلْتُ وَكيلاً، والجَرِيُّ: الرَّسُول.
قَالَ: وَقد جرَّأْتُكَ على فلَان حَتَّى اجتَرَأْتَ عَلَيْهِ جُرْأَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ جَرِيُّ المُقْدَمِ، وَقد جَرُؤَ يَجْرُؤُ جُرْأةً وجراءَةً وجرّأْتُه أَنا تَجْرِئَةً، وَجمع الجريءُ أَجرِئَاءُ بهمزتين، وَيجوز حذف إِحْدَى الهمزتين وَجمع الجَرِيّ(11/118)
الوَكيل: أَجرِياء، بِمَدَّة فِيهَا همزَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَرُؤَ يَجْرُؤُ جَراءَةً وجَرَائِيَةً علَى فَعالِيَة.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: يُقَال: أَلْقِهِ فِي جَرِيَّتَكَ، وَهِي الحَوْصَلَة. أَبُو زيد: هِيَ القَرِيَّةُ والجَرِيَّةُ والنّوطَة لحَوْصَلَة الطَّائِر؛ هَكَذَا روَاه ثَعْلَب عَن ابْن نَجْدَة عَنهُ بِغَيْر همزٍ.
وَأما ابنُ هانىء فَإِنَّهُ رَوَى لأبي زيد: الجِرَّئَة بِالْهَمْز، والجِرْوُ: جرْوُ الْكَلْب.
وَجمعه جِرَاءٌ مَمْدُود. وَالْعدَد ثَلَاثَة أَجْرٍ؛ كَمَا ترى.
وَفِي الحَدِيث: (أَنه أُهْدِيَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجرٍ زُغْبٍ) والأجرى فِي هَذَا الحَدِيث أُرِيد بهَا صِغار القِثَّاء المزْغِّبَة شُبِّهت بأَجري السِّباع وَالْكلاب لرُطُوبتها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: إِذا أَخْرَجَ الْحَنْظَلُ ثمرَه، فصِغارُه الجِرَاءُ مَمْدُود، وَاحِدهَا جِرْو، ويُقال لِشَجَرَتِه قد أَجَرَت. وَيُقَال: كلْبَةً مُجْرِيَة.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لَهَا
لَحْمِي إِلَى أَجْرٍ حَوَاشِب
أَرَادَ بالمُجرِية هَا هُنَا ضَبُعاً ذَات أَوْلَاد صِغار، شبهها بالْكلْبة المُجْرِية. وَيُقَال للرجل إِذا وَطَّنَ نَفسه على أَمْر: قد ضربَ لَهُ جِرْوَتَه.
وَقَالَ الفرزدق:
فَضَرَبْتُ جِرْوَتَهَا وَقُلتُ لَهَا: اصْبِرِي
وشَدَدْتُ فِي ضيقِ المَقَام إِزَارِي
ثَعْلَب، عَن ابنِ الأعرابيّ: الْجِرْوَةُ النّفْس، وَهِي اللَّوَّامَة، قَالَ: والْجَارِية عَيْنُ كلِّ حَيَوان، والجارِيَة: النِّعمة مِن الله على عِباده.
وَقَالَ غَيره: الْجَارِيَة الشَّمْسُ فِي السَّماء، قَالَ الله: {هُم مُّظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (يس: 38) .
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال جَارِيةٌ بَيِّنَة الجَرَابَةِ والْجَرَاء، وجَرِيٌّ بَيِّنُ الْجَرايَة، وَأنْشد:
والْبيضُ قَدْ عَنَسَتْ وَطَالَ جَراؤُها
قَالَ: وَيُقَال ضَرَبْتُ جِرْوَتِي عَنهُ، وَضَرَبْتُ جِرْوِي عَلَيْه، أَي صَبَرْتُ عَنهُ، وصَبَرْتُ عَليه.
وَفِي الحَدِيث: (الأرْزاقُ جَارِيةً، والأُعْطِياتُ دَارَّة) .
قَالَ شمر: هُما وَاحِد، يَقُول: هُوَ دَائِم، يُقَال: جَرَى عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء ودَرَّ لَهُ بِمَعْنى دامَ لَهُ.
وَقَالَ بِشْر بن أبي خَازم يصف امْرَأَة:
غَذَاها قَارِصٌ يَجْرِي عَلَيْهَا
ومَخْضٌ حِين تُبْتَعّثُ العِشَارُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يجْرِي عَلَيْهَا، أيْ يَدُومُ لَهَا، من قَوْلك:
أَجْرَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، أَي أَدَمْتُ لَهُ،(11/119)
والجاري لفُلان من الرزق كَذَا، أَي الدَّائم.
وَالْجَارِيَة: عين الشَّمْس فِي السَّمَاء. رُوِيَ لِابْنِ عبد الرحمان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انقطعَ عَنهُ عمله إِلَّا من ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة) .
جور (جَار) : قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 6) .
قَالَ الزّجاج: الْمَعْنى، إنْ طلب مِنْك أَحدٌ من أَهْل الْحَرْب أَنْ تُجيره من القَتْل إِلَى أَنْ يَسْمَع كَلَام الله فَأَجِرْه، أَي آمِنْه، وعَرَّفْه مَا يجب عَلَيْهِ أَن يَعْرفَه من أمْر الله الَّذِي يَتبَيّن فِي الْإِسْلَام، ثمَّ أَبْلِغْه مَأْمَنَه لِئَلَّا يُصاب بسوءٍ قبل انْتهائِه إِلَى مَأْمَنه.
ويُقال للَّذي يتجيرُ بك جَارٌ، وللَّذِي يُجيره جارٌ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَنه قَالَ: الجارُ الَّذِي يجاوِرُك بَيتَ بَيتَ، والْجار النَّفيح: هُوَ الغَريب، والْجار الشَّرِيك فِي العَقار لم يُقاسم وَالْجَار: المُقاسم، والْجار: الحليف. وَالْجَار: النَّاصِر، وَالْجَار: الشَّرِيكُ فِي التِّجارة، فَوْضَى كَانَت التِّجارة أَو عِناناً، والجارة: امْرأَةُ الرجل، وَهُوَ جارها وَالْجَار: فَرْجُ المَرْأَة، والْجارة: الطِّبِّيخة، وَهِي الإِسْت، وَالْجَار: مَا قَرُبَ من المنازِل من السَّاحل، وَالْجَار: الصِّنَّارةُ السَّيِّءُ الجِوار، وَالْجَار: الدّمِثُ: الحَسن الْجوَار، وَالْجَار: اليَرْبُوعِيّ، وَالْجَار: الْمُنَافِق، وَالْجَار: الْبَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ فِي أَفْعاله، والجارُ الْحَسْدَلِيّ: الَّذِي عينُه تراك، وَقَلبه يرعاك.
قلت: وَلما كَانَ الْجَار فِي كَلَام الْعَرَب مُحتملاً لجَمِيع الْمعَانِي الَّتِي ذكرهَا ابْن الأعرابيّ لم يَجُزْ أَنْ تُفَسِّر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْجَار أَحَقُّ بِصَقَبه) ، أَنه الْجَار الملاصق إِلَّا بِدَلالَةِ تدلُّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ طلبُ الدّلالة على مَا أُريد بِهِ، فَقَامَتْ الدّلَالَة فِي سْنَنٍ أُخرى مُفَسِّرَةً أَنَّ المرادَ بالجارِ الشّريكِ الَّذِي لَا يُقاسم، وَلَا يجوزُ أَن يَجْعَل المقاسِمُ مثلَ الشَّرِيك.
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} {وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 48) . فَإِن الفرّاء قَالَ: هَذَا إبليسٌ تَمَثَّلَ فِي صُورَة رَجُلٍ من بني كِنانة، قَالَ: وقولهُ {إِنِّي جَار لكم يريدُ أُجِيركُمْ من قومِي فَلَا يَعْرِضون لكم، وأنْ يَكُونُوا مَعكُمْ على مُحَمَّد، فلمَّا عاين إِبْلِيس الْمَلَائِكَة عَرَفهم، فَنكَصَ هَارِبا، فَقَالَ لَهُ الحارِثُ بنُ هِشام: أَفِراراً من غَيْرِ قِتال؟ فَقَالَ: إِنِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ} (الْأَنْفَال: 48) الْآيَة.
وأَخْبَرَني المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم أَنه(11/120)
قَالَ: الجارُ والمجِير والمعيذ وَاحِد. ومَن عاذَ بِاللَّه، أَي اسْتجار بِهِ أجاره، وَمن أجارهُ الله لم يُوصَلْ إِلَيْهِ، وَهُوَ يُجير وَلَا يُجار عليهِ أَي يُعيذ.
وَقَالَ اللَّهُ لنَبِيِّهِ: {رَشَداً قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ} (الْجِنّ: 22) . أَي لن يَمْنَعَني من الله أحَدٌ. والجارُ والمجيرُ هُوَ الذِي يَمنعُك ويُجِيرُك.
قَالَ: وَقَول الله حِكَايَة عَن إِبْلِيس {وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 48) أَي إِنِّي مُجِيركُم ومعيذُكم من قومِي بَني كنَانَة. قَالَ: وَكَانَ سَيِّدُ العشِيرة إذَا أجارَ عَلَيْهَا إنْسَانا لم يَخْفِرُوه.
وَقَول اللَّهِ جلّ وعزّ: {وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (النِّسَاء: 36) .
فالجار ذُو القربَى هُوَ نسيبُك النازِلُ مَعَك فِي الْجِواءِ، أَو يكون نازِلاً فِي بَلْدَةٍ وأنتَ فِي أُخْرَى فلهُ حُرْمَةُ جِوار الْقَرابة. وَالْجَار الجُنبِ: أَلا يكون لَهُ مناسباً فَيَجِيءُ إِلَيْهِ فيسأله أنْ يُجيرَه، أَي يَمنعَه، فَينزل مَعَه، فَهَذَا الْجَار الْجنب لَهُ حُرْمَة نُزُوله فِي جِوَارِه ومَنَعَتهِ وركونه إِلَى أَمَانَة وعَهْده، وَالْمَرْأَة جَارة زَوجهَا؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا وأُمِرَ بِأَن يُحسنَ إِلَيْهَا، وَأَن لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تمسكت بعَقْد حُرْمَة قَرابة الصِّهْر، وَصَارَ زَوْجُها جَارَها؛ لِأَنَّهُ يُجيرُها ويَمنعها وَلَا يَعتدِي عَلَيْهَا، وَقد سَمَّى الْأَعْشَى امرَأَته فِي الجاهليةِ جارَة، فَقَالَ:
أيَا جَارتا بِينِي فَإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ مَا دُمْتِ فِينَا وَوَامِقَهْ
يُقَال: أَجَارَ فُلانٌ مَتاعة فِي وِعائهِ وَقد أجاروه فِي أوعيتهم. وَقَالَ أَبُو المثلّم الْهُذلِيّ:
كلوا هَنِيئًا فَإِن أنفقتُمُ بكلا
مِمَّا تُجُير بني الرّمداء فابْتَكلوا
تجير: تَجْعَلهُ فِي الأوعية. وصُرِعَ رجل فَأَرَادَ صارعُه قتْله فَقَالَ: إِجْرِ عليّ إزَارِي فَإِنِّي لم أسْتعن، أَرَادَ دَفْعَ النَّاس من سَلبِي وتعزيتي.
وقالَ أَبُو زيد: يُقالُ جاوَرْتُ فِي بني فلَان، إِذَا جاوَرْتَهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال جُرْجُرْ إِذا أَمَرْته بالاستعداد لِلْعَدُوِّ، وَيُقَال: تجاوَرْنا واجتوَرْنا بِمَعْنى وَاحِد.
جأر جير جور: قَالَ قَتادة فِي قَول الله تَعَالَى: {إِذَا هُمْ يَجْئَرُونَ} (الْمُؤمنِينَ: 64) قَالَ: يَجْزَعون. وَقَالَ السُّدِّي: يَصِيحون. وَقَالَ مُجاهد: يَضْرَعُون دُعَاء.
الأصمعيّ: جَأَرَ الثَّوْرُ جُؤَاراً، وخَارَ خُوَاراً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال جأرت الْبَقرةُ جُؤَاراً، وَهُوَ رَفْعُ صَوْتها، وجأر القَوْمُ إِلَى اللَّهِ(11/121)
جُؤاراً، وَهُوَ أَن يَرْفعوا أَصْواتهم إِلَى الله مُتَضَرِّعِين.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زِيادٍ الكِلابي والأصمعيّ: الجائِرُ حَزٌّ فِي الحَلْق هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبيد، وَقَالَ شمر: إِنَّمَا هُوَ حزّ فِي الْحلق.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن السَّبَخِيّ عَن الرّياشي، قَالَ: الجَيّارُ الَّذِي يجِدُ حَرّاً شَدِيدا فِي جوْفه وَأنْشد:
كَأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتِهِ
من جُلْبَةِ الجُوعِ جَيارٌ وَإرْزِيزُ
قَالَ: الإرْزيز الطَّعن، والصَّاروجُ أَيْضا يُقَال: لَهُ جَيَّار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جيَّرْتُ الحَوْضَ وأَنشد:
إِذا مَا شَتَتْ لمْ يَسْتَرِبْها، وإنْ تَقِظْ
تُباشِرْ بِصُبْحِ الْمَازِنِيِّ الْمُجَيَّرَا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِذا خُلِطَ الرَّمَادُ بالنُّورَةِ والجِصّ فَهُوَ الجَيّار.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: يُقَال جَيْرِ لَا أَفْعَلُ ذاكَ، وَبَعْضهمْ يَقُول: جَيْرَ بالنَّصْب مَعْنَاهَا نَعَمْ وأَجَل، وَهِي خَفْضٌ بِغَيْر تَنوين. وَقَالَ الْكسَائي مثله: فِي الخَفْضِ بِلَا تَنْوِين.
وَقَالَ شَمِر: فِي قَوْلهم لَا جَيْرِ لَا حَقّاً، وَتقول: جَيْرِ لَا أَفْعَلُ ذَاك، وَلَا جَيْرِ لَا أَفُعَلُ ذَاك، وَهِي كَسْرَة لَا تَنْتَقل، وَأنْشد:
جَامِعُ قد أَسْمَعتَ مَنْ تَدْعُو جَيْرِ
وليْسَ يَدْعُو جَامِعٌ إِلَى جَيْرِ
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: جَيْرِ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْيَمين.
ابْن السّكيت: يُقَال: غَيْثٌ جِوَارٌّ، إِذا كَانَ غَزِيراً كَثيرَ المَطر. وَرَوَاهَا الأصمعيّ: غَيْثٌ جُؤَرٌّ بالهَمْز على فُعَلّ، أَي لَهُ صَوْت. وَأنْشد:
لَا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
قَالَ: وَجَأَرَ بالدُّعاءِ إِذا رَفَع صَوْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَوْرُ: نَقِيضُ العَدْل، والجور: تَرْكُ القَصْد فِي السَّيْر. قَالَ: والفِعْل مِنْهُمَا جَارَ يَجُورُ، وقَومٌ جَارَةٌ وَجَوَرَةٌ، أَي ظَلَمة، قَالَ: والجَوّارُ الَّذِي يَعْمَلُ لَك فِي كَرْمٍ أَو بُسْتَان أَكَّارا.
قلت: لَمْ أَسْمَع الجَوَّار بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللّيث.
وَقَالَ: الْجِوَارُ بالكسرِ: المُجاوَرَة، والْجُوَار: الاسْم، وَيجمع الْجَار أَجْوَاراً وجِيرةً وجيراناً، وَأنْشد:
وَرَسْمِ دارٍ دارِسِ الأجوارِ
ابْن الأعرابيّ: بَعِيرٌ جوَرٌّ: أَي ضَخْم، وأنشدَ:
بَيْنَ خَشَاشَي بَازِلٍ جِوَرِّ
والخِشَاشان: الْجُوَالِقان.
أَبُو عُبيد، عَن أَصْحَابه: طَعَنَه فَجَوَّرَهُ، وَقد تَجَوَّرَ إِذا سَقَط. وَمِنْه الْمثل السائر:(11/122)
يَوْمٌ بِيَوْمِ الخَفَضِ المُجَوَّرِ
وَقد مر تَفْسِيره.
وَقَالَ غَيره: عُشْبٌ جَأْرٌ وغَمْرٌ، أَي كثير، وَأنْشد:
أَبْشِرْ فهذِي خُوصَةٌ وجَدْرُ
وعُشُبٌ إِذا أكَلْتَ جَأْرُ
وَقَالَ آخر:
وكُلِّلَتْ بالأُقحُوَانِ الْجَأْرِ
وَهُوَ الَّذِي طالَ واكْتَهَل.
أجر: قَالَ الله عزّ وجلّ: {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} (الْقَصَص: 27) .
قَالَ الفرّاء: يَقُول أَن تَجْعَلَ ثَوَابِي أَنْ تَرْعَى عَلَيَّ غنمي ثمانِيَ حِجج.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن حُسَيْن بن فَهْم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، عَن يُونُس، قَالَ: مَعْنَاهَا على أَنْ تُثِيبَنِي على الإجَارَة.
وَمن هَذَا قَول النَّاس: آجرَكَ اللَّهُ أَي أَثَابَكَ الله.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله: {الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ياأَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَئْجَرْتَ الْقَوِىُّ الأَمِينُ} أَي اتَّخِذْهُ أَجيراً، {ياأَبَتِ اسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ} أَي خَيْرَ من استَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ على عَمَلِكَ، وأَدَّى الامانةَ فِيهِ.
قَالَ: وَقَوله {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} أَي تكون أَجيراً لي ثَمانِيَ حِجَج.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: آجَرهُ الله يَأْجُرُه أَجْراً، وأَجرْتُ الْمَمْلُوك، فَهُوَ مَأْجُورٌ أَجراً، وأَجرْتُه أُوجرهُ إيجاراً، فَهُوَ مُؤْجَرٌ، وكُلٌّ حَسَنٌ من كَلَام الْعَرَب.
قَالَ الله تَعَالَى: {ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى} (الْقَصَص: 27) وَيُقَال: أَجَرَتْ يَدُ الرجل تَأجُرُ أَجْراً وأُجوراً، وَذَلِكَ إِذا جُبِرَتْ فَبَقِيَ لَهَا عَثْمٌ؛ وَهُوَ مَشَشٌ كَهَيْئَةِ الْوَرَم فِيهِ أَوَدٌ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَجَرَ الْكَسْرُ يَأْجُرُ أُجوراً، إِذا بَرَأَ على اعْوِجَاج، وآجرْتُهَا أَنَا إيجاراً.
وَقَالَ أَبُو عُبيد، قَالَ الكسائيّ: الإجَارَةُ فِي قَول الخَليل أَن تكُون القافية طَاءً، وَالْأُخْرَى دَالاً، وَنَحْو ذَلِك.
قلت: وَهَذَا من أُجور الْكسر إِذا جبِرَ عَلَى غير اسْتِواء، وَهُوَ فِعالَه. مَنْ أَجَرَ يَأْجُرُ، وَهُوَ مَا أعْطَيْتَ من أَجرٍ فِي عَمَل.
قَالَ: وَالْأَجْر جزَاءُ الْعَمَل، والأَجَّار: سَطْحٌ ليْسَ حَوالَيْه سُتْرَة. وَجمعه أَجَاجِير.
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ باتَ على إجَّار لَيْسَ لَهُ مَا يَرُدُّ قَدَمَيْهِ فقد بَرِيَتْ مِنْهُ الذِّمَّة) أَي على سطح. قَالَه أَبُو عُبيد.
قَالَ: والإنْجارُ لُغة. والصَّواب: الإجَّار.
قَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال مَا زالَ ذَاك هِجِّيراه وإجِّيرَاه، أَي دَأْبَهُ وعادَتَه.
الأصمعيّ: قَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الأَجُرُ مُخَفَّفُ الرَّاء، وَهِي الآجُرَةُ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال آجُورٌ وآجُرٌّ، وَيُقَال لأم(11/123)
إسماعيلَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاجَرَ وآجَر.
وَقَالَ الكسائيّ: الْعَرَب تَقول: آجُرَّةٌ وآجُرٌّ للْجَمِيع، وآجِرَة وَجَمعهَا آجُرٌ، وآجُرَةٌ وَجَمعهَا آجُرٌ، وأَجُورَةٌ وَجَمعهَا آجُورٌ.
وجر: قَالَ اللَّيْث: الْوَجْرُ أَن تُوجِرَ مَاء أَوْ دَواءً فِي وَسَطِ حَلق صَبيّ، والْميجَر: شِبْه مُسْعُطٍ يُوجَرُ بِهِ الصَّبيَّ الدَّواءُ فِي الْحلق، وَاسم ذَلِك الدَّواء: الوَجُور.
ابْن السِّكّيت وَغَيره: اللَّدودُ مَا كَانَ فِي أَحَد شِقَّي الْفَم، والوَجُورُ فِي أَيِّ الْفَم كانَ، والنَّشُوقُ فِي الأنْف.
وَقَالَ اللَّيْث: أَوْجَرْتُ فلَانا الرُّمحَ، إِذا طَعَنْتَه فِي صَدْره، وَأنْشد:
أَوْجَرتهُ الرُّمْحَ شَزْياً ثمَّ قلتُ لَهُ:
هَذي المرُوءةُ لَا لِعْبُ الزَّحَاليق
قَالَ: والْوَجرُ الخوفُ، يُقَال: إنِّي مِنْهُ لأَوْجر، وأَوْجل، وَوَجِرٌ وَوَجِلٌ، أَيْ خائِف.
والْوِجارُ: سَرَبُ الضَّبُع ونَحوهِ إِذا حَفَر فأَمعن، والجميع أَوْجِرَة.
وَيُقَال: تَوَجَّرْتُ الدَّواء، إِذا ابتلعْته شَيئاً بعدَ شَيْء.
أَبُو خيرة: إِذا شَرِب الرَّجل المَاء كارِهاً فَهُوَ التَّوَجُّر، والتَّكارُهُ، وَوَجرة: مَوضعٌ مَعروف.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْوَجُورُ وَسَطِ الْفَم، وَقد وَجرْتُه الوَجُورَ، وأَوُجرتُه، قَالَ: وأَوْجرتُه الرَّمحَ، لَا غير.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَوْجَرْتُه الماءَ، وأَوْجَرْتُه الرُّمح، وأَوْجرتُه غَيْظاً أَفْعَلْتُه فِي هَذَا كُلِّه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: وجرَته الدَّوَاء أَجرِهُ وَجْراً، إِذا جعَلْتَه فِي فِيهِ.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: يُقَال لجُحْرِ الضَّبَع وَالذِّئْب. وِجَار وَوَجار.
رجا: قَالَ اللَّيْث: الرَّجاءُ مَمْدُود وَهُوَ نقيض الْيَأْس، وَالْفِعْل مِنْهُ، رَجَا يَرْجُو، ورَجِيَ يَرْجَا، وارْتَجَى يَرْتَجِي، وتَرَجَّى وَيَتَرَجَّى.
قَالَ: ومَنْ قَالَ فعلتُ ذَاكَ رَجاةَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ خَطأ، إِنَّمَا يُقَال رَجاءً كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: والرَّجْوُ المُبالاةُ، يُقَال: مَا أَرْجُو، أَي مَا أُبالي.
قلت: أَما قَوْله: رَجِيَ يَرجَى، بِمَعْنى رَجَا. فَمَا سمعته لغير اللَّيْث. وَلَكِن يُقَال: رَجِيَ الرَّجُل يَرجَى إِذا دُهِشَ.
وأَخْبرني المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: يُقَال بَعِلَ، وبَقِرَ، ورَتِج، ورَجِيَ، وعَقِرَ، إِذا أرادَ الْكلامَ فأُرْتِجَ عَلَيْهِ.
وَأما قَوْله: الرَّجْوُ الْمَبالاة، فَهُوَ مُنْكَر، إِنَّمَا يُسْتعمل الرَّجاءُ فِي مَوضِع الْخَوْف إِذا كَانَ مَعَه حَرْفُ نَفْي.(11/124)
وَمِنْه قولُ الله جلَّ وعزَّ: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: 13) الْمَعْنى: مَا لكُمْ لَا تَخافون لله عَظَمة، وَمِنْه قَول الرَّاجز. أنْشدهُ الْفراء:
لَا تَرْتَجِي حِين تُلاقِي الذَّائدَا
أَسَبْعَةٌ لاقَتْ مَعاً أَوْ وَاحداً
قَالَ الْفراء: وَقد قَالَ بعضُ المفَسِّرين فِي قَول الله: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} (النِّسَاء: 104) . إنَّ مَعْنَاهُ تخَافُون.
قَالَ الْفراء: وَلم نَجدْ مَعْنَى الْخوف يكونُ رَجاءً إِلَّا وَمَعَهُ جَحْد. فَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ الخوفُ على جهةِ الرَّجا والْخوف، وَكَانَ الرَّجَا كَذلِكَ، كَقَوْل الله جلَّ وعزَّ: {يَتَفَكَّرُونَ قُل لِّلَّذِينَءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الجاثية: 14) هَذِه للَّذين لَا يَخافونَ أيامَ الله.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: 13) .
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
إِذا لسَعَتْهُ النحْل لم يَرْجُ لَسْعَتَها
وحَالَفها فِي بَيْتِ نُوبٍ عَوامِل
قَالَ: وَلَا يَجوزُ رَجوْتك وأنْتَ تُريدُ خِفتُكَ، وَلَا خِفتُكَ وَأَنت تريدُ رَجوْتُك.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّجا مَقصور: ناحيَةُ كلِّ شَيْء، والجميع: الأرْجاء. والاثنان: الرَّجَوَان، وَمِنْه قَول الله تَعَالَى: {وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ} (الحاقة: 17) أَي نواحِيها.
وَقَالَ ذُو الرمة:
بَيْنَ الرَّجا والرَّجا من جَيْبِ وَاصِيةٍ
يَهْماء خَابِطُها بالْخَوفِ مكعوم
والأرْجاءُ يُهْمزُ وَلَا يُهمز.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال أَرْجَأْتُ الْأَمر وأَرْجيته، إِذا أخَّرتَهُ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لاَْمْرِ اللَّهِ} (التَّوْبَة: 106) . وقرىء: {مُرْجَوْنَ لاَْمْرِ اللَّهِ} . وقرىء: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} . وقرىء: (أَرْجِئْهُ وأَخَاه) .
قَالَ: وَيُقَال هَذَا رجلٌ مُرْجِيٌّ، وهم المُرْجِئَةُ، وَإِن شِئْت قلت: مُرْجٍ، وهُم الْمرجيَة.
قَالَ: وينسبون إِلَيْهِ فِي قَول مَنْ لَا يَهمِز مُرْجِيٌّ، وَمن قَالَ بِالْهَمْز قَالَ: مُرْجَائيَّ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيلَ لهَذِهِ العِصَابة مُرْجئة، لأنَّهم قَدَّموا القولَ. وأَرجئوا الْعَمل. أَي أَخَّرُوه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَرْجَأَت الْحامِلُ إِذا دَنَا أَن يَخْرُجَ وَلَدُهَا، فَهِيَ مُرْجيءٌ ومُرْجئةٌ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا أرْجَأَتْ ماتَتْ وَحَىَ سَلِيلُها
وَيُقَال: أرْجَتْ بِغَيْر همزٍ أَيْضا.
روج: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّوْجةُ الْعَجَلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول رَوَّجتُ لَهُ الدَّرَاهِم.(11/125)
قَالَ: والأوَارِجةُ من كُتب أَصْحَاب الدَّواوين فِي الْخَراج وَغَيره.
يُقَال: هَذَا كتاب التّأْرِيج.
وَقَالَ غَيره: رَوَّجتُ الأمرَ فراجَ يَرُوجُ رَوْجاً إِذا أرَّجتَه.
أرج: قَالَ اللَّيْث: الأَرْجُ نَفحةُ الرِّيح الطَّيِّبَة.
تَقول: أرِجَ البيتُ يأْرَجُ أَرَجاً، فَهُوَ أَرِجٌ بريحٍ طَيِّبَة، والتَّأْرِيجُ شِبْهُ التّأْرِيشِ فِي الْحَرب. وَقَالَ العجاج:
إِنَّا إِذَا مُذْكِي الحُرُوبِ أَرَّجا
والأرِيجَةُ: الرائِحةُ الطَّيِّبة، وَجَمعهَا الأرَايِيج.
وَقَالَ غَيره: أَرَّثْتُ النارَ وأَرَّجتُها، إِذا شَعْلَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: اليارجان كَأَنَّهُ فارِسيَّة، وَهُوَ من حُلِيِّ الْيَدَيْنِ.
وَقَالَ غَيره: الأيَارِجة دَواء. وَهُوَ معرَّب.
(بَاب الْجِيم وَاللَّام)
ج ل (وَا يء)
جلا، (جلى) ، جال، لَجأ، ولج، وَجل، أجل، جلأ، جيل.
جلا: قَالَ اللّيث: يُقَال جَلا الصيْقَلُ السَّيفَ جِلاءً، واجتَلاه لِنَفسه.
قَالَ لَبِيد:
جُنوحُ الهالِكيِّ على يَدَيْه
مُكِبّاً يجتَلِي نُقَبَ النِّصَالِ
قَالَ: والماشِطَة تَجلُو الْعَرُوس جَلْوةً وجِلْوَة. وَقد جُلِيَتْ على زواجها. واجتلاَها زوْجُها، أَي نَظَر إِلَيْهَا. وأمْرٌ جَلِيٌّ: واضِحٌ.
وَتقول: أَجْلِ ليِ هَذَا الأمرَ، أَي أوْضِحْهُ.
وَقَالَ زُهَيْر:
وإنَّ الْحَقَّ مَقطعُه ثَلاثٌ
يمينٌ أوْ نِفَارٌ أَوْ جِلاَءُ
قَالَ: يُرِيد بالجِلاء الْبَيان، والنِّفار الْمحاكَمة، وَأَرَادَ بالجِلاء البينَة والشُّهود.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال مَا أقَمتُ عِنْدهم إلاَّ جِلاءً يومٍ وَاحِد، أَي بَياضَ يَوْمٍ وَاحِد.
وَقَالَ الراجز:
مَا ليَ إنْ أَقْصَيْتَنِي من مَقْعَدِ
وَلَا بِهَذِي الأرْض من تَجلُّدِ
إلاَّ جلاءَ الْيَوْم أَو ضُحَى الْغَدِ
وَيُقَال للْمَرِيض: جَلاَ اللَّهُ عَنهُ الْمَرَض، أَي كَشَفَه، وَالله يُجَلِّي السَّاعَة، أَي يُظْهِرُها.
قَالَ الله: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ} (الْأَعْرَاف: 187) .
والْبَازِي يُجَلِّي إِذا آنس الصَّيْد، فَرفع طَرْفَه ورأْسه، وتَجَلَّيْتُ الشَّيءَ، إِذا نَظَرْتَ إِلَيْهِ.
وَقَول الله جلَّ وعَزَّ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} (الْأَعْرَاف: 143) .
حَدَّثني المنذريّ، عَن أبي بكر الخطّابيّ(11/126)
عَن هُدْبَة، عَن حَمَّاد، عَن ثَابت، عَن أَنسَ، قَالَ: قَرَأَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} (الْأَعْرَاف: 143) قَالَ: وَضَعَ إبْهامَهُ على قَريبٍ من طَرَفِ أَنْمُلَةِ خِنْصَرِه، فَساخَ الجبَل.
قَالَ حمَّاد: قلت لثابِت: تَقول هَذَا؟ فَقَالَ: يَقُوله: رسولُ الله، ويقوله أَنَس، وأَنا أكتُمْه.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أيْ ظَهَرَ وَبَانَ، وَهُوَ قَول أَهْلِ السُّنَّة وَالْجَمَاعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ الْحسن: تَجَلَّى بَدَا لِلْجَبَلِ نُور العَرْش.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: جَلاهُ عَن وطَنِه، فَجَلا، أَي طَرَدَهُ فَهَرَبَ، قَالَ: وجَلاَ أَيْضا، إِذا عَلا، وجَلاَ، إِذا اكتَحَل، قَالَ: والجَلاَ. مَقصور، والجِلاَءُ مَمدود، والجِلاَ مَقصور: الأثمِد، وَأنْشد:
أَكحُلْكَ بالصَّابِ أَو بالجِلا
فَفَتِّحْ لذَلِك أَو غَمِّضِ
وَيُقَال: جَلاَ القَومُ عَن أَوْطَانِهم، يَجْلُون، وأَجْلَوْا ويُجلُون، وجَلَّوا يُجِلُّون، إِذا خَرجوا من بَلَدٍ إِلَى بَلد، وَمِنْه يُقَال: استُعمِلَ فلانٌ على الجَالِيةَ؛ والجَالَّةِ لُغَتان.
والجَلاءُ مَمْدُود مَصدَرُ جَلا عَن وَطَنه، وَيُقَال: أَجلاهم السُّلطان فأَجْلَوْا وجَلَوْا، أَي أخرَجَهم فَخَرجوا.
وَقيل لأهلِ الذِّمَّة: الجالِيَة؛ لأنَّ عمر بن الْخطاب أَجلاَهُم عَن جَزِيرَة الْعَرَب لِما تَقَدَّمَ من أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم؛ فسُمُّو جالِيَة. ولزمهم هَذَا الِاسْم أيْنَ حَلُّوا ثُمَّ لَزَمَ كُلَّ من لَزِمتَه الجِزية من أهلِ الْكتاب بكُلِّ بَلَد، وَإِن لم يُجلَوا عَن أَوطانهم.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: جَلَّى فلانٌ امرَأَتَه وَصيفاً حِين اجتَلاها، أَي أَعْطَاهَا وصيفاً عِندَ جَلْوَتِها. وَيُقَال: مَا جِلْوَتُها بِالْكَسْرِ. فيُقال: كَذَا وكَذَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال: جَلَوْتُ بَصَرِي بالْكُحْلِ جَلْواً. وَانجَلى الْفَمُّ انجلاءً. وجَلَوتُ عَنِّي هَمِّي جَلواً، إِذا أَذهَبتَه. وأَجْلَيتُ العمامَةَ عَن رَأْسي، إِذا رَفَعتها مَعَ طَيِّها عَن جَبِينك.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِذا انحسر الشّعرُ عَن جانِبي جَبْهَة الرّجُل، فَهُوَ أَنزَع، وَإِذا زَاد قَلِيلا فَهُوَ أجْلَح، فَإِذا بَلَغَ النِّصفَ وَنَحْوه فَهُوَ أَجلَى، ثمَّ هُوَ أَجْلَهُ، وأَنشد:
مَعَ الجَلاَ ولائِحِ القَتِيرِ
وَقد جَلَى يَجْلِي جَلًى، فَهُوَ أَجْلَى، وانْجَلى الظَّلامُ انْجِلاءً، إِذا انكَشَفَ، وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ عَالي الشَّرف، لَا يَخْفَى مكانُه: هُوَ ابْنُ جَلاَ.
وَقَالَ القُلاخ:(11/127)
أَنا الْقُلاَخُ بنُ قُلاخِ بنِ جلاَ
ابنُ جَتَاثِيْر أَقُودُ الْجَمَلا
وَقَالَ سُحَيْم بن وَثيل الرّياحي:
أَنا ابْنُ جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا
مَتَى أَضَعِ الْعِمامَةَ تَعْرِفوني
وَيُقَال: تَجلَّى فلانٌ مكانَ كَذا، إِذا علاهُ، والأَصْل: تَجَلَّله.
قَالَ ذُو الرمة:
فَلَمَّا تَجَلَّى قَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه
وبَانَ لَهُ وَسْطَ الأَشاءِ انْغِلالُها
قَالَ أَبُو نصر: التَّجَلِّي النَّظَر بالأشراف.
وَقَالَ غَيره: التَّجَلِّي التَّجَلُّل، أَي تَجَلَّلَ فَرْعُها سَمْعَه فِي الْقاع.
رَوَاهُ ابْن الأعرابيّ:
تَجَلَّى فَرْعُها الْقاعَ سَمْعَه
وَقَالَ الله جَلَّ وعَزَّ: {تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} (الشَّمْس: 3) .
قَالَ الْفراء: إِذا جَلَّى الظُّلْمة، فجازت الكِنَايَة عَن الظّلْمة، وَلم تُذْكَر فِي أوّله: لأنَّ مَعْنَاهَا مَعْروف، أَلا تَرى أَنَّك تَقول: أصْبَحت بارِدَةً، وأَمْسَتْ عَرِيَّةِ؛ وهَبَّتْ شَمالاً، فكَنَّى عَن مُؤَنَّثات لم يَجْرِ لَهُنَّ ذِكْر لِأَن مَعناهُن مَعْروف.
وَقَالَ الزّجّاج: إِذا جَلاَّها إِذا بَيّنَ الشّمس؛ لأنَّها تَتَبين إِذا انْبسط النَّهَار.
وَقَالَ اللَّيْث: أَجْلَيْتُ عَنهُ الْهَمَّ إِذا فَرَّجت عَنهُ، وانْجلت عَنهُ الهموم، كَمَا تَنْجَلِي الظُّلمة.
وَيُقَال: أَخْبرني عَن جَلِيّةِ الأمْر، أَي حَقِيقَتِه.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وآبَ مُضِلُّوه بِعَيْنٍ جَلِيَّةٍ
وغُودِرَ بالجوْلاَنِ حَزْمٌ وناثِلُ
يَقُول: كذَّبُوا بخَبره أَول مَا جَاءَ. فجَاء دافِنوه بِخَبَر مَا عايَنُوه.
ابْن السِّكِّيت: قَالَ الكِسَائيّ: فعلت ذَاك من إجلاَك، وأَجلاَك، وَمن جلالِكَ، أَي فعلته من جَرَّاكَ.
جول جيل: قَالَ اللَّيْث: يُقال جالُوا فِي الْحَرْب جَوْلَةً، وجالوا فِي الطّوفان جَوَلاناً وجوَّلتُ البِلادَ تَجْويلاً، أَي جلْت فِيهَا كثيرا.
والْجَوْلاَنُ: التّراب الَّذِي تَجُولُ بِهِ الرّيح على وَجه الأَرْض.
قَالَ: والْجَوْلُ والْجُولُ، كُلٌّ لغاتٌ فِي الْجَوَلَان. قَالَ: وَيُقَال جَال التُّراب وانْجال. قَالَ: وانْجِياله انكِشاطُه. قَالَ: وَيُقَال للْقَوْم إِذا تركُوا الْقَصْدَ والهُدى: اجتالهم الشَّيْطَان أَي جالوا مَعَه فِي الضّلالة.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ الله جلَّ وعزَّ قَالَ: إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشّياطين)(11/128)
أَي اسْتَخَفّتْهُم، فجالوا مَعهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: وِشَاحٌ جَايِلُ، وبطانٌ جَايِلُ وَهُوَ السَّلِس.
وَيُقَال: وِشَاحٌ جالٌ، كَمَا يُقال: كَبْشٌ صائِفٌ، وصَافٌ، وَرجل شائِكُ السِّلاح، وشَاكٌ. وَيُقَال: أَجَلْتُ السِّلاح بَين الْقَوْم إِذا حَرَّكْتَها ثمَّ أَفَضْتَ بهَا فِي القِسْمة، وَيُقَال: أَجالوا الرّأيَ فِيمَا بَينهم.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: اجْتَلْتُ مِنْهُم جَوْلاً، وانتضَلْتُ مِنْهُم نَضْلَةً مَعْنَاهُمَا الِاخْتِيَار.
أَبُو عبيد: الْجَالُ والْجولُ نواحي البِئر من أَسفلها إِلَى أَعْلَاهَا.
وَقَالَ أَبُو الهيثَم: يُقَال للرَّجل الَّذِي لَهُ رَأْي ومُسْكَة: رجلٌ لَهُ زَبْرٌ وجَولٌ، أَي تَماسُك لَا ينهدِمُ جُولُه، وَهُوَ مَزبُورٌ مَا فَوق الجُولِ مِنْهُ، وصُلْبٌ مَا تَحت الزَّبْرِ من الجُول.
وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا تماسُك لَهُ وَلَا حزْم: لَيْسَ لفُلَان جُولٌ أَي ينهدِم جُولُه، فَلَا يُؤْمَنُ أَن يكون الزَّبْرُ يسقُط أَيْضا.
وَقَالَ الرّاعي يمدح عبد الْملك:
فأَبوكَ أَحْزَمُهم، وَأَنت أَمِيرهمْ
وأشَدُّهمْ عِنْد العزائم جُولاً
وَيُقَال فِي مَثَل: لَيْسَ لفُلَان جُولٌ وَلَا جالٌ، أَي لَيْسَ لَهُ حزم.
شَمر، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الجولُ الصَّخْرَة الَّتِي فِي المَاء، يكون عَلَيْهَا الطَّيُّ، فإنْ زَالَت تِلْكَ الصَّخْرة، تهوّر الْبِئْر، فَهَذَا أصل الجُول، وَأنْشد:
أَوْفَى على رُكْنين فَوق مَثَابةٍ
عَن جُولِ نازحةِ الرِّشاءِ شَطُونِ
وَقَالَ اللَّيْث: جالاَ الْوَادي جَانبا مَائه، وجالا الْبَحْر شطّاه، والجميع الأجوال، وَأنْشد:
إِذا تنازعَ جالا مَجْهَلٍ قذَفٍ
أَبُو عُبَيْدَة، عَن الفرَّاء، قَالَ: جَوَلانُ المالِ: صغارُه ورديئُه، وجَوْلان: قريةٌ بِالشَّام.
وَقَالَ اللحيانيّ: يومٌ جولانيُّ، وجَيْلانيّ: كثيرُ التُّرَاب، والرِّيج.
ورُوِي عَن عَائِشَة، أنَّها قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل إِلَيْهَا، لبس مِجْوَلا.
قَالَ أَبُو العَبَّاس، قَالَ ابْن الأعرابيّ: المجْوَلُ الصُّدْرةُ، وَهُوَ الصِّدار، قَالَ: والمجوَلُ الدرهمُ الصَّحِيح، والمجوَلُ العُوذَةُ، والمجولُ: الْحمار الوحشيُّ، والمجوَلُ هلالٌ من فِضّةِ يكون وسطَ القلادة، والأجوليُّ من الْخَيل: الجَوَّالُ السَّرِيع.
جلأ: أَبُو زيد: جَلأْتُ بالرجلِ أَجَلأُ بِهِ جَلأً إِذا صَرَعَته، وجلأ بِثَوْبِهِ: رمى بِهِ.
أَبُو عُبيد: الاجئِلال بِوَزْن الافعِلال:(11/129)
الفزَعُ والوَجل.
وَأنْشد:
للقَلْبِ من خوْفِهِ اجْئِلاَلُ
شَمر، عَن ابْن الأعرابيّ: اجئلال أَصله من الوجل؛ قلت: لَا يَسْتَقيم هَذَا القَوْل إِلَّا أَن يكون مقلوباً كَأَنَّهُ فِي الأَصْل إيجْلال، فأُخِّرت الياءُ والهمزة بعد الْجِيم. وَفِيه وجهٌ آخر.
قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ أَبُو زيد: من أَسمَاء الضِّباع. والجَيْأَل.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ الجَيْأَلة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم، قَالَ ابْن بُزُرْج، قَالُوا: فِي الجيأَل، وَهِي الضبُع، جأَلَت تجأَلُ، إِذا أَجمعت.
قَالَ:
وَكَانَ لَهَا جاران لَا يُخفرانها
أَبُو جَعْدَةَ العادي وعَرفاءُ جَيْأَل
أَبُو جَعْدَة: الذِّئْب، وعَرفاء: الضبع. وَإِذا اجْتمع الضبع فِي غنم منع كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْلهم: اللهُمّ ضبُعاً وذئباً أَي اجمعهما، وَإِذا اجْتمعَا سلمت الْغنم.
قَالَ: والجَأَثانُ مثلُ مَشي الظليم وَمَا أشبهه من مَشي النَّاس، وَقد جأثت جأَثاناً.
قلت: وَجَائِز أَن يكون اجْئِلال افعِلالاً من جَأَلَ يجأَلُ إِذا ذهب وَجَاء، كَمَا يُقَال: وجَف القلبُ إِذا اضْطَرَبَ.
وَجل: قَالَ اللَّيْث: الوجَل، الخوْف، وَأَنا وَجلٌ من هَذَا الْأَمر، وَقد وجِلْتَ، فَأَنت تَوجلَ، ولُغةٌ أُخْرَى تَيْجلُ، وَيُقَال تأجل، وَهُوَ وَجِلٌ وأوْجل، وَأنْشد:
لَعَمْرَكَ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لأَوْجلُ
عَلَى أَيِّنا تَعْدو المنيَّة أَوَّلُ
جيل: أخبرنَا ابنُ رزين، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن الشاه، عَن المؤرج فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} (الْأَعْرَاف: 27) أَي جِيلُه وَمَعْنَاهُ جِنسه.
وَقَالَ عَمْرو بن بجر: جَيْلانُ فَعَلَةُ الْمُلُوك. وَكَانُوا من أهل الجيل: وَأنْشد:
أتيح لهُ جَيلانُ عِنْد جِدَاره
وردَّد فِيهِ الطرفَ حَتَّى تحيَّرا
وَأنْشد الأصمعيّ:
أرسل جَيلانَ ينحِتون لَهُ
ساتيدَ مَا بالحديد فانصدَعا
وَقَالَ اللَّيْث: الجيلُ كلُّ صنف من النَّاس، التُّرك جيل؛ والصِّين جيل، والجميع أجيال، وجَيْلانُ: جيلٌ من الْمُشْركين خلف الدَّيلم، يُقَال لَهُم: جيلُ جيلان.
ولج: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : وَلَّجَ فلانٌ مَاله توْليجاً، إِذا جعله فِي حَيَاته لبَعض ولَدِه(11/130)
فتسامَع الناسُ بذلك، فانَقَدَعُو عَن سُؤاله.
وَقَالَ اللَّيْث: الولُوج الدُّخول، قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} (التَّوْبَة: 16) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوليجةُ البطانَة، وَهِي مَأْخُوذَة من وَلَج يَلِجُ وُلوجاً، إِذا دخل، أَي يَتّخذوا بَينهم وَبَين الْكَافرين دخيلةَ مَوَدَّة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الغسّانيّ، عَن أبي عُبَيْدَة، أَنه قَالَ: وَلِيجَةُ، كلّ شيءٍ أدخلته فِي شيءٍ لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ وليجة، وَالرجل يكون فِي الْقَوْم وَلَيْسَ مِنْهُم فَهُوَ وليجةٌ فيهم. يَقُول: فَلَا تَتَّخِذُوا أَوْلِيَاء لَيْسُوا من الْمُسلمين دون الله وَرَسُوله. وَمِنْه قَوْله:
فإنَّ القوافي يَتَّلجْنَ مَوَالجاً
تضايَقَ عَنهُ أَن تَولّجهُ الأمرْ
وَقَالَ الْفراء: الوليجةُ البِطانةُ من الْمُشْركين.
والتَّوْلَجُ: كِنَاسُ الظِّباء وبَقَر الْوَحْش، وَأَصله (وَوْلَج) فَقُلِبَتْ إِحْدَى الواوين تَاء، وَقد اتَّلَجَ فِي تَوْلَجِه، وأَتْلَجُهُ الْحَرُّ فِيهِ، أَي أَوْلَجه.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فِي بعض الرُّقَى: أَعُوذُ باللَّهِ من كُلِّ نَافِثٍ ورَافثٍ، وشَرِّ كُلِّ تَالِجٍ وَوَالِج.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَوْلاَجُ الْوَادِي: مَعاطِفُه وزواياه، وَاحِدَتها وَلَجَة، وتُجْمَعُ: الْوُلُج، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَنْتَ ابنُ مُسْلَنْطِحِ الْبِطاحِ ولَمْ
تَعْطِفْ عَلَيْك الحُنِيُّ والْوُلُجُ
قَالَ: الْحُنِيُّ: الأَزِقَّةِ والوُلُجُ مثله، والْوُلُجُ: النَّواحي، والْوُلُج أَيْضا: مَغَارِف الْعَسَل. وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَلَجَةُ مكانٌ من الْوَادي دايعه فِيهَا شجر، وَأنْشد:
وَلم تُطرّق عَلَيْك الحنِيُّ والوَلَجُ
قَالَ: والوَلَج: جمع وَلَجةٍ.
لَجأ: أَبُو زيد: لَجأَتُ إِلَى الْمَكَان، فَأَنا أَلْجأُ إِلَيْهِ لُجوءًا وَلَجْأً. وأَلْجَأْتُ فُلاناً إِلَى الشَّيء إِلْجاءً إِذا اضْطَرَرْتَه، ولَجَأ: اسْم رجل.
يُقَال: أَلْجَأْتُ الشَّيء، إِذا حَصَّنْتَه فِي مَلْجأ ولجاء والْتَجأْتُ إِلَيْهِ الْتِجاءً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: التَّلجِئَةُ أَنْ يُلجئَكَ أَن تَأتِيَ أمرا باطنُه خلافُ ظَاهره، وَذَلِكَ مثلُ إشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهرٍ، وباطنه خلاف ذَلِك.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَلْجأتُه إِلَى كَذَا، أَي اضْطَررته، قَالَ ولجَّأ فلَان مَاله، والتَّلجئَةُ أَن يَجْعَلَهُ لبَعْضِ وَرَثَتِه دونَ بَعْض، كأَنَّه يَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ وارثهُ، قَالَ: وَلَا تَلجِئَةَ إلاَّ إِلَى وارِث. قَالَ ابْن الأنباريّ: اللَّجَأُ مَهْمُوز مَقْصُور: مَا لجأتَ إِلَيْهِ، واللجا مَقْصُور غير مَهْمُوز: جمع لجاةٍ. وَهِي الضِّفْدَعَةُ الْأُنْثَى، يُقَال لذكرها: لَجأَ.(11/131)
قَالَ ابْن شُمَيْل: وَيُقَال: أَلَكَ لَجَأٌ يَا فلَان؟ واللَّجَأُ: الزّوجة. وَقَالَ اللِّحيانيّ: يُقَال: مَا لي فِيهِ حَوْجَاءُ وَلا لَوْجَاء، وَمَا لي فِيهِ حُوَيجاء، وَلَا لُوَيجاء كِلَاهُمَا بالمَدّ، أَي مَا لي فِيهِ حَاجَة.
وَقَالَ غَيره: يُقَال مَا لِيَ عَلَيْهِ عِوَجٌ وَلَا لِوَج.
أجل: قَالَ اللَّيْث: الأجَلُ غايةُ الوقْت فِي المَوت، ومَحَلُّ الدَّيْن وَنَحْوه.
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: أَجَلْتُ عَلَيْهِم آجَلُ أَجْلاً: أَي جَرَرْتُ جَريرةً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو، وَيُقَال: جَلَبْتُ عَلَيْهِم، وجَرَرْتُ، وأَجَلتُ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي جَنَيْت. الْكسَائي: فعلت ذَاك من أَجْلاَك وإجْلاكَ وَمن جَلاَلِكَ بِمَعْنى وَاحِد.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت: فعلتُ ذَاك من أجْلكَ، وَإِذا اسْقَطْتَ (مِنْ) قلتَ: فعلتُ ذَاك أَجْلَكَ. هَذَا كلامُ الْعَرَب، وَمن أجل جَرَّاك، وَإِذا جِئْتَ ب (من) قلت: من أجلِكَ. وَتقول أجَلَ هَذَا الشَّيْء يأجِلُ فَهُوَ آجِل، وَهُوَ نَقيض الْعَاجل، قَالَ: والأجيلُ والْمُؤَجَّلُ إِلَى وَقْت، وَأنْشد:
وغَايَةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرَّدَى
الحَرانيّ عَن ابْن السّكيت: الأجْلُ: مَصْدَر أجَلَ عَلَيْهِم شَرّاً يَأجِلَهُ أجْلاً إِذا جَنَاه عَلَيْهِ.
وَقَالَ خَوَّاتُ بن جُبَيْر:
وأهْلِ خِبَاءٍ صَالحٍ ذاتُ بَينهم
قد احْتَرَبوا فِي عاجِلٍ أَنا آجِلُه
أَي جَانيه.
قَالَ: والأَجْلُ الْقَطيعُ من بَقَر الْوَحْش، وَجمعه الآجَال.
قَالَ: وحَكَى لنا الفَرَّاء: والإجْلُ وَجَعٌ فِي الْعُنق.
وَحكي عَن أبي الجرَّاحِ، أَنه قَالَ: بِي إجْلٌ فَأَجِّلوني، أَي دَاوُوني.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: هُوَ الأَجَلُ والأَدَل، وَهُوَ وَجَعُ العُنُق من تَعادِي الْوِسَاد.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ الْبَدَلُ أَيْضا، وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِسْرَاءِيلَ} (الْمَائِدَة: 32) . الأَلفُ مقطوعةٌ من جَرَّى ذَلِك وربَّما حَذَفَت الْعَرَب مِنْ فَقَالَت: فَعَلْتُ ذاكَ أجْلَ كَذَا. قَالَ عدِيّ:
أجْلَ أنَّ اللَّهَ قد فَضَّلَكُمْ
فَوق مَا أحكي بصُلْب وإزارِ
رَوَاهُ شَمِر: إجْلَ أَنَّ اللَّهَ قد فضَّلكم.
وَقَالَ اللَّيْث: الآجِلَة الآخِرة، والعاجِلَةُ الدُّنيا.
قلت: والأُصل فِي قَوْلهم فَعَلْتُه من أجلِكَ، من قَوْلهم أجَلَ عَلَيْهِ أجْلاً، أيْ(11/132)
جَنَى وَجَرَّ. والمَأجَل: شِبْهُ حَوْضٍ واسعٍ يُؤْجَلُ فِيهِ ماءُ القَناة إِذا كَانَ قَلِيلا، أَي يجْمَعُ، ثمَّ يُفجَّر إِلَى المزرعة، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ طَرخَا.
وَقَالَ غير اللَّيْث: المأْجَلُ: الجِبَأةُ الَّتِي يجْتَمع فِيهَا مياه الأمطار من الدّور قلت: وأصلُ قَوْلهم: من أَجلك، مَأْخُوذ من قَوْلك: أجَلْتُ، أَي جَنيت، وَهُوَ كَقَوْلِك: فعلت من جرَّاك.
وَبَعْضهمْ لَا يهمِزُ المأْجَل، وبكسر الْجِيم، فَيَقُول الماجل، ويجعله من المَجْل، وَهُوَ المَاء يجْتَمع فِي النُّقطة تمتلىء مَاء من عَمَل أَو حَرَق.
وأَجَلْ: تَصْديقٌ لخبرٍ يُخْبِرُك بِهِ صاحِبُك، فَنَقُول: فَعل فلَان كَذَا وَكَذَا، فَتُصَدِّقه بقَولك لَهُ: أجَلْ، وأَمَّا نعم، فإنَّه جَوَاب المستَفْهِم بكلامٍ لَا جحَدْ فِيهِ، يَقُول لَك هَل صَلَّيْت، فَتَقول: نعم.
(بَاب الْجِيم وَالنُّون)
ج ن (وَا يء)
جنى، جنأ، وجن، نجا، نجأ، جون، ونج، نأج، أجن، نوج: (مستعملة) .
جنى: رُوِيَ عَن عليّ بنِ أبي طَالب رَضِيَ الله عَنهُ أنَّهُ دخَلَ بَيتَ المَال، فَقَالَ: يَا حَمْراءُ، ويَا بَيْضَاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي. وغُرِّي غَيْري.
هَذَا جَنَايَ وخِيَارُه فِيهِ
إذْ كلُّ جانٍ يَدُه إِلَى فِيهِ
قَالَ أَبو عبيد: يُضرَبُ هَذَا مثلا للرجل يُؤثِرُ صَاحبه بِخِيَار مَا عِنْده.
وَذكر ابْن الْكَلْبِيّ أنَّ الْمثل لعَمْرو بن عَدِيِّ اللّخْمِيّ ابْن أُخْت جَذِيمَة، وَأَن جذيمة نزل منزلا وأمَرَ الناسَ أَن يَجتنُوا لَهُ الْكَمْأَةَ، فَكَانَ بَعضهم يَستأثر بِخَير مَا يجد، فَعندهَا قَالَ عَمْرو:
هَذَا جَنَايَ وخِيارُه فِيه
إذْ كُلُّ جانٍ يَدهُ إِلَى فِيهِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جنى الرجل جِنَايَة، إِذْ جرّ جريرةً على نَفسه أَوْ على قَوْمه يجني، وتجنَّى فلانٌ على فلَان ذَنبا لم يَجْنِه، إِذا تَقَوَّله عَلَيْهِ وَهُوَ برىء.
والجَنَى: الرُّطَبُ.
وَأنْشد الْفراء فِيهِ:
هُزِّي إليْك الجِذعَ يَجنِيك الجَنَى
ويُقال للعسل إِذا اشْتِير: جَنًى، وكلُّ ثَمَرٍ يُجتَنَى، فَهُوَ جَنًى مَقْصُور.
والاجتِناء: أَخْذُكَ إيَّاه، وَهُوَ جنى مَا دَامَ طَرِيّاً، ويُقال لكل شَيْء أُخِذَ من شَجره قد جُنِيَ واجتُنِيَ.
وَقَالَ الراجز يذكر الكَمْأَة:
جنَيْتُهُ من مُجْتَنى عَويص
وَقَالَ آخر:
إنكَ لَا تَجْنِي من الشّوْكِ العِنَبْ
وَيُقَال للثّمر إِذا صُرِمَ: جَنِيّ.(11/133)