[بَاب الْخَاء والظاء]
خَ ظ
أهمله اللَّيْث.
خظ: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: أخظ الرجل، إِذا استرخى بَطْنه واندال.
[بَاب الْخَاء والذال]
خَ ذ
أهمله اللَّيْث.
خُذ: وَفِي " نَوَادِر الْأَعْرَاب ": خُذ الْجرْح خذيذا، إِذا سَالَ مِنْهُ الصديد.
ذخ: رجل دخذاخ ينزل قبل الخلاط. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل ذوذخ، وَهُوَ الزملق الَّذِي ينزل قبل أَن يُفْضِي إِلَى الْمَرْأَة.
[بَاب الْخَاء والثاء]
خَ ث
أهمله اللَّيْث.
خت: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الخثة: البعرة اللينة: قلت: أَصْلهَا الخثي.
[بَاب الْخَاء وَالرَّاء]
خر، رخ: مستعملان.
خر: قَالَ اللَّيْث: الخرير: صَوت المَاء وَصَوت الرّيح. قَالَ: وخرير الْعقَاب: حفيفة. وَقد يُضَاعف إِذا توهم سرعَة الخرير فِي الْقصب وَنَحْوه، فَيحمل على الخرخرة، وَأما فِي المَاء فَلَا يُقَال إِلَّا خرخرة. قَالَ: والهرة خرور فِي نومها. والخرخرة: صَوت النمر فِي نَومه، يخرخر خرخرة، ويخر خريراً. وَيُقَال لصوته: الخرير، والهرير، والغطيط. أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء: خر المَاء يخر خريرا، فَهُوَ خار. وخر الْمَيِّت يخر خريرا، فَهُوَ خار، وخر الْحجر، إِذا تدهدى من الْجَبَل يخر خرورا بِضَم الْخَاء، من يخر. وَرُوِيَ عَن حَكِيم بن حزَام أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أُبَايِعك على أَلا أخر إِلَّا قَائِما. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما من قبلنَا فلست تَخِر إِلَّا قَائِما. قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ أَلا أغبن وَلَا أغبن، فَقَالَ النَّبِي: لست تغبن فِي دين وَلَا شَيْء من قبلنَا وَلَا بيع. وَقَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْله: أَلا أخر إِلَّا قَائِما، أَي لَا أَمُوت، لِأَنَّهُ إِذا مَاتَ فقد خر وَسقط، إِلَّا قَائِما أَي ثَابتا على الْإِسْلَام. قَالَ: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما من قبلنَا فلست تَخِر إِلَّا قَائِما، أَي لسنا ندعوك وَلَا نُبَايِعك إِلَّا قَائِما، أَي على الْحق. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: خر الرجل يخر، إِذا تنعم وخر يخر، إِذا سقط. قَالَه بِضَم(6/299)
الْخَاء. قلت وَغَيره يَقُول: خر يخر بِكَسْر الْخَاء. قَالَ: والخرخور: الرجل الناعم فِي طَعَامه وَشَرَابه، ولباسه وفراشه. وَقَالَ غَيره: يُقَال لخذروف الصَّبِي الَّذِي يديرها خرارة، وَهُوَ حِكَايَة صَوتهَا: خرخر. والخرارة: عين المَاء الْجَارِيَة، سميت خرارة لخرير مَائِهَا، وَهُوَ صَوته. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأخرة، وَاحِدهَا خرير، وَهِي أَمَاكِن مطمئنة تنقاد بَين الربوتين. قَالَ: وَأَخْبرنِي خلف الْأَحْمَر أَنه سمع الْعَرَب تنشد:
(بأخِرة الثلبوت يربأ فَوْقهَا ... قفر المراقب خوفها آرامها)
فَأَما الْعَامَّة فَتَقول أحزة، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْخَاءِ، وَالْبَيْت للبيد. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: فَإِن اضْطربَ بَطْنه مَعَ الْعظم. قيل: تخرخر بَطْنه، وَأنْشد غَيره قَول الْجَعْدِي:
(فَأصْبح صفرا بَطْنه قد تخرخرا ... )
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: خر إِذا جرى وخر إِذا مَاتَ.
رخ: قَالَ اللَّيْث: الرخاخ: لين الْعَيْش. أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عَمْرو: الرخاخ هُوَ الرخو من الأَرْض. شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرض رخاء رخوة لينَة. وَقَالَ ابْن مقبل:
(ربيبةُ حقف دافعت فِي حقوفها ... رخاخ الثرى والأقحوان المديما)
أَي إِنَّه لم يصبهَا من الرخاخ شَيْء، وربيبة: بقرة، وَقَوله: والأقحوان، أَي وثغراً كالأقحوان. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رخاء الأَرْض: مَا اتَّسع مِنْهَا ولان، وَلَا يَضرك اسْتَوَى أَو لم يستو، وَأنْشد لِابْنِ مقبل أَيْضا:
(فلبده مس القطار ورخه ... نعاج رواف قبل أَن يتشددا)
قَالَ: رخه وَطئه فأرخاه. ورواف: مَوضِع. وَرُوِيَ فِي الحَدِيث " يَأْتِي على النَّاس زمَان أفضلهم رخاخا أقصدهم عَيْشًا ". قَالَ: الرخاخ: لين الْعَيْش. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ارتخ الْعَجِين ارتخاخا، إِذا استرخى، وارتخ رَأْيه إِذا اضْطربَ. وسكران مرتخ وملتخ، بالراء وَاللَّام. وَقَالَ اللَّيْث: الرخ: مُعرب من كَلَام الْعَجم من أدوات لعبة لَهُم. والرخ: نَبَات هش. أَبُو زيد: الرخَاء: الأَرْض المنتفخة الَّتِي تكسر تَحت الْوَطْء، وَجَمعهَا الرخاخي. قَالَ: والنفخاء مثله، وَجَمعهَا النفاخي. وَقَالَ غَيره: هِيَ الرخَاء والسخاء والسوخة.(6/300)
بَاب الْخَاء وَاللَّام
[خَ ل]
خل، لخ: [مستعملان] .
خل: قَالَ اللَّيْث: الاختلال من الْخلّ من عصير الْعِنَب وَالتَّمْر. قلت لم أسمع لغيره أَنه يُقَال: اخْتَلَّ الْعصير، إِذا صَار خلا، وَكَلَامهم الْجيد: خلل شراب فلَان، إِذا فسد، فَصَارَ خلا. سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الْخلَّة: الْخمْرَة القارصة. والخلة: الْخَصَاصَة فِي الوشيع، وَهِي الفرجة فِي الخص. قَالَ: والخلة: الرملة الْيَتِيمَة المنفردة من الرمل. وَقَالَ الله عز وَجل: {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة وَلَا شَفَاعَة} [الْبَقَرَة: 254] . قَالَ الزّجاج: يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة، والخلة: الصداقة. وَيُقَال: خاللتُ الرجل خلالاً، وَمِنْه قَول امْرِئ الْقَيْس:
(وَلست بمقلي الْخلال وَلَا قالي ... )
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلَان كريم الْخلَّة، أَي كريم الإخاء والمصادقة، وكريم الْخلّ وَفُلَان خلتي وفلانة خلتي وخلي، سَوَاء فِي الْمُذكر والمؤنث، وَأنْشد:
(أَلا أبلغا خلتي جَابِرا ... بِأَن خَلِيلك لم يقتل)
والخلة: كل نبت حُلْو. وَيُقَال: جَاءَت الْإِبِل مختلة، إِذا أكلت الْخلَّة. وَقَالَ العجاج:
(جَاءُوا مخلين فلاقوا حمضا ... )
قلت: وَمن أطيب الْخلَّة عِنْد الْعَرَب الْحلِيّ والصليان، وَلَا تكون الْخلَّة إِلَّا من العروة، وَهُوَ كل نبت لَهُ أصل فِي الأَرْض يبْقى عصمَة للنعم إِذا أجدبت السّنة، وَهِي الْعلقَة عِنْد الْعَرَب، والعرفج، والحلمة من الْخلَّة أَيْضا. وَالْعرب تَقول: الْخلَّة: خبز الْإِبِل، والحمض فاكهتها، وتضرب الْخلَّة مثلا للدعة وَالسعَة، وَيضْرب الحمض مثلا للشر وَالْحَرب. شمر عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: الْخلَّة إِنَّمَا هِيَ الأَرْض: وَيُقَال: أَرض خلة، وخلل الأَرْض: الَّتِي لَا حمض بهَا. قَالَ: وَلَا يُقَال للشجر خلة، وَلَا تذكر، وَهِي الأَرْض الَّتِي لَا حمض بهَا، وَرُبمَا كَانَ بهَا عضاة، وَرُبمَا لم تكن. وَلَو أتيت أَرضًا لَيْسَ بهَا شَيْء من الشّجر، وَهِي جزر من الأَرْض، قلت: إِنَّهَا الْخلَّة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخلَّة مَا لم يكن فِيهَا ملح وَلَا حموضة، والحمض: مَا كَانَ فِيهِ حموضة وملوحة: قَالَ الْكُمَيْت:
(صادفن واديه المغبوط نازله ... لَا مرتعا بَعدت من حمضه الْخلَل)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخلَّة من النَّبَات: مَا كَانَ حلوا من المرعى. وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول الطرماح:
(لَا يني يحميض الْعَدو وذ الخللة ... يشفى صداه بالإحماض)(6/301)
يَقُول: إِن لم يرْضوا بالخلة أطعموهم الحمض. وَقَالَ غَيره: يَقُول من جَاءَ مشتهياً قتالنا شفينا شَهْوَته بإيقاعنا بِهِ، كَمَا تشقى الْإِبِل المختلة بالحمض. وَقَالَ اللحياني: الخلالة المخالة، وَأنْشد:
(وَكَيف تصاحب من أَصبَحت ... خلالته كَأبي مرحب)
أَرَادَ أَصبَحت خلالته كخلالة أبي مرحب. وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وَعز: {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة} [التَّوْبَة: 47] أَوضعت فِي السّير: أسرعت، الْمَعْنى: ولأسرعوا فِيمَا يخل بكم. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَرَادَ ولأوضعوا مَراكبهم خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة، وَجعل خلالكم بِمَعْنى وسطكم. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: {ولأوضعوا خلالكم} [التَّوْبَة: 47] ، أَي لأسرعوا فِي الْهَرَب خلالكم، أَي مَا تفرق من الْجَمَاعَات لطلب الْخلْوَة والفرار. والخلال أَيْضا جمع الْخلَّة، وَهِي الْخصْلَة، يُقَال: فلَان كريم الْخلال ولئيم الْخلال، وَهِي الْخِصَال، وَيُقَال، خل ثَوْبه بخلال يخله خلا فَهُوَ مخلول، إِذا شكه بالخلال. وفصيل مخلل، إِذا غرز خلال على أَنفه لِئَلَّا؛ يرضع أمه، وَذَلِكَ أَنَّهَا تزبنه إِذا أوجع ضرْعهَا الْخلال. قَالَ: والخلال: المخالة والمصادقة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخلَّة: الْحَاجة. وَيُقَال: مَا أخلك إِلَى هَذَا، أَي مَا أحوجك إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: تفقهوا فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي مَتى يخْتل إِلَيْهِ. قَالَه أَبُو عبيد: وَقَالَ فِي قَول زُهَيْر:
(وَإِن أَتَاهُ خَلِيل يَوْم مَسْأَلَة ... يَقُول لَا غَائِب مَالِي وَلَا حرم)
قَالَ: يَعْنِي بالخليل الْمُحْتَاج. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخَلِيل: الحبيب. والخليل: الصَّادِق، والخليل: الناصح. والخليل: الرفيق. والخليل الْأنف، والخليل: السَّيْف. والخليل: الرمْح. والخليل: الْفَقِير. والخليل: الضَّعِيف الْجِسْم، وَهُوَ المخلول، والخل أَيْضا. الْأَصْمَعِي: يُقَال لابنَة الْمَخَاض: خلة، وَالذكر خل. اللحياني، يُقَال: إِن الْخمر لَيست بخمطة وَلَا خلة، أَي لَيست بحامضة، والخمطة الَّتِي قد أخذت شَيْئا من الرّيح كريح النبق والتفاح. وجاءنا بِلَبن خامط مِنْهُ. وَيُقَال: فِيهِ خلة صَالِحَة وخلة سَيِّئَة. الْأَصْمَعِي: يُقَال للرجل إِذا مَاتَ لَهُ ميت: اللَّهُمَّ اخلف على أَهله بِخَير، واسدد خلته، يُرِيد الفرجة الَّتِي ترك. وَقَالَ أَوْس بن حجر:
(لهلك فضَالة لَا يَسْتَوِي الفقود ... وَلَا خلة الذَّاهِب)
أَرَادَ الثلمة الَّتِي ترك، يَقُول: كَانَ سيدا، فَلَمَّا مَاتَ بقيت خلته.(6/302)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخلّ: الطَّرِيق فِي الرمل والخل: الرجل الْقَلِيل اللَّحْم؛ وَقد خل لَحْمه خلا وخلولاً. وَقَالَ الْكسَائي مثله وخللت الكساء أخله خلا، إِذا شددته بخلال. أَبُو عبيد: الْخلّ وَالْخمر: الْخَيْر وَالشَّر، يُقَال فِي مثل: مَا فلَان بخل وَلَا خمر، أَي لَا خير فِيهِ وَلَا شَرّ عِنْده. وَقَالَ النمر بن تولب:
(هلا سَأَلت بعادياء وبيته ... والخل وَالْخمر الَّتِي لم تمنع)
وَسُئِلَ الْأَصْمَعِي عَن الْخلّ وَالْخمر فِي بَيت النمر، فَقَالَ: الْخلّ: الْخَيْر، وَالْخمر: الشَّرّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَغَيره يَقُول: الْخلّ: الْخَيْر، وَالْخمر: الشَّرّ. وَقَالَ اللحياني: يُقَال: قد عَم فِي دُعَائِهِ، وخل خلا، أَي خص، وَأنْشد:
(فَعم فِي دُعَائِهِ وخلا ... وَخط كاتباه واستملا)
قَالَ: وخلل بِالتَّشْدِيدِ، أَي خصص، وَأنْشد:
(عهِدت بِهِ الْحَيّ الْجَمِيع فَأَصْبحُوا ... أَتَوا دَاعيا لله عَم دخللا)
وَقَالَ اللحياني: شراب فلَان قد خلل يخلل تخليلا، أَي فسد، وَكَذَلِكَ كل مَا حمض من الْأَشْرِبَة يُقَال لَهُ: قد خلل وَيُقَال: قد خلل فلَان أَصَابِعه بِالْمَاءِ، وخلل لحيته، إِذا تَوَضَّأ، وَيُقَال: وجدت فِي فمي خلة فتخللت، والجميع خلل، وَهُوَ مَا يبْقى بَين الْأَسْنَان من الطَّعَام، وَهِي الخلالة أَيْضا. يُقَال: أكل خلالته. وَقَالَ ابْن بزرج: الْخلَل: مَا دخل بَين الْأَسْنَان من الطَّعَام. والخلال: مَا أخرجته بِهِ وَأنْشد:
(شاحي فِيهِ عَن لِسَان كالورل ... على ثناياه من اللَّحْم خلل)
وَقَالَ النَّضر: الْخلَل من دَاخل سير الجفن، ترى من خَارج، وَاحِدهَا خلة، وَهُوَ نقش وزينة. الْأَصْمَعِي: تخللت الْقَوْم، إِذا دخلت بَين خللهم وخلالهم، وَمِنْه تخَلّل الْأَسْنَان. وَقَالَ شمر: تخللت دِيَارهمْ: مشيت خلالها، وتخللت الرمل، أَي مضيت فِيهِ وأخللت بِالْمَكَانِ وَغَيره، إِذا تركته وغبت عَنهُ. وَفُلَان مختل الْجِسْم، أَي نحيف الْجِسْم، وَفِي رَأْي فلَان خلل، أَي فُرْجَة. والخلال: البلح. قَالَ شمر: وَهِي بلغَة أهل الْبَصْرَة واحدتها خلالة. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فترى الودق يخرج من خلاله} [النُّور: 43] وَقُرِئَ {من خلله} . وَيُقَال: جلسنا خلال الْحَيّ، وخلال دُورهمْ، أَي جلسنا بَين الْبيُوت، ووسط الدّور، وَكَذَلِكَ سرنا خلال الْعَدو، أَي بَينهم. وَيُقَال: طعنته فاختللت فُؤَاده بِالرُّمْحِ، أَي انتظمته.(6/303)
وَقَالَ اللَّيْث: سمي الطَّرِيق بَين الرمل خلا لِأَنَّهُ يتخلله، أَي ينفذهُ. قَالَ: والخل فِي الْعُنُق: عرق مُتَّصِل بِالرَّأْسِ، وَأنْشد:
(ثمَّ إِلَى هاد شَدِيد الْخلّ ... وعنق كالجذع متمهل)
قَالَ: وخلل السَّحَاب: ثقبه وَهِي مخارج مصب الْقطر، والجميع الْخلال، والخلل: الرقة فِي النَّاس. والخلل فِي الْأَمر كالوهن، والخل: الثَّوْب الْبَالِي إِذا رَأَيْت فِيهِ طرقا. قَالَ: والخلة: جفن السَّيْف المغشى بِالْأدمِ، والمخلخل: مَوضِع الخلخال من السَّاق. والخلخال: الَّذِي تلبسه الْمَرْأَة. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بفصيل مخلول، وَهُوَ المهزول. وَقَالَ شمر: المخلول: المهزول، وَقيل: هُوَ الفصيل الَّذِي خل أَنفه؛ لِئَلَّا يرضع أمه. وَأما المهزول فَلَا يُقَال لَهُ: مخلول؛ لِأَن المخلول هُوَ السمين ضد المهزول، والمهزول: هُوَ الْخلّ والمختل. قَالَ: وَسمعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: الْخلَّة: بَيت مَخَاض. وَيُقَال: أَتَانَا بقرص كَأَنَّهُ فرسن خلة، يَعْنِي السمينة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّحْم المخلول هُوَ المهزول. وَقَالَ: وخل الرجل، إِذا احْتَاجَ. وَيُقَال: اقْسمْ هَذَا المَال فِي الأخل، فالأخل أَي فِي الأفقر فالأفقر. وَيُقَال: ثوب خلخال وهلهال وخلخل، إِذا كَانَت فِيهِ رقة. وَقَالَ الزّجاج: الْخَلِيل: الْمُحب الَّذِي لَيْسَ فِي محبته خلل. قَالَ: وَقَول الله: {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} [النِّسَاء: 125] أَي أحبه محبَّة تَامَّة لَا خلل فِيهَا. قَالَ: وَجَائِز أَن يكون مَعْنَاهُ الْفَقِير، أَي اتَّخذهُ مُحْتَاجا فَقِيرا إِلَى ربه. قَالَ: وَقيل للصداقة: خلة؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يسد خلل صَاحبه فِي الْمَوَدَّة وَالْحَاجة إِلَيْهِ. قَالَ: والخل: الَّذِي يؤتدم بِهِ يُسمى خلا لِأَنَّهُ اخْتَلَّ عَنهُ طعم الْحَلَاوَة.
لخ: وَقَالَ اللَّيْث اللخلخة من الطّيب: ضرب مِنْهُ. قلت: لم يزدْ اللَّيْث على هَذَا الْحَرْف. وروينا عَن ابْن عَبَّاس قصَّة إِسْمَاعِيل وَإِسْكَان إِبْرَاهِيم إِيَّاه الْحرم. قَالَ: والوادي يَوْمئِذٍ لأخ. قَالَ شمر فِي كِتَابه: إِنَّمَا هُوَ لاخ، خَفِيف، أَي معوج، ذهب بِهِ إِلَى الألخى واللخواء، وَهُوَ المعوج الْفَم، وَالرِّوَايَة لاخ بِالتَّشْدِيدِ. روى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: جَوف لاخ، أَي عميق.(6/304)
قَالَ: والجوف: الْوَادي. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ الْمُنْذِرِيّ عَنهُ أَنه قَالَ: لخخت عينه ولححت، إِذا التزقت من الرمص. قَالَ: وَمعنى قَوْله: والوادي لأخ، أَي متضايق متلاحز لِكَثْرَة شَجَرَة، وَقلة عِمَارَته. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: سَكرَان ملتخ وملطخ، أَي مختلط، وَمِنْه يُقَال: التخ عَلَيْهِم أَمرهم، أَي اختط، وَلَا يُقَال: سَكرَان متلطخ. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَهُوَ مَأْخُوذ من وَاد لاخ، إِذا كَانَ ملتفا بِالشَّجَرِ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله:
(وسالَ غَربُ عينه ولخا ... )
أَي رمض. وَفِي الحَدِيث: فَأَتَانَا رجل فِيهِ لخلخانية. قَالَ أَبُو عبيد: اللخلخانية: العجمة، يُقَال: رجل لخلخاني، وَامْرَأَة لخلخانية، إِذا كَانَا لَا يفصحان. وَقَالَ البعيث:
(سيتركها إِن سلم الله جارها ... بَنو اللخلخانيات وَهِي تروع)
(المجلد الْخَامِس الْجُزْء التَّاسِع)(6/305)
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيَمِ
بَاب الْخَاء وَالنُّون
[خَ ن]
خن، نخ: مستعملان.
خن: قَالَ اللَّيثُ: خَنَّ يَخِنُّ خَنِيناً، وَهُوَ: بكاء الْمَرْأَة تَخِنُّ فِي بكائها دون الانتخاب.
قَالَ: والخَنِينُ: الضَّحِك إِذا أظهره الْإِنْسَان فَخرج جَافيا، يُقَال: خَنَّ يَخِنُّ خَنِيناً، فَإِذا أخرج صَوتا رَقِيقا فَهُوَ الرَّنِين، فَإِذا أخفاه فَهُوَ الهَنِين.
وَقَالَ غَيره: الهنين مثل الأنين، يُقَال: أَنَّ وهَنَّ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ اللَّيْث: والْخُنَانُ فِي الْإِبِل كالزُّكام فِي النَّاس، يُقَال: خُنَّ الْبَعِير فَهُوَ مَخْنُونٌ، والْخُنَانُ دَاء يَأْخُذ الطيْرُ فِي حُلُوقِها، يُقَال: طَائِر مَخْنُونٌ.
والخُنَّةُ ضرْبٌ من الغُنَّة، كأَنَّ الْكَلَام يرجع إِلَى الخياشيم، يُقَال: امْرَأَة خَنَّاءُ وغَنَّاءُ، وفيهَا مَخَنَّةٌ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ، عَن أَحْمد بن يحيى، عَن ابْن الأعرابيِّ: قَالَ: النَّشيج من الْفَم، والخَنِينُ من الْأنف، وَكَذَلِكَ النَّخِير.
قَالَ: والمخَنَّةُ وسطُ الدَّار، والمخَنَّةُ الفِنَاءُ، والمخنَّةُ الحُرَمُ، والمخَنَّةُ مَضِيق الْوَادي، والمَخَنَّةُ مَصَبُّ المَاء من التَّلْعَة إِلَى الْوَادي، والمخَنَّةُ فُوَّهَةُ الطَّرِيق، والمَخَنَّةُ المَحَجَّةُ البَيِّنَة، والمخَنَّةُ طرَف الْأنف.
قَالَ: وروى الشَّعْبِيُّ أَن النَّاس لمَّا قَدِمُوا الْبَصْرَة قالَتْ بَنو تَمِيم لعائشةَ: هَل لكِ فِي الأحْنَفِ؟ فَقَالَت: لَا، وَلَكِن كونُوا على مَخَنَّتِهِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ عَن المُبَرَّد أَنه قَالَ: الغُنَّةُ أَن تُشْرِبَ الحرفَ صَوت الخَيْشومِ.
قَالَ: والْخُنَّةُ أَشد مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَنْخَنَةُ أَلا يُبَيِّنُ الكلامَ فيُخَنْخِن فِي خياشيمه، وَأنْشد:
(خَنْخَنَ لي فِي قَوْلِه سَاعَةً ... وَقَالَ لي شَيْئاً فَلَمْ أَسْمَع)(7/5)
وَقَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ:
(فَمَنْ يَحْرِصْ عَلَى كِبَري فإِنِّي ... مِنَ الشُّبَّانِ أَيَّامَ الْخُنانِ)
قَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ الْخُنَانُ دَاء يَأْخُذ الْإِبِل فِي مناخرها، وتُمَوِّت مِنْهُ وَصَارَ ذَلِك تَارِيخا لَهُم، قَالَ: والْخُنانُ دَاء يَأْخُذ النَّاس، وَقَالَ جَرِيرٌ:
(وَأَكْوِي النَّاظِرِينَ مِنَ الْخُنَانِ ... )
وَقَالَ غَيره: رجل مِخَنٌّ: إِذا كَانَ طَويلا، وَقَالَ الراجزُ:
(لَمَّا رَآه جَسْرَباً مِخَنَّا ... أقْصَرَ عَنْ حَسْنَاءَ وَارْثَعَنَّا)
أَي استرخى عَنْهَا.
وَيُقَال للطويل: مَخْنٌ أَيْضا - بِفَتْح الْمِيم وَجزم الْخَاء -
وَقَالَ بَعضهم: خَنَنْتُ الجِذع بالفأس خَنًا: إِذا قَطَعْتُهُ.
قلت: وَهَذَا حَرْفٌ مُريب، وَصَوَابه عِنْدِي: جَثَثْتُ الجِذع جَثّاً، فأَمَّا خَنَنْتُ بِمَعْنى قَطَعْتُ فَمَا سمعتُه.
اللَّحْيَانِيُّ: رجل مجْنون مَخْنون مَحْنون وَقد أُجَنَّة الله وأَحَنَّه وأُخَنَّه بِمَعْنى وَاحِد.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْخِنُّ: السَّفِينَة الفارغة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرُّبَاحُ القِرْدُ، وَهُوَ الحَوْدَل، وَيُقَال لصوته: الْخَنْخَنَةُ ولضحكه: الْقَحْقَحَةُ.
وَقَالَ شمر: خَنَّ خَنِيناً فِي الْبكاء: إِذا ردَّد الْبكاء فِي الخياشيم.
وَقَالَ الفَصِيحُ من أَعْرَاب بني كِلاَب: الْخَنِينُ سُدَدٌ فِي الخياشيم، والْخُنَانُ مِنْهُ، وَقد خَنْخَن الرجل: إِذا أَخْرَجَ الْكَلَام من أَنفه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الخَنِينُ يكون من الضحك الجافي أَيْضا.
نخ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((لَيْسَ فِي النَّخَّةِ صَدَقَة)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: النَّخَّةُ الرَّقِيق.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: النَّخَّةُ أَن يَأْخُذ المُصَدِّق دِينَارا بعد فَرَاغه من الصَّدَقَة، وأنشدنا:
(عَمِّي الَّذي مَنَعَ الدِّينَارَ ضَاحِيَةً ... دِينَارَ نَخَّةِ كَلْبٍ وَهْوَ مَشْهُودُ)
وَقَالَ اللَّيْث: النَّخَّةُ والنُّخَّةُ _ لُغَتَانِ _ اسمٌ جامعٌ للحُمُرِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتلف النَّاس فِي النَّخَّةِ، فَقَالَ قوم: النَّخَّةُ: الرَّقِيق من الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَقَالَ قوم: الْحمير، وَقَالَ قوم: الْبَقر العوامل، وَقَالَ قوم: الْإِبِل العوامل، وَقَالَ قوم: النَّخَّةُ الرِّبَا، وَقَالَ قوم: النَّخَّةُ: الرِّعاء، وَقَالَ قوم: النَّخَّةُ: الجَمَّالُونَ، وَقَالَ بَعضهم: يُقَال لَهَا فِي الْبَادِيَة: النُّخَّةُ: _ بِضَم النُّون _.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَاخْتَارَ ابْن الأعرابيمن هَذِه الْأَقَاوِيل النَّخةُ: الحميرُ.
قَالَ: وَيُقَال لَهَا: الكُسْعَة.(7/6)
وَقَالَ أَبُو سَعيد: كل دابَّة استعمِلت من إبل وبقر وحَمِير رَقِيق فَهِيَ نَخَّةٌ ونُخَّةٌ، وَإِنَّمَا نَخَّخَها استعمالُها.
وَقَالَ الرَّاجِزُ يصف حادِيَيْنِ لِلْإِبِلِ:
(لَا تَضْرِبا ضَرْباً ونُخَّا نَخَّا ... مَا تَرَك النَّخُّ لَهُنَّ مُخَّا)
قَالَ: وَإِذا قهر رجل قوما فاستأْدَاهُمْ ضَرِيبَةً صَارُوا نُخَّةً لَهُ.
قَالَ: وَقَوله:
(دِينَارَ نَخَّةِ كلْبٍ وهْوَ مشْهُودُ ... )
كَانَ أَخْذَ الضَّرِيبةِ من كلْبٍ نَخّاً لَهُم _ أَي اسْتِعْمَالا.
قَالَ: والنَّخُّ أَنْ تَقول لِسَيِّقَتِكَ وَأَنت تحثُّها: إخْ إخْ، فَهَذَا النَّخُّ.
قلت: وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: نَخْنَخْ بِالْإِبِلِ أَي ازْجُرْها بِقَوْلِك: إخْ إخْ، حَتَّى تَبْرُك.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّخْنَخَةُ من قَوْلك: أَنَخْتُ الْإِبِل فاستناخت، أَي بَركَتْ، وَنَخْنَخْتُها فَتَنَخْنَخَتْ: من الرَّجْز، وَأما الإنَاخةُ فَهُوَ الإبراك، لم يُشْتَقَّ من حِكَايَة صَوْتٍ، أَلا ترى أَن الْفَحْل يَستنيخُ الناقةَ فَتَنَخْنَخُ لَهُ؟ .
والنَّخُّ أَن تُناخَ النَّعَم قريبَة من المُصَدِّقِ حَتَّى يُصدِّقَها، وَأنْشد:
(أَكْرِمْ أَمِيرَ الْمُؤمنين النَّخَّا ... )
قَالَ: والنَّخُّ من الزَّجْر من قَوْلك: إخْ إخْ، يُقَال: نَخَّ بهَا نَخّاً شَدِيدا، ونَخَّةً شَدِيدَة، وَهُوَ التَّأْنيخُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: هَذِه نخَّةُ بني فلَان أَي عَبِيدُ بني فلَان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَخْنَخَ إِذا سَار سيراً شَدِيدا، وَيُقَال: هَذَا من نُخِّ قلبِي وَنُخَاخَةِ قلبِي: وَمن مُخِّ قلبِي _ أَي من صافيه.
بَاب الْخَاء وَالْفَاء
[خَ ف)
خف، فخ: مستعملان.
خف: قَالَ اللَّيْث: الخُفُّ خُفُّ الْبَعِير، وَهُوَ مجمع فِرْسِنِه.
تَقول الْعَرَب: هَذَا خُفُّ الْبَعِير، وَهَذِه فِرْسِنُهُ، والْخُفُّ مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَان.
ورُوِي عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((لَا سَبَقَ إلاّ فِي خُفٍّ أَو نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ)) ، فالْخُفُّ: الْإِبِل هَا هُنَا، والحافر الْخَيل، والنَّصل: السَّهم الَّذِي يُرْمَى بِهِ، ومجازه: لَا سَبَق إِلَّا فِي ذِي خُفٍّ، أَو ذِي حافرٍ، أَو ذِي نَصْلٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخِفَّةُ: خِفَّةُ الوَزن، وخِفَّةُ الْحَال.
وخِفَّةُ الرجل: طَيْشُه وخفَّته فِي عمله، والفعلُ من ذَلِك كُلِّه: خَفَّ يَخِفُّ خِفَّةً، فَهُوَ خَفِيفٌ، فَإِذا كَانَ خَفِيفَ الْقلب متوقّداً فَهُوَ خُفَافٌ، يُنْعَتُ بِهِ الرجلُ، كَأَنَّهُ أَخَفٌّ من الخَفِيفِ، وَكَذَلِكَ: بِعِيرٌ خُفَافٌ، وَأنْشد:
(جَوْزٌ خُفَافٌ قَلْبَهُ مُثَقَّلٌ ... )
وَيُقَال: أَخَفَّ الرجل: إِذا خَفَّتْ حالُه ورقَّت.(7/7)
وَفِي الحَدِيث: ((نَجَا الْمُخِفُّونَ)) ، وأَخَفَّ الرجل: إِذا كَانَ قَلِيل الثَّقَلِ فِي سَفَره أَو حضَره.
والْخُفوفُ: سرعَة السّير من الْمنزل، يُقَال: حَان الخُفوُفُ، وخَفَّ الْقَوْم: إِذا ارتحلوا مُسْرِعين، وَقَالَ لَبِيدٌ:
(خَفَّ الْقَطِينُ فَرَاحُوا مِنْكَ أَوْ بَكَرُوا ... )
والخِفُّ كل شَيْء خَفَّ مَحْمِلُهُ. وَقَالَ امْرُؤ القَيْس:
(يَطِيرُ الْغُلامُ الْخِفُّ عَنْ صَهَوَاتِه ... )
وَيُقَال: جَاءَت الْإِبِل على خُفٍّ وَاحِد: إِذا تَبعَ بعضُها بَعْضًا، مقطورةً كَانَت أَو غيرَ مقطورة، وخَفَّ فلَان لفُلَان: إِذا أطاعه وانقاد لَهُ، وخفَّتِ الأُتُنِ لعَيْرِها: إِذا أَطَاعَته، وَقَالَ الرَّاعي، يصف العَيْرَ وأُتُنَه:
(نَفَى بالْعِراكِ حَوالِيَّها ... فَخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ)
واسْتَخَفَّ فلانٌ بحقِّي: إِذا استهان بِهِ، واسْتَخَفَّه الفرحُ: إِذا ارْتَاحَ لأمر، واستَخفَّه فلَان: إِذا استجهله فَحَمله على اتِّبَاعِه فِي غيِّه.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزَّ: {وَلَا يستخفنك الَّذين لَا يوقنون} [الرُّوم: 60] .
وَفِي حَدِيث عَطاء أنَّه قَالَ: ((خِفُّوا عَلَى الأَرْضِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ: خِفُّوا فِي السُّجُود وَلَا تُرْسِلْ نفسَك إرْسَالًا ثقيلاً فيؤَثِّرَ فِي جبْهتك.
ورُوِيَ عَن مجاهِدٍ نحوُه. قَالَ: إِذَا سَجَدْتَ فَتَخَافَّ.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: خَفْخَفَ: إِذا حرَّك قميصَه الْجَدِيد فَسَمِعْتَ لَهُ خفْخَفَةً، أَي صَوْتاً.
وَقَالَ المُفَضَّلُ: الخُفخُوفُ الطَّائِر الَّذِي يُقَال لَهُ: الْمِيسَاقُ، وَهُوَ الَّذِي يُصَفِّقُ بجناحيه إِذا طَار.
قَالَ: وفَخْفَخَ الرَّجل: إِذا فاخر بِالْبَاطِلِ.
فخ: قَالَ اللَّيْث: الفَخِيخُ دون الغَطيط فِي النّوم، تَقول: سمعْت لَهُ فَخِيخاً، والأَفْعَى لَهُ فَخِيخٌ.
قلت: أما الأفعى فَإِنَّهُ يُقَال فِي فعله فَحَّ يَفِحُّ فِحِيحاً، بِالْحَاء.
قَالَه الْأَصْمَعِي وَأَبُو خَيْرَةَ الْأَعرَابِي.
وَقَالَ شمِر: الفَحِيحُ لِما سِوَى الأسْوَدِ من الحَيَّات، بِفِيهِ كَأَنَّهُ نَفَسٌ شَدِيد.
قَالَ: والْحَفِيفُ مِن جَرْشِ بعضِه بِبَعْض.
قلتُ: وَلم أسمع لأَحد فِي الأفعى وَسَائِر الحيَّات فَخِيخٌ بالَخاء، وَهُوَ عِنْدِي غلط، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تكون لُغةً لبَعض العَرَب لَا أعْرِفها، فَإِن اللغاتِ أكثرُ من أَن يحيطَ بهَا رجل وَاحِد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَحَّتِ الأفعى تَفِحُّ إِذا سمعتَ صوتَها من فمها، فأَما الكَشِيشُ فصوتُهَا مِنْ جِلْدَتِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَخُّ مُعَرَّب، وَهُوَ من كَلَام الْعَجم.
قلت: الْعَرَب تسمي الْفَخَّ: الطَّرْقَ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: الحِضْبُ سرعَة أَخْذِ الطَّرْق الرَّهْدَنَ، قَالَ: والطَّرْقُ الْفَخُّ.
وَقَالَ أَبُو العبَّاسِ فِي قَوْله:(7/8)
(يَزُخُّها ثُمَّ يَنامُ الفَخَّهْ ... )
قَالَ: قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الْفَخَّةُ أَنْ يَنَامَ على قَفاه ويَنفُخَ من الشِّبَع.
وَقَالَ غَيره: امرأةٌ فَخٌّ وَفَخَّةٌ: قذِرَةٌ، وَأنْشد:
(أَلَسْتَ ابْنَ سَوْداءِ المْحَاجِرِ فَخَّةٍ ... لَهَا عُلْبَةٌ لَخْوَى ووَطْبٌ مُجَزَّمُ)
بَاب الْخَاء وَالْبَاء
[خَ ب]
خب، بخ: مستعملان.
خب: قَالَ اللّيْثُ: الْخَبَبُ ضَرْبٌ من العَدْو، تَقول: جَاءُوا مُخِبِّين، تخُبُّ بهم دوَابُّهم.
قَالَ: والْخِبُّ الْجَرْبَزَةُ، والنعت رَجُلٌ خَبٌّ، وَامْرَأَة خَبَّةٌ، وَالْفِعْل خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً، وَهُوَ بَيِّنُ الخِبِّ، والتَّخْبِيبُ إِفْسَاد الرجل عَبْدَ رجلٍ أَو أَمَتَه، يُقَال: خَبَّبَهُمَا فَأَفْسَدَهُما.
والْخِبُّ: هيج الْبَحْر، يُقَال: أصابَهُم الْخِبُّ: إِذا اضطَرَبَتْ أمواج الْبَحْر، والْتَوتِ الرِّيَاح فِي وَقت مَعْلُوم تُلْجَأُ السُّفُنُ فِيهِ إِلَى الشِّطِّ، أَو يُلْقَى الأَنْجَرُ، يُقَال: خَبَّ بهمُ البَحْرُ يَخُبُّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: الْخِبَابُ ثَوَرَانُ الْبَحْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُبَّةُ من المَرْعَى.
وَقَالَ الرَّاعِي:
(حَتَّى ينَال خُبَّةً مِنَ الْخُبَب ... )
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الْخِبَّةُ من الأَرْض طَريقَة لَيِّنَةٌ مِنْبَاتٌ، لَيست بِحَزْنَةٍ وَلَا سهلة، وَهِي إِلَى السهولة أَدْنَى.
قَالَ: وَأنْكرهُ أَبُو الدُّقَيْشِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخِبَّةُ والطِّبَّةُ، والْخَبِيبَةُ والطِّبَابَةُ، كل هَذَا: طرائق من رَمْل وسحَاب.
وَأنْشد قَول ذِي الرُّمّةِ:
(مِنْ عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاءٌ لَهَا خِبَبُ ... )
وَرَوَاهُ غيرُه.
( ... . . لَهَا حِبَبُ ... )
وَهِي الطرائق أَيْضا.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْخَبُّ من الرمل: الحبلُ، إِلَّا أَنه لاَطِىءٌ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَبُّ: السَّهْلُ بَين حَزْنَيْنٍ يكون فِيهِ الْكَمْأَةُ.
وَأنْشد قَول عَدِيّ بْنْ زَيْدٍ:
(تُجْنَى لَكَ الْكَمْأَةُ رِبْعِيَّةً ... بِالْخَبِّ تَنْدَى فِي أصولِ القَصِيصْ)
القصيص: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي أَصله الكمأة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو أَيْضا: الْمَخَبَّةُ وَالْخَبِيبَة بَطْنُ الْوَادي.
وَقَالَ ابنُ نُجَيْمٍ: الْخَبِيبَةُ وَالْخُبَّةُ كلهَا واحِدُ، وَهِي الشَّقِيقَة بَين حَبْلَيْنِ من الرَّمْلِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
(فَجَاء بِأَشْوَالٍ إلَى أَهْلِ خُبَّة ... طُرُوقَا وَقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدَا)(7/9)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: خُبَّةٌ: كلأٌ، وَقَالَ غَيره: الْخُبَّةُ مَكَان يَستنقع فِيهِ المَاء، فَيَنْبُتُ حواليه الْبُقُولُ.
وَقَالَ شَمِر: خِبَّةُ الثَّوْبِ طُرَّتُه، والخَبَائِبُ خَبَائِبُ اللَّحْم، وَهِي طَرَائقُ تُرَى فِي الْجلد مِن ذَهابِ اللَّحْم، يُقَال: لحمُه خَبائبُ، أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعٌ ونحوُه. وَقَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرِ:
(صَدٍ غائِرُ العينينِ خَبَّبَ لحمَه ... سَمَائِمُ قَيْظٍ فهْوَ أَسْوَدُ شاسِفُ)
قَالَ: خَبَّبَ لحمُه وخَدَّدَ لحمُه: أَي ذهب لحمُه فرأيتَ لَهُ طرائقَ فِي جلده.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الخبِيبَةُ كلُّ مَا اجْتمع فطَال من اللَّحْم.
قَالَ: وكلُّ خَبِيبَةٍ من لحم فَهِيَ خَصِيلةٌ فِي ذِرَاع كَانَت أَو غيرِها.
وَقَالَ الفرّاء: ثوبُه خَبائبُ وهَبائِبُ: إِذا تمزَّقَ.
أَبُو عُبيدٍ عَنهُ: الخَبِيبَةُ، الخِرْقَةُ تُخْرِجُها من الثَّوْب فتَعْصِبُ بهَا يَدَك، وَيُقَال: خَبَّةٌ وَخُبَّةٌ.
ورَوَى سَلَمَةُ عَنهُ: يُقَال: أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذِ.
ولحمُ المَتْنِ يُقَال لَهُ: الْخَبيبةُ، وهنَّ الخَبائبُ.
أَبُو عُبيدٍ عَن الفرّاء: يُقَال لِيَ مِنْهُم خَوَابُّ، واحدُها خابٌّ، وَهِي القَرَاباتُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: خَبْخَبَ ووَخْوَخَ: إِذا اسْتَرْخَى بَطْنُه، وخَبخَبَ: إِذا غدَرَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ فِي قَوْله:
(لَا أُحْسِنُ قَتْوَ الملُوكِ وَالْخَبَبَا ... )
قَالَ: الخَبَبُ الخُبْثُ.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ بالخبَبِ مَصْدَرَ خَبَّ يَخُبُّ: إِذا عَدا.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَبْخَابُ رَخاوَةُ الشَّيْء المضطرِب.
بخ: اللَّيْث: تَبخْبَخَ الحَرُّ: إِذا سكَن بعضُ فَوْرَتِه.
قَالَ: وتَبَخْبَخَتِ الغَنَمُ: إِذا سكنتْ حَيْثُ كَانَت، وتَبخبَخَ لحمُه، وَهُوَ الَّذِي تسمعُ لَهُ صَوتا من هُزَالٍ بعْدَ سِمَنٍ.
قَالَ: و ((بَخْ)) كلمة تقال عِنْد الْإِعْجَاب بالشَّيْء، يُثَقَّلُ ويُخَفَّفُ.
وَقَالَ:
(بَخْ بَخْ لِهذا كَرَماً فَوق الكَرَم ... )
وَقَالَ: وَدِرْهَمٌ بَخِيٌّ: إِذَا كُتِبَ عَلَيْهِ " بَخْ "، وَدِرْهَمٌ مَعْمَعيٌّ: إِذَا كُتِبَ عَلَيْهِ ((مَعْ)) مَضَاعَفاً لأَنه مَنْقُوصٌ وَإِنَّمَا يُضَاعَفُ إِذا كَانَ فِي حَال إِفراده محفَّفاً، لِأَنَّهُ لَا يتمكَّنُ فِي التَّصْريف فِي حَال تخفيفه فيَحْتَمِلُ طُول التضاعُفِ، وَمن ذَلِك مَا يُثَقَّلُ فيُكْتَفَى بتثقيله، وَإِنَّمَا حُمِل ذَلِك على مَا يَجْري على أَلْسِنَة النَّاس، فَوَجَدُوا ((بَخْ)) مُثَقَّلاً فِي مُسْتَعْمَل الْكَلَام، ووجدوا ((مَعْ)) مخفَّفاً، وجَرْسُ الْخَاء أمْتَنُ من جرس العَيْنِ، فكرهوا تثقيل العَيْنِ، فَافْهَمْ ذَلِك.
أَبُو حَاتِم عَن الأَصْمَعِيِّ: درْهمٌ بَخِيٌّ _ الْخَاء خَفِيفَةٌ _ لِأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى ((بَخْ)) وَ ((بَخْ)) خفيفةُ الْخَاء، يُقَال: بَخْ بَخْ، وبَخٍ بَخٍ، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: ((ثوب يَدِيٌّ)) للواسع،(7/10)
وَيُقَال للضَّيِّقِ، وَهُوَ من الأضداد قَالَ: والعامَّةُ تَقول بَخِّيٌّ _ بتَشْديد الْخَاء _ وَلَيْسَ بصواب.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَو نسب إِلَى ((بَخْ)) على الأَصْل، قيل: بَخَوِيٌّ كَمَا إِذا نُسِبَ إِلَى دَمٍ قيل: دَمَوي.
عَمْرُو عَن أَبِيه: بَخَّ: إِذا سكن من غَضَبِه وخَبَّ: من الْخَبَبِ.
اللّيْثُ: بَخْبَخَةُ الْبَعِير وبَخْبَاخُهُ: هَدِيرٌ يمْلَأ الفَمَ شِقْشِقَتُهُ.
أَبُو عبيد، عَن الفَرَّاء: بَخْبِخُو عَنْكُم من الظَّهيرَة، وخَبْخِبُوا وهَرِيقُوا، مَعْنَاهُ كُلِّهِ: أَبْرِدُوا.
شَمِرٌ: تَبَخْبَخَ الحَرُّ وبَاخَ: إِذا سكن فَوْرُه، وَقَالَ رُؤْبَةُ فِي بَخْبَاخِ هَدِيرِ الْجَمَل:
(بَخٍ وَبَخْبَاخُ الْهَدِيرِ الزَّغْدِ ... )
أَبُو الْهَيْثَمِ: ((بَخْ بَخْ)) : كلِمَةٌ يُتَكَلَّم بهَا عِنْد تفضيلك الشيءَ، وَكَذَلِكَ يُقَال: ((بَدَخْ وجَخْ) ، بِمَعْنى ((بَخْ)) .
وَقَالَ العَجَّاجُ:
(إذَا الأعَادِي حَسَبُونا بَخْبَخُوا ... )
أَي: قَالُوا: بَخْ بَخْ، وبَخٍ بَخٍ.
ثعلبٌ، عَن ابْن الأعرابيّ: إبِلٌ مُبَخْبَخَة: عَظِيمة الأجواف وَهِي المُخَبْخَبةُ _ مقلوب _ مَأْخُوذ من ((بَخْ بَخْ)) .
والعَرَب تَقول للشَّيْء تَمْدَحُه: بَخْ بَخْ وَبَخٍ بَخْ، وَبَخٍ بَخٍ، وَبَخٍّ بَخٍّ.
قَالَ: فَكَأَنَّهَا من عِظَمِها إِذا رَآهَا النَّاس قَالُوا: مَا أَحسنها.
قَالَ: والْبَخُّ: السَّرِيُّ من الرِّجَال.
بَاب الخَاء وَالْمِيم
[خَ م]
خم، مخ: مستعملان.
خم: قَالَ اللَّيْث: اللَّحْم المُخِمُّ: الَّذِي قد تَغَيَّرت رِيحُهُ وَلما يَفْسُدْ فَسَاد الجِيَفِ.
قَالَ: وَإِذا خَبُث رِيحُ السِّقاء فأفسد اللبنَ قيل: أَخَمَّ اللبنُ.
قَالَ: وخمَّ مِثْلُهُ، وَأنْشد:
(قَدْ خَمّ أَوْ قَدْ هَمَّ بِالْخُمُومِ ... )
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: خَمَّ اللحمُ وأخَمَّ: إِذا تغير وَهُوَ شِوَاءٌ أَو قَدِيرٌ، وصَلَّ وأَصَلَّ: إِذا تَغَيَّر وَهُوَ نِيءٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَمْخَمَةُ ضرْبٌ من الْأكل قبيحٌ، وَبِه سمي الْخَمْخَامُ، وَمِنْه التَّخَمْخُمُ والْخَمْخِمُ نَبْتٌ، وَأنْشد:
(وَسْطَ الدِّيَارِ تَسَفُّ حَبَّ الْخِمْخِمِ ... )
قلت: وَيُقَال لَهُ: الحِمْحِمُ بِالْحَاء أَيْضا، وَهُوَ الشُّقَّارَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِمَامَةُ رِيشةٌ رَدِيئَة فَاسِدَة تَحت الرِّيش.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الْخُمَامَةُ والقُمَامَةُ: الكُنَاسَةُ، وخَمْخَمْتُ البيتَ: إِذا كَنَسْتَهُ.
وَفِي الحَدِيث: ((خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ مَخْمُومُ الْقَلْبِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: الَّذِي قد نُقِّيَ قَلْبُهُ من الغِلِّ والغِشِّ.
وَقَالَ الأصعمي: خَمَّانُ الْقَوْم خُشَارَتُهُمْ.(7/11)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: خَمَّانُ النَّاسِ، ونُتَّاشُ النَّاس، وعَوَذُ النَّاس: واحِدٌ.
قَالَ: وَالخَمُّ: الْبكاء الشَّديد _ بِفَتْح الْخَاء _، وَالخُمُّ: قَفَصُ الدَّجاج، والخِمُّ: الْبُسْتَان الفارغ.
سَلَمَةُ عَن الفَرَّاء قَالَ: الْخَمُّ الثَّنَاء الطَّيب، يُقَال: فلَان يَخُمُّ ثيابَ فلَان: إِذا أَثْنَى عَلَيْهِ خيرا، والْخَم تَغَيُّرُ رَائِحَة الْقُرْص، إِذا لم يَنْضَجْ، وخُمَّ: إِذا جُعِلَ فِي الْخُمِّ، وَهُوَ حبس الدُّجاج، وخُمَّ: إِذا نُظِّفَ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ، قَالَ: الْخَمِيمُ: اللبنُ ساعةَ يُحْلَبُ، والْخَمِيمُ: الممدوح، والْخَمِيمُ: الثَّقيل الرُّوح.
مخ: قَالَ اللَّيْث: الْمُخُّ نَقيُ عِظَام القَصَب، والجميعُ: الْمِخخَةُ، فَإِذا قلتَ: مُخَّةٌ،
فجَمْعُها: الْمُخُّ، وَقد تَمَخَّخْتُهُ وتَمَكَّكْتُهُ _ إِذا استخرجتَه، وشحم العَيْن قد سُمي مُخّاً وَمِنْه قَول الراجز:
(مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلاَمَى أَوْ عَيْن ... )
وأَمَخَّ العَظْمُ، وأَمَخَّتِ الشاةُ: _ إِذا اكْتَنَزَتْ سِمَناً.
وَقَالَ غَيره: مُخُّ كل شَيْء خالصه وخيره، وأمْرٌ مُمِخٌّ، إِذا كَانَ طائلا من الْأُمُور، وإبل مَخَائِخُ: إِذا كَانَت خِيَاراً.
أَبُو زيد: جَاءَتْهُ مُخَّةُ النَّاس: أَي نُخْبَتُهُمْ، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
(بَاتَ يُمَاشيِ قُلُصاً مَخَائِخاً ... )
وَأنْشد غَيْرُهُ:
(مِنْ مُخَّةِ النَّاسِ الَّتِي كانَ امْتَخَرْ ... )(7/12)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيَمِ
كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْخَاء
[أَبْوَاب الْخَاء وَالْقَاف]
أُهمِلَت وجوهُها كلُّها.
خَ ق س
اسْتعْمل من وجوهها: [خسق] .
خسق: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصْمَعِيِّ: إِذا رُمِيَ بِالسِّهَامِ فَمِنْهَا الخَاسِقُ وَهُوَ المُقَرْطِسُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرَابي: رمى فَخَسَقَ: إِذا شَقَّ الجِلْدَ.
اللَّيْثُ: ناقةٌ خَسُوق: سيِّئةُ الخُلُق تَخْسِقُ الأرضَ بِمَنَاسِمِهَا، إِذا مَشَتْ انْقَلب مَنْسِمُها فَخَدَّ فِي الأَرْض.
قَالَ: وخَيْسَقُ: اسمُ لاَبَةٍ معروفةٍ، وبِئْرٌ خَيْسَقٌ: بَعِيدَةُ القَعْرِ.
خَ ق ز
اسْتعْمل من وجوهها: [خزق] .
خزق: من أمثالهم فِي بَاب التَّشْبِيه: أَنْفَذَ من خَازِقٍ: يَعْنُونَ السَّهْمَ النَّافِذ.
وَقَالَ اللَّيْث: كلُّ شَيْء جادٍّ رَزَزْتَهُ فِي الأَرْض وَغَيرهَا فَارْتَزَّ فقد خَزَقْتَه.
قَالَ: والْخَزْقُ: مَا يَثْبُتُ، والخَرْقُ: مَا يَنْفُذُ.
قَالَ: والمِخْزَقُ: عُودٌ فِي طرَفه مسمارٌ محدَّدٌ، يكون عِنْد بَيَّاع البُسْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: إنَّه لَخَازَقُ وَرَقِهِ إِذا كَانَ لَا يُطْمَعُ فِيهِ، والسهم إِذا قَرْطَسَ فقد خَسَقَ وخَزَقَ.
خَ ق ط: مهمل.
خَ ق د، خَ ق ت: أهملت وجوهها.
خَ ق ظ: مهمل.
خَ ق ذ
اسْتعْمل من وجوهها: [خذق] .
خذق: قَالَ اللَّيْث: خَذَقَ البَازِي خَذْقاً وسائرُ الطَّيْر: ذرَقَ.
أَبُو عبيد عَن الأصْمَعيِّ: ذَرَقَ الطائرُ وخَذَقَ ومَزَقَ وزَرَقَ يخْذِقُ ويَخْذُقُ.
خَ ق ث: مهمل الْوُجُوه.
خَ ق ر
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهها: [خرق] .
خرق: قَالَ اللَّيْث: خَرَقْتُ الثوبَ إِذا شقَقْتَه، وخَرَقْتُ الأرضَ: إِذا قطعْتَها حَتَّى بلغْتَ أقصاها، وَلذَلِك سُمِّيَ الثَّوْرُ مِخْرَاقاً، والاخْتِرَاقُ: المَمَرُّ فِي الأَرْض عَرَضاً على(7/13)
غير طَرِيق، يُقَال اخْتَرَقتُ دارَ فلَان: إِذا جعلتَها طَرِيقا لحاجتِك، والرِّيح تَخْتَرِقُ فِي الأَرْض، والخيْلُ تَخْترِقُ مَا بَين الشّجر والقُرَى.
وَقَالَ رُؤبَةُ:
(يَكِلُّ وَفْدُ الرِّيحِ مِنْ حَيْثُ انْخَرَق ... )
قَالَ: والْخَرْقُ: المفازَةُ الْبَعِيدَة، اخْتَرَقَتْهُ الرِّيحُ، فَهُوَ خَرْقٌ أَمْلَسُ.
قَالَ: والْخرْقُ: الشَّقُّ فِي الأَرْض والحائطِ والثوبِ ونحوِه.
قَالَ: والْخَرِيقُ من أَسمَاء الرِّيح الْبَارِدَة الشَّدِيدَة الهُبُوب، كَأَنَّهَا خُرِقَتْ، أَماتُوا الْفَاعِل بهَا.
وَيُقَال: انْخَرَقَتِ الرِّيحُ الْخَرِيقُ: إِذا اشتدَّ هُبُوبُها وتَخَلُّلُها المواضعَ.
وَيُقَال للرجل المتَمزِّقِ الثِّيَاب: مُنْخَرِقُ السِّرْبالِ.
شَمِر عَن ابْن شُمَيْلٍ قَالَ: الْخَرْقُ: الأرضُ الْبَعِيدَة، مستوية كَانَت أَو غيرَ مستويةٍ، يُقَال: قَطعنَا إِلَيْكُم أَرضًا خَرْقاً وخَرُوقاً، والْخَرْقُ: البُعْدُ، كَانَ فِيهِ ماءٌ أَو شجر أَو أنيس، أَو لم يكن.
قَالَ: ويُعَدُّ مَا بَين البَصرة وحَفَرِ أبي موسَى خَرقاً، وَمَا بَين النِّبَاجِ وضَرِيَّة خَرْقاً.
وَقَالَ المُؤَّرِّجُ: كلُّ بلدٍ واسعٍ تَتَخَرَّقُ بِهِ الريحُ فَهُوَ خَرْقٌ.
شَمِرٌ، قَالَ الفَرَّاءُ: يُقَال: مررتُ بخَرِيقٍ بَين مَسْحَاوَيْنِ، والمَسْحَاءُ أرضٌ لَا نباتَ
فِيهَا، والْخَرِيقُ: الَّذِي توسَّطَ بَين مَسْحَاوَيْنِ بالنبات، والجميعُ الْخُرُقُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم} [الْأَنْعَام: 100] ، قَرَأَ نافعٌ وحْدَهُ: (وخَرَّقوا) بتَشْديد الرَّاء، وسائِرُ القُرَّاء قرأوا: {وخرقوا لَهُ} _ بِالتَّخْفِيفِ.
وَقَالَ الفرَّاء: معنى (خرقوا) افتعلوا ذَلِك كذبا وَكفرا، قَالَ: وخَرَقُوا واخْتَرَقُوا، وخَلَقوُا واخْتَلَقُوا: وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الاخْتِرَاقُ والاخْتِلاَقُ والاخْتِرَاصُ والافْتِرَاءُ: وَاحِد.
وَيُقَال: خَلَقَ الكلِمَةَ واخْتَلَقَهَا، وخَرَقَهَا واخْتَرَقَها: إِذا ابْتَدَعَها كذبا، وتَخَرّقَ الكَذِبَ وتَخَلَّقَه.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخُرْقُ: نقيض الرِّفق وصاحبُه أَخْرَقُ، وناقَةٌ خَرْقَاءُ إِذا لم تتعاهد مواضِعَ قَوَائِمِهَا، وبَعِيرٌ أَخْرَقُ: يَقع مَنْسِمُهُ بِالْأَرْضِ قبل خُفِّه، يَعْتريه ذَلِك من النَّجابة.
قَالَ: وريحٌ خَرْقاءُ: لَا تدوم على جِهَتهَا فِي هبوبها، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(بَيْتٌ أَطَافَتْ بِهِ خَرْقَاءُ مَهْجُومُ ... )
وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْله: ((أَطَافَتْ بِهِ خَرْقَاءُ)) امرأةٌ غير صَنَاعٍ، وَلَا لَهَا رفق فَإِذا بَنَتْ بَيْتا انْهَدم سَرِيعا.
وَقَالَ اللَّيْث: مَفَازَةٌ خَرْقاءُ خَوْقَاءُ: بَعِيدَةٌ، والْخِرْق من الْفِتيان: الظَّرِيفُ فِي سماحة ونَجْدَة.
وَرُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أَنَّه نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِشَرْقَاءَ أَوْ خَرْقَاءَ)) .(7/14)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الأصمعيُّ: الشَّرْقَاءُ فِي الغَنَم: المَشْقُوقَةُ الأذُن بِاثْنَيْنِ، والْخَرْقَاءُ من الْغنم: الَّتِي يكون فِي أُذنها خَرَقٌ، وَقيل: الْخَرْقَاءُ: أَن يكون فِي الأُذن ثَقْبٌ مستدير.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: كل شي من بَاب ((أَفْعَلَ وَفَعْلاَء) سوى الألوان فإِنه يُقَال فِيهِ: ((فَعِلَ يَفْعَلُ)) مَثْلُ ((عَرِجَ يَعْرَجُ)) وَمَا أشبَهَه، إلاَّ سِتَّةَ أَحْرُفٍ فإِنّها جَاءَت على ((فَعُلَ)) : الأخْرَقُ والأحْمَقُ والأرْعَنُ والأعْجَفُ والأسْمَرُ، يُقَال خَرَقَ الرجل يَخْرُق فَهُوَ أَخْرَقُ، وَكَذَلِكَ أخواتُه.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن أبي عَمْرٍ و: خَرِقَ الرَّجُلُ يَخْرَقُ، وبَرَقَ يَبْرِقُ: إِذا دُهِشَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الغَزَالُ إِذا أدْركهُ الكَلْبُ: خَرِقَ فَلَزِقَ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرْقُ شِبْهُ النّظر من الْفَزع، كَمَا يَخْرَقُ الخِشْفُ إِذا صِيدَ.
قَالَ: وخَرِقَ الرجل: إِذا بَقِي متحيِّراً من هَمٍ أَو شدَّة.
قَالَ: وخَرِقَ الرجل فِي الْبَيْت، فَلم يبرح فَهُوَ يَخْرَقُ خَرَقاً وأَخْرَقَهُ الْخَوْف.
قَالَ: وخَرُق يَخْرُقُ فَهُوَ أَخْرَقُ: إِذا حَمُقَ، وَخَرُقَ بالشي يَخْرُقُ: إِذا عَنُف فَلم يُحسِن عَمَلَه، فَهُوَ أَخْرَقُ أَيْضا.
غَيْرُهُ: رَمَاد خَرِقٌ: لازق بِالْأَرْضِ، ورَحِمٌ خَرِيقٌ: إِذا خَرَقها الولَدُ فَلَا تَلْقَحُ بعد ذَلِك.
قَالَ: والْمِخْرَاقُ: السَّيف، وَمِنْه قَوْله:
(وَأَبْيَضَ كَالْمِخْرَاقِ بَلَّيْتُ حَدَّهُ ... )
المَخَارِيقُ _ وَاحِدهَا مِخْرَاقٌ _: مَا يَلعب بِهِ الصِّبيانُ من الخِرَقِ المفتولة، وَأنْشد:
(كَأَنَّ سُيُوفَنَا مِنَّا وَمِنْهُمْ ... مَخَارِيقٌ بِأيْدِي لاَعِبِينَا)
وذُو الْخِرَقِ الطُّهَوِيُّ: اسمُ شَاعِر أَو لقَبٌ لَهُ، وَيُقَال: جاءتْ خِرْقَةٌ من جَرَاد: أَي قطعةٌ، وَجَمْعُها: خِرَقٌ.
قَالَ: والثَّوْرُ الوحشيُّ يسمَّى مِخْرَاقاً لقَطْعِهِ البلادَ البعيدةَ، وَمِنْه قَول عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
( ... . كَالنَّابِىء الْمِخْراقِ ... )
ورُوي عَن عَلِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: ((الْبَرْقُ مَخَارِيْقُ الْمَلاَئِكَةِ)) .
وَقَالَ كُثَيِّرٌ فِي المَخَارِيقِ بِمَعْنى السيوف:
(عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ كَالْمَخَارِيق كُلُّهُمْ ... يُعَدُّ كَرِيماً لاَ جَبَاناً وَلاَ وَغْلاَ)
قَالَ شَمِرٌ: والمِخْرَاقُ من الرِّجَال: الَّذِي لَا يَقَعُ فِي أَمر إلاَّ خرج مِنْهُ.
قَالَ: والثور البَرِّيُّ يُسمى مِخْرَاقاً لِأَن الْكلاب تطلبه فيُفْلِتُ مِنْهَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَدْنَانَ: الْمَخَارِقُ: المَلاَصُّ، يَتَخَرّقُونَ الأَرْض، بَيْنَا هم بأرضٍ إِذا هُمْ بأُخرى.
وَقَالَ ابْن الأعْرَابيّ، رجل مِخْرَاقٌ وخِرْقٌ ومُتَخَرِّقٌ أَي: سخيٌّ.
قَالَ: وَلَا جمع للْخِرْقِ.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصْمَعِيِّ: رِيحٌ خَرِيقٌ أَي: بَارِدَة.
خَ ق ل
اسْتعْمل من وجوهه: خلق، قلخ، لخق.(7/15)
خلق: قَالَ اللَّيْثُ: الْخَلِيقَةُ: الْخُلُقُ، وجَمْعُها: الْخَلائِقُ.
أبُو عُبَيْد، عَن أَبِي زَيْدٍ: إِنَّه لكريم الطبيعة والْخَلِيقَة والسَّلِيقَة: بِمَعْنى وَاحِد.
قلتُ: ورأيتُ بِذُرْوَةِ الصَّمَّان قِلاَتاً تمسك مَاء السَّحَاب فِي صَفَاةٍ خَلَقها الله فِيهَا، تسمِّيها الْعَرَب الخَلائِقَ، الْوَاحِدَة خَلِيقَةٌ وَرَأَيْت بالْخَلْصَاء من جبال الدَّهْنَاءِ دُحْلاَناً خَلَقَها الله فِي بطُون الأَرْض، أَفواهها ضيقَة، فَإِذا دَخلهَا الدَّاخِل وجدهَا تَضِيق مرّة وتتسع أُخْرَى، ثُمَّ يُفْضي المَمَرّ فِيهَا إِلَى قَرَارٍ للْمَاء واسعٍ لَا يُوقَفُ على أقصاه، وَالْعرب إِذا تَرَبَّعوا الدَّهْنَاءَ وَلم يَقع رَبيعٌ بِالْأَرْضِ يمْلَأ الْغُدْرَانَ _ استقوا لخيلهم وشفاههم من هَذِه الدُّحْلاَنِ.
وَمن صِفَات الله: الْخَالِقُ والْخَلاَّقُ، وَلَا تجوز هَذِه الصّفة بِالْألف وَاللَّام لغير الله جلَّ وعزَّ.
والْخَلْقُ فِي كَلَام الْعَرَب: ابتداعُ الشَّيْء على مثالٍ لم يُسْبَقُ إليْه.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الأنْبَارِيِّ: الْخَلْقُ فِي كَلَام الْعَرَب على ضَرْبَيْنِ، أَحدهمَا: الْإِنْشَاء على مثالٍ أبدعه، وَالْآخر: التَّقْدِير.
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 14] مَعْنَاهُ: أحسنُ المقدرين، وَكَذَلِكَ قَوْله: {وتخلقون إفكا} [العنكبوت: 17] أَي: تُقَدِّرون كَذباً.
قلتُ: وَالْعرب تَقول: خَلَقْتُ الأَدِيمَ إِذا قدَّرْتَه وقِسْتَه، لتَقطع مِنْهُ مَزَادَةً أَو قِرْبَةً أَو خُفّاً.
وَقَالَ زُهَيْر:
(وَلأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْضُ ... الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لاَ يَفْرِي)
يمدح رجلا فَيَقُول لَهُ: أَنْت إِذا قدَّرْتَ أمرا قطعتَه وأمضيتَه، وغيرُك يقدِّر مَا لاَ يقطعُه، لِأَنَّهُ غير ماضي العَزم، وَأَنت مَضَّاءٌ على مَا عزمتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الكُميتُ:
(أَرَادُوا أَنْ تُزَايِلَ خَالِقاَتٌ ... أَدِيمَهُمُ يَقِسْنَ وَيَفْتَرِينَا)
يصف ابْنَيْ نِزَارِ بْنِ مَعَدّ _ وهما رَبيعَةُ ومُضَرُ _ أَرَادَ: أَن نَسَبَهُمْ وأديمهم وَاحِد.
فَإِذا أَرَادَ خَالِقَاتُ الْأَدِيم التفريقَ بَين نسبهم تَبَيَّن لهنَّ أَنه أديمٌ وَاحِد لَا يجوز خَلْقهُ للْقطع، وضَرَبَ النساءَ الْخَالِقَاتِ للأديم _ مَثَلاً للنسَّابين الَّذين أَرَادوا التَّفْرِيق بَين ابْنَيْ نزَارٍ.
وَيُقَال: زايلتُ بَين الشَّيْئَيْنِ وزيَّلْتُ: إِذا فرقْتَ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: (إِن هَذَا إلاّ خَلْقُ الْأَوَّلين) [الشُّعَرَاء: 137] وقرىء {خلق} .
وَقل الفَرَّاءُ: من قَرَأَ (خَلْقُ الْأَوَّلين) أَرَادَ اختلافَهم وكذِبَهم، وَمن قَرَأَ {خلق الْأَوَّلين} _ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَى الفرَّاء أَرَادَ عَادَةَ الأوّلين.(7/16)
قَالَ: وَالْعرب تَقول: حدَّثنا فلانٌ بِأَحَادِيث الْخَلْقِ، وَهِي الخُرَافات من الْأَحَادِيث المفتعلة.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {إِن هَذَا إِلَّا اخْتِلَاق} [ص: 7] . وروى ابْن شُمَيْل بِإِسْنَاد لَهُ عَن أبي هُرَيْرَةَ أَنه قَالَ: ((هُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ)) .
قَالَ: الْخَلْقُ: النّاسُ، والْخَلِيقةُ: الدوابُّ والبهائم.
وَقَالَ اللَّيْثُ: رجل خالِقٌ: أَي صانع، وهنَّ الْخَالِقَاتُ: للنِّسَاء، وَيُقَال: خَالِق النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَن أَي: عاشرهم، ويقَال: إِنَّه لخليق لذاك أَي: شَبيه، وَمَا أخلقه {} أَي: مَا أشبهه.
وَقَالَ غَيره: إِنَّه لَخَلِيقٌ بِذَاكَ أَي: حَرِيٌّ، وَأَخْلِقْ بِهِ أَن يفعل ذَاك {} أَي: أَحْرِ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: وَامْرَأَة خَلِيقَةٌ: ذَاتُ جِسْم وَخَلْقٍ، وَلَا يُنْعَتُ بِهِ الرجل.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: رجل خَلِيقٌ: إِذا تمّ خَلقُهُ، والنعتُ: خَلُقَتِ الْمَرْأَة خَلاَقَةً: إِذا تمّ خَلْقُهَا.
أبُو عُبَيْدِ عَن الأصمعيِّ: الْمُخْتَلَقُ: التامُّ الْخَلْقِ وَالْجَمَالِ.
وَسُئِلَ أَحْمَدُ بنُ يَحيى عَن قَول الله عز وَجل: {مخلقة وَغير مخلقة} [الْحَج: 5] فَقَالَ: النَّاس خُلِقُوا على ضَرْبَيْنِ، مِنْهُ [الْحَج: 5] م تامُّ الْخَلْقِ وَمِنْهُم خَدِيجٌ نَاقِصٌ غيرُ تامٍ.
يُدُلُّكَ على ذَلِك قولُهُ جلّ وعزّ: {ونقر فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء إِلَى أجل مُسَمّى} [الْحَج: 5] الْآيَة.
وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابيِّ: {مخلقة} : قد بَدَا خَلْقُها، {وَغير مخلقة} : لم تُصَوَّر.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخَلاَق النَّصِيبُ من الْحَظِّ الصَّالح، وَهَذَا رجلٌ لَيست لَهُ خَلاَقٌ أَي: لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْخَيْر وَلَا فِي الْآخِرَة، وَلَا صلاحٌ فِي الدّين.
وَقَالَ المفسِّرُون فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} [البَقَرَة: 200] : الْخلاَقُ: النَّصِيبُ من الْخَيْر.
ثَعْلَبٌ عَن ابْن الأعْرَابِيِّ: {لَا خلاق لَهُم} [آل عمرَان: 77] : لَا نصيب لَهُم فِي الْخَيْر.
قَالَ: والْخلاقُ الدِّين.
وَيُقَال: خَلُقَ الثَّوْبُ يخْلُقُ خُلُوقةً وأَخلَقَ إخلاَقاً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَيُقَال للسَّائل: قد أَخْلَقَ وَجْهَهُ، وأَخْلَقَ فلَان فلَانا أَي: أعطَاهُ ثوبا خلَقاً.
ورَوَى أَبو عُبيدٍ عَن الْكسَائي فِيمَا أَقْرَأَنِي الإِيَاديُّ لِشَمِرٍ عَنهُ: أَخْلَقْتُ الرجلَ ثَوْباً أَي: كسوتُه خَلَقاً.
ورُويَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ: ((لَيْسَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، إِنَّما الْفَقِيرُ الأَخْلَقُ الْكَسْبِ)) .
قَالَ أَبو عُبِيدٍ: هَذَا مَثَلٌ للرجل الَّذِي لَا يُرْزَأُ فِي مَالِهِ، وَلَا يُصاب بالمصائِب، وأصل هَذَا أَنه يُقَال للجبل المُصْمَتِ الَّذِي لَا يؤثِّر فِيهِ شَيْء: أَخْلَقُ وصخرة خَلْقاءُ: إِذا كَانَت ملْسَاءَ.
وَأنْشد للأعشى:(7/17)
(قَدْ يَتْرُكُ الدَّهْرُ فِي خَلْقَاءَ رَاسِيَةٍ ... وَهْياً وَيُنْزِلُ مِنْهَا الأعْصَمَ الصَّدَعَا)
فَأَرَادَ عُمر أنَّ الفقرَ الْأَكْبَر إِنَّمَا هُوَ فَقرُ الْآخِرَة لمن لم يُقَدِّم من مالِهِ شَيْئا يُثابُ عَلَيْهِ هنالِكَ، وَأَن فقر الدُّنْيَا أهْوَنُ الفقرين.
وَقَالَ اللَّيْث: الأخْلَقُ: الأمْلَسُ من كل شَيْء.
قَالَ: وخُلَيقَاءُ الْجَبْهَة: مُستواها، وَهِي الْخَلْقَاءُ، يُقَال: سُحِبوُا على خَلْقَاوَاتِ جباههم.
قَالَ: وخَلْقَاءُ الْغَارِ الْأَعْلَى: باطنُه، واخلَوْلَقَ السحابُ: إِذا اسْتَوَى، كَأَنَّهُ مُلِّسَ تمليساً.
وَأنْشد لِمُرقِّشٍ:
(مَاذا وُقُوفِي عَلَى رَبْعٍ عَفَا ... مُخْلَوْلِقٍ دَارِسٍ مُسْتَعْجِم)
والْخَلُوقُ من الطّيب: مَعْرُوف، وَقد تَخَلَّقَتِ المرأةُ بالْخَلُوقِ وخَلَّقَتْ غَيْرَها، وَقد خُلِّقَ المسجدُ بالْخَلُوقِ.
وَيُقَال للْمَرْأَة الرَّتْقاءِ: خَلْقَاءُ، لِأَنَّهَا مُصْمَتَةٌ كالصَّفَاةِ الْخَلْقاءِ.
وَيُقَال: ثَوْبٌ أَخْلاَقٌ، يُجْمَع بِمَا حوله،
وَقَالَ الراجزُ:
(جَاء الشِّتاءُ وَقَمِيصي أَخْلاَقْ ... شَرَاذمٌ يَضْحَكُ مِنِّي التَّوَّاقْ)
وَيُقَال: جُبَّةٌ خَلقٌ بِغَيْر هَاء وجَديدٌ بِغَيْر هَاء أَيْضا وَلَا يجوز جُبَّة خَلَقَةٌ بِالْهَاءِ وَلَا جَديدَةٌ.
وَقَالَ أَبو عُبيدة: فِي وَجه الْفرس خُلَيقَاوَانِ، وهما حيثُ لَقِيتْ جبهتُه قصَبَةَ أَنفه.
قَالَ: والخَلِيقَانِ، عَن يَمِين الخُلَيْقَاء وشِمَالِها، ينحدرانِ إِلَى العَيْن.
قَالَ: والْخلَيْقَاءُ: بَين العَيْنَيْنِ، وَبَعْضهمْ يَقُول: الْخَلْقَاءُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الخَلِيقَةُ: الْبِئْرُ ساعةَ تُحْفَر.
قَالَ: والْخَلقُ: كل شَيْء مملَّس، مُسْتو، وسَهْمٌ مُخَلَّقٌ: أملسُ مَسْتوٍ، والْخَلَقَة: السحابَةُ المستوية الْمُخِيلَة للمَطَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الخَلُقُ: الآبارُ الحديثاتُ الحَفْرِ، والخُلُقُ: الدِّينُ، والخُلُقُ: المروءةُ.
وَيُقَال: فلَان مَخْلَقَة للخير كَقَوْلِك: مَجْدَرَةٌ ومَحْرَاةٌ ومَقمَنةٌ.
قلخ: عَمْرو عَن أَبِيه: القَلْخُ: الضَّرْب باليابس على الْيَابِس.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلْخُ والقَلِيخُ: شِدَّة الهَدِيرِ، وَأنْشد:
(قَلْخُ الهَدِيرِ مِرْجَسٌ زَغَّادُ ... )
قَالَ: وَيُقَال للفَحْل عِنْد الضِّرَاب: قَلَخْ قَلَخْ مجزوم وَيُقَال للحمار المُسِنِّ: قَلْخٌ وقَلْحٌ بِالْخَاءِ والحاء، وَأنْشد اللَّيْث:
(أَيَحْكُمْ فِي أَمْوَالِنَا ودِمائِنا ... قُدَامَةُ قَلْخُ العَيْرِ عَيْرِ ابْنِ جَحْجَبِ)
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الْفَحْل من الْإِبِل إِذا هَدَرَ فَجعل كأنَّه يَقْلَعُ الهَدِيرَ(7/18)
قَلْعاً. قيل: قَلَخَ يَقْلَخُ قلخاً، وَهُوَ بعير قَلاَّخٌ، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
(قَلْخَ الفُحُول الصِّيدِ فِي أَشْوَالِها ... )
قلتُ: والْقُلاَخُ ابْنُ جَنَابِ بْنُ جَلاَ الرَّاجز، شُبِّهَ بالفَحْل فلُقِّب بالقُلاَخِ وَهُوَ الْقَائِل:
(أَنا القُلاَخُ بنُ جَنَابِ بِنِ جَلاَ ... أَبُو خَنَاثِيرَ أَقُودُ الجَمَلاَ ... )
والخناثير: الدَّوَاهِي، أَرَادَ أَنه مَشْهُور مَعْرُوف.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي قَالَ: قلَّخْتُهُ بالسُّوط تقليخاً: ضرَبْتُهُ.
لخق: عَمْرو، عَن أَبِيه قَالَ: اللَّخْقُ: الشَّقُّ فِي الأَرْض، وَجمعه لُخُوقٌ وألْخاق.
وَقَالَ الأصمعِيُّ: هِيَ اللَّخاقِيقُ للشُّقُوق وَاحِدهَا لُخقُوقٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: اللُّخْقُوقُ: مَسِيل المَاء، لَهُ أَجْرَافٌ وحُفَرٌ، وَالْمَاء يجْرِي فيحفِرُ الأرضَ كَهَيئَةِ النَّهر حَتَّى تَرَى لَهُ أجرافاً وجَمْعُه اللَّخاقيقُ، وَقيل: شِقَابُ الْجَبَل لَخاقيقُ أَيْضا.
وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله: فِي لَخاقِيقِ جِرْذانٍ)) : إِن أَصْلهَا الأخَاقِيقُ وَقد مر تَفْسِيره فِي أول مضاعف الْخَاء.
خَ ق ن
اسْتعْمل من وجوهه: خنق، نقخ، خقن.
خنق: قَالَ اللَّيْث: خَنَقَهُ فاخْتَنَقَ وانْخَنَقَ، فأَما الأنْخِنَاقُ فَهُوَ انعِصار الْخِنَاقِ فِي عُنُقه، والاخْتِنَاقُ: فعْلُهُ بِنَفسِهِ.
قَالَ: والْخِنَاقُ: الحَبْلُ الَّذِي يُخْنَقُ بِهِ، وَيُقَال: رجل خَنِقٌ مَخْنُوقٌ، ورجلٌ خَانِقٌ فِي مَوضِع خَنِيقٍ ذُو خِنَاقٍ، وَأنْشد:
(وَخَانِقٍ ذِي غُصَّةٍ جَرَّاضِ ... )
قَالَ: والخَنَّاقُ: نَعْتٌ لمَنْ يكون ذَلِك شأنَه وفِعْلَه بِالنَّاسِ، وأخَذَ بمُخَنَّقه أَي: بِموضع الْخِنَاقِ، وَمِنْه اشتُقَّتِ المِخْنَقَة من القِلاَدة.
والخُنَاقِيَّةُ داءٌ أَو ريح يَأْخُذ الناسَ والدَّوابَّ فِي حُلوقهم، وَقد يَأْخُذ الطَّيْرَ فِي رَأسهَا وحَلْقِها.
وتَعْتَرِي الخيلَ الخُنَاقِيَّةُ أَيْضا، يُقَال: خُنِقَ الفرسُ، فَهُوَ مَخْنُوقٌ.
أَبُو سعيد: المُخْتَنِقُ من الْخَيل: الَّذِي أَخذتْ غُرَّتُه لَحْيَيْهِ إِلَى أصُول أُذنَيْه، وخنَّقتُ الحوضَ تَخْنِيقاً: إِذا شددتَ مَلأهُ، وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
(ثُمَّ طَبَاهَا ذُو حَبَابٍ مُتْرَعُ ... مُخَنَّقٌ بِمَائِهِ مُدَعْدَعُ)
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الخُنُقُ: الفُروج الضَّيِّقَةُ من فُروج النِّسَاء.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: فَلْهَمٌ خَنَّاقٌ: ضَيِّقٌ حُزُقَّةٌ قصيرٌ السَّمْك.
ومُخْتَنَقُ الشِّعْبِ: مَضِيقُه، وخَانِقِينَ مَوْضِعٌ مَعْرُوف.
نقخ: قَالَ اللَّيْث: النَّقْخُ: نَقْفُ الرَّأْس عَن الدِّماغ، وَقَالَ العَجَّاجُ:
(لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ وأَنْقَخُ ... )
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا ضَرَبَ رَأْسَ الرجل حَتَّى يَخْرُجَ دِمَاغُه قَالَ: نَقخْتُهُ نَقْخاً، وَأنْشد:(7/19)
(نَقْخاً عَلَى الْهَامِ وَبَجًّا وَخْضاً ... )
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة: النُّقَاخ: المَاء العَذْب، وَأنْشد شَمِرٌ:
(وَأَحْمَقُ مِمّنْ يَلْعَقُ الْماءَ قَالَ لِي ... دَعِ الْخَمرَ واشْرَبْ مِنْ نُقَاخٍ مُبَرَّدِ)
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: النُّقَاخُ: النّوم فِي الْعَافِيَة والأَمْن.
والنُّقَاخُ: الضَّرْب على الرَّأْس بِشَيْء صُلْب. والنُّقَاخُ: اسْتِخْرَاج المُخِّ.
شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيلٍ: النُّقَاخُ الماءُ الكثيرُ يُنْبِطُه الرجل فِي الْموضع الَّذِي لَا مَاء فِيهِ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: يُقَال: هَذَا نُقَاخُ الْعَربيَّةِ أَي: خالصها.
أَبُو عَمْرو: ظَلِيمٌ أَنْقَخُ: قَلِيل الدِّمَاغ.
وَأنْشد لِطِلْقِ بن عَدِيٍّ.
(حَتَّى تَلاقَى دَفُّ إِحْدَى الشُّمَّخِ ... بالرُّمْحِ مِنْ دُونِ الظَّلِيمِ الأنْقَخْ)
خقن: قَالَ اللَّيْث: خاقانُ: اسمٌ يسمىَّ بِهِ مَنْ تُخَقِّنُهُ التُّرْكُ على أنفسهم.
قلت: وَلَيْسَ من العربيَّة فِي شَيْء.
خَ ق ف
اسْتعْمل فِي وجوهه: خَفق: قفخ.
خَفق: قَالَ اللَّيْث: الخَفْقُ: ضَرْبُك الشيءَ بالدِّرَّة أَو بشيءٍ عريضٍ، والْخفْقُ صَوْتُ النَّعْل وَمَا أشبهه، من الْأَصْوَات.
ورجلٌ خَفَّاقُ القَدَم: عَريضُ باطِنها وَمِنْه قَوْله:
(خَدَلَّجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ ... )
قَالَ: والخَفْقُ اضْطِرَاب الشَّيْء العريض.
يُقَال: رَاياتُهم تَخفِقُ وتَختَفِقُ، وتُسَمَّى الأعلامُ: الخَوافِقَ، والخافقاتِ.
والمِخْفَقُ من أَسماءِ السَّيف العريض، والْمِخْفَقةُ والْخَفقَةُ جَزْمٌ هُوَ الشيءُ الَّذِي يُضرَبُ بِهِ، نَحْو سَيْرٍ أَو دِرَّةٍ.
قَالَ: والخفَقَانُ: اضطرابُ الْقلب، وَهِي خِفَّةٌ تَأْخُذ الْقلب، تَقول: رَجلٌ مَخْفُوقٌ.
والخَفقَانُ: اضطرابُ الْجَناحِ ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((أَيُّمَا سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأَخْفَقَتْ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الإخفاق: أَن تَغْزُوَ فَلَا تَغْنَمَ شَيْئا، وَمِنْه قَول عَنْتَرَةَ:
(فَيْخْفِقُ مَرَّةً وَيُفِيدُ أُخْرَى ... وَيَفْجَعُ ذَا الضَّغَائِنِ بالأَرِيبِ)
يصف فرسا لَهُ، أَنَّهُ يَغْزُو عَلَيْهِ فيغنم مرّة، وَلَا يغنم أُخْرَى.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ كلُّ طالِب حاجةٍ إِذا لم يقضها فقد أَخفَقَ إخفاقاً.
وأصل ذَلِك فِي الْغَنِيمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: أَخْفَقَ القومُ: فَنِيَ زادُهم.
قَالَ: والسَّرابُ الْخَفُوقُ والْخاَفِقُ: الكثيرُ الِاضْطِرَاب، والْخَفْقَةُ: الْمَفَازَةُ ذَاتُ الْآل.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
(وَخَفْقَةٍ لَيْسَ بِهَا طُوئِيُّ ... )
يَعْنِي: لَيْسَ بهَا أحد.
وَيُقَال: خَفَقَ فلَان خَفْقَةً: إِذا نَام نومَة خَفِيفَة.(7/20)
ونَاقةٌ خَيْفَقٌ، وفَرَسٌ خَيْفَقٌ، وَهِي السريعة جِدّاً، وظَلِيمٌ خَيْفَقٌ وَهُوَ الْخَنْفَقِيقُ فِي كُلِّ ذَلِك، وَهُوَ مَشْيٌ فِي اضْطِرَاب.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فَرَسٌ خَفِقٌ، وَالْأُنْثَى خَفِقَةٌ، مَثْلُ خَرِبٍ وخَرِبة.
وَإِن شئتَ قُلْتَ: خُفَقَ، والأُنثى خُفَقَةٌ تقديرها: رُطَبٌ ورُطَبَةٌ، والْجَمِيعُ: خَفِقَاتٌ وَخُفَقاتٌ وخِفَاقٌ.
وَهِي بِمنزِلةَ الأقَبِّ.
وربَّما كَانَ الْخُفُوقُ من خِلْقَةِ الْفرس ورُبَّما كَانَ من الضُّمْرِ والْجَهْدِ، وربَّما أُفْرِدَ، ورُبَّمَا أُضِيفَ.
وَأنْشد فِي الْإِفْرَاد:
(وَيَكْفِتُ فَضْلَ سِابِغَةٍ دِلاَصٍ ... عَلَى خَيْفَانَةٍ خَفِقٍ حَشَاهَا)
وَأنْشد فِي الْإِضَافَة:
(حَابِي الضُّلُوعِ خَفِقِ الأَحْشَاءِ ... )
وَقيل لبَعض الْفُقَهَاء: مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ فَقَالَ: الْخَفْقُ والْخِلاَطُ.
وَقيل: الْخَفْقُ تَغْييبُ الْقَضِيبِ فِي الفَرْجِ، وخَفِقَ النَّجْمُ إِذا غَابَ.
ابْن السِّكِّيتِ عَن الكلابيِّ امرأةٌ خَيْفَقٌ: وَهِي الطَّوِيلَةُ الرُّفْغَيْنِ. الدَّقيقةُ العِظام، البعيدةُ الْخَطْوِ.
وفَلاَةٌ خَيْفَقٌ أَي: واسعةٌ، يَخْفِقُ فِيهَا السَّرَابُ.
قَالَ الزَّفَيَانُ:
(أَنَّى أَلَمَّ طَيْفُ لَيْلَى يَطْرُقُ ... ودُونَ مَسْرَاهَا فَلاَةٌ فَيْهَقُ)
(تِيهٌ مَرَوْرَاةٌ وَفَيْفٌ خَيْفَقُ ... )
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبَيْدَة: خَفَقَ النَّجمُ وأَخْفَقَ إِذا غَابَ.
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
(إِذا النُّجُّومُ تَوَلَّتْ بَعْدَ إخْفَاقِ ... )
وَقَالَ الآخرُ:
(وأطْعُنُ بِالْقَوْمِ شَطْرَ الْمُلُوكِ ... حَتَّى إذَا خَفَقَ الْمِجْدَحُ)
وَقَالَ غيرُه: خَفَقَتِ الدَّابَّةُ تَخْفِقُ: إذَا ضَرَطَتْ فهيَ خَفُوقٌ.
وخَفَقَتِ الرِّيحُ خَفقاناً، وَهُوَ حَفِيفُها: أَي دَوِيُّ جَرْيِهَا. وَقَالَ الشَّاعر:
(كَأَنَّ هُوِيَّهَا خَفَقَانُ ريحٍ ... خَرِيقٍ بَيْنَ أَعْلاَمٍ طِوَالِ)
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثم: خَفَقَ النَّجْمُ: إِذا غَابَ.
وَقَالَ: والْخَافِقَانِ: الْمِشْرِق والْمَغْرِبِ وَذَلِكَ أنّ الْمَغْرِبِ يُقَال لَهُ: الْخَافِقُ، لأَنَّهُ الخَافِقُ وَهُوَ الْغَائِب، فغَلَّبُوا المغرِب على الْمَشْرِق فَقَالُوا: الخافقان كَمَا قَالُوا: الأبَوَان.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: الْخَافِقَانِ: المشرقُ والمغْرِبُ، لِأَن اللَّيْل وَالنَّهَار يَخْفِقَان بَينهمَا.
عمروٌ عَن أَبِيه قَالَ: الْمخْفُوقُ: الْمَجْنُون وَأنْشد:
(مَخْفُوقَةٌ تزَوَّجَتْ مَخْفُوقَا ... )
قَالَ: والْخَيْفَقُ الدَّاهِيَةُ.(7/21)
الرِّياشِيُّ عَن الأصمعيِّ قَالَ: الْمُخْفِقُ: الأرضُ الَّتِي تستوِي: فيَكون فِيهَا للسَّرَابِ مُضْطَرَبٌ.
قفخ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَفَخْتُ الرَّجُلَ أَقْفَخُهُ قَفْخاً إِذا صَكَكْتَهُ على رَأسه بالعصا.
قَالَ: وَلَا يكون الْقَفْخُ إلاَّ على شَيْء صُلْبٍ، أَو على شَيْء أَجَوَفَ، أَو على الرَّأْس، فإنْ ضرَبَه على شَيْء مُصْمَتٍ يابسٍ قَالَ: صَفَقْتُه وَصَقَعْتُه.
اللَّيْث: الْقَفْخُ: كَسْرَ الرأسِ شَدْخاً.
قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا كسَرْتَ العَرْمَضَ عَن وَجه المَاء قُلْتَ: قَفخْتُهُ قَفْخاً، وَأنْشد:
(قَفْخاً عَلَى الْهَامِ وَبَجّاً وَخْضاً ... )
قَالَ: والْقَفِيخَةُ: طعامٌ يُصْنَعُ من تمْرٍ وإهَالةٍ تُصَبُّ عَلَى جَشيشة.
قَالَ: والقَفْخَة من أَسمَاء البَقَرَةِ الْمُسْتَحْرَمة، يُقال: أَقْفَخَتْ أَرْخُهُمْ أَي: أسْتَحْرَمَتْ بَقَرَتُهم، وَكَذَلِكَ الذِّئْبَةُ إِذا أَرَادَت السِّفاد.
ونَحْوَ ذَلِك قَالَ ابنُ شُميل وأَبو زيد.
خَ ق ب
استُعْمِل من وجوهه: بخق، خبق.
بخق: قَالَ اللَّيْث: الْبَخْقُ أقبحُ مَا يكونُ مِنَ العَوَرِ، وأكْثَرُه غَمَصاً.
قَالَ رُؤْبَةُ:
(وَمَا بِعَيْنَيْهِ عَوَاوِيرُ الْبَخَقْ ... )
وَقَالَ شَمِرٌ: البخق أَن تُخْسَفَ العينُ بعد الْعَوَر.
وَفِي حَدِيث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنه قَالَ: ((فِي الْعَيْنِ الْقَائِمةِ إِذا بُخِقَتْ مائةُ دِينَارٍ)) .
وَقَالَ شَمِرٌ: أرادَ زَيْدٌ أَنَّهَا إنْ عَوِرَت وَلم تَنْخَسِفْ وَهُوَ لَا يُبْصِر بهَا إِلَّا أَنَّهَا قَائِمَة ثمَّ فُقِئَتْ بعدُ فَفِيهَا مائةُ دِينَار.
قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: البخَقُ: أَن يَذْهَبَ بصرُه وعينُه مُنْفَتِحَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: بَخِقَتْ عينُه: إِذا ذهَبَت وأَبْخَقْتُها إِذا فَقَأْتُها.
خبق: أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ قَالَ: الْخِبِقُّ: الطَّوِيل.
ورَوَى غيرهُ عَنهُ أنَّه قَالَ: سَمِعتُ عُقبَةَ بنَ رُؤبَةَ يصفُ فَرَساً فَقَالَ: أَشَقُّ أَمَقُّ خِبَقُّ.
قَالَ: وَقيل: ((خِبَقُّ)) إتْباعٌ للأشق الأَمَقِّ.
وَالْقَوْل: أَنه يُفْرَدُ بالنعت للطويل.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: خُبَيْقٌ تصغيرُ خَبْقٍ، وَهُوَ الطَّول، وَرجل خِبِقٌّ: طَوِيل.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال حَبَقَ وخَبَقَ إِذا ضَرِطَ.
خَ ق م
اسْتعْمل من وجوهه: قمخ، خقم.
قمخ: قَالَ الأصمعيُّ: أَقْمَخَ بأنفِهِ إِقْمَاخاً وأَكْمَخَ إكْمَاخاً إِذا شَمَخَ بأَنْفِه وتَكبَّرَ.
خقم: خَيْقَمُ: حِكَايَة صوتٍ، وَمِنْه قَوْله:
( ... يَدْعُو خَيْمَقاً وَخيْقَماً ... )
قُلْتُ: ورَأَيْتُ فِي ديار بني تَمِيم رَكِيَّةً عادِيَّةً تُسَمَّى: خيْقَمَانَةً، وأنشدني بعضُهم ونحنُ نَسْتَقِي مِنْهَا:(7/22)
(كَأَنَّما نُطْفَةُ خَيْقَمَانِ ...
صَبِيبُ حِنَّاءٍ وَزَعْفَراَنِ)
وَكَانَ ماءُ هَذِه الرَّكِيَّة أَصفَرَ شديدَ الصُّفرة.
أَبْوَاب الخَاء وَالْكَاف
خَ ك ج
أهملت وجوهها.
خَ ك ش
كشخ: قَالَ اللَّيْث: الكَشْخَانُ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، فَإِن أُعْرِبَ قيل: كِشْخَانُ، على ((فِعْلاَلٍ)) ، وَيُقَال للشاتم: لَا تَكْشَخْ فلَانا.
قُلْتُ: إِن كَانَ الكَشْخُ صَحِيحا فَهُوَ حَرْفٌ ثلاثيٌّ، وَيجوز أَن يُقَال: فلَان كَشْخَانُ، على ((فَعْلاَنَ)) ، وَإِن كَانَت النونُ أَصْلِيَّةً فَهُوَ رُبَاعيٌّ، وَلَا يجوز أَن يكون عربيّاً لِأَنَّهُ يكون على مِثَال فَعْلاَلٍ وفعلال لَا يكون فِي غير المُضاعَفِ فَهُوَ بِنَاءٌ عَقِيمٌ، فافهمه.
خَ ك ض _ خَ ك ص _ خَ ك س
خَ ك ز _ خَ ك ط _ خَ ك د
[خَ ك ت]_ خَ ك ظ _ خَ ك ذ _ خَ ك ث
أهملت وجوهها.
خَ ك ر
اسْتعْمل من وجوهه: كرخ، كخر، خرك.
كرخ: قَالَ اللَّيْث: الكَرَاخَةُ: بلُغة أهل السَّوَادِ: الشُّقَّة وغَيْرُه من البَوَاري، قَالَ: والكَرَاخة والكَارخُ بلغتهم الرَّجُلُ الَّذِي يسوقُ الماءَ إِلَى الأَرْض، وكَرْخُ: اسْم
سُوقٍ ببَغْدَادَ، وأُكَيْرَاخٌ: موضعٌ آخَرُ فِي السَّواد.
كخر: أهمله اللَّيْث وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو زيْدٍ الأنصاريُّ: فِي الْفَخِذِ الْغُرُورُ، وَهِي غُضُونٌ فِي ظَاهر الْفَخِذَيْنِ وَاحِدهَا، غَرٌّ، وَفِيه الْكَاخِرَةُ، وَهِي أَسْفَلُ من الحاعرة فِي أعالي الغُرُور.
خرك: أهمله اللَّيْث، وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: خَرِكَ الرجل إِذا لَجَّ.
وخَارَكُ: اسْم مَوضِع، وَمِنْه قيل: فلانٌ الْخَارَكِيُّ.
خَ ك ل _ خَ ك ن
أهملت وجوهها.
ك خَ ف
اسْتعْمل مِنْهَا: [كفخ] .
كفخ: قَالَ اللَّيْث: الْكُفْخَةُ: الزُّبدة المجْتَمِعَة البيضاءُ، وَأنْشد:
(لَهَا كَفْخَةٌ بَيْضَا تَلُوحُ كَأَنَّها ... تَرِيكَةُ قَفْرٍ أُهْدِيَتْ لأَمِيرِ)
وَقَالَ أَبُو تُراب: قَالَ الْفرَّاء: كَفَخَهُ كَفْخاً إِذا ضَرَبَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: لَفَخَهُ لَفْخاً على رَأسه إِذا ضَرَبَهُ.
خَ ك ب: مهمل.
خَ ك م
كمخ، كخم: مستعملان.
كمخ: قَالَ اللَّيْث: أَكْمَخَ فلانٌ إِكْمَاخاً وَهُوَ جُلُوس المتعظِّم فِي نَفسه _ حكاهُ لنا أَبُو الدُّقَيْشِ فَلبس كِسَاءً لَهُ ثمَّ جلس جُلُوسَ(7/23)
العَرُوس على المِنَصَّة، وَقَالَ: هَكَذَا يُكْمِخُ مِنَ الْبَأوِ وَالْعَظَمَة.
وَقَالَ رُؤْبَة:
(إِذا ازْدَهَاهُمْ يَوْمُ هَيْجا أَكمَخُوا ... بَأْواً وَمَدَّتْهُمْ جِبَالٌ شُمَّخُ)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْكُماخُ: الكِبْرُ والتَّعَظُّمُ.
كخم: قَالَ اللَّيْث: الكَيْخَمُ يُوصَف بِهِ الْمُلْكُ وَالسُّلْطَان، وَأنْشد:
(قُبَّةَ إسْلاَمٍ وَمُلْكاً كَيْخَمَا ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْكَخْمُ دَفْعُكَ إنْسَانا عَن مَوْضِعه، تَقول: كَخَمْتُهُ كَخْماً إِذا دَفَعْتَهُ.
وَقَالَ الْمَرَّارُ:
(إنِّي أَنَا الْمَرَّارُ غيْرُ الْوَخْم ... وَقَدْ كَخَمْتُ الْقَوْمَ أَيَّ كَخْمِ)
_ أَيْ: دَفَعْتُهم ومنعتُهم.
قَالَ: وَمِنْه قيل للمُلْكِ: كَيْخَمٌ.
أَبْوَاب الخَاء وَالْجِيم
خَ ج ش _ خَ ج ض _ خَ ج ص _ خَ ج س: مهملات
خَ ج ز
اسْتعْمل من وجوهه: [خرج] .
خزج: قَالَ اللَّيْث: الْمِخْزَاجُ من النُّوق: الَّتي إِذا سَمِنَتْ مَارَ جِلْدُها كأنَّه وارِمٌ من السِّمَن، وَهُوَ الْخَزَبُ أَيْضا.
خَ ج ط: مهملٌ.
خَ ج د
اسْتعْمل مِنْهُ: [خزج] .
خدج: قَالَ اللَّيْث: خَدَجَتِ النَّاقة فَهِيَ خَادِجٌ، وأخدَجَتْ فَهِيَ مُخْدِحٌ، والولَدُ خَدِيجٌ مُخْدَجٌ مَخْدُوجٌ، وَذَلِكَ إِذا ألْقَتْهُ وَقَدِ اسْتَبَان خَلْقُه.
وَيُقَال: إِذا ألْقَتْهُ دَماً: قد خَدَجَتْ، وَإِذا أَلقَتْهُ قبل أَن يَنْبُتَ شَعَرُهُ قيل: قد غَضَّنَتْ، وَهُوَ الْغِضَانُ، وَأنْشد:
(فَهُنَّ لاَ يَحْمِلْنَ إلاَّ خَدْجاً ... )
والْخِدَاجُ: الاسْمُ من ذَلِك، وذَاتُ خَدَاجٍ: تُخْدِجُ كثيرا، وأَخدَجَتِ الزَّنْدَةُ: إِذا لم تُورِ نَارا.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصمعيِّ: خَدَجَت الناقةُ: إِذا ألْقت ولدَها قبل أَوَان النِّتَاج وإنْ كَانَ تامَّ الخَلْق، وأَخدَجَتِ الناقةُ إِذا ألْقت ولدَها ناقِصَ الخَلْقِ، وَإِن كَانَ لِتَمامِ الْحَمْلِ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَةَ: خدَجَتِ المرأةُ ولدَها وأخدَجَتْهُ: بِمَعْنى واحدٍ.
وروى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَحواً مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((كلُّ صَلاَةٍ لَيْسَتْ فيهَا قِرَاءَةٌ فَهيَ خِدَاجٌ)) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الأصمعيُّ: الْخِدَاجُ النُّقْصَانُ، وأصل ذَلِك من خِدَاج النَّاقة _ إِذا وَلَدَتْ ولدا ناقصَ الْخَلْقِ، أَو لِغَير تَمَام.
وَيُقَال: أَخْدَجَ الرجلُ صَلاَتَه: فَهُوَ مُخْدِجٌ، وَهِي مُخدَجَةٌ، وَمِنْه قيل لذِي الثُّدَيَّةِ، المقْتُولِ بالنهْرَوَانِ؛ مُخدَجُ الْيَد _ أَي: نَاقِصُها.(7/24)
وَقَالَ غَيْرُه: أَخْدَجَ فلانٌ أَمرَه _ إِذا لم يُحْكِمْه، وأَنضَجَ أمْرَه _ إِذا أَحْكَمَه، والأصْلُ فِي ذَلِك: إخْدَاجُ النَّاقة وَلَدَها وإنضَاجُهَا إِيَّاه.
خَ ج ت _ خَ ج ظ _ خَ ج ذ _ خَ ج ث: أهملت وجوهها.
خَ ج ر
خرج، خجر، جخر، رخج: مستعملة.
جخر: أَبُو عبيد: جَخَّرْنَا البِئْرَ: وسَّعناها، وجَخَر جَوْفُ البِئْرِ: اتّسع.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: أَجْخَرَ فلانٌ إِذا وسِّعَ رَأْسَ بئره، وأَجْخَر: إِذا أَنْبَعَ مَاء كثيرا من غير مَوْضِعِ بِئْرٍ، وأَجْخَرَ إِذا تَزَوَّجَ جَخْرَاء، وَهِي الواسعة، وأَجْخَرَ: إِذا غَسَلَ دُبْرَهُ وَلَمْ يُنَقِّهَا فَبَقيَ نَتْنُهُ.
عمروٌ عَن أَبِيه: الْجَاخِرُ: الْوَادي الْوَاسِع.
شَمِرٌ: تَجَخَّرَ الْحَوْضُ إِذا تلقَّفَ طِينُهُ وانفجر ماؤُه، وامرأَةٌ جَخْرَاءُ: وَاسِعَة الْبَطن.
وَقَالَ اللَّيْث: الْجخْرَاء المُنْتِنَةُ الرِّيح.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْجَخْراء من النِّسَاء: المنتنةُ التَّفِلَةُ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الُجَخَرُ فِي الْغنم: أَن تَشْرَبَ المَاء وَلَيْسَ فِي بَطنهَا شَيْء فَيَتخَضْخَضَ الماءُ فِي بُطُونها فَتَرَاها جَخِرَةً خَاسِفِةً.
وَقَالَ الأصمعيُّ فِي قَوْله:
(بِبَطْنِهِ يَعْدُو الذَّكرْ ... )
قَالَ: الذَّكَرُ من الْخَيل لَا يَعْدُو إلاَّ إِذا كَانَ بَين الممتلىء والطّاوِي، فَهُوَ أَقلُّ احْتِمَالا
لِلْجَخَر من الْأُنْثَى، وَالجَخَرُ: الْخَلاءُ والذَّكَرُ إِذا خلا بَطْنُه انْكَسَرَ، وَذهب نَشَاطُه.
خجر: اللَّيْث: رجلٌ خِجِرٌ والجميع الْخِجِرُّونَ، وَهُوَ الشَّديدُ الأكْلِ الْجبانُ الصَّدَّادُ عَن الحَرْبِ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْخَاجِرُ صَوت المَاء على سَفْحِ الْجَبَلِ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: الْجُخَيْرَةُ تَصْغِير الْخَجْرَةِ وَهِي الواسعة من الإمَاءِ.
قَالَ: والْخَجْرَةُ أَيْضا سَعَة رَأْسِ الْحُبِّ.
قَالَ: والحُخيْرَةُ تَصْغِير الْجَخْرَةِ وَهِي نَفْحَةٌ تَبْقَى من القُنْدُورَةِ إِذا لم تُنَقَّ.
رخج: قَالَ اللَّيْث: رُخَجُ: إِعْرَاب ((رُخُذْ)) ، وَهُوَ اسمُ كُورَةٍ مَعْرُوفَة.
خرج: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَمْ تَسْئَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [الْمُؤْمِنُونَ: 72] ، وقرىء (أم تَسْأَلهُمْ خراجاً) .
قَالَ الفَرَّاء: مَعْنَاهُ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً عَلَى مَا جِئْتَ بِهِ؟ فأَجْرُ ربِّك وثوابُه خيرٌ.
ونَحْوه قالَ الزّجّاجُ.
وَقَالَ الأخْفَشُ: يُقَال للْمَاء الَّذِي يخرج من السَّحَاب: خَرْجٌ، وخُرُوجٌ، وَأنْشد:
(إذَا هَمَّ بالإقْلاَعِ هَبَّتْ لَهُ الصَّبَا ... فَأَعْقَبَ غَيْمٌ بَعْدَهُ وخُرُوجُ)
قَالَ: والْخَرْجُ: أَن يُؤدِّي إِلَيْك الْعَبْدُ خَرَاجَهُ أَي: غَلَّتَهُ، والرَّعِيَّةُ تؤدِّي الْخَرْجَ إِلَى الْوُلاَةِ.(7/25)
وَقَالَ الليثُ: الْخَرْجُ والْخَرَاجُ واحِدٌ وَهُوَ شَيْء يُخْرِجُه القومُ فِي السَّنَة من مَالهم بِقَدْرٍ مَعْلُوم.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قَالَ: ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)) .
وَقَالَ أَبُو عُبِيْد وغيرُه من أهل الْعلم: معنى الْخَراج، فِي هَذا الحَدِيث غَلَّةُ العَبْدِ يَشْتريه الرَّجل فيستغِلُّه زَمَانا، ثمَّ يَعْثر مِنْهُ عَلَى عَيْب دلَّسَه البَائِع وَلم يُطْلِعْه عَلَيْهِ، فَلهُ ردُّ العَبْد على البَائِع، والرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثّمن والْغَلّة الَّتِي استغلها المُشْتَرِي من العَبْد طَيِّبَةٌ لَهُ، لأنَّه كَانَ فِي ضَمَانِه، وَلَو هَلَكَ هَلَكَ من مَاله.
وَهَذَا مَعْنَى قَول شُرَيح لرجُلين احْتَكَمَا إِلَيْهِ فِي مثل هَذَا فَقَالَ للْمُشْتَرِي: ((رُدَّ ذَا الدَّاءِ بِدَائِهِ، وَلَك الْغَلّة بِالضَّمَانِ)) ، مَعْنَاهُ: رُدّ ذَا الْعَيْبِ بِعَيْبِهِ، وَمَا حصل فِي يدك من غَلَّته فَهُوَ لَك.
وَأما الْخَراجُ الَّذِي وظَّفَهُ عمرُ بنُ الخطّاب على السَّواد وَأَرْض الفَيْء فَإِن مَعْنَاهُ الغَلَّةُ أَيْضا، لأنهُ أَمَرَ بمساحةِ السَّوادِ ودَفْعها إِلَى الفَلاَّحين الَّذين كَانُوا فِيهِ على غَلَّة يؤدُّونها كلَّ سنةٍ، وَلذَلِك سميّ خَرَاجاً، ثمَّ قيل بعد ذَلِك للبلاد الَّتِي فُتحتْ صلحا ووُظِّفَ مَا صولِحوا عَلَيْهِ على أَرضهم: خَرَاجِيَّةٌ، لِأَن تِلْكَ الْوَظِيفَة أشبهتِ الخَرَاجَ الَّذِي أُلْزِمَ الفَلاَّحون وَهُوَ الغَلَّةُ. لِأَن جملَة معنى الخَرَاجِ: الغَلَّة.
وَيُقَال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقَا على ضريبة يرُدُّها العَبْد على سيِّدهِ كلَّ شهر وَيكون مُخَلَّى بَينه وَبَين عَملهِ، فَيُقَال: عبدٌ
مُخَارَجٌ، وَقيل للجزيةِ الَّتِي ضُربتْ على رِقَاب أهل الذِّمة: خَرَاجٌ لِأَنَّهُ كالغلَّةِ الْوَاجِبَة عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج} [ق: 42] .
قَالَ: الخُرُوجُ: اسمٌ من أَسمَاء يومِ القِيَامةِ.
وَقَالَ العجاجُ:
(أَلَيْسَ يومٌ سُمِّيَ الخُرُوجَا ... أَعْظَمَ يومٍ رَجَّةً رَجُوجاً)
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج} أَي: يَوْم يُبْعَثُونَ فَيْخْرُجُون من الأَرْض.
ومثلُهُ قَوْله تَعَالَى: {خشعا أَبْصَارهم يخرجُون من الأجداث} [الْقَمَر: 7] .
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: يُقَال: أَوَّلُ مَا يَنشأ السحابُ فَهُوَ نَشْءٌ.
وَيُقَال: قد خَرَجَ لَهُ خُروجٌ حسنٌ.
وَقَالَ غيرُه: خرجَتِ السماءُ خُروجاً: إِذا أَصْحَت بعد إغامتها.
وَقَالَ هِمْيانُ يصفُ الإبِلَ وورُودَها:
(فَصَبَّحَتْ جَابِيَةً صُهارِجاَ ... تَحْسَبُها لَوْنَ السَّماءِ خَارِجا)
يُرِيد: مُصْحِياً، والخُروجُ نقيض الدُّخُول.
وَقَالَ اللَّيْث: الخُرُوجُ: خروحُ الأديب وَالسَّابِق وَنَحْو ذَلِك، يُخَرَّجُ فَيَخْرُجُ، وخرَجَتْ خوارِجُ فلَان إِذا ظَهرت نجابتُه وتوجَّه لإبرام الْأُمُور وإحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثلِهِ بعد صِباه.(7/26)
أَبُو عُبيدٍ: الخَارِجِيُّ: الَّذِي يَخْرُجُ ويَشْرُف بِنَفسِهِ، من غير أَن يكون لَهُ قديمٌ وَأنْشد:
(أَبَا مَرْوَانَ لَسْتَ بِخَارِجِيِّ ... وَلَيس قَدِيمُ مَجْدِكَ بانْتِحالِ)
والخَوارجُ: قَوْمٌ من أهلِ الْأَهْوَاء، لَهُم مَقالةٌ على حِدَةٍ.
وَقَالَ الليثُ: الخارِجيَّة من الخَيلِ: الَّتِي لَيْسَ لَهَا عِرْق فِي الجَودة، فَتَخْرُجَ سَوابقَ.
أَبُو عبيد: قَالَ الخليلُ بن أحمدَ: الخُرُوجُ: الأَلِفُ الَّتِي بعد الصِّلة فِي القافية كَقَوْل لَبيدٍ:
(عَفتِ الدِّيَارُ مَحَلُّها فمقامُها ... )
فالقافية هِيَ الْمِيم، وَالْهَاء بعد الْمِيم هِيَ الصِّلَة لِأَنَّهَا اتصَلتْ بالقافية، والألفُ الَّتِي بعدَها هِيَ الْخُرُوجُ.
وَقَالَ أَبُو عبَيدةَ: منْ صفاتِ الخيْل: الخَرُوجُ بِفَتْح الْخَاء وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى بِغَيْر هاءٍ، والجميعُ: الخُرُجُ، وَهُوَ الَّذِي يطول عُنُقه فيغتالُ بِطُولِهَا كلَّ عِنَانٍ جُعِلَ فِي لِجَامه، وَأنْشد:
(كلُّ قَباءَ كالْهِرَاوَةِ عَجْلَى ... وخَرُوجٍ تَغتالُ كُلّ عِنانِ)
والخُرْجُ: هَذَا الوِعاء ثلاثةُ خِرَجَة وَهُوَ جُوالِقٌ ذُو أَوْنينِ.
وَفِي حَدِيث قصَّة ثَمُود: أنّ الناقةَ الَّتِي أرسلها الله جلّ وعزّ: آيَة لقَومِ صالحٍ وهم ثمودُ كَانَت مُخْتَرَجَةً.
قَالَ: وَمعْنى المخترجَةِ أَنَّهَا جُبلتْ على خِلقةِ الجملِ، وَهِي أكبرُ مِنْهُ وأَعظمُ.
والسحابةُ تُخَرِّجُ السحابةَ كَمَا يُخَرَّج اللَّيْل الظُّلَم.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: مررْتُ على أَرض مُخَرَّجةٍ، وفيهَا على ذَلِك أَرْتَاعٌ، والأرتاعُ: أماكنُ أَصَابَهَا مطر فأنبتت البَقْل، وأماكن لم يصبهَا مَطرٌ، فَتلك المخرَّجةُ.
وَقَالَ بعضهُم: تخريجُ الأرضِ: أَن يكونَ نَبتُها فِي مكانٍ دونَ مَكَان، فترى بياضَ الأرضِ فِي خُضرة النَّباتِ.
وشاةٌ خرجاءُ: بيضاءُ المؤخرِ، نصفهَا أبيضُ والنصفُ الآخرُ لَا يَضرُّكَ عَلَى مَا كَانَ لونُه.
وَيُقَال: الأخرَجُ: أسوَدُ فِي بَياض والسَّوادُ: الغالبُ.
ابْن هانىءٍ عَن زيد بن كَثْوَة: يُقَال: فُلاَنٌ خَرَّاجٌ وَلاَّجٌ، يُقَال ذَلِك عِنْد تَأْكِيد الظَّرْفِ والاحتيال.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الأخرَجُ: مِنْ نَعْتِ الظَّلِيم فِي لَوْنه.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذي لَوْنُ سَوَاده أكثَرُ من لَوْنِ بَيَاضِه كلَوْنِ الرَّمادِ.
والأَخْرَجُ: المَكَّاءُ، والأَخْرَجُ من المِعْزَى: الَّذِي نِصْفُه أَسوَد ونِصْفُه أبْيضُ، وقَارَةٌ خرْجَاءُ إِذا كَانَت ذاتَ لَوْنَيْن.
ولِلْعرب بئرٌ احْتُفِرت فِي أصل جَبَلٍ أخْرَج، يسمُّونها أَخْرَجَةَ، وبئرٌ أُخْرَى احْتُفِرَتْ فِي أصل جبل أسوَدَ، يُسَمُّونها أسْوَدَةَ اشتقُّوا لَهما اسْمَيْنِ مِن نعْتِ الجَبلَيْن.(7/27)
وَيُقَال: اخترَجوهُ بِمعنى استخرَجوهُ، وَالخُرَاجُ: ورمٌ وقَرْح يخْرُجُ بدابَّة أَو غَيرهَا من الْحَيَوَان.
قَالَ: والخَرَاجُ والخَرِيجُ: مُخارَجةُ لُعبةٍ لفتيانِ الْأَعْرَاب.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: خرَاجِ: اسمُ لُعبةٍ لَهُم معروفةٍ وَهُوَ أَن يُمسكَ أحدُهم شَيْئا بيدِه، ويقولَ لسائِرهم: أَخْرِجُوا مَا فِي يَدِي.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: لِعِبَ الصبيانِ خَرَاجِ بِكَسْر الْجِيم بِمَنْزِلَة دَرَاكِ وقَطَامِ.
وقولُ أَبي ذؤَيبِ:
(أَرِقْتُ لَهُ ذَاتَ العِشَاءِ كَأَنَّهُ ... مَخَارِيقُ يُدْعَى تَحْتَهُنَّ خُرُوجُ)
قيل: ((خُرُوجُ)) : لُعْبةٌ لِصْبيَانِ الْأَعْرَاب، يُمْسِك أحدُهم الشيءَ بيَدِهِ ويقولُ لسائرهم: أخْرِجُوا مَا فِي يَدِي.
قَالَ الْأَزْهَرِي: والعربُ عَرَفته فِي هَذِه اللُّغَة خَرَاجٌ هَكَذَا.
وَقَالَ الفرّاء وغيرُه: أَخرجَةُ: اسمُ ماءَةٍ، وَكَذَلِكَ أسْوَدةُ سُمِّيتا بجَبلَين يُقالُ لأَحَدهمَا: أَسودُ، وللآخَرِ: أَخرَجُ.
وَقَالَ الليثُ: يُقال: خرَّجَ الغلامُ لَوْحهُ تخريجاً إِذا كتبه فتركَ فِيهِ مواضعَ لم يَكْتُبهَا، وَالْكتاب إِذا كُتِبَ فتُرِكَ مِنْهُ مَواضعُ لم تُكْتبْ فَهُوَ مُخَرَّجٌ، وخرَّجَ فلانٌ عملهَ إِذا جعله ضُرُوباً يخالفُ بعضُه بَعْضًا، وعَامٌ فِيهِ تَخرِيجٌ: إِذا أنبتَ بعضُ الْمَوَاضِع، وَلم يُنبت بعضٌ.
وأمَّا قولُ زُهير يصف خيلاً:
(وَخَرَّجَها صَوَارِخَ كلَّ يَوْم ... فَقَدْ جَعَلتْ عَرَائكُهَا تَلِينُ)
فَمَعْنَاه: أَنَّ مِنْهَا مَا بِهِ طِرْقٌ، وَمِنْهَا مالاَ طِرْقَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: معنى خَرَّجها أَي: أدَّبها، كَمَا يُخَرَّجُ المعلِّمُ تلميذَه.
ورجلٌ خَرَّاجٌ ولاّجٌ: إِذا لم يَشْرَعْ فِي أمرٍ لَا يسْهلُ لَهُ الخرُوجُ مِنْهُ إِذا أَرَادَ ذَلِك.
وَفِي حَدِيث ابْن عبَّاس أَنَّه قَالَ: ((يَتَخارجُ الشَّرِيكانِ وأهلُ الميراثِ)) .
قَالَ أَبُو عُبيدٍ: يقولُ: إِذا كَانَ الْمَتَاع بَين وَرَثةٍ لم يقتسموه، أَو بَين شُركاءَ، وَهُوَ فِي يدِ بعضِهم دونَ بعضٍ، فَلَا بأسَ أنْ يتبايعوه، وَإِن لم يَعرِفْ كلُّ واحدٍ مِنْهُم نصيبَه بِعَيْنِه، وَلم يقبضْه.
قَالَ: وَلَو أَرَادَ رجلٌ أجنبيٌّ أَن يشتريَ نصيبَ بَعضهم لم يُجزْ حَتَّى يقبِضَه البائعُ قبلَ ذَلِك.
قلتُ: وَقد جَاءَ هَذَا عَن ابْن عبَّاسٍ مُفسَّراً على غير مَا ذكره أَبُو عُبيدٍ، حدَّثنَاه محمدُ بن إِسْحَاق عَن أبي زُرْعَة عَن إبراهيمَ بن مُوسَى عَن الوَليدِ عَن ابْن جُرَيجٍ عَن عَطاءٍ عَن ابْن عَبَّاس: قَالَ: ((لَا بأسَ أَن يَتَخَارجَ القومُ فِي الشّركَة تكونُ بَينهم، فيأخذَ هَذَا عَشْرَةَ دنانيرَ نقْداً، ويأخذُ هَذَا عَشْرَةَ دنانيرَ ديْناً)) .
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَن ابْن الزُّبَير عَن ابْن عبَّاسٍ فِي الشَّرِيكَيْنِ: لَا بأسَ أنْ يَتَخارَجَا.
قَالَ: يَعْنِي العَيْنَ والدَّيْنَ.(7/28)
وفرَسٌ أَخْرَجُ: وَهُوَ الْأَبْيَض البَطْنِ والجنبَيْن إِلَى منتَهى الظّهْر، وَلم يَصْعَدْ إِلَيْهِ ولونُ سائره: مَا كَانَ.
وخرْجَاءُ: اسمُ رَكِيَّةٍ بِعَينها.
وخرْجٌ: اسمُ مَوضِع بِعَيْنِه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الْخرْجُ على الرُّؤوسِ. والْخَرَاجُ على الأرَضِينَ.
قَالَ: وأخرَجَ الرجلُ إِذا تزوَّجَ بخِلاَسِيَّةٍ، وَأَخْرَجَ إِذا اصطاد الخُرْجَ وَهِي النَّعامُ الذكَرُ أَخرَجُ، وَالْأُنْثَى خرْجَاء، وأَخرَجَ: مَرَّ بِهِ عامٌ نصفُه خصْبٌ وَنصفه جَدْبٌ.
خَ ج ل
خجل، خلج، جلخ، لخج: مستعمَلة.
خجل: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ للنِّسَاء: ((إنكُنَّ إِذا جُعْتُنَّ دَقِعْتُنَّ، وَإِذا شَبِعْتُنَّ خَجِلْتُنِّ)) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ أَبُو عمرٍ و: الْخَجَلُ: الكسَل والتّوَاني عَن طَلَب الرِّزق.
قَالَ: وَهُوَ مَأْخُوذ من الْإِنْسَان يَبقَى سَاكِنا لَا يتحرَّكُ وَلَا يتكلَّمُ، وَمِنْه قيل للْإنْسَان: قد خَجِلَ إِذا بَقِيَ كَذَلِك.
قَالَ الكُميتُ:
(وَلَمْ يَدْقَعُوا عِنْدَمَا نَابَهُمْ ... لِوَقْعِ الْحُرُوبِ وَلَمْ يَخْجَلُوا)
أَي: لم يبْقَوا فِيهَا بَاهِتين كالإنسان المتحيِّرِ الدّهِشِ، وَلكنهم جَدُّوا فِيهَا.
وَقَالَ غيرُه: ((لم يخجلوا)) : لم يَبْطَرُوا ويَأْشَروا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا أشْبَهُ الوَجْهَيْن بِالصَّوَابِ.
قَالَ: وأمَّا حدِيثُ أبي هُرَيرةِ: ((إنَّ رَجُلاً مَرَّ بِوَادٍ خَجِلٍ مُغِن)) فَلَيْسَ مِنْ هَذَا وَلكنه الكَثِيرُ النَّبَاتِ الملتَفِّ.
وَأَخْبرنِي المنْذِريُّ عَن أبي العبَّاس أَنه قَالَ: الدَّقَعُ سُوءُ احْتِمَال الفَقْر، والْخَجَلُ سوء احْتِمَال الغِنَى.
قَالَ ذَلِك ابْن الأعرابيِّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَجَلُ أَن يَفْعَل الْإِنْسَان فعْلاً يَتَشَوَّر مِنْهُ، فيستحي، وَقد خَجَّلْتُهُ وأَخْجَلْتُه، والبعيرُ إِذا ارْتَطَم فِي الْوَحَل فقد خجِلَ.
وَيُقَال: جَلَّلْتُ البعيرَ جُلاًّ خَجِلاً أَي: وَاسِعًا يضطربُ عَلَيْهِ، وأخجَلَ الحَمْضُ إِذا طَال والْتَفَّ، فَهُوَ مُخْجِلٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: خَجِلَ الرجل إِذا الْتَبَسَ عَلَيْهِ أمرُه، والْخَجِلُ: الثَّوْبُ الْوَاسِع الطَّوِيل.
سَلمةُ عَن الفرّاء: الخَجَلُ الاسترخاء من الحياءِ، ويكونُ مِنَ الذُّلِّ، والْخَجلُ كَثْرَة تشقيق الذَّناذِنِ.
وَأنْشد:
(عَلَيَّ ثَوْبٌ خَجِلٌ خَبيثُ ... مِدْرَعَةٌ كِسَاؤُهَا مَثْلوُثُ)
والخَجَلُ: الْبَطَرُ، والْخَجَلُ: التِفَافُ النَّباتِ وحُسْنُه.
لخج: قَالَ ابْن شُمَيْلٍ: اللَّخَجُ أَسْوَأُ الغَمَصِ تَقول: عَينٌ لَخِجَةٌ لَزِقَةٌ بالغَمَص.(7/29)
قلتُ: هَذَا عِنْدِي شَبِيهٌ بالتصحيف وَالصَّوَاب: لَخِخَتْ عَيْنُه بخاءَيْن ولِحِحَت بحاءين إِذا التَصقَتْ من الغَمَص.
قَالَ ذَلِك ابنُ الأعرابيِّ وغيرُه، وأَمَّا اللَّخَجُ فَإِنَّهُ غيرُ مَعْرُوفٍ فِي كَلَام الْعَرَب، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ .
خلج: فِي الحَدِيث. ((أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى بِأَصْحَابِه صَلاَةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءةِ، وَقَرَأَ قارِىءٌ خَلْفَهُ فَجَهَرَ، فَلَمَّا سَلًّمَ قَالَ: لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضكُمْ خَالجَنِيهَا)) .
مَعْنَى قَوْلِه: ((خَالجَنِيهَا)) أَي: نازَعَني القراءةَ، فجهر فِيمَا جَهَرْتُ فِيهِ فنَزَعَ ذَلِك مِنْ لساني مَا كُنتُ أقرَؤُه، وَلم أستمِرَّ عَلَيْهِ وأصْلُ الْخَلْجِ: الجَذْبُ والنًّزْع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَلَجَ الرجل حاجِبَيْه عَن عيْنَيْه، واخْتَلج حاجباه وَعَيناهُ إِذا تحرَّكَتَا، وَأنْشد:
(يُكلِّمُني وَيَخْلِجُ حَاجِبَيْهِ ... لأحْسِبَ عِنْدَهُ عِلْماً قَدِيماً)
وَأَخْبرنِي المنذِرِيُّ عَن الحَرَّانيّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال فِي الْأَمْثَال: ((الرَّأْيُ مَخْلُوجَةٌ وَليْسَتْ بِسُلْكَى)) .
قَالَ: وقولُه: ((مَخْلُوجَةٌ)) أَي: يَضْرِبُ مَرَّة كَذَا، وَمرَّة كَذَا، حَتَّى يَصِحَّ صوابُه.
قَالَ: والسُّلْكَى: المستقيمة.
وَقَالَ فِي مَعْنَى قولِ الشَّاعِر:
(نَطْعُنُهم سُلْكَى وَمَخْلُوجَةً ... كَرَّكَ لأْمَيْنِ عَلَى نابِلِ)
يَقُول: يَذْهَبُ الطعنُ فيهم وَيرجع كَمَا ترُدُّ سَهْمَيْنِ على رَامٍ رَمَى بهَا.
قَالَ: والسُّلْكَى: الطَّعْنَةُ المستقيمة والْمخلُوجَةُ: على الْيَمين وعَلى الْيَسَار.
وَيُقَال: تخَالَجَتْه الهمومُ إِذا كَانَ لَهُ هَمٌّ فِي نَاحيَة وهَمٌّ فِي نَاحيَة كأَنه يَجْذِبُه إِلَيْهِ.
وَقَالَ شمر: يُقَال إِنَّنِي لَبَيْنَ خالِجَيْن فِي ذَلِك الْأَمر أَي: نفْسَيْنِ، وَمَا يُخَالِجُنِي فِي ذَلِك الْأَمر شَكٌّ أَي: مَا أشُكُّ فِيهِ، وَقوم خُلُجٌ إِذا شُكَّ فِي أنسابهم، فتنازَعَ النسبَ قومٌ، وتنازعه آخَرُونَ.
وَمِنْه قَول الكُمَيْت:
(أَمْ أَنتُم خُلُجٌ أَبْنَاءُ عُهَّارِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا مَدَّ الطاعنُ رُمْحَه عَن جانبٍ قيل: خلَجَهُ.
قَالَ: والْخَلْجُ كالانتزاع.
قَالَ: والفَحْلُ إِذا أُخْرِجَ من الشّوْلِ قبل فُدُورِه فقد خُلِجَ أَي: نُزِع وأُخرج، وَإِن أُخْرِجَ بعد فُدُورِه فقد عُدِل فانعدل، وَأنْشد:
(فَحْلٌ هِجَانٌ تَولَّى غَيْرَ مَخلُوجِ ... )
وَيُقَال: اختَلَجَ فِي صَدْرِي هَمٌّ، وتخَالَجتْنِي الهمُومُ أَي: تنازعتني.
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: الْخَلْجُ الجَذْبُ، وَقد خلَجَهُ يَخْلِجُه خلْجاً إِذا جَذِبه. قَالَ العَجَّاجُ:
(فَإِنْ يَكُنْ هَذَا الزَّمَانُ خَلَجاً ... )
وَمِنْه قيل: ناقةٌ خَلُوجٌ إِذا جُذِبَ عَنْهَا وَلَدُها بِذَبحٍ أَو مَوْت، وَمِنْه سُمِّي خَلِيجُ النَّهر خَلِيجاً، وَيُقَال للحَبْل: خَلِيجٌ لِأَنَّهُ(7/30)
يَجذبُ مَا شُدُّ بِهِ، وَيُقَال: قد خَلَجَهُ بِعَيْنِه إِذا غَمَزَه.
قَالَ الرَّاجِز:
(جارِيَةٌ منْ شَعْبِ ذِي رُعَيْنِ ... حَيَّاكةٌ تمشِي بِعُلْطَتَيْنِ)
(قد خَلَجَتْ بحاجِبٍ وعَينِ ... يَا قَوْمُ خَلُّوا بَيْنَها وَبَيْني ... )
قَالَ: والْخَلَجٌ بِالتَّحْرِيكِ أَن يشتكِيَ الرجلُ لحمُه وعِظامُه من عملٍ عَمِلَهُ، أَو من طُولِ مَشْي وتَعَبٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: إنَّما يكون الْخَلَجُ من تَقَبُّض العَصَبِ فِي العَضُد حتَّى يُعَالَجَ بعد ذَلِك فيَسْتَطْلِقَ، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: خَلَجٌ لأنَّ جَذْبَه يَخْلِج عضُدَه.
قَالَ: وسحابةٌ خَلُوجٌ: كثيرةُ المَاء شديدةُ البَرْق، وناقة خَلُوجٌ: كَثِيرَة اللَّبَنِ، تحِنُّ إِلَى وَلَدها، وَيُقَال: هِيَ الَّتِي تَخْلِجُ السَّيْرَ، مِنْ سُرْعتها.
قلتُ: وَالْقَوْل فِي النَّاقَةِ الْخَلُوجِ: مَا قَالَه ابْن السِّكِّيت، وَهُوَ قولُ الأصمعيِّ وأَبِي زِيدٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال خَلَجَتْهُ الْخَوالِجُ أَي: شغلَتْه الشواغل. وَأنْشد:
(وَتخْلِجُ الأَشْكَالُ دُونَ الأشْكَالْ ... )
وَيُقَال للمفقود من بَين الْقَوْم وللميِّت: قد اخْتُلِجَ من بَينهم، فذُهِبَ بِهِ.
والخَلِيجُ: نَهْرٌ فِي شِقٍّ من النَّهْرِ الأعْظَم، وجناحا النَّهر: خَلِيجَاه: وَأنْشد:
(إلَى فَتًى فَاضَ أَكُفَّ الْفِتْيَانْ ... فَيْضَ الْخَلِيجِ مَدَّةُ خَلِيجَانْ)
والمجنونُ يَتَخَلَّجُ فِي مِشيته أَي: يتمايل كَأَنَّمَا يُجْتَذَبُ مَرَّةً يمنةً ومرَّة يَسرةً، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(أَقْبَلَتْ تَنْفُضُ الْخَلاَءَ بِعَيْنَيْهَا ... وَتَمْشِي تَخَلُّجُ الْمَجنُون)
والْخَلِيجُ: مَا اعْوَجَّ من الْبَيْت، والْخَلْعُ: فسادٌ فِي نَاحيَة الْبَيْت، وَقَوله:
(فَإِنْ يَكُنْ هَذَا الزَّمَانُ خَلَجاَ ... )
أَي: نَحَّى شَيْئا عَن شَيْء.
قَالَ: والْخَلْجُ: ضرْبٌ من النِّكَاح وَهُوَ إخراجُه، والدّعْسُ إدْخَالُهُ، ورجُلٌ مُخْتَلِجٌ: وَهُوَ الَّذِي نُقِلَ عَن قومه ونَسَبُهُ فيهم إِلَى قوم آخَرين، فاخْتُلِفُ فِي نسبه وتُنُوزعَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: إِذا كَانَ الرجل مُخْتَلِجاً فسرَّكَ ألاَّ تَكْذِبَ فانسُبْه إِلَى أُمُّهِ.
وَقَالَ غيرُه: همُ الْخُلُجُ للَّذين انتقلوا بنسبهم إِلَى غَيرهم.
أَبُو العبَّاس عَن ابنِ الأعرابيِّ قَالَ: الْخُلُجُ: التَّعِبُون، والْخُلُجُ: المرتعِدُو الأَبدان. والْخُلُجُ: الحِبَال.
عمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْخِلاَجُ: العِشق الَّذِي لَيْسَ بمُحْكَم.
اللَّيْث: الْمختَلِجُ من الْوُجُوه: القليلُ اللَّحْم، الضامِرُ.
وَقَالَ المُخَبَّلُ:
(وَتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفَةِ لاَ ... ظَمْآنُ مُخْتَلِجٌ وَلاَ جَهْمُ)(7/31)
اللِّحيانيُّ: خَلَجَتِ الْمَرْأَة وَلَدَها تَخْلِجُهُ، وجذَبَتْه تجذِبُه إِذا فَطَمَتْهُ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: لَا تَخْلجِ الْفَصِيلَ عنْ أُمِّهِ فَإِن الذئبَ عالِمٌ بمَكَان الفصيل الْيَتِيم أَي: لَا تُفَرِّق بيْنَه وَبَين أُمِّهِ.
وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ يصف فرسا:
(وأَخلَجَ نَهَّاماً إذَا الْخَيْلُ أَوْعَثَتْ ... جَرَى بِسِلاَحِ الْكَهْلِ والْكَهْلِ أَجْرَدا)
وَالأخْلَجُ: الطَّوِيل من الْخَيل الَّذِي يَخْلِجُ الشَّدَّ خَلْجا أَي: يجذبه كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
(خُلُجُ الشَّدِّ مُشِيحَاتُ الْحُزُمْ ... )
والْخِلاَجُ والْخِلاَسُ: ضُرُوبٌ من البُرُودِ مُخَطَّطَةٌ.
قَالَ ابْن أحْمَرَ:
(إذِ انْفَرَجَتْ عَنْهُ سَمَادِيرُ خلْقِهِ ... بِبُرْدَيْنِ مِنْ ذَاكَ الخِلاَج المُسَهَّمِ)
ويروى:
( ... مِنْ ذَاكَ الخِلاَسِ. . ... )
وَفِي حَدِيث شُرَيْحٍ: ((أَنَّ نِسْوَةً شَهِدْنَ عِنْدَهُ عَلَى صَبيٍّ وَقَعَ حيّاً يَتَخَلَّجُ أَي: يتحرَّك، فَقَالَ: إنَّ الْحَيَّ يَرَثُ الْميِّتَ، أَتَشْهَدْنَ بالاسْتِهْلالِ؟ فَأَبْطَلَ شهادتهنَّ)) .
وَقَالَ شَمِرٌ: التَّخَلُّجُ: التَّحَرُّكُ، يُقَال: تخَلَّجَ الشيءُ تَخَلُّجا واخْتلَج اخْتِلاَجاً إِذا اضْطربَ وتحرك.
وَمِنْه يُقَال: اخْتَلَجَتْ عينُه، وخَلَجَتْ تَخْلِجُ خُلُوجاً وخَلَجَاناً. وخَلَجْتُ الشيءَ: حرَّكْتُه.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
(وَفَى ابنُ خُرَيْقٍ يَوْمَ يَدْعُو نِسَاؤُكُمْ ... حَوَاسِرَ يَخْلِجَن الْجِمَالَ المَذَاكِيَا)
قَالَ أَبُو عَمْرو: يَخْلِجْنَ: يُحَرِّكْنَ.
وَقَالَ أَبُو عَدْنَانَ: أَنْشدني حمَّادُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ سَعِيدٍ:
(يَارُبَّ مُهْرٍ حَسَنٍ وَقَاحٍ ... مُخَلَّجٍ مٍ نْ لَبَنِ اللِّقَاحِ)
قَالَ: الْمُخلَّجُ: الَّذي قد سَمِنَ، فَلَحْمُهُ يَتَخَلَّجُ تَخَلُّجَ العَيْنِ أَي: يضطرب.
قَالَ: والتَّخَلُّجُ فِي الْمَشْي: مِثْلُ التَخَلُّعِ، وَقَالَ جَرِيرٌ:
(وَأَشْفِي مِنْ تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ ... وَأَكْوِي النَّاظِرِينَ مِنَ الخُنَانِ)
جلخ: أَبُو عُبَيْد عَن أبي عَمْرٍ و: الْجِلْوَاخُ: الواسعُ من الأَوْدِيَةِ، ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((أَخَذَنِي جِبْرِيلُ وَمِيكائِيلُ فَصَعِدَا بِي، فإذَا أَنَا بَنَهْريْنِ جِلْوَاخَيْنِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ النَّهرَانِ؟ قالَ جِبْرِيلُ: سُقْيا أَهْلِ الدُّنْيَا)) .
وَقَالَ ابنُ الأعرابيَّ: اجْلَخَّ الشيخُ أَي: ضَعُفَ وفَتَرَ عَظَامُه وأعْضَاؤُه، وَأنْشد:
(لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إذَا مَا اجْلَخَّا ... واطْلَخَّ مَاءُ عَيْنِهِ وَلخَّا)
اطْلَخَّ _ أَي: سَالَ.
وَقَالَ أَبُو العبَّاسِ: جَخَّ وَجَخّى وَاجْلَخَّ إِذا فتح عَضُدَيه فِي السُّجود.
قَالَ: والْجُلاَخُ: الوَادِي العَمِيقُ.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو بنُ العَلاَء:(7/32)
(أَلاَ ليْتَ شِعْري هَلْ أَبيتَنَّ لَيْلَةً ... بأَبْطَحَ جِلْوَاخٍ بأَسْفَلِهِ نَخْلُ؟
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الْفراء: سَيْلٌ جُلاَخٌ وَجُرَافٌ أَي: كثير.
خَ ج ن
اسْتعْمل من وجوهه: نجخ، نخج، خنج، جخن.
نجخ: قَالَ الليثُ: النَّجْخُ: نَجْخُ السَّيْل، وَهُوَ أَنْ يَنْجَخَ فِي سَنَدِ الْوَادي فَيَجْرُفُهُ فِي وَسَطِ البَحرِ، وَأنْشد:
(ذَو نَاجِخٍ يَضْرِبُ ضَوْجَيْ مَخْرِمِ ... )
وَقَالَ آخر:
(مُفْعَوْعِمٌ يَنْجَخُ فِي أَمْواجِهِ ... )
قَالَ: ونَجِيخُهُ: صَوْتُه وصَدْمُهُ، وامرأةٌ نَجَّاخَةٌ، وَهِي الرَّشَّاحَةُ الَّتِي تمسح الابْتِلاَلَ.
وَقَالَ غيْره: هِيَ الَّتِي لَهَا نَجَخَاتٌ أَي: دُفَعَاتٌ إِذا جُومِعَتْ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سَيْلٌ نَاجِخُ، وَهُوَ الشَّديد الجِرْية، الَّذِي يحْفر الأَرْض حفراً شَدِيدا، وَتَناجَخَتِ الأمواج إِذا اضْطَرَبَتْ فِي أصُول الأجراف حَتَّى تؤثِّر فِيهَا.
قَالَ: والنَّجَّاخَةُ من النِّسَاء: الَّتِي يَنْتَجِخُ سُرْمُها كَانْتِجَاخ بطن الدَّابَّة إِذا صوَّت.
نخج: قَالَ اللِّحْيانيُّ: نَخَجَ بالدلو ومَخَجَ إِذا حرَّكَ الدَّلوَ فِي المَاء، لتمتلىء.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: النَّخْجُ: أَن تضع المرأةُ السِّقاءَ على رُكبتيها ثمَّ تمخَضَهُ.
قَالَ: ونَخَجَ الْمَرْأَة يَنْخُجُهَا نَخْجاً _ إِذا جَامعهَا.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: النَّخِيجَةُ زُبْدٌ رقيقٌ يخرج من السقاء، إِذا حُمِل على بعير بعد مَا نُزع زُبْدُه الأوَّلُ، فيَمْتَخِضُ، فيخرجُ زُبْدٌ رَقِيق.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ النَّخِيجُ _ بِغَيْر هَاء _ ذكره الشَّافِعِي.
خنج: خُنَاجٌ: قبيلةٌ من الْعَرَب.
وَقَالَت أَعْرَابِيَّةٌ _ لضَرَّةٍ لَهَا كَانَت من بني خُنَاجٍ _:
(لاَ تُكْثِرِي أُخْتَ بَنِي خُنَاج ... وَأَقْصِرِي مِنْ بَعْضِ ذَا الضِّجَاج)
(فَقَدْ أَقْمْنَاكَ عَلَى الْمنْهاج ... أَتَيْتُهُ بِمثْلِ حُق الْعَاجِ)
(مُضَمَّخٍ زُيِّنَ بِانْتِفَاجِ ... بِمثْلِهِ نَيْلُ رِضَا الأزْوِاجِ)
جخن: الأصعمي: الجُخُنَّة: الرَّديئَة _ عِنْد الْجِمَاع _ من النِّسَاء، وَأنْشد:
(سَأُنْذِرُ نَفْسِي وَصْلَ كلِّ جُخُنَّةٍ ... قِضَافٍ كَبِرْذَوْنِ الشَّعِير الْفُرَافِر)
خَ ج ف
اسْتعْمل من وجوهه: خفج، جفخ، جخف، خجف.
خجف: قَالَ اللَّيْث: الْخَجِيفُ لُغَةٌ فِي الْجخِيفِ وَهِي الخِفَّةُ والطَّيْشُ والكِبرُ.
قَالَ: والْخَجِيفَةُ: الْمَرْأَة القَضِيفَةُ وهُنَّ الْخِجَافُ، وَرجل خَجِيفٌ: قَضِيفٌ.(7/33)
قلت: لم أسمعِ الْخَجيفَ _ الْخَاء قبل الْجِيم _ فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب لغير اللَّيْث.
خفج: قَالَ اللَّيْث: الْخَفَجُ نَبَات يَنْبُت فِي الرّبيع، الْوَاحِدَة خَفَجَةٌ، وَهِي بَقْلَةٌ شَهباءُ لَهَا وَرَق عِرَاضٌ.
وَقَالَ غَيره: خفَاجَةُ: بطنٌ من عُقَيلٍ وَإِذا نُسِبَ إِلَيْهِم قيل: فلانٌ الْخَفَاجِيُّ وَقَالَ الْأَعْشَى:
(لِسَاناً كَمِقْرَاضِ الْخَفَاجِيِّ مِلْحَباً ... )
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: الأخفَجُ: الأَعْوَجُ الرِّجْلِ من الرِّجَال، وَقد خَفِجَ خَفَجاً.
ورَوَى عمرٌ و _ عَن أَبِيه _ أَنه قَالَ: خَفِجَ فلانٌ _ إِذا اشْتَكَى ساقَيْه من التَّعَب.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَفْجُ: من المُبَاضعة.
قلتُ: وَلم أسمعهُ فِي بَاب الْمُبَاضعة لغيره.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْخفِيجُ والمُخْضِمُ: الشَّرِيبُ من المَاء.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: إِذا كَانَت رِجْلاَ الْبَعِير تَعْجَلاَن بِالْقيامِ قبل أَن يرفعهما _ كأَنَّ بهما رِعْدَةً - فَهُوَ أَخفَجُ، وَقد خَفِجَ يَخفَجُ.
جفخ: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: يُقَال مِنَ الكِبْرِ: جَمَخَ وجَفَخَ، وهُو الجَفْخُ والْجَمْخُ وَأنْشد غَيره:
(أَجَفْخاً تَميمِيَّا إذَا فِتنَةٌ خبَتْ ... وَجُبْناً إِذا مَا المشْرِفيَّةٌ سُلَّتِ
جخف: ثَعْلَب: عَن ابْن نَجْدَة _ عَن أبي زيد _: من أَسمَاء النَّفْس: الرُّوعُ والخَلَدُ والْجَخِيفُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن المبرِّد، أَنه قَالَ: الجَخيفُ: مثلُ الرُّوع.
يُقَال: ضع هَذَا فِي تامُورِكَ، وَفِي رُوعِكَ وَفِي جَخِيفكَ.
قَالَ: والرُّوعُ مُتَّصِلٌ بِالقلبِ، وَعنهُ يكون الفَهمُ خَاصَّة.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عُبَيْدَة _ قا ل: الْجَخِيفُ أَن يفتخرَ الرجل بأَكْثَرَ مِمَّا عِنْده.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الكِبْرُ والعَظَمةُ.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمَرَ: ((أنَّه نامَ حَتَّى سُمِعَ جَخيفُهُ ثُمّ صَلّى وَلَمْ يَتَوضَّأ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْجَخِيفُ: صوتٌ من الْجَوْفِ أَشَدُّ من الغَطِيطِ.
قَالَ: وَقد يكون الجخِيفُ: الكِبْرَ وَيكون: الكثرَةَ، وَأنْشد:
(أَرَاهُمْ بِحَمْدِ الله بَعْدَ جَخيفهمْ ... غُرَابَهُمُ إِنْ مَسَّه الْفَتْرُ وَاقِعَا)
قَالَ أَبُو عبيد: وقَوْلُهُ: ((بعد جَخِيفِهِمْ)) يَعْنِي: بعد سوادهم وكثرتهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْجَخِيفُ أشدُّ من الغَطِيط.
قَالَ: وَالْمَعْرُوف فِي هَذَا الْموضع: الفَخِيخُ وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس: ((بِتُّ عِنْد النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنَامَ حَتَّى سُمِعَ فَخِيخُهُ)) .
قَالَ: يُرِيد بالْفَخِيخِ الْغَطِيطَ.(7/34)
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الجَخِيف: الكِبْر، والجَخِيفُ: النَّفس، والجَخِيفُ: الْجَيْش الْكثير، والجَخِيفُ: النَّوْمُ، والجخِيف: الصَّوْت.
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: هُوَ النَّخِيرُ _ جَخَفَ _ إِذا نَخَر.
قَالَ: وجَخفَ وفَخَّ _ إِذا نَام.
خَ ج ب
اسْتعْمل مِنْهُ: جبخ، خبج، جخب.
خبج: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ يُقَال للرَّجُلِ وَغَيره: حَبَجَ بهَا وخَبَجَ بهَا _ إِذا ضَرِطَ.
أَبُو سعيد _ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو تُراب _: حَبَجَهُ بالعصا، وخَبَجَه بهَا _ إِذا ضَرَبَهُ بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَبْجُ: الضَّرْب بسيفٍ أَو عَصا _ لَيْسَ بالشديد.
قَالَ: والْخَبَاجَاءُ من الُفحُول: الْكثير الضِّرَاب.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: خَبَجَها خَبْجاً وخَفَجَها خَفْجاً _ إِذا بَاضَعها.
جبخ: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الجَبْخُ إجالَتُكَ الكِعابَ فِي القِمَارِ.
وَكَذَلِكَ الْجَمْخُ، وَأنْشد:
(فاجْبَخِ الخَيْلَ نَحْوَ جَبْخِ الكِعَاب ... )
جخب: أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الجَخَّابةُ: الأحْمَقُ.
وروَى ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: رجلٌ جَخَابَةٌ فَقَاقَةٌ _ مُخفَّفَان.
وأَقْرَأَنِيهُ المنذريُّ _ لأبي الْهَيْثَم _: رَجُلٌ جِخَابةٌ، بِكَسْر الْجِيم، وأقرأنيه الإيادِيُّ لشَمِرٍ: جَخَّابةٌ _ بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْخَاء.
خَ ج م
اسْتعْمل مِنْهُ: خمج، خجم، مخج، مجخ، جمخ.
خمج: أهمله اللَّيْث: وسمعتُ العَرَبَ تَقول: خَمِجَ اللحمُ يخْمَجُ خَمَجاً _ إِذا أَنْتَنَ.
قَالُوا: وَخَمِجَ التَّمْرُ _ إِذا فسد جوفُه وحَمُضَ.
وَرَوَى أَبُو العبَّاس _ عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه _ أَنه قَالَ: الخَمَجُ: فَسَاد الدِّين.
ورُوِيَ عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الخَمَجُ أَن يحْمُضَ الرُّطَبُ _ إِذا لم يُشرَّرْ، وَلم يُشرَّق.
وَقَالَ أَبُو سعيد: رجل مُخمَّجُ الْأَخْلَاق: فاسدُها.
مخج: الْأَصْمَعِي: مَخَجَ البئرَ، ومخَضَها: بِمَعْنى وَاحِد، وَأنْشد:
(فصبَّحَتْ قَلمَّساً هَمُومَاً ... يَزيدُها مَخجُ الدِّلاَجُمُوما)
أَبُو عبيد: تَمخجْتُ الماءَ _ إِذا حَرَّكْتَه
وَأنْشد الْبَيْت:
(صافِي الجِمام لَمْ تَمخَّجْهُ الدِّلاَ ... )
_ أَي: لمْ تَمَخَّضْهُ الدِّلاَءُ.
خجم: قَالَ ابْن السكِّيت وغيرُه: الخِجامُ المرأةُ الواسعةُ الْهَنِ.(7/35)
قَالَ: وَهُوَ سَبٌّ عِنْد العَرَب، يَقُولُونَ يَا ابنَ الْخِجَامِ وَأنشد:
(بِذَاكَ أَشْفِي النَّيْزَجَ الْخِجَاما ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الْخِجَامُ المرأةُ الواسعةُ الزَّرَدَانِ.
جمخ: أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _:
جَامَخْتُ الرَّجُلَ وفايَشْتُه _ إِذا فاخرْتَه قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الجَمْخُ وَالجَفْخُ الكِبْرُ، والجَمْخُ مَثلُ الجبخِ فِي الكِعَابِ _ إِذا أُجِيلَتْ.
أَبْوَاب الخَاء والشين
خَ ش ض: مهمل.
خَ ش ص
اسْتعْمل مِنْهُ: شخص.
شخص: قَالَ اللَّيْث: الشَّخْصُ سَواد الْإِنْسَان إِذا رأيتَه من بعيد، وكل شَيْء رأيتَ جُسْمانه فقد رأيتَ شخْصَه، وجَمْعُه: الشُّخُوص والأشخاص.
قَالَ: والشُّخُوصُ: السَّيْرُ من بلد إِلَى بلد وَقد شَخَصَ يَشْخَصُ شُخُوصاً، وأَشْخَصْتُهُ أَنا، وشَخَصَتِ الكلمةُ فِي الْفَم نحوَ الحَنَكِ الْأَعْلَى، وَرُبمَا كَانَ فِي ذَلِك فِي الرَّجُلِ خِلْقَةً أنْ يَشخَصَ صوتُه، لَا يقدِرُ على خَفْضِه.
شمرٌ: يُقَال: شَخَصَ الرجلُ بَصَرَهُ فشخَصَ البَصَرُ نَفْسُه _ إِذا سَمَا وطَمَحَ وشَصَا كلُّ ذلِك مِثلُ الشُّخُوصِ.
وَفِي حَدِيث قَيْلَة: ((أَن صاحِبَها اسْتَقْطَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّهْنَاء، فأَقْطَعَهُ إيَّاها قَالَت: فشُخِصَ بِي)) .
يُقَال: للرجُل _ إِذا أَتَاهُ مَا يُقْلِقُه _: قد شُخِصَ بِهِ.
أَبُو زيد: رجلٌ شَخِيص _ إِذا كَانَ سيِّدَاً.
وَقل غَيره: رجلٌ شخِيصٌ _ إِذا كَانَ ذَا شَخْصٍ وخَلْقٍ عَظِيم، بَيِّنَ الشخَاصة قَالَه الكِسَائي.
وَامْرَأَة شَخِيصةٌ، وَقد شَخُصَتْ شَخَاصةً.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: لَشَدَّ مَا شَخِصَ سهْمُك، وقَحَزَ سهمُك _ إِذا طَمَحَ فِي السَّمَاء وَقد أشخَصَه الرَّامِي إشْخاصاً.
وَأنْشد غيرُه:
(وَلاَ قَاصِرَاتٌ عَنْ فُؤَادِي شَوَاخِصُ ... )
ابْن السكِّيت: أَشْخَصَ فلانٌ بفلانٍ وأَشْخَسَ بِهِ _ إِذا اغتابه.
قَالَ: وشَخَصَ بَصَرُ فلَان _ إِذا فتحَ عينيَه لَا يَطْرِفُ.
قَالَ: وأَشْخصَ الرَّامِي _ إِذا جَازَ سهمُه الغَرَضَ من أَعْلَاهُ، وهُوَ سَهمٌ شاخِص.
أَبُو سعيد: كلامٌ مُتِشاخِصٌ ومُتشاخِسٌ _ أَي: متفاوِت.
خَ ش س
اسْتعْمل مِنْهُ: شخسَ.
شخس: قَالَ اللَّيْث: الشَّخْسُ: فتحُ الْحمار فمَه عِنْد التثاؤُبِ والْكَرْفِ.
وَأنْشد قولَ الطَّرِمَّاح يصف العَيْر:(7/36)
(وَشَاخَسَ فَاهُ الدَّهْرَ حَتَّى كَأَنَّهُ ... مُنَمِّسُ ثِيرانِ الْكَرِيصِ الضَّوَائِنِ)
قَالَ: والشِّخاسُ والمُشَاخَسَةُ: فِي الْأَسْنَان.
اللَّيْث: وَقَالَ أَبُو سعيد: كلامٌ مَتشَاخِسٌ _ أَي: متفاوتٌ، وتشاخَسَ صدْعُ القَدَح _ إِذا تبَاين فبقِيَ غير مُلتئمٍ.
وَيُقَال للشَّعَّابِ: قد شاخَسْتَ.
أَبُو سعيد: أشْخصْتُ لَهُ فِي الْمنطق وأشْخَسْتُ، وَذَلِكَ إِذا تجهَّمْتَه.
خَ ش ز
اسْتعْمل من وجوهه: شخز.
شخز: قَالَ اللَّيْث: الشخْزُ: شدَّة العَنَاء وَالْمَشَقَّة.
وَأنْشد:
(إذَا الأُمُورُ أُولِعَتْ بِالشَّخْزِ ... )
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الشَّخْزُ: الطَّعن، يُقَال: شَخَزَ عَيْنَه _ إِذا فَقَأَها.
وَقَالَ غيرُه: الشَّخْزُ: التوَاءُ الْأَمر على صَاحبه.
أَبُو تُرابٍ: قَالَ الْأَصْمَعِي: شَخَزَ عينَهُ وضَخَزَها وبَخَصَها _ بِمَعْنى واحدٍ.
قَالَ: وَلم أر أحدا يعرفهُ.
خَ ش ط مهمل.
خَ ش د
اسْتعْمل مِنْهُ: خدش، شدخ.
خدش: قَالَ اللَّيْث: الخَدْشُ مزْقُ الجِلْد، قَلَّ أَو كثر.
قلت: وَجَاء فِي الحَدِيث: ((مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشاً أَوْ خَمَوشاً)) .
قلت: الخَدْشُ والْخَمْشُ: بالأظافير.
يُقَال: خَدَشَتِ المرأةُ وَجههَا عِنْد الْمُصِيبَة، وخَمَشَت إِذا ظفَّرَتْ فِي أعالي حُرِّ وَجههَا فأَدْمَتْهُ، أَو قَشَرَتْه وَلم تُدْمِه.
وخادِشَةُ السَّفا طرَفُه _ من سُنْبل البُرِّ أَو الشّعير أَو البُهْمَى، وَهُوَ شوْكُه.
وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يسمُّونَ كاهِلَ الْبَعِير: مُخَدِّشاً، لِأَنَّهُ يخْدِشُ الفَمَ إِذا أُكِل، لِقِلَّةِ لَحْمِه.
وَيُقَال: شَدَّ فُلاَنٌ الرَّحْلَ عَلَى مُخَدِّشِ بعيره، قَالَه ابْن شُمَيْلٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الخَدُوشُ: الذُّباب، والخَدُوشُ: البُرْغُوث والخَمُوشُ: الْبَقُّ.
وخادَشْتُ الرَّجُل _ إذَا خدَشْتَ وجْهه وخدَشَ هُوَ وجهَك، وَمِنْه سُمِّيَ الرجل: خِدَاشاً.
شدخ: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ _ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي _: يُقَال للغلام: حَفْرٌ، ثمَّ يافِعٌ، ثمَّ شدَخٌ ثمَّ مُطبِّخٌ، ثمَّ كوْكبٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال لِغُرَّة الْفرس _ إِذا كَانَت مستديرة _: وتيرَةٌ فَإِذا سالَتْ وطالت فَهِيَ شادِخةٌ، وَقد شدَختْ شُدُوخاً.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
(سَقْياً لكُمْ يَا نُعْمُ سَقْيَيْنِ اثْنَينِ ... شَادِخَةُ الْغُرَّةِ نَجْلاَءُ الْعَيْن)(7/37)
وَقَالَ الآخَرُ:
(شَدَخَتْ غُرَّةُ السَّوَابِقِ فِيهِمْ ... فِي وُجُوهٍ إلَى اللِّمَامِ الْجِعَادِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّدْخُ: كسْرُكَ الشيءَ الأجوفَ _ كالرأْس وَنَحْوه، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء رَخْصٍ _ كالعَرْفَجِ وَمَا أشبَهه.
وَكَانَ يَعْمَرُ الشَّدَّاخ أَحَدَ حُكَّام العربِ فِي الْجَاهِلِيَّة _ سمي شُدَّاخاً لِأَنَّهُ حكم بَين خُزَاعَة وقُصيٍّ حِين حكَّموه فِيمَا تنازعوا فِيهِ من أَمر الْكَعْبَة، وكَثُرَ القتْلُ، فشَدَخ دِماءَ خُزَاعَةَ تَحت قَدمه وأبطلها، وَقضى بِالْبَيْتِ لقُصَي، وَخرج شُدَّاخٌ نعتاً مَخْرَجَ ((رجلٌ طُوّالٌ، وماءٌ طُيّابٌ)) .
وَمن الْعَرَب من يَقُول: يَعْمَرُ الشَّدّاخُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُشَدَّخُ بُسرٌ يُغْمَزُ حَتَّى يَنْشَدِخَ ثمَّ يَيْبَسَ فِي الشتَاء.
قلت: المُشَدَّخُ _ من الْبُسْر _: مَا افْتُضِخَ والفَضْخُ والشَّدْخُ وَاحِد، وأمرٌ شَادِخٌ _ أَي: مَائل عَن الْقَصْد، وَقد شَدِخَ يشْدَخُ شَدَخاً فَهُوَ شَادِخٌ.
قلت: لَا أعرفُ هَذَا الْحَرْف وَلَا أحُقُّه.
ورُوي عَن ابْن عمر: أَنه قَالَ _ فِي السِّقْطِ _: إِذا كَانَ شَدَخاً أَو مُضْغةً فادْفنه فِي بَيْتك.
شمر: _ عَن أبي عَدْنَان عَن الْأَصْمَعِي _: يُقَال: هُوَ شَدَخٌ صَغِير - إِذا كَانَ رَطْبًا.
قَالَ: وأخبرتني أُمُّ الْمَخِيلَةِ أَن الشَّدَخَ: الَّذِي يولَدُ لغير تَمَامٍ، وَلَا يكون إِلَّا سَقِطاً وَهُوَ الشَّدَخَة.
خَ ش ت
اسْتعْمل من وجوهه: شخت.
شخت: قَالَ اللَّيْث: الشَّخْتُ: الدَّقِيقُ من كل شَيْء حَتَّى إنَّهُ يُقَال للدَّقيق العُنق والقوائم: شَخُتٌ، وَقد شَخُتَ شُخُوتَةً، وَمِنْهُم من يحرِّك الخاءَ، وَأنْشد:
(أَقَاسِيمُ جَزَّأَها صانِعٌ ... فَمِنْهَا النَّبِيلُ وَمنْها الشَّخَتْ)
قَالَ: وَيُقَال للحَطَبِ الدَّقيق: شَخْتٌ، وَيُقَال: إِنَّه لَشَخْتُ الجُزَارَة _ إِذا كَانَ دقيقَ القوائم.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
(شَخْتُ الْجُزَارَةِ مَثْلُ الْبَيْتِ سَائرُهُ ... مِنَ المُسُوحِ خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبٌ)
وَيُقَال للشَّخْت: شَخِيتٌ، وإنَّه لَشَخْتُ الْعَطاء _ أَي: قَلِيل الْعَطاء.
خَ ش ظ _ خَ ش ذ _ خَ ش ث: مهملات الْوُجُوه.
بَاب الْخَاء والشين وَالرَّاء
خَ ش ر
خرش، خشر، شرخ، شخر: مستعملة.
خشر: فِي الحَدِيث: ((إذَا ذَهَبَ الْخِيَارُ وَبَقِيَتْ خُشَارَةٌ كَخُشَارَةِ الشَّعِيرِ لاَ يُبَالِي بِهِمُ الله بَالَةً)) .
أَبُو عبيد: الْخُشَارَةُ: الرديءُ من كل شَيْء وَأنْشد بيتَ الحطيئة:
(وَبَاع بَنِيهِ بَعْضُهُمْ بخُشَارةٍ ... وَبِعْتَ لِذُبْيانَ الْعَلاَءَ بِمَالِكِ)(7/38)
وَقَالَ غيرُه: خَشَرْتُ الشيءَ _ إِذا أرْذَلْتَهُ فَهُوَ مَخْشُورٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْخُشارةُ: مَا بَقِي على الْمَائِدَة _ مِمَّا لَا خير فِيهِ.
قَالَ: وَخَشَرْتُ الشيءَ أَخْشُرُهُ خَشْراً _ إِذا نَفَيْتَ الرَّدِيء مِنْهُ.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الْخَاشِرُ السَّفِلَةُ من النَّاس، وَقَالَهُ ابْن الْأَعرَابِي وَزَاد فَقَالَ: هم الْخُشَارُ والبُشَارُ والْقُشَارُ والسُّقَّاطُ والبُقّاطُ واللُّقَّاطُ والمُقَّاطُ.
خرش: فِي حَدِيث أبي بكر: ((أنَّهُ أَفَاضَ وَهُوَ يَخْرِشُ بِعِيرَهُ بِمِحِجَنِهِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _ الخَرْشُ: أَن يضْرِبه بِمحْجَنِهِ ثمَّ يجتذِبَه إِلَيْهِ _ يُرِيد بذلك تحريكه للإِسْرِاع.
وَهُوَ شَبيه بالْخَدْش، وَأنْشد:
(إِنَّ الجِرَاءَ تخْتَرِشْ ... فِي بَطْن أمِّ الْهَمَّرِشْ)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرش بالأظْفار فِي الجسَدِ كلِّه.
قَالَ: وتَخَارَشَ الكلابُ والسَّنَانير: مَزَّقَ بعضُها بَعْضًا، وخَرَش البَعيرَ بالْمِحْجَنِ: ضربه بطرَفه فِي عُرْض رَقبته أَو فِي جِلده، حَتَّى يَحُتَّ عَنهُ وَبَرَه.
قَالَ: والْخِرَاشُ: سِمَةٌ مُستطيلة _ كاللَّدْغَةِ الْخَفِيَّةِ، وثلاثةُ أَخْرِشَةٍ، وبعيرٌ مَخْرُوشٌ.
أَبُو عبيد: عَن أبي زيد: الْخِرْشَاءُ قِشْرُ البيضِ الأبيضُ الْأَعْلَى، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ: خِرْشاَءُ بعد مَا يُنْقَفُ فَيَخْرُج مَا فِيهِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخِرْشَاءُ: جلد الْحَيَّة، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء فِيهِ انتفاخ وتَفَتُّقٌ وَأنْشد:
(إذَا مَسَّ خِرْشَاءَ الثُّمَالةِ أَنْفُهُ ... ثَنَى مِشفَرَيْهِ للصَّرِيحِ فَأَقنعَا)
يَعني الرَّغْوَة، فِيهَا انتفاخٌ وتفتُّق وخُروق.
اللَّيْث: الْخِرشاء: جِلد البَيضة الدَّاخِلُ وجَمْعه خَرَاشِيُّ، وَهُوَ الغِرْقِىءُ.
اللِّحياني: فلَان يَخْرِش لِعِياله، ويَخْتَرِشُ _ أيْ: يَكسِبُ لَهُم وَيجمعُ، وَكَذَلِكَ يَقْرِشُ ويَقْتَرِش.
قَالَ رؤبة:
(أُولاَكِ هَبَّشْتُ لَهُمْ تَهْبيشِي ... قَرْضِي ومَا جَمَّعْتُ مِنْ خُرَوشِي)
وخَرَشَةُ: اسمُ رَجل، وَيُقَال للذباب: خَرَشَةٌ، وَقد خَرَشَهُ الذُّبَاب _ إِذا عَضَّهُ وخِرَاشٌ: اسْم رجل.
وَيُقَال: هُوَ كلْبُ خِرَاشٍ وهِراشٍ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: حَرَشَهُ وخَرَشه _ إِذا خَدَشَه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت رَافعا يَقُول: لي عندَه خُرَاشةٌ وخُمَاشَةٌ _ أَي: حَقٌّ صَغِير.
أَبُو عبيد _ عَن الْأمَوِي _ رجل خَرْشٌ وخَرِشٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا ينَام.
قلت: أظُنه مَعَ الجُوع.
شخر أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: من أصوات الْخَيل: الشَّخِيرُ والنَّخِيرُ والْكَرِيرُ، فالشَّخِيرُ من الفَمِ، والنَّخِيرُ من المعنْخَرَيْن، والكَرِيرُ من الصَّدْر.(7/39)
قَالَ: وَاسم الرجل: شِخِّيرٌ _ بِكَسْر الشين، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فَعِّيلٌ.
وَقَالَ الليثُ: الشَّخِيرُ: مَا تحاتَّ من الْجَبَل بالأقدام والقوائم. وَأنْشد:
(بنُطْفَةٍ بارِقٍ فِي رَأْسِ نِيقٍ ... مُنِيفٍ دُونَهَا مِنْه شَخِيرُ)
قلتُ: لَا أعرِفَ الشَّخِيرَ بِهَذَا الْمَعْنى إلاَّ أَن يكون الأصلُ فِيهِ خَشِيراً فقُلِب.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لما بَين الكُرَّيْنِ من الرَّحْل: شَرْخٌ وشَخْرٌ، والْكُرُّ مَا ضمَّ الظَّلِفَتَيْن.
شرخ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((اقْتُلُوا شُيُوخَ المُشْرِكِينَ واسْتَحْيُوا شَرْخَهُم)) .
قَالَ أَبُو عبيد: فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا _ أنَّه أَرَادَ بالشيوخ _ الرجالَ الْمَسَانَّ، أهلَ الجَلَد وَالْقُوَّة على الْقِتَال، وَلَا يُرِيد الهَرْمَى، وَأَرَادَ بالشَّرْخِ _ الصٍّ غارَ الَّذين لم يُدْرِكوا.
فَصَارَ تَأْوِيل الحَدِيث: اقْتُلُوا الرِّجالَ الْبَالِغين، واستَحْيُوا الصِّبيان.
قَالَ: وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: أَرَادَ بالشيوخ _ الْهَرْمى، الَّذِي إِذا سُبُوا لم يُنتفَعْ بهم للْخدمَة وَأَرَادَ بالشَّرْخ _ الشَّبابَ وأَهلَ الجَلَدِ من الرِّجَال، الَّذين يَصْلُحُون للمِلْك والخِدْمة.
وَقَالَ حسَّانُ بن ثَابت:
(إِنَّ شَرْخَ الشَّباب والشَّعَرَ الأسْوَدَ ... مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ جُنونَا)
قلت: وَالشَّارخُ فِي كَلَام الْعَرَب: الشابُّ، والجميع شَرْخٌ.
ابنُ نجْدَةَ _ عَن أبي زيد _: الشَّرْخُ والسِّنْخُ: الأَصْل.
وَقال اللَّيْث: شَرْخَا الرَّحْلِ: آخرتُه وَوَاسِطُه.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(كَأَنَّهُ بَيْنَ شَرْخيْ رَحْلٍ ساهِمَةٍ ... حَرْفٍ إِذا مَا اسْتَرَقَّ الليلُ مَأْمُومُ)
ابنُ حَبِيبٍ: نَجْلُ الرَّجلِ وشَلْخُه وشَرْخهُ: وَاحِد.
ابْن شُمَيْل: زَنَمَتَا السَّهْم: شَرْخا فُوقِه، وهما اللَّذَان: الوَتَرُ بَينهمَا.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ فِي شَرْخَيِ السَّهْم مثلُه.
شمِرٌ: الشَّرْخُ: الشَّابُّ، وَهُوَ اسمٌ يَقع موقع الْجمع.
قَالَ لَبِيدٌ:
(شَرْخاً صُقُوراً يافِعاً وأَمْرَدَا ... )
ويُجْمَعُ الشَّرْخُ: شُرُوخاً وشُرَّخاً.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
(صِيدٌ تَسَامَى وشُرُوخٌ شُرَّخُ ... )
وَقال أَبُو عُبَيْدَة: الشَّرْخُ النِّتَاجُ، يُقَال: هَذَا من شَرْخِ فلَان _ أَي: من نِتاجِه.
وَقَالَ غَيره: الشَّرْخُ نِتَاجُ سَنة _ مَا دَامَ صِغاراً.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ _ يصف فحلاً:
(سِبَحْلاً أَبَا شَرْخَيْن أَحْيَا بَنَاتِهِ ... مَقَالِيتُها فَهْيَ اللُّبَابُ الْحَبَائِسُ)
وشَرَخَ نَابُ الْبَعِير يَشْرَخُ شُرُوخاً _ إِذا شَقَّ البَضْعَة وَخرج، وَأنْشد:(7/40)
(لَمَّا اعْتَرَى صَادِقَاتُ الْهُمُومِ ... رَفَعْتُ الْوليَّ وَكُراً رَبيخاً)
عَلَى بَازِلٍ لَمْ يَخْنُها الضِرَّابُ ... وَقَدْ شَرَخَ النَّابُ مِنْها شُرُوخَا)
وَقيل: شَرْخُ الشَّبَابِ: قُوَتُهُ ونَضَارَتُه.
خَ ش ل
اسْتعْمل من وجوهه: خشل، شلخ، شخل.
خشل: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن نَجْدَةَ عَن أبي زيد _ قَالَ: الْخَشْلُ: ضربٌ منَ النَّبَات، أحمرُ وأصفرُ وأخضرُ.
قَالَ: والْخَشْلُ رُؤُوس الحُلِيِّ.
قَالَ: والْخَشْلُ: الْمُقْلُ الْيَابِس.
أَبُو عبيد: عَن أبي عَمْرو، قَالَ: الْخَشَلُ _ مُحَرَّكَ الشين _: المُقْلُ نفسُه، واحدته خَشَلَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال لرؤوس الْحُلِيِّ من الخَلاخِيل والأَسْوِرَة: خَشَلٌ أَيْضا.
وَقَالَ الشماخ فِي الْخَشَلِ:
(تَرَى قِطَعاً مِنَ الأَحْنَاشِ فِيهِ ... جَمَاجِمُهُنَّ كَالْخَشَلِ النَّزِيعِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَشَلُ من الْمُقْلِ _ كالْحَشَفِ من التَّمْر.
شلخ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن نَجْدَةَ، عَن أبي زيد _ قَالَ: الشَّلْخُ: الأَصْل.
وَقَالَ ابْن حبيب: شَلْخُ الرَّجُل وشَرْخُهُ ونَجْلُهُ، ونَشْلُهُ، وزَكْوَتُهُ، وزَكْبَتُهُ: وَاحِد.
قلت: هُوَ نُطْفَتُهُ.
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبُو عَدْنانَ: قَالَ لي الكِلاَبيُّ: فلَان شَلْخُ سوءٍ، وخَلْفُ سُوءٍ وَأنْشد بَيت لَبِيدٍ:
(وَبَقِيتُ فِي شَلْخٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: شَالَخُ جَدُّ إبراهيمَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
شخل: أَبُو زيد: الشَّخْلُ: الصَّدِيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّخْلُ: الغُلاَمُ الحَدَثُ يصادِقُ رَجُلاً.
قَالَ: والشَّخْلُ بَزْلُ الشَّرَاب بِالْمَشْخَلَةِ، وَهُوَ الْمِصْفَاةُ.
أَبُو تُرَاب _: قَالَ الْأَصْمَعِي: شَخَل فلانٌ ناقتَه وشَخَبَها _ إِذا حلبها.
قلت: وسمعتُ العربَ تَقول: شَخَلْتُ الشَّرَابَ شَخْلاً _ إِذا صفَّيْتَهُ بالمِشْخَلَةِ
وسمعتُهم يَقُولُونَ: شَخَلْنَا الإبلَ شَخْلاً _ أَي حلبناها حَلْباً.
خَ ش ن
اسْتعْمل من وجوهه: خشن، خنش، نخش، شنخ.
خشن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَشُنَ الشَّيْء يَخْشُنُ خُشُونَةً فَهُوَ خَشِنٌ أَخْشَنُ، والمُخاشَنَةُ: فِي الْكَلَام وَنَحْوه، واخْشَوْشَنَ الرجلُ _ إِذا لبِسَ خَشِناً، وَأكل خَشِناً، وَقَالَ قولا فِيهِ خُشُونَةٌ.
وكتيبةٌ خَشْناءُ: كثيرةُ السِّلاح.
قَالَ: والخَشْنَاءُ _ ممدودةٌ _ بقْلةٌ خضراءُ وَرَقُها قصيرٌ، مثلُ الرَّمْرَام غيرَ أَنَّها أشدُّ اجتماعاً، وَلها حَبٌّ _ تكون فِي الرَّوْض والْقِيعَان.(7/41)
والخَشْنَاءُ: الأرضُ الغَلِيظةُ، وَرجل أَخْشَنُ: خَشِنٌ، وخُشَيْنَةُ: بطْنٌ من بطُون قَبيلَة من قبائل الْعَرَب، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم خُشَنِيٌّ.
وَقَالَ شمِرٌ: اخْشَوْشَنَ عَلَيْهِ صدرُه، وخشُنَ عَلَيْهِ صدرُه _ إِذا وجد عَلَيْهِ.
شنخ: عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: المُشَنَّخُ من النَّخْل: الَّذِي نُقِّحَ عَنهُ سُلاَّؤُهُ، وَقد شَنَّخَ نَخْلَهُ تَشْنِيخاً.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصف الجبالَ:
(إذَا شِنَاخَا قُورِهَا تعوَقَّدَا ... )
أَرَادَ: شَنَاخِيبَ قُورِها، وَهِي رؤوسُها _ الواحِدَةُ: شُنْخُوبَةٌ، كأَن الْبَاء زيدَت.
نخش: سَمِعت الْعَرَب تَقول يَوْم الظَّعْن _ إِذا ساقوا حَمُولَتَهُم _: أَلا وانْخَشُوها نَخْشاً مَعْنَاهُ: حُثُّوها وسُوقُوها سَوْقاً شَدِيدا.
وَيُقَال: نَخَشَ البَعِيرَ بطرَفِ عَصَاهُ _ إِذا خَرَشَهُ وَسَاقه.
وَفِي ((نَوَادِر الْعَرَب)) : نَخَشَ فلانٌ فلَانا _ إِذا حرَّكَه وآذاه، وصَيَّصَهُ _ إِذا غَلَبَهُ فَآذَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: نُخِشَ الرُّجُلُ فَهُوَ مَنْخُوشٌ _ إِذا هُزِلَ، وامرأةٌ مَنْخُوشَةٌ: لَا لحم عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سمعتُ الجَعْفَرِيَّ يَقُول: نُخِشَ لحمُ الرجل، ونُخِسَ _ أَي: قَلَّ.
قَالَ: وَقَالَ غيرُه: نَخَشَ _ بِفَتْح النُّون _:
خنش: قَالَ اللَّيْث: امْرَأَة مُخَنَّشَةٌ.
قَالَ: وتَخَنُّشُها بَعْضُ رِقَّةِ بَقِيَّة شبابها ونساءٌ مُخَنَّشَاتٌ.
وَقَالَ اللِّحياني: _ بَقِي من مَاله خُنشُوشٌ _ أَي: بقِيِّةٌ، ومَاله عُنْشُوشٌ _ أَي: مَاله شَيْء.
خَ ش ف
خشف، خفش، شخف، فشخ: مستعملة.
خشف: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: أول مَا يُولد الظبي فَهُوَ طَلاً.
وَقَالَ غير وَاحِد من الْأَعْرَاب: هُوَ طَلاً، ثُمَّ خِشْفٌ.
قَالَ: وَيُقَال: خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً _ إِذا ذهب فِي الأَرْض.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: رجل مِخَشٌّ مِخْشَفٌ، وهما الجريئان على هَوْلِ اللَّيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَشَفَانُ: الجَوَلاَنُ سمِّي الخُشَّافُ بِهِ لِخَشَفَانِهِ وَهُوَ أحسن من الْخُفَّاشِ.
قَالَ: وَمن قَالَ: خُفَّاشٌ: فاشتقاق اسْمه من صِغَر عَيْنَيْهِ.
قَالَ والْخَشِيفُ: الثَّلج الخَشن، وَكَذَلِكَ الجَمَدُ الرِّخْو.
قَالَ: والْمَخْشَفُ: الْيَخَدَانُ، وَلَيْسَ لِلْخَشِيفِ فِعْلٌ، يُقَال أصبح الماءُ خَشِيفاً وَأنْشد:
(أَنْتَ إِذَا مَا انْحَدَرَ الْخَشِيفُ ... ثَلْجٌ وَشَفَّانٌ لَهُ شَفِيفُ)
وَفِي الحَدِيث: ((أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِبلالٍ: إِنّي لاَ أَرَاني أَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَأَسْمَعُ الْخَشْفَةَ إلاَّ رَأَيْتُكَ)) .(7/42)
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الخَشْفَةُ: الصَّوْت _ لَيْسَ بالشديد، يُقَال: خَشَفَ يَخْشِفُ خَشْفًا _ إِذا سمعتَ لَهُ صَوتا أَو حَرَكَة.
وَقَالَ الرِّياشِيُّ: الخَشْفُ مَرٌّ سَرِيعٌ.
وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَال: خَشْفَةٌ وخَشَفَةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: إِذا جَرِبَ البعيرُ - أَجْمَعُ _ قيل: هُوَ أَجْرَبُ أَخْشَفُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذِي يَبِسَ عَلَيْهِ جَرَبُهُ وَقَالَ الفَرَزْدَقُ:
(إلَى النَّاسِ مَطْلِيُّ المَسَاعِرِ أَخْشَفُ ... )
قَالَ: والخُشَفُ: الذبابُ الأخضرُ وَجمعه أخشاف.
وَيُقَال: خَاشَفَ فلانٌ فِي ذمَّتِه _ إِذا سارع فِي إخْفَارها.
قَالَ: وخَاشَفَ إِلَى كَذَا وَكَذَا: مِثْلُه.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الخَشَفُ: الثَّلْج، والخَشْفُ مِثْلُ الخَسْفِ _ وَهُوَ الذُّلُّ.
قَالَ: والخَشْفُ: الْحَرَكَة وَالصَّوْت.
شمر _ عَن الفَرَّاء _ قَالَ: الأَخَاشِفُ _ بالشين _ الْعَزَازُ الصُّلْبُ من الأَرْض، وَأما الأَخَاسِفُ فَهِيَ الأَرْض اللَّيِّنة.
يُقَال: وَقع فِي أخاسِفَ من الأَرْض.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : يُقَال خُشِفَ بِهِ، وخُفِش بِهِ ولُهِطَ بِهِ _ إِذا رُمِيَ بِهِ.
خفش: قَالَ اللَّيْث: الخَفَشُ: فسادٌ فِي الجُفون تضِيق لَهُ العُيونُ من غير وجَعٍ وَلَا قَرْحٍ _ رجلٌ أَخْفَشٌ.
وَفِي حَدِيث ولد المُلاَعَنَةِ: ((إنْ جَاءَتْ بِهِ أُمُّهُ أَخْفَشَ الْعَيْنَين)) .
قَالَ شمِرٌ: قَالَ بعضُهم: هُوَ الَّذِي يُغَمِّضُ إِذا نظر.
وَقَالَ بعضُهم: الخَفَشُ ضَعْفُ البَصَرِ.
قَالَ رُؤبة:
(وَكُنْتُ لاَ أُوبَنُ بالتَّخْفِيشِ ... )
يُرِيد: بالضعف فِي أَمْرِي.
وَيُقَال: خَفِشَ فِي أمره _ إِذا ضعُف وَبِه سمي الخُفَّاشُ _ لضعف بَصَره بِالنَّهَارِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رجلٌ خفِشٌ _ إِذا كَانَ فِي عَيْنَيْهِ غَمَصٌ _ أَي: قَذًى.
قَالَ: وَأما الرّمَصُ فَهُوَ مَثْلُ الْعَمَش.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأخْفَشُ: الَّذِي يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يبصر بِالنَّهَارِ.
قَالَ: والأخْفَشُ يَكتُب بِاللَّيْلِ فِي القَمْرَاءِ وَيفتح عَيْنَيْهِ فتحا وَاسِعًا، وَهُوَ بِالنَّهَارِ يغمِّضُ عَيْنَيْهِ لَا يكَاد يَطْرِف، وَبِه سمِّي الخُفَّاشُ، لِأَنَّهُ يطير بِاللَّيْلِ.
قَالَ: وعينٌ خَفْشَاءُ وجَهْرَاءُ _ لَا يبصر بهَا صَاحبهَا نَهَارا.
شخف: قَالَ اللَّيْث: الشِّخافُ _ بالْحِمْيَرِيَّةِ _: اللَّبَنُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّخْفُ صوتُ اللَّبن عِنْد الْحَلْبِ.
يُقَال: سمعْتُ لَهُ شَخْفاً، وَأنشد:
(كأنَّ صَوْتَ شَخْبِها ذِي الشَّخْفِ ... كَشِيشُ أَفْعَى فِي يَبِيسٍ قُفٍّ)
قَالَ: وَبه سُمِّيَ اللَّبنُ شِخَافاً.(7/43)
فشخ: قَالَ اللَّيْث: الفَشْخُ: الظُّلْمُ والصَّفْعُ _ فِي لِعِبِ الصِّبيان، والكذِبُ فِيهِ.
خَ ش ب
اسْتعْمل من وجوهه: خشب، خبش، شخب.
خشب: قَالَ الله جلّ وعزّ فِي صفة الْمُنَافِقين: {كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} [المُنَافِقُونَ: 4] ، وقرىء ((خُشْبٌ)) _ بِإِسْكَان الشين _ مثل بَدَنة وبُدْنٍ، وَمن قَالَ، {خشب} فَهُوَ بِمَنْزِلَة ثمرَةٍ وثُمُرٍ وتُجْمَع خشبَةٌ على خَشَبٍ، مثل شجرَةٍ وشجَر.
أَرَادَ _ وَالله أعلم _ أنَّ الْمُنَافِقين فِي ترك التفهُّم والاستبصار ووَعْي مَا يسمعُونَ من الوَحْي بِمَنْزِلَة الخُشُب.
وَفي الحَدِيث: ((أنَّ جِبْرِيل قَالَ: يَا محمدُ: إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَلَيْهِم الأَخشَبَيْن فَقَالَ: دَعْنِي أُنْذِرْ قَوْمِي)) .
وَفِي حَدِيث آخر: _ فِي ذكر مكّةَ _: ((لَا تَزُولُ حَتَّى يَزُولَ أَخْشَبَاهَا)) .
قَالَ شمِر: الأَخشَبُ من الْجبَال: الخَشِنُ الغليظ.
وَيُقَال: هُوَ الّذي لَا يُرْتَقَى فِيهِ.
وأرضٌ خشْبَاءُ _ وَهِي الَّتِي كَأَنَّ حِجارَتَها منثورةٌ متدانِيَةٌ.
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(بِكُلِّ خشْبَاءَ وَكُلِّ سَفْحِ ... )
وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ:
(إِذَا عَلَوْنَ الأَخشَبَ المَنْطُوحَا ... )
يُرِيد: كأَنَّه نُطِحَ.
قَالَ: والخَشْبُ: الغليظ الْخَشِنُ من كل شَيْء، وَرجل خشِبٌ: عَارِي الْعظم، بادِي العصب.
والجَبْهةُ الْخَشْبَاءُ: الكريهة، وَهِي الْخَشِبَةُ أَيْضا، وَرجل أَخْشَبُ الْجَبْهَة وَأنْشد:
(إِمَّا تَرَيْني كَالْوَبِيل الأَعْصلِ ... أَخشَبَ مَهْزُولاً وإِنْ لَمْ أُهْزَلِ)
وَفِي حَدِيث عُمَرَ: ((اخشَوْشِنُوا واخشَوْشِبُوا، وَتَمَعْدَدُوا)) .
يُقَال: اخشَوْشَبَ الرجل _ إِذا صَار صُلْباً خشناً.
قَالَ شمِر: وَقَالَ الْعِتْرِيفيُّ: الْخُشْبَانُ: الْجبَال الخُشْنُ، الَّتِي لَيست بضِخَامٍ وَلَا صِغَارٍ.
قَالَ: والخَشِبُ من الْإِبِل: الْجافي السَّمِجُ الشَّاسِىءُ الْخُلُقِ.
ابْن السّكيت _ عَن أبي عَمْرو _: الخشيبُ: السيفُ الْخَشِنُ الَّذِي قد بُرِدَ وَلم يُصْقَل.
قَالَ: والْخَشِيبُ: الصَّقِيلُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَيْفٌ خَشِيبٌ، وَهُوَ عِنْد النَّاس: الصَّقِيلُ، وَإِنَّمَا أَصلهُ بُرِدَ قبل أَن يليَّن.
وَيَقُول الرجل للنَّبَّال: أَفَرَغْتَ من سهمي؟ فَيَقُول: خَشَبْتُهُ _ أَي: قد بَرَيْتُه الْبَرْي الأَوَّلَ، وَلم أسَوِّه، فَإِذا فَرَغَ قَالَ: قد خلَّقْتُه _ أَي: قد لَيَّنتُه _ من الصَّفَاةِ الْخَلْقَاءِ وَهِي المَلْسَاءُ.
وَيُقَال: سيفٌ مشقوق الْخَشِيبَة.
يَقُول: عُرِّض حِينَ طُبعَ.(7/44)
وَقَالَ ابنُ مِرْدَاسٍ:
(جَمَعْتُ إليْهِ نَثْرَتي وَنَجِيبَتِي ... وَرُمْحِي وَمَشقُوقَ الْخَشِيبَة صَارمَا)
قَالَ: وَيُقَال: فلَان يَخشِبُ الشِّعْرَ _ أَي: يُمِرُّه كَمَا يَجيئُه، لَا يتَنَوَّق فِيهِ والخَشَبَةُ: البَرْدَةُ الأُولَى _ قبلَ الصِّقَال وَأنْشد:
(وَقُتْرَةٍ مِنْ أَثلِ مَا تَخشَّبَا ... )
أَي: مِمَّا أَخذه خشَباً، لَا يَتنوَّقُ فِيهِ: يأخذُه من هَهُنا وَهَهُنَا.
أَبُو عبيد: الخَشيبُ: السَّيْفُ الَّذِي لم يُحكَمْ عَمَلُه.
قَالَ: والْخَشِيبُ: الصَّقِيل.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيد: قلتُ لصَيْقَلٍ: هَل فرغتَ من سَيْفي؟ قَالَ: نعم _ إِلَّا أنّي لم أَخْشِبْهُ، والْخَشْبُ أَن يضع عَلَيْهِ سِنَاناً عريضاً أَمْلسَ فيدلُكَهُ بِهِ. فَإِن كَانَ فِيهِ شُقُوقٌ، أَو شَعَث أَو حَدَبٌ _ ذهب.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَشْبُ: الشَّحْذ وسيفٌ خشِيبٌ مَخشُوبٌ _ أَي: شَحِيذٌ، والأَخَاشِبُ: جبال الصَّمَّانِ، لَيْسَ قربَها جبال، وَلَا آكام.
وخشِبْتُ النَّبْلَ خشْباً _ إِذا بَرَيْتَها البَرْي الأوَّلَ، وَلم تفرُغ مِنْهُ.
وَهُوَ يَخْشِبُ الكلامَ والعملَ _ إِذا لم يُحْكِمْهُ وَلم يجوِّدْه.
أَبُو عبيد: الْمَخْشُوبُ: الْمَخْلُوط فِي نسبه، وَقَالَ الأَعْشَى:
( ... لَا مُقْرِفٍ وَلا مَخْشُوبِ ... )
والمُقْرِفُ: الَّذِي دَانَى الهُجْنة من قِبَلِ أَبيه.
خبش: قَالَ اللَّيْث: خُبَاشَاتُ الْعَيْش: مَا يُتناول من طَعَام ونحوِه.
تَقول: يُخْبَشُ من هَهُنَا وَهَهُنَا.
وَقَالَ اللِّحْياني _ فِي بَاب الْخَاء وَالْهَاء _: إنَّ الْمجْلس ليَجْمَعُ خُبَاشَاتٍ من النَّاس وهُبَاشَاتِ _ إِذا كَانُوا من قبائل شَتَّى.
قلت: وَيُقَال: هُوَ يَحْبِشُ _ بِالْحَاء _ ويَهْبِشُ. وَهِي الْحُبَاشَاتُ والْهُبَاشَاتُ.
وَقد رَأَيْت غُلَاما أَسْوَدَ فِي الْبَادِيَة كَانَ يسمَّى خَنْبَشاً، وَهُوَ فَنْعَلٌ من الْخَبْشِ.
شخب: قَالَ اللَّيْث: الشُخْبُ: مَا امتدَّ من اللَّبَنِ _ حِين يُحلَبُ _ مُتَّصِلا بَين الإناءِ والطُّبْي.
وَيُقَال: شَخَبْتُ اللبنَ شَخْباً، وَقد شَخَبَتْ أوداجُه دَماً.
ومِنْ أمثالهم _ فِي الَّذِي يُصيب مرَّة ويخطىءُ أُخْرَى _: ((شُخْبٌ فِي الإِنَاءِ وشُخْبٌ فِي الأَرْضِ)) .
وَيُقَال: انْشَخَبَ عِرْقُهُ دَماً _ إِذا سَالَ.
خَ ش م
خشم، خَمش، شخم، شمخ، مخش: مستعملة.
خشم: قَالَ اللَّيْث: الْخَشْمُ: كَسْرُ الْخَيْشُوم، والْخُشَامُ: داءٌ يَأْخُذ فِيهِ، وسُدَّةٌ.
وَيُقَال: خَشِمَ فلانٌ، فَهُوَ أَخْشمُ، وفلانٌ ظاهرُ الْخَيْشُومِ _ أَي: واسعُ الأَنْفِ وَأنْشد:
(أَخْشَمُ بَادِي النَّعْوِ وَالْخَيْشُومِ ... )(7/45)
قَالَ: والْخَيْشُومُ: سلائِلُ سُودٌ، ونَغَفٌ فِي الْعَظْم، والسَّلِيلَةُ هَنَةٌ رقيقَة _ كَاللَّحْمِ _ لَيِّنَةٌ، وَفِي الْأنف ثَلاَثَةُ أَعْظُم، فَإِذا انْكَسَرَ مِنْهَا عَظْمٌ تَخَشَّمَ الْخَيْشُومُ، فَصَارَ مَخْشُوماً، وَالأَخْشَمُ: الَّذِي لَا يجد ريح طِيبٍ وَلَا نَتْنٍ، والتَّخَشُّمُ: من السُّكْرِ وَذَلِكَ أنَّ ريح الشَّرَاب تَسُورُ فِي خَيْشُومِ الشَّارِب، ثمَّ تُخالط الدِّمَاغ فَيَذْهَبُ العقلُ، فيقالُ: تَخَشَّمَ وخَشَّمَ الشَّرَاب، وَأنْشد:
(فَأَرْغَمَ الله الأُنَوفَ الرُّغَّمَا ... مَجْدُوعَهَا وَالْعَنِتَ الْمُخَشَّمَا)
أَي: المكَسَّرَ، وَخَياشِيمُ الجِبَالِ: أُنُوفُها.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْخُشَامُ: العظيمُ من الْجبَال، وَأنْشد غيرُه:
(ويُضْحِي بِهِ الرَّعْنُ الْخُشَامُ كَأَنَّهُ ... وَرَاءَ الثَّنَايَا شَخْصُ أَكْلَفَ مُرْقِلِ)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخُشَامُ: الطَّوِيل _ من الْجبَال _ الَّذِي لَهُ أَنْفٌ، وَيُقَال: إنَّ أَنْفَ فلَان لَخُشَامٌ _ إِذا كَانَ عَظِيما.
خَمش: شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: مَا دون الدِّية: فَهِيَ خُمَاشَاتٌ، مثلُ قَطْع يَد، أَو رجل، أَو أُذُن أَو عَين، أَو لَطْمَة، أَو ضَرْبة، بالعصا.
كُلُّ هَذَا خُمَاشَةٌ.
وَقد أخذتُ خُمَاشَتي من فلَان وَقد خَمَشَني فلَان _ أَي: ضرَبَني أَو لَطَمَني أَو قَطَع عُضْواً مِنِّي، وَأخذ خُمَاشَتَهُ _ إِذا أقْتَصَّ.
وَفِي حَدِيث قيس بن عَاصِم: ((أَنَّهُ جَمَعَ بنيه عِنْد مَوته _ وَقَالَ: كَانَ بيني وَبَين بني فلَان خُمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ بهَا جِنَاياتٍ وجِرَاحَاتٍ.
وَأنْشد قَول ذِي الرُّمَّة:
(رَبَاعٌ لَهَا مُذْ أَوْرَقَ الْعُودُ عِنْدَهُ ... خُمَاشَاتُ ذَخْلٍ مَا يُرَادُ امْتِثَالُهَا)
يصف عَيْراً وأُتُنَهُ وَرَمْحَهُنَّ إيَّاهُ _ إِذا أَرَادَ سِفَادَهُنَّ.
وَأَرَادَ بقوله: ((رَبَاعٌ)) _ عَيْراً قد طلعت رَبَاعِيَتَاهُ، والامتثالُ: الاقتصاص.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخامِشةُ وجَمْعُهَا الْخَوامِشُ _ وَهِي صغَار المسَايِل والدوافع، قلت: سُمِّيَتْ خَامِشَةً لِأَنَّهَا تَخْمِشُ الأَرْض _ أَي: تَخُدُّ فِيهَا بِمَا تحمل من مَاء السَيْل، والْحَوافِشُ: مدافع السَّيْل _ الْوَاحِدَة: حَافِشةٌ.
ابْن الْأَعرَابِي: الْخَمُوشُ: البعوض _ بلغَة هُذَيْلٍ، واحدتها خَمُوشة، وَأنْشد:
(كَأَنَّ وَغَى الْخَمُوشِ بِجَانبَيْهِ ... مَآتِم يَلْتَدِمْنَ عَلَى قتِيلِ)
وَفِي الحَدِيث: ((مَنْ سَأَلَ وَهُوَ غَنيٌّ _ جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشاً أَو كُدُوحاً)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْخُمُوشُ مثل الْخدُوشِ يُقَال: خَمَشَتِ امرأةٌ وجْهَهَا تَخمِشُهُ خَمْشاً وخُمُوشاً.
قَالَ لَبِيدٌ _ يذْكُر نسَاء قُمن يَنُحْنَ على عَمه أبي بَرَاءٍ:(7/46)
(يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوْجُهٍ صِحَاحِ ... فِي السُّلُبِ السُّودِ وَفِي الأَمْسَاحِ)
شمخ: قَالَ اللَّيْث: شَمَخَ فلانٌ بأَنْفِهِ، وشمخَ أنفُه لِيَ _ إِذا رفع رأسَه عِزّاً وكِبْراً، وجَبل شَامِخٌ: طويلٌ فِي السَّمَاء، وَقد شَمَخَ شُمُوخاً، والجميع شَوَامِخُ.
قلت: وَمن هَذَا قيل للمتكَبِّر: شَامِخٌ وَشَمَّاخُ، وشَمْخُ بْنُ فَزَارَة: بَطْنٌ مِنْهُم.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ عَرَّامٌ: _ نِيّةٌ زَمَخٌ، وَشَمَخٌ وزَمُوخُ وشَمُوخٌ. وَقد زَمَخ بِأَنْفِهِ، وَشَمَخَ.
شخم: أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _ قَالَ: أَشْخَمَ اللحمُ إشْخَاماً _ إِذا تغيَّرَتْ رِيحُه لَا مِنْ نَتِنٍ وَلَكِن كَرَاهَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَشْخَمَ فُوهُ إِشْخَاماً _ إِذا تغيَّرت رِيحُه، ولحمٌ فِيهِ تَشْخِيمٌ _ إِذا تغيَّرتْ رِيحه.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ الشُّخُمُ هُمُ المسْتَدُّو الأُنُوفِ من الرَّوائح الطِّيِّبةِ أَو الخَبيثة.
قَالَ: والشُّخُمُ: الْبِيضُ من الرِّجَال، والشُّجُمُ _ بِالْجِيم _: الطِّوال الأعْفَارُ.
وَقَالَ: شَعَرٌ أَشْخَمُ _ إِذا ابيضَّ، وروضٌ أَشْخَمُ: لَا نبت فِيهِ.
وَفِي ((النَّوَادِر)) حمَار أَطْخَمُ، وأَشْخَمُ وأَدْغَمُ _ بِمَعْنى وَاحِد.
أَبْوَاب الْخَاء وَالضَّاد
خَ ض ص _ خَ ض س _ خَ ض ز خَ ض ط: مهملات.
خَ ض د
اسْتعْمل من وجوهه: خضد، دخض
خضد: قَالَ اللَّيْث: الْخَضْدُ: نَزْعُ الشَّوك عَن الشّجر، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فِي سدر مخضود} [الْوَاقِعَة: 28] وَهُوَ الَّذِي خُضِدَ شَوْكُهُ، فَلَا شوكَ فِيهِ.
قَالَ: وَإِذا كسرتَ عوداً فَلم تُبِنْه قلتَ: خَضَدْتُه فانْخَضَدَ.
وَقَالَ الزَّجَّاج _ فِي قَوْله _ عزّ وجلَّ: {فِي سدر مخضود} : قد نزع شوكُه ونحْوَ ذَلِك قَالَ الْفراء.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: انْخَضَدَ العُودُ انْخِضَاداً، وانْعَطَّ انْعطاطاً _ إِذا تثنىّ من غير كسر يَبِينُ.
وَقَالَ غَيْرُه: الْخَضَدُ: مَا خُضِدَ من الشّجر ونُحِّيَ عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَحْل يَخْضِدُ عُنق الْبَعِير _ إِذا قَاتله، وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(وَلَفْتَ كَسَّارٍ لَهُنَّ خَضَّادْ ... )
قَالَ: والْخَضَادُ _ بِفَتْح الْخَاء _ من شجر الْجَنْبَة، وَهُوَ مثل النَّصِيِّ، ولِوَرَقِهِ حُروفٌ كحروف الْحلْفاء، يُجَزُّ بِالْيَدِ كَمَا تجز الحلْفاء.
وخَضَدَ الإنسانُ يَخْضِدُ خَضْداً _ إِذا أكل شَيْئا رَطْباً نَحْو القِثَّاء والْجَزَرَ وَمَا أشبههما.
وَقَالَ غَيْره: الْخَضْدُ: شِدَّة الْأكل ورجلٌ مِخْضَدٌ.
وَفِي الْخَبَرِ: أنَّ مُعاوية رأى رَجُلاً يُجيد الْأكل، فَقَالَ: إِنَّه لمِخْضَدٌ.
وَقَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:(7/47)
(وَيَخْضِدُ فِي الآرِيِّ حَتَّى كَأَنَّما ... بِهِ عُرَّةٌ أَوْ طَائِفٌ غَيْرُ مُعْقِبِ)
وَيُقَال: انْخَضَدَتِ الثِّمَارُ الرَّطْبة _ إِذا حُمِلت من مَوضِع إِلَى مَوضِع، فتَشَّدَّخت.
وَمِنْه قَول الأحْنَفِ بن قَيْس _ حِين ذَكَر الكوفةَ وثمارَ أَهلهَا فَقَالَ: ((تَأْتِيهم ثِمَارُهُمْ لَمْ تُخْضَدْ)) ، أَرَادَ أَنَّها تأتيهم بِطَرَاءَتِها، لم يُصِبْها ذُبُول وَلَا انْعِصَارٌ، لِأَنَّهَا تُحمل فِي الْأَنْهَار الْجَارِيَة فَتؤَدِّيها إِلَيْهِم.
وَقَالَ شَمِر: الْخَضَادُ: وَجَعٌ يُصِيب الإنسانَ فِي أَعْضَائِهِ، لَا يبلغ أَن يكون كسراً وَهُوَ الْخَضَدُ.
وَقَالَ الكُمَيْتُ:
(حَتَّى غَدَا وَرُضَابُ المَاء يَتْبَعُه ... طَيَّانَ لَا سَأَمٌ فِيهِ وَلاَ خَضَدٌ)
دخض: قَالَ اللَّيْث: الدَّخْضُ: سُلاَحُ السِّباعِ، وأَكثر مَا يُوصف بِهِ الْأسد.
يُقَال: دَخَضَ دَخْضاً.
خَ ض ت _ خَ ض ظ _ خَ ض ذ خَ ض ث: مهملات.
خَ ض ر
اسْتعْمل من وجوهه: خضر، رضخ.
خضر: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فأخرجنا مِنْهُ خضرًا نخرج مِنْهُ حبا متراكبا} [الأنعَام: 99] : قَالَ {خضرًا} _ هَهُنَا _ بِمَعْنى اخضر: يُقَال: أخْضَرَّ، فَهُوَ اخْضَرُ، وخَضِرٌ، ومِثْلُه: اعْوَرَّ، فَهُوَ أَعْوَرُ وعَوِرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَضِرُ _ فِي هَذَا الْموضع _: الزَّرْع الأَخْضَرُ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَوْ يُلِمُّ، إلاَّ آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا إِذَا أَكَلَتْ مِنْهُ ثَلَطَتْ وَبَالَتْ)) .
والْخَضِرُ _ فِي هَذَا الْموضع _ ضَرْبٌ من الْجَنْبَةِ، واحِدَتُهُ: خَضِرَةٌ، والْجَنْبَةُ _ من الْكلأ _: مَا لَهُ أصْلٌ غامضٌ فِي الأَرْض مِثْلُ النَّصِيِّ والصِّلِيَّان والْحَلمَةِ والْعَرْفَجِ والشِّيحِ، وَلَيْسَ الخَضِرُ مِنْ أَحْرار البُقولَ الَّتِي تَهِيجُ فِي الصَّيف، والبقولُ يُقَال لَهَا: الخُضَارةُ والْخَضْرَاءُ.
وَقد ذكر طَرَفَةُ الْخَضِرَ فَقَالَ:
(كَبَنَاتِ الْمَخْرِ يَمْأَدْن إذَا ... أَنْبَتَ الصَّيفُ عَسَالِيجَ الْخَضِرْ)
وَفِي فَصْلِ الصَّيف تَنْبُتُ عَسَالِيجُ الْخَضِرِ من الْجَنْبَةِ، فأَمَّا البُقُول فَإِنَّهَا تنْبُتُ فِي الشتَاء، وتَيْبَسُ فِي الصَّيف.
وعَيْشٌ خَضِرٌ: ناعم.
ورَوَى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ أَنه قَالَ: الْخُضَيْرَةُ: تَصْغِير الخُضْرَة، وَهِي النِّعمة.
وَمِنْه الخَبَرُ الآخرُ: ((مَنْ خُضِّرَ لَه فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ)) .
مَعْنَاهُ: مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي صناعَة أَو حِرْفَةٍ أَو تِجَارَة فليلزمه.
وَفِي حَدِيث عليٍّ رَضِي الله عَنهُ: أَنه خطب بالكوفةِ فِي آخر عمرِه فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهْمْ(7/48)
فَتَى ثَقيفٍ الدَّيانَ الْمَنَّانَ يَلْبَسُ فَرْوَتَها، وَيَأْكلُ خَضِرَتَهَا.
يَعْنِي غَضَّها وناعمها وهَنِيئَها.
وَيُقَال: هُوَ لَكَ خَضِراً مَضِراً _ أَي: هَنِيئًا مريئاً، وخَضْراً لَك وَنَضْراً مَثْلُ: سَقْياً لَك وَرْعْياً.
وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) يُقَال: لَسْتُ لفُلَان بِخَضِرَةٍ _ أَي: لست لَهُ بَحشِيشَةٍ رَطْبَة يأكلها سَرِيعا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَضِرُ نَبيٌّ من بَني إسرائيلَ، وَهُوَ صاحبُ مُوسَى، الَّذِي التقى مَعَه بمَجْمَعِ البَحْرين.
أَبُو عبيد _ عَن الْكسَائي _ ذهَبَ دَمُه خِضْراً مِضْراً، وَذهب بِطْراً _ إِذا ذهب هَدَراً بَاطِلا.
وَالْعرب تُسَمِّي الْحَمَامَ الدواجِنَ: الْخُضَرَ وَإِن اخْتلفت ألوانها.
خصُّوها بِهَذَا الِاسْم لغَلَبَة الْوُرْقة عَلَيْهَا.
والخُضْرُ: قَبِيلَةٌ من الْعَرَب، قَالَ الشَّماخ:
(وَحَلأَها عَنْ ذِي الأرَاكةِ عامرٌ ... أَخُو الخُضْر يَرْمي حَيْثُ تُكْوَى النَّوَاحِزُ)
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: ((إيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَن)) . قيل: وَمَا ذَاكَ يَا رسولَ الله؟ فَقَالَ: ((المَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السُّوءِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: نُراه أَرَاد فَسَاد النّسَب إِذا خِيفَ أَن تكون لغير رَشْدَة.
قَالَ: وَإِنَّمَا جعلهَا ((خَضْرَاءَ الدِّمَن)) تَشْبِيها بالبَقْلَةِ الناضرة، تَنْبُتُ فِي دِمْنَةِ البَعْرِ.
وأصل الدِّمَنِ: مَا تُدَمِّنه الْإِبِل وَالْغنم من أبعارها وَأَبْوَالهَا، فَرُبمَا نَبَتَ فِيهَا النَّبَات الحَسَنُ النَّاضِرُ _ وأصْلُه فِي دِمْنَة قَذِرَة.
يَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((فَمنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ، ومنْبِتها فِاسِدْ)) .
وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ:
(فَقَدْ يَنبُتُ المَرْعَى عَلَى دِمَن الثَّرَى ... وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوس كَما هِيَا)
ضَرَبهُ مثلا للَّذي يُظْهِر مَوَدَّتَهُ لرجل، وقلبُه نَغِلٌ بالعداوة.
وسمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ أَبَا طالبٍ النَحْوِيَّ يَقُول _ فِي قَول الْعَرَب _: ((أَبَادَ الله خَضْرَاءَهم)) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: أَذْهَبَ الله نَعِيمَهم وخِصْبَهم.
قَالَ: وَمِنْه قولُه:
(وَأَنَا الأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَة مِنْ نَسْلِ الْعَرَبْ)
قَالَ: يُرِيد ب ((أَخضَرُ الْجِلدة)) : الخِصْبَ والسَّعة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أباد الله خَضْرَاءَهُمْ _ أَي: سوادهم.
قَالَ: والخضرة _ عِنْد الْعَرَب _: سَوَادٌ.
وَقَالَ القُطَامِيُّ:
(يَا نَاقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا. . ... )
(وَقلِّبِي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا. . ... )
(وَعَارِضِي اللَّيْلَ إِذَا مَا اخْضَرَّا ... )
أَرَادَ: إِذا مَا أظلم.(7/49)
وَقَالَ الفرَّاء: أباد الله خَضْرَاءَهُمْ _ أَي: دنياهم، يُرِيد قَطَعَ عَنْهُم الْحَيَاة.
ورُوي عَن مُجَاهدٍ أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صدقةٌ _ أَرَادَ ب ((الخَضْراوات)) التُّفاحَ والكُمَّثرى وَمَا أشبههَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَضِيرُ الزَّرْع الأخْضَرُ، وَقد اخْتُضِرَ فلَان _ إِذا مَاتَ شابّاً.
فِي بعض الْأَخْبَار: أنَّ شابّاً من الْعَرَب أُولِعَ بشيخ قد كبِر، فَكَانَ يَقُول لَهُ _ إِذا رَآهُ _: قد أَجْزَزْتَ أَبا فلَان، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ _ لَمّا أَكثر عَلَيْهِ _: وتُخْتَضَرُون _ أَي: تُتَوَفَّوْن شبَابًا.
والأصلُ فِي ذَلِك: النباتُ الغضُّ يُرعَى ويُخْتَضَر ويُجَزُّ، فيؤكَلُ قبل تناهِي طُولِه.
وَيُقَال: اخْتَضَرْتُ الفاكهةَ _ إِذا أَكَلْتَها قبل إناءِ إِدْرَاكهَا.
والعربُ تَقول للبُقول الْخُضْر: الخضْراءُ.
وَمِنْه الحَدِيث: ((تَجَنَّبُوا من خَضْرَائِكم ذَوَاتِ الرِّيح)) يَعْنِي الثُّومَ والبَصل والكُرَّاثَ.
وَيُقَال للدَّلو الَّتِي استُقِيَ بهَا _ حَتَّى اخضَرَّتْ _: خضْرَاءُ.
وَقَالَ الراجز:
(يُمْطَى مِلاطَاهُ بَخَضْرَاءَ فَرِي ... وإنْ تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي)
وَأَخْبرنِي الإياديُّ _ عَن شمِر _ أَنه قَالَ: الخُضْرِيَّةُ: نخلةٌ طيِّبة التمرِ خَضْرَاؤُه وَأنْشد:
(إِذا حَمَلْتَ خُضْرِيةٌ فَوق طَايَةٍ ... وللشُّهْبِ قَصْلٌ عندَها والبَهازِرِ)
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الْخَضِيرَة النَّخلةُ الَّتِي يَنْتَثِر بُسْرُها وَهُوَ أخضرُ.
وسمعتُ العربَ تَقول _ لِسَعَفِ النخْل وجريدِه الأَخْضَرِ: الْخَضَرُ ... بِفَتْح الضَّاد وَالْخَاء.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(يَظَلُّ يَوْمَ وِرْدِهَا مُزَعْفَرَا ... وَهْيَ خَنَاطِيلُ تجُوسُ الْخَضَرَا)
أَي تَوَطَّؤُه وتكسِرُه.
وَيُقَال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النَّخلِ بِمِخْلَبِه، يَخْضِرُه خَضْراً، واخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُهُ _ إِذا قطَعه.
ورَوى أَبو تُرَاب _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال: اختَضَرَ فلانٌ الجاريةَ، وابتَسرها وابتكَرها _ إِذا اقتَرَعَها قبل بُلوغها.
وَالْعرب تَقول: الأمْرُ بَيْننَا أَخْضَرُ _ أَي: جديدٌ، لمْ تَخْلُق المودَّةُ بَيْننَا.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(أَتْرَابُ مَيٍّ وَالْوِصَالُ أَخْضَرُ ... وَلَمْ يُغيِّرْ أَصْلَهُ المغَيِّرُ)
والعَرَبُ تقولُ _ أَيْضا _: لَيْلٌ أَخْضَرُ _ أَي: مُظلمٌ أَسْودُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّةِ:
(قدْ أَعْسِفُ النَّازحَ المجهُولَ مَعْسَفُهُ ... فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هَامَهُ البُومُ)
أَرَادَ فِي ظِل ليل مُظْلمٍ.
وَأما قولُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ:
(وَأَنا الأَخضرُ مَنْ يَعْرِفني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَةِ فِي بيتِ العَرب)(7/50)
فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهما _ أَنه أَرَادَ: أنَّه أسود الجِلدة _ قَالَه أَبُو طَالب النَّحويُّ.
وَقيل: إِنَّه أَرَادَ أَنَّه من خَالص الْعَرَب وصميمهم _ لِأَن الغالبَ على أَلوان الْعَرَب الأُدْمةُ _ وَأَنه لم يُعْرِق فِيهِ العَجَمُ الحمراءُ فَيَنْزِع إِلَيْهِم لَوْنُه.
وَقيل _ فِي قَول الله جلّ وعزّ فِي صفة الجَنَّتَيْنِ: {مدهامتان} [الرَّحْمَن: 64]_: إنَّهُما خَضْرَاوَان من الرِّيِّ.
وَقيل لسواد الْعرَاق: سوادٌ، لِخُضْرَةِ النَّخِيل والزُّروع.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيدٍ قَالَ: الْخَضَارُ من اللَّبن _ مثلُ السَّمَارِ _ الَّذِي مُذِقَ بماءٍ كثير حَتَّى اخْضَرَّ، كَمَا قَالَ الراجزُ:
(جاءُوا بضَيْحٍ هلْ رأيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟ ... )
أَرَادَ اللّبَنَ: أَنَّه لما مُذِق بماءٍ كثيرٍ صَار أَوْرَقَ كلون الذِّئْب، حِين عَلتْ خُضرةُ المَاء بياضَ اللَّبن.
ابْن السّكيت: خُضارَةُ: معرفةٌ لَا تنصَرِفُ _ اسْمٌ للبحر.
وَيُقَال للبقول: الخُضارةُ _ بِالْألف وَاللَّام.
والخُضَّارُ: طائرٌ مَعْرُوف.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : يُقَال: رمى الله فِي عَيْنَيْ فلَان بالأُخَيْضِرِ، وَهُوَ داءٌ يأخذُ فِي الْعين.
أَبُو عُبَيْدَة: الأخضرُ _ من الخيْل _: هُوَ الدَّيْزَجُ _ فِي كَلَام الْعَرَب.
وَقَالَ: ومِنَ الخُضْرَةِ فِي ألوان الْخَيل: أَخْضَرُ أحَمُّ، وَهُوَ أدنى الخُضْرَةِ إِلَى
الدُّهْمَةِ وأَشدُّ الْخُضْرَةِ سَواداً، غير أنَّ أَقْرَابَه وبطنَه وأُذُنَيْهِ مُخْضَرَّةٌ، وَأنْشد:
(خَضْراءُ حَمّاءُ كلَوْن العَوْهَقِ ... )
قَالَ: وَلَيْسَ بني الأخْضَرِ الأحَمِّ وَبَين الأَحْوَى إلاَّ خُضْرَةُ مَنْخَريْه وشَاكِلَتِه لِأَن الأحْوَى تحمرُّ مَنَاخِرُه، وتصْفرُّ شاكِلتُه _ صُفرةً مُشاكِلةً للحُمرة.
قَالَ: وَمن الْخَيل أَخْضَرُ أَدْغَمُ وأَخْضَرُ أَطْحَلُ، وأَخْضَرُ أَورَقُ.
وبَيْعُ المخاضَرَةِ المنهِيُّ عَنهُ: بَيعُ الثِّمار وَهِي خُضْرٌ لم يَبْدُ صلاحُها.
سُمِّيَ ذَلِك مُخَاضَرَةً لِأَن المُتبايعَيْن تَبايعا شيئَا أخْضَرَ بَينهمَا _ مأخوذةٌ من الْخُضْرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُضَارِيُّ طَائِر يمسَّى الأخْيَلَ _ يُتَشاءَمُ بِهِ إِذا سقط على ظهْر بعير وَهُوَ أَخْضَرُ فِي حَنَكِه حُمرةٌ، وَهُوَ أعظم من القَطَا.
قَالَ: والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ منَ الشَّجر _ إِذا قُطِع وخُضِرَ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخِضْرُ عبدٌ صالحٌ من عباد الله.
وَقَالَ أهل الْعَرَبيَّة: الخَضِرُ _ بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد _.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((جَلَسَ الخَضِرُ على فَرْوَةٍ بَيْضَاء فإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ)) .
وَعَن مُجاهِد: كَانَ إِذا صَلَّى فِي موضعٍ اخضَرَّ مَا حوله.
وَقيل: سمي ((الْخَضِرَ)) لحُسْنِه وإشراق وَجهه، وَالْعرب تسمي الإنسانَ الحسنَ(7/51)
الْمُشْرِقَ: خضِراً، تَشْبِيها بالنَّبَاتِ الأخْضَرِ الغَضِّ.
وَيجوز فِي الْعَرَبيَّة: الخِضْرُ: بِمَعْنى الخَضِرِ كَمَا يُقَال: كِبْدٌ وكَبِدٌ.
رضخ: قَالَ اللَّيْث: الرَّضْخُ: كسْرُ الرَّأْس، وَيسْتَعْمل الرَّضْخُ فِي كسر النَّوَى، وَفِي كَسْرِ رَأس الْحَيَّات وَغَيرهَا.
وَيُقَال: هم يَتَرضَّخُونَ الْخُبْزَ: يتناولونه.
وَيُقَال: رَضَخْتُ لَهُ من مَالِي رَضيخَةً وَهُوَ الْقَلِيل.
والتَّراضُخُ: ترَامِي الْقَوْم بَينهم بالنشَّاب.
قَالَ: والحاء فِي جَمِيع مَا ذكرنَا جَائِز، إِلَّا فِي الْأكل، يُقَال: كُنَّا نَتَرَضَّخُ وَكَذَلِكَ الْعَطاء _ يُقَال فِيهِ: الرَّضْخُ _ بِالْخَاءِ.
وَيُقَال: رَاضَخَ فلانٌ شَيْئا _ إِذا أَعْطَى وَهُوَ كَارِهٌ، وَقد رَاضَخْنَا مِنْهُ شَيْئا _ أَي: أصَبْنا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس المبرَّدِ: يُقَال: فلَان يَرْتَضِخُ لُكْنةً عجمية، إِذا نَشأ فِي العَجَم صَغِيرا، ثمَّ صَار مَعَ العَرَب فتكَلَّم بكلامهم فَهُوَ يَنزع إِلَى العَجَم فِي ألفاظٍ من ألفاظهم، لَا يستمرُّ لسانُه على غَيرهَا، وَلَو اجْتهد.
قَالَ: وَكَانَ صُهَيْبٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً، وَذَلِكَ أَنه سُبِيَ وَهُوَ صَغِير، سَبَتْهُ الرُّومُ، فَبَقيت لُكنةٌ روميّةٌ فِي لِسَانه _ بَعْدَمَا مَلَكهُ العربُ.
قَالَ: وَكَانَ عبدُ بني الحَسْحَاسِ يرْتَضِخُ لُكْنةً حَبِشِيَّةً مَعَ جَوْدة شعره.
وَكَانَ سَلْمَانُ الفَارِسيُّ يرْتَضِخُ لُكْنَةً فارسية.
خرض: قَالَ اللَّيْث: الخَرِيضَةُ: الجارِيَةُ الحديثة السِّنِّ، التّارَّةُ البيضاءُ، وجَمْعُها: خَرَائِضُ.
قلت: وَلم أَسْمَع هَذَا الْحَرْفَ لغير اللَّيْث.
خَ ض ل
اسْتعْمل من وجوهه: [خضل] .
خضل: قَالَ اللَّيْث: الخَضِلُ: كلُّ شَيْء نَدٍ يتَرشَّشُ مِنْ نَدَاه _ فَهُوَ خَضِلٌ، ويسمّى اللؤلُؤُ: خَضْلاً _ بِسُكُون الضَّاد.
وَجَاءَت امْرَأَة إِلَى الحَجَّاج برَجُل فَقَالَت: تَزَوَّجَني على أَن يعطيَنِي خَضْلاً نَبيلاً _ تعْنِي لؤلؤاً أَو دُرّةً خضْلةً _ أَي: صافيةَ.
قَالَ: وأخضلَتْنَا السَّمَاء _ أَي: بلّتْنا بَلاًّ شَدِيدا، ونباتٌ خضِلٌ بالنَّدَى، وشِوَاء خضِلٌ _ أَي: رَطْبٌ جيِّدُ النُّضْج.
وَيُقَال: أَخْضَلتْ دمُوعُ فلَان لحيَتَه، وَإِذا خصُّوا الفِعلَ قَالُوا: اخضلَّت لحْيَتُه.
قَالَ: وَلم أسمَعْهُم يَقُولُونَ: خضِلَ الشيءُ وَالْعرب تَقول: نزلنَا فِي خُضُلَّةٍ من العُشب _ إِذا كَانَ أَخضَرَ نَاعِمًا رطْباً.
وَيُقَال: دَعْنِي من خُضُلاَّتِكَ - أَي: من أباطيلك.
أَبُو عبيد: عَن أبي زيد: اخضَلَّ الثوبُ اخضِلاَلاً _ إِذا ابتلَّ.
وَيُقَال لِلَّيْلِ إِذا أقبل طِيبُ بَرْدِه: قد اخْضَلَّ اخْضِلاَلاً.
وَقَالَ ابْن مُقْبِلٍ:(7/52)
(مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ فَمَا اخْضَلَّ الْعِشَاءُ لَهُ ... حَتَّى تَنَوَّرَ بالزَّوْرَاءِ مِنْ خِيَمِ)
خَ ض ن
اسْتعْمل من وجوهه: خضن، نضخ.
خضن: أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: خاضَنْتُ المرأةَ مُخَاضَنةً _ إِذا غازَلْتَها.
وَقَالَ اللَّيْث: المُخَاضَنَةُ: التّرَامي بَقَوْل الفُحْشِ.
وَأنْشد للطَّرِمَّاح:
(تُخَاضِنُ أَوْ تَرْنُو لِقَوْلِ الْمُخَاضِنِ ... )
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وغيرُه: يُقَال: خَضَنَ عَنَّا الهَدِيَة وغَيْرَها _ إِذا صَرَفها.
وَكَذَلِكَ خَبَنَها.
وَقَالَ اللِّحياني: مَا خُضِنَتْ عَنهُ المُرُوءَةُ إِلَى غَيره _ أَي: مَا صُرِفت.
نضخ: قَالَ اللَّيْث: النَّضْخُ _ كاللَّطْخِ: مِمَّا يبْقَى لَهُ أَثَرٌ.
تَقول: نَضَخَ ثَوْبَهُ بالطيب.
قَالَ: والنّضخُ فِي فوْر المَاء من الْعين والجَيشَانِ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فيهمَا عينان نضاختان} [الرَّحْمَن: 66] .
قَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَنَّهُمَا تَنْضَخَانِ بِكُل خير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَقعت نَضْخَةٌ بِالْأَرْضِ _ أَي: مَطَرَة.
وَأنْشد:
(لاَ يَفْرَحُونَ إِذَا مَا نَضْخَةٌ وَقعَتْ ... وَهُمْ كِرَامٌ إذَا اشْتَدَّ الْمَلاَزِيبُ)
وَأنْشد غَيره:
(فَقُلْتُ لَعَلَّ الله يُرْسِلُ نَضْخَةً ... فَيُضْحِي كلاَنَا قَائِماً يَتَذَمَّرُ)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله جلّ وعزّ: {عينان نضاختان} [الرَّحْمَن: 66] .
قَالَ: فَوَّارتان.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النّضْخُ: مَا كَانَ من الدّم والزَّعْفَرَانِ والطِّين، وَمَا أشبهه.
وَأنْشد لجرير:
(ثِيَابَكُمُ وَنَضْخَ دَمِ القَتِيلِ ... )
قلتُ: وَقد مرَّ تَفْسِير النّضْخِ والنّضْحِ فِي كتاب ((الْحَاء)) باستقصاء.
خَ ض ف
خضف، خفض، فضخ: مستعملة.
خضف: أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: خضَفَ بهَا وغَضَفَ بهَا _ إِذا ضَرِطَ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: خضَفَ خَضْفاً _ إِذا ضَرِطَ.
وَأنْشد:
(إنَّ عُبَيْداً خَلَفٌ بِئْسَ الْخَلَفْ ... عَبْدٌ إِذَا مَا نَاءَ بِالْحِمْلِ خَضَفْ)
وَقَالَ اللَّيْث: البِطِّيخُ _ أولَ مَا يخرُجُ _ يكون قعْسَراً صَغِيرا، ثمَّ يكون خَضَفاً أكْبَرَ من ذَلِك، ثمَّ يكون فِجّاً قبل أَن يَنْضَجَ والحَدَجُ يجمعها.
خفض: قَالَ اللَّيْث: الخَفْضُ نَقِيضُ الرّفْع، وعَيْشٌ خَفْضٌ: ذُو دَعَةٍ وخِصْبٍ.
يُقَال: خَفُضَ عيشُه.(7/53)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: يُقَال لِلقَوم: هم خافضُون _ إِذا كَانُوا وادعين مُقِيمين على المَاء، وَإِذا انْتَجَعوا لم يَكُونُوا فِي النُّجْعَة خافضينَ، لأَنهم لَا يزالُون ظاعنين فِي طلب الْكلأ، ومساقط الغيْث.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الْخَفْضُ: العيشُ الطيِّبُ، والْخَفْضُ: الانْحِطاط بعد العُلُوِّ، والْخَفْضُ: خِتَانُ الْجَارِيَة.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه قَالَ لأُمِّ عَطِيَّةَ: ((إذَا خَفَضْتِ فَأَشمِّي)) ، يَقُول: إِذا خَتَنْتِ جَارِيَة فَلَا تُسْحتِي نَوَاتَها ولكنِ اقْطعِي مِنْ طَرَفها حُزَّة يَسيرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لِلْجَارِيَةِ: قد خُفِضَتْ، وللغلام: خُتِنَ.
قَالَ: والتخفيضُ: مدُّكَ رأسَ البَعير إِلَى الأَرْض، لترْكبَهُ.
وَأنْشد:
(يَكادُ يَسْتَعْصِي عَلَى مُخَفِّضِهْ ... )
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {خافضة رَافِعَة} [الواقِعَة: 3]_: المعنَى أَنَّهَا تَخْفِضُ أهْل الْمعاصِي: وترفعُ أهل الطَّاعَة.
وروَى أَبُو دَاوُدَ _ عَن ابْن شمَيْلٍ _ فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((إنَّ الله يَخْفِضُ القِسْطَ ويرْفَعُه)) _ قَالَ: القِسْطُ: الْعَدْلُ. وَقَالَ: ومَنْ ثَقُلَت موازينُهُ خُفِضَتْ، وَمن خفَّتْ موازينهُ شالَتْ.
قلت: ذهب ابْن شُمَيل إِلَى أَن ((القِسْطَ)) هَهُنَا: الموازين الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى
فَقَالَ: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} [الْأَنْبِيَاء: 47] .
وَقَالَ غَيره _ فِي تَفْسِير قَوْله: ((إنَّ الله يَخْفِضُ القِسْطَ ويرْفعُهُ)) _: إِن الْقسْط مَعْنَاهُ: العْدلُ، وَإِن الله جلّ وعزّ يَحُطُّه فِي الأَرْض مرَّةً، ويُظْهِرُ عَلَيْهِ أَهْلَ الجَوْرِ ابتلاءً وتطهيراً واستعتاباً، وكما شَاءَ الله، فَإِذا تَابُوا وأنابوا رَفَع العدلَ وأظهرَ أهلَه على أهل الجَوْر.
وَهَذَا القَوْل عِنْدِي صحيحٌ إِن شَاءَ الله.
وَالْعرب تَقول: أرضٌ خَافِضَةُ السُّقْيا _ إِذا كَانَت سهلَةَ السَّقْي، وأرضٌ رافِعةُ السُّقيا _ إِذا كَانَت على خلاف ذَلِك، وفلانٌ خافِضُ الْجنَاح، وخافِضُ الطَّيْر _ إِذا كَانَ وَقُوراً سَاكِنا.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} [الإسرَاء: 24]_ أَي: تواضَعْ لَهما، وَلَا تَتَعَزَّزْ عَلَيْهِمَا.
وامرأةٌ خَافِضَةُ الصَّوْت وخَفِيضَةُ الصَّوْت
_ إِذا كَانَت ذَات وَقارٍ، لَا سَلاَطَةَ فِي لسانها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الخافِضَةُ: التَّلْعَةُ المطْمَئِنَةُ وَجَمعهَا: الخَوَافِضُ. والرافعةُ: الْمَتْنُ من الأَرْض، وَجَمعهَا: الروافِعُ.
فضخ: قَالَ اللَّيْث: الفَضْخُ كسر الشَّيْء الأجْوف نحوِ البطِّيخ، وَرَأس الْإِنْسَان.
قَالَ: والفَضيخُ شرابٌ يُتخذ من البُسْر المَفْضَوخِ، وَهُوَ المشدوخ.
ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.(7/54)
وحُكِي _ عَن بَعضهم _ أَنه قَالَ: هُوَ الْفَضُوحُ الْمَعْنى: أَنه يُسْكر شَارِبُهُ فَيَفْضَحُهُ، فاسْمُ الْفَضُوحِ أَوْلَى بِهِ من اسْم الْفَضِيخِ.
وَفِي حَدِيث عليٍّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: ((كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً فَسَأَلْتُ المِقْدَادَ أَن يسْأَل لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ فَقَالَ: إِذا رَأَيْتَ المَذِيَّ فَتَوَضَّأْ واغْسِلْ مَذَاكِيرَكَ، وإذَا رَأَيْتَ فَضْخَ الماءِ فاغْتَسِلْ)) .
قَالَ شَمِرٌ: فَضْخُ المَاء دَفْقُه، وانْفَضَخَ الدَّلْو إِذا دُفق مَا فِيهِ من المَاء، والدَّلْوُ يُقَال لَهَا: الْمِفْضَخَةُ، وَأنْشد:
(كَأَنَّ ظَهْرِي أَخَذَتْهُ زُلَّخَهْ ... لَمَّا تَمَطَّى بالْفَرِيِّ المِفْضَخَهْ)
قَالَ: وَيُقَال: بَينا الإنسانُ ساكتٌ إِذِ انْفَضَخَ.
قَالَ: وَهُوَ شِدَّةُ الْبكاء، وكثرةُ الدَّمع.
قَالَ: والقارُورَةُ تَنْفَضِخُ، إِذا تكسَّرت فَلم يبْق فِيهَا شَيْء.
والسِّقاءُ يَنْفَضِخُ وَهُوَ مَلآن، فينشقُّ ويَسيل مَا فِيهِ.
وحُكِيَ عَن بَعضهم أَنه قيل لَهُ: مَا الْإِنَاء؟ فَقَالَ: حَيْثُ تُفْضَخُ الدَّلْو _ أَي: تُدْفَق فتفيض فِي الإزاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: انْفَضَخَتِ القَرْحَة وغيرُها _ إِذا تفتَّحت وانعصرت.
قَالَ شمر: وَقد قيل: انْفَضَحَتِ الدَّلو _ بِالْجِيم _ وانْفَضَجَ بالعرقِ.
قَالَ: وَيُقَال: انْفَضَخَتِ العَيْنُ _ بِالْخَاءِ _ أَي: تفقَّأت.
وَقَالَ أَبُو زيد: فَضْختُ عينه فضخاً وفقأْتُها فَقْئاً، وهما وَاحِد، للعين والبطن وكلِّ وِعَاءٍ فِيهِ دُهنٌ أَو شراب.
خَ ض ب
اسْتعْمل من وجوهه: [خضب]
خضب: قَالَ اللَّيْث: خَضَبَ الرجلُ شيبَه والخِضَابُ الإسمُ، وكلُّ لونٍ غَيَّرَ لَوْنَه حُمْرَةً فَهُوَ مَخْضُوبٌ.
قَالَ: والخاضِبُ: من النعام.
قَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِذا اغْتَلَم فِي الرّبيع احمرَّت ساقاه، فَهُوَ خاضِبٌ _ نَعْتٌ جَاءَ للذَّكَر.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عُبَيْدَة _ قَالَ: الخاضِبُ من النعام: الَّذِي أكل الربيعَ فاحمرَّ ظُنْبُوباهُ أَو اخضرَّا أَو اصفرَّا، وَجمعه خواضِبُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الخَاضِبُ من النعام: الَّذِي قد أكل الخُضْرَةَ.
قَالَ: وَيُقَال: قد خَضَبَتِ الأرضُ أَي: اخضَرَّت.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سُمِّي الظليمُ خاضِباً لِأَنَّهُ يحمرُّ مِنقارُه وساقاه إِذْ تربَّعَ، وَهُوَ فِي الصَّيْفِ يَفْزَعُ ويَبْيَضُّ ساقاه.
قلت: والعربُ تقولُ: أَخضَبَتِ الأرضُ إخْضَاباً _ إِذا ظهر نَبْتُها، والخَضُوبُ: النَّبْتُ الَّذِي يُصيبُه المَطَرُ، فيِخْضِبُ مَا يخرجُ من الْبَطن.
وَيُقَال: اختَضَبَ الرَّجل، واختَضَبَت المرأةُ _ من غير ذكر الشَّعَر.
والْمِخْضَبُ مثلُ إجَّانَةٍ يُغْسَل فِيهَا الثيابُ.(7/55)
والْخَضَابُ: مَا يُخْتَضَبُ بِهِ من حِنَّاءٍ وكَتَمٍ وَوَسِمَةٍ وَغَيرهَا.
خَ ض م
خضم، ضمخ، مخض، ضخم: مستعملة.
خضم: فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَنه مَرَّ بِمَرْوَانَ _ وَهُوَ يَبْنِي بُنْياناً لَهُ _ فَقَالَ: ((ابْنُوا شَديداً وَأَمِّلُوا بَعيداً واخضِمُوا فسَنَقْضَمُ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيُّ: الخَضْمُ: بأَقْصَى الأضراس، والْقَضْمُ: بأدناها.
وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيمٍ _ يذكرُ أَهْلَ الْعرَاق:
(رَجَوْا بِالشِّقَاقِ الأكْلَ خَضْماً فَقَدْ رَضُوا ... أَخِيراً مِنَ اكْلِ الْخَضْم أَنْ يَأْكُلُوا الْقَضْمَا)
قَالَه حِين ظهر عبدُ الْملك على مُصْعَبٍ واستَوْلَى على الْعرَاق.
يُقَال: خَضِمْتُ أَخْضَمُ خَضْماً، وقَضِمْتُ أَقْضَمُ قَضْماً.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: الْخُضُمَّةُ عَظَمَةُ الذِّراع، وَهِي مُسْتَغْلَظُها.
قَالَ: والْخِضَمُّ: الْكَثِيرُ العَطِيَّة.
قَالَ: وَقَالَ الأمَوِيُّ: الْخِضَمُّ: الْمِسَنُّ، وَأنْشد قولَ أبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
(حَرَّى مُوَقَّعَةٌ مَاجَ الْبَنَانُ بِهَا ... عَلَى خِضَمٍّ يُسَقّى الْمَاءَ عَجَّاجِ)
والسَّيْفُ يَخْتَضِمُ العَظْمَ _ إِذا قَطَعَه، وَمِنْه قَوْله:
(إِنَّ الْقُسَاسِيَّ الَّذِي يُعْصَى بِهِ ... يَخْتَضِمُ الدَّارعَ فِي أَثْوَابِهِ)
واخْتَضَمَ الطريقَ _ إِذا قَطَعَه، وَأنْشد فِي صفة إبل ضُمَّرٍ:
(ضَوَابَعٌ مَثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ ... تَخْتَضِمُ البِيدَ بغَيْرِ تَعْبِ)
ابْن السكِّيت: قَالَ أَبُو مَهْدِيٍّ: الْخَضِيمَةُ: أَن تُؤخَذَ الْحِنْطَةُ فَتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثمَّ تجْعَلُ فِي القِدْر، ويُصبُّ عَلَيْهَا الماءُ فتُطْبَخُ حَتَّى تُنْضَجَ.
أَبُو زيد: يُقَال للماءِ الَّذي لَا يَبْلُغُ أَن يكون أُجَاجاً، ويشربُه المالُ دون النَّاس: المُخضِمُ والخَمْجَرِيرُ.
وَقَالَ الفرَّاء: خَضَّمٌ: مَاء لبني تَمِيم وَأنْشد:
(لَوْلاَ الإلَهُ مَا سَكَنَّا خَضَّمَا ... )
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ زَائِدَةُ القَيْسِيُّ: خَضَفَ بهَا وخَضَمَ بهَا _ إِذا ضَرَطَ.
قَالَ: وَقَالَهُ عَرَّامُ _ وَأنْشد للأَغْلَبِ:
(إنْ قَابَلَ الْعِرْسَ تَشكَّى وَخَضَمْ ... )
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: حَصَمَ: مَثْلُه. بِالْحَاء والصّاد.
ضمخ: قَالَ اللَّيْث: الضَّمْخُ: لَطْخُ الْجَسَد بالطِّيب حَتَّى كَأَنَّمَا يَقْطُرُ.
وَأنْشد فِي صفة النِّسَاء:
(تَضَمَّخْنَ بِالجَادِيِّ حَتَّى كَأَنَّما ... الأُنُوفُ إذَا اسْتَعْرَضْتَهُنَّ رَوَاعِفُ)
وَيُقَال: ضَمَخْتُهَا ضَمْخاً واضْطَمَخَتْ، وتَضمَّخَتْ.
قَالَ: والمَضْخُ: لغةٌ شَنِيعَةٌ فِي الضَّمْخِ.(7/56)
مخض: قَالَ اللَّيْث: المَخْضُ تَحريكُكَ المِمْخَضَ الّذي فِيهِ اللبنُ الْمَخِيضُ _ الَّذِي قد أُخِذتْ زُبْدَتُه.
قَالَ: يستعملُ المَخْضُ فِي أَشْيَاء كثيرةٍ البعيرُ يَمْخَضُ بِشِقْشِقَتِه.
وَأنْشد لرُؤْبَةَ:
(يَجْمَعْنَ زَأْراً وَهَدِيراً مَخْضاً ... )
والسَّحَابُ يَتَمَخَّضُ بمائه، وَيُقَال للدنيا: إِنَّهَا لَتَتَمَخَّضُ بِفِتنَةٍ مُنْكَرَةٍ.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
(تَمَخَّضَتِ المَنُون لَهُ بِيَوْمٍ ... أَنَى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تِمَامُ)
يَعْنِي: المنيَّةُ تَهَيَّأَتْ لأَنْ تَلِدَ لَهُ الموتَ، يَعْني النُّعْمَان بْنَ الْمُنْذِرِ أَو كِسْرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: يقالُ لِمَا اجْتمع من الأَلبان حَتَّى صَار وِقْرَ بَعِير فِي الْغَرِيبِ: الإِمْخَاضُ ويُجْمَع على الأَمَاخِيض.
وَيُقَال: هَذَا إِحْلاَبٌ من لبن، وإِمخَاضٌ من لبن، وَهِي الأحَالِيبُ والأَمَاخِيضُ.
وَيُقَال: مَا دَامَ اللبنُ الْمخيضُ فِي المِمْخَضِ فَهُوَ إِمْخاضٌ _ أَي: مَخْضةٌ واحَدةٌ.
قَالَ: والْمُسْتَمْخِضُ من اللَّبن: البطىءُ الرُّؤُوب، فَإِذا اسْتَمْخَضَ لم يكد يَرُوب، وَإِذا راب ثمَّ مَخَضْتَهُ فَعَاد مَخْضاً فَهُوَ المُسْتَمخِضُ، وَذَلِكَ أطيَب ألبان الْغَنَم.
وقولُه عزّ وجلّ: {فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة} [مَرْيَم: 23] .
المَخَاضُ: وَجَعُ الوِلادَة، وَهُوَ الطَّلْق أَيْضا.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَابْن شُميل: يُقَال: ناقةٌ مَاخِضٌ ومَخُوضٌ وَهِي الَّتِي ضَرَبَها المَخَاضُ، وَقد مَخَضَتْ تَمْخَضُ مَخَاضاً، وَإِنَّهَا لَتَمَخَّضُ بِوَلدِها وَهُوَ تَضَرَّبُ الوِلدِ فِي بَطنهَا، وَذَلِكَ حِين تُنْتَجُ فَتَمْتَخِضُ.
وَيُقَال: مَخِضَتْ وَمُخِضَتْ وتَمَخَّضَتْ وامْتَخَضَتْ.
وَيُقَال: مَاخِضٌ ومُخَّضٌ، ومَوَاخَضُ _ فِي الْجمع، وَأنْشد:
(وَمَسَدٍ فَوْقَ مِحَالٍ نُغَّضِ ... تُنْقِضُ إِنْقَاضَ الدَّجَاجِ المُخَّضِ)
وَقَالَ:
(مَخِضْتِ بهَا لَيْلَةً كُلَّهَا ... فَجِئْتِ بهَا مُؤْيِداً خَنْفَقِيقاَ)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ناقةٌ مَاخِضٌ وشاةٌ مَاخِضٌ، وامرأةٌ مَاخِضٌ _ إِذا دنا وِلاَدُها، وإبلٌ مَوَاخِضُ، وَقد أَخذهَا الطَّلْق والمَخَاضُ، والمِخَاضُ.
وَقَالَ نُصَيْرٌ: إِذا أَرَادَت الناقةُ أَن تضع قيل: مَخِضَتْ.
وعامَّةُ قَيْسٍ وتمِيم وأسدٍ يَقُولُونَ: مِخِضَتْ _ بِكَسْر الْمِيم _ ويفعلون ذَلِك فِي كل حَرْفٍ كَانَ قبل أحدِ حُروف الْحَلقِ فِي ((فَعِلَتْ)) وَفِي ((فَعِيل)) يَقُولُونَ: بِعِيْرٌ وزِئيرٌ وشِهِيقٌ، ونِهِلَتِ الإبلُ، وسِخِرْتُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال مَخِضَتْ المرأةُ وَلَا يُقَال: مُخِضَتْ، وَيُقَال: مَخَضَتْ لَبَنَها.(7/57)
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: إِذا أَرَدْتَ الْحَوَامِل من الْإِبِل قُلْتَ: نُوقٌ مَخَاضٌ _ واحدتها (خَلِفَةٌ) على غير قِيَاس، كَمَا قَالُوا لوَاحِدَة النِّسَاء: ((امرأةٌ) ولواحدة الْإِبِل: ((نَاقَةٌ)) و ((بَعِيرٌ)) .
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا حُمِلَ الْفَحْلُ على نَاقَة فلَقِحَتْ فَهِيَ خَلِفَةٌ وجَمْعها _ مَخَاضٌ ووَلَدُها _ إِذا استَكْمَلَ سَنَةً من يومٍ وُلِدَ وَدخل فِي السّنة الأخْرى _: ابنُ مَخَاضٍ لأنَّ أُمَّهُ لحقت بالمَخَاضِ من الْإِبِل، وَهِي الْحَوَامِلُ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا قيل للنُّوقِ _ إِذا حَمَلتْ _: مَخَاضٌ، تفاؤُلاً بِأَنَّهَا ستَمْخَضُ بوَلَدِها، إِذا نُتِجَتْ.
وَيُقَال: مَخَضْتُ ماءَ الْبِئْر بالدَّلْو _ إِذا أَكْثَرتَ النَّزْعَ مِنْهَا بدِلاَئِكَ، وحرَّكْتَها لِتَمْتلِىء، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
(لَنَمْخَضَنْ جَوْفَكِ بِالدُّلِيِّ ... )
والمُسْتَمْخِضُ: البَطِىءُ الرُّؤُوب من اللَّبن، وَقد اسْتَمْخَض لَبنُكَ _ أَي: لَا يكادُ يروب، وَإِذا اسْتَمْخَضَ اللَّبَنُ لم يكَدْ يَخْرُجُ زُبْدُهُ، وَهُوَ من أطيب اللَّبن، لِأَن زُبْدَهُ اسْتُهْلِكَ فِيهِ، واستَمْخَضَ اللَّبن أَيْضا _ إِذا أَبْطَأَ أخذُهُ الطَّعْمَ بعد حَقْنِهِ فِي السِّقاء.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: تَقول الْعَرَب _ فِي أُدْعِيَّةٍ يَتَدَاعَوْنَ بهَا _: صَبَّ الله عليكَ أُمَّ حُبَيْنٍ مَاخِضاً _ يَعْنِي الليلَ.
ضخم: قَالَ اللَّيْث: الضَّخْمُ: الْعَظِيم من كل شَيْء، والمصدر: الضَّخَامَةُ، وَقد ضَخُمَ، وَامْرَأَة ((ضَخْمَةٌ)) ، ونسوةٌ ضَخْماتٌ _ بِسُكُون الْخَاء _ لِأَنَّهُ نَعْتٌ، والأسماءُ تُجْمَع على
((فَعَلاَتٍ) نَحْو شَرْبة وشَرَبَات، وقَرْيَة وقَرَيَات، وتَمْرَة وتَمَرَات؛ وبناتُ الْوَاو فِي الْأَسْمَاء تُجْمَعُ على ((فَعْلاَتٍ)) نَحْو: جَوْزَةٍ وجَوْزَاتٍ _ لِأَنَّهُ إِن ثُقِّلَ صَارَت الواوُ أَلِفاً، فتُرِكَت الواوُ على حَالهَا، كَرَاهَة الألتباس.
أَبْوَاب الخَاء والصَاد
خَ ص س _ خَ ص ز _ خَ ص ط: أهملت وجوهها.
خَ ص د
اسْتعْمل من وجوهها: صخد، دخَص.
صخد: قَالَ اللَّيْث: الصَّخْذُ صَوت الْهَام والصُّرَدِ تقولُ: صَخَدَ الْهَامُ يَصْخَدُ صَخْداً وَصَخِيداً، وَأنْشد:
(وَصَاحَ مِنَ الأفْرَاطِ هَامٌ صَوَاخِدُ ... )
والصَّيْخَدُ: عَيْنُ الشَّمْس _ سُمِّي بِهِ لشدَّة حَرِّها، وَأنْشد:
(وَقْدَ الْهَجِير إِذَا اسْتَذَابَ الصَّيْخَدُ ... )
وَيُقَال للحِرْباء: اصْطَخَدَ _ إِذا تَصَلَّى بحَرِّ الشَّمْس، واستقبلها.
قَالَ: والصَّيْخُود: الصَّخْرة المَلْساء الصُّلبة لَا تُحَرَّكُ من مَكَانهَا، وَلَا يَعْمَل فِيهَا الْحَدِيد، وَأنْشد:
(حَمْرَاءُ مَثْلُ الصَّخْرَةِ الصَّيْخُودِ ... )
وَهُوَ الصَّلُودُ.
وحرُّ صاخدٌ: شَدِيد.
وَيُقَال: أَصْخَدْنا _ كَمَا تَقول: أظهرنَا.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: يومٌ صَيْخُودٌ: شَدِيد الحَرِّ.(7/58)
وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِي والفرَّاء.
وَقد صَهَدَهُمُ الْحَرُّ وصَخَدَهُمْ.
شَمِرٌ: _ عَن ابْن شُمَيْل _: الصَّيْخُودُ: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَة الَّتِي لَا يَرْفَعُها شَيْء وَلَا يَأْخُذ فِيهَا مِنْقَارٌ وَلَا شَيْء.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(يَتْبَعْنَ مِثلَ الصَّخْرَةِ الصَّيْخُودِ ... )
وَقَالَ شَمِر: قيل: صَخْرَةٌ صَيخُودٌ وَهِي الصُّعلبة الَّتِي يَشْتَدُّ حرُّها _ إِذا حَمِيَتْ عَلَيْهَا الشَّمْس.
وَقَالَ غَيره: صَخَدَ فلانٌ إِلَى فلَان يَصْخَدُ إِلَيْهِ صُخُوداً _ إِذا اسْتمع مِنْهُ، وَمَال إِلَيْهِ فَهُوَ صاخِدٌ.
وَقَالَ الهُذَلِيُّ:
(هَلاَّ عَلِمتَ أَبَا إياسٍ مَشْهَدِي ... أَيَّامَ أنْتَ إِلَى المَوَالي تَصْخَدُ)
وَيُقَال: أتيتُه فِي صَخَدان الحَرِّ وصَخْدانِهِ _ أَي: فِي شِدَّته.
دخص: قَالَ اللَّيْث: الدَّخُوصُ: نعْتٌ لِلْجَارِيَةِ التَّارَّةِ.
قلت: وَهَذَا حَرْفٌ غريبٌ، لَا أحفظه لغير اللَّيْث:
خَ ص ت _ خَ ص ظ _ خَ ص ذ خَ ص ث: مهملات.
خَ ص ر
خصر، خرص، صرخَ، صَخْر، رخص، رصخ: مستعملات.
خصر: قَالَ اللَّيْث: الْخَصْرُ: وسَط الْإِنْسَان، والخاصرَتان: مَا بَين الْحَرْقَفَةِ والقُصَيْرَى.
وَهُوَ مَا قَلَصَتْ عَنهُ القُصْرَيَانِ، وتقدَّم من الحَجَبَتَيْن وَمَا فَوق الخَصْرِ من الْجِلدَة: الرَّقيقة الطِّفْطِفَةِ.
وَيُقَال: رجلٌ ضخمُ الخَوَاصر وخَصْرُ القَدَم: هُوَ أَخْمَصُهَا، وَقدم مُخَصَّرَةٌ ومَخْصُورَةٌ، ويَدٌ مُخَصَّرَةٌ _ إِذا كَانَ فِي رُسْغِها تَخصِيرٌ _ كَأَنَّهُ مربوط، أَو فِيهِ مَحَزٌّ مستديرٌ، ورجُلٌ مُخَصَّرٌ: مَخْصُورُ البَطْن أَو القَدَم، وخَصْرُ الرَّمْل: طريقٌ أَعْلَاهُ وأسفلُه: فِي الرِّمال خاصّةً. وَأنْشد:
(أَخَذْنَ خَصُورَ الرَّمْلِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ ... )
والخَصْرُ: من بُيوت الْأَعْرَاب، مَوْضِعُه لطيفٌ، والاخْتِصَارُ فِي الْكَلَام: أَن تَدَعَ الفُضُولَ، وتَسْتَوجِزَ الَّذِي يَأْتِي على الْمَعْنى، وَكَذَلِكَ الاخْتصارُ فِي الطَّرِيق، والاخْتصارُ فِي الجَزِّ: أَن لَا تَسْتَأْصِلَه.
وَفِي الحَدِيث: ((أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ إلَى البَقِيع، وَبِيَدِهِ مِخْصرَةٌ لَهُ فَجَلَسَ وَنَكَتَ بِهَا فِي الأَرْضِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: المِخْصَرَةُ مَا اخْتَصَرَ الإنسانُ بِيَدِهِ فأَمْسَكَهُ، مِنْ عَصاً، أَو عَنَزَةٍ أَو عُكَّازَةٍ وَمَا أَشْبَهَها.
قَالَ: وَمِنْه قيل: فلانٌ مُخَاصِرٌ فلَان _ إِذا أَمْسَك بيد صَاحبه.
وَأنْشد لعبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ حَسَّانٍ:
(ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إلَى القُبَّةِ الخَضْرَاءِ ... تَمشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ)
_ أَي: أخذْتُ بِيَدِهَا.
وَقَالَ الفرَّاء: خَرَجَ القومُ مُتَخَاصِرِينَ _ إِذا كَانَ بعضُهُم آخِذاً بيدِ بَعْضٍ.(7/59)
قَالَ: ويقالُ: خَاصَرْتُ الرجل وخَازَمْتُه، وَهُوَ أَن تَأْخُذَ فِي طريقٍ ويأخذَ هُوَ فِي غَيره، حتَّى تَلْتَقِيَا فِي مكانٍ واحدٍ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: المُخَاصَرَة، أَن يَمْشيَ الرّجلَانِ ثمَّ يفترقا ثمَّ يلتقيا على غير ميعاد.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُصلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّراً)) قيل: مَعْنَاهُ: أَن يُصَلِّي الرجل وَهُوَ وَاضع يَده على خَصْرِه.
وَجَاء فِي الحَدِيث ((أَنَّه رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ)) .
وَفِي حَدِيث آخرَ: ((الْمُتَخَصِّرُون يَوْمَ القِيَامةِ عَلَى وُجُوههمْ النُّورُ)) .
قَالَ أَبُو العبّاس: مَعْنَاهُ: المُصَلُّون بِاللَّيْلِ، فَإِذا تَعِبُوا وضعُوا أيْدِيَهُمْ على خَوَاصِرِهِمْ من التَّعَب.
قَالَ: ويكُون مَعْنَاهُ أَنهم يأتُونَ _ يَوْم الْقيامة، وَمَعَهُمْ أعْمال يتَّكِئُون عَلَيْهَا _ مأخوذٌ من الْمِخْصَرَةِ.
حَدثنَا عِلِيُّ بنُ الْحُسَيْنِ بن سَعْدِيل _ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن بُدَيْلٍ _ عَن أبي أُسامة عَن هِشام عَن محمدِ بْنِ سِيرِينَ عَن أبي هُرَيْرَة _ قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْ يُصَلِّي الرَّجُلُ مُخْتَصِراً)) .
وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيره، فَقَالَ بعضهُم: مَعْنَاهُ: أَن يأخد بِيَدِهِ عَصا يتَّكِىءُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ أَن يصلِّيَ وَهُوَ واضِعٌ يَدَهُ على خَصْرِهِ.
وَجَاء فِي الحَدِيث ((أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّار)) .
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَصْرُ: البَرْدُ الَّذِي يَجِدُه الإنسانُ فِي أَطْرَافه، وثَغْرٌ خَصِرٌ: بَارِدُ الْمُقَبَّل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْخَصِرُ: الَّذِي يَجِدُ البَرْدَ، فَإِذا كَانَ مَعَه جُوع فَهُوَ خَرِصٌ.
شَمِرُ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخَصْرَانِ _ من النَّعل _ مُسْتَدَقّهَا، ونَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ: لَهَا خَصْرَانِ.
ونُهِيَ عَن اخْتِصَارِ السَّجْدَةِ، وَهُوَ على وَجْهَيْن: أحدُهمَا: أَن يَخْتَصِرَ الآيةَ الَّتي فِيهَا السجُودُ، فيسجدَ بهَا.
وَالثَّانِي: أَن يقرأَ السُّورَةَ، فَإِذا انْتهى إِلَى السَّجْدَة جاوَزَها، وَلم يَسْجُدْ لَهَا.
ومُخْتَصَرَاتُ الطُّرُق: الَّتِي تَبْعُدُ فِي جَدَدٍ سهْلٍ، وَإِذا سُلِكَ الطريقُ الوَعْرُ كَانَ أَقْرَبَ.
خرص: قَالَ الله جلّ وعزّ: {قتل الخراصون} [الذاريات: 10] .
قَالَ الزَّجَّاجُ: {الخراصون} : الكذَّابون.
يُقَال: تَخَرَّصَ فلانٌ عَلَيَّ الباطلَ واخْتَرَصَهُ _ أَي: اخْتَلقه وافتعَله.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون الخراصون الَّذين إِنَّمَا يَتَظَنَّوْنَ الشَّيْء، لَا يحُقُّونَهُ فيعمَلون بِمَا لَا يَعلمون.
وَقَالَ الفرَّاء _ فِي قَوْله: {قتل الخراصون} : يَقُول: لُعِنَ الكذَّابون الَّذين قَالُوا: مُحمَّدٌ شاعرٌ، وساحر وأشْبَاهَ ذَلِك _ خَرَصُوا مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ.(7/60)
قلتُ: وأصْلُ الْخَرْصِ: التَّظَنِّي فِيمَا لَا يَستَيْقِنُه. وَمِنْه قيل: خَرَصْتُ النَّخْلَ والكَرْم _ إِذا حَزَرْتَ ثمَرَه، لِأَن الحَزْر إِنَّمَا هُوَ تقديرٌ بِظَنٍّ _ لَا إحاطَةٍ، ثمَّ قيل للكَذِب: خَرْصٌ، لِمَا يَدْخُلُه من الظُّنُونِ الكاذبة.
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث الخُرَّاصَ إِلَى نَخِيلِ خَيْبَرَ عِنْد إِدْرَاك ثَمَرِها فَيحْزُرُونَهُ رُطباً كَذَا، وَتَمْرًا كذَا، ثمَّ يَأْخُذهُمْ بمَكِيلَةِ ذَلِك من التَّمْر الَّذِي يجب لَهُ وللْمُوجِفِينَ مَعَه.
وَإِنَّمَا فعلَ ذَلِك لما فِيهِ من الرِّفقِ لأصْحاب الثِّمار فِيمَا يأكُلُونَهُ مِنْهُ، مَعَ الِاحْتِيَاط للفُقراء _ فِي العُشْر، ونِصْفِ العُشْر وَلأَهل الفَيْءِ _ فِيمَا يَخُصُّهُمْ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّهُ أَمَرَ بالخَرْصِ فِي النَّخْلِ والكَرْمِ خاصَّةً دُونَ الزَّرْع الْقَائِمِ.
وَذَلِكَ أَن ثِمَارَهُما ظاهرةٌ، والخارِصُ يُطيفُ بهَا، فَيَرَى مَا ظهر من الثِّمَار، وَلَيْسَ ذَلِك كالحَبِّ الَّذِي هُوَ فِي أكمامه.
ابْن السكِّيت: خرَصْتُ النخلَ خرْصاً، وكَمْ خِرْصُ نَخْلِكَ؟ _ بِكَسْر الْخَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَرِيصُ: شِبْهُ حَوْضٍ وَاسع، يَنْفَجِرُ إِلَيْهِ الماءُ من نهْرٍ ثمَّ يعودُ إِلَى النَّهر، والخَرِيصُ مُمْتَلِىءٌ.
وَقَالَ عَدِيٌّ:
(والمَشْرَبُ المَصْقُولُ يُسْقَى بهِ ... أَخْضَرَ مَطْمَوثاً كماءِ الْخَرِيصْ)
قَالَ الْأَزْهَرِي: قرأته فِي شعر عَدِيّ:
(والمَشْرَفُ المَشْمُولُ يُسْقَى بِهِ ... )
وَقيل _ فِي تَفْسِيره _: المَشْرَفُ: إِنَاء كَانُوا يشربون بِهِ.
وَأما الخَرِيصُ: فَإِن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: افْتَرَقَ النَّهْرُ على أَرْبَعَة وَعشْرين خريصاً _ يَعْنِي نَاحيَة مِنْهُ.
قَالَ: وَيُقَال: خريصُ النَّهر: جانِبُه.
قَالَ: والمَشْمُولُ: الطَّيِّبُ، يُقَال للرجل _ إِذا كَانَ كَرِيمًا _: إِنَّه لمشمول.
والمَطْمُوثُ: الممسوس.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخَريصُ: الخَليجُ من الْبَحْر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَرِيصُ: جَزِيرَةُ الْبَحْر.
أَبُو عبيد: الخُرْصُ: السِّنانُ وَجمعه خُرْصانٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الخِرْصُ: الرُّمْحُ اللطيفُ وَجمعه خِرْصانٌ.
قَالَ: والخِرْصانُ: أَصْلهَا القُضْبانُ.
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيم:
(تَرَى قَصَدَ المُرَّانِ مُلْقىً كَأَنَّهُ ... تَذَرُّعُ خِرْصَانٍ بأَيْدِي الشَّوَاطِب)
وَقَالَ غيرُه: جعلَ الْخُرْصَ رُمحاً، وَإِنَّمَا هُوَ نِصْفُ السِّنانِ الْأَعْلَى _ إِلَى مَوضِع الجُبَّة.
قَالَ: وَيُقَال: خِرْصُ الرُّمح، وخُرْصٌ وخَرْصٌ _ ثَلَاث لُغات _ وخِرْصَانٌ: جماعةٌ.
وَقد مَرَّ تَفْسِير الْبَيْت فِي كتاب الْعَيْن.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الخُرْصُ _ أَيْضا _: الْحَلقَةُ من الذَّهَب والفِضَّة.(7/61)
قلت: وَقد قيل للدُّرُوع: خُرْصَانٌ لِأَنَّهَا حَلَقٌ، والواحدة: خِرْصٌ، وَأنْشد:
(سَمُّ الصَّباحِ بِخُرْصَانٍ مُسَوَّمَةٍ ... والمَشْرَفِيَّةُ نُهْدِيهَا بأَيْدِيناً)
قَالَ بَعْضُهم: أَرَادَ بالْخُرْصانِ: الدُّرُوعَ وتَسْويمُها: حَلَقٌ صُفرٌ فِيهَا.
وَرَوَاهُ بعضُهم:
( ... بِخُرْصانٍ مُقَوَّمَةٍ ... )
فَجَعلهَا رِماحاً.
وَفِي الحَدِيث: ((أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَظَ النِّسَاءَ، وحَثَّهُنّ على الصَّدَقَةِ فجعلَتِ المرْأَةُ تُلقِي الخُرْصَ والْخَاتَمَ)) .
قَالَ شَمِرٌ: الخُرْصُ: الْحَلْقَةُ الصَّغيرة من الحُلِيِّ _ كحَلْقَةِ الْقُرْطِ ونحوِها.
وَفِي حَدِيث سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: ((أنَّ جُرْحَهُ قد برَأَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلاَّ كالْخُرْصِ)) _ أَي: فِي قِلَّة أثَرِ مَا بَقي من الْجُرح.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُرْصُ: العُودُ، وَأنْشد:
(ومِزاجُها صَهْباءُ فَتَّ خِتَامَهَا ... فَرْدٌ مِنَ الْخُرْصِ الْقِطَاطِ مُثَقَّبُ)
قَالَ: وَقَالَ الْهُذَلِيُّ فِي مِثْلِهِ
(يُمَشِّي بَينَنَا حَانُوتُ خَمْرٍ ... مِنَ الْخُرْصِ الصَّرَاصِرَةِ الْقِطَاطِ)
وَقَالَ اللَّيْث: وَقَالَ بَعْضُهم: الخُرْصُ: أَسْقِيَةٌ مُبَرَّدَةٌ تُبَرِّدُ الشَّرَاب.
قلتُ: هَكَذَا رَأَيْتُ مَا كتبْتُه فِي كتاب اللَّيْث.
فأمَّا قولُه: ((الخُرْصُ الْعُودُ)) . فَلَا معنى لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْله ((الخُرْص أَسقِيَةٌ مُبَرِّدَةٌ)) ، والصوابُ عِنْدِي فِي الْبَيْتَيْنِ:
( ... مِن الخُرْسِ الْقِطَاطِ ... ...)
و (مِنَ الْخُرْسِ الصَّرَاصِرَةِ ... ...)
بِالسِّين _، وهم خَدَمٌ عُجْمٌ لَا يُفْصِحون فكأنهم خُرسٍ لَا يَنْطِقون.
وَقَوله:
(يُمَشِّي بَيْنَنا حانُوتُ خَمْرٍ ... )
يُرِيد صاحبَ حَانوتِ خَمْرٍ، فاختَصَرَ الكلامَ.
وَيُقَال: إبِلٌ خَرِصَةٌ وخَرِصاتٌ _ إِذا أَصَابَهَا بَرْد وجُوع.
قَالَ الحُطَيْئَةُ:
(إذَا مَا غَدتْ مَقْرُورةً خَرِصاتِ ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: هُوَ يَخْتَرِصُ: أَي يَجعل فِي الخِرْصِ مَا يُريد وَهُوَ الجِرابُ، ويَكْتَرِصُ _ أَي: يَجْمَع ويَقْلِد.
رخص: قَالَ اللَّيْث: الرَّخْصُ: الشيءُ الناعم اللَّيِّن إِن وَصَفْتَ بِهِ المرأةَ، فَرَخَاصَتُها: نَعْمَةُ بَشَرَتِها، ورِقَّتُها، وَكَذَلِكَ رَخَاصَةُ أَنامِلِها: لِينُها _ وَإِن وصفْتَ بِهِ البَنَانَ فَرَخَاصَتُها: هَشَاشتُها، والفعْلُ: رَخُصَ يَرْخُصُ.
وَيُقَال: رَخُصَ السِّعْرُ يَرْخُصُ رُخْصاً واسْتَرْخَصْتُ الشَّيْء: رأيتُه رَخِيصاً، وارْتَخَصْتُه: اشتريتُه رَخِيصاً، وأَرْخَصْتُه: جلعتُه رَخِيصاً، وَيكون أَرْخَصْتُه: وجدتُه رَخِيصاً.(7/62)
وَقَالَ اللَّيْث: الموتُ الرَّخِيصُ: الذَّريعُ، والرُّخْصَةُ: تَرْخِيصُ الله للعَبْد فِي أَشْياءَ خفَّفها عَنهُ.
وَتقول: رَخَصْتُ لفُلَان فِي كَذَا وَكَذَا _ أَي: أذِنْتُ لَهُ بعد نَهْيي إيَّاه عَنهُ.
وَقَالَ الشَّاعِر فِي أَرْخصْتُ الشَّيْء _ إِذا جعلتُه رخيصاً.
(نُغَالي اللَّحْمَ للأَضْيَافِ نِيئاً ... وَنُرْخِصُهُ إذَا نَضِجَ القُدُورُ)
وحُكي عَن أبي عَمْرو: أَنه قَالَ: رُخْصَتِي من المَاء، وخُرْصَتِي _ يُريدون: شِرْبي.
وَقَالَ غيرُه: هِيَ الخُرْصَةُ والرُّخْصَةُ وَهِي الفُرْصَةُ والرُّفْضة بِمَعْنى وَاحِد.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الرَّخِيصُ: الثَّوْبُ النَّاعِمُ.
صرخَ: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الصارخُ: المستغيثُ، والصَّارخ: المُغيث.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {مَا أَنا بمصرخكم وَمَا أَنْتُم بمصرخي} [إِبْرَاهِيم: 22] .
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: مَعْنَاهُ: مَا أَنا بمُغيثِكم وَمَا أَنْتُم بِمُغِيثيَّ.
قَالَ: والصَّارخُ: المُستغيثُ، والْمُصْرِخُ: المُغِيثُ _ يُقَال: صَرخ فلَان يَصرُخ صُراخاً _ إِذا اسْتَغَاثَ فَقَالَ: واغَوْثَاه، واصَرْخَتَاه.
قَالَ: والصَّرِيخُ _ بِمَعْنى الصَّارِخ _ مِثلُ قديرٍ وقادرٍ.
قَالَ: والصَّرِيخُ يكون فَعِيلاً بِمَعْنى مُصْرِخ، مثلُ نذيرٍ بِمَعْنى مُنْذِرٍ، وسميعٍ بِمَعْنى مُسْمِعٍ.
وَقَالَ زُهَيرٌ:
(إذَا مَا سَمِعْنا صَارِخاً مَعَجَتْ بِنَا ... إلَى صَوْتِهِ وُرْقُ المَرَاكِلِ ضُمَّرُ)
قَالَ: وَالصارخ: المُسْتغيث.
قلتُ: ولمْ أَسْمَع فِي الصَّارخ: أَنَّه يَكون بِمَعْنى ((الْمُغِيثِ)) لغير الْأَصْمَعِي، والناسُ كلُّهم على أَن ((الصَّارخَ)) : المستغيثُ والْمُصْرِخُ: الْمُغِيثُ، والْمُسْتَصْرِخُ: الْمُسْتغيث أَيْضا.
ورَوى شَمِرٌ _ لأبي حَاتِم _ أَنه قَالَ: الاسْتِصراخ: الإغاثةُ.
قَالَ: والاسْتِصْرَاخ: الاستغاثة.
فِي حَدِيث ابْن عُمَر: ((أنَّه اسْتُصْرِخَ عَلَى صَفِيَّةَ)) .
واستِصْراخُ الحَيِّ على المَيِّت: أَن يُسْتعَانَ بِهِ ليقوم بتجهيز الميِّت، وَمَا يجب من دَفْنِه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ.
قَالَ: والصَّارِخَةُ: _ بِمَعْنى الإغاثة _ مَصْدرٌ على ((فَاعِلَةٍ)) ، وَأنْشد:
(فَكَانُوا مُهْلَكِي الأَبْنَاءِ لَوْلاَ ... تَدَارُكُهُمْ بَصَارِخَةٍ شَفِيقِ)
قَالَ: والصَّارخةُ: الإغاثة.
وَقَالَ اللَّيْث: قيل: الصَّارِخةُ _ بِمَعْنى الصَّرِيخِ _: المغِيثُ.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ شَمِرٌ.
وَقَالَ اللَّيث: الصَّرْخةُ صيحَةٌ شديدةٌ عِنْد فَزْعَةٍ أَو مُصيبةٍ.
قَالَ: والاصْطِرَاخ: التَّصارُخُ _ افْتِعالٌ.
وَمن أمثالهم: ((كَانَتْ كَصَرْخَة الحُبْلَى)) _ لِلْأَمْرِ يفجؤك.(7/63)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الصَّرَّاخ: الطَّاوُوسُ.
صَخْر: قَالَ اللَّيْث: الصَّخْرُ عِظامُ الحِجارة وصِلاَبُها.
قَالَ: والصّاخِرُ إناءٌ من خزَفٍ.
قلتُ: يقالَ: صَخْرَةٌ وصَخْرٌ وصَخَرٌ وَيُقَال: صَخْرَةٌ وصَخَرَانٌ.
وَيُقَال: صَخْرٌ، وصُخُورٌ، وصُخُورَةٌ.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _: الصَّاخرُ صوْتُ الْحَدِيد بعضُه على بعض.
رصخ: مهمل.
إِلَّا أنْ يكون رَصَخَ _ بالصَّاد _ لُغَة فِي رَسَخَ الشيءُ _ إِذا ثَبت.
خَ ص ل
خلص، خصل، لخص، صلخ: مستعملةٌ.
خلص: قَالَ اللَّيْث: خَلَصَ الشيءُ خُلُوصاً _ إِذا كَانَ قد نَشِبَ، ثمَّ نجا وسَلم، وخلَصَ فلَان إِلَى فلَان _ أَي: وَصَلَ إِلَيْهِ، وخَلَصَ الشَّيْء خلاَصاً.
والْخَلاَصُ يكونُ مَصْدَراً للشَّيْء الخالِص.
وَيُقَال: فلانٌ خالِصَتِي وخُلْصَاني _ إِذا خَلَصَتْ مودَّتُهُما.
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ خُلْصَاني وخُلَصائي.
وَتقول: هَذَا الشيءُ خالِصةٌ لَك _ أَي: خالِصٌ لكَ خاصَّةً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا} [الْأَنْعَام: 139] .
أَنَّثَ الْخَالِصَةَ لِأَنَّهُ جعل معنى ((مَا)) . التأنيثَ، لِأَنَّهَا فِي معنى الْجَمَاعَة، كَأَنَّهُ قَالَ: جماعةُ مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خالصةٌ لذكورنا.
وَأما قَوْله: {ومحرم على أَزوَاجنَا} [الْأَنْعَام: 139] فَإِنه ذكَّره لِأَنَّهُ رَدَّهُ على لفظ ((مَا)) .
وقرأه بَعضهم: (خالِصُهُ لِذُكُورِنَا) يَعْنِي مَا خَلَصَ حَيّاً.
وأمَّا قولُه جلّ وعزّ: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَءِامَنُوا فيِ الحَيَوَةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ} [الْأَعْرَاف: 32] فقد قرىء: (خالصةٌ) و (خَالِصَة) .
الْمَعْنى: أَنَّهَا حَلاَل للْمُؤْمِنين: وَقد يَشْرَكُهُم فِيهَا الْكَافِرُونَ، فَإِذا كَانَ يومُ الْقِيَامَة خلَصَت للْمُؤْمِنين فِي الْآخِرَة، وَلَا يَشرَكُهُمْ فِيهَا كَافِر.
وأمَّا إعرابُ (خالِصَةٌ) فَهُوَ على أَنه خبر بعد خبر، كَمَا تَقول: زَيْدٌ عَاقل لَبِيب.
الْمَعْنى: قُلْ هِيَ ثابتةٌ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، خالصةٌ يَوْم الْقِيَامَة.
وَمن قَرَأَ: (خَالِصَةٌ) نَصبه على الْحَال على أنَّ العاملَ فِي قَوْله: {فِي الحَيَوةِ الدُّنْيَا} فِي تَأْوِيل الْحَال، كَأَنَّك قلتَ: قل هِيَ ثابتةٌ للْمُؤْمِنين، مُسْتَقِرَّة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا، خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار} [ص: 46] فقد قرىء: (بخالصة ذكرى الدَّار) . على إِضَافَة ((خالِصةِ)) إِلَى ((ذِكْرَى)) فمَنْ قَرَأَ بِالتَّنْوِينِ جعل ((ذِكْرَى الدَّارِ)) بدَلاً من ((خالِصَةٍ)) ، وَيكون الْمَعْنى: إنَّا أَخْلَصْنَاهم(7/64)
بِذِكْرَى الدَّار،، وَمعنى الدَّار هَهُنَا: الدارُ الآخِرة، وَمعنى {أخلصناهم} : جعلناهم لنا خالصين، بِأَن جعلناهم يُذَكِّرُونَ بدار الْآخِرَة ويُزَهِّدُون فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ شأنُ الْأَنْبِيَاء.
وَيجوز أَن يَكُونُوا يكثرونَ ذِكْرَ الآخرةِ، والرجوعِ إِلَى الله.
وَقَوله جلَّ وعزَّ {خلصوا نجيا} [يُوسُف: 80] مَعْنَاهُ: تَمَيَّزوا عَن النَّاس _ يَتناجَوْنَ فِيمَا أَهَمّهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: الإخْلاَصُ: التَّوْحيد لله خَالِصا، وَلذَلِك قيل لسورة: {قل هُوَ الله أحد} [الْإِخْلَاص: 1] : ((سُورَة الْإِخْلَاص)) .
وقولُه جلّ وعزّ: {إِنَّه من عبادنَا المخلصين} [يُوسُف: 24] وقرىء (المُخْلِصين) . فالمُخْلَصُونَ: المختارون، والمخلِصُون: الموحِّدون.
قَالَ: والتَّخليص: التنحيةُ مِنْ كلِّ مَنْشَبٍ تَقول: خلَّصْتُهُ تخليصاً _ أَي: نحَّيْتُه تَنْحِيَة وتَخَلَّصْتُهُ تَخَلُّصا _ كَمَا يُتَخَلَّصُ الغَزْلُ إِذا الْتبس.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيد _ قَالَ: الزُّبْدُ حِين يُجْعَلُ فِي البُرْمَة ليُطْبَخَ سَمْناً فَهُوَ الإذوابُ والإذوابَة، فَإِذا جَاءَ وخَلصَ اللَّبنُ من الثُّفْل فَذَلِك اللبنُ الأُثْرُ والْخِلاَصُ والثُّفْل الَّذِي يكون أَسْفَل _ هُوَ الْخُلُوصُ.
قلتُ: وسمعتُ العربَ تَقول _ لِمَا يُخَلَّصُ بِهِ السَّمْنُ فِي البُرْمَة مِن اللَّبن وَالْمَاء والثُّفْل _ الخِلاَصُ، وَذَلِكَ إِذا ارتَجَن واختَلَط اللَّبن بالزُّبْدِ، فيؤخذُ تَمْرٌ أَو دقيقٌ
أَو سَوِيقٌ، فيُطرَحُ فِيهِ ليخلِّصَ السمْنَ من بَقِيَّة اللَّبن المخْتَلِط بِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي بِهِ يُخَلَّصُ: هُوَ الخِلاَصُ _ بِكَسْر الْخَاء.
وَأما الخُلاَصة فَهُوَ مَا بَقِي فِي أَسْفَل البُرْمَة من الْخِلاَصِ وغيرِه من ثُفْلٍ ولبَنٍ وغيرِه.
وقالَ الليثُ: الخِلاَصُ: رُبٌّ يُتَّخذُ مِنَ التَّمْرِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: الزُّبْدُ خِلاَصُ اللَّبَنِ _ أَي مِنْهُ يُسْتَخْلَصُ _ أَي: يُسْتَخْرَجُ.
وَقَالَ غَيره: الْخَلْصَاءُ بَلدٌ بالدَّهْنَاءِ معروفٌ، وذُو الْخَلْصَةِ موضعٌ آخرُ كَانَ فِيهِ بيتٌ لصنمٍ لَهُم فهُدِم.
وَقَالَ اللَّيْث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ _ إِذا كَانَ مُخُّه قصيداً سَميناً، وَأنْشد:
(مُخْلِصَةَ الأَنْقاءِ أَوْ زَعُومَا ... )
وَقَالَ غيرُه: الخَالِصُ: الأَبْيَضُ من الألوان _ ثَوْبٌ خَالِصٌ: أَبْيَضُ، ومَاءٌ خَالِصٌ: أَبيَضُ.
شَمرٌ: عَن الْهَوازِنيِّ، قَالَ: إِذا تَشَظَّى الْعِظَامُ فِي اللَّحْم فَذَلِك الْخَلَصُ.
قَالَ: وَذَلِكَ فِي قَصَبِ العِظام فِي الْيَد والرِّجل _ يُقالُ: خَلِصَ الْعَظْمُ يَخْلَصُ خلَصاً _ إِذا برأَ وَفِي خَلَلِهِ شيءٌ من اللَّحْم.
وروى سَلَمَة، عَن الفرَّاء، أَنه قَالَ: خَلَّصَ الرَّجُلُ _ إِذا أَخذ الْخُلاَصَةَ، وخَلَّصَ _ إِذا أعْطى الْخَلاَصَ، وَهُوَ مِثْلُ الشَّيْء وَمِنْه خَبرُ شُرَيحٍ ((أَنَّه قَضَى فِي قَوْسٍ _ كَسَرَهَا رَجُلٌ _ لِرَجُلٍ بالخَلاَصِ)) أَي: بمثلهَا.(7/65)
خصل: قَالَ اللَّيْث: الْخُصْلَةُ لَفِيفَةٌ من شَعَرٍ وَجَمعهَا خُصَلٌ. وَمِنْه قَول لَبِيدٍ:
(يَتَّقِينِي بِتَلِيلٍ ذِي خُصَلْ ... )
قَالَ: والْخَصْلَةُ: الفضيلةُ والرَّذيلة تكونُ فِي الإنسانِ، وَقد غلبَ على الفضيلَةِ والجميعُ: الخصالُ، والْخَصْلَةُ: الْخَلَّةُ وَهِي حالات الْأُمُور.
تَقول: فِي فلَان خَصْلَةٌ حَسَنة، وخَصْلَةٌ قبيحة، وخِصَالٌ، وخصلاتٌ كريمةُ.
قَالَ: والْخَصِيلَةُ كلُّ لَحْمةٍ على حيِّزها من لَحْمِ الْفَخذَيْنِ والْعَضُدَيْن والسَّاقَيْن والسَاعدين، وَأنْشد:
(عَارِي الْقَرَا مُضْطَرِبُ الْخَصَائِلِ ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخَصِيلَةُ لَحْمَةُ الْفَخِذَين.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَصِيلَةُ: الطَّفْطَفَةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْخَصِيلَةُ: القِطْعة من اللَّحْم _ عَظُمَت أَو صَغُرت، وجمْعُها: الْخَصَائِلُ.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمَرَ: ((أَنَّهُ كانَ يَرْمي، فَإِذَا أَصَابَ خصْلَة قَالَ: أَنَا بِهَا أَنَا بِهَا)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْخَصْلَةُ: الإصابةُ فِي الرَّمي _ يُقال مِنْهُ: خَصَلْتُ الْقَوْمَ خَصْلاً وخِصَالاً _ إِذا نَضَلتَهُم.
وَقَالَ الكُمَيْتُ _ يمدح رجلا
(سَبَقْتَ إلَى الْخَيْرَاتِ كُلَّ مُنَاضِلِ ... وَأَحْرَزْتَ بِالعَشْرِ الْوِلاَءِ خَصَالَها)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا أصَاب القِرْطَاسَ فقد خَصَلَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَصْلُ فِي النِّضال: إِذا وَقَعَ السهمُ بِلِزْقِ القِرطاس.
قَالَ: وَإِذا تَناضَلوا على سَبَقٍ حَسَبوا خَصْلَتَيْنِ مُقَرْطِسَةً.
يُقَال: رمى فأَخْصَلَ.
قَالَ: وَمن قَالَ: الْخَصْلُ: الإصَابَةُ فَقَدْ أَخطَأَ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(تِلْكَ أَحْسَابُنَا إِذا احْتَتَن الْخَصْلُ ... وَمُدَ الْمَدَى مَدَى الأَغْرَاضِ)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَصْلُ: الْقَمْرُ فِي النِّضَال، وَقد خَصَلَهُ _ إِذا قَمَرَهُ، وتَخَاصَلُوا _ إِذا استَبَقُوا.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ بعضُهم: الْخَصْلةُ: الإصَابَةُ فِي الرَّمْي.
وَقَالَ بَعضهم: الْخَصْلَةُ: الْقَمْرةُ، يقالُ: لِيَ عندَه خصْلَةٌ _ أَي: قَمْرَةٌ، وَخَصْلتَانِ _ أَي: قَمْرَتَانِ، وَهِي الْخِصَالُ.
قَالَ: وَقَالَ بعضُ أَعْرَاب بني كِلاَبٍ: الْخَصْلُ مَا وَقع قَرِيبا من القِرْطَاس، وَكَانُوا يَعُدُّون خَصْلَتيْنِ مُقْرَطِسَةً.
وَقَالَ غيرُه: الْخَصِيلُ: الذَّنَب، واحتَجَّ بقول ذِي الرُّمّة:
(وَفَرْدٍ يُطِيرُ البَقَّ عَنْهُ خَصِيلُهُ ... بِذَبِّ كَنَفْضِ الرِّيحِ آلَ السُّرَادِقِ)
قَالَ: وكُلُّ غُصْنٍ ناعم من أَغْصَان الشَّجَرة: خُصْلَةٌ وخَصَّلْتُ الشَّجَرَ تَخْصيلاً _ إِذا قطَّعْتَ أغْصَانَه وشَذَّبتَه.
وَقَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلِيُّ _ يَصِف صُرَدَيْن:(7/66)
(كمَا صَاحَ جَوْناً ضَالَتَيْنِ تَلاَقَيَا ... كَحِيلاَنِ فِي أعْلَى ذُراً لمْ تُخَصَّلِ)
ارادَ بالْجَوْنيْنِ: صُرْدَيْنِ أخْضَرَيْن جَعَلهما كَحِيلَيْنِ لِخَطٍّ فِي مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ إِلَى نَاحِيَةِ الصُّدْغِ من الإنسَانِ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: المِخْصَلُ والمِخْضَلُ _ بالصَّاد والضَّاد _ والمِقْصَلُ: السّيْف.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِخْصَلُ: القَطَّاعُ وكذلِكَ المِخْذَمُ.
صلخ: قَالَ النَّضْرُ: جملٌ أصْلَخُ، وناقَةٌ صَلْخَاءُ وإبِلٌ صَلْخَى، وَهِي الجُرْبُ.
والجَرَبُ الصَّالخُ هُوَ النَّاخِسُ الَّذي يَقَعُ فِي دُبُرِهِ، فَلَا يُشَكُّ أنَّه سَيَصْلُخُهُ، وصَلْخُهُ إيَّاه. أنَّهُ يَشْمَلُ بَدَنَهُ.
والعَرَبُ تقولُ للأَسْود من الْحَيَّات: أسودُ صَالِخٌ.
حَكَاهُ أَبُو حَاتِم - بالصَّاد وَالسِّين.
وَقَالَ غيرُه: أقْتَلُ مَا يكونُ من الحَيَّات - إِذا صَلَخَتْ جِلدَها.
وَقَالَ الكُمَيْتُ _ يصف قَرْن ثَوْرٍ طَعَنَ بِهِ كلْباً _:
(فَكَرَّ بأَسْحَمَ مِثْلِ السِّنَانِ ... شَوًى مَا أَصَابَ بِهِ مَقْتَلُ)
(كَأَنْ مُخَّ رِيقَتِهِ فِي الْغُطَاطِ ... بِه سَالِخُ الجِلْدِ مُسْتَبْدَلُ)
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الأصْلَخُ: الأصَمُّ، وَأنْشد:
(لَوْ أَبْصَرَتْ أَبْكَمَ أَعْمَى أَصْلَخَا ... إِذا لَسَمَّى وَاهْتَدَى أَنَّى وَخَى)
أَي: أَيْن تَوَجَّه.
يُقال: وَخَى يَخي وَخْياً.
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الأصْلَخُ: الأصَمُّ.
ونحْوَ ذَلِك قَالَ ابْنُ الأعرابيِّ.
قلتُ: هَؤُلَاءِ _ أهلُ الْكُوفَة _ أَجمعُوا على الخاءِ فِي الأصْلَخ _ وأمَّا أهل الْبَصْرَة ومَنْ فِي ذَلِك الشِّقِّ من العَرَب، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: الأصْلَجُ _ بِالْجِيم _ للأصَمِّ.
وَسمعت أعرابيّاً من بني كُلَيْبٍ يَقُول: فلانٌ يَتصالجُ علينا _ أَي: يتصامَمُ ورأيْتُ أَمَةً صَمَّاءَ كَانَت تُعْرفُ بالصَّلجَاء فهما لُغَتَانِ صحيحتان _ بِالْخَاءِ وَالْجِيم.
لخص: قَالَ اللَّيْث: اللَّخَصُ أَن يكون الجَفْنُ الأعْلى لَحِيماً، والنَّعْتُ: اللَّخِصُ وضَرْعٌ لخِصٌ: كثِيرُ اللَّحْم.
وتقولُ: لَخَصْتُ البعيرَ وَأَنا أَلْخَصُهُ _ إِذا نظرتَ إِلَى شَحْم عَيْنِه مَنْحُوراً.
وَذَلِكَ أنْ تَشُقَّ جِلْدَةَ الْعين فتَنْظُر أتَرَى شَحْماً أم لَا ... وَلا يُقالُ: اللخْصُ إِلَّا فِي المنْحُور، وَذَلِكَ المكانُ يُسمَّى لَخَصَةَ العَيْنِ _ مِثْلُ قَصَبَةٍ _ وَقد أُلْخِصَ البِعِيرُ _ إِذا فُعِلَ بِهِ هَذَا، فظَهَر نِقيُهُ.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت: قَالَ رجلُ من العَرب لقَوْمه فِي سَنَةٍ أصابَتهُم: أنظُروا مَا أَلْخَصَ من إبلي فانحَروه، وَمَا لم يُلخِصْ فارْكَبوه _ أَي: مَا كَانَ لَهُ شَحْمٌ فِي عينه.(7/67)
وَيُقَال: آخِرُ مَا يَبْقى النِّقْيُ: فِي السُّلاَمى والعَيْن، وَأول مَا يَبْدُو: فِي اللِّسَان والكَرِشِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللَّخْصَتَان: الشَحْمتان اللَّتَان فِي وَقْبَي العَيْنَيْنِ، وعَيْنٌ لَخصَاءٌ _ إِذا كَثُرَ شحمها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: ضَرْعٌ لَخِصٌ: بَيِّن اللَّخَص، وَهُوَ الْكثير اللَّحْم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَالُ: لخَّصْتُ الشيءَ ولَحَّصْتُه بِالْحَاء وَالْخَاء _ إِذا استقصَيْتَ فِي بَيَانه.
_ يُقَال: لخِّصْ لي خَبَرَكَ، ولحَّصْ أَي: بَيِّنْهُ شَيئاً بعد شَيْء.
خَ ص ن
خصن، خنص، نخص: مستعملة.
خصن: أَبُو العَبَّاسِ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: من أَسمَاء الفَأْسِ: الْخَصِينُ، والحَدَثَانُ. والمِكْشَاحُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَصِينُ فَأْسٌ ذاتُ خَلْفٍ وَاحِد، والعَرَب تؤنِّثُ ((الخَصِينَ)) وتُذَكِّرُه.
وثَلاثُ أَخْصُنٍ _ لِتَأْنِيثه وَهُوَ الناجِخُ أَيْضا وَقَالَ امْرُؤ القَيس:
(يَقْطَعُ الغَافَ بالخَصينِ ويُشْلى ... قَدْ عَلِمْنا بِمَنْ يُدِير الرَّبَابَا)
نخص: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ نَخَصَ لحْمُ الرجل يَنخَصُ وتخَدَّدَ _ كِلَاهُمَا إِذا هُزِلَ.
شمر _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النَّاخِصُ: الَّذِي قد ذَهَبَ لَحْمه من الكِبَر وغيْرِه، وَقد أنخَصَهُ المرَض والكِبَرُ.
خنص: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الخِنُّوْصُ: وَلَدُ الخِنزير. وَقَالَ الأخطل:
(أكلْتَ الدَّجَاجَ فَأَفنَيْتَهَا ... فَهَلْ فِي الْخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ)
خَ ص ف
خصف، فصخ: مسْتَعْملان.
خصف: قَالَ اللَّيْث: الخَصَفُ: ثيابٌ غِلاظ جدّاً بَلَغَنَا أَن تُبَّعاً كسا البيتَ المُسُوحَ فانْتَفَضَ البيتُ ومَزَّقها، ثمَّ كَسَاه الخَصَفَ فَلم يَقْبَلها ثمَّ كَسَاه الأَنْطاعَ فقبِلَها.
قلتُ: الخَصَفُ الَّتِي كسا تُبَّعٌ البيتَ ليسَ مَعْنَاهُ الثِّيابَ الغِلاظَ، إِنَّمَا الخَصَفُ حُصْرٌ تُسَفُّ من خُوصِ النّخل يُسَوَّى مِنْهَا شُقَقٌ تُلْبَسُ بُيوتَ الْأَعْرَاب.
وَيُقَال للجِلالِ الَّتِي تُسَفُّ من الخوصِ ويُكْنَزُ فِيهَا التَّمر: خَصَفٌ _ أَيْضا.
وَمِنْه الحَدِيث الَّذِي جَاءَ: (أنَّ رَجُلاً تَوَطَّأ خَصَفَةً عَلَى رَأْسِ بِئْرٍ، فَطَاحَ فِيهَا)) .
وَأهل البَحْرَيْن يُسَمّون جِلال التَّمر خَصَفاً.
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
(تَبيعُ بَنيها بالْخِصَافِ وبالتَّمْرِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الخَصَفُ لغةٌ فِي الخزَفِ.
قَالَ: والْخَصَفَةُ: القِطْعةُ مِمَّا يُخْصَفُ بِهِ النَّعْل، والْمِخْصَفُ مِثقَبُ ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ:
(فَتْخَاءَ رَوْثَةُ أَنْفِهَا كَالْمِخصَفِ ... )
يَعْنِي العُقاب.(7/68)
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} [الْأَعْرَاف: 22]_ أَي: يُطابِقَان بعضَ الْوَرق على بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَصيفُ والأَخْصَفُ لونٌ كَلَوْن الرَّماد، فِيهِ سوادٌ وبياضٌ، وَكَذَلِكَ من الجِبال: مَا كَانَ أبْرَقَ بقُوَّة سَوْدَاء وأُخرى بَيْضَاء، فَهُوَ خصيفٌ وأَخصَفُ.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
(أَبْدَى الصَّباحُ عَن بَرِيمٍ أَخصَفَا ... )
وَقَالَ الطِّرمَّاحُ:
(وخَصِيفٍ لَدَى مَنَاتِجِ ظِئْرَيْنِ ... مِنَ المَرْخِ أَتْأَمَتْ زُنُدُهْ)
شَبَّه الرمادَ بالْبَوِّ، وظِئْرَاهُ أُثفِيَّتَانِ أُوقِدَتِ النَّارُ بَينهمَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ أَخْصَفُ الجَنْبَيْن، وَهُوَ الأبيضُ الجنْبَين، ولونُ سائره: مَا كَانَ.
قَالَ: ويَكُون أَخْصَفَ بجَنْبٍ وَاحِد.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: نَعجةٌ خَصْفَاءُ _ إِذا ابيَضَّتْ خاصِرَتاها.
وَقَالَ غَيره: كتيبةٌ خصيفٌ _ لما فِيهَا من صَدَإ الْحَديد وبياضه.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ يُقَال للناقة _ إِذا بَلغتِ الشهرَ التاسعَ من يَوْم لَقِحَت ثمَّ ألْقتهُ _: قَد خَصَفَتْ تخصِفُ خِصَافاً، وَهِي خَصُوفٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ خَصَّفَهُ الشيبُ تَخْصِيفاً، وخَوَّصَه تَخْوِيصاً، وثَقَّبَ فِيهِ تثقيباً: بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الإخْصَافُ: سُرْعةُ العَدْوِ، وأَخصَفَ يُخْصِفُ _ إِذا أسْرَع فِي عَدْوِهِ.
قلتُ: صحَّفَ اللَّيْث فِيمَا قَالَ _ والصَّواب: أَحْصَفَ _ بِالْحَاء _ إِحْصَافاً _ إِذا أَسْرَعَ فِي عَدْوِهِ.
قَالَه الأصمعيُّ وَغَيره.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
(ذارٍ إِذا لاَقَى الْعَزَاَزَ أَحْصَفَا ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الاختِصَافُ أَن: يأخُذَ العُرْيَانُ وَرَقاً عِرَاضاً، فَيْخْصِفَ بَعْضَها على بَعْضٍ ويَسْتَتِر بهَا.
يُقَال: خَصَفَ يَخْصِفُ واختَصَفَ يَخْتَصِفُ _ إِذا فَعَلَ ذَلِك.
قَالَ: والأخْصَفُ: الظَّلِيمُ _ لسوادٍ فِيهِ وبياضٍ _ والنَّعَامةُ خَصْفَاءُ.
أَخْبرنِي الإيَادِيُّ _ عَن شَمِر عَن أبي عدْنَانَ، عَن ابْن الكلبيِّ، عَن أَبِيه _ قَالَ: كَانَ مالكُ بنُ عَمْرٍ والغَسّانيُّ يقالُ لَهُ: فَارِسُ خصَافِ، وَكَانَ من أَجْبَنِ النَّاس.
قَالَ: فَغَزَوْا قَوْماً فوقَفَ، فَأقبل سَهْمٌ حَتَّى وقَعَ عِنْد حافِرِ فَرَسه، فتحرَّكَ سَاعَة ثمَّ قَالَ: إِن لهَذَا السَّهْم سبَباً يَنْجُثُه، فَاحْتُفِرَ عَنهُ فَإِذا هُوَ قد وَقَع على نَفَقِ يَرْبُوعٍ فَأصَاب رَأْسه، فتحرَّكَ اليربوع سَاعَة ثمَّ مَاتَ فَقَالَ: هَذَا فِي جَوْفِ جُحْرٍ {} جَاءَ سهم حتَّى قَتله {} ، وَأَنا ظاهرٌ للنَّاس على فرسي.
مَا الْمَرْءُ فِي شَيْءٍ وَلاَ الْيَرْبُوعُ.
ثمَّ شدَّ عَلَيْهِم، فَكَانَ بعد ذَلِك من أَشْجَع النَّاس.(7/69)
قَالَ ابْن الكَلْبيِّ: يَنْجُثُهُ: يُحَرِّكُهُ.
قَالَ: وخَصَافُ: فَرَسُه،. . ويُضرَبُ بِهِ المَثَلُ فَيُقَال: أَجْرَأُ مِنْ فَارِس خَصَافِ.
قَالَ شمِرٌ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِن صَاحب خَصَافِ كَانَ يلاقي جُندَ كسْرَى فَلَا يجترىءُ عَلَيْهِم، ويَظُنُّ أَنهم لَا يَمُوتُون كَمَا يَمُوت النَّاس، فَرمى يَوْمًا رجلا مِنْهُم بِسَهْم فصرعه فَمَاتَ، فَقَالَ: ((إِن هَؤُلَاءِ يموتون كَمَا نموت نحنُ)) فاجْتَرأَ عَلَيْهِم فَكَانَ من أَشْجَع النَّاس.
فصخ: قَالَ ابْن شُمَيْل: الفَصَخُ: التَّغابي عَن الشَّيْء وأنتَ تَعْلمُه.
يُقَال: فَصِخْتُ عَن ذاكَ الأمرِ فَصَخاً.
قَالَ: وَيُقَال: فَصَخَ يدَه وفَسَخها _ إِذا أَزالَ الْمَفْصِلَ عَن مَوْضِعه.
حَكَاهُ _ بالصَّاد _ عَن أبي الدُّقَيْشِ.
وروَى أَبُو عَمْرو: صَنِخ الْوَدَكُ، وسَنِخ وَهُوَ الْوَصَخُ والْوَسَخُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فصَخَ النَّعَامُ بصَوْمه _ إِذا رَمَى بِهِ.
خَ ص ب
خصب، خبص، بخص، صبخ، صخب: مستعملة.
خصب: قَالَ اللَّيْث: الخِصْبُ نَقِيضُ الْجَدْبِ وَهُوَ كثرةُ العُشْب، ورَفَاهةُ الْعَيْش.
قَالَ: والإخْصَابُ والاخْتِصابُ: من ذَلِك.
وَيُقَال: أَخْصَبَتِ الأرضُ إِخْصاباً، والرَّجلُ إِذا كَانَ كَثِيرَ خيرِ المنزِلِ _ يُقَال: إِنَّه خَصِيبُ الرَّحْلِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَصْبَةُ: الطَّلْعة _ فِي لغةٍ _ وَهِي النَّخْلةُ الْكَثِيرَة الْحَمْلِ فِي لُغَةٍ.
قلتُ: أَخطَأ اللَّيْث فِي تَفْسِير الْخَصْبَةِ، والخِصَابُ _ عِند أهل البَحْرَين _ الدَّقَلُ الْوَاحِدَة: خَصْبةٌ.
ونحوَ ذَلِك قَالَ الْفراء _ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عُبَيْدٍ.
والعربُ تَقول: لَا يُنْفَجُ الغَدَاءُ إِلَّا بالْخِصَابِ، لكثرةِ حَمْلِها، إِلَّا أنَّ تَمْرَها رَدِيءٌ.
ومَن قَالَ: الْخَصْبَةُ: الطَّلْعَةُ، فقد أَخطَأ.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا جرى الماءُ فِي عُودِ العِضَاهِ _ حَتَّى يَصل بِالْعِرْقِ _ قيل: قد أَخْصَبَتْ.
قلت: وَهَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَر وصوابُه: الإخْضَابُ _ بالضاد.
يُقَال: خَضَبَتِ العِضَاهُ، وأَخْضَبَتْ.
وَأخبرني المُنْذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: خضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبَى _ إِذا أَوْرَقَ وخلَعَ العِضَاهَ وأحْدَرَ.
وَقَالَ اللَّيْث _ فِي هَذَا الْبَاب _ الْخِصْبُ: حَيَّةٌ بيضاءُ تكون فِي الجَبل.
قلتُ: وَهَذَا أَيضاً تَصْحِيف والصوابُ: الْحضْبُ _ بِالْحَاء وَالضَّاد.
وَقد مَرَّ تفسيرُه فِي كتاب ((الْحَاء)) .
قلتُ: وَهَذِه الْحُرُوف وَمَا شاكلها أُرَاها منقولةً من صُحُفٍ سقيمةٍ إِلَى (كِتاب اللَّيْث)) ، وزِيدَتْ فِيهِ، وَمن نَقلها لم يعرفِ العربيَّةَ، فصحَّفَ وغيَّرَ فَأكْثر، وَالله الْمُسْتَعَان، وَهُوَ حَسْبُنا ونِعْمَ الوَكِيلُ.(7/70)
شمِرٌ: الْمُخْصِبَةُ من الأَرْض: الْمُكْلِئَةُ، والقومُ أَيْضا مُخْصِبُونَ _ إِذا كثر لبَنهُم وطعامُهُمْ وأَمْرَعَتْ بلادُهم.
وأَخْصَبَتِ الشَّاءُ _ إِذا أَصَابَت خصباً.
وَرجل خصِيبٌ: كثيرُ الْخَيْرِ، ومكانٌ خصِيبٌ: مِثْلُهُ.
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(هَبَطَا تَبَالةَ مُخْصِباً أَهْضَامُهَا ... )
صخب: قَالَ اللَّيْث: الصَّخَبُ مَعْرُوف، وَقد صَخِبَ يَصْخَبُ صَخَباً، والسّخَبُ لغةٌ فِيهِ _ رَبَعِيَّةٌ قَبِيحةٌ.
وعَيْنٌ صَخِبَةٌ _ إِذا اصطَخَبَتْ عندَ الجَيَشَانِ.
وماءٌ صَخِب الآذِيِّ _ إِذا تلاطمت أمواجُه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(مُفْعَوْعِمٌ صَخِبٌ الآذيِّ مُنْبِعِقُ ... )
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
(فِيهِ الضَّفَادِعُ وَالْعِيدَانُ تَصْطَخِبُ ... )
واصطخبَ القومُ وتَصَاخَبُوا _ إِذا تَصَايَحُوا وتضاربوا.
خبص: قَالَ اللَّيْث: الخَبْصُ: فِعْلُكَ الخَبيصَ، والمِخْبَصَةُ: الَّتِي يقلَّبُ بهَا الخَبِيصُ فِي الطِّنْجير، وَقد خبَصَ خبْصاً، وخَبّصَ تخبيصاً، فَهُوَ خَبِيصٌ مُخَبَّصٌ مَخْبُوصٌ.
وَيُقَال: اخْتَبصَ فلَان _ إِذا اتخذ لنَفسِهِ خَبِيصاً.
بخص: قَالَ اللَّيْث: البَخَصُ: مَا ولي الأرضَ مِنْ تحتِ أَصَابِع الرِّجْلين، وتحتَ مَنَاسِم الْبَعِير والنّعَام، ورُبَّما أصابَ النَّاقة دَاءٌ فِي بَخَصِها فَهِيَ مَبْخُوصَةٌ تُظْلَعُ من ذَلِك.
وبَخَصُ اليَدِ: لَحْمُ أُصول الْأَصَابِع _ مِمَّا يَلِي الرّاحة.
قَالَ: والبَخَصُ _ فِي العَين _ لحْمٌ عِنْد الجَفْنِ الأسْفل _ كاللَّخصِ عِنْد الجَفْنِ الأعْلَى.
والبَخَصُ: لحْمُ الذِّرَاع _ أَيْضا.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي: الْبَخْصَةُ لحْمُ أسفلِ خُفِّ الْبَعِير.
قَالَ: والأظَلُّ: مَا تَحت المنَاسم.
وأَخبرني الْمُنْذِرِيّ _ عَن المبرِّد _ أَنه قَالَ: البَخَصُ: اللَّحْم الَّذِي يركَبُ القَدَمَ.
وَهَذَا قولُ الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ لحمٌ يخالطُه بَيَاض، من فسادٍ يحُلُّ فِيهِ.
قَالَ: وَمِمَّا يدُلُّ على أَنه اللحْمُ الَّذِي خالطه الفَسَادُ قوْلُهُ:
(يَا قَدَمَيَّ مَا أَرَى لي مَخْلَصاً ... مِمَّا أَرَاهُ أَوْ تَعُودا بَخَصا)
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الْبَخْصُ مصْدَرُ بخَصْتُ عَيْنَه بَخْصاً.
قَالَ: والبَخَصُ لحْمُ القَدَم، ولحْم الفِرْسِن.
ورَوَى أَبُو تُراب للأَصمعيِّ: بخَصَ عينَه وبَخَزَها، وبَخَسَها _ كلهُ بِمَعْنى: فقأها.(7/71)
وَقَالَ أَبُو زيد: الْوَجَى: فِي عِظَام الساقَين وبَخَصِ الفَرَاسِنِ.
والْوَجَى: قيلَ: الْحَفَا.
صبخ: الصَّبَخَةُ لغةٌ فِي السَّبَخَةِ، والصَّبِيخةُ لغةٌ فِي سَبيخةِ القُطْنِ، والسينُ فِيهَا أفشَى وأكثرُ.
خَ ص م
خصم، خمص، مصخ، صمخ، صخم: مستعملة.
خصم: قَالَ اللَّيْث: الْخَصْمُ واحدٌ وجميعٌ، قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَهل أَتَكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] فَجعله جَمْعاً لِأَنَّهُ سُمِّيَ بالمصْدَر، وخَصِيمُك: الَّذِي يخَاصِمُك وجمعُه خُصمَاءُ.
ويُجْمَعُ الْخَصْمُ خُصُوماً.
والْخُصُومَة: الأسمُ من التَّخَاصُمِ والاخْتِصَامِ.
يُقَال: اخْتَصَمَ القوْمُ وتخَاصَموا، وخَاصَمَ فلانٌ فلَانا _ مخاصمةً وخِصَاماً.
قَالَ: والْخُصْمُ: طرَفُ الرّاوية الَّذِي بحيَال العَزْلاءِ فِي مؤخَّرِها.
قَالَ: وطرَفُها الْأَعْلَى هُوَ العُصْمُ، وَهِي الأَعْصَامُ الَّتِي عِنْد الكُلْيَة وَهِي من كلِّ شَيْء.
قلتُ: خُصْمُ كل شَيْء: ناحيَتُه وطرفُه من المزادةِ والفِراش وَغَيرهمَا.
وأَمَّا عُصْمُ الرَّوايا فَهِيَ الْحِبَال الَّتِي تُنْشَبُ فِي عُرَاها وتُشَدُّ بهَا على ظهْر الْبَعِير
واحدُها عِصَامٌ، وَقد أَعْصَمْتُ المَزَادَةَ _ إِذا شَدَدْتُها بالعِصَامَين.
وَقيل لِلخَصْمَينِ: خَصْمَانِ، لأخذِ كلِّ واحدٍ مِنْهُمَا فِي شِقٌّ من الحِجَاج والدَّعْوَى.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((مَا فَعَلَتِ الدَّنَانيرُ التيُ أَنْسِيتُها فِي خُصْمِ الْفِرَاشِ فَبِتُّ وَلَمْ أَقْسِمْها)) ؟ .
وخصومُ السَّحَابةِ: جوانبُها.
قَالَ الأخطَلُ يذكر سحاباً:
(إذَا طَعَنَتْ فِيهِ الجَنُوبُ تَحَامَلَتْ ... بِأَعْجَازَ جَرَّارٍ تَدَاعَى خُصُومُها)
أَي: تجاوَبَ جَوَانبُها بالرَّعْد.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَخصَمْتُ فلَانا _ إِذا لقَّنْتَه حُجَّتَه على خَصْمِه، وخَصمْتُ فلَانا: غَلَبْتَهُ فِيمَا خَاصَمْتَهُ فِيهِ.
وَطعنُ الْجَنُوب فِيهِ: سَوْقُها إِيَّاه.
والجرّار: الثقيلُ ذُو المَاء. وتحاملتْ بأَعْجازِه: دَفعتْ أَوَاخِرَه.
وخُصُومُها _ أَي: جوانبها.
وَيُقَال: هُوَ خَصْمي، وَهَؤُلَاء خَصمِي.
خمص: قَالَ اللَّيْث: الخَمْصُ: خَماصَةُ البطْنِ وَهُوَ دِقَّةُ خِلْقتِه.
والخَمْصُ: الْخَمَصَةُ أَيْضا، وَهُوَ خَلاَءُ الْبَطن من الطَّعام جوعا.
وامرأةٌ خَمِيصَة البَطن خُمصَانَةٌ، وهُنَّ خُمْصَانَاتٌ.
وفلانٌ خَمِيصُ البطْن من أَمْوَال النَّاس: عَفِيفٌ عَنْهَا.(7/72)
والجميعُ: خِمَاصُ البُطون.
وَفِي الحَدِيث: ((خِمَاصُ البُطُونِ خِفَافُ الظُّهُورِ)) .
وَفِي حَدِيث آخر _ فِي الطَّيْر _: ((تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً)) .
أَرَادَ أَنَّهَا تَغْدُو جياعاً وتروحُ شِباعاً.
قَالَ: والْخَمِيصَةُ: بَرْنَكَانٌ أَسْودُ مُعْلَمٌ من المِرْعِزَّى والصوفِ ونحوِه
وَقَالَ أَبُو عبيد: الخميصةُ كساءٌ أسودُ مربَّعٌ لَهُ عَلَمان.
وَأنْشد قولَ الأعْشى يصف امْرَأَة:
(إِذا جُرِّدَتْ يوْماً حَسِبْتَ خَمِيصَةً ... عَلَيْهَا وَجِرْيَالَ النَّضِيرِ الدُّلاَمِصَا)
أَرَادَ شَعْرَها الأسودَ، شبَّهه بالْخَمِيصَةِ، وشبَّه لون بَشَرتها بِالذَّهَب.
و ((النضيرُ)) : الذهبُ، و ((الدُّلامِصُ)) : البرّاق.
وَقَالَ اللَّيْث: ((الأخْمَصُ خَصْرُ الْقَدَم، والْخَمْصَةُ: بطنٌ من الأَرْض صغيرٌ، ليِّنُ المَوْطِىء. والتَّخَامُصُ: التَّجَافي عَن الشَّيْء.
قَالَ الشَّمَّاخُ:
(تَخَامَصُ عَنْ بُرْدِ الْوِشَاحِ إِذَا مَشَتْ ... تَخَامُصَ حَافِي الْخَيْلِ فِي الأَمْعَزِ الْوَجِى)
وَيُقَال للرجلُ: تخامصْ للرَّجُل عَن حقِّه، وتجافَ لَهُ عَن حَقه _ أَي: أَعْطِهِ.
وتخَامَصَ الليلُ تخامُصاً _ إِذا رَقَّتْ ظُلمته عِنْد وَقت السَّحَر.
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
(فمَا زُلْتُ حَتَّى صَعّدَتنِي حِبَالُها ... إليْهاَ وليْلي قَدْ تَخَامَصَ آخرُهْ)
أَبُو زيد: انْحَمَصَ الْجُرْحُ وانخَمَصَ _ إِذا سكنَ ورمُه _ بِالْحَاء وَالْخَاء.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: سأَلتُ ابنَ الْأَعرَابِي عَن قَول عليٍّ رَضِي الله عَنهُ: ((كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ)) ، فَقَالَ: إِذا كَانَ خَمَصُ الأخْمصِ بقَدْرٍ لم يرْتَفع جدّاً، وَلم يَسْتو أَسْفَلُ القَدم جِدّاً فَهُوَ أحسنُ مَا يكون، وَإِذا استوَى أَو ارتفعَ جِدّاً فَهُوَ ذمٌّ.
صمخ: قَالَ اللَّيْث: الصِّمَاخُ: خَرْقُ الأُذُنِ إِلَى الدِّمَاغِ، وَالسِّمَاخُ لُغَةٌ فِيهِ، والصَّادُ تَمِيميَّةٌ.
وَيُقَال: صَمَخَ الصَّوْتُ صِمَاخَ فلَان وصَمَخْتُ فلَانا _ إِذا عَقَرْتَ صِماخ أُذُنه، بِعُودٍ أَو غَيْرِه.
وَيُقَال للْعَطْشان: إِنَّه لَصَادِي الصِّمَاخ.
وَيُقَال ضرب الله على صِمَاخ فُلان _ إِذا أَنَامَهُ.
وَفِي حَدِيث أبي ذَرٍّ: ((فَضَرَبَ الله عَلَى أَصمِخَتِنَا فَمَا انْتَهيْنَا حَتَّى أَضْحَيْنَا)) .
وَهُوَ كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {فَضَرَبْنَا عَلَىءَاذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ} [الْكَهْف: 11] ، وَمَعْنَاهُ: أَنمْنَاهُمْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: كلُّ ضَرْبَةٍ أَثَّرَتْ فِي الْوَجْه فَهِيَ صَمْخٌ.
ابْن السكِّيت: صَمَخْتُ عَيْنَهُ صَمْخاً وَهُوَ ضَرْبُكَ الْعَيْنَ بِجمع يدك _ ذَكَرَه بعَقِبِ قولِكَ: صَمَخْتُ صِمَاخَهُ.(7/73)
مصخ: قَالَ اللَّيْث: الْمَصْخُ: اجْتذَابُكَ الشيءَ عَن جَوف شَيْء آخَرَ.
قَالَ: وَضَرْبٌ من الثُّمَام لَا وَرَقَ لَهُ إنَّما هِيَ أنَابِيبُ مُرَكَّبٌ بَعْضُهَا فِي بعض كُلُّ أُنْبُوبَةٍ مِنْهَا أُمْصُوخَةٌ، إذَا اجتذَبْتَها خَرَجَتْ من جَوْف أُخْرَى، كَأَنَّهَا عِفَاصٌ أُخْرِجَ من الْمُكْحُلَةِ.
واجْتِذَابُهُ: الْمَصْخُ والامِّصَاخُ.
قلتُ: وَقد رأيتُ فِي الْبَادِيَة نَبْتاً يُقَال لَهُ: الْمُصَّاخُ والثُّدَّاءُ، لَهُ قُشُور بَعْضهَا فَوق بعض، كلما قَشَرْتَ مِنْهُ أُمْصُوخَةً ظهَرَتْ أُخْرَى، وقُشُورُهُ ثَقُوبٌ جيِّدٌ.
وأهلُ ((هَرَاةَ)) يُسَمُّونَهُ: دَلِيزَاذَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَصُوخَةُ من الغَنَمِ: مَا كَانَ ضَرْعُها مُسْتَرْخِيَ الأصْل _ كَأَنَّمَا امْتُصِخَتْ ضَرَّتُها، فامّصَخَتْ عَن الْبَطْنِ _ أَي: انْفَصَلَتْ.
صخم: أَبُو عبيد _ عَن أبي عمرٍ و _: الْمُصْلخِمُّ: الْمُنْتَصِبُ الْقَائِم - بتَشْديد الْمِيم.
قَالَ: والْمُصْطَخِمُ: فِي مَعْنَاهُ، غير أَنَّه مُخَفَّفُ الْمِيم.
قلتُ: والْمُصْطَخِمُ مُفْتَعِلٌ مِنْ صَخمَ، وَهُوَ ثُلاَثِيٌّ، وَلم أجد ل ((صَخَمَ)) ذكْراً فِي كَلَام الْعَرَب.
أَبْوَاب الْخَاء وَالسِّين
خَ س ز: مهمل.
خَ س ط
اسْتعْمل من وجوهه: سخط، طخس.
سخط: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَخَطٌ وسُخْطٌ مثل عُدْمٍ وعَدَم، وَهُوَ نَقِيض الرِّضا، وَالْفِعْل مِنْهُ: سَخِطَ يَسْخَطُ.
وَيُقَال: كُلَّما عَمِلْتُ لَهُ عَمَلاً تَسَخَّطَهُ _ أَي: لم يرتضه.
وأَسْخَطَنِي فلانٌ فسَخِطْتُ سخطاً.
طخس: ابْن السكِّيت: يُقَال: إِنَّه للَئِيمُ الطِّخْسِ _ أَي: لئيمُ الأَصْل، وَأنْشد:
(إنَّ امرَأً أُخِّرَ مِنْ إِصْرِنَا ... أَلأَمُنَا طِخساً إذَا يُنسَبُ)
وكَذَلِكَ: لَئيمُ الكِرْسِ والإِرْسِ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: يُقَالُ: فلَان طِخْسُ شَرٍ، وَسُنْبُكُ شَرٍّ، وسِنُّ شَرٍّ وصِلْوُ شَرٍّ، ورِكْبَةُ شَرٍّ، وبِلْوُ شَرٍّ، وطُمَّرُ شَرٍّ، وقِرْقُ شَرٍّ _ إِذا كَانَ نِهَايَة فِي الشَّرِّ.
خَ س د
اسْتعْمل من وجوهه: سخد، دخس.
سخد: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: السُّخْدُ دَمٌ وَمَاء فِي السَابِيَاءِ، وَهُوَ السَّلَى الَّذِي يكون فِيهِ الْوَلَد.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَحْمَر _ قَالَ: السُّخْدُ الماءُ الَّذِي يكون على رَأس الْوَلَد، وَمِنْه قيل: رجل مُسْخَدٌ _ إِذا كَانَ ثقيلاً من مَرضٍ أَو غَيره، لِأَن السُّخْدَ ماءٌ ثَخِينٌ يخرجُ مَعَ الْوَلَد.
دخس: قَالَ اللَّيْث: الدَّخْسُ: الإنسانُ التَّارُّ الْمُكْتَنِزُ، غَيْرَ جِدِّ جَسِيمٍ.
قَالَ: وَيُقَال: الدُّخَسُ: الفَتِيَّ من الدِّبَبَةِ.(7/74)
وَقَالَ شَمِرٌ: الدُّخَسُ دَابَّةٌ فِي الْبَحْر يُقَال: دَخَسَ فِيهِ _ أَي: دخل فِيهِ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(فَكُنْ دُخَساً فِي الْبَحْرِ أَوْ جُزْ وَرَاءَهُ ... إِلَى الْهِنْدِ إِنْ لَمْ تَلْقَ قَحْطَانَ بالْهِنْدِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّخَسُ انْدِسَاسُ شيءٍ تحتَ التُّرَاب، كَمَا تُدْخَس الأُثْفِيَّة فِي الرَّماد، وَلذَلِك يُقَال للأَثَافِيِّ: دَوَاخِسُ.
قَالَ الْعَجَّاجُ:
(دَوَاخِساً فِي الأَرْض إلاَّ شَعَفَا ... )
وَامْرَأَة مُدْخِسَةٌ: كَأَنَّهَا دُخَسٌ.
قَالَ: والدَّخَسُ امتلاءُ الْعَظْم من السِّمَن، جَمَلٌ مُدْخِسٌ. والْجَمْعُ مُدْخِسَاتٌ.
قَالَ: والدُّخَسُ: الرجُل الكَثِيرُ اللَّحم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: والدَّخِيسُ عُظَيْمٌ فِي جَوْف الْحَافِر، كَأَنَّهُ ظِهَارَةٌ لَهُ.
قَالَ: والْحَوْشَبُ عَظْم الرُّسْغ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّخَيسُ: عَظْمُ الْحَوْشَبِ.
قَالَ: والدَّخَسُ داءٌ يَأْخُذ فِي قَوَائِم الدَّابَّة يُقَال: فَرس دَخِسٌ: بِهِ عَنَتٌ.
قَالَ: والدَّخيسُ من النَّاس العَدَدُ الكَثِيرُ المُجْتَمَعُ.
قَالَ الْعَجَّاجُ:
(وَقَدْ نَرَى بِالدَّارِ يَوْماً أَنَساً ... جَمَّ الدَّخيسِ بِالثُّغُورِ أَحْوَساَ)
قَالَ: ودَخيسُ اللَّحْمِ مُكْتَنِزُهُ.
وَأنْشد:
(مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بَازِلُهَا ... لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ القَعْوِ بِالمَسَدِ)
خَ س ت
اسْتعْمل من وجوهه: السخت، والسختيت.
سخت _ (سختيت) : ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْعِقْيُ من الصَّبِيِّ: ساعةَ يُولَدُ، وَهُوَ من الحافِر: الرَّدَجُ، وَمن الْخفّ: السُّخْتُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ يُقَال للسَّوِيق الَّذِي لَا يُلَتُّ بالأُدْمِ: سِخْتِيتٌ.
وَقَالَ شمِرٌ: يُقَال للدَّقِيق الْحُوَّارَى: سِخْتِيتٌ.
وَقَالَ رُؤْبَةٌ:
(هَلْ يَنْفَعَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ؟ ... )
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سِخْتِيتٌ: أَي شَدِيد، أَصْلُهُ سَخْتُ _ بِالْفَارِسِيَّةِ _ للشَّيْء الشَّديد، فلمَّا عُرِّبَ قيل: سِخْتِيتٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السِّخْتِيتٌ: الدَّقِيقُ من كل شَيْء، وَأنْشد:
(وَلَوْ سَبَخْتَ الْوَبَرَ الْعَمِيتَا ... وَبِعْتَهُمْ طَحِينَكَ السِّخْتِيتَا ... )
(إِذا رَجَوْنَا لَكَ أَنْ تَلُوتَا ... )
قَالَ: اللَّوْتُ: الكِتْمَان، والسَّبْخُ: سَلُّ الصُّوفِ والقُطْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: حَرٌّ سَخْتٌ: شَدِيدٌ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ إِذا سَكَنَ وَرَمُ الجُرْحِ قِيلَ: اسْخَاتَّ اسْخِيتَاتاً.
خَ س ظ _ خَ س ذ _ خَ س ث: أهملت وجوهها.(7/75)
خَ س ر
خسر، خرس، سخر، رسخ، مستعملة.
خسر: قَالَ اللَّيْث: الخُسْرُ: النُّقْصَان، والخُسْرَانُ كَذَلِك، والفِعْل: خسِر يَخْسَرُ خُسْرَاناً.
وَيُقَال: كِلْتُهُ ووَزَنْتُهُ فأَخسَرْتُهُ _ أَي: نَقَصْتُهُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ {وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم يخسرون} [المطفّفِين: 3] .
قَالَ الزّجاج: أَي: يَنْقُصُونَ فِي الكَيْل والوَزن.
قَالَ: وَيجوز فِي اللُّغة ((يخْسَرُون)) يُقَال: أَخسَرْتُ الْمِيزَان وخسَرْتُهُ، وَلَا أعلم أحدا قَرَأَ (يَخْسِرُونَ) .
وَيُقَال: أخسَرَ الرجلُ _ إِذا وَافق خُسْراً فِي تِجَارَته.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الخَاسِرُ: الَّذِي يَنْقُصُ المكْيَال والمِيزَان إِذا أَعْطَى ويستزيد إِذا أَخذَ. ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: خسَرَ _ إِذا نَقَصَ مِيزاناً أَو غَيْرَه، وخَسَرَ _ إِذا هَلَكَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَاسِرُ: الَّذِي وُضِعَ فِي تِجَارَته، ومصدَرُه: الْخَسَارَةُ والْخُسْرُ، وصَفَقَ صَفْقَة خَاسِرَةً _ أَي: غير مُرْبحةٍ، وكَرَّ كَرَّةً خَاسِرَةً _ أَي: غير نافعة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالْعصر إِن الْإِنْسَان لفي خسر} [الْعَصْر: 1، 2] .
قَالَ الفرَّاءُ: لَفِي عُقُوبَةٍ بذُنُوبِهِ، وأَنْ يَخْسَرَ أهلَه ومنزلَه فِي الجَنَّة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {خسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين} [الحَجّ: 11] .
أَبُو عبيد: خَسَرْتُ المِيزان وأَخْسَرْتُه: نَقَصْتُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي _ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {فَمَا تزيدونني غير تخسير} [هُود: 63] أَي: غير إبْعَادٍ من الْخَيْر _ أَي: غَيْرَ تخسير لكم، لَا لِيَ.
خرس: قَالَ اللَّيْث: خَرِسَ خَرَساً، والْخَرَسُ ذَهَابُ الْكَلاَم خِلْقَة أَو عِيَّاً.
وكَتِيبَةٌ خَرْسَاءٌ _ إِذا لم تَسْمَعْ لَهَا صَوْتاً وَلَا جَلَبَةٌ، وَفِيهِمْ نَجْدَةٌ.
قَالَ: وعَلَمٌ أَخْرَسُ _ إِذا لم يُسْمَعْ فِيهِ صَوْتُ صَدًى، يَعْنِي العَلَمَ الَّذِي يُهْتَدَى بِهِ.
قلتُ: وسمعْتُ العربَ تُنْشِدُ:
(وأَيْرَمٍ أَخْرَسَ فَوْقَ عَنْزِ ... )
والأَيْرَمُ: الْعَلَمُ فَوْقَ الْقَارَةِ يُهْتَدَى بِهِ.
ويُروىَ (( ... أَحْرَسَ)) .
والأَحْرَسُ: الْعَاديُّ الْقَديمُ مَأْخُوذٌ من الْحَرْسِ، وَهُوَ الدَّهْرُ.
والْعَنْزُ: الْقَارَةُ السَّوْدَاءُ.
وَالصَّحِيح هَذَا، لَا مَا قاَلَه اللَّيْث.
وأنشدنِيهُ أعرابيٌّ آخر:
(وَإِرَمٍ أَعْيَسَ فَوْقَ عَنْزِ ... )
وَقَالَ: الأَعْيَسُ: الأَبْيَضُ، والعَنْزُ: الأسْوَدُ، وناقَةٌ خَرْسَاءُ: لَا تَسْمَعُ لَهَا رُغَاءً، والخَرْسَاءُ: الدَّاهيَة.(7/76)
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ قَالَ: الْخُرْسُ: الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَع عِنْد الْولادَة، وَأما الَّذِي تُطْعَمُهُ النفَسَاءُ فَهُوَ الْخُرْسَةُ وَقد خُرِّسَتْ، وَأنْشد:
(إِذَا النُّفَسَاءُ لَمْ تُخَرَّسْ بِبِكْرِهَا ... غلاَماً وَلَمْ يُسْكَتْ بِحَتْرٍ فَطِيمُهَا)
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخرُوسُ من النِّسَاء: الَّتِي يُعْمَلُ لَهَا عِنْد وِلاَدِها شَيْء، واسمُ ذَلِك الشَّيْء: الْخُرْسَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُرْسِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى خُرَاسَانَ، ومِثْلُه الْخُرَاسِيُّ والخُرَاسَانيٌّ ويُجْمَعُ على: الخُرْسِينَ _ بتَخْفِيف يَاء النِّسْبَة _ كقَوْلِكَ: الأَشْعَرِينَ.
وَأنْشد:
(لاَ تُكْرِيَنَّ بَعْدَهَا خُرْسِيَّا ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْخُرْسُ: الدَّنُّ، والْخَرَّاسُ: الَّذِي يَعْمَلُ الدِّنَانَ.
قَالَ الجعديُّ:
(جَوْنٌ كَجَوْنِ الْخَمَّارِ جَرَّدَهُ ... الخَرَّاسُ لاَ نَاقِسٌ وَلا هَزِمُ)
والنَّاقِسُ: الْحامِضُ.
وَقَالَ العجاج:
(وَخَرْسُهُ الْمُحْمَرُّ فِيهِ مَا اعْتُصِرْ ... )
وَسمعت الْعَرَب تَقول _ للَّبَن الخَائِر _: هَذِه لَبَنَةٌ خَرْسَاءُ _ أَي: لَا يُسْمَعُ لَهَا صَوت إِذا أُرِيقَتْ، وسَحَابةٌ خرْسَاءُ: لَا يُسمع لَهَا صوتُ رَعْدٍ، وَيُقَال للنُّفَساءِ إِذا اتَّخَذَتْ طَعَاما لِنَفْسَها: قد تَخَرَّسَتْ.
وَمن أمثالهم: ((تَخرَّسِي لاَ مُخَرِّسَةَ لَكِ)) .
وَفِي الحَدِيث: ((إِنَّ الرُّطَبَ خُرْسَةُ مَرْيَمَ)) .
وَيُقَال للأفاعي: خُرْسٌ.
وَقَالَ عَنْتَرَةٌ:
(عَلَيْهِمْ كُلُّ مُحْكَمَةٍ دِلاَصٍ ... كَأَنَّ قَتِيرَها أَعْيَانُ خُرْسِ)
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ كَتِيبةٌ خَرْسَاءُ _ إِذا كَانَت قد صَمَتَتْ من كَثْرَة الدُّرُوعِ، لَيْسَ لَهَا قَعَاقِعُ.
رسخ: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {والراسخون فِي الْعلم} [آل عِمرَان: 7] .
قَالَ: هُمُ الحُفَّاظُ والْمُذاكِرُونَ.
وَقَالَ مسروقٌ: قدمتُ الْمَدِينَة فَإِذا زَيْدُ بنُ ثابتٍ من الرَّاسِخِينَ فِي الْعلم.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ خالدُ بنُ جَنْبَةَ: الراسخ فِي الْعلم: البعيدُ الْعلم. وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ رَاسِخٌ فِي الْعلم: قد دخل فِيهِ مَدْخِلاً ثَابِتاً، والرَّاسِخُونَ فِي كتاب الله جلّ وعزّ: هم الدارسون.
قَالَ: ورَسَخُ الشيءُ رُسُوخاً _ إِذا ثَبَتَ فِي مَوْضِعه، وأَرْسَخْتُهُ إِرْسَاخاً، كَالْحِبْرِ يَرْسَخُ فِي الصَّحيفة، والعِلْمِ يَرْسَخُ فِي قلب الْإِنْسَان، ورَسَخَ الغَدِيرُ رُسُوخاً _ إِذا نَشِفَ ماؤُه فَذهب، ورَسَخَ المَطَرُ رُسُوخا _ إِذا نَضَبَ نَدَاه فِي دَاخل الأَرْض فَالتقى الثَّرَيَانِ.
سخر: يُقَال: سَخِرَ مِنْهُ وَبِه _ إِذا تَهَزَّأ بِهِ، والسُّخْرِيَّةُ مصدرٌ فِي الْمَعْنيين جَمِيعًا، وَهُوَ السُّخرِيُّ أَيْضا، ويكُون نَعتاً كَقَوْلِك: هُوَ(7/77)
لَكَ سُخْرِيٌّ وسُخرِيّة، ... مَنْ ذكَّرَ، قَالَ: سُخريّاً، ومَنْ أَنَّثَ قَالَ: سُخْرِيَّةً.
قَالَ: والسُّخَرَةُ: الضُّحَكَةُ، فَأَما السُّخْرَةُ: فَمَا تَسَخَّرْتَ من خادِمٍ أَو دابَّةٍ بِلَا أَجْرٍ وَلَا ثمنٍ، تَقول: هُمْ لَك سُخْرَةً وسُخْرِيّاً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فاتخذتموهم سخريا حَتَّى أنسوكم ذكري} [الْمُؤْمِنُونَ: 110] .
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قُرِىء (سُخْرِيّاً) و (سِخْرِيّاً) والضَّمُّ أجْوَدُ.
قَالَ: وَقَالَ الَّذين كَسَرُوا مَا كانَ من السُّخْرَةِ فَهُوَ مضمومٌ، وَمَا كَانَ من الهُزْءِ فَهُوَ مكسور.
ورَوَى ابنُ اليزيدِيّ _ عَن أبي زيد _ أَنه قَالَ: ((سِخْرِيّاً)) مِنْ سَخِرَ واسْتَهْزَأ، وَالَّتِي فِي الزُّخْرُفِ [32] : {ليتَّخذ بَعضهم بَعْضًا سخريا} .
قَالَ: عَبِيداً وإماءً وَأُجَرَاءَ.
ابْن سَلاَّمٍ _ عَن يُونُسَ _: ((سُخْرِيّا) من السُّخْرَة، و ((سِخْرِيّاً)) من الْهُزْءِ.
وَقَالَ: وَقد يُقَال فِي الهُزْءِ: سِخْرِيٌّ وسُخْرِيٌّ وَأما مِنَ (السُّخْرَةِ)) فواحِدَةٌ مَضْمُومَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: سَخَرَتِ السَّفِينَةُ _ إِذا أطاعت وطابَ لَهَا السَّيْرُ، وقَدْ سَخَّرَهَا الله تَسْخِيراً، وتَسَخَّرْتُ دابَّةً لِفُلانٍ: رَكِبْتُهَا بغَيْر أَجْرٍ، وَأنْشد:
(سَوَاخِرُ فِي سَوَاءِ الْيَمِّ تَحْتفرُ ... )
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: سَخِرْتُ مِنْهُ وَلَا تَقُلْ: سَخِرْتُ بِهِ، قَالَ الله: {لَا يسخر قوم من قوم} [الحُجرَات: 11] .
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: تَقول: سَخِرْتُ من فلَان، فَهَذِهِ: اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، قَالَ الله: {فيسخرون مِنْهُم سخر الله مِنْهُم} [التّوبَة: 79] وَقَالَ جلّ وعزّ: {إِن تسخروا منا فَإنَّا نسخر مِنْكُم} [هُود: 38] .
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: رجلٌ سُخَرَةٌ _ يَسْخَرُ من النَّاس، ورجُلٌ سُخْرَةٌ _ يُسْخَرُ مِنْهُ.
وَقَالَ غَيره: رجلٌ سُخْرَةٌ _ يَتَسَخَّرُهُ مَنْ قَهَرَهُ، وَقد سَخَرْتُهُ وسَخَّرْتُهُ.
خَ س ل
خسل، خلس، سلخ، سخل: مستعملة.
خسل: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى ابْن حبيب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْحُسَالَةُ والخُسَالَةُ: الرَّدِيءُ من كل شَيْء.
وَقَالَ الأصمعيُّ: المَحْسُولُ والْمَخْسُول: الْمَرْذُولُ، والْمُحَسَّل والْمخَسَّلُ: مثلُهُ، وَقَالَ العجَّاج:
(ذِي رَأْيِهِمْ وَالْعَاجزِ الْمُخَسَّلِ ... )
خلس: قَالَ اللَّيْث: الْخَلْسُ: فِي الْقِتَال والصِّرَاع وَهُوَ رجلٌ مُخَالِسٌ _ أَي: شُجَاعٌ حَذِرٌ.
قَالَ: والْخَلِيسُ: النَّبَاتُ الْهَائِجُ بعضُه أصفَرُ وبعضُه أخضَرُ، وَكَذَلِكَ الخَلِيطُ يُسَمَّى خَلِيساً.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: أَخْلَسَ رَأْسُهُ فَهُوَ مُخْلِسٌ وخَلِيسٌ _ إِذا ابْيَضَّ بَعضُهُ، فَإِذا غَلَبَ بَيَاضُهُ سوادَه فَهُوَ أغْثَمُ.
وسمِعْتُ العربَ تقولُ للغلام _ إِذا كَانَت أُمُّهُ سَوْدَاءَ، وأبُوهُ عَرَبِيٌّ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ(7/78)
أَخَذَ من سَوَادِها وبَيَاضِه _: غلامٌ خِلاَسِيٌّ، وجاريةٌ خِلاَسِيَّةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِلاَسِيُّ من الدِّيَكَةِ مَا يَتَوَلَّدُ بَين الدَّجاجَةِ الهِنْدِيَّةِ والدِّيك الْفَارِسِي.
قَالَ: والخُلْسَةُ: النُّهْزَةُ والاخْتِلاسُ أَوْحَى من الْخلْسِ وأَخَصُّ، والْقِرْنَانِ إِذا تَبارَزَا: يَتَخالسانِ أنفُسَهُما، يُناهِزُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا قَتْلَ صاحِبه.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهِمَا بِنَوافِذٍ ... كَنَوَافِذِ العُبُطِ الَّتي لَا تُرْفَعُ)
وطَعْنَةٌ خَلْسٌ _ إِذا اختلسها الطاعِنُ بجِذْقِهِ، ومُخَالِسٌ: اسمُ حصانٍ _ من خَيْلِ الْعَرَب _ مَعْرُوف، ولِحْيَةٌ خَلِيسٌ: فِيهَا سوادٌ وَشَيْبٌ.
سلخ: قَالَ اللَّيْث: السَّلْخُ كَشْطُ الإهابِ عَن ذِيهِ، والمِسْلاَخُ: الإِهابُ نَفسه، ومِسْلاخُ الحَيّةِ قِشْرُها الَّذِي يَنْسَلِخ مِنْهَا، وكلُّ شَيْء يَنْفَلِقُ عَن قِشْرِه، يُقَال: انْسَلخ، والإنسانُ إِذا مَحَشَهُ الحَرُّ يُقَال: قد سَلخ الحَرُّ جِلْدَهُ وسلختِ المرأةُ دِرْعها عَنْهَا _ إِذا خلعْته.
وَيُقَال: سلختُ الشَّهْرَ _ إِذا خرجْتَ مِنْهُ فصرْتَ فِي أخرِ يومٍ مِنْهُ، وانْسَلخ الشَّهْر.
وَقل أَبُو الْهَيْثَم _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وءَايَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُظْلِمُونَ} [يس: 37] .
يُقَال: ((سَلَخْنَا الشهرَ)) _ أَي: خرجْنا مِنْهُ، فَسَلَخْنَا كلَّ ليلةٍ مِنْهُ عَن أَنْفُسنَا جُزْءاً من ثَلَاثِينَ جُزْءا، حَتَّى تكاملتْ لَياليه فَسَلَخْنَاهُ عَن أَنْفُسِنا كُلَّه.
قَالَ: وأهللْنَا هِلال شهر كَذَا _ أَي دخَلْنَا فِيهِ ولبِسْنَاه، فَنحْن نَزْدادُ _ كلَّ لَيْلَة مِنْهُ إِلَى مُضِيِّ نِصْفِه _ لِبَاساً مِنْهُ، ثمَّ نَسْلُخه عَن ألفُسنا بعد تَكامُلِ النِّصْف جُزْءا فجزءاً، حَتَّى نَسلخَهُ عَن أنفُسنا كلَّه.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(إذَا مَا سَلَخْتُ الشَّهْرَ أَهْلَلْتُ مِثْلَهُ ... كَفَى قَاتِلاً سَلْخِي الشُّهُورَ وَإِهْلاَلِي)
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(حَتَّى إذَا سَلخَا جُمادَى سِتَّةٍ ... جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وصيامُها)
قَالَ: ((وجُمادَى سِتَّةٍ)) : هِيَ جُمَادَى الآخرةُ، وَهِي تَمام سِتَّةِ أشْهُرٍ من أَوَّل السّنة.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّالخ جَرَبٌ يكون بالجمل يُسْلَخُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الظَّليمُ _ إِذا أصَاب رِيشَهُ داءٌ.
قَالَ: والمَسْلُوخةُ اسمٌ يلْزَمُ الشَّاةَ المَسْلُوخةَ نفْسَها بِلَا بُطُونٍ وَلَا جُزارَةٍ.
قَالَ: والسَّلِيخةُ شيءٌ من العِطْر، كأنَّه قِشْرٌ مُنْسَلخ ذُو شُعَبٍ، والسَّالخ: الأسودُ من الحَيَّاتِ _ شديدُ السَّواد، والنَّباتُ إِذا سَلَخ ثمَّ عادَ فاخضَرَّ كلُّه فَهُوَ سَالخ من الحمْضِ وغيرْه.
قلتُ: وَالْعرب تقولُ للرِّمْث والْعرْفَج _ إِذا لم يبْق فيهمَا مرعًى للماشية _: مَا بَقِي مِنْهُمَا إلاَّ سليخةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَحْمَر _ سَلِيخٌ مَلِيخٌ _ أَي: لَا طَعْمَ لَهُ.(7/79)
قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: المِسْلاخُ من النَّخِيلِ: الَّتي يَنْتَثِرُ بُسْرُها، وَهُوَ أَخضَرُ.
ابْن شُمَيْل: اسْلَخَّ الرجُل _ إِذا اضْطجع، وَقد اسْلَخَخْتُ _ أَي اضطجَعْتُ. وَأنْشد:
(إِذَا غَدَا القَوْمُ أَبَى فاسْلَخَّا ... )
وسَلِيخَةُ البَانِ دُهْنُ ثَمَرِهِ قبل أَن يُرَبَّبَ بأَفَاوِيه الطِّيبِ، فَإِذا رُبِّبَ ثَمرُه بالمسك والعنبَر، ثمَّ اعتُصِرَ فَهُوَ مَنْشُوشٌ وَقد نُشَّ نَشّاً، وَكَذَلِكَ سَلِيخَةُ السِّمْسِمِ: عَصيرُه قبلَ أَن يُرَبَّبَ.
سخل: قَال اللَّيْث: السَّخْلُ: أولادُ الشَّاة، والسَّخْلَةُ: الواحدُ والوحدةُ، ذكَراً كَانَ أَو أُنثى، والجميعُ: السِّخَالُ والسَّخْلُ.
وَيُقَال للأَوْغَادِ من الرِّجال: سُخَّلٌ وسُخَّالٌ، وَلَا يُعْرَفُ مِنْهُ وَاحِد.
أبُو عُبَيْد _ عَن الفرَّاء _ يُقَال للتَّمْرِ الَّذِي لَا يشتدُّ نَوَاهُ: الشِّيصُ.
قَالَ: وأهلُ الْمَدِينَة يسمُّونه السُّخَّلَ وَقد سَخَّلَتِ النَّخلةُ. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رجالٌ سُخَّلٌ، وهم الضُّعَفَاء، وسَخَّلَتِ النخلةُ _ إِذا ضَعُفَ نَواها.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ يُقال لوَلَدِ الغَنَم ساعةَ تَضَعُه أُمُّه من الضَّأْنِ والْمَعْزِ جَمِيعًا، ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى: سَخْلَةٌ، وجمعُها سِخَالٌ، ثمَّ هِيَ البَهْمَةُ _ للذكَر وَالْأُنْثَى وجَمعُها بَهْمٌ.
وقَال اللَّيْث: السَّخْلُ أَخْذُ الشَّيْء مُخَاتَلَةً واجْتِذاباً.
قلتُ لَا أعرفُ السَّخْلَ بِهَذَا الْمَعْنى إِلَّا أَن يكون مَقْلُوباً من الْخَلْسِ _ كَمَا قَالُوا: جَذَبَ وجَبَذ، وبَضَّ وضَبَّ.
خَ س ن
خنس، نخس، نسخ، سخن، خسن، سنخ: مُسْتَعْمَلةٌ.
خنس: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخُنُسُ مَأْوَى الظِّباء.
قَالَ: والخُنسُ: الظِّبَاءُ أَنْفُسُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَنْسُ انقباضُ قصبةِ الأنفِ، وعِرَضُ الأرنبة، وأَنفُ الْبَقر أخنَسُ لَا يكون إِلَّا هَكَذَا، والبقرَةُ خنساءُ، والتُّرْكُ خُنْسٌ. قَالَ: والخُنوسُ: الانقباضُ والاستخفاءُ يُقَال: خَنَسَ من بَين الْقَوْم، وانْخَنَسَ.
وَفِي الحَدِيث: ((الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ لِلْعَبْدِ فَإِذَا ذَكَرَ الله خَنَسَ)) _ أَي: انقبض مِنْهُ.
قلت: وَهَكَذَا قَالَ الفرّاء _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {من شَرّ الوسواس الخناس} [النَّاس: 4] .
قَالَ: إبليسُ يُوَسْوس فِي صُدور النَّاس فَإِذا ذُكِرَ الله خَنَس.
قلت: وخنَسَ فِي كَلَام الْعَرَب _ يكون لَازِما ومتعدِّياً.
يُقَال: خَنَسْتُ فلَانا فَخَنَسَ _ أَي أَخَّرْتُهُ فتأَخرَ، وقَبَضْتُه فانقبضَ، وأَخنَسْته: أكثرُ.
ورَوَى أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء والأُمويِّ _: خَنَسَ الرجلُ _ تَأَخَّر _ يَخْنُسُ، وأَنَا أَخْنَسْتُهُ _ بِالْألف.(7/80)
وَهَكَذَا قَالَ ابْن شُمَيْل _ فِي حديثٍ رَوَاهُ _: ((يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَخْنِسُ بِالْجَبَّارِينَ فِي النَّارِ)) .
قَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: يريدُ: تَدْخُلُ بِهمْ فِي النَّار، ويقَال: خَنَسَ بِهِ _ أَي: وَرَاهُ، ويقالُ: تَخْنِسُ بهم _ أَي: تَغِيب بهم.
قَالَ: وخَنَسَ الرجُلُ _ إِذا تَوَارَى وغَابَ، وأَخْنَسْتُهُ أَنا _ أَي: خَلَّفْتُهُ.
قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: أَخْنَسْتُ عَنهُ بعضَ حقّهِ.
وأنشدني أبُو بَكْرٍ الإيَادِيُّ لشاعر _ قَدمَ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنشدَه هَذِه الأبياتَ الَّتِي فِيهَا:
(وَإِنْ دَحَسُوا بِالشَّرِّ فَاعْفُ تَكرُّماً ... وَإِنْ خَنَسُوا عَنْكَ الْحَدِيثَ فَلاَ تَسَلْ)
وَهَذَا حُجَّةٌ لمَنْ جَعَل: ((خَنَسَ)) وَاقِعاً.
وَمِمَّا يدُلُّ على صِحَة هَذِه اللُّغة مَا روَيْنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، وَخَنَسَ إِصْبَعَهُ فِي الثَّالِثَةِ)) ، أَي: قَبَضها يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ الشَّهْر يكون تسعا وَعشْرين.
وَأنْشد أَبُو عبيد فِي ((أَخْنَسَ)) وَهِي اللُّغَةُ المعْرُوفَةُ:
(إِذَا مَا الْقلاَسِي وَالْعَمَائِمُ أَخْنَسَتْ ... فَفِيهِنَّ عَنْ صُلْعِ الرِّجَالِ حُسُورُ)
وسمعتُ عُقَيْلِيّاً يقولُ لخادمٍ لَهُ _ كَانَ مَعَه فِي طريقٍ فتخلَّفَ عَنهُ _: لِمَ خَنَسْتَ عَنّي؟ ، أَرَادَ: لِمَ غِبْتَ وتخلَّفْتَ؟ ؟
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخَنَسُ _ فِي الأنفِ _ تَأَخُّرُ الأرْنَبَةِ فِي الْوَجْهِ، وقِصَرُ الأنفِ.
وَقَالَ الزَّجَّاج: فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} [التكوير: 15، 16] .
قَالَ أكثَرُ أهل التَّفْسِير فِي ((الْخُنَّسِ)) : إِنَّها النُّجُومُ، وخنُوسُها أنَّها تَغيبُ وتَكْنِسُ تَغِيبُ أَيْضا، كَمَا يَدْخُلُ الظَّبْيُ فِي كِنَاسِه.
قَالَ: والْخُنَّسُ جَمْعُ خَانِس، تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظّبَاءُ.
قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: الْخُنَّسُ: هِيَ النُّجُومُ الْخَمْسَة _ تَخْنِسُ فِي مَجْرَاها وتَرْجِعُ، وتَكْنِسُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاء.
قَالَ: وَهِي بَهْرَامُ وزُحَلُ وعُطَارِدُ والزّهَرَةُ والمُشْتَرِي.
أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ خَنُوسٌ، وَهُوَ الَّذِي يَعْدل _ وَهُوَ مُسْتَقِيم _ فِي حُضْرِه ذاتَ الْيَمين وذاتَ الشِّمال، وَكَذَلِكَ الأُنْثى بِغَيْر هَاء، والْجَمِيعُ: خُنُسٌ، والْمَصْدَرُ الْخَنْسُ _ بِسُكُون النُّون.
وَقَالَ الفرَّاء: الْخِنَّوْسُ _ بالسِّينِ _: من صِفَاتِ الأسَد فِي وَجهه وَأَنْفه، وبالصَّادِ _ وَلَدُ الخِنْزِيرِ.
سخن: قَالَ اللَّيْث: السُّخْنُ نَقِيضُ الْبَارِد تَقول: سَخُنَ الْمَاءُ سُخُونةً وأَسْخَنْتُهُ إسْخاناً، وسَخَّنْتُه تَسْخِيناً فَهُوَ سُخْنٌ وسَخِينٌ ومُسَخَّنٌ ورجُلٌ سَخِينُ الْعَيْن وَقد سَخُنَتْ عينُه سُخْنَةً وسُخُوناً.
وَيُقَال: سَخنَتْ، وَهُوَ نَقِيضُ قَرَّتْ.(7/81)
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _: يومٌ سُخْنٌ وسَاخِنٌ وسَخْنَانٌ، ولَيْلَةٌ سُخْنَةٌ وسَاخِنَةٌ، وسَخْنَانَةٌ، وَقد سَخَنَ يومُنا يَسْخُنُ.
وبعضهُم يَقُول: سَخُنَ، وسَخِنَتْ عينُهُ _ بِالْكَسْرِ _ تَسْخَنُ.
شمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ إنِّي أجد سَخْنَةً _ أَي حُمَّى.
ويقالُ سَخِنَتْ عَينُه _ من حرارةٍ _ تَسْخَنُ سُخْنَة.
وَأنْشد:
(إذَا الْمَاءُ مِنْ حَالِبَيْهِ سَخِن ... )
قَالَ: وسَخِنَتِ الأَرْضُ وسَخُنَت، وأَمَّا سَخِنَتِ العَيْنُ فبالكَسْر لَا غَيْرُ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: يَوْمٌ سُخَاخِينُ، مِثلُ سُخْنٍ.
وَأنْشد:
(حُبّاً سُخاخِينَ وحُبّاً بَارِدَا ... )
((سُخَاخِينُ)) : يُؤْذِي، و ((بارِدٌ)) : يَسْكُنُ إلَيْه قَلْبي.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن أبي الْهَيْثَم _ أَنه قَالَ _ عَن أعرابيٍّ _: السَّخِينَةُ دَقِيقٌ يُلْقَى على ماءٍ، أَو عَلَى لَبَنٍ، فيُطبَخُ ثمَّ يؤكلُ بتَمْرٍ، أَو يُحْسَى.
قَالَ: وَهِي السُّخُونَةُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: السَّخِينَةُ: الَّتِي ارتفعَتْ عَن الْحَسَاءِ، وثَقُلَت أَن تُحْسَى، وهما دُونَ العَصِيدَةِ.
قَالَ: وإنّما يأكلونَ السخِينَةَ فِي شِدَّة الدَّهْرِ، وغَلاَءِ السِّعْرِ، وعَجَفِ المَالِ.
وَقَالَ غيرُه: السَّخِينَةُ تُعْمَلُ من دَقِيقٍ وسمْنٍ، وبِهَا عُيِّرَتْ قُرَيْشٌ فسُمِّيَتْ سَخِينَة.
وَقَالَ كَعْبُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ:
(زَعَمَتْ سِخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا ... وَلَيْغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلاَّبِ)
والمِسْخَنَةُ: قُدَيْرَةٌ كأنَّها تَوْرٌ.
قالَهُ أَبُو عبيدٍ عَن الكسائيِّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ الصَّغِيرةُ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا للصَّبيِّ.
وَيُقَال: سَخَنَتِ الدَّابَّة، وَذَلِكَ إِذا أُجْرِيتْ فسَخُنَ عِظَامُهَا وخَفَّت فِي حُضْرِهَا، وَمِنْه قَول لَبِيدٍ:
(حَتّى إذَا سَخَنَتْ وَخَفَّ عِظَامُهَا ... )
ويروى: سَخِنَتْ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يمْسَحُوا عَلَى المُشَاوِذِ وَالتَّسَاخِينِ)) .
قَالَ أَبُو عُبيد: التَّسَاخِينُ: الْخِفَافُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ المبرِّدُ: وَاحِد التَّسَاخِينِ تَسْخَانٌ وتَسْخَنٌ.
قَالَ: وَقَالَ ثعلبٌ: لَيْسَ للتَّسَاخِين وَاحِد منْ لَفْظها _ كالنِّسَاءِ ... لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا.
وَقَالَ ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: هُوَ المِعْزَقُ والسِّخِّينُ.
قلت: وَسمعتُ غيرَ وَاحِد من أَعْرَاب بني سعد يَقُولُونَ لِلْمَرِّ الَّذِي يُعمل بِهِ فِي الطِّينِ: السِّخِّينُ، وجَمْعُه السَّخَاخِينُ.(7/82)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للسِّكِّينِ: السَّخِينَةُ والشِّلْقَاءُ.
قَالَ: والسَّخَاخِينُ سَكاكِينُ الجَزَّار.
قَالَ: وماءٌ سَخِيمٌ وسَخِينٌ _ للَّذِي لَيْسَ بِحاَرٍّ وَلَا بَارِدٍ.
وَأنْشد:
(إنَّ سَخِيمَ الْمَاءِ لَنْ يَضِيرا ... )
اللحياني: إِنِّي لأَجِدُ سُخْنَةً وسِخْنَةً وسَخْنَةً، وسَخْنَاء _ ممدودٌ _ كلُّ ذَلِك من حَرَارَةِ الْحُمَّى.
خسن: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: أَخْسَنَ الرجُلُ _ إِذا ذَلَّ بَعْدَ عِزٍّ.
نخس: قَالَ اللَّيْث: النَّخْسُ تَغْرِيزُك مؤخَّرَ الدَّابَّة أَو جَنْبَهَا بعوُدٍ أَو غَيْرِه.
وَقيل للنَّخَّاسِ: نَخَّاسٌ _ لنَخْسِهِ الدَّوَابَّ حتَّى تنْبَسِط وفِعْلَهُ: النَّخَاسَةُ.
وَيُقَال لِابْنِ زَنْيَةٍ: ابنُ نَخْسَةٍ.
وَقَالَ الشَّمَّاخ:
(أَنَا الْجِحَاشِيُّ شَمَّاخٌ وَلَيْسَ أَبِي ... لِنَخْسَةٍ _ لِدَعِيٍّ غَيْرِ مَوْجُودِ)
أَي: متروكٍ وحْدَه، وَلَا يُقَال منْ هَذَا: وَحْدَهُ.
وَيُقَال: نَخَسُوا بِفُلاَن، إِذا هَيَّجُوهُ وأَزْعَجُوهُ، وَكَذَلِكَ إِذا نَخَسُوا دَابَّتَه وطرَدُوه.
وَأنْشد:
(النَّاخِسينَ بِمَرْوَانٍ بِذِي خَشَبِ ... والمُقْحِمين عَلَى عُثْمانَ فِي الدَّارِ)
أَي: نَخَسُوا بِهِ مِنْ خَلْفِه حَتَّى سَيَّرُوهُ من الْبِلَاد مَطْروداً.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: إِذا صُبَّ لبَنُ الضأْنِ على لبن المَاعِز فهوالنَّخِيسَةُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: مِثْلَه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّخِيسةُ: الزُّبْدَةُ.
قَالَ: والنِّخَاسُ دَائِرَتانِ تكُونان فِي دَائِرَة الْفَخِذَيْنِ _ كدائرة كَتِفِ الْإِنْسَان.
والدَّابَّةُ مَنْخُوسَةٌ: يُتَطَيَّرُ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَمن دوائر الْخَيْل النَّاخِسُ، وَهِي الَّتِي تَكُون على الجَاعِرَتَيْن إِلَى الفَائِلَيْنِ.
قَالَ: والنَّاخِسُ جَرَبٌ يكون عِنْد ذَنَب الْبَعِير، فَهُوَ مَنْخُوسٌ.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: إِذا اتَّسعت البَكَرَة أَو اتَّسع خَرْقُها عَنْهَا: قيل: أَخَقَّتْ إخْقاقاً فانْخَسُوها نَخْساً، وَهُوَ أَن يسُدَّ مَا اتَّسَعَ مِنْهَا بخشبةٍ أَو بحجَرٍ أَو بِغَيْرِهِ.
وَقد نَخَسَ يَنْخَسُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ النَّخَاسَةُ. . للرُّقعة تدخُلُ فِي ثَقْبِ المِحْوَرِ إِذا اتَّسع.
وَقَالَ غَيره: النَّخُوسُ من الوُعُولِ الَّذِي يَطُولُ قَرْناه حَتَّى يَبْلُغا ذَنَبَهُ وإنَّما يكون ذَلِك فِي الذُّكُور.
وَأنْشد:
(يَا رُبَّ شَاةٍ فَارِدٍ نَخوسِ ... )
وَبَكَرَةٌ نِخِيسٌ _ إِذا اتَّسع ثَقْبُ محْوَرها، فنُخِسَت بِنِخَاسٍ.
وَأنْشد:(7/83)
(دُرْنَا وَدَارَتْ بَكْرَةٌ نَخيسُ ... لَا ضَيْقَةُ المجرَى وَلاَ مَرُوسُ)
وَقَالَ أَبُو سعيد: قَالَ أَعْرَابِي: رأَيْتُ غُدْرَاناً تَنَاخَسُ، وَهِي أَن يُفْرِغَ بَعْضُها فِي بَعْض كَتَنَاخُسِ الغنَم، إِذا أَصَابَهَا البرْدُ فاستدفأ بَعْضهَا ببعضٍ.
سنخ: قَالَ اللَّيْث: السِّنْخُ أصْلُ كلِّ شَيْء، وسِنْخُ السِّكِّينِ طَرَفُ سِيلانِهِ الدَّاخلِ فِي النِّصاب.
وأَسْنَاخُ الثَّنايا: أُصُولُها. وَرَجَعَ فُلانٌ إِلَى سِنْخِ الكَرَم أَو إِلَى سِنْخِه الْخَبِيثِ وسِنْخُ الْكَلِمَة أَصْلُ بنائها.
أَبُو عبيد _ عَن الفَرَّاء _: سَنَخَ فلَان فِي الْعلم يَسْنَخُ سُنُوخاً، إذَا رَسَخَ فِيهِ.
وسَنِخَ الطَّعَام يَسْنَخُ، وَزَنِخَ يَزْنَخُ _ إِذا تَغَيَّرَ وأَنْتَنَ، فَهُوَ سَنِخٌ وزَنِخٌ.
نسخ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا نَنسَخْ مِنْءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البَقَرَة: 106] .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ: النَّسْخُ فِي اللُّغَة: إبْطَالُ شَيْء وإقامَةُ آخَرَ مُقَامَه.
وَالْعرب تَقول: نَسَخَتِ الشمسُ الظِّلَّ وَالْمعْنَى أذهبت الظِّلَّ وحلَّت مَحَله.
وَقَالَ غيرُه _ فِي مُنَاسَخَةِ الفَرَائض وتَنَاسُخ الْوَرَثَة _: وَهُوَ مَوْتُ وَرَثَة بعد وَرَثَة وأصلُ الْمِيرَاث قائمٌ لم يُقْتَسَمْ.
وَكَذَلِكَ تَنَاسُخُ الأَزْمِنة والقَرْنِ بعدَ القَرْنِ.
والنَّسْخُ اكتتابك كِتاباً عَن كِتابٍ حَرْفاً بِحرف.
تَقول: نَسَخْتُهُ وانْتَسَخْتُه، فالأصلُ نُسْخَةٌ، والمكتوبُ مِنْهُ نُسْخَة _ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَه وَالْكَاتِب نَاسِخٌ ومُنْتَسِخٌ.
وَقَالَ الليثُ: النَّسْخُ أَن تُزَايل أمْراً كَانَ من قبلُ يُعْمَلُ بِهِ ثمَّ تَنْسَخُه بحادثٍ غَيْرِه.
وَقَالَ الفرَّاء: النَّسْخُ أَن يُعْمَل بِالْآيَةِ ثمَّ تُنْزَلُ آيةٌ أُخْرى فيُعَمَلُ بهَا، وتُتْرَكُ الأُولى.
وَقَرَأَ عبد الله بن عَامر ((مَا نُنْسِخْ مِنْ آيَة)) . بضَمِّ النُّون _ يَعْنِي مَا نُنْسِخُكَ مِن آيَة وَالْقِرَاءَة الجيِّدةُ ((مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة)) بِفَتْح النّون.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النَّسْخُ تَبْدِيل الشَّيْء من الشَّيْء. وَهُوَ غَيرهُ.
والنَّسْخُ نقل الشَّيْء من مكانٍ إِلَى مكانٍ، وهُوَ هُوَ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ الْفراء وَأَبُو سعيد: مَسَخه الله قرداً، ونَسخَهُ قِرْداً: بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: حضَرْتُ أَبَا العباسِ يَوْمًا فجَاء رجُلٌ مَعَه كتابُ الصَّلاة، فِي شَطْرٍ جُزْءٌ، والشّطْرُ الآخرُ بياضٌ فَقَالَ لَهُ: إِذا حَوَّلْتُ هَذَا المكتوبَ إِلَى الْجَانِب الآخر فأيُّهُما كِتَابُ الصَّلَاة؟ فَقَالَ أَبُو العباسِ: هما جَمِيعًا كتاب الصَّلَاة لَا هَذَا أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا، وَلَا هَذَا أَوْلَى بِهِ من هَذَا.
خَ س ف
خسف، خفس، سخف، فسخ: مستعملة.(7/84)
خسف: أَبُو عُبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ الْخَسْفُ: النُّقْصان.
أَبُو عبيد: قَالَ: الْخَاسِفُ: المَهْزُول.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن أبي الْهَيْثَم _ أَنه قَالَ: الْخَسْفُ: الْجُوعُ.
والْخَاسِفُ: الجَائِعُ.
وَأنْشد قَوْلَ أَوْسٍ:
(أَخُو قُتُراتٍ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ... إذَا لَمْ يُصِبْ لَحْماً مِنَ الوَحْشِ خَاسِفُ)
قَالَ: وخَسَفَتِ الشَّمْسُ وكَسَفَتْ: بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وخُسِفَ بالرَّجُل _ وبالقوم _ إِذا أَخَذَتْه الأرضُ فَدخل فِيهَا.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا} [الْقَصَص: 82] .
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخَسْفُ إلْحاق الأَرْض الأُولَى بِالثَّانِيَةِ. والْخَسْفُ أَن يَبْلُغَ الحافِرُ إِلَى ماءٍ عِدٍّ: والْخَسْفُ: الْجَوْزُ الَّذِي يُؤْكَلُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ الْخَسِيفُ البِئْرُ الَّتِي تُحْفَر فِي الْحِجَارَة، فَلَا ينقَطِع ماؤُها كَثْرَةً.
وَأنْشد غَيره:
(قَدْ نَزَحَتْ إنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفاَ ... أَوْ يَكُنِ الْبِحْرُ لَهَا حَلِيفَا)
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: مَا كَانَت البِئْرُ خَسيفاً، وَلَقَد خُسِفَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَسْفُ سُؤُوخُ الأَرْض بِمَا عَلَيْهَا.
تَقول: انْخَسَفَ بِهِ الأرضُ، وخَسَفَ الله بِهِ الأرضَ، وعَيْنٌ خَاسِفَةٌ وَهِي الَّتِي فُقِئَتْ حتَّى غابَتْ حَدَقَتُها فِي الرَّأْس، وبِئرٌ خَسيفٌ _ إِذا نُقِبَ جَبَلُها عَن عَيْلَمِ المَاء فَلَا تَنْزَحُ أبدا.
والْخَسِيفُ من السَّحَاب مَا نَشأ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ حَامِلَ ماءٍ كثيرٍ، والعَيْنُ عَن يَمِين القِبْلَة.
والشمسُ تَخْسِفُ يَوْم الْقِيَامَة خُسُوفاً وَهُوَ دُخُولُها فِي السَّمَاء، كَأَنَّهَا تكَوَّرَتْ فِي جُحْرٍ.
والْخَسْفُ أَن يُحَمِّلَكَ إنْسَانٌ مَا تَكْرَهُ.
أَبُو زيد والأصمعيُّ: خَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ، وخَسَفَهُ الله، رَوَاهُ عَنْهُمَا أَبُو عبيد.
وَقَالَ الفرَّاءُ: عَيْنٌ خَاسِفٌ _ إِذا غارتْ والبِئْرُ خَسِيفٌ لَا غَيْرُ، وناقةٌ خَسِيفٌ: غَزِيرَةٌ سريعةُ القَطْعِ فِي الشتَاء.
وَقد خَسَفْنَاها خَسْفاً.
والْخَسْفُ الْجَوْزُ _ بِلُغَةِ الشِّحْر.
أَبُو عَمْرو: الْخَسْفُ الذُّلُّ. والْخَسْفُ الجُوعُ، والْخَسْفُ غُؤُورُ العَيْن، والْخُسُفُ النُّقَّةُ من الرِّجَال.
وَيُقَال فِي الجَوْزِ والذُّلِّ: خُسْفٌ أَيْضا.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ يقالُ للغلام الْخَفِيف النَّشِيط: خَاسِفٌ وخَاشِفٌ، ومِزاقٌ وقَضِيبٌ، ومُنْهَمكٌ.
خفس: قَالَ ابْن المُظَفِّرِ: يُقَال للرَّجُلِ: خَفَسْتَ يَا هَذَا وأَخْفَسْتَ، وَهُوَ من سُوء(7/85)
القَوْل _ إِذا قُلْتَ لصاحبك أَقْبَحَ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ.
قَالَ: والشَّرَابُ الْمُخْفِسُ: السَّرِيعُ الإسْكَارِ، واشْتِقَاقُه من الْقُبْح، أَلا ترى أَنه يَخْرُجُ من سُكْره إِلَى قُبْحِ القوْل والفِعْل؟ .
وَقَالَ الفرَّاء _ فِي كتاب ((المَصَادِرِ)) يُقَال: أَخْفِسْ _ أَي: أقِلَّ المَاءَ، وأَكْثِر النَّبِيذَ، وَكَذَلِكَ: أَعْرِقْ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن عمروٍ عَن أَبِيه _ أَنه قَالَ: الْخَفِيسُ: الشَّرَاب الكَثيرُ المِزَاج.
قَالَ: وشَرَابُ مُخْفَسٌ _ إِذا أُكْثِرَ ماؤُه، وَهَذَا ضدُّ مَا قَالَه الفرَّاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَفْسُ: الِاسْتِهْزَاء والْخَفْسُ: الأكْلُ القَلِيل.
وَكَانَ أَبُو الهَيْثم _ فِيمَا أَخْبرنِي المنذِرِيُّ عَنهُ _ يُنْكِرُ قولَ الفرَّاء _ فِي الشَّرَاب الْمُخْفَسِ _ إنَّه الَّذي أُكْثِرَ نَبِيذُه وأُقِلَّ ماؤُه.
سخف: قَالَ اللَّيْث: السُّخْفُ رِقَّةُ الْعَقْل، ورجُلٌ سَخِيفُ العَقْل: بَيِّنُ السُّخْفِ وَهَذَا من سَخْفَةِ عَقْلِك، وسَخَافَةِ عقلك، وثوبٌ سَخِيفٌ: رقِيقُ النَّسج، بَيِّنُ السَّخَافَة لَا يكادون يَقُولُونَ: ((السُّخْفُ)) إِلَّا فِي الْعقل خاصَّةً، والسَّخَافَةُ عامٌّ فِي كل شَيْء نَحْوُ السَّحَاب والسِّقَاءَ _ إِذا تغَيَّر وبَلِيَ _ والعُشْبِ السَّخِيفِ، والرجُلِ السَّخِيفِ.
وَفِي حَدِيث أبي ذَرٍّ: ((أَنَّهُ لَبِثَ أَيَّاماً فَمَا وَجَدَ سَخْفَةَ الّجُوعِ _ أَيْ: رِقَّتَهُ وَهُزَالَهُ)) .
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: السَّخْفُ رِقَّةُ العَيش، والسَّخْفُ ضعف الْعقل.
ابْن شُمَيْل: أرضٌ مُسْخِفَةٌ: قَلِيلَةُ الكَلأ _ أُخِذَ من الثَّوْب السَّخِيفِ.
فسخ: قَالَ اللَّيْث: الْفَسْخُ زوالُ المَفْصِلِ عَن مَوْضِعه.
يُقَال: وَقَعَ، فانْفَسَخَتْ قَدَمُه وفَسَخْتُهُ أَنا.
وَيُقَال: فَسَخْتُ البيع بَين البَيِّعَيْنِ فانْفَسَخَ البيعُ _ أَي: نَقَضْتُهُ فَانْتقضَ.
والْفَسِيخُ: الضَّعِيفُ المُتَفَسِّخُ عِنْد الشِّدَّة، واللحمُ إِذا أَصَلَّ ألْفَسَخَ وَتَفَسَّخَ عَن الْعَظْم، وَكَذَلِكَ تَفَسُّخُ الْجِلْدِ عَن الْعظم.
ويَتَفَسَّخَ الشَّعْرُ عَن الْجِلْدِ، وَلَا يقالُ إِلَّا لشَعَر الْمَيْتَةِ وجِلْدِها، ورجلٌ فَسِيخٌ: لَا يَظْفَرُ بحاجته.
أَبُو عبيد _ عَن الكِسائيِّ _ أَفْسَخْتُ الْقُرْآنَ: نَسِيتُهُ.
قَالَ. وَقَالَ غَيره: فَسَخْتُ الشَّيْء _ إِذا فرَّقْتُهُ، وفَسَخْت يَدَه فَسْخاً _ بِغَيْر ألف.
خَ س ب
خبس، سخب، سبخ، بخس: مستعملة.
خبس: قَالَ اللَّيْث: أَسَدٌ خبَّاسٌ وخابِسٌ وخَبُوسٌ وخُنابِسٌ، وخَبْسُه أخْذُه، وأُسْدٌ خَوابِسُ.
أَبو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ الخُبَاسةُ مَا تَخَبَّسْتَ من شَيْء _ أَي: أخذْته وغنِمته.
وَمِنْه يُقَال: رجلٌ خَبَّاسٌ.(7/86)
سخب: قَالَ اللَّيْث: السِّخابُ قِلادةٌ تُتَّخَذ من قَرَنْفُلِ وسُكٍّ ومحلبٍ ... لَيْسَ فِيهَا من اللُّؤلؤ شيءٌ.
قلت: السِّخابُ _ عِنْد الْعَرَب _ كلُّ قِلادة كَانَت ذاتَ جوهرٍ أوَ لمْ تكن.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(ويَوْمُ السِّخَابِ مِنَ تَعَاجِيبِ رَبِّنا ... عَلَى أَنّه مِن بَلْدةِ السُّوءِ نجَّانِي)
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَضَّ النِّساءَ عَلَى الصَّدقةِ، فَجَعَلَتِ المرأةُ تُلْقِي القُرْطَ والسِّخَابَ)) . يَعْنِي القِلادةَ والسَّخَبُ: لُغة فِي الصخَب.
وَفِي الحَدِيث _ فِي ذكر الْمُنَافِقين _: ((خُشُبٌ باللّيْلِ سُخُبٌ بالنَّهارِ)) .
سبخ: قَالَ اللَّيْث: أَرضٌ سبِخَةٌ، وَهِي ذَات المِلْح والنَّزِّ.
وَيُقَال: انتهينا إِلَى سَبَخَةٍ: يَعْنِي الموضعَ، والنَّعتُ: أرضٌ سَبِخَةٌ، وأَسْبَخَتِ الأرضُ وسَبِخَت.
وَقَالَ الفرّاء: هِيَ السَّبخَةُ والصَّبَخَةُ.
وَيُقَال: حَفَر بِئْرا فَأَسْبَخَ _ إِذا انتَهى إِلَى سَبَخَةٍ ذَكَرَ ذَلِك أَبُو عبيد.
وَيُقَال: قد عَلَتِ المَاء سَبَخَةٌ شَدِيدَة كَأَنَّهَا الطُّحْلُبُ من طول التَّرْك.
وَقَالَ ابنُ السكِّيت: يُقَال: هَذِه
سَبِيخَةٌ مِن قُطْنٍ، وعَمِيتةٌ من صُوفٍ، وفَلِيلَةٌ من شَعَرٍ.
والسَّبِيخَةُ قطعةُ قُطْنَةٍ تُعَرَّضُ ليوضعَ عَلَيْهَا دواءٌ وتوضَعَ فَوق جُرْحٍ، وجمعُها سبَائخُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(سَبَائِخُ مِنْ بُرْسٍ وَطُوطٍ وَبَيْلَمٍ ... وَقُنْفُعةٌ فِيهَا أَلِيلُ وَحِيحِها)
البُرْسُ: القُطن، والطُّوطُ: قطن البَرْدِي، والبَيْلَمُ: قُطنُ القصَب، والقُنْفُعَةُ: القُنْفُذَةُ، والأليلُ: التَّوجُّع، والوَحِيحُ: ضَرْبٌ من الْوَحْوَحَةِ.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ سَارِقاً سَرق مِن بيْتِ عائشةَ شَيْئا فدَعَتْ عَلَيْهِ، فَقال لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((لاَ تُسَبِّخي عنهُ بِدُعائِكِ)) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: يَقُول: لَا تُخَفِّفِي عَنهُ بدعائك عَلَيْهِ.
قَالَ: وَهَذَا كَمَا قَالَ _ فِي حَدِيث آخر: ((مَنْ دَعَا عَلَى مَن ظَلمه فقد انتَصر)) .
وَكَذَلِكَ كلُّ مَن خُفِّف عَنهُ شيءٌ فقد سُبِّخَ عَنهُ.
وَيُقَال: اللَّهُمَّ سَبِّخْ عَنهُ الحُمَّى _ أَي سُلَّها وخفِّفها.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلِهَذَا قيل لِقِطَع القطنِ _ إِذا نُدِفَ _: سَبَائخُ.
وَمِنْه قَول الأخطَل _ يَذكر الكِلاَبَ _:
(فَأَرْسَلوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كَمَا ... يُذْرِي سبائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوْتَارِ)
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: سَبَّخَ الله عَنَّا الأذَى، يَعْنِي كَشَفَه وخفَّفَه.
وَيُقَال لرِيش الطَّائِر _ الَّذِي يَسْقُط _: سَبيخٌ، لِأَنَّهُ يَنْسُلُ فيَسقط عَنهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سمعتُ أَعرابيّاً يَقُول: ((الْحَمد لله على تسبيخ الْعُرُوق، وإساغة الرِّيق)) أَرَادَ سُكُون العُروق من ضَرَبَانِ الدَّم فِيهَا.(7/87)
وَقَول الله جلّ وعزّ: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحا طَويلا} [المُزّمل: 7] وقُرىءَ: ((سَبْخاً)) بِالْخَاءِ.
قَالَ الْفراء: هُوَ من تَسْبِيخ الْقطن، وَهُوَ تَوْسِعَتُه وتَنْفيشُه.
يُقَال: سَبِّخِي قُطْنَكِ _ أَي: نَفِّشِيه ووَسِّعِيه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: من قَرَأَ ((سَبْحاً)) فَمَعْنَاه: اضطراباً ومعاشاً، ومَن قَرَأَ ((سَبْخاً)) أَرَادَ رَاحَة وتخفيفاً للأبدان. . والنومَ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: السَّبْحُ والسبْخُ قريبان من السَّواءِ.
أَبُو عبيد _ عَن الأمويِّ _: التسبِيخُ النَّوم الشَّديد، وَقد سبّختُ _ إِذا نِمْتُ.
ابْن شُمَيْل: السَّبخَةُ: الأرضُ المالحة.
بخس: أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الرجل _ تحسبه مُغَفَّلاً. وَهُوَ ذُو نَكْراءَ _: تَحْسَبُها حَمْقاءَ وَهِي باخِسٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: باخِسٌ: بِمَعْنى ظَالِم {وَلَا تبخسوا النَّاس} [الْأَعْرَاف: 85] لَا تظلموهم.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: بَخَصْتُ عينَه _ بالصَّاد _، وَلَا تَقُل: بَخَسْتُهَا، إنَّما البَخْسُ نَقْصُ الحقِّ، تَقول: بَخَسْتُ حَقَّه.
وَيُقَال للْبيع _ إِذا كَانَ قَصْداً _: لَا بَخْسَ وَلَا شُطُوطَ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَخْسُ فَقْءُ العَين بالأصبُعِ وَغَيرهَا، والْبَخْسُ من الظُّلم تَبْخَسُ أَخَاك
حقَّه فتَنْقُصُه، كَمَا يَبْخَسُ الكَيَّالُ مِكْيَالَه فَيَنْقُصُهُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وشروه بِثمن بخس} [يُوسُف: 20]_ أيْ: ناقِصٍ. . دُونَ ثَمنه.
وَقَالَ غيرُه: الْبَخْسُ: الخَسيسُ الَّذِي بُخِسَ بِهِ البائعُ.
وقَوْلُه _ جلّ وعزّ _: {فَلَا يخَاف بخسا} [الجنّ: 13] أَي: لَا يُنْقَصُ من ثوابِ عَمَلِهِ.
غيرُه: إِنَّه لشديد الأبَاخِس، وَهِي اللَّحْمُ العَصِبُ.
وَقيل: الأَبَاخِسُ: مَا بَين الْأَصَابِع وأصولها.
وَقَالَ الكُمَيْتُ:
(جَمَعْتَ نِزَاراً وَهْيَ شَتَّى شُعُوبُهَا ... كَمَا جَمَعَتْ كفٌّ إِلَيْهَا الأَباخِسَا)
أَبُو عبيد _ عَن الأُموِيِّ _: بَخَّسَ المُخ تَبْخِيساً _ إِذا دَخل فِي السُّلاَمَى والعَينِ فَذَهَب، وَهُوَ آخر مَا يَبْقَى.
والْبَخْسِيُّ _ من الزَّرْعِ _ مَا لم يُسْقَ بِماءٍ عِدٍّ، إنَّما أَسْقاه ماءُ السَّماءِ.
خَ س م
خمس، سخم، سمخ، مسخ: مستعملة.
خمس: قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: غُلاَمٌ خُمَاسِيٌّ ورُباعِيٌّ.
قَالَ: خَمْسةُ أَشْبارٍ، وأَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ وإِنَّمَا يُقَال: خُمَاسِيٌّ ورُباعِيٌّ فيمنْ يَزْدادُ طُولاً.
وَيُقَال فِي الثَّوْب: سُباعِيٌّ.(7/88)
وَقَالَ اللَّيْث: الخُماسِيٌّ والْخُمَاسِيَّةُ من الوَصائِفِ مَا كَانَ طولُه خمسةَ أَشْبَارٍ.
قَالَ: وَلَا يُقَال: سُداسِيٌّ وَلَا سُباعيٌّ. . إِذا بلغ ستَّة أَشبار وَسَبْعَة أشبار.
قَالَ: وَفِي غير ذَلِك: الخُماسِيُّ: مَا بلغ خَمْسَة. وَكَذَلِكَ السُدَاسيُّ والعُشاريُّ والْخَمْسُ تأنيثُ خَمْسةٍ، والخمْسُ أَخْذُك واحِداً من خَمْسةٍ، تَقول: خَمَسْتُ مَال فلَان، وخَمَسْتُ القومَ _ أَي تَمُّوا بِيَ خَمْسَة، والخُمسُ جُزْءٌ من خَمْسَة، والْخِمْسُ شُرْبُ الْإِبِل يَوْمِ الرَّابع من يَوْم صَدَرَتْ _ لأَنهم يحْسُبُونَ يُومِض الصدَرِ فِيهِ.
قلتُ: هَذَا غَلطٌ. . لَا يُحْسَبُ يومُ الصدَر فِي وِرْدِ النَّعَمِ، والْخِمْسُ أَن تشْرَبَ يومَ وِرْدِها، وتَصدُرَ يَوْمَهَا ذَلِك، وتَظَلَّ بعد ذَلِك الْيَوْم فِي المرعَى ثلاثةَ أَيَّام سوى يَوْم الصَّدَر، وترِدَ اليَوْمَ الرَّابعَ، فَذَلِك الْخِمْسُ.
وإبِلٌ خَامِسَةٌ وخوَامِسُ، وَيُقَال: فَلاَةٌ خِمسٌ _ إِذا انْتَاط مَاؤُهَا حَتَّى يَكُون وِرْدُ النَّعم فِي الْيَوْم الرَّابع، سِوَى الْيَوْم الَّذِي شَرِبَتْ فِيهِ وَصَدَرت.
وَيقال: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، وَقَعْقَاعٌ _ إِذا لم يكن فِي سَيرِها إِلَى المَاء وتِيرَةٌ، وَلا فُتُورٌ لبُعْدِه.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيتِ: يُقَال فِي مَثل: ((لَيْتَنَا فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ)) _ أَي: ليتنا تَقَارَبْنَا.
ويُرَاد ((بأَخماس)) أَنَّ طُولَها خَمْسةُ أشبار.
والبُرْدَةُ شِمْلَةٌ من صُوفٍ مُخَطَّطَةٌ، وجمْعُهَا الْبُرَدُ.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيتِ فِي قَول الشَّاعِر:
(وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخْماسٍ أُرِيدَتْ ... لأسْدَاسٍ عَسَى أَلاَّ تكُونَا)
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هَذَا كَقَوْلِك: ((شَشْ بَنْج)) ، وَهُوَ أَن يُظْهِرَ خَمْسةً يُريدُ ستَّةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالُوا: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْدَاسٍ.
يُقَال للَّذي يقَدِّم الْأَمر، يُرِيدُ بِهِ غَيره فَيَأْتِيه من أوَّله، فَيَعْمَلُ فِيهِ رُوَيداً رُوَيداً.
قَالَ: والْخِمْسُ: الْوِرْدُ يومَ الْخَامِس من يَوْم صَدرِها، والسِّدْسُ: الوِرْدُ يومَ السَّادِس.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ سَهل _ رَاوِيةُ الكُمَيتِ _: إِذا أَرَادَ الرجلُ سَفَراً بَعيدا عوَّدَ إِبِلَه أَن تشرَبَ خِمساً ثمَّ سِدْساً حَتَّى إِذا رُفعتْ فِي السقيْ صَبَرْت.
وَيُقَال لصَاحب الْإِبِل الَّتِي تَرِدُ خِمْساً: مُخْمِسٌ:
وَأنْشد أَبُو عَمْرو بْنُ العَلاَء:
(يُثِيرُ وَيُذْرِي تُرْبَهَا وَيُهِيلُهُ ... إثَارَةَ نَبَّاثِ الْهَوَاجِرِ مُخْمِسِ)
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: خَمَسْتُ القومَ أَخْمُسُهُمْ خَمساً _ إِذا أَخَذْتُ خُمْسَ أَمْوَالهم، أَو كُنْتَ لَهُم خامِساً والْخِمْسُ من أَظماء الْإِبِل.
وَقال اللَّيْث: الخَميسُ: الْجَيْشُ، وَالْخَمِيس: يَوْم من أَيَّام الأُسْبُوع، وَثَلَاثَة أَخْمِسَةٍ وخُمَاسَ ومَخْمَسَ، كَمَا يُقَال: ثُنَاءَ وَمَثْنَى ورُبَاعَ ومَرْبَعَ.(7/89)
قَالَ: والخَميسُ، والمَخْمُوسُ _ من الثَّوْب _: الَّذِي طُولهُ خَمْسُ أَذْرُع.
وَيُقَال: بل الخَميسُ ثَوْبٌ منسوبٌ إِلَى مَلِكٍ من مُلوُك اليمنِ، كَانَ أَمَرَ بِعَمَل هَذِه الثِّياب، فنُسِبَتْ إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث مُعَاذٍ: ((أَنَّه كانَ يَقُول بِالْيَمَنِ: ائْتُوني بِخَميسٍ أَوْ لَبيسٍ آخذُهُ مِنْكُمْ فِي الصَّدَقَةِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الخَميسُ الثّوْبُ الَّذِي طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيدٍ: وَيُقَال لَهُ: مَخْمُوسٌ.
وَأنْشد قَول عَبِيدٍ:
(هاتِيك تَحْملُني وَأَبْيَضَ صَارِماً ... وَمُذَرَّباً فِي مَارِنٍ مَخْمُوسِ)
قَالَ وَكَانَ أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء يَقُول: إِنَّمَا قيل للثَّوْبِ: خَمِيسٌ _ لِأَن أولَ مَن عَمِله ملِكٌ بِالْيمن يُقَال لَهُ: الخِمْسُ أَمر بِعَمَل هَذِه الثِّيَاب، فنُسِبَتْ إِلَيْهِ _ وأنشَد قَول الأَعْشَى:
(يَوماً تَراها كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الخِمْسِ ... وَيَوْماً أَدِيمَها نَغِلا)
وَيُقَال: هما فِي بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ _ إِذا تقاربا واجْتَمَعا، واصطلحا.
وَأنْشد ابْن السِّكِّيت:
(صَيَّرَني جُودُ يَدَيهِ وَمَن ... أَهوَاهُ فِي بُرْدَةِ أخمَاسِ)
كَأَنَّهُ اشتَرَى لَهُ جَارِيَة، أَو سَاق مَهْرَ امْرَأَته عَنهُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: هما فِي بُرْدةٍ أخماسٍ _ أَي: يفْعَلَانِ فعلا وَاحِدًا كَأَنَّهُمَا فِي ثوبٍ واحدٍ، لاشتباههما.
سمخ: قَالَ اللَّيْث: السِّمَاخُ لُغَةٌ فِي الصِّماخ، وَهُوَ وَالِجُ الأُذُنِ عِنْد الدِّماغ، وسَمَخْتُه أَسْمَخُه إِذا أَصَبتُ سِماخَهُ فعقَرْتَه.
وَيُقَال: سَمَخَنِي، لشدَّة صَوته وكثرةِ كلامِه، ولُغة تَمِيم: الصَّمْخُ.
وَيُقَال: فلانٌ يَضْرِبُ أَخْمَاسًا لأَسْدَاسٍ _ إِذا كَانَ يُخَادِع ويَحتالُ يُظْهِرُ خَمْسَة وَهُوَ يريدُ سِتَّةً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي _: ضَرْبُ أَخْمَاس لأسْدَاسٍ أَي: يُظْهِرُ غيرَ مَا يُضْمِرُ.
قَالَ: والخَميسُ: الجَيْشُ الجَرَّارُ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الخَمِيسُ: الجَيش الخَشِنُ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقال: صُمْنا خَمْساً من الشَّهْر، فيُغَلِّبُون اللّيالِيَ عَلَى الأيَّام، وَإِنَّمَا يَقعُ الصِّيام عَلَى الْأَيَّام، لأنَّ ليلَةَ كلِّ يومٍ قَبْلَهُ، فَإِذا أظهرُوا الْأَيَّام قَالُوا: صُمنا خمْسَة أَيَّام، وَكَذَلِكَ أَقَمْنَا عِنْده عَشْراً بَين يومٍ وَلَيْلَة غلَّبوا التَّأْنيثَ _ كَمَا قَالَ النَّابغةُ الْجَعْدِيُّ:
(أقَامَتْ ثَلَاثًا بَيْنَ يوْمٍ وَلَيْلةٍ ... يَكُونُ النّكيرُ أنْ تُضِيفَ وتَجْأَرَا)
وَيُقَال: لَهُ خَمْسٌ من الْإِبِل، وَإِن عَنَيْتَ أجْمَالاً _ لِأَن الْإِبِل مؤنَّثةٌ، وَكَذَلِكَ: لَهُ خَمْسٌ من الْغنم، وَإِن عَنيْتَ أَكْبُشاً _ لِأَن الغنمَ مُؤنَّثةٌ.(7/90)
سخم: أَبُو عبيد _ عَن الأمويِّ: السُّخَامُ: سَوادُ الْقِدْرِ _ يُقَال مِنْهُ سَخَّمْتُ وَجْهَهُ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وأَما الشَّعْرُ السُّخامُ فَهُوَ اللَّينُ الْحَسَنُ، وَلَيْسَ هُوَ من السَّوادِ.
وَيُقَال للخمر: سُخامٌ _ إِذا كَانَت ليِّنَةً سَلِسَةً.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ سَخَّمتُ الماءَ وأَوْغَرْتُه _ إِذا سَخَّنْتُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّخْمُ مصدرُ السَّخيمَةِ وَهِي الموْجِدَةُ _ فِي النّفس _ والْحِقْدُ، وَقد سَخِمْتُ بصَدْرِ فُلانٍ _ إِذا أَغْضبْتُهُ وَسَلَلْتُ سَخِيمتَهُ بالْقَوْلِ اللَّطِيف والتَّرَضِّي.
قَالَ: والسُّخَاميُّ _ من الخمرِ _ لَوْنٌ يَضربُ إِلَى السَّوادِ، وَالسُّخَامُ: الرِّيشُ اللَّينُ الَّذِي تحتَ الرِّيش من الطَّيرِ، والواحِدَةُ بِالْهَاءِ.
وَقَالَ فِي الشَّعْرِ السُّخَامِ: إنَّه اللَّين.
مسخ: قَالَ اللَّيْث: المَسْخُ تحويلُ خَلْقٍ إِلَى صُورَةٍ أُخْرَى، وَكَذَلِكَ المُشوُّهُ الْخلْقِ.
قَالَ: والمسيخُ من الناسِ: الَّذِي لَا مَلاَحةَ لَهُ، ومِنَ الطعامِ: الَّذِي لَا مِلْحَ فِيهِ، وَمن الْفَواكِهِ، مَالاَ طَعْمَ لهُ.
وَقد مَسُخَ مَسَاخَةً.
أَبُو عبيد: مَسَخْتُ النَّاقَةَ أَمْسَخُهَا مَسْخاً _ إِذا هَزَلْتُهاَ وَأَدْبَرْتُهَا.
وَقَالَ الكُمَيْتُ _ يَذْكُرُ نَاقَةً:
(لَمْ يَقْتَعِدْها الْمُعَجِّلُونَ وَلَمْ ... يَمْسَخْ مَطَاهَا الْوُسُوقُ والْقَتَبُ)
قَالَ: وَمَسَحْتُ النَّاقَةَ بالْحَاءِ إِذا هَزَلْتهَا ... يُقَال بالْحَاءِ وَالْخَاءِ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَسَخْتُ النّاقَةَ ... بِالْخَاءِ.
أَبُو عبيد _ عَن ابْن الكَلْبِيِّ _ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الْقِسِيَّ المَاسِخِيَّةَ من الْعَرَب _: ماسِخَةُ، وَهُوَ رجلٌ من الأَزْدِ، فَلذَلِك قيل لِلْقِسِيِّ: مَاسِخِيَّةٌ، وَأَنشد غيرُه:
(كَقوْسِ الْمَاسِخيِّ أَرَنَّ فِيهَا ... مِنَ الشِّرَعِيِّ مربوعٌ مَتِينُ)
وَقَالَ النَّضْرُ: الطعامُ الْمَسِيخُ: الَّذِي لَا مِلْحَ فِيهِ، وَلَا طَعْمَ لهُ، وَلَا لون.
وَقَالَ مُدْرِكٌ الْقَيْسِيُّ: هُوَ الْمَلِيخُ أَيْضا.(7/91)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توكلت على الله
(أَبْوَاب) الْخَاء وَالزَّاي
خَ ز ط _ خَ ز د _ خَ ز ت _ خَ ز ط
خَ ز ذ _ خَ ز ث:
مُهْمَلاَتٌ.
خَ ز ر
اسْتعْمل من وجوهه: خزر، خرز، زخر.
خزر: قَالَ اللَّيْث: الْخَزَرُ: جِيلٌ خُزْرُ الْعُيُون.
قَالَ: والْخُزَرَةُ انقِلاَبُ الْحَدَقَةِ نحوَ اللِّحَاظِ، وَهُوَ أَقبحُ الْحَوَلِ وأَنشد:
(إِذَا تَخَازَرْتُ وَما بِي مِن خَزَرْ ... ثمَّ كَسَرْتُ الْعَيْنَ من غَيْرِ عَوَرْ)
قَالَ: وَيُقَال: خَزَرْتُ فُلاَناً خَزْراً إِذا نظرتَ إِلَيْهِ بِلِحَاظ عَيْنِكَ، وَأنْشد:
(لَا تخْزُرِ الْقَوْمَ شَزْراً عَن مُعَارَضةٍ ... )
قَالَ: وعدُوٌّ أَخْزَرُ الْعين _ إِذا نظرَ عَن مُعارضَةٍ ... كالأخْزَرِ العَيْن.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _: الْخَازِرُ: الدَّاهيَةُ من الرِّجَال.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي _: خَزَرَ _ إِذا تَدَاهى وخَزِرَ _ إِذا هَرَبَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأخْزَرُ: الأحْولُ إِحْدى الْعَيْنَيْن، والأَحْوَلُ: الَّذِي حَوِلَتْ عَيْنَاهُ جَمِيعًا.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الشَّيْخُ يُخَزِّرُ عَيْنَيْهِ ليجمَع الضَّوْءَ. حَتَّى كأَنَّهما خِيطَتَا، والشَّابُّ إِذا خَزَّرَ عَيْنَيْهِ فإنَّه يَتَدَاهَى بذلك، وَأنْشد:
(يَا وَيْحَ هَذَا الرَّأْسِ كَيْفَ اهتَزَّا ... وَحِيصَ مُوقَاهُ وَقَادَ الْعَنْزَا)
ويقالُ للرجل إِذا انْحنَى من الْكِبَرِ _: ((قد قَادَ الْعَنْزَ)) ، لِأَن قائدَها يَنْحَنِي.
قَالَ ابنُ حَبيبٍ: الأَخْزَرُ: الَّذِي أَقْبَلَتْ حَدقَتَاهُ إِلَى أَنْفِهِ، والأحْوَلُ: الَّذِي ارْتفَعَتْ حَدَقَتَاهُ إِلَى حاجبيه)) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: الْخَزِيرَةُ أَن تُنْصَبَ الْقِدْرُ بِلَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَاراً على ماءٍ كثيرٍ فَإِذا(7/92)
نَضِجَ ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقيق، فَإِن لم يكُن فِيهَا لحمٌ فَهِيَ عَصِيدةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْخَزِيرَةُ: الْحَسَاءُ من الدَّسَم والدقيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَزِيرةُ مَرَقَةٌ تُطْبَخُ بماءٍ يُصَفَّى من بُلاَلةِ النُّخَالة.
أَبُو عبيد _ عَن الْعَدَبَّسِ الْكِنَانِيِّ _ قَالَ: الْخُزَرَةُ دَاءٌ يَأْخُذُ فِي مُسْتَدَقِّ الظَّهْر بِفِقَرِ الظَّهْرِ.
وَأنْشد لراجز يَصفُ دَلْواً:
(دَوابِهَا ظَهْرَكَ مِن تَوْجَاعِه ... مِن خُزَرَاتٍ فِيهِ وانْقِطَاعِهِ)
وَقَالَ ابْن السّكيت _ فِي بَاب ((فُعَلَةَ)) : الْخُزَرَةُ وجَعٌ يأخُذُ فِي الظَّهْر، ((وخَازِرٌ)) : موضعٌ كَانَت بِهِ الوَقْعَةُ بَين عُبَيْدِ الله بن زيادٍ وَبَين إبراهيمَ بن الأشْتَرِ، ويومئذ قُتِلَ _ ابنُ زيادٍ الفَاسِقُ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: هُوَ يمشي الْخَيْزَرَى والْخَوْزَرَى، والْخَيْزَلَى والْخَوْزَلَى ... كلُّهُنَّ مِشْيَةٌ فِيهَا تَبَختُرٌ، والْخَيْزُرَانُ عُودٌ معروفٌ، وجَعَلَهُ الرَّاجزُ خَيْزُوراً فَقَالَ يصفُ حَيَّةً:
(مُنْطَوِياً كالطَّبَقِ الْخَيْزُورِ ... )
أَبُو عبيد: الْخَيْزُرَان: السُّكَّانُ، وَهُوَ كوْثَلُ السّفِينَةِ.
قَالَ الْمُبَرَّدُ: وَالْخَيْزُرَانُ كلُّ غُصْنٍ لَيِّنٍ يَتَثَنَّى.
قَالَ النّابَغَةُ:
(يَظَلُّ مِن خَوْفِهِ المَلاَّحُ مُعْتَصِماً ... بالخيْزُرَانةِ بَعدَ الأيْنِ والنَّجَدِ)
قَالَ الشيخُ: والْقوْلُ مَا قَالَ الْمُبَرَّدُ فِي الْخَيْزُرَان.
وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ _ فَجَعلَ المِزْمار خَيْزُراناً لأنَّه من اليَرَاع _ يَصِفُ الأسَدَ:
(كأَنَّ اهْتِزَام الرَّعْدِ خَالَطَ جَوْفَهُ ... إِذَا جَنَّ فِيهِ الْخَيْزُرانُ الْمُثَجَّرُ)
والمُثَجَّرُ: المثقَّبُ المفجَّرُ.
يقولُ: كأَنَّ فِي جَوْفهِ المَزامِيرَ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كلُّ ليِّنٍ من كلِّ خَشَبةٍ: خَيْزُرَانٌ.
قَالَ عَمْرُو بنُ بَحْرٍ: قيل: الخيزُرانُ لجامُ السَّفينةِ الَّتِي بهَا يكون السُّكَّانُ، وَهُوَ فِي الذَّنَبِ.
خرز: قَالَ اللَّيْث: الْخَرَزُ فُصوصٌ من جَيِّد الجوْهَرِ، وَرَديئُهُ من الْحِجَارةِ، والخَرْزُ خِياطةُ الأَدَم، وكلُّ كُتْبَةٍ مِنْهُ خُرْزةٌ يَعْنِي كلَّ ثُقْبَةٍ وخَيْطَها.
والمخرَّزُ من الطيرِ والحمَام: الَّذِي عَلَى جَنَاحَيهِ نَمنَمةٌ وتَحبيرٌ شَبيهٌ بالخَرَزِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: خَرَزَ الخارِز خَرْزَةً وَاحِدَة، وَهِي الغَرْزَةُ الواحدةُ.
فأمّا الخُرْزَةُ فَهِيَ مَا بينَ الغَرْزَتَيْن، وَكَذَلِكَ خُرْزَةُ الظهرِ: مَا بَين كلّ فِقْرَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَفاصِلُ الدَّأيَاتِ: خُرَزٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ خَرِزَ الرجلُ إِذا أَحكم أمْرَهُ بعد ضَعْفٍ. عَن ابْن السكيتِ _: فِي بَابِ ((فُعْلَةَ)) _. قَالَ: عُقَرَةُ خَرَزةٌ يُقَال لَهَا: خَرَزةُ الْعَقْرِ، تَشُدُّها المرأةُ على حَقْوَيْهَا.(7/93)
زخر: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: إِذا الْتَفَّ العُشْبُ وَأخْرَجَ زَهْرَهُ. قيلَ: قد جُنّ جُنُوناً، وَقد أخذَ زُخَارِيَّةُ.
وَقَالَ ابنُ مُقبِلٍ:
(زُخَاريَّ النَّبَاتِ كأنَّ فيهِ ... جِيَادَ الْعَبْقَرِيَّةِ والْقُطُوعِ)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزاخِرُ: الشَّرَفُ العالي.
وَيُقَال للوادي _ إِذا جَاشَ مَدُّهُ وطَمَا سَيْلهُ _ زَخَرَ يَزْخَرُ زَخْراً.
وَقَالَ اللَّيْث نحْوَهُ _ إِذا جَاشَ ماؤهُ وارتفعَتْ أمْواجُهُ.
قَالَ: وَإِذا جاشَ القومُ للنَّفِيرِ قِيلَ: زَخَرُوا.
وَقَالَ أَبُو ترابٍ: سمعتُ مُبتكِراً يَقُول: زَاخَرْتُهُ فَزَخَرْتُهُ، وفاخَرْتهُ فَفَخَرْتُهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فخَر بِمَا عِندَهُ، وزخَرَ: بمعْنى واحدٍ.
خَ ز ل
اسْتعْمل من وجوهِه: خزل، زلخ.
خزل: قَالَ اللَّيْث: الْخَزَلُ منَ الانخزالِ فِي الْمَشْي، كأَنَّ الشَّوْكَ شَاكَ قَدَمَهُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
(إِذا تَقومُ يكادُ الْخَضْرُ يَنْخَزِلُ ... )
قَالَ: والأخْزَلُ: الَّذِي فِي وسط ظَهْرِهِ كسْرٌ، وَهُوَ مَخْزُولُ الظَّهْرِ، وَفِي ظهرهِ خُزْلةٌ _ أَي: هُوَ مثلُ سَرْجٍ. والْفِعْلُ: خَزِل يَخْزَلُ خَزَلاً.
قَالَ: والأخْزَلُ _ من الْإِبِل _: الَّذِي ذهبَ سَنامُهُ كلُّهُ.
قلت: أُرَاهُ أرادَ ((الأجْزَلَ)) _ بالْجِيم _ فَصَحَّفَهُ، وجَعَلهُ خَاءً.
وروى أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْجَزَلُ أَن يصيبَ الْغارِبَ دَبَرةٌ فيخرُجَ مِنْهُ عَظْمٌ فَيطْمئنَّ موضِعُه، وَأنْشد:
(يُغادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْرِ الأجْزَلِ ... )
وَأما الْخَزْلُ _ بالْخاءِ _: فَهُوَ القطْعُ.
يُقَال: خَزَلْتُهُ فانخَزَلَ _ أَي قَطَعْتهُ فَانْقَطع.
وَقَول الأعشَى:
(إِذا تأَنَّى يكادُ الْخَصْرُ يَنْخَزِلُ ... )
مَعْنَاهُ: ينقطعُ لِهَيَفِهِ، كَمَا قَالَ قيسٌ:
(. . تَكادُ تَنْغَرِفُ ... )
أَي: تَنقطعُ.
قلت: وَقد يكون الْجَزْلُ _ بِالْجِيم _ قَطْعاً.
يُقَال: جاءَ زمنُ الْجَزَالِ والْجِزَالِ، ولعلّ الْخاءَ والجيمَ تَعَاقَبَا فِي هَذَا الْحَرْف.
وَيُقَال: اخْتَزَلَ الْعاملُ المالَ الَّذِي جَبَاه _ إِذا اقْتَطَعَه، وَلَا يُقَال إلاَّ بالْخَاء.
وَهُوَ يمشي الخَيْزَلَى والْخَوْزَلَى _ إِذا تَبَخْتر ... لَا يُقَال إِلَّا بِالْخَاءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المخْزُولُ من الشِّعر: مَا فِيهِ خُزْلَةٌ.
قَالَ: والخُزْلَة سقوطُ تَاء ((متفَاعِلُنْ)) و ((مُفَاعَلَتُنْ)) .
وَبَعْضهمْ يَقُول: خَزْلَةٌ _ كَقَوْلِه:
(وأَعطَى قَوْمهُ الأنصَارَ فَضلاً ... وَإِخْوَتَهُمْ مِنَ المُهَاجِرِينَا)
وتمامُهُ:
( ... مِن المُتَهاجِرِينَا ... )(7/94)
وَلَا يكون هَذَا إِلَّا فِي الوافر والكامل _ ومِثْلُه: _
(لَقَدْ بَحَحْتُ من النِّداءِ ... لِجَمْعِكُمْ هلْ من مُبارزْ)
تمامُهُ:
(ولَقَدْ ... ...)
بِالْوَاو، ويسمَّى هَذَا أَخْزَل. ومخزولاً.
ورجلٌ خُزَلةٌ وخُزَرَةٌ _ أَي: يحبسُكَ عَمَّا تُرِيدُ، ويُعَوِّقُك عَنهُ.
زلخ: قَالَ اللَّيْث: الزَّلْخُ رَفْعُكَ يدكَ فِي رَمْي السَّهم إِلَى أَقصَى مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ _ تُرِيد بِهِ بُعْدَ الْغَلْوَةِ، وأَنشد:
(مِنْ مِائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غَالْ ... )
قَالَ: وسألتُ أَبَا الدُّقَيْشِ عَن تَفْسِير هَذَا الْبَيْت بِعَيْنِه، فَقَالَ: ((الزَّلْخُ)) أقْصَى غَايَة المُغَالِي، وأنشدني:
(قامَ عَلَى مَرْتَبَةٍ زَلْخٍ فَزَلْ ... )
ابْن السِّكِّيت: بئرٌ زَلُوخٌ وزلُوجٌ، وَهِي المتزلِّقَةُ الرَّأْس.
قَالَ: ومكانٌ زَلِخٌ _ بِكَسْر اللَّام _ وَيُقَال: زَلْخٌ، وَأنْشد:
(قامَ عَلَى مَرْتَبَةٍ زَلْخٍ فَزَلْ ... )
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: زَلِخَتْ رِجْلُه وَزَلَجتْ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(فَوَارِسُ نازَلُوا الأبطالَ دُوني ... غَدَاةَ الشِّعبِ فِي زَلْخِ المَقَام)
وَقَالَ خليفةُ الضِّبابيُّ: الزَّلَخَانُ والزَّلَجَانُ فِي الْمَشْي: التقَدُّمُ فِي السُّرعة.
وَقَالَ شمِرٌ: مكانٌ زلِخٌ _ أَي: دَحْضٌ مَزِلَّةٌ.
قلتُ: وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي الزَّلْخِ أَنَّهُ رَفْعُكَ يَدَك فِي رمْي السَّهم _: حرفٌ لَا أَحْفَظهُ لغيره، وأَرْجو أَن يكون صَحِيحا.
وَأَخْبرنِي المنذِريُّ _ عَن أبي الْهَيْثَم _ أَنه قَالَ: اعتَلَّتْ أُمُّ الهيثمِ الأعرابيُّةُ فزارَها أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ لَهَا: عَمَّ كانتْ عِلَّتُكِ؟ ؟ فَقَالَت: كنت وَحْمَى سَدِكَةً فشهدْتُ مَأدُبَةً فأكلْتُ جُبْجُبَةً من صَفِيفِ هِلَّعَةٍ فاعْتَرَتْني زُلَّخَةٌ.
قُلْنَا لَهَا: مَا تَقُولِينَ يَا أُمَّ الْهَيْثَم؟ فَقَالَت: أَوَ للنَّاسِ كلامانِ؟ !
وَقَالَ شمرٌ: الزُّلَخَّةُ وَجَعُ يعترضُ فِي الظّهْر، وَأنْشد:
(كأَنَّ ظَهْرِي أخَذَتْهُ زُلَّخَهْ ... لمّا تَمَطَّى بالْفَرِيِّ الْمِفْضَخَهْ)
وَكَانَ اسمُ صَاحِبَة يوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَام زُلَيخَا، فِيمَا رُوِيَ وَالله أعلم وهُوَ حَسبُنا ونِعْم الوَكيلُ.
خَ ز ن
خزن، خنز، زنخ: مستعملة
خزن: فِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : يُقَال: اخْتَزَنْتُ طَرِيقا واختصَرْتُه، وأخذْنا مخازن الطَّرِيق ومخاصِرَها _ أَي: أَخَذْنا أَقْرَبها.
وَقَالَ اللَّيْث: خَزَنَ الشيءَ يَخْزُنهُ خَزْناً _ إِذا أحرزه فِي خِزَانَةٍ، وأخْتَزَنَه لنَفسِهِ، وخِزَانَةُ الرجل قلْبُه، وخازِنهُ لِسَانه.(7/95)
وَرُوِيَ عَن لُقْمَانَ الْحَكِيم أنَّه قَالَ لِابْنِهِ: إِذا كَانَ خَازِنُكَ حَفِيظاً وَخِزَانَتُكَ أَمِينَةً سُدْتَ فِي دُنْيَاكَ وآخِرَتِكَ)) يَعْنِي اللسانَ والقلبَ.
والْخِزَانَة اسْم الْمَكَان الَّذِي يُخْزَنُ فِيهِ الشيءُ، والخِزَانَةُ عَمَلُ الْخَازِنِ.
قَالَ ابْن الأنْبَاريِّ _ فِي قَول الله عزّ وجلّ: {وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله} [هُود: 31]_ قَالَ: مَعْنَاهَا: غُيُوبُ عِلْمِ الله الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا الله.
وَقيل لِلْغُيُوب: خَزَائِنُ لغُمُوضها على النَّاس، واستِتَارِها عَنْهُم، وخَزَنَ المالَ _ إِذا غَيَّبَهُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: إنَّما آياتُ الْقُرْآن خزَائِنُ، فَإِذا دَخَلْتَ خِزَانَةً فاجْتَهِدْ ألاَّ تَخْرُجَ مِنْهَا حتَّى تَعْرِفَ مَا فِيهَا.
قَالَ: شَبَّه الآيةَ مِنَ القُرْآن بالوِعَاء الَّذي يُجْمَعُ فِيهِ المالُ الْمَخْزُونُ فِيهِ.
وخَزِنَ اللَّحْمُ يَخْزَنُ، وخَزَنَ، يَخْزُنُ ويَخْزِنُ، وخَنَزَ يَخْنَزُ _ كُلُّهُ بِمَعْنى واحدٍ _ إِذا تَغَيَّرَ.
قَالَ ذَلِك كلَّهُ أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ وَأنْشد لِطَرفَةَ:
(ثُمَّ لاَ يَخْزِنُ فِينَا لَحْمُهَا ... إِنَّما يَخْزِنُ لَحْمُ المُدَّخِرْ)
أَبُو العبَّاسِ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: أَخْزَنَ الرَّجُلُ _ إِذا اسْتَغْنَى بعد فَقْرٍ. وتُجْمَعُ الْخِزَانَةُ: خَزَائِنَ.
خنز: فِي الحَدِيث: ((لَوْلاَ بنُو إسْرَائِيلَ وَادِّخَارُهُمْ مَا أَنْتَنَ اللَّحْمُ، وَلاَ خنِزَ الطَّعَامُ كَانُوا يَرْفَعُونَ طَعَامَهُمْ لِغَدِهِمْ)) .
يُقَال: خَنِزَ الطَّعامُ يَخْنَزُ خَنَزاً فَهُوَ خَنِزٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: خَنِزَ _ أيْ: أنْتَنَ، وَكَذَلِكَ خَزِنَ _ إِذا أَرْوَحَ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْخُنَّازُ: الْوَزَغَةُ، وَالْخُنَّازُ: اليَهُود الَّذين ادَّخَرُوا اللحمَ حتّى خَنِزَ.
قَالَ: والْخَنزُوَانُ _ بِالْفَتْح _ ذَكَرُ الخَنَازِير، وَهُوَ الدُّوْبَلُ، والرَّتُّ.
قَالَ: والْخُنزُوَانَةُ الكبْرُ ... يقَال: فِي رأسِه خُنْزُوَانَةٌ _ أَي: كبِرٌ.
المنذريُّ _ عَن ثعلبٍ عَن سَلَمَةَ عَن الفرَّاء _: أنّه أَنْشَدَ قولَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
(فَصَافَ يُقَرِّي جُلَّهُ عَنْ سَرَاتِهِ ... يَبُذُّ الجيَادَ فَارِهاً متَتَابِعَا)
(فَآضَ كَصَدْرِ الرُّمْحِ نَهْداً مُصَدَّراً ... يُكَفْكِفُ مِنْهُ خُنْزُوَاناً مُنَازِعَا)
قَالَ: الخُنْزُوَانَةُ: الكِبْرُ،. يُقَال: لأنْزِعَنَّ خُنْزُوَانَاتِكَ، ولأُطَيِّرَنَّ نُعْرَتَك.
زنخ: أَبُو عبيد: سَنِخَ الطَّعام وزَنِخَ _ إِذا تَغَيَّر.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ رَجُلاً دَعَا النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَى طَعَامِهِ فَقَدَّمَ إلَيْهِ إهَالَةً زَنِخَةً فِيهَا قَرْعٌ.
فَجَعَلَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَتَبَّعُ الْقَرْعَ وَيَأْكُلُهُ)) .
أَرَادَ ب ((الزَّنِخَةِ)) : الَّتي قد أرْوحَتْ وَتَغَيَّرَتْ.(7/96)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: زَنَخَ القُرَادُ زُنُوخاً، ورَتَخَ رُتُوخاً _ إِذا تَشَبَّثَ بِمَنْ عَلِقَ بِهِ، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
(فَقُمْنَا وَزَيْدٌ رَاتِخٌ فِي خِبَائِهَا ... رُتُوخَ القُرَادِ لاَ يَرِيمُ إذَا زَنَخْ)
ويُرْوَى: ((إذَا رَتَخْ)) ، ومعناهما وَاحِد.
خَ ز ف
اسْتعْمل من وجوهه: خزف، فخز، زخف.
خزف: قَالَ اللَّيْث: الخَزْفُ: الْجَرُّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَال للَّذي يَبِيعهَا: خَزَّافٌ.
زخف: أهمله اللَّيْث.
وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : الشَّوْذَقَةُ والتَّزْخِيفُ: أَخْذُ الإنسانِ _ عَن صَاحبه _ بأصابعه الْبَشَيْذَقَ.
قُلُتُ: أَمَّا الشَّوْذَقَةُ: فمعرَّبٌ مَأْخُوذ من الْبَشَيْذَقِ، وأمَّا التَزْخِيفُ فأرجو أَن يكون عربيّاً صحِيحاً.
وَيُقَال زَخَفَ يَزْخَفُ _ إِذا فَخَرَ. ورجُلٌ مِزْخَفٌ: فَخُورٌ.
وَقَالَ البُرَيْقُ الْهُذَلِيُّ:
(وَأَنْتَ فَتَاهُ غَيْرَ شَكٍّ زَعَمْتَه ... كَفَى بِكَ ذَا بَأْوٍ بِنَفْسِكَ مِزْخَفَا)
ذَكَرَ ذَلِك الأصمعيُّ، وأَظُنُّ ((زَخَفَ)) مَقْلُوباً عَن ((فَخَزَ)) .
فخز: قَالَ اللَّيْث: الْفَخْزُ والتَّفَخُّزُ: هُوَ التَّعَظُّم.
يُقَال: هُوَ يَتَفَخَّزُ علينا.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: يُقَال _ من الكِبْرِ والْفَخْر -: فَخِزَ الرَّجُل وجَمَخَ وجَفَخَ: بِمَعْنى واحدٍ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيّ _: يُقال: فَخَزَ الرَّجُلُ _ إِذا جَاءَ بفَخْزِهِ وفَخْزِ غَيرِهِ، وكَذَبَ فِي مُفَاخَرَته، والاسمُ: الْفَخْزُ _ بالزاي.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَس فَيخَزٌ _ بِالْخَاءِ والزَّاي _ إِذا كَانَ ضَخْمَ الْجُرْدَانِ.
خَ ز ب
خزب، خبز، زخب، بزخ، بخز: مستعملة.
خزب: قَالَ اللَّيْث: الْخَزَبُ تهَيُّجٌ فِي الْجِلْدِ كَهَيئَةِ وَرَمٍ من غير أَلَمٍ.
تَقول: خَزِبَ جِلْدُه، وتَخَزَّبَ ضَرْعُها عِنْد النِّتَاجِ، وضَرْعُهَا خَزِبٌ _ إِذا كَانَ فِيهِ شِبْهُ الرَّهَلِ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال: خَزِبَتِ النَّاقَةُ خَزَباً _ إِذا وَرِمَ ضَرْعُها.
ابْن الأعرابيِّ: الْخَزْباه: النَّاقةُ الَّتِي فِي رَحِمِهَا ثآلِيلُ تَتَأَذَّى بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَرَبُ تُسَمِّي مَعْدِنَ الذَّهبِ: خُزَيْبَةَ: وَأنْشد:
(فَقَدْ تَرَكَتْ خُزَيْبَةُ كُلَّ وَغْدٍ ... يُمَشِّي بيْنَ خَاتَامٍ وَطَاقِ)
وَأما الخازِبَازِ الّذي جَاءَ فِي شعر ابْنِ أَحْمَرَ يَصِفُ الرَّوْضَ:
(تَفَقُّعُ فَوْقَهُ الْقَلَعُ السَّوَارِي ... وَجُنَّ الْخَازِبَازِ بِهِ جُنُونَا)(7/97)
فَإِن الْأَصْمَعِي قَالَ: عَنَى ب ((الْخَازِبَازِ)) الذُّبَابَ حَكَى صَوْتَهُ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيتِ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخَازِبَازِ نَبْتٌ، وَأنْشد:
(أَرْعَيْتُهَا أَطْيَبَ عُودٍ عُودَا ... الصِّلَّ وَالصِّفْصِلَّ وَالْيَعْضِيدَا)
(وَالخَازِبَازِ السَّنمَ الْمَجُودَا ... )
قَالَ ابْن السِّكِّيتِ: والْخَازِبَازِ _ فِي غير هَذَا _: دَاءٌ يأْخُذُ الإبِلَ فِي حُلوقِها.
والنَّاسَ، وَأنْشد:
(يَا خَازِبَازِ أرْسِلِ اللَّهازِمَا ... إنيِّ خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ لازِمَا)
وروى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: خَازِبَازِ: ورمٌ، وخَازِبَازِ: صوتُ الذبابِ، وخَازِبَازِ: كَثْرَةُ النَّبَات، وخَازِبَازِ: السِّنَّوْر.
بخز: أَبُو تُرَابٍ _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال: بَخَز عَيْنَه وبَخَسها _ إِذا فَقَأَها وبَخَصَها كَذَلِك.
بزخ: قَالَ اللَّيْث: الْبَزْخُ: الجَرْفُ بلُغَة عُمَانَ: قلت: هَذَا تَصْحِيف، والصَّواب: البَرْخ _ بالرَّاء _ وَقد ذكرْتُه فِي بَابه.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ يُقَال: رجلٌ أَبْزَخُ من قَوْمٍ بُزْخٍ وَقد بَزِخَ بَزَخاً، وبرْذَوْنٌ أَبْزَخُ _ إِذا كَانَ فِي ظَهره تطامنٌ، وَقد أشرَفَ حارِكهُ، وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
(فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لَهَا ... جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجي الوَتَرْ)
قَالَ: والْبَزَى: أَن يستأخرَ الْعَجُزُ ويستقدِمَ الصَّدْرُ.
ورَوَى أَبُو عمرٍ وقولَ الْعَجَّاج: _ وَلَوْ أَقُولُ: بَزِّخُوا لَبَزَّخُوا قَالَ: بزِّخَوا: اسْتَخْذُوا.
وَرَوَاهُ غَيره: بَرِّخُوا _ بالراء _ والزَّايُ _ عِنْدِي _ أفْصَحُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فِي صَدره بَزَخٌ _ أَي: نُتُوءٌ، وَفِي وَرِكِهِ بزَخٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: البَزَخُ فِي الظّهْر: أَنْ يطمئنَّ وسَطُ الظَّهْر. ويخْرُجَ أَسْفَل.
وَقَالَ اللَّيْث: البزَخُ تقَاعُسُ الظَّهر عَن البَطْن، وربَّما مَشى الإنسانُ مُتَبازِخاً كمِشْيَةِ العَجُوز، إِذا تكلَّفتْ إقامةَ صُلْبِهَا، فَتَقَاعَسَ كاهِلُها، وانحَنَى ثَبَجُهَا.
وَمن الْعَرَب مَنْ يَقُول: تَبَازَخْتُ عَن هَذَا الْأَمر _ أَي: تقاعسْتُ عَنهُ.
وَإِذا ضرَبْتَ ذَلِك الْموضع. قلتَ: بَزَخْتُ ظهرَهُ بالعصا بَزْخاً.
قَالَ: وأَمَّا البَزَى فكأَنَّ العَجُزَ خرج حَتَّى أشرف على مؤخَّر الفَخِذَين وبُزَاخَةُ: موضعٌ، ويومُ ((بُزَاخَةَ)) مِنْ أَيَّام الْعَرَب: مَعْروفٌ.
خبز: قَالَ اللَّيْث: الخَبْزُ: الضّرْبُ بِالْيَدِ، والخَبْزُ: السَّوْقُ الشدِيد.
وَقَالَ الراجز:
(لَا تَخْبِزاَ خَبْزاً وَنُسَّانَسَّا ... وَلا تُطِيلاَ بِمُنَاخ حَبْسَا)
ويُرْوَى:
( ... . وبُسَّابَسَّا ... )(7/98)
مأخوذٌ من البَسِيسِ، وَهُوَ أَن يُلَتَّ الدقيقُ بالسَّمْن ثمَّ يُسَفَّ.
والنِّسُّ سَوْقٌ لِطِيفٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الخَبْزُ: السَّوْق الشديدُ والضَّرْب، والبَسُّ: السّير الرَّفيقُ بَسَسْتُ أَبُسُّ بَسّاً، وَأنْشد:
(لَا تَخْبِزَا خَبْزاً وَبُسَّابَسَّا ... )
وَقَالَ غيرُ أبي زيد: الخَبْزُ _ هَهُنَا _: خَبْزُ الخُبْزِ، والبُسُّ: بَسُّ السَّوِيق، وَهُوَ لَتُّهُ بالزّيْتِ أَو المَاء _ فَأمر صاحِبَيهِ بِلَتِّ السَّوِيق، وتَرْكِ المُقَام على خَبْزِ الخُبْزِ ومِرَاسِه لأَنهم كَانُوا فِي سَفَرٍ لَا مُعَرَّجَ لَهُم، فَحَثَّ صَاحِبيهِ على عُجَالةٍ يتبلّغون بهَا ونهاهم عَن إطالَةِ المُقَام على عَجْن الدَّقيق وخَبْزِه.
أَبُو عبيد: الخُبْزَةُ: هِيَ الطُّلْمَةُ الَّتِي تُدْفَنُ فِي المَلَّةِ، والمَلَّةُ: الرَّمَادُ وَالتُّرَاب الَّذِي أُوقِدَ عَلَيْهِ النَّارُ.
يُقَال: أطعَمَنا خُبْزَ مَلَّةٍ: وَلَا يُقَال: أَطعَمَنا مَلَّةً.
واخْتَبَزَ فلانٌ _ إِذا عالج دَقِيقاً فعَجَنه ثمَّ خَبزَه فِي مَلّةٍ أَو تَنُّورٍ.
والخَبْزُ: مصدَرُ ((خَبَزْتُ)) والخبازَةُ: صَنْعَة الخَبّازِ، والخَبِيزُ: الخُبْز الْمَخْبُوزُ، وخبَزْتُ القومَ أَخْبِزُهم _ إِذا أطعمتَهُمُ الْخُبْزَ.
حَكَاهُ أَبُو عبيد عَن الْكسَائي.
والخُبَّازُ بَقْلةٌ معروفةٌ، عريضةُ الْوَرق لَهَا ثمرةٌ مستديرةٌ، وَيُقَال لَهَا: الخُبَّازَى.
وتخبَّزَتِ الإبلُ العُشْبَ تَخَبُّزاً _ إِذا خَبَطَتْه بقوائمها.
زخب: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: قَالَ: الزَّخْبَاءُ: النَّاقة الصُّلبة على السّير.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الفَرَع _ وَهُوَ أول ولَدٍ يُنْتَجُ من النَّاقة فيُذْبَخُ؟ فَقَالَ: حَقٌّ، ولأنْ تَتْرُكَهُ حَتَّى يكونَ ابنَ لَبُونٍ، أَو ابنَ مَخَاضٍ زُخْزُبّاً: خيرٌ من أَن تَكْفَأَ إناءَك وتُوَلِّهَ ناقتَكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: الزُّخْزُبُّ: هُوَ الَّذِي غلُظ جسمُه، واشتدَّ لحمُه.
خَ ز م
خزم، خمز، زمخ، زخم: مستعملة.
خمز: أَمَّا ((خَمَزَ)) فَإِنِّي لَا أحفظ للْعَرَب فِيهِ شَيْئا صَحِيحا.
وَقد قَالَ اللَّيْث: الخَامِيزُ اسمٌ أَعْجَمِيٌّ وإعرابُه: عَامِصٌ وآمِصٌ.
خزم: قَالَ اللَّيْث: الخَزْمُ: الشّكُّ.
تَقول: شِرَاكٌ مخْزُومٌ ومشكوك.
قَالَ: والْخِزَامةُ بُرَةٌ فِي أَنْفِ النَّاقة يُشَكُّ فِيهَا الزِمامُ، والجميعُ: الخزائمُ، وبَعِيرٌ مخزومٌ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عُبَيْدَة _: قَالَ: الخِزَامَةُ هِيَ الحَلْقة الَّتِي تُجْعَلُ فِي أنف البِعِير فَإِن كانتْ من ضفْرٍ فَهِيَ بُرَةٌ، وَإِن كَانَت من شَعْر فَهِيَ خِزَامةٌ.
وَقَالَ غَيره: كلُّ شَيْء ثَقَبْتَهُ فقد خَزَمتَهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الخُزُمُ: الخَرَّازُون.
قَالَ والخزْمَاءُ: الناقةُ المشقوقة المَنْخِرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كَمَرةٌ خَزْمَاء: قصيرةٌ وَتَرَتُها، وَيُقَال: ذَكَرٌ أَخْزَمُ.(7/99)
قَالَ: وَقَالَ رجلٌ لِبُنَيٍّ لَهُ أعجبَه:
(شِنْشِنَةٌ أَعرِفهَا مِنْ أَخْزِمي ... )
أَي قَطْرَة ماءٍ من ذكَرِي الأَخْزَمِ.
قالَ: وَقيلَ: أَخْزَمُ: قِطعةٌ منْ جَبَلٍ.
قَالَ: والأَخْزَمُ: الحيُّةُ الذَّكَرُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: أَخْبرنِي ابْن الكلِبيِّ أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ لأبي أَخْزَمَ الطَّائيِّ، وَهُوَ جَدُّ أبي حَاتِم، أَو جدّ جَدِّه وَكَانَ لَهُ ابْنٌ يُقَال لَهُ: أَخْزَمُ، وَقيل: كَانَ عاقّاً فَمَاتَ وتَرك بَنِينَ فوثَبوا يَوْمًا على جدِّهِم أبي أخْزَمَ فأَدْمَوْهُ فَقَالَ:
(إنِّ بنِيَّ زمَّلُونِي بالدَّمِ ... شنْشِنَةٌ أَعْرِفُها مِن أَخْزَمِ)
قلتُ: وَالَّذِي ذَكره اللَّيْث _ فِي الكَمَرَةِ الْخَزماءِ والأَخْزَمِ فِي أَسماء الحيَّاتِ: لمْ أَسْمَعه لغيره.
وَقد نظرتُ فِي كتاب ((الحيَّاتِ)) لِشَمِرٍ وَفِيمَا وُجد لِابْنِ الأعرابيِّ، وَلأبي عَمْرو وَلأبي عُبَيد فِي أَسمَاء الحيَّات _ مَجْمُوعَة _ فَلم أَرَ ((الأخْزَمَ)) فِيهَا.
شمر _ عَن أبي عَمْرو _: والخَزَمُ شَجَرٌ لَهُ لِيفٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ الحِبال، وَأنْشد قولَ أُمَيّة:
(وانْبَعَثَتْ حَرْقَفٌ يَمَانِيَةٌ ... يَيْبَسُ مِنْهَا الأَرَاك والخَزَمُ)
وَقَالَ اللَّيْث: الخَزَمَةُ خُوصُ المُقْلِ يُعمل مِنْهُ أَحْفَاشُ النِّسَاء، والْخَزَمُ شَجَرٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخَزَمُ شجرٌ يُتَّخَذُ مِن لِحَائِه الحِبالُ.
قَالَ: وبالمدينة سُوقُ الخَزَّامِينَ، وَأنْشد قولَ الجَعْدِيِّ فِي صِفَة الفَرس:
(فِي مِرْفَقَيْهِ تَقَارُبٌ وَلَهُ ... بِرْكَةُ زَوْر كَجَبْأَةِ الخَزَمِ)
والمُخَزَّمُ: من نعتِ النَّعَامِ _ قيل لَهُ: ((مُخَزَّمٌ)) لثَقْبٍ فِي مِنقارِه.
وَمِنْه قَوْله:
(وأَرْفَعُ صَوتِي للنَّعامِ المُخَزَّمِ ... ) .
وخَزَمْتُ الكِتَابَ وَغَيره _ إِذا ثقبْته فَهُوَ مَخْزُومٌ.
أَبُو عبيد: الخَزُومةُ: البَقَرَةُ فِي لُغَة هُذَيْلٍ.
قَالَ أَبُو ذَرَّةَ الهُذَلِيُّ:
(إِنْ يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلَى عِرْقٍ وَرِبْ ... أَهْلِ خَزُومَاتٍ وشَحَّاج صَخِبْ)
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _: خازَمْتُ الرّجل الطريقَ، وَهُوَ أَن تأخذَ فِي طَرِيق ويأخذَ هُوَ فِي غَيره، حَتَّى تَلتقيا فِي مكانٍ وَاحِد.
قَالَ وَهِي الْمُخَاصَرَةُ، والمُخَاصَرَةُ _ أَيْضا _ أَخْذُ الرَّجُل بِيَد الرجل.
وَقَالَ غيرُه: المُخازَمة: المُعَارَضة فِي السَّير.
وَقَالَ: ابْن فَسْوَةَ:
(إذَا هُوَ نَحَّاهَا عَنِ القَصْدِ خَازَمَتْ ... بِهِ الجَوْرَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ ضُحَى الْغَدِ)
ذَكَرَ نَاقَته أَن راكبها إِذا جَار بهَا عَن القَصْد ذهبَت بِهِ خلافَ الجَوْر كَأَنَّهَا تُبارِي الجَوْرَ حَتَّى تَغْلِبَه فتأخذَ على القَصْد.
وَأما قَول الرَّاجز:
(قَطَعْتُ مَا خَازَمَ مِن مُزْوَرِّه ... )(7/100)
فَمَعْنَاه: مَا عَرَضَ لي مِنْهُ. والخُزامَى بَقْلةٌ طيِّبةُ الرَّائِحَة، لَهَا نَوْرٌ كنَوْرِ البَنَفْسَجِ الواحدةُ: خزَاماةٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الخَزْماءُ: النَّاقَةُ المشْقُوقة الخِنَّابَةِ، وَهِي المَنْخِرُ.
قَالَ: والزَّخْمَاءُ: المُنْتنَةُ الرَّائِحَة والخُزُمُ: الخرَّازُون.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ: ((إنَّ الله يَصْنَعُ صانعَ الْخُزُمِ، ويَصْنعُ كلَّ صَنْعَةٍ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث حُذَيْفَةَ تكذيبٌ لقَوْل المعتَزِلَةِ: إنَّ الاعمال لَيست بمخلوقةٍ.
ويصدِّقُ قولَ حُذَيْفَة قولُ الله تَعَالَى: {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصَّافات: 96]_ يَعْنِي نحْتَهُمُ الأصنامَ يعملونها بِأَيْدِيهِم.
زمخ: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الزَّامِخُ: الشَّامِخُ بأَنْفِه، وَأنْشد:
(أَجْوازُهُنَّ والأُنُوفُ الزُّمَّخُ ... )
قَالَ: يَعني بالأجْوَازِ أوْسَاطَ الْجبَال، وأُنُوفَها الطِّوَالَ.
وَقَالَ غيرُه: زَمَخ الرجُل بِأَنْفِهِ وشَمَخ بأَنْفِه _ إِذا تكبَّرَ وتعَظَّم.
أَبُو عبيد: _ عَن الأمويِّ _ العَقَبَةُ الزَّمُوخُ: البعيدةُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: عُقْبَةٌ زَمُوخٌ وحَجُونٌ: شديدةٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: عُقْبَةٌ زَمُوخٌ وبَزوخٌ _ أَي: عَسِرَةٌ نكِدَةٌ، وَأنْشد:
(أَبَتْ لي عزَّةٌ بَزَرَى زَمُوخُ ... )
ويُروَى: ((بَزُوخُ)) ، ومعناهما واحدٌ.
زخم: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الزَّخْمَاءُ المُنتِنَةُ الرَّائِحَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الزَّخَمَة: الرائحةُ الكريهة طعامٌ لَهُ زَخَمَةٌ، وأتانَا بطعامٍ فِيهِ زَخَمَةٌ _ أَي: رائحةٌ كَريهةٌ.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: لحمٌ زَخِمٌ، وَهُوَ أَنْ يكونَ نَمِساً كثيرَ الدَّسم، فِيهِ زُهُومةٌ.
وَقَالَ الكلابيُّ: لَا تكونُ الزَّخَمةُ إِلَّا فِي لُحُوم السِّباع، والزَّهَمَةُ فِي لُحُوم الطُّيُور كلِّها، وَهِي أطيبُ من الزَّخَمة.
ابنُ بُزُرْجَ: أَزْخَمَ اللحمُ وأشْخَم.
أَبْوَاب الْخَاء والطاء
خَ ط د _ خَ ط ت _ خَ ط ظ _ خَ ط ذ خَ ط ث: مهملات.
خَ ط ر
خطر، خرط، طخر، طرخ: مستعملة.
خطر: قَالَ اللَّيْث: الخِطْرُ: القَطِيعُ الضَّخْمُ من الْإِبِل، ألْفٌ وَزِيَادَة.
أَبُو عبيد _ عَن الفرّاء _: هِيَ الخِطْرُ من الْإِبِل، وَجمعه أخطارٌ.
شمرٌ _ عَن أبي حَاتِم _ قَال: إِذا بلغَتِ الإبلُ مائتيْنِ فَهِيَ خِطْرٌ، فَإِذا جاوَزَتْ ذَلِك، وقاربَتِ الألْفَ فَهِيَ عرْجٌ.
الحرَّانيُّ _ عَن ابْن السِّكِّيت قَالَ: الخَطْرُ مصدرُ خَطَرَ البَعيرُ بذَنَبِه يَخطِرُ خَطْراً وَخَطَرَاناً.
والْخِطْرُ مِائَتَان من الْإِبِل وَالْغنم.(7/101)
وَقَالَ الليثُ: الخَطْرُ مكيال ضخمٌ لأهل الشَّام، والْخِطْرُ نَبَات يجعلُ وَرَقه فِي الْخِضَاب الْأسود.
وَيُقَال: مَا لَقيته إِلَّا خَطْرَةً بعد خَطْرَةٍ، _ مَعْنَاهُ: الأحيانَ بعدَ الأحيان، وَمَا ذكرتُه إِلَّا خَطْرَةً واحدَةً ولعبَ الْخَطْرَةَ بالمِخْرَاقِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَقول العربُ: بَيْني وبينَه خَطْرَةُ رحمٍ.
وَيُقَال: لَا جعلَها الله خَطْرَتَهُ، وَلَا جعلهَا آخر مُخْطِرٍ مِنْهُ _ أَي: آخِرَ عهدٍ مِنْهُ وَلَا جعَلَها الله آخرَ دَشْنَةٍ مِنْهُ، وآخرَ دَسْمَةٍ وطَنَّةٍ ووَدْسَةٍ _ كلُّ ذَلِك: آخِرَ عهد.
وَقَالَ الليثُ: الخَطَرُ ارتفاعُ المكانةِ والمنزلة وَالْمَال والشَّرَفِ.
قَالَ: والْخَطَرُ: السَّبَقُ الَّذِي يُتَرَامَى عَلَيْهِ تَقول: وضَعُوَا لَهُم خَطَراً ثَوْباً أَو نحوَ ذَلِك والسابقُ إِذا تنَاول القصبةَ عُلم أنَّه قد أَحْرَزَ الْخَطَرَ.
وَيُقَال: هَذَا خَطَرٌ لهَذَا _ أَي: مِثْلُه فِي القَدْرِ، وَلَا يُقال للدُّون إلاَّ للشِّيْءِ الْمَزِيز، وَيُقَال للرجل الشَّرِيفِ: هُوَ عَظِيم الْخَطَر.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ، والحرَّانيُّ _ عَن ابْن السكِّيت _ قَالَ: الخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ _ وَاحِد، وَهُوَ كلُّهُ: الَّذِي يوضعُ فِي النِّضال والرِّهانِ، فمنْ سبَقَ أَخذَه وَيُقَال فِيهِ كلِّهِ: ((فَعَّلَ)) _ مشدّدٌ _ إِذا أَخذَهُ.
وَأنْشد ابنُ السكِّيت:
(أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ وَلمْ أَقمْ ... عَلَى نَدَبٍ يَوماً وَلِي نَفْسُ مُخْطِرِ)
والمُخْطِرُ: الَّذِي يجعلُ نَفْسَهُ خَطَراً لِقِرْنِه، فيُبَارزُه ويقاتِلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: أُخْطِرْتُ لِفُلان _ أَي: صُيِّرْتُ نظيرَهُ فِي الْخَطَر، وأَخْطَرَني فلانٌ فَهُوَ مُخْطرِي _ إِذا صَار مِثْلَكَ فِي الْخَطَرِ، وفلانٌ لَيْسَ لَهُ خِطِيرٌ _ أَي: لَيْسَ لَهُ نَظيرٌ وَلَا مِثْلٌ.
قَالَ: والإشْرَافُ على شَفَا هَلَكةٍ: هُوَ الْخَطَرُ.
وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزنِيِّ _: أَنه خطب الناسَ يوْمَ نَهَاوَنْدَ _ حِين التقى المسلمونَ مَعَ المشركينَ _ فَقَالَ: ((إنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ أَخْطَرُوا لَكُم رِثَّةً وَمَتاعاً، وأَخْطَرْتُمْ لهمُ الدِّينَ، فَنَافِحوا عَنْ دِينكُم)) .
معناهُ: أَنَّهُمْ إِنْ غلبُوكُمْ وَوَلَّيْتُمْ مُدْبرينَ عنهُمْ كانَ فِي ذَلِك ذهابُ دينكمْ وإِنْ غَلَبْتُمُوهُمْ أَحْرَزتُمْ دِينكُمْ مَعَ مَا تَحرزونَ من أَثاثِهم وأَموالهمْ)) .
وَقَالَ اللَّيْث: الأخْطَارُ من الجَوْزِ _ فِي لُعبِ الصِّبيان _ هِيَ الأحْرازُ واحِدُها خَطَرٌ.
قَالَ: والْخَطِيرُ: الْخَطَرَانُ عِنْد الصّوْلَة والنَّشاط، وهوالتَّصاوُل والوَعِيدُ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(بَالُوا مخَافَتَهُمْ عَلَى نِيرَانهمْ
وَاسْتَسْلَمُوا بَعْدَ الْخَطِيرِ فَأُخْمِدُوا)(7/102)
والإنسانُ يُخَاطرُ بنفسِه _ إِذا أَشْفَى بهَا على خَطَرِ هُلْكٍ أَوْ نَيلِ مُلْكٍ.
والمخاطر: المرامي.
وَيُقَال: خَطَرَ _ ببَالي وعَلى بالي _ كَذَا وَكَذَا يَخْطُرُ خُطُوراً _ إِذا وَقع ذَلِك فِي بالكَ وهمِّك.
وَيُقَال: خَطَرَ الدَّهرُ من خَطَرَانِهِ كَقَوْلِك: ضَرَبَ الدّهرُ مِنْ ضَرَبانهِ.
والفَحْل يَخْطِرُ بذَنَبه عِنْد الوَعيد _ من الخُيَلاَء _ والنّاقةُ الْخَطَّارَةُ تَخْطِرُ بذَنبها فِي السّير نَشَاطاً.
ورُمحٌ خَطَّارٌ: ذُو اهتزازٍ شديدٍ يَخْطِرُ خَطَرَاناً، وَكَذَلِكَ الإنسانُ، إِذا مشَى يخْطِرُ بيدهِ كِبْراً.
ورجُلٌ خَطَّارٌ بالرُّمح _ أَي: طعَّانٌ بِهِ وَأنْشد:
(مَصَالِيتُ خَطَّارُونَ بالرُّمح فِي الْوَغَى ... )
والجُنْدُ يَخْطِرونَ حولَ قائدِهمْ يُرُونَهُ مِنْهُم الجِدَّ، وَذَلِكَ إِذا احتَشَدُوا فِي الحرْب.
سلَمةُ _ عَن الفرَّاء _: الْخَطَّارةُ حَظيرةُ الْإِبِل، والخَطَّارُ: الْعَطَّارُ، يُقَال: اشتريتُ بِنَّفشاً من الخَطَّار.
وَيُقَال: إنَّه لعظيمُ الخَطَرِ، وصغيرُ الخَطرِ فِي حُسْن فِعالِه وشَرَفه، أَو سُوء فِعاله ولُؤْمه، وخَطَرَ الرجُلُ بسوْطه وَقَضيبه يَخطِرُ بِهِ خَطَرَاناً _ إِذا رَفعه مرَّة وَوَضعه أُخرَى، وتَبَخْتَرَ فِي مشيَته وَأَقْبل بيدَيْهِ، وأدبرَ بهما.
وخطَرَ الرجلُ بالرَّبيعةِ يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَر الفَحْلُ بِذَنبِهِ يَخْطِرُ خَطْراً، وخَطِيراً
وخَطَراناً _ إِذا جَعَل يرفع ذنبَه ثمَّ يضربُ بِهِ حَاذَيْهِ، وهما مَا ظهر من فخذيْه حيثُ يَقع شَعَرُ الذَّنَب.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _: الخَاطِرُ: المتَبَخْتِرُ يُقَال: خَطَر يخطِرُ _ إِذا تبخترَ.
قَالَ: وخطُرَ يخطُرُ خَطْراً وخُطُوراً _ إِذا جلّ بعد دِقَّة.
والخَطيرُ من كلِّ شيءٍ: النَّبيل.
قَالَ: وخَطَرَانُ الْفَحْل من نشاطِه وأمّا خطَرَانُ النَّاقةِ فَهُوَ إِعلامٌ للفحل أَنَّهَا لاَقحٌ.
وَفِي حَدِيث عليّ رَضِي الله عَنهُ ((أَنه قَالَ لعمَّارٍ: جُرُّوا لهُ الخطِيرَ مَا انْجَرَّ لكُمْ)) .
مَعْنَاهُ: اتَّبِعوهُ مَا كَانَ فِيهِ موضعُ مُتَّبَعٍ لكم، وتَوَقَّوْا مَا لم يكن فِيهِ موضعٌ.
قَالَ: والْخَطِيرُ زمامُ الْبَعِير.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ بَعضهم: الْخَطيرُ: الْحَبْلُ.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يذهب بِهِ إِلَى إخْطَارِ النَّفس: وإشْرَاطِها فِي الْحَرْب ...
الْمَعْنى: اصْبرُوا لعمَّارٍ مَا صَبَرَ لكم.
قَالَ: والْخَطَرُ: العدلُ.
يُقَال: لَا تجْعَل نَفسك خَطَراً لفُلَان وَأَنت أوْزنُ مِنْهُ.
قَالَ: والْخَطيرُ، والْخِطَارُ: وقعُ ذنبِ الجملِ بَين وَرِكيه إِذا خطرَ.
وَأنْشد:
(رُدِدْنَ فَأُنشِقْنَ الأَزِمَّةَ بعدَ مَا ... تحَوَّبَ عَنْ أَوْرَاكهِنَّ خَطيرُ)(7/103)
والْخَطَّارُ: الْمِقْلاعُ، وَأنْشد:
(جُلْمُودُ خطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ ... )
والخَاطِرُ: مَا يَخْطِرُ فِي الْقلب من تَدبيرٍ أَو أَمْرٍ.
والعربُ تَقول: رَعَينَا خَطَرات الوسميِّ وَهِي اللُّمع من المَراتِع والبُقع.
والْخِطْرَةُ عُشْبَةٌ مَعْرُوفَة، لَهَا قَضْبَةٌ يَجْهدُها المَال، وتَغْزُرُ عَلَيْهَا.
وخَطَرَ الرجلُ برَبيعتِه _ إِذا هزَّها عِنْد الإشالة، وَكَذَلِكَ خَطَرَ بسَوْطه _ إِذا رَفَعَهُ وخَفَضَه.
خرط: قَالَ اللَّيْث: الْخَرْطُ: قَشْرُكَ الوَرَقَ عَن الشَّجر اجتذاباً بِكَفِّكَ.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(إنَّ دُونَ مَا هَمَمْتَ بِهِ ... مِثْلَ خَرْطِ القَتَادِ فِي الظُّلمهْ)
والْخَرُوطُ _ من الدَّوَابِّ _: الَّذِي يَجْتَذِب رَسَنَهُ من يَدِ مُمْسِكه، ثمَّ يَمْضي عائراً خَارِطاً.
وَيَقُول بَائِع الدَّابَّةِ: بَرِئْتُ إليْكَ مِنَ الْخِرَاطِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: خَرَطْتُ العُنْقُودَ خرطاً إِذا اجْتَذَبت حَبَّه بِجَمِيعِ أصابعك. . وَمَا سَقَط مِنْهُ فَهُوَ الْخُرَاطة.
وَقَالَ اللَّيْث: الخُرَاطَةُ: شحمةٌ بيضاءُ تُمْتَصَخُ من أصل البَرْديِّ، وَيُقَال لَهُ: الْخُرَاطَى والخُرَّيْطَى.
وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ: ((أَنَّهُ أَتاهُ قَوْمٌ برجلٍ فَقَالُوا: إنَّ هَذَا يَؤُمُّنا وَنحن لَهُ
كارهونَ، فَقَالَ لَهُ عليٌّ: إِنَّك لَخَرُوطٌ أَتَؤُمُّ قوما هم لَك كارهُونَ؟ !)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الخرُوطُ: الَّذِي يتهوَّرُ فِي الْأُمُور، ويركَبُ رَأْسَهُ فِي كلِّ مَا يُرِيد. . بِالْجَهْلِ وَقلة الْمعرفَة بالأمور.
وَمِنْه قيل: انْخَرَطَ فلانٌ علينا _ أَي: اندَرَأَ عَلَيْهِم بالْقَوْل السَّيِّء وبالفعل.
قَالَ العَجَّاجُ يصف ثوراً:
(فَظَلَّ يرْقَدُّ مِنَ النَّشَاطِ ... كالْبَرْبَرِي لَجّ فِي انْخِرَاطِ)
قَالَ: شبَّهَهُ بالفرس البَرْبريِّ. . إِذا لَجَّ فِي سيره.
وَقَالَ اللَّيْث: اسْتَخْرَطَ الرجل فِي الْبكاء _ إِذا اشتدَّ بُكَاؤه ولَجَّ فِيهِ.
واخْتَرَط السَّيْفَ _ إِذا اسْتَلَّه من غِمْدِه.
والإخْرِيطُ: مِنْ أَطْيب الْحَمْضِ، وَهُوَ مِثْلُ الرُّغْل. . سُمِّي إخْريطاً لِأَنَّهُ يُخرِّط الْإِبِل إِذا أَكلته _ أَي: يُسَلِّحُها، كَمَا قَالُوا لِبَقْلَةٍ تُسَلِّحُ المواشِيَ _ إِذا رَعَتْها: إسْلِيحٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرِيطَةُ _ مِثلُ الكِيسِ _: مُشْرَجٌ من أَدَمٍ وخِرَقٍ.
وَكَذَلِكَ خَرَائِطُ كُتُبِ السُّلطان وعُمَّالِه.
وَيُقَال _ للرجل _ إِذا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي إِيذَاء قوم _: قد خَرَطَ عَلَيْهِم عبْدَه.
شُبِّه بالداَّبَّة، يُفْسَخ رَسَنُهُ ويُرْسَلُ مُهْمَلاً.
وَيُقَال: اخْرَوَّطَ بهم الطريقُ والسَّفَرُ إِذا مضى وامْتدَّ، وَمِنْه قَوْله:
( ... واخرَوَّطَ السَّفَرُ ... )(7/104)
ورجُلٌ مَخْرُوطُ الْوَجْه _ إِذا كَانَ فِي وَجهه طولٌ، وَكَذَلِكَ مَخْروطُ اللِّحيةِ، إِذا كَانَ فِيهَا طولٌ من غير عِرَضٍ. . وَقد اخرَوَّطَتْ لِحيَتُهُ.
وَيُقَال للشَّرَكِ _ إِذا انْقَلب عَلَى الصَّيْدِ فَعَلِقَ فِي رِجْلِه _: قد اخْرَوَّطَ فِي رِجْلِه، واخْرِوَّاُطُهُ: امتداد أُنْشُوطَتِهِ.
والمخرُوطُ من النُّوق: السريعة، وَإِذا أَخذ الطَّائرُ الدُّهْنَ من مُدْهُنِهِ، أَي: من زِمِكَّاهُ قيل هُوَ يَتَخَرَّطُ تَخَرُّطاً ويُنَضِّدُ تَنْضِيداً.
وَيُقَال: خَرَط فلَان جاريتَه خَرْطاً _ إِذا نكحَهَا، وخَرَطَ البازِيَ _ إِذا أَرْسَله من سَيْرِه.
وَقَالَ جَوَّاسْ بن قَعْطَلٍ:
(يزَعُ الجِيَادَ بِقَوْنَسٍ وكأَنَّهُ ... بازٍ تَقَطَّعَ قَيْدُهُ مَخْرُوطُ)
وانْخِرَاط الصَّقر: انقضاضُه عَلَى الصَّيْد.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: الْخَرَطُ أَن يصيبَ الضَّرْعَ عَيْنٌ أَو تَرْبِضَ الشَّاةُ أَو تَبْرُكَ النَّاقة عَلَى ندًى، فيَخْرُجَ اللَّبَنُ متعقِّداً كأَنه قِطَعُ الأوتار، ويخرجَ مَعَه ماءٌ أصفرُ.
يُقَال: قد أَخرَطَتِ الشَّاةُ فَهِيَ مُخْرِطٌ والجميع مَخَارِيطُ.
فَإِذا كَانَ ذَلِك عَادَة لَهَا فَهِيَ مِخراطٌ، فَإِذا احمرَّ لبنُها وَلم يَخْرَط فَهِيَ مُمْغِرٌ.
أَبُو عبيد: عَن أبي عَمْرو: خَرِط الرَّجل خَرَطاً _ إِذا غَصَّ بِالطَّعَامِ.
قَالَ شمر: لم أسمع ((خَرِطَ)) إِلَّا هَهُنَا.
قلت: وهوحرف صَحِيح.
أَنْشدني الإياديُّ:
(يَأْكُلُ لحْماً بائِتاً قَدْ ثَعِطَا ... أَكْثَرَ مِنْهُ الأكْلَ حَتَّى خَرِطَا)
وَقَالَ غَيره: حِمَارٌ خَارِطٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يستقرُّ العَلَفُ فِي بَطْنه، وَقد خَرَّطَه البقلُ فَخَرِطَ.
وَقَالَ الجعديُّ:
(خَارِطٌ أَحْقَبُ فَلْوٌ ضَامِرٌ ... أَبْلَقُ الْحِقْوَيْنِ مَشْطُوبُ الْكفَلْ)
وَفِي حَدِيث عمر: ((أَنَّه رَأَى فِي ثَوْبه جَنَابَةً فَقَالَ: خَرِطَ علينا الاحْتِلامُ)) .
قَالَ ابْن شُمَيْل: خُرِطَ _ أَي: أُرْسل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: خَرَطَ دَلْوَه فِي الْبِئْر _ أَي: أَلْقَاهَا وحَدَرَها.
طرخ: قَالَ اللَّيْث: الطَّرْخَة: مأْجَلٌ يُتَّخَذُ كالحوض الْوَاسِع عِنْد مَخْرَجِ الْقَنَاة. . يجْتَمع فِيهَا الماءُ ثمَّ يُفْتَجَرُ مِنْهَا إِلَى المزرعة، وَهُوَ دَخيلٌ، لَيْسَ بفارسية لَكْنَاءَ، وَلَا عربيةٍ مَحضَةٍ.
قَالَ: وطَرْخَانُ: اسْمٌ للرجل الشريف بلغَة أهل خُرَاسَان، والجميع: الطَّرَاخِنَةُ.
طخر: قَالَ اللَّيْث: الطَّخَارِيرُ: سحاباتٌ مُتَفَرِّقَة والواحدة طُخْرُورَةٌ.
وَيُقَال مثلُ ذَلِك فِي الْمَطَر.
والناسُ طخَارِيرُ _ إِذا تفرَّقوا.
أَبُو عبيد _ عَن أَصْحَابه _: الطَّخاريرُ من السَّحَاب، واحدُها طُخْرُورٌ. . وَهِي قطع مستَدِقَّةٌ رقاقٌ.(7/105)
وَيُقَال للرجل _ إِذا لم يكن جَلْدَا وَلَا كَثيفاً _: إِنَّه لطُخْرُورٌ.
وَقَالَ شمر: يُقَال: طُخْرُورٌ وتُخْرُورٌ _ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال: مَا عَلَيْهِ طُحْرُورٌ وَلَا طُخْرُورٌ _ بِمَعْنى واحدٍ. . فِي ((بَاب نَفْي اللِّباس)) .
أَبُو عمرٍ و: الطَّاخرُ: الغَيْمُ الأسوَدُ.
خَ ط ل
خطل، خلط، لطخ، لخط، طلخ: مستعملات.
طلخ: قَالَ اللَّيث: اطْلَخَّ دمعُ عينه _ أَي: تفرق وَأنْشد:
(لاَ خَيْرَ فِي الشَّيخ إِذا مَا اجْلَخَّا ... وَسَالَ غَرْبُ عَينِهِ فاطلخَّا)
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: اطْلَخَّ دَمعُ عينِه _ إِذا سَالَ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه كانَ فِي جِنَازَةٍ فقَالَ: ((أَيُّكُمْ يَأْتِي المَدِينَةَ فَلاَ يَدَعْ فِيهَا وَثَناً إِلَّا كسَرَهُ وَلَا صُورَةً إلاّ طلَّخها، وَلَا قَبْراً إِلَّا سَوَّاهُ)) .
قَالَ شمرُ: أَحْسب قَوْله: ((طَلَّخَهَا)) _ أَي: لَطَّخها بالطِّين حَتَّى يَطْمسها، وكأنَّه مَقْلوبٌ.
قَالَ شمِرٌ: وَيكون ((طَلَّخْتُهُ)) _ أَي: سوَّدْتُهُ، وَمِنْه الليلَةُ الْمُطْلَخِمَّة، وَالْمِيم زائدةٌ.
وامرأةٌ طَلْخَاءُ _ إِذا كَانَت حَمْقَاءَ.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(فلَمْ أَرَ مِثْلِي زَوْجَ طَلْخَاءَ خِرْمِلٍ ... أَقَلَّ عِتَاباً فِي السَّدادِ وَأَشْكَعَا)
قَالَ: ويُرْوَى: زوجَ طَلخَاءَ لُطْخَةٍ وَيقال: أَغْنُوا عَنَّا لُطَخَتَكُمْ.
لطخ: وَقَالَ اللَّيْث: الطَّلْخُ: اللَّطْخُ بالْقَذَرِ وإفسادُ الكِتاب ونحوِه، واللّطْخُ أَعَمُّ.
قَالَ: ورجلٌ لَطِخ _ أَي: قَذِرُ الْأكل، ولَطَخْتُ فلَانا بأمرٍ قَبِيح.
أَبُو زيد: رجلٌ لُطَخَةٌ. . من رجالٍ لُطَخَاتٍ وطَيْخَة من رجالٍ طَيْخَاتٍ. وهما الأحمق الَّذِي لَا خير فِيهِ.
وَيُقَال: تَلَطَّخَ فلانٌ بأمرٍ قبيحٍ _ أَي: تدنَّس بِهِ.
قَالَ شمر: وَقَالَ ابنُ شُمَيل: اللُّطَخَةُ: الرجُلُ الفاسِدُ.
لخط: وأمَّا ((لَخَط)) : فَإِن اللَّيْث أهمله.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ ابْن بُزُرْج _ فِي ((نوادره)) : قَالَ خَيْشَنَة: يقالُ: قد الْتَخَطَ الرجل من ذَلِك الْأَمر _ يريدُ: اخْتَلَطَ.
قَالَ: وَمَا اخْتلَط ... إِنَّمَا هُوَ الْتَخَطَ.
خطل: قَالَ اللَّيْث: الْخَطَلُ خِفَّةٌ وَسُرْعَة.
يُقَال للأحْمَق العَجِل: خطِلٌ، وللمقاتل السَّريع الطّعْن: خَطِلٌ، وَأنْشد:
(أَحْوَسُ فِي الظّلمَاء بالرُّمْح الْخَطِلْ ... )
وَيُقَال للجَوَادِ من الرِّجَال _: خَطِلُ الْيَدَيْنِ خَضِلٌ بِالْمَعْرُوفِ _ أَي: عَجِلٌ عِنْد الْإِعْطَاء.
قَالَ: والخَطِلُ: مَا غَلُظَ من الثِّيَاب وخَشُن وجَفَا، وَأنْشد:(7/106)
(أَعَدَّ أَخْطَالاً لَهُ ونَرْمَقاً ... )
يَعْني الصَّيَّادَ.
أَبُو عبيد: الْهُرَاء: الْمنطق الْفَاسِد وَيُقَال: الْكثير. . والْخَطَلُ مثله. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي _ فِي قَول رؤبة _:
(وَدَغْيَةٍ منْ خَطِلٍ مُغْدَوْدِنِ ... )
الخَطِلُ: المضطرب.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَطْلاءُ _ من الشاءِ _: العريضة الأُذُنينِ جدّاً.
أُذُناهُ خَطْلاَوَانِ. . كَأَنَّهُمَا نَعْلان.
وَيُقَال للْمَرْأَة الجافية الخُلُقِ: خَطْلاءُ.
ونسوةٌ خُطْلٌ، وثوب خَطِل: يَنْجَرُّ على الأَرْض مِنْ طُوله. . وَرجل أخْطلُ اللِّسَان _ إِذا كَانَ مضطربَ اللسانِ مُفَوَّهاً.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ خَطِلَ الرجل فِي كَلَامه، وأَخْطَلَ فِي كَلَامه: بِمَعْنى واحدٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: هِيَ الْهِرُّ والخَيْطلُ، والْخَازَبَازِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخيطلُ: السِّنَّوْر.
خلط: قَالَ اللَّيْث: خَلطْتُ الشّيءَ بالشّيْء خلْطاً فاخْتلَطَ، والخِلْط كل نوع من الأَخْلاَط كأخلاَط الدَّواء ونحوِه.
قَالَ: والْخَلِيطُ _ من السِّمَنِ _: الَّذِي فِيهِ شَحْمٌ ولَحْمٌ.
والْخَلِيطُ: تبْنٌ وقَتٌ مُخْتلِطَان. وخَليطُ الرَّجُل: مُخَالِطُه.
والخليطُ: القومُ الَّذين أَمْرُهم واحِدٌ _ وَأنْشد:
(بَانَ الْخَلِيطُ بِسُحْرَةٍ فتبدَّدُوا ... )
والْخُلَّيْطَى: تخليطُ الْأَمر _ إِنَّه لفي خُلَّيْطَى مِن أَمْره.
قلتُ: وَقد تُخَفَّفُ اللَّام فَيُقَال: خُلَيْطَى.
وَيُقَال للْقَوْم _ إِذا خَلَطُوا مالَهُم بعضَه ببعضٍ _: خُلَيْطَى.
وأنشدني بعضُهم:
(وَكُنَّا خُلَيْطَى فِي الْجِمَال فَأَصْبَحتْ ... جِمَالي تُوَالي وُلَّهاً مِنْ جِمَالِكَ)
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه قَالَ: ((لاَ خِلاَطَ وَلاَ شِنَاقَ فِي الصَّدَقَةِ)) .
وَفِي حَدِيث آخر: ((وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْن فإنَّهُمَا يَتَرَاجعانِ بَيْنهُمَا بِالسَّوِيَّةِ)) .
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ فَسَّرَ هَذَا الحديثَ فِي كتا ب ((غَرِيب الحَدِيث)) فثَبجَّه وَلم يحصِّل تَفْسِيرا يُبْنَى عَلَيْهِ، ثمَّ ألَّفَ كتابَ ((الأمْوَال)) وقرأهُ عَلَيَّ أَبُو الحُسَيْن الْمُزَنِيُّ رِوَايَةً عَن عَليِّ بنِ عبد الْعَزِيز _ عَن أبي عبيد وفَسَّرَه فِيهِ عَلَى نَحْو مَا فَسَّرَه الشَّافِعِيُّ.
أخبرنَا عبدُ الْملك _ عَن الرَّبيعِ. . عَن الشَّافِعي _ أَنه قَالَ: الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَن ((الْخَلِيطَيْن)) : الشَّرِيكَانِ لَمْ يقتَسِمَا المَاشِيةَ، وتراجُعُهُما _ بالسَّوِيَّةِ: _ أَن يَكُونَا خَلِيطَيْن فِي الْإِبِل يَجِبُ فِيهَا الْغَنَمُ، فَتُوجَدُ الْإِبِل فِي يَد أَحدهمَا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ صدقتُهُمَا فيرجعُ على شَرِيكه بالسَّوِيَّة.
قَالَ الشافعيُّ: وَقد يكونُ الْخَلِيطانِ: الرجلَيْنِ يَتَخَالَطانِ بِمَاشِيَتهِما، وَإِن عَرَفَ كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا ماشِيَتَهُ.(7/107)
قَالَ: وَلَا يكونَانِ ((خَلِيطَيْنِ)) حَتَّى يُرِيحَا ويَسْرَحَا ويَسْقِيَا مَعًا. وتَكُونَ فحولُهُما ((مُخْتَلِطَةً)) ، فَإِذا كَانَا هَكَذَا صَدَّقَا صَدَقَةَ الْوَاحِد، بكلِّ حَال.
قَالَ: وَإِن تفرَّقَا فِي مُرَاحٍ أَو سَقْي أَو فَحُولٍ، فليسا ((خَلِيطَينِ)) ، ويُصَدَّقَانِ صَدَقَةَ الِاثْنَيْنِ.
قَالَ وَلَا يكونَانِ: ((خَلِيطَيْنِ)) حتَّى يَحُولَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ، من يَوْم ((اخْتَلَطَا)) فَإِذا حَال عَلَيْهِمَا حَوْلٌ من يومِ ((اخْتَلَطَا)) زُكِّيَا زكاةَ الواحِدِ. قُلْتُ _ وشَرْحُ ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوجب على مَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاة فحال عَلَيْهَا الْحَوْلُ _ من يَوْم ملَكهَا _ شَاة.
وَكَذَلِكَ: إِذا مَلَكَ أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى تَمام مائَة وعشرينَ _ فَفِيهَا شاةٌ واحدةٌ، فَإِذا زادتْ شاةٌ وَاحِدَة على مائَة وَعشْرين فَفِيهَا شَاتَانِ.
وَلَو أنَّ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ مَلَكُوا مائَة وَعشْرين شَاة. لكُلِّ واحدٍ مِنْهُم أربعُونَ شَاة، وَلم يَكُونُوا ((خُلَطَاءَ) سنة كَامِلَة فعلى كلِّ واحدٍ مِنْهُم شاةٌ _ فَإِن صَارُوا ((خُلَطَاءَ)) وجَمَعُوها على راعٍ واحدٍ سنة كَامِلَة وجَبَتْ عَلَيْهِم جَمِيعًا شاةٌ واحدةٌ لأَنهم يُصَدِّقُون صَدَقَة الْوَاحِد إِذا اخْتَلطُوا.
وَكَذَلِكَ إِذا كَانُوا ثَلَاثَة بَينهم أربعُون شَاة _ وهم ((خُلَطَاءُ)) _ فإنَّ عَلَيْهِم شَاة، كأنهُ مَلَكَهَا رجلٌ وَاحِد.
فَهَذَا تَفْسِير ((الْخُلَطَاءِ)) فِي الْمَوَاشِي من الْإِبِل والغَنَم، وَالْبَقر.
وَأما تفسيرُ ((الْخَلِيطَيْنِ)) الَّذِي جَاءَ فِي بَاب ((الأشْرِبَةِ)) وَمَا جَاءَ فيهمَا من النَّهي عَن شُرْبِهِمَا، فَهُوَ شَرَابٌ يُتَّخَذُ من التمْرِ والبُسْرِ، أَو مِنَ العنبِ وَالزَّبِيب، أَو من التمْر والعنبِ.
وقَوْلُ الله جلّ وعزّ: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الذِّينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحتِ} [ص: 24] .
فالْخُلَطَاءُ _ هَهُنَا _: الشُّرَكاءُ، الَّذين لَا يتميَّز مِلْكُ كلِّ واحدٍ مِنْ مِلْكِ أَصْحابه إِلَّا بِالْقِسْمَةِ.
وَقد يكون ((الْخُلَطَاءُ)) _ أَيْضا _ أَن يَخْلِطوا العَيْنَ الُتمَيِّزِ بالعَيْنِ المُتَمَيِّزِ _ كَمَا فسَّر الشَّافِعيُّ _ ويكونُونَ مُجْتَمعين كالْحِلَّةِ تشْتَمِل على عَشْرة أَبيات. . لِصَاحبِ كلِّ بيتٍ ماشيةٌ على حِدَةٍ فَيجْمعونَ مواشِيَهُم كلَّها على راعٍ واحدٍ، يرعاها مَعًا، ويُورِدُها الماءَ مَعًا وكلُّ واحدٍ مِنْهُم يعرفُ مَالَه بسمتِهِ ونِجَارهِ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخِلاَطُ أَن يأتيَ الرجلُ إِلَى مُرَاح آخَرَ فيأخذَ مِنْهُ جَمَلاً فَيُنْزِيَهُ على ناقَتِهِ سرّاً من صاحبِه.
قَالَ: والْخِلاَطُ _ أَيضاً: أَنْ لاَ يُحسنَ الجملُ الْقُعُوَّ على طَرُوقتهِ فَيأخذَ الرَّاعِي قضيبَه ويهْدِيهُ لِلْمَأْتَى حَتَّى يُولِجَهُ.
والْخَلِيطُ: الصاحب. . والْخَلِيط: الجارُ.
وَيكون وَاحِدًا وجمْعاً، وَمِنْه قَول جَرِيرٍ:
(بانَ الخليطُ وَلَو طُووِعْتُ مَا بَانَا ... )
فَهَذَا واحدٌ.(7/108)
وَقَالَ زُهَيْرٌ فِي الْجَمْعِ:
(بانَ الخَليطُ وَلَمْ يَأْوُوا لِمَنْ تَرَكُوا ... )
فَهَؤُلَاءِ جمْعٌ.
وَيُقَال: ((خُولِط)) الرجل. . فَهُوَ ((مخَالَطٌ)) ، و ((اخْتَلَطَ)) عقله. . فَهُوَ ((مُخْتَلِطٌ)) _ إِذا تغيَّر عقلُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِلاَطُ: مُخَالَطَةُ الذئْبِ الغنمَ، وَأنْشد:
(يَضْمَنُ أَهْلُ الشَّاءِ فِي الْخِلاَطِ ... )
قَالَ: والخِلاَطُ: مَخَالَطَةُ الدَّاء الجوْفَ.
قلت: والْخِلاَطُ: مُخَالطَة الرجلِ أَهْلَه _ إِذا جَامعهَا، وَكَذَلِكَ مُخَالَطَةُ الجملِ الناقَةَ _ إِذا خَالَطَ ثَيْلُه حَيَاءَها.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ قَالَ: إِذا قَعَا الفَحْلُ عَلَى النَّاقة فَلم يسترشد لحيائها حَتَّى يُدْخِلَهُ الرَّاعِي، أَو غيرهُ. قيل: قد أَخْلَطَهُ إِخْلاَطاً، وأَلْطَفَه إلطافاً، فَهُوَ يُخْلِطُه ويُلْطِفُهُ، فَإِن فعَلَ الجملُ ذَلِك من تِلْقَاء نَفسه قيل: قد اسْتَخْلَط واستلْطَفَ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ خَلِطٌ: مُخْتَلِطٌ بِالنَّاسِ متحبِّبٌ، وامرأةٌ خَلِطةٌ كَذَلِك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخِلْطُ من السِّهَام: الَّذِي يَنْبتُ عُودُه على عِوَجٍ؛ فَلَا يزالُ يَعْوَجُّ _ وَإِن قُوِّم.
وَقَالَ ابْن شُميل: جَملٌ مُخْتَلِطٌ، وناقة مُخْتَلِطَةٌ _ إِذا سَمنا، حَتَّى اخْتَلَطَ الشَّحْمُ باللَّحْم.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ _: الْخُلُطُ: الْمَوَالِي، والْخُلُطُ: الشُّرَكَاء، والْخُلط: جِيرَان الصَّفاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ((اختَلَطَ اللَّيْلُ بالتُّرَابِ)) _ إِذا اخْتَلَطَ عَلَى الْقَوْم أمْرُهم ((واخْتَلَطَ الْمَرْعِيُّ بالْهَمَلِ)) .
خَ ط ن
أهمل اللَّيْث بَابهَا. . وَقد استُعْمِلَ من وجوهها: نخط، خنط، طنخ.
نخط: رَوَى أَبُو الْعَبَّاس - عَن ابْن الْأَعرَابِي -: النُّخُطُ اللاعِبُون بالرِّماح شجاعةً.
وَيُقَال للسُّخْدِ _ وَهُوَ المَاء الَّذِي فِي المشيمة _: النُّخْطُ، فَإِذا اصفَرَّ فَهُوَ الصَّفَقُ والصَّفَرُ، والصُّفَارُ.
والنُّخْطُ _ أَيْضا _ النِّخَاعُ، وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي فِي القَفَا.
أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _ مَا أَدْرِي أَيُّ النُّخْطِ هُوَ؟ _ أَي: مَا أَدْرِي أيُّ النَّاس هُوَ؟
طنخ: أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا غلب على قلب الرجُلِ الدَّسَمُ قيل: طَنِخَ يَطْنَخُ طَنَخاً _ وتَنِخَ يَتْنَخُ تَنَخاً.
خنط: أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _: الْخَنَاطِيطُ والخَنَاطِيلُ _ مثْلُ العَبَادِيدِ _: جَمَاعَاتٌ فِي تَفْرِقَةٍ، وَلَا يُعْرف لَهَا واحدُ.
وَقَالَ بَعضهم: واحِدُ الُخَنَاطِيطِ: خِنْطِيطٌ.
خَ ط ف
اسْتعْمل من وجوهه: خطف، طخف.
خطف: قَالَ الله عزّ وجلّ: {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم} [البَقَرَة: 20] .
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: فِي سُورَة أُخْرَى _: {إِلَّا من خطف الْخَطفَة فَأتبعهُ شهَاب ثاقب} [الصَّافات: 10] .(7/109)
وَيُقَال: خَطِفْتُ الشيءَ، واخْتَطَفْتُهُ _ إِذا اجتَذَبْتُه بِسُرْعَة.
وَأكْثر القُرّاء قَرَءُوا: ((يَخْطَفُ) من ((خَطِفَ يَخْطَفُ)) وَهِي القِرَاءةُ الجيِّدةُ، الَّتِي اجتمعَ عَلَيْهَا أكثرُ القُرَّاء.
ورُوِيَ _ عَن الْحسن _: أَنه قَرَأَ ((يَخِطِّفُ)) بِكَسْر الْخَاء، وَتَشْديد الطَّاء مَعَ الْكسر.
وَقَالَ بعضُهم: ((يَخَطِّفُ)) بِفَتْح الْخَاء وَكسر الطَّاء وتشديدها.
فَمن قَرَأَ: ((يَخَطِّفُ)) فَالْأَصْل يَخْتَطِفُ، فأُدْغِمَتِ التاءُ فِي الطَّاء، وأُلْقِيَتْ فَتْحَةُ التَّاء عَلَى الْخَاء.
وَمن قرأَ ((يَخِطِّفُ)) كَسَرَ الخاءَ لسُكُونها وسُكُون الطَّاء، وَهَذَا قَول البَصْريين.
وَقَالَ الفرَّاء: الْكسر لالتقاء الساكنين _ ههُنَا _: خَطأٌ. وإنَّه يلْزم مَنْ قَالَ هَذَا: أَن يَقُول فِي {يعَض} [الْفرْقَان: 27] : ((يَعِضُّ)) ، وَفِي ((يَمُدُّ)) : ((يَمِدُّ)) .
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هذِه العلَّة غير لازمةٍ لِأَنَّهُ لَو كُسِرَ ((يَعَضُّ ويمُدُّ)) لالْتَبَس مَا أَصْلُهُ ((يَفْعَلُ، ويَفْعُلُ)) بمَا أَصله ((يَفْعِلُ)) .
قَالَ: ((ويَخْتَطِفُ)) : لَيْسَ أصلُه غيرَ هَذَا، وَلَا يكُونُ مَرَّةً على ((يَفْتَعِلُ)) . وَمَرَّةً على ((يَفْتَعَلُ)) ، فكُسر لالتقاء الساكِنين فِي موضعٍ غيرِ مُلتبسٍ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجٍ: خَطِفْتُ الشَّيْء: أخذتُه وَأَخْطَفْتُه _ إِذا أَخْطأْتُهُ.
وَأنْشد قولَ الْهُذَلِيِّ:
(تَنَاوَلُ أَطْرَافَ الْقِرَانِ وَعَيْنُهَا ... كَعَيْنِ الْحُبَارَى أَخْطَفَتْها الأجَادِلُ)
((الْقِرَانُ)) _ جَمْعُ قَرْنٍ _: الجَبَلُ.
قَالَ: والإخْطافُ _ فِي الْخَيْلِ _ ضِدُّ الإنْتِفَاجِ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي الْخَيل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الإخطَافُ شَرُّ عُيُوب الْخَيل، وَهُوَ صِغَرُ الجَوْفِ. . وَأنْشد:
(لاَ دَنَنٌ فِيهِ وَلَا إِخْطافُ ... )
والدَّنَنُ: قِصَرُ العُنُقِ، وتَطَامُنُ الْمُقَدَّمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَخْطَفَ الرَّجلُ إخْطافاً _ إِذا مَرِضَ مَرَضاً يَسِيرا وبَرَأَ سَرِيعا _ حكاهُ ابْن السكِّيت عَنهُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ أَبُو صَفْوَانَ: يُقَال: أَخْطَفَتْهُ الْحُمَّى _ أَي: أَقْلَعَتْ عَنهُ، وَمَا مِنْ مرضٍ إِلَّا وَله خُطْفٌ _ أَي: يَبْرَأُ مِنْهُ.
وَالْعرب تَقول لِلذِّئْبِ: خَاطِفٌ _ وَهِي الْخَوَاطِفُ.
وَقَالَ اللَّيْث: بَازٍ مُخْطِفٌ.
قَالَ: والْخَيْطَفُ سُرْعة انجذابٍ السيرِ. . وجَمَلٌ خَيْطَفٌ وَذُو عَنَق خَيطَفٌ. .
وَأنْشد:
(وعَنقاً بَاقِي الرَّسِيمِ خَيْطَفَا ... )
أَي: كأنّهُ يَخْتَطِفُ فِي مِشيَتِهِ عُنُقَه أَي: يجتَذِبه.
والْخطَفى سَيْرَتهُ.
يُقَال خَطفَ يَخطِفُ، وخَطِفَ يَخطَفُ: لُغتَانِ.
والْخُطافُ: طائرٌ معروفٌ _ وجَمْعهُ خَطَاطِيف.(7/110)
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الْخُطَّافُ هُوَ الَّذِي تجْرِي فِيهِ الْبَكَرَةُ _ إِذا كَانَ منْ حَدِيدٍ. . فإنْ كَانَ من خَشَبٍ فَهُوَ الْقَعْوُ.
وَيُقَال لِسِمَةٍ يُوسَمُ بهَا البعيرُ. . كَأَنَّهَا خُطَّافُ البكرةِ: خُطَّافٌ _ أَيْضا _ وبعيرٌ مَخْطوفٌ _ إِذا كَانَ بِهِ هَذِه السِّمَة.
وَإِنَّمَا قيل لخُطَّافِ البكَرَةِ: ((خُطَّافٌ)) لحِجْنَةٍ فِيهِ.
وكل حدِيدَةٍ ذاتِ حُجْنَةٍ فَهِيَ خُطَّافٌ.
وَمِنْه قَول النَّابِغَة الذُّبيانيِّ:
(خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حبَالٍ مَتِينةٍ ... تُمَدُّ بِهَا أَيْدٍ إليْكَ نَوازعُ)
وَفِي حَدِيث أَنَسٍ: ((أَنه كانَ عندَ أُمِّ سُلَيْمٍ شَعِيرٌ فجشَّتْهُ وجعلَتْ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيفَةً فأرْسَلتْنِي أَدْعُوهُ)) .
قلتُ: والخطيفة _ عِنْد العَرَبِ _ أَن تُؤْخَذَ لُبَيْنَةٌ فتُسَخَّنَ، ثمَّ يُذَرَّ عَلَيْهَا دَقِيقَةٌ ثمَّ تُطْبَخَ فيلعَقُها الناسُ ويخْتَطِفونها فِي سُرْعَةٍ.
وخَطَافِ، وكَسَابِ: من أَسمَاء كِلابِ الْقَنَصِ.
وَفِي حديثٍ آخرَ: ((أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الخَطْفَةِ)) وَهِي مَا اخْتَطَفَ الذِّئْبُ من أَعْضَاء الشَّاة وَهِي حيَّة من يدٍ أَو رجْلٍ. . أَو يَخْتَطِفُهُ الكلْبُ الضَّارِي من أَعْضَاء الْحَيَوَان الَّتِي تصادُ _ من لَحْمٍ أَو غَيره _ والصِّيدُ حيٌّ، وكلُّ مَا أُبين من الْحَيَوَان _ وَهُوَ حيٌّ _ من شَحْمٍ ولَحَمٍ: فَهُوَ مَيْتٌ لَا يحِلُّ أَكلُهُ.
وَمن الطير طائرٌ يُقال لَهُ: ((خَاطفُ ظلِّهِ)) . .
قَالَه الأصمعيُّ، وَأنْشد:
(وَرَيْطَةِ فتْيَانٍ كخَاطِفِ ظِلِّهِ ... جَعَلْتُ لهُمْ مِنْهَا خِبَاءً مُمَدَّدا)
يُقَال: إنَّه يَرَى ظِلَّه وَهُوَ يطيرُ، فيحسِبُه صَيْداً فَيَنْقَضُّ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: أَخْطَفَ لي فلانٌ من حَديثهِ شَيْئا ثمَّ سَكتَ، وَهُوَ الرجل يَأْخُذ فِي الحَدِيث ثمَّ يَبدو لَهُ فيقطعُ حَديثَه. . وَهُوَ الإِخطَافُ.
وَيُقَال لِلِّصِّ الَّذِي يَدْغَرُ نَفْسَه _ على الشَّيْء _ فَيَخْتَلِسُهُ: خَطَّافُ.
ابْن شُمَيْلٍ _ عَن أبي الْخَطَّابِ _: خَطِفَتِ السفنيةُ وخَطَفَتْ _ أَي: سَارتْ.
يُقَال: خَطِفَتِ الْيَوْم من عُمَانَ _ أيْ: سَارَتْ.
طخف: أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ الطَّخَافُ: السَّحَابُ الْمُرْتَفع، وطِخْفَةُ: موضعٌ.
والطَّخْفُ: اللَّبَنُ الحامِضُ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(مَا لَمْ تُعَالِجْ دَمْحَقاً بَائتاً ... شُجَّ بِالطَّخْفِ لِلَدْمِ الدَّعَاع)
اللَّدْمُ: اللعْقُ، والدَّعاعُ: عِيالُ الرَّجل.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: الطَّخِيفَةُ واللَّخِيفَةُ: الْخَزِيرةُ _ رَوَاهُ أَبُو تُرَاب.
خَ ط ب
خطب، خبط، طبخ، بطخ: مستعملة:
خطب: قَالَ اللَّيْث: الْخَطْبُ سببُ الأمْرِ.
تقولُ: مَا خَطْبُكَ؟ أَي: مَا أَمْرُكَ؟
وتقولُ: هَذَا خَطْبٌ جَلِيلٌ وخَطْبٌ يسيرٌ. .
وَجمعه خُطُوب.(7/111)
والخُطْبَةُ مَصْدَرُ الْخَطِيب.
وَهُوَ يخْطُب المرأةَ، ويَختَطِبُها. . خِطْبَةً وخِطِّيبَى.
وَقَالَ الْفراء _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {من خطْبَة النِّسَاء} [البَقَرَةَ: 235] : الخِطْبَةُ مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَة الخَطْب _ وَهُوَ بمنزلةِ قَوْلك: إنّهُ لَحَسَنُ القِعْدَةِ والْجِلْسة.
قَالَ: والخُطْبَةُ مِثل الرِّسالة الَّتِي لَهَا أوَّلٌ وَآخر.
قَالَ: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا هَذِه الضُّغْطَةَ. . كَأَنَّهُ ذهب إِلَى أَنَّ لَهَا مُدَّةً وَغَايَة، أَولا وآخراً، ولَوْ أَرَادَ مَرَّةً لقَالَ: ضَغْطةً _ وَلَو أَرَادَ الفِعْلَ لقَالَ: الضِّغْطَةَ، مِثَلُ المِشْيَة.
قَالَ: وسمعْتُ آخَرَ يَقُول: اللَّهُمَّ غَلَبَنِي فلانٌ على قُطْعةٍ من أَرْض _ يريدُ أَرضًا مَفروزَةً.
قلت: وَالَّذِي قَالَ اللَّيْث. . أَنَّ الخُطْبَةَ مَصْدَرُ الخطِيب: لَا يَجوز إلاَّ على وَجْهٍ واحدٍ، وَهُوَ أنَّ الْخُطْبَةَ: اسمٌ للْكَلَام الَّذِي يَتكلم بِهِ الْخَطِيب، فيوضعُ موضعَ المصدَرِ. وَالْعرب تَقول: فلَان خِطْبُ فلانةٍ _ إِذا كَانَ يَخْطُبُها.
وكَانت امراةٌ من الْعَرَب _ يُقَال لَهَا: أُمُّ خَارِجَةَ _ يُضْرَبُ بهَا المثَل. . فَيُقَال: ((أسرَعُ منْ نِكَاحِ أُمِّ خَارِجَةَ)) وكَان الخَاطبُ يقوم على بابِ خبائها فَيَقُول: خِطْبٌ فَتَقول: نِكْحٌ!
وَقَالَ اللَّيْث: الخِطِّيبَى: اسْم امْرَأَة _ وَأنْشد قولَ عَدِيِّ بن زَيْدٍ:
(لِخِطِّيبَى الَّتِي غَدَرَتْ وخَانَتْ ... وهُنَّ ذَوَاتُ غَائِلَةٍ لُحِينا)
قلتُ: وَهَذَا خطأٌ مَحْضٌ، وَ ((خِطِّيبَى)) فِي البيتِ مصدَرٌ كَالْخِطْبة.
هَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد.
والْمَعْنَى: لِخِطْبَةِ زَبَّاءَ، وَهِي امرأةٌ كَانت مَلِكَةً خطبهَا جَذِيمةُ الأبْرَشُ، فغرّرَتْ بِهِ وأجابتْه، فلمَّا دخل بلادها قَتَلَتْهُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: اخْتَطَبَ القومُ فلَانا _ إِذا دَعَوْهُ إِلَى تزوُّج صاحبتهم.
وَقَالَ أَبُو زيد _ فِي ((النوادِرِ)) : إِذا دَعَا أهل الْمَرْأَة الرَّجلَ إِلَيْهَا ليخطبَها فقد اختَطَبوا اخْتِطَاباً.
قَالَ: وَإِذا أَرَادوا تَنْفِيقَ أَيِّمِهم كذَبوا على رَجلٍ فَقَالُوا: قد خطبهَا فَرَدَدْنَاهُ فَإِذا رَدَّ عَنهُ قومُه قَالُوا: كذَبتُمْ، لقد اخْتَطَبْتُمُوه، فَمَا خَطَبَ إِلَيْكُم.
وَقَالَ اللَّيْث: الخِطَابُ: مُراجعةُ الْكَلَام، وجمعُ الخطيبِ خُطَبَاءُ، وَجمع الْخَاطِبِ خُطَّابُ.
وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَفصل الْخطاب} [ص: 20] : هُوَ أَن يَحْكُمَ بالْبَيِّنة، أَو الْيَمين.
وَقيل: مَعْنَاهُ أَن يفصِلَ بَين الحقِّ وَالْبَاطِل، ويميِّزَ بَين الحُكْمِ وضِدِّه.
وَقيل: ((فَصْلُ الخِطَابِ)) : ((أما بعدُ)) ودَاوُدُ _ عَلَيْهِ السَّلَام _ أولُ من قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ)) .
وَقيل: ((فَصْلُ الخِطَابِ)) : الفِقهُ فِي الْقَضَاء.(7/112)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: معنى ((أَمّا بَعْدُ)) أما بَعدَ مَا مضى منَ الْكَلَام فَهُوَ كَذَا وَكَذَا.
ابْن السّكيت (عَن أبي زيد _: أَخْطَبكَ الصَّيْدُ فَارْمِه _ أَي: أمكنَكَ، فَهُوَ مُخْطِبٌ.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا صارَ لِلْحَنْظَلِ خُطُوطٌ فَهُوَ الخُطْبَانُ _ وَقد أَخْطَبَ الْحَنْظَلُ.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الأخْطَبُ: الأخضَرُ يخَالِطُهُ سوَادٌ.
قَالَ: وَقيل لِلصُّرَدِ: ((أَخْطَبُ)) لأنَّ فِيهِ سَوَاداً وبَياضاً.
وَيُقَال لِلْيَدِ عِنْد نُضُوِّ سَوَادِها من الحِنَّاءِ: خَطْبَاءُ.
وَيُقَال ذَلِك فِي الشَّعَر أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الأخْطَبُ: لوْنٌ يَضْرِبُ إِلَى كُدْرَةٍ أُشْرِبَتْ حُمْرَةً فِي صُفْرَةٍ، كلوْنِ الْحَنْظَلةِ الخَطْبَاء قبل أَن تَيبَسَ، وكلَوْن بعض حُمُر الوَحْش.
أَبُو عبيدٍ: من حُمُرِ الوَحْش: الخَطْبَاءُ وَهِي الأتَانُ الَّتِي لَهَا خطٌّ أسود على مَتْنها والذكَرُ أَخْطَبُ.
خبط: اللَّيْث: بفُلان خَبْطَةٌ من مَسٍّ.
قَالَ: وَيُقَال للرَّجل الَّذِي فِيهِ رُعُونَةٌ فِي لُبْسِه وَعَمله: يَا خُبَاطَةُ.
ورُوي عَن مَكْحُولٍ: أَنه مرَّ برجُلٍ نَائِم بعد العَصْر فدَفَعَه بِرجلِهِ وَقَالَ: لقد عُوفِيتَ، لقد دُفِعَ عَنْك، إِنَّهَا ساعةُ مَخْرَجِهم، وفِيهَا يَنْتَشِرُونَ، وَفِيهَا تَكُون الْخَبْتَةُ.
قَالَ شَمِرٌ: كَانَ مَكْحولٌ فِي لِسَانه لُكنَة، وَإِنَّمَا أَرَادَ الخَبْطَة.
يُقَال: تَخَبّطَهُ الشَّيْطَان _ إِذا مَسَّه بخَبْل أَو جُنون.
وأصلُ الخَبْطِ ضربُ الْبَعِير الشَّيْء بخُفِّ يدِه، كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
(تَخْبِطُ الأرْضَ بصُمٍّ وُقُحٍ ... وَصِلاَبٍ كالمَلاَطِيسٍ سُمُرْ)
أَرَادَ أَنَّهَا تضرِبها بأخفافها إِذا سارَتْ.
وخَبَطْتُ الشّجَرَةَ بالعصا: ضَرَبتُها بهَا والمِخْبَطَة: الْعَصَا.
قَالَ كُثَيِّر:
(إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا حَالَ دُونَهَا ... بمِخْبَطةٍ يَا حُسْنَ مَنْ أَنْتَ ضَارِبُ)
يَعْنِي زوجَها. . أَنه يخبطُها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الخَبطةُ: الزّكامُ وقدْ خُبِط الرجل فَهُوَ مَخْبُوطٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَبْطَة _ كالزَّكْمَةِ _ تصيبُ فِي قُبل الشِّتاءِ، يُقَال: خُبِطَ فلَان فَهُوَ مَخْبُوط.
وَقَالَ أَبُو زيد: خَبَطْتُ الرجلَ. . أَخْبِطُهُ خَبْطاً _ إِذا وصَلتُه.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الاختِبَاطُ طَلبُ الْمَعْرُوف والكسْب.
تَقول: اختَبَطْتُ فلَانا، واختَبَطْتُ معروفه فَخَبَطَني بِخَير وَأنْشد:
(وَفِي كلِّ حَيٍّ قدْ خَبَطتَ بنَعْمَةٍ ... فحُقَّ لِشَأْسٍ مِنْ ندَاكَ ذَنُوبُ)
وَقَالَ غَيره: المختبطُ: الَّذِي يَسْأَلك بِلَا وَسِيلَة، وَلَا معرفَة.
وَقَالَ لَبِيدٌ:(7/113)
(لِيَبْكِ عَلَى النُّعْمَانِ شَرْبٌ وقَيْنَةٌ ... ومُختَبِطَاتٌ كالسَّعَالِي أَرَامِلُ)
وَيُقَال: خَبَطَهُ _ أَيْضا _ إِذا سَأَله.
وَمِنْه قَول زهيرٍ:
(يَوْماً وَلاَ خَابِطاً مِنْ مَالِهِ وَرَقَا ... )
وَقَالَ الليثُ: الْخَبْطُ خَبْطُ وَرَقِ الْعضَاهِ من الطَّلْحِ ونحوهِ، يُخْبَطُ _ أَي: يُضرَبُ بالعصا فيتناثرُ، ثمَّ يُعلَفُ الإبلَ.
يُقَال: خَبَطْتُ لَهُ خَبِيطاً.
قَالَ: والْخَبْطُ الْهشُّ. . والْخَبَطُ اسمٌ مثلُ النَّفَض، وَهُوَ مَا خبطَتْهُ الدَّوَابُّ _ أَي: كَسَرَتْهُ.
والْخَبْطُ: شدَّةُ الْوَطْءِ بأَيدِي الدَّواب.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} [البَقَرَة: 275] .
أَي: يتوطَّؤُهُ فيصْرَعُه، والْمَسُّ: الجنُونُ.
وَقَالَ زُهيْرٌ:
(رَأَيْتُ الْمَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ ... تُمِتْهُ وَمَنْ تخْطِىءْ يُعَمَّرْ فيَهْرَمِ)
يَقُول: رَأَيْتهَا تَخْبِطُ الْخَلْقَ خَبْطَ العشْوَاء من الْإِبِل، وَهِي الَّتِي لَا تُبصِرُ، فَهِيَ تَخْبِطُ الكُلَّ، لَا تُبْقي على أحدٍ، فمِمَّنْ خَبَطَتْهُ المنَايا: مَنْ تُميتُه، وَمِنْهُم مَنْ تُعِلُّهُ فَيبْرَأُ، والهرَمُ غايتُهُ، ثمَّ الموتُ.
أَبُو عبيد: الْخُبْطَةُ: الجُرْعَة من المَاء تَبْقَى فِي قِرْبَةٍ، أَو مَزادَةٍ أَو حَوْض، وَلَا فِعْلَ لَهَا.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: هِيَ الْخِبْطَةُ والخَبْطَةُ والْخُبْطَةُ. . والْحِقْلَةُ، والْحَقْلَةُ،
والْحُقْلَةُ _ والْفَرْشَةُ، والفراشةُ _ والسَّحْبَةُ والسَّحْبَانُ.
وَقَالَ أَبُو الرَّبيع الكِلابيُّ: كَانَ ذَلِك بعدَ خِبْطَةٍ من اللَّيْل وخِدْفَةٍ، وخِدْمَة _ أَي: قِطْعَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَبِيطُ حوضٌ قد خَبَطَتْهُ الْإِبِل حتَّى هَدَمَتْهُ، سمي خَبِيطاً، لأنَّه خُبِطَ طينُه بالأرْجُل عِنْد بنائِه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(وَنُؤْيٌ كَأَعْضَادِ الْخَبِيطِ الْمُهَدَّمِ ... )
قَالَ: والْخَبيطُ لبنٌ رائبٌ، أَو مَخِيضٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ حليبٌ من لبنٍ ثمَّ يُضرَبُ حَتَّى يَخْتَلِطَ، وَأنْشد:
(أَوْ قُبْضَةٍ مِنْ حَازِرٍ خَبِيطِ ... )
قَالَ: والْخِبَاطُ سِمَةٌ _ فِي الفَخِذِ _ طويلةٌ عَرْضاً، وَهِي لبني سعدٍ.
أَبُو مَالك: الْخِبْطةُ: القطعةُ من كلِّ شَيْء، و ((الحوْضُ)) الصَّغِير يُقَال لَهُ: خَبِيطٌ وَأنْشد:
(إِنْ تَسْلَمِ الدَّفْوَاءُ والضُّرُوطُ ... يُصْبحْ لَهَا فِي حَوْضِهَا خَبِيط)
والْخَبِيط والْخَبُوطُ _ من الْخَيل _: الَّذِي يَخْبِطُ بيدَيْهِ.
وَقَالَ شجاعٌ: يُقَال: تَخبَّطَنِي برجْلِه وتَخبَّرَني. . وخَبَطَنِي، وخبزنِي، والْخَبْطَةُ ضربةُ الفحلِ النَّاقةَ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصف جَمَلاً:
(خَرُوجٌ من الْخَرْقِ الْبَعيدِ نِيَاطُهُ ... وَفِي الشَّوْلِ يَرْضَى خَبْطَةَ الطَّرْقِ نَاجِلُهْ)(7/114)
طبخ: قَالَ اللَّيْث: الطِّبِيخُ كالقَدِير، إلاَّ أَنَّ الْقَدِيرَ فِيهِ توابلُ، والطَّبِيخُ دون ذلكَ.
والطَّبْخُ: إنضاجُ اللَّحْم والمرَق.
والطُّبَاخةُ: مَا تأخذُ ممَّا تحتاجُ إِلَيْهِ ممَّا يُطْبَخُ: نَحْو الْبَقَّمِ تأخذُ طُبَاخَتَهُ للصِّبْغ وتطرَحُ سائره.
والْمطْبَخُ بيتُ الطّبَّاخِ.
وَأما قَول الْعَجَّاجِ:
(تالله لَوْلاَ أَنْ تحُشَّ الطُّبّخُ ... بيَ الْجَحيم حينَ لَا مُسْتَصْرِخُ)
فإِنَّه عَنَى بالطُّبَّخِ: الملائِكةَ الموكّلينَ بعذابِ الكُفَّارِ.
وطَبَائخُ الحرِّ: سمائِمُه فِي الْهَوَاجر. . الْوَاحِدَة طَبِيخةٌ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(طَبَائخُ شمْسٍ حَرُّهُنَّ سَفُوعُ ... )
والطَّبِيخُ ضربٌ من الْأَشْرِبَة.
والطِّبِّيخ _ بلغَة أهل الْحجاز _: هُوَ الْبِطِّيخُ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ يُقَال للصبيِّ _ إِذا وُلِدَ _: رَضيعٌ، وطفلٌ، ثمَّ فَطِيمٌ ثمَّ دَارِجٌ، ثمَّ جَفْرٌ، ثمَّ يافعٌ، ثمَّ شَدَخٌ ثمَّ مُطَبِّخٌ، ثمَّ كَوْكَبٌ.
أَبُو عبيد - عَن أبي زيد -: يقالُ لفَرْخ الضّبِّ - حِين يَخْرُجُ من بيضه -: حِسْلٌ ثمَّ غَيْدَاقٌ، ثمَّ مَطَبَّخٌ، ثمَّ يكون ضَبّاً مُدْرِكاً.
ونحوَ ذَلِك قَالَ اللَّيْث فِي الغُلام _ إِذا امْتَلَأَ شبَاباً.
قَالَ: وَيُقَال: جاريةٌ طُبَاخيَّة: شابَّةٌ مُكْتَنِزَةٌ، وَأنْشد:
(عَبْهَرةُ الْخَلْقِ طُبَاخِيَّةٌ ... تَزِينُهُ بِالْخُلُقِ الطَّاهِرِ)
وَيُقَال: لَيْسَ بِهِ طُبَاخٌ _ أَي: لَيْسَ بِهِ قوَةٌ.
وَقَالَ غيرُه: امرأةٌ طُبَاخِيَّةٌ: عَاقِلَةٌ مَلِيحةٌ.
وَفِي كَلَامه طُبَاخ _ إِذا كَانَ مُحْكماً.
وطَابِخَةُ بن إِلْياسَ بنِ مُضرَ طَبخَ قِدْراً فسمِّي: طَابخةَ.
وتميمُ بن مرِّ، ومُزَينةُ، وضَبَّةُ: بَنو أُدِّ بْنِ طَابخَة، من خِنْدِفَ.
ابْن السكِّيت: يُقَال: قد انطَبَخَ اللحْمُ وَقد اطَّبَخَ القومُ، وَقد يكونُ الاطِّبَاخُ اشتِوَاءً أَوِ اقْتداراً.
وَيُقَال: أتَقْتَدِرُون، أم تَشْتَوُون؟ وَيُقَال: خُبزَةٌ جيدةُ الطَّبْخ، وآجرَّةٌ جيِّدةُ الطَّبْخ، وَهَذَا مُطَّبَخُ الْقَوْم ومُشْتَوَاهم.
وَيُقَال: اطَّبِخُوا لنا قُرْصاً.
بطخ: الْبِطِّيخُ، والطِّبِّيخُ: لُغتان.
وَقَالَ بعض اللُّغويين: المَطْخُ والْبَطخ: اللَّعْقُ.
خَ ط م
خطم، خمط، طخم، مخط، مطخ: مستعملة.
طخم: قَالَ اللَّيْث: الطُّخْمَةُ: اسمُ سَواد فِي مقدَّم الأنفِ، أَو مُقدَّمُ الأنفِ، أَو مقدَّمُ الخَطْم.
يُقَال: كبشٌ أَطْخَمُ: رَأْسُهُ أسودُ وسائرهُ كَدِرٌ.(7/115)
والأَطخَمُ: مقدَّمُ الخُرْطُوم فِي الدَّابة والإنسانِ، وَأنْشد:
(وَمَا أَنْتُمو إلاَّ ظَرَابيُّ قِصَّةٍ ... تَفَاسَى وتَسْتَنْشِي بآنِفِهَا الطُّخْمِ)
قَالَ: يَعْنِي لَطْخاً مِنْ قَذَرٍ.
ابْن السكِّيت _ يقالُ: أَخضَرُ أطخَمُ أَدغَمُ _ وَهُوَ الدَّيْزَجُ.
خطم: رَوَى عبدُ الرَّحْمَن بنُ الْقَاسِم _ عَن أَبِيه _ قَالَ: أَوْصى أَبُو بَكْرٍ أنْ يكَفَّن فِي ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ، وَأَن يُجعَلَ مَعَهُمَا ثوبٌ آخرُ فَأَرَادَتْ عائشةُ أَن تَبْتاع لَهُ أثواباً جُدُداً فَقَالَ عمر: لَا يُكَفّنُ إِلَّا فِيمَا أَوْصَى بِهِ فَقَالَت عائشةُ: يَا عمَرُ، وَالله مَا وَضَعْتَ الْخُطُمَ على آنُفِنَا.
فَبكى عمرُ وَقَالَ: كفِّنِي أباكِ فِيمَا شِئتِ.
قَالَ شمر: معنى قَوْلهَا: ((مَا وَضَعْتَ الخُطُمَ على آنِفُنَا)) أَي: مَا ملكتَنَا بَعدُ فتنهانا أَن نَصْنَعَ مَا نريدُ فِي أملاكنا.
وَيُقَال للبعير _ إِذا غَلَبَ أَن يُخْطَمَ: مَنَعَ خِطَامَهُ.
وَقَالَ الأعْشَى:
(أَرَادُوا نَحْتَ أَثْلتِنَا ... وَكُنَّا نَمْنَعُ الْخُطُمَا)
وخَطَمَهُ بالكلامِ _ إِذا قَهَرَهُ ومَنَعهُ حَتَّى لَا يَنْبِسَ وَلَا يُحيرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَطْمُ من البازِي وَمن كلِّ شيءٍ: مِنْقَارُهُ. . وَمن كلِّ دَابَّةٍ _ خَطْمُه: مُقَدَّمُ أَنْفِهِ وفَمِهِ، نَحْو الكلْبِ وَالْبَعِير.
قَالَ: والأخْطَمُ: الأسْوَدُ.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: هُوَ من السِّبَاع: الخَطْمُ والْخُرْطُومُ. . وَمن الْخِنْزِيرِ: الفِنْطِيسَةُ. . وَمن ذِي الْجنَاح غيرِ الصائِدِ: المِنْقارُ _ وَمن الصَّائِد: المِنْسَرُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو الشَّيباني _: الأُنُوفُ: يُقَال لَهَا: الْمَخَاطِمُ _ واحدُها مَخْطِمُ.
وَقَالَ غيرُه: الْخِطَامُ حَبْلٌ يُجعَلُ فِي طَرَفَهِ حَلَقَةٌ، ثمَّ يُقلَّدُ البعيرَ، ثمَّ يُثْنَى على مَخْطِمِهِ _ وَقد خَطَمْتُ البَعِيرَ. . أخطِمُهُ خَطْماً، وجَمْعهُ الخُطُمُ _ يُفْتَلُ من اللِّيفِ والشعْر والكتَّانِ وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِطْمِيُّ نَباتٌ يُتَّخذُ مِنْهُ غِسْلٌ.
وَفِي الحَدِيث ((إنَّ دَابَّةَ الأَرْضِ مَعَها عَصَا مُوسَى فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِن، وتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ)) .
مَعْنَاهُ: أَنَّهَا تؤثِّرُ فِي أَنفه سِمَةً يُعْرَفُ بهَا.
ونَحْو ذَلِك قيل _ فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: {سنسمه على الخرطوم} [القَلَم: 16] .
وَقَالَ النضْرُ: الخِطَامُ سِمَةٌ فِي عُرْضِ الْوَجْه إِلَى الخدِّ كهيئةِ الخَطِّ، ورُبَّمَا وُسِمَ بِخِطَامٍ، وربَّما وُسِمَ بِخطامَيْنِ.
يُقَال: جَمَلٌ مَخطومُ خِطامٍ، ومَخْطومُ خِطامَيْنِ _ على الإضافةِ.
وبهِ خِطَامٌ وخِطَامَانِ.
وقَوْلُ ذِي الرُّمَّة:
(وَإِنْ حَبا مِنْ أَنْفِ رَمْلٍ مَنْخِرٌ ... خَطَمْنَهُ خَطْماً وَهُنَّ عُسَّرُ)(7/116)
وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: يُرِيد بقوله: ((خَطَمْنَهُ)) : مَرَرْنَ على أَنْفِ ذَلِك الرَّمْلِ فقَطَعْنَه.
وخَطْمُ اللَّيلِ: أَوَّلُ إقْبَاله، كَمَا يُقَال: أنْفُ اللَّيْل.
وَقَالَ الرَّاعي:
(أَتَتْنَا خُزَامى ذَاتُ نَشْرٍ وحَنْوَةٌ ... وَرَاحٌ وَخَطَّامٌ مِنَ الْمِسْكِ يَنْفَحُ)
قَالَ الْأَصْمَعِي: مِسكٌ خَطامٌ _ يَفْعَم الخياشيمَ.
وروى ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا رَوَاهُ مُرْسلا: ((أَنَّهُ وعَدَ رَجُلاً أَنْ يَخرُجَ إِلَيْهِ فأَبْطَأَ عَليهِ؛ فَلَمَّا خرج قَالَ: شَغَلَني عنكَ خَطْمٌ)) _ أَي: خَطْبٌ جليل.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ: إِذا صَار فِي البُسْرِ خُطوط وطرائقُ، فَهُوَ المُخَطَّمُ، وبَنو خُطَامةَ: حَيٌّ من الأزْدِ.
ورَوَى شُعْبَةُ _ عَن فُرَاتٍ القَزَّازِ، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَةَ _: قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابةُ فَيَقُولُونَ: قَدْ رَأَيْنَاها ثمَّ تَتَوَارَى حَتَّى يُعاقَبَ ناسٌ فِي ذَلِك، ثمَّ تَخْرُجُ الثانيةَ فِي أعظم مَسْجِد من مَسَاجِدكُمْ فتأْتِي المؤمِنَ فتسلِّمُ عَلَيْهِ، وتأتِي الكافرَ فَتَخْطِمُهُ وتُعَرِّفُه ذنوبَه.
قَالَ شمِرٌ: الخَطْمُ: الأثَرُ على الْأنف _ كَمَا يُخْطَمُ الْبَعيرُ بالكَيِّ.
يُقَال: خَطَمْتُ الْبَعِير _ إِذا وَسَمْتهُ بخطٍّ من الأنفِ إِلَى أَحَد خدَّيْهِ _ وبعيرٌ مَخْطُوم.
قَالَ: وخطَمهُ بالخِطَام _ إِذا عُلِّقَ فِي حَلْقِهِ ثمَّ ثُنِيَ على أَنفِه، ولاَ يُثْقَبُ لَهُ الأنفُ.
مطخ: ابْن السِّكِّيت، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَطَخَ عِرْضَه يمطخه _ إِذا دَنَّسَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَطْخُ اللَّعْقُ.
قَالَ: وَمن أَمثال الْعَرَب: ((أَحْمَقُ مِمَّنْ يَمْطَخُ الْمَاءَ)) .
يَقُول: لَا يَشربُه، وَلَكِن يَلْعَقُه مِن حُمْقه.
والمَطْخُ: مَتْحُ الماءِ بالدَّلْو من الْبِئْر _ وَقد مَطَخْتُ الماءَ مَطْخاً. . وَأنْشد:
(أَمَا وَرَبِّ الرَّاقصَاتِ الزُّمّخِ ... يَزُرْنَ بَيْتَ الله عندَ المَصْرَخِ)
(لَنَمْطَخَنَّ بالرِّشَاءِ المِمْطَخِ ... )
والمطَّاخُ: الفاحِش البَذِيءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرَّجل الْكذَّاب: مِطْخْ مِطْخ _ أَي: باطلٌ قولُك.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المَطْخُ واللَّطْخُ: مَا يَبْقَى فِي الْحَوْض من المَاء والدَّعَامِيصِ _ لَا يُقْدَرُ عَلَى شُرْبه.
وأَنْشَدَ شَمِرٌ:
(وَأَحْمَقُ مِمَّنْ يَمْطَخُ المَاء قَالَ لِي ... دَعِ الْخَمْرَ وَاشْرَبْ مِنْ نُقَاخٍ مُبَرَّدِ)
ويُرْوَى: ((يَبْطَخُ)) .
ويُرْوَى: ((مِمَّنْ يَلْعَقُ المَاء)) .
وكلُّه وَاحِد.
خمط: قَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصَّة أهل سَبَأ _: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل} [سبأ: 16] .
قَالَ اللَّيْث: ((الخَمْطُ)) : ضَرْبٌ من الأَرَاكِ. . لَهُ حَمْلٌ يُؤْكَلُ.(7/117)
وَقَالَ الزَّجّاح: يُقَال لكلِّ نَبْتٍ قد أَخذ طعماً من مَرَارَةٍ، حَتَّى لَا يمكنَ أكلُه: خَمْطٌ.
وَقَالَ الفرّاء: الْخَمْطُ _ فِي التَّفْسِير _ ثَمَرُ الأَرَاكِ، وَهُوَ الْبَرِيرُ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: إِذا ذهب عَن اللَّبَنِ حلاوَةُ الْحَلْب، وَلم يتَغَيَّر طَعْمُهُ: فَهُوَ سَامِطٌ، فإِنْ أَخذ شَيْئا من الرِّيح فَهُوَ خامِطٌ والخَمِيطُ المشويُّ _ والسَّمِيط المنْزوع مِنْهُ شعرُهُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: خَمَطْتُ اللحمَ أَخْمِطُه خَمْطاً _ إِذا شويتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَمْطُ: أَن تَشْوِيَ حَمَلاً أَو غيرَه مسْلُوخاً، فإِذا نُزِع شعْرُه فَهُوَ السّمِيطُ.
قَالَ: والْخَمطةُ ريحُ نَوْرِ الكَرْم، وَمَا أَشْبَهَهُ. . مِمَّا لَهُ ريحٌ طيِّبَةٌ، وَلَيْسَ بالشديد الذكاءِ طِيباً.
ولبنٌ خَمْطٌ. . وَهُوَ الَّذِي يُحقَنُ فِي سِقَاءٍ ثمَّ يوضعُ على حشيشٍ حَتَّى _ يأخذَ من رِيحه فيكونَ خَمْطاً طيِّبَ الرّيح، طيِّب الطّعْم.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْخَمْط ثَمَرُ شجرٍ يُقَال لَهُ: فَسْوَةُ الضبُع، على صورةِ الْخَشخَاشِ. . يَتَفَرَّكُ وَلَا يُنتفَع بِهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التمخُّط: القهرُ، وَالْأَخْذ بغلَبة. . وَأنْشد:
(إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذَرَا حَدُّ نَابِهِ ... تَخَمَّطَ فِينا نَابُ آخَرَ مُقْرِم)
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مَتَخَمِّطٌ: شديدُ الْغَضَب، لَهُ ثورةٌ وجلَبةٌ. . وَأنْشد:
(إِذا تَخَمّطَ جَبَّارٌ ثَنَوْهُ إلَى ... مَا يَشْتَهُونَ وَلاَ يُثْنَوْن إِنْ خَمَطُوا)
قَالَ: وَيُقَال للبحر _ إِذا الْتَطمَتْ أَمْواجُه _: إِنَّه لَخَمِط الأمواج وَأنْشد:
(خَمَطَ التَّيَّارِ يَرْمِي بالْقَلَعْ ... )
مخط: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: المَخْطُ: شَبَهُ الْوَلَد بأَبيه.
تَقول الْعَرَب: كَأَنَّما مَخَطَهُ مَخْطَاً.
قَالَ: والمخطُ: استِلاَلُ السَّيْفِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُخَاطُ من الأَنْفِ: كاللُّعاب من الْفَم، وَقد مَخَطَ الصبِيُّ مَخْطاً، وامْتَخَطَ امْتَخَاطاً.
قَالَ: وَرجل مَخِطٌ: سيِّدٌ كَريمٌ.
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(وَإِنَّ أَدْوَاءَ الرِّجَالِ الْمُخَّطِ ... مَكَانُهَا مِنْ شَامِتٍ وَغُبَّطِ)
قلتُ: ورأيتُه فِي شعر رؤبة:
(وَإِنَّ أَدْوَاء الرِّجَالِ النُّخَّطِ ... )
بالنُّون _ وفسَّره ابْن الأعرابيِّ فَقَالَ: ((النُّخَّطُ)) : اللاعبون بِالرِّمَاحِ شجاعةً كَأَنه أَرَادَ: الطَّعَّانينَ فِي الرِّجَال، وَلَا أعرف ((الْمُخَّطَ)) _ عَلَى تَفْسِيره.
وَيُقَال: هَذِه النَّاقَةُ إِنَّمَا مَخَطَهَا بَنو فلَان _ أَي: نُتِجَتْ عِنْدهم.
وأصلُ ذَلِك: أنَّ الْحُوار إِذا فَارق أُمَّه مَسَحَ النَّاتجُ عَنْهُ غِرْسَهُ وَمَا عَلَى أَنفِهِ من السَّابِيَاءِ.(7/118)
فَذَلِك المخط، ثمَّ قيل للناتج: مَاخِطٌ. وَقَالَ ذُو الرُّمة:
(وانْمِ الْقُتُودَ عَلَى عَيْرَانَةٍ حَرجٍ ... مَهْرِيَّةٍ مَخَطَتْها غِرْسَهَا الْعِيدُ)
وَيُقَال للسَّهَامِ الَّذِي يَتَراءَى فِي عيْنِ الشَّمس للنَّاظِر فِي الْهَوَاء عندالهاجِرَةِ _: مُخَاطُ الشَّيْطَان.
وَيُقَال لَهُ: لُعابُ الشَّمس. . ورِيقُ الشَّمس. كلُّ ذَلِك سُمِع من الْعَرَب
وَيُقَال: رَمَاه بسَهْمٍ فَأَمْخَطَهُ من الرَّمِيِّةِ _ إِذا أَنْفَذَهُ.
وامْتَخَطَ فلَان السيفَ من جَفْنِه _ إِذا استَلَّهُ.
وَيُقَال: مَخَطَ فِي الأَرْض مَخْطاً _ إِذا مَضَى فِيهَا سَرِيعا.
وَيُقَال: بَرْدٌ مَخْطٌ وَوَخْطٌ، وسيرٌ مَخْطٌ وَوَخْطٌ: شديدٌ سَرِيع.
أَبْوَاب الخَاء وَالدَّال
خَ د ت _ خَ د ظ _ خَ د ذ _ خَ د ث: مهملات.
خَ د ر
خدر، خرد، دخر، رخد، ردخ: مستعملة.
خدر: قَالَ اللَّيْث: الخِدْرُ: سِتْرٌ لِلْجَارِيَةِ _ فِي نَاحيَة الْبَيْت، وَكَذَلِكَ يُنْصَبُ لَهَا خَشَبَاتٌ _ فَوق قَتَبِ الْبَعِير _ مَسْتُورةٌ بِثَوْب، فَهُوَ الْهَوْدجُ الْمُخَدَّرُ.
ويُجْمَعُ عَلَى الأخْدَار والأخادير والْخُدُورِ.
وَأنْشد:
(حَتّى تَغامزَ رَبَّاتُ الأخادِيرِ ... )
والجاريةُ مَخْدُورةٌ. . وَقد خُدِرَتْ فِي خِدْرَهَا، وتَخَدَّرَتْ كَذَلِك.
وأَخْدَرَتِ الْجَارِيَة إِخْدَاراً، كَمَا تُخْدِرُ الظبية خِشْفَها فِي هَبِطَةٍ من الأَرْض.
وخَدَرَ الأسدُ فِي عَرينه _ إِذا لم يكَدْ يخْرُج _ فَهُوَ خادرٌ مُخْدِرٌ كثيرُ الْخُدُور، وأَخْدَرَهُ عَرِينُهُ.
وكلُّ شَيْء مَنَعَ بصَراً عَن شَيْء فقد أخْدَرهُ.
والليلُ مُخْدِرٌ.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
(وَمُخْدِرُ الأخْدَارِ أَخْدَرِيُّ ... )
يصف اللَّيْل.
والأخْدَرِيُّ: مِنْ نَعْتِ حِمَار الوَحْش. قلت: كَأَنَّهُ نُسب إِلَى فَحْلٍ اسْمُه: ((أَخْدَرُ)) .
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْخُدْرَةُ: الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَة.
والْخُدْرَةُ: اسمُ أَتاَنٍ كَانَت قديمَة فيَجوز أَن يكون ((الأخْدَرِيُّ)) مَنْسُوبا إِلَيْهَا.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ إِذا تخلَّفَ الوَحْشِيُّ عَن القطِيع _ قيل: خَذَلَ وخَدَرَ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الخُدْرِيُّ: الحِمارُ الْأسود.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ _ عَن شَمِرٍ _: يُقَال للأسَد: خَدَرَ، وأَخْدَرَ _ أَي: أقامَ.
وأَسَدٌ خَادِرٌ: مُقِيمٌ فِي عَرِينِهِ.(7/119)
ومُخْدَرٌ أَيْضا.
قَالَ: وَأما الْخَدِرُ _ من الظِّباءِ _ فالْفاَترُ العِظَامِ.
قَالَ طَرَفَةُ:
(آخِرَ اللَّيْلِ بِيَعْفُورٍ خَدِرْ ... )
قَالَ: وَيُقَال: أَخْدَرَه اللَّيْل _ إِذا حبَسَه.
قَالَ: والْخَدُورُ من الْإِبِل: الَّتِي تكون فِي آخر الْإِبِل.
الحرّانيُّ _ عَن ابْن السّكيت _: قَالَ: الْخَدَرُ: الغيْمُ والمَطَرُ وَأنْشد:
(لاَ يُوقِدُونَ النَّارَ إلاَّ بِسَحَرْ ... ثُمَّتَ لاَ تُوقَدُ إلاَّ بِالْبَعَرْ)
(وَيَسْتُرُونَ النَّارَ مِنْ غَيْرِ خَدَرْ ... )
يَقُول: يَسْتُرُونَ النَّار مخافَةَ الأضياف من غيْرِ غَيْم وَلَا مطر.
وأنشدني عُمَارَةُ لنَفسِهِ:
(فِيهِنَّ جَائِلَة الْوِشَاحِ كَأَنَّهَا ... شَمْسُ النَّهَارِ أَكَلَّهَا الإخْدَارُ)
((أَكَلَّهَا)) : أَبْرَزَهَا، وأصلُه من ((الانْكِلاَلِ)) ، وَهُوَ التَّبَسُّمُ.
وَقَالَ آخرُ _ يصف نَاقَة:
(ومَرَّتْ عَلَى ذَاتِ التَّنَانِيرِ غُدْوَةً ... وَقَدْ رَفَعَتْ أذْيَالَ كُلِّ خَدُورِ)
الْخَدُورُ: الَّتِي تخلَّفَتْ عَن الْإِبِل فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى الَّتِي تَسِيرُ سارَتْ مَعهَا. ومِثْلُهُ:
(واحْتَثَّ مُحْتَثَّاتُهَا الْخَدُورَا ... )
وَقَالَ آخر:
(إذْ حَثَّ كُلُّ بَازِلٍ ذَقُونِ ... حَتَّى رَفَعْنَ سِيرَةَ اللجُونِ)
وَقَالَ اللَّيْث: يومٌ خَدِرٌ: شديدُ الحَرِّ.
وَأنْشد:
(وَمَكانٍ زَعِلٍ ظِلْمَانُهُ ... كالْمَخَاضِ الجُرْبِ فِي الْيَوْمِ الْخَدِرْ)
وَيُقَال: خَدِرَ النَّهارُ _ إِذا لم يتَحَرَّك فِيهِ رِيحٌ، وَلَا يُوجَدُ فِيهِ رَوْح.
قُلْتُ أَرَادَ ب ((الْيَوْمِ الْخَدِرِ)) اليومَ الْمَطِيرَ. . ذَا الغَيم _ كَمَا قَالَ ابنُ السِّكِّيت.
وَإِنَّمَا خَصَّ ((اليومَ المطيرَ)) لِلمَخَاضِ الْجُرْبِ، لِأَنَّهَا إِذا جَرِبَتْ آذَاهَا النَّدَى والبَرْدُ فَلم تَقِرَّ فِي مَكَان، وَلم تَسْكُنْ.
وَذَلِكَ أَنَّ الإبلَ إِذا جَرِبَتْ تَوَسَّفَتْ عَنْهَا أَوْبَارُهَا، فالْبَرْدُ إِلَيْهَا أَسْرَعُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَدَرُ امْذِلاَلٌ يَغْشَى الرِّجْلَ والْيَدَ والْجَسَدَ.
وَقد خَدِرَتْ الرِّجْلُ تَخْدَرُ.
والْخَدَرُ _ من الشَّرَاب والدَّواء _ فُتُورٌ يَعْتَرِي الشَّارِبَ وضَعْفٌ.
قَالَ: والْخُدَارِيُّ: الأسودُ الشَّعر ونَحْوُه حتَّى العُقَابُ الْخُدَارِيَّةُ، والجارِيَةُ الْخُدَارِيَّةُ الشَّعْر.
أَبُو عُبَيْدٍ: لَيْلٌ خُدَارِيٌّ: مُظْلِم
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخَدَرُ: الظُّلْمَةُ، وَمِنْه قِيلَ لِلْعُقَاب: خُدَارِيَّةٌ _ لِشِدَّة سوادِها.
وَقَالَ العَجَّاج:
(وخَدَرَ اللَّيْلِ فَيجْتَابُ الْخَدرْ ... )
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: أصلُ ((الخُدَاريِّ)) : أَنَّ الليلَ يَخْدِرُ الناسَ _ أَي: يَلْبَسُهم. وَمِنْه قيل للأَسَد: خَادِرٌ.(7/120)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ اتَّخَذَ الأجَمَةَ خِدْراً. . وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
(وَلَمْ يَلْفِظِ الْغَرْثَى الخُدَارِيَّةَ الْوَكْرُ ... )
قَالَ شمِرٌ: يَعْنِي أَنَّ الوَكْرَ لم يَلْفِظِ العُقَابَ.
جَعَل خُرُوجَهَا من الوَكْرِ: لَفْظَاً. . مثلُ خُرُوج الكَلاَمِ من الْفَم.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الخَدْرَةُ: ثِقَلُ الرِّجْل، وامتِنَاعُهَا من الْمَشْي.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يَقُول عَامل الصَّدقاتِ: لَيْسَ لي حَشَفَةٌ وَلَا خَدِرَةٌ، فالْحَشَفَةُ: اليابِسَةُ. . والْخَدِرَةُ: الَّتِي تَقَعُ من النَّخْلِ _ قبل أَن تنْضِجَ.
رخد: أهمله اللَّيْث: أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ الرِّخْوَدُّ: اللَّيِّنُ الْعِظَام.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرِّخْوَدُّ: الرَّخْوُ. . زِيدَتْ فِيهِ الدالُ، وشُدِّدت _ كَمَا قيل: ((فَعْمٌ وَفَعْمَلٌ)) .
قلت: وجاريةٌ رِخْوَدَّةٌ: نَاعمةٌ. وجمْعُها: رَخَاوِيدُ.
وَقَالَ أَبُو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
(عَرْفْتُ مِنْ هِنْدَ أَطْلاَلاً بِذِي الْبِيدِ ... قَفْراً وَجَارَاتِهَا الْبِيضِ الرَّخَاوِيد)
ردخ: قَالَ اللَّيْث: الرَّدْخُ: الشَّدْخُ. . والرَّدَخ: الرّدْغُ. . _ عُمَانِيَّةٌ.
خرد: قَالَ اللَّيْث: جاريةٌ خَرِيدَةٌ: بِكْرٌ لم تُمْسَسْ قَطُّ، والجَميعُ: الخَرائدُ والخُرُدُ.
قَالَ: وجاريةٌ خَرُودٌ: خَفِرَةٌ حَييّةٌ، قد جاوزتِ الإعْصارَ، وَلم تُعَنِّسْ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَرِيدَةُ: الحَيِيَّةُ.
قَالَ: وسمعتُ أعرابيّاً من _ كلْبٍ _ يَقُول: الْخَرِيدَةُ: الدُّرَّةُ الَّتِي لم تثْقب.
وَهِي من النِّسَاء: البِكْرُ.
وَقَالَ ثعلبُ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَرِيدَةُ: الحَيِيَّةُ، وَقد أَخْرَدتْ إخْرَاداً.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ الخارِدُ: السَّاكِت من حَيَاء، لَا مِنْ ذُلٍّ. . والمُخْرِدُ: الساكتُ من ذُلٍّ. . لَا منْ حياءٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: خَرِدَ _ إِذا ذلّ وخَرِدَ _ إِذا استحيا.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: الخَرِيدَةُ منَ النِّسَاء: الحيِيَّةُ الخَفِرَةُ.
دخر قالَ الله جلّ وعزّ: {وهم داخرون} [النّحل: 48] .
قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى {داخرون} : صاَغِرون.
قَالَ: ومَعْنى الْآيَة: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَاخَلَقَ اللهُ مِن شَيءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلاَلُهُ عِنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النّحل: 48] : أنَّ كلَّ مَا خَلَقه الله _ من جسم وعظمٍ ولحمٍ ونجمٍ وشجرٍ _: خاضِعٌ ساجدٌ لله.
قَالَ: والْكافِر _ وَإِن كفر بِقَلْبِه وَلسَانه فَنَفْسُ جِسْمِهِ، وعظمِه ولحمِه، وجميعُ الشّجر والحيواناتِ خاضعةٌ لله، ساجدةٌ.
ورُويَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: الكافرُ يَسْجُدُ لغيرِ الله، وظِلُّه يَسْجُدُ لله.(7/121)
قَالَ الزَّجَّاجُ: وتأويلُ الظِّلِّ: الجِسْمُ الَّذِي عَنهُ الظِّلُّ.
وَتقول: دَخَرَ يَدْخَر دُخُوراً _ أَي: صَغُرَ يَصْغرُ صَغاراً.
وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا تأمُرُه بِهِ _ شاءَ أوْ أَبى _ صاغِراً قَميئاً.
خَ د ل
خدل، خلد، دخل، دلخ: مستعملة.
خدل: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: تَقول: امرأةٌ خَدْلَةُ الساقِ، وساقٌ خَدْلَة. . وَقد خَدِلَتْ خَدَالةً، والجميعُ خِدَال.
وخَدَالَتها: استِدَارَتُها. . كَأَنَّمَا طُوِيَتْ طيّاً.
وَقَالَ غَيره: الْخِدَالُ: السُّوقُ الغِلاَظُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصفُ نسَاء:
(جَوَاعِلُ فِي الْبُرَى قَصباً خِدالاَ ... )
أَراد عظامَ أَسْوُقِها. . أَنَّها غَلِيظَة.
دخل: قَالَ اللَّيْث: الدَّخْلُ عَيْبٌ فِي الحسَبِ وَكَذَلِكَ الدَّخَلُ، وأمرٌ فِيهِ دَخْلٌ ودَخَلٌ _ مُثَقَّلٌ ومخفّفٌ _ ودَغَلٌ: بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} [النّحل: 92] .
قَالَ: يَعْنِي دَغَلاً وخَدِيعةً.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: لَا تَغْدُرُوا بِقوم. . لقلّتهم وكثرتكم، أَو قلِّتِكم وكَثرتهم، وَقد غرَرْتموهم بالأيْمَان. . فسكَنُوا إِلَيْهَا.
وَقَالَ الزجَّاج: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم} أَي: غِشَّاً بَيْنكُم ودَغَلاً.
قَالَ: و ((دَخَلاً)) منصوبٌ: لِأَنَّهُ مفعولٌ لَهُ.
قَالَ: وكلُّ مَا دخَله عيبٌ. قيل: هُوَ مَدْخول، وَفِيه دَخَل.
وَقَالَ القُتَيْبيُّ _ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} : أَي: لأَنْ تكون أمَّة أَغنى من قوم وأشرَفَ من قوم _ تقْتَطعون بأَيمانِكم حُقوقاً لهَؤُلَاء فتجعلونها لهَؤُلَاء.
وَقَالَ الليثُ: الدَّخْلُ: مَا دخلَ على الإنْسَانِ. . من ضَيْعَتِه من الْمَنَالة.
قَالَ: والمَدْخولُ: المهزُول، والداخلُ فِي جَوْفه الهُزَالُ. . بعير مَدْخول، وَفِيه دَخلَ بيِّنٌ من الهُزَال، وَرَجُلٌ مَدْخُولٌ _ إِذا كَانَ فِي عَقله دَخَلٌ، أُوْ فِي حَسَبِهِ.
قَالَ: والدُّخْلَةُ: بِطَانَةُ الْأَمر. تقولُ: إِنَّه لعَفِيفُ الدُّخلةِ، وَإنَّهُ لخَبيثُ الدُّخْلَةِ _ أَي: باطنِ أَمْرِه.
قَالَ: والدُّخلةُ _ فِي اللَّوْن _ تخليطٌ من ألوان فِي لونٍ.
وَيُقَال: إِنَّه لَعَالِمٌ بِدُخْلَةِ أَمْرِهم وبِدَخَل أمرِهم، وَإِذا ائْتُكِلَ الطعامُ سُمِّيَ مَدْخُولاً ومَسْرُوفاً.
قَالَ: ودَخيلُ الرَّجل: الَّذِي يُداخلُه فِي أُموره كلِّها، فهوَ لهُ دَخِيلٌ، ودُخْلُلٌ.
وقالَ شمِر _ فِي تَفْسِير بَيت الرّاعي:
(كأَنَّ مَنَاطَ العِقْدِ حَيْث عَقَدْنَهُ ... لَبَانُ دَخِيليٍّ أَسِيلِ المُقَلَّدِ)
قَالَ: ((الدَّخِيلِيُّ)) : الظبْيُ الرَّبِيبُ يُعَلَّقُ فِي عُنُقه الودْعُ فشبِّه الوَدْعُ فِي الرَّحْل بالودَعِ فِي عُنق الظَّبْي.
يَقُول: جعلْنَا الوَدْعَ فِي مقدِّم الرَّحْل.(7/122)
قَالَ والظبيُ الدَّخِيلِيُّ والأَهِيليُّ والرَّبِيبُ: واحدٌ.
ذَكر ذَلِك كلِّه عَن ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ أَبُو نصر: ((الدَّخِيليُّ)) فِي بَيت الرَّاعِي: الفَرَسُ يُخَصُّ بالعلَفِ.
قَالَ: وأمَّا قولُه:
(هَمَّانِ بَاتَا جَنْبَةً وَدَخِيلاَ ... )
فإِنَّ ابنَ الأعرابيِّ قَالَ: أَرَادَ _ هَمّاً داخلَ الْقلب، وآخرَ قَرِيبا من ذَلِك كالضَّيْفِ إِذا حلَّ بالْقوم فأَدْخَلوه. . فَهُوَ دخيلٌ، وَإِن حلَّ بفنَائِهم فَهُوَ جَنْبَةٌ، وَأنْشد لجرير.
(وَلَّوْا ظُهُورَهُمُ الأَسِنَّةَ بَعْدَمَا ... كَانَ الزُّبيْرُ مجَاوِراً ودَخيلا)
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: فلانٌ دُخْلُلُ فلَان، وَدُخْلَلُهُ _ إِذا كَانَ بطانَتَه وصاحبَ سرِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّخَالُ: مُداخلةُ المفاصل بَعْضِها فِي بعض. . وَأنْشد:
(وطِرْفَةٍ شُدَّتْ دِخَالاً مُدْمَجَا ... )
قلت: وناقة مُدَاخَلَةُ الْخَلْقِ _ إِذا تلاحَكَتْ واكتنزتْ، وَاشْتَدَّ أَسْرُها.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي: إِذا وَرَدَتِ الإبلُ أَرْسَالاً فَشرب مِنْهَا رَسَلٌ ثمَّ وَرَدَ رَسَلٌ آخَرُ الحوْضَ فأُدخِل بعيرٌ قد شرب بَين بعيرَين لمْ يَشْرَبَا. . فَذَلِك الدَّخَالُ.
وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِك فِي قِلَّة المَاء. وَأنْشد غيرُه فِيهِ بيتَ لَبِيدٍ:
(فأَوْرَدَهَا العِرَاكَ ولمْ يَذُدها ... وَلم يُشْفِقْ عَلَى نَغَصِ الدِّخَالِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّخَالُ فِي وِرْد الْإِبِل _ إِذا سُقِيَتْ قَطيعاً قطيعاً حَتَّى إِذا مَا شربَتْ جَمِيعًا حُمِلَتْ على الحوْض ثَانِيَة، لتستوفِيَ شُرْبَها. . فَذَلِك الدِّخَالُ.
قلت: وَالصَّحِيح فِي تَفْسِير الدِّخَال مَا قَالَه الأصمعيُّ، وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث لَيْسَ بِصَحِيح.
والدُّخَّلُ صِغَار الطير. . أمثالُ العصافيرِ _ وجمعُه دَخَاخِيلُ _ تَأْوِي الْغِيَرَان والشجرَ الملتفَّ. . وَالْأُنْثَى: دُخَّلة.
قَالَ: والدُّخول: نقيضُ الخُروج.
وَفِي حَدِيث العَائنِ: ((أَنَّه يَغْسِلُ داخلةَ إِزَارِهِ)) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: ((داخلةُ إزارِه)) : طَرَفُهُ الَّذِي يَلِي جَسَدَ المُؤْتَزِرِ.
وَفِي حديثٍ آخر: ((إذَا أَرَادَ أَحدكم أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فَرَاشِهِ فَلْيَنَزِعْ داخِلَةَ إِزَارِهِ ولَيَنْفُضْ بهَا فِرَاشَه فإنَّه لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ)) .
أَرَادَ بهَا طَرَفَ إِزارِهِ الَّذِي يَلي جسدَه.
وأمَّا دَاخِلَةُ الأَرْض: فَخَمَرُها وغامِضُهَا _: يُقَال: مَا فِي أَرضهم دَاخِلَةٌ من خَمَرٍ.
وَجَمعهَا الدَّوَاخل.
وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
(فَرَمَى بِهِ أَدْبَارَهُنَّ غُلامُنا ... لَمَّا اسْتُتِبَّ بِهِ ولمْ يَسْتَدْخِل)
يَقُول: لم يَدخُلِ الْخَمَرَ فيَخْتِلَ الصَّيْدَ ولكنَّه جاهَرَها _ كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
(مَتَى نَرَهُ فإِنَّنَا لَا نُخاتِلُهْ ... )(7/123)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بَينهم دُخْلُلٌ ودُخْلَلٌ _ أَي: إِخَاءٌ ومودَّةٌ: والدُّخْلَلُونَ الْحُشْوَةُ الَّذين يَدخلون فِي قومٍ لَيْسُوا مِنْهُم. والدُّخْلَلُونَ: الأَخِلاَّءُ والأصفياء.
وَهَذَا الْحَرْف مِن الأضْداد.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(ضَيَّعَهُ الدُّخْلَلُونَ إِذَا غَدَروا ... )
قَالَ: الدُّخْلَلُون: الْخَاصَّة هَهُنَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدُّخَّلُ مِن الكَلإِ: مَا دَخل فِي أَغْصَان الشَّجر ومنَعه الْتِفافُهُ عَن أنْ يُرْعَى، وَهُوَ العُوَّذُ. . ودُخَّلُ اللَّحم: مَا عاذ بالعظم، وَهُوَ أَطْيَبُ اللَّحْم.
وَقيل للعُصفور الصَّغِير: دُخَّلٌ _ لِأَنَّهُ يَعُوذُ بكلِّ ثَقْبٍ ضيِّقٍ من الجَوارِح.
وَقَالَ شمر: يُقَال: فلانٌ حَسَنُ المَدْخل والمَخرجِ _ أَي: حَسَنُ الطَّرِيقَة. . محمودُها وَكَذَلِكَ: هُوَ حَسَنُ المَذْهَب.
وَفِي حَدِيث الحَسن: ((كَانَ يُقَال: إنَّ من النِّفَاق اختلافَ المَدْخل والمَخْرَج واختلافَ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَة)) .
قَالَ شمِر: أَرَادَ ب ((اختلافِ المَدْخل والمَخْرَج)) سُوءَ الطَّرِيقَة.
ثعلبٌ: عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه قَال: الدَّاخلُ والدُّخَّالُ والدُخْلَلُ _ كلُّه دُخَّال الأُذُن، وَهُوَ الهِرْنِصَانُ.
والدَّوْخَلَةُ هِيَ الوَشِيجَة الَّتِي تُسَوَّى من الخوصِ للتَّمْرِ، وتُجمَعُ: دوَاخِل ودَوَاخِيل.
وَقَالَ عَدِيُّ:
(فِيهِ ظِبَاءٌ ودَوَاخِيلُ خُوصْ ... )
خلد: قَالَ اللَّيْث: الخلُودُ: البقاءُ فِي دارٍ لَا يُخرَجُ مِنْهَا، والفِعْلُ: خَلَدَ يَخْلُد.
قَالَ: وأهْلُ الجَنَّة خالِدُون مُخَلَّدُون آخِر الأَبَدِ، وأَخْلَدَ الله أهلَ الْجنَّة إخلاداً، والْخُلْدُ: اسمٌ من أَسماء الْجِنَان.
وأَخْلَدَ فلانٌ إِلَى كَذَا وَكَذَا _ أَي: رَكَن إِلَيْهِ ورضِيَ بِهِ.
وَقَالَ الفَرّاء _ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض وَاتبع هَوَاهُ} [الأعرَاف: 176] أَي: رَكَنَ إِلَيْهَا وسَكَنَ.
قَالَ: وَيُقَال: خَلَدَ إِلَى الأَرْض _ بِغَيْر ألف _ وَهِي قَليلَة.
قَالَ: وَيُقَال للرجل _ إِذا بَقيَ سوادُ رَأسه ولحيته على الكِبَر: إِنَّه لَمُخْلِدٌ.
وَقَالَ للرجُل _ إِذا لم تَسْقُط أسنَانُه من الهرَمَ: إِنَّه لَمُخْلِدٌ.
قَالَ: وسمعتُ الكسائيَّ يَقُول: خَلَدَ وأَخْلَدَ، وخَلَّدَ. . إِلَى الأَرْض، وَهِي قليلةٌ، ونحوَ ذَلِك قَالَ الزَّجاجُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون} [الواقِعَة: 17] .
قَالَ الفرَّاء _ فِي قَوْله: {مخلدون} : يُقَال: إنهُم على سِنٍّ واحدةٍ، لَا يتغيَّرون.
قَالَ: وَيُقَال: {مخلدون} : مُقَرَّطُون. وَيُقَال: مُسَوَّرُونَ.
كلُّ ذَلِك يقالُ.
وَأنْشد غيرُه:(7/124)
(ومُخَلَّداتٍ بِاللُّجَيْنِ كأَنَّما ... أَعْجَازُهُنَّ أَقَاوِزُ الْكُثبَانِ)
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: مِنْ أَسماءِ الفَأْرِ: الثُّعْبَةُ والْخُلْدُ، والزَّبَابَةُ.
وَقَالَ الليثُ: الْخُلْدُ ضربٌ من الْجُرْذَانِ عُمْيٌ. . لم يُخْلَقْ لَهَا عيونٌ، واحدُها خِلْدٌ _ بِكَسْر الْخَاء _ والجميعُ: خِلْدَانٌ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن نَجْدَةَ، عَن أبي زيدٍ _: من أسماءِ النَّفْس: الرُّوعُ والْخَلَدُ.
وَقَالَ اللَّيثُ: الخَلَد: البالُ _ يُقَال: مَا يَقَعُ ذَلِك فِي خَلَدِي _ أَي فِي بالي.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْبَالُ: النَّفْس، فَإِذاً: التَّفْسِيراَنِ متقاربان.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَوالِدُ: الأَثَافِيُّ والْجِبَال والحِجَارة تُسَمَّى: خَوَالدَ.
وَأنْشد:
(فَتَأْتِيكَ حَذَّاءَ مَحْمُولةً ... تَفُضُّ خَوالِدُها الْجَنْدَلاَ)
يَعْنِي القوافِيَ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: أَخْلَدَ بِهِ إِخْلاَداً، وأَعْصَمَ بِهِ إِعْصَاماً _ إِذا لَزِمَه، وبَنُوا خُوَيْلِدٍ: بطنٌ من عُقَيْلٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: خَلَّدَ جاريتَهُ _ إِذا حَلأَّها بالْخلَد، وَهِي الْقِرَطَة، وخَلَّدَ الرجُلُ _ إِذا أَسَنَّ وَلم يَشبْ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ _ فِي قَوْله: {ولدان مخلدون} _: مُقَرَّطونَ بالْخَلَدةِ وَجمعُهَا خَلَدٌ، وَهِي الْقِرَطَةُ.
دلخ: النَّضْرُ: دَلِخَتِ الناقةُ _ أَي: سمنَتْ، وناقَةٌ دَالِخَةٌ.
وَقَالَ الليثُ: رجلٌ دَالخٌ وقَوْمٌ دَالِخونَ. .، وهُو المُخْصِبُ من الرِّجال.
ابْن السكِّيت _ عَن الفرَّاء _: امْرأَةٌ دُلَخَةٌ _ أَي: عَجْزَاءُ.
وَأنْشد:
(أَسْقَى دِيارَ خُرَّدٍ بِلاَخِ ... منْ كلِّ هَيْفَاءِ الْحَشَا دُلاَخِ)
قَالَ: ((بِلاَخِ)) : ذَوَاتُ أعجازٍ.
قَالَ: و ((دُلاَخِ)) للواحدةِ ودِلاَخٌ: للجمِيع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَلِخَ يَدْلَخُ دَلَخاً، فَهُوَ دَلِخٌ، ودَلُوخٌ _ أَي: سمِينٌ.
وَأنْشد:
(يُسَائِلُنَا مَنْ ذَا أضَرَّ بِهِ التَّنَخْ ... فَقُلْتُ: الَّتِي لأياً تَقُومُ مِنَ الدَّلَخْ)
خَ د ن
خدن، دخن، دنخ: مستعملة.
خدن: قَالَ اللَّيثُ: الْخِدْنُ والْخَدِينُ: الذِي يُخَادِنُكَ. . يكون مَعَك فِي كلِّ أمرٍ ظَاهر وباطن.
وخِدْنُ الْجَارِيَة: مُحَدِّثُها.
قَالَ: وَكَانُوا فِي الجاهليَّة لَا يمتنعون من خِدْنٍ يُحَدِّث الجاريةَ، فجَاء الإسلامُ بهَدْمِهِ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {محصنات غير مسافحات وَلَا متخذات أخدان} [النِّساء: 25] .
يَعْنِي أَنْ يتَّخِذْن أَصْدِقاءَ.(7/125)
دخن: قَالَ أَبُو عبيد: دَخَنَتِ النَّارُ تَدْخِنُ _ إِذا ارْتَفع دُخانُها، ودَخِنَتْ تَدْخَنُ _ إِذا ألقَيْتَ عَلَيْهَا حَطَباً فأفسدْتَها حتَّى يَهيجَ لذَلِك دُخان يشتَدُّ.
وَكَذَلِكَ: دَخِنَ الطَّعامُ. . يَدْخَنُ.
وَقَالَ اللَّيْث: دَخَنَ النَّارُ والدُّخَانُ دُخُوناً _ إِذا سَطَعَ.
قَالَ: والدَّاخِنَةُ: كُوًى فِيهَا إِرْدَبَّاتٌ تُتَّخَذُ على الْمَقَاليِ والأَتُونَاتِ.
وَأنْشد:
(كمثْل الدَّوَاخِنِ فَوْقَ الإرِينَا ... )
وَيُقَال: دَخَنَ الْغُبَارُ _ أَي: ارْتَفَعَ وسَطَعَ.
وَمِنْه قولُه:
(اسْتَلْحَمَ الوَحْشَ عَلَى أكْسائِهَا ... أَهْوَجُ مِحْضيرٌ إِذَا النَّقْعُ دَخَنْ)
أَي: سَطَعَ.
قَالَ: والدُّخْنَةُ بَخُورٌ يَدَخَّنُ بِهِ الثُّوْبُ أَو البيتُ.
والدُخْنُ: الْجَاوَرْسُ _ والحبَّةُ مِنْهُ دُخْنةٌ.
والدُّخْنَةُ منْ لَوْنِ الأَدْخَنِ، وَهُوَ كُدْرَةٌ فِي سَوَادٍ _ كالدُّخَانِ.
(شاةٌ دَخْنَاءُ، وكَبْشٌ أَدْخَنٌ ... )
وَقَالَ رؤبة:
(مَرْتٌ كظَهْرِ الصَّرْصَرَانِ الأَدْخَنِ ... )
قَالَ: الصَّرْصَرانُ سمكٌ بحريٌّ. وليلةٌ دَخْنَانَةٌ، كَأَنَّمَا تغَشَّاها دُخَانٌ من شِدَّة حرِّها.
ويومٌ دَخْناَنٌ سَخْنَانٌ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذَكَرَ الفتَنَ فَقيل لَهُ: أبَعْدَ ذَلِك خَيرٌ؟ فَقَالَ: ((هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ، وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: فِي قَوْله: ((هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ)) _ تفسيرُه فِي الحَدِيث: لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ قَوْمٍ على مَا كَانتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: وأصل الدَّخَنِ: أَن يكونَ فِي لون الدَّابَّةِ أَو الثُّوب: كُدْرةٌ إِلَى سوادٍ.
وَقَالَ الْمُعَطَّلُ الْهُذَلِيُّ يصف سَيْفا:
(لَيْنٌ حُسَامٌ لَا يَلِيقُ ضَريبةً ... فِي مَتْنِهِ دَخَنٌ وَإِثْرٌ أحْلَسُ)
قَوْله ((دَخَنٌ)) : يَعْنِي كُدُورَةً إِلَى السوَاد، وَلَا أحْسِبُهُ أَخذ إِلَّا من الدُّخَان.
وَهَذَا شبِيهٌ بلون الحَديد.
قَالَ: فَوَجْهُه، أَنه يَقُول: تكون القُلوبُ هَكَذَا، لَا يصفو بعضُها إِلَى بعض وَلَا يَنْصَعُ حُبُّها كَمَا كَانَت، وإِنْ لم تَكُنْ فيهم فِتْنَةٌ.
وَجمع الدُّخَانِ: دَوَاخِنُ، عَلَى غير قِيَاس.
وَقيل: ((الدَّخَنُ)) : فِرِنْدُ السَّيفِ فِي قَول الْهُذَلِيِّ.
وَقَالَ شمر: يُقَال للرجل _ إِذْ كَانَ خَبِيث الخُلُقِ _: إنَّهُ لَدَخِنُ الْخُلُقِ، وَقد دَخِنَ خُلُقُهُ دَخَناً _ إِذا خَبُثَ وفَسَدَ.
وَقَالَ قَعْنَبٌ:
(وَقَدْ عَلمْتُ عَلَى أَنِّي أَعَاشِرُهُمْ ... لاَ نَفْتَأُ الدَّهْرَ إلاَّ بَيْنَنَا دَخَنُ)
ودخِنَ الطَّعامُ واللَّحْمُ _ إِذا شُوِيَ فَأَصَابَهُ الدخَانُ حَتَّى غَلَبَ عَلَى طعمه.(7/126)
وشرابٌ دَخِنٌ: متغيِّرَ الرَّائِحَة.
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(وَفِتْيَانِ صِدْقٍ قَدْ غَدوْتُ عَلَيهِمُو ... بِلاَ دَخِنٍ وَلاَ رَجيعٍ مُجنِّبِ)
ويروى مُجَنَّبِ.
فالمجَنَّبُ: الَّذِي جَنَبَهُ النَّاس _ والمجَنِّبُ: الَّذِي بَات فِي البَاطِيَةِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} [الدّخان: 10]_ أَي: بِجَدْبٍ بيِّن.
يُقَال: إِن الجائعَ كَانَ يرى بَينه وَبَين السَّمَاء دُخَاناً من شِدَّة الجُوع.
وَيُقَال: بل قيل للجوع: دُخانٌ، لِيُبس الأَرْض فِي الْجَدْب وارتفاعِ الغُبار. . فَشَبَّهَ غُبْرَتَها بالدُّخانِ.
وَمِنْه قيل لِسَنَةِ الْمجَاعةِ: غَبْرَاءُ _ وجُوعٌ أَغْبَرُ.
وَرُبمَا وضعت العَرَبُ الدُّخانَ مَوضِع الشَّرِّ إِذا علا، فَيَقُولُونَ: كَانَ بَيْننَا أمرٌ ارْتَفع لَهُ دُخَانٌ.
وَقد قيل إِن الدُّخَانَ قد مضى.
ومِثْلُ دُخانٍ، ودَوَاخِنَ: عُثَانٌ، وعواثنُ.
والعَرَبُ تَقُول لغَنيٍّ وَباهِلَةَ: بَنو دُخَانٍ.
قَالَ الطِّرمَّاحُ:
(يَا عَجَباً ليَشْكُرَ إِذْ أَعَدَّتْ ... لِتَنْصرَهُمْ رُوَاةَ بَنِي دُخَانِ)
دنخ: قَالَ اللَّيْث: التَّدْنيخُ: خضوعٌ، وذِلَّةٌ وتنكيس للرأس.
يُقَال: لمَّا رَآنِي دَنَّخَ.
قَالَ: والتَّدْنِيخُ فِي الْبِطِّيخَةِ: أَن ينهزم بعضُها ويَخْرَجَ بَعْضُها.
ورجلٌ مُدَنِّخُ الرأْس _ إِذا كَانَ فِيهِ ارتفاعٌ وانخفاضٌ.
وَيُقَال: دَنَّخَتْ ذِفْرَاهُ _ إِذا أَشْرَفَتْ قَمَحْدُوَتُهُ عَلَيْهَا، ودخلتِ الذِّفْرَى خَلْفَ الْخُشَشَاوَيْنِ.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: دَنَّخَ الرجل _ إِذا طأْطَأَ ظَهْرَه.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للرَّجُل _ إِذا لم يبرحْ بَيْتَه: قد دنَّخَ الرَّجُل فِي بَيته.
خَ د ف
خفد، خدف: مُسْتعملان.
خفد: قَالَ اللَّيْث: الْخَفَيْدَدُ _ من الظِّلْمَانِ: الطَّويلُ السَّاقَيْن.
وجَمْعُه الْخَفَيْدَدَاتُ، والْخَفَادِدُ.
قَالَ: وَإِذا جَاءَ اسمٌ عَلَى بِنَاء ((فَعَالِلَ)) _ مِمَّا فِي آخِره حَرْفان مِثْلاَنِ _ فَإِنَّهُم يَمُدُّونه _ نَحْو قرْدَدٍ، وقَرَاديدَ، وخَفَيْدَد _ وخَفَادِيدَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قيل للظَّلِيم: خَفَيْدَدٌ لسرعته.
أَبُو عبيد _ عَن الأُمَوِيِّ _: إِذا أَلْقَتِ الناقةُ وَلَدَها _ قبل أَن يستبينَ خَلْقُه _ قيل: أَخْفَدَتْ، وَهِي ناقَةٌ خَفُودٌ.
قَالَ شمر: وَهَذَا غَرِيب مُنْكَرٌ.
قلتُ: ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: إِذا ألْقَتِ المرأَةُ ولدَها بزَحْرةٍ واحدةٍ. قيل: زَكَبَتْ بِهِ وأَزْلَخَتْ بِهِ،(7/127)
وأَمْعَصَتْ بِهِ، وأَخْفَدَت بِهِ، وأَسْهَدَتْ بِهِ وأَمْهَدَتْ بِهِ.
وَيُقَال للظليم خَفيْدُدٌ، وخَفَيْفَدٌ كلٌّ يُقَال.
خدف: عَمْرو _ عَن أَبِيه _ يُقَال لِخرَقِ الْقَمِيص قبل أَن تُؤلَّفَ: الكِسَفُ والْخِدَفُ.
واحِدُها: كِسْفَةٌ وخِدْفَةٌ.
قَالَ: والْخَدْفُ: السُّكَّانُ الَّذِي بالسَّفينة.
خَ د ب
اسْتعْمل من وجوهه: خدب، بدخ.
خدب: سَلَمةُ _ عَن الفرَّاء _ يُقَال: فلَان على طريقةٍ صالحةٍ، وخَيْدَبَةٍ وسُرْجُوجَةٍ، وَهِي الطَّرِيقَة.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ يُقَال: أَقْبِلْ عَلَى حَيْدَبَنِكَ _ أَي: على أمْرك الأوَّل وخُذْ فِي هِدْيَتِكَ، وقِدْيَتِكَ أَي: فِيمَا كُنْتَ فِيهِ.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: من أمثالهم فِي الهلاكِ قولُهمْ: ((وَقَعَ الْقَوْمُ فِي وَادِي خَدَبَاتٍ)) .
قَالَ: وَقد يُقَال ذَلِك فيهم _ إِذا جَارُوا عَن الْقَصْد.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَدْبُ: ضربٌ فِي الرّأْسِ ونحوِه.
والْخَدْبُ: الضَّرْب بِالسَّيْفِ. . يَقْطَعُ اللحمَ دُونَ العَظْمِ.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
(نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إِذَا اجْلَخَمُّوا ... خَوَادِبا أَهْوَنُهُنَّ الأَمُّ)
وَقَالَ آخرُ:
(لِلْهَامِ خَدْبٌ ولِلأعْنَاق تَطْبِيقُ ... )
وَيُقَال: أَصابتْهم خَادِبَةٌ _ أيْ: شَجَّةٌ شديدةٌ.
وبعيرٌ وَشَيْخٌ خِدَبٌّ: ضَخْمٌ قويٌّ شَدِيد.
وخَيْدَبٌ: مَوضِعٌ فِي رمالِ بني سَعْدٍ.
وَقَالَ الرّاجزُ:
(بِحَيْثُ نَاصَى الْخَبِرَاتُ خَيْدَبَا ... )
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْخَدْبَاءُ: الدِّرعُ اللَّيِّنَةُ وَأنْشد:
(خَدْبَاءُ يَحفِزُها نِجَادُ مُهَنَّدٍ ... )
شمِرٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ نَابٌ خَدِبٌ وسَيْفٌ خَدِبٌ، وضَرْبَةٌ خَدْباءُ: مُتِّسِعَةٌ طويلةٌ.
وَسِنَانٌ خَدِبٌ: وَاسِعٌ الجِرَاحَةِ قَالَ بِشْرٌ:
(على خَدِبِ الأَنْيَابِ لَمْ يَتَثَلَّمِ ... )
قَالَ: والأَخْدَبُ: الَّذِي لَا يتمالكُ من الحُمْقِ.
وَقَالَ امْرُؤ القَيْسِ:
(وَلَسْتُ بِطَيَّاخَةٍ فِي الرِّجالِ ... وَلَسْتُ بِخِزْرافةٍ أَخْدَبَا)
قَالَ: والْخِزرافَةُ: الكثيرُ الْكَلَام. . الخفيفُ. وَقَالَ غيرُه: هُوَ الرِّخْوُ.
وَقَالَ ابنُ هانِىءٍ _ عَن أبي زيد _ خَدَبْتُهُ: قَطَعْتُهُ. . وَأنْشد:
(بِيضٌ بأَيديهمُو بِيضٌ مُؤَلَّلةٌ ... لِلْهَامِ خَدْبٌ وللأعْنَاقِ تطبيقُ)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: قَالَ: الْخَدْبَاءُ: الْعَقُورُ من كل الْحَيَوَان.
أَبُو عبيد _ عَن الْكسَائي _: خَدَبتْهُ الحيَّة _ أَي: عَضَّتْهُ.(7/128)
بدخ: قَالَ اللَّيْث: امرأةٌ بَيْدَخَةٌ: تَارَّةٌ _ لُغَة حِمْيَرِيَّةٌ _ وَبِه سمِّيتِ الْمَرْأَة. . وَأنْشد:
(هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ لآلِ بَيْدَخَا ... )
وَيُقَال: فلَان يَتَبَدَّخُ علينا، وَيَتَمَدَّخُ علينَا _ أَي: يَتَعَظَّمُ وَيَتكَبَّر.
النَّضْرُ: والْبُدَخَاءُ: العِظَامُ الشؤُونِ _ وَأنْشد لِسَاعِدَة:
(بُدَخَاءُ كلُّهُمُو إِذَا مَا نُوكِرُوا ... )
وبِدِخْ _ كَقَوْلِك: ((عَجَباً)) .
وَ ((بَخْ بَخْ)) تَتَكلَّمُ بهَا عِنْد تفضيلكَ الشَّيءَ وَكَذَلِكَ ((بَدَخْ)) مِثْلَ قَوْلهم: ((عَجَباً وبَخْ بَخْ)) وَأنْشد:
(نَحْنُ بَنُو صَعْبٍ وَصَعْبٌ لأَسَدْ ... فَبَدَخٌ هَلْ تُنْكَرنْ ذَاكَ مَعَدْ)
خَ د م
خدم، خمد، دمخ، مدخ: مستعملة.
خمد: أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: إِذا سَكَنَ لَهَبُ النَّار وَلم يَطْفَأْ جَمْرُهَا. قيل: خَمَدَتْ تَخْمُدُ خُمُوداً.
فإنْ طَفِئَتْ أَلْبَتَّةَ، قيلَ: هَمَدَتْ هُمَوداً.
ونحوَ ذَلِك قَالَ الليثُ.
وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : يُقال: رأَيْتُهُ مُخْمِداً وَمُخْبِتاً وَمُخْلِداً ومُخْبِطاً وَمُسْبِطاً وُمُهْدِياً _ إِذا رَأَيْتَه مُضْرِباً لَا يَتَحَرَّكُ، وأَخْمَدَ فلانٌ نَارَهُ.
خدم: قَالَ الْخَدَمُ: الْخُدَّامُ. . وَالْوَاحِدُ خَادِمٌ _ غُلاَماً كَانَ أَوْ جَارِيةً. . وَأنْشد:
(مُخَدَّمُون ثِقَالٌ فِي مَجَالِسِهِمْ ... وَفِي الرِّحالِ إِذا رَافَقْتَهُمْ خَدَمُ)
وَهَذِه خَادِمُنا _ بِغَيْر هَاء _ لِوُجُوبِه وَهذِه خَادِمَتُنَا غَدا.
وَأَخْدَمْتُ فُلاناً _ أَي: أَعْطَيْتُهُ خَادِماً يَخدِمُهُ.
وَيُقَال: لَا بُدُّ لمن لَا خَادِمَ لَهُ أَن يَخْتَدِمُ _ أَي: يَخْدُمُ نفْسَه.
وَيُقَال: اخْتَدَمْتُ فُلاناً، واسْتَخْدَمْتُهُ _ إِذا سألْتَهُ أَن يَخْدِمَكَ.
قَالَ: والْخَدَمَةُ: سَيْرٌ غليظٌ مُحْكَمٌ _ مثل الْحَلْقَةِ _ يُشَدُّ فِي رُسْغِ الَبعِير، ثمَّ يُشَدُّ إِلَيْهَا سَرَائِحُ نَعْلِها وجَمْعُها خِدَامٌ.
وسُمِّي الْخَلْخَالُ: خَدَمَةً بذلك.
والْخَدْماءُ من الغَنَم: الَّتِي فِي سَاقهَا _ عِنْد الرُّسْغِ _ بَيَاضٌ كالْخَدْمة فِي السَّوَاد أَو سَوَادٌ فِي بَيَاضٍ.
والاسْمُ: الْخُدْمَةُ _ بِضَم الْخَاء.
قَالَ: ويُسَمُّونَ موضعَ الْخَلخال: مُخَدَّماً.
ورِبَاطُ السَّرَاوِيلِ _ عِنْد أَسْفَل رِجْلِ السَّرَاوِيلِ _ يُقَال لَهُ: الْمَخَدمُ.
والْمُخَدَّمُ _ من البعيرِ _ مَا فَوْقَ الْكَعْبِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا ابْيَضَّتْ أَوْظِفَةُ النّعْجَةِ فَهِيَ حَجْلاَءُ وَخَدْمَاءُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا قَصُرَ البَيَاضُ عَن الوَظِيفِ، واسْتَدَار بأَرْسَاغ رِجْلَي الفَرَس _ دون يدَيْه _ فذلِكَ التَّخْدِيمُ.
يُقَال: فرسٌ أخْدَمُ ومُخَدَّمٌ.
وَفِي حَدِيث خَالِدِ بنِ الوَلِيد: أَنَّه كتب إِلَى مَرَازِبةِ فارسَ:(7/129)
((الْحَمد لله الَّذِي فَضَّ خَدَمَتكُمْ، وسَلَبَ مُلكَكُمْ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: هَذَا مَثَلٌ، وأصْل الْخَدَمة: الحلْقَةُ المستديرة المُحْكَمَة _ وَمِنْه قيل للخَلاخِيلِ: خِدَامٌ _ وَأنْشد:
(كَانَ مِنَّا المُطَارِدُونَ عَلَى الأُخْرَى ... إذَا أَبْدَتِ الْعَذَارَى الخِدَاما)
قَالَ: فشَبَّه خَالِدٌ اجتماعَ أَمرهم كَانَ واستيسَاقَهم. . بذلك.
وَلِهَذَا قَالَ: ((فَضَّ خَدَمَتكُمْ)) _ أَي: فَرَّقَها بعد اجتماعها.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الخِدَامُ: القُيُود. . وَيُقَال للْقَيْدِ: مِرْمَلٌ ومِحْبَسٌ.
وَفِي حَدِيث سَلْمَانَ: ((أَنه رُئِيَ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ وخَدَمَتَاهُ تَذَبْذَبانِ)) .
أَرَادوا بخَدَمَتَيهِ: ساقَيْهِ.
سُمِّيتا: خَدَمَتَيْنِ، لِأَنَّهُمَا موضعا الخَدَمَتَينِ _ وهما الخَلْخالان.
وَيُقَال: أُرِيد بهما: مَخْرَجَا الرِّجلين من السَّرَاوِيل
دمخ: دَمْخٌ: اسمُ جَبَلٍ.
قَالَ العجَّاج:
(بِرُكْنِهِ أَرْكَانَ دَمْخٍ لاَنَقْعَرْ ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ الدَّمْخُ: الشَّدْخُ.
يُقَال: دَمَخُه دَمْخاً _ إِذا شَدَخَه.
قلتُ: لم أسْمَعِ الدَّمْخَ بِهَذَا الْمَعْنى لغيره.
مدخ: قَالَ اللَّيْث: المَدْخُ الْعَظَمة. . ورَجُلٌ مَادِخٌ ومَدِيخُ _ أَي: عَظِيم عَزِيز.
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
(مُدْخَاءُ كلُّهُمُو إِذا مَا نُوكِرُوا ... يُتَقَى كَمَا يُتَقَى الطَّلِيُّ الأجْرَبُ)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التّمَادُخُ: البَغْيُ _ وَأَرَادَ بِهِ الكِبْرَ. . وَأنْشد:
(تمَادَخُ بالْحِمَى جَهْلاً عَلَيْنَا ... فَهَلاَّ بالْقَنَانِ تَمَادَخِينَا)
وَقَالَ الزَّفَيَانُ:
(فَلاَ تَرَى فِي أَمْرِنا انْفِسَاخَا ... مِنْ عُقَدِ الحَيِّ وَلاَ امْتِدَاخَا)
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَدْخُ: المَعُونَة التَّامّة، وَقد مَدَخَهُ يَمْدَخُه مَدْخاً، ومادَخَهُ يُمادِخُهُ مُمادَخَةً _ إِذا عاوَنَه على خَيْرٍ أَو شَرٍّ.
(أَبْوَاب) الخَاء وَالتَّاء
خَ ت ظ _ خَ ت ذ _ خَ ت ث: مهملات.
خَ ت ر
ختر، خرت، رتخ، ترخ: مستعملة.
ختر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {كل ختار كفور} [لُقْمَان: 32] .
قَالَ الفرَّاء وغيرُه: ((الخَتّارُ)) : الْغَدّار.
وَيُقَال: الخَتْرُ: أَسْوَأُ الغَدْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَتْرُ: كالْخَدَرِ، وَهُوَ مَا يأخُذُك من شرْب الدَّواء والسُّمِّ ونحوِ ذَلِك حِين تَضْعُفُ.(7/130)
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: خَتَرَتْ نَفْسُهُ _ أَي: خَبُثَتْ، وتختّرَتْ _ بِالتَّاءِ _ أَي: اسْتَرْخَتْ.
والتَّخَتُّرُ: التّفَتُّرُ والاستِرْخاء.
يُقَال: شربَ اللبَنَ حَتَّى تختَّر.
خرت: قَالَ اللَّيْث: الخُرْت: لِلإِبْرَة والفأس وَنَحْوه، وَهُوَ ثَقْبُه. . ويُجمع على الخُرُوتِ، وَكَذَلِكَ: خَرْتُ الحَلْقَة.
وجَمَلٌ مَخرُوتُ الأَنْف: خَرَتَهُ الْخِشَاشُ.
وَقَالَ شَمر: دَلِيلٌ خِرِّيتٌ بِرِّيتٌ _ إِذا كَانَ ماهراً بالدِّلالة، مأخوذٌ من الخُرْتِ.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: فأسٌ فِنْدَأْيَةٌ: ضَخْمةٌ لَهَا خُرْتٌ، وخُرَاتٌ وَهُوَ خَرْقُ نِصابها.
وَيُقَال: هَذَا الطَّرِيق يخْرُتُ بك إِلَى مَوضِع كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ ابْن المُظَفر: الخرِّيتُ الدَّلِيل وجَمْعُهُ: خَرَارِتُ. . وَأنْشد:
(يُعْيي عَلَى الدَّلاَمِز الْخَرَارِتِ ... )
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي ((خِرِّيتاً)) لشَقِّهِ المَفَازَةَ.
قَالَ: وَفِي المزادَةِ أَخْرَاتُها، وَهِي الْعُرا بَينهَا القَصَبُ الَّتِي تُحمَلُ بهَا. . الْوَاحِدَة خُرْتَةٌ.
قلتُ: هَذَا وَهْمٌ، إِنَّمَا هُوَ خُرَبُ المزَادة. . الواحدَة خُرْبَةُ، وَكَذَلِكَ خُرْبَةٌ الأُذُنِ _ بِالْبَاء _ وغُلامٌ أَخرَبُ الأُذُنِ.
والخُرْتَةُ _ بِالتَّاءِ _: فِي الْحَدِيد من الفأس والإبْرَة.
والخُرْبَةُ _ بِالْبَاء _: فِي الجِلْد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْخُرْتَةُ: ثَقْبُ الشَّغِيزَةِ وَهِي المِسَلَّةُ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَقَالَ السّلُوليُّ: رَاد خُرْتُ القوْم _ إِذا كَانُوا غَرِضِينَ بمَنْزِلِهِمْ لاَ يَقِرُّونَ، ورَادتْ أَخْرَاتُهُمْ _ وَمِنْه قَوْله:
(لقد قَلِقَ الخُرْتُ إلاّ انتظَارَا ... )
أَبُو الْهَيْثَم: والخَرَاتانِ من كواكب ((الأسَد)) ، وهما كوكبان بَينهمَا قَدْرُ سَوْطٍ، وهما كَتِفَا ((الأسَد)) ، وهما زُبْرَةُ ((الْأسد)) .
قَالَ الراجز:
(إِذا رَأَيْتَ أَنجُماً مِنَ الأَسَدْ ... جَبْهَتَه أَوِ الخَرَاتَ والْكَتَدْ)
(باَلَ سُهَيْلٌ فِي الْفَضِيخِ فَفَسَدْ ... وَطَابَ أَلْبَانُ اللِّقَاحِ وبَرَدْ)
رتخ: قَالَ اللَّيْث: الرَّتْخُ: قِطَعٌ صَغَارٌ فِي الجلْدِ خاصّةً.
وَإِذا لم يبَالِغِ الحجَّامُ فِي الشَّرْطِ قيل: أَرْتَخَ.
ترخ: وروى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: التَّرْخُ: الشرطُ اللَّيِّن.
يُقَال: اتْرَخْ شَرْطِي. . ارْتَخْ شَرْطِي.
قلت: فهما لُغَتَانِ _ التَّرْخُ والرَّتْخُ بِمَعْنى الشَّرْط اللَّيِّن، مثلُ الْجَذْبِ والْجَبْذِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدٍ: رَتِخَ العَجِينُ رَتَخاً _ إِذا رَقَّ فَلم ينْخَبِزْ، وطينٌ رَتِخٌ _ أَي: زَلِقُ.
وَقَالَ الليثُ: قُرَادٌ رَتِخٌ _ وَهُوَ الَّذِي شقَّ أَعْلَى الجِلْدِ فلَزِقَ بِهِ _ رُتُوخاً.
وَقَالَ غيرُه: رَتَخَ فلانٌ بِالْمَكَانِ _ إِذا ثَبَتَ بِهِ.(7/131)
خَ ت ل
اسْتعْمل من وجوهه: ختل، خلت، لتخ، لخت.
ختل: قَالَ اللَّيْث: الْخَتْلُ: تَخَادُعٌ عَن غَفْلَة.
قلتُ: يُقَال للصَّائد _ إِذا استَتَرَ بشيءٍ ليرمِيَ الصَّيْدَ _: دَرَى وخَتَلَ. . للصَّيْد.
وَيُقَال للرَّجُل _ إِذا تَسَمَّع لِسِرِّ قومٍ _: قد اخْتَتَلَ.
وَمِنْه قَول الأَعْشَى:
(وَلاَ تَرَاهَا لِسِرِّ الْجَارِ تَخْتَتِلُ ... )
وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : هُوَ يمشي الْخَوتَلَى _ إِذا مشَى فِي شِقَّةٍ.
وَيُقَال: هُوَ يَخْلِجُنِي بعَيْنِه ويمشِي، لي الْخَوْتَلَى.
خلت: قلت: وَرَأَيْت البَحْرَانِيِّينَ يَقُولُونَ لهَذَا الصَّمْغ _ الَّذِي يُقَال لَهُ: الأَنْجَرُذُ _: الْخِلْتِيتُ _ بِالْخَاءِ _ وغيرُهم يَقُول: الْحِلْتِيت.
لخت: يُقَال: حَرٌّ سَخْتٌ لَخْت _ أَي: شَدِيد.
لتخ: اللَّطْخُ، واللَّتْخُ: واحدٌ. وَقد لَتَخَهُ _ أَي: لَطَخَهُ.
خَ ت ن
ختن، خُنْت، تنخ، نتخ، نخت: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: خُنْت، ونخت.
خُنْت: وروى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ: الْخِنَّوْتُ دابَّةٌ من دوابِّ الْبَحْر.
نخت: قرأتُ فِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : نَخَتَ فلَان لِفُلان، وسَخَتَ لَهُ _ إِذا اسْتَقْصَى فِي القَوْل وَبَالغ فِيهِ.
ختن: قَالَ اللَّيْث: الْخَتْنُ: فِعْلُ الْخَاتِنِ الْغُلاَمَ.
يُقَال: خَتَنَهُ يخْتُنُهُ خَتْناً، فَهُوَ مَخْتُونٌ، والْخِتَانَةُ صَنْعَتَهُ.
والْخِتَانُ ذَلِك الامرُ كلُّه وعلاجُهُ.
والْخِتَانُ موضعُ الْقطع من الذَّكَرِ.
قلت: وَكَذَلِكَ الْخِتَانُ من الْأُنْثَى مَوْضِعُ الْخَفْضِ من نَوَاتِها.
وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْوِيُّ عَن عائشةَ: ((إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)) .
وَمعنى التقائهما: غُيُوبُ حَشَفَةِ فَرْجِ الرَّجُل فِي فَرْجِ الْمَرْأة، حَتَّى يصير خِتَانُهُ بحِذَاء خِتَانِها.
وَذَلِكَ أَن مَدْخَل الذَّكَر _ من الْمَرْأَة _ يسفُلُ عَن خِتَانِهَا، لِأَن خِتَانَها مُسْتَعْلٍ.
وَلَيْسَ معنى التقاء الْخِتَانَيْنِ أَن يُمَاسَّ خِتَانُهُ خِتَانَهَا، ولكنْ مَعْنَاهُ أَن يَتحَاذَيَا، وَإِن لم يتمَاسَّا.
وَهَكَذَا قَالَ الشَّافعيُّ فِي تَفْسِيره.
وأصل الْخَتْنِ الَقَطْع.
وَأما الْخَتَنُ _ بِفَتْح التَّاء _، فَإِن أحمدَ بن يَحْيَى رَوَى عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعَن أبي نَصْر _ عَن الأصمعيِّ _ أَنَّهُمَا قَالَا: الأحْمَاءُ من قِبلَ الزَّوْج والأَخْتَانُ من قِبَلِ الْمَرْأَة والصِّهْرُ يجمَعُهما.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْخَتَنَةُ: أُمُّ امْرَأَة الرَّجُل.(7/132)
قَالَ: وعَلَى هَذَا التَّرْتِيب يُقَال: أَبُو بكر وَعمر: خَتَنَا رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: وروى حَمَّادُ بن زَيْدٍ _ عَن أيُّوبَ _ قَالَ: سألتُ سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ: أينظرُ الرجُل إِلَى شَعَرِ خَتَنَتِهِ؟ فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} [النُّور: 31] حَتَّى قَرَأَ الْآيَة، وَقَالَ: لَا أُرَاهُ فيهم، وَلَا أُرَاهَا فيهنَّ.
أَرَادَ سعيد بِخَتَنِتِه: أُمَّ امْرَأَته.
وَقَالَ ابْن المُظَفِّرِ: الْختَنَ: الصِّهْرُ. . تَقول: خَاتَنْتُ فلَانا مُخَاتَنَةً _ وَهُوَ الرجل المتَزَوِّجُ فِي الْقَوْم.
قَالَ: والأبَوَانِ _ أَيْضا _ خَتَنَا ذلكَ الزَّوْجِ _ والرجلُ خَتَنٌ، وَالْمَرْأَة خَتَنَةٌ، والْختَنُ: زوجُ فتاةِ القومَ، ومَنْ كَانَ مِنْ قِبَله من رَجُل، أَو امرأةٍ، فهم كلّهم أَخْتَانٌ لأهل الْمَرْأَة.
وأُمُّ الْمَرْأَة، وأبوها: خَتَنَانِ للزَّوْج.
قلت: الْخُتُونَةُ: المصَاهَرَةُ، وَكَذَلِكَ الخُتُونُ _ بِغَيْر هاءٍ.
وَأنْشد الفَرَّاءُ:
(رَأَيْتُ خُتُونَ العَامِ والعَامِ قَبْلَهُ ... كحَائِضَةٍ يُزْنَى بِهَا غَيْرِ طَاهِرِ)
أَرَادَ: رأيتُ مصاهَرَةَ الْعَام، وَالْعَام الَّذِي كَانَ قبله كامرأة حائِضٍ زُنِيَ بهَا.
وَذَلِكَ أَن هذَيْن العامَيْنِ: كَانَا عامَيْ جَدْبٍ ومَحْلٍ، فَكَانَ الرجل الهَجينُ إِذا كَثُر مَاله يخطُبُ إِلَى الرجل الشريف _ فِي حَسَبه ونَسَبه إِذا قَلَّ مالُه _ كَرِيمَتَهُ فيزوِّجُهُ إيَّاها ليكفِيَهُ مؤُونَتها فِي جُدُوبةِ السَّنة، فيتشرَّفُ
الهجِينُ بهَا، لشَرَف نَسَبهَا عَلَى نسبه وتعيشُ هِيَ بمَالِهِ، غير أَنَّها تُورِثُ أهلَهَا العَارَ، لِأَن أَبَاهَا يُعَيَّر: أَنَّه زَوَّجَها رجلا هجيناً غير صَرِيح النّسَب.
فَكَانَت المصاهرةُ الَّتِي تكون فِي الْجُدُوبةِ ((كَحَائِضَةٍ)) فُجِرَ بَها فجاءَها العارُ من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا أُتِيتْ حَائِضًا _ وَالثَّانيَِة أَن الوَطْءَ كَانَ حَرَامًا مَعَ حَيْضها.
والخُتُونَةُ _ أَيْضا تَزوُّجُ الرَّجُلِ المرأةَ. .
وَمِنْه قَول جَرِيرٍ:
(وَمَا اسْتَعْهَدَ الأَْقوامُ مِنْ ذِي خُتُونَةٍ ... مِنَ النَّاسِ إلاَّ مِنكَ أَوْ مِنْ مُحَارِبِ)
قلت: والْخُتونة تَجمَعُ الْمُصَاهَرَة بَين الرجل وَالْمَرْأَة، فأَهْلُ بَيتهَا: أَخْتَانُ أهل بَيت الزَّوْج _ وَأهل بَيت الزَّوْج: أخْتَانُ المرْأَةِ وأَهْلِهَا.
وروى أَبُو دَاوُدَ المصَاحِفِيُّ عَن النَّضْر بن شُمَيْل _ أَنه قَالَ: سُمِّيتِ المخاتَنَةُ مُخَاتَنَةً _ وَهِي الْمُصَاهَرَة _ لالتقاء الْخِتَانَيْن مِنْهُمَا.
وروى حَدِيثا بإسْناده عَن عُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ((إنّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَجَرَ نَفسه بِعِفَّةٍ فَرْجِه، وَشِبَعِ بَطْنه. فَقَالَ لَهُ خَتَنَهُ: إنّ لَكَ فِي غَنَمِي مَا جَاءَت بِهِ قالِبَ لون)) .
قَالَ ابْن شُمَيْل: معنى قَوْله: ((قالِبَ لَوْن)) : عَلَى غير الوان أمّهاتِها.
وأَراد بالْخَتَنِ هَهُنَا أَبَا الْمَرْأَة.
تنخ: قَالَ اللَّيْث: تَنوخُ: حيٌّ من الْيمن.(7/133)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَنَخَ بِالْمَكَانِ تُنُوخاً _ إِذا أَقَامَ بِهِ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: تَنَخَ بِالْمَكَانِ، وتَنَأَ بِهِ، فَهُوَ تَانِخٌ وتَانِىءٌ _ أَي: مقيمٌ.
وَقَالَ غيرهُ: طَنِخَ الرجل وتَنِخ _ طَنَخاً وتَنَخاً _ إِذا اتَّخَمَ.
نتخ: قَالَ اللَّيْث: البَازي يَنْتِخُ اللَّحْمَ بِمِنْسَرِهِ والغُرَابُ يَنْتِخُ الدَّبَرَةَ عَن ظهر الْبَعِير.
قَالَ: والنَّتْخُ إِخْرَاجُك الشوكَ بِالْمِنْتَاخَيْنِ _ وهما طَرَفَا الْمِنْقَاش وَأنْشد غيرهُ:
(يَنْتِخُ أَعْيُنَهَا الغِرْبانُ وَالرَّخَمُ ... )
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النَّتْخُ _ أَيْضا _ النَّسج.
قَالَ وَالنَّاتِخُ: النَّاسِجُ.
قَالَ ونَتَخْتهُ: نَتفْتهُ، ونَتَخْتُهُ: نَقَشْتُه، ونتَخْتهُ: أهَنْتُهُ.
ورُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أنَّه قَالَ: ((إنَّ فِي الجنَّةِ بساطاً مَنْتُوخاً بالذَّهب)) _ أَي: منسوجاً.
خَ ت ف
ختف، خفت، فتخ، فخت: مستعملة.
خفت: قَالَ ابْن المظَفِّر: الْخُفُوتُ: خُفُوض الصَّوت من الْجُوع.
تَقول: صَوْتٌ خَفِيضٌ، خَفِيتٌ.
وَيُقَال للرجل _ إِذا مَاتَ _: قد خَفَتَ _ أَي: انْقَطع كَلَامه.
وَيُقَال مِنْهُ: زَرْعٌ خافتٌ _ أَي: كأَنه بَقِي فَلم يَبْلغ غَايَة الطُّول.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: ((مَثَل المؤْمِنِ الضَّعيفِ كمَثَلِ خافِتِ الزَّرْعِ، يَمِيلُ مَرَّةً وَيَعْتَدِلُ أُخْرَى)) .
قَالَ ابو عبيد: أَرَادَ ب ((الخَافِتِ)) : الزرعَ الغَضَّ اللَّيِّنَ.
ومِنْ هَذَا قيل للميِّتِ: قد خَفَتَ _ إِذا انْقَطع كلامُه.
وَأنْشد:
(حَتّى إِذا خَفَتَ الدُّعاءُ وَصُرِّعَتْ ... قَتْلى كمُنْجَدِعٍ مِنَ الغُلاَّنِ)
وَالْمعْنَى: أنَّ الْمُؤمن مَُزَّأٌ فِي مَاله وَنَفسه وَأَهله.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّجُلُ يُخافتُ بقرَاءَته _ إِذا لم يُبَيِّنْ قراءَتَه بِرَفْع الصَّوْت. قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} [الإسَراء: 110] .
وتَخَافَتَ القومُ _ إِذا تشاوَرُوا سرّاً. والإبِلُ تُخَافِتُ المضْغَ _ إِذا اجْتَرَّتْ.
قَالَ: وامرأةٌ خَفُوتٌ لَفُوتٌ.
فالْخَفُوتُ: الَّتِي تَأْخُذُها العيْنُ مَا دامَتْ وَحدها فتقْبَلُها وتستحسِنُها، فإِذا صارتْ بَين النِّسَاء، غَمَرْنَها.
واللَّفوتُ: الَّتِي فِيهَا الْتِواءٌ وانقباضٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيُّ: اللَّفُوتُ: الَّتِي لَهَا زَوْجٌ، وَلها وَلدٌ من غَيره فهِيَ تَلفَّتُ إِلَى ولَدِها.
وَقَالَ شَمِر: بَلَغَنِي أَن عبد المَلك بنَ عُمَيْرٍ قَالَ: اللَّفُوتُ: الَّتِي إِذا سَمِعَتْ كلامَ الرِّجَال الْتفتَتْ إِلَيْهِم.(7/134)
قلت: وَلم أَسْمَعِ ((الْخَفُوتَ)) _ فِي نَعْتِ النِّسَاء _ لغير اللَّيْث.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الخُفْتُ _ بضمِّ الْخَاء وسكونِ الْفَاء _: السَّذَابُ.
قَالَ: وَهُوَ الفَيْجَلُ والْفَيْجَنُ.
وَقَالَ الجَعْدِيُّ:
(فَلَسْتُ _ وإِنْ عَزُّوا عَلَيَّ _ بهَالِكٍ ... خُفَاتاً وَلَا مُسْتَهْزِمٍ ذَاهِبِ الْعَقْلِ)
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ((خُفَاتاً)) _ أَيْ: فُجَاءَةً. و ((مُسْتَهْزِمٍ)) أيْ: جَزُوعٍ.
وَيُقَال: خَفَتَ من النُّعَاسِ _ أَي: سكَنَ.
قلت: وَمعنى قَوْله: ((خُفَاتاً)) _ أيْ: ضَعْفا: وتذلُّلاً.
وَأنْشد أَبُو عُبيدٍ فِي ((خَفَت)) _ بِمَعْنى سَكَنَ _:
(حَتَّى إِذا خَفَتَ الدُّعَاءُ وصُرِّعَتْ ... قَتْلَى كَمُنْجَدِعٍ مِنَ الغُلاَّنِ)
وزرْعٌ خافتٌ - إِذا كَانَ غَضّاً طريّاً نَاعِمًا.
فخت: قَالَ اللَّيْث: إِذا مشَتِ المرأةُ مُجَنْبَجَةً قيل: تفَخَّتَتْ تفخُّتاً.
قَالَ: أَظنُّ ذَلِك مشتقّاً من مَشْي الفَاخِتَةِ _ الطائرِ _ وَجَمعهَا: الفَوَاخِتُ.
أَبُو عُبَيدٍ _ عَن الكسائيِّ _: الفَخْتُ ضوْءُ الْقَمَر. . يقالُ: جلسْنَا فِي الفَخْتِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: لم أَسمَع ((الفَخْتَ)) إلاَّ هَهُنَا.
قَالَ: وَيُقَال: هُوَ يَتَفَخَّتُ _ أَي: يَتعجَّبُ، فيقولُ: مَا أَحْسَنَهُ {} ! .
أَبُو العبّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: ((الفَخْتُ)) : نَشْلُ الطّبَّاخِ الفِدْرَةَ من القِدْرِ.
فتخ: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أَنَّهُ كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وفَتَحَ أَصَابعَ رِجلَيْهِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ يحيى بنُ سعيد: الْفَتْخُ: أَنْ يَصْنَعَ هَكَذَا _ وَنصب أصابعَه ثمَّ غمزَ موضِعَ الْمَفَاصِلِ مِنْهَا إِلَى بَاطِن الرَّاحَةِ.
يَعْنِي: أَنه كَانَ يفعل ذَلِك بأَصابع رِجليه فِي السُّجود.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: أصْلُ الفَتْخ: الِّينُ. وَيُقَال للبراجِم _ إِذا كَانَ فِيهَا لِينٌ أَو عِرَضٌ _: إِنَّهَا لَفُتْخٌ.
وَمِنْه قيل للعُقَابِ: فَتْخَاءُ. . لأنَّها إِذا انحَطَّتْ كَسَرَتْ جَنَاحَيْها وغمَزَتْهُمَا، وَهَذَا لَا يَكونُ إلاَّ مِن اللِّين.
وَأنْشد:
(كأنِّي بِفَتخَاء الجَناحَيْنِ لَقُوَّةٍ ... دَفُوفٍ مِن الْعُقْبَانِ طَأْطأْتُ شِمْلاَلِي)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أحمدُ بن يَحيَى: فتَخَ أَصابع رِجليْهِ فِي السُّجُود _ إِذا ثنَاهما.
قَالَ: وأصل الفتْخِ: اللِّينُ.
قلت: يَثْنِيهِمَا إِلَى ظَهْرِ القَدَم لَا إِلَى باطِنَها.
قَالَ أَبُو العبَّاس: وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْفَتْخَةُ: الخاتَمُ، وجَمْعُهَا فَتَخٌ.
وَأنْشد:(7/135)
(يَسْقُطُ مِنْهُ فَتَخِي فِي كُمِّي ... )
قَالَ: كنَّ النِّسَاءُ يتَختَّمْنَ فِي أَصَابِع أَرْجُلِهِنَّ. فتَصِفُ هَذِه أَنه إِذا شال بِرجْلَيْهَا وذاقتِ العُسَيْلَةَ استَرْخَتْ أصابعُ رِجْلَيْهَا فسقَطَتْ خواتمُها فِي كُمَّيْهَا، وَإِنَّمَا تَمَنَّتْ شدَّةَ الجِمَاع.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُتُوخُ خواتيمُ بِلَا فُصوص ... كأَنَّها حَلَقٌ.
قَالَ: وكلُّ جُلْجُلٍ لَا يَجْرُسُ فَهُوَ فَتَخٌ.
قَالَ: والفَتَخُ _ فِي الرِّجلين _ طُولُ العَظْم وقِلَّةُ اللّحم.
وَقيل: بَلِ الْفَتَخُ: عِرَضُ الكفِّ والقَدَمِ وَأنْشد:
(عَلَى فَتْخَاءَ تَعْلَمُ حَيْثُ تَنْجُو ... وَمَا إِنْ حَيْثُ تَنْجُو مِنْ طَرِيقِ)
قَالَ: عَنَى بالْفَتْخَاءِ شِبْهَ مِلْبَنٍ من خَشَبٍ يَقْعُدُ عَلَيْهِ المُشْتَار ثمَّ يمُدُّ يَده من فوقُ، حَتَّى يَبْلغَ موضعَ الْعَسَلِ.
وَيُقَال: أَرَادَ بالْفَتْخَاءِ: رِجْلَهُ.
قَالَ: وَهَذَا من صِفةِ مُشْتَارِ الْعَسَل.
قَالَ: والْفَتَخُ عِرَضُ مخالب الْأسد ولينُ مَفاصِلِها.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _: الأَفْتخُ: اللَّيِّن مَفَاصِل الْأَصَابِع مَعَ عِرَض.
خَ ت ب
خبت، بخت: مستعملان.
خبت: قَالَ اللَّيْث: الْخَبْتُ عربيَّةٌ مَحْضَة، وجمعُه خُبُوتٌ وَهُوَ مَا اتَّسَع من بُطون الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْخَبْتُ مَا اطمأَنَّ من الأَرْض واتسع.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَبْتُ سَهْلٌ فِي الحَرَّة.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الوَادِي الْعَمِيقُ الوطِيءُ، يُنْبتُ ضُروب الْعِضَاهِ.
وَقَالَ العَدَوِيُّ: الْخَبْتُ: الخفيُّ المطمئنُّ.
قَالَ: وخَبَتَ ذِكْرُه _ أَي: إِذا خَفي.
قَالَ: وَمِنْه ((المُخْبِتُ)) من النَّاس.
أَخْبَتَ إِلَى ربه _ أَي: اطمأَنَّ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الفرَّاء _ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وأخبتوا إِلَى رَبهم} [هود: 33] يَعْنِي: تخشَّعوا لربهمْ.
قَالَ: وَالْعرب تجْعَل ((إِلَى)) فِي مَوضِع ((اللَّام)) .
قَالَ: وَمعنى الإخْبَاتِ: الخشوعُ.
وَقَالَ الليثُ: الْخَبيتُ: _ من الْأَشْيَاء _ الحَقِيرُ الرَّدِ.
وَأنْشد:
(يَنْفَعُ الطَّيِّبُ القَلِيلُ مِنَ الرِّزْقِ ... وَلاَ يَنْفَعُ الكَثِيرُ الْخَبِيتُ)
قلت: أَظن ((الْخَبِيتُ)) تصحيفاً لِأَن الشَّيْءَ الحَقيرَ الرديءَ؛ إِنَّمَا يُقَال لَهُ: الْخَتِيتُ _ بتاءَين _ وَهُوَ بِمعنى الخَسِيس فصحَّفَه وَجعله خَبِيتاً.(7/136)
وَقَالَ شَمِر: الْخَبْتُ مَا تَطامنَ مِنَ الأَرْض وغَمُضَ، فَإِذا خرجْتَ مِنْهُ أَفضيْتَ إِلَى سَعَةٍ، والجميع: الْخُبُوتُ.
بخت: قَالَ اللَّيْث: الْبَخْتُ: الجَدُّ _ معروفٌ، وَلَا أَدْرِي أَعَرَبِيٌّ هُوَ أَمْ لاَ؟ .
وَقَالَ: والْبُخْتُ: الإبلُ الخُراسانِيَّةُ، تُنْتَجُ بَين الْإِبِل الْعَرَبيَّة والْفَالِجِ.
وَيقال: جَمَلٌ بُخْتِيٌّ وناقةٌ بُخْتِيَّةٌ، وَهُوَ أَعْجَميٌّ دخِيلٌ عَرَّبته الْعَرَب.
ويجمَع: البَخَاتِيَّ أَيْضا.
وَيُقَال للَّذي يَقتنيها: الْبَخَّاتُ.
خَ ت م
ختم، متخ، خمت، تخم: مستعملة.
ختم: قَالَ اللَّيْث: خَتَمَ يَخْتِمُ _ أَي: طَبَعَ والخَاتِمُ: الفاعِلُ، والْخَاتَمُ: مَا يوضع عَلَى الطِّينة وَهُوَ اسْمٌ. . مِثْلُ ((الْعَالَم)) .
والْخِتَامُ: الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ على كِتابٍ.
وخِتَامُ الْوَادي: أَقصاه _ وخاَتِمَةُ السُّورَةِ: آخِرُهَا. . وخَاتِمُ كلِّ شَيْء: آخِرُهُ.
وَيُقَال: خَتَمْنَا زَرْعَنَا إِذا سَقَيْتَهُ أَوَّلَ سَقْيَةٍ، فَهُوَ الْخَتْمُ.
قَالَ: والْخِتَامُ: اسْمٌ لَهُ لِأَنَّهُ إِذا سُقِيَ فقد خُتِمَ بالرجاء.
وَقد خَتَمُوا على زَرْعِهمْ: أَي _ سَقَوْهُ، وَهُوَ كِرَابٌ بَعْدُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الطَّائِفِيُّ: الْخِتَامُ أَنْ تُثَارَ الأرضُ بالبَذْر حَتَّى يَصيرَ الْبَذْرُ تحتهَا، ثمَّ يَسْقُونها _ يَقُولُونَ: خَتَمُوا عَلَيْهِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {ختم الله على قُلُوبهم} [البَقَرَة: 7] كقولهِ: {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النّحل: 108] وَغَيرهَا.
وَأما قولُه جلّ وعزّ: {فَإِن يَشَأْ الله يخْتم على قَلْبك} [الشّورى: 24] . فإِنَّ الزَّجَّاجَ قَالَ: المعْنى: فَإِن يَشَأ الله يَرْبِطْ على قَلبِكَ بالصَّبْرِ على أَذَاهمْ، وعَلى قَوْلهمْ {افترى على الله كذبا} [سَبَأ: 8] .
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخَتْمُ: أَفْواهُ فَلايَا النَّحْلِ.
قَالَ: والخَتْمُ: المنعُ. . وَالْخَتْمُ أَيْضا _: حفْظُ مَا فِي الكتابِ _ بتَعْليمِ الطِّينَة.
وَقَالَ الزَّجَّاج _ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {ختم الله على قُلُوبهم} [البَقَرَة: 7] .
معنى ((خَتَمَ)) _ فِي اللُّغَة _ وَ ((طَبَعَ)) : وَاحِدَ وَهُوَ التغطية على الشيءِ، والاسْتِيثَاقُ مِنْهُ، لِئَلاَّ يدْخلهُ شيءٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أم على قُلُوب أقفالها} [محَمَّد: 24] .
وَقَالَ: {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففون: 14] مَعْنَاهُ: غلَب على قُلُوبهم، وغطَّى على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.
وَكذلك {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النّحل: 108] .
وَروَى أَبُو عبيد حديثَ عَلْقَمَةَ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {ختامه مسك} [المطفّفين: 26] .
قَالَ: خِلْطُهُ مِسْكٌ، أَلم تَرَ إِلَى المَرْأَة تَقول _ للطِّيبِ: خِلْطُه مِسْكٌ. . خِلْطُهُ كَذَا؟(7/137)
وَأما مُجَاهِدٌ فَإِنَّهُ قَالَ _ فِي قَوْله: عزّ وجلّ: {ختامه مسك} _ قَالَ: مِزَاجُهُ مِسْكٌ.
وَقَالَ ابنُ مَسعودٍ: عَاقِبَتُهُ طَعْمُ المِسْكِ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: قرأَ عَلِيٌّ: (خَاتِمَة مسك) .
وَقَالَ: أما رَأَيت المرأَةَ تَقول لِلْعَطَّار: اجْعَلْ لي خَاتِمَهُ مِسْكاً. . تُرِيدُ آخِرَهُ؟ قَالَ ذَلِك عَلْقَمَةُ.
قَالَ الفرَّاء: والْخَاتَمُ والْخِتَامُ: متقاربان فِي الْمَعْنى، إِلاَّ أنْ الْخَاتَمَ: الاسْمُ، والخِتَامَ: المَصْدَرُ.
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
(فَبِتْنَ جَنَابَتَيَّ مُصَرَّعَاتٍ ... وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلاَقَ الْخِتَامِ)
قَالَ: ومِثْلُ الْخِتَامِ والْخَاتَم: قَوْلُكَ للرَّجُل: هُوَ كَرِيمُ الطَّابَع والطِّبَاعِ.
قَالَ: وَتَفسِيرُه: أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذا شَرِب وجَدَ فِي آخِرِ كأْسِهِ رِيحَ المِسْكِ.
وَقَوله جلّ وعزّ: {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} [الأحزَاب: 40] مَعْنَاهُ: آخِرُ النَّبِيِّينَ. ومنْ أَسمائِهِ ((الْعَاقِبُ)) أَيضاً _ مَعْنَاهُ آخِرُ الأنْبِيَاءِ.
وَقَالَ اللّحْيَانِيُّ: هُوَ الْخَاتَمُ، والْخَاتَامُ، والْخَيْتَامُ.
وأَنشد غيرُه:
(وَأُعْرِ مِنَ الْخَاتَامِ صُغْرَى شِمَالِيَا ... )
ونَهَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ التَّخَتُّمَ بالذَّهَبِ.
وَيُقَال: فلانٌ خَتَمَ عَلَيْك بَابَهُ _ أَي أَعْرَضَ عَنْك وخَتَمَ فلانٌ لَك بَابَهُ _ إِذا آثَرَكَ على
غَيْرك. . وخَتَمَ فلانٌ القُرْآنَ _ إِذا قَرأَهُ إِلَى آخرِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: _ جَاء فلانٌ مُتَختماً _ أَيْ: مُتَعَمِّماً ومَا أَحْسَنَ تَخَتُّمُهُ {} !
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ الطَّائِفِيُّ: الخِتَامُ أَن تُثَار الأرضُ بالبَذْرِ حَتَّى يصيرَ البذرُ تحتَها، ثمَّ يُسْقُونها، يَقُولُونَ: خَتَمُوا عَلَيْهِ.
قلتُ: أصلُ الخَتْم: التغطيةُ، وختْمُ البَذْر تغطيتُه.
وَلذَلِك قيل للزَّارعِ: كافِرٌ. . لِأَنَّهُ يغطِّي البَذْرَ بِالتُّرَابِ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الْخُتُمُ فُصُوصُ مفاصِلِ الْخَيْل. . واحِدُها خِتَامٌ، وخَاتَمٌ.
قَالَ: والخَاتَمُ والخَاتِمُ: من أَسمَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمَعْنَاهُ: آخِرُ الْأَنْبِيَاء، وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَخَاتَمَ النَّبِّيِنَ} [الأحزَاب: 40] .
تخم: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الأرْضِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: التُّخُومُ هِيَ الحُدُودُ والْمَعَالِمُ.
قَالَ: والْمَعْنَى من ذَلِك يَقع فِي موضِعين: أَحدهمَا: أَن يكون ذَلِك فِي تَغْيِير حُدُودِ الحَرَمِ. . الَّتِي حَدَّها إبراهيمُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
والمعْنَى الآخرُ: أَن يدخلَ الرجُلُ فِي مِلْكِ غَيره من الأَرْض، فيقتطِعَهُ ظلما.(7/138)
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: هِيَ التُّخُومُ _ مَضْمُومَة.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: تَخُومٌ.
وَقَالَ الكسائيُّ: هِيَ التَّخُومُ، والْجَمْعُ تُخُمٌ.
وَقَالَ الفرَّاء: التَّخُومُ: واحِدُها تَخْمٌ.
قَالَ: وَأَصْحَاب العربيّة يَقُولُونَ: هِيَ التَّخُومُ _ بِفَتْح التَّاء _ ويجعلونها وَاحِدَة _ وأمَّا أهل الشَّام فَيَقُولُونَ: التُّخُومُ يجعلونها جَمْعاً وَالْوَاحد: تَخْمٌ.
وَأنْشد لأبي دُوادٍ الإيادِيِّ:
(يَا بَنِيَّ التُّخُومَ لَا تَظْلِمُوهَا ... إنَّ ظُلْمَ التُّخُومِ ذُو عُقَّالِ)
وَقَالَ اللَّيْث: التُّخُومُ مَفْصِلُ مَا بَين الكُورَتَيْنِ والقَرْيَتَيْنِ.
قَالَ: ومُنْتَهى أَرض كل كُورَةٍ وقَرْيةٍ: تُخُومُها.
وَقَالَ أَبُو الهيْثَم: يُقَال هذِهِ الْقَرْيَةُ تُتَاخِمُ أرضَ كَذَا وَكَذَا _ أَي: تُحَادُّها، وبلادُ عُمَانَ تُتَاخِمُ بلادَ الشِّحْر.
وَقَالَ غَيره: وتُطاخِمُ _ بِالطَّاءِ _ لغةٌ، كأنّ التَّاء قُلِبَتْ طاءً، لقُرْب مخرَجيْهما.
وَالْأَصْل: من التُّخُومِ، وَهِي الحُدُود.
وَقَالَ شمرٌ: أقْرَأني ابنُ الْأَعرَابِي لعَدِي بنِ زَيدٍ:
(جَاعِلاً سِرَّكَ التُّخُومَ فَمَا أَحْفِلُ ... قَوْلَ الْوُشاة وَالأنْذَالِ)
قَالَ: التُّخُومُ: الحالُ الَّذِي يُريده.
وَقَالَ غَيره: يُرِيد: اجعلْ هَمَّكَ تُخوماً _ أَي: حدّاً انْتَهِ إِلَيْهِ، وَلَا تُجَاوِزْه.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
(جَاعِلاً قَبْرَهُ تُخوماً وَقَدْ جَرْرَ ... الْعَذَارَى عَلَيْهِ وَافي الشَّكِيرِ)
وَأما التُّخَمَةُ _ من الطَّعَام _ فأصلها وُخَمَةٌ قلبت الْوَاو تَاء.
وتفسيرها فِي مُعْتَلِّ الْخَاء.
والفِعْل مِنْهُ: اتَّخَمَ اتِّخَاماً وَلَيْسَ من هَذَا.
خمت: قَالَ اللَّيْث: الخَمِيتُ: اسْم السَّمِين بالْحِمْيَرية.
متخ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَتَخَ الجرَادُ _ إِذا رَزَّ ذَنَبَه فِي الأَرْض ليبيض.
وَحَكَاهُ ابْن دُرَيْد عَن أَفَّارٍ: مَتَخَتِ الجَرَادَةُ _ إِذا غَرَزَتْ ذَنَبَها فِي الأَرْض.
وأُهملت. الْخَاء مَعَ الظَّاء فِي السَّالِم عِنْد اللَّيْث إِلَى آخر الْحُرُوف إلاَّ: [الظمخ] .
ظمخ: فَإِن أَبَا الْعَبَّاس رَوى عَن ابْنِ الأعرابيِّ. وَعَن عمرٍ وَعَن أَبِيه _ أَنَّهُمَا قَالَا: الظِّمْخُ، واحدتها ظِمَخَةٌ _ شَجرَةٌ على صُورة الدُّلْبِ، يُقْطَع مِنْهَا خُشُبُ القَصَّارين الَّتِي تُدْفَنُ.
وَهِي الْعِرْنُ أَيْضا الْوَاحِدَة: عِرْنةٌ.
ونحْوَ ذَلِك قَالَ ابْن السِّكِّيت.
أَبْوَاب الْخَاء والذال
خَ ذ ث: مهمل الْوُجُوه.
خَ ذ ر
اسْتعْمل من وجوهه: ذخر، خذر.(7/139)
ذخر: قَالَ اللَّيْث: تَقول: ذَخَرْتُ الشَّيْء أَذْخَرُهُ ذُخْراً، وادَّخَرْتُه ادِّخَاراً.
وأَصْلُه: اذْتَخَرْتُهُ، فثقلتِ التاءُ الَّتِي للافْتِعَالِ مَعَ الذَّال. . فقُلبَتْ دَالاً، وأُدْغِم فِيهَا الذَّالُ الأصليُّةُ، فَصَارَت دَالاً مشَدَّدةً، وَمثله الادِّكارُ ... من الذّكر.
وَقَالَ الزَّجَّاج _ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَمَا تدخرون فِي بُيُوتكُمْ} [آل عمرَان: 49] : أَصله تَذْتَخِرُونَ، لِأَن الذَّال حَرْفُ مَجْهُورٌ لَا يُمْكن النَّفَسَ أَن يجْرِي مَعَه، لشدَّة اعْتِمَاده فِي مَكَانَهُ، والتَّاءُ مهموسَةٌ فأُبْدِلَ من مَخْرج التَّاء حرفٌ مجهورٌ يشبِهُ الذَّال فِي جهرها _ وَهُوَ الدَّال، فَصَارَ تَذْدَخِرُونَ، ثمَّ أُدْغِمتِ الذَّال فِي الدَّال فَصَارَ ((تَدَّخِرُونَ)) .
وأصل الْإِدْغَام أَن يُدْغَمَ الأولُ فِي الثَّانِي.
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: ((تَذَّخِرُونَ)) بذال مشدَّدَةٍ: وَهُوَ جَائِز وَالْأول أَكثر. وَقَالَ اللَّيْث: الإذْخِرُ: حشيشةٌ طيِّبةُ الريِّح، أطْوَلُ من الثِّيلِ.
وَيُقَال: هُوَ نباتٌ كَهَيئَةِ الكَوْلاَنِ لَهُ أصل مُنْدَفِنٌ، وَهِي شجرةٌ صغيرةٌ ذَفِرَةُ الرّيح.
قلت: وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا قَالَ فِي مَكَّة: ((لَا يُخْتَلَى خَلاَها)) قَالَ الْعَبَّاس: ((إلاّ الإذْخِرَ فَإِنَّهُ لموْتَانا)) فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: ((إلاَّ الإذْخِرَ)) وَهُوَ نَبَات معروفٌ عِنْدهم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرَسٌ مُدَّخَرٌ وَهُوَ الْمُبَقَّى لحُضْرِه.
قَالَ: وَمن المدَّخَرِ: الْمِسْوَاطُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي مَا عِنْده من الْحُضْرِ إِلَّا بِالسَّوْطِ، وَالْأُنْثَى: مُدَّخَرَةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المذَاخِرُ أسافِل الْبَطن.
يُقَال: فلَان مَلأَ مَذَاخِرَهُ _ إِذا مَلأ أَسَافِلَ بَطْنه.
وَيُقَال للدَّابَّة _ إِذا شَبِعَتْ _ قد مَلأتْ مَذَاخرَها.
وَقَالَ الرَّاعِي:
(حَتَّى إِذا قَتَلَتْ أَدْنَى الغَلِيلِ وَلَمْ ... تَمْلأ مَذَاخِرَها لِلرِّيِّ وَالصَّدَرِ)
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الذَّاخِرُ: السَّمِينُ.
خذر: أَمّا ((خَذَرَ)) فقد أهمله اللَّيْث.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه _ أَنه قَالَ: الْخَاذِرُ: الْمُسْتَتِر من سُلْطَان أَو غَريم.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخُذْرَةُ هِيَ الْخُذْرُوفُ الَّتِي يلعبُ بهَا الصّبيان، وتصغيرها: خُذَيْرَةٌ.
خَ ذ ل
اسْتعْمل مِنْهُ: [خذل] .
خذل: قَالَ اللَّيْث: تَقول: خَذَلَ يَخْذَلَ خَذْلاً وخِذْلاَناً، وَهُوَ تَرْككَ نُصْرَةَ أَخِيك.
وخِذْلاَنُ الله تَعَالَى للْعَبد: أَلا يعْصِمَه من السَّيِّئة فيقعُ فِيهَا.
قَالَ: والخاذِلُ والخذُولُ _ من الظِّبَاء وَالْبَقر _: الَّتِي تَخْذُلُ صَوَاحِبَاتِهَا فِي المرعى وتَنْفُر مَعَ وَلَدهَا _ وَقد أَخْذَلَهَا وَلَدُها.(7/140)
قلت: هَكَذَا رَأَيْتُه فِي النُّسْخَةِ: ((وتَنْفُرُ)) وَالصَّوَاب: ((وتَتَخَلفُ)) مَعَ وَلَدهَا.
وَقيل: ((تَنْفَرِدُ)) مَعَ وَلَدهَا.
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي.
قَالَ: الْخَذُولُ: الَّتِي تَتَخَلَّفُ عَن القطيع _ وَقد خَذَلَتْ وخَذَرَتْ.
وَأنْشد غَيره:
(خَذُولٌ تُراعي رَبْرَباً بِخَمِيلَةٍ ... )
والتَّخْذِيلُ حَمْلُ الرجل عَلَى خِذْلان صَاحبه، وتَثْبِيطُهُ عَن نُصْرَتِه.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الخَاذِلُ: المنْهَزمُ.
والخَاذِلُ: ضد النَّاصِر.
خَ ذ ن
قَالَ ابْن المظَّفِّر: اسْتعْمل مِنْهُ: خذن وخنذ.
خذن: قَالَ: الخُذُنَّتَانِ: الأُذُنان.
وَأنْشد قَوْله:
(يَا ابْنَ الَّتِي حُذُنَّتَاها بَاعُ ... )
قلت: هَذَا تصْحيف منكرٌ والصوابُ فِي الأُذُنَيْنِ: الحُذُنَّتَانِ.
هَكَذَا أَقْرَأَنِيهُ الإيَادِيُّ لشَمِرٍ _ عَن أبي عبيد.
وَمن قَالَ: الخُذُنَّتَانِ _ بِالْخَاءِ _ فقد صحَّف.
وَأنْشد شَمِرٌ البيتَ الرَّجَزَ:
(يَا ابْنَ الَّتِي خُذُنَّتَاهَا باعُ ... )
بِالْحَاء غير مُعْجمَة _ للأُذنين.
وَقد مرَّ تفسيرُه فِي كتاب الْحَاء.
و ((خَذَنَ)) مهمل. . لَا يُعْرَفُ فِي كَلَام الْعَرَب.
خنذ: قَالَ اللَّيْث: الْخِنْذِيذُ بِوَزْن ((فِعْلِيل)) كأنَّه بُنِيَ من خَنَذَ، وَقد أُمِيتَ فعْلُه _.
وَيُقَال: هُوَ الْخَصيُّ من الْخَيل، وَيُقَال: هُوَ الطَّوِيل.
أَبُو عبيد. . عَن الْأَصْمَعِي: الْخَنَاذِيذُ: الْخِصْيَانُ، والْفُحُولُ من الْخَيل.
وَأنْشد:
(وَخَنَاذِيذَ خِصْيَةً وفُحولاَ ... )
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كلُّ ضخم من الْخَيل وغيرِه: خِنْذِيذٌ _ خَصِيّاً كَانَ أَو غيرَ خَصِيٍّ.
وَأنْشد:
(وَخِنْذِيذٍ تَرى الْغُرْمُولَ مِنْهُ ... كَطَيِّ الزِّقِّ عَلَّقَهُ التِّجَارُ)
قَالَ شمرٌ: وَأَرَادَ الشَّاعرُ بقوله:
(وَخَنَاذِيذَ خِصْيةً وفُحولا ... )
جِيَادَ الْخَيل فوصفها بالجَوْدَة _ أَي: مِنْهَا فُحولٌ، وَمِنْهَا خِصْيَانٌ، فقد خرج الْآن الْخِنْذِيذُ من حَدِّ الأضداد.
وَكَانَ أَبُو عبيد ذكر ((الْخَنَاذِيذَ)) فِي ((بَاب الأضداد)) .
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخِنْذِيذُ: الشَّاعرُ الْمُجِيدُ المنَقِّحُ المُفْلِقُ.
قَالَ: والْخِنْذِيذُ: الشُّجاعُ الْبُهْمَةُ الَّذِي لَا يُهْتَدَى لِقتَالِه.
والخْنْذِيذُ: السِّخِيُّ التَّامُّ السَّخَاء.(7/141)
قَالَ: والْخِنْذِيذُ: الخطِيبُ المِصْقَعُ، والْخِنْذِيذُ: السَّيِّدُ الحكِيم.
والْخِنْدِيذُ: العالِمُ بأيام الْعَرَب وأشعار الْقَبَائِل. والْخِنْذِيذُ: الْفَحْلُ وَالْخِنْذِيذُ: الْخَصِيُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَنَاذِيذُ الْجَبَل: شُعَبٌ طِوَالٌ دِقَاقُ الأَطْرَاف.
قَالَ: والْخِنْذيذُ: الْبَذِيءُ اللسانِ من النَّاس. . والجميعُ الْخَنَاذِيذُ.
قلتُ: والمسموعُ من الْعَرَب بِهَذَا الْمَعْنى: الْخِنْذِيانُ والْخِنْظِيَانُ.
وَقد خَنْذَى وخَنْظَى وحَنْظَى، وعَنْظَى _ إِذا خرج إِلَى البَذَاءَة وسَلاَطة اللِّسَان.
وَلم أسمع ((الْخِنْذِيذَ)) بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللَّيْث.
وَكَذَلِكَ خَنَاذِي الجِبَال. . واحِدُها خُنْذُوَةٌ.
وَقيل ((خِنْذِيذُ الرِّيحِ)) : إِعْصَارُها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(نِسْعِيَّةٌ ذَاتُ خِنْذِيذٍ تَجَاوِبُهَا ... نِسْعٌ لهَا بِعِضَاهِ الأرْضِ تَهْزِيزُ)
أَبُو عبيد _ عَن الْأمَوِي _: رجُلٌ خِنْذِيانُ: كثِيرُ الشَّرَ، وَكَذَلِكَ: الْخِنْظِيَانُ.
خَ ذ ف
اسْتعْمل من وجوهه: خذف، فَخذ، فذخ.
خذف: قَالَ اللَّيْث: الْخَذْفُ: رَمْيُكَ بِحَصاةٍ أَو نَواةٍ تَأْخُذُها بَين سَبِّابَتَيْكَ أَو تجعَلُ مِخْذَفَةً من خَشَبَةٍ ترمِي بهَا بَين الإبْهامِ والسَّبَّابة.
ونَهَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخَذْفِ بالْحَصَى وَقَالَ: ((إِنَّهُ لاَ يَنكِي عَدُواً، وَلاَ يَصِيدُ صَيْداً، وَرُبَّما فَقَأ الْعين)) .
والْخَذْفُ رَمْيُك الحَصى بطرفِ إِصْبَعَيْنِ، وتُرْمَى الجِمَارُ بمنى بِمثل حَصَى الْخَذْفِ.
والْمِخْذَفَةُ هِيَ القَذَّافةُ _ تُرْمَى بهَا الحِجارةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَذُوفُ: يوصفُ بِهِ الدَّوَابُّ السريعة.
قالَ: والْخَذَفَانُ ضَربٌ مِنْ سَيْر الْإِبِل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَتَانٌ خَذُوفٌ. . وَهِي الَّتِي تَدْنُو سُرَّتُها من الأَرْض من السِّمَنِ.
وَقَالَ الرَّاعي يصف عَيْراً وأُتُنَهُ:
(نَفَى بِالْعِرَاكِ حَوَالِيَّهَا ... فخَفَّتْ لَهُ خُذُفٌ ضُمَّرُ)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخَذُوفُ: الأَتَانُ السَّمِينَةُ.
والقولُ فِي ((الْخَذُوفِ)) : مَا قَالَه الأصمعيُّ وابنُ الأعرابيّ.
فَخذ: قَالَ اللَّيْث: الفَخِذُ: وَصْلُ مَا بَين الوَرِكِ والساق _ وَيُقَال: فِخْذٌ. . وَهِي مؤنَّثة.
وبعضُهُم يَقُول: فَخْذٌ.
قَالَ: وَيُقَال فُخِذَ الرَّجُل. . فهوَ مَفْخُوذ _ إِذا أُصِيب فَخِذَهُ.
قَالَ: وفَخِذُ الرَّجُل: نَفَرُه من حَيِّهِ الَّذين هم أقْرَب عَشيرته إِلَيْهِ وَهُوَ أقرب إِلَيْهِ من الْبَطْنِ.(7/142)
وَقَالَ غيرُه: فَخَّذَ الرّجُل بني فلانٍ إِذا دَعَاهُم فَخِذاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَنْزَلَ الله جلّ وعزّ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} [الشُّعَرَاء: 214] ، بَاتَ يُفَخِّذُ عَشِيرَتَهُ.
وروى أَبُو عبيد _ عَن ابْن الكلبيِّ _ أَنه قَالَ: الشَّعْبُ أَكْبَرُ من الْقَبِيلَةِ ثمَّ القبيلةُ، ثمَّ العِمَارَةُ، ثمَّ البَطْنُ، ثمَّ الْفَخِذ.
قلتُ: والفَصِيلَة أقربُ من الْفَخِذِ وَهِي القِطْعة من أَعْضَاء الجَسَدِ.
وَكَانَ العبَّاسُ فصيلَةَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَيُقَال: فَخَذْتُ القومَ عَن فُلاَنٍ _ أَي: خَذَّلْتهُم.
وفَخَّذْتُ بَينهم _ أَي: فَرَّقْتُ وخَذَّلْتُ.
خَ ذ ب
اسْتعْمل من وجوهه: بذخ.
بذخ: قَالَ اللَّيْث: البَذَخُ تَطَاوُلُ الرجل بِكلاَمِه، وافتِخَارُه.
والفِعْلُ: بَذَخَ يَبْذَخُ بَذْخاً وبُذُوخاً.
وَفِي الْكَلَام: هُوَ بَذَّاخٌ. وَفِي الشّعْر: هُوَ بَاذِخٌ.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
(أَشَمُّ بَذَّاخٌ نَمَتْنِي الْبُذَّخُ ... )
قَالَ: والْبَاذِخُ: الْجَبَلُ الطَّوِيلُ والجميع: البَوَاذخُ والْبَاذِخَاتُ.
وَقد بَذَخَتْ بُذُوخاً.
أَبُو عبيد: الْبَاذِخُ والشَّامِخُ: الجَبَلُ الطَّوِيل.
وَفُلَان يتَبَذَّخُ _ أَي: يَتَعَظَّمُ ويَتَكَبَّرُ.
خَ ذ م
اسْتعْمل من وجوهه: خذم، مذخ.
مذخ: يُقَال: هُوَ يَتَمذَّخُ علينا، ويَتَبَذَّخ علينا _ أَي: يَتَطَاوَل ويتكبَّر.
خذم: قَالَ اللَّيْث: الْخَذْمُ سُرْعَةُ القَطْعِ، وسُرْعَةُ السَّيْر.
يُقَال: فَرَسٌ خَذِمٌ: سرِيعٌ. . نَعْتٌ لَهُ لاَزِمٌ. . لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ.
وَقد خَذَمَ يَخْذِمُ خَذَمَاناً.
وسيفٌ خَذُومٌ ومِخْذَمٌ: قاطِعٌ، والْقِطعةُ خُذَامَةٌ.
ورجُل خَذِمٌ _ ورجالٌ خذِمُونَ. . وَهُوَ الطِّيبُ النَّفْسِ.
والْخَذْمَةُ: سِمَةُ الناسِ إبْلهُم مُذ كَانَ الإسلامُ.
والْخَذَمَةُ _ من سِمَات الشَّاءِ _: شَقُّهُ من عُرْضِ الأُذُنِ. . فتُتْرَكُ الأذُنُ نائسةً.
ورجُلٌ خَذِمُ الْعَطاء _ أَي: سَمْح.
قلت: يُقَال: خَذَمَ الشَّيْء وجَذَمَهُ وجَذَفَهُ وحَذَمَهُ _ إِذا قطعَه.
وثوبٌ خَذِم وخَذَارِيمُ: بمَنْزِلَة رَعَابِيلَ قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
أَبُو عبيد: المِخْذَمُ: السيْفُ القَطَّاع، وابْنُ خِذَامٍ، اسمُ شاعرٍ جاهلي.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(نَبْكي الدِّيَارَ كَمَا بَكى ابْنُ خِذَام ... )
ابْن السّكيت: الإخْذَامُ: الإقرارُ بالذُّلِّ. . والسُّكُونِ.(7/143)
وأَنْشَد لرجلٍ من بني أَسَدٍ فِي أَوْلِيَاء دَمٍ رَضُوا مِنْهُ بالدِّيَةِ فَقَالَ:
(شَرَى الْكِرْشُ عَن طُولِ النَّجِيِّ أَخَاهُمُو ... بِمَالٍ كأَنْ لَمْ يَسْمَعُوا شِعْرَ حَذْلَمِ)
(شَرَوْهُ بَحُمْرٍ كَالرِّضَامِ وَأَخْذَمُوا ... عَلَى الْعَارِ _ مَنْ لَمْ يُنْكِرِ الْعَارَ يُخْذِم)
أَي: باعُوا أَخَاهُم بإبلٍ حُمْرٍ، وقبِلوا الدِّيَةَ وَلم يُؤْثِروا القَوَدَ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخُذُمُ: السُّكَارَى.
والْخُذُم: الآذانُ المقَطَّعة.
سَلَمَةُ _ عَن الفرّاء _ قَالَ: الْخَذِيمَةُ: المرأةُ السَّكْرَى، والرَّجُلُ خَذِيمٌ.
وَقَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأتُ لَهُ بخطِّه: سَكَتَ الرجلُ وأَطِمَ، وأَرْطَمَ وأَخْذَمَ واخْرَنْبَقَ بِمَعْنى وَاحد.
(أَبْوَاب) الْخَاء والثاء
خَ ث ر
اسْتعْمل مِنْهُ: خثر، خرث.
خرث: قَالَ اللَّيْث: الْخُرْثِيُّ _ من الْمَتَاع والغنِيمة _: أَرْدَؤُها.
وَهِي سَقَطُ الْبَيْت من الْمَتَاع.
قَالَ: والْخِرْثَاءُ: النَّمْلُ الَّذِي فِيهِ حُمْرةٌ والواحدة: خِرْثاءَةٌ.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _: من أَسمَاء النَّمْل: الخِرْثَاءُ والسَّمَاسِمُ والدَّيْلَمُ.
خثر: ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ خَثُرَتْ نفْسُه _ إِذا خَبُثَتْ.
وَقَالَ _ فِي مَوضِع آخَرَ: خَثَرَ الرجلُ _ إِذا لَقِسَتْ نَفْسَه. وَخَثِرَ _ إِذا اسْتَحْيَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُثُورَةُ مَصْدَرُ الشَّيْء الخاثر، وَقد خَثُرَ يَخْثَرُ خُثُورَةً وخَثَارَةً وَقد أَخْثَرْتُهُ وخَثَّرْتُهُ.
وَيُقَال: خَثَرَ اللَّبَنُ وخَثُرَ _ لُغتَانِ _.
خَ ث ل
اسْتعْمل من وُجوهه: خثل، ثلخ.
خثل: قَالَ أَبُو عُبَيدٍ _ عَن الكسائيِّ _: خَثْلَةُ البطْنِ: مَا بَين السُّرَّةِ والْعَانَةِ.
وَيُقَال أَيْضا: خَثَلَةُ البَطن.
وَأنْشد غيرُه:
(وعِلْكِدٍ خَثَلْتُهَا كالْجُفِّ ... )
العِلْكدُ: العجوزُ الصُّلْبَةُ.
ثلخ: قَالَ اللَّيْث: ثلخَ البقرُ يَثْلَخُ ثَلْخاً، وَهُوَ خُرْؤُه أيَّامَ الرّبيع _ إِذا أكل الرَّطْبَ.
وَقَالَ غيرُه: ثلَّخْتُه تَثْلِيخاً _ إِذا لَطختَه بقَذَرٍ فثلَخَ ثَلْخاً.
خَ ث ن
اسْتعْمل من وجوهه: خنث، ثخن.
ثخن: قَالَ اللَّيْث: ثَخُنَ الشيءُ. . يَثْخُنُ ثخَانةً والرّجلُ الحليمُ الرَّزِينُ: ثخِينٌ.
والثوبُ المكتَنِزُ اللُّحْمَة والسَّدَى _ من جَوْدَةِ نَسْجِه _: ثَخِينٌ.
وَقد أَثْخَنْتُه _ أَي: أَثْقَلْتُه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} [محَمَّد: 4] .(7/144)
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ: حَتَّى إِذا غلبتموهم وقهَرْتموهم وكثُرَ فيهم الجِراحُ، فأَعْطَوْ بأَيديهم.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أثْخَنَ _ إِذا غَلَبَ وقَهَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَثْخَنْتُ فلَانا مَعْرِفَةً _ أَي: قتَلتُه مَعْرِفَةً.
ورَصَّنْتُهُ مَعْرِفةً: نحوُ الإثْخَانِ
خنث: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ((أَنَّهُ نَهى عَنِ اخْتِنَاثِ الأسَاقِي)) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيُّ: الاخْتِنَاث أَنْ تُثْنَى أَفْوَاهُها ثمَّ يُشْرَبَ مِنْهَا.
وأصل الاختناثِ: التَّكَسُّرُ والتثَنِّي وَمن هَذَا سُمِّي المُخَنَّثُ. . لِتَكَسُّرِه.
وَمِنْه سمِّيَت الْمَرْأَة خُنثَى.
يَقُول: إِنَّهَا ليِّنةٌ تَتَثَنَّى.
وَمِنْه: ((الْخُنْثَى)) الَّذِي لَهُ مَا للرِّجَالُ وَمَا للنِّساء.
قَالَ: وتأويلُ الحَدِيث _ فِي نهيهِ عَن اختِنَاثِ الأَسَاقِي _: أنَّ الشُّرْبَ مِنْ أَفْوَاهِها رُبَّمَا يُنْتِنُهَا.
وَقيل: إنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَن تكون فِيهَا حيَّةٌ، أَو شيءٌ من الحشرات.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَنَثْتُ فمَ القِرْبَةِ فانْخَنَث.
قَالَ: وَيُقَال للمُخَنَّثِ: خُنَيْثَةُ وخُنَاثةُ.
قَالَ: وَيُقَال للرجل: يَا خُنَثُ، وللمرأة: يَا حَنَاثِ _ مثل: لُكَعُ ولَكَاعٍ.
قَالَ: وتَخَنَّثَ الرجل _ إِذا فَعل فِعْلَ المخنَّث.
والخِنْثُ: باطنُ الشِّدْقِ. . عِنْد الأضراس من فوْقُ وَأَسفلُ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: اطْوِ الثوبَ على خِنَاثِهِ وراحته وغَرِّه.
وَقَالَ شمر: اطْوِ الثوبَ على أَخْنَاثِهِ _ أَي: على مَطَاوِيه. . والواحدُ خِنْثٌ.
قَالَ: وَأَخْنَاثُ الدَّلْوِ فُرُوغُها. . الواحدُ خِنْثٌ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: خَنَثَ فَمَ السِّقاء: قَلبَهُ، دَاخِلا أَو خَارِجا.
والإخْتِنَاثُ: التَّكَسُّرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَنَثْتُ السقاءَ والْجُوَالِقَ _ إِذا عطَفْتَه.
وَفِي حَدِيث عائشةَ رَضِي الله عَنْهَا ((أَنَّها ذَكَرَتْ مَرَضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوَفَاتَهُ. . قَالَت: فانْخَنَثَ فِي حِجْرِي، فمَا شَعَرْتُ حَتَّى قُبِضَ)) _ أَي: فانثنَى فِي حِجْرِها.
وَيُقَال: ألْقَى الليلُ أَخْنَاثَهُ على الأَرْض.
أَخْنَاثُهُ: أَي: أثناءُ ظَلاَمِه.
قَالَ شمِر: وَقَالَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ: خَنَثَ الرجل سقَاءَهُ يخْنِثُه خَنْثاً وخُنُوثَةً _ إِذا ثَنى فمَه، فأخرجَ أَدَمَتهُ، وَهِي الدَّاخلةُ. . والبشَرَةُ، وَمَا يَلِي الشعْر: الخارِجةُ.
ورُوِي عَن ابْن عُمَرَ: أَنه كَانَ يَشْرَبُ من الإدَاوَةِ وَلَا يَخْتَنِثُها، ويسمِّيها نِفْعَةً.
أَبُو زيد: رجلٌ خُنْثَى، ورِجالٌ خَنَاثَى وخِنَاثٌ. . وَأنْشد قولَه:(7/145)
(لَعَمْرُكَ مَا الْخِنَاثُ بَنُو قُشَيْرٍ ... بِنِسْوَانٍ يَلِدْنَ وَلاَ رِجَالِ)
خَ ث ف: أهملت وجوهها.
خَ ث ب
اسْتعْمل مِنْهُ: خبث.
خبث: قَالَ اللَّيْث: خَبُثَ الشيءُ يَخْبُثُ خُبْثاً، فَهُوَ خبيثٌ، وَبِه خُبْثٌ، وخَبَاثَةٌ وأَخْبَثَ فَهُوَ مُخْبِثٌ _ إِذا صَار ذَا خُبْثٍ وشرٍّ.
وَفِي حَدِيث أَنَسٍ: ((أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ الْخَلاءَ قالَ: أَعُوذُ بِاللَّه مِنَ الْخُبْثِ والخَبَائِثِ)) .
وَفِي حَدِيث آخر: أَنه قَالَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من الرِّجْسِ النَّجْسِ الخبيثِ المُخْبِثِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْخَبِيثُ: ذُو الْخُبْثِ فِي نفْسِه.
قَالَ: والمُخْبِثُ: الَّذِي أصحابُه وأعوانُه خُبَثاءُ.
وَهُوَ مِثْلُ قَوْلهم: فلانٌ قويٌ مُقْو. . فالقويُّ: فِي بدَنه، والْمُقْوِي: أَن تكُون دابَّتُه قَوِيَّة.
وَأما قولُه: ((منَ الْخُبْثِ والخَبائث)) فإنَّ أَبَا عبيد قَالَ: أَرَادَ بالخُبْثِ: الشرَّ، وبالخَبَائِثِ: الشياطينَ.
وأَفادُونَا عَن أبي الْهَيْثَم أَنه كَانَ يَروِيه: ((من الخُبْث)) بضمِّ الْبَاء وَيَقُول: هُوَ جمْعُ ((الخَبِيثِ)) ، وَهُوَ الشيطانُ الذَّكَرُ.
قَالَ: و ((الخَبائث)) : جَمْع ((الخبيثة)) وَهِي الْأُنْثَى من الشَّيَاطِين.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو الْهَيْثَم أَشْبَهُ عِنْدِي بِالصَّوَابِ. . من قَول أبِي عُبيد.
وَأما الخَبَثُ _ بِفَتْح الخَاء وَالْبَاء _ فَمَا تَنْفِيه النَّارُ من ردِيء الفِضّة وَالْحَدِيد إِذا أُذِيبا.
وَمِنْه الحَدِيث: ((إنَّ الحُمَّى تَنْفِي الذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ الخَبَثَ)) .
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَابِثُ _ من كلِّ شَيْء _: الرَّدِيءُ، والْخَبِيثُ: نَعْتُ كلِّ شَيْء فاسِدٍ.
يُقَال: هُوَ خَبِيثُ الطَّعْم. . خبيثُ اللَّون خبيثُ الْفِعْل، وَالْكَلَام.
وَيُقَال: وُلِدَ فلانٌ لِخِبْثَةٍ _ إِذا كَانَ لغير رَشْدَةٍ.
ويُكْتَبُ فِي عُهْدَةِ الرَّقيق: لَا داءَ وَلَا خِبْثَةَ، وَلَا غائلةَ.
فالدَّاءُ: مَا دُلِّسَ فِيهِ للمُشْتَرِي من عَيْبٍ يَخْفَى، أَو عِلِّةٍ باطنةٍ لَا تُرَى.
والخِبْثَةُ: ألاّ يكون طِيبَةً _ لِأَنَّهُ سُبِيَ من قوْمٍ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهم، لعَهْدٍ تقدَّمَ لَهُم، أَو حُرِّيَّةٍ فِي الأَصْل ثَبَتَتْ لَهُم.
وَأما الغَائِلَةُ: فأَنْ يستحقَّه مُسْتَحِقٌّ بمِلْكٍ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ، فيجبُ على بَائِعه رَدُّ الثّمن على مَنِ اشْتَرَاهُ. . وكلُّ مَن أَهْلَك شَيْئا فقد غالَه واغتالَهُ. . فكأَنَّ استحقاقَ المالِكِ إيَّاه صَار سَببا لهلاك الثّمن الَّذِي أدَّاه المشترِي إِلَى البَائِع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال للرَّجُلِ: يَا خُبَثُ، والأنْثى: يَا خَبَاثِ.
وَالأَخَابِثُ: جمع الأخْبَثِ.(7/146)
يُقالُ: هُمْ أَخَابِثُ النَّاس، وَهُوَ أَخْبَثُ النَّاس.
وَيُقالُ للرّجُل وللمرْأة: يَا مَخْبَثَانُ _ بِغَيْر هَاءٍ للْأُنْثَى.
قَالَ: وأمَّا قولُهمْ: نَزَلَ بِهِ الأَخْبَثَانِ فهما الْبَخَرُ والسَّهَرُ.
وَفِي الحَدِيث: ((لَا يُصَلِّيَنَّ أحَدُكم وَهُوَ يدافع الأَخْبَثَيْنِ فِي الصَّلاَةِ)) .
أَرَادَ بالأَخْبَثَيْنِ: الْغَائِطَ والبَوْلَ.
والْحَرَامُ الْبحْتُ: يُسمَّى خَبِيثاً _ مَثْلُ الزِّنَى والمالِ الْحَرامِ والدَّمِ، وَمَا أَشبَههَا مِمَّا حَرَّمَهُ الله تَعَالَى.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ الخمرَ هِيَ أمُّ الْخَبَائِثِ)) لأنَّها مُحَرَّمَةٌ تَحْمِلُ شارِبَها عَلَى الْخِصال الْخبِيثَةِ مِنْ سَفْك الدِّماءِ والزِّنى وغيْرِهِ _ مِنَ المعَاصِي.
ويُقالُ للشَّيْء الْكَرِيه الطَّعمِ والرِّائحة: خَبيثٌ. . مَثْلُ الثُّوم والبَصَلَ والكَرَّاثِ.
وَلذَلِك قالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((مَنْ أَكَلَ مِنْ هذهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا)) .
وَقَالَ الله جلّ وعزّ _ يَذْكُرُ نَبِيَّهُ مُحمداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} [الْأَعْرَاف: 157] .
فالطَّيِّبَاتُ: مَا كَانت الْعَرَبُ تَسْتَطِيبُهُ من المآكِلِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي لم يَنْزِلْ فِيهَا تحريمٌ مَثْلُ الْجَرَاد والسَّمَكِ والضَّبَابِ والأرانب وسائرِ مَا يُصَادُ من الْوَحْش، ويُؤْكلُ من الأَزْوَاج الثمانيةِ المنْصُوصةِ فِي الْقُرْآنِ.
وأمَّا تَحْرِيمُه الخَبَائِثَ: فَمَا كَانَت الْعَرَبُ تَسْتَقْذِرُه، وَلَا تأْكُلُه. . مِثْلُ الأفاَعي
والعَقَارِبِ وَالْحَرَابي والْبِرَصَةِ والْخَنَافِسِ والْوِرْلاَنِ والْجِعْلاَنِ والفَأْرِ.
فَأَحَلَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَمْرِ الله ... مَا كَانوا يَسْتَطِيبونَ أَكْلَهُ، وحرَّمَ عليْهم مَا كَانُوا يَسْتَخْبِثُونَهُ إِلَّا مَا نَصَّ الله جلّ وعزّ عَلَى تَحْرِيمه فِي الْكتاب مِنَ الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ عِنْد الذَّبْح، أَو بُيِّنَ تحريمُه على لسانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلُ نَهْيِه عنْ لْحُوم الحُمُرِ الأهْلِيِّةِ، وَعَن أَكْلِ كلِّ ذِي نَابٍ من السِّباع، وكُلِّ ذِي مِخْلبٍ مِنَ الطَّيْر.
وَدَلَّتِ _ الألفُ واللاَّمُ _ اللَّتانِ دَخَلَتَا للتَّعْريف فِي ((الطَّيِّبَاتِ والْخَبَائِثِ)) على أَنَّ المُرَادَ بهَا: أَشْياءُ كانتْ مَعْهودةً عِنْد المُخَاطَبِينَ بهَا.
وَهَذَا كُلُّهُ: مَعْنَى مَا قَالَه مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيسَ الشَّافعيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسيرهِ الآيةَ.
وَأما قَوْلُ الله جلّ وعزّ: {وَمثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} [إِبْرَاهِيم: 26] فإنَّ التَّفْسير جاءَ: أَنَّ الشَّجَرَة الْخَبِيثةَ: هِيَ الْحَنْظَلة.
وَقيل: هِيَ الكَشُوثُ وَالله أَعْلمُ بِما أَرَادَ.
والكلمةُ الْخَبِيثَةُ: هِيَ كلمةُ الشِّرْك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} [النُّور: 26] .
وفيهَا قَوْلانِ: أَحدُهما: الكلِمَاتُ الخَبِيثَاتُ: لِلْخَبِيثِين من الرِّجال، والرِّجالُ الخَبِيثونَ: لِلْكلماتِ الخَبِيثَاتِ _ أَيْ: لَا يَتَكلمُ بالخبِيثَاتِ إلاّ الخَبِيثُ من الرِّجَال والنِّسَاء.(7/147)
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنَّ الكلماتِ الخَبِيثاتِ: إِنَّمَا تَلْصَقُ بالخَبِيثَاتِ والخُبَثَاءِ من الرِّجَال والنِّسَاء.
فأَمَّا الطّاهرونَ والطَّاهِرَاتُ: فَلَا يَلْصَقُ بِهمُ السَّبُّ.
وَقيل: الخَبِيثَاتُ من النِّسَاء _ وَهُنَّ البَغَايَا: للخَبِيثيِنَ من الرِّجال.
أَبو العبَّاس ثعلبٌ _ عنِ ابْنِ الأعرابيِّ: قَالَ: أَصْلُ الخَبِيثِ فِي كَلَام الْعَرَب: المكْرُوهُ.
فإنْ كَانَ من الكلامِ فَهُوَ الشَّتْم.
وَإِن كَانَ مِنَ الطَّعام فَهُوَ الحَرَام.
وإنْ كَانَ مِنَ الشّرَاب فَهُوَ الضَّارُّ.
ومنْهُ قيلَ لما يُرْمى منْ مُنْفِيِّ الْحَدِيد: الخَبَثُ.
سَلَمَةُ عَن الْفَرَّاء _ قا ل: الأخْبَثَانِ: الْقَيءُ والسُّلاَحُ.
وَقيل: البَوْلُ والْعَذِرَةُ: ورُوِيَ عَن الْحَسَنِ أَنه قَالَ يُخاطِبُ الدُّنيا: ((خَبَاثِ: قد مَصصْنَا عِيدَانَكِ فَوَجدْناكِ كذَا)) .
أَرَادَ: الدُّنيا. فَقَالَ لَهَا: يَا خَبَاثِ _ أيْ: يَا خَبِيثَةُ.
خَ ث م
اسْتعْمل من وجوههِ: خثم وَحْدهُ.
خثم: قَالَ اللَّيْث: ثَوْرٌ أَخْثَمُ، وَبَقَرَةٌ خُثماءُ.
والخُثْمَةُ: غِلَظٌ وقِصَرٌ، وتَفَرْطُحٌ.
يُقَال: أَنْفٌ أَخْثَمُ _ إِذا كَانَ كَذَلِك.
ورَكَبٌ أَخْثمُ _ إِذا كَانَ مُنْبَسطاً غَلِيظاً، وناقةٌ خَثْمَاءُ.
قَالَ: وَخَثَمُها: اسْتِدَارَةُ خُفِّهَا، وانبِسَاطُهُ، وقِصَرُ مَنَاسِمِه.
وَبِه يُشَبّهُ رَكَبُ الْمَرْأَة. . لاكْتِنَازِهِ.
قَالَ: ومِثْلُهُ: الأَخَثُّ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَدُ بن يحيى: رَكَبٌ أَخْثَمُ، وفَرْجٌ أَخْثَمُ: مُنْتَفِخٌ حُزُقَّةٌ. . قصيرُ السَّمْكِ. . خَنَّاقٌ. . ضَيْقٌ.
قَالَ النَّابغَةُ:
(وَإِذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَخْثَمَ جَاثِماً ... ومُرَكَّناً بِمَكانهِ مِلْءَ الْيَدِ)
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَة: أُذُنٌ خَثْمَاءُ. . وَهِي الَّتِي عَرُضَ رأْسُهَا، وَلم تَطَرَّفْ.
وَقد: خَثِمَتْ خَثْماً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الأخْثمُ: السَّيْفُ العَرِيضُ _ فِي قَول الْعَجَّاج:
(بِالْمَوْتِ مِنْ حَدِّ الصَّفِيحِ الأَخْثَمِ ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ هُوَ الأبْرَدُ. . لِلنَّمِرِ.
وَيُقَال لأُنْثَاهُ: الخَيْثَمَةُ.
أَبْوَاب الخاءَ والزاء
خَ ر ل
اسْتعْمل من وجوههِ: خلر، رخل.
أمَّا:
خلر: فَإِن اللَّيْث أهمله.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ أَنه قَالَ: الخُلَّرُ: الْمَاشُ.(7/148)
وَقد ذكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الحُبُوبِ الَّتِي تُقْتَاتُ، ويُخْرَجُ مِنْهَا الصَّدَقاتُ.
رخل: قَالَ اللَّيْث: الرَّخْلُ: الْأُنْثَى من سِخَالِ الضَّأْنِ.
وَيُقَال: رِخْلٌ، والجميعُ: الرِّخْلاَنُ والرُّخَالُ.
وَقَالَ الفَرَّاء: العَرَبُ تَقول _ فِي جمع رَخِلٍ _: رُخَالٌ _ بِضَمِّ الرَّاءِ _. . مِثْلُ ظِئْرٍ وَظُؤَارٍ، وَشَاةٍ رُبَّى. . وَجَمْعُهَا رُبَابٌ.
خَ ر ن
اسْتعْمل من وجوههِ: خنر، نَخَر.
نخر: قَالَ الفَرَّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أإذا كُنَّا عظاماً ناخرة} ، وقرىء {نَّخِرَةً} [النَّازعَات: 11] .
قَالَ: وَ ((نَاخِرَةٌ)) أَجْوَدُ الْوَجْهَيْن. . لأنَّ الآياَتِ: بالألِفِ.
أَلا ترى أَنَّ ((نَاخِرَةً)) مَعَ ((الحافِرَةِ)) و ((السَّاهِرَةِ)) : أَشْبَهُ بمجِيء التَّنْزِيل؟
قَالَ: وَ ((النَّاخِرَةُ)) وَ ((النَّخِرَةُ)) سواءٌ فِي الْمَعْنى، بِمنْزلةِ الطَّامِع والطَّمِع.
وَقد فَرَّقَ بَعضُهمْ بَين ((النَّاخِرَة)) و ((النَّخِرَةِ)) .
فَقَالَ: النّخِرَةُ: البَالِيَةُ.
والنَّاخِرَةُ: العِظَامُ الْمُجَوَّفَةُ الَّتِي تَمُرُّ فِيهَا الرِّياحُ فَتَنْخِرُ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ فِي قَول عَدِيِّ بن زَيْدٍ الْعَبَادِيِّ:
(بَعْدَ بَنِي تُبَّعٍ نَخَاورَةٌ ... قد اطْمَأَنَّتْ بِهِمْ مَرَازِبُهَا)
قَالَ: ((النَّخَاوِرَةُ)) : الأشْرَافُ. . وَاحِدُهُمْ نِخْوَارٌ، وَنخْوَرِيٌّ.
وَيُقَال: هُمُ المتَكبِّرونَ.
عمرٌ و _ عَن أَبِيه _: النَّاخرُ: الْخِنْزِيرُ الضَّارِي، وجَمْعُه: نُخُرٌ.
اللَّيْث: نَخَرَ الحِمَارُ نخِيراً بأَنفِه، وَهُوَ مَدُّ النفَس فِي الخياشيم وصوْتٌ كَأَنَّهُ نَغْمَةٌ جَاءَت مُضْطَربةً.
قَالَ: ونُخْرَتا الأنْفِ خَرْقاه _ الواحدةُ نُخْرَةٌ.
وَيَقُولُونَ: مَنْخِرٌ ومِنْخِرٌ.
فمنْ قَالَ: ((مَنْخِرٌ)) فَهُوَ اسمٌ جَاءَ على ((مَفْعِلٍ)) وَهُوَ قِيَاس.
وَمن قَالَ: ((مِنْخِرٌ)) قَالَ: كَانَ فِي الأَصْل ((مِنْخِيرٌ)) عَلَى ((مِفْعِيلٍ) فحذفوا المَدَّة كَمَا قَالُوا: ((مِنْتِنٌ)) _ وَكَانَ فِي الأَصْل ((مِنْتِينٌ)) .
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النُّخْرَةُ رَأسُ الْأنف.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّخُورُ: الناقةُ الَّتِي يَهلِكُ وَلدُها فَلَا تَدِرُّ حَتَّى تُنَخَّرَ تَنْخِيراً.
والتَّنخِيرُ: أَن يَدْلُكَ حالبُهَا مَنْخِرَيْهَا بإبْهامَيْه، وَهِي مُناخَةٌ _ فتَثورُ دَارَّةً.
وَقَالَ اللَّيْث: نَخَرَت الخَشَبةُ نَخَراً _ إِذا بَلِيَتْ فاسترْخَت تتفَتّتُ إِذا مُسَّتْ. . وَكَذَلِكَ العَظْم.
وامرأةٌ منخَارٌ _ إِذا كَانَت تَنْخُرُ عِنْد الجماعِ كَأَنَّهَا مَجْنونةٌ.
وَمن الرِّجال من ينْخُرُ عِنْد الجِماع _ حَتَّى يُسْمَعَ نَخِيرُه.(7/149)
خنر: قَالَ اللَّيْث: الخَنَوَّرُ: قصَب النُّشَّاب وَأنْشد:
(يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ ذِي الآذَانِ ... فِي الْقَصَبِ الخَنَوَّرْ)
وَيُقَال: الخَنَوَّرُ: كلُّ شَجَرة رِخْوَة خَوَّارَة.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الخَنَوَّرُ: النِّعْمَةُ الظَّاهِرة _ والخِنَّوْرُ: الضَّبُعُ.
وأُمُّ خِنَّوْرٍ: هِيَ الدُّنيا.
عَمْرو _ عَن أَبِيه _ قَالَ: أُمُّ خِنَّوْرٍ: الصَّحَارَى أَيْضا.
قَالَ: وَهِي الدُّنْيَا، وَهِي الضَّبُع.
قلتُ: وَفِي ((الخِنَّوْر)) ثلاثُ لُغاتٍ: يُقَال: خِنَّوْرٌ: مثْلُ بِلَّوْرٍ وعِلَّوْصٍ.
وخَنُّورٌ: مثلُ سَفُّودٍ وكَلُّوبٍ.
وخَنَوَّرٌ: مثْلُ عَذَوَّرٍ، وكَرَوَّسٍ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الخَانِرُ: الصَّدِيقُ المُصافي، وجَمْعه خُنَّرٌ.
يُقَال: فلانٌ لَيْسَ من خُنَّرِي _ أَي: ليْسَ من أَصْفِيائي.
خَ ر ف
اسْتعْمل مِنْهُ: خرف، خفر، فرخ، فَخر، رخف، رفخ.
خرف: قَالَ اللَّيْث: خَرِفَ الشيخُ. . يَخْرَفُ خَرَفاً _ وأَخْرَفهُ الهَرَمُ، فَهُوَ خَرِفٌ.
وَفِي الحَدِيث: ((عَائِدُ الْمَرِيضِ عَلَى مَخَارِفِ الْجَنَّةِ حتَّى يَرْجِعَ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: وَاحِد الْمَخَارِفِ: مَخْرَفٌ، وَهُوَ جنى النُّخلِ
_ وَإِنَّمَا سُمِّي مَخْرفاً لِأَنَّهُ يُخْتَرَفُ مِنْهُ _ أَي: يُجْتَنَى.
ولمَّا نزلَتْ {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} [البَقَرَة: 245] الْآيَة. قَالَ أَبُو طَلْحَة: ((إِن لي مَخْرَفاً، وَإِنِّي قد جعلتُه صَدَقَةً)) .
وَقَالَ غيرُه: الْمخْرَف والمَخْرَفةُ: الطريقُ.
فَمَعْنَى الحَدِيث: ((عائدُ الْمَرِيض على طَرِيق الْجنَّة)) : أَي _ تؤدِّيه العيادَةُ إِلَى طَرِيقِ الجنّة.
وَمِنْه قَول عُمَر: ((تُرِكْتُمْ على مِثلِ مَخْرَفةِ النَّعَم)) _ أَي: على مثل طَرِيقها لوضوحها واستِقامَتِها.
وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
(فَأَجَزْتُهُ بِأَفَلّ تحْسَبُ أَثْرَهُ ... نَهْجاً أَبَانَ بِذِي فَرِيغٍ مَخْرَفِ)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: اخْرُفْ لنا _ أَي: اجْنِ لنا ثَمَر النّخل، وَقد خَرَفَ يَخْرُفُ.
وَقَالَ اللَّيْث: اَخْرَفْتُ فلانَا نخلَةً _ أَي: جَعَلتُها خُرْفَة لَهُ يختَرِف مِنها _ أَي: يَجتَنِي.
قَالَ: والمِخْرَفُ: زَبِيلٌ صَغِير يُخْتَرَف فِيهِ من أطايب الرُّطَب.
قَالَ: وَاسم النّخْلةِ _ الَّتِي تُعْزَل لِلْخُرْفَةِ _: خَريفةٌ. . وجَمْعها خَرَائِف. وأَخرَف النَّخْلُ، فهوَ مُخرِفٌ _ إِذا حَان خِرَافُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرُوفُ: الحَمَلَ الذَّكَرُ والعَدَد: أَخْرِفَةٌ، والجميع خِرْفَانٌ.
قَالَ: واشتقاقه: مِنْ أنّه يَخْرُفُ من هُنا وَهَهُنَا _ أَي: يَرْتع.(7/150)
وَقَالَ ابْن السكِّيت: إِذا نُتِجَتِ الْفرس فَإِنَّهُ يُقَال لوَلدها: مُهْرٌ وخَرُوفٌ فَلَا يَزال كَذَلِك حَتَّى يحولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ وَأنْشد:
(ومُسْتَنَّةٍ كاسْتِنَانِ الْخَرُوفِ ... قَدْ قَطَعَ الحَبْلَ بِالْمِرْوَدِ)
يَعْنِي طَعْنَةً فارَ دَمُها باسْتِنَانٍ.
وَيُقَال: سُمِّيَ الْحَمَلُ: خَرُوفاً، لِأَنَّهُ بَلَغَ أَنْ يُخْتَرفَ _ أَي: يُذبحَ فيؤْكلَ لحمُهُ، كَمَا يَبلغُ التمرُ الإختِرَافَ فيُجْنَى ويُؤْكَلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرِيفُ ثلاثةُ أشهر بَيْنَ آخِرِ القَيْظِ وأوِّلِ الشتَاء.
وَإِذا مُطِرَ الناسُ فِي الْخَرِيفِ قيل: قد خُرِقُوا.
قَالَ: ومطَرُ الْخَرِيفِ خَرَفِيٌّ.
قَالَ: وسُمِّيَ هَذَا الفصلُ خَرِيفاً _ لِأَنَّهُ يُختَرَفُ فِيهِ الثمارُ.
أَبُو عُبيد _ عَن الأصمعيِّ _: أوَّلُ مَا يبدأُ الْمَطَر فِي إقبال الشتَاء فاسمُه الخَرِيفُ، وَهُوَ الَّذِي يأْتي عِنْد صِرَامِ النَّخل، ثمَّ الَّذِي يَليه: الوَسْمِيُّ وَهُوَ أوَّلُ الرّبيع _ وَهَذَا عِنْد دُخُول الشتَاء. . ثمَّ يَلِيهِ الرَّبيعُ، ثمَّ الصيفُ ثمَّ الحَمِيمُ.
قَالَ أَبُو عُبيدٍ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: مِثلَ ذَلِك أَو نحوَه.
قَالَ: وَهَذَا لأنَّ العربَ تجعلُ السَّنَةَ ستَّةَ أَزْمِنَةٍ.
أَبُو عبيد _ عَن الأُمَوِيِّ _: يُقَال للناقة _ إِذا نُتِجَتْ فِي مِثْل الْوَقْت الَّذِي حَمَلت فِيهِ من قَابِلٍ _: قد أَخْرَفَتْ، فَهِيَ مُخْرِفٌ.
قَالَ شمِرٌ: وَلَا أعرف ((أَخْرَفَتْ)) _ بِهَذَا الْمَعْنى _ إِلَّا من الْخَرِيفِ، تَحْمِلُ الناقةُ فِيهِ وتضعُ فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَدْعُونَ مَالِكاً _ خَازِنَ جَهَنَّمَ _ أَرْبَعِينَ خَرِيفاً فَلاَ يُجِيبُهُمْ)) .
مَعْنَاهُ: أربعينَ سنة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُرَافةُ: حَدِيث مُسْتَمْلَحٌ كَذِبٌ. . وَله حَدِيث.
وَقَالَ غيرُه: كَانَ خُرَافَةُ رجلا استهوَتْه الجنُّ فَرجع بعجائبَ رَآهَا فيهم فقِيلَ لكلِّ عجِيبٍ كَذِبٍ: خُرَافَةٌ.
عَمْرو عَن أَبِيه _ قَالَ: الْخَرِيفُ: السَّاقِيَة، والْخَرِيفُ: الرُّطَبُ المُجْتَنَى، والخَرِيفُ: السَّنَةُ والْعامُ.
وَفِي الحَدِيث: ((مَا بَيْنَ مَنْكِبَى الْخَازِنِ مِنْ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ: خَرِيفٌ)) .
أَرَادَ: من الْخَرِيفِ إِلَى الْخَرِيفِ، وَهُوَ السَّنَةُ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: أرضٌ مَخْرُوفَةٌ: أَصَابَهَا خَرِيفُ الْمَطَرِ. . ومَرْبُوعَةٌ: أَصَابَهَا الرَّبيع، وَهُوَ الْمَطَر. . ومَصِيفَةٌ: أَصَابَهَا الصَّيف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أول المَطَر: الوَسْمِيُّ ثمَّ الشَّتْوِيُّ، ثمَّ الدَّفَائِيُّ، ثمَّ الصَّيف، ثمَّ الْحَمِيمُ، ثمَّ الْخَرِيفُ. وَلذَلِك جُعِلَتِ السنةُ ستَّة أزمنة.
رخف: أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: أَرْخَفْتُ العَجِينَ وأَوْرَخْتُهُ _ إِذا أكثرتَ ماءَه. . حَتَّى(7/151)
يسترخِيَ، وَقد رَخِف يَرْخَفُ رَخَفاً، ورَخَفَ يَرْخَفُ.
واسمُ ذَلِك الْعَجِين: الرَّخْفُ، والوَرِيخَةُ.
وَقَالَ الفرَّاء: وَهِي الرَّخِيفَةُ، والْمَرِيخَةُ والْوَرِيخَةُ، والأَنْبَخَانِيُّ: للعجين _ إِذا عُجِنَ رَقيقاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّخْفَةُ: الزُّبْدَة. . اسمٌ لَهَا.
وَأنْشد:
(تَضْرِبُ دِرَّاتِها إذَا شَكِرَتْ ... تَأْقِطُهَا وَالرِّخَافَ تَسْلَؤُها)
فرخ: أَبُو عبيد: مِنْ أَمْثَالهم المنتشرة فِي كشف الكَرْبِ _ عِنْد المخاوف عَن الجبان _ قولُهُمْ: أَفْرَخَ رَوْعُكَ.
يَقُول: لِيَذْهَبْ رُعْبُك وفَزَعُك فَإِن الْأَمر لَيْسَ على مَا تُحَاذِرُ.
وأصل الإفْراخ: الإنكشافُ. . مأخوذٌ من إِفرَاخِ البَيْض _ إِذا انْقَاضَ عَن الْفَرْخِ، فَخرج مِنْهُ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ _ عَن أبي الهَيْثم _ أَنه كَانَ يَقُول: أَفْرَخَ رُوعُه _ بِضَم الرَّاء.
قَالَ: والرُّوعُ: مَوضِع الرَّوْعِ من قَلْبهِ.
قَالَ: وأَفْرَخَ فؤادُ الرجل _ إِذا خَرَجَ رَوْعُهُ مِنْهُ _ كَمَا تُفْرخُ البَيْضَةُ إِذا انفلقت عَن الْفَرْخِ _ فَخرج مِنْهَا.
قَالَ: وقَلَبَهُ ذُو الرُّمَّةِ فَقَالَ _ لمعرفته بِالْمَعْنَى _:
(جَذْلاَنَ قَدْ أَفْرَخَتْ عَنْ رَوْعِهِ الكُرَبُ ... )
قَالَ: والرَّوْعُ فِي الفُؤاد: كالفَرْخِ فِي البَيْضَة. . وَأنْشد:
(فَقُلْ لِلْفُؤَاد إِنْ نَزَا بِكَ نَزْوَةً ... مِنَ الْخَوْفِ أَفْرِخْ أَكْثرُ الرَّوعِ بَاطِلُهْ)
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: أَفْرَخَ رَوْعُه _ إِذا دُعي لَهُ أَن يَسْكُن رَوْعُهُ وَيذْهب.
قَالَ: وَقَالُوا: ((أَفْرَخُوا بَيْضَتهم)) .
يُقَال ذَلِك لِلَّذي أَظْهَر أمره وَأخرج خَبَره. . لأنَّ إفْرَاخَ البَيْضِ: أَن يخْرُجَ فَرْخهُ. اللَّيْث: فَرَّخَتِ الحمامَةُ تَفْرِيخاً واسْتَفْرَخْنَاهاَ _ أَي: اتخذناها لِلْفَرْخِ.
قَالَ: وأَفْرَخَ الطائرُ: صَار ذَا فَرْخٍ، وأَفْرَخَ الأمرُ وفَرَّخَ _ إِذا استبان عاقِبَتُه بعد اشْتِبَاه.
قَالَ: وَيُقَال للفَرِقِ الرِّعْدِيدِ: فَرَّخَ تَفْرِيخاً. . وَأنْشد:
(وَمَا رَأيْنَا مَعْشراً فَيَنْتَخُوا ... مِنْ شَنَإ الأقْوَامِ إلاّ فرَّخُوا)
قلت معنى فَرَّخوا: أَي: ضَعُفوا كَأَنَّهُمْ فِرَاخٌ. . مِنْ ضَعْفهم.
وَقَالَ اللَّيْث: وفَرَّوخُ: بَلَغَنا أَنه كَانَ من وَلدِ إبراهيمَ، وَكَانَ وُلِدَ بعد إسْحَاقَ وإسْمَاعِيل، وكَثر نسلُه، ونما عَدَدُه فوَلَدَ الْعَجَمَ الَّذين هم فِي وَسَطَ الْبِلَاد.
قَالَ اللَّيْث: والزَّرْعُ مَا دَامَ فِي البَذْرِ فَهُوَ الْحَبُّ، فإِذا انشقَ الْحَبُّ عَن الوَرَقَةِ فَهُوَ الْفَرْخُ، فَإِذا طَلَعَ رأسُه فَهُوَ الحقْلُ.
وَالْعرب تَقول: فُلاَنٌ فُرَيْخُ قومه _ إِذا كَانُوا يُعَظِّمُونه ويكَرِّمونه.
وصُغِّر. . على وَجه الْمُبَالغَة فِي كرامته.(7/152)
شَمِرٌ _ عَن الهَوَازِنيِّ _: قَالَ: إِذا سَمِعَ صاحِبُ الأَمَةِ صوتَ الرَّعْد أوالطَّحْن فَرِخَ إِلَى الأَرْض _ أَي: لَزِقَ بهَا. . يَفْرَخُ فرَخاً.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: قَالَ: فَرِخَ الرجل _ إِذا زَالَ فَزعُهُ واطمأَنَّ.
قَالَ: والفَرِخُ: المُدَغْدَغُ من الرِّجال.
خفر: اللَّيْث: الْخَفرُ: شِدَّة الحَيَاء، وامرأةٌ خَفِرَةٌ: حَيِيِّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: امرأةٌ خَفِرَةٌ ومُتَخَفِّرَةٌ: شَدِيدَة الحيَاء. وَقَالَ اللَّيْث: خَفِيرُ الْقَوْم: مُجِيرُهُم الَّذِي يكونُونَ فِي ضَمَانه، مَا دَاموا فِي بِلَاده وَهُوَ يَخْفُرُ القومَ خُفَارةً.
قَالَ: والخَفَارَةُ: الذِّمَّةُ. . وانتهاكها: إخْفَارٌ.
وَفِي الحَدِيث: ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فإِنَّهُ فِي ذِمَّةِ الله فَلاَ يُخْفَرَنَّ الله فِي ذِمَّتِهِ)) .
وَقَالَ زهيرٌ:
(فَإِنَّكُمُو وَقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ ... لَكَالدِّيبَاجِ مَالَ بِهِ الْعَبَاءُ)
قَالَ: والْخُفُورُ هُوَ: الإخْفَارُ نَفسُه، من قِبَلِ المُخْفِرِ، ومِن غير فِعْلٍ _ على خَفَرَ يَخْفُرُ. . وَأنْشد:
(فَوَاعَدَني وَأَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي ... وبئْسَ خَلِيقةُ الْقَوْمِ الخُفُورُ)
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: خَفَرْتُ بِالرجلِ وخَفَّرْتُ الرجلَ.
مَعْنَاهُمَا: أَن تكون لَهُ خَفِيراً تَمْنَعُه.
وَقَالَ أَبُو جُنْدَبٍ الهُذَلِيُّ:
(يخفِّرُنِي سيْفي إِذَا لَمْ اُخَفَّرِ ... )
وَتَخَفَّرْتُ بفلان _ إِذا استَجَرْتَ بِهِ وسألتَهُ أَن يكون لَك خَفِيراً، وأَخْفَرْتُ الرجُلَ _ إِذا نَقَضْتَ عهدَه وخِسْتَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْجَرَّاحِ العُقَيْليُّ: مَثْلَ ذلكَ كلِّه _ إِلَّا ((تَخَفَّرْتُ)) وَحدهَا، وَزَاد فِيهِ: أَخْفَرْتُ إِذا بَعثتَ مَعَه خَفِيراً.
والاسْمُ: الْخُفَارَةُ والْخَفَارَةُ _ بِضَم الْخَاء وَفتحهَا.
وَقَالَ: هَذَا خُفْرَتي _ يَعْنِي الخَفِيرَ الَّذِي يمنعهُ.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْخَافُورُ نَبْتٌ.
وَأنْشد غيرُه لأبي النَّجْمِ:
(وَأَتَتِ النّمْلُ الْقُرَى بِغيرِهَا ... مِنْ حَسَكِ التّلْعِ وَمِنْ خَافُورِهَا)
فَخر: قَالَ اللَّيْث: الفاخُورُ: ضَرْبٌ من الرَّيْحاَنِ، يُقَال لَهُ مَرْوٌ، وَهُوَ: مِنْهُ مَا عَرُضَ وَرَقُه. وخرجتْ لَهُ جَمَامِيحُ فِي وَسَطه كَأَنَّهُ أطرافُ أَذْنابِ الثعالب، عَلَيْهَا نَوْرٌ أحمرُ فِي وَسطه، طيِّبُ الرِّيح يُسَمِّيه أهل البَصْرةِ ((رَيْحَانَ الشُّيُوخ)) ، يَزْعُمُ أطِبِّاؤهم أَنه يَقْطَعُ الشبابَ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: هَذَا فَخِيرُكَ أَي: الَّذِي يُفَاخِرُكَ. . نَحْوُ خَصِيمِكَ.
والفخرُ معروفُ، وَقد فاخَرْتُه ففَخَرْتُهُ وَهُوَ نَشْرُ المناقبِ، وذكْرُ الكِرامِ بالْكَرَمِ.
ورجلٌ فِخِّيرٌ: كثيرُ الإفتخارِ وَأنْشد:
(يَمْشي كَمشْي الْمَرحِ الْفِخِّيرِ ... )(7/153)
والفَخِيرُ: المغلُوبُ بالفخْر.
والشيءُ الجيِّد يُقَال لَهُ: الفَاخِرُ.
أَبُو عُبَيْدٍ _ عَن الأصمعيِّ -: يُقَال _ مِن الكِبْرِ والفخرِ _ فَخَزَ الرجُلُ. . بالزاَّي.
قلتُ: جَعَلَ الفَخْزَ والْفَخْرَ وَاحِدًا.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فرَسٌ فَيْخَرٌ وفَيْخَزٌ _ بالرَّاء والزَّاي _ إِذا كَانَ عظيمَ الْجُرْدَانِ.
عمروٌ، عَن أَبِيه، قَالَ: الفاخِرُ: النَّبِيلُ من كلِّ شَيْء.
وَيُقَال: فَخَرَ الرجلُ يَفْخَرُ _ إِذا عدَّدَ حسَبَه ومَفَاخِرَه.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: أُفْخِرَ فلانٌ اليومَ على فلانٍ فِي الشَّرَف والْجَلَدِ والمنطق _ أَي: فُضِّلَ عَلَيْهِ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: فَخِرَ الرجلُ يَفْخَرُ _ إِذا أَنِفَ ... وَأنْشد:
(وَتَرَاهُ يَفْخَر أَنْ تُحَلَّ بُيُوتُهُ ... بِمَحَلَّةِ الزَّمِرِ الْقَصِيرِ عِنَاناَ)
اللَّيْث: ناقةُ فخُورٌ: تُعْطِيكَ مَا عِنْدهَا من اللّبَنِ، وَلَا بقاءَ للبنها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: الفَخُورُ _ من النُّوق _ العظيمةُ الضَّرْعِ. . القليلةُ اللَّبَن.
ومِن الغنمِ: كَذَلِك.
ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَخَّارُ _ من الْجَرِّ _: معروفٌ، قَالَ الله جلّ وعزّ: {مِن صَلْصَلٍ كالْفَخَّارِ} [الرَّحمن: 14] .
قَالَ: واسْتَفْخَرْتُ الثَّوْبَ _ أَي: اشْتَرَيْتُه فاخراً، وَكَذَلِكَ فِي التّزْوِيجِ. . استَفْخَرَ فلانٌ مَا شَاءَ.
وأَفْخَرَتِ المرأةُ _ إِذا لمْ تلِد إلاَّ فاخراً.
فقد يَكون فِي الْفَخر من الفِعل مَا يَكونُ فِي المجْدِ، إلاّ أَنّكَ لَا تَقول: ((فَخِيرٌ)) _ مكانَ ((مَجِيدٍ)) ، ولكِنْ ((فَخُور)) وَلَا ((أَفْخَرْتُهُ)) مَكَان ((أَمْجَدْتُه)) .
وقولُ الله _ جلّ وعزّ _ {إِن الله لَا يحب كل مختال فخور} [لقمَان: 18] الفَخور: المتكبّر هَا هُنَا.
خَ ر ب
خرب، خبر، ربخ، بخر، برخ: مُستعملات.
خرب: قَالَ اللَّيْث: الْخَرَابُ: نقيض الْعمرَان وثلاثةُ أَخْرِبَةٍ.
قَالَ: والْخَرِبُ: جَمْعُ الْخَرِبةِ كالْكَلِمِ _ جَمْعِ الكلِمَة.
والفِعْلُ من كلِّ ذَلِك: خَرِبَ يَخْرَبُ خَرَاباً.
وَقد خَرَّبَهُ المخرِّبُ تَخْرِيباً.
وَفِي الدَّعاءِ: اللهُمُ مُخَرِّبَ الدُّنْيَا وَمُعَمِّرَ الآخِرَةِ أَي: خَلَقْتَهَا للخراب.
والخَرُّوبةُ: شجرَةُ الْيَنْبُوتِ.
وبلَغني أنَّه كَانَ يَنْبُتُ فِي مُصَلَّى سُليمانَ كلَّ يومٍ شجرةٌ. . فيسألُها: مَا أَنْتِ؟ فتقولُ: أناَ شَجَرَةُ كَذَا، أَنْبُتُ فِي أَرض كَذَا، أَنَا دَوَاءٌ مِن دَاء كَذَا. . فيَأْمُرُ بهَا فتُقْطع، ثمَّ تُصَرُّ ويُكْتَبُ عَلَى الصُّرَّةِ اسْمُها ودَواؤُها _ حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر ذَلِك نبتَتِ(7/154)
اليَنْبوتَةُ فَقَالَ لَهَا: مَا أنْتِ؟ فقالتْ: أنَا الخرُّوبةُ، وسَكَتَتْ، فَقَالَ سُليمانُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الآنَ أَعْلَمُ أنَّ الله قد أَذِنَ فِي خَرَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ وذَهابِ هَذَا المُلْكِ، فلمْ يَلْبث أَنْ مَاتَ.
والْخَرَبُ: الذَّكَرُ من الْحُبَارَى وجمعُه: الْخِرْبَانُ.
وَفِي حديثِ ابنِ عُمَرَ: فِي الَّذِي يُقَلِّدُ بَدَنتَه فيَضِنُّ بالنَّعْلِ، قَالَ: ((يقلدُها خُرَابة)) .
قَالَ أَبُو عُبيدٍ: وَالَّذِي نَعْرِفُ فِي الْكَلَام: أَنَّهَا ((الْخُرْبَةُ)) وَهِي عُرْوَةُ المَزادَةِ. . سمِّيَتْ خُرْبةً لاستدارتها.
وكلُّ ثَقْبٍ مستديرٍ فَهُوَ خُرْبَةٌ، مِثلُ ثَقْبِ الأُذُن. . وجمعُهَا خُرَبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(أَوْمِنْ مَعَاشِرَ فِي آذانِهَا الخُرَبُ ... )
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: خُرْبةُ الْمَزادة: أُذُنُها.
وَقَالَ: وَخُرْبَةُ السِّنْدِيِّ: ثُقْبَة شَحْمَةِ أَذُنِهِ.
يُقَال: خُرْبَةٌ _ إِذا كَانَ ثَقْباً غيرَ مخرُومٍ، وجمْعُها خُرَبٌ، فَإِذا كَانَت مَخْرُومةً فَهِيَ خَرَبَةٌ، والجميع: الْخَرَبُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: لكلِّ مَزَادة: خُرْبتَانِ وكُلْيَتَان.
وَيُقَال: خُرْبَانِ، ويُخْرَزُ الْخُرْبَانِ إِلَى الكُلْيَتَيْن.
وَقَالَ اللَّيْث:: أَمَةٌ خَرْبَاءُ، وعَبْدٌ أَخْرَبُ والْخَرَبُ: مَصْدَر الخُرْبَة.
قَالَ: والْخَارِبُ: اللِّصُّ، يُقَال: مَا رَأينَا من فلَان خُرْبَةً وخُرْباً مُذْ جاوَرنَا _ أَي: فَسَاداً فِي دِينه، أَو شيْناً.
وخُرَيْبَة: مَوْضِعٌ بالبَصْرَةِ يُسَمَّى ((بُصَيْرَةَ الصُّغْرَى)) .
قَالَ: وَيُقَال: الْخارِبُ: من شَدَائِد الدهْر وأنْشد:
(إِنَّ بِهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزَاماَ ... خُوَيْرِبَانِ يَنْقُفَانِ الْهَامَا)
قَالَ: وَ ((الأكْتَلُ)) ، و ((الْكَتَالُ)) هما: شِدَّةُ العيشِ، و ((الرِّزَامُ)) : الْهُزَالُ.
قلتُ: أَكْتَلُ ورِزَامٌ _ بِكَسْر الرَّاء _: اسْمَا رَجُلَيْنِ كَانَا خارِبَيْنِ لِصَّين.
وَقَوله: ((خُوَيْرِبانِ)) أَرَادَ: هُمَا خَارِبَانِ، فصغَّرهما. . وهما ((أَكْتَلُ ورِزَامٌ)) .
وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث _ فِي تَفْسِير ((الْخَارِب)) و ((أَكْتَلَ)) ، و ((رِزَامٍ)) : كَلاَ شيءٍ.
وفَسَّرَ ابنُ الْأَعرَابِي وغيرُه هَذَا الرَّجَزَ على مَا بَيَّنْتُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُرَابَةُ: حَبْلٌ من لِيفٍ أَو نَحوه.
وخُرْبةُ الإبْرَةِ، وخُرَّابَتُها: خُرْتُهَا.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: الْخُرْبُ ثَقْبُ الْوَرِكِ، وَهُوَ الْخُرَابَةُ والْخُرَّابَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: مِنْ دوائر الفَرَس: دائرةُ الخَرَبِ.
وَهِي الدائرة الَّتِي تكونُ عِنْد الصَّقْرَيْنِ، ودائِرَتَا الصَّقْرَينِ همَا اللَّتَان بَين الحَجَبَتَيْنِ والقُصْرَيَيْن.(7/155)
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخَرَبُ: الشَّعْرُ المُقْشَعِرُّ فِي الْخَاصِرَةِ. . وأَنشد:
(طويلُ الْحِدَاءِ سَلِيمُ الشَّظَى ... كَرِيمُ المِرَاحِ صَلِيبُ الخَرَبْ)
قَالَ: و ((الْحِدَأَةُ)) سالِفَةُ الفَرَس: وَهُوَ مَا تَقَدَّم من عُنُقِه.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: الْخُرْبُ _ أَيْضا _: مُنْقَطَعُ الجُمهُورِ المُشْرِفِ من الرَّمْلِ.
و ((خَرُّوبٌ)) : مَوْضِعٌ.
برخ: قَالَ اللَّيْث: الْبَرْخُ _ بِلُغَةِ أَهل عُمَانَ _: الرَّخِيصُ.
يُقَال: كَيفَ أَسْعارُهم؟ فيقالُ: بَرْخٌ - أَي: رَخِيصٌ.
وَقَالَ الرَّاجز:
(وَلَوْ أَقولُ بَرِّخُوا، لَبَرَّخُوا ... لِمَارِ سَرْجِيسَ وقَدْ تَدَخْدَخُوا)
((بَرَّخوا)) : قَالَ: بَرِّكُوا بالنَّبَطيَّةِ.
وَقَالَ غيرُه ((بَرِّخوا)) _ أَي: اجْعَلُوا لنا مِنْهُ شِقْصاً.
وأصلُهُ بالفَارِسيَّة: الْبَرْخُ، وَهُوَ النَّصِيبُ.
ربخ: قَالَ اللَّيْث: الرَّبُوخُ: المرأَةُ يُغْشَى عَلَيْهَا عِنْد الْمُلاَمَسة.
يُقَال: رَبَخَتْ تَرْبَخُ رَبَخاً ورُبُوخاً وَرَبَخَتْ رَبَاخاً ... فَهِيَ رَبُوخٌ.
قَالَ: ومُرْبخٌ: رَمْلٌ بالبادية بعَيْنِه.
وأخبَرنا المنذريُّ _ عَن أبي الهيثَم _ أنَّهُ قَالَ: سُمِّي جَبَلُ ((مُرْبِخٍ)) مُرْبِخاً لأنَّه يُرْبخُ الماشِيَ فِيهِ من التَّعَب والمشقَّة _ أَي
يُذْهِبُ عَقْلَهُ _ كالرُّبُوخِ الَّتِي يُغْشَى عَلَيْهَا من شِدَّةِ الشَّهْوَةِ. . وَأنْشد:
(أَطْيَبُ لَذَّاتِ الْفَتَى ... نَيْكُ رَبُوخٍ غَلِمَهْ)
ورُوِيَ عَن عليٍّ رَضِي الله عَنهُ أَنَّ رجلا خاصمَ إليهِ أَبَا امْرَأَتِه، وَقَالَ: زَوَّجَنِي بنْتَه وَهِي مَجْنُونَةٌ {} فَقَالَ مَا بَدا لَك مِن جُنُونِها؟ فَقَالَ: إِذا جَامَعْتُها غشي عَلَيْهَا.
فَقَالَ: تلكَ الرَبُوخ {} لَسْتَ لَها بِأَهْل {} أَرَادَ أَنَّ ذلكَ يُحمَدُ مِنْهَا. وَقَالَ اللَّيْث: رَبِختِ الإبلُ فِي المرْبِخ _ أَي: فَتَرَتْ فِي ذَلك الرَّمْل من الْكَلاَلِ وَأَنشد:
(أَمِنْ حِبَالِ مُرْبِخٍ تَمَطَّيْن ... لاَ بُدّ مِنْهُ فَانْحَدِرْنَ وَارْقَين)
(أَوْ يَقْضِيَ الله ذُبَابَاتِ الدَّيْن ... )
قَالَ: وَرَجُلٌ رَبيخٌ: ضَخْمٌ. . وَأنْشد:
(فَلَمَّا اعْتَرَتْ طَارِقاَتُ الْهُمُومِ ... رَفَعْتُ الْوَليَّ وَكُوراً رَبِيخاَ)
_ أيْ: ضَخْماً.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: أَرْبَخَ الرَّجلُ _ إِذا وقَعَ فِي الشدَائِدِ.
وَأَرْبَخَ الرَّمْلُ _ إِذا تَكاثَفَ. وَأَرْبَخَ المَاشِي فِيهِ _ إِذا اشْتَدَّ عليهِ السَّيْرُ فِيهِ.
وَأَرْبَخَ الرَّجلُ _ إِذا اشْتَرى جَارِيَةً رَبُوخاً، وَهِي الَّتِي تَنْخَرُ عِنْد الجماَع وَتَضْطَرِبُ كأنهَا مَجْنُونَةٌ.(7/156)
خبر: قَالَ اللَّيْث: الْخَبَرُ مَا أَتَاك من نَبَإ عَمَّنْ تَسْتَخْبِر. تقولُ: أَخْبَرْتُهُ وَخَبَّرْتُهُ. وجَمْعُ الْخَبَرِ: أَخْبَارٌ.
والْخَبِيرُ: الْعَالِمُ بِالْأَمر، والْخُبْرُ: مَخْبَرَة الإنْسَانِ _ إِذا خُبِرَ _ أَي: جُرِّبَ فَبَدَتْ أَخْلاَقُهُ.
والخِبْرَةُ: الاختِبَارُ. . تَقول: أَنتَ أَبْطَنُ بِهِ خِبْرَةً، وَأَطْولُ لَهُ عِشْرَةً.
والْخَابِرُ: الْمُخْتَبِرُ الْمُجَرِّبُ. وَالخُبْرُ: عِلْمُكَ بالشَّيْء _ تقولُ: لَيْسَ لي بهِ خُبْرٌ _ أَيْ: لَا عِلْمَ لي بهِ.
والْخَبَارُ: أَرْضٌ رِخْوَةٌ يَتَتَعْتَعُ فِيهَا الدَّوابُّ وَأنْشد:
(يُتَعْتِعُ فِي الْخَبَارِ إذَا عَلاَهُ ... وَيَعْثُرُ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخَبَارُ: مَا اسْتَرْخَى من الأَرْض وَتَحَفَّرَ.
وَقَالَ غيرُه: مَا تَهَوَّرَ وَسَاخَتْ فيهِ الْقَوَائِم.
شَمِرُ: قَالَ أَبُو عَمْرو: الْخَبَارُ أَرضٌ لَيِّنَةٌ فِيهَا جِحَرَةٌ.
أَبو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْخَبِرَةُ وَالْخَبْرَاءُ: الْقاعُ: يُنْبِتُ السِّدْر.
والْخَبَارُ مَا لاَنَ من الأَرْض واسْتَرْخَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَبْراءُ: شَجْرَاءُ فِي بَطْنِ رَوْضَةٍ يَبْقَى الماءُ فِيهَا إِلَى الْقَيْظِ.
وَفِيها يَنْبُتُ الْخَبْرُ، وَهُوَ شَجَرُ السِّدْرِ وَالأَرَاكِ. . وَحَوَالَيْها عُشْبٌ كثِيرٌ.
وتُسَمَّى: الْخَبِرَةَ _ أَيضاً _ والجميعُ: الْخَبِرُ.
قَالَ: وَخَبْرُ الْخَبِرَةِ: شَجَرُهَا، وأَنشد:
(فَجَادَتْكَ أَنْوَاءُ الرَّبيعِ وَهَلَّلتْ ... عَلَيْكَ رِياضٌ مِنْ سَلاَمٍ ومِنْ خَبْرِ)
قَالَ: والْخَبْرُ _ من مَنَاقع الماءِ _: مَا خَبَّرَ الْمَسِيلَ فِي الرُّؤُوس، فَيَخُوضُ الناسُ فيهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ _ عَن الصَّيْداويِّ عَن الرِّيَاشِيِّ _ قَالَ: الْخُبْرةُ: لَحْمٌ يَشْتريهِ الإنسانُ لأهْلِهِ.
يُقَال للرجلِ: مَا اختْبَرْتَ لأَهْلِكَ؟
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْخُبْرَةُ: النَّصِيبُ. . تَأْخُذُهُ من لَحْمٍ أَوْ سَمَكٍ.
وَقَالَ الرياشيُّ: الخبِيرُ: الزَّبَدُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: هُوَ زَبَدُ أَفْوَاهِ الإبِلِ.
وَقَالَ الرياشيُّ: الْخبِيرُ: الْوَبَرُ.
قَالَ: وَالْخبِيرُ: الأكَّارُ.
وَأنْشد فِي الخُبْرَةِ:
(بَاتَ الرَّبِيعِيُّ وَالْخَامِيزُ خُبْرَتُهُ ... وَطَاحَ ظَبْيُ بَني عَمرو بن يَرْبوعٍ)
وَأنْشد للهُذَلِيِّ فِي الخَبِير الزَّبَدِ:
(تَغَذَّمْنَ فِي جَانِبَيْهِ الْخَبِيرَ ... لَمَّا وَهَى مُزْنُهُ واسْتُبِيحَا)
((تَغَذَّمْنَ)) : يَعْنِي الفُحولَ _ أَي: مَضَغْنَ الزَّبَد وعَمَيْنَهُ _ أَي رَمَيْنَهُ.
وَأنْشد:
(تجُذُّ رِقابَ الأَوْسِ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ ... كَجَذِّ عَقَاقَيلِ الْكُرُومِ. . خَبِيرُها)
رُفِعَ قولُه: ((خَبِيرُها)) على تَكْرِير الْفِعْل.(7/157)
أرَادَ: جَذَّهُ خبِيرُها _ أَي: أَكَّارُها.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عُبَيْدَة: الْخَبِيرُ: الأَكَّارُ.
ومُخَابرَةُ الأَرْض _ أَي: مُزَارَعَتها على الثُّلثِ والرُّبعِ: مِنْ هَذَا.
وَقَالَ جابرُ عَن عبد الله: كُنّا نُخَابِرُ وَلَا نَرى بذلك بَأْسا. . حَتَّى أَخْبَرَنا رافِعُ بنُ خَدِيجٍ أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدْ نَهَى عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخَبِرُ: المَزَادة.
وَيُقَال: الْخَبْرُ. . إِلَّا أَنه بالْكَسْرِ أَكثر. . وجَمْعُه: خُبُورٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْخَبْرُ _ بِالْفَتْح _: المَزَادَةُ. . وَأنكر فِيهِ الكَسْرَ.
قَالَ: وَمِنْه قيل: ناقةٌ خَبْرٌ _ إِذا كَانَت غَزِيرَةً.
والْخَبْرُ والْخِبْرُ: النَّاقة الغزيرةُ اللّبن شُبِّهَتْ بالمزَادة فِي خُبْرِها.
وَفِي الحَدِيث: ((كنَّا نَسْتَخْلِبُ الْخَبِيرَ)) أَرَادَ ب ((الْخَبير)) : النَّباتَ والعُشْبَ واستخْلاَبُهُ: احْتِشَاشُه.
كأَنّ العُشْبَ شُبِّه بخَبِير الْإِبِل، وَهُوَ وبَرُها. فالنَّبَاتُ يَنْبُتُ _ كَمَا يَنْبتُ الوَبَرُ.
وخَيْبَرُ: موضِعٌ بِعَيْنِه. . معروفٌ.
وَيُقَال: تَخبَّرْتُ الخَبَر واستَخبَرْتُه _ بِمَعْنى واحِدٍ.
ومِثْله: تَضَعَّفْتُ الرجلَ واستضْعفتُه وتنَجّزْتُ الجَوَابَ، واسْتَنْجَزْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَخْبُور: الطَّيِّبُ الإِدَامِ، والمَخْبُورُ: المَخْمُورُ والْخَبيرُ: مِن أسماءَ الله تَعَالَى: مَعْنَاهُ العالِمُ ((بِمَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ، وَهَذِه الصِّفَةُ لَا تكونُ إِلَّا لله تَبَارَكَ وتَعالَى.
وخَبُرْتُ بِالْأَمر _ أَي: عَلِمْتُهُ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفُرقان: 59] أَي: سَلْ عَنهُ خَبِيراً عَالِماً تُخْبَرْ.
والْخَابُورُ: بلدٌ معروفٌ وَمِنْه قَوْله:
(أَيَا شَجَرَ الْخَابُورِ مالَكَ مُورِقاً ... )
ورجلٌ مُخْبَرٌ _ أَي: إِذا خُبِرَ وجِدَ كامِلاً.
بخر: قَالَ اللَّيْث: بَخِرَ الرجلُ بَخَراً، والْبَخَرُ ريحٌ كَرِيهَةٌ من الفَمِ.
والنّعْت أَبْخَرُ، وامْرَأةٌ بَخْرَاءُ.
والْبَخرُ، مَجْزوم _ فِعْلُ الْبُخَارِ.
يُقَال: بَخَرَتِ القِدْرُ تَبْخَرُ بُخَاراً وبَخْراً.
وكلُّ دُخَانٍ يَسْطع من ماءٍ حارٍّ فَهُوَ بخار.
وَكَذَلِكَ ... من النَّدَى.
والْبَخُورُ: دُخْنَةٌ يُتَبخَّرُ بهَا.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _ بَنَاتُ بَخْرٍ وَبَنَاتُ مَخْرٍ: سحائبُ بِيضٌ يَأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ مُنتَصِبَاتٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْمَبْخُورُ: المَخْمُورُ.
قَالَ: والبَاخِرُ: ساقِي الزَّرْعِ.
خَ ر م
خرم، خمر، مرخ، مخر، رخم، رمخ: مستعملات.(7/158)
خرم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: خُرِمَ الرجُل، هُوَ مَخْرومٌ.
وخَرِمَ أَنفُهُ. . يَخْرَمُ خَرَماً، وَهُوَ قَطْعٌ فِي الْوَتَرَةِ، أَو فِي النَّاشِرَتْينِ أَو فِي طَرَف الأَرْنَبَةِ. . لَا يَبْلُغُ الْجَدْعَ.
والنَّعْتُ: أَخْرَمُ وخَرْمَاءُ _ كأَشرَمَ وشَرْمَاءَ.
والفِعْل: خَرَمْتُهُ خَرْماً وشَرَمْتُه شَرْماً.
قَالَ: وَإِن أصَاب نَحْوَ ذَلِك فِي الشَّفَةِ، أَو فِي أَعْلَى قُوفِ الأذُنِ _ فَهُوَ خرْمٌ.
قَالَ: والْخَرمُ: مَا خَرَمَ سَيْلٌ، أَو طريقٌ فِي خُفٍّ أَو رَأْسِ جَبَلٍ.
واسمُ ذَلِك الموضِعِ _ إِذا اتَّسع _ فَهُوَ مَخْرِمٌ، كَمَخْرِمِ الْعَقَبة، ومَخْرمِ المَسِيل.
والخَرْمُ: أَنْفُ الجَبَلِ. . وَهِي الْخُرُومُ _ وَمِنْه اشْتِقاق ((الْمخْرِم)) .
وأَخْرَمُ الكتِفِ: مَحَزٌّ فِي طَرَفِ عَيْرِها مِمَّا يَلِي الصَّدَفةَ. . والجميع: الأَخَارِمُ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَنْ يُضَحَّى بالمُخَرَّمَةِ الأُذُنِ)) _ يَعْنِي: المقطوعة الأذُنِ.
قَالَ شمِر: والخَرْمُ يكون فِي الأُذُنِ والأَنْفِ جَمِيعًا.
وَهُوَ _ فِي الأنفِ _ أَن يُقطَعَ مقَدَّمُ مَنْخِرِ الرجُل وأَرْنَبتِه _ بعد أَن يُقطَعَ أَعْلَاهَا _ حَتَّى يَنفُذَ إِلَى جوْفِ الأنفِ.
يُقَال: رجل أَخْرَمُ: بَيِّنُ الْخَرَمِ.
والأَخْرَمُ _ من الشِّعر _ مَا كَانَ فِي صَدْره وَتِدٌ مَجْمُوع الحركتين، فَخُرِمَ أحدُهما، وطُرحَ _ كَقَوْلِه:
(إِنَّ امرَءاً قَدْ عَاشَ تِسْعِينَ حِجَّةً إلَى مِثْلِهَا يَرْجُو الخُلُودَ لَجَاهلُ)
كَانَ تمامُهُ: ((وإِنَّ امْرَءاً)) .
وَتقول: اخْتَرمَتْهُ الْمَنِيُّةُ من بَين أَصْحَابه _ أَي: أخذتْهُ من بَينهم.
واخْتُرِمَ فلَان عَنَّا _ أَي: ماتَ وَذهب.
وَقَالَ غيرُه: خَرْمُ الجَبَلِ: مُنقطَعُ أَنْفِه، وأنفُ الْجَبَل: قائدُ قادِمَتِه.
((والْخُرْمُ)) _ بكاظِمَةَ _: جُبَيْلاَتٌ وأُنوفُ جبال.
وَقَالَ أَبو نُخَيْلَةَ _ فِي صفة إبل _:
(قَاظَتْ مِنَ الخُرْمِ بِقَيْظٍ خُرَّم ... )
وَأَرَادَ بقوله: ((بِقَيْظٍ خُرَّمِ)) : الخصْبَ والسَّعَة.
_ أَي: بقَيْظٍ ناعمٍ كثيرِ الْخَيْر.
وَمِنْه يُقَال: كَانَ عيشُنَا بهَا خُرَّماً _ أَي: نَاعِمًا.
قَالَه ابنُ الْأَعرَابِي.
وَأما قَول جَرِيرٍ:
(إِنَّ الْكَنِيسَة كانَ هَدْمُ بِنَائِهَا ... نَصْراً وَكان هَزِيمةً للأَخْرَمِ)
فإنَّ ((الأَخْرمَ)) اسمُ ملكٍ من ملوكِ الرُّومِ.
وَيُقَال: لَا خَيْرَ فِي يَمينٍ لاَ مَخَارِمَ لهَا _ أَي: لَا مَخارجَ لَهَا. . مأخوذٌ من ((الْمَخْرِمِ)) ، وهوالثَّنِيَّةُ بَين الْجَبَليْن. .
وَيُقَال: خَرَمَتهُ الخَوَارمُ _ إِذا مَاتَ كَمَا يُقَال: شَعَبَتهُ شَعُوبُ.(7/159)
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هَذِه يَمينٌ قد طَلَعتْ فِي الْمَخَارمِ.
وَهِي الْيَمين الَّتِي تجعلُ لصَاحِبهَا مَخْرَجاً.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الخَرْوَمَانةُ: بقلة خَبِيثَةُ الرِّيح تَنبتُ فِي الْعَطَنِ.
وَأنْشد:
(إِلَى بَيْتٍ شِقْذان كأَنَّ سِبَالَهُ ... وَلحيَتَهُ فِي خُرْوَمَان مُنَوِّرِ)
عَمْرو _ عَن أَبِيه _: جَاءَ فلانٌ بالخُرْمَان _ أَي: بِالْكَذِبِ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: مَا نَبَسْتُ فِيهِ بخَرْمَاء: يَعْنِي بِهِ الكذبَ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الخَرِيمُ الماجِنُ.
والرَّخِيمُ: الحَسَن الْكَلَام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الخارِمُ: التَّارِكُ.
والخَارمُ: المُفْسِدُ.
والخارمُ: الرِّيحُ الباردةُ.
وَفِي حَدِيث سعدٍ _ رَضِي الله عَنهُ: ((مَا خَرَمْتُ مِن صَلاَةِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا أَي: مَا تَرَكْتُ)) .
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْخُرَّامُ: الأحْداث المُنخَرِمون فِي الْمعاصِي المُجَعْجِعةِ، وَإِذا أَصاب الرّامي بسهمِه القِرطاسَ فَلم يَثقُبْهُ _ فقد خرَمَه.
وَيُقَال: أصابَ خَوْرَمَتَهُ _ أَي: أَنْفَهُ.
أَبُو عُبَيد _ عَن أبي عمرٍ و _: رِيح خَارِمٌ: باردةٌ.
وَقَالَ شَمِرٌ: ريحٌ خَارِمٌ. . وَهُوَ الجَامِدُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَدًى.
خمر: قَالَ اللَّيْث: الخمرُ: مَعْرُوفٌ واختمارُها: إِدْرَاكُها وغَلَيانُها. . ومُخَمِّرُها: مُتَّخِذُها. . وخُمْرتُهَا: مَا غَشِيَ المَخْمُورَ من الْخُمَارِ والسُّكْرِ فِي قلبِه وَأنْشد:
(وَقد أَصَابَتْ حُمَيَّاها مَقَاتِلَهُ ... فَلم تكَدْ تَنجَلي عَن قلبه الْخُمَرُ)
وَيُقَال: قد اختَمَر العَجينُ والطِّيبُ، وَقد وَجَدْتُ مِنْهُ خَمَرَةً طيِّبَةً إِذا اختَمَرَ الطِّيبُ _ أَي: وَجَدْتُ رِيحَهُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: وجَدْتُ مِنْهُ خَمَرَة الطّيبِ _ بِفَتْح الْمِيم _: يَعْنِي ريحَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَمَرْتُ العجينَ والطِّيبَ خَمْرَةً _ كخَمِرَ يَخْمَرُ.
وخَمَرْتُ الدَّابةَ. . أَخْمِرُها _ إِذا سقيتُهَا الْخَمْرَ.
أَبُو عُبيد _ عَن الكسائيِّ _: خَمَرْتُ العجينَ وفَطَرْتُه. . وَهِي الْخُمْرَةُ _ للَّذي يُجْعَلُ فِي العجِين. . يسمِّيه الناسُ: ((الخَمِيرَ)) .
وَكَذَلِكَ: خُمْرَةُ النَّبِيذ والطِّيبِ.
وَقَالَ غيرُه: خميرَةُ اللّبَن: رُوْبتُه الَّتِي تُصَبُّ عَلَيْهِ: ليَرُوبَ سَرِيعا رُؤُوباً.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمِرُه _ إِذا استَحْيَيْتَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو زيد: خامرَ الرجلُ المكانَ وخَمَّرَه _ إِذا لم يَبْرَحْه.
وَمن أَمْثال الْعَرَب: ((خَامِرِي أُمَّ عامرٍ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُضْرَب مَثلاً للرَّجُلِ الأحْمَق، و ((أُمُّ عامرٍ)) هِيَ الضَّبُعُ.(7/160)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الْحَرَّانِيُّ عَن ابْن السّكيت _: الضَّبعُ تُحَمَّقُ ويَدخل عَلَيْهَا الرجلُ فِي وِجَارِها، فتَحْمِلُ عَلَيْهِ، فَيَقُول: خامِري أُمَّ عامرٍ، ليستْ أُمُّ عامرٍ هَاهُنَا فتُمكِّنه حَتَّى يَكْعمَها ويُوثِقَها بحَبْلٍ، ثمَّ يَجُرُّها.
قَالَ: وَمعنى ((خامرِي)) : ادْخُلي الْخَمَرَ وَهُوَ مَا وَارَاكَ من الشَّجَرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: خامَرَهُ الدَّاءُ _ إِذا خالط جَوْفَهُ ... وأنشَدَ:
(هَنيئاً مَرِيئاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ ... لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ)
ابْن الْأَعرَابِي _ عَن أبي ثروان _ أَنه وصف مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرِها. . قَالَ: فتَخَمَّرَتْ أَطْنَاننَا _ أَي: طابَتْ رَوائحُ أَبْدَانِنَا بِالْبَخُورِ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخَامِرُ: الَّذِي يَكْتُمُ شَهَادَتَهُ.
شَمِرٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: رَجُلٌ خَمِرٌ _ أَي: مُخَامَرٌ.
وَأنْشد:
(أَحَارِ بْنَ عَمرٍ وكَأَنِّي خَمِرْ ... )
أَي: مُخَامَرٌ.
هَكَذَا قيَّده شَمِرٌ بِخَطِّهِ.
قَالَ: والداءُ الْمُخامِرُ: المُخَالِط. . خَامَرَهُ الداءُ _ إِذا خالطَه.
وَأنْشد قولَه:
(وَإِذَا تُبَاشِرك الْهُمُومُ ... فَإِنَّهَا دَاءٌ مُخَامِرْ)
ونحْوَ ذَلِك قَالَ اللَّيْث. . فِي خَامرَهُ الدَّاءُ _ إِذا خَالَطَ جوفَه.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: خَمَرْت العَجِينَ أَخمْرُهُ خَمْراً _ إِذا جعلتَ فِيهِ الْخَمِيرَةَ.
وَقد خَمَرَ شَهَادَتَهُ _ إِذا كَتَمَهَا.
وَقد خَمِرَ عني. . يَخْمَرُ خَمَراً _ إِذا تَوَارَى.
شمِرٌ _ عَن ابْن شُمَيْلٍ: الْخَمَرُ: مَا وَارَاك مِنْ شَيْء. . أوِ ادَّرَأْتَ بِهِ.
الْوَهْدَةُ: خَمَرٌ. . والأكمَةُ: خَمَرٌ. . والْجَبَلُ: خَمَرٌ. . والشَّجَر: خَمَرٌ. . وكُلُّ مَا وَارَاك فَهُوَ خَمَرٌ.
قَالَ الفرَّاء: خَمِرَ الرجل _ إِذا دخل فِي الخَمَرِ ... وَأنْشد:
(أَحَارِ بْنَ عَمْرٍ وكَأَنِّي خَمِرْ ... )
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخِمْرَةُ: الاسْتِخْفاء.
وَقَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
(مِنْ طارقٍ يَأتي عَلَى خِمْرَةٍ ... أَوْ حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ)
وَقَالَ ابنُ الأعْرابيِّ: مَعْنَاهُ: على غَفْلَةٍ مِنْكَ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: قَالَ: النَّعْجَةُ إِذا ابْيَضَّ رَأْسُها من بَين جَسَدها فَهِيَ مُخَمَّرَةٌ، وَرَخْمَاءُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الْمُخْتَمِرَةُ مِنَ الضَّأْن والمِعْزَى.
وَقَالَ ابْنُ سُهَيَّةَ:(7/161)
(وَقَفْتَ بِهَا تُكَاتِمُ مُسْتَهِلاًّ ... وَخَمْرَكَ مِنْ حَمِيلَةَ أَنْ تَفُورَا)
أَرَادَ ب ((خَمْرَكَ)) : مَا خَامَرَك، ((مِنْ حَمِيلَةَ أَنْ تَفُورَ)) _ أَي: تَظْهَرَ.
وَمِنْه قَوْله:
(حَتَّى إِذَا مَا هَرَاق النَّوْمُ عَبْرَتَهُ ... قاَلَ الْعَشِيّ لِخَمْرِي فِي الضَّحَى فُورِي)
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: ((خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ)) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: التَّخْمِير: التّغطِيَةُ.
وَفِي حَدِيث مُعَاذٍ ((مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْماً أَوَّلُهُمْ أَحْرَارٌ وَجِيرانٌ مُسْتَضْعَفُونَ: فإنَّ لَه مَا قَصَرَ فِي بَيْتِهِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ ابْنُ الْمُبَارَك يَقُول فِي قَوْله: ((مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْماً)) _ أَي: اسْتَعْبَدَهُم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ: هذَا كَلاَمٌ معروفٌ عندنَا بالْيَمَن لَا يُكادُ يُتَكلَّمُ بِغَيْرِهِ.
يَقُول الرجل للرّجل: أَخْمِرْنِي كَذَا وَكَذَا _ أَي: أَعْطِنِيه. . هَبْهُ لي. . مَلِّكْنِي إيَّاه.
فَقَوْل مُعَاذٍ: ((مَنْ اسْتَخْمَرَ قَوْماً)) : يقولُ: أَخَذَهُمْ قَهْراً أَوْ تَمْلُّكاً عَلَيْهِمْ، فَمَا وَهَبَ المَلِكُ من هَؤُلَاءِ لِرَجُلٍ فَقَصَرَهُ الرجُلُ فِي بَيته _ حَتَّى جَاءَ الإسْلاَمُ، وَهُوَ عندَهُ _ فَهُوَ لَهُ.
وَقَالَ غَيْرُه _ أَخْمَر فلانٌ عَلَيَّ ظِنَّةً _ أَي: أَضْمَرَها.
وَقَالَ لَبيدٌ:
(أَلِفْتُكِ حَتّى أَخْمَرَ الْقَوْمُ ظِنَّةً ... عَلَى بَنُو أُمِّ الْبَنِينَ الأكابِر)
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْمُخَامَرةُ: أَن يَبِيع الرجل غُلَاما حُرّاً. . على أَنه عبدُهُ.
قلتُ: وأَظُنُّ قوْلَ مُعَاذٍ مِنْ هَذَا أُخِذَ.
الليثُ: الخَمَرُ وَهْدَةٌ يخْتَفِي فِيهَا الذِّئْبُ وَأنْشد:
(فَقَدْ جاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّرِيقِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَمَرَ: أَن تَخْرُزَ ناحِيَتَي أَدِيمِ المَزَادَةِ، ثمَّ يُعْلَى بِخُرُوزٍ أُخرَ فذلِكَ: الْخَمَرُ.
وَالخِمَارُ: مَا تُغَطِّي بِهِ المرأَةُ رَأْسها، وَقد تَخَمَّرَتْ بالخِمَارِ، وَهِي حَسَنَةُ الْخِمْرَةِ.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _: دَخَلْتُ فِي خُمَارِ النَّاسِ وَخَمَارِهمْ وخَمرِهمْ _ أَي: فِي جَمَاعتهمْ وَكَثْرَتهم.
وَقَالَ شَمِرٌ: وَيُقَال: دَخَلْتُ فِي غَمْرَتِهِمْ وخَمْرَتِهِمْ _ أَي جَمَاعتهمْ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَسْجُدُ عَلَى الْخُمْرةِ)) .
قَالَ اللَّيْث: وَهِي حَصِيرٌ صَغِيرٌ قَدْرُ مَا يُسْجَدُ عليهِ ... يُنْسَجُ من السَّعَفِ أَصْغَرُ من الْمُصَلَّى.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَتْ خُمْرَةً ... لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الْوَجهَ عَن الأَرض.
قَالَ: وَقيل لِلْعَجِينِ: قد اخْتَمَرَ، لأنَّ فُطُورَتَهُ قد غَطَّاهَا الْخُمْرُ. . وَهُوَ الاخْتِمَارُ.(7/162)
وَيُقَال: قد خَمَرْتُ الْعجينَ، وأَخْمَرْتُهُ وفَطَرْتُهُ، وَأَفْطَرْتُهُ.
قَالَ: وسُمِّيَ ((الْخَمْرُ)) خَمْراً لأنَّهُ يُغَطَّي الْعَقْلَ.
قَالَ: وَيُقَال لكلِّ مَا ستَرَ الإنسانَ من شَجَرٍ أَو غيرِهِ: خَمَرٌ.
وَمَا سَتَرَهُ من شَجَرٍ خَاصَّةً _ فَهُوَ الضَّرَّاءُ.
وَمن أَمثالهم: ((مَا فُلاَنٌ بخَلٍّ ولاَ خَمْرٍ)) _ أَي: مَا عندَهُ خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ.
وَقد مَرَّ تَفْسِيرُهُ.
رخم: قَالَ اللَّيْث: أَرْخَمَتِ الدَّجَاجَةُ والنَّعَامَة على بَيْضهَا _ إِذا حَضَنَتْ عَلَى بَيْضِها، فَهِيَ مُرْخِمٌ.
وَرَخَّمَهَا أَهْلُها _ إِذا أَلْزَمُوها بَيْضَهَا.
والرَّخَمَةُ: شِبْهُ النَّسْرِ فِي الخِلْقَةِ _ إلاَّ أَنَّهَا مُبَقَّعَةٌ بِبَيَاضٍ وَسَوادٍ.
وَجَمْعُهَا: رَخَمٌ.
والرُّخَامُ: حَجَرٌ أَبْيَضُ رِخْوٌ.
والرُّخَامَى: نَبْتٌ تَجِدُ بِهِ السَّائمةُ وَهِي بَقْلَةٌ غَبْراءُ تَضْرِبُ إِلَى الْبَياضِ، حُلْوَةٌ لَهَا أَصْلٌ أَبْيَضٌ. . كأَنَّهُ الْعُنْقُرُ - إِذا انْتَزَعْتَهُ حَلَبَ لَبَناً.
والرَّخَامَةُ: لِينٌ فِي الْمَنْطِقِ. . حَسَنٌ فِي النِّسَاء.
وَقد رَخُمَتِ الّجَارِيةُ رَخَامَةً: فَهِيَ رَخِيمَةُ الصَّوْت.
وَقد رَخُم كلاَمُها وصوْتُها _ وَكَذَلِكَ: رُخِمَ.
وَيقال: هِيَ رَخِيمَةُ الصَّوتِ _ أَي: مَرْخُومةُ الصَّوتِ.
يُقَال ذَلِك. . للمَرْأَةِ والْخِشْفِ.
قَالَ: وزَعَمَ أَبو زيد الأنصاريٌّ أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مَنْ يَقُول: رَخِمْتُهُ رَخْمَةً _ بمعنىَ رَحِمْتُهُ.
وَيُقَال: أَلْقى الله عَلَيْك رَخْمَةَ فلاَن _ أَي: عَطَفَهُ ورِقَّتَه.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مِثْلَهُ: رَخِمَهُ يَرْخَمُه رَخْمَةً، وأَلْقَى عَلَيْهِ رَحْمَتَهُ ورَخْمَتَهُ.
قَالَ: وسَمِعْتُ أَعْرابيّاً يقولُ: هُوَ رَاخِمٌ لهُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(كَأَنَّهَا أُمُّ سَاجِي الطَّرْفِ أَخْدَرَهَا ... مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الْوَعْسَاءِ مَرْخُومُ)
قَالَ الأصمعيُّ: ((مَرْخُومٌ)) : أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ رَخْمَةُ أُمِّهِ _ أَي: حُبُّهَا لهُ وإِلْفُهَا إيَّاهُ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ.
وَأنْشد الأصمعيُّ:
(مُدَلَّلٌ يَشْتُمُنَا ونَرْخَمُهْ ... )
وَفِي ((نَوَادِر الأعرابِ)) : مَرَةٌ تَرخَّمُ صَبِيَّهَا، وعَلَى صَبِيِّهَا. . وتَرْخَمُهُ، وتربَّخُ عَلَيْهِ _ إِذا رَحِمَتْهُ.
وارْتَخَمَتِ النَّاقَةُ فَصِيلَها _ إِذا رَئِمْتهُ.
وَقَالَ النحْويُّونَ: التَّرْخِيمُ حذْفُ آخر الحرفِ من الِاسْم المنادَى.
كَقَوْلِك _ إِذا نَاديتَ رجُلاً اسْمه حارِثٌ: يَا حَار.
وَإِذا ناديتَ مَالِكًا قلتَ: يَا مَالِ.(7/163)
سمِّي ترخيماً لتَلْيِينِ الْمُنَادِي صَوْتَهُ ... بحذفِ الْحَرْف.
وشاةٌ رَخْماءُ _ إِذا ابيضَّ رأسُها واسودَّ سائرُ جَسدهَا.
قالهُ أَبُو زَيْدٍ.
والرُّخاءُ: الرِّيحُ اللَّيِّنةُ، وَهِي الرُّخامَى _ أَيضاً.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيّ _ قَالَ: الرَّخَمُ: الإشْفاق.
والرَّخَمُ: اللّبَنُ الْغَليظ.
وَقَالَ _ فِي مَوضِع آخر _: الرُّخُمُ: كُتَلُ اللِّبإ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: مَا أَدْرِي _ أيُّ تَرْخُمٍ هُوَ؟ وأيُّ تُرْخُمٍ هُوَ؟
مرخ: قَالَ اللَّيْث: المَرْخُ: مَرخُكَ إنْسَانا بالدُّهْن، وتمَرَّخْتُ أَنا بالدُّهْن.
أَبُو تُرَاب _ عَن بعض الْعَرَب _ قَالَ: الْمِرِّيخُ: الرجلُ الأحْمَقُ.
والْمِرِّيخُ: السَّهْمُ الَّذِي يُغَالَى بِهِ.
والْمِرِّيخُ: القَرْنُ الَّذِي فِي جَوْفِ القَرْنِ.
وَيُقَال لَهُ: الْمَرِيخُ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَةَ: الْمِرِّيخُ وَالْمِرِّيجُ _ بِالْخَاءِ وَالْجِيم جَمِيعًا -: الْقَرنُ الدّاخِلُ ويُجمعان: أَمْرِخَةٌ وأَمْرِجَةٌ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سألتُ أَبَا سعيد عَن الْمِرِّيخِ والْمِرِّيجِ فَلم يَعْرِفْهما.
قَالَ: وعَرفَ غيرهُ: المِرِّيخَ.
وَقَالَ الليثُ بن الْمُظَفِّر: الْمِرِّيخُ سهمٌ طَوِيل، بِهِ يُقتَدَرُ الْغِلاءُ.
وَأنْشد:
(أَوْ كَمِرِّيخٍ عَلَى شِرْيَانَةٍ ... )
يَعْنِي: على قَوْسِ شِرْيانَةٍ.
قَالَ: والْمِرِّيخُ _ من الكَوَاكب _ بَهْرَامُ.
ورجلٌ مَرِخٌ: كثِيرُ الادِّهَان.
قَالَ: والْمِرِّيخُ: الْمِرْدَاسَنْجُ.
قلتُ: وَمَا أُرَاه عربيّاً مَحْضًا.
والْمُرَيْخُ: تَصْغِيرُ الْمَرْخِ.
أَبُو عبيد _ عَن الأمَوِيِّ _ إِذا أكثرْتَ ماءَ الْعَجِين قُلْتَ: أَمْرَخْتُهُ إِمْراخاً.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زَيْد.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْمَرخُ: الْمُزَاحُ.
قَالَ: ورُوِيَ عَن مَسْرُوقٍ _ عَن عائشةَ _: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عِنْدهَا يَوْماً. . فَدخل عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَطَّبَ وتَشَزَّنَ لَهُ فلمَّا انْصَرف عَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى انبساطه الأوّل.
قَالَت: فَقلتُ: يَا رَسُول الله. . كنتَ مُنْبَسِطاً. . فلمّا جَاءَ عُمَر انْقَبَضْتَ.
قَالَت: فَقَالَ لي: ((يَا عائشةُ. . إنّ عُمر لَيْسَ مِمَّنْ يُمْرَخُ مَعَهُ)) _ أَي: يُمْزَحُ معهُ.
قلتُ: وهذاحَرفٌ غَرِيبٌ لم أسمعهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
رَوَاهُ ابنُ الْأَعرَابِي فِي ((نوادره)) مُرسَلاً وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّتُه؟ {}
والْمَرْخُ _ من شَجَرِ النّار _ مَعْرُوف يُتّخَذُ مِنْهُ الزِّناد.
وَمِنْه قَوْلهم: ((فِي كُلِّ الشّجَر نارٌ واسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ والْعَفَارُ)) .(7/164)
وَقَالَ أعرابيٌّ: شَجَرٌ مَرِيخٌ ومَرِخٌ وقَطِفٌ. . وَهُوَ الرَّقِيقُ اللَّيِّنُ.
وَمن أَمثَالهم: ((هَذَا حَيَاءُ مَارِخَةَ)) .
ومَارِخَةُ: امرأةٌ كَانَت تَتَحفَّرُ ثمَّ عُثِرَ عَلَيْهَا وَهِي تَنْبِشُ قَبراً.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : ((عُودٌ مِتِّيخٌ ومِرِّيخٌ)) ، وَهُوَ الطَّوِيلُ اللَّيِّن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْمَرْخَاءُ: النَّاقَةُ المُنْبَسِطَة فِي سَيرها نشاطاً.
ومرَّخَ فلانٌ بَدَنَهُ بالدُّهْنِ _ إِذا رَوَّاهُ دُهْناً.
رمخ: قَالَ شمر: الرِّمْخُ: هُوَ السَّدَى والسَّدَاءُ _ ممدودٌ _ بلغَة أهل الْمَدِينَة.
وَهُوَ السَّيَابُ _ بلُغَةِ وَادي الْقُرَى _ وَهُوَ الرِّمَخُ _ بلغَة طَيّيءٍ _ واحدَتُها رِمَخَةٌ.
وَهُوَ الْخَلاَلُ _ بلغَة أهل البَصْرَة.
وأَنْشَدَ لبَعض الطائيين:
(تَحتَ أَفَانِينِ وَدِيٍّ مُرْمِخِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّمْخُ: من أَسمَاء الشجَر المُجْتَمِع. . اسمٌ من أسمائها.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الرَّمْخَاءُ: الشَّاةُ الْكلِفَةُ بأَكل الرِّمْخِ وَهُوَ الخَلاَلُ.
مخر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَترى الْفلك فِيهِ مواخر} [فَاطِر: 12] .
أخبرنَا المُنْذِريُّ _ عَن أحمدَ بن يحيى _ أَنه قَالَ: الْماخِرَةُ: السَّفِينَةُ الَّتِي تَمْخَرُ الماءَ _ أَي: تَدْفَعهُ بصَدْرها.
قَالَ: وأنشدني الحرَّانيُّ _ عَن ابْن السكّيت _ أَنه أنْشدهُ:
(يَافِيَّ مَالِي عَلِقَتْ ضَرَائري ... مُقَدِّماتٍ أَيْدِيَ الْموَاخِرِ)
قَالَ: وَقَالَ ابنُ السكِّيت: والْمَاخِرُ: الَّذِي يَشُقُّ الماءَ إِذا سَبَحَ.
يصفُ نِساءً يتصاخَبْنَ ويستَعِنَّ بأيديهنّ. . كأنّهُنَّ يَسْبَحْن فِي الماءِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: مَخْرَ السَّفِينَة: شَقُّها الماءَ بصدْرها.
ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيد.
سَلَمَةُ _ عَن الفرّاء _: فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَترى الْفلك فِيهِ مواخر لتبتغوا من فَضله} [فَاطِر: 12] .
((مَوَاخِرَ: وَاحِدَتُهَا مَاخِرَةٌ.
و ((المَخْرُ) 9: هُوَ صَوْتُ جَرْي الفُلْك بالرِّياح.
يُقَال: مَخَرَتْ تَمْخُرُ، وتَمخَرُ.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيُّ: ((مَوَاخِرَ)) : جَوَارِيَ.
قلتُ: والمَخْرُ: أصْلُه الشَّقُّ.
وسمِعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: مَخَرَ الذئبُ بطْنَ الشَّاة _ أَي: شَقَّه.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَالَ: ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكم البَوْلَ فَلْيَتَمَخَّرِ الرِّيحَ)) .
قَالَ أَبُو عُبيدٍ: يَعني أَنه ينظرُ. . مِن أَيْن مَجْرَاها، فَلَا يستقبِلُها، ولكنْ يستدْبِرُها _ كيْ لاَ تَرُدَّ عَلَيْهِ البوْل.
وَقَالَ اللَّيْث: مَخَرْتُ السفينةَ مَخْراً _ إِذا استقبلْتَ بهَا الرِّيحَ.
ومَخَرَتْ هِيَ مُخُوراً، فَهِيَ ماخِرةٌ.(7/165)
قَالَ: وَفِي بَعْضِ وُجوهِ التَّفسير: {مواخر} أيْ: مُقْبِلَةً وَمُدْبرةً بريحٍ واحدةٍ.
قَالَ: والفرسُ يَسْتَمْخِرُ الريحَ ويتمخَّرُها _ ليكُونَ أَرْوَحَ لنفْسِه.
وامْتِخَارُها: استقْبالُها.
قَالَ: وَيُقَال: مَخَرْتُ الأرضَ مَخْراً _ إِذا أَرسلْتَ فِيهَا الماءَ فِي الصَّيف لِتَطِيبَ؛ فَهِيَ مَمْخُورةٌ.
ومَخِرَتِ الأرضُ _ إِذا طابت من ذَلِك الماءِ.
وَيُقَال: امْتَخَرْتُ القومَ _ أَي: انتقَيْتُ خيارَهم ونُخْبَتَهُمْ.
قَالَ العجَّاج:
(مِنْ نُخْبَةِ القومِ الَّذِي كَانَ امْتَخَرْ ... )
أَبُو عُبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال لسَحَائبَ يأْتِينَ قُبُلَ الصَّيف مُنْتَصبَاتٍ: بَناتُ مَخْرٍ، وبناتُ بَخرٍ.
قَالَ: وكلُّ قطعةٍ مِنْهَا _ على حِيالِها _ بنتُ مَخْرٍ.
قَالَ اللَّيْث: والماخُورُ: مجلِسُ الرِّيبَةِ ومُجْتَمَعَهُ، وربَّما قيل لذَلِك الرجل الَّذِي يَجلس فِيهِ: مَاخُورٌ.
وَقَالَ زِيَادٌ _ حِين قَدِم البَصْرةَ وَالياً عَلَيْهَا _: ((مَا هَذِه المَواخِيرُ؟ ! الشَّرَاب عَلَيْهِ حرامٌ حَتَّى تسوَّى بِالْأَرْضِ هَدْماً وإحْراقاً.
وجَملٌ يَمْخُورُ العُنُقِ _ إِذا كَانَ طويلَ العُنُق.
وَقَالَ العجَّاج:
(فِي شَعْشَعانِ عُنُقٍ يَمْخُورِ ... )
وَقَالَ ابْن شُمَيل _ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((إِذا أَتَيْتُمُ الغائِطَ فاسْتمخروا الريحَ)) .
يَقُول: اجعلوا الريحَ وَراءَ ظهوركم.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : تمخَّرَتِ الإبلُ الريحَ _ إِذا اسْتقبلَتْها واسْتَنْشَتْهَا.
وَكَذَلِكَ تمخَّرتِ الْكلأ _ إِذا اسْتقبلَتْه.
(أَبْوَاب) الْخَاء وَاللَّام
خَ ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: نخل، لخن.
لخن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَخِنَ السِّقاءُ يَلْخَنُ لُخَناً _ إِذا أُدِيم فِيهِ صبُّ اللّبَن، فلمْ يُغْسَلْ، وَصَارَ فِيهِ تَحْبِيبٌ أبيضُ _ قِطَعٌ صِغَارٌ مثلُ السِّمسم وأَكْبَرُ مِنْهُ _ متغيِّرُ الرِّيح والطَّعْمِ.
قلتُ: ورأيتُ الأعرابَ _ إِذا لَخِنَ السِّقَاءُ أَخذُوا وَرَقَ الأرْطَى فدقُّوه وجعلوه فِي السِّقاء، وصبُّوا فِيهِ الماءَ ووَضعوه يَوْماً، ثمَّ دَفَقُوا ذَلِك الماءَ، وَقد طيَّبَ السِّقَاءَ فَإِذا حُقِنَ فِيهِ الحَليبُ طَابَ وذَهب لَخَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَخِنَتِ الجَوْزَةُ تَلْخَنُ لَخَناً _ إِذا فَسَدَتْ، ولَخِنَ الأدِيمُ لَخناً _ إِذا فسد فِي دِباغِه، وَلم يَصْلحْ.
وَقَالَ رُؤْبةُ:
(والسَّبُّ تَخْرِيقُ الأدِيمِ الألْخَنِ ... )
قَالَ: ورجلٌ أَلْخَنُ، وامرأةٌ لَخْنَاءُ _ إِذا لم يُخْتَنَا.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: اللَّخْنُ: الْقَبِيحُ من الْكَلَام.(7/166)
واللَّخْنُ: البياضُ الَّذِي على جُرْدَانِ الحِمَارِ، وَهُوَ الحَلَقُ.
واللَّخْنُ. البياضُ الَّذِي فِي قُلْفَةِ الصَّبيِّ _ قبل أَنْ يُخْتَنَ.
قَالَ: واللّخنُ: وَكْبُ السِّقاءِ وحَشَنُهُ ووَسَبُه _ كلُّهُ واحدٌ.
نخل: قَالَ اللَّيْث: النَّخلةُ: شجَرَةُ التَّمر، والجماعةُ نخلٌ ونَخِيلٌ. . وثلاثُ نَخَلاتٍ.
ونُخَيْلَةُ: موضعٌ بالباديةِ، وبطْنُ نَخْلَةَ: موضِعٌ آخَرُ، وَكِلَاهُمَا بالحجاز.
قَالَ: والنَّخْلُ: تَنْخِيلُ الثَّلْجِ والوَدْقِ.
تَقول: انتَخَلتْ لَيلتُنَا الثَّلْجَ، أَو مَطَرا غيرَ جَوْدٍ.
والنَّخْلُ: تَنْخِيلُكَ الدَّقيقَ بالْمُنْخَلِ _ لِتَعْزِلَ نُخَالَتَهُ عَن لُبَابِه.
وَإِذا نَخَلْتَ الأدوِيَةَ لتَسْتَصْفِي أَجْوَدَها قلتَ: نَخَلْتُ وانْتَخَلْتُ.
فالنَّخْلُ: التصفيةُ. . والانْتِخَالُ: الاختيارُ لنفْسِك أَفْضَلُه. وَكَذَلِكَ التَّنَخُّلُ.
وَأنْشد:
(تَنَخَّلْتُهَا مَدْحاً لِقَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ ... لغيرِهمُو فِيمَا مَضَى أَتَنَخَّلُ)
والْمُتَنَخِّلُ: أَحَدُ شعراءِ هُذَيْلٍ، وَهُوَ مِن المُجِيدِين، سمِّيَ: ((مُتَنَخِّلاً)) لتنقِيحِه شِعْرَه.
قلتُ: وَفِي بلادِ العرَب وَادِيان يُعرَفان بالنَّخْلَتَيْنِ.
أَحدهمَا بِالْيَمَامَةِ، ويَأْخذ إِلَى قَرْنِ الطائفِ.
والآخَرُ يأخذُ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الْغَائِب _ الَّذِي لَا يُرْجَى إيَابه _ ((حَتَّى يَؤُوبَ المنَخَّلُّ)) .
وَقَالَ الأصمعيُّ: المُنَخَّلُ: رجُلٌ أُرْسِلَ فِي حاجةٍ فَلم يَرجعْ، فَصَارَ مثلا لكلِّ من لَا يُرْجَى إيَابُه.
والْمُنْخُلُ: الَّذِي يُنْخَلُ بِهِ الدَّقيقُ.
خَ ل ف
خفل، خلف، فلخ، لخف، لفخ: مُسْتعْمَلة: وَقد أَهملَ اللَّيثُ: لفخ، وَهُوَ مستعمَلٌ.
لفخ: رَوَى أبوعُبَيدٍ _ عَن أبي زيد _: لَفَخَهُ عَلَى رأْسِه، يَلْفَخُهُ لَفْخاً _ إِذا ضربه بالعَصَا. وَكَذَلِكَ: قَفَخَهُ.
فلخ: قَالَ شمِرٌ: يُقَال: فلَخْتُهُ وَقَفَخْتُهُ وسَلَعْتُهُ _ إِذا أَوْضَحْتُهُ.
والفَيْلَخُ: أحدُ رَحَيَي المَاء، واليدُ السُّفْلَى مِنْهُمَا.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وَدُرْنَا كَمَا دارَتْ عَلَى القطْب فَيْلخُ ... )
وأهمَل اللَّيْث:
خفل: أَيْضا: ورَوَى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ: الخَافِلُ: الهاربُ، وَكَذَلِكَ المَاخِلُ والمالِخُ.
وأَهْمَلَ اللَّيْث أَيْضا:
لخف: ورَوَى أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ و _ أَنه قَالَ: اللَّخْفُ: الضَّرْبُ الشّدِيدُ.(7/167)
وَفِي حَدِيث زَيْدِ بنِ ثابتٍ _ حِين أَمَرَه أَبو بَكْرٍ بِجَمْعِ القُرآن _ قَالَ زيْدٌ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُه من الرِّقاعِ والْعُسُبِ واللِّخَافِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: اللِّخَافُ: واحِدَتُها لَخْفَةٌ. . وَهِي حِجارةٌ بِيضٌ رِقَاقٌ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: قَالَ السُّلَمِيُّ: الْوَخِيفَةُ واللَّخِيفَةُ والْحزِيرَةُ: واحِدٌ.
وَهِي من أَطْعِمَة الْأَعْرَاب.
وقَرِيبٌ مِنْهَا ((السَّخِينَةُ)) .
خلف: قَالَ اللَّيْث: الْخَلْفُ: ضِدُّ قُدَّامٍ.
قَالَ: والْخَلْفَ: حَدُّ الفَأس _ تَقول: فَأسٌ ذاتُ خَلْفَيْن، وذاتُ خَلْفٍ، والجَمِيعُ: الْخُلُوفُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة} [مريَم: 59] .
وَقَالَ أَبُو العبَّاس أحمدُ بنُ يَحيى: النّاسُ كلُّهُم يَقُولُونَ: خَلَفُ صِدْقٍ وخَلَفُ سُوْءٍ.
قَالَ: وَخلْفٌ: للسَّوْء لَا غيْرُ.
وَأَبُو عُبَيْدَة: مَعَهم، ثمَّ انفرَدَ وحْدَهُ فَقَالَ: وَيُقَال لِلصِّدْقِ أَيْضا: خَلْفُ صِدْقٍ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن أبي طَالب. . عَن أَبِيه. . عَن الفرّاء _ أَنه قَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {فخلف من بعدهمْ خلف} [الأعرَاف: 169] ... قَالَ: الْخَلْفُ يُذْهَبُ بِهِ إِلَى الذَّمِّ _ والْخَلفُ: خَلَفٌ صَالح.
وَقد يكون فِي الرَّدِيءِ خَلَفٌ، وَفِي الصَّالح خَلْفٌ. . لأَنهم يَذْهَبون بِهِ إِلَى ((القَرْنِ)) .
قلتُ: فَأَرَى الفرَّاءَ أجَاز: ((خَلْفٌ)) فِي الصّالِحِ، كَمَا أجَازه أَبُو عُبَيْدَة.
وَأَخْبرنِي المنْذِريُّ _ عَن الحَرَّانيِّ. . عَن ابْن السِّكِّيتِ _ أَنه قَالَ: يُقَال: هَذَا خَلَفُ صِدْقٍ، وَهَذَا خَلَفُ سُوءٍ.
وَيُقَال: هَذَا خَلْفٌ _ بِإِسْكَان اللَّام _: للرَّدِيءِ.
وَيُقَال هَذَا خَلْفٌ من القَوْلِ _ أَي: رَدِيءٌ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: ((سَكَتَ ألفا ونَطَقَ خَلْفاً)) . . للرجل يُطِيل الصمْتَ، فَإِذا تكلَّمَ تكلِّمَ بالخَطأ.
وَيُقَال: هَؤْلاءِ خَلْفُ سُوْءٍ، وَهَذَا خَلْفُ سُوْءٍ.
وَقَالَ لُبِيدٌ:
(ذَهَبَ الّذِينَ يُعاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأجْرَبِ)
قَالَ: والخَلْفُ: الاستِقاءُ.
_ عَن أبي عَمْرو. . بِفَتْح الْخَاء _.
وَأنْشد قولَ الْحُطَيْئةِ:
(لِزُغْبٍ كأُوْلاَدِ الْقَطَا رَاثَ خَلْفُهَا ... عَلَى عَاجِزَاتِ النَّهْضِ حُمْرٍ حَوَاصِلُه)
قلتُ: وروى شمِرٌ _ لأبي عُبَيْدٍ _: هَذَا الْحَرْفَ _ الْخَلْفُ _ بِكَسْر الْخَاء فِي ((المؤلَّفِ)) فَقَالَ:
الْخِلْفُ بِكَسْر الْخَاء: الإستِقاءُ.(7/168)
قَالَ: والمُسْتَخْلِفُ: الْمُسْتَقِي. والخَلْفُ: الاسمُ مِنْهُ.
يُقَال: أخْلَفَ، واسْتَخْلَفَ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(وَمُسْتَخْلِفَاتٍ مِنْ بِلاَدِ تَنُوفَةٍ ... لِمُصْفَرّةِ الأشْدَاقِ حُمْرِ الْحَوَاصِلِ)
قلت: والْخِلْفُ والْخَلْفُ _ بِمَعْنى الاستِقَاءِ _: لُغَتَانِ.
وَقَالَ ابْن السكِّيتِ: الْخِلْفُ _ بِالْكَسْرِ _: واحدُ أَخْلاَفِ الضَّرْعِ، وَهُوَ طَرَفُهُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فخلف من بعدهمْ خلف ورثوا الْكتاب} [الأعرَاف: 169] قَالَ: قَرْنٌ.
قَالَ: والْخَلَفُ: مَا استَخْلفْتَهُ.
تَقول: أَعْطَاك الله خَلَفاً مِمَّا ذهب لَك _ وَلَا تَقُلْ: خَلْفاً.
وَأَنت خَلْفُ سُوءٍ من أَبِيك.
وَأخْبرنَا المُنذِريُّ _ عَن ثعْلَبٍ. . عَن سَلَمةَ. . عَن الفرَّاء _ قَالَ: وَيُقَال _ إِذا مَاتَ للرجل بُنَيٌّ صغيرٌ قد يُبْدَلُ _ أَخلَف الله لَك.
وَكَذَلِكَ. . إِذا ذهب لَهُ مالٌ. . قلتَ: أَخلفَ الله لَك.
قَالَ: وَإِذا مَاتَ أَبُو الرجل أَو الأمُّ أَو ذهب لَهُ مالاَ يُخْلَفُ. قيل: خَلَفَ الله عَلَيْك _ بِغَيْر أَلِفٍ.
قلتُ: وقِيلَ: مَعْنَاهُ: كَانَ الله خليفةَ مَنْ مضى عَلَيْك.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: ((لَوْلا أَنَّ قَوْمكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْر لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ وَبَنَيْتُها عَلَى أَساسِ إِبْرَاهِيمَ، وَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفاً. . فَإنَّ قُرَيْشاً اسْتَقْصَرَتْ مِنْ بِنَائِهِ)) .
قلتُ: الْخَلْفُ: المِرْبَدُ. . فِي كَلَام الْعَرَب يُجْعَلُ وَرَاء الْبيُوت، وَفِي مَأوًى للدَّوَاجنِ وَغَيرهَا.
وَأَرَادَ بالْخَلْفِ: شَبيهاً بالْحِجْرِ. . الَّذِي: هُوَ ممَّا يَلِي الميزاَبَ.
وَيُقَال للقُصَيْرَى _ من الأضلاع _: خِلْفٌ. . بِكَسْر الْخَاء.
قَالَ: والْخَلْفُ: المِرْبَدُ. والْخَلف: الظَّهْرُ.
قَالَ ذَلِك كلَّهُ ابنُ الأعرابيِّ. وَقَالَ طرَفةُ:
(وَطَيُّ مَحَالٍ كالْحَنِيِّ خُلُوفُهُ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الخُلُوف: جمعُ خِلْفٍ، وَهِي القُصَيْرَى.
قَالَ: والخِلْفُ: الآخِرُ من الأطْبَاء.
وَيُقَال: الْخِلْفُ هُوَ الضَّرْعُ نَفْسُهُ.
قلت: الخِلْفُ هُوَ الطُّبْيُ آخرا كَانَ أَو قادِماً. . وجمعُه: أَخْلاَفٌ.
وَقَالَ الرَّاجزُ:
(كأنَّ خِلْفَيْها إِذا مَا دَرَّا ... )
أَرَادَ بِخِلْفَيْها: طُبْيَي ضَرْعِهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَلْفُ: القومُ الَّذين ذَهَبُوا من الحيِّ يَسْتَقُون، وخَلَّفُوا أَثْقَالهم.
قلتُ: الْخَلْفُ: الاستقَاء.(7/169)
قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وَهُوَ اسمٌ _ من الإخْلاَف.
وَقَالَ الكِسائيُّ: يُقَال لكلِّ شَيْئَيْنِ اختلَفَا: هما خِلْفَانِ وخِلْفَتانِ.
وَيُقَال: لَهُ ابْنَانِ خِلْفَانِ، وَله عبْدَانِ خِلْفَانِ، وَله أَمَتَانِ خِلْفَانِ _ إِذا كَانَ أَحدهمَا طَويلا وَالْآخر قَصِيرا، أَو كَانَ أَحدهمَا أَبْيَضَ والآخَرُ أَسْودَ.
وَقال الراجزُ:
(دَلْوَايَ خِلْفَانِ وَسَاقِياهُمَا ... )
يَقُول: إِحْدَاهمَا مُصْعِدَةٌ ملأى والأُخْرَى فَارِغَةٌ مُنْحَدِرَةٌ.
أَو إِحْدَاهمَا جَدِيدَةٌ، وَالْأُخْرَى خَلَقٌ.
وَقَالَ غيرُه: وَلَدُ فُلان خِلْفَةٌ أَي: نِصْفٌ صِغَارٌ، ونِصْفٌ كِبَارٌ.
ونِصْفٌ ذُكُورٌ، ونِصْفٌ إنَاثٌ.
وَيُقَال: علينا خِلْفَةٌ مِن نَهَارٍ _ أَي: بَقِيَّةٌ.
وَبَقِي فِي الْحَوْض خِلْفَةٌ مِنْ مَاءٍ.
قلتُ: وكلُّ شَيْء يجيىءُ بعد شيءٍ فَهُوَ خِلْفَةٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} [الفُرقان: 62] .
وَقَالَ الفرَّاءُ: يَقُول: يَذْهَبُ هَذَا، ويَجِيءُ هَذَا وَأنْشد لِزُهَيْرٍ:
(بِهَا الْعِينُ وَالأرَامُ يَمْشِين خِلْفَةً ... وَأَطْلاَؤُهَا يَنهَضْنَ منْ كلِّ مَجْثَم)
قَالَ: فَمَعْنَى قَول زُهَيْرٍ:
(يَمْشِينَ خِلْفَة) أَي: مُخْتَلِفَاتٍ. . فِي أَنَّهَا ضَرْبَانِ فِي ألوانها وهَيْئَتِها.
وتكونُ خِلْفَةً فِي مِشْيتِها. . تَذْهَبُ كَذَا وتَجِيءُ كَذَا.
قَالَ الْفراء:
وَقد يكونُ قَوْلُ الله عزّ وجلّ: {خِلْفَةً}
[الْفرْقَان: 62]_ أَي: مَنْ فَاتَهُ عَمَلٌ من اللَّيْلِ استَدْرَكَهُ فِي النَّهَار.
فَجعلَ هَذَا خَلَفاً مِنْ هَذَا.
قلت: وَقد رُوِيَ عَن الْحَسَنِ نَحْوٌ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ الأصمعيُّ: خِلْفَةُ الثَّمَرِ: الشيءُ يَجِيءُ بَعْدَ الشيْءِ.
وَيُقَال: نَتَاجُ فُلاَنٍ خِلْفةٌ _ أَي: عَاماً: ذَكَرٌ، وعاماً: أُنْثَى.
وَيُقَال: من أَيْنَ خِلْفَتُكُمْ؟
أَي: من أَيْن تَسْتَقُون؟
ويقالُ: وَرَاءَ بيتِه خَلْفٌ جَيِّدٌ. وَهُوَ المِرْبَدُ. . وَهُوَ مَحْبِسُ الإبِلِ.
وَيقال: هُوَ مِنْ أَبِيه خَلَفٌ _ أَي بَدَلٌ.
والْبَدَلُ من كل شَيْء خَلَفٌ مِنْهُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْناَ مِنكُم مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزّخرُف: 60] .
أَي: يَكُونون بَدَلَكُمْ فِي الأَرْض.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخِلْفَةُ مِنَ الْبَطْنِ. يُقَال: بِهِ خِلْفَةٌ _ أَي: بِهِ بَطْنٌ وَهُوَ الاخْتِلاَفُ.(7/170)
والْخِلْفَةُ مَا أَنْبَت الصيْفُ من العُشْبِ بعدَما يَبِسَ العُشْبُ.
وَكَذَلِكَ. . مَا زُرعَ من الحُبُوبِ _ بعد إدْرَاكِ الأُولَى: خِلْفَةٌ. . لِأَنَّهَا تُسْتَخْلَفُ.
أَبُو عبيد _ فِي بَاب الأضداد _: قَالَ غيْرُ واحدٍ: الخُلُوف: الْغَيَبُ. ويُقالُ: الْحَيُّ خُلُوفٌ: أَي: غَيَبٌ. قَالَ: والخُلُوفُ: الْمُتخَلَّفُونَ.
وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ الطَّائيُّ:
(أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيَانٍ ... مُقْشعِرّاً والْحيُّ حَيٌّ خُلُوفُ)
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ أنَّهُ قَالَ: ((لَخُلُوفُ فَم الصَّائِم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْخُلُوفُ: تَغَيُّرُ طَعْم الْفَم لِتَأْخِير الطَّعَام.
يُقَال مِنْهُ: خَلَفَ فَمُهُ. . يَخْلُفُ خُلُوفاً.
قَالَه الكسائيُّ، والأصمعيُّ، وغيرُهما.
قَالَ: وَمِنْه حَدِيث عليٍّ عَلَيْهِ السَّلَام _ حِين سُئِلَ عَن الْقُبْلَةِ للصَّائم _ فَقَالَ: وَمَا أَرَبُكَ إِلَى خلُوفِ فِيهَا؟ ؟
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال: خَلَفَ فُلانٌ عَن كلِّ خَيْرٍ. فَهُوَ يَخْلُفُ خُلُوفاً _ إِذا فَسَدَ وَلم يُفْلِحْ.
فَهُوَ خَالِفٌ، وَهِي خَالِفَةٌ.
وَيُقَال: خَلَفَتْ نفسُه عَن الطَّعَام. . فَهِيَ تَخْلُفُ خُلُوفاً _ إِذا أَضْرَبَتْ عَن الطَّعَام من مَرَضٍ.
وَيُقَال: خَلَفَ اللَّبنُ وغَيْرُهُ خُلُوفاً _ إِذا تَغَيَّرَ طعمُه وريحُه.
وَيُقَال: خَلَفَ الرَّجُلُ _ عَن خُلُقٍ أَبيه _ يَخْلُفُ خُلُوفاً _ إِذا تَغَيَّرَ عَنهُ.
وخَلَف اللَّبنُ يَخلُفُ خُلُوفاً _ إِذا أُطِيلَ إِنْقَاعُهُ. . حَتَّى يَفْسُدَ.
وَخَلَفَ النّبِيذُ _ إِذا فَسَدَ. . وبعضُهُمْ يَقُول: إِذا أَخْلَفَ _ أَي: حَمُضَ.
وَيُقَال: خَلَفَ فلانٌ مَكانَ أَبيهِ يَخْلُفُ _ إِذا كَانَ فِي مكانهِ، وَلم يَصِرْ فِيهِ غَيْرُهُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: أَبِيعُكَ هَذَا الْعَبْدَ، وأَبْرَأ إليكَ من خُلْفَتِه. ورجلٌ ذُو خُلْفَةٍ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: خُلْفَةُ الْعَبْدِ: أَن يَكونَ أَحْمَقَ مَعْتُوهاً.
وإنَّه لَطَيِّبُ الْخُلْفَةُ _ أَي: طَيِّبُ آخرِ الطَّعم.
وَقد خَلَفَ يَخْلُفُ خَلاَفَةً وخَلْفاً.
قَالَ: والخَالِفَةُ: الأَحْمَقُ. . القَلِيلُ العَقْلِ.
ورجلٌ أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ _ مَخْرجَ قُعْدُدٍ _ وامرأةٌ خَالِفَةٌ وخَلْفَاءُ وخُلْفُفَةٌ وخُلْفُفٌ _ بِغَيْر هَاء _. . وَهِي الحمقاء.
وَيُقَال: خَلَفَ فلانٌ يَخْلُفُ خِلاَفَةً. وخَلْفاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: والْخُلْفُوفُ: الْعَبْدُ اللَّجُوجُ.
والخُلُوفُ: الحيُّ إِذا خرج الرجالُ، وبقيَ النِّسَاء.(7/171)
والْخُلُوفُ: إِذا كَانَ الرجالُ وَالنِّسَاء فِي الدَّارِ. . مُجْتَمِعينَ فِي الحيِّ.
قَالَ: وَهَذَا: من الأضْدَادِ.
قَالَ: والخَالِفَةُ: اللَّجُوجُ من الرِّجال.
ورجلٌ فِيهِ خِلَفْنَةٌ _ إِذا كانَ مُخالِفاً.
وَمَا أَدْرِي أَيُّ خَالِفَةَ هُوَ _ غيرَ مَصْروفٍ _ أيْ: أيُّ الخَلْق هُوَ؟
ورجلٌ خَالِفٌ. . وخَالِفَةٌ. . وخِلَفْنَةٌ وخِلَفَنَاةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن اليزيدي _: خَلَف الله عليكَ بِخيْرِ خِلاَفةٍ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: خَلَفَ فلانٌ بعَقبي.
وَذَلِكَ إِذا مَا فَارقه عَلَى أَمرٍ، ثمَّ جاءَ مِنْ ورَائِه فَجعل شَيْئا آخر بعد فِرَاقِهِ.
اللِّحيَانيُّ: خَلَفَ فلانٌ فلاَناً _ فِي أَهله وَفِي مَكَانَهُ _ يخْلُفُ خِلاَفَةً حَسَنَةً.
وَلذَلِك قيل: أَوْصَى لَهُ بالخِلاَفةِ.
وَيُقَال: خَلَفَنِي رَبّي فِي أهل ومَالِي أَحْسَنَ الْخِلاَفَةِ.
وَقَالَ الْفَزَارِيُّ: بَعِيرٌ مَخْلُوفٌ: قد شُقَّ عَنْ ثِيلِه منْ خَلْفِهِ _ إِذا حَقِبَ.
قَالَ: والمَخْلُوفُ: الثَّوْبُ المَلْفُوقُ.
والمَخْلُوفُ: الَّذِي أصَابَتْهُ خِلْفَةٌ ورِقَّة بَطْنٍ.
وخَلَفَ لَهُ بالسَّيْف _ إِذا جاءَهُ من خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: خَلَفْت القَمِيصَ أَخْلُفُهُ فَهُوَ خَلِيفٌ.
وَذَلِكَ أَن يَبْلَى وسَطُه _ فَتُخْرِجُ البَالِيَ منهُ ثمّ تَلْفِقُهُ.
وَأنْشد شَمِرٌ:
(يُرْوِي النَّدِيمَ إِذا تَنَاشَى صَحْبُهُ ... أُمَّ الصَّبِيِّ وَثَوْبُه مَخْلُوفُ)
يُرِيد: إِذا تَنَاشَى صَحْبُه أُمَّ وَلَدِهِ من الْعُسْرِ، فَإِنَّهُ يُرْوِي نَدِيمَه، وثَوْبُه مَخْلُوفٌ مِنْ سُوءِ حَالِه.
شمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: امرأةٌ خَلِيفٌ _ إِذا كَانَ عَهْدُهَا بعدَ الوِلادةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.
وَقَالَ غيرُهُ: يُقَال للناقة العائِذِ: خَلِيفٌ _ أَيْضا.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَلِيفُ: الطَّرِيقُ خَلْفَ الْجَبَل، أَو الطريقُ بَين الجَبَلَين.
وَقَالَ الأصمعيُّ: حَلَبَ فُلاَنٌ ناقتَه خَلِيفَ لِبَائِهَا.
يَعْنِي الْحَلْبَةَ الَّتِي بعدَ ذَهَابِ اللِّبَاءِ.
أَبُو عبيد: الْخَلِيفُ _ من الْجَسَد _ مَا تحْتَ الإبْطِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَلِيفَانِ _ من الْإِبِل _: كالإبْطَيْنِ من النَّاس.
قَالَ: والْخَلِيفُ فَرْجٌ _ بَين قُنَّتَيْنِ _ مُتَدَانٍ قليلُ الْعَرْضِ والطُّول.
قَالَ: والْخَلِيفُ: مَدَافِعُ الأوْدِية. وَإِنَّمَا يَنْتَهِي المَدْفَعُ إِلَى خَلِيفٍ لِيُفْضِيَ إِلَى سَعَةٍ.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الْيَزِيديِّ: يُقَال: أَخْلَفَ الله لَك.(7/172)
ورَوَى ثعلبٌ _ عَن سَلَمَة. . عَن الفرَّاء _ قَالَ: سمعتُ: ((أَخْلَفَ الله عَلَيْكَ)) .
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال: ((خَلَفَ الله عَلَيْك بِخَيْرٍ)) _ إِذا أَدْخَلْتَ الْبَاء أَلْقَيْتَ الألِفَ _ و ((أَخْلفَ الله عَلَيْك خَيراً)) .
قَالَ: والإخْلاَفُ: أَن تُعِيدَ على الدّابّة فَلَا تَلْقَحُ.
والإخْلاَفُ: أَن يِعِدَ الرجلُ الرجلَ العِدَةَ. . فَلَا يُنْجِزُها.
والإخْلاَفُ: أَن يُصيِّرَ الحَقَبَ وراءَ ثِيلِ الْبَعِير، لئلاَّ يَقْطَعَه.
يُقَال: أَخْلِفْ عَن بعيرِكَ. . فتصيِّرَ الحَقَبَ وراءَ الثِّيل.
والإخْلاَفُ: الاسْتِقاء.
وَيُقَال: أَخْلَفَ الله لَك _ أَي: أَبْدَلَ الله لكَ مَا ذهب.
وخَلَفَ الله عَليْك _ أَي: كَانَ الله خَلِيفَة وَالدِك عَلَيْك.
قَالَ: والإخْلاَف: أَن يكونَ فِي الشّجر ثمَرٌ، فيذهبَ، ثمَّ تعودَ فِيهِ خِلْفَةٌ فيقالُ: قد أخْلفَ الشجرُ، فَهُوَ يُخْلِفُ إخْلاَفاً.
وَأَخْلَفَ الشَّجَرُ _ إِذا أَخْرَجَ وَرَقاً بعد وَرَقٍ قد تناثرَ.
والإخْلاَفُ: أَن يَضرِبَ الرجلُ يدَه إِلَى قِرَابِ سَيْفه. ليأخذَ سيفَه إِذا رأَى عَدُوّاً.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ رَجُلاً أخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ فَضَرَبَ رِجْلَ ابنِ أُمَيَّةَ بنِ خَلفٍ)) .
قَالَ شمِرٌ: قَالَ الفرّاءُ: أَخْلفَ وَلَدِي _ إِذا أَرَادَ سَيْفَه، وأَخْلفَ إِلَى الْكِنَانَة.
وَقَالَ الأصمعيُّ: أَخْلفَ بِيَدِه إِلَى سَيْفِه.
قَالَ: وأَخْلَفَتِ الأرضُ _ إِذا أَصَابَهَا برْدُ آخِرِ الصّيف، فيخضَرُّ بَعْضُ شَجَرِها.
والإخلافُ: أَن تَحْمِلَ عَلَى الدّابَّةِ فَلَا تَلْقَحُ.
والإخْلاَفُ _ فِي النَّخْلة _: إِذا لم تحْمِلْ سَنَةً.
والإخْلاَف: أَن يَأْتِي على الْبَعِير البَازِلِ سَنَةٌ بعد بُزُولِه. .
فيقالُ: بَعيرٌ مخْلِف.
يُقَال: هُوَ مُخْلِفُ عامٍ، ومُخْلِفُ عامَين.
وَكَذَلِكَ مَا زَاد.
والإخْلاَفُ: أَن يُهْلِك الرجُلُ شَيْئا لنَفسِهِ أَو لغيره ثمَّ يُحْدِثُ مِثْلَه.
والإخْلاَفُ: أَن يَطلُبَ الرجُلُ الحاجةَ أَو الماءَ. . فَلَا يَجِدُ مَا طَلَبَ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسنِ: رُجِيَ فلانٌ فأَخْلَفَ.
وأخْلَفَ الطَّائرُ _ إِذا خَرَجَ لَهُ رِيشٌ بعدَ رِيشٍ.
وَيُقَال: أَخْلفتِ الناقَةُ العَام، ورجَعَتْ.
وَهِي ناقَةٌ مُخْلِفَةٌ _ إِذا ظُنَّ أنّ بهَا حَمْلاً ثمَّ لم تكُنْ كَذَلِك.
وَيُقَال: أَرْجَعَ فلانٌ يَدَه، وأَخْلَفَها _ إِذا ردَّها إِلَى خَلْفِهِ.
وأَخْلَفَتِ النُّجُومُ _ إِذا لم يَكُن لِنَوْئِها مَطَرٌ.(7/173)
وَقَالَ الفَرَّاء _ فِي قَول الله عزّ وجلّ: {رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} [التّوبَة: 87] .
وَقَوله جلّ وعزّ {فاقعدوا مَعَ الخالفين} [التّوبَة: 83] .
قَالَ: ((الْخَوَالِفُ)) : النِّساء.
وَيُقَال: عَبْدٌ خَالِفٌ، وصَاحِبٌ خَالِفٌ _ إِذا كَانَ مُخَالِفاً.
ورجُلٌ خَالِفٌ، وامرأَةٌ خَالِفَةٌ _ إِذا كَانَت فَاسِدَةً، أَو مُتَخَلِّفَةً فِي منزلهَا.
وَقَالَ غيرُه: من النَّحْوِيِّينَ: لم يجىء ((فَاعِلٌ)) مَجْموعاً على ((فَوَاعِلَ)) إلاَّ قولُهم: ((إِنَّه لَخَالِفٌ منَ الْخَوالِفِ)) .
و ((فلَان هَالِكٌ فِي الْهَوَالِكِ)) .
((وفَارِسٌ من الْفَوَارِس)) .
وَقَالَ الفَرَّاء _ فِي قَول الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف الأَرْض} [الأنعَام: 165] .
قَالَ: جُعِلَتْ أمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلاَئِفَ كلِّ الأمَمِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ نَحْوَه.
قَالَ: وَقيل: ((خَلاَئِفَ الأرْضِ)) : يَخْلُفُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الْحَرَّانيِّ عَن ابْن السِّكِّيتِ _ قَالَ: أمَّا ((الْخَلِيفَة)) فَإِنَّهُ وَقَعَ على الرِّجَالِ خاصَّةً.
فالأجْوَدُ أَن يُحْملَ على مَعْنَاهُ. . لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ للرِّجال خاصَّةً. . وَإِن كَانَت فِيهِ ((الهَاءُ)) .
أَلا تَرَى أنَّهُم قد جَمَعُوه: ((خُلَفَاءَ)) ؟ فكلُّ مَنْ جَمَعَهُ ((خُلَفَاءَ)) . قَالَ: ثَلاَثَةُ خُلَفَاءَ _ لَا غَيْرُ.
وَقد جُمِعَ ((خَلاَئِفَ)) .
فمنْ قالَ: ((خَلاَئِفَ)) قَالَ: ثلاثُ خَلاَئِفَ، وثَلاَثَةُ خَلاَئِفَ.
فَمرَّةً يَذْهَبُ بِهِ إِلَى المعْنَى، ومرَّةً إِلَى اللَّفْظِ.
وَأنْشد الفرَّاءُ:
(أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلَدَتْه أخْرَى ... وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ. . ذَاكَ الْكَمَالُ)
فَقَالَ: ((وَلَدَتْهُ أُخْرَى)) لتأنيثِ اسمِ الْخَلِيفَةِ.
والْوَجْهُ: أَن يَقُول: ((وَلَدَهُ آخَرُ)) .
الأصمعيُّ _ يُقَال: فَرَس بِهِ شِكَالٌ مِنْ خِلاَفٍ _ إِذا كَانَ فِي يَده الْيُمْنَى ورِجْلِه الْيُسْرَى: بَيَاضٌ.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلَفَاكَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسرَاء: 76] .
وَيُقْرَأُ: ((خَلْفَك)) . ومَعْناهما: بَعْدَكَ.
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخِلاَفُ: كُمُّ الْقَمِيصِ.
يُقَال: اجْعَلْهُ فِي مَتَى خِلاَفِكَ _ أَي: فِي وَسَطِ كُمِّكَ.
قَالَ: والْخِلاَفُ: الصَّفْصَافُ.
والْخِلاَفُ: الْخُلْفُ.(7/174)
وسمعتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب يَقُول: إِذا سُئِلَ _ وَهُوَ صَادِرٌ عَن ماءٍ. . أَو مُقْبِلٌ من بَلَدٍ _ عَن رَجُلٍ: أَحَسْتَ فُلاَناً؟ فيُجِيبُهُ: خَالِفِتي.
يُرِيد أَنه وَرَدَ الماءَ، وَأَنا صَادِرٌ عَنهُ.
أَبُو عبَيْدٍ: الْخَالِفَةُ عَمُودٌ من أَعْمِدَةِ الْخِبَاءِ، وجَمْعُها خَوالِفُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: تَكُونُ الْخَالِفَة فِي آخِرِ الْبَيْتِ.
وَقَالَ غيرُه: الْخَالِفَةُ: الْعَمُودُ الَّذِي يَكُونُ أَيْضا _ قُدَّامَ الْبَيْتِ.
وَيقال: بَيْتٌ ذُو خَالِفَتَيْن.
وَيُقَال: خَلَفَ فُلاَنٌ بَيْتَهُ. . يَخْلُفُهُ خَلْفاً _ إِذا جَعَل لَهُ خَالِفَةً.
وَيُقَال: أقَامَ فلانٌ خِلاَفَ أَصْحَابه _ أَي: لم يَسِرْ مَعَهم حِين سَارُوا.
وَيُقَال: سُرِرْتُ بمُقَامِي خَلْفَ أصْحابي _ أَي: سُرِرتُ بِمُقَامِي بَعْدَهُمْ، وبَعْدَ ذهابهمْ.
وَقَالَ الليثُ: رجُلٌ خَالِفٌ وخَالِفَةٌ _ أَي: مُخَالِفٌ. . كَثِيرُ الْخِلاَفِ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ _ الْخَالِفَةُ: القَاعِدَةُ من النِّساء _ فِي الدَّارِ.
وَقَالَ الليثُ: الْخَالِفُ: اللَّحْمُ الَّذِي تجدُ مِنْهُ رُوِيْحَةً. . وَلَا بأْس بمَضْغِه.
قَالَ: والْخُلْفُ: اسمٌ وُضعَ موضعَ الإخْلاَفِ.
قَالَ: والْخَالِفَةُ: الأمّةُ البَاقِيَةُ بعد الأُمَّةِ السَّالِفَة. وأَنْشَد:
(كَذَلِكَ تَلْقَاهُ الْقُرُونُ الْخَوالِفُ ... )
يَعْنِي الموْتَ.
قَالَ: وأَخْلفَ الْغُلاَمُ فَهُوَ مُخْلِفٌ _ إِذا رَاهَقَ الحُلُمَ.
وَخلفَ فلانٌ بعَقِبِ فُلانٍ _ إِذا خَالَفَهُ إِلَى أَهله.
وَقَالَ اللحياني: هَذَا رجلٌ خَالِفٌ _ إِذا اعْتَزَلَ أَهله.
قَالَ: والْمَخْلَفَةُ: الطَّرِيق.
يُقَال: عَلَيْك الْمَخْلَفَةُ الْوُسْطَى.
وَيُقَال _ للَّذي لَا يَكادُ يَفي إِذا وَعَدَ _: إنَّه لَمِخْلاَفٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَلْحَحْتُ على فلانٍ فِي الاتِّبَاعِ حَتَّى اخْتَلَفْتُه _ أَي: جَعَلْتُهُ خَلْفي.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هُوَ يَخْتَلِفُنِي فِي النَّصِيحَة _ أَي: يَخلُفُنِي.
وَيُقَال أَيْضا _: اخْتَلَفْتُ فلَانا _ أَي: أَخَذْتُهُ من خَلْفِهِ.
وَفِي حَدِيث مُعاذٍ: ((مَنْ تَحَوَّلَ مِنْ مِخْلاَفٍ إِلَى مِخْلاَفٍ فعُشْرُهُ وصَدَقتُهُ إِلَى مِخْلاَفِ
عَشِيرَتِه الأوَّلِ. . إِذا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ)) .
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: اسْتُعْمِلَ فلانٌ على مَخَالِيفِ الطِّائِفِ.
وَهِي الأطْرَافُ وَالنَّواحِي. وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبَةً: فِي كلِّ بَلَدٍ مِخْلاَفٌ.
بِمَكَّةَ، وَالمدينَةِ، والبَصْرةِ، والكوفَةِ.
وَقَالَ: مِخْلاَفُ الْبَلَدِ سُلطَانُه.(7/175)
قَالَ: وَكنَّا نَلقى بَنِي نُمَيْرٍ _ وَنحن فِي مِخْلافِ الْمَدِينَة، وهم فِي مِخْلافِ الْيَمَامةِ.
وَقَالَ أَبُو مُعاذٍ: الْمِخْلاَفُ: ((الْبُنْكِرْدُ)) . .
وَهُوَ أَن يكون لكُلِّ قوْمٍ صَدَقَةٌ عَلَى حِدَةٍ، فَذَاك: بُنْكِرْدُهُ. . يؤدَّى إِلَى عشيرتِه الَّتِي كَانَ يُؤَدِّي إليهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فلانٌ من مِخْلافِ كذَا وكذَا.
وَهُوَ _ عِندَ أهل الْيمن _ كالرُّسْتَاق.
والجميع: مَخَالِيفُ.
وَيُقَال: إنَّ نَوْمَةَ الضُّحَى مَخْلَفَةٌ لِلفَمِ _ أَي: تُغيِّرُهُ.
ومخْلَفَةُ مِنًى: حَيْثُ ينزلُ الناّسُ.
وَقَالَ الهُذَليُّ:
(وَإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّا ... إِذَا بُنِيَتْ بِمَخْلَفةَ الْبُيُوتُ)
ومَخْلَفةُ بَنِي فلانٍ: مَنزِلُهُمْ.
ونُزُلُ القَوْمِ بِمِنًى. . ومَخْلَفةُ مِنًى: طُرُقُهُمْ حَيثُ يَمُرُّونَ.
وَيُقَال: خَلفَ فلانٌ بِعَقبِي _ إِذا فَارَقَهُ على أَمْرٍ فَصَنَعَ شَيْئا آخرَ.
قلت: وَهَذَا أَصَحُّ مِن قَول اللَّيْث: إِنَّه يُخَالفُهُ إِلَى أَهْلِهِ.
وَيُقَال: خَلَفَ فلانٌ فلَانا _ فِي أَهله وَفِي مَكَانَهُ _ يَخلُفُهُ خِلاَفَةً حَسَنةً.
وَيُقَال: خَلَّفَتِ الفَاكِهةُ بعضُهَا بَعْضاً خَلْفاً وخِلْفةً _ إِذا صَارَتْ خَلْفاً من الأولى.
قَالَ: والنَّاقةُ الْخَلِفَةُ: الْحَامِلُ وجَمْعُها: مخَاضٌ. . وتُجْمَعُ: خَلِفَاتٌ.
وَقد خَلِفَتْ تَخْلَفُ خَلَفاً.
وَيُقَال: خَلفَ فلانٌ عَن أَصْحَابه _ إِذا لمْ يَخْرُجْ معهُمْ.
وَيُقَال: أَكلَ فلانٌ طَعَاما فبَقِيَتْ فِي فِيهِ خِلْفَةٌ فَتَغَيَّرَ فُوهُ.
وَهُوَ الشيءُ. . يَبْقَى بَين الأسْنَانِ.
وَيُقَال: إنَّهُ لخِليفَةٌ بَيِّنُ الْخِلاَفةِ والْخِلِّيفَى.
وَقَالَ عُمَرُ بن الخطَّابِ _ رِضْوانُ الله عَلَيْهِ: ((لوْ أَطَقْتُ الأَذَانَ مَعَ الْخِلِّيفَى لأذَّنْتُ)) .
ويقل: خَلَّفْتُ فلَانا. . أُخلِّفُهُ تَخْلِيفاً واسْتَخْلَفْتُهُ _ أيْ: جَعَلْتُهُ خَلِيفَتي.
الأصمعيُّ. . يُقَال: خَلَفَ فلانٌ على فُلانَةَ. . خِلاَفَةً _ إِذا تَزَوجَها بعدَ زَوْجٍ.
وَيُقَال)) : خَلَّفَ فلانٌ خَلَفَ صِدْقٍ فِي قومهِ _ إِذا تركَ عَقِباً.
اللَّيْث: اختَلَفْتُ إليهِ اخْتِلاَفَةً واحدَةً.
قَالَ: والْخِلاَفُ شَجَرٌ، والواحِدَةُ: خِلاَفَةٌ.
وَيُقَال: جَاءَ الماءُ بِبَزْرِهِ فَنَبَتَ مُخَالفاً لأصلهِ، فَسُمِّيَ خِلاَفاً.
قَالَ: والْمِخْلافُ _ بِلُغَةِ أَهْلِ اليمَنِ _: الكُورَةُ، ومَخَالِيفُهَا: كُوَرُهَا.
قَالَ: والمُتَوَشِّحُ يخالفُ بَين طَرَفَيْ ثَوْبِه.
وجَمْعُ الخلِفَةِ الحَامِلِ من النُّوقِ: مَخَاضٌ.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال إِنَّ امرأَةَ فلانٍ تَخْلُفُ زَوْجَهَا بالنِّزاعِ إِلَى غيرِهِ _ إِذا غَابَ عَنْهَا.(7/176)
وقَدِمَ أَعْشَى بَني مَازِنٍ عَلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنشدَهُ هَذَا الرَّجَزَ:
(يَا مَالِكَ النَّاسِ ودَيَّانَ الْعَرَبْ ... إليْكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنْ الذِّرَبْ)
(خَرَجْتُ أبْغِيهَا الطَّعَامَ فِي رَجَبْ ... فخَلفتْني بِنِزَاعٍ وهَرَبْ)
(أَخْلَفْتِ الْعَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ ... وهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لمَنْ غَلَب)
وَقَالَ أَبُو زيد: يقالُ: إنَّمَا أَنْتُمْ فِي خَوَالِفَ من الأَرَضِينَ _ أيْ: فِي أَرَضِينَ لَا تُنبتُ إلاَّ فِي آخِرِ الأرَضِينَ نَباتاً.
والأَخْلَفُ: الأعْسَرُ.
وَمِنْه قولُ الْهُذَليِّ أبي كَبِير:
(زَقَبٌ يَظَلُّ الذِّئبُ يتْبَعُ ظِلَّهُ ... مِنْ ضِيقِ مَوْرِدِهِ اسْتِنَانَ الأخْلفِ)
وَقيل: أَرَادَ بالأَخْلَفِ: الحَيَّةَ.
وَقيل: الأخْلَفُ: الأحْوَلُ.
والأَخْلَفُ من الْإِبِل: المشْقُوقُ الثِّيلِ. . الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ وَجَعاً.
وَقَال الأصمعيُّ: الْخَلَفُ _ فِي الْبَعِير _ أَن يكونَ مائِلاً فِي شِقٍّ.
يقالُ مِنْهُ: بَعِيرٌ أَخْلَفُ.
وَيُقَال: خَلَّفَ فلانٌ بنَاقَتِهِ تَخْلِيفاً _ إِذا صَرَّ خِلْفاً وَاحِداً من أَخْلاَفِها.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: الْخِلفُ: فِي الظِّلْفِ والْخُفِّ. . والطُّبْيُ: فِي الْحَافِرِ والظُّفْرِ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: الْخِلْفُ حَلَمَة ضَرْع النَّاقَةِ
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الْخِلْفَةُ: وقْتٌ بَعْدَ وَقْتٍ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: خَالِفَةُ البيتِ: تحتَ الأَطْنَابِ فِي الكَسْرِ.
وَهِي الْخَصَاصَةُ أَيْضا. . وهِيَ الْفُرْجَة.
وجَمْعُ الْخَالِفَةِ: خَوالِفُ. وَهِي الزَّوَايَا وأَنشدَ:
(مَا خِفْتُ حَتَّى هَتَكُوا الخَوَالِفَا ... )
وَقَالَ أَبُو مالِكٍ: الْخَالِفَةُ: الشُّقَّةُ المُؤَخَّرَةُ. . الَّتي تكونُ تحتَ الْكِفَاءِ تحْتَها طَرَفُها مِمَّا. . يَلي الأرضَ من كِلاَ الشِّقْيِن.
شَمِرٌ _ عَن ابْن شُمَيْلٍ _: الْخَلَفُ يكونُ فِي الخَيرِ والشَّرِّ.
وَكَذَلِكَ الخَلْفُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: يُقَال: مَضَى خَلْفٌ من النَّاس، وَجَاء خَلْفٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. . وخَلْفٌ صالحٌ.
خَفَّفَهُمَا جَمِيعًا.
وَفِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم: خَلَفٌ مِمَّن مَضَى _ أَي: يقومُونَ مَقامَهم.
وَفِي فُلانٍ خَلَفٌ من فُلان _ إِذا كَانَ صَالحا أَو طالحاً. . فَهُوَ خَلَفٌ.
وَيُقَال: بئْسَ الْخَلَفُ هم _ أَي: البَدَلُ.
وَقَالَ الكِسَائيُّ: الخَلْفُ القَرْنُ بعد الْقَرْنِ. {فخلف من بعدهمْ خلف} [الأعرَاف: 169] .
والْخَلَفُ _ مَثَقَّل _: إِذا كَانَ خَلَفاً من شَيْء.(7/177)
وَفِي حديثٍ مرفوعٍ: ((يَحْمِلُ هَذا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ. . يَنْفُون عَنْهُ تَحرِيفَ الْغَالِينَ، وانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ، وتأَوِيلَ الْجَاهِلينَ)) .
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: سَمعْتُ رَجُلاً يُحَدِّثُ مالِكَ بْنَ أَنَسٍ بِهَذَا الحَدِيث فأعْجَبَهُ.
أَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَبٍ. . عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْمَخَالِيفُ من الْإِبِل: الَّتِي رَعَتْ الْبَقْلَ، وَلم تَرْعَ الْيَبِيسَ، فَلم يُغْنِ عَنْهَا رَعيُها الْخُضْرَةَ شَيْئا.
وَأنْشد:
(فَإنْ تَسْأَلِي عَنَّا إِذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ ... مَخَالِيفَ حُدْباً لَا تَدِرُّ لَبُونُها)
خَ ل ب
خلب، خبل، بَلخ، بخل، لخب، لبخ: مستعملات.
خلب: قَالَ اللَّيْث: الْخَلْبُ: مَزْقُ الْجِلْد بالنَّاب.
والسَّبُعُ يَخْلُبُ الفَريسةَ _ إِذا شقّ جلدَها بِنَابِه أَو فَعَله الْجَارحَةُ بمِخْلَبهِ.
ولكلِّ طائرٍ من الْجَوَارِح: مِخْلَبٌ وَلكُل سَبُعٍ: مِخْلَبٌ. . وَهُوَ أظافيرُه.
وسَمِعْتُ النَّخْلاَوِيِّينَ مِنْ أهل الْبَحْرَينِ يَقُولُونَ للحَدِيدَةِ الْمُعَقَّفَةِ _ الَّتِي لَا أُشَرَ لَهَا، وَلَا أَسنان _: الْمِخْلَبُ.
وأنشدني أعرابيٌّ _ من بني سعْدٍ _:
(دَبَّ لهَا أَسْوَدُ كالسِّرْحَانْ ... بِمِخْلَبٍ يَخْتَدِمُ الإهَانْ)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُلُبُ: حَبْلٌ دَقِيق صُلْبُ الْفَتْلِ. . من لِيفٍ أَو قُنَّبٍ أَو شيءٍ صُلْبٍ.
وَأنْشد:
(كالْمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلُبُهْ ... )
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخُلْبَةُ: الْحَلْقَة من اللِّيف.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الْخُلْبُ اللِّيف _ واحدَتُه خُلْبَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُلْبُ: طِينُ الْحَمأَةِ وَيُقَال: هُوَ الطِّين الصُّلب. وَيُقَال: طينٌ لاَزِبٌ خُلُبٌ. وماءٌ مُخْلِبٌ _ أَي: ذُو خُلُبٍ وَقَالَ أميَّةُ:
(فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مآبِها ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ)
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: قَالَ رجُلٌ من الْعَرَب لطبَّاخِه: ((خَلِّبْ مِيفَاكَ حتَّى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ)) .
قَالَ: ((خَلِّبْ)) _ أَي: طَيِّنْ. وَيُقَال للطِّينِ: خُلْبٌ.
قَالَ: ((والْمِيفَى)) : طَبَقُ التَّنُّورِ، و ((الرَّوْدَقُ)) : الشِّوَاءُ.
وَقَالَ الليثُ: الْخُلْبُ أَيْضا: وَرَقُ الْكَرْمِ والْعَرْمَضِ ونحوِه.
قَالَ: والْخِلاَبَةُ: الْمُخَادَعَةُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لرجلٍ كَانَ يُخْدَعُ فِي بَيْعه _: ((إِذا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلاَبَةَ)) .(7/178)
أَي: لَا خَدِيعَةَ وَلَا غِشَّ.
قَالَ اللَّيْث: والْخِلاَبَةُ: أَنْ تَخْلُبَ المرأَةُ قَلْبَ الرجُلِ. . بأَلْطَف القَوْل وأَخلَبِهِ.
وامرأةٌ خَلاَّبَةٌ للفؤاد. . وخَلُوبٌ للفؤاد.
وَرجل خَلَبُوتٌ: ذُو خَدِيعة، جَاءَ على ((فَعَلُوتٍ)) مِثْلُ ((رَهَبُوتٍ)) .
وَقَالَ الشَّاعِر:
(مَلَكتُمْ فَلَمَّا أَنْ مَلَكْتُم خَلَبْتُمُو ... وَشَرُّ الملوكِ الخَالِبُ الْخَلَبُوتُ)
أَبُو عُبَيد _ عَن أبي زيدٍ _: الْخِلْبُ: حِجَابُ القَلبِ.
وَمِنْه قيل للرَّجل الَّذِي تحبُّه النساءُ: إنّه لَخِلْبُ نسَاء _ أيْ: تُحِبُّه النِّسَاء.
وَقَالَ غيرُه: فلانٌ خِلْبُ نساءٍ _ إِذا كَانَ يُخَالِبُهُنَّ _ أيْ: يُخادِعُهنَّ.
وفلانٌ حِدْثُ نساءٍ، وزِيرُ نساءٍ _ إِذا كَانَ يُحَادِثُهُنَّ ويُزَاوِرُهُنَّ.
وَمن أَمثال العرَب: ((إِذَا لمْ تَغْلِبْ فاخْلُبْ)) .
وبعضُهم يَقُول: فاخلِبْ _ بكسْرِ اللاَّم.
فمَن ضَمَّ اللامَ. . فَمَعْنَاه: فاخْدَعْ.
وَمن كَسَرَ اللاَّمَ. . فَمَعْنَاه: فانتِشْ شَيْئا يَسِيرا بَعْدَ شَيْء.
. . أُخِذَ من مِخْلَبِ الجارحةِ.
وَيُقَال للرجل الَّذِي يَعِدُ وَلَا يَفِي بوعده: إنّه لبَرْقُ خُلَّبٍ، وَإنَّهُ لَبَرْقٌ خُلَّبٌ وَهُوَ السَّحَابُ الَّذِي يُرْعِدُ ويُبْرِقُ، وَلَا يُمْطِرُ.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: امْرَأَة خَلْبَنٌ، وهيَ: الخَرْقاءُ.
قَالَ: وَلَيْسَ مِنَ الْخِلاَبَةِ.
قَالَ: والنُّونُ لَيست بأَصْليَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: امرأَةٌ خَلْبَاء _ إِذا كَانَت خَرْقاءَ، وَقد خَلِبَتْ خَلَباً.
وَكَذَلِكَ: الخَلْبَنُ.
قَالَ: وَيُقَال للْمَرْأَة المهزولةِ: خَلْبَنٌ.
وأنشَدَ الأصمعيُّ:
(وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاَثٍ عَلْجَنِ ... تَخْلِيطَ خَرْقَاءِ اليَدَيْنِ خَلْبَنِ)
وَرَوَاهُ أَبُو الْهَيْثَم.
(. . خَلْبَاءِ اليَدَيْنِ. . ... )
وَهِي الْخَرْقَاءُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخَلْبَاءُ من النِّسَاء: الْخَدُوعُ.
سَلمةُ _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الْخِلْبُ: الطِّينُ، والخِلْبُ: الوَشْيُ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عمرٍ و _ قَالَ: المُخَلَّبُ من الثِّيَاب: الكثيرُ الوَشْي. وَقَالَ لَبِيدٌ:
(وغَيْثٍ بدَكْدَاكِ يَزِينُ وِهَادَهُ ... نَبَاتٌ كُوَشْي العَبْقَرِيِّ المُخلَّبِ)
قَالَ: وَهُوَ الكثيرُ الأَلْوَان.
وَقَالَ ابنُ الزَّبِيرِ الأسَدِيُّ:
(خَشَّ الضَّلُوعَ فَأَفْرَاها بِمِخْلَبِهِ ... ومَرَّشَ الْخِلبَ حَتَّى هَتَّكَ الْقَصَرَا)
قَالَ: ((مَرَّشَ)) و ((خَدَّشَ)) . . واحدٌ.
و ((الْخِلْبُ)) : عُظَيْمٌ مِثْلُ ظُفْرِ الْإِنْسَان لاصِقٌ بناحيةِ الْحجاب. . ممَّا يَلي الكَبِدَ.(7/179)
وَهِي الَّتِي تَلِي الكَبِدَ والحجابَ. . والكَبِدُ مُلْتَزِقٌ بِجَانِب الحجابِ.
وجَمْعُ الْخَالِبِ: خَلَبَةٌ.
بَلخ: قَالَ اللَّيْث: البَلَخُ: مَصْدرُ الأَبْلَخِ، وَهُوَ الْعَظِيمُ فِي نفْسِه. . الجريءُ على مَا أَتَى من الفُجور. وامرأةٌ بَلْخَاء.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: البَلَخُ: التَّكبُّرُ، والبَلَخُ: شجَرُ السِّنْدِيانِ.
والْبَلْخُ: الطُّولُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: البُلاَخُ شَجَرُ السِّنْدِيان وَهُوَ الشجرُ الَّذِي تُقْطَعُ مِنْهُ كُدَيْناتُ القَصَّارِينَ.
والأبلخُ: الرَّجُل المتكبِّرُ. . والجميعُ: البُلْخُ.
لبخ: قَالَ اللَّيْث: اللَّبْخُ: احتيالٌ لأَخْذِ شَيْء.
قَالَ. واللَّبْخُ: من الضَّرْب والقتْل.
واللُّبُوخُ: كثرةُ اللَّحْم فِي الْجَسَد.
واللَّبِيخُ: النَّعْتُ.
وَامْرَأَة لُبَاخِيَّةٌ: ضَخْمَةُ الرَّبْلَةِ. . كَثِيرَة اللَّحْمِ.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: يُقَال للْمَرْأَة الطويلةِ العَظِيمةِ الْجِسْم: خِرْباقٌ ولُبَاخِيَّةٌ، ومُزَنَّرَةٌ.
واللِّبَاخُ: اللِّطَامُ والضِّرَابُ.
بخل: قَالَ اللَّيْث: البُخْلُ والبَخَلُ: لُغتان _ قُرِىء بهما، وَقد بَخِلَ يَبخَل بَخَلاً وبُخْلاً، ورَجلٌ بَخِيلٌ، وبَخَّالٌ ومُبَخَّلٌ _ إِذا وُصِفَ بالبخل. . والبَخْلَةُ بُخْلُ مرَّةٍ وَاحِدَة.
ويجمَع البخيلُ: بُخَلاَء، ورَجلٌ باخِلٌ: ذُو بُخْلٍ، ورِجالٌ باخِلُونَ.
وأَبْخَلْتُ فلَانا: وَجَدْتُه بخِيلاً، وبَخَّلْت فلَانا: نَسَبْتُه إِلَى الْبُخْل.
والوَلد مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَبْخَلةٌ، وَقد مرَّ تفسيرُها.
خبل: قَالَ الليثُ: الخبْلُ جنونٌ أَو شِبْهُه فِي الْقلب، ورَجلٌ مخبولٌ وَبِه خَبْلٌ، ورَجلٌ مُخَبَّلٌ: لَا فؤادَ مَعَه، وَقد خَبَله الدَّهْر والْحزن والسُّلطان والحُبُّ والدَّاء _ خَبْلاً. وَأنْشد:
(يَكُرُّ عليهِ الدَّهْرُ حَتَّى يَرُدَّه ... دَوًى شَنَّجَتْه جِنُّ دَهْرٍ وَخَابِله)
ودَهْرٌ خَبِلٌ: مُلْتَوٍ عَلَى أهلهِ لَا يَرَوْنَ فِيهِ سُرُوراً.
قَالَ: والْخَبْلُ فسادُ الْأَعْضَاء، حَتَّى لَا يَدْرِي كَيْفَ يَمْشي _ فَهُوَ متَخَبِّلٌ خَبِلٌ، مُخْتَبَلٌ.
ثعلبُ _ عَن سَلَمَةَ عَن الفرَّاءِ _ قَالَ: الْخَبَالُ أَن: تكون البئرُ مُتَلَجِّفَةً فربَّما دخلتِ الدَّلْوُ فِي تَلْجِيفِها فَتَنْخَرقُ.
وَأنْشد قولَ الراجزِ فِي صِفَةِ الدَّلْو وانقِطَاعِها:
(أَخَذِمَتْ أَمْ وَذِمَتْ أَمْ مَا لَها ... أَمْ لَقِيَتْ فِي قَعْرِهَا خَبَالَهَا؟ ؟)
قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الْخَبَالُ: الْفَسَادُ، والْخَبَالُ: الجُنُون، والخَبالُ: عُصَارَةُ أَهْل النَّار.(7/180)
وَفِي الحَدِيث: ((مَنْ أَكلَ الرِّبَا أَطْعَمَهُ الله مِن طينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) .
قَالَ: وَقَالَ رجلٌ من الْعَرَب: إنِّ لنا فِي بني فلَان خَبْلاً فِي الجاهليَّة _ أَي: قطْعَ أَيْدٍ وأرجُلٍ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الْخَبَلُ: الْجِنُّ، والخَبَلُ الإنْسُ، والْخَبَلُ الْجِرَاحَةُ.
قَالَ: والْخَبْلُ _ بالْجَزْم _: قَطْعُ اليَدِ والرِّجل.
يُقَال: بنُو فلَان يطالبُونَنا بخَبْلٍ _ أَي: بِقطع أَيْدٍ وأَرْجُلٍ وجِرَاحَاتٍ.
أَبُو عبيد: الإخْبَالُ أَن يُعْطِيَ الرجلُ الرجلَ البعيرَ أَو الناقةَ. . يركبُها ويَجْتَزُّ وَبَرَها، وينتفِعُ بهَا، ثمَّ يَرُدُّهَا.
وإياهُ عَنَى زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى بقوله:
(هُنَالِكَ إِنْ يُسْتَخْبَلُوا الْمَالَ يُخْبِلُوا ... وَإِنْ يُسْأَلُوا يُعْطُوا وإِنْ يَيْسِرُوا يُغْلُوا)
يُقَال مِنْهُ: أَخْبَلْتُ الرجُلَ، أُخْبِلُهُ إِخْبَالاً.
ورُوِيَ قَوْلُ لبيدٍ فِي صفة فَرَسٍ لَهُ:
(. . غَيْرُ طَوِيلِ الْمُخْتَبَلْ ... )
بِالْخَاءِ من الاخْتِبَال _ أَرَادَ أنَّه غيرُ طويلِ مُدَّةِ عَارِيَّتِهِ _ إِذا أُعِيرَ.
ومَنْ رَوَاه:
(. . غَيْرُ طَوِيل الْمُحْتَبَلْ ... )
أَرَادَ: أنَّه غيرُ طَوِيل الرُّسغ _ وَهُوَ مَوْضِع الْحَبْلِ مِن يَدِه، وطُولُه عَيْبٌ.
وَقَالَ اللَّيثُ: مُختَبلُهُ: قَوَائِمُه واخْتِبَالُها: أَلاَّ تَثبُتَ فِي مَوَاطِنِهَا.
قلتُ: والقولُ هُوَ الأوَّلُ.
وَقَالَ اللَّيثُ: يُقَال: بِفُلاَنٍ خَبَالٌ _ أَي: مَسٌّ.
وَهُوَ خَبالٌ على أَهله _ اي: عَنَاءٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لَا يألونكم خبالا} [عِمرَان: 118] .
قَالَ الزَّجَّاجُ: الْخَبَالُ: الفَساد، وذهابُ الشَّيْء.
وَأنْشد بَيْتَ أَوْسٍ:
(أَبَنِي لُبَيْنى لَسْتُمُو بِيَدٍ ... إلاَّ يَداً مَخْبُولَةَ العَضُدِ)
وَرَوى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لَا يألونكم خبالا} _ أَي: لَا يُقَصِّرُونَ فِي فَسَادِكُمْ.
وَفِي الحَدِيث: ((مَنْ أُصِيبَ بدَمٍ أَوْ خَبْلٍ. .)) .
وَفِي حَدِيث آخرَ: ((بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ خَبْلٌ)) .
يَعْنِي فسادَ الفِتْنَةِ والهَرْجِ والقَتْلِ.
والخَابِلُ: الْجِنُّ، وجَمْعُهُ: خَبَلٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: خَبَلَ فلانٌ فلَانا عَن كَذَا وَكَذَا _ إِذا مَنَعَه. . يَخْبِلُه خَبْلاً وخَبِلَتْ يَدُه _ أَي: شَلَّت.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الْمُخَبَّلُ، الْمَجْنُون وَبِه سُمِّي المخَبَّلُ الشاعِرُ. . وَهُوَ الْمُخْبَلُ.
سَلَمَةُ عَن الفرَّاء قَالَ: الخَبَلُ: الْجِنُّ، والْخَبَلُ: الإنْسُ.(7/181)
قَالَ: والْخَبَلُ المَزَادَة، والْخَبَلُ: الْجُنُونُ، والْخَبَلُ: جَوْدَةُ الْحُمقِ بِلا جُنُون، والْخَبَلُ: الْقِرْبَةُ الملأَى.
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ الْخَبَالُ: السَّمُّ القَاتِلُ.
قَالَ: والْخُبْلَةُ: الفَسَادُ من جِرَاحَةٍ أَو كَلمَةٍ.
قَالَ: والْخَبْلُ: الفسادُ فِي الثَّمَرِ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ الأنْصَارَ شَكَتْ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّ رَجُلاً صَاحِبَ خَبْلٍ يَأتِي إِلَى نَخْلِهِمْ فَيُفْسِدُهُ)) .
لخب: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْمُلاَخِبُ: الْمُلاَطِمُ، والْمُلَخَّبُ: الْمُلَطَّمُ، فِي الْخصُومات، واللُّخَابُ: اللُّطَامُ.
خَ ل م
خلم: خمل، لمخ، لخم، ملخ، مخل: مستعملات:
مخل: أهمله اللَّيْثُ.
وروى أبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْمَاخِلُ: الْهَارِبُ.
قلتُ: وَكَذَلِكَ المَالِخُ، كأَنَّه قُلِبَ عَنهُ، والخَافِلُ. . وَهَذِه من نوادره.
خمل: قَالَ اللَّيْثُ: خَمَلَ ذِكرُه يَخْمُلُ خُمُولاً، والْخَامِلُ: الْخَفِيُّ: وَهُوَ خَامِلُ الذِّكر _ لَا يُعْرَف وَلَا يُذْكَرُ، والقولُ الْخَامِلُ: الْخَفِيضُ.
وَفِي الحَدِيث: ((اذْكُروا الله ذِكْراً خَامِلاً)) _ أَي: اخفِضوا صَوْتَكمْ بِذِكْرِه _ تَوْقِيراً لجَلالَتِهِ، وَهَيْبَةً لِعَظَمَتِهِ.
قَالَ: والْخَمِيلَةُ مَفْرَجٌ بَين هَبْطَةٍ وصَلاَبَةٍ، وَهِي مَكْرُمَةٌ للنَّبَات.
أَبُو عبيد _ عَن أَصْحَابه _: الْخَمِيلَةُ من الرَّمل مُسْتَرَقُّهُ. . حَيْثُ يَذْهَبُ مُعْظَمُه وَيبقى شيءٌ مِنْ لَيِّنِه.
وَقَالَ شمِرٌ: قَالَ أَبُو عمرٍ و: الْخَمِيلَةُ: الأرضُ السَّهلةُ الَّتِي تُنبِتُ.
شُبِّهَ نَبْتُها بِخَمْلِ القَطِيفَةِ.
قَالَ: وَيُقَال: الْخَمِيلةُ مَنْقَعُ ماءٍ ومَنْبِتُ شَجَرٍ.
وَلَا تكونُ إلاَّ فِي وَطَاءٍ من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن السكِيت: قَالَ أَبُو صَاعِدٍ: الْخَمِيلةُ: الشَّجَرُ المجتَمِعُ. . الَّذِي لَا تَرَى فِيهِ الشَّيْء إِذا وَقع فِي وَسَطِهِ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الخَمِيلةُ رَمْلةٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ.
وروى ابْن الفَرَجِ _ عَن بَعْضِهمْ _ أَنَّه قَالَ: هُوَ خَامِلُ الذِّكْرِ، وَخَامِنُ الذّكْر _ بِمَعْنى واحِدٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَمْلُ _ مَجْزُومٌ _ خَمْلُ القَطِيفَةِ ونحوِه، وَهُوَ مِنْ غَزْلٍ نُسِجَ قد أُفْضِلتْ لَهُ فُضُولٌ كَخَمْلِ الطِّنْفَسَةِ.
وَيُقَال لرِيشِ النَّعَام: خَمْلٌ.
قَالَ: والخَمْلَةُ ثَوْبٌ مُخْمَلٌ من صُوفٍ كالكِساءِ. . لَهُ خَمْلٌ.
قَالَ: والخُمَالُ دَاءٌ يأْخذُ الفرسَ فَلاَ يَبرحُ حَتَّى يُقْطعَ مِنْهُ عِرْقٌ أَو يَهلِكَ.
وَأنْشد قَول الْأَعْشَى يَصِفُ نَجِيبَةً من الإبلِ.(7/182)
(لَمْ تُعَطَّفْ على حُوَارٍ وَلَمْ يَقْطعْ ... عَبِيدٌ عُرُوقَهَا مِنْ خُمَالِ)
قَالَ: وَالْخُمَالُ داءٌ يأْخذُ فِي قائِمَةِ الشَّاةِ، ثمَّ يَتَحَوَّلُ فِي القوائم يَدُورُ بَينهنَّ.
يُقَال: خُمِلَتِ الشَّاةُ. . فَهِيَ مَخْمُولةٌ.
أَبُو عبيد: الخُمَالُ: من أَدْوَاءِ الْإِبِل وَهُوَ ظَلْعٌ يكُونُ فِي القوائِم.
وَأنْشد بيتَ الأعْشى.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَمِيلةُ _ والجَميعُ: الخَمِيلُ _: رِيشُ النَّعَامِ.
قَالَ: والخَمْلُ: ضَرْبٌ من السَّمَكِ. . مِثلُ اللُّخْمِ.
قلت: لَا أَعرفُ ((الخَمْلَ)) بالخَاء فِي أَسماء السَّمكِ، وأَنواعِها، وأَعْرِفُ ((الجَمَلَ)) وَلَا آمَنُ أَن يكون مُصَحَّفاً.
فَإِن صَحَّ ((الخَمْلُ)) لِثِقَةٍ فاقْبَلْهُ وإلاّ. . ففيهِ نَظَرٌ.
قلتُ: وَيُقَال: فلانٌ. . خَبيثُ الخِمْلَة _ أَي: خَبِيثُ البِطَانَةِ والسَّريرةِ.
قَالَه أَبُو زيد.
ثَعْلَب عَن سَلَمَة عَن الفرَّاء _: الخِمْلةُ: باطِنُ أَمْرِ الرجل.
يُقَال: فلانٌ كريمُ الخِمْلة. . ولَئِيمُ الخِمْلة.
قَالَ: والخِمْلةُ: العَبَاءُ القَطَوَانِيَّةُ قَالَ: وَهِي الْبِيضُ الْقَصِيرَةُ الخَمْلِ.
قَالَ: والْخَمَلُ: السَّفِلُ من النَّاس.
واحِدُهُمْ خَامِلٌ.
وَقَالَ غيرُه: الخَمِيلُ: الثّيَابُ الْمُخْمَلةُ.
وَأنْشد:
(وَإنِّ لَنَا دُرْنَى فَكُلَّ عَشِيَّةٍ ... يُحَطَّ إليْنَا خَمْرُهَا وخَميلُهَا)
خَمِيلُهَا: ثِيَابُهَا.
والْخَمْلةُ: شِبْهُ الشِّمْلة من الثِّياب.
لخم: قَالَ اللَّيْث: لَخْمٌ: حَيٌّ من جُذَامَ.
قلتُ: ومُلُوكُ لَخْمٍ كَانُوا يَنْزِلُونَ ((الْحِيرَةَ)) ، وهم آلُ المُنْذِرِ ابنِ مَاءِ السَّمَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّخْمُ ضَرْبٌ من سَمَكِ البَحْر.
وَقَالَ رؤبةُ:
(كَثِيرَةٌ حِيتَانُهُ وَلُخُمُهْ ... )
قَالَ: و ((الْجَمَلُ)) سَمَكَةٌ تكون فِي الْبَحْر.
رَوَاهُ ابْن الأعرابيِّ:
وَأنْشد:
(وَاعْتَلَجَتْ جِمَالُهُ وَلُخُمُهْ ... )
قَالَ: وَلَا يكون ((الجَمَلُ)) فِي الْعَذْبِ.
قَالَ: واللُّخْمُ: الْكَوْسَجُ _ يُقَال: إِنَّه يأكُل الناسَ.
وَقَالَ غيرُه: اللَّخْمُ: القَطْع، وَقد لَخَمَهُ _ إِذا قَطَعَه.
واللَّخَمَةُ: الْعَقَبَةُ من الْمَتْنِ.
قَالَ ذَلِك قُطْرُبٌ.
خلم: قَالَ اللَّيْث: الْخِلْمُ: مَرْبِضٌ للظَّبْيَةِ أَو كِنَاسٌ تتَّخِذُه مأْلَفاً، وتأوِي إِلَيْهِ.
قَالَ: ويسمَّى الصَّدِيقُ خِلْماً. . لأُلْفَتِهِ، وَيقال فلانٌ خِلْمُ فلَان.
قَالَ: وَالْخِلْمُ: العَظيم.(7/183)
وَقَالَ غيرُه: هُوَ خِلْمي، وَهِي خِلْمِي وَقد خَالَمَ فلانٌ فلَانا _ إِذا صادَقَه.
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخِلْمُ: الصَّديقُ الصَّادِقُ الْخَالِص.
وَقَالَ المبرِّد _ حِكَايَة عَن بعض الْبَصرِيين _ أَنه قَالَ: مَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْمُتفَتِّيَةَ حَتَّى يكون لَهَا خِلْمَانِ سِوَى زوجِها.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الْخِلْمُ شَحْم ثَرْبِ الشَّاة.
قَالَ أَبُو العبَّاس: وسألتُ عَنهُ ابنَ الأعرابيِّ. . فَعَرَفَه.
وَقَالَ فِي بابٍ آخَرَ: الْخُلُم شُحُومُ ثَرْبِ الشَّاة.
قَالَ: والْخُلُمُ _ أَيْضا: الأصدقاءُ.
ملخ: قَالَ اللَّيْث: الْمَلْخُ قَبْضُكَ على عَضلةٍ عَضّاً وجَذْباً.
وَيُقَال: امتلخَ الكلبُ عَضَلَتَهُ وامْتَلَخَ يَدَهُ من القابِضِ عَلَيْهِ، وامتلخَ السَّيْفَ من جَفْنِه _ إِذا استَلَّهُ.
ومَلَخِتِ العُقَابُ عين الْمَيْتَةِ وامْتَلَخَتْها _ إِذا انتزعتها.
وامتلختُ اللجامَ. . منْ رأسِ الدَّابةِ.
قَالَ: والمَلاَّخُ: المَلاَّقُ.
وَقَالَ رُؤْبةَ:
(مُقْتَدِرُ التَّجْلِيخِ مَلاَّخُ الْمَلَقُ ... )
ورُوِيَ عَن الْحَسَنِ أَنه وَصَفَ رجلا فَقَالَ: يَمْلَخ فِي الْبَاطِل مَلْخاً _ أَي: يتَلَهَّى.
قَالَ: ومَالَخَهَا مِلاَخاً _ إِذا مالَقَهَا وَلاَعَبَهَا.
شَمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: مَلَخَ فِي الأَرْض: ذَهَبَ فِيهَا.
قَالَ: والْمَلْقُ أَنْ يَمُرَّ مَرّاً سَرِيعا.
وَقَالَ ابْن هَانِيءٍ: الْمَلْخُ مَدُّ الضَّبْعَين فِي الحُضْرِ على حالاته كلِّها مُحْسِناً ومُسيئاً.
وَقَالَ غيرُه: المَلْخُ: السَّيْر السَّهل، والْمَلْقُ نَحْوُه.
وَقَالَ شَمِرٌ _ فِي قَول الحَسَنِ: ((يَمْلخُ فِي البَاطِلِ)) _ هُوَ التَّثَنِّي والتَّكَسُّر.
يُقَال: مَلَخَ الفَرَسُ _ إِذا لَعِبَ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَدْنانَ: قَالَ لي الأصمعيُّ: ((يَمْلَخُ فِي الْبَاطِل)) : يَمُرُّ فِيهِ مَرّاً سَهْلاً.
قلتُ: وسمِعْتُ غيرَ وَاحِد من الأعْرابِ يَقُول: مَلَخَ فُلانٌ _ إِذا هَرَبَ.
وعَبْدٌ مَلاَّخٌ _ إِذا كَانَ كثيرَ الإبَاقِ. ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الْمَلْخُ: الفِرَارُ، والْمَلْخُ: التَّكبُّرُ. والْمَلْخُ: رِيحُ الطَّعَام.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: امْتَلخْتُ الشَّيْء _ إِذا اسْتلَلْتُهُ رُويداً.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: إِذا ضَرَبَ الفحْلُ الناقةَ فَلم يُلْقِحهَا فَهُوَ مَلِيخٌ.
وَقَالَ فِي مَوضِع: المليخُ: الَّذِي لَا يُلقِحُ أَصْلاً.
قَالَ: وكلُّ طعامٍ فاسدٍ فَهُوَ مَليخٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المليخُ لحمٌ لَا طَعمَ لَهُ _ كلحم الحُوَارِ.(7/184)
قَالَ: ومَلَخْتُ الْمَرْأَة مَلْخاً. . وَهُوَ شِدَّةُ الرَّطْمِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: فَرَسٌ مَلِيخٌ ونَزُورٌ وصَلُودٌ _ إِذا كَانَ بطيء الإلْقاحِ.
وجمعُه: مُلُخٌ.
لمخ: قَالَ اللَّيْث: اللِّمَاخُ: اللِّطَامُ.
يُقَال: لامَخْتُه، ولاطَمْتُه.
وَأنْشد قولَ العَجَّاجِ:
(فأَوْرَخَتْهَ أَيِّما إيرَاخِ ... قَبْلَ لِمَاخٍ أَيَّمَا لِمَاخِ)
وَيُقَال: لَمَخَهُ لمْخاً _ أيْ: لَطَمَه.
(أَبْوَاب) الْخَاء وَالنُّون
خَ ن ف
خنف، خفن، نخف، نفخ، فنخ: مستعملة.
خفن: قَالَ اللَّيْث: خَفَّانُ النَّعَامِ: رَأْلُها _ الواحدةُ خَفّانةٌ _ وَهُوَ فَرْخُها.
قلتُ: هَذَا تَصْحِيف، وَالَّذِي أَرَادَ الليثُ: الحَفَّانُ _ بِالْحَاء _ وَهِي رِئَالُ النَّعام.
وَقد مرَّ تفسيرُها مُشْبَعاً، فِي بَاب ((حَفَّ)) مِن مُضاعَف حرف الْحَاء، والخاءُ فِيهِ خطَأٌ.
قلتُ: وخَفَّانُ: مَوْضِعٌ.
وَهُوَ مَأْسَدَة بَين الثِّني وعُذَيْبٍ.
وَفِيه غِيَاضٌ ونُزُوزٌ. . وَهُوَ معروفٌ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: أنَّه قَالَ: الخَفْنُ: اسْتِرْخَاءُ الْبَطْنِ.
قلتُ: وَهُوَ حَرْفٌ غريبٌ لم أَسْمَعهُ لغيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَيْفَانُ: الجَرَادُ. . أوَّلَ مَا يطيرُ.
جَرَادَةٌ خَيْفَانةٌ.
وَكَذَلِكَ الناقةُ السريعة.
قلتُ: جعل ((خَيْفَاناً)) ((فَيْعَالاً)) ، من الْخَفْنِ: وَلَيْسَ كَذَلِك.
وَإِنَّمَا الْخَيْفَانُ _ من الجرادِ _: الَّذِي صارَ فِيهِ خطوط مُخْتلفةٌ.
وأصْلُه من ((الأَخْيَفِ)) .
والنونُ فِي خَيْفَانَ: نونُ ((فَعْلانَ)) ، والياءُ أَصْلِيَّةٌ.
خنف: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخِنَافُ: سُرْعَةُ قَلْبِ يَدَي الفَرَس.
وَقَالَ الليثُ: صَدْرٌ أَخْنَفُ وظهرٌ أَخْنفُ.
وخَنَفَةُ: انهِضامُ أحدِ جانِبَيْهِ.
يُقَال: خَنَفَتِ الدَّابَّةُ، وَهِي تَخْنِفُ بِيَدِهَا وبأَنفها فِي السّير _ أيْ: تَضْرِب بهَا نشاطاً، وَفِيه بعضُ المَيْل.
يُقَال: ناقةٌ خَنُوفٌ. . مِخْنَافٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _ الْخَنُوفُ من الْإِبِل: اللَّيِّنَةُ اليدَيْن فِي السَّيْر.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: ويكونُ الْخِنَافُ فِي الْخَيل: أَنْ يَثْنِيَ الفَرسُ يَدَه ورأسَه فِي شِقٍّ، إِذا أحضَرَ.
قَالَ: أَبُو عبيدٍ: وَقَالَ الأصمعيُّ: إِذا أَهْوَى الفَرَسُ بحافرِه إِلَى وَحْشِيِّةِ فَذَلِك: الْخِنَاف. . وَقد خَنَفَ يَخْنِفُ.(7/185)
قَالَ: ويكونُ الْخِنَافُ فِي البَعِيرِ _ فِي الْعُنُق _: أَنْ يُمِيلَهُ. . إِذا مُدَّ بِزَمامِه.
وَقَالَ الليثُ: الْخَانِفُ: الَّذِي يُمِيلُ رأسَه إِلَى الزِّمَام، يَفعلُ ذَلِك من نشاطه.
قَالَ: وجَمَلٌ خَانِفُ. . مِخْنَافٌ.
وَهُوَ الَّذِي لَا يُلْقِحُ _ إِذا ضَرَبَ.
وَهُوَ كالْعقيمِ من الرِّجال.
قلتُ: لم أسمع ((الْمِخْنَافَ)) بِهَذَا الْمَعْنى. . لغير اللَّيْث، وَلا أَدْري. مَا صِحَّتُهُ؟
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ قَوْماً أَتَوُا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: تَخَرَّقَتْ عنَّا الْخُنُفُ، وأَحْرَقَ بُطُونَنا التَّمْرُ)) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ الأصمعيُّ: الْخُنُفُ وَاحِدهَا خَنِيفٌ. . وَهُوَ جِنْسٌ من الكَتَّان أَرْدَأُ مَا يكونُ مِنْهُ.
وأنشدَ:
(عَلَى كالْخَنِيفِ السَّحْقِ يَدْعُو بِهِ الصَّدَى ... لَه قُلُبٌ عَادِيَّةٌ وَصُحُونُ)
يَعْنِي طَرِيقا ذَكَرُه.
شَبَّههُ بثوبِ كَتَّان خَلَقٍ. . لدُرُوسِه. عمروٌ _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الْخَنِيفُ رديءُ الكَتَّان.
والْخَنِيفُ: الناقةُ الغَزِيرَةُ اللَّبنِ. ومِخْنَفٌ _ من الْأَسْمَاء _: معروفٌ.
فنخ: قَالَ اللَّيْث: الْفَنِيخُ: الرِّخْوُ الضَّعيف.
وَقَالَت امرأةٌ:
(مَالي وَللشُّيُوخِ ... يَمْشُون كالْفُرُوخِ)
(وَالْحَوْقَلِ الْفَنِيخِ ... )
والْحوْقَلُ: الَّذِي أَسَنَّ، وضعُف عَن الجِماع.
قَالَ: وفَنَّخْتُهُ تفْنيخاً _ أَي: أَذْلَلتُه، وفَنَخْتُ رأسَه فَنْخاً _ إِذا فَتَتُّ العَظْمَ من غير شَقٍّ وَلَا إدْماءٍ وَقال العَجَّاج:
(لَعلِمَ الجُهَّالُ أَنِّي مِفْنَخُ ... لِهَامِهمْ أَرُضُّهُ وأَنْفُخُ)
(أَمَّ الصَّدَى عَنِ الصَّدَى وَأَصْمَخُ ... )
نفخ: قَالَ اللَّيْث: النَّفْخُ معروفٌ.
تَقول: نَفَخْتُ فانْتَفَخَ.
والْمِنْفَاخُ: الَّذِي يَنْفُخُ بِهِ الإنسانُ فِي النَّار وغيرِها.
والنَّفِيخُ: الَّذِي يَنْفخُ فِي النّار. . الْمُوكَّلُ بذلك وأَنشدَ:
(فِي الصُّبْح يَحْكي لَوْنَهُ زَخِيخُ ... مِنْ شُعْلةٍ سَاعَدَهَا النّفِيخُ)
قَالَ: صَار الَّذي يَنْفخُ: نَفِيخاً مَثْلُ الْجَلِيس ونَحْوَه. . لأنَّه لَا يزالُ يَتعهَّدُه بالنَّفْخ.
والنُّفَّاخُ: نُفْخَة الوَرَم من دَاءٍ يأْخذُ حَيْثُ أَخَذَ.
والنُّفْخَةُ: انتفاخُ الْبَطن من طَعَام ونحوِه.
والنَّفْخَةُ: نَفْخَةُ يَوْم الْقِيَامَة. والْمِنْفَاخُ: كِيرُ الحَدَّاد وشابٌّ وشابَّةٌ نُفُخٌ.
وَذَلِكَ: إِذا مَلأتْهُمَا نُفْخَةُ الشَّبَابِ.
ورجلٌ أُنْفُخَانٌ، وامرأةٌ أُنْفُخَانَةٌ ورجلٌ مَنْفُوخٌ، وقَوْمٌ مَنْفُوخُونَ _ إِذا امْتلأوا سِمَناً. . فِي رَخَاوَةٍ.(7/186)
والنُّفُخُ: الفَتَى الْمُمْتلىءُ شبَابًا _ بِضَمَّةِ النُّون وَالْفَاء.
وكذلكَ: الجَارِيَةُ _ بِغَيْر هَاءٍ.
والنَّفَخُ: دَاءٌ فِي الْفَرسِ. . فَرَسٌ أنْفَخُ وَهُوَ انْتِفَاخُ الْخُصْيَتَيْنِ.
والنُّفَّاخَةُ: هَنَةٌ مُنْتَفِخَةٌ. . تكونُ فِي بطن السَّمَكةِ، وَهُوَ نِصابها _ فِيمَا زَعَمُوا وبَها تَسْتَقِلُّ السَّمَكَةُ فِي المَاء وتتردَّدُ بِهِ.
قَالَ: والنُّفَّاخَةُ: الَّتِي تكونُ فوقَ المَاء.
والنَّفْخَاءُ _ من الأَرْض _ مَا ارتفعَ.
وَهِي مَكْرُمَةٌ تُنْبِتُ قَلِيلا من الشّجر.
ومِثْلُها: النَّهْدَاءُ. . غيرَ أَنَّها أِشدُّ اسْتِوَاءً وتصوُّباً فِي الأَرْض.
شمر _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: أرضٌ نَفْخَاءُ: لَيِّنَةٌ. . فِيهَا ارتفاعٌ، وَلَيْسَ فِيهَا رَمْلٌ وَلَا حجارةٌ.
وَقيل لابْنَةِ الْخُسِّ: _ أَي شيءٍ أَحْسَنُ؟ فَقَالَت: ((أَثَرُ غادِيَةٍ. . فِي إِثْرِ سَاريةٍ. . فِي بِلادٍ خَاوِيةٍ. . فِي نَفْخَاءَ رَابِيَةٍ)) .
وَقَالَ أَبُو زيد: هَذِه نُفْخَةُ الرَّبيع. ونُفْخَتُهُ: اكْتِهَالُ بَقْلهِ.
وجمْعُ النَّفْخاءِ: نَفَاخَى.
والنَّفْخُ: الْكِبْرُ. . فِي قَوْله: ((أَعُوذُ بِكَ من الشَّيْطَانِ. . من هَمْزِهِ ونَفْثِهِ وَنَفْخِهِ)) .
فَنَفْخُهُ الْكِبْرُ، ونَفْثُهُ الشِّعْرُ وهَمْزُهُ الْمُوتَةُ.
قَالَ والنَّفْخُ: ارتفاعُ الضُّحَى.
وَقَالَ الفراءُ: يُقَال: نُفِخَ فِي الصُّورِ ونُفِخَ الصُّورُ _ بِمعْنًى واحدٍ.
نخف: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النَّخْفُ: صوتُ الأَنْفِ _ إِذا مَخَطَ.
قَالَ: وأَنْخَفَ الرجلُ: كثُرَ صوتُ نَخِيفِهِ.
وَهُوَ مِثْلُ ((الْخنِينِ)) من الأنْفِ.
قَالَ: والنِّخَافُ: الْخُفُّ. وجمعُهُ: أَنْخِفَةٌ.
وَقَالَ أَعرابيٌّ: جَاءَنَا فلانٌ فِي نِخَافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ نَفَاعِيَيْنِ مُقَرْطَمَيْنِ.
_ أَي: فِي خُفَّيْنِ مُرَقَّعَيْنِ.
خَ ن ب
خنب، خبن، نخب، نبخ، بخن: مستعملة:
خنب: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: جاريةٌ خَنِبَةٌ: غَنِجَةٌ رَخِيمَةٌ.
قَالَ: ورجلٌ خِنَّأْبٌ _ مكسورُ الْخَاءِ. . مشدَّدُ النُّون مهموزٌ _ وَهُوَ الضَّخْمُ فِي عَبَالة. . والجميع: خَنَانِبُ.
وَيُقَال: بَلِ الْخِنَّأْبُ من الرِّجَال: الأحمقُ المتَصَرِّفُ _ يَخْتَلِجُ هَكَذَا مَرَّةً وَهَكَذَا مَرَّة _ أَي: يَذهبُ.
وَأنْشد:
(أَكْوِي ذَوِي الأضْغَانِ كَيّاً مُنْضِجاً ... مِنْهُمْ وَذَا الخِنّابَةِ الْعَفَنْجَجَا)
قَالَ: والْخُنَّأْبَةُ _ الخاءُ رفعٌ، وَالنُّون شديدةٌ، وَبعد النُّون همزةٌ _ وَهِي طَرَفُ الأنْف _ وهما: الْخُنَّأْبَتَانِ.
قَالَ: والأرْنَبَةُ: تَحت الْخُنّأْبَةِ.
قلتُ: أمَّا قولُه: ((جَارِيَةٌ خَنِبَةٌ)) بِمَعْنى ((الْغَنِجَةِ الرَّخِيمَةِ)) فَلَا أَعْرِفُه.(7/187)
ولكنَّ أَبَا العبّاس رَوَى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: ظَبْيَةٌ خَنِبَةٌ _ أَي: عاقِدَةٌ عُنُقَها، وَهِي رابِضَةٌ وكَأَنَّ الجارِيَةَ مُشَبَّهَةٌ بهَا.
ورَوَى سلَمةُ _ عَن الفَرَّاء _ أَنه قَالَ: الْخِنْبُ _ بِكَسْر الْخَاء _ ثِنْيُ الرُّكْبَةِ. وَهُوَ المَأْبِضُ.
وَقَالَ شمِرٌ: خَنِبَتْ رِجْلُه _ إِذا وَهُنَتْ.
وأَخْنَبْتُها _ إِذا أَوْهَنْتُهَا وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
(أَبِي الّذي أَخْنَبَ رِجْلَ ابنِ الصَّعِقْ ... )
قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: أَخْنَبَ رِجْلَهُ _ أَي قَطَعَها
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: الْمَخْنَبَةُ: الْقَطِيعَةُ.
وَأما قولُهُ: الْخُنَّأْبَةُ _ بِالْهَمْز وضَمِّ الْخَاء _ فإِن أَبَا العباسِ. . روَى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ: الْخِنَّابَتَانِ _ بِكَسْر الْخَاء وَتَشْديد النُّون غيرَ مَهْمُوز: هما سَمَّا المَنْخَرَينِ وهما المنْخَرَانِ والْخَوْرَمَتَانِ.
قلتُ: وهكذَا قَالَ أَبُو عبيدةَ. . فِي ((كِتَابِ الْخَيْلِ)) .
ورَوَى سلَمةُ _ عَن الفَرَّاء _ أَنه قَالَ: الْخِنَّابُ والْخِنَّبُ: الطّوِيلُ. . وَلَا أعرف الهَمْزَ لأحدٍ. . فِي هَذِه الحُرُوفِ.
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء _ أَنه قَالَ: يُقَال: إِنَّه لَذُو خُنَبَاتٍ وخَبَنَاتِ.
وَهوَ الَّذِي يَصْلُحُ مَرّةً، وَيَفْسُدُ أخْرَى.
وَقَالَ شَمرٌ:
الْخَنَبَاتُ: الغَدْرُ والكَذِبُ.
وَيُقَال: لن يَعْدَمَك _ من اللّئيم _ خَنَابَةٌ _ أَي: شَرٌّ.
نخب: قَالَ اللَّيْث: النَّخْبُ ضَرْبٌ من الْبُضْعِ.
يُقَال: نَخَبَها بِهِ النَّاخِبُ.
وَأنْشد:
(إِذا الْعَجُوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبها ... )
قَالَ: والنَّخْبَةُ: خَوْقُ الثَّفْرِ.
وروى سَلمَة _ عَن الْفراء _ قَالَ: المَنْخَبَة: أمُّ سُوَيْدٍ.
الحرَّانيُّ _ عَن ابْن السكِّيتِ _ يُقَال: رَجُلٌ مَنْخُوبٌ ونَخِيبٌ. . ومُنْتَخَبُ الفُؤَادِ _ أَي: مُنْتزَعَ الفُؤاد.
وَمِنْه: نَخَبَ الصَّقْرُ الصَّيْدَ _ إِذا انتزَعَ قَلْبَهُ.
وَمِنْه النُّخْبَةُ _ وهُم الجَمَاعَة. . تُخْتارُ من الرِّجَال، فتُنْتَزَعُ مِنْهُم.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: أَنْخَبَ الرجلُ _ إِذا جَاءَ بِوَلَدٍ جَبانٍ، وأَنْخَبَ: جَاءَ بوَلدٍ شُجاع.
فَالْأول من ((المَنْخُوبِ)) . . وَالثَّانِي من ((النُّخْبَةِ)) .
وَقَالَ الليثُ: يُقال: انْتَخَبْتُ أَفضَلَهُمْ نُخْبَةً، وانْتَخَبْتُ نُخْبَتُهمْ.
قَالَ: وَقد يُقَال للمَنْخوبِ: ((النِّخَبُّ)) _ النونُ مجرورة والخاءُ منصوبةٌ وَالْبَاء شديدةٌ.
والجَميعُ: الْمَنْخُوبُونَ.
وَقد يُقَال فِي الشِّعر _ على ((مَفاعِلَ)) _: مَنَاخِبُ.(7/188)
قَالَ: والمَنْخُوبُ: الَّذِي قد ذَهَبَ لَحْمُهُ وهُزِلَ.
أَبُو حَاتِم _ عَن الأصمعيِّ _: يُقَال: هم نُخَبَةُ الْقَوْم _ بِضَم النُّون وَفتح الْخَاء.
قلتُ: وغيرُه يُجيزُ ((نُخْبَةً)) _ بِإِسْكَان الْخَاء.
واللُّغَةُ الجَيِّدَةُ: مَا رَوَاهُ الأصمعيُّ.
خبن: قَالَ اللَّيْث: خَبَنْتُ الثوبَ. . خَبْناً _ إِذا رَفَعْتُ ذُلْذُلَ الثَّوْب _ فخِطْتُه _ أَرْفَعَ من موضعِه كي يَقْلُصَ. . كَمَا يُفْعَل بِثَوْب الصبيِّ.
والفِعْلُ: خَبَنَ. . يَخْبِنُ. قَالَ: والْخُبْنَةُ: ثِبانُ الرجُل. وَهُوَ ذُلْذُلُ ثوبِه. . المرفوعُ.
يُقَال: رَفعَ فِي خُبْنَتِهِ شَيْئا. . وَقد خَبَنَ خَبْناً.
قَالَ: والْخُبْنُ فِي المزَادة: مَا بَين الْخُرَبِ ... لكلِّ مِسْمَعٍ خُبْنَانِ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال للثُّوْبِ _ إِذا طَال فَثَنَيَتَهُ _: قد خَبَنْتُهُ وغَبَنْتُهُ وكَبَنْتُهُ.
وَقَالَ المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
(وَكانَ لهَا مِنْ حَوْضِ سَيْحَانَ فُرْصةٌ ... أَرَاغَ لهَا نجْمٌ مِنَ الْقَيظِ خَابنُ)
_ أَي: خَبَنَها الْقَيْظُ.
وَفِي حَدِيث عمرَ رَضِي الله عَنهُ: ((إِذا مَرَّ أَحَدُكُم بحائِطٍ فلْيأكُلْ مِنْهُ، وَلا يَتخِذْ خُبْنةً)) .
قَالَ شمرٌ: الْخُبْنَةُ والحُبْكَةُ: فِي الحُجزَةِ. . والثُّبْنَةُ. فِي الإزَار.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابنُ الأعرابيِّ: أَخْبَنَ الرجلُ _ إِذا خَبَأَ فِي خُبْنةِ سَرَاويلهِ. . ممّا يَلِي الصُّلْبَ.
وأَثبَنَ _ إِذا خَبأَ فِي ثُبْنَتِهِ. . ممّا يَلي البَطْنَ.
نبخ: قَالَ اللَّيْث: النَّبْخُ: مَا نَفَطَ من اليدِ فَخرج عَلَيْهِ شِبْهُ قَرْحٍ ممتليءٍ مَاء من الْعَمَل.
فإِذا انْفَقأَ أَو يبِسَ. . مَجَلَتِ الْيَد فصَلُبَتْ عَلَى الْعمل.
وَكَذَلِكَ: من الْجُدَرِيِّ.
أَبُو عُبيد: النَّبْخُ: الْجُدَرِيُّ.
وَأنْشد غيرُه لكَعْب بن زُهَيْرٍ _ يَصِفُ القَطَا:
(وَعَنْ حَدَقٍ كالنَّبْقِ لمْ يتَفَلَّقِ ... )
يَعنِي حَدَقَ فِراخ القَطَا.
وَقَالَ الليثُ: النَّبْخَةُ: كالنُّكْتَةِ.
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: أَنْبَخَ الرجلُ _ إِذا أَكلَ النَّبْخَ وَهُوَ أَصْلُ البَرْدِيِّ. . يُؤْكلُ فِي الَقَحْطِ.
وأَنبَخَ وَأَبْنَخَ: عَجَنَ عجِيناً أَنْبَخَانيّاً. . وَهُوَ المسترخِي.
وأَنْبخَ: زَرَعَ فِي أَرْضٍ نَبْخَاء، وَهِي الرِّخْوةُ.
وَقَالَ شَمِرٌ: خُبْزَةٌ أَنْبَخَانِيَّةٌ: ضَخْمَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: رجلٌ أَنْبَخُ وجملٌ أَنْبَخُ _ إِذا كَانَ جَافيا.
وَقَالَ بَعضهم: بُقُولٌ أَنْبَخَانيَّةٌ.(7/189)
وَقَالَ الليثُ: الأَنبخُ: التُّرَابُ الأكْدَرُ اللُّوْن. . الكَثيرُ.
قَالَ: والأَنْبَخَانُ: العَجينُ النَّبَّاخُ _ يَعْنِي الفاسدَ الحامِضَ.
وَقد نَبُخَ العجينُ: يَنْبُخُ نُبُوخاً.
وَقَالَ ابنُ شميلٍ: النَّبْخَاءُ _ من الأَرْض _: المكانُ الرِّخْو. . وَلَيْسَ من الرَّمْل.
وَهُوَ مِنْ جَلْدِ الأَرْض ذِي الْحِجَارَة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: ثَرِيدٌ أَنْبَخَانِيٌّ _ إِذا كَانَ لَهُ بخارٌ وسُخونةٌ.
وَقَالَ غيرُه: ثَرِيدٌ أَنبَخانيٌّ _ إِذا سُوِّي من الكَعْكِ والزَّيْتِ، فانتَفَخ _ حِين صُبَّ عَلَيْهِ الماءُ _ واسترخَى.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ قَالَ: يُقَال للكِبْريتَةِ الَّتِي يُثَقَّبُ بهَا النَّار: النَّبْخَةُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الحرَّانيِّ عَن ابْن السِّكِّيتِ _: رجُل نابخَةٌ من النَّوَابِخِ _ إِذا كَانَ عظيمَ الشَّأْن ضَخْماً.
وأَنشد لِساعِدَةَ الهُذَلِيِّ:
(يَخْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ الأَمْلاَكِ نَابِخَةً ... مِنَ النَّوَابِخِ مِثْلَ الْخَادِرِ الرُّزَمِ)
قَالَ: ويُرْوَى:
(. . نابِجَةً مِن النَّوَابِجِ. . ... )
من النَّبْجَةِ: وَهِي الرَّابِيَةُ.
بخن: قَالَ الأصمعيُّ: يُقَال للناقَةِ، إِذا تمدَّدَتْ للحَلْب _: قد ابْخَأَنَّتْ.
وَيُقَال للميِّت _ أَيْضا _: قد ابْخأَنَّ.
وَقَالَ الرَّاجِزُ: _ فتَرَك فِيهِ الهمْزَ:
(مُرِبَّةٌ بالنَّقْر والإبْسَاسِ ... وَالابْخِنَانِ الدَّرِّ والنُّعَاسِ)
قلتُ: وأصلُ ((ابْخَأَنَّ)) : من ((البَخْنِ)) .
وَهُوَ ((المَخْنُ)) . . وَهُوَ الطويلُ المَدِيدُ.
خَ ن م
خمن، خنم، نخم، مخن: مستعملة.
خمن: قَالَ الليثُ: الْخَمْنُ: تَخْمِينُكَ الشَّيْء بالوهم. . خَمَنَ يَخْمِنُ خَمْنًا.
تقولُ: قلْ فِيهِ قوْلاً بالتَّخْمِين - أيْ: بالوَهْمِ والظَّنِّ.
وَقَالَ أَبو حاتمٍ: هَذِه كلمةٌ أَصْلُها فارسيَّة ثمَّ عُرِّبَتْ. . وأصلُها من قَوْلهم: ((خَمَانَا)) .
مَعْنَاهُ: الظَّنُّ والحَدْسُ.
وَيُقَال: هُوَ من خَمَّان النَّاس _ أيْ: مِن ضُعَفائهم.
كَأَنَّهُ ((فَعْلاَنُ)) من الْخَمْنِ، وَهُوَ الكَنْسُ.
مخن: قَالَ الليثُ: رجلٌ مَخْنٌ وامرأةٌ مَخْنَةٌ إِلَى القِصَر ماهو؟ . . وَفِيه زَهْوٌ وخِفَّةٌ.
قلتُ: مَا عَلِمْتُ أحدا من أهل اللُّغة قَالَ فِي المَخْنِ: إِنَّه القِصَرُ _ غيرَ اللَّيثِ.
وَقد رَوَى أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _ فِي بَاب ((الطِّوَالُ من النَّاس)) : ومنهمُ ((المَخْنُ)) ، و ((الْيَمْخُورُ)) ، و ((المُتَمَاحِلُ)) .
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: أنّه قَالَ: المَخْنُ: الطُّول.
قَالَ: والمَخْنُ _ أَيْضا: الْبكاء.
والمَخْنُ _ أَيْضا _: نَزْحُ الْبِئْر.
وَأنْشد غيرُه:(7/190)
(قَدْ أَمَرَ الْقَاضِي بِأَمْرٍ عَدْلِ ... أَنْ يَمْخَنُوهَا بِثَمَانِي أَدْلٍ)
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: يُقَال: مَحَنَها ومَخَنَها ومَسَحَهَا _ إِذا باضَعَها. . يَعني المرأَةَ.
خنم: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابِيِّ: قَالَ: الْخَنْمَةُ: ضَرْبٌ من خُشَامِ الأَنْفِ وَهُوَ ضِيقٌ فِي نَفسهِ.
نخم: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: النَّخْمَةُ: النُّخَاعةُ، والنَّخْمَةُ: اللَّطْمَةُ.
وَقَالَ الليثُ: النُّخَامةُ: مَا يَخرُجُ من الْخَيْشُومِ عِنْد التَّنَخُّعِ.
يُقَال: هُوَ يَنْخَمُ نَخْماً.
قلتُ: وَقَالَ غَيْرُه: النُّخَامَةُ: مَا يُلقيهِ الرَّجُل من خَرَاشِيِّ صَدْرِهِ.
وأمَّا النُّخَاعَةُ: فَمَا نَزَلَ من النُّخَاعِ الَّذِي مادَّتُهُ من الدِّماغِ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّخْمُ: اللَّعِبُ والْغِنَاءُ.
وروى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ أنَّه قَالَ: النَّخْرُ أَجْوَدُ الغِناء.
وَمِنْه حديثُ الشَّعْبِيِّ أَنَّه اجْتمع شَرْبٌ من أهل الأنبَارِ، وبَيْنَ أيدِيهمْ نَاجُودٌ فَغَنَّى نَاخِمُهُمْ:
(أَلاَ فَاسْقِيَانِي قَبْلَ جَيشِ أبي بَكْرِ ... )
_ أَي: غَنَّى مُغَنِّيهِمْ بِهذَا.
[أَبْوَاب الْخَاء وَالْفَاء]
خَ ف ب: مُهْمَلٌ.
خَ ف م
اسْتُعْمِلَ مِنْهُ: فخم.
فخم: اللَّيْث: فَخُمَ يَفْخُمُ فَخَامَةً فَهُوَ فَخْمٌ: عَبْلٌ.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي هَالَة وصِفَتِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كانَ فَخْماً مُفَخَّماً _ أَيْ: عَظِيماً مُعَظَّماً فِي الصُّدور وَالعُيونِ، ولمْ تكنْ خِلقتُهُ فِي جِسْمِهِ الضَّخَامَةَ.
وأَتيْنَا فلَانا ففخَّمْنَاهُ أَيْ: عظَّمْنَاه وَرَفَعْنَا من شَأْنه.
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(نَحمَدُ مَوْلاَنَا الأجَلَّ الأَفْخَمَا ... )
وَقَالَ بعضهُمْ: الْفَيْخَمَانُ: الرَّئيسُ الْمُعَظَّمُ الَّذِي يُصْدَرُ عَن رَأْيه، وَلَا يُقْطَعُ أَمْرٌ دُونَه.
آخِرُ الثُّلاَثيِّ الصَّحِيح مِنْ حَرْفِ الْخَاء(7/191)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توكلت على الله
كتاب الثلاثي المعتل من حرف الْخَاء
[بَاب الْخَاء والغين]
خَ غ (وَا يء) : مهمل]
بَاب الْخَاء وَالْقَاف
خَ ق (وَا يء)
خاق (خوق) قاخ: قخى: مستعملة.
خوق: قَالَ اللَّيْث: الْخَوْقُ: حَلْقَةُ الْقُرْطِ والشَّنْفِ.
يُقَال: مَا فِي أُذُنِهَا خُرْصٌ وَلَا خَوْقٌ.
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _
قَالَ: الْحَادُورُ: الْقُرْطُ، وَخَوْقُهُ حَلْقَتُهُ.
قَالَ: والْمُخَوَّقُ: الْحَادُورُ الْعظيمُ الْخَوْقِ.
قَالَ: وَيُقَال للرجُل: خُقْ خُقْ _ أَي: حَلِّ جارِيتَكَ بالْقِرَطَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: مَفَازَةٌ خَوْقَاءُ. . مُنْخَاقَةُ.
وأَنشد:
(خَوْقَاءُ مُفْضَاهَا إِلَى مُنْخَاقِ ... )
وخَوَقٌ أَخْوَقُ. . وخَوَقُهَا سَعَةُ جَوْفِها وَقد انْخاقَتِ الْمَفَازَة.
وَيُقَال: خَوْقُهَا: طُولُها وعِرَضُ انْبِسَاطِهَا.
شمرٌ _ عَن أبي عمرٍ و _: الْخَوْقَاءُ: الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا ماءَ بهَا.
وبَلَدٌ أَخْوَقُ: واسِعٌ بَعِيدٌ.
قَالَ رُؤْبَةُ:
(فِي الْعَيْنِ مَهْوَى ذِي حِدَابٍ أَخْوَقاَ ... إِذَا الْمَهَاري اجْتَبْنَهُ تَخرَّقَا)
(عَنْ طَامِس الأعْلاَمِ أَوْ تَخَوَّقَا ... )
تَخَوَّقَ: تَبَاعد عَنهُ.
وَقَالَ غيرُه: مفازةٌ خَوْقَاءُ: وَاسِعَة الْجَوْفِ.
وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
(وَجَرْدَاءَ خَوْقَاءِ الْمَسَارِحِ هَوْجَلٍ ... بِهَا لاسْتِدَاءِ الشَّعْشَعَانَاتِ مَسْبَحُ)
أَبُو عبيد _ عَن الأُمَوِيِّ _:
ناقَةٌ خَوْقَاءُ، وبعِيرٌ أَخْوَقُ: بَيِّنُ الْخَوَقِ.
وَهُوَ مِثْلُ الْجَرَبِ.
شمرٌ عَن ابْن شُمَيْلٍ _: الْخَوْقَاءُ: الرَّكِيَّةٌ البعيدةُ القَعْرِ. . الواسعةُ. . مِنَ الرَّكايَا بَيِّنَةِ الْخَوْقِ.(7/192)
قَالَ: والْخَوْقَاءُ من النِّساء _ الدَّقيقَةُ الطَّوِيلةُ.
قَالَ: والْخَوْقَاءُ _ أَيْضا _ الْحَمْقَاءُ من النِّسَاء. . ونِساءٌ خُوقٌ.
وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) : خُوقُ الْفَرَسِ جِلْدُ ذَكَرِه الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ مِشْوَارَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَاقَ الرجلُ المرأةَ _ إِذا فَعَلَ بهَا.
أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: خَاقِ بَاقِ: صَوْتُ حَرَكَة أبي عُميْرٍ فِي زَرْنَبِ الْفَلْهَمِ.
قَالَ: والزَّرْنَبُ: الْكَيْنُ.
قَالَ اللَّيْث: وخَاشِ مَاشِ: قُمَاشُ البَيْتِ وسقَطه.
قلتُ: وجَعَلَ الرَّاجزُ ((خَاقِ باقِ)) : فَلْهَمَ المَرأَة. . حيثُ يَقُول:
(مُلْصِقَةَ السَّرْجِ بِخَاقِ بَاقِهَا ... )
وَهَذَا من تسمِيَة العربِ الشَّيْء باسم غَيرِه _ إِذا كَانَ مَعَهُ، أَو من سَبَبِهِ.
قخى: قَالَ الليثُ: إِذا كَانَ الرَّجلُ قَبِيحَ التَّنَخُّعِ. . يُقَال: قَخَّى يُقَخِّى تَقْخِيَةً وَهِي حكايةُ تَنَخُّعِهِ.
قيخ: شَمِرَ _ عَن الْأَخْفَش _: فِيمَا رَوَاهُ لَهُ ابنُ هانىءٍ عَنهُ: ليلةٌ قَاخٌ _ أَيْ: سَوْدَاءُ، وَأنْشد:
(كَمْ لَيْلَةً طَخْيَاءَ قَاخاً حِنْدِسَا ... تَرَى النُّجُومَ مِنْ دُجَاهَا طُمَّسَا)
[بَاب الْخَاء وَالْكَاف]
خَ ك (وَا يء)
كوخ: الكُوخُ والكَاخُ: دَخِيلاَنِ فِي العربيَّة وكأنهما مِن كَلَام النَّبَطِ.
بَاب الخَاء وَالْجِيم
خَ ج (وايء)
خجأ، خجى، جخأ، جاخ، جوخ: مستعملة.
خجأ: أَبُو عُبيدٍ: خَجَأْتُ المَرْأَةَ وَفَطَأْتُهَا _ أيْ: نكَحْتُها.
ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو زَيْدٍ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: رجلٌ خُجَأَةٌ: كثيرُ المُبَاضَعَةِ.
وفحْلٌ خُجَأَةٌ: كثيرُ الضِّرَابِ.
وَقَالَت بنتُ الْخُسِّ: ((خَيْرُ الفُحُولِ البَازِلُ الْخَجَأَةُ)) .
خجى: قَالَ محمَّدُ بنُ حَبِيبٍ: الأَخْجَى: هَنُ المرأةِ _ إِذا كَانَ كثيرَ الماءِ فَاسِدا قَعُوراً بَعِيدَ المِسْبَارِ _ وَهُوَ أَخْبَثُ لَهُ.
وأَنْشَدَ:
(وسَوْدَاءَ مِنْ نَبْهَانَ تَثْنِي نِطَاقَها ... بِأَخْجَى قَعُورٍ أَوْ جَوَاعِرِ ذِيبِ)
وقولُهُ:
( ... أوْ جَوَاعِرِ ذِيبٍ ... ...)
أرَادَ أَنها رَسْحَاءُ.
وَقَالَ الليثُ: التَّخَاجِي فِي المشْي: التَّبَطُّؤُ.
وَأنْشد شَمِرٌ:(7/193)
(ذَرُوا التَّخَاجِيَ وَامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً ... إنَّ الرِّجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ)
جَخَى وجخَّى وجَخَّ. رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أَنَّهُ كَانَ إِذا سَجَدَ جَخَّى)) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أحمدُ بْنُ يَحيَى: يُقَال: جَخَّ الرجلُ وجَخَّى _ إِذا خَوَّى فِي سُجُوده _ وَهُوَ أنْ يَرفع ظَهْرَه حَتَّى يُقِلَّ بَطْنَهُ عَن الأَرْض.
قَالَ: وَيُقَال: ((جَخَّى)) إِذا فَتَحَ عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ _ حِين وَصَف القلوبَ فَقَالَ _: ((وقلْبٌ مُرْبَدٌّ كالكُوزِ مُجَخِّياً. . وَأَمَالَ كَفَّهُ)) .
والمُجَخَّى: المائلُ عَن الاسْتقَامَة والاعتدال.
يُقَال: جَخَّى إِلَى السَّوْأَةِ _ إِذا مالَ إِلَيْهَا.
وَأنْشد أَبُو عُبيدٍ:
(كَفَى سَوْأَةً أَلاَّ تَزَالَ مُجَخِّياً ... إلَى سَوْأَةٍ وَفْرَاءَ فِي اسْتِكَ عُودُها)
أَيْ: مائِلاً.
وَيُقَال: جَخَّى الليلُ تَجْخِيَةً _ إِذا أَدْبَرَ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُدْرِكاً يَقُول: رجلٌ أَجْخَى وأَجْخَرُ _ إِذا كَانَ قليلَ لحمِ الفَخِذَيْنِ، وَفِيهِمَا تَخاذُلٌ من العِظام، وتَفَاحُجٌ.
وَيُقَال للشَّيْخِ _ إِذا حَنَاهُ الكِبَرُ _: قد جَخَّى.
جوخ و (جاخ) : أَبُو عُبيدٍ _ عَن الْأَحْمَر _: تَجَوَّخَتِ البئرُ تَجَوُّخاً _ إِذا انهارَتْ.
وَقَالَ شَمِرٌ: جَوَّخَ السَّيْلُ الوادِيَ تَجْوِيخاً _ إِذا كسَرَ جَنَبَتَيْهِ.
وَهُوَ الجَوْخُ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ الهلاليُّ _ أنْشَدَهُ شَمِرٌ _:
(أَلَثَّتْ عليهِ دِيمَةٌ بَعْدَ وَابِلٍ ... فَلِلجزع مِنْ جَوْخِ السُّيُول قَسِيبُ)
وَيُقَال: تَجَوَّخَتْ قُرْحَتُه _ إِذا انفجَرَتْ بالمِدَّةِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: تَقول العامَّةُ: الجَوْخَانُ. . وَهُوَ فارِسيٌّ مُعَرَّبٌ.
وَهُوَ بالعربيَّةِ: المِسْطحُ والجَرِينُ.
بَاب الْخَاء والشين
خَ ش (وايء)
خشى، وخش، خيش، خاش، شاخ خشا، مستعملة:
خشى: قَالَ الليثُ: الْخَشْيَةُ: الْخَوْف، والفِعْلُ خَشِيَ يَخْشَى.
وَيُقَال: هَذَا المكانُ أَخْشَى من ذَلِك المكانِ.
وَقَالَ العَجَّاجَ:
(قَطَعْتُ أَخْشَاهُ إِذا مَا أَحْجَبَا ... )
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغيانا وَكفرا} [الْكَهْف: 80] .
قَالَ: {فَخَشِينَا} _ أيْ: فَعَلِمْنَا.
وَقَالَ الزّجَّاجُ: {فَخَشِينَا} : مِن كَلَام الْخَضِرِ.(7/194)
والدَّليل على أَنه للخضر؛ قَوْله عزّ وجلّ: {فأردنا أَن يبدلهما ربهما} [الْكَهْف: 81] .
قَالَ: وجائزٌ أنْ يكونَ {فَخَشِينَا} : عَن الله جلّ وعزّ لأنّ الخَشيةَ من الله تَعَالَى مَعْنَاهَا: الْكَرَاهَة، وَمَعْنَاهَا من الآدَمِيِّين: الْخَوْف.
وخش: قَالَ اللَّيْث: الْوَخْشُ من النَّاس: رُذَالَتهُم، وصِغَارُهمْ.
اسمٌ يقعُ على الْوَاحِد والجميعِ وَالْإِنَاث.
رجل وَخْشٌ، وامرأةٌ وَخْشٌ، وقومٌ وَخْشٌ.
وربَّما جُمعَ أَوْخَاشاً. ورُبّما أُدْخلَ فِيهِ النُّون.
وَأنْشد:
(جَارِيَةٌ لَيْسَتْ مِنَ الوَخْشَنِّ ... )
النونُ صِلَة لِلرَّوِيِّ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدٍ فِي (الإِيخَاشِ)) :
(وأَلْقَيْتُ سَهْمِي وَسْطَهُمْ حِينَ أَوْخَشُوا ... فَمَا صَارَ لي فِي القَسْمِ إلاَّ ثَمِينُهَا)
قَالَ: ((أَوْخَشُوا)) : خلطوا. وَقَالَ النَّابغة:
(أَبَوْا أَن يُقِيموا للرِّماح وَوَخَّشَتْ ... شَغَارِ وَأَعْطَوْا مُنْيَةً كُلَّ ذِي ذَحْلٍ)
قَالَ شَمِرٌ _ فِي قَوْله: ((وَخَّشَتْ)) _: ألْقَتْ بأَيْدِيها، وأطاعتْ.
خيش: قَالَ اللَّيْث: الخيشُ: ثيابٌ فِي نَسْجِها رِقَّةٌ، وخيوطها غِلاَظٌ. تُتَّخَذ من مُشَاقَةِ الكَتَّانِ. وَأنْشد:
(وَأَبصَرْتُ سَلْمَى بَيْنَ بُرْدَي مَرَاجِلٍ ... وَأَخيَاشِ عَصْبٍ مِنْ مُهَلْهَلَةِ الْيَمَنْ)
وَيُقَال: فِيهِ خيُوشَةٌ _ أَي: رِقَّةٌ.
خوش: قَالَ اللَّيْث: رجل مَتَخَوِّش _ أَي: مَهْزُولٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْفراء: الْخَوْشَانِ.
الْخَاصِرَتَانِ. . من الإنْسَان وَغَيره.
وَقَالَ أبوالهيثم: أَحْسَبُهمَا ((الْحَوْشَانِ)) _ بِالْحَاء.
قلتُ: وَالصَّوَاب مَا رَوَى أَبُو عُبْيدٍ عَن الفرَّاء.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعَن عَمْرٍ و _ عَن أَبِيه _ أَنَّهُمَا قَالَا: الْخَوْشُ: الخَاصِرَةُ.
قلتُ: _ وَهُوَ عِنْدِي _: مَأْخُوذ من ((التَّخْوِيشِ)) وَهُوَ التَّنْقِيصُ.
قَالَ رُؤْبة:
(يَا عَجَباً وَالدَّهْرُ ذُو تَخْوِيش {} ... )
أَي: ذُو تنقيص للأشياء.
وَيُقَال: خَوَّشَهُ حَقَّه _ إِذا نَقَصَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: خَاشَ الرجُلُ جارِيَتَه بِأيْرِهِ: قَالَ: والخَوْشُ: كالطَّعْنِ.
وَكذلك: جَافَهَا بِه يَجُوفُها، وكَامَهَا ونَشَغَها ورَفَغها.
وَقَالَ الرَّاعِي _ يصف ثَوْراً يَحْفِرُ كِناساً ويُجَافِي صَدْرَه عَن عروقِ الأَرْطَى. فَقَالَ:
(يُخَاوِشُ الْبَرْكَ عَن عِرْقٍ أَضَرَّ بِهِ ... تَجَافِياً كَتَجَافِي الْقَرْم ذِي السَّرَرِ)
أَي: يرفع صدْرَه عَن عِرْقِ الأَرْطَى.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: يُقَال لِقُماشِ الْبَيْت وسَقَطِ مَتَاعِه: خَاشِ مَاشِ.
وَأنْشد أبُو زَيْدٍ:(7/195)
(صَبَحْنَ أَثْمَادَ بَنِي مِنْقَاشِ ... خُوصَ الْعُيُونِ يُبَّسَ الْمُشَاشِ)
(يَحْمِلْنَ صِبْيَاناً وَخَاشِ مَاشِ ... )
قَالَ: سَمِعَ فارسيَّتَه فأعْرَبَها.
شيخ: يُقَال: شاخَ الرجلُ يَشِيخُ شُيُوخَةً، فَهُوَ شَيْخٌ.
وجَمْعه: شُيُوخٌ، وأَشْيَاخٌ، ومَشْيَخَةٌ، وشِيخَانٌ ومَشْيُوخَاء.
وَيُقَال للعَجُوزِ: شَيْخَةٌ.
وَالْعرب تَقول لِزَوْجِ المرأَة _ وَإِن كَانَ شابّاً _: هُوَ شَيْخُهَا. . ولامرأة الرجُل _ وَإِن كَانَت شابَّةً _: هِيَ عَجُوزُه. وَيُقَال: قد شَيَّخَ الشَّيْخُ تَشْيِيخاً _ إِذا كَبِر.
والْمَشَايخُ: جمعُ مَشْيَخَةٍ.
أَبُو عبيدٍ: عَن أبي زيدٍ _: شَيَّخْتُ بالرَّجُل، تَشْييخاً. وسمَّعْتُ بِهِ تَسْمِيعاً، وندَّدْتُ بِهِ تَنْدِيداً _ إِذا فَضَحْتَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد أَيْضا: وَمن الْأَشْجَار: الشَّيْخُ.
وَهِي شجرَةٌ يُقَال لَهَا: شجَرَةُ الشُّيُوخ، وثمَرَتها جِرْوٌ. . كَجِرْوِ ((الْخِرِّيع)) . وَهِي شَجَرَة الْعُصْفُرِ. . مَنْبِتُها الرِّياضُ والقُرْيَانُ.
وتُجْمع الْمَشْيَخَةُ: مَشَايخَ _ أَيْضا.
خشا: أَبُو العبِّاسِ _ عَن ابْنِ الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخَشا: الزَّرْعُ الأسْوَدُ _ من الْبَرْدِ _ والشَّخَا: السَّبَخَةُ.
أَبُو عبيد _ عَن الأمَوِيِّ _ قَالَ: الْخَشْوُ: الْحَشَفُ من التَّمْرِ.
وَقد خَشَتِ النَّخلَةُ تَخْشُوُ خَشْواً.
بَاب الْخَاء والضَاد
خَ ض (واىء)
خَاضَ، وخض، وضخ، أضخ، (أضاخ) : مستعملة.
خوض _ خيض: قَالَ الليثُ: خُضْتُ الماءَ. . خَوْضاً وخِيَاضاً.
واخْتَاضَ. . اخْتِياضاً، وخَوَّضَ. . تَخْوِيضاً.
قَالَ: والْخَوْضُ: اللبْسُ فِي الْأَمر.
والْخَوْضُ: الْمَشْيُ فِي المَاء.
والخَوْضُ _ من الْكَلَام _: مَا فِيهِ الكَذِبُ والباطلُ. والْمِخْوَضُ: مِجْدَحٌ يُخَاضُ بِهِ السَوِيقُ.
وَقَالَ غيرُه: خُضْتُه بالسَّيْفِ أَخُوضُه خَوْضاً.
وَذَلِكَ إِذا وَضعْتُ السيفَ فِي أَسْفَلِ بَطْنه، ثمَّ رفعتَهُ إِلَى فَوْقُ.
واخْتَاضَه بِالسَّهْمِ: كَذَلِك.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
(فَاخْتَاضَ أُخْرَى فَهَوَتْ رَجُوخَا ... )
وأخْاضَ القومُ خَيْلَهُمُ الماءَ. . إخاضةً _ إِذا خاضُوا بهَا الماءَ.
والخِيَاضُ: أَنْ تُدْخِلَ قِدْحاً مُسْتَعاراً. بَين قِدَاحِ الميسرِ تَتَيمَّنُ بِهِ.
يُقَال: خُضْتُ بِهِ فِي القِدَاحِ خِيَاضاً، وخاوَضْتُ القِدَاحَ. . خِوَاضاً.
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
(فَخَضْخَضْتُ صُفْنِي فِي جَمِّهِ ... خِيَاضَ الْمُدَابِرِ قِدْحاً عَطُوفاً)(7/196)
قلتُ: وقولُه. ((خَضْخَضْتُ)) تكْريرٌ، مِن ((خاضَ يَخُوضُ)) كَمَا قَالُوا: ((نَخْنَخْتُ)) مِنْ أَناخَ.
لمَّا كرَّرَهُ جعله متعدِّياً.
و ((المُدَابِرُ)) : المَقْمُورُ. . يُقْمَرُ فيستعيرُ قِدْحاً يثقُ بفوزه ليعاوِدَ مَنْ قَمَرَه القِمارَ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت:
وَيُقَال لِلْمَرْعَى _ إِذا كَثُرَ عُشبُه والْتفَّ _: قد اخْتَاضَ اخْتِيَاضاً.
وَقَالَ سَلمةُ بنُ الخُرْشُبِ:
(ومُخْتَاضٍ تَبِيضُ الرُّبْدُ فيهِ ... تَحُومِيَ نَبْتُه فَهُوَ الْعَمِيمُ)
وَيُقَال لذَلِك الْمَكَان _ من الْوَادي _: مَخاضٌ، وجمعُهُ: مَخَائضُ _ إِذا كَانَ يُخاضُ لرقَّتِه وقلّتِهِ.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ الْخَوْضَةُ: اللُّؤْلُؤة.
وَفِي ((النوادِر)) : ((سيفٌ خَيِّضٌ)) _ إِذا كَانَ مخلوطاً من حَدِيدٍ أَنِيثٍ، وحَدِيدٍ ذَكِيرٍ.
والمخاضُ _ من النَّهر الْكَبِير _: الموضِعُ الَّذِي يَتَضَحْضَحُ ماؤُه، فيُخاضُ عِنْد العبور عَلَيْهِ.
وَيُقَال لَهُ: الْمَخَاضَةُ _ بِالْهَاءِ أَيْضا _:
وخض: قَالَ اللَّيْث: الْوَخْضُ: طَعْنٌ غيرُ جَائِفٍ.
قلتُ: هَذَا خطأ.
رَوَى أَبُو عُبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: إِذا خالطَتِ الطَّعْنَةُ الجوْفَ وَلم تنفُذْ، فَذَلِك الوخْضُ والوَخْطُ. . وَقد وَخَضَهُ وَخْضاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: البَجُّ مِثْلُ الوَخْضِ وَأنْشد:
(نَقْخاً عَلَى الْهَامِ وَبَجّاً وَخْضاً ... )
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: يُقَال: وَخَضَهُ بالرُّمْحِ ووَخطَهُ.
وضخ: قَالَ الليثُ: الْمُوَاضَخَةُ: التَّبَارِي والمبالغةُ فِي العَدْوِ.
وَقَالَ العجَّاجُ:
(تُوَاضِخُ التَّقْرِيبَ قِلْواً مِغْلَجَا ... )
أَبُو عُبَيد _ عَن الأصمعيِّ _:
المُوَاضَخَةُ: أَن تسيرَ مَثلَ سيرِ صاحِبكَ _ وَلَيْسَ هُوَ بالشَّديدِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الاسْتقاءِ.
يُقَال مِنْهُ: أوْضَخْتُ لَهُ _ أيْ: اسْتَقَيْتُ لَهُ شَيْئا قَلِيلا، واسمُ ذَلِك الشيءِ الَّذِي يُسْتَقَى: الوَضُوخُ.
قَالَ: والْمُواغَدَةُ مِثلُ الْمُواضَخَةِ.
قلت: المُوَاضَخَةُ _ عِنْد الْعَرَب _: المُعَارَضَةُ والمباراةُ، وإنْ لمْ يكن مَعَ ذَلِك مبالَغةٌ فِي العَدْوِ.
وأَصْلُهُ من الوَضُوخِ _ كَمَا قَالَ الأصمعيُّ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الوَضُوخُ: الماءُ الَّذِي يكون فِي الدَّلْوِ شَبِيها بالنِّصْف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل _ إِذا استَقَى فنَفحَ بالدَّلْو نَفْحاً شَدِيدا _ قد أَوْضَخَ بهَا.
قلت: ((أَوْضَخَ بهَا)) _ إِذا اسْتَقى بهَا مَاء قَلِيلا.(7/197)
أضخ: أُضَاخُ: اسْم جَبَلٍ، ذكَرَه امْرُؤ القَيْسِ فِي شِعْرٍ لَهُ يصفُ بَرْقاً شَامَهُ من بعيدٍ، فَقَالَ:
(فلمَّا أَنْ عَلاَ كَنَفَيْ أُضَاخٍ ... وَهَتْ أَعْجازُ رَيِّقِهِ فَحَارَا)
بَاب الْخَاء والصَاد
خَ ص (وَا ىء)
خَاص، صاخ، خصى، صخى، خوص: مستعملة.
خوص: قَالَ اللَّيْث: الْخُوصُ: ورَقُ المُقْلِ والنَّخْل ونحْوِهِما.
تَقول: أُخْوَصَتِ الْخَوْصة، وأُخوَصَتِ الشَّجَرَة.
والْخَوَّاصُ: الَّذِي يُعَالِجُ بالْخُوصِ أشْيَاءَ. . والْخِيَاصَةُ عَملُه.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ و _: أَمْصَخَ الثُّمَامُ: خرجَتْ أَمَاصِيخُهُ.
وأَحْجَنَ: خَرَجَتْ حُجْنَتُهُ _ وَكِلَاهُمَا خُوصُ الثُّمَامِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: إِذا مُطِرَ الْعَرْفَجُ فَلاَن عودُه قيل: ثَقَبَ عُودُهُ.
فَإِذا اسْوَدَّ شَيْئا قَلِيلا قيل: قد قَمِلَ.
فَإِذا ازدادَ قَلِيلا قَليلاً قيل: قد ارْقَاطَّ.
فَإِذا ازْدَادَ قَلِيلا آخَرَ قيل: قد أَدْبَى.
وَهُوَ _ حينئذٍ _ يصلُحُ أَن يُؤكلَ.
فَإِذا تمَّتْ خُوصَتُهُ قيل: قد أَخْوَصَ.
قلتُ: كأنَّ أَبَا عمرٍ وَقد شاهَد الْعَرْفَجَ والثُّمَامَ حِين تحَوَّلاَ من حَال إِلَى حَال.
وَمَا تعرفُ الْعَرَب مِنْهُمَا إِلَّا مَا وَصَفه.
وَقَالَ الليثُ: الْخَوَصُ: ضِيقُ العَيْنِ وصغَرُها وغُؤُورُها.
والْفِعْلُ من ذَلِك: خَوِصَ يَخْوَصُ.
والنَّعْتُ: أَخْوَصُ وَخَوْصاء.
والإنسانُ يُخَاوِصَ، ويَتَخَاوَصُ فِي نَظَرِهِ _ إِذا غَضَّ من بَصَرِه شَيْئا.
وَهُوَ فِي ذَلِك يُحَدِّقُ النظرَ، كَأَنَّهُ يُقَوِّمُ قِدْحاً.
وَكَذَلِكَ _ إِذا نَظَرَ إِلَى عَيْنِ الشَّمْس. . غَمَّضَ عَيْنَيْه مَتَخاوِصاً.
وَأنْشد:
(يَوْماً تَرَى حِرْباءَهُ مُخَاوِصا ... )
والظَّهِيرَةُ الْخَوْصاءُ: أشدُّ الظَّهائِرِ حَرّاً، لَا تَسْتَطيع أَن تُحِدَّ طَرْفَكَ إِلَّا مَتَخَاوصاً.
وَأنْشد:
(حِينَ لاحَ الظّهِيرَةُ الْخَوْصاءُ ... )
قلتُ: كلُّ مَا قَالَه الليثُ فِي الخَوَصِ فَهُوَ صَحِيحٌ، غيْرَ مَا قَالَ فِي الْخَوَصِ أَنَّهُ ضِيقُ العَين فَإِنَّهُ خَطَأ، لأنّ العربَ إِذا أَرَادوا ضِيقَها قَالُوا: هُوَ الْحَوَصُ _ بِالْحَاء.
قَالَ ذَلِك الفرَّاءُ وغيرُه. ورجلٌ أحْوَصُ، وامرأةٌ حَوْصاءُ _ إِذا كَانَا ضَيِّقَي الْعَيْنِ.
فَإِذا أَرَادُوا غُؤورَ العَين فَهُوَ الخَوَصُ _ بالْخَاء مُعْجمَة من فوقُ _.
يُقَال: خَوِصَتْ عينُه تخْوَصُ خَوَصاً _ إِذا غارَتْ.
وروَى أبوعبيدٍ _ عَن أَصْحَابه _:(7/198)
خَوِصَتْ عَيْنُهُ، ودنَّقَتْ، وقَدَّحَتْ _ إِذا غارَتْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ _ فِي النَّعْجَةِ _: إِذا اسْوَدَّتْ إِحْدَى عَيْنَيْها وابيضَّتِ الْأُخْرَى فَهِيَ خَوْصَاءُ.
وَقد خَوِصَتْ خَوَصاً، واخوَاصَّتِ اخْوِيصَاصاً.
وَفِي الحَدِيث: ((مَثَلُ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ مَثَلُ التَّاجِ الْمُخَوَّصِ بالذّهَبِ، وَمَثَلُ الْمَرْأَة السُّوء كالْحِمْل الثَّقِيلِ عَلَى الشّيْخِ الكَبيرِ)) .
وتخْوِيصُ التَّاج: مأخوذٌ من خُوصِ النَّخل. . يُجْعَلُ لَهُ صَفائِحُ من الذَّهَب عَلَى قَدْرِ عِرَضِ الْخُوص.
أَبُو العبّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: خَوَّصَ الرجل _ إِذا ابتدأَ بإكْرَامِ الكِرَامِ ثمَّ اللِّئامِ.
وَأنْشد:
(يَا صَاحِبَيَّ خَوِّصَا بِسَلِّ ... )
_ أَي: ابْتَدِئَا بكِرَامِ الإبِلِ فاسقِيَاها فإنْ نَقصَ الماءُ كَانَ على شِرَارِها.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثعلَبٍ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
وَيُقَال: خَصَّفَهُ الشَّيْبُ وخَوَّصَهُ وأَوْشَمَ فِيهِ. . بمعْنًى واحدٍ.
وَقَالَ غيرُه: خَوَّصَهُ الشَّيْبُ وخَوَّصَ فِيهِ إِذا بَدَأَ فِيهِ.
وَقَالَ الأخْطَلُ:
(زَوْجَةُ أَشْمَطَ مَرْهُوبٍ بَوَادِرُهُ ... قدْ كانَ فِي رَأْسِهِ التخْوِيضُ والنزَعُ)
وَسمعت أَرْبابَ النَّعَم يَقُولُونَ للرّعْيانِ يَوْمَ الوِرْدِ _ إِذا أوردوا الْإِبِل _ والساقِيان يُجِيلاَنِ الدِّلاَءَ فِي الْحَوْض حَتَّى فاضَ _: أَلا وخَوِّصُوها أَرْسَالاً. وَلَا تُورِدُوها جملَة فَتَباكَّ عَلَى الْحَوْضِ وتَهْدِمُ أَعْضادَه فيَثْنُونها على مَدَى غَلْوَةٍ؛ ويُرْسِلُون مِنْهَا ذَوْداً بعد ذَوْدٍ؛ فيكونُ ذَلِك أَرْوَى للنَّعَم وأَهْوَنَ على السُّقاةِ.
وَمِنْه قولُ الراجز:
(يَا صاحِبَيَّ خَوِّصا بالأرْسَالْ ... )
وَقَالَ آخر:
(يَا صاحِبيَّ خَوِّصَا بِسَلِّ ... )
وَيُقَال: إنَّ فلَانا لَيُخَوِّصُ من مَاله _ إِذا كَانَ يُعْطِي الشيءَ الْمُقَارِبَ.
وكلُّ هَذَا مَأْخُوذ من تَخْوِيصِ الشَّجر _ إِذا أَوْرَقَ قَلِيلا قَلِيلا.
وَيُقَال: نِلْتُ من فلَان خَوْصاً خَائِصاً وخَيْصاً خَائصاً _ إِذا نِلْتُ مِنْهُ شَيْئا يَسِيراً.
وَمِنْه قَول الأَعْشى:
(لَقَدْ نَالَ خَيْصاً مِنْ عُفَيْرَةَ خَائِصَا ... )
وقَارَةٌ خَوْصَاءُ: مرتَفِعَةٌ طويلةٌ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(رُباً بَيْنَ نِيقَيْ صَفْصَفٍ وَرَتَائج ... بِخَوْصاءَ مِنْ زَلاَّءَ ذَاتِ لُصُوبِ)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
الْخَيْصاءُ _ من المِعْزَى _: الَّتِي أَحَدُ قَرْنَيْهَا مُنْتَصِبٌ، والآخرُ لاصقٌ برأسها.
والْخَيْصَاءُ _ أَيْضا _: العَطِيَّة التَّافِهَة.(7/199)
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _ خَاوَصْتُهُ الْبَيْعَ مُخَاوَصَةً _ إِذا عارَضْتُهُ البيعَ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: يُقَال: هَذِه أرضٌ مَا تُمْسِكُ خُوصَتُهَا الطائِرَ _ أَي: رَطْبُ الشّجر. . إِذا وَقع عَلَيْهِ الطائرُ مَال بِهِ عُودُه من رُطوبته ونَعْمَتِهِ.
وَقَالَ النَّضْرُ: الْخَوْصاءُ من الرِّياح: الْحَارَّةُ. . يَكْسِرُ الإنسانُ عَيْنَه من حَرِّها ويَتَخَاوَصُ لَهَا.
وَالْعرب تَقول: طَلَعَتِ الْجَوْزَاءُ. . وهبَّتِ الْخَوْصَاءُ.
وَقَالَ غيرُه: بئرٌ خَوْصاءُ: بعيدَةُ القَعْرِ لَا يُرْوِي ماؤُها المالَ.
وَأنْشد:
(وَمَنْهَلِ أَخْوَصَ طَامٍ خَالي ... )
قلتُ: والْخُوصَةُ: خُوصَةُ النَّخْلِ والْمُقْلِ.
وللعَرْفَجِ والثُّمَام. . خُوصَةٌ أَيْضا.
وَأما البُقُولُ الَّتِي يتناثَرُ وَرَقُها _ وقْتَ الهيْجِ _ فَلَا خوصَةَ لَهَا.
وخُوصَةُ العَرْفَجِ والثُّمَامِ. . تَبْقَيَان صُلْبَتَيْنِ فِي شجرتهما.
خصى: قَالَ اللَّيْث: الْخِصاءُ: أَن تَخْصِيَ الشَّاةَ أَو الدَّابَّةَ خِصَاءً _ ممدودٌ. . لأنَّه عيبٌ، والعُيُوبُ تجيءُ عَلَى (فِعَالٍ) مِثْلُ الِعثَارِ والنِّفَارِ والعِضَادِ. . وَمَا أشْبهها.
وَفِي أَمْثَال الْعَرَب: ((هُوَ كَخَاصِي الْعَيْرِ)) .
يُقَال ذَلِك: للَّذي لَا حَيَاء لَهُ، وَلَا مُرُوءَة.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: (الصَّوْمُ خِصَاءٌ) .
وبعضُهم يَروِيه (الصَّوْمُ وِجَاءٌ) .
والمعنيان متقاربان.
والْخَصْيَةُ تُؤَنَّثُ _ إِذا أُفْرِدَت فإِذا ثَنَّوْا. . ذَكَّرُوا وأَنَّثُوا وَأنْشد الْفراء:
(كَأَنَّ خُصَيَيْهِ مِنَ التّدَلْدُلِ ... ظَرْفُ عَجُوزٍ فِيهِ ثِنْتَا حَنْظَلِ)
وَمن الْعَرَب مَنْ يَقُولُ: الْخُصْيَتَانِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول: مَا أَعْظَمَ خُصْيَيْهِ وخُصْيَتَيْهِ _ وَلَا تُكْسَرُ الخَاءُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: الْخُصْيَتَانِ: البَيْضَتَانِ. والْخُصْيان: الْجِلْدَتان اللَّتان فيهمَا البيضتان. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: خِصْيَةٌ وخُصْيَةٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: (خُصْيَةٌ) وَلم نَسْمَع ((خِصْيَةٌ)) .
قَالَ: وَلم يُقَلْ: (خُصْيٌ) . . للْوَاحِد.
قَالَ: وَيُقَال: خُصْيَان فِي التَّثنية.
وَقَالَ غيرُه:
يُقَال لجمعِ الْخَصِيِّ: خِصْيَةٌ وخِصْيانٌ.
صيخ: قَالَ اللَّيْث: الصَّاخَةُ _ خفيفٌ _: وَرَمٌ فِي العَظْم من كَدْمَةٍ أَو صَدْمة. يبْقى أَثَرُها كالْمَشَش.
وثلاثُ صاخَاتٍ، والجميعُ: الصَّاخُ، وَأنْشد:
(بِلَحْيَيْهِ صَاخٌ مِنْ صِدَامِ الْحَوافِرِ ... )
وَقَالَ أَبُو عُبيدٍ: أَصَاخَ الرجلُ يُصِيخ إصاخةً _ إِذا اسْتمع وأنصتَ لصوتٍ.
وَأنْشد قولَ أبي دُوَادٍ:(7/200)
(ويُصِيخُ أَحْيَانًا كَمَا اسْتَمَعَ ... المُضِلُّ لصوْتِ ناشِد)
صخى: قَالَ الليثُ: صَخِيَ الثَّوْبُ يَصْخَى صَخًى _ إِذا اتَّسَخ ودَرِنَ.
وَهُوَ صَخٍ. . والاسمُ: الصَّخاوَةُ.
وَرُبمَا جَعِلَتْ الواوُ يَاء، لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى ((فَعِلَ يَفْعَل)) .
قُلتُ: لمْ أَسْمَعْه إلإّ لِلَّيْثِ.
بَاب الخَاء وَالسِّين
خَ س (وايء)
خاس، خسأ، خسى، سخا، ساخ، وسخ: مستعملة.
خوس _ خيس: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ الخَوْسُ: الطِّعانُ بالرِّمَاحِ وِلاَءً وِلاَءً.
وَقد خَاسَهُ يَخُوسُه خَوْساً _ إِذا طعَنَهُ.
وَقَالَ الليْثُ: يُقَال للشَّيْء _ يَبْقَى فِي مَوْضِعٍ فيَفْسُد ويتغيَّر كالْجَوْزِ والتَّمْرِ _: خَائِسٌ.
وَقد خَاسَ يَخِيسُ.
فَإِذا أَنْتَنَ فَهُوَ مُصِلٌّ.
قَالَ: والزَّايُ _ فِي اللَّحْم والْجَوْزِ _: أَحْسَنُ من السِّين.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للشَّيء _ إِذا كَسَدَ _: خَاسَ.
كأَنَّه لمَا كَسَدَ سُوقُهُ فَسَد. . حتَّى خَاسَ.
وَقَالَ اللّيْثُ: الإبلُ المخيَّسَةُ: الَّتِي لم تُسَرَّحْ، ولكنَّها خُيِّسَتْ للنَّحْرِ أَو القَسْمِ وَأنْشد قولَ النَّابِغَةِ:
(والأُدْمُ قَدْ خُيِّسَتْ فُتْلاً مَرَافِقُهَا ... مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الْحِيرَةِ الْجُدُدِ)
رَفَعَ ((الْمَرافِقَ)) ب ((الْفُتْلِ)) _ لأنَّ ((الفُتْلَ)) فِي المعنَى: ابتداءٌ.
وإنمَا نُصِبَتْ لاتِّصالها بالْفْعْل.
وَهَذَا كَقَوْلِك: مررتُ برجُلٍ كَرِيمٍ جَدُّه.
ف ((كريمٌ)) مُتَّصِل بِالْأولِ.
وَهُوَ نَعْتٌ لِلجَدِّ.
وَهُوَ مِثْلُ قولِ الله _ عزّ وجلّ _ {أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} [النِّساء: 75] .
وَقَالَ اللَّيثُ: الإنسانُ يُخَيِّسُ فِي ((الْمُخَيِّسِ)) حتَّى يبلغ مِنْهُ شِدَّةَ الغَمِّ والأذَى.
يُقَال: قد خَاسَ فِيهِ.
وبَنَى أَمير المؤْمِنين عليُّ بنُ أبي طَالبِ عَلَيْهِ السَّلَام سِجْناً فَسَمَّاهُ ((نَافِعاً)) فنُقِبُ، وأَفْلَتَ مِنْهُ الْمُحَبَّسَونَ. ثمَّ بَنَى سِجْناً آخرَ حصيناً فسمَّاه: ((مُخَيِّساً)) ، وَقَالَ:
(بَنَيْتُ بَعْدَ ((نافعٍ)) ((مُخَيِّساً))
بَاباً حَصِيناً وَأَمِيناً كَيِّسَا)
(أَلاَ تَرَانِي كَيِّساً مُكَيِّسَا؟ ... )
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: خَيَّسْتُ الرَّجلَ وغَيْرَه _ إِذا ذَلَّلْتَهُ. . والأصلُ وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيثُ: يُقَال: قَلَّ خَيْسُهُ {} مَا أَظرفه {} _ أَي: قَلَّ غَمُّه.
وليسَتْ بالْعَالِيَة.
قلتُ: ورَوَى عَمْرٌ و _ عَن أَبِيه _ فِي قَوْل الْعَرَب: ((أَقَلَّ الله خِيسَهُ)) _ بِكَسْر الْخَاء _(7/201)
أَي: أَقَلَّ الله لَبَنه. . و ((كَثُرَ خِيسُهُ)) _ أَي: دَرَّهُ ولَبَنُهُ.
وأَخْبَرني المنْذريُّ _ عَن الصَّيْدَاوِيِّ _ قَالَ: سأَلْتُ الرِّيَاشِيَّ عَن ((الْخِيْسَةِ)) ؟ فَقَالَ: الأجَمَةُ.
وَأَنشد:
(لِحَاهُمُ كَأَنَّها أَخْيَاسُ ... )
قَالَ: وعَرَضْتُ على الرِّياشيِّ دُعاءً للعَرَب _ بَعْضِهم على بَعْض _ فيقولُ: ((أَقَلَّ الله خِيسَكَ)) _ أَي: لَبَنَك؟ فَقَالَ: نَعَمْ: العَرَبُ تقولُ هَذَا، إلاَّ أَنَّ الأصمعيَّ لم يَعْرفْه. وَقَالَ أَبُو سَعِيد الضَّرِيرُ: يقالُ: قَلَّ خِيسُ فُلاَنٍ _ أَي: قَلَّ خَطَؤُه.
وَيُقَال: أَقلِلُ مِنْ خِيسِكَ _ أَي: مِن كَذِبِكَ.
وَيُقَال: فلانٌ فِي عِيصٍ أَخْيَسَ، وعَدَدٍ أَخْيسَ _ أَي: كَثِيرُ الْعَدَد. وَقَالَ جَنْدَلٌ:
(وَإِنَّ عِيصِى عيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ ... أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفَاةٌ عِرْمِسُ)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْخِيسُ: الأَجمَةُ.
وَقَالَ اللَّيثُ: يُقَال: خَاسَ فلانٌ بوَعْدِهِ _ يَخِيسُ _ إِذا أخلفَ.
وخَاسَ بعَهْدِه _ إِذا غدر وَنَكَثَ.
وَيُقَال: إنْ فَعلَ فلانٌ كَذَا وَكَذَا فإنَّهُ يُخَاسُ أَنْفُه _ أَي: يُذَلُّ أَنْفُهُ.
خسأ: بِالْهَمْز.
قَالَ اللَّيْثُ وغَيرُهُ: تَقول: خَسَأْتُ الْكَلْبَ _ إِذا زَجَرْتَهُ فقلتَ: اخْسَأْ.
والْخَاسِيءُ _ من الكلابِ والخنازير _: الْمُبَاعَدُ.
وَقد خَسَأ الْكَلْبُ. . يَخْسَأُ خُسُوءاً.
قَالَ الله جلّ وعزّ لليَهُود لَعنهم الله _: {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} [البَقَرَة: 65]_ أَيْ: مَدْحُورِينَ.
ويقالُ: اخْسَأْ إلَيْكَ واخْسَأْ عَنِّي. وخَسَأَ البَصَرُ _ إِذا كلَّ وأَعْيَا _ يَخْسَأُ خُسُوءاً.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خاسئا وَهُوَ حسير} [المُلك: 4] .
قلتُ: ويقالُ: خَسَأْتُهُ فَخَسَأَ _ أَيْ: أَبْعَدْتُهُ فَبَعُدَ.
خسا: غَيْرَ مَهْمُوز.
قَالَ اللَّيْث: ((خَسَا زَكَا)) . . فَخَسَا: كلمةٌ. . مِحْنَتُها: أَفْرَادُ الشَّيْء.
يُلْعَبُ بالْجَوْزِ فَيُقَال: ((خَسَا زكَا)) فَ ((خَسَا)) ، فَرْدٌ، و ((زَكَا)) : زوجٌ.
كَمَا تقولُ: شَفْعٌ ووَتْرٌ.
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(لَمْ يَدْرِ مَا الزَّاكِي مِنَ الْمُخَاسِي ... )
وَقَالَ رُؤْبَةٌ _ أَيْضا:
(يَمْشِي عَلَى قَوَائِمٍ خَسَا زَكَا ... )
وَقَالَ ابْن السِّكِّيتِ: يُجْمَعُ ((خَسَا)) : ((أَخَاسِيَ)) .
وَأنْشد لِلْعَجَّاجِ:
(حَيْرَانُ لاَ يَشْعُرُ مِنْ حَيْثُ أَتَى ... عَنْ قِبْصِ مَنْ لاَقَى أَخَاسٍ أَمْ زَكَا؟ ؟)
يقولُ: ((لاَ يَشْعُرُ)) أَفَرْدٌ هُوْ أَمْ زَوْجُ؟ قَالَ: والأَخَاسِي: جَمْعُ ((خَساً)) .(7/202)
سَلَمَةُ _ عَن الفرَّاء _: العَرَبُ تقولُ للزَّوْجِ: زَكَا)) ، وللفردِ: ((خَسَا)) .
قَالَ: وَمِنْهُم من يُلحقُهُمَا بِبابِ ((فَتًى)) فَيَصْرِفُ.
ومِنْهُمْ مَنْ يُلْحقُهُمَا بِبَابِ ((زُفَرَ)) . وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُمَا بِبَابِ ((سَكَر)) .
قَالَ: وأنشدتني الدُّبَيْرِيّةُ:
(كَانُوا خَساً أَوْ زَكاً مِنْ دُونِ أَرْبَعةٍ ... لم يَخْلَقُوا وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِجُ)
وَيُقَال: هُوَ يُخَسِّي ويُزَكِّي _ أَيْ: يَلْعَبُ فيقولُ: أَزْوَجٌ أَمْ فَرْدٌ؟
وَقَالَ غيرُه: خَاسَيْتُ فُلاناً _ إِذا لاَعَبْتُهُ بالْجَوْزِ _ فَرْداً أَوْ زَوْجاً.
وَأنْشد ابنُ الأعرابيِّ _ فِي صِفةِ فَرَس:
(يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ قَوَائِمُهُ زَكَا ... )
أَرَادَ: أنَّ هَذَا الفَرَسَ يَعْدُو عَلَى خَمْسٍ من الأُتُنِ. . فيَطْرُدُها، وقَوَائمُهُ ((زَكَا)) _ أَيْ: هِيَ أَرْبَعُ.
والتَّخَاسِي: هُوَ التَّرَامِي بالْحَصى.
يُقَال: تخَاسَتْ قَوَائِمُ النَّاقَةِ بالْحَصَى _ أَي ترامَتْ بِهِ.
وَقَالَ الْمُمَزَّقُ الْعَبْدِيُّ:
(تَخَاسَى يَدَاهَا بِالْحَصَى وَتَرُضُّهُ ... بِأَسْمَرَ صَرَّافٍ إِذا حَمَّ مُطْرِقٍ)
أَرادَ ب ((الأَسْمَرِ الصَّرَّافِ)) : مَنْسِمَهَا.
وَ ((حَمَّ)) _ أَيْ: قَصَدَ.
سخا _ (ساخت) : قَالَ اللَّيْث: السَّخَا: بَقْلَةٌ من بُقولِ الرِّبيعِ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقِها كهيئةِ
سُنْبُلَةٍ فِيهَا حَبَّاتٌ كَحَبِّ الْيَنْبُوتِ ولُبُّ حَبِّهَا: دَوَاءٌ لِلْجُرْحِ.
قَالَ: والْوَاحِدَة سَخَاةٌ.
وبَعْضٌ يقولُ: صَخَاةٌ. ويقالُ: سَخَّيْتُ نَفْسي وبِنَفْسي من هَذَا الشيٍء _ إِذا تَرَكْتَهُ، وَلم تُنَازعْكَ نَفْسُكَ إِلَيْهِ.
أبوعبيد _ عَن الْعَدَبَّسِ الْكِنَانيِّ _ قَالَ: السَّخَا: مَقْصُورٌ وَهُوَ ظَلْعٌ يكونُ من أَن يَثِبَ الْبَعِير بالْحِمْل الثقيل، فَتَعْتَرِضَ الرِّيحُ بَين الْجِلْدِ والْكَتفِ.
يُقَال مِنْهُ: بَعِيرٌ سَخٍ _ مقصورٌ _ مِثْلُ: عَمٍ.
الْحرَّانيُّ _ عَن ابْن السكِّيتِ عَن أبي عَمْرو _: سَخَوْتُ النّارَ أَسخُوهَا سَخْواً.
وسَخيتُها أَسْخَاهَا سَخْياً.
وَذَلِكَ إِذا أَوْقَدْتُ، فاجْتَمَع الْجَمْرُ والرَّمادُ ففرَّجْتُه.
يُقَال: اسْخَ نَارَك _ أَي: اجْعَلْ لَهَا مَكَانا تَقِدُ عَلَيْهِ. وَأنْشد:
(ويُرْزِمُ أَنْ يَرَى الْمَعْجُونَ يُلْقَى ... بِسَخيِ النّار إِرْزَامَ الْفَصِيلِ)
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: قَالَ الْغَنَوِيُّ: سَخَا النّارَ وصَخَاهَا _ إِذا فَتَحَ عَيْنَها.
وَقَالَ ابنُ السكِّيت: يُقَال سَخَا فلانٌ يَسْخُو، وسَخِيَ يَسْخَى، وسَخُوَ يَسْخُو _ إِذا كَانَ سَخِيًّا.
وَيُقَال: إِن السَّخَا: مَأخُوذٌ مِن السَّخْوِ، وهُو الْمَوْضعُ الَّذِي يُوَسَّعُ تحتَ الْقِدْرِ ليتمكَّنَ الوَقُودُ.(7/203)
لأنَّ الصَّدْرَ أَيْضا يتَّسِعُ لِلعَطِيّة.
قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرٍ والشَّيْبَانيُّ. وَالْعرب تَقول: رجلٌ سَخِيٌّ، وَقوم أَسْخِيَاءُ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _ السَّخَاخُ: الأَرْض الْحَرَّةُ اللَّيِّنَةُ والسَّخَاويُّ: الأرْضُ اللَّيِّنَة التُّرْبةِ مَعَ بُعْدٍ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبيَانيُّ:
(أَتَاني وَعِيدٌ والتنَائِفُ بَيْنَنَا ... سَخَاوِيُّهَا وَالْغَائِطُ الْمُتَصوِّبُ)
شَمِرُ _ عَن أبي عَمْرو _: السَّخَاوِيُّ - من الأَرْض: الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا وَهِي سَخَاوِيّةٌ.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
(سَخَاوِيُّ يَطْفُو آلُهَا ثُمَّ يَرْسُبُ ... )
ساخ: قَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو مُجِيبٍ: بَطْحَاءُ سُوَّاخَى. . وَهِي الَّتِي تَسُوخُ فِيهَا الأقْدَامُ.
وَوصف بَعِيرًا يُرَاضُ _: قَالَ: فَأخذ صاحِبُه بذَنَبِهِ فِي بَطْحَاء سُوَّاخَى.
وَإِنَّمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهَا الصَّعْب لِيَسُوخَ فِيهَا. وَقَالَ اللَّيْث: سَاخَتِ الأرضُ: فَهِيَ تَسُوخُ سَوْخاً وسُؤْوخاً _ إِذا انْخَسَفَتْ.
وَكَذَلِكَ الأقْدَام تَسُوخُ فِي الأَرْض _ وَكَذَلِكَ سَاخَتْ بهم الأرضُ، وَهِي تَسُوخُ بهم.
قَالَ: والسُّوَّاخَى: طِينٌ كثُرَ مَاؤُهُ من رِدَاغِ المَطَرِ.
يُقَال: إنَّ فِيهِ لَسُوَّاخِيَةً شَدِيدَة والتَّصْغير سُوَيْوِخَةٌ، كَمَا يُقَال: كُمَيْثِرَةٌ.
وَيُقَال: مُطِرْنا حَتَّى صارَتِ الأرْضُ سُوَّاخَى _ بِوَزْن ((فُعَّالَى)) وَفَعَالَى بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : تَسَوَّخْنَا فِي الطين.
وترَوَّخْنَا _ أَي: وقَعْنا فِيهِ.
وسخ: قَالَ اللَّيْث: الْوَسَخُ: مَا عَلاَ الْجِلْدَ والثَّوْبَ من الدَّرَنِ. . لِقلّةِ التَّعَهُّدِ بِالْمَاءِ.
يُقَال: وَسِخَ الْجلْدُ يَوْسَخُ وَسَخاً وتَوسَّخَ واتَّسَخَ واسْتَوْسَخَ. وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ.
وَقد أَوْسَخْتُهُ، ووَسَّخْتُهُ أَنا.
بَاب الْخَاء وَالزَّاي
خَ ز (وايء)
خزى، خَزًّا، خاز، وخز: مستعملة.
خزي: قَالَ اللَّيْث: الْخِزْيُ: السُّوءُ.
يُقَال: خَزِي الرجلُ يَخْزَى خِزْياً. . وَالله أَخزَاهُ وأقامه على خِزْيَةٍ، وعَلَى مَخْزَاةٍ.
وَفِي حَدِيث يزيدَ بنِ شجَرَة: أَنه خطَب الناسَ فِي بعض مَغَازِيهِ: وحَضَّهم على الْجِهَاد _ فَقَالَ فِي آخر خُطبته: ((انْهَكُوا وُجُوهَ الْقَوْمِ، وَلاَ تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ)) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قوْلُه: ((وَلَا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ)) لَيْسَ من (الْخِزْي) _ لِأَنَّهُ لَا مَوْضِعَ لِلْخِزْي هَا هُنَا _ ولكنُّه من الخَزَايَةِ وَهِي الاسْتِحْيَاءُ.
يُقَال _ من الهَلاَكِ _: خَزِيَ الرجلُ يخْزَى خِزْياً.
وَمن الْحيَاء مَمْدُودٌ: خَزِيَ يَخْزَى خَزَايَةً.
وَيُقَال: خَزِيتُ فُلاَناً _ إِذا استحيَيْتَ مِنْهُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة _ يصف الثوْرَ والكلاَب:(7/204)
(خَزَايَةً أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ ... مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطاً بهَا الْغَضَبُ)
وَقَالَ القُطَامِيُّ _ يذكر ثَوْراً وحشيّاً كَرَّ بعد فَرَاره:
(حَرِجاً وَكَرَّ كُرُورَ صَاحِب نَجْدَةٍ ... خَزِيَ الحَرَائرُ أَنْ يَكونَ جَباناَ)
قَالَ: وَالَّذِي أَرَادَ ابنُ شَجَرَةَ بقوله: ((وَلَا تُخْزُوا الْحُورَ الْعِينَ)) _ أَي: لَا تجعَلوهُنَّ يَسْتَحْيينَ من فِعْلكُم وتقصيركم فِي الْجِهَاد وَلَا تَعَرَّضُوا لذَاكَ منهنّ وانْهَكُوا وُجُوهَ القَوْم وَلَا تُوَلُّوا عَنْهُم مُدْبِرِينَ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ خَزْيانٌ، وامْرَاَةٌ خَزْيَا.
وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ أَمراً قبيحاً، فاشتدَّ لذَلِك حَياؤه وخَزَايَتُهُ. والجميع: الخَزَايَا.
وَفِي الدُّعاء: اللهُمّ احْشُرْنَا غير خزايا وَلَا نادمين - أَي: غير مُسْتَحْيِين من أَعمالنَا. وَقَالَ غيرُه:
الْخِزْيُ: الهَوَانُ، وَقد أخْزَاهُ الله _ أَي: أهانه الله.
وَقَالَ شَمِرْ: قَالَ بعضهُم: أخزيته _ أَي: فضَحْتُه.
وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن لُوطٍ. . أَنه قَالَ لِقَوْمِهِ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِيَ} [هُود: 78] .
يَقُول: لَا تفضحُوني.
قَالَ: وخَزي يَخْزَى خِزْياً _ إِذا وَقع فِي بَليِّةٍ وشَرٍّ.
ونحْوَ ذَلِك قَالَ ابنُ السِّكِّيتِ.
خَزًّا: أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _ خَزَوْتُ الرجل. . أَخْزُوهُ خَزْواً _ إِذا سُسْتُه.
وَأنْشد قولَ لَبِيدٍ:
(وَاخْزُها بِالْبِرِّ لله الأجَلْ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَزوُ: كَفُّ النَّفْس عَن هِمَّتِها، وصَبْرُها على مُرِّ الْحَقِّ.
يُقَال: اخْزُ فِي طَاعَةِ الله نَفْسَك.
وَقَالَ غيرُه:
خزَوْتُ الْفَصِيل. . أَخْزُوهُ خَزْواً _ إِذا أَجْرَرْتُ لِسَانَهُ فشَقَقْتَهُ.
خوز: أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: يقالُ: خَزَاهُ خزْواً، وخَازَهُ خوْزاً _ إِذا سَاسَه.
وَقَالَ: والْخَوْزُ: الْمُعَادَاةُ _ أَيْضا.
وخز: قَالَ اللَّيْث: الْوَخزُ: طَعْنٌ غيرُ نَافِذِ. وَخزَهُ يخِزُه وَخْزاً.
وَيُقَال: وخزَهُ الْقَتِيرُ _ إِذا شَمِطَ مَوَاضِعَ من لِحْيَتِه. . فَهُوَ مَوْخُوزٌ.
قَالَ: وَإِذا دُعِيَ القوْمُ إِلَى طَعَام فجاءُوا أَرْبَعَة أَرْبَعَة. . قَالُوا: جاءُوا وَخْزاً وَخْزاً.
وَإِذا جاءُوا عُصَباً. . قيلَ: جاءُوا أَفائِجَ _ أَي: فَوْجاً فَوْجاً.
قَالَ: والْوَخْزُ: الشيءُ القلِيلُ.
وَأنْشد:(7/205)
(سِوَى أَنّ وَخْزاً مِنْ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةٍ ... تَنَزَّوْا إلَيْنا مِنْ بُقَيْعَةِ جَابِر)
وَقَالَ أبُو الْحَسَنِ اللِّحْيانيُّ: الْوَخْزُ: الْخَطِيئَةُ بعدَ الْخَطيئَةِ.
وَأنْشد قولَه:
(لَهَا أَشَارِيرُ مِنْ لَحْمٍ مُتَمَّرَةٌ ... مِنَ الثَّعالِي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها)
أَي: القليلُ من الأرانِبِ.
وَقَالَ: هَذِه أَرْضُ بَني تَميمٍ وفيهَا وَخْزٌ مِنْ بَني عَامر.
قلتُ: وَمعنى ((الخَطِيئةِ)) : القليلُ بيْنَ ظَهْراني الكثيرِ. . من غير جِنسِ الْقَلِيل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدٍ: يُقَال: وَخَزَهُ القَتِيرُ وَخْزاً، ولَهَزَهُ لَهْزاً _ بِمَعْنى وَاحِد.
قلت ((الْوَخْزُ)) : الشَّعْرَةُ بَعْدَ الشعرة، تَشِيبُ وسائرُ شَعْرِ الرَّأْس أَسْوَدُ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بن المُغِيرَة: قلت: للحَسَن: أَرَأَيتَ التَّمرَ والبُسْرَ. . انْجَمَعَ بينَهُما؟ قَالَ: لَا.
قلتُ: البُسْرُ يَكونُ فِيهِ الوَخْزُ؟ قَالَ: اقطَعْ ذَلِك! قَالَ شَمِرٌ: الوَخْزُ: القَليلُ. يُقَال: بهَا وَخْزٌ مِن بَني فلَان.
فشَبَّهَ مَا أَرْطَبَ من البُسْرِ _ فِي قِلَّتِهِ _ بالوخْز.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَدْنَانَ: الوَخْزُ: التَّبْزِيغُ.
وَقَالَ: خالدُ بنُ جنْبَةَ.
يُقَال: وَخَزَ فِي سَنَامِها بِمِبْضَعِه.
قَالَ: والوخزُ كالنَّخْسِ، ويَكونُ من الطَّعْن الْخَفِيف الضَّعيف.
بَاب الْخَاء والطّاء
خَ ط (وايء)
خطا، خطىء، وَخط، خاط (خيط) ، طاخ، طخا: مستعملة.
خطا: قَالَ الليثُ: خَطَوْتُ خَطْوَةً وَاحِدَة، والاسْمُ الخُطْوَةُ، والجميعُ: الْخُطَا.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} [البَقَرَة: 168] .
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ _ عَن الحرّانِيِّ عَن ابْن السِّكِّيت _ قَالَ: الْخُطْوَةُ مَا بَين القدمَيْن _ والْخَطْوَةُ الفِعْلُ.
قَالَ المنذريُّ: وَسمعت أَبَا العبَّاس يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَتِّبَعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} : أَي: فِي الشَّرِّ يُثَقَّلُ.
قَالَ: واختارُوا التَّثْقِيلَ لما فِيهِ منَ الإشْبَاعِ وخَفّفَ بعضُهم.
قَالَ: وَإِنَّمَا تَرَكَ التثْقِيلُ مَنْ تَرَكه اسْتِثْقالاً. للضمَّة مَعَ الْوَاو.
يَذهبون إلَى أَنّ الوَاوَ أَجْزَتْهُمْ من الضَّمَّة.
وَقَالَ الفرّاءُ: العربُ تَجْمَعُ ((فُعْلَةً)) من الأسماءِ على ((فُعُلاَتٍ)) _ مِثلُ ((حُجْرَةٍ وحُجُراتٍ)) _ فَرْقًا بَيْنَ الِاسْم والنّعت.
النَّعْتُ: يُخَفَّفُ، مِثلُ ((حُلْوَةٍ وحُلْوَاتٍ)) فَلذَلِك صَار التُّثقِيلُ الاختيارَ.
وَرُبمَا خُفِّفَ الاسمُ، وربَّما فُتح ثانِيه فَقيل: ((حُجَرَاتٌ)) .(7/206)
وَقَالَ الزّجَّاجُ: مَعْنَى ((خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)) : طُرُقُه وآثارُه.
وَقَالَ الفرّاءُ: مَعْنَاهُ: لَا تَتِّبِعُوا آَثارَه فإنّ اتّباعه مَعْصِيَةٌ {إِنَّه لكم عَدو مُبين} [البَقَرَة: 168] .
وَقَالَ الليثُ: مَعْنَاهُ: لَا تَقْتَدُوا بِهِ.
قَالَ: وَقَرَأَ بعضهُم: ((خُطُؤَاتِ الشَّيطانِ)) من الْخَطِيئَةِ: الْمَأْثَمِ.
قلتُ: مَا عَلِمْتُ أَحداً من قُرَّاءِ الأمْصار قرَأَ بالهمْزِ. . وَلَا مَعنى لَهُ.
أَبُو زَيدٍ _ يُقَال: ناقتُكَ هَذِه من المتَخَطِّيَات الجِيَفَ _ أيْ: ناقةٌ قويَّة جَلْدَةٌ، تمضِي وتُخَلِّفُ الَّتِي قد سَقَطَتْ.
خطأ: قَالَ الليثُ: خَطِىءَ الرجُلُ خِطْئاً فَهُوَ خاطىءٌ وأَخطأَ _ إِذا لمْ يُصِبِ الصوابَ.
الحرّانيُّ _ عَن ابْن السِّكيت _: يَقُول الرجلُ لصَاحبه: إنْ أَخْطأْتُ فَخَطِّئْنِي، وإنْ أَصَبتُ فَصَوِّبْنِي، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوَّىء عَلَيَّ _ أيْ: قُلْ لِي: قد أَسَأتَ.
قَالَ: وتقُولُ: لأَنْ تُخْطِيءَ فِي العلْم أيسَرُ مِن أَنْ تُخطىءَ فِي الدِّين.
وَيُقَال: قد خَطِئْتُ _ إِذا أَثِمْتُ فأَنَا أَخْطَأُ خِطْئَا. . وَأَنا خاطِيءٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيراً} [الْإِسْرَاء: 31] .
وَقَالَ _ أَيْضا _: {إِنَّا كُنَّا خاطئين} [يُوسُف: 97] ، أيْ: آثِمينَ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيدة.
يُقَال: أَخْطَأَ، وخَطِىءَ لُغتان.
وَقَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
(يَا لَهْفَ هِنْدٍ إذْ خَطِئْنَ كاهِلا ... القَاتِلِينَ الملكَ الْحُلاَحِلاَ)
أرادَ أَخطأْنَ ((كاهِلاً)) .
وهم حَيٌّ مِن بَني أَسَدٍ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: ((مَعَ الخَواطىءِ سَهْمٌ صائبٌ)) .
يُضْرَبُ للَّذِي يُكثِرُ الخطأَ وَيَأْتِي الأحيانَ بالصَّوَاب.
وسمعتُ المُنْذِرِيَّ يقولُ: سمعتُ أَبا الْهَيْثَم يَقُول: ((خَطِئْتُ)) : لما صنعه عمْداً وَهُوَ الذَّنْبُ. .
و ((أخطأتُ)) : لمَا صنَعه خَطأ غير عَمْدٍ.
قَالَ: والْخَطَأُ _ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ _: اسمٌ مِن ((أَخْطَأْتُ خَطَأً وإخْطَاءً)) .
قَالَ: وخَطِئْتُ خِطْئاً _ بِكَسْر الخَاء. . مقصورٌ _ إِذا أَثِمْتُ. وأنشَد:
(عِبَادُكَ يَخْطَأُونَ وَأنتَ رَبٌّ ... كَرِيمٌ لَا تَلِيقُ بكَ الذُّمُومُ)
قَالَ: وَالخَطِيئَةُ: الذَّنْبُ عَلَى عَمْدٍ.
قَالَ: وأمَّا قولُه:
( ... إذْ خَطِئْنَ كاهِلاً ... )
فإنَّ وَجْهَ الكلامِ فِيهِ كَانَ ((أَخْطَأْنَ)) بالألِفِ، فردّه إِلَى اَلثُّلاثِيِّ، لأنّهُ الأصْل.
فجعَل ((خَطِئْنَ) بِمَعْنى ((أَخْطَأْنَ)) .
وَقَالَ الليثُ: الخَطِيئةُ: ((فَعِيلةٌ)) وجمعُها: كَانَ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ ((خَطَائِىءُ)) _ بهمزتين _ فاسْتَثقَلوا الْتِقاءَ همزتين. . فخفَّفُوا الآخرةَ مِنْهُمَا، كَمَا يُخَفَّفُ ((جائىءٌ)) _ عَلَى هَذَا الْقيَاس _ فكَرِهُوا أَن تكونَ عِلّتُه مِثلَ عِلّةِ(7/207)
((جَائِىء)) ، لأنّ تِلْكَ الْهمزَة زائدةٌ، وَهِي أصليَّةٌ فَفَرُّوا ((بخطَايا)) إِلَى يَتَامَى، ووجدوا لَهُ فِي الأسماءِ الصَّحِيحَة نَظِيراً.
وَذَلِكَ مِثْلُ ((طاهرٍ، وطاهرةٍ وطهَارَى)) .
وَقَالَ أَبُو إسْحَاقَ النحْوِيُّ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَكُمْ} [البَقَرَة: 58] .
قَالَ: الأصْلُ فِي ((خَطَايَا)) كَانَ ((خَطَاييءُ)) فاعْلَمْ.
فَيجب أَن تُبْدَلَ من هَذِه اليَاءِ همْزَةٌ فتَصِيرُ ((خَطَائِىء)) مِثْلُ ((خَطَاعِعَ)) فتجتمعُ همزتَان؛ فقُلِبَتِ الثَّانِيَة يَاء، فتصيرُ ((خَطَائِيَ)) مِثلُ ((خَطَاعِيَ)) .
ثمَّ يجِبُ أَن تُقْلَبَ اليَاء والكَسْرَةُ إِلَى الفَتْحَةِ والألِفِ فتَصيرُ ((خَطَاءَى) مِثْلُ ((خَطاعَى)) .
فَيَجِبُ أَن تبْدَلَ الهمزَةُ يَاء. . لوُقوعها بَين أَلِفَيْنِ فتصيرُ ((خَطَايَا)) .
وَإِنَّمَا أُبْدِلَتِ الهمْزَةُ _ حِين وقَعَتْ بَين أَلِفَيْنِ)) _ لأنَّ الهمزَةَ مُجَانِسَةٌ للأَلِفَاتِ فاجتَمَعَتْ ثَلَاثَة أَحْرُفٍ من جِنْسٍ وَاحِدٍ.
قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا: مَذْهَبُ سِيبَوَيْه.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقالُ: ((خُطِّىءَ عَنْك السُّوءُ)) _ إِذا دَعَوْا لَهُ أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ السُّوءُ.
خوط، خيط: ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ يُقَال: ((خُط خُطْ)) _ إِذا أَمَرْتَهُ أَن يَخْتِلَ إنْسَانا بِرُمحِهِ.
وَقَالَ الليثُ وَغَيره: الْخُوطُ: الغُصْنُ النّاعِمُ. وَأنْشد:
(سَرَعْرَعاً خُوطاَ كغُصْنٍ نَابِتِ ... )
وَفِي ((النَّوَادِرِ)) ((تَخَوَّطْتُ فلَانا وتَخَوَّتُهُ: تَخَوُّطاً، وتَخَوُّتاً)) _ إِذا أَتَيتُهُ الفَيْنَةَ بعد الفَيْنَةِ _ أَي: الحينَ بعد الحينِ.
وَأما ((خَاطَ. . يَخيطُ)) فَإِنَّهُ يُقَال: خِطْتُ الثُّوْبَ أَخِيطُهُ، خَيْطاً. . فَهُوَ مَخِيطٌ.
والخِيَاطُ: الإبْرَةُ، ونَحْوُها. . ممَّا يُخَاطُ بِهِ _ وَهُوَ المِخْيَطُ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} [الْأَعْرَاف: 40]_ أَي: فِي خُرْتِ المِخْيَطِ.
ومثلُ ((خِياطٍ ومِخْيَطٍ)) : ((لِحَافٌ ومِلْحَفٌ)) و ((سِرَادٌ ومِسْرَدٌ)) و ((إزَارٌ ومِئْزَرٌ)) ، ((وقِرَامٌ ومِقْرَمٌ.
والخِياطَةُ: حِرْفَةُ الخَيَّاطِ. وثوبٌ مَخيطٌ.
وَكَانَ حَدُّهُ: ((مَخْيُوطٌ)) . . فَلَيَّنُوا الياءَ _ كَمَا ليُّنُوها فِي " خَاطَ " فالتَقَى ساكنانِ: سكونُ الياءِ وسكونُ الْوَاو.
فَقَالُوا: ((مَخِيطٌ)) لالتقاء السَّاكنِين أَلْقَوْا أَحَدَهُما.
وَكَذَلِكَ بُرٌّ مَكِيلٌ: الأصْلُ: ((مَكْيُولٌ)) .
وَقَالَ ابنُ السِّكيت: إِذا قَالُوا: ((مَخِيطٌ)) بَنَوْهُ عَلَى النُّقْصانِ. . لنُقْصَانِ الياءِ فِي ((خِطْتُ)) .
والياءُ فِي ((مَخِيطٍ)) هِيَ وَاو ((مَفْعُولٍ)) انقلبتْ يَاء لِسكُونها وانكسار مَا قبلهَا ليُعلم أَن السَّاقِط ياءٌ.
قَالَ. وَمن قَالَ: ((مَخْيُوطٌ)) أَخْرَجه على التَّمام.
قلت: وأَحْسَبُهُ حَكَى هَذِه العِلَّةَ عَن الفرَّاء.(7/208)
وَقَالَ: أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} [البَقَرَة: 187] : هُما فجرَانِ.
أَحدهمَا: يَبْدُو أَسْوَدَ مَعْترضاً _ وَهُوَ الخَيْطُ الْأسود.
والآخرُ يَبْدُو طالعاً مستطيلاً يملأُ الأفُقَ. . فَهُوَ الخَيْطُ الأبيضُ.
قَالَ: وحَقِيقَتُهُ: حتَّى يَتَبَيَّنَ لكُم الليلُ والنَّهارُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} : قَالَ رجلٌ للنّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَهُوَ الخَيْطُ الأبيضُ والخَيْطُ الأسودُ؟ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا {} هُوَ اللَّيلُ مِنَ النَّهارِ)) .
وَالرجل إذَا عَرُضَ قَفَاهُ قلَّ فهمُهُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ _ عَن أبي طَالب _ أَنه قَالَ: الخَيْطُ اللَّوْنُ، واحتجَّ بقول الله عزّ وجلّ.
وَقَالَ أَبو دُوَادٍ الإيَادِيُّ:
(فَلَمَّا أضاءَتْ لَنا سُدْفَةٌ ... وَلاَحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أنارَا)
وقَوْلُهُ: أَضاءتْ لَنا سُدْفَةٌ هِيَ _ هَهُنَا _ الظُّلْمَةُ.
وَلاَحَ مِنَ الصُّبْحِ _ أَيْ: بَدَا وَظَهَرَ.
وَقَالَ غيرُه: الْخَيْطُ: الْقَطِيعُ من النَّعَامِ، واحِدُها: خَيْطَى.
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(وَخَيْطاً مِنْ قوَاضِبَ مُؤْلَفَاتٍ ... كَأَنَّ رِئِالَها وَرَقُ الإفَالِ)
وَقَالَ اللَّيْث: نَعَامَةٌ خَيْطَى. . وَخَيْطُهَا: طُولُ قَصَبِهَا وَعُنُقِهَا.
وَيُقَال: هُوَ مَا فِيهَا. . من اخْتِلاَطِ سَوَادٍ فِي بَيَاضٍ لاَزِمٍ لَهَا.
. . كالْعَيَسِ فِي الإبلِ الْعِرَابِ.
وَقَالَ غيرُه: يقالُ لِلْقَطِيع من النَّعَامِ: خِيطٌ وَخَيْطٌ وخَيْطَى.
وَإِنَّمَا خَيَّطَهَا أَنَّها تَتَقَاطَرُ، وتَتَابَعُ كالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: خَاطَ فُلانٌ خَيْطَةً وَاحِدَة _ إِذا سَارَ سَيْرَةً، وَلم يَقْطَع السَّيْرَ.
وَخَاطَ الحَيَّةُ _ إِذا انْسَابَ عَلَى الأرْضِ.
وأَنشدَ:
(وَبَيْنَهُمَا مُلْقَى زِمَامٍ كَأَنَّهُ ... مَخِيطُ شَجَاعٍ آخِرَ اللَّيْلِ ثَائِرِ)
ومخِيطُ الحَيَّةِ: مَزْحَفُها.
وَقَالَ غَيْرُهُ: خَاط فلانٌ إِلَى فُلاَنٍ _ أَيْ: مَرَّ إليْهِ.
ويُقَالُ: خَاطَ فلانٌ بعِيراً بِبَعِيرٍ _ إِذا قَرَنَ بَيْنَهُمَا.
وَفِي ((نَوَادِر الأعْرَاب)) : خَاطَ فلانٌ خَيْطاً _ إِذا مَضَى سَرِيعاً.
وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً. . مِثْلُهُ.
وَكَذَلِكَ: مَخَطَ فِي الأَرْض مَخْطاً.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _ خَيَّطَ الشَّيْبُ رَأْسَهُ وَفِي رأسهِ ولِحْيَتِهِ: صَارَ كَالْخُيُوطِ، أَوْ ظهَرَ كالْخُيُوطِ _ مِثْلُ وَخَطَ.(7/209)
وتَخَيَّطَ رَأْسُه: كَذَلِك.
وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ:
(حَتَّى يُخَيَّطَ بِالْبَيَاضِ قُرُونِي ... )
وَقَالَ غَيْرُهُ: الْخَيْطَةُ: الْوتِدُ: قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
(تَدَلَّى عَلَيْهَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَيْطَةٍ ... شَدِيدُ الْوَصَاةِ نَابِلٌ وابْنُ نَابِلِ)
قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّبُّ: الْحَبْلُ، والْخَيْطَةُ الْوَتِدُ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَدُّوا الْخِيَاطَ والْمِخْيَطَ)) .
أَرَادَ بالْخِيَاطِ _ هَهُنَا _: الْخَيْطَ، وبالْمِخْيَطِ: الإبْرَةَ.
وَقَالَ أَبُو زيْدٍ: يقالُ: هَبْ لي خَيْطاً وخِيَاطاً ونِصَاحاً.
كُلُّهُ: الْخَيْطُ الَّذِي يُخَاطُ بهِ.
والْخِيَاطُ: الْمِخْيَطُ _ فِي قولِ الله جلّ وعزّ _: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} [الأعرَاف: 40] .
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: فِي الْبَطْنِ مَقَاطُّهُ ومخِيطُهُ.
قَالَ: ومَخِيطُهُ: مُجْتَمعُ الصِّفَاقِ _ وَهُوَ ظَاهرُ الْبَطْنِ.
وَخط: قَالَ الليثُ: يُقَال: وَخَطَهُ بالسَّيْفِ _ أَيْ: تَنَاوَلهُ من بَعِيدٍ.
وَقد وُخِطَ فلانٌ يُوخَطُ وَخْطاً.
وتقولُ: وخَطنِي الشَّيْبُ. . ووُخِطَ فُلاَنٌ _ إِذا شَاب رأسُه _ فهوَ مَوْخُوطٌ.
ويقالُ: وَخَط فِي السَّيْرِ يَخِطُ _ إِذا أَسْرَعَ.
وَكَذَلِكَ وَخط الظلِيمُ ونحْوُهُ.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: إِذا خَالَطَتِ الطَّعْنَةُ الْجوْفَ وَلم تَنْفُذْ. . فَذَلِكَ الْوَخْضُ. . وَالْوَخْطُ.
ووَخَطَهُ بالرُّمحِ. . ووَخَضَهُ.
وَأنْشد:
(وَخْطاً بِمَاضٍ فِي الْكُلَى وَخَّاطِ ... )
قلتُ: وَلم أَسْمَعْ لغير اللَّيْث _ فِي تَفْسِيرِ ((الْوَخْطُ)) _ أَنَّهُ الضَّرْبُ بالسَّيْفِ.
وأُرَاهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ بِذُبَابِ السَّيٍ فِ طَعْناً _ لَا ضَرْباً.
وأَمَّا ((الْوَخْط)) فِي السَّيْرِ _ بِمَعْنى السُّرْعَةِ _: فقد ذكَرَهُ أَبُو عبيدٍ عَن أَصْحَابِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ.
وَكَذَلِكَ ((وَخْطُ الشَّيْبِ)) : مِثْلُ ((الَوَخْزِ)) سَوَاءٌ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: ((وَخَطَهُ)) بالرُّمْحِ ووَخَضَهُ.
قَالَ: والْمِيخَطُ: الدَّاخِلُ، ووَخَطَ _ أيْ: دَخَلَ.
وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْبَاهِلِيَّ يقولُ: وَخَطَهُ الشَّيْبُ، ووَخَضَهُ بِمَعْنى واحدٍ.
طخا: أَبُو عبيد _ عَن الأصمعِيِّ _: الطَّخَاءُ والطَّهَاءُ والطَّخَافُ. . كلُّهُ: السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ.
وَقَالَ اللّيْثُ: الطَّخْيَاءُ ظُلْمَةُ الْغَيمِ.
قَالَ: والطَّخَاءةُ والطَّهَاءةُ _ من الْغَيْمِ _: كلُّ قِطْعَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ تَسُدُّ ضوْءَ الْقَمَر.
وَيُقَال لَهَا: الطَّخْيَةُ، وَهِي مَا رَقَّ وانْفَرَدَ.
ويُجْمَعُ. . على الطِّخَاءِ والطِّهاءِ.(7/210)
قَالَ: وَيُقَال للأحمَقِ: الطَّخْيَةُ.
والجميعُ: الطَّخْيُونَ.
وَفِي الحَدِيث: ((إنَّ لِلْقَلبِ طَخْأَةً كَطَخْأَةِ الْقَمَرِ)) .
_ أَي: شَيْئا يَغْشَاه كَمَا يُغْشَى القمرُ.
وروى أَبُو عُبَيد فِي حديثٍ رفَعَه: ((إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ طَخاءً عَلَى قَلبِهِ فَلْيَأْكُلِ السَّفَرْجَلَ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: والطَّخَاءُ ثِقَلٌ وغِشَاءٌ وغَشْيٌ.
يُقَال: مَا فِي السَّمَاء طَخَاءٌ _ أَي: سَحَاب وظُلْمَة.
قَالَ: والطَّخْيَة: الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَة. وَقَالَ النابغَةُ:
(فَلاَ تَذْهَبْ بِعَقْلِكَ طَاخِيَاتٌ ... مِنَ الْخُيَلاَءِ لَيْسَ لَهُنّ بَابُ)
طيخ: أَبُو زيد: رجلٌ طَيْخَةٌ. . من رجالٍ طَيْخَاتٍ. . ولَطْخَةٌ _ من رجالٍ لَطْخَاتٍ.
وهما مَعًا: الأحْمَقُ الَّذِي لَا خير فِيهِ.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عبيدةَ _ الطَّيْخُ: الْكِبْرُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: المُطَيَّخُ الفَاسِدُ.
وأتانا فلانٌ زَمَنَ الطَّيْخَةِ _ أَي: زمنَ الْفِتْنَةِ والْحَرْب.
وَقَالَ اللِّحْيانيُّ: طَاخَ فلانٌ فلَانا يَطُوخُهُ، ويَطِيخُهُ وطيَّخَهُ _ إِذا رَمَاهُ بِقَبيحٍ. . من قوْلٍ أَو فِعْل. ورجلٌ طَيَّاخَةٌ _ وَهُوَ الَّذِي يَتَطَيَّخُ فِي المجلِسِ بالخطإ.
أَبُو عُبَيدٍ _ عَن الكسائيِّ _: طَاخَ فلانٌ يَطِيخُ طَيْخاً _ إِذا تَلَطَّخَ بقَبِيحٍ.
وطِخْتُهُ أَنا، وَيُقَال: طَيَّخْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: طَيَّخَهُ العذابُ _ أَي: أَلَحَّ عَلَيْهِ فأهلَكهُ.
وطيَّخَهُ السِّمَنُ _ إِذا امْتَلأ سِمَناً.
وَقَالَ أبومَالِكٍ: يُقَال: طَيَّخَ أصحابَهُ _ إِذا شَتَمَهم فأَلَحَّ عَلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيخُ: حِكَايَةُ الضّحِك.
تَقول: قَالَ الناسُ: طِيخِ طِيخِ _ أَي: قَهْقَهُوا.
أَبْوَاب الْخَاء وَالدَّال
خَ د (وايء)
خاد (خود) ، داخ، دوَّخ، أخد: مستعملة.
خود _ خيد: وَقَالَ الليثُ: الْخَوْدُ: الفتاةُ الشّابَّةُ مَا لم تَصِرْ نَصَفاً. . وجَمْعُه: خَوْدَاتٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الْخَوْدُ _ من النِّسَاء _: الحَسنَةُ الْخَلْق.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَمْعُ خَوْذٍ: خُودٌ _ بِضَم الْخَاء.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: خَوَّدْتُ الفَحْلَ تخْوِيداً _ إِذا أرسلْتَهُ فِي الْإِبِل. وأَنشدَ:
(وَخَوَّدَ فَحْلَهَا مِنْ غَيْرِ شَلٍّ ... بِدَار الرِّيحِ تخْوِيدَ الظَّلِيم)
قلتُ: غَلِطَ الليثُ فِي تَفْسِير التَّخْوِيد. . أَنه بِمَعْنى إرْسَال الفَحْل.(7/211)
وغَلِط فِي تَفْسِير الْبَيْت جُمْلَةً.
والبيتُ لِلَبيدِ فِي قصيدة لَهُ قرأتُها.
يُقَال: خَوَّدَ البعيرُ تخْوِيداً _ إِذا أسْرع، والرِّوَايةُ:
(وَخَوّدَ فَحْلُها مِنْ غَيرِ شَلٍّ ... )
وَصَفَ بَرْدَ الزَّمانِ، وإسراعَ الفَحْل إِلَى مَرَاحِه مُبَادِراً هُبُوبَ الرِّيح الباردةِ أَصِيلاً _ كَمَا يُخَوِّدُ الظلِيمُ _ إِذا رَاحَ إِلَى بَيْضِه وأُدْحِيِّهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدٍ _ عَن أَصْحَابه _: التَّخْوِيدُ سُرْعَةُ سير الْبَعِير فَهَذَا هُوَ الصحيحُ.
وَأما قَول اللَّيْث: خَوّدْتُ الفَحْلَ _ إِذا أرسلتُهُ فِي الْإِبِل، فهُو باطلٌ. . مَا قَالَه أحدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيدُ: فارِسيَّةٌ _ حَوّلُوا الذّالَ دَالا فأَعْرَبُوهُ.
قلتُ: يُعْنَى بِهِ الرَّطْبَةُ.
خدي. . وخد: يُقَال: خَدَى البعيرُ. . يَخْدى خَدْياً _ فَهُوَ خَادٍ _ إِذا أَسْرَع المشيَ.
وَمثله: وَخَدَ يَخِدُ، وخَوَّد يُخَوِّدُ.
كُلُّهُ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الليثُ: الْوَخْدُ: سَعَةُ الْخَطْوِ فِي الْمَشْي.
ومثُلُهُ: الْخَدْيُ _ لُغَتَانِ.
يُقَال: وخَدَتِ الناقةُ. تخِدُ وَخْداً ووُخُوداً.
وخَدتْ تخْدِي خَدْياً.
وبَعِيرٌ وَخَّادٌ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(فمَا وَخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ ... حَطُوطٌ فِي الزِّمامِ وَلاَ لَجُونُ)
وَأنْشد أَبُو عُبَيدٍ _ فِي النَّاقة الوخُودِ:
(وَخُودٌ مِنَ اللاَّئِي تَسَمَّعْنَ بالضُّحَى ... قَرِيضَ الرُّدَافَى بالْغِنَاءِ المُهَوِّدِ)
داخ _ ودوّخ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَاخَ لنا فلَان يَدُوخُ _ إِذا ذلّ وخضع.
وَقد دَوَّخْنَاهُمْ تَدْوِيخًا. . ودُخْناهُمْ دَوْخًا.
قلتُ: وَيُقَال: دَاخ يَدِيخُ إِذا ذَلَّ.
وَقد ديَّخْتُه وذَيَّخْتُهُ _ بِالدَّال والذال _ إِذا ذَلَّلْتُهُ. . فَهُوَ مدَيَّخٌ ومُذَيَّخٌ _ أَي: مُذَلَّلٌ.
قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي وَحَكَاهُ أَبُو عبيد عَن الأحْمَرِ _ بِالذَّالِ _: ذَيَّخْتُهُ.
فأنكرهُ شمِرٌ بالذّالِ، وزَعَم أَنه بِالدَّال وَهُوَ صَحِيحٌ لَا شكّ فِيهِ _ بِالذَّالِ وَالدَّال.
وَأنْشد شمر:
(قاعَ وَإنْ يَتْرُكَ فَشَوْلٌ دُوَّخُ ... )
ودَوَّخَ فلانٌ البلادَ _ إِذا سَار فِيهَا حَتَّى عَرَفَها، وَلم يَخْفَ عَلَيْهِ طُرُقُها.
وروى اللَّيث _ فِي هَذَا الْبَاب _ حَرْفاً صَحّفَه فَقَالَ:
أخد: قَالَ: والْمُستَأْخِدُ: الْمُستَكينُ. قَالَ: ومَرِيضٌ مُستأخِدٌ _ أَي: مُستكينٌ لمرضه.
قلتُ: هَذَا حَرفٌ مُصَحَّفٌ، قُلبَت الذّال دَالاً فِيهِ.
والصّوَابُ: ((الْمُستأخِذُ)) _ بالذَّال. . وَهُوَ الَّذِي يَسيل الدّم من أَنفِهِ.
وَيُقَال. . للَّذي بعَينهِ رَمَدٌ: مُستأخِذٌ _ أَيْضا.(7/212)
وأقرَأَني الإياديُّ _ عَن شمرٍ _ لأبي عُبَيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: ((الْمُسْتَأْخِذُ)) : الْمُطَأطِىءُ رأًسَه من وَجَعٍ.
وَهَذَا كلُّهُ بالذّال. ومَوضِعها فِي ((بَاب الْخَاء والذال)) .
بَاب الخَاء وَالتَّاء
خَ ت (وايء)
ختا (اخْتتا)) ، خات، تاخ، وتخ: مستعملة.
ختا و (اختتأ) : قَالَ اللَّيْث: خَتَا الرَّجلُ. . يَخْتُو خُتُوّاً وَهُوَ أَنْ تَرَاهُ منكسراً _ من حُزْنٍ أَو مَرَضٍ _ مُتَخَشِّعاً.
وَيُقَال: أَرَاكَ اخْتَتَأْتَ من فلَان فَرَقاً.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
(مُخْتَتِئاً لِشَيِّئَانِ مِرْجَمِ ... )
شَيِّئَانٌ بوزْنِ شَيِّعَانٍ.
ومَفازَةٌ مُخْتَتَئَةٌ: لَا يُسْمَعُ فِيهَا صوتٌ وَلَا يُهْتَدَى فِيهَا السَّبيلَ.
أَبُو عُبيد _ عَن الكسائيِّ _: اخْتَتَأْتُ لَهُ اخْتِتَاءً _ إِذا خَتْلَته.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ _ فِي كِتاب ((الهمْزِ)) : اخْتَتَأْتُ من الرَّجُلِ اخْتِتَاءً _ أَي: اخْتَبَأتُ مِنْهُ.
قَالَ: واخْتَتَأْتُ أَيْضا اختِتَاءً إِذا مَا خِفْتَ أَن يَلحقَكَ من المَسَبَّةِ شيءٌ، أَو. . من السُّلْطَان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَعْرابيٌّ: رأيتُ نَمِراً. . فاخْتَتَأَ. . لي.
وَقَالَ الأصمعيُّ: ((فَاخْتَتَأ)) : ذَلَّ. وَقَالَ مرَّةً: اختبأَ.
وأنشَد:
(كُنَّا _ ومَنْ عَزَّ بَزَّ _ نَخْتبِسُ الناسَ ... وَلا نَخْتَتِي لِمُخْتَبِسٍ)
_ أيْ: لَا نَذِلُّ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الْمُخْتَتى: الذَّليلُ.
ورَوَى أَبُو ترابٍ _ للكسائيِّ _: هُوَ خاتلٌ لَهُ. . وَخَاتٍ لهُ: بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:
(يَدِبُّ إِلَيْهِ خاتِياً يَدَّرِي لَهُ ... لِيَعقِرَهُ فِي رَمْيهِ حينَ يُرْسِلُ)
وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا: المْخْتَتِي: الذَّلِيلُ.
وَإِذا تَغَيَّرَ لونُ الرجُل _ من مَخافة شَيْء نحوِ السُّلطانِ وغيرِه _ فقد اختَتَأَ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: قَالَ: الْخَتَى: الطَّعْنُ الْوِلاَءُ.
خيت، خوت: أَبُو عُبَيد: الخائتةُ من العِقْبَانِ: الَّتِي تَخْتَاتُ.
وَهُوَ صَوْت جَناحَيْها _ إِذا انقَضَّتْ فسمعْتَ صوتَ انقضاضِها.
يُقَال: خاتَتْ تَخُوتُ. وَقَالَ ابنُ رِبْعٍ الهُذَلَيُّ:
(تَخُوتُ قُلُوبَ القومِ مِن كلِّ جانبٍ ...
كَمَا خَاتَ طَيْرَ الماءِ وَرْدٌ مُلَمَّعُ)
وَقَالَ آخرُ:
(يَخُوتُونَ أُخْرَى القوْمِ خَوْتَ الأجادِلِ ... )
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: عُقَابٌ خائِتةٌ: تُصَوِّتُ بجناحَيْهَا. . وَلَهُمَا حَفِيفٌ.(7/213)
وسمِعْتُ خَوَاتَها _ أيْ: حَفِيفَها وصَوْتَها.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيد _: الْخَوَاتُ والحَرَاةُ والوَحَاةُ: الصَّوْتُ.
وَقَالَ أَبَو نُخَيْلَةَ:
(أَو كَاخْتِيَاتِ الأَسِدِ الشَّوِيَّا ... )
الشَّوِيّا: جَمْعُ شَاةٍ.
وَيُقَال: اخْتَاتَ الذِّئْبُ شَاة من الغَنم اخْتِيَاتاً _ إِذا اختَطَفَها.
وَكَذَلِكَ: اختَاتَ الصَّقْرُ الطيْرَ.
وكلُّ اختِطَافٍ: اخْتِيَاتٌ وَخَوْتٌ.
وَفِي حَدِيث أبي جَنْدَلِ بن عمرِو بن سُهَيْلٍ أَنَّهُ اخْتَاتَ للضَّرْبٍ. . حَتَّى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ. قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا رُوِيَ.
وَالْمَعْرُوف: أَخَتَّ الرجُلُ، فَهُوَ مُخِتٌّ _ إِذا انكَسَر واسْتَحْيا. والمُخِتُ: المنكَسِرُ.
قَالَ: والمُختَتِي: نحوُ الْمُخِتِّ. . وَهُوَ المُتَصَاغِرُ. . المُنْكَسِرُ.
توخ _ وتخ: قَالَ الليثُ: تاخَتِ الإصبُعُ فِي الشَّيْء الْوَارِمِ الرِّخْوِ.
وَأنْشد بيتَ أبي ذُؤَيْبٍ:
(بِالِّنِّي فَهْيَ تَتُوخُ فيهِ الإصْبَعُ ... )
قَالَ: ويُرْوَى: فَهِيَ تَثُوخُ. بالثَّاءِ.
قلتُ: ثَاخَ وسَاخَ. معروفان بِهَذَا المعنَى.
وأمَّا ((تاخَ)) _ بمعناهما _: فَلَا أَحْفظُه لغير اللَّيْثِ.
وَفِي الحَدِيث: ((أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بِسَكْرَانَ فأَمَرَ بِهِ حتَّى ضُرِبَ بِالْمِتِّيخَةِ)) .
ورَوَى عثمانُ بنُ سَعيدٍ _ عَن أحمدَ بن صالحٍ _ أَنه قَالَ - فِي قولِه: ((ضُرِبَ بالْمِتِّيخَةَ)) _: هِيَ الجَرائدُ الرَّطْبَةُ.
ورَوَى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن نَجْدَةَ عَن أبي زَيْدٍ _ أَنَّهُ قَالَ: يُقَال للعَصا: الْمِتْيَخَةُ _ بِسُكُون التَّاء وَفتح الْيَاء.
قَالَ: وَهِي الْمِيتَخَةُ أَيْضا _ الياءُ قبْلَ التَّاء والمِيمُ مكسورةٌ _.
قَالَ: وهِيَ الْمِتِّيخَة _ التَّاءُ مُشَدَّدةٌ قبْلَ الياءِ السَّاكنةِ والميمُ مَكسورةٌ.
ثلاثُ لُغاتٍ.
فَمن قَالَ: ((مِيتَخَةٌ)) فَهِيَ مَأخوذةٌ مِنْ وَتَخَ يَتِخُ.
وَمن قَالَ: ((مِتْيَخَةٌ)) فَهِيَ مِنْ تَاخَ يَتِيخُ.
ومَنْ قَالَ. ((مِتِّيخَةٌ)) فَهِيَ ((فِعِّيلةٌ)) مِنْ مَتَخَ الجرادُ _ إِذا رَزَّ ذَنَبُهُ فِي الأَرْض.
وَقَالَ الليثُ: تاءُ ((الأخْتِ)) : أَصْلُها هاءُ التَّأْنِيث.
بَاب الْخَاء والظاء
خَ ظ (وايء)
قلتُ: أُهْمِلَتْ وُجُوهُها غيرَ: خظا.
خظا: قَالَ اللّيثُ: يُقَال: خَظا يَخْظُوا وَخِظِيَ يَخْظَى. . فَهُوَ خَاظٍ وَخَظٍ _ وَهُوَ المكْتَنِزُ اللَّحْمِ.
والْخَظَاةُ _ من كلِّ شيءٍ _ المُكْتَنِزَةُ.
وَأنْشد:
(لَهَا مَتْنَتانِ خَظَاتَا كَمَا ... أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ النَّمِرْ)(7/214)
قَالَ بعضُ النَّحْوِيِّينَ: كُفَّ نُونُ ((خَظَاتَانِ)) _ كَمَا قَالُوا: ((اللَّذَا)) ، وهُمْ يُرِيدون ((اللَّذَانِ)) .
وَقَالَ الأَخْطَلُ:
(أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا ... قَتَلاَ المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلاَلاَ)
وَقيل: بل أُخْرِجَتْ على أصل التصريف.
كَمَا يُقَال _ للذّكر _ ((خَظَا)) . . قَالُوا: للمرأتين: ((خَظَاتَا)) . . لِأَن الْوَاحِدَة يقا ل لَهَا: ((خَظَتْ، وغَزَتْ)) _ فَتُسْقِطُ الألِفَ التَّاءُ فَلَمَّا تحركَتِ التَّاءُ فِي قولكَ: ((خَظَتَا وَغَزَتَا)) كَانَ فِي الْقيَاس: أَن تُتْرَكَ الألِفُ مَكَانهَا ((خَظَاتَا وَغَزَاتَا)) وَلَكنهُمْ بَنَوُا التثنيةَ على عَقِب فَعْلِ الْوَاحِدِ. . فَأَلْزَمُوا طَرْحَ الألِف، وَكَانَ فِي ((خَظَاتَا)) رِوَايةٌ على هَذَا الْقِياس _ فَافْهَم.
فَإِذا جَمَعْتَ ((الْخَظَاةَ)) بِالتَّاءِ. قلتَ: خَظَوَاتٌ لأنَّ أَصْلَها الواوُ.
أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _: ((خَظَا)) و ((بَظَا)) و ((كَظَا)) _ بِغَيْر هَمْزٍ _ يَعْنِي اكتنزَ. ومِثْلُه: ((يَخْظُو، ويَبْظُو، ويَكْظُو)) .
وَقَالَ شمر: يُقَال ((خَظَا يَخْظُو خَظْواً)) و ((بظا يبظو بَظْواً)) .
وَأنْشد:
(بِأَيْدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفَاتٌ ... وكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي الْكُعُوبِ)
قَالَ: والْخَاظِي: الْغَلِيظُ الصُّلْبُ.
وَقَالَ الهُذَلِيُّ يصفُ حِماراً:
(خَاظٍ كَعِرْقِ السِّدْرِ يَسْبِقُ ... غَارَةَ الْخُوصِ النّجَائِبِ)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ _ فِي قَول امرىء الْقَيْس:
(لَهَا مَتْنَتَانِ خظاتَا ... )
أَرَادَ: ((خَظَاتانِ)) . . فأسقط النُّون. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال فرس خَظٍ بَظٍ.
ثمَّ يُقَال: خَظَا بَظَا _ وَكَذَلِكَ خَظِيَةٌ بَظِيَةٌ.
ثمَّ يُقَال: خَظَاةٌ بَظَاةٌ _ تُقْلَبُ الياءُ أَلفاً سَاكِنة. . على لُغَة طَيِّيءٍ. وَأنْشد:
(وَمَتْنَانِ خَظاتَان ... كَزُحْلُوفٍ مِنَ الهَضْبِ)
أَرَادَ ((خَظِيَتَانِ)) .
وَأنْشد:
(أَمْسَيْنَا أَمْسَيْنَا ... وَلَمْ تَنامِ الْعَيْنَا)
كَانَ أَصله: ((ولَمْ تَنَم الْعَيْنَانِ)) .
فَلَمَّا حَرَّك المِيمَ لاستقبالها اللامَ: رَدَّ الأَلِفَ وَأنْشد:
(مهْلاً _ فِداءٌ لَكَ يَا فَضَالهْ ... أَجِرَّهُ الرُّمْحُ ولاَ تُهَالَهْ)
أَرَادَ: ((وَلَا تُهَلْهُ)) .
وَقَالَ آخَرُ:
(حَتَّى تَحَاجَزْنَ عَنِ الذُّوَّادِ ... تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكادِ)
أَرَادَ: وَلم تَكَد.
فَلَمَّا حَرَّكَتِ القافيةُ الدالَ: ردَّ الْألف.
قلت: وَأما قَوْلهم: حَظِيَتِ المرأةُ وبَظِيَتْ _ من الْحُظْوَةِ _ فَهُوَ بِالْحَاء. . وَلم أسمع فِيهِ الْخَاء.(7/215)
بَاب الْخَاء والذال
خَ ذ (واىء)
خذي، خذأ، أَخذ، ذوخ، خاذ، ذيخ: مستعملة.
خذي: قَالَ اللَّيْث: خَذِيَ الحمارُ يَخْذَى خَذاً. . فَهُوَ أَخْذَى الأُذُنِ _ إِذا انكسرتْ أُذُنُهُ.
وأُذُنٌ خَذْوَاءُ، وَأَتَانٌ خَذْوَاءُ.
وَالْجمع: الخُذْيُ.
وَهُوَ الرِّخْوُ رَانِفِ الأُذُنِ.
وَكَذَلِكَ: فَرَسٌ أَخْذَى. . والأُنْثَى خذْوَاءُ.
قلتُ: جَمْعُ الأَخْذَى: خُذْوٌ _ بِالْوَاو _ لِأَنَّهُ من بَنَات الْوَاو.
كَمَا قيل فِي جمع ((الْأَعْشَى: عُشْوٌ)) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: أُذُنٌ خُذَاوِيَّةٌ. . من آذان الْخَيل، وَأنْشد:
(لَهُ أُذُنَانِ خذَاوِيَّتَانِ ... وَبالْعَيْنِ يُبْصِرُ مَا فِي الظلَمْ)
قَالَ: وَهِي الْخَفِيفَة.
وَأما الأُذُنُ الْخَذْوَاءُ فَهِيَ الَّتِي استرخَتْ من أَصْلهَا على الخدَّيْنِ.
اللَّيْث: رجلٌ خِنْذِيَانٌ كَثِيرُ الشَّرِّ.
قلتُ: لَيْسَ من هَذَا الْبَاب.
خذأ: قَالَ اللَّيْث: خَذِىءَ الإنسانُ يَخْذَأُ خَذَءاً _ مَهْمُوزٌ _ وخَذِئْتُ لِفُلانٍ، واسْتَخْذَأْتُ لَهُ _ إِذا انقدتُ لَهُ.
أَبُو زيدٍ _ فِي الْهمْزِ _: خَذِئْتُ لَهُ خَذَءاً _ إِذا اسْتَخْذَأْتُ لَهُ.
أَخذ: قَالَ اللَّيْث: أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً _ وَهُوَ خلاف الْعَطاء. . وَهُوَ التَّنَاوُل.
والأُخْذَةُ: رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العينَ. . ونَحْوُها.
قَالَ: والإخَاذَةُ: الضَّيْعَةُ. . يَتِّخِذُها الإنسانُ لنَفسِهِ.
وَفِي حديثِ مَسْرُوقٍ أَنُّه قَالَ: مَا شَبَّهْتُ بأصحاب مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ الإخَاذَ.
تَكْفي الإِخَاذَةُ الراكبِ.
وتَكفي الإِخَاذةُ الراكَبين.
وتكفي الإِخَاذَةُ الْفِئَامَ من النَّاس.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ ((الإِخَاذُ)) _ بِغَيْر هاءٍ _ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الماءِ. . شَبِيهٌ بالغَدِير.
وَقَالَ عَدِيُّ بْن زَيْدٍ. . يصف مَطَرا:
(فَاضَ فِيه مِثْلُ الْعُهُونِ مِنَ الرَّوْضِ، ... وَمَا ضَنَّ بالإخَاذِ غُدُرْ)
قَالَ: وَجمع ((الإخاذ)) : ((أُخُذٌ)) ، وَقَالَ الأخْطَلُ:
(فَظَلَّ مُرْتَبِياً والأُخْذُ قَدْ حَمِيَتْ ... وَظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَثْمُودُ)
قَالَ ذَلِك كلَّهُ أَبو عُبيدَةَ.
وَقَالَهُ أَبُو عَمْرٍ و. . وَزَاد فَقَالَ: وأمَّا ((الإِخَاذَةُ)) بِالْهَاءِ فَإِنَّهَا: الأرضُ. . يَأْخُذُهَا الرجلُ فيحُوزُها لنفسِه ويتَّخِذُها، ويُحْيِيهَا.
شَمِرٌ _ عَن أبي عَدْنَانَ _ قَالَ: ((إِخَاذٌ)) : جَمْعُ ((إِخَاذَةٍ)) ، و ((أُخُذٌ)) : جمعُ ((إِخَاذٍ)) .(7/216)
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيْدَةَ: الإخَاذَةُ والإخَاذُ _ بِالْهَاءِ وَغير الهاءِ _: جمْعُ إِخْذٍ والإخْذُ: صِنْعُ المَاء. . يجتمعُ فِيهِ.
وَفِي ((النَّوادِر)) : إخَاذَةُ الْحَجَنَةِ: مَقْبِضُها وَهِي ثِقَافُهَا.
وجاءَتِ امرأَةٌ إِلَى عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا فقالَتْ لَهَا: ((أُقَيِّدُ جَمَلِي؟)) .
وَفِي حديثٍ آخَرَ: ((أُؤَخِّذُ جَمَلي؟)) فَلم تَفْطُنْ لَهَا عائِشة حَتَّى فُطِّنَتْ فأَمَرَتْ بإخْرَاجهَا.
والتَّأخِيذُ: أَن تحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ من السِّحْرِ تَمْنَعُ بهَا زَوجهَا من جِمَاعِ غَيرها.
يُقَال: إنَّ لِفُلاَنةَ أُخْذَةً تُؤَخِّذُ بهَا الرِّجَالَ عَن النِّساء.
وَقد أَخَّذَتْهُ السَّاحِرَةُ تُؤخِّذُهُ تَأْخِيذاً.
وَمن هُنا قيل للأسير: أَخِيذٌ.
وَقد أُخِذَ فلانٌ _ إِذا أُسِرَ.
وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وخذوهم} [التّوبَة: 5] .
معنَاهُ _ وَالله أعلم _: ائْسِرُوهُمْ.
أَبُو عبيد _ عنْ أبي زيد _: مِنْ أَمْثَالِهمْ: ((إِنَّهُ لأَكْذَبُ مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحَانِ)) .
قَالَ: وَقَالَ الفرَّاءُ: فلانٌ أَكْذَبُ من أَخِيذِ الْجَيْشِ وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُه الْعَدُوُّ فَيَستَدِلُّونَهُ على قومه فَهُوَ يَكْذِبُهُمْ بِجُهْدِهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الْمُفَضَّل بنِ سَلَمَة عَن أَبيه، عَن الفرَّاء _ أَنه قَالَ: إنَّه لأَكْذَبُ من الأَخِذِ الصَّبْحَانِ)) بِلَا يَاء.
قَالَ: وَهُوَ الفَصِيلُ الَّذِي اتَّخَمَ من اللَّبَنِ. يُقَال مِنْهُ: قد أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً.
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاءِ _: يُقالُ: بِعَيْنِه أُخُذٌ، وَهُوَ الرَّمَدُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(يَرْمِي الْغُيُوبَ بعَيْنَيهِ ومَطْرِفُهُ ... مُغْضٍ كمَا كَسَفَ الْمُسْتأْخِذُ الرَّمِدُ)
وَالْمُسْتأْخِذُ: الَّذِي بِهِ أُخُذٌ - وَهُوَ الرَّمَدُ.
عَمْرو - عَن أَبِيه - يُقال: أَصْبح فلانٌ مُؤتَخِذاً. . لمرضِه، ومُسْتَأْخِذاً _ إِذا أَصْبَح مُسْتكِيناً.
وَالْعرب تَقول: لَو كنتَ مِنَّا لأَخَذْتَ بإخْذِنَا _ بِكَسْر الألِفِ _ أَي: أَخَذْتَ بشكلِنَا وَهَدْينَا.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقال: ذهبَ بَنُو فلانٍ ومَنْ أَخَذَ إِخْذُهُمْ. . وَأَخْذُهمْ.
يَكسِرُون الألِفَ، ويَضُمُّون الذَّالَ.
وإِنْ شئتَ فَتَحْتَ الألفَ، وضمَمْتَ الذَّال أيْ: وَمن سَارَ سَيْرَهُمْ.
قَالَ: وقومٌ يَفْتَحُون الألفَ ويَنْصِبُون الذَّالَ.
هَكَذَا رَوَاهُ لنا المنْذِرِيُّ _ عَن الحرَّانِيِّ عنِ ابْنِ السِّكِّيتِ.
وَقَالَ غيرُه: اسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشَّأْم وَمَا أَخَذَ إِخْذَهُ بالْكمْرِ _ أيْ: وَما وَالاَهْ.
ونجومُ الأَخْذِ: هِيَ نُجُومُ منازِلِ الْقَمر سُمِّيَتْ نُجُومُ الأخْذِ. . لأخْذِ الْقَمَر فِي منَازِلها.
وَقَالَ أَبو عُبَيد: أنشدنا الْفَرَّاءُ:(7/217)
(وَأَخْوَتْ نُجومُ الأخْذِ إلاَّ أَنِضَّةً ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ قاطِرُهَا يُثْرِي)
قَالَ: الأخْذُ: أَن تَأْخُذَ كلّ يَوْم فِي نَوْء.
وَقَالَ الْقُتَيبيُّ: نُجُومِ الأخْذِ: مَنَازِلُ القَمَر: سُمِّيَتْ ((نُجُومَ الأَخْذِ لأخْذِ الْقَمَر كلّ لَيْلةٍ فِي مَنْزِل مِنْهَا.
قَالَ: وَقيل: نُجُومُ الأَخْذِ: الَّتِي يُرمى بهَا مُسْتَرِقُ السّمع من الشَّياطين والأوَّل أَصحُّ.
وَقَالَ الليثُ: أَخِذَ البعيرُ يَأْخَذُ أَخَذاً وَهُوَ كهَيْئة الْجُنون.
وكذلِك الشَّاةُ تَأْخَذُ أَخَذاً كَهَيْئَةِ الْجُنون.
وَقَالَ غيرُه: الأَخَذُ: مصدرُ ((أَخِذَ)) الْفَصِيلُ ((يَأْخَذُ أَخَذاً)) .
وَهُوَ أَن يَتَّخِمَ من شُرْب اللَّبَنِ.
وَيُقَال: ائْتَخَذَ القومُ. . يَأْتِخِذُون ائتِخَاذَا.
وَذَلِكَ: إِذا تَصَارَعوا. . فَأَخَذَ كلُّ واحِدٍ مِنْهُم عَلَى مُصارِعِهِ ((أُخْذَةً)) يَعْتقلُهُ بهَا.
وجمعُها. . أُخَذٌ.
وَمِنْه قَوْلُ الرّاجِزِ:
(أَهَكَذَا ولمْ يَكُنْ كَرٌّ وَكَرْ ... وَأُخَذٌ وَشَغْزِبِيَّاتٌ أُخَرْ)
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال: اتَّخَذَ فلانٌ مالَ الله دُوَلاً يَتِّخِذُه اتِّخَاذاً.
وتَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً: بمَعْناه.
وتَخِذْتُ مَالا _ أَي: كَسَبْتُه.
أُلْزمَتِ التاءُ الحرفَ _ كأَنها أصليَّةٌ. . كَمَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} [الْكَهْف: 77] .
وَقَالَ الْفراء: قَرَأَ مُجَاهِدُ: ((لَتَخِذْتَ)) قَالَ: وأنشدني القَنَانِيُّ:
(تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقْعِّدُه ... )
أَيْ: تَخدُمُهُ.
قَالَ: وأَصْلُهَا: ((افْتَعَلْتَ)) .
قلتُ: وَقد صحَّت هَذِه القراءةُ عَن ابْن عبَّاس. . وَبهَا قَرَأَ أَبُو عَمْرِو بْن الْعَلاَءِ.
وأَفادني المنذريُّ _ عَن ابْن اليَزِيدِيِّ عَن أَبي زيدٍ _: أَنَّه قرأَ ((لَوْ شِئْتَ لَتَخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)) .
قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِي ((الإمَامِ)) ، وَبِه يَقْرَأ القُرَّاءُ.
وَمن قَرَأَ ((لاَتَخَذْتَ)) _ بِفَتْح الخاءِ وبالألفِ _ فإنهُ يخالفُ الكِتَابَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: مَن قرأَ ((لاتَّخَذْتَ)) فقد أَدْغَمَ
التَّاء فِي الياءِ _ فَاجْتمع هَمْزَتَانِ فصُيِّرَتْ إحدَاهُما ((يَاءً)) وأُدْغِمَتْ كرَاهةَ التِقائهمَا.
قَالَ: والإخذُ مَا حَفَرْتَ _ كَهَيئَةِ الْحَوْضِ _ لِنَفْسِكَ.
والْجَمِيعُ: الأُخْذَانُ _ تُمْسِكُ الْمَاء أَيَّاماً.
والأمْرُ مِنْ ((أَخَذَ يَأَخُذُ)) : ((خُذْ)) وللاثنين: ((خُذَا)) ، وللجميع: ((خُذُوا)) .
ذوخ: (ذوذخ وخواخ) : أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الذَّوْذَخُ، والْوَخْوَاخُ: الْعِذْيَوْطُ.
خوذ: أَبُو عبيد _ عَن الأُمَوِيِّ _: خَاوَذْتُهُ مُخَاوَذَةً _ إِذا فَعَلْتُ مثلَ فعلهِ.
قلت: وأَنْكَرَ شَمِرٌ ((خَاوَذْتُ)) بِهَذَا الْمَعْنى، وذكرَ أنَّ الْمُخاوَذَةَ والْخِوَاذَ: الفِرَاقُ.(7/218)
وَأنْشد:
(إذِ النَّوى تَدْنُو عَنِ الْخِوَاذِ ... )
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن أبي طَالِبٍ. . عَن أَبِيه. . عَن الفرَّاءِ _ أنَّه قَالَ: الْحُمَّى تُخَاوِذُهُ - إِذا حُمَّ فِي الْأَيَّام. . وَفُلَان يُخَاوِذُنا بالزِّيارةِ _ أَيْ: يتعَهَّدُنا بالزَّيارة.
قلتُ: وَالَّذِي حَفِظْتُهُ وسمعْتُه _ من الْعَرَب _ فِي ((الْخِوَاذِ)) : أنَّ حِلَّتَيْنِ مِنْهُم نَزَلَتَا على ماءٍ عَضُوضٍ لَا يُرْوِي نَعَمَهُمَا فِي يَوْم وَاحِد. . فسمعتُ بَعْضَهم يَقُول لبعضٍ: خَاوِذُوا وِرْدَكُمْ تُرْوُوا نَعَمَكُمْ.
وَمَعْنَاهُ: أَنْ تُورِدَ إحدَى الحِلَّتَيْنِ نَعَمَها يَوْمًا، ونَعَمُ الْأُخْرَى فِي المَرْعَى. . فَإِذا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي أَوْرَدَتِ الأُخرى نَعَمَها وَإِذا فعلوا ذَلِك كَانَ وِرْدُهُمْ غِبّاً.
وَذَلِكَ أَنهم إِذا جَمَعوا نَعَمَهم فِي يومٍ
واحدٍ عَلَى المَاء. . نَزَحُوهُ، وصدَرَتْ النَّعَمُ غَيْرَ رِوَاءٍ.
فَهَذَا معنى ((الْخِوَاذِ)) عِنْدهم.
وَيُقَال: ذهب فلانٌ فِي خَوْذَانِ الْخَامِلِ _ إِذا أُخِّرَ عَن أهل الفَضْلِ.
وَمِنْه قَول عَمْرو بْنِ أَحْمَرَ:
(إذَا سَبَّنَا مِنْهُم دَعِيُّ لأُمِّهِ ... خَلِيلاَنِ مِنْ خَوْذَانِ قِنٍّ مُوَلَّدِ)
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: هُوَ من ((خَوْذَانِ)) النَّاس، وهَلاَثِيِّهِمْ، وقَزَمِهِمْ وخَدَمِهِمْ.
وَفِي ((النَّوَادر)) : يُقَال:
أَمْرٌ خَائِذٌ لاَئِذٌ، وأَمْرٌ مُخَاوِذٌ مُلاَوِذٌ _ إِذا كَانَ مُعْوِراً.
ذيخ: أَبُو عبيد _ عَن أَبي عَمْرٍ و _ قَالَ: الذِّيخُ: الضِّبْغَانُ الذكَرُ.
وَقَالَ غيرُه: فِي فلَان ذِيخٌ _ أَيْ كِبْرٌ.
أَبُو عبيد _ عَن العَدَبَّسِ الكِنَانيِّ _ قَالَ: الذِّيخُ: الْقِنْوُ من أَقْنَاءِ النَّخْلِ وجَمْعُه: ذِيخَةٌ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ:
وَقَالَ الأحْمَرُ: ذَيَّخْتُهُ تَذْيِيخاً _ إِذا ذلَّلْتُهُ.
قلتُ: وَقد رُوِيَ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّهُ قَالَ: ذَيَّخْتُهُ ودَيَّخْتُهُ، بالذَّالِ والدَّالِ _ إِذا ذَلَّلْتُهُ. وهُمَا لُغتانِ.
بَاب الْخَاء والثاء
خَ ث (وايء)
خوث، ثاخ، خثي، وثخ، خيث: مستعملة.
خوث: قَالَ الليثُ: خَوِثَتِ المرأةُ تَخْوَثُ خَوَثاً.
قَالَ: وخَوَثُهَا عِظِمُ بَطنهَا فِي اسْتِرْخاءٍ: قَالَ: وَيُقَال: بَلِ الْخَوْثَاءُ: الْحَدَثَةُ الناعمة. . ذاتُ صُدْرَةٍ.
والْجَوْثَاءُ _ بالجيمِ _ الْعَظِيمةُ الْبَطن عِنْد السُّرَّةِ. وَيُقَال: بل هُوَ كَبطْنِ الْحُبْلَى.
وَأنْشد لأميَّةَ بْنِ حُرْثَانَ:
(عَلِقَ الْقَلْبُ حُبَّهَا وهَوَاهَا ... وَهْيَ بِكْرٌ غَرِيرَةٌ خَوْثَاءُ)
قَالَ: ويقالُ: الْخَوَثُ: امْتِلاَءُ الصَّدْرِ.(7/219)
ورُوِيَ _ لِابْنِ السِّكِّيت أَو غيرهِ عَن أبي زَيْد _ أَنُّهُ قَالَ:
الْخَوْثَاءُ: الْحِفضَاجَةُ مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل _ فِي بَاب الْخَاء _: الْخَوْثَاءُ: النَّاعمةُ التَّارَّةُ.
قَالَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ حُرْثَانَ:
(وَهْيَ خَوْدٌ عَمِيمَةٌ خَوْثَاءُ ... )
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(بهَا كُلُّ خَوْثَاءِ الْحَشَا مَرَئِيَّةٍ ... رَوَادٍ يَزِيدُ الْقُرْطَ سُوءاً قَذَالُها)
قَالُوا: ((الْخَوْثَاء)) : الْمُسْتَرْخِيةُ الْحَشَا و ((الرَّوَادُ)) : الَّتِي لَا تستقِرُّ فِي مكانٍ. . إنَّما تَجِيءُ وتَذْهَبُ.
قَالَ أَبُو مَنْصُورِ: الْخَوْثَاءُ _ فِي بَيت ابْن حُرْثَانَ _: صِفةٌ مَحْمُودةٌ وَفِي بَيت ذِي الرُّمَّةِ: صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ.
خثى: أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء والأصمعيِّ _ خَثَى الثَّوْرُ يَخْثِي خَثْياً. قَالَ: وواحدُ الأخْثَاءِ: خِثْيٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخِثْيُ: للثّوْر.
ثوخ: قَالَ اللَّيْث: ثَاخَتِ الإصْبَع فِي الشَّيْء الوَارِم.
وَقَالَ غيرُه: ثَاخَ وَساخَ: بِهَذَا الْمَعْنى.
وَأنْشد قولَه:
(بِالنِّيِّ فَهْيَ تَثُوخُ فِيهِ الإصْبَعُ ... )
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: ثَاخَ وَساخَ فِي الأَرْض السهلة _ إِذا ذَهَبَ فِيهَا سُفْلاً.
خيث: أَبُو العبَّاس _ عَن عمرٍ و. . عَن أَبِيه _ قَالَ: التَّخَيُّثُ: عِظَمُ الْبَطن، واسترخاؤُه.
والتَّقَيُّثُ: الْجَمْعُ والمَنْعُ. والتَّهَيُّثُ: الاعْطَاء.
وثخ: فِي النَّوَادِر)) : يُقَال لِمَا اخْتَلَط مِنْ أجنَاس العُشْبِ الْغَضِّ _: وَثِيخَوةٌ ووَسِيغَةٌ _ بالغَيْنِ وَالْخَاء.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: يُقَال: فِي الْحَوْضِ بِلَّةٌ وَهِلَّةٌ ووَثَخَةٌ. . مِنْ ماءٍ.
بَاب الْخَاء وَالرَّاء
خَ ر (وايء)
خير، خرأ، خور، ريخ، رخى (رخوا) ، رخو، ورخ، أخر، أرخ: مستعملة.
ريخ: قَالَ اللَّيْث: التَّرْيِيخُ: ضَعْفُ الشَّيْء ووَهْنُه.
قَالَ: ويُسَمَّى العُظَيْمُ الهَشُّ الوَالِجُ فِي جَوْف القَرْن _: ((مُرَيَّخَ الْقَرْنِ)) .
قَالَ: وَيُقَال: ضَرَبوا فلَانا حَتَّى رَيَّخُوهُ _ أَي: أَوْهَنُوهُ. وَأنْشد:
(بِوَقْعِهَا يُرَيَّخُ الْمُرَيَّخُ ... وَالْحَسَبُ الأوْفَى وَعِزٌّ جُنْبُخُ)
قَالَ: والْمُرَيَّخُ: الْمُرْدَاسَنْجُ.
قلتُ: أما العُظَيْمُ الهَشُّ الْوَالِجُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ، فإِنّ أَبَا خَيْرَةَ قَالَ: هُوَ المَرِيخُ والمَرِيجُ.
ويجْمَعان: ((أَمْرِخَةً)) و ((أَمْرِجَةً)) .
رَوَاهُ أَبُو تُرَابٍ لَهُ _ فِي كتابِ ((الأعْتِقَاب)) .
قَالَ: وسأَلْتُ عَنْهُمَا أَبَا سَعيدٍ. .؟ فَلم يَعْرِفْهما.
قَالَ: وعَرَفَ غيرُه ((المَرِيخَ)) : الْقَرْنَ الأبيَضَ. . الَّذِي يكُونُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ.(7/220)
قلت: وَقد ذكَرَ الليثُ ((المَرِيخَ)) بِهَذَا الْمَعْنى _ فِي بَاب ((مَرَخَ)) وجَمَعَه: ((أَمْرِخَةً)) .
وجَعَلَه فِي هَذَا الْبَاب مُرَيِّخاً _ بتَشْديد الْيَاء _ وَلم أَسْمَعْه لغيره.
وَأما ((التَّرْييخُ)) _ بِمَعْنى التَّوْهين والتضعيف _ فَهُوَ صَحِيح.
وَقد رَاخَ يَرِيخُ رُيُوخاً _ إِذا استَرْخَى وَكَذَلِكَ: دَاخَ.
ورَوَى ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: رَاخَ يَرِيخُ _ إِذا تَبَاعَدَ مَا بَين فَخِذَيه، وانْفَرَجَ. . حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَى ضمهما. وَأنْشد:
(أَمْسَى حَبِيبٌ كالْفُرَيخِ رَائِخَا ... بَاتَ يُمَاشِي قُلُصاً مَخَائخَا)
(صَوَادِراً عَنْ شُوكَ أَوْ أُضَايخَا ... )
ورخ: أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: أَوْرَخْتُ العَجِينَ _ إِذا أكثرتُ ماءَه حَتَّى يَسْتَرْخِي وَقد وَرِخَ يَوْرَخُ.
وَاسم ذَلِك الْعَجِين: الْوَرِيخَةُ.
رخو: قَالَ اللَّيْث: الرِّخْوُ والرَّخْوُ: لُغَتَانِ فِي الشَّيْء الَّذِي فِيهِ رَخَاوَةٌ.
قلتُ: اللُّغَةُ الجَيِّدَة: الرِّخْوُ _ بِكَسْر الرَّاء _.
قَالَه الفرَّاء والأصمعيُّ.
قالاَ: والرَّخْوُ _ بِفَتْح الرَّاء _ مولَّدٌ، والأُنثَى: بِالْهَاءِ.
وَقَالَ الليثُ: الرَّخَاءُ: سَعَة العَيش.
يُقَال: إِنَّه فِي عَيْشٍ رَخِيٍّ، وَهُوَ رَخِيُّ البال _ إِذا كَانَ ناعِمَ الْحَال.
وَيُقَال: إنّ ذلكَ الامرَ لَيَذْهَبُ مِنِّي فِي بالٍ رَخِيٍّ _ إِذا لم يُهْتَمَّ لهُ.
قَالَ: واسْتَرْخَى بِهِ الأمرُ واسترخَتْ بهِ حَالهُ _ إِذا وَقع فِي حَالٍ حَسَنَةٍ بعد ضيقٍ وشدَّة.
وَيُقَال: رَخِيَ يَرْخَى رَخَاءً فَهُوَ رَخِيٌّ _ أَي: ناعِمٌ. وَهُوَ رَاخِي البال.
وَأنْشد أَبُو عبيد قَول طُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ:
(فَأَبَّلَ واسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ بَعْدَما ... أَسَافَ وَوَلاَ سَعْيُنَا لَم يُؤبِّلِ)
((استَرْخَى بهِ الخَطْبُ)) _ أَي: أَرْخَاهُ خَطْبُهُ ونَعَّمَهُ وجعَله فِي رَخَاءٍ وَسَعةٍ بعد ذهَاب مَالِه.
وَقَالَ الليثُ وغيرُه: الرُّخَاءُ _ من الرِّياح _ اللّيِّنَةُ السِّرِيعةُ الَّتِي لَا تزَعْزِعُ شَيْئاً.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب} [ص: 36] يَعْنِي الرِّياحَ. . أَنها تَهُبُّ ليِّنَةً بأَمْره.
ونَحْوَ ذَلِك قَالَ أهلُ التَّفْسِير.
وَقَالَ الليثُ: التّرَاخِي هُوَ التَّقَاعُسُ عَن الشَّيْء.
قَالَ: والمرَاخاةُ: أَنْ تُرَاخِيَ رِبَاطًا أَو رِبَاقاً.
وَيُقَال: رَاخِ لَهُ مِن خِنَاقِه _ أيْ: رَفِّهْ عَنهُ.
وأَرْخِ لَهُ قَيْدَه _ أَي: وَسِّعْهُ وَلَا تُضَيِّقْه.
وَيُقَال: أَرْخِ لَهُ الْحَبْلَ _ أيْ: وسِّعْ عَلَيْهِ الأمرَ فِي تصرُّفه _ حَتَّى يَذْهَبَ حَيْثُ شاءَ.(7/221)
أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عبيدةَ: قَالَ: الإرْخَاءُ: شِدَّةُ العَدْو. وَهِي الخَيْلُ المَرَاخِي.
وَقَالَ غيرُه: فَرَسٌ مِرْخاءٌ. والإرْخَاءُ الأعْلَى: أَشَدُّ الْحُضْرِ.
والإرْخَاءُ الْأَدْنَى: دون الأَعلى.
وَقَالَ امْرُؤُ القَيس:
(لَهُ أَيْطَلاَ ظَبْي وَسَاقَا نَعَامَةٍ ... وَإرْخَاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تُفَّلِ)
وَقَالَ الليثُ: ناقَةٌ مِرْخَاءٌ وفَرَسٌ مِرْخاءٌ فِي سَيرِهما.
وأَرْخَيْتُ الفَرسَ: وتَرَاخَى الفرَسُ.
قَالَ: و ((الإرخاء)) : عَدْوٌ فَوق ((التَّقْرِيب)) .
قلتُ: لَا يُقَال: أَرْخَيْتُ الفَرَسَ. . وَلَكِن يُقالُ: أَرْخَى الفرسُ فِي عَدْوِه _ إِذا أَحْضَرَ.
وَلَا يُقَال: تَرَاخى الفَرَسُ إلاّ عِنْد فُتُورِه فِي حُضْرِه.
وَالَّذِي حَكَاهُ الليثُ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قلتُ: وإْخاءُ الفرَس مَأخوذٌ من الرِّيح ((الرُّخَاءِ)) . . وَهِي السريعةُ مَعَ لِينٍ.
وجائزٌ أَن يَكون من قَوْلهم: ((أَرْخَى بِهِ عنَّا)) _ أيْ: أَبْعدَه عنَّا، و ((هُوَ مُتَراخٍ عنّا)) _ أيْ: بعيدٌ عنَّا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَرَاخى عنيِّ فلانٌ _ أيّ: أَبْطَأَ عنيِّ.
وغيرُه يقولُ: مَعْنَاهُ: بَعُدَ عنِّي.
وَقَالَ اللَّيثُ: وأَرْخَتِ الناقةُ إرْخاءً وإِرْخَاؤُها هُوَ اسْتِرْخاءُ صَلَوَيْهَا فهيَ مُرْخٍ.
وَيُقَال: أَصْلَتْ. . وإصْلاَؤُهَا: انهِكَاكُ صَلَوَيْها _ وَهُوَ انْفِرَاجُهما عِنْد الولادةٍ حِين يقعُ الْوَلَدُ فِي صَلَوَيْهَا.
أرخ: قَالَ الليثُ: الأُرْخُ والأُرْخِيُّ _ لُغَتان _: الفَتِيُّ من البقَر.
قَالَ: والأرْخِيَّةُ: وَلَدُ الثَّيْتَلِ.
ابنُ شُمَيْل: يُقَال للأنثَى من بَقَرِ الوَحْشِ: ((أَرْخٌ)) . . وجمعُه: ((إِرَاخٌ)) .
وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
(أَوْ نَعْجَةٍ مِنْ إِرَاخِ الرَّمْلِ أَخْذَلَها ... عَنْ إِلْفِهَا واضِحُ الخَدَّيْنِ مَكْحُولُ)
وأخبرَني المنذريُّ _ عَن الصَّيْدَاوِيِّ _ قَالَ: الأَرْخُ وَلَدُ الْبَقَرَة الوَحشيَّة. . إِذا كَانَت أُنثى. قَالَ: والتَّاريخُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ.
قَالَ: كأنّه شيءٌ حَدَثَ _ كَمَا يَحْدُث الوَلَدُ.
قَالَ الصَّيْداوِيُّ: وَأخْبرنَا أحمدُ بنُ عليٍّ الباهِليُّ _ عَن مُصْعَبِ بن عبد الله الزُّبَيْرِيِّ _ قَالَ: الأَرْخُ ولَدُ الْبَقَرَة الصغيرُ.
قَالَ: والتاريخُ مأخوذٌ مِنْهُ _ أيْ: أَنَّهُ حَدِيثٌ.
قَالَ: وأَنشَدِني الباهليُّ _ لِرَجلٍ مَدَنِيٍّ كَانَ بالبَصْرَةِ:
(لَيْتَ لِي فِي الخمِيسِ خَمْسينَ عَيْناً ... كلُّها حَوْلَ مَسْجِدِ الأَشْيَاخِ)
(مَسْجِدٌ لَا يَزَالُ يَهْوِي إليْهِ ... أُمُّ أَرْخٍ قِنَاعُها مُتَراخِي ... )(7/222)
وأنشدَنِي أَبُو محمدٍ الْمُزنِيُّ _ فِيمَا رَوَى عَن أبي خَلِيفَةَ _ أنَّ محمدَ بنَ سَلاَّمِ أنشدَهُ لأُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ:
(وَمَا يَبْقَى على الحِدْثَانِ غُفْرٌ ... بشَاهِقَةٍ لَهُ أُمٌّ رَؤُومُ)
(تَبِيتُ اللّيْلَ حَانِيَةً عَلَيْهِ ... كَمَا يَخْرَمِّسُ الأرْخُ الأَطُومُ ... )
قَالَ: ((الْغُفْرُ)) : وَلَدُ الْوَعْلِ. و ((الأرْخُ)) : وَلَدُ الْبَقَرَة.
و ((يَخرمِّسُ)) ، أَي: يَصمُتُ، و ((الأطُومُ)) : الضَّمَّامُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ.
ورَوَى أَحمَدُ بنُ يحيى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
مِنْ أسماءِ البقرةِ: الْيَفَنَةُ والأرْخُ _ بِفَتْح الْهمزَة _، والطَّغْيَا واللِّفْتُ.
قَالَ الأزهريُّ: والصحيحُ: الأَرْخُ بِفَتْح الْهمزَة.
وَالَّذِي حَكَاهُ الصَّيْدَاوِيُّ _ عَن مُصْعَبٍ _: فِيهِ نظَرٌ.
وَمَا قَالَه اللَّيْث _ أنّهُ يقالُ لَهُ: الأُرْخِيُّ _: لَا أَعْرِفُهُ.
وَقيل: إنَّ ((التَّاريخَ)) الَّذِي يُؤَرِّخُهُ الناسُ ليسَ بعربيٍّ مَحْضٍ. . وإنَّ الْمُسلمين أَخَذُوهُ عَن أهل الكِتاب.
وتاريخُ الْمُسلمين أُرِّخَ من سنَة الْهِجْرَة، وكُتِبَ فِي خلافةَ عُمَرَ، فَصَارَ تَارِيخا إِلَى هَذَا الْيَوْم.
خور _ خير: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فِيهِنَّ خيرات حسان} [الرَّحمن: 70] .
قَالَ أَبُو إسْحَاق: ((خَيْرَاتٌ)) . . أصلُهُ فِي اللُّغَة: خَيِّرَاتٌ.
والْمَعْنَى: أنهنَّ خَيْرَاتُ الْأَخْلَاق، حِسَانُ الخِلَقِ.
قَالَ: وَقد قُرِىءَ بتَشْديد الياءِ.
وَقَالَ الليثُ: رجُلٌ خَيِّرٌ، وامرأةٌ خيِّرَةٌ: فاضِلَةٌ فِي صَلَاحهَا. . وامرأةٌ خَيْرَةٌ فِي جَمالها ومِيسَمِهَا.
ففَرَّقَ بَيْنَ ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) واحْتَجَّ بِالْآيَةِ.
قلتُ: وَلَا فرقَ بَين ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) عِنْد أهل المَعْرِفة باللغة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هِيَ خَيْرَةُ النِّسَاء، وشَرَّةُ النِّسَاءِ.
وَأنْشد أَبُو عُبيدةَ:
(رَبَلاَتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلِكَاتِ ... )
وَقَالَ الليثُ: ناقةٌ خِيارٌ، وجمَلٌ خِيَارٌ.
قلتُ: وَقد جَاءَ فِي حَدِيث مرفوعٍ: ((أَعْطُوهُ جَمَلاً رَبَاعِياً خِياراً)) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَايَرْتُ فلَانا فَخِرْتُهُ خَيْراً، وَالله يَخِيرُ للْعَبد _ إِذا اسْتَخَارَهُ، وخَارَ الله لنا مَا هُوَ خَيرٌ، والأَمْرُ: خِرْ.
وَيُقَال: هَذَا وَهَذِه وَهَؤُلَاء: خِيرَتي _ وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ.
وَتقول: ((أَنْتَ بالمُخْتَارِ)) ، و ((أَنْتَ بالخِيَار)) سَوَاءٌ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} [الْأَعْرَاف: 155] .(7/223)
قَالَ: والتَّفْسِيرُ: أنَّه اخْتَارَ مِنْهُم سبعين رجلا.
وَإِنَّمَا اسْتُجِيزَ وقوعُ الفِعْل عَلَيْهِم _ إِذا طُرِحَتْ ((مِنْ)) لِأَنَّهُ مأخوذٌ من قَوْلك: هَؤُلَاءِ خَيْرُ الْقَوْم، وخَيْرٌ مِنَ القَوْمِ.
فلمَّا جازَتِ الإضَافَةُ مَكَانَ ((مِنْ)) وَلم يتغَيَّرِ المعنَى استجَازُوا أَنْ يَقُولُوا: اخْتَرْتُكُمْ رَجُلاً، واخْتَرْتُ مِنْكُم رجلا.
وَأنْشد:
(تَحتَ الَّتي اخْتَارَ لهُ الله الشَّجَرْ ... )
يُرِيد: اخْتَارَ الله لَهُ من الشَّجر.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: إنَّما جَازَ هَذَا. . لأنَّ الاخْتِيَارَ يدلُّ على التَّبعيض.
وَلذَلِك حُذِفَتْ ((مِنْ)) .
وَفِي حَدِيث آخَرَ: ((رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْخَيْرِ والشَّرِّ)) .
قَالَ شمرٌ: مَعناه _ وَالله أعلم _: لم أر مثلَ الْخَيْر والشرِّ لَا يُمَيَّز بَينهمَا فَيُبَالَغُ فِي طلب الجنَّة والهرَبِ من النَّار.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ((إنَّكَ مَا وَخَيْراً)) أَي: إنَّكَ على خَيْرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيرَةُ _ خفيفةٌ _: مَصْدَرُ ((اخْتَارَ)) خِيرَةً _ مِثْلُ ارْتَابَ رِيبَةً.
قَالَ: وكل مَصْدَرٍ يكون لِ ((أَفْعَلَ)) ، فاسْمُ مصدره ((فَعَالٌ)) ، نَحْو أَفَاقَ يُفيقُ فَوَاقاً، وأصَابَ يُصيبُ صَوَاباً، وأَجَابَ يُجِيبُ جَوَاباً.
أقيم الاسمُ مُقَامَ الْمصدر.
وَكَذَلِكَ عذَّبَ عَذَاباً.
قلتُ: قَرَأَ القُرَّاءُ: {أَن يكون لَهُم الْخيرَة} [الْأَحْزَاب: 36] بِفَتْح الْيَاء.
وَمثله: سَبْيٌ طِيَبَةٌ _ إِذا حَلَّ استِرْقَاقُه.
ورَوَى الحرَّانِيُّ _ عَن ابْن السكِّيت _ يُقَال: مُحَمَّدٌ خِيرَةُ الله مِنْ خَلْقِه.
وَتقول: ((إيَّاكَ والطِّيَرَةَ)) . . وسَبْيٌ طِيَبَةٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْخِيَرَةُ التَّخْيِيرُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} [القَصَص: 68] أَي: لَيْسَ لَهُم أَن يَخْتَارُوا على الله.
قَالَ: وَيُقَال: الخِيْرَةُ والخِيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطِّيَرَةُ.
قَالَ: والعَرَب تَقول: أعْطِني الْخَيْرَةَ منهنَّ، والْخِيْرَةَ والْخِيَرَةَ.
كل ذَلِك: لما تَخْتَارُهُ مِنْ رجل أَو امْرَأَة أَو بَهيمةٍ _ تصلح إِحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي زيد _ قَالَ: الاسْتِخَارَةُ أَن تَسْتَعْطِفَ الإنسانَ وتَدْعُوَه إِلَيْك.
وَأنْشد:
(لَعَلَّكَ إمَّا أُمُّ عَمْرٍ وتَبَدَّلَتْ ... سِواكَ خَلِيلاً شَاتِمِي تَسْتَخِيرُها)
وَيُقَال: اسْتَخَرْتُ فلَانا فَمَا خَارَ لي _ أَي: فَمَا عَطَفَ.
والأصلُ فِي هَذَا: أنَّ الصَّائِدَ يَأْتِي المَوْضِعَ الَّذِي يَظُنُّ فِيهِ ولَدَ الظَّبية، أَو البقرَة الوحِشيَّة، فَيَخُورُ خُوَارَ الْغَزَال فتَسْتَمِعُ الأُمُّ، فَإِن كَانَ لَهَا ولَدٌ، ظنَّتْ أنَّ الصوتَ صوتُ ولَدِها. . فتَتْبَعُ الصَّوْت،(7/224)
فيعلَمُ الصائِدُ _ حينئذٍ _ أَنَّ لَهَا ولَداً، فيطلبُ موضِعَهُ.
فَيُقَال: استَخَارها أَي: خَارَ لِتَخُورَ.
ثمَّ قيل لكلِّ مِن استعطف: قد استَخَار.
قلت: وجَعَلَ الليثُ الاستَخَارَةَ للضَّبُع والْيَرْبُوعِ، وَهُوَ باطلٌ. إنَّما الاسْتِخَارَةُ مَا فَسَّرْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيرُ: الهِبَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: الْخِيرُ: الكَرَمُ. وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: لَكَ خُوَارُها _ أَي: خِيَارُها.
وَفِي بني فلانٍ خُورَى من الْإِبِل _ أَي: كِرَامٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخُوَيْرَةُ: تصغِيرُ الْخُوَرَةِ. . وَهِي خِيَارُ المَال.
وَقَالَ اللَّيث: والْخُوارُ: صَوْت الثّوْرِ، وَمَا اشتَدَّ من صَوت البقَرَة والعِجْل.
تَقول: خَارَ يَخورُ خُوَاراً.
قَالَ: والْخَوْرُ: مَصَبُّ الْمِيَاه الجَارِية فِي الْبَحْر _ إِذا اتّسَع وعَرُضَ.
وَقَالَ شمرٌ: الْخَوْرُ: عُنُقٌ من البَحْر يدخُل فِي الأَرْض، وجَمْعُه خُؤُورٌ.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ يصف السَّفِينة:
(إِذَا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ ... وَتَارَةً يَنْقَضُّ فِي الخُؤُورِ)
(تَقَضَّيَ الْبَازِي مِنَ الصُّقُورِ ... )
وَقَالَ غيرُه: الْخَوْرُ: الْمُنخَفِضُ من الأَرْض _ بَين نَشْزيْنِ.
وَلذَلِك قيل للدُّبْر: خَورَانُ. . لأنّه كالهبْطَةِ بَين رَبْوَتَيْن.
وَيُقَال: طَعَن الحمارَ فَخَارَهُ خَوْراً _ إِذا طَعَنَه فِي خَوْرَانِهِ، وَهُوَ الْهَوَاء الَّذِي فِيهِ الدُّبْرُ _ من الرَّجُل، والقُبُلُ _ من الْمَرْأَة.
وأمَّا الأرضُ الْخَوَّارَةُ: فَهِيَ اللَّيِّنَةُ السَّهلَة.
وَيُقَال: بَكْرَةٌ خَوَّارَة _ إِذا _ كانتْ سهلةَ مَجْرَى الْمِحْورِ فِي الْقَعْوِ. وَأنْشد:
(عَلِّقْ عَلَى بَكْرِكَ مَا تُعَلِّقُ ... بَكْرُكَ خَوّارٌ وَبَكْرِي أَوْرَقُ)
وَيُقَال: فَرَسٌ خَوَّارُ العِنَانِ _ إِذا كَانَ ليِّنَ الْعِطْفِ، كَثِيرَ الجَرْي، وخيلٌ خُورٌ.
وَقَالَ ابنُ مُقْبِل:
(مُلِحٌّ إذَا الْخُورُ اللَّهَامِيمُ هَرْوَلَتْ ... تَوَثُّبَ أَوْسَاطِ الخَبَارِ على الْفَتْرِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَوّارُ: الضَّعِيف الَّذِي لَا بقاءَ لَهُ على الشِّدَّةِ.
ورجلٌ خَوّارٌ، وسَهْمٌ خَوّارٌ.
قَالَ: والخَوَّارُ _ فِي كل شَيْء عيبٌ إلاّ فِي هَذِه الْأَشْيَاء، ناقةٌ خَوَّارَةٌ، وشاةٌ خَوَّارَةٌ _ إِذا كَانَتَا غَزِرَتيْن بِاللَّبنِ، وبعيرٌ خَوّارٌ: رَقيقٌ حَسَنٌ، وفرَسٌ خَوّارُ العِنَانِ: لَيِّنُ العِطْف والجميعُ: خُورٌ _ فِي جَمِيع ذَلِك، وَالْعدَد خَوَّارَاتٌ.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: رجلٌ خَوَّارٌ، وقومٌ خَوَّارُونَ، ورجلٌ خؤُورٌ، وقومٌ خُورٌ وناقةٌ خوَّارَةٌ: رَقِيقَةُ الْجِلْدِ. . غَزِيرَةٌ.
وخارَ الرجلُ _ يَخُورُ، فَهُوَ خَائِرٌ، وقومٌ خَارَةٌ، وَقد خَارَ خُؤوراً.(7/225)
قَالَ: والْخَوْرُ: خَلِيجُ الْبَحْر.
قَالَ: وَيُقَال _ لِلدُّبر _: الْخَوْرَانُ وَالخَوَّارَة، لضعف فَقْحَتِهَا سُمِّيَتْ بِهِ.
قَالَ: وَيْجمَعُ ((الخَوْرَانُ)) . . الدُّبُرُ: ((خَوَرَانَاتٍ)) .
قَالَ: وَكَذَلِكَ كلُّ اسْم كَانَ مذكَّراً _ لغير النَّاس. . فَجَمْعُهُ _ على لفظ تَاءَاتِ الْجَمْعِ _ جَائز.
نحوُ حَمَّامَاتٍ، وَسُرَادِقَاتٍ وَمَا أَشْبَهَهَا.
وَقَالَ غَيره: خَارَ الْبَرْدُ يَخُورُ خؤُوراً _ إِذا فَتَر وسكنَ.
سَلمَة _ عَن الْفراء _: خَوِرَ الرجلُ خَوَراً _ إِذا ضَعُفَ. وَيُقَال: إِنَّ فِي بعيرك هَذَا لَشَارِبَ خَوَرٍ.
يكون مَدْحاً. . وَيكون ذَمّاً.
فالمدْحُ أَن يكون صَبُوراً على الْعَطش والتعب، والذَّمُّ أَن يكون غير صَبُورٍ عَلَيْهِمَا.
قَالَ شمر: قَالَ أعرابيٌّ لِخَلَفٍ الأحمرِ: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ للْمَرِيض {وَذَلِكَ بمحضرٍ من أَبي زَيْدٍ.
فَقَالَ لَهُ خَلَفٌ: مَا أحْسَنَها من كلمة. .} لَو لم تُدَنِّسْهَا بإسماعها النَّاس.
قَالَ: وَكَانَ خَلَفٌ ضَنِيناً. . فَرجع أَبُو زيد إِلَى أَصْحَابه، فَقَالَ لَهُم: إِذا أقبل خلفٌ فَقولُوا بأجمعكم: ((مَا خَيْرَ اللَّبَنَ للْمَرِيض {} )) ، فَفَعَلُوا ذَلِك عِنْد إقْباله: فَعلِم أَنه من فِعل أَبِي زَيْدٍ.
قَالَ شمر: وَيُقَال: مَا أَخْيَرَهُ. . وَخَيْرَهُ.
وَمَا أَشرَّه. . وشَرَّهُ، وَهَذَا خير مِنْهُ وشرٌّ مِنْهُ، وأَخيرُ مِنْهُ وَأَشَرُّ مِنْهُ.
قَالَ: وَقَوله ((مَا خَيْرَ اللَّبَنَ لِلْمَرِيضِ!)) تَعَجُّبٌ.
خرأ: قَالَ اللَّيْث: خَرِىء يَخْرَأُ خَرْءاً، وَالِاسْم: الْخِرَاءُ. . والمكانُ: الْمَخْرُوءةُ.
وَقَالَ غَيره: يُجْمعُ ((الْخِرَاءُ)) : ((خروءاً وخُرْآناً)) .
وَفي الْحَدِيثِ: ((أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِسَلْمَانَ: إِنَّ مُحَمَّداً يُعَلِّمُكُمْ كلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟ فَقَالَ: أَجَلْ. . أَمَرَنا أَلا نكْتَفي فِي الاستنجاءِ بأَقلَّ من ثلاثةِ أحجارٍ)) .
شمِر: قَالَ الفراءُ: جَمْعُ ((الْخُرْءِ)) : خُرُوءٌ _ عَلَى ((فُعُولٍ)) .
يُقَال: رَمَوْا بِخُرُوئِهِمْ وَسُلُوحِهِمْ، ورَمَى بخُرْآنِهِ وَسُلْحَانِه. وَهُوَ جَمْعُ ((خَرْءٍ)) _ أَيضاً. والْمخْرُوءَة: الْموْضِعُ الَّذي يُتَخَلَّى فِيهِ.
أخر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذَا آخَرُ، وَهَذِه أُخْرَى. . فِي التَّذْكِير والتأنيث.
قَالَ: وَقَوْلُ الله جلّ وعزّ: {وَأخر} : مَعْنَاهُ: جماعةٌ أُخْرَى.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58] : {آخر} لَا تَنْصَرِف، لِأَن وُحْدَانَها لَا تَنْصَرِف وَهُوَ ((أُخْرَى وَآخَرُ)) .
وَقَالَ المبرِّد: لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عمَّا كَانَ الأصلُ عَلَيْهِ.(7/226)
وَذَلِكَ أَن ((الْأَصْغَر)) و ((الْأَكْبَر)) يدخلهما الْألف وَاللَّام. إِلَّا أَن تَقول: ((هُوَ أَصْغَر من كَذَا وأكبر من كَذَا " فَخرج " آخَرُ وأُخْرَى)) من بَابه، وأجيزَ _ بِغَيْر أَلف ولامٍ وَبِغير الْإِضَافَة _ فَهُوَ لَا يَنْصَرِفُ.
وَكَذَلِكَ كل جمع عَلَى ((فُعَلَ)) لَا ينْصَرف إِذا كَانَت وُحْدَانُهُ لَا تَنْصَرِف مِثْلُ ((كُبَرَ وَصُغَرَ)) .
وَإِن كَانَ ((فُعَلُ)) جمعا ل ((فُعْلَةٍ)) فَإِنَّهُ ينْصَرف.
نحوُ ((سُتْرَةٍ وسُتَرٍ)) ، و ((حُفْرَةٍ وَحُفَرٍ)) .
وَإِذا كَانَ ((فُعَلُ)) اسْماً مصروفاً عَن ((فاعِلٍ)) لم ينْصَرف فِي ((الْمعرفَة)) ، وَانْصَرف فِي ((النَّكِرَةِ)) .
وَإِذا كَانَ اسْماً لطائرٍ أَو غَيره. . فَإِنَّهُ ينْصَرف نحوُ: ((سُبَدٍ ومُرَعٍ وجُرَذٍ)) ، وَمَا أَشْبَهَهَا.
وقرىءَ: (وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) على الْوَاحِد.
وقولُهُ جلّ وعزّ: {ومَنَوةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النّجْم: 20] : تأنيثُ الآخَرِ.
وَمعنى ((آخَرَ)) : شيءٌ غيرُ الأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وأمّا ((الآخِرُ)) _ بِكَسْر الْخَاء _ فَهُوَ الله جلّ وعزّ {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن} [الحَديد: 3] .
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ _ وَهُوَ يُمجِّدُ الله: ((أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْس قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ)) .
وَقَالَ اللّيْثُ: ((الآخِرُ والآخِرَةُ)) نَقِيضُ ((المتقَدِّمِ والمتقدِّمَةِ)) .
قَالَ: والمُسْتَأخِرُ: نَقِيضُ المُسْتَقْدِم.
قَالَ: وآخِرَةُ الرَّحْلِ، وقادِمَتُه ومُؤْخِرُ العَيْن ومُقْدِمُها.
جَاءَ فِي الْعين بِالتَّخْفِيفِ خاصَّةً.
ومُؤَخَّرُ الشَّيْء ومُقَدَّمُه.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان أخِيراً _ أَي بأَخَرَةٍ.
وبِعْتُه سِلْعَةً بأَخَرَةٍ _ أَي: بِتَأْخِيرٍ.
قَالَ: والأُخُرُ: نقيض الْقُدُمِ، تَقول: مَضَى قُدُماً، وتأَخَّرَ أُخُراً.
وَيُقَال: فعل الله بالأَخِرِ. . لَا مَرْحَباً بالأَخِرِ _ مقصورٌ _ أَي: بالأَبعَدِ.
وَجَاء فلانٌ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاس، وَفِي أُخْرَى الْقَوْم _ أَي: فِي أَوَاخِرِهمْ.
وَأنْشد:
(أَنَا الّذي وُلِدْتُ فِي أُخْرَى الإبِلْ ... )
وَيُقَال: لَقِيتُه أُخْرِيّاً _ أَي: آخِرِيّاً.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن الحرَّانيِّ عَن ابْن السكِّيت: يُقَال: نظر إليَّ بِمُؤْخِرِ عَيْنِه، وضرَبَ مُؤْخَرَ رَأسه _ وَهِي آخِرَةُ الرَّحْل.
وَيُقَال: جَاءَنَا بأخَرَةٍ، وجاءنا أَخِيراً وأُخُراً، وبعتُه بَيْعاً بأَخِرَةٍ وبنَظِرَةٍ.
ويقالُ: شقَّ ثوبَه أُخُراً، وَمن أُخُرٍ.
وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم} [آل عِمرَان: 153] : من الْعَرَب من يَقُول: فِي أخراتكم، وَلَا يجوزُ فِي القِرَاءةِ.(7/227)
وَأنْشد:
(وَيَتَّقِي السَّيْفَ بِأُخْرَاتِهِ ... من دُونِ كَفِّ الْجَارِ وَالْمِعْصَمِ)
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: يُقَال: أَتَيْتُكَ آخِرَ مرَّتين، وآخِرَةَ مرَّتَيْنِ. وبِعتُه المَتاعَ بأَخِرَةٍ _ أَي: بنَظِرَةٍ.
وَيُقَال: للنّاقَةِ آخِرَانِ وقَادِمانِ.
فَخِلْفِاها المقدَّمَانِ: قَادِمَاها وخِلْفَاهَا المؤخَّرَان: آخِرَاها.
والعربُ تَقول: وَاسِطُ الرَّحْل. . للَّذي جعله اللَّيْث بجهله قَادِمَةً.
وَيَقُولُونَ: مُؤْخِرَةُ الرَّحْل، وآخِرَةُ الرَّحْل _ قَالَه الْأَصْمَعِي.
وروى أَبُو عبيد _ عَنهُ _ المِئْخَارُ: النَّخْلة الَّتِي يبْقى حَمْلُها إِلَى آخر الصِّرَام.
وَأنْشد:
(تَرَى الْغَضِيضَ الْمُوقَرَ الْمِئْخَارَ ... مِنْ وَقْعِهِ يَنْتَثِرُ انْتِثَاراً)
وَقَالَ أَبُو العبَّاس مُحَمَّد بنُ يَزِيدَ: تَقول: ضرَبْتُ رجلا آخَرَ _ أَي: لَيْسَ بالأوَّل.
قَالَ: وأصْلُهُ: ((أَفْعَلُ مِنْ كَذَا)) . . فلمَّا استغنيتَ عَن ((مِنْ)) بِمَعْنَاهُ، وَكَانَ مَعْدُولاً عَن الْألف وَاللَّام، خارِجاً من بَابه _ لأنَّ بَابه ((الأَفْعَلُ والفُعْلَى)) بِالْألف وَاللَّام _ إِذا حذَفْتَ ((مِنْ)) عَنْ ((أَفْعَلَ مِنْهَا)) .
قَالَ: ومؤنَّثُ ((آخَرَ)) : ((أُخْرَى)) مثلُ المذكَّرِ.
وَلَا يجوز: امرأةٌ صُغْرَى وَلَا كبْرَى _ إِلاَّ أَنْ تقولُ: ((الصُّغْرَى والكُبْرَى)) _ أَو تَقول: ((أَصغَرُ من كَذَا)) .
وَقَالَ: ((أُخَرُ)) لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة _ لِأَنَّهَا نُعُوتٌ.
وَكَذَلِكَ: ((جُمَعُ، وكُتَعُ)) لَا تَنْصَرِف _ لِأَنَّهَا نُعُوتٌ.
أَبُو زيد: جئتُ أُخْرِيّاً، وبَأَخرَةٍ _ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَيُقَال: بعتُه المتَاعَ إخْرِيّاً.
بَاب الْخَاء وَاللَّام
خَ ل (وايء)
خَال، خلا، خلأ، لاخ، ولخ، لخا: مستعملة.
خول _ خيل: قَالَ اللَّيْث: الْخَالُ: أَخُو الأُمِّ _ والْخَالةُ أُخْتُها. والمصدرُ: الْخُؤُولةُ.
وأَخْوَلَ الرجلُ وأُخْوِلَ _ إِذا كَانَ ذَا أَخْوَالٍ. . فَهُوَ مُخْوِلٌ ومُخْوَلٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ وَغَيره: غُلامٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ _ إِذا كَانَ كريم الْأَعْمَام والأَخْوال.
وَلَا يُقَال: مُعِمٌّ، وَلَا مُخْوِلٌ.
الحرَّانيُّ _ عَن ابْن السّكيت _ يُقَال: هما ابنَا عَمٍّ، وَلَا تَقُلْ هما ابنَا خَالٍ.
وَتقول: هما ابْنا خَالةٍ _ وَلَا تقل: ابْنا عَمَّةٍ.
وَيُقَال: تَعَمَّمَتُ عَمّاً، وتَخَوَّلْتُ خَالاً _ إِذا اتَّخذت عمّاً، أَو خالاً.
والْخُؤُولةُ: جَمْعُ الخَالِ. والعُمُومَةُ: جَمْعُ الْعَمِّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَالُ: بَثْرَةٌ فِي الْوَجْه تَضْرِبُ إِلَى السوَاد. والْجَمِيعُ: الخِيلانُ.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _:(7/228)
رجلٌ مَخِيلٌ ومَخْيُولٌ، ومَخُولٌ _ من الخَالِ _ وتصغيرُه: خيَيْلٌ فيمَنْ قَالَ: مَخِيلٌ. وخوَيْلٌ _ فيمَنْ قَالَ: مَخُولٌ.
اللَّيْث: الخَالُ: ثوبٌ ناعم من ثِيَاب اليَمَن.
قلت: الخَالُ ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمَنِ الموْشِيَّةِ.
والخَالُ: اللِّواءُ الَّذِي يُعْقَدُ لولاية وَالٍ.
وَلَا أُرَاهُ سُمِّي خالاً. . إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ يُعْقَدُ من بُرُود الخَالِ.
والخَالُ: الكبْرُ والخُيَلاَءُ. وَقَالَ الراجز:
(والْخَالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الّجُهّالْ ... )
وَجعل اللَّيْث: ((الخَالَ)) هَاهُنَا ثوبا {} وَإِنَّمَا هُوَ الكبْرُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِن الله لَا يحب كل مختال فخور} [لقمَان: 18] .
فالمْخْتَالُ: المتكبِّر.
وَيُقَال: رجلٌ خالٌ _ أَي: مُخْتَالٌ. وَمِنْه قولُهُ:
(إِذَا تَجَرَّدَ لَا خالٌ وَلَا بَخِلُ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الخَالُ: كالظَّلَعِ والغَمْزِ فِي الدَّابَّة.
وَيُقَال: خالَ الفَرَسُ يَخَالُ خَالاً فَهُوَ خائِلٌ.
وَأنْشد:
(نَادَى الصَّرِيخُ فَرَدُّوا الخَيْلَ عَانيةً ... تَشْكُو الكلال وَتَشكُو مِنْ حَفَا خالِ)
وَقَالَ أَبُو عَمرٍ ووغيرُه: يُقَال: رجلٌ خَالُ مَالٍ، وخَائِلُ مَالٍ _ إِذا كانَ حَسَنَ الْقيَامِ عَلَى نَعَمِهِ.
ابْن بُزُرْجَ: الْخَائِلُ: الْحَافِظُ، وراعِي الْقَوْم. . يَخُولُ عَلَيْهِم _ أَيْ: يَحْلُبُ ويَسْقِي ويَرْعَى.
وَيُقَال: خَالَ المالَ. . يَخُولُهُ _ إِذا سَاسَهُ.
والْخوْلِيُّ: القَائِمُ بأَمر النَّاس، السَّائِسُ لَهُ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْهمْ)) .
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عمْرٍ و: وَقَوله: ((يَتَخَوَّلُهُمْ)) _ أَي: يَتَعَهَّدُهُم بهَا.
قَالَ: والْخَائِلُ: الْمُتَعَهِّدُ للشَّيء. . المُصْلِح لَهُ. . القائِمُ بهِ.
قَالَ: وَقَالَ الفرّاءُ: الْخَائِلُ: الرّاعي للشّيء، والحافِظُ لَهُ.
وَقد خَالَ يَخُولُ خَوْلاً. وأَنشد:
(فَهْوَ لَهُنَّ خَائِلٌ وَفَارِطُ ... )
قلتُ: والعَرَبُ تقولُ: مَنْ خَالُ هَذَا الفرسِ؟ _ أَي: مَنْ صَاحبُها؟ وَمِنْه قَول الشّاعر:
(يَصُبُّ لَهَا نِطَافَ الْقَوْمِ سِرّاً ... ويَشْهَدُ خَالُهَا أَمْرَ الزَّعِيم)
يَقُول: لفارسها قَدْرٌ.
فالرّئيسُ يُشاوِرُه فِي تَدْبيره.
والْخُوَّالُ: الرِّعَاءُ الْحُفّاظُ لِلْمَالِ.
وَالْخَالُ: خَالُ السَّحابَةِ _ إِذا رَأَيْتَها مَاطِرَةً.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا رَأَى مَخِيلةً أَقْبَلَ وَأَدْبر وتَغَيَّر.
قالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ ذَلكَ لَهُ، فقَالَ: ((وَمَا يُدْرِينا؟ لَعَلّهُ كَمَا ذَكَرَ الله جلّ وعزّ (فَلَمَّا(7/229)
رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الْأَحْقَاف: 24] .
وَقَالَ أَبُو عبيد: ((الْمَخِيْلَةُ)) _ بِفَتْح الْمِيم _: السَّحَابَةُ، وجَمْعُها: مَخَايِلُ. وَقد يُقَال للسحاب أَيْضا: الْخَال.
فَإِذا أَرَادوا أَنَّ السَّمَاء قد تغَيّمَتْ. . قَالُوا: قد أَخَالَتْ، فَهُوَ مُخِيلَةٌ _ بِضَم الْمِيم.
فَإِذا أَرادوا السحابَةَ نَفْسَها. . قَالُوا: هَذِه مَخِيلَةٌ _ بِالْفَتْح. وَيُقَال للرّجل الْمُخْتَالِ: خَائِلٌ.
وجَمْعُه: خَالَةٌ. وَمِنْه قَول الشَّاعر:
(أَوْدَى الشَّبَابُ وَحُبُّ الْخَالَةِ الْخَلِبَهْ ... وَقَدْ كَبِرتُ فمَا بِالنّفْسِ مِنْ قَلَبَهْ)
أَرَادَ ب ((الْخَالَةِ)) جَمْعَ ((الْخَائِلِ)) وَهُوَ الْمُخْتَالُ الشّابُّ.
وَقَالَ اللَّيثُ: يُقَال للرّجُلِ السَّمْحِ: خَالٌ. . تَشْبِيها بالْخَالِ، وَهُوَ السَّحَابُ المَاطِرُ.
قَالَ: وَيُقَال: خَيّلَتِ السحابةُ _ إِذا أَغَامَتْ، وَلم تُمْطِر.
وكلُّ شَيْء كَانَ خَلِيقاً فَهُوَ مَخِيلٌ.
يُقَال: إنَّ فلَانا لمَخِيلٌ للخيْر.
أَبُو عبيد _ عَن الكِسَائيِّ _: السحابَةُ المُخِيلَةُ: الَّتِي إِذا رأَيْتَها حَسِبْتَها ماطرةً _ وَقد أَخْيَلْنَا.
وتَخَيَّلَتِ السَّماءُ: تهيَّأَتْ للمطر.
قَالَ: وَقَالَ الأحمرُ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا إمَّا هَلَكَتْ هُلْكُ _ أَي: على مَا خَيَّلَتْ _ أَي: على كلِّ حالٍ، ونحوِه.
ابْن السِّكِّيت: خَيَّلَتِ السَّمَاء للمطر وَمَا أَحْسَنَ مَخِيلَتَها وخَالَها {} _ أَي: خَلاَقَتها للمطر.
وقولُهُمْ: افْعَلْ ذَلِك على مَا خَيَّلَتْ _ أَي: على مَا شَبَّهَتْ.
وَإنَّهُ لَمُخِيلٌ للخير، وَقد أَخَلْتُ فِيهِ خَالاً من الْخَيْر، وتَخَوّلْتُ فِيهِ خَالاً، ووجدتُ أَرضًا مُتَخيِّلَةً _ إِذا بلغ نَبْتُها الْمَدَى.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي زيدٍ _: تَخيَّلتُ عَلَيْهِ تَخَيُّلاً _ إِذا تَخَيَّرْتُهُ وتفرّستُ فِيهِ الخيرَ.
وَخَيَّلَتْ علينا السماءُ _ إِذا رَعَدَت وبَرَقَت قبل الْمَطَر.
فَإِذا وَقَعَ المطرُ ذهب اسمُ التَّخْيِيلِ.
قَالَ: وخَيَّلْتُ على الرجل _ تَخْيِيلاً _ إِذا وجّهْتُ التُّهْمَةَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ غيرُه: خَيّلْتُ للناقة وأَخْيَلْتُ _ وَهُوَ أَن تَضَعَ لَوَلَدِهَا خَيالاً ليَفْزَعَ مِنْهُ الذِّئْب فَلَا يَقْرَبُه.
وَقَالَ الليثُ: كلُّ شَيْء اشْتَبَه عليكَ فَهُوَ مُخِيلٌ وَقد أَخَالَ. وَأنْشد:
(وَالصِّدْقُ أَبْلَجُ لاَ يُخِيلُ سَبِيلُهُ ... والصِّدْقُ يَعْرِفُهُ ذَوُو الألْبَابِ)
قَالَ: وأَخَالَتِ الناقةُ. . فهِي مُخِيلَةٌ _ إِذا كَانَت حَسَنَةَ العَطَلِ، فِي ضَرْعها لَبَنٌ.(7/230)
قَالَ والْخَوَلُ: مَا أَعْطى الله الإنسانَ من العَبِيدِ والنَّعَمِ. وَقَالَ أَبُو النّجم:
(كُومَ الذُّرَا مِنْ خَوَلِ الْمُخَوَّلِ ... )
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ خَوَلُ فلَان _ إِذا اتَّخَذَهُم كالعبيد وقَهَرَهُمْ.
قَالَ: وَخوَلُ اللِّجَامِ: أَصْلُ فأسِهِ.
قلتُ: لَا أَعْرِفُ ((خَوَلَ اللِّجَامِ)) وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ أَبُو عبيدٍ _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الأخْيَلُ: الشِّقْرَاقُ _ عِنْد العربِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: كَانَت العربُ تَتَشاءَمُ بِهِ _ وَقَالَ اللَّيْث مِثْلَهُ.
قَالَ: ويسمَّى الشَّاهِينُ: الأخْيَلَ. وجمعُهُ: الأَخَايِلُ.
قَالَ: والْخَيَالُ: كلُّ شَيْء تراهُ كالظِّلِّ.
وَكَذَلِكَ خَيَالُ الْإِنْسَان فِي الْمِرْآةِ.
وخَيَالُهُ فِي الْمَنَام: صُورَةُ تِمْثَالِه.
وربَّما مَرَّ بك الشيءُ شِبْهُ الظِّلِّ فَهُوَ خَيَالٌ.
يُقَال: تَخَيَّلَ لي خَيَالُهُ.
وَيُقَال: خِلْتُهُ زَيْداً خِيلاَناً. إِخَالُهُ وأَخَالُهُ.
ومِنْ أَمثالهم: ((من يَسْمَعْ يَخْلَ)) أيْ يَظنُّ.
قَالَ: وَقيل ((مَنْ يَشْبَعْ يَخَلْ)) وكلامُ العربِ هُوَ الأوَّلُ. قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ومَعْنَاهُ: مَنْ يَسْمَعْ أَخْبَارَ النَّاس ومَعَايِبَهُمْ يَقَعْ فِي نَفسه عليهِمْ الْمَكْرُوهُ. ومَعْنَاه: أَنَّ الْمُجَانَبَةَ للنَّاس أَسْلمُ.
وَقَالَ ابْنُ هانِىءٍ _ فِي قَوْلهم: مَنْ يَسْمَعْ يخلْ _:
يقالُ ذَلِك عِنْد تَحْقِيق الظَّنِّ.
قَالَ: ((وَيَخَلْ)) : مُشتقٌّ من ((يُخَيَّلُ إليَّ)) .
أَبُو نَصْرٍ _ عَن الأصمعِيِّ _: الْخَيَالُ: خَشَبَةٌ تُوضَعُ فيُلقَى عَلَيْهَا الثوبُ لِلْغَنَمِ إِذا رَآها الذِّئْبُ ظَنَّ أنَّهُ إنسانٌ.
وَأنْشد:
(أَخٌ لاَ أَخَا لِي غَيْرُهُ غَيْرَ أَنَّنِي ... كَرَاعِي الْخَيَالِ يَسْتَطِيفُ بِلاَ فِكْرِ)
والْخَيَال _ أَيْضا _ مَا نُصِبَ فِي أرضٍ ليُعْلَمَ أَنَّهَا حِمًى فَلَا تُقْرَبَ.
وَقيل: رَاعِي الْخيَالِ هُوَ الرَّأْلُ _ يَنْصِبُ لَهُ الصَّائِدُ خَيَالاً يَأْلَفُهُ، فيجِيءُ فيأخُذُ الْخَيَالَ فيَتْبَعُهُ الرَّأْلُ.
والْخَيَالُ: خَيَالُ الطَّائر _ يَرْتَفَعُ فِي السَّمَاء فينظُرُ إِلَى ظِلِّ نفسِه، فيُرَى أَنَّه صَيْدٌ، فيَنْقَضُّ، وَلَا يَجِدُ شَيْئا.
وَهُوَ خَاطِفُ ظِلِّهِ. والْخَيَالُ: أَرْضٌ لِبَنِي تَغْلِبَ.
وَيُقَال: وَرَدْنَا أَرضاً مُتَخَيِّلَةً، وقَدْ تَخَيَّلَتْ _ إِذا بلغ نَبْتُها أَن يُرْعَى.
وَفِي الحَدِيث: ((إِنَّ قَوْماً وفَدُوا عَلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خَطِيبُهُمْ بَعْدَ مَا وَصَفَ جُدُوبَةَ بَلَدِهِمْ: كُنَّا نَسْتَحِيلُ الْجَهَامَ، ونَسْتَخِيلُ الرِّهَامَ)) .
و ((اسْتِحَالَةُ الْجَهَامِ)) : أَن تَنْظُرَ إِلَيْهِ. . هَل يَحُولُ؟ _ أَي: يَتَحَرَّكُ.
((واسْتِخَالَةُ الرِّهَامِ)) : إِذا نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَخِلْتَها مَاطِرَةً وَقَالَ الرَّاجِزُ:
(تَخَالُهَا طَائِرَةً ولَمْ تَطِرْ ... كَأَنَّهَا خِيلاَنُ رَاعٍ مُحْتَظِرْ)(7/231)
أَرَادَ ب ((الْخِيلاَنِ)) : مَا نَصبه الرَّاعي عِنْد حَظِيرَةِ غَنَمِهِ.
قَالَ: والْمُخَايَلَةُ: الْمُبَارَاةُ.
يُقَال: خَايَلْتُ فلَانا _ أَي: بارَيْتُهُ وَفَعْلَتُ فِعْلَهُ. وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
(أَقُولُ لَهُمْ يَوْمَ أَيْمَانُهُمُ ... تُخَايِلُهَا فِي النَّدَى الأشْمُلُ)
((تُخَايِلُهَا)) _ أيْ: تُفَاخِرُهاَ وتُبَارِيهَا. وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
(وَقَالُوا: أنَتْ أَرْضٌ بِهِ وتَخَيَّلَتْ ... فَأَمْسَى لِمَا فِي الرّأْسِ وَالصَّدْرِ شَاكِيا)
((تَخَيَّلَتْ)) : اشتَبَهَتْ.
وَقَالَ عَرَّامٌ: خَيَّلَ فلانٌ عَن الْقَوْم _ إِذا كَعَّ عَنْهُمْ.
قَالَ سَلَمَةُ: وَمثله: ((غَيَّفَ، وخَيَّفَ)) .
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: ذَهَبَ القومُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ _ أَي: وَاحِدًا بعدَ وَاحِدٍ.
وأنشدنا لِضَابىءٍ يصفُ ثوراً وحْشِيّاً حَمَلَ عَلَى الكلابِ:
(يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِيَاتِها ... سِقَاطَ حَدِيدِ الْقَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلاَ)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخَوْلَةُ: الظَّبْيَةُ.
قَالَ: وخَالَ يَخُولُ خَوْلاً _ إِذا صَار ذَا خَوَلٍ _ بَعْدَ انفرادٍ.
وخَالَ يَخِيلُ خَيْلاً _ إِذا دَامَ عَلَى أَكلِ الْخِيْلِ _ وَهُوَ السَّذَابُ.
أَبُو زيدٍ: يُقالُ: لَا يُخِيلُ ذَاكَ عَلَى أَحدٍ _ أَي: لَا يُشْكِلُ. وشيءٌ مُخِيلٌ: مُشْكِلٌ.
خلا: قَالَ شمِرٌ: يُقَال: وجدْتُ الدارَ مُخْلِيَةً أَي: خَالِيَةً.
وَقد خَلَتِ الدارُ وأَخْلَتْ. ووجدتُ فُلاَنَةَ مُخْلِيَةً _ أَي: خَالِيَةً.
ولَقِيتُ فلَانا بِخَلاءٍ مِنَ الأَرْض _ أَي: بأرضٍ خَالِيَةٍ. قَالَه ابنُ شُمَيْلٍ.
قَالَ: وَيَقُول الرجل للرجل: اخْلُ معي حَتَّى أكلِّمَكَ، واخْلُنِي حتَّى أُكلِّمَكَ _ أَي: كُنْ مَعِي خَالِياً.
وَيُقَال: اسْتَخْليتُ فلَانا _ أَي: قُلْتُ لَهُ: اخْلُنِي.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
(وَذَلِكَ مِنْ وَقَعَاتِ الْمَنُونِ ... فأَخْلِي إلَيْكِ وَلاَ تَعْجَبي)
_ أَي: أَخْلِي بِأَمْرِكِ. . من ((خَلَوْتُ)) .
وَتقول: افْعَلْ كَذَا وخَلاَكَ ذَمٌ _ أَي: لَا يُدْرِكُكَ ذَمٌّ.
وَقَالَ عبد الله بنُ رَوَاحَةَ:
(فَشَأْنَكِ فَانْعَمِي وَخَلاَكِ ذَمٌّ ... وَلاَ أرْجِعْ إِلَى أَهْلٍ وَرَائِي)
وَقَالَ الليثُ: خَلاَني فلانٌ مُخَالاَةً _ أيْ: خَالَفَنِي.
وَقَالَ النّابغةُ الذُّبْيَانيُّ لزُرْعَةَ بن عَوْفٍ _ حِين بعث بَنُو عامرٍ إِلَى حِصْنِ بنِ فَزَارَةَ، وَإِلَى عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ: أَنِ اقطَعُوا مَا بَيْنكُم وَبَين بني أَسد، وألحقُوهم ببني كِنَانَةً ونحالِفُكم. . فَنحْن بَنو أبيكم _ وَكَانَ عُيَيْنَة هَمَّ بذلك. فَقَالَ النَّابغة:(7/232)
(قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ ... يَابُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأقْوَامِ)
قَالَ الأصمعيُّ: مَعْنَاهُ: اتْرُكُوهُمْ.
يُقَال: خَالَيْتُه خِلاَءً _ أَي: تارَكْتُهُ.
وَقَالَ فِيهَا:
(يَأبَى الْبَلاءُ فَما يَبْغِي بهِمْ بَدَلاً ... وَمَا أُرِيدُ خِلاَءً بَعْدَ إحكامِ)
((يَأْبَى الْبَلاءُ)) _ أَي: التّجْرِبَةُ.
أَي: جرَّبناهم فأَحْمْدناهم، فَلَا نُخَالِيهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَالَيْتُ فلَانا _ أَي: صارَعْتَهُ.
وَكَذَلِكَ: المُخَالاَةُ فِي كل أَمْرٍ.
وأنشدَ:
(وَلاَ يَدْرِي الشَّقِيُّ بِمَنْ يُخالي ... )
قلتُ: كأَنَّه إِذا صارعه خَلاَ كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فَلم يَسْتَعِنْ واحدٌ مِنْهُمَا على صَاحبه أَحَداً.
وَيُقَال: عَدُوٌ مُخالٍ أَي: لَيْسَ لَهُ عَهْد.
وَقَالَ الجعْدِيُّ:
(غَيْرُ بِدْعٍ مِنَ الْجِيادِ وَلاَ يُجْنَبْنَ ... إلاّ إلَى عَدْوٍّ مُخالي)
((لَا يُجْنَبْنَ)) أَي: لَا يُقَدْنَ.
وَيُقَال: خَالَيْتُ العَدُوَّ _ أَي: تركتُ مَا بيني وَبَينه من المُوَادَعة، وخَلاَ كلُّ واحدٍ مِنَّا من العَهد.
وَقَالَ الليثُ: خَلاَ المكانُ والشيءُ يخْلُو خُلُوّاً وخَلاَءً وأَخْلَى إِذا لم يكنْ فِيهِ أحدٌ، وَلَا شيءَ فِيهِ وَهُوَ خَالٍ.
والخلاءُ _ من الأَرْض _ قَرارٌ خَالٍ وخَلا الرجلُ. . يَخْلُو خَلْوَةً.
وَيُقَال: اسْتَخْلَيْتُ المَلِكَ فأَخْلاَني _ أَي: خلاَ معي، وخلا بِي، وأَخلَى لِيَ مَجْلسَه.
وفلانٌ يُخْلُو بفلان _ إِذا خَادَعَه.
وَيُقَال: خلاَ قرنٌ فقرن _ أَي: مَضَى.
والقُرُونُ الخَالِيَةُ: الْمَاضِيَة.
وَقَالَ اللِّحيانيُّ: خَلْوتُ بفلان أَخلُو بِهِ خلْوةً وخَلاَء.
قَالَ: وَقَالَ بعضهُم: أَخْلَيْتُ بفلان أُخْلي بِهِ إخلاءً. . بِمَعْنى خَلَوْتُ بِهِ.
وتركتُه مُخْلِياً بفلان _ أَي: خالِياً بِهِ.
وخلَتِ الدارُ خلاَءً _ إِذا لم يَبْقَ فِيهَا أحدٌ.
وأَخلاَها الله. . إخلاَءً.
وَيُقَال: خلاَ فلانٌ على اللّبَن أَو على اللَّحْم - إِذا لم يأكلْ مَعَه شَيْئا.
قَالَ: وكِنانَةُ تَقول: أَخلَى على اللبَنِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
(رَعَتْهُ أَشْهُراً وَخلاَ عَلَيْها ... فَطارَ النِّيُّ فِيها وَاسْتَغارَا)
قَالَ: وَيُقَال: أَنا خلِيٌّ مِنْ هَذَا. . وخلاَءٌ.
فَمن قَالَ: خلِيٌّ)) . . ثَنَّى وجَمَع وأَنَّثَ.
وَمن قَالَ ((خَلاءٌ)) . . لم يُثَنِّ وَلم يَجْمَع وَلم يُؤنِّث.
وَالْعرب تَقول: ويل للشِّجِيِّ من الْخِلِيِّ.
((والْخَلِيُّ)) الَّذِي لَا هم لَهُ. . الفارغُ.(7/233)
وَيُقَال: هُوَ خِلْوٌ من هَذَا الْأَمر _ أَي: خارِجٌ.
وهما خِلْوٌ، وهم خِلْوٌ.
وَقَالَ بعضهُم: هما خِلْوَانِ من هَذَا الْأَمر، وهُمْ أَخْلاَءٌ. . وَلَيْسَ بالوَجْه.
وَيُقَال: خلَتِ المرأةُ مِنْ زَوجها.
وَيُقَال للْمَرْأَة: ((أَنْتِ خلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ)) فتَطْلُقُ بهَا المرأةُ _ إِذا نُوِيَ طلاقُها.
وَقَالَ ابنُ بزُرْجَ: امرأةٌ خلِيّةٌ. . ونسوةٌ خلِيَّاتٌ: لَا أزواجَ لَهُنَّ وَلَا أولادَ.
وَقَالَ: امرأةٌ خِلْوَةٌ، وَامْرَأَتَانِ خِلْوَتَانِ، ونِسْوَةٌ خِلْوَاتٌ _ أَي: عَزَبَاتٌ.
وَرجل خليٌّ، ورجلان خَلِيّانِ ورجالٌ أَخلِياءُ: لَا نساءَ لَهُم.
شمرٌ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخَلِيّة: الناقةُ تُنتَجُ فَيُنْحَرُ ولدُها عَمداً لِيَدُومَ لَهُم لَبَنُها، فتُستَدَرُّ بحُوَارِ غَيرهَا. . فَإِذا دَرَّت نُحِّيَ الْحُوَارُ، واحتُلِبَت.
وربّما جَمَعوا من الخَلاَيا ثَلَاثًا وأربعاً على حُوَارِ واحدٍ. . وَهُوَ التّلَسُّنُ.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ربَّما عطفوا ثَلَاثًا وأربعاً على فصيل وبأَيَّتِهِنَّ شَاءُوا تَخَلَّوْا، وَهِي الخَلِيَّةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: الْخَلِيَّةُ: الناقةُ، تُنْتَجُ _ وَهِي غزيرة _ فيُجرُّ ولدُها من تحتهَا ويُجْعَلُ تَحت أخرَى، وتُخَلَّى هِيَ للحلْبِ. . لكرمها.
قلت: وَقد شاهدت الخلايا فِي خلاَيِبهِمْ.
وسمعتهم يَقُولُونَ: بَنو فلانٍ قد خلوْا، وهم يَخْلُونَ.
والْخَلِيَّةُ: النَّاقة تُنْتَجُ فَيُنْحَرُ ولدُها سَاعَة يَقع فِي الأَرْض قبل أَن تَشَمَّه أُمُّه ويُدْنَى مِنْهَا وَلَدُ ناقةٍ نُتِجَتْ قبلهَا فتعطِفُ عَلَيْهِ، ثمَّ يُنْظَرُ إِلَى أغزر الناقتين فتُجْعَلُ خَلِيَّةً وَلَا يكون للحُوَارِ مِنْهَا إِلَّا قَدْرُ مَا يُدِرُّها، وتُتْرَكُ الْأُخْرَى للحُوَارِ يَرْضَعُها مَتى شَاءَ وَتسَمى ((الْبَسُوطَ)) وَجَمعهَا بسطٌ.
والغزيرةُ الَّتِي يَتَخلَّى بلبنها أهلُها: هِيَ الْخَلِيَّةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: الْخَلِيَّةُ: السَّفِينَةُ الْعَظِيمَة وجَمْعُهَا: خَلاَيَا.
وَمِنْه قَول طَرَفَةَ:
(خَلاَيا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ ... )
قَالَ: وَيُقَال: تَخلَّيْتُ مِنْ هَذَا الْأَمر تخلِّياً.
واستَخْلَيْتُ بفلان: فِي مَعنى خَلَوْتُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَلِيَّةُ: مَا يُعَسِّلُ النَّحلُ فِيهِ مِنْ رَاقُودٍ أَو طِين، أَو خُشُبٍ مَنقُورَةٍ.
وَقَالَ الليثُ: إِذا سُوِّيَتْ الخَلِيَّةُ من طِينٍ، فَهِيَ كِوَارَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: ((خَلِيٌّ)) _ أَيْضا _ بِغَيْر هاءٍ.
قَالَ: والْخَلِيَّةُ من السُّفن: الَّتِي لَا يُسَيِّرَها مَلاَّحُها، وتَسيرُ من غيرِ جَذْبٍ.
قلتُ: وغيرُه يَقُول: الخَلِيَّةُ: العظيمةُ من السُّفُن. . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: خَلاَ الرجل عَلَى بعض الطَّعَام _ إِذا اقتَصَرَ عَلَيْهِ.(7/234)
وَقَالَ الليثُ: الخَلاَءُ _ ممدودٌ _: البَرَازُ من الأَرْض.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: اخْلَوْلَى فلانٌ إِذا دَامَ على أكْلِ اللّبَن.
قَالَ: واطْلَوْلَى: حَسُنَ كلامُه، واكْلَوْلَى _ إِذا انهزَم.
ثعلبٌ _ عَنهُ _ قَالَ: والخَلاَةُ كلُّ بَقْلَةٍ قَلَعْتَها.
وَقَالَ الليثُ: الْخَلَى: هُوَ الحَشيشُ الَّذِي يُحْتَشُّ من بُقول الرّبيع، وَقد أخْتَلَيْتُهُ، وَبِه سُمِّيَتِ المِخْلاةُ. . والواحدةُ: خَلاَةٌ.
وَقَالَ اللِّحْيانيُّ: خلَيْتُ الْخَلاَ أَخْلِيهِ خَلْياً _ أيْ: نزَعْتُه.
وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي فِيهَا.
وَيُقَال: أَخلَى الله الماشيةَ يُخْليها إخْلاءً _ أيْ: أنْبَتَ لَهَا مَا تأكلُ من الْخَلَى.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: خلَيْتُ القِدْرَ _ إِذا ألقَيتُ تحتهَا حَطَباً.
وخَلَيتُها _ إِذا طرحتُ فِيهَا اللحمَ.
وخَلَيْتُ فرسي _ إِذا حَشَشْتُ عَلَيْهِ الحشيشَ.
وخلَيْتُ الفرسَ _ إِذا أَلقيتُ فِي فِيهِ اللجَامَ.
أَبُو عُبيَد عَن الْأَصْمَعِي _ الْخَلَى: الرَّطْبُ من الْحَشِيش. . وَبِه سُمِّيتِ المِخلاةُ _ فَإِذا يبِسَ فَهُوَ حشِيشٌ.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ خلاَ زَيْداً وزَيد: نَصْبٌ وجرٌّ.
فإِذا قلتَ ماخلاَ زَيداً _ نَصَبْتَ لَا غيرُ. . لِأَنَّهُ قد بَيَّنَ الفعلَ.
وَتقول: مَا أَرَدْتُ مَسَاءتَكَ خلا أَنِّي وعَظْتُكَ. . وَمَعْنَاهُ: إلاَّ أَنِّي وَعَظْتُكَ.
وَأنْشد:
(خلاَ الله لَا أرْجُو سِوَاكَ وَإِنَّمَا ... أَعُدُّ عِيَالي شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: خلاَ فلانٌ _ أيْ: ماتَ. وخلاَ _ إِذا أَكلَ الطَّيِّبَ. وَخَلاَ _ إِذا تعبَّدَ. وخلاَ _ إِذا تَبرَّأَ من ذَنْبٍ قُرِفَ بِهِ.
أَبُو عُبَيد _: عَن أبي عمروٍ _: خلاَ لَك الشيءُ، وأَخْلَى _ بِمَعْنى فَرَغَ.
وَأنْشد لِمَعْنِ بن أَوْسٍ:
(أَعَاذِلُ هَلْ يَأْتي القَبائلَ حَظُّهَا ... مِن الموتِ أَمْ أَخْلَى لنَا المَوْتُ وَحْدَنَا)
خلأ: وَقَالَ الليثُ: الخِلاَءُ _ فِي الْإِبِل _ كالْحِرَان - فِي الدّوابّ -.
يُقَال: خَلأتِ الناقةُ تَخْلأُ خِلاَسً - إِذا لم تَبْرَحْ مَكَانهَا.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنّ نَاقةَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلأَتْ بِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فقَالُوا: ((خَلأتْ الْقَصْوَاءُ)) .
فقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((مَا خلأتْ وَلاَ هُوَ لهَا بِخُلُقٍ. . ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ)) .
قلت: والخِلاءُ لَا يكون إلاّ للناقة.
وَهِي ناقةٌ خالِىءٌ بغَيْرهَا.
وأكْثَرُ مَا يَكُونُ الخِلاءُ مِنْهَا _ إِذا ضَبِعَتْ _ فتَبْرُك وَلَا تَثُورُ.(7/235)
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال للجمَل: خلأ يَخْلأُ خَلاءً _ إِذا بَرَكَ فَلم يَقُم.
قَالَ: وَلَا يُقَال: ((خلأ)) إلاّ للجَمَل.
قلتُ: غلِطَ ابنُ شُمَيْل فِي ((الْخِلاَءِ)) فَجعله للجَمَلِ خاصَّةً، وَهُوَ عِنْد الْعَرَب: للنّاقَةِ.
وَقَالَ زُهَيْرٌ. . يصفُ نَاقَة:
(بِآرِزَةِ الْفَقَارَةِ لمْ يَخُنْهَا ... قِطَافٌ فِي الرِّكابِ ولاَ خِلاَءُ)
ولخ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: ائْتَلَخَ العُشْبُ. . يأتَلِخُ قَالَ: وائْتِلاَخُهُ: عَظِمُه، وطُولُه والْتِفافُه وأرضٌ مُؤتَلِخَةٌ _ إِذا كَانَت مُعْشِبَةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للْأَرْض المُعْشِبَة: مُؤْتَلِخَةٌ، ومُلْتَخَّةٌ ومُعْتَلِجَةٌ وهَادِرَةٌ.
أَبُو عُبيد: عَن الأمويِّ: ائْتَلَخَ الأمرُ ائْتِلاخاً _ إِذا اختَلط.
وَقَالَ غيرُه: ائْتَلَخَ مَا فِي الْبَطن _ إِذا تحرَّكَ وسُمِعَتْ لَهُ قَراقِرُ.
أَبُو عُبيدٍ _ عَن الفرّاء _ وقَعوا فِي ائْتِلاَخٍ - أَي: فِي اختلاطٍ، وَقد ائْتَلَخ أمرُهم.
وَيُقَال: أرضٌ وَلِخَةٌ ووليخةٌ وورِخةٌ: مُؤْتَلِخةٌ من النَّبْت.
لخا: أَبُو عُبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ ووغيره _: المُسْعُطُ هُوَ اللَّخَا. . مَقْصُورٌ.
وَقد لَخَيْتُ الرجُلَ ولَخوْتُه وأَلْخيتُه. . كلُّ هَذَا إِذا أسْعَطْتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّخَاءُ: الغِذَاءُ للصَّبِّي سِوَى الرَّضاع.
وتَقُولُ: الصَّبِيُّ يَلْتَخِي _ أَي: يَأْكُل خُبْزاً مَبْلُولاً.
وَأنْشد:
(فَهُنَّ مِثْلُ الأُمّهاتِ يُلْخِينْ ... يُطْعِمْنَ أَحْيَاناً وَحيناً يَسْقِين)
شمر _ عَن أبي عَمْرو _ المُلاخَاةُ: المخالَفَةُ، والملاخَاةُ _ أَيْضا _: المُصَانعة.
وَأنْشد:
(وَلاَخَيْتَ الرِّجالِ بِذَاتِ بَيْنِي ... وَبَيْنِكَ حِينَ أَمْكَنَك اللِّخَاءُ)
قَالَ: ((لاَخَيْتَ)) : وَافَقْتَ.
وَقَالَ الطَّرِمَّاحُ:
(فَلَمْ نَجْزَعْ لمنْ لاَخَى عَلَيْنَا ... وَلَمْ نَذَرِ العَشِيرَةَ لِلْجُنَاةِ)
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّخَاءُ: الملاخَاةُ.
وَهُوَ التَّحْرِيش والتحْمِيلُ.
تَقول: لاَخَيْتَ بِي عِنْد فلَان _ أَي: أَتَيْتَ بِي عِنْده _ مُلاَخَاةً ولِخاءً.
قَالَ: والتَخَيْتُ جِرَانَ الْبَعِير _ إِذا قَدَدْتُ مِنْهُ سَيْراً للسّوط _ ونحوَ ذَلِك.
قلت: وَالصَّوَاب: التَحَيْتُ جِرَانَ الْبَعِير _ بِالْحَاء.
والعربُ تسوِّي السِّياط من الجِران. . لأنَّ جِلْدَه أصلبُ وأمتنُ.
وأظنُّه. . من قَوْلك: لَحَوْتُ العُود، ولَحيْتُهُ _ إِذا قَشَرْتهُ.(7/236)
وَقَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الْأَعرَابِي يَقُول: اللِّخَا _ مَقْصُور _: أنْ يميلَ بطنُ الرجُل فِي أحد جانبيه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِن كَانَت إِحْدَى رُكْبَتَى الْبَعِير أعظمَ من الأُخرى _ فَهُوَ أَلْخَى. . وناقة لَخْوَاءُ.
قَالَ: واللَّخَى كثرةُ الْكَلَام فِي الْبَاطِن.
وَقَالَ اللَّيث: اللَّخْوُ: لَخْوُ القُبْلُ المضطربِ. . الكثيرِ المَاء. .
وَقَالَ ابْن السّكيت _ عَن الْأَصْمَعِي _: اللَّخْوَاءُ: المرأةُ الواسعةُ الجَهَازِ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخرَ: امرأةٌ لَخْواءُ. . وَرجل أَلْخَى _ وَهُوَ أَن تكون إحْدَى خَاصِرَتَيْه أعظمَ من الأُخْرى.
وَقد لَخِيَ لَخاً.
واللَّخَا _ أَيْضا _ شيءٌ مِثلُ الصَّدَفِ يُتخذ مُسْعُطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّخَى: إعطاءُ الرجل ماَلَه: صاحِبَه.
وَأنْشد:
(لَخَيْتُكَ مَالِي ثُمَّ لَمْ تُلْفَ شَاكِراً ... فَعَشِّ رُوَيْداً لَسْتُ عَنْكَ بِغَافِلِ)
لاخ: وَقَالَ اللَّيْث: وادٍ. . لاخٌ، وأوديةٌ. . لاخَةٌ.
وَقَالَ شمر: وادٍ لاخٌ _ وأصلُه: لاَخٍ ثمَّ نُقِلَتْ إِلَى بَنَات الثَّلَاثَة. فَقيل: لائخٌ.
ثمَّ نُقِصَتْ مِنْهُ عَيْنُ الْفِعْل.
قَالَ: ومَعناه: السعَة والاعْوِجاج.
وروى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ وادٍ لاخٌّ _ بِالتَّشْدِيدِ _ وَهُوَ المتضايقُ، الكثيرُ الشّجر.
وَقد مرَّ فِي المضاعَف.
بَاب الْخَاء وَالنُّون
خَ ن (وايء)
خَان، خنى، ناخ، نخا، ينخ، وخن، أخن: مستعملة.
خون _ خين: قَالَ اللَّيْث: المخَانَةُ: خَوْنُ النُّصح وخَوْنُ الوُدِّ.
والخَوْنُ: عَلَى مِحَنٍ شَتَّى.
تَقول: خانَنِي فُلانٌ. . خِيَانَةً.
وَفِي الحَدِيث: ((المؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ. . إلاَّ الخِيَانَةَ والكَذِبَ)) .
وَتقول خانَهُ الدهرُ والنعيمُ خَوْناً وَهُوَ تغيُّر حَاله إِلَى شرٍّ مِنْهَا. وَالخَوْنُ _ فِي النّظر _: فَترُهُ.
وَمن ذَلِك يُقَال للأسد: خائِنُ العَيْن.
قَالَ: ((وخائِنَةُ الأَعْيُنِ)) : مَا تَخُونُ بِهِ من مُسارقة النّظر إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ.
قَالَ: وَإِذا نَبَا سيْفُك عَن الضَّريبة فقد خانَكَ. وسُئلَ بعضهُم عَن السَّيف؟ فَقَالَ: أَخُوكَ. . وربّما خانَكَ.
قَالَ: وكلُّ مَا غيَّرك عَن حالك فقد تَخَوَّنَكَ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّةِ:
(لاَ يَرْفَعُ الطَّرفَ إلاّ مَا تَخَوَّنَهُ ... دَاعٍ يُنَادِيهِ باسْم المَاء مَبْغُومُ)
قلت: لَيْسَ معنى قَوْله: إلاَّ مَا تَخَوَّنَهُ.(7/237)
حجَّة لما احْتج بِهِ لَهُ.
وَمعنى إِلَّا مَا تَخَوَّنَهُ: إِلَّا مَا تعهَّدهُ.
وَكذلك قَالَ أَبُو عبيدٍ حِكَايَة عَن الأصمعيِّ أَنه قَالَ: ((التَّخَوُّنُ)) : التعهد.
وَأنْشد بيتَ ذِي الرُّمَّةِ هَذَا.
وإنمَا وصَفَ وَلَدَ ظَبْيَةٍ أَوْدَعْتهُ خَمراً، وَهِيَ تَرتَعُ بالْقُرْبِ مِنْهُ، وتَتَعهَّدُهُ بالنَّظَرِ إلَيْهِ وَتُؤْنِسُهُ بِبُغَامِهَا.
وَقَوله: بِاسْمِ الماءِ.
الماءُ: حِكَايَةُ دُعائِها إياهُ.
وَقَالَ ((دَاعٍ يُنَادِيه)) فذكَّرَهُ. . لِأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى الصَّوْتِ والنِّداء.
قلت: وَقد يكون التَّخَوُّنُ بِمَعْنى التَّنَقُّصِ.
وَمِنْه قَول لبيد يصف نَاقَة:
(عُذَافِرَةٌ تُقَمِّصُ بالرُّدَافَى ... تَخَوَّنَها نُزُولِيَ وارْتِحَالي)
وَيُقَال: تَخَوَّنَتْهُ الدهورُ وتَخَوَّفَتْهُ _ أَي تنقَّصَتْهُ.
فالتَّخَوُّنُ لَهُ مَعْنيانِ:
أحدُهما التَّنَقُّصُ وَالْآخر التعهدُ.
ومَنْ جعله ((تَعهُّداً)) جعل ((النُّونَ)) مُبْدَلة من ((اللَّام)) .
يُقَال: تَخَوَّلَهُ، وتَخوَّنَهُ. . بِمَعْنى واحدٍ.
وَمِنْه حديثُ ابْن مسعودٍ: ((كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَخَوَّلُنَا بالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمة عَلَيْنَا)) .
وَكَانَ الأصمعيُّ يَرْوِيه: ((يَتَخَوَّنُنا)) بالنُّون.
وَيُقَال: رجلٌ خائنٌ، وخَائِنَةٌ _ إِذا بُولِغَ فِي وصْفِهِ بالخيَانَةِ.
وَأَمَّا قَولُ الله جلّ وعزّ: {يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور} [غَافر: 19] فإنَّه أَرَادَ _ وَالله أعْلَمْ _: ((يَعْلَمُ خِيانَة الأَعْيُنِ)) . . فأَخْرَجَ ((الْمَصْدَرَ)) على ((فَاعِلَةٍ)) كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تسمع فِيهَا لاغية} [الغَاشِيَة: 11]_ أَيْ: لَغْواً.
ومِثْلُه: سَمِعْتُ ((رَاغِيَةَ الْإِبِل)) ، و ((ثَاغِيَةَ الشَّاءِ)) _ أَي: رُغَاءها وثُغَاءها.
كل ذَلِك من كَلَام الْعَرَب.
وَمعنى الْآيَة: أَنَّ النَّاظِرَ. . إِذا نَظَرَ إِلَى مَا لاَ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ نَظَرَ خِيَانَةٍ. . يُسِرُّهَا مُسارَقةً: علمهَا الله، لِأَنَّهُ إِذا نَظَرَ النَّظْرَةَ الأُوْلى _ غيرَ متعمِّدٍ نَظَراً _ فَهُوَ غيرُ آثِمٍ وَلَا خَائِن.
فَإِن أعَادَ النَّظَرَ _ ونِيَّتُهُ الخِيَانَةُ _ فَهُوَ خَائِنُ النظرِ.
وَقَالَ اللَّيث: الْخِوَانُ: الْمَائِدَة. . مُعَرَّبَةٌ وَهِي الْخُونُ. . والعَدَدُ: أَخْوِنَة.
وَقَالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
(لِخُونٍ مَأَدُوبَةٍ وزمِيرُ ... )
والْخَوَّانُ: مِنْ أَسماء الأَسَدِ.
وخن: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: التَّوَخُّنُ: الْقَصْدُ إِلَى خيرٍ أَو شَر.
قَالَ: والْوَخْنَة الفسادُ.
والنَّوْخَةُ: الْإِقَامَة.
خنى: وَالخَنْوَةُ: الْغَدْرَة.
والْخَنْوَةُ _ أَيضاً _ الْفُرْجةُ فِي الْخُصِّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخَنَا _ من الْكَلَام _: أَفْحَشُه.(7/238)
وَيُقَال: خَنَا يَخْنُو خَناً _ مقصورٌ _ وأَخْنَى فِي كَلَامه.
وخَنَا الدَّهرِ: آفاتُه.
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(وقَدَرْنَا إنْ خَنَا الدَّهْرِ غَفَلْ ... )
وَأَخْنَى عَلَيْهِم الدَّهرُ: إِذا أَهلكَهُمْ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(أَخْنَى عَلَيْها الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ ... )
وَقَالَ أَبُو عبيد: أَخْنَى عَلَيْهِ: أفْسَدَ. . وَهَذَا هُوَ الصوابُ.
نوخ: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: النَّوْخَةُ: الإقامةُ.
وَقَالَ غيرُه: ((يُقال: أَنَخْتُ البعيرَ فَاسْتَنَاخَ.
وَتقول: نَوَّخْتُهُ. . فَتَنَوّخَ.
والفَحْلُ يَتَنَوَّخُ النّاقةَ _ إِذا أَرَادَ ضِرَابَها.
والْمُنَاخُ: الموضعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ الإبلُ.
وَيُقَال: أَيْضا _: نَخْنَخْتُهُ فَتَنَخْنَخَ.
والأصلُ: الإنَاخَة، والنَّوْخَةُ.
ينخ: قَالَ اللَّيْث: الْيَنَخُ: من قَوْلك: أَيْنَخْتُ الناقةَ _ إِذا دعوتَها إِلَى الضِّرَابِ.
تقولُ: إيَنِخْ. إيَنِخ.
قلتُ: هَذَا زَجْرٌ لَها _ كَمَا يُقَال لَهَا _ إِذا أُنِيخَتْ _ إخْ. . إخْ.
نخا: قَالَ اللَّيْث: النَّخْوَةُ: العَظَمة.
تَقول: انْتَخَى فلانٌ _ إِذا تكَبَّرَ. وَأنْشد:
(وَمَا رَأَيْنا مَعْشَراً فَيَنْتَخُوا ... )
أَبُو حَاتِم _ عَن الأصمعيِّ _ يقالُ: زُهِيَ فلانٌ. . فَهُوَ مَزْهُوٌّ. . وَلَا يُقَال: زَهَا.
قَالَ: وَيُقَال: نَخَا فلانٌ، وانْتَخَى.
وَلَا يُقَال: نُخِيَ.
أخن: أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: قَالَ: الآخِنيُّ: ضَرْبٌ من الثِّياب الْمخَطَّطةِ.
قلتُ: والآخنِيَّةُ: القِسِيُّ _ أَيْضا.
وَقَالَ الأعْشَى:
(مَنَعَتْ قِيَاسُ الآخِنِيَّةِ رَأْسَهُ ... بِسِهَامِ يَثْرِبَ أَوْ ثِيَابِ الْوَادِي)
وَقَالَ أبُو مَالِكٍ: الآخِنِيُّ: أَكْسِيَةٌ سُودٌ لَيِّنَةٌ يَلبسها النَّصارَى. وَقَالَ الْبَعِيثُ:
(فَكَرَّ عَلَيْنا ثُمَّ ظَلَّ يَجُرُّها ... كَمَا جَرَّ ثَوْبَ الآخِنِيِّ الْمُقَدَّسُ)
وَقَالَ أَبُو خِرَاسٍ:
(كَأَنَّ المُلاَء الْمَحْضَ خَلْفَ كُراعِهِ ... إذَا مَاتَمَطَّى الآخِنِيُّ الْمُخَذَّمُ)
بَاب الْخَاء وَالْفَاء
خَ ف (وايء)
خَافَ، خفا، خفأ، فاخ، أفخ، خيف، وخف: مستعملة.
فيخ _ فوخ: قَالَ اللَّيْث: الْفَيْخَةُ: السُّكُرُّجَةُ. . لأنَّها تُفَيَّخُ _ كَمَا تُفَيِّخُ العجِينَةُ _ فَتُجْعَلُ كالسُّكُرُّجَةِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: نحوَه.
وَأنْشد اللَّيْثُ:
(ونَهِيدَةٍ فِي فَيْخَةٍ مَعَ طِرْمَةٍ ... أَهْدَيْتُهَا لِفَتًى أَرَادَ الزَّغْبَدَا)
((النَّهِيدةُ)) : الزُّبْدَةُ. و ((الطِّرْمَةُ)) : الشُّهْدَةُ. ((وَالزَّغْبَدُ)) : الزُّبْدُ.
شَمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: فَيْخَةُ الْبَوْلِ: اتِّسَاعُ مَخْرَجِه. . وكَثْرَتُهُ.(7/239)
قَالَ: وفَيْخَةُ الحَرِّ: شِدَّتُهُ وغُلَوَاؤُه.
وفَيْخَةُ النَّبَاتِ: التِفَافُه وكَثْرَتَهُ.
وَفِي الحَدِيث ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مُتَبَرِّزاً. . فَقَالَ لَهُ: تَنَخَّ فإنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الإفَاخَةُ: الْحَدَثُ.
يَعْنِي مِنْ خُرُوج الرّيح خاصَّة. يُقَال: قَدْ أَفَاخَ الرجل. . يُفِيخُ إفَاخَةً. وَقَالَ اللَّيثُ: إَفَاخَةُ الرِّيحِ بالدُّبِر.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا جَعَلْتَ الفِعلَ للصوت _ قلتَ: قد فَاخَ يَفُوخُ.
قَالَ: وأمّا الفَوْحُ _ بِالْحَاء _: فَمن الرِّيحِ: أَنْ يَجِدَهَا. . لَا مِنَ الصَّوْت.
شمِرٌ _ قَالَ ابْن الأعرابيِّ: أَفَاخَ بِبَوْله _ إِذا اتَّسَع مَخرَجُه.
قَالَ: وأَفَاخَتْ الناقةُ بِبَوْلها. . وأَشَاعَتْ وأَوْزَغَت.
وأَنشد لجرِيرٍ:
(ظَلَّ اللَّهَازِمُ يَلْعَبونَ بِنِسْوَةٍ ... بالْجَوِّ يَوْمَ يُفْخِنَ بالأبْوَالِ)
قَالَ: والإفَاخَةُ: أنْ يُسْقَطَ فِي يَدِه.
وَأنْشد لِلْفَرَزْدَقِ:
(أَفَاخَ وألْقى الدِّرْعَ عَنْهُ وَلم أَكُنْ ... لأُلْقِيَ دِرْعِي عَنْ كَمِيٍّ أُقَاتِلُهْ)
قَالَ. وَقَالَ أَعْرَابيٌّ: أَفَاخَ فلانٌ عَن فلاَنٍ _ إِذا صَدَّ عَنهُ.
وَأنْشد:
(أَفَاخُوا مِنْ رِمَاحِ الْخَطِّ لِمَّا ... رَأَوْنَا قَدْ شَرَعْنَاهَا نِهَالاَ)
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ الفرَّاء: فَاحَتْ رِيحُهُ، وَفَاخَتْ.
قَالَ: وفَاخَتْ: أَخَذَتْ بِنَفَسِهِ وفَاحَتْ: دُونَ ذَلِك.
أَبُو زيد: فَاخَتِ الرِّيحُ. . تَفُوخُ _ إِذا كَانَ لَهَا صَوْتٌ.
أفَخ: وَقَالَ اللَّيْث: مَنْ هَمَزَ الْيَأَفُوخَ فَهُوَ على تَقْدِير ((يَفْعُولٍ)) .
قَالَ: ورجلٌ مأَفُوخٌ _ إِذا شُجَّ فِي يَأْفُوخِهِ.
قَالَ: ومَنْ لم يهْمِزْ فَهُوَ على تَقْدِير ((فَاعُولٍ)) من الْيَفْخِ.
والهمْزُ أَصوبُ وأحسنُ.
أَبُو عبيد: أَفَخْتُهُ وأَذَنْتُهُ _ إِذا أصبْتَ يَأْفوخَه وأَذُنَهُ. وجمعُ ((الْيَأْفوخِ)) : ((يَآفِيخُ)) .
وَأَخْبرنِي الْمُنْذريُّ _ عَن إبراهيمَ الْحَرْبيِّ عَن أبي نَصْر عَن الأصمعيِّ _ قَالَ: الْيَأْفُوخُ: حيثُ الْتَقَى عَظمُ مُقَدَّم الرأْس وعَظْمُ مؤَخَّرِه، حيثُ يكون لَيِّناً منَ الصَّبِيِّ.
يقالُ لَهُ _ من الصَّبي _ قبل أَن يتلاقى العَظمانِ -: اللَّمَّاعَةُ والرَّمَّاعَةُ والنَّمغَةُ.
خيف: قَالَ الليثُ: الْخَيْفَانَةُ: الْجَرَادَةُ. . قبل أَن يَسْتَويَ جَنَاحَاها.
وناقةٌ خَيْفَانَةٌ: سريعةٌ. . شَبِيهَةٌ بالْجَرَادَة لسُرْعتها.(7/240)
أَبُو عبيد _ عَن أصْحابِهِ _ إِذا صَارَت فِي الْجَرَادِ خطوطٌ مُخْتلِفَةٌ، فَهُوَ خَيْفَانٌ.
الواحدَةُ: خَيْفَانَةٌ.
قلت: والعَرَبُ تُشْبِّه الْخَيْلَ بِالْخَيْفَانِ.
وَقَالَ امرُؤ القَيْسِ:
(وَأَركَبُ فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً ... لهَا ذَنَبٌ خَلْفَهَا مُسْبَطرّ)
وَقَالَ اللَّيثُ: الْخَيَفُ: مصدرُ ((خَيِفَ)) والنعتُ: أَخْيَفُ وخَيفَاءُ.
وَهُوَ خِلاَفُ الْعَيْنَيْن. تكون إحْدَاهُما زَرْقَاءَ، والأخْرى سَوْداء.
والجميع: خُوفٌ.
الأصمعيُّ: فَرَسٌ أَخْيَفُ _ إِذا كانتْ إِحْدَى عَيْنَيْه زرقاء، وَالْأُخْرَى كَحْلاَء والجميعُ: خُوفٌ.
وَمِنْه قيل: ((الناسُ أخْيَافٌ)) _ أَي: لَا يَسْتَوُون.
و ((بَعِيرٌ أَخْيَفُ)) _ إِذا كَانَ واسعَ جِلْدِ الثِّيلِ.
وَأنْشد:
(صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنَةٍ جُلْذِياً ... أَخْيَفَ كانَتْ أُمُّهُ صَفِيّا)
قَالَ: والْخيْفُ جِلْدُ الضَّرْع، وناقةٌ خَيفَاءُ _ إِذا كَانَت واسعةَ جِلْدِ الضَّرْع.
والْخَيْفُ: مَا ارْتَفع من مَجْرَى السَّيْلِ وانحدرَ عَن غِلَظَ الْجَبَل.
وَمِنْه قيل: مَسْجِدُ ((الْخَيْفِ)) بمنى لأنَّهُ بُنيَ فِي خَيْفِ الْجَبَلِ.
قَالَ: ((والْخِيفُ)) : جمع ((خِيفَةٍ)) . . مِنَ الْخَوْفِ.
وَقَالَ الْهُذَليُّ:
(فَلاَ تَقْعُدَنَّ على زَخَّةٍ ... وتُضْمِرَ فِي الْقَلْبِ وَجْداً وَخِيفَا)
أَبُو عَمْرٍ و: الْخَيْفَةُ: السِّكِّينُ وَهِي الرَّمِيضُ.
الأصمعيُّ: الْخَافَةُ: مِثْلُ الْخَريطة من الأدَم. . يُشْتَارُ فِيهَا الْعَسَلُ.
وَقَالَ اللَّيثُ: تصغيرُها: خُوَيْفَة.
واشتِقَاقُها: من الْخَوْفِ. . وَهِي جُبّةٌ من أَدَمٍ يلبسُها العَسَّال والسَّقَّاء.
قَالَ: وَيُقَال: خُيِّفَ الْأَمر بَينهم _ أَي: وُزِّعَ.
وخُيِّفَتْ عُمُورُ اللِّثَةِ بَين الْأَسْنَان _ أيْ: فُرِّقَتْ.
خوف: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَافَ يَخَافُ خَوْفاً. وَإِنَّمَا صَارَت الواوُ ألِفاً فِي ((يَخَافُ)) لأنَّهُ على بِنَاء ((عَمِلَ يَعْمَلُ)) فاستثقلوا الْوَاو فألقوهَا.
فَفيها ثلاثةُ أَشْيَاء: الحرفُ والصَّرْفُ والصوتُ.
وربّما أَلْقَوُا الحرفَ بصَرْفها وَأَبْقَوا مِنْهُ الصّوْتَ.
وَقَالُوا: ((يَخَافُ)) وَكَانَ حدُّه: ((يَخْوَفُ)) _ الْوَاو منصوبةٌ _ فأَلْقوُا الْوَاو وَاعْتمد الصوتُ عَلَى صرف الْوَاو.
وَقَالُوا: ((خَافَ)) وَكَانَ حدُّه ((خَوِفَ)) _ الواوُ مكسورةٌ _ فأَلقَوُا الواوَ بصرفهَا(7/241)
وأَبْقَوُا الصوتَ، فاعتمد الصوتُ عَلى فتْحَةِ الْخَاء، فَصَارَ مَعهَا ألفا لَيِّنَةً.
وَكَذَلِكَ نحوُ ذَلِك، فَافْهَمْ.
وَمِنْه التّخْوِيفُ والإخَافَةُ والتّخوُّفُ.
والنّعْتُ: خَائِفٌ. . وَهُوَ الْفَزع.
قَالَ: وَتقول: طريقٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ _ يَخَافُهُ الناسُ.
ووجعٌ مَخوفٌ ومُخِيفُ _ يُخِيفُ مَنْ رَآهُ.
وَهَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِي: قَالَ: وحائطٌ مخُوفٌ، وثَغْرٌ مَخُوفٌ _ يُفْرَقُ مِنْهُ، وَيَجِيء الْخَوْفُ مِنْ قِبَله.
وَقَالَ الليثُ: خَوَّفْتُ الرجلَ _ إِذا جعلتُ فِيهِ الْخَوْف.
وخَوَّفْتُهُ _ إِذا جعلْتُه بِحَالَة يَخَافُهُ فِيهَا الناسُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} [النّحل: 47] .
قَالَ الفرَّاءُ: جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَنَّهُ التّنَقُّصُ.
قَالَ: والعَرَبُ تَقول: تَخَوَّفْتُهُ _ أَي: تَنَقَّصْتُه من حَافَاتِهِ. فَهَذَا الَّذِي سمعتُ: وَقد أَتَى التفسيرُ بالْخَاء.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الحرَّاني عَن ابْن السِّكِّيت _ قَالَ: يُقَال: هُوَ يَتَخَوَّفُ المالَ ويَتَحَوَّفُه _ أَي: يَتنَقَّصُهُ، ويأخذُ من أَطْرَافه. وَقَالَ ابنُ مقبِلٍ:
(تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تَامِكاً قَرِداً ... كمَا تَخوَّفَ عُودَ النبْعَةِ السّفَنُ)
شمرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ -:
تَحَوَّفْتُ الشَّيْء وتَحَيّفْتُهُ، وتَخَوّفْتُهُ وتَخَيَّفْتُهُ _ إِذا تنقَّصْتُه.
وَقَالَ الكسائيُّ: مَا كَانَ من ذَوات الثَّلَاثَة _ من بَنَاتِ الْوَاو _: فَإِنَّهُ يُجْمَعُ على ((فُعَّلٍ))
وَفِيه ثَلَاثَة أوجه: يُقَال: خَائِفٌ ... وخُيَّفٌ، وخِيَّفٌ. . وخُوَّفٌ.
قَالَ: ونحوُهُ: كَذَلِك.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: أخافَ القومُ _ إِذا أَتَوْا خَيْفَ مِنًى، فنزلوا.
خفى: قَالَ اللَّيْث: أَخْفَيْتُ الصوتَ، وَأَنا أُخْفِيه إخْفَاءً.
قَالَ: وفِعْلُهُ اللازمُ: اخْتَفَى.
قلتُ: الأكْثرُ من كَلَام الْعَرَب: اسْتَخْفَى. . لَا اخْتَفَى.
و ((اخْتَفَى)) : لغةٌ لَيست بِالْعَالِيَةِ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: خَفَيْتُ الشَّيْء: أظهرتُهُ وكتمتُهُ.
قَالَ والرَّكِيَّةُ. . يُقَال لَهَا: ((خَفِيَّةٌ)) لِأَنَّهَا استُخْرِجَت وأُظْهِرَتْ.
قَالَ: و ((أَخْفَيْتُ)) _ أَيْضا _: مِثْلُهُ.
وَقَالَ الأخْفَشُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَمن هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ} [الرّعد: 10] .
قَالَ: ((المُسْتَخْفِي)) : الظاهرُ.
و ((السَّارِبُ)) : الْمُتَوَارِي.
قَالَ: ومَنْ قرَأ (أَكادُ أَخْفِيهَا) فَمَعْنَاه: أظْهِرُها.
لأنّك تَقول: خَفيْتُ السِّرَّ _ أَي: أظهرتهُ.(7/242)
وَأنْشد:
(فَإنْ تَكْتُمُوا الدّاءَ لَا نَخْفِهِ ... وَإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لَا نَقْعُدِ)
ورَوَى سَلَمة عَن الفرَّاء: فِي قَوْله عزّ وجلّ: {وَمن هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ} .
((مُستَخْفٍ بِاللَّيْلِ)) _ أَي: مُسْتَتِرٌ. ((وسَاربٌ بالنَّهَار)) _ أَي: ظَاهر.
كَأَنَّهُ قَالَ: الظَّاهِر والخفيُّ عِنْده _ جلّ وعزّ _: واحِدٌ.
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أكاد أخفيها} [طه: 15] .
فِي التَّفْسِير: ((. . مِنْ نَفْسي. . فَكيف أطلِعُكم عَلَيْهَا)) ؟ .
قلتُ: وَقَول الأخفَش: ((المُسْتَخْفي: الظاهِرُ)) . . خطَأٌ عِنْد اللُّغَوِيِّينَ. وَالْقَوْل مَا قَالَ الفرَّاءُ.
وَأما ((الاختِفَاءُ)) فَلهُ مَعْنيانِ: أحدُهما: بِمَعْنى الاستخراج.
وَمِنْه قيل للنَّبَّاش: المُخْتفِي.
وَالثَّانِي: بِمَعْنى ((الاسْتخْفاء)) . . وَهُوَ الاسْتِتَار.
وَجَاء ((خَفيتُ)) . . بمعنيين متضادّين.
وَكَذَلِكَ ((أَخْفَيْتُ)) فِيمَا زعم أَبُو عُبَيْدَة.
وكلامُ الْعَرَب الجيِّدُ: أَن يُقَال: خفَيْتُ الشَّيْء أَخْفِيهِ _ أَي: أظهرْتُهُ.
وَقَالَ امرُؤُ القيْس:
(خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كأَنَّما ... خفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ سَحَابٍ مُرَكَّبِ)
وأَخْفِيتُ الشيءَ _ أَي: سَتَرْتُه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} [البَقَرَة: 284] .
مَعْنَاهُ: أَو تُسِرُّوهُ.
واختَفَيْتُ الشيءَ _ أَي: أظهرتَه، واستخْفَيْتُ مِنْهُ _ أَي: تَوَارَيتُ)) .
هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _ الْخَافِي: هُم الْجِنُّ. وَأنْشد:
(وَلاَ يُحَسُّ مِنَ الْخَافِي بهَا أَثَرُ ... )
وجَمْعُ ((الخافي)) : خوَافٍ.
قَالَ: والْخَوَافِي _ من السَّعف _: مَا دون ((الْقِلَبَةِ)) . وَأهل الْمَدِينَة يسمُّونها: ((العَوَاهِنَ)) .
قَالَ: والخَوَافِي: مَا دون الرِّيشات العَشْر. . من مقدّمِ الْجنَاح.
قَالَ: والخَفَاءُ _ مَمْدُود _ مَا خفِيَ عَلَيْك.
يُقَال: بَرِحَ الخَفَاءُ، وَذَلِكَ: إِذا ظهر وَصَارَ فِي بَرَاحٍ _ أَي: أَمْرٍ مُنْكَشِفٍ.
وَقيل: بَرِحَ الخَفَاءُ _ أَي: زالَ الخفاءُ.
والأوّل أَجْود.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُفْيَةُ: من قَوْلك: أَخفَيْت الشَّيْء _ أَي: سترْتُه.
وَيُقَال: خِفْيَةٌ _ بِكَسْر الْخَاء.
قَالَ: ولَقِيتُهُ خَفِيّاً _ أَي: سِرّاً.
والخَافِيَةُ: نَقِيضُ العَلانية.
قَالَ: والْخَفَا _ مَقْصُور _: هُوَ الشَّيْء الْخافي. . وَهُوَ: الموضِعُ الْخَافي.
وأَنْشَدَ:(7/243)
(وَعالِمِ السِّرِّ وعَالمِ الْخَفَا ... لَقَدْ مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرَّجا)
وَقَالَ أُمَيَّةٌ:
(تُسبِّحُهُ الطَّيْرُ الْكَوَامِنُ فِي الْخَفَا ... وَإِذْ هِيَ فِي جَوِّ السَّماءِ تَصَعَّدُ)
قَالَ: والْخِفَاءُ: رداءٌ تلبسه المرأةُ فوقَ ثِيَابهَا.
قَالَ: وكلُّ شَيْء غطَّيتَه بِشَيْء _ من كساءٍ أَو غِطاء _. . فَهُوَ خِفَاؤُهُ.
والجميعُ: الأَخْفِيةُ. وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّةِ:
(عَليْهِ زَادٌ وأَهْدَامٌ وأَخْفِيَةٌ ... قَدْ كَادَ يَحْتَزُّهَا عَنْ ظَهْرِه الْحَقَبُ)
قَالَ: و ((الْخَفِيَّة)) : غَيْضَةٌ ملتفَّةٌ يتَّخِذُها الأسَدُ عِرِينَه، وَهِي خَفِيَّتُهُ.
وَأنْشد:
(أسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفيَّةٍ ... تَساقَيْنَ سُمّاً كلُّهُنَّ خَوَادِرُ)
قَالَ: وَيُقَال: ((شَرًى)) و ((خَفِيَّةٌ)) : مَوْضِعَان. قَالَ: والْخَفِيَّةُ: بِئْرٌ كَانَت عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ، ثمَّ حُفِرَت.
والجميعُ: الْخَفَايَا. . والْخَفِيَّاتُ.
قَالَه ابنُ السكِّيت.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ و _ خَفِيَ البرقُ يَخْفَى خَفْياً _ إِذا بَرَق بَرْقاً ضَعيفاً.
قَالَ: وَقَالَ الكِسَائِيُّ: خَفَا يَخْفُو خَفْواً _ بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الوَمِيضُ أَنْ يُومِضَ البَرْقُ إيمَاضَةً ضَعِيفَة، ثمَّ يَخْفَى ثمَّ يُومِضُ، وَلَيْسَ فِيهِ يَأسٌ مِنْ مَطَر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْخَفُّ: اعْتِرَاض البَرْق فِي نواحي السَّمَاء.
والوَمِيضُ: أَن يَلْمعَ قَلِيلا ثمَّ يَسْكُنَ.
والعرَب تَقول: إِذا حَسُنَ من الْمَرْأَة خَفِيَّاها حَسُنَ سائِرُها.
يَعْنُون: رَخَامَةَ صَوتهَا وَأَثرَ وَطْئِها.
وخف: قَالَ اللَّيثُ: الْوَخْفُ: ضَرْبُك الْخَطْمِيَّ فِي الطَّسْتِ تُوخِفُهُ ليختلط.
تَقول: أَمَا عندَك وَخِيفٌ أَغسِلُ بِهِ رَأْسِي؟ .
وَقَالَ شَمِرٌ: أَوْخَفْتُ الْخَطْمِيَّ _ إِذا ضربتَه بِيَدِك ليصير غَسُولا.
وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بالْخَطْمِيِّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ _ فِي قَول الْقُلاَخِ:
(وأَوْخَفَتْ أَيْدِي الرِّجَالِ الْغِسْلا ... )
أَرَادَ خَطرانَ اليَدِ بالْفَخَارِ والكلامِ كأنَّه يضرِبُ غِسْلاً.
وَيُقَال: أَتَاهُ بلَبَنٍ مثلِ ((وِخَافِ)) الرَّأْس و ((وَخِيفِ)) الرَّأْس.
وَهُوَ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْس.
والْوَخِيفَةُ _ من طَعَام الْأَعْرَاب _: أَقِطٌ مَطْحُونٌ يُذَرُّ على مَاء، ثمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السمْنُ، ويضربُ بعضُه بِبَعْض، ثمَّ يُؤكلُ.
خفأ: قَالَ أَبُو زيد _ فِي كتاب ((الْهَمْزِ)) _: خَفَأْتُ الرجلَ خَفْئاً، وجَفَأْتُهُ جَفْئاً _ إِذا اقتلعتُه وضربتُ بِهِ الأرضَ.
بَاب الْخَاء وَالْبَاء
خَ ب (وايء)
خَابَ، خبأ، باخ، وبخ: مستعملة.(7/244)
بوخ: قَالَ اللَّيثُ: بَاخَتِ النَّار تَبُوخُ بَوْخاً وبُؤوخاً.
وأَبَاخَهَا الَّذِي يُخْمِدُها. وأَبَخْتُ الحربَ إِبَاخَةً.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيّ _ عَدَا الرجلُ حتَّى أَفْثَجَ وبَاخَ _ إِذا أَعْيَا وانْبَهَرَ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: ((بَاخَ)) الرجلُ ((يَبُوخُ)) _ إِذا سكَن غَضَبُهُ.
((وَبَاخَ)) الحَرُّ ((يَبُوخُ)) _ إِذا فَتَر.
وَقَالَ شَمِرٌ: بَاخَ الحرُّ _ إِذا سكَن فَوْرُهُ.
خيب: قَالَ اللَّيثُ: الْخَيْبَةُ: حِرْمَان الْجدِّ.
يُقَال: خَاب يَخيبُ خَيْبَةً. وخَيَّبَهُ الله تَخْيِيباً.
وَيُقَال: جعل الله سعي فلَان فِي خَيَّابِ ابنِ هَيَّابٍ وبَيَّابِ بن بَيَّابٍ _ فِي مَثَل للْعَرَب.
وَلَا يَقُولُونَ مِنْهُ: خَابَ وهَابَ.
قَالَ: والْخَيَّابُ: القِدْحُ الَّذِي لَا يورِي.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: خَابَ يَخُوبُ خَوْباً _ إِذا افتَقَر.
وَفِي الحَدِيث: ((نَعُوذُ بِاللَّه مِنْ الْخَوْبَةِ)) .
أَبُو عبيد: أصابتْهم خَوْبَةٌ _ إِذا ذهب مَا عندَهم، فَلم يبقَ عِنْدهم شَيْء.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ الْخَوْبَةُ والْقَوَايَةُ، والْخَطِيطَةُ: الأَرْض الَّتِي لم تُمْطَرْ.
وقَوِيَ المطَرُ يَقْوَى _ إِذا احتَبس.
وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَدْرِي ((مَا أَصابَتْهُمْ خَوْبَةٌ)) . . وأظنُّه ((حَوْبَةٌ)) .
قلتُ: والْخَوْبَة _ بِالْخَاءِ _ صَحِيح، وَلم يحفَظْه شَمِر.
وَيُقَال للجُوعِ: الْخَوْبَةُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(طَرُودٌ لِخَوْبَاتِ النُّفُوسِ الكَوَانِعِ ... )
سَلَمَةُ عَن الفرَّاء قَالَ: خَابَ _ إِذا خسِر، وخابَ _ إِذا كَفَر.
خبأ: قَالَ اللَّيثُ: خبَأْتُ الشَّيْء أَخبَؤُهُ خبْأً.
والْخَبْءُ: مَا خبَأْتَ من ذَخِيرَةٍ ليَوْم مَّا.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِي يخرج الخبء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} [النَّمل: 25] .
قَالَ الفرَّاء: ((الْخَبْءُ)) _ مهموزٌ _ وَهُوَ الغَيْب. . غَيْبُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَيُقَال: هُوَ الماءُ الَّذِي يَنزِلُ من السَّمَاء، والنَّبْتُ الَّذِي يخرجُ من الأَرْض.
وَفِي الحَدِيث ((اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِي خبَايَا الأرْضِ)) .
قيل: مَعْنَاهُ: الحَرْثُ، وإثارَة الأَرْض للزِّراعة.
وأصلُه: من الخَبْءِ. . الَّذِي قَالَ الله عزّ وجلّ: فِيهِ {يخرج الخبء} : وواحدةُ ((الخَبَايَا)) : خبِيئةٌ.
وَقَالَ الليثُ: امرأةٌ ((مُخَبَّأَةٌ)) .
وَهِي ((المُعْصِرُ)) قبل أَن تَتَزَوَّجَ.
وَقيل: المُخَبَّأَةُ هِيَ الْمُخَدَّرَةُ الَّتِي لَا بُرُوزَ لَهَا _ من الْجَوَارِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِبَاءُ: مَدَّتُهُ هَمْزةٌ _ وَهُوَ سِمَةٌ تُخْبَأ فِي موضِع خفِيٍّ من الناقةِ النَّجِيبَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ لُذَيْعَةٌ بالنَّار.(7/245)
والجميعُ أَخبِئَةٌ _ مهموزةٌ _.
قَالَ: والخِبَاءُ: من بُيُوت الْأَعْرَاب جَمْعُه أَخبِيَةٌ _ بِلَا همزٍ.
وتَخَبَّيْتُ كِسائي تَخبِّياً، وأَخبَيْتُ كِسائي _ إِذا جعلتَهُ خِبَاءً.
قَالَ: والخِبَاءُ: غِشَاءُ البُرَّةِ والشعيرَةِ فِي السُّنْبُلَةِ.
ذكَرَه النَّضْرُ عَن الطَّائفيِّ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: مِن الأَبْنِيَةِ: الخِبَاءُ. . وَهُوَ من الوَبَر أَو الصُّوف.
وَلَا يَكونُ من شَعَرٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: الخِباءُ بَيْتٌ صغيرٌ. . من صوفٍ، أَو من شَعَرٍ.
وَإِذا كَانَ أكبرَ من الخِبَاء فَهُوَ بيتٌ.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيدٍ _: يُقَال _ من الخِبَاءِ _: أَخبَيْتُ إخباءً _ إِذا أردتُ المَصْدرَ إِذا عمِلْتُه.
وتَخَبَّيْتُ أَيْضا.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيُّ: أَخبَيتُ، وَقَالَ الكسائيُّ: خبَّيْتُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الخَابِيَةُ: أصلُها الهمزُ. . مِن ((خبَأْتُ)) .
قلتُ: العربُ تَتْرُكُ الهمزَ فِي ((أَخبَيْتُ)) وَ ((خبَّيْتُ)) وَفِي ((الخَابِيَةِ)) لكثْرتها فِي كَلَامهم اسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَ.
وَيُقَال: خبَتِ النارُ _ إِذا خَمَدَ لَهبُها وسَكَنَ _ ((خبُوّاً)) فَهِيَ ((خابيَةٌ)) . وَقد ((أَخْبَأَها الْمُخْبِىءُ _ إِذا أخمدها.
وَقَالَ الليثُ: ((خبَتْ حِدَّةُ النَّار)) : مِثْلُه.
وبخ: أهمل الليثُ ثُلاَثيَّهُ، واستُعْمِلَ مِنْهُ ((التَّوبيخُ)) . . وَهُوَ اللَّوْمُ.
يُقَال: وَبَّخْتُ فُلاناً بسوءِ فعله تَوْبيخاً _ إِذا أَنَّبْتُهُ تَأْنِيباً.
بَاب الْخَاء وَالْمِيم
خَ م (وايء)
خام، ماخ، مخى، ومخ، وخم، خيم: مستعملة:
خيم _ (خام) : قَالَ اللَّيْث: تَقول: خامَ الرجلُ يَخِيمُ _ إِذا كادَ يَكِيدُ كَيْداً فرَجع عَلَيْهِ ولمْ يَرَ فِيهِ مَا يُحِبُّ، ونَكَلَ ونَكَصَ.
وَكَذَلِكَ: إِذا خامُوا فِي الحَرْب، فلمْ يَظْفَرُوا بخَيْرٍ وضَعُفُوا.
وَأنْشد:
(رَمَوْنِي عَنْ قِسيِّ الزُّورِ حَتَّى ... أَخامَهُمُ الإلَهُ بهَا فَخَامُوا)
أَبُو عُبيدٍ _ عَن أبي عَمْرو _: الْخَائِمُ: الجَبَانُ. . وَقد خامَ يَخِيمُ.
وَقَالَ الفرّاءُ وابنُ الأعرابيِّ: الإخامةُ: أَن يُصِيبَ الإنسانَ _ أَو الدَّابة _ عَنَتٌ فِي رِجله فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُمَكِّنَ قَدَمَهُ من الأَرْض فيُبْقِي عَلَيْهَا.
يقالُ: إِنَّه لَيُخيمُ إحْدَى رِجْليْهِ.(7/246)
وَقَالَ أَبُو عُبيدةَ: الإخامةُ _ للفَرَس _: أَن يَرفعَ إحدَى يَدَيْهِ، أَو إحدَى رِجْلَيه. . عَلَى طَرَفِ حافِرِه.
وَأنْشد الفرَّاءُ:
(رَأَوْا وَقرَةً فِي عَظْمِ سَاقي فحاوَلُوا ... جُبُورِيَ لَمّا أَنْ رَأَوْنِي أُخِيمُها)
وَفِي الحَدِيث: ((مَثَلُ الْمُؤْمِن مَثَلُ الخَامَةِ من الزَّرْعِ. . تُمِيلُها الرِّيحُ مَرَّةً هَا هُنَا ومرّةً هَهُنَا)) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الخَامةُ: الغَضَّةُ الرَّطْبَةُ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(إنَّما نَحْنُ مِثْلُ خامَةِ زَرْعِ ... فمتَى يَأْنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهُ)
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: قَالَ: الخَامةُ: السُّنْبُلَةُ. . وجَمْعُها: خَامٌ.
قَالَ: والخامةُ: الفُجْلَةُ.
وجمعُها: خامٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ الضَّرِيرُ: إِن كانتِ ((الخَامةُ)) مَحْفُوظَة فليستْ مِنْ كَلَام الْعَرَب.
قلتُ: ابنُ الأعرابيِّ أَعْلَمُ بِكَلَام الْعَرَب مِنْ أَبِي سعيد، وَقد جَعَلَ ((الخامة)) من كَلَام الْعَرَب بِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَين.
أَبُو عبيد: الخِيمُ: الشِّيمَةُ. . وَهِي الطبيعة والخُلُق.
وَقَالَ غَيره: خِيمُ السَّيف: فِرِنْدُهُ.
و ((خِيمٌ)) : موضعٌ بِعَيْنه.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَيْمَة لَا تكون إلاَّ مِنْ أَرْبَعَة أَعْوَادٍ، ثمَّ تُسَقَّفُ بالثُّمام، وَلَا تكونُ من ثيابٍ.
قَالَ: وَأما المظَلَّةُ فَمن الثِّياب وَغَيرهَا.
وَيُقَال: مِظَلَّةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو -: الْخَيْمُ: عِيدَانٌ يُبنى عَلَيْهَا الخِيامُ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(فَلَمْ يَبْقَ إلاَّ آل خَيْمٍ مُنَضَّدٍ ... وسُفْعٌ عَلَى آسٍ وَنُؤْيٌ مُعَثْلِبُ)
وَالْعرب تَقول: خيَّمَ فلَان خيْمَةً _ إِذا بَنَاها. . وتَخَيَّمَ _ إِذا أَقَامَ فِيهَا.
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
(وَضَعْنَ عِصِيَّ الْحَاضِرِ المتَخَيِّمِ ... )
وخيَّمَتِ البقرةُ: أَقَامَت فِي كِنَاسها. . فَلم تَبْرَحْه.
قَالَه اللَّيْث.
قَالَ: والخَيْمَةُ _ مستديرَةً _ بَيْتٌ من بيُوت الْأَعْرَاب.
وَأنْشد:
(أَوْ مَرْخةٌ خيَّمَتْ فِي أَصْلِهَا البقَرُ ... )
قَالَ: وتَخَيَّمَتِ الرِّيحُ الطيِّبة فِي الثَّوْب _ إِذا عَبِقَتْ بِهِ.
قَالَ: وخَيَّمْتُهُ أَنا: غَطَّيْتُهُ كي يَعْبَقَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(مَعَ الطِّيبِ المخيِّم فِي الثِّيَابِ ... )
قَالَ: والخِيمُ: سَعَةُ الخُلُقِ.
وخم: قَالَ اللَّيْث: الوَخيمُ: الأرضُ الَّتِي لَا ينْجَعُ كَلَؤُها. . وَكَذَلِكَ الوَبيلُ.(7/247)
قَالَ: وطعامٌ وَخِيمٌ: غيرُ موَافِقٍ، وَقد وَخُمَ وَخامَةً _ إِذا لم يُسْتَمْرَأْ.
قَالَ: واسْتَوْخَمْتُهُ، وتَوَخَّمْتُه.
وَأنْشد:
(إلَى كَلإ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخَّمِ ... )
قَالَ: وَمِنْه اشْتُقَّتِ التُّخْمَةُ.
ثال: تَخِمَ يَتْخَمُ، وتَخَمَ يَتْخِمُ واتَّخَمَ يَتِّخِمُ.
قَالَ: وأصل التُّخَمَةِ: وُخَمَةٌ. . فَحُوِّلَتِ الواوُ ((تَاءً)) .
كَمَا قَالُوا: ((تُقَاة)) . . وأَصْلُها: ((وُقَاةٌ)) .
وتَوْلَجٌ _ وأصلُه: ((وَوْلَجٌ)) .
قَالَ: والوَخَمُ: داءٌ _ كالبَاسُورِ _ يخرُج بِحَيَاءِ النَّاقة _ عِنْد الْولادَة _ حتَّى يُقْطَعَ مِنْهُ.
والناقة وَخِمَةٌ _ إِذا كَانَ بهَا ذَلِك.
قَالَ: ويُسَمَّى ذَلِك البَاسُورُ: الوَذَمَ.
ومخ: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الوَمَخَةُ: العَذْلَةُ المُحْرِقَةُ.
قلتُ أصْلُها الوَبْخَةُ. . فقُلِبَتِ ((البَاء)) مِيماً لقُربِ مَخرَجَيْهما.
ميخ: قَالَ اللَّيْثُ: مَاخَ يَمِيخُ مَيْخاً وتَمَيَّخَ تَمَيُّخاً: وَهُوَ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْي.
قلتُ: هَذَا غلَطٌ، والصَّواب: ماَحَ يَمِيحُ _ بِالْحَاء _ إِذا تَبَخْتَرَ.
وَقد مرَّ فِي ((كتاب الْحَاء)) .
وَأما ((ماخَ)) : فإنَّ أحمدَ بن يحيى رَوَى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ: المَاخُ: سكُون اللَّهَبِ.
ذَكَرَه فِي بَاب ((الْخَاء)) . وَقَالَ فِي موضعٍ آخرَ: مَاخَ الغضبُ وغيرُه _ إِذا سكن. قلتُ: والميمُ فِيهِ مُبْدَلةٌ من الْبَاء.
يُقَال: بَاخَ حَرُّ اللَّهب ومَاخَ _ إِذا سكن وفَتَر حَرُّه.
مخى: أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بِخَطِّهِ لابنِ بُزُرْجَ. . فِي ((نوادره)) : تَمَخَّيْتُ إِلَى فلَان _ أَي: اعتذَرْتُ.
وَيُقَال: امْخَيْتُ إِلَيْهِ.
وَأنْشد الأصمعيُّ:
(وَلَمْ تُرَاقِبْ مَأْثماً فَتَمَّخِهْ ... مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ مِنْ تَشَيُّخِهْ)
(أَشْهَبَ مِثْلَ النّسْرِ بَيْنَ أفْرُخِهْ ... )
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال: امّخَى _ من ذَلِك الْأَمر. . امِّخَاءً _ إِذا حَرِج منْه تأثُّماً.
والأصلُ: ((انْمَخَى)) .(7/248)
بَاب لفيف حرف الْخَاء
خوخ، خَاخ، وخوخ، خوى، وخى، أَخ، أَخِيه، أخيخة، خوّ: مستعملة:
خوخ: قَالَ الليثُ: الْخَوْخَةُ: مُخْتَرَقُ بَين بَيْتَيْنِ أَو دارَيْن لم يُنصَب عَلَيْهِمَا بابٌ _ بلغَة أهل الْحجاز.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ أنّه قَالَ: ((لاَتَبْقَى خَوْخَةٌ فِي المَسْجِدِ إِلاَّ سُدُّتْ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ)) الصِّديق رَضِي الله عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: وناسٌ يُسَمُّون هَذِه الأبوابَ _ الَّتِي تسمِّيها العجمُ ((بَنْجَرْقَاتْ)) : خَوْخَاتٍ.
قَالَ: والخَوْخَةُ: ثَمَرَةٌ.
والجميعُ: خَوْخٌ.
قَالَ: وضَرْبٌ من الثِّيَابِ أَخْضَرُ يُسَمِّيه أهلُ مكّةَ: الخَوْخَةَ.
قَالَ: والخَوْخاءةُ: الرجلُ الأحمقُ وجمعُه: الْخَوْخَاؤُونَ.
قلت: وَالَّذِي حَفِظْنَاهُ وحصَّلناه للثِّقَاتِ: الْهَوْهَاءَةُ: الجَبانُ الأحمق _ بالهاءِ _ ولعلَّ الْخاء فِيهِ لُغةٌ.
وخوخ: قَالَ اللَّيْث: الوَخْوَخةُ: حكايةُ بعضِ أَصْوات الطَّير.
قَالَ. والوَخْوَاخُ: الكَسِلُ الثَّقِيلُ.
وَأنْشد:
(لَيْسَ بِوَخْوَاخٍ ولاَ مُسَنْطِلِ ... )
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الوَخْوَاخُ: الكَسْلانُ عَن الْعَمَل.
قَالَ: وَيُقَال للرجل العِنِّينِ: وَخْوَاخُ. وذَوْذَخ.
وخ: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الوَخُّ: الأَلَمُ، والوَخُّ: القَصْدُ. والْخَوُّ: الجُوع.
قلتُ: وكلُّ وَادٍ واسعٍ _ فِي جوٍّ سهلٍ. . فَهُوَ خَوٌّ وخَوِيٌّ.
والخَوَّانِ: وادِيَانِ معروفان فِي دِيار بَنِي تَمِيمِ. و ((يومُ خَوٍّ)) : يومٌ _ من أَيَّام العرَبِ _ معروفٌ.
خوى: قَالَ الله جلّ وعزّ: _ فِي قِصَّةِ عَادٍ _: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية} [الحاقَّة: 7] .
وأعجَازُ النَّخْلِ: أُصُولُهَا.
وَقيل: ((خَاوِيةٌ)) نعتٌ للنَّخْل. . لأنَّ ((النَّخْلَ)) يُذَكَّرُ ويُؤنَّثُ.
وَقَالَ جلّ وعزّ فِي موضعٍ آخرَ: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر} [القَمَر: 20] .
و ((الْمُنْقَعِرُ)) : المُنْقَلِعُ من مَنْبِتِه. وَكَذَلِكَ: ((الْخَاوِيَةُ)) . . مَعْنَاهَا: مَعْنَى المُنْقَلِعِ.(7/249)
فَقيل لَهَا إِذا انقَلَعَتْ _: ((خَاوِيَةٌ)) . . لِأَنَّهَا خَوَتْ من مَنْبَتِهَا الَّذِي كَانَت نبتَتْ فِيهِ، وخَوَى منبِتُها مِنْهَا.
وَمعنى (خَوَتْ)) _ أيْ: خَلتْ كَمَا تَخْوِي الدَّارُ خُوِيّاً _ إِذا خَلَتْ مِن أهلِها.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيدٍ _: ((خَوَتِ الدَّارُ)) تَخْوِي خُوِيّاً _ إِذا خَلَتْ.
وَقَالَ الكسائيُّ: مِثلَهُ.
قَالَ: ويَجوزُ: ((خَوِيَتِ الدَّارُ)) .
وَقَالَ الأصمعيُّ: خوَى البيتُ يَخْوَى خَوَاء _ ممدُودٌ _ إِذا مَا خلا من أهلِه.
وَيُقَال: دخل فلانٌ فِي خَوَاءِ فرسِه _ يَعْنِي مَا بَينَ يَدَيْهِ ورِجْليه.
أَبُو زيد: خَوَتِ النُّجُومُ تَخْوِي خَيّاً _ إِذا أَمْحَلَتْ فَلم تُمْطِرْ.
وخَوَّتْ تخْوِيَةً _ إِذا مالتْ للمغِيب.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ أَيْضا _ عَن أَصْحَابه _: خَوَتِ النُّجُومُ وأَخْوَتْ _ إِذا سَقَطَتْ وَلم تُمْطِر. . فِي نَوْئِها.
وَأنْشد الفرّاء:
(وأَخْوَتْ نجُومُ الأخْذِ إلاَّ أَنِضَّة ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ قاطِرُهَا يُثْرِي)
أَبُو زيد: خَوَّتِ الإبلُ تَخْوِيَةً _ إِذا خَمُصَتْ بطونُها، وارتفعَتْ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إذَا سَجَدَ خَوَّى)) .
وَمَعْنَاهُ: أَنه جَافَى بطنَه عَن الأَرْض وعضُدَيْهِ _ عَن جَنْبَيه.
وَمِنْه يُقَال للناقة _ إِذا بَرَكَتْ فَتجَافَى بطنُها فِي بُروكها _ لضمُورها _: قد خَوَّتْ.
وَأنْشد أَبُو عُبيدٍ فِي صفةِ ناقةٍ ضامرِ:
(ذاتَ انْتِبَاذٍ عَنِ الحَادِي إِذا بَرَكَت ... خَوَّتْ عَلَى ثَفِنَاتٍ مُحْزَئِلاَّتِ)
((مُحْزَئِلاَّتٌ)) : مُرْتَفِعاتٌ متجافياتٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: خَوِيَتِ المرأةُ ((خَوًى)) _ إِذا لم تَأْكُلْ عِنْد الْولادَة.
وَقَالَ الأصمعيُّ: خَوِيَ الرجلُ تخْوِي خوًى: إِذا قلَّ الطعامُ فِي بَطْنه فَضَعُفَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: خوَّيْتُ للْمَرْأَة _ إِذا عَمِلْتُ لَهَا خوِيَّةً تأكلُها.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال للْمَرْأَة: ((خُوِّيتْ)) وَهِي تُخَوَّى تَخْوِيَةً.
وَذَلِكَ إِذا حُفِرَتْ لَهَا حُفَيْرَةٌ ثمَّ أُوقِدَ فِيهَا، ثمَّ تَقْعُدُ فِيهَا من داءٍ تجدُه.
قَالَ: وَيُقَال للطائر _ إِذا أَرَادَ أَن يقعَ فيبسُطَ جناحيْهِ ويَمُدَّ رجلَيْهِ _: قد خَوَّى تَخوِيَةً.
وَقَالَ غَيره: خَوَاءُ الأَرْض _ ممدودٌ _: بَرَاحُها.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم _ يصف فرسا طويلَ القوائم _:
(يَبْدُو خَوَاءُ الأَرْضِ مِنْ خَوَائِهِ ... )
وَيُقَال لما يَسُدُّه الفرسُ بذَنَبه من فُرْجَة مَا بَين رجلَيْهِ: خَوَايَةٌ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(فَسَدَّ بِمَضْرَحِيِّ اللَّوْنِ جَثْلٍ ... خَوَايَةَ فَرْجِ مِقْلاَتٍ دَهِينِ)(7/250)
أَي: سَدَّتْ مَا بينِ فَخِذَيها بذنَبٍ مَضْرَحِيِّ اللونِ.
وخَوَى البيتُ _ إِذا انْهَدم.
وقالتْ خَنْسَاءُ:
(كانَ أَبُو حَسَّانَ عَرْشاً خَوَى ... مِمَّا بَنَاهُ الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ)
((خَوَى)) _ أَي: انْهَدم ووقَع.
وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {أعجاز نخل خاوية} [الحَاقَّة: 7] .
وَقَوله عزّ وجلّ: {وَهِي خاوية على عروشها} [البَقَرَة: 259] .
وَقَالَ الليثُ: خَوَتِ الدَّار _ أَي: بَادَ أهلُها وَهِي قَائِمَة بِلاَ عامِر.
والخَوِيُّ _ عَن الأصمعيِّ _: الْوَادي السهلُ البعيدُ.
وَأنْشد بَعضهم قَول الطِّرِمَّاحِ:
(وَخَوِيٌّ سَهلٌ يُثِيرُ بِهِ القَوْمُ ... رِبَاضاً لِلْعِينِ بَعْدَ رِبَاضِ))
يَقُول: يمرُّ الرُّكبان بالْعِين فِي مرَابضها فتُثِيرُها مِنْهَا.
و ((الرِّبَاضُ)) : البقرُ الَّتِي رَبَضَتْ فِي كُنُسِها.
خَاخ: خاَخٌ: اسمُ مَوضِع يُقَال لَهُ: ((رَوْضَةُ خَاخ)) ، بَين الحرَمَيْنِ.
وَكَانَت المرأَة الَّتِي أدْركهَا عليٌّ والزُّبَيْرُ رَضِي الله عَنْهُمَا وأخذا مِنْهَا كتابا كتبه حَاطِبُ بنُ أبي بَلْتَعَةَ مَعهَا أهل مَكَّة. . إنَّما أَدْرَكَاهَا برَوْضَةِ خَاخٍ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: الْخُوَيخِيَةُ الدَّاهِيَةُ _ وَالْيَاء مخفَّفةٌ.
وأنشدنا لِلَبِيدٍ:
(وَكُلُّ أُناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْتَهُمْ ... خُوَيْخِيَةٌ تَصْفَرُّ مِنْها الأنَامِلُ)
وَقَالَ شَمِرٌ: لم أسمعْ ((خُوَيْخَيةٌ)) إلاَّ لِلَبيد.
قلتُ: وَهُوَ حَرْفٌ غَرِيب، وَأَبُو عمرٍ وثِقَةٌ.
وَرَوَاهُ بَعضهم ((دْوَيْهِيَةٌ)) .
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الضُّوَيْضِيَةُ: الدَّاهِيَة.
وَكَذَلِكَ: الضُّوَاضِيَةُ.
قلت: وَهَذَا غَرِيب _ أَيْضا _.
وخى: سمِعْتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب الفُصَحاء يَقُول للرجل _ إِذا هداه لصَوْبِ بلدٍ يأْتمُّه _: أَلاَ. . وخُذْ على سَمْتِ هَذَا الوَخِيِّ _ أَي: على هَذَا القَصْدِ والصَّوْبِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: وَخَى فلانٌ يَخِي وَخْياً إِذا توَجَّهَ لِوَجْهٍ.
وَأنْشد الأصمعيُّ:
(قَالَتْ وَلَمْ تَقْصِد لَهُ وَلَمْ تَخِهْ ... )
أَي: لم تَتَحَرَّ فِيهِ الصوابَ.
قلتُ: التَّوَخِّي للحقِّ _ بِمَعْنى التَّحَرِّي _: مأخوذٌ من هَذَا.
يَقُول الرجل لصَاحبه: تَوَخَّيْتُ فِيمَا أتَيْتُه محبَّتَك _ أَي: تحرَّيْتُ.
وربَّما قلَبُوا الواوَ ألِفاً. فَقَالُوا: تَأَخَيْتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَوَخَّيْتُ أَمْرَ كَذَا _ أَي: تَيَمَّمْتَهُ.
وَإِذا قلتَ: وخَّيْتُ فلَانا لأمر كَذَا عَدَّيْتَ فِيهِ الفِعلَ. . إِلَى غَيره.(7/251)
وَيُقَال: عَرَفْتُ وَخْيَ الْقَوْم، وَخِيَّتَهُمْ وأَمَّهُمْ وإِمّتَهُم _ أَي: قَصْدَهم.
أخى: وَقَالَ الليثُ: الأخِيَّةُ: عُودٌ يُعرَض فِي الْحَائِط. . تُشَدُّ إِلَيْهِ الدّابَّة.
وجَمْعُها: الأَوَاخِيُّ، والأخَايَا.
وَفِي الحَدِيث: ((لَا تَجْعَلُوا ظُهُورَكُمْ كَأَخايا الدّوَابِّ)) . . يَعْنِي فِي الصَّلاة.
أَي: لَا تُقَوِّسوها فِي الصَّلَاة حَتَّى. . تصيرَ كهذه العُرَا.
قَالَ: ولفلانٍ عِنْد الْأَمِير أَخيَّةٌ ثابتةٌ.
والفعلُ أَخَّيْتُ أَخِيَّةً وتَأخِيَةً.
قَالَ: وتأَخَيْتُ أنَا. . اشتقاقُه: ((من آخيَّةِ)) العُود، وَهِي فِي تَقْدِير الفِعِل: ((فاعُولَةٌ)) .
قَالَ: وَيُقَال: آخِيَةٌ _ بالتَّخْفِيفِ.
قلتُ: وسمعتُ العربَ تقولُ للحَبْل _ الَّذِي يُدْفَنُ تحتَ الأَرْض _ مَثْنِيّاً _ ويُبْرَزُ طرَفاه الْآخرَانِ. . شِبْهُ حَلْقَةٍ، وتُشَدُّ بِهِ الدَّابةُ _: أَخيّةٌ.
وجمعُها: أَوَاخِيُّ، وأَخَايَا _ كَمَا قَالَ الليثُ _ مِثلُ خَطِيئَةٍ وخَطَايَا _ وعِلّتُها كعلَّتِها، وَقد مرَّ تفسيرُها.
وَهِي الأَوَارِيُّ. . والأواخِيُّ.
وَقد تُخَفَّفُ الياءُ مِنْهُمَا.
ونحوَ ذَلِك قَالَ الأصمعيُّ _ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو حاتمٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَرَّانيُّ _ عَن ابْن السِّكِّيت.
وَقَالَ لي أَعرابيٌّ: أَخٍّ لي أَخيَّةً أَرْبِطُ إِلَيْهَا مُهْرِي.
وَإِنَّمَا تُؤَخَّى الأَخِيَّةُ فِي سهولةِ الأرَضِينَ. . لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِالْخَيْلِ من الأوْتاد النَّاشِزَةِ أَطرافُها عَن وَجه الأَرْض وَهِي أَشدُّ رُسوباً فِي بطن الأَرْض السَّهلِة. . من الوَتد.
وَيُقَال لَهَا: الإدْرَوْنُ.
وجمعُه: الأدَارِينُ.
ورَوَى أَبُو سعيد الْخُدْرِيُّ _ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَالإِيمَانِ كَمَثَلَ الْفَرَسِ فِي أَخِيَّتِهِ. . يجُولُ ثمَّ يَرْجِعُ إلَيْهَا. وإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو ثُم يَرْجِعُ إلَى الإيمَانِ)) .
أَخيخة: قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الأخِيخَةُ: دقيقٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءٌ ويُبْرَقُ بِزَيْتٍ أَو بِسَمْنٍ ويُشربُ.
وَلَا يكون إلاَّ رقِيقاً.
وَأنْشد:
(تَصْفِرُ فِي أَعْظُمِهِ الْمَخِيخَةْ ... تَجشُّؤَ الشَّيْخِ عَنْ الأَخِيخَهْ)
قَالَ: شُبِّه صوتُ مَصِّه العظامَ _ الَّتِي فِيهَا الْمُخُّ. بجُشَاء الشَّيْخ. . لِأَنَّهُ مُسْترْخِي الْحَنَكِ واللَّهَوَاتِ. . فَلَيْسَ لِجُشائِهِ صوتٌ.
قلتُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابنُ دُرَيْدٍ فِي ((الأخِيخَةِ)) : صَحِيح، سُميت أَخِيخَة بحكاية صوتِ المتَحَسِّي لَهَا _ إِذا تحسَّاها رَقيقةً.
أَخ: وأنشدنا المنذريُّ _ فِيمَا رَوَى لنَا عَن أَحْمد بنِ يَحْيَى عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه أَنْشده:
(وَانْثَنَتِ الرِّجْلُ فَصَارَتْ فَخَّا ... وَصَارَ وَصْلُ الْغانِيَاتِ أَخَّا)
((أَخّاً)) _ أَي: قَذِراً.(7/252)
قَالَ: وأنشدنِيه أبُو الْهَيْثَم ((إِخَّا)) _ بالكسْرِ _ وقالَ: هُوَ الزَّجْرُ.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: أَخُّ: كلمةٌ تُقال عَن التَّأَوه.
قَالَ: وزعمَ بعضُ الْعَرَبِ أَنه يقالُ لِلأَخِ: ((أَخٌّ)) _ مُثَقَّل.
قَالَ: ذَكَرَه ابْن الْكَلْبيِّ.
وَلَا أَدْرِيَ مَا صِحَّتُه؟
وَقَالَ ابنُ الْمُظَفِّرِ: قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَال: ((الأخُ)) للْوَاحِد. . والاثْنَان: إِخَوَانِ والجميع: أَخْوَانٌ وإخْوَةٌ.
قَالَ: وتقولُ: بَيني وَبَينه: أُخُوَّةٌ وإِخَاءٌ.
وتقولُ: آخَيْتُهُ. . على ((فَاعَلتُهُ)) . ولغةُ طَيِّيءٍ: وَاخَيْتُهُ.
وتقولُ: هَذَا رجلٌ مِنْ آخَائي. . على وزن ((أَفْعَالِي)) _ أيْ: إخْوَاني.
وقدْ قالهُ أَبُو زيدٍ.
قَالَ: ويقالُ: ((تركتُه بأَخِي الْخَيْر)) _ أيْ: تركتُه بِشَرٍّ.
وَقَالَ الْخَلِيل: تأنيثُ الأخِ: ((أُخْتٌ)) وتاؤها ((هاءٌ)) والاثنتين: أُخْتَان والجميع: أَخَوَاتٌ.
قَالَ: و ((الأخُ)) كَانَ تأسيسُ أصل بنائِهِ على ((فَعَلٍ)) _ ثلاثةُ مُتحرِّكاتٍ وَكَذَلِكَ: ((الأبُ)) .
فاسْتَثْقَلوا ذَلِك، فأَلْقَوُا الواوَ، وفيهَا ثلاثَة أَشياء: حرفٌ وصرفٌ وصَوْتٌ.
فربَّما أَلْقَوا الواوَ والْيَاءَ بصرفِها فأَبْقَوْا مِنْهَا الصوتَ، واعْتمد الصوْتُ على حَرَكَة مَا قَبْلَه.
فَإِن كَانَت الحركةُ فَتْحة صَارَ الصوتُ مِنْهَا ((ألِفاً لَيِّنَةً)) .
وَإِن كَانَت ضَمَّةً صَارَ مَعهَا ((واواً لَيِّنَةً)) .
وإنْ كَانَت كسرةً صارَ مَعهَا ((يَاءً لَيَّنةً)) .
فاعْتمدَ صوتُ وَاو ((الأَخِ)) على فتْحَةِ الخَاءِ، فصارَ مَعَها أَلِفاً لَيِّنةً _ ((أَخَا)) _ وكَذلكَ ((أَبَا)) . . فأَمَّا الألفُ اللّيِّنةُ فِي موضعِ الْفَتْح _ كَقَوْلِك ((أَخَا)) ، وكَذلك ((أَبَا)) فَكأَلِفِ ((رَبَا، وغَزَا)) .
وَنَحْو ذَلِك _ وَكَذَلِكَ أبي _ ثمَّ أَلْقَوُا الألِفَ استِخفافاً _ لكثرةِ استعمالهم _ وبقيتِ ((الْخَاءُ)) على حركتها فَجَرَتْ على وجوهِ النَّحْو لِقِصَرِ الِاسْم.
فَإِذا لم يُضيفوهُ قوَّوْهُ بِالتَّنْوِينِ، وَإِذا أضافوا لم يحسُنِ التنوينُ فِي الْإِضَافَة فقوَّوْهُ بالمدِّ. . فَقَالُوا ((أَخُو. . وأَخَا وَأَخِي)) .
تَقول: أَخُوك أَخُو صِدقٍ _ وأَخُوك أَخٌ صالحٌ.
فَإِذا ثنُّوْا. . قَالُوا: أَخَوَانِ وأَبَوَانِ لِأَن الإسم متحرِّكُ الْحَشْوِ، فَلم تصِرْ حركتُه خَلَفاً من ((الْوَاو) السَّاقطةِ _ كَمَا صارتْ حرَكةُ الدَّالِ من ((الْيَدِ)) وحركةُ الْمِيم من ((الدَّمِ)) . . فَقَالُوا ((دَمَانِ، ويَدَانِ)) .
وَقد جاءَ فِي الشّعْر ((دَمَيَان)) . . كَقَولِ الشاعرِ:(7/253)
(فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا ... جَرَى الدَّمَيَانِ بِالْخَبَرِ الْيَقِينِ)
وَإِنَّمَا قَالَ: ((الدَّمَيَانِ)) على ((الدَّمَا)) كقولكَ: دَمِيَ وجهُ فُلانٍ أشدّ الدَّمَا. . فَحُرِّكَ الْحَشْوُ.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: ((أَخَوَانِ)) وهم ((الإخْوَةُ)) _ إِذا كَانُوا لأبٍ _ وهمُ ((الإخْوَانُ)) _ إِذا لم يَكُونُوا لأبٍ.
قلتُ: هَذَا خطأ _ الإخْوَةُ و ((الإخْوَانُ)) يكونونَ إخْوَةً لأبٍ، وإِخْوَةً للصَّفَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ أهل البَصْرةِ أَجْمَعُونَ: ((الإخْوَةُ)) : فِي النَّسبِ، و ((الإخْوَانُ)) : فِي الصداقةِ.
تَقول: قَالَ رَجلٌ. . من إخْوَانِي وأَصدقائي.
فإِذَا كَانَ أَخَاهُ فِي النَّسَبِ. . قَالُوا: إخْوَتِي.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَهَذَا خَطَأ وتخليطٌ.
يُقَال للأصدقاءِ وَغير الأصدقاءِ: إخْوَةٌ وإخْوَانٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة} [الحُجرَات: 10] وَلم يَعْنِ النّسَب.
وَقَالَ: {أَو بيُوت إخْوَانكُمْ} [النُّور: 61] وَهَذَا فِي النّسَب.
وَقَالَ: {فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} [الأحزَاب: 5] .
وَقَالَ اللَّيْث: الإخَاءُ: المُؤَاخَاةُ والتّآخِي والأخُوَّةُ: قَرَابَة الأخِ، والتّآخِي: اتِّخاذُ الإخْوَانِ.
وَيُقَال: بَينهمَا إخَاءٌ وأُخُوَّةٌ: ونحوُ ذَلِك.
وآخَيْتُ فلَانا مُؤَاخَاةً وإخَاءً.
و ((الأُخْتُ)) كَانَ حدُّها ((أخَةً)) فَصَارَ الإعرابُ على الهاءِ والْخَاءُ فِي مَوضِع رَفْع _ وَلكنهَا انفتحتْ لحالِ هَاء التأنيثِ فاعْتَمدتْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَا تعتمدُ إلاّ على حرفٍ متحرِّكٍ بالفتحةِ، وأُسْكِنَتِ الخاءُ فَحُوِّلَ صَرْفُها على الألِف وَصَارَت الهاءُ تَاء _ كأَنَّهَا من أصلِ الْكَلِمَة _ وَوقع الإعرابُ على التَّاء، وأُلْزِمَتِ الضمَّة _ الَّتِي كَانَت فِي الْخَاءِ _ الألِفَ.
وَكَذَلِكَ نحوُ ذَلِك فافْهَمْ.
وَقَالَ بعضُ النَّحْوِيِّينَ: سُمِّيَ الأخُ أَخا لأنَّ قصدَه قصدُ أَخِيهِ.
وأصلُهُ: من ((وَخَى يَخِي)) _ إِذا قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ همزَة.
وَفِي الحَدِيث ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخَى بَيْنَ الْمهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ)) _ أَيْ: ألّفَ بَيْنَهُمْ بِأُخُوَّةِ الإسلاَمِ والإيمَانِ.
وقرأْتُ فِي كتاب ((النوادرِ)) لابْنِ هانِىء _ عَن أبي زيْدٍ: يُقَال: ((خَايِ بِكَ علينا)) _ أَي: اعْجَلْ علينا. . غيرُ مَوصُولٍ.
وأسْمَعَنيهُ الإيادِيُّ لِشَمِرٍ _ عَن أبي عبيد _: ((خَايِبكَ علينا)) .
وصلَ الياءَ بالبَاءِ فِي الكتابِ.
والصوابُ: مَا كُتِبَ ((فِي كتَابِ ابنِ هَانِىءٍ)) .(7/254)
يقالُ خَاي بِكَ علينا، وخَايِ بِكُمَا، وخَايِ بِكُمْ، وخَايِ بِكِ: اعْجَلِي وخَايِ بِكُما: اعْجِلاَ، وخايِ بكُنَّ: اعجلن.
كلُّ ذَلِك بلفظٍ واحداٍ إلاَّ الكافَ، فَإنَّك تُثَنِّيهَا وتَجْمَعُهَا.
وَقَالَ الكُمَيْتُ:
(بِخَايِ بِكَ الْحَقْ يَهْتِفُونَ وَحَيَّهَلْ ... )
قَالَ: الياءُ متحركةٌ غيرُ شَدِيدَة، والألفُ ساكنةٌ.(7/255)
بِسْمِ اللَّهِ الرِّحْمَنِ الرَّحِيمٍ
أَبْوَاب رباعي حرف الْخَاء
بَاب الْخَاء وَالْقَاف
[خَ ق]
دمخق: قَالَ اللَّيْث: دَمْخَقَ الرجلُ يُدَمْخِقُ دَمْخَقَةً _ فِي مِشْيَتِه، وَهُوَ الثقيل _ فِي مِشْيَتَه. . الحَدِيدُ _ فِي تكلفه.
ومثلُه اشتقاقُ الفِعْلِ.
فَمَا كَانَ من الفِعْل الرباعيِّ على أَرْبَعَة أحرف، نحوُ ((دَمْخَقَ وشَيْطَنَ)) بِوَزْن ((فَعْلَلَ)) . . قلتَ. شَيْطَنَ فلَان.
وَإِذا قلتَ: ((تَشَيْطَنَ)) فَإِنَّهُ تحويلٌ مِنْهُ إِلَى حالِ الشَّيْطَان.
فَإِذا قُدِّمَ الفِعْلُ فَهُوَ واحدٌ فِي كلِّ وجهٍ.
وَذَلِكَ أَنَّك تَقول: القوْمُ فعلوا، قَالُوا _، والاثنان فَعَلا، قَالَا فَلَمَّا أظهرتَ الِاسْم قلتَ: فعل الْقَوْم، فَإِذا قدمتَ الْأَسْمَاء قلتَ: الْقَوْم فعلوا.
وَإِنَّمَا ((فَعَلُوا)) : خَبَرُ الْأَسْمَاء، وَلم تَجْعَلْ للْقَوْم فِعْلاً لِأَنَّك تَقول: عبدُ الله ضربتُه فالهاء هِيَ لعبد الله.
وَكَذَلِكَ ((الْوَاو)) الَّتِي فِي ((فعلوا)) هِيَ للْقَوْم، فافهَمْ ذَلِك ونحوَه.
قلتُ: لم أجد ((دَمْخَقَ)) مستعمَلاً لغير اللَّيْث، وَأَرْجُو أَن يكون مضبوطاً.
خرنق: أَبُو عبيد: أرضٌ مُخَرْنِقَةٌ: كَثِيرَة الْخرَانِقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِرْنِقُ: الفَتِيُّ من الأرانب، وَأنْشد:
(كَأَنَّ تَحْتِي قَرِماً سُوذَانِقاً ... أَوْ بَازِياً يَخْتَطِفُ الْخَرَانِقَا)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِرْنِقُ: ولد الأرنب.
وَأنْشد:
(لَيِّنَة الْمسِّ كمَسِّ الْخِرْنِقِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِرْنِقُ: اسمُ حَمَّةٍ. .
وَأنْشد:
(بَيْنَ عُنَيْزَاتٍ وَبَيْنَ الْخِرْنِق ... )
الْحَمَّةُ: العَيْنُ الحارَّة الَّتِي يُتَدَاوَى بهَا.
قَالَ: والْخَوَرْنَقُ نَهْرٌ _ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: ((خُرَنْكَاهُ)) . . فَعُرِّبَ. وَأنْشد:
(وَتُجْبَى إلَيْهِ السَّيْلَحُونَ وَدُونَها ... صَرِيفُونَ فِي أَنْهَارِهَا وَالْخَوَرْنَقُ)
وَهَكَذَا قَالَ ابْن السِّكِّيت فِي ((الْخَوَرْنَقِ)) .(7/256)
خربق: أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: خَرْبَقْتُ الشَّيْء: قَطَعْتُهُ وَكَذَلِكَ قَرْضَبْتُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرْبَقُ: نَبَات كالسِمُّ يُغَشِّي وَلَا يقتُلُ.
وامرأةٌ مُخَرْبَقَةٌ. . وَهُوَ الرَّبُوخُ.
وَيُقَال: اخْرَنْبَقَ الرجلُ _ وَهُوَ الانْقِمَاعُ الْمُرِيبُ.
وَأنْشد:
(صَاحِبُ حَانُوتٍ إِذَا مَا اخْرَنْبَقَا ... فِيه عَلاَهُ سُكْرُهُ فَخَذْرَقَا)
قَالَ: ورجلٌ مُخَذْرِقٌ، وخِذْرَاقٌ _ أَي: سَلاَّحٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: يُقَال للْمَرْأَة الطَّويلةِ الْعَظِيمَة: خِرْبَاقٌ وغِلْفَاقُ، ومُزَنَّرَةٌ، ولُبَاخِيَّةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: مِنْ أَمْثَالِهم فِي الرَّجُلِ _ يُطِيلُ الصَّمتَ حَتَّى يُحْسَبَ مُغَفَّلاً، وَهُوَ ذُو نَكْرَاءَ _: (مُخْرَنْبِقٌ لِيَنْبَاعَ)) .
قَالَ: ((والمُخْرَنْبِقُ)) : الساكتُ المُطْرِقُ.
((لِيَنْبَاعَ)) : ليثب إِذا أصَاب فرصته.
فَمَعْنَاه: أَنه سكت لداهية يريدها.
وَقَالَ: وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ((الْمُخرَنْبِقُ)) اللاصف بِالْأَرْضِ.
((لِينْبَاعَ)) : لينبسط.
وَقَالَ أَبُو عمرِو بنُ العَلاء: ((مُخرَنْبِقُ لِيَنْبَاعَ)) .
هُوَ الَّذِي يُطْرِقُ، فَإِذا أمكنه الأمرُ وَثَبَ.
قَالَ: ومِثْلُه ((مُخْرَنْطِمُ لِيْنبَاقَ)) .
فنقخ: سلَمة _ عَن الفرَّاء _: ((دَاهِيَةٌ فِنْقِخٌ)) .
هَكَذَا أسمعَنِيهُ المنذريُّ فِي ((نَوَادِر الفرَّاء)) .
قفخر: وَقَالَ الليثُ: الْقُفَاخرُ، والْقِنْفَخْرُ: التارُّ النَّاعِمُ.
وَأنْشد:
(مُعَذْلَجٌ بَضٌّ قُفَاخِرِيٌّ ... )
ابْن السِّكِّيت _ عَن أبي عَمْرو _ امرأةٌ قُفَاخِرَةٌ: حَسَنَة الخُلُق. . حادِرَتُه ورَجلٌ قُفَاخِرٌ.
بخنق: وَقَالَ اللَّيْث: الْبُخْنُقُ: بُرْقُعٌ يُغَشِّي العُنُقَ والصَّدْرَ.
والبُرْنُسُ الصَّغِير: يسمَّى بُخْنُقاً _:
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(عَلَيْهِ مِنَ الظَّلْمَاءِ جُلٌّ وبُخْنُقُ ... )
قَالَ: وللجَرَاد بُخْنُقٌ. . وَهُوَ جِلبابُه الَّذِي على أَصْل عُنُقِه.
وجمْعُه: بَخَانِقُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الفرَّاءُ: سألتُ الدُّبيْرِيَّةَ _ عَن الْبُخْنُقِ؟ فَقَالَت: هِيَ خِرْقَةٌ تلبسها المرأةُ فتغطِّي مَا قَبَلَ من رَأسهَا وَمَا دَبَرَ، غيرَ وسَطِ رَأسهَا.
وَقَالَ شمِرٌ: يُقَال: بُخْنُقٌ، وبُخْنَقٌ.
قَالَ: والْبُخْنُقُ يُخَاطُ مَعَ الدِّرْع _ كَأَنُّه بُرْنُسٌ.
وَيُقَال: هِيَ مِقْنَعَةٌ تجعلُها المرأةُ على رَأسهَا، ثمَّ تَخِيطُ طرفَيْها تَحْتَ حَنَكِهَا.
يُقَال _ مِنْهُ _: تَبَخْنَقَتْ.
وبعضُهم يسمِّيه: ((الْمِحنَك)) .
وَقَالَ أَبُو الهَيثَم: يُقَال: بُخْنُقٌ وبُخْنَقٌ.(7/257)
والْمبَخنق _ من الْخَيل _: الَّذِي أخذَتْ غُرَّتُه لَحْيَيْه. . إِلَى أصُول أُذُنيه.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْبُخْنُقُ يُخاط مَعَ الدِّرْع، تجعلُهُ المرأةُ على رَأسهَا فيصيرُ مِثْلَ الدِّرْع _ كَأَنَّهُ بُرْنُسٌ.
وبعضُ بني عُقَيْلٍ يَقُول: بُحْنُقُ.
خنفق: وَقَالَ الليثُ: الْخَنْفَقِيقُ: فِي حِكَايَة جَري الْخَيل.
يُقَال: جَاءُوا بالرَّكْض والْخَنْفَقِيقِ وَبِه سُمِّيَتِ الدَّاهِيَةُ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: جَاءَ فلَان بالْخَنْفَقِيقِ _ وَهُوَ الدَّاهِية.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
(سَهِرْتَ بِهِ لَيْلَةً كلَّهَا ... فجِئْتَ بِهِ مُؤْدَناً خَنْفَقِيقَا)
يَقُول: ولَّدْتَ الرأيَ لَيْلَة كُلَّها، فجئتَ بِدَاهِيَةٍ.
خرقل: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: خَرْقَلَ فلانٌ فِي رَمْيِه _ إِذا تَنَوَّقَ فِيهِ.
وَقَالَ: الْخَرْقَلَةُ: إمْراقُ السَّهم من الرَّمِيَّة.
وَقيل: الْخَرْقَلَةُ: إرْسَال السهْم بالتَّأَنيِّ.
وَأنْشد:
(تَحَادَلَ فِيهَا ثُمَّ أَرْسَلَ قَدْرَها ... فَخَرْقَلَ مِنْهَا جُفْرَةَ المُتَنَكِّسِ)
يَقُول: تَحَادَلَ الرَّامِي على القَوْس _ أَي: مَال عَلَيْهَا فأَمْرَقَ السهمَ من جُفْرَةِ الرَّمِيَّةِ، وَهِي وسَطُهَا.
خدنق، وخدرنق: عمرٌ و _ عَن أَبِيه _ قَالَ:
الْخَدَنَّقَ والْخَدنَّقُ والْخَذرْنَقُ والْخَدَرْنَقُ _ بِالدَّال والذال _: العنكبوتُ.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
(وَمَنْهَل طَامٍ عَلَيْهِ الْغَلْفَقُ ... يُنِيرُ أَوْ يُسْدِي بِهِ الْخَذَرْنَقُ)
قَالَ: والْخَذَرْنَقُ: العَنْكَبُوتُ الذكَرُ.
قلخم، ودلخم: ابْن شُمَيْل: الْقِلَّخْمُ والِّدَّلْخمُ. . اللَّام مِنْهَا شَدِيدَة. . وهما: الْجَلِيل _ من الْجِمَالِ _ الضَّخْمُ العظيمُ.
وَأنْشد:
(دِلَّخْمِ تِسْعِ حجَجٍ دلهْمَسَا ... )
مخرق: والمُمَخْرِقُ: المُمَوِّه، وَهِي الْمَخْرقَةُ. . مأخوذَةٌ مِنْ. . مَخَارِيقِ الصِّبْيان.
[بَاب الْخَاء وَالْكَاف]
[خَ ك]
كشمخ وكشخن: قَالَ اللَّيْث: الْكَشْمَخَةُ: بَقْلَةٌ تكون فِي رمال بني سعدٍ: طيِّبَةٌ رَخْصَةٌ.
قلت: قد أقمتُ فِي رمال بني سعدٍ دَهْراً، فَمَا رَأَيْت بهَا كَشْمَخَةً وَلَا سمعتُ بهَا وأحسَبُها نَبَطِيَّةً وَمَا أُرَاهَا عَرَبِيَّة.
وَكَذَلِكَ: الكَشْخَنَةُ. . مُوَلّدَةٌ، لَيست بعربيَّةٍ.
بَاب الخَاء وَالْجِيم
[خَ ج]
جخدب: قَالَ اللَّيْث: جَمَلٌ جَخْدَبٌ: عظيمُ الْجِسْم عريضُ الصَّدْر. . وَهُوَ الْجُخَادِبُ.
وَأنْشد:(7/258)
(شَدَّاخَةً ضَخْمَ الضُّلُوعِ جُخْدُبَا ... )
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الْعَدَبَّسَ الكِنَانيَّ يَقُول: الْجُخْدَبُ: دابَّةٌ نحوُ الحِرْبَاءِ.
وجَمْعُه: جَخَادِبُ.
قَالَ: وَيُقَال للْوَاحِد: جُخَادِبُ.
قَالَ: وَقَالَ الكِسائيُّ: هَذَا أَبُو جُخَادِبَ قد جَاءَ.
قَالَ شمِرٌ: الْجُخْدَبُ والْجُخَادِبُ: الْجُنْدَبُ الضَّخْمُ.
وجمْعُه: جَخَادِبُ.
وَأنْشد:
(لَهَبَانٌ وَقَدَتْ حِزَّانُهُ ... يَرْمَضُ الْجُخْدَبُ مِنْهُ فَيَصِرّ)
وَقَالَ آخر:
(وَعَانَقَ الظِّلَّ أَبُو جُخَادِبَا ... )
ثعلبٌ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: أَبُو جُخَادِبَ: دابّةٌ، واسمُه الْحُمْطُوطُ.
وَقَالَ اللَّيْث: جُخَادَى وأَبُو جُخَادَى من الْجَنَادِبِ _ الْيَاء ممالة _ والاثنان أَبُو جُخَادَبيْن _ لم يصرفوه _ وَهُوَ الجرادُ الأخضرُ الَّذِي يكسر الكِيزَانَ، وَهُوَ الطَّوِيل الرِّجْلَيْن.
وَيُقَال: أَبُو جُخَادِبَ _ بِالْبَاء.
خَدلج: وَقَالَ الليثُ: الْخَدَلَّجَةُ: الْجَارِيَة الضَّخْمة الساقِ، الْمَمْكُورَتُهَا.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _ الخَدَلَّجَةُ: الْجَارِيَة الممتلئة الذراعين والساقين.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
(إنَّ لَهَا لَسَائِقاً خَدَلَّجاً ... لَمْ يُدْلِجِ اللّيْلَةَ فِيمَنْ أَدْلَجَا)
يَعْنِي جَارِيَة قد عَشِقَهَا، فَركب النَّاقة وساقها من أجلهَا.
جلخد: وَقَالَ اللَّيْث: الْمُجْلَخِدُّ: المضطجع.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي _: الْمُجْلَخِدُّ: المستلقي الَّذِي قد رمى بِنَفسِهِ.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
(يَظَلُّ أَمَامَ بَيْتِكَ مُجْلَخِدّاً ... كمَا أَلْقَيْتَ بِالسَّنَدِ الْوَضِيناَ)
خزرج: وَقَالَ اللَّيْث: الْخَزْرَجُ والأَوْسُ: حَيّانِ من الْأَنْصَار.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْخَزْرَجُ: منْ نَعْتِ الرِّيحِ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(غَدَوْنَ عُجَالَى وَانْتَحَتْهُنَّ خَزْرَجٌ ... مُقَفِّيَةٌ آثارَهُنَّ هَدُوجُ)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: الْخَزْرَجُ: رِيحُ الجَنُوبِ.
وَبِه سُمِّيت الْقَبِيلَة: ((الْخَزْرَجَ)) .
وَهِي أَنْفَع من الشمَال.
خنجر: وَقَالَ اللّيث: الْخَنْجَرُ: من الْحَدِيد، وناقة خَنْجَرَةٌ: غَزِيرَةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الْخُنْجُورُ واللُّهْمُومُ والرُّهْشُوشُ: الْغَزِيرَةُ اللّبن من الْإِبِل _ وجَمْعُها: خَنَاجِرُ.
خرفج: وَقَالَ اللَّيْث: الْخَرْفَجَةُ: حُسْنُ الغِذَاءِ فِي السَّعة.(7/259)
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَةَ: ((أَنّهُ كَرِه السَّرَاوِيلَ الْمُخَرْفَجَةَ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأُمَوِيُّ: يُقَال _ فِي تَفْسِير ((الْمُخرْفَجَةِ)) فِي الحَدِيث _: إنّها: الَّتِي تَقَع على ظُهُور القَدَمَيْن.
قَالَ أَبُو عبيد: وَذَلِكَ تَأْوِيلهَا.
وَإِنَّمَا أَصْلُ هَذَا: مَأْخُوذ من السّعَة.
قَالَ الأُمَويُّ: وَلِهَذَا قيل: عَيْشٌ مُخَرْفَجٌ _ إِذا كَانَ وَاسِعًا رَغَداً.
قَالَ الْعَجَّاجُ:
(غَرَّاءُ سَوَّى خَلْقَهَا الْخَبَرْنَجَا ... مَأْدُ الشَّبَابِ عَيْشِهَا الْمُخَرْفَجَا)
وَالَّذِي يُرَاد من الحَدِيث: أَنَّه كُرِهَ إسْبَالُ السَّراويل _ كَمَا كُرِهَ إسبالُ الْإِزَار.
وَأَخْبرنِي المنذريُ _ عَن الصَّيْدَاوِيِّ عَن الرِّياشيِّ _: قَالَ: الْمُخَرْفَجُ. . والخُرْفَجُ. . والْخُرَافِجُ: الحَسَنُ الْغِذَاءِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: خَرُوفٌ خُرَافِجٌ _ أَي: سَمِين.
خزلج: وَفِي ((النَّوَادِر)) : فلانٌ يَتَخَزْلَجُ فِي مِشْيَتِه.
لخجم، خلجم، جلخم: وَقَالَ اللَّيْث: اللَخْجَمُ: البعيرُ الواسِعُ الْجوْف.
والْخَلْجَمُ: الطَّوِيلُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عبيد فِي ((الْخَلْجِمِ)) : إنَّه الطَّوِيل.
وَقَالَ رُؤْبَةُ.
( ... جُلاَلاً خَلْجَمَهْ ... )
واجْلَخَمَّ الْقَوْمُ _ إِذا استكبروا.
وَأنْشد:
(نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إِذَا اجْلَخَمَّوا ... )
جنبخ: وَقَالَ اللَّيْث: الْجُنْبُخُ: الضَّخْم بلُغة مُضَرَ.
قَالَ: والقَمْلَة الضَّخْمَةُ: جُنْبُخَةٌ.
والْجُنْبُخُ: الكَبِير العَظِيمُ. . وعِزٌّ جُنْبُخُ.
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ:
(يَأبَى لِيَ اللهُ وِعِزٌّ جُنْبُخُ ... )
وَقَالَ ابْن السِّكِّيتِ: الْجُنْبُخُ: الطَّوِيل.
_ وَأنْشد:
(إِنَّ الْقَصِيرَ يَلْتَوِي بِالْجُنْبُخِ ... حَتَّى يَقُولَ بَطْنُهُ جَخٍ جَخِ)
خنجل: ثعلبٌ _ عَن ابنِ الأعرابيِّ _: الْخِنْجِلُ: المرأةُ الحَمقاءُ.
وَقد خَنْجَلَ _ إِذا تزوَّج خِنْجِلاً.
ابْن السِّكِّيت _ عَن أبي عمرْو _ الْخِنْجِلُ: الْبَذيئةُ الصّخَّابَةُ الْجَسِيمَةُ.
جخرط: والْجِخْرِطُ: الْعَجُوزُ الهِرِمَةُ.
وَأنْشد:
(وَالدَّرْدَبيِسُ الْجِخْرِطُ الجَلَنْفَعَهْ ... )
قَالَ: وَيُقَال: جِحْرِطٌ _ بِالْحَاء المُهْمَلَةِ.
خمجر: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخَمْجَرِيرُ: الماءُ المِلْحُ.
وَأنْشد:
(لَوْ كَانَ مَاءً كَانَ خَمْجَرِيراَ ... )
جخدر: وَقَالَ غيْرُهُ:(7/260)
الْجَخْدَرُ وَالْجَخْدَرِيُّ: الضَّخم.
جخدم: ابْن دُرَيدٍ: الْجَخْدَمَةُ: السُّرعة فِي العملِ وَالْمَشْي.
خنزج: والْخَنْزَجَةُ: التَّكَبُّر.
جخدل: وَغُلَام جَخْدَلٌ وجُخْدُلٌ كِلَاهُمَا: حَادِرٌ سَمين.
خرفج: وخَرْفَجَ الشيءَ _ إِذا أَخَذَه بِكَثْرَة. وَأنْشد:
(خَرْفَجَ مَيَّارُ أَبي ثُمَامهْ ... )
بَاب الْخَاء والشين
خَ ش
شمخر وضمخر: وَقَالَ اللَّيْث: الشَّمَّخْرُ والشِّمَّخْرُ والضُّمَّخْرُ والضِّمخْرُ بِالْكَسْرِ وَالضَّم _: الجَسِيمُ من الفُحُول.
وَأنْشد لِرُؤْبَةَ:
(أَبْنَاءُ كلِّ مُصْعَبٍ شُمَّخْرِ ... سَامٍ عَلَى رَغْمِ الْعِدَا ضُمَّخْرِ)
قَالَ: ورجلٌ شُمَّخْرٌ ضُمَّخْرٌ: إِذا كَانَ متكبراً.
قلتُ: وحَكَى ابْن السِّكِّيت _ عَن الأصمعيِّ _ فِي الشُّمَّخْرِ والضُّمَّخْرِ: أَنَّه المتكبر.
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاءِ _: يُقَال: فِي طعامِ فلانٍ شُمَخْرِيرَةٌ. . وَهِي الرِّيح.
وَقَالَ شَمِرٌ: لم أسمع ((شُمَخْرِيرَةً)) فِي ((الرِّيح)) إلاَّ هُنَا.
وَيُقَال: إنَّه لَذُو شُمَّخْرَةٍ.
_ أَي: ذُو كِبْرٍ.
وإنَّ فلَانا شُمَّخْرٌ ضُمَّخْرٌ.
_ أَي: متكبر.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الشُّمَّخْرِيرَةُ: الرِّيح _ ...
أُخِذَ من الرجل الشُّمَّخْرِ. . وَهُوَ المتكبِّر المتغضِّبُ.
وَذَلِكَ: من خُبْثِ النّفْس.
كَمَا يُقالُ: أَصَنَّتِ الرَّيْحَانَةُ _ إِذا خَبُثَتْ رائحتُها.
ثمَّ يُقَال: رَأَيْته مُصِنّاً _ أَي: غضبانَ خَبِيثَ النَّفس.
شندخ: وَقَالَ اللَّيْث: الشُّنْدُخُ: الوَقَّادُ من الْخَيل، وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة لِلْمَرَّارِ:
(شُنْدُخٌ أَشْدَفُ مَا وَرَّعْتَهُ ... وإِذَا طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِرّ)
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: الشُّنْدُخُ _ من الْخيل وَالْإِبِل وَالرِّجَال _: الطويلُ الشَّدِيدُ الْمُكْتَنِزُ من اللَّحْم.
وَأنْشد:
(بِشُنْدِخٍ يَقْدُمُ أُولَى الألْفِ ... )
وَقَالَ طَلْقُ بْنُ عَديٍّ:
(وَلاَ يَرَى الْفَرْسَخَ بَعْدَ الْفَرْسَخِ ... شَيْئاً عَلَى أَقَبَّ طَاوٍ شُنْدُخٍ)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب. . عَن سَلَمَةَ. . عَن الْفراء _ قَالَ: الشنْدَاخِيُّ: الطعامُ. . يجعلُه الرجُلُ _ إِذا ابْتَنَى دَارا، أَو بيَتاً.
شردخ: وقَرَأْتُ فِي ((النَّوَادِر)) : قَدَمٌ شِرْدَاخةٌ _ أَي: عَرِيضَةٌ.(7/261)
خشرم: وَقَالَ الليثُ: الْخَشْرَمُ مَأْوى الزَّنابِيرِ والنّحْلِ، وبيتُهَا ذُو النَّخَارِيبِ.
وَفِي الحَدِيث: ((لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا خَشْرَمَ دَبْرٍ لَسَلَكْتمُوهُ)) .
قَالَ: وَقد جاءَ فِي الشِّعْرِ ((الْخَشْرَمُ)) اسْماً لجماعةِ الزَّنابير.
وَأنْشد فِي صفةِ كلاب الصَّيْدِ:
(وَكَأَنَّها خَلْفَ الطَّرِيدةِ ... خَشْرَمٌ مُتَبَدِّدُ)
أَبُو عبيد: سمعتُ الأصمعيَّ يَقُول: الجماعةُ من النحلِ: يُقَال لَهَا: الثَّوْلُ والْخَشْرَمُ.
شمرٌ _ عَن ابْن شُمَيل _: الْخَشْرَمَةُ: أَرْضٌ حجارتُها رَضْرَاضٌ كَأَنَّهَا نُثِرَتْ على وجهِ الأَرْض نَثْراً، فَلَا تكادُ تَمْشي فِيهَا حِجَارتها حُمْرٌ.
وَهِي جَبَلٌ لَيْسَ بالشَّديد الغليظ، فِيهِ رَخَاوَةٌ موضوعٌ بِالْأَرْضِ وَضْعاً، وَهُوَ مَا اسْتَوَى مَعَ الأَرْض: من الجبلِ، وَمَا تحتَ هَذِه الْحِجَارَة الْمُلْقَاةِ على وَجه الأَرْض: أرضٌ فِيهَا حِجارةٌ، وطينٌ، مُختَلِطَةٌ.
وَهِي فِي ذَلِك غَلِيظَةٌ، وقدْ تُنْبِتُ البقلَ والشجرَ.
وَإِنَّمَا الْخَشْرَمَةُ: رَضْمٌ من حجارةٍ مَرْكُومٌ بعضُه على بعضٍ.
والْخَشرَمَةُ: لَا تطول وَلَا تعرُضَ. . إِنَّمَا هِيَ رَضْمَةٌ. . وَهِي مُسْتَوِيةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث _ فِي الْخَشْرَمَةِ نَحْواً مِمَّا قَالَ ابْن شُمَيل _ غيرَ أَنّهُ قَالَ: حِجَارَةُ الْخَشْرَمَةِ: أَعْظَمُهَا: مِثْلُ قامة الرَّجل تَحت التُّرَاب.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الخَشْرَمةُ مستويةً مَعَ الأَرْض، فَهِيَ القِفَافُ.
وَإِنَّمَا قَفَّفَها كثرةُ حجارتِهَا.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ أَبُو أَسْلَمَ: الْخَشْرَمَةُ مِنْ أَغلَظ القُفِّ.
قَالَ: وَقَالَ بعضهُم: الْخَشْرَمُ: مَا سَفُلَ من الجبَل، وَهُوَ قُفٌّ وغِلَظٌ.
وَهُوَ جبَلٌ _ غير أنَّه متواضعٌ.
وجَمْعُه: الْخَشَارِمُ.
خرشم: وَقَالَ اللَّيْث: الْخُرْشَومُ أَنْفُ الْجَبَل المشرفُ على وادٍ، أَوْ قاعٍ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْخُرْشُومُ: مَا غَلُظ من الأَرْض.
أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _: الْمُخْرَنْشِمُ: الْمُتَعظِّمُ فِي نَفسه. . المتكبِّرُ.
قَالَ: والْمُخْرَنْشِمُ _ أَيْضا _: الْمُتغيِّرُ اللونِ، الذَّاهبُ اللحمِ.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ: اخْرَنْشَمَ الرجلُ _ إِذا تقَبَّضَ وتقارَبَ خَلْقُ بعضِه إِلَى بعضٍ.
وَأنْشد:
(وَفَخذٍ طَالَتْ وَلَمْ تَخْرَنْشِمِ ... )
خرمش: وَقَالَ اللَّيْث الْخَرْمَشَةُ: إِفسادُ الكِتَاب والعملِ. . ونحوِه.(7/262)
شمرخ: قَالَ اللَّيْث: والشِّمْرَاخُ: عِسْقَبَةٌ من عِذْقٍ، أَو عُنْقُودٍ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الشِّمْرَاخُ: هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ البُسْرُ. . وأصلُه: فِي العِذْقِ، وَيُقَال لَهُ: الشُّمْرُوخُ.
وَفِي الحَدِيث ((أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُلٍ _ كَانَ فِي الْحَيِّ _ مُخْدَجٍ سقِيمٍ، وُجِدَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَائِهِمْ يَخْبُثُ بِهَا.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((خُذُوا لَهُ عِثْكَالاً فيهِ مائَةُ شِمْرَاخ فَاضْرِبُوه بِهَا ضَرْبَةً)) .
قلت: والعِثْكَالُ هُوَ الْعِذْقُ نَفْسُه.
وكلُّ غُصْنةٍ من غِصَنَةِ العِثْكالِ: شِمْرَاخٌ.
وَفِي كل شِمْرِاخٍ: مَا بَين خَمْسِ تَمَرَاتٍ إِلَى ثمانٍ.
وسمعْتُ أَبَا صَبْرَةَ السَّعْدِيَّ. . يقولُ: شَمْرِخ الْعِذْقَ _ أَي: اخْرُطْ شَمارٍ يخَهُ بالمِخْلَبِ. . قَطْعاً.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: إِذا دَقّتِ الغُرَّةُ، وسالَتْ وجَلَّلَتِ الْخَيْشُومَ، وَلم تَبْلُغِ الْجَحْفَلَة _ فَهِيَ شِمْرَاخٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّمْراخُ _ من الغُرَّة _: مَا سَالَ على الأنْفِ.
قَالَ: والشِّمْرَاخ _ من الْجَبَل _: رأسٌ مُسْتَدِقُّ طويلٌ فِي أعلاَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: الشّمَارِيخُ: رؤوسُ الجِبَال.
قَالَ: وَهِي الشَّنَاخِيبُ. . واحدتُها شُنْخُوبَةٌ.
قَالَ: والْخَنَاذِذُ هِيَ الشَّمَارِيخُ الطِّوَالُ المُشْرِفَةُ. . واحدتُهَا: خِنْذِيذَةٌ.
وَقَالَ الليثُ: الشُّمْرُوخُ غُصْنٌ دقيقٌ يكون فِي أَعلَى الغُصْنِ الغَليظِ. . خَرَجَ مِنْ سَنَتِه دَقِيقًا رَخْصاً.
خرشب: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخُرْشُبُ بِالْخَاءِ: الطويلُ السَّمِينُ.
شمخر: قَالَ: وَالْمُشْمَخِرُّ: الطويلُ من الْجبَال.
خنشل: وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ خَنْشَلٌ، وخَنْشَلِيلٌ، وَهُوَ المُسِنُّ القويُّ. وأنشَدَ:
(قَدْ عَلِمَتْ جَارِيةٌ عُطْبُولُ ... أَنِّي بِنَصْلِ السَّيْفِ خَنْشَلِيلُ)
عُطْبُولٌ: طويلةٌ حَسَنَةٌ.
وخَنْشَلِيلُ _ أَي: عَمُولٌ بِهِ.
وَقَالَ ابو عُبَيدٍ: رجلٌ خَنْشَلِيلٌ: ماضٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَنْشَلِيلُ من الْإِبِل: المُسِنُّ البَازِلُ.
وسمعْتُ أعْرابيَّةً _ قد طَعَنَتْ فِي السِّنِّ _ وَهِي تَقول: قد خَنْشَلْتُ وَضَعُفْتُ.
أرادتْ أَنَّهَا قد أَسَنَّتْ.
شخلب: وَقَالَ اللَّيْث: مَشْخَلَبَة: كلمةٌ عِرَاقيَّة، لَيْسَ عَلَى بنائِها شيءٌ من العربيَّة.
وَهِي تُتَّخَذُ من اللِّيف والخَرَزِ _ أَمْثالَ الحُليِّ: قَالَ: وَهَذَا حديثٌ فاشٍ فِي النَّاس:
(يَا مَشْخَلَبَهْ ... مَا ذِي الجَلَبَهْ)
(تَزَوَّجَ حَرْمَلَهْ ...(7/263)
بَعَجُوزٍ أَرْمَلَهْ)
وَقد تُسَمَّى الجاريةُ: مَشْخَلَبَةً، بِمَا يُرَى عَلَيْهَا من الخَرَزِ كالحُلِيِّ.
دخشن: وَقَالَ الْفراء: الدَّخْشَنُ: الحَدَبَةُ، وأنشَد:
(حُدْبٌ حَدَابِيرُ مِنَ الدَّخْشَنِّ ... تَرَكْنَ رَاعِيهِنَّ مِثْلَ الشَّنِّ)
قَالَ: والدَّخْشَنُ _ فِي الْكَلَام _ لَا يُنَوَّنُ، والشاعر ثَقَّلَ نُونَهُ للحاجةِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدٍ: الدَّخْشَنُ: الغليظ.
قلت: وَيُقَال الدَّخْشَمُ.
شلخف، وسخلف: أَبُو تُرَاب _ عَن جماعةٍ مِنْ أَعْرِاب قَيْسٍ: الشِّلَّخْفُ والسِّلِّخْفُ: المُضْطَرِبُ الْخَلْقِ.
بَاب الْخَاء وَالضَّاد
[خَ ض]
خضرم: أَبُو عُبَيْدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: الْخِضْرِمُ: الرجلُ الكثيرُ العَطِيَّةِ.
قَالَ: وكلُّ شَيْء كَثيرٍ. . فَهُوَ خِضْرِمٌ.
وَخرج العَجَّاجُ يُرِيد اليمامةَ، فَاسْتَقْبلهُ جَرِيرٌ فَقَالَ: أَيْن تريدُ؟
قَالَ أريدُ اليمامةَ.
قَالَ: تجدُ بهَا نَبِيذاً خِضْرِماً _ أيْ: كثيرا.
قَالَ: أَبُو عُبيد: وَقَالَ الفرَّاءُ: رجلٌ مخَضْرمُ الحَسَبِ. . وَهُوَ الدَّعِيُّ.
قَالَ: ولَحْمٌ مُخَضْرَمٌ: لَا يُدْرَى أَمِنْ ذَكَرٍ هُوَ، أمْ مِن أُنثى؟
شَمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: طعامٌ مُخَضْرَمٌ وماءُ مُخَضْرَمٌ: بَيْنَ الثَّقِيل والخفيف.
ورجلٌ مُخَضْرَمٌ: ليسَ بالزَّاكِي الحَسَب.
وشاعرٌ مُخَضْرَمٌ: جاهليٌّ إسلامِيُّ.
وأنشَد:
(إِلَى ابْنِ حَصَانٍ لمْ يُخَضْرَمْ جُدُودُهُ ... كَرِيمُ النَّثَا والْخِيم والْفَرْعِ والأصْلِ)
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((أَنَّهُ خَطَبَ الناسَ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ مُخَضْرَمَةٍ)) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عُبيدةَ: المخضرَمَةُ: الَّتِي قُطِعَ طرَفُ أُذُنها.
وَمِنْه قيل للْمَرْأَة المَخْفُوضَةِ: مُخَضْرَمَةٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن إِبْرَاهِيم الحَربيِّ _ أنَّهُ قَالَ: خَضْرَمَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّة نَعَمَهُمْ _ أَي: قَطَعُوا مِنْ آذانها شَيْئا.
فلمَّا جَاءَ الإسلامُ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأَنْ يُخَضْرِمُوا آذانَها. . فِي غير الْموضع الَّذِي خَضْرَمَ فِيهِ أهل الْجَاهِلِيَّة. فَكَانَت خَضْرَمَةُ أهل الْإِسْلَام بائِنَةً من خَضْرَمةِ أهل الجاهليَّة.
وذَكر _ بِإِسْنَاد لَهُ _ حَدِيثا: أَنَّ قوما من بَني تَمِيم بُيِّتُوا لَيْلًا، وسِيق نَعَمُهم فادَّعُوْا أَنهم خَضْرَموا خَضْرَمَة الْإِسْلَام وَأَنَّهُمْ مُسْلِمون، فرُدَّتْ أموالهُم عَلَيْهِم فَقيل _ لهَذَا الْمَعْنى _ لكلِّ مَنْ أَدْرَكَ الجاهليَّة والإسلامَ: ((مُخَضْرَمٌ)) لِأَنَّهُ أدْرَكَ الخَضْرَمَتَيْنِ.
أَبُو عُبيد _ عَن الْأَحْمَر _: يُقَال لِوَلَدِ الضَّبِّ: حِسْلٌ، ثمَّ مُطَبَّخٌ، ثمَّ خُضَرِمٌ ثمَّ ضَبٌّ.(7/264)
خضرب: وَأَخْبرنِي المنذريّ _ عَن أبي الْهَيْثَم _ أَنه قَالَ: رَجلٌ مُخَضْرَبٌ _ إِذا كَانَ فَصِيحاً بَليغاً. وأنشَدَ لَطرَفَةَ:
(وكائِنْ تَرَى مِن يَلْمَعِيٍّ مُخَضْرِبٍ ... وَلَيسَ لهُ عِنْدَ العَزَائِمِ جُولُ)
قلتُ: هَكَذَا أَنشَدَه _ بِالْخَاءِ وَالضَّاد _.
وَرَوَاهُ ابنُ السكِّيت:
( ... مِنْ يَلْمَعيٍّ مُحَظْرَبِ ... )
بالحاءِ والظَّاءِ.
وَقد مر تفسيرُه فِي رُباعِيِّ الحَاءِ.
خضلف: وَقَالَ اللَّيْث: الخِضْلاَفُ: شَجَرُ الْمُقْلِ.
وَقَالَ أَبُو عَمرٍ و: الخَضْلَفَةُ خِفَّةُ حَمْل النَّخيل.
وأنشَد:
(إِذا زُجِرَتْ أَلْوَتْ بِضَافٍ سَبِيبُه ... أَثِيثٍ كَقِنْوَانِ النخِيل المُخَضْلَفِ)
قلتُ: جعل قِلَّة حَمْل النخْل خَضْلَفَة _ لأنّه شُبِّه بالمُقْلِ. . فِي قِلَّةِ حَمْله.
وَقَالَ أُسَامَةُ الْهُذَليُّ:
(تُتِرُّ بِرِجْلَيْها المُدِرَّ كَأَنَّهُ ... بِمُشْرَفَةِ الْخِضْلاَفِ بَادٍ وُقُولُها)
قَالَ: ((الْخِضْلافُ)) : شَجَرَة المقْلِ. . ((تُتِرُّهُ)) تَدْفَعُهُ.
فرضخ: وَقَالَ اللَّيْث: الْفِرْضَاخُ: الْعَريضُ.
يُقَال: فِرْسِنٌ فِرْضَاخَةٌ، وَقَدَمٌ فِرضَاخَةٌ، وفِرْضَاخٌ وامرأةٌ فِرْضَاخَةٌ: لَحِيمَةٌ عَرِيضَةُ الثَّدْيَيْن.
وَفِي حَدِيث الدَّجَّال:
((أَنَّ أُمَّهُ كَانَت فِرْضَاخِيَّةً)) _ أَي: ضخْمةً عريضةَ الثَّديين.
قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: وَمن أَسمَاء العَقْرَبِ: ((الْفِرْضِخُ)) وَ ((الشَّوْشَبُ)) ، و ((تَمْرَةُ)) لَا تنْصرف.
خضرف: وَقَالَ اللَّيْث: الْخَضْرَفَةُ: هَرَمُ العَجُوزِ وفُضُولُ جِلْدها.
وَقَالَ ابنُ السكِّيتِ: الْخَنْضَرِفُ _ من النِّسَاء _: الضَّخْمَةُ. . الكثيرةُ اللَّحْمِ. . الكَبيرَةُ الثَّدْيَيْن.
ضردخ: والضِّرْدِخُ: العَظِيمُ من كل شَيْء.
وَقَالَ بعض الطَّائِيِّينَ:
(غَرَسْتُ فِي جَبَّانَةٍ لَمْ تُسْبِخِ ... كُلَّ صَفِيٍّ ذَاتِ فَرْع ضِرْدِخِ)
(تَطَّلِبُ الْماءَ مَتَى مَا تَرْسَخِ ... )
بَاب الْخَاء وَالصَّاد
[خَ ص]
دخرص: قَالَ اللَّيْث: الدِّخْرِيصُ _ من الثَّوْب وَالْأَرْض والدِّرْع _: التِّيرِيزُ.
قَالَ: والتّخْرِيص. . لغةٌ فِيهِ.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _: وَاحِد الدَّخَارِيصِ: دِخْرِصٌ ودِخْرِصَةٌ.
وَقَالَ غيرُه: الدِّخْرِيصُ مُعَرَّبٌ أصلُه فارسيٌّ، وَهُوَ عِنْد الْعَرَب: البَنِيقَة واللّبِنَةُ، والسُّبْجَةُ، والسَّعيدة. . كُلُّه عَنهُ.
صلخم، صلخد: وَقَالَ الليثُ: جمَلٌ صِلَّخْمٌ صِلَّخْدٌ صَلَخْدَمٌ. . وَهُوَ الْمَاضِي.
وَأنْشد:
(وَأَتْلَعَ صِلَّخْمٍ صِلَخْدٍ صَلَخْدَم ... )(7/265)
وَقَالَ الآخر:
(إنْ تَسْأَليني كَيْفَ أَنْتَ فَإِنَّني ... صَبُورٌ على الأَعْداءِ جَلْدٌ صَلَخْدَمُ)
و ((الصَّلَخْدَم)) : خُماسيٌّ.
أَصله: صِلَّخْمٌ، أَو. . صِلَّخْدٌ.
وَيُقَال: بل هُوَ كَلِمَةٌ خماسيّة، فاشتبهت الحروفُ. . وَالْمعْنَى وَاحِد.
وَقَالَ الفرَّاء: ومِنْ نَادِر كَلَامهم قَول الراجز:
(مُسْتَرْعِلاتِ لِصِلَّلَخْمٍ سَامِي ... )
يُرِيد ((لِصِلَّخْمٍ)) . . فَزَاد ((لاماً)) . كَمَا قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ:
(لِبَلْخِ مَخْشيِّ الشَّذَا مُصْلَخْمِمِ ... )
فضاعف ((الميمَ)) _ كَمَا ترى.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو: المُصْلَخْدُّ والمصْلَخِمُّ: المنتصبُ القائمُ.
والمصْطَخِمُ _ خَفِيف الْمِيم _: فِي مَعْنَاهُمَا.
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
(إذَا اصْلَخَمَّ لَمْ يُرَمْ مُصْلَخْمَمُهْ ... )
_ أَي: غَضِبَ قَالَه شَمِرٌ.
وَقَالَ غيرُه: انْتَصَبَ.
وَيُقَال للفحل الشَّديد: صَلخْدى _ بِالتَّنْوِينِ.
وَمِنْهُم من يَقُول: صِلَّخْدٌ.
وَمِنْهُم من يَقُول: صُلاَخِدٌ
خربص: الليثُ: امرأةٌ خَرْبَصَةٌ: شَابَّةٌ ذاتُ تَرَارَةٍ.
والجميع: خَرَابصُ.
والْخَرْبَصِيصُ _ الواحدةُ: خَرْبَصيصةٌ _: هَنَةٌ ترَاهَا فِي الرَّمْل، لَهَا بصيصٌ _ كأَنَّها عَيْنُ الجَرَادة.
وَيُقَال: هُوَ نباتٌ لَهُ حَبٌّ يُتّخَذُ مِنْهُ طعامٌ، فيُؤْكلُ.
وروى عمرٌ و _ عَن أَبِيه _ قَالَ: الْخَرْبَصِيصُ: الجملُ الصغيرُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي الْجَرَّاح فِي بَاب النّفْي: مَا عَلَيْهَا خَرْبَصِيصَةٌ _ أَي شيءٌ من الْحُلِيِّ.
وَقَالَ الرِّياشيُّ: الْخَرْبَصِيصَةُ: خَرَزَةٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: جَاءَت وَمَا عَلَيْهَا خَرْبَصِيصَةٌ _ أَي: شَيْء من الْحُلِيِّ.
ابْن السِّكِّيت عَن أبي صاعِدٍ الكِلاَبيِّ: يُقَال: مَا فِي الوِعَاء خَرْبَصِيصَةٌ _ أَي: شيءٌ.
صنخر: عَمْرو _ عَن أَبِيه _: الصِّنَّخْرُ، والصِّنْخِرُ: الجمَلُ الضَّخم.
قَالَ أَبُو عمرٍ و: الصِّنَّخْرُ: بِوَزْن ((قِنْدَعْلٍ)) . . وَهُوَ الأحمق.
والصِّنْخِرُ: بِوَزْن ((القِمْقِم)) . . وَهُوَ البُسْرُ الْيَابِس.
وَكِلَاهُمَا: الجَمَلُ الضَّخْمُ.
وَقَالَ فِي ((النَّوَادِر)) :
جملٌ صُنْخِرٌ، وصُنَاخِرٌ: عَظِيمٌ طويلٌ من الرِّجَال وَالْإِبِل.
صنخب: وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: الصِّنْخَابُ: الجمَلُ الضَّخْمُ.(7/266)
صملخ: وَقَالَ اللَّيْث: الصُّمَالِخُ: اللّبَنُ الخالِصُ المُتَكَبِّدُ.
قَالَ: والصُّمْلُوخُ: وَسَخُ صِمَاخِ الأُذُنِ _ وَهُوَ الصِّمْلاَخُ.
والجميعُ: الصَّمَالِيخُ. قَالَ: وَيُقَال للجَبَلِ الصُّلْبِ المنيع: صِلَّخْمٌ ومُصْلَخِمٌّ. وَأنْشد:
(عَنْ صَامِلٍ عَاسٍ إذَا مَا اصْلَخْمَمَا ... )
وَفِي الحَدِيث: ((عُرِضَتِ الأمَانَةُ عَلَى الْجِبَالِ الصُّمِّ الصَّلاَخِمِ)) .
وسمعتُ العربَ تَقول _ لأصل النَّصِيَّ والصِّلِيَّانِ. . من الوَرَقِ الرَّقِيق إِذا يَبِسَ _: صُمْلُوخُ.
وجَمْعُه: الصَّمَالِيخُ. وَقال الطِّرِمّاح: سَمَاوِيَّةٌ زُغْبٌ كأَنَّ شَكِيرَهَا ... صَمَالِيخُ مَعْهُودِ النَّصِيِّ المجَلَّحِ)
وَهِي مَا رَقَّ من نباتِ أُصُولهَا.
وَقَالَ ابْن شمَيْل. . فِي بَاب ((اللَّبَنِ)) : الصُّمَالِخيُّ والسُّمَالخِيُّ _ من اللَّبَن _: الَّذِي حُقِنَ فِي السِّقاء، ثمَّ حُفِرَتْ لَهُ حُفْرَةٌ ووُضِع فِيهَا حَتَّى يَرُوبَ.
يُقَال: سقاني لَبَنًا صُمَالِخِيّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: الصُّمَالِخِيُّ _ من الطَّعَام وَاللَّبن _: الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ.
وَقَالَ النَّضْرُ: سُمْلُوخُ الأذُن، وصُمْلُوخُها: وسَخُها وَمَا يخرج من قُشُورها.
الْبَاهِليُّ: المُصْلَخِمُّ: المُسْتَكبِرُ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّةِ _ يصف حَمِيراً _
(فَظَلَّتْ بِمَلْقَى وَاحِفٍ جَرَعَ المِعَى ... قِيَاماً يُغَالي مُصْلَخِمّاً أمِيرُها)
_ أَي: مستكبراً لَا يحرِّكها، وَلَا يَنْظُر إِلَيْهَا.
وَقَالَ: المُصْلَخِمُّ والمُطْلَخِمُّ والمُطْرَخِمُّ: واحدٌ.
خنصر: والْخِنْصَرُ: صُغرَى الْأَصَابِع.
وَيقال: فُلانٌ بِهِ تُثْنَى الْخَنَاصِرُ _ أَي: يُبْدَأُ بِهِ إِذا ذُكِرَ أَشْكالُه.
بَاب الْخَاء وَالسِّين
[خَ س]
دخمس: قَالَ اللَّيْث: الدَّخْمَسةُ: الْخَبُّ يُدَخْمِسُ عَلَيْك، وَلَا يُبيِّن لَك مِحْنَةَ مَا يُرِيد.
وَقَالَ ابنُ الفَرَج: أمرٌ مُدَخْمَسٌ ومُدَهْمَسٌ _ إِذا كَانَ مَسْتُورا.
وأنشدني المنذريُّ بَيْتا حفظتُ مِنْهُ عَجُزَهُ:
( ... مُدَخْمَساً دِخْمَاساً ... )
دنخس: وَقَالَ الليثُ: الدَّنْخَسُ: الْجَسِيم الشَّديد اللَّحْم.
دخنس: وَقَالَ غَيره: الدَّخْنَسُ: الشديدُ من النَّاس وَالْإِبِل.
وَأنْشد:
(وَقَرَّبُوا كلَّ جُلاَلٍ دَخْنَسٍ ... عِنْدَ الْقِرَى جُنادِفٍ عَجَنَّسِ)
خرمس: وَقَالَ اللَّيْث: اخْرَمَّسَ الرجل _ أَي: ذَلَّ وخضع.
أَبُو عبيد _ عَن الْأَصْمَعِي: المُخْرَمِّسُ: الساكِتُ.(7/267)
سربخ: وَفِي ((النَّوادر)) : ظَلِلْتُ اليومَ مُسَرْبَخاً ومُسَنْبِخاً.
_ أَي: ظَلِلْتُ أَمْشِي فِي الظَّهِيرَةِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبُو عمرٍ و: السَّرْبَخُ: الأرَضُ الواسعةُ.
قَالَ: وَقَالَ غيرُه: هِيَ الأرضُ الْبَعِيدَة.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ:
(أَسْأَدَتْ لَيلةً ويَوْماً فَلَمَّا ... دَخَلتْ فِي مُسَرْبَخٍ مَرْدُونٍ)
قَالَ: ((المَرْدُونُ)) : المنسُوجُ بالسَّرَاب، و ((الرَّدْنُ)) : الغزْل.
وَقَالَ الليثُ: السَّرْبَخُ: مَفَازةٌ لَا يُهْتَدَى فِيهَا.
سخبر: قَالَ: والسَّخْبَرُ: شجَرَةٌ من شجَر الثُّمَامِ. . لَهُ قُضُبٌ مجتمعة، وجُرْثُومَةٌ وعِيدانُه: كالكُرَّاثِ فِي الكَثرَةِ وكأَنّ ثَمَرَتَهُ مَكاسِحُ القَصَبِ. . وأَدَقّ مِنْها.
وَأنْشد غيرُه:
(واللُّؤْمُ يَنْبُتُ فِي أصُولِ السَّخْبَرِ ... )
خنفس: وَقَالَ اللَّيْث: الْخُنْفَساءُ: دُوَيْبَةٌ سوداءُ تكونُ فِي أصُول الحِيطَانِ.
يُقَال: هُوَ أَلجُّ من الخُنْفَسَاءِ ... لرجوعها إليكَ كلّما رميتَ بهَا _ وثلاثُ خُنْفَسَاوَاتٍ. والجميعُ: الْخَنَافِسُ.
وَفِي لُغَةٍ: خُنْفُسَاءُ وَاحِدَة، وثَلاَثُ خُنْفُسَاواتٍ.
أَبُو عبيد: عَن أبي عَمْرو _: هُوَ الْخُنْفَسُ للذّكر من الْخَنَافِسِ.
أَبُو حَاتِم _ عَن الأصمعيِّ _ هِيَ الْخُنْفَسُ، والْخُنْفَسَاء.
وَلَا يُقَال _ بِالْهَاءِ _: خُنْفَساءة.
قَالَ ابْن كَيْسَانَ: إِذا كَانَت ألِفُ التأنِيث خَامِسَة: حُذِفَتْ _ إِذا لم تكن ممدودَةً فِي التصغير، كَقَوْلِك: خُنْفُسَاءُ وخُنَيْفِساءُ.
قَالَ: وَالَّتِي تُسْقَط من ذَلِك: ألِفُ ((حُبارَى)) .
تَقول: حُبَيِّرٌ _ كأنَّك صَغَّرْت ((حُبَارَ)) .
وربَّما عَوَّضُوا مِنْهَا ((الهاءَ)) فَقَالُوا: ((حُبَيِّرَةٌ)) .
ذكره فِي ((بَاب التصغير)) .
وَيُقَال: خِنْفِسٌ)) للخُنْفسَاء _ وَهِي لُغَة أهل الْبَصْرَة.
قَالَ الشَّاعِر:
(وَالْخِنْفِسُ الأسْودُ مِنْ نَجْرِهِ ... مَوَدَّةُ الْعَقْرَبِ فِي السِّرِّ)
وَقَالَ ابنُ دَارَةَ:
(وَفِي الْبَرِّ مِنْ ذِئْبٍ وَسِمْعٍ وعَقْرَبٍ ... وَثُرْمُلَةٍ تَسْعَى وَخِنْفِسَةٍ تَسْرِي)
أَبُو زيدٍ: يُقَال: خَنْفسَ الرجل _ عَن الْقَوْم _ خَنْفَسَةً _ إِذا كرههم وعَدَل عَنْهُم.
خنبس: اللَّيْث: أسدٌ خُنَابِسٌ.
وخَنْبَسَتُهُ: تَرَارَتُه.
وَيُقَال: مِشْيَتُه. والْخنابِسَةُ: الْأُنْثَى _ وَهِي الَّتِي استبان حَمْلُها.
أَبُو عبيد: الْخُنَابِسُ: الْقَدِيم الشَّديد الثَّابِت.
وَأنْشد للقَطَامِيِّ:(7/268)
(أَبَى الله أَنْ أَخْزَى وَعِزُّ خُنَابِسُ ... )
وَقَالَ شمرٌ: أسدٌ خُنابِسٌ _ أَي: جَرِيءٌ. وَيُقَال: غَلِيظٌ.
قَالَ: وَقَالَ زيْدُ بنُ كَثْوَةً: الْخُنابِسُ _ من الرِّجَال _: الضخمُ الَّذِي تعلُوه كَرَاهةٌ. . من رجالٍ خُنابِسينَ.
وأنشدني الإيَادِيُّ:
(لَيْثٌ يَخَافُكَ خَوْفُه ... جَهْمٌ ضُبَارِمَةٌ خُنابِسْ)
فَرسَخ: وَفِي حَدِيث حُذَيْفَةَ: مَا بَيْنَكمْ وَبَيْنَ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْكُمُ الشَّرُّ فَرَاسِخَ إلاَّ مَوْتُ رَجُلٍ يَعْنِي عمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي الله عَنهُ.
فَلوْ قَدْ مَاتَ صُبَّ عَلَيْكُمُ الشَّرُّ فَرَاسِخَ)) .
قَالَ شمِرٌ: قَالَ ابْن شُمَيْلٍ: كل شَيْء دائمٍ كثيرٍ لَا يَنْقَطِع: فَرْسَخٌ.
وقالَتِ الكِلاَبِيَّة: فَرَاسِخُ اللَّيْل وَالنَّهَار: ساعَاتُهما وأوقاتهما.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: هَؤُلَاءِ قومٌ لَا يعْرفُونَ مواقيتَ الدَّهْر، وَلَا فَراسِخَ الأيَّام.
قَالَ: حيثُ يأخُذُ الليلُ من النَّهار. . وَالنَّهَار من اللّيل.
وَقَالَ أبُو زِيَادٍ: مَا مُطِرَ الناسُ مَطَرا بَين نَوْأَيْنِ إلاَّ كَانَ بَينهمَا فَرْسَخ.
قَالَ: والْفَرْسَخُ: انكسارُ البَرْد. يُقَال: فَرْسَخَتْ عَنهُ الْحُمَّى _ إِذا انكسرتْ.
وَقَالَ: امْرَأَتِي محمومةٌ، وَلَو افْرَنْسخَتْ عَنْهَا الحُمَّى لجئتُكَ.
وَقَالَ بعض الْعَرَب: أَغْضَنَتِ السماءُ أيَّاماً بِعَيْنٍ مَا فِيهَا فَرْسَخٌ.
و ((العَيْنُ)) : أَن يَدومَ المطرُ أيَّاماً.
وَقَوله: ((مَا فِيهَا فَرْسَخٌ))
يَقُول: لَيْسَ فِيهَا فُرْجَةٌ وَلَا إقلاعٌ.
وانْتَظَرْتُكَ فَرْسَخاً من النَّهار _ يَعني طَويلا.
وأَرَى ((الْفَرْسَخَ)) أُخِذَ مِنْ هَذَا.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: سمِّي: الْفَرْسَخُ فَرْسَخاً لأنُّه إِذا مشَى صاحبُه استراحَ عندَه وَجلسَ.
قَالَ: وَإِذا احتَبَسَ المطرُ اشتدَّ الْبرد فَإِذا مُطِرَ الناسُ كَانَ للبَرْدِ بعد ذَلِك فَرْسَخٌ _ أَي: سُكُونٌ. . من قَوْلك: تَفَرْسَخَ عَنِّي المَرَضُ _ أَي: تَباعد.
خلبس: وَقَالَ اللَّيْث: ((خَلْبَسَ)) .
الْخَلابِيسُ: الكَذِبُ.
والْخَلاَبِيسُ: أَن تَرْوَى الْإِبِل ثمَّ تَذْهَبَ ذَهَابًا شَدِيدا حَتَّى يُعَنَّى الرَّاعِي.
يُقَال: أَكْفِيكَ الإبلَ وخَلاَبِيسَهَا.
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: الْخُلاَبِسُ: الحديثُ الرَّقِيقُ.
وَيُقَال: الْكَذِب. وَقَالَ الكُمَيْتُ:
(وَأَشْهَدُ مِنْهُنَّ الْحَدِيثَ الْخُلاَبِسَا ... )
وَيُقَال: خَلْبَسَ قَلْبَه: فَتَنَهُ، وَذهب بِهِ.
سملخ: وَقَالَ اللَّيْثُ: السَّمَالِخِيُّ _ من الطَّعام واللَّبن _: الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ.
وسَمَالِيخُ النَّصِيِّ: أَمَاصِيخُهُ وَهُوَ مَا تَنْزِعُه مِنْهُ. . مِثْل القَضيبِ.
خنسر: وَأنْشد ابْن السِّكيت.(7/269)
(إِذَا مَا نَتَجْنَا أَرْبعاً عَامَ كُفْأَةٍ ... بَغَاهَا خَنَاسِيراً فَأَهْلَكَ أَرْبَعَا)
قَالَ وْالخَنَاسِيرُ: الْهُلاَّكُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْخَنَاسِيرُ والْخَنَاثِيرُ: الدَّوَاهي.
وَقيل: الْخَنَاسِيرُ: الْغَدْرُ واللُّؤْمُ.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(فَإِنَّكَ لَوْ أَشْبَهْتَ عَمِّي حَمَلْتَنِي ... وَلَكِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَتْكَ الْخَنَاسِرُ)
_ أَي: أدركتْكَ مَلاَئمُ أُمِّك.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ _ فِي موضعٍ آخَرَ _: الْخَنَاثِيرُ: قُمَاشُ البَيْتِ.
خسفج: وَقَالَ: الْخَيْسَفُوجُ: حَبُّ القُطْنِ.
قَالَه اللَّيْث.
ثَعْلَب _ عَن سَلَمَة: عَن الْفَرّاء _: يُقَال: تَفَرْسَخَ عنَّا المرضُ. . وافْرَنْسَخَ _ إِذا تبَاعد.
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي الْفَرْسَخُ فَرْسَخاً. . لِأَنَّهُ إِذا مَشَى صاحبُه استَراح عندَه وجَلَس.
بَاب الْخَاء وَالزَّاي
[خَ ز]
زخرط: أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _: يُقَال لِمُخَاطِ النَّعْجَة وَالْإِبِل: الزِّخْرِطُ.
زمخر: أَبُو عبيد _ عَن أبي عُبَيْدَة _: الزَّمْخَرَةُ: الزَّمَّارَةُ وَهِي الزَّانِيَة.
ثَعْلَب _ عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه _: قَالَ: الزَّمْخَرُ: السَّهْمُ الدقيقُ النَّاقِرُ.
قلت: وَيُقَال للقَصَبِ: زَمْخَرٌ وزَمخَرِيٌّ.
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
(فتَسَامَى زَمْخَرِيٌّ وَارِفٌ ... مَالَتِ الأعْرَافُ مِنْهُ واكْتَهَلْ)
وَقَالَ بَعْضُ هُذَيْلٍ _ يصف الظَّلِيم:
(عَلَى حَتِّ الْبُرَايَةِ زَمْخَرِيٍّ السَّوَاعِدِ ... ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوَالِ)
أَرَادَ: عِظَامَ سَواعِدِهِ _ أنَّها جُوفٌ كالقَصَب.
وَقَالَ أُمية بن أبي الصَّلْتِ فِي ((الزَّمْخَرِ)) السَّهْمِ:
(يَرْمُونَ عَنْ عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ ... بِزَمْخَرٍ يُعْجِلُ الْمَرْمِيَّ إعْجَالاَ)
وَقَالَ الأُمَوِيُّ: الزَّمْخَرُ: السِّهَامُ.
قلتُ: أَرَادَ السِّهَام الَّتِي عيدانُهَا من قَصَبٍ. . وقَصَبُ الْمَزَامِيرِ: زَمْخَرٌ.
وَمِنْه قَول الْجَعْدِيِّ:
(حَنَاجِرَ كالأقْمَاع بُحّاً حَنِينُهَا ... كَمَا صَيَّحَ الزَّمَّارُ فِي الصُّبْحِ زَمْخَرَ)
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _ الزَّمْخَرُ: الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ _ من الشّجر.
برزخ: وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} [الرَّحْمَن: 19: 20] : _ أيْ: حَاجِزٌ خَفِيّ.
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} [الْمُؤْمِنُونَ: 100] .
قَالَ الفراءُ: ((الْبَرْزَخُ)) : من يَوْم يَموتُ إِلَى يَوْم يُبْعَثُ.
وقولُه جلّ وعزّ: {وَجعل بَينهمَا برزخا} [الفُرقان: 53]_ أَي: حَاجزاً.(7/270)
قَالَ: و ((الْبَرْزَخُ)) و ((الْحَاجِزُ)) و ((المُهْلَةُ)) : مُتقَارباتٌ فِي الْمَعْنى، وَذَلِكَ أَنَّكَ تقولُ: بينَهُمَا حَاجِزٌ ... أَنْ يَتَزَاوَارَا.
فَتنْوِي ب ((الحاجزِ)) المسَافةَ البعيدةَ وَتَنْوِي الأمرَ المانعَ ... مثلُ اليمينِ والعداوَةِ.
فَصَارَ المانعُ فِي الْمسَافَة، كالمانعِ فِي الْحَوَادِث فَوَقع عَلَيْهِمَا ((الْبَرْزخُ)) .
وَفِي حَدِيث عليِّ _ كرَّمَ الله وجْهَهُ _: ((أَنَّهُ صَلَّى بِقَوْمٍ فَأَسْوَى بَرْزَخاً)) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ الكِسائيُّ: ((أَسْوَى)) : أَغْفَلَ وأَسْقطَ.
قَالَ: و ((الْبَرْزَخُ)) : مَا بَينَ كلِّ شَيئينِ.
وَمِنْه قيل لِلْمَيِّتِ: هُوَ فِي ((الْبَرْزَخِ)) ، لِأَنَّهُ بَين الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
فَأَرَادَ بِ ((الْبَرْزَخِ)) : مَا بَين الْموضع الَّذِي أَسْقَطَ عَلِيٌّ كرَّمَ الله وجْهه مِنْهُ ذَلِك الحرْفَ إِلَى الْموضع الَّذِي كَانَ انْتهى إِلَيْهِ من الْقُرْآنِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: بَزَازخُ الْإِيمَان: مَا بَين أَوَّلِه وآخِره.
وَقيل: مَا بَين الشَّكِ والْيَقِين.
خزبز: ابْن شميلٍ: يقالُ: فلانٌ يتَخَزْبَزُ علينَا _ أَي: يَتَعَظَّمُ.
زخزب: أَبُو عبيد: الزُّخْزُبُّ: القَوِيُّ الشَّدِيدُ.
خنزر: والْخِنْزِيرُ: معروفٌ.
وخَنْزَرٌ: اسمُ رَجُلٍ. وخَنْزَرٌ: اسْم موضعٍ. وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
(أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْ أُمَيْمَةَ مَوْهِناً ... طَرُوقاً وَأَصْحَابِي بِدَارَةِ خَنْزَرِ)
قَالَ بعضهُم: خَنْزَرَ الرجلُ خَنْزَرَةً _ إِذا نظر بمُؤْخِرِ عَيْنِهِ.
جَعَلَه ((فَنْعَلَ)) . . من ((الأخْزَرِ)) .
عَمْرو _ عَن أَبِيه _: الْخُنْزُوانُ: الْخَنْزِيرُ.
ذكرهُ فِي بَاب ((الْهَيْلُمَانِ، والنَّيْدُلاَنِ، والْكَيّذُبَانِ والْخِنْزُوانِ)) .
أَبُو عبيد _ عَن الْكسَائي: فِي رَأسه خُنْزُوَانَةٌ _ وَهُوَ الكِبْرُ.
خربز: والْخِرْبِزُ: البِطّيِخُ _ مُعَرَّبٌ.
زخرف: وَقَالَ اللَّيْث: الزُّخْرُفُ: الزِّينَةُ.
بيتٌ مُزَخْرَفٌ، وَقد زَخْرَفْتُهُ زَخْرَفَةً.
وتَزْخَرَفَ الرجلُ _ إِذا تَزَيَّنَ.
وَيُقَال: الزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ.
والزَّخَارِفُ: السُّفُنُ.
قَالَ: والزَّخَارِفُ دُوَيْبَّاتٌ تَطِيرُ على المَاء، ذَوَاتُ أَرْبَعٍ _ مِثْلُ الذُّبَابِ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ حَتّى أَمَرَ بالزُّخْرُفِ فَنُحِّيَ)) .
قيل: الزُّخْرُفُ _ هَهُنَا _: نُقُوشٌ وتَصَاويرُ تُزَيَّنُ بهَا ((الكَعْبةُ)) وكانَتْ بالذَّهبِ فأَمَرَ بهَا حَتَّى حُتَّتْ.
وأصلُ الزُّخْرُفِ: الذَّهَبُ. وَمِنْه قَوْله عزّ وجلّ: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً} [الزخرف: 34، 35] .
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي _ فِي قَوْله تَعَالَى: {زخرف القَوْل غرُورًا} [الْأَنْعَام: 112]_ أَي: حُسْنَ الْقَوْلِ _ بتَرْقِيشِ الْكَذِب.
والزُّخْرُفُ: الذَّهبُ _ فِي غَيره.(7/271)
وقولُه عزّ وجلّ: {حَتَّى إِذا أخذت الأَرْض زخرفها} [يُونس: 24]_ أيْ: زينَتها من الْأَنْوَار والزَّهْر. . من بَين أَحْمَرَ وأَصْفَرَ وأَبْيَضَ.
خزرف: قَالَ ابْن السِّكِّيت: الخِزْرَافَةُ: الكثيرُ الكلاَمِ الْخَفِيفُ.
وَقيل: هُوَ الرِّخْوُ. وَقَالَ امرؤُ القَيْسِ:
(ولَسْتُ بِطَيَّاخَةٍ فِي الرِّجَالِ ... ولَسْتُ بِخِزْرَافَةٍ أَخْدَبَا)
و ((الأخْدَبُ)) : الَّذِي لَا يَتمالَكُ حُمْقاً.
ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: الخِزْرافَةُ: الَّذِي لَا يُحْسِنُ القُعُودَ فِي الْمجْلس.
قَالَ زَيْدُ بن أَسْلَمَ: الزُّخْرُف: مَتَاعُ الْبَيْت.
والزُّخْرُفُ فِي اللُّغة: الزِّينة، وكمالُ الشَّيْء.
و ((أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرَفَهَا)) : كمَالعها وتَمَامَهَا.
وَقَالَ الفرّاء: الزُّخْرُفُ: الذَّهب _ فِي قَوْله تَعَالَى: {وزخرفا} .
وَجَاء فِي التَّفْسِير: إنّا نَجْعَلُها لَهُم من فِضَّةٍ وَمن زُخْرُفٍ، فَإِذا أَلْقَيْتَ ((مِنْ)) مِنَ ((الزّخْرُفِ)) أَوْقَعْتَ الفعلَ عَلَيْهِ.
_ أيْ: وزُخْرُفاً نَجْعَلُ ذَلِك لَهُم مِنْهُ.
وَقيل: مَعْنَاهُ: ونجعلُ لَهُم _ مَعَ ذَلِك _ ذَهَباً وغِنًى.
وَهُوَ أَشْبَهُ الْوَجْهَيْنِ بِالصَّوَابِ.
بزمخ: ابنُ دُرَيْدٍ: بَزْمَخَ الرجلُ _ إِذا تكبَّرَ.
بَاب الْخَاء والطاء
[خَ ط]
خطرف: قَالَ اللَّيْث: الْخَنْطَرِفُ: العجوزُ الْفَانِيَةُ.
وَقد خَطْرَفَ جِلْدُها _ أَي: اسْتَرَخَى.
يُقَال بِالطَّاءِ وَالضَّاد _ والطّاءُ أكثَرُ وأَحْسَنُ.
وجَمَلٌ خَطْرُوفٌ: يُخَطْرِفُ خَطْوَهُ ويَتَخَطْرَفُ فِي مِشْيَته _ يَجعلُ خَطْوَتَيْنِ خَطْوَةً. . من وَسَاعَتِه.
وَيُقَال: رجلٌ مُتَخَطْرِفٌ: واسعُ الخُلُق، رَحْبُ الذِّراع.
وخَطْرَفَ الرجلُ يُخَطْرِفُ خَطْرَفَةً _ إِذا أَسرعَ المشيَ.
وَأنْشد:
(وَإِنْ تَلَقَّاهُ الدَّهَاسُ خَطْرفاَ ... )
طرخف: ابْن الأعرابيِّ: الطِّرْخِفُ _ من الزُّبْدِ _: مَا رَقَّ وسالَ.
وَهُوَ الرَّخْفُ _ أَيْضا -:
طرخم: الليثُ: اطْرَخَمَّ الرجلُ _ وَهُوَ عَظَمَةُ الأحمقِ، وَأنْشد:
(والأزدُ دَعْوَى النَّوْكِ وَاطْرَخَمُّوا ... )
يَقُول: ادَّعَوُا النَّوْكَ ثمَّ تَعَظَّمُوا.
قَالَ: واطْرَخَمَّ الرَّجُل _ إِذا كلَّ بصرُه.
والْمُطْرَخِمُّ: الغَضْبَانُ المتطاوِلُ.
وَيُقَال: الْمُنتفِخ من التُّخمَةِ.
قَالَ: والاِطْرِخْمَامُ: الِاضْطِجَاع.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب _ عَن أَصْحَابه _: شَبَابٌ مُطْرَهِمٌّ ومُطْرَخِمٌّ: بِمَعْنى واحدٍ.(7/272)
خرطم: وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {سنسمه على الخرطوم} [القَلَم: 16] .
الْخُرْطُومُ: الأنْفُ.
وَمَعْنَاهُ: سنَجعلُ لَهُ فِي الْآخِرَة العَلَمَ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ أهلُ النَّار _ مِنَ اسْوِداد وجُوههم.
وَقَالَ الفرّاء: الخُرْطُومُ _ وَإِن خُصَّ بالسَّمَةِ _ فَإِنَّهُ فِي مَذْهبٍ: الوَجْهُ.
لأنّ بعضَ الْوَجْهِ يؤدِّي عَن بعض.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هُوَ من السِّبَاع: الخَطْمُ والخُرْطُومُ وَمن الخنْزِير: الفِنْطِيسَةُ. ومِنْ ذِي الجَنَاح: المِنقارُ. ومِن ذوَاتِ الخُفِّ: المِشْفَرُ. ومِن الناسِ: الشَّفةُ.
ومِنْ ذَوَاتِ الْحَافِر: الجَحَافِلُ.
قَالَ عَمروٌ: الخُرطُومُ: للفيل، وَهُوَ أَنْفُه، ويَقُومُ لَهُ مَقامَ يدِه، ومَقام عُنُقِه.
قَالَ: والخُرُوقُ الَّتِي فِيهِ لَا تَنفُذُ، وَإِنَّمَا هُوَ وعاءٌ _ إِذا مَلأه الْفِيل من طَعَامٍ أَو ماءٍ أَوْلَجُهُ فِي فِيهِ، لِأَنَّهُ قصيرُ العُنُق، لَا ينَال مَاء وَلَا مَرْعًى.
قَالَ: وَإِنَّمَا صَار وَلَدُ البُخْتِيِّ _ من البُخْتِيَّة _ جَزُورَ لحْمٍ، لِقَصَرِ عنُقه، ولعجزِه عَن تنَاول المَاء والمَرْعَى.
قَالَ: وللبعوضة خُرْطومٌ، وَهِي شَبيهةٌ بالفيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أَسمَاء الْخمر: ((الخُرْطُومُ)) .
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخُرْطُومُ: السُّلاَفُ الَّذِي سَالَ من غير عَصْرٍ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْمُخْرَنْطِمُ: الغضبانُ المستكبر _ مَعَ رَفْع رأْسِه.
طلخف: أَبُو عُبيدٍ أَو غيرُه: جُوعٌ طِلَخْفٌ، وضَرْبٌ طِلَخْفٌ _ أيْ شديدٌ.
وَأنْشد شَمِرٌ:
(إِذا اجْتَمَع الجُوعُ الطِّلَخْفُ وحُبُّها ... عَلَى الرَّجُلِ المَضْعُوفِ كادَ يَموتُ)
خنطل: وَقَالَ اللَّيْث: الْخُنُطُولَةُ: طائفةٌ من الْإِبِل والدوابِّ ونَحْوِها. وإبِلٌ خَنَاطِيلُ: مَتَفَرِّقَةٌ.
وَقَالَ غيرُه: خَنَاطِيلُ: لَا واحِدَ لَهَا من جِنْسهَا.
وَهِي جماعاتٌ من الوَحْش وَالطير. . فِي تفرِقةٍ.
طمخر: أَبُو الحَسن اللِّحْيَانِيُّ: شَرِب حَتَّى اطْمَخَرَّ واطْمَحَرَّ _ أَي: امْتَلَأَ.
طلخم: وَقَالَ الليثُ: اطْلَخَمَّ السَّحابُ _ إِذا تراكَبَ وأَظْلَم.
والْمُطْلَخِمّاتُ من الْأُمُور: شِدَادُها.
والطِّلْخَامُ: الفِيلُ الأنْثَى. وطِلْخَامٌ: موضعٌ.
خنطر: قَالَ: والْخِنْطِيرُ: العجوزُ المسترخِيةُ الجُفُونِ ولَحْمِ الوجْهِ.
طرخم: أَبُو ترابٍ: قَالَ الأصمعيُّ: إِنَّه لَمُطْرَخِمٌّ ومُطْلَخِمٌّ _ أَي: متكبِّرٌ متعظِّمٌ.
وَكَذَلِكَ: مُسْلَخِمٌّ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: الخُرْطُومُ والخَطْمُ: الأنْف.(7/273)
بَاب الْخَاء وَالدَّال
[خَ د]
الإردخل: وَقَالَ اللَّيْث: الإرْدَخْلُ: التَّارُّ السَّمين.
قلت: لمْ أسمعِ ((الإرْدَخْلَ)) لغير اللَّيْث.
خَرْدَل: قَالَ: والخَرْدَل: ضرْبٌ من الحُرْفِ.
أَبُو عُبيد _ عَن الْفراء _ خَرْدَلْتُ اللحمَ وخَرْذَلْتُه _ بِالدَّال والذال _ كِلاهما: فرَّقْتُه وقطَّعْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الخُرْدُولةُ عُضوٌ من اللَّحْم وافِرٌ.
قَالَه أَبُو زيد.
وَقَالَ: خَرْدَلْتُ اللَّحمَ: فَصَّلْتُ أعضاءَهُ مُوفَّرةً.
قَالَ: وخَرْدَلْتُ الطَّعامَ: أَكَلْتُ خِيَارَه وأطايِبَهُ.
وَفِي الحَدِيث: ((فَمِنْهُمُ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ)) .
قَالَ: ((الْمُخَرْدَلُ)) : المرميُّ.
وَقَالَ غيرُه: ((الْمُخَرْدَلُ)) : الْمُقَطَّعُ.
أَبُو زيد: خَرْدَلَ الطَّعَامَ خَرْدَلَةً _ إِذا أكل خيارَه وأطايِبَه.
وخَرْدَلَ اللَّحمَ: وفّرَ قِطَعَهُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: إِذا كَثُرَ نَفَضُ النَّخْلَةِ، وعَظُم مَا بَقِي من بُسْرِها، قيل: خَرْدَلَتْ. . فَهِيَ مُخَرْدِلٌ.
دربخ: اللِّحْيانيُّ: دَرْبَح ودَرْبَخَ _ إِذا حَنَى ظهرَه.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَمَامةُ تُدَرْبِخُ لِذَكَرِها عِنْد السِّفَادِ _ إِذا طاوعَتْه.
وَقَالَ رُؤبَةُ:
(وَلوْ تقُولُ دَرْبِخُوا لَدَرْبَخُوا ... )
دلخم: وَقَالَ: والدِّلَّخْمُ داءٌ شديدٌ.
تَقول: رَماهُ الله بالدِّلَّخْمِ.
دخدب: وَقَالَ اللَّيْث: جاريةٌ دَخْدَبَةٌ ودِخْدِبَةٌ _ بِكَسْر الدالين وفتحهما _ إِذا كَانَت مُكْتَنِزَةً.
خندم: قَالَ: وخَنْدَمَةُ: اسمُ موضعٍ بِنَاحِيَة ((مَكَّة)) .
وَأنْشد:
(إنّكِ لَوْ شَهدِتنَا بالْخَنْدَمَهْ ... إذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرُّ عِكْرِمهْ)
خندف: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخُنْدُوفُ: الَّذِي يتبختر فِي مَشيه كِبْراً وبَطَراً.
وَقَالَ بعض النَّسَّابين: كَانَت ((خِنْدِف)) _ امرأةُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ _ غلَبتْ عَلَى نَسَبِ أَوْلَادهَا مِنْهُ.
فذكَرُوا أنّ إبِلَ الْيَاسَ انتشرتْ لَيْلًا فَخرج مُدرِكَةُ فِي بُغائها وردَّها فسمِّي ((مُدْرِكَةَ)) وخَنْدَفَتِ الأمُّ فِي أَثَره _ أَي: أسرعَتْ، فسمِّيَتْ ((خِنْدِفَ)) .
واسمُها لَيْلى بِنْتُ عِمْرَانَ بن إِلْحَافِ بن قُضَاعَةَ.
وَقعد طَابِخَةُ يَطْبُخُ القِدْر، فَسُمِّيَِ ((طَابِخَةَ)) .
وانقمع قَمَعَةُ فِي الْبَيْت فسمِّي ((قَمَعَةَ)) .(7/274)
وَقيل: إنّ خِنْدِفَ قَالَت لزَوجهَا ((الْيَاسَ)) : مَا زِلْتُ أَخَنْدِفُ فِي أَثَرِكم فَقَالَ لَهَا: فَأَنتِ ((خِنْدِفُ)) .
فَذهب لَهَا اسْما، ولولَدِها نَسَباً وسُمِّيَتْ بهَا الْقَبِيلَة.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: والْخَنْدَفةُ والنَّعْثَلةُ: أَنْ يَمشي الرجلُ مُفَاجّاً ويَقْلِبَ قدَمَيْه كَأَنَّهُ يَغْرِفُ بهما.
وَهُوَ من التَّبَختُرِ.
وظُلِمَ رجلٌ أيامَ ((الزُّبَيْرِ بن العوَّامِ)) فنادَى: يَا آلَ ((خِنْدِفَ)) فَخرج الزُّبيْرُ وَمَعَهُ سَيفُه وَهُوَ يَقُول: أُخَنْدِفُ إِلَيْك أَيهَا الْمُخَنْدِفُ، وَالله لَئِن كنتَ مَظْلُوما لأَنْصُرَنَّكَ.
قلتُ: إِن صحَّ هَذَا من فعل الزُّبيْرِ فَإِنَّهُ كَانَ قبل نهْي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّعَزِّي بعَزَاء الجاهليَّةِ.
خدفل: أَبُو حَاتِم _ عَن الأصمعيِّ عَن أبي عَمرِو بن العَلاَء _ قَالَ: الْخَدَافِلُ: المَعَاوِزُ.
وَمن أَمثالهم: غَرَّنِي بُرْدَاكَ مِنْ خَدَافِلِي)) .
وَأَصله أَن امْرَأَة رَأَتْ عَلَى رجل بُرْدَين فتزوجَتْه طَمَعا فِي يَسَاره، فأَلْفَتْه مُعْسِراً.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ خَدْفَلَ الرجلُ _ إِذا لَبِسَ قَمِيصًا خَلَقَاً.
خفدد: وَقَالَ الليثُ: الْخَفَيْدَدُ: الظَّلِيمُ _ وَفِيه لُغَة أُخْرَى: ((خَفَيْفَدٌ)) .
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: هُوَ الْخَفَيْدَدُ _ لسرعته.
قلتُ: وَهَذَا ثُلاَثِيٌّ _ من ((خَفَدَ)) .
خبند: أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: جاريةٌ خَبَنْدَاةٌ، وبَخَنْدَاةٌ. وَهِي التَّامَّةُ القَصَبِ.
وجاريةٌ بَخْدَنٌ: ناعمةٌ تَارَّةٌ.
أنْشد شمِرٌ قولَ العَجّاج:
(فَقَدْ سَبَتْنِي غَيْرَ مَا تَعْذِيرِ ... تمْشِي كَمَشْي الْوَجِلِ المبْهُورِ)
(على خَبنْدَى قَصَبٍ مَمْكُورِ ... )
((خَبَنْدَى)) ((فَعَنْلَلٌ)) ، وَهُوَ واحدٌ، والفِعْل: ((اخْبَنْدَى، وابْخَنْدَى)) _ إِذا تَمَّ قَصَبُه.
واخْبَنْدَتِ الجاريةُ، وابخَنْدَتْ.
وبَخْدِنُ: من أَسمَاء النِّسَاء.
بَاب الْخَاء وَالتَّاء
[خَ ت]
بختر: قَالَ اللَّيْث: التَّبَخْتُرُ: مِشْيَةٌ حَسنة.
وَرجل بَختَرِيَّ: صاحبُ تَبَختُرٍ، وَرجل بِخْتِيرٌ: كَذَلِك.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ يمْشي الْبَختَرِيَّةَ.
خنتب: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخُنْتَبُ والْخُنْتُبُ: نَوْفُ الْجَارِيَة _ قبل أَن تُخْفَضَ.
قَالَ: والْخُنتُبُ: المُخَنَّثُ _ أَيْضا _.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الْخُنتُبُ: القَصيرُ. وأنشدَ:
(فَأَدْرَكَ الأعْثَى الدَّثُورَ الْخُنتُبَا ... يَشُدُّ شَدّاً ذَا نَجَاءٍ مُلْهِبَا)
خنتر: أَبُو عبيد _ عَن الأمَوِيِّ _: الْخِنْتَارُ الجُوعُ الشَّديد.(7/275)
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: هُوَ الْخُنْتُورُ _ أَيْضا _.
خنثل: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ -: قَالَ: الْخُنثَالةُ: الْعَذِرَةُ.
خفتر: قَالَ أَبُو نَصْرٍ _ فِي قَول عَدِيٍّ _:
(وَغُصْنَ عَلَى الْخَفْتَارِ وَسْط جُنُودِهِ ... وَبَيِّتْنَ فِي لَذّاتِهِ رَبَّ مارِدِ)
قَالَ الْخَفْتَارُ: ملِكُ الْحَبَشَة.
دخدر: والدَّخْدَارُ: ضربٌ _ من الثِّياب _ نَفِيسٌ، وَهُوَ مُعَرّبٌ.
الأصلُ فِيهِ ((تختَارُ)) أَي: مبينٌ فِي التَّخْتِ.
وَقد جَاءَ فِي الشّعْر الْقَدِيم.
وَفِي ((النَّوَادِر)) : فلَان يَتَبختَرُ فِي مِشْيَته ويَتَبخْتَى.
بَاب الْخَاء والذال
[خَ ذ]
خذرف: قَالَ اللَّيْث: الخُذْرُوفُ: السريعُ فِي جَرْيِهِ.
والخُذْرُوفُ: عُوِيْدٌ _ أَو قَصَبَةٌ مَشْقُوقَةٌ _ يُفْرَضُ فِي وَسطِهِ، ثمَّ يشدُّ بخَيْطٍ، فَإِذا أُمِرَّ دَارَ وسمعتَ لَهُ حَفِيفاً.
... يلْعَب بِهِ الصِّبيان ويُوصَفُ بِهِ الفرسُ لسُرْعَتِه.
تَقول: هُوَ يُخَذْرِفُ بقوائمه.
وَأنْشد قولَه:
(دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الوَلِيدِ أَمَرَّهُ ... )
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
(وَإِنْ سَحَّ سَحّاً خَذْرَفَتْ بالأكَارعِ ... )
وَقَالَ بعضهُم: الخَذْرَفَةُ: مَا تَرمي الْإِبِل بأَخفافها من الْحَصَى _ إِذا أَسْرَعَتْ.
وكلُّ شيءٍ مُنَتْشِرٍ مِنْ شَيْءٍ: خُذْرُوفٌ وَأنْشد:
(خَذَارِيفُ مِنْ قَيْض النَّعَامَ التَّرَائِكِ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الخِذْرَافُ: نباتٌ رِبْعِيٌّ إِذا أَحَسَّ بالصيف يَبِسَ.
الواحِدَةُ خِذْرَافَةٌ.
ورَوَى أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الخِذْرَافُ: شَجَرٌ من الحَمْضِ.
قلتُ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَلَيْسَ من بُقُولِ الرَّبيع.
وَقَالَ مُدْرِكٌ القَيْسيُّ: تَخَذْرَفَتِ النَّوى فلَانا، وتَخَذْرَمَتْهُ.
_ أَي: قَذَفَتْه وزَحَلَتْ بِهِ.
بَاب الْخَاء والثاء
[خَ ث _ خَ ر]
خثرم: قَالَ اللَّيْث: الخِثْرِمَةُ: طَرَف الأرْنَبَة _ إِذا غَلُظَتْ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ _ شَمِرٌ عَن أبي حَاتِم _ بِالْخَاءِ.
وأمَّا أَبُو عبيدٍ فإنَّ أصحابَه رَوَوْا عَنهُ هَذَا الحرْفَ _ بِالْحَاء _ ((حِثْرِمَةٌ)) .
وَقَالَ: هِيَ الدائرة الَّتِي عِنْد الْأنف وسَطَ الشّفَة العُلْيا.
قلتُ: وَقد رَوَاهُ عَنهُ ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: ((حِثْرِمَةٌ)) بِالْحَاء أَيْضا _ فهما لُغَتَانِ.(7/276)
خنثر: أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: الْخَنْثَرُ والخَنْثِرُ: الشيءُ الْخَسِيسُ. . يَبْقَى من مَتَاع الْبَيْت فِي الدَّار _ إِذا احْتَمَلَ القومُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: هِيَ الخَنَاثِيرُ _ لقُماش الْبَيْت.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الخنَاثِيرُ والخَنَاسِيرُ: الدَّوَاهي.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عُبَيْدةَ: يُقَال للرجل الَّذِي يَتَطَيَّرُ: الخُثَارِمُ.
وَقَالَ خُثَيْمُ بْنُ عَدِيٍّ:
(وَلكِنَّني أَمْضِي عَلَى ذَاكَ مُقْدِماً ... إذَا صَدَّ عَنْ تلْكَ الهَنَاةِ الْخُثَارِمُ)
خرمل: أَبُو عبيدٍ _ عَن الْأَصْمَعِي _ الْخِرْمِلُ الْمَرْأَة الحمقاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: عجوزٌ خِرْمِلٌ: متهدِّمَةٌ.
خرنب: قَالَ: والخَرْنُوبُ والخَرُّوبُ: شجرٌ يَنْبُتُ فِي جبال الشّام، لَهُ حَبٌّ كحبِّ اليَنْبُوتِ، يُسَمِّيه صبيانُ أهل العراقِ: ((القِثَّاءَ)) الشَّاميَّ ... وَهُوَ يابسٌ أسودُ.
فنخر: وَقَالَ: ((الْفِنْخِيرَةُ)) : شِبْهُ صَخْرَة تتقلَّعَ من أَعلَى الْجَبَل ... فِيهَا رخَاوَةٌ.
وَهِي أَصْغَر من ((الْفِنْدِيرةِ)) .
وَيُقَال للْمَرْأَة _ إِذا تدحْرَجت فِي مِشْيتها _: إنَّها لَفُنَاخِرَةٌ.
والْفُنْخُرُ: الصُّلْبُ الْبَاقِي على النِّطَاحِ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رجلٌ فُنْخُرٌ وفُنَاخِرٌ، وَهُوَ العظيمُ الجُثَّة.
وَأنْشد بعضُهُم فِي ذَلِك:
(إنَّ لَنَا لَجَارَةً فُنَاخِرَهْ ... تَكْدَحُ لِلدُّنْيَا وَتَنْسَى الآخِرَهْ)
فرفخ: وَقَالَ اللَّيْث: الْفَرْفَخُ والْفَرْفَخَةُ: البقلَةُ الحمقاءُ.
بربخ: والْبَرْبَخَةُ: الإِرْدَبَّةُ.
نخرب: والنَّخَارِيبُ: هِيَ الثُّقَبُ الَّتِي فِيهَا الزَّنَابِيرُ.
تَقول: إنَّه لأَضْيَقُ من النُّخْرُوب.
وَكَذَلِكَ الثَّقْبُ _ فِي كلِّ شَيْء _: نُخْرُوبٌ.
وشجرةٌ مُنَخْرَبَةٌ _ إِذا بَلِيَتْ، وَصَارَت فِيهَا نَخَارِيبُ.
خنثب: أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _ قَالَ: الْخِنْثَبَة: النَّاقة الغَزِيرَةُ ... الْكَثِيرَة اللَّبَنِ.
وَهِي: الْخِنْثَعْبَةُ.
خرنف وكرنف: وَفِي ((النَّوَادِر)) خَرْنَفْتُهُ بالسَّيْف وكَرْنَفْتُهُ _ إِذا ضَرْبتهُ.
وخَرَانِفُ العِضَاةِ: ثَمَرُهَا ... واحدَتُها خِرْنِفَةٌ.
وَيَقُول العَجَّاجُ:
(وَدُسْتُهُمْ كَمَا يُدَاسُ الْفَرْفَخُ ... يُؤْكَلُ أَحْيَاناً وَحِيناً يُشْدَخُ)
قَالَ: الْفَرْفَخُ: بَقْلَةُ الحمقاءِ.(7/277)
وَمن خماسي الْخَاء
خلنبس: قَالَ اللَّيْث: الْخَلْنَبُوسُ: حَجَرُ القَدَّاحِ.
خندرس: والْخَنْدَرِيسُ: من أَسمَاء الخَمْرِ الْقَدِيمَة.
أَبُو عبد الله _ عَن الفرَّاء _: سُمِّيَتْ بهَا لِقِدَمِهَا.
وَمِنْه قيل: حِنْطَةٌ خَنْدَرِيسٌ ... للقديمة.
خبرنج: أَبُو عبيدٍ وغيرُه: الْخَبَرْنَجُ: البَدَنُ النَّاعِمُ -.
وَأنْشد:
(غَرَّاءُ سَوَّى خَلْقَهَا الْخَبَرْنَجَا ... )
وَقَالَ شمر: الْخَبَرْنَجُ: الْخُلُقُ الْحَسَن.
خنضرف: ابْن السِّكِّيت الْخَنْضَرِفُ _ من النِّسَاء _: الضَّخْمَةُ. . الكثيرةُ اللَّحْمِ. . الكبيرَةُ الثَّدْي.
صلخدم: والصَّلَخْدَمُ: الصُّلبُ الْقوي.
وَقَالَ: _
(صَبُورٌ عَلَى الأَعْدَاءِ جَلْدٌ صَلَخْدَمُ ... )
خرنبل: اللَّيْث: امرأةٌ خَرَنْبَلٌ. _ وَهِي الحمقاء.
وَيُقَال: هِيَ العجوزُ المُتَهَدِّمَةُ.
والجميع: الْخَرَابِلُ.
خذرنق: أَبُو عُبَيْدَة: الْخَذَرْنَقُ والْخَدَرْنَقُ: العنكبوتُ.
وَقَالَ أَبُومَالِكٍ: هِيَ الْخَدَنَّقُ والْخَدَرْنَقُ _ للعنكبوت الضَّخْمَةِ.
خفنجل: والْخَفَنْجَل: الرَّجُلُ الَّذِي فِيهِ سَمَاجَةٌ وفَحَجٌ.
وَأنْشد اللَّيْث:
(خَفَنْجَلٌ يَغْزِلُ بالدَّرَّارَهْ ... )
درخميل ودرخمين: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الدُّرَخْمِيلُ والدُّرَخْمِينُ: من أَسمَاء الدَّاهِيَة.
وَأنْشد:
(تَاحَ لَهُ أَعْرَفُ بَادِي الْعُثْنُونْ ... فَزَلَّ عنْ دَاهِيَةٍ دُرَخْمِينْ)
(حَتْفَ الْحُبَارَيَاتِ والْكَرَاوِينْ ... )
درخبيل: أَبُو مالكٍ: هِيَ الدُّرَخْمِينُ والدُّرَخْبيلُ _ للداهية.
دختنوس: دخْتَنُوسُ: اسمُ بِنْتِ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ.
وَيُقَال: دَخْدَنُوسُ.
سَمَّاها أَبوهَا باسم ابْنَةِ ((كسْرَى)) .(7/278)
وأصلُ هَذَا الِاسْم ((دُخْتَرْنُوشْ))
فارسيَّةٌ عُرِّبَتْ _ مَعْنَاها: بِنْتُ الْهِنيءِ _ قُلِبَتِ الشِّينٌ سِيناً. . لَمَّا عُرِّبَ.
خذنفر: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الْخَذَنْفَرَة: الْخَفْخَافَة الصوتِ.
كأنَّ صوتَهَا يخرجُ من مَنْخِرَيْهَا.
والْخَفخَفَة: صَوت الثَّوْب الّجَدِيدِ _ إذَا حَرّكْتَهُ.
آخر كتاب الْخَاء
ويتلوه بعون الله وَحسن توفيقه كتاب حرف الْغَيْن(7/279)
(بَاب الْغَيْن مَعَ الْقَاف)
غ ق
غق: قَالَ ابْن المَظْفّر: تقولُ العَرَبُ: غَقَّ القِدرُ يَغِقُّ غَقيقاً.
قَالَ وَفِي الحديثِ: (أَنّ الشَّمْسَ لَتُقَرَّبُ مِنْ رُؤوسِ الخَلْقِ يومَ القيامَةِ حتّى أَنَّ بطونَهُم تَقول: غِقْ غِقْ) .
قَالَ: والصَّقرُ يُغَقْغِقُ فِي بعضِ أصواتِهِ.
قلتُ: غَقِيقُ القِدْرِ: صوتُ غليانِهِ، سُمّى غَقيقاً؛ لحكايتهِ صوتَ الغَلَيانِ، وَكَذَلِكَ: غَقْغَقَهُ صوتِ الصّقرِ، حِكَايَة، وَمن هَذَا قيل للمرأةِ الواسعةِ المتاعِ حَتَّى يُسْمَعَ لِهَنِها صوتٌ عندَ الخِلاط؛ غَقَاقةٌ، وَغَقوقٌ، وخَقاقَةٌ وخَقُوقٌ.
والغَقُّ: حكايةُ صوتِ الماءِ، إِذا دَخَل فِي مَضيقٍ، وَهُوَ حِكايةُ صوتِ الغُدَافِ، إِذا بُحَّ صوتُهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: الغَقَقَةُ: العَواهِقُ، وَهِي الخَطاطِيفُ الْجَبَليةُ.
غ ك غ ج
أهملت وجوهها:
(بَاب: الْغَيْن مَعَ الشين)
غ ش
غش، شغ: مستعملان:
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قالَ: (لَيْسَ مِنّا مَنْ غَشّنَا) .
قالو أَبُو عُبيد: معناهُ: لَيْسَ مِنْ أَخْلاَقِنَا الْغِشُّ، وَهَذَا شبيهٌ بالحَدِيث الآخر: (الْمُؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كلِّ شَيْء إِلَّا الخِيانَة) .(8/5)
قلتُ: والغِشُّ: نقيضُ النُّصْح، وَهُوَ مأخوذٌ من الْغَشَشِ، وَهُوَ المشْرَبُ الْكَدِرُ، كَذَلِك قَالَ ابنُ الْأَنْبَارِي.
قَالَ: وأَنشد ابنُ الْأَعرَابِي:
وَمَنهَلٍ تَرْوَى بهِ غَيرُ غَشَشْ ...
أَي: غير كَدِرٍ، وَلَا قَلِيل.
قَالَ. وَمن هَذَا: الغِشُ فِي الْبَيَاعَاتِ.
وَقَالَ الليثُ: غَشّ فُلانٌ فُلاناً يَغُشُّهُ غِشّاً، إِذا لم يَمْحَضْهُ النُّصْحَ، وأغْتَشَشْتُ فلَانا، أَي: عَدَدْتُهُ غاشّاً.
قالَ: ويُقَالُ: لَقِيتُهُ غشَاشاً، وذلكَ عِنْدَ مُغَيرِبَانِ الشَّمْسِ.
قلتُ: هَذَا التفسيرُ غيرُ صحيحٍ، وصوابُه: لَقيتُهُ غِشَاشَا، وعَلى غِشَاشٍ، إِذا لَقِيتُهُ على عَجَلَةٍ.
وَقَالَ القُطامِيّ:
على مكَانٍ غِشاشٍ مَا يُنِيخُ بهِ
إِلَّا مُغَيِّرُنا والْمُسْتَقي العَجِلُ
وَقَالَ الليثُ: شُرْبٌ غِشَاشٌ، أَي: قَليلٌ.
قلتُ: شُرْبٌ غِشاشٌ: غيرُ مريءٍ، لأنَّ الماءَ لَيْسَ بصافٍ وَلَا عَذْبٍ، فَلَا يَسْتَمْرِئُهُ شاربُهُ، وَقَالَ الفَرَزْدَقُ فِي الْمَعْنى الأول:
فَمَكّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَوَاتِ رِماحِهَا
غِشاشاً وَلم أحفِلْ بكاءَ رِعائيا
أَرادَ: مَكَّنْتُ سَيْفِي من سِمَانِها على عَجَلَةٍ.
شغ: قَالَ الليثُ: الشّغَغَةُ فِي الشَّرب: التّصْرِيدُ، وَهُوَ القَليلُ، قالَ رُؤبة:
لَو كُنْتُ أَسْطِيعُكَ لم تُشَغْشِغِ شُربي وَمَا الْمَشْغُولُ مثلَ الأفْرَغِ قلتُ: وَمعنى قولِ رؤبَةَ: لم تُشَغْشغْ شُربي، أَي: لم تُكَدِّرْهُ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: شَغْشغَ البئرَ، إِذا كدَّرَهَا.
قلتُ: وَكَأَنَّهُ مقلوبٌ من: التّغشِيش، والغَشَش، وَهُوَ الكَدَر. وللشغْشغَةِ معنى آخر، وَهِي حكايةُ صوتِ الطعنةِ، إِذا ردّدها الطاعنُ فِي حوفِ المطعونِ. وَقَالَ الْهُذلِيّ:
الطعنُ شغشغَةٌ والضّرْبُ هيقَعَةٌ
ضربَ الْمُعَوِّلِ تحْتَ الديمةِ العَضَدَا
وَيُقَال: شَغْشَغ الملجمُ اللجامَ فِي فمِ الدَّابَّة، إِذا امتَنَع (الدابةُ) عَلَيْهِ، فردّده فِي فِيهِ تأديباً.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
ذُو عَيّثٍ بَشْرٍ يَبَذُّ قَذالَهُ
إذْ كانَ شغْشَغَةً سوارُ المُلْجِمِ
وَمن رَوَاهُ: إنّ كانَ ... فتحَ: سوارَ.
(بَاب الْغَيْن مَعَ الضَّاد)
غ ض
غض ضغ: مستعملان.
غض: قالَ الليثُ: الغَضُّ والغَضِيضُ:(8/6)
الطريُّ. وَقَالَ اللّحيانيّ: يُقَال: شَيْءٌ غضٌّ بضٌّ، وغاضٌّ باضٌّ.
واختُلفَ فِي: فَعَلْتَ، من: غَضَ، فبعضهُم يَقُول: غَضِضْتُ تَغَضُّ، وبعضهُم يَقُول: غَضَضْتَ: تَغِضُّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ إِذا بَدَأَ الطَّلع، فهُوَ الغَضِضُ، فإِذا اخْضَرّ، قيل خَضَبَ النخلُ، ثمَّ: هُوَ البَلَحُ.
ثَعْلَب عَن ابنِ الأعرابيّ: يُقَال للطّلْعِ: الغِيضُ والغَضيضُ والإغْرِيضُ، قَالَ: وَيُقَال: أَنَّك لَغَضِيضُ الطرفِ، نقيّ الظّرْفِ.
قَالَ: والظّرفُ: وعاؤُه: يَقُول: لستَ بِخَائِنٍ.
قَالَ: وَيُقَال: غَضَّضَ، إِذا أكَلَ الغَضَّ، وَهُوَ الطّلع الناعِمُ.
وغَضَّضَ: إِذا أصابَتْهُ غضاضَةٌ، وغَضَّضَ: صَار غَضّاً متنعّماً، وَهِي: الغُضُوضَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَضُّ والغَضَاضعةُ: الفُتُورُ فِي الطَّرْفِ.
وَيُقَال: غَضَّ وأغْضَى، إِذا دَانَى بينَ جَفْنَيهِ، وَلم يلاقِ، وَأنْشد:
واحمَقَ عِرّيضٍ عَلَيه غَضَاضَةٌ
تَمَرَّسَ بِي مِنْ حيْنِه وَأَنا الرّقِمْ
(قلتُ: قَوْله عَلَيْهِ غَضَاضَة) أَي: ذُلٌّ.
ورجلٌ غضيضٌ، أَي؛ ذَليلٌ بَيِّنُ الغَضَاضَةِ، وَمن قومٍ أغِضَّةٍ وأَغِضَّاءَ، وهمُ الأدلاّءُ.
ويقالُ: مَا أردْتُ بذا غَضِيضَة فلانٍ، وَلَا مَغَضَّتَهُ، كَقَوْلِك: مَا أردتُ نَقِيصَتَه، ومَنْقَصَتَهُ.
وقالَ اليثُ: الغَضُّ: وزعُ العَذلِ، وَأنْشد:
غضَّ الْمَلاَمَةَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
ويقالُ: غُضَّ من بَصَرِكَ، وغُضَّ من صَوْتِكَ، قالَ الله جلّ وعزّ {فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ} (لُقْمَان: 19) ، أَي: إخفِضِ الصوتَ، وَيُقَال؛ غُضَّ الطرفَ، أَي: كُفَّ النظَرَ، وَقَالَ جرير.
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنّكَ من نُمَيرٍ
فَلَا كَعْباً بَلَغْتَ وَلا كِلابا
معناهُ: غُضَّ نظَرَكَ ذلاً ومهانة.
وَيُقَال: غُضَّ من لجامِ فرسِكَ، أَي: صَوّبهُ، وانقُضْ من غربه وحِدَّتِهِ.
وَيُقَال: مَا غَضَضْتُكَ شَيئاً، وَمَا غِضْتُكَ شَيْئا أَي: مَا نَقَصْتُكَ شَيْئا.
وَتقول للراكِب، إِذا سألْتَهُ أَن يُعَرِّجَ عَلَيْك قَلِيلا: غُضَّ سَاعَة، وقالَ الْجَعْدِي:
خَلِيلَيَّ غُضَّا سَاعَة وَتَهَجَّرا
أَي: غُضّا من سيرِكما، وعرّجا قَلِيلا، ثمَّ روّحا مُهَجِّرِينِ.
وَيُقَال: غَضَغضّتُ الشّيء، فَتَغَضْغَضَ، أَي: نَقَصْتُه، فَنَقَصَ.(8/7)
وَقَالَ الْأَحْوَص:
هُوَ البَحْرَّ ذُو التَّيّارِ لَا يَتَغَضْغَضُ
وَلما مَاتَ عبدُ الرحمانِ بنُ عوفٍ، قَالَ عمرْو بنُ العاصِ: (هَنِيئًا لكَ ابنَ عوفٍ، خَرَجْتَ من الدُّنيا بِبِطْنَتِكَ لم يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيْءٌ) .
قلتُ: ضربَ البِطْنَةَ مثلا، لوفُورِ أجرهِ الَّذِي استوجَبَهُ بهجرتِه وجهادِه مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنَّه لم يَتَلَبّسْ بشيءٍ من وَلايةٍ وعملٍ ينقُصُ أجورَهُ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ.
وروى ابْن الفَرَجِ عَن بعضِهم: غَضَضْتُ الغُصنَ، وغَضَفْتُه، إِذا كَسَرْتَهُ، فَلم تنْعِمْ كسرَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ فِي بابِ: موتِ الْبَخِيل، ومالهُ وافرٌ لم يُعْطِ مِنْهُ شَيْئا: من أمثالهم فِي هَذَا: (ماتَ فلانٌ بِبِطْنَتِهِ لم يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شيءٌ) .
قلتُ: والقولُ الأولُ أجودُ، (فِي تَفْسِير حَدِيث ابْن عَوْف) .
ضغ: سَلمَة عَن الْفراء: إِذا كَانَ العجينُ رَقِيقا، فَهُوَ الضَّغِيغَة والرَّغِيغَةُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الرّوضَةُ والضّغِيغَة والْمَرْغَدَةُ والْمَغْمَغَةُ، وَالْمَرْغَةُ، والْحَدِيقَةُ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: تركنَا بَني فُلانٍ فِي ضَغِيغَةٍ من الضغائِغ، وَهِي العشبُ الكثيرُ.
وَقَالَ الليثُ: الضَّغِيغَةُ: لوكُ الدّرداء.
قَالَ: وَتقول: أقمتُ عِنْده فِي ضغيغِ دهرِه، أَي: قدرِ تمامهِ.
(بَاب الْغَيْن وَالصَّاد)
(غ ص)
غص صغ: مستعملان.
غص: قَالَ اللَّيْث: الغَصَّةُ شجىً يَغَصُّ بِهِ فِي الْحِرْقِدَةِ.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
لَو بغيرِ المَاء حَلْقي شَرِقٌ
كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَاري
وَقَالَ غَيره: أَغصَّ فلانٌ الأرضَ علينا إغْصاصاً، أَي: ضَيِّقَها فغصَّتْ بِنَا، أَي: ضَاقَتْ.
وَقَالَ الطّرِمّاح:
أغَصّتْ عليكَ الأرضَ قحطانُ بالقَنا
وبالهُنْدُ وَانِياتِ والقُرَّحِ الجُرْد
ويقالُ: غَصِصْتُ باللُّقْمَةِ أغَصُّ بهَا غَصَصاً.
صغ: أَبُو زيد: ضَغْصَغَ ثريدَهُ صَغْصَغَةً، أَي: رَوّاهُ دَسَماً.
(بَاب الْغَيْن وَالسِّين)
غ س
غس، سغ: مستعملان.
غس: ثعلبُ عَن ابنِ الأعرابيّ: الغُسُسُ: الضعْفى فِي آرائِهِمْ، وعقولِهِمْ، والغُسُسُ:(8/8)
الرُّطَبُ الفاسِدُ، الواحدُ: غَسِيسٌ.
قَالَ: والمَنْسُوسَةُ من النّخيلِ: الَّتِي تُرْطِبُ وَلَا حلاوةَ لَها.
قَالَ: ويُقالُ للهِرَّةِ: الخَازِبازِ والمَغْسُوسَة.
وَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ الأعرابيُّ: هَذَا الطعامُ غَسُوسْ.
صِدْقٍ، وغَلُولُ صِدْقٍ، أَي طَعَامُ صِدْقٍ، وَكَذَلِكَ: الشرابُ.
قَالَ: وَغَسَّ الرجُلُ فِي البِلادِ، إِذا دَخَل فِيهَا، ومضَى قُدُماً، وَهِي لغةُ تَميم، وَقَالَ رؤبةُ:
كالحُوتِ لما غَسَّ فِي الأَنْهارِ
قَالَ: وقَسَّ مثلُه.
وَقَالَ الليثُ: الغَسُّ: زَجْرٌ للقطِّ، قَالَ: والغُسُّ والغَسْلُ من الرِّجَال، وجمعُهُ: أَغْساسٌ، وَأنْشد:
أَن لَا تُبلّى بِجِبْسٍ لَا فُؤادَ لَهُ
وَلَا بِغُسَ عَبيدِ الفُحْش إزْميلِ
وَقَالَ غيرُهُ: غَسَسَتْهُ بالماءِ، وغَتَتُّه، أَي: غَطَطْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
وأتْغَسَّ فِي كَدِرِ الطِّمالِ دَعَامِصٌ
حُمْرُ البُطونِ قَصِيرَةٌ أعْمَارُهَا
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ: الغُسُّ: الضَّعيفُ اللّئِيمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زيد، وَأنْشد، لزُهيرٍ بنِ مَسعودِ:
فَلم أرقِهِ إِن يَنْجُ مِنْهَا وإِنْ يَمُتْ
فَطَعْنَةُ لَا غُسَ وَلَا بِمُغَمِّرِ
سغ: قَالَ: الليثُ يُقَال: سَغْسَغْتُ شَيْئا فِي التُرابِ، إِذا دَخْدَخْتَهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سَغْسَغْتُ الطَّعامَ سَغْسَغَةً، إِذا أوسَعْتَهُ دَسَماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَغْسَغَ رأسَهُ وامْرَغَهُ، إِذا رَوّاه دُهْناً، وَأنْشد اللَّيْث:
أَن لم يُعِقْني عائقُ التّسَغْسُغِ
فِي الأَرضِ فآرقُبْنِي وَعُجْمَ المُضَّغِ
(بَاب الْغَيْن وَالزَّاي)
(غ ز)
غز زغ: مستعملان.
غز: قَالَ الليثُ: غَزّةُ: أرضُ بمشارِفِ الشّامِ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيِّ:
مَيْتٌ بِرَدْمَانَ وميتٌ بِسَلْ
مَانَ ومَيْتٌ عِنْدَ غَزّاتِ
قلتُ: ورأيتُ فِي بلادِ بني سَعْدٍ بنِ زيدِ مناةَ رَملَة، يُقالُ لَهَا: غَزّةُ، وفيهَا أَحْسَاءٌ جمة، ونخلٌ بَعْلٌ.
عمروٌ عَن أَبِيه: الغَزَز: الخُصُوصِيَّةُ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: تَقول العربُ: قد غَزّ فلانٌ بِفُلانٍ، فاغْتَزّ بِهِ، واغْتَزَى بهِ، إِذا أُخْتَصّهُ من بينِ أصْحابِهِ.
وَأنْشد:(8/9)
فَمَنْ يَعْصِبْ بِليَّتِهِ اغْتِزازاً
فإنكَ قد مَلأْتَ يَداً وَشَامَا
قَالَ أَبُو الْعَبّاسِ أحمدُ بنُ يحيى: مَنْ: شَرْطٌ هَاهُنا، ويعصِب: يَلزَم. بِليّتِهِ: بِقَراباتِهِ، اغْتِزازاً، أَي؛ آخْتِصاصاً. واليَدُ هَاهُنَا، يريدُ: اليَمَنَ.
قَالَ: معناهُ: من يَلْزَمْ ببرِّهِ أهلَ بيتِهِ، فإنكَ قد مَلأتَ بمعروفِكَ من اليَمَنِ إِلَى الشامِ.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الغُزّانِ: الشِّدْقانِ، وأحدُهُما غُزٌّ. وَقَالَ اللَّيْث: أَغَزَّتِ البَقَرَةُ، فَهِيَ مُغِزٌّ، إِذا عَشَّرَ حَمْلُهَا.
قلتُ: الصوابُ: أغْزَتْ فهيَ: مُغْزٍ من ذَوَاتِ الْأَرْبَعَة، يُقَال للناقَةِ إِذا تأخَّر حَمْلُها، فاستأخَرَ نتَاجُها:
قد أَغْزَتْ فَهْيَ مُغْزٍ، وَمِنْه قولُ رُؤْبَة:
والحربُ عَسْراءُ اللّقاحِ مُغْزِ
أَرَادَ: بَطُؤَ إقلاعُ الحَرْبِ، وقالَ ذُو الرُمّةِ.
بِلَحْيَيْهِ صَكٌّ المُغْزِيَاتِ الرَّواكِلِ
قَالَ شمر: أَغَزّتِ الشجرةُ إغْزازاً، فَهِيَ مُغِزٌّ، إِذا كَثُر شَوْكُها، وأَلتَفَّتْ.
زغ: قَالَ اللَّيْث: زَغْزَغْتُ الرجُلَ إِذا سَخِرتَ بِهِ.
وَقَالَ: المُفَضّل: الزْغْزَغَةُ: أَن تَخْبَأَ الشّيْءَ وتُخْفِيَهُ.
وروى أَبُو الأزهرِ للكِسائيِّ: زغزغ الرجل فَمَا أَحْجَمَ، أَيْ: حَمَل فلمْ يَنْكِصْ، ولقيتُهُ فَمَا زَغْزَغَ، أَيّ: فَمَا أَحْجَمَ.
قلتُ: وَلَا أَدْرِي: أصحيحٌ هُوَ أم: لَا.
(بَاب الْغَيْن والطاء)
(غ ط)
غط: قَالَ الليثُ: يُقالُ: غَطّهُ فِي المَاء يَغُطُّهُ عَطّاً، أَي: غَمَسَهُ وغَطّسَه وَقَدِ أَنْغَطّ فِي الماءِ انْغِطَاطَاً.
والغَطْغَطَةُ: صوتُ غَلَيانِ القِدْرِ، وَهِي: الغَطْمَطَةُ: قَالَ الراجز:
للرّضْفِ فِي مَرْضُوفِهَا غَطاغِطُ.
أَبُو عبيد: التّغْطِيطُ والغَرْغَرةُ: الصوتُ، ورواهُ بعضهُم: التّغَطْمُطُ. والغَرْغَرةُ أَيْضا صوتُ القِدْرِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَطْغَطَةُ: يُحكى بهَا ضربٌ من الصَّوْتِ. قَالَ: والغَطَاغِطُ: أُناثُ السِّخالِ.
قلتُ: هَذَا تَصْحِيفٌ، وصوابُه: العَطَاعِطُ. بالعَيْنِ، الواحدُ: عُطْعُطٌ، وعُتْعت، قَالَ ذَلِك ابنُ الْأَعرَابِي وغيرُه.
وَيُقَال: غَطّ النائمُ يَغِطّ غَطّاً وغَطيطاً، فَهُوَ غَاطٌّ.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الغَطاطُ: القَطا بفَتْح الغَينِ واحدتُها: غَطاطَةٌ، وَأنْشد:
فَأَثَارَ فارِطُهُمْ غَطاطاً جُثّماً
أصواتُهُ كَتَراطُنِ الفُرْسِ
قَالَ: والغُطَاطُ: الصُّبْحُ بضَمّ الغَيْنِ وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيلٍ: وَأنْشد أَبُو(8/10)
الْعَبَّاس:
قَامَ إِلَى ادْماءَ فِي الغُطَاطِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَطَا ضَرْبانِ: جُوْنٌ، وغَطاطٌ، الغَطاط مِنْهَا مَا كَانَ أسوَدَ باطنِ الجَناحِ، طويلَ الرِّجْلَيْنِ، مُصْفرّةَ الحُلُوقِ، أغبرَ الظّهْرِ، عظيمَ العَيْنِ.
والجُونُ هِيَ الكُدْرُ، تكونُ كُدْرَ الظُّهُورِ، سودَ باطنِ الجَناحِ مُصْفَرّةِ الحُلُوقِ قصيرةَ الأرجُلِ، فِي ذَنَبِها رِيْشَاتٌ أطوَلُ من سَائِر الذّنَبِ.
(بَاب الْغَيْن وَالدَّال)
(غ د)
غ د د غ: (مستعملان) .
غَد: قَالَ الليثُ: أغدّتِ الإبِلُ، إِذا صَار لَهَا بَيْنَ الجِلْدِ واللّحْمِ غُدَدٌ من داءِ، وأنشدَ:
لَا بَرئَتْ غُدَّةُ مَنْ أَغَدّا
قَالَ: والغدّةُ تكونُ أَيْضا فِي الشّحْم.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصْمَعيّ، قَالَ: من أدواءِ الإبِلِ: الغُدّةُ، وَهُوَ طاعُونُهَا، يُقالُ: بَعِيْرٌ مُغِدٌّ.
شَمِر عَن ابنِ الأعرابيّ قَالَ: الغُدَّةُ لَا تكونُ إِلَّا فِي البَطْنِ، فَإِذا مَضَى إِلَى نَحْرِهِ ورُفْغِهِ: قِيلَ: بَعِيرٌ دَارِيّ.
قلتُ: وسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: غُدّتِ الناقَةُ فَهِيَ مَغْدُودَةٌ، من الغُدَّةِ، وغَدَّدْتُ الإبلَ فَهِيَ مُغَدّدَةٌ. وبَنُو فلانٍ مُغِدُّونَ، إِذا ظَهَرْتِ الغُدَّةُ فِي إبلِهِمْ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: أغَدّتِ الناقَةُ وأُغِدَّتْ، ويقالُ أَيْضا: غُدَّتْ، فَهِيَ مَغْدُودَةٌ من الغُدَّةِ، وبعيرٌ مَغْدُودٌ، وغادٌّ، ومُغِدٌّ، ومُغَدٌّ، وإبِلٌ مَغادٌّ، وَأنْشد فِي الغادِّ:
عَدِمْتُكُمُ ونَظَرْتُكُمْ إلَيْنَا
بِجنْبِ عُكاظِ كالإبِلِ الغِدَادِ
قَالَ: الغِدَادُ: جمْعُ الغَادِّ.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
وأحْمَدْتَ إذْ نَجَّيْتَ بالأمْسِ صِرمَةً
لَهَا غُدَدَاتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ
قَالَ: الغُدَدَاتُ: فُضُولُ السِّمَنِ، وَمَا كانَ من فُضولٍ وبرَ حَسَنٍ، وَهُوَ قَوْلُ أبي عمرٍ و.
وَقَالَ فِي قولِ لبيد:
تَطِيرُ غَدَائِدُ الأشْراكِ شَفْعاً
قَالَ: الغدائِدُ: الفُضُولُ.
الأصمعيّ: رأيتُ فلَانا مُغِدّاً ومُسْمَغِدّاً، إِذا رأيتَهُ وارِماً من الغَضَبِ، وامرأةٌ مِغْدَادٌ، إِذا كانَ من خُلُقِها الغَضَبُ، وأنشدَ:
يَا ربَّ مَنْ يكتُمُني الصِّعَادا
فَهَبْ لَهُ حَلِيلَةً مِغْدَادا
أَبُو تُرَاب، قَالَ الأصمعيّ: أغدّ الرجُلُ، فَهُوَ مُغِدٌّ، وأضَدَّ فَهُوَ مُضِدٌّ، أَي: غَضْانُ.(8/11)
سلمةُ عَن الفَرّاء، قَالَ: الغِدَادُ والغَدَائِدُ: الأنْصِبَاءُ، فِي قولِ لبيد:
تطيرُ غدائِدُ الأشراكِ شَفْعاً
دغ: قَالَ الليثُ: الدَّغْدَعَةُ فِي الْبضْع: التحريك.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقالُ للمَغْمُورِ فِي حَسَبِهِ، أَو فِي نسبِهِ: مُدَغْدَغٌ، ويُقَالُ: دَغْدَغَهُ بكلمةٍ، إِذا طَعَنَ عَلَيْهِ، وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وَعِرْضي لَيْسَ بالْمُدَغْدِغِ
أَي: لَا يُطْعَنُ عَلَيّ فِي حَسَبي.
(بَاب الْغَيْن وَالتَّاء)
(غ ت)
غت تغ: مستعملان.
غت: قَالَ الليثُ: الغَتُّ كالغَطِّ.
وَفِي الحديثِ: (يَغُتُّهُمُ الله فِي الْعَذَابِ غَتّاً) .
قَالَ: والغَتُّ: أَن تُتْبِعَ القولَ القولَ، أَو الشُّرْبَ الشُّرْبَ، وَأنْشد:
فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ أنْفَاسَها
غَتّ الغَطَاطِ مَعاً عَلَى إعْجالِ
وَفِي حديثِ ثَوْبَانِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَوْضِ: (يَغُتُّ فيهِ مِيزابَان مِدَادُهُما من الجَنَّة) .
قُلْتُ: هكذَا سمعتُهُ من محمدٍ بنِ إسحاقَ: يَغُتُّ، بِضَمِّ الْغَيْن، قَالَ: وَمعنى: يَغُتُّ: يَجْري جَرْياً، لَهُ صوتٌ وخَريرٌ.
وقِيلَ: تَغُطُّ، وَلَا أَدْرِي مِمَّن حَفِظَ هَذَا التفسيرَ، قلت: وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ، لقيل: يَغِتُّ ويَغِطُّ بِكَسْر الغَينِ وَمعنى: يَغُتُّ عِنْدِي يُتابِعُ الدفقَ فِي الحَوْضِ لَا يَنْقَطِعَانِ، مأخوذٌ من (قولِكَ) : غَتّ الشاربُ الماءَ جَرْعاً بَعْدَ جَرْعٍ، ونَفَساً بعد نَفَسٍ، من غير إبانَةِ الإنَاءِ عَنْ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيدٍ الأنصاريُّ: غَتَتُّ الرّجُلَ أغتُّهُ غتّاً؛ إِذا عَصَرْتَ بِحَلْقِهِ نَفَساً أَو اثْنَيْنِ أَو أكثَرَ.
قَالَ شمر: غُتَّ فَهُوَ مَغْتُوتٌ، وغُتَّ: فَهُوَ مَغْمُومٌ. وَقَالَ رُؤْبَة، يذكر يُونُسَ، والحوتَ.
ويونسُ الحوتُ لَهُ مَبِيتُ
يدْفَعُ عنهُ جَوْفه الْمَسْحُوتُ
كِلَاهُمَا مُغْتَمِسٌ مَغُتوتُ
والليلُ فَوْقَ الماءِ مُسْتَمِيتُ
قَالَ: فالمغتوتُ: المغمومُ.
قَالَ: وغَتَتُّ الدَّابةَ شَوْطاً. أَو شَوْطَيْن، إِذا ركَّضْتُهَا وأتْعَبْتُهَا.
قَالَ: وغَتَّ فِي الماءِ يَغُتُّ غَتّاً، وَهُوَ مَا بَيْنَ النَّفْسَيْنِ مِنَ الشُّرْبِ، والإناءُ عَلَى فِيهِ.
وَأنْشد بَيت الْهُذلِيّ:
ثَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بواضِعٍ(8/12)
غَتَّ الغَطاطِ مَعاً على إعْجالِ
أيْ: شَرِبْنَ أنفاساً، غَيْرَ بواضع: غَيْرَ رواءِ.
وَقَالَ الدَّيْنَوري: إِذا والى الكأسَ دِكاما، قيلَ: غَتّهُ يَغُتُّهُ غَتّاً.
وغتَّ الرجُلُ الضَّحِكَ، يَغُتَّهُ غَتّاً، إِذا وَضَعَ يَدَهُ أَو ثَوْبَهُ على فَمِهِ حينَ يَضْحَكُ، كَيْمَا يُخْفِيَهُ. قُلْتُ: فَمَعْنى قولِهِ: (يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ أَي: يَدْفُقَانِ فِيهِ المَاء دَفْقاً دَائِما لَا يَنْقَطِعُ، كَا يَغُتُّ الشَّارِبُ المَاء، أَي: يُتَابِعُ جَرْعَهُ نَفَساً بعدَ نَفَسٍ من غيرِ إيانةٍ للإناءِ عَن الفمِ.
ويَغُتُّ: مُتَعَدَ على هَذَا التأويلِ: لِأَن المُضَاعَفَ إِذا جَاءَ يَفْعَلُ) ، فَهُوَ مُتَعَدَ، وَإِذا جَاءَ على (فَعَل يَفْعِلُ) ، فَهُوَ لازِمٌ، إِلَّا مَا شَذَّ عنهُ، قَالَه الفراءُ، وغيرُهُ.
تغ: قَالَ الليثُ: التّغْتَغَةُ فِي حكايةِ صوتِ الحُلِي قلت: لم أسْمَع: التّغْتَغَةَ فِي صوتِ الحُلِيِّ.
وَقَالَ الفَرّاءُ: العَرَبُ تَقُولُ: سِمِعْتُ (طَاقٍ طَاقٍ) ، لِصَوْتِ الضَّرْبِ، ويقولونَ: سَمِعْتُ (تَغٍ تَغٍ) ، يُرِيدُونَ: صوتَ الضَّحِكِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيُّ عَن ثعلبٍ عَن سَلَمَة عَن الفرَّاءِ، قَالَ: أَقبلُوا تَغٍ تَغِ، وَأَقْبلُوا قِهٍ قِقٍ، إِذا قَرْقَرُوا بالضّحِكِ، وَقد انْتَغُوا بالضَّحِكَ وأوْتَغُوا.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: تَغْتَغَ الضَّحِكَ تَغْتَغَةً، إِذا أخْفَاهُ.
قلتُ: وقولُ الليثِ فِي التّغْتَغَةِ: أنَّهُ صَوْتُ الحُلِيِّ، خَطأ إِنَّمَا هُوَ حِكايَةُ صوتِ الضّحِكِ.
(بَاب الْغَيْن والظاء)
غ ظ
غظ: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو تُرابٍ: قَالَ أَبُو عمرٍ و: المُغَطْغَطَةُ والمُغَطْغَطَةُ بالطّاء والظّاء: القِدْرُ الشْدِيدَةُ الغَلَيانِ.
(بَاب الْغَيْن والذال)
(غ ذ)
غذ: قَالَ الليثُ: غَذَّ الجُرْحُ يَغِذُّ، إِذا وَرِمَ. قلتُ: أخْطَأَ الليثُ فِي تفسيرِ غَذَّ، أنَّه بِمَعْنى: وَرِمَ، والصّوابُ غَذّ الجُرْحُ يَغِذُّ، إِذا سَالَ مَا فيهِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ وقَدْ خَرَجَتْ غَذِيذَةُ الجُرْجِ وغَثِيثَتُهُ وَهِي مِدَّتُهُ.
وَقد أَغَذَّ الجُرْحُ وأغَثَّ، إِذا أَمَدّ. وعِرْقٌ غَاذٌّ: لَا يَرْقأُ وَقَالَ أَبُو زيد: تقولُ العَرَبُ: للَّتِي نَدْعوها نَحن:
الغَرَبَ: الغّاذُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: إِن كانَتْ بالْبعيرِ دَبَرَةٌ، فبرأَتْ، وَهِي تَنْدى، (قيل) : بِهِ غَاذٌّ. وَتَرَكْتُ جُرْحَهُ يَغِذُّ.(8/13)
ورَوى ابنُ الفَرَجِ عَن بَعْضِ العَرَبِ: غَضَضْتُ منهُ وغَذَذْتُ، أَي: نَقَصْتُ.
وَقَالَ الليثُ وغيرُه: الإِغْذاذُ: الإسراعُ، فِي السَيرِ، وَأنْشد:
لمّا رأيتُ القَوْمَ فِي إغْذاذِ
وأَنَّهُ السَّيْرُ إِلَى بَغْداذِ قُمْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى مَعَاذِ تَسْليمَ مَلاَّذٍ عَلَى مَلاذِ طَرْمَذَةً منّي على الطِّرْمَاذِ وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: هِيَ الغَاذَّةُ والغَاذِيَةُ: لِرمَّاعَةِ الصَّبِيّ.
(بَاب الْغَيْن والثاء)
(غ ث)
ثغ غث: (مستعملان) .
غث: الليثُ: لحمٌ غثٌّ، غَثِيْتٌ، بَيِّنُ الغُثُوثَةِ، وقَدْ أَغَثَّ الرَّجُلُ اللحْمَ، أَيْ: اشْتَرَى غَثاً.
قالَ: والغَثِيثَةُ: المِدَّةُ، وَقد أَغَثَّ الجُرْحُ، إِذا أَمَدَّ، يُغِثُّ إغثاثاً.
وَقَالَ غيرهُ: أَغَثَّ فُلانٌ فِي حَدِيثِهِ، إذَا جَاء بكلامٍ غَثَ لَا مَعْنى لَهُ.
وَقَالَ اللَّحْيانيُّ: رَجُلٌ غَثٌّ، وَلَقَدْ غَثِثْتَ يَا هَذَا فِي خُلُقِكَ وَحَالِكَ، إِذا سَاءَ خلقُهُ وحالُه، غُثوثَةً وغَثَاثَةً، وإنكمْ لَقَومٌ غَثَثَةٌ.
وَيُقَال: مَا يَغِثُّ عَلَيه أَحَدٌ، أيْ: مَا يَدَعُ أحَداً إلاّ سَألَهُ.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأُمَويِّ: غَثَثَتِ الإبِلُ تَغْثِيثاً ومَلحَتْ تَمْلِيحاً، إِذا سَمِنَتْ قَليلاً قَليلاً.
قَالَ أَبُو سعيد: أَنا أتَغَثثُ، وَمَا أَنا فيهِ، حَتَّى اسْتَسْمِنَ، أَي: أستَقِلّ عَمَلي؛ لأخذَ بِهِ الكثيرَ من الثوابِ.
اللحيانيُّ: اغتَفتِ الخَيلُ وأغتَثتْ: إِذا أصابَتْ شَيْئا من الرّبيعِ، وَهِي الغُفةُ، والغُثةُ، جَاءَ بهما فِي بابِ: (الْفَاء والثاء) . وغيرُهُ: يُجيز: الغُبَّةَ، بِهَذَا الْمَعْنى.
ثغ: قَالَ الليثُ الثغْثَغَةُ: عضُّ الصّبيّ قَبْلَ أَن يَشْقَأَ ويَثغِرَ، وَقَالَ رؤبة:
وعضّ عضّ الأدردِ المُثَغْثَغِ
(بَاب الْغَيْن وَالرَّاء)
(غ ر)
غر رغ: (مستعمان) .
رغ: قَالَ اللَّيْث: الرّغيغَةُ: مَرْقَةٌ تُطْبَخُ للنُّفَسَاءِ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيّ: الرّغيغَةُ: لبَنٌ يُطْبَحُ، وَقَالَ أَوْس:
لقد عَلِمَتْ أسَدٌ أننَا
لهُمْ نُصُرٌ ولَنِعْمَ النُّصُرْ
فكيفَ وَجَدْتُم وَقَدْ ذُقْتُمُ
رَغِيغَتَكُم بينَ حُلْوٍ وَمُرُّ
وَقَالَ الأصمعيُّ: كنى بالرّغِيْغَةِ عَن الوقْعَةِ، أيْ ذُقْتُمْ طعْمَهَا، فكيفَ(8/14)
وَجَدْتُمُوها؟ ؟
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ فِي (وِرْدِ الإبِلِ) ، قَالَ إِذا رَدُّوها على المَاء. فِي اليومِ مِراراً، فذلكَ الرّغْرغَةُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ، قالَ: المَغْمَغَةُ: أَن تَرِدَ الماءَ كلّمَا شاءتْ يَعْنِي: الإبلَ، والرغْرَغَةُ أَن يسقِيها سَقْيّاً ليسَ بتامٌّ، وَلَا كافٍ.
غر: قَالَ الليثُ: الغَرُّ: الكَسْرُ فِي الجِلْدِ من السِّمَنِ وأنشَدَ:
كأنَّ غَرَّمَتْنِهِ إِذْ نَجْنُبُهْ
سَيْرُ صَنَاعٍ فِي خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
قَالَ: والطائرُ يَغُرُّ فَرْخَهُ غَرّاً، إِذا زَقَّهُ.
قلتُ: وسمِعْتُ أَعْرَابِيًا يَقُولُ لآخَرَ: غُرَّ فِي سِقائِكَ؛ وذلكَ، إِذا وضَعَهُ فِي المَاء وملأهُ بِيَدِهِ، يَدْفَعُ الماءَ فِيهِ دَفْعاً بِكَفِّهِ، وَلَا يَسْتَفِيقُ حَتَّى يَمْلأَهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيّ: الغَرّ: النَّهْرُ الصَّغيرُ، وجمعُهُ: غُرُورٌ، والغُرُورُ: شَرَكُ الطّريقِ، كلُّ طُرْقَةٍ مِنْهَا: غَرٌّ، ومنْ هَذَا يُقالُ: إطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ، وخِنْثِهِ، أَي: على كَسْرِهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الغُرُورُ: مكاسِرُ الجِلْدِ، وأنشدَ ابنُ الأعرابيّ فِي صِفَةِ جارِيةٍ:
سَقِيّةَ غَرَ فِي الحِجالِ دَمُوج
يَعْنِي: أَنَّهَا تُخْدَمُ وَلَا تَخْدُمُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن حَمَلَ بنَ مالكٍ، قَالَ لَهُ: إِنِّي كنتُ بينَ جَارَتَيْنِ لي، فَضَرَبَتْ إحداهُما الأخْرَى بِمِسْطَحِ، فألقَتْ جَنِيناً مَيْتاً، وماتَتْ، فَقَضى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بديةِ المقتولَةِ عَلَى عاقِلَةِ القاتِلَةِ، وجعَل فِي الْجَنِين غُرْةً، عبدا أَو أمَةّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الغُرَّةُ: عَبْدٌ أَو أَمَةٌ، وَأنْشد:
كلُّ قَتِيل فِي كُلَيْبٍ غُرَّهْ
حَتَّى ينالَ القتلُ آلَ مُرَّهْ
يقولُ: كلُّهم ليسَ بِكُفْءِ لكُلَيْبٍ، إِنَّمَا هُم بمنزِلَةِ العَبيدِ والإِماء، إِن قَتَلْتُهُمْ، حَتَّى أقتُلَ آلَ مُرَّةَ، فَإِنَّهُم الأكْفاءُ حينئذٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعيدٍ الضريرُ: الغُرَّةُ عندَ العَرَبِ أنْفَسُ شَيء يُمْلَكُ، وأفضَلُهُ فالفَرَسُ غُرَّةٌ مالِ الرجُلِ والعبدُ غُرَّةُ مالِهِ، والبعيرُ النجيبُ: غُرَّةُ مالِهِ، والأمَةُ الفارِهَةُ من غُرَر المالِ.
قلتُ: لم يَقْصِدْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَعْلِهِ: فِي الجَنِينِ: غُرَّةً، إِلَّا جِنْساً واحِداً من أجناسِ الْحَيَوانِ (بِعَيْنِهِ) ، بَيَّنَهُ، فقالَ: عبدا أَو أمة. وغُرَّةُ المالِ: أفضلُه، وغُرَّةُ القومِ: سَيِّدُهُمْ.
يُقالُ: فُلانٌ غُرَّةٌ من غُرُورِ قَوْمِه وَهَذَا غُرَّةٌ مِنْ غُرَرِ قوْمِهِ، وَهَذَا غُرَّةٌ من غُرَرِ المتَاعِ.
وغُرَّةٌ النّبْتِ: رَأسُهُ، وسَرْعُ الكَرْمِ بِسُوقِهِ: غُرّتُهُ.(8/15)
ورُوي عَن أبي عمرٍ وبنِ الْعَلَاء: أَنه قالَ فِي تفسِيرِ: (غُرَّةِ الجَنِينِ) : إنّهُ لَا يكونُ إِلَّا الأبيضَ مِنَ الرقيقِ.
وتفسيرُ الفُقَهاءِ: أَن الغُرَّةَ من العبيدِ الَّذِي يكونُ ثَمَنُهُ عُشْرَ الدِّيةِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ غيرُ واحدٍ، وَلَا اثنَيْنٍ: يُقالُ: لثلاثِ ليالٍ من أوَّلِ الشّهْرِ: ثلاثُ غُرَرٍ، والواحدُ: غُرَّةٌ.
وأخبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن أبي الهيثَمِ، أنّه قالَ: سُمِّيْنَ غُرَراً، واحِدَتُها غُرَّةٌ، تَشبِيهاً بِغُرّةِ الفَرَسِ فِي جَبْهَتِهِ؛ لأنّ البياضَ فيهِ أقلُّ شَيْءٍ، وكذلكَ بياضُ الهلالِ فِي هَذِه اللَّيَالِي أقلُّ شَيْءٍ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الغُرَّةُ من البياضِ فِي وَجْهِ الفَرَس مَا فوقَ الدِّرْهَمِ، والقُرْحَةُ قَدْرُ الدِّرْهَمَ فَمَا دُونَهُ.
قلتُ: وَأما اللَّيَالِي الغُرُّ الَّتِي أمَرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَوْمِها، فَهِيَ ليلةُ ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ، ويُقال لَهَا: البِيْضُ. وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَوْمِها؛ لأنّهُ خَصَّها بالفَضْلِ.
وَقَالَ الليثُ: الغُرُّ: طَيْرٌ سُوْدٌ، بِيْضُ الرُّؤُوس، من طيرِ المَاء، والواحدُ: غَرّاءُ. ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى.
والأَغَرُّ: الأَبْيَضُ، قَالَ: والغِرُّ كالغِمْرِ، والمَصْدَرُ الغَرارَةُ وجاريةٌ غِرَّةٌ.
وَقَوْلهمْ: (المُؤْمِنُ غِرٌّ كَريمٌ) معناهُ: أَنَّه لَيْسَ بِذِي نَكْراءَ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدٍ: الغِرَّةُ: الجَاريةُ الحَدَثَةُ السِّنِّ، الَّتِي لم تُجَرِّبِ الأُمورَ، ويقالُ لَها أَيْضا: غِرٌّ بِغَيْر هَاءٍ، وَأنْشد:
إِن الفَتَاةَ صَغِيرَةٌ
غِرٌّ فَلَا يُسْرَى بِهَا
وَقَالَ الأصمعيُّ: جَارِيَة غَرِيْرَةٌ، إِذا لَمْ تُجَرِّبِ الأُمُورَ، وَلم تكنْ عَلِمَتْ مَا يَعْلَمُ النِّساءُ من الحُبِّ، وكذلكَ: غُلامٌ غِرٌّ، وجارِيةٌ غِرٌّ.
وَيُقالُ: كَانَ ذَلِك فِي غرارَتي وَحَداثَتي، يُريدُ: فِي غِرّتي.
أَبُو عُبيد عَن الكِسَائي: رجلٌ غِرٌّ، وَامْرَأَة غِرّةٌ: بَيِّنَةُ الغَرَارَةِ من قومٍ أغِرّاءَ.
قالَ: ويُقالُ: عَن الإنسانِ الغِرِّ: غَرِرْت يَا رَجُلُ، تَغِرُّ غَرارةً، وَمن الغَارِّ وَهُوَ الغَافِلُ: اغْتَرَرْتَ.
وقالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقالُ: غَرِرْتَ بَعْدِي تَغِرُّ غَرارةً، فأنتَ غِرٌّ، والجَارِيَةُ غِرٌّ، إِذا تَصَابَى.
وَفِي الحَدِيث: (المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيْمٌ، والكافِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ) .
فالغِرُّ: الَّذِي لَا يَفْطُنُ للشَّرِّ. ويَغْفُلُ عَنْهُ، والخَبُّ: ضِدُّ الغِرِّ، وهوَ الخَدّاعُ المُفْسِدُ.
قَالَ ابنُ الأعرابيِّ: مَا كنتُ خَبّاً، وَلَقَد(8/16)
خَبِبتَ تَخَبُّ خَبّاً.
قَالَ ابنُ سِيرْنَ: (لستُ بِخَبَ، ولكنّ الخَبّ لَا يَخْدَعُني) .
وَيُقَال: اغتَرَرْتُه واستَغْرَرْتُهُ أيْ: أتيتُهُ على غِرّةٍ، أَي: على غَفْلَةٍ، وانْتَصَحْتُهُ، أيْ: خِلْتُهُ ناصِحاً، واغْتَشَشْتُهُ، أيْ: خِلْتُهُ غَاشّاً، وَقَالَ:
أَلا رُبّ مَنْ مِنْ نَفْسِهِ لَكَ نَاصِحٌ
ومُنْتَصِحٌ بالغَيْبِ وَهُوَ أمِيْنُ
وَغَرّرَ السِّقاءَ، إِذا مَلأهُ، وقالَ حَمَيد:
وَغَرّرَهُ حَتّى اسْتَدَارَ كأنَّهُ
عَلَى الفَرْوِ عُلْفُوفٌ من التُّركِ اقِدُ
يُرِيدُ بالفَرْوِ: مسكَ شاةٍ بُسِطَ تَحْتَ الوطْبِ.
وَقَالَ أَبُو بكرٍ بنُ الْأَنْبَارِي، فِي قَوْلهم: غَرّ فلانٌ فلَانا: وَقَالَ بعضُهُمْ: معناهُ: قد عَرّضَهُ للهَلَكَةِ والبَوارِ، من قولِهِمْ: ناقَةٌ مُغَارٌّ، إِذا ذَهَب لَبَنُها بالجَدْبِ، أَو لِعِلَّةٍ. .
ويقالُ: غَرّ فلانٌ فلَانا: معناهُ: نَقَصَهُ، من الغِرارِ، وَهُوَ النُّقْصانُ.
ويقالُ: مَعْنى قولهمْ: غَرَّ فُلانٌ فُلاناً: فَعَلَ بِهِ مَا يُشْبِهُ القَتْلَ والذَّبْحَ بِغِرارِ الشّفْرَةِ.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصْمعي: من أمثالهم فِي تَعْجِيلِ الشّيْء، قَبْلَ أَوَانِهِ قَوْلُهُمْ: (سَبَقَ دِرَّتهِ غِرارُهُ) . ومثلُه: (سَبَقَ سَيْلُه مَطَرَهُ) .
ابْن السّكّيت: غَارَّتِ النَّاقةُ غِراراً، إِذا دَرَّتْ، ثمَّ نَفَرَتْ فَرَجَعَتِ الدِّرَّةَ. وَفِي مَثَلٍ: (الغِرَّةُ تَجْلِبُ الدِّرّةَ) .
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زَيْدٍ فِي: كِتابِ الأمثالِ قَالَ: من أمثالهم فِي الخِبْرَةِ والعِلم: (أَنا غَرِيرُكَ مِنْ هَذَا الأمرِ) ، أَي: اغْتَرَّنِي فأسأَلْني عنهُ، على غِرّةٍ، أَي: إِنِّي أَنا عالمٌ بِهِ فَمَتَى سألْتَنِي عنهُ من غَيْرِ اسْتِعْدادٍ لذلِكَ، وَلَا رَوِيَّةٍ فِيهِ، قالَ: وقالَ الأصْمَعيُّ فِي هَذَا الْمثل مَعْنَاهُ: أنَّكَ لَسْتَ بِمَغْرُورٍ منِّي، لكنِّي أَنا المَغْرُورُ؛ وذلكَ أنَّهُ بَلَغَني خبرٌ كانَ بَاطِلا، فأخبرتُكَ بهِ، وَلم يكنْ عَلَى مَا قُلْتُ لكَ، وَإِنَّمَا أدَّيْتُ إليكَ كَمَا سَمِعْتُ.
أَبُو عُبيد: الغَريرُ: المغْرُورُ، والغَرَارَةُ من الغِرَّةِ، والغِرَّةُ من بَايَعَ رَجُلاً من غيرِ اتْفاقٍ من المَلإ، لم يُؤَمَّرْ واحِدٌ منْهُما تَغْرِيراً بِدَمِ المُؤمَّرِ مِنْهُما، لِئَلاَّ يُقْتَلا، أَو أحَدُهما.
ونَصَبَ تَغِرَّة لأنّه مَفْعُولٌ لَهُ، وَإِن شِئْتَ: مفعولٌ مِنْ أجْلِهِ. وقولُه: أنْ يُقْتَلا، أَي: حِذَارَ أنْ يُقْتَلا.
وَمَا عَلِمْتُ أحَداً فَسَّرَ من حديثٍ عُمَرَ هَذَا مَا فَسَّرْتُهُ فَتَفَهّمْهُ، فَإِنَّهُ صَعْبٌ.
ورُوىَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قالَ: (لَا غِرَارَ فِي صَلاةٍ، وَلَا تَسْلِيمٍ) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: الغرارُ: النُّقْصَانُ، يُقال(8/17)
ُ للنَّاقَةِ، إِذا نَقَصَ لَبَنُها: هِيَ مُغَارُّ، قالَهُ الكِسائيُّ، وَفِي لَبَنِهَا غِرارٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي، غارَّتِ النّاقَةُ غِراراً، إِذا قَلَّ لَبَنُها، وَمِنْه: غِرارُ النَّوْمِ: قِلّتُهُ.
قُلْتُ: غِرارُ النّاقَةِ: أَن تُمْرِي، فَتَدُرّ، فإِن لم يُبادَرَ دَرُّها بالحَلَبِ، رَفَعَتْ دِرّتَها، ثمّ لم تَدُرّ، بَعْدَ ذلكَ، حَتَّى تُفِيقَ.
ورَوى الأوزاعيُّ عَن الزُّهريّ أنّه قالَ: (كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِغِرارِ النَّومِ بَأْسا) ، يَعْنِي: أَنَّه لَا يَنْقُضُ الوَضُوءَ.
وَقَالَ الفَرَزْدَقُ يَرْثي الحَجّاجَ:
أَنَّ الرّزِيّةُ مِنْ ثَقِيفٍ هالِكٌّ
تَرَكَ الْعُيُونَ فَنَوْمُهُنَّ غِرَارُ
أيْ قَليلٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: فمعْنَى الحديثِ: (لَا غِرارَ فِي صَلاَةٍ وَلَا تَسْلِيم) .
أَي: لَا ينقُصُ من ركُوعِهَا وسُجُودِهَا، كقَولِ سَلْمانَ: (الصلاةُ مِكْيالٌ، فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ، وَمن طفَّفَ، فَقَدْ عَلِمْتُم مَا قالَ الله فِي (المُطَفِّفينَ) .
قَالَ: وَأما الغِرارُ فِي التَّسليمِ، فَنُراهُ أَن يَقُولَ لَهُ: (السَّلامُ عَلَيكمْ) ، فيردّ عَلَيهِ الآخَرُ: (وَعَلَيكمْ) ، وَلَا يَقُولَ: (وَعَلَيكمُ السّلامُ) .
قالَ: وقالَ الأصمعيُّ: الغِرَارُ أَيْضاً: غِرارُ الحَمَامِ فَرْخَهَا، إِذا زَقّتْهُ. وَقد غَرَّتْهُ تَغُرُّهُ غَرّاً وغِراراً.
قَالَ: والغِرارُ: الطرِيقَةُ، يُقالُ: وَلَدَتِ المرأةُ ثَلَاثَة على غِرارٍ واحِدٍ، أَي: بعضَهم خَلْفَ بعضٍ. ويُقالُ: بنى القَومُ بُيُوتَهُم على غِرارٍ واحِدٍ.
قَالَ: والغِرَارُ: حَدُّ السّيْفِ وغَيرِهِ: والغِرارُ: المِثَالُ الّذي يُضْرَبُ النَّصالُ: لِتَصْلُحَ.
وَقَالَ الهُذَليُّ، يَصِفُ نَصْلاً:
سَدِيْدُ العَيْرِ لم يَدْحَضْ عَلَيه الْ
غِرارُ فَقْدِحُهُ زَعِلٌ دَرُوجُ
ثعلبٌ عَن أبي نَصْرٍ عَنِ الأصمَعيِّ: يُقَالُ لحدِّ السِّكِّينِ: الغِرَارُ والظُّبَةُ والقُرْنَةُ، وَلِجانِبِها الَّذي لَا يَقْطَعُ: الكلُّ، ويُقَالُ: لَقِيْتُهُ غِرَاراً، أيْ: عَلَى عَجَلَةٍ، وأَصلُهُ: القِلةُ فِي الرُّؤْيَةِ للعَجَلةِ. وَمَا أقَمْتُ عِنْدَهُ إِلَّا غِراراً، أَي: قَلِيلاً.
والغِرَارَةُ: الجُوالِقُ، وجمعُها: غَرائِرُ، وَقَالَ الرَّاجزُ:
... كَأَنَّهُ غِرَارَةٌ مَلأَى حَق
وقالَ أَبُو زَيدٍ: يُقَالُ: غَارّتِ السُّوقُ غِراراً، إِذا كَسَدَتْ، ودَرّتِ السَّوقُ: إِذا نَفَقَتْ، ويقالُ: لَبِثَ اليَومُ على غِرارِ شَهْرٍ، أَي: عَلَى مِثَالِ شَهْرٍ، وطُولِ شَهْرٍ.
ويقالُ: لَبِثَ اليومُ غِرارَ شَهْرٍ أَيْضا، ويقالُ:
غرّ فلانٌ مِنَ العِلْم مَا لمْ يُغَرّ غَيْرُهُ، أَي(8/18)
ْ زُقّ وعُلِّمَ.
وغَرّرْتُ الأَسَاقِيَ، إِذا مَلأتها.
وغارَّ القُمْريُّ أَنْثَاهُ، إِذا زَقَّها غِراراً.
وقالَ الله: جلّ وعزّ: {اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ} (لُقْمَان: 33) . يَقُولُ: لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيا، وَإِن كانَ لَكُم حَظٌّ فِيهَا، ينقص من دينكُمْ، فَلَا تُؤْثِروا ذلكَ الحَظَّ، {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} (لُقْمَان: 33) .
وَالغَرُورُ: الشيطانُ، وقُرىء بضَمِّ الغَيْنِ وَهَيَ الأباطيلُ، كَأَنَّهُ جَمْعُ: غَرَ، مَصْدرٍ: غَرَرْتُه غَرّاً، وَهُوَ أحسنُ من أنَ يُجْعَل مَصْدَرَ: غَرَرْتُ غُروراً، لأنّ المُتَعَدِّي مِنَ الأَفْعَالِ لاَ تَكَادُ تَقَعُ مَصَادِرُها عَلى: (فُعُول) إِلَّا شَاذاً، وَقد قالَ الفَرّاءُ: غُرَرْتُهُ غُروراً. قالَ: وقولُه: {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} ، يريدُ بِهِ: زِينَةَ الأشياءِ فِي الدّنيا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابنِ فَهْمِ عَن ابنِ سَلاّمِ عَن عمروٍ بن قائِدٍ، فِي قَوْله تَعَالَى: {الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم} . قَالَ الغَرورُ: الشيطانُ، وَأما الغُرورُ فَمَا اغْتُرّ بِه من مَتَاعِ الدُّنْيا.
وَقَالَ الأصمعيّ: الغَرورُ: الّذي يَغُرُّكَ. وَقَالَ غيرُهُ: الغَرورُ من الدّواء: مَا يُتَغَرْغَرُ بِهِ.
وعيشٌ غَرِيْرٌ، إِذا كانَ لَا يُفزِّعُ أَهْلَهُ.
ويُقَالُ: إيّاكَ وبَيْعَ الغَرَرِ، وَبَيْعُ الغَرَرِ: أَن يكونَ على غَيْرِ عُهْدَةٍ وَلَا ثِقَةٍ، قالَهُ الأصْمَعيُّ.
قلتُ ويدخُلُ فِي بيعِ الغَرَرِ: البُيُوعُ المَجْهُولَةُ، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِكُنْهِهَا المُتَبايِعَانِ، حَتَّى تكونَ مَعْلُومَةً.
وَيَوْمٌ أَغَرُّ. . أَيْ: شديدُ الحَرِّ. ومنهُ قولُ الشَّاعِر:
أغرُّ كَلَوْنِ المِلْحِ ضَاحِي تُرابِهِ
إذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزّانُهُ وَضَيَاهِبُهْ
ويُقالُ: غَرّتْ ثِنِيَّتا الغُلامِ فِي أوّلِ طُلُوعِهِمَا، لِظُهُورِ بَيَاضِهِما.
ورجلُ أغرُّ الوَجْهِ إِذا كانَ أبيضَ الوَجْهِ، من قومٍ غُرَ وغُرّانٍ، وَقَالَ أمرؤ الْقَيْس، يَمْدَحُ قَوْماً:
ثيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيةٌ
وأَوْجُهُهُمْ بيضُ المَسَافرِ غُرّانُ
وَقَالَ أَيْضا:
أولئِكَ قَوْمي بهَا لِيلُ غُرّ ...
وَفِي حبالِ الرّمْلِ المُعْتَرِضِ فِي طَريقِ مَكَّة حَبْلانِ، يُقَالُ لَهُما: الأَغَرّانِ. وقَالَ الراجِز:
وَقد قَطَعْنَ الرّمْلَ غَيْرَ حَبْلَيْن
حَبْلَي زَرُودٍ وَنَقَا الأَغَرَّيْن
والغَرُّ: مَوضِعٌ: بِعَيْنِهِ، (فِي البادِيَةِ) وَقَالَ:
فالغَرُّ تَرْعَاهُ فَجَنْبَيْ جِفِرَهْ(8/19)
وَقَالَ مُبْتَكِرٌ الأعرابيُّ: يُقَال: بِمَ غُرِّرَ فَرَسُكَ؟ فَيَقُولُ صاحبُه: بشادِخَةٍ، أَو بِوَتِيرَةٍ، أَو بِيَعْسُوبٍ.
والغَرُّ: حدٌّ السّيْفِ، وَمِنْه قولُ هِجرسٍ بنِ كُلَيب، حينَ رأى قَاتِلَ أبيهِ: (أَمَ وَسَيْفِي وَغَرّيهِ، أرادَ: وَحَدَّيْهِ.
والغِرغِرُ: دَجَاجُ الحَبشِ، تَكُونُ مُصِنَّةً؛ لاغْتِذائِها بالعَذِرَةِ:
وَذكر الزُّهْري قَوْماً، أبادَهُم الله: (فجَعَلَ عِنبَهُم الْأَرَاك ورُمّانعهُم المَظِّ، ودجاجَهُمُ الغِرْغِرَ
وَقَالَ الشاعِرُ:
ألفُّهمُ بالسّيفِ من كلِّ جَانِبٍ
كَمَا لَفتِ العِقْبانُ حِجْلَى وَغِرْغِرا
ويُقَالُ: غَرْغَر اللحمُ على النّارِ، ذَا صَلَيْتَهُ فَسَمِعْتَ لَهُ نَشِيشاً.
وَقَالَ الكُميتُ:
عَجِلْتُ إِلَى مُحْوَرِّها حِيْنَ غَرْغَرا
وَيُقَال: تَغَرْغَرَتْ عينُه بالدّمعِ، إِذا تَرَدَّدَ فِيها المَاء.
ابنُ نَجْدَةَ عنْ أبي زَيْدٍ: هِيَ الحَوْصَلَةُ والغُرْغُرَةُ والغُرَاوَى والزّاوَرَةُ. قَالَ: وجمعُ الغُرَاوي: غَرَاوَى. والغَرْغَرَةُ: حِكايَةُ صَوت الرَّاعي ونحوهِ.
والغَرْغَرَةُ: كَسْرُ قَصَبَةِ الأَنْفِ، وكَسْرُ رأسِ القَارُورةِ، وَأنْشد:
وخَضْرَاءَ فِي وَكْرَيْنِ غَرْغَرْتُ رَأْسَهَا
لأبْلِيَ إنْ فَارَقْتُ ي صَاحِبي عُذْرا
ويُقَالُ: غَرْغَر فلانٌ، وتَغَرْغَر بالدّواءِ: غَرْغَرةً، وَتَغَرْغُراً.
وقالَ أَبُو زيدٍ: سَمِعْتُ أَعْرابيّاً يَقُولُ: أَنا غَرِيرُكَ مِنْ تَقُولَ ذَاك، يقُولُ: مِنْ أَنْ تَقولَ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: اغْتَرَّني فَسَلْني عَن خَبَرِهِ، فإِني عالمٌ بِهِ، أَخْبِرُكَ بهِ على الحَقِّ والصِّدْقِ.
قَالَ: والغَرُورُ: الباطِلُ.
وَمَا اغتَرَرْتَ بِهِ من شَيء، فَهُوَ غُرورٌ.
أَبُو مالكٍ: غُرَّ علَيه الماءَ، وَقُرَّ عَلَيه المَاء:
أَي: صُبَّ عليهِ.
وغُرَّ فِي حَوْضِكَ، أيْ: صُبَّ فِيهِ.
ابنُ الأَعرابيّ: فَرَسٌ أَغرُّ، وبهِ غَرَرٌ، وَقد غَرّ يَغرُّ غَرَراً،
وجَمَلٌ أَغرُّ، وَفِيه غَرَرٌ وغُرُورٌ.
(بَاب الْغَيْن وَاللَّام)
(غ ل)
غل لغ: مستعملان.
غل: قَالَ الفَرَّاءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} (آل عمرَان: 161) وقُرِىء: (أنْ يُغَلَّ) ، مَنْ قَرأَ: (أنْ يُغَلَّ) يُرِيد: أَن يُخَانَ. قَالَ: وقرأه أصحابُ(8/20)
عبدِ الله كَذَلِك: (أنْ يُغَلَّ) ، يُريدون: أنْ يُسَرَّقَ.
وَقال أَبُو العَبّاس: جَعَلَ: يُغَلُّ، بِمَعْنى: يُغَلَّلُ. وكلامُ العَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذلكَ فِي: (فَعَّلْتُ وأفْعَلْتُ) ، وأفْعَلْتُهُ: أدْخَلْتُ ذاكَ فيهِ، وفَعَّلْتُ: كَثَّرْتُ ذاكَ فِيهِ.
وَقَالَ الفَرّاءُ: جائزٌ أنْ يَكُونَ: يُغَلُّ، مِنْ: أَغْلَلْتَ بِمَعْنى: يُغَلَّلُ، أَي: يُخَوّنُ، كقولِه تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ} (الْأَنْعَام: 33) و ( {لاَ يُكَذِّبُونَكَ} ) .
وَقَالَ الزِجّاجُ: قُرئا جَمِيعًا: (أَن يَغُلَّ، وَأَن يُغَلَّ) . فَمَنْ قَالَ:
{أَنْ يَغُلَّ} : فالمَعْنى: مَا كانَ بِنَبِيَ أَن يَخُونَ أمَّتَهُ. وتَفْسِيرُ ذلكَ؛ أنّ الغَنَائِمَ جَمَعَها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزَاةٍ، فجاءَهُ جماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: (ألاَ تَقْسِمُ بَيْنَنا غَنَائِمنَا؟ ؟) .
فقالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو أَفَاءَ الله عَلَيَّ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا مَنَعْتُكم دِرْهَماً، أَتَرَوْنَني أغُلُّكُمْ مَغْنَمكُمْ؟) .
قالَ: وَمَنْ قَرَأَ: (أنْ يُغَلَّ) فَهُوَ جائِزٌ عَلَى ضَرْبَينِ:
أحدُهُما: مَا كانَ لنبيَ أَن يَغُلَّهُ أصْحَابُه، أيْ: يَخُونُوهُ، وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قالَ: (لَا أَعْرِفَنَّ أحدَكم يجيءُ يومَ القِيامَةِ وَمَعهُ شَاةٌ، قَدْ غَلَّها، لَهَا ثُغَاءٌ، ثمَّ قَالَ: أَدُّوا الخَيْطَ وَالمَخْيَطَ) .
والوجهُ الثّانِي: أَنْ يَكُونَ: (يُغَلَّ) ، أيْ: يُخَوَّنَ.
وَأَخْبرنِي المُنذِريّ عَن الحُسين بنِ فَهْم عَن ابنِ سَلاّم، قالَ: كَانَ أَبُو عَمْرو بنُ العَلاَء، ويونُس يَخْتَارَانِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} . قَالَ يُونُسُ: وكيفَ لَا يُغَلُّ؟ بَلَى، ويُقْتَلُ.
ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه أمْلى فِي كتابِ صُلْحِ الحُدَيبيّةِ: (أنْ لَا إغْلالَ وَلَا إسْلالَ) .
وقالَ أبُو عُبَيدٍ:
قَالَ أَبُو عمرٍ و: الإغْلالُ: الخِيَانَةُ، والأسْلالُ: السَّرِقَةُ. قالَ: وكانَ أَبُو عبيدةَ يقُولُ: رَجُلٌ مُغِلٌّ مُسِلٌّ، أيْ: صاحبُ خِيَانَةٍ وَسَلَّةٍ، ومنهُ قَوْلُ شُريَح: (ليسَ على المُسْتَعِيرِ غيْرُ المُغِلِّ ضَمَانٌ) ، يَعْني: الخَائِنَ.
وقالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ:
جَزَى الله عَنّا حَمْزَةَ أَبْنَةَ نَوْفَلٍ
جَزَاءَ مُغِلَ بالأَمَانَةِ كَاذِبِ
قَالَ: وَأما قولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ثلاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ) .
فإِنَّه رُوي: لَا يَغِلُّ، وَلَا يُغِلُّ.
فَمَنْ قَالَ: لَا يَغِلّ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرِ الغَيْنِ فَإنَّه يَجْعَلُ ذلِكَ مِنَ الغِلِّ، وَهُوَ الضِّغْنُ والشَّحْنَاءُ.(8/21)
ومَنْ قَالَ. يُغِلُّ بِضَم الْيَاء جَعَله من الخِيانَةِ.
وَقيل فِي قولهِ: (ثلاثٌ لَا يُغِلُّ عليهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٍ) ، أيْ: لَا يكونُ مَعَهما فِي قلبِهِ غِشٌّ وَلَا دَغَلٌ من نِفاقٍ، ولكنْ يَكُونُ مَعَها الاخلاصُ فِي ذاتِ الله (جلّ وعزّ) .
قَالَ: وَأما غَلَّ يَغُلُّ غُلُولاً، فإنَّهُ الخِيَانَةُ فِي المَغْنَمِ خَاصَّةً.
والإغْلالُ: الخيانَةُ فِي المغانِمِ، وغيرِها، ويُقَالُ منَ الغِلِّ، غَلَّ يَغِلُّ، وَمن الغُلُولِ: غَلَّ يَغُلُّ.
وَقَالَ الزَجّاج: غَلَّ الرّجُلُ يَغِلُّ: إذَا خَانَ؛ لأنّه أخَذَ شَيْئا فِي خَفَاء. وكلُّ مَا كانَ من هذَا البابِ، فَهُوَ راجِعٌ إِلَى هَذَا، من ذلِك: الغَالُ، وَهُوَ الوادِي المُطْمَئِنُّ الكثيرُ الشَّجَرِ، وجمعُه: غُلاّنٌ.
ومِنْ ذلِكَ: الغِلُّ، وَهُوَ الحِقْدُ الكَامِنُ، ويقالُ: قد أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ، فَهْيَ مُغِلَّةٌ، إِذا أَتَتْ بِشَيءٍ، وَأَصلهَا باقٍ ومنْهُ قَوْلُ زُهَيرٍ:
فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لَا تُغِلُّ لأهْلِهَا
قُرًى بالعِراقِ من قَفِيزٍ ودِرْهَمٍ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ (فِي النوادِرِ) غَلَّ بَصَرُ فُلانٍ: حادَ عنِ الصَّوابِ وأَغَلَّ الرجلُ، إِذا خَانَ.
قُلْتُ: قولُه: غَلَّ بَصَرُ فُلانٍ، أيْ: حَادَ عَن الصَّوابِ، مِنْ غَلَّ يَغِلُّ، وَهُوَ معنى قولِهِ: (ثلاثُ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤمنٍ) ، أيْ: لَا يَحِيدُ عَن الصَّوابِ غاشّاً. وَأَغلَّ الخَطِيبُ، إِذا لم يُصِبْ فِي كلامِهِ.
وَقَالَ أَبُو وجزَةَ:
خُطَبَاءُ لَا خُرُقٌ وَلاَ غُلَلٌ إذَا
خُطَبَاءُ غيرُهُمُ أَغَلَّ شِرارُهَا
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أغْلَلْتُ الإِبِلَ، إِذا أصْدَرْتَها، وَلم تُرْوِها، فَهِيَ عَالَّةٌ بالعَينِ.
وَقَالَ نُصيرُ الرّازي: إِذا صَدَرَتِ الإِبِلُ عِطاشاً، قُلْتَ: صَدَرَت غَلَّة وَغوالَّ، وَقد أَغْلَلْتَها أْتَ، إِذا أسَأتَ سَقْيها. قالتُ والصّوابُ: أغْلَلْتُ: الأبلَ، إِذا أصْدَرتَها، وَلم تُرْوِها فَهِيَ: غَالَّةٌ بالغيْنِ من الغُلَّةِ، وَهِي حَرارَةُ العَطَشِ.
وَفِي (نوادِرِ أبي زَيْدٍ) : أغْلَلْتُ فِي الإِهابِ، إِذا سَلَخْتَهُ وتَركْتَ على الجِلْدِ اللّحْمَ، قالَ: وَأغللتَ أبِلَكَ إغْلالً، إِذا أَسَأَتَ سَقيَها، فأَصْدَرْتَها وَلم تُرْوِهَا، وصَدَرَتْ غوالَّ؛ الواحدةُ: غَالَّةٌ، وكَأَنَّ الرّاوِيّ عَن أبي عُبيدٍ غَلِطَ فِيهِ. وَقولُ الله جلّ وعزّ: {لاَ يُؤمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَعْناقِهِمْ أَغْلَالاً فَهِىَ إِلَى} (يس: 8) هِيَ الجَوَامِعُ تَجْمَعُ أيْدِيهُم إِلَى أَعْنَاقِهِمْ، وَأما قولُهُ جلّ وعزّ فِي صفةِ نبيِّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (الْأَعْرَاف: 157) . قَالَ أهلُ التَفْسِيرِ: كانَ عليهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ، لَا يُقْبَلُ فِي ذلكَ دِيَةٌ، وَكَانَ عَلَيْهمْ،(8/22)
إِذا أصابَ جلودَهُم شَيْءٌ من البَوْلِ أَن يُقْرِصُوا. وَكان عَلَيْهِم أَن لَا يَعْمَلُوا فِي السّبْتِ، فَهَذِهِ الأغلالُ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهمْ، وَهذا تَمْثِيل، كَقَوْلِك: (جَعَلْتُ هَذَا طَوْقاً فِي عُنُقِكَ) .
وليسَ هُنَاكَ طَوْقٌ، وتأَويلُه: إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا وألْزَمْتُكَ القِيَامَ بهِ، فَجَعَلْتُ لُزومَهُ لَكَ كالطَّوْقِ فِي عُنُقِك.
قَالَ: والغِلالَةُ: الثوبُ الَّذِي يُلْبَس تَحْتَ الثِّيَابِ، أَو تَحْتَ الدِّرْعِ. درعِ الحَدِيد.
قَالَ: وَمِنْه الغَلَلُ، وَهُوَ الماءُ الَّذِي يَجْري فِي أصولِ الشَّجَرِ.
قَال: ويُقَالُ: أَغْلَلْتُ الجِلْدَ، إِذا سَلَخْتَهُ، فأَبقَيْتَ فِيهِ شَيْئاً من الشَّحْمِ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الْأَعرَابِي، قَالَ: العُظْمَةُ والغِلالَةُ والرُّفَاعَةُ والأُضْخُومَةُ: الثَّوْب الذِّمِّيّ تَشُدُّهُ المرأةُ على عَجِيزتِهَا.
قَالَ: والغُلَّةُ: خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى رَأسِ الإبريقِ، وجَمْعُها: غُلَلٌ والغُلَّةُ: مَا تَوَارَيْتَ فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقالُ: نِعْمَ غُلُولُ الشَّيْخِ هَذَا، يَعْني: الطَعامَ الَّذي يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ.
قالَ: وغَلَّ فِي الشَّيْءِ يَغُلُّ، وانغَلّ، وتَغَلْغَلَ، فيهِ: إِذا دَخَلَ فِيهِ.
قالَ: ويقالُ: تَغَلَّيْتُ، مِنَ الغَالِيَةِ.
قَالَ أَبُو نصرٍ: سألتُ الأصمعيَّ: هَلْ يكونُ: تَغَلَّتْ؟ ؟ فقالَ: إِن أَرَدْتَ أنَّكَ أدْخَلْتَهُ فِي لِحْيَتِكَ وَشَارِبِكَ، فجائِزٌ.
وَقَالَ الفَرَّاءُ: تَغَلَّلتُ بالغالِيَةِ، وكلّ شَيْءٍ ألْصَقْتَهُ بِجِلْدِكَ، وأُصولِ شَعْرِكَ، فَقَدْ تَغَلَّلْتَهُ.
قَالَ: وتَغَلّيْتُ: مُوَلّدَةٌ.
والغُلّةُ والغَلِيلُ: حَرَارةُ العَطَشِ، ورَجُلٌ مَغْلُولٌ من الغُلّةِ.
وَقَالَ ابْن السّكِّيتِ: يُقالُ: غَلّ الرجلُ من الغُلِّ وَهُوَ الجامِعَةُ، يُغَلُّ بِها، فَهُوَ مَغْلُولٌ.
وغُلّ أَيْضا من غُلّةِ العَطَشِ، فَهُوَ مَغْلُولٌ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عبيد نَحوا من ذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقالُ: فلانٌ يُغِلُّ عَلَى عِيالِهِ، إِذا أتَاهُمْ بِغُلةٍ.
وَقَالَ الليثُ: يقالُ: غُلّ البَعِيرُ يُغَلُّ غَلةً، إِذا لم يَقْضِ رِيّهُ، قالَ: وَالغَلِيلُ: حَرُّ الْجَوْفِ لَوْحاً أَو امْتِعاضاً.
قَالَ: ورجلٌ مُغِلٌّ: يُنْصِتُ عَلَى غِلٌّ وحِقْدٍ.
وَذكر عُمَرُ النِّسَاء، فَقَالَ: (مِنْهُنَّ غُلٌّ قَمِلٌ) . وَذَلِكَ أَن الأسيرَ يُغَلُّ بالقِدِّ، فَإِذا قَبَّ، أَي: يَبِسَ، قَمِلَ فِي عُنُقِه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بِهِ غل من الْعَطش، وَفِي رقبته غل من حَدِيد وَفِي صَدره غل.
وَقَالَ ابنُ الفَرَجِ: قَالَ السُّلميُّ: غُسّ لَه(8/23)
ُ الخِنْجَرَ والسِّنانَ، وغُلهُ لَهُ، أَي: دُسَّهُ لَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُر بِهِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَلْغَلَةُ: سرْعَةُ السَّيْرِ، يُقَالُ: تَغَلْغَلُوا، فَمَضَوا ورسالةٌ مُغَلْغَلَةٌ: محمولَةٌ من بلدٍ إِلَى بلدٍ. قالَ: ويُقالُ، من الغَالِيةِ: غَلّلْتُ، وغَلّفْتُ، وغَلَيْتُ، قَالَ: والغَلْغَلَةُ، كالْغَرْغَرَةِ، فِي مَعْنَى: الكَسْرِ.
وأنشدَ ابنُ السِّكّيتِ فِي صفةِ فَرَسٍ:
يُنْجِيهِ من مثلِ حَمامِ الأغْلاَلْ.
وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ
قالَ: أرادَ: يُنْجِي هَذَا الفرسَ من خَيْلٍ، مثل حَمَام. يَرِدُ غَللاً من الماءِ، وَهُوَ ماءٌ يجْرِي فِي أُصولِ الشَّجَرِ، جَمَعَهُ عَلَى أغْلالٍ.
أَبُو عبيد: غَلَلْتُ الشَّيْءَ: أدْخَلْتُهُ، قالَ ذُو الرُّمة:
غَلَلْتُ المَهاري بَيْنَها كلّ ليلَةٍ
وبينَ الدُّجى حَتَّى تَرَاها تَمَزَّقُ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يُقالُ: لَا يَذْهَبُ كلامُكَ غَلَلاً. أَي لَا يَنْبَغِي أَن يَنْطَوِي عَن النّاسِ، بل يَجِبُ أَن يَظْهَر.
قَالَ: وَالغَلَلُ: اللَّحْم الَّذِي تُرِكَ على الإِهابِ حينَ سُلِخَ.
قالَ: ويُقال لِعِرْقِ الشَّجَرِ، إِذا أمْعَنَ فِي الأرضِ: غَلْغَلَ، وَجَمعُهُ: غَلاغِلُ، وقالَ كعبٌ:
وَتَفْتَرُّ عَنْ غُر الثّنايا كَأَنها
أقاحٍ تَرَوّى مِنْ عُرُوقٍ غَلاغِلِ
قَالَ: وغلائِلُ الدَّروعِ: مساميرُهَا المُدْخَلَة فِيهَا، الواحِدُ: غَلِيل، وقالَ لبيد:
وَأحْكَمَ أضْغانَ القَتِيرِ الغَلائِلِ
وَيُقالُ: نِعْمَ الغَلولُ شَرَابٌ شَرِبْتُهُ أوْ طَعامٌ، إِذا وافَقَني، ويُقالُ للإبِلِ، إِذا صَدَرَتْ عَن غَيْرِ رِيَ: قَدْ أغْلَلْتُها، ويُقالُ: اغْتَلَلْتُ الشَّرَابَ: شَرِبْتُهُ، وَأَنا مُغْتَلٌ إلَيْهِ، أيْ: مُشْتاقٌ إلَيْهِ، وَاغْتَلَلْتُ الثّوْبَ، أَي: لَبِسْتُهُ تَحْتَ الثَّيابِ.
لغ: أهْمَلَهُ الليثُ.
وَروَى أَبُو العَبّاسِ عَن عمرٍ وَعَن أبيهِ، قالَ: لَغْلَغَ ثَريْدَهُ وسَغْسَغهُ، وَرَوَّغَهُ، إِذا رَواهُ مِنَ الأُدْمِ، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: ويُقالُ: فِي كلامِهِ لَغْلَغةٌ ولَخْلَخَةٌ، أَي: عُجْمَةٌ. وَاللّغْلَغُ: طائرٌ مَعْرُوفٌ.
(بَاب الْغَيْن وَالنُّون)
(غ ن)
غن نغ: مستعملان.
غن: قَالَ الليثُ: الغُنَّةُ: صَوْتٌ فِيهِ تَرْخِيْمٌ، نحوَ الخَياشِيمِ، تكونُ من نَفْسِ الأَنْفِ.
قالَ: وقالَ الخَليل: النُّونُ أشَدُّ الحُروفِ غُنَّةً. وأَخْبَرَني المُنْذري عَن المُبَرِّدِ، أنَّهُ قَالَ: الغُنَّةُ: أَن يَشْرَبَ الحَرْفُ صَوْتَ(8/24)
الخَيْشُومِ، والخُنّةُ: أشَدُّ مِنْهَا.
قالَ: وَالتَّرْخِيمُ: حَذْفُ الكَلاَمِ.
وَقَالَ الليثُ: قَرْيَةٌ غَنّاءُ: الأَهْلِ والبُنْيانِ.
وَقَالَ غيرُهُ: وادٍ مُغِنٌّ، إذَا كَثُرَ ذُبَابُه: لالتِفَافِ عُشْبِهِ، حَتَّى تَسْمَعَ لِطَيَرَانِهَا غُنَّةٍ. وَقَدْ أَغَنَّ إغْنَاناً.
شِمْر: أَرضٌ غَنّاءُ، قَدِ الْتَجَّ عُشْبُهَا وَاعْتَمَّ وَعُشْبٌ أَغَنُّ. وَيُقَالُ للقَرْيَةِ الكَثِيرَةِ الأَهْلِ: غَنَّاءُ، وَأَغَنَّ الله غُصْنَهُ، أيْ: جَعَل غُصْنَهُ نَاضِراً أَغَنَّ.
قالَ: وَإِنَّمَا قِيلَ: وادٍ مُغِنٌّ، إِذا أَعْشَبَ فكَثُرَ ذِبانُه؛ حَتَّى تَسْمَعَ لأَصْواتِها غُنَّةً، وَهِي شَبِيهَةٌ بالبُجَّةِ؛ وَلذَلِك قيل قَرْيَةٌ غَنّاءُ.
أَبُو زيدٍ: الأَغَنُّ: الّذي يَجْرِي كَلاَمُهُ فِي لَهَاتِهِ، والأخَنُّ: السّادُّ الخَياشِيمِ.
نغ: قَالَ الليثُ: النُّغْنُغَةُ: موضعٌ بينَ اللَّهَاةِ وَشَوارِبِ الحُنْجُورِ، فإِذا عَرَضَ فِيهِ داءٌ قيل: تَنَغْنَغَ فُلانُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّغَانِغُ: لحَماتٌ، تكونُ عِنْدَ اللَّهَواتِ، واحِدُها: نُغْنُغٌ، وهيَ: اللّغَانِينُ، واحدُها لُغْنونٌ.
(بَاب الْغَيْن وَالْفَاء)
(غ ف)
غف: مستعملة.
قَالَ الليثُ: الغُفَّةُ بُلغَةٌ مِنَ العَيْشِ، وَأنْشد:
وَغُفّةٌ من قِوَامِ العَيْشِ تَكْفِينِي
قَالَ: والفَأرُ غُفَّةُ السِّنَّوْرِ.
ثَعْلَب عَن عمروٍ عَن أَبِيه، قَالَ الغُبَّةُ وَالغُفّةُ الْقَلِيل مِنَ العَيْشِ: أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: الغُبَّةُ من العَيْشِ: البُلْغَةُ وَهِي الغُثَّةُ، وَأنشد شَمِر:
وكنّا إِذا مَا اغْتَفَّتِ الخَيْلُ غُفَّةً
تَجَرَّدَ طَلاّبُ التِّرَاتِ مُطَلَّبُ
قَالَ شمر: والغُفَّةُ كالخُلْسَة أَيْضا وَهُوَ مَا تَنَاوَلَهُ البعيرُ بِفِيه عَلَى عَجَلَةٍ منهُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: من أسماءِ الفَأرِ: الغُفَّةُ، والفِرْنِبُ والرُّبْيَةُ.
(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء)
(غ ب)
غب بغ: مستعملان.
غب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الغُبَبُ: أَطْعِمَةُ النُّفَسَاءِ.
ابنُ السّكّيتِ: الغَبِيْبَةُ مِنْ ألْبانِ الْغنم: صَبُوحُ الْغنم بُكْرَةً، حتّى يَحْلُبُوا عَلَيهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثمَّ يَمْخُضُوهُ من الْغَدِ.
وقالَ أَبُو عُبَيْدِ، قَالَ أَبُو زيادٍ الكلابيُّ: يُقَال للرائِبِ من اللَّبَنِ: الْغَبِيْبَةُ.
قَالَ: وَيُقَالُ: غَبَّ فلانٌ عِنْدَنا، إذَا باتَ، وَمِنْه سُمِّي اللّحْمُ الْبائِتُ غابّاً، وأَغَبَّنَا فُلانٌ: إِذا أتانَا غِبّاً، ومنهُ قولُه:(8/25)
. مَا تُغِبُّ نَوافِلُهْ
قَالَ: وقالَ أَبُو زَيدٍ: الْغُبَّةُ: الْبُلْغَةُ من الّعيشِ.
الليثُ: غَبَّتِ الأُمورُ، إِذا صارَتْ إِلَى أواخِرِها، وأنْشَدَ:
غِبَّ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمَ السُّرَى
قالَ: والغِبُّ: وِرْدُ يومٍ، وَظِمْءُ يَوْمٍ. ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّهُ قالَ لأبي هُرَيْرَةَ: (زُرْ غِباً تَزْدَدْ حُبّاً) .
وَيُقالُ: مَا يَغِبُّهُمْ بِرِّي، ويُقَالُ: إِن لهَذَا العِطْرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً، أَي: عاقِبَةً.
وتَقُولُ: غَبَّ اللَّحْمُ يَغِبُّ غبُوباً، فَهُوَ غابٌّ، إِذا تَغَيْرَ، وَكَذَلِكَ الثِّمارُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الغِبُّ، إِذا شَرِبَتِ الإبِلُ يَوْماً وَغَبَّتْ يَوْماً يُقالُ: شَرِبَتْ غِبّاً، وكذاكَ الغِبُّ مِنَ الحُمَّى.
ويُقالُ: بَنُو فُلانٍ مُغِبُّونَ، إِذا كانَتْ إبلهِمْ تَرِدُ الغِبَّ، وَيُقَال بَعيرٌ غابٌّ، وإبِلٌ غَوَابُّ، إِذا كانَتْ تَرِدُ الغِبَّ.
ويقالُ: أغبَّ عَطَاؤُهُ، إِذا لم يَأْتِنَا كلّ يَوْمٍ وأغبّتِ الإبِلُ إِذا لم تَأْتِنَا كلَّ يَوْمٍ بَلَبَنٍ.
وأغَبّتِ الحُمّى، وَغَبَّتِ الإبِلُ، بِغَيرِ ألِفٍ، إِذا شَرِبَتْ غِبّاً. ولحمٌ غابٌ، وَقَدْ أَغَبّ اللَّحْمُ، وَغَبّ، إِذا أنْتَنَ، وغَبّتِ الحُمّى من الغِبِّ بِغَيْرِ ألِفٍ.
ويقالُ للإبلِ بعْدَ العِشْرِ: هِيَ تَرْعَى عِشْراً وغِبّاً، وعشْراً ورِبْعاً، كلُّ ذَلِك إِلَى العِشْرين.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الكِسَائيِّ: أغْبَبْتُ القَوْمَ، وغَبَبْتُ عَنْهُمْ، مِنَ الغِبِّ: جِئْتهُمْ يَوْماً وَتَركّتُهُمْ يَوْمًا، فَإِذا أردتَ الدّفْعَ قُلتَ: غَبّبْتُ عَنْهُ بالتَّشْدِيدِ.
شَمِرَ عَن ابْنِ نَجْدَة: (رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبَّ) ، وَلَا يكون: يُغِبُّ. مَعْنَاهُ: دَعْهُ يَمْكُثُ يَوْمًا، أَو يَوْمَيْنِ، قالَ نَهْشَلُ بْنُ حُرِّي:
فَلَمَّا رَأى أَنْ غَبّ أمْرِي وَأَمْرُهُ
وَوَلّتْ بِأَعْجَازِ الأمُورِ صُدُورُ
ويقالُ: مياهٌ أغْبابٌ، إِذا كانَتْ بعيدَةً. وَقَالَ:
يَقُولُ: لَا تُسْرِفُوا فِي أمْرِ ريِّكُمُ
إنّ المِياهَ بِجَهْدِ الرّكْبِ أغْبَابُ
هَؤلاءِ قومٌ سَفْرٌ، وَمَعَهُمْ من الماءِ مَا يَعْجِزُ عَن رِيِّهِمْ، فَهُمْ يَتَواصَوْنَ بِتَركِ السّرفِ فِي المَاء.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الغَبَبُ: الجِلْدُ الَّذِي تَحْتَ الحَنَكِ.
والغَبْغَبُ: المَنْحَرُ بِمِنَى.
وَقَالَ الليثُ: الغَبَبُ للبَقَرِ والشَّاءِ: مَا تَدَلَّى عِنْدَ النَّصِيلِ، والغَبْغَبُ: للدِّيكِ والثَّوْرِ.
قَالَ: والغَبْغَبُ: نُصُبٌ كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهِ، وَقَالَ جرير:(8/26)
والتَّغْلِبِيَّةُ حِينَ غَبَّ غَبِيبُها
تَهْوِي مَشافِرُهَا بِشَرِّ مَشافِرِ
أرادَ بِقَوْلِهِ: (حِينَ غَبَّ غَبِيبُها) مَا أنْتَنَ من لحومِ مَيْتَتِها وَخَنازِيرِها. ويُسَمّى اللحمُ البائتُ: غاباً وغَبِيباً.
وَأَخْبرنِي المُنذري عَن ثَعْلب عَن سلمةَ عَن الفَرَّاء: قالَ: يقالُ: غَبَبٌ وَغَبْغَبٌ.
قَالَ أَبُو طالبٍ، فِي قولِهِمْ: (رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ) أوَّلُ من قالَهُ. الحَكَمُ بنُ عبدِ يَغُوثَ، وكانَ أرمى أهلِ زَمانِهِ، فآلى: لَيَذْبَحَنّ عَلَى الغَبْغبِ مَهاةً، فَحَمَلَ قَوْسَهُ، وَكِنانَتَهُ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيئاً، فقالَ: لأذبَحَنَّ نَفْسي، فَقَالَ لَهُ آخَرُ: إذْبَحْ مكانَها عَشْراً من الإبلِ، وَلَا تَقْتُلْ نَفْسَك، فقالَ: (لَا أظْلِمُ عاتِرَةً، وأتْرُكُ النافِرَةَ) . ثمَّ خَرَجَ ابنُهُ، ومَعَهُ قوسُهُ، فَرَمَى بقَرَةً فَأَصابَها، فقالَ لَهُ أبُوهُ: (رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ) .
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: غَبْغَبَ، إِذا خَانَ فِي شِرَائِهِ، وبَيْعِهِ، قَالَ: وغَبّ الرّجُلُ، إِذا جَاءَ زَائِرًا يَوْمًا بعدَ أيَّام، ومنهُ قَوْلُهُ: (زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً) .
وَأما الغِبُّ مِنْ وِرْدِ المالِ، فَهُوَ أنْ يَشْرَبَ يَوْماً، ويَوْماً لَا.
بغ: أَبُو عَمْرٍ و: بَغَّ الدّمُ، إِذا هَاجَ:
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: بِئْرٌ بُغْبُغٌ، وَبُغَيْبِغٌ: قَريبُ الرِّشَاءِ، وَأنْشد:
يَا ربّ ماءٍ لَكَ بالأَجْبَالِ
أجْبَالِ سَلْمَى الشُّمّخِ الطِّوَالِ
بُغَيْبغٌ يُنْزَعُ بالعِقالِ
طَامٍ عَلَيْهِ وَرَقُ الْهَدَالِ
قالَ: يُنْزَعُ بالعِقَالِ: لِقُرْبِ رِشَائِهِ.
وَقَالَ الليثُ: البَغْبَغَةُ: حِكايَةُ ضَرْبٍ مِنَ الهدِير، وَأَنْشَدَ:
بِرَجْسِ بَغْبَاغِ الهَدِيرِ البَهْبَهِ
وَبُغَيْبَغَةُ: ماءٌ لآلِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهْيَ عَيْنٌ غَزِيرَةُ المَاء، كثيرةُ النَّخِيلِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُغَيْبِغُ أَيْضا: تَيْس الظِّباءِ السَّمينُ.
(بَاب الْغَيْن وَالْمِيم)
(غ م)
غم مغ: مستعملان.
غم: قَالَ الليثُ: تَقُولُ: يَوْمٌ غَمٌّ، وَلَيْلَةٌ غُمَّةٌ، وَأمْرٌ غَامٌّ، وَرَجُلٌ مَغْمُومٌ، ومُغْتَمٌّ: ذُو غَمَ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} (يُونُس: 71) . قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَي: مُبْهَماً، من قولِهمُ: غُمّ عَلَيْنا الهِلاَلُ، فَهُوَ مَغْمُومٌ: إِذا الْتَبَسَ.
قالَ: والغُمَّةُ: الغَمُّ أَيْضا والأَصْلُ وَاحِدٌ.
قَالَ طَرْفَةُ:(8/27)
لعَمْري وَمَا أَمْري عَلَيَّ بِغُمَّةٍ
نَهاري، وَمَا لَيْلي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: إنَّه لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ، إذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ.
وَقال رُؤبَةُ:
وغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
وَقَالَ الآخر:
لَا تَحْسَبَنْ أَنَّ يَدِيْ فِي غُمَّهْ
فِي قَعْرِ نِحْي أستَثِيرُ حُمَّهْ
وَرُوي عَنِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قالَ: (صُوْمُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَأَكمِلُوا العِدَّةَ) .
قَالَ شِمر: يُقالُ: غُمَّ عَلَيْنَا الهِلالُ غَمّاً، فهوَ مَغْموم، إذَا حَالَ دونَ الهِلالِ غَيْمٌ رَقيقٌ. وَصُمْنَا للغَمَّى والغُمَّى وَلِلغُمِّيَّةِ، إِذا صَامُوا على غَيْرِ رُؤْيةِ، وقالَ أَبُو دُؤادٍ الإياديُّ:
وَلَهَا قُرْحَةٌ تَلَلأْلَأُ كَالشِّ
عْرى أَضَابتْ وَغُمَّ عَنْها النُّجُومُ
يقولُ: غَطّى السَّحَابُ غَيْرَها منَ النُّجُومِ.
وَقَالَ جرير:
إِذا نَجْمٌ تَعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ
ولَيْسَتْ بالمُحَاقِ وَلَا الغُمُومِ
قَالَ: والغُمُومُ من النُّجومِ: صِغارُها الخَفِيَّةُ.
قلتُ: ورُوي هَذَا الحَدِيثُ: (فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكم) ، وَرَوَاهُ بعضهُم: (فَإِن أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ) ، وَأَنا مُفَسِّرُهُما فِي (مُعْتَلِّ الغَيْنِ) ، إنْ شَاء الله.
أَبو عَبَيْد عَن أبي زَيْدٍ: ليْلَةٌ غَمَّى مِثَال: كَسْلَى. إِذا كانَ على السَّماء: غَمْيٌ مثلُ: رَمْيٍ وغُمٌّ، وَهُوَ أنْ يُغَمَّ عَلَيْهِمُ الهِلاَلُ.
شَمِر: والغِمَّةُ بِكَسْرِ الغَيْنِ اللِّبْسَةُ، تَقُولُ: اللِّباسُ، والزّيُّ، والقِشْرَةُ، والهَيْئَةُ، والغِمَّةُ: بِمَعْنى واحدٍ.
أَبُو عُبيد: الغِمَامَةُ: ثَوبٌ يُشَدُّ بِهِ أَنْفُ النّاقَةِ، إِذا ظُئِرَتْ عَلَى حُوَارِ غَيْرِهَا، وجمعُها: غَمَائِمُ، وقالَ القُطامي:
إذَا رَأْسٌ رأيتُ بِهِ طِمَاحاً
شَدَدْتُ لَهُ الغَمائِمَ وَالصِّقَاعَا
وَأما السَّحابةُ، فَهِيَ: الغَمَامَةُ بفَتْحِ الغَيْنِ وتُجْمَعُ غماماً.
وحبُّ الغَمامِ: البَرَدُ.
وَقَالَ الليثُ: الغِمَامَةُ: شِبْهُ فِدَامٍ أَو كِعَامٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: غَمَمْتُ الحِمَارَ والدّابَّةَ غَمّاً، فَهْوَ مَغْمُومٌ، إِذا ألْقَمْتُ فَاهُ مِخْلاةً، أَو مَا أشْبَهَهَا، تَمْنَعُهُ مِنَ الاعتِلافِ، واسمُ مَا يُغَمُّ بِهِ: غِمَامَةٌ، وجمعُها: غَمائِمُ.
ابنُ السِّكّيت: الغَمُّ الكَرْبُ، وَالغَمُ: أنْ يَسِيلَ الشَّعَرُ، حتّى نَصِيقَ الجَبْهَةُ وَالقَفَا، يُقالُ: رجلٌ أَغمُّ الوجهِ، وأغمُّ القَفَا، وَقَالَ هُدْبَةُ بنُ خَشْرَمٍ.(8/28)
فَلَا تَنْكِحِي أَن فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا
أَغمَّ القَفَا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزِعا
وَقَالَ غيرُهُ: سَحَلبٌ أَغمُّ: لَا فُرْجَةَ فيهِ.
الليثُ: الغَمَّاءُ: الشديدةُ من شدائِدِ الدّهْرِ. ويقالُ: إنّهم لَفِي غُمَّىْ من أمرِهم، إِذا كَانُوا فِي أمرٍ مُلْتَبِسٍ، وأنْشَدَ:
وأضْرَبَ فِي الغَمَّى إِذا كَثُر الوَغَى
وَأهْضَمَ أنْ أضْحَى المَراضِيعُ جُوَّعا
أَبُو عبيد: التَّغَمْغُمُ: الكَلامُ الّذي لَا يُبَيِّنُ.
وَقَالَ الليثُ: الغَمْغَمَةَ: أصواتُ الثّيرانِ عندَ الذُّعْرِ، والأبطالِ عِنْدَ الْقِتَالِ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّرِيمِ غَماغمٌ
إِذا دَعَسُوها بالنَّصِيِّ المُعَلَّبِ
قَالَ: وتَغَمْغَمَ الغَريقُ تَحْتَ الْمَاءِ، إِذا تَدَاكَأَتِ فَوْقه الأمْواجُ، وَأنْشد:
مَنْ خَرَّ فِي قَمْقَامِنَا تَقَمْقَمَا
كَمَا هَوَى فِرْعَوْنُ إِذا تَغَمْغَمَا
تَحْتَ ظِلالِ الْمَوجِ إذْ تَدَأَمَا
أيْ: صارَ فِي دَأَمَاءِ الْبَحْرِ.
وَالْغَميمُ: الْغَمِيسُ، وَهُوَ الأَخْضَرُ من الكَلإ تَحْتَ الْيابِسِ.
وَفِي (النَّوادِرِ) : أعتَمَّ الْكَلأُ، وَأعْتَمَّ، وَأرضٌ معِمَّةٌ وَمُغِمَّةٌ.
ومُغْلُوْلِيَةٌ، وأرضٌ عَمْياءُ وكَمْهاءُ، كل هَذَا فِي كَثْرَةِ النّباتِ والتِفافِهِ.
مغ: أَبُو عَمْرو: إِذا روّى الثّريدَ دَسَماً، قيلَ مَغْمَغَهُ وَرَوَّغَهُ.
وَقَالَ غيرهُ: تَمَغْمَغَ المالُ، إِذا جَرَى فيهِ السِّمَنُ.
وَقَالَ الليثُ: الْمَغْمَغةُ: الاختِلاطُ، وقالَ رؤبة:
مَا مِنْكَ خَلْطُ الخُلُقِ المُمَغْمِغِ(8/29)
كتاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْغَيْن (أَبْوَاب) الْغَيْن وَالْقَاف
غ ق ك: أهملت وجوهه
غ ق ج: أهملت وجوهه.
غ ق ش: مهمل.
غ ق ض: مُهْملَة.
غ ق ص: مهمل.
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ السِّين)
غ ق س
اسْتعْمل من وجوهه:
غسق: قَالَ الفَرَّاءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: { (الْمِهَادُ هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} (ص: 57) .
قَالَ: رُفِعَتِ: الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِ (هَذَا) ، مُقَدَّماً ومُؤخَّراً، وَالْمعْنَى: هَذَا حميمٌ، وَغَسَّاقُ، فَلْيَذوقُوهُ.
قَال الغَسَّاقُ: تشدّد سينُهُ، وَتُخَفَّفُ. ثَقَّلَها يَحيَ بنُ وَثَّابٍ، وعامةُ أَصْحَاب عبدِ الله، وَخَفَّفَها الناسُ بَعْدُ، وذَكَروا: أَن الغَسَّاقَ باردٌ يُحْرِقُ كإحْراقِ الحَمِيمِ.
ويقَالُ إنَّه مَا يغْسِقُ وَيَسِيلُ من صَدِيدهمْ وجُلُودِهِم.
وَقَالَ الزّجَاج نَحوا مِنْهُ.
واختارَ أَبُو حاتمٍ: غَسَاق بتَخْفِيفِ السّينِ.
قرأَ حفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائيُّ: (وَغَسّاقٌ) مشدّدةً ومثلَه فِي: {} (النبإ: 1) . وَقَرَأ الْبَاقُونَ من القُرّاءِ (غَسّاق) بِتَخْفِيفٍ فِي السُّورَتين.
ورُوى عَن ابنِ عبّاس وَابْن مَسْعودِ: أَنَّهُمَا قَرَأ: (غَسّاق) بالتَّشْدِيدِ وفسَّراه:(8/30)
الزَّمْهَرِيرَ:
وَقَالَ أهلُ العَرَبِيَّةِ، فِي تفسيرِ: (الغَسّاق) : هُوَ الشَّديد البَرْدِ يُحْرِقُ من بَرْدِهِ.
وَفِي الحديثِ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَو أنَّ دَلْواً من غَسَاقٍ، يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيا، لأنْتَنَ أهْلَهَا) .
قلتُ: وَهَذَا يدلُّ على أنَّ الغَسَاقَ: هُوَ المُنْتِن.
وَقَالَ الليثُ: وغَسَّاقاً، أيْ: مُنْتِنَا.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: (وَمن شَرِّ غاسِقٍ، إِذا وَقَبَ) .
فإِنَّ الفراءَ قَالَ: الغَاسِقُ. الليلُ، إِذا وَقَبَ: إِذا دَخل فِي كلِّ شيءٍ، وَأظلَمَ.
وَقَالَ الليثُ: الغاسِقُ: الليلُ، إِذا غابَ الشَّفَقُ أقبلَ الغَسَقُ، قَالَ: وغسَقَتْ عينهُ تغسِقُ.
وروى أَبُو سَلمَة عَن عَائِشَة أَن صَحَّ أَنَّهَا قَالَت: (قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما طلعَ القمرُ: هَذَا الغاسِقُ، إِذا وقَب، فتعوَّذْنَ بِاللَّه من شرِّه) .
وَرُوِيَ عَن أبي هُريرة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} (الفلق: 3) قَالَ: الثُرّيا: وقالَ الزَّجّاج فِي قولهِ: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} يَعْنِي بِهِ اللَّيْل، وقيلَ، لليلِ: غاسقٌ، وَالله أعلمُ، لأنّه أبردُ من النَّهارِ، والغاسقُ: الباردُ.
شِمْر عنِ العِتريفي، قالَ غَسقُ اللّيلِ: حينَ يُطَخْطِخُ بَين العِشاءَينِ.
وَقَالَ ابْن شُميل: غَسَقُ الليلِ: دخولُ أولِه.
وأتيتُه حِين غَسق الليلُ، أَي: حِين يختلِطُ، ويُعسكِرُ الليلُ. ويَسُدُّ المَنَاظِرَ، يَغْسِقُ غَسَقاً، وأنشَدَ شمر فِي الغاسِقِ بمَعنى: السائِلِ:
أبكى لِفَقِدِهِمُ بِعَيْنٍ ثَرَّةٍ
تَجْرِي مَسَارِبُهَا بِعَيْنٍ غاسِقٍ
أيْ: سائلٍ، وَليس من الظلمَة فِي شَيْء. قَالَ: وَقَال أَبُو زيد: غَسَقت العينُ تغسِقُ غَسقاً، وَهُو هَملانُ العينِ بالغَمَص وَالماءِ.
وَكان الربيعُ بن خُشَيم يقولُ فِي اليومِ المَغِيم لمؤذنِهِ: أغْسِقْ أَغْسِقْ، يَقُول: آخِر المغربَ حَتَّى يغسِقَ الليلُ، وَهُو إظْلاَمُهُ.
وَقَالَ الفراءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: {إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} (الْإِسْرَاء: 78) : وَهُوَ أولُ ظلمتِه.
قلت: غَسقُ الليْلِ عِنْدِي: غَيْبُوبةُ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ، حينَ تَحِلُّ صلاةُ العِشَاءِ الآخرةُ، يدلّ على ذَلِك سِيَاقُ الْآيَة. إِلَى آخرهَا، وَقد دَخَلَتِ الصلواتُ الخمسُ فِيمَا أَمر الله جلّ وعزّ بِهِ، فقالَ: {أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (الْإِسْرَاء: 78) ، وَهُوَ زوالُها، {إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ} : العِشَاء(8/31)
الآخِرَةِ، فهذهِ أربعُ صَلَواتٍ، ثمَّ قالَ: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} (الْإِسْرَاء: 78) تَتِمَّةَ خمسٍ.
وأَخبرني الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقالُ: غَسَقَتْ عينُه، إِذا انصبّتْ، قَالَ: والغَسَقانُ: الإنْصِبابُ، وغَسَقَتِ السّماءُ: أَرشَّتْ، وَمِنْه قَول عُمَرَ: (حِين غسَقَ الليلُ على الظِّرابِ) ، أَي: أنصبَّ الليلُ على الجِبالِ.
وَقَالَ الأَخفش: غسقُ الليلُ: ظلمتُه.
وَقَالَ القتيبي، فِي قَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} . الغاسقُ: القمرُ، سمي بِهِ، لأنهُ يكْسَفُ، فيَغْسِقُ، أَي: يَذْهَبُ ضوؤُهُ، وَيَسْوَدُّ، قَالَ: وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعائشةَ: تعوّذي بِاللَّه من شرّ هَذَا إِذا غَسَقَ) ، أَي: من شِرّه، إِذا كُسِفَ) .
قلت: هَذَا حديثٌ غيرُ صحيحٍ، والصوابُ فِي تَفْسِير قَوْله: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} : من شَرّ اللَّيْل إِذا دخلَ ظلامُه فِي كلّ شَيْء، وَهُوَ قَول الْفراء وَالزجاج؛ وَإِلَيْهِ ذهب أهل التَّفْسِير. قَالَ الفراءُ: الغَسَقُ: من قُماشِ الطّعامِ. قَالَ: وَيُقَال: فِي الطَّعَام: زَوَان وزُوَان وزُؤَان بالهمزِ وَفِيه غَسَقٌ، وغَفاً، مَقْصُور.
غ ق ز غ ق ط: أهملت وُجُوههمَا.
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ الدَّال)
غ ق د: اسْتعْمل من وُجُوههمَا: غدق.
غدق: قَالَ اللَّيْث: غدقت الْعين، فَهِيَ غَدِقَةٌ عَذْبة. وَمَاء غَدَق.
قَالَ: وَقوله تَعَالَى {الطَّرِيقَةِ لاََسْقَيْنَاهُم مَّآءً} (الْجِنّ: 16) أَي لَفَتَحْنا عَلَيْهِم أبوابَ المعيشةِ، لِنَفْتِنَهُم بالشُّكرِ والصّبرِ.
وَقَالَ الْفراء نَحوه، يَقُول: لَو استقاموا على طريقةِ الكفرِ لزِدنا فِي أَمْوَالهم فتْنَة عَلَيْهِم، وبليةً.
وَقَالَ غَيره: (وأنْ لَو استقَامُوا على طريقةِ الهُدى، لأسقيناهُمْ مَاء غَدَقا، أَي: كثيرا، وَدَلِيل هَذَا قولُ الله جلّ وعزّ: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَآءِ} (الْأَعْرَاف: 96) ، أَرَادَ بِالْمَاءِ الغَدَق: المالَ الكثيرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: مطر مُغْدَودِقُ: كثيرٌ، قَالَ: والغَيْدَقُ: والغيداقُ، والغيدقانُ: الناعم: وَأنْشد:
بعدَ التصابي والشبابِ الغيدَقِ
وَقَالَ آخر:
رب خليلٍ، لي غيداقٍ رِفَلّ
وَقَالَ آخر:
جَعْد العَناصِي غَيْدَقانا أَغْيَدا
أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال لولد الضَّب: حِسْلٌ، ثمَّ يصير غيْدَاقاً، ثمَّ مُطَبِّخاً.(8/32)
أَبُو عَمْرو: غيثٌ غيداقٌ: كثير المَاء. وَشدُّ غيداقٌ: هُوَ الحُضْرُ الشديدُ، وعام غيداقٌ مُخْضِبٌ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا أنشأتِ السحابةُ من العينِ، فَتِلْكَ: عين (غُدَيقَةٌ) ، أَي. كثيرةُ المَاء.
وَقَالَ شمْر: أَرْضٌ غَدِقَةٌ، وَهِي النديّةُ المبتلّةُ الرّيَّا، الكثيرةُ المَاء، وعشبُها غَدِقٌ. وغَدَقُهُ: بَلَلُهُ وَرِيُّهُ.
غ ق ت غ ق ظ غ ق ذ غ ق ث: أهملت وجوهها
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف مَعَ الرَّاء)
غ ق ر
اسْتعْمل من وجوهها: غرق.
غرق: قَالَ الليثُ: الغَرَقُ: الرسوبُ فِي المَاء، وَيُشَبَّهُ بِهِ الَّذِي رَكِبَهُ الدَّيْنُ، وَغَمَرَتْهُ الْبَلاَيا، يُقَالُ: رَجُلٌ غَرِقٌ وَغَرِيقٌ.
ويقالُ: أغرقتُ النبل، وغرقته، إِذا بلغت بِهِ غَايَة الْمَدّ فِي الْقوس.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال نزعَ فِي قوسِه، فأَغْرَقَ. قَالَ: والأغراقُ: الطرحُ، وَهُوَ أَن يباعدَ السهمَ من شدَّةِ النَّزْعِ، يقالُ: إِنَّهَا لطروحٌ.
شمر: الغَرِقُ: الَّذِي عَلَيْهِ الدَّينُ، وَالْمُغْرَقُ: الَّذِي أغْرَقَهُ قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ، وَهُوَ هاربٌ عجلانُ.
فِي الْحديث: (يَأْتِي على الناسِ زمانٌ، لَا ينجو مِنْهُ إِلَّا من دَعا دُعاء الغَرِقِ) .
قَالَ أَبُو عبدنان: الغَرِقُ: الَّذِي قد غلبَهُ الماءُ، وَلما يَغْرَقْ، فَإِذا غَرِقَ، فَهُوَ الغريقُ.
شمر، قَالَ أُسَيْدُ الغَنَوي: الإِغراقُ فِي النَّزْعِ: أَن يَنْزعَ حَتَّى يُشْرِبَ بالرِّصافِ، وَيَنْتَهِي إِلَى النَّصْل إِلَى كَبِدِ الْقَوْسِ فَرُبمَا قَطَعَ يَد الرَّامِي، قَالَ: وشُرْبُ الْقَوْسِ الرِّصافَ: أنْ يَأتيَ النزعُ عَلَى الرِّصافِ كُله إِلَى الحديدةِ. يُضْرَبُ مثلا للغلوِّ والأفراطِ وَقَالَ الله جلّ وعزّ {} (النازعات: 1) .
قَالَ الْفراء: ذُكِرَ أنَّها الملائكةُ، وَأَنَّ النَّزْعَ نزعُ الأنْفُسِ من صُدُورِ الكُفّارِ، وَهُوَ كَقَوْلِك: والنازِعَاتِ إغْراقاً، كَمَا يُغْرِقُ النازِعُ فِي القوسِ.
قلت: الغَرْقُ: اسمٌ أُقيم مُقَامَ المصدرِ الحقيقيّ من: أَغْرَقْتُ.
وَقَالَ الليثُ: والفرسُ إِذا خالطَ الخيلَ، ثمَّ سَبَقَها، يُقَال: اغْتَرَقَها، وَأنْشد للبيد:
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ فِي شِرَّتِهِ
صائبُ الْجِذْمَةِ فِي غيرِ فَشَلْ
قلت: لَا أَدْرِي، لِمَ جَعَلَ قولَه:
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ فِي شِرَّتِهِ
حُجَّةً لِقَوْلِهِ: (اغْتَرَقَ الخيلَ: إِذا سَبَقَها) .
وَمعنى الإغراقِ غير معنى: الاغتراقِ،(8/33)
والاغتراقُ: مثل الاستغراقِ.
قَالَ أَبُو عبيدةَ: يُقَال للفرسِ: إِذا سبقَ الْخيلَ: قد اغتَرَقَ حَلْبَةَ الخيلِ المتقدمةِ، وَيُقَال: فلانةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ الناسِ، أَي: تَشْغَلُهُمْ بالنظرِ إِلَيْهَا عَن النَّظَرِ إِلَى غَيرهَا، لِحُسْنِها، وَمِنْه قولُ قيسِ بنِ الخطيم:
تَغتَرِقُ الطَّرْفَ وَهِي لاهِيَةٌ
كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ
والطّرفُ هَاهُنَا: النظرُ، لَا العينُ، يُقَال: طرَفَ يطرِفُ طَرْفاً، إِذا نَظَر.
أَرَادَ: أَنَّهَا تَسْتَمِيلُ نظرَ الناظرينَ إِلَيْهَا بِحُسْنِهَا، وَهِي غير محتفِلةٍ، وَلَا عامدةٍ لذلكَ، وَلكنهَا لاهية غافلة، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك حسْها.
وَيُقَال للبعيرِ، إِذا أجفَرَ جَنْباهُ، وضخُمَ بطنُهُ فاستوعبَ الحِزامَ، حَتَّى ضاقَ عَنْهَا: قد اغترقَ التصديرَ والبِطَانَ، واستَغْرَقَهُ.
وَأما قَول لبيد:
يغرقُ الثعلبِ فِي شِرَّتِهِ
فَفِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه يَعْنِي الفرسَ يسبقُ الثعلبَ بحُضْرِهِ، فيخلّفه؛ وَالثَّانِي: أَن الثعلبَ هَاهُنَا: ثعلبُ الرمْح، وَهُوَ مَا دَخَلَ من الرمحِ فِي السِّنانِ، فَأَرَادَ أَنه يطعُنُ بِهِ حَتَّى يُغِيِّبَهُ فِي المطْعُونِ، لِشِدَّةِ حُضْرِهِ.
وَالْغَرَقُ فِي الأَصْل: دخولُ المَاء فِي سَمْي الأنفِ، حَتَّى تمتلىءَ مَنَافِدُهُ، فيَهْلَكَ.
والشَّرَقُ فِي الْفَمِ: أَن يَغَصَّ بِهِ، لكثرتِهِ، يُقَال: غَرِقَ فلانٌ فِي الماءِ، وَشَرِقَ، إِذا غمرَهُ الماءُ، فَمَلَأ مَنافِدَهُ حَتَّى يموتَ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ، وَذلكَ إِذا لم تَرْفُقْ بالمولودِ، حَتَّى تَدْخُلَ السابياءُ أنْفَهُ، فَتَقْتُلَه. وَمِنْه قَوْله:
أَلا ليتَ قيسا غَرَّقَتْهُ الْقَوَابِلُ
وَالعَشْرَاءُ من النوقِ، إِذا شُدَّ عَلَيْهَا الرّحْلُ بالحِبالِ، رُبمَا غَرِقَ الجَنِينُ الَّذِي فِي بطنِها فِي مَاء السابياء، فتُسْقِطُهُ.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
إِذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْي بَكْرَةٍ
بِتَيْماءَ، لم تُصْبِحْ رُؤوماً سَلُوبُها
وَقَالَ النَّضر: الْغِرْقيءُ: الْبَياضُ الَّذِي يُؤكلُ.
قلتُ: واتفقَ النحويونَ عَلَى همز: الْغِرْقيء، وأنَّ هَمْزَتَهُ لَيست بأَصْلِيَّةَ.
أَبُو عبيد: الْغُرْقَةُ مثل الشَّرْبَةِ من اللَّبَنِ وَغيرِهِ، مِنَ الأَشْرِبَةِ، وجَمعها: غُرَقٌ. وَقال الشماخ يصف الْإِبِل:
تُضْحي وَقد ضَمِنَتْ ضرَّاتُها غرقاً
مِنْ نَاصِعِ اللونِ حُلْوٍ غير مَجْهودِ
ويقالُ: لجام مُغَرَّقٌ، إِذا عَمَّتْهُ الْحِليَةُ. وَقد غُرِّقَ. وأَغْرَوْرَقَتْ عَيْناهُ، إِذا امْتَلأَتا دُمُوعاً، وَلم تُفِيضاها.(8/34)
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَاللَّام)
(غ ق ل)
اسْتعْمل من وجوهه: غلق.
غلق: قَالَ الليثُ: (احتدَّ فلَان، فَغَلَقَ فِي حِدّتِهِ، أَي: نَشِبَ. قالَ: وَغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، إِذا لم يُفَكّ.
وَقَالَ شمر: يقالُ لكلّ شَيْء نَشِبَ فِي شَيْء، فلَزِمَهُ: قدْ غَلِقَ فِي الْباطِلِ، وَغَلِقَ فِي الْبَيْعِ، وَغَلِقَ بيعُهُ، وَاسْتَغْلَقَ.
وَاسْتَغْلَقَ عَلَى الرَّجُلِ كَلاَمَهُ، إِذا أُرْتِجَ عَليهِ، فَلم يَتَكَلَّم قَالَ: وَسَمِعْتُ ابنَ الأَعْرابيّ يقولُ، فِي حديثِ: (داحِسٍ وَالغَبْراءِ) : (أَنَّ قيسا أَتى حُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ، فَقَالَ لَهُ حُذَيفَةُ: مَا غَدا بِكَ؟ قَالَ: غَدَوْتُ لأُواضِعَكَ الرِّهانَ) أَراد بالمواضَعَةِ: إبْطَالَ الرِّهانِ، أَي: أضعُهُ وتَضَعُهُ فقَالَ حُذَيفَةُ: بل غَدَوْتَ: لِتُغْلِقَهُ، أَي: تُوجِبَهُ.
قالَ: وَقالَ ابنُ شُمَيل: اسْتَغْلَقَنِي فلانٌ فِي بَيْعِي، أَي: لم يَجْعَل لي خِياراً فِي رَدِّهِ.
قَالَ: وَاسْتَغْلَقَتْ عَلَيَّ بَيْعَتُهُ، وَأَغْلَقْتُ الرَّهنَ، أَي: أوْجَبْتُهُ، فَغَلِقَ للمرْتهِنِ، أَي: وَجَبَ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: غَلِقَ الرهنُ، إِذا استحقَّه المرتَهِنُ غَلَقاً.
وَرُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ) أَي: لَا يسْتَحِقّهُ الْمُرْتَهِنُ، إِذا لم يَرُدَّ الرَّاهِنُ مَا رَهِنَهُ فيهِ. وَكَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ أهلِ الْجَاهِلِيّة، فأَبْطَلَهُ عَلَيْهِ السلامُ بقولِهِ: (لَا يَغْلَقُ الرهنُ) . وَقَالَ زُهير يذكرُ امْرَأَة:
وَفَارَقَتْكَ بِرِهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ
يَوْمَ الْوَدَاعِ فأَمْسَى الرهنُ قَدْ غَلِقَا
يَعْنِي: أنَّهَا ارْتَهنَتْ قلبَهُ، فذهبَتْ بهِ، وَأنشد شمر:
هلْ مِنْ نَجَازٍ لموعودٍ بَخِلْتِ بِهِ
أَو للرّهينِ الَّذِي اسْتَغْلَقْتِ مِنْ فَادِي
قَالَ: واقرأني ابْن الأعْرابي، لأَوسِ بنِ حجر:
على العُمْرِ واصطادَتْ فؤاداً كأنّهُ
أَبُو غَلِقٍ فِي ليلَتَينِ مُؤجّلِ
وفسَره، فَقَالَ: أَبُو غلِقٍ، أَي: صاحبُ رهنٍ غلِقَ أَجلُهُ، ليلتانِ أَن لم يُفَكَّ، غَلِقَ، فذهَب.
عَمْرو عَن أبيهِ: الغَلَقُ: الضَّجَرُ، ومكانٌ غلِقٌ وضَجِرٌ، أَي: ضَيِّقٌ، والضجْرُ: الاسمُ، والضَّجَرُ: المصدَرُ. والغَلَقُ: الهَلاكُ.
وَمعنى: لَا يغلَقُ الرهنُ، أَي: لَا يَهلِكُ.
((ابْن الاعرابيّ: أغلَقَ زيدٌ عمرا على(8/35)
شيءٍ يَفْعله: إِذا أكرهه عَلَيْهِ.
والمِغْلَفُ والمِغْلاف: السهْم السَّابِع من قداح المَيْسِر. والمَغَلِفُ الأَزلام، وكل سهم فِي الميسر مِغْلَق؛ قَالَ لبيد:
وجَزُور أيسارٍ دَعَوتُ، لحتفِها،
بمَغَلِقٍ متشابِهٍ أجرامُها
والمَغالقُ قِداح الميسر؛ قَالَ قَالَ الاسود يَعْفُر:
إِذا قحطت والزَّجِرين المغالِقَ
قَالَ اللَّيْث: المِغْلَقُ: السهْم السَّابِع فِي مُضَعَّفِ المَيْسِرِ، وسمّي مِغلَقاً لِأَنَّهُ يَسْتَغلِقُ مَا يبْقى من آخر المَيسِر، ويُجْمَع مَغالِقَ، وَأنْشد بَيت لبيد:
وجزور أيسارٍ دعوتُ لحتفها
قَالَ أَبُو مَنْصُور: غلط اللَّيْث فِي تَفْسِير قَوْله بمَغالق، والمَغالقُ من نُعُوت قداح الميسر الَّتِي يكون لَهَا الْفَوْز، وَلَيْسَت المَغالِقُ 1) .
من أسمائِها، وَهي الَّتِي تغْلق الخطرَ فتوجِبُهُ للفائز القامرِ، كَمَا يَغْلَقُ الرهنُ لمستحقِّهِ، وَمِنْه قَول عمرِو بنِ قَميئة:
بأيديهِمُ مقرومةٌ ومغالِقٌ
يَعُودُ بِأَرْزَاقِ الْعِيَالِ مَنِيحُها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: بابٌ غُلُقٌ، أَي: مُغْلَقٌ. وَقال أَبو زَيدٍ: بابٌ فتُحٌ، أَي: واسعٌ ضَخْم.
ابْن السِّكِّيت: يُقَال: إهابٌ مغلوقٌ، إِذا جُعِلَتْ فِيهِ الْغَلْقَةُ، حِين يُعْطن، وَهِي شَجَرةٌ يُعْطِنُ بهَا أهلُ الطائفِ. قَالَ مزرّدٌ:
جَرِبْنَ فَمَا يُهْنَأْنَ إِلَّا بِغَلْقَةٍ
عَطِينٍ وأبوالِ النِّساءِ الْقَوَاعِدِ
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قالَ: (لاطلاق فِي إغلاقٍ) . ومَعنى الإغلاق: الإكراهُ، (لِأَن المُغلق مكرهٌ عَلَيْهِ فِي أمره ومضيَّق عَلَيْهِ فِي تصرفه) كأَنه يُغْلَقُ عَلَيْهِ البابُ، وَيُحْبَسُ ويُضَيِّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ. وإغلاق الْقاتلِ: اسلامُهُ إِلَى وليِّ الْمَقْتُول، فيحكمُ فِي دمهِ مَا شاءَ، يقالُ: أُغْلِقَ فلانُ بجريرتِهِ، وَقال الفرزدق:
أُسَارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمَائِهَا
وَالِاسْم مِنْهُ الغلاق ... وَقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
وَتَقُولُ الْعُداةُ: أَوَدَى عَدِيُّ
وَبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالْغَلاَقِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَغْلَقَ زيدٌ عَمْراً على شَيءٍ يَفْعَلُه، إِذا أكْرَهَهُ عَلَيْهِ ويقالُ: أُغْلِقَ فُلانٌ فغَلِقَ غَلَقاً، إِذا أُغْضِبَ فَغَضِبَ، وَاحتَدَّ.
وأَنشدَ شِمْر للفَرَزْدَق:(8/36)
وَعَرَّدَ عَنْ بَنِيهِ الْكَسْبَ مِنْهُ
وَلَوْ كانُوا أُولى غَلَقٍ سِغَابَا
أُولى غَلَق، أَيْ: قَدْ غَلِقوا فِي الْفَقْر والجُوعِ. والْغِلقُ: الكثيرُ الغَضَبِ، قَالَ عمرٌ وبنُ شَأسٍ:
فَأغْلَق مِنْ دُونِ امْرِىءٍ إِنْ أَجَرْتُهُ
فَلاَ أَبْتَغِي عَوْراتِهِ غَلَقَ الْبَعْلِ
أَي أَغضَبُ غَضَباً شَدِيداً، ويُقالُ: الْغَلَقُ: الصَّيِّقُ الْخُلُقِ الْعَسْرُ الرِّضَا.
وَفِي (النَّوادِرِ) : شَيْخٌ غَلْقٌ وَجمَلٌ غَلْقٌ، وَهُوَ: الكبيرُ الأَعْجَفُ.
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالنُّون)
(غ ق ن)
اسْتعْمل من وجوهه: نغق.
نغق: قَالَ الليثُ: يقالُ: نَغَقَ الْغُرابُ. وَهُوَ يَنْغِقُ نَغِيقاً، إِذا صاحَ: غِيقْ غِيْقْ.
وَيُقالُ: نَغَقَ بِخَيْرٍ، وَنَعَب بِبيْنٍ، وَأَنْشَدَ:
وازْجُرُوا الطَّيْرَ فَإِن مَرَّ بِكُمْ
ناغِقٌ يَهْوي فَقُولُوا سَنَحَا
وقَال أَبُو عَمْرو: نَغقَتِ النَّاقَةُ نَغِيقاً؛ إِذا بَغَمَتْ.
قالَ حُميد:
وأظْمَى كَقَلْبِ السَّوْذَ قَانِيَّ نَازَعَتْ
بِكَفَيَّ فَنْلاءُ الذِّرَاعِ نَغُوقُ
أَي: بَغُومٌ، وأرادَ بالأَظْمَى: الزّمامَ الأَسْوَدَ، وإِبِلٌ ظُمْيٌ، أَي: سُودٌ:
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْفَاء)
(غ ق ف)
اسْتعْمل من وجوهه: غفق.
غفق: رُوي عَن إِيَاس بنِ سَلَمَةَ عَن أَبِيه، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. وَأَنا قاعِدٌ فِي السُّوقِ، وَهُوَ مارٌّ لحاجةٍ لَهُ، مَعَهُ الدِّرَّةُ، فَقَالَ: هَكَذَا يَا سَلَمةُ عَنِ الطريقِ، فَغَفَقني بهَا فَمَا أَصَابَ إِلَّا طَرفُها ثَوْبي. قالَ: فأمَطْتُ عَنِ الطّريقِ، فَسَكَتَ عَنّي حتّى إِذا كانَ العَامُ المُقْبِلُ، لَقِيَنِي فِي السُّوقِ، فقالَ: يَا سَلَمةُ، أردْتَ الحَجَّ، العَامَ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَخَذَ يَدِي، فَمَا فَارَقَ يَدَهُ يَدِي، حَتَّى أدْخَلَني بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ كَيْساً، فيهِ سِتُّمائةِ دِرْهَمٍ، فقالَ: يَا سَلَمةُ خُذْ هَذَا، واسْتَعِنْ بهَا عَلَى حَجِّكَ، واعلَمْ أَنَّها مِنَ الغَفْقَةِ الّتي غَفْقتُكَ عَاما أوّلَ. قُلْتُ: يَا أميرَ المُؤمِنينَ، وَالله مَا ذَكَرْتُها، حَتَّى ذَكَّرْتَنِيها، فقالَ عُمَرُ: وَأَنَا وَالله مَا نَسِيْتُها) .
قَوْله: (فَغَفَقَنِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: غَفقْتُهُ بالسَّوْط، أَغْفِقُهُ وَمَتْنتُهُ بالسّوطِ أَمْتِنُهُ وَهُوَ أشَدُّ مِنَ الغَفْقِ.
وَقَالَ الليثُ: الغَفْقُ: الهجُومُ عَلَى الشَّيْء، والإِيابُ من الغَيْبَةِ فَجَاءَةً.(8/37)
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ قالَ: إِذا تَحَسَّى مَافِي إنَائِهِ، فِقَدْ تَمَزَّزَهُ، وَسَاعَة بعدَ ساعةٍ، فَقَدْ تَفَوَّقَهُ، وَإِذا أكْثَرَ الشُّرْبَ، فَقَدْ تَغَفَّقَ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: تَغَفَّقْتُ الشَّرَابَ (تَغَفُّقاً) ، إِذا شَرِبْتَه. وَقالَ: التَّغْفِيقُ النَّوْمُ، وأنتَ تَسْمَعُ حَدِيثَ القَوْمِ، ويُقالُ: غَفِّقُوا السَّلِيمَ تَغْفِيقاً، أيْ: عَالِجُوهُ وسَهِّمُوهُ. وَقال مُلَيحُ الهُذَليّ:
وَدَاوِيَّةٍ مَلْساءَ تُمْسِي سهَامُها
بِها مِثْلَ عُوّادِ السَّلِيمِ المُغَفَّقِ
وَجُمْلَةُ التَّغْفِيقِ: نومٌ فِي أَرَقٍ.
عمروٌ عَنْ أَبِيهِ: غَفَقَ وعَفَقَ، إِذا خَرَجّتْ مِنْهُ رِيْحٌ.
أَبُو عَمْرٍ و: الغَيْفَقَة: الإهْراقُ، وكذلِكَ الدَّغْرَقَةُ.
وَقالَ الفَرّاء: شَرِبَتِ الإِبِلُ غَفَقاً، وَهِي تَغْفِقُ، إِذا شَرِبَتْ مَرّةً بَعْدَ أُخْرى، وَهُوَ الشّربُ الواسِعُ.
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْبَاء)
(غ ق ب)
اسْتعْمل من وجوهه: غبق.
غبق: قَالَ الليثُ: الغَبْقُ: شُرْبُ الغَبُوقِ، والفِعْلُ: الاغْتِباقُ: عَشِيّاً.
قُلْتُ: يُقَالُ: هَذِه النّاقَةُ غَبُوقِي، وَغَبُوقَتِي، أَيْ: اغْتَبِقُ لَبَنَها وَجَمْعُها: الغَبائِقُ.
وَأنشدَني أَعرابيّ:
مَالي لَا أَسْقِي حُبَيِّبَاتِي
صَبَائِحِي غَبَائِقِي قَيْلاتِي
وَقَدْ غَبَقْتُهُ أَغْبِقُهَ غَبْقاً، فاعتَبَقَ اغتِباقاً.
بن دُرَيدٍ: الغَبْقَةُ: خَيْطٌ أَو عرَقَة، تُشَدُّ فِي الخَشَبةِ المُعْتَرِضَةِ عَلَى سَنَامِ الثّوْرِ، إِذا كَرَب أَو سَنَا، لتَثْبُتَ الخَشَبَةُ على سَنَامِهِ.
وَقال الأزهريُّ: لم أسْمَعِ: الغَبَقَةَ، بِهَذَا الْمَعْنى، لغيرِ ابنِ دُريدٍ) .
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف وَالْمِيم)
(غ ق م)
اسْتعْمل من وجوهه: غمق.
قَالَ اللّيْثُ: غَمِقَ النَّباتُ يَغْمَقُ غَمَقاً، إذَا وَجَدْتَ لِرِيحِهِ خَمّةً، وفَساداً، من كَثْرةِ الأَنْداءِ عَلَيْهِ.
قلتُ: غَمَقُ البَحْرِ، ومَدّهُ فِي الصَّفَرِيّةِ، وَبَلدٌ غَمِقٌ: كَثِيرُ المِيَاهِ، رَطْبُ الهَواء.
وكَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إِلَى أبي عُبَيدَةَ بنِ الجَرّاحِ: (أنَّ الأُرْدُنَّ أَرْضٌ غَمِقَةُ، وأَنَّ الجَابِيَةَ أرضٌ نَزِهَةٌ، فأظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَيْهَا) .
والنَّزِهَةُ: البَعِيدَةُ منَ الرِّيفِ، والغَمِقَةُ: القَرِيْبَةُ مِنَ المِيَاهِ والخُضِر والنُزُوزِ، وإذَا كانتْ كذلِكَ، قَارَبَتِ الأَوْبِئَةِ.(8/38)
وقالَ أَبُو زَيد: غَمِقَ الزَّرْعُ غَمَقاً، إِذا أصابَهُ نَدى فَلم يَكَدْ يَجِفَّ. ابنُ شُميل: أرضٌ غَمِقَةٌ: لَا تجِفُّ بواحدةٍ. وَلا يَخْلُفها المَطَرُ، وعُشْبٌ غَمِقٌ: كَثِيْرُ المَاءِ، لَا يُقْلِعُ عَنْهُ المَطَرُ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: الغَمَقُ: النَّدى.
(أَبْوَاب الْغَيْن وَالْكَاف وَمَا يثلثهما)
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالْجِيم)
قَالَ الخليلُ: الغينُ وَالْجِيم، مهملتان، إِلَّا مَعَ اللَّام وَالنُّون وَالْبَاء وَالْمِيم.
غ ج ل
اسْتعْمل من وجوهه: غلج.
غلج: قَالَ الليثُ وَغَيره: عَيْرُّ: مِغْلَجٌ: شَلاّلٌ لعانَتِهِ، وأنْشَدَ:
سَفْواءُ مِرْخَاءٌ تُبارى مِغْلَجَا
( ... يَعْني: أَتَانَا تُبارِي عَيْراً) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ الغَلَجُ: الشَّبابُ الحَسَنُ.
أَبُو عُبيدِ عَن الأَمويّ: التَّغَلُّجُ: البَغْيُ.
وقالَ الأصمعيُّ: غَلَج الفَرَسُ يَغْلِجُ غَلجاً، إِذا خَلَط العَنَق بالْهَمْلَجَةِ.
غ ج ن
اسْتعْمل من وجوهه: غنج.
غنج: قَالَ اللَّيْث الغَنْجُ: شَكْلُ الجَارِيَةِ الغَنِجَةِ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيَّ، قَالَ: الغُنْجُ: ملاحَةُ العَيْنَيْن. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الغِنَاجُ: دُخَانُ النَّؤوُرِ الَّذِي تَجْعَلُهُ الواشِمَةُ على خُضْرَتِها، لِتَسْوَدَّ، وَهُوَ الغُنُجُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: غُنْجَةُ بِلَا ألفٍ ولامٍ اسمُ مَعْرِفَة، لَا يُصْرَفُ، وَهِي: القُنْفُذَةُ.
قَالَ: تَقُولُ هُذَيل: شَنَجٌ وغَنٌ، فالغَنجُ: الرَّجْلُ. والشَّنَج: الجَمَلُ.
يَقُولُونَ: غَنَجٌ عَلَى شَنَجٍ.
قُلتُ: ونَحْوَ ذَلِك قَالَ ابنُ دُريد.
غ ج ب
جغب: قَالَ الليثُ: رَجُل جَغِبٌ شَغِبٌ.
غ ج م
غمج مغج: (مستعملة) .
مغج: عمرٌ وَعَن أَبِيه: مَغَجَ، إِذا عَدَا، وَمَغَجَ، إِذا سارَ.
قلتُ: وَلم أسمَعْ: مَغَج لِغَيْرِهِ.
غمج: قَال اللّيثُ: فَصِيلٌ غَمِجٌ يَتَغَامَجُ بَيْنَ أرفاغِ أُمِّهِ، وأنْشَدَ:
غُمْجٌ غَماليجُ غَمَلَّجَاتُ
أَو عُبَيْدٍ عَنِ الأصْمَعِيَّ: إِذا جَرَعَ الماءَ(8/39)
جَرْعاً، فذلِكَ الغَمْجُ:
قَالَ شِمر: وقَدْ غَمِجَ يَغْمَجُ، لُغَةٌ:
السُّدِّي عَن ثَعْلَبٍ عَنِ ابْن الأعرابيّ: غَمَج فِي الشُّرْبِ، يَغْمِجُ غَمْجاً: جَرَعَ جَرْعاً شَدِيداً.
اللحياني: هِيَ الغَمْجَةُ والغُمجَةُ، للجُرْعَةِ.
(أَبْوَاب الْغَيْن والشين)
غ ش ض غ ش ص غ ش س: أهملت وجوهُها.
غ ش ز
أهمله الليثُ.
شغز: وَذكر ثَعْلَب عَن ابنِ الأعرابيّ، أنَّهُ قَالَ: يُقالُ، للمَسَلَّةِ: الشغِيزَةُ.
قُلْتُ: وَهو عَربي صَحِيح، سَمِعْتُ أَعْرَابياً يقولُ لآخَرَ: سَوِّلي شَغِيزةً من الطَّرْفاءِ، لأسُفَّ بهَا سَفِيفَةً.
غ ش ط
اسْتعْمل من وجوهه: غطش.
غطش: قَالَ اللَّيْث: غَطَشَ اللَّيْلُ، فَهُوَ غاطِشٌ، مُظْلِمٌ، قَالَ: والأَغْطَشُ: الَّذِي فِي عَيْنَيْهِ شِبْهُ: العَمَشِ والمرأةُ: غَطْشَاءُ.
أَبُو عُبَيْد عَن الأَحْمر، فِي: الأغْطَشِ: مِثلُه:
وقَالَ شَمِر: الغَطَشُ: الضَّعْف فِي البَصَرِ، كَمَا يَنْظُر بِبَعْضِ بَصَرِهِ. وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يفتَحُ عَيْنَيْهِ، فِي الشَّمْسِ. قَال رُؤْبَة:
أرْمِيهِمُ بالنَّظَرِ التَّغْطِيشي
وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ للأَعْشى:
وَيَهْماءَ باللَّيْلِ غَطْشَى الفَلا
ةِ يُؤْنِسُنِي صَوْتُ فَيَّادِهَا
قَالَ الأصمعيُّ فِي بَابَ الفَلَوَاتِ: الأَرْضُ اليَهْمَاءُ: الَّتِي لَا يُهْتَدَى فِيها الطَّريقُ. والغَطَشُ مِثْلُهُ هَكَذا رَواهُ شِمر، وبيتُ الأَعْشَى يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وقَالَ الفَرَّاءُ فِي قوْلِهِ جلّ وعزّ: {فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ} (النازعات: 29) ، أَي: أظْلَمَ لَيْلَها، وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الأصمَعِيُّ: الغَطَشُ: السَدَفُ، يُقَالُ: (أتيتُهُ غَطَشاً) . وَقَدْ أَغْطَشَ اللّيلُ.
وقَالَ أَبُو تُرَابٍ: الغَطَشُ وَالْغَبَشُ وَاحِدٌ.
وَقَال اللَّحْيَانيّ: يُقَالُ: غَطِّشْ لِي شَيْئاً وَوَطِّشْ لي شَيْئاً مَعْنَاهُ: إفْتَحْ لي شَيْئاً.
غيرُه: مَفَازَةٌ غَطْشَى: عَمِيَّةُ المسالِكِ، لَا يُهْتَدَى فِيها، حَكاهُ أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيُّ.
وقَال أَبُو سَعِيدٍ: يُقَالُ: هُوَ يَتَغَاطَشُ عَن الأمرِ، وَيَتَغَاطَسُ، أَي: يتَغَافَلُ.
غ ش د
أهمله اللَّيْث: ودغش: مُسْتَعْمل.
دغش: أخْبَرَني المنْذِري عَن الحَرّانِي عَن(8/40)
ابنِ السِّكّيتِ، يُقَالُ: داغَشَ الرَّجُلُ، إِذا حامَ حَوْلَ المَاء من العَطَشِ، وأنشَدَ:
بَأَلَدَّ مِنْكَ مُقَبِّلاً لِمُحَلاَّ
عَطْشَانَ دَاغَشَ ثمّ عادَ يَلُوبُ
وقالَ غيرُهُ: فلانٌ يُدَاغِشُ ظُلْمَةَ الليْلِ، أَي يخبِطُهَا بِلَا فُتورٍ. وقالَ الراجز:
كَيْفَ تَرَاهُنَّ يُدَاغِشْنَ السُّرَى
وَقَدْ مَضَى مِنْ لَيْلِهِنَّ مَا مَضَى
غ ش ت
مهمل
غ ش ظ غ ش ذ غ ش ث
أهملت وجوهها.
غ ش ر
اسْتعْمل من وجوهه: شغر شرغ
شغر: قَالَ اللّيْثُ: يُقَالُ: شَغَرَ الكَلْبُ، إذَا رفَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ؛ لِيَبُول وأنْشَدَ الفَرَّاءُ وغيرُهُ:
شَغّارَةٌ تَقِدُ الْفَصِيْلَ بِرِجْلِهَا
فَطَّارَةُ لِقَوَادِمِ الأَبكارِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَفَرَّقَ الْقَوْمُ شَذَرَ مَذَرَ وشَغَرَ بَغَرَ، أَي فِي كلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُقالُ ذَلِك فِي الإقْبَالِ.
قُلْتُ: هَكذا رواهُ شِمْر، والمِشْغَر من الرِّماحِ كالمِطْرَدِ، وَقَالَ:
سِنَاناً مِنَ الخَطِّيِّ أَسْمَر مِشْغَرَا
وَقال الأصمعيُّ: إِذا لم يَدَعِ البَعِيرُ جُهْداً فِي عَدْوِهِ، قِيلَ: تَشَغَّر تَشَغُّراً:
يُقَالَ: مَرَّ يَرْتَبِعُ إِذا ضَرَبَ بِقَوائمِه، وَاللّبَطَةُ نَحْوَهُ، ثمَّ التّشَغُّرُ فَوْقَهُ.
وَتقول: هَذِهِ بَلْدَةٌ شاغِرَةٌ بِرِجْلِهَا: إِذا لم تَمْتَنِعْ مِنْ غارَةِ. قَالَ: واشْتَغَر المنْهَلُ إِذا صارَ فِي ناحِيَةٍ مِنَ المحجَّةِ، وَأَنْشَدَ:
شافِي الاجَاجِ وَبَعَيْدُ المُشْتغَرْ
وَرُفقةٌ مُشْتَغِرَةٌ: مُنْفَرِدَةٌ عَنِ السّابِلَةِ
(وَنهى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ الشِّغارِ) : قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو عبيد، وغَيرُهما مِنْ أَهْلِ العِلْمِ:
الشِّغَارُ المنْهِيُّ عَنْهُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرجلُ الرَّجُلَ حريمتَهُ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ المُزَوَّجُ جريمةً لَهُ أُخْرى. وَيكونُ مَهْرُ كلِّ وَاحِدَةٍ مِنهما بُضْعَ الْأُخْرَى.
ثعلبٌ عَن سَلَمَة عَنِ الفَراء، قَالَ: الشِّغَارُ شِغَارُ المُتَنَاكِحيْنِ. قَالَ: وَالشِّغَار: أنْ يَبْرُزُ رَجُلانِ مِنَ الْعَسْكَرَيْن، فَإِذا كادَ أَحَدُهُما أَنْ يَغْلِبَ صاحِبَهُ، جَاءَ إثنانِ حَتى يُعِيْنَا أَحَدَهُما، فيصيحَ الآخرُ: (لَا شِغَارَ، لَا شِغَارَ) .
قَالَ: وَالشِّغَارُ: الطَّرْدُ يُقَالُ: شَغَروا فلَانا عَن بلادِهِ: شَغْراً وَشِغاراً إِذا طَرَدُوهُ ونَفوهُ.
قَال: وَالشَّغْرُ: الرفْعُ، وَمِنْه شَغَر الكلبُ وَقال أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء (شَغَرْتُ برِجلي(8/41)
فِي الغريبِ) أَي: عَلَوْتُ النَّاس فِي حِفْظِهِ.
وَيُقَالُ: شغر الكلبُ وَقَزَحَ وَشَقَحَ وَشَقحَ كُله إِذا رفع رجله لِيَبُول.
قالَ: وَالشِّغر: التفرقةُ وَمنهُ قَوْلهم: خرجَ القَوْمُ شَغَر بَغَرَ، إِذا تَفَرَّقوا، وَالشَّغْر: البعدُ، وَمنهُ قَوْلهم: بلدٌ شاغرٌ، إِذا كَانَ بَعيدا من الناصِرِ، وَالسُّلطَانِ، قالَهُ الْفراء.
عَمْرو عَن أَبِيه: الشِّغَارُ العداوةُ.
أَبُو زيد: يقالُ: اشتَغَرَ اشتغر الْأَمر بفلان، أَي اتَّسع بِهِ وَعظم. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وَعَدَدِ بَخَ إِذا عُدَّ اشْتَغَر
كَعَدَدِ التُّرْبِ تَدَانى وانتَشَرْ
واشتغرتِ الحَرْبُ بينَ الفَريقَيْنِ، إِذا اتَّسَعَتْ وعظُمَتْ.
وَيقالُ للبَعيرِ، إِذا، اشْتَدَّ عَدْوُه: هُوَ يَتَشَغَّر تَشَغُّراً واشْتَغَر فلانٌ علينا، إِذا تَطاوَل وافتخر وَتَشَغَّر فلانٌ فِي أَمْرٍ قبيحٍ، إِذا تَمَادَى فِيهِ وَتَعَمَّق.
والشَّغُور موضعٌ فِي الباديةِ.
وَفي (النَّوادِرِ) : بِئْر شِغَارٌ وبِئارٌ شَغَارٌ: كثيرةُ المياهِ وَاسِعَةٌ الأَعْطَانِ.
شرغ: قَالَ الليثُ: الشِّرْغُ يُخَفَّف وَيُثَقَّلُ وَهُوَ الضَّفدَعُ الصَّغِيرُ. وَيُقَالُ لَهُ: الشِّرِّيْغُ والشُّرَبْرِيغُ وأنشدَ:
تَرى الشُّريريغَ يَطْفُو فَوْقَ طاحِرَةٍ
مُسْحَنْطِراً نَاظِراً نَحْو الشَّنَاغِيْبِ
غ ش ل
اسْتعْمل من وجوهه: شغل شلغ.
شغل: قَالَ الليثُ: شَغَلْتُ فُلاناً، وشُغِلْتُ بِهِ، وَشُغْلٌ شَاغِلٌ، وَيُقَالُ: اشْتَغَل فُلانٌ بأمرِهِ، وَهو مُشْتَغِلٌ.
الحَرّاني عَنِ ابنِ السِّكَّيتِ: شَغَلْتُ فُلاناً. وَلاَ يُقَالُ: اشْغَلْتُهُ. وَيُقَالُ: شُغِلَ فُلانٌ فَهْوَ مَشْغولٌ.
أَبُو العَبّاس عَنِ ابنِ الأَعْرابيْ: الشِّغْلَة والعَرْمَةُ والبَيْدَرُ والكُنس: واحدٌ. وَجمع الشَّغْلَةِ: شَغْل، وَهُوَ البَيْدَرُ.
وَرَوى الشَّعْبيْ: (أَنَّ عَلِياً خَطَب النَّاس على شَغْلَةِ) أَي على بَيْدَرٍ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريّ عَن ثعلبٍ عَن ابنِ الأعرابيِّ، قالَ: رَجلٌ شَغِلٌ من الشُّغْلِ، وَمُشْتَغَلٌ وَمَشْغولٌ.
شلغ: قَالَ الليثُ: يُقَال شَلَغ رأسَه وَثَلَغهُ، إِذا شَدَخَهُ.
غ ش ن
شغن غشن نشغ نغش: مستعملات.
نشغ: قَالَ الليثُ يُقَالُ: نَشَغْتُ الصّبيَّ وَجُوراً، فانتَشَغَهُ جُرْعةً بَعدْ جرعةِ، والاسمُ مِنْهُ: النَّشُوغُ. وأنشدَ:
أَهْوى وَقَدْنا شَغْنَ شِرْباً واغِلاً(8/42)
قالَ وَفِي الحديثِ: (فَإِذا هُوَ ينْشغُ) ، أيْ: يَمْتَصُّ بِفِيهِ.
قَالَ: والنَّشغَةُ تَنَفُّسَةٌ من تَنَفُّسِ الصُّعَداء، ويُقالُ مِنْهُ: نَشَغ ينشَغ نشْغاً، وَأنْشد:
عَوفْتُ أَنَّى ناشِغٌ فِي النَّشغِ ... .
وَفي حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ (أَنَّه ذَكَر النّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَشَغَ) قَالَ أَبُو عُبيد:
قَالَ أَبُو عَمْرٍ والنَّشْغُ: الشَّهِيق، حتَّى يكادَ يَبْلُغُ بهِ الغَشْيَ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ نَشَغَ يَنْشَغُ نَشْغاً.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذلكَ الإنْسَانُ تشَوُّقاً إِلَى صَاحِبِه وَأَسَفاً عَلَيه، وحُبّاً لَهُ، فَهَذَا نَشَغ بالغين لَا خلافَ فِيهِ. وَأنْشد بيتَ رؤبةَ:
عَرفْتُ أنَّي ناشغٌ فِي النُّشغِ ... .
وَما قَول ذِي الرُّمة:
فالأمُ مُرْضَعٍ نَشِغَ المَحَارا
فإنَّ الأصمعيَّ كَاد يُنْشِدُهُ بالعَين: (نُشِعَ) ، وَهُوَ إيجارُكَ الصَّبيَّ الدَّوَاء، وَقد مر تفسيرُه.
وروى ابنُ الفَرَج للأَصْمَعي: نَشَغَهُ ونشعه: إذَا أَوْجَرهُ. قَالَ: وقالَ أَبُو عَمْرو: نُشِغَ بِهِ، وَنُشِعَ بِهِ، وشُعِفَ بهِ، أيْ: أولِعَ بِهِ.
وَقَالَ شِمر: المِنْشَغَةُ: المُسْعُطُ، أَوِ الصَّدَفَةُ، يُسْعَطُ بِها.
قَالَ: النَّشْغُ: التَّلْقِينُ: يُقالُ منهُ: نَشَغتُهُ الكَلامَ ونَسَغْتُه بالشِّينِ والسِّينِ.
أَبُو عُبَيدٍ عَنِ الفَرَّاء قَالَ: النَّواشِغُ: مَجارِي المَاء فِي الْوَادي، وأنْشَدَ:
وَلا مُتَدارِكٌ والشَّمْسُ طِفْلٌ
بِبَعْضِ نَوَاشِغِ الوَادِي حُمُولا
ثعلبٌ عَنِ ابنِ الأَعْرابيِّ: انْتَشَغَ الرّجُلُ تَنَحَّى، ونَشَغَه بالرُّمْحِ، طَعَنَهُ.
نغش: قَالَ اللَّيْث: النغش، والنَّغَشانُ: تحرُّكُ الشَّيء فِي مكانِهِ، تَقُولُ: دَارٌ تَنْتَغِشُ صِبْياناً ورَأسٌ يَنْتَغِشُ صِئباناً. وَقالَ الشاعرُ فِي صفةِ القُرادِ:
إِذا سَمِعَتْ وَطْءَ الرِّكابِ تَنَغَّشَتْ
حُشاشَتُها فِي غَيْرِ لَحْمٍ وَلَا دَمِ
وَقَالَ أَبو سَعيدٍ: سُقِي فُلانٌ، فَتَنَغَّشَ، تَنَغُّشاً. وَتَغَشَّى، إِذا تَحَرَّكَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ قَدْ غُشِيَ عَلَيهِ.
قَالَ: وانتَغَشَ الدُّوْدُ.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى نُغَاشِيّاً، فسَجَد شُكْراً. .) . وَقَالَ أَبُو العَبّاسِ: النُّغَاشِيّونَ: هُم الْقِصَارُ، الضِّعَافُ الْحَرَكَةِ.
غشن: ابْن نَجْدَةَ عَن أبي زَيْدٍ، يُقالُ لِمَا يَبْقَى فِي الْكِبَاسَةَ مِنَ الرُّطَبِ، إذَا لُقِطَتِ النَّخْلَةُ: الكُرابَةِ والغُشَانة والْبُذَارَةُ. والشَّمَلُ، والشَّماشِمُ والْعُشَانَةُ بالعَيْنِ(8/43)
أيْضاً: وتَغَشَّنَ الْمَاءُ إذَا رَكِبَهُ الْبَعَرُ فِي غَدِيرٍ، ونَحْوِهِ.
شغن: ابنُ دُريد: الشغْنَةُ: الْحَالُ، وَهِي الَّتِي يُسَمِّيها النَّاسُ الكَارَةَ: وَتَغَشَّنَ الماءُ ...
غ ش ف
اسْتعْمل مِنْهُ: شغف فشغ.
شغف: قَالَ الليثُ: شَغَفٌ مَوْضِعٌ بِعَّمَانَ يُنْبِتُ الغَافَ الْعِظامَ، وأنشَدَ:
حَتَّى أنَاخَ بِذَاتِ الْغَافِ مِنْ شَغَفٍ
وَفِي الْبِلادِ لَهُمْ وُسْعٌ ومُضْطَرَبُ
قالَ: والشغَافُ: مُوْلِجُ البُلْعُمِ، وَيُقالُ: بَل: هُوَ غِشَاءُ القَلْب وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} (يُوسُف: 30) أَي: غَشِي الحبُّ قَلْبَهَا، وَأنْشد:
وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذلِكَ باطِنٌ
مَكانَ الشِّغافِ تَبْتَغِيهِ الْأَصَابِع
أَبُو عُبيدٍ: الشغَفُ: أَن يَبْلُغَ الحبُّ شَغَافَ القَلْبِ، وهُوَ جِلْدَةٌ دُونَهُ، وأخْبَرَني الْمُنْذِرِيُّ عَن عُثمانَ عَنْ مُسْلمٍ بنِ إبراهيمَ عَن قُرَّةَ بنِ خالِدٍ عَن الحسَنِ: فِي قولِ الله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} قالَ: الشغَفُ أَن يكْوِي بَطْنَهَا حُبُّه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابنِ فهمٍ عَن ابنِ سلاّمِ عَن يونُسَ قَالَ: (شَغَفَها) أصابَ شِغَافَها، مثل: كَبَدَها.
وَأخْبرنَا عَن الحَرّاني عَن ابنِ السّكِيتِ، قالَ: الشَّغافُ، هُوَ الخِلْبُ، وَهُوَ جُلَيْدةٌ لاصِقَةٌ بالقَلْبِ، وَمِنْه قِيلَ: خَلَبهُ، إِذا بَلَغ شَغافَ قَلْبِه.
وَقَالَ الفَرّاء: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} أَي: قَدْ خَرّقَ شَغَافَ قَلبِهَا.
قَالَ أَبُو بكرٍ: شَغافُ القَلْب، وَشَغَفُه: غلافُه، وَقَالَ قيسُ بنُ الْخَطِيمِ:
إنّي لأهْواكِ غَيْرَ ذِي كَذِبٍ
قَدْ شُفَّ مِنّي الأَحْشَاءُ والشَّغَفُ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} : فِي الشّغافِ ثلاثَةُ أقوالٍ: قالَ بعضُهُمْ: الشِّغَافُ: غِلافُ القَلْبِ. وَقيل هُوَ حَبَّةُ القَلْبِ وسويداؤُهُ.
وَقيلَ: هُوَ دَاء يكونُ فِي الجَوْفِ فِي الشَّراسِيْف، وأنْشَدَ بيتَ النابِغَةِ.
وروى القتيبي، للأصمعي أنَّ الشُّغافَ دَاءٌ فِي القَلبِ، إذَا اتَّصَلَ بالطَّحَالِ، قَتلَ صَاحِبَهُ، وأنْشدَ بيتَ النّابغةِ.
قَالَ الأزهريّ: سُمِّي الدّاء شُغافاً باسمِ شَغَافِ القَلْبِ وَهُوَ حِجَابُهُ.
وقالَ: أَبُو الهيثمَ: يُقَالُ لِحِجَابِ القَلْبِ. . وَهْيَ شَحْمةٌ تكونُ لِباساً للقَلْبِ، يقالُ لَهَا: قَمِيصٌ القَلْبِ، وَشَغَافٌ، وَشَغْفُ القلبِ، وشَغَفُ القَلْبِ وغاشِيَةُ القَلْبِ، وَإِذا وَصَلَ الدّاءُ إِلَى شَغَافِ القَلْبِ ولازَمَهُ، مَرِضَ القَلْبُ، ولمْ يَصحّ.
وَقيل: شُغِفَ فلانٌ شَغَفاً.(8/44)
فشغ: قَالَ الليثُ. الفَشْغَةُ: قُطْنةٌ فِي جَوْفِ القَصَبَةِ، وَالفَشْغَةُ: مَا تَطَاير من جَوْفِ الصَّوصَلاةِ، وَهُوَ نَبْتٌ يقالُ لهُ: صَاصَلَّى يَأْكُلُ جوفَهُ صِبْيانُ العِرَاقِ.
قَالَ: والفُشَاغُ: نَبْتٌ يَتَفَشِّغُ عَلَى الشَّجَرِ، وَيَتلَوّى عَلَيْهِ، وَأنْشد:
لَهُ قُصَّةٌ فَشَغَتْ حاجبَيْ
هِ فالعَيْنُ تُبْصِرُ مافي الظُّلَمْ
ويقالُ للرجلِ المَنُونِ القَليلِ الْخَيْرِ: مُفْشِغٌ وَقَد أفْشَغَ الرّجُلُ، وَرَجُلٌ أَفْشَغَ الثّنِيّةِ: نابِتُها.
وَتَفَشَّغَ فِيهِ الشَّيْبُ (إِذا كَثُر وَانتَشَر، ثَعْلَب عَن ابنِ الأعرابيّ: تَفَشَّغَهُ الشَّيْبُ) وتشبعه (وَتَشَيَّمه) وَتسنَّمهُ بِمَعْنى واحدٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد أفْشَغْتُ الرَّجُلَ بالسَّوْطِ، وَفَشغْتُهُ بِهِ، إذَا ضَرْبتَه بهِ.
الأَصْمَعَيُّ: فَشَّغَهُ النَّوْمُ تَفْشِيغاً، إِذا عَلاَهُ وَغَلَبهُ، وَأنْشد لأبي دُؤَادٍ:
فإِذَا غَزَالٌ عاقِدٌ
كالظبِي فَشُغَه المَنَامُ
ثعلبٌ عَن سَلَمةَ عَن الفَرّاء، يُقَالُ: تَفَشَّغَ الرجُلُ المَرأَةَ، إذَا وَقَعَ عَلَيْهَا، وتَفَشَّغَ لَهُ، ولدٌ كثيرٌ وتَفَشَّغَ فلانٌ فِي بُيُوتِ الحَيّ، إذَا غَابَ فِيهَا فَلَمْ تَرَهُ. المُنذرِي عَنْهُ.
وَقَالَ النِّجاشيُّ لِقُرَيْشٍ حِيْنَ أَتَوْهُ: (وَهَلْ تَفَشَّغَ فيكُمُ الوَلَدُ، فإِنّ ذلِكَ من عَلاَمَاتِ الْخَيْرِ؟ قَالوا: نَعَمْ) .
وَيُقالُ: تَفَشَّغَ فِي بَيْتِ فُلانٍ الْخَيْرُ، إِذا كَثُر وَفَشَا. والْمُفَاشَغَةُ: أَنْ يُجَرَّ الوَلدُ مِنْ تَحْتِ النّاقَةِ، فيُنْحَرَ، وتُعْطَف على وَلدٍ آخَرَ يُجَرُّ إلَيْها، فَيُلْقَى تَحْتَها، فَتَرْأَمُهُ، يُقال: فَاشَغَها، وفَاشَغَ بَيْنَهُما، وَقَدْ فُوشِغَ بِهَا.
وَقَالَ:
بَطَلٌ تُجَرِّرْةُ وَلَا تَرْثِي لَهُ
جَرَّ المُفاشَغِ هَمَّ الإِرْزَامِ
قَالَ رجلٌ لابنِ عبّاسِ: مَا هَذِه الفُتْيا الَّتِي تَفَشَّغَتْ فِي النَّاس؟ إنَّ مَنْ طَافَ بالبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ فَقَالَ: سُنّةُ نَبِيِّكمْ، وَإِن رَغَمْتُم تفشِّغَتْ، أَي: فَشَت وَانْتَشَرتْ سَلَمةُ عَن الفَراءِ: التَفَشُّغُ والفِشَاغُ: الكَسَلُ. وقَدْ فَشَّغَهُ المنامُ، أَي: كَسّلَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَر: أَنَّ وفدَ البَصْرَةِ أَتَوْهُ وَقَدْ تَفَشَّغُوا: فَقَالَ: مَا هَذِه الهَيْئةُ؟ فَقَالُوا: تَرَكْنا الثِّيابَ فِي العِيَابِ، وَجِئْناكَ: قَالَ: البَسُوا وأميطوا الْخُيَلَاء قَالَ شمر: تفشغوا: لبسوا أَخَسَّ ثِيَابهمْ، وَلم يَتَهَيّأُوا.
غ ش ب
اسْتعْمل مِنْهُ: شغب غبش بغش.
شغب: قَالَ الليثُ: الشَّغَبُ: تَهَيُّجُ الشّر، وأنْشَدَ:
وإنِّي عَلَى مَا نَالَ مِنِّي بِصَرْفِهِ
على الشَّاغِبِينَ التّاركي الحَقِّ مِشْغَبُ(8/45)
يُقَال للأتان، إذَا وَحِمَتْ، فاستَعْصعتْ عَلَى الفَحْلِ: ذَاتُ شَغْبٍ وضِغْنٍ.
أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: شَغَبْتُ القَوْمَ وشَغَبْتُ بِهمْ وعَلَيْهِم، أَشْغَبُ شَغباً، قَالَ لبيد:
وَيُعَابُ قائِلُهُمْ وإنْ لَمْ يَشْغَبِ
أيْ: وَإنْ لَمْ يَجُرْ عَنِ الطَّرِيقِ والقَصْدِ، وأَنْشَدَ قَوْلَ العَجّاجِ:
كأنَّ تَحْني ذَاتَ شَغْبٍ سَمْحَجاً
قَالَ الشَّغْبُ: الخِلافُ، أيْ: لَا تُواتِيهِ، وتَشْغَبُ عَلَيه. يَعْنِي: أَتَاناً طَويلةً عَلَى وَجْهِ الأرْضِ.
وَرَجُلٌ شِغَبٌّ، قَالَ هميان:
والحُنْرُوَان العَرِكَ الشِغَبَّا
وَقَالَ شمرٌ: شَغَبَ فلانٌ عَن الحَق يَشْغَبُ شَغْباً. وفلانٌ مِشْغَبٌ، إِذا كَانَ عَانِداً عَن الطَّريقِ.
قَالَ الفَرَزْدَق:
وإِنْ شَاغَبْتَهُمْ وُجِدُوا شِغَابا
وقولُ الهُذَليّ:
وَعَدَتْ عَوَادٍ دُوْنَ وَلْيكَ تَشْغَبُ
أَي: تَجُورُ بِكَ عَنْ طرِيقِكَ.
غبش: قَالَ الليثُ: الغَبَشُ: شِدَّةُ الظُّلْمَةِ، وأنشَدَ لِذِي الرُّمّةِ:
أغْبَاشيَ لَيْلٍ تمامٍ كَانَ طَارَقَهُ
تَطَخْطُخُ الغَيْمِ حَتّى مَالَهُ جُوَبُ
وَأَخْبَرني أَبُو إسْحَاقَ البَزَّاز عَن عُثْمانَ عَن الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِكٍ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَةَ: (قَالَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، صَلِّهَا بِغَبَشٍ) وَرُوِيَ: بِغَلَسٍ.
قَالَ مالِكٌ: الْغَبَشُ وَالْغَلَسُ وَالغَبَسُ وَاحِد.
قُلْتُ: وَمَعْنَاهَا بَقِيَّةُ الظُّلْمَةِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، يُخَالِطُهَا بَياضُ الْفَجْرِ الثَّاني، فَيَتَبَيَّنُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الُخَيْطِ الأسْوَدِ. وَمِنْ هَذَا قِيلَ للأَدْلَمِ مِنَ الدَّوَاب: أَغْبَشُ. وَالْغُبْشَةُ وَالدُّلْمَةُ فِي لَوْنِ الدَّابَّةِ سِيَّانِ.
وَالْغَبَشُ، قِيلَ: الْغَبَسُ والْغَلَسُ، بَعْدَ الْغَبَسِ وَهي كلُّهَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَجُوزُ: الْغَبَشُ، فِي أوَّلِ الليْلِ.
أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أبي عُبَيْدَةَ: غَبِشَ الليْلُ وَأَغْبَشَ إذَا أَظْلَمَ، وَيُقَالُ: تَغَبَّشَنَا فُلانٌ تَغَبُّشاً، أَي: رَكِبنَا الظُّلْمِ، وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أَصْبَحْتَ ذَا بَغْيٍ وَذَا تَغَبُّشِ
وَذَا أضَالِيْلَ وَذَا تَأَرُّشِي
وَقَالَ اللَّحْيَانيُّ: يُقَالُ: غَبَشَنِي عَنْ حَاجَتِي يَغْبِشُني، أيْ خَدَعَنِي عَنْهَا.
وَقَال الأصمعيُّ: تَغَبَّشَني بِدَعْوَى بَاطِلَةٍ، إذَا ادَّعى قِبَلَهُ دَعْوَى بَاطِلَةً.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَا أَنَا بِغَابِشٍ الغَّاسَ، أيْ: مَا أنَا بِغَاشِمِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: غَبَشَهُ وغَشَمَهُ وَاحِد.
بغش: قَالَ الليثُ: أصابَتْهُمْ بَغْشَةٌ مِنْ مَطَرٍ،(8/46)
أَي: قَلِيل من المَطَرِ.
أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ الأصمعِيّ: أخَفُّ المَطرِ وَأضْعَفَهُ: الطَّلُّ ثمَّ الرَّذَاذُ ثمَّ الْبَغْشُ.
وَفِي الحَدِيث أصَابَنَا بُغَيشٌ مِنْ مَطَر، فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّي فِي رَحْلِهِ فَلْيَفْعَلْ) .
غ ش م
اسْتعْمل من وجوهه: غشم مشغ شغم: غمش.
غشم: قَالَ اللّيثُ: الْغشْمُ الْغَصْبُ، وَالْغشَمْشَمُ: الجَريءُ الْمَاضِي، ويقالُ: إنَّهُ لَذُو غَشَمْشَمَةٍ (وَغَشَمْشَمِيَّةٍ) .
وَقَالَ غيرُهُ: وِرْدٌ غَشَمْشَمٌ، وَإِذا رَكِبَتْ رُؤوسَها فَلَمْ تُثْنَ عَنْ وَجْهِهَا وَقَالَ ابنُ أحْمَرَ:
هُبَارِيَّةٌ هَوْجَاءُ مَوْعِدُهَا الضُّحَى
إذَا أَرْزَمَتْ جَاءتْ بِوِرْدِ غَشَمْشَمِ
قَالَ: مَوْعِدُها الضُّحَى: لأنَّ هُبُوبَ الرِّيحِ يَبْتَدِىءُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. ويُقَالُ للأسَدِ: غَشَمْشَمٌ.
أبُو عُبَيْدٍ عَنِ الأصْمَعِيِّ: الْغَشَمْشَمُ: الَّذي يَرْكبُ رَأْسَهُ لَا يَثْنِيهِ شَيْءٌ عَمَّا يُرِيدُهُ.
أَبُو بكرٍ: الغَشُومُ: الذِي يَخْبِطُ الناسَ ويأخُذُ كلَّ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ وَالأصْلُ فيهِ من: غَشْمِ الحَاطِبِ، وَهُوَ أنْ يَحْتَطِبَ لَيْلاً، فَيَقْطَعَ كل مَا قَدِرَ عَلَيْهِ بِلاَ نَظَرِ وَلَا فِكْرٍ، وأنْشَدَ:
وَقُلْتُ تَجَهَّزْ واغْشِمِ النَّاسَ سَائِلاً
كَمَا يَغْشِمُ الشَّجْراءَ اللَّيْلِ حاطِبُ
شغم: قَالَ أَبُو عُبيد: الشَّغَامِيمُ: الطِّوَالُ الحِسانُ، الواحدُ: شُغْموم. وقَال غيرُهُ: الشُّغمُوم والشِّغْمِيم، هُوَ الشَّابُّ الطَّوِيلُ الجَلْدُ.
مشغ: قَالَ الليثُ: المشْغُ: ضَرْبٌ مِنَ الأكلِ، لَيْسَ بِشَدِيدٍ. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: مَشَغْتُ عِرْضَ الرَّجُلِ، وَمَشِّغْتُهُ، إِذا عِبْتَهُ، وقالَ رُؤبة:
عنهُ وَعِرْضِي لَيْسَ بالممَشَّغِ
أَبُو العَبَّاس عَنِ ابنِ الأعْرابي: ثَوْبٌ مُمَشَّغٌ: مصبوغٌ بالمشْغِ.
قلتُ: أرادَ بالمشْغِ: المِشْقَ، وَهُوَ الطِّينُ الأحمَرُ. وروى ابنُ الفَرجِ، لِبَعْضِ العَرَبِ؛ مَشَغَهُ مائةَ سَوْطٍ ومَشقَهُ مائةَ سَوْطٍ، إذَا ضَرَبَهُ.
غمش: قَالَ ابْن دُريدِ: الغَمَشُ: إظْلاَمُ البَصَرِ، من جُوعٍ أوْ عَطَشٍ، قَالَ: وكأنَّ العَمَشَ سوءُ البَصَرِ، والغَمَشُ عارضٌ، ثمَّ يَذْهَبُ) .(8/47)
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالضَّاد
غ ض ص غ ض س: أهملت وجوهها.
غ ض ز
اسْتعْمل من وجوهه: ضغز.
(ضغز) قَالَ الليثُ: الضِّغْزُ: هُوَ مِنَ السِّباعِ السَّيِّءُ الخُلُقِ، وَأنْشد:
فِيها الحَرِيشُ وضِغْزٌ مايَني ضَبِراً
يَأْوِي إِلَى رَشَفٍ مِنْها وتَقْلِيصِ
قُلتُ: لَا أعْرِفُ الضَّغْزَ وَلَا قَائِل الْبَيْت.
غ ض ط
اسْتعْمل من وجوهه: ضغط.
ضغط: قَالَ اللَّيْث: الضَّغطُ: عَصْرُ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ.
والضِّغَاطُ تَضَاغُطُ النّاسِ فِي الزِّحامِ، وَنَحْو ذلكَ، كَذَلكَ. ويُقالُ: فَعَلَ ذلكَ ضُغْطَةً، أَيْ: بَهْراً وَاضْطِراراً والضّاغِطُ فِي الإبِلِ: أَنْ يَكُون فِي البَعِيرِ تَحْتَ إبْطهِ، شِبْهُ جِرابٍ، أَو جِلدٍ مُجْتَمعٍ.
أَبُو عُبَيدٍ عَن العَدَبَّس الكِنَانِيِّ. قَالَ: الضَّاغِطُ والضِّبُّ: وَاحدٌ، وَهُوَ انْفِتَاقٌ منَ الإبِط، وكَثْرةٌ منَ اللّحْمِ.
الأَصْمَعيُّ بئرٌ ضَغِيطٌ، وَهْيَ الرَّكيَّةُ، تَكُونُ إِلَى جَنْبِها رَكِيَّةٌ أُخْرى فَتَخمَأ فيصيرُ ماؤُها مُنْتِناً، فَيَسِيلُ فِي ماءِ العَذْبَةِ، فَيُفْسِدُهُ فَلَا يَشْرَبُهُ أحَدٌ، فتلكَ الضَّغيطُ وَالْمَسِيطُ، وَأنْشد:
يَشْرَبْن ماءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ
وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيط
والضَّاغِطُ: شِبْهُ الأَمِينِ يُزَمُّ بِهِ العامِلُ، لِئَلاّ يَخُونَ فِيمَا يَجْبِيْ.
وَقَالتِ امرأةُ مُعَاذٍ لَهُ حِيْنَ قَدِمَ مِنْ اليَمَنِ: (أينَ مَا يَحْمِلُه الْعَامِلُ من عُراضَةِ أَهْلِهِ؟
فقالَ: كانَ مَعي ضَاغِطٌ) . أَرادَ بالضّاغِطِ: أمانةَ الله الَّتِي تَقَلَّدَهَا.
ورُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ: (أَنّهُ كانَ لَا يُجِيزُ: الضُّغْطَةَ) ، ويُفَسَّرُ عَلَى وَجْهَينِ، أحدُهُما: الإِكْراهُ. وَالثَّانِي: أَن يَمْطُلَ بائِعَهُ فَلَا يؤدّي الثَّمَنَ، أَو يَحُطَّ عنهُ بعضَهُ.
غ ض د غ ض ت غ ض ذ
مهملات كلهَا.(8/48)
غ ض ث
اسْتعْمل من وجوهه ضغَثَ.
ضغث: قَالَ اللَّيْث: الضِّغثُ قُبضة قبضانٍ يجمعها أصل وَاحِد مثل الأسل والكرَّاثِ والثُّمام. وَأنْشد:
كَأَنَّهُ إِذْ تدلى ضغثُ كرَّاث
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {الاَْلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً} (ص: 44) .
يُقَال: إِنَّه كَانَ حُزمة من أسل ضرب بهَا امْرَأَته فبرتْ يمينُه.
وَقَالَ الْفراء: الضغثُ: مَا جمعته من شَيْء مثل حُزمة الرّطبَة، وَمَا قَامَ على سَاق واستطال ثمَّ جمعتهُ فَهُوَ ضغثٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كل مَقْبُوض عَلَيْهِ بجُمع الكفِّ ضغثٌ، وَالْفِعْل ضَغْثٌ وناقةٌ ضغوث، وَهِي الَّتِي يضغثُ الضاغث سنامها أَي يقبضُ عَلَيْهِ بكفِّه أَو يلمسه، لينْظر أسمينة هِيَ أم لَا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {)) قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الاَْحْلَامِ بِعَالِمِينَ} (يُوسُف: 44) ، هُوَ مثلُ قَوْله: {أَسَاطِيرُ الاَْوَّلِينَ} (الْفرْقَان: 5) .
وَقَالَ غَيره: أضغاثُ الأحْلامِ: مَا لَا يَسْتَقِيم تأويلُهُ لدُخُول بعضِ مَا رأى فِي بعضٍ، كأضغاثٍ من بيوتٍ مختلفةٍ يخْتَلط بَعْضهَا ببعضٍ، ويُقال للحالم: قد أضغثَ الرُّؤيا: إِذا التبسَ بَعْضهَا ببعضٍ فَلَا تتَمَيَّز مخارِجُها وَلَا يَسْتَقِيم تأويلُها.
ورُوي عَن عمر بن الْخطاب: أَنه طَاف بِالْبَيْتِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِن كتبتَ عليَّ إِثْمًا أَو ضِغثاً فامحُه عني فَإنَّك تمحو مَا تشَاء) .
قَالَ شمرٌ: الضغثُ من الْخَبَر وَالْأَمر: مَا كَانَ مختلطاً لَا حَقِيقَة لَهُ.
وَقَالَ الكلابيُّ فِي كَلَام لَهُ: كل شَيْء عَلَى سَبيله، وَالنَّاس يضغثون أَشْيَاء على غير وُجوهها، قيلَ لَهُ: مَا يضغثون؟ قَالَ: يَقُولُونَ للشَّيْء حِذاء الشي وَلَيْسَ بِهِ، وَقد ضَغَثَ يضغَثُ ضغثاً بَتًّا، فَقيل لَهُ: مَا تَعْنِي بِقَوْلِك بتًّا، فَقَالَ: لَيْسَ إِلَّا هُوَ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: أتانَا بضِغثِ خبر وأضغاثٍ من الْأَخْبَار: أَي ضُرُوبٍ مِنْهَا، وكذلكَ أضغاثُ الرُّؤيا: اختلاطُها والتباسُها.
وَقَالَ مُجَاهِد: أضغاث الرُّؤْيَا أهاويلُها.
وَقَالَ غَيره: مَا لَا تَأْوِيل لَهُ.
وأصل الضِّغث: القُبضةُ أَو الحُزمةُ من الْحَشِيش، والثُّدَّاء والضعَة والأسل.
قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيتْ أضغاث أحلامٍ لِأَنَّهَا مختلطة، فَدخل بَعْضهَا فِي بعض وَلَيْسَت كالصحيحة من الرُّؤْيَا.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال لنُفاية المَال وضعْفانه: ضَغَاثةٌ من الْإِبِل، وضغابَةٌ وغُثاية وغُثاثةٌ وقُثاثةٌ.(8/49)
غ ض ر
اسْتعْمل من وجوهها: غَرَض غضز.
غَرَض: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: غرَّض سقاءهُ إِذا ملأَهُ، وغرَّض إِذا تَفَكه.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَرضُ: البِطان وَهُوَ الغُرضة وَنَحْو ذَلِك قَالَ الأصمعيُّ.
قَالَ: والمَغْرِض من البَعير كالمحزِم منَ الدَّابَّة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والمَغَارضُ: جوانبُ البطنِ أَسْفَل الأضلاع، واحدُها مَغْرِضٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإغْريضُ: الطَّلعُ حِين ينشقُّ عَنهُ كافورُه.
وَأنْشد:
وأبيضَ كالإغريض لم يتثلم
قَالَ: وَقيل: الإغريض: البرَد، والمغْروض: مَاء الْمَطَر الطري.
وَقَالَ لبيدٌ:
تذكَّر شجوه وتقاذفتْه
مشَعشعةٌ بمغروض زلالِ
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت: الغَرْض: حزَام الرحْل، وَهُوَ الغُرضة.
قَالَ: والغرْض: الملء، تَقول: غرضت الْحَوْض أغرِضه: إِذا ملأتَه. وَأنْشد قَول الراجز:
لقد فَدَى أعْناقَهُنَّ الْمحْضُ
والدَّأْظُ حَتَّى مَا لَهُنَّ غَرْضُ
أَي: كَانَت لهنَّ ألبانُ يُقْرَى مِنْهَا، ففدَتْ أعْناقَها من أَن تُنحره. وَأنْشد أَيْضا:
لَا تأْوِيَا للْحَوضِ أَن يَفِيضا
إنْ تَعْرِضَا خيرٌ مِنَ إِن تَغيضا
والغيضُ: النُّقْصانُ.
قَالَ: والْغَرَضُ: الضَّجَرُ، ويقالُ: غَرِضْتُ إِلَى لِقائكَ: أَي اشْتقت، أَغْرَضُ غَرَضاً.
قَالَ ابْن هرْمةَ:
إنِّي غَرِضْتُ إِلَى تناصُفِ وَجْهَها
غَرَضَ الْمُحبِّ إِلَى الحَبيب الْغَائِب
قَالَ: والْغَرَضُ: الشيءُ ينصبُ فيرمَى فِيهِ، وَهُوَ الهدفُ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج يُقَال: أَطْعَمَنا لَحْمًا غَرِيضاً: أَي طرياً: وغَرَضْتُ لَهُ غَريضاً: سقيتُه لَبَنًا حليباً، وأغرَضْتُ للقَوم غَرِيضاً: عجنتُ لَهُم عجيناً ابتكرتهُ وَلم أطْعمهُم بائتاً، ووِردٌ غارضٌ: باكِرٌ، وأتيته غارِضاً: أول النَّهَار، وغَرِيضُ اللحمِ وَاللَّبن: طريئُهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي الْأنف غَرْضان، وهما مَا انحدر من قَصَبةِ الأنفِ من جانبيهِ جَمِيعًا.
وَأما قولُ الشَّاعِر:
كرامٌ ينالُ المَاء قبل شِفاههمْ
لهمْ وارِداتُ الغُرْضِ شُمُّ الأرانِبِ
فقد قِيل: إِنَّه أرادَ الغُرْضوفَ الَّذِي فِي(8/50)
قَصَبَة الْأنف فحذفَ الْوَاو وَالْفَاء، ورواهُ بَعضهم:
لَهُم عارِضاتُ الوِردِ
وكل من وردَ المَاء باكراً فَهُوَ غارِضٌ، والماءُ غَرِيضٌ، وَقيل: الغَارِضُ من الأنوفِ: الطويلُ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: غَرَضَتِ المرأةُ سقاءَها إِذا مَخَضَتْهُ فَإِذا ثَمَّر قبْل أَن يجْتَمع زُبدُهُ صبَّتهُ فسقَتْهُ الْقَوْم فَهُوَ سقاءٌ مَغْرُوضٌ وغَرِيضٌ وَقد غَرَضْنَا السَخْلَ نَغْرِضُهُ: أَي: فطمناه قبل إناهُ.
وَقيل فِي قَوْله:
الدَّأْظُ حَتَّى مَا لَهُنَّ غَرْضُ
إِن الغَرْضَ مَوضِع مَاء أخْلَيْنَه فَلم يجعلنَ فِيهِ شَيْئا، كالأمْتِ فِي السّقاء، والْغَرْضُ أَيْضا: أَن يكون الرجلُ سميناً فيهزلَ فَيبقى فِي جَسَدهِ غُرُوضٌ.
وَقَالَ الباهليُّ: الْغَرْضُ أَن يكون فِي جُلُودها نُقصانٌ.
وَقَالَ أَبُو الهيثمِ: الْغَرْضُ: التَّثَنِّي.
غضر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: غَضِرَ فلانٌ بِالْمَالِ والسَّعة إِذا أخْصبَ بعد إقتار، وإنهُ لفي غَضَارَةِ عَيْش.
قَالَ: والغَضارَةُ: الطينُ اللاّزبُ، والقطاة يقالُ لَهَا الْغَضارة.
قلت: وَلَا أعرف الغضارةَ بِمَعْنى القطاة.
والغَضْوَر: نباتُ لَا يعْقد مِنْهُ شَحْمٌ، وَيُقَال فِي مثلٍ هُوَ يأكلُ غَضْرةً، ويرْبضُ حَجْرةً، والْغَضْراءُ: أرضٌ لَا ينبتُ فِيهَا النَّخلُ حَتَّى تُحفَرَ وأعلاها كذَّانٌ أبيضُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب قَالَ: قولُهمْ: أبادَ اللهُ خضْراءَهم.
قَالَ الأصمعيُّ: وَمِنْهُم من يقولُ: أَبادَ اللَّهُ غَضْراءهم، أَي خصبَهمْ وَخَيرهمْ.
ويقالُ: أنبَطَ فِي غَضْراء: أَي فِي أرضٍ سَهْلَةٍ طيبَة التربة عذبة المَاء.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أبادَ اللَّهُ غضْراءَهم: أَي بهجتهم وحسنهم من الغَضَارة، وَقوم مَغضُورُون: إِذا كَانُوا فِي خير ونعمةٍ، واخْتُضِرَ الرجلُ، واغْتُضِرَ إِذا مَاتَ شَابًّا مصحَّحاً.
وَقَالَ غَيره: الغَضارُ: خزفٌ أخضرُ يُعلَّقُ على الْإِنْسَان يَقيه الْعين، وَأنْشد:
وَلَا يُغْنِي توقِّي المرءِ شَيْئا
وَلاَ عَقدُ التَّمِيم وَلا الْغَضَار
ويقالُ: مَا غَضَرْتُ عَن صوبي: أَي مَا جُرْت عَنهُ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
تواعدنَ أنْ لاَ وَعْيَ عنْ فَرْجِ رَاكِسٍ
فرحنَ وَلم يَغْضِرْنَ عَن ذَاك مَغضَرَا
أَي: لم يَعْدِلنَ وَلم يجرْنَ.
وَأما الغضورُ: فَهُوَ نبتُ يشبه السِّبَط.(8/51)
وَقَالَ الرَّاعِي:
تُثيرُ الدَّواجنَ فِي قَصَّةٍ
عِراقيَّةٍ حَوْلَها الغَضوَرُ
ابنُ شميلٍ: الْغَضراء: طينٌ حُرٌّ، وإنَّهُ لفي غَضراءَ مِنْ خيرٍ، وَقد غَضَرهم الله يَغضُرهم. وَيُقَال: الْغضيرُ: النَّاعِمُ من كل شَيْء، وَقد غَضُرَ غَضارةً، ونباتٌ غضيرٌ، وغِضرٌ وغاضرٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغَضيرُ: الرَّطْبُ الطَّريُّ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
من ذَابِلِ الأرْطَى وَمن غَضِيرها
عَمْرو عَن أَبِيه: الغاضِرُ: النّاعِمُ، والغاضِرُ: المانعُ، والغاضِرُ: المُبَكِّرُ فِي حَوَائِجه، ويقالُ: أردتُ أَن آتيكَ فغَضَرَني أمرٌ، أَي مَنَعَنِي.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَضراءُ: الْمَكَان ذُو الطِين الْأَحْمَر.
قَالَ شمرٌ: والغَضارَةُ: الطِّينُ الحرُّ نَفسه، وَمِنْه يتَّخذ الخزف الَّذِي يُسمى الغَضارَ.
غ ض ل
(اسْتعْمل من وجوهه: ضغل.
ضغل: قَالَ اللَّيْث: الضغيلُ: صوتُ الحَجَّامِ إِذا امتصَّ من محْجَمه.
يُقَال: ضَغَلَ يَضغَلُ ضَغِيلاً، وقالَهُ أَبُو عَمرو.
غ ض ن
(اسْتعْمل من وجوهه) : غضن نغض ضغن.
غضن: قَالَ اللَّيْث: الغَضْنُ والغُضُونُ: مكاسِرُ الجِلدِ فِي الجَبينِ والنَّصيلِ، وكذلِكَ غُضُونُ الكُمِّ، وغضُونُ دِرع الحديدِ، وَأنْشد:
ترى فوقَ النِّطاقِ لَها غُضُونَا
أَبُو زيد: غُضُونُ الْأذن واحِدُهَا غَضْنٌ وَهِي مثانيها.
قَالَ: والأغْضُنُ: الَّذِي يكسرُ عَيْنَيْهِ خِلقةً.
قَالَ رؤبة:
يَا أيُّهَا الكاسرُ عينَ الأغضَنِ
والمغاضَنَةُ: مكاسرةٌ بالعينين، قَالَ: وَإِذا أَلْقَت الناقةُ وَلَدهَا قبل أَن ينْبت الشّعْر عَلَيْهِ، قيل: قد غَضَّنَتْ، وَهُوَ الغِضانُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يقالُ: لذَلِك الْوَلَد غضِينٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: أغضنَتِ السماءُ: دَامَ مطرها إغضاناً.
وَقَالَ أَبُو زيد: تقولُ الْعَرَب للرجل تُوعده: لأمُدَّنَّ غَضَنَكَ: أَي: لأطيلنَّ عناءك، وَيُقَال: غَضْنَكَ، وَأنْشد:
أَرَيْتَ إنْ سُقنا سِيَاقاً حسنَا
نمُدُّ من آباطهنّ الغضَنا
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ: غَضَنَنِي الشيءُ يغضِنُنِي غَضناً: أَي: حَبَسني.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: غَضنَنِي عَن حاجَتي(8/52)
يَغْصِنني بالصّاد وَلَا أدْري أهُما لُغتانِ بالضَّاد والصادِ أم الصوابُ بالضَّاد.
ضغن: قَالَ اللَّيْث: الضِّغْنُ: الْحِقدُ، وَكَذَلِكَ الضغينة وَيُقَال: سللت ضِغْنَ فلانٍ وضَغِينَتهُ: إِذا طلبت مرضاته، والضِّغْنُ فِي الدابَّة التواؤه وعَسَرُهُ.
وَأنْشد:
والضغْنُ من تَتَابع الأسواط
والضغَنُ: العوج، تقولُ: قناةُ ضَغِنة، وَأنْشد:
إنَّ قناتي من صليبات القَنا
مَا زادَها التَّثقيفُ إلاَّ ضَغَنَا
وَيُقَال: ضَغِنَ إِلَى الدُّنيَا: أَي: رَكَنَ إِلَيْهَا، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِن الَّذين إِلَى لذَّاتها ضَغِنوا
وَكَانَ فِيهَا لهمْ عَيْش ومُرْتفقُ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَغِنتُ إِلَى فلَان: ملت إِلَيْهِ، كَمَا يَضغَنُ البعيرُ إِلَى وَطَنه.
وَقَالَ اللَّيْث: الاضْطِغانُ: الدَّوكُ بالكلكل، وَأنْشد:
وأضطغنُ الأقوامَ حَتَّى كَأَنَّهُمْ
ضَغابيسُ تشكُو الْغم تَحت لَبانِيا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الاضْطغانُ: الاشتمال، وَأنْشد:
كَأَنَّهُ مُضطَغِنٌ صَبيا
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اضْطَغنتُ الشَّيْء تَحت حِضنِي، وَقَالَ ابْن مقبل:
حَتَّى اضْطَغَنتُ سَلاحي عندَ مَغرضها
ومرْفَقٍ كرئاس السَّيْف إِذْ شسفَا
وَفِي (النَّوَادِر) : هَذَا ضِغْنُ الْجَبلِ وإبطُهُ بمعْنى واحدٍ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ} (مُحَمَّد: 37) مَعْنَاهُ: إنْ يسألكموها الله فَيُحْفِكم أَي: يجهدكم وَيخرج أضغانكم، يخرج ذَلِك البخلُ عداوتكم، وَيكون: وَيخرج الله أضغانكم، وأحفيتُ الرجل: أجْهدتُهُ.
وَيُقَال: اضْطَغَنَ فلانٌ على فلَان ضغينةً: إِذا اضطَمرها.
أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ ضغونٌ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سواءٌ، وَهُوَ الَّذِي يجْرِي كَأَنَّمَا يرجعُ القَهْقَرَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: ضَغِنَ الرَّجلُ يَضْغَنُ ضَغَناً وضِغْناً: إِذا وَغِرَ صدرُهُ ودَوِيَ، وضَغِنَ فلانٌ إِلَى الصُّلح إِذا مَال إِلَيْهِ، وامرأةٌ ذَاتُ ضِغْنٍ على زوْجها إِذا أبْغَضَتْهُ.
نغض: روى شُعْبَة عَن عَاصِم عَن عبد الله بن سَرْجِسَ، قَالَ: نظرتُ إِلَى ناغِضِ كتفِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَيْمن والأيسرِ فإِذا كَهَيْئَةِ الجُمْع عَلَيْهِ الثَّآليلُ.
قَالَ شمرٌ: النَّاغِضُ من الْإِنْسَان: أصلُ العُنُقِ حَيْثُ يَنْغُضُ رأسُهُ، ونُغْضُ الكَتِفِ(8/53)
هُوَ العظمُ الرَّقيقُ على طرفها.
قَالَ اللَّيْث: النُّغْضُ: غُرْضُوفُ الكتِفِ، والنَّغْضانُ: تَنَغُّضُ الرَّأسِ والأسنان فِي ارتجافٍ إِذا رَجَفَتْ، تَقول: نغضَتْ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} (الْإِسْرَاء: 51) .
قَالَ الْفراء: يُقَال: أنْغَضَ رأسَهُ إِذا حركه إِلَى فَوق أَو إِلَى أَسْفَل.
قَالَ: والرَّأْسُ يَنْغِضُ ويَنْغُضُ لُغَتَانِ، والثَّنيَّة إِذا تحرَّكتْ، قيل: نَغَضَتْ سِنُّهُ، وَإِنَّمَا سُمَّيَ الظَّليمُ نَغْضاً لِأَنَّهُ إِذا عَجَّل مِشيَتُه ارتفعَ وانخفض.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للرَّجُلِ إِذا حُدِّثَ بشيءٍ فحرَّكَ رَأسه إنكاراً لَهُ: قد أنْغَضَ رَأسه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للغَيْمِ إِذا كَثُفَ ثمَّ تمخض: قد نَغَضَ، حَيْثُ تراهُ يتَحرَّكُ بعضُه فِي بعضٍ مُتَحَيِّراً وَلَا يسيرُ.
وَقَالَ رؤبة:
بَرْقٌ سَرَى فِي عارِضٍ نَغَّاضِ
قَالَ: والنَّغْضُ: الظَّليمُ الجَوَّال، وَيُقَال: بل هُوَ الَّذِي يُنْغِضُ رَأسه كثيرا.
غ ض ف
اسْتعْمل من وجوهه: غضف.
غضف: قَالَ اللَّيْث: الغَضَفُ: شجرٌ بِالْهِنْدِ كهيئةِ النَّخْلِ سَوَاء من أسفلهِ إِلَى أَعْلَاهُ. سَعَفٌ أخضرُ مُغَشّى عَلَيْهِ، ونواهُ مُقَشَّرٌ بغيرِ لحاءٍ، قَالَ: وَتقول: نخلةٌ مُغْضِفٌ إِذا كثُرَ سعفُها وساء ثَمَرهَا.
قَالَ الديْنوري: الغَضَفُ خُوصٌ جيِّدٌ تتَّخذ مِنْهُ القِفاعُ الَّتِي يُحْمَلُ فِيهَا الجهازُ، ونباتُ شجرِهِ كنباتِ النّخل، وَلَكِن لَا يطولُ.
وَفِي حَدِيث عمر: أَنه ذكر أَبْوَاب الرِّبَا، ثمَّ قَالَ: (وَمِنْهَا الثمرةُ تباعُ وَهِي مُضْغِفَةٌ) .
قَالَ شمرٌ: ثمرةٌ مُغْضِفَةٌ إِذا تقاربت من الْإِدْرَاك وَلما تُدْرِك، وَيُقَال للسماء: أَغْضَفَتْ إِذا أخالتْ للمطر، وَذَلِكَ إِذا لَبِسَها الغَيْم، كَمَا يُقَال: ليلُ أغْضَفُ إِذا ألْبَسَ ظَلامُه، وتَغَضَّفَ علينا الليلُ: ألبسنا، وَأنْشد:
بأحلامِ جُهَّالٍ إِذا مَا تَغَضَّفُوا
قَالَ: والتَّغَضُّفُ والتَّغَضُّنُ والتَّغَيُّفُ وَاحِد، من ذَلِك قيل للكلاب غُضْفٌ: إِذا استرخت آذانُها على المحارَةِ من طولهَا وسعتها.
قَالَ شمر: وَسمعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: الغاضِفُ من الكلابِ المُتَكَسِّرُ أَعلَى أُذُنه إِلَى مقدَّمه، والأغضفُ إِلَى خَلفه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغَضَفُ فِي الأُسْد: استرخاءُ أجفانِها العُلَى على أعيُنها، يكونُ ذَلِك من الغَضَبِ وَالْكبر.
قَالَ: وَمن أَسمَاء الأسَدِ: الأغْضَفُ.(8/54)
قَالَ: والغَضَفُ: استرخاءُ أَعلَى الْأُذُنَيْنِ على محارتها من سَعَتها وعِظَمِها.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف الْأسد:
ومُخْدَراتٍ يأكلُ الطُّوّافا
غُضْفٍ تَدُقُّ الأجَمَ الحفَّافا
قَالَ: وَيُقَال: الغَضَفُ فِي الأسْدِ: كثرةُ أوبارِها وتثَنِّي جُلودها.
وَقَالَ الْقطَامِي:
وَقَالَ لَهُمْ غُضْفُ الجِمامِ تَرحَّلُوا
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول عمر: المُغْضِفَةُ: المُتَدَلِّيَةُ فِي شَجَرهَا، وكلُّ مسترخٍ: أغْضَفُ، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عبيد، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ عمر أَنَّهَا تُباعُ وَلم يبْدُ صلاحُها، فَلذَلِك جعلهَا مُغْضِفَةً.
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عدنان: قَالَت لي الْحَنْظَلِيَّةُ: أغْضَفَتِ النَّخْلَة إِذا أُوقِرَتْ.
قَالَ: وَقَالَ مَعْزُ بن سوَادَة: عَيشٌ أغْضَفُ إِذا كَانَ رخيًّا خصيباً، وَيُقَال: تغَضَّفتْ عَلَيْهِ الدُّنيا إِذا كَثُرَ خَيرهَا لَهُ، وَأَقْبَلت عَلَيْهِ، وعَطنٌ مُغْضِفٌ إِذا كثر نَعَمُه.
وَقَالَ ابْن الجُلاح:
إِذا جُمادَى منعتْ قَطْرها
زانَ جنابي عَطَنٌ مُغْضِفُ
أَرَادَ بالعطن هَا هُنَا نَخيلَهُ الرّاسخَةَ فِي الماءِ الْكَثِيرَة الْحمل.
وَرَوَاهُ ابْن السّكيت: عَطَنٌ مُعْصِف.
وَقَالَ: هُوَ من العَصْفِ وَهُوَ ورقُ الزَّرْع، وَإِنَّمَا أَرَادَ خوصَ سعفِ النخْل.
وَقَالَ اللَّيْث: الأغضفُ من السِّباع، الَّذِي انْكَسَرَ أَعلَى أُذنِه، واسترخَى أَصله، وَمِنْه أذنٌ غَضفَاءُ، وَأَنا أغضِفُها وانغضفتْ أذُنُه إِذا انْكَسَرت من غير خلقَةٍ، وغَضِفَتْ: إِذا كَانَت خلقَة، وانغضف القومُ فِي الغُبار إِذا دخلُوا فِيهِ.
وَقَالَ العجاج:
وانغَضفت فِي مُرْجَحِنَ أغضفا
شبَّه ظلمَة الليْل بالغُبار.
قَالَ: والغاضِفُ: النَّاعم البال، وَقد غَضَفَ يغضِفُ غُضُوفاً، وَأنْشد:
كم اليَوْمَ مَغْبُوطٌ بخيْرِكَ بائِسٌ
وآخرُ لم يُغْبَطْ بِخَيْرِكَ غاضِفُ
وعيْشٌ غاضِفٌ، والأغْضَفُ: الليلُ، وَأنْشد:
فِي ظِلِّ أغْضَفَ يَدْعُو هامَهُ الْبُومُ
الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت: الغَضْفُ: مصدرُ غَضَفْت أذُنَهُ غَضْفاً إِذا كسرتها، والغَضَفُ: انكسارُها خِلْقَةً.
وَقَالَ غَيره: فِي أشفارِهِ غَضَفٌ وغَطَفٌ بِمَعْنى وَاحِد، وَيُقَال: تَغَضَّفَتِ الحَيَّةُ إِذا تلَوَّتْ، وَقَالَ أَبُو كَبِير:
بِاللَّيْلِ مَوْرِدَ أيِّمٍ مُتَغَضِّفُ
وَيُقَال: نزل فلانٌ فِي الْبِئْر فانْغَضَفَتْ عَلَيْهِ، أَي انهارَتْ.(8/55)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَنَةٌ غَضْفاءُ وغلفاء، إِذا كانَتْ مُخْصِبَةً، وعَيْشٌ أغْضَفُ وأغلَفُ: رغدٌ واسعٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: خَضَفَ بهَا وغَضَفَ بهَا إِذا ضَرِطَ.
غ ض ب
(اسْتعْمل من وجوهه) : غضب غبض بغض ضغب.
غضب: قَالَ اللَّيْث: رجلٌ غَضُوبٌ: شديدُ الْغَضَب.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجلٌ غُضُبَّةٌ وغَضُبَّةٌ بِفَتْح الْغَيْن وضمِّها إِذا كَانَ يغْضب سَرِيعا، وَيُقَال: غُضُبٌّ بِغَيْر هاءٍ مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: الغضُوبُ: الحَيَّةُ الخبيثة، والغَضُوبُ: النَّاقةُ العَبُوسُ، وامرأةٌ غضوبٌ بِغَيْر هاءٍ، وَبِه سُمِّيَتِ المرأَة غَضوباً، وأَنشد قَول الْهُذلِيّ:
هجرت غَضُوبُ وحُبَّ من يَتَجنَّبُ
وعدتْ عَوادٍ دون وَلْيكَ تشعب
وَقَالَ اللَّيْث: الغضْبةُ بخْصَةٌ فِي الْجَفنِ الْأَعْلَى خلقَة؛ والغَضبةَ: الصخرَةُ الصلبة المركَّبةُ فِي الْجَبَل الْمُخَالفَة لَهُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: إِذا ألبس الجدريَّ جلدَ المجدور، قيل: أصبحَ جلده غَضبَةً واحِدَةً.
وَقَالَ شمر: روى أَبُو عبيد هَذَا الْحَرْف غَضْنَةً بالنُّون، وَالصَّحِيح غضْبةٌ بِالْبَاء.
قَالَ: وَسمعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: المغضوبُ الَّذِي قد رَكبه الجُدرِيُّ.
وَقَالَ غَيره: الغضبَةُ جُنَّةٌ تتخذُ من جُلُود الْإِبِل تلبس لِلْقِتَالِ، والغَضْبة: الصخرةُ.
ابنُ السكِّيت: أَحْمَر غَضْبٌ: شديدُ الْحمرَة.
اللحيانيُّ: غُضِبَ بصر فلَان: إِذا انتفخَ من دَاء يُصِيبهُ، يُقَال لَهُ الغُضاب.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الغُضابيُّ: الكدر فِي معاشرته ومخالفته، مَأْخُوذ من الغُضابِ، وَهُوَ: القذى فِي الْعَينَيْنِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي والأحمر: غَضِبتُ لفلانٍ إِذا كَانَ حيّاً، فَإِن كَانَ مَيتا قيلَ: غَضِبت بفلانٍ.
وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة:
فَإِن تُعْقِب الأيامُ والدَّهرُ تعلَموا
بَني قاربٍ أَنا غِضابٌ بمعبدِ
فَقَالَ: بمعبدِ، وَإِنَّمَا هُوَ عبد الله بن الصِّمَّةِ أَخُوهُ.
غبض: قَالَ اللَّيْث: التَّغْبِيضُ: أَن يُريد الْإِنْسَان الْبكاء فَلَا تُجيبه الْعين.
قلت: وَهَذَا حرفٌ لم أحفظه لغيره، وَلَا أَدْرِي مَا صحتُه.(8/56)
بغض: قَالَ اللَّيْث: البُغْضُ: نَقِيضُ الحُبِّ، والبِغْضَة والبَغْضَاءُ: شدَّة البُغْضِ، ورجُلٌ بَغِيضٌ، وَقد بَغُضَ بَغَاضَةً. قَالَ: وَتقول: هُوَ محبوبٌ غير مُبْغَضٍ وَغير مُبَغَّضٍ.
وَقَالَ أبوحاتم: من كَلَام الحشوِ: أَنا أَبْغَضُ فلَانا وَهُوَ يَبْغَضُني، وَهُوَ خطأ إِنَّمَا يُقَال: أَنا أُبْغِضُ فلَانا.
قَالَ: وَيُقَال: مَا أبْغَضَكَ إليَّ وَقد بَغُضَ إليَّ إِذا صَار بَغِيضاً، وأبْغِضْ بِهِ إليَّ، أَي مَا أبغضه. وَهَذَا صَحِيح.
ضغب: قَالَ اللَّيْثُ: الضَّغِيبُ: تَضَوُّرُ الأرْنَبِ عِنْد الْأَخْذ.
أَبُو عبيد: الضَّغِيبُ: صَوت الأرنب، وَقد ضَغَبَ يَضْغَبُ ضَغِيباً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّاغِبُ: الرَّجل يَخْتَبِىء فِي الخَمر فَيُفْزعُ الْإِنْسَان بِصَوْت مثل صَوت السبَاع أَو صَوت الْوَحْش، فَيُقَال: ضَغَبَ فَهُوَ ضَاغِبٌ، وَأنْشد:
يَا أيُّها الضَّاغِبُ بالْغُمْلُول
إنَّكَ غُولٌ ولَدَتْكَ غُول
غ ض م
ضغم مضغ غمض: (مستعملة) .
ضغم: قَالَ اللَّيْث: الضَّغْمُ: عَضٌّ غير نَهْشٍ، والضَّيْغَمُ: الأسَدُ. وَقَالَ كَعْب:
مِن ضَيْغَمٍ مِنْ ضِرَاءِ الأسْدِ مخْدَرُه
بِبَطْنِ عَثَّر غِيلٌ دُونَهُ غِيل
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الضَّيْغَمُ: الْأسد.
مضغ: قَالَ اللَّيْث: المَضَاغُ: كل طَعَام يُمْضَغُ.
أَبُو عبيد: مَا ذُقْتُ مَضَاغاً وَلَا لَوَاكاً أَي مَا ذقت مَا يُمْضَغُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَضَاغَةُ مَا يبْقى فِي الفَم من آخر مَا مَضَغْتَهُ، والمُضْغَةُ: قِطْعَة لحم، وقلبُ الْإِنْسَان: مُضْغَةٌ من جسده.
وَقَالَ غَيره: إِذا صَارَت العَلَقة الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا الْإِنْسَان لحْمَةً، فَهِيَ مُضْغَةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ خَلْقَ أحدكُم يُجْمَعُ فِي بطن أُمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلقةً ثمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَةً ثمَّ يبْعَث الله إِلَيْهِ الْمَلَكَ فينفخُ فِيهِ الرُّوح) .
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنبة: المُضْغَةُ من اللَّحْم قدر مَا يُلقي الْإِنْسَان فِي فِيه، وَمِنْه قيل: فِي الْإِنْسَان مُضْغَتَان إِذا صَلحا صَلح البدنُ، القلبُ واللسانُ.
وَقَالَ غَيره: تكون المُضْغَةُ غير اللَّحْم، يُقَال: أطيب مُضْغَةٍ أكلهَا النَّاس صَيْحَانِيَّةٌ مَصلِيَّةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: كل لحمٍ على عظمٍ مَضِيغَةٌ، والجميع مَضِيغٌ، وَقَالَ غَيره: مَضائغُ.
وَقَالَ إِسْحَاق: قلت لِأَحْمَد: مَا الَّذِي ل(8/57)
اتَعْقِلُ العاقلةُ، قَالَ: مَا دون الثُّلُث.
وَقَالَ ابْن رَاهَوَيْهِ: لَا تَعْقِل الْعَاقِلَة مَا دون الْمُوَضّحَة إِنَّمَا فِيهَا حُكومَةٌ وتحملُ الْعَاقِلَة المُوضِحَةَ فَمَا فَوْقهَا، وَقَالا مَعًا: لَا تَعْقِلُ الْمَرْأَة وَالصَّبِيّ مَعَ الْعَاقِلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: كلُّ لحمةٍ يفصل بَينهَا وَبَين غَيرهَا عِرقٌ فَهِيَ مَضِيغَةٌ. قَالَ: واللِّهْزِمَةُ مَضِيغَةٌ، والماضِغَان: أصلا اللَّحْيَيْنِ عِنْد مَنْبِتِ الأضراس بحيالِهِ، قَالَ: العَضَلَةُ مَضِيغَةٌ، والمَضَّاغةُ: الأحمق، والمُضَغُ من الْجراح: صغارها.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: (إِنَّا لَا نتعاقَلُ المُضَغَ بَيْننَا) ، قَالَ: والمضَغُ: مَا لَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ معلومٌ من الْجراح والشِّجَاج شُبِّهت بِمُضْغَةِ الخَلْقِ قبل نفث الرُّوح فِيهِ، وبالمَضْغَةِ الْوَاحِدَة من اللَّحْم شُبِّهت اللُّقمة تُمضَغُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المَضَائغُ العقباتُ اللواتي على طرف السِّيَتَيْنِ.
غمض: قَالَ اللَّيْث: الْغَمَضُ: مَا تطامن من الأرضِ، وجمعُهُ: غُمُوضٌ، وَأنْشد:
إِذا اعتسفنا رهوةً أَو غمضا
وَدَار غامضة: غير شارعة، وَقد غَمَضتْ تغمُضُ غموضاً، والغامضُ من الرِّجَال الفاترُ عَن الحملة، وَأنْشد:
والغرب غربٌ بَقَرِيُّ فارضُ
لَا يَسْتَطِيع جَرّه الغوامض
وحَسَبٌ غامض: غير مَعْرُوف، قَالَ رؤبة:
بِلَال يَا ابْن الْحسب الأمحاضِ
لسن بنحسات وَلَا أغماضِ
وَأمر غامضٌ، وَقد غَمَضَ غُمُوضاً، وخَلْخالٌ غامضٌ غاص قد غمض فِي السَّاق غموضاً، وكعبٌ غامضٌ أَيْضا، وَيُقَال: مَا ذُقتُ غُمْضاً وَلَا غِماضاً أَي: مَا ذقت نوماً، وَمَا غمضتُ وَلَا أغمضتُ وَلَا اغتمضتُ لُغَات كلهَا، وَقد يكون التغميض من غير نوم، وَيُقَال: اغمض لي فِي البياعة: أَي: زِدْنِي لمَكَان رداءته أَو حُطَّ لي من ثمنه، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} (الْبَقَرَة: 267) ، يَقُول: أَنْتُم لَا تأخذونه إِلا بوكس، فَكيف تُعْطُونَهُ فِي الصَّدَقَة.
وَقَالَ اللحياني: غَمَضَ فلَان فِي الأَرْض يغمُض ويغمِضُ غموضاً إِذا ذهب فِيهَا، قَالَ: وأغمضتُ الْمَيِّت وغمضته إغماضاً وتغميضاً، وَيُقَال للرجُلِ الْجيد الرَّأْي: قد أغمضَ النّظر وأغمضَ فِي الرَّأْي، وَمَسْأَلَة غامضةٌ: فِيهَا نظر ودقة، وَيُقَال: سَمِعت(8/58)
مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فأغمضتُ عَنهُ، وأغضيتُ: إِذا تغافلت عَنهُ، وَقَالَ غَيره: أغمضَتِ الفلاةُ على الشخوص إِذا لم تظهر فِيهَا لتغييبِ الْآل إِيَّاهَا أَو تَغَيُّبها فِي غيوبها، وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا الشخصُ فِيهَا هزَّه الآلُ أغمضتْ
عَلَيْهِ كإغماض المغضِّي هجولها
أَي: أغمضت هجولها عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَتَانِي ذَاك على اغتماضي: أَي: عفوا بِلَا تكلفٍ وَلَا مشقةٍ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وَالشعر يأتيني على اغتمَاضِي
كرها وطوعاً وعَلى اعتراضِ
أَي: اعْتَرَضَهُ اعتراضاً فآخُذُ مِنْهُ حَاجَتي، من غير أَن أكون قدمتُ الرويَّةَ فِيهِ.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالصَّاد)
غ ص س غ ص ز غ ص ط: أهملت وجوهها.
غ ص د
اسْتعْمل من وجوهه: صدغ دغص.
صدغ: قَالَ الليثُ: الصُّدْغان: مَا بَين لِحاظَي الْعَينَيْنِ إِلَى أصل الأُذن.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصُّدْغانِ: هما موصلُ مَا بَين اللِّحْيَة وَالرَّأْس إِلَى أَسْفَل من القرنين، وَفِيه الدوارة الواوُ ثَقيلَة والدالُ مَرْفُوعَة، وَهِي الَّتِي فِي وسط الرَّأْس ندعوها الدائرةَ، وإليها يَنْتَهِي فرق الرأْس، والقرنان: حرْفَا جَانِبي الرَّأْسِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ بَعضهم: الأَصْدَغان عرقان تَحت الصُّدْغين.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هما يضربان من كلِّ أحد فِي الدُّنْيَا أبدا وَلَا واحدَ لَهما يعرف كَمَا قَالُوا: المذْرَوان لناحيتي الرّأْسِ، وَلَا يُقَال مِذْرَى لِلْواحِدِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمِصْدَغَةُ والمزْدغة مرفقةٌ تتوسد تَحت الصُّدْغ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر قَالَ: الصَّدِيغ بالغين الضعيفُ، يُقَال: مَا يصدَغ نملةً من ضعفه أَي: مَا يقتل نملة.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا صَدَغَكَ عَن هَذَا الْأَمر أَي مَا صرفك وردك.
قلت: روى أَصْحَاب أبي عبيد عَنهُ هَذَا الْحَرْف بِالْعينِ والصوابُ الغينُ كَمَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ الْكسَائي: صَدَغْتُ فلَانا أَصْدَغُهُ إِذا حاذيت صُدغك بصدغهِ والصُّدَاغُ سمة فِي الصُّدْغ طولا.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدِيغُ الْوَلِيد قبل استتمامه سَبْعَة أَيَّام لِأَنَّهُ لَا يشتدُّ صُدْغه إِلَّا إِلَى تَمام السَّبْعَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: بعير مَصْدوغٌ وإبلٌ مُصَدَّغَةٌ إِذا وسمت بالصُّدَاغ.(8/59)
ابْن السّكيت: يُقَال لِلْفَرس أَو الْبَعِير إِذا مر منفلتاً يعدو فأُتبع ليردَّ: اتبع فلَان الْبَعِير فَمَا ثناه وَمَا صَدَغَهُ: أَي مَا ردَّه.
دغص: قَالَ اللَّيْث: الدَّاغِصَة عظمٌ يديصُ ويموجُ فَوق رَضْفِ الرّكْبَة، وَفِي (النَّوَادِر) : دَغِصَتَ الدَّابَّة وبدِعت إِذا سمنت غَايَة السّمن، يُقَال للرجل إِذا سمن واكتنز لَحْمه: سمن كَأَنَّهُ داغصةٌ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: دغِصَتِ الْإِبِل تدغَصُ دَغَصاً وَذَلِكَ إِذا استكثرت من الصِّلِّيان فالتوى فِي حيازيمها وغلاصمها وغصَّت بِهِ فَلَا تمْضِي، وإبل دغاصَى ولَبادَى إِذا فعلت ذَلِك.
غ ص ت غ ص ظ
غ ص ذ غ ص ث.
أهملت وجوهها.
غ ص ر
اسْتعْمل من وجوهها: صغر رصع.
رصغ: قَالَ اللَّيْث: الرُّصْغ لغةٌ فِي الرُّسغ معروفةٌ.
صغر: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: من أَمْثَال الْعَرَب: (الْمَرْء بأصغريه) ، وأصغراه قلبه وَلسَانه، وَمَعْنَاهُ أَن الْمَرْء يَعْلُو الْأُمُور ويضبطها بجنانِه ولسانِه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال صَغِرَ فلَان يَصْغَرُ صَغَراً وصَغَاراً فَهُوَ صاغر، إِذا رَضِي بالضيم وَأقر بِهِ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التَّوْبَة: 29) ، أَي: أَذِلاَّءُ.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ} (الْأَنْعَام: 124) ، أَراد أَنَّهُمْ وَإِن كَانُوا أَكابِرَ فِي الدُّنْيَا فسيُصيبُهم صَغَارٌ عِنْد الله، أَي: مَذلّة.
وَقَالَ الشافعيُّ فِي قَول الله: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَي: يَجري عَلَيْهِم حُكم الْمُسلمين.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال من الصِّغر ضدّ الكِبَر صَغُرَ يَصْغُرُ صِغَراً، وَأما الصَّغَارُ فَهُوَ مَصدر الصَّغِير فِي القَدْر، وَقَالَت الخنساء:
حَنين وَالِهةٍ ضلَّتْ أَليفتَها
لَهَا حَنينَانِ إِصْغَارٌ وإِكْبارُ
فإصغارُها حَنينُها إِذا خَفَضَتْهُ، وإكْبارُها حَنينها إِذا رفَعتْه، وَالْمعْنَى لَهَا حَنينٌ ذُو إِصغَار وحنينٌ ذُو إكبار.
وَيُقَال: تصاغرَتْ إِلَى فلانٍ نفسُه ذُلاًّ ومَهانةً.
ابْن السّكيت، عَن أبي زيد يُقَال: هُوَ صِغْرَةُ وَلَدِ أَبيه أَي أصغرُهم، وَهُوَ كِبْرَةُ وَلَدِ أبِيه أَي أكْبرُهم، وَكَذَلِكَ فلَان صِغْرَةُ الْقَوْم وكِبْرَتُهم، أَي أصغرُهم وأكبرهم.
وَيَقُول الصبيُّ من صِبيان الْعَرَب إِذا نُهِي(8/60)
عَن اللَّعِب: إنِّي من الصِّغْرَة، أَي: من الصغار.
قَالَ: والتَّصغيرُ للاسم والنَّعت يكون تحقيراً وَيكون شَفَقَة وَيكون تَخْصِيصًا كَقَوْل الحُبَابِ بنِ المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المحَكَّكُ وعُذَيْقها الْمُرَجَّبُ، وَقد مرَّ تفسيرُه.
غ ص ل
صغل، لصغ، غلص، صلغ: مستعملة.
صغل: قَالَ اللَّيْث: الصَّغَلُ لُغةٌ فِي السَّغَل وَهُوَ سوءُ الغذاءِ، قَالَ: والسِّينُ فِيهِ أكثرُ من الصَّاد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الصِّيَّغْلُ من التمْر الْيَاء شَدِيدَة المُخْتلطُ الآخِذُ بعضهُ ببعضٍ أخْذاً شَدِيدا، وطِينٌ صِيَّغلٌ أَيْضا.
لصغ: قَالَ اللَّيْث: لَصِغَ الْجِلْدُ يَلْصَغ لُصوغاً إِذا يَبِسَ عَلَى العظْم عَجَفاً.
غلص: قَالَ اللَّيْث: الغَلْصُ قَطْعُ الغَلْصَمة، يُقَال: غَلَصَهُ غَلْصاً.
صلغ: قَالَ اللَّيْث: صَلَغَتِ الشاةُ تَصْلَغُ صُلُوغاً وسَلَغَتْ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الشَّاةُ تَصلَغُ فِي السنةِ السَّادِسَة، والأنثَى صالِغٌ بغَيْرهَا.
وَقَالَ الأصمعيُّ: صَالِغٌ بالصَّاد، وَقَالَ: تَصْلَغُ الشَّاةُ فِي السنةِ الخامسةِ وَكَذَلِكَ الْبَقَرَة، وَلَيْسَ بَعدَ الصُّلوغِ سِنٌّ.
المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِعْزَى سُلَّغٌ وصُلَّغٌ وسَوَالِغُ وصَوَالِغُ لِتمام خَمْسِ سِنينَ.
غ ص ن
(غنص) غُصْن نغص: (مستعملة) .
غنص: أهملَ اللَّيْث غَنَصَ.
وَقَالَ أَبُو مَالك عَمرو بن كِرْكِرَةَ: الغَنَصُ ضِيقُ الصَّدر، يُقَال: غَنِصَ بِهِ صدْرُه غنوصاً.
غُصْن: قَالَ اللَّيْث: الغُصْنُ مَا تَشَعَّبَ عَن ساقِ الشَّجرة، دِقَاقُها وغِلاَظها، والجميعُ الغصونُ ويُجْمَعُ الغصنُ غِصَنَةً وأَغصاناً، وَيُقَال: غُصْنةٌ واحدةٌ والجميع غُصْنٌ.
وَقَالَ القِنانِيُّ: غَصَنْتُ الغُصْنَ غَصْناً إِذا مَدَدْتَهُ إِليك فَهُوَ مَغصُونٌ.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: غَصَنَنِي فلانٌ عَن حَاجَتي يَغصنِني أَي ثَنَانِي عَنْهَا وكَفّنِي، قلت: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهِ المنذريُّ فِي (النوادرِ) ، وَغَيره، يَقُول: غضَنَنِي بالضَّاد يَغْضِنُنِي.
نغص: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَغِصَ الرجل نَغَصاً إِذا لم تتمّ لَهُ هناءته قَالَ: وَأَكْثَره بالتشديدِ نُغِّص تنغيصاً.
وَقَالَ: نَغَّصَ علينا، أَي: قطعَ علينا مَا كُنَّا نحبُّ الاستكثار مِنْهُ.
وَأنْشد غَيره:(8/61)
وطالما نُغِّصوا بالفجع ضاحيةً
وَطَالَ بالفجع والتنغيص مَا طُرِقوا
وَقيل: النَّغَص كدر الْعَيْش وَقد تنغَّصَتْ عَلَيْهِ عيشتُه، أَي تكدرتْ.
غ ص ف
اسْتعْمل من وجوهه: صفغ غفص.
صفغَ: أهملَ اللَّيْث صفغَ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الصفْغُ عربيٌّ مَعْرُوف، قَالَ: وَقد ذكره أَبُو مَالك، وَأنْشد:
دونكِ بَوْغاء ترابِ الرَّفْغِ
فأَصْفِغيهِ فاكِ أيَّ صَفْغِ
وَإِن تَرَيْ كفَّكِ ذاتَ نَفْغِ
شَفَيتِها بالنَّفْث أَو بالْمَرغِ
قَالَ: الصفغُ: الْقَمْح بِالْيَدِ، يُقَال: قمحتُ الشَّيْء وصفغتُه أصفغُه صفغاً، قلت: وَهَذَا حرفٌ صحيحٌ رَوَاهُ عَمْرو بن كِرْكِرَة، وَهُوَ ثِقَة.
قَالَ: والرَّفْغُ تِبْنُ الذرَة، والرَّفغُ أَسْفَل الْوَادي، والنفغ التنفُّط، والمرغ الرِّيق.
غفص: قَالَ اللَّيْث: غافصت فلَانا: أَخَذته على غرّة فركبته بمساءة، قَالَ: والغافصَة من أوازم الدَّهْر، وَأنْشد:
إِذا نَزَلَتْ إِحْدَى الأُمورِ الْغَوَافصِ
وَفِي (نَوَادِر الإعرابِ) : أخَذْتُهُ مُغَابَصَةٌ ومُغَافَصَةٌ، أَي: مُعَازَةٌ.
غ ص ب
غصب غبص صبغ صغب: (مستعملة) .
غبص: قلت: لم أجد فِي حَرْفِ غبص غيرَ مَا وَجَدْتُهُ فِي (نَوَادِر الأعرابِ) أخَذْتُهُ مُغَابَصةً ومُغافَصَةً: أَي: مُعَازَّةً.
غصب: قَالَ اللَّيْث: الْغَصْبُ أخْذُ الشَّيْء ظلما وقهراً، قلت: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: غَصَبْتُ الْجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عَنهُ شعره أَو وبرَه قَسْراً وَلم تعطنه حَتَّى يسترخي عَنهُ شعرُه أَو صُوفهُ فَيُمْرَطَ، وَإِذا أَرَادوا ذَلِك بَلُّوا الجِلْدَ بِالْمَاءِ وأبوال الْإِبِل، ثمَّ أعملوه وَهُوَ مدرج مَطْوِيّ فيسترخي عَنهُ شعره.
وَيُقَال: اغتَصَبَ فلانٌ فلَانا مَالَهُ اغتِصاباً.
صغب: أهْمَلَهُ اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت الباهِليَّ يَقُول: يُقَال لِبيْضَةِ القَمْلَةِ صُغَابٌ وصُؤَابٌ.
وَيُقَال للجائع سَاغِبٌ وسَغْبانُ وصَغبانُ.
صبغ: قَالَ اللَّيْث: الصِّبغُ والصِّباغُ مَا يلوَّنُ بِهِ الثِّيابُ والصَّبْغُ المصدَرُ، والصِّبَاغَةُ حِرْفَةُ الصَّبَّاغِ.
قَالَ: والصِّبغُ والصِّباغُ مَا يُصْطَبَغُ بِهِ من الأُدْمِ.
قَالَ الله جلَّ وَعز فِي الزَّيْتُونِ: {وَصِبْغٍ لِّلأَكِلِيِنَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) ، يَعْنِي: دُهْنَه.(8/62)
وَقَالَ الْفراء: يَقُول الآكلونَ يَصْطَبِغُونَ بالزَّيتِ، فَجعل الصِّبْغَ الزَّيتَ نَفسه.
وَقَالَ الزّجاج: أَرَادَ بالصِّبغِ الزَّيتونَ فِي قَول اللَّهِ: {وَصِبْغٍ لِّلأَكِلِيِنَ} قلت: وَهَذَا أجوَدُ القَوليْنَ، لِأَنَّهُ قد ذكر الدُّهْنَ قبله قَالَ: وَقَوله: {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) أَي: تَنْبُتُ وفيهَا الدُّهنُ أَو وَمَعَهَا دُهنُ كَقَوْلِكَ: جَاءَني زيد بالسَّيفِ، أَي: جَاءَنِي وَمَعَهُ السَّيْفُ.
وَقَالَ غَيره: صَبِيغٌ: اسْم رجل كَانَ يَتَعَنَّتُ النَّاس بسُؤالاتٍ مشكلةٍ من الْقُرْآن فَأمر عمر بن الْخطاب بِتَأدِيبِه ونَفْيِهِ إِلَى البصرةِ وكتَبَ إِلَى أبي مُوسَى أَنْ ينْهَى النَّاس عَن مُجالَسَتِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: والأَصْبَغُ من الطير مَا ابْيضَّ أَعلى ذَنبه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا شابت ناصِيةُ الفَرَسِ فَهُوَ أسْعَفُ، فإِذا ابْيَضَّتْ كلهَا فَهُوَ أصبغُ قَالَ: والشَّعَلُ: بَيَاضٌ فِي عُرضِ الذَّنَبِ فإِن ابيض كلُّه أَو أطْرَافه فَهُوَ أصبغ قَالَ: والْكَسَع أَن تَبْيَضَّ أَطْرَاف الثُّنَنِ فإِن ابيَضَّتِ الثُّنَنُ كلهَا فِي يَدٍ أَو رجْلٍ وَلم تَتَّصِلْ بِبَياض التَّحْجيِل فَهُوَ أصبغُ أَيْضا.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي زَيدٍ قَالَ: إِذا ابيَضَّ طَرَف ذَنَبِ النّعْجَةِ فَهِيَ صَبْغاءُ، قلت: والصَّبغاءُ نَبْتٌ معروفٌ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (هَل رَأَيْتُمْ الصَّبغاءَ، مَا يَلِي الظِّل مِنْهَا أصفَرُ أَو أَبيض) ، وَذَلِكَ أَن الطاقَةَ الغضَّةَ من الصَّبغاء حِين تطلع الشَّمْس يكون مَا يَلي الشَّمْس من أعاليها أبْيضَ وَمَا يَلِي الظِّلَّ أخْضَرَ كأنَّها شُبِّهَتْ بالنَّعجةِ الصَّبْغاءِ.
وَفِي الحَدِيث أنهُ قَالَ: (فَيَنْبتون كَمَا تَنْبتُ الحبَّة فِي حَمِيل السَّيْلِ ألم ترَوها مَا يَلِي الظِّل مِنْهَا أصيْفرٌ أَو أَبيض وَمَا يَلِي الشَّمْس مِنْهَا أخَيضِرُ، وَإِذا كَانَت كَذَلِك فَهِيَ صبغاء، قَالَ ابْن قتَيبَة: شَبَّهَ نَباتَ لحومهم بعدَ إحْراقِها بِنَبات الطَّاقَة من النَّبتِ حِين تطلع وَذَلِكَ أَنَّهَا حِين تطلع تكون صبغاءَ، فَمَا يَلِي الشَّمْس من أعاليها أَخْضَر وَمَا يَلِي الظِّل أَبيض.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: قد صَبَغوني فِي عيْنِك.
قَالَ: مَعْنَاهُ: غيرُونِي عندَك وأخبرُوا أَنِّي قد تغيّرْتُ عَمَّا كنتُ عَلَيْهِ.
قَالَ: والصَّبْغُ فِي كَلَام الْعَرَب التغييرُ، وَمِنْه صُبغَ الثوبُ إِذا غُيِّرَ لَونه وأُزيل عنْ حَاله إِلَى حَال سوادٍ أَو حمرَة أَو صُفرة، قالَ: وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ مِن قَوْلهم: صَبغوني فِي عينِك وصَبغوني عنْدك، أَي أشارُوا إليكَ بِأَنِّي موْضعٌ لما قصدتني بِهِ من قَول الْعَرَب صَبَغْتُ الرجل بعيني ويدِي أَي أشرتُ إِلَيْهِ.
قَالَ الْأَزْهَرِي هَذَا غَلَطٌ، إِذا أرادَتِ(8/63)
العربُ الإِشارة بعَيْب أَو غَيره قَالُوا: صَبَعْتُ بِالْعينِ، قَالَه أَبُو زيد، قَالَ أَبُو بكر: وَقَالَ أَبو الْعَبَّاس: قَالَ الفراءُ: صَبَغتُ الثَّوْب أصْبُغُه وأصْبَغُهُ وأصبِغه ثَلَاث لغاتٍ وَيُقَال: ناقةٌ صابِغٌ إِذا امْتَلَأَ ضَرْعُهَا وحَسَنَ لونهُ، وَقد صَبُغَ ضَرْعُها صُبُوغاً وَهِي أَجودهَا محلبةً وأحبها إِلَى النَّاس، وصَبَغَتْ عضلَةُ فلَان إِذا طَالَتْ تَصْبُغُ وبالسين أَيْضا، وصَبَغَت الإبلُ فِي الرَّعْي تَصْبُغُ فَهِيَ صَابِغة قَالَ جَنْدَلٌ الطهوي يصفُ إبِلا:
قطَعْتها بِرُجَّع أبْلاءِ
إِذا اغْتَمسْنَ مَلَثَ الظُّلماءِ
بالقوم لم يصبُغْن فِي عَشاءِ
ويروى: لم يصبُؤونَ فِي عَشاء يُقَال: صَبأ فِي الطَّعَام إِذا وضَعَ فِيهِ رأسَه.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سمعتُ الأصمعيَّ وَأَبا زيد يقولانِ: صبغتُ الثوْبَ أصبُغه وأصبَغه صِبَغاً حسنا، الصادُ مكسورةٌ والباءُ متحركة، وَالَّذِي يُصبغُ بِهِ الصبغُ بسكونِ الْبَاء مثلُ الشِّبَع والشِّبْع.
وَأنْشد:
واصْبغ ثِيَابِي صِبَغاً تَحْقِيقا
مِن جيِّد العُصْفُر لَا تشرِيقا
والتشرِيقُ: الصَّبْغُ الخفيفُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} (الْبَقَرَة: 138) .
قَالَ الْفراء: إِنَّمَا قيلَ: صبغةً لِأَن بعضَ النَّصَارَى كَانُوا إِذا وُلدَ المولودُ جَعَلُوهُ فِي ماءٍ لَهُم كالتطهير فَيَقُولُونَ هَذَا تَطهِيرٌ لَهُ كالختانةِ فَقَالَ اللَّهُ جلّ وعزّ: قل {صِبْغَةَ اللَّهِ} يأمرُ بهَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي الختانَةُ اخْتَتنَ إِبْرَاهِيم وَهِي الصِّبغةُ، فجرتِ الصِّبْغة على الخِتانة لصَبغهمُ الغلمانَ فِي المَاء ونصبَ {صِبْغَةَ اللَّهِ} لِأَنَّهُ ردَّها على قَوْله: بل نتبعُ مِلَّة إبراهيمَ ونتبعُ صبغةَ الله.
وَقَالَ غيرُ الْفراء: أضمرَ لَهَا فعلا اعرِفوا صبغةَ الله وتدبَّرُوا صبغة الله وشِبه ذَلِك، وَيُقَال: صَبَغَتِ النَّاقة مشافِرَها فِي المَاء إِذا غَمَستها، وصبغَ يدُه فِي المَاء.
وَقَالَ الراجز:
قد صَبَغَتْ مشافِراً كالأشبار
تُرْبى عَلَى مَا قُدَّ يفريه الفارْ
مَسْكَ شَبُوبَين لَهَا بأَصبار
قلت: فَسَمَّت النَّصَارَى غَمْسَهم أولادَهم فِي مَاء فِيهِ صِبغٌ صَبغاً لغمْسِهم إياهمْ فِيهِ، والصَّبغُ الغمْسُ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: تَصَّبَغُ فلانٌ فِي الدِّينِ تصبُّغاً وصِبْغةً حَسَنَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كلُّ مَا تُقرِّب بِهِ إِلَى الله فهوَ الصِّبغةُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ألقتِ الناقةُ ولدَها وَقد أشعرَ قيلَ: سبّغتْ فَهِيَ مُسَبِّغ.(8/64)
قلتُ: وَمن العَربِ من يَقُول: صَبَّغتْ بالصَّاد فهيَ مُصَبِّغٌ، والسينُ أكثرُ، وَيُقَال: أصبغتِ النخلةُ فَهِيَ مُصْبغ، إِذا ظهر فِي بُسرِها النضجُ، والبسْرَةُ الَّتِي قد نضجَ بعضُها هِيَ الصُّبغةُ تَقول: نزعْتُ مِنْهَا صُبغة أَو صُبْغتين.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا تركتُه بصِبْغ الثّمن، أيْ لم أتركهُ بثمنِه الَّذِي هُوَ ثمنُه، وَيُقَال: مَا أخذتُه بصبْغ الثمنِ، أَي لمْ آخذْه بثمنِه الَّذِي هُوَ ثمنه، وَلَكِنِّي أخذْتُه بِغلاءٍ.
غ ص م
صمغ مغص غمص: (مستعملة) .
غمص: قَالَ اللَّيْث: الغَمَصُ فِي العينِ، والقطعة مِنْهُ غمصة، وإحدَى الشعرَيينِ يُقَال لَهَا الغُمَيْصاءُ، تَقول العربُ فِي أحاديثها: إِن الشِّعْرَى العبور قطعَتِ المجرَّة فسُمِّيت عبوراً، وبكت الْأُخْرَى عَلَى أَثَرهَا حَتَّى غَمِصَتْ فَسُمِّيت الغميصَاء، وَقد غمِصَ فلانٌ يغمَصُ غمصاً فَهُوَ أغمصُ.
وَفِي حَدِيث مَالك بن مُرارة الرَّهاوِيّ أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أوتيتُ منَ الْجمال مَا ترَى وَمَا يَسرُّني أنَّ أحدا يفضُلني بشِرَاكينِ فَمَا فَوْقهمَا فَهَل ذَلِك منَ البغيِ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّمَا ذَلِك مَن سفه الْحق، وغمط النَّاس) .
وَفِي رِوَايَة: وغمصَ النَّاس.
وَفِي حَدِيث عمر: أَنه قَالَ لقَبيصةَ بن جَابر حِين استفْتاه فِي قَتله الصَّيد وَهُوَ مُحْرِمٌ، أتغمِصُ الفُتيَا، وتَقْتُلُ الصَّيْدَ وأَنتَ مُحْرِمٌ.
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: غمصَ فلانٌ النَّاس وغَمَطَهمْ، وَهُوَ الاحتقارُ لهمْ والازدراء بهمْ، وكذلكَ غَمَصَ النِّعْمة وغمطَها إِذا ازدرَى بهَا، وفُلانٌ مغمُوصٌ عَلَيْهِ فِي حَسَبهِ ومغموزٌ أَي مطعونٌ عَلَيْهِ، واغتمَصْتُ فلَانا اغتماصاً إِذا احتقرتُهُ.
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الغَمْصُ: مصدر غمصَ الإنسانَ يغمِصه غمصاً إِذا لم يره شَيْئا واستصغرَه وَيُقَال: غمصتُ عَلَيْهِ قولا قَالَه إِذا عِبته عَلَيْهِ.
مغص: قَالَ ابْن شميلٍ: يُقَال: أَنا متَمَغِّصٌ من هَذَا الْخَبَر ومتوصِّم ومُمدئلُ ومُرَنَّحٌ وممغوث وَذَلِكَ إِذا كَانَ خَبرا يَسرُّه وَيخَاف أَلا يكون حَقًا أَو يخافُه ويسوءه وَلَا يَأْمَن أَن يكون حَقًا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَغْصُ غلظٌ فِي المِعى، ووَجَعٌ.
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت فِي بطنِه مَغْصٌ ومغسٌ وَلَا تقل مَغَصٌ وَلَا مغَسٌ وَقد مُغسَ الرَّجل يُمغس مَغْساً فَهُوَ ممغوس، وَإِنِّي لأجد فِي بَطْني مَغْساً ومَغْصاً، وَأما المغص محَرَّك الْعين فهوَ البيضُ من الْإِبِل الَّتِي قد فارقتِ الكرْمَ الواحدَةُ مَغصةٌ قَالَ(8/65)
ذَلِك الأصمعيُّ وَغَيره.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هِيَ المَعَص أَيْضا بالعَينِ والمأَص.
وَأنْشد:
أَنْت وهبْتَ جلة جرْجوراً
أدْماً وعيساً مغصاً خُبورا
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي بطنِه مَعَصٌ ومَغَصٌ، قَالَ ابْن الفرَج: وَقد قَالَه بعض الْأَعْرَاب.
ابْن شميلٍ: الغَمَصُ الَّذِي يكون مثل الزُّبْد فِي نَاحيَة العيْن، والرَّمَص الَّذِي يكون فِي أصُول الهدبِ يَعْنِي الأشفار.
صمغ: قَالَ اللَّيْث: الصمغُ لَثًى يسيل من شَجَرَة إِذا جمدتِ القطعةُ مِنْهَا فَهِيَ الصمغةُ، والجميع الصمغ.
قَالَ: والصِّمغان ملتقى الشفتين مِمَّا يَلِي الشدقيْن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الصِّماغان مُنْتَهى الشدقين وهما الصامغان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هما مُجْتَمع الرِّيق فِي جَانب الشَّفة ويُسميهما الْعَامَّة الصِّوارين.
قَالَ أَبُو زيد: إِذا حُلِبت النَّاقة عِنْد وِلَادَتهَا يُوجد فِي أحاليل ضرْعهَا شيءٌ يَابِس يسمّى الصَّمَغ، والصَّمْغ الْوَاحِدَة صبغة وصمغة فَإِذا فُطرَ ذَلِك أفصحَ لبنُها أَي طَابَ واحلوْلى.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالسِّين)
غ س ر
مهمل الْوُجُوه.
غ س ط
أَهمله اللَّيْث وَهُوَ مُسْتَعْمل.
غطس: يُقَال: غطَسَ فلانٌ فلَانا فِي الماءِ وقَمَسَهُ إِذا غمسه فِيهِ، وهما يتغاطسانِ فِي الماءِ ويتقامسان إِذا تماقَلاَ فِيهِ.
غ س د غ س ت غ س ظ غ س ذ غ س ث: مهملات.
غ س ر
غسر غرس رغس (رسغ) سرغ سغر: (مستعملات) .
غسر: قَالَ اللَّيْث: تغسَّر الْغَزل إِذا الْتبَسَ، قلت: هَذَا حرف صَحِيح، وَمن الْعَرَب مسموع، وكلُّ أَمر الْتبس وَعسرَ المخرجُ مِنْهُ فقد تعسَّر وَهَذَا أَمرٌ غَسِرٌ: أَي مُلتبسٌ ملتاثٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَسْرُ: التَّشديدُ على الْغَرِيم بالغين مُعْجمةً، وَهُوَ العَسْرُ أَيْضا.
غرس: قَالَ اللَّيْث: الْغِرَاسُ: وَقت الْغَرْسِ، والْمغْرِسُ: مَوْضِعُ الْغَرْسِ، وَالْفِعْل الْغَرْسُ والغِرَاسَةُ: فَسيلُ النَّخْلُ، والغَرْسُ: الشَّجَرُ الَّذِي يُغْرَسُ وَيجمع على الأغْرَاس.(8/66)
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الغَرْسُ غَرْسُكَ الشجرَ، والغِرْسُ وَاحِد الأغْراسِ وَهُوَ جلدَة رَقيقةٌ تخرج مَعَ الْوَلَد إِذا خرج من بطن أمه، وَأنْشد:
يتركنَ فِي كلِّ مناخٍ أَبْسِ
كلَّ جَنِين مُشعَرٍ فِي الغِرْس
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الأصمعيُّ: الغِراسُ مَا يُغْرَسُ من الشجرِ، وَأما مَا يخرجُ من شَارِب دَواءِ المَشِيِّ فَهُوَ الْغراسُ بِفَتْح الْغَيْن.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الغِرْسُ: المشيمةُ، والغِرْسُ: الْغُرَاب الصغيرُ.
رغس: فِي الحَدِيث: (أَنَّ رَجُلاً رَغسَهُ اللهُ مَالا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: رَغَسَهُ: أَكثر لَهُ مِنْهُ وَبَارك لَهُ فِيهِ، وَيُقَال: رَغسَهُ الله يَرْغَسُهُ رَغساً إِذا كَانَ مَاله نامياً كثيرا، وَكَذَلِكَ فِي الْحسب وَغَيره.
قَالَ العجاجُ يمدح بعض الْخُلَفَاء:
خَليفَة ساسَ بِغَيْر تَعس
إمامَ رَغسٍ فِي نصابٍ رَغس
وَأنْشد غَيره:
حَتَّى رَأينَا وجههُ الْمَرغوسَا
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّغْسُ: الْبركَة والنَّماء، وامرأةٌ مَرْغوسَة إِذا كَانَت وَلُوداً، ورجلٌ مَرْغوسٌ: كثيرُ الْخَيْر.
رسغ: قَالَ اللَّيْث: الرُّسْغُ مفصلُ مَا بَين الساعد والكفِّ، والساق والقدم، ومثلُ ذَلِك كَذَلِك من كل دابةٍ، والرِّساغُ: مُرَاسَغَةُ الصَّرِيعَيْنِ فِي الصراع إِذا أَخذا أرْساغهما.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: أَصابَنَا مَطَرٌ مُرَسَّغٌ إِذا ثَرَّى الأرضَ حَتَّى تبلغَ يَد الْحَافِر عَنهُ إِلَى أَرْسَاغهِ.
وَقَالَ ابْن بزرجَ: ارْتَسَغَ فلانٌ على عِيَاله إِذا وَسَّع عَلَيْهِم النَّفَقَة، وَيُقَال: ارْتَسِغْ على عِيالك وَلَا تُقَتِّرْ.
وَقَالَ غَيره: الرِّسَاغُ: حبلٌ يُشدُّ فِي رُسغي الْبَعِير إِذا قُيِّدَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو مالكِ: عيشٌ رَسيغٌ: وَاسع، وطعامٌ رَسيغٌ: كثيرٌ، وَإنَّهُ مُرَسَّغٌ عَلَيْهِ فِي الْعَيْش أَي موسع عَلَيْهِ.
سرغ: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سُرُوغُ الْكَرم قضبانه الرطبةُ، الواحدُ سَرْغٌ.
وَقَالَ أَبُو نصرٍ عَن الأصمعيّ فِي السُّرُوغِ مِثْلُه بالغين.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: سَرِغ الرَّجلُ إِذا أَكل القُطوفَ من الْعِنَب بأصولها.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ السُّرُوعُ بِالْعينِ، قلت: الْغَيْن فِيهَا لُغةٌ مَعْروفةٌ.
سغر: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: السَّغْرُ النفيُ وَقد سَغَرَه إِذا نَفَاهُ.(8/67)
غ س ل
غسل غلس سلغ سغل لغس: (مستعملة) .
غسل: قَالَ اللَّيْث: الغُسْلُ: تمامُ غَسْلِ الْجلد كُله والمصدر: الغَسْلُ والغِسْل: الخِطميُّ، والغَسُولُ: كلُّ شيءٍ غسَلْتَ بِهِ رَأْسا أَو ثوبا أَو غَيره، والغِسْلةُ آسٌ يُطَرَّى بأفاويه الطِّيبِ يمتشط بِهِ.
وَرَأى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنظلةَ بن أبي عَامر الْأنْصَارِيّ يَوْم أُحد وَقد اسْتُشهد والملائكةُ تُغَسِّلُهُ فسمِّيَ غسِيلَ الْمَلَائِكَة، وَأَوْلَاده ينسبون إِلَيْهِ، فيقالُ: فلانٌ الغَسِيليُّ وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد ألمَّ بأَهْلِه فأَعْجَلَه النَّدْبُ عَن الاغتِسال وَحضرَ الوَقعةَ فاستُشْهدَ وَرَأى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَلَائِكَة يغسِّلُونَه فَأخْبر بهِ أَهله فذكَرَتْ أنَّه كانَ أجنبَ مِنْهَا.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ} {غِسْلِينٍ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ} (الحاقة: 36، 37) .
قَالَ ابْن المظفر: غِسْلِينٌ: شديدُ الْحر.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: إنَّهُ مَا يَسيل منْ صَديدِ أهْلِ النَّار.
وَقَالَ الزجاجُ: اشْتِقاقه ممّا يَنْغَسل من أَبدان أهل النَّار.
قلت: وَهُوَ على تَقْدِير فِعْلينٍ فجعِل اسْما وَاحِدًا لما يَسِيل مِنْهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: المُغتَسَل: مَوضِع الاغتِسال، وتصغيره مُغَيْسلٌ، والجميع: الْمغاسِلُ، قلت: وَهَذَا قَول النّحْويينَ أجمعينَ.
اللحيانيُّ: فحلٌ غُسْلَةٌ ومِغْسلٌ وغِسِّيلٌ إِذا كَانَ كثير الضِّراب.
وَقَالَ شمر: قَالَ الكسائيُّ: فحلٌ غُسَلَةٌ ومِغْسلٌ وَهُوَ الَّذِي يضربُ وَلَا يُلقِحُ.
وَرُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (مَنْ غَسَّلَ يومَ الْجُمُعَة واغتَسَلَ وبكَّرَ وابتَكَرَ فبهَا ونعِمت) .
قَالَ القتيبيُّ: أكْثرُ النّاس يذهبُ إِلَى أنَّ مَعْنَى غسَّلَ أَي جامَعَ أَهله قبل خُرُوجه إِلَى الصَّلاةِ لأنَّه لَا يُؤمَنُ عَلَيْهِ أَن يرَى فِي طريقهِ مَا يشغلُ قلبه.
قَالَ: وَيذْهب آخَرُونَ إِلَى أَنه أَرَادَ بقوله: غَسَّل تَوَضَّأ للصلاةِ فَغَسَلَ جوارحَ الوضوءِ وثقَّل الْفِعْل لِأَنَّهُ أَرَادَ غسْلاً بعد غسْل لِأَنَّهُ إِذا أَسْبغ الطهورَ غسَل كلَّ عضوٍ ثَلَاث مراتٍ ثمّ اغتَسَل بعد ذَلِك غسلَ الْجُمُعَة.
قلت: وَرَوَاهُ بَعضهم مخففاً من غسَلَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِن صَحّتِ الرِّوَايَة فَهُوَ من قَوْلك: غسَلَ الرجل امرأتَه، وعَسَلَها إِذا جامَعَها، وَمِنْه قِيلَ فحلٌ غُسَلةٌ، والغَسُول مَا يُغسل بِهِ الرَّأْس من خطمي وَغَيره، وَيُقَال: غسُّولٌ بِالتَّشْدِيدِ.
وأنشدَ شمر:
ترعى الرَّوائم أحرارَ البقولِ وَلَا
ترعَى كرَعْيكم طلحاً وغَسُّولا(8/68)
قَالَ: أرادَ بالغسُّولِ الأشنانَ وَمَا أشبهه من الحمضِ.
قَالَ: والغِسل والغَسول والغِسلة مَا يغسلُ بِهِ الرأسُ من خطميِّ وطينٍ وأشنانٍ.
وَقَالَ ابْن شميلِ: الغُسْلُ الاسمُ من الاغتسالِ والغَسلُ: المصدرُ من غسلْتُ.
سغل: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: السَّغِل والوغِل: السّيّء الغِذَاءِ.
وَقَالَ سَلامَة بن جندلٍ:
لَيْسَ بأَسَفى وَلَا أقْنى وَلَا سَغِلِ
وَقَالَ اللَّيْث: السَّغِلُ: الدّقيق القوائمِ الصَّغِير الجثَّةِ.
سلغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَلَغتِ الشَّاة إِذا طلع نابها، ونَعجةٌ سالغٌ.
قلت: وَقد مرَّ تَفْسِيره فِي بَاب صلغ من كِتاب الصّاد.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الأسلغُ مِن اللَّحْم النيء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: يُقَال: رأيتهُ كاذياً ماتعاً أسلغ منسلِخاً: كُله الشديدُ الحُمرة.
لغس: أَبُو عبيد عَن الْفراء: اللُّغوَس: الذِّئبُ الحريصُ الشره.
وَقَالَ اللَّيث: ذئبٌ لغوَسٌ وذئابٌ لَغاوِسُ؛ ولصٌّ لَغْوَسٌ: ختولٌ خبيثٌ، وَأنْشد:
وماءٍ هتكت السّتر عَنهُ وَلم يرد
روايَا الْفِرَاخ والذِّئاب اللَّغاوس
وَأما قَول ابْن أَحْمَر يصف ثوراً:
فَبَدَرْتُهُ عينا ولجَّ بِطَرْفِهِ
عنِّي لُعَاعَةُ لَغْوَسٍ مُتَزَيِّدِ
فَمَعْنَاه: أَنِّي نظرتُ إِلَيْهِ وشغَلَتْهُ عنِّي، لُعاعة لَغْوَسٍ، وَهُوَ نبت ناعم ريَّان.
غلس: قَالَ اللَّيْث: الغَلَسُ الظلامُ من آخر اللَّيْل. يُقَال: غَلَّسْنا أَي سرنا بِغَلَسٍ، قلت: الغَلَسُ: أوَّلُ الصُّبْح الصادقِ الْمُنْتَشِر فِي الْآفَاق، وَكَذَلِكَ الغَبَسُ، وهما سوادٌ يخالطهُ بياضٌ يضربُ إِلَى الحُمْرة قَلِيلا، وَكَذَلِكَ الصُّبْحُ، وحَرَّةُ غَلاَّسٍ مَعْروفة، وَهِي إِحْدَى الْحرار فِي بِلَاد الْعَرَب.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: وَقع فلانٌ فِي أُغْوِيَّةٍ وَفِي وامئَة وَفِي تُغُلِّسَ، وهُنَّ جَمِيعًا الدَّاهية.
غ س ن
غسن نسغ سغن: (مستعملة) .
سغن: أهمله اللَّيْث. ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأسْغانُ: الأغذيةُ الرَّديئَة.(8/69)
غسن: قَالَ أَبُو زيد تَقول: لقد علمت أَن ذَاك من غَسَّانِ قَلْبك: أَي من أقْصَى نَفسك.
وروى ابْن هانىء عَنهُ يُقَال: مَا أَنْت من غيْسانِ فلَان: أَي لست من رِجَاله.
وَبَعْضهمْ يَقُول: لست من غسَّانِهِ، قَالَ: والغَيْسانَةُ: الناعمة، والغَيْسانُ الناعم.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
غيْسانَةٌ ذَلِك من غيسانها
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الغَيْسانُ: الشَّباب.
قَالَ: وَيُقَال: كَانَ ذَلِك فِي غَيْسانِ شبابه: أَي فِي نعْمَة شبابه وطرائِه.
وَقَالَ شمر: كَانَ ذَلِك فِي غيْسَاتِ شبابه وغَيْسانِهِ بِمَعْنى وَاحِد، وَأنْشد:
بَيْنَا الْفَتى يَخْبِطُ فِي غيسانِهِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْفرس الجَميل ذُو غُسَنٍ، وللرجل الجميلِ جدّاً: غسَّانِيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغُسَنُ: خُصَلُ الشَّعرِ من المرأةِ والفَرَسِ وَهِي الغَدائر.
وَقَالَ غَيره: الغُسنَ شعرُ الناصية، فَرَسٌ ذُو غسَنٍ.
وَقَالَ عدي بن زيد يصفُ فرسا:
مُشْرِفُ الْهَادِي لَهُ غسَنٌ
يُعْرِقُ العِلْجَيْنِ إحضارا
أَي يسبقهما إِذا أحضر.
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ حُصَيْن السُلَميّ: فلانٌ على أغسانٍ من أبيهِ وأعْسانٍ: أَي أَخْلَاق، وغسَّانُ: ماءٌ نزل عَلَيْهِ قومٌ من أهل مأْربَ إِلَيْهِ نُسِبَ مُلُوك غسَّان.
نسغ: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: نَسَغَ فِي الأَرْض وحَدَسَ، إِذا ذهب فِي الأَرْض.
وَقَالَ غَيره: انْتَسَغَتِ الإبِلُ انْتِساغاً إِذا تَفَرَّقت فِي مراعيها وَتَبَاعَدَتْ قَالَه ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ الأخطل:
رَجَنَّ بِحَيْثُ تَنْتَسِغُ المطايا
فَلَا بَقّاً تخافُ وَلَا ذُبابَا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: النَّسِيغُ: العَرَقُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال للْفَسِيلَةِ إِذا أخرجت قُلبها: قد أنْسَغَتْ. قَالَ: وَإِذا قُطعتِ الشجرةُ ثمَّ نَبتَت، قيل: قد أنسغت.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هيَ المِنْسَغَة والمِنْزَغَةُ لِلبَرْكِ الَّذِي يُغْرَزُ بِهِ الخُبْزُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِنْسَغَةُ إضبارةٌ من ذَنَبِ طائرٍ يَنْسَغُ بهَا الخَبَّازُ الخُبْزَ.
قَالَ: والنَّسْغُ: تَغْرِيزُ الإبرةِ وَذَلِكَ أَن الواشِمَةَ إِذا وَشَمتْ يَدهَا ضَبَّرَتْ عِدَّةَ إبَرٍ فَنَسَغَتْ بهَا يَدهَا، ثمَّ أَسَغَّتْه النَّؤُور فَإِذا بَرَأَ قُلِعَ قِرْفُهُ عَن سوادٍ قد رَصُنَ.(8/70)
غ س ف
مهمل.
غ س ب
غبس سبغ شغب: (مستعملة) .
غبس: قَالَ اللَّيْث: الغَبَسُ: لون الرّماد، يُقَال: ذئبٌ أَغبَسُ.
وَقَالَ اللحياني يُقَال: غبَسٌ وغبَشٌ لوقت الغَلَسِ، وَأَصله من الغُبْسَةِ لونٌ بَين السوَاد والصُّفرةِ وحمارٌ أغبَسُ إِذا كَانَ أدْلَمَ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: لَا آتيكَ مَا غَبَا غُبَيْسٌ، وَأنْشد:
وَفِي بني أُمِّ زُبَيْرٍ كيْسُ
على الْمَتَاع مَا غبا غبَيْسُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: معنى مَا غبا غبَيْسٌ أَي: مَا بَقِي الدَّهر وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
سبغ: قَالَ اللَّيْث: سَبَغَ الشعرُ سُبُوغاً وسَبَغتِ الدِّرْعُ وكلُّ شيءٍ طالَ إِلَى الأَرْض فَهُوَ سابغٌ وناقةٌ سابِغَةُ الضلُوع، وعَجِيزَةٌ سابغةٌ وأَلْيَةٌ سابِغَةٌ: وثيجَةٌ، ومطرٌ سابِغٌ، ونعمةٌ سابِغَةٌ وَقد أسْبَغها الله، وَإِنَّهُم لفي سَبْغَةٍ وسعةِ عيشٍ، وإسْباغُ الوضوءِ: المبالغةُ فِيهِ. قَالَ: وسَبَّغَتِ الناقةُ تَسْبِيغاً فَهِيَ مُسَبِّغٌ إِذا كَانَت كلما نبت على ولدِها فِي بَطْنها الوَبَرُ أجْهَضَتْهُ، وَكَذَلِكَ من الْحَوَامِل كلِّها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ألْقَتِ الناقَةُ وَلَدهَا وَقد أشعر قيل: سَبَّغَتْ فَهِيَ مُسَبِّغٌ.
وَقَالَ النَّضر: تَسْبِغةُ البَيْضة رُفُوفُها من الزّرَدِ أَسْفَل البيضةِ يَقي بهَا الرّجلُ عُنُقه، وَيُقَال لذَلِك المِغفَرُ أَيْضا، والدِّرْعُ السابغةُ الَّتِي تجرها فِي الأَرْض أَو على كعْبَيْك طولا وسعة.
قَالَ شمر: وَيُقَال لَهَا صابغةٌ بالصَّاد.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ سُبُغٌ: عَلَيْهِ درعٌ سابغةٌ. وَقد أسبَغ فلانٌ ثَوْبه: أَي: أوسعه.
وَقَالَ أَبُو وجزة فِي التَّسْبِغَةِ:
وتَسْبِغةٍ يغشَى المناكبَ ريْعُها
لداوُدَ كَانَت، نَسْجُها لم يهلهل
وَأنْشد شمر لعبد الله بن الزُّبيرِ الْأَسدي:
وسابغةٍ تغشى البَنان كَأَنَّهَا
أضاةٌ بِضَحْضاحٍ من الماءِ ظاهِر
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَبَّطَت الإبلُ أولادَها وسَبَّغَتْ إِذا أَلْقتْها.
سغب: قَالَ اللَّيْث: سَغِبَ الرَّجل يَسْغَبُ سَغَباً فَهُوَ ساغِبٌ ذُو مَسْغَبةٍ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: {إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى} (الْبَلَد: 14) ، أَي: ذِي مجاعَة، وأَسغَبَ الرجُل فَهُوَ مُسْغِبٌ إِذا دخل فِي المجاعةِ، ورَجلٌ سَغْبَانُ لَغْبانُ وساغبٌ لاغِبٌ.(8/71)
غ س م
غمس غسم سغم مغس.
سغم: قَالَ اللَّيْث: فلانٌ يَسْغَمُ فلَانا أَي يُبْلِغُ إِلَى قلبه الْأَذَى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أسْغِمَ فلانٌ إسغاماً إِذا أُحْسِنَ غذاؤه وَهُوَ مُسْغَمٌ.
وَقَالَ رؤبة:
وَيْلٌ لَهُ إنْ لمْ تُصِبْه سُلْتُمِهْ
مِن جُرَعِ الغيْظِ الَّذِي يُسَغِّمُهْ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُسَغِّمُهُ: يُرَبِّيه، يُقَال: سَغَّمْتُ فَصِيلِي إِذا سمَّنْتُه والمُسَغَّمُ: الحَسنُ الغذاءِ مِثل المُخَرْفَج.
ورَوى ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: يُقال للغلام المُمْتَلِىءِ البَدَن نعمَةً مُنَتَّقٌ ومُفَتَّقٌ ومُسغَّمٌ ومُثَدَّنٌ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: سَغَمَ الرَّجلُ جاريتَهُ إِذا ناكَها، قَالَ: والسَّغْمُ كَأَنَّهُ رجُل لَا يحِبُّ أَن يُنْزِلَ فِيهَا فيُدْخِلُه الإدْخالةَ ثمَّ يُخْرِجُه.
مغس: قَالَ اللحيانيُّ فِي بَطْنِه مَغْسٌ ومَغَسٌ ومَغْصٌ ومَغَصٌ، وَقد مُغِسَ مَغْساً ومَغِسَ مغَساً، وبطْنٌ مَمْغوسٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَغْسُ: تقطِيعٌ يأْخُذُ فِي البَطْن.
غمس: قَالَ اللَّيْث: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشَّيْء فِي الشَّيْء النَّدِيّ فِي ماءٍ أَو صِبْغٍ حَتَّى اللُّقْمَةِ فِي الخلِّ، قَالَ: والمُغامَسَةُ أَن يَرْمِي الرَّجلُ بنفسِه فِي سِطَةِ الخَطْب، والغَمَّاسَةُ فِي طَيْرِ المَاء غطَّاطٌ يَنْغَمِسُ كثيرا.
وَيُقَال: اخْتَضَبَتِ المرأةُ غَمْساً إِذا غمَسَت يَدَيها خِضاباً مستوِياً من غير تَصْوِير، والغَميسُ: الغَمِير تَحت اليَبِيس، ويمينٌ غمُوسٌ، وَهِي الَّتِي لَا اسْتثِْنَاء فِيهَا.
وَقَالَ غيرُه: هِيَ الْيَمين الكاذبةُ يَقتطعُ بهَا الحالفُ مالَ امرىءٍ مسْلِم.
أَبُو عبيد: والطَّعنةُ النَّجْلاءُ الواسعة، والغَمُوس مِثلُها.
قَالَ أَبُو زُبيد:
بِغَمُوسٍ أَو طَعْنةٍ أُخْدُودِ
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: الغَمُوسُ وجمْعُها غُمُسٌ: الغَدَوِيُّ، وَهِي الَّتِي فِي صُلْب الفحْل من الْغنم كَانُوا يَتبايعون بهَا.
ورَوى الأثْرَمُ عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: المَجْرُ مَا فِي بَطنِ النَّاقة، وَالثَّانِي حَبَلُ الحَبَلةِ وَالثَّالِث الغَمِيسُ.
ورُوي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: أَعظمُ الكبائرِ اليَمِينُ الغَمُوسُ، وَهِي أَن يَحلف الرَّجل وَهُوَ يَعلمُ أَنَّه كاذِب ليَقْتَطِع بهَا مالَ أَخِيه.
وَقَالَ شمِر: الغَمُوسُ الشديدُ من الرِّجال الشُّجاع، وَكَذَلِكَ الْمُغامِس، يُقَال: أَسَدٌ مُغامِسٌ ورجُل مُغامِس وَقد غامَس فِي القِتال وغَامَرَ، وَأنْشد:(8/72)
أَخُو الحَرْبِ أَمَّا صادِراً فَوَسِيقُهُ
جميل وأَمَّا وَارِداً فَمُغامِسُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغَمِيسُ الَّذِي لمْ يَظهر للنَّاس ولَمْ يُعْرَف بَعد.
يُقَال: قصيدة غَمِيسٌ، والليلُ غَمِيسٌ والأَجَمَةُ وكلُّ مُلْتَفَ يُغْتَمَسُ فِيهِ أَي: يُسْتَخْفَى غَمِيسٌ.
وَقَالَ أَبُو زبيد يَصفُ أَسَداً:
رَأَى بِالمُسْتَوِي سَفْراً وَعِيْراً
أُصَيْلالاً وَجُنَّتُهُ الغَمِيسُ
وَقيل: الغَمِيسُ: الليلُ هَا هُنَا.
وَقَالَ معنُ بنُ سَوَادَةَ: الغَمُوسُ الناقةُ الَّتِي يُشَكُّ فِي مُخِّها، أَرِيرٌ أَمْ قَصِيد وَأنْشد:
مُخْلِص وَفِيٌّ لَيْسَ بِالغَمُوسِ
وَقَالَ أَبُو مَالك: يقالُ: غامِس فِي أَمْرِي: أَي اعْجَلْ، قَالَ: والمُغامِسُ: العَجْلانُ، وَقَالَ قعنبُ:
إِذا مُغَمَّسَةٌ قِيلَتْ تَلَقَّفَها
ضَبٌّ وَمِنْ دُونِ مَن يَرمِي بِهِ عَدَنُ
أَبُو دَاوُد عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: الغَمُوسُ مِن الْإِبِل الَّتِي فِي بطْنِها وَلَدٌ، وَهِي لَا تَشُولُ فتُبِين.
غسم: قَالَ أَبُو عَمْرو: الغَسَمُ: السَّوادُ، وَمِنْه قَول رُؤبة:
مُخْتَلِطاً غبارُهُ وغسَمُهُ
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فظَلَّ يَرْقُبُه حَتَّى إِذا دَمَسَتْ
ذاتُ الأصِيلِ بأَثْناءٍ من الغَسَمِ
يَعْنِي: ظُلمةَ اللَّيْل، ولَيْلٌ غاسم: مُظْلم، وَقَالَ رؤبة أَيْضا:
عَن أَيِّدٍ مِنْ عِزِّكُمْ لَا يَغْسِمُهْ
أَبُو تُرَاب عَن الْأَصْمَعِي: غسَمَ الليلُ وأَغسَمَ إِذا أَظلم.
قَالَ: والغَسَمُ والطَّسَمُ عِند الإِمْسَاءِ، وَفِي السماءِ غُسَمٌ من سَحَابٍ وأَغْسَامٌ، ومِثْلُه أَطْسَامٌ من سَحَابٍ ودُسَمٌ وأدْسامٌ وطَلَسٌ من سَحَابٍ وَقد أَغسَمْنَا فِي آخِرِ العَشِيِّ.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالزَّاي)
غ ز ط
مهمل.
غ ز د
غزد زغد: (مستعملة) .
غزد: قَالَ اللَّيْث: الْغِزْيَدُ: الشديدُ الصوتِ، والْغِزْيَدُ الناعمُ من النباتِ وَأنْشد:
هَزَّ الصَّبَا ناعِمَ ضالٍ غِزْيَداً
قلت: لَا أعرِفُ الْغِزْيَدَ بِمَعْنى الشَّديد الصَّوْت، وأحسبهُ أَرَادَ الغِرِّيدَ بالراء فإنهُ الْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى، وَأما قولُهُ: الْغِزْيَدُ(8/73)
من النباتِ الناعمُ فَإِنِّي لَا أعرفهُ وَلَا أدْري من أَيْن جَاءَ بِهِ.
زغد: قَالَ اللَّيْث: الزَّغْدُ: الهديرُ الشديدُ وَهُوَ الزَّغْدَبُ والزُّغادِبُ، وَأنْشد:
بِرَجْسِ بَغْبَاغٍ الْهَدِيرِ الزَّغْدِ
قَالَ: والزَّغْدُ تَزَغُّدُ الشِّقْشِقَةِ وَهُوَ الزَّغْدَبُ، قلت أَنا: الزَّغدُ تقصيرُ الفحلِ هديرَهُ، وهديرٌ زَغّادٌ، وَقَالَ رؤبة:
دارِي وَقَبْقَابَ الْهَدِيرِ الزَّغّادْ
وَقَالَ أَيْضا:
وَزَبَداً مِنْ هَدْرِهِ زُغادِبا
يُحْسَبُ فِي أَرْآدِهِ غنَادِبا
والغُنْدُبَةُ: لحْمةٌ صلبةٌ حوالي الْحُلْقومِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا أفْصَحَ الْفَحْلُ بالهدير قيلَ: هَدَرَ يَهْدِرُ هدرا، قَالَ: فَإذْ جَعَل يهدرُ هديراً كَأَنَّهُ يعصره قيل: زَغَدَ يَزْغَدُ زَغْداً.
وَقَالَ غَيره: نَهْرٌ زغاد: كثير المَاء، وَقد زَغَدَ وزخر وزغر بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو صَخْر الْهُذلِيّ:
كأنّ من حل فِي أعْياص دوحته
إِذا تَوَلّج فِي أعياص آساد
إِن خَافَ ثمَّ رواياه على فلح
من فَضله يعجب الآذى زَغّاد
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال للزُّبْدَةِ الزَّغيدَةُ والنهيدَةُ.
غ ز ت غ ز ظ غ ز ذ غ ز ث: مهملات.
غ ز ر
(غزر) غرز زغر رزغ: (مستعملة) .
غزر: قَالَ اللَّيْث: غزُرت الناقةُ والشاةُ وَهِي تَغْزُرُ غزارةً فَهِيَ غزيرةٌ: كثيرةُ اللَّبن، وعيْنُ، غزيرةُ المَاء، ومطر غزير، ومعروف غزير، قلت: وَيُقَال: ناقةٌ ذَات غُزْرٍ أَي ذَات غزارة وَكَثْرَة لبن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المغازَرَةُ: أَن يُهْدِيَ الرجلُ شَيْئا تافهاً لآخر ليضاعفهُ بهَا.
ورُوي عَن بعض التَّابِعين أَنه قَالَ: يثابُ الْجَانِبُ الْمُسْتَغزِرُ: أَرَادَ بالجانب الَّذِي لَا قرَابَة بَيْنك وَبَينه يُهدى لَك شَيْئا لتثيبه من هديته أكثرَ مِمَّا أهْدى، واستغزر: إِذا طلب أَكثر مِمَّا أعْطى.
غرز: قَالَ اللَّيْث: الغرْزُ: غرزُكَ إبرةً فِي شيءٍ، قَالَ: والغرْزُ: ركابُ الرِّحال، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مساكاً لِلرِّجْلين فِي الْمركب يُسَمَّى غرْزاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَرْزُ للنَّاقَةِ مثل الحزَامِ لِلْفرَسِ.
قَالَ: والغَرْزُ للجملِ مثل الرِّكابِ للبغلِ، قَالَ: وَيُقَال: الْزَمْ غَرْزَ فلانٍ: أَي: أمرهُ ونَهْيَهُ.(8/74)
وَقَالَ لَبِيدٌ فِي غَرْز النّاقَةِ:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أجْمَرَتْ
أوْ قِرَابِي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ
وجرَادَةٌ غارزٌ، وَيُقَال: غارزةٌ إِذا رزَّتْ ذنبَها فِي الأَرْض لتسرَأَ بَيضها، ومَغْرِزُ الأضلاع: مُركَّبُ أُصُولهَا، وَكَذَلِكَ مَغارزُ الرِّيشِ وَنَحْوه، والغريزة الطبيعة من خُلقٍ صالحٍ ورديء، وَأنْشد:
إِنَّ الشجاعةَ فِي الفَتَى
والْجُود من كَرَمِ الغَرائزْ
وغَرَزَتِ النَّاقَةُ غِرَازاً فَهِيَ غارِزٌ: إِذا قلَّ لَبنهَا وَقد غَرَّزَها صاحِبها إِذا ترك حَلبَها أَو كسع ضَرْعها بِمَاء بارِدٍ لينقطِعَ لبنُها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغارِزُ: النَّاقَةُ الَّتِي جَذَبَتْ لبنُها فَرَفَعَتْهُ، والغَرَزُ مُحَرَّكاً نبتٌ رَأَيتهُ فِي البادِية ينبتُ فِي سهولة الأَرْض، وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ وَرَأى فِي رَوْثِ فرسٍ شَعِيرًا فِي عامِ الرَّمادَةِ فَقَالَ: لئنْ عِشْتُ لأجعلنَّ لَهُ مِنْ غَرَز النَّقِيع مَا يُغْنِيه عَن قُوتِ الْمُسلمين، عَنى بالغَرَزِ هَذَا النَّبتَ، والنَّقيعُ: موضعٌ حَمَاهُ عمر لنعمِ الفيْءِ وللخَيْل المعَدَّةِ للسَّبيل.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: اغتَرَزَ السّير اغتِرازاً إِذا دَنَا مَسيره.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة، من أمثالهم: (اشْدُد يَديك بغرزه) ، إِذا حُثّ على التمسُّك بِهِ، قَالَه الْأَصْمَعِي.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: التّغريزُ للناقة: أَن تَدَعَ حَلبةً بَين حَلْبَتَيْنِ، وَذَلِكَ إِذا أدْبَرَ لبنُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: غنَم غوارِزُ وعيونٌ غوارز: مَا تجْرِي لهنَّ دُموعٌ.
وَفِي الحَدِيث أَن أهل التَّوْحِيد إِذا أُخْرجُوا من النَّار وَقد امْتَحشوا فِيهَا يَنْبُتُونَ كَمَا تَنبتُ التّغَازِيرُ.
قَالَ القُتبيُّ: يُقَال: هُوَ مَا حُوِّلَ من فَسِيلِ النّخل وَغَيره، سُمِّيَ بذلك لِأَنَّهُ يحول فَيُغْرَزُ فِي فِقره، وَهُوَ التّغريزُ والتنبيتُ. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم: كَمَا تنبتُ التّناويرُ وَهِي مثل الطَّراثيثِ.
وَيُقَال: هِيَ الثآليلُ.
وَيُقَال: غرَزْتُ عُوداً فِي الأَرْض وَرَكَزْتهُ بِمَعْنى وَاحِد.
رزغ: قَالَ اللَّيْث: الرَّزَغَةُ أشدُّ من الرَّدَغَةِ، قَالَ: والرَّزِغُ: المرتطِمُ فِيهِ، يُقَال: أرْزَغْتُ فلَانا: إِذا لطَّختُهُ بِعيْبٍ.
وَقَالَ رُؤْبةُ:
وثُمَّة أَعْطَى الذُّلَّ كفّ المُرْزغ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أرْزغتُ فِيهِ إرْزاغاً وأغمزت: فِيهِ إغمازاً إِذا اسْتَضعَفتُه.
وَأنْشد:
وَمن يطع النساءَ يلاق مِنْهَا
إِذا أغمزن فِيهِ الأقورينا(8/75)
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمرة أَنه قَالَ فِي يَوْم جُمُعَة: مَا خَطَبَ أَميركم، فَقيل لَهُ: أما جَمَّعْتَ، قَالَ: منعنَا هَذَا الرَّزَغُ، قَالَ أَبُو عبيد. قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: الرَّزَغُ هُوَ الطِّين والرُّطوبةُ، يُقَال: قد أرْزغت السماءُ وأرْزغ الْمَطَر: إِذا كَانَ فِيهِ مَا يبلُّ الأَرْض.
وَقَالَ طَرَفَةُ يمدح رجلا:
وَأَنت على الْأَدْنَى صبا غير قرَّة
تذاءب مِنْهَا مرزغ ومسيل
فَهَذَا الرَّزَغُ، وَأما الرَّدَغَةُ فَهِيَ بِالْهَاءِ، وَهِي الماءُ والطين والوحل، وجَمْعها رِداغ.
زغر: قَالَ اللحياني: زخرَتْ دجلةُ وزَغَرتْ أَي مدَّت، وزَغْرُ كلِّ شَيْء: كثرته، والإفراطُ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو صَخْر:
بل قد أَتَانِي ناصحٌ عَن كاشح
بعداوة ظَهرت وزَغْرِ أقاولِ
وزُغَرُ: قريةٌ بمشارفِ الشَّام، وَإِيَّاهَا عَنى أَبُو دُواد:
ككتَابة الزُّغَرِيِّ زَينها
من الذَّهَب الدُّلامِص
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وبهذه الْقرْيَة عينٌ غزيرة المَاء يُقَال لَهَا: عَينُ زُغر.
وَقيل: زُغَرُ: اسمُ بنت لوطٍ نزلت بِهَذِهِ الْقرْيَة فنُسبت إِلَيْهَا فسمِّيت باسمها.
غ ز ل
غزل زغل لغز زلغ: (مستعملة) .
زلغ: أما زلغَ فَإِنِّي رأيتُه فِي كتاب اللَّيْث أَنه مستَعملٌ.
وَقَالَ: تزلَّغَتْ رِجلي: أَي: تشققت، والتزلُّغُ الشُّقاق.
قلتُ: والمعروفُ تزلَّعتْ يدُه ورجْلُه إِذا تشقَّقتْ بِالْعينِ غير مُعجمة وَقد مَرَّ فِي (كتاب العينِ) ، وَمن قَالَ: تزلَّغتْ بِمَعْنى تشقَّقتْ فَهُوَ عِنْدِي تصحيفٌ.
غزل: قَالَ اللَّيْث: غزَلَتِ المرأةُ فَهِيَ تغزِلُ بالمِغزَل غزلاً.
وَأنْشد:
منَ السيْل والغُثَّاء فلكةُ مِغزل
وروى الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت عَن الْفراء أَنه قَالَ: يُقَال مِغزلٌ ومُغزَلٌ للَّذي يُغزلُ بِهِ.
قَالَ الْفراء: وَحكى الكسائيُّ: مَغزِلٌ.
وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا هُوَ مَغزَلٌ من الغزْل.
وَقَالَ الْفراء: وَقد استثقلتِ العرَبُ الضمةَ فِي حروفٍ فكسرَتْ مِيمَها وأصلُها الضمُّ من ذَلِك قولهُم مِصْحفٌ ومِخدَعٌ ومِجْسدٌ ومِطرَف ومِغزلٌ لِأَنَّهَا أُخِذتْ فِي الْمَعْنى مِن أُصحف أَي جُمِعت فِيهِ الصحفُ وَكَذَلِكَ المِغزَلُ إِمَّا هُوَ من أغزِلَ أَي أُديرَ(8/76)
وفُتِل، فَهُوَ مُغزَل.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَزَل: حديثُ الفِتيان والفَتياتِ، يُقَال: غازلها مُغازلة والتغزُّلُ: تكلُّفُ ذَلِك.
وَأنْشد:
صُلبُ الْعَصَا جافٍ عَن التغزُّل
قَالَ: والغزالُ: الشادنُ حِين يتحركُ وَيَمْشي قبل الإثْناء وتشبَّهُ بِهِ الْجَارِيَة فِي التشبيبِ فيُذكَّرُ النعتُ وَالْفِعْل على تذكير التَّشْبِيه.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: أُخِذ الغَزَلُ من غزَلِ الكلبِ، وَهُوَ أَن يطلُبَ الغزالَ فَإِذا أحسّ بالكلب خرِقَ أَي لَصقَ بالأرضِ فلَهِيَ عَنهُ الكلبُ وَانْصَرف فَيُقَال: غَزِلَ وَالله كلبُكَ وَهُوَ كلبٌ غَزِلٌ، وَيُقَال للضعيفِ الفارِّ على الشَّيْء غزِلٌ، وَمِنْه رجلٌ غَزِلٌ لصَاحب النِّسَاء لضعفهِ عَن غير ذَلِك.
أَبُو عبيد: الغزالة: الشمسُ إِذا ارْتَفع النهارُ، وَيُقَال: طلعتِ الغزالة وَلَا يُقَال: غابتِ الغزالة، وَيُقَال: ظَبية مُغزِلٌ: مَعهَا غزالها.
والغزَّالُ: الَّذِي يَبِيع الغزلَ.
زغل: قَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر يُقَال: أزغلتِ المرأةُ ولدَها فهيَ مُزغل إِذا أَرْضعتْ، قَالَ شمر: وأرْغلتْ بِمَعْنَاهُ.
وَأنْشد:
فأزغلَتْ فِي حلقِه زغلة
لم تخطىءِ الحلقَ وَلم تشفتر
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْحسن الصيداوِيِّ عَن الرِّياشيِّ قَالَ: يُقَال: رغلَ الجدْيُ أُمهُ وزغلها رغلاً وزغلاً إِذا رضِعَها.
قلتُ: وَسمعت أعرابيّاً يَقُول لآخر: اسْقِنِي زُغلةً منَ اللبنِ: أرادَ قدرَ مَا يملأُ فمَه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الزُّغلولُ: من الرِّجَال.
قلت: وجمعُه الزغاليلُ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للصِّبيان الخفافِ: الزغاليلُ، واحدُهم زغلول.
وَقَالَ اللَّيْث: زغلتِ المرأةُ من عزلاء المزادةِ الماءَ: إِذا صبَّتْه.
وَقَالَ ابْن دُريد: زغلتُ الشيءَ وأزغلتُه إِذا صَبَبتُه صَبّاً عنيفاً.
قلتُ: وسماعي من الْعَرَب أزغَلَ مِن عزلاءِ المزادة، المَاء إِذا دفَقَه.
لغز: قَالَ اللَّيْث: اللُّغز مَا ألغزتُ من كَلَام فشبهْت مَعْنَاهُ، مثل قَول الشَّاعِر. أنْشدهُ الفرَّاءُ:
وَلما رَأيت النَّسرَ عزَّ ابنَ داية
وعشَّشَ فِي وكرَيه جاشتْ لَهُ نَفسِي
أَرَادَ بالنسرِ الشَّيبَ شبهه بِهِ لِبياضه وشبَّه(8/77)
الشَّبَاب بِابْن دايةٍ، وَهُوَ الْغُرَاب الْأسود، لِأَن شعْرَ الشابِّ أسود.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: اللُّغْزُ واللَّغْزُ اللُّغَزُ واللُّغَيْزَى والإلغازُ حُفْرَة يحفِرها اليرْبوع فِي جحرهِ تَحت الأَرْض، يُقَال: ألْغز اليربوع إلغازاً فيحفر فِي جانبٍ مِنْهُ طَرِيقا ويحفر فِي الجانبِ الآخر طَرِيقا، وَكَذَلِكَ فِي الجانبِ الثَّالِث وَالرَّابِع فَإِذا طلبه البدويُّ بعصاه من جانبٍ نفقَ من الجانبِ الآخر.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: اللُّغْزُ: الحَفر الملتوِي واللُّغزُ الكلامُ الملبَّس، قَالَ: وهيَ اللُّغَزُ واللَّغَز واللغيزَى، وَمن أمثالِ الْعَرَب فلَان أنكحُ مِن ابْن ألْغَز، وَكَانَ أُوتِيَ حظّاً من الباءَة وبسطةً فِي الفَيشَة فضربته العربُ مثلا فِي هَذَا الْبَاب على التشبيهِ.
غ ز ن
اسْتعْمل من وجوهه: نَزغ (غزن) .
(غزن) : وَأما غَزْنَةُ فَهِيَ اسْم قَرْيَة فِي بلادِ العَجَم.
نَزغ: قَالَ اللَّيْث: النَّزْغُ: أَن تنْزَغ بَين قوم فتحملَ بعضَهم عَلَى بعضٍ بفسادِ ذاتِ بينهمْ.
قلت: النزغ شِبهُ الوَخْز والطعن.
وَقَالَ الْفراء فِيمَا روى سَلمَة عَنهُ يُقَال للبِرَك المنزغةُ والمنسغة والمَيزَغَةُ والْمِبْزَغَةُ والمندغة.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (فصلت: 36) ، ونزغ الشيطانِ: وساوسه ونخسهُ فِي الْقلب بِمَا يسوِّل للْإنْسَان منَ المَعاصي.
ورَوى أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَزَغْتُ بَين الْقَوْم ونَزَأْتُ ومَأَسْتُ، كلُّ هَذَا من الْإِفْسَاد بَينهم، وَكَذَلِكَ دَحَسْتُ وآسَدْتُ وأَرَّشْتُ.
غ ز ف
اسْتعْمل من وجوهه: زغف.
زغف: قَالَ اللَّيْث: الزَّغْفُ: الدِّرْعُ المُحْكَمة، يُقَال: درعٌ زَغْفٌ، ودُروع زَغْفٌ، وَأنْشد:
تَحْتِي الأَغَرُّ وفَوق جِلْدِي نَثْرَةٌ
زَغْفٌ تَرُدُّ السيْفَ وَهُوَ مُثَلَّم
أَبُو عبيد عَن أَبي عَمرو: الزَّغْفَةُ: الواسعة من الدُّروع.
وَقَالَ شمر: أَنكَرَ ابنُ الْأَعرَابِي تَفْسِير أبي عَمْرو فِي الزَّغْفَةِ وَقَالَ: هِيَ الصغيرةُ الحَلَق.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ الدَّقيقةُ الحَسَنةُ السلَاسِل.
وَقَالَ شمر: يقالُ: هِيَ زَغْفٌ وزَغَفٌ قَالَ: وَمِنْه قَول ابْن أبي الحُقَيق:(8/78)
رُبَّ عَمَ لِيَ لوْ أَبْصَرْتَهُ
حسن المِشْيَةِ فِي الدِّرْع الزَّغَف
وَقَالَ ابْن السّكيت: الزَّغْفُ من الدُّرُوع الواسعةُ الطَّوِيلَة الليِّنَة، قَالَ: ونظُنُّهُ من قَوْلهم: زَغَفَ لنا فلانٌ، وَذَلِكَ إِذا حَدَّثَ فَزَاد فِي الحَدِيث وكذَب فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: رَجُلٌ زَغَّافٌ، وَقد زَغفَ كلَاما كثيرا: إِذا كَانَ كثيرَ الْكَلَام.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: زَغَفَ فِي الحَدِيث إِذا زَاد فِيهِ وكذَب.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَغَف لنا مَالا كثيرا. أَي: غَرَفَ لنا مَالا كثيرا.
وَقَالَ اللَّيْث: رجُل مِزْغَفٌ، وَهُوَ الجُرَافُ المنْهُومُ الرَّغِيبُ يَزْدَغِفُ كلَّ شَيْء، قَالَ: والزَّغَفُ دُقَاقُ الحَطب، قَالَ: وازْدَغَفَ الشيءَ وازْدَلَمَهُ: أَي أَخَذَه.
غ ز ب
زغب بغز بزغ: مستعملة.
زغب: قَالَ اللَّيْث: الزَّغَبُ دُقَاقُ الرِّيش الَّذِي لاَ يَجُودُ وَلَا يَطُول، ورجُل زَغِبُ الشَّعَرِ، ورقبةٌ زَغْباءُ، والزَّغَبُ مَا يَعْلُو ريشَ الفرْخ، والزُّغابة: أَصْغرُ الزَّغب، تَقول: مَا أَصَبتُ مِنْهُ زُغَابةً، وَقد زغَّبَ الفرخ تَزْغِيباً، والزَّغَبُ: شعرُ المُهر أوَّلَ مَا يَنبُت، وَأنْشد:
كَانَ لنا وَهُوَ فُلُوٌّ نَرْبُبُهْ
مُجَعْثَنُ الخَلْق يَطِيرُ زَغبُهْ
وَفِي الحَدِيث: أَنه أُهْدِيَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِنَاعٌ من رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغبٌ، فالقِناع الرُّطب، والأجْرِي هَا هَنا: صِغارُ القِثَّاءِ، شُبِّهَتْ بصغار أَوْلَاد الْكلاب لنَعْمتِها وطَرَاءتها، واحدُها جَرْوٌ. وَكَذَلِكَ جِرَاءُ الحنظل: صغارُها، والزُّغبُ من القثَّاء الَّتِي يعلوها مثل زَغب الوبَر حِين تَنبتُ صغَارًا فِي شجرِها، فَإِذا كبِرَت القثَّاءَةُ وصَلُبَت تَسَاقط عَنْهَا زَغبُها وامْلاَسَّتْ، وواحدُ الزُّغْبِ أَزغَبُ وزَغباءُ.
بغز: قَالَ اللَّيْث: البَغْزُ: ضَرْبٌ بالرِّجْل والعصا.
وَقَالَ ابْن مقبل:
واستَحْمَلَ الهَمُّ مِنِّي عِرْمِساً أُجُداً
تَخَالُ باغزَها باللَّيل مجنُونا
قلتُ: جَعل اللَّيْث البَغْزَ ضرْباً بالرِّجْل وحَثّاً، وَكَأَنَّهُ جَعل الباغزَ الرَّاكِب الَّذِي يَرْكُلها بِرجلِهِ.
وَقَالَ غيرُه: بَغَزَت الناقةُ إِذا ضربَت برجلها الأرضَ فِي سَيرها مرحاً ونشاطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله: تَخَالُ باغزَها أَي نشاطها، وَقد بغزَها باغزُها: أَي حَرَّكها مُحَرِّكُها من النشاط.
وَقَالَ بعض الْعَرَب: ربَّما ركبْتُ النَّاقة الجَوَادَ فبَغَزها باغزُها فتَجري شَوْطاً، وَقد تقحَّمَتْ بِي فَلأْياً مَا أَكُفُّها فَيُقَال: بهَا باغزٌ من النشاط.(8/79)
أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ وَقَالَ: البَاغزيَّةُ: ثيابٌ، لمْ يَزِدْ على هَذَا، وَلَا أدْرِي، أيُّ جِنْسٍ هِيَ من الثِّياب.
بزغ: قَالَ اللَّيْث: بَزَغت الشمسُ بُزوغاً: إِذا بَدَا مِنْهَا طُلُوع، ونجومٌ بَوازِغُ، قلت: يُقَال: بزغت الشمسُ بُزوغاً فِي ابتداءِ طُلُوعهَا، وبزَغ النَّجمُ وَالْقَمَر فِي ابْتِدَاء طلوعهما كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من البزْغ، وَهُوَ الشَّقُّ، كَأَنَّهَا تَشقُّ بنورها الظلْمةَ شقّاً.
وَمن هَذَا يُقَال: بَزغ البَيْطَارُ أَشَاعِرَ الدَّابَّةِ ورَهَصها: إِذا شقَّ ذَلِك الْمَكَان مِنْهَا بمِبْضَعِه.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كَبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
وَيُقَال لذَلِك الحديدِ: مِبْزَغٌ ومِبْضَعٌ، وَيُقَال للسِّنِّ: بازِغةٌ وبازِمةٌ.
وَقَالَ الفرَّاء: يقالُ لِلْبِرَكِ مِبْزَغةٌ ومِيزَغةٌ.
غ ز م
اسْتعْمل من وجوهه: غمز زغم.
زغم: قَالَ اللَّيْث: التَّزَغمُ: التَّغَضُّبُ وتَرَمْرُمُ الشَّفَةِ فِي بَرْطَمَةٍ وتزغَّمَتِ الناقةُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنشدَه:
فأَصْبَحْنَ مَا يَنطِقْنَ إلاَّ تَزَغُّماً
علَيَّ إِذا أَبْكَى الوليدَ وَلِيدُ
يَصفُ جَوْرَهُنَّ إِذا أَبْكَى صبيٌّ صبيّاً غضِبْنَ عَلَيْهِ تَجَنِّياً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّزغُّمُ: التَّغضُّبُ مَعَ كلامٍ لَا يُفْهَمُ.
قَالَ لَبِيدُ:
على خيْرِ مَا يَلْقَى بِهِ مَن تَزَغمَا
قَالَ: ويُرْوَى من ترَغَّما بالرَّاء.
وَقَالَ غيرُهُ: التَّزَغمُ: الصَّوت الضَّعِيفُ.
وَأنْشد البَعِيثُ:
وَقد خَلَّفَتْ أَسْرَابَ جُون من القَطَا
زَوَاحِفَ إلاّ أَنَّها تتَزَغمُ
وَأما التَّرغمُ بالرَّاء فَهُوَ التّغضبُ وَإِن لم يكن مَعَه كَلَام.
غمز: قَالَ اللَّيْث: الغمْزُ: الْإِشَارَة بالجَفنِ والْحَاجبِ، والغمْزُ: العصرُ بِالْيَدِ.
قَالَ: والغميزَة: ضعْفَةٌ فِي الْعَمَل وجَهْلةٌ فِي الْعقل، تَقول: سَمِعت مِنْهُ كلمة فاغتَمَزْتُها فِي عقله.
قَالَ: والْمَغامِزُ: المَعايبُ، وَتقول: مَا فِي هَذَا الْأَمر مغمَزٌ، أَي: مطمعٌ. والغمْزُ فِي الدَّابَّةِ الظلْعُ من قِبَلِ الرِّجلِ، وَالْفِعْل يغمِزُ غمزاً، وَهُوَ ظلعٌ خفيٌّ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أغمَزْتُ فِيهِ إغمازاً إِذا استضعفته، وَأنْشد:
وَمن يطع النِّسَاء يلاق مِنْهَا
إِذا أغمزنَ فِيهِ الأقْوَرِينا
غَيره: ناقَةٌ غَمُوزٌ: إِذا صَار فِي سَنامِها(8/80)
شَحم قَلِيل يُغمز، وَقد أغْمَزَتِ النَّاقة إغْمازاً.
الْأَصْمَعِي: الغَمَزُ: الرُّذالُ من الْإِبِل وَالْغنم، والضعافُ من الرِّجَال، يُقَال: رجلٌ غَمَزٌ من قومٍ غَمَزٍ وأغمازٍ، وَأنْشد:
أَخذتُ بَكراً نَقَزاً من النَّقَزْ
ونابَ سوءٍ قَمَزاً من القَمَزْ
هَذَا وهذاغَمَزٌ من الغَمَزْ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: غَمَزَ عيبُ فلانٍ، وغمزَ دَاؤُهُ إِذا ظهر، وَأنْشد:
وبلدةٍ لِلدَّاء فِيهَا غامِزُ
ميتٌ بهَا العِرْقُ الصحيحُ الراقِزُ
قَالَ: الراقِزُ: الضاربُ، يُقَال: مَا يرقزُ مِنْهُ عِرْقٌ أَي مَا يضْرب.
وَقَالَ غَيره: الغَمِيزةُ العيبُ، يُقَال: مَا فِيهِ غَمِيزةٌ: أَي مَا فِيهِ عيبٌ.
أَبُو زيد: يُقَال: مَا فِيهِ غَمِيزة وَلا غَمِيزٌ: أَي مَا فِيهِ مَا يُغمَزُ فيُعابُ بِهِ.
قَالَ حسان:
وَمَا وجَد الأعداءُ فيَّ غَمِيزةً
وَلَا طافَ لِي مِنْهُم بِوَحْشِيَ صائدُ
وعينٌ غُمازةَ: مَعْرُوفَة ذكرهَا ذُو الرمَّة فَقَالَ:
تَوَخَّى بهَا العينينِ عَيْنَيْ غُمَازَةٍ
أقَبُّ رباع أَو قُوَيرِحُ عامِ
وَرَأَيْت بالسودة عينا أُخْرَى يُقَال لَهَا عُيَيْنَةُ غُمازَةَ وَقد شَرِبْتُ من مَائِهَا وأحسبُها نُسِبَتْ إِلَى غُمازة من وَلَدِ جريرٍ.
(أَبْوَاب) الْغَيْن والطاء)
غ ط د غ ط ت غ ط ظ
غ ط ذ غ ط ث: مهملات.
غ ط ر
أهمله اللَّيْث، وَقد اسْتعْمل من وجوهه: غطر طغر رغط.
غطر: ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الْغِطْيَرُّ: المتظاهرُ اللَّحْم المَرْبُوع، وَأنْشد:
لمَّا رأَتهُ مُودَناً غِطْيَرَّا
وناظرتُ رجلا من أهل اللُّغَة فِي الغطْيَرِّ فَذكر أَنه الرجل الْقصير.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: مرَّ يغطِرُ بِيَدِهِ ومرَّ يخْطر.
طغر: قَالَ ابْن دُرَيْد: طَغرَ عَلَيْهِم ودَغَرَ، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: هُوَ الطُّغَرُ وَجمعه طِغْرانٌ لطائر مَعْرُوف.
رغط: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رُغاطُ: مَوضِع.
غ ط ل
غلط غطل طلغ لغط: مستعملة.
غطل: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَوْطالَة، الرَّوْضَة.(8/81)
قَالَ اللَّيْث: الغَيْطَلُ والغَيْطَلَةُ: شجرٌ مُلتفٌّ أَو عُشْبٌ مُلتفٌ.
أَبُو عبيد: الغَيْطَلُ: الشَّجر الْكثير المُلْتَفُّ، وَأنْشد:
فَظَلَّ يُرَنِّحُ فِي غَيْطَلٍ
كَمَا يستديرُ الحِمارُ النَّعِرْ
أَبُو عبيد وَغَيره: الغيْطَلَةُ: الْبَقَرَة الوحشية، قَالَ زُهَيْر:
كَمَا استغاثَ بِسيَ فزُّ غَيْطَلةٍ
خافَ الْعُيُون فَلم يُنظر بِهِ الحَشَكُ
وَقَالَ اللَّيْث: الغَيْطَلَةُ: جَلبة الْقَوْم وأصواتهم، تَقول: سمعتُ غَيْطَلَتُهمْ وغَيْطَلاتِهِمْ.
قَالَ: والغَيْطَلَةُ: ازدحام النَّاس، والغَيْطَلَةُ: التباس الظلام وتراكمه.
وَأنْشد:
وَقد كسانا ليلهُ غَيَاطِلا
أَبُو عبيد: المُغْطَئِلّ الرَّاكِب بعضه بَعْضًا.
وَقَالَ غَيره: أَتَانَا فلَان فِي غَيْطَلةٍ: أَي: فِي زحمةٍ من النَّاس، وَقَالَ الرَّاعِي:
بِغَيْطلَةٍ إِذا التَفَّت علينا
نَشَدْناها المواعِد والدُّيونا
أَرَادَ مُزدحَم الظَّعَائِن يَوْم الظَّعن.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الغَيْطَلَةُ: الْجَمَاعَة من النَّاس، والغيْطَلةُ: الظُّلمة، والغيطلةُ: الْأكل والشُّرب والفرحُ بالأمن، والغيطلةُ: المَال المُطْغى، والغيطلةُ: الأجَمَةُ، والغيطلةُ: الْبَقَرَة.
غلط: أَبُو عبيد: غَلِطَ الرَّجل فِي كَلَامه وغلتَ فِي حسابه غَلطاً وغَلَتاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الغلَطُ: كل شَيْء يعيا الْإِنْسَان عَن جِهَة صَوَابه من غير تعمُّد، والأغلوطَةُ: مَا يُغْلَطُ فِيهِ من الْمسَائِل وَجَمعهَا أُغلوطاتٌ وأغاليط.
لغط: قَالَ اللَّيْث: اللَّغَطُ: أصواتٌ مُبْهمَة لَا تفهم. يُقَال: سَمِعت لَغطَ الْقَوْم.
ابْن السّكيت قَالَ الْكسَائي: سَمِعت لَغْطاً ولغَطاً، وَقد لغط الْقَوْم يلغطون لَغطا وألْغَطوا إلغاطاً بِمَعْنى وَاحِد، وَأنْشد:
ومنهلٍ وردته التقاطا ألم ألْقَ إِذْ وردتهُ فراطا
إلاَّ الحمامَ الوُرقَ والغطَاطَا فهُنَّ يُلغِطْن بِهِ إلغَاطَا وَقَالَ رؤبة:
باكرتُه قبل الغطاطِ اللَّغطِ
وَقبل جُونيِّ القطا المُخَطَّطِ
وَقَالَ اللَّيْث: لُغاطٌ: اسْم جبل.
طلغ: أهمله اللَّيْث، وَأَخْبرنِي أَبُو طَاهِر بن الْفضل عَن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جبلة عَن شمر قَالَ: قَالَ الكلابيُّ: يُقَال: فلانٌ يَطْلَغُ المهنة، قَالَ: والطَّلغان أَن يعْيى(8/82)
فَيعْمل على الكلال.
وَقَالَ أَبُو عدنان: قَالَ العِتريفيُّ: إِذا عجز الرجل، قُلْنَا: هُوَ يطْلَغُ المهنة، والطَّلغان: أَن يعيي الرجل، ثمَّ يعْمل على الإعياء، وَهُوَ التّلَغُّب.
غ ط ن
أهمله اللَّيْث.
نغط: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: النُّغطُ الطِّوال من النَّاس.
غ ط ف
اسْتعْمل من وجوهه: (غطف) .
غطف: قَالَ اللَّيْث: غطفانٌ حَيٌّ من قيس عَيْلانَ.
وروى الرُّواة فِي حَدِيث أمِّ مَعْبَدٍ الْخُزاعيَّةِ ووصفِها النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: فِي أَشْفَاره عُطَفٌ بِالْعينِ غير مُعْجمَة.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَةَ: سألتُ الرياشيَّ عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفُ العَطَفَ وأحسبُه الغَطَفَ بالغين، وَبِه سُمِّيَ الرجلُ غُطَيْفاً وغَطَفَان وَهُوَ أَن تطول الأشفار ثمَّ تَتَغَطَّفُ.
وَقَالَ شمر: الأوْطَفُ والأغطَفُ بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ الطويلُ هُدْب الأشفار، والإغطافُ والإغدافُ واحدٌ.
غ ط ب
غبط بطغ طغب: (مستعملة) .
غبط: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: غبَطْتُ الشاةَ أغبِطُها غبْطاً: إِذا جسَسْتها لتنظرَ أسَمينَةٌ هِيَ أمْ مَهْزُولَة، وأنشدنا:
إنِّي وأَتْيِي ابْن غلاَّقٍ لِيَقْرِيَنِي
كغابِطِ الكلبِ يَبْغِي الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
قَالَ أَبُو عبيد: ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سئلَ: هَل يَضرُّ الغَبْطُ، قَالَ: (لَا إِلاَّ كَمَا يضرُّ العِضاهَ الخَبْطُ) ففَسَّرَ الغبْطَ بالحسدِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيِّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: غبَطْتُ الرَّجلَ أغبِطُه: إِذا اشتهيتَ أَن يكونُ لَك مالَهُ وَأَن يدومَ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ.
قَالَ: وحَسَدْتُ الرجلَ أحْسُدُهُ إِذا اشْتهيت أَن يكونَ مالهُ لَك وَأَن يزولَ عَنهُ مَا هُوَ فِيهِ، قلت: وَقد فُرِّقَ بَين الغبطِ والحسدِ، وَالَّذِي أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الغبْطَ لَا يضرُّ كَمَا يضرُّ الحسدُ، وَأَن ضَرَّ الغبْطِ المَغْبُوطَ قدرُ ضَرِّ خَبْطِ الشّجر لِأَن الوَرَق إِذا خُبِطَ اسْتخْلف، والغبْطُ وَإِن كَانَ فِيهِ طرفٌ من الحسدِ فَهُوَ دونَهُ فِي الْإِثْم، وأصلُ الحسدِ القَشْرُ، وأصلُ الغبطِ الجَسُّ بِالْيَدِ، والشجرةُ إِذا قُشِرَ عَنْهَا لحاؤُها يَبِسَتْ وَإِذا(8/83)
خُبِطَ ورقُها تَيَبَّسَ وَعاد الْوَرق.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: سألتُ أَبَا زَيدٍ الحنظَليَّ عَن تَفْسِير قَوْله: أيضرَّ الغبطُ، فَقَالَ: نعم كَمَا يضرُّ العِضاهَ الخَبْطُ، فَقَالَ: الغبْطُ: أَن يُغْبَطَ الإنسانُ وضَرَرُهُ إيَّاهُ أَن تُصِيبَهُ نَفْسٌ. فَقَالَ الأبانيُّ: مَا أحسنَ مَا استخرجها تصيبُهُ الْعين فتغيِّرُ حَاله كَمَا تُغيَّر العِضاهُ إِذا تَحاتَّ ورقُها، قلت: الغبطُ رُبما جلبَ إصابةَ عينٍ بالمغبوطِ فَقَامَ مقامَ النَّجْأَةِ المحذورَةِ وَهِي الإصابةُ بِالْعينِ، والعربُ تكنى عَن الحسدِ بالغبْطِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: أيضرُّ الغبْطُ، فَقَالَ: نعم كَمَا يضرُّ الخَبْطُ، قَالَ: الغبْطُ: الحسدُ، قلت: وَقد فرَّق الله جلّ وَعز بَين الغبْطِ والحسدِ بِمَا أنزلهُ فِي كِتَابه لمن تَدَبَّره واعتبره فَقَالَ: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} الْآيَة، إِلَى قَوْله: {وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ} (النِّسَاء: 32) فَفِي هَذِه الْآيَة بيانُ أَنه لَا يجوز للرجل أَن يتمنَّى إِذا رأى على أَخِيه الْمُسلم نعْمَة أنعمَ الله بهَا عَلَيْهِ أَن تُزْوَى عَنهُ ويُؤْتاها، وجائزٌ لَهُ أَن يتمنَّى من فضل الله مثلهَا بِلَا ثَمَنٍ لزِيِّها عَنهُ، فالغبط أَن يرى المغبوط فِي حالةٍ حسنةٍ فيتمنى لنَفسِهِ مثل تِلْكَ الْحَالة الحسنةِ، من غير أَن يتَمَنَّى زَوالها عَنهُ، وَإِذا سَأَلَ الله مثلهَا فقد انْتهى إِلَى مَا أمره الله بِهِ ورضيه لَهُ، وَأما الْحَسَد فَهُوَ أَن يبغيه الغوائلَ على مَا أُوتِيَ من النِّعمة والغبْطَةِ ويجتهد فِي إِزَالَتهَا عَنهُ بغياً وظلماً.
وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} (النِّسَاء: 54) .
وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا حَسَد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ، رجل آتَاهُ الله قُرْآنًا، فَهُوَ يتلوه آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار، وَرجل آتَاهُ الله مَالا فَهُوَ يُنْفِقهُ آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار) ، فَإِن أَبَا الْعَبَّاس سُئِلَ عَن قَوْله: لَا حسد إِلا فِي اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ: لَا حسد فِيمَا يضر، إلاّ فِي هَاتين الخصلتين وَهُوَ كَمَا قَالَ إِن شَاءَ الله.
وَقد مضى تَفْسِير الْحَسَد مشبعاً فِي بَابه، وَيُقَال: اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً، وَمَعْنَاهُ: إِنَّا نسألُك نعْمَة نُغْبَطُ بهَا، وألاَّ تُهْبِطنَا من الْحَالة الْحَسَنَة إِلَى حالةٍ سيِّئةٍ، وَيُقَال مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ ارتفاعاً لَا اتضاعاً وَزِيَادَة من فضلك لَا حَوْراً ونقصاً.
اللَّيْث: ناقةٌ غَبوطٌ، وَهِي الَّتِي لَا يعرفُ طِرْقُها حَتَّى تُغْبَطَ أَي تجَسَّ بِالْيَدِ.
قَالَ: والْغِبْطَةُ: حسنُ الْحَال، يُقَال: هُوَ مُغْتَبِطٌ: أَي فِي غِبطَةٍ، وَجَائِز أَن تَقول: هُوَ مُغْتَبَطٌ بِفَتْح الباءِ، وَقد اغتَبَطَ فَهُوَ مُغْتَبِطٌ واغتُبِطَ فَهُوَ مُغْتَبَطٌ، كل ذَلِك(8/84)
جَائِز، والاغتِبَاطُ: شكر الله على مَا أفضل وَأعْطى، وحمدُهُ على مَا تطوَّل بِهِ وَآتى، وسرورُ العبدِ بِمَا آتاهُ الله من فضلِه اغتِباطٌ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: أغبَطْتُ الرحلْ على ظهر الدَّابةِ إغباطاً إِذا ألزمتهُ إيَّاهُ.
وَأنْشد لحُميدِ بن الأرْقَطِ:
وانتَسَفَ الْجَالبَ من أندابهِ
إغباطُنَا الميسَ عَلَى أصلابه
وَفِي حَدِيث النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: إِذا لم تُفارق الْحمى المحمومَ أَيَّامًا قيلَ: أغبَطَتْ عَلَيْهِ وأردمتْ وأغْمَطَتْ، بِالْمِيم أَيْضا، قلت: فالإغباطُ يكون وَاقعا ولازماً كَمَا ترى، ويقالُ: أغبَطَ فلانٌ الرُّكوبَ إِذا لَزمهُ. وَأنْشد ابْن السكِّيت:
حَتَّى ترى البَجْبَاجَةَ الضَّيَاطَا
يَمْسَحُ لما حالفَ الإغباطَا
بالحرفِ من ساعدهِ المُخَاطَا
وَقَالَ ابْن شميلٍ: سيرٌ مُغْبِطٌ ومُغمِطٌ: أَي دائمٌ، قَالَ: والمُغْبَطَةُ: الأرضُ خرجَ أصولُ بَقلها متدانيةً.
وَحكي عَن الطَّائِفِي أَنه قَالَ: الْغُبُوطُ: القَبَضاتُ الَّتِي إِذا حصدَ البرُّ وُضعَ قَبْضَة قَبْضَة والواحدُ غَبْطٌ.
وَقَالَ أَبُو خيرةَ: أغبَطَ علينا المطرُ: وَهُوَ ثبوتُهُ لَا يقلعُ، بعضُه على إِثْر بعضٍ، وسيرٌ مُغْبِطٌ: دائمٌ لَا يستريحُ، وَقد أغْبَطُوا على رِكَابهمْ فِي السّير وَهُوَ ألاَّ يَضَعُوا الرِّحال عَنْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ قَالَ: الغَبِيطُ: المركبُ الَّذِي مثل أُكُفِ البخَاتيِّ.
قلت: وَيُقبَّبُ بشجارٍ وَيكون للحرائر دون الإماءِ.
اللَّيْث: فرسٌ مُغبَطُ الكاثِبة: إِذا كَانَ مرتفعَ المنسجِ، شُبِّه بِصَنْعَةِ الغَبِيط وَهُوَ رحْلٌ قتبُهُ وأحْنَاؤُه واحِدٌ، وَأنْشد:
مُغْبَطَ الحاركِ مَحْبوكَ الكفلْ
بطغ: الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت، وَأَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و: بَطِغَ الْخَارىءُ بعذِرَتهِ يَبْطَغُ وبَدِغَ يبدَغُ: إِذا تلطَّخَ بالعذِرَةِ.
وَقَالَ رؤبة:
لَوْلاَ دَبوقَاءُ اسْتِهِ لمْ يَبْطَغِ
ويروى لم يبدَغ، أَي لم يَتَلطخْ بالعذِرَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: أزْقنَ زَيدٌ عمرا إِذا أَعَانَهُ على حمله لينهضَ بِهِ، وَمثله: أبْطَغَهُ وأبدغهُ وعدَّلَهُ وكوَّنَهُ وأسمعَهُ وأَنْآه ونَوَّاه وحوَّله، كُله بِمَعْنى أَعَانَهُ.
غ ط م
غمط غطم طغم مغط: (مستعملة) .
غطم: قَالَ اللَّيْث: بحرٌ غِطَمٌّ غطامِطٌ: إِذا(8/85)
تَلاطَمَتْ أمواجهُ، والغَطْمَطَةُ: التطامُ الأمواج، وجمعهُ غطامِطُ، وَعددٌ غِطْيَمٌّ: كثيرٌ.
قَالَ رؤبة:
وَسَطَّ من حنظلَةَ الأُسطُمّا
والعددَ الغُطَامِطَ الغِطْيمَّا
قَالَ: والغَطْمطيطٌ: الصَّوْتُ.
وَأنْشد:
بطيءٌ ضِفَنٌّ إِذا مَا مَشى
سمعتَ لإِعْفاجِهِ غَطمَيطَا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الغِطَمُّ: الواسعُ الْخُلقِ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: الهَزَجُ والتَّغَطْمُطُ: الصوتُ.
وَقَالَ شمر: بحرٌ غِطَمٌّ، وبحرٌ طَمٌّ، وبحرٌ طامٍ، كثير المَاء، وغطَامِطُهُ: كَثْرَةُ أصواتِ أَمواجهِ إِذا تَلاطَمتْ وذلكَ أنكَ تسمعُ نَغمَة شِبهَ غَطْ ونغمة شِبْهَ مَطْ وَلم يبلُغْ أنْ يكون بَينا فَصِيحاً كَذَلِك غَير أنَّه أشبهُ مِنْهُ بغيرهِ، فَلَو ضاعفتَ وَاحِدًا من النغمتينِ. قلت: غَطْغَطَ أَو قلت: مَطْمَطَ، لم يكنْ فِي ذلكَ دليلٌ على حكايةِ الصوتينِ، فَلَمَّا أَلفتَ بينهُما فَقلت غَطْمَطَ استوعبَ الْمَعْنى فَصَارَ بِوَزْن المضاعفِ فتمَّ وحسُنَ. وَقَالَ رؤبة:
سألتْ نَوَاحِيهَا إِلَى الأوساطِ
سيلاً كَسَيلِ الزَّبدِ الغَطْماطِ
وَأنْشد الْفراء:
عَنَطْنطٌ تعدو بِهِ عَنَطْنَطهْ
للماءِ فَوْقَ مَتْنَتَيْهِ غَطْمَطَهْ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: غُطامِطُ البَحْرِ لجُّهُ حِين يزخرُ، وَهُوَ مُعظمُه.
طغم: قَالَ اللَّيْث: الطَّغامُ: أوغَادُ النّاس، تقولُ: هَذَا طغَامةٌ من الطغامِ، الواحدُ والجميعُ سواءٌ، وَأنْشد:
وكنتُ إِذا هممتُ بِفعلِ أمرٍ
يخالفني الطغَامة للطغامِ
وَيُقَال: بل هُوَ أرادَ الطيرَ والسِّباعَ.
قلت: وسمعتُ العربَ تقولُ للرجل الأحْمَقِ النذلِ: طغامَةٌ ودَغَامةٌ، والجميع الطغَامُ؛ وَفِيه: طغومَةٌ وطغومِيَّةٌ: أَي: حمقٌ ودناءةٌ.
مغط: قَالَ اللَّيْث: المغطُ: مَدّكَ الشيءَ اللينَ نَحْو المصْرانِ.
يُقَال: مَغطْتُهُ فامَّغط وانْمغطَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فَرسٌ مُتمغِّطُ، وَالْأُنْثَى مُتمغطةٌ، والتَّمغط: أَن يَمدَّ ضَيعيْه حَتَّى لَا يجد مزيداً فِي جَرْيه ويحتَشي رِجْلَيهِ فِي بَطنِه حَتَّى لَا يجد مزيداً للإلحاقِ ثمَّ يكون ذَلِك مِنْهُ فِي غير اختلاطٍ يَسْبحُ بيدَيْهِ ويَضْرَحُ برجليه فِي اجْتِمَاع.
وَقَالَ مرّة: التَّمغطُ: أَن يمدَّ قوائمه ويَتمطَّى فِي جريه.(8/86)
وَقَالَ أَبُو زيد: امَّغطَ النَّهار امِّغاطاً: إِذا امتدَّ، ومَغَطَ الرجل الْقوس مَغْطاً إِذا مدَّها بالوتَرِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَدَّ مَا مَغَّطَ فِي قوسِهِ: إِذا أغْرَقَ فِي نزع الوَترِ ومدِّه ليبعدَ السهْم، وَوصف عليٌّ رَضِي الله عَنهُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (لم يكن بالطويل المُمَغَّطِ، وَلَا بالقصير المتردد) : لم يكن بالطويل الْبَائِن الطول، (وَلكنه كَانَ رَبْعةً بَين الرَّجُلينِ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المُمَغَّط، والْمُمَهَّكُ: الطَّوِيل.
غمط: قَالَ اللَّيْث: غَمطَ النِّعْمَة والعافية إِذا لم يشكرها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الغمط للنَّاس: الاحتقار لَهُم والازدراءُ بهم: وَمَا أشبه ذَلِك.
يُقَال: غمَط النَّاس وغمَصهم.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لمَالِك بن مرَارَة: (الكِبرُ أَن تَسْفَهَ الحقَّ وتَغمِطَ النَّاس) وَمَعْنَاهُ: احتقارُ الناسِ والإزْراءُ بهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: أغمَطَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى وأغْبَطَتْ إِذا دَامَت، وأغْمطَتِ السماءُ وأغبَطتْ إِذا دَامَ مَطرُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الغمطُ كالغَمْجِ، قلت: والغَمْجُ: جَرْعُ المَاء، وَهُوَ يغامِطُ الماءُ ويُغامِجُهُ.
وَقَالَ الراجز:
غَمْجَ غماليجَ غملَّطات
ويروى غملَّجاتٍ، ومعناهما وَاحِدًا، وَفِي (النَّوَادِر) : اغتمطت فلَانا بالكلامِ واغْتططته إِذا عَلَوْتهُ وقهرته، قلت: وَيكون مَعْنَاهُ احتقرتهُ.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالدَّال)
غ د ت غ د ظ غ د ذ غ د ث: أهملت وجوهها.
غ د ر
غدر غرد دغر رغد ردغ: مستعملة.
غدر: قَالَ اللَّيْث: تَقول: غَدَرَ يَغْدِرُ غَدْراً إِذا نقض الْعَهْد وَنَحْوه، ورجلٌ غُدَرٌ وغَدّارٌ وامرأةٌ غَدّارٌ وغَدّارةٌ، وَلَا تَقول الْعَرَب: هَذَا رجلٌ غُدَرُ لِأَن الْغُدَرَ فِي حدّ المعرفةِ عِنْدهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس المبرّد: فُعَلُ إِذا كَانَ(8/87)
نَعْتاً نَحْو: سُكَع وكُتَع وحُطَم فَإِنَّهُ ينْصَرف.
قَالَ الله تَعَالَى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً} (الْبَلَد: 6) .
قَالَ: فَأَما مَا كَانَ مِنْهُ لم يَقع إِلَّا معرفَة، نَحْو: عُمَر وقُثَم ولُكَعَ، فَإِنَّهُ غير منصرف فِي الْمعرفَة، لِأَنَّهُ معدول فِي الْمعرفَة، عَن عَامر وقاثم فِي حَال التَّسْمِيَة، فَلذَلِك لم ينْصَرف. قَالَ أَبُو مَنْصُور: فَأَما غُدَرٌ، فَإِنَّهُ نعت مثل حُطَم وَهُوَ ينْصَرف.
وَأَخْبرنِي الإيادِيُّ عَن شمرٍ: رجلُ غُدَرٌ: أَي غادرٌ ورجلٌ نُصرٌ: ناصرٌ، ورجلٌ لُكَعٌ أَي لئيم نَوَّنَها كلَّها خلافَ مَا قَالَ اللَّيْث، وَهُوَ الصَّوَاب، إِنَّمَا يُترك صرف بَاب فُعَل: إِذا كَانَ اسْماً معرفَة مثل عُمرَ وزُفرَ لِأَن فِيهَا العِلّتَيْن الصّرْف والمعرفة، وليلةٌ مُغدِرَةٌ: شَدِيدَة الظلمَة، وَيُقَال أَيْضا: ليلةٌ غَدِرةٌ: بَيِّنَة الغَدَرِ: إِذا كَانَت شَدِيدَة الظلْمةِ، روى ذَلِك كلَّه أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث: (من صلى العشاءَ فِي جماعةٍ فِي اللَّيْلَة المغْدِرةِ فقد أوجب) ، والليلةُ الْمُغدرةُ: الشَّدِيدَة الظلمةِ الَّتِي تُغدرُ النَّاس فِي بُيُوتهم وكنِّهمْ أَي تَتْركُهمْ.
وَيُقَال: أعانني فلانٌ فأغدَرَ ذَلِك لَهُ فِي نَفسِي مَودّةً: أَي: أبقى. وَقيل: إِنَّهَا سُمِّيتْ مُغدرةً لتركها مَنْ يخرج فِيهَا فِي الغَدَرِ وَهِي الْجِرَفَةُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: رجلٌ ثبْت الغَدَرِ: إِذا كَانَ ثَبْتاً فِي قتالٍ أَو كَلَام، اللحيانيُّ عَن الْكسَائي، يُقَال: مَا أثْبَتَ غدَرَ فلانٍ: أَي مَا بقيَ من عقلِه.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْغَدَرُ: الجِحَرةُ والجِرَفة فِي الأَرْض فَيُقَال: مَا أثبتَ حجَّته وأقلَ زلقَه وعثارَه.
وَقَالَ ابْن بزْرج: إِنَّه لثَبْت الْغَدَرِ: إِذا نَاطِق الرجالَ ونازعهم كَانَ قويّاً، والْغدر: جِرَفة الأرضِ وجراثيمها، وَفِي النَّهر غَدَر: وَهُوَ أَن يَنضبَ الماءُ وَيبقى الوحل، والغدْراءُ: الظلمَة يُقَال: خَرجنَا فِي الْغَدْرَاء.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَا لَيْتَني غودِرْت مَعَ أصْحَابِ نُحصِ الجبَل) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يَا لَيْتَني اسْتشْهدت مَعَهم.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً} (الْكَهْف: 49) ، أَي: لَا يتْرك، وَقد غادر وأغدر بِمَعْنى واحدٍ. وَقَالَ الفقعسيُّ:
هَل لَكِ والعَارِضُ مِنكِ غَائِض
فِي هَجْمَةٍ يُغْدِرُ مِنْهَا القَابِضُ
وَقَالَ اللَّيْث: الغَدِيرُ مستنقعُ ماءِ الْمَطَر صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا غير أنَّه لَا يَبقَى إِلَى القَيْظ إلاَّ مَا يتَّخذُه الناسُ من عِدَ أَو وَجْذٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْرِيجٍ أَو حائرٍ.(8/88)
قلت: العِد: الماءُ الدائمُ الَّذِي لَا انْقِطَاع لَهُ، وَلَا يُسَمَّى الماءُ الْمَجْمُوع فِي غديرٍ أَو صِهْريجٍ أَو صِنْعٍ عِدّاً لِأَن العِدَّ مَا دَامَ ماؤُه مثلُ ماءِ الْعين والرَّكيَّةِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الغَدَائرُ: الذَّوَائبُ، واحدتُها غَديرةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: كلُّ عَقِيصَةٍ غَديرة.
وَأنْشد:
غدائرُه مستشزراتٌ إِلَى العُلى
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرَّاء قَالَ: الغَدِيرة والرغِيدةُ وَاحِد، وَقد اغْتَدر الْقَوْم إِذا جعلُوا الدَّقيقَ فِي إِناءٍ وصبُّوا عَلَيْهِ اللَّبن ثمَّ رَضفوه بالرِّضاف.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقال: على فلَان غِدَرٌ من الصَّدقة: أَي: بقايا مِنْهَا، وأَلْقت الشاةُ غُدُورَها، وَهِي أَقْذَاءٌ وبقايا تَبقَى فِي الرَّحِم تُلْقِيها بعد الوِلادة.
قلت: واحدةُ الغِدَرِ غِدْرَةٌ، وتُجْمَعُ غِدَراً وغِدَرَاتٍ.
ورَوى بيتَ الْأَعْشَى:
لَهَا غِدَراتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ
هَكَذَا أنشدنيه أَبُو الْفضل، وذَكر أنَّ أَبَا الْهَيْثَم أنشدهُ: غَدَراتٌ.
وَقَالَ المؤرّجُ: يُقَال: غَدَرَ الرجُل يَغدِرُ غَدْراً إِذا شربَ من مَاء الغدير، قلتَ: القِياس غَدِرَ الرجلُ يَغْدَرُ غَدَراً بِهَذَا الْمَعْنى لَا غَدَر، ومِثلُه كَرِعَ إِذا شَرب الكَرَعَ.
وَقَالَ اللحياني: ناقةٌ غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرَةٌ إِذا كَانَت تَخَلَّفُ عَن الإبلِ فِي السَّوْقِ، وبفُلان غادِرٌ من مرضٍ وغابرٌ: أَي: بقيَّةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المغْدَرَةُ: الْبِئْرُ تُحْفَرُ فِي آخر الزَّرْع لتَسْقِيَ مذانبَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الغَدَرُ والجَرَلُ والنَّقَلُ: كلُّ هَذَا الحجارةُ مَعَ الشَّجَر.
دغر: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للنِّسَاء: (لَا تُعَذِّبْنَ أولادَكُنَّ بالدَّغْر) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الدَّغْرُ: غَمْزُ الحَلْق، وَذَلِكَ أنَّ الصبيَّ تَأْخُذهُ العُذرةُ وَهُوَ وَجَعٌ يَهِيجُ فِي الحَلْق من الدَّم فَإِذا دفَعَت المرأةُ ذَلِك الموضعَ بإِصبعِها قيل: دَغَرَتْ تَدْغَرُ دَغْراً وعَدَرَتْه عَدْراً، فَهُوَ مَعْدورٌ.
وَفِي حَدِيث عليَ رَحمَه الله: لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَة، وَهِي الخَلْسَة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَهِي عِنْدِي من الدَّفْع أَيْضا، وَإِنَّمَا هُوَ تَوثُّبُ المختلِس ودفْعُه نفسَه عَلَى المتَاع لِيخْتَلِسَهُ، قَالَ: وَيُقَال فِي مَثلٍ: دَغْراً لَا صَفّاً، يقولُ: ادْغَرُوا عَلَيْهِم وَلَا تُصافُّوهم.
وقرأتُ بخطِّ أبي الْهَيْثَم لأبي سعيد الضَّرِير أَنه قَالَ: الدَّغْرُ سُوء الْغذَاء للولَد، وَأَن تُرْضِعَه أُمُّه فَلَا تُرْوِيه فيَبقى مُسْتَجِيعاً يَعترضُ كلَّ من لقِي فيأكلُ وَيمُصُّ ويُلقَى(8/89)
عَلَى الشَّاة فيَرْضعها وَهُوَ عَذَاب للصبيِّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّغْر: الاقتحام من غير تثبُّتٍ.
يَقُول: ادْغَروا عَلَيْهِم فِي الحَمْلَة. قَالَ: ولُغةٌ للأَزْدِ فِي لُعبة لصبيانهم دغْرَى لَا صَفَّى، أَي: ادْغَروا وَلَا تُصافُّوا.
قَالَ: وَتقول فِي خُلُقه دَغَرٌ كَأَنَّهُ استلآمٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ فِيمَا يرُدُّ عَلَى أبي عبيد: الدَّغْرُ فِي الفَضِيل أَلا تُرْوِيَهُ أُمُّه فَيَدْغَر فِي ضَرْع غَيرهَا.
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام للنساءِ: (لَا تُعَذِّبْنَ أَولادَكُنَّ بالدَّغْرِ ولكنْ أرْوِينَهم لئلاَّ يدْغَروا فِي كلِّ سَاعَة ويستجِيعوا، وَإِنَّمَا أَمَر بِإروَاءِ الصِّبيان من اللَّبن، قلت: والقَوْل مَا قَالَ أَبُو عُبيد.
وَفِي الحَدِيث مَا دلَّ على صِحَة قَوْله أَلاَ ترَاهُ قَالَ لهنَّ: (عليكُنَّ بالقُسْط البحريِّ فإنَّ فِيهِ شِفاءً) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَدْغَرَةُ: الحرْبُ العَضُوض الَّتِي شِعارها دَغْرَى، وَيُقَال دَغْراً.
ردغ: قَالَ اللَّيْث: الرَّدَغةُ: وَحَلٌ كثير، وَمَكَان رَدِغ، وارْتَدَغ الرَّجُل: إِذا وَقَع فِي الرِّداغ قلت: وَهَذَا صَحِيح.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ الرَّدَغةُ، وَقد جَاءَ رَدْغة، قَالَ: وَفِي مَثَلٍ من المُعاياة، قَالُوا ضَأْن بذِي تُنَاقِضَة تقطعُ رُدغة الماءِ بعَنَق وإرْخاءٍ بسكونِ دالِ الرَّدْغةِ فِي هَذِه وَحْدَها، وَلَا يُسَكِّنونها فِي غيرِها.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَرَادِغُ مَا بَين العُنق إِلَى التَّرْقُوَة، واحدتُها: مَرْدَغة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا سَمِن البعيرُ كَانَت لَهُ مَرَادغُ فِي بَطْنه وعَلى فروع كَتِفيه، وَذَلِكَ أنَّ الشَّحْمَ يَتَراكبُ عَلَيْهَا كالأرانب الجُثُوم وَإِذا لمْ تكن سَمِينَة فَلَا مَرْدغةَ هُناك، يُقَال: إِن ناقَتك ذاتُ مَرادغَ، وجملك ذُو مَرادِغ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الْمَرْدَغَةُ: اللَّحْمةُ الَّتِي بَين وابلةِ الكتفِ وجناجِنِ الصدرِ قَالَ: والْمَرْدَغة: الرَّوضة البهيةُ.
وَفِي حَدِيث شَدَّاد بن أَوْسٍ أَنه تخلف عَن الْجُمُعَة وَقَالَ: منعنَا هَذَا الرِّدَاغ.
غرد: قَالَ اللَّيْث: كل صائتٍ طربِ الصَّوْت غَرِدٌ وَأنْشد:
غَرِدٌ يَحُكُّ ذِرَاعَه بذراعِهِ
وَالْفِعْل: غَرَّدَ يُغَرِّدُ تغريداً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: التَّغرِيدُ: الصَّوْت، والْغِرْدَةُ والْمَغْرُودُ من الكمأَة، هَكَذَا رَوَاهُ بِفَتْح الْمِيم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الْغَرَدُ والْمُغْرُودُ، بِضَم الْمِيم: الكمأَةُ وَهُوَ مَفعولٌ نادرٌ وَأنْشد:(8/90)
لَو كُنْتُمو صُوفاً لكُنْتُمْ قَرَدا
أَوْ كُنْتُمو لَحْماً لَكُنْتُمْ غَرَدَا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الْغَرَادُ: الكمأَةُ واحدتها غرادةٌ.
ويُقال: هِيَ الغِرادُ واحدتُها غَرَدَةٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الفرَّاءُ: لَيْسَ فِي الْكَلَام مفعول بِضَم الْمِيم إِلَّا مُغْرُودٌ لضربٍ من الكمأَةِ ومغفور، واحِدُ الْمَغافير، وَهُوَ شيءٌ ينضَحُهُ الْعُرْفُطُ حُلْو كالناطف، وَيُقَال: مُغْثُور ومُنخور للمنخر ومُعلوق لواحِدِ المعاليق.
رغد: قَالَ اللَّيْث: عَيْشٌ رَغَد: رغيدٌ رفيه، وَتقول: قوم رَغَد ونساءٌ رغد، وَتقول: ارغادَّ المريضُ إِذا عَرَفت فِيهِ ضَعْضَعةً من غير هُزال، والْمُرْغادُّ: الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْن غَضبا.
وَقَالَ النضرُ: ارْغادَّ الرَّجُلُ ارْغيداداً فَهُوَ مُرغادٌّ وَهُوَ الَّذِي بَدَأَ بِهِ الوجعُ فأنتَ ترى فِيهِ خَمَصاً ويُبْساً وفترَةً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: الْمُرْغادُّ مثل الملهاجِّ. يُقَال: رَأَيْت أَمر بني فلَان مُرْغَادّاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرَّغيدَةُ اللبنُ الحليبُ يغلى ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ الدَّقيق حَتَّى يَخْتلط فيلعقه الْغُلَام لعقاً.
غ د ل
دغل لغد لدغ: مستعملةٌ.
دغل: قَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّاغِلُ الَّذِي يَبْغِي أَصْحَابه الشرَّ يُدغل لَهُم الشَّرَّ أَي يبغيهمُ الشَّرَّ ويحسبونه يريدُ لَهُم الْخَيْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّغلُ دَخَلٌ فِي الأمرِ مُفسد.
وَفِي الحَدِيث: (اتَّخَذوا كِتَابَ الله دَغَلا) : أَي: أدْغَلوا فِي التَّفْسِير، وَتقول: أدْغَلتُ فِي هَذَا الْأَمر أَي أدخلت فِيهِ مَا يُخَالِفهُ، وكلُّ مَوضِع يخَاف فِيهِ الاغتيال فَهُوَ دَغَل.
وَأنْشد اللَّيْث:
سَايَرته سَاعَةً مَا بِي مَخَافته
إلاَّ التَّلَفُّتَ حَولي هَل أرى دَغَلا
وَإِذا دَخَلَ الرَّجل مدخلًا مريباً قيل: دَغَلَ فِيهِ، مثل دُخُول القانص المكانَ الخفيَّ يَختِل الصَّيْد.
وَقَالَ رؤبة يذكر قانصاً:
أَوْطَنَ فِي الشَّجْرَاء بَيْتاً داغِلاً
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّغَل من الشّجر: الْكثير الملتف.
والدَّغَاوِلُ: الغوائل، وَأنْشد لصخر الْهُذلِيّ، غَيره لأبي صَخْر:
إنْ اللَّئِيم وَلَو تخلق عَائِد
بملاذة من غِشّه ودَوَاغل
قلت: وَفِي مثله يكمن اللُّصوصُ وقطَّاع الطَّريق وَمن يُرِيد اغتيال السّابلَةِ وَالْخُرُوج إِلَيْهِم من حَيْثُ لَا يحتسبونه.(8/91)
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّغَلُ مَا استترت بِهِ.
قَالَ الْكُمَيْت:
لَا عَيْنُ نَارِكَ عَن سَارٍ مغمَّضة
وَلَا مَحَلَّتُكَ الطَّأْطَاء والدَّغَلُ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: أدْغَالُ الأَرْض: رقتها وبُطونُها والوطَاءُ مِنْهَا، وَستر الشّجر: دَغَل، والقُفُّ الْمُرْتَفع، والأكمة: دَغل، والوادي دغل، والغائطُ الوطيء دغل، وَالْجِبَال: أدْغال.
وَقَالَ الراجز:
عَن عتَبِ الأَرْضِ وَعَن أدْغَالِهَا
لغد: قَالَ اللَّيْث: اللُّغدودان: باطِنَا النَّصِيل بَين الحنكِ وصفقِ العنقِ، وَهُوَ اللُّغد والألغَاد وَأنْشد:
إيها إِلَيْك ابْن مرداس بقافية
شنعاءَ قد سكنَت مِنْك اللغاديدا
وَقَالَ أَبُو عبيد: الألغادُ: لَحَماتٌ تكونُ عِنْد اللهواتِ واحدُها لُغْدٌ وَهِي اللَّغانينُ، وَاحِدهَا لُغْنُونٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللُّغْدُ: مُنْتَهى شحمة الأذنِ من أَسْفَلهَا وَهِي النَّكَفَةُ.
قَالَ: واللُّغانين لحمٌ بَين النَّكَفَتَيْنِ وَاللِّسَان من باطنٍ وَيُقَال لَهَا من ظَاهرٍ لَغاديدُ وَاحِدهَا لُغدُودٌ وَوَدَجٌ ولُغنُونٌ.
وَقَالَ غَيره: اللُّغدُ أَن تُقيم الإبلَ على الطَّرِيق، وَقد لَغدَ الإبلَ وجادَ مَا يَلْغدُها مُنْذُ اللَّيْل أَي: يُقيمُها للقَصْدِ والصَّوْبِ.
وَقَالَ الراجزُ:
هَل يُورِدَنَّ القومَ مَاء بَارِدًا
بَاقِي النسيمِ يَلْغدُ الْمَلاَغِدَا
ويُرْوَى اللّوَاغدَا.
لدغ: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْغُ بالنّابِ، وَفِي بعضِ اللُّغاتِ تَلْدَغُ العقربُ.
وَقَالَ أَبُو خيرة: اللَّدْغَةُ جَامِعَة لكلِّ هامَّةٍ تلدغُ لدْغاً، ورجلٌ لَديغٌ وامرأةٌ لديغٌ قَالَ: والسليم اللَّديغُ.
وَقَالَ غَيره: أَلْدَغْتُ الرجلَ إِذا أرسلتُ إِلَيْهِ حَيَّةً تَلْدَغُهُ.
غ د ن
غدن ندغ دغن: مستعملة.
غدن: قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: الغَدَنُ: سعَةُ العيشِ ونعمةٌ واسترخاءٌ.
وَقَالَ عمر بن لَجَأ:
وَلم تُضِعْ أَوْلَادهَا من البَطَنْ
وَلم تُصِبْهُ نَعْسَةٌ عَلَى غَدَنْ
أَي: على فترةٍ واسترخاء.
وَقَالَ شمر: المُغْدَوْدِنَةُ: الأرضُ الكثيرةُ الكَلإِ المُلْتَفَّةُ، يُقَال: كَلأٌ مُغْدَوْدِنٌ: أَي: ملتفٌّ.
وَقَالَ العجاج:
مُغْدَوْدِنُ الأرْطَى غَدانيُّ الضال(8/92)
وَقَالَ رؤبة:
وَدَغْيَةٌ من خَطِلِ مُغْدَوْدِنِ
وَهُوَ المسترخي المتساقطُ، وَهُوَ عيبٌ فِي الرجل.
أَبُو عبيد: المُغْدَوْدِنُ: الشعرُ الطويلُ.
وَقَالَ حسان بن ثابتٍ يَصِفُ امْرَأَة:
وقامتْ تُرائيكَ مُغْدَوْدِناً
إِذا مَا تَنُوءُ بِهِ آدَها
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: شعرٌ مُغْدَوْدِنٌ: شديدُ السوَاد ناعمٌ، وأرضٌ مُغْدَوْدِنَةٌ إِذا كانتْ مُعشبةً وغُدَانِيُّ الشبابِ: نعْمَته.
وَقَالَ رؤبة:
بعدَ غُدَانيِّ الشبابِ الأبلهِ
وفلانٌ فِي غُدُنَّةٍ من عيشه: أَي فِي نعمةٍ ورفاهية.
وَقَالَ ابْن دُرَيْدٍ: الغِدَانُ: الْقَضِيب الَّذِي يُعَلَّقُ عَلَيْهِ الثيابُ بلغَة الْيمن.
دغن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للأحمقِ دُغَةٌ ودُغَيْنَةٌ، وَيُقَال: كَانَت دغة امْرَأَة حمقاء.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: دَجَنَ يومُنا ودَغَنَ، ويومٌ ذُو دَجْنٍ ودَغْنٍ.
ندغ: قَالَ اللَّيْث: النَّدْغُ شبهُ النَّخْسِ والمُنادَغَةُ شبه المُغَازَلَةِ.
وَقَالَ رؤبة:
لَذَّتْ أحاديثُ الغَوِيِّ المُنْدِغ
وَيُقَال للبركِ المِنْدَغَةُ والمِنْسَغَةُ، رَوَاهُ سَلمَة عَن الفراءِ، والنَّدْغُ والسَّعْتَرُ البَرِّيُّ والسِّحاءُ نَبْتٌ آخرُ، وَكِلَاهُمَا مَرْعًى للنَّحْلِ.
وَكتب الحجّاج إِلَى عَامله على الطائِفِ أَن أرسلْ إليَّ بِعَسَلٍ أخضرَ فِي السِّقاءِ أبيضَ فِي الإناءِ من عسلِ النَّدْغِ والسِّحاءِ، والأطبّاءُ يزعمونَ أَن عسلَ الصَّعْتَرِ أمتنُ العسلِ وأشَدُّهُ حرارةً ولزجاً.
غ د ف
غدف فدغ دفغ دغف: مستعملة.
غدف: قَالَ الليثُ: الغُدْفَةُ لباسُ الفُولِ والدَّجْرِ وَهُوَ اللُّوبياءُ وأشباههما.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي حديثٍ رَوَاهُ بإسنادٍ لَهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغْدَفَ عَلَى علِيّ وَفَاطِمَة سِتْراً.
قَالَ أَبُو عبيد: أغْدَفَ عَلَيْهِ سترا: أَي: أرْسلهُ.
وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
إِنْ تُغْدِفي دُوني القِناعَ فإنَّني
طَبٌّ بأخْذِ الفَارِسِ المستلئِمِ
وأغدفَ الليلُ سدوله، إِذا أرْسلَ سُتُورُ ظُلْمَتِهِ، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا الليلُ البهيمُ أغْدَفا
وَفِي حَدِيث آخر: (لَقلب الْمُؤمن أَشَدُّ ارتكاضاً على الْخَطِيئَة من العُصْور حِين(8/93)
يُغْدَفُ بِهِ) ، أرادَ حِين يُطْبَقُ عَلَيْهِ الشِّباكُ لِيُصادَ فيضْطَرِبُ ليُفْلِتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُدافُ: غُرابُ القَيْظِ الضخم الوافي الْجَناحَيْن، قَالَ: والشَّعرُ الطَّويلُ الأسودُ يسمَّى غُدافاً.
قَالَ رؤبة:
رُكِّبَ فِي جَناحِكِ الغُدافِ
من القُدامَى وَمن الخوافي
وَيُقَال: أَسْوَدُ غُدافِيٌّ: إِذا كَانَ شَدِيد السَّوَادِ.
وَقَالَ غَيره: القومُ فِي غِدافٍ من عيشتهم: أَي: نعمةٍ وخِصْبٍ وسعةٍ، واغْتَدَفَ فلانٌ من فلانٍ اغْتِدافاً: إِذا أخذَ مِنْهُ شَيْئا كثيرا.
وَقَالَ ابْن دُريد: الغادِفُ: المَلاَّحُ، والمِغْدَفُ والغادوف: المجدافُ، لُغَةٌ يمانيةٌ.
فدغ: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الفَدْغُ شَدْخُ شيءٍ أجوفَ مثل حَبَّةِ عِنَب وَنَحْوه.
وَفِي بعض الْأَخْبَار فِي الذَّبْحِ بالحجرِ: (إنْ لم يَفْدَغِ الحُلْقُوم فَكل) ، أَرادَ إِنْ لَّمْ يُثَرِّدْهُ.
وَفِي حَدِيث آخر: (إِذا تَفْدَغَ قريشٌ الرَّأَسَ) : أَي تَشْدَخَ، يُقَال: فَدَغَ رَأسه، وثَدغَه: أَي: رَضّه وشدخه.
دفغ: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الدَّفْغ: حطام الذُّرَةِ ونُسَافَتُها.
رَوَاهُ ابْن دُرَيْد لَهُ وَهُوَ صَحِيح.
دغف: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الدَّغْف: الْأَخْذ الْكثير، دَغَفَ الشيءَ يَدْغَفُه دَغْفاً.
غ د ب
اسْتعْمل من وجوهه: دبغ بدغ.
دبغ: قَالَ ابْن السّكيت: الدِّبغ والدِّباغ: مَا يُدْبَغ بهِ الْأَدِيم، والدَّبْغ الْمصدر، يُقَال: دَبَغَ الدَّباغ الجِلْدَ يَدْبَغه دَبْغاً، والدِّباغَةُ: حِرْفَة الدَّبَّاغِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: دَبَغَ يَدبَغ ويَدبُغ، والمَدبغةُ: الْجُلُود الَّتِي جعِلَت فِي الدِّباغِ، وموضعها ذَلِك مدبَغَةٌ أَيْضا.
بدغ: ابْن السّكيت وَغَيره: بَدِغَ فلَان بِطُمَّتِهِ يَبدَغ بَدغاً إِذا تَلَطَّخَ بهَا، وَأنْشد:
لَوْلَا دَبوقاء استِهِ لم يَبدَغ
وَقَالَ اللَّيْث: البَدَغُ: التَّزَحُّفُ على الاسْت والقولُ هُوَ الأول.
غ د م
غمد دغم مغد دمغ: مستعملة.
غمد: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أَحَدٌ يدخلُ الجنَّة بعَمَلِه، قَالُوا: وَلا أَنْتَ يَا رسولَ الله، قالَ: وَلا أَنا إِلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنيَ اللَّهُ برحمتِه) .(8/94)
قالَ أَبُو عبيد: قولُه: إلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنيَ أَي: إلاَّ أَن يُلْبِسَني ويَتَغشَّانِي.
وَقَالَ العجاج:
يغمِّد الأعداءَ جَوناً مِردَسا
قَالَ: يَعْنِي أَنه يلقِي نَفسه عَلَيْهِم ويركبهمْ ويُغشِّيهمْ، قَالَ: وَلَا أحسبُ هَذَا مأخوذاً إِلَّا من غمد السيفِ لِأَنَّك إذاأغمدته فقد ألبسته إِيَّاه وَغَشيتهُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب فعلت وأفعلتُ: غَمَدْت السيفَ وأغمدته بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: غامِدٌ: بطن من الْيمن، سمي غامداً لِأَنَّهُ تغمَّد أمرا فَسَماهُ ملكهم غامداً؛ وَقَالَ:
تغمَّدتُ أمرا كَانَ بَين عشيرتي
فسماني القَيل الخَضُوري غامدا
وَقَالَ الأصمعيُّ: لَيْسَ اشتقاق غامدٍ ممّا قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ، إِنَّمَا هُوَ من قَوْلهم: غَمَدتِ الرَّكيَّةُ غمداً: إِذا كثر مَاؤُهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: غمدتِ الْبِئْر إِذا قلَّ مَاؤُهَا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الْقَبِيلَة غامدة بالهاءِ. وَأنْشد:
أَلاَ هَل أتاهَا عَلى نأيها
بِمَا فَضَحت قَومهَا غامدهْ
دغم: فِي (نَوَادِر الْعَرَب) : دَغَمَ الغيثُ الأَرْض يَدْغمها وأدْغمَها واغتَمَطها واغتمصها: إِذا غشيها وقهرها.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّغمُ: كسرُ الْأنف إِلَى بَاطِنه هَشْماً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: دَغَمَهُمُ الحرُّ يدغَمُهم دغْماً: إِذا غَشِيَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْبرد. قَالَ: فقد سمعتُ دَغمَهُمْ.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: أرْغَمَهُ الله وأدغَمَهُ وَقَالَ رغْماً لَهُ ودغماً شِنَّغْماً، وَفعلت ذَلِك على رغمهِ ودغمهِ وشِنَّغْمهِ.
وَقَالَ غَيره: الإِدغامُ: إدخالُ اللِّجام فِي أَفْوَاه الدوابِّ.
وَقَالَ سَاعِدَة بن جُؤَيَّة:
بِمُقرباتٍ بِأَيْدِيهِم أَعِنَّتُها
خُوصٍ إِذا فزعُوا أُدْغِمْنَ باللُّجم
قلت: وإدغامُ الْحَرْف فِي الحرفِ مأخوذٌ من هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ إِدْخَال حرفٍ فِي حرفٍ قَالَ: والأدغمُ: الأسودُ الأنفِ، وَجمعه الدُّغم والدُّغمانُ.
وَفِي (النَّوَادِر) : الدُّغام والشُّوال: وجَعٌ يأخذُ فِي الحلْقِ.
مغد: قَالَ اللَّيْث: المَغْدُ: اللُّفَّاحُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي، فِيمَا روى أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ: المَغْدُ والحدَقُ: الباذنجان.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المغدُ: صمغٌ يسيلُ من السِّدرِ، وَأنْشد:(8/95)
وأنتُمْ كَمَغْدُ السِّدرِ يُنظر نَحوه
وَلَا يُجْتَنى إِلَّا بفأسٍ ومِحْجَنِ
قَالَ: ومَغْدٌ آخر يُشبه الْخِيَار يؤكلُ وَهُوَ طيِّب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المغْدُ: النَّتْفُ، وَأنْشد:
تُبارِي قُرحةً مِثل ال
وَتِيرةِ لم تكن مَغْدا
قَالَ: مَغَدَ: نَتَفَ، ومَغَدَ: امْتَلَأَ شبَابًا.
قَالَ أَبُو حَاتِم: يَقُول لم تنتف فتَبْيَضّ وَلكنهَا خلقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الفصيلُ يَمْغَدُ الضَّرع مغْداً وَهُوَ تناولهُ، وبعير مَغْدُ الْجِسْم: تارٌّ لَحِيمٌ.
سَلمَة عَن الْفراء: مَغَدَ فلانٌ فِي عيشٍ ناعمٍ يَمْغَدُ مغداً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: شباب مغدٌ وعيشٌ مغدٌ: ناعمٌ، وَأنْشد:
وَكَانَ قد شَبَّ شبَابًا مَغْدا
وَقَالَ النَّضر: مَغَدَهُ الشَّبَاب وَذَلِكَ حِين استقام فِيهِ الشَّبَاب وَلم يَتَنَاهَ شبابُه كُله، وَإنَّهُ لَفِي مَغْد الشَّبَاب، وَأنْشد:
أراهُ فِي مَغْدِ الشَّبَاب العُسْلُجِ
وَقَالَ غَيره: مَغَدَ الرَّجل جَارِيَته يَمْغَدها إِذا نَكَحَهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و: أمْغَدَ الرَّجل إمغاداً: إِذا أَكثر من الشَّرَاب.
وَقَالَ أَبُو زيد: مَغَدَ الرجلَ عيشٌ ناعمٌ إِذا غذاهُ عيشٌ ناعمٌ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: مَغَدَ الرجل والنَّباتُ وكل شَيْء إِذا طَال.
دمغ: قَالَ اللَّيْث: الدَّمْغُ: كسرُ الصَّاقُورة عَن الدِّماغ، قَالَ: والقهرُ، وَالْأَخْذ من فَوق دَمْغٌ كَمَا يدمَغُ الحقُّ الْبَاطِل، قَالَ: والدَّامغةُ طلعةٌ بَين شَظِيَّات قُلبها طويلةٌ صُلبةٌ إِن تُركت أفسدت النخلةَ، فَإِذا علم بهَا امْتُصِخَتْ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للحديدة الَّتِي فَوق مُؤخرة الرَّحْلِ الغاشيةُ.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الدامغة.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
فرُحنا وقمنا والدَّوامِغُ تَلْتَظِي
عَلَى الْعين من شمسٍ بطيءٍ زوالُها
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّوامِغُ على حاقِّ رُؤُوس الأحناء من فَوْقهَا، واحدتها دامغةٌ، وَرُبمَا كَانَت من خشب وتُؤْسَرُ بالقِدِّ أسراً شَدِيدا وَهِي الخذاريفُ وَاحِدهَا خُذروفٌ وَقد دَمَغَتْ الْمَرْأَة حويَّتهاتدمَغُ دمغاً.
قلت: إِذا كَانَت الدَّامغةُ من حَدِيد عُرِّضت فَوق طرفِي الْحِنْوَيْن وسُمِّرت بمسمارين والخذاريفُ تُشَدُّ على رُؤوس الْعَوَارِض(8/96)
لِئَلَّا تنفكَّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه، يُقَال: أحوَجْتهُ إِلَى كَذَا وأحرجتهُ وأدغمتهُ وأدمغتهُ وأجلدتهُ وأزأَمْته بِمَعْنى وَاحِد.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالتَّاء)
غ ت ظ غ ت ذ غ ت ث: مهملات.
غ ت ر
اسْتعْمل من وجوهها: تغر.
تغر: قَالَ اللَّيْث: تَغِرَتِ القدرُ تَتْغَرُ، تَغَرَاناً، وتَغَرَانُها: غليانها. وَأنْشد:
وصهْباءَ مَيْسَانِيَّة لم يقُمْ بهَا
حنيفٌ وَلم تَتْغَرْ بهَا سَاعَة قِدْرُ
قلت: هَذَا تَصْحِيف، وَالصَّوَاب نَغِرَتِ القدرُ بالنُّون، وستراه فِي بَاب الْغَيْن وَالنُّون إِن شَاءَ الله، وَأما تَغِرَ بِالتَّاءِ فَإِن أَبَا عبيدٍ روى عَن الْأمَوِي فِي بَاب الجراحِ قَالَ: فَإِن سَالَ مِنْهُ الدَّم قيل: جُرح تغار بالتاءِ والغين.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: جُرحٌ نعَّارٌ بالنُّون وَالْعين.
وروى أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جرحٌ تَغَّارٌ ونَعَّارٌ فَجمع بَين اللغتين فصحَّتا مَعًا.
غ ت ل
اسْتعْمل من وجوهه: غلت لتغ.
غلت: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَلْتُ: الْإِقَالَة فِي الشِّرَاء أَو البيع، قَالَ: وغَلْتَةُ اللَّيْل: أوَّلُه، وَأنْشد:
وجِيء غَلْتَةً فِي ظلمَة اللَّيْل وارتحل
بِيَوْم مُحاق الشَّهْر والدَّبران
قَالَ: غَلْتَةً: أول اللَّيْل.
أَبُو عبيد: الغَلَتُ فِي الْحساب والغلط فِي الْكَلَام.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: لَا غَلَتَ فِي الْإِسْلَام.
وَقَالَ اللَّيْث: غَلِتَ فِي الْحساب غَلَتاً، وَيُقَال: غَلِطَ فِي معنى غَلِتَ، والغَلَط فِي الْمنطق، والغَلَتُ فِي الْحساب، وَقَالَ رؤبة:
إِذا اسْتَدَرَّ البَرِم الغَلُوتُ
(والغلوت) الْكثير الغَلَط، قَالَ: واستداره: كَثْرَة كَلَامه.
لتغ: قَالَ ابْن دُرَيْد: اللَّتْغُ: الضَّرْب بِالْيَدِ، لَتَغَهُ لَتْغاً.
غ ت ن
اسْتعْمل من وجوهه: نتغ.
نتغ: قَالَ اللَّيْث: أنْتَغَ إنْتَاغاً: إِذا ضَحِكَ(8/97)
ضحك مُسْتَهْزِىءٍ، وَأنْشد:
لمَّا رَأَيتُ الْمنتِغِينَ أَنتغُوا
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: الإِنْتاغُ: أَن يخفيَ ضحكَه ويظهرَ بعضَه.
وَقَالَ ابْن دُريدٍ: رجلٌ مُنْتِغٌ: عَيَّابٌ وَقد نَتَغَهُ.
غ ت ف
(فتغ) قَالَ ابْن دُرَيْد: الْفَتْغُ وَالْفَدْغُ: الشَّدْخُ.
غ ت ب
اسْتعْمل من وجوهه: تغب بَغت.
بَغت: قَالَ الليثُ: الْبَغْتُ والبَغْتَةُ، وَقد باغَتَهُ إِذا فاجَأَهُ. وَأنْشد:
ولكنهمْ بانُوا ولمْ أدْر بَغْتَةً
وأفْظَعُ شيءٍ حِين يَفْجؤكَ البَغْتُ
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ} (الْأَنْعَام: 44) ، أَي: أخذناهمْ فجأَةً.
تغب: قَالَ اللَّيْث: التَّغَبُ والْوَتَغُ: الْهلاكُ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ: تَغِبَ يَتْغَبُ تَغَباً: إِذا هَلكَ فِي دين أوْ دنيَا، وكذلِكَ الْوَتَغُ.
وَفِي الحديثِ: (لَا تُقبلُ شَهادةُ ذِي تَغْبةٍ) وهوَ الفاسِدُ فِي دينهِ وعملهِ وسوءِ فِعْلِهِ.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: يُقَال لِلقَحْط تَغْبَةٌ وللجُوعِ الْيَرْقُوع تَغبَةٌ.
غ ت م
اسْتعْمل من وجوهه: غتم غمت.
غتم: قَالَ اللَّيْث: الْغُتْمَةُ: عُجْمةٌ فِي المنطقِ، والأَغتَمُ: الَّذِي لَا يُفصحُ شَيْئا، رَجلٌ أَغتَمُ وغُتْميٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: لبنُ غُتْميٌّ وَهُوَ الثَّخينُ الَّذِي لَا صوتَ لَهُ إِذا صببتُه.
الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت: قَالَ: الغتْم: شِدَّة الحرِّ والأخذُ بالنفسِ وَأنْشد:
حَرَقَّهَا حَمْضُ بِلاَدٍ فِلِّ
وغتْمُ نَجْمٍ غير مُسْتَقِلِّ
وَقَالَ غيرُه: أغتَمْ فُلانٌ الزِّيارةَ إِذا أَكثرها حَتَّى يُملَّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الْغُتْمُ: قِطَعُ اللبنِ الثِّخانُ وَمِنْه قيلَ للثَّقيلِ الرُّوحِ غُتْمِيُّ، ويقالُ للَّذي يجدُ الْحَرَّ وَهُوَ جائعٌ مَغْتُومٌ.
غمت: أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ: غَمَتَهُ الطَّعامُ يَغمِتُهُ.
وروى سلمةُ عَن الفرَّاء: قَالَت الدُّبَيْريَّةُ: الغَمَتُ والغتَمُ: التُّخمَةُ.
وَقَالَ شمر: يقالُ: غَمَتَهُ الْودَكُ يَغْمِتُهُ غَمْتاً إِذْ صيرهُ كالسكرانِ وغمَتَهُ إِذا غطَّاهُ.
وَقَالَ ابْن دُريدٍ: غمَتَهُ فِي الماءِ إِذَا غَطَّهُ فيهِ.(8/98)
(أَبْوَاب) الْغَيْن والظاء)
غ ظ ذ غ ظ ث غ ظ ر
أهملت وجوهها.
غ ظ ل
اسْتعْمل من وجوهها: غلظ.
غلظ: قَالَ اللَّيْث الغِلَظُ: مصدرُ قَوْلك غَلُظَ الشيءُ يَغْلُظُ غِلَظاً فِي الْخِلقةِ، واسْتَغلَظَ النَّباتُ والشجرُ وأغْلَظْتُ الثوبَ وغيرهُ إِذا وجدتُه غليظاً، واسْتَغلَظْتُ الثَّوْبَ إِذا تركتُ شِراءَهُ لِغِلَظِهِ، وتغْلِيظُ الْيَمين: تشديدُهَا وتوكيدُهَا، ورجلُ غَلِيظٌ: فَظٌّ ذُو غُلْظةٍ وغِلْظَةٍ وغَلْظَةٍ ثلاثِ لُغاتٍ. قَالَه الزجَّاجُ فِي قَول الله: {وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً} (التَّوْبَة: 123) ، ومَاءٌ مُرٌّ: غَلِيظٌ، وأرضٌ غَلِيظةٌ إِذا كَانَ فِيهَا وعُوثَةٌ وكانَتْ ذاتَ حَصى مُحَدَّد.
وَيُقَال: غَلَّظَ فلانٌ لفُلانٍ القَولَ وأغْلَظَ لَهُ القولَ واسْتَغلَظَ الشيءُ إِذا صارَ غليظاً.
وَمِنْه قَوْله: {فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى} (الْفَتْح: 29) ، وَهَذَا لازمٌ غيرِ واقعٍ، والدِّية الْمغَلَّظَةُ. قَالَ الشافعيُّ: تَغْلِيظُ الدِّية فِي العمْدِ المحضِ وَالْخَطَأ العَمْدِ، وَفِي القتلِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَام والبلد الْحَرَام وقتلِ ذِي الرَّحمِ وهيَ ثلاثُونَ حِقَّةً من الْإِبِل وثَلاثون جَذَعةً وأربعونَ مَا بينَ ثنيةٍ إِلَى بازِلِ عامِها كلَّها خَلِفة، وَدِيةُ الْخَطَأ المَحضِ مخفَفَّةٌ تقسَّمُ أخْماساً.
غ ظ ن
اسْتعْمل من وجوهها: غنظ.
غنظ: اللَّيْث: الْغَنْظ: الهمُّ اللازمُ، تَقول: إنَّه لمغْنُوظٌ: مهمومٌ، وَقد غنظهُ هَذَا الأمرُ يَغْنِظه وَيَغنُظهُ لُغتان، وَقَالَ: وَغَنظتهُ وأغْنظتهُ لُغَتَانِ: إِذا بلغت مِنْهُ الغَمَّ.
ويروَى عَن عمر بن عبدِ الْعَزِيز أَنه ذكَر الْمَوْت فقالَ: غَنْظٌ ليسَ كالْغَنظ، وكَظٌّ لَيْسَ كَالْكَظِّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْغَنظ هوَ أشدُّ الكربِ، قالَ: وكانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول: هوَ أَن يشرفَ الرجل على الموْتِ منَ الكربِ ثمَّ يفلِتَ مِنْهُ.
يُقَال: غَنظتُ الرَّجلَ أغْنظه غنظاً إِذا بلغتَ بِهِ ذلكَ، وَأنْشد:
وَلَقَد لَقِيتَ فوارِساً من رَهطِنَا
غَنظوكَ غَنظَ جَرَادَة الْعيّار
غ ظ ف غ ظ ب غ ظ م
أهملت وجوهها.
(أَبْوَاب) الْغَيْن والذال)
قَالَ الليثُ: أهملت الغينُ والذالُ مَعَ الحروفِ الَّتِي تَليها فِي الثلاثيِّ الصحيحِ إلاَّ مَعَ اللامِ وَمَعَ الميمِ.
غ ذ ل
اسْتعْمل من وجوهه: ذلغ.(8/99)
ذلغ: قَالَ ابْن بزرج: ذلِغَتْ شفتهُ تذْلَغُ ذَلغاً إِذا انْقَلَبَتْ، وَيُقَال لِذكَرِ الرَّجل: أذلَغُ وأذلغِيٌّ.
وَأنْشد أَبُو عمرٍ و:
واكْتشفتْ لنَاشىءٍ دَمَكمكِ
عَن وَارمٍ أكْظَارهُ عَضَنَّكِ
فَدَاسَها بأَذلغيَ بَكْبَكِ
قالَ: وَيُقَال: لَهُ مِذْلَغ أَيْضا، وَأنْشد:
فَشَامَ فِيهَا مِذْلغاً صُمادِحَا
فصرختْ لقدْ لقِيت ناكِحَا
رَهزاً دِرَاكاً يحطمُ الجَوَانِحَا
قلت: وَالذكر يُسمى أذلَغَ إِذا اتمهلَّ فَصارَتْ تومة الْحَشَفَة كالشفة المنقلبةِ.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: رجلٌ أذلَغُ غليظ الشفتين.
قَالَ: وَقَالَ رجل من العربِ: كَانَ كثيرٌ أُذيلغَ؛ لَا ينَال خِلْفَ النَّاقةِ لِقصره.
وَفِي (نَوَادِر الْإِعْرَاب) : دَلغْت الطعامَ وذلغته: أَي أَكلته وَمثله اللُّغْف.
غ ذ م
اسْتعْمل من وجوهه: غذم.
غذم: قَالَ اللَّيْث: الْغذْم: الْأكل بجفاءٍ وشِدّة نهم، وَقد غَذِمت أغْذَم غذماً.
قَالَ: وَالْغُذَم من اللَّبن شيءٌ كثيرٌ، واحدتها غُذْمة؛ وَأنْشد:
قد تركتْ فصيلها مكرَّماً
ممّا غذته غُذَماً فغُذَما
وَيُقَال للحُوَارِ إِذا امْتَكَّ مَا فِي ضَرْع أُمِّهِ قد غَذَمَهُ واغتَذَمَه، وَأَصَابُوا مِن معروفِه غُذَماً، وَهُوَ شَيْء بعدَ شَيْء.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الغذَمُ: نبتٌ.
قَالَ القطاميُّ:
فِي عَثْعَثٍ يُنبِت الحوذانَ والغَذَما
وَقَالَ شمر: الغذِيمةُ كل كلأٍ، وكلُّ شَيْء يركبُ بعضه بَعْضًا، وَيُقَال: هيَ بقلةٌ تنبتُ بعد مسير النَّاس من الدَّار.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، إِذا أكثرَ منَ العطيةِ قيل: غَذَمَ لَهُ وقذَمَ لَهُ وغثم لَهُ.
قَالَ: وَقَالَ الأحمرُ:
اغْتذَمَ الفصيلُ مَا فِي ضرع أمِّه إِذا شَرِبَ جميعَ مَا فِيهِ وَقَالَ غَيره: كل مَا أمكنَ منَ المَرْتَع فهوَ غَذِيمةٌ.
وَأنْشد:
وجَعَلَتْ لَا تجِدُ الغَذَائما
إلاّ لَوِيّاً ودَوِيلاً قاشِما
ورُوي عَن أبي ذَر أَنه قَالَ: عَلَيْكُم معاشرَ قُريشٍ بدُنياكم فاغْذَموها.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: الغَذْمُ الأكلُ بجفاءٍ وشدّة نَهَمٍ وَقد غَذِمتُ أغذَمُ غَذْماً. وأنشده الرياشيُّ:
تَغَذَّمْنَ فِي جَانِبَيْه الْخَبِ(8/100)
ير لَمّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحا
وَقَالَ النضرُ: رجلٌ غَذَمٌ: كثيرُ الأكْلِ وبِئرٌ غُذَمةٌ كثيرةُ المَاء، وبئرٌ ذاتُ غَذيمة كذلكَ، والغذائم: البحورُ، الواحِدَة غَذِيمةٌ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الغذائمُ كلُّ متَراكب بعضُه عَلَى بعض.
(أَبْوَاب) الْغَيْن والثاء)
غ ث ر
غثر غرث ثغر ثرغ رغث رثغ.
غثر: أَبُو عبيد: الأغثرُ الَّذِي فِيهِ غُبرةٌ، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الذِّئبُ فِيهِ طُلْسَةٌ وغُبْرَةٌ وغُثرَةٌ وغُبسةٌ، والضَّبعُ فِيهَا غُثْرَةٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الغثراءُ من النَّاس: الغوْغاءُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: الغيْثرَةُ الجماعاتُ من النَّاس المختَلِطون.
وَقَالَ الليثُ: الأغثرُ والغثراءُ مِنَ الأكسيةِ: مَا كثرَ صُوفه وزئبَرُه، وَبِه شُبِّه الغَلْفقُ فَوق المَاء.
وَأنْشد:
عَباءَةٌ غثراءُ مِن أجْن طالي
أَي: من ماءِ ذِي أَجْنٍ.
قَالَ: الأغثرُ: من طير المَاء: طَوِيل العُنق فِي لَونه غثرَة.
وَقَالَ غَيره: أغثرَ الرِّمْثُ وأغفر: إِذا سَالَ مِنْهُ صَمْغٌ حُلْو يُقَال لَهُ المُغْثور والمِغثر، وَجمعه المغاثير والمغافير.
وَقَالَ ابْن الفرَج: قَالَ الأصمعيُّ: تركت الْقَوْم فِي غَيْثرة وغَيْتمة: أَي فِي قتال واضطراب.
غرث: قَالَ اللَّيْث: الغرَث: الْجُوع، والنّعت غَرْثان وغرْثى، وجاريةٌ غَرْثى الوِشاح ووِشاحها غرْثان، وَقد غرِثَ يغْرَث غَرَثاً فَهُوَ غرثان، وغرَّثه إِذا جَوّعه.
ثغر: قَالَ اللَّيْث: الثَّغْر لِلسِّنِّ مَا دامَ فِي مَنابِته قبل أَن يَسْقُط.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: إِذا سَقَطتْ رَواضِع الصبيِّ قيل: ثُغِرَ فَهُوَ مثغورٌ، فَإِذا نبتتْ أَسْنَانه بعدَ السقوطِ قيل: اثّغرَ واتَّغَرَ بتَشْديد الثّاء وَالتَّاء.
وَقَالَ شمر: الإثِّغار يكون فِي النَّبَات والسقُوط، وَمن النَّبَات حديثُ الضَحّاكِ أَنه وُلدَ وَهُوَ مثْغِرٌ، وَمن السقوطِ حَدِيث إِبْرَاهِيم كَانُوا يُحبون أَن يُعلِّموا الصبيَّ الصَّلَاة إِذا اثّغر.
قَالَ شمر: وَهَذَا عِنْدِي بِمَعْنى السقوطِ يدلُّكَ علَى ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن المبارَك بِإِسْنَادِهِ عَن إِبْرَاهِيم إِذا ثُغِر، وثُغر لَا يكون إِلَّا بِمَعْنى السقوطِ.
قَالَ شمر: ورَوُي عَن جابرٍ أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي سنِّ الصبيِّ شَيْء إِذا لم يثّغِرْ قَالَ:(8/101)
وَمَعْنَاهُ عِنْدِي النَّبَات بعد السُّقوط.
قَالَ شمر: وَحكي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: إِذا وَقع مقدَّم الفَم من الصبيِّ قيل: اتّغر بِالتَّاءِ، فَإِذا قُلع من الرجل بعد أَن يُسنّ قيل: قد ثُغر بالثاء فَهُوَ مثغور.
قلت: أصل الثّغر الْكسر والثّلم، وَقد ثغرْت الْجِدَار إِذا ثلَمْته، وَمِنْه قيل للموضع الَّذِي يخَاف مِنْهُ اندراء العدوِّ فِي جبلٍ أَو حِصْنٍ ثغر لانثِلامِه وإعواره حَتَّى يُمكن العدوّ الدُّخُول مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّغَرة: ثغرَة النّحْر، والثغْرَة النَّاحِيَة منَ الأَرْض، يُقَال: مَا بِتِلْكَ الثغرة مثْله.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: ثُغَر المجدِ: طُرقه واحدتها: ثُغْرة.
قلت: وكلُّ طريقٍ التَحَبه النَّاس لسهولتِه حَتَّى تخدَّد فَهُوَ ثُغْرَةٌ، وَذَلِكَ أَن سالكيهِ دعَسوه وثَغروا وَجهه حَتَّى صَار فِيهِ أخدودٌ وشرك بائنةٌ، وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة نباتاً يُقَال لَهُ الثّغَر، وربّما خفِّفَ فَقيل: ثَغْرٌ.
قَالَ الراجز:
أفانِياً ثَعْداً وثَغْراً ناعِما
شمر عَن الهجيميِّ: ثغَرْت سِنّه: نزعْتها واثّغرَ إِذا أنبَت، واثَّغر سقَط، ونَبتَ جَمِيعاً.
وَقَالَ الكمَيت:
تبَيَّن فِيهِ النَّاس قبلَ اثِّغاره
مَكَارِم أرْبى فوْقَ مثْلٍ مِثالُها
قَالَ شمر: اثغارهُ: سُقُوط أسنانهِ.
قَالَ: وَمن النّاسِ من لَا يثَّغِرُ أبدا، وبَلغنَا أَن عبد الصمد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس لم يَتَّغِرْ قَطُّ وَأَنه دخل قَبره بأسنان الصَّبيِّ، وَمَا نَغضَ لَهُ سِنٌّ حتَّى فارَقَ الدُّنْيَا مَعَ مَا بلغ من العمرِ.
وَقَالَ المرار الْعَدَويُّ:
قَارِحٌ قد فُرَّ مِنْهُ جَانبٌ
ورَبَاع جانبٌ لم يَتّغِرْ
وَقَالَ أَبُو زبيد يصف أنيَابَ الأسَدِ:
شِبالاً وَأَشْبَاه الزُّجَاج مَغاوِلاً
مَطَلْنَ وَلم يَلْقَيْنَ فِي الرَّأْسِ مَثْغرا
قَالَ: مَثغراً: مَنْفذاً، فأَقمنَ مكانَهُنَّ من فمهِ، يَقُول: إِنَّه لم يَتّغِرْ فيخلف سنّاً بعد سِنَ كَسَائِر الْحَيَوَان.
رغث: قَالَ اللَّيْث: كلُّ مُرْضعةٍ: رَغُوثٌ.
وَقَالَ طَرَفةُ:
ليتَ لنَا مَكانَ الملكِ عَمرٍ
ورَغوثاً حَوْلَ قُبَّتنَا تَخُورُ
والرُّغثَاوانِ: مَضيغتَانِ بَين الثّندُوَة والمنْكِبِ بِجَانِب الصَّدْرِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الرَّغوثُ هِيَ الَّتِي ترضعُ، وَجمعهَا رغاثٌ.
وَيُقَال: رَغثهَا ولدُهَا يَرْغَثُهَا رَغْثاً مثل(8/102)
مَلجَهَا يَملجُها إِذا رَضَعهَا.
قَالَ: والرُّغثَاءُ: مَا بَين الْإِبِط وأسفل الثَّديِ ممَّا يَلي الإبطَ، قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ غَيره: الرَّغَثَاءُ بِفتْحِ الرَّاءِ: عَصبَةُ الثدْي، قلت: وضَمُّ الرَّاءِ فِي الرُّغثَاءِ: أَكثر، كَذَلِك روى سَلمَة عَن الْفراء.
قَالَ: والرُّغثَاوانِ: سَوادُ حَلَمَةِ الثَّدْيَيْنِ.
ثرغ: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: ثُرُوغُ الدَّلْوِ وفُروغُهَا مَا بَين العَراقِي، واحدهَا فَرْغٌ وثَرْغٌ.
رثغ: قَالَ اللَّيْث: الرَّثَغُ لُغةٌ فِي اللَّثَغِ.
غ ث ل
غلث. لثغ. ثلغ. لغث: (مستعملة) .
ثلغ: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المثَلَّغَةُ الرطبَة المُعَرَّقَةُ وَهِي المعْوَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: ثَلغ رَأسه يَثلَغُه ثلغاً إِذا شَدَخَهُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا يَثلغوا رَأسي كَمَا تُثلَغُ الخبزَةُ) .
قَالَ: والمُثَلَّغُ من الرُّطبِ والتّمْرِ: الَّذِي قد أَصَابَهُ المطرُ فَأَسْقَطَهُ ودَقّهُ، وَقد تَناثرَتِ الثِّمارُ فَثُلِّغَتْ تثليغاً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: ثَلَغْتُ رأسَه أثلَغه ثَلْغاً إِذا شدَخْتُه.
وَقَالَ شمر: الثّلغُ: فضخُك الشيءَ الرَّطْبَ بالشيءِ الْيَابِس حَتَّى ينشدخَ وَقد انْثلغَ وانْفضخَ بِمَعْنى واحدٍ.
غلث: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغِلثُ: الشَّديد الْقِتَال اللَّزوم لمن طَالب، قَالَ رؤبةٌ:
إِذا اسْمَهَرَّ الحِلسُ المغَالث
اسْمهرَّ: اشتدَّ، والحِلسُ الَّذِي لَا يبارح قِرْنه، والمغالث: الملازم لقِرْنه.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الغليث: الطَّعام الْمَخْلُوط بِالشَّعِيرِ، فَإِن كَانَ فِيهِ مَدَرٌ أَو زؤانٌ فَهُوَ المغلوث.
وَقَالَ الْفراء: المعْلُوثُ بِالعيْن: الْمَخْلُوط.
وَقَالَ غَيره: قد سمعناه بالْغيْنِ مَغلوثٌ.
وَقَالَ لَبيدٌ:
مَشْمولة غُلِثتْ بنَابتِ عَرْفَجٍ
كدُخان نارٍ ساطِعٍ أسْنامُها
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: غلِث الزّنْدُ غَلَثاً إِذا لم يُور.
وَقَالَ اللَّيْث: غلث الطَّائر إِذا هَاعَ ورَمى من حَوْصَلَتِهِ شَيْئا اسْتَرَطَهُ.
قَالَ ابْن السّكيت: إِنِّي لأجِدُ فِي نَفسِي تغْليثاً، أَي اختلاطاً، وَيُقَال: قُتِل النَّسْر بالغَلْثى، وَهُوَ شيءٌ يُخْلط لَهُ فِي طعامٍ فيأكلُهُ فيقتُله، فيؤخَذُ ريشه. سِقاءٌ مَغْلوثٌ: إِذا كَانَ مدبوغاً بالتَّمْرِ أَو بالبُسْرِ.(8/103)
لثغ: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبرِّدِ أَنه قَالَ: اللُّثْغَة أَن يُعدلَ بحرفٍ إِلَى حرف.
وَقَالَ اللَّيْث: الألْثَغُ: الَّذِي يتحولُ لسانهُ من السِّين إِلَى الثَّاءِ، والمصدر: اللَّثَغُ واللُّثْغَةُ.
وَقَالَ غَيره: لَثَّغَ فلَان، لسانَ فلانٍ إِذا صَيَّرَهُ أَلْثَغَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الألْثَغُ: الَّذِي لَا يُتِمُّ رَفْعَ لِسَانه فِي الْكَلَام وَفِيه ثِقلٌ.
وَفِي (النَّوادر) : مَا أشدَّ لَثَغَتَهُ، وَمَا أقبحَ لُثْغَتَه، فاللَّثَغَةُ: الفَمُ، واللُّثْغَةُ: ثِقَلُ اللسانِ بالْكلَام، أَلْثَغُ: بَيِّنُ اللُّثْغَةِ وَلَا يُقَال بَيِّنُ اللَّثَغَةِ.
لغث: عَمْرو عَن أَبِيه: اللَّغيثُ: الطعامُ يُغَشُّ بِالشَّعِيرِ، وباعتهُ يُقَال لهُم البُغَّاثُ واللُّغَّاثُ.
غ ث ن
غنث نغث: (مستعملان) .
غنث: قَالَ اللَّيْث: غنِثَ من اللَّبن يَغْنَثُ غَنَثاً، وَهُوَ أَن يشربَ ثمَّ يتنفس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: إِذا شَرِبْتَ فاغنَثْ وَلَا تَعُبَّ، والعَبُّ: أَن يشربَ وَلَا يتنفَّس، وَيُقَال: غنَثْتَ فِي الإناءَ نَفساً ونَفَسَيْنِ.
وَقَالَ الرَّاجز:
قَالَت لهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرْدَيْن
لَمَّا غنَثْتَ نَغَساً أَو اثْنَيْنِ
وَقَالَ: التَّغَنُّثُ: اللُّزوم، وَأنْشد:
تَأَمَّلْ صُنْعَ رَبِّكَ غيرَ شَرَ
زَمَانا لَا تُغَنِّثُكَ الهموم
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغُنَّاثُ: الحَسَنو الآدابِ فِي الشربِ والمُنادَمةِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: غنِثَتْ نفسهُ غَنثاً إِذا لَغِسَتْ، قلت: لم أسمعْ غنِثَتْ نفسهُ إِذا لَغِسَتْ لغيره.
نغث: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّغَثُ: الشَّرُّ الدائمُ الشديدُ، يُقَال: وقعنا فِي نَغَثٍ وعِصْوادٍ ورَيْبٍ وشِصْبٍ.
(غ ث ف)
غ ث ب
غبث ثغب بغث: (مستعملة) .
غبث: أَبُو عبيد: الغَبِيثَةُ: طعامٌ يطبخُ ويجعلُ فيهِ جرادٌ، وَهُوَ الغَثيمَةُ أَيْضا.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: غبَثْتُ الأقِط أغبِثُه غبثاً ومثْتُ ودُفْتُ مثله.
وَقَالَ شمر: قَالَ إِبْرَاهِيم ورّاقُ أبي عبيد قَرَأتهُ على أبي عبيد ثَانِيًا فَقَالَ: بالعَيْن عَبَثْتُ وَقَالَ: رَجَعَ الْفراء إِلَى الْعين،(8/104)
قلت: رَوَى ابْن السّكيت هَذَا الحرفَ عَن أبي صاعد الكلابيِّ العَبِيثَةُ بِالْعينِ فِي الأقِطِ يُفرَغُ رطْبه على جافِّهِ حَتَّى يخْتَلط، وهما عِنْدِي لُغتان بِالْعينِ والغين وغنَمٌ غبيثةٌ: مختلطة.
بغث: قَالَ اللَّيْث: البغاثُ والأبْغَثُ من طير المَاء كلونِ الرَّماد طويلُ الْعُنُق، والجميع: البُغْثُ والأباغِثُ.
قَالَ: والبغاثُ طيرٌ كالباشق لَا يصيد شَيْئا من الطير، والواحدة بغاثة، وَيجمع أَيْضا على البِغثان.
وَقَالَ الشاعرُ:
بغاث الطير أَكْثَرهَا فِراخاً
وأمُّ الصَّقْرِ مِقلات نَزور.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم: (إِن البغاثَ بأرْضنا يستَنْسِرُ) قُلْنَا: هَكَذَا سمعناه من أبي الْفضل: البِغاثُ بِكَسْر الْبَاء، قَالَ: وَيُقَال: بَغاثٌ بِفَتْح الْبَاء، قَالَ: والبَغاثُ: الطيرُ الَّتِي تُصادُ، واحدتُهُ بَغاثَةٌ، وجمعهُ بَغاثٌ وبِغثانٌ، يُضرب مثلا للرجل الْعَزِيز الَّذِي يعزُّ بِهِ الدَّليل، وَقَوله: يَسْتَنْسِرُ: أَي يصيرُ كالنَّسْرِ الَّذِي يصيدُ وَلَا يصادُ، قلت: جعل اللَّيْث البغاثَ والأبْغثَ شَيْئا وَاحِدًا وجعلهما مَعًا من طير الماءِ، والبغاثُ عِنْدِي غيرُ الأبْغثِ، فَأَما الأبْغثُ فَهُوَ من طيرِ المَاء معروفٌ سُمِّيَ أبْغثَ لِغُبثَةِ لَونه، وَهُوَ بياضٌ يَضربُ إِلَى الخُضْرَةِ. وَأما البغاثُ فكلُّ طائرٌ لَيْسَ من جوارحِ الطيرِ يُصادُ وَهُوَ اسمٌ للجِنْسِ من الطيرِ الَّذِي يُصاد.
وَقَالَ أَبُو زيد: البَغاثُ: الرَّخَمُ، الْوَاحِدَة بَغاثَةٌ.
قَالَ: وَزعم يُونس أَنه يُقَال: البِغاثُ والبُغاثُ بالكسرِ والضمِّ، والواحدةُ بِغاثةٌ وبُغاثةٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: البَغاثُ: طائرٌ أبْغثُ إِلَى الغبْرَةِ دُوَيْنَ الرَّخمةِ بطيءُ الطيران.
عَمْرو عَن أَبِيه: البَغيثُ واللَّغيثُ: الطَّعامُ يُغشُّ بِالشَّعِيرِ، وَأنْشد:
إِن البَغيثَ واللَّغيثَ سيَّانْ
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: قَالَ: دخلتُ فِي بَغثاءِ النَّاسِ وبَرْشاء النَّاس، أَي: فِي جَمَاعَتهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: يومُ بغاثٍ: يومُ وقعةٍ كَانَت بَين الْأَوْس والخزْرَجِ، قلت: والصوابُ يومُ بُعَاث بِالْعينِ، وَقد مر ذكرهُ فِي كتاب الْعين، وَهُوَ من مشاهير أَيَّام الْعَرَب، وَمن قَالَ بغاثٌ بالغين فقد صَحَّفَ.
ثغب: قَالَ اللَّيْث: الثَغُبَ: ماءٌ صارَ فِي مستنقع فِي صَخْرَة أَو جلهة وَجمعه ثُغبان.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: مَا شَبَّهْتُ مَا غبَرَ من الدُّنْيَا إلاَّ بِثَغْبٍ قد ذهب صَفوه وَبَقِي كَدَرُهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الثَّغْبُ: الْموضع المطمئن(8/105)
فِي أَعلَى الْجَبَل يَسْتَنْقِعُ فِيهِ مَاء الْمَطَر.
قَالَ عبيد:
ولَقَدْ تَحُلُّ بِهَا كَأَن مُجَاجَها
ثَغْبٌ يُصَفَّقُ صفوهُ بِمُدامِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثُّغْبَانُ: مجاري المَاء وَبَين كل ثغبين طَرِيق فَإِذا زَادَت الْمِيَاه ضَاقَتْ الْمسالِكُ فَدَقَّتْ، وَأنْشد:
مَدَافِعُ ثغْبَانٍ أَضَرَّ بهَا الْوَبْلُ
وَأما الثَّعبُ فقد مر تَفْسِيره فِي كتاب الْعَيْنِ.
ابْن السّكيت: الثَغَبُ: تحتفره الْمسايِلُ من عَل، فَإِذا انحطت حفرت أَمْثَال الدِّبار فيمضي السَّيْل عَنْهَا ويغادرُ الماءَ فيصفو إِذا صَفَقَته الرياحُ ويبرد، فالماءُ ثَغَبٌ، والمكانُ ثَغَبٌ، وهما جَمِيعًا ثغَبٌ وثغْبٌ.
غ ث م
غثم ثغم ثمع مغث: مستعملة.
مغث: قَالَ اللَّيْث: الْمَغْثُ: التباسُ الشُّجْعانِ فِي المعركةِ وتقولُ: مَغَثْتُ الدَّواءَ بِالْمَاءِ: مَرَسْتَه فِيهِ، والْمَغْثُ: الْعَرْكُ، والْمَغْثُ: العَرْكُ فِي المصارعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْمَمْغُوث: الْمَحْمُومُ، وَقد مُغِثَ إِذا حُمَّ.
وَقَالَ غَيره: المغْثُ: اللَّطْخُ، ومغثتُ عِرْضَه بالسَّبِّ.
وَقَالَ الراجز:
مَمْغُوثة أعْرَاضُهم مُمَرْطَلَه
كَمَا تُلاث فِي الهِنَاءِ الثّمَلَهْ
وَيُقَال: بَينهمَا مِغَاثٌ أَي: لحاءٌ وحكاكٌ، ورجلٌ مُمَاغث: إِذا كَانَ يلاحُّ الناسَ ويُلادُّهمْ.
وَقَالَ سَلمَة: مَغَثْته فِي المَاء وغتَتّه وغططتُّه وفَصَحْته وقَمَسْته بِمَعْنى غرَّقته.
غثم: أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا غلب بَيَاض الرَّأسِ سوادَه، فَهُوَ أغثم، وَأنْشد:
إِمَّا تَرَيْ رَأسي عَلاَني أَغثَمُه
وَقَالَ ابْن دُريد: الأغثَم: الأورق، وَهِي الغُثْمة.
سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: هِيَ الغَثَمة والقِبَة والفِحتُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الغُثْم: القِبَاتُ الَّتِي تؤكلُ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الغَثيمَةُ: طعامٌ يطبخُ ويجعلُ فِيهِ جرادٌ، وَهِي الغَبِيثَة.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غَثَمَ لَهُ من المالِ غَثْمَةً إِذا دفع لَهُ دفْعَة وَمثله قثَمَ وغَذَم.
أَبُو مَالك: إِنَّه لبيتٌ مغثُومٌ ومُغْثمَرٌ: أَي مُخَلَّطٌ لَيْسَ بجيِّدٍ، وَقد غثمتهُ وغثمرتهُ: إِذا خلطت كل شَيْء.
ثمغ: قَالَ اللَّيْث: الثَّمْغُ: خلطُ الْبيَاض بِالسَّوَادِ.
قَالَ رؤبة:(8/106)
إنْ لَاحَ شَيْبُ الشَّمَطِ المثَمَّغِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ثَمَغَ لِحيَتَهُ فِي الخضاب: أَي: غمَسَها، وَأنْشد:
وَلِحْيَةٍ تُثْمَغُ فِي خَلُوقِهَا
أَبُو عبيد عَن الْفراء: قَالَ: سَمِعت الْكسَائي يَقُول: ثَمَغةُ الجبلِ بالثَّاء.
قَالَ الْفراء: وَالَّذِي سَمِعْتُ أَنا نمغةٌ بالنُّون.
وَرُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي: ثمغَ رأسهُ بالعصا ثمغاً وثَلغهُ ثَلْغاً بِمَعْنى وَاحِد إِذا شَجَّهُ، وثمغٌ: مالٌ كَانَ لعمر بن الْخطاب فَوَقفهُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ثمغتُ الثَّوْبَ إِذا أشْبَعْتَهُ صِبْغاً، وَأنْشد:
كَأَنَّ ثيَابَهمْ ثُمغتْ بِوَرْسِ
ثغم: قَالَ اللَّيْث: الثَّغَامَةُ: نباتٌ ذُو ساقٍ، جُمَّاحَتُهُ مثل هَامة الشَّيْخ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: أَنه أَتَى بِأَبي قُحافَةَ وكأَنَّ رَأْسَهُ ثَغامةٌ فَأَمرهمْ أَن يغيروهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ نبت أَبيض الثمرِ والزهرِ يُشَبَّهُ بياضُ الشيبِ بِهِ.
قَالَ حسان:
إمَّا تريْ رأْسي تغير لَوْنُهُ
شُمْطًا فأَصْبَحَ كالثغام الممحلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثَّغامَةُ: شَجَرَة تَبْيَضُّ كَأَنَّهَا الثَّلج، وَأنْشد:
إِذا رأيْت صلعاً فِي الهامهْ
وَحَدَباً بعد اعْتِدَال القامهْ
وَصَارَ رأسُ الشيْخ كالثَّغامهْ
فايأسْ من الصحةِ والسلامهْ
قَالَ: والمثاغمة: مُلاثَمة الرجل امرأتهُ.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَالرَّاء)
غ ر ل
غرل رغل: (مستعملان) .
غرل قَالَ اللَّيْث: الأغرلُ: الأقلفُ، والغَرَلُ: القَلَفُ، والغُرلة: القُلفةُ، وَيُقَال للرجل المسترخي الخَلق: غَرِلٌ، وَأنْشد:
لَا غَرِلُ الطُّولِ وَلَا قصيرُ
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: رجلٌ أغْرَلُ وأرْغَلُ وَهُوَ الأقلفُ.
وَقَالَ اللحياني: قَالَ أَبُو عَمْرو: الغِرْيَلُ والغِرْيَنُ: مَا يبْقى من المَاء فِي الْحَوْض، والغَدِير الَّذِي تبقى فِيهِ الدَّعاميصُ لَا يُقدرُ على شُربه.
وَقَالَ أَبُو الْحسن: هُوَ ثُفْلُ مَا صُبغ بِهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: مَا بَقِي فِي القارُورة إِلا غِرْيَلُها وغِرْيَنُها.
رغل: قَالَ اللَّيْث: الرُّغل: نباتٌ تُسمِّيه الفُرس السَّرْمَقَ. وَأنْشد:
باتَ من الْخَلْصَاءِ فِي رُغْلٍ أَغَنْ
قلت: غَلِطَ اللَّيْث فِي تَفْسِير الرُّغْلِ أَنه السَّرْمَقُ، والرُّغْلُ من شجرِ الْحَمْضِ وورقهُ(8/107)
مفتولٌ، والإبلُ تُحْمِضُ بِهِ، وأنشدني أعرابيٌ من بني كلاب بن يَرْبُوع، وَنحن يَوْمئِذٍ بالصَّمان لهميان بن قُحَافَة:
ترعى من الصَّمان روضاً آرِجا
ورُغُلاً باتت بِهِ لواهجا
والسَّرْمَقُ: نبت صَغِير، والرُّغْلُ مثل الخذراف والإخريط.
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْغلَتِ الأَرْض إِذا أنبتت الرُّغل.
شمر: أرْغَلَتِ الْمَرْأَة ولدَها: إِذا أرْضَعْتُه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فَصِيلٌ رَاغلٌ أَي لاهج وَقد رَغلَ أمَّه يَرْغلُها إِذا رَضعها.
وَقَالَ الرِّياشي: رَغَل الجَدْيُ أمه وأرْغَلها ورغِلها إِذا رَضِعَها.
وَقَالَ: الرِّغال، البَهْمةُ يرْغل أمّه، أَي: يرضعها.
يُقَال: رَغل يرغَل ويرغُل.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رَغالِ هِيَ الأَمَةُ.
وَقَالَت دَخْتَنُوسُ:
فَخْرَ الْبَغِيِّ بحدْجِ رَبَّ
تِهَا إِذا النّاسُ اسْتَغلُّوا
لَا رِجْلَها حَمَلَتْ وَلَا
لِرغالِ فِيهَا مُسْتَظَلُّ
قَالَ: رَغالِ: الْأمة لِأَنَّهَا تَطعمُ وتَستطْعِمُ.
قَالَ: والرَّغالِ: الْبَهْمَةُ يَرْغلُ أمَّهُ أَي: يَرْضَعُهَا.
غ ر ن
غرن نغر رغن: مستعملة.
غرن: أَبُو عبيد عَن الْفراء: الْغِرْيَنُ والغريل مَا بَقِي فِي أَسْفَل القارُورَة من الثُّفْلِ وأَسْفل الْغدِيرِ من الطِّينِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي فِي كتاب (الطَّيرِ) لَهُ: الْغَرَنُ: الْعُقابُ.
وقالَ غيرهُ: غُرَانُ موضِعٌ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
بَغُرَانَ أَوْ وَادِي الْقُرَى اضْطَربَتْ بِهِ
نَكْباءُ بَينَ صَباً وبَينَ شَمالِ
نغر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لِبُنَيَ كَانَ لأبي طَلحةَ الأنصاريِّ وَكَانَ لَهُ نُغْرٌ فَمَاتَ: (مَا فعل النُّغَيْرُ ياأبا عُمَيْر) ، والنُّغَرُ طائرٌ يشبه العصفورَ وتصغيرُه نُغيْرُ وَيجمع نِغراناً.
وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة أتَتْهُ فذَكَرتْ أَن زوجَها يَغشَى جاريتها.
فَقَالَ: إِن كنت صَادِقَة رَجمناهُ وَإِن كنتِ كاذِبةً جَلَدْنَاكِ.
فَقَالَت: رُدُّوني إِلَى أَهلي غيرَى نَغِرَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلَني شُعْبَةُ عَن هَذَا فَقلت: هُوَ مَأْخُوذٌ من نَغَرِ القدْر وَهُوَ غَلَيانُهَا وفورها يُقَال: نَغرتْ(8/108)
تَنْغَرُ ونغَرَتْ تَنْغرُ: إِذا غَلَتْ، فَالْمَعْنى أَنَّهَا أرادَتْ أَن جَوْفَهَا يَغلي مِنَ الْغيْظِ والغيرَةِ، ثمَّ لم تَجِد عِنْد عَلِي رحمهُ الله مَا تُرِيدُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَيُقَال مِنْهُ: رَأَيْت فُلاناً يَتَنغَّرُ عَلَى فلانٍ أَي يغلي عَلَيْهِ جَوْفُهُ غيْظاً.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّغَرُ ضَرْبٌ من الحُمَّرِ حُمْرُ المناقِيرِ وأصولِ الأحْناكِ.
قَالَ: والنُّغَرُ أَوْلَاد الحوامِل إِذا صَوَّتَتْ ووَزَّغَتْ، قلت: هَذَا تَصْحِيفٌ، وَالَّذِي أرادَ اللَّيْث النُّعَرُ بِالْعينِ وَمِنْه قَول الْعَرَب: مَا أجَنَّتِ النَّاقة نُعَرَةً قَطُّ: أَي مَا حملتْ جَنيناً، وَقد مَرَّ تَفْسِيره فِي كتاب العينِ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
كالشَّدَنيَّاتِ يساقِطْنَ النُّعَرْ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أمْغَرَتِ الشَّاةُ وأَنغَرَتْ وَهِي شاةٌ مُمغِرٌ ومُنْغِرٌ إِذا حُلِبَتْ فخرجَ مَعَ لَبنِهَا دَمٌ فَإِذا كَانَ ذَلِك من عادَتِهَا قِيلَ شاةٌ مِمْغَارٌ ومِنْغَارٌ وَنَحْو ذَلِك رَوى ابْن السّكيت عَنهُ.
وَقَالَ شمر: النُّغَرُ: فَرْخُ العصفورِ، وقيلَ: هُوَ من صِغارِ العصافير تَراهُ أَبداً صَغِيرا ضاوياً.
رغن: قَالَ اللَّيْث: أَرْغَنَ فُلانٌ بفلانٍ إِذا أصْغَى إليهِ قَابلا رَاضياً وَأنْشد:
وأُخْرَى تُصِفِّقُها كلُّ ريح
سَريع لدَى الْحَوْر إرْغانُهَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أرْغَنَ فلانٌ إِلَى الصُّلْح: مالَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الطِّرِمّاحُ:
مُرْغِنَاتٌ لأخْلَجِ الشِّدْقِ سِلْعا
مٍ مُمرَ مَفْتُولةٍ عَضُدُهُ
قَالَ: مُرْغناتٌ: مُطِيعاتٌ يَعْنِي كلابَ الصَّيْدِ.
وَقَالَ اللحياني: تَقول الْعَرَب: لعلكَ ولَعَنَّكَ ورَعَنَّكَ ورَغنَّكَ بِمَعْنى واحدٍ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: يُقَال: هَذَا يومُ رَغْنٍ إِذا كَانَ ذَا أَكلٍ وشُرْبٍ ونعيمٍ، وَهَذَا يَوْم مَزْنٍ: إِذا كَانَ ذَا فِرَارٍ من العدُوِّ، وَهَذَا يَوْم سَعْنٍ إِذا كَانَ ذَا شرابٍ صافٍ.
غ ر ف
غرف غفر فرغ فغر رغف رفغ: مستعملة.
غرف: قَالَ الله جلّ وَعز: {إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} (الْبَقَرَة: 249) ، وقرىء {غَرْفةً، وأخْبَرْني الْمُنذِريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ غُرفةً قراءةُ عُثْمَان رَوَاهُ ابْن عامرٍ، وَمَعْنَاهُ الَّذِي يُغترَفُ نَفسه وَهُوَ الِاسْم، والغَرْفَةُ المرَّة من المصدرِ.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: لوْ كَانَ مَوضعُ اغترَفَ غرفَ اخْترْتُ الفَتْحَ لِأَنَّهُ يخرجُ عَلَى فَعْلةٍ، وَلما كَانَ اغترَفَ لم يخرج(8/109)
عَلَى فَعْلةٍ.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: وَأخْبرنَا الْحسن بن فهْم عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن يُونسَ أَنه قَالَ: غَرْفَةٌ وغُرْفةٌ عَربيتانِ، غَرَفْت غَرْفةً وَفِي الْقِدْر غُرْفَةٌ وحَسَوْتُ حَسْوَةً، وَفِي الإناءِ حُسْوَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغرْفُ: غرفك الماءَ بِاليدِ أَو بِالْمغرفَةِ.
قَالَ: وغَرْبٌ غَروفٌ: كثيرُ الأخْذِ للماءِ قَالَ: ومَزَادَةٌ غَرْفِيَّةٌ وغَرَفِيَّةٌ. فالغرْفية: رَقيقةٌ من جلودٍ يؤتَى بهَا من البحرَينِ، وغرَفيَّةٌ: دُبغتْ بالغرَفِ.
قَالَ: والغرَفُ شجرٌ، فَإِذا يَبسَ فَهُوَ الثُّمام.
قلتُ: أما الغرْفُ بسكونِ الرَّاء فهيَ شجرةٌ يُدبغُ بهَا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ الغرْفُ والغلْفُ، وَأما الغرَفُ فَهُوَ جِنْسٌ من الثُّمامِ لَا يُدبَغُ بِهِ، والثُّمامُ أنواعٌ فَمِنْهَا الضَّعَة وَمِنْهَا الجَليلةُ وَمِنْهَا الغرَفُ يُشبِهُ الأسلَ ويُتخذُ مِنْهُ المكانِسُ ويُظَلَّلُ بهَا الأساقي.
وَقَالَ عمر بنُ لَجَإٍ فِي الغرْفِ الَّذِي يُدبَغُ بِهِ:
تهمِزُه الكفُّ على انطوَائها
همزَ شعيبِ الغرفِ من عزْلائها
أرادَ بِشَعيبِ الغرْفِ مزادةٍ دُبِغتْ بالغرْفِ.
وَمِنْه قَول ذِي الرُّمة:
وَفْرَاء غَرْفِيَّة أنأَى خوارزُها
وَأما الغرِيفُ فَإِنَّهُ الموضعُ الَّذِي تكثرُ فِيهِ الحَلْفاءُ والغرفُ والأباءُ وَهُوَ القصبُ والغضَا وسائرُ الشّجر.
وَمِنْه قَول امرىء القيْس:
ويَحُشُّ تحتَ القدرِ يُوقِدُها
بِغضا الغَريفِ فأَجمعَتْ تغلي
وَقَالَ الآخر:
أُسْدُ غرِيفٍ مَقيلُها الغرْفُ
وَأما الغِرْيَفُ فهيَ شَجَرَة مَعْرُوفَة.
وَأنْشد أَبُو عبيدٍ فِيهِ:
بخافَتَيْه الشوعُ والغرْيفُ
وَقَالَ الباهليُّ فِي قَول عمر بنِ لجإٍ: الغَرْفُ جلُودٌ لَيست بقرَظِيّة تدبَغُ بهَجَر، وَهُوَ أنْ يُؤخذَ لَهَا هُدْبُ الأرْطَى فيوضعَ فِي مِنكازٍ ويُدقَّ ثمّ يطرَح عَلَيْهِ التمرُ فتخرُج لَهُ رائحةُ خَمْرةٍ ثمَّ يغرَف لكل جلدٍ مقدارٌ ثمَّ يُدبَغ بِهِ، فَذَلِك الَّذِي يغرَفُ يُقَال لَهُ الغَرْفُ، وكل مقدارِ جلدٍ من ذَلِك النَّقيع فَهُوَ الغرْفُ واحدُه وجميعُه سواءٌ، قَالَ: وأهلُ الطَّائِف يُسَمونه النَّفس.
قلت: والغرْفُ الَّذِي يُدبَغُ بِهِ الجلودُ من شجَرِ الْبَادِيَة معروفٌ وَقد رأيتُه وَالَّذِي عِنْدِي أَن الجلودَ الغرْفيةَ منسوبةٌ إِلَى الغرفِ الشجَرِ لَا إِلَى غَرْفة تغترَفُ بِالْيَدِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن(8/110)
ابْن الأعرابيِّ قَالَ: يُقَال: أعْطني نفْساً أَو نفسين أَي قدرَ دِبغةٍ من أخلاطِ الدِّباغ يكون ذَلِك قدرَ كفَ من الغرْفةِ وَغَيره من لحاء الشّجر.
قَالَ: والغَرَفُ: الثُّمامُ بعينِه لَا يُدبَغُ بِهِ.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابْن الْأَعرَابِي صحيحٌ.
وَحكى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا أَنه قَالَ: الغرْف التثنِّي والانقصاف، وَمِنْه قَول ابْن الخطيم:
تنامُ عَن كبْرِ شَأْنهَا فَإِذا قا
مَتْ رُوَيداً تكَاد تنغرفُ
أَي: تنقصفُ من دِقة خصْرِها.
وَقَالَ الحُصينيُّ: انغرَف العودُ وانغرض إِذا كسِرَ وَلم يُنْعَمْ كسرُه.
وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله نهى عَن الغارِفةِ.
قلت: وتفسيرُ الغارفَة أَن تُسَوِّيَ ناصيتها مَقْطُوعَة عَلَى وسطِ جبينها مطرّرةً سُمِّيتْ غارِفةً لِأَنَّهَا ذاتُ غَرْفٍ أَي ذاتُ قَطْعٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: غرَف شَعرَه إِذا جَزّهُ، وملطه إِذا حلقه.
وَأَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: غرَفتُ ناصيتَه: قطعْتها، وغرفْتُ العُرْف: جَزَزته، والغُرْفة: الخصلةُ من الشَّعر.
قَالَ: وَمِنْه قَول قيس: تكَاد تنْغرِفُ: أَي تَنْقَطِع.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُرفةُ: العِلِّيَّة، وَيُقَال للسماء السَّابِعَة: غُرْفة.
وَأنْشد بيتَ لبيد:
سَوَّى فأغلقَ دونَ غُرْفة عَرْشه
سبْعاً شِداداً فَوق فرع المَنقل
قَالَ: والغرِيف: ماءٌ فِي الأجمة.
قلت: أمّا مَا قَالَ فِي تَفْسِير الغرفة فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَأما مَا قَالَ فِي الغرِيف إِنَّه مَاء الأجَمَة فباطلٌ، والغرِيفُ: الأجَمَة نَفسهَا بِمَا فِيهَا من شَجرها.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: بَنو أَسَد يسمونَ النعْل: الغَرِيفة.
قَالَ شمر: وطيِّيءٌ تَقول ذَلِك.
وَقَالَ الطرِماح:
خَرِيع النعْو مُضْطَرب النواحي
كأخلاقِ الغريفةِ ذَا غصون
وَيُقَال لنعل السَّيْف إِذا كَانَ مِن أَدَم غريفةٌ أَيْضا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ناقةٌ غارفة: سريعة السّير وابِلٌ غوارف وخيْلٌ مغارف كَأَنَّهَا تغرف الجَرْي غرْفاً، وفرَسٌ مِغرف.
وَقَالَ مُزَاحم:
بأيدي اللَّهامِيمِ الطُّوال المغارف(8/111)
ابْن دريدٍ: فرس غرّاف: رغيب الشّحْوة كثير الْأَخْذ من الأَرْض بقوائمه، والغُرفة: الْحَبل المعْقود بأنشوطَة، وغرفْت الْبَعِير أغرِفه وأَغرُفُه: إِذا ألقيت فِي رأسِه غرفَة وَهُوَ الحبْل الْمَعْقُود بأُنشوطةٍ.
رغف: قَالَ اللَّيْث: الرَّغِيف يجمع عَلَى الرُّغُف والرُّغفانِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رغفْت الْبَعِير: إِذا ألقمْته البِزْر والدقيق، وأصل الرّغف: جمعُك العجينَ تكتِّله.
فغر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَغَر الرجل فَاه يفْغَره فغْراً إِذا شَحاه، وَهُوَ واسِع فغر الْفَم.
وَقَالَ غَيره: الفُغَر: أَفْوَاه الأودية، الْوَاحِدَة فُغْرَة.
وَقَالَ عديُّ بن زيد:
كالبيضِ فِي الرَّوضِ المنوّر قد
أفْضى إليْه إِلَى الْكَثِيب فُغَرْ
ودوْيبة لَا تزَال فاغرةً فاها يُقَال لَهَا الفاغر، وَيُقَال: أفغر النّجْم وَهُوَ الثريّا إِذا حَلَق فصارَ عَلَى قمَّة رأسِك فَمن نظر إِلَيْهِ فغر فَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَغْر: الوَرْد إِذا فغم وفَقّحَ.
قلت: إخالُه أرادَ الفغوَ بِالْوَاو فصَحَّفَه وَجعله رَاء.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الفاغرة: ضَرْبٌ من الطِّيب، والمفْغَرة: الأَرْض الواسعة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: فغرَ الفمُ، انْفَتح، وفغره صاحِبه.
وَقَالَ شمر: فغر فَمَه وأفغرَه.
وَأنْشد:
وأفغر الكالئين النجمُ أَو كربوا
غفر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: اللَّهُمَّ اغفِرْ لنا مغْفرَة وغفْراً وغُفراناً إِنَّك أَنْت الغفور الْغفار يَا أهل الْمَغْفِرَة.
وَفِي حَدِيث أنس: أَن النَّبِي قَالَ فِي قَوْله عز وَجل: اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ} (المدثر: 56) ، قَالَ: (هُوَ أهل أَن يُتَّقى فَلَا يُشْرك بِهِ. وَأهل أَن يَغفِر لمن اتَّقى أَن يُشرك بِهِ) .
قلت: أصل الغفْر: السّتر والتغطية، وَغفر الله ذنوبَه: أَي سَترها وَلم يَفْضَحهُ بهَا على رُؤُوس الْمَلأ. وكلُّ شَيْء سترتَه فقد غفرتَه، وَمِنْه قيل للَّذي يكون تحتَ بيْضة الْحَدِيد على الرَّأْس مغفر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ حَلَقٌ يجعلُها الرَّجلُ أسفلَ البَيضةِ تُسْبغ على العُنق فتقيه. قَالَ: وَرُبمَا كَانَ المِغْفَر مِثل القَلنسوة غير أَنَّهَا أَوْسَع يُلقيها الرجلُ على رَأسه فتَبلغ الدِّرعَ(8/112)
ثمَّ تُلبسُ البَيضةُ فَوْقهَا فَذَلِك الْمِغفَرُ يُرَفَّلُ على العَاتِقَيْن، وربّما جُعل المغفَرُ من ديباج وخَز أَسْفَل البيضَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غَفر الرجلُ مَتَاعه يَغفِرُه غَفْراً: إِذا أَوْعَاه.
وَيُقَال: اصبُغْ ثوبَكَ بِالسَّوَادِ فَإِنَّهُ أَغْفَرُ للوسخ: أَي أَغْطَى لَهُ.
وَمِنْه: غَفرَ اللَّهَ ذُنوبه، أَي ستَرها، وَيُقَال: مَا فيهم غَفِيرَةٌ وَلَا عذيرة: أَي: لَا يَغفرون وَلَا يَعذرون.
وَيُقَال: جَاءُوا جمّاً غَفيراً، وجَمَّاءَ الْغَفِير والجَمّاءَ الغفيرَ والغفيرة: جاءُوا بجماعتِهم، والغفْرُ: زِئْبِرُ الثَّوب، والغفْرُ: الشَّعر الَّذِي يكون على ساقِ الْمَرْأَة، والغُفْرُ: وَلَدُ الأَرْوِيَّةِ، وجمعُه أَغفَارٌ، وأُمُّه مُغفِرٌ إِذا كَانَ مَعهَا غُفرٌ، والغِفَارَةُ جِلْدَةٌ تكون على رَأس القَوْس يجْرِي عَلَيْهَا الوَتَر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: هِيَ الرُّقْعةُ الَّتِي تكون على الحَزِّ الَّذِي يجْرِي عَلَيْهَا الوَتَرُ، والغِفَارةُ: سحابةٌ كَأَنَّهَا فوقَ سَحَابَة.
أَبُو عبيد عَن أبي الْوَلِيد الكِلابيِّ قَالَ: الغِفارةُ خِرْقةٌ تكون على رَأس الْمَرْأَة تُوقِّي بهَا الخِمَارَ من الدُّهْن.
الأصمعيُّ: الغَفِيرَةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يكون فِي الأُذُن.
وَأَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا انْتقض الجُرْحُ ثمَّ نُكِس قيل: غفَر يَغفِرُ غفْراً، وزَرِف يَزْرَفُ زَرَفاً.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيُّ فِي الغفْرِ والزَّرَفِ مثلُه.
وَقَالَ أَيْضا يُقَال للرَّجل إِذا قَامَ من مَرضِه ثمّ نُكِس غفَرَ يَغفِرُ غفْراً.
وَقَالَ اللَّيْث: غَفِر الثوبُ يَغفَرُ غفَراً إِذا ثارَ زئبَرُه، والغفْرُ: مَنْزِلٌ من منَازِل القَمَر.
أَبُو عبيد عَن الأَمَويّ: اغفِروا هَذَا الأَمرَ بغُفْرَتِه: أَي أَصْلِحوه بِمَا يَنْبَغِي أَن يُصلَح بِهِ، وكلُّ ثوبٍ يُغطى بِهِ شيءٌ فَهُوَ غِفارةٌ.
وَمِنْه: غِفَارةُ البِزْيَوْن تُغشَّى بهَا الرِّحَالُ، وجمعُه غفاراتٌ وغفائِرُ، وَيُقَال: أَغْفَرَ العُرْفُطُ إِذا أَخْرج مَغافيرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: المغْفارُ ذَوبة تَخرُج من العُرْفُطِ حُلوة تُنْضَح بالماءِ فتُشرب.
قَالَ: وصمغُ الإجَّاصةِ: مِغفار، وَخرج النَّاس يَتمغْفرون إِذا خَرجُوا يَجْتَنونه من شَجرِه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَغافيرُ مِثْلُ الصمغ يَكون فِي الرِّمْث وَغَيره وَهُوَ حُلو يُؤكلُ، وَاحِدُها مُغْفور، وَقد أَغفر الرِّمْثُ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الرِّمْثُ من بَين الحَمضِ لَهُ مَغافيرُ، والمغافير: شيءٌ يسيلُ من أَطراف عِيدانِها مِثل الدِّبْس فِي لَونه ترَاهُ قَطْراً قَطْراً حُلواً يأْكله الْإِنْسَان حَتَّى يَكْدَنَ عَلَيْهِ شِدقاه وَهُوَ يُكْلِعُ شَفَتَه وفمَه(8/113)
مِثل الدِّبْق، وَالرُّبِّ يَعْلُق بِهِ، وَإِنَّمَا يُغفِرُ الرِّمْثُ فِي الصَّفَرِيَّةِ إِذا أَوْرَس.
يُقال: مَا أحسن مَغافيرَ هَذَا الرِّمْثِ، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: كلُّ الحَمْضِ يورِسُ عِنْد البرْد وَهُوَ ترَوُّحه وإِزْبَادُه تُخْرِج مَغافيرَه، تَجد رِيحَه من بعيد.
وَقَالَ: المَغافيرُ: عَسَل حُلْو مثلُ الرُّبِّ إِلاَّ أنّه أبيضُ.
وَقَالَ غَيره: ومثلٌ للْعَرَب: هَذَا الْجَنَى لَا أَن يُكَدَّ المُغْفُرُ، يُقَال ذَلِك للرَّجل يُصِيب الْخَيْر الْكثير، والمغفرُ هُوَ الْعود من شجر الصمغ يمسَح مِنْهُ مَا ابيضَّ فيُتخذ مِنْهُ شرابٌ طيبٌ.
وَقَالَ بَعضهم: مَا اسْتَدَارَ من الصمغ يُقَال لَهُ: المُغْفُرْ، وَمَا استطال مثل الإصبع يُقَال لَهُ الصُّعْرُورُ، وَمَا سَالَ مِنْهُ فِي الأَرْض يُقَال لَهُ: الذَّوْبُ.
وَقَالَت الغَنويةُ: مَا سَالَ مِنْهُ فَبَقيَ شبه الخيوط بَين الشّجر وَالْأَرْض يُقَال لَهُ شآبيبُ الصمغ وأنشدت:
كأَنَّ سَيْلَ مَرْغِهِ المُلَعْلَعِ
شؤبوبُ صمغٍ طلحهُ لم يُقطع
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه شربَ عسلاً فَقَالَت لَهُ امرأةٌ من نِسَائِهِ: أكلتَ مَغافيرَ؛ أَرَادَت بالمغافير صمغَ العُرْفُطِ وَقد مرَّ تَفْسِيره.
رفغ: قَالَ اللَّيْث: الرَّفغُ والرُّفْغُ لُغتان، وَهُوَ من بَاطِن الْفَخْذ عِنْد الأُرْبية. وناقة رَفْغَاءُ: وَاسِعَة الرفغ. وناقة رَفِغَةٌ: قرحةٌ، قَالَ: والرَّفْغُ: وسَخُ الظفْرِ.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى فأَوْهَمَ فِي صلَاته؛ فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله كأَنك أوْهَمْتَ فَقَالَ: (وَكَيف لَا أُوهِمُ ورفْغُ أحدكُم بَين ظُفره وأَنْمُلَتِهِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: جمع الرفْغِ أَرْفاغٌ، وَهِي الآباط والمغَابِنُ من الْجَسَد يكون ذَلِك فِي الْإِبِل وَالنَّاس.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمَعْنَاهُ فِي الحَدِيث مَا بَين الأُنثيين وأصول الفخذين وَهِي من المغابنِ، وَمِمَّا يبين ذَلِك حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: (إِذا التقى الرّفْغَان فقد وجبَ الغُسْلُ) ، يُرِيد: إِذا التقى ذَلِك من الرَّجل وَالْمَرْأَة وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا بعد التقاء الخِتَانَيْنِ.
قَالَ: وَمعنى الحَدِيث الأول أَن أحدكُم يَحُكُّ ذَلِك الْموضع من جسده فَيَعْلَقُ دَرَنَهُ ووَسَخُهُ بأصابعه فَيبقى بَين الظُّفْرِ والأَنْمُلَةِ إِنَّمَا أنكر من هَذَا طول الأظْفَارِ وتركَ قصِّها حَتَّى تطُول.
وَقَالَ اللَّيْث: عيشٌ رَفِيغٌ: خصيبٌ وَإنَّهُ لَفِي رَفاغةٍ ورفاغِيَةٍ، وَأنْشد:
تحتَ دُجُنَّاتِ النَّعيم الأَرْفَغِ
أَبُو عبيد: الرَّفاغَةُ والرَّفْغُ: الْخِصبُ والسَّعَةُ.(8/114)
وَقَالَ أَبُو مَالك: الرّفْغُ ألأمُ الْوَادي وشرُّه تُراباً، وَجَاء فلَان بمالٍ كَرَفْغِ التُّراب.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
أتَى قَرْيَة كَانَت كثيرا طعامُها
كَرَفْغِ التُّراب كل شيءٍ يَمِيرُها
قَالَ: والأرْفاغُ: السفلةُ من النَّاس، الْوَاحِد رَفْغٌ.
أَبُو زيد: الرَّفْغُ والرّقاقُ وَاحِد وَهُوَ الأَرْض السهلة وجمعهُ رِفاغ والرُّفَغْنِيَةُ والرُّفَهْنِيَةُ: سَعَةُ الْعَيْش.
فرغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَرَغَ يَفْرُغ وفَرِغَ يَفْرَغُ فراغاً وقُرىء: {أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} (سبأ: 23) ، وفُسِّر أَنه فَرَّغ قُلُوبهم من الْفَزع.
وَأما قَوْله جلّ وعزّ: {لاَ يَشْعُرُونَ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الْقَصَص: 10) ، فَإِنَّهُ يُفَسَّرُ على وَجْهَيْن؛ أَحدهمَا: أصبح فارِغاً من كل شَيْء إِلَّا ذكر مُوسَى، وَالثَّانِي: أَن فؤادها أصبح فَارغًا من الاهتمام بمُوسَى لِأَن الله وعدها أَن يردَّه عَلَيْهَا، وكلا الْقَوْلَيْنِ يذهب إِلَيْهِ أهل التَّفْسِير والعربيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {لاَ يَشْعُرُونَ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أَي خَالِيا من الصَّبْر، وقُرىء (فُرُغاً) أَي مُفَرَّغاً.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: القَوْل مَا ذَكرْنَاهُ لأهل التَّفْسِير، لَا مَا قَالَه اللَّيْث بِرَأْيهِ.
والفَرْغُ: مَفْرَغُ الدَّلو، وَهِي خَرْقُهُ الَّذِي يَأْخُذ المَاء، والفِرَاغُ ناحيته الَّتِي يُصبُّ المَاء مِنْهُ، وَأنْشد:
تَسْقِي بِهِ ذاتَ فِراغٍ عَثْجَلاَ
وَقَالَ الآخر:
كأَنَّ شِدْقَيْهِ إِذا تَهَكَّمَا
فَرْغانِ مِن غَرْبَيْنِ قد تَخَرَّمَا
قَالَ: وفَرْغُهُ سَعَةُ خَرْقِهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو زيد وَأَبُو عَمْرو: فُروغُ الدّلاءِ وثُروغُها: مَا بَين العَراقي، الواحِدُ فَرْغٌ وثَرْغٌ. وَأما الفِرَاغُ فَكل إِناءٍ عِنْد الْعَرَب فِراغٌ كَذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي، والفَرْلأنِ: منزلان من منَازِل الْقَمَر أَحدهمَا الفَرْغُ المُقَدَّمُ وَالْآخر الفَرْغُ الْمُؤخر، وهما فِي بُرج الدَّلْو، والإفراغُ: الصَّبُّ.
قَالَ الله جلّ وَعز: {أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} (الْبَقَرَة: 250) ، أَي: اصبب.
وَيُقَال: افْتَرَغْتَ إِذا صببتَ على نَفسك مَاء، ودرهمٌ مُفْرَغ: أَي مصبوب فِي قالب لَيْسَ بمضروب، وَفرس فريغُ الْمَشْي، هِمْلاَج وسَّاع وَقد فَرُغَ فَراغَةً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفَرْغُ وَاحِد الفُروغ وَهُوَ مخرج المَاء من بَين العَراقي.
قَالَ: وَيُقَال: ذهب دمهُ فِرْغاً أَي هدرا.(8/115)
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَإِن تَكُ أذْوَادٌ أُصِبْنَ ونِسْوةٌ
فَلَنْ تَذْهَبوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبالِ
وَطَرِيق فَريغ: إِذا كَانَ وَاسِعًا.
وَقَالَ أَبُو كَبِير الهذليُّ:
فَأَجَزْتُه بأَفلَّ تحسبُ أَثرهُ
نهْجاً أبانَ بِذِي فريغٍ مَخْرفِ
واسْتَفْرَغَ فلانٌ مجهودَهُ: إِذا لمْ يبقِ منْ جهدهِ وَطاقتِه شَيْئا، وفرسٌ مُسْتَفْرَغُ: لَا يدَّخِرُ من حضرهِ شَيْئا.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الْفِرَاغ حوضٌ من أَدم وَاسعٌ ضخمٌ.
قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
طَاوِيَةٍ جَنْبَيْ فِرَاغٍ عَثْجَلِ
وَيُقَال عني بالْفِرَاغِ ضَرْعها أنَّهُ قد جَفَّ مَا فِيهِ من اللَّبنَ فتَغَضَّن.
وَقَالَ امرؤُ القَيْسِ:
وَنَحَتْ لَهُ عَن أَرْزِ تَالئة
فِلْقٍ فرَاغِ معابلٍ طُحْلِ
أرادَ بِالْفِرَاغ هَا هُنَا نِصالاً عَرِيضةً.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْفِراغُ منَ النُّوقِ: الْغَزيرةُ الواسعةُ جرابِ الضَّرْعِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: {تُكَذِّبَانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ} (الرَّحْمَن: 31) ، أَي: سنقصدكم.
غ ر ب
غرب. رغب. غبر. ربغ. برغ. بغر: مستعملة.
برغ: أما برَغَ فَإِن اللَّيْث أهمله.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ: بَرِغَ الرَّجلُ إِذا تَنَعَّمَ.
غرب: قَالَ الليثُ: يُقالُ: كُفَّ من غرْبكَ: أَي من حدَّتِك، وَقيل: الغَرْبُ: التمادِي.
وَقَالَ غيرهُ: غرْبُ كلّ شَيْءٍ: حَدُّهُ وَكَذَلِكَ غُرابُهُ، وغرْبُ اللِّسانِ: حِدَّتُهُ، وسيفٌ غرْبٌ: قاطعٌ حديدٌ.
وَقَالَ الشاعرُ يصفُ سَيْفا:
غرْباً سَرِيعاً فِي الْعِظَامِ الْخُرسِ
ولسانٌ غرْبٌ: حديدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْغَرْبُ: يَوْم السَّقْي، وَأنْشد:
فِي يَوْم غرْبٍ ومَاءُ الْبِئر مشتركُ
قلتُ: أرَاهُ أرادَ بقوله فِي يَوْم غَرْبٍ: أَي فِي يومٍ يُسْقى فِيهِ بالْغرْبِ وَهُوَ الدَّلْو الكَبيرُ الَّذِي يُسْتَقى بهِ عَلَى السَّانِيَة.
وَمِنْه قولُ لبيدٍ:
فَصَرَفْتُ قصراً والشؤون كَأنها
غَرْبٌ تخبُّ بِهِ القَلوصُ هَزِيمُ
وَقَالَ الليثُ: الغرْبُ فِي بيتِ لبيدٍ الرَّاوِيَةُ، والصّوَابُ أنَّهُ الدّلو الكبيرُ.(8/116)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَرَسٌ غرْبٌ، أَي: كثير العَدْوِ.
وَمِنْه قَول لبيدٍ:
غرْبُ المصبَّةِ مَحْمودٌ مَصَارِعُهُ
لاهي النَّهار لسير اللَّيلِ مُحْتقِرُ
أَرَادَ بقوله: غرْبُ المصَبَّة أنَّه جوادٌ وَاسع الْخَيْر وَالعطَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الغَرْبَانِ من الْعين مُقدمُها ومُؤْخرُها، قَالَ: والغرُوبُ: الدُّمُوعُ حِين تخرج من الْعين.
وَقَالَ الراجزُ:
مَا لكَ لَا تَذْكُرُ أُمّ عَمْرو
إلاَّ لِعَينيكَ غروبٌ تَجْرِي
قالَ: وَقَالَ الفرَّاء: الْغُرُوب: هِيَ مجاري الْعين.
الليثُ: الغرْبُ: المغْربُ والغرْبُ: الذَّهاب والتَّنَحِّي.
يُقَال: غرَبَ عَنَّا يغرُبُ غرْباً، وَقد أَغْربْتُه وغَرَّبتُه إِذا نَحيتهُ.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِتَغْريبِ الزَّانِي سَنَةً إِذا لم يحصن وَهُوَ نَفْيه عَن بَلَده.
وَقَالَ اللَّيْث: الغرْبِيُّ: الفَضِيخُ من النَّبِيذ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: غَرِبَتِ الْعين غَرَباً: إِذا كَانَ بهَا ورَمٌ فِي المآقي، وَيُقَال: بِعَيْنِهِ غَرَبٌ: إِذا كَانَت تَسِيلُ فَلَا تَنْقَطِعُ دُموعُها، وَأنْشد:
أَبى غَرْبُ عَيْنَيْك إِلَّا انهمالا
والغرْبُ: ماءُ الْفَم إِذا سَالَ بحدّة، والغرْبُ: التَّنَحِّي عَن حدّ وَطنه، يُقَال: أَغرب: أَي تنَحَّ عَن حدِّ مَكَانك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغرَبُ: الموضعُ الَّذِي يسيلُ فِيهِ الماءُ بَين الْبِئْر والحوض.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
واسْتُنْشِىءَ الغرَبُ
وَيُقَال للدالج بَين الْبِئْر والحَوض: لَا تُغرِبْ، أَي لَا تَدْفُقِ الماءَ بَينهمَا فَتَوْحَلَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الغرَبُ: مَا حولَ الحوضِ والبئرِ من الماءِ والطِّين، وأغرَبَ الساقي: إِذا أَكثر الغرَبَ، وغروبُ الأسْنانِ: الماءُ الَّذِي يجْرِي عَلَيْهَا، الواحدُ: غرْبٌ والغرَبُ: شجرٌ معروفٌ.
وَمِنْه قَوْله:
عُودُكَ عودُ النُّضارِ لَا الغرَبُ
قَالَ: والغرَبُ: جامٌ من فضَّة. وَقَالَ لَبِيد:
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرِّكاء كَمَا
دَعْدَعَ ساقي الْأَعَاجِم الغَرَبا
وَقيل: الغرَبُ: شجر تُسَوَّى مِنْهُ الأقداحُ البيضُ، والنُّضارُ شجر تسوَّى مِنْهُ أقداح صُفْرٌ. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
تَرَامَوْا بِهِ غَرَباً أَو نُضَارا
وَقَالَ أَبُو زيد: الغرْبُ: الْوَاحِدَة غرْبَةٌ،(8/117)
وَهِي شجرةٌ ضخمةٌ شاكَّةٌ خضراءُ، وَهِي الَّتِي يتَّخذُ مِنْهَا الكَحْيلُ وَهُوَ القَطِرَانُ، حجازيَّة.
أَبُو عبيد: أَصَابَهُ سهم غرَب: إِذا كَانَ لَا يدْرِي مَن رَامِيه.
قَالَ ذَلِك الكسائيُّ والأصمعيُّ بِفَتْح الرَّاء، وَكَذَلِكَ سهم غرَضٍ وَغرب مضافان.
عَمْرو عَن أَبِيه، الغرَبُ: الخَمْرُ، وَأنْشد:
دَعِيني أَصطبح غرَباً فأغرِب
مَعَ الفتيان إِذْ لَحِقُوا ثمودا
وللشمس مشرقان ومغربان، فأحَدُ مشرِقَيها: أقْصَى الْمطَالع فِي الشتَاء، وَالْآخر: أقْصَى مطالِعِها فِي القَيْظ، وَكَذَلِكَ أحد مَغرِبَيْهَا: أقْصَى المغارِبِ فِي الشتَاء وَكَذَلِكَ فِي الْجَانِب الآخر.
وَقَوله جلَّ وعزَّ: {يَعْلَمُونَ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} (المعارج: 40) ، أَرَادَ مشرق كل يَوْم ومغرِبَهُ، وَهِي مائةٌ وَثَمَانُونَ مشرقاً تقطعها فِي سِتَّة أشهر وَمِائَة وَثَمَانُونَ مغرباً تقطعها فِي مثلهَا، والغروب: غيوبُ الشَّمْس، يُقَال: غرَبَتْ تَغرُبُ غروباً إِذا غَابَتْ.
ابْن السّكيت: أَتَيْته مغيرِبانَ الشَّمْس، ومُغيْرِباناتِ الشَّمْس.
وَزَاد غَيره: غرَيْريبات الشَّمْس وغرَيْرِياتها، وغييّبات الشَّمْس وغييياتها، وغُيَيِّيبَ الشَّمْس وغيوبها.
وَيُقَال: ضرب فلَانا فصرعه، وشرَّقت يداهُ وغرّبت رِجْلاه.
والغريب من الْكَلَام: العُقْمِيُّ الغامضُ، ونَوًى غَرْبَة: بعيدَة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وشَطَّ وَلْيُ النَّوَى إنَّ النَّوَى قُذُف
تيَّاحَة غرْبَة بِالدَّار أَحْيَانًا
وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله عنهُ أَنه قَالَ لِرجُلٍ قدمَ عَلَيْهِ من بعض الْأَطْرَاف، هَل من مُغرِّبَةِ خبرٍ.
قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: مُغرِّبَة ومُغرَّبَة بِكَسْر الرَّاء وَفتحهَا قَالَ ذَلِك الْأمَوِي بِالْفَتْح وَقَالَ غَيره بِالْكَسْرِ، وَأَصله فِيمَا نرى من الغرْبِ، وَهُوَ الْبعد.
وَمِنْه قيل: دَار فلَان غربَة، وَمِنْه قيل: شَأْوٌ مُغرِّب.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
أعهدكَ من أُولَى الشَّبِيبَةِ تطلبُ
على دبرٍ هَيْهَات شأْوٌ مغرِّب
وَالْخَبَر المُغرِب الَّذِي جَاءَ غَرِيبا حَادِثا طَرِيفاً، وَيُقَال: غرَّبَ فلَان فِي الأَرْض وأغرَبَ إِذا أمعن فِيهَا.
وغرَّبَ الْأَمِير فلَانا إِذا نَفَاهُ من بلد إِلَى بلد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لرجل، قَالَ لَهُ: إِن ابْني كَانَ عَسيفاً على رجل،(8/118)
وَإنَّهُ زنى بامرأته، فَقَالَ لَهُ: إِن على ابْنك جَلد مائَة وتغريب عَام: أَي نفي عَام من بَلَده. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
أَدْنَى تَقاذُفِهِ التَّغرِيب والخَبَب
ويروى التَّقْرِيب، أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّغرِيب أنْ يَأْتِي ببنين بِيضٍ، والتَّغرِيب أَن يَأْتِي ببنين سودٍ، والتَّغريب أَن يجمع الغرابَ وَهُوَ الْجَليدُ والثَّلْج فيأكله، والعنقاءُ المغرِب، هَكَذَا جَاءَ عنِ الْعَرَب بِغَيْر هاءٍ وَهِي الَّتِي أغربت فِي الْبِلَاد فَنَأتْ وَلم تُحَسَّ وَلم تُرَ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: العَنقاءُ المُغرِب: رَأس أكَمَةٍ فِي أَعلَى الجَبَلِ الطَّوِيل، وأنْكَر أَن يكون طائراً، وَأنْشد:
وَقَالُوا الْفَتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ حَلَّقَتْ
بِهِ المغربُ العَنْقَاءُ أَنْ لم يسدَّدِ
وَمِنْه قَالُوا: طَارَتْ بِهِ العَنْقَاءُ المغربُ.
قلت: وحذفت تَاء التَّأْنِيث مِنْهَا كَمَا قيل: لِحْيةٌ ناصلٌ وناقةٌ ضامرٌ وامرأةٌ عاشقٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أغربَ الرجُلُ إغراباً إِذا جاءَ بأَمْرٍ غريبٍ، وأغربَ الدَّابَّةُ: إِذا اشْتَدَّ بيَاضُهُ حَتَّى تبيضَّ محاجرهُ وأرفاغُه وَهُوَ مُغرب.
وَقَالَ اللَّيْث: المُغرَبُ: الأبيضُ الأَشفار من كل صنف، وَأنْشد:
شَرِيجانِ من لَوْنين خِلْصَان مِنْهُمَا
سَوادٌ وَمِنْه واضحُ اللونِ مُغربُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغُرْبةُ: بَيَاض صرف والحُلْبة سوادٌ صرفٌ.
قَالَ: والغرْبُ: حدُّ كلِّ شَيْء، والغرْبُ: الدُّموع، والغرْبُ: الْعرق الَّذِي يسقى، الضَّاربُ الَّذِي يسيل أَو يرْشَحُ أبدا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال لَهُ النَّاصور والنَّاسُور، قَالَ: والغرَبُ محركاً: الخذَل فِي العَيْنينِ وَهُوَ السُّلاق.
عَمْرو عَن أَبِيه: رَجل غَرِيب وغريبِيٌّ وشَصيبٌ وطارىءٌ وإتاويٌّ بِمَعْنى واحدٍ، قَالَ: والْمَغاربُ السُّودَان والمغارب الحمران وغروب الثَّنايَا: حَدُّها وأَشَرها.
وَقَالَ اللَّيْث: الغاربُ: أعْلى الموج وَأَعْلَى الظَّهْر.
وَقَالَ غَيره: كانَتِ العَرَب إِذا طلقَ أحدهم امْرَأَته فِي الجاهليةِ، قَالَ لَهَا: حبلكِ على غارِبِك أَي خَلَّيْت سبيلكِ فاذْهَبي حَيْثُ شِئْتِ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وذَلك أنَّ الناقَةَ إِذا رَعَتْ وَعَلَيْهَا خِطامها ألْقى على غاربها وتركَتْ لَيْسَ عَلَيْهَا خطام، فَإِذا رَأَتِ الخطامَ لم يَهنهَا الرعْيُ، والغارِب: أَعلَى مقدَّمِ السَّنام، وَيعْتَبر ذُو غاربين: إِذا كَانَ مَا بَين غاربيْ سنامه متَفتِّقاً وَأكْثر مَا يكون هَذَا فِي البَخَاتي الَّذِي أَبوهَا الفالج وَأمّهَا عَرَبِيَّة.(8/119)
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيِّ: أغرَبَ عَلَيْهِ إذَا صنعَ بِهِ صنيعاً قبيحاً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: أغربْتُ السقاءَ: مَلأتهُ.
وَقَالَ بشر بن أبي حازمٍ:
وكَأَنّ ظُعْنهمو غداةَ تَحَمّلُوا
سفنٌ تكفَّأ فِي خليج مُغْرَبِ
وَقَالَ الأصمعيُّ: أغرَبَ فِي مَنطقِهِ: إِذا لم يبْق شَيْئا إلاَّ تكلم بِهِ وأَغرَبَ الفرسُ فِي جَرْيه، وَهُوَ غَايَة الْإِكْثَار مِنْهُ.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيد: أغرَبَ الرَّجل: إِذا اشتدَّ ضحكه.
وَعَن الكسائيِّ: اسْتغربَ فِي الضحِكِ واسْتُغرِبَ: إِذا أَكثر مِنْهُ.
وَأنْشد غَيره:
فَمَا يُغربونَ الضَّحْكَ إلاّ تَبَسماً
وَلَا يَنسبونَ القولَ إلاّ تخَافيَا
الأصمعيُّ: فَأْسٌ حديدةُ الغُرابِ: أَي حَدِيدة الطَّرَفِ، قَالَ: والغُرَابُ حَدُّ الْوَرِكِ الَّذِي يَلي الظّهْر.
قَالَ: والغُرَابُ: قَذال الرَّأْس، يُقَال: شابَ غرابهُ: أَي: شعر قَذالِهِ، والغرابُ: هَذَا الطائرُ الأسودُ، وأسود غرَابِيٌّ وغِربيبٌ، وأغْربَ الرَّجل: إِذا اشتدَّ وَجَعه من مرضٍ أَو غَيره.
قَالَ ذَلِك الأصمعيُّ، قَالَ: كل مَا وَاراكَ وسَتَرَك فَهُوَ مغربٌ.
وَقَالَ سَاعِدَة الهذليُّ:
موكَّل بسدوفِ الصَّوْمِ يبصرها
من المغاربِ مَخْطوفُ الحشا زَرِمُ
وكُنُس الْوَحْش: مغاربُهَا لاستتارها بهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: رِجْل الغرابِ ضربٌ من صَرِّ الْإِبِل لَا يَقدرُ الفصيلُ عَلى أنْ يرضعَ مَعَه وَلَا يَنحل.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
صَرَّ رِجلَ الغرابِ ملكك فِي النا
س عَلَى من أرادَ فِيهِ الفجورَا
وَإِذا ضَاق على الْإِنْسَان معاشُه، قيلَ: صُرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ الغرَاب. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
إِذا رجل الغرَابِ عَلَيَّ صُرَّت
ذكرتكَ فاطمأنّ بِي الضَّمِير
وَقَالَ شمر: أغربَ الرَّجل إِذا ضحكَ حَتَّى تبدو غرُوب أسنانهِ.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الغرباءِ، فَقَالَ: (الَّذين يُحيونَ مَا أَماتَ النَّاسَ من سُنتي) .
وَفِي حديثٍ آخر: (إنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَريباً وسَيَعُودُ غَرِيبا فطُوبى للغُرَباء) .
وَفِي حديثٍ ثَالِث: (مَثل أُمَّتي كالمطر لَا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها) وَلَيْسَ شيءٌ من هَذِه الْأَحَادِيث بمخالفٍ للْآخر، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ أَهلَ الْإِسْلَام حِين بدأَ كَانُوا(8/120)
قَلِيلا، وهم فِي آخر الزَّمَان يَقلُّونَ إلاّ أَنهم خِيار.
ومِمَّا يَدلُّ على هَذَا الْمَعْنى الحَدِيث الآخر: (خيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وَآخِرهَا وبيْن ذَلِك ثَبَجٌ أَعْوج لَيْسَ منكَ ولستَ مِنْهُ) .
وَفِي حديثٍ آخر: (إنَّ فِيكُم مُغَرِّبين، قَالُوا: وَمَا مُغَرِّبون، قَالَ الَّذين يَشْرَكُ فيهم الجنُّ) ، سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنهم جَاءُوا من نَسَبٍ بعيد، وغُرَّب: اسْم مَوضِع، وَمِنْه قولُه:
فِي إثْر أَحْمَرَةِ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ورَحا الْيَد يُقَال لَهَا غَريبة، لِأَن الْجيران يَتعاوَرُونها، وَأنْشد بَعضهم:
كأنَّ نَفيَّ مَا تَنفِي يَداها
نفِيُّ غريبةٍ بيَدَيْ مُعِين
والْمُعِينُ أَن يسْتعين المديرُ بيد رجلٍ أَو امرأةٍ يضَع يدَه على يدِه إِذا أَدارَها، وغُرابُ البَرِير عُنْقودُه الْأسود، وجمعُه غِرْبان.
قَالَ بِشْرُ بن أبي حازمٍ:
رأَى دُرَّةً بيضاءَ يحفلُ لونَها
سُخَامٌ كغِرْبانِ البَرِير مُقَصَّبُ
يَحفِلُ لَوْنهَا: يجلوه ويَشُوفُه، أرادَ أنَّ سوادَ شَعرِها يزيدُ لَوْنهَا بَيَاضًا.
والعربُ تَقول: فلَان أَبصَرُ من غرابٍ وأَشَدُّ سَواداً من الْغُرَاب، وَإِذا نَعَتوا أَرْضاً بالخِصْبِ قَالُوا: وَقَع فِي أرضٍ لَا يَطيرُ غرابها.
وَيَقُولُونَ: وَجَد تَمْرَةَ الغُراب، وَذَلِكَ أَنه يَتَتَبَّعُ أَجْود التَّمْر فيَنْتَقِيه.
وَيَقُولُونَ: أَشْأَمُ من غرابٍ وأَفْسَقُ من غرابٍ، وَيُقَال: طَار غراب فلَان إِذا شَاب رَأسه. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
لمَّا رأيتُ النَّسْرَ عزَّ ابنَ داية
أَرادَ بِابْن دايةٍ الغرابَ وَقد مرَّ تفسيرُ هَذَا الْبَيْت، وعَيْنٌ غَرْبَةٌ: إِذا كَانَت بعيدَة المطْرَح. وَأنْشد الباهِلِيُّ:
سأَرْفَعُ قولا للحُصَيْنِ ومالِكٍ
تَطيرُ بِهِ الغرْبَانُ شَطْرَ المَوَاسِمِ
قَالَ: والغِرْبان: غِرْبانُ الإبلِ، والغُرَابانِ طَرَفَا الوَرِكَ اللّذان يَكُونان خَلْفَ القَطَاةِ.
وَالْمعْنَى: أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ يُذْهَبُ بِهِ على الإِبِل إِلى المَواسِمِ، وَلَيْسَ يريدُ الغرْبانَ دونَ غَيرهَا، وَهَذَا كَمَا قَالَ:
وإنَّ عِتَاقَ العِيسِ سَوف تَزورُكم
ثَنائِي عَلَى أَعْجَازِهنَّ مُعَلَّقُ
فَلَيْسَ يُرِيد الأعجازَ دون الصُّدور، وَقيل: إِنَّمَا خصَّ الأعجازَ والأوراكَ لأنَّ قائلَها جَعل كِتابَها فِي قَعِيبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عجزِ بَعِيرِه.
رغب: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كيْفَ أَنتم إِذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرت الرَّغْبَةُ) .(8/121)
وَقَوله: ظَهرت الرَّغْبَة: أَي: كثُرَ السُّؤال وقلَّت العِفَّة.
وَمِنْه قولُكَ: رَغِبْتُ إِلَى فلانٍ فِي كَذَا إِذا سأَلْتَه إِياه، وَمعنى ظُهُور الرَّغبة: الحِرْصُ على جمْع المَال ومَنْعِ الحقِّ مِنْهُ.
وَقَالَ شمر: رجُلٌ مُرْغِبٌ: أَي موسرٌ لَهُ مَال رَغيبٌ، ورُغْبُ البَطْنِ: كثْرَة الْأكل، ورَجل رغيبُ الجَوْف.
وَقَالَ اللَّيْث: رَغِبَ الرَّجل فِي الشيءِ رَغْبةً فَهُوَ راغبٌ.
قَالَ: وَيُقَال: رَغبَ رَغبَةً: ورَغْبَى عَلَى قِياس شَكْوَى، وتقولُ: إليكَ الرَّغباءُ ومنكَ النَّعْماء.
ورُوي عَن ابْن عمر أَنه زَاد نحْواً من هَذَا فِي تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الإحْرام.
وَيُقَال: إنَّه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغيبةٍ: أَي: لكلِّ مرغوبٍ فِيهِ، والجميعُ: الرَّغائبُ، وَيُقَال: رغِبْت عَن الشَّيْء: أَي تركتُه عمْداً، ورجلٌ رَغيبُ الجَوْف: إِذا كَانَ أَكولاً، وَقد رَغُبَ يَرْغُب رَغَابَةً، وَوَادٍ رغيبٌ: وَاسع، وحَوْضٌ رَغيبٌ.
ومَرْغَابِينُ: اسْم لنَهْرٍ بالبَصْرَة.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَرَاغِبُ: الأطْماعُ، والمَرَاغِبُ: المُضْطَّرَباتُ فِي المعاش، وإبلٌ رِغابٌ: كَثِيرَة.
وَقَالَ لَبِيد يمدح النُّعْمَان بن الْمُنْذر:
ويَوماً من الدُّهُمِ الرِّغاب كَأَنَّهَا
أَشَاءٌ دَنَا قِنْوَانُهُ أَو مجادل
وتراغَبَ الْمَكَان: إِذا اتَّسع فَهُوَ مُتَرَاغِبٌ.
وَقَالَ النَّضْرُ: الرَّغيبُ من الأوْدية: الكثيرُ الأخذِ للماءِ، والزَّهِيدُ الْقَلِيل الأخذِ، وأرضٌ رَغاب كَذَلِك تأخُذُ الماءَ الْكثير وَلَا تسيل.
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: لَا تَدَعْ رَكْعَتي الْفجْر فَإِن فيهمَا الرَّغائب.
قَالَ شمر: قَالَ الْكلابِي: الرَّغائبُ: مَا يُرْغَبُ فِيهِ، يُقَال: رغيبَة ورغائب.
وَقَالَ غَيره: هُوَ مَا يرغب فِيهِ ذُو رَغَبِ النَّفس، ورغبُ النَّفس: سَعَةُ الأملِ، وَطلب الْكثير.
أَبُو زيدٍ: الرَّغابُ: الأَرْض الليِّنة، وَقد رَغُبَتْ رُغباً.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} (الْأَنْبِيَاء: 90) ، وقرئت: (رَغْباً ورَهْباً) ، وهما مصدران وَيجوز رُغباً ورُهْباً، وَلَا أعلمُ أحدا قرأَ بهما، ونُصِبا على أَنَّهُمَا مفعول لَهما وَيجوز فيهمَا الْمصدر وَهَذَا قَول الزَّجّاج.
وَفِي الحَدِيث: (الرُّغبُ: شُؤْمٌ) ، وَمَعْنَاهُ: الشَّرَهُ، والنَّهَمُ، والحرص على جمع الدُّنْيَا من الْحَلَال وَالْحرَام والتَّبَقُّرِ فِيهَا.(8/122)
غبر: قَالَ اللَّيْث: غَبَرَ يَغبُرُ غبُوراً: إِذا مكث قَالَ: وَقد يجيءُ الغابرُ فِي النَّعْت كالماضي، وغُبْرُ اللَّيْل: بَقاياهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغابر: الْمَاضِي، والغابر: الْبَاقِي.
قَالَ: وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْدُرُ فِيمَا غَبَر من السُّورةِ يحتمِلُ الْوَجْهَيْنِ، قلت: والمعروفُ فِي كَلَام العربِ أَن الغابِرَ: الْبَاقِي.
وَقد قَالَ غيرُ واحدٍ من الْأَئِمَّة: إِن الغابر يكون بِمَعْنى الْمَاضِي.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغُبْرُ: بَقِيَّةُ اللَّبن فِي الضَّرْعِ، وَجمعه: أغبار.
وَقَالَ ابْن حِلِّزة:
لَا تكْسَعُ الشَّوْلَ بأَغبارِها
إِنَّك لَا تَدْري من النَّاتج
وغبَّرُ اللَّيْل: بَقاياه، وَاحِدهَا: غابِر.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لعمر: مَا تأَبطَتْنِي الإماءُ وَلَا حَمَلَتْنِي البَغايا فِي غُبَّرَاتِ المآلي، الغبَّرات: البَقَايا، وَاحِدهَا غابِر، ثمَّ يجمع غبّراً، ثمَّ غبّرَاتٍ جَمْع الجَمْع.
قَالَ اللَّيْث: الأغبَرُ: الَّذِي لونُه مثلُ لون الْغُبَار، قَالَ: والغَبَرة: تَرَدُّد الغبارِ، فَإِذا سَطَعَ سُمِّيَ غباراً، والغَبَرة: لَطْخ غُبَار، والغُبْرَة: اغبِرَار اللَّوْنِ يَغبَرُّ لِلْهَمِّ وَنَحْوه.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {لله)) مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} (عبس: 40، 41) .
وَقَول العامَّةِ: غُبْرَة خَطَأ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُغبِّرَة: قوم يغبِّرون يذكرُونَ الله بدعاءٍ وتضرُّعٍ.
كَمَا قَالَ قَائِلهمْ:
عبادكَ المُغبِّرَهْ
رُشَّ علينا المغفِرهْ
قلت: وَقد يسمّى مَا يقْرَأ بالتّطريبِ من الشِّعرِ فِي ذِكرِ الله تَعَالَى تَغبِيراً كَأَنَّهُمْ إِذا تَنَاشَدوها بالألحان طَربوا فَرقصوا وأرْهَجوا فَسمُّوا مُغبِّرَةً بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقد رُوِي عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: أَرَى الزَّنَادِقَةَ وضعُوا هَذَا التغبِيرَ لِيَصدُّوا النَّاس عَن ذكرِ الله وَقِرَاءَة الْقُرْآن.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويُّ: سمِّي هَؤُلَاءِ مغبِّرين لِتَزْهِيدِهِم الناسَ فِي الفَانيَةِ الماضِيَةِ وتَرْغيبِهِمْ فِي الغابِرَةِ، وَهِي الْآخِرَة الْبَاقِيَة.
والغُبَيْرَاءُ: شراب لأهل الْيمن يُسْكِر.
قَالَ شمر: قَالَ عبد الرازق: الغبَيْراء، أَن يعمد إِلَى المَوْزِ فينقعه حَتَّى ينْبت، ثمَّ يجْعَل فِي جَرّةٍ ويعْصَر فيسْكِر، فَذَلِك الغبيراء، وَقيل: هُوَ المِزْر بِعَيْنِه.
أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الدَّهاءِ والإرب: إِنَّه لداهيةُ الغبَرِ.(8/123)
وَمِنْه قَول الحِرمازي يمدح الْمُنْذر بن الجارودِ:
أَنتَ لَهَا مُنذرُ من بَين البشرْ
دَاهيةُ الدَّهر وصَمَّاءُ الغَبَرْ
يَقُول: إِن ذُكرت يَقُولُوا لَا تسمعوهَا فَإِنَّهَا عظيمةٌ، وَأنْشد:
قد أَزمَتْ إِن لم تُغَبَّرْ بِغَبَرْ
قَالَ: وَهُوَ من قَوْلهم: جُرْحٌ غِبرٌ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: غبِرَ الْجُرْحُ يَغبَرُ غَبَراً: إِذا انْتقض، وَأنْشد:
وَعَاصِماً سلَّمهُ من الغَدَرْ
من بعد إِرْهانٍ بِصمَّاءِ الغَبَرْ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يَقُول: أنجاهُ من الهلاكِ بَعْدَ إِشرافٍ عَلَيْهِ، وإرهانُ الشَّيْء إثباتُهُ وإدَامتهُ.
قَالَ: والغَبَرُ: البقاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: دَاهِيةُ الغبَرِ: بَلِيَّةٌ لَا تَكادُ تَذهبُ.
قَالَ: والنّاسُورُ بِالعربية هُوَ: العرْقُ الغبِرُ.
يُقَال: أصابَهُ غبَرٌ فِي عرْقه: أيْ: لَا يَكادُ يَبْرأ، وَأنْشد:
فَهُوَ لَا يَبْرَأ مَا فِي جَوْفِهِ
مثل مَا لَا يَبْرَأ العِرْقُ الغَبِرْ
قَالَ: والْغبَرُ أنْ يَبرأَ ظاهِرُ الجرْح وباطِنُهُ دَوٍ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول القطَامِيِّ.
وقَلِّبِي مَنْسِمَكِ الْمُغَبَّرا
قَالَ: الغبَرُ: دَاءٌ فِي باطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ.
وَقَالَ المفَضّلُ: هُوَ من الغبْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغُبْرَانُ: رُطبتَانِ فِي قمعٍ واحدٍ مثل الصِّنْوانِ: نخلتَانِ فِي أصل واحدٍ، والجميعُ: غَبارِين.
قَالَ: وَيُقَال: لَهِّجُوا، ضَيفكم وغَبِّرُوهُ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغبْرَاءُ من الأَرْض: الخَمرُ، وَقَالَ طَرَفَهُ فِي بني غبْرَاءَ:
رَأيتُ بني غَبْرَاء لَا يُنكِرُونني
قيل: هم الصعاليك والفقراء، وَقيل: هم الَّذين يَتناهَدون فِي الأسفارِ.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان على غُبيراء الظّهْر، إِذا جَاءَ خَائباً.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: رَجَعَ فلَان على غبَيْرَاء الظّهْر، وَرجع عوده على بدئه. وَرجع على أدراجه، وَرجع دَرَجه، ونكص على عقبه، إِذا لم يصب خيرا.
والغبْرَاء: الأَرْض، وَمِنْه قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (مَا أَظلت الخضراء وَلَا أَقلَّتِ الغَبْراءُ ذَا لهجةٍ أصدَق من أَبي ذَرَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الوَطْأَةُ الغبْرَاءُ: الدَّارسة، وعزٌّ أغبَرُ: ذاهِبٌ دَارِسٌ.
وَقَالَ المخبَّلُ السَّعْديُّ:(8/124)
فأنْزَلهم دَارَ الضياعِ فأصْبحُوا
على مَقْعَد من مَوْطِنِ العِزِّ أغبَرا
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ عَلَى غبَيْرَاءِ الظهْرِ: إِذا جَاءَ خَائباً.
وَفِي حَدِيث مرفوعٍ: (إيَّاكُمْ والغُبَيْرَاءَ فَإِنَّهَا خَمرُ الْعَالم) .
قَالَ أَبُو عبيد: هِيَ ضَرْبٌ من الشَّرَاب تَتخذه الحبشةُ من الذّرة، وَهِي تُسْكِرُ. وَيُقَال لَهَا: السُّكُرْكةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُبَيْرَاء: فاكهةٌ، لفظ الْوَاحِد، والجميع فِيهَا سَواءٌ.
وَقَالَ زيد بن كُثْوَة: يُقَال: تركتهُ عَلَى غبَيْراءِ الظهْرِ إِذا خاصَمْتَ رجلا فخَصْمتهُ فِي كلِّ شَيْء وغلبتهُ عَلَى مَا فِي يَديهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أغبَرْتِ السَّمَاء واشْتَكَرتْ وحَفلَتْ: إِذا جَدَّ وَقع مطرها، قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْكسَائي: أغبَرْتُ فِي طلب الشَّيْء: انكمشْتُ.
وَقَالَ ابْن دُريدٍ: الغِبْرُ: الحقدُ مثل الغِمْرِ سَواء.
بغر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: من أدْواءِ الْإِبِل البَغَرُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: البَغَرُ: الْعَطش يَأْخُذ الْإِبِل فتشربُ وَلَا تروى وتَمْرضُ عَنهُ فتموت، وَأنْشد:
كَأَنَّمَا الموتُ فِي أجْنَادِهِ البَغَرُ
والبَحَرُ مِثلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ بغِيرٌ، وَقد بَغَرَ. وَأنْشد:
وَشرب بِقَيْقَاةٍ فَأَنت بغيرُ
وبَغَرَ النّوُء: إِذا هاج بالمطرِ، وَأنْشد:
بَغْرَة نجم هاج لَيْلًا فبَغَرْ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هَذِه بغرة نجم كذَا، وَلَا تَكون البغرةُ إلاَّ مَعَ كثرةِ الْمَطَرِ.
وَيُقَال: لفلانٍ بَغْرةٌ من الْعَطاء لَا تغيضُ: إِذا دَامَ عطَاؤُه.
وَقَالَ أَبُو وجْزَة:
لَجَّتْ لأبناء الزُّبير مآثرٌ
فِي المكرمَاتِ وبَغْرَةٌ لَا تُنْجِمُ
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: بَغِرَ بَغَراً، إِذا أَكثر من المَاء فَلم يَرو، وَكَذَلِكَ مَجِرَ مَجَراً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَغْرُ والبَغَرُ: الشُّرْبُ بِلَا رِيَ.
وَيُقَال: ذهبَ القومُ شَغرَ بَغرَ، وشَغرَ مَغر: إِذا تَفرَّقوا فِي كلِّ وَجْه.
ربغ: ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّبْغُ: الرِّيُّ.
أَبُو عبيد عَن الأَصمعيّ: إِذا أُرْسِلَت الإبلُ على الماءِ، كلما شَاءَت وَرَدتْ بِلا وَقتٍ فَذَلِك الإرْباغُ، يُقَال: تُرِكَتْ إبِلُهم هَمَلاً مُرْبَغاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: عَيْشٌ رابِغ: رافِغ أَي(8/125)
ناعم، ورَبَغ القوْم فِي النَّعيم: إِذا أَقاموا فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: إنَّ الشّيطان قد أَرْبَغ فِي قُلوبكم وعَشَّشَ: أَي: أَقَامَ على فسادٍ اتَّسَع لَهُ المُقام مَعَه، قَالَ: والرَّابغُ الَّذِي يُقيم على أمرٍ مُمْكن لَهُ.
غ ر م
مرغ، مغر، غمر، غرم، رغم، رمغ: مستعملات.
مرغ: عَمْرو عَن أَبِيه: المَرْغةُ: الرَّوْضَةُ، وَالْعرب تَقول: تمَرَّغْنا: أَي تَنَزَّهْنا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَرْغُ: الإشْباعُ بالدُّهْن، رجُلٌ أَمْرَغُ، وَقد مَرِغ عِرْضُه: والمُجاوِزُ من فعْله الإمراغ، وشعرٌ مَرِغٌ: ذُو قَبول للدُّهْن، والْمُتمرِّغ: الَّذِي يصنع نَفسه بالادِّهان والتَّزَلُّقِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرْغُ: اللُّعابُ، يُقَال: فلَان أَحْمَقُ مَا يَجأَى مَرْغَه: أَي لَا يَستُر لُعابه، وجَأَيْتُ الشيءَ: أَي: سَتَرْتُه، والمرغُ: الْمصير الَّذِي يجْتَمع فِيهِ بعر الشَّاة، والمرْغ: الرَّوْضَة الْكَثِيرَة النَّبَات وَقد تَمَرَّغَ المالُ: إِذا أَطَالَ الرَّعي فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَرَغَ العَيْرُ فِي العُشب: إِذا أَقَامَ فِيهِ، وَأنْشد:
إنِّي رأيتُ العَيْر فِي العُشب مَرَغ
فجئتُ أَمْشِي مُستَطَاراً فِي الرَّزَغْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَرَاغُ الْإِبِل: مُتَمَرَّغُها، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف الْإِبِل:
يَجْفِلُهَا كلُّ سنامٍ مِجْفَلِ
لأْياً بلأْيٍ فِي المَرَاغِ المُسْهِلِ
والمَراغةُ: أَتانٌ لَا تمتنعُ من الفحول، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره.
قَالَ: وَكَانَ الفرزدق يَقُول لجرير: يَا ابْن المراغة ينْسبهُ إِلَى الأتان، وَيُقَال: مَرَّغْتَهُ فِي التُّراب فَتَمَرَّغَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: تَمَرَّغْتُ على فلانٍ، أَي: تَلَبَّثْتُ وتمَكَّثْتُ، وَأَنا مُتَمَرَّغ عَلَيْهِ.
مغر: قَالَ اللَّيْث: المَغْرَةُ: الطين الْأَحْمَر، وثوبٌ مُمَغَّرٌ: مصبوغ بِهِ، والأمْغَرُ: الْأَحْمَر الشّعْر وَالْجَلد.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: أَمْغَرَتِ الشَّاة(8/126)
وأَنْغَرَتْ: إِذا حُلبت فَخرج مَعَ لبَنها دمٌ، وَإِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا فَهِيَ مِمْغارٌ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو جميل الْكلابِي: مَغَرَ فلانٌ فِي الْبِلَاد: إِذا ذهب فأسرع، ورأيتُه يَمْغَرُ بِهِ بعيرُه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو صاعد الْكلابِي: مَغَرَتْ فِي الأَرْض مَغْرةٌ من مطر، وَهِي مطرةٌ صَالِحَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَغْرَةُ: المطرةُ الْخَفِيفَة والبَلِيلَةُ الرّيح المُمَغَّرَة، وَهِي الَّتِي تمزجها المَغْرة، وَهِي المطرةُ الْخَفِيفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأمْغَرُ أَيْضا: الَّذِي فِي وَجهه حُمرة فِي بَيَاض صَاف، وأوسُ بن مَغْراء أحد شعراء مُضَر.
وَقَالَ عبد الْملك لجرير: مَغِّرْ يَا جرير، أَي أنْشد كلمة ابْن مَغْرَاء.
وَقَالَ نصير: يُقَال: إِنَّه لأَمْغَرُ أمكرُ أَي أَحْمَر، والمكرةُ: المغْرَةُ.
وَأنْشد غَيره:
وتَمْتَكِرُ اللِّحَى مِنْهُ امتكارا
وَفِي الحَدِيث: أَن أَعْرَابِيًا قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرآهُ مَعَ أَصْحَابه فَقَالَ: أيُّكم ابْن عبد الْمطلب، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا الأمْغَرُ المُرْتفِق، أَرَادوا بالأمغرِ الأبيضَ الْوَجْه، وَكَذَلِكَ الْأَحْمَر هُوَ الْأَبْيَض، وَرَأَيْت فِي بِلَاد بني سعد ركيَّة تُعرف بمكانها وَكَانَ يُقَال لَهُ الأمْغرُ وبحذائها ركيَّة أُخْرَى يُقَال لَهَا الْحِمارَةُ وماؤُهما شَروب.
غمر: قَالَ اللَّيْث: الغَمْرُ: المَاء المُغرق، وغِمَارُ البُحور جمع الغَمْرِ، وَقد غَمَره المَاء.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الغَمْر: الماءُ الْكثير، وَيُقَال: رَجل غمر الخُلُقِ، أَي: وَاسع الخلقِ وَهُوَ غمر الرِّداءِ: إِذا كَانَ كثيرَ المعروفِ واسعهُ وَإِن كَانَ رداؤُه صَغِيرا. وَقَالَ كثيِّر:
غمر الرِّداءِ إِذا تَبَسّمَ ضَاحِكا
غلِقَتْ لضحكتِهِ رِقَاب المَال
وفَرَس غمر: إِذا كَانَ كثيرَ الجري.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَغْمور: المَقْهور، والمَغمور: المَمْطُور.
أَبُو زيد: يُقَال للشَّيْء إِذا كَثُرَ: هَذَا كثير غمير.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ} (الْمُؤْمِنُونَ: 54) ، مَعْنَاهُ: فِي عَمايتِهم وحيرَتهم وَكَذَلِكَ قَوْله: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِى غَمْرَةٍ مِّنْ هَاذَا} (الْمُؤْمِنُونَ: 63) ، يَقُول: بلْ قُلوبُ هَؤُلَاءِ فِي عمايةٍ مِن هَذَا.
وَقَالَ الْفراء: {فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ} أَي: فِي جهلهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الغمرةُ: منهَمكُ الْبَاطِل.
قَالَ: ومرتكَضُ الهول: غمرة الْحَرْب، وَيُقَال: هُوَ يضربُ فِي غمرة اللَّهْو(8/127)
ويتسكع فِي غمرة الفِتنة، وغمرَةُ الموْتِ: شِدّة هُمومه.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
كأنني ضَارِبٌ فِي غمرةٍ لَجِب
أَي: سابحٌ فِي مَاء كثيرٍ، وغمرة: مَنهلةٌ من مناهل طَرِيق مكةَ، وَهِي فصل مَا بَين نجدٍ وتهامة، وليلٌ غَمْرٌ: شَدِيد الظلمَة.
وَقَالَ الراجز يصف إبِلا:
يجتَبْنَ أثْنَاء بهيم غمر
داجي الرِّوَاقَين غُدافِ السِّتْرِ
وثوبٌ غَمر: إِذا كَانَ سابغاً.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أطلِقُوا لي غُمَرِي) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره: الغُمَرُ: الْقَعْب الصغيرُ.
وَقَالَ أعشَى باهِلة:
من الشِّواءِ ويُروى شرْبه الغُمَر
والغُمْرُ من الرِّجال: الَّذِي لم تُحَنِّكهُ التجاربُ، والغِمْرُ: الحِقْدُ، وَقد غَمِرَ صدرُه علَيَّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغُمْرَة: الورْس، يُقَال: غمَرَ فلانٌ جاريتَه: إِذا طَلَى وَجههَا بالورْس وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُمْرَةُ: طِلاءٌ يُطلى بِهِ العَرُوس.
وَقَالَ أَبُو الغَمَيْثل: الغُمْرَة والغُمْنَة: واحدٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: هُوَ تمْرٌ ولبَنٌ يُطلى بِهِ وَجه الْمَرْأَة ويداها حَتَّى ترِقّ بشرَتُها وجمعُها: الغُمَرُ والغُمَنُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال لمنديلِ الغمَر: المشُوشُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الغمَرُ: السهَك، وَقد غمِرَت يَده غمَراً، وَيُقَال: فلَان شُجاع مغامر. يغشى غمَرات الحرْب، وماءٌ غَمْرٌ: بينُ الغَمارة ورجُلٌ غَمْرٌ: بيِّن الغَمارَةِ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دخل فِي غُمار النَّاس وغَمارِهم وخُمارهم وخَمارِهم، وغمْرةُ الناسِ وخمَرُهم: جماعتُهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الغمِيرُ: نبت يَنبت فِي أصل النبْتِ حَتَّى يغمُرَه الأول وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الغميرُ: الرَّطبةُ والقتُّ اليابسُ والشَّعيرُ تُعلَفه الْخَيل عِنْد تضْمِيرها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: أقلُّ الشرْب: التغمُّرُ، يُقَال: تغمَّرْتُ مَأْخُوذ من الغُمَر، وَهُوَ الْقدح الصغيرُ، وَيُقَال: غَمَره الْقَوْم يغمرونه: إِذا عَلَوْه بالشرَفِ، والمغمُور من الرِّجَال الَّذِي ليسَ بمشهورٍ، وَرجل مُغمَّرٌ(8/128)
إِذا استجهله الناسُ، وَقد غُمِّرَ فلَان تغمِيراً.
ثَعْلَب عَن ابنِ الْأَعرَابِي: الغُمرةُ: الورْسُ والحُصّ والكُركم، والغمْرة: حيرة الْكفَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الاغتمار: الاغتماس.
قَالَ أَبُو سعيد: الْمَعْرُوف فِي الغامر: المعاشُ الَّذِي أَهله بِخَير.
قَالَ: وَالَّذِي يَقُول الناسُ: إِن الغامِرَ الأرضُ الَّتِي لم تُعمرْ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَقد سَأَلت عَنهُ فَلم يُبيِّنه لي أحد، يُرِيد قَوْلهم العامِرَ والغامرَ.
وَفِي حَدِيث عمر: أَنه مَسَحَ السوَاد عامِرَه وغامرَه، فَقيل: إِنَّه أَرَادَ عامرَه وخرابَه.
قلت: قيل للخراب غامر، لِأَن المَاء قد غمره فَلَا تمكِن زراعتُه، أَو كَبَسَهُ الرّملُ وَالتُّرَاب، أَو غلبَ عَلَيْهِ النَّزُّ فنَبت فِيهِ الأباءُ والبَرْديُّ فَلَا يُنبت شَيئاً، وقيلَ لَهُ غامرٌ عَلَى معنى أَنه ذُو غَمْر من المَاء وَغَيره الَّذِي قد غمره كَمَا يُقَال هَمٌّ ناصِبٌ أَي ذُو نصبٍ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
ترَى قورَها يَغرقنَ فِي الْآل مرّة
وآوِنةً يخرجْن من غامر ضَحْلِ
أَي: من سرابٍ قد غمرها وعلاهَا.
غرم: قَالَ اللَّيْث: الغرمُ: أَدَاء شَيْء يلْزم مثل كَفَالَة يغرمَها، والغريم: الملزَم ذَلِك، والغرام: العذَاب أَو العِشق أَو الشرُّ اللازِم.
قَالَ: والغريمان سَواءٌ. الغَارم والمُغْرِمُ.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} (الْفرْقَان: 65) .
قَالَ الْفراء: يَقُول: مُلِحّاً دَائِما، وَالْعرب تَقول: إِن فلَانا لمغرمٌ بِالنسَاء: إِذا كَانَ مُولَعا بهنّ، وإنِّي بكَ لمغرم: إذَا لم يَصْبر عَنهُ، ونرَى أَن الغريمَ إِنَّمَا سمِّيَ غريماً لِأَنَّهُ يطْلب حَقَّه ويُلِحُّ حَتَّى يَقْبضه يُقَال للَّذي لَهُ المَال يَطْلُبهُ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ غريمٌ، وللذي عَلَيْهِ المَال غَرِيم.
وَفِي الحَدِيث: (الدَّيْنُ مَقْضيٌّ والزّعيم غارمٌ لِأَنَّهُ لَازم لِمَا زَعَم) أَي كفَلَ وَضَمِنَ.
وَقَالَ الزجَّاج: الغرام: أشَدُّ العذابِ فِي اللُّغَة. وأنشدَ:
إِن يعَاقِب يكن غراماً وَإِن يع
ط جزيلاً فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} (الْفرْقَان: 65) .
وَقَالَ القُتَيْبي: كَانَ غراماً أَي: هَلكةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغرَمى: الْمَرْأَة المغاضبَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: غرمَى كلمة تَقُولهَا(8/129)
الْعَرَب فِي معنى اليَمِين، يُقَال: غرمى وجدِّك، كَمَا يُقَال أَما وجدِّكَ.
وَأنْشد:
غرمَى وجدِّك لَو وجدتَ بهم
كعَدَاوةٍ يجدونها بَعْدي
والمَغْرم والغُرم وَاحِد، وَجمع الْغَرِيم غُرَمَاء، وَيُقَال للَّذي عَلَيْهِ المَال غَرِيم.
رغم: قَالَ اللَّيْث: رَغِمَ فلانٌ: إِذا لم يقدِر على الانتصافِ، وَهُوَ يَرْغَمُ رَغماً، وَبِهَذَا الْمَعْنى رغم أَنفه.
وَفِي الحَدِيث: إِذا صَلَّى أحدكمْ فليلزمْ جَبْهَتهُ وأَنفهُ الأَرْض حَتَّى يخرج مِنْهُ الرَّغْمُ، معناهُ: حَتَّى يخضعَ ويذِلَّ، قَالَ: وَيُقَال: مَا أَرْغَمُ من ذاكَ شَيْئا: أَي: مَا أَكرهُ، قَالَ: والرَّغَامُ: الثَرَى.
قَالَ: وَيُقَال: رَغمَ أنفهُ إِذا خاسَ فِي الترابِ.
وَيُقَال: رَغَّمَ فلانٌ أَنفَهُ وأَرْغَمَهُ: إِذا حَمَلَهُ على مَا لَا امْتِنَاعَ لَهُ مِنْهُ قَالَ: ورَغَّمْتُهُ: قلت لَهُ: رَغْماً ودَغْماً وَهو لَهُ رَاغِمٌ دَاغِمٌ.
وَقَالَ الليثُ: الرُّغَامُ: مَا يسيلُ من الأنفِ من داءٍ أَو نحوهِ، قلت: هَذَا تصحيفٌ وصَوَابه الرُّعام بِالْعينِ.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: من قَالَ الرُّغامُ فِيمَا يسيلُ من الْأنف فقد صَحَّف، وَكَانَ الزَّجاج يجيزُ الرُّغامَ فِي مَوضِع الرُّعامِ، وأَظنه نظر فِي كتاب الليثِ فَأَخذهُ منهُ.
وَقَالَ الليثُ: الرُّغَامى لُغةٌ فِي الرُّخَامى، وَهُوَ نبتٌ.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عمرِو: الرَّغامُ: دقاقُ التُّرابِ، وَمِنْه يُقَال: أَرْغمتُه: أيْ: أَهَنتهُ وَأَلزَقتهُ بالترابِ، وَمِنْه يُقَال: أرْغمَ الله أنفهُ، والرَّغْمُ: الذِّلَّةُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الرَّغامُ: من الرَّمْلِ لَيْسَ بالَّذِي يسيلُ من الْيَد.
وَقَالَ الفرزدقُ يهجو جَرِيرًا:
تَبكي المَراغةُ بِالرَّغَامِ على ابنهَا
والنَّاهِقاتُ يَهِجْنَ بالإعوالِ
وَقَالَ جلَّ وعزَّ: {وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِى الاَْرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} (النِّسَاء: 100) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى مُرَاغماً مُهَاجَراً الْمَعْنى: يجدُ فِي الأرضِ مهاجَراً، لأنَّ المهاجِر لِقومهِ والْمُراغِمَ بمنزلةٍ واحدةٍ وَإِن اختلفَ اللفظانِ، وَأنْشد:
إِلَى بَلَدٍ غير دَاني الْمَحَلِّ
بعيدِ المُراغَمِ والمضْطَربْ
قَالَ: وَهُوَ مأخُوذٌ من الرَّغام، وهوَ التُّرابُ، ورَاغمتُ فُلاناً: هجرته وعاديتُه، وَلم أبالِ رَغْمَ أَنفِه: أيْ: وإنْ لَصِقَ أنفهُ بالترابِ.(8/130)
وَقَالَ الفرَّاء: المُرَاغَمُ: المضطرَبُ والمذهبُ فِي الأرضِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: الرَّغمُ: التُّرابُ، والرَّغمُ: الذُّل، والرغمُ: الْقَسْرُ.
قَالَ: وَفِي الحديثِ: (إنْ رَغَمَ أنفهُ) : أَي: ذَلَّ، رَواهُ بِفَتْح الغينِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وهما لُغَتَانِ، رَغَم أَنفه ورَغِمَ رَغْماً ورُغْماً.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: على رَغْمٍ منْ رَغَمَ بِالْفَتْح أَيْضا.
وَفِي حَدِيث عائشةَ أَنَّهَا سُئلتْ عَن المرأَة تَوَضَّأُ وَعَلَيْهَا الْخِضَابُ، فَقَالَت: اسْلِتيهِ وَأَرْغميهِ، معناهُ: أَهينيهِ وَارْمِي بِهِ عنكِ فِي التُّرابِ.
أَبُو عبيدٍ عَن الأمويِّ: الرُّغامَى: زِيَادَة الكبدِ.
وَقَالَ أَبُو وجزةَ:
شَاكَتْ رُغامَى قذُوفِ الطّرف خَائِفَةٍ
هَوْلَ الْجنانِ وَمَا هَمَّت بإدلاَج
وَيُقَال: مَا أَرْغَمُ منْ ذاكَ شَيْئا: أيْ: مَا أنقمه، وَمَا أَكْرَهُهُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وكُنَّ بِالرَّوْضِ لَا يَرْغمنَ واحدَة
من عَيشهنَّ وَلاَ يدرينَ كيفَ غَد
والتَّرَغُّم: التغضبُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: يجدْ فِي الأَرْض مُرَاغماً: أَي مُضْطَرباً، وعبدٌ مُراغِمٌ: أَي مضطرِبٌ على موَالِيه.
(أَبْوَاب) الْغَيْن وَاللَّام)
غ ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: نغل لغن.
نغل: قَالَ اللَّيْث: النَّغَلُ: فسادُ الْأَدِيم فِي دباغه إِذا ترفَّتَ وتَفتَّتَ، وَيُقَال: لاَ خيرَ فِي دَبغَةٍ على نَغْلَةٍ، وَجَوزٌ نَغِلٌ، قَالَ: والنَّغْلُ: ولدُ زَنْيةٍ، والْجَارِيَةُ: نَغلَةٌ، المصدرُ: النِّغْلة.
وَقَالَ غيرهُ: نَغِلَ وَجْهُ الأرضِ إِذا تَهَشَّم من الْجُدُوبةِ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يَوْماً تَراهَا كَشِبهِ أَرْديةِ الخم
سِ وَيَوْما أديمها نَغِلا
وَيُقَال: نَغُلَ الموْلُودُ يَنْغُلُ نُغُولةً فَهُوَ نَغْلٌ.
لغن: أَبُو عبيد: يُقَال لِلَحَماتٍ تكون عِنْد اللَّهَوات اللَّغانِينُ، واحدُها لُغنُون.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الألغانُ أَيْضا، وَاحِدهَا لُغْنُ.
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ بِلغْنِ غَيره، إِذا أنكرتَ مَا تَكلم بِهِ من اللُّغة، وَفِي بعضِ الأخبارِ: إنكَ لتَكلَّمُ بِلُغن ضال مضل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: الْغَانَّ: النباتُ فَهُوَ ملْغَانٌّ: إِذا التفَّ.(8/131)
وَقَالَ أَبُو خيرة: أرضٌ ملغَانَّةٌ، والْغينَانُها كَثْرَة كلئها.
غ ل ف
غلف غفل لغف فلغ: مستعملة.
غلف: قَالَ الليثُ: الغلاَف: الصّوَانُ، وقلبٌ أغْلَفُ: كأنَّما غُشِّيَ غِلافاً، فهوَ لَا يَعي، وَيُقَال: غَلَفْت القارورةَ وأغْلَفْتُها فِي الغلافِ، وغَلَّفت السّرْجَ والرَّحل، وَأنْشد:
يكادُ يُنْبى الفاتر المُغلَّفَا
وَيُقَال: تَغلَّفَ الرَّجل واغْتَلف وَقد غلفتُ لحيتهُ، والأقلفُ يُقَال لَهُ الأَغلفُ، وَهِي الغُلفةُ والقلفةُ.
وَقَالَ اللحياني: تَغَلَّفَ بالغاليةِ وتغلَّلَ.
وَقَالَ بَعضهم: تغلفَ بالغالية: إِذا كَانَ ظَاهرا، فَإِذا كَانَ دَاخِلا فِي أصولِ الشَّعر، قيل: تغلَّلَ.
شمر: رَحْلٌ مُغَلَّفٌ: عَلَيْهِ غلاف من هَذِه الأدَمِ وَنَحْوهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْله: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} (الْبَقَرَة: 88) ، وقرىء: (غُلُفٌ) فَمن قَرَأَ: (غُلُفٌ) ، فَهُوَ جمع غلاف، أَي قُلُوبنَا أوعيةٌ للْعلم، كَمَا أَن الغِلافَ وِعاءٌ لما يُوعَى فِيهِ، قَالَ: وَإِذا سُكِّنَتِ اللامُ كَانَ جمع أغلف، وَهُوَ الَّذِي لَا يعي شَيْئا، وسيفٌ أغلفُ: إِذا كَانَ فِي غِلافٍ، وَجمعه غُلْفُ.
وَهَكَذَا قَالَ الْكسَائي فِي تَفْسِير الغلْفِ والغُلُفِ، وَقَالَ: مَا كَانَ جمع فعال وفعيل وفعول فَهُوَ فُعُلٌ (مثقل) .
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة: (القلوبُ أربعةٌ، فقلبٌ أغلفُ وَهُوَ قلب الْكَافِر) .
وَقَالَ شمر: قَالَ خالدُ بن جَنْبَةَ: الأغلفُ فِيمَا نرى: الَّذِي عَلَيْهِ لِبْسَةٌ لم يَدَّرِع مِنْهَا أَي: لم يخرج مِنْهَا.
قَالَ: وَتقول: رَأَيْت أَرضًا غلفاءَ إِذا كَانَت لم تُرْعَ قبلنَا، فَفِيهَا كل صَغِير وكبير من الْكلأ. كَمَا يُقَال: غُلامٌ أغلف: إِذا لم تُقْطَع غُرْلَتُهُ.
وَقَالَ الْفراء: قلبٌ أغلفُ: بَيِّنُ الغُلْفَةِ، وأغلفتُ القارورة: جعلت لَهَا غلافاً، وَإِذا أدخلتَها فِي غلاف قلت: غَلْفتُها غلْفاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والغِلْفُ: الخِصب.
لغف: أهمله اللَّيْث.
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: اللَّغيفُ: الَّذِي يأكلُ مَعَ اللُّصُوص ويشربُ ويحفظ ثِيَابهمْ وَلَا يسرقُ مَعَهم، يُقَال فِي بني فلانٍ لُغَفَاءُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: فلَان لغيفُ فلانٍ وخُلْصَانُهُ ودُخْلُلُه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فلَان لَغيفُ فلَان، وشَجِيرُهُ، أَي خاصَّتُه، قَالَ: ولَغَفْتُ شَيْئا، أَي لقَمْتُه.(8/132)
وَفِي (النَّوَادِر) : ألْغَفْتُ فِي السيرِ وأوغفت فِيهِ.
فلغ: الْأَصْمَعِي: فَلَغَ رأسهُ بالعصا يَفْلَغُهُ وثَلَغَهُ يَثْلَغُهُ فَلْغاً وثلْغاً: إِذا شَدَخَهُ.
غفل: الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت، يُقَال: قد غَفَلْتُ عَنهُ وأغفلتُهُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه سُئِلَ عَن قَول اللَّهِ: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} (الْكَهْف: 28) ، فَقَالَ: من جَعَلْنَاهُ غافلاً، قَالَ: وَيكون فِي الْكَلَام: أغفلتهُ: سَمَّيْتُهُ غافلاً وأَحْلمْتُهُ سميته حَلِيمًا.
وَقَالَ اللَّيْث: أغفلتُ الشيءَ: تركته غَفَلاً وَأَنت لَهُ ذَاكر.
قَالَ: وغفلَ عَن الشيءِ يَغْفُلُ غَفلَة وغُفُولاً، والتَّغافُلُ: التَّعَمُّدُ، والتَّغَفُّلُ: خَتْل عَن غفلةٍ، والمُغَفَّلُ: مَن لَا فطنةَ وَلَا إربَ لَهُ، والغفْلُ: سَبْسَب مَيْتَة بعيد لَا عَلامَة فِيهَا وَجمعه أغفال.
وَقَالَ ذُو الرمة:
يتركن بالمهامِهِ الأغفالِ
ودابَّة غُفْل: لَا سِمَة عَلَيْهَا، وَرجل غفل: لَا يُعْرَفُ لَهُ حَسَب.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَرض غُفْل وفَلٌّ لم تمطر.
وَقَالَ غَيره: نَعَم أغفال: لَا لِقْحَةَ فِيهَا وَلَا نجيب.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: لنا نَعَم أغْفَال مَا تَبِضُّ بِبِلالٍ: يصفُ سنة أصابتهمْ فأهلكت خِيَار مالِهِمْ، وبلاد أغفال: لَا أعلامَ فِيهَا يهتدَى بهَا.
وَقَالَ شمر: إبِل أغْفَال: لَا سمة عَلَيْهَا وقِدَاح أغفال.
وَرُوِيَ عَن بعض التَّابِعين أَنه قَالَ: عَلَيْك بالْمَغْفَلَةِ والْمَنْشَلَةِ فِي الْوضُوء.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: المَغْفَلَةُ: العَنْفَقَةُ نَفسهَا، والمنشلة مَوضِع حلْقة الْخَاتم.
غ ل ب
غلب بلغ بغل لغب: مستعملة.
غلب: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: غَلَبَ يَغْلِبُ غَلَبَةً وغَلَباً، والغِلابُ: المُغَالبة، وَأنْشد بَيت كَعْب بن مَالك:
هَمَّتْ سخينةُ أَن تُغَالِبَ ربَّها
وليُغْلَبَنَّ مغالِبُ الغلاّب
وَفِي مثل للْعَرَب: جرى المذكيات غلاب، أَرَادَ بالمذكيات مَسَانّ الْخَيل وقُرّحَها، أَرَادَ أَنَّهَا تغلب من سابقها غلاباً لِقوَّتها.
قَالَ: والأغلب: الغليظ القَصَرَةِ، أسدٌ أغلب، وَقد غَلِبَ يَغْلَب غَلَباً، وَقد يكون الغَلَب من داءٍ أَيْضا.(8/133)
قَالَ: وهضبة غَلْباء وعزَّة غلباءُ، وَكَانَت تَغْلِبُ تسمى الغَلْباءَ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وأَوْرَثَنِي بَنو الغلْباءِ مَجْداً
حَدِيثا بعد مَجْدِهم الْقَدِيم
وَقَالَ آخر:
وقَبْلَكَ مَا اغْلَوْلَبَتْ تَغْلِبٌ
بِغَلْبَاءَ تَغْلِب مُغْلَوْلِبينا
يَعْنِي بعزَّةٍ غَلْبَاءَ، واغْلَوْلَبَ العُشْبُ. واغلَوْلَبَتِ الأَرْض إِذا التَفَّ عشبها، واغْلَوْلَبَ الْقَوْم إِذا كَثُرُوا، من اغْلِيلاَبِ العُشْبِ، وَرجل غُلُبَّة إِذا كَانَ غَالِبا، وغَلبَّة لُغة.
وَأَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد المزنيِّ عَن أبي خَليفَة عَن مُحَمَّد بن سلاّم أَنه قَالَ: إِذا قالتِ الْعَرَب: شَاعِر مُغَلَّب فَهُوَ مغلوب، وَإِذا قَالُوا غلِّبَ فلَان، فَهُوَ غَالب، وغلِّبَتْ ليلى الأخْيَلِيّة على نابغةِ بني جَعْدَةَ لِأَنَّهَا غَلَبَتْه، وَكَانَ الجعديُّ مغَلَّباً.
لغب: الْأَصْمَعِي: إِنَّه لضعيف ولَغْب وَوَغْب.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: لَغَبْتُ ألغُبُ لُغُوباً من الإعياء.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن} (ق: 38) ، وَمِنْه قيل فلَان ساغب لاغب أَي مُعْيًى.
وروى ابْن الْفرج عَن أبي السميدع، أخذت بزغب رقبته، ولَغَب رقبته، قَالَ: وَهِي بِاللَّامِ فِي تَمِيم، قَالَ: وَذَلِكَ إِذا تبعه وَقد ظن أَنه لم يُدْرِكهُ، فَلحقه، أَخذ بِرَقَبَتِهِ أَو لمْ يَأْخُذ.
قَالَ الْأمَوِي: ولَغَبْتُ على القومِ ألْغَبُ لَغْباً: أفْسَدْتُ عَلَيْهِم.
وَقَالَ اللَّيْث: اللُّغَابُ من الرِّيش: الْبَطن، الْوَاحِدَة لُغابَة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: من الرِّيش اللُّؤَامُ واللُّغابُ، فاللُّغابُ مَا كَانَ بطنُ القُذَةِ يَلِي ظهر الْأُخْرَى، وَهُوَ أَجود مَا يكون فَإِذا التَقى بطْنان أَو ظهران فَهُوَ لُغَاب ولغْب.
وَقَالَ أَبُو زيد: لغَبْتُ القومَ ألْغَبُهُمْ لغْباً، إِذا حدَّثتهم بحديثٍ خلفٍ، وَأنْشد:
أَبْذُلُ نصْحي وأَكُفُّ لغبي
وَقَالَ الزِّبْرِقانُ:
ألمْ أَك باذلاً وُدِّي ونَصْرِي
وأصْرِفَ عَنْكُم ذَرَبي ولغْبي
يُقَال: كفَّ عنَّا لغبَكَ: أَي سيءَ كلامك، وَيُقَال: تَلَغَّبْتُ الرَّجلُ: إِذا أتعبته، ولغَّبَ فلَان دابَّتَه: إِذا تحاملَ عَلَيْهِ حَتَّى أعْيا، والْمَلاغب جمع الملغَبَةِ من الإعياء.
بغل: قَالَ اللَّيْث: البَغل والبَغلة معروفان، والتَّبْغيل: مشي الْإِبِل فِي سَعَةٍ.(8/134)
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: التَّبْغِيلُ: مَشْيٌ فِيهِ اختلاطٌ بَين العَنقِ والهَمْلَجَةِ.
وَيُقَال: تزوج فلانٌ فلانةَ فَبَغَّلَ أولادَها: إِذا كَانَ فيهم هُجْنَةٌ، وَرجل بَغَّال صاحبُ بِغالِ، ويُجْمَعُ الْبَغْل بِغالاً.
بلغ: قَالَ اللَّيْث: البَلْغُ: البَلِيغُ من الرِّجال وَقد بلُغَ بلاغة، وَبلغ الشيءُ يبلُغُ بُلوغاً، وَقد بلَّغْتُهُ أَنا تبليغاً وأبلغته إبلاغاً وَتقول: لَهُ فِي هَذَا الْأَمر بلاغٌ وبُلغةٌ وتَبَلُّغ: أَي كِفَايَة، وشيءٌ بَالغ: أَي جَيِّدٌ، والمبالغةُ: أَن تبلغ من الْعَمَل جهدَك.
وَقَالَ غَيره: البُلْغةُ من القُوتِ: مَا يتبلَّغُ بِهِ وَلَا فضلَ فِيهِ، والعربُ تَقول للخبَر يبلُغُ أحدَهُمْ، وَلَا يحقِّقُونه وَهُوَ يسوءُهُمْ: سَمْعٌ لَا بَلْغٌ: أَي نسمَعُهُ وَلَا يبلغنَا، ويجوزُ: سمعا لَا بلْغاً.
وَيُقَال: بلغَ الغُلامُ والجاريةُ: إِذا أدْركا وهما بالغانِ.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي كتابِ النِّكاح جَارِيَة بَالغ بِغَيْر هاءٍ.
هَكَذَا رَواهُ لنا عبد الْملك عَن الرَّبيع، عَنهُ قلتُ وَالشَّافِعِيّ فصيحٌ، وقولهُ حُجَة فِي اللغةِ، وَقد سمعتُ غير واحدٍ من فصحاءِ الْأَعْرَاب يَقُول: جَارِية بَالغ، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: امْرَأَة عاشقٌ، ولِحْيَة ناصِلٌ.
وَإِن قَالَ قائلٌ: جَارية بَالِغَة لم يكنُ خطأ لِأَنَّهُ الأصلُ.
رُوِيَ عَن عَائِشَة أنَّها قَالَت لأمير المؤمنينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يومَ الجملِ: قد بلغْتَ منَّا البِلَغِينَ: مَعْنَاهَا: أنَّ الحرْبَ قد جهدْتها وَبَلغت مِنْهَا كلَّ مبلغٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول عَائِشَة لِعَليَ: قد بلغتَ مِنَّا البِلَغينَ: إنُه مثل قَوْلهم: لقِيت مِنْهُ البُرَحِين والأقْورين والأَمرينِ وَمَعْنَاهَا كلهَا: الدَّواهي، وَيُقَال: بلَّغت القومَ الحديثَ بلاغاً: اسمٌ يقومُ مقَام التَّبْلِيغ.
وَفِي الحَدِيث: (كلُّ رافعَةٍ رَفَعَتْ عَنَّا من الْبَلَاغ فَلْتُبَلِّغْ عَنَّا) ، أَرَادَ من المبلِّغينَ، وَيُقَال: أبْلَغْتهُ وبَلَّغْته بِمَعْنى واحدٍ.
وَيُقَال: بلغ فلَان، إِذا جهد وَبَلغت نكيثته.
غ ل م
غلم غمل ملغ مغل لغم: مستعملات.
غلم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: غلِم يغلَم غلَماً وغلْمَةً واغتلم اغتلاماً، وَهُوَ المغلوبُ شهْوةً، والمِغْليم: سواءٌ فِيهِ الذَّكرُ وَالْأُنْثَى.
وَقَالَ شمر: يُقَال: غُلَام غِلِّيم، وجَارية غلِّيم بِغَيْر هاءٍ، وَأنْشد:
ناكَ أخُوها أُخْتَكَ الغِلِّيما
وَيُقَال: غُلام بَين الغُلومةِ والغُلامِيَّةِ.(8/135)
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: غُلَام بينُ الغلومة والغلوميةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْغُلَام الطّارُّ الشَّارب وَجَاء فِي الشِّعْرِ غلامة للجارِية، وَأنْشد:
يُهانُ لهَا الغلامة والغلامُ
وَقد سمعتُ العربَ تَقول للمولُود حينَ يولَدُ ذكرا غُلَام، وسمعتهمْ يَقُولُونَ للكهل غُلَام نجيب وكلُّ ذلكَ فاشٍ فِي كلامِهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَيْلَمُ: مَوضِع، والغَيْلَمُ: السُّلحفاة، قَالَ: والغيلم: المدْرَى، وَأنْشد:
يُشَذِّبُ بالسَّيْف أقرانه
كَمَا فَرّقَ اللِّمَّةَ الغيلمُ
قلت: قَوْله: الغيلم المدْرَى لَيْسَ بصحيحٍ ودلَّ استشهادُه بِالْبَيْتِ على تصحيفه، أَنْشدني غير واحدٍ بَيت الهذليِّ:
ويَحْمِي المضَافَ إِذا مَا دَعَا
إِذا فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الغيْلَمُ
هَكَذَا أَقْرَأَنِيهِ الإيادِيُّ لشمر، عَن أبي عبيد، وَقَالَ: الغيلم: العظيمُ، وَقد أنْشدهُ غَيره:
كَمَا فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيلَمُ
بالفاءِ.
رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن الأعرابيِّ قَالَ: والفَيلم: المُشط.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الغيلم: المرأَة الحسناءُ، وَأنْشد:
من المدَّعينَ إِذا نوكروا
تنيفُ إلَى صوتِه الغيْلَم
وَقَالَ اللَّيْث: الغَيْلم والغيْلَميُّ: الشَّابُّ العريضُ المفرِق الْكثير الشَّعرِ.
وَفِي حَدِيث عليَ أَنه قَالَ: تجهَّزُوا لِقِتالِ المارقينَ المغتلمينَ.
وروى سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: قَالَ الْكسَائي: الاغتلامُ: أَن يجاوزَ الْإِنْسَان حدَّ مَا أَمر بِهِ من الْخَيْر والمباح.
وَمِنْه قَول عمر: إِذا اغتلمتْ عَلَيْكُم هَذِه الأشربةُ فاكسِروها بالماءِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس يَقُول: إِذا جازَتْ حدَّها الَّذِي لَا يسكرِ إِلَى حدِّها الَّذِي يسكر.
وَكَذَلِكَ قَول عَليّ فِي المغتلمينَ هم الذينَ جازوا حدَّ مَا أُمروا بِهِ من الدِّين وطاعَةِ الإِمَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الغُلُمُ: الْمَجْبُوسون.
قَالَ: وَيُقَال: فلانٌ غُلَام النَّاس وَإِن كَانَ كهلاً، كَقَوْلِك فلانٌ فَتى العسكَر وَإِن كَانَ شَيخا، وَأنْشد:
سَيْراً ترى مِنْهُ غُلامَ النَّاس
مُقَنَّعاً وَمَا بِهِ من باسِ
إلاَّ بقايا هَوْجَلِ النُّعاس
لغم: قَالَ اللَّيْث: لَغَمَ الجَمَلُ يَلْغَمُ لُغامهُ(8/136)
لَغْماً إِذا رَمَى بِهِ؛ والمَلْغَمُ: الفمُ، وتلغَّمْتُ بالطِّيبِ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: لُغِمَ فلانٌ بالطِّيبِ فَهُوَ مَلْغومٌ: إِذا جُعل الطِّيبُ على مَلاغِمِه، والمَلْغَمُ: طرَف أنفِه، وتلغَّمَتِ الْمَرْأَة بالطِّيب تلغُّماً: إِذا جَعلت الطِّيبَ على مَلاغِمها، والمَلْغَمُ: الفمُ وَالْأنف وَمَا حَولهما.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي قَالَ: لغَمْتُ أَلْغَمُ لَغْماً ووَغَمْتُ أَغِمُ وَغْماً: إِذا أَخْبَرْتَ خَبَراً لَا تَسْتَيْقِنُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: اللُّغَامُ والمَرْغُ: اللُّعاب للْإنْسَان، واللُّغام: زَبَدُ أَفواه الْإِبِل، قَالَ: والرُّوَالُ للفرَس.
وَقَالَ فِي موضعٍ: اللَّغَمُ: الإرجافُ الحادُّ واللّعَمُ بالعيْن اللُّعاب.
ملغ: قَالَ اللَّيْث: المِلْغُ: الأحمَق الوَقْسُ اللَّفْظ وَأنْشد قَول رؤبة:
والمِلْغُ يَلغَى بالْكلَام الأملغِ
وَقَالَ الْكسَائي: أحْمَقُ بِلْغٌ ومِلْغٌ، وَهُوَ الَّذِي زَاد على الحُمْق.
وَقَالَ غَيره: أَحْمَق بِلْغٌ وَهُوَ الَّذِي يَبْلُغ مَعَ حُمْقِه حاجتَه.
غمل: قَالَ اللَّيْث: غَمَلْتُ الأدِيمَ: إِذا جعلْتَه فِي غُمَّةٍ لِيَنْفَسِخَ عَنهُ صوفُه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: إِذا غُمَّ البُسْرُ ليُدرِك فَهُوَ مغمولٌ ومَغمونٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجل يُلقَى عَلَيْهِ الثيابُ ليَعْرَقَ فَهُوَ مَغْمولٌ، ورجُل مَغْمولٌ: إِذا كَانَ خامِلاً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الغَمْلُ أَن يُلَفَّ الإهابُ بَعْدَمَا يُسْلَخ، ثمَّ يُغَمَّ يَوْمًا وَلَيْلَة حَتَّى يسترخِيَ شَعرُه أَو صوفُه، ثمَّ يُمْرَطَ فإِن تُرِك أكثَر من يَوْم وليلةٍ فَسَدَ، وأَغملَ فلانٌ إهابه بالأَلِف: إِذا تَرَكه حَتَّى يَفْسُدَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُمْلُولُ: حَشيشةٌ تؤكلُ مطبوخةً تُسَمِّيه الفُرْسُ بَرْغَسْتَ.
وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ قَالَ: الغُمْلولُ: الْوَادي ذُو الشَّجر.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: هُوَ بَطْنٌ من الأَرْض غامِضٌ ذُو شَجَرٍ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغُمْلُولُ كَهَيئَةِ السكَّةِ فِي الأَرْض ضيِّقٌ لَهُ سَنَدانِ، طولُ السَّنَدِ ذِراعان يَقودُ الغَلْوَةَ يُنْبِتُ شَيْئا كثيرا، وَهُوَ أَضْيَق من الفائجة والمَلِيعِ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وَمخَارِيجَ من شَعارٍ وغِينٍ
وغَمَالِيلَ مُدْحِيَاتِ الغِياضِ
وَقَالَ اللَّيْث: الغَمَالِيلُ: الرَّوَابي.
وَقَالَ غَيره: الغَمْلَى من النَّبات: مَا رَكِب بعضُه بَعْضًا فبَلِيَ.
وَقَالَ الرَّاعي:(8/137)
وغَمْلَى نَصِيَ بالْمِتان كَأَنَّهَا
ثَعالِبُ مَوْتَى جِلدُها قد تزلَّعا
وَيُقَال: غَمِلَ النَّبْتُ يَغْمَلُ غَمَلاً: إِذا التفَّ وَغمَّ بعضُه بَعْضًا فعَفِنَ، ولحمٌ مَغمولٌ وَمغمونٌ: إِذا غُطِّيَ شِواءً أَو طبِيخاً، وإهابٌ مَغمولٌ: إِذا لُفَّ ففَسد.
مغل: قَالَ اللَّيْث: المغَلُ: وجَع البَطْن من ترابٍ.
يُقَال: مَغِلَ يَمْغَلُ فَهُوَ مَغِلٌ، وأمغلَت الشاةُ: وَهُوَ أَن يأْخذَها وَجَعٌ، فَكلما حملَتْ أَلْقَتْ.
الحرانيُّ، عَن ابْن السّكيت: المَغْلَةُ: النَّعجة أَو العنْز تُنتَجُ فِي السَّنة مرّتين، وغنَمٌ مِغَالٌ.
وَأنْشد:
بَيضاءُ مَحْطُوطةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ
رَيَّا الرّوَادفِ لمْ تُمْغِلْ بِأَوْلاد
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْمُمْغِلُ: الَّتِي تحمِل قبل فِطام الصَّبيِّ وتلدُ كلَّ سَنة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أمْغلَ الْقَوْم، وَهُوَ أَن تمغَلَ إِبلُهم وشاؤُهم، وَهُوَ داءٌ، يُقَال: مَغِلَتْ تمْغَلُ.
قَالَ: والإمغالُ فِي الشَّاء لَيْسَ فِي الْإِبِل، وَهُوَ مِثل الكِشَافِ فِي الْإِبِل، قَالَ: والمَغْلةُ: داءٌ يكون فِي بطن الدَّابَّة أَو النَّاقة من أَن تأكلَ التُّرَابَ مَعَ البَقْل.
وَقَالَ شمر: مَغِلَتِ الشّاةُ إِذا حَملَت كلَّ عامٍ، قلت: الْمَغَلُ فِي الشَّاة، أنْ تحملَ فِي السَّنة الواحدةِ مرَّتين، والكِشَافُ فِي الْإِبِل: أَن تحملَ كلَّ عامٍ.
ابْن السّكيت عَن الوالِبيِّ أَمْغَل بِي فلانٌ عِنْد السُّلْطَان: أَي وَشَى بِي.
قَالَ: وَيُقَال: مَغَلَ بِهِ فلانٌ يَمْغَلُ بِهِ مَغْلاً إِذا وَقع فِيهِ، وإنّه لصاحبُ مَغالةٍ.
وَمِنْه قَول لبيد:
يتأَكَّلون مَغالةً ومَلاذَةً
ويُعابُ قائلُهم وإنْ لمْ يَشْغَبِ
والميمُ فِي المغالة والمَلاذة أصليّةٌ من مَغَلَ ومَلَذَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مغَلَتِ الدَّابَّةُ تَمغل مَغْلاً: إِذا أَكلَت التُّرَاب فاشْتَكتْ بَطنهَا وَبهَا مَغْلةٌ شَدِيدَة، ويُكوَى صَاحب الْمغلةِ ثلاثَ لَذعاتٍ بالمِيسَمِ خلْف السُّرَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِمْغَلُ: الَّذِي يُولَع بأَكْل التُّراب من الفُصْلان فيَدْقَى مِنْهُ أَي يَسْلَحُ.
قَالَ: والمَمْغَلُ: الموضِعُ الْكثير الغَمْلَى، وَهُوَ النَّبْتُ الكثيرُ.
(أَبْوَاب الْغَيْن وَالنُّون)
غ ن ف
اسْتعْمل من وجوهه: نغف نفغ غنف.(8/138)
غنف: قَالَ اللَّيْث: الغَيْنَفُ: غَيْلَمُ المَاء فِي منبع الْآبَار والعيون، وبحرٌ ذُو غَيْنَفٍ.
وَأنْشد:
نَغْرِفُ من ذِي غَيْنَف ونُؤْزِي
قلت: لم أسمع الغَيْنَفَ بِمَعْنى غَيْلَم المَاء إِلَّا هَا هُنَا، وَالْبَيْت الَّذِي بِهِ اسْتشْهد الليثُ لرؤبة أقرأنيهِ الإياديُّ لشمر أَنه أنْشدهُ:
نَغْرِفُ من ذِي غَيِّثٍ ونُوزي
قَالَ: وبئر ذَات غَيِّثٍ، أَي لَهَا نائبٌ من المَاء، وَمعنى نُؤْزِي: أَي نُضْعفُ وَلَا آمنُ أَن يكون اللَّيْث صحَّف الغيِّث فَجعله الغَيْنَفَ فَإِن رَوَاهُ ثِقَة لرؤبة وَإِلَّا فَالصَّوَاب غَيِّثٌ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي شعر رؤبة.
نغف: قَالَ اللَّيْث: النَّغَفُ: دودٌ غُضْفٌ ينسلخُ عَن الخنافس وَنَحْوهَا، وَيُقَال: النَّغَفُ: دودٌ بيضٌ يكون فِيهَا ماءٌ.
قَالَ: وَفِي عظمي الوَجنتين لكلِّ رأسٍ نَغَفَتَانِ: أَي عظمان، وَمن تحرُّكِهما يكون العُطاس، قَالَ: وربَّما نَغِفَ الْبَعِير فكثُر نَغَفُهُ.
قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي عظْمي الوجنتين لكل رأسٍ نَغَفَتان مُريبٌ، والمسموع من الْعَرَب فيهمَا: النَّكَفَتان، وهما حدَّا اللَّحْيَيْنِ من تَحت، وَقد فسَّرتهُما فِي موضعهما من كتاب الْكَاف، وَأما النَّغَفَتَان بمعناهما فَمَا سمعته لغير اللَّيْث.
والنَّغَفُ عِنْد الْعَرَب ديدانُ تولدُ فِي أَجْوَاف الْحَيَوَان من النَّاس وَغَيرهم وَفِي غَراضِيفِ الخياشيم من رُؤوس الشاءِ وَالْإِبِل، وَالْعرب تَقول لكل ذليل حقيرٍ: مَا هُوَ إِلَّا نَغَفَةٌ، يُشَبَّه بِهَذِهِ الدُّودة من ذلِّهِ.
وَفِي حَدِيث يأجُوج ومأجُوج وهلاكِهم: (يبْعَث الله عَلَيْهِم النَّغَفَ فيُهلكهم) .
نفغ: النَّفَغُ: التَّنَفُّطُ، يُقَال: نَفَغَتْ يَده تَنْفَغُ إِذا تَنَفَّطَتْ، قَالَ ذَلِك أَبُو مَالك وَغَيره.
غ ن ب
غبن غنب نبغ نغب: مستعملة.
نغب: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَغَبَ الْإِنْسَان يَنْغَبُ ويَنْغِبُ نَغْباً، وَهُوَ الابتلاغُ للرِّيق وَالْمَاء نُغْبَةً بعد نُغْبَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّغْبَةُ: الجرعةُ وَجَمعهَا نُغَبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
حَتَّى إِذا زَلَجَتْ عَن كلّ حَنْجَرةٍ
إِلَى الغَلِيلِ وَلم يَقْصَعْنَهُ نُغَب
نبغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَبَغَ الرَّجل، إِذا لم يكن فِي إِرْث الشِّعر ثمَّ قَالَ فأجاد، فَيُقَال: نَبَغَ مِنْهُ شِعرٌ شاعرٌ وبلغنا أَن زِياداً قَالَ الشّعْر على كبرِ سِنه وَلم يكن نشأَ فِي(8/139)
بَيت الشِّعر فسُمِّي النابِغةَ، وَقيل: إِنَّه سميَ بقوله:
وَقد نَبَغَتْ لنا مِنْهُم شُؤون
قَالَ: والدَّقيقُ: يَنْبُغُ من الخصاصِ، تَقول: أنْبَغْتُهُ فَنَبَغَ.
وَقَالَ غَيره: نَبَغَ الشيءُ: إِذا ظَهر، ونَبَغَ فيهم النِّفاق إِذا ظهرَ مَا كَانُوا يُخفونه، ونَبَغَتْ المزادَةُ، إِذا كَانَت كتوماً فَصَارَت سَرِبَةً.
وَقَالَت عَائِشَة فِي أبيهَا غاضَ نَبْغَ النفَاق والرِّدَّة: أَي نَقَصَهُ وأذْهَبهُ، ونَبغَ الوعاءُ بالدقيق إِذا كَانَ رَقِيقا فتطايرَ من خصاصِ مَا رَقَّ مِنْهُ.
وَيُقَال: نَبَغَ فلانٌ بِنُوسه، إِذا خرجَ بطبعه، ونَبَغَ الماءُ ونَبَعَ بِمَعْنى واحدٍ، وَيُقَال لهبرية الرَّأْس: نُباغَهُ ونُبَاغَتُهُ.
غنب: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الغُنَبُ: داراتُ أوساطِ الأشداقِ قَالَ: وَإِنَّمَا يكون فِي أوساط أشداقِ الغِلْمان الملاحِ، وَيُقَال: بَخَصَ غُنْبَتَهُ، وَهِي الدّارة الَّتِي تكونُ فِي وسَطِ خَدِّ الغلامِ الْمليح.
غبن: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: الْغبْنُ فِي الشراءِ والبيعِ، يُقَال: غَبَنَهُ يَغْبِنُه غَبْناً، والْغبَنُ: ضعفُ الرَّأْي، يُقَال فِي رَأْيه غَبَنٌ، وَقد غَبِنَ رَأيه غَبَناً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: غَبَنْتُ الثَّوبَ أغْبِنه غَبْناً: إِذا طَال فثنيته، وَكَذَلِكَ كَبَنْتهُ، وَمَا قُطِعَ من أطرافِ الثَّوْب فأسقط غَبَنٌ.
قَالَ الْأَعْشَى:
يُسَاقِطُها كَسِقاطِ الْغَبَنْ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفاترِ عَن الْعَمَل: غَابِنٌ، والمَغَابنُ: الأرْفاغُ، والآباطُ، واحدُها مَغبِنٌ وغَبَنْتُ الشيءَ: إِذا خَبَّأْتهُ فِي المغبِنِ، والْغَبِينَةُ من الْغَبْنِ كالشتيمةِ من الشتم، وَيُقَال: أَرى هَذا الأمرَ عليكَ غَبْناً، وَأنْشد:
أجولُ فِي الدَّارِ لَا أَراكَ وَفِي الدا
رِ أَناسٌ جوارُهمْ غَبْن
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ} (التغابن: 9) ، يَوْم يَغْبنُ أهلُ الْجنَّة أهل النَّار، ويغبنُ من ارتفعتْ منزلتهُ فِي الْجنَّة من كَانَ دُونه، وضربَ الله ذلكَ مثلا للشِّرَاءِ والبيعِ كَمَا قالَ: {ءَامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ} (الصَّفّ: 10) .
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: غبنتُ الرجل فأَنا أغبنه غَبْناً، وَذَلِكَ أَن يَمرَّ فَلَا ترَاهُ وَلا تَفْطُنَ لَهُ، وغَبَنْتُ الأمرَ غَبناً إِذا أَغْفَلْتُه وغَبنتُ فِي البيع غَبْناً إِذا غفلْت عَنهُ بيْعاً كَانَ أَو شِرَاء، وغبَنْتُ الرَّجل أغبِنه غَبْناً فِي البيع(8/140)
وَالشِّرَاء، وغبِيتُ الرجل أَغْبَاه أشَدَّ الغِباءِ، وَهُوَ مِثل الغَبْن.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصلُ الغَبْنِ: ثَنْيُ الشيءِ من دَلْوٍ أَو ثوبٍ ليَنقُص من طوله.
قَالَ: وسُئل الْحسن عَن قَول الله: {الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ} (التغابن: 9) فَقَالَ: غَبَنَ أهلُ الجنَّة أهلَ النَّار: أَي: استَنقصوا عُقُولهمْ باختيارهم الْكفْر على الْإِيمَان.
وَنظر الحَسن إِلَى رجُل غبَن آخرَ فِي بيعٍ فَقَالَ: إنَّ هَذَا يَغْبِنُ عقلَك.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أَي: يَنقُصُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: غبِنْتَ رأْيك: أَي: نسِيتَه وضيَّعته، وَأنْشد:
غَبِنْتم تتابُعَ آلائِنا
وحُسنَ الجِوار وقُرْبَ النَّسب
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: هَذِه الناقةُ مَا شِئتَ من ناقةٍ ظَهْراً وكرَماً غير أَنَّهَا مغبُونةٌ أَي لَا يُعلَم ذَلِك مِنْهَا، وَقد غبَنوا خَبَرهَا، وغبنوها: أَي: لمْ يَعلموا عِلمها، والغَبْن: النِّسيان، وغَبِنْتُ كَذَا من حقِّي عِنْد فلَان أَي نسِيتُه وغلِطتُ فِيهِ.
غ ن م
غنم غمن نغم نمغ: مستعملة.
غنم: قَالَ اللَّيْث: الغنَمُ: الشَّاءُ، تقولُ: هَذِه غنَمٌ لفظٌ للْجَمَاعَة، فَإِذا أَفْرَدْتَ الْوَاحِدَة، قلتَ شاةٌ.
وَقَالَ غَيره: تقولُ الْعَرَب: تَروحُ على فلَان غنَمان: أَي: قطِيعَان، لكلِّ قَطيعٍ راعٍ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ تَروحُ عَلَيْهِ إِبِلان: أَي إبلٌ هَا هُنا، وَإبل، هَا هُنَا، وغنَمٌ مُغَنَّمةٌ: إِذا كَانَت للقِنْيَةِ مَجْمُوعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُنْمُ: الْفَوْز بالشَّيْء من غير مشقّة، والاغتنام: انتهازُ الغُنم، يُقَال: اغتنم الفُرصة وانتَهزها بِمَعْنى وَاحِد، والغَنيمة: الفَيْءُ، قلت: الغنيمةُ مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ والرِّكاب من أَموال الْمُشْركين وأُخذ قَسْراً وَيجب فِيهَا الخُمس لِمن قسَمه الله لَهُ، ويُقْسمُ أربعةُ أخمَاسها لمن حضر الوقْعة، للفارس ثَلَاثَة أَسهم، وللرَّاجِل سهمٌ وَاحِد.
وَأما الفَيْءُ فَهُوَ مَا أَفاءَ الله من أَمْوَال الْكفَّار على الْمُسلمين بِلَا حرْبٍ وَلَا إيجافٍ عَلَيْهِ بخيْل وركابٍ، وَذَلِكَ مِثل جِزْيَة الرُّؤُوس وَمَا صُولِحوا عَلَيْهِ من أَمْوَالهم فيجبُ فِيهِ الْخُمس أَيْضا لمن قسَمه الله، وَالْبَاقِي يوضَع فِي بَيت مَال الْمُسلمين لسَدِّ ثَغْرٍ وإعداد سلاحٍ وخيْرٍ وأَرْزاق لأَهْل الفيْءِ من المقاتِلين والقُضاة وَغَيرهم ممَّن يَجري مَجْراهم.
وَقَالَ الْكسَائي: غنَمٌ مُغَنَّمة، وإبِلٌ مُؤَبَّلة: إِذا أُفْرِدَ لكل مِنْهَا راعٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: غُنَاماكَ(8/141)
وغُنْمُكَ أَن تفعل ذَاك، كقَولِك قُصاراك وقَصْرُكَ وحَبابُك وشبابُك، معْناه كلُّه غَايتُك.
نغم: قَالَ اللَّيْث: النَّغْمَةُ: جَرْسُ الكلمةِ وحُسنُ الصَّوت فِي الْقِرَاءَة، تَقول: مَا نَغَم بكَلمة.
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ وَأبي زيد: قد نَغَمْتُ أنْغَمُ وأَنغِم نَغْماً، وَهُوَ الْكَلَام الخفِيُّ.
وَقَالَ الأَصمعيُّ: إنَّه ليَتَنَغَّمُ بِشَيْء ويتنسَّمُ بشيءٍ وينسم بشيءٍ: أَي: يتكلَّم بِهِ.
نمغ: قَالَ اللَّيْث: التَّنْميغُ: مَجْمَجَةُ سَوادٍ وحُمْرَةٍ وبياضٍ، ورجُل منَمَّغُ الخَلْق، قَالَ: والنَّمَغَةُ: مَا تَحرَّك من الرَّماعة.
أَبُو عبيد، عَن الْفراء: النَّمَغَةُ: رأْسُ الجبَل.
وَقَالَ المفَضَّلُ: هِيَ من رَأس الصَّبِيِّ الرَّماغَةُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: يُقَال لرأس الصّبيِّ قبلَ أَن يشتدَّ يافُوخُه: النَّمَغَةُ والغاذَّةُ والغَاذِيَة.
غمن: يُقَال: غَمن الجلدَ وغمَلهُ إِذا جَمعه بعد سلْخِه وترَكهُ مَلفوفاً حَتَّى يَسْتَرخِي صُوفُه، والغُمْنةُ: الغُمْرَة الَّتِي تَطْلِي بهَا الْمَرْأَة وَجْهَها.
قَالَ الأغلبُ:
لَيسَتْ مِن اللاّئيِّ تُسَوَّى بالْغُمَن
وَيُقَال: الغُمْنةُ: السَّبِيذاجُ.
((أَبْوَاب) الْغَيْن وَالْفَاء)
غ ف م
اسْتعْمل: من وجوهه: فغم.
فغم: قَالَ اللَّيْث: فغَمَ الورْد: إِذا انفَتج، والرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَفْغَمُ المزْكوم وتَسدُّ خياشيَمه وَأنْشد:
نَفْحَةُ مِسْكٍ تَفْغَمُ الْمَفْغُوما
والمَصْدَرُ: الفُغُومُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وجدت فَوْغةَ الطّيب وفَغْمَةَ الطّيب، وَقد فَغمتْنِي الرَّائِحَة: إِذا سَدّتْ خياشيمكَ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: افْتغمَ عَنهُ الزكامُ، قَالَ: وَفِي الحَدِيث: (لَو أَن امْرَأَة من الحورِ العِين أَشرفَت لأفغمَتْ، مَا بَين السماءِ وَالْأَرْض بِريح المسكِ) أَي ملأتْ، قلت: الرِّوَاية لأفعَمَتْ بِالْعينِ، أَي لملأتْ.
يُقَال: أَفْعمْتُ الإناءَ فَهُوَ مفعومٌ: إِذا مَلأتهُ.
وَيُقَال: فَغِمَ الرجلُ بالشيءِ يَفغَمُ فَغَماً: إِذا أولعَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا أَشدَّ فغَمَ هَذَا الكلبِ بالصَّيدِ، وَهُوَ ضراوتهُ ودُرْبتهُ، وكلبٌ فغِمٌ: حَريصٌ عَلَى الصَّيْدِ.(8/142)
قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
فَيُدْركُنَا فَغِمٌ دَاجِنٌ
سَمِيعٌ بَصيرٌ طَلوبٌ نَكِرْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفُغْمُ: الفمُ أجمع ويُثَقَّل فَيُقَال: فُغُمٌ.
وَقَالَ هُدْبةُ:
وَالله مَا يَشْفى الفؤادَ الهائِما
نَفْثُ الرُّقى وَعَقْدُكَ الرَّتائما
ولاَ اللزَامُ دون أَن تُفاغِمَا
وَلا الفِغَامُ دون أَن تُفاقِمَا
وَتَعْتَلِي القوائمُ القوائما
(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء وَالْمِيم)
غ ب م
اسْتعْمل من وجوهه: بغم.
بغم: قَالَ اللَّيْث: بَغَمَ الظَّبْيُ يَبغَمُ بُغوماً، وَهُوَ أرْخَمُ صَوْتِهِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
دَاعٍ ينادِيهِ بِاسم الماءِ مَبْغوم
والمبْغُومُ: الْوَلَد، وأمُّهُ تَبغَمهُ: أَي: تَدعوهُ، وَالْبَقَرَة تَبغمُ، والناقة تَبغمُ، وامرأةٌ بَغومٌ: رَخيمةُ للصوت، وَقَوله: دَاعٍ يُناديهِ حَكى صوتَ الظَّبْيةِ إِذا صاتَتْ مَأمَاءْ، وَداعٍ هُوَ الصوتُ مَبْغومٌ.
يُقَال: بُغام مَبغومٌ كقولكَ قولٌ مَقولٌ، يَقول لَا يرفع طَرْفهُ إلاَّ إِذا سمعَ بُغامَ أُمِّهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَا كانَ من الْخُفِّ فَإِنَّهُ يُقَال لصوته إِذا بدا: البغامُ لِأَنَّهُ يُقَطِّعهُ ولاَ يَمدُّه، وَقد بَغَمتِ الناقةُ تَبْغَمُ.
وَقَالَ غَيره: التَّزَغُّم والبُغَام: الكشيش من الرُّغاءِ.(8/143)
كتاب معتل حرف الْغَيْن
(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف)
غ ق (وايء)
غيق: قَالَ اللَّيْث: الغاقةُ والغاقُ، وهما من طَيرِ الماءِ.
وَقَالَ الْفراء: غَاقِ، حِكايةُ صَوتِ الغُرَابِ.
يُقَال: سَمِعت غاقِ غاقِ وغاقٍ غاقٍ، ثمَّ يُسمى الْغُرَاب غاقاً فَيُقَال: سَمِعت صوتَ الغاقِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: غَيَّقَ الرجل فِي رأيهِ تغييقاً: إِذا اخْتَلَط فَلم يثبت عَلَى رأيٍ واحدٍ، فَهُوَ يموج.
وَقَالَ رؤبَةُ:
غَيَّقْنَ بالمكْحُولةِ السَّواجِي
شيطانَ كلِّ مُتْرَفٍ سَدَّاج
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غَيَّقْنَ: مَوَّجْنَ، وَالْمعْنَى: ضَلَّلْنَ.
وَقَالَ الْمفضل: غَيّقَ فلانٌ مَاله تغييقاً: إِذا أفْسدهُ، وغبقَ الرّجل بَصَره، إِذا حَيّره.
وَقَالَ العجاج:
أَذِيُّ أوْرادٍ يُغيِّقْنَ البصْر
غ ك: مهمل.
(بَاب الْغَيْن وَالْجِيم)
غ ج (وايء))
اسْتعْمل مِنْهُ: الغوْج.
غوج: قَالَ اللَّيْث: جملٌ غَوْجٌ وفرسٌ غوجٌ: عريض الصَّدْر، وَأنْشد:
بعيد مَساف الخطو غوجٌ شَمردلٌ
يُقَطِّع أنفاس المهاري تلاتِله
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغوج: اللَّيِّنُ الأعطاف من الْخَيل.(8/144)
وَقَالَ أَبُو سعيد: فَرس غوْج موْج، وَهُوَ الواسعُ جِلْدِ الصَّدْرِ، وَيجمع الغوْج غَوجاً كَمَا يُقَال جَارية خَوْد، وَجَمعهَا خُود.
(بَاب الْغَيْن والشين)
غ ش (وايء)
غشا شغا وشغ: مستعملة.
غشا: قَالَ الليثُ: الغِشاوة: مَا غشي الْقلب من الطَّبْع، والغشاء: الغطاء، وغاشية السرج: غطاؤه، وَالرجل يستغشي ثوبَه كي لَا يسمع وَلَا يرى، والغاشية: السُّؤَال الَّذين يغشونك يرْجونَ فضلك ومعروفك، والغاشيةُ: اسْم من أَسمَاء الْقِيَامَة فِي الْقُرْآن، والغِشْيانُ كنايةٌ عنْ إتْيَان الرّجلِ المَرْأة، والفعلُ غَشيَها يَغشاها غِشيَاناً.
وَقَالَ الله جلَّ وَعز: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (الْبَقَرَة: 7) ، وقرىء: (غَشْوَةٌ) كَأَنَّهُ رُدَّ إِلَى الأَصْل لأنّ المصادرَ كلهَا تُرَدُّ إِلَى فَعْلةٍ، والقراءةُ المختارةُ غشاوةٌ، وكلُّ مَا كَانَ مُشتمِلاً على الشَّيْء فَهُوَ مبنيٌّ على فِعالةٍ نَحْو: الغِشَاوة والعِمامةِ والعصابة، وَكَذَلِكَ أسماءُ الصناعاتِ لاشتمال الصِّناعة على كلِّ مَا فِيهَا نَحْو الخياطةِ والقِصارةِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ} (هود: 5) الْآيَة، قيل: إنّ طَائِفَة منَ الْمُنَافِقين قَالُوا: إِذا أغلقْنا أبوابَنا وأرْخينا سُتُورنا واستَغْشَينا ثيابَنا وثَنينا صدُورَنا على عداوةٍ مُحمدٍ فَكَيفَ يعلم بِنَا، فَأنْزل الله: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} (هود: 5) .
وَقَوله جلّ وَعز: {أَفَأَمِنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ} (يُوسُف: 107) ، أَي: عقوبةٌ مُجَلِّلةٌ تَعُمُّهم.
وقولُ الله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا} (الْأَعْرَاف: 189) ، كِنَايَة عَن الجِماع، يُقَال: تغشَّى امْرَأَته وتجلَّلَها وتدثرها بِمَعْنى واحدٍ وَقيل: للقيامة غاشيةٌ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الخلْقَ أجمعينَ.
وَقَالَ بَعضهم: الغِشَاوةُ: جلدةٌ غُشِّيَتِ القلْبَ فَإِذا انخَلَعَ مِنْهَا القلبُ ماتَ صاحِبُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الغَشْواء من المِعْزَى: الَّتِي يَغشى وجهَها كلَّه بياضٌ.
رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ، وَيُقَال: غُشيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مغشيٌّ عَلَيْهِ وَهِي الغشيَة، وَكَذَلِكَ غَشْيةُ الموتِ.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِىِّ عَلَيْهِ مِنَ} (مُحَمَّد: 20) ، وغاشية الرّجُل: مَن ينتابه من زُوّاره وأصدقائهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال: للحديدة الَّتِي فَوق مؤخرةِ الرّحْل: الغاشيةُ، وَهِي الدامغةُ.(8/145)
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: رَمَاه الله بغاشيةٍ، وَهُوَ داءٌ يَأْخُذهُ فِي جَوْفه.
وَأنْشد شمر:
فِي بطنِهِ غاشيةٌ تُتَمِّمُهْ
قَالَ: تُتَمِّمُه: تُهْلِكهُ.
وشغ: قَالَ اللَّيْث: الوَشغُ: الوَتْحُ، يُقَال: أوْشَغَ وأوتَحَ.
وَأنْشد:
ليْسَ كإيشاغِ الْقَلِيل الموشغِ
وَيُقَال: توَشّغَ فلانٌ بالسوء: إِذا تلطّخَ بِهِ.
وَقَالَ القلاخُ:
إنِّي امرُؤٌ لم أتوَشَّغْ بالكَذِبْ
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: أوشغَتِ الناقةُ ببَولها، وأوزعتْ وأزغلَتْ: إِذا قطعَتْه فرَمتْ بِهِ زُغْلةً زُغلةً.
ابْن شُمَيْل: استَوْشغَ فلانٌ: إِذا اسْتَقى بِدَلْوٍ واهيةٍ، وَهُوَ الاسْتِيشاغُ.
شغا: قَالَ اللَّيْث: الشغا: اختلافُ الْأَسْنَان، رجلٌ أَشْغى، وامرأةٌ شَغوَاءُ وشَغياء، والشَّغْيةُ: أَن يَقْطُرَ البَوْل قَلِيلا قَلِيلا.
الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: الشَّغا هُوَ اختلافُ نِبْتة الأسْنان، رجلٌ أَشْغى وَامْرَأَة شَغوَاء، وَيُقَال للعُقابِ شَغْواء لفَضْل مِنقارِها الْأَعْلَى على الْأَسْفَل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُمِّيتْ شَغواءَ لِتعقُّف فِي منقارها.
(بَاب الْغَيْن وَالضَّاد)
غ ض (وايء))
غيض غضا ضغو: مستعملة.
غيض: قَالَ اللَّيْث: غاضَ الماءُ، وَهُوَ يغيضُ غيْضاً ومغاضاً.
قَالَ: والمَغيضُ: المكانُ الَّذِي يغيضُ فِيهِ، وَيُقَال: غيضَ ماءُ البحرِ فهوَ مغيضٌ، مفعولٌ بِهِ وَيُقَال غِضْتُه: أيْ: فَجَّرْتُه إِلَى مَغيضٍ، والغَيضَة: الأجَمَةُ، وجمْعها: غِياضٌ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: غاضَ ثمنُ السِّلعة يَغيضُ: إِذا نَقصَ، وغضْتُه أَنا فِي بَاب فعل الشَّيْء وفعلْتُه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: يقالُ للطَّلْع: الغِيضُ والغضيضُ والإغريضُ.
وَأنْشد:
غيَّضْنَ من عبرَاتهنّ وقلنَ لي
مَاذَا لقِيتَ منَ الهوَى ولقينا
مَعْنَاهُ: أنهنّ سَيَّلّنْ دموعَهُنّ حَتَّى نَزَفْنَها.
غضا: قَالَ اللَّيْث: غضَوْتُ عَلَى القَذَى: أيْ: سكَتُّ وَيُقَال: أغضيْتُ.
قَالَ: والإغضاءُ: إدناء الجفون.
قَالَ لبيدٌ:
كعَتيقِ الطيرِ يُغضى ويُجَلّ
يَعْنِي: يُغضي الجفونَ مرّة، ويُجلِّي مرّة.
وَقَالَ الآخر:(8/146)
لم يُغْض فِي الحربِ على قذاكا
قَالَ: وليلٌ غاضٍ: غاطٍ، وهوَ يغضُو غضُوّاً إِذا غشي كلَّ شَيْء.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: ليلٌ مُغْضٍ وغاضٍ ومقامٌ فاضٍ ومُفْضٍ.
وَأنْشد:
عَنكُم كِراماً بالمقامِ الفاضي
أَبُو عبيد عَن الأمويِّ: ليلةٌ غاضيَةٌ: شَديدةُ الظُّلمةِ، ونارٌ غاضيةٌ: عظيمةٌ.
وَأنْشد شمر:
يخرُجْنَ من أَعْجاز ليلٍ غاضي
قلت: قولُه: نارٌ غاضيةٌ: عظيمةٌ، أُخذ من نَار الغضى، وَهُوَ من أجْوَد الوقودِ عِنْد الْعَرَب، يُقَال: غضاةٌ وغضًى، وَيُقَال لِمَنبتِها: الغَضْيا.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يُقَال للإبلِ الْكَثِيرَة غَضْيا: مَقْصورٌ شُبِّهتْ عندِي بمنابتِ الغضَى.
وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
ومُستَخلِف من بعدِ غضيَا صُرَيمة
فأحر بِهِ من طول فقر وأحريا
أَرَادَ: وأحْرِيَنْ، فَجعل النُّون ألفا سَاكِنة.
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا بعيرٌ غاضٍ: إِذا كَانَ يأكلُ الغضَا، وإبلٌ غواضٍ، فَإِذا اشْتَكى من أكْلِ الغضَا قيل: بعيرٌ غَضٍ، فَإِذا نسَبْتَه إِلَى الغضا قُلتَ بعيرٌ غَضَوِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: غَضْيا مِثل هُنَيْدَةَ: مائةٌ من الْإِبِل لَا يَنصرفان.
قَالَ: وأنشدني المفضَّل الْبَيْت.
ورَوى عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الغَضْيانةُ: الجماعةُ من الْإِبِل الْكِرَام، والغضْيا مائةٌ من الْإِبِل، وَيُقَال: تغاضَيْتُ عَن فلَان أَي تغابيْتُ عَنهُ وتغافلْت.
ضغو: قَالَ اللَّيْث: الضُّغاءُ: صوْتُ الذَّليل إِذا شُقَّ عَلَيْهِ، يُقَال: ضَغا يضغُو: وأَضْغَيْتُه أَنا إضْغاءً. وَيُقَال: رأيتُ صِبْياناً يَتضاغَوْنَ: أَي: يَتَباكَوْنَ.
(بَاب الْغَيْن وَالصَّاد)
(غ ص (وايء))
غوص صوغ صغا صغي.
غوص: قَالَ اللَّيْث: الغَوْصُ: الدُّخُول تَحت المَاء، والغَوْصُ: مَوضِع يخرج مِنْهُ اللُّؤلؤُ، والغاصَةُ: مُستخرجُوه، والهاجم على الشَّيْء: غائصٌ.
قلت: وَيُقَال للَّذي يغوصُ على الأصداف فِي الْبَحْر فيستخرجها: غائصٌ وغَوَّاصٌ، وَقد غاصَ يغوصُ غوصاً، وَذَلِكَ الْمَكَان يُقَال لَهُ: المَغَاصُ، والغَوْصُ: فِعْلُ الغائصِ، وَلم أسمع الغوصَ بِمَعْنى المَغاصِ غير مَا قَالَه اللَّيْث.
صوغ: ابْن شُمَيْل: صاغ الأدمُ فِي الطَّعَام يصوغُ أَي: رسبَ، وصاغَ المَاء فِي(8/147)
الأَرْض: أَي: رسبَ فِيهَا، وصَيَّغَ فلانٌ طعامنا: أَي أنقعهُ فِي الأُدم حَتَّى تريَّغَ وَقد روَّغه بالسَّمن وريَّغهُ وصيَّغه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْغُ: مصدر صاغَ يصوغُ والصِّياغةُ: الحرفةُ، وَالشَّيْء مَصوغٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الصِّيغَةُ: السِّهام من عمل رجلٍ واحدٍ.
وَقَالَ العجاج:
بِصِيغةٍ قد راشَها وركَّبا
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هَذَا صَوْغُ هَذَا: إِذا كَانَ على قدره، وَهَذَا سَوْغُ هَذَا: إِذا وُلِدَ على أَثَره.
وَقَالَ ابْن بُزرج: هُوَ سَوْغُ أَخِيه: ولد فِي أَثَره، وصَوْغُهُ من فَوْقه، وصَوْغُهُ من تَحْتَهُ، كلٌّ يُقَال.
وَقَالَ آخر: هُوَ صَوْغُ أَخِيه: طريده وُلِدِ فِي إثره مثل سَوْغِهِ.
وَقَالَ غَيره: هَذَا شيءٌ حسن الصِّيغَةِ: أَي: حسن الْعَمَل، وَفُلَان حسن الصِّيغَةِ: أَي حسن الخِلْقَةِ، والقَدِّ، وصاغَ الله الخلْق يَصُوغُهم، وصاغَ فلانٌ زُوراً وكذباً: إِذا اختلَقهُ.
وَفِي الحَدِيث: (هَذِه كَذبة صاغَها الصَّوَّاغُون) أَي: اختلَقها الكذَّابون.
صغا: اللَّيْث: الصَّغا: مَيْلٌ فِي الْحَنَكِ أَو إِحْدَى الشَّفتين، ورجلٌ أصْغَى، وَامْرَأَة صَغْواءُ، وَقد صَغِيَ يَصْغَى، وَأنْشد:
قِرَاعٌ تَكْلَحُ الرَّوقاءُ مِنْهُ
ويعتدلُ الصَّغا مِنْهُ سَوِيَّا
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ.
وَقَالَ شمر: صَغوتُ وصَغَيتُ وصَغِيتُ وَأَكْثَره صَغِيت.
وَقَالَ ابْن السّكيت: صَغَيْتُ إِلَى الشَّيْء أصغى صُغِيّاً إِذا مِلْتَ، وصغوتُ أصغو صُغُوّاً.
قَالَ: وَقَالَ الله: {وَلِتَصْغَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ} (الْأَنْعَام: 113) ، أَي: ولِتَمِيلَ، وأصْغَيْتُ الْإِنَاء: إِذا أمَلْتُهُ، وَأنْشد:
فإنَّ ابنَ أُخْتِ القومِ مُصَغًى إناؤُهُ
إِذا لم يُمارس خالَهُ بأَبٍ جَلْدِ
وَيُقَال: فلانٌ يُكْرِمُ فلَانا فِي صاغِيَتِهِ، وهم الَّذين يميلُون إِلَيْهِ ويَغْشَوْنَهُ.
قَالَ: والصَّغا: كتابتهُ بالألِفِ، وأصغى رأْسَهُ، وَرَأَيْت الشَّمس صَغْواء، يُرِيد حِين مَالَتْ، وَأنْشد:
صَغْواءُ قد مَالَتْ وَلما تفعلِ
وَقَالَ الْأَعْشَى يصف نَاقَة:
ترى عينَها صَغْواءَ فِي جَنْبِ مُوقِهَا
تُراقِبُ كَفِّي والقطيع المُحرَّما
وَقَالَ اللَّيْث: صَغا إِلَى كَذَا يصغا: إِذا مَال، وأصغيتُ إِلَيْهِ سَمْعي، والإصغاءُ: الِاسْتِمَاع، وصَغَتِ النُّجوم: إِذا مَالَتْ للغروب.(8/148)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: صَغَا يَصْغُو صَغْواً وصغاً.
وَسمع أَبُو نصر: صَغِيَ يَصْغَى: إِذا مَال، وأصْغَى إِلَيْهِ رأسهُ وسمعهُ: أماله إِلَيْهِ، وَيُقَال للناقة: قد أصْغَتْ تُصْغِي، وَذَلِكَ إِذا أمالت رَأسهَا إِلَى الرَّجل كَأَنَّهَا تستمع شَيْئا حِين يَشُدُّ عَلَيْهَا الرحْلَ.
قَالَ ذُو الرُّمة يصف نَاقَته:
تُصْغِي إِذا شدَّها بالكَوْرِ جانِحةً
حَتَّى إِذا مَا اسْتَوَى فِي غَرْزِها تَثِبُ
وَيُقَال: صِغْوُ فلانٍ مَعَ فلانٍ، أَي: ميله مَعَه.
وَأما أَبُو زيد فَيَقُول: صَغْوُه وصَغاهُ وصِغْوُهُ مَعَه، وَيُقَال: أصْغَى فلانٌ إناءَ فلَان: إِذا أماله ونقصه من حظِّه، وَكَذَلِكَ أصْغَى حظَّه: إِذا نَقصه، وصِغْوُ المِغْرَفَةِ: جوفُها، وصِغْوُ الْبِئْر: ناحيتها، وصِغْوُ الدَّلو مَا تثنَّى من جوانبها.
قَالَ ذُو الرُّمة:
فَجَاءَت بِمُدَ نصفهُ الدِّمْنُ آجن
كَماءِ السَّلَى فِي صِغْوِها يترقرقُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
يُعطين من فضل الْإِلَه الأسْبَغِ
آذِيَّ دُفّاعٍ كَسَيْلِ الأصْيَغِ
قَالَ: الأصيغُ: المَاء الْعَام الْكثير.
وَقَالَ غَيره: الأصْيَغُ: وَاد، وَيُقَال: نهرٌ.
(بَاب الْغَيْن وَالسِّين)
غ س (وايء)
غسا غوس (غيس) سوغ.
غسا: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيِّ: غَسَا الليلُ يَغْسُو: أَغْسى يُغْسي: إِذا أَظْلَم.
وَقَالَ ابْن السّكيت مثله، وزادَ: وَغَسِي يَغْسَى، وَأنْشد:
فَلمَّا غسَا لَيْلى وَأَيقنْتُ أَنها
هِيَ الأُرَبى جاءتْ بِأُمِّ حَبَوْكَرى
وَقَالَ اللَّيْث: شيخٌ غاسٍ: قد طَال عمرهُ، قلت: هَذَا تصحيفٌ، والصَّوَابُ: شيخٌ عاسٍ بالعينِ، يُقَال: عَسا الشيخُ يَعْسُو.
غوس غيس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: يَوْمٌ غَوّاسٌ: فِيهِ هزيمةٌ وتشليحٌ، قَالَ: وَيُقَال: أشَاؤُنَا مَغَوَّسٌ: أَي مُشَنَّخٌ، وتَغْوِيسهُ: تَشْذيب سُلاَّئه عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: فلانٌ يَتَقلَّبُ فِي غَيْساتِ شَبابِهِ: أَي فِي نعمةِ شَبابهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي غَيْسانِ شبابه.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
بينَا الْفَتى يَخْبِطُ فِي غَيساتِهِ
تَقَلُّبَ الْحَيَّةِ فِي قِلاَتهِ
إِذْ أصْعدَ الدَّهْرُ إلَى عِفْرَاتهِ
فاجْتَاحَهَا بِشَفْرَتَيْ مِبْرَاتهِ
قلت: وَالنُّون والتاءُ فيهمَا لَيْسَتَا منَ الأَصْل، من قَالَ: غَيساتٍ، فَهِيَ تاءُ(8/149)
فعلاتٍ، وَمن قَالَ: غَيْسانَ، فَهُوَ نون فَعْلانَ.
سوغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَاغَ شرابهُ فِي حَلْقهِ سَوْغاً وسَوَاغاً، وأساغَهُ الله، وسَوَّغتُ فلَانا مَا أصابَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هذَا سَوْغ هَذا: إِذا وُلدَ على أَثَره.
وَقَالَ المفضّلُ: هُوَ سَوْغُهُ وسَيغُهُ بِالْوَاو وَالْيَاء، وَيُقَال: هُوَ أخوهُ سَوْغُهُ، وَهِي أُخْته سَوْغُهُ: إِذا لم يكن بَينهمَا ولدٌ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: أسْوَغَ الرَّجلُ أَخاهُ إِسْواغاً: إِذا ولدَ مَعَه، وَيُقَال: أساغ فلانٌ الطَّعام والشرابَ يُسِيغه.
وَمِنْه قَول الله: {يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إِبْرَاهِيم: 17) .
وَقَالَ ابْن بزرجَ: أساغَ فلانٌ بفلانٍ: أَي: بِهِ تمّ أَمرهُ، وَبِه كَانَ نُجْحُ حَاجته، وذلكَ أَنه يُرِيد عدةَ رِجالٍ أَو عدَّة دراهمَ فَيبقى وَاحِد بِهِ يتم الْأَمر، فَإِذا أَصَابَهُ، قيل: أسَاغَ بِهِ، وَإِن كانَ أَكثر منْ ذَلِك، قيلَ: أسَاغوا بهمْ.
(بَاب الْغَيْن وَالزَّاي)
غ ز (وايء)
غزا غوز زيغ زغا وزغ.
غزا: قَالَ اللَّيْث: غزوتُ بني فلانٍ أغزوهم غزواً، والواحدةُ غَزْوَةٌ، وأغْزَت المرأةُ، فَهِيَ مُغزيةٌ: إِذا غَزَا زَوْجُهَا، والغُزَّى على بِنَاء الرُّكَّع والسُّجَّدِ.
قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {أَوْ كَانُواْ غُزًّى} (آل عمرَان: 156) ، والْمغزاةُ: موضعُ الغزْوِ، وَجَمعهَا المغَازِي، وَتَكون المَغازي بمعْنَى غَزَواتٍ، يُقَال: غَزَوْتُ مَغْزًى، وأَغْزَتِ الناقةُ فَهِيَ مُغز إِذا عسُرَ لِقاحُهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: الغزْوُ: الْقصدُ، وَكَذَلِكَ الغَوْزُ، قد غَزَاه وغَازَه غَزْواً وغَوْزاً: إِذا قصدهُ، قَالَ: وغَزَّ فلانٌ بفلانٍ واغتزَّ بهِ واغتزَى بهِ: إِذا اختصَّهُ من بَين أَصْحَابه.
أَبُو عبيد عَن الأمويِّ: المُغْزيَةُ من الْإِبِل الَّتِي جازتِ الحقَّ وَلم تلدْ، وحَقُّها: الوقتُ الَّذِي ضربت فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: المغْزِيةُ من الْغنم الَّتِي يتأخرُ وِلادُهَا بعد الْغنم بِشَهْر أَو شَهْرَيْن، لِأَنَّهَا حملت بأَخَرَةٍ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: فجعلَ الإغْزَاءَ فِي الوحشِ:
رباعٍ أقَبُّ البطنِ جَأْبٌ مطرَّدٌ
بِلَحْييهِ صَكُّ المغزِياتِ الرَّواكل
وَيُقَال لجمع الغَازي غَزِيٌّ مثل: نادٍ ونديَ وناجٍ ونجيَ للقومِ يَتناجَوْنَ.
وَقَالَ زيادُ الْأَعْجَم:
قلْ للقوافلِ والغزيِّ إِذا غَزَوْا
والباكِرِينَ وللمجدِّ الرَّائح(8/150)
أَبُو عبيدٍ عَن الكسائيِّ: ينسَبُ إِلَى غَزِيَّةَ غَزَويٌّ وَإِلَى الغَزْو غَزَوِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: النِّتاجُ الصيفي هُوَ المُغْزَى، والإغْزاءُ: نتاجُ سوءٍ، حُوَارُهُ ضعيفٌ أبدا، وَيُقَال: مَا تَغْزو، أَي: مَا تطلبُ، وَمَا مَغزَاكَ من هَذَا الْأَمر: مَا مطلبكَ، وأَغزى فلانٌ فلَانا: إِذا أعطاهُ دَابَّة يغزُو عَلَيْهَا.
زيغ: قَالَ اللَّيْث: الزَّيغُ: الميلُ، والتَّزايُغ: التمايلُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: زَيَّغتُ فلَانا تَزييغاً: إِذا أَقمت زَيغَهُ، قَالَ: وَهُوَ مثلُ قولهمْ: تَظَلَّمَ فلانٌ من فُلانٍ إِلَى فُلانٍ فَظَلَّمَهُ تَظْلِيماً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: تَزَيَّغَتِ المرأةُ تَزَيُّغاً، وتزيقت تزيقاً: إِذا تَزَينتْ.
وَقَالَ غَيره: زَاغَتِ الشَّمْس تَزيغ زيُوغاً، فَهِيَ زَائغةٌ: إِذا مَالَتْ وزالت.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَزَاغَ اللَّهُ} (الصَّفّ: 5) ، والزَّاغُ: هَذَا الطَّائِر، وجمعهُ: الزِّيغَانُ، وَلا أَدري أعربيٌّ أمْ معرِّبٌ.
زغا: الزُّغاوَةُ: جِنسٌ من السودَان والنسبةُ إِلَيْهِم زغَاوِيٌّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الزُّغَى: رائحةُ الْحبَشيِّ، والغُزَى: القصدُ.
وزغ: قَالَ اللَّيْث: الوَزَغُ: سوامُّ أبرصَ؛ الْوَاحِدَة: وَزغةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا تبين صورةُ المهرِ فِي بطن أمه فقد وُزِّغ توزيغاً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الأعرابيِّ: أوزغتِ الناقةُ ببولها إيزاغاً: إِذا أزغلتْ بِهِ إزغالاً وقطعتهُ.
وَأنْشد أَبُو عبيد هَذَا الْبَيْت:
بضرْبٍ كآذان الْفراء فضولُهُ
وطعنٍ كإيزاغِ المَخاض تبورها
وَيُقَال لجمع الْوَزغِ وِزْغانٌ ووُزغَان، وَيُقَال بفلانٍ وزَغٌ: أَي رِعْشةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أَن الحكم بن الْعَاصِ حاكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خلفهِ فعلمَ بذلك فَقَالَ لَهُ: كَذَا فلتكن فَكَانَ بِهِ وَزغٌ) .
غوز: (عَمْرو عَن أَبِيه: الغوزُ: الْقَصْد، يُقَال: غازَه غوْزاً، وغزاهُ غزواً: إِذا قصدهُ؛ قَالَ: والأغْوَزُ: البارُّ بأَهْله) .
(بَاب الْغَيْن والطاء)
غ ط (وايء)
غوط غطي طغا.
غوط: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل غُطْ غُطْ: إِذا أمَرْتُهُ أَن يكونَ مَعَ الجماعةِ إِذا جاءتِ الفِتَنُ وهم الغاطُ. يُقَال: مَا(8/151)
فِي الغاطِ مثله، أَي: فِي الْجَمَاعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُوطَةُ: موضعٌ بِالشَّام كثيرُ الماءِ وَالشَّجر. قَالَ: والغائِطُ: المُطْمَئِنُّ من الأَرْض، وَجمعه الغيطانُ، والأغواط.
قَالَ: والتَّغْوِيطُ: كِنايةٌ عَن الحَدَث.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ} (النِّسَاء: 43) ، وَكَانَ الرجلُ إِذا أرادَ التَّبَرُّزَ ارْتاد غائِطاً من الأَرْض يغيبُ فِيهِ عَن أَعيُنِ النَّاس، ثمَّ قيلَ للبَرَازِ نَفسه وَهُوَ الحدثُ غائِطٌ كِنايةً عَن النجو، إِذْ كَانَ سَببا لَهُ، وَقد تَغَوَّطَ الرجلُ: إِذا أحْدَثَ، فَهُوَ مُتَغَوِّطٌ، وغاطَ الرجلُ فِي الْوَادي يَغوطُ: إِذا غابَ فِيهِ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح يذكرُ ثوراً:
غاطَ حَتَّى اسْتَبَاثَ من شَيَمِ الأر
ض سفاةً من دونهَا ثَأَدُهْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغُوطَةُ: مجتمعُ النَّباتِ وَالْمَاء، وَيُقَال: ضربَ فلانٌ الغائِطَ: إِذا تبرَّزَ، وغاطَ فلانٌ فِي الماءِ يَغُوطُ إِذا انغمسَ فِيهِ، وهما يتغاوطانِ فِي المَاء: أَي: يَتغامسانِ، ويتغاطَّانِ فِيهِ.
سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: أَغْوِطْ بِئْرَكَ: أَي أَبْعِدْ قَعْرَها وَهِي بئرٌ غويطَةٌ: بعيدةُ القَعْرِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: غاطَ: أَي: حفر وَدخل، وغاطَ الرجلُ فِي الطين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغُوطَةُ: الوَهْدَةُ فِي الأرضِ المطمئنَّة، وذهبَ فلانٌ يضربُ الغائِطَ: أَي: يضربُ الخلاءَ.
وَيُقَال: غاطَتِ الأنْسَاعُ فِي دَفِّ النَّاقة إِذا تبين آثارها فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: غاطَ فِي الأرضِ يَغيطُ، ويغُوطُ: إِذا غابَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغائِطُ: الأرضُ الواسعةُ الدَّعوة، سُمِّيَ غائِطاً لِأَنَّهُ غاط فِي الأرضِ أَي دخلَ فِيهَا، وَلَيْسَ بالشديد التَّصَوُّب، ولبعضها أسنادٌ.
غطي: قَالَ اللَّيْث: الغِطَاءُ: مَا تغطيت بِهِ أَو غَطَّيْتَ بِهِ شَيْئا، والجميعُ الأغطيةُ، وغطَا الليلُ يَغْطو غَطْواً: إِذا غَسَا، وليلٌ غاط وغاضٍ: مظلمٌ، وَيُقَال: غَطَا عَلَيْهِم الْبلَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: إِذا امْتَلَأَ الرجُلُ شبَابًا، قيل: غَطَا يَغْطِي غَطْياً وغُطِيّاً، قَالَ: وأنشدنا:
يحْمِلْن سِرْباً غَطَى فِيهِ الشبابُ مَعًا
وأخطأتهُ عيونُ الجنِّ والحَسَدُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن المفَضَّلِ، قَالَ: يُقَال: للكَرْمَةِ الكثيرةِ النَّوامي: غاطِيَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: غَطَى وأَغْطَى وغَطَّى بِمَعْنى واحدٍ، والنَّوامِي: الأغصانُ، والواحدةُ: نامِيَة.(8/152)
وَأنْشد غَيره:
رُبَّ حِلمٍ أضاعهُ عَدَمُ الما
ل وجَهْلٍ غَطَى عَلَيْهِ النعيمُ
وَفُلَان مَغْطِيُّ القِناعِ إِذا كَانَ خامِلَ الذِّكر.
وَأنْشد الْفراء:
أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ فَمَنْ يكُنْ
قِنَاعُهُ مَغْطِيّاً فَإِنِّي لَمُجْتَلِي
وماءٌ غاطٍ: كثيرٌ، وَقد غَطَى يَغْطِي، وَأنْشد:
يَمُرُّ كَمُزْبِدِ الأعرافِ غاطِ
طغا: قَالَ اللَّيْث: الطُّغْيانُ، والطُّغْوانُ لُغَة فِيهِ، والفعلُ: طَغَوْتُ وطَغَيْتُ، والاسمُ الطَّغوَى، وكلُّ شيءٍ جاوزَ القدْرَ فقد طغا كَمَا طغا الماءُ على قومِ نوح، وكما طغتِ الصَّيْحَةُ على ثَمُودَ، والرِّيحُ على قومِ عادٍ، وَتقول: سمعتُ طَغْيَ فلَان: أَي: صَوته، هُذَليَّة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: طغوتُ وطغيْتُ لُغتانِ.
وَفِي (النَّوَادِر) : سمعتُ طَغْيَ القومِ وطَهْيَهُمْ ووغْيهُمْ: أَي صوتَهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للبقرةِ: الخائِرَةُ والطَّغْيا.
وَقَالَ المُفَضَّلُ: طُغْيا.
وَفتح الأصمعيُّ طاءَ طَغيَا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله: {دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ} (الشَّمْس: 11) .
قَالَ: أرادَ بطغيانها، وهما مصدرانِ إِلَّا أَن الطَّغوى أشكلُ برُؤوسِ الآياتِ فاختيرَ لذَلِك، أَلا ترَاهُ قَالَ: {وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ} (يُونُس: 10) ، مَعْنَاهُ: وآخِرُ دُعائهم.
وَقَالَ الزَّجَّاج: أصل طغواها طغياها، وفَعْلَى إِذا كَانَت من ذواتِ الياءِ أُبْدِلَتْ فِي الاسمِ واواً لِيُفْصَل بَين الاسمِ والصِّفةِ، تَقول: هِيَ التَّقْوَى، وَإِنَّمَا هِيَ من تَقَيْتُ، وَهِي البَقْوَى، من بقيتُ، وَقَالُوا: امرأةٌ خَزْيا، لِأَنَّهُ صفة، قلت: والطَّغْيَةُ: الصَّفاةُ المَلْساءُ.
قَالَ الهُذلِيُّ:
صَبَّ اللَّهيفُ لَهَا السُّبُوبَ بِطَغيَةٍ
تُنْبِي العُقَابَ كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
اللهيف: مُشْتار الْعَسَل.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (النِّسَاء: 51) قَالَ اللَّيْث: الطاغوتُ تاؤُها زَائِدَة، وَهِي مُشتَقَّة من طغا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كلُّ معبودٍ من دون الله جِبْتٌ وطاغوتٌ.
قَالَ: وَقيل: الجبتُ والطاغوتُ: الكَهَنة وَالشَّيَاطِين.
وَقيل فِي بعض التَّفْسِير: الجبت والطاغوت: حُيَيُّ بن أَخطب وَكَعب بن(8/153)
الأشرفِ اليهوديَّانِ وَهَذَا غيرُ خَارج مِمَّا قَالَ أهلُ اللغةِ لأَنهم إِذا اتَّبعوا أَمرهمَا فقد أطاعوهما من دونِ الله.
وَقَالَ الشَّعْبيُّ وعطاءٌ ومجاهدٌ وَأَبُو الْعَالِيَة: الجبت: السِّحر، والطاغوت: الشَّيْطَان.
وَقَالَ الْكسَائي: الطاغوت وَاحِد. وجماع.
قَالَ الله تَعَالَى: {أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم} (الْبَقَرَة: 257) ، فَجَمَعَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ مثل الفُلك يذكَّر ويؤنَّث.
قَالَ: {فَاتَّقُونِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} (الزمر: 17) .
وَقَالَ الْأَخْفَش: الطاغوت تكون الأصنامَ، وَتَكون من الجنِّ وَالْإِنْس، وَتَكون جمَاعَة وواحداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّاغِيَةُ: الجَبَّار العنيد.
وَقَالَ شمر: الطّاغيةُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا أتَى، يَأْكُل الناسَ ويقهرهم، لَا يثنيهِ تَحَرُّج وَلَا فَرَقٌ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: الطاغيةُ: الأحمق المستكبر الظَّالِم.
قَالَ: وطغا الْبَحْر وَالْمَاء: إِذا علا كل شيءٍ فاجترفه.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ} (الحاقة: 5) .
وَقَالَ قَتَادَة: بَعث الله عَلَيْهِم صَيْحَة، وَقيل: معنى أُهلِكوا بالطّاغية: أَي بطغيانهم مصدر على فاعلةٍ.
(بَاب الْغَيْن وَالدَّال)
غ د (وايء)
دوغ غيد وغد غيد غَدا دغا.
دوغ: قَالَ ابْن الْفرج: سمعتُ سُليمان الْكلابِي يَقُول: داغَ القومُ وداكوا: إِذا عمَّهُمُ المَرضُ، وَالْقَوْم فِي دوغَةٍ من المرضِ وَفِي دوكةٍ إِذا عمّهم وآذاهُمْ.
وَقَالَ غَيره: أصابتنا دوغَةٌ: أَي بردٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي فلَان دوغةٌ ودَوكة أَي حمقٌ.
وغد: قَالَ اللَّيْث: الوغدُ: الخفيفُ الضَّعيفُ العقلِ، وَقد وغُدَ وغادةً.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وغدْتُ القَوْم أَغدُهُم وَغدا: خدمتهم، والوغدُ مِنْهُ، يُقَال: رجلٌ وغْدٌ: إِذا كَانَ خَادِمًا لقومٍ.
وَقَالَ شمر: الوغْدُ: الضَّعيفُ، يُقَال: فُلانٌ من أَوغادِ الْقَوْم وَمن وُغدان الْقَوْم: أَي من أَذِلاَّئهم وضُعَفَائهم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المواغَدَةَ والمواضَخَةُ: أَن تسيرَ مثلَ سيرِ صاحِبِك، قَالَ: وَقد تكونُ المواغِدَةُ للنَّاقَةِ الْوَاحِدَة، لأنَّ إِحْدَى يَديهَا ورجليها تُوَاغِدُ الأُخْرَى.(8/154)
غيد: قَالَ اللَّيْث: الغادَةُ: الفتاةُ النَّاعمةُ، وَكَذَلِكَ الغيْدَاءُ، والأغْيدُ: الوسنانُ المائلُ العنقِ، وَيُقَال: هُوَ يتغَايدُ فِي مشْيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغادَةُ من النِّساء النَّاعمةُ اللَّينة، قَالَ: قَالَ: والغيداءُ: المُتَثَنِّيةُ من اللِّين.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَجَمعهَا غيدٌ، وَكَذَلِكَ جمع الأَغيَد. والمصدر الغَيَدُ، وَقد غَيِدَ يغْيَدُ، وغادت تَغادُ، فَهِيَ غيداء، والغادة اسْم من هَذَا على فَعَلَة.
غَدا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: غدَا غدُكَ وغدَا غدوُكَ: ناقِصٌ وتام. وَقَالَ لبيدٌ فِي اللغةِ التَّامَّةِ:
وَمَا النَّاسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأَهلها
بهَا يوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بلاقعُ
وَقَالَ طرفةُ فِي النَّاقص:
غدٌ مَا غدٌ مَا أقْرَبَ اليَوْمَ من غَد
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول اللَّهِ: {اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ} (الْحَشْر: 18) .
قَالَ: قَدَّمَتْ لغدٍ بِغَيْر واوٍ فَإِذا صَرفُوها قَالُوا: غدَوتُ أغدُو غَدْواً وغدُوّاً فأعادُوا الواوَ.
قَالَ اللَّيْث: الغُدُوُّ جمع مثل الغدوات، والغُدَى جمع غُدوةٍ، وَأنْشد:
بالغدَى والأصَائل
قَالَ: وغُدْوةٌ معرفَة لَا تصرفُ، قلت هَكَذَا يَقُول.
قَالَ النَّحْويُّونَ: إنَّها لَا تنوَّنُ وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام.
وَسمعت أَبَا الجَرّاح يَقُول: رَأَيْت كغدوة قطّ، يُرِيد كغداة يَوْمه.
وَإِذ قَالُوا: الغَدَاةَ صَرفُوا.
قَالَ الله: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الْأَنْعَام: 52) ، وَهِي قِرَاءَة جَمِيع القرَّاء، إِلَّا مَا رُوِيَ عَن ابْن عامرٍ فإنَّهُ قَرَأَهُ بالغُدوةِ، وَهِي شاذَّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: إِنِّي لآتيه بالغدايا والعشايا، أرادُوا جمع الغداةِ فأتبعُوها العَشايا لازدواج الْكَلَام، وَإِذا أفرِدَ لم يجزْ وَلَكِن يقالُ: غَداةٌ وغدَاواتُ.
وروى أَبُو عمر عَن الْإِمَامَيْنِ، المبرّد وثعلب، قَالَا: العربُ تَقول: لدُن غدْوةً. ولَدُن غدوةٌ، ولَدُن غدوةٍ، قَالَا: فَمن رفع، أَرَادَ، لَدُن كَانَت غدوةٌ، وَمن نصب، أَرَادَ، لدُن كَانَ الوقْتُ غدْوَة، وَمن خفضَ، أَرَادَ، من عِنْد غدوةٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الغَدَوِيُّ بالدَّال: أَن يَبيعَ الشيءَ بنِتاج مَا نَزى بِهِ الكَبْشُ ذَلِك العامَ.
وَأنْشد قَول الفَرَزدق:
ومُهورُ نِسْوتِهم إِذا مَا أَنْكَحُوا
غدَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبال
وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: هُوَ الغَذوِيّ(8/155)
ُ بالذَّال فِي بَيت الفَرزدق.
ثمَّ قَالَ: ويُروى عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: كلُّ مَا فِي بطُون الْحَوَامِل غدَوِيٌّ من الْإِبِل والشَّاءِ.
وَفِي لُغة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فِي بطُون الشاءِ خاصَّةً.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
أَرْجُو أَبا طَلْق بحُسْن ظنِّ
كالغَدَوِيِّ يُرْجَى أَن يُغْنى
قَالَ: ويُروى عَن يزيدَ بن مُرَّة أنّه قَالَ: نُهِيَ عَن الغَدوِيِّ، وَهُوَ كلُّ مَا فِي بطُون الْحَوَامِل، كَانَ الرَّجل يَشْتَرِي بالحَمَل أَو بالعَنْز أَو بالدَّراهم مَا فِي بُطون الْحَوَامِل، وَهُوَ غَرَرٌ فنُهِيَ عَن ذَلِك وَأنْشد:
أُعْطيْتَ كبْشاً وارِمَ الطِّحال
بالغَدَوِيَّات وبِالفِصَال
وعاجلاتِ آجلِ السِّخَال
فِي حَلَقِ الأَرْحام ذِي الأقْفال
وَقَالَ شمر: بَلَغنِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الغَدَوِيّ: الحَمَل والجَدْي لَا يُغَذَّى بِلَبن أمّه، وَلَكِن يُعاجى.
وَقَالَ اللَّيْث: الغادِيةُ: سحابةٌ تنشأُ صباحاً، وجمْعُها: الغَوادي، قَالَ: والغَداءُ: مَا يُؤكل أوَّلَ النَّهَار، وَقد تغدَّى الرَّجل، فَهُوَ مُتغدَ، وفلانٌ يُغادِي فلَانا صباح كلِّ يومٍ وَقد غَادَيته.
دغا: الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت، يُقَال: فلَان ذُو دَغَياتٍ ودغَواتٍ: أَي ذُو أخلاقٍ رَدِيئَة.
قَالَ: ولمْ نسمَع دَغَياتٍ وَلَا دَغْيَةً إلاَّ فِي بَيت يُرْوَى لرؤبة فَإِنَّهُ زعم أَنهم يَقُولُونَ دَغْيَةً، وغيرُنا يَقُول: دَغوةً.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
ذَا دَغَواتٍ قُلَّبِ الأَخلاق
وَقَالَ رؤبة:
ودَغيةٍ من خَطِلٍ مُغْدَوْدِن
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: إنّه لذُو دَغواتٍ بِالْوَاو الْوَاحِدَة دغيَةٌ، وَإِنَّمَا أَرادوا دغيَّةً ثمَّ خُفِّفَت كَمَا قَالُوا هَيِّنٌ وهَيْنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: دُغةُ اسْم امرأَةٍ حَمقاءَ، يُقَال: فلانٌ أحْمق مِن دُغة.
وَقَالَ غَيره: هيَ دُغةُ بنتُ مَغْنَج، تزوَّجها رجلٌ فبلغَ من حُمْقها أَنَّهَا حَملتْ فَلَمَّا ضربهَا الطَّلْقُ زارتْها أُمُّها فتبرَّزَتْ ووَضَعتْ وَلداً وظنَّتْ أَنَّهَا سَلَحَت فرجعَت إِلَى أمِّها، فَقَالَت لَهَا: هَل يفتحُ الجَعْرُ فاهُ، فَقَالَت لَهَا: نعمْ ويرضَع ثَدْيَ أُمِّه، فخرجَت الأمُّ ورأَتْ وَلدَها فأَخَذتْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: دُغَاوَةُ: جِيلٌ من السُّودان.
(بَاب الْغَيْن وَالتَّاء)
غ ت (وايء)
تغت وتغ.
تغت: قَالَ اللَّيْث: تَغتِ الجاريةُ الضَّحِك:(8/156)
إِذا أَرَادَت أَنْ تخفيَهُ وَيُغالِبُها، قلت: إِنَّمَا هُوَ حِكَايَة صوتِ الضَّحِكِ.
تِغٍ تِغٍ، وتِغْ تِغْ، وَقد مرَّ تفسيرُه فِي مضاعَف الغَيْن.
وتغ: قَالَ اللَّيْث: الوَتَغُ: الإثمُ وقلّةُ العقْل فِي الْكَلَام، يُقَال: أوْتغْتُ القَوْل، وَأنْشد:
يَا أُمَّنا لَا تغضبي إنْ شِئْتِ
وَلَا تقولِي وَتغاً إنْ فِئْتِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وَتِغَ الرَّجل يَوْتَغُ وَتغاً. وَهُوَ الهلاكُ فِي الدِّين والدُّنيا، وأَنتَ أَوْتغْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَتَغُ: الوجَع، يُقَال: وَالله لأَوتِغَنَّك: أَي: لأُوجِعنَّك.
وَقَالَ أَبُو زيد: من النِّسَاء الوِتغةُ، وَهِي المُضَيِّعَةُ لنفْسها وفرجِها، وَقد وَتِغتْ تَيْتَغُ وتَغاً.
(بَاب الْغَيْن والظاء)
غ ظ (وايء)
غيظ: قَالَ اللَّيْث: غظْتُ فلَانا، أَغيظُه غيْظاً، والمُغايَظَة: فِعلٌ فِي مُهْلَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا، والتَّغَيُّظ: الاغتياظُ، وَقد اغتاظَ عَلَيْهِ وتغيَّظ، وبَنو غيظ بن مُرّة: حَيٌّ مِن قَيْس عَيْلان، وَقَالَ غَيره: تغيَّظت الهاجِرةُ: إِذا اشْتدَّ حَمْيُها.
وَقَالَ الأخطل:
لَدُنْ غدوَةٍ حَتَّى إِذا مَا تغيَّظَتْ
هَواجِرُ من شعبانَ حامٍ أَصِيلُها
وَقَالَ الله فِي صفة النَّار: {تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ} (الْملك: 8) ، أَي: من شدَّة الحرِّ.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: غاظَه وأغاظَه وغَيَّظَه بِمَعْنى واحدٍ.
(بَاب الْغَيْن والذال)
غ ذ (وايء)
(غذا غيذ)
غذا: قَالَ اللَّيْث: الغِذاءُ: الطّعام والشَّرابُ واللَّبَن، وَقيل: اللَّبَن غذاءُ الصَّغير وتحفةُ الْكَبِير.
وَتقول: غذاهُ يَغْذُوه غذاءاً، وفلانٌ يَتغذَّى باللَّحْم: أَي: يَتَربَّى بِهِ.
وَيُقَال: غذَّى البَعير ببوله يُغذِّي بِهِ: إِذا رَمَى بِهِ متقطِّعاً، وغذَّى الكلبُ أَيْضا ببولِه تغذيةً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: غَذَا الماءُ يَغذُو: إِذا مَرَّ مرّاً سَرِيعا.
وَقَالَ الهُذليُّ:
تَعْنُو بمخْرُوتٍ لَهُ ناضِجٌ
ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وَذُو شَلْشَلِ
وغَذا العِرْقُ يغْذُو: إِذا سالَ، وغَذا السِّقاءُ يَغذو غَذَواناً، وعِرْقٌ غاذٍ جارٍ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الغَذَوانُ: المسرع. قَالَ امْرؤ القَيْسِ:(8/157)
كَتَيْسِ ظباء الحلَّبِ الغَذَوان
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ لعامل الصدَقاتِ: (احْتَسِبْ عَلَيْهِم بالغذاء وَلَا تأخذهَا مِنْهُم) .
قَالَ أَبُو عبيد: الغِذَاءُ: السِّخالُ الصغار، وَاحِدهَا غَذِيٌّ، وأنشده الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو:
لَو أنني كنت من عادٍ وَمن إرَمٍ
غذِيَّ بَهْمٍ ولُقماناً وذِي جَدَنِ
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَأَخْبرنِي خلفُ الْأَحْمَر أَنه سمع العربَ تنشدُهُ غُذَيَّ بَهمٍ بالتَّصْغير.
وَقَالَ شمر: غُذيُّ بَهْمٍ: لَقَبُ رجل، وَأنْشد:
من لَذَّةِ العيشِ والفتَى
للدَّهْرُ والدَّهْرُ ذُو فُنُون
أهْلكْنَ طَسْماً وَبعدهمْ
غُذَيَّ بهْمٍ وَذَا جُدُونِ
قَالَ شمر: بَلغنِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الغَذَويُّ: الْبَهْمُ الَّذِي يُغْذَى.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَعْرَابِي من بَلْهجَيْم أَنه يُقَال: الغَذَويُّ: الحملُ أَو الجدْي لَا يُغَذَّى بِلَبن أمِّه، وَلَكِن يُعَاجَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: روى بَعضهم بَيت الْفَرَزْدَقِ:
غَذَويُّ كلِّ هَبَنقعٍ تِنْبَالِ
بالذَّالِ، ورواهُ أَبُو عَمْرو وَأَبُو عُبَيْدَة غَذَويُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَذَوَان: النَّشيطُ من الخَيْلِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: غَذَوتهُ غِذَاءً حَسناً وَلَا تَقُلْ: غَذَيْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الغاذِيةُ يافُوخُ الرَّأْس مَا كَانَت جِلْدَةً رَطبَةً، وَجَمعهَا: الغواذِي.
غيذ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الغَيْذَنُ: الَّذِي يَظنُّ فَيُصِيب ظَنُّهُ بِالْغينِ والذَّالِ.
(بَاب الْغَيْن والثاء)
(غ ث (وايء))
غثا غيث غوث ثغا وثغ: مستعملة.
غثا: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت:
غَثَتْ نَفسه تَغثَى غَثْياً وغثيَاناً، قلتُ: وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَغَيره، وَأما الليثُ فَإِنَّهُ زعم فِي كِتَابه أَنه غَثِيَتْ نَفْسُه تَغْثَى غَثاً وغَثَياناً، قلت: وكلامُ الْعَرَب عَلَى مَا قَالَ أَبُو زَيدٍ، وَمَا رَوَاهُ اللَّيْث فَمن كلامِ المولّدِينَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: غثا السّيلُ المرْتعَ: إذَا جَمَعَ بعضه إِلَى بعضٍ وأَذْهَبَ حَلاوتهُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: غثا الماءُ يَغثُو غثواً(8/158)
وغُثاءً: إِذا كَثُرَ فِيهِ البعرُ والورقُ والقَصَبُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النَّحويُّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {) (فَهَدَى وَالَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى} (الْأَعْلَى: 4، 5) .
قَالَ: جعلَه غُثاءً: جَفَّفهُ حَتَّى صيرهُ هَشيماً جافّاً كالغثاء الَّذِي ترَاهُ فَوق السيلِ، وَقيل مَعْنَاهُ: أَخْرَجَ المرْعَى أَحْوَى: أَي: أَخْضَرَ، فجعلهُ غثاءً: أَي يَابسا بعد خُضْرَتهِ.
غيث غوث: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: اسْتغاثني فُلانٌ فأَغَثْتهُ، وَقد غاثَ الله البلادَ يغيثُها غَيْثاً: إِذا أنزل بهَا الغيثَ، وَقد غِيثَتِ الأَرْض تُغاثُ غَيْثاً، وَهِي أرضٌ مَغِيثَةٌ ومَغيوثَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَخْبرنِي أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه سمع ذَا الرُّمَّةَ يَقُول: قَاتل الله أمةَ بني فلانٍ مَا أفصحها، قلت لَهَا: كيفَ كَانَ المطرُ عِندكم؟ فَقَالَت: غِثْنا مَا شِئْنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْغَيْث: الْمَطَر، يُقَال: غاثهم الله، وأصابهمْ غَيثٌ.
قَالَ: والغيث: الكلأُ ينبتُ من مَاء السَّمَاء، ويُجمعُ عَلَى الغيوثِ، والغياثُ: مَا أغاثكَ الله بِهِ، وَيَقُول الْوَاقِع فِي بَلِيَّةٍ: أَغِثني: أَي فرِّج عَنِّي، وَتقول: ضُربَ فلانٌ فَغوَّثَ تغويثاً: أَي: قَالَ: واغوثاهُ، قلت: وَلم أسمع أحدا يَقُول: غاثهُ يَغوثهُ بالواوِ، وغوثٌ: حَيٌّ من الأزْدِ، وَمِنْه قَول زُهَيْرٍ:
وتخشى رُماةَ الغوثِ من كل مَرصَدٍ
وَيُقَال: اسْتَغثْتُ فلَانا فَمَا كَانَ لي عِنْده مَغُوثَةٌ وَلَا غَوْثٌ: أيْ إغاثةٌ، ومَغوثَةٌ وغَوْثٌ: اسْمانِ يُوْضَعانِ مَوضع الإغاثة، وَبَين مَعْدنِ النَّقْرَةِ والرَّبَذَةِ ماءٌ يعرف بِمُغِيثِ ماوَانَ، وماؤه شَرُوبٌ، ومَغيثة: رَكِيّةٌ أُخْرَى عَذبةُ الماءِ بَين القادسيةِ والعُذيْبِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بئرٌ ذاتُ غَيِّثٍ أَي: ذاتُ مَادَّةٍ.
وَقَالَ رُؤبةُ:
نغْرفُ من ذِي غَيِّثٍ وَنُؤْزِي
وفرسٌ ذُوغَيِّثٍ: إِذا أَتى بِجري بعد جَرْيٍ، والغَواثُ: الإغَاثةُ، وَمِنْه قَوْله:
مَتى يَرجو غَواثك مَنْ تُغيثُ
عَمْرو عَن أبيهِ قَالَ: التغَيُّث: السِّمَنُ، يُقَال للناقة: مَا أحْسَنَ تَغَيُّثَها: أَي: سمنها.
ثغا: قَالَ اللَّيْث: الثُّغاءُ من أصوات الغَنم: والفعلُ: ثَغَا يَثْغُو، وَيُقَال: سَمِعت ثَواغِي الشَّاء أَي ثُغَاءَهَا، الْوَاحِدَة: ثَاغِيَةٌ، وَكَذَلِكَ سَمِعت راغِيَةَ الْإِبِل ورَوَاغيَها وصَواهلَ الخيلِ.
وَيُقَال: أتيتُ فلَانا فَمَا أثغَى وَلَا أرغَى:(8/159)
أَي: مَا أعْطى شَاة تَثْغُو وَلا بَعِيراً يَرْغُو، وَيُقَال: أَثغَى شاتَهُ وَأرْغَى بَعيرهُ، إِذا فَعَل بهما فعلا يَسْتَدْعِي الرُّغَاءَ والثُّغَاءَ مِنْهُمَا، وَيُقَال: مَا لفلانٍ ثَاغيَةٌ وَلَا رَاغية: أَي مَا لَهُ شاةٌ وَلَا بعيرٌ.
وثغ: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، وَأَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَا: الْوَثيغَةُ: الدُّرْجةُ الَّتِي تتخذُ للناقةِ إِذا ظُئرتْ على ولد غَيرهَا، وَقد وَثَغهَا الظَّائرُ يَثِغُها، وَسمعت العربَ تَقول: لما الْتفَّ من أجناسِ العشبِ أَيَّام الرّبيع وثِيغةٌ ووثِيخَة.
(بَاب الْغَيْن وَالرَّاء)
غ ر (وايء)
غرا غور غير وغر رغا ريغ روغ غير.
غرا: قَالَ اللَّيْث: الغِراءُ مَا غرَّيت بِهِ شَيْئا مَا دامَ لَوْناً وَاحِدًا، وَيُقَال أَيْضا: أغْرَيتُهُ، وَيُقَال: مطليٌّ مُغَرًّى بِالتَّشْدِيدِ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمر: غرِيتُ بِهِ أَي: أولعتُ بِهِ أَغْرَى بهِ غَراءً، ممدودٌ.
عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: وَقَالَ يُونُس: غَريَ بهِ غِراءً، ممدُودٌ، قَالَ: ونقصه أَبُو الْخطاب.
وَقَالَ شمرٌ: الغراءُ ممدودٌ هُوَ الطلاءُ الَّذِي يُطلى بِهِ، وَيُقَال: إِنَّه الغَرَى بِفَتْح الغيْن مقصورٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: غَرِيتُ بِهِ غَراً مَنقوصٌ، وغارَيتُه أُغارِيه مُغاراةً وغِراءً: إِذا لاجَجْتَه، قَالَ: وَلَا أَعرِفُ غَرِيَ بِهِ ممدوداً.
وَقَالَ فِي قَول كُثَيِّرٍ:
إِذا قلتُ أَسْلُو غارت العَين بالبُكا
غِراءاً ومَدَّتْها مدامعُ حُفَّل
مِنْ غارَيْتُ، وَقَالَ خالدُ بنُ كُلثوم: غارَيتُ بَين اثْنَيْنِ وغادَيتُ بَين اثْنَيْنِ: أَي وَالَيت.
وَأنْشد بَيت كُثَيِّرٍ هَذَا (غارت العينُ بالبُكا) ، وَقَالَ: غارتْ فاعَلتْ من الوِلاءِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ فاعَلتْ مِنْ غَرِيتُ بِهِ أَغْرَى غَراءً عَلَى فَعَالٍ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الغَرَا وَلَدُ الْبَقَرَة الوحْشِيَّة.
وَقَالَ الفرَّاءُ مثلَه، وَقَالَ: يُكتب بالألِف وتثْنِيتُه غَرَوان، وَيُقَال للحُوارِ أولَ مَا يولدُ غَراً أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغرا مَنقوصٌ: هُوَ الوَلد الرَّطْبُ جدّاً، وكلُّ مولودٍ غراً حَتَّى يشتدَّ لحمُه، وَيُقَال: أيُكَلِّبُنِي فلانٌ وَهُوَ غَراً وغِرْسٌ للصَّبيِّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الغَرِيُّ: الرَّجل الحَسن الْوَجْه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الغَرِيُّ: نُصُبٌ كَانَ يُذبَحُ(8/160)
عَلَيْهِ العَتائرُ، وَأنْشد:
كغَرِيَ أَجْسَدتْ رَأْسَه
فُرُعٌ بَين رئاسٍ وحامِ
وَيُقَال: غَرَوْتُ السَّهْمَ وغرَيتُه بِالْوَاو وَالْيَاء أَغْرُوه وأَغرِيه، وَهو سَهْمٌ مَغرُوٌّ ومَغْريٌّ.
وَقَالَ أَوْسُ بن حجَرٍ يَصِفُ نبَالاً:
لأَسْهمه غارٍ وبار ورَاصِفُ
وَمن أمثالهم: أَنْزِلْنِي ولوْ بأَحد المَغْرُوَّيْن، حَكَاهُ المُفضَّل أَي بأَحد السَّهمين.
قَالَ: وَذَلِكَ أنَّ رَجلاً ركِب بَعِيرًا صعْباً فَتَقَحَّمَ بِهِ فاستغاثَ بصاحبٍ لَهُ مَعَه سَهْمَان فَقَالَ: أَنْزِلْني وَلَو بأَحد الْمَغْرُوَّيْنِ.
وَيُقَال: أُغرِيَ فلانٌ بفلانٍ إِغراءً وغَرَاةً: إِذا أُولع بِهِ.
ومِثله: أُغرِم بِهِ فَهُوَ مُغْرًى بِهِ ومُغرَمٌ وَيقال: أَغريْتُ الكلبَ: إِذا آسدْتَه وأَرَّشْتَه.
غور غير: قَالَ اللَّيْث: الْغَار نباتٌ طيِّبٌ الرَّائحة على الوَقود، وَمِنْه السُّوس.
وَقَالَ عدِيُّ بنُ زيد:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها
تَقْضمُ الهنْديَّ والغارَا
وغارُ الفَمِ: نِطْعاه فِي الحَنَكَيْن، والغارُ مغارةٌ فِي الجبَل كَأَنَّهُ سَرَبٌ، والغارُ: لُغةٌ فِي الغيْرَة، والغارُ: الجماعةُ من النَّاس.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: فلانٌ شديدُ الْغَار على أَهْله، من الْغيرَة، قَالَ: وأَغار فلانٌ أَهْلَه: إِذا تزوَّج عَلَيْهَا، والغارُ: الجمْعُ الْكثير من النَّاس.
ويُرْوَى عَن الْأَحْنَف بن قيس أَنه قَالَ فِي الزُّبَيْر، مُنْصرَفه عَن وقْعةِ الجَمل: مَا أَصْنع بِهِ إِن كَانَ جمعَ بَين غارَين من النَّاس ثمَّ ترَكهم وذَهب.
وَقَالَ الأصمعيُّ يُقَال لفَم الْإِنْسَان وفرْجه: هما الغاران، يُقَال: المرْء يَسعَى لغَاريْه، والغار شجَر.
وَفِي حَدِيث عمرَ أَنه قَالَ لرجلٍ أَتَاه بمنْبوذٍ وَجَده: (عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً) وَذَلِكَ أنَّه اتَّهمه أَن يَكون صَاحب المنبوذ حَتَّى أَثنَى على المُلتقِط عَرِيفُه خيرا، فَقَالَ عمر حينئذٍ: هُوَ حرٌّ ووَلاؤُه لَك.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: وأَصْلُ هَذَا المثَل: أَنه كَانَ غارٌ فِيهِ ناسٌ فانهار عَلَيْهِم، أَو قَالَ: فأَتاهم فِيهِ عدوٌّ فقتَلهم فِيهِ فَصَارَ مثَلاً لكلِّ شيءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتي مِنْهُ شرٌّ ثمَّ صُغِّر الْغَار فَقيل: غوَيْرٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأَخْبرنِي ابنُ الكلبيِّ بِغَيْر هَذَا، زَعم أنَّ الغُوَيرَ ماءٌ لكلبٍ معروفٌ بِنَاحِيَة السَّمَاوَة، وأَنّ هَذَا المثَل إِنَّمَا تكلَّمتْ بِهِ الزَّباءُ لمَّا وَجَّهَت قصِيراً اللّخْميَّ بالْعِير إِلَى الْعرَاق ليَحْمل لَهَا من بَزِّه، وَكَانَ قَصيرٌ يطْلبهَا بثأْر جَذيمةَ الأَبْرشِ فجَعل الأحمالَ صناديق فِيهَا(8/161)
الرِّجالُ مَعَ السِّلَاح ثمَّ عدَل عَن الجادَّة وأَخَذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّتْ بالشَّرِّ وَقَالَت: عَسى الغُوَير أبْؤُساً، عَلَى إِضْمَار فِعْلٍ. أَرادتْ عَسى أَنْ يُحدِث الغوَيرُ أَبْؤُساً.
وأَمَّا الْغَارة فلهَا مَعْنيَان.
يُقَال: أغار الحَبلُ يُغيرُه إغارةً وغارةً إِذا شَدَّ فَتْلُه. وحبلٌ مغارٌ: شديدُ الفتلِ وَمَا أشدَّ غارتَه، فالإغارة مصدرٌ حقيقيٌّ، والغارةُ اسمٌ يقومُ مقَام المصدرِ، ومثلهُ أَعَرْتُه الشَّيْء أُعيرُه إِعَارَة وعارَةً، وأطعتُ الله إطاعةً وَطَاعَة.
وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي الغَارَةِ أَنه يُقَال: أغارَ الفرسُ إِغارةً وغارَةً، وَهُوَ سُرْعة حُضرِه، ويُقال للخيْلِ المُغيرَة: غَارَةٌ، أَي أَنَّهَا ذاتُ غارةٍ، أيْ ذاتُ عَدْوٍ شَدِيد، وَكَانَت الْعَرَب تَقول للخيْلِ إِذا شُنَّتْ على حَيَ نازلينَ صباحاً وهم غارُّونَ: فِيحِي فَيَاج: أَي اتَّسعِي وتفَرَّقي أيتُها الخيلُ لتُحِيطِي بالحَيِّ، ثمّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غارَة لإغارة الخيْلِ عَليها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغارةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ
والسِّرْحانُ: الذِّئْبُ، وغارَتُه شِدّةُ عَدْوِه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} (العاديات: 3) .
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: غارَني الرَّجُلُ، يَغيرُني ويغورُني: إِذا وَدَاكَ من الدِّيةِ، والاسمُ الغِيرَةُ، وجمعُها الغِيرُ.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل طلب القَوَد بوليّ لَهُ قُتل: (أَلا الغِيَرَ تُريدُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: الغِيَرُ: الدّيَةُ، وَجمعه أَغيارٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والغِيَرُ جمعُ غِيرَةٍ، وَهِي الدِّيةُ.
وَأنْشد:
لنَجْدَعَنَّ بِأَيْدِينَا أنوفَكُمو
بني أمَيمةَ إِن لم تقبلُوا الغيَرَا
قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً فِيمَا نرى لِأَنَّهُ كَانَ يجبُ القَوَدُ فغُيِّرَ القَوَدُ دِيةً، فسمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً، وأصلُه منَ التّغييرِ.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: غارَ فلانٌ أهلَهُ يَغيرُهم غياراً: إِذا مارَهم، وغارهُم الله بالخيرِ يغورُهم ويغِيرُهم.
قَالَ الأصمعيُّ: وَهِي الغِيرة، وأنشدنا قولَ الهذليِّ:
مَاذَا بغيرِ ابنتيْ رِبْعٍ عوِيلُهما
لَا ترْقُدانِ وَلَا بُؤسى لمَنْ رَقَدا
وَقَالَ اللحيانيُّ: غارهُم اللَّهُ بالمطَرِ يغورهم ويَغيرُهم إِذا سقاهم، ويقالُ: اللَّهُمَّ غِرنا بِخَير: أَي أَغِثنا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغائرةُ: القائلة،(8/162)
وَقد غوّر القومُ تغويراً: إِذا قَالُوا من القائلة، ويُقال: غَوِّرُوا بِنَا فقد أرْمَضتمُونا: أَي انزِلوا وقتَ الهاجرة حَتَّى نُبرِدَ ثمّ تروَّحوا.
قَالَ ابْن شُمَيْل: التَّغوِيرُ أَن يسيرَ الرَّاكبُ إِلَى الزَّوال ثمّ ينزلَ.
شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُغوِّرُ: النازِلُ نصف النَّهَار هُنيهةً ثمَّ يرحل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّغويرُ يكون نزُولاً للقائلة وَيكون سيراً فِي ذَلِك الوقتِ، والحُجَّة للنزُولِ.
قَول الرَّاعِي:
ونحنُ إِلَى دُفُوفِ مُغَوِّرَاتٍ
نَقِيسُ عَلَى الْحَصَى نُطَفاً بَقينا
وَقَالَ ذُو الرُّمة فِي التغويرِ فجعَلهُ سَيْراً:
برَاهُنّ تغوِيري إِذا الآلُ أرْفَلتْ
بِهِ الشمسُ أُزْرَ الحزْوَراتِ العوانكِ
قَالَ: أرْفلَتْ: أيْ بلغتْ بِهِ الشمسُ أوْساطَ الحزْوَراتِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غارَ النهارُ إِذا اشتَدّ حَرُّهُ.
قلتُ: والغائرةُ هِيَ القائلةُ، والتغوِيرُ كلُّه أُخذَ من هَذَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
نزَلنا وَقد غارَ النهارُ وأَوقَدَتْ
علينا حَصى المَعزَاء شمسٌ تنالُها
أَي: من قُربِها كأنكَ تنالُها.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الغَوْرَةُ: الشَّمْس.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب لبنتٍ لَهَا: هِيَ تشفيني مِنَ الصَّوْرَة وتستُرُني من الغوْرة، والصَّوْرَة: الحِكَّة.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: غوّرَ النهارُ: أَي: زَالَت الشمسُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقال: غَار الرجُل يغور إِذا سَار فِي بلادِ الغَوْرِ، وهكذ قَالَ الكِسائي.
وَأنْشد قولَ جَرير:
يَا أُمَّ طَلْحَةَ مَا رأيْنا مِثْلكم
فِي المُنْجِدين وَلَا بغَوْرِ الغائر
وسُئل الْكسَائي عَن قَوْله:
أغارَ لعَمْرِي فِي الْبِلَاد وأنجَدَا
فَقَالَ: ليسَ هَذَا من الغَوْر، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أغارَ إِذا أسرعَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأصمعيّ.
شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: غارَ القومُ وأغارُوا: إِذا أَخذوا نَحْو الغَوْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: العربُ تَقول: مَا أدْرِي أغارَ فلانٌ أمْ مار، قَالَ: أغارَ: أتَى الغَوْر، ومارَ: أَتَى نجداً.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: قَالَ الْفراء: أغارَ لغةٌ بِمَعْنى غارَ واحتَجّ ببيتِ الْأَعْشَى، وَيُقَال: غارتْ عينُه تغُور غؤُوراً وغَوْراً، وغارَ الماءُ يَغورُ غوْراً وغؤوراً.(8/163)
قَالَ الله تَعَالَى: {مُّبِينٍ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ} (الْملك: 30) ، سمّاه بالمصدرِ، كَمَا يقالُ: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حشْرٌ ودِرْهم ضرْب: أَي: ضُرِبَ ضربا، وغارَتِ الشمسُ فَهِيَ تغُورُ غؤوراً إِذا سَقَطت فِي الغَوْر حينَ تغيبُ، وغار على أَهله يَغارُ غَيرَةً، وامرأَةٌ غيُورٌ من نِسْوة غُيُر وَامْرَأَة غيْرَى من نِسْوة غيَارَى، ورَجُلٌ غَيُور من قوم غُيُرٍ.
وَقَالَ غَيره: رجل مِغوارٌ: كثير الغارات على أعدائِه، وجمعُه مَغاوِيرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: فرَس مُغارٌ: شديدُ المَفاصِلِ.
قلتُ: مَعْنَاهُ: شدّةُ الأسْرِ كَأَنَّمَا فُتِل فَتْلاً، والغوْرُ: تِهامةُ وَمَا يَلِي الْيَمَنَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَا بَين ذَات عرق إِلَى الْبَحْر غوْر تهَامَة.
وَقَالَ الباهليُّ: كل مَا انحدَرَ سيْلُه مَغربيّاً فَهُوَ غوْر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: غارتِ الشمسُ غِياراً، وَأنْشد:
فلمّا أَجَنّ الشمسَ عنِّي غيارُها
واسْتغارَ الجُرْحُ والقَرْح: إِذا وَرِمَ.
وَأنْشد:
رَعَتْه أشْهراً وحلاَ عَلَيْهَا
فطارَ النِّيُّ فِيهَا واستغارا
قلتُ: معنى استغارَ فِي هَذَا الْبَيْت أَي: اشتدّ وصلبَ، يَعْنِي شَحْمَ النّاقةِ ولحْمَها إِذا اكتنزَ كَمَا يَسْتغيرُ الحبلُ إِذا أُغيرَ أيْ: شُدّ فَتْلُه.
وَقَالَ بَعضهم: استَغارَ شَحْمُ الْبَعِير: إِذا دخلَ جَوْفَه، والقوْلُ هُوَ الأولُ، وَيُقَال: إنكَ غُرْتَ فِي غيرِ مغارٍ: مَعْنَاهُ: طَلَبْتَ فِي غيرِ مطلَبٍ، ورَجُل بعيدُ الغَوْرِ: إِذا كانَ جيِّدَ الرَّأْي قَعيرَهُ.
وغر: ابْن السّكيت: يُقَال: فِي صَدره عَلَيْهِ وغرٌ، سَاكن الْغَيْن، وَقد أوغرت صَدره، أَي: أوقدْته من الغيْظ وأحميته، وَأَصله من وغرة القَيْظ، وَهِي شِدّة حرِّه، وَيُقَال: سمعْتُ وغرَة الْجَيْش أَي: أَصْوَاتهم.
وَأنْشد:
كَأَن وغرَ قطاه وغرُ حادينا
قَالَ اللَّيْث: الوَغْرُ: احتراقُ الغيظ، يُقَال: وغِرَ صدرُه عَلَيْهِ يوْغَرُ، وَهُوَ أَن يَحترِقَ الْقلب من شدّة الغيْظ، وقدْ وغر صدْرُه وغَراً، وأوغرَ صدْرَه عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَرِيَ صدرُه عَلَيْهِ يأْرَى مِثلُ وغِرَ وغراً سَوَاءٌ.
قَالَه أَبُو زيد فِيمَا روَى عَنهُ أَبُو عبيد، وَيُقَال: وغرتِ الهاجرَةُ تَوغر وَغَراً: إِذا رَمِضتْ، واشتدّ حرهَا ولَقيتهُ فِي وغرة الهاجِرَة حينَ تتوسَّط العينُ السماءَ، وَيُقَال: نزلنَا فِي وَغْرةِ القيْظِ على مَاء كَذَا وَكَذَا، وأوْغرتُ الماءَ إيغاراً: إِذا أحْرَقْته(8/164)
حَتَّى غلاَ، وَمِنْه المَثَل السائر: كَمَا كَرِهتِ الْخَنَازِير الحميمَ المُوغَر.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ولقدْ رأيتَ مكانهمْ فكرِهْتهم
ككراهة الخِنزير للإيغار
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَغيرة: اللّبَنُ وحدَه مَحْضا يُسخَّن حَتَّى ينضَجَ وَرُبمَا جُعِلَ فِيهِ السمنُ، يُقَال: أوْغرت اللّبنَ.
قَالَ: وَفِي لُغة الكِلابيينَ: الإيغار: أَن تُسَخِّن الرضافَ وتُحرقهَا ثمَّ تُلقيها فِي الماءِ لتُسخِّنه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَغير: لحْمٌ يُشوى على الرَّمْضاء.
قَالَ: ووغَّر الْعَامِل الخرَاج: إِذا اسْتَوْفَاهُ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: أوْغرْت فلَانا إِلَى كَذَا: أَي: ألجأتُه. وَأنْشد:
وتطاوَلَتْ بكَ هِمّةٌ محطوطةٌ
قد أوْغرَتْك إِلَى صبا وهُجون
أَي: أَلجأَتْكَ إِلَى الصِّبَا.
قَالَ: واشْتِقاقُه من إيغار الخَراج، وَهُوَ أَن يُؤدِّي الرجلُ خرَاجه إِلَى السُّلْطَان الْأَكْبَر فِراراً من الْعمَّال، يُقَال: أوْغرَ الرجل خراجه إِذا فعل ذَلِك.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الوغْر: الصَّوْتُ.
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ الْأَصْمَعِي: الوغرُ والوغم: الذحلُ.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: ذهبَ وغَر صدْره ووغَم صَدره: أَي: ذهب مَا فِيهِ من الغلِّ والعداوة.
وَقَالَ اللحياني: وغِرَ عَلَيْهِ صَدْرِي يَوْغَرُ ويَغِرُ ووَعِرَ يَوْعَرُ ويعِرُ بِالْعينِ: أَي: امْتَلَأَ غيظاً وحقداً.
روغ ريغ: أَبُو عبيد عَن اليزيديِّ: هَذِه رِيَاغَةُ بني فلانٍ ورِوَاغَتُهُمْ حَيْثُ يَصْطَرِعُون.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّوَّاغُ: الثَّعْلَب، وَهُوَ أروَغُ من ثعلبٍ، وطريقٌ رائغٌ مائلٌ، وراغَ فلانٌ إِلَى فلانٍ: إِذا مَال إِلَيْهِ سرا.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} (الذاريات: 26) .
وَقَالَ أَيْضا: {لاَ تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً} (الصافات: 93) ، كل ذَلِك انحرافٌ فِي استخفاء، وَيُقَال: فلانٌ يُرِيغُ كَذَا وَكَذَا ويُلِيصُهُ: أَي: يديره ويطلبه، وَتقول للرجل يحُومُ حولك مَا تُرِيغُ: أَي: مَا تطلب، وفلانٌ يُديرني عَن أمرٍ وَأَنا أُرِيغُهُ.
وَقَالَ دارة أَبُو سَالم:
يُدِيروننيَ عَن سَالم وأُريغه
وجلدة بَين الْعين وَالْأنف سَالم
وَمِنْه قَول عبيد: وَقَالَ عبيد بن الأبرص يردّ على امرىء الْقَيْس كَلمته:
أتُوعِدُ أسرتي وَتركت حجرا(8/165)
يُرِيغُ سوادَ عَيْنَيْهِ الغُرابُ
أَي: يَطْلُبهُ لينتزعه فيأكله.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا كَفى أحدكُم خادمهُ حَرَّ طعامهِ فليُقعده مَعَه وَإِلَّا فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقمةً) .
يُقَال: روَّغَ فلَان طَعَامه ومَرَّغَهُ: إِذا روَّاه دَسَماً، وَفُلَان يُراوِغُ فلَانا: إِذا كَانَ يحيدُ عمَّا يُدِيره ويُحايصُه.
وَقَالَ شمرٌ: الرِّياغُ: الرَّهَج وَالْغُبَار.
قَالَ رؤبة يصف عَيْراً وأتْنَه:
(وَإِن) أثارتْ من رِياغٍ سَمْلَقاً
تهْوِي حَوامِيها بِهِ مُدَقَّقَا
قلت: وأحسب الْموضع الَّذِي يتمرَّغُ فِيهِ الدوابُّ سمِّي مَرَاغاً من الرِّياغِ وَهُوَ الغُبار.
رغا: قَالَ اللَّيْث: رَغَا الْبَعِير يَرْغُو رُغاء.
قَالَ: والضَّبعُ ترغُو، وَسمعت رَوَاغِيَ الْإِبِل: أَي: رُغاءَها وَأَصْوَاتهَا، وأرْغَى فلانٌ بعيره: إِذا فعل بِهِ فعلا يَرْغُو مِنْهُ ليسمع الحيُّ صَوته فيدعوه إِلَى القِرَى؛ وَقد يُرْغِي صَاحب الْإِبِل إبِله بِاللَّيْلِ ليسمع ابْن السَّبِيل رُغاءَها فيميل إِلَيْهَا وَأَن الضَّيْف إِذا أرغى بعيره وجد فِيهَا قِرىً.
وَقَالَ ابْن فسوة يصف إبِلا:
طوال الذُّرى مايلعنُ الضيفُ أَهلهَا
إِذا هُوَ أرْغَى وسطَها بعد مَا يَسْرِي
أَي: يُرْغِي نَاقَته فِي نَاحيَة هَذِه الْإِبِل.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
من البِيضِ تُرْغِينا سِقاطَ حَدِيثهَا
وتنكدُنا لَهْوَ الحَدِيث الْمُمَتّعِ
أَي: تُطعمنا حَدِيثا قَلِيلا بِمَنْزِلَة الرَّغوة.
وَقَالَ اللَّيْث: الارْتِغَاءُ: سحفُ الرَّغوة واحتِساؤُها، وَمن أمثالهم: هُوَ يُسِرُّ حَسْواً فِي ارْتِغاءٍ، يُضرب مثلا لمن يظهرُ طلب الْقَلِيل وَهُوَ يُسِرُّ أَخذ الْكثير.
وَيُقَال: رَغَا اللَّبنُ وأرْغَى: إِذا كثرت رغوته.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هِيَ رَغْوَةُ اللَّبن ورُغْوَةٌ ورِغْوَةٌ ورِغايةٌ وَزَاد غيرُهُ رُغايةً، وَلم نسْمع رُغاوةً.
أَبُو زيد، يُقَال للِرَّغْوَةِ رُغاوَى وَجَمعهَا رَغَاوَى، رَوَاهُ ابْن نَجدة عَنهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الرَّغْوَةُ: الضَّجْرةُ، وَيُقَال: رغَّاهُ: إِذا أغضبهُ، وغَرَّاه إِذا أجْبرهُ.
غير: فِي حَدِيث جَرير بن عبد الله، أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (مَا من قوم يعْمل فيهم بِالْمَعَاصِي، يقدرُونَ أَن يُغَيِّرُوا فَلَا يُغَيِّرُون، إِلَّا أَصَابَهُم الله بعقاب) .(8/166)
قَالَ الزّجاج: معنى يغيِّرون، أَي: يدْفَعُونَ ذَلِك الْمُنكر بِغَيْرِهِ من الْحق، وَهُوَ مُشْتَقّ من غير، يُقَال: مَرَرْت بِرَجُل غَيْرك، أَي لَيْسَ بِكَ.
قَالَ اللَّيْث: غَيْرٌ يكون اسْتثِْنَاء مثل قَوْلك: هَذَا درهمٌ غَيْرَ دانق، مَعْنَاهُ: إِلَّا دانقاً وَيكون غَيْر اسْما تَقول: مَرَرْتُ بِغَيْرِكَ، وَهَذَا غَيْرُكَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَة: 7) ، خفضت غَيْرٌ لِأَنَّهَا نعتٌ للَّذين، وَهُوَ غَيْرُ مصمودِ صمدهُ وَإِن كَانَ فِيهِ الْألف وَاللَّام.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: جعل الْفراء الْألف وَاللَّام فِيهَا بِمَنْزِلَة النَّكرة وَيجوز أَن يكون غَيْرٌ نعتاً للأسماء الَّتِي فِي قَوْله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَة: 7) ، وَهِي غير مصمودٍ: صمْدها أَيْضا، وَهَذَا قَول بَعضهم، وَالْفراء يأبَى أَن تكون غَيْرٌ نعتاً لغير الَّذين لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة النكرَة عِنْده.
وَقَالَ الْأَخْفَش: غَيْرٌ: بدلٌ.
قَالَ ثَعْلَب: وَلَيْسَ يمْتَنع مَا قَالَ، وَمَعْنَاهُ التكرير كَأَنَّهُ أَرَادَ: صِراط غيرِ المغضوب عَلَيْهِم.
وَقَالَ الْفراء: معنى غيرٍ معنى لَا، وَلذَلِك رُدَّت عَلَيْهَا لَا، كَمَا تَقول: فلَان غيرُ مُحْسنٍ وَلَا مُجْمِل، قَالَ: وَإِذا كَانَت غَيْرٌ بِمَعْنى سِوًى لم يجز أَن يُكرَّ عَلَيْهَا، أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن تَقول: عِنْدِي سِوى عبد الله وَلَا زيدٍ، قَالَ: وَقد قَالَ من لَا يعرف الْعَرَبيَّة إِن معنى غيرٍ هَا هُنَا بِمَعْنى سِوًى، وإنَّ لَا صلةٌ.
قلت: وَهَذَا قَول أبي عُبَيْدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: من نصب قَوْله (غَيْرَ المغضوب عَلَيْهِم) فَهُوَ قطعٌ.
وَقَالَ الزّجاج: من نصب غَيْراً فَهُوَ على وَجْهَيْن، أَحدهمَا: الْحَال، وَالْآخر: الِاسْتِثْنَاء.
قلت: والمُغَيِّرُ: الَّذِي يُغَيِّر على بعيره أداته ليُريحه ويخفِّف عَنهُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
واستُحِثَّ المُغَيِّرون من القو
م وَكَانَ النِّظاف مَا فِي العزالي
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: غَيَّرَ فلَان عَن بعيره: إِذا حطَّ عَنهُ رحْلَه وَأصْلح من شَأْنه.
وَقَالَ الْقطَامِي:
إِلَّا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وتَغَيِّرَ فلَان عَن حَاله فَهُوَ مُتَغَيِّر.
(بَاب الْغَيْن وَاللَّام)
(غ ل (وايء))
غلا غول غيل وغل ولغَ لَغَا لوغ ليغ: مستعملات.
غلا: قَالَ اللَّيْث: غَلاَ السِّعْرُ غلاءً: مَمْدُودٌ،(8/167)
وغَلاَ فِي الدِّين يغْلو غُلُوّاً: إِذا جاوزَ الحدَّ، وغلا بالسَّهْم يغْلو غُلُوّاً: إِذا رمى بِهِ، وَقَالَ الشماخُ:
كَمَا سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَهُ الغالي
قَالَ: والمغالي بالسَّهم: الرَّافعُ يَدَهُ يُريدُ بِهِ أقْصَى الغايةِ، قَالَ: وكلُّ مرماةٍ من ذَلِك غَلْوَةٌ، وَأنْشد:
منْ مائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال
قَالَ: والمِغْلاَةُ: سَهْمٌ يتَّخذ لمغالاة الغَلْوَةِ وَيُقَال لَهُ المِغْلَى بِلا هَاءٍ، قَالَ: والفَرْسَخُ التَّامُّ خمسٌ وعِشْرُونَ غلوَةً، والدَّابَّةُ تغلو فِي سَيْرِهَا غَلْواً وتغتلي بخفَّةِ قَوَائِمهَا، وَأنْشد:
فَهْيَ أَمَامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي
وتغالى النَّبْتُ أَي: ارتفعَ وطَالَ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
مِمَّا تَغَالى منَ الْبُهْمَى ذَوائبُهُ
بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عَنهُ الأكاميمُ
قَالَ: وتغالى لحمُ الدَّابّةِ: إِذا تَحَسَّرَ عِنْد التَّضمير.
وَقَالَ لبيد:
فَإِذا تغالى لَحْمُها وتحسرتْ
وتقَطَّعَتْ بعد الكلالِ خدامُها
تغالى لَحمهَا: أَي: ارْتَفع وصارَ على رُؤوس الْعِظَام، وَيُقَال: غلتِ القِدرُ تغلي غَلياً وغلَياناً، والغاليةُ: معروفةٌ، يُقَال مِنْهَا: تَغَلَّلتُ وتَغَلّفْتُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تغلَّيتُ من الغالية.
وَقَالَ أَبُو نصر: سألتُ الْأَصْمَعِي هَل يجوزُ تغلّلْتُ، فَقَالَ: إِن أردْت أَنَّكَ أدْخَلْتَهُ فِي لحيتكَ أَو شاربكَ فجائِز.
وَقَالَ الْفراء: غالَيْتُ اللَّحْم وغاليت بِاللَّحْمِ: جائزٌ، وَأنْشد:
تُغالي اللَّحْم للأضياف نِيئاً
وتبذله إِذا نَضِجَ القُدُورُ
الْمَعْنى: تُغالى بِاللَّحْمِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: نُغالي اللَّحْم: نشتريه غالياً، ثمَّ نَبذُلُهُ ونُطعمهُ إِذا نَضجَ مَا فِي قُدُورنا.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرَادَ نُغالي بِاللَّحْمِ فَحذف الباءَ، قَالَ: وَيُقَال: لعبْتُ الكعابَ، ولعبتُ بالكعابِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الغُلَواء ممدودٌ: سرعةُ الشبابِ، وَأنْشد قَوْله:
لم تلتفتْ لِلدَاتها
ومضتْ على غُلَوائها
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول الشَّاعِر:
خمصانةٌ قلِقٌ مُوشَّحُها
رُؤْدُ الشبابِ غلابها عظمُ
هَذَا مثل قَول ابْن الرُّقيات: لم تلْتَفت لِلداتِها وكما قَالَ:
كالغُصْن فِي غُلوائهِ المتأَوِّدِ
وَقَالَ غَيره: الغالي: اللحمُ السَّمينُ، أُخِذَ(8/168)
مِنْهُ قَوْله: غلابها عظمٌ: إِذا سَمِنَتْ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
تَوَسَّطها غالٍ عتيقٌ وَزانها
مُعرَّسُ مَهْرِي بِهِ الذَّيل يلمعُ
أَي: توسطها شحمٌ عتيقٌ فِي سنامها، والغَلْوَى: الغاليةُ فِي قَول عديِّ بن زيد:
ينفحُ مِنْ أردانها المسكُ والعن
بَرُ والغلوى ولبني قفُوص
وَيُقَال: غاليتُ صدَاقَ المرأةِ أَي أغليتُهُ وَمِنْه قَول عمر: أَلا لَا تُغالُوا صُدُق النساءِ، وَقَالَ بَعضهم: غَلوتُ فِي الْأَمر غلانيةً: إِذا جَاوَزت فِيهِ الحدَّ، زادوا فِيهِ النُّون، وَيُقَال للشَّيْء إِذا ارْتَفع وزَادَ: قد غَلا.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
فَمَا زَالَ يغلو حبُّ مَيَّةَ عندنَا
ويزدَادُ حتّى لم نَجد مَا نَزيدها
غول غيل: قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال مَا أبعدَ غَوْلَ هَذِه الأرضِ: أَي مَا أبعد ذَرْعها، وإنَّها لَبعيدةُ الغولِ وَقد تغوَّلتِ الأرضُ بفلانٍ: أَي: أهلكتهُ وضللته، وَقد غالتهم تِلْكَ الأرضُ: إِذا هلكُوا، واغتالتهم مِثله، وَقَالَ ذُو الرُّمة:
وَرُبَّ مفازةٍ قُذُف جموحٍ
تغولُ منحِّبَ القَربِ اغتِيالا
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هَذِه أرضٌ تغتالُ الْمَشْي: أَي لَا يستبين فِيهَا المشيُ من بعْدهَا وَسَعتها، وَقَالَ العجاجُ:
وَبلدةٍ بعيدةِ النِّياط
مجهُولةٍ تغتالُ خَطو الخاطي
وَقَالَ اللَّيْث: الغَولُ: بعدُ المفازةِ، وَذلك أَنَّهَا تغتالُ سير الْقَوْم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للصَّقر وَغَيره لَا يغتاله الشِّبَع أَي: لَا يذهبُ بقوَّتهِ شبعُه، وَقَالَ زُهَيْر:
مِن مَرقَبٍ فِي ذُرى خلقاءَ راسيةٍ
حُجْن المخالبِ لَا يغتاله الشِّبَعُ
أَرَادَ صقراً حُجْناً مخالبُه، ثمَّ أدخلَ عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام وأقامها مقَام الكنايةِ، وَيُقَال: تغوَّلتِ المرأةُ إِذا تلوَّنتْ، وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا ذاتُ أَهْوالِ نَكُولٌ تغوَّلَتْ
بهَا الرُّبْدُ فوْضَى والنَّعَامُ السَّوارِحُ
وَيُقَال: غالتْه غولٌ: إِذا وَقع فِي هَلَكة، وغاله الْمَوْت: أَهْلكه، والغُوْلُ: المَنيَّة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
مَا مِيتَة إِن متُّها غيرَ عَاجز
بِعَارٍ إِذا مَا غَالت النّفسَ غُولُها
وَأنْشد أَبُو زيدٍ:
عنِينَا وأَغنَانا غنانَا وغالَنا
مَآكِلُ عمَّا عندَكم وَمَشاربُ
قَالَ: غالَنا: حَبَسَنا، يُقال: مَا غالَكَ(8/169)
عنّا: أَي: مَا حَبَسَكَ عَنَّا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا عَدْوَى وَلا هامةَ وَلَا غُولَ) .
كَانَت العربُ تَقول: إنَّ الغيلانَ فِي الفَلَوات تراءَى لِلنَّاسِ وتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلاً: أَي: تَتَلَوَّنُ ألواناً، وتضلُّ الناسَ عَن طرقهمْ وتهلكُهمْ، وَتَزْعُمُ أنَّها مردةُ الجِنِّ والشَّياطِين، وذَكرُوا ذَلكَ فِي أشعارِهمْ فَأَكْثُروا، فأَبْطَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا؛ وَلم يُحَقّق مَا تواطَأُوا عَلَيْهِ وَنفى جميعَ مَا ذكرُوه، وقولهُ الحقُّ وَمَا قَالُوهُ باطلٌ، وَالْعرب تسمِّي الْحيَّات أَغْوالاً.
وَمِنْه قَول امرىءِ الْقَيْس:
ومَسْنونةٌ زُرْقٌ كأَنيابِ أغْوالِ
أَرَادَ كأنياب الحياتِ، وَقيل: أرادَ بالأغوالِ مردةَ الشَّياطينِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: غال الشيءُ زَيداً: إِذا ذهب بهِ يَغُولُه غوْلاً، والغَولُ: كلُّ شيءٍ ذهبَ بالعقلِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْمِغْوَلُ سوطٌ فِي جوفهِ سيفٌ.
وَقَالَ غَيره: سمِّي مِغْولاً لأنَّ صاحبهُ يغتالُ بِهِ عَدُوَّه من حيثُ لَا يحتسبهُ: أَي: يهلكهُ، وجمعهُ: مغَاوِلُ، والغوْلانُ: ضربٌ من الحمضِ معروفٌ، والمُغاولةُ: المبادرةُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِنِّي كنتُ أغاولُ حَاجَة لي) أَي: أبادرها.
وَقَالَ جرير:
عاينتُ مشعلةَ الرِّعال كَأَنَّهَا
طيرٌ تغاول فِي شمام وُكورا
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شميلٍ: الغُول: شيطانٌ يَأْكُل النَّاس.
وَقَالَ غَيره: كل مَا اغْتالَكَ من جِنِّيَ أَو شَيْطَان أَو سُبعٍ فَهُوَ غُولٌ.
وَذكرت الغِيلانُ عِنْد عمر فَقَالَ: إِذا رَآهَا أحدكُم فليؤذِّن فَإِنَّهُ لَا يتحوَّل شيءٌ عَن خَلْقِهِ الَّذِي خُلق لَهُ، وَلَكِن لَهُم سحرة كسحرتكم، وَيكْتب فِي عُهْدَة المماليك: لَا داءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غائلة وَلَا تغييبَ.
قَالَ ابْن شُمَيْل: يكتُبُ الرجل العهود فَيَقُول: أبيعُك على أَنه لَيْسَ لَك داءٌ وَلَا تغييبٌ وَلَا غائلةٌ وَلَا خِبْثَةٌ.
قَالَ: والتَّغْيِيبُ: أَن لَا يَبيعه ضَالَّة وَلَا لُقطةً وَلَا مُزَغْزَغاً.
قَالَ: وباعني مُغَيَّباً من المَال، أَي: مَا زَالَ يخبؤُه ويُغيِّبه حَتَّى رماني بِهِ، أَي باعَنِيهِ، قَالَ: والخِبْثَةُ: الضَّالة أَو السّرقَة، والغائلة: المُغَيِّبَة أَو المسروقة.
وَقَالَ غَيره: الدّاء الْعَيْب الْبَاطِن الَّذِي لم يُطْلع البائعُ المُشْتَرِي عَلَيْهِ، والْخِبثة فِي الرَّقِيق أَلا يكون طيِّب الأَصْل كَأَنَّهُ حُرُّ الأَصْل لَا يحل مِلْكُه لأمانٍ سبق لَهُ أَو حرِّية ثبتَتْ فِيهِ، والغائِلَةُ: أَن يكون(8/170)
مسروقاً، فَإِذا استُحق غالَ مالَ مُشتريه الَّذِي أدَّاه فِيهِ ثمنا لَهُ.
أَبُو عُبيد: الغَوائِلُ: الدَّواهي، وَهِي الدَّغاولُ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: فلاةٌ تَغَوَّلُ: أَي: لَيست بِبَيِّنة الطُّرق فَهِيَ تضلِّل أَهلهَا، وتغَوَّلها: اشتباهها وتلونها.
قَالَ: والغَوْلُ: بُعد الأَرْض، وأغوالُها: أطرافها، وَإِنَّمَا سُمِّي غَوْلاً لِأَنَّهَا تغُولُ السائلة أَي: تقذف بهم وتُسقطهم وتبعدهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: قتل فلَان فلَانا غِيلَةً، أَي: فِي اغتيالٍ وخفيةٍ، وَقيل: هُوَ أَن يُخدع الإنسانُ حَتَّى يصير إِلَى مَكَان قد استخفى لَهُ فِيهِ من يقْتله، قَالَ ذَلِك أَبُو عبيد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: غَالَه يغُولُه إِذا اغْتالُه، وكل مَا أهلك الْإِنْسَان فَهُوَ غُولٌ، والغضبُ غُولُ الْحلم، أَي: يغتالهُ وَيذْهب بِهِ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لقد هَمَمْت أَن أنهى عَن الغِيلَةِ ثمَّ ذكرت أَن فَارس وَالروم يَفْعَلُونَ ذَلِك فَلَا يضرُّهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة واليزيدي: الغِيلَةُ هِيَ الغَيْلُ، وَذَلِكَ أَن يُجَامع الرجل الْمَرْأَة وَهِي مرضع، وَقد أَغَالَ الرجل وَلَده وأغْيَلَهُ، وَالْولد مُغالٌ ومُغْيَلٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الغَيْلُ: أَن ترْضع الْمَرْأَة وَلَدهَا وَهِي حاملٌ.
وَقَالَت أم تأبط شرا تُؤَبِّنُه بعد مَوته: وَالله مَا أَرْضَعَتْه غَيْلاً.
قَالَ: والغَيْلُ أَيْضا: الساعد الرَّيان المُمتلىءُ، وَأنْشد:
لكاعبٌ مائلةٌ فِي العطفين
بيضاءُ ذَات ساعدين غَيْلَيْن
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ اليزيدي فِي الغَيْلِ مثل مَا قَالَ ابْن السّكيت قَالَ: والغَيلُ أَيْضا: الماءُ الَّذِي يجْرِي على وَجه الأَرْض، والغَيْل: الشّجر الملتفُّ، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَجَاء فِي الحَدِيث: (مَا سُقِي بالغَيلِ ففيهِ العُشْرُ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الغَيْلُ مَا جَرى من المياهِ فِي الْأَنْهَار، وَهُوَ الفتحُ، وَأما الغلَلُ فَهُوَ المَاء يجْرِي بَين الشّجر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الغوائلُ: خروقٌ فِي الْحَوْض واحدتها غائلة، وَأنْشد:
وَإِذا الذَّنُوبُ أحيلَ فِي مُتَثلَّمَ
شَربتْ غَوائلُ ماءَهُ وهزُومُ
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول الْأَعْشَى:
وسِيق إليهِ الباقِرُ الغُيُلُ
قَالَ: الغُيُلُ: هِيَ الْكَثِيرَة، قلت: وَيكون بِمَعْنى السِّمانِ.
وغل: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره: الواغلُ(8/171)
الدَّاخلُ عَلَى القومِ فِي شرابهمْ من غيرِ دَعْوَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الدَّاخلُ عَليهمْ فِي طَعَامِهمْ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَغْلُ: الشَّرَاب الَّذِي يشربه الواغِلُ، وَأنْشد:
إِن أكُ مِسْكيراً فَلَا أشربُ
الوغل وَلَا يَسلَمُ مني البَعيرْ
وَقد وَغَلَ الواغِلُ يَغِلُ: إِذا دَخلَ عَلَى قومٍ شَرْبٍ لم يَدعوهُ.
والوَغلُ: الرَّجلُ الضعيفُ وَجمعه أوْغالٌ، وأوغلَ الْقَوْم: إِذا أمْعَنُوا فِي سَيْرِهم دَاخلين بَين ظَهْرَانِي الشعابِ أَو فِي أرْض العدُوِّ، وَكَذَلِكَ تَوَغَّلُوا وتَغلغلُوا.
وَفِي الحَدِيث: (إِن هَذَا الدّين مَتِينٌ فَأَوْغلْ فِيهِ برفقٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الإيغال: السيرُ الشديدُ، والإمْعانُ فِيهِ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يقطع الأمْعَزَ المكوكبَ وخْداً
بِنواجٍ سريعةِ الإيغالِ
قَالَ: وَأما الوُغُولُ فَإِنَّهُ الدُّخولُ فِي الشَّيْء وَإِن لم يُبعدْ فِيهِ، وكل دَاخلٍ فَهُوَ واغلٌ.
يُقَال: مِنْهُ وغَلتُ أغِلُ وغولاً ووَغْلاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: وغلَ فِي البلادِ وأوغلَ بِمَعْنى واحدٍ إِذا ذَهَبَ فِيهَا.
لَغَا: قَالَ اللَّيْث: اللُّغةُ واللغاتُ واللُّغِين: اختلافُ الكلامِ فِي معنى واحِدٍ.
وَيُقَال: لغَا يَلْغو لَغواً، وَهُوَ اخْتلاطُ الكلامِ ولَغَا يَلْغا لُغةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (من قَالَ يَوْم الجُمعةِ والإمامُ يخطبُ لِصاحِبهِ صَهْ فقد لَغَا) ، أَي: تكلَّمَ. وَقَالَ الله: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ} (الْفرْقَان: 72) ؛ أَي: مَرُّوا بالباطِلُ.
وَيُقَال: ألْغيْتُ هذِه الكلمةَ أَي: رَأَيْتهَا باطِلاً وَفَضْلاً، وكذلكَ مَا يُلغَى من الحسابِ.
وَفِي حَدِيث سَلمانَ: (إياكُمْ ومَلْغاةَ أولِ اللَّيلِ) يريدُ اللَّغْو، وَقَالَ الله: {عَالِيَةٍ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا} (الغاشية: 11) ، أَي: كلمة قَبيحةً أَو فاحِشةً.
قَالَ قتادَةُ: أَي: باطِلاً ومَأثماً.
وَقَالَ مجاهدٌ: شَتْماً.
وَقَالَ غَيرهمَا: اللاَّغيةُ واللَّوَاغي بِمَعْنى اللغوِ مثلُ راغيةِ الْإِبِل ورواغيها بِمَعْنى رُغائها، واللَّغْو واللَّغا واللغْوَى: مَا كَانَ من الْكَلَام غير معقودٍ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْله: (من تكلّم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخطبُ فقد لغَا) أَي: خَابَ.
قَالَ: وألغيْتُه أَي: خَيَّبتهُ. رواهُ أَبُو داودَ عَنهُ.
وَقَالَت عائشةُ فِي قولِ الله: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ(8/172)
اللَّهُ بِالَّلغْوِ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَيْمَانِكُمْ} (الْبَقَرَة: 225) ، هُوَ قَول الرجل لاَ واللَّهِ وَبَلَى واللَّهِ.
قَالَ الْفراء: كأنَّ قَول عائشةَ أَنَّ اللَّغوَ مَا يجْرِي فِي الكلامِ عَلَى غيرِ عَقْدٍ.
قَالَ: وَهُوَ أشْبَهُ مَا قيل فيهِ بِكلامِ العرَبِ.
وَقَالَ غَيره: لَغَا فلانٌ عَن الصَّوابِ أَي: مالَ عنهُ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ: لَغِي فلانٌ بِالْمَاءِ يَلْغَى بِهِ: إِذا أَكثر مِنْهُ، ولَغيَ فلانٌ بفُلانٍ يَلْغى: إِذا أُولعَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: لَغْوَى الطير أصواتها، وَقَالَ الرَّاعِي:
قوارِبُ المَاء لَغْوَاها مبيِّنةٌ
فِي لُجَّةِ اللَّيْل لَمَّا راعها الْفَزَعُ
وَقَالَ أَبُو سعيد: إِذا أردْت أَن تنْتفِع بالأعراب فاسْتَلْغِهمْ: أَي: اسْمع من لُغاتِهم من غير مسألةٍ، وَيُقَال: إِن فَرَسَكَ لَمُلاغي الْجَرْي: إِذا كَانَ جَرْيُهُ غيْرَ جَرْيِ جِدَ. وَأنْشد أَبُو عَمْرو لطلْقِ بن عَدِيّ:
جَدَّ فَمَا يَلْهُو وَلَا يُلاغى
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ألغَاهُ من الْعدَد وألقاهُ بمعْنى وَاحِد.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: أَنه ألْغَى طَلَاق الْمُكْرهِ: أَي: أبْطَلُه، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا اسْتَلغَاني الْقَوْمُ فِي السُّرى
بَرِمْتُ فألْغَوْني بِسِرِّك أعْجَمَا
اسْتَلغَوْني: أرادوني على اللَّغْو.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ذَلِك الشَّيْء لَك لَغْواً ولَغاً ولَغْوَى، وَهُوَ الشيءُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ، قلت: واللُّغةُ من الأسماءِ النَّاقِصَة وأَصْلُها لُغْوَةٌ من لَغَا إِذا تكلَّم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَغَا يَلغُو: إِذا حَلف بِيمينٍ بِلا اعتقادٍ.
لوغ ليغ: لاغ يلُوغ لَوْغاً: إِذا لزم الشَّيْء.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: والألْيَغُ الَّذِي لَا يُبيِّنُ الْكَلَام وامرأةٌ لَيْغَاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الألْيَغُ الَّذِي يرجع لِسَانُهُ إِلَى الْيَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَجلٌ ألْيَغُ وامرأةٌ لَيْغَاء إِذا كانَا أحْمَقين، واللّيَغُ: الْحُمْقُ الْجَيِّدُ.
ولغَ: قَالَ اللَّيْث: الْوَلْغُ: شُربُ السِّباع بألْسِنتها وَبَعض الْعَرَب يَقُول: بالَغُ: أَرَادوا بيَان الْوَاو فَجعلُوا مَكَانهَا ألِفاً.
وَقَالَ ابْن الرُّقيات:
مَا مرَّ يومٌ إِلَّا وعِنْدَهما
لَحمُ رجالٍ أَو يالغَانِ دَمَا
ورجلٌ مُسْتَوْلغٌ: لَا يُبَالي ذمّاً وَلَا عاراً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: وَلَغَ الكلبُ ووَلِغَ يَلِغُ فِي اللغتينِ مَعًا.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: لاغَ يَلُوغُ لَوْغاً: إِذا لَزِمَ الشيءَ.(8/173)
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الْوَلْغَةُ: الدلْوُ الصَّغِيرَة، وأنشدنا:
شَرُّ الدِّلاء الْوَلْغَةُ الْمُلازِمَة
وَالْبَكرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائمة
يَعْنِي: الَّتِي لَا تَدور.
(بَاب الْغَيْن وَالنُّون)
غ ن (وايء)
غَنِي غين نغي وغن: مستعملة.
غين: قَالَ اللَّيْث: الْغينُ: حرفٌ، والْغَينُ: شجرٌ مُلتفٌّ، وَأنْشد:
أمطَرَ فِي أكْتاف غَيْنٍ مُغْينِ
قلت: أَرَادَ بالْغيْنِ السَّحاب، وَهُوَ الْغيمُ.
قَالَ ابْن السّكيت وَغَيره: الْغيْمُ والْعينُ السَّحابُ، وَأنْشد قَوْله:
كأنِّي بَين خافيَتَيْ عُقاب
أصابَ حمامةً فِي يَوْم غَينِ
أَي: فِي يَوْم غيْمٍ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِنَّه لَيُغَانُ على قَلبِي حَتَّى أستغفِر الله) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عبيدةَ: يَعْنِي أَنه يَتَغَشَّى الْقلبَ مَا يُلبِسُهُ، وَكَذَلِكَ كل شَيْء تغشى شَيْئا حَتَّى يُلبِسَه فقد غينَ عليْهِ، وَيُقَال: غِينَتِ السماءُ غَيْناً، وَهُوَ إطباقُ الغيْمِ السماءَ.
وَقَالَ الْفراء: شَجرةٌ غيْنَاءُ: كثيرةُ الْوَرق مُلتفَّةُ الأغصانِ، وأَشجارٌ غِينٌ، وَأنْشد:
لَعِرْضٌ من الأَعْراضِ يُمْسِي حمامُهُ
وَيُضْحي عَلَى أفنانِهِ الّغينِ يَهْتِفُ
وَقَالَ أَبُو العميثل: الْغَيْنَةُ: الأشجارُ المُلْتَفَّةُ فِي الْجبَال وَفِي السهل بِلَا ماءٍ، فَإِذا كَانَت بماءٍ فَهِيَ غَيضَةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: غانت نفسهُ تَغِينُ وَرَانت تَرينُ إِذا غَثَتْ، والْغِينَةُ: مَا سَالَ من الْجِيفَةِ.
غَنِي: قَالَ اللَّيْث: الْغنَى فِي المَال مَقْصورٌ، وَاسْتغْنى الرجُلُ: أصَاب غِنى، والْغُنْيَةُ: اسمٌ من الِاسْتِغْنَاء عَن الشَّيْء.
وَفِي الحَدِيث: (لَيْسَ مِنَّا من لم يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ سُفيان بن عُيَيْنةَ يَقُول: مَعْنَاهُ: لَيْسَ مِنَّا من لم يَسْتَغنِ بهِ، وَلم يذهب بِهِ إِلَى الصَّوتِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا كَلَام جائزٌ فاشٍ فِي كَلَام الْعَرَب، يَقُولُونَ: تَغَنَّيْتُ تغنِّياً وتَغانَيتُ تَغَانِيًا بِمَعْنى استغنيتُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكنتُ امْرأ زَمنا بالعرا
ق فِي عفيف المناخِ طَوِيل التَّغَنّ
يُرِيد: الِاسْتِغْنَاء.
وَأما الحَدِيث الآخر: (مَا أذِن الله لشَيْء كأذَنِهِ لنبيَ يتغنَّى بِالْقُرْآنِ) فإِن عبد الْملك أَخْبرنِي عَن الرَّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ:(8/174)
مَعْنَاهُ: تحزينُ الْقِرَاءَة وترقيقها.
وَمِمَّا يحقِّق ذَلِك الحَدِيث الآخر: (زيِّنُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ) ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الَّذِي حصَّلناه من حُفاظ اللُّغَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كأذنه لنبيَ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ) أَنه على معنَيين، على الِاسْتِغْنَاء، وعَلى التطريب، قلت: فَمن ذهب بِهِ إِلَى الِاسْتِغْنَاء فَهُوَ من الْغنى مقصورٌ، وَمن ذهب بِهِ إِلَى التطريب فَهُوَ من الْغناء الصَّوْت مَمْدُود، يُقَال: غنَّى فلَان يُغَنِّي أُغْنِية وتَغنَّى بأغنيةٍ حَسَنَة، وَجَمعهَا: الأغانِيُّ، وَأما الغَنَاءُ بِفَتْح الْغَيْن والمدِّ فَهُوَ الْإِجْزَاء والكفاية، يُقَال: رجلٌ مُغْنٍ، أَي مجزىءٌ كافٍ، يُقَال: أغْنَيْتُ عَنْك مَغْنَى فلَان ومغْنَاته ومُغني فلَان ومُغْناته أجزأْتُ عَنْك مُجزأَهُ ومُجزأَتهُ.
وَسمعت رجلا من فصحاء الْعَرَب يُبَكِّتُ خَادِمًا لَهُ وَيَقُول لَهُ: أغْنِ عني وَجهك بل شَرَكَ بِمَعْنى اكْفِنِي شرَّك وكُفَّ عنِّي شرَّك.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِىءٍ} (عبس: 37) ، يَقُول: يَكْفِيهِ شُغُلُ نَفسه عَن شُغلِ غَيره.
اللَّيْث: رجل غان عَن كَذَا، أَي: مُسْتَغْنٍ عَنهُ، وَقد غَنِيَ عَنهُ، ورجلٌ غَنِيٌّ: ذُو وفرٍ.
وَقَالَ طرفَة:
وَإِن كنت عَنْهَا غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
وَيُقَال: غَنِيَ الْقَوْم فِي دارِهِم: إِذا طَال مقامهم فِيهَا.
وَقَالَ الله عزّ وَجل: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} (الْأَعْرَاف: 92) ، أَي: لم يُقيموا فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: المغَاني: المنازِلُ الَّتِي يَقْطنها أَهلهَا، واحِدُها مغنًى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للشَّيْء إِذا فني كَأَن لم يَغْنَ بالأمْسِ أَي: كأَنْ لم يكن.
قَالَ: والغانيةُ: الشَّابَّةُ المتزوجةُ، وجَمعُها غَوانٍ، وَهِي الَّتِي غَنِيتْ بالزوَّجِ، سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الأَغناءُ: إمْلاكَاتُ العَرائسِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَرَادَ بهَا التَّزْوِيج، قَالَ: والإنغاء: كَلَام الصّبيان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الغنَى: التَّزْويجُ، وَالْعرب تَقول: الغنَى: حِصْنٌ للعزَبِ، أَي: التّزْويجُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الغَوَانِي: ذَواتُ الأزْوَاجِ، وَأنْشد:
أزمان لَيلى كعابٌ غير غانية
وَأنْشد لجميل:
وأحببت لما أَن غنيت الغَوَانِيا
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن عمارةَ: الغواني: الشّوابُّ اللّواتي يعْجِبْنَ الرّجال ويعْجِبهُنَّ الشبَّان.
وَقَالَ غَيره: الغانِيةُ: الْجَارِيَة الْحَسْنَاء ذَات زوجٍ كَانَت أَو غير ذَات زوجٍ، سمِّيت(8/175)
غانيةً لِأَنَّهَا غَنِيَتْ بحُسنها عَن الزِّينَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كل امرأةٍ غانيةٌ، وَجَمعهَا الغَواني.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أغْنَى الله الرجل حَتَّى غَنِي غِنًى، أَي: صَار لَهُ مالٌ وأقْناه الله حَتَّى قَنِيَ قِنًى وَهُوَ أَن يصير لَهُ قُنيةٌ من المَال.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {) الاُْخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} (النَّجْم: 48) ، ورملُ الغَنَاءَ ممدودٌ مفتوحُ الأول وَمِنْه قَول ذِي الرمة يذكرهُ:
تنطَّقْن من رمل الغَنَاءِ وعُلِّقَتْ
بأعناق أُدمانِ الظِّبَاءِ القلائدُ
أَي: اتَّخذن من رمل الْغناء إعجازاً كالكُثبان وَكَأن أعناقهن أَعْنَاق الظِّباء.
نغي: قَالَ اللَّيْث: المُنَاغاةُ: تكليمُك الصبيَّ بِمَا يهوى من الْكَلَام، نَغَيتُ إِلَى فلانٍ نَغْيَةً ونَغَى إليَّ أُخرى: إِذا ألقيت إِلَيْهِ كلمة وَألقى إِلَيْك أُخْرَى.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الإنغاءُ: كَلَام الصّبيان.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سمعتُ مِنْهُ نَغْيَةً، وَهُوَ الْكَلَام الْحسن.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: مُناغاةُ الصبيِّ: أَن يصير بحذاء الشَّمْس فَيُنَاغِيهَا كَمَا يُناغِي الصبيُّ أمَّهُ، وَيُقَال لِلْمَوْج إِذا ارْتَفع: كَاد يُناغِي السَّحَاب.
وَقَالَ الشَّاعِر:
كأَنَّك بالمُباركِ بعد شهرٍ
يُناغي موجهُ غُرَّ السحابِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنْغَى: إِذا تكلم بكلامٍ لَا يُفهم، وأنْغَى أَيْضا: إِذا تكلم أَيْضا بكلامٍ يفهم، وَيُقَال: نَغَوْتُ أنغُو، ونَغَيتُ أَنْغِي، قَالَ: وأنْغَى وناغَى: إِذا تكلم صَبيا بكلامٍ لطيفٍ مليحٍ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: النَّغْوَةُ والمَغْوَةُ: النَّغْمَة، يُقَال: نَغوْتُ ونَغيْتُ نَغْوَةً ونَغْيَةً، وَكَذَلِكَ مَغوْتُ ومَغيْتُ.
وغن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التّوَغُّنُ: الْإِقْدَام فِي الْحَرْب، والوَغْنَةُ: الحُبُّ الْوَاسِع، والتَّغوُّنُ: الْإِصْرَار على الْمعاصِي.
(بَاب الْغَيْن وَالْفَاء)
غ ف (وايء)
وغف غاف غيف فغا غفا (أغفى) فوغ.
وغف: قَالَ اللَّيْث: الوَغْفُ: سرعَة العَدْوِ.
وَأنْشد:
وأَوْغفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغفَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وأَوْغفَتَ الْمَرْأَة إيغافاً: إِذا ارتهزت عِنْد الْجِمَاع تَحت الرجل.(8/176)
وَأنْشد:
لمَّا دَجاها بِمِتَلَ كالصقب
وأوْغفَتْ لذاك إيغافَ الْكَلْب
قَالَت لقد أَصبَحت قرْماً ذَا وطب
لما يديم الحُبَّ مِنْهُ فِي الْقلب
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أوْغَفَ: إِذا سَار سيراً مُتعباً، وأوْغَفَ: إِذا عمش، وأَوْغَفَ: إِذا أكل من الطَّعَام مَا يَكْفِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: الوَغْفُ: ضعف الْبَصَر.
غيف غاف: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أغفْتُ الشَّجَرَة فَغافت، وَهِي تَغِيفُ: إِذا تَغَيَّفَتْ بأغصانها يَمِينا وَشمَالًا، وشجرةٌ غيْفاءُ، والأغْيَفُ كالأغيَدِ إِلَّا أَنه فِي غير نعاسٍ.
وَأنْشد:
(وهَدَبٌ) أغيَفُ غيْفانيّ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَرَّ البعيرُ يَتَغيَّفُ، وَلم يفسِّره، فَقَالَ شمر: مَعْنَاهُ: يُسرع.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: التَّغَيُّفُ أَن يتثنى ويتمايل فِي شِقَّيه من سَعَة الخَطْوِ ولين السّير، كَمَا قَالَ العجاج:
يكادُ يَرمي الفاترَ المُغَلَّفَا
مِنْهُ أجاريٌّ إِذا تَغَيَّفَا
أَبُو عبيد: غيَّفَ: إِذا فَرَّ وعَرَّدَ.
وَقَالَ القُطامي:
وحَسَبْتُنا نزعُ الكتيبة غُدوةً
فَيُغيِّفُونَ ونرجِعُ السَّرعانا
اللَّيْث: الغافُ: يَنْبُوتٌ عظامٌ كالشجر يكون بِعُمان، الْوَاحِدَة: غافةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغَيَفَانُ: مرحٌ فِي السَّير.
وَقَالَ المُفَضَّل: تَغَيَّفَ إِذا اختال فِي مشيته وَهُوَ الغيفان.
أَبُو زيد: الغافُ من العِضاهِ، الْوَاحِدَة غافةٌ، وَهِي شجرةٌ نَحْو القرظِ شاكة حجازية تنبتُ فِي القِفاف.
فغا: فِي الحَدِيث: (سيِّدُ ريحانِ أهل الْجنَّة الفاغيَةُ) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الفاغيَةُ: نَوْرُ الحِنَّاءِ، قَالَ: وكلُّ نورٍ فاغيَةٌ.
وسُئلَ الْحسن عَن السَّلفِ فِي الزَّعْفَرَان فَقَالَ: إِذا أَفْغَى، يُرِيد إِذا نَوَّرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفاغِيَةُ: نور الحِنَّاء ودُهنٌ مَفْغُوٌّ، وأَفْغَتِ الشَّجَرةُ إِذا أخرجت فاغِيتَها.
سَلمَة عَن الْفراء: هُوَ الفَغْوُ والفاغيَةُ لنُور الحِنَّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفاغيَةُ أحسن الرّياحين وأطيبُها رَائِحَة.(8/177)
وَقَالَ شمر: الفَغْوُ: نورٌ، والفَغْوُ: رائحةٌ طيبةٌ.
وَقَالَ الْأسود بن يعفر:
سُلافةُ الدَّنِّ مَرْفُوعا نصائبُهُ
مُقَلَّدَ الفَغْو والرَّيانِ مَلْثُوما
وَقَالَ اللَّيْث: الفَغَا ضربٌ من التَّمر.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الْفرج: سَمِعت شُجَاعاً وحَتْرشاً يَقُولَانِ: هَذِه كلمة فاغية فِينَا، أَي: فَاشِية.
قلت: هَذَا خطأ، والغَفَا داءٌ يَقع على البُسر مثل الْغُبَار، وَيُقَال: مَا الَّذِي أفغاكَ أَي: أغضبكَ وأورمكَ.
وَأنْشد ابْن السّكيت فِيهِ:
وصارَ أمثالَ الفَغا ضرائري
مخرنطمات عسر عواسري
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا غَلُظت التَّمرةُ وَصَارَ فِيهَا مثل أَجْنِحَة الْجَرَاد فَذَلِك الفَغَا مقصورٌ، وَقد أفْغَت النَّخلة.
قلت: والإغفاء فِي الرُّطب مثل الإفْغاء سَوَاء.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْغى الرجل: إِذا افْتقر بعد غنى، وأفْغى: إِذا سمُجَ بعد حُسن، وأفْغى: إِذا عصى بعد طاعةٍ، وأفْغى: إِذا دَامَ على أكل الفَغَا، وَهُوَ المُتَغَيِّرُ من البُسر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الفَغْوَاءُ: اسْم رجل.
فوغ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وجَدْتُ فَوْغةَ الطِّيب.
وَقَالَ شمر: يُقَال: فَوْغَةٌ وَفَوْعَةً: قَالَ: وفَوْغةٌ من الفاغِيَةِ.
قلت: كَأَنَّهُ مقلوبٌ عِنْده.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفائِغةُ: الرَّائِحَة المُخَشِّمَةُ من الطِّيب وَغَيرهَا.
غفا: يُقَال: أغْفي الرجلُ وَغَيره: إِذا نَام نومَة خَفِيفَة.
وَفِي الحَدِيث: (فَغَفَوْتُ غفْوَةً) . واللغةُ الجيدة: أَغْفَيْت إغفاءَةً، وغفَا: قليلٌ فِي كَلَامهم.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: فِي الطَّعَام مِمَّا لَا خير فِيهِ قَصَلٌ وزُؤَانٌ وغَفَا منقوصٌ، قَالَ: وكل هَذَا مِمَّا يُخرَج مِنْهُ فيُرمى بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فِي الطَّعَام حَصَلُه وغفاؤُه ممدودٌ وفَغاهُ مقصورٌ وحُثالتُه، كُله الرَّديءُ الَّذِي يَرْمِي بِهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: أغفى الرجل نَام على الغفا، وَهُوَ التِّبن فِي بَيْدَرِه، وأفْغى: إِذا أكل الفَغا، وَهُوَ البُسر المُتَترِّب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الغفا: الرَّديء من كل شَيْء، من النَّاس والمأكول والمشروبِ والمركوب، وَأنْشد:
إِذا فِئَةٌ قُدِّمَت لِلقتا
لِ فرَّ الغَفَا وصَلِينَا بهَا(8/178)
(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء)
غ ب (وايء)
غبي وغب وبغ بغي بيغ غيب: مستعملة.
غبي: قَالَ اللَّيْث: غَبِيَ فلانٌ غَباوَةً فَهُوَ غَبِيٌّ: إِذا لمْ يَفْطُنْ للخِبِّ وَنَحْوه.
وَقَالَ الأصمعيُّ يُقَال: غَبِيَ عَلَيَّ ذَاك الأمرُ: إِذا لم يَفطن لَهُ، والغَباوَةُ: المصدَر، يُقَال: فلانٌ ذُو غباوَة، وفلانٌ غبيٌّ عَن ذَلِك الْأَمر: إِذا كَانَ لَا يَفطُنُ لَهُ.
وَيُقَال: ادخُلْ فِي النَّاس فَهُوَ أَغْبَى لَك: أَي أَخفَى لَك.
وَيُقَال: دَفَنَ فلانٌ لي مُغَبَّاةً ثمَّ حَمَلني عَلَيْهَا وَذَلِكَ إِذا أَلْقاكَ فِي مَكْرٍ أَخفاهُ.
وَيُقَال: غبِّ شَعْرَك: أَي: اسْتأْصِله، وَقد غبَّى شَعره تَغبيةً.
وَقَالَ غيرُه: الغَبْيَةُ: الدَّفعةُ من المطَر.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغبْيَةُ شُؤْبُوبٍ من الشَّدِّ مُلْهَبِ
وَهِي الدُّفْعةُ من الحُضْر، شَبَّهَها بدُفعة الْمَطَر، وغبْيَةُ التُّراب: مَا سَطَعَ مِنْهُ.
قَالَ الْأَعْشَى:
إِذا حالَ مِن دونهَا غبْيَةٌ
من التُّرْب فانْجَال سِرْبالها
وحَكى الأصمعيُّ عَن بعض العرَب أَنه قَالَ: الحُمَّى فِي أُصُول النّخل، وشَرُّ الغَبَيات غبْيَةُ النَّبْل، وشَرُّ النساءِ السُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ، وشَرٌّ مِنْهَا الحُمَيْرَاءُ المِحْيَاض.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: غبَّيْتُ البئْرَ: إِذا غطَّيْتَ رأسَها ثمَّ جَعلْتَ فَوْقهَا تُرَابا.
وَقَالَ أَبُو سعيد: وَذَلِكَ التُّرَاب هُوَ الغِبَاءُ.
وَقَالَ الفرَّاء: غبِيتُ الشيءَ أَغبَاه، وَقد غَبِيَ عَلَيَّ، مِثلُه إِذا لم تَعرِفه، وَفِي فلَان غبْوَة وغَبَاوَةٌ.
وغب: قَالَ اللَّيْث: الوَغْبُ: الجملُ الضخْمُ، وَأنْشد:
أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلاًّ وَغْبا
وَقد وَغُبَ وُغوبةً قَالَ: وأَوْغابُ الْبيُوت أَسْقاطُها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الوغْبُ والوَغدُ كِلَاهُمَا الضعيفُ، وَأنْشد:
وَلَا بِبِرْشامِ الوِخام وَغبِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أوغابُ الْبَيْت: البُرْمةُ والرَّحَيان والعُمُدُ الْوَاحِد وَغْبٌ.
بغي بيغ: قَالَ اللَّيْث: البَغْيُ فِي عَدْوِ الفَرس: اخْتِيالٌ ومَرَحٌ، وإنَّه ليَبْغِي فِي عَدْوِه، وَلَا يُقَال: فرَسٌ بَاغ.
وَقَالَ اللحياني: بَغَيْتَ على أَخيك بَغْياً: أَي حسدْتَه بغياً.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْه(8/179)
ِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ} (الْحَج: 60) .
وَقَالَ: {يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} (الشورى: 39) .
فالبغْيُ أصلُه الحَسَد، ثمَّ سُمِّي الظلمُ بَغياً لأنَّ الْحَاسِد يَظلم المَحْسود جهدَه إراغةَ زوَالِ نعمةِ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنهُ.
وَقَالَ جلَّ وعزّ: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (التَّوْبَة: 47) ، يَقُولُونَ: يَبْغونَ لَكم الفِتنة.
وَقَالَ كَعْب بنُ زُهَيْر:
إِذا مَا نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كفْأَةٍ
بَغاها خَنَاسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا
أَي: بَغَى لَهَا خَنَاسِيرَ وَهِي الدَّواهِي، وَمعنى بَغا هَا هُنا: طَلَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ابْغِني كَذَا وَكَذَا أَي: اطلبه لِي، وَمعنى ابْغِني وابغ لي سواءٌ فإِذا قَالَ أَبْغني كَذَا وَكَذَا فمعناهُ أَعِنِّي عَلَى بُغائه واطلبْه معي.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَبْغيتُكَ الشيءَ إِذا أَرَدتَ أنكَ أَعَنْتَهُ على طلبه، فإِذا أردْت أنَّكَ فعلْتَ ذَلِك لَهُ قلتَ بَغيَتُكَ، وَكَذَلِكَ أَعْكَمْتُكَ وأحْمَلْتُك: إِذا أَعَنْتَه، وعكَمتُك العِكْمُ: أَي: فعلتُه لَك.
وَقَالَ الأصمعيُّ: بَغت الْمَرْأَة وَهِي تبغي بِغاءً: إِذا فَجَرَتْ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ} (النُّور: 33) ، والبِغاء: الفُجور.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} (مَرْيَم: 28) ، أَي: مَا كَانَت فاجِرَةً، وامرأةٌ بَغِيٌّ، وباغت المرأةُ تُباغي بِغاءً: إِذا زَنت، وَهَذَا كُله من كَلَام الْعَرَب.
وَقَالَ الأصمعيُّ: بَغى الرَّجلُ حاجَتَه أَو ضالَّتَهُ يَبْغيها بُغاءً وبُغيةً وبُغَايةً إِذا طلبَهَا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيب:
بُغايةً إِنَّمَا يَبْغِي الصِّحابَ من الْ
فِتْيَانِ فِي مِثله الشُّمُّ الأَناجِيحُ
وفلانٌ ذُو بُغايةٍ للكَسب: إِذا كَانَ يَبغِي ذَلِك، وارتَدَّتْ عَلَى فلانٍ بُغيتُه: أَي: طَلِبَتُه، وَذَلِكَ إِن لم يجِدْ مَا طَلَب، والرَّجل يَبغِي على صَاحبه بَغْياً.
قَالَ: وَيُقَال: بَغَى الجُرحُ وَهُوَ يَبغي بَغياً: إِذا تَرامَى إِلَى فَسَاد.
وَيُقَال: دَفَعنَا بَغْيَ السماءِ خلفنا: أَي: شِدَّتَها ومُعظمَ مطرِها.
وَيُقَال: قامتِ البَغايا على رُؤُوسهم يَعْنِي الإماءَ، وَالواحدةُ: بَغيٌّ.
وَقَالَ الْأَعْشَى يَمدح رَجُلاً:
والبَغَايا يَركضنَ أكْسِيَةَ الإضْرِ
يجِ والشَّرْعَبِيَّ ذَا الأَذْيالِ(8/180)
والبَغايا أَيْضا الطّلاَئعُ الواحدةُ بَغيَّة.
وقَال النّابغةُ:
على إثرِ الأدلَّةِ والبغايا
وخَفْقِ النَّاجياتِ من الشآم
وَيُقَال: جَاءَ بَغِيَّةُ القومِ وشَيِّفَتُهُمْ: أَي: طليعتهم.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بَغَى الرجلُ الخيرَ والشَّرَّ وكلَّ مَا يَطْلُبهُ بُغاءً وبِغْيَةً وبِغًى مقصورٌ.
وَقَالَ بَعضهم: بُغْيَةً وبُغًى، وَأنْشد:
لَا أشغَلَنْكُمْ عَن بُغَى الخيرِ إِنَّنِي
سقطتُ على ضرْغامةٍ هُوَ آكِلِي
قَالَ: والبَغِيَّةُ: الطَّلِبَةُ، وَكَذَلِكَ البِغْيةُ، تَقول: بِغْيَتي عنْدك وبَغِيَّتِي عنْدك.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: البَغيَّةُ: الضَّالَّةُ، وَقد بغيتُ بَغيَّتِي: أَي: طلبتُ ضالَّتِي، والباغي: الَّذِي يطلبُ الشيءَ الضّالَّ وَجمعه بُغاةٌ وبُغيانٌ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
أوْ باغِيَانِ لِبُعْرَانٍ لنا رقصتْ
كي لَا تُحِسُّونَ من بُعْرَاننا أثرا
قَالُوا: أَرَادَ كيفَ لَا تُحِسُّونَ، وَيُقَال: مَا انْبَغَى لَك أَن تفعل، وَمَا ابتَغى لَك: أَي: مَا يَنْبَغِي.
وَقَالَ الزَّجَّاج: يُقَال: انبغى لفُلَان أَن يفعل كَذَا، أَي: صلح لَهُ أَن يفعل، وَكَأَنَّهُ يطْلب فعل كَذَا، فانطلب لَهُ، أَي: طاوعه وَلكنه اجتُزىء بقَوْلهمْ، انبغى.
وَيُقَال: ابْغني شَيْئا أَي: أَعْطِنِي، وابغ لي شَيْئا، وَيُقَال: استبغيْتُ القومَ فبغوا لي وبغوْني أَي: طلبُوا لي، وَيُقَال: فلَان يَبْغِي على النَّاس: إِذا ظلمَهُمْ وَطلب أذاهم، والفئةُ الباغيةُ، هِيَ: الظالمةُ الخارجةُ عَن طَاعَة الإِمَام الْعَادِل.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمَّار: (ويحَ ابْن سُمَيَّةَ تقتلهُ الفئةُ الباغية) .
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَرَب تَقول: إِنَّه لكريم وَلَا يُباغَهْ، وإنهما لكَريمان وَلَا يُباغيا، وَإِنَّهُم لَكِرامٌ وَلَا يُباغوا، وَمَعْنَاهُ الدُّعاء لَهُ، أَي: لَا يُبغَى عَلَيْهِ.
قَالَ: وَبَعْضهمْ لَا يجعلهُ على الدُّعاء، فَيَقُول: لَا يُباغَى وَلَا يُبَاغَيانِ وَلَا يُباغَوْنَ: أَي: لَيْسَ يباغيه أحد.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: لَا يُباغُ وَلَا يُباغان وَلَا يُباغون، قلت: وَهَذَا من البَوْغِ، والأوَّلُ من البَغي وَكَأَنَّهُ جَاءَ مقلوباً.
وَحكى الكسائيُّ: إِنَّك لعالمٌ وَلَا تُبَغْ.
قَالَ: وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: مَن هَذَا المُبَوَّغُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ آخر: من هَذَا المُبَيّغُ عَلَيْهِ، قَالَ وَمَعْنَاهُ: لَا يحسدُ.
قَالَ: وَيُقَال: إِنَّه لكريمٌ وَلَا يُبَاغُ، وَأنْشد:(8/181)
إمَّا تَكَرَّمْ إنْ أصبْتَ كَرِيمَة
فلقدْ أراكَ وَلَا تُباغُ لئيما
وَفِي التّثْنِيَةِ لَا يُباغانِ وَلَا يُباغون، وَالْقِيَاس أَن يُقَال فِي الواحدِ على الدُّعاءِ وَلَا يُبَغْ، وَلَكنهُمْ أبَوْا إِلَّا أَن يَقُولُوا: وَلَا يُباغُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تبَيّغَ بأحدكم الدَّمُ فَلْيَحْتَجِمْ) .
وَقَالَ: (عَلَيْكُم بِالْحِجامَةِ، لَا يَتَبَيّغْ بأحدِكُم الدَّمُ فيقتله) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيُّ: التَّبَيُّغُ: الهَيْجُ.
قَالَ: وَقَالَ وَغَيره: أَصله من البَغي، فَقَالَ: يتبيَّغُ: يريدُ: يَتَبَغى فقدَّمَ الياءَ وأخَّرَ الغيْنَ وَهَذَا كَقَوْلِهِم: جَبذَ وجذَبَ، وَمَا أطيبه وأيْطَبَهُ. وأُثبت لنا عَن ابْن الْأَعرَابِي أنهُ قَالَ: يتبيغُ ويتبوَّغُ بالواوِ والياءِ.
قَالَ: وَأَصله من البَوْغاءِ، وَهُوَ الترابُ إِذا ثارَ، فمعناهُ: لَا يَثُرْ بأحدكم الدمُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَبَيَّغَ بهِ النَّوْمُ: إِذا غَلبه، وتبيغَ بِهِ الدَّمُ، وتبيغَ بهِ الْمَرَض: إِذا غَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيْغُ: ثُؤُورُ الدَّم وفَورتُهُ حِين يظْهر فِي العروقِ، وَقد تبيَّغَ بهِ الدَّمُ، والبَوْغاءُ: الترابُ الهابي فِي الهواءِ، قَالَ: وطاشَةُ النَّاس وحمقاهم البوغاء، قَالَ: والبِغيَةُ نَقِيضُ الرِّشْدَةِ فِي الوَلَدِ، يُقَال: هُوَ ابنُ بِغيَةٍ، وَأنْشد:
لَدَى رِشْدَةٍ من أُمِّهِ أوْ لِبِغيَةٍ
فيغلبها فَحْلٌ على النَّسلِ مُنجِبُ
قلت: وكلامُ العربِ الْمَعْرُوف فلَان ابْن غَيّةٍ وابنُ زَنْيَةٍ وابنُ رَشْدَةٍ، وَقد قيل: زِنيَةٍ وَرِشدَةٍ، والفتحُ أفصحُ اللغتين، فأمَّا غَيّةٌ فَلَا يجوزُ فِيهِ غير الفتحِ، وَأما ابنُ بِغيَةٍ فَلم أجدهُ لغير اللَّيْث، وَلَا يبعدُ عَن الصَّوَاب، قلت: والبَغوَةُ: ثَمَرُ العِضاهُ، وَكَذَلِكَ البَرَمَةُ.
وَقَالَ ابنُ دُريد: البَغوَةُ: التَّمْرَةُ قبل أَن يستحكم يُبسُها، وَقيل: البغوةُ: التّمرة الَّتِي اسوَدَّ جوفُها وَهِي مُرطِبَةٌ، وَفِي فلانٍ غبوَةٌ وغبَاوَةٌ.
وبغ: قَالَ اللَّيْث: الوَبَغُ: داءٌ يأخُذُ الإبِلَ فترى فسادهُ فِي أوبارها.
وَقَالَ غَيره: الوَبَغُ: هِبريَّةُ الرَّأس ونباغته الَّتِي تتناثرُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: الأوْبغُ: موْضِعٌ، ووَبغْتُ الرجل: أَي عِبْتُه وطَعنتُ فِيهِ.
قلتُ: لَا أعرِفُ وبَغتُ الرجلَ إِذا عِبْتُه.
غيب: قَالَ شمر: كلُّ مكانٍ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ فَهُوَ غيْبٌ، وَكَذَلِكَ الموْضِعُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَا وَرَاءه، وجمعُهُ غيوبٌ.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:(8/182)
يرْمي الغُيوبَ بعَيْنَيْه ومَطرِفُه
مُغضٍ كَمَا كَسَفَ المُسْتأخِذُ الرَّمِدُ
وَقَالَ الليثُ: الغِيبَةُ من الاغتِيابِ، والغَيبَةُ من الغيبُوبة، وأغابت المرْأَةُ فَهِيَ مُغيبَةٌ إِذا غابَ زوْجُها، والغابُ: الأجَمَة، والغيْبُ: الشَّكُّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (الْبَقَرَة: 3) ، أَي: يُؤمِنونَ بِمَا غابَ عَنْهُم ممَّا أخْبرهُم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أَمر البَعْثِ والجنَّة والنارِ، وكلُّ مَا غابَ عَنْهُم مِما أَنبأَهُمْ بِهِ فهوَ غيبٌ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ، قَالَ: يؤمِنونَ بِاللَّه، قَالَ: والغيبُ أَيْضا مَا غابَ عنِ العيونِ وَإِن كَانَ مُحَصَّلاً فِي القلوبِ، والغيْبُ: شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاة، والغيبُ: المطمَئنُّ من الأرضِ، وجمعُهُ: غيوبٌ، وَيُقَال: سمعتُ صَوتا منْ وَرَاء الْغَيْب: أَي مِنْ مَوضِع لَا أرَاهُ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: امرأةٌ مُغيبةٌ ومُغيب إِذا غَابَ زوْجُها.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: بَدَا غيْبَانُ الشّجَرة، وهيَ عُرُوقُها الَّتِي تغيَّبَتْ فِي الأرضِ فَحَفَرْت عَنْهَا حَتَّى ظَهَرَتْ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم} (الحجرات: 12) ، أَي: لَا يتناولْ رجُلاً بظهْرِ الغيبِ بِمَا يَسُوءهُ مِمَّا هُو فِيهِ، وَإِذا تنَاوَلهُ بِمَا ليْسَ فِيهِ فَهُوَ بَهْتٌ وبُهتانٌ، وَجَاء المَغيَبَانُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال: اغتابَ فلانٌ فلَانا اغتِياباً وغِيبَةً يَغتابُه.
ورُويَ عَن بَعضهم أَنه سَمِعَ غابَهُ يَغيبُهُ: إِذا عابَهُ وذكَرَ مِنْهُ مَا يَسُوءُه.
شمرٌ عَن الهوازنيِّ: الغابةُ: الوطاءَةُ من الأرضِ الَّتِي دُونها شُرْفةٌ، وَهِي الوَهْدَةُ.
وَقَالَ أَبُو جَابر الأسَدِيُّ: الغابةَ: الجمعُ من النَّاس.
قَالَ: وأنشدني الهوازِنيُّ:
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغاب
حَسِبْتَ رِماحَهم سَبَلَ الغوادي
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: غابَ إِذا اغتابَ، وغابَ إِذا ذكَرَ إنْسَانا بخيرٍ أَو شَرَ، والغيبةُ فِعْلةٌ مِنْهُ تكونُ حَسنَةً وقَبيحَة.
والغَيَب جمع غَائِب مثل حارس وحَرَس، وَيجمع الْغَائِب غُيَّباً وغيَّاباً.
(بَاب الْغَيْن وَالْمِيم)
(غ م (وايء))
غما غيم وغم ومغ مغا موغ.
غما: قَالَ اللَّيْث: الغَمَى: سقفُ البيتِ وَقد غمَّيتَ البيتَ إِذا سَقَفْتَه، وَكَذَلِكَ ليلةٌ مُغمَّاةٌ، وأُغميَ على فُلان أَي ظُنَّ أَنه ماتَ ثمّ يرجعُ حيّاً.
أَبُو عبيدٍ عَن الْكسَائي: غُمِيَ عَلَيْهِ(8/183)