8 - البرمة: وَاحِدَة الْبرم. قَالَ يَعْقُوب: هِيَ هنة مدحرجة. وبرمة كل الْعضَاة صفراء إِلَّا أَن العرفط برمتِهِ بَيْضَاء. وبرمة السّلم أطيب البرام ريحًا. الحبلة: وعَاء الْحبّ كَأَنَّهَا وعَاء الباقلي وَلَا يكون إِلَّا للسلم والسمر وفيهَا الْحبّ وَهِي عراض كَأَنَّهَا نصال. وَقَالَ أَبُو مَالك: الحبلة الْعقْدَة الَّتِي تكون فِي الْعود مِنْهَا تخرج النورة. ابْن الزبير رضى الله تَعَالَى عَنْهُمَا لم أَتَاهُ قتل مَرْوَان الضَّحَّاك بمرج راهط قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إِن ثَعْلَب بن ثَعْلَب حفر بالصحصحة فأخطأت استه الحفرة والهف أم لم تلدني على رجل من محَارب وَكَانَ يرْعَى فى جبال مَكَّة فيأتى بالصرمة من اللَّبن فيبيعها بالقبضة من الدَّقِيق فَيرى ذَلِك سدادا من غيش ثمَّ أنشأ يطْلب الْخلَافَة ووراثة النُّبُوَّة.
صحصح الصحصحة والصحصح: الأَرْض المستوية. قَالَ الشماخ: ... بِصَحْصَحَة تَبِيتُ بهَا النعامُ ... أَخْطَأت استه الحفرة: مثل للْعَرَب تضربه فِيمَن لم يصب مَوضِع حَاجته. أَرَادَ بِهَذَا أَن الضَّحَّاك طلب الظفر والتوثب على الْمنَازل الرفيعة فَلم ينل طلبته. وَالرجل من محَارب هُوَ الضَّحَّاك لِأَنَّهُ الضَّحَّاك بن قيس الفِهري من فهر بن محَارب بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة. الصِّرمة: الطَّائِفَة من اللَّبن الحامض يُرِيد أَنه كَانَ من ركاكة الْحَال ودناءة الْعَيْش بِتِلْكَ الْمنزلَة ثمَّ تصدى لطلب علَّيات الْأُمُور. وَكَانَ مُعَاوِيَة قد اسْتعْمل الضَّحَّاك على الْكُوفَة بعد زِيَاد فَلَمَّا ولى مَرْوَان صَار الضَّحَّاك مَعَ ابْن الزبير فقاتل مَرْوَان يَوْم المرج مرج راهط فَقتله مَرْوَان. وَقَوله: ثَعْلَب [بن ثَعْلَب] جعله نبزاً لَهُ. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَ رجل عَن الصَّحْناة فَقَالَ: وَهل يَأْكُل الْمُسلمُونَ الصَّحْناة(2/288)
9 - صحن هِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا الصِّير وكلا اللَّفْظَيْنِ غير عَرَبِيّ قَالَ ابْن دُرَيْد وَأَحْسبهُ يَعْنِي الصير سريانيا معربا لِأَن أهل الشَّام يَتَكَلَّمُونَ بِهِ وَقد دخل فِي عَرَبِيَّة أهل الشَّام كثير من السريانية كَمَا اسْتعْملت عرب الْعرَاق [439] أَشْيَاء من الفارسية.
صحّح فِي الحَدِيث الصَّوْم مَصَحَّة. وروى بِكَسْر الصَّاد وَهَذَا نَحْو قَوْله: صُومُوا تصحوا. صَحِلَ فِي (بر) . صحِل فِي (قح) . صحفتها فِي (كف) . صحصح فِي (عب) . مصحاة فِي (فق) . فَلَا تصحريها فِي (سد) . [صويحبه فِي (أس) . صَاحِبي فِي (رف) . صاحبنا فِي (حش) . وصحفة فِي (خر) . مصح فِي (عو) .
الصَّاد مَعَ الْخَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّخْرَة أَو الشَّجَرَة أَو الْعَجْوَة من الْجنَّة.
صَخْر أَرَادَ صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس والكرمة والنخلة. صخب فى (خش) . صاخّة فِي (رف) .
الصَّاد مَعَ الدَّال
أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن السَّلَف فَقَالَ أَعَنْ أبي بكر كَانَ وَالله برا تقيًّا من رجل كَانَ يصادى غربه.
صدأ أَي يُدَارِي حِدته ويسكن غَضَبه. قَالَ مزرد: ... ظَللناها نُصادِي أمّنا عَن حميتها ... كأَهْلِ الشَّمُوسِ كلُّهم يتودَّدُ ... عَن: تعلق بِفعل مَحْذُوف أَرَادَ التساؤل عَن أبي بكر. من رجل: بَيَان كَقَوْلِه تَعَالَى: {مِنَ الأَوْثَانِ} .(2/289)
عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَ الأسقف عَن الْخُلَفَاء فحدَّثه حَتَّى انْتهى إِلَى نعت الرَّابِع فَقَالَ: صدع من حَدِيد. فَقَالَ عمر: وادفراه وروى: صدأ حَدِيد.
صدع الصَّدع: الوعل بَين الوعلين لَيْسَ بالغليظ وَلَا بالشخت. قَالَ الْأَعْشَى: ... قد يَتْرُكُ الدَّهْرُ فِي خَلْقَاء رَاسِيةٍ ... وَهْياً ويُنْزِلُ مِنْهَا الأَعْصَم الصَّدَعا ... وَإِنَّمَا يُوصف بذلك لِاجْتِمَاع الْقُوَّة والخفة لَهُ وَقد يُوصف بِهِ الرجل أَيْضا. وَمِنْه الحَدِيث: قَالَ سبيع بن خَالِد: قدمت الْكُوفَة فَدخلت الْمَسْجِد فَإِذا صدع من الرِّجَال فَقلت: من هَذَا قَالُوا: أما تعرفه هَذَا حُذَيْفَة صَاحب رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. أَي متوسط فِي خلقه لَا صَغِير وَلَا كَبِير شبهه فِي خفته فِي الحروب ونهوضه إِلَى مزاولة صعاب الْأُمُور حِين أفْضى إِلَيْهِ الْأَمر بالوعل لتوقله فِي شعفات الْجبَال والقلل الشاهقة. وَجعل الصدع من حَدِيد مُبَالغَة فِي وَصفه بالبأس والنجدة وَالصَّبْر والشدة. والهمزة فِيمَن رَوَاهُ صدأ بدل من الْعين كَمَا قيل أُباب فِي عباب. وَيجوز أَن يُرَاد بالصَّدأ السَّهك وَأَن تكون الْعين مبدلة من الْهمزَة فِي صدع كَمَا قيل: وَللَّه عَن يشفيك. يعْنى: دوَام لبس الْحَدِيد لاتصال الحروب حَتَّى يسهك. وَالْمرَاد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَمَا حدث فِي أَيَّامه من الْفِتَن ومُني بِهِ من مقاتلة [44] أهل الصَّلَاة (7) ومناجرة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وملابسة الْأُمُور المشكلة والخطوب المعضلة وَلذَلِك قَالَ عمر: وادافراه والدّفر: النَّتن تضجراً من ذَلِك واستفحاشاً لَهُ. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لِعبيد بن عبد الله بن عتبَة: حَتَّى مَتى تَقول هَذَا الشّعْر فَقَالَ عبيد الله: لَا بُد للمصدور أَن يسعلا.(2/290)
صدر هُوَ الَّذِي يشتكي صَدره وَهُوَ من بَاب ظهر وَمتْن وبطن إِذا أُصيبت مِنْهُ هَذِه الْمَوَاضِع فحقيقة المصدور من أُصِيب صَدره بعلة. مطرف رَحمَه الله تَعَالَى من نَام تَحت صدف مائل يَنْوِي التَّوَكُّل فليرم بِنَفسِهِ من طمار وَهُوَ ينوى التَّوَكُّل.
صدف هُوَ كل بِنَاء مُرْتَفع شبه بصدف الْجَبَل وَهُوَ مَا صادفك أَي مَا قابلك من جَانِبه. وَمِنْه صدفا الدُّرة وهما القشرتان اللَّتَان تكتنفانها من الصَّدف. عَن ابْن الْأَعرَابِي: طمار: علم للمكان الْمُرْتَفع يَعْنِي أَن الاحتراس من المهالك وَاجِب وإلقاء الرجل بِيَدِهِ إِلَيْهَا والتعرض لَهَا جهل وَخطأ عَظِيم. قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورِّثون الصَّبِي يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لذوى الْأَسْنَان يَقُولُونَ: مَا شَأْن هَذَا الصَّديغ الَّذِي لَا يحترف وَلَا ينفع نجْعَل لَهُ نَصِيبا من الْمِيرَاث
صدغ قيل: هُوَ الَّذِي أَتَى لَهُ من وَقت الْولادَة سَبْعَة أَيَّام لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْتَد صُدْغه إِلَى هَذِه الْمدَّة وَهُوَ من لحاظ الْعين إِلَى شحمة الْأذن. وَقيل هُوَ من قَوْلهم: مَا يصدغ نملة من ضعفه أَي مَا يقصع. وَيجوز أَن يكون فعيلا بِمَعْنى مفعول من صُدْغه عَن الشَّيْء إِذا صرفه. يُقَال: مَا صُدْغه وَعَن سَلمَة: اشْتريت سنورا فَلم يصدغهن. يَعْنِي الفار لِأَنَّهُ لضَعْفه لَا يقدر على شَيْء فَكَأَنَّهُ مَصْرُوف عَنهُ. عبد الْملك كتب إِلَى الْحجَّاج: إِنِّي قد اسْتَعْمَلْتُك على العراقين صدمةً. فَاخْرُج إِلَيْهِمَا كميش الْإِزَار شَدِيد العذار منطوي الخصيلة قَلِيل الثميلة غرار النّوم طَوِيل الْيَوْم.
صدم أَي دفْعَة وَاحِدَة.(2/291)
كميش الْإِزَار: متقلصه من قَوْلهم كمشت الخصية كماشة إِذا لحقت بالصفاق وتقلصت. وَفرس كميش: قصير الجردان. قَالَ دُرَيْد: ... كَمِيش الْإِزَار خَارج نِصْفُ ساقِه ... فلَان شَدِيد العذار ومشمر العذار إِذا كَانَ معتزما على الشَّيْء الَّذِي فوِّض إِلَيْهِ وَهُوَ من عذار الدَّابَّة لِأَنَّهُ [441] إِذا وهى عذاره سقط عَن رَأسه وانخلع فهام على وَجهه. الخصيلة: كل لحْمَة استطالت وخالطت عصباً. وَقَالَ الزّجاج: الخصائل جملَة لحم الفخذين وَلحم العضدين. الثميلة: بَقِيَّة الطَّعَام وَالشرَاب فِي الْبَطن. الغرار: الْقَلِيل اسْتَعْملهُ صفة ذَهَابًا إِلَى الْمَعْنى. طَوِيل الْيَوْم: جاد عَامل يَوْمه وَلَا يشْتَغل بلهو. أُتي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأسير مصدر أزبر فَقَالَ لَهُ: أدبر فَأَدْبَرَ وَقَالَ لَهُ: أقبل فَأقبل. فَقَالَ: قَاتله الله أدبر بعجز ذِئْب وَأَقْبل بزبرة أَسد.
صدر المصدَّر: العريض الصَّدْر وَمِنْه قيل للأسد مصدّر. والأزبر: الْعَظِيم الزبرة وَهِي مَا بَين الْكَتِفَيْنِ. الصدمتين فِي (خي) . صدع فِي (بِهِ) . صدعين فِي (عو) . فِي الصَّدَقَة فِي (ثن) . [صدقني فِي (قه) ] . صدف فِي (هد) . [صَدَاقا فِي (خص) . صداك فِي (جز) ] .
الصَّاد مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تصرُّوا الْإِبِل وَالْغنم وَمن اشْترى مصراة(2/292)
3 - فَهُوَ بآخر النظرين إِن شَاءَ ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر وروى: صَاعا من طَعَام لَا سمراء.
صرر التَّصرية: تفعيل من الصرى وَهُوَ الْحَبْس يُقَال صرى المَاء إِذا حَبسه وَمِنْه الْمُصراة وَذَلِكَ أَن يُرِيد بيع النَّاقة أَو الشَّاة فيحقن اللَّبن فِي ضرْعهَا أَيَّامًا لَا يحتلبه ليرى أَنَّهَا كَثِيرَة اللَّبن. قَالُوا: هَذَا أصل لكل من بَاعَ سلْعَة وزينها بِالْبَاطِلِ إِن البيع مَرْدُود إِذا علم المُشْتَرِي لِأَنَّهُ غش ويردُّ مَعهَا صَاعا من تمر كَأَنَّهُ جعله قيمَة لما نَالَ من اللَّبن وفسِّر الطَّعَام بِالتَّمْرِ. لَا يحل لأحد أَن يحل صرار نَاقَة إِلَّا بِإِذن أَهلهَا فَإِنَّهُ خَاتم أَهلهَا عَلَيْهَا. هُوَ خيط يشد بِهِ ضرع النَّاقة لِئَلَّا يدر. وَمِنْه الْمثل: أثر الصِّرار دون أثر الذيار. إِن آخر من يدْخل الْجنَّة لرجل يمشي على الصِّرَاط فَينكب مرّة وَيَمْشي مرّة وتسفعه النَّار فَإِذا جَاوز الصِّرَاط ترفع لَهُ شَجَرَة فَيَقُول: يَا رب أدنني من هَذِه الشَّجَرَة أستظل بهَا ثمَّ تُرفع لَهُ شَجَرَة أُخْرَى فَيَقُول مثل ذَلِك ثمَّ يسْأَله الْجنَّة فَيَقُول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: مَا يصريك مني أَي عَبدِي أيرضيك أَن أُعْطِيك الدُّنْيَا وَمثلهَا مَعهَا
صرى أَي مَا يمنعك عَن سُؤَالِي قَالَ ذُو الرمة: ... [وَوَدَّعْنَ مُشْتاقا أصْبنَ فؤادَه (7)
هَواهُنّ إنْ لم يَصْرِه الله قاتِلُهْ ... وصرى وصرّ وَصرف وصرب وصرم أَخَوَات. لَا صرورة فِي الْإِسْلَام.
صرر هُوَ فعولة من الصَّرِّ وَهُوَ الْمَنْع وَالْحَبْس وَهُوَ الْمُمْتَنع من التَّزَوُّج تبتلا فعل(2/293)
4 - الرهبان وَهُوَ الْمُمْتَنع من الْحَج أَيْضا. والصارورة: لُغَة [442] ونظيرهما الضَّرُورَة والضارورة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذكر الْمَدِينَة: وَمن أحدث فِيهَا حَدثا أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل.
صرف الصّرْف: التَّوْبَة لِأَنَّهُ صرف للنَّفس إِلَى الْبر عَن الْفُجُور. وَالْعدْل: الْفِدْيَة من المعادلة. سوَّى فِي استيجاب اللَّعْن بَين الْجَانِي فِيهَا جِنَايَة مُوجبَة للحد وَبَين من آوى الْجَانِي وَلم يَخْذُلهُ حَتَّى يخرج فيقام عَلَيْهِ الْحَد. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تَعدونَ فِيكُم الصرعة ثمَّ قَالَ: الصرعة: الْحَلِيم عِنْد الْغَضَب.
صرع هُوَ الصَّريع. وَقَالَ يَعْقُوب: هُوَ الَّذِي اشتدّ جدّا فَلم يوضع جنبه. قَالَ مَالك الْجُشَمِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصعَّد فيّ الْبَصَر وصوَّب ثمَّ قَالَ: أربُّ إبل أَنْت أم غنم فَقلت: من كل آتَانِي الله فَأكْثر واطيب وروى: وأيطب. قَالَ فتنتجها وافيةً أعينها وآذانها فتجدع هَذِه فَتَقول: صربي وتهنّ هَذِه فَتَقول بحيرة ويروى فتجدع هن هَذِه فَتَقول: صربي وتشق هن هَذِه فَتَقول بحيرة ويروى: فتقطع آذان بَعْضهَا فَتَقول هَذِه بَحر وتشق آذان فَتَقول هَذِه: صرم
صرب صربي: من صرب اللَّبن فِي الضَّرع إِذا حقنه لَا يحلبه. وَكَانُوا إِذا جدعوها أعفوها عَن الْحَلب إِلَّا للضيف وَقيل هِيَ المقطوعة الْأذن كَأَن الْبَاء بدل من الْمِيم.(2/294)
5 - تهن هَذِه أَي تصيب شَيْئا مِنْهَا يَعْنِي الْأذن وَهُوَ من الهنان بِمَعْنى الهن قَالَ ابْن أَحْمَر: ... ثمَّ ارْتمينا بقول بَيْننَا دُوَلٌ ... بَيْن الهَنانَيْن وَلَا جِدًّا وَلَا لعبا ... أَي بَين الشَّيْئَيْنِ. الْبَحْر: جمع بحيرة وَهِي الَّتِي بَحر أذنها أَي شقّ. والصُّرُم: جمع صريمة وَهِي الَّتِي صرمت أذنها. دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَائِطا من حَوَائِط الْمَدِينَة فَإِذا فِيهِ جملان يصرفان ويوعدان فَدَنَا مِنْهُمَا فوضعا جرنهما.
صرف الصريف: أَن يشدَّ ناباً على نَاب فيصوِّتا وَهُوَ فِي الفحولة من إيعاد وَفِي الْإِنَاث من إعياء [وَرُبمَا كَانَ من نشاط] . الجران: مقدَّم عنق الْبَعِير من مذبحه إِلَى منحره أَي بركا. عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَائِم فِي ظلّ الْكَعْبَة فَاسْتَيْقَظَ مُحمارًّا وَجهه وروى: فاحمارَّ وَجهه حَتَّى صَار كَأَنَّهُ الصِّرف. هُوَ شجر احمر يُدبغ بِهِ الْأَدِيم. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الَّذِي يُصبغ بِهِ شرك النِّعَال [443] وَقد يُسمى الدَّم صرفا تَشْبِيها بِهِ قَالَ: ... [كُمَيْت غير مُحْلِفةٍ ولكِنْ] ... كَلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ ... عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ فِي وَصيته: إِن توفيت وَفِي يَدي صرمة ابْن الْأَكْوَع فسنتها سنة ثمغ. هِيَ الْقطعَة من الْإِبِل الْخَفِيفَة وَلذَلِك قيل للمقل: المصرم.(2/295)
ثمغ: مَال لعمر كَانَ وَقفه أَي سَبِيلهَا سَبِيل هَذَا المَال.
أَبُو ذَر ضى الله عَنهُ قَالَ خفاف بن إِيمَاء: كَانَ أَبُو ذَر رجلا يُصِيب الطَّرِيق وَكَانَ شجاعا يتفرد وَحده ويغير على الصرم فِي عماية الصُّبْح إِن الله قذف الْإِسْلَام فِي قلبه فَسمع بالنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَى مَكَّة فَأسلم.
صرم الصرم. نفر ينزلون بأهلهم على المَاء. العماية: بَقِيَّة ظلمَة اللَّيْل قَالَ الرَّاعِي: ... حَتَّى إِذا نَطَقَ العُصْفور وانكشفَتْ
عَمايةُ الليلِ عَنهُ وَهُوَ مُعْتَمد ... وأضافها إِلَى الصُّبْح لمقاربتها لَهُ وَمِنْه قَوْلهم: فلَان فِي عماية من أمره.
أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي رجل مصراد أفأدخل المبولة معي فِي الْبَيْت قَالَ: نعم وادحل فِي الْكسر.
هُوَ الَّذِي يشد عَلَيْهِ الصرد أَي الْبرد ويقل صبره عَلَيْهِ. ادحل أَي صر فِيهِ كَالَّذي يصير فِي الدَّحل يُقَال: دَحَل الدَّحل إِذا دخله وانقمع فِيهِ وَهُوَ هوة فِيهَا ضيق ثمَّ يَتَّسِع أَسْفَله.
ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يَأْكُل الْفطر قبل أَن يخرج إِلَى الْمصلى من طرف الصريقة وَيَقُول: إِنَّه سنة.
صرق الصَّريقة والصليقة: الرقاقة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَامَّة تَقُولهَا بِاللَّامِ وَالصَّوَاب بالراء وَتجمع صرائق وصرقا. وَقَالَ: كل شَيْء رَقِيق فَهُوَ صرق.
أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَأَيْت النَّاس فِي إِمَارَة أبي بكر جُمعوا فِي صردح ينفذهم الْبَصَر ويُسمعهم الصَّوْت وَرَأَيْت عمر مشرفاً على النَّاس
صردح الصَّردح: الأَرْض الملساء. ينفذهم: يجوزهم وروى ينفذهم أَي يخرقهم حَتَّى يراهم كلهم.(2/296)
أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى من طلب صرف الحَدِيث ليبتغي بِهِ إقبال وُجُوه النَّاس إِلَيْهِ لم يرح رَائِحَة الْجنَّة. وَهُوَ أَن يزِيد فِيهِ ويحسنه من الصَّرف فِي الدَّرَاهِم وَهُوَ فضل الدِّرْهَم على الدِّرْهَم فِي الْقيمَة. وَيُقَال: فلَان لَا يعرف صرف الْكَلَام أَي فضل بعضه على بعض. وَلِهَذَا على هَذَا صرف أَي شرف وَفضل. وَهُوَ من صرفه يصرفهُ لِأَنَّهُ إِذا فضل صرف عَن أشكاله ونظائره وَمِنْه الصيرفيّ. عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى كره من الْجَرَاد مَا قَتله الصِّرّ.
صرر هُوَ الْبرد الشَّديد قَالَ الله تَعَالَى (فِيهَا صِرّ) . فِي الحَدِيث: فِي هَذِه الْأمة [444] خمس فتن قد مَضَت أَربع وَبقيت وَاحِدَة وهى الصيرم.
صرم هِيَ بِمَنْزِلَة الصيلم وَهِي الدامية المستأصلة. الصرفان فِي (زو) . لمن صرَّحت فِي (ذمّ) . للمصرّين فِي (قُم) . تصرِّرَان فِي (وك) . وصرامهم فِي (نَص) . صرمها فِي (بر) صردح فِي (عب) . [بصور ان فِي (نغ) . يُصَرح فِي (صو) . والصريف فِي (هن) . بالصرمة فِي (صَحَّ) . الصرم فِي (سط) . الصريد فِي (حت) . بصرار فِي (ار) . وصريفها فِي (لق) . صرار الْأذن فِي (رج) ] .
الصَّاد مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَالْقعُود بالصعدات إِلَّا من أدّى حَقّهَا وَرُوِيَ: إِلَّا من قَامَ بِحَقِّهَا وحقها رد السَّلَام وَدلَالَة الضال. هِيَ الطّرق صَعِيد وَصعد وصعدات كطريق وطرق وطرقات. وَمِنْه الحَدِيث: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لخرجتم إِلَى الصعدات تجأرون إِلَى الله وَأنْشد النَّضر بن شُمَيْل(2/297)
.. ترى السُّودَ القِصارَ الزل مِنْهُم ... على الصُّعدات أَمثالَ الوِبار ... وَقيل: هُوَ جمع صعدة كظلمات فِي ظلمَة. والصعدة من قَوْلهم: أَرَاك تلْزم صعدة بابك هِيَ وصيدة وممر النَّاس بَين يَدَيْهِ. خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صعدة يتبعهَا حُذاقيٌّ عَلَيْهَا قوصف لم يبْق مِنْهَا إِلَّا قرقرها. يُقَال للأتان الطَّوِيلَة الظّهْر: الصَّعْدة وصَعْدة وللحمير بَنَات صعدة وَأَوْلَاد صعدة قَالَ سهم بن أُسَامَة الْهُذلِيّ: ... فَذَلِك يَوْم لَنْ تَرَى أْمَّ نَافِع ... على مثفر من ولد صعدة قندل ... شهبت بالصَّعدة من الرِّماح. الحذاقي: الجحش. القوصف: القطيفة. القرقر: الظّهْر.
صعر كل صعَّار مَلْعُون وروى: وضفَّار. والصَّعَّار: المتكبر الَّذِي يصعِّر خدَّه زهوا. والصَّقار: النَّمام. والصَّقر: النميمة. والضَّفار: مثله وَهُوَ من ضفر الْبَعِير إِذا لقمه ضغثاً من الْكلأ لِأَن النمَّام ينْهَى من أضغاث الْكَلَام نَحوا من ذَلِك أَو لِأَنَّهُ يُوكل بَين النَّاس. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَقُول فِي خطبَته: أَيْن الَّذين كَانُوا يُعْطون الْغَلَبَة فِي مَوَاطِن الحروب قد تصعصع بهم الدَّهْر فَأَصْبحُوا كلا شَيْء وَأَصْبحُوا قد فقدوا وَأَصْبحُوا فِي ظلمات الْقُبُور الوحاء النَّجَاء النَّجَاء.
صعصع أى صعصعضهم الدَّهْر.(2/298)
9 - وَالْمعْنَى: فرَّقهم وبدد شملهم وَمِنْه تصعصعت صُفُوف الْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا زَالَت عَن مواقفها. وروى: تضعضع بهم أَي أذلّهم وجعلهم خاضعين. الوحاء: السرعة وحى يحى وحاء إِذا أسْرع وَعجل. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا تصعدنى شىء مَا تصعدتنى خطْبَة النِّكَاح.
صعد أَي مَا صَعب عليَّ من الصعُود وَهِي الْعقبَة كَقَوْلِهِم: تكاءده من الكؤود. مَا الأولى للنَّفْي وَالثَّانيَِة مَصْدَرِيَّة أَي مثل تصعد الْخطْبَة إيَّايَ [445] . قَالَ الجاحظ: سُئِلَ ابْن المقفع عَن قَول عمر فَقَالَ مَا أعرفهُ إِلَّا أَن يكون لقرب الْوُجُوه من الْوُجُوه وَنظر الحداق فِي أَجْوَاف الحداق وَلِأَنَّهُ إِذا كَانَ جَالِسا مَعَهم كَانُوا نظراء وأكفاء وَإِذا علا المنبرض كَانُوا سُوقةً ورعيَّة. كَانَ رَضِي الله عَنهُ يَصِيح الصَّيْحَة فيكاد من يسْمعهَا يصعق كَالْجمَلِ المحجوم.
صعق الصَّعق: أَن يغشى عَلَيْهِ من صَوت شَدِيد يسمعهُ وَيُقَال للوقع الشَّديد من صَوت الرَّعْد تسْقط مِنْهُ قِطْعَة من نَار الصاعقة وَقد صعق الرجل وصعق وَقد صعقته الصاعقة وقرىء: يَصْعَقون ويُصْعَقُون. وَفِي حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: ينْتَظر بالمصعوق ثَلَاثًا مَا لم يخَافُوا عَلَيْهِ نَتنًا. قيل: هُوَ الذى يَمُوت فجاءة. المحجوم: الَّذِي يَجْعَل فِي فِيهِ حجام [إِذا هاج لِئَلَّا يعضّ] (7) . عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ استكثروا من الطّواف بِهَذَا الْبَيْت قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَينه فَكَأَن بِرَجُل من الْحَبَشَة أصعل أصمع حمش السَّاقَيْن قاعدٍ عَلَيْهِمَا وهى تهدم.
صعل هُوَ بِمَعْنى الصَّعْل وَهُوَ الصَّغِير الرَّأْس.(2/299)
0 - الأصمع: الصَّغِير الْأذن. الحمش: الدَّقِيق. عمار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا بلَى الْأَمر بعد فلَان إِلَّا كل أصعر أَبتر.
صعر أَي كل معرض عَن الْحق نَاقص. الْأَحْنَف رَضِي الله عَنهُ قَالَ عبد الْملك بن عُمَيْر: قدم علينا الْأَحْنَف الْكُوفَة مَعَ المصعب فَمَا رَأَيْت خصْلَة تذم إِلَّا وَقد رَأَيْتهَا فِيهِ كَانَ صعل الرَّأْس متراكب الْأَسْنَان مائل الذقن ناتى الوجنة باخق الْعين خَفِيف العارضين أحنف الرجل وَلكنه كَانَ إِذا تكلم جلَّى عَن نَفسه.
صعل الصعل: الصَّغِير الرَّأْس. يُقَال: بخق عينه فبخقت أَي عوَّرها وَقيل أُصيبت عينه بسمرقند. وَقيل: ذهبت بالجدري. الحنف: أَن تقبل كل وَاحِدَة من الرجلَيْن بإبهامها على الْأُخْرَى. وَقيل: هُوَ أَن يمشي [الْإِنْسَان] على ظهر قَدَمَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يَقُول: ... أَنا ابْن الزَّافِرِيَّةِ أَرْضَعَتْنِي ... بَثَدْيِ لَا أَخذ وَلَا وخيم
أتَمَّتنِي فَلم تُنقِص عِظَامِي ... وَلَا صَوْتي إِذا اصطكَّ الخصومُ ... قَالُوا: يُرِيد بعظامه أَسْنَانه. يُقَال: جلَّى عَن الشَّيْء إِذا كَانَ مَدْفُونا فأظهره وكشف عَنهُ يَعْنِي أَنه إِذا تكلم أظهر بِكَلَامِهِ محَاسِن نَفسه الَّتِي لَا تتَوَقَّع من مثله فِي صورته المقتحمة وروائه المستهجن [14] . كَانَ رَضِي الله عَنهُ فِي بعض حروبه فَحمل على الْعَدو ثمَّ انْصَرف وَهُوَ يَقُول.(2/300)
1 - ... إنَّ عَلَى كلّ رَئِيس حَقاًّ ... أَنْ يَخْضِبَ الصعدة أَو تندفا ... فَقيل لَهُ. أَيْن الْحلم يَا أَبَا بَحر فَقَالَ. عِنْد عقد الحبى.
صعد هِيَ الْقَنَاة الَّتِي تنْبت [446] مستوية سميت بذلك لِأَنَّهَا تنْبت صعداً من غير ميل إِلَى غير جِهَة الْعُلُوّ. الحُبى: جمع حبوة من الاحتباء (بِالْكَسْرِ وَالضَّم) يُرِيد أَن الْحلم إِنَّمَا يحسن فِي السّلم. الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى مَا جَاءَك عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخذْه. ودع مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الصعافقة.
صعفق هُوَ جمع صعفق وصعفقي وَهُوَ الَّذِي يشْهد السُّوق وَلَا مَال لَهُ فَإِذا اشْترى التَّاجِر شَيْئا دخل مَعَه فِيهِ أَرَادَ أَن هَؤُلَاءِ لَا علم عِنْدهم فشبههم بِمن لَا مَال لَهُ من التُّجَّار. وَعنهُ: أَنه سُئل عَن رجل أفطر يَوْمًا من رَمَضَان فَقَالَ: مَا يَقُول فِيهِ الصعافقة وروى: مَا يَقُول فِيهِ المفاليق وهم الَّذين يفلقون أَي يجيئون بالفلق وَهُوَ الْعجب والداهية من جواباتهم فِيمَا لَا يعلمُونَ. يُقَال: أفلق فلَان وأعلق. وَجَاء بعلق [فلق] . وَكَانَ من مذْهبه أَن الْمُفطر بِالطَّعَامِ عَلَيْهِ صَوْم يومٍ وَأَن يسْتَغْفر الله وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ. صعلة فِي (بر) . صعنبها فِي (سخ) . أَو مصعبا فِي (ضع) . صعابيب فِي (فر) . [بصعاليك فِي (فت) ] .
الصَّاد مَعَ الْغَيْن
عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ إِذا صلى مَعَ صاغيته وزافرته انبسط. هم الَّذين يصغون إِلَيْهِ أَي يميلون. يُقَال أكْرم فلَانا فِي صاغيته. وَعَن الْأَصْمَعِي: صغت إِلَيْنَا صاغية بنى فلَان. الزافرة: الْأَنْصَار والأعوان لأَنهم يتحملون مَا ينوبه من الزفر وَهُوَ الْحمل.(2/301)
2 - صغى وَمن الصاغية حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كاتبت أُميَّة بن خلف كتابا فِي أَن يحفظني فِي صاغيتي بِمَكَّة وأحفظه فِي صاغيته بِالْمَدِينَةِ.
الصَّاد مَعَ الْفَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل شهر رَمَضَان صفِّدت الشَّيَاطِين وفُتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلِّقت أَبْوَاب النَّار. وَقيل: يَا باغي الْخَيْر أقبل وَيَا باغى الشَّرّ أقصر. أى قيدت يُقَال: صفده وصفده وأصفده.
صفد والصَّفْد والصِّفاد: الْقَيْد وَمِنْه قيل للعطية صفد لِأَنَّهَا قيد للمنعم عَلَيْهِ أَلا ترى إِلَى قَول من خرج على الْحجَّاج ثمَّ ظفر بِهِ فَمن عَلَيْهِ: غل يدا مُطلقهَا وأرق رفبة معتقها. عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا إِذا صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع رَأسه من الرُّكُوع قمنا خَلفه صُفُونا فَإِذا سجد تَبِعْنَاهُ.
صفن كَا صافٍ قَدَمَيْهِ قَائِما فَهُوَ صَافِن وَالْجمع صفون كساجد وَسُجُود وقاعد وقعود. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [447] : من سره لِأَن يقوم لَهُ النَّاس صُفُونا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَقد صفن صُفُونا. وَمِنْه حَدِيث مَالك بن دِينَار رَحمَه الله تَعَالَى: رَأَيْت عِكْرِمَة يُصَلِّي وَقد صفن بَين قَدَمَيْهِ وَاضِعا إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى. إِن أكبر الْكَبَائِر أَن تقَاتل أهل صفقتك وتبدِّل سنَّتك وتفارق أمتك.
صفق قَالَ الْحسن: فقتاله أهل صفقته أَن يُعْطي الرجل عَهده وميثاقه ثمَّ يقاتله. وتبديل سنَّته أَن يرجع أَعْرَابِيًا بعد هجرته. ومفارقته أمته أَن يلْحق بالمشركين. بلغه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن سعد بن عبَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول: لَو وجدت مَعهَا رجلا لضربته بِالسَّيْفِ غير مصفح.(2/302)
3 - صفح يُقَال: أصفحه بِالسَّيْفِ إِذا ضربه بعرضه دون حدِّه فَهُوَ مصفح. وضربه بِالسَّيْفِ مصفحاً ومصفوحا. وَيجوز أَن يرْوى: غير مصفح (بِفَتْح الْفَاء) . فَالْأول حَال عَن الضَّمِير وَالثَّانِي عَن السَّيْف. وَقَالَ رجل من الْخَوَارِج: لنضربنكم بِالسُّيُوفِ غير مصفحات. التَّسْبِيح للرجل والتصفيح للنِّسَاء. هُوَ التصفيق من صفحتي الْيَدَيْنِ وهما صفقتاهما قَالَ لبيد: ... كأنض مُصَفَّحَاتٍ فِي ذُراه ... وأنْواحاً عليهنَّ المَآليِ ... يَعْنِي فِي الصَّلَاة. وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث: إِذا نَاب الْمُصَلِّي فِي صلَاته شَيْء فَأَرَادَ تنبيههة من بحذائه فيسبِّح الرجل وتصفق الْمَرْأَة بِيَدَيْهَا. نهى فِي الضَّحَايَا عَن المصفرة والبخقاء والمشيعة.
صفر فسرت المصفرة فِي الحَدِيث بالمستأصلة الْأذن وَقيل هِيَ المهزولة وأيتهما كَانَت فَهِيَ من أصفره إِذا أخلاه أَي أصفر صماخاها من الأُذنين أَو أصفرت من الشَّحْم. وَرَوَاهَا شمر بالغين وَهِي حِينَئِذٍ من الصَّغار أَلا ترى إِلَى قَوْلهم للذليل: مجدع ومصلم. وَمن ذَلِك قَول كَبْشَة: ... فَمَشُّوا بآذَانِ النَّعَامِ المُصَلَّمِ ... وَهَذَا وَجه حسن.(2/303)
4 - البخقاء: العوراء. المشيعة: الَّتِي لَا تزَال تشيِّع الْغنم أَي تتبعها لعجفها صَالح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل خَيْبَر على أَن لَهُ الصَّفْرَاء والبيضاء وَالْحَلقَة فَإِن كتبُوا شَيْئا فَلَا ذمَّة لَهُم فغيَّبوا مسكاً لحيي بن أَخطب فوجدوه فَقتل ابْن أبي الْحقيق وسبى ذَرَارِيهمْ. وَفِيه: إِن كفار قُرَيْش كتبُوا إِلَى الْيَهُود: إِنَّكُم أهل الْحلقَة والحصون وَإِنَّكُمْ لتقاتلن صاحبنا أَو لَا يحول بَيْننَا وَبَين خدم نِسَائِكُم شىء. الصَّفْرَاء والبيضاء: الذَّهَب وَالْفِضَّة. يُقَال: مالفلان صفراء وَلَا بَيْضَاء. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يَا صفراء اصفرِّي وَيَا بَيْضَاء ابيضِّي وغرِّي غَيْرِي. الْحلقَة: [448] الدروع. الْمسك: الْجلد وَكَانَ من مَال أبي الْحقيق كنز يُسمى مسك الْجمل وَهُوَ حُليّ كَانَ فِي مسك حمل ثمَّ فِي مسك ثَوْر ثمَّ فِي مسك جمل يَلِيهِ الْأَكْبَر فالأكبر مِنْهُم وَإِذا كَانَت بِمَكَّة عرس استعير مِنْهُم وَقد قوموه عشرَة آلَاف دِينَار. الخدم: الخلاخيل الْوَاحِدَة خدمَة وَهَذَا وَعِيد مِنْهُم لَهُم إِن لم يقاتلوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الاستطابة فَقَالَ: أَو لَا يجد أحدكُم ثَلَاثَة أَحْجَار حجرين للصفحتين وحجرا للمسربة
صفح الصَّفحتان: ناحيتا الْمخْرج.(2/304)
5 - المسربة: مجْرى الْغَائِط لِأَنَّهُ ممر الْحَدث ومسيله من سرب المَاء يسرب إِذا سَالَ. عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ عبد الله بن أبي عمار: كنت فِي سفر فسرقت عيبتي ومعنا رجل يتهم قاستعديت عَلَيْهِ عمر بن الْخطاب وَقلت: لقد أردْت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن آتِي بِهِ مصفودا فَقَالَ: تَأتِينِي بِهِ مصفوداً تعترسه فَغَضب وَلم يقْض لَهُ بِشَيْء. أَي مُقَيّدا. والعترسة: الْأَخْذ بالجفاء والغلظة.
صفد وَيحْتَمل أَن يقْضِي بِزِيَادَة التَّاء وَتَكون من العراس وَهُوَ مَا يوثق بِهِ اليدان إِلَى الْعُنُق يُقَال: عرست الْبَعِير عرساً. وَقد روى: بِغَيْر بَيِّنَة وَقيل: إِنَّه تَصْحِيف وَالصَّوَاب تعترسه. الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يتزود صفيف الْوَحْش وَهُوَ محرم.
صفف هُوَ القديد لِأَنَّهُ يُصفُّ فِي الشَّمْس حَتَّى يجفَّ. وَيُقَال لما يُصفُّ على الْجَمْر لينشوي صفيف أَيْضا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ... [فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بَين مُنْضِجٍ] ... صفيفَ شِواءٍ أَو قدير مُعَجَّل ... حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْقُلُوب أَرْبَعَة فَقلب أغلف فَذَاك قلب الْكَافِر وقلب منكوس فَذَاك قلب رَجَعَ إِلَى الْكفْر بعد الْإِيمَان وقلب أجرد مثل السراج يزهر فَذَاك قلب الْمُؤمن وقلب مصفح اجْتمع فِيهِ النِّفَاق وَالْإِيمَان فَمثل الْإِيمَان فِيهِ كَمثل بقلة يمدها المَاء العذب وَمثل النِّفَاق كَمثل قرحَة يمدها الْقَيْح وَالدَّم وَهُوَ لأيهما غلب.
صفح هُوَ الَّذِي لَهُ صفحتان أَي وَجْهَان.(2/305)
6 - شَقِيق رَحمَه الله تَعَالَى ذكر رجلا أَصَابَهُ الصَّفر فنُعت لَهُ السَّكَر فَقَالَ: إِن الله لم يَجْعَل شفاءكم فِيمَا حرم عَلَيْكُم.
صفر هُوَ اجْتِمَاع المَاء فِي الْبَطن يُقَال صفر فَهُوَ مصفور وصفر صفراً فَهُوَ صفر. والصَّفر أَيْضا: دود يَقع فِي الكبد. وَفِي شراسيف الأضلاع فيصفرُّ عَنهُ الْإِنْسَان جدا وَيُقَال: إِنَّه يلحس الكبد حَتَّى يقْتله. قَالَ أعشى باهلة [449] [يرثي أَخَاهُ] : ... وَلَا يَعَضُّ على شُرْسُوفه الصَّفَر ... السَّكر: خمر التَّمْر. قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: شهِدت صفّين وبئست الصفون
صفن فِيهِ وَفِي أَمْثَاله من نَحْو فلسطين وقنسرين ويبرين لُغَتَانِ للْعَرَب: إِحْدَاهمَا: إِجْرَاء الْإِعْرَاب على مَا قبل النُّون وَتركهَا مَفْتُوحَة كجمع السَّلامَة. وَالثَّانيَِة: إِقْرَار مَا قبلهَا على الْيَاء وإعراب النُّون كَقَوْلِك: هَذِه صفّين ومررت بصفين وَشهِدت صفّين. عَوْف بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تَسْبِيحَة فِي طلب حَاجَة خير من لقوح وصفى فى عَام أزبة (7) ولزبة.
صفى هى الغزيرة وَقد صفت وصفوت. الأزبة واللزبة: الشدَّة. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الْمفضل بن رالان: سَأَلته فِي الَّذِي يَسْتَيْقِظ فيجد بلةً فَقَالَ: أما أَنْت فاغتسل ورآنى صفتاتا.(2/306)
7 - صفت هُوَ التارّ الْكثير اللَّحْم المكتنز. عَن ابْن شُمَيْل.
صفر فِي الحَدِيث: صفرَة فِي سَبِيل الله خير من حمر النعم. هِيَ الجوعة. صفاق فِي (بج) . والصفى فِي (سه) . صافنّاهم ومصفراسته فِي (ضل) . لَا صفر فِي (عد) . صوافّ فِي (غي) . فأصفحتموه فِي (فد) . اصطفق فِي (فش) . صفاتها فِي (جم) . وأصفقت فِي (زف) . والصفن فِي (دن) [وليصفق فِي (قو) . وَلَا صفق فِي (ود) . الصفيراء فِي (خي) . مَا صفّ فِي (دف) . فِي صفنه فِي (سر) . مصفح الرَّأْس فِي (حم) وفى (شت) . والصفقة فى (وَج) . صفيرة فى (ضف) ] .
الصَّاد مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْء أَحَق بصقبة.
صقب أى بِقُرْبِهِ يُقَال: سقبت دَاره وصقبت سقيا وصقباً وَقد وصف بِهِ ابْن الرقيات فِي قَوْله: ... لَا أَمَمٌ دَارُهَا وَلَا صَقَبُ ... وَالْمعْنَى أَن الْجَار أحقُّ بالشُّفعة. وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ إِذا أُتي بالقتيل قد وُجد بَين القريتين حمله على أصقب القريتين إِلَيْهِ. وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن أفعل مِمَّا يجوز فِيهِ إِذا أضيف التَّسْوِيَة بَين الْمُذكر والمؤنث وَأَن الَّذِي قَالَه ثَعْلَب فِي عنوان الفصيح: فاخترنا أفصحهن لَا غميزة فِيهِ. لَا يقبل الله من الصقور يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا.
صقر هُوَ مثل الصَّقَّار وَقد مر. وَقيل: الصَّقر القيادة على الحُرم.(2/307)
8 - حُذَيْفَة بن أُسيد رَضِي الله عَنهُ شَرّ النَّاس فِي الْفِتْنَة الْخَطِيب المصقع والراكب الْموضع.
صقع هُوَ مفعل من الصَّقع وَهُوَ رفع الصَّوْت ومتابعته وَمِنْه صقع الديك كَأَنَّهُ آلَة لذَلِك مُبَالغَة فى وَصفه كمحرب. وَقيل: بهو الَّذِي يَأْخُذ فِي كل صقع من الْكَلَام اقتداراً عَلَيْهِ ومهارة] . قَالَ قيس بن عَاصِم: ... [خُطَباء حينَ يقومُ قائِلُهُمْ] ... بِيض الوُجوه مصاقِعٌ لُسُنُ ... الْموضع: المسرع السَّاعِي فِيهَا. فِي الحَدِيث: إِن منقذا صقع فى الْجَاهِلِيَّة آمة.
صقع هُوَ الضَّرْب على أَعلَى الرَّأْس. الآمة: الشَّجَّة فِي أُمِّ الدِّماغ. كالصقر فِي (حب) . فاصقعوه فِي (أَب) . صقله فِي (بر) . صقرا فِي (شع) . [صقار فِي (صع) ] (7) .
الصَّاد مَعَ الْكَاف
[4 5] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستظل بِظِل جَفْنَة عبد الله بن جدعَان فِي الْإِسْلَام فى صَكَّة عمى.
صكك هِيَ الهاجرة وَشَرحهَا فِي كتاب المستقصي وَكَانَت هَذِه الْجَفْنَة لِابْنِ جدعَان يطعم فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يَأْكُل مِنْهَا الْقَائِم والراكب لعظمها وَكَانَ لَهُ منادٍ يُنَادي: هَلُمَّ إِلَى الفالوذ. وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُبمَا كَانَ يحضر طَعَامه. فِي الحَدِيث: الصكيك. هُوَ بِمَعْنى الركيك وَهُوَ الضَّعِيف فعيل بِمَعْنى مفعول من الصَّك وَهُوَ الضَّرْب أى يصك كثيرا لاستضعافه أَلا ترى إِلَى قَوْلهم للقوي: مصكّ أَي يصكُّ كثيرا.(2/308)
9 - الصَّاد مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من صلق أَو حلق وروى بِالسِّين.
صلق يُقَال صلق وسلق إِذا رفع صَوته عِنْد الفجيعة بِالْمَيتِ وَمِنْه خطيب سلاق ومسلاق وَقيل سلق إِذا خَمش وَجهه من قَوْلهم: سلقه بِالسَّوْطِ وملقه إِذا نزع جلده والسلق أثر الدَّبر. إِذا دعى أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن كَانَ مُفطرا فَليَأْكُل وَإِن كَانَ صَائِما فليُصلِّ. أى فَليدع بِالْبركَةِ وَالْخَيْر للمضيف.
صلى وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الصَّائِم إِذا أكل عِنْده الطَّعَام صلَّت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة حَتَّى يُمسي) . وَقَوله: من صلى على صَلَاة صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة عشرا وَقَالَ الْأَعْشَى: ... عَلَيْك مثل الَّذِي صَلَّيْتِ فاغْتَمِضِي ... أَي دَعَوْت يَعْنِي قَوْلهَا: ... يَا ربِّ جَنِّبْ أبي الأوصاب والوجعا ... وَقد تَجِيء الصَّلَاة بِمَعْنى الرَّحْمَة وَمِنْهَا حَدِيث ابْن أبي أوفى قَالَ: أعطانى أَبى صَدَقَة مَاله فَأتيت بهَا رسولض الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اللَّهُمَّ صلِّ على آل أبي أوفى. وأصل التصلية من قَوْلهم: صلى عَصَاهُ إِذا سخنها بالصلاء وَهِي النَّار ليقومها قَالَ: ... فَلَا تَعْجل بأمْرِك واسْتدِمْه ... فَمَا صلَّى عصاك كمُسْتَدِيم ... وَقيل للرحمة صَلَاة وَصلى عَلَيْهِ الله إِذا رَحمَه لِأَنَّهُ برحمته يقوِّم أَمر من يرحمه(2/309)
0 - وَيذْهب باعوجاج حَاله وأود عمله. وَقَوْلهمْ: صلى إِذا دَعَا مَعْنَاهُ طلب صَلَاة الله وَهِي رَحمته كَمَا يُقَال حيَّاه الله. وحييت الرجل إِذا دَعَوْت لَهُ بِتَحِيَّة الله. صَلَاة الْقَاعِد على النّصْف من صَلَاة الْقَائِم. المُرَاد صَلَاة المتطوع الْقَادِر على الْقيام يُصليهَا قَاعِدا وَأما المفترض فَلَيْسَ لَهُ أَن يُصَلِّي إِلَّا قَائِما لغير عذر وَإِن قَامَ بِهِ عذر فَقعدَ أَو أومى فَصلَاته كَامِلَة لَا نقض فِيهَا. [451] إِن رجلا شكا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُوع فَأتى بِشَاة مصلية فأطعمه مِنْهَا. يُقَال: صليته إِذا شويته وأصليته وصلَّيته إِذا أَلقيته فِي النَّار أُرِيد إحراقه وَفِي قِرَاءَة حميد الْأَعْرَج (فَسَوْفَ نَصْلِيهِ نَاراً بِالْفَتْح. وروى بَعضهم: أطيب مُضْغَة صيحانية [مصلية] أَي صليت فِي الشَّمْس وَرِوَايَة الْأَصْمَعِي وَغَيره من الثِّقَات: مصلِّبة من قَوْلهم: صلبت البسرة إِذا بلغت الصلابة واليبس. وَهُوَ من عود الْبَعِير ونيبت النَّاقة. وَفِي حَدِيث حنين: إِنَّهُم سمعُوا صلصلة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض كإمرار الْحَدِيد على الطست الْجَدِيد.
صلصل يُقَال صلصل اللجام والرعد وَالْحَدِيد إِذا صوَّت صَوتا متضاعفا. الطَّست يذكر وَيُؤَنث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الطست مُؤَنّثَة أَعْجَمِيَّة. والجديد: يُوصف بِهِ الْمُؤَنَّث بِغَيْر عَلامَة فَيُقَال ملحفة جَدِيد وَعند الْكُوفِيّين فعيل بِمَعْنى مفعول فَهُوَ فِي حكم قَوْلهم: امْرَأَة قَتِيل ودابة عقير وَعند الْبَصرِيين بِمَعْنى فَاعل كعزيز وذليل لِأَنَّك تَقول: جد الثَّوْب فَهُوَ جَدِيد كعزَّ وذلَّ وَلَكِن قيل فِي الْمُؤَنَّث جَدِيد كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ من المُحْسِنين} .(2/310)
1 - عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو شِئْت لَدَعَوْت بصلاء وَصِنَاب وصلائق وَكَرَاكِر وأسمنه وأفلاذ.
صلأ الصلاء: الشواء. فعال من صلاه كشواء من شواه. الصِّناب: الْخَرْدَل بالزبيب وَمِنْه فرس صنابيّ أَي لَونه لون الصِّنَاب. الصلائق: جمع صليقة وَهِي الرقاقة. قَالَ جرير: ... تُكَلِّفُني معيشةَ آل زَيْدٍ ... ومَنْ لِي بالصَّلائِق والصِّنَابِ ... وَعَن ابْن الْأَعرَابِي رَحمَه الله تَعَالَى: أَن الصلائق من صلقت الشَّاة إِذا شويتها كَأَنَّهُ أَرَادَ الحملان والجداء المشوية وروى السلائق وَهِي كل مَا سُلق من الْبُقُول وَغَيرهَا. الْكَرَاكِر: جمع كركرة الْبَعِير. الأفلاذ جمع فلذ وَهُوَ الْقطعَة من الكبد. إِن الطَّبِيب من الْأَنْصَار سقَاهُ رضى الله عَنهُ لَبَنًا حِين طُعن فَخرج من الطعنة أَبيض يصلد.
صلد يُقَال: خرج الدَّم يصلد ويصلت أَي يَبْرق وَخرج الدَّم صَلدًا وصلتاً وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ... تُطِيفُ بِهِ الحُشّاش يُبْسٌ تِلاعُه ... حِجارَتُهُ من قِلَّةِ الْخَيْر تَصْلِدُ ... والصليد: البريق. وَنَحْوه من مقلوبه الدليص. وَمِنْه الدرْع الدلاص. لما قُتل رَضِي الله عَنهُ خرج عبيد الله ابْنه فَقتل الهرمزان [وَابْنَة لأبي لؤلؤة] وَابْنَة لَهُ صَغِيرَة ثمَّ أَتَى جفينة فَلَمَّا اشرف لَهُ علاهُ بِالسَّيْفِ فصلَّب بَين عَيْنَيْهِ. وَأنكر عُثْمَان قَتله [452] النَّفر فثار إِلَيْهِ فتناصيا حجز النَّاس بَينهمَا ثمَّ ثار إِلَيْهِ سعد بن أبي وَقاص فتناصيا.(2/311)
2 - صلب لأى ضربه على عُرضه حَتَّى صَارَت الضَّرْبَة كالصليب. فتناصيا أَي أَخذ هَذَا بناصية ذَاك. وَعبيد الله بن عمر: كَانَ رجلا شَدِيد الْبَطْش فَلَمَّا قُتل عمر جرد سَيْفه فَقتل بنت أَبى لؤلؤة والهرمزان وجفينة وَهُوَ رجل أعجمي وَقَالَ: لَا أدع أعجميا إِلَّا قتلته فَأَرَادَ عَليّ قَتله بِمن قتل فهرب إِلَى مُعَاوِيَة وَشهد مَعَه صفّين فقُتل. فِي حَدِيث بَعضهم قَالَ: صليت إِلَى جنب عمر رَضِي الله عَنهُ فَوضعت يَدي على خاصرتي فَقَالَ: هَذَا الصلب فِي الصَّلَاة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَنهُ. شبه ذَلِك بِفعل المصلوب فِي مده يَده على الْجذع. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سبق رَسُول الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَصلى أَبُو بكر وَثلث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وخبطتنا فتْنَة فَمَا شَاءَ الله صلى من المصلِّى فِي الْخَيل وَهُوَ الَّذِي رَأسه عِنْد صلا السَّابِق. الْخبط: الضَّرْب على غير اسْتِوَاء كخبط الْبَعِير بِرجلِهِ. استفتى رَضِي الله عَنهُ فِي اسْتِعْمَال صَلِيب الْمَوْتَى فِي الدلاء والسفن فَأبى عَلَيْهِم.
صلب هُوَ مَا يسيل مِنْهَا من الودك وَالْجمع الصُّلُب. وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّه لما قدم مَكَّة أَتَاهُ أَصْحَاب الصلب. أَي الَّذين يصطلبون. والاصطلاب: أَن يسْتَخْرج الودك من الْعِظَام فيأتدم بِهِ. عمار رَضِي الله عَنهُ لَا تَأْكُلُوا الصلور والإنقليس. الصلور: الجري والإنقليس: المارماهي.(2/312)
3 - ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي تَفْسِير الصلصال: الصالّ: المَاء يَقع على الأَرْض فَتَنْشَق فَذَلِك الصال.
صلصل ذهب إِلَى الصلصلة. والصليل بِمَعْنى الصَّوْت يَعْنِي الطين الَّذِي يجِف فيصل. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي ذِي السويقتين الَّذِي يهدم الْكَعْبَة من الْحَبَشَة: اخْرُجُوا يَا أهل مَكَّة قبل الصيلم كَأَنِّي بِهِ أُفيحج أفيدع أصيلع قَائِما عَلَيْهَا يَهْدِمهَا بمسحاته.
صلم الصيلم: فيعل من الصلم وَهُوَ الْخطب الْعَظِيم المستأصل. الأفدع: المعوج الرسغ من الْيَد أَو الرجل. تصلق رَضِي الله عَنهُ ذَات لَيْلَة على فرَاشه فَقَالَت لَهُ صَفِيَّة: مَا بك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن قَالَ: الْجُوع فَأمرت بخزيرة فصُنعت وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: أدخلي من بِالْبَابِ من الْمَسَاكِين فَقَالَت: قد انقلبوا. فَقَالَ: ارفعوها وَلم يذقها.
صلق أَي تلوى وتململ يُقَال تصلق الْحُوت فِي المَاء وتصلقت الْحَامِل إِذا ضربهَا الطلق فَأَلْقَت بِنَفسِهَا على جنبها مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة فَدخل عَلَيْهَا فَذكرت لَهُ شَيْئا فَقَالَ: إِن ذَلِك لَا يصلح فَقَالَت: الَّذِي لَا يصلح ادعاؤك زياداً. فَقَالَ شهِدت الشُّهُود فَقَالَت: [453] مَا شهِدت الشُّهُود وَلَكِن ركبت الصليعاء.
صلع أَي السوءة أَو الفجرة البارزة المكشوفة تَعْنِي رده بذلك الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي أطبقت الْأمة على قبُوله وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر. وَسُميَّة لم تكن لأبي سُفْيَان فراشا. وكل خطة مشتهرة تسميها الْعَرَب صلعاء. قَالَ: ... ولاَقَيْتُ من صَلْعَاء يكبُو لَهَا الْفَتى ... فَلم أَنْخَنِعْ فِيهَا وأوْعَدْتُ مُنْكرا ...(2/313)
وَمِنْهَا الحَدِيث: يكون كَذَا وَكَذَا ثمَّ تكون جبروة صلعاء. كَعْب رَحمَه الله إِن الله بَارك للمجاهدين فِي صليان أَرض الرّوم كَمَا بَارك لَهُم فى شعير سورية.
صلى الصليان: نَبَات تجذبه الْإِبِل. وتسميه الْعَرَب خبْزَة الْإِبِل وتأكله الْخَيل. قَالَ: ... ظلَّتْ تلوذ أمس بالصَّرِيم ... وصِلّيانٍ كسِبال الرُّومِ ... سورية: هِيَ الشَّام. والكلمة رُومِية أَي يقوم لخيلهم مقَام الشّعير فِي التقوية. سعيد بن جُبَير رَحمَه الله فى الصلب الدِّيَة. يعْنى إِن كسر.
صلب وَقيل إِن أُصيب بِشَيْء تذْهب بِهِ شَهْوَة الْجِمَاع لِأَن المنى مَكَانَهُ الصلب فَفِيهِ الدِّيَة.
صلخم فِي الحَدِيث: عُرضت الْأَمَانَة على الْجبَال الصم الصلاخم. جمع صلخم وَهُوَ الْجَبَل الصلب المنيع. بصلع فِي (بج) وَفِي (نَص) . صَلتا فِي (فر) . صلتهما فى (مغ) . صالب فِي (فض) . تنصلت فِي (نَص) . الصلعاء فِي (حب) . مصلبة فِي (خب) . صلامات فِي (شَرّ) . [صلعاً فِي (طع) . لَا يصطلي بناره فِي (قد) . الصلعان فِي (فر) . الصالغ فِي (نَص) . يصلبا فِي (دق) ] .
الصَّاد مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لبستين: اشْتِمَال الصَّمَّاء وان يحتبى الرجل بِثَوْب لَيْسَ بَين فرجه وَبَين السَّمَاء شىء.(2/314)
صمم هُوَ أَن يُجَلل بِثَوْبِهِ جسده لَا يرفع مِنْهُ جانبا فَيخرج يَده وَمعنى النَّهْي أَنه لَا يقدر على الاحتراس من شَيْء بِيَدِهِ لَو أَصَابَهُ. عَن أُسَامَة رَضِي الله عَنهُ: دخلت عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أصمت فَلم يتَكَلَّم فَجعل يرفع يَده إِلَى السَّمَاء ثمَّ يصبهَا عليّ أعرف أَنه يَدْعُو لى.
صمت يُقَال أصمت العليل إِذا اعتقل لِسَانه فَهُوَ مصمت. قَالَ أَبُو زيد: صمت وأصمت سَوَاء وَلم يعرف الأصمعى أصمت. وَمثلهَا سكت وأسكت. قَالَ: ... قَدْ رَابَني أنّ الكَرىّ أسكتا ... لَو كَانَ معنيا بهَا لهينا ... يصبهَا عليّ أَي يحدرها ويمرها. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيهَا النَّاس إيَّاكُمْ وَتعلم الْأَنْسَاب والطعن فِيهَا وَالَّذِي نفس عمر بِيَدِهِ لَو قلت لَا يخرج من هَذَا الْبَاب إِلَّا صَمد مَا خرج إِلَّا أقلكم.
صَمد هُوَ السَّيِّد المصمود فعل بِمَعْنى مفعول كالحسب وَالْقَبْض والصمد: الْقَصْد. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أرمي الصَّيْد فأصمى وأنمى فَقَالَ: مَا أصميت فَكل وَمَا [454] مَا أنميت فَلَا تَأْكُل.
صمأ الإصماء: أَن تقتله مَكَانَهُ وَمَعْنَاهُ سرعَة إزهاق الرّوح من قَوْلهم للمسرع صميان. والإنماء: أَن تصيبه إِصَابَة غير مقعصة يُقَال: أنميت الرَّمية ونمت بِنَفسِهَا وَهُوَ من الِارْتفَاع لِأَنَّهُ يرْتَفع أَي ينْهض عَن المرمى ويغيب ثمَّ يَمُوت بعد ذَلِك فيهجم عَلَيْهِ الصَّائِد مَيتا. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ... رُبَّ رامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ ... مُتْلِج كَفَّيْهِ فِي قُتَرِهْ
فَهُوَ لَا تَنْمِي رمِيَّتُه ... مَالَه لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ ... وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَن النامي لِأَنَّهُ لَا يعلم أَن مَوته برمية فَرُبمَا مَاتَ بِعَارِض آخر.(2/315)
كَانَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرى بَأْسا أَن يُضحي بالصمعاء. هى الضغيرة الْأذن.
صمع فِي الحَدِيث نظفوا الصماغين فَإِنَّهُمَا مقْعد الْملكَيْنِ وروى: تعهدوا الصوارين فَإِنَّهُمَا مقْعد الْملك.
صمغ والصماغان والصامغان والصواران: ملتقيا الشدقين. قَالَ: ... قَدْ شَان أَبنَاء بني عَتَّاب ... نَتْفُ الصِّمَاغَيْن على الأبْوابِ ... وَقد أصمغ الرجل إِذا زبب شدقاه. وصمته فِي (حب) . صمر فِي (حت) . صمام فِي (جب) . أصمختهم فِي (دي) .
الصَّاد مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قُريْشًا كَانُوا يَقُولُونَ إِن مُحَمَّدًا صنبور.
صَبر الصنبور: الأبتر الَّذِي لَا عقب لَهُ وَأَصله الصنبور من صنابير النّخل وَهِي سعفات تنْبت فِي جذوعها غير مستأرضة فَإِذا قلع لم يبْق لَهُ أثر كَمَا يبْقى للنابت فِي الأَرْض. وَقيل: أَرَادوا أَنه ناشىء حدث كالسعفة فَكيف تتبعه المشائخ المحنكون وَيُمكن أَن يَجْعَل نونه مزيدة من الصَّبْر وَهُوَ النَّاحِيَة والطرف لعدم تمكنه وثباته. أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعرابى بأرنب قد شواها وَجَاء مَعهَا بصنابها فوضعها بَين يَدَيْهِ فَلم يَأْكُل وَأمر الْقَوْم أَن يَأْكُلُوا وَأمْسك الْأَعرَابِي فَقَالَ: مَا يمنعك أَن تَأْكُل قَالَ: إِنِّي أَصوم ثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر. قَالَ: إِن كنت صَائِما فَصم الغر.
صنب الصِّناب: صباغ الْخَرْدَل: أَرَادَ أَيَّام الغر فَحذف الْمُضَاف وَأَرَادَ بالغر الْبيض وَهِي لَيْلَة السَّواء وَلَيْلَة الْبَدْر وَالَّتِي تَلِيهَا وَأما الْغرَر فَهِيَ الَّتِى أوها غرَّة الشَّهْر وَقيل: إِنَّمَا أمره بصومها لِأَن الخسوف يكون فِيهَا.(2/316)
7 - الْعَبَّاس صنو أَبى.
صنو أى شقيقه الذى أَصله أَهله وَهُوَ وَاحِد الصنوان وَهِي النخلات الَّتِي أَصْلهَا وَاحِد وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَم الرجل صنو أَبِيه. اصْطنع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ذهب وروى: اضْطربَ.
صنع أَي سَأَلَ أَن يصنع لَهُ أَو يضْرب كَمَا يُقَال: اكتتب أَي سَأَلَ أَن يكْتب لَهُ. الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا توقدوا بلَيْل [455] نَارا ثمَّ قَالَ: أوقدوا واصطنعوا. أَي اتَّخذُوا صنيعاً أَي طَعَاما تنفقونه فِي سَبِيل الله. أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نعم الْبَيْت الْحمام يذهب الصنخة وَيذكر النَّار وروى الصنة.
صنخ يُقَال صنخ بدنه وسنخ إِذا درن. والصنخة والسنخة: الدَّرن. الصنة: الرَّائِحَة الخبيثة فِي أصل اللَّحْم وأصن إِذا أنتن وَمِنْه صنان الآباط. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يتَعَوَّذ من صَنَادِيد الْقدر.
صند هِيَ نوائبه الْعِظَام الغوالب وكل عَظِيم غَالب صنديد. يُقَال: أصلبهم برد صنديد وريح صنديد وَقَالَ ابْن مقبل: ... عفته صَنَادِيد السِّماكين وانتحت ... عَلَيْهِ ريَاح الصَّيف غُبْرا مجاوله ... يُرِيد الأمطار الْعِظَام الغزار. صنفة فِي (دح) . صناب فِي (صل) . صَنَادِيد فِي (عظ) .
الصَّاد مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يطلع من تَحت هَذَا الصُّور رجل من أهل الْجنَّة فطلع أَبُو بكر.(2/317)
8 - هُوَ النّخل كالصوار من الْبَقر أَي الْجَمَاعَة. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَتَى امْرَأَة من الْأَنْصَار فرشت لَهُ صوراً وذبحت لَهُ شَاة فَأكل مِنْهَا ثمَّ حانت الْعَصْر فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى الظّهْر ثمَّ أَتَى بعلالة الشَّاة فَأكل مِنْهَا ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة فصلى وَلم يتَوَضَّأ. وَفِي قصَّة بدر: أَن أَبَا سُفْيَان خرج فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا حَتَّى نزل بجبل من جبال الْمَدِينَة فَبعث رجلَيْنِ من أَصْحَابه فأحرقوا صورا من صيران الْغَرِيض فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه حَتَّى بلغ قرقرة الكدر فأغدروه. يُقَال لبَقيَّة كل شَيْء: علالة كَبَقِيَّة اللَّبن فِي الضَّرع وَبَقِيَّة جرى الْفرس وَبَقِيَّة قُوَّة الشَّيْخ وَأَرَادَ هَاهُنَا مَا بَقِي من لحم الشَّاة. أغدروه وأخذره إِذا تَركه خَلفه. قتل محلم بن جثامة اللَّيْثِيّ رجلا من أَشْجَع فِي أول الْإِسْلَام قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَلم يتناه عَنهُ حَتَّى قَتله فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا مَاتَ دفنوه فلفظته الأَرْض ثمَّ دفنوه فلفظته فألقوه بَين صوحين فأكلته السبَاع. وَفِي هَذِه الْقِصَّة أَن الْأَقْرَع بن حَابِس قَالَ لعيينة بن حصن: ثمَّ استلطتم دم هَذَا الرجل فَقَالَ: أقسم منا خَمْسُونَ رجلا أَن صاحبنا قُتل وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ الْأَقْرَع: فسألكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تقبلُوا الدِّيَة وتعفوا فَلم تقبلُوا أقسم بِاللَّه لتقبلن مَا دعَاكُمْ إِلَيْهِ أَو لَآتِيَن من بني تَمِيم فيقسمون بِاللَّه لقد قتل صَاحبكُم وَهُوَ كَافِر فقبلوا عِنْد ذَلِك [4 6] الدِّيَة.
صوع الصوح: جَانب الْوَادي وَهُوَ من تصوح الشّعْر إِذا تشقق كَمَا قيل لَهُ شقّ من الشق. استلطتم من لَاطَ الشَّيْء بالشَّيْء إِذا لصق بِهِ كَأَنَّهُمْ لما استحقوا الدَّم وَصَارَ لَهُم ألصقوه بِأَنْفسِهِم.(2/318)
9 - أعْطى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَطِيَّة بن مَالك بن حطيط الشعلي صَاعا من حرَّة الوادى.
صوع أَي مبذر صَاع: كَقَوْلِك أعطَاهُ جريباً من الأَرْض وَإِنَّمَا الجريب اسْم لأربعة أَقْفِزَة من الْبذر وَقيل: الصَّاع المطمئن من الأَرْض. قَالَ الْمسيب بن علس: ... مَرَحَتْ يداها للنَّجَاء كَأَنَّمَا ... تَكْرُو بكَفَّيْ لاعب فِي صَاع ... وَقَالَ أَبُو دواد: ... وكلّ يَوْم ترى فِي صَاع جُؤْجُؤها ... تطلبه أيد كأيدي المعشر الفَصَدَهْ ... أَي فِي مَكَان جؤجؤها وَيُقَال للبقعة الجرداء صاعة وَيَقُولُونَ لطارق الصُّوف: اتخذ لصوفك صاعة أَي مَكَانا مكنوسا أجرد. كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مطر قَالَ: اللَّهُمَّ صيباً نَافِعًا وروى سيبا.
صوب هُوَ فيعل من صاب يصوب. قَالَ الله تَعَالَى {أَو كَصَيّبٍ مِنَ السَّمَاء} . والسيب: الْعَطاء وَهُوَ من سَاب يسيب إِذا جرى. والسيب: مجْرى المَاء. الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ رجلا صيتًا وَإنَّهُ نَادَى يَوْم حنين فَقَالَ: يَا أَصْحَاب السمرَة فَرجع النَّاس بعد ماولوا حَتَّى تَأَشَّبُوا حول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تَرَكُوهُ فِي حرجة سلم وَهُوَ على بغلته وَالْعَبَّاس يشتجرها بِلِجَامِهَا. وروى عَن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِنِّي لمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين آخذ بحكمة (7) بغلته الْبَيْضَاء وَقد شجرتها بهَا وروى وَقد شنقتها بهَا.(2/319)
0 - ا
صَوت الصيت: فعيل من صات بِصَوْت إِذا اشْتَدَّ صَوته. تَأَشَّبُوا: التفوا من أشب الشّجر وروى تناشبوا. الحرجة: الشجراء الملتفة. قَالَ: ... أيا حَرجَات الحيّ يَوْم تَحَمَّلوا ... بِذِي سَلَمٍ لاجاد كن ربيعُ ... السّلم من العضاه: الشّجر. والاشتجار: الْكَفّ والإمساك من الشجار وَهُوَ الْخَشَبَة الَّتِي تُوضَع خلف الْبَاب لِأَنَّهَا تمسكه. والشنق: نَحوه. فِي مُتَعَلق حَتَّى الثَّانِيَة وَجْهَان: أَن يكون مُتَعَلق الأولى وَتَكون هِيَ بَدَلا مِنْهَا وَأَن يكون تَأَشَّبُوا فَيكون لكل وَاحِدَة مُتَعَلق على حِدة. آخذ: خبر ثَان لإن وَلَو نصب على الْحَال على أَن يكون الْعَامِل فِيهِ مَا فِي مَعَ من الْفِعْل لَكَانَ وَجها عَرَبيا كَأَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لفي صحبته يَوْم حنين آخِذا. تَرَكُوهُ: بِمَعْنى جَعَلُوهُ. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ إِذا أصَاب الشَّاة من الْغنم فِي دَار الْحَرْب عمد إِلَى جلدهَا فَجعل مِنْهُ جراباً وَإِلَى شعرهَا فَجعل مِنْهُ حبلاً. فَينْظر رجلا قد صوَّع بِهِ فرسه فيعطيه.
صوع صوع الْفرس إِذا جمح رَأسه من تصويع الطَّائِر وَهُوَ تحريكه رَأسه حَرَكَة متتابعة وَيُقَال: رَأَيْت فلَانا يصوع رَأسه لَا يدْرِي أَيْن يَأْخُذ وَكَيف يَأْخُذ. قَالَ: ... قطعناه والحِرْباء فِي غَيْطَل الضُّحَى ... ترَاهُ على جَذَلٍ منيف مُصَوَّعا ... أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن لِلْإِسْلَامِ صوى ومنارا كمنار الطَّرِيق. هِيَ أَعْلَام من حِجَارَة فِي المفاوز المجهولة الْوَاحِدَة صوَّة. قَالَ: ... ودوّية غَبْرَاء خاشعة الصُّوَى ... لَهَا قلب عفى الْحِيَاض أجون ...
صوى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سُئل: مَتى يجوز شرى النّخل قَالَ: حِين يصوح(2/320)
1 - صوح أى يشقح شبه ذَلِك بتصويح البقل وَذَلِكَ إِذا صَارَت بقْعَة مِنْهُ بَيْضَاء وبقعة فِيهَا ندوة وروى يُصَرح أى يستبين صَلَاحه. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِنِّي لأُدني الْحَائِض وَمَا بِي إِلَيْهَا صُورَة إِلَّا ليعلم الله أَنى لَا أجتنبها لحيضها.
صور هِيَ الْمرة من الصُّور وَهُوَ الْعَطف يُقَال: صَار إِلَيْهِ صوراً قَالَ لبيد: ... مِنْ فَقْدِ مَوْلىً تَصُورُ الحَيَّ جَفْنَتُه ... أَي مَا بِي شَهْوَة تصورني إِلَيْهَا. وَمِنْه حَدِيث مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه نهى عَن أَن تصور شَجَرَة مثمرة. أَي تميلها لِأَنَّهَا تصفّر بذلك ويقل ثَمَرهَا. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى أَنه ذكر الْعلمَاء فَقَالَ: تتعطف عَلَيْهِم قُلُوب لَا تصورها الْأَرْحَام. إِنَّمَا قرَّب الْحَائِض إِظْهَارًا لمُخَالفَة الْمَجُوس فِي مجانبتهم الحَّيض. عِكْرِمَة رَحمَه الله تَعَالَى حَملَة الْعَرْش كلهم صورٌ. جمع أصور وَهُوَ المائل الْعُنُق قَالَ أُميَّة. ... شَرَجَعاً مَا يَنَالهُ بصر الْعين ... ترى دونه الملائك صُوَرا ... فِي الحَدِيث: من أَرَادَ الله بِهِ خيرا يصب مِنْهُ.
صوب أَي ينل مِنْهُ بالمصائب. انصاع فِي (سه) . صيت فى (فح) . الأصواء فِي (هض) . صيرتين فِي (سر) . الصواغون فِي (صب) . بصوار فِي (نغ) . [الصوارين فِي (صم) . منصاح فِي (دب) . الصوار فِي (سل) . أصاول وأصول فِي (حو) ] .(2/321)
2 - الصَّاد مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ أُصيهب أُثيبج حمش السَّاقَيْن فَهُوَ لزَوجهَا وَإِن جَاءَت بِهِ أَوْرَق جَعدًا جمالِيًّا خدلَّج السَّاقَيْن سابغ الإليتين فَهُوَ للذى رميت بِهِ.
صهب الأصهيب: الذى فى شعر رَأسه حمرَة. الأثيبج: النائى الثبج. الحمش: الدَّقِيق. الأورق: الآدم. الخدلج: الخدل أَي الضخم الجمالي: الْعَظِيم الْخلق كَالْجمَلِ. قَالَ الْأَعْشَى. ... جُمَالّية تَغْتَلي بالرِّدَاف ... قَالَت شموس بنت النُّعْمَان رَضِي الله عَنْهَا: رَأَيْته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يؤسس مَسْجِد قُباء فَكَانَ رُبمَا حمل الْحجر الْعَظِيم فيصهره إِلَى بَطْنه فيأتيه الرجل ليحمله فَيَقُول: دَعه واحمل مثله.
صهر أَي يُدْنِيه إِلَيْهِ يُقَال: [458] صهره وأصهره: أدناه وَمِنْه الْمُصَاهَرَة. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَرَبِيعَة بن الْحَارِث ابنيهما الْفضل بن عَبَّاس وَعبد الْمطلب بن ربيعَة يسألانه أَن يستعملهما على الصَّدقَات فَقَالَ عَليّ: وَالله لَا يسْتَعْمل مِنْكُم أحد على الصَّدَقَة. فَقَالَ ربيعَة: هَذَا أَمرك نلْت صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم نحسدك عَلَيْهِ فَألْقى عليٌّ رِدَاءَهُ ثمَّ اضْطجع عَلَيْهِ. فَقَالَ: أَنا أَبُو الْحسن القرم وَالله لَا أريم حَتَّى يرجع إلَيْكُمَا ابْنا كَمَا بحور مَا بعثتما بِهِ. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن هَذِه الصَّدَقَة إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وَإِنَّهَا لَا تحل لمُحَمد ولالآل مُحَمَّد.(2/322)
3 - الصهر: حُرْمَة التَّزْوِيج. وَقيل: الْفرق بَين النّسَب والصهر أَن النّسَب مَا رَجَعَ إِلَى ولادَة قريبَة [والصهر] خلْطَة تشبه الْقَرَابَة. القرم: السَّيِّد. وَأَصله فَحل الْإِبِل المقرم يُقَال: أقرم الْفَحْل إِذا ودَّعه [صَاحبه] من الْحمل وَالرُّكُوب للفحلة. قَالَ: ... فحزّ وظِيف القَرْم فِي نصف سَاقه ... وَذَاكَ عِقال لَا ينّشط عاقلُه ... الْحور: الْجَواب يُقَال كَلمته فَمَا ردَّ إِلَى حور أَو حويرا. وَقيل: أَرَادَ الخيبة من الْحور الَّذِي هُوَ الرُّجُوع إِلَى النَّقْص فِي قَوْلهم: الْحور بعد الكور. الْأسود بن يزِيد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يصهر رجلَيْهِ بالشحم وَهُوَ محرم. أَي يدهنهما بالصهير وَهُوَ الشَّحْم الْمُذَاب كَقَوْلِك: شحمته إِذا دهنته بالشحم. صَهِيل فِي (غث) . [صَهل فِي برم] .
الصَّاد مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر فتْنَة تكون فِي أقطار الأَرْض فَقَالَ: كَأَنَّهَا صياحى بقر.
صيص جمع صصية وَهِي الْقرن سميت بذلك لِأَن الْبَقَرَة تتحصن بهَا وكل مَا يُحصَّن بِهِ فَهُوَ صيصية والكلمة من مضاعف الرباعي فاؤه ولامه الأولى مثلان صادان وعينه ولامه الْأُخْرَى مثلان ياءان: شبه الرماح الَّتِي تشرع فِيهَا وَمَا يشبهها من سَائِر السِّلَاح بقرون بقر مجتمعة قَالَ: ... وَأَصدرتهم شَتَّى كَأَنَّ قِسِيَّهم ... قُرُون صُوارٍ ساقطٍ متغلّبِ ... مَا من أمتِي أحد إِلَّا وَأَنا أعرفهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا: وَكَيف تعرفهم يَا رَسُول الله فِي كَثْرَة الْخَلَائق قَالَ: أَرَأَيْت لَو دخلت صيرة فِيهَا خيل دُهم وفيهَا فرس(2/323)
4 - أغرّ محجّل أَما كنت تعرفه مِنْهَا قَالَ: فَإِن أمتِي غرّ محجلون من الْوضُوء. هِيَ حَظِيرَة تتَّخذ للدواب من الْحِجَارَة وأغصان الشّجر [459] قَالَ الأخطل: ... واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً ... من الحَبَلَّقِ تبنى حولهَا الصير ...
صير والصيرة على مَذْهَب الْأَخْفَش لَا تكون إِلَّا من الْيَاء سيبوية يجوز الْأَمريْنِ فَإِن كَانَت من الْيَاء فَهِيَ من الصيرورة لِأَن الدَّوَابّ تأوى إِلَيْهَا وَتصير وَإِن كَانَت من الْوَاو فَلِأَنَّهَا تصار إِلَيْهَا أَي تمال رواحاً. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ: أَنْت الذائد عَن حَوْضِي يَوْم الْقِيَامَة تذود عَنهُ الرِّجَال كَمَا يذاد الْبَعِير الصَّاد.
صيد هُوَ الصَّيْد فِي الأَصْل كَقَوْلِهِم خَافَ أَصله خوف وَهُوَ الذى بِهِ الصَّيْد داءٌ يَأْخُذ فِي الرَّأْس لَا يقدر من أَجله أَن يلوي عُنُقه وَبِه شبه المتكبر فَقيل لَهُ: أصيد. وَيجوز أَن يروي بِكَسْر الدَّال وَيكون فَاعِلا من الصَّدى وَهُوَ الْعَطش. عَليّ رَضِي الله عَنهُ وطِئت امْرَأَة صَبيا مولدا فشدخته فَشَهِدت نسْوَة عِنْده أَنَّهَا قتلته فَأجَاز شَهَادَتهنَّ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة جزعت فَقَالَ لَهَا: أَنْت مثل الْعَقْرَب تلدغ. وتصىء أَي تصيح وتضج. قَالَ العجاج: ... لهنّ من شباته صيىء ...
صَيِّءُ أنس [بن مَالك] رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شاور أَبَا بكر يَوْم بدر فصاف عَنهُ.
صيف أَي عدل بِوَجْهِهِ عَنهُ ليشاور غَيره من قَوْلك: صَاف السهْم عَن الهدف يصيف. سُلَيْمَان بن عبد الْملك قَالَ عِنْد مَوته: ... إِن بَنيّ صِبْية صَيْفِيُّون ... أفْلَح من كَانَ لَهُ ربعيون ...
صيف أَي ولدُوا على الْكبر من صيفية النِّتَاج والربعيون: الَّذين ولدُوا لَهُ فِي حداثته من ربعية النِّتَاج وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يكن فِي أبنائه من يقلده الْعَهْد بعده. بَين صيرتين فِي (سر) . الصير فِي (صَحَّ) [كالصياحى فى (سو) .(2/324)
حرف الضَّاد
الضَّاد مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ رجل وَهُوَ يقسم الْغَنَائِم: إِنَّك لم تعدل فِي الْقسم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَيحك فَمن يعدل عَلَيْك بعدِي ثمَّ قَالَ: سيخرج من ضئضىء هَذَا قوم يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية.
ضأضأ أى من أَصله يُقَال: هُوَ من ضئضىء صدق. وضؤضؤ صدق. وبؤبؤ صدق. وَحكى بَعضهم ضئضيىء بِوَزْن قنديل. وَأنْشد الحفص الْأمَوِي: ... أكْرم ضِنْء وضئضىء غُرُسا ... فِي الْحَيّ ضئضيئها ومضَاؤها ... إِن إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ جنَاح بالمشرق وَجَنَاح بالمغرب وَالْعرش على جنَاحه وَإنَّهُ [46] لَيَتَضَاءَل الأحيان لِعَظَمَة الله تَعَالَى حَتَّى يعود مثل الْوَصع.
ضأل أَي يتصاغر يُقَال تضاءل الشَّيْء إِذا صَار ضئيلا وَهُوَ النحيف الدَّقِيق. الْوَصع: الصَّغِير من النغران وَقيل: طَائِر شَبيه بالعصفور فِي صغره. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: خرج رجل من الْإِنْس فَلَقِيَهُ رجل من الْجِنّ فَقَالَ: هَل لَك أَن تصارعنى فَإِن صرعتني علمتك آيَة إِذا قرأتها حِين تدخل بَيْتك لم يدْخلهُ شَيْطَان فصارعه فصرعه الْإِنْسِي فَقَالَ: إِنِّي أَرَاك ضئيلا شخيتا كَأَن ذراعيك ذِرَاعا كلب أفهكذا أَنْتُم أَيهَا الْجِنّ كلكُمْ أم أَنْت من بَينهم فَقَالَ: إِنِّي مِنْهُم لضليع فعاودني فصارعه فصرعه الْإِنْسِي فَقَالَ: تقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فَإِنَّهُ لَا يقْرؤهَا أحد إِذا دخل بَيته إِلَّا خرج الشَّيْطَان وَله خبج كخبج الْحمار. فَقيل لعبد الله: أهوَ عمر فَقَالَ: وَمن عَسى أَن يكون إِلَّا عمر(2/325)
6 - الضئيل: النحيف الدَّقِيق وَمِنْه قيل للأفعى ضئيلة والشخيت مثله. وَقد فُعل فُعولة فيهمَا. والضليع: المجفر الجنبين الوافر الأضلاع وَقد ضلع ضلاعة. الخبج والحبج: الضرط. كلكُمْ: تَأْكِيد لَأَنْتُم لَا لصفة أَي أَرَادَ أم أَنْت من بَينهم هَكَذَا فَحذف الْخَبَر لدلَالَة الْكَلَام. إِلَّا عمر بِالرَّفْع بدل من مَحل من وَمحله الرّفْع على الِابْتِدَاء وَهُوَ اسْتثِْنَاء من غير مُوجب لتضمن من معنى الِاسْتِفْهَام كَأَنَّك قلت: هَل أحد مطموع مِنْهُ فِي الصرع إِلَّا عمر وَأَرَادَ: عَسى أَن يكونه أَي أَن يكون الْإِنْسِي الصارع فَحذف لكَونه مَعْلُوما. شَقِيق رَحمَه الله تَعَالَى مثل قرَّاء هَذَا الزَّمَان كَمثل غنم ضوائن ذَوَات صوف عجاف أكلت من الحمضي وشربت من المَاء حَتَّى انتفجت أَو انتفخت خواصرها فمرت بِرَجُل فَأَعْجَبتهُ فَقَامَ إِلَيْهَا فغبط مِنْهَا شَاة فَإِذا هِيَ لَا تنقى ثمَّ غبط مِنْهَا أُخْرَى فَإِذا هِيَ لَا تنقى فَقَالَ: أُفٍّ لَك سَائِر الْيَوْم
ضَأْن هى جمع ضائنة. الانتفاخ والانتفاخ بِمَعْنى. تنقى من النقي وَهُوَ المخ أَي فَإِذا هِيَ مَهْزُولَة. الْغَبْطُ: الجس وروى عبط أَي ذبح.
الضَّاد مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد [أكلتنا] الضبع فَقَالَ: غير ذَلِك أخوف عِنْدِي أَن تصبَّ عَلَيْكُم الدُّنْيَا صبا.
ضبع مثل إهلاك السَّنة بِأَكْل الضبع. والضبع وَالذِّئْب [461] مِمَّا يمثلون بِهِ السَّنة والجوع لِأَنَّهُمَا يعدوان على النَّاس عدوانهما. وَفسّر الذِّئْب فِي قَول أَبى ذُؤَيْب:(2/326)
7 - ... مَنْ ساقَه السَّنة الحَصَّاء والذِّئْبُ ... بِالْجُوعِ طَاف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مضطبعا. يُقَال: اضطبع بِالثَّوْبِ إِذا جعله تَحت إبطه وَترك مَنْكِبه مكشوفا وَهُوَ افتعل من الضبع. ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما يخرجُون من النَّار ضبائر فيُطرحون على نهر من أَنهَار الْجنَّة فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل رَأَيْتُمْ الصبغاء أَو كَمَا تنْبت التغاريز أَو الثعارير.
ضبر أَي جماعات جمع ضبارة كعمارة وعمائر من الضبر وَهُوَ الْجمع وَالضَّم. الْحبَّة: بزور الصَّحرَاء عَن الْفراء. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: مَا تساقط من بزر البقل وَأما الْحِنْطَة وَنَحْوهَا فحبّ لَا غير. وَقيل: هِيَ جمع حب كثور وثيرة وَشَيخ وشيخة. الصبغاء: الطَّاقَة من النبت إِذا طلعت كَانَ مَا يَلِي الشَّمْس من أعاليها أَخْضَر وَمَا بلَى الظل أَبيض من الْأَصْبَغ وَهُوَ الدَّابَّة الَّتِي ابْيَضَّتْ ناصيتها وَالْأُنْثَى صبغاء وَمن المعزى الَّذِي ابيض طرف ذَنبه. وَبَيَانه فِي حَدِيث آخر: فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل ألم تَرَوْهَا مَا يَلِي الظل مِنْهَا أصيفر أَو أَبيض وَمَا يَلِي الشَّمْس مِنْهَا أخيضر التغاريز: جمع تغريز وَهُوَ مَا حوِّل من الفسيل وَغَيره فغرز وَمثله التَّنْوِير والتبيت فِي النُّور والنبت. قَالَ عدي: ... ومَجودٍ قد اسْجَهَرَّ ... تناوِير كلون العُهون فِي الأعْلاَقِ ... والثعارير: الثآليل الْوَاحِد ثعرور.(2/327)
8 - أعوذ بِاللَّه من الضبنة فى السّفر والكآبة فى المنقلب.
ضبن الضُّبْنة والضَّبِنة: عِيَال الرجل لأَنهم فِي ضُبنة وَخص السّفر لِأَنَّهُ مطنة الإقواء وَقيل هم الَّذين لَا غناء فيهم وَلَا كِفَايَة من الرُّفقاء إِنَّمَا هم كلٌّ على من يرافقونه وَقيل: هِيَ الضمنة أَي الضمانة يُقَال: كَانَت ضمنة فلَان تِسْعَة أشهر. فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وشفاعته يَوْم الْقِيَامَة لِأَبِيهِ قَالَ: فيمسخه الله ضبعانا أمجر ثمَّ يدْخل فِي النَّار وروى: ضبعانا أمدر وروى: فيحوله الله ذيخاً وروى: فَإِذا هُوَ عيلام أمدر. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه ذكر هُوَ وَعبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ حَدِيث إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَا: يَأْتِيهِ أَبوهُ يَوْم الْقِيَامَة فيسأله أَن يشفع لَهُ فَيَقُول لَهُ: خُذ بحجزتي فَيَأْخُذ بحجزته فتحين من إِبْرَاهِيم التفاتة إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ بضبعان أمدر فينتزع حجزته من يَدَيْهِ وَيَقُول: مَا [462] أَنْت بأبى
ضبع الضبعان: الذّكر من الضباع وَكَذَلِكَ الذيخ والعيلام. قَالَ: ... تمد بالعَلْبَاء والأَخَادِع ... رَأْسا كعيلام الضِّبَاع الضَّالِع ... الأمجر والأمدر: الْعَظِيم الْبَطن والأمدر من قَوْلهم عكرة مدراء وبطحاء أَي ضخمة عَظِيمَة على عدد الْمدر وَقيل الأمدر الأغبر وَيُقَال للضبع مدراء وغبراء. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الْكَعْبَة كَانَت تفيء على دَار فلَان بِالْغَدَاةِ وتفيء هِيَ على الْكَعْبَة بالعشيّ وَكَانَ يُقَال لَهَا رضيعة الْكَعْبَة فَقَالَ عمر: إِن داركم قد ضبنت الْكَعْبَة وَلَا بُد لى من هدمها.
ضبن أى عزتها بفيئها وطالتها فَأَصْبَحت مِنْهَا بِمَنْزِلَة مَا يَجعله الْإِنْسَان فِي ضبنه وَمِنْه قَوْلهم: ضبن عَنَّا الْهَدِيَّة وَيجوز أَن يكون من ضبنه إِذا أزمنه وَرجل مضبون. قَالَ مزرد: ... وَلَوْلَا بَنو سَعْد ورهطُ ابْن باعثٍ ... قرعتُك بَين الحاجبين وقاعِ
فَتُصْبِحُ كالزَّبَّاء تَمْرِي بخُفِّها ... وَقد ضَبِنتها وَقْرَةٌ بكُراعِ ...(2/328)
9 - وَالْمعْنَى غضَّت مِنْهَا وأضعفت أبهتها وجلالة شَأْنهَا. سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حبس أَبَا محجن فِي شرب الْخمر فَلَمَّا التقى النَّاس يَوْم الْقَادِسِيَّة قَالَ أَبُو محجن لامْرَأَة سعد: أطلقيني وَلَك الله عليّ إِن سلمني [الله] أَن أرجع حَتَّى أَضَع رجلى فى الْقَيْد فحلته فَوَثَبَ على فرس لسعد يُقَال لَهَا البلقاء فَجعل لَا يحمل على نَاحيَة من الْعَدو إِلَّا هَزَمَهُمْ وَجعل سعد يَقُول: الضبر ضبر البلقاء والطعن طعن أَبى محجن فَلَمَّا هُزم الْعَدو رَجَعَ حَتَّى وضع رجله فِي الْقَيْد فَلَمَّا رَجَعَ سعد أخْبرته امْرَأَته بِمَا كَانَ من أمره فخلى سَبيله فَقَالَ أَبُو محجن: قد كنت أشربها إِذْ كَانَ يُقَام عليَّ الْحَد وأطهر مِنْهَا فَأَما إِذْ بهرجتني فَلَا أشربها أبدا.
ضبر الضبر: أَن تجمع قَوَائِمهَا وَتثبت. بهرجتني: أهدرتني بِإِسْقَاط الْحَد عني يُقَال: بهرج السُّلْطَان دم فلَان. وَنظر أَعْرَابِي إِلَى دجلة فَقَالَ: إِنَّهَا البهرج لكل أحد أَي الْمُبَاح وَقيل: البهرجة أَن تعدل بالشَّيْء عَن الجادة القاصدة إِلَى غَيرهَا. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يخْرجن أحدكُم إِلَى ضبحةٍ بلَيْل وروى: صَيْحَة وَالْمعْنَى وَاحِد.
ضبح يُقَال ضبح فلَان ضبحة الثَّعْلَب أَي إِذا سمع صَوتا وجلبة فَلَا يخْرجن لِئَلَّا يصاب بمكروه. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يُفضي بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض إِذا سجد وهما تضبان دَمًا.
ضبب هُوَ دون السيلان يَعْنِي أَنه لم ير الدَّم الفاطر [463] ناقضاً للْوُضُوء. أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الضَّب ليَمُوت هزالًا فِي جُحْره بذنب ابْن آدم وروى: إِن الحباري لتَمُوت. يُرِيد أَن الله تَعَالَى يحبس الْمَطَر بشؤم ذَنبه حَتَّى تَمُوت الْهَوَام أَو الطير هزالًا. وَخص(2/329)
0 - الضَّب لِأَنَّهُ أطول الْحَيَوَان ذماء وأصبرها على الْجُوع. وَفِي أمثالهم: اطول ذماء من الضَّب أَو الحباري لِأَنَّهَا أبعد الطير نجعة تذبح بِالْبَصْرَةِ فتوجد فى حوصلها الْحبَّة الخضراء وَبَين الْبَصْرَة ومنابت البطم مسيرَة أَيَّام وَأَيَّام. شميط رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: قل للملأ من بني إِسْرَائِيل لَا يدعوني والخطايا بَين أضبانهم ليلقوها ثمَّ ليدعونى.
ضبن ويروى بالنُّون والثاء فَهُوَ بالنُّون جمع ضبن وبالثاء جمع ضبثة على تَقْدِير
ضبث حذف الثَّاء كَقَوْلِهِم مُؤَن جمع مأنة. والضبثة: القبضة يُقَال ضبثه الْأسد وضبث بِهِ إِذا قبض عَلَيْهِ أى وهم محتقبون للأوزار محتملون لَهَا غير مقلعين عَنْهَا. ضبوب فِي (شب) . الضبيس فِي (صب) . بضبور فِي (فش) . فِي ضبعها فِي (لَو) . ضبس فِي (كل) . الضبع فِي (يت) . وضبح فِي (تع) . الضبر فِي (مظ) . خبنه فِي (سِتّ) .
الضَّاد مَعَ الْجِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل حَتَّى إِذا كَانَ بضجنان أَو بعسفان لَقِي الْمُشْركين فَحَضَرت صَلَاة الظّهْر فتذامر الْمُشْركُونَ فَقَالُوا: هلاّ كُنَّا حملنَا عَلَيْهِ وهم فى الصَّلَاة
ضجن ضجنَان: جبل بِنَاحِيَة مَكَّة. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: أَنه مر بضجنان فَقَالَ: رَأَيْتنِي بِهَذَا الْجَبَل أحتطب مرّة وأختبط أُخْرَى على جمال للخطاب وَكَانَ شَيخا غليظاً فَأَصْبَحت بجنبتي النَّاس وَمن لم يكن يبخع لنا بِطَاعَة لَيْسَ فَوقِي أحد. فتذامروا أَي فتلاوموا واستقصروا أنفسهم على الْغَفْلَة وَترك الفرصة. يُقَال:(2/330)
1 - تذمر الرجل لَام نَفسه على التَّقْصِير فِي الْأَمر مثل تذمم. وَقد يكون مثل تحاضوا على الْقِتَال من ذمر الرجل صَاحبه. قَالَ عنتر: ... لما رَأَيْت القومَ أقْبَل جَمْعُهمْ ... يَتَذامرون كَرَرْتُ غَيْر مُذَمَّمِ ... عسفان: وَاد غليظاً من الغلظة يعْنى أَنه كَانَ يغلط عَلَيْهِ فِي الِاسْتِعْمَال. بجنبتي أَي بجانبي وَالْجنب والجنبة والجنبة وَالْجِنَايَة وَاحِد يَقُولُونَ: أَنا بجنبة هَذَا الْبَيْت ومروا يَسِيرُونَ بجنبتيه وجنا بتيه. بخع لَهُ بِطَاعَة: إِذا أقرّ لَهُ بهَا وأذعن. انضجعت فِي (بج) .
الضَّاد مَعَ الْحَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هوَازن فَبينا نَحن مَعَ رَسُول [464] الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتضحى. جَاءَ رجل على جمل أَحْمَر فأناخه ثمَّ انتزع طلقاً من حقبه فقيَّد بِهِ الْجمل.
ضحا تضحَّى: إِذا تغدَّى. والضَّحاء: الْغَدَاء. الطَّلق: قيد من جُلُود. قَالَ [رؤبة] يصف حمارا: ... مُحَمْلَج أدرج إدراج الطلق ... الحقب: الْجَبَل الَّذِي يشد فِي حقو الْبَعِير على الرفادة فِي مُؤخر القتب وَكَأن الطلق كَانَ مُعَلّقا بِهِ فانتزعه مِنْهُ وَأَرَادَ من مَوضِع حقبه وَهُوَ مُؤخر القتب. كتب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحارثة بن قطن وَمن بدومة الجندل من كلب: إِن لنا الضَّاحية من البعل وَلكم الضامنة من النّخل لَا تجمع سارحتكم وَلَا تعدُّ(2/331)
2 - فاردتكم وَلَا يحظر عَلَيْكُم الْبَنَات وَلَا يُؤْخَذ مِنْكُم عُشر الْبَتَات. الضَّاحية: الَّتِي فِي البرِّ والضامنة: الَّتِي فِي الْقرى. والبعل: الشَّارِب بعروقه من غير سقِِي. السارحة السَّائِمَة يَعْنِي لَا يجمع بَين متفرقها وَقيل: لَا تُجمع إِلَى الْمُصدق وَلَكِن يَأْتِيهَا فيصدقها حَيْثُ هِيَ. الفاردة: الشَّاة المنفردة أَي لَا تُضمّ إِلَى الشَّاء فتحتسب مَعهَا. الْبَتَات: الْمَتَاع. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ: إِن أَبَا طَالب كَانَ يحوطك وينصرك فَهَل يَنْفَعهُ ذَلِك قَالَ: نعم وجدته فِي غَمَرَات من النَّار فَأَخْرَجته إِلَى ضحضاح وروى: أَنه فِي ضحضاح من نَار يغلي مِنْهُ دماغه وروى: رَأَيْت أَبَا طَالب فِي ضحضاح من النَّار وَلَوْلَا مَكَاني لَكَانَ فِي طمطام.
ضحضح هُوَ فِي الأَصْل المَاء إِلَى الْكَعْبَيْنِ. والطمطام: مُعظم مَاء الْبَحْر. وفى حَدِيث أَبى الْمنْهَال قَالَ: بَلغنِي أَن فِي النَّار أَوديَة فِي ضحضاح فى تِلْكَ الأودية حيات أَمْثَال أجواز الْإِبِل وعقارب أَمْثَال البغال الخنس إِذا سقط إلَيْهِنَّ بعض أهل النَّار أنشأن بِهِ نشطا ولسباً. الأجواز: جمع جوز وَهُوَ الْوسط وَمِنْه قيل للشاة المبيض وَسطهَا جوزاء وَبهَا سميت الجوزاء. الخنس: الْقصار الأنوف. النَّشط: اللسع باختلاس وَسُرْعَة وكل شَيْء اختلس فقد انتشط. اللسب واللسع أَخَوان. نشطا: مَنْصُوب بِفعل مُضْمر أَي أنشأن بِهِ ينشطنه نشطا فَحذف الْفِعْل وَوضع(2/332)
3 - الْمصدر مَوْضِعه. وَأَنْشَأَ يسْتَعْمل اسْتِعْمَال طفق وَأخذ. إِن النَّاس قحطوا على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد فصلى بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ جهر فيهمَا بِالْقِرَاءَةِ ثمَّ قلب رِدَاءَهُ ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ ضاحت بِلَادنَا واغبرت أَرْضنَا وهامت دوابنا. اللَّهُمَّ ارْحَمْ بهائمنا الحائمة والأنعام السَّائِمَة والأطفال المحثلة.
ضحى قَالُوا فِي ضاحت: هِيَ فاعلت من ضحى إِذا برزت للشمس وَمَعْنَاهَا كَأَنَّهَا بارت غَيرهَا من الْبِلَاد [465] فِي الضحو لعدم النَّبَات وفقد مَا يستر أديمها من العشب. وَعِنْدِي أَنَّهَا مِمَّا رَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي وَهُوَ الثِّقَة الْمَأْمُون قَالَ يُقَال: ضاحت عِظَامه إِذا تحركت من الهزال وبرزت حَتَّى يرى النَّاظر حجمها. ضيحاً وضيوحاً وضيحاناً. وَأنْشد: ... إِمَّا تريْني كالعريش المضْرُوجْ ... ضاحتْ عِظَامِي عَن لَقىً مفروجْ
فقد شهدتُ اللَّهْو غير التزليجْ ... الحائمة: الَّتِي تحوم حول موارد المَاء أَي تَدور وَلَا ترد لعدم المَاء وَيُقَال: كَانَ عمر بن أبي ربيعَة عفيفاً يصفُ ويعفّ ويحوم وَلَا يرد قَالَ: ... وإنّ بِنَا لَو تعلمين لَغُلَّةً ... إِلَيْك كَمَا بالحائماتِ غَليل ... المحثل: المهزول لسوء الرَّضاع يُقَال: أحثلته أمه وَقد يكون: أَن يحثله الدَّهْر بِسوء الْحَال. يبْعَث الله السَّحَاب فيضحك أحسن الضحك ويتحدث أحسن الحَدِيث.
ضحك أَرَادَ الْبَرْق والرعد وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا جعل لمع الْبَرْق أحسن الضحك وقصف الرَّعْد أحسن الحَدِيث لِأَنَّهُمَا آيتان حاملتان على التَّسْبِيح والتهليل.(2/333)
4 - عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أضحوا بِصَلَاة الضُّحَى. أى صلوها فى وَقتهَا وَلَا تؤخرها إِلَى أَن يرْتَفع الضُّحى. رأى رَضِي الله عَنهُ عَمْرو بن حُرَيْث فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: الشَّام فَقَالَ: أما إِنَّهَا ضاحية قَوْمك وهى اللماعة بالركبان.
ضحى أَي نَاحيَة قَوْمك. والضاحية: النَّاحِيَة البارزة وَمِنْهَا قُرَيْش الضواحي. اللماعة بالركبان أَي تلمع بهم وَتَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا وتطِّبيهم. واللمع: الْإِشَارَة الْخفية. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي كِتَابه إِلَى ابْن عَبَّاس: أَلا ضحِّ رويدا فَكَأَن قد بلغت المدى. أَي اصبر قَلِيلا واتَّئدْ. وَأَصله من تضحية الْإِبِل وَهِي رعيها ضحاءً على تؤدة فِي خلال السّير. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رأى محرما قد استظل فَقَالَ: اضح لمن أَحرمت لَهُ. أَي ابرز يُقَال ضَحِي يَضْحَى وضَحَى يَضْحى. بِضَاحِكَةٍ فِي (أش) . يتضحون فِي (سر) . فِي الضحاء فِي (كب) . الضاحية من الضحل فِي (ند) . ضحا ظله فِي (وَج) . ضح فِي (كل) . أضحيان فِي (دي) . الضُّحَى والضبح فِي (دث) . ضحضاحها فِي (حن) .
الضَّاد مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع مَا فِي بطُون الْأَنْعَام حَتَّى تضع وَعَما فِي ضروعها إِلَّا بكيل وَعَن شِرَاء العَبْد وَهُوَ آبق وَعَن بيع الْغَنَائِم حَتَّى تقسَّم وَعَن شِرَاء الصَّدقَات حَتَّى تقبض وَعَن ضَرْبَة الغائص.(2/334)
5 - ضرب هِيَ أَن يَقُول: أغوص غوصة فَمَا أخرجته فَهُوَ لَك بِكَذَا فَنهى عَنْهَا لِأَنَّهَا غرر وَكَذَلِكَ سَائِر مَا ذكر. مربى [466] جَعْفَر فِي مَلأ من الْمَلَائِكَة مضرج الجناحين بِالدَّمِ.
ضرج أى مر ملها وَمِنْه ضرج الثَّوْب إِذا صبغه بالحمرة خَاصَّة. وَعَن ابْن دُرَيْد: رُبمَا اسْتعْمل فِي الصُّفرة. قيل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: أتضارون فِي رُؤْيَة الشَّمْس بِغَيْر سَحَاب قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّكُم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَته وروى تضَارونَ (بِالتَّخْفِيفِ) وتضامون وتضامون (بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد) .
ضَرَر أَي لَا يضار بَعْضكُم بَعْضًا بِمَعْنى لَا يُخَالف يُقَال ضاررته إِذا خالفته قَالَ الْجَعْدِي: ... وخصمى ضرار ذوى تدرأ ... مَتى يَأْتِ سلمهَا يشغبا ... وَلَا تضَامون أى لَا يزاحم بَعْضكُم بَعْضًا وَلَا يُقَال: أرنيه كَمَا تَفْعَلُونَ فِي رُؤْيَة الْهلَال وَلَكِن ينْفَرد كل بِرُؤْيَتِهِ. وَلَا تضَامون من الضيم أَي تستوون فِي الرُّؤْيَة حَتَّى لَا يضم بَعْضكُم بَعْضًا وَكَذَلِكَ لَا تضَارونَ من الضير. دخل عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يابنى جَعْفَر بن أبي طَالب فَقَالَ لحاضنتهما: مَالِي أراهما ضارعين فَقَالَت: تُسرع الْعين إِلَيْهِمَا فَقَالَ: استرقوا لَهما.
ضرع أَي ضاويين وَقد ضرع الرجل إِذا استكان وخضع ضرعاً وضراعة وضرع مثله. الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الضراع وَهُوَ على منا الْكَعْبَة. وَفِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن ابْن الْكواء قَالَ لَهُ: مَا الْبَيْت الْمَعْمُور(2/335)
6 - فَقَالَ: بَيت فِي السَّمَاء يدعى الضراح يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك على ثكنتهم. وَعَن ابْن الطُّفَيْل: سَمِعت عليا رضى تَعَالَى عَنْهُمَا وسُئل عَن الْبَيْت الْمَعْمُور فَقَالَ: ذَاك الضراع بَيت بحيال الْكَعْبَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ حَتَّى تقوم السَّاعَة وروى عَنهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: هُوَ بَيت فِي السَّمَاء تيفاق الْكَعْبَة وروى: نتاق الْكَعْبَة.
ضرح أَي مطلٌّ عَلَيْهَا من قَوْله تَعَالَى {وإذْ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة} . وَفِيه لُغَتَانِ: الضُّراح والضَّريح قَالَ مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {والبَيْتِ المَعْمُورِ} هُوَ الضريح وَهُوَ من المضارحة بِمَعْنى الْمُعَارضَة والمقابلة يُقَال ضارح صَاحبك فِي رَأْيه وَنِيَّته قَالَ: ... ومبنية تَلْغَي الروَاة بذكرها ... قضيت وأجْراها القرين المضارح ... لكَونه مُقَابلا للكعبة وَمن رَوَاهُ بالصَّاد غير الْمُعْجَمَة فقد صحَّف. وسألني عَنهُ بعض المشيخة المتعاطين لتفسير الْقُرْآن وَأَنا حدث فَطَفِقَ يلاجّني وَيَزْعُم أَنه بالصَّاد حَتَّى رويت لَهُ بَيت المعري: ... [467] وَقد بلغ الضُّراح وساكنيه ... نَثاك وزار من سكن الضَّريحا ... ورأيته كَيفَ قصد الْجمع بَين الضُّراح والضَّريح ليجنس فسكن ذَلِك من جماحه. على منا الْكَعْبَة أى على قدرهَا وَقيل بحذائها. يُقَال: دَاري منا دَاره وحيالها وتيفاقها بِمَعْنى. الثُّكنة: الرَّايَة أَي يدْخلُونَهَا برايات لَهُم وعلامات لَهُم. إِن الْمُسلم المسدد ليدرك دَرَجَة الصَّوَّام القوام بآيَات الله بِحسن ضريبته.
ضرب هى خلقه وطبيعته. وهى الضَّرْب كَأَنَّهَا مَا ضرب عَلَيْهِ كَمَا قيل: طَبِيعَته ونحيتته. أَي مَا طبع عَلَيْهِ ونحت. قَالَ زُهَيْر: ... ومَنْ ضريبته التَّقْوَى ويعصِمُه ... من سىء العثرات الله والرحِمُ ... عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا نَادَى(2/336)
7 - المنادى أدبر الشَّيْطَان وَله ضريط.
ضرط أَي ضراط كنهيق وشحيح فِي نُهاق وشُجاح. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن قيس بن أبي حَازِم: كَانَ يخرج إِلَيْنَا وَكَأن لحيته ضرام عرفج.
ضرم هُوَ لَهب النَّار شبهها فِي احمرارها لإشباعه إِيَّاهَا بِالْحِنَّاءِ بسنا نَارا لعرفج. وَخص العرفج لِأَن لَهب ناره أسطع لإسراع النَّار فِيهِ وروى ضرامة عرفج. وَهِي الشعلة. اكل رضى الله عَنهُ مَعَ رجل بِهِ ضرو من جذام.
ضرو الضرو (بِالْكَسْرِ) : الضّاري وَمِنْه: إِن قيسا ضراء الله. جمع ضرو شبهوا بالسباغ الضَّارية فِي شجاعتهم أَي بِهِ دَاء قد ضرى بِهِ ولهج لَا يُفَارِقهُ فَإِن روى بِالْفَتْح فَهُوَ من قَوْلك: ضرا الْجرْح يضرو ضروا. وعرق ضار وضرى لَا يَنْقَطِع سيلانه أَي بِهِ قرحَة ذَات ضرو وَلَا تزَال تصد وقرح المجاذيم كَذَلِك عَافَانَا الله من مثل مَا ابْتَلَاهُم بِهِ وصبّرهم عَلَيْهِ. عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ خبيب بن شَوْذَب: كَانَ الْحمى حمى ضرية على عهد عُثْمَان سرح الْغنم سِتَّة أَمْيَال ثمَّ زَاد النَّاس فِيهِ فَصَارَ خيالٌ بإمَّرة وخيال بأسود الْعين. قَالَ: وَحمى الرَّبذة نَحْو من حمى ضريّة.
ضرى ضريّة: اسْم امْرَأَة سمي بهَا الْموضع. سرح الْغنم أَي مَوضِع سرحها. الخيال: خَشَبَة ينصبونها وَعَلَيْهَا ثِيَاب سود ليُعلم أَنَّهَا حمى. إمّرة وأسود الْعين: جبلان. قَالَ: ... إِذا غَابَ عَنْكُم أسْود الْعين كُنْتُمُ ... كراما وأنتمْ مَا أَقَامَ لئام ...(2/337)
8 - عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَالله لود مُعَاوِيَة أَنه مَا بَقِي من بني هَاشم نافخ ضرمة إِلَّا طعن فى نيطه.
ضرم الضرمة: النَّار عَن أبي زيد. يُقَال: طعن [468] فِي نيطه أَي فِي جنَازَته وَمن ابْتَدَأَ بِشَيْء أَو أَدخل فِيهِ فقد طعن فِيهِ. وَقَالَ غَيره: طُعن على لفظ مَا لم يُسمَّ فَاعله. والنيط: نِيَاط الْقلب أَي علاقته الَّتِي يتَعَلَّق بهَا وَإِذا طُعن مَاتَ صَاحبه. نهى رَضِي الله عَنهُ عَن الشّرْب فِي الْإِنَاء الضاري. هُوَ الَّذِي ضرى بِالْخمرِ فَإِذا جعل فِيهِ الْعصير أَو النَّبِيذ صَار مُسكرا. وَقيل:
ضرى هُوَ السَّائِل من ضرا يضروا إِذا سَالَ لِأَنَّهُ ينغص الشُّرب [على شَاربه] . دخل رَضِي الله عَنهُ بَيت المَال فأضرط بِهِ.
ضرط أَي استخف بِهِ من قَوْلهم: تكلم فلَان فأضرط بِهِ فلَان وَهُوَ أَن يَحْكِي لَهُ بِفِيهِ فعل الضارط هزءًا وسخرية. معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ للنخع: إِذا رَأَيْتُمُونِي صنعت شَيْئا فى الصَّلَاة فَاصْنَعُوا مثله فَلَمَّا صلى بهم أضرَّ بِعَيْنِه غُصْن شَجَرَة فَكَسرهُ فَتَنَاول كل رجل مِنْهُم غصنا فَكَسرهُ فَلَمَّا صلى قَالَ: إِنِّي إِنَّمَا كَسرته لِأَنَّهُ أضرّ بعيني وَقد أَحْسَنْتُم حِين أطعتم.
ضَرَر أَي دنا من عَيْني وركبها يُقَال أضرّ فلَان بفلان إِذا لصق بِهِ دنوًّا. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كل شَيْء دنا مِنْك حَتَّى يزحمك فقد أضرّ بك وسحاب مضرّ إِذا كَانَ مسفًّا. قَالَ الْهُذلِيّ: ... غَدَاةَ الْمليح يَوْم نَحن كأننا ... غواشي مُضِرٍّ تَحت ريح ووابل ... قَالَ الأصمعى: شبه جيشهم بسحاب قد أَسف. سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِنَّه يجزىء من الضَّارورة صبوح أَو غبوق. هِيَ الضَّرُورَة. قَالَ ابْن الدمينة: ... أثيبي أَخا ضارورة أصْفَق العِدى ... عَلَيْهِ وقَلَّتْ فِي الصّديق أواصرُه ...(2/338)
9 - أَي إِنَّمَا يحل من الْميتَة للْمُضْطَر أَن يصطبح مِنْهَا أَو يغتبق وَلَيْسَ لَهُ أَن يجمع بَينهمَا. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كره الضرس.
ضرس هُوَ صمت يَوْم إِلَى اللَّيْل سمي ضرساً كَمَا سميت الحمية أزماً لِأَن الصَّامِت يطبق فَاه وَيضم بعض أَضْرَاسه إِلَى بعض كالعاض. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَا تتبع من مُضْطَر شَيْئا.
ضَرَر هُوَ المضهد الْمُكْره على البيع مفتعل من الضَّرُورَة. ابْن عبد الْعَزِيز رَحْمَة الله تَعَالَى كَانَ عِنْده مَيْمُون بن مهْرَان فَلَمَّا قَامَ من عِنْده قَالَ: إِذا ذهب هَذَا وضرباؤه لم يبْق فى النَّاس إِلَّا رجاجة من الرجاج.
ضرب جمع ضريب وَهُوَ الْمثل وَكَأن أَصله من ضريب القداح ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي كل نَظِير. الرجاج مثل الرعاع. ضرَّة فِي (بر) . الضراع فِي (تب) . الضريب فِي (حت) . الضريح فِي (دج) . ضراء الله فِي (سوء) . ضرب فِي (مَعَ) اضرس فِي (حب) ضرس فِي (كل) . ضرع فِي (قف) . ضُرِب كَعبه فِي (ده) . واضطربت فِي (ضن) . ضريّة فِي (نق) . ضَرَر فِي (سه) . فَضرب فِي (شز) . إِلَى ضرس فِي (لع) . ضرب الْحق فِي (ذف) . فَضَرِّجُوهُ فِي (أَب) . ضرب يعسوب فِي (عس) . بالمضرج فِي (فد) . بضرس فِي (ذمّ) .
الضَّاد مَعَ الزَّاي
[469] عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث بعامل ثمَّ عَزله فَانْصَرف إِلَى منزله بِلَا شَيْء فَقَالَت لَهُ امْرَأَته. أَيْن مرافق الْعَمَل فَقَالَ لَهَا: كَانَ معي ضيزنان يحفظان ويعلمان.
ضزن يعْنى الْملكَيْنِ يُقَال: جعلت ضيزنا لفُلَان هُوَ أَن ترسل بندارا ثمَّ ضاغطا عَلَيْهِ وَهُوَ الْآخِذ على يَدَيْهِ دون مَا يُريدهُ وَهُوَ يَضْزُنُنِي ويَضْزِنُنِي بِمَعْنى يضبنني أَي يحبسني. قَالَ:(2/339)
0 - ... إِن شريبك لضَيْزِنَانْ ... عِنْد إزاء الْحَوْض مِلْهَزَانْ
عَجّل فأَصدر قبل يوردان ... والمضارنة فِي الْورْد الْمُزَاحمَة. وَيُقَال: الْجَار ضيزان عَلَيْك إِذا كَانَ سيىء الْخلق.
الضَّاد مَعَ الطَّاء
الضياطرة فِي (حم) .
الضَّاد مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي غَزْوَة خَيْبَر: من كَانَ مضعفا اَوْ مصعبا فَليرْجع.
ضعف أَي ضَعِيف الْبَعِير أَو صعبه. وَعَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ المضعف أَمِير على أَصْحَابه. يَعْنِي فِي السَّفر لأَنهم يَسِيرُونَ بسيره. عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أنبئك بِأَهْل الْجنَّة قلت: بلَى قَالَ: كل متضعف ذى طمرين لَا يؤبه لَهُ لَو أقسم على الله لَأَبَره. أَلا أنبئك بِأَهْل النَّار كل حَظّ جعظ مستكبر. قلت: مَا الجظّ قَالَ: الضخم. قلت: مَا الجعظ قَالَ: الْعَظِيم فِي نَفسه. تضعفته بِمَعْنى استضعفته أَي اسْتَضْعَفَهُ الْفقر ورثاثة الْحَال. الْقسم على الله: أَن يَقُول: بحقك يَا ربّ فافعل كَذَا. قيل للضخم الجظّ من جظّه بالغصّة إِذا كظه بهَا أَي أشجاه كَمَا قيل لَهُ جرائض من جرض وللمتعظم الجعظ لذهابه بِنَفسِهِ من أجعظ الرجل إِذا هرب. قَالَ العجاج: ... بالجفرتين أجْعَظُوا إجعاظا ...(2/340)
1 - فى الحَدِيث: اتَّقوا الله فى الضعيفين.
ضعف هما الْمَرْأَة والمملوك. فيضعف فِي (عض) . فَتَضَعَّفْت فِي (ري) . تضعضع بهم فِي (صع) . مضعفهم فِي (كف) .
الضَّاد مَعَ الْغَيْن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُهديت لَهُ ضغابيس فقبلها وقبّلها وَأكل مِنْهَا.
ضغبس هِيَ صغَار القثاء الْوَاحِد ضغبوس. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ نبت ينْبت فِي أصُول الثمام يشبه الهليون يسلق بالخل وَالزَّيْت ويؤكل. وَيُقَال لأغصان الثمام والشوك الَّتِي تُؤْكَل ضغابيس وللرجل الضَّعِيف ضغبوس على التَّشْبِيه. وَقيل لعجوز: مَا طَعَامك فَقَالَت: الْحَار والقار وَمَا حشت بِهِ النَّار وَإِن [47] ذُكرت الضغابيس فَإِنِّي ضغبة. أَي مشتهية لَهَا وَلَيْسَ هَذَا بمشتق مِنْهُ لِأَن السِّين فِيهِ غير مزيدة وَإِنَّمَا هُوَ مِنْهُ كسبط من سبطر ودمث من دمثر وَلَا فصل بَين حرف لَا يُزَاد أصلا وَبَين حرف وَقع فِي مَوضِع غير الزِّيَادَة وَإِن عُدَّ فِي جملَة الزَّوَائِد. وَفِي حَدِيث آخر: إِن صَفْوَان بن أُميَّة أهْدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضغابيس وجداية. الجِداية والجَداية: الصَّغِير من الظباء ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى. وَفِي الحَدِيث: لَا بَأْس باجتناء الضغابيس فِي الْحرم. دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عتبَة بن عبد الْعُزَّى فَقَالَ: اللَّهُمَّ سلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك فَخرج عتبَة فِي تجرٍ من قُرَيْش حَتَّى نزلُوا بمَكَان من الشَّام يُقَال لَهُ الزَّرْقَاء لَيْلًا فَعدا عَلَيْهِ الْأسد من بَين الْقَوْم فَأخذ بِرَأْسِهِ فضغمه ضغمة فدغه.
ضغم الضغم: العض بِشدَّة وَمِنْه الضيغم. الفدغ: الشدخ. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ طَاف بِالْبَيْتِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كتبت على إِثْمًا أَو ضغثاً فامحه عني فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وعندك أم الْكتاب.(2/341)
2 - ضغث هُوَ من الْعَمَل مَا كَانَ مختلطا غير خَالص فعل بِمَعْنى مفعول كالذبح وَالْحمل من ضغث الحَدِيث إِذا خلطه وأنانا ضغيثة من نَاس أَي جمَاعَة ملتبسة دخل بَعْضهَا فِي بعض وَمِنْه قَوْلهم للحزمة من خلى أَو غَيره: ضغث وللأحلام الملتبسة أضغاث. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه أرْدف غُلَامه خَلفه فَقيل لَهُ: لَو أنزلته فيسعى خَلفك فَقَالَ: لِأَن يسير معي ضغثان من نَار يحرقان مني مَا أحرقا أحبُّ إليّ من أَن يسْعَى غلامي خَلْفي. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ انْتهى عجبي عِنْد ثَلَاث: الْمَرْء يفرّ من الْمَوْت وَهُوَ لاقيه والمرء يرى فِي عين أَخِيه القذاة فيعيبها وَيكون فِي عينه الْجذع لَا يعِيبهُ والمرء يكون فِي دَابَّته الضغن فيقوّمها جهده وَيكون فِي نَفسه الضغن فَلَا يقوِّم نَفسه.
ضغن هُوَ التواء وعسر فِي الدَّابَّة وَقد ضغنت ضغناً وَمِنْه الضغن وَاحِد الأضغان وقناة ضغنة وفيهَا ضغن أَي عوج أَرَادَ فعلات هَؤُلَاءِ فَلذَلِك أنثّ الْعدَد. الضغث فِي (لح) . وضغم فِي (عش) . بالضغث فِي (غر) . ضاغط فِي (عر) . ضواغي فِي (لَو) .
الضَّاد مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لم يشْبع من خبز وَلحم إِلَّا على ضفف وروى: على شظف.
ضفف هما الشدَّة والضيق. قَالَ الْأَعرَابِي: [471] الضفف والحفف والقشف كلهَا الْقلَّة والضيق فِي الْعَيْش وَقَالَ الْفراء: جَاءَنَا على ضفف وحفف أَي على حَاجَة أَي لم يشْبع وَهُوَ رافه الْحَال متسع نطاق الْعَيْش وَلَكِن غَالِبا على عيشه الضّيق وَعدم الرَّفَاهِيَة. وَقيل: الضفف اجْتِمَاع النَّاس يُقَال: ضفّ الْقَوْم على المَاء يضفُّون ضفَّا وضففاً وَأنْشد الْأَصْمَعِي لغيلان: ... مَا زُلْتُ بالعُنْفِ وَفَوق العنفِ ... حَتَّى اشْفَتَرَّ الناسُ بعد الضَّفِّ ... وَجَاء فِي ضفة من النَّاس أَي فِي جمَاعَة وكلمتني عِنْد ضفة الْحَاج. وَمَاء مضفوف: كثرت واردته أَي لم يَأْكُل وَحده وَلَكِن من النَّاس.(2/342)
3 - أوتر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسبع أَو تسع ثمَّ اضْطجع ونام حَتَّى سمع ضفيزه ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ وروى: فخيخه وغطيطه وخطيطه وَرَوَاهُ بَعضهم: صفيره.
ضفز وَمعنى الْخَمْسَة وَاحِد وَهُوَ نخير النَّائِم إِنَّمَا لم يجدد الْوضُوء لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُوما فِي نَومه من الْحَدث. مر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوادي ثَمُود فَقَالَ: يأيها النَّاس إِنَّكُم بواد مَلْعُون من كَانَ اعتجن بمائه فليضفزه بعيره. وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَلا أَن قوما يَزْعمُونَ أَنهم يحبونك يضفزون الْإِسْلَام ثمَّ يلفظونه ثمَّ يضفزونه ثمَّ يلفظونه ثَلَاثًا وَلَا يقلبونه. الضفز: التلقيم والضفيزة: اللُّقْمَة الْكَبِيرَة. مَا على الأَرْض نقس تَمُوت لَهَا عِنْد الله خير تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَلَا تضافر الدُّنْيَا إِلَّا الْقَتِيل فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع فَيقْتل مرّة أُخْرَى.
ضفر المضافرة: الملابسة والمداخلة فلَان يضافر فلَانا أَي لَا يحب معاودة الدُّنْيَا وملابستها إِلَّا الشَّهِيد. وَهُوَ عِنْدِي مفاعلة من الضَّفْر وَهُوَ الأفر. قَالَ الأصمعى: يُقَال ضفر يضفر ضفرا إِذا وثب فِي عدوه وطفر وأفر مثله أَي وَلَا يطمح إِلَى الدُّنْيَا وَلَا ينزو إِلَى الْعود إِلَيْهَا إِلَّا هُوَ. إِذا زنت الْأمة فبعها وَلَو بضفير. هُوَ الْجَبَل المفتول من الشّعْر. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سمع رجلا يتَعَوَّذ من الْفِتَن فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنى أعوذ بك من الضفاطة. فَقَالَ لَهُ: أتسأل رَبك أَلا يرزقك أَهلا ومالا وفى حَدِيثه الآخر: إِن أَصْحَاب مُحَمَّد تَذَاكَرُوا الْوتر فَقَالَ أَبُو بكر: أما أَنا فأبدأ بالوتر وَقَالَ عمر: لكني أوتر حِين ينَام الضفطى.(2/343)
4 - ضفط الضفاطة: ضعف الرَّأْي وَالْجهل وَقد ضفط ضفاطة فَهُوَ ضفيط وهم ضفطى كحمقى ونوكى. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَو لم يطْلب النَّاس بِدَم عُثْمَان لرُمُوا بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء فَقيل لَهُ: أَتَقول هَذَا وَأَنت [372] عَامل لفُلَان فَقَالَ: إِن فيّ ضفطات وَهَذِه إِحْدَى ضفطاتي. الضفطة للمرة كالحمقة. وَعَن ابْن سِيرِين رَحمَه الله أَنه شهد نِكَاحا فَقَالَ: أَيْن ضفاطتكم أَرَادَ الدُّف لِأَنَّهُ لعب وَلَهو فَهُوَ رَاجع إِلَى مَا يُحَّمق صَاحبه فِيهِ. وَعنهُ رَحمَه الله تَعَالَى أَنه كَانَ يُنكر قَول من قَالَ: إِذا قعد إِلَيْك رجل فَلَا تقم حَتَّى تستأذنه. وبلغه عَن رجل أَنه أَسْتَأْذن فَقَالَ: إِنِّي لأراه ضفيطا. ذهب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} وَكره التَّعَوُّذ مِنْهَا
عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نازعه طَلْحَة بن عبيد الله فِي ضفيرة كَانَ عَليّ ضفرها فى وَاد كَانَت إِحْدَى عدوتى الْوَادي لَهُ وَالْأُخْرَى لطلْحَة فَقَالَ طَلْحَة: حمل على السُّيُول وأضرنى.
ضفر هِيَ المسناة وضفرها: عَملهَا من الضفر وَهُوَ النسج. جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا جزر عَنهُ المَاء فِي ضفير الْبَحْر فكُلْ. أَي فِي شطه وَهُوَ الْجَانِب الَّذِي علاهُ المَاء فبطحه. النَّخعِيّ رَحمَه الله الضافر والملبد والمجمر عَلَيْهِم الْحلق. الضافر: الَّذِي ينسج قوى شعره. والملبد: الَّذِي يعمد إِلَى صمغ أَو شَيْء لزج فيلبد بِهِ شعره. والمجمِّر: الَّذِي يجمع شعره ويعقده فِي قَفاهُ وَهِي الجمائر والضفائر. يضفرونه فِي (حد) . أَو ضفّر فِي (لب) . ضفَّار فِي (ضع) . ضفرة فِي (حَظّ) . ضفف فِي (حف) .(2/344)
5 - الضَّاد مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نظر إِلَى الْمُشْركين يَوْم بدر قَالَ: كأنكم يَا أَعدَاء الله بِهَذِهِ الضِّلع الْحَمْرَاء مقَّتلين. وَفِي حَدِيث آخر أَنه قَالَ يَوْم بدر: إِن جمع قُرَيْش عِنْد هَذِه الضلع الْحَمْرَاء من الْجَبَل.
ضلع قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: فَلَمَّا دنا الْقَوْم وصافّناهم إِذا عتبَة بن ربيعَة يسير فِي الْقَوْم على جمل أَحْمَر وَهُوَ ينْهَى عَن الْقِتَال وَيَقُول لَهُم: يَا قوم إِنِّي أرى قوما مستميتين يَا قوم اعصبوها الْيَوْم برأسي وَقُولُوا: جبن عتبَة وَقد تعلمُونَ أَنِّي لست بأجبنكم فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: وَالله لَو غَيْرك يَقُول هَذَا لأعضضته وَقد ملىء جوفك رعْبًا وروى: قد ملىء سحرك: فَقَالَ لَهُ عتبَة: وإياي تَعْنِي يَا مصفراسته ستعلم أَيّنَا الْيَوْم أجبن. الضَّلع: جبيل مستدق مستطيل يُقَال: انْزِلْ بِتِلْكَ الضِّلع. وَعَن الْأَصْمَعِي: أَنه وجد بِدِمَشْق حجر مَكْتُوب فِيهِ: هَذَا من ضلع أضاخ. المصافنة: الْمُوَافقَة فِي مَرْكَز الْقِتَال من الصفون. المستميت: الْمقَاتل على الْمَوْت وَمثله المستقتل. قَالَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ: ... [472] بكفّي ماجِدٍ لاَ عَيْب فِيهِ ... إِذا لقِيَ الكريهةَ مُسْتَمِيتُ (49)
. الضَّمِير فِي اعصبوها للسُّبّة الَّتِي تلحقهم بالفرار من الْحَرْب. السَّحر: الرئة يُقَال للجبان: انتفخ سحره نسب أَبَا جهل إِلَى التوضيع والتأنيث بقوله: يَا مصفراسته. وَقد قَالَ فِيهِ بعض الْأَنْصَار: ... ومِنْ جَهْلٍ أَبُو جهل أبوكمْ ... غزا بَدْرًا بمَجْمَرَةٍ وتَوْرِ (7)(2/345)
6 - وَقيل: هِيَ عبارَة عَن الترفه. وَهَذَا مشروح فِي كتاب المستقصي. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبني العنبر: لَوْلَا أَن الله لَا يحب ضَلَالَة الْعَمَل مَا رزأناكم عقَالًا. وأُخذت لامْرَأَة مِنْهُم زريبة فَأمر بهَا فَردَّتْ.
ضلل ضَلَالَة الْعَمَل: بُطْلَانه وضياعه من قَوْله تَعَالَى: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحيَاةِ الدُّنْيَا} مَا رزأناكم: مَا نقصناكم وَمِنْه الرجل المرزأ وَهُوَ الَّذِي تقع النقصانات فِي مَاله لسخائه. الزريبة: الطنفسة. أَتَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومه فأضلهم. أَي وجدهم ضلاَّلا كأجبنته وأفحمته وأبخلته. ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نَازع مَرْوَان عِنْد مُعَاوِيَة فَرَأى ضلع مُعَاوِيَة مَعَ مَرْوَان فَقَالَ: أطع الله نطعك فَإِنَّهُ لَا طَاعَة لَك علينا إِلَّا فِي حق الله وَلَا تطرق إطراق الأفعوان فِي أصُول السخبر.
ضلع الضَّلع: الْميل وَفِي أمثالهم: لَا تنقش الشَّوْكَة بِالشَّوْكَةِ فَإِن ضلعهما مَعَهُمَا. الأُفعوان: ذكر الأفاعي. السخبر: شجر. قَالَ حسان: ... إنْ تَغْدِرُوا فالغدْرُ مِنْكُم شِيمَة ... واللؤم ينْبت فِي أُصُولِ السَّخْبَرِ ... شبهه فى الْمُعَادَة بالأفعوان المطرق لِأَنَّهُ يُطرق عِنْد نفث السم. قَالَ تأبط شرا: ... مُطرِق يَرْشحُ موتا كَمَا ... أطرق أَفْعَى ينفث السم صلّ ... فضَالة الْإِبِل فِي (عف) . وضالة فِي (قع) . ضليع الْفَم فِي (شَذَّ) . لضليع فِي (ضا) . فاضطلع فِي (دح) . [الضَّالة فِي (أَو) . أضلّ الله فِي (دغ) ] .(2/346)
7 - الضَّاد مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله باعده الله من النَّار سبعين خَرِيفًا للمضمر الْمجِيد.
ضمر هُوَ الَّذِي يضمر خيله لغزو أَو سباق وَهُوَ أَن يظاهر عَلَيْهَا بالعلف حَتَّى تسمن ثمَّ لَا يعلفها إِلَّا قوتاً لتخفّ. الْمجِيد: صَاحب الْجِيَاد. قَالَ خِدَاش: 5 وأبرح مَا أدامَ اللهُ قومِي ... بِحَمْد الله مُنْتَطِقاً مُجِيداً ... وَمَعْنَاهُ أَن الله يباعده من النَّار مَسَافَة سبعين سنة بركض المضامير الْجِيَاد من الْخَيل. كَانَ لعامر بن ربيعَة ابْن اسْمه عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا فأصابته رمية يَوْم [474] الطَّائِف فضمن مِنْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمه وَقد دخل عَلَيْهَا وَهِي نسء أبشر بِعَبْد الله خلفا من عبد الله فَولدت
ضمن غُلَاما فَسَمتْهُ عبد الله فَهُوَ عبد الله ابْن عَامر. ضمن الرجل إِذا زمن فَهُوَ ضمن. وَمِنْه قَول عمر رَضِي الله عَنهُ: من اكتتب ضمنا بَعثه الله ضمنا وَهُوَ الرجل يضْرب عَلَيْهِ بِالْبَعْثِ فيعتال ويتمارض وَلَا مرض بِهِ ويحكى أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى صَاحب الْعرض فَيُقَال: ... إِن تكْتبُوا الضَّمْنى فَإِنِّي لِضَمْن ... مِنْ دَاخل الْقلب وداء مُسْتكن ... النسء: الْحَامِل لتأخر حَيْضهَا عَن وقته. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من مَاتَ فِي سَبِيل الله فَهُوَ ضَامِن على الله. أَي ذُو ضَمَان عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِه مُهاجِراً إلَى اللهِ وَرَسُولِه} الْآيَة. طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضمد عينه بِالصبرِ.
ضمد الضَمْد: العصب والشد يُقَال ضمدت رَأسه بالضماد وَهِي خرقَة تُلفُّ على الرَّأْس(2/347)
8 - من قبل الصداع واضمد عَلَيْك ثِيَابك وعمامتك أَي شدها وَأَجد ضمد هَذَا الْعدْل أَي شده. وَمِنْه ضمد الْمَرْأَة وَهُوَ جمعهَا خليلين. وَالْمعْنَى عصب عينه وَعَلَيْهَا الصَّبْر أَي وَقد جعل عَلَيْهَا الصَّبْر ولطخها بِهِ وَقد يُقَال: ضمد الْجرْح إِذا جعل عَلَيْهِ الدَّوَاء وَإِن لم يعصبه وَيُقَال للدواء الضمادة. والضمادة أَيْضا الْعِصَابَة وبالصاد: صَمد رَأسه تصميدا. مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خطب إِلَيْهِ رجل بِنْتا لَهُ عرجاء فَقَالَ: إِنَّهَا ضميلة فَقَالَ: إِنِّي أردْت أَن أتشرف بمصاهرتك وَلَا أُرِيد بهَا السباق فِي الحلبة فَزَوجهُ إِيَّاهَا. قيل هِيَ الزمنة فَإِن صحت الرِّوَايَة بالضاد فَاللَّام بدل من النُّون كَقَوْلِهِم: فِي أُصيلان أصيلال وَإِلَّا فهى صميلة بالصَّاد.
ضمل قيل لَهَا ذَلِك ليبس وجسود فِي سَاقهَا من قَوْلهم للسقاء الْيَابِس: صميل وَقد صمل وصمل صملا وصُمولا وكل يَابِس فَهُوَ صامل وصميل. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يَقُولُونَ: مَا بَقِي لَهُم صميل إِلَّا بيض أى ملىء. وَمِنْه قيل: الصَّميل للرجل الضئيل. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى كتب إِلَى مَيْمُون بن مهْرَان فِي مظالم كَانَت فِي بَيت المَال أَن يردهَا إِلَى أَرْبَابهَا وَيَأْخُذ مِنْهَا زَكَاة عامها فَإِنَّهُ كَانَ مَالا ضمارا.
ضمر هُوَ الْغَائِب الَّذِي لَا يُرجى يَعْنِي أَن أربابه مَا كَانُوا يرجون رده عَلَيْهِم وَلم تجب الزَّكَاة فِي السنين الَّتِي مرت عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيت المَال. قَالَ الرَّاعِي: ... طلبن مزاره فأصبن مِنْهُ ... عَطاء لم يكن عِدةً ضِمارا [475] ... وَهُوَ من الْإِضْمَار تَقول: أضمرته فى قلبى إِذا غيبته فِيهِ وَنَظِيره من الصِّفَات: رجل هدان وناقة كناز ولكاك. عِكْرِمَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا تشتر لبن الْغنم وَالْبَقر مضمَّنا.(2/348)
9 - أَي وَهُوَ فِي الضَّرع يُقَال: شرابك مضمن إِذا كَانَ فِي إِنَاء. الضامنة فِي (ضح) . وضمد فِي (عذ) . بِالْأَضَامِيمِ فِي (أَب) . المضامين فِي (لق) ضميس فِي (كل) . وضمد فِي (عب) . ضمنائهم فِي (وع) . [وتضامون فِي (ضرّ) . ضمر فِي (شج) . ضمنة فِي (سنّ) . ضمنا فِي (كت) ] . [ضمنه فِي (ش) ] .
الضَّاد مَعَ النُّون
ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا جَاءَهُ أَعْرَابِي فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْت بعض بني نَاقَة حَيَاته وَإِنَّهَا أضنت واضطربت. فَقَالَ: هِيَ لَهُ حَيَاته وَمَوته. قَالَ: فَإِنِّي تَصَدَّقت بهَا عَلَيْهِ قَالَ: فَذَلِك أبعد لَك مِنْهَا.
ضنى يُقَال: ضنت الْمَرْأَة تضني ضناء وأضنت وضنأت تضنأ ضنئاً. وأضنأت إِذا كثرت أَوْلَادهَا. أثبت أَصْحَاب الْفراء والزجاج فعل وأفعل مَعًا فِي الْهَمْز وَغير الْهَمْز وَلم يثبت غَيرهم أفعل فِي غير الْهَمْز. لم يَجْعَل للْأَب الرُّجُوع فِيمَا نحل وَلَده وَجعله لَهُ حَيَاته ولورثته بعده. فِي الحَدِيث إِن لله ضنائن من خلقه يحييهم فى عَافِيَة ويميتهم فى عَافِيَة.
ضنن أَي خَصَائِص جمع فعيلة من الضن وَهِي مَا تختصه وتضن بِهِ لمكانه مِنْك وموقعه عنْدك. وَمِنْه قَوْلهم: هُوَ ضني من بَين إخْوَانِي. ضناك فِي (أَب) مضنوك فِي (شم) .
الضَّاد مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين. وَلَا تنقشوا فى خواتمكم عَرَبيا.
ضوء ضرب الاستضاءة بنارهم مثلا لاستشارتهم فِي الْأُمُور واستطلاع آرائهم. وأراء بالنقش الْعَرَبِيّ مُحَمَّد رَسُول الله لما روى أَنه اتخذ خَاتمًا من فضَّة وَنقش فِيهِ(2/349)
0 - مُحَمَّد رَسُول الله. وَقَالَ: لَا ينقش أحد على نقشه. وَإِنَّمَا قَالَ: عَرَبيا لاخْتِصَاص النَّبِي الْعَرَبِيّ بِهِ من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء. وَعَن عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ: لَا تنقشوا فِي خواتمكم بِالْعَرَبِيَّةِ. أصَاب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هوَازن يَوْم حنين فَلَمَّا هَبَط من ثنية الْأَرَاك ضوى إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ يسألونه غنائمهم حَتَّى عدلوا نَاقَته إِلَى سمُرَات فمرش ظَهره.
ضوى ضوى إِلَيْهِ ضيًّا وضويًّا وانضوى إِلَيْهِ إِذا أَوَى إِلَيْهِ وأضواه: آواه وانضوى فِي مطاوعة أضواه غَرِيب كانزعج فِي أزعج. وَقد جَاءَ ضواه كَمَا جَاءَ أَواه فَهُوَ على قِيَاسه المطرد. عدله: صرفه وَعطفه عدلا وَعدل بِنَفسِهِ عُدُولًا. المرش: الخدش الْخَفِيف وَفُلَان يمترش الطَّعَام إِذا تنَاوله من أَطْرَاف الصحفة. فِي الحَدِيث. اغتربوا [476] لَا تضووا. أَي تزوجوا الغرائب دون القرائب لَا تجيئوا بأولادكم ضوايا والضاوي: النحيف. وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِن الغرائب أَنْجَب. قَالَ: ... فَتىً لم تَلِدْه بنتُ عَم قريبةٌ ... فَيَضْوَى وَقد يَضْوَى رَدِيدُ القرائبِ ... ضاءت فِي (فض) [ضوضوا فِي (ثل) ] .
الضَّاد مَعَ الْهَاء
شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ لَا يُجِيز الاضطهاد وَلَا الضغطة.
ضهد قيل: هُوَ الْقَهْر والإلجاء من الْغَرِيم وَأَن يمطل بِمَا عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول الْغَرِيم: دع لي كَذَا وَأعجل لَك الْبَاقِي. والاضطهاد: افتعال من ضهد. يُقَال. ضهده إِذا قهره واضطهده فَهُوَ مضهود(2/350)
1 - ومضطهد. وَيَقُولُونَ: إِن تلقني لَا تلق ضهدة وَاحِد: أَي لست بِمن يضهده رجل وَاحِد. وَأنْشد أَبُو عَمْرو. ... إِن تَلْقَنِي لَا تلق ضُهْدة وَاحِد ... لَا طائش رعشٍ وَلَا أَنا أعزل ... وتضهلها فى (ك) .
الضَّاد مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الصَّلَاة إِذا تضيفت الشَّمْس للغروب.
ضيف ضاف يضيف ك مَال يُقَال: ضاف السهْم عَن الهدف وضفت فلَانا إِذا ملت إِلَيْهِ وَنزلت بِهِ وتضَّيف تفَّعل مِنْهُ. وَمِنْه حَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ: ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نُصلِّي فِيهَا وَأَن نقبر فِيهَا مَوتَانا: إِذا طلعت الشَّمْس حَتَّى ترْتَفع وَإِذا تضَّيفت للغروب وَنصف النَّهَار. من ترك ضيَاعًا فَإلَى.
ضيع أَي عيالاً ضيَّعاً فسماهم بِالْمَصْدَرِ وَلَو كسرت الضَّاد لَكَانَ جمع ضائع كجياع فِي جَائِع. وَمثله قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ترك كلاًّ فَإلَى الله وَرَسُوله. أَي يرْزقُونَ من بَيت المَال. من اعتذر إِلَيْهِ أَخُوهُ من ذَنْب فردَّه لم يرد على الْحَوْض إلامتضيحأ.
ضيح أَي مُتَأَخِّرًا عَن الواردين لِأَن من يرد آخرا شرب الْبَقِيَّة الكدرة المشبهة للضياح وَهُوَ السمار. والتَّضيُّح: شرب الضَّياح يُقَال: ضيَّحته فتضيَّحَ.(2/351)
2 - عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن ابْن الْكواء وَقيس بن عبَادَة جاءاه فَقَالَا: أَتَيْنَاك مضافين مثقلين.
ضيف أى ملجأين وَمن فسره بخائفين من أضَاف من الْأَمر إِذا حاذره وأشفق مِنْهُ وَمِنْه المضوفة فوجهه أَن يَجْعَل الْمُضَاف مصدرا بِمَعْنى الْإِضَافَة كالكرم بِمَعْنى الْإِكْرَام ويصف بِالْمَصْدَرِ وَإِلَّا فالخائف مضيف. فِي الحَدِيث إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد شراًّ أفشى عَلَيْهِ ضيعته.
ضيع أَي كثر عَلَيْهِ أشغاله يُقَال فَشَتْ على فلَان ضيعته فَلَا يدْرِي بأيها يَأْخُذ. ضيحة فِي (بغ) . الضيح فِي (دث) . [تضَارونَ تضَامون فِي (ضرّ) . وضالة فِي (قع) . وإضاعة المَال فِي (قو) . والضيعة فِي (عف) ] . [آخر الضَّاد](2/352)
3 - حرف الطَّاء
الطَّاء مَعَ الْهمزَة
تطأطأت لَهُم فِي (دع) .
الطَّاء مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استعيذوا بِاللَّه من طمع يهدي إِلَى طبع.
طبع أَي يُؤَدِّي إِلَى شين وعيب وإصل الطَّبْع الدنس والصدأ الَّذِي يغشى السَّيْف فيغطى وَجهه من الطَّبْع وَهُوَ الْخَتْم يُقَال سيف طبع ثمَّ استعير للدنس فِي الْأَخْلَاق والشين فى الْخلال. وَمِنْه قَول عمر بن عبد الْعَزِيز رَحْمَة الله: لَا يتَزَوَّج من الموالى فى الْعَرَب إِلَّا الأشر البطر وَلَا يتَزَوَّج من الْعَرَب فِي الموَالِي إِلَّا الطمع الطَّبع. وَقَالَ: ... لَا خَيْرَ فِي طَمَعٍ يَهْدِي إِلَى طَبَعٍ ... وغُفَّةٌ من قِوام الْعَيْش تكفينى ... قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سُحر: جَاءَنِي رجلَانِ فَجَلَسَ أَحدهمَا عِنْد رأسى وَالْآخر عِنْد رجْلي فَقَالَ أَحدهمَا: مَا وجع الرجل قَالَ: مطبوب قَالَ من طبَّه قَالَ: لبيد بن الأعصم قَالَ: فِي أَي شَيْء قَالَ: فِي مشط ومشاطة وجُفِّ طلعة ذكر. قَالَ: وَأَيْنَ هُوَ قَالَ: فِي بِئْر ذِي أروان ويروى: أَنه حِين أُخرج سحره جعل عَليّ بن أبي طَالب يحله فَكلما حلَّ عقدَة وجد لذَلِك خفَّة فَقَامَ فَكَأَنَّمَا أُنشط من عقال.
طبب المطبوب: المسحور والطَّب: السحر وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرِيض: فَلَعَلَّ طبًّا أَصَابَهُ. ثمَّ نشَّره: ب (قُلْ أعوذ بِرَبِّ النَّاسِ) وَله محملان: أَحدهمَا أَنه مِمَّا يسْتَعْمل فِيهِ الحذق والمهارة من قَوْلهم: فَحل طبّ وَرجل طبّ بالأمور ماهر بهَا. وَالثَّانِي أَنه قيل للمسحور: مطبوب على سَبِيل التفاؤل كَمَا قيل للَّديغ سليم أَي أَنه يطبُّ ويعالج فَيبرأ. المشاطة: مَا يسْقط من الرَّأْس إِذا مُشط. وجف الطلعة: قشرها. بِئْر ذِي أروان: بِئْر مَعْرُوفَة.(2/353)
4 - نشطت الْعقْدَة: عقدتها بأنشوطة وأنشطتها: حللتها ونظيرهما قسط وأقسط. قَالَت مَيْمُونَة بنت كردم رَضِي الله عَنْهَا: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ على نَاقَة وَمَعَهُ درة كدرة الكُتَّاب فَسمِعت الْأَعْرَاب وَالنَّاس يَقُولُونَ: الطبطبية الطبطبية
طبطب أَي الدرة الدرة نصبا على التحذير كَقَوْلِك: الْأسد الْأسد وَإِنَّمَا سموا الدرة بذلك نِسْبَة لَهَا إِلَى صَوت وقعها إِذا ضرب بهَا وَهُوَ طب طب وَمِنْه طبطاب اللّعب وَقَوْلهمْ: طبطب الْوَادي طبطبة وَهِي صَوت المَاء وَأنْشد الْأَصْمَعِي لعمر بن لَجأ يصف إبِلا تشرب: ... فِي قصب تنضحُ فِي أمعائها ... طَبطَبَةُ المِيثِ إِلَى جِوائها ... وطبطب اليعقوب: إِذا صوّت وَيجوز أَن يُرِيدُوا دُعَاء النَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [478] وحوشهم عَلَيْهِ بِهَذَا الشعار كَأَنَّهُمْ قَالُوا: هلموا صَاحب الطبطبية وحاملها. وَقيل: مَعْنَاهُ أَنهم كَانُوا يسعون إِلَيْهِ ولأقدامهم طبطبة فجعلتهم يَقُولُونَ ذَلِك وَلَا قَول ثمَّة وَلكنه كَقَوْل الْقَائِل: جرت الْخَيل فَقَالَت: حبطقطق وَهِي حِكَايَة وَقع سنابكها. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ رَبَاح: زوجنى أهل أمة لَهُم رُومِية فَولدت لي غُلَاما أسود مثلي ثمَّ طبن لَهَا غُلَام رومي من أَهلهَا فراطنها بِلِسَانِهِ فَولدت غُلَاما كَأَنَّهُ وزغة فَقلت لَهَا: مَا هَذَا قَالَت: هَذَا ليوحنة فرفعا إِلَى عُثْمَان فجلدها وَجلده وَكَانَا مملوكين.
طبن يُقَال طبن لكذا وتبن لَهُ طبانة وتبانة فَهُوَ طبن وتبن إِذا فطن لَهُ وهجم على بَاطِنه وسرَّه وَمِنْه طبن النَّار إِذا دَفنهَا لِئَلَّا تطفأ. وَالْمعْنَى: فطن لَهَا وَخبر أمرهَا وَأَنَّهَا مِمَّن تواتيه على المراودة. قَالَ كثير: ... بِأبي وَأمي أَنْت من موقة ... طبِن العدوّ لَهَا فَغيَّر حالَها ... وَيحْتَمل أَنه عرف مِنْهَا كَرَاهَة مَجِيء الْوَلَد أسود فزيّن لَهَا مساعدته لبياض لَونه(2/354)
5 - وروى طبن لَهَا (بِفَتْح الْبَاء) . أَي خيّبها وأفسدها. قَالَ: ... جَرى بالفِرَي بيني وَبَيْنك طابِن ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة عَن امْرَأَة غير مَدْخُول بهَا طلقت ثَلَاثًا فَقَالَ: لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره. فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: طبقت.
طبق أَي أصبت وَجه الْفتيا وَهُوَ من قَوْلهم: سيف مطبق ومصمم فالتطبيق أَن يُصِيب الْمفصل وَهُوَ طبق العظمين أَي ملتقاهما وَحَيْثُ تطابقا فيفصل بَين العظمين. والتصميم: أَن يُصِيب صميم الْعظم وَهُوَ وَسطه فيقطعه بنصفين. قَالَ: ... يُطَبِّق أَحْيَانًا وحيناً يُصَمِّمُ ... مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ وَصفه الشّعبِيّ فَقَالَ: كَانَ كَالْجمَلِ الطَّب يَأْمر بِالْأَمر فَإِن سُكت عَنهُ أقدم وَإِن رُدَّ عَنهُ تَأَخّر.
طبب قيل: هُوَ الحاذق فِي مَشْيه الَّذِي لَا يضع خفه إِلَّا حَيْثُ يبصره. وفحل طب حاذق بالضراب وَهَذَا الْوَصْف كنحو مَا يروي أَن عمر بن الْعَاصِ قَالَ لَهُ: قد أعياني أَن أعلم: أجبان أَنْت أم شُجَاع فَقَالَ: ... شُجَاع إِذا مَا أمكنتْني فُرصة ... وَإِن لم تكن لي فُرصة فَجبَانُ ... ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى وَقعت فتْنَة عُثْمَان فَلم يبْق من الْمُهَاجِرين أحد وَوَقعت الْحرَّة فَلم يبْق من أهل الْحُدَيْبِيَة أحد وَوَقعت الثَّالِثَة فَلم ترْتَفع وفى النَّاس طباخ.
طبخ هُوَ من قَوْلهم: فلَان لَا طباخ لَهُ أَي لَا خير فِيهِ. قَالَ حسان: ... المالُ يَغْشَى رجَالًا لَا طَباخ لَهُم ... كالسيل يغشى أصولَ الدِّنْدِنِ الْبَالِي ...(2/355)
6 - وَالْأَصْل فِيهِ الْقُوَّة وَالسمن من قَوْلهم امْرَأَة طباخية للشابة المكتنزة وشاب مطَّبخ أملأ مَا يكون شبَابًا وأرواه وَكَذَلِكَ المطبَّخ من أَوْلَاد الضباب حِين كَاد يلْحق بِأَبِيهِ ومأخذ ذَلِك من الطَّبْخ لما فِيهِ من الْإِدْرَاك والتناهي. فِي الحَدِيث: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد سوءا جعل مَاله فِي الطبيخين. هما الْآجر والجص. لله مائَة رَحْمَة كل رَحْمَة مِنْهَا كطباق الأَرْض.
طبق هُوَ مَا يملأها ويطبِّقها أَي يعمها. وَمِنْه: عَالم عَالم قُرَيْش يمْلَأ طباق الأَرْض. وَكَانَ فِي الْحَيّ رجل لَهُ زَوْجَة وَأم ضَعِيفَة فشكت زَوجته إِلَيْهِ أمه فَقَامَ الأطبخ فألقاها فِي الوادى.
طبخ أَي فَأَهوى الأحمق إِلَيْهَا. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطَّبْخ: استحكام الحماقة وَقد طبخ فَهُوَ أطبخ. من ترك ثَلَاث جمع من غير طبع الله على قلبه.
طبع أَي مَنعه ألطافه حَتَّى يصير كالمطبوع عَلَيْهِ لَا يدْخلهُ خير. طبقًا فِي (جي) . طبقًا وَاحِدًا فِي (عق) . [طباقاء فِي (غث) . أطباق الرَّأْس فِي (سف) . طبق فِي (فض) . طبَّ فِي (قر) . الطبيين فِي (زب) : الطبيع فِي (جر) وطباق فِي (شت) وَفِي (حم) . طبقَة فِي (قن) ] .
الطَّاء مَعَ الْحَاء
سلمَان رَضِي الله عَنهُ ذكر يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: تَدْنُو الشَّمْس من رُءُوس النَّاس وَلَيْسَ على أحد مِنْهُم يَوْمئِذٍ طحربة.
طحرب يُقَال: مَا على فلَان طحربة بِضَم الطَّاء وَالرَّاء وكسرهما والحاء وَالْخَاء أَي شَيْء(2/356)
7 - من لِبَاس كَقَوْلِهِم: مَا عَلَيْهِ قُرّاص. تطحرها فِي شكّ.
الطَّاء مَعَ الْخَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وجد أحدكُم طخاء على قلبه فَليَأْكُل السفرجل.
طخا وَهُوَ مَا يَغْشَاهُ من الكرب والثقل وَأَصله الظلمَة والسحاب يُقَال: فِي السَّمَاء طخاء. والطخاءة والطهاءة من الْغَيْم: كل قِطْعَة مستديرة تسدُّ ضوء الْقَمَر. وَفِي حَدِيث آخر: إِن للقلب طخاءة كطخاءة الْقَمَر.
الطَّاء مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مر أحدكُم بطربال مائل فليسرع المشى.
طربل هُوَ شَبيه بالمنظر من مناظر الْعَجم كَهَيئَةِ الصومعة. وَقيل: هُوَ علم يبْنى فَوق الْجَبَل. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قِطْعَة من جبل أَو من حَائِط تستطيل فِي السَّمَاء وتميل [وَمِنْه الطربال صَخْرَة عَظِيمَة مشرفة من جبل] وَمِنْه قَوْلهم: طربل فلَان إِذا تمطى فِي مشيته فَهُوَ مطربل. ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحق على صَاحب الْإِبِل فَقَالَ: إطراق فَحلهَا وإعارة دلوها ومنحتها وحلبها على المَاء [48] وَحمل عَلَيْهَا فى سَبِيل الله.
طرق هُوَ من قَوْلهم: أطرقني فحلك أَي أعطنيه ليطرق إبلي أَي لينزو عَلَيْهَا. المنحة: أَن يعير من لَا دِرْهَم لَهُم حلوبة يَنْتَفِعُونَ بلبنها. حلبها على المَاء: أَي يحتلبها يَوْم الْورْد ليسقي من حضر قَالَ النمر بن تولب: ... عليهنّ يَوْم الوِرْد حق وَحُرْمَة ... وهنّ غَدَاة الغب عنْدك حُفّل ... طَرَأَ عليَّ حزبى من الْقُرْآن فَأَحْبَبْت أَلا أخرج حَتَّى أقضيه.(2/357)
8 - طَرَأَ أَي بدأت حزبي وَهُوَ الْورْد الَّذِي فَرْضه على نَفسه أَن يقرأه كل يَوْم فَجعل بَدأته فِيهِ طَرَأَ مِنْهُ عَلَيْهِ. والحزب فِي الأَصْل: الطَّائِفَة من النَّاس فَسمى الْورْد بِهِ لِأَنَّهُ طَائِفَة من الْقُرْآن. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَسَاه مَرْوَان مطرف خَز فَكَانَ يثنيه عَلَيْهِ أثْنَاء من سعته فانشق فبشكه بشكا وَلم يرفه.
طرف الْمطرف (بِكَسْر الْمِيم وَضمّهَا) : الْخَزّ الَّذِي فِي طَرفَيْهِ علمَان. الْأَثْنَاء: جمع ثنى وَهُوَ مَا ثنى. البشك: الْخياطَة المستعجلة المتباعدة. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَا أُعطي رجل قطّ أفضل من الطَّرق يطْرق الرجل الْفَحْل فيلقح مائَة فتذهب حيرى دهر.
طرق هُوَ الضراب حيرى دهر أَي أبدا. وَفِيه ثَلَاث لُغَات: حيرى دهر وحيرى دهر بياء سَاكِنة وحيرى دهر بياء مُخَفّفَة. قَالَ ابْن جني: فِي حيرى دهر (بِالسُّكُونِ) : عِنْدِي شَيْء لم يذكرهُ أحد وَهُوَ أَن أَصله حيرى دهر وَمَعْنَاهُ مُدَّة الدَّهْر فَكَأَنَّهُ مُدَّة تحير الدُّنْيَا وبقائه فَلَمَّا حذفت إِحْدَى اليائين بقيت الْيَاء الساكنة سَاكِنة كَمَا كَانَت يَعْنِي حذفت المدغم فِيهَا وأبقيت المدغمة. وَمن قَالَه بتَخْفِيف الْيَاء فَكَأَنَّهُ حذف الأولى وَأبقى الْآخِرَة فعذر الأول تطرّف مَا حذف وَعذر الثَّانِي سكونه. وَعِنْدِي أَن اشتقاقه من قَوْلهم: حيروا بِهَذَا الْموضع أَي أقِيمُوا ويحكى عَن تبع الْأَكْبَر الَّذِي يُقَال لَهُ ذُو الْمنَار أَنه لما رأى أَن يَأْتِي خُرَاسَان خلّف ضعفة جنده بالموضع الَّذِي كَانَ بِهِ قَالَ لَهُم: حيروا بذا أَي بِهَذَا الْمَكَان فَسُمي الْحيرَة وَكَانَ يجْرِي عَلَيْهِم فسموا الْعباد وَالْمعْنَى مَا أَقَامَ الدَّهْر. عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قبيصَة بن جَابر الْأَسدي: مَا رَأَيْت أقطع طرفا مِنْهُ.(2/358)
9 - طرف أَي لِسَانا وطرفا الْإِنْسَان لِسَانه وَذكره يُرِيد أَنه كَانَ ذرب اللِّسَان مقولاً. وَكَانَ عمر بن الْخطاب إِذا رأى من لَا يفصح قَالَ: خَالق هَذَا وخالق عَمْرو ابْن الْعَاصِ وَاحِد. مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صعد الْمِنْبَر [481] وفى يَده طريدة.
طرد أَي شقة من حَرِير مستطيلة. وَكَذَلِكَ الطريدة من الْكلأ وَالْأَرْض هِيَ الطَّرِيقَة القليلة الْعرض. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لَهَا صَفِيَّة: من فيكُن مثلي أبي نَبِي وَعمي نَبِي وَزَوْجي نَبِي وَكَانَ علمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَائِشَة: لَيْسَ هَذَا من طرازك.
طرز قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَقول الْعَرَب للخطيب إِذا تكلم بِشَيْء استنباطاً وقريحة: هَذَا من طرازه والطراز فِي الأَصْل: الْمَكَان الَّذِي ينسج فِيهِ الثِّيَاب الْجِيَاد وَمِنْه تطرز فلَان إِذا تنوق فِي الثِّيَاب وَألا يلبس إِلَّا فاخرا. عُبَيْدَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الهجنع بن قيس: رَأَيْت إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يَأْتِي عُبَيْدَة فِي الْمسَائِل فَيَقُول عُبَيْدَة: طرسها يَا أبراهيم طرسها.
طرس يُقَال طلست الصَّحِيفَة إِذا محوتها وَهِي تقْرَأ بعد طرسها إِذا أَنْعَمت محوها والطرس: الْكتاب الممحو. زِيَاد قَالَ فِي خطْبَة لَهُ: قد طرفت أعينكُم الدُّنْيَا وسدت مسامعكم الشَّهَوَات ألم يكن مِنْكُم نهاة تمنع الغواة عَن دلج اللَّيْل وغارة النَّهَار وَهَذِه البرازق فَلم يزل بهم مَا ترَوْنَ من قيامكم بأمرهم حَتَّى انتهكوا الْحَرِيم ثمَّ اطرفوا وراءكم فى مكانس الريب.
طرف أَي طمحت أَبْصَارهم إِلَيْهَا من قَوْلهم: امْرَأَة مطروفة بِالرِّجَالِ إِذا كَانَت طمَّاحة إِلَيْهِم البرازق الْجَمَاعَات قَالَ: ... أَرضًا بهَا الثيرانُ كالبرازِق ...(2/359)
0 - المكانس. جمع مكنس يُرِيد استتروا بكم واستجنوا بظهوركم. النَّخعِيّ رَحمَه الله قَالَ فِي الْوضُوء بالطرق: هُوَ أحب إِلَى من التَّيَمُّم.
طرق هُوَ المَاء المستنقع تبول فِيهِ الْإِبِل سمي طرقاً لِأَنَّهَا تخوضه وتطرقه بأخفافها. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى أرسل إِلَيْهِ الْحجَّاج فَأدْخل عَلَيْهِ فَلَمَّا خرج من عِنْده قَالَ:
طرطب دخلت على أُحيول يطرطب شعيرات لَهُ فَاخْرُج إِلَيّ بنانا قَصِيرَة قَلما عرقت فِيهَا الأعنة فِي سَبِيل الله. يُقَال: طرطب بالغنم طرطبة وأطرب بهَا إطرابا وَهُوَ إشلاؤها. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... طرطب بضأنك أَو رأرىء بمعزاكا ... اشتقاقه من الطَّرب وَهُوَ الخفة. وَقد كررت فِيهِ الْفَاء وَحدهَا كَمَا كررت مَعَ الْعين فِي مرمريس وَالدَّلِيل على زِيَادَة الثَّانِيَة مَجِيء أطرب فِي معنى طرطب وَقَالُوا أَيْضا: طرطر: وَالْمعْنَى يستحف شَاربه ويحركه فِي كَلَامه وَقيل: ينْفخ بشفتيه فِي شَاربه غيظا أَو كبرا كالمطرطب إِذا رعا الْغنم فصفر لَهَا بالشفتين. فِي الحَدِيث من غير المطربة والمقربة [482] فَعَلَيهِ لعنة الله.
طرب المطربة والمطرب: الطَّرِيق الصَّغِير المتشعب من الجادة وَقد فسره أَبُو ذُؤَيْب فى قَوْله: ... ومنلف مثل فرق الرَّأْس تخلجه ... مطارب زقب أُمِّيا لهافيح ... وَمِنْه قَوْلهم: طربت أَي عدلت عَن الطَّرِيق. والمقربة والمقرب: الطَّرِيق الْمُخْتَصر: قَالَ طفيل: ... تُثير القَطَا فِي مَنْقَل بعد مَقْرَبِ ... فِي حَدِيث فَرَائض الصَّدقَات فَإِذا بلغت الْإِبِل كَذَا فَقِيها حَقه طروقة الْفَحْل.
طرق أَي نَاقَة حقّة يطْرق الْفَحْل مثلهَا أَي يضْربهَا.(2/360)
1 - فِي الطروقة فِي تب) . والطرق فِي (طي) وَفِي (جم) . طارقة فِي (حر) . وطريدة فِي (فل) . كالطراف فِي (عص) . طَرفَيْهِ فِي (لب) طرات فى (سى) . طرت وطرت فى (و) . المطرق وغض الْأَطْرَاف فِي (سد) . طريرة فِي (قف) . الطَّرْد فِي (دم) . [غير مطراة فِي (لَو) ]
الطَّاء مَعَ الزَّاي
طازحة فِي (قَز) .
الطَّاء مَعَ السِّين
الطست فِي (صل) وَفِي] .
الطَّاء مَعَ الشين
الطشت فِي (حز) .
الطَّاء مَعَ الْعين
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثاث من فعلهن فقد طعم الْإِيمَان من عبد الله وَحده وَأعْطى زَكَاة مَاله طيبَة نَفسه رافدة عَلَيْهِ كل عَام وَلم يُعْط الهرمة وَلَا الدرنة وَلَا الْمَرِيضَة وَلَا الشَّرْط اللئيمة.
طعم اسْتعَار الطّعْم لاشْتِمَاله عَلَيْهِ واستشعاره لَهُ. رافدة: من الرفد وَهُوَ الْإِعَانَة أَي مُعينَة لَهُ على أَدَاء الزَّكَاة غير محدثة إِيَّاه بمنعها. الدرنة: أَرَادَ الدون الردية فَجعل الرداءة درنا كَمَا يُقَال للرجل الدنيء: طبع. الشَّرْط الرذيلة كالصغيرة والمسنة والعجفاء والدبراء. إِن الْمُسلمين لما انصرفوا من بدر إِلَى الْمَدِينَة اسْتَقْبَلَهُمْ الْمُسلمُونَ يهنئونهم بِالْفَتْح ويسألونهم عَمَّن قتل فَقَالَ سَلامَة بن سَلمَة بن وقش: مَا قتلنَا أحدا بِهِ طعم مَا قتلنَا إِلَّا عَجَائِز صلعاً فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أُولَئِكَ يَابْنَ سَلمَة الْمَلأ.(2/361)
2 - أصل الطّعْم مَا يُؤَدِّيه ذوق الشَّيْء من حلاوة أَو مرَارَة أَو غَيرهمَا وَلما كَانَ كل معطوم بطعمه والمسيخ لَا طائل فِيهِ للطاعم وَلَا جدوى استعير لمَكَان الجدوى والعائدة فِي الشَّيْء وَمَا يكون الِاعْتِدَاد بِهِ والا كتراث لَهُ فَقَالُوا: فلَان لَيْسَ بِذِي طعم إِذا لم يكن لَهُ نفس وَلَا معرفَة وَلَيْسَ لما يَفْعَله فلَان طعم أَي لَذَّة ومنزلة فى الْقلب وَقَالَ: ... أيا من النَّفس لَا تَمُوت فَتَنْقَضِي ... غَناءٌ وَلَا تحيا حَيَاة لَهَا طعم ... الْمَلأ: الْأَشْرَاف. إِذا استطعمكم الإِمَام فأطعموه. أَي إِذا أُرتج عَلَيْهِ فَاسْتَفْتَحَ فافتحوا عَلَيْهِ وَهَذَا من بَاب التَّمْثِيل وَمِنْه قَوْلهم: استطعمني فلَان الحَدِيث إِذا أرادك على أَن تحدثه. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تطعم. يُقَال: أطعمت الشَّجَرَة إِذا أثمرت وبأرض فلَان من الشّجر المُطعم كَذَا وأطعمت الثَّمَرَة إِذا أدْركْت. وَالْمعْنَى: صَارَت ذَات طعم. وَمِنْه قَول ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي وصف أهل آخر الزَّمَان: كرجرجة المَاء لَا تطعم. أَي لَا طعم لَهَا. قَالَ فِي زَمْزَم: إِنَّهَا طَعَام طعم وشفاء سقم. قَالَ ابْن شُمَيْل: أَي يشْبع مِنْهُ الْإِنْسَان يُقَال: إِن هَذَا الطَّعَام طعم أَي يشْبع من أكله وَيجوز أَن يكون تَخْفيف طعم جمع طَعَام كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا طَعَام أَطْعِمَة كَمَا يُقَال: صل أصلال وسبد أسباد وَالْمعْنَى أَنَّهَا خير طَعَام وأجوده. الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كُنَّا نخرج صَدَقَة الْفطر على عهد رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاعا من طَعَام أَو صَاعا من شعير. قيل: الطَّعَام الْبر خَاصَّة: وَعَن الْخَلِيل أَن الْغَالِب فِي كَلَام الْعَرَب أَنه هُوَ الْبر خَاصَّة. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الله تَعَالَى إِذا أطْعم نَبيا طعمة ثمَّ قَبضه جعلهَا للَّذي يقوم بعده.(2/362)
3 - الطعمة: الرزق وَالْأكل يُقَال: جعلت هَذِه الضَّيْعَة طعمة لفُلَان وَيُقَال للمأدبة الطعمة. وَكَأن الطّعْم وطعمة بِمَعْنى إِلَّا أَن الطعمة أخص مِنْهُ وَأما الطعمة (بِالْكَسْرِ) فَوجه الرزق والمكسب كالحرفة يُقَال: فلَان طيب الطعمة وَفُلَان خَبِيث الطعمة إِذا كَانَ الْوَجْه الَّذِي يرتزق مِنْهُ غير مُبَاح. وَفِي حَدِيث الْحسن رَحمَه الله: كَانَ قتال على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قتال على هَذِه الطعمة ثمَّ مَا بعدهمَا بِدعَة وضلالة. أَرَادَ الْخراج والجزية والزكوات لِأَنَّهَا رزق الله للْمُسلمين. هَل أطْعم فِي (زو) . مطعم فِي (نس) . لَا تطعم (هر) . ثمَّ أطعموه وَلَا تطعمه فِي (حك) . [طعان فِي (هر) . طعن فِي (ضرّ) . نطعمها اللَّحْم فِي (سه) . من طَعَام فى (صر) .] .
الطَّاء مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله اقْتُلُوا ذَا الطفيتين والأبتر. قيل: هُوَ الَّذِي على ظَهره خطان أسودان شبها بالطفيتين وهما خوصتا الْمقل.
طفى يُقَال طفية وطفى قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: ... وأقْطَاع طفى قد عفت فى المعاقل ... وف حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اقْتُلُوا الجان ذَا الطفيتين وَالْكَلب الْأسود ذَا الغرتين والأبتر الْقصير الذَّنب. وَفِي كتاب الْعين الطفية: حَيَّة لينَة خبيثة. وَأنْشد: ... وهُمْ يُذِلّونَها مِنْ بَعْدِ عِزَّتِهَا ... كَمَا تَذِلّ الطُّفى مِنْ رُقْيَةِ الرَّقِي ... فَإِن صَحَّ هَذَا فَلَعَلَّ المُرَاد: اقْتُلُوا كل حَيَّة مَا كَانَ مِنْهَا لَهُ ولد وَمَا لَا ولد لَهُ [484](2/363)
4 - وثنى لِأَن الْغَالِب أَن تفرخ فرخين. كلكُمْ بَنو آدم طفُّ الصَّاع لم يمْلَأ لَيْسَ لأحد على أحد فضل إِلَّا بالتقوى. وَلَا تسابو فَإِنَّمَا السبة أَن يكون الرجل فَاحِشا بذيًّا جَبَانًا.
طفف يُقَال: هَذَا طف الْمِكْيَال وطفافه أَي قرَابه وَهُوَ مَا قرب من ملئه. وَقَالَ الْمبرد: هُوَ مَا علا الجمام وإناء طفان كَقَوْلِك: قرْبَان وكربان وَالْمعْنَى كلكُمْ فِي الانتساب إِلَى أبٍ وَاحِد بِمَنْزِلَة متساوي الْأَقْدَام فِي النُّقْصَان والتقاصر عَن غَايَة التَّمام. وشبههم فِي نقصانهم بالمكيل الَّذِي لم يبلغ أَن يمْلَأ الْمِكْيَال. ثمَّ أعلم أَن التَّفَاضُل لَيْسَ بِالنّسَبِ وَلَكِن بالتقوى. وَنهى عَن التساب والتعاير بضعَة المنصب وَنبهَ على أَن السبة إِنَّمَا هِيَ أَن يتّضع الرجل بِفعل سمج يرتكبه نَحْو الْفُحْش وَالْبذَاء والجبن. وصف الدَّجَّال فَقَالَ: أَعور الْعين الْيُمْنَى كَأَن عينه عنبة طافية.
طفى هِيَ الْحبَّة الناتئة الْخَارِجَة عَن حد نبتة أخواتها. وكل شَيْء علا فقد طفا وَمِنْه قَول العجاج فِي صفة ثَوْر: ... إِذا تلَّقْته العقاقِيلُ طَفَا ... وَقيل: أَرَادَ الْحبَّة الطافية على متن المَاء. والحدقة العوراء الناتئة فِي المقلة الْقَائِمَة من أشبه شَيْء بهَا. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كره الصَّلَاة على الْجِنَازَة إِذا طفلت الشَّمْس.
طِفْل أَي دنت للغروب وَقل مَا بَينهَا وَبَينه وَاسم تِلْكَ السَّاعَة الطِّفْل اشتق من الطِّفْل لقلته وصغره. ذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبق الْخَيل. فَقَالَ: كنت فَارِسًا يَوْمئِذٍ فسبقت النَّاس حَتَّى طففت بِي الْفرس مَسْجِد بنى زُرَيْق.(2/364)
5 - طفف قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: طفف الْفرس مَكَان كَذَا إِذا وثب حَتَّى جازه. وَأنْشد الْكسَائي لجحاف بن حَكِيم يصف فرسا: ... إِذا مَا تلَّقْته الجراثيم لم يجم ... وطَفَّفَها وثبا إِذا الجَرْي عقّبا ... وَهُوَ من قَوْلهم: مر يطف إِذا أسْرع وَفرس طفاف وَطف وخف وذف أَخَوَات. فِي الحَدِيث: من قَالَ كَذَا غفر لَهُ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ طفاح الأَرْض ذنوبا.
طفح أَي ملؤُهَا حَتَّى تطفح وَمِنْه قَوْلهم: إِنَاء طفحان للَّذي يفِيض من جوانبه. المطافيل فِي (خب) وفى (عو) . وطفيل فى (صب) .
الطَّاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل يعالج طلمة لأَصْحَابه فِي سفر وَقد عرق وآذاه وهج النَّار فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُصِيبهُ حر جَهَنَّم أبدا.
طلم الطلم واللطم: أَخَوان وَهُوَ الضَّرْب بسط الْكَفّ وروى بَيت [485] حسان: ... تَظَلّ جيادُنَا مُتَمطِّرَاتٍ ... تُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُر النساءُ ... تلطمهن. وَقيل للخبز: الطلمة لِأَنَّهَا نطلم. وَقيل: هِيَ صفيحة من حِجَارَة كالطابق يخبز عَلَيْهَا. وَالنَّار توقد تحتهَا وَجَمعهَا طلم قَالَ: ... يلفح خديها تلفح الخبرم ... كَأَنَّهَا خَبّازة على طُلُمِ ... قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تدع قبرا مشرف إِلَّا سويته وَلَا تمثالا إِلَّا طلسته.
طلس أَي محوته يُقَال طلس الْكتاب يطلسه وطمسه يطمسه بِمَعْنى وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّه أَمر بطلس الصُّور الَّتِي فِي الْكَعْبَة. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: إِن قَول لاإله إِلَّا الله يطلس مَا قبله من الذُّنُوب.(2/365)
إِن رجلا عضَّ يَد رجل فَانْتزع يَده من فِيهِ فَسَقَطت ثنايا العاض فطلَّها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
طلل قَالَ أَبُو زيد: يُقَال طلّ دَمه وأطلّ وَلَا يُقَال طُلّ دَمه وَأَجَازَهُ الْكسَائي. مَاتَ رجل من الطَّاعُون فِي بعض النواحي أَو الأرياف فَفَزعَ لَهُ النَّاس فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من بلغه ذَلِك فَإِنِّي أَرْجُو أَن لَا يطلع إِلَيْنَا نقابها.
طلع طلع النشر إِذا أشرف عَلَيْهِ وَالضَّمِير فِي نقابها للمدينة ز والنقاب: الطّرق فى الْجبَال الْوَاحِد نقب وَالْمعْنَى: أَرْجُو أَن لَا يصل الطَّاعُون إِلَى أهل الْمَدِينَة. كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى جَنَازَة فَقَالَ: أَيّكُم يأتى الْمَدِينَة فَلَا يدع فِيهَا وثناً إِلَّا كَسره وَلَا صُورَة إِلَّا طلخها وَلَا قبرا إِلَّا سواهُ.
طلخ أَي لطخها بالطين حَتَّى يطمسها من الطَّلخ وَهُوَ الطين فِي أَسْفَل الغدير وَقيل: سوَّدها من اللَّيْلَة المطلخمة وَالْمِيم زَائِدَة. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قطع يَد مولَّد أطلس.
طلس هُوَ اللِّص شبه بالذئب والطُّلسة غبرة إِلَى السوَاد. وَفِي كتاب الْعين: الأطلس من الذئاب: الَّذِي تساقط شعره وَقد طلس طلساً. وَقيل: هُوَ الْأسود كالحبشي وَنَحْوه من: قَوْلهم: ليل أطلس أَي مظلم. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ عِنْد مَوته: لَو أَن لي مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا لافتديت بِهِ من هول الطّلع.
طلع هُوَ مَوْضُوع الاطِّلاع. من إشراف إِلَى انحدار فَشبه مَا أشرف عَلَيْهِ من أَمر الْآخِرَة بذلك وَقد يكون المصعد من أَسْفَل إِلَى الْمَكَان المشرف. قَالَ جرير: ... إِني إِذا مُضَرٌ عليّ تَحَدَّبَتْ ... لاقيتُ مُطَّلَع الْجبَال وُعُورا ... يَعْنِي مصعدها كَأَنَّهُ شبه ذَلِك بِالْعقبَةِ لما فِيهِ من المشاقّ والأهوال.(2/366)
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لكل حرف مِنْهُ حدّ وَلكُل حدّ مُطَّلع. أَي مصعد يصعد إِلَيْهِ فِي معرفَة علمه. إِن كفار قُرَيْش ثَارُوا إِلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ لمَّا بَلغهُمْ خبر إِسْلَامه فَمَا برح يقاتلهم حَتَّى طلح. طلح أَي أعيا يُقَال طلح الْبَعِير إِذا حسره فطلح. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لأبي العبيدين: [486] إِذا ضنوا عَلَيْك بالمطلفخة فكُل رغيفك ورد النَّهر وَأمْسك عَلَيْك دينك.
طلفح هِيَ الرقاقة وطلفح الْخبز إِذا رققه وفلطحه إِذا بَسطه.
طلع الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن أعلم أَنِّي بَرِيء من النِّفَاق أحبُّ إِلَيّ من طلاع الأَرْض ذَهَبا. هُوَ ملؤُهَا. فى الحَدِيث: مَا أطلى نبى قطّ.
طلى قَالَ أَبُو زيد: أطلى الرجل إِذا مَال إِلَى هَوَاهُ وَأَصله أَن تميل طلاتك وَهِي عُنُقك وتصغي إِلَى أحد الشقين. قَالَ: ... رأيتُ أَبَاك قد أطْلَى ومالت ... عَلَيْهِ القَشْعَمانِ من النسور ... فأطل فِي (أط) . طلق فِي (حج) . من طلاع الأَرْض فِي (تا) . مطلع فِي (ظه) . طلقا فِي (ضح) . اطلبكها فِي (غف) طلق الْيُمْنَى فِي (فن) . طلسا فِي (مل) . اطلاس فِي (شه) . تطلها فِي (شكّ) . طلعة فِي (حد) للطالع فِي (سج) . [طَالِق فِي (خل) الطّلب فِي (قو) . وطلاع الثنايا فِي (ين) ] .(2/367)
الطَّاء مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى ذكر الدَّجَّال: أَنه أفجح أَعور مطموس الْعين لَيست بناتئة وَلَا حجراء.
طمس أَي ذَاهِب الْبَصَر ممسوحه من غير بخق وَبِهَذَا سمى مسيحاً. حجراء: منحجرة غائرة. وروى حجراء وَهِي المتحجرة الصلبة أَي تكون رخوة لينَة. إِن الله تَعَالَى يخْتم يَوْم الْقِيَامَة على العَبْد وينطق يَدَيْهِ وَجلده بِعَمَلِهِ فَيَقُول: أَي وعزَّتك لقد عملتها وَإِن عِنْدِي العظائم المطمَّرات فَيَقُول الله تَعَالَى: أَنا أعلم بهَا مِنْك اذْهَبْ فقد غفرتها لَك.
طمر أى المخبآت من طمرت الشَّيْء إِذا أخفيته وَمِنْه المطمورة وطمَّر الْقَوْم بُيُوتهم إِذا أَرخُوا ستورهم على أَبْوَابهم. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج وَقد طمَّ شعره فَقَالَ: إِن كل شَعْرَة لَا يُصِيبهَا المَاء جَنَابَة فَمن ثمَّ عاديت رَأْسِي كَمَا ترَوْنَ.
طمم الطم: الجز. وَمِنْه حَدِيث سلمَان رضى الله عَنهُ: أَنه رُئي مطموم الرَّأْس مزققاً وَكَانَ أرفش فَقيل لَهُ: شوهت نَفسك فَقَالَ: إِن الْخَيْر خير الْآخِرَة. مرّ المزقّق. الأرفش: العريض الْأذن شُبهت بالرفش وَهُوَ المجرفة وَمِنْه جَاءَنَا فلَان وَقد رفَّش لحيته ترفيشاً أَي سرحها وبسطها وَقيل: إِنَّمَا هُوَ: وَكَانَ أشرف أَي طَوِيل الْأذن من قَوْلهم: أذن شرافية. نَافِع رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: كنت أَقُول لِابْنِ دأب إِذا حدث: أقمم المطمر.(2/368)
طمر هُوَ الزِّيق الَّذِي يقوم عَلَيْهِ الْبناء يُرِيد أَنه كَانَ يَأْمُرهُ أَن يقوِّم الحَدِيث وينقحه وَيصدق فِيهِ. ذِي طمرين فِي (ضع) . طامسا فِي (عب) . الطمطام فِي (ضح) . طامة وَلَا تطم فِي (نس) . طمطمانية فِي (لخ) . طمار فِي (صد) . مَا طما فِي (صب) .
الطَّاء [487] مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْيَهُودِيَّة الَّتِى سمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَدت إِلَى سم لَا يطنى.
طنى الْأَصْمَعِي: يُقَال: أشويت الرَّمية وأطنيت وأنميت إِذا أصبت غير لقتل. وَرمى فَلم يشو وَلم يطن. قَالَ: ... يهزّ سَحْمَاء مَا يُطنِى النّفوس بهَا ... مدريّة مَا ترى فى متها أَوَدَا ... وَمِنْه إطناء الْحَيَّة وَهُوَ أَلا يفلت سليمها يُقَال: رَمَاه الله بأفعى لَا تظنى. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تزوج الْأَشْعَث امْرَأَة على حكمهَا فَردهَا إِلَى أطناب بَيتهَا.
طُنب هى حبال للبيوت وَهَذَا مثل يُرِيد إِلَى مَا بني عَلَيْهِ أَمر أَهلهَا فِي الْمهْر. وَالْمعْنَى: ردهَا إِلَى مهر مثلهَا من نسَاء عشيرتها. طنبى الْمَدِينَة فِي (وح) . فَمن تطن فِي (شز) . المطنب فِي (ذن) . يطنب فِي (وق) . فأطن فِي (شت) .
الطَّاء مَعَ الْوَاو
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيست الْهِرَّة بِنَجس إِنَّمَا هِيَ من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات. وَكَانَ يصغي لَهَا الْإِنَاء.
طوف جعلهَا بِمَنْزِلَة المماليك من قَوْله تَعَالَى: {يَطُوف عليهمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} . وَمِنْه قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: إِنَّمَا الْهِرَّة كبعض أهل الْبَيْت. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأزواجه: أولكن لُحُوقا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا فاجتمعن يَتَطَاوَلْنَ فطالتهن سَوْدَة فَمَاتَتْ زَيْنَب أولهنَّ.(2/369)
0 - طول أَرَادَ أمدّكن يدا بالعطاء من الطَّوْل. وَكَانَت رينب تعْمل الأزمة والأوعية تقَوِّي بهَا فِي سَبِيل الله. خطب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا. فَذكر رجلا من أَصْحَابه قُبض فكُفِّن فِي كفنٍ غير طائل وقُبر لَيْلًا. هُوَ من الطول بِمَعْنى الْفضل قَالَ: ... لقد زادني حُبًّا لنَفْسي أنني ... بغيض إِلَى كل امرىء غير طائل ... وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كفَّن أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه. إِن هذَيْن الْحَيَّيْنِ من الْأَوْس والخزرج كَانَا يتطاولان على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطاول الفحلين. أَي يستطيلان على عدوه ويتباريان فِي ذَلِك أَو كَانَا يتباريان فِي أَن يكون هَذَا أبلغ نصْرَة لَهُ من صَاحبه. فَشبه ذَلِك التباري والتغالب بتطاول الفحلين على الصِّرمة. فِي دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ بك أحاول وَبِك أصاول وَبِك أطاول. مفاعلة من الطَّول وَهُوَ الْفضل والعلو على الْأَعْدَاء. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن متحدثين على طوفهما.
طوف يُقَال: طَاف الرجل طوفا إِذا أحدث. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لَا يصلِّينَّ أحدكُم وَهُوَ يدافع الطَّوف وَالْبَوْل. وَفِي حَدِيث آخر: لَا تدافعوا الطَّوف فِي الصَّلَاة. أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فى الْمغرب بطولى الطوليين.
طول قيل لَهَا: وَمَا طولى الطوليين قَالَت: سُورَة الْأَعْرَاف. فِي الحَدِيث لَو أطَاع الله النَّاس [488] فى النَّاس لم يكن نَاس.
طوع أَي لَو اسْتَجَابَ دعاءهم فِي أَن يلدوا الذكران دون الْإِنَاث لذهب النَّسْل.(2/370)
1 - لطيتك فِي (دح) . من الطوف فِي (هض) . طوره فِي (حك) [فِي طوله فِي (سنّ) . طَال فِي (قف) . طود فِي (زف) . فتطوت فِي (ذَر) . طوال فِي (أد) ] .
الطَّاء مَعَ الْهَاء
أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع عَن يَمِينه. فَذكر ذَلِك لِابْنِ عمر فَقَالَ: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة. فَقيل لَهُ: هَل تنكر مِمَّا يَقُول أَبُو هُرَيْرَة شَيْئا فَقَالَ: لَا وَلكنه اجترأ وجبنا. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَنا مَا طهوى
طهو أَي مَا عَمَلي يَعْنِي مَا أصنع إِن كنت حفظت ونسوا وَرُوِيَ أَنه قيل لَهُ: أسمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَنا مَا طهوي أَي مَا عَمَلي إِن لم أسمعهُ يَعْنِي أَنه لم يكن لَهُ عمل غير السماع. أَو هَذَا إِنْكَار لِأَن يكون الْأَمر على خلاف مَا قَالَ كَأَنَّهُ قَالَ: مَا خطبي وَمَا بالي أرويه إِن لم أسمعهُ وَقيل: هُوَ تعجب من إتقانه كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا أَي شَيْء عَمَلي وإتقاني والطهو فِي الأَصْل من طهوت الطَّعَام إِذا أنضجته فاستعار لتخمير الرِّوَايَة وأحكامها أَلا تراهم يَقُولُونَ: رأى نيء غير نضيج وفطير غير مخمَّر. طهملة فِي (عش) . بالمطهم فى (مغ) . قدح مطهرة فِي (هض) .
الطَّاء مَعَ الْيَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يَسْتَطِيب الرجل بِيَمِينِهِ. الاستطابة والإطابة: كنايتان عَن الِاسْتِنْجَاء. قَالَ الْأَعْشَى: ... يَا رخما قاظ على مَطْلُوب ... يعجل كف الخارىء المطيب ...
طيب وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يَأْمر بِالْحِجَارَةِ فتُطرح فِي مذْهبه فيستطيب ثمَّ يخرج فَيغسل وَجهه وَيَديه وينضح فرجه حَتَّى يخضل ثَوْبه. أَي يبلَّه الطَّيرَة والعيافة والطرق من الجبت.
طير الطَّيرَة من التطير كالخيرة من التخير. وَعَن الْفراء أَن سُكُون الْيَاء فيهمَا لُغَة وَهِي التشاؤم بالشىء.(2/371)
2 - وَفِي الحَدِيث: ثَلَاث لَا يسلم مِنْهَا أحد: الطَّيرَة والحسد وَالظَّن قيل فَمَا نصْنَع قَالَ: إِذا تطيرت فَامْضِ وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ وَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق. عاف الطير عيافة زجرها فتشاءم بهَا وتسعّد. الطّرق: الضَّرْب بالحصى. قَالَ لبيد: ... لَعَمْرُك مَا تَدْرِي الطَّوارق بالحصى ... وَلَا زاجرات الطير مَا الله صانع ... قيل فِي الجبت: هُوَ السحر وَالْكهَانَة. وَقيل: هُوَ كل مَا عبد من دون الله. وَقيل. هُوَ السَّاحر. وَقَوله: من الجبت مَعْنَاهُ من عمل الجبت وَقَالُوا: لَيست بعربية. وَعَن [489] سعيد بن جُبَير: هِيَ حبشية. وَقَالَ قطرب: الجبت عِنْد الْعَرَب الجبس وَهُوَ الَّذِي لَا خير عِنْده. شهِدت غُلَاما مَعَ عمومتي حلف المطيبين فَمَا أحب أَن أنكثه وَأَن لي حمر النعم.
طيب كَانَت قُرَيْش تتظالم بِالْحرم فَقَامَ عبد الله بن جدعَان وَالزُّبَيْر بن عبد الْمطلب فدعوا إِلَى التَّحَالُف على التناصر وَالْأَخْذ للمظلوم من الظَّالِم فَاجْتمع بَنو هَاشم وَبَنُو زهرَة وتيم فِي دَار ابْن جدعَان وغمسوا أَيْديهم فِي الطّيب وتحالفوا وتصافقوا بأيمانهم وَلذَلِك سموا المطيبين وَسموا الْحلف حلف الفضول تَشْبِيها لَهُ بِحلف كَانَ بِمَكَّة أَيَّام جرهم على التناصيف قَامَ بِهِ رجال من جرهم يُقَال لَهُم الْفضل بن الْحَارِث والفضيل ابْن ودَاعَة والفضيل بن فضَالة. وَفِي حَدِيث آخر: لقد شهِدت فِي دَار ابْن جدعَان حلفا لَو دعيت إِلَى مثله فِي الْإِسْلَام لَأَجَبْت. عَن رويقع بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ: إِن كَانَ أَحَدنَا فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَأْخُذ نضو أَخِيه على أنَّ لَهُ النّصْف مِمَّا يغنم وَله النّصْف وَإِن كَانَ أَحَدنَا ليطير لَهُ النصل وَللْآخر الْقدح.
طير يُقَال: طَار لفُلَان كَذَا أَي حصل. وَالْمعْنَى أَن الرجلَيْن كَانَا يقتسمان السهْم فيحصى أَحدهمَا قدحه وَالثَّانِي نصله. سمَّى الْمَدِينَة طابة.(2/372)
3 - طيب هِيَ منقولة من الطابة تَأْنِيث الطاب وَهُوَ الطّيب قَالَ: ... مبارك الأعراق فِي الطّاب الطّابْ ... بَين أبي الْعَاصِ وَآل الخطابْ ... وَيُقَال لَهَا طيبَة أَيْضا بتَخْفِيف الطَّيِّبة وكلتاهما مأثورة عَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ النَّضر: طيبَة اسْم يثرب وَأنْشد لِرَبِيعَة الرَّقيّ: ... ويَثْرِبُ فِي طيبها سمّيتْ ... بطَيْبة طابَتْ فَنعم المحلْ ... وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَدِينَة كالكير تَنْفِي خبثها وتنصع طيبها. مَا من نفس [منفوسة] تَمُوت فِيهَا مِثْقَال نملة من خير إِلَّا طين عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة طينا وروى طيم عَلَيْهِ.
طين أَي جُبل عَلَيْهِ يُقَال: كل إِنْسَان على مَا طانه الله وَمِنْه الرجل خلقه. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تركنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا عندنَا مِنْهُ علم.
طير يُرِيد أَنه استوفى بَيَان كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الدّين حَتَّى لم يبْق مُشكل. وَضرب ذَلِك مثلا. طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ عَن الطابة تطبخ على النّصْف.
طيب هِيَ الْعصير سمي بذلك لطيبه وَعَن بَعضهم أَن أهل الْيَمَامَة يسمون البلح الطَّابة. استطيب بهَا فِي (عل) . أطرتها فِي (سي) . تطاير فِي (شع) وَفِي (قن) . طائحة فِي (قح) . وَلَا يتطير فِي (فا) . الطائش فِي (دي) . والطيبات فِي (حَيّ) . المطيبي فِي (حل) . وَالطّيب فِي (حس) . على رُءُوسهم الطير فِي (أَب) . فِي طينته فِي (جد) . لطيتك فِي (دح) .(2/373)
4 - حرف الظَّاء
الظَّاء مَعَ الْهمزَة
مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى هني وَقد جعله على نعم الصَّدَقَة: أَن ظائر قَالَ: فَكُنَّا نجمع الناقتين وَالثَّلَاث على الرّبع الْوَاحِد ثمَّ نحدرها إِلَيْهِ.
ظأر المظاءرة: عطف النَّاقة على غير وَلَدهَا يُقَال ظأرها وأظأرها وظاءرها وَهِي ظئور وظئير وَرَوَاهُ المحدثون ظاور بِالْوَاو وَالصَّحِيح الْهمزَة. نحدرها إِلَيْهِ أَي نرسلها. ظأره الْإِسْلَام فِي (عَم) . الظؤار فِي (فر) . وَفِي (عَم) . الظئار فى (سر) . وظأرناهما فى (نو) .
الظَّاء مَعَ الْبَاء
ظبى النبى صلى الله عَلَيْهِ وآاله وَسلم أهْدى إِلَيْهِ إِلَيْهِ ظَبْيَة فِيهَا خرز فَأعْطى الآهل مِنْهَا والعزب. هِيَ جراب صَغِير عَلَيْهِ شعر. وَفِي حَدِيث عَمْرو رَضِي الله عَنهُ: إِن أَبَا سعيد مولى أبي أُسيد قَالَ: التقطت ظَبْيَة فِيهَا ألف وَمِائَتَا دِرْهَم وقلبان من ذهب فكاتبني مولَايَ على ألف دِرْهَم وَأَعْطَانِي مِائَتي دِرْهَم فَتزوّجت بعد ذَلِك وأصبت ثمَّ أتيت عمر فَأَخْبَرته فَقَالَ: أما رقك فِي الدُّنْيَا فقد عتق. وأنشدها فِي الْمَوْسِم عَاما فأنشدتها فَلم أجد لَهَا عَارِفًا فَأَخذهَا عمر فألقاها فِي بَيت المَال. الْقلب: الخلخال وَقيل السوار. وَقَوله: ... تجولُ خلاخيل النساءِ وَلَا أرَى ... لرملةَ خُلْخالاً يجول وَلَا قُلْباً ...(2/374)
5 - يدل على أَنه السوار. قَوْله: وَأَعْطَانِي مولَايَ مائتى دِرْهَم يعْنى أَنه سوغ لَهُ ذَلِك من مَال الْكِتَابَة من قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} . ظبته فِي (فر) [ظَبْيًا فِي (دب) ] .
الظَّاء مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ عدي بن حَاتِم: إِنَّا نصيد الصَّيْد فَلَا نجد مَا نذكي بِهِ إِلَّا الظرار وشقة الْعَصَا. فَقَالَ: أَمر الدَّم بِمَا شِئْت.
ظرر الظرر: حجر صلب محدد وَجمعه ظرار وظرَّان. وَقَالَ النَّضر: الظرار وَاحِد وَجمعه أظرة. وَمِنْه الحَدِيث: إِن رجلا جَاءَ إِلَى النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي كنت أرعى غنمي فجَاء الذِّئْب فَعدا على نعجة فَألْقى قصبها بِالْأَرْضِ فَأخذت حجرا ظراراً من الأظرة فَقَالَ: كلهَا وَألقى الذِّئْب مِنْهَا بِالْأَرْضِ. وَيُقَال للظرار: المظرة نَحْو ملحفة ولحاف. امْرِ الدَّم: سيِّله من مري النَّاقة ويروى أَمر من أمار الدَّم إِذا أجراه ومار بِنَفسِهِ يمور. شكى إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَثْرَة الْمَطَر فَقَالَ: اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا اللَّهُمَّ على الآكام والظراب وبطون الأودية. الظراب: جمع ظرب وَهُوَ الجبيل وَقيل: رَأس الْجَبَل. وَمِنْه حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت أَو أَخِيه عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا: يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم شَاءَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة ترعى فَوق رُءُوس الظراب وتاكل من ورق القتاد (7) والبشام يَأْكُل أَهلهَا من لحمانها وَيَشْرَبُونَ من أَلْبَانهَا وجراثيم الْعَرَب ترتهس بالفتنة ويروى ترتهش.(2/375)
6 - البشام: شجر طيب يستاك بِهِ. جراثيم الْعَرَب: أصُول قبائلها. الارتهاس: الِاضْطِرَاب والازدحام يُقَال: أرى دَارا ترتهس أى كَثِيرَة الزحام ورأسا يرتهس أى كثير الدَّوَابّ. قَالَ: ... إِن الدَّوَاهِيَ فِي الْآفَاق ترتهس ... والارتهاش: الاصطدام من ارتهشت الدَّابَّة إِذا اصطكت يداها فِي السّير. وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا قَالَت لمسروق سأخبرك برؤيا يَا رَأَيْتهَا رَأَيْت كَأَنِّي على ظرب وحولي بقر ربوص فَوَقع فِيهَا رجال يذبحونها. عَن صعصعة بن صوحان قَالَ: خَطَبنَا عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِذِي قار على ظرب. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا كَانَ اللص ظريفاً لم يقطع.
ظرف أَي إِذا كَانَ بليغاً جيد الْكَلَام احْتج عَن نَفسه بِمَا يسْقط عَنهُ الحدّ هَكَذَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَكَانَ يَقُول: الظّرْف فِي اللِّسَان. وَقَالَ غَيره حسن الْهَيْئَة. وَقَالَ الْكسَائي: يكون فِي الْوَجْه وَاللِّسَان. وَأهل الْيمن يسمون الحاذق بالشَّيْء ظريفاً. وَقَالَ صَاحب الْعين: الظّرْف البراعة وذكاء الْقلب وَلَا يُوصف بِهِ إِلَّا الفتيان الأزوال والفتيات الزولات والزَّول: الْخَفِيف. وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: كَيفَ ابْن زِيَاد قَالُوا: ظريف على أَنه يلحن فَقَالَ: أَو لَيْسَ ذَاك أظرف لَهُ قَالُوا: إِنَّمَا استطرفه لِأَن السليق ية وتجنب الْإِعْرَاب مِمَّا يستملح فِي البذلة من الْكَلَام وَمن ذَلِك قَوْله: ... مَنْطِقٌ عَاقل وتلحَنُ أَحْيَانًا ... وأحْلَى الحَدِيث مَا كَانَ لحنا ...(2/376)
7 - وَعَن بَعضهم لَا تستعملوا الْإِعْرَاب فِي كلامكم إِذا خاطبتم وَلَا تخلوا مِنْهُ كتبكم إِذا كاتبتم. وَقيل هُوَ من اللّحن بِمَعْنى الفطنة يُقَال: لحن الرجل لحناً وَفُلَان لحن بحجته أَي فهم بهَا فطن يصرِّفها إِلَى حسن الْبَيَان عَنْهَا. وَفِي الحَدِيث: لَعَلَّ بَعْضكُم أَلحن بحجته من بعض. وَقَالَ يَعْقُوب: اللَّحن: الْعَالم بعواقب الْأَقْوَال وجول الْكَلَام. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لحنه عني أَي فهمه وألحنه إِيَّاه فَقَوْلهم: على أَنه يلحن مَعْنَاهُ أَنه يحسن الْفَهم وَيبين الْحجَّة مخرج على أسلوب قَوْله: ... وَلَا عيب فيهم غير أنّ سيوفَهم ... بهنّ فُلُول من قِراع الْكَتَائِب ... وَقيل: أَرَادوا باللحن اللكنة الَّتِي كَانَ يرتضخها وَأَرَادُوا: عَيبه فصرَّفه إِلَى نَاحيَة الْمَدْح. يُرِيد: وَلَيْسَ ذَاك أظرف لَهُ لِأَنَّهُ نزع بشبهه إِلَى الْخَال وَكَانَت مُلُوك فَارس يذكرُونَ بالشهامة والظرف. الظراب فى (ب) وفى (غس) . [الأظرب فِي (عو) ] .
الظَّاء مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعدي بن حَاتِم: كَيفَ بك إِذا خرجت الظعينة من أقْصَى قُصُور الْيمن إِلَى أقْصَى الْحيرَة لَا تخَاف إِلَّا الله فَقَالَ عدى: يَا رَسُول الله فَكيف بطيىء ومقانبها قَالَ: يكفيها الله طيئا وَمَا سواهَا
ظعن هِيَ الْمَرْأَة فِي الهودج فعيلة من الظعن ثمَّ للهودج ظَعِينَة وللبعير ظَعِينَة وَمن ذَلِك حَدِيث سعيد بن جُبَير رَحمَه الله تَعَالَى: لَيْسَ فِي جمل ظَعِينَة صَدَقَة. إِن روى بِالْإِضَافَة فالظعينة الْمَرْأَة وَإِلَّا فَهُوَ الْجمل الَّذِي يظعن عَلَيْهِ. المقنب: جمَاعَة الْخَيل. أَرَادَ أَن الْإِسْلَام يفشو وتأمن الدُّنْيَا فَلَا يتَعَرَّض أحد للظعينة فِي هَذِه الْبِلَاد المخوفة.(2/377)
الظَّاء مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة الدَّجَّال: وعَلى عينه ظفرة غَلِيظَة.
ظفر هى جليدة تغشى الْبَصَر تنْبت من تِلْقَاء المآقي يُقَال لَهَا ظفرة وظفارة وَقد ظَفرت عينه ظفراً وظفارة فَهِيَ ظفرة وظفر الرجل فَهُوَ مظفور والأطباء يسمونها الظُّفْر.
الظَّاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عبَّاد بن بشر وأُسيد بن حُضير عِنْده فِي لَيْلَة ظلماء حندس فتحدثا عِنْده حَتَّى إِذا خرجا أَضَاءَت لَهما عَصا أَحدهمَا فمشيا فِي ضوئها فَلَمَّا تفرق بهما الطَّرِيق أَضَاءَت لكل وَاحِد مِنْهُمَا عَصَاهُ فَمشى فى ضوئها.
ظلم الظلماء: الْمظْلمَة وَقد ظلمت اللَّيْلَة وأظلمت. والحندس: الشَّدِيدَة السوَاد. وفى حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة ظلماء حندس وَعِنْده الْحسن وَالْحُسَيْن فَسمع تولول فَاطِمَة وَهِي تناديهما: يَا حسنان يَا حسينان فَقَالَ: ألحقا بأمكما. وَفِي حَدِيث كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَو أَن امْرَأَة من الْحور الْعين اطَّلعت إِلَى الأَرْض فِي لَيْلَة ظلماء مغدرة لَأَضَاءَتْ مَا على الأَرْض. المغدرة والغدرة: الدامسة. دُعي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى طَعَام وَإِذا الْبَيْت مظلم مُزَوق فَقَامَ بِالْبَابِ ثمَّ انْصَرف وَلم يدْخل.(2/378)
9 - أَي مموه من الظُّلم وَهُوَ موهة الذَّهَب وَالْفِضَّة وَمِنْه قيل للْمَاء الْجَارِي على الثغر ظلم. قَالَ بشر: ... ليَالِي تَسْتَبِيك بِذِي غُروب ... يشبه ظَلْمُه خَضِلَ الأقاحي ... [493] وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الظُّلم كالسواد تخاله يجْرِي دَاخل السن من شدَّة الْبيَاض كفرند السَّيْف وَجمعه ظلوم. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مرَّ على رَاع فَقَالَ: يَا راعي عَلَيْك الظلْف من الأَرْض لَا ترمضها فَإنَّك رَاع وكل رَاع مسئول.
ظلف الظلْف بِوَزْن التّلف غلظ الأَرْض وصلابتها مِمَّا لَا يبين فِيهِ أثر وَأَرْض ظلفة وظلف بوز جرز. لَا ترمض أَي لَا تصب الْغنم بالرمضاء وَهِي حر الشَّمْس وَإنَّهُ يشْتَد فِي الدهاس (7) والرمل. مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سعد بن أبي وَقاص: كَانَ يصيبنا ظلف الْعَيْش بِمَكَّة فَلَمَّا أَصَابَنَا الْبلَاء اعترمنا لذَلِك. وَكَانَ مُصعب أنعم غُلَام بِمَكَّة فجهد فى الْإِسْلَام حتتى لقد رَأَيْت جلده يتحسف تحسف جلد الْحَيَّة عَنْهَا. وَعَن عَامر بن ربيعَة: كَانَ مُصعب مترفا يدهن بالعبير ويذيل يمنة الْيمن وَيَمْشي فِي الْحَضْرَمِيّ فَلَمَّا هَاجر أَصَابَهُ ظلف شَدِيد فكاد يهمد من الْجُوع. والظلف: شظف الْعَيْش وخشونته من ظلف الأَرْض. اعترمنا لذَلِك أَي قوينا لَهُ واحتملناه. يتحسف: يتقشر وَمِنْه حسافة التَّمْر وَهِي سقاطته. التذييل: تَطْوِيل الذيل.(2/379)
0 - اليمنة: ضرب من برود الْيمن. الْحَضْرَمِيّ يُرِيد السبت الْمَنْسُوب إِلَى حَضرمَوْت أَي كَانَ ينتعل النِّعَال المتخذة من هَذَا السبت. يهمد: يهْلك من همدالثوب إذابلى وتقطع. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الْكَافِر يسْجد لغيرالله وظله يسْجد لله.
ظلل قَالُوا: مَعْنَاهُ يسْجد لَهُ جِسْمه الَّذِي عَنهُ الظل. فِي الحَدِيث: إِذا سافرتم فأتيتم على مظلوم فأغذثوا السّير.
ظلم هُوَ الْبَلَد الَّذِي أخطأه الْغَيْث وَلَا رعي فِيهِ للدواب. وَقَالَ قطرب ك أَرض مظلومة إِذا لم يسنبط بهَا مَاء وَلم يقد بهَا نَار. ظلتان فِي (غي) . الظلال فِي (فض) . فَلم يظلموه فِي (لح) . وَلم يظلماه فِي (ذُو) . ظلفات فِي (أط) [بأظلافها فِي (عق) ] .
الظَّاء مَعَ الْمِيم
المظمأى فِي (خم) . لَا يظمأ فِي (نس) .
الظَّاء مَعَ النُّون
عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي الرجل يكون لَهُ الدّين الظنون: يُزَكِّيه لما مضى إِذا قَبضه إِن كَانَ صَادِقا.
ظنن هُوَ الَّذِي لست من قَضَائِهِ على يَقِين وَكَذَلِكَ كل شَيْء لَا يستيقنه. قَالَ الشماخ: ... كلا يومي طوالة وصل أروى ... ظنون آن مطَّرحِي الظّنونِ (7)
عُبَيْدَة السَّلمَانِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ ابْن سِيرِين: سَأَلته عَن قَوْله تَعَالَى {أوْ لاَمَسْتُمُ النِّساء} . فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَظَنَنْت مَا قَالَ. أَي علمت من قَوْله تَعَالَى: {وَظَنُّوا أنَّهُ وَاقِعٌ بهمْ} .(2/380)
1 -[494] صلَة بن أَشْيَم رَحمَه الله تَعَالَى طلبت الدُّنْيَا [من] مظان حلالها فَجعلت لَا أُصِيب مِنْهَا إِلَّا قوتا أما أَن فَلَا أعيل فِيهَا وَأما هِيَ فَلَا تجاوزني. فَلَمَّا رَأَيْت قلت: أَي نفس جُعل رزقك كفافا فاربعي فربعت وَلم تكد. المظنة: الْمعلم من ظن بِمَعْنى علم أَي الْمَوَاضِع الَّتِي علمت فِيهَا الْحَلَال. لَا أعيل: لَا افْتقر من الْعيلَة. فاربعي أَي أقيمي واستقري وارضي بالقوت من ربع بِالْمَكَانِ حذف خبر كَاد أَي وَلم تكد تربع. ابْن سِيرِين رَحمَه الله لم يكن على يظنّ فِي قتل عُثْمَان وَكَانَ الَّذِي يظنّ فِي قَتله غَيره فَقيل: من هُوَ قَالَ: عبدا أسكت عَنهُ. أَي يُتَّهم من الظنة وَكَانَ الأَصْل يظتن ثمَّ يظطن بقلب التَّاء طاء لأجل الظَّاء ثمَّ قلبت الطَّاء ظاء فأدغمت فِيهَا وَيجوز قلب الظَّاء طاء وإدغام الطَّاء فِيهَا وَأَن يُقَال يظنّ. قَالَ: ... وَمَا كل من يَظَّنُّنيِ أَنا مُعْتِبٌ ... وَلَا كل مَا يُرْوى عليَّ أَقُول ... [ظنين فِي (خب) ظنون المَاء فِي (خب) [الظنبوت فِي (زو) . تظن فِي (شز) ] .
الظَّاء مَعَ الْهَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نزل من الْقُرْآن آيَة إِلَّا لَهَا ظهر وبطن وَلكُل حرف حدّ وَلكُل حد مطلع.
ظهر قيل ظهرهَا لَفظهَا وبطنها مَعْنَاهَا. وَقيل: الْقَصَص الَّتِي قُصَّت فِيهِ هِيَ فِي الظَّاهِر أَخْبَار وَأَحَادِيث وباطنها تَنْبِيه وتحذير. وأنَّ من صنع مثل ذَلِك عُوقِبَ بِمثل تِلْكَ الْعقُوبَة. والمطلع: المأتى الذى يُؤْتى مِنْهُ حَتَّى علم الْقُرْآن. أنْشد نَابِغَة بنى جعدة قَوْله: ... بلغنَا السماءَ مَجدنَا وسناؤنا ... وَإِنَّا لنَرْجو فَوق ذَلِك مظْهرا ...(2/381)
2 - فَغَضب وَقَالَ: إِلَى أَيْن الْمظهر يَا أَبَا ليلى قَالَ: إِلَى الْجنَّة بك يَا رَسُول الله. قَالَ: أجل إِن شَاءَ الله. ثمَّ أنْشد: ... وَلَا خير فِي حلم إِذا لم يكن لَهُ ... بَوَادِرُ تحمى صفوَه أَن يُكَدَّرَا
وَلَا خير فِي جَهْل إِذا لم يكن لَهُ ... حَلِيم إِذا مَا أورد الْأَمر أصْدَرا ... قَالَ: أَجدت لَا يفضض الله فَاك وروى لَا يفض. فنيف على الْمِائَة وَكَأن فَاه الْبرد المنهل ترفّ غروبه وروى. فَمَا سَقَطت لَهُ سنّ إِلَّا فغرت مَكَانهَا سنّ [آخر] وروى: فغبر مائَة سنة لم تنغض لَهُ سنٌ. الْمظهر المصعد. البادرة: الْكَلِمَة تبدر مِنْك فِي حَال الْغَضَب أَي من لم يقمع السَّفِيه استضعف. الفضّ: الْكسر وَالْمرَاد بالفم الْأَسْنَان والإفضاء: أَن يَجعله [495] فضاء لَا سنّ فِيهِ. المنهل: المنصب أَرَادَ الَّذِي سقط لوقته فَهُوَ فِي بياضه ورونقه. الرفيف: البريق. غُروبه: مَاؤُهُ وأشره فغرت طلعت. من فغر الْورْد إِذا تفتق وَيجوز أَن يكون ثغرت من الثغر فأبدل الْفَاء من الثَّاء كفوم وثوم وفم وَثمّ. نغض: إِذا تحرّك. وَعين مضارعة تحرّك بالحركات الثَّلَاث. الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كسا ثَوْبَيْنِ فى كَفَّارَة الْيَمين: ظهرانيا ومعقدا. هُوَ الَّذِي يجاء بِهِ من مر الظهْرَان وَقيل من ظهران قَرْيَة من قرى الْبَحْرين. المعقد: ضرب من برود هجر. ابْن عمر رضى الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ أى المدنتين تفتح أَولا: قسطنطينية أَو رُومِية فَدَعَا بصندوق ظهم.(2/382)
3 - ظهم جَاءَ فى الحَدِيث: الظهم الْخلق. قَالَ الْأَزْهَرِي وَلم أسمعهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
ظهر عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا لم تظهر بعد. أَي لم تخرج. مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قدم من الشَّام فَمر بِالْمَدِينَةِ فَلم تلقه الْأَنْصَار فَسَأَلَهُمْ عَن ذَلِك فَقَالُوا: لم يكن لنا ظهر قَالَ فَمَا فعلت نواضحكم قَالُوا: حرثناها يَوْم بدر. الظّهْر: الرَّاحِلَة. وَمِنْه حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله: أَنه خطب بِعَرَفَات فَقَالَ: إِنَّكُم قد أنضيتم الظّهْر وأرملتم. وَلَيْسَ السَّابِق من سبق بعيره وَلَا فرسه وَلَكِن السَّابِق من غفر لَهُ. النَّوَاضِح: جمع نَاضِح وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي يُستقى عَلَيْهِ. حرثت الدَّابَّة وأحرثتها وأهزلتها. عرَّض لَهُم بِأَنَّهُم سقاة نخل فَأَجَابُوهُ بإذ كار مَا جرى لَهُم مَعَ أشياخه يَوْم بدر. بَين ظهراني قَومهمْ فِي (أز) . الظهائر فِي (كذ) . ظهيرتين فِي (وه) . ظَاهر عَنْك فِي (نط) . [ظهير فى (يت) . ظهر الْمِجَن فى (كل) . عَن ظهريد فى (يَد) . بمر الظهْرَان فى (نف) .] .(2/383)
4 - حرف الْعين
الْعين مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر هُوَ وَأَصْحَابه على إبل لحيٍّ يُقَال لَهُم بَنو الملوح أَو بَنو المصطلق قد عبست فِي أبوالها من السّمن فتقنع بِثَوْبِهِ ثمَّ مر لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ} .
عبس العبس لِلْإِبِلِ كالوذح للغنم وَهُوَ مَا يبس على مآخيرها من الْبَوْل والثلط. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله: أَنه كَانَ يردُّ من العبس. أَي كَانَ يردّ العَبْد البوّال فِي الْفرش الَّذِي اُعْتِيدَ مِنْهُ ذَلِك حَتَّى بَان أَثَره على بدنه وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا نَادرا لم يردهُ. وكما قَالُوا: وذحت الْغنم قَالُوا: عبست [491] الْإِبِل وتعديته بفي لِأَنَّهُ أجْرى مجْرى انغمست وَنَحْوه. إِن الله أذهب عَنْكُم عبِّيَّة الْجَاهِلِيَّة وَفَخْرهَا بِالْآبَاءِ: مُؤمن تقيّ وَفَاجِر شقى.
عبب العبية: الكِبر وَلَا تَخْلُو من أَن تكون فعلية أَو فعوله فَإِن كَانَت فعلية فَهِيَ من بَاب عباب المَاء وَهُوَ زخيره وارتفاعه كَمَا قيل لَهُ الزهو من زهاه إِذا رَفعه والأبية بمعناها من الأُباب بِمَعْنى العياب وَيجوز أَن يَكُونَا فعولة من الْعباب والأباب إِلَّا أَن اللَّام قلبت يَاء كَمَا فِي تقضَّي الْبَازِي. وَالْأَظْهَر فِي الأًبية أَن تكون فعولة من الإباء. والعمية أَيْضا فعيلة من العمم وَهُوَ الطول والطول والارتفاع من وَاد وَاحِد. والمتكبر يُوصف بالترفع والتطاول وَيجوز أَن تكون فعولة من الْعَمى لِأَنَّهُ يُوصف(2/384)
5 - بالسدر والتخمط وركوب الرَّأْس. وَإِن كَانَت أَعنِي العبية فعولة فَهِيَ من عبَّاه إِذا هيأه لِأَن المتكبر ذُو تكلّف وتعبئة خلاف من يسترسل على سجيته وَلَا يتصنع. وَالْكَسْر فِي العبية لُغَة. مُؤمن: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْمعْنَى أَنْتُم أَو النَّاس مُؤمن وَفَاجِر أَرَادَ: أَن النَّاس رجلَانِ إِمَّا كريم بالتقوى أَو لئيم بِالْفُجُورِ فالنسب بمعزل من ذَلِك. إِن جهيش بن أَوْس النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: يَا نبى الله إِنَّا حيّ من مذْحج عباب سالفها ولباب شرفها كرام غير أبرام نجباء غير دحَّض الْأَقْدَام وكأين قَطعنَا إِلَيْك من دوية سربخ وديمومة صردح وتنوفة صحصح يضحى أعلامها قامسا ويُمسي سرابها طامساً على حراجيج كَأَنَّهَا أخاشب بالحومانة مائلة الأرجل وَقد أسلمنَا على أَن لنا من أَرْضنَا ماءها ومرعاها وهدابها. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ بَارك على مذْحج وعَلى أَرض مذْحج حى حشد رفد زهر. فَكتب لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتابا على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وإقام الصَّلَاة لوَقْتهَا وإيتاء الزَّكَاة بِحَقِّهَا وَصَوْم شهر رَمَضَان فَمن أدْركهُ الْإِسْلَام وَفِي يَده أَرض بَيْضَاء وَقد سقتها الأنواء فَنصف الْعشْر وَمَا كَانَت من أَرض ظَاهِرَة المَاء فالعشر. شهد على ذَلِك عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَعبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنْهُم. عباب المَاء: معظمه وارتفاعه وكثرته. ثمَّ استعير فَقيل: جَاءُوا يعب عبابهم. وَقَالَت دختنوس: [بنت حَاجِب بن زُرَارَة] ... فَلَو شهد الزَّيْدان زيد بن مَالك ... وَزيد مَنَاة حِين عب عبابها ... وَالْمرَاد بسالفها من سلف من مذْحج أَو سلف من عزهم ومجدهم يُرِيد أَنهم أهل سَابِقَة وَشرف.(2/385)
6 - واللباب: الْخَالِص. الأبرام: الَّذين لَا يدْخلُونَ فِي الميسر وهم موسرون لبخلهم الْوَاحِد برم كَأَنَّهُ سمى بمصدر برم بِهِ إِذا ضجر وغرض لأَنهم كَانُوا يضجرون مِنْهُ وَمن فعله أَو بثمر الْأَرَاك وَهُوَ شَيْء لَا طعم لَهُ من حلاوة وَلَا حموضة وَلَا معنى لَهُ. الدُّحَّض: جمع داحض أَي لَيْسُوا مِمَّن لَا ثبات لَهُ وَلَا عَزِيمَة أَو لَيْسُوا بساقطي الْمَرَاتِب زالين عَن علو الْمنَازل. كأين فِيهَا عدَّة لُغَات ذكرتها فِي كتاب الْمفصل وَهِي فِي أَصْلهَا مركبة من كَاف التَّشْبِيه وأيّ. الدوّ: الصحواء الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا. قَالَ ذُو الرمة: ... ودَوٍّ كَكَفِّ المُشْتَرِي غير أنَّها ... بِساطٌ لأخماس الْمَرَاسِيل واسِع ... والدوية منسوبة إِلَيْهَا وتبدل من الْوَاو المدغمة الْألف فَيُقَال: داوية إبدالاً غير قياسي كَقَوْلِهِم طائي وحاريّ. السربخ: الواسعة. الديمومة: يَجْعَلهَا بَعضهم فعلولة من الدَّوَام ويفسرها بالمتقاذفة الأرجاء الَّتِي يَدُوم فِيهَا السّير فَلَا يكَاد يَنْقَطِع وَيَزْعُم الْيَاء منقلبة عَن وَاو تَخْفِيفًا. وَبَعْضهمْ فيعولة من دممت الْقدر إِذا طليتها بالطحال والرماد. وَيَقُول: هِيَ المشتبهة الَّتِي لَا معلم بهَا فمسالكها مغطاة على سالكها كَمَا يغطى الدمام أثر مَا شعبته مِنْهَا. الصَّردح: المستوية. التنوفة: الْمَفَازَة وَيُقَال التنوفية للْمُبَالَغَة كالأحمري. وتاؤها أصل ووزنها فعولة وَلَو زعم زاعم أَنَّهَا تفعلة كالتهلكة والتدملة من نافت تنوف إِذا طَالَتْ وَارْتَفَعت لردَّ زعمته أَمْرَانِ: أَحدهمَا أَن حقَّها لَو كَانَت كَمَا زعم أَن تصح كَمَا صحت التدورة لكَون الزنة وَالزِّيَادَة موجودتين فِي الْفِعْل وَالثَّانِي قَوْلهم: تنائف تنف أَي بعيدَة وَاسِعَة الْأَطْرَاف قَالَ العجاج: ... رمل تنوفات فيغشى التّنفا ... مواصلاً مِنْهَا قِفافاً قففا ...(2/386)
7 - ذكر سِيبَوَيْهٍ أَن أفعالاً يكون للْوَاحِد وَأَن بعض الْعَرَب يَقُول: هُوَ الْأَنْعَام وَاسْتشْهدَ بقوله تَعَالَى {وَإنَّ لكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} وَعَلِيهِ جَاءَ قَوْله: يُضحي أعلامها قامساً. وقمس وغمس أَخَوان. وَمِنْه قَوْلهم فى الْمثل أحوتا تقامس والقماس: الغواص. وَالْمرَاد انغماس الْأَعْلَام فِي السراب. وَنَظِير القامس المَاء الدافق فِي مَجِيئه بِمَعْنى الْمَفْعُول. طمس يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى أَي يطمس سرابها القيزان. قَالَ: ... بيد ترى قِيزَانَهُنَّ طُمَّسا ... بَوَادِياً مَراًّ ومَراًّ قُمَّسا ... [498] الحرجوج: الطَّوِيلَة على وَجه الأَرْض. وَعَن أبي عَمْرو أَنَّهَا الضامرة كالحرج. وَالْجِيم مكررة. الأخشب: الْجَبَل الخشن الغليظ الْحِجَارَة. الحومانة: الأَرْض الغليظة المنقادة وَالْجمع حوامين. الهداب بِمَعْنى الهدب: الْوَرق الذى لم ينبسط كورق الأرطى والأثل والطرفاء وَأَرَادَ الشّجر الَّذِي هَذَا ورقه. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مذْحج أكمة ولد عَلَيْهَا أَبُو هَذِه الْقَبِيلَة فَسُمي بهَا. وَعَن قطرب أَنَّهَا أكمة حَمْرَاء بِالْيمن وَهِي مفعل من ذحجة إِذا سحجه وَيُقَال: ذحجته الرّيح إِذا جررته من مَوضِع إِلَى مَوضِع. الحُشَّد: جمع حاشد يُقَال حشدهم يحشدهم إِذا جمعهم. والرفد: جمع رافد وَهُوَ الْمعِين أَي إِذا حزب أَمر حشد بَعضهم بَعْضًا وتساندوا وتظاهروا وصاروا يدا وَاحِدَة وهم معاوين فِي الخطوب. الأنواء: نُجُوم الأمطار. إِنَّمَا ألزمهم نصف الْعشْر فِيمَا سقته السَّمَاء وَمَا سقِِي سيحاً وَمَا سقته السَّمَاء سيان فِي وجوب العُشر بِكَمَالِهِ إِلَّا مَا سُقي بغرب أَو دالية (7) لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(2/387)
8 - فِيمَا سقت السَّمَاء العُشر وَمَا سُقي بالرِّشاء فَفِيهِ نصف العُشر لِأَنَّهُ أَرَادَ تأليفهم على الْإِسْلَام. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يسْجد على عبقرى.
عبقر هُوَ ضرب من الْبسط الموشية. وعبقر: يُقَال إِنَّهَا من بِلَاد الْجِنّ فينسب إِلَيْهَا كل شَيْء يونق ويستحسن ويستغرب كَأَنَّهُ من صَنْعَة الْجِنّ حَتَّى قَالُوا: ظلم عبقريّ. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قيل لَهُ: أَنْت أمرت بقتل عُثْمَان أَو أعنت على قَتله فعبِدَ وضمِدَ.
عبد عبد وأبد وأمد ورمد وَعمد وضمد كلهَا بِمَعْنى غضب. قَالَ النَّابِغَة: ... ومَنْ عصاك فعاقِبْهُ معاقبة ... تَنْهَى الظَّلُومَ وَلَا تقعدْ على ضَمَد ... ابْن سِيرِين رَحمَه الله كَانَ يَقُول: إِنِّي أعتبر الحَدِيث.
عبر أَرَادَ أَنه تَأَول الرُّؤْيَا بِالْحَدِيثِ كَمَا تَأَول بِالْقُرْآنِ مِثَال ذَلِك يعبِّر الْغُرَاب بِالرجلِ الْفَاسِق والضلع بِالْمَرْأَةِ لِأَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى الْغُرَاب فَاسِقًا. وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمَرْأَة خلقت مَعَ ضلع عوجاء.
عبرب الْحجَّاج قَالَ لطباخه: اتخذ لنا عبربية وَأكْثر فيجنها وروى: دوفصها العبرب: السماق. والفيجن: السداب. والدوفص (بِالْفَاءِ) : البصل الأملس الْأَبْيَض وبالميم الْبيض الَّذِي يلبس. العباهلة فِي (اب) . معبلة فِي (لع) . أعبلة فِي (كد) . عَابِر فِي (كن) . إِن يعبطوا فِي (شو) . المعابل فِي (عل) . اعتبط فِي (رب) . عبقريا فِي (غر) . عبداؤك فِي (قح) . لعبابها فِي (سج) . لم تعبل فى (سر) . [فعبط فى (ظا) . معبوطة فِي (سنّ) . اعتبد فِي (دب) . بعبير فِي (تو) . عَنْبَسَة فِي (ثغ) من العب فى (كب) ] . .(2/388)
9 - الْعين مَعَ التَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجت إِلَيْهِ أم كُلْثُوم بنت عقبَة وَهِي عاتق [498] فَقبل هجرتهَا وَأَقْبل أَبُو جندل يرسف فى الْحَدِيد فَرده إِلَى أَبِيه.
عتق العاتق: الشَّابَّة أول مَا أدْركْت. ويحكى أَن جَارِيَة قَالَت لأَبِيهَا: اشْتَرِ لي لوطا أغطي بِهِ فرعي فَإِنِّي قد عتقت. أَي رِدَاء أستر بِهِ شعري فَإِنِّي قد أدْركْت. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّمَا سميت عاتقا لِأَنَّهَا عتقت من الصِّبَا وَبَلغت أَن تزوج كَانَ هَذَا بعد مَا صَالح قُريْشًا فَلم يخْش معرّتهم على أبي جندل وَلم يَسعهُ رد أم كُلْثُوم إِلَى الْكفَّار لقَوْله تَعَالَى: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الكُفَّار} . عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ بَينا أَنا وَأَبُو عُبَيْدَة وسلمان جُلُوسًا نَنْتَظِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج علينا فِي الهجير مَرْعُوبًا فَقَالَ: أوه لفراخ مُحَمَّد من خَليفَة يسْتَخْلف عتريف مترف يقتل خلفى وَخلف الْخلف.
عترف العتريف والعتريس: الغاشم وَقيل هُوَ قلب عفريت. يتَأَوَّل على مَا جرى من يُرِيد فِي أَمر الْحُسَيْن وعَلى أَوْلَاد الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يَوْم الْحرَّة وهم خَلَف الخَلَف رَضِي الله عَنْهُم. ندب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الصَّدَقَة فَقيل لَهُ: قد منع أَبُو جهم وخَالِد بن الْوَلِيد وَالْعَبَّاس. فَقَالَ أما أَبُو جهم فَلم ينقم منا إِلَّا أَن أغناه الله وَرَسُوله من فَضله وَأما خَالِد فَإِنَّهُم يظْلمُونَ خَالِدا إِن خَالِدا جعل رَقِيقه وأعتده حبسا فِي سَبِيل الله وَأما الْعَبَّاس فَإِنَّهَا عَلَيْهِ وَمثلهَا مَعهَا. الأعتد: جمع عتاد وَهُوَ أهبة الْحَرْب من السِّلَاح وَغَيره وَيجمع أعتدة أَيْضا. فِيهِ مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَن يُؤَخر عَنهُ الصَّدَقَة عَاميْنِ لحَاجَة إِلَى ذَلِك وَنَحْوه مَا يُروى عَن عمر أَنه أخر الصَّدَقَة عَام الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس فِي الْعَام الْمقبل أَخذ مِنْهُم صَدَقَة عَاميْنِ. وَالثَّانِي: أَن يتنجز مِنْهُ صَدَقَة عَاميْنِ ويعضده مَا روى أَنه قَالَ: إِنَّا تسلّفنا من الْعَبَّاس صَدَقَة عَاميْنِ وروى: إِنَّا تعجلنا.(2/389)
0 - وَمثلهَا ينصب على اللَّفْظ وَيرْفَع على الْمحل. إِن سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ غرس كَذَا وَكَذَا ودية والنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يناوله وَهُوَ يغْرس فَمَا عتمت مِنْهَا ودية.
عتم أَي مَا أَبْطَأت أَن علقت يُقَال: مَا عتَّم أَن فعل إِذا لم يلبث. قَالَ أَوْس: ... فَمَا إنّا إِلَّا مُسْتَعِدّ كَمَا تَرَى ... أَخُو شُرَكِيّ الوِرْد غير مُعَتَّم ... لَا يغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ الْعشَاء وَإِنَّمَا يعتم بحلاب الْإِبِل. أَي إِنَّمَا يُسمى حلاب الْإِبِل عتمة. والحلاب: مَا يحلب من اللَّبن. وَالْعَتَمَة: اسْم للْوَقْت فَسمى بهَا مَا يحلب فِيهَا كَمَا سمِّيت الصَّلَوَات بأسماء أَوْقَاتهَا الَّتِي تُصلى فِيهَا فَيُقَال: خليت [5] الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء. وَأهل البدو كَانُوا يسمون صَلَاة الْعشَاء الْعَتَمَة فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُقتدى بهم فِي هَذِه التَّسْمِيَة الْخَارِجَة على ألسنهم وَاسْتحبَّ التَّمَسُّك بِالِاسْمِ النَّاطِق بِلِسَان الشَّرِيعَة وَهُوَ من أعتم الْقَوْم إِذا دخلُوا فِي الْعَتَمَة لِأَنَّك إِذا سميت اللَّبن بعتمة فقد جعلته مَعْنَاهَا والمعاني دَاخِلَة تَحت الْأَسْمَاء مودعة إِيَّاهَا. أَنا ابْن العواتك من سليم.
عتك هن عَاتِكَة بنت هِلَال بن فالج بن ذكْوَان وهى أم عبد منَاف بن قصي. وعاتكة بنت مرّة بن هِلَال بن فالج بن ذكْوَان وَهِي أم هَاشم بن عبد منَاف. وعاتكة بنت الأوقص ابْن مرّة بن هِلَال بن فالج بن ذكْوَان وَهِي أم وهب أبي آمِنَة أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذكوان من أَوْلَاد سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة بن قيس عييلان. وَبَنُو سليم تَفْخَر بأَشْيَاء مِنْهَا أَن لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم هَذِه اولادات وَمِنْهَا أَنَّهَا كَانَت مَعَه يَوْم فتح مَكَّة وَأَنه قدم لواءهم على الألوية وَكَانَ أَحْمَر.(2/390)
وَمِنْهَا أَن عمر كتب إِلَى الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَالشَّام ومصر أَن ابْعَثُوا إِلَى من كل بلد بأفضله رجلا فَبعث أهل الْبَصْرَة بمجاشع بن مَسْعُود السّلمِيّ وَأهل الْكُوفَة بِعتبَة بن فرقد السّلمِيّ وَأهل الشَّام بِأبي الْأَعْوَر السّلمِيّ وَأهل مصر بمعن بن يزِيد ابْن الْأَخْنَس السّلمِيّ. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يلقب بعتيق.
عتق قيل: لقب بذلك لعتق وَجهه وجماله. وَقيل: لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت عَتيق الله من النَّار وَقيل إِن تلاد اسْمه عَتيق. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ لأبي قُحَافَة ثَلَاثَة من الْوَلَد فسماهم: عتيقا ومعتقا ومعيتقا. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لعبد الله بن مَسْعُود حِين بلغه أَنه يقرىء النَّاس: عتَّى حِين [يُرِيد حَتَّى حِين] : إِن الْقُرْآن لم ينزل بلغه هُذَيْل فأقرىء النَّاس بلغه قُرَيْش.
عتى [قَالَ] الْفراء: حَتَّى لُغَة قُرَيْش وَجَمِيع الْعَرَب إِلَّا هذيلا وثقيفا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ عتَّى. قَالَ: وأنشدني بعض أهل الْيَمَامَة: ... لَا أضعُ الدَّلو وَلَا أصلى ... عتى أرى جلتها تولى
صوادر مِثْلَ قِباب التَّلِّ ... وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من الْعَرَب من يَقُول: أقِم عني عتى آتِيك وأتى آتِيك بِمَعْنى حَتَّى آتِيك وَهِي لُغَة هُذَيْل. وَمن معاقبة الْعين الْحَاء قَوْلهم: الدعداع فِي الدحداح (7) والعفضاج فِي الحفضاج وتصوَّع فِي تصوَّح وَجِيء بِهِ من عسك وحسك والعثالة بِمَعْنى الحثالة.(2/391)
وَبَين الْعين والحاء من الْقرب مَا لَوْلَا بحة فِي الْحَاء لكَانَتْ عينا كَمَا أَنه لَوْلَا إطباق فِي الصَّاد لكَانَتْ سينا وَلَوْلَا إطباق فِي الظَّاء لكَانَتْ ذالاً. [5 1] ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا كَانَ إِمَام تخَاف عترسته فَقل: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم كن لي جارا من فلَان.
عترس العتريس: الْجَبَّار الغضبان وَقد عترس عترسة. والعنتريس: النَّاقة الصلبة الجريئة فنعليل من ذَلِك. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ عتب سراويله فتشمر.
عتب التعتيب: أَن تجمع الْحُجْرَة وتطويها من قُدَّام وَهُوَ من قَوْلك عتَّب عتبات إِذا اتخذ مرقيات لِأَنَّهُ إِذا فعل ذَلِك بسراويله فقد رَفعهَا وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: عتب فلَان فِي الحَدِيث إِذا جمعه فِي كَلَام قَلِيل. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى إِن رجلا حلف أيمانا فَجعلُوا يعاتُّونه فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَة.
عَتَتْ أى يرادونه فيكرر الْحلف وَلَا يقبلُونَ مِنْهُ فِي الْمرة الْوَاحِدَة يُقَال: مَا زلت أُصاته وأُعاته أَي أخاصمه وأُراده وَهِي مفاعلة من عته بِالْمَسْأَلَة إِذا ألح عَلَيْهِ بهَا. الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي رجل أنعل دَابَّة رجل فعتبت أَو عنتت: إِن كَانَ ينعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ ذَلِك تكلفاً وَلَيْسَ من عمله ضمن.
عتب يُقَال للدابة المعقولة أَو الضالعة إِذا مشت على ثَلَاث كَأَنَّهَا تقفز: عتبت عتابا قَالُوا: وَهَذَا تَشْبِيه كَأَنَّهَا تمشي على عتبات الدرجَة فتنزو من عتبَة إِلَى عتبَة. عنتت: من الْعَنَت وَهُوَ الضَّرَر وَالْفساد وَسمي الغمز عنتاً لِأَنَّهُ ضَرَر. وعتله فِي (عص) . وَلَا عتيرة فِي (فر) . العترة فِي (فل) . وعترتي فِي (ثق) .(2/392)
3 - تعترسه فِي (صف) . عتمتها فِي (لق) . العتلة فِي (رف) . والعتر فِي (سنّ) . [عتب فِي (جو) . عتبَة فِي (عص) ] .
الْعين مَعَ الثَّاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قُريْشًا أهل أَمَانَة من بغاها العواثير كبته كَبه الله لمنخريه وروى: العواثر.
عثر العواثير: جمع عاثور وَهُوَ الْمَكَان الوعث لِأَنَّهُ يعثر فِيهِ والعافور مثله من العفر وَهُوَ التُّرَاب كَأَنَّهُ يكب سالكه فيعفر وَجهه أَو فاؤه بدل ثاء كَمَا قيل فوم فِي ثوم وفم فِي ثمَّ فاستعير للورطة والخطة الموبقة فَقيل: وَقع فلَان فِي عاثور شرّ وعافور شَرّ وَلَا تبغني عاثورا أَي لَا تحفر لي وَلَا تبغني شرا. وَقيل: العاثور مصيدة تُتخذ من اللحاء. وَفِي العواثر وَجْهَان: أَحدهمَا أَنه جمع عاثر وَهُوَ حباله الصَّائِد. وَالثَّانِي أَنه جمه عاثرة وَهِي الْحَادِثَة الَّتِي تعثر بصاحبها من قَوْلهم: عثر بهم الزَّمَان إِذا أدال مِنْهُم وأتعس جدَّهم وَيجوز أَن يُرَاد العواثير فَاكْتفى عَن الْيَاء بالكسرة. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذَاك زمَان العثاعث.
عثعث هِيَ الشدائد من العثعثة [5 2] وَهِي الْإِفْسَاد. قَالَ العجاج: ... [وأمراؤ أفْسَدُوا وعَاثُوا] ... وعَثْعَثُوا فَكثر العَثْعَاثُ ... رَوَاهُ أَبُو زيد بِالْعينِ وَغَيره بِالْهَاءِ وَنَظِير العثاعث التراتر والتلاتل للأمور الْعِظَام من الترترة والتلتلة وهما شدَّة التحريك والعنف. ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن نَابِغَة [بني جعدة] امتدحه فَقَالَ [يصف جملا] ... أَتاكَ أَبُو لَيْلَى يجوبُ بِهِ الدُّجَى ... دُجَى اللَّيْلِ جوَّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ ...(2/393)
4 - عثمثم هُوَ الْجمل الشَّديد القوى والعجمجم مثله. الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بلغه أَن رجلا يغتابه فَقَالَ: عثيثة تقرم جلدا أملس.
عثث العثَّة: دويبة تلحس الصُّوف قَالَ: ... فإنْ تشتمونا على لُؤمِكُمْ ... فقد يلحَس العُثّ مُلْس الأدَمْ ... قرم الشىء بِأَسْنَانِهِ: قطعه مثل قرضه الْجلد الأملس مثلا لعرضه فِي بَرَاءَته من الْعُيُوب والعثيثة لمن أَرَادَ أَن يقْدَح فِيهِ بالغيبة. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْأَعْضَاء إِذا انجبرت على غير عثم صلح وَإِذا انجبرت على عثم فَالدِّيَة.
عثم يُقَال عثمت يَده فعثمت أَي جبرتها على غير اسْتِوَاء فجبرت وَنَحْو ذَلِك وفرته فوفر ووقفته فَوقف ورجعته فَرجع. فِي الحَدِيث أبْغض الْخلق إِلَى الله العثرى.
عثرى قيل هُوَ الَّذِي لَا فِي أَمر الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمر الْآخِرَة. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال جَاءَ فلَان عثرياًّ يتبحلس إِذا جَاءَ فَارغًا وَهُوَ من قَوْلهم للعذي من النّخل أَو لما يسقى سيحاً على خلاف بَين أهل اللُّغَة: العثريّ: لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج فِي سقيه إِلَى عمل بغرب أَو دالية. وَهُوَ من عثر على الشَّيْء عثوراً وعثرا لِأَنَّهُ يهجم على المَاء بِلَا عمل من صَاحبه كَأَنَّهُ نسب إِلَى العثر وحركت عينه كَمَا قيل فِي الحمض والرمل حمضي ورمليّ. قَالَ مُسَيْلمَة الْكذَّاب: عثنوا لَهَا.(2/394)
5 - عثن أَي بخِّروا لَهَا من العثان وَهُوَ الدُّخان الَّذِي لَا لَهب لَهُ وَالضَّمِير لسجاح المتنبئة قَالَ ذَلِك حِين أَرَادَ الإعراس بهَا عَثْرَة فى (عص) عثان فى (ف) [عثْكَالًا فِي (خد) .] .
الْعين مَعَ الْجِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَجْوَة من الْجنَّة وَهِي شِفَاء من السم.
عجو هِيَ تمر بِالْمَدِينَةِ من غرس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ... خَلَطَتْ بِصَاع الأَقْطِ صَاعَيْنِ عجْوَةً ... إِلَى صَاع سمن وَسطهَا يتربع ... قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كنت يَتِيما وَلم أكن عجيا.
عجى هُوَ الَّذِي لَا لبن لأمه أَو مَاتَت فعلل بِلَبن غَيرهَا أَو بِشَيْء آخر فأورثه ذَلِك وَهنا وَقد عجاه يعجوه إِذا علله. قَالَ الْأَعْشَى: ... قد تَعادى عَنهُ النَّهَارُ فَمَا تعجوه إِلَّا عفافة أَو فُوُاقُ ... [5 3] وَقَالَ النَّصْر: عجى الصَّبِي يعجى عجيً إِذا صَار عجياً أَي محثلاً (7) . وَقيل عجت الْأُم وَلَدهَا إِذا أخرت رضاعه عَن وقته.
عجم العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس. هِيَ الْبَهِيمَة لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم. وَمِنْهَا قَول الْحسن رَحمَه الله: صَلَاة النَّهَار عجماء لِأَنَّهَا لَا تُسمع فِيهَا قِرَاءَة. وَكَذَلِكَ قَوْله رَحمَه الله: من ذكر الله فِي السُّوق كَانَ لَهُ من الْأجر بِعَدَد كل فصيح فِيهَا وأعجم. قيل: الفصيح: الْإِنْسَان والأعجم: الْبَهِيمَة.(2/395)
6 - الْجَبَّار: الهدر يُقَال: ذهب دَمه جباراً. وَالْمعْنَى أَن جنايتها هدر قَالُوا: هَذَا إِذا لم يكن لَهَا سائق وَلَا قَائِد وَلَا رَاكب فَإِن كَانَ لَهَا أحدهم فَهُوَ ضَامِن لِأَنَّهُ أَوْطَأَهَا النَّاس. وَأما الْبِئْر فَهُوَ أَن يسْتَأْجر صَاحبهَا من يحفرها فِي ملكه فتنهار على الْحَافِر أَو يسْقط فِيهَا إِنْسَان فَلَا يضمن. وَقيل: هِيَ الْبِئْر العادية فِي الفلاة إِذا وَقع فِيهَا إِنْسَان ذهب هدرا. وَأما الْمَعْدن فَإِذا انهار على الحفرة المستأجرين فهم هدر. والركاز عِنْد أهل الْعرَاق الْمَعْدن وَمَا يسْتَخْرج مِنْهُ فِيهِ الخُمس لبيت المَال وَالْمَال المدفون العادي فِي حكمه. والركاز عِنْد أهل الْحجاز المَال المدفون خَاصَّة والمعادن لَيست بركاز وفيهَا مَا فى أَمْوَال المسليمن من الزَّكَاة سَوَاء. وصف الْبَراء بن عَازِب رضى الله عَنهُ السُّجُود فَبسط يَدَيْهِ وَرفع عجيزته وخوّى وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد.
عجز العجيزة للْمَرْأَة خَاصَّة وَالْعجز لَهما. وعجزت إِذا عظمت عجيزتها وَهِي عجزاء وَلَا يُقَال: عجز الرجل وَلَا رجل أعجز وَلَكِن آليّ وَعَن الزّجاج تسويغ الأعجز وَإِنَّمَا قَالَ عجيزته على طَرِيق الِاسْتِعَارَة كَمَا اسْتعَار الثفر للثورة وَهُوَ للحافر من قَالَ: ... [جزَى اللهُ عَنَّا الأَعورَيْن ظلامة] ... وفَرْوة الثَّوْرة المُتضَاجمِ ... والتخوية: أَن تجْعَل بَينه وَبَين الأَرْض خواء أَي هَوَاء وفجوة. وخواء الْفرس مَا بَين يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ من الْهَوَاء. قَالَ أَبُو النَّجْم (7) : ... ويضل الطيرُ فِي خَوائِه ...(2/396)
7 - قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نعجم النَّوَى طبخا وَأَن نخلط التَّمْر بالزبيب.
عجم أَرَادَ أَن التَّمْر إِذا طُبخ لتؤخذ حلاوته طُبخ عفوا حَتَّى لَا يبلغ الطَّبْخ النَّوى وَلَا يُؤثر فِيهِ تَأْثِير من يعجمه أَي يلوكه لِأَن ذَلِك يفْسد طعم الْحَلَاوَة أَو لِأَنَّهُ قوت للدّاجن فَلَا ينضج لِئَلَّا يذهب طعمه. لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ الله شريطة من أهل الأَرْض فَيبقى عجاج لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا.
عجج [5 4] هم الرعاع من النَّاس يُقَال: جِئْت بني فلَان فَلم أصب إِلَّا العجاج والهجاج أى الرعاع وَمن لَا خير فِيهِ الْوَاحِد عجاجة وهجاجة قَالَ: ... يَرْضَى إِذا رَضِىَ النساءُ عَجاجَةً ... وَإِذا تُعُمِّدَ عَمْدُه لم يغْضب ... قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خوخسرو صَاحب كسْرَى فوهب لَهُ معْجزَة فَسُمي ذَا المعجزة.
عجز هِيَ المنطقة بلغَة أهل الْيمن كَأَنَّهَا سميت بذلك لِأَنَّهَا تلِي عجز المتنطق. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم الشورى: لنا حقٌّ إِن نعطه نَأْخُذهُ وَإِن نمنعه نركب أعجاز الْإِبِل وَإِن طَال السُّرى. هَذَا مثل لركوبه الذل وَالْمَشَقَّة وَصَبره عَلَيْهِ وَإِن تطاول ذَلِك وَأَصله أَن الرَّاكِب إِذا اعرورى الْبَعِير ركب عَجزه من أصل (7) السنام فَلَا يطمئن وَيحْتَمل الْمَشَقَّة. وَأَرَادَ بركوب أعجاز الْإِبِل كَونه ردفاً تَابعا وَأَنه يصبر على ذَلِك وَإِن تطاول بِهِ. وَيجوز أَن يُرِيد: وَإِن نمنعه نبذل الْجهد فِي طلبه فعل من يضْرب فى ابْتِغَاء(2/397)
8 - طلبته أكباد الْإِبِل وَلَا يُبَالِي بِاحْتِمَال طول السرى. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا كُنَّا نتعاجم أَن ملكا ينْطق على لِسَان عمر.
عجم أَي كُنَّا نفصح بذلك إفصاحاً. وَنَحْوه قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد لَا نشك أَن السكينَة تنطق على لِسَان عمر. الْحجَّاج قَالَ لأعرابي من الأزد: كَيفَ بَصرك بالزرع قَالَ: إِنِّي لأعْلم النَّاس بِهِ قَالَ: صفة لنا. قَالَ: الذى غلظت قصبته وَعرضت ورقته والتف نبته وعظمت سنبلته. قَالَ: إِنِّي أَرَاك بالزرع بَصيرًا. قَالَ: إِنِّي لما عاجيته وعاجانى.
عجى المعاجاة: تَعْلِيل الصَّبِي بِاللَّبنِ أَو غَيره. قَالَ: ... إِذا شئتَ أبصرتَ مِنْ عَقْبهم ... يَتَامى يُعَاجَوْن كالأذْؤُب ... جعل ذَلِك مثلا لمعاناته أَمر الزَّرْع ومزاولته لَهُ. فِي الحَدِيث: كل ابْن آدم يبْلى إِلَّا الْعجب.
عجب هُوَ الْعَظِيم بَين الإليتين يُقَال: إِنَّه أول مَا يُخلق وَآخر مَا يبْلى وَيُقَال لَهُ الْعَجم أَيْضا. رَوَاهُ اللحياني وروى الْفَتْح وَالضَّم فيهمَا. وَالْمعْنَى: جَمِيع جَسَد ابْن آدم يبْلى. لَا تدبَّروا أعجاز أُمُور قد ولت صدورها.
عجز أَي أدبارها وأواخرها. العجمة فِي (حب) . تعجزه فِي (شع) . فِي عجلة فِي (فق) . ذُو عجر فى (زخ) .(2/398)
عجرى ويجرى فِي (جد) معْجزَة فِي (فر) . عجمتك فِي (حن) . [المعجم فِي (لَهُ) . فعجم فِي (ين) الْعَجْوَة فِي (بس) عجْرَة فِي (غث) .] .
الْعين مَعَ الدَّال
[5 5] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عدوى وَلَا هَامة وَلَا صفر وَلَا غول وَلَكِن السعالى.
عدا الْعَدْوى: اسْم من الإعداء كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء. الهامة: وَاحِدَة الْهَام من الطير وَكَانَت الْعَرَب تَقول: إِن عِظَام الْمَوْتَى تصير هاماً فتطير. قَالَ لبيد ... فَليس النَّاس بَعْد فِي نَقيرٍ ... وَمَا هم غَيْرُ أصْدَاء وهَامِ ... سُئِلَ روبة عَن الصَّفر فَقَالَ: هُوَ حَيَّة تكون فِي الْبَطن تصيب الْمَاشِيَة وَالنَّاس وَهِي أعدى من الجرب عِنْد الْعَرَب وَقيل: هُوَ تأخيرهم الْمحرم إِلَى الصفر. السعالي: سحرة الْجِنّ الْوَاحِدَة سعلاة أَرَادَ أَن فِي الْجِنّ سحرة كسحرة الْإِنْس لَهُم تخييل وتلبيس. ذكر قارىء الْقُرْآن وَصَاحب الصَّدَقَة فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله أرأيتك النجدة تكون فِي الرجل فَقَالَ: لَيست لَهما بِعدْل إِن الْكَلْب يهر من وَرَاء أَهله. أى بِمثل.
عدل وَعَن الْفراء أَن عدل الشَّيْء مَا كَانَ من جنسه وعدله مَا لَيْسَ من جنسه. تَقول: عِنْدِي عدل غلامك أَي غُلَام مثله. وعدله أَي قِيمَته من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير. أَرَادَ أَن النجدة غريزة فالإنسان يُقَاتل حمية لَا حسبَة كَالْكَلْبِ يهر عَن أَهله ويذبّ عَنْهُم طبعا. الْكَاف فِي أرأيتك مُجَرّدَة للخطاب كَالَّتِي فِي النجاءك وَمَعْنَاهُ أَخْبرنِي عَن النجدة.(2/399)
0 - إِن أَبيض بن حمال المأربي استقطعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْملح الَّذِي بمأرب فأقطعه إِيَّاه فَلَمَّا ولى قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله أَتَدْرِي مَا أقطعته إِنَّمَا أقطعت لَهُ المَاء العدّ فرجعه مِنْهُ. وَسَأَلَهُ أَيْضا: مَاذَا يُحمى من الْأَرَاك فَقَالَ: مَا لم تنله أَخْفَاف الْإِبِل.
عدد الْعد: الذى لَا انْقِطَاع لَهُ كَمَاء الْعين والبئر إِنَّمَا رجعه مِنْهُ لِأَن المَاء جَمِيع النَّاس فِيهِ شُرَكَاء وَكَذَلِكَ مَا كَانَ كلأ لِلْإِبِلِ من الْأَرَاك لكَونه بِحَيْثُ تصل إِلَيْهِ وتهجم عَلَيْهِ فَأَما مَا كَانَ بمعزل من ذَلِك فسائغ أَن يحمى. وَقيل: الأخفاف مسانُّ الْإِبِل قَالَ الْأَصْمَعِي: الخفّ: الْجمل المسن. وَأنْشد: ... سَأَلت زيدا بعدَ بَكْرٍ خُفّا ... والدَّلوُ قد تُسْمَع كَيْ تَخفّا ... وَالْمعْنَى أَن مَا قرب من المرعى لَا يُحمى بل يُترك لمسانّ الْإِبِل وَمَا فِي مَعْنَاهَا من الضِّعَاف الَّتِي لَا تقوى على الإمعان فِي طلب المرعى. فِي حَدِيث المبعث: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أَظن أَنه عرض لي شبه جُنُون فَقَالَت: كلا إِنَّك تكسب [5 6] الْمَعْدُوم وَتحمل الْكل.
عدم يُقَال فلَان يكْسب الْمَعْدُوم إِذا كَانَ مجدوداً يرْزق مَا يُحرمه غَيره. وَفِي كَلَامهم: هُوَ آكلكم للمأدوم وأكسبكم للمعدوم وأعطاكم للمحروم. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما عزل حبيب بن مسلمة عَن حمص وَولى عبد الله بن قرط قَالَ حبيب: رحم الله عمر ينْزع قومه وَيبْعَث الْقَوْم العدى.(2/400)
1 - عدا أَي الْأَجَانِب قَالَ: ... إِذا كنتَ فِي قوم عدى لست مِنْهُم ... فَكل مَا علفت من خَبيثٍ وطَيّبِ ... عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لبَعض أَصْحَابه وَقد تخلف عَنهُ يَوْم الْجمل: مَا عدا مِمَّا بدا أَي مَا عداك بِمَعْنى: مَا مَنعك وَمَا شغلك مِمَّا كَانَ بدا لَك من نصرتي وَمِنْه الحَدِيث: السُّلْطَان ذُو عدوان وَذُو بدوان وَذُو تدرأ. أَي سريع الِانْصِرَاف والملال كثير البدء فِي الْأُمُور. والتدرأ: تفعل من الدرء وَهُوَ الدّفع أَي يدْفع نَفسه على الخطط ويتهور.
فِي الحَدِيث: سُئل رجل مَتى تكون الْقِيَامَة فَقَالَ: إِذا تكاملت العدتان.
عدد أَي عدَّة أهل الْجنَّة وعدة أهل النَّار. عدلها فى (خد) . لعادته وَعَادَة فِي (بج) . أعداد فِي (خب) . تعادني فِي (أك) . لَا تعدل وَلَا تعدُّ فِي (ند) . قيمَة عدل فِي (رج) . وعدَّى فِي (سط) . وتعدو فِي (لق) . عاديت فِي (طم) . وتعادٍ فِي (دف) [عدلوا فِي (ضو) . وَلَا عدل فِي (صر) . عَادِية فِي (رق) . العدوّ فِي (رض) . المعدلة فى (دف) . العدوة فِي (سح) . عدنك فِي (دح) . وأعدَّه فِي (أد) ] .
الْعين مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يهْلك النَّاس حَتَّى يعذروا من أنفسهم روى بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا. وَالْفرق بَينهمَا نَحوه بَين سقيته وأسقيته وغمدته وأغمدته. وَحَقِيقَة(2/401)
2 - عذر عذرت محوت الْإِسَاءَة وطمستها من قَوْله: ... [أمْ كُنْتَ تعرف آيَات فقد جَعَلَتْ] ... أطلالُ إلْفِكَ بالْودْكاءِ تَعْتَذِرُ ... وَفِي مَعْنَاهُ: عَفَوْت من عَفا الدَّار. وَالْمعْنَى حَتَّى يَفْعَلُوا مَا يتَّجه الْمحل الْعقُوبَة بهم. الْعذر: من قَوْلهم: عذيري من أَي هَات من يعذرني مِنْهُ فِي الْإِيقَاع بِهِ إِيذَانًا بانه أهل لِأَن يُوقع بِهِ وَإِن على من علم بِحَالهِ فِي الْإِسَاءَة أَن يعْذر الْموقع بِهِ وَلَا يلومه. وَمِنْه مَا جَاءَ فِي حَدِيث الْإِفْك: فاستعذر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عبد الله ابْن أُبي فَقَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: من يعذرني رجل قد بَلغنِي عَنهُ كَذَا وَكَذَا فَقَامَ سعد فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَنا أعذرك مِنْهُ إِن كَانَ من الْأَوْس ضربت عُنُقه. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه استعذر أَبَا بكر من عَائِشَة. أَي قَالَ لَهُ: كن عذيري مِنْهَا إِن عَاقبَتهَا وَذَلِكَ فِي شَيْء عتب فِيهِ عَلَيْهَا. إِن الله تَعَالَى نظيف يحب النَّظَافَة فنظفوا عذراتكم وَلَا تشبهوا باليهود تجمع الأكباء فِي دورها. الْعذرَة: الفناء وَبهَا [5 7] سميت الْعذرَة لإلقائها فِيهَا كَمَا سميت بالغائط وَهُوَ المطمئن من الأَرْض. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْيَهُود أنتن خلق الله عذرة. وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه عَاتب قوما وَقَالَ: مالكم لَا تنظفون عذراتكم الأكباء: جمع كبا (بِالْكَسْرِ وَالْقصر) وَهُوَ الكُناسة وَإِذا مُدَّ فَهُوَ البخور وَألف الكبا عَن وَاو لقَولهم: كبوت الْبَيْت أكبوه كبوا وَقد تميله الْعَرَب فَهُوَ فِي ذَلِك أَخُو العشا فِي الشذوذ عَن الْقيَاس.(2/402)
3 - وَفِي تنظيف الأفنية يرْوى عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه كَانَ إِذا قدم مَكَّة يطوف فِي سككها فيمر بالقوم فَيَقُول: قمُّوا فناءكم حَتَّى مر بدار أبي سُفْيَان فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان قموا فناءكم فَقَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى يَجِيء مهاننا الْآن فَطَافَ أَيْضا ثمَّ مر بِهِ فَلم يصنع شَيْئا فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان أَلا تقمون فناءكم فَقَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. حَتَّى يَجِيء مهاننا الْآن فَطَافَ أَيْضا وَمر بِهِ فَلم يصنع شَيْئا فَوضع الدرة بَين أذنية ضربا فَجَاءَت هِنْد فَقَالَت: وَالله لربَّ يَوْم لَو ضَربته لاقشعر بطن مَكَّة فَقَالَ: أجل وَالله لرب يَوْم لَو ضَربته لاقشعر بطن مَكَّة
عذق قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصيل الْغِفَارِيّ من مَكَّة فَقَالَ: يَا أصيل كَيفَ عهِدت مَكَّة فَقَالَ: عهدتها وَالله وَقد أخصب جنابها وأعذق إذخرها وأسلب ثمامها وأمش سلمهَا فَقَالَ: حَسبك يَا أصيل. ويروى أَن أبان بن سعيد رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أبان كَيفَ تركت أهل مَكَّة قَالَ: تَركتهم وَقد جيدوا وَتركت الْإِذْخر وَقد أعذق وَتركت الثمام وَقد خَاص. فاغرورقت عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وروى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحُدَيْبِيَة أهْدى لَهُ عَمْرو بن سَالم وبسربن سُفْيَان الخراعيان غنما وجزوراً مَعَ غُلَام مِنْهُم فأجلسه وَهُوَ فِي بردة لَهُ فلتةٍ فَقَالَ: يَا غُلَام كَيفَ تركت الْبِلَاد فَقَالَ: تركتهَا قد تيسرت قد أمشر غضاهها وأغذق إذخرها وأسلب ثمامها وأبقل حمضها (7) فشبعت شَاتِهَا إِلَى اللَّيْل وشبع بَعِيرهَا إِلَى اللَّيْل مِمَّا جمع من خوص وضمد وبقل. أعذق: أَي صَارَت لَهُ أفنان كالأغذاق يُقَال: أعذقت النَّخْلَة إِذا كثرت أعذاقها جمع عذق (بِالْكَسْرِ) وَهُوَ الكباسة وأعذق الرجل كثرت عذوقه جمع عذق (بِالْفَتْح) وَهُوَ النَّخْلَة.(2/403)
4 - قَالَ الأصمعى: أعذق الإدخر إِذا خرجت ثَمَرَته. أسلب: خوَّص. وَالسَّلب: خوص الثمام. أمشَّ: خرج مَا يخرج فِي أَطْرَافه نَاعِمًا رخصا كالمشاش. وَقيل: إِنَّمَا هُوَ أمشر أَي أَوْرَق واخضر من مشرة الأَرْض وَهِي أول نبتها. جيدوا: أَصَابَهُم الْجُود. خَاص: صَار لَهُ خوص وَالْمَحْفُوظ أخوص النّخل وأخوص العرفج وَمَا كَانَت الْبِئْر [5 8] خوصاء وَقد خاصت تخوص أَي خوصت وَأما خَاص بِمَعْنى أخوص فَلم يسمع فِيمَا أعلم إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث. اغرورقت: افعوعلت من الْغَرق أَي غرقت فِي الدمع. الفلتة (7) : الفلوب وَهِي الَّتِي لَا يَنْضَم طرفاها. تيسرت: أخصبت من الْيُسْر وَمِنْه تيَسّر الرجل إِذا حسنت حَاله. الضمد: رطب الشّجر ويابسه وقديمه وَحَدِيثه. ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْذُورًا مَسْرُورا.
عذر يُقَال عذرته وأعذرته إِذا ختنته وسررته إِذا قطعت سرته. وَفِي حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: ابْن صياد وَلدته أمه وَهُوَ اعور مَعْذُور مسرور. إِذا وضعت الْمَائِدَة فيأكل الرجل مِمَّا يَلِيهِ وَلَا يرفع يَده وَإِن شبع وليعذر فَإِن ذَلِك يخجل جليسه.(2/404)
5 - أَي فليقصر فِي الْأكل وَهُوَ يرى صَاحبه أَنه مُجْتَهد. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ إِذا أكل مَعَ قوم كَانَ آخِرهم أكلا. ذَلِك إِشَارَة إِلَى رفع الْيَد. جَاءَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى منزل أبي الْهَيْثَم بن التيهَان وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقد خرج أَبُو الْهَيْثَم يستعذب المَاء فَدَخَلُوا فَلم يلبث أَن جَاءَ أَبُو الْهَيْثَم يحمل المَاء قربَة يزعبها ثمَّ رقي عذقاً لَهُ وروى: إِنَّه أَخذ مخرقاُ فَأتى عذقاً لَهُ فجَاء بقنو فِيهِ زهوة ورطبه فَأَكَلُوا مِنْهُ وَشَرِبُوا من مَاء الحسى ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْهَيْثَم أَلا أرى لَك هانئاً وروى: ماهنا فَإِذا جَاءَ السبى أَخذ مناك خَادِمًا
عذب يُقَال: أعذب الْقَوْم إِذا غذبت مِيَاههمْ واستعذبوا إِذا استقوا وَشَرِبُوا عذبا. زعبت الْقرْبَة حملتها مَمْلُوءَة. وَقيل دفعتها لثقلها من قَوْلهم: سيل زاعب إِذا دفع بعضه بَعْضًا. المخرف: شبه الدوخلة. الهانىء والماهن: الْخَادِم. وأصل الهنء الْإِصْلَاح والكفاية وَمِنْه الهناء لِأَنَّهُ يصلح الجربى ويشفيها. وَيُقَال: اهتنأت مَالِي إِذا أصلحته. وهنأهم شَهْرَيْن إِذا كفاهم مؤنتهم وَقيل للطعام هنىء إِذا صلح بِهِ الْبدن. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا قطع فِي عذق مُعَلّق. أَي فِي كباسة هِيَ فِي شجرتها معلقَة لما تصرم وَلما تحرز. عَليّ رَضِي الله عَنهُ شيَّع سَرِيَّة أَو جَيْشًا فَقَالَ: أعذبوا عَن النِّسَاء.
عذب أَي امْتَنعُوا عَن ذكرهن فَإِنَّهُ يكسركم عَن الْغَزْو ويثبطكم قَالَ عبيد ابْن الأبرص:(2/405)
6 - ... وتبدلوا اليعبوب بعد إلههم ... صنما فقروا جَدِيلَ وأَعْذِبُوا ... وَبَات الْفرس عذوباً إِذا امْتنع من الْأكل وَالشرب. وَمِنْه الْعَذَاب لِأَنَّهُ [5 9] نكال يمْنَع الْجَانِي من مثل مَا جنى. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لرجل: إِن كنت لَا بُد نازلا بِالْبَصْرَةِ فَانْزِل عذاوتها وَلَا تنزل سرتها.
عذا جمع عذاة وَهِي الأَرْض الطّيبَة التربة الْبَعِيدَة من المَاء المالح والسباخ. قَالَ ذُو الرمة: ... بِأَرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ وسْمِيَّة الثَّرَى ... عَذَاةٍ نَأَتْ عَنْهَا الملوحه وَالْبَحْر ... والعذبة مثلهَا. وَقد عذوت وعذيت أحسن العذاة عَن أبي زيد. وَيُمكن أَن يكون مِنْهَا العذى وَهُوَ الزَّرْع الَّذِي لَا يسْقِيه إِلَّا السَّمَاء لبعده عَن المَاء وتظيره وَهُوَ ابْن عمي دنيا. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَاتب أَهله على ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ عذقاً وعَلى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة خلاص فأعانه سعد بن عبَادَة بستين عذقا.
عذق هُوَ النَّخْلَة وَكَانُوا كاتبوه على أَن يغرسها لَهُم فسيلا فَمَا أَخْطَأت مِنْهَا ودية. الْخَلَاص: مَا أخلصته النَّار من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَمِنْه الزّبد خلاص اللَّبن. وَفِي حَدِيث ابْن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنِّي لفي عذق أُنجي مِنْهُ رطبا وروى: أستنجي رطبا أَن سَمِعت صائحا يَقُول: قَاتل الله هَؤُلَاءِ الْعَرَب قدم صَاحبهمْ السَّاعَة. يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخذني أفكل من رَأس العذق. الإنجاء والاستنجاء: الاجتناء من نجا الشَّجَرَة وَأَن جاها واستنجاها إِذا قطعهَا وَمِنْه الِاسْتِنْجَاء وَهُوَ قطع النَّجَاسَة. الأفكل: الرعدة.(2/406)
وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: تزوجنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بنت تسع وَقَالَت: إِنِّي لأُرجح بَين عذقين إِذْ جَاءَتْنِي أُمِّي فانزلتني حَتَّى انْتَهَت بِي إِلَى الْبَاب وَأَنا أنهج فمسحت وَجْهي بِشَيْء من مَاء وَفرقت جميمة كَانَت عليّ وَدخلت بِي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. نهج وأنهج إِذا رَبًّا وعلاه البهر وأنهجه غَيره وأنهجت الدَّابَّة سرت عَلَيْهَا حَتَّى انبهرت. وَفِي الحَدِيث: لَا وَالَّذِي أخرج العذق من الجريمة وَالنَّار من الوثيمة. الجريمة: النواة. والوثيمة: الْحِجَارَة المسكورة من وَثمّ يثم. الْمِقْدَاد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو رَاشد الحبراني: رَأَيْته جَالِسا على تَابُوت من توابيت الصيارفة قد فضل عَنْهَا عَظِيما فَقلت: يَا أَبَا الْأسود لقد أغذر الله إِلَيْك قَالَ: أَبَت علينا سُورَة البحوث: {انفِرُوا خِفَافاً وثِقَالاً} . هُوَ من أعذره بِمَعْنى عذره أَي جعلك الله مُنْتَهى الْعذر وغايته لثقل بدنك فأسقط عَنْك الْجِهَاد ورخَّص لَك فِي تَركه. سُورَة البحوث: هِيَ سُورَة التَّوْبَة لما فِيهَا من الْبَحْث عَن الْمُنَافِقين وكشف [510] أسرارهم وَتسَمى المبعثرة. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الْمُسْتَحَاضَة فَقَالَ: ذَاك العاذل يغذو لتستثفر بِثَوْب ولتصل وروى: أَنه عرق عاند (7) أَو ركضة من الشَّيْطَان.(2/407)
8 - هُوَ الْعرق الَّذِي يخرج مِنْهُ دم الِاسْتِحَاضَة كَأَنَّهُ سمي بذلك لِأَن الْمَرْأَة تستليم إِلَى زَوجهَا فَجعل العذل للعرق لكَونه سَببا لَهُ. يغذو: يسيل. العاند: الَّذِي لَا يرقأ من العنقود وَهُوَ الْبَغي جُعلت الِاسْتِحَاضَة ركضة من الشَّيْطَان وَإِن كَانَت فعل الله تَعَالَى وَلَا عمل للشَّيْطَان فِيهَا لِأَنَّهَا ضرب من الأسقام والعلل وَقد قَالَ الله تَعَالَى فِي مُحكم تَنْزِيله: {ومَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فبِمَا كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ} وَمَا كسبت أَيدي النَّاس فبنزغ الشَّيْطَان وكيده.
عذم فِي الحَدِيث: إِن رجلا كَانَ يرائي فَلَا يمر بِقوم إِلَّا عذموه. أى أَخَذُوهُ بألسنتهم وَأَصله العضّ. إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا عمل فيهم بِالْمَعَاصِي نَهَاهُم أَحْبَارهم تعذيراً فعمهم الله بالعقاب.
عذر اى نهءوهم غير مبالغين فِي النَّهْي. وضع الْمصدر مَوضِع اسْم الْفَاعِل حَالا كَقَوْلِهِم جَاءَ مشيا. بِعَذِرَاتٍ فِي (قح) . تعذّر فِي (جش) . عذيري فِي (رع) . وعذيقها فِي (جذ) . [رب عذق فِي (وق) . عاذر فِي (سح) . بَابي عذر فِي (قر) . شَدِيد العذار فِي (صد) .] .
الْعين مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عرج أَو كسر أَو حُبس فليجز مثلهَا وَهُوَ حل.
عرج عرج يعرج عرجاناً إِذا غمز من عَارض أَصَابَهُ وعرج عرجاً إِذا كَانَ ذَلِك خلقَة.(2/408)
9 - فليجز: من جزيت فلَانا دينه إِذا قَضيته. وَالْمعْنَى أَن من أحصره مرض أَو عَدو فَعَلَيهِ أَن يبْعَث بِهَدي شَاة أَو بَدَنَة أَو بقرة ويواعد الْحَامِل يَوْمًا بِعَيْنِه يذبحها فِيهِ فَإِذا ذُبحت تحلل وَالضَّمِير فِي مثلهَا للنسيكة. كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عرس بلَيْل توسد لينَة وَإِذا عرس عِنْد الصُّبْح نصب ساعده نصبا وعمدها إِلَى الأَرْض وَوضع رَأسه إِلَى كَفه.
عرس يُقَال عرَّس وأعرس إِذا نزل فِي آخر اللَّيْل وَمِنْه الإعراس بِالْمَرْأَةِ. اللينة: المسورة سميت للينها كَأَنَّهَا مُخَفّفَة من لينَة. أَتَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعرق من تمر.
عرق هُوَ سفيف منسوج من خوص وكل شَيْء مضفور كالنسع أَو مصطف كالطير المتساطر فِي الجو فَهُوَ عرق. وَالْمرَاد: بزبيل من عرق. فِي ذكر أهل الْجنَّة لَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَإِنَّمَا هُوَ عرق يجْرِي من أعراضهم مثل ريح الْمسك. جمع عرض وَهُوَ كل مَوضِع يعرق من الْجَسَد وَمِنْه قيل: فلَان طيب الْعرض أَي الرّيح لِأَنَّهُ إِذا [511] طابت مراشحه طابت رِيحه. الثّيّب يعرب (7) عَنْهَا لسانها وَالْبكْر تستأمر فى نَفسهَا.
عرب الْإِعْرَاب والتعريب: الْإِبَانَة يُقَال: أعرب عَن لِسَانه وعرب عَنهُ. وَمِنْه الحَدِيث: فِي الَّذِي قتل رجلا لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ الْقَائِل: إِنَّمَا قَالَهَا متعودا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهَلا شققت عَن قلبه فَقَالَ الرجل ك هَل كَانَ يبين لي ذَلِك شَيْئا فَقَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِنَّمَا كَانَ يعرب (7) عَمَّا فِي قلبه لِسَانه. وَمِنْه قَول إِبْرَاهِيم التميمى: كَانُوا يستحبون أَن يلقنوا الصبى يعرب أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله سبع مَرَّات.(2/409)
0 - من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حقّ. أَي لذِي عرق ظَالِم وَهُوَ الَّذِي يغْرس فِيهَا غرساً على وَجه الاغتصاب ليستوجبها بذلك. وَفِي الحَدِيث: إِن رجلا غرس فِي أَرض رجل من الْأَنْصَار نخلا فاختصما إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للْأَنْصَارِيِّ بأرضه وَقضى على الآخر أَن ينْزع نخله. قَالَ الرَّاوِي: فَلَقَد رَأَيْتهَا يُضرب فِي أُصُولهَا بالفئوس وَإِنَّهَا لنخل عمٌّ. أَي تَامَّة طَوِيلَة جمع عميمة. قَالَ لبيد [يصف نخلا] : ... سُحُقٌ يُمَتِّعها الصَّفا وسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنّ كُروم ... كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر الخُرَّاص أَن يخففوا فِي الْخرص وَيَقُول: إِن فى المَال الْعرية وَالْوَصِيَّة.
عرى مر تَفْسِير الْعرية فِي حق. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع العربان وروى: عَن بيع المسكان. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال أَعْطيته عربانا أَو مسكانا أى عربونا.
عرب وَهُوَ أَن يَشْتَرِي شَيْئا فَيدْفَع إِلَى البَائِع على أَنه إِن تمّ البيع احتسب من الثّمن وَإِن لم يتم كَانَ للْبَائِع لم يرتجع مِنْهُ. وَيُقَال: أعرب فِي كَذَا وعرَّب وعربن ومسّك فَكَأَنَّهُ سُمّي بذلك لِأَن فِيهِ إعراباً لعقد البيع أَي إصلاحا وَإِزَالَة فَسَاد وإمساكاً لَهُ لِئَلَّا يملكهُ آخر. قَالَ عكراش بن ذُؤَيْب: بَعَثَنِي بَنو مرّة بن عبيد بصدقات أَمْوَالهم إِلَى(2/410)
1 - رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقدمت بِإِبِل كَأَنَّهَا عروق الأرطى وَذكر أَنه أكل مَعَه قَالَ: فأتينا بِجَفْنَة كَثِيرَة الثَّرِيد والوذر.
عرق شبهها بعروق الأرطى فِي حمرتها وحمر الْإِبِل كرامها أَو فِي ضمرها والضُّمر أَمارَة الْكَرم والنجابة. وَقيل فِي سمنها واكتنازها لِأَن عروق الأرطى مكتنزة روية لَا نسرابها فِي ثرى الرمال الممطورة والوحش تجزأ بهَا فِي حمارّة القيظ. الوذر: الْبضْع جمع وذرة. وَحكى الْأَصْمَعِي عَن بعض الْعَرَب: جَاءُوا بثريدة ذَات حفافين من الوذر وجناحين [512] من الأعراق تجذب أولاها فتنقعر أخراها. فِي كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقوم من الْيَهُود: إِن عَلَيْكُم ربع مَا أخرجت نخلكم وَربع مَا صَاد عروككم وَربع المغزل.
عَرك جمع عَرك وهم الَّذين يصيدون السّمك قَالَ أُميَّة بن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ: ... وَفِي غَمْرةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوَى ... عُرُوكاً على رائسٍ يَقْسِمُونا ... ربع المغزل أَي ربع مَا غزلته نِسَاؤُكُمْ وَهَذَا حكم خُصَّ بِهِ هَؤُلَاءِ. أرسل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَّ سليم تنظر إِلَى امْرَأَة فَقَالَ: شمى عوارضها وانظرى إِلَى عقبيها.
عرض هِيَ الْأَسْنَان فِي عُرض الْفَم. وَعَن الزّجاج: هِيَ الرّبَاعِيّة والناب والضاحكان من كل جَانب الْوَاحِد عَارض. أمرهَا بشمِّها لتبور بذلك نكهتها وبالنظر إِلَى عقبيها لتتعرف لون بَشرَتهَا لِأَنَّهُمَا إِذا اسودا اسودّ سَائِر الْجَسَد قَالَ النَّابِغَة:(2/411)
2 - ... لَيست من السود أعقابا إِذا انصرفت ... وَلَا تبيع بجنبيْ نَخْلَة البُرَما 1)
إِن الله يغْفر لكل مذنب إِلَّا لصَاحب عرطبة أَو كوبة.
عرطب هِيَ الْعود. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطنبور. وَعَن النَّضر: الأوتار كلهَا من جَمِيع الملاهي. وَعنهُ: الطبل. الكوبة: النَّرد وَقيل الطبل. أَيعْجزُ أحدكُم أَن يكون كَأبي ضَمْضَم كَانَ إِذا خرج من منزله قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قد تَصَدَّقت بعرضى على عِبَادك.
عرض عرض الرجل: جَانِبه الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويُحامي عَلَيْهِ أَن ينتقص ويثلب عَلَيْهِ. وَعرض الْوَادي: جَانِبه. أَرَادَ من تنقصني لم أجَازه. لما كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة كِتَابه ينذرهم أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلع الله رَسُوله على الْكتاب فَلَمَّا عُوتب حَاطِب فِيمَا كتب قَالَ: كنت رجلا عريرا فِي أهل مَكَّة فَأَحْبَبْت أَن أَتَقَرَّب إِلَيْهِم ليحفظونى وبى عيالاتى عِنْدهم.
عرر هُوَ فعيل بِمَعْنى فَاعل من عررته إِذا أَتَيْته تطلب معروفه أَي غَرِيبا مُتَعَلقا بجوارهم. أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ: إِن ابْن أخي قد عرب بَطْنه. فَقَالَ: أسق ابْن أَخِيك عسلاً.
عرى أَي فسد يُقَال: ذربت معدته وعربت وذرب الْجرْح وعرب وورب مثله. إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل رجلٍ أنذر قوما جَيْشًا وَقَالَ: أَنا النذير الْعُرْيَان.
عرى هُوَ رجل من خثعم حمل عَلَيْهِ يَوْم ذِي الخلصة عَوْف بن عَامر فَقطع يَده وَيَد امْرَأَته وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أنذر قوما وَجَاء من بلد بعيد انْسَلَخَ من ثِيَابه ليَكُون أبين للعين.(2/412)
3 - إِن ركبا من تجار الْمُسلمين عرضوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر ثيابًا بيضًا.
عرض أَي جعلوها عراضة وَهِي هَدِيَّة القادم من سَفَره. وفى حَدِيث معَاذ من جبل رضى الله عَنهُ: إِن عمر بعث بِهِ ساعيا على بنى كلاب أَو على سعد بن ذبيان فقسم فيهم وَلم يدع شَيْئا حَتَّى جَاءَ بحلسه الَّذِي خرج بِهِ على رقبته فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: أَيْن مَا جِئْت بِهِ مِمَّا يَأْتِي الْعمَّال من عراضة أهلهم فَقَالَ: كَانَ معي ضاغط. هُوَ الَّذِي يضغط الْعَامِل أَي يمْنَع يَده من التعاطي وَلم يكن مَعَه إِنَّمَا قصد إرضاءه أَهله. وَعَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا كذب فِي ثَلَاث: الْحَرْب. والإصلاح بَين النَّاس وإرضاء الرجل أَهله. وَقيل: أَرَادَ أَن الله رَقِيب عَلَيْهِ. قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدي بن حَاتِم: إِنِّي أرمي بالمعراض فيخزق قَالَ إِن خزق فكُلْ وَإِن أصَاب بِالْعرضِ فَلَا تَأْكُل. هُوَ السهْم الَّذِي لَا ريش لَهُ يمْضِي عرضا. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سهم طَوِيل لَهُ أَربع قذذ دقاق فَإِذا رمى بِهِ اعْتِرَاض. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أعْطى عمر سَيْفا مُحلى فجَاء عمر بالحلية قد نَزعهَا فَقَالَ: أَتَيْتُك بِهَذَا لما يعررك من أُمُور النَّاس.
عرر عرّه وعراه بِمَعْنى قَالَ ابْن احمر:(2/413)
.. تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها ... ثمَّ تَعُرُّ المَاء فِيمَن يَعُرّ ... وَمِنْه أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَاد الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَدخل عليّ فَقَالَ: مَا عرَّنا بك أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ: سَمِعت بوجع ابْن أخي فَأَحْبَبْت أَن أعوده. وَالْوَجْه يعرّك ففكَّ الْإِدْغَام وَلَا يكَاد يَجِيء مثل هَذَا فِي الاتساع وَلَكِن فِي اضطرار الشّعْر كَقَوْلِه: ... الْحَمد لله العليّ الأجْلَلِ ... وَقَوله: ... أَني أَجُودُ لأَقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا ... وَقَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ لما يعروك يَعْنِي أَنه من تَحْرِيف النَّقَلة. عمر رَضِي الله عَنهُ مَا يمنعكم إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يخرق أَعْرَاض النَّاس ألاّ تعربوا عَلَيْهِ قَالُوا: نَخَاف لِسَانه. قَالَ: ذَلِك أدنى أَلا تَكُونُوا شُهَدَاء
عرب أَي أَلا تُفسدوا عَلَيْهِ كَلَامه وتهجنوه تفعُّل من عرب الْجرْح وَالْمرَاد بِالشُّهَدَاءِ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} . قَالَ: مَعْنَاهُ تستشهدون يَوْم الْقِيَامَة على الْأُمَم الَّتِي كذبت أنبياءهم وجحدت تكذيبها. قَالَ لسلمان رَضِي الله عَنْهُمَا: أَيْن تَأْخُذ إِذا صدرت أَعلَى المعرّقة أم على الْمَدِينَة هَكَذَا رويت مُشَدّدَة وَالصَّوَاب التَّخْفِيف وهى طَرِيق كَانَت كَانَت قُرَيْش تسلكها إِذا صَارَت إِلَى الشَّام تَأْخُذ [514] على سَاحل الْبَحْر وفيهَا سلكت عير قُرَيْش حِين كَانَت وقْعَة بدر.
عرق قَالَ لعَمْرو بن معدي كرب: مَا قَوْلك فِي عِلّة بن جلد قَالَ: أُولَئِكَ فوارس(2/414)
أعراضنا وشفاء أمراضنا أحثنا طلبا وأقلنا هربا قَالَ: فسعد الْعَشِيرَة: قَالَ: أعظمنا خميسا وأكثرنا رَئِيسا وأشدنا شريسا قَالَ: فبنو الْحَارِث قَالَ. حسكة مسكة. قَالَ. فمراد قَالَ: أُولَئِكَ الأتقياء البررة والمساعير الفخرة أكرمنا قرارا وأبعدنا آثارا. الْأَعْرَاض: جمع عرض وَهُوَ الْجَانِب أَي يحْمُونَ نواحينا عَن تخطف الْعَدو أَو جمع عرض وَهُوَ الْجَيْش أَو جمع عرض أَي يصونون ببلائهم أعراضنا أَن تذم وتعاب. شِفَاء أمراضنا أَي يَأْخُذُونَ ثَأْرنَا. الْخَمِيس: الْجَيْش لَهُ خَمْسَة أَرْكَان. الشريس: الشراسة شبههم بالحسكة فِي تمنعهم. مسكة: تمسك من تعلّقت بِهِ فَلَا تخلصه. المساعير: جمع مسعار وَهُوَ الَّذِي تسعر بِهِ نَار الْحَرْب. اطردوا المعترفين. هم الَّذين يقرّون على أنفسهم بِمَا يُوجب الْحَد. خطب رَضِي الله عَنهُ النَّاس فَقَالَ: ألالا تغَالوا صدق النِّسَاء فَإِن الرجل يُغالي صدَاق الْمَرْأَة حَتَّى يكون ذَلِك لَهَا فِي قلبه عَدَاوَة. يَقُول جشمت إِلَيْك عرق الْقرْبَة أَو علق الْقرْبَة.
عرق هَذَا مثل تضربه الْعَرَب فِي الشدَّة والتعب وَفِيه أقاويل ذكرتها فِي كتاب المستقصي فِي أَمْثَال الْعَرَب.(2/415)
قَالَ رَضِي الله عَنهُ فِي مُتْعَة الْحَج: علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا وَأَصْحَابه وَلَكِنِّي كرهت أَن يظلوا بِهن معرسين تَحت الْأَرَاك ثمَّ يلبثُونَ بِالْحَجِّ تقطر رُءُوسهم.
عرس من أعرس بامرأته إِذا بنى عَلَيْهَا كره أَن يُحلّ الرجل من عمرته ثمَّ يَأْتِي امْرَأَته ثمَّ يهل بِالْحَجِّ. لم يعْطف يلبون على يظلوا وَإِنَّمَا ابتدأه. وتقطر فِي مَوضِع الْحَال. قضى رَضِي الله عَنهُ فِي الظفر إِذا اعر نجم بقلوص.
عرجم تَفْسِيره فِي الحَدِيث فسد وَلَا تعرف حَقِيقَته وَلم يثبت عَن أهل اللُّغَة سَمَاعا وَالَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد أَن يكون مَعْنَاهُ جسا وَغلظ من قَوْلهم للناقة الشَّدِيدَة الغليظة علجوم وعرجوم عَن أبي عَمْرو وَأبي تُرَاب. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... أفرِغْ بشَوْل وعُشارٍ كُوم ... وكلّ سِرْدَاحٍ بهَا عُرْجُومِ ... أَو يكون بِمَعْنى انعرج أَي اعوَّج وَمن تركيبه بِزِيَادَة الْمِيم كَمَا زيدت فِي قَوْلهم اعرنزم إِذا تقبض وَاجْتمعَ. فقد حكى الْأَصْمَعِي استعرز [515] أَي انقبض وَفِي احر نجم الْكَلْب إِذا تقبض وانطوى لِأَنَّهُ من الْحَرج وَهُوَ الضّيق وَمن الحرجة وَهِي الغيضة لتأشبها وتضايقها وكما جعل الزّجاج النُّون فِي العرجون مزيدة واشتقه من الانعراج لاستقواسه. أَو يكون أَصله اعرنجن افعنلل من العرجون بِمَعْنى اعوج فأبدلت نونه ميما أَو يكون لُغَة فِي احرنجم كَمَا نجم قَرَأَ ابْن مَسْعُود (عتَّى حينٍ) وكقولهم: العفضاج فى الحفضاج.
عرب ابْتَاعَ رَضِي الله عَنهُ دَار السجْن بأَرْبعَة آلَاف وأعربوا فِيهَا أَرْبَعمِائَة دِرْهَم. أَي أسلفوا من العربان والعربان مَنْهِيّ عَنهُ وَإِنَّمَا فعله خَليفَة عمر.(2/416)
7 - وَفِي حَدِيث عَطاء أَنه نهى عَن الْإِعْرَاب فِي البيع. إِن الْخَيل أغارت بِالشَّام فأدركت العراب من يَوْمهَا وَأدْركت الكودان ضحى الْغَد وعَلى الْخَيل رجل من هَمدَان يُقَال لَهُ الْمُنْذر بن أبي حمضة فَقَالَ: لَا أجعَل مَا أدْرك مثل الَّذِي لم يدْرك ففضل الْخَيل فَكتب قى ذَلِك إِلَى عمر فَقَالَ: هبلت الوادعي أمه لقد أذكرت بِهِ أمضوها على مَا قَالَ.
عرب العراب: الْخَيل العربيات الخلص. الكودن من الكدنة يُقَال: إِنَّه لذُو كَانَ غليظ اللَّحْم محبوك الْخلق هُوَ البرذون الهجين وَقيل: التركي والكودنة فِي الْمَشْي البطء. عَن يَعْقُوب: هبلته أمه مدح لَهُ كَقَوْلِه ... هَوَتْ أمُّه مَا يَبْعَثُ الصُّبْحَ غَادِياً ... الوادعي: مَنْسُوب إِلَى ودَاعَة: بطن من هَمدَان. أذكرت بِهِ: جَاءَت ذكرا كرا شهماً داهياً قَالَ ذُو الرمة: ... أَبونَا إِيَاس قَدَّنَا من أَديمِه ... لوالدةٍ تُدْهِى البَنِينَ وتُذْكِرُ ... الضَّمِير فِي أمضوها للقضية. سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قيل لَهُ إِن فلَانا ينْهَى عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: قد تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفُلَان كَافِر بالعرش.
عرش يُقَال للمظلة من جريد النّخل يُطرح عَلَيْهَا الثُّمام يتخذها أهل الْحَاجة: عَرِيش وَيجمع عرشا. وعرش وَيجمع عروشا. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يقطع التَّلْبِيَة إِذا نظر إِلَى عروش مَكَّة.(2/417)
8 - وَالْمرَاد بيُوت مَكَّة. يَعْنِي وَفُلَان كَافِر مُقيم بِمَكَّة لمَّا يسلم ويهاجر فالباء فِي بالعرش لَا تتَعَلَّق بِكَافِر تعلق بَاء بِاللَّه بِهِ فى [قَوْلك] : هُوَ كَافِر بِاللَّه وَلَكِن قَوْله: بالعرش خبر ثَان للمبتدأ كَأَنَّهُ قَالَ: فلَان كَافِر فِي الْعَرْش. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تُعرض الْفِتَن على الْقُلُوب عرض الْحَصِير فَأَي قلب أشربها نكتت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء وَأي قلب أنكرها نكتت فِيهِ نُكْتَة بَيْضَاء حَتَّى تكون الْقُلُوب على قلبين قلب [516] أَبيض مثل الصَّفَا لَا تضره فتْنَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض وقلب أسود مربد كالكوز مجخيا وأمال كَفه لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا.
عرض أَي تُوضَع عَلَيْهَا وتبسط كَمَا يبسط الْحَصِير من عرض الْعود على الْإِنَاء وَالسيف على الفخذين يعرضه ويعرضه إِذا وَضعه. وَقيل: الْحَصِير عرق يَمْتَد مُعْتَرضًا على جنب الدَّابَّة إِلَى نَاحيَة بَطنهَا أَو لحْمَة. مربد: من الربدة وَهِي لون الرماد. مجخياً: مائلاً يُقَال: جخى اللَّيْل إِذا مَال ليذْهب وجخى الشَّيْخ إِذا حناه الْكبر. قَالَ:: ... لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إذَا مَا جَخى ... أَرَادَ أَنه لَا يعي خبراا لَا يثبت المَاء فى الْكوز المجخى. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ زيد بن صوحان: بت عِنْده وَكَانَ إِذا تعارَّ من اللَّيْل قَالَ: سُبْحَانَ رب النَّبِيين وإله الْمُرْسلين فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا زيد اكْفِنِي نَفسك يقظان أكفك نفسى نَائِما.
عرر التعار: أَن يَسْتَيْقِظ مَعَ صَوت مَأْخُوذ من عرار الظليم وَالْمعْنَى: لَا تعص الله فِي الْيَقَظَة وَأَنا أكفيك إِن النَّائِم سَالم لَا يخَاف عَلَيْهِ المآثم.(2/418)
9 - كَأَن زيدا حمد إِلَيْهِ تسبيحه فِي حَال النّوم واستقصر نَفسه فِي أَن لم يتعود مثل ذَلِك فَأَجَابَهُ سلمَان بِهَذَا. معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضحَّى بكبش أعرم.
عرم هُوَ الْأَبْيَض فِيهِ نقط سود. قَالَ معقل بن خويلد الْهُذلِيّ: ... أَبَا مَعْقِلٍ لَا تُوطِئَنْكَ بغَاضَتي ... رُءُوسَ الأفاعي فِي مَرَاصِدِها العُرْمِ ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} فَقَالَ: من الرَّفَث التَّعْرِيض بِذكر النِّكَاح وَهِي العرابة فِي كَلَام الْعَرَب. [العرابة بِالْفَتْح وَالْكَسْر اسْم] من أعرب وعرَّب إِذا أفحش قَالَ رؤبة: [يصف نسَاء جمعن العفاف عِنْد الغرباء وَالْإِعْرَاب عِنْد الْأزْوَاج] . ... وَالْعرب فى عفافة وإعراب ... وفى حَدِيث ابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا: لَا تحل العرابة للْمحرمِ. وَفِي حَدِيث عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه كره الْإِعْرَاب للْمحرمِ. مَا أحب بمعاريض الْكَلَام حمر النعم (7) .
عرض جمع معراض من التَّعْرِيض وَهُوَ خلاف التَّصْرِيح. يُقَال: عرفت ذَاك فِي معراض كَلَامه. وَمِنْه حَدِيث عمرَان بن الْحصين إِن فى المعاريض لمندوحة عَن الْكَذِب أَي لسعةً وفسحة. عُرْوَة بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما اتَّصل بِهِ خبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة فى مخرجه(2/419)
0 - إِلَى الْمُقَوْقس فر ركب من قومه وَأَنه فِي مُنْصَرفه عدا عَلَيْهِم فَقَتلهُمْ وَأخذ حرائبهم قَالَ: وَالله مَا كلمت مَسْعُود بن عَمْرو مُنْذُ عشر سِنِين وَاللَّيْلَة ُأكَلِّمهُ فَخرج إِلَيْهِ فناداه عُرْوَة. فَقَالَ: من هَذَا فَقَالَ: عُرْوَة فَأقبل مَسْعُود بن عَمْرو وَهُوَ يَقُول: أطرقت عراهية أم طرقت بداهية
عرة [517] وَفِي هَذِه الْقِصَّة: إِن مَسْعُود بن عَمْرو قَالَ لِقَوْمِهِ: وَالله لكَأَنِّي بكنانة ابْن عبد يَا ليل قد أقبل تضرب درعه روحتي رجلَيْهِ لَا يعانق رجلا إِلَّا صرعه وَالله لكَأَنِّي بجندب بن عَمْرو قد أقبل كالسيد عاضا على سهم مفوقا بآخر لَا يُشِير بسهمه إِلَى أحد إِلَّا وَضعه حَيْثُ يُرِيد. قيل: أَصله عرائيه بِإِضَافَة العراء إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وهاء السكت فأبدلت الْهمزَة هَاء أَي أطرقت أرضي وفنائي زَائِرًا كَمَا يطْرق الضيوف أم أُصبت بداهية فَجئْت مستغيثاً وَقيل إِنَّمَا هِيَ عتاهية وَهِي الْغَفْلَة أَرَادَ أوقعت هَاهُنَا غَفلَة بِغَيْر روية وَفِيه وَجْهَان آخرَانِ: الْوَجْه الأول أَن تكون مصدرا على فعالية من عراه يعروه إِذا زَارَهُ فأبدلت واوه همزَة ثمَّ الْهمزَة هَاء وَإِنَّمَا فعل هَذَا ليزاوج داهية. وَلَيْسَ هَذَا بأبعد من جمع الْغَدَاة بالغدايا لأجل العشايا وَمن الْمصير إِلَى مأمورة عَن مؤمرة لأجل مأبورة وَمن أشباه لَهما لَا يستبعد مَا ذكرنَا مستقريها وَالْمعْنَى على هَذَا الْوَجْه من السداد وَالصِّحَّة على مَا ترَاهُ. وَالْوَجْه الثانى أَن تكون عزاهية (بالراى) مصدرا من عزه يعزه وَهُوَ عزه إِذا لم يكن لَهُ أرب فِي الطّرق وَمَعْنَاهُ أطرقت بِلَا أرب وَلَا حَاجَة أم أصابتك داهية أحوجتك إِلَى الاستغاثة الروحة من الروَّح وَهُوَ تبَاعد صُدُور الْقَدَمَيْنِ وتداني العقبين يُرِيد إِن درعه كَانَت سابغة تبلغ ذَلِك الْموضع من رجلَيْهِ. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سُئلت عَن العراك فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم يتوشحنى وينال من رأسى.(2/420)
1 - عَرك عركت تعرك عراكا إِذا حَاضَت فَهِيَ عارك. التوشح: الاعتناق لِأَن المعتنق يَجْعَل يَدَيْهِ مَكَان الوشاح قَالَ: ... جعلتُ يَدَيَّ وشَاحاً لَهُ ... وبَعْضُ الفَوَارِسِ لَا يَعْتَنقْ ... النّيل من الرَّأْس: التَّقْبِيل. ابْن الْحَنَفِيَّة رحمهمَا الله كل الْجُبْن عرضا.
عرض أى اعتراضه واشتره مِمَّن وجدته وَلَا تسْأَل عَمَّن عمله أَمن عمل أهل الْكتاب أم من عمل الْمَجُوس. أَبُو سَلمَة رَحمَه الله تَعَالَى كنت أرى الرُّؤْيَا أُعرى مِنْهَا غير أَنِّي لَا أُزمل فَلَقِيت أَبَا قَتَادَة فَذكرت ذَلِك لَهُ.
عرو من العرواء وَهِي رعدة الْحمى. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى إِن امْرأ لَيْسَ بَينه وَبَين آدم أَب حيّ لمعرق لَهُ فى الْمَوْت.
عرق أَي مصيَّر لَهُ عرق [518] فِيهِ يَعْنِي أَنه أصيل فِي الْمَوْت. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لَا تجْعَلُوا فِي قَبْرِي لَبَنًا عرزمياًّ.
عرزوم عَرْزَم: جبانة [بِالْكُوفَةِ] نسب اللَّبن إِلَيْهَا وَإِنَّمَا كرهه لِأَن فِي هَذِه الْجَبانَة إِحْدَاث النَّاس فاللبن الْمَضْرُوب فِيهَا مستقذر. طَاوس رَحمَه تَعَالَى إِذا استعرَّ عَلَيْكُم شَيْء من النعم فَاصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بالوحش.
عرر أَي استعصى وندَّ من العرارة وَهِي الشدَّة. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ البتيَّ لِلْحسنِ: يَا أَبَا سعيد مَا تَقول فِي رجل رعف فى(2/421)
عرب الصَّلَاة قَالَ الْحسن: إِن هَذَا يعرب النَّاس وَهُوَ يَقُول رعف وروى أَنه قَالَ مَا رُعف لَعَلَّك تُرِيدُ رَعَف. أَي يعلمهُمْ الْعَرَبيَّة اللُّغَة الفصيحة. رعف (بِفَتْح الْعين) وَقد جَاءَ رعف (بضَمهَا) وَهِي ضَعِيفَة وَأما رعف فعامية ملحونة. وَعَن أبي حَاتِم سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن رَعُف ورُعِف فَلم يعرفهما. سعيد رَحمَه الله تَعَالَى مَا أكلت لَحْمًا أطيب من معرفَة البرذون.
عرر هى منبت العُرف. فِي الحَدِيث من سَعَادَة الْمَرْء خفَّة عارضيه.
عرض قيل: الْعَارِض من اللِّحْيَة مَا ينْبت على عرض اللحى فَوق الذقن. وَقيل عارضا الْإِنْسَان صفحتا خديه. وَالْمعْنَى خفَّة اللِّحْيَة. وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن كَثْرَة الذِّكر أَي لَا يُحَرك عارضيه إِلَّا بِذكر الله. وَيُقَال: فلَان خَفِيف الشّفة أَي قَلِيل السُّؤَال للنَّاس. دُفن بعض الْخُلَفَاء بعرين مَكَّة.
عرن أَي بفنائها شبَّه لعزَّه ومنعته بعرين الْأسد وَهُوَ غابته. وَكَانَ دَفنه فِي بِئْر مَيْمُون. من عرَّض عرَّضنا لَهُ وَمن مَشى على الكلاء قذفناه فِي المَاء وروى: ألقيناه فِي النَّهر.
عرض أَي من عرَّض بِالْقَذْفِ وَلم يُصَرح عرَّضنا لَهُ بِضَرْب خَفِيف تأديباً لَهُ وَلم نضربه الحدّ وَمن صرَّح حددناه فَضرب الْمَشْي على الكلاء وَهُوَ مرفأ السفن مثلا(2/422)
لارتكابه مَا يُوجب الحدّ وتعرُّضه لَهُ وَالْإِلْقَاء فى النَّهر لإصابته مَا تعرض لَهُ.
عر سَأَلَ رجل رجلا عَن منزله فَأخْبرهُ أَنه ينزل بَين حيين من الْعَرَب. فَقَالَ: نزلت بَين المجرة والمعرة. يَعْنِي نزلت بَين حيين عظيمين كثيري الْعدَد فشبههما بالمجرة لِأَنَّهَا فِيمَا يُقَال نُجُوم تدانت فطمس بَعْضهَا بَعْضًا وبالمعرة وَهِي من نَاحيَة الشَّام والنجوم هُنَاكَ تكْثر وتشتبك. عرق فِي (شَذَّ) . عرض لَهُ فِي (جا) [519] . فعرَّضوا فِي (هج) . تعارّ فِي (جر) . العرص فِي (جر) الْعَرَايَا فِي (حق) . الْعَارِض فى (صب) . بالعرش فى (رج) . استعربا فى (دح) . [عرابا فى (رج) .] عَرِيش فى (وش) . بالعرة فِي (غر) أَعرَضت فِي (قصّ) العرفط فِي (قل) تعرب فِي (كرّ) عريرا فِي (حل) الْعرُوض فِي (ذُقْ) معرضًا فِي (سف) من عرضك فِي (فق) يعرها فِي (خب) . عرواء فِي (وط) عركة فِي (سح) وعوارضها فِي (جز) العركي فِي (رم) لَعَرِيض فِي (وس) بعرعرة الْجَبَل فِي (قر) قد اعترقها فِي (غر) وَعرضه فِي (لَو) عرفج فِي (ضرّ) . مَعْرُوفَة فِي (سو) وَعرض فِي (ند) عريس فِي (حص) المعتر فِي (تب) عَرْشِي فِي (ثل) من عرضهَا فِي (جو) بالعرج فِي (عق) أَشمّ الْعرنِين فِي (قح) مَعْرُوفا فِي (أس) الاعرج فِي (فر) قد عرفناك فِي (بص) لَا أَعرفن فِي (خي) بالعرة فِي (دم) ] .
الْعين مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بعثاً فَأَصْبحُوا بِأَرْض عزوبة بجراء فَإِذا هم بأعرابي فِي قبَّة لَهُ غنم بَين يَدَيْهِ فَجَاءَهُ الْقَوْم فَقَالُوا: أجزرنا فَاخْرُج لَهُم شَاة فسحطوها ثمَّ أخرج لَهُم أُخْرَى فسحطوها ثمَّ قَالَ: مَا بَقِي فِي غنمي إِلَّا فَحل أَو شَاة ربى فَلَمَّا أبه ر الْقَوْم احترقوا وَقد أقَال الْأَعرَابِي غنمه فِي الْقبَّة فَقَالُوا: نَحن أَحَق بالظل من(2/423)
4 - الْغنم أخرجهَا عَنَّا فَقَالَ: إِنَّكُم مَتى تُخرجوا غنمي فِي الْحر ترمض وتطرح أَوْلَادهَا وَإِنِّي رجل قد زكيت وَصليت
عزب الْعُزُوبَة: الْبَعِيدَة المضرب إِلَى الْكلأ فعولة من عزب إِذا بعد وَدخُول التَّاء نَحْو دُخُولهَا فِي امْرَأَة فروقة وملولة أَعنِي للْمُبَالَغَة لَا للتأنيث لِأَن فعولًا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث كَقَوْلِك: شكور وصبور لَهما وَيصدق أَن دُخُولهَا للْمُبَالَغَة قَوْلهم للرجل: فروقة وملولة. البجراء: المرتفعة من الأبجر الناتىء السُّرَّة. أجزرنا: أعطنا جزرة وَهِي الشَّاة الَّتِي تُذبح. السَّحط: الذّبْح الوحيّ. أبهروا: توسطوا النَّهَار والبهرة: الْوسط. ترمض: تحترق فِي الرمضاء. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: يَا أبجشة رويدك سوقا بالعوازم.
عزم جمع عوزم وَهِي المسنة وفيهَا بَقِيَّة. قَالَ سَلمَة بن زفر الغنوي: ... وكبَّرتَ كلَّ عَجُوزٍ عَوْزم ... ضَامِدٍ جَبْهَتُها كالكُرْكُمِ ... سوقاً: مَنْصُوب برويد كَقَوْلِك رويدا زيدا بِمَعْنى أمهله وَلَا تعجل عَلَيْهِ وَالْكَاف للخطاب. وَيجوز أَن يكون ضميرا وريد مُضَاف إِلَيْهِ كَقَوْلِك ضربك زيدا. سمع أَبى كَعْب رجلا يَقُول يالفلان فَقَالَ: أعضض بِهن أَبِيك وَلم يكنِّ. فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا الْمُنْذر مَا كنت فحاشا. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تعزَّى بعزاء الْجَاهِلِيَّة فأعضوه بِهن أَبِيه وَلَا تكنوا.
عزى التعزي [25] والاعتزاء بِمَعْنى وَهُوَ الانتساب وَأَن يَقُول: يَا لفُلَان قَالَ(2/424)
5 - ... دَعَوْا لكَلْبٍ واعتَزيْنا لعامِرٍ ... وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: من لم يتعزَّ بعزاء الله فَلَيْسَ منا. أى من اسْتَغَاثَ فَقَالَ: بِاللَّه أَو يَا للمسليمن وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: يَا لله للمسليمن وَفِي حَدِيثه: سَتَكُون للْعَرَب دَعْوَى قبائل فَإِذا كَانَ ذَلِك فالسيف السَّيْف وَالْقَتْل الْقَتْل حَتَّى يَقُولُوا يَا للْمُسلمين وَيرى أَن رجلا قَالَ بِالْبَصْرَةِ: يَا لعامر فجَاء النَّابِغَة الْجَعْدِي بعصبةٍ لَهُ فَأَخذه شَرط أبي مُوسَى فضربوه خمسين سَوْطًا بإجابة دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة. والعزاء والعزوة: اسْم لدعوى المستغيث. المُرَاد بترك أَن يَقُول: اعضض بأير أَبِيك وَلَا يكنى عَن الأير بالهن. وَأمره عَلَيْهِ السَّلَام بذلك إغراق فِي الزّجر عَن الدَّعْوَى وإغلاظ على أَهلهَا. خير الْأُمُور عوازمها.
عزم يَعْنِي مَا وكدت عزمك عَلَيْهِ ووفيت بِعَهْد الله فِيهِ. أَو فرائضها الَّتِي عزم الله عَلَيْك بِفِعْلِهَا. وَالْمعْنَى ذَوَات عزمها كَقَوْلِه تَعَالَى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أَي الَّتِي فِيهَا عزم وَالَّتِي فِيهَا رضَا لِأَن المعزوم عَلَيْهِ والمرضي ذُو عزم وَذُو رضَا أَي يَصْحَبهُ الْعَزْم وَالرِّضَا.
عزل قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من رأى مقتل حَمْزَة فَقَالَ رجل أعزل: أَنا رَأَيْته. هُوَ الَّذِي لَا سلَاح مَعَه.(2/425)
6 - وَمِنْه حَدِيث زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا لما أجارت أَبَا الْعَاصِ خرج النَّاس إِلَيْهِ عزلاً. لما قدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة نزل على كُلْثُوم بن الْهدم وَهُوَ شَاك فَأَقَامَ عِنْده ثلاثلا ثمَّ اسْتعزَّ بكلثوم فانتقل إِلَى سعد بن خَيْثَمَة.
عزز يُقَال: اسْتعزَّ بِهِ الْمَرَض وَغَيره واستعز عَلَيْهِ إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ وغلبه ثمَّ يبْنى الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ الَّذِي هُوَ الْجَار مَعَ الْمَجْرُور فَيُقَال: اسْتعزَّ بِهِ وَعَلِيهِ إِذا غلب بِزِيَادَة مرض أَو بِمَوْت وَالْمرَاد هَاهُنَا الْمَوْت. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قصَّة الْغَار إِنَّه كَانَ لَهُ غنم فَأمر عَامر بن فهَيْرَة أَن يعزِّب بهَا فَكَانَ يروح عَلَيْهَا مغيسقا.
عزب قَالَ يَعْقُوب: عزب فلَان بإبله إِذا ذهب بهَا إِلَى عَازِب من الكلاء. قَالَ: وَأنْشد [النَّابِغَة] : ... [ضَلَّتْ حُلُومُهم عَنْهُم وغَرّهُمُ] ... سَنَّ المُعَيْدِيّ فِي رَعْيٍ وتَعْزِيب ... وَقَالَ غَيره: مَال عزب وجشر وَهُوَ الَّذِي يعزب عَن أَهله وَرجل معزب ومجشر. وَفِيه لُغَتَانِ: عزَّب السوام وَبهَا فتعديته بِغَيْر بَاء ظَاهِرَة لِأَنَّهُ نقل من [521] عزّب كغرّب من غرب. وَفِي الْبَاء وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تزداد لزِيَادَة التبعيد. وَالثَّانِي: أَن تنزل منزلَة فِي قَوْله: ... يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبها نَصْلِي ... أَي فعل بهَا التَّغْرِيب وألصقه بهَا وَيجوز أَن يكون عزَّب مُبَالغَة فِي عزب نَحْو صدَّق فِي صدق ثمَّ يعدى بِالْبَاء. وَفِي الحَدِيث: من قَرَأَ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة فقد عزَّب. أَي أبعد الْعَهْد بأوله وَأَبْطَأ فِي تِلَاوَته. الترويح: الإراحة.(2/426)
7 - المغسق: الدَّاخِل فِي الغسق. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الله يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخصِهِ كَمَا يحب أَن يُؤْخَذ بِعَزَائِمِهِ.
عزم أَي بِفَرَائِضِهِ الَّتِي أوجبهَا وَأمر بهَا. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن قوما اشْتَركُوا فِي قتل صيد وهم محرمون فسألوا بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يجب عَلَيْهِم فَأمر كل وَاحِد مِنْهُم بكفارة ثمَّ سَأَلُوا ابْن عمر وَأَخْبرُوهُ بِفُتْيَا الَّذِي أفتاهم فَقَالَ: إِنَّكُم لمعزز بكم. أَي مشدد بكم ومثقل عَلَيْكُم الْأَمر. سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: رَآنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا لحديبية عزلا.
عزل أَي لَا سلَاح معي على فعل كَقَوْلِهِم: امْرَأَة فنق وناقة علط وَيجمع على أعزال قَالَ: ... رَأَيْت الْفتية الأعزال ... ل مثل الاينق الرعل ...
عزز عَمْرو بن مَيْمُون رَحمَه الله تَعَالَى لَو أَن رجلا أَخذ شَاة عزوزا فحلبها مَا فرغ من حلبها حَتَّى أُصلي الصَّلَوَات الْخمس. هى الضيقة الإحليل وَقد عزَّت عزوزاً. وَقَالَ النَّضر: عزوز بَيِّنَة العزاز أَرَادَ أَنه يُخَفف الصَّلَاة. عَمْرو بن معد يكرب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ الْأَشْعَث: أما وَالله لَئِن دَنَوْت لأُضرطنك فَقَالَ عَمْرو: كلا وَالله إِنَّهَا لعزوم مفزَّعة.(2/427)
8 - عزم أَي صبور صَحِيحَة العقد والاست تكنى بِأم عزم يُرِيد أَن استه ذَات عزم وَقُوَّة وَلَيْسَت بواهية فتضرط. والمفزعة من فزَّع عَنهُ إِذا أَزَال عَنهُ فزعه على حذف الْجَار وإيصال الْفِعْل أَي هِيَ آمِنَة لَا يرهقها فزع أَو من قَوْلهم للرجل الشجاع مفزع. لِأَن الأفزاع تنزل بِمثلِهِ. وَيُقَال للجبان أَيْضا مفزّع لِكَثْرَة فزعه وَنَظِيره قَوْلهم مغلَّب. عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ ابْن جريح: إِن عَطاء حدَّث بِحَدِيث فَقلت لَهُ: أتعزيه إِلَى أحد
عزى أى أتسنده من عزاهُ إِلَى أَبِيه يعزوه ويعزيه إِذا نسبه. الزهرى رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يتَرَدَّد إِلَى مجْلِس عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وَيكْتب عَنهُ فَكَانَ يقوم لَهُ إِذا دخل أَو خرج [522] وَيُسَوِّي عَلَيْهِ ثِيَابه إِذا ركب ثمَّ إِنَّه ظن أَنه استفرغ مَا عِنْده فَخرج يَوْمًا فَلم يقم لَهُ فَقَالَ عبيد الله. إِنَّك بعد فى العزاز فَقُمْ.
عزز هِيَ الأَرْض الصلبة الخشنة تكون فِي أَطْرَاف الْأَرْضين يَعْنِي أَنَّك فِي أَطْرَاف الْعلم وَلما تبلغ الأوساط فَلَا تتْرك الْقيام لي وتخفف الْمُحْتَاج إِلَيّ فِي خدمتي. عَزِيز فِي (عص) . العزوز فِي (شب) . وعزل المَاء فِي (غي) . وعزازها فِي (نَص) . تعززني فِي (حب) . عزز فِي (حل) . اعتزمنا فِي (ظلّ) [بالعزم فِي (حز) . العزائم فى (خض) . غزل فِي (فر) . عزلاء فِي (شو) . عزاهية فِي (عر) ] .
الْعين مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن عسب الْفَحْل.
عسب أَي عَن كِرَاء قرعه. والعسب: القرع يُقَال: عسب الْفَحْل النَّاقة يعسبها عسباً. والمستعسب: المستطرق وَهَذَا كلب يعسب إِذا ابْتغى السفاد وَكَأَنَّهُ سمي عسباً لِأَن الْفَحْل يركب العسيب إِذا سفد وَقد سمى مَا يُؤْخَذ عَلَيْهِ من الْكِرَاء باسمه وَقيل عسبت الرجل إِذا أَعْطيته الْكِرَاء على ضراب فَحله.(2/428)
9 - وَعَن أبي معَاذ: كنت تياساً فَقَالَ لي الْبَراء بن عَازِب: لَا يحل لَك عسب الْفَحْل. وَعَن قَتَادَة: أَنه كره عسب الْفَحْل لمن أَخذه وَلم ير بَأْسا لمن أعطَاهُ. بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فَنهى عَن قتل العسفاء والوصفاء وروى الأسفاء.
عسف العسيف: الْأَجِير وَالْعَبْد المستهان بِهِ. قَالَ: ... أطلعت النفسَ فِي الشَّهوَات حَتَّى ... أَعادَتْنِي عَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ ... وَلَا يَخْلُو من أَن يكون فعيلا بِمَعْنى فَاعل كعليم أَو بِمَعْنى مفعول كأسير فَهُوَ على الأول من قَوْلهم: هُوَ يعسف ضيعتهم أَي يرعاها ويكفيهم وَيُقَال: كم أعسف عَلَيْك أَي كم أعمل لَك وعَلى الثَّانِي من العسف لِأَن مَوْلَاهُ يعسفه على مَا يُرِيد وَجمعه على فعلاء فِي الْوَجْهَيْنِ نَحْو قَوْلهم: عُلَمَاء وأُسراء. الأسيف: الشَّيْخ الفاني وَقيل العَبْد. وَعَن الْمبرد: يكون الأحير وَيكون الْأَسير. وفى الحَدِيث: لاتقتلوا عسيفا وَلَا أسيفا.
عسل إِذا أَرَادَ الله تَعَالَى بعبدٍ خيرا عسله. قيل: يَا رَسُول الله وَمَا عسله قَالَ: يفتح الله لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته حَتَّى يرضى عَنهُ من حوله. هُوَ من عسل الطَّعَام يعسِله ويَعْسُله إِذا جعل فِيهِ الْعَسَل كَأَنَّهُ شبه مَا رزقه الله من الْعَمَل الصَّالح الذى طَابَ بِهِ ذكره بَين قومه بالعسل الَّذِي يَجْعَل فِي الطَّعَام فيحلو لي بِهِ ويطيب [523] . قَالَ لامْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ: أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة [فَقَالَت: نعم قَالَ:] لَا حَتَّى تذوقى عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك. قَالَت: فَإِنَّهُ يَا رَسُول الله قد جَاءَنِي هبَّة. وروى أَن رِفَاعَة طلّق امْرَأَته فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير فَجَاءَت وَعَلَيْهَا خمار أَخْضَر فشكت إِلَى عَائِشَة وأرتها خضرَة جلدهَا. فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/429)
0 - وَالنِّسَاء ينصر بَعضهنَّ بَعْضًا قَالَت عَائِشَة: مَا رَأَيْت مثل مَا تلقى الْمُؤْمِنَات لجلدها أَشد خضرَة من ثوبها وَسمع أَنَّهَا قد أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ من غَيرهَا. قَالَت: وَالله مَالِي إِلَيْهِ من ذَنْب إِلَّا أَن مَا مَعَه لَيْسَ بأغنى عَنى من هَذِه وَأخذت هدبة من ثوبها فَقَالَ: كذبت وَالله يَا رَسُول الله إنى لأنفضها نفض الْأَدِيم وَلكنهَا ناشز تُرِيدُ رِفَاعَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِن كَانَ ذَلِك لم تحلي لَهُ حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته فأبصر مَعَه ابْنَيْنِ لَهُ فَقَالَ: أبنوك هَؤُلَاءِ قَالَ: نعم قَالَ: هَذَا الَّذِي تزعمين مَا تزعمين فوَاللَّه لَهُم أشبه بِهِ من الْغُرَاب بالغراب. وروى أَنَّهَا قَالَت: إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة فطلقني فبتَّ طَلَاقي فَتزوّجت عبد الرَّحْمَن بن الزبير. وَإنَّهُ وَالله مَا مَعَه إِلَّا مثل هَذِه الهدبة وَأخذت هدبة من جلبابها. ضرب ذوق الْعسيلَة وهى تَصْغِير العسلة وَهِي تَصْغِير العسلة من قَوْلهم: كُنَّا فِي لحْمَة ونبيذة وعسلة مثلا لإصابة حلاوة الْجِمَاع ولذته وَإِنَّمَا صُغّر إِشَارَة إِلَى الْقدر الَّذِي يحلل وأرادت بِالْهبةِ الْمرة الْوَاحِدَة تَعْنِي أَن الْعسيلَة قد ذبقت بالوقاع مرّة. وَالْهِبَة: الْوَقْعَة يُقَال احذر هبة السَّيْف أَي وقعته. شبهت مَا مَعَه بالهدبة فِي استرخائه وَضَعفه. الجلباب: الرِّدَاء وَقيل: ثوب أوسع من الْخمار تغطي بِهِ الْمَرْأَة رَأسهَا وصدرها. جعل جَاءَ عبارَة عَن المواقعة كَمَا جعل أَتَى وغشى. أبنوك هَؤُلَاءِ دَلِيل على أَن الِاثْنَيْنِ جمَاعَة. كَانَ فِي كَانَ ذَلِك تَامَّة بِمَعْنى وثبث. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر بِعَبْد الرَّحْمَن بن عتاب قَتِيلا يَوْم الْجمل فَقَالَ: لهفي عَلَيْك يعسوب قُرَيْش جدعت أنفي وشفيت نفسى.(2/430)
عسب وَقَالَ حِين ذكر الْفِتَن: فَإِذا كَانَ ذَلِك ضرب يعسوب الدّين بِذَنبِهِ فيجتمعون إِلَيْهِ كَمَا يجْتَمع قزع الخريف. أَرَادَ السَّيِّد والرئيس وَأَصله الْفَحْل يُقَال لفحل النَّحْل يعسوب. وَقَالَ الهيبان الفهمي [524] : ... كَمَا ضُرِب اليعسوب إنْ عَاف باقرٌ ... وَمَا ذَنْبُه إِن عَافَت المَاء باقِرُ ... يَعْنِي فَحل الْبَقر وَهُوَ يفعول من العسب بِمَعْنى الطّرق. وَالضَّرْب بالذنب مثل الاقامة والثبات. القزع: قطع السَّحَاب. زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمره أَبُو بكر أَن يجمع الْقُرْآن قَالَ: فَجعلت أتتبعه من الرّقاع والعسب واللخاف. جمع عسيب وَهُوَ السعفة. وَمِنْه حَدِيث الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قُبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن فِي العُسب والقضم والكرانيف. اللخاف: حِجَارَة بيض الْوَاحِدَة لخفة. القضم: جمع قضيم وَهِي جُلُود بيض. قَالَ: [النَّابِغَة] ... كأَنَّ مَجَرّ الرامسات ذيولها ... عَلَيْهِ] قضيم بمقته الصَّوَانِعُ ... الكرانيف: أصُول السعف الْغِلَاظ جمع كرنافة. العسلوج فِي (صب) . عساً فِي (هج) وَفِي (دش) . عسيفاً فِي (كت) . وَفِي (ذَر) . عسيب فِي (فر) . بعساء فِي (من) . يعسوباً فِي (سج) . عسعس فِي (جو) . [عسرانه فِي (نت) . أعْسر فِي (لب) بعسفان فِي (ضج) . يعتسر فى (عص) ] .(2/431)
2 - الْعين مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن زِيَاد بن الْحَارِث الصدائي كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فاعتشى فِي أول اللَّيْل فَانْقَطع عَنهُ أَصْحَابه وَلَزِمتهُ فَلَمَّا كَانَ وَقت الآذان أَمرنِي فأذَّنت فَلَمَّا نزل للصَّلَاة لحقه أَصْحَابه فَأَرَادَ بِلَال أَن يُقيم فَقَالَ لَهُ: إِن أَخا صداء هُوَ الَّذِي أذن وَمن أذن فَهُوَ يُقيم.
عشى اعتشى: سَار وَقت الْعشَاء كاغتدى واستحر وابتكر أنْشد الجاحظ لمزاحم الْعقيلِيّ: ... وُجوهٌ لوان المُعْتَفِين اعْتَشَوْا بهَا ... صَدَعْنَ الدُّجَى حَتَّى يُرى اللَّيْل يَنْجَلِي. ... قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر الْعَرَب احمدوا الله الَّذِي رفع عَنْكُم العشوة. أَي ظلمَة الْكفْر. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال مضى من اللَّيْل عشوة وَهِي سَاعَة من أَوله إِلَى الرّبع وفيهَا ثَلَاث لُغَات: الضَّم وَالْفَتْح وَالْكَسْر. قَالَ الْكُمَيْت: ... لَا يَنْظُرُ العَشْوة الملتخّ غيْهَبُها ... وَلَا تضيق على زُوَّارِه الحِلَلُ ... قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنِّسَاء: إنكن أَكثر أهل النَّار وَذَلِكَ لأنكن تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير. هُوَ المعاشر كالخليل بِمَعْنى المخالل وَالصديق بِمَعْنى المصادق. قَالَ الله تَعَالَى (7) : {وَلَبِئْسَ العَشِيرُ} . وَالْمرَاد بِهِ الزَّوْج. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: لَا يعشرن وَلَا يحشرن.(2/432)
3 - عشر أَي لَا يُؤْخَذ عُشر أموالهن وَلَا يُحشرن إِلَى الْمُصدق وَلَكِن تُؤْخَذ مِنْهُنَّ الصَّدَقَة بمواضعهن. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تُؤْخَذ صدقَات الْمُسلمين عِنْد بُيُوتهم وأفنيتهم وعَلى مِيَاههمْ. وَقيل: لَا يحشرن إِلَى الْمَغَازِي. وَعنهُ [525] : أَن وَفد ثَقِيف اشترطوا عَلَيْهِ أَلا يعشرُوا وَلَا يحْشرُوا وَلَا يجبوا فَقَالَ: لَا خير فِي دين لَا رُكُوع فِيهِ. وَالتَّجْبِيَة: الرُّكُوع. قَالَ جُنْدُب الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَالب ابْن عبد الله إِلَى من بالكديد وَأمره أَن يُغير عَلَيْهِم فأتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية فَبَعَثَنِي صَاحِبي ربيئة فعمدت إِلَى تل يطلعني على الْحَاضِر فانبطحت عَلَيْهِ وَذَلِكَ قبل الْمغرب فرآني رجل مِنْهُم منبطحاً على التل فَرَمَانِي بِسَهْم فوَاللَّه مَا أَخطَأ جَنْبي فانتزعته فَوَضَعته [وثبتّ] ثمَّ رمى بِالْآخرِ فَوَضعه فِي جَنْبي فنزعته وَوَضَعته وَلم أتحرك فَقَالَ لامْرَأَته: وَالله لقد خاطه سهماى وَلَو كَانَ زائلة لتحرك.
عشى هى تضغير عَشِيَّة على غير قِيَاس يُقَال: أَتَيْته عشيشية وعشانة وعشيشيانا. الزائلة: كل شَيْء تحرّك وَزَالَ عَن مَكَانَهُ يُقَال: زَالَت لي زائلة أَي شخص لي شخص وَرجل رامي الزوائل أَي طب بإصباء النِّسَاء وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... وكنتُ امرا أرمي الزوائل مَرَّةً ... فأصبحتُ قد وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائلِ
وعَطَّلْتُ قَوْسَ الجَهلِ عَن شِرَعاتها ... وعادَتْ سهامي بَين رَثٍّ وناصِل ... صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد بمنى فِيهِ عيشومة.(2/433)
4 - عشم هى نَبِي طَوِيل محدد الْأَطْرَاف كَأَنَّهُ الأسل يتَّخذ مِنْهُ الْحصْر الدقاق. قَالَ ذُو الرمة ... [للْجِنّ بِاللَّيْلِ فِي أَرجائها زَجَل] ... كَمَا تناوحَ يَوْم الرّيح عَيْشُوم ... وَيُقَال: إِن ذَلِك الْمَسْجِد يُقَال لَهُ مَسْجِد العيشومة [لِأَن] فِيهِ عيشومة خضراء أبدا فِي الخصب والجدب. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وقفت عَلَيْهِ امْرَأَة [عشمة] بأهدام لَهَا فَقَالَت: حياكم الله قوما تَحِيَّة السَّلَام وأمارة الْإِسْلَام إِنِّي امْرَأَة جحيمر طهملة أَقبلت من هكران وكوكب أجاءتني النآئد إِلَى استيشاء الأباعد بعد الدفء والوقير فَهَل من نَاصِر يجْبر أَو دَاع يشْكر أعاذكم الله من جوح الدَّهْر وضغم الْفقر يُقَال للرجل وَالْمَرْأَة عشمة وعشبة إِذا أسنا ويبسا من عشم الْخبز إِذا يبس وتكرَّج. وَفِي حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة: أَن أُمَيْمَة (7) بنت الْحَارِث النهدية دخلت عَلَيْهِ تخاصم زَوجهَا وهب بن سَلمَة بن جَابر الرَّاسِبِي فَقَالَت: أصلح الله الْأَمِير ينَام عني حجرَة وَإِن دنا ولى وولانى دبره ينَام عَن الْحَقَائِق وَيَسْتَيْقِظ للبوائق ليلِي من جراه طَوِيل وخادمي مِنْهُ فِي عويل فَقَالَ زَوجهَا: كذبت يَا عدوة الله وأثمت وَالله مَا أقدر على أَن أقوم بشأنك فَكيف أتعداك إِلَى غَيْرك
عشم فَقَالَت: وَالله مَا أردْت إِلَّا هَذَا فَفرق بيني وَبَينه فوَاللَّه [526] مَا هُوَ إِلَّا عشمة من العشم وَالله مَا يقدر على مَا يقدر عَلَيْهِ الرِّجَال. الأهدام: جمع هدم وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي هَدمه البلى.(2/434)
5 - جحيمر: تَصْغِير جحمرش وَهِي الْعَجُوز القحلة. طهملة: مسترخية اللَّحْم. هكران وكوكب: جبلان. النآئد: جمع نآد وَهِي الداهية وَيُقَال نأدته نأداً. جعلت الاستيشاء وَهُوَ الاحتلاب والاستخراج يُقَال استوشيت النَّاقة إِذا امتريتها واستوشى الْفرس استخرج مَا عِنْده من الجرى عبارَة عَن الْمَسْأَلَة كَمَا يَجْعَل الاختباط. الوقير: الْغنم الْكثير. النَّاصِر: الْمُعْطِي من نصر الْغَيْث أَرض بني فلَان. الجوح: الِاحْتِيَاج. الضغم: العضّ. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كَمَا لَا ينفع من الشّرك عمل فَهَل يضر من الْإِسْلَام ذَنْب فَقَالَ ابْن عمر: عش وَلَا تغتر ثمَّ سَأَلَ ابْن الزبير فَقَالَ مثل ذَلِك ثمَّ سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ مثل ذَلِك.
عشا هَذَا مثل للْعَرَب تضربه فِي التوصية بِالِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذ بالوثيقة. وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ التفويز بإبله وَلم يعشا ثِقَة بعشب سيجده فَقيل لَهُ ذَلِك. وَالْمعْنَى توق الذَّنب وَلَا ترتكبه اتِّكالا على الْإِسْلَام وَخذ بِمَا هُوَ أحوط لَك وآمن مغبة. ابْن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا من عاشية أطول أنقا وَلَا أطول شبعا من عَالم من علم. يُقَال: عشيت الْإِبِل إِذا تعشت فَهِيَ عاشية وَفِي أمثالهم: العاشية تهيج الآبية.(2/435)
6 - الأنق: الْإِعْجَاب بالمرعى يُقَال: أنق الشَّيْء فَهُوَ آنق وأنق إِذا أعجب. وأنقت الشَّيْء أنقا إِذا أحببته وأُعجبت بِهِ. مِنْ فِي مِنْ عَالم يتَعَلَّق بأفعل الثَّانِي عندنَا لِأَنَّهُ أقربهما وفى من علم بالشبع. وَالْمعْنَى: مَا من عاشية أطول أنقاً من عَالم وَلَا أطول شبعاً من الْكلأ من عَالم من علم يُرِيد أَن الْعَالم منهوم متمادي الْحِرْص. وروى: مَا من عاشية أدوم أنقاً وَلَا أَبْطَأَ شبعاً من عاشية علم. ابْن الْمسيب رَحمَه الله قَالَ على بن يزِيد: سمعته وَهُوَ ابْن أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَقد ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ. ويعشو بِالْأُخْرَى يَقُول: مَا أَخَاف على نفسى قتنة هِيَ أَشد عَليّ من النِّسَاء. أَي ينظر نظرا ضَعِيفا يُقَال: عشوت إِلَى النَّار أعشو. بالعشوة فِي (بُد) . العشنق وتعشيشاً فِي (غث) . عشمة فِي (مز) . [عشري فِي (سنّ) عيشومة فِي (مص) . العشاءين فِي (حَيّ) . وَلَا يعشرُوا فِي (ثو) . عشوات فِي (ذمّ) ] .
الْعين مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير اسْم العَاصِي وعزيز وعتلة وَشَيْطَان وَالْحكم وغراب وشهاب وسمى المضطجع المنبعث وسمى شعب الضَّلَالَة شعب الْهدى وَمر بِأَرْض تسمى عَثْرَة أَو عفرَة أَو غدرة [527] فسماها خضرَة.
عَصا كره العَاصِي: لِأَن شعار الْمُؤمن الطَّاعَة. والعزيز لِأَن العَبْد مَوْصُوف بالذل والخضوع والعزة لله تَعَالَى. وعتلة لِأَن مَعْنَاهَا الغلظة والشدة من عتلته إِذا جذبته جذباً عنيفاً وَالْمُؤمن مَوْصُوف بلين الْجَانِب وخفض الْجنَاح. وَالْحكم لِأَنَّهُ الْحَاكِم وَلَا حكم إِلَّا لله.(2/436)
7 - وشهابا لِأَنَّهُ الشعلة وَالنَّار عِقَاب الْكفَّار وَلِأَنَّهُ يرْجم بِهِ الشَّيْطَان. وغرابا لِأَن مَعْنَاهُ الْبعد وَلِأَنَّهُ أَخبث الطير لوُقُوعه على الْجِيَف وبحثه عَن النَّجَاسَة. العثرة: الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا إِنَّمَا هِيَ صَعِيد قد علاها العثير وَهُوَ الْغُبَار. والعفرة: من عفرَة الأَرْض. والغدرة: الَّتِي لَا تسمح بالنبات وَإِن أنبتت شَيْئا أسرعت فِيهِ الآفة أخذت من الْغدر. عَن فضَالة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَافظ على العصرين وَمَا كَانَت من لغتنا فَقلت: وَمَا العصران قَالَ: صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قبل غُرُوبهَا. سماهما بالعصرين وهما الْغَدَاة والعشى قَالَ: ... أملطله العصرين حَتَّى يملنى ... ويرضى بِنصْف الدّين وَالْأنف راغِم ... أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا أَن يُؤذن قبل الْفجْر ليعتصر معتصرهم.
عصر أَرَادَ الَّذِي يضْرب الْغَائِط مِنْهُم فكنى عَنهُ بالمعتصر إِمَّا من الْعَصْر أَو الْعَصْر وَهُوَ الملجأ والمستخفى.
عَصا لَا ترفع عصاك عَن أهلك. أَي لَا تغفل عَن أدبهم ومنعهم من الْفساد والشقاق وَيُقَال للرجل الْحسن السياسة لما ولى: إِنَّه للين الْعَصَا. قَالَ معن بن أَوْس الْمُزنِيّ: ... عَلَيْهِ شَرِِيبٌ وَادِاعٌ لَيِّنُ العَصاَ ... يُسَاجِلُها جَمَّاتِه وتُسَاجِلُهْ ... لما فرغ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتال أهل بدر أَتَاهُ جبرئيل على فرس أُنْثَى حَمْرَاء عاقداً ناصيته عَلَيْهِ درعه وَرمحه فِي يَده قد عصم ثنيته الْغُبَار فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَلا أُفَارِقك حَتَّى ترْضى فَهَل رضيت قَالَ: نعم قد رضيت فَانْصَرف.(2/437)
8 - عصم من عصب الرِّيق فَاه وَعَصَمَهُ إِذا لزق بِهِ على اعتقاب الْبَاء وَالْمِيم وَلَهُمَا نَظَائِر وَيجوز أَن يُرَاد بالثنية الطَّرِيق الَّذِي أَتَى فِيهِ وَأَن الْغُبَار قد عصمه أَي مَنعه وصده لتكاثفه واعتكاره كَمَا يُقَال: غُبَار قد سد الْأُفق. فى المختالات المتبرجات قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم. قيل: يَا رَسُول الله وَمَا الْغُرَاب الأعصم قَالَ: الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ بَيْضَاء. وروى: عَائِشَة وَفِي النِّسَاء كالغراب الأعصم فِي الْغرْبَان. [528] قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأعصم من الْخَيل الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيَاض قلَّ أَو كثر والوعول أَكْثَرهَا عصمَة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْعِصْمَة بَيَاض فِي ذراعي الظبي والوعل. وَعَن بَعضهم: بَيَاض فِي يَدَيْهِ أَو إِحْدَاهمَا كالسوار. وَتَفْسِير الحَدِيث يُطَابق هَذَا القَوْل إِلَّا أَن الرجل مَوْضُوعَة مَكَان الْيَد قَالُوا: وَهَذَا غير مَوْجُود فى الْغرْبَان فمنعناه إِذن أَنه لَا يدْخل أحد من المختالات المتبرجات الْجنَّة وَقيل: إِن الجناحين للطائر كاليدين للبهيمة. والأعصم من الْغرْبَان: الَّذِي فِي أحد جناحيه ريشة بَيْضَاء وَهُوَ قَلِيل فِيهَا فعلى هَذَا يدْخل الْقَلِيل النَّادِر مِنْهُنَّ الْجنَّة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قضى أَن الْوَالِد يعتصر وَلَده فِيمَا أعطَاهُ وَلَيْسَ للْوَلَد أَن يعتصر من وَالِده.
عصر اتَّسع فِي الاعتصار فَقيل بَنو فلَان يعتصرون الْعَطاء قَالَ: ... فَمنَّ واستَبْقَى وَلم يَعْتَصِرْ ... مِنْ فَرْعِه مَالا وَلَا المكْسِرُ ... واعتصر النَّخْلَة إِذا ارتجعها. وَالْمعْنَى أَن الْوَلَد إِذا نحل وَلَده شَيْئا فَلهُ أَن يَأْخُذهُ مِنْهُ فَشبه أَخذ المَال مِنْهُ واستخراجه من يَده بالاعتصار.(2/438)
9 - وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله يعتصر الْوَالِد على وَلَده فى مَاله. وَإِنَّمَا عداهُ يعلى لِأَنَّهُ فِي معنى يرجع عَلَيْهِ وَيعود عَلَيْهِ وَيُسمى من يفعل ذَلِك عاصراً وعصورا. وروى: يعتسر من مَال وَلَده من الاعتسار وَهُوَ الاقتسار أَي يَأْخُذهُ مِنْهُ وَهُوَ كَارِه. الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما أقبل نَحْو الْبَصْرَة سُئل عَن وَجهه فَقَالَ: ... عَلِقْتُهُمْ أنّي خلقت عصبه ... قَتَادَة تعلّقت بنشبة ...
عصب الْعصبَة: اللبلاب لِأَنَّهُ يعصب بِالشَّجَرِ أَي يلتوي عَلَيْهِ ويطيف بِهِ وَمِنْه الْعصبَة وَهِي الْجَمَاعَة الملتف بَعْضهَا بِبَعْض. النشبة: الَّذِي ينشب فِي الشَّيْء فَلَا ينْحل عَنهُ وَمِنْه قيل للذئب نشبة علم لَهُ. وَالْمعْنَى خلقت علقَة لخصومى فَوضع الْعصبَة مَوضِع الْعلقَة ثمَّ شبه نَفسه فِي فرط تعلقه بهم وتشبثه بالقتادة إِذا استظهرت فِي تعلقهَا بِمَا تتَعَلَّق بِهِ. بنشبة أَي بِشَيْء شَدِيد النشوب فالباء فِي بنشبة هِيَ الَّتِي فى كتبت بالقلم لَا الَّتِي فِي مَرَرْت بزيد وَعَن شمر بَلغنِي أَن الْعَرَب تَقول: ... عَلِقْتُهُم إِنِّي خُلِقْتُ نُشْبَهْ ... قَتَادَة ملوية بعُصْبَهْ ... وَعَن أبي الْجراح: يُقَال للرجل الشَّديد المراس: قَتَادَة لويت بعصبة. وَعَن الْحَارِث بن بدر الغداني: كنت مرّة نشبة وَأَنا الْيَوْم عقبَة. أَي أُعقبت بِالْقُوَّةِ ضعفا. وروى: عتبَة أَي أُعتب [529] النَّاس: أعطيهم العتبى وَالرِّضَا. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مرت بِهِ امْرَأَة متطيبة لذيلها عصرة (7) فَقَالَ لَهَا: أَيْن تريدين يَا أمة الْجَبَّار فَقَالَت أُرِيد الْمَسْجِد.(2/439)
0 - عصر هِيَ الرّيح الَّتِي تهيج بالغبار فإمَّا أَن يُرِيد الْغُبَار الثائر من مسحب ذيلها أَو هيج الرَّائِحَة وسطوعها من عطرها. صلَة بن أَشْيَم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لأبي السَّلِيل: إياك وقتيل الْعَصَا.
عَصا أَي إياك أَن تكون قَاتلا أَو مقتولا فى شقّ عَصا المسليمن. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ دحْيَة إِذا قدم لم تبْق معصر إِلَّا خرجت إِلَيْهِ.
عصر هِيَ الَّتِي دنت من الْحيض كَأَنَّهَا الَّتِي حَان لَهَا أَن تنعصر وَإِنَّمَا خُصّ المعصر لِأَنَّهَا إِذا خرجت وَهِي محجوبة فَمَا الظَّن بغَيْرهَا وَكَانَ دحْيَة مفرط الْجمال وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي فِي صورته. عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ مُعَاوِيَة وَهُوَ عَاتب فَقَالَ: إِن العصوب يرفق بهَا حالبها فتحلب العلبة فَقَالَ: أجل وَرُبمَا زبنته فدقَّت فَاه وكفأت إناءه أما وَالله لقد تلافيت أَمرك وَهُوَ أَشد انفضاجاً من حق الكهدل فَمَا زلت أرمه بوذائله وَأَصله بوصائله حَتَّى تركته على مثل فلكه المدرّ. وروى: أَتَيْتُك من الْعرَاق وَإِن أَمرك كحق الكهول أَو كالجعدبة. وروى: أَو الكعدبة. وروى: كالحجاة فِي الضعْف فَمَا زلت أُسدى وألحم حَتَّى صَار أَمرك كفلكة الدرارة وكالطراف الممدد.
عصب العصوب: الناقلة الَّتِى لَا تدر حَتَّى تعصب فخذاهل. الزَّبْن: أَن تدفع الحالب وَمِنْه الْحَرْب الزبون. الانفضاج: الاسترخاء. يُقَال: انفضج بَطْنه إِذا استترخى وانفضجت القرحة إِذا انفرجت وَمِنْه تفضَّج بدنه سمناً وانفضج وَأنْشد أَبُو زيد: ... قد طُوِيتْ بطونُها طَيَّ الأَدَمْ ... بعد انفضاج البُدْنِ واللَّحْمِ الزِّيَمْ ... الكهدل والكهول: العنكبوت وحقها: بَيتهَا. وَقيل: الكهدل الْعَجُوز(2/440)
وحقها ثديها. وَقيل: الكهدل ضرب من الكمأة وحقُّه بيضته. وَيجوز أَن تكون اللَّام مزيدة من قَوْلهم: شيخ كوهد إِذا ارتعش ضعفا وَيُقَال: كهده إِذا أضعفه ونهكه. قَالُوا: الوذائل: سبائك الْفضة جمع وذيلة. والوصائل: ثِيَاب حمر مخططة يجاء بهَا من الْيمن الْوَاحِدَة وصيلة. يُرِيد أَنه زينه وَحسنه. وَعِنْدِي أَنه أَرَادَ بالوذائل جمع وذيلة وَهِي الْمرْآة بلغَة هُذَيْل. قَالَ: ... وبياضُ وَجْهِك لم تَحُل أَسرارُه ... مثل الوَذِيلة أَو كَشَنْفِ الانْضُر ... مثل بهَا آراءه الَّتِي كَانَت لمعاوية أشباه الْمرَائِي يرى فِيهَا وُجُوه صَلَاح أمره [53] واستقامة ملكه. وبالوصائل جمع وصيلة وَهِي مَا يُوصل بِهِ الشَّيْء. يَقُول: مَا زلت أرم أَمرك بالآراء الصائبة والتدابير الَّتِي يستصلح الْملك بِمِثْلِهَا. وَأَصله بِمَا يجب أَن يُوصل بِهِ من المعاون والموازرات الَّتِى لَا غنى بِهِ عَنْهَا. الْمدر: الغزال والدرارة: المغزل وأدر مغزله أداره. ضرب فلكة الغزال مثلا لاستحكام أمره بعد استرخائه لِأَن الغزال لَا يألو إحكاماً وتثبيتاً لفلكته لِأَنَّهَا إِذا قلقت لم تدر الدرارة وثبلتها أَن تَنْتَهِي إِلَى مستغلظ المغزل. وَقَالَ من فسر الكهدل بالعجوز وَالْحق بالثدي: الْمدر الْجَارِيَة الَّتِى فلك تديها وحان لَهَا أَن يدرّ لَبنهَا والفلكة: مَا اسْتَدَارَ من ثديها شبه بفلكة المغزل. الجعدبة والكعدبة والحجاة: النفّاخة وَقَوْلهمْ فِي علم لرجل من الْمَدِينَة جعدبة مَنْقُول مِنْهَا. الطِّراف: بَيت من أَدَم قَالَ طرفَة: ... رَأَيْتُ بني غَبْراءَ لَا يُنكِرونَنِي ... وَلَا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرافِ المُمَدَّدِ ...(2/441)
2 - الْقَاسِم بن مخيمرة رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ عَن العصرة للْمَرْأَة فَقَالَ: لَا أعلم رخصَة فِيهَا إِلَّا للشَّيْخ المعقوف.
عصر هُوَ عضلها عَن التَّزَوُّج من عصرة الْغَرِيم وَهُوَ أَن يمْنَع مَاله عَلَيْهِ. وَقد اعتصره. المعقوف: المنحني والعقف والعطف أَخَوان يُقَال: عقفه يعقفه وَمِنْه الأعقف والعقافة: شبه المحجن. أَرَادَ أَنه لَا يرخص إِلَّا لشيخ لَهُ بنت وَقد ضعف واحدودب فَهُوَ مُضْطَر إِلَى استخدامها. العصل فِي (خب) . أَن يعصبوه فِي (بح) . العصفور فِي (دف) . بعصم فِي (زه) . العصائب فِي (شو) اعصبوها فِي (ضل) . عصماء فِي (قح) . العصل وعصلها فِي (ري) . عصب فِي (جز) . بعصلبي فِي (ين) . العصعص فِي (رج) . [الْعصبَة فِي (عَم) ] .
الْعين مَعَ الضَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن سَمُرَة بن جُنْدُب كَانَت لَهُ عضد من نخل فِي حَائِط رجل من الْأَنْصَار وَمَعَ الرجل أَهله فَكَانَ سَمُرَة يدْخل إِلَى نخله فَيشق على الرجل فَطلب إِلَيْهِ أَن يناقله فَأبى فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر لَهُ ذَلِك فَطلب إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيعهُ فَأبى. فَطلب إِلَيْهِ أَن يناقله فَأبى قَالَ: فهبه لَهُ وَلَك كَذَا وَكَذَا أمرا أرغبه فِيهِ فَأبى فَقَالَ: أَنْت مضاره وَقَالَ للْأَنْصَارِيِّ: اذْهَبْ أَنْت فاقلع نخله.
عضد اتُّسع فِي الْعَضُد فَقيل عضد الْحَوْض وعضد الطَّرِيق لجانبه وَيَقُولُونَ: إِذا نخرت الرّيح من هَذِه الْعَضُد: أَتَاك الْغَيْث يُرِيدُونَ [531] نَاحيَة الْيمن ثمَّ قَالُوا للطريقة من النّخل: عضد لِأَنَّهَا متساطرة فى وَجهه وروى: عضيد قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا(2/442)
3 - صَار للنخلة جذع يتَنَاوَل مِنْهُ فَهِيَ العضيد. وَالْجمع عضدان. قَالَ: ... ترى العَضِيد الموقَر المئخارا ... مِنْ وَقْعِه يَنْتَثِرُ انتثارا ... وَقَالَ كثير عزة: ... من الغُلْبِ مِنْ عِضْدَان هَامة شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ وَجَّمتْ للنواضِحِ بئرُها ... وَقيل: هِيَ الجبارة الْبَالِغَة غَايَة الطول. قَالَ أَلا أنبئكم: مَا العضة قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: هِيَ النميمة. وَقَالَ: إيَّاكُمْ والعضة أَتَدْرُونَ مَا العضة هى النميمة.
عضه أَصْلهَا العضهة فعلة من العضه وَهُوَ البهت فحذفت لامه كَمَا حذفت من السّنة والشفة وَتجمع على عضين قَالَ يُونُس: بَينهم عضة قبيحة من العضيهة. وَفسّر بَعضهم قَوْله تَعَالَى: {جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِين} بِالسحرِ لِأَنَّهُ كذب وَنَحْوهَا العضة من الشّجر فِي قَوْله: ... [إِذا ماتَ مِنْهُمُ سَيِّدٌ سُوِّدَ ابنهُ] ... ومِنْ عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها ... وَقد جَاءَ بأصلها من قَالَ: ... يحط من عمّائه الأُرْوِيّا يتركُ كلَّ عضْهَةٍ عِصيَّا ... انتم الْيَوْم فِي نبوة وَرَحْمَة ثمَّ تكون خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ تكون كَذَا وَكَذَا ثمَّ يكون ملك عضوض يشربون الْخمر وَيلبسُونَ الْحَرِير وَفِي ذَلِك ينْصرُونَ على من ناواهم. وروى: مُلُوك عضوض.
عضض الْملك العضوض: الَّذِي فِيهِ عسف وظلم للرعية كَأَنَّهُ يعضُّهم عضا. وَمِنْه قَوْلهم:(2/443)
4 - عضَّتهم الْحَرْب وعضَّهم السِّلَاح. العضوض: جمع عض وَهُوَ الْخَبيث الشرس. وَقد عض يعَض عضاضة. المناوأة: المناهضة وَهِي الْعَدَاوَة من النوء وَهُوَ النهوض. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يضحى بالأعضب الْقرن وَالْأُذن.
عضب العضب فِي الْقرن: الدَّاخِل الانكسار. قَالَ الاخطل: ... إنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قرن الأعصب ... وَيُقَال للانكسار فِي الْخَارِج القصم. قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَقد يكون العضب فِي الْأذن إِلَّا أَنه فِي الْقرن أَكثر. وَقد كَانَت تسمى نَاقَته العضباء وَهُوَ علم لَهَا وَلم تسم بذلك لعضب فِي أذنها. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن أَصْحَابه أَسرُّوا رجلا من بني عقيل وَمَعَهُ نَاقَة يُقَال لَهَا العضباء فَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي وثاق فَقَالَ: يَا مُحَمَّد علام تأخذني وَتَأْخُذ سَابِقَة الْحَاج فَقَالَ: نأخذك بجريرة حلفائك ثَقِيف وَكَانَ ثَقِيف قد أَسرُّوا رجلَيْنِ من [533] أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا مضى ناداه: يَا مُحَمَّد [يَا مُحَمَّد] فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَ: إِنِّي مُسلم. قَالَ: لَو قلتهَا وَأَنت تملك أَمرك أفلحت كل الْفَلاح فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنِّي جَائِع فأطعمني إِنِّي ظمآن فاسقني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه حَاجَتك [أَو قَالَ هَذِه حَاجته] ففدى الرجل بعد بِالرجلَيْنِ. علام تأخذني أَي لم تأسرني وَيُقَال للأسير أخيذ وَالْأَكْثَر الأشيع حذف ألف مَا مَعَ حُرُوف الْجَرّ نَحْو: لم وَبِمَ وفيم وإلام وعلام وحتَّام. أَرَادَ بسابقة الْحَاج نَاقَته كَأَنَّهَا كَانَت تسبق الْحَاج لسرعتها. بجريرة حلفائك يَعْنِي أَنه كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين ثَقِيف موادعة فَلَمَّا نقضوها وَلم يُنكر عَلَيْهِم بَنو عقيل صَارُوا مثلهم فِي نقض الْعَهْد وَإِنَّمَا رده إِلَى دَار الْكفْر بعد إِظْهَاره كلمة الْإِسْلَام لِأَنَّهُ علم أَنه غير صَادِق وَأَن ذَلِك لرغبة أَو رهبة وَهَذَا خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لَا تعضية فِي مِيرَاث إِلَّا فِيمَا حمل الْقسم.(2/444)
5 - عضى هِيَ التَّفْرِيق من عضيت الشَّاة أَي إِذا كَانَ فِي التَّرِكَة مَا يستضر الْوَرَثَة بقسمه كحبة الْجَوْهَر والطيلسان وَالْحمام وَنَحْوهَا لم يقسم وَلَكِن ثمنه.
عضه نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العاضهة والمستعضهة. قيل: هما الساحرة والمستسحرة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أعضل بى أهل الْكُوفَة مَا يرضون بأمير وَلَا يرضى بهم أَمِير وروى: غلبني أهل الْكُوفَة أسْتَعْمل عَلَيْهِم الْمُؤمن فيضعف وأستعمل عَلَيْهِم الْفَاجِر فيفجر.
عضل أَي ضَاقَتْ عَليّ الْحِيَل فِي أَمرهم من الدَّاء العضال. وَمِنْه قَوْله رَضِي الله عَنهُ. أعوذ بِاللَّه من كل معضلة لَيْسَ لَهَا أَبُو حسن وروى: معضلة.
عضل أَرَادَ الْمَسْأَلَة أَو الخطة الصعبة. والمعضلة من عضلت الْحَامِل إِذا نشب الْوَلَد فِي بَطنهَا. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله أَنه كَانَ إِذا سُئل عَن معضلة قَالَ: زباء ذَات وبر أعيت قائدها وسائقها لَو ألقيت على أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأعضلت بهم. مثلهَا بالناقة النفور لزببها فِي الاستعصاب قَالَ: ... كَمَا نَفَرَ الازَبُّ عَن الظّعَانِ ... وَفِي أمثالهم: كل أزب نفور. وَأَن تعضد فِي (دف) . التعضوض فِي (ذُو) . بالعضباء فِي (سر) . ونستعضد فِي (صب) . عضباء فِي (عق) . فاعتضد فِي (قح) . تعضوض فِي (قو) . معضدا فى (مغ) . [عضّ على ناجذه فِي (جو) . مَلأ عضدي فِي (غث) . العضه فِي (خب) ] عَضُوضًا فِي (وَج) . [لايعض فِي الْعلم بضرس فِي (ذمّ) . لأعضضته فِي (ضل) . وَالله لتعضوض فِي (سنّ) . فأعضّوه فِي (وص) ] .(2/445)
الْعين مَعَ الطَّاء
عَطاء أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أربى الرِّبَا عطو الرجل الْمُسلم عرض أَخِيه الْمُسلم بِغَيْر حق. أَي تنَاوله بِلِسَانِهِ. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كرهت أَن تصلي الْمَرْأَة عُطُلا وَلَو أَن تعلق فِي عُنُقهَا خيطا.
عطل هِيَ العاطل وَقد عطلت عطلا وعطولا وتعطلت وعطلها: نزع حلبها. وَمِنْه حَدِيثهَا رَضِي الله عَنْهَا: أَنَّهَا ذكرت لَهَا امْرَأَة توفيت فَقَالَت: عطلوها. طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ فى العطب زَكَاة.
عطب هُوَ الْقطن وَيُقَال اعتطبت بعطبة إِذا أخذت النَّار بهَا قَالَ ابْن هرمة ... فجِئْتُ بِعُطْبَتِي أَسْعَى إِلَيْهَا ... فَمَا خابَ اعْتِطَابي واقْتِدَاحِي ... فِي الحَدِيث: سُبْحَانَ من تعطف العزَّ وَقَالَ بِهِ
عطف يُقَال العطاف والمعطف كالرداء والمردى واعتطفه وتعطفه كارتداه وترداده وَعطفه الثَّوْب كرداه. وَهَذَا من الْمجَاز الْحكمِي كَقَوْلِهِم: نهارك صَائِم. وَالْمرَاد وصف الرجل بِالصَّوْمِ وَوصف الله بالعزّ. وَمثله قَوْله: ... يَجُرُّ رِياطَ الحَمْدِ فِي دَارِ قَوْمه ... أَي هُوَ مَحْمُود فِي قومه. وَقَالَ بِهِ أَي وَغلب بِهِ كل عَزِيز وَملك عَلَيْهِ أمره من القيل وَهُوَ الْملك الَّذِي ينفذ قَوْله فِيمَا يُرِيد. عطف فِي (بر) . عطنة فِي (سف) . أعطن فِي (سنّ) . عطفاء فِي (عق) . بعطبول فِي (مغ) . وعطنت فِي (لق) . العطلة فِي (سح) . لَا تعطوه فِي (ذف) . [وَقد عطنوا فِي (جب) . وضربوا بعطنى فى (غر) . إِن يُعْطوا الْقُرْآن فى (خَز) . أعطانى فى (ظب) .] .(2/446)
الْعين مَعَ الظَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينا هُوَ يلْعَب وَهُوَ صَغِير مَعَ الصّبيان بِعظم وضاح مرَّ عَلَيْهِ يَهُودِيّ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: لتقتلن صَنَادِيد هَذِه الْقرْيَة.
عظم عظم وضاح: لعبة لَهُم يطرحون عظما بِاللَّيْلِ فَمن أَصَابَهُ غلب أَصْحَابه فَيَقُولُونَ: ... عُظَيْم وَضَّاحٍ ضحن الليله ... لَا تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله ... وَقَالَ الجاحظ: إِن غلب وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ ركب أَصْحَابه الْفَرِيق الآخر من الْموضع الَّذِي يجدونه فِيهِ إِلَى الْموضع الَّذِي رموا بِهِ. الصنديد والصنتيت: السَّيِّد وهما فنعيل من الصد والصت وَهُوَ الصدم والقهر لِأَنَّهُ يصد من يسوده ويقهره وَيُقَال صَنَادِيد الْقدر لغوالبه وَقَالُوا للكتيبة صتيت وصتيت. فدلّ خلوّ أحد البناءين عَن النُّون على زيادتها فِي الآخر وَأَن الْجَيْش من شَأْنه الْقَهْر وَالْغَلَبَة وَيحْتَمل أَن يُقَال فِي الصنتيت بِأَنَّهُ من الإصنات وَهُوَ الإتقان لِأَن السَّيِّد يصلح أُمُور النَّاس ويتقنها وَالتَّاء مكررة والزنة فعليل وَالدَّال فِي الصنديد بدل من التَّاء. وَالْأول أوجه.
عظل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ ذَات لَيْلَة فِي مسير لَهُ لِابْنِ عَبَّاس: أنشدنا لشاعر الشُّعَرَاء قَالَ: وَمن هُوَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: الَّذِي لم يعاظل بَين القَوْل وَلم يتتبع حوشيَّ الْكَلَام قَالَ: وَمن هُوَ قَالَ: زُهَيْر فَجعل ينشده إِلَى أَن برق الصُّبْح. هُوَ من تعاظل الْجَرَاد وَهُوَ تراكبه. وَيَوْم العظالي (بِالضَّمِّ) : يَوْم لبني تَمِيم لِأَنَّهُ ركب فِيهِ الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة الدَّابَّة الْوَاحِدَة.(3/3)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تعظلوا عَلَيْهِ إِذا تألبوا. يُرِيد أَنه فصل القَوْل تَفْصِيلًا وأوضحه وَلم يعقِّده تعقيدا. الحوشيّ: الوحشي الغامض قيل: هُوَ مَنْسُوب إِلَى الحوش وَهُوَ بِلَاد الْجِنّ. وَمِنْه الْإِبِل الحوشية يَزْعمُونَ أَنَّهَا الَّتِي ضربت فِيهَا فحول إبل الْجِنّ قَالَ: ... كَأَنِّي على حُوشِيَّة أَو نَعَامةِ ... وَعَن الرشيد: أَنه سمع أَوْلَاده يتعاطون الْغَرِيب فِي محاورتهم فَقَالَ: لَا تحملوا أَلْسِنَتكُم على الوحشي من الْكَلَام وَلَا تعودوها الْغَرِيب المستبشع وَلَا السفساف المتضع. واعتمدوا سهولة الْكَلَام مَا ارْتَفع عَن طَبَقَات الْعَامَّة وانخفض عَن دَرَجَة المتشدقين وتمثل بِبَيْت الخطفي جد جرير: ... إِذا نلْت الْمقَالة فَلْيَكُن ... بِهِ ظَهْرُ وَحْشِيّ الْكَلَام مُحرَّما ... [عظامى فِي (صع) . عظاماً فِي (قح) .]
الْعين مَعَ الْفَاء
عَفْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع من أَرض الْمَدِينَة مَا كَانَ عفاء. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال أقطعه من عفاء الأَرْض أَي مِمَّا لَيْسَ لمُسلم وَلَا معاهد أَي مِمَّا قد عَفا لَيْسَ بِهِ أثر لأحد وَهُوَ مصدر عَفا إِذا درس يُقَال: عفت الدَّار عفوَّا وعفاء. وَمِنْه قَوْلهم: عَلَيْهِ العفاء إِذا دعى عَلَيْهِ ليعفو أَثَره. وَمِنْه حَدِيث صَفْوَان: إِذا دخلت بَيْتِي فَأكلت رغيفاً وشربت عَلَيْهِ من المَاء فعلى الدُّنْيَا العفاء وَالتَّقْدِير: مَا كَانَ ذَا عفاء أَو نزل الْمصدر منزلَة اسْم الْفَاعِل. وَيحْتَمل أَن يكون عفاء صفة للْأَرْض الْعَافِيَة الْأَثر: على فعال كَقَوْلِهِم للْأَرْض البارزة: برَاز وللفاضية فضاء.(3/4)
وَقيل العفاء: مَا لَيْسَ لأحد فِيهِ ملك من عَفا الشَّيْء يعْفُو إِذا خلص. وَعَن الْكسَائي: عفوة. المَال وصفوته بِمَعْنى وعفاوة المرقة وعافيها: صفوتها. من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ وَمَا أَصَابَت الْعَافِيَة مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَة. كل طَالب رزقا من طَائِر أَو بَهِيمَة أَو إِنْسَان فَهُوَ عاف وَالْجَمَاعَة عَافِيَة. وَنَحْوه فِي الْمَعْنى حَدِيثه: إِن أم مُبشر الْأَنْصَارِيَّة قَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي نخل لي فَقَالَ: من غرسه أمسلم أم كَافِر قلت: لَا بل مُسلم فَقَالَ: مَا من مُسلم يغْرس غرساً أَو يزرع زرعا فيأكل مِنْهُ إِنْسَان أَو دَابَّة أَو طَائِر أَو سبع إِلَّا كَانَت لَهُ صَدَقَة. جَاءَ حَنْظَلَة الْأَسدي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: نَافق حَنْظَلَة يَا رَسُول الله نَكُون عنْدك تذكّرنا الْجنَّة وَالنَّار كأنا رأى عين فَإِذا رَجعْنَا عافسنا الْأزْوَاج والضيعة ونسينا كثيرا. المعافسة: المعالجة والممارسة وَمِنْهَا اعتفس الْقَوْم إِذا تعالجوا فى الصراع. الضَّيْعَة: الصناعية والحرفة يُقَال للرِّجَال: ماضيعتك وَتجمع ضيَاعًا وضيعا كَمَا جمعت الْقَصعَة قصاعا وقصعا. رأى عين: مَنْصُوب بإضمار نرى وَمثله حمد الله فى الْخَبَر.
عفر أول دينكُمْ نبوة وَرَحْمَة ثمَّ خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ ملك أعفر ثمَّ ملك وجبروة يُستحل فِيهَا الْفرج وَالْحَرِير. أَي يساس بالنكر والدهاء من فولهم للخبيث الْمُنكر عفر. وَفُلَان أَشد عفارة عفر من فلَان وَقد عفر واستعفر: إِذا صَار عفرا. الجبروة: الجبروت.(3/5)
كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد جافى عضديه حَتَّى يُرى من خَلفه عفرَة إبطَيْهِ. العفرة: بَيَاض لَيْسَ بالناصع وَلَكِن كلون عفر الأَرْض وَهُوَ وَجههَا يُقَال: مَا على عفر الأَرْض مثله وَمِنْه ظَبْي أعفر. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُحشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء عفراء كقرصة النقي لَيْسَ فِيهَا معلم لأحد. النقي: الْحوَاري سمي لنقائه من النخالة قَالَ: ... يُطْعِمُ النَّاسَ إِذا أمْحلوا ... مِنْ نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ ... وَأما النَّفْي (بِالْفَاءِ) فَيُقَال لما ترامت بِهِ الرَّحَى من دَقِيق: نفى الرَّحَى كَمَا يُقَال: نفى الْمَطَر وَنفى الْقدر وَنفى قَوَائِم الْبَعِير لما ترامت بِهِ من الْحَصَى. الْمعلم: الْأَثر.
عفص سُئِلَ عَن اللّقطَة فَقَالَ: احفظ عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فادفعها إِلَيْهِ. قيل: فضَالة الْغنم قَالَ: هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب. قيل: فضَالة الْإِبِل قَالَ: مَالك وَلها مَعهَا حذاؤها وسقاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يلقاها ربُّها. العفاص: الْوِعَاء: يُقَال: عفاص القارورة لغلاقها وعفاص الرَّاعِي لوعائه الَّذِي فِيهِ نَفَقَته وَهُوَ فعال من العفص وَهُوَ الثني والعطف لِأَن الْوِعَاء ينثني على مَا فِيهِ وينعطف. الوكاء: الْخَيط الَّذِي تشد بِهِ. أَرَادَ أَن يكون ذَلِك عَلامَة للُّقطة فَمن جَاءَ يتعرفها بِتِلْكَ الصّفة دفعت إِلَيْهِ. ورخَّص فِي ضَالَّة الْغنم أَي إِن لم تأخذها أَنْت أَخذهَا إِنْسَان سواك أَو أكلهَا الذِّئْب فَخذهَا.(3/6)
وغلَّظ فِي ضَالَّة الْإِبِل وَأَرَادَ بحذائها أخفافها أَي أَنَّهَا تقَوِّي على قطع الْبِلَاد. وسقاؤها أَنَّهَا على وُرُود الْمِيَاه وَكَذَلِكَ الْبَقر وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وكل مَا اسْتَقل بِنَفسِهِ. وَمِنْه قَول عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لِثَابِت بن الضَّحَّاك وَكَانَ وجد بَعِيرًا اذْهَبْ إِلَى الْموضع الَّذِي وجدته فِيهِ فَأرْسلهُ.
عفر قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله مَا لي عهد بأهلي من عفار النّخل فَوجدت مَعَ امْرَأَتي رجلا وَكَانَ زَوجهَا مصفرا حمشا سبط الشّعْر وَالَّذِي رميت بِهِ خدل إِلَى السوَاد جعد قطط فلاعن بَينهمَا. أَي مُنْذُ عفر النّخل وَذَلِكَ أَن يُعْفَى عَن السَّقْي بعد الإبار لِئَلَّا ينتفض أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يُسقى ثمَّ يتْرك إِلَى أَن يعطش ثمَّ يُسقى مَأْخُوذ من تعفير الوحشية وَلَدهَا وَهُوَ أَن تقطعه عَن الرَّضَاع أَيَّامًا ثمَّ ترْضِعه ثمَّ تقطعه ثمَّ ترْضِعه تفعل ذَلِك تارات حَتَّى تتمّ فطامه. وَالْأَصْل: قَوْلهم لَقيته عَن عفر إِذا لقِيه بعد انْقِطَاع اللِّقَاء خَمْسَة عشر يَوْمًا فَصَاعِدا من اللَّيَالِي العفر وَهِي الْبيض تَقول الْعَرَب: لَيْسَ عفر اللَّيَالِي كالد آدئ. وَفِي حَدِيث هِلَال بن أُميَّة: مَا قربت أَهلِي من عفرن النّخل. الخدل: الغليظ وَقد خدل خدالة. لما أُخبر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشكوى سعد بن عبَادَة خرج على حِمَاره يَعْفُور وَأُسَامَة بن زيد رديفه فمرَّ بِمَجْلِس عبد الله بن أُبي وَكَانَت الْمَدِينَة إِنَّمَا هِيَ سباخ(3/7)
وبوغاء. فَلَمَّا دنا من الْقَوْم جَاءَت الْعَجَاجَة فَجعل ابْن أُبي طرف رِدَائه على أَنفه وَقَالَ: يذهب مُحَمَّد إِلَى من أخرجه من بِلَاده فَأَما من لم يُخرجهُ وَكَانَ قدومه كثَّ منخره فَلَا يَغْشَاهُ. قَالُوا: سُمي يعفورا لعفرة لَونه وَيجوز أَن يكون قد سُمي تَشْبِيها فِي عدوه باليعفور وَهُوَ الظبي. البوغاء: التربة الرخوة كَأَنَّهَا ذريرة. كثَّ منخره: أَي إرغام أَنفه. قَالَ: ... ومولاكَ لَا يُهْضَمْ لديكَ فَإِنَّمَا ... هَضِيمة مَوْلَى القَوْمِ كَثّ المَناخِرِ ... وَكَأَنَّهُ الْإِصَابَة بالكثكث من قَوْلهم: بِفِيهِ الكثكث. وروى: الكت بِالتَّاءِ بِمَعْنى الإرغام وَحكى اللحياني عَن أَعْرَابِي قَالَ لآخر: مَا تصنع قَالَ: مَا كتك وعظاك أَي مَا أرغمك وأغضبك.
عَفْو أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سلوا الله الْعَفو والعافية والمعافاة وَاعْلَمُوا أَن الصَّبْر نصف الْإِيمَان وَالْيَقِين الْإِيمَان كُله. الْعَفو: أَن يعْفُو عَن الذُّنُوب. والعافية: أَن يسلم من الأسقام والبلايا ونظيرها الثاغية والرَّاغية بِمَعْنى الثُّغاء والرُّغاء. والمعافاة: أَن يعْفُو الرجل عَن النَّاس ويعفوا عَنهُ فَلَا يكون يَوْم الْقِيَامَة قصاص مفاعلة من الْعَفو. وَقيل هِيَ أَن يعافيك الله من النَّاس ويعافيهم مِنْك.
عفث الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ أعفث وروى كَانَ الزبير طَويلا أزرى أخضع أشعر أعفث وَرَوَاهُ بَعضهم فِي صفة عبد الله ابْنه قَالَ: وَكَانَ بَخِيلًا أعفث. وَفِيه قَالَ أَبُو وجزة: ... دَعِ الأَعْفَثَ المِهْذَارَ يهذي بشتمنا ... فَنحْن بأَنْوَاعِ الشَّتِيَمةِ أَعْلَمُ ...(3/8)
.. وجدت قُريْشًا كلَّها تَبْتَنِي العُلاَ ... وأَنْتَ أبَا بكر بجَهْدِك تَهْدِمُ ... الأعفث والأجلع والفرج: الَّذِي ينْكَشف فرجه كثيرا. قَالَ قدامَة بن الأخزر الْقشيرِي فِي عبد الله بن الحشرج: ... فبَرَّزْتَ سَبْقاً إذْ جَرَيْتَ ابنَ حَشْرج ... وَجَاء سُكَيْتاً كلُّ أعْفَثَ أَفْحَجِ ...
وَعَن ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه كَانَ كلما تحرّك بَدَت عَوْرَته فَكَانَ يلبس تَحت إزَاره التبَّان الأخضع: الَّذِي فِي عُنُقه خضوع خلقَة. وَقيل: الَّذِي فِيهِ جنأ. الْأَشْعر: الْكثير شعر الرَّأْس والجسد. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ترك أتانين وعفوا
عَفْو هُوَ الجحش سمي بِهِ لِأَنَّهُ يعفي عَن الرّكُوب والإعمال وَفِيه خمس لُغَات: عَفْو وعِفو وعفو وعفَاً وعِفاً. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل مَا فِي أَمْوَال أهل الذِّمَّة فَقَالَ: الْعَفو. أَي عُفيَ لَهُم عَن الْخراج والعُشر لما ضرب عَلَيْهِم من الْجِزْيَة.
عفر ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا دخل الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَانَ عَلَيْهِ بردَان معافريَّان فنهد النَّاس إِلَيْهِ يسألونه. معافر: مَوضِع بِالْيمن. وَقيل: قَبيلَة. نهد ونهض: أَخَوان.(3/9)
عَفْو فِي الحَدِيث: إِذا عَفا الْوَبر وَبرئ الدبر حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر. أَي كثير ووفر يُقَال: عَفا بَنو فلَان إِذا كَثُرُوا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى عفوا}
الْعين مَعَ الْقَاف
عقد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عقد لحيته أَو تقلد وترا فَإِن مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيء. قيل: هُوَ معالجتها حَتَّى تتعقد وتتجعَّد من قَوْلهم: جَاءَ فلَان عاقداً عُنُقه إِذا لواها كبرا وَالذِّئْب الأعقد: الملتوي الذَّنب أَي من لواها وجعدها. وَقيل: كَانُوا يعقدونها فِي الحروب فَأَمرهمْ بإرسالها. وَكَانُوا يتقلدون الْوتر دفعا للعين فكره ذَلِك.
عقب أَنا مُحَمَّد وَأحمد والماحي يمحو الله بِي الْكفْر والحاشر احشر النَّاس على قدمي وَالْعَاقِب. وروى: وَأَنا المقِّفي. عقبه وَقَفاهُ: بِمَعْنى: إِذا أَتَى بعده يَعْنِي أَنه آخر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.
عقر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصفية بنت حُيي حِين قيل لَهُ يَوْم النَّفر إِنَّهَا حَائِض عقري حلقي: مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا. هما صفتان للْمَرْأَة إِذا وُصفت بالشؤم يَعْنِي إِنَّهَا تحلق قَومهَا وتعقرهم أَي تستأصلهم من شؤمها عَلَيْهِم ومحلهما مَرْفُوع أَي هِيَ عقرى حلقى. وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّوَاب عقراً حلقا أَي عقر جَسدهَا وَأُصِيبَتْ بداء فِي حلقها.(3/10)
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال عقرته: أَي قلت لَهُ: عقرا وَهَذَا نَحْو سقَّيته وفدّيته. وَيحْتَمل أَن يَكُونَا مصدرين على فعلى بِمَعْنى الْعقر وَالْحلق كَمَا قيل الشكوى للشكو ودغرى لَا صفي بمعى دغراً ادغروا وَلَا تصفوا صفاًّ. مَفْعُولا أرى الضَّمِير والمستثنى وَإِلَّا لَغْو.
عقب نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عقب الشَّيْطَان فِي الصَّلَاة. هُوَ أَن يضع أليتيه على عَقِبَيْهِ بَين السَّجْدَتَيْنِ وَالَّذِي يَجعله بعض النَّاس الإقعاء. وَقيل: هُوَ أَن يتْرك عَقِبَيْهِ غير مغسولتين فِي وضوئِهِ.
عُقُق فِي الْعَقِيقَة عَن الْغُلَام شَاتَان مثلان وَعَن الْجَارِيَة شَاة. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَعَ الْغُلَام عقيقته فأهريقوا عَنهُ دَمًا وأميطوا عَنهُ الْأَذَى. الْعَقِيقَة والعقيق والعقة: شعر رَأس الْمَوْلُود ثمَّ سميت الشَّاة الَّتِي تُذبح عِنْد حلقه عقيقة وَهُوَ من العقّ وَالْقطع لِأَنَّهَا تُحلق. هراق وأهراق: لُغَتَانِ بإبدال الْهَاء من الْهمزَة وزيادتها. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَبينا نَحن نزل يَوْمًا جَاءَ رجل يَقُود فرسا عقوقاً مَعهَا مهرَة فَقَالَ: مَا فِي بطن فرسي هَذِه فَقَالَ: غيب وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله. هِيَ الْحَامِل يُقَال: عقَّت تعقُّ عققاً وعقاقاً فَهِيَ عقوق وأعقت فَهِيَ معقّ قَالَ رؤبة: ... بقارِحٍ أَوْ زَوْلَةٍ مُعِقِّ ... وَعَن أبي زيد: أعقت فَهِيَ عقوق وَلَا يُقَال معقّ. وَعنهُ: إِن العقوق الْحَامِل والحائل مَعًا.(3/11)
وَعَن يَعْقُوب: عقَّت وأعقت: إِذا نَبتَت الْعَقِيقَة على وَلَدهَا فِي بَطنهَا.
عقر وَفد إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُصَيْن بن مشمت وَبَايَعَهُ وصدّق إِلَيْهِ مَاله. وأقطعه مياهاً عدَّة بِأَعْلَى المروت ذكرهَا وَشرط لَهُ فِيمَا أقطعه: ألاّ يعقر مرعاه وَلَا ينفر مَاله وَلَا يمْنَع فَضله وَلَا يَبِيع مَاءَهُ. عقر المرعى: قطع شَجَره. وَفِي كتاب الْعين: النَّخْلَة تعقر أَي يقطع رَأسهَا فَلَا يخرج من سَاقهَا شَيْء أبدا حَتَّى تيبس فَذَلِك الْعقر ونخلة عقرة وَكَذَلِكَ من الطير تنْبت قوادمه فتصيبه آفَة فتعقر فَلَا تنْبت أبدا فَهُوَ عقر. وتنفير المَال: أَي لَا يتْرك إبِلا ترعى فِيهِ ويذعره. وَمنع فَضله: أَلا يخلي ابْن السَّبِيل والرعي فِيهِ مَعَ أَن فِيهِ فضلا عَن حَاجته.
عقب من عقَّب فِي صلَاته فَهُوَ فِي صَلَاة. هُوَ أَن يُقيم فِي مَجْلِسه عقيب الصَّلَاة يُقَال: صلى الْقَوْم وعقب فلَان بعدهمْ. وَحَقِيقَة التعقيب اتِّبَاع الْعَمَل عملا كَقَوْلِهِم لمن يَجِيء مرّة بعد أُخْرَى وَلمن يحدث غَزْوَة بعد غَزْوَة وسيراً بعد سير وللفرس الَّذِي لَا يَنْقَطِع حَضَره وَلمن يعْتَذر بعد الْإِسَاءَة وَيَقْتَضِي دينه كرّة بعد كرّة معقب يُقَال: إِن كَانَ أَسَاءَ فلَان فقد عقَّب باعتذار وَقَالَ لبيد يصف حمارا وأتاناً: ... طَلَب المعقِّبِ حَقَّه المظلومُ ... وَقَالَ تَعَالَى: {لاَ مُعَقِّبَ لُحِكْمِهِ} أَي لَا أحد يتبع حكمه ردا. وَقَالَ عز وَجل: {وَلَّي مُدْبِراً وَلَمْ يَعِّقبْ} أَي لم يتبع إدباره إقبالا والتفاتا وَقَالُوا: تعقيبة خير من غزَاة.(3/12)
وفى حَدِيث أنس رضى الله تَعَالَى: أَنه سُئِلَ عَن التعقيب فِي رَمَضَان فَأَمرهمْ أَن يصلوا فِي الْبيُوت هُوَ أَن يصلوا عقب التَّرَاوِيح.
عقر أَنا عِنْد عقر حَوْضِي أذود عَنهُ النَّاس لأهل الْيمن إِنِّي لأضربهم بعصاي حَتَّى ترفض وَرُوِيَ: إِنِّي لبعقر حَوْضِي. يُقَال: أعقاب الْحَوْض وأعقاره بِمَعْنى وَهِي مآخيره الْوَاحِد عقب وعقر أَي أذودهم لأجل أَن يرد أهل الْيمن. الارفضاض التكسر والتفرق افعلال من الرَّفْض. لعن عَاقِر الْخمر. هُوَ من الْفَاعِل الَّذِي للنسب بنى من المعاقرة وَهِي الإدمان كَافِر فى وَاحِد السّفر والسفار من المسافرة.
عقص مَا من صَاحب غنم لَا يُؤَدِّي حَقّهَا إِلَّا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أوفر مَا كَانَت فتنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها لَيْسَ فِيهَا عقصاء وَلَا جلحاء وَرُوِيَ: عضباء وَلَا عطفاء. العقصاء: الملتوية الْقرن من عقص الشّعْر. والعطفاء مثلهَا من الانعطاف. الجلحاء كالجماء من جلح الرَّأْس. العضباء: المنكسرة الْقرن أَي هِيَ سليمَة الْقُرُون مستويتها لتَكون أجرح للمنطوح.
عقب إِن نَعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت معقبة مخصرة ملسنة. أَي مصيراً لَهَا عقب. مستدقة الخصر وَهُوَ وَسطهَا. مخرطة الصَّدْر مدققته من أَعْلَاهُ على شكل اللِّسَان.(3/13)
أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ منعته الْعَرَب الزَّكَاة فَقيل لَهُ: اقبل ذَلِك الْأَمر مِنْهُم فَقَالَ: لَو مَنَعُونِي عقَالًا مِمَّا أَدّوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقاتلتهم عَلَيْهِ كَمَا أُقاتلهم على الصَّلَاة. وروى: لَو مَنَعُونِي عنَاقًا. وروى: لَو مَنَعُونِي جدياً أذوط.
عقل هُوَ صَدَقَة السّنة إِذا أَخذ الْأَسْنَان دون الْأَثْمَان. وَكَأن الأَصْل فِي هَذِه التَّسْمِيَة الْإِبِل لِأَنَّهَا الَّتِي تُعقل. وَعَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه اسْتعْمل ابْن أَخِيه عَمْرو بن عتبَة بن أبي سُفْيَان على صدقَات كلب فاعتدى عَلَيْهِم فَقَالَ عَمْرو بن عداء الْكَلْبِيّ: ... سَعَى عِقالاً فَلم يَتْرَك لنا سَبَداً ... فَكيف لَوْ قَدْ سعى عَمرٌو عِقَالين ... لأَصبَح الحيُّ أوْبَاداً وَلم يَجِدُوا ... عِنْد التَّفَرّق فِي الهَيْجَا جِمَالَيْنِ ... أَرَادَ مُدَّة عقال فنصبه على الظّرْف. وَعَن ابْن أبي ذُبَاب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: أخر عمر الصَّدَقَة عَام الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس بَعَثَنِي فَقَالَ: اعقل عَلَيْهِم عِقَالَيْنِ فاقسم فيهم عقَالًا وائتني بِالْآخرِ. أَي أوجب. وَقيل هُوَ العقال الْمَعْرُوف. وَعَن مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله عَنهُ: أَنه كَانَ يعْمل على الصَّدَقَة فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يَأْمر الرجل إِذا جَاءَ بفريضتين أَن يَأْتِي بعقالهما وقرانهما. وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَأْخُذ مَعَ كل فَرِيضَة عقَالًا ورواء فَإِذا جَاءَ الْمَدِينَة بَاعهَا ثمَّ تصدق بِتِلْكَ الْعقل والأروية. وَقيل: إِنَّمَا أَرَادَ الشَّيْء التافه الحقير فَضرب العقال مثلا لَهُ. الأذوط: الصَّغِير الفك والذقن وَقيل: هُوَ الَّذِي يطول حنكه الْأَعْلَى وَيقصر الْأَسْفَل.
عقب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَافر فِي عقب شهر رَمَضَان وَقَالَ: إِن الشَّهْر قد تسعسع فَلَو صمنا بَقِيَّته.(3/14)
أَبُو زيد: يُقَال جَاءَ فلَان على عقب رَمَضَان وَفِي عقبه إِذا جَاءَ وَقد بقيت أَيَّام من آخِره. وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: اللَّيْلَة تبقى مِنْهُ إِلَى عشر لَيَال تبقين مِنْهُ. وَيُقَال: جَاءَ على عقب رَمَضَان وَفِي عقبه إِذا جَاءَ وَقد مضى الشَّهْر كُله وَمِنْه صليت عقب الظّهْر تَطَوّعا أَي دبرهَا. تسعسع أَي انحط وَأدبر وَمِنْه قَوْلهم: تسعسعت حَال فلَان وَيُقَال للكبير قد تسعسع قَالَ رؤبة: ... يَا هِنْدُ مَا أَسْرَع مَا تَسَعْسَعا ... وَقَالَ شمر: من روى تشعشع ذهب بِهِ إِلَى رقة الشَّهْر وَقلة مَا بَقِي مِنْهُ من شعشعة اللَّبن وَغَيره إِذا رقق بِالْمَاءِ. فيد دَلِيل لمن رأى صَوْم الْمُسَافِر أفضل من فطره.
عقر لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ أَبُو بكر فَتلا هَذِه الْآيَة: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ} فعقرت حَتَّى خَرَرْت إِلَى الأَرْض. الْعقر: أَن يفجأه الروع فَلَا يقدر أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر دهشا.
عقب كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعقِّب الجيوش فِي كل عَام. أَي يردُّ قوما وَيبْعَث آخَرين يعاقبونهم يُقَال: قد عُقِّب الغازية وأُعقبوا إِذا وجِّه مكانهم غَيرهم. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أهديت بِهِ يعاقيب وَهُوَ محرم بالعرج فَقَامَ عليّ فَقَالَ لَهُ: لم قُمْت فَقَالَ: لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَحُرِّمَ علَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} جمع يَعْقُوب وَهُوَ ذكر القبج. العرج: منزل بطرِيق مَكَّة.(3/15)
ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الْقِيَامَة وَأَن الله يظْهر للنَّاس قَالَ: فيخر الْمُسلمُونَ للسُّجُود وتعقم أصلاب الْمُنَافِقين فَلَا يقدرُونَ على السُّجُود. وروى: وَتبقى أصلاب الْمُنَافِقين طبقًا وَاحِدًا.
عقم العقد وَالْعقل والعقم: أَخَوَات وَقيل للْمَرْأَة العاقر معقومة كَأَنَّهَا مشدودة الرَّحِم. وَيُقَال للْفرس إِذا كَانَ شَدِيد معاقد الرسغ إِنَّه لشديد المعاقم. وَيُقَال لكل فقرة من فقار الظّهْر طبق وَقيل طبقَة وَالْجمع طبق أَي تصير فقاره وَاحِدَة فَلَا تنعطف للسُّجُود. أُبي رَضِي الله عَنهُ هلك أهل الْعقْدَة وَرب الْكَعْبَة وَالله ماآسى عَلَيْهِم وَلَكِن آسى على من يضل.
عقد يَعْنِي وُلَاة الْحق والعقدة: الْبيعَة المعقودة لَهُم من عقدَة الْحَبل. والعقدة: الْعقار الَّذِي اعتقده صَاحبه ملكا. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل عَن امْرَأَة دخلت على قوم فأرضعت صَبيا [رضعة] . قَالَ: إِذا عقى حرمت عَلَيْهِ وَمَا ولدت.
عقى من العقى وَهُوَ أول يخرج من بطن الْمَوْلُود أسود لزجاً قبل أَن يطقم يُقَال: عقى يعقى عقياً وَهل عقيتم صبيكم أَي هَل سقيتموه عسلاً ليسقط عَنهُ عقية وَإِنَّمَا شَرط العقى ليعلم أَن اللَّبن قد صَار فِي جَوْفه. عطف على الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي (حرمت) من غير أَن يؤكده وَهُوَ مستقبح لَوْلَا أَنه فصل بَينه وَبَين الْمَعْطُوف. لَا تَأْكُلُوا من تعاقر الْأَعْرَاب فَإِنِّي لَا آمن أَن يكون مِمَّا أُهل بِهِ لغير الله.
عقر هُوَ التباري فِي عقر الْإِبِل كَفعل غَالب وسحيم. وَأَرَادَ بِهِ مَا يتعاقر فَوضع الْمصدر مَوْضِعه.(3/16)
وَالْمعْنَى أَنهم يتعاطونه رئاء النَّاس وَلَا يقصدون بِهِ وَجه الله فَيُشبه مَا أُهل بِهِ لغير الله. عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ فِي سفر فَرفع عقيرته بِالْغنَاءِ فَاجْتمع النَّاس فَقَرَأَ فَتَفَرَّقُوا فعل ذَلِك وفعلوه غير مرّة فَقَالَ: يابنى المتكاء إِذا أخذت فِي مَزَامِير الشَّيْطَان اجْتَمَعْتُمْ وَإِذا أخذت فِي كتاب الله تفرقتم قُطعت رِجل رَجل فَرَفعهَا وَصَاح فَقيل لكل مصوت: رفع عقيرته المتكاء: من المتك وَهُوَ عرق بظر الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة الْعَظِيمَة البظر لِأَن عرقه إِذا عظم عظم هُوَ. وَقيل: هِيَ الَّتِي لَا تحبس بولها وَقيل المفضاة
عقص ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رجل لامْرَأَته: إِن مشطتك فُلَانَة فَأَنت طَالِق ألْبتة فَدخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا تعقص رَأسهَا وَمَعَهَا امْرَأَة أُخْرَى فَقَالَت امْرَأَته: وَالله مامشطتنى إِلَّا هَذِه الْجَالِسَةُ وَلَكِن لم تحسن أَن تعقصه فعقصته هَذِه. فسُئل سعيد عَن ذَلِك فَقَالَ: مَا مشطت وَلَا تركت فَلَا سَبِيل عَلَيْهِ فِي امْرَأَته. العقص: الفتل وَقيل أَن يلوى الشّعْر حَتَّى يبْقى ليه ثمَّ يُرسل. وَالْمعْنَى أَن الطَّلَاق علق بِجَمِيعِ الْمشْط بِبَعْضِه فقد أَتَت بِالْبَعْضِ فَلَا سَبِيل عَلَيْهِ لمن أَرَادَ التَّفْرِقَة بَينه وَبَين امْرَأَته لأنَّ الطَّلَاق لم يَقع.
عقب النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى المعتقب ضَامِن لما اعتقب. هُوَ الرجل يَبِيع الشَّيْء ثمَّ يحتبسه حَتَّى ينْقد لَهُ ثمنه فَإِن تلف تلفَ مِنْهُ وَهُوَ من تعقبت الْأَمر واعتقبته إِذا تدبرته وَنظرت فِيمَا يَئُول إِلَيْهِ. قَالَ: ... وإنْ منطق زَلَّ عَن صَاحِبي ... تعقّبتُ آخَرَ ذَا مُعَتقَبْ ... لِأَنَّهُ متدبر لأمر الْمَبِيع نَاظر فِيمَا يكون عاقبته من أَخذ أَو ترك.(3/17)
عقل فِي الحَدِيث: من اعتقل الشَّاة وَأكل مَعَ أَهله وَركب الْحمار فقد برىء من الْكبر. هُوَ أَن يضع رجلهَا بَين سَاقه وَفَخذه فيحلبها واعتقال الرمْح مِنْهُ. وَمِنْه: اعتقل مقدَّم سَرْجه وتعقله إِذا أثنى عَلَيْهِ رجله. قَالَ النَّابِغَة: ... مُتَعَقِّلِين قَوادِمَ الأكْوَارِ ... فِي ذكر الدَّجَّال: ثمَّ يَأْتِي الخصب فيعقل الْكَرم ثمَّ يكحب ثمَّ يمحج. عقَّل الْكَرم إِذا أخرج الحصرم أول مَا يُخرجهُ وَهُوَ الْعقيلِيّ والعقالي. وكحَّب من الكحب وَهُوَ البروق إِذا جلّ حبُّه. والكحبة: الْحبَّة الْوَاحِدَة. ومحج من المحج وَهُوَ الاسرخاء بالنضج.
الْعين مَعَ الْكَاف
عكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل لَهُ عكرة فَلم يذبح لَهُ شَيْئا وَمر بِامْرَأَة لَهَا شويهات فذبحت لَهُ فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَخْلَاق بيد الله فَمن شَاءَ أَن يمنحه مِنْهَا خلقا حسنا فعل.(3/18)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ الْخَمْسُونَ من الْإِبِل إِلَى الْمِائَة. وَعَن الْأَصْمَعِي: إِلَى السّبْعين وَالْجمع عكر. قَالَ: ... فِيهِ الصواهل والريات والعَكَر ... وَرجل معكر: لَهُ عكرة وَهِي من الاعتكار وَهُوَ الازدحام وَالْكَثْرَة.
عكرش عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: عنَّت لي عكرشة فشنقتها بجبوبة فسكنت نَفسهَا وَسكت نسيسها. فَقَالَ: فِيهَا جفرة. العكرشة: أُنْثَى الأرانب. الشنق: الكفّ فعبَّر بِهِ عَن الرَّمْي أَو الضَّرْب المثخن الْكَاف للمرمى عَن الْحَرَكَة. الجبوبة: المدرة يُقَال أَخذ جبوبة من الأَرْض لُغَة أهل الْحجاز. عَن الْأَصْمَعِي: النسيس: بَقِيَّة النَّفس. الجفرة: العناق الَّتِي قد أكلت.
عكس الرّبيع بن خثيم رَحمَه الله اعكسوا أَنفسكُم عكس الْخَيل باللجم. أَي كفوها وردوها وَيُقَال: عكس الْبَعِير إِذا عقل يَدَيْهِ ثمَّ ردَّ الْحَبل من تَحت إبطه فشده بحقوه. عَن ابْن دُرَيْد: وَدون ذَلِك عكاس ومكاس أَي مُرَادة ومراجعة.
عكر قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {اقْتَرَبَ لِلنَّاس حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون} لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ نَاس من أهل الضَّلَالَة: يزْعم صَاحبكُم مُحَمَّد أَن الْحساب قد اقْترب فتناهوا قَلِيلا ثمَّ عَادوا إِلَى أَعْمَالهم أَعمال السوء فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى {أَتَى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} قَالَ نَاس من أهل الضَّلَالَة: يزْعم صَاحبكُم هَذَا أَن أَمر الله قد أَتَى فتناهى الْقَوْم قَلِيلا: ثمَّ عَادوا إِلَى عكرهم عكر السوء. ثمَّ أنزل: {وَلَئِنْ أخَّرْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} الْآيَة(3/19)
اي الى أصل مَذْهَبهم الرَّدِيء من قَوْلهم: رَجَعَ إِلَى عكره وعتره. وَفِي أمثالهم: عَادَتْ لعكرها لميس ولعترها. وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ... أمْسَتْ قُرَيش قد تَجَلّى غَدْرُها ... وسيّئاً فيمنْ سواهَا عُذْرُها ... فلَنْ يعودَ لقريش عِكْرُها ... مَا سَاق أَغباشَ الظلام فَجْرُها ... وَعَن أبي عُبَيْدَة: العكر الديدن وَالْعَادَة يُقَال: مَا زَالَ ذَلِك عكره وروى عكرهم يذهب بِهِ إِلَى الدنس والدرن وَالصَّوَاب الأول.
الْعين مَعَ اللَّام
علك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل وبرمته تَفُور على النَّار فَقَالَ لَهُ: أطابت برمتك قَالَ: نعم بِأبي أَنْت وَأمي فَتَنَاول مِنْهَا بضعَة فَلم يزل يعلكها حَتَّى أحرم بِالصَّلَاةِ. أَي يمضغها ويلجلجها فِي فِيهِ. وعلك وألك أَخَوان وَعَن اللحياني: علك الْعَجِين وَملكه ودلكه بِمَعْنى. وبرمته تَفُور حَال من الضَّمِير فِي مرَّ على سنَن قَوْله: ... وَقد أَغْتَدِي وَالطير فِي وكناتها ...
علل وَبعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح وخبيب [بن عدي فِي أَصْحَاب لَهما إِلَى أهل مَكَّة يتخبرون لَهُ خبر قُرَيْش حَتَّى إِذا كَانُوا بالرجيع اعترضت لَهُم بَنو لحيان من هُذَيْل فَقَالَ عَاصِم: ... مَا عِلَّتي وَأَنا جَلْدٌ نَابِلُ ... والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنَابِلُ
تَزِلُّ عَن صَفْحَتِها المعابِلُ ... والموتُ حَقٌّ والحياةُ باطِلُ ...(3/20)
وضارب بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتل وأسروا خبيب بن عدي فَكَانَ عِنْد عقبَة بن الْحَارِث فَلَمَّا أَرَادوا قَتله قَالَ لامْرَأَة عقبَة: ابغيني حَدِيدَة أستطيب بهَا فَأَعْطَتْهُ مُوسَى فاستدف بهَا فَلَمَّا أَرَادوا أَن يرفعوه إِلَى الْخَشَبَة قَالَ: اللَّهُمَّ أحصهم عددا واقتلهم بدداً. أَي مَا عُذْري إِن لم أُقاتل وَمَعِي أُهبة الْقِتَال وَهِي من الاعتلال كالعذرة من الِاعْتِذَار. نابل: مَعَه نبل. عنابل: جمع عنبل مثل خنجر وَهُوَ أغْلظ الأوتار وأبقاها وأملؤها للفوق وأصوبها سَهْما. المعابل: النصال العراض الَّتِي لَا عير لَهَا جمع معبلة. الاستطابة والاستدفاف: الاستحداد من قَوْلهم: دفَّ عَلَيْهِ إِذا نسفه أَي استأصله وَمِنْه دفف على الجريح. البدد: جمع بدة وَهِي الْحصَّة وَأنْشد الْكسَائي: ... لما التقيت عُمَيْرًا فِي كتييبته ... عانيت كَأسَ المَنايَا بَيْننَا بَدَداً ... وَلَّيْتُ جَبْهَةَ خَيْلي شَطْرَ خَيْلهم ... وَوَاجَهُونا بأُسْدٍ قَاتلُوا أُسُداً ... وَالتَّقْدِير: واقتلهم قتلا بدداً أَي قتلا مقسوماً عَلَيْهِم بِالْحِصَصِ. وَعَن الْأَصْمَعِي: اللَّهُمَّ اقتلهم بدداً بِفَتْح الْبَاء أَي مُتَفَرّقين
علج إِن الدُّعَاء ليلقى الْبلَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. يصطرعان ويتدافعان قَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف عيرًا وأُتنا: ... فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضَةٍ ... فَيجِدّ حينا فِي العِلاَج ويَشْمَعُ ...(3/21)
قَالَت أم قيس بنت مُحصن أُخْت عكاشة رضى الله عَنْهُمَا: دخلت با بن لي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْكُل الطَّعَام فَبَال عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاء فرشه عَلَيْهِ وَدخلت عَلَيْهِ با بن لى قد أعلقت عَنهُ من الْعذرَة فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَاد كن بِهَذِهِ العلق وروى: أعلقت عَلَيْهِ.
علق الإعلاق: أَن تدفع بإصبعها نغا نغه وَهِي لحمات عِنْد اللهاة تعالج بذلك عذرته وحقيقه أعلقت عَنهُ: أزالت عَنهُ الْعلُوق وَهِي الداهية. قَالَ: ... وَسَائلةٍ بَثْعلبَةَ بْنِ سَيْر ... وقَدْ عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ ... وَمن رَوَاهُ عَلَيْهِ فَمَعْنَاه أوردت عَلَيْهِ الْعلُوق يَعْنِي مَا عَذبته من دغرها وَيُقَال: أعلقت عَليّ إِذا أَدخل يَده فِي حنجوره يتقيأ. وَعَن بعض هُذَيْل: كنت موعوكا وحدي وطخطخ اللَّيْل دجاجيته وَكنت صَاحب قدح وإثقاب فأزند وأقدح نَارا وَإِنِّي لمقموع فأعلق على من الْعذرَة أَي من أجلهَا. العلق: جمع علوق.
علهز دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُضر فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف فابتلوا بِالْجُوعِ حَتَّى أكلُوا العلهز. هُوَ دم كَانَ يخلط بوبر ويعالج بالنَّار وَقيل: كَانَ فِيهِ قردان وَيُقَال للقراد الضخم العلهز وَقيل العلهز شَيْء ينْبت بِبِلَاد بني سليم شبه الْحذاء لَهُ عنقر أَي أصل رخص كأصل البردي.(3/22)
علج عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث رجلَيْنِ فِي وَجه فَقَالَ إنَّكُمَا علجان فعالجا عَن دينكما. أَي صلبان شَدِيدا الْأسر يُقَال رجل علج وعلج وَيُقَال للحمار الوشحي علج لاستعلاج خلقه والعلج النَّاقة الشَّدِيدَة. والعلجوم: مثلهَا بِزِيَادَة الْمِيم. فعالجا أَي دافعا.
علق أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رئي وَعَلِيهِ إِزَار فِيهِ علق وَقد خيطه بالأصطبة إِذا علق الشوك أَو غَيره بِالثَّوْبِ فخرقه فَذَلِك الْخرق علق الأصطبة مشاقة الْكَتَّان.
علب ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رأى رجلا بِأَنْفِهِ أثر السُّجُود فَقَالَ لَا تعلب صُورَتك. يُقَال: علبه إِذا وسمه وَأثر فِيهِ وَسيف معلوب: مثلم وَطَرِيق معلوب للَّذي يعلب بجنبيه والعلب الْأَثر قَالَ ابْن مقبل: ... هَلْ كنْتُ إِلَّا مِجَنًّا تَتَّقُونَ بهِ ... قد لاحَ فِي عرض من باداكم علبي ... وَالْمعْنَى: لَا تؤث فِيهَا بِشدَّة انتحائك على أَنْفك فِي السُّجُود.
علا مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ للبيد الشَّاعِر كم عطاؤك قَالَ: أَلفَانِ وَخَمْسمِائة قَالَ: مَا بَال العلاوة بَين الفودين فَقَالَ: أَمُوت الان فَيكون لَك العلاوة والفودان فرق لَهُ وَترك عطاءه على حَاله. العلاوة: مِمَّا عولي فَوق الْجمل زَائِدا عَلَيْهِ وَيُقَال ضرب علاوته أَي رَأسه الفودان العدلان لِأَنَّهُمَا شقا الْجمل من قَوْلك لشقي الرَّأْس الفودان والفود نَاحيَة الْبَيْت وَيُقَال جعلت كتابك فودين أَي طويت أَسْفَله وَأَعلاهُ حَتَّى جعلته نِصْفَيْنِ أَرَادَ بهما الْأَلفَيْنِ وبالعلاوة خمس الْمِائَة.(3/23)
علج عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا توفّي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بالحبشى على رَأس أَمْيَال من مَكَّة فنقله ابْن صَفْوَان إِلَى مَكَّة فَقَالَت عَائِشَة: مَا آسى على شَيْء من أمره إِلَّا خَصْلَتَيْنِ أَنه لم يعالج وَلم يدْفن حَيْثُ مَاتَ. أَي لم يعالج سكرة الْمَوْت فَتكون كَفَّارَة لذنوبه لِأَنَّهُ مَاتَ فَجْأَة.
علق ابْن عُمَيْر رَحمَه الله تَعَالَى أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضرٍ تعلق فِي الْجنَّة روى: تسرح. وروى أَرْوَاح الشُّهَدَاء تحول فِي طير خضر تعلق من ثمار الْجنَّة. أَي تَأْكُل وتصيب يُقَال علقت الْبَهِيمَة تعلق علوقا إِذا أَصَابَت من الْوَرق وعلقت الْإِبِل العضاه إِذا تسنمتها وَمِنْه علق فلَان فلَانا إِذا تنَاوله بِلِسَانِهِ.
علل النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي الضَّرْب بالعصا: إِذا علَّ فَفِيهِ قَود. أَي إِذا ثناه وَأَعَادَهُ من الْعِلَل فِي السَّقْي.
علو عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى ذكر مهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ هَبَط مَعَه بالعلاة. هِيَ السندان فعلة من الْعُلُوّ وَكَذَلِكَ قَوْلهم للناقة علاة وَهِي المشرفة الضخمة والعليان مثلهَا قَالَ: ... تَقْدُمُها كلُّ عَلاَةٍ عِلْيانِ ... فِي الحَدِيث فِي حَدِيث سبيعة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لما تعلت من نفَاسهَا تشوفت لخطّابها. أَي قَامَت ارْتَفَعت قَالَ جرير: ... فَلَا حَملتْ بَعْدَ الفرزدقِ حُرَّةٌ ... وَلَا ذاتُ بعل مِنْ نِفاسٍ تَعَّلَتِ ... وَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى سلمت وصحَّت وَأَصله تعللت مُطَاوع علها الله أَي أَزَال علتها كفزَّعه وجلَّد الْبَعِير فَفعل بِهِ مَا فعل بتقضض الْبَازِي وتظننت.(3/24)
الْعين مَعَ الْمِيم
عمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعوذوا بِاللَّه من الأعميين وَمن قترة وَمَا ولد. هما الأيهمان أَي السَّيْل والحريق لما يرهق من يصيبانه من الْحيرَة فِي أمره قترة علم للشَّيْطَان ويكنى أَبَا قترة. من قَاتل تَحت راية عمية يغْضب لعصبة أَو ينصر عصبَة أَو يَدْعُو إِلَى عصبَة فقُتل قتل قتلة جَاهِلِيَّة. هِيَ الضَّلَالَة فعيلة من الْعَمى. الْعصبَة: بَنو الْعم وكل من لَيست لَهُ فَرِيضَة مُسَمَّاة فِي الْمِيرَاث إِنَّمَا يَأْخُذ مَا يبْقى بعد أَرْبَاب الْفَرَائِض فَهُوَ عصبَة.
عمر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعُمْرَى والرقبى: إِنَّهَا لمن أعمرها وَلمن أرقبها ولورثتهما من بعدهمَا. كَانَ الرجل بالأعمار والأرقاب على صَاحبه فيتمتع بِمَا يعمره أَو يرقبه إِيَّاه مُدَّة حَيَاته فَإِذا مَاتَ لم يصل مِنْهُ إِلَى ورثته شَيْء وَكَانَ للمعمر والمرقب أَو لوَرثَته فنقضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأعلم أَن من ملك ذَلِك فِي حَيَاته فَهُوَ لوَرثَته من بعده وَقد مر نحوٌ من هَذَا فِي بَاب(3/25)
رقب مَعَ ذكر مَا فِي الْعُمْرَى والرقبى من الْكَلَام اللّغَوِيّ والفقهي.
عماء سَأَلَهُ أَبُو رزين الْعقيلِيّ: أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ: كَانَ فِي عماء تَحْتَهُ هَوَاء وفوقه هَوَاء. هُوَ السَّحَاب الرَّقِيق وَقيل السَّحَاب الكثيف المطبق وَقيل شبه الدُّخان يركب رُءُوس الْجبَال. وَعَن الْجرْمِي الضباب. وَلَا بُد فِي قَوْله أَيْن كَانَ رَبنَا من مُضَاف مَحْذُوف كَمَا حذف من قَوْله تَعَالَى {هَلْ ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله} وَنَحْوه.
عمر قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطن بن حَارِثَة العليمي مَعَ وَفد من كلب الْمَدِينَة فَكتب لَهُم: هَذَا كتاب من مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمائر كلب وأحلافها وَمن ظأره الْإِسْلَام من غَيرهم مَعَ قطن بن حَارِثَة العليمي بإقام الصَّلَاة لوَقْتهَا وإيتاء الزَّكَاة بِحَقِّهَا فِي شدَّة عقدهَا ووفاء عهدها بِمحضر من شُهُود الْمُسلمين سعد بن عبَادَة وَعبد الله بن أنيس ودحية بن خَليفَة الْكَلْبِيّ عَلَيْهِم فِي الهمولة الراعية الْبسَاط والظؤار فِي كل خمسين نَاقَة غير ذَات وعورا الحمولة المائرة أهلهم (6 لاغية وَفِي الشوى الورى مُسِنَّة حَامِل أَو حَائِل وَفِيمَا سقى الْجَدْوَل من الْعين الْمعِين العُشر من ثَمَرهَا وَمِمَّا أخرجت أرْضهَا وَفِي العذى شطره بِقِيمَة الْأمين لَا تزاد عَلَيْهِم وَظِيفَة وَلَا تفرق شهد الله على ذَلِك وَرَسُوله وَكتب ثَابت بن قيس بن شماس. العمائر: جمع عمَارَة وَهِي الْحَيّ الْعَظِيم فَمن فتح فَإِنَّهُ ذهب إِلَى التفاف بَعضهم على بعض كالعمارة وَهِي الْعِمَامَة وَمن كسر فلأنهم عمَارَة للْأَرْض.(3/26)
واشتقها بَعضهم من العومرة وَهِي الجلبة وَمن اعْتَمر الْحَاج إِذا رفع صَوته مهلاًّ بِالْعُمْرَةِ لما يكون فِيهَا من الجلبة. ظأره: عطفه. الهمولة: الَّتِي أهملت للرعي [وَلَا تسْتَعْمل] . الْبسَاط: جمع بسط وهى الَّتِي مَعهَا وَلَدهَا. والظؤر: جمع ظئر وَهِي الَّتِي ظئرت على غير وَلَدهَا. المائرة: الَّتِي يمتار عَلَيْهَا. لاغية: ملغاة. الشويّ: الشَّاء. الوري: السمين. قَالَ الطرماح: ... بُوجُوهٍ كالوذائل لم يختزن عَنْهَا ورى السنام ... أَو صانى جبرئيل بِالسِّوَاكِ حَتَّى خفت على عمرى. هِيَ جمع عمر وَقد روى فِيهِ الضَّم وَهُوَ لحم اللثة المستطيل بَين كل سِنِين. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيّمَا جالب جلب على عَمُود بَطْنه فَإِنَّهُ يَبِيع كَيفَ شَاءَ وَمَتى شَاءَ. أَي على ظَهره. وَقيل: هُوَ عرق يَمْتَد من الرهابة إِلَى دوين السُّرَّة.
عمد وَالْمعْنَى جلب معانيا للْمَشَقَّة كَأَنَّمَا حمل المجلوب على هَذَا الْعرق. وَسمي الظّهْر عمودا لِأَنَّهُ يعمد الْبَطن وقوامه بِهِ. وَأما الْعرق فقد شبه لَا متداده واستطالته بعمود الخباء.(3/27)
أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الْأسود خرجنَا عماراً فَلَمَّا انصرفنا مَرَرْنَا بِأبي ذَر فَقَالَ أحلقتم الشعث وقضيتم التفث أما إِن الْعمرَة من مدركم أَي معتمرين وَلم يَجِيء فِيمَا فِيمَا أعلم عمر بِمَعْنى اعْتَمر وَلَكِن عمر الله إِذا عَبده وَفُلَان يعمر ربه أَي يُصَلِّي ويصوم وَعمر رَكْعَتَيْنِ أَي صلاهما فَيحْتَمل الْعمار أَن يكون جمع عَامر من عمر بِمَعْنى اعْتَمر وَإِن لم نَسْمَعهُ وَلَعَلَّ غَيرنَا سَمعه وَأَن يكون مِمَّا اسْتعْمل مِنْهُ بعض التصاريف دون بعض كَمَا قيل يذر وَمَا مِنْهُ دونه من الْمَاضِي واسمى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَكَذَلِكَ يدع وَيَنْبَغِي وَنَحْوه السفار وَالسّفر للمسافرين وَأَن يُقَال للمعتمرين عمَّار لأَنهم عمروا الله أَي عبدوه. الشَّعث أَن يغبر الشّعْر وينتتف لبعد عَهده بالتعهد من الْمشْط والدهن أَرَادَ ذَا الشعث. التَّفث: مَا يفعل عِنْد الْخُرُوج من الْإِحْرَام من تقليم الْأَظْفَار وَالْأَخْذ من الشَّارِب ونتف الْإِبِط والاستحداد. وَقيل التفث: أَعمال الْحَج وَقَالَ الْأَغْلَب: ... لما وسطْتُ القَفْر فِي جنح المَلَث ... وقَدْ قَضَيْتُ النُّسْكَ: عني والفث
فاجأَني ذِئبٌ بِه داءُ الغَرث ... وَقَالَ أُميَّة ... شاحِينَ آبَاطَهُمْ لم يقربُوا تَفَثاً ... وَلم يَسُلُّوا لهمْ قَمْلاً وصِئْبَانا ... قَالَ الْأَصْمَعِي: مَدَرَة الرجل بَلَده وَالْجمع مدر وَيُقَال مَا رَأَيْت مثله فِي الْوَبر والمدر يَعْنِي أَن الْعمرَة يبتدأ لَهَا سفر غير سفر الْحَج.
عملق خباب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى ابْنه مَعَ قاص فَمَا رَجَعَ ائتزر وَأخذ السَّوْط وَقَالَ: أمع العمالقة هَذَا قرن قد طلع. هم الْجَبَابِرَة الَّذين كَانُوا بِالشَّام على عهد مُوسَى على نَبينَا وَعَلِيهِ السَّلَام الْوَاحِد عمليق وعملاق وَيُقَال لمن يخدع النَّاس ويخلبهم ويتظرف لَهُم عملاق وَهُوَ يتعملق للنَّاس(3/28)
شبه الْقصاص بأولئك الْجَبَابِرَة فِي استطالتهم على النَّاس أَو أَرَادَ تعملقهم لَهُم. الْقرن: أهل كل عصر يحدثُونَ بعد فنَاء آخَرين يَعْنِي أَنهم قوم حدثوا ونجموا لم يكوانوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل أَرَادَ قرن الْحَيَوَان شبه بِهِ الْبِدْعَة فِي نطحها النَّاس عَن السنَّة وتبعيدهم عَنْهَا. مُحَمَّد بن مسلمة رصى الله تَعَالَى عَنهُ فِي حَدِيث محاربته مرْحَبًا قَالَ: من شهدهما: مَا رَأَيْت حَربًا بَين رجلَيْنِ قطّ علمتها مثلهَا قَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه عِنْد شَجَرَة عمرية فَجعل كل وَاحِد مِنْهُمَا يلوذ بهَا من صَاحبه فَإِذا استتر مِنْهَا بِشَيْء خذم صَاحبه مَا يَلِيهِ حَتَّى يلخص إِلَيْهِ فَمَا زَالا يتَّخذ مانها بِالسَّيْفِ حَتَّى لم يبْق فِيهَا غُصْن وأفضى كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه.
عمر هِيَ العظمة الْقَدِيمَة الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا عمر طَوِيل. وَيُقَال للسدر الْعَظِيم النَّابِت على الشطوط عبري وعمري وَلما سواهُ ضال قَالَ ذُو الرمة: ... قَطَعْتُ إِذا تخَوّفَت العواطى ... ضروب السدر عبريا وضال ... اَوْ [إِنَّمَا] قيل لَهُ العبري لنباته على العبر والعمري لقدمه أَو الْمِيم فِيهِ معاقبة للباء كَقَوْلِهِم: رَمَاه من كثب وكثم. يتَّخذ مانها: يتقطعانها قَالَ ... وَلَا يَأْكُلُون اللحْمَ إِلَّا تَخَذُّما ...
عمل الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أُتي بشراب مَعْمُول. قيل: هُوَ الَّذِي فِيهِ اللَّبن وَالْعَسَل والثلج.
عمم عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى إِذا تَوَضَّأت فَلم تعمم فَتَيَمم. أَي لم تعمم أعضاءك بإيصال الْوضُوء إِلَيْهَا يَعْنِي إِذا كَانَ عنْدك من المَاء مَالا يَفِي بطهورك فَتَيَمم.(3/29)
فِي الحَدِيث لَا بَأْس أَن يُصَلِّي الرجل على عمريه.
عمر أَي كميه. قَالَ: ... قَامَتْ تُصَلِّي والخِمارُ من عمر ...
الْعين مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المؤذنون أطول النَّاس أعناقا يَوْم الْقِيَامَة وروى: إعناقا.
عنق أَي إسراعاً إِلَى الْجنَّة والعنق: الخطو الفسيح. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْمُؤمن معنقاً صَالحا لم يصب دَمًا حَرَامًا فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلَّحَ. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رهطاً ثَلَاثَة انْطَلقُوا فَأَصَابَتْهُمْ السَّمَاء فَلَجَئُوا إِلَى غارٍ فَبَيْنَمَا هم فِيهِ إِذا انقلعت صَخْرَة من قُلَّة الْجَبَل فتدهدهت حَتَّى جثمت على بَاب الْغَار فَقَالَ الْقَوْم بَعضهم لبَعض: كفَّ الْمَطَر وَعَفا الْأَثر وَلنْ يراكم إِلَّا الله فَلْينْظر كل رجل أفضل عمل عمله قطّ فليذكره ثمَّ ليدعُ الله. فانفرجت الصَّخْرَة فَانْطَلقُوا معانقين. عانق وأعنق نَحْو سارع وأسرع. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ معَاذ وَأَبُو مُوسَى مَعَه فِي سفر وَمَعَهُ أَصْحَابه فأناخوا لَيْلَة معرسين وتوسد كل رجل ذِرَاع رَاحِلَته قَالَا: فانتبهنا فَلم نر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد رَاحِلَته فاتبعناه فأُخبرنا أَنه خيِّر بَين أَن يُدخل نصف أمته الْجنَّة وَبَين الشَّفَاعَة وَأَنه اخْتَار الشَّفَاعَة فَانْطَلَقْنَا مَعًا نيق إِلَى النَّاس نبشرهم. أَي معنقين جمع معناق.(3/30)
بلَّح: أعيا وَانْقطع يُقَال: بلَّح الْفرس وبلَّحت الرَّكية إِذا انْقَطع جريها وَذهب ماءها.
عنبر بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة إِلَى نَاحيَة السَّيْف فجاعوا فَألْقى الله لَهُم دَابَّة يُقَال لَهَا العنبر فَأكل مِنْهَا جمَاعَة السّريَّة شهرا حَتَّى سمنوا. هِيَ سَمَكَة بحريّة تتَّخذ الترسة من جلدهَا فَيُقَال للترس عنبر قَالَ الْعَبَّاس بن مرداس: ... لنا عارِضٌ كزهَاءِ الصَّرِيمِ ... فِيهِ الأسنة والعنبر ...
عنو اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عنْدكُمْ عوان. جمع عانية من العنو وَهُوَ الْإِقَامَة على الإسار يُقَال عَنَّا فيهم أَسِيرًا والعنوة الْقَهْر والذل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَعَنَتِ الوُجُوُهً} وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عودوا الْمَرِيض وأطعموا الجائع وفكوا العاني
عنن سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِبِل فَقَالَ أعنان الشَّيَاطِين لَا تقبل إِلَّا مولِّية وَلَا تدبر إِلَّا مولِّية وَلَا يَأْتِي نَفعهَا إِلَّا من جَانبهَا الأشأم الأعنان: النواحي جمع عنن وعنّ يُقَال أَخذنَا كل عنّ وسنّ وفنّ أُخذ من عنَّ كَمَا أُخذ الْعرض من عرض. وَفِي الحَدِيث أَنهم كَرهُوا الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل لِأَنَّهَا خُلقت من أعنان الشَّيَاطِين قَالَ الجاحظ: يزْعم بعض النَّاس أَن الْإِبِل فِيهَا عرق من سفاد الْجِنّ وذهبوا إِلَى هَذَا الحَدِيث وغلطوا وَلَعَلَّ المُرَاد وَالله وَرَسُوله أعلم أَن الْإِبِل لكثيرة آفاتها وَأَن من شَأْنهَا أَنَّهَا إِذا أَقبلت أَن يعتقب إقبالها الإدبار وَإِذا أَدْبَرت أَن يكون إدبارها ذَهَابًا وفناء مستأصلا وَلَا يَأْتِي نَفعهَا يَعْنِي مَنْفَعَة الرّكُوب والحلب إِلَّا من جَانبهَا الَّذِي ديدن الْعَرَب أَن يتشاءموا بِهِ وَهُوَ جَانب الشمَال وَمن ثمَّ سموا الشمَال الشؤمى قَالَ يصف حمارا وأتاناً: ... فأَنْحَى على شُؤْمَي يَدَيْهِ فَذَادَهَا ...(3/31)
فَهِيَ إِذن للفتنة مَظَنَّة وللشياطين فِيهَا مجَال متَّسع حَيْثُ تسببت أَولا إِلَى إغراء المالكين على إخلالهم بشكر النِّعْمَة الْعَظِيمَة فِيهَا فَلَمَّا زواها عَنْهُم لكفرانهم أَغَرْتُم أَيْضا على إغفال مَا لَزِمَهُم من حق جميل الصير على المرزئة بهَا وسولت لَهُم فِي الْجَانِب الَّذِي يستملون مِنْهُ نعمتي الرّكُوب والحلب أَنه الْجَانِب الأشأم وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الْأَيْمن الأبرك.
عنز لما طعن أُبي بن خلف بالعنزة بَين ثدييه انْصَرف إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ قتلني ابْن أبي كَبْشَة فنظروا فَإِذا هُوَ خدش فَقَالَ لَو كَانَت بِأَهْل ذِي الْمجَاز لقتلتهم العنزة: شبه العكازة أَبُو كَبْشَة كنية رجل خزاعي خَالف قُريْشًا فِي ترك الْأَوْثَان وَعبادَة الشعرى العبور وَكَانَ يَقُول إِنَّهَا قطعت السَّمَاء عرضا وَلم يقطعهَا عرضا نجم غَيرهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَأنَّه هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} فَلَمَّا خالفهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شبهوه بالخزاعي وَقيل هُوَ كنية جد جده لأمه وهب بن عبد منَاف بن زهرَة. ذُو الْمجَاز: سوق للْعَرَب الضَّمِير فِي كَانَت للطعنة
عنت أَيّمَا طَبِيب تطب على قوم وَلم يعرف بالطب قبل ذَلِك فأعنت فَهُوَ ضَامِن أَي أضرّ أفسد من الْعَنَت.
عنق عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كنت مَعَه فَدخلت شَاة لِجَار لنا فَأخذت قرصا تَحت دن فَقُمْت لنا إِلَيْهَا فَأَخَذته من بَين لحييها فَقَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تعنقيها إِنَّه لَا قَلِيل من أَذَى الْجَار وروى تعنكيها.
عنق أَي أَن تأخذي بعنقها وتعصريها. والتعنيك: الْمَشَقَّة من اعتنك الْبَعِير إِذا ارتطم فِي رمل لَا يقدر على الْخَلَاص مِنْهُ وَيُقَال لذَلِك الرمل العانك.(3/32)
وَيجوز أَن يكون التعنيق بِمَعْنى التخييب من العناق وَهُوَ الخيبة والعناقة مثله يُقَال رَجَعَ مِنْهُ بالعناق وفاز مِنْهُ بالعناقة. وبلد معنقة لَا مقَام بِهِ من جدوبته. والتعنيك بِمَعْنى الْمَنْع والتضييق من عَنْك الْبَاب وأعنكه إِذا أغلقه والعنك الْبَاب لُغَة يَمَانِية وَلَو روى تعنقيها (بِالْفَاءِ) من العنف لَكَانَ وَجها قَرِيبا
عنج قيل أَي أَمْوَالنَا أفضل قَالَ الْحَرْث والماشية قيل يَا رَسُول الله فالإبل قَالَ تِلْكَ عناجيج الشَّيَاطِين العنجوج من الْخَيل وَالْإِبِل الطَّوِيل الْعُنُق فعلول من عنجة إِذا عطفه لِأَنَّهُ يعْطف عُنُقه لطولها فِي كل جِهَة ويلويها لياوراكبه يعنجها إِلَيْهِ بالعنان والزمام يُرِيد أَنَّهَا مطايا الشَّيَاطِين وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عَليّ ذرْوَة كل بعير شَيْطَانا
عنتر أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سبَّ ابْنه عبد الرَّحْمَن فَقَالَ يَا عنتر وروى غنثر وغنثر (بِالْفَتْح وَالضَّم) العنتر الذُّبَاب الْأَزْرَق شبهه بِهِ تحقيرا والغنثر من الغثارة وَهِي الْجَهْل وَقيل هُوَ من الفنثرة وَهِي شرب المَاء من غير عَطش وَذَلِكَ من الْحمق.
عنن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِن رجلا كَانَ فِي أَرض لَهُ إِذْ مرّت بِهِ عنانة ترهيأ فَسمع فِيهَا قَائِلا يَقُول ائتي أَرض فلَان فاسقيها فيل للسحابة عنانة كَمَا قيل لَهَا عَارض وحبىّ وَعَن وَعرض وحبا بِمَعْنى وَالْجمع عنان وَمِنْه الحَدِيث وَلَو بلغت خطيئته عنان السَّمَاء. وَفِي كتاب الْعين عنان السَّمَاء مَا عنَّ لَك أَي مَا بدا لَك مِنْهَا إِذا رفعت بَصرك إِلَيْهَا وروى: أعنان السَّمَاء والأعنان والأعناء والأحناء بِمَعْنى وَهِي النواحي يُقَال(3/33)
نزلُوا أعناء مَكَّة الْوَاحِد عنو وَقيل عَنَّا وَيجوز أَن يكون الأعنان جمع عنان كأساس وأجواد فِي أساس وجواد. ترهيأت السحابة إِذا سَارَتْ سيرا رويداً وَقَالَ يَعْقُوب تمخضت قَالَ ... فَتلك عَنانة النِّقْمات أضحتْ ... تَرَهْيَأُ بالعِقاب لِمُجْرِمِيها ... افالهمزة فِيهِ مزيدة لقَولهم ترهيأت وترهيت اذا تبخترت فَكَأَنَّهُ من قَوْلهم رها الطَّائِر يرهو إِذا دوَّم ورنَّق فِي الْهَوَاء وَهُوَ أَن ينشر جناحيه وَلَا يخْفق بهما على معاقبة الْيَاء الْوَاو فِي الْبناء كَقَوْلِهِم أتيت وأتوت وعزيت وعزوت.
عنش ابْن معد يكرب رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْم القادسة: يَا معشرالمسلمين كونُوا أَسد عناشا فَإِنَّمَا الْفَارِسِي تَيْس إِذا ألْقى نيزكه. عانش وَعَانَقَ أَخَوان قَالَ أَبُو خرَاش ... إذنلأتاه كلّ شَاك سلاحَهُ ... يعانِشُ يَوْم الْبَأْس ساعِدُه عَبْلُ ... وَالْمعْنَى أسداً ذَات عناش لأقرانها فوصف بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِهِم فلَان عناش عدوقال سَاعِدَة بن جؤية ... عناش عَدُوٍّ لَا يزَال مُشَمِّراً ... بِرَجْلٍ إِذا مَا الحربُ شبَّ سَعِيُرها ... وَيجوز أَن ينْتَصب عناشا على التَّمْيِيز كَمَا يُقَال هُوَ أس جرْأَة وإقدما النيزك نَحْو من المزراق عجمي مُعرب تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب قَدِيما واتقت مِنْهُ قَالَ ذُو الرمَّة ... فيا مَنْ لِقَلْبٍ لَا يزَال كأَنه ... من الوجد شَكَّتْهُ صدورُ النَّيَازِك ... وَيُقَال نزكه ينزكه نزكا إِذا زرقه وَمِنْه نزكه إِذا عابه وَوَقع فِيهِ
عنس النَّبِي حمه الله تَعَالَى قَالَ فِي الرجل يَقُول إِنَّه لم يجد امْرَأَته عذراء لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الْعذرَة قد تذهبها الْحَيْضَة والوثبة وَطول التعنيس(3/34)
عنست وعنِّست إِذا بقيت فِي بَيت أَبَوَيْهَا لَا تزوج حَتَّى تسن وَمِنْه العنس للناقة إِذا تمت سنّهَا واشتدت قوتها وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه يُقَال للرجل عانس إِذا لم يتَزَوَّج أَرَادَ لَيْسَ بَينهمَا لعان لِأَنَّهُ لَيْسَ بقاذف
عَنَّا الشّعبِيّ رَحمَه الله لِأَن أتعنى بعنية أحب إِلَيّ أَن أَقُول فِي مَسْأَلَة برأيي العنية بَوْل فِيهِ أخلاط تطلى بِهِ الْإِبِل الجربي يُقَال فِي الْمثل عنية تشفى الجرب والتعني التطلى بهَا.
الْعين مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعول عَلَيْهِ يعذب. أعول على الْمَيِّت وعول إِذا رفع صَوته بالبكاء وَقيل دُعَاء بِالْوَيْلِ قَالَت هِنْد بنت عتبَة: إِنِّي عَلَيْك لَحَرَّي قد تَضَعَّفَنِي ... هَمٌّ أشاب ذُؤَاَبَتَّي وتَعْويلُ ... قَالَه فِي إِنْسَان بِعَيْنِه قد علم بِالْوَحْي أَنه يعذب وَاللَّام للْإِشَارَة كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الَّذِي يبكي عَلَيْهِ يعذب أَو أَرَادَ من يُوصي نِسَاءَهُ أَن يعولن عَلَيْهِ أَو أَرَادَ الْكَافِر لِأَن الْمُسلمين على عَهده كَانُوا من الْمُحَافظَة على حُدُود الدّين بمَكَان وَالْمُسلمَات بمثابتهم فَكَانَ الْمُسلم إِذا مَاتَ لم يعول عَلَيْهِ.(3/35)
دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَابر بن عبد الله منزله قَالَ جَابر فعمدت إِلَى عنزي لأذبحها فثغت فَسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثغوتها فَقَالَ يَا جَابر لَا تقطع درا وَلَا نَسْلًا فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّمَا هِيَ عودة علفناها البلح وَالرّطب فَسَمنت.
عود عَن ابْن الْأَعرَابِي لَا يُقَال عود إِلَّا لبعير أَو شَاة وَقد جَاءَ: عود الرجل إِذا أسن وَقد استعاره للطريق الْقَدِيم من قَالَ ... عَوْدٌ على عَوْدٍ لأقْوامٍ أُوَلْ ... يموتُ بِالتّرْكِ ويحيا بِالْعَمَلِ ...
عوذ تزوج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة من الْعَرَب فَلَمَّا أدخلت عَلَيْهِ قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لَهَا لقد عذت بمعاذ فالحقي بأهلك. أَي عذت بمَكَان العياذ وبمن للعائذين أَن يعوذوا بِهِ وَهُوَ الله عز وَجل وحقيقيته عذت بمعاذ أَي معَاذ وبمعاذ من عاذ بِهِ لم يكن لأحد أَن يتَعَرَّض لَهُ. 22
عول قَالَ حَنْظَلَة كَاتبه كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوعظنا فرقت قُلُوبنَا ودمعت أَعيننَا فَرَجَعت إِلَى أَهلِي فدنت الْمَرْأَة منى وَعيلَ أَو عيلان فأخذنا فِي الدُّنْيَا ونسيت مَا كَانَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَهُوَ وَاحِد الْعِيَال كجيد وجياد وَأَصله عيول من عَال يعول إِذا احْتَاجَ وَسَأَلَ عَن أبي زيد. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: إِن فِي وعَاء الْعشْرَة حَقًا لله وَاجِبا قيل يَا أَبَا هُرَيْرَة وَمَا وعَاء الْعشْرَة قَالَ: رجل يدْخل على عشرَة عيل وعَاء من طَعَام إِن لم يؤد حَقه حرق الله وَجهه فِي نَار جَهَنَّم وضع العيل مَوضِع الْجَمَاعَة كَمَا قَالَ الراجز: ... إِلَيْك أَشْكُو عرق دهرذي خَبَلْ ... وعَيِّلاً شُعْثاً صِغاراً كالحَجَلْ ... وَلِهَذَا قَالَ عشرَة عيل لِأَن مُمَيّز الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْر مَجْمُوع.(3/36)
عوى سَأَلَهُ أنيف عَن نحر الْإِبِل فَأمره أَن يعوى رءوسها ويفتق لبتها أَي يعطفها إِلَى أحد شقيها لتبرز اللبة وَهِي المنحر وعوى ولوى وطوى وتوى أَخَوَات قَالَ الْقطَامِي فرحلتُ يَعملة النّجاءِ شمِلّةً ... ترمى الزّميل إِذا الزِّمام عواها ...
عور لما اعْترض أَبُو لَهب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِظْهَار الدعْوَة قَالَ لَهُ أَبُو طَالب يَا أَعور مَا أَنْت وَهَذَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي لم يكن أَبُو لَهب بأعور وَلَكِن الْعَرَب تَقول للَّذي لَيْسَ لَهُ أَخ من أَبِيه وَأمه أَعور وَقيل مَعْنَاهُ يَا رَدِيء وكل شَيْء من الْأُمُور والأخلاق إِذا كَانَ رديئا قيل لَهُ أَعور وَمِنْه الْكَلِمَة العوراء وَقَالَ الْأَخْفَش: الْأَعْوَر الَّذِي عُوِّر أَي خيِّب فَلم يصب مَا طلب وَأنْشد لحصين بن ضَمْضَم: ... ولّى فوارسهم وأفلت أعورا ... وَعَن أبي خيرة الْأَعرَابِي: الْأَعْوَر وَاحِد الأعاور وَهِي الصئبان كَأَنَّهُ قَالَ يَا صؤابة استصغار لَهُ واحتقار
عوه لَا يوردن ذُو عاهة على مصح عين العاهة وَهِي الآفة وَاو لقَولهم: أعاه الْقَوْم وأعوهوا إِذا أيفت دوابهم أَو ثمارهم وقرأت فِي مناظر النُّجُوم للقتبي فِي ذكر الثريا وَيُقَال مَا طلعت وَلَا فاءت إِلَّا بعاهة فِي النَّاس وغربها أعيه من شرقها. وَمِنْهَا حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى تذْهب العاهة وَالْمعْنَى لَا يوردن من بإبله آفَة من جرب أَو غَيره على من إبِله صِحَاح لِئَلَّا ينزل بِهَذِهِ مَا نزل بِتِلْكَ من أَمر الله فيظن المصح أَن تِلْكَ أعدتها فيأثم
عود قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة بنت قيس لما طَلقهَا لزَوجهَا انْتَقِلِي إِلَى أم كُلْثُوم فاعتدي عِنْدهَا ثمَّ قَالَ: لَا إِن أم كُلْثُوم يكثر عوّادها ولكنى انْتَقِلِي إِلَى عبد الله(3/37)
فَإِنَّهُ أعمى فانتقلت إِلَيْهِ حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا ثمَّ خطبهَا أَبُو جهم وَمُعَاوِيَة فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تستأذنه فَقَالَ لَهَا: أما أَبُو جهم فَأَخَاف عَلَيْك قسقاسة الْعَصَا وَأما مُعَاوِيَة فَرجل أخلق المَال قَالَ فَتزوّجت أُسَامَة بن زيد بعد ذَلِك. العوَّاد الزُّوار وكل من أَتَاك مرّة بعد أُخْرَى فَهُوَ عَائِد وروى: إِنَّهَا امْرَأَة يكثر ضيفانها. القسقاسة: الْعَصَا نَفسهَا وَإِنَّمَا ذكرت على إثْرهَا تَفْسِيرا لَهَا قَالَ أَبُو زيد القسقاسة والقساسة الْعَصَا من قس النَّاقة يقسها إِذا زجرها وَعَن أبي عُبَيْدَة يُقَال فلَان يقس دَابَّته أَي يَسُوقهَا وروى أَن أَبَا جهم لَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه وَالْمعْنَى أَنه سيء الْخلق سريع إِلَى التَّأْدِيب وَالضَّرْب قيل وَيجوز أَن يُرَاد أَنه مسفار لَا يلقِي عَصَاهُ فَلَا حظَّ لَك فِي صحبته وَمن فسر القسقاسة بِالتَّحْرِيكِ فلي فِيهِ نظر. أخلق من المَال أَي خلوٌ عَنهُ عَار وَأَصله من قَوْلهم: حجر أخلق أَي أملس لَا يقر عَلَيْهِ شَيْء لملاسته وَهَذَا كَقَوْلِهِم لمن أنْفق مَاله حَتَّى افْتقر: أملق فَهُوَ مملق فَإِن أَصله من الملقة وَهِي الصَّخْرَة الملساء وروى فَإِنَّهُ رجل حَائِل أَي فَقير من الْعيلَة.
عور أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ مَسْعُود بن هنيدة مولى أَوْس بن حجر: رَأَيْته قد طلع فِي طَرِيق معورة حزنة وَإِن رَاحِلَته قد أذمت بِهِ وأزحفت فَقَالَ: أبن اهلك يَا مَسْعُود فَقلت بِهَذَا الأظرب السواقط. أَعور الْمَكَان صَار ذَا عَورَة وَهِي فِي الثغور والحروب والمساكن خلل يتخوف مِنْهُ الفتك قَالَ الله تَعَالَى {إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} وَمِنْه مَا أنْشدهُ الجاحظ ... دويّ الفيافي رَابَهُ فَكَأَنَّهُ ... أَمِيم وسارِي اللَّيْل للضرّ مُعْوِرُ ... أَي مُمكن ومصحر كالمكان ذِي الْعَوْرَة أَرَادَ فِي طَرِيق يخَاف فِيهَا الضلال أَو فتك الْعَدو. يُقَال أذمت رَاحِلَته إِذا تَأَخَّرت عَن ركاب الْقَوْم فَلم تلحقها وَمَعْنَاهَا صَارَت(3/38)
إِلَى حَال تذم عَلَيْهَا وَمِنْه أذمت الْبِئْر إِذا قل مَاؤُهَا أزحفت أَي أزحفها السّير وَهُوَ أَن يَجْعَلهَا تزحف من الإعياء والزحف ثقل الْمَشْي وَبِغير زاحف مزحف إِذا جرَّ فرسنه إعياء. الأظرب جمع ظرب وَهُوَ مَا دون الْجَبَل السواقط: اللواطئ بِالْأَرْضِ لَيست بمرتفعة.
عوم عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي صَدَقَة الْغنم يعتامها صَاحبهَا شَاة شَاة حَتَّى يعْزل ثلثلها ثمَّ يصدع الْغنم صدعين فيختار الْمُصدق من أَحدهمَا. أَي يخار لَهَا شَاة شَاة أَي بعد شَاة وانتصابها على الْحَال أَي يعتامها وَاحِدَة ثمَّ وَاحِدَة. الصدع (بِالْفَتْح) الْفرْقَة سميت بِالْمَصْدَرِ كَمَا قيل للمخلوق خلق وللمحمول حمل.
عول عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى أهل الْكُوفَة: إِنِّي لست بميزان لَا أعول أَي لَا أميل قَالَ الله تَعَالَى: {ذَلِك أدنى أَلا تَعُولًوا} وَقَالَ الشَّاعِر ... مَوَازِين صِدْقٍ كلّها غير عائل ... لما كَانَ خبر لَيْسَ هُوَ اسْمه فِي الْمَعْنى قَالَ لَا أعول وَهُوَ يُرِيد صفة الْمِيزَان بِالْعَدْلِ وَنفى الْعَوْل عَنهُ وَنَظِيره فِي الصِّلَة قَوْلهم: أَنا الَّذِي فعلت.
عوج أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نعيم بن قعنب أَتَيْته فَقلت إِنِّي كنت وَأَدت فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ عَفا الله عَمَّا سلف ثمَّ عاج رَأسه إِلَى الْمَرْأَة فَأمرهَا بِطَعَام فَجَاءَت بثريدة كَأَنَّهَا قطاة فَقَالَ كل وَلَا أهولنك فَإِنِّي صَائِم فَجعل يهذب الرُّكُوع العوج الْعَطف. لَا أهولنك: أَي أهمنك وَلَا أشغلن قَلْبك استعير من الهول وَهُوَ المخافة من الْأَمر لَا يدْرِي على مَا يهجم عَلَيْهِ مِنْهُ لِأَن المهول لَا بُد من أَن يهتم ويشتغل قلباً(3/39)
وَنَظِيره قَوْلك: مَا راعني إِلَّا أَن كَانَ كَذَا تُرِيدُ مَا شَعرت وَالْمعْنَى مَا شغل روعي يهذب الرُّكُوع أَي يُتَابِعه فِي سرعَة من أهذب فِي الْخطْبَة وأهذب الْفرس أسْرع فِي جريه واهبذ واهمذ مثله.
عور ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ فِي قصَّة الْعجل وَإنَّهُ من حلي تعوره بَنو إِسْرَائِيل من حلي فِرْعَوْن. أَي استعاروه قَالَ ابْن مقبل: ... وأصبحتُ شَيخا أقْصَرَ اليومَ باطلي ... وأدّيتُ رَيْعَان الصِّبا المتَعَوّر ... وَيَجِيء تفعَّل بِمَعْنى استفعل مجيئاً صَالحا مِنْهُ تعجب واستعجب وَتوفى وَاسْتوْفى وتطربه واستطربه. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا يتَوَضَّأ أحدكُم من الطَّعَام الطّيب وَلَا يتَوَضَّأ من العوراء يَقُولهَا هِيَ الْكَلِمَة الشنيعة ونقيضتها العيناء.
عود شُرَيْح رَحمَه الله تعال: ى إِنَّمَا الْقَضَاء جمر فادفع الْجَمْر عَنْك بعودين مثل الشَّاهِدين فِي دفعهما الوبال والمأثم عَن الْحَاكِم بعودين ينحي بهما المصطلي الْجَمْر عَن مَكَانَهُ لِئَلَّا يَحْتَرِق.
عول ابْن مخيمرة رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ هَل تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا فَقَالَ: لَا فَقيل إِنَّه دخل بهَا وأعولت أفتفرق بَينهمَا قَالَ لَا أَدْرِي. أعال وأعول إِذا كثر عِيَاله وَعين الْفِعْل وَاو وَالْيَاء فِي عيِّل وعيال منقلبة عَنْهَا وَقَوْلهمْ أعيل مَنْظُور فِي بنائِهِ إِلَى لفظ عِيَال كَقَوْلِهِم أقيال وأعياد وَالَّذِي يصدق أَصَالَة الْوَاو قَوْلهم: فلَان يعول وَلَده والاشتقاق من عاله الْأَمر عولا إِذا غَلبه وأثقله: لِأَن الْعِيَال ثقل فادح أَلا ترى إِلَى تسميتهم كلاًّ والكلّ: الثّقل(3/40)
يُقَال: ألْقى كُله وأوقه وَالْمرَاد دخل بهَا وَولدت مِنْهُ أَوْلَادًا.
عوذ فِي الحَدِيث سَارَتْ قُرَيْش بالعوذ المطافيل. أَي بالنوق الحديثات النِّتَاج ذَوَات الْأَطْفَال.
الْعين مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر. يُقَال عهر إِلَى الْمَرْأَة يعهر عهراً وعهوراً وعهراناً إِذا أَتَاهَا لَيْلًا للفجور بهَا. والتركيب على مَا اسْتعْمل من تصرفه يدل على الْإِسْرَاع فِي نزق يُقَال لِلْفَاجِرِ الَّتِي لَا تَسْتَقِر نزقاً فِي مَكَان عيهرة وهيعرة وهيعر وهيرع وَقد تعيهرت وتهيعرت والإهراع الْإِسْرَاع قَالَ الله تَعَالَى {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} وَرجل هريع: سريع الْمَشْي(3/41)
الْعين مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يمر بالتمرة العائرة فِيمَا يمنعهُ من أَخذهَا إِلَّا مَخَافَة أَن تكون صَدَقَة. هِيَ الساقطة لَا يعرف لَهَا مَالك من عَار الْفرس إِذا انْطلق من مربطه مارا على وَجهه.
عير حرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَين عيرٍ إِلَى ثَوْر هما جبلان بِالْمَدِينَةِ وَقيل لَا يعرف بِالْمَدِينَةِ جبل يُسمى ثوراً وَإِنَّمَا ثَوْر بِمَكَّة وَلَعَلَّ الحَدِيث مَا بَين عير إِلَى أحد.
عيف أُتِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضب فَلم يَأْكُل وَقَالَ أعافه لَيْسَ من طَعَام قومِي أَي أكرهه يُقَال عاف المَاء عيافاً كرهه قَالَ أَبُو زيد: والعيفان: الرجل إِذا كَانَ العياف من سوسه فَإِذا لم يكن من سوسه فَهُوَ عائف
عيم كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ من الْخَمْسَة من العيمة والغيمة وَالْأَيمَة والكزم وَالْقَرْمُ: وروى والقزم العيمة شَهْوَة اللَّبن حَتَّى لَا يصبر عَنهُ الغيمة شدَّة الْعَطش وَكَثْرَة الاسْتِسْقَاء للْمَاء الأيمة طول التعزب والأيم يُوصف الرجل وَالْمَرْأَة الكزم شددة الْأكل من تكزمت الْفَاكِهَة إِذا أكلتها من غير أَن تقشرها قَالَه ابْن الْأَعرَابِي وَالْعير يكزم من الحدج وَهُوَ صغَار الحنظل وَقيل هُوَ الْبُخْل وَقصر الْيَد عَن المكارم يُقَال فلَان أكزم البنان قَوْلهم: جعد البنان وَعَن الْأَصْمَعِي: مَا كزمت أَي انقبضت.(3/42)
القرم شدَّة شَهْوَة اللَّحْم وبالزاي الشُّح واللؤم
عيط أذن فِي الْمُتْعَة عَام الْفَتْح قَالَ سُبْرَة الْجُهَنِيّ فَانْطَلَقت أَنا وَرجل إِلَى امْرَأَة شَابة كَأَنَّهَا بكرَة عيطاء: وروى أذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمُتْعَة عَام الْفَتْح فَخرجت أَنا وَابْن عَم لي وَمَعِي برد قد بُسَّ مِنْهُ فلقينا فتاة مثل البكرة العنطنطة فجل ابْن عمي يَقُول لَهَا: بردى أَجود من برده قَالَت: برد هَذَا غير مفنوخ ثمَّ قَالَت برد كبرد. والعيطاء والعنطنطة الطَّوِيل الْعُنُق بس مِنْهُ أَي نيل ونهك بالبلى من قَوْله تَعَالَى {وَبُسَّتِ الجِبالُ بَساًّ} أَي فتتت. المفنوخ: المنهوك من فنخه وفنَّخه إِذا ذلله وَيُقَال للضعيف إِنَّه لفنيخ
عين عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ فِيهِ فلَان يعرض بِهِ إِنِّي لم أفر يَوْم عينين فَقَالَ فَلم تعيِّرني بذنب قد عَفا الله عَنهُ عينان: جبل بِأحد قَامَ عَلَيْهِ إِبْلِيس فَنَادَى إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قتل.
عير كَانَ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَشْتَرِي العير حكرة ثمَّ يَقُول: من يربحني عقلهَا هِيَ الْإِبِل بأحمالها فعل من عَار يعير إِذا سَار يُقَال قصيدة عائرة وَمَا قَالَت الْعَرَب بَيْتا أعير من قَوْله: ... فَمن يَلْقَ خَيْراً يحمدَ الناسُ أمرَهُ ... وَمن يَغْوَ لَا يعدِمْ على الغَيِّ لائماً ... وَقيل هِيَ قافلة الْحمير فكثرت حَتَّى سميت بهَا كل قافلة كَأَنَّهَا جَمِيع عير وَكَانَ قياسها أَن تكون فعلا (بِالضَّمِّ) كَقَوْلِهِم سقف ولدن إِلَّا أَنه(3/43)
حوفظ على الْيَاء بالكسرة نَحْو بيض وَعين حكرة: أَي جملَة من الحكر وَهُوَ الْجمع والإمساك وَمِنْه الاحتكار أَي كَانَ يَشْتَرِيهَا جملَة إِذا وَردت الْمَدِينَة طلبا للربح وَقيل: حكرة أَي جزَافا
عين عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَاس عينا ببيضة جعل عَلَيْهَا خُطُوطًا هِيَ الْعين تصاب بلطم أَو غَيره مِمَّا يضعف مِنْهُ الْبَصَر فيتعرف مِقْدَار مَا نقص مِنْهَا ببيضة يُخطّ عَلَيْهَا خطوط وتنصب على مَسَافَة تلحقها الْعين الصَّحِيحَة ثمَّ تنصب على مَسَافَة دونهَا تلحقها العليلة ويتعرف مَا بَين المسافتين فَيكون مَا يلْزم الْجَانِي بِحَسب ذَلِك. إِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات الْأَعْيَان: الْإِخْوَة لأَب وَاحِد وَأم وَبَنُو العلاّت: الْإِخْوَة لأَب وَاحِد وَأُمَّهَات شَتَّى والأخياف: الْإِخْوَة لأم وَاحِدَة وآباء شَتَّى فَإِذا مَاتَ الرجل وَترك إخْوَة لأَب وَأم وإخوة لأَب فَالْمَال لأولئك دون هَؤُلَاءِ.
عير أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا تَوَضَّأت فَأمر على عيار الْأُذُنَيْنِ بِالْمَاءِ هُوَ جمع عير وَهُوَ مَا عَار ونتأ مِنْهُمَا.
عيف الْمُغيرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ لَا تُحرم العيفة فَقيل لَهُ وَمَا العيفة فَقَالَ الْمَرْأَة تَلد فيحصر لَبنهَا فِي ثديها فترضعه جارتها المزة والمزتين هِيَ فعلة من العياف سميت المصة بهَا لِأَن الْمُرضعَة تعافها وتتقذر مِنْهَا والمزّة: الْمرة من المزّ وَهُوَ المصّ وَإِنَّمَا تفعل ذَلِك لينفتح مَا انسد من مجاري اللَّبن. شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: ذكره ابْن سِيرِين فَقَالَ: كَانَ عائفاً وَكَانَ قائفاً العائف الَّذِي يزْجر الطير وَقد عافه يعيفه عيافة.(3/44)
والقائف: الَّذِي يعرف الْآثَار ويتبعها وَشبه الرجل فِي وَلَده وأخيه وقاف يقوف قيافة شبهه فِي صدق حدسه وإصابة ظَنّه بهما كَقَوْلِهِم: مَا أَنْت إِلَّا سَاحر.
عي الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: إِن بريداً من بعض الْمُلُوك جَاءَهُ يسْأَله عَن رجل مَعَه مَا مَعَ الْمَرْأَة وَالرجل كَيفَ يُورث فَقَالَ: من حَيْثُ يخرج المَاء الدافق فَقَالَ فِي ذَلِك قَائِلهمْ ... ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضَاةَ عُياؤُها ... تَذَرُ الفَقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهلِ ... عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذِها بشوائها ... وَقطعت محردها بِحكم فاصل ... العياء: كالمقام والعضال المحرد من قَوْلك حردت من السنام حرداً وَهُوَ الْقطعَة يَعْنِي لم تستان بِالْجَوَابِ ورميت بِهِ بديهة فشبهه فِي ذَلِك بِرَجُل نزل بِهِ ضيف فَجعل قراه بِمَا افتلذ لَهُ من كَبِدهَا واقتطع من سنامها وَلم يحْبسهُ على الحنيذ والقديد وتعجيل الْقرى مَحْمُود عِنْدهم(3/45)
حرف الْغَيْن
الْغَيْن مَعَ الْبَاء
غبط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: هَل يضر الْغَبْطُ فَقَالَ: لَا إِلَّا كَمَا يضر العضاه الْخبط هُوَ أَن ترى لصاحبك منزلَة فاضلة فتتمنى مثلهَا وَمِنْه الحَدِيث اللَّهُمَّ غبطاً لَا هبطاً أَي أولنا منزلَة نغبط عَلَيْهَا وجنبنا السفال والضعة يُقَال للْقَوْم إِذا تراجعت أَحْوَالهم قد هَبَطُوا قَالَ ... إِن يُغْبَطُوا يهبِطوا يَوْمًا وَإِن أُمِروا ... يَوْمًا يصيروا لِلْهُلْكُ والنَّكَدِ ... ومجاز الْكَلِمَة النبل ورفعة الْمنزلَة أَلا ترى إِلَى قَوْله لَا هبطاً وَقَالُوا للمركب الَّذِي يُوطأ للجليلة من النِّسَاء الغبيط لارْتِفَاع قدره عَن الحوية والسوية وَنَحْوهمَا وَالْمرَاد أَن ضرار الْغَبْطُ لَا يبلغ ضرار الْحَسَد لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا فِي الْحَسَد من تمني زَوَال النِّعْمَة عَن الْمَحْسُود وَمثل مَا يلْحق عمل الغابط من الضَّرَر الرَّاجِع إِلَى نُقْصَان الثَّوَاب دون الإحباط بِمَا يلْحق العضاه من خبط وَرقهَا الَّذِي هُوَ دون قطعهَا واستئصالها
غب أغبُّوا فِي عِيَادَة الْمَرِيض وأربعوا إِلَّا أَن يكون مَغْلُوبًا الإغباب: أَن تعوده يَوْمًا وتتركه يَوْمًا وَمِنْه الحَدِيث زر غبًّا تَزْدَدْ حبًّا والإرباع أَن تَدعه يَوْمَيْنِ وتعوده فِي الثَّالِث هَذَا إِذا كَانَ صَحِيح الْعقل فَإِذا غُلب وَخيف عَلَيْهِ تعهد كل يَوْم.
غبر إيَّاكُمْ والغبيراء فَإِنَّهَا خمر الْعَالم. هِيَ السكركة نَبِيذ الْحَبَش من الذّرة سميت بذلك لما فِيهَا من غبرة قَليلَة خمر الْعَالم أَي هِيَ مثل الْخمر الَّتِي يتعارفها جَمِيع النَّاس لَا فصل بَينهَا وَبَينهَا.
غبن كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اطلى بَدَأَ بمغابنه فَكَانهُ هُوَ الَّذِي يَليهَا(3/46)
المغابن الأرفاع جمع مغبن مفعل من غبن الثَّوْب إِذا ثناه وغبن وخبن وكبن وثبن أَخَوَات.
غبط فِي ذكر مَرضه الَّذِي قبض فِيهِ: أغبطت عَلَيْهِ الْحمى وروى أَصَابَته حمى مغمطة الإغباط فِي الأَصْل: وضع الغبيط على الْجمل ثمَّ قَالُوا: أغبطت الرَّحل على الْبَعِير ثمَّ استعاروه فَقَالُوا أغبطت عَلَيْهِ الْحمى كَقَوْلِك رحلته وركبته أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: هُوَ يرحل فلَانا بِمَا يكره وَلَا رحلنك بسيفي وَأما أغمطت فإمَّا أَن يكون الْمِيم فِيهِ بَدَلا من الْيَاء وَإِمَّا أَن يكون من الغمط وَهُوَ كفران النِّعْمَة وسترها لِأَنَّهَا إِذا غَشيته وركبته فَكَأَنَّمَا سترت عَلَيْهِ وَقد جَاءَ اغتمطته بِمَعْنى علوته قَالَ: ... وَأَنت من الَّذين بهم مَعَدٌّ ... تسامي حِين تغتمط الفحول ...
غبش أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي صَلَاة الصُّبْح: صلِّها بغبش. الغبش والغطش والغبس والغلس أَخَوَات وَهِي بَقِيَّة اللَّيْل وَآخره.
غبب هِشَام بن عبد الْملك كتب إِلَيْهِ الْجُنَيْد يغبب عَن هَلَاك الْمُسلمين. التغبيب: تفعيل من الغب وَهُوَ أَن يفعل يَوْمًا وَيتْرك يَوْمًا فَاسْتعْمل فِي مَوضِع التَّقْصِير قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ... كالبرق والرِّيح مرًّا مِنْهُمَا عَجِلٌ ... مَا فِي اجتهادٍ عَن الْإِسْرَاع تغبيب ... وَالْمعْنَى: يقصِّر عَن ذكرهَا لَهُم بِأَن لم يخبر بِكَثْرَة من هلك مِنْهُم وَلَكِن ذكر بَعْضًا وَسكت عَن بعض.
الْغَيْن مَعَ التَّاء
قَالَت النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طول حَوْضِي كَمَا بَين مَكَّة إِلَى أَيْلَة وَعرضه مَا بَين الْمَدِينَة إِلَى الروحاء يغت فِيهِ مِيزَابَانِ إِلَى الْجنَّة وروى ينعشب فِيهِ
غتت(3/47)
مِيزَابَانِ من الْجنَّة مِدَادهمَا أَنهَار الْجنَّة. الغت والغط والغطس وَاحِد وَهُوَ الْمقل فِي المَاء وَمِنْه الحَدِيث: يغتهم الله فِي الْعَذَاب غتاًّ. وَلما كَانَ من شَأْن من يغط صَاحبه فِي المَاء أَن يدارك ذَلِك وَأَن يضغط صَاحبه ويبلغ مِنْهُ الْجهد قَالُوا غت الشَّارِب المَاء وغطه إِذا دَارك جرعه. والميزاب يغت المَاء أَي يدارك دفقه وَقَالُوا غته إِذا عصر حلقه وجهده وغت الضحك يغته إِذا وضع يَده على فِيهِ يخفيه من جُلَسَائِهِ كَأَنَّهُ يضغطه وَمِنْه الحَدِيث المبعث فأخذني جبرئيل فغتني حَتَّى بلغ مني الْجهد المداد: فعال من مده بِمَعْنى أمده أَي مَا يمدان بِهِ أَنهَار الْجنَّة.
الْغَيْن مَعَ الثَّاء
غثث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اجْتمعت إِحْدَى عشرَة امْرَأَة فتعاهدن أَلا يكتمن من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا. فَقَالَ الأولى: زَوجي لحم جميل غثٌّ وروى: جمل قحر على جبل وعر لَا سهل فيرتقى وَلَا سمين فينتقى وروى فَينْتَقل. وَقَالَت الثَّانِيَة: زَوجي لَا أبث خَبره إِنِّي أَخَاف أَلا أذره إِن أذ كره أذكر عُجَره وبجره.
وَقَالَت الثَّالِثَة: زَوجي العشنق إِن أنطق أُطلق وَإِن أسكت أُعلق. وَقَالَت الرَّابِعَة: زَوجي كليل تهَامَة لاحر وَلَا قر وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة. وَقَالَت الْخَامِسَة: زَوجي إِن أكل لف وَإِن شرب اشتفَّ وَلَا يولج الكفّ ليعلم البثّ. وَقَالَت السَّادِسَة: زَوجي عياياءُ أَو غياياء طباقاء كل دَاء لَهُ دَوَاء شجَّكِ أَو فلَّكِ أَو جمع كلا لَك.(3/48)
وَقَالَت السَّابِعَة: زَوجي إِن دخل فَهد إِن خرج أَسد وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد. وَقَالَت الثَّامِنَة: زَوجي المسُّ مسّ أرنب وَالرِّيح ريح زرنب. وَقَالَت التَّاسِعَة: زَوجي رفيع الْعِمَاد طَوِيل النجاد عَظِيم الرماد قريب الْبَيْت من الناد. وَقَالَت الْعَاشِرَة: زَوجي مَالك وَمَا ملك مَالك خير من ذَلِك لَهُ إبل قليلات المسارح كثيرات الْمُبَارك إِذا سمعن صَوت المزهر أَيقَن أَنَّهُنَّ هوالك. وَقَالَت الْحَادِيَة عشرَة: زَوجي أَبُو زرع وَمَا أَبُو زرع أنَاس من حلي أُذُنِي وملأ من شَحم عضدي وبجحني فبجحت وجدني فِي أهل غنيمَة بشقّ فجعلني فِي أهل صَهِيل وأطيط ودائس ومنق وَعِنْده أَقُول فَلَا أقبح وأشرب فاتقنح وروى: فاتقمح وأرقد فأتصبح. أم أبي زرع وَمَا أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فياح ويروى فساح ابْن أبي زرع وَمَا ابْن أبي زرع كمسلِّ شطبة وتشبعه ذِرَاع الجفرة بنت أبي زرع وَمَا بنت أبي زرع وَفِي الأل كريم الْخلّ برود الظل طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا وملء كسائها وغيظ جارتها. جَارِيَة أبي زرع وَمَا جَارِيَة أبي زرع لَا تنث حديثنا تنثيتا وروى: لَا تبثُّ حديثنا تبثيثا وَلَا تغثُّ طعامنا تغثيثا وَلَا تنفث ميرتنا تنقيثا وَلَا تملأ بيتنا تعشيشا وروى: تغشيشاً. خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض فلقي امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين يلعبان من تَحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها ونكحت بعده رجلا سريًّا ركب شريًّا وَأخذ خطيًّا وأراح عليَّ نعما ثرياً وَقَالَ: كلي أم زرع وميري أهلك فَلَو جمعت كل شَيْء أعطانيه مَا بلغ أَصْغَر آنِية أبي زرع قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كنت لَك كَأبي زرع لأم زرع. الغث المهزل وَقد غثثت بِاللَّحْمِ تغث وغثثت تغث غثاثة وغثوثة إِذا غثَّ اللَّحْم وَمِنْه أغثَّ الحَدِيث وغثّ فلَان فِي خلقه.(3/49)
القحر: الْهَرم والمهزول الانتقاء اسْتِخْرَاج النقي وَهُوَ مخّ الْعظم. والانتقال: بِمَعْنى التناقل كالاقتسام بِمَعْنى التقاسم: وَصفته بقلة الْخَيْر وَبعده مَعَ الْقلَّة وشبهته بِاللَّحْمِ الغث الَّذِي صفرت عِظَامه عَن النقى أَو لزهاد النَّاس فِيهِ لَا يتناقلونه إِلَى بُيُوتهم ثمَّ هُوَ على ذَلِك مَوْضُوع فِي مرتقى صَعب وَفِي مَكَان لَا يُصل إِلَيْهِ إِلَّا بشقّ مر تَفْسِير العجر والبجر فِي (حد) تُرِيدُ لَا أخوض فِي ذكره لأتي إِن خضت فِيهِ خفت أَن أفضحه وَأَن أنادى على مثالبه. العشنق والعشنظ: أَخَوان وهما الطَّوِيل. وَقيل السيء الْخلق فَإِن أَرَادَت سوء الْخلق فَمَا بعده بَيَان لَهُ وَهُوَ أَنه إِن نطقت طَلقهَا وَإِن سكتت علَّقها أَي تَركهَا لَا أَيّمَا وَلَا ذَات بعل وَهَذَا من الشكاسة البليغة وَإِن أَرَادَت الطول فَلِأَنَّهُ فِي الْغَالِب دَلِيل السَّفه وَمَا ذكرته فعل السُّفَهَاء وَمن لَا تماسك عِنْده وَفِي لَام التَّعْرِيف إِشْعَار بِأَنَّهُ هُوَ فِي كَونه عشنقاّ. ليل تهَامَة طلق فشبهته بِهِ فِي خلْوَة من الْأَذَى وَالْمَكْرُوه وَقَوْلها: وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة تَعْنِي لَيْسَ فِيهِ شَرّ يخَاف وَلَا خلق يُوجب أَن تملَّ صحبته. لف قمش صُفُوف الطَّعَام وخلط يُقَال لفَّ الكتيبة بِالْأُخْرَى إِذا خلط بَينهمَا وَمِنْه اللفيف من النَّاس. والاشتفاف نَحْو التشاف وَهُوَ شرب الشفافة وَألا يسئر والبث: أَشد الْحزن الَّذِي تباثه النَّاس وأرادت بِهِ الْمَرَض الشَّديد ذمَّته بالنهم والشره وَقلة الشَّفَقَة عَلَيْهَا وَأَنه إِذا ارآها عليلة لم يدْخل يَده فِي ثوبها ليجسها متعرفا لما بهَا كَمَا هُوَ عَادَة النَّاس من الأباعد فضلا عَن الْأزْوَاج العياياء فعالاء من العي وَهُوَ من الْإِبِل وَالنَّاس: الَّذِي عي بالضراب.(3/50)
والطباقاء: المفحم الَّذِي انطبق عَلَيْهِ الْكَلَام أَي انغلق يُقَال فلَان غباقاء طباقاء وَقَالَ جميل: ... طباقاء لم يشْهد خصوما وَلم يقُدْ ... ركاباً إِلَى أكوارِها حِين تُعْكَفُ ... وَصفته بعجز الطَّرفَيْنِ وَقيل: الطباقاء الَّذِي انطبقت عَلَيْهِ الْأُمُور فَلَا يَهْتَدِي لوجهتها. وَمَا أَدْرِي مَا الغياياء (بالغين) إِلَّا أَن يَجْعَل من الغياية وغايينا بِالسُّيُوفِ أَي أظللناه وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي لَا يَهْتَدِي لأمر كَأَنَّهُ فِي غياية أبدا وَفِي ظلمَة لَا يبصر مسلكا ينفذ فِيهِ وَلَا وَجها يتَّجه لَهُ. كل دَاء: (لَهُ دَوَاء) يحْتَمل أَن يكون لَهُ دَوَاء خَبرا لكلّ تَعْنِي أَن كلّ دَاء يعرف النَّاس فَهُوَ فِيهِ وَأَن يكون (لَهُ) صفة لداء ودواء خبر لكل أَي كل دَاء فِي زَوجهَا بليغ متناهٍ كَمَا تَقول: إِن زيدا رجل وَإِن هَذَا الْفرس فرس. الفلّ الْكسر أَرَادَت أَنه ضروب لامْرَأَته وَكلما ضربهَا شجَّها أَو كسر عظما من عظامها أَو جمع الشج وَالْكَسْر مَعًا وَيجوز أَن تُرِيدُ بالفلّ الطَّرْد والإبعاد فَهِد أَي صَار فهداً أَي ينَام ويغفل عَن معائب الْبَيْت وَلَا يتيقظ لَهَا وَلَا يفْطن وَإِذا خرج فَهُوَ أَسد فِي جرأته وشجاعته وَلَا يسْأَل عَمَّا رَآهُ لحلمه وإغضائه. الزرنب: نَبَات طيب الرّيح وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: نوع من أَنْوَاع الطّيب وَقيل: الزَّعْفَرَان وَيُقَال لأبعار الْوَحْش الزرنب لنسيم نبتها وروى ابْن الْأَعرَابِي قَول الْقَائِل: ... يَا أبي أَنْت وفوك الأشْنبُ ... كَأَنَّمَا ذُرّ عَلَيْهِ ذَرْنَبُ ... بِالذَّالِ فهما لُغَتَانِ كزبر وذبر والزُّعاف والذُّعاف أَرَادَت أَنه لين العريكة كَأَنَّهُ الأرنب فِي لين مَسهَا وَهُوَ فِي طيب عرفه وفوح ثَنَاء كالزرنب أَو أَرَادَت لين بَشرته وَطيب عرف جسده وَهُوَ أقرب من الأول. كنت عَن ارْتِفَاع بَيته فِي الْحسب برفعة عماده وَعَن طول قامته بطول نجاده(3/51)
وَعَن إكثاره الْقرى بِعظم رماده وَإِنَّمَا قرب بَيته من النادي ليعلم النَّاس بمكانه فينتابوه المزهر: الْعود وَقيل الَّذِي يزهر النَّار يُقَال زهر النَّار وأزهرها أَي أوقدها وَصفته بِالْكَرمِ والنحر للأضياف وَأَن إبِله فِي أَكثر الْأَحْوَال باركة بفنائه لتَكون معدة للقرى وَقد أعتادت أَن الضيوف إِذا نزلُوا بِهِ نحر لَهُم وسقاهم الشَّرَاب وأتاهم بالمعازف أَو صوَّت موقد ناره بالطارقين وناداهم فَإِذا سَمِعت بالمعزف أَو بِصَوْت الموقد أيقنت بالنحر. النَّوس تحرّك الشَّيْء متدليا وأناسه: حركه تُرِيدُ أنَاس أذنى مِمَّا حلاهما بِهِ من الشنوف والقرطة وملأ عضدي من شَحم أَي سمنني بإحسانه وتعهده لي وخصَّتْ العضدين لِأَنَّهُمَا إِذا سمنتا سمن سَائِر الْبدن. يُقَال بجح بالشَّيْء إِذا فَرح بِهِ وبجح بشقّ: من قَوْلهم: هم بشق من الْعَيْش إِذا كَانُوا فِي شظف وَجهد وَقيل: هُوَ اسْم مَكَان. الأطيط صَوت الْإِبِل. الدائس: من دياس الطَّعَام روى: منقّ من تنقية الطَّعَام ومنقّ من النقيق وَكَأَنَّهَا أَرَادَت من يطرد الدَّجَاج وَالطير عَن الْحبّ فتنق فَجَعَلته منقاه أَي صَاحب ذِي نقيق يُقَال أنقَّت الدَّجَاجَة ونقنقت وَعَن الجاحظ: نقت الرخمة والنقيق مُشْتَرك. لَا أقبح أَي لَا يُقَال لي قبحك الله وَلَكِن يقبل قولي. روى شمر عَن أبي زيد أَن التقنح الشّرْب فَوق الريّ قَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ التقنح والترنح سَمِعت ذَلِك من أَعْرَاب بني أَسد وَعَن أبي زيد قنحت من الشَّرَاب أقنح قنحاً وتقنحت مِنْهُ تقنحاً إِذا تكارهت على شربه بعد الرّيّ وَقَالَ أَبُو الصَّقْر قنحت قنحاً والتقمح: تفعل من قَمح الْبَعِير قموحا إِذا رفع رَأسه وَلم يشرب وَالْمعْنَى: أشْرب فأرفع رَأْسِي ريّا وتملؤا.(3/52)
التصبح: نوم الصبحة. العكوم: جمع عكم وَهُوَ الْعدْل إِذا كَانَ فِيهِ مَتَاع. وَقيل: نمط تجْعَل فِيهِ الْمَرْأَة ذخيرتها. والرَّداح: الْعَظِيمَة الثَّقِيلَة تكون صفة للمؤنث كالرّجاح والثقال. يُقَال جَفْنَة وكتيبة وَامْرَأَة رداح وَلما كَانَت جمَاعَة مَا لَا يعقل فِي حكم الْمُؤَنَّث أوقعهَا صفة لَهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} وَلَو جَاءَت الرِّوَايَة بِفَتْح الْعين لَكَانَ الْوَجْه أَن يكون العكوم أريدت بهَا الْجَفْنَة الَّتِي لَا تَزُول عَن مَكَانهَا إِمَّا لعظمها وَإِمَّا لِأَن الْقرى دَائِم مُتَّصِل من قَوْلهم: مر وَلم يعكم: أَي لم يقف وَلم يتحبس أَو الَّتِي كثر طعامها وتراكم من اعتكم الشَّيْء وارتكم وتعاكم وتراكم أَو الَّتِي يتعاقب فِيهَا الْأَطْعِمَة من قَوْلهم للْمَرْأَة المعقاب: عكوم والرَّداح حِينَئِذٍ تكون وَاقعَة فِي نصابها من كَون الْجَفْنَة مَوْصُوفَة بهَا. الفياح: الأفيح وَهُوَ الْوَاسِع من فاح يفيح إِذا اتَّسع. وَمِنْه قَوْلهم: فيحي فياح والأفيح من فعل يفعل والفساح: والفسيح الشطبة: السعفة وَقيل السَّيْف والمسل مصدر يمعنى السّل: قَامَ مقَام المسلول وَالْمعْنَى: كمسلول الشطبة تُرِيدُ مَا سل من قشره أَو من غمده. الجفرة الماعزة إِذا بلغت أَرْبَعَة أشهر وفصلت وَأخذت فِي الرَّعْي وَمِنْه الْغُلَام الجفر واستجفر ووصفته بِأَنَّهُ ضرب مهفهف وَقَلِيل الطّعْم. الأل الْعَهْد أَي هِيَ وافية بعهدها فَجعل الْفِعْل للْعهد وَهُوَ لَهَا فِي الْمَعْنى أَو هُوَ كَقَوْلِهِم: ثَابت الْغدر وَبرد الظل مثل لطيب الْعشْرَة وكرم الْخلّ أَلا تخادن أخدان السوء وَإِنَّمَا سَاغَ فِي وصف الْمُؤَنَّث وفيٌّ وكريم إِن لم يكن ذَلِك من تَحْرِيف الروَاة والنّقل(3/53)
من صفة الابْن إِلَى صفة الْبِنْت لوجهي: ن أَحدهمَا أَن يُرَاد هِيَ إِنْسَان أَو شخص وفيٌّ كريم وَالثَّانِي أَن يشبه فعيل الَّذِي بِمَعْنى فَاعل بِالَّذِي بِمَعْنى مفعول كَمَا شبه ذَاك بِهَذَا حَيْثُ قيل أسراء وقتلاء وفصال وصقال وَأما برود فيستوي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَيجوز أَن يكون وفيٌّ فعولًا مثله كبغيّ. [لَا تنثَّ] لما كَانَ الْفِعْل متناولا على الْإِبْهَام كل جنس من أجناسه جَازَ أَن يُوقع التفعيل الدالّ على التكرير والتكثير مصدر الْفِعْل وَالرِّوَايَتَانِ بِالْبَاء وَالنُّون مَعْنَاهُمَا وَاحِد وَهُوَ النشر والإذاعة. والإغثاث والتغثيث: إِفْسَاد الطَّعَام. النّقث وَالنَّقْل بِمَعْنى يُقَال نقث الشَّيْء ينقثه والتنقيث مُبَالغَة نفت عَنْهَا السّرقَة والخيانة التعشيش: من عشش الطَّائِر إِذا اعتش أَي لَا تخبأ فِي غير مَكَان خبئاً فشبهت المخابئ بعششة الطير لَو تقمه فَلَيْسَ كعش الطَّائِر فِي قلَّة نظافته وَيجوز أَن يكون من عششت النَّخْلَة إِذا قل سعفها وشجرة عشّة وعشَّ الْمَعْرُوف يعشه إِذا أَقَله وعطية معشوشة قَالَ رُؤْيَة: ... حَجَّاج مَا سَجْلُك بالمعشوشِ ... وَلَا جَدا وَبْلِك بالطشيش ... أَي لَا تملؤه اختزالا ونقليلا لما فِيهِ وَهُوَ بالغين من الْغِشّ ومأخذه من الغشش وَهُوَ المشرب الكدر يلعبان من تخت خصرها برمانتين وصف لَهَا بِعظم الكفل وَأَنَّهَا إِذا استلقت نبا الكفل بهَا عَن الأَرْض حَتَّى تصير تحتهَا فجوة تجْرِي فِيهَا الرُّمَّان. الْفرس الشري: الَّذِي يشرى فِي عدوه أَي يلجّ ويتمادى وَقيل هُوَ الْفَائِق الْخِيَار من قَوْلهم: سراة المَال وشراته الخياره عَن ابْن السّكيت وَاشْتَرَاهُ واستراه اخْتَارَهُ الثَّريّ: الْكثير من الثروة. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أحب الْإِسْلَام وَأَهله وَأحب الغثراء أَي الْعَامَّة وَأَرَادَ بالمحبة المناصحة لَهُم والشفقة عَلَيْهِم.(3/54)
الْغَيْن مَعَ الدَّال
غدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى الْمُغيرَة بن شُعْبَة عُرْوَة بن مَسْعُود عَمه يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتناول لحيته يَمَسهَا فَقَالَ: أمسك يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَلا تصل إِلَيْك فَقَالَ عُرْوَة: يَا غدر وَهل غسلت رَأسك من غدرتك إِلَّا بالْأَمْس هُوَ معدول من غادر فِي النداء خَاصَّة وَنَظِيره يَا فسق وذق عُقُق قبل أَلا تصل إِلَيْك: يُرِيد قبل أَن أقطع يدك لِأَنَّهُ إِذا قطعهَا لم تصل إِلَيْهِ وَيجوز أَن يتَضَمَّن الْفِعْل ضمير اللِّحْيَة وَيَعْنِي أَنه يحول بَينهَا وَبَينه فَلَا تصل أَيْضا إِلَى يَده وَلَا يقدر على مَسهَا. إِن بَين يَدي السَّاعَة سِنِين غدارة يكثر فِيهَا الْمَطَر ويقل فِيهَا النَّبَات وروى تكون قبل الدَّجَّال سنُون خداعة أَي تطمعهم فِي الخصب بالمطر ثمَّ تخلف فَجعل ذَلِك غدرا مِنْهَا وخديعة وَقيل الخداعة القليلة الْمَطَر من خدع الرِّيق إِذا جف
غدد ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّاعُون فَقَالَ [غُدَّة] كَغُدَّة الْبَعِير تأخذهم فِي مراقهم. الغدة والغددة: دَاء يَأْخُذ الْبَعِير فترم نكفتاه لَهُ فَيَأْخذهُ شبه الْمَوْت وبعير مغد ومغدود وغاد وَفِي أمثالهم أغدة كَغُدَّة البعي ر وموتا فِي بَيت سَلُولِيَّة قَالَه عَامر بن الطُّفَيْل حِين دَعَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فطعن المراق أَسْفَل الْبَطن جمع مرق. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أطاف بِنَاقَة قد انْكَسَرت لفُلَان فَقَالَ: وَالله مَا هِيَ بمغد فيستحجي لَحمهَا لم يدْخل تَاء التَّأْنِيث على مغد وَهُوَ يُرِيد النَّاقة المطعونة لِأَنَّهُ أَرَادَ النّسَب(3/55)
كَقَوْلِهِم: امْرَأَة عاشق ولحية ناصل استحجى لحم الْبَعِير ودخن إِذا تَغَيَّرت رِيحه من مرض وَكَأَنَّهُ من حجوته وحجيته إِذا منعته يُقَال فلَان لَا يحجو سره وَلَا يحجو غنمه أَي لَا يمْنَعهَا عَن الانتشار وَالصَّبْر أحجى أَي أكف للنَّفس وَمِنْه قيل للب الحجا كَمَا قيل لَهُ الْحجر وَالْعقل لِأَنَّهُ إِذا أروح امْتنع من رَغْبَة النَّاس فِي أكله
غَدا ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَنْهُمَا كنت أَتعدى عِنْد عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تَعَالَى عَنهُ فِي شهر رَمَضَان فَسمع الهائعة فَقَالَ: مَا هَذَا فَقلت انْصَرف النَّاس من الْوتر أَي أتسحر لِأَن السَّحر مشارف للغداة الهائعة الصَّوْت الشَّديد والهيعة مثلهَا من هاع يهيع إِذا انبسط لِأَن الصَّوْت أشده وأرفعه أشيعه وأذهبه.
غدر فِي الحَدِيث: من صلى الْعشَاء جمَاعَة فِي اللَّيْلَة المغدرة فقد أوجب هِيَ الشَّديد الظلمَة الَّتِي تغدر النَّاس فِي بُيُوتهم أَي تتركهم وَيُقَال لَيْلَة غدرة بَيِّنَة الْغدر إِذا عمل عملا تجب بِهِ الْجنَّة أَو النَّار قد أوجب
غدق إِذا أنشأت السحابة من الْعين فَتلك عين غديقة أَي كَثِيرَة المَاء.(3/56)
الْغَيْن مَعَ الذَّال
غذو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب كنت فِي الْبَطْحَاء فِي عِصَابَة فيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمرت سَحَابَة فَنظر إِلَيْهَا فَقَالَ: مَا تُسمون هَذِه قَالُوا: السَّحَاب قَالَ والمزن. قَالُوا: والمزن قَالَ: والغيذى وروى: الْعَنَان. كَأَنَّهُ فعيل من إِذا يغذو إِذا سَالَ وَلم أسمع بفيعل من المعتل اللَّام غير هَذَا إِلَّا كلمة مُؤَنّثَة: الكيهاة بِمَعْنى الكهاة وَهِي النَّاقة الضخمة. [الْعَنَان الْعَارِض] عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ شكا إِلَيْهِ أهل الْمَاشِيَة تَصْدِيق الْغذَاء فَقَالُوا: إِن كنت معتدًّا علينا بالغذاء فَخذ مِنْهُ صدقته فَقَالَ: إِنَّا نعتد بالغذاء كُله حَتَّى السخلة يروح بهَا الرَّاعِي على يَده وَإِنِّي لَا آخذ الشَّاة الأكولة وَلَا فَحل الْغنم وَلَا الرُّبَّى وَلَا الماخض وَلَكِن آخذ العناق والجذعة والثنية وَذَلِكَ عدل بَين غذَاء المَال وخياره وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لعامل الصَّدقات: احتسب عَلَيْهِم بالغذاء وَلَا تأخذها مِنْهُم. هُوَ جمع غذىّ وَهُوَ الْحمل أَو الجدي المعاجي وَإِنَّمَا ذكر الرَّاجِع إِلَيْهِ لكَونه على زنة كسَاء ورداء وَقد جَاءَ السِّمام المنقع. الأكولة: الَّتِي للْأَكْل والربى: الَّتِي فِي الْبَيْت للبن وَقيل: الحديثة النِّتَاج هَذَا يعضد مَذْهَب زفر وَمَالك رحمهمَا الله تعال ى لِأَنَّهُمَا يوجبان فِي الحملان مَا فِي الْكِبَار. وَعند أبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى فِيهَا وَاحِدَة مِنْهَا أما أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى فَلَا يريان فِيهَا شَيْئا.(3/57)
غذمر على رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَهُ أهل الطَّائِف أَن يكْتب لَهُم الْأمان على تَحْلِيل الرِّبَا وَالْخمر فَامْتنعَ فَقَامُوا وَلَهُم تغذمر وبربرة. هُوَ التغضب مَعَ الْكَلَام المخلط من غذمرت الشَّيْء وغثمرته إِذا خلطت بعضه بِبَعْض والغِذْمِيرُ: الْأَصْوَات والألحان المختلطة قَالَ أَوْس: ... تَبَصَّرْتُهُمْ حتَّى إِذا حَال دُونَهمْ ... ركام وحادٍ ذُو غَذَامِيرَ صَيْدَحُ ... البَرْبرة: كَثْرَة الْكَلَام فِي غضب.
غذم أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عرض عَلَيْهِ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ فَأبى واستأذته إِلَى الربذَة وَقَالَ: عَلَيْكُم معشر قُرَيْش بدنياكم فاغذموها هُوَ الْأكل بجفاء ونهم وَقد غذم يغذم وَرجل غذم أَي أكول.
الْغَيْن مَعَ الرَّاء
غرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الغارفة. يُقَال: غرفت الناصية إِذا قطعتها فانغرفت عَن الْأَصْمَعِي وَأنْشد بَيت قيس ابْن الخطيم: ... تنام عَن كبْرِ شأنِها فإِذا ... قامتْ رويدا تكَاد تنغرف ... والغارفة على مَعْنيين: أَحدهمَا أَن تكون فاعلة بِمَعْنى مفعولة كعيشة راضية وَهِي الَّتِي تقطعها الْمَرْأَة وتسويها مطرَّرة على وسط جبينها. وَالثَّانِي: أَن تكون مصدرا بِمَعْنى الغرف كاللاغية والراغية والثاغية.
غرب أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتغريب الزَّاني سنة إِذا لم يُحصن هُوَ نَفْيه عَن بَلَده يُقَال: أغربته وغربته إِذا نحيته
غرق قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْنَا رجلا من الْمُشْركين على جمل أَحْمَر فَخرج نَاس فِي أَثَره وَخرجت أَنا وَرجل من قومِي من أسلم وَهُوَ على نَاقَة وَرْقَاء وَأَنا على رجْلي فاغترقها حَتَّى آخذ(3/58)
بِخِطَام الْجمل فَأَضْرب رَأسه فنفلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلبه. يُقَال للْفرس إِذا خالط الْخَيل ثمَّ سبقها: قد اغترقها وَمن رَوَاهُ بِالْعينِ فقد ذهب إِلَى قَوْلهم: عرق الرجل فِي الأَرْض عروقا إِذا ذهب وَجَرت الْخَيل عروقاً: أَي طلقاً قَالَ قيس بن الخطيم: ... تَغْترِقُ الطَّرْف وَهِي لاهيةٌ ... كَأَنَّمَا شَفَّ وجهَها نُزُفُ ... وَقد رَوَاهُ ابْن دُرَيْد بِالْعينِ ذَاهِبًا إِلَى أَنَّهَا تسبق الْعين فَلَا تقدر على اسْتِيفَاء محاسنها ونُسب فِي ذَلِك إِلَى التَّصْحِيف فَقَالَ فِيهِ المفجع: ... أَلَسْت قِدْماً جعلت (تعترق الطَّ ... رف) بِجَهْل مَكَان (تَغْتَرِقُ)
وَقلت كَانَ الخِباء من أَدَم ... وَهُوَ (حباء) يهدى ويصطدق ...
غرر لَا غرار فِي صَلَاة وَتَسْلِيم وروى: وَلَا تَسْلِيم. هُوَ النُّقْصَان من غارت النَّاقة إِذا نقص لَبنهَا وَرجل مغارُّ الْكَفّ وإنَّ بِهِ لمغارّة إِذا كَانَ بَخِيلًا وللسوق درة وغرار أَي نفاق وكساد وَمِنْه قيل لقلَّة النُّون غرار. وَفِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ رَحمَه الله: كَانُوا لَا يرَوْنَ بغرار النّوم بَأْسا يَعْنِي لَا ينْقض الْوضُوء وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تغار التَّحِيَّة والغرار فِي الصَّلَاة أَلا يُقيم أَرْكَانهَا معدلة كَامِلَة. وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الصَّلَاة مكيال فَمن وفى وفى لَهُ وَمن طفف طفف لَهُ فقد علمْتُم مَا قَالَ الله فِي المطففين: وَفِي التَّسْلِيم أَن يَقُول: السَّلَام عَلَيْك إِذا سلَّم وَأَن يَقُول وَعَلَيْك إِذا رد وَمن روى: وَلَا تَسْلِيم فعطفه على غرار فَمَعْنَاه لَا نوم فِيهَا وَلَا سَلام. خطب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الدَّجَّال وَقتل الْمَسِيح لَهُ قَالَ: فَلَا يبْقى(3/59)
شَيْء مِمَّا خلقه الله تَعَالَى يتَوَارَى بِهِ يَهُودِيّ إِلَّا أنطق الله ذَلِك الشَّيْء لَا شجر وَلَا حجر وَلَا دَابَّة فَيَقُول يَا عبد الله الْمُسلم هَذَا يَهُودِيّ فاقتله إِلَّا الغرقدة فَإِنَّهَا من شجرهم فَلَا تنطق وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل دَابَّة حَتَّى يدْخل الْوَلِيد يَده فِي فَم الحنش فَلَا يضرّهُ وَتَكون الأَرْض كفاثور الْفضة تنْبت كَمَا كَانَت تنْبت على عهد آدم عَلَيْهِ السَّلَام يجْتَمع النَّفر على القطف فيشبعهم.
غرقد الْغَرْقَد من العضاه وَقيل هِيَ كبار العوسج وَقيل لمدفن أهل الْمَدِينَة بَقِيع الْغَرْقَد لِأَنَّهُ كَانَ ينبته قَالَ ذُو الرمة: ... أَلِفْنَ ضَالاً نَاعِمًا وغَرْقَدا ... الشحناء والشحنة: الْعَدَاوَة وَقد شاحنه. الْحمة فوعة السم وَهِي حرارته وفورته وفعلة من حمى الحنش الأفعى قَالَ ذُو الرمة: ... وَكم حَنَش ذَعْفِ اللُّعَاب كَأَنَّه ... على الشَّرَكِ العَادِيِّ نِضْوُ عِصَامِ ... وحنشته الْحَيَّة إِذا لدغته وَفِي كتاب الْعين الحنش مَا أشبهت رءوسها رُءُوس الْحَيَّات من الحرابي وسوام أبرص وَنَحْوهَا. الفاثورة عِنْد الْعَامَّة: الطستخان وَأهل الشَّام يتخذون خوانًا من رُخَام يسمونه الفاثورة قَالَ: ... وَالْأكل فِي الفاثورة بالظهائر ... لقما يمد غُصْن الحنَاجر ... وَقيل هُوَ الطست من فضَّة أَو ذهب وَمِنْه قيل لقرص الشَّمْس: فاثورها وأنشدوا للأغلب: ... اذا انجلى فاثورة عين الشَّمْس ... والقطف العنقود يُرِيد أَن الأَرْض تنقى من كل دغل وَشَوْك كَمَا كَانَت لِأَنَّهَا فِيمَا يُقَال أنبتته بعد قتل قابيل هابيل فَتَصِير فِي النقاوة كالفاثورة وتعود ثمارها(3/60)
فِي الْحسن وَالْكَثْرَة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي عهد آدم عَلَيْهِ السَّلَام.
غرب أُريت فِي النّوم أَنِّي أنزع على قليب بِدَلْو فجَاء أَبُو بكر فَنزع نزعاً ضعيفاَ وَالله يغْفر لَهُ ثمَّ جَاءَ عمر فاستقى فاستحالت غربا فَلم أر عبقرياً يفري فريه حَتَّى روى النَّاس وضربوا بِعَطَن. أَي انقلبت دلوا عَظِيمَة وَهِي الَّتِي تتَّخذ من مسك ثَوْر يسنو بهَا الْبَعِير وَقد وصفهَا من قَالَ: ... شلّت يدا فارية فَرَتْها ... مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَفَّرَتْها ... سميت بذلك لِأَنَّهَا النِّهَايَة فِي الدلاء من غرب الشَّيْء وَهُوَ حدُّه قد ذكرت أَن كل عَجِيب غَرِيب ينْسب إِلَى عبقر يفري فريه أَي يعْمل عمله. العطن: الْموضع الَّذِي تناخ فِيهِ الْإِبِل إِذا رويت ضرب ذَلِك مثلا لأيام خِلَافَتهمَا. وَأَن أَبَا بكر قصرت مُدَّة أمره وَلم يفرغ من قتال أهل الرِّدَّة لافتتاح الْأَمْصَار وَعمر قد طَالَتْ أَيَّامه وتيسرت لَهُ الْفتُوح وأفاء الله عَلَيْهِ الْغَنَائِم وكنوز الأكاسرة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِيكُم مغربون قَالُوا ووما المغرِّبون قَالَ: الَّذين يُشْرك فيهم الْجِنّ. غرب إِذا بعد وَمِنْه: غَايَة مغرِّبة وشأو مغرِّب. وَمِنْه قَوْلهم: هَل عنْدك من مغربة خبر كَقَوْلِهِم: من جائية خبر أَي من خبر جَاءَ من بُعْد. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه قدم عَلَيْهِ أحد ثَوْر فَقَالَ عمر: هَل من مغرِّبة خبر قَالَ: نعم أَخذنَا رجلا من الْعَرَب كفر بعد إِسْلَامه فقدمناه فضربنا عُنُقه فَقَالَ فَهَلا أدخلتموه جَوف بَيت فألقيتم إِلَيْهِ كل يَوْم رغيفا ثَلَاثَة أَيَّام لَعَلَّه يَتُوب أَو يُرَاجع اللَّهُمَّ لم أشهد وَلم آمُر وَلم أَرض إِذْ بَلغنِي. وَالتَّاء فِي مغربة للْمُبَالَغَة أَو لِأَنَّهُ جُعل اسْما كالرمية والنطيحة وَكَأن قَوْله(3/61)
(مغرّبون) مَعْنَاهُ جاءُون من نسب بعيد. إِن رجلا كَانَ مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَأَتَاهُ سهم غرب فَمَكثَ معالجاً فجزع مِمَّا بِهِ فَعدل على سهم من كِنَانَته فَقطع رواهشه. قَالَ الْمبرد: يُقَال: أَصَابَهُ سهم غرب سهم غرب بِمَعْنى. وَسمعت الْمَازِني يَقُول: أَصَابَهُ حجر غرْب إِذا أَتَاهُ من حَيْثُ لَا يدْرِي وأصابه حجر غرب إِذا رمى بِهِ غَيره فَأَصَابَهُ. ويروى: سهم غرْبٌ وغرِبٌ على الصّفة. الرواهش: عروق بَاطِن الذِّرَاع وعصبه والنواشر: الَّتِي فِي ظَاهرهَا وَقيل عكس ذَلِك الْوَاحِد راهش وناشرة.
غرر إيَّاكُمْ ومشارة النَّاس فَإِنَّهَا تدفن الغرَّة وَتظهر العرة. أصل الْغرَّة الْبيَاض فِي جبهة الْفرس ثمَّ استعيرت فَقيل فِي أكْرم كل شَيْء: غرته كَقَوْلِهِم: غرَّة الْقَوْم لسيدهم. والعرة: القذر فاستعيرت للعيب والدنس فِي الْأَخْلَاق وَغَيرهَا فَقَالُوا: فلَان عرَّة من العرر. وَالْمعْنَى أَنهم إِذا نالهم مِنْك مَكْرُوه كتموا محاسنك ومناقبك وأبدوا مساويك ومثالبك.
غَرَض لَا يشد الْغَرَض إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد الْحَرَام ومسجدي هَذَا وَمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس. وروى: لَا تُشد العرى وروى الرِّحال. الْغَرَض والغرضة: حزَام الرحل والمغرض كالمحزم. وَهُوَ من الْغَرَض ي قَوْلهم: مَلأ السقاء حَتَّى لَيْسَ فِيهِ غَرَض أَي أمت أَي تثنٍ. كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَشى مَشى مجتمعاً يُعرف فِي مشيته أَنه غير غَرَض وَلَا وكل. الْغَرَض: الضجر والملال وَمِنْه قَول عدي بن حَاتِم: لما سَمِعت برَسُول الله(3/62)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كرهته أشدّ كَرَاهِيَة فسرت حَتَّى نزلت جَزِيرَة الْعَرَب فأقمت بهَا حَتَّى اشْتَدَّ غرضي. الوكل: الضَّعِيف الثقيل الحركات لِأَنَّهُ يكل الْأَمر إِلَى غَيره. قَالَت: ... وَلَا تكونن كهِلّوفٍ وَكِل ... يصبح فِي مصرعه قد انجدل ...
غرز أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مرنا بخباء أعرابية عَجُوز فَجَلَسْنَا قَرِيبا مِنْهَا فَلَمَّا كَانَ مَعَ الْمسَاء جَاءَ بني لَهَا يفعة بأعنز مَعَه فَدفعت إِلَيْهِ الشَّفْرَة فَأَتَانَا بهَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رد الشَّفْرَة وائتني بقدح أَو قَعْب قَالَ: يَا هَذَا إِن غنمنا قد غرزت قَالَ: انْطلق فَاتَنِي بِهِ فَأَتَاهُ فَمسح على ظهر العنز ثمَّ حلب حَتَّى مَلأ الْقدح. يُقَال: غرزت الْغنم غرازاً إِذا قل لَبنهَا. وناقة غارز وغرزها صَاحبهَا إِذا ترك حلبها ليذْهب رفدها فتسمن واشتقاقه من الغرز كَأَنَّهُ غرز فِي الضروع أَي أمسك وَأثبت وَمِنْه قيل لما كَانَ مساكا للرحل فِي الْمركب غرز. حمى غرز النقيع لخيل الْمُسلمين. هُوَ نوع من الثمام دَقِيق لَا ورق لَهُ. وواد مغرر: بِهِ الغرز. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ ليرفأ خادمه: كم تعلفون هَذَا الْفرس قَالَ: ثَلَاثَة أَمْدَاد. فَقَالَ: إِن هَذَا لكاف أهل بَيت من الْعَرَب وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتعالجن غرز النقيع. وَعنهُ: أَنه رأى فِي رَوْث فرس شَعِيرًا فِي عَام الرَّمَادَة فَقَالَ: لَئِن عِشْت لأجعلن لَهُ من غرز النقيع مَا يُغنية عَن قوت الْمُسلمين. النقيع (بالنُّون) : مَوضِع. وَعَن الْأَصْمَعِي أَن عِيسَى بن عمر أنْشد يَوْمًا:(3/63)
.. لَيْتَ شعري وَأَيْنَ مِنًّي لَيْت ... أَعَلَى العَهْدِ يَلْبُنٌ فَبُرام ... أم بعهدي البَقِيع أم غَيَّرَتْه ... بعديَ المُعْصِرات والأيَّام ... رَوَاهَا بِالْبَاء فَقَالَ أَبُو مهدية: إِنَّمَا هُوَ النقيع فَقَالَ عِيسَى: صدق وَالله أما إِنِّي لم أرو بَيْتا عَن أهل الْحَضَر إِلَّا هَذَا ثمَّ ذكر حَدِيث عمر وَرَأى رجلا يعلف بَعِيرًا فَقَالَ: أما كَانَ فِي النقيع مَا يُغْنِيك
غرر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قضى فِي ولد الْمَغْرُور غرَّة. هُوَ الرجل يُزَوّج رجلا مَمْلُوكَة على أَنَّهَا حرَّة فَقضى أَن يغرم الزَّوْج لمولى الْأمة غرَّة وَيكون وَلَدهَا حرَّا وَيرجع الزَّوْج على من غرّه بِمَا غرم. أقبل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بعض الْمَغَازِي حَتَّى إِذا كَانَ بالجرف قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تطرقوا النِّسَاء وَلَا تغتروهنَّ. أَي لَا تفاجئوهنّ على غرَّة مِنْهُنَّ وَترك استعداد من قَوْلهم: اغترَّه الْأَمر إِذا أَتَاهُ على غرَّة عَن يَعْقُوب وَأنْشد: ... إِذا اغْتَرَّه بَين الْأَحِبَّة لم تكن ... لَهُ فزعة إِلَّا الهوادج تخدر ...
غرق عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر مَسْجِد الْكُوفَة فَقَالَ: فِي زاويته فار التَّنور وَفِيه هلك يَغُوث ويعوق وَهُوَ الغاروق وَمِنْه سير جبل الأهواز ووسطه على رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَفِيه ثَلَاث أعين أُنبتت بالضغث تُذهب الرجس وتطهر الْمُؤمنِينَ: عين من لبن وَعين من دهن وَعين من مَاء جَانِبه الْأَيْمن ذكر وجانبه الْأَيْسَر مكر وَلَو يعلم النَّاس مَا فِيهِ من الْفضل لأتوه وَلَو حبواً. هُوَ فاعول من الْغَرق لِأَن الْغَرق كَانَ مِنْهُ. أَرَادَ بالضغث مَا ضرب بِهِ أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام امْرَأَته. وبالعين الَّتِي ظَهرت لما ركض بِرجلِهِ. وبالذكر الصَّلَاة.(3/64)
وبالمكر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قُتل فِيهِ. الحبو: الدبيب.
غرنق ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن جنَازَته لما أَتَى بِهِ الْوَادي أقبل طَائِر أَبيض غرنوق كَأَنَّهُ قبطيَّة حَتَّى دخل فِي نعشه. قَالَ الرَّاوِي: فرمقته فَلم أره خرج دفن. الغرنوق والغرنيق: طَائِر أَبيض من طير المَاء. وَعَن أبي خيرة الْأَعرَابِي سمى غرنيقاً لبياضه. وَقَالَ يَعْقُوب فِي الشَّاب: الغرنوق وَهُوَ الْأَبْيَض الْجَمِيل الغضّ وَلما كَانَت الْكَلِمَة دَالَّة على معنى الْبيَاض أكد بهَا الْأَبْيَض. الْقبْطِيَّة: ثِيَاب من كتَّان تنسج بِمصْر نسبت إِلَى القبط بِالضَّمِّ فرقا بَين الثِّيَاب بيض والأناسي وَالْجمع الْقبَاطِي.
غرز الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى مَا طلع السماك قطّ إِلَّا غارزاً ذَنبه فِي برد. هَذَا تَمْثِيل وَأَصله من غرز الْجَرَاد ذَنبه إِذا أَرَادَ الْبيض وَأَرَادَ السماك الأعزل فطلوعه لخمس تَخْلُو من تشرين الأول وَفِي ذَلِك الْوَقْت يذهب الْحر كُله ويبتدئ شَيْء من الْبرد.
غرب الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى إِذا اسْتغْرب الرجل ضحكا فِي الصَّلَاة أعَاد الصَّلَاة. يُقَال: أغرب فِي الضحك واستغرب واغترق واستغرق إِذا بَالغ وَأبْعد.
غربب فِي الحَدِيث: إِن الله تَعَالَى يبغض الغربيب. هُوَ الَّذِي يسوِّد شَيْبه بالخضاب.
غربل كَيفَ بكم وبزمان يُغربل النَّاس فِيهِ غربلة. أَي يذهب بخيارهم وَيبقى أراذلهم كَمَا يفعل من يغربل الطَّعَام بالغربال. وَيجوز أَن يكون من الغربلة وَهِي الْقَتْل عَن الْفراء: وَأنْشد:(3/65)
.. ترى الْمُلُوك حوله مُغْرْبلهْ ... يقتل ذَا الذَّنْبِ ومَنْ لَا ذَنْبَ لَه ... وَمِنْهَا قَوْلك: ملك مغربل أَي ذَاهِب. أعْلنُوا النِّكَاح واضربوا عَلَيْهِ بالغربال. أَي بالدف.
الْغَيْن مَعَ الزَّاي
غَزْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما فتح مَكَّة قَالَ: لَا تُغزى قُرَيْش بعْدهَا. أَي لَا تكفر حَتَّى تُغزى على الْكفْر. وَنَظِيره قَوْله: لَا يُقتل قرشي صبرا بعد الْيَوْم. أَي لَا يرْتَد فَيقْتل صبرا على ردته فَأَما قُرَيْش وَغَيرهم فهم عِنْده فِي الْحق سَوَاء.
الْغَيْن مَعَ السِّين
غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غسَّل واغتسل وَبكر وابتكر واستمع وَلم يلغ كفَّر ذَلِك مَا بَين الجمعتين وروى غَسَل. يُقَال غسَّل الْمَرْأَة وغسلها: جَامعهَا وَمِنْه فَحل غُسلة أَي جَامع مَخَافَة أَن يرى فِي طَرِيقه مَا يُحرِّك مِنْهُ أَو غَسَل أعضاءه متوضئاَ ثمَّ اغْتسل غُسل الْجُمُعَة. وغسَّل: بَالغ فِي غسل الْأَعْضَاء على الإسباغ والتثليث.(3/66)
بكر: أَتَى الصَّلَاة لأوّل وَقتهَا. [وَمِنْه: بكِّروا بِصَلَاة الْمغرب أَي صلوها عِنْد سُقُوط القرص. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تزَال أمتِي على سنتي مَا بكَّروا بِصَلَاة الْمغرب. ابتكر: أدْرك أول الْخطْبَة من ابتكر الرجل إِذا أكل با كورة الْفَاكِهَة] .
غسق قَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أَخذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي ثمَّ نظر إِلَى الْقَمَر فَقَالَ: يَا عَائِشَة تعوَّذي بِاللَّه من هَذَا فَإِنَّهُ الْغَاسِق إِذا وَقب. وَهُوَ من غسق يغسق إِذا أظلم لِأَنَّهُ يظلم إِذا كسف. ووقوبه: دُخُوله فِي الْكُسُوف أَرَادَ: تعوذي بِاللَّه مِنْهُ عِنْد كسوفه. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا تفطروا حَتَّى تروا اللَّيْل يغسق على الظراب. أَي يظلم عَلَيْهَا وَخص الظراب وَهِي الجبيلات إِرَادَة أَن الظلمَة تقرب من الأَرْض كَمَا قَالَ الْهُذلِيّ. ... دَلَجَى إِذا مَا اللَّيْل جَنَّ عَلَى المُقَرَّنَةِ الحَبَاحِبْ ... ابْن خثيم رَحمَه الله تَعَالَى الله تَعَالَى كَانَ يَقُول لمؤذنه يَوْم الْغَيْم أغسق أغسق. أَي أخر الْمغرب حَتَّى يغسق اللَّيْل. . مغسقا فِي (عز) . [لَا يغسلهُ المَاء فِي (قر) ] .
الْغَيْن مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من غشَّنا. الغشّ أَلا تمحض النَّصِيحَة من الغشش وَهُوَ المشرب الكدر وَمِنْه: لَقيته على غشاش أَي على عجلة ونزلوا غشاشا كَأَنَّهُ لِقَاء مشوب بفرقة وَنزل مشوب بنهضة لفرط قلته أَلا ترى إِلَى قَوْله:(3/67)
.. يكون نزُول الركب فِيهَا كلا وَلَا ... غشا شا وَلَا يدنون رحلا إِلَى رَحل ...
غشمر جُبَير بن حبيب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ عِيسَى بن عمر: أنشدته قَول أبي كَبِير: حَمَلَت بِهِ فِي لَيْلَة مَزْءُوَدةٍ ... كَرْها وعَقْد نِطاقِها لم يُحْلَلِ فَقَالَ: قَاتله الله لقد تغشمرها. أَي أَخذهَا بجفاء وعنف. تغشيشا فِي (غث) .
الْغَيْن مَعَ الضَّاد
غضض ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَو غضَّ النَّاس فِي الْوَصِيَّة من الثُّلُث إِلَى الرّبع لَكَانَ أحبَّ إليّ لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الثُّلُث وَالثلث كثير. أَي نَقَصُوا وحطُّوا يُقَال: لَا أغضُّك من حَقك شَيْئا وَلَا أغذك وَقد غضضته وغذذته. قَالَ: ... أيامَ ألحف مِئْزري عَفَر المَلا ... وأغض كل مرجل رَيَّان ...
غضغض عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما مَاتَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: هَنِيئًا لَك ابْن عَوْف خرجت من الدُّنْيَا ببطنتك لم يتغضغض مِنْهَا شَيْء. يُقَال غضغضته فتغضغض أَي نقصته وَهُوَ من معنى غضضته لَا من لَفظه لِأَنَّهُ ثلاثي وَهُوَ رباعي فَلَا يشتق مِنْهُ. ضرب البطنة مثلا لَو فَور أجره الَّذِي استوجبه بهجرته وَجِهَاد وَأَنه لم يتلبس بِولَايَة وَعمل فينقص ذَلِك.(3/68)
الْغَيْن مَعَ الطَّاء
غطف فِي (بر) . غطيطة فِي (ضف) . غطريف فِي (رج) . [غطريفاً فِي (جم) ] . مَا يغط فِي (سنّ) .
الْغَيْن مَعَ الظَّاء
غفل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نقادة الْأَسدي: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل مُغفل فَأَيْنَ أسم قَالَ: فِي مَوضِع الْجَرِير من السالفة فَقَالَ: يَا رَسُول الله اطلب إِلَى طلبة فإ ني أحب أَن أطلبكها قَالَ ابغني نَاقَة حلبانة ركبانة غير أَن لَا توله ذَات ولد عَن وَلَدهَا. الْمُغَفَّل: الَّذِي إبِله أغفال وَهِي الَّتِي لَا سمة عَلَيْهَا. الْجَرِير: حَبل فِي عنق الْبَعِير من أَدَم. السالفة: مَا سلف من الْعُنُق أَي تقدم. الحلبانة الركبانة: الصا لحة للحلب والر كوب زيدت الْألف وَالنُّون فِي بنائهما على مَا هُوَ أصل فِي بِنَاء مصدري حلب وَركب كَمَا زيدتا على سيف وعير وريع فِي قَوْلهم للْمَرْأَة الشطبة الممشوقة كَأَنَّهَا سيف: سيفانة وللناقة الَّتِي هِيَ فِي سرعَة العير أَو فِي صلابته: عيرانة وَفِي لَبنهَا ريع أَي كَثْرَة وبركة: ريعانة فَكَأَنَّمَا قيل فِيهَا فعلية والأالف وَالنُّون زائدتان لتعطيا معنى النّسَب. قَالَ: ... [أكرِم لنا بِنَاقَة ألوفِ] ... حَلبانة رَكبانة صَفوفِ ... تخلط بَين وَبَر وصَوفِ الطّلبَة: الْحَاجة وَمَا يطْلب ونظيرها النكرَة لما يُنكر وإطلابها: إنجازها والإسعاف بهَا وَمثله سَأَلته فأسألني أَي أَعْطَانِي سُؤَالِي والحقيقة أَنه من بَاب الإشكاء والإعتاب.(3/69)
ابغني: اطلبه لي بوصل الْهمزَة بقطعها أَعنِي على بغائه. التَّوْلِيَة: أَن تدعها والهاً أَي ثاكلاً بفصلها عَن وَلَدهَا. أَن فِي أَن لَا تولَّه هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَالْمعْنَى: غير أَنه لَا تولّه أَي غير أَن الشَّأْن والْحَدِيث لَا تفعل هَذَا. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا يتَوَضَّأ فَقَالَ: عَلَيْك بالمغفلة والمنشلة. أَرَادَ العنفقة لِأَن النَّاس يغفلون عَنْهَا وَعَما تحتهَا. المنشلة: مَوضِع الْخَاتم إِذا أَرَادَ غسله نشل الْخَاتم عَنهُ أَي رَفعه. وَعَن بعض التَّابِعين: أَنه أوصى رجلا فِي طَهَارَته فَقَالَ: تفقد فِي طهارتك الممغفلة والمنشلة وَالروم والفنيكين والشاكل وَالشَّجر. الرَّوم شحمة الْأذن. الفنيكان: جانبا العنفقة. الشاكل: الْبيَاض بَين الصُّدع وَالْأُذن. الشّجر: مُجْتَمع اللحيين عِنْد العنفقة.
غفق عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ روى إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه. قَالَ: مر بِي عمر بن الْخطاب ونا قَاعد فِي السُّوق وَهُوَ مار لحَاجَة لَهُ مَعَه الدرة فَقَالَ: هَكَذَا يَا سَلمَة عَن الطَّرِيق فغفقني بهَا فَمَا أصَاب إِلَّا طرفها ثوبي قَالَ فامطت عَن الطَّرِيق فَسكت عني حَتَّى إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل لَقِيَنِي فِي السُّوق فَقَالَ: يَا سَلمَة أردْت الْحَج الْعَام قلت: نعم فَأخذ بيَدي فَمَا فَارَقت يَده يَدي حَتَّى أدخلني بَيته فَأخْرج كيساً فِيهِ سِتّمائَة دِرْهَم فَقَالَ: سَلمَة خُذْهَا واستعن بهَا على حجك وَاعْلَم أَنَّهَا من الغفقة الَّتِي غفقتك عَاما أول. قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله مَا ذكرتها حَتَّى ذكرتنيها فَقَالَ عمر: وَأَنا وَالله مَا نسيتهَا. يُقَال غفقه بِالدرةِ غفقات وخفقه بهَا خفقات أَي ضربه وَهُوَ ضرب خَفِيف وَمِنْه التغفيق للنوم الْخَفِيف الَّذِي يسمع صَاحبه الحَدِيث وَلَا يحققه وَيَقُولُونَ خَفق خفقة(3/70)
إِذا نعس ثمَّ انتبه وَقد جَاءَ عفقة عفقات (بِالْعينِ غير الْمُعْجَمَة) . مَعَه الدرة: فِي مَحل النصب على الْحَال كَقَوْلِك: خرج عَلَيْهِ سَواد. مفعول أمطت مَحْذُوف وَهُوَ الْأَذَى يَعْنِي بِهِ سدّه الطَّرِيق بِنَفسِهِ وَالْمرَاد جعلت الطَّرِيق مماطاً عَنهُ أَي غير مسدود. حذف الرَّاجِع من الصِّلَة إِلَى الْمَوْصُول وَالْأَصْل غفقتكها.
الْغَيْن مَعَ الْقَاف
غفق فِي الحَدِيث: إِن الشَّمْس لتقرب من النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى أَن بطونهم تَقول: غِق غِقْ. هَذِه حِكَايَة صَوت الغليان وَيُقَال: غقَّ الْقدر غقا وغقيقا إِذا غلى إِلَى فَسمِعت لَهُ صَوتا وَسمعت غقَّ المَاء وغقيقه إِذا جرى فَخرج من ضيق إِلَى سَعَة أَو من سَعَة إِلَى ضيق وَمِنْه قَوْلهم للْمَرْأَة الَّتِي يسمع لَهَا صَوت عِنْد الْجِمَاع: غقوق وغقَّاقة.
الْغَيْن مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صلح الْحُدَيْبِيَة حِين صَالح أهل مَكَّة وَكتب بَينه وَبينهمْ كتابا فَكتب فِيهِ: أَن لَا إِغْلَال وَلَا إِسْلَال. وَأَن بَينهم عَيْبَة مَكْفُوفَة. يُقَال غلّ فلانٌ كَذَا إِذا اقتطعه ودسّه فِي مَتَاعه من غلّ الشَّيْء فِي الشَّيْء إِذا أدخلهُ فِيهِ فانغلّ وسلّ الْبَعِير وَغَيره فِي جَوف اللَّيْل إِذا انتزعه من بَين الْإِبِل وَهِي السلَّة وأغل وأسل صَار ذَا غلُول وسلّة وَيكون أَيْضا ان يعين غَيره عَلَيْهِمَا وَقيل: الإغلال لبس الدروع والإسلال سلّ السيوف. وَفِي حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: لَيْسَ على الْمُسْتَعِير غير المغلّ ضَمَان وَلَا على الْمُسْتَوْدع غير المغلّ ضَمَان.(3/71)
يُرِيد من لاخيانة عِنْده. المكفوفة: المشرجة مثل بهَا الذِّمَّة المحفوظة الَّتِي تنكث. ثَلَاث لَا يغلُّ عَلَيْهِنَّ قلب مُؤمن: إخلاص الْعَمَل لله والنصيحة لولاة الْأَمر وَلُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين فَإِن دعوتهم تحيط من وَرَائه _ وروى: لايغل (بِالضَّمِّ) وَلَا يغل بِالتَّخْفِيفِ يُقَال غلّ صَدره يغل غلاًّ والغلّ: الحقد الكامن فِي الصَّدْر. وَالْإِغْلَال: الْخِيَانَة. والوغول: الدُّخُول فِي الشَّرّ. وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْخلال يستصلح بهَا الْقُلُوب فَمن تمسك بهَا طهر قلبه من الدّغل وَالْفساد. وعليهن: فِي مَوضِع الْحَال أَي لَا يغل كَائِنا عَلَيْهِنَّ قلب مُؤمن وَإِنَّمَا انتصب عَن النكرَة لتقدمه عَلَيْهِ.
غلق لَا يغلق الرَّهن بِمَا فِيهِ لَك غنمه وَعَلِيهِ غرمه. يُقَال: غلق الرَّهْن غلوقا إِذا بَقِي يَد الْمُرْتَهن لَا يقدر على تخليصه. قَالَ زُهَيْر: ... وفارقتك برَهْنٍ لَا فَكاك لَهُ ... يَوْم الْوَدَاع فأمْسَى الرَّهْن قَدْ غَلِقَا ... وَكَانَ من أفاعيل الْجَاهِلِيَّة أَن الرَّاهِن إِذا لم يؤدِّ مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْت الْمُؤَقت ملك الْمُرْتَهن الرَّهْن. وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَحمَه الله: أَنه سُئِلَ عَن غلق الرَّهْن فَقَالَ: يَقُول أَن لم افتكّه إِلَى غَد فَهُوَ لَك. وَمعنى قَوْله: لَك غنمه وَعَلِيهِ غرمه أَن زِيَادَة الرَّهن ونماءه وَفضل قِيمَته للرَّاهِن وعَلى الْمُرْتَهن ضَمَانه إِن هلك كَمَا فِي حَدِيث عَطاء: أَن رجلا رهن فرسا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنفق فَذكر الْمُرْتَهن ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذهب حَقك. أَي من الدّين. لَا طَلَاق وَلَا عتاق فِي إغلاق. أَي فِي إِكْرَاه لِأَن الْمُكْره مغلق عَلَيْهِ أمره وتصرُّفه.(3/72)
غلط نهى عَن الغلوطات وروى: الاغلوطات. قَالَ بَعضهم: الغلوطة: المسئلة الَّتِي يُغالط بهَا الْعَالم ليستزل ويستسقط رَأْيه. يُقَال: مسئلة غلوط كشاة حَلُوب وناقة ركُوب اسْما بِزِيَادَة التَّاء فَيُقَال غلوطة. وَقيل الصَّوَاب: عَن الغلوطات بطرح الْهمزَة من الأغلوطات وإلقاء حركتها على لَام التَّعْرِيف. كَمَا يُقَال فِي الْأَحْمَر لحمر وردّت الرِّوَايَة الأولى. والأغلوطة: أفعولة من غلط كالأحدوثة والأحموقة.
غلق الْخَيل ثَلَاثَة: رجل ارْتبط فرسا عدَّة فِي سَبِيل الله فَإِن علفه وروثه وأثره ومسحاً عَنهُ وعارية وزر فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة. وَرجل ارْتبط فرسا ليغالق عَلَيْهَا أَو يراهن عَلَيْهَا: فَإِن علفه وروثه ومسحاً عَنهُ وزر فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة. وَرجل ارْتبط فرسا ليستنبطها وروى: ليستنبطنها فَهِيَ ستر من الْفقر. المغالقة: الْمُرَاهنَة وَأَصلهَا فِي الميسر. والمغالق: الأزلام الْوَاحِد مغلق وَإِنَّمَا كرهها إِذا كَانَت على رسم الْجَاهِلِيَّة وَذَلِكَ أَن يتواضعا بَينهمَا جُعلا يسْتَحقّهُ السَّابِق مِنْهُمَا. الاستنباط: اسْتِخْرَاج المَاء يُقَال: أنبط فلَان واستنبط إِذا حفر فَانْتهى إِلَى المَاء فاستعير لاستخراج النَّسْل. والاستنبان: طلب مافي الْبَطن يَعْنِي النِّتَاج. وَالْمسح عَنهُ: فرجنته لِأَنَّهُ يمسح عَنهُ التُّرَاب وَغَيره. أهل الْجنَّة الضُّعَفَاء المغلبون وَأهل النَّار كل جعظري جوَّاظ مستكبر جمَّاع مناع.
غلب
لغلب الَّذِي يغلب كثيرا وَيكون أَيْضا الَّذِي يحكم لَهُ بالغلبة يُقَال: غلِّب فلَان على فلَان. قَالَ يَعْقُوب: إِذا قَالُوا للشاعر مغلَّب فَهُوَ مغلوب وَرجل مغلب: لايزال يغلب. الجعظري والجعذري: الأكول الغليظ وَقيل: الْقصير المنتفخ بِمَا لَيْسَ عِنْده.(3/73)
الجوَّاظ من جاظ يجوظ جوظاناً إِذا اختال وَقيل: [الَّذِي] جمع وَمنع. وَقيل هُوَ السمين وَقيل: الصخاب المهذار.
غلم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُغيلمة بني عبد الْمطلب من جمع بلَيْل ثمَّ جعل يلطخ أفخاذنا [بِيَدِهِ] وَيَقُول: أبيني لاترموا جَمْرَة الْعقبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس. الأُغيلمة: تَصْغِير أغلمة قِيَاسا وَلم تجىء كَمَا أَن أصبية تَصْغِير أصبية وَلم تسْتَعْمل إِنَّمَا الْمُسْتَعْمل غلمة وصبية. جمع: علم للمزدلفة وَهِي الْمشعر الْحَرَام سميت بذلك لاجنماع آدم وحواء عَلَيْهَا السَّلَام بهَا وازد لَا فهما إِلَيْهَا فِيمَا روى عَن ابْن عَبَّاس. اللطخ: ضرب لين بِبَطن الْكَفّ. الأبيني بِوَزْن الأعيمي تَصْغِير الأبنى بِوَزْن الْأَعْمَى وهواسم جمع للِابْن. قَالَ: ... وَإِن يَك لاساء فقد ساءنِي ... تَرْكُ أُبَيْنِيكَ إِلَى غير راعِ ...
غلق عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي كِتَابه إِلَّا أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: وَإِيَّاك والغلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر للخصومات فَإِن الْحق فِي مَوَاطِن الْحق يعظم الله بِهِ الْأجر ويُحسن بِهِ الذخر. قَالَ الْمبرد: الغلق: ضيق الصَّدْر وَقلة الصَّبْر. وَرجل غلق: سيء الْخلق.
غلم عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تجهزوا لقِتَال المارقين المغتلمين. هم الَّذين تجاوزوا حدَّ مَا أُمروا بِهِ من الدّين وَطَاعَة الإِمَام وطغوا من اغتلام الْبَعِير وَهُوَ هيجه للشهوة وطغيانه وَيُقَال غلم غلمة واغتلم اغتلاما.(3/74)
وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا اغتلمت عَلَيْكُم هَذِه الْأَشْرِبَة فاكسروها بِالْمَاءِ. أَي إِذا هَاجَتْ سورتها وحمياها فامزجوها بِالْمَاءِ.
غلت ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا غلت فِي الْإِسْلَام. يُقَال: غلط فِي كل شَيْء وغلت فِي الْحساب خَاصَّة. وَمَعْنَاهُ أَن الرجل إِذا قَالَ: اشْتريت مِنْك هَذَا الثَّوْب بِمِائَة دِرْهَم ثمَّ تَجدهُ قد اشْتَرَاهُ بِأَقَلّ ردّ إِلَى الْحق وَترك الغلت. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه كَانَ لَا يُجِيز الغلت. وَعَن النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ: لَا يجوز التَّغَلًت. تفّعل من الغلت تَقول تغلته أَي طلب غَلَّته نَحْو تعنته. وَيُقَال تغلتني فلاان واغتلتني إِذا أَخذه على غرَّة.
غلق جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِنَّمَا شَفَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن أوثق نَفسه وأغلق ظَهره. يُقَال: غلق ظهر الْبَعِير إِذا دبر فنغل بَاطِنه فَلَا يكَاد يبرأ وأغلقه صَاحبه إِذا أثقل حمله حَتَّى غلق لِأَنَّهُ مَنعه بذلك من الِانْتِفَاع بِهِ فَكَأَنَّهُ أغلق مِنْهُ وَكَانَ مُطلقًا. وَالْمعْنَى: وأثقل ظَهره بِالذنُوبِ.
الْغَيْن مَعَ الْمِيم
غمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي سفر فشُكي إِلَيْهِ الْعَطش فَقَالَ: أطْلقُوا لي غمري. فَأتي بِهِ. هُوَ الْقدح الصَّغِير. سمي بذلك لِأَنَّهُ مغمور بَين سَائِر الأقداح وَمِنْه تغمرت الْإِبِل إِذا شربت قَلِيلا.(3/75)
لَا تقدمُوا شهر رَمَضَان بِيَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَن يُوَافق ذَلِك صوما كَانَ يَصُومهُ أحدكُم. صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن غُمّ عَلَيْكُم فصوموا ثَلَاثِينَ ثمَّ أفطروا وروى فَإِن غُمّ عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ. فِي غمَّ ضمير الْهلَال أَي إِن غُطي بغيم أَو غَيره من غممت الشَّيْء إِذا غطيته وَيجوز أَن يكون مُسْندًا إِلَى الظّرْف أَي فَإِن كُنْتُم مغموما عَلَيْكُم فصوموا. وَترك ذكر الْهلَال للاستغناء عَنهُ كَمَا تَقول: دفع إِلَى زيد إِذا اسْتغنى عَن ذكر الْمَدْفُوع. فاقدروا لَهُ فقدروا عدد الشَّهْر بِثَلَاثِينَ يَوْمًا.
غمد لَيْسَ أحد يدْخل الْجنَّة بِعَمَلِهِ. قيل: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته أَي يسترني ويغمدني من الغمد.
غمر إِنَّه أول مَا اشْتَكَى فِي بَيت مَيْمُونَة اشْتَدَّ مَرضه حَتَّى غُمر عَلَيْهِ. أَي أُغمي عَلَيْهِ كَأَنَّهُ غُطِّي على عقله من غمرت الشَّيْء إِذا سترته وَغشيَ عَلَيْهِ وأُغمي عَلَيْهِ من معنى السّتْر أَيْضا.
غمس الْيَمين الْغمُوس تدع الدِّيار بَلَاقِع. هِيَ الْيَمين الكاذبة لِأَنَّهَا تغمس فِي المآثم وَتقول الْعَرَب لِلْأَمْرِ الشَّديد الغامس فِي الشدَّة وَالْبَلَاء: غموس قَالَ: ... مَتى تَأْتِنا أَو تَلْقَنَا فِي ديارِنا ... تَجِد أمرنَا إمرا أحذ غموسا ...
غمق عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة وَهُوَ بِالشَّام حِين وَقع بهَا الطَّاعُون: إِن الْأُرْدُن أَرض غمقة وَإِن الْجَابِيَة أَرض نزهة فاظهر بِمن مَعَك من الْمُسلمين إِلَى الْجَابِيَة. الغمق: فَسَاد الرّيح وخمومها من كَثْرَة الأندية. النزهة: الْبعد من ذَلِك وَمِنْهَا قَوْلهم: فلَان نزه النَّفس عَن الريب.(3/76)
غمر جعل على كل [جريب] عَامر أَو غامر درهما وقفيزا. الغامر: الَّذِي أُغفل عَن الْعِمَارَة وَعَن آثارها من قَوْلهم غمر غمارة فَهُوَ غمر وَهُوَ الغرُّ الَّذِي خلا من آثَار التجربة وَفِي كَلَام بعض الْعَرَب: فلَان غفل لم تسمه التجارب. وَإِنَّمَا وَجب فِيهِ الْخراج لِئَلَّا يقصروا فِي الْعِمَارَة.
غمص عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قتل ابْن آدم أَخَاهُ غمص الله الْخلق وَنقص الْأَشْيَاء. أَي غض من طولهم وعظمهم وقوتهم وَيُقَال: غمصت الرجل وغمصته واحتقرته.
غمض معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إيَّاكُمْ ومغمضات الْأُمُور وروى: إيَّاكُمْ والمغمضات من الذُّنُوب. قَالَ النَّضر: هِيَ الْعِظَام يركبهَا الرجل وَهُوَ يعرفهَا لكنه يغمض عَنْهَا كَأَن لم يرهَا.
غمم عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَ مُوسَى بن طَلْحَة: أتيناها نسألها عَن عُثْمَان فَقَالَت: اجلسوا حَتَّى أحدثكُم بِمَا جئْتُمْ لَهُ وَإِنَّا عتبنا عَلَيْهِ كَذَا وَمَوْضِع الغمامة المحماة وضربه بِالسَّوْطِ والعصا فعمدوا إِلَيْهِ حَتَّى إِذا ماصوه كَمَا يماص الثَّوْب اقتحموا إِلَيْهِ الْفقر الثَّلَاث: حُرْمَة الشَّهْر وَحُرْمَة الْبَلَد وَحُرْمَة الْخلَافَة. سمت العشب بالغمامة كَمَا يُسمى بالشماء أَي جعل الْكلأ حمى وَالنَّاس فِيهِ شُرَكَاء وَضرب بِالسَّوْطِ والعصا فِي الْعُقُوبَات وَكَانَ من قبله يضْرب بِالدرةِ والنعل. ماصوه: غسلوه من الذُّنُوب بالاستتابة. مر تَفْسِير الْفقر فِي (سح) . فِي الحَدِيث: إِن بني قُرَيْظَة نزلُوا أَرضًا غملة وبلة. هِيَ الَّتِي وارى النَّبَات وَجههَا يُقَال: اغمل هَذَا الْأَمر أَي واره.(3/77)
الغملول: الشّجر المتكاثف. الوبلة: الوبئة من الْكلأ الوبيل وَقد وبل ووبل.
الْغَيْن مَعَ النُّون
غنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الصَّدَقَة مَا أبقت غنى وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول. أَي مَا بقيت لَك بعد إخرجها كِفَايَة لَك ولعيالك واستغناء كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا الصَّدَقَة عَن ظهر غنى وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُل الْعَفْو} أَو مَا أجزلت فأغنيت بِهِ الْمُعْطِي عَن الْمَسْأَلَة كَقَوْل عمر: إِذا أعطيتم فأغنوا. الْعليا: يَد الْمُعْطِي. والسفلى: يَد الْآخِذ. أنَّث الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمَوْصُول فِي قَوْله: مَا أبقت ذَهَابًا إِلَى مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ فِي معنى الصَّدَقَة. من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فالجمعة حقٌّ عَلَيْهِ إِلَّا عبد أَو صبي أَو مَرِيض فَمن اسْتغنى بلهو أَو تِجَارَة اسْتغنى الله عَنهُ وَالله غَنِي حميد. أَي طَرحه الله وَرمى بِهِ من عينه فعل من اسْتغنى عَن الشَّيْء فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ. وَقيل جزاه جَزَاء استغنائه عَنْهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {نَسُوا اللهَ فنسيهم}
غنظ ابْن عبد الْعَزِيز رحمهمَا الله تَعَالَى _ ذكر الْمَوْت فَقَالَ: عنظ لَيْسَ كالغنظ وكظ لَيْسَ كالكظ. يُقَال: غنظه جهده وكربه وكنظه مثله وَيُقَال: غنظه جهده وكنظه إِذا ملأَهُ غيظا وغنظه الطَّعَام وكنظه إِذا ملأَهُ وغمه. قَالَ:(3/78)
.. وَلَقَد لقيتَ فوارسا من قَوْمِنَا ... غَنَظُوك غَنْظَ جَرادَة العَيّار ... والكظ نَحوه يُقَال: كظه الطَّعَام إِذا ملأَهُ وغمه. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كظَّه الشِّبَع إِذا امْتَلَأَ حَتَّى لَا يُطيق النَّفس.
الْغَيْن مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن حُصَيْن بن أَوْس النَّهْشَلِي أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قل لأهل الْغَائِط يحسنوا مخالطتي فشمَّت عَلَيْهِ ودعا لَهُ. الْغَائِط: الْوَادي المطمئن وغاط فِي الأَرْض يغوط ويغيط إِذا غَار يُرِيد أهل الْوَادي الَّذِي كَانَ ينزله. وَمِنْه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل أمتِي بغائط يسمونه الْبَصْرَة يكثر أَهلهَا وَيكون مصرا من أَمْصَار الْمُسلمين.
غور عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وجد رجلٌ مَنْبُوذًا فَأَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: عَسى الغوير أُبؤساً. فَقَالَ عريفه: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه وَإنَّهُ. . فَأثْنى عَلَيْهِ خيرا. فَقَالَ: هُوَ حرّ وَوَلَاؤُهُ لَك. الغوير: مَاء لكَلْب وَهَذَا مثل أول من تكلم بِهِ الزباء الملكة حِين رَأَتْ الْإِبِل عَلَيْهَا الصناديق فاستنكرت شَأْن قصير إِذْ أَخذ على غير الطَّرِيق أَرَادَت: عَسى أَن يَأْتِي ذَلِك الطَّرِيق بشر. وَمُرَاد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اتهام الرجل بِأَن يكون صَاحب المنبوذ حَتَّى أثنى عَلَيْهِ عريفه خيرا. الأبؤس: جمع بَأْس وانتصابه بعسى على أَنه خَبره على مَا عَلَيْهِ أصل الْقيَاس. جعله مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أعْتقهُ إِذْ التقطه فأنقذه من الْمَوْت وَأَن يلتقطه غَيره فيدعي رقَّه. إِنَّه وَإنَّهُ أَرَادَ أَنه أَمِين وَأَنه عفيف وَمَا أشبه ذَلِك فَحذف.(3/79)
غول إِن صبياًّ قُتل بِصَنْعَاء غيلَة فَقتل بِهِ عمر سَبْعَة وَقَالَ: لَو اشْترك فِيهِ أهل صنعاء لقتلتهم. هِيَ فعلة من الاغتيال وياؤها عَن وَاو لِأَن الاغتيال من غالته الغول تغوله غولا.
غوى إِن قُريْشًا تُرِيدُ أَن تكون مغويات لمَال الله. المغواة: الزبية. قَالَ رؤبة: ... فِي لَيْلَة بجوزها يَوْم حادِ ... إِلَى مُغَوّاة الفَتَى بالمِرْصاد ... وَفِي أمثالهم: من حفر مغوَّاة وَقع فِيهَا أَي تُرِيدُ أَن تكون مصائد لِلْمَالِ تحتجنه. وَسميت مغواة لِأَنَّهَا غويت أَي أضلَّت وسترت اعتيالا للصَّيْد من الغي. قَالَ السَّائِب بن الْأَقْرَع: وَردت عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ بِخَبَر فتح نهاوند فَلَمَّا رَآنِي ناداني من بعيد: وَيحك مَا وَرَاءَك فوَاللَّه مَا بت هَذِه اللَّيْلَة إِلَّا تغويرا وروى: تغريرا. قلت: أبشر بِفَتْح الله وَنَصره قَالَ: وَكنت حملت معي سفطين من الْجَوْهَر ففتحتهما كَأَنَّهُ النيرَان يشب بعضه بَعْضًا. التغوير: النُّزُول عِنْد الغائرة وَهِي حِين تغور الشَّمْس أَي تصير إِلَى شدَّة الْحر يُقَال: غوّروا قَلِيلا. قَالَ جرير: أنَحْنَ لِتَغْوِيرٍ وقَدْ وَقَد الحَصَى ... وذاب لُعاب الشمسِ فَوق الجماجم ... والغورة مثل الغائرة ثمَّ قيل للقيلولة تغوير وَأَرَادَ عمر مَا بتُّ إِلَّا قدر نومَة المغوِّر. والتغرير من الغرار. الشبّ. الإيقاد يُرِيد: أَنه كَانَ يتلألأ ويتوقد كالنار.(3/80)
عُثْمَان رضى الله تَعَالَى عَنهُ فِي مَقْتَله فتغاووا عَلَيْهِ قَتَلُوهُ. التغاوي: التحاشد بالغيّ. وَمِنْه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الْمُنْذر بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ إِلَى بني عَامر بن صعصعة فاستنجد عَامر بن الطُّفَيْل عَلَيْهِ قبائل فَقَتَلُوهُ وَأَصْحَابه فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّامًا وَقَالَت أُخْت الْمُنْذر ترثيه: ... تَغَاوَتْ عَلَيْهِ ذئابُ الحجازِ ... بَنو بَهْثةٍ وَبَنُو جَعْفَرِ ...
غول عمار رَضِي الله عَنهُ أوجز الصَّلَاة فَقَالَ: إِنِّي كنت أغاول حَاجَة لي. أَي أبادر وَهُوَ من الغول: الْبعد يُقَال: هون الله عَلَيْك غول هَذَا الطَّرِيق لِأَنَّهُ إِذا بَادر الشَّيْء فقد طوى إِلَيْهِ الْبعد.
غور الْأَحْنَف رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ يَوْم انْصَرف الزبير من وقْعَة الْجمل: هَذَا الزبير وَكَانَ الْأَحْنَف يَوْمئِذٍ بوادي السبَاع مَعَ قومه قد اعتزل الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا فَقَالَ: مَا أصنع بِهِ إِن كَانَ جمع بَين هذَيْن الغارين ثمَّ انْصَرف وَترك النَّاس. الْغَار: الْجمع الْكثير لقهره وإغارته وَمِنْه استغار الْجرْح إِذا تورَّم.
غوص فِي الحَدِيث لُعنت الغائصة والمغوِّصة. قَالُوا: الغائصة الَّتِي لَا تعلم زَوجهَا أَنَّهَا حَائِض فيجتنبها والمغوِّصة: الَّتِي لَا تكون حَائِضًا وَتكذب زَوجهَا فَتَقول: أَنا حَائِض.
غوط فِي قصَّة نوح عَلَيْهِ السَّلَام: وانسدَّتْ ينابيع الغوط الْأَكْبَر وأبواب السَّمَاء. الغوط: عمق الأَرْض الْأَبْعَد.(3/81)
الْغَيْن مَعَ الْهَاء
غهب عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن رجل أصَاب صيداغهبا قَالَ: عَلَيْهِ الْجَزَاء. يُقَال: غهب عَن الشَّيْء غهباً مثل رهب رهباً إِذا غفل عَنهُ ونسيه وَمِنْه الغهبي بِوَزْن الزمكي: أول الشَّبَاب لِأَنَّهُ وَقت الغفلات وأصل الغيهب: الظلام وليل غهب وغيهب أَي مظلم لِأَن الغافل عَن الشَّيْء كَأَنَّمَا أظلم عَلَيْهِ الشَّيْء وخفي فَلَا يفْطن لَهُ.
الْغَيْن مَعَ الْيَاء
غي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة تقدمه سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان كَأَنَّهُمَا غيايتان أَو كَأَنَّهُمَا ظلتان سوداوان بَينهمَا شَرق أَو كَأَنَّهُمَا حزقان من طير صوافَّ. الغياية: كل مَا أظل وغايوا فَوق رَأسه بِالسُّيُوفِ أَي أظلوه والظلة مثلهَا. الشرق: الضَّوْء وَقيل: الشق من قَوْلهم: شَاة شرقاء أَي بَينهمَا فُرْجَة. حزقان: طَائِفَتَانِ. صواف: باسطات أَجْنِحَتهَا فِي الطيران.
غين إِنَّه لغيان على قلبِي حَتَّى أسْتَغْفر الله كَذَا وَكَذَا مرّة. أَي يطبق عَلَيْهِ إطباق الْغَيْن وَهُوَ الْغَيْم وَيُقَال غينت السَّمَاء تغان وَالْفِعْل مُسْند إِلَى الظّرْف وموضعه رفع بالفاعلية كَأَنَّهُ قيل: ليغشى قلبِي. وَالْمرَاد مَا يَغْشَاهُ من السَّهْو إلذى لَا يَخْلُو مِنْهُ الْبشر.
غير قَالَ لرجل طلب الْقود لوَلِيّ لَهُ قُتل إِلَّا الْغَيْر تُرِيدُ وروى: أَلا تقبل الْغَيْر قَالَ أَبُو عَمْرو: الْغيرَة الدِّيَة وَجَمعهَا غير وَجمع الْغَيْر أغيار. وَغَيره: أعطَاهُ الدِّيَة عَن أبي زيد وَعَن أبي عُبَيْدَة: غاربي يغيرني ويغورني إِذا وداك وعَلى هَذِه الرِّوَايَة جَائِز فِي يَاء الْغيرَة أَن تكون منقلبة عَن الْوَاو كياء قينة وجيرة وأنشدوا لبَعض بني عذرة: ... لنجد عَن بِأَيْدِينَا أنوفكم ... بني أُمَيْمَة إِن لم تقبلُوا الغيرا ...(3/82)
واشتقاقها من الْمُغَايرَة وَهِي الْمُبَادلَة يُقَال: غايرته بسلعتي إِذا بادلته لِأَنَّهَا بدل من الْقود. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة محلم بن جثامة حِين قتل الرجل فَأبى عُيَيْنَة بن حصن أَن يقبل الْغَيْر فَقَامَ رجل من بني لَيْث يُقَال لَهُ مكتيل عَلَيْهِ شكَّة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي مَا أجد لما فعل هَذَا فِي غرَّة الْإِسْلَام مثلا إِلَّا غنما وَردت فَرمى أَولهَا فنفر آخرهَا اسنن الْيَوْم وغيِّره غَدا. الشكة: السِّلَاح. وَمعنى قَول مكيتل: إِن مثل محلم فِي قَتله الرجل وَطَلَبه أَلا يقْتَصّ مِنْهُ وَالْوَقْت أول الْإِسْلَام وصدره كَمثل هَذِه الْغنم يَعْنِي أَنه إِن جرى الْأَمر مَعَ أَوْلِيَاء هَذَا الْقَتِيل على مَا يُريدهُ محلم ثبَّط النَّاس عَن الدُّخُول فِي الْإِسْلَام معرفتهم بِأَن الْقود يُغير بِالدِّيَةِ وَالْعرب خُصُوصا فهم الحراص على دَرك الأوتار وَفِيهِمْ الأنفة من تقبل الدِّيات ثمَّ حث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الإفادة مِنْهُ بقوله: اسنن الْيَوْم وغيَّره غَدا يُرِيد إِن لم تقتص مِنْهُ غيَّرت سنتك وَلكنه أخرج الْكَلَام على الْوَجْه الَّذِي يهيج من الْمُخَاطب ويستفزه للإقدام على الْمَطْلُوب مِنْهُ. لقد هَمَمْت أَن أنهِي عَن الغيلة ثمَّ ذكرت أَن فَارس وَالروم يَفْعَلُونَهُ فَلَا يضرهم. هِيَ الغيل وَإِنَّمَا ذكر ضميرها لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ ان تجامع الْمَرْأَة وَهُوَ مرضع وَقد أغال الرجل وأغيل وَالْولد مغال ومغيل. كره عشر خِصَال مِنْهَا تَغْيِير الشيب يَعْنِي نتفه وعزل المَاء عَن مَحَله وإفساد الصَّبِي غير محرِّمه. تَفْسِير تَغْيِير الشيب فِي الحَدِيث. وعزل المَاء: هُوَ الْعَزْل عَن النِّسَاء. وإفساد الصَّبِي: إغياله.(3/83)
غير محرمه يَعْنِي أَنه كرهه وَلم يبلغ بِهِ التَّحْرِيم.
غيب أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن حسان لما هاجى قُريْشًا قَالَت قُرَيْش: إِن هَذَا الشتم مَا غَابَ عَنهُ ابْن أبي قُحَافَة. عنوا أَنه عَالم بالأنساب وَالْأَخْبَار فحسان يُرَاجِعهُ ويسائله عَنْهَا. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه قَالَ لحسان: نافح عَن قَوْمك واسأله عَن معايب الْقَوْم يَعْنِي أَبَا بكر.
غيض عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ لدرهم يُنْفِقهُ أحدكُم من جهده خير من عشرَة آلَاف ينفقها أَحَدنَا غيضاً من فيض. أَي قَلِيلا من كثير والغيض: النُّقْصَان يُقَال غاض المَاء وأغاضه غَيره.(3/84)
حرف الْفَاء
الْفَاء مَعَ الْهمزَة
فأد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد سَعْدا فَوضع يَده بَين ثدييه وَقَالَ: إِنَّك رجل مفئود فأت الْحَارِث بن كلدة أَخا ثَقِيف فَإِنَّهُ يتطبب فليأخذ سبع مَرَّات من عَجْوَة الْمَدِينَة فليجأهن ثمَّ ليلدك بِهن ويروى: أَنه وصف لَهُ الفريقة. المفئود: الَّذِي أُصيب فُؤَاده بداء كالمظهور والمصدور وَيُقَال: فأدت الظبي أَي رميته فَأَصَبْت فُؤَاده وَرجل مفئود وفئيد للجبان الذَّاهِب الْفُؤَاد خوفًا وَقد فأده الْخَوْف فأدا. وَفِي حَدِيث عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى: أَن ابْن جريج قَالَ لَهُ: رجل مفئود ينفث دَمًا أَو مصدور ينهز قَيْحا أحدث هُوَ قَالَ: لَا وضوء عَلَيْهِمَا. النَّهر: الدّفع يُقَال نهز الثور بِرَأْسِهِ إِذا دفع عَن نَفسه. قَالَ ذُو الرمة: ... قِياماً تَذُبّ البَقَّ عَن نخراتها ... بنهز كإيماء الرُّءُوس المواتع ... ونهز بالدلو إِذا ضرب بهَا المَاء لتمتلئ. فليجأهن من الوجيئة وَهِي التَّمْر يدق حَتَّى يخرج نَوَاه ثمَّ يبل بِلَبن أَو بِسمن حَتَّى يتَّدن وَيلْزم بعضه بَعْضًا قَالَ: ... لِتَبْكِ الباكياتُ أَبَا خُبَيْبٍ ... لدهر أَو لنائبة تَنُوبُ
وقَعْبِ وَجيئةٍ بُلَّت بِمَاء ... يكون إدامها لبنٌ حليبُ ... وأصل الوجء: الدق وَالضَّرْب وَمِنْه: وجأت بِهِ الأَرْض عَن أبي زيد إِذا ضربتها بِهِ وكنزت التَّمْر فِي الجلة حَتَّى اتجأ أَي اكتنز وتلازم كَأَنَّهُ وجئ وجئاً. اللدّ من اللدود وَهُوَ الوجور فِي أحد لديدي الْفَم وهما شقاه. الفريقة: تمر يطْبخ بحلبة وَفرقت للنفساء وأفرقت إِذا صنعتها لَهَا.
فأل وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتفاءل وَلَا يتطير.(3/85)
الفأل والطيرة قد جَاءَا فِي الْخَبَر وَالشَّر تَقول الْعَرَب: وَلَا فأل عَلَيْك وَقَالَ الكتيت: ... وَكَانَ اسمكُم لَو يَزْجُرُ الطيرَ عائف ... لبينكم طيرا مبينَة الفال ... مجىء الطَّيرَة فِي الشَّرّ وَاسع لَا يفْتَقر فِيهِ إِلَى شَاهد إِلَّا أَن اسْتِعْمَال الفأل فِي الْخَيْر أَكثر. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قيل: يَا رَسُول الله مَا الفأل فَقَالَ: الْكَلِمَة الصَّالِحَة. وَاسْتِعْمَال الطَّيرَة فِي الشَّرّ أوسع وَقد جَاءَت مَجِيء الْجِنْس فِي الحَدِيث وَهُوَ قَوْله: أصدق الطَّيرَة الفأل.
الْفَاء مَعَ التَّاء
فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستفتح بصعاليك الْمُهَاجِرين. أَي يفْتَتح بهم الْقِتَال تيمناً بهم وَقيل: يستنصر بهم من قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءِكُمُ الْفَتْحُ} وكما التقى الْفَتْح والنصر فِي معنى الظفر التقيا فِي معنى الْمَطَر فَقَالُوا: قد فتح الله علينا فتوحاً كَثِيرَة تَتَابَعَت الأمطار وَأَرْض بني فلَان منصورة أَي مغيثة. الصعلوك: الَّذِي لَا مَال لَهُ وَلَا اعتمال وَقد صعلكته إِذا ذهبت بِمَالِه وَمِنْه تصعلكت الْإِبِل إِذا ذهبت أوبارها.
فتخ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد جافى عضديه عَن جَنْبَيْهِ وفتخ أَصَابِع رجلَيْهِ. أَي نصبها وغمز مَوضِع المفاصل إِلَى بَاطِن الرجل يُقَال: فتخها يفتخها فتخاً وفتخ الرجل يفتخ فتخا فَهُوَ أفتخ وَهُوَ اللين مفاصل الْأَصَابِع من عرض وَمِنْه قيل للعقاب فتخاء لِأَنَّهَا إِذا انحطت كسرت جناحيها وغمزتها.
فتر نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل مُسكر ومفتر. هُوَ الَّذِي يفتر من شربه فإمَّا أَن يكون أفتره بِمَعْنى فتره أَي جعله فاتراً وَإِمَّا أَن يكون أفتر الشَّرَاب إِذا فتر شَاربه كَقَوْلِك: أقطف الرجل إِذا قطفت دَابَّته.(3/86)
وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: أفتر الرجل إِذا ضعفت جفونه فانكسر طرفه.
فتن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فتْنَة الْقَبْر: (أما فتْنَة الْقَبْر فَبِي تفتنون وعني تُسألون فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف) . الْفِتَن: أَصله الِابْتِلَاء والامتحان وَمِنْه فتن الْفضة إِذا أدخلها النَّار ليعرف جيِّدها من رديئها. وَمِنْه قَوْلهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَبِي تفتنون) تمتحنون ويتعرف إيمَانكُمْ بنبوتي وكما قيل فِي شدَّة النَّازِلَة بلَاء ومحنة قيل فتْنَة وَفتن فلَان بفلانة أَي بلَى بهواها ونكب. وَفِي حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} فتنوهم بالنَّار قوما كَانُوا بمذارع الْيمن أَي عذبوهم. والمذراع: الْبِلَاد الَّتِي بَين الرِّيف وَالْبر لِأَنَّهَا أَطْرَاف ونواح من مذراع الدَّابَّة. المشعوف: الَّذِي أُصِيب شعفة قلبه وَهِي رَأسه عِنْد مُعَلّق النياط بحب أَو ذعر أَو جُنُون وَأهل حجر وناحيتها يَقُولُونَ للمجنون مشغوف وَبِه شغَاف وَالْمرَاد هَا هُنَا المذعور أَو الَّذِي أَصَابَهُ شبه الْجُنُون من فرط الْفَزع والقلق وَالْحَسْرَة.
فتا إِن أَرْبَعَة تفاتوا إِلَيْهِ. أَي تحاكموا إِلَيْهِ من الْفَتْوَى. قَالَ الطرماح: ... أنِخْ بفِناء أشْدَقَ من عدِيٍّ ... ومِنْ جَرْمٍ وهُمْ أهل التَّفَاتِي ... إِن امْرَأَة سَأَلت أم سَلمَة أَن تريها الْإِنَاء الَّذِي كَانَ يتَوَضَّأ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْرَجته فَقَالَت [الْمَرْأَة] : هَذَا مكوك الْمُفْتِي. قَالَ الْأَصْمَعِي: الْمُفْتِي مكيال هِشَام بن هُبَيْرَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفتى الرجل إِذا شرب بالمفتي وَهُوَ قدح الشطار. وَالْمعْنَى تَشْبِيه الْإِنَاء بمكوك هِشَام وأرادت مكوك صَاحب الْمُفْتِي فحذفت الْمُضَاف أَو بمكوك الشَّارِب. وَهُوَ مَا يُكَال بِهِ الْخمر قَالَ الْأَعْشَى:(3/87)
.. وَإِذا مكُّوكها صادمه ... جانباها كَرَّ فِيهَا وَسَبَحْ ...
فتك الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: أَلا أقتل لَك عليا فَقَالَ: وَكَيف تقتله قَالَ: أفتك بِهِ. قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قيَّد الْإِيمَان الفتك لَا يفتك مُؤمن. الْفَصْل بَين الفتك والغيلة: أَن الفتك هُوَ أَن تهتبل غرته فتقتله جهاراً والغيلة أَن تكتمن فِي مَوضِع فتقتله خُفْيَة. وَرويت فِي فائه الحركات الثَّلَاث وفتكت بفلان وأفتكت بِهِ عَن يَعْقُوب.
فتق زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: فِي الفتق الدِّيَة. صحَّ عَن الْأَزْهَرِي بِفَتْح التَّاء وَهُوَ انفتاق المثانة. وَعَن الْفراء أفتق الحيُّ إِذا أصَاب إبلهم الفتق وَذَلِكَ إِذا انفتقت خواصرها سمنا فتموت ذَلِك وَرُبمَا سلمت. وَأنْشد قَوْله رؤبة: ... لم يَرْجُ رُسْلاً بعد أَعْوَام الفَتَق ... وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تفتق الْجمل سمنا وفتق فتقا.
فتح ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَا كنت أَدْرِي مَا قَوْله عز وَجل {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنا بالْحَقِّ} حَتَّى سَمِعت بنت ذِي يزن تَقول لزَوجهَا: تعال أفاتحك يُقَال: فتح بَينهمَا أَي حكم. والفاتح: الْحَاكِم وفاتحه: حاكمه والفتاحة (بِالضَّمِّ وَالْكَسْر) : الْحُكُومَة لِأَن الحكم فصل وَفتح لما يستغلق.
فتا عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَذَعَة أحبُّ إِلَيّ من هرمة الله أحقُّ بالفتاء وَالْكَرم.(3/88)
والفتى: الطريّ السن ومصدره الفتاء. الْكَرم: الحُسن.
الْفَاء مَعَ الثَّاء
فثر عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ سُوَيْد بن غَفلَة: دخلت عَلَيْهِ يَوْم عيد وَعِنْده فاثور عَلَيْهِ خبز السمراء وصحفة فِيهَا خطيفة وملبنة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَوْم عيد وخطيفة فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا عيد من غفر لَهُ. مر ذكر الفاثور فِي (غر) . السمراء: الْحِنْطَة قَالَ: ... سَمْراء مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْرَاق ... وَقيل: هِيَ الخشكار. الخطيفة: الكابول وَقيل لبن يوضع على النَّار ثمَّ يذر عَلَيْهِ دَقِيق ويطبخ وَسميت خطيفة لِأَنَّهَا تختطف بالملاعق. الملبنة: الملعقة.(3/89)
الْفَاء مَعَ الْجِيم
فجر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا استأذنه فِي الْجِهَاد فَمَنعه لضعف بدنه فَقَالَ لَهُ إِن أطلقتني وَإِلَّا فجرتك. أَي عصيتك وخالفتك ومضيت إِلَى الْغَزْو وأصل الْفجْر الشَّق وَبِه سمى الْفجْر كَمَا سمى فلقاً وفرقاً والعاصي: شاق لعصا الطَّاعَة وَمِنْه قَول الموتر: (ونترك من يفجرك) .
فجو ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا صلى أحدكُم فَلَا يصلين وَبَينه وَبَين الْقبْلَة فجوة. هِيَ المتسع بَين الشَّيْئَيْنِ وَمِنْهَا الفجأ وَهُوَ الفجج وَرجل أفجى وَامْرَأَة فجواء وقوس فجواء أَي باين وترها عَن كَبِدهَا وَهُوَ فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا صلى أحدكُم إِلَى الشَّيْء فليرهقه.
الْفَاء مَعَ الْحَاء
فَحل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على رجل من الْأَنْصَار وَفِي نَاحيَة الْبَيْت فحلٌ فَأمر بِنَاحِيَة مِنْهُ فرشَّت ثمَّ صلى عَلَيْهِ. هُوَ الْحَصِير لِأَنَّهُ يرمل من سعف فَحل النّخل وَهُوَ كَقَوْلِهِم: فلَان يلبس الصُّوف والقطن.
فحص من بنى مَسْجِدا وَلَو مثل مفحص قطاة بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة.(3/90)
هُوَ مجثمها لِأَنَّهَا تفحص عَنهُ التُّرَاب. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي وَصيته ليزِيد بن أبي سُفْيَان حِين وَجهه إِلَى الشَّام: إِنَّك ستجد قوما قد فحصوا رُءُوسهم فَاضْرب بِالسَّيْفِ مَا فحصوا عَنهُ وستجد قوما فِي الصوامع فَدَعْهُمْ وَمَا أعملوا لَهُ أنفسهم. يَعْنِي الشمامسة الَّذين حَلقُوا رُءُوسهم. وَإِنَّمَا نهى عَن قتل الرهبان لِأَنَّهُ يُؤمن شرُّهم على الْمُسلمين لمجانبتهم الْقِتَال والإعانة عَلَيْهِ.
فَحل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قدم الشَّام تفحل لَهُ أُمَرَاء الشَّام. أَي تكلفوا لَهُ الفحولة فِي اللبَاس والمطعم فخشَّنوهما. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا شُفْعَة فِي بِئْر وَلَا فَحل والارف تقطع كل شُفْعَة. أَرَادَ فحال النّخل. الأرف: الْحُدُود.
فحا مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لقوم قدمُوا عَلَيْهِ كلوا من فحاء أَرْضنَا فقلما أكل قوم من فحاء أَرض فضرّه مَاؤُهَا. الفحاء: (بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم) : وَاحِد الأفحاء وَهِي التوابل نَحْو الفلفل والكمون وأشباههما. وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ... كَأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ... كُلَّ مدادٍ من فَحاً مَدْقُوق ... وَقَالَ: ... يدق لَك الأَفْحَاء فِي كل منزل ...(3/91)
وَيُقَال: فح قدرك وأفحها وقزحها وتوبلها أَي طيبها بالأبازير ولامه وَاو لقَولهم للطعام الَّذِي جعلت فِيهِ الأفحاء: الفحواء وَكَأَنَّهُ من معنى الفوح على الْقلب وَمِنْه: عرفت ذَلِك فِي فحوى كَلَامه وفحوائه.
فحص كَعْب إِن الله تَعَالَى بَارك فِي الشَّام وَخص بالتقديس من فحص الْأُرْدُن إِلَى رفح هُوَ مَا فحص مِنْهَا أَي كشف ونحى بعضه من بعضٍ من قَوْلهم: الْمَطَر يفحص الْحَصَى إِذا قلبه وزيله وفحص القطا التُّرَاب إِذا اتخذ أُفحوصا وَمِنْه الفحصة: نقرة الذقن. ورفح: مَكَان فِي طَرِيق مصر ينْسب إِلَيْهِ الْكلاب الْعقر.
الْفَاء مَعَ الْخَاء
فَخر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر. ادّعاء الْعظم وَمِنْه تَفْخَر فلَان إِذا تعظم ونخلة فخور: عَظِيمَة الْجذع يُرِيد: لَا أَقُول هَذَا افتخارا وتنفجا وَلَكِن شكرا لله وتحدثاً بنعمته.
الْفَاء مَعَ الدَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّكُم مدعوون يَوْم الْقِيَامَة مفدمة أَفْوَاهكُم بالفدام ثمَّ أَن أول مَا يبين عَن أحدكُم لفخذه وَيَده. الْفِدَام: مَا يشدُّ على فَم الإبريق لتصفيه الشَّرَاب وإبريق مفدَّم وَمِنْه: الفدم من الرِّجَال كَأَنَّهُ مشدود على فِيهِ مَا يمنعهُ الْكَلَام لفهاهته وَالْمعْنَى أَنهم يمْنَعُونَ الْكَلَام بأفواههم وتستنطق أَفْخَاذهم وأيديهم. كَقَوْلِه تَعَالَى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وتُكَلِّمُنَا أيْدِيهم وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} فَمثل الْمَنْع من الْكَلَام بالتفديم والختم.(3/92)
يبين عَن أحدكُم: يعرب عَنهُ ويفصح. وَمِنْه قيل للفصيح: الْبَين. وَقَالُوا أبين من سحبان وَائِل وَكَانَ فلَان من أبيناء الْعَرَب.
فدد إِن الْجفَاء وَالْقَسْوَة فِي الْفَدادِين وروى: فِي الْفَدادِين. الفديد: الجلبة يُقَال فدَّ يفدُّ فديدا وَمِنْه قيل للضفدع: الفدادة لنقيقها. عَن ابْن الْأَعرَابِي. وَفُلَان يفدّ الْيَوْم لي ويعدّ إِذا أوعدك. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للوعيد من وَرَاء وَرَاء: الفديد والهديد وَالْمرَاد الَّذين يجلبون فِي حروثهم ومواشيهم من الفلاحين والرعاة وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: مر بِي يفد أَي يعدو وَهَذِه أحمرة يتفاددن أَي يتعادين لِأَن هَؤُلَاءِ ديدنهم السَّعْي الدائب وَقلة الهدوء. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الأَرْض إِذا دُفن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عَليّ فدَّادا. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه خرج رجلَانِ يُريدَان الصَّلَاة قَالَا: فَأَدْرَكنَا أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ أمامنا فَقَالَ: مالكما تفدان فديد الْجمل قُلْنَا: أردنَا الصَّلَاة. قَالَ: الْعَامِد لَهَا كالقائم فِيهَا. والفديد: عَدو يسمع لَهُ صَوت وَقيل: إِذا ملك أحدهم المئين إِلَى الْألف من الْإِبِل قيل لَهُ الفدّاد. ويعضد هَذَا التَّفْسِير قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هلك الفدّادون إِلَّا من أعْطى فِي نجدتها ورسلها. وَهُوَ فعَّال فِي معنى النّسَب كبتات وعوّاج من قَوْلهم: لفُلَان فديد من الْإِبِل وَالْغنم يُرَاد الْكَثْرَة ومرجعه إِلَى معنى الجلبة. النجدة: الْمَشَقَّة تَقول: لَقِي فلَان نجدة. وَقَالَ طرفَة: ... تَحْسَب الطَّرْف عَلَيْهَا نَجْدَةً ...(3/93)
وَالرسل: السهولة وَمِنْه قَوْلك: على رسلك أَي على هينتك. وَقَالَ ربيعَة ابْن جحدر الْهُذلِيّ: ... أَلا إنّ خَيْرَ النَّاسِ رِسْلاً ونَجْدَةً ... بِعَجْلاَنَ قد خَفَّتْ لَدَيْه الأكارِسُ ... أَرَادَ: إِلَّا من أعْطى على كره النَّفس ومشقتها وعَلى طيب مِنْهَا وسهولة. وَقيل: مَعْنَاهُ: أعْطى الْإِبِل فِي حَال سمنها وحسنها ومنعها صَاحبهَا أَن يَنْحَرهَا ويسمح بهَا نفاسةً بهَا فَجعل ذَلِك الْمَنْع نجدة مِنْهَا وَنَحْوه قَوْلهم فِي الْمثل: أخذت أسحلتها وتترست بترسها. وَقَالَت ليلى الأخيلية: ... وَلَا تأخد الكُومَ الصَّفايا سلاَحهَا ... لتوبةَ فِي نَحْسِ الشتَاء الصَّنَابرِ ... وَالرسل: اللَّبن أَي لم يضن بهَا وَهِي لبن سمان. وَمن رَوَاهُ فِي الْفَدادِين فَهُوَ جمع فدان وَالْمعْنَى فِي أَصْحَابهَا.
فدم نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المفدم. هُوَ الثَّوْب المشبع حمرَة كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يقدر على الزِّيَادَة عَلَيْهِ لتناههي حمرته فَهُوَ كالممنوع من قبُول الصِّبغ. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: نهاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَقرَأ وَأَنا رَاكِع وأتختم بِالذَّهَب أَو ألبس المعصفر المفدم. وَفِي حَدِيث عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه كره المفدم للْمحرمِ وَلم ير بالمضرج بَأْسا المضرَّج: دون المشبع. والمورد: دن المضرج.
فدفد عَن نَاجِية بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لما كُنَّا بالغميم عدلت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذت بِهِ طريقٍ لَهَا فدافد فاستوت بِي الأَرْض حَتَّى أنزلته بِالْحُدَيْبِية وَهِي نزح. الفدفد: الْمَكَان الْمُرْتَفع. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ إِذا قفل من سفر فمرَّ بفدفد أَو نشز كبَّر ثَلَاثًا.(3/94)
يُرِيد: كَانَت الطَّرِيق متعادية ذَات آكام فاستوت. النَّزح: الَّتِي لَا مَاء بهَا فعل بِمَعْنى مفعولة أَي منزوحة المَاء. النَّشَز والنَّشْز: الْمَتْن الْمُرْتَفع من الأَرْض وَمِنْه: أنشزه إِذا رَفعه شَيْئا وَإِذا تزحَّف الرجل عَن مَجْلِسه فارتفع فويق ذَلِك قيل قد نشز.
فدر عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أهديت لي فدرة من لحم فَقلت للخادم: ارفعيها لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هِيَ قد صَارَت مروة حجر فقصت الْقِصَّة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَعَلَّه قَامَ على بَابَكُمْ سَائل فأصفحتموه قَالَت: أجل يَا رَسُول الله قَالَ: فَإِن ذَلِك لذَلِك. الفدرة: الْقطعَة وَيُقَال هَذِه حِجَارَة تفدر أَي تتكسر وَتصير فدراً وعود فدر وفزر: سريع الانكسار. الإصفاح: الردّ يُقَال: أَتَيْتُك قَالَ فأصفحتني. قَالَ الْكُمَيْت. ... وَلَا تَلِجَنْ بيوتَ بني سَعيد ... وَلَو قَالُوا وَرَاءَك مُصْفِحينا ... وَقيل: صفحه ردّه أَيْضا وفرَّق بَعضهم فَقَالَ: صفحه: أعطَاهُ وأصفحه: ردَّه. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الفادر الْعَظِيم من الأروى بقرة وَفِيمَا دون ذَلِك من الأروى شَاة وَفِي الْوَبر شَاة وَفِي كل ذِي كرش شَاة. الفادر والفدور: المسن من الوعول سمي لعَجزه عَن الضراب وانقطاعه مِنْهُ من قَوْلهم: فدر الْفَحْل فدورا إِذا جفر وَيجوز أَن يكون الدَّال فِي فدر بَدَلا من تَاء فتر. الْوَبر: دويبة على قدر السنور وَإِنَّمَا جعل فديَة الْوَبر الشَّاة وَلَيْسَ بندِّها لِأَنَّهُ ذُو كرش تجتر.
فدغ ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن الذَّبِيحَة بِالْعودِ فَقَالَ: كل مَا لم يُفدغ.(3/95)
فدغ الفدغ والفلغ والثدغ والثلغ: الشدخ. وَمِنْه الحَدِيث فِي الذّبْح بِالْحجرِ: إِن لم يفدغ الْحُلْقُوم فكُل. وَفِي بعض الحَدِيث: إِذن تفدغ قُرَيْش الرَّأْس. وَإِنَّمَا نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المشدخ لِأَنَّهُ كالموقوذ.
فدح فِي الحَدِيث: وعَلى الْمُسلمين أَلا يتْركُوا فِي الْإِسْلَام مفدوحا فِي فدَاء وعقل. يُقَال فدحه الْخطب إِذا عاله وأثقله. وأفدحته إِذا وجدته فادحا كأصعبته إِذا وجدته صعبا.
الْفَاء مَعَ الرَّاء
فرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعقل على الْمُسلمين عَامَّة وَلَا يتْرك فِي الْإِسْلَام مفرج وروى: مفرح. هُوَ المثقل بِحَق دِيَة أَو فدَاء أوغرم كالمفدوح الَّذِي مر فِي الحَدِيث آنِفا. وَأَصله فِيمَن رَوَاهُ بِالْجِيم من أفرج الْوَلَد النَّاقة ففرجت وَهِي أَن تضع أول بطن حَملته فتنفرج فِي الْولادَة وَذَلِكَ مِمَّا يجهدها غَايَة الْجهد. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... أمْسَى حَبِيبٌ كالفَريج رائخا ... أَي صَار كهذه النَّاقة مجهودا معييا. والرائخ: المعي وَمِنْه قَالُوا للمجهود ... الفارج وَلما كَانَ الَّذِي أثقلته المغارم مجهودا مكدودا قيل لَهُ مفرج. وَمن رَوَاهُ بِالْحَاء فَهُوَ من أفرحه إِذا غمّه. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفرحته غممته وسررته. وَأنْشد: ... لما تولَّى الجيشُ قلتُ وَلم أكنْ ... لأفرحه أبشر بغزوٍ ومَغْنَمِ ... أَرَادَ: لم أكن لأغمه. وَحَقِيقَته: أزلت عَنهُ الْفَرح كأشكيته. وَيجوز أَن يكون(3/96)
المفرج (بِالْجِيم) : المزال عَنهُ الْفرج والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إِلَى أَن يخرج عَنْهَا.
فرط أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض. يُقَال فرط يفرط إِذا تقدم وَهُوَ فارط وفرط وَمِنْه قيل لتباشير الصُّبْح أفراطه الْوَاحِد فرط وللعلم المستقدم من أَعْلَام الأَرْض فرط وَيُقَال فِي الدُّعَاء للمعزَّي جعله الله لَك فرطا وسلفا صَالحا كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا أولكم قدما على الْحَوْض.
فرع لَا فرعة وَلَا عتيرة. الْفَرْع والفرعة: أول ولد تنتجه النَّاقة. وَالْعَتِيرَة: الرجبية وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يذبحونهما والمسلمون فِي صدر الْإِسْلَام فنُسخ. وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: فرِّعوا إِن شِئْتُم وَلَكِن لَا تذبحوه غراة حَتَّى يكبر. أَي اذبحوا الْفَرْع. وَلَكِن لَا تذبحوه صَغِيرا لَحْمه يلتصق كالغراة وَهِي الْقطعَة من الغرا (بِالْفَتْح وَالْقصر) لُغَة فِي الغراء. وَحَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه سُئل عَن الْفَرْع فَقَالَ: حقّ وَإِن تتركه حَتَّى يكون ابْن مَخَاض وَابْن لبون زخزبا خيرٌ من أَن تكفأ إناءك وتوله نَاقَتك وتذبحه يلصق لَحْمه بوبره. زخزباًّ أَي غليظ الْجِسْم مشتد اللَّحْم. كُفْء الْإِنَاء: قطع اللَّبن لنحر الْوَلَد. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن على كل مُسلم فِي كل عَام أضحاة وعتيرة. فنسخ ذَلِك.
فرر خرج هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مُهَاجِرين إِلَى الْمَدِينَة من مَكَّة فمرا بسراقة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ: هَذَانِ فرّ قُرَيْش أَلا أردُّ على قُرَيْش فرَّها(3/97)
وَفِيه: أَنه طلبهما فرسخت قَوَائِم دَابَّته فِي الأَرْض فَسَأَلَهُمَا أَن يخليا عَنهُ فَخرجت قَوَائِمهَا وَلها عثان. الفرّ: مصدر وضع مَوضِع اسْم الْفَاعِل فَاسْتَوَى فِيهِ الْوَاحِد وَمَا سواهُ كَصَوْم وَفطر وَنَحْوهمَا. العثان: الدُّخان وجمعهما عواثن ودواخن على غير قِيَاس وَقيل: العثان: الَّذِي لَا لَهب مَعَه مثل البخور وَنَحْوه وَالدُّخَان: مَا لَهُ لَهب وَقد عثنت النَّار تعثن عثوناً وعثاناً.
فرص إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجل ثائراً فريص رقبته قَائِما على مريته يضْربهَا. الفريص والفرائص: جمع فريصة وَهِي لحْمَة عِنْد نغض الْكَتف فِي وسط الْجنب عِنْد منبض الْقلب ترْعد وتثور عِنْد الفزعة وَالْغَضَب. قَالَ أُميَّة: ... فرائصُهم من شِدّة الخَوف تُرْعد ... وَجرى قَوْلهم: ثار فريص فلَان مجْرى الْمثل فِي الْغَضَب وَظُهُور علاماته وشواهده وَكثر حَتَّى اسْتعْمل فِيمَا لَا فريص فِيهِ فَكَأَن معنى قَوْله: ثائراً فريص رقبته ظُهُور أَمَارَات الْغَضَب فِي رقبته من انتفاخ الوريدين وَغير ذَلِك وَإِن لم يكن فِي الرَّقَبَة فَرِيضَة أَو شبه ثؤر عصب الرَّقَبَة وعروقها بثؤر الفرائص فسماها فريصاً كَأَنَّهُ قَالَ: ثائراً من رقبته مَا يشبه الفريص فِي الثؤر عِنْد الْغَضَب. تَصْغِير الْمَرْأَة استضعاف لَهَا واستصغار ليُري أَن البايش بِمِثْلِهَا فِي ضعفها لئيم.
فرر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعدي بن حَاتِم عِنْد إِسْلَامه: أما يفرُّك إِلَّا أَن يُقَال لَا إِلَه إِلَّا الله أفررته: إِذا فعلت بِهِ مَا يفرُّ مِنْهُ أَي مَا يحملك على الْفِرَار إِلَّا هَذَا وَمِنْه قَوْلهم: أفرّ الله يَده وأترَّها وأطرها ففرت وترت وطرت إِذا أندرها.(3/98)
فرس عرض يَوْمًا الْخَيل وَعِنْده عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ فَقَالَ لَهُ: أَنا أعلم بِالْخَيْلِ مِنْك فَقَالَ: وَأَنا أَفرس بِالرِّجَالِ مِنْك. أَي أبْصر يقالك رجل بيِّن الفراسة (بِالْكَسْرِ) أَي ذُو بصر وَتَأمل وَيَقُولُونَ: الله أَفرس أَي أعلم. قَالَ البعيث: ... قد اخْتَارَهُ العِبادُ لدينِهِ ... على علمه وَالله بِالْعَبدِ أَفرس ...
فرج قَالَ عقبَة بن عَامر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ فرُّوج من حَرِير. هُوَ القباء الَّذِي فِيهِ شقّ من خَلفه.
فَرد سبق المفردون. قَالُوا: وَمَا المفردون قَالَ: الَّذِي أُهتروا فِي ذكر الله يضع الذّكر عَنْهُم أثقالهم فَيَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة خفافاً وروى: طُوبَى للمفردين. فَرد بِرَأْيهِ وأفرد وفرَّد واستفرد بِمَعْنى إِذا تفرَّد بِهِ وبعثوا فِي حَاجتهم رَاكِبًا مُفردا وَهُوَ التَّو الَّذِي لَيْسَ مَعَه غير بعيره. وَالْمعْنَى: طُوبَى للمفردين بِذكرِهِ المتخلين بِهِ من النَّاس. وَقيل: هم الهرمى الَّذين هَلَكت لداتهم وبقوا يذكرُونَ الله. الإهتار: الاستهتار يُقَال: فلَان مهتر بِكَذَا ومستهتر أَي مولع بِهِ لَا يحدّث بِغَيْرِهِ أَي الَّذين أولعوا بِالذكر وخاضوا فِيهِ خوض المهترين وَقيل: هُوَ أهتر الرجل إِذا خرف أَي الَّذِي هرموا وخرفوا فِي ذكر الله وطاعته أَي لم يزل ذَلِك ديدنهم وهمهم حَتَّى بلغُوا حد الشيخوخة والخرف.
فرق مَا ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم أضاعها رَبهَا بأفسد فِيهَا من حب الْمَرْء المَال والشرف لدينِهِ. هِيَ الْقطعَة من الْغنم الَّتِي فارقتها فضّلت وأفرقها: أضلّها. قَالَ كثير: ... أصابَ فَريقهَ ليلٍ فَعاثا ...(3/99)
خرجت إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيلة بنت مخرمَة وَكَانَ عَم بناتها أَرَادَ أَن يَأْخُذ بناتها مِنْهَا فَلَمَّا خرجت بَكت بنيَّة مِنْهُنَّ هِيَ أصغرهن حديباء كَانَت قد أَخَذتهَا الفرصة وَعَلَيْهَا سبيج لَهَا من صوف فرحمتها فحملتها مَعهَا فبيناهما ترتكان إِذْ انتفجت أرنب فَقَالَت الحديباء: الفصية وَالله لَا يزَال كعبك عَالِيا. قَالَت: وأدركني عمهن بِالسَّيْفِ فأصابت ظبته طَائِفَة من قُرُون رأسيه وَقَالَ: ألقِي إِلَيّ بنت أخي يَا دفار فألقيتها إِلَيْهِ ويروى: فلحقنا ثوب بن زُهَيْر تُرِيدُ عَم بناتها يسْعَى بِالسَّيْفِ صَلتا فوألنا إِلَى حَوَّاء ضخم. ثمَّ انْطَلَقت إِلَى أُخْت لي ناكح فِي بني شَيبَان أَبْتَغِي الصَّحَابَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا أَنا عِنْدهَا لَيْلَة تحسب عني نَائِمَة إِذْ دخل زَوجهَا من السامر فَقَالَ: وَأَبِيك لقد أصبت لقيلة صَاحب صدق حُرَيْث بن حسان الشَّيْبَانِيّ. قَالَت: أُخْتِي: الويل لي لَا تخبرها فتتبع أَخا بكر بن وَائِل بَين سمع الأَرْض وبصرها لَيْسَ مَعهَا رجل من قَومهَا ويروى: أَبْتَغِي الصُّحْبَة فَذكرُوا حُرَيْث بن حسان الشَّيْبَانِيّ فنشدت عَنهُ فَسَأَلته الصُّحْبَة. قَالَت: فصحبته صَاحب صدق حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصليت مَعَه الْغَدَاة حَتَّى إِذا طلعت الشَّمْس دَنَوْت فَكنت إِذا رَأَيْت رجلا ذَا رواء وقشر طمح بَصرِي إِلَيْهِ فجَاء رجل فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَعَلَيْك السَّلَام وَهُوَ قَاعد القرفصاء وَعَلِيهِ أسمال مليَّتين وَمَعَهُ عسيب مقشو غير خوصتين من أَعْلَاهُ. قَالَت: فَتقدم صَاحِبي فَبَايعهُ على الْإِسْلَام. ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله اكْتُبْ لي بالدهناء فَقَالَ: يَا غُلَام اكْتُبْ لَهُ. قَالَت: فشخص بِي وَكَانَت وطني وداري فَقلت: يَا رَسُول الله الدهناء مقيَّد الْجمل ومرعى الْغنم وَهَذِه نسَاء بني تَمِيم وَرَاء ذَلِك. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدقت المسكينة الْمسلمَة الْمُسلم أَخُو الْمُسلم يسعهما المَاء وَالشَّجر ويتعاونان على الفتان ورى: الفتان. وَقَالَ صلى الله(3/100)
عَلَيْهِ وَآله وَسلم أيلام ابْن هَذِه أَن يفصل الخطة وينتصر من وَرَاء الحجزة فتمثل حُرَيْث فَقَالَ: كنت أَنا وَأَنت كَمَا قَالَ: حتفها ضائن تحمل بأظلافها. الفرصة والفرسة: ريح الحدب كَأَنَّهَا تفرس الظّهْر أَي تدقه وتفرصه أَي تشقه وَأما قَوْلهم: أنزل الله بك الفرسة فَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ قرحَة فِي الْعين. السُّبَيِّج: تَصْغِير السبيج وَهُوَ كسَاء أسود وَيُقَال لَهُ السبيجة والسبجة. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: السيبج (بِكَسْر السِّين وَفتح الْبَاء) . قَالَ وَأرَاهُ معرباً وَأنْشد: ... كَانَت بِهِ خُود صموت الدُّمْلُج ... لَفّاء مَا تَحت الثِّيَاب السِّيبَجِ ... ترتكان: تحملان بعيريهما على الرتكان. انتفجت: ارْتَفَعت وثارت من مجثمها. قَالَ الْأَخْفَش. الفصية: الْفرج يُقَال قد أَدْرَكتك الفصية أَي الْخُرُوج من أَمرك الَّذِي أَنْت فِيهِ وانفراجه عَنْك وَقد انفصى الصَّيْد من حبالته أَي انْفَصل وتخلص. تفاءلت بانتفاج الأرنب أَنَّهَا تتفصى من الْغم الَّذِي كَانَت فِيهِ من قبل عمِّ الْبَنَات. ظبة السَّيْف: حدّه مِمَّا يَلِي الطّرف مِنْهُ. دفار من الدفر وَهُوَ النتن. الصَّلْت: المصلت من الغمد. وأل وواءل إِذا لَجأ. الحواء: بيُوت مجتمعة على مَاء. عنّى: تميمية فِي أَنِّى وَهِي العنعنة. بَين سمع الأَرْض وبصرها: تَمْثِيل أَي لَا يسمع كَلَامهمَا وَلَا بيصرهما إِلَّا الأَرْض. نشدت عَنهُ أَي سَأَلت عَنهُ من نشدان الضَّالة. القشر: اللبَاس. القرفصاء: قعدة المحتبي بيدَيْهِ دون الثَّوْب. الأسمال: الْأَخْلَاق جمع سمل.(3/101)
ملية: تَصْغِير ملاءة على التَّرْخِيم. العسيب: جريد النّخل. المقشوّ: المقشور. فشخص بِي: أُزعجت وازدهيت. الفتّان: الشَّيَاطِين والفتان الْوَاحِد والتعاون على الشَّيْطَان أَن يتناهيا عَن اتِّبَاعه والافتتان بخدعه وَقيل: الفتَّان: اللُّصُوص. يفصل الخطّه أَي إِن نزل بِهِ مُشكل فَصله بِرَأْيهِ وَإِن ظلم بظلامة ثمَّ همّ بانتصار من ظالمه فتعرض لَهُ أعوان الظَّالِم ليحجزوه عَن صَاحبهمْ لم يثبطوه وَمضى على انتصاره وَاسْتِيفَاء حَقه غير محتفل بهم. والحجزة: جمع حاجز أَرَادَ أَن ابْن هَذِه الْمَرْأَة حَقه أَن يكون على هَذِه الصّفة لمَكَان أمومتها. الْمثل الَّذِي حَاضر بِهِ حُرَيْث بن حسان أَرَادَ بضربه اعتراصها عَلَيْهِ بالدهناء.
فرع عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه جَاءَ على حمَار لغلام من بني هَاشم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فَمر بَين يَدَيْهِ ثمَّ نزل فَدخل فِي الصَّف وَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب تشتدان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخذتا بركبته ففرع بَينهمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. يُقَال فرعت بَين الْقَوْم وفرَّعت إِذا حجزت بَينهم كَمَا يُقَال: فرقت بَين الْقَوْم وَفرقت وَرجل مُفَرع من قوم مفارع وهم الَّذين يكفُّون بَين النَّاس وَهُوَ من فرع رَأسه بِالسَّيْفِ إِذا علاهُ بِهِ ففلاه أَي قطعه وَمِنْه افتراع الْبكر. وَعَن أبي الطُّفَيْل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس يَوْمًا فَجَاءَهُ بَنو أبي لَهب يختصمون فِي شَيْء بَينهم فَاقْتَتلُوا عِنْده فِي الْبَيْت فَقَامَ يفرِّع بَينهم فَدفعهُ بَعضهم.(3/102)
فَوَقع على الْفراش فَغَضب ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أخرجُوا عني الْكسْب الْخَبيث.
فرو إِن الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فاهتزت تَحْتَهُ خضراء. هِيَ الْقطعَة من الأَرْض الملبسة بنبات ذاوٍ شبهت بالفروة الَّتِي تلبس وبفروة الرَّأْس.
فرغ قَالَ رجل من الْأَنْصَار: حملنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حمَار لنا قطوف فَنزل عَنهُ فَإِذا هُوَ فرَاغ لَا يُساير. قَالَ الْفراء: رجل فرَاغ الْمَشْي ودابة فرَاغ الْمَشْي: أَي سريع وَاسع الخطا وَمِنْه قَوس فرَاغ وَهِي الْبَعِيدَة الرَّمْي وَهُوَ من الفريغ الْوَاسِع يُقَال: طعنه فريغ وَذَات فرغ وَالسعَة مُنَاسبَة للفراغ كَمَا أَن الضّيق مُنَاسِب للشَّغل. وَفِي حَدِيث آخر أَنه قَالَ عِنْد سعد بن عبَادَة فَلَمَّا أبرد جَاءَ بِحِمَار أَعْرَابِي قطوف فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث الْحمار إِلَى سعد وَهُوَ هملاج قريع. والقريع: الْمُخْتَار وَلَو روى: فريغ لَكَانَ مطابقاً لفراغ وَمَا آمن أَن يكون تصحيفا. وَالله أعلم.
فرضخ ذُكر الدَّجَّال فَقَالَ: أَبوهُ رجل طوال مُضْطَرب اللَّحْم طَوِيل الْأنف كَأَن أَنفه منقار وَأمه امْرَأَة فرضاخية عَظِيمَة الثديين. يُقَال: رجل فرضاخ وَامْرَأَة فرضاخة وَهِي صفة بالضخم وَقيل بالطول وَالْيَاء مزيدة للْمُبَالَغَة كَمَا فِي أحمري.
فَرد عَن زِيَاد بن علاقَة: كَانَ بَين رجل منا وَبَين رجل من الْأَنْصَار شَيْء فشجَّه فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ... يَا خير من يمشي بنعل فَرْدِ ... أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
لَا تُسبِيَنَّ سَلَبي وجلدي ...(3/103)
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: لَا. أَرَادَ بالفرد السمط وَهِي الَّتِي لَا تخصف وَلم تطارق وَالْعرب تتمدح برقة النِّعَال وَإِنَّمَا ينتعل السبتية الرقَاق الأسماط مُلُوكهمْ وسادتهم فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا خير الأكابر وَإِنَّمَا لم يقل فردة لِأَنَّهُ أَرَادَ بالنعل السبت كَمَا تَقول فلَان يلبس الْحَضْرَمِيّ الملسن فَتذكر قَاصِدا للسبت أَو جعل من مَوْصُوفَة كَالَّتِي فِي قَوْله: ... وَكفى بِنَا فَضْلا على غَيرنَا ... حبّ النبيّ محمدٍ إيانا ... وأجرى فَردا صفة عَلَيْهَا وَالتَّقْدِير: يَا خير ماشٍ فَرد فِي فَضله وتقدّمه. أوهبه: إِمَّا أَن يكون بَدَلا من الْمُنَادِي أَو مُنَادِي ثَانِيًا حذف حرفه. وَنَحْوه قَول النَّابِغَة: ... يَا أوهب النَّاس لِعَنْسِ صُلْبَه ... ضَرَّابةٍ بالمشْفَرِ الأذِبَّه
وكل جَرْدَاء شموس شَطْبَه ... وَالضَّمِير لمن. النهد فِي نعت الْخَيل: الجسيم المشرف. تَقول: نهد القصيري والنهدة: الْأُنْثَى وَهُوَ من نهد إِذا نَهَضَ.
فرق كل مُسكر حرَام وَمَا أسكر الْفرق مِنْهُ فالحسوة مِنْهُ حرَام. هُوَ إِنَاء يَأْخُذ سِتَّة عشر رطلا. وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كنت أَغْتَسِل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء يُقَال لَهُ الْفرق. وَفِي الحَدِيث: من اسْتَطَاعَ أَن يكون كصاحب فرق الْأرز فَلْيَكُن مثله. وَفِيه لُغَتَانِ: تَحْرِيك الرَّاء وَهُوَ الفصيح. وتسكينها. قَالَ خِدَاش: ... يَأْخُذُونَ الأرشَ فِي إِخْوَتهم ... فرق السّمن وشَاة فِي الْغنم ...(3/104)
فرع أعْطى العطايا يَوْم حنين فارعة من الْغَنَائِم. صاعدة من جُمْلَتهَا كَقَوْلِهِم ارْتَفع لفُلَان فِي الْقِسْمَة كَذَا وطار لَهُ سهم من الْغَنِيمَة. وَهِي من قَوْلهم: فرع إِذا صعد تَقول الْعَرَب: لقِيت فلَانا فارعاً مفرعاً أَي صاعداً أَنا ومنحدراً هُوَ. والإفراع: الانحدار. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: كَانَ شُرَيْح يَجْعَل الْمُدبر من الثُّلُث وَكَانَ مَسْرُوق يَجعله فارعاً من المَال. وَالْمعْنَى أَنه نفل الْأَنْفَال من رَأس الْغَنَائِم متوافرة قبل أَن تخمس وتقسم وَللْإِمَام أَن يفعل ذَلِك لِأَن فِيهِ تنشيطاً للشجعان وتحريضاً على الْقِتَال. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعْطى سعد بن معَاذ سيف الدّين ابْن أبي الْحقيق نفله إِيَّاه وأقطع الزبير مَالا من أَمْوَال بني النَّضِير. والتنفيل إِنَّمَا يَصح بِإِجْمَاع من أهل الْعرَاق والحجاز قبل الْقِسْمَة فَإِذا أُحرزت الْأَنْصِبَاء سقط وَأهل الشَّام يجوزونه بعد الْإِحْرَاز وَأما التَّنْفِيل من الخُمس فَلَا كَلَام فِي جَوَازه.
فرس عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نهى عَن الْفرس فِي الذَّبِيحَة. هُوَ كسر رقبَتهَا قبل أَن تبرد. وَمِنْه الحَدِيث: إِن عمر أَمر مناديه فَنَادَى أَن لَا تنخعوا وَلَا تفرسوا. وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز: أَنه نهى عَن الْفرس والنخع وَأَن يستعان على الذَّبِيحَة بعير حديدتها.
فَرْوَة سُئل عَن حدِّ الْأمة فَقَالَ: إِن الامة أَلْقَت فَرْوَة رَأسهَا وَرَاء الدَّار وروى: من وَرَاء الْجِدَار. هِيَ جلد الرَّأْس من الشّعْر وَيُقَال للهامة أم فَرْوَة. وَعَن النَّضر: فَرْوَة رَأسهَا(3/105)
خمارها. وَقَالَ: فَرْوَة كسْرَى هِيَ التَّاج وَقَالَ غَيره: هِيَ مَا على رَأسهَا من خرقَة وقناع. أَرَادَ بروزها من الْبَيْت مكشوفة الرَّأْس غير مُتَقَنعَة وتبذلها.
فرق فرِّقوا عَن الْمنية وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ وَلَا تلثُّوا بدار معْجزَة. وَأَصْلحُوا مَثَاوِيَكُمْ وَأَخِيفُوا الهوامَّ قبل أَن تُخِيفَكُمْ واحشوشنوا وَاخْشَوْشِبُوا وَتَمَعْدَدُوا. أَي فرقوا مَا لكم عَن الْمنية تشتروا بِثمن الْوَاحِد من الْحَيَوَان اثْنَيْنِ حَتَّى إِذا مَاتَ أَحدهمَا بَقِي الثَّانِي فَإِنَّكُم إِذا غاليتم بِالْوَاحِدِ فَذَلِك تَعْرِيض لِلْمَالِ مجموعاً للتهلكة قَوْله: وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ: عطف للتفصيل وَالْبَيَان على الْإِجْمَال. والإلثاث: الْإِقَامَة. قَالَ: ... فَمَا رَوْضَة من رياض القَطا ... ألَثّ بهَا عارضٌ مُمْطرُ ... يُقَال: ألثّ بِالْمَكَانِ وألبَّ وأربّ. المعجزة (بِالْفَتْح وَالْكَسْر) : الْعَجز كالمعتَبة والمعتِبة أَي بدار تعجزون فِيهَا عَن الطّلب وَالْكَسْب وسيحوا فِي أَرض الله. وَقيل: أَرَادَ الْإِقَامَة بالثغر مَعَ الْعِيَال. المثاوي: جمع مثوى وَهُوَ الْمنزل. الْهَوَام: العقارب والحيات أَي اقتلوها. الاخشيشان والاخشيشاب: اسْتِعْمَال الخشونة فِي الملبس والمطعم يُقَال شَيْء خشب وأخشب كخشن وأخشن. التمعدد: التَّشَبُّه بمعدّ [بن عدنان] فِي قشفهم وخشونة عيشهم واطراح زيّ الْعَجم وتنعمهم وإيثارهم لليان الْعَيْش. وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ عَلَيْكُم باللبسة المعدِّية. وبتمعددوا اسْتدلَّ النحويون على أَصَالَة الْمِيم فِي معدّ وَأَنه فعل لَا مفعل. وَقيل: التمعدد: الغلظ يُقَال للغلام إِذا شبّ وَغلظ: قد تمعدد. قَالَ ... ربيته حَتَّى إِذا تمعددا ...
فرج قدم رجل من بعض الْفروج عَلَيْهِ فنثر كنَانَة فَسَقَطت صحيفَة فَإِذا فِيهَا: ... أَلا أبْلِغْ أَبَا حَفْص رَسُولا ... فدى لَك من أخي ثِقَة إزَارِي ...(3/106)
فلائصنا هداك الله إِنَّا ... شُغِلنا عنكمُ زَمَن الْحصار
فَمَا قُلُصٌ وجِدْنَ معقَّلاَتٍ ... قَفَا سَلْع بمُخْتَلَفِ التِّجَار
يُعَقِّلُهُنّ جَعْدَةُ من سُلَيْمٍ ... مُعِيدا يَبْتَغِي سقط العذاري ... [ويروى] : ... يعقلهن جعد شيظمي ... وبنس مُعَقِّل الذَّوْد الظُّؤارِ ... فَقَالَ عمر: ادعوا لي جعدة فأُتي بِهِ فجلد معقولاً. قَالَ سعيد بن الْمسيب: إِنِّي لفي الأُغيلمة الَّذين يجرونَ جعدة إِلَى عمر. الْفروج: الثغور جمع فرج وَيَقُولُونَ إِن الفرجين اللَّذين يُخاف على الْإِسْلَام مِنْهُمَا: التّرْك والسواد. قَالَ الْمبرد: أَرَادَ بِإِزَارِهِ زَوجته وسماها إزارا للدنو والملابسة قَالَ الله تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ} . وَقَالَ الْجَعْدِي: ... إِذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَها ... تَثَنَّتْ عَلَيْهِ فكانتْ لِباسا ... قلائصنا: مَنْصُوب بمضمر أَي احفظ وحصِّن قلائصنا وَهِي النوق الشَّواب كنى بِهن عَن النِّسَاء. يَعْنِي المغيبات اللَّاتِي خرج أَزوَاجهنَّ إِلَى الْغَزْو. يشكو إِلَيْهِ رجلا من بني سليم يُقَال لَهُ جعده كَانَ يتَعَرَّض لَهُنَّ وكنى بِالْعقلِ عَن الْجِمَاع لِأَن التاقة تعقل للضراب. قفا سلع: أَي وَرَاءه وَهُوَ مَوضِع بالحجاز. مُخْتَلف التُّجَّار: مَوضِع اخْتلَافهمْ وَحَيْثُ يَمرونَ جائين وذاهبين. معيدا: أَي يفعل ذَلِك عودا بعد بَدْء. سقط العذاري: زلاتهن. الْجَعْد من قَوْلهم للبعير جعد أَي كثير الْوَبر. الشيظمي: الطَّوِيل. الظؤار: جمع ظئر.(3/107)
فرسك كتب إِلَيْهِ سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ وَكَانَ عَاملا لَهُ على الطَّائِف: إِن قبلنَا حيطانا فِيهَا من الفرسك مَا هُوَ أَكثر غلَّة من الْكَرم أضعافا ويستأمره فِي العُشر. فَكتب إِلَيْهِ: لَيْسَ عَلَيْهَا عشر. هِيَ من العضاه والفرسك والفرسق: الخوخ وَفِي كتاب الْعين: هُوَ مثل الخوخ فِي الْقدر وَهُوَ أَجود أملس أصفر أَحْمَر وطعمه كطعم الخوخ. كَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يرى فِي الْخضر الزَّكَاة. وَقَالَ مُحَمَّد: الخوخ والكمثرى وَإِن شقق وجفف فَلَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يعم الِانْتِفَاع بِهِ.
فرع وَقيل لَهُ: الصلعان خير أم الفرعان فَقَالَ: الفرعان خير. جمع أفرع وَهُوَ الوافي الشّعْر. قَالَ نصر بن حجاج حِين حلق عمر لمته: ... لقد حَسد الفُرعانَ أصلعُ لم يكن ... إِذا مَا مَشى بالفَرْع بالمتخائِل ... وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون على فعل جمع أفعل غير عزيزة. أَرَادَ تَفْضِيل أبي بكر على نَفسه. قَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ أَبُو بكر أفرع وَكَانَ عمر أصلع لَهُ حفاف وَهُوَ أَن ينْكَشف الشّعْر عَن وسط الرَّأْس وَيبقى حوله كالطرة.
فرقب لما أسلم ثارت إِلَيْهِ كفار قُرَيْش فَقَامَتْ على رَأسه وَهُوَ يَقُول: افعلوا مَا بدا لكم فَأقبل شيخ عَلَيْهِ حبرَة وثوب فُرْقُبِيّ فَقَالَ: هَكَذَا عَن الرجل فَكَأَنَّمَا كَانُوا ثوبا كُشف عَنهُ. الفرقبية والثرقبية: ثِيَاب مصرية بيض من كتَّان وروى: بقافين.
فرق عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ خيفان بن عرابة فَقَالَ لَهُ: كَيفَ تركت أفاريق الْعَرَب فِي ذِي الْيمن فَقَالَ: أما هَذَا الْحَيّ من بلحارث بن كَعْب فحسك أمراس ومسك أحماس تتلظى الْمنية فِي رماحهم وَأما هَذَا الْحَيّ من أَنْمَار بن بجيلة وخثعم فجوب أَب وَأَوْلَاد عِلّة لَيست بهم ذلة وَلَا قلَّة صعابيب وهم أهل الأنابيب وَأما هَذَا الْحَيّ من هَمدَان فأنجاد بُسْل مساعير غير عزل وَأما هَذَا الْحَيّ من مذْحج فمطاعيم فِي الجدب مساريع فِي الْحَرْب.(3/108)
فرق الأفاريق: الْفرق فَكَأَنَّهُ جمع أفراق جمع فِرْق والفِرْق والفِرْقة والفريق وَاحِد وَقد جَاءَ بطرح الْيَاء من قَالَ: ... مَا فيهمُ نَازع يرْوى أفارقه ... بِذِي رِشاء يواري دلوه لَجَف ... وَيجوز أَن يكون من بَاب الأباطيل أَي جمعا على غير وَاحِد. الحسك: جمع حسكة من قرلهم للرجل الخشن الصعب مرامه الْمُمْتَنع على طَالبه مأتاه إِنَّه لحسكة تَشْبِيها لَهُ بالحسكة من الشَّوك. الأمراس: جمع مرس وَهُوَ الشَّديد العلاج. الْمسك: جمع مسكة وَهُوَ الَّذِي إِذا أمسك بِشَيْء لم يقدر على تخليصه مِنْهُ وَنَظِيره رجل أُمنة وَهُوَ الَّذِي يَثِق بِكُل أحد ويأمنه النَّاس. وَأما المسكة (بِالضَّمِّ) فالبخيل. الأحماس: جمع حمس من الحماسة. جوب أَب أَي جيبوا من أَب وَاحِد يُرِيد أَنهم أبوهم وَاحِد وهم أَوْلَاد عِلّة أَي من أُمَّهَات شَتَّى. الصعابيب: الصِّعاب كَأَنَّهُ جمع صعبوب. الأنابيب: يُرِيد أنابيب الرماح أَي وهم المطاعين. الأنجاد: جمع نَجْد أَو نَجِد. البُسل: جمع باسل. المساعير: جمع مسعار وَهُوَ أبلغ من مسعر. الْعَزْل: الَّذِي لَا سلَاح مَعَهم. المساريع: جمع مسراع وَهُوَ الشَّديد الْإِسْرَاع.
فرخ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن قوما أَتَوْهُ فاستأمروه فِي قتل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فنهاهم وَقَالَ: إِن تَفعلُوا فبيضاً فلتفرخنه.(3/109)
يُقَال: أفرخت الْبَيْضَة إِذا خلت من الفرخ أَو أفرختها أمهَا وَمِنْه الْمثل: أفرخوا بيضتهم. وَتَقْدِير قَوْله قبيضا فلتفرخنه: فلتفرخن بيضًا فلتفرخنه فَحذف الأول وَإِلَّا فَلَا وَجه لصِحَّته بِدُونِ هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْفَاء الثَّانِيَة لَا بُد لَهَا من مَعْطُوف ومعطوف عَلَيْهِ وَلَا تكون لجواب الشط لكَون الأول لذَلِك وَالْفَاء هِيَ الْمُوجبَة لتقدير الْفِعْل الْمَحْذُوف لاشتغال الثَّابِت بالضمير أَلا ترى أَنَّك إِن فرغته كَانَ الافتقار إِلَى الْمُقدر قَائِما كَمَا هُوَ. أَرَادَ: إِن تقتلوه تهيجوا فتْنَة يتَوَلَّد مِنْهَا شَرّ كثير كَمَا قَالَ بَعضهم: ... أرى فتْنَة هَاجَتْ وباضت وفَرَّخَتْ ... وَلَو تُرِكَتْ طارت إِلَيْك فراخها ...
فرو خطب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النَّاس بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني فَسلط عَلَيْهِم فَتى ثَقِيف الذَّيَّال المنان يلبس فروتها وَيَأْكُل خضرتها.
فرو أَي يلبس الدفئ اللين من ثِيَابهَا وَيَأْكُل الطري الناعم من طعامها تنعماً وإترافاً فَضرب الفروة والخضرة لذَلِك مثلا. وَالضَّمِير للدنيا. يَعْنِي بِهِ الْحجَّاج. هُوَ الْحجَّاج بن يُوسُف بن الحكم بن أبي عقيل بن مَسْعُود بن عَامر بن معتب بن مَالك بن كَعْب من الأحلاف من ثَقِيف وَقيل: إِنَّه ولد فِي السّنة الَّتِي دَعَا أَمِير الْمُؤمنِينَ على فِيهَا بِهَذِهِ الدعْوَة وَهِي من الكوأين الَّتِي أنبأ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فرخ وَعَن أبي عذبة الخضرمي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قدمت على عمر بن خطاب رَابِع أَرْبَعَة من أهل الشَّام وَنحن حجاج فَبينا نَحن عِنْده أَتَاهُ خبر من الْعرَاق بِأَنَّهُم قد حصبوا إمَامهمْ فَخرج إِلَى الصَّلَاة ثمَّ قَالَ: من هَاهُنَا من أهل الشَّام فَقُمْت أناو أَصْحَابِي فَقَالَ: يأهل الشَّام تجهزوا لأهل الْعرَاق فَإِن الشَّيْطَان قد باض فيهم وفرخ ثمَّ قَالَ:(3/110)
اللَّهُمَّ إِنَّهُم لبسوا على فالبس عَلَيْهِم الللهم عجل لَهُم الْغُلَام الثَّقَفِيّ الَّذِي يحكم فيهم بِحكم الْجَاهِلِيَّة لايقبل من محسنهم وَلَا يتَجَاوَز عَن مسيئهم.
فرض الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم الشورى: لَوْلَا حُدُود لله فرضت وفرائض لَهُ حدَّت تراح إِلَى أَهلهَا وتحيا لَا تَمُوت لَكَانَ الْفِرَار من الْولَايَة عصمَة وَلَكِن لله علينا إِجَابَة الدعْوَة وَإِظْهَار السُّنَّة لِئَلَّا نموت ميتَة عمية وَلَا نعمى عمى جَاهِلِيَّة. فرضت: قطعت وينت. تراح: من إراحة الْمَوَاشِي أَي تردُّ إِلَيْهِم. وَأَهْلهَا: الْأَئِمَّة. أَو تردها الْأَئِمَّة إِلَى أَهلهَا من الرّعية. العمية: الْجَهْل والفتنة وَقد مرَّ فِيهَا كَلَام فِي عب.
فرق أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن مَاله فَقَالَ: فرقٌ لنا وذود قيل يَا أَبَا ذرّ إِنَّمَا سَأَلتك عَن صَامت المَال قَالَ: مَا أصبح لَا أَمْسَى لَا أُصبح. الْفرق: الْقطعَة من الْغنم وَيُقَال أَيْضا: فرق من الطير وَمن النَّاس. وَنظر أَعْرَابِي إِلَى صبيان فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فرق سوء وَلَا يُقَال إِلَّا فِي الْقَلِيل وَهَذَا الحَدِيث يدل عَلَيْهِ وَقَول الرَّاعِي: ... ولكما أجدى وأمْتَعَ جَدُّه ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيه بهَجْهَجَ ناعِقُه ... الذود: مَا دون الْعشْر من الْإِبِل. أُصبح وأُمسي: تامتان كأظهر وأعتم وَلَا: نَحْوهَا فِي قَوْله: ... فأيّ فِعْل سيئ لَا فَعَله ...(3/111)
يَعْنِي انه لَا يدّخر شَيْئا.
فرك
ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي تزوجت امْرَأَة شَابة وَإِنِّي أَخَاف أَن تفركني فَقَالَ: إِن الْحبّ من الله والفرك من الشَّيْطَان فَإِذا دخلت عَلَيْك فصلِّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادعُ بِكَذَا وَكَذَا. يُقَال: فركت الْمَرْأَة زَوجهَا فركاً إِذا أبغضته وَلم توافقه من قَوْلهم: فاركت صَاحِبي إِذا فارقته وتاركته وَمِنْه فركت الحبّ إِذا دلكته بِيَدِك حَتَّى يتقلع عَنهُ قشره ويفارقه.
فَرسَخ حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا بَيْنكُم وَبَين أَن يُرْسل عَلَيْكُم الشَّرّ فراسخ إِلَّا موت رجل فَلَو قد مَاتَ صُبَّ عَلَيْكُم الشَّرّ فراسخ. كل مَا تطاول وامتد بِلَا فُرْجَة فِيهِ فَهُوَ فَرسَخ وَمِنْه: انْتَظَرْتُك فرسخاً من النَّهَار أَي طَويلا وفرسخت عَنهُ الْحمى: تَبَاعَدت. وَحكى النَّضر عَن بعض الْأَعْرَاب: أغضنت السَّمَاء علينا أَيَّامًا بِعَين فِيهَا فَرسَخ. أَي بمطر دَائِم فِيهِ امتداد وتطاول من غير فُرْجَة وإقلاع وَمِنْه الفرسخ وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: الفراسخ: برازج بَين سُكُون وفتنة وكل فتْنَة بَين سُكُون وتحرك فَهِيَ فَرسَخ. أَرَادَ بِالرجلِ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
فرعل أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئِلَ عَن الضَّبع فَقَالَ: الفرعل تِلْكَ نعجة من الْغنم. الفرعل: ولد الضبع فسماها بِهِ وَفِي أمثالهم: أغزل من فرعل وَيُقَال للذّكر من الضباع الفرعلان واراد أَنَّهَا حَلَال كالشاة. وَللشَّافِعِيّ رَحمَه الله أَن يتَعَلَّق بِهِ فِي(3/112)
إِبَاحَته لحم الضبع وَهِي عِنْد أبي حنيفَة وَأَصْحَابه رَحِمهم الله سبع ذُو نَاب فَلَا تحل.
فرى ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي الذَّبِيحَة بِالْعودِ: كل مَا أفرى الْأَوْدَاج غير مثرِّد. أَي قطعهَا. وَالْفرق بَين الفرى والإفراء أَن الفرى قطع للإصلاح كَمَا يفرى الخرَّاز الْجلد والإفراء: قطع للإفساد كَمَا يفري الذَّابِح وَنَحْوه. التثريد: أَن يغمز الْأَوْدَاج غمزاً من غير قطع من الثرد فِي الخصاء وَهُوَ أَن تدلك الخصيتان مكانهما فِي صفنهما حَتَّى تعودا كَأَنَّهُمَا رطبَة مثموغة.
فرش أُذينة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَقُول فِي الظفر فرشُ من الْإِبِل. يُقَال للحواشي الَّتِي لايصلح إِلَّا للذبح فرش كَأَنَّهَا الَّتِي تفرش للذبح قَالَ الله تَعَالَى: {حَمْولةً وفَرْشاً} . ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى كتب فِي عطايا مُحَمَّد بن مَرْوَان لِبَنِيهِ: أَن تجاز لَهُم إِلَّا أَن يكون مَالا مفترشاً. أَي مغتصباً عَلَيْهِ من قَوْلهم: لقى فلَان فلَانا فافترشه إِذا غَلبه وصرعه وافترشتنا السَّمَاء بالمطر أخذتنا بِهِ وافترش عرض فلَان إِذا استباحه بالوقيعة فِيهِ وَحَقِيقَته جعله لنَفسِهِ فراشا يتوطؤه.
فرقع
مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى كره أَن يفرقع الرجل أَصَابِعه فِي الصَّلَاة. يُقَال: فقَّع وفرقع إِذا نقَّض أَصَابِعه بغمز مفاصلها وَمِنْه قيل للضرب الشَّديد وليِّ الْعُنُق وَكسرهَا فرقعة لما فِي ذَلِك من التنقيض. عون رَحمَه الله تَعَالَى مَا رَأَيْت أحدا يفرفر الدُّنْيَا فرفرة هَذَا الْأَعْرَج.(3/113)
فرفر
أَي يذمها ويمزق فروتها يُقَال: فلَان يفرفر فلَانا إِذا نَالَ من عرضه ومزَّقه وَهُوَ من قَوْلهم الذِّئْب يفرفر الشَّاة قَالَ: ... ظَلَّ عَلَيْهِ يَوْمًا يفرفره ... إِلَّا يلغ فِي الدِّمَاء يَنْتَهسُ ... وَمِنْه قيل للأسد الفرافرة. أَرَادَ بالأعرج أَبَا حَازِم سَلمَة بن دِينَار وَهُوَ من عباد الْمَدِينَة وَكَانَ يقصُّ فِي مَسْجِدهَا.
فرس فِي الحَدِيث: علمُوا رجالكم العوم والفراسة. يُقَال فرس فراسة وفروسة إِذا حذق بِأَمْر الْخَيل. الْفَاء مَفْتُوحَة. فَأَما الفراسة (بِالْكَسْرِ) فَمن التفرس.
فرطم إِن شيعَة الدَّجَّال شواربهم طَوِيلَة وخفافهم مفرطمة. من الفرطومة وَهِي منقار الْخُف. وَقيل: الصَّحِيح بِالْقَافِ. وَعَن بعض الْأَعْرَاب: جَاءَنَا فلَان فِي نخافين ملكمين فقَّاعين مقرطمين بِالْقَافِ رَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي.(3/114)
الْفَاء مَعَ الزَّاي
فزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أشرف على بني عبد الْأَشْهَل قَالَ: وَالله ماعلمت إِنَّكُم لتكثرون عِنْد الْفَزع وتقلون عِنْد الطمع. وضع الْفَزع وَهُوَ الْفرق مَوضِع الإغاثة والنصر قَالَ كلحبة الْيَرْبُوعي: ... فَقلت لكأسٍ أَلْجِميها فَإِنَّمَا ... حللنا الْكَثِيب من زرود لنفرعا ... وَقَالَ الشماخ: ... إِذا دَعَتْ غوثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أطباق كي على الأثْبَاجِ مَنْضُودِ ... وَذَلِكَ أَن من شَأْنه الإغاثة وَالدَّفْع عَن الْحَرِيم مراقب حذر. أثنى على بني عبد الْأَشْهَل وهم ولد عَمْرو بن مَالك بن الْأَوْس من الْأَنْصَار وَحذف مفعول علمت يُرِيد مَا عملت مثلكُمْ أَو مثل سيرتكم ثمَّ دلّ عَلَيْهِ بِمَا ذكره من صفتهمْ. فزع من نَومه محمرًّا وَجهه. وروى: نَام فَفَزعَ وَهُوَ يضْحك. أَي هَب من نَومه يُقَال فزع من نَومه وأفزعته أَنا إِذا نبهته. وَمِنْه الحَدِيث: أَلا أفزعتموني لِأَن من نُبِّه لَا يَخْلُو من فزع مَا. سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَخذ رجل من الْأَنْصَار لحى جزور فَضرب بِهِ أنف سعد ففزره فَكَانَ أَنفه مفزوزا. أَي شقَّه يُقَال فزرت الثَّوْب إِذا فسخته وتفزر الثَّوْب والافزر: المنكسر الظّهْر.(3/115)
الْفَاء مَعَ السِّين
فسط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يَد الله على الْفسْطَاط. هُوَ ضرب من الْأَبْنِيَة فِي السّفر دون السُّرادق. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه أَتَى على رجل قد قُطعت يَده فِي سَرقَة وَهُوَ فِي فسطاط فَقَالَ: من آوى هَذَا الْمُصَاب فَقَالُوا: فاتك أَو خريم بن فاتك فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك على آل فاتك كَمَا آوى هَذَا الْمُصَاب فَسمى بِهِ الْمصر وسمى عَمْرو بن الْعَاصِ الْمَدِينَة الَّتِي بناها الْفسْطَاط. وَعَن بعض بني تَمِيم. قَالَ: قَرَأت فِي كتاب رجل من قُرَيْش: هَذَا مَا اشْترى فلَان ابْن فلَان من عجلَان مولى زِيَاد اشْترى مِنْهُ خَمْسمِائَة جريب حِيَال الْفسْطَاط. يُرِيد الْبَصْرَة. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: فِي العَبْد الْآبِق إِذا أُخذ فِي الْفسْطَاط فَفِيهِ عشرَة دَرَاهِم وَإِذا أَخذ خَارج الْفسْطَاط فَفِيهِ أَرْبَعُونَ. وَالْمعْنَى أَن الْجَمَاعَة من أهل الْإِسْلَام فِي كنف الله وواقيته فَوْقهم فأقيموا بَين ظهرانيهم وَلَا تفارقوهم. وَهَذَا كحديثه الآخر: إِن الله لم يرض بالوحدانية وَمَا كَانَ الله ليجمع أمتِي على ضَلَالَة بل يَد الله عَلَيْهِم فَمن تخلف عَن صَلَاتنَا وَطعن على أَئمتنا فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه شرار أمتِي الوحداني المعجب بِدِينِهِ الْمرَائِي بِعَمَلِهِ المخاصم بحجته.
فسق خمس فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام: الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب والحدأة والغراب الأبقع وَالْكَلب الْعَقُور. الفسوق: أَصله الْخُرُوج عَن الاسْتقَامَة والجور قَالَ رؤبة: ... يَذْهَبْنَ فِي نَجْدٍ وَغَوْراً غائرا ... فَواسِقاً عَن قَصْدها جَوائرا ... وَقيل للعاصي فَاسق لذَلِك وَإِنَّمَا سميت هَذِه الْحَيَوَانَات فواسق على سَبِيل الِاسْتِعَارَة(3/116)
لخبثهن وَقيل لخروجهن من الْحُرْمَة بقوله: خمس لَا حُرْمَة لَهُنَّ فَلَا بقيا عَلَيْهِنَّ وَلَا فديَة على الْمحرم فِيهِنَّ إِذا مَا أصابهن. قَالُوا: أَرَادَ بالكلب كل سبع يعقر. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دُعَائِهِ على عتبَة بن أبي لَهب: اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك ففرسه الْأسد فِي مسيره إِلَى الشَّام.
فسل لعن الله المفسِّلة والمسوِّفة. هِيَ الَّتِي تتعلل لزَوجهَا إِذا هم بغشيانها بِالْحيضِ فتفتر نشاطه من الفسولة وَهِي الفتور فِي الْأَمر أَو تقطعه وتفطمه من قَوْلهم: فسل الضَّبِّيّ وفصله أَو ترجعه على إكداء وإخفاق. من فسل بفلان وحسل بِهِ إِذا أُخسَّ حظُّه. والمسوفة: الَّتِي تَقول لَهُ: سَوف ... سَوف ... وتعلله بالمواعيد أَو تشمه طرفا من المساعدة وتطمعه ثمَّ لَا تفعل من السوف وَهُوَ الشم قَالَ ابْن مقبل: ... لَو مساوفتنا بسوف من تحننها ... سَوف العيوف لراح الركب قد قنعوا ...
فسكل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن أَسمَاء بنت عُمَيْس جاءها ابْنهَا من جَعْفَر بن أبي طَالب وَابْنهَا من أبي بكر بن أبي قُحَافَة يختصمان إِلَيْهَا كل وَاحِد مِنْهُمَا يَقُول: أبي خير من أَبِيك فَقَالَ عَليّ: عزمت عَلَيْك لتقضنَّ بَينهمَا. فَقَالَت لِابْنِ جَعْفَر: كَانَ أَبوك خير شباب النَّاس وَقَالَت لِابْنِ أبي بكر: كَانَ أَبوك خير كهول النَّاس ثمَّ التفتت إِلَى عَليّ فَقَالَت: إِن ثَلَاثَة أَنْت آخِرهم لخيار فَقَالَ عَليّ لأولادها مِنْهُ: قد فسكلتني أمكُم. أَي أخرتني وجعلتني كالفسكل وَهُوَ آخر خيل السباق وَيُقَال: رجل فسكول وفِسكول وَقد فسكل وفُسكل قَالَ الأخطل: ... أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عبدا تَابعا ... فَبَقيت أَنْت المفحم المكعوم ... عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أَعْجَمِيَّة عربتها الْعَرَب.(3/117)
فسل حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اشْترى نَاقَة من رجلَيْنِ من النخع وَشرط لَهما فِي النَّقْد رضاهما فجَاء بهما إِلَى منزله فَأخْرج لَهما كيساً فأفسلا عَلَيْهِ ثمَّ أخرج آخر فأفسلا عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أعوذ بِاللَّه مِنْكُمَا. أَي أرذلا وزيفَّا. يُقَال أفسل فلَان على فلَان دَرَاهِمه. وَعَن أبي عُبَيْدَة: فسله وخسله ورذله بِمَعْنى. وَيُقَال: دِرْهَم فسل: ردئ ودراهم فسول. قَالَ الفرزدق: ... فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُم أباعِرَ تُشْتَرى ... بوَكْسٍ وَلَا سُوداً تصيحُ فُسُولُها ...
فسو شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن الرجل يُطلق الْمَرْأَة ثمَّ يرتجعها فيكتمها رَجعتهَا ختى تَنْقَضِي عدتهَا فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إِلَّا فسوة الضبع. أَي لَا طائل لَهُ فِي ادّعاء الرّجْعَة بعد انْقِضَاء الْعدة وَلَا يقبل قَوْله فَضرب ذَلِك مثلا لعدم الطائل وَخص الضبع لقلَّة خَيرهَا وخبثها وحمقها وَقيل: فسوة الضبع: شَجَرَة تحمل الخشخاش لَيْسَ فِي ثَمَرَتهَا كَبِير طائل.
الْفَاء مَعَ الشين
فشى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هوَازن لما انْهَزمُوا دخلُوا حصن ثَقِيف فتآمروا فَقَالُوا: الرَّأْي أَن ندخل فِي الْحصن مَا قَدرنَا عَلَيْهِ من فاشيتنا وَأَن نبعث إِلَى مَا قرب من سرحنا وخيلنا الجشر فَقَالَ بَعضهم: إِنَّا لَا نَأْمَن أَن يَأْتُوا بضبور. الفاشية: الْمَاشِيَة لِأَنَّهَا تفشوا أَي تَنْتَشِر وَالْجمع فواش. وَمن حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضمُّوا فَوَاشِيكُمْ حَتَّى تذْهب فَحْمَة الْعشَاء أَي ظلمته وَقَالَ أفشى الرجل وأمشى وأوشى بِمَعْنى.(3/118)
الجشر: الْمُرْسلَة فِي الرطب أَيَّام الرّبيع من جشروا الدَّوَابّ. الضبور: الدبابات الَّتِي تقدم إِلَى الْحُصُون الْوَاحِد ضبرة.
فشغ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ وَفد الْبَصْرَة وَقد تفشَّغوا فَقَالَ: مَا هَذِه الْهَيْئَة فَقَالُوا: تركنَا الثِّيَاب فِي العياب وَجِئْنَاك. قَالَ: البسوا وأميطوا الْخُيَلَاء. قَالَ شمر: أَي لبسوا أخس لباسهم وَلم يتهيئوا. وَأَنا لَا آمن أَن يكون مصحَّفاً من تقشَّفوا والتقشُّف أَلا يتَعَاهَد الرجل نَفسه وَمِنْه عَام أقشف وَهُوَ الْيَابِس فَإِن صَحَّ ماروه فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنهم لم يحتفلوا فِي الملابس وتثاقلوا عَن ذَلِك لما عرفُوا من خشونة عمر من قَوْلهم: فشغة النّوم إِذا رَكبه فكسَّله وفتّره. وَأَجد تفشيغاً فِي جَسَدِي وتفشّغ: تفتر وتكاسل. أطلق لَهُم أَن يتجملوا باللباس على أَلا يختالوا فِيهِ وَلَا يفتخروا بِهِ. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الأشتر: إِن هَذَا الْأَمر قد تفشَّغ. أَي كثر وَعلا وَظهر. ومدار التَّأْلِيف على معنى الْعُلُوّ يُقَال: تفشَّغه دين إِذا رَكبه وتفشَّغ الرجل الْمَرْأَة والجمل النَّاقة وَمن الفشاغ وَهُوَ مَا يركب الشّجر فيلتوي عَلَيْهِ. وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن تجراً من قُرَيْش قدمُوا على أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ فَسَأَلَهُمْ: هَل تفشغ فِيكُم الْوَلَد قَالُوا: وَمَا تفشَّغ الْوَلَد قَالَ: هَل يكون للرجل مِنْكُم عشرَة من الْوَلَد ذُكُور قَالُوا: نعم وَأكْثر من ذَلِك. قَالَ: فَهَل ينْطق فِيكُم الكرع قَالُوا: وَمَا الكرع قَالَ الرجل: الدنئ النَّفس وَالْمَكَان. قَالُوا: لَا ينْطق فِي أمرنَا إِلَّا أهل بُيُوتنَا وَأهل رَأينَا. قَالَ: إِن أَمركُم إِذن لمقبل فَإِذا نطق فِي أَمركُم الكرع وقلَّ ولدكم أدبر جدكم.(3/119)
قيل للسفلة كرع تَشْبِيها بالكرع وَهِي الأوظفة [قَالَ النَّضر: يُقَال: جمل شَدِيد الكرع أَي الأوظفة] وَلَا يوحَّد الكرع. وَعَن عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا هَذِه الْفتيا الَّتِي تفشغت عَنْك أَي انتشرت.
فشش أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الشَّيْطَان يفشُّ بَين أليتي أحدكُم حَتَّى يخيل إِلَيْهِ أَنه قد أحدث فَإِن وجد ريحًا أَو سمع صَوتا فَليَتَوَضَّأ وَإِلَّا فَلَا. أَي يتفخ نفخا يشبه خُرُوج الرّيح من فش الوطب يفشه إِذا أخرج رِيحه وَمِنْه الْمثل: لأفشنك فشَّ الوطب. قَالَ ابْن لبينة: جِئْته وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَانَ رجلا آدم ذَا ضفيرتين أفشغ الثنيتين فَسَأَلته عَن الصَّلَاة فَقَالَ: إِذا اصطفق الْآفَاق بالبياض فصلِّ الْفجْر إِلَى السدف وَإِيَّاك والحنوة والإفغاء. أَرَادَ ناتئ الثنيتين خارجهما عَن نضد الْأَسْنَان وَمِنْه قَوْلهم: نَاصِيَة فشغاء وَهِي المنتشرة. الاصطفاق: الِاضْطِرَاب يُقَال اصطفق الْقَوْم إِذا اضْطَرَبُوا وَهُوَ افتعال من الصفق تَقول: صفقت رَأسه بيَدي صَفْقَة إِذا ضَربته قَالَ: ... ويومٍ كظِلِّ الرُّمْحِ قَصِّرَ طولَه ... دَمُ الزِّقِّ عَنّا واصطِفاقُ المَزاهِرِ ... وَالْمعْنَى: انتشار ضوء الْفجْر فِي الْآفَاق وانبساطه فِيهَا فَجعل ذَلِك اصطفاقا واضطرابا من الْآفَاق بِهِ كَمَا تَقول: اضْطربَ الْمجْلس بالقوم وتدفقت الشِّعاب بِالْمَاءِ. السَّدف: الضَّوْء وَمِنْه قَوْلهم: أسدف لنا أَي أضيء لنا. قَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ رجل قَائِم بِالْبَابِ قلت لَهُ: أسدف أَي تنحَّ حَتَّى يضيء الْبَيْت.(3/120)
قَالَ أَبُو زيد: السدفة فِي لُغَة بني تَمِيم: الظلمَة وَفِي لُغَة قيس: الضَّوْء. وَأنْشد قَول ابْن مقبل: ... وَلَيْلَة قد جعلتُ الصُّبْح موعدَها ... صَدْرَ المطية حَتَّى تعرف السُّدُفا ... وَقَالَ: يَعْنِي الضَّوْء. الحنوة: أَن يُطَأْطِئ رَأسه ويقوس ظَهره من حنوت الشَّيْء وحنيته إِذا عطفته وناقة حنواء: فِي ظهرهَا احديداب.
الْفَاء مَعَ الصَّاد
فصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي تفصَّد عرقاً. أَي تصبب يُقَال تفصد وانفصد. وَمِنْه: القاصدان مجريا الدُّمُوع. وانتصاب عرقا على التَّمْيِيز.
فصع نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فصع الرّطبَة. فصع وَفصل وفصى: أَخَوَات يُقَال: فصع الشَّيْء من الشَّيْء إِذا خلعه وَأخرجه وفصع الْعِمَامَة إِذا حسرها عَن رَأسه وفصعت الدَّابَّة إِذا أبدت حياها مرّة وأدخلته أُخْرَى عِنْد الْبَوْل. أَرَادَ إخْرَاجهَا عَن قشرها لتنضج عَاجلا.
فصل ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سعيد بن جُبَير: كُنَّا نَخْتَلِف فِي أَشْيَاء فكتبتها فِي كتاب ثمَّ أَتَيْته بهَا أسأله عَنْهَا فَلَو علم بهَا لكَانَتْ الفيصل فِيمَا بيني وَبَينه. أَي القطيعة الفاصلة فِيمَا بيني وَبَينه.(3/121)
فَصم عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الشَّديد الْبرد فَيفْصم الْوَحْي عَنهُ وَإِن جَبينه ليتفصد عرقا. أَي يقْلع يُقَال أفصم الْمَطَر وأفصى: إِذا أقلع وَمِنْه قيل: كل فَحل يفصم إِلَّا الْإِنْسَان أَي يَنْقَطِع عَن الضراب.
فصد العطاردي رَحمَه الله تَعَالَى لما بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَخذ فِي الْقَتْل هربنا فاستثرنا شلو أرنب دَفِينا وألقينا عَلَيْهَا من بقول الأَرْض وفصدنا عَلَيْهَا فَلَا أنسى تِلْكَ الْأكلَة. كَانُوا يفصدون الْبَعِير ويعالجون الدَّم ويأكلونه عِنْد الضَّرُورَة وَمِنْه قَوْلهم: لم يحرم من فصد لَهُ. يَعْنِي أَنهم طرحوا الشلو فِي الْقدر والبقول وَالدَّم فطبخوا من ذَلِك طبيخا.
فصفص الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ فِي الفصافص صَدَقَة. هِيَ جمع فصفصة وَهِي الرّطبَة أَي الفت الرطب والقضب: الْيَابِس. قَالَ الْأَعْشَى: ... أَلم تَرَ أَنَّ العَرْضَ أَصبح بطنُه ... نخيلا وَزَرْعا نَابِتاً وفصافصا ... وَيُقَال: الفسفسة بِالسِّين أَيْضا.(3/122)
الْفَاء مَعَ الضَّاد
فضَض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: يارسول الله إِنِّي أُرِيد أَن أمتدحك. قَالَ: قل لَا يفضض الله فَاك فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ... مِنْ قَبْلِها طِبْتَ فِي الظلال وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
ثمَّ هبَطْتَ البِلادَ لَا بَشَرٌ ... أنتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ تركبُ السَّفِينَ وقَدْ ... ألْجَمَ نَسْراً وأهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذا مَضَى عاَلَمٌ بدا طَبَقُ
حَتّى احْتَوَى بيتَك المُهْيمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
وأنْتَ لَمَّا ولدت أشْرَقَتِ ال ... أَرض وضاءت بنورك الأفقُ
فنَحْنُ فِي ذَلِك الضِّيَاءِ وَفِي النُّو ... ر وسُبْل الرشاد نخترق ... أَي لايكسر ثغرك والفم يُقَام مقَام الْأَسْنَان يُقَال: سقط فَم فلَان فَلم يبْق لَهُ حاكة. أَرَادَ بالظلال ظلال الْجنَّة يَعْنِي كَونه فِي صلب آدم نُطْفَة حِين كَانَ فِي الْجنَّة. الْمُسْتَوْدع: الْمَكَان الَّذِي جعل فِيهِ آدم وحواء عَلَيْهِمَا السَّلَام من الْجنَّة واستودعاه. يخصف الْوَرق عَنى بِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ} . والخصف: أَن تضم الشَّيْء وتشكه مَعَه. أَرَادَ بالسفين سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام. ونسر: صنم لقوم نوح. الصالب: الصلب. الطَّبَق: الْقرن من النَّاس. أَرَادَ ببيته شرفه. والمهيمن: نَعته أَي حَتَّى احتوى شرفك الشَّاهِد على فضلك أفضل مَكَان وأرفعه من نسب خندف.(3/123)
النُّطْق: من قَول ابْن الْأَعرَابِي: النطاق وَاحِد النُّطْق وَهِي أَعْرَاض من حبالٍ بَعْضهَا فَوق بعض أَي نواح وأوساط. شُبهت بالنطق الَّتِي يشد بهَا أوساط الاناسي وَأنْشد: ... نَحن ضَرَبْنَا سَبْسَباً بعد البُرَقْ ... فِي رَهْوَةٍ ذَات سِدَادٍ ونُطقْ
وحالق فِي رَأْسِه بَيْضُ الأُنُقْ ... يَعْنِي أَنه فِي الْأَشْرَف الْأَعْلَى من النّسَب كَأَنَّهُ أَعلَى الْجَبَل وَقَومه تَحْتَهُ بِمَنْزِلَة أَعْرَاض الْجبَال. يُقَال: ضاء الْقَمَر والسراج يضوء نَحْو سَاءَ يسوء. قَالَ: ... قَرِّبْ قَلُوصَيْكَ فقدْ ضاء القَمَرْ ... أنَّث الْأُفق ذَهَابًا إِلَى النَّاحِيَة كَمَا أنَّث الْأَعرَابِي الْكتاب على تَأْوِيل الصَّحِيفَة أَو لِأَنَّهُ أَرَادَ أُفق السَّمَاء فأُجري مجْرى ذهبت بعض أَصَابِعه أَو أَرَادَ الْآفَاق أَو جمع أُفقاً على أُفق كَمَا جمع فلك على فلك.
فضخ قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كنت رجلا مذاء فَسَأَلت الْمِقْدَاد أَن يسْأَل لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِذا رَأَيْت الْمَذْي فَتَوَضَّأ واغسل مذاكيرك وَإِذا رَأَيْت فضخ المَاء فاغتسل. قَالَ شمر: فضخ المَاء: دفقه وَيُقَال للدلو: المفضخة. وَقيل لبَعْضهِم: مَا الْإِنَاء قَالَ: حَيْثُ تفضخ الدَّلْو.
فَضَح إِن بِلَالًا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى ليؤذنه بِصَلَاة الصُّبْح فشغلت عَائِشَة بِلَالًا حَتَّى فضحه الصُّبْح. أَي كشفه وبيَّنه للأعين. وَفِي كَلَام بَعضهم: قُم فقد فَضَحِك الصُّبْح. وانشد يَعْقُوب:(3/124)
.. حَتَّى إِذا مَا الديك نَادَى الفجرا ... وفَضَحَ الصُّبْحُ النجومَ الزُّهْرا ... أَي كشف أمرهَا بِغَلَبَة ضوئه ضوءها. وَقيل: حَتَّى أَضَاء بِهِ بفضحته أَي ببياضه. وروى: بالصَّاد بِمَعْنى بيَّنه وَمِنْه قيل للْبَيَان الفصاحة ولضده العُجمة. وأفصح الصُّبْح: بدا.
فضَض عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رمى الْجَمْرَة بِسبع حَصَيَات ثمَّ مضى فَلَمَّا خرج من فضَض الْحَصَى وَعَلِيهِ خميصة سَوْدَاء وَأَقْبل على سلمَان بن ربيعَة فكلَّمه بِكَلَام. هُوَ المتفرق مِنْهُ والفضيض مثله وهما فعل وفعيل بِمَعْنى مفعول من فضَّ الشَّيْء يفضُّه إِذا فرَّقه. وَفِي كتاب الْعين: الفض: تَفْرِيق حَلقَة من النَّاس بعد اجْتِمَاعهم. وَأنْشد: ... إِذا اجْتَمعُوا فَضَضْنا حَجْرَتَيْهِمْ ... ونجمعُهم إِذا كَانُوا بِدَادا ... وانفضَّ إِذا تفرَّق. وَمِنْه الحَدِيث: لَو أَن رجلا انفض انفضاضا مِمَّا صُنع بِابْن عَفَّان لحق لَهُ أَن ينفضّ. أَي انْقَطَعت أوصاله وَتَفَرَّقَتْ جزعاً وحسرة. الخميصة: ضرب من الأكسية. خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى مرازبة فَارس مقدمه الْعرَاق: أما بعد فَالْحَمْد لله الَّذِي فضَّ خدمتكم وفرَّق كلمتكم وسلب ملككم. الْخدمَة: سير غليظ مُحكم مثل الْحلقَة يشدُّ فِي رسغ الْبَعِير ثمَّ يشدُّ إِلَيْهَا سرائح نَعله وَقيل للخلخال خدمَة على التَّشْبِيه إِذا انفضّت الْخدمَة انحلّت السرائح وَسَقَطت النّعل فَضرب ذَلِك مثلا لثل عرشهم وَذَهَاب مَا كَانُوا يعتمدونه وَيرجع إِلَيْهِ استيساق أَمرهم.(3/125)
فضخ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي الفضيخ: لَيْسَ بالفصيخ وَلكنه الفضوخ. هُوَ مَا افتُضخ من الْبُسْر من غير أَن تمسه النَّار. وَمِنْه حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ: نزل تَحْرِيم الْخمر وَمَا كَانَت غير فضيخكم هَذَا الَّذِي تسمونه الفضيخ. أَرَادَ يسكر شَاربه ويفضخه.
فضَض ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن رجل خطب امْرَأَة فتشاجروا فِي بعض الْأَمر فَقَالَ الْفَتى: هِيَ طَالِق إِن نكحتها حَتَّى آكل الفضيض فَقَالَ: أما رأى أَن لَا ينْكِحهَا حَتَّى يَأْكُل الفضيض قَالَ الْمُنْذر بن عَليّ: فَذَلِك الْفَحْل يُسمى الْمُحَلّل حَتَّى الْيَوْم. الفضيض: الطّلع أَو مَا يطلع والفضيض أَيْضا: المَاء الْغَرِيض سَاعَة يخرج من الْعين أَو يصوب من السَّحَاب. الْفَحْل: الفحال الَّذِي أكل مِنْهُ الْحَالِف وَسمي محللا من تَحِلَّة الْيمن. أما رأى: اسْتِفْهَام فِي معنى التَّقْرِير يَعْنِي أَن الْأَمر يجب أَن يبْنى على مَا رأى من ترك نِكَاحهَا إِلَى وَقت إطلاع النّخل وَتَحْلِيل الْحلف بِأَكْل الطّلع لَا سَبِيل لَهُ غَيره.
الْفَاء مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة حَتَّى يكون أَبَوَاهُ هما اللَّذَان يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ كَمَا تنْتج الْإِبِل من بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تحسُّ من جَدْعَاء(3/126)
قَالُوا: يَا رَسُول الله: أَفَرَأَيْت وَهُوَ من يَمُوت وَهُوَ صَغِير قَالَ: إِن الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين. بِنَاء الْفطْرَة تدلُّ على النَّوْع من الْفطر كالجلسة وَالركبَة. وَفِي اللَّام إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا معهودة وَأَنَّهَا فطْرَة الله الَّتِي نطق بهَا قَوْله تَعَالَى عز من قَائِل: {فأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّيِنِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ عليْهَا لَا تَبْدِيلَ لخَلْقَ اللهِ ذلِكَ الدَّينُ القَيِّم} وَالْفطر: الِابْتِدَاء والاختراع. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ: مَا كنت لأدري مَا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى احتكم إليَّ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْر فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فطرتها أَي ابتدأت حفرهَا. وَالْمعْنَى أَنه يُولد على نوع من الجبلة وَهُوَ فطْرَة الله وَكَونه متهيئا مستهدفا لقبُول الحنيفية طَوْعًا لَا إِكْرَاها وطبعاً لَا تكلفا لَو خلَّته شياطين الْجِنّ وَالْإِنْس وَمَا يختاره لم يخْتَر إِلَّا إِيَّاهَا وَلم يلْتَفت إِلَى جنبه سواهَا. وَضرب لذَلِك الجمعاء والجدعاء مثلا يَعْنِي أَن الْبَهِيمَة تولد سوية الْأَعْضَاء سليمَة من الجدع وَنَحْوه لَوْلَا النَّاس وتعرّضهم لَهَا لبقيت كَمَا ولدت وَقيل للسليمة: جَمْعَاء لِأَن جَمِيع أعضائها وافرة لم ينتقص مِنْهَا شَيْء. وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله تَعَالَى: إِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِين عَن دينهم وَجعلت مَا نحلتهم من رزق فَهُوَ لَهُم حَلَال فَحرم عَلَيْهِم الشَّيَاطِين مَا أحللت لَهُم. يَعْنِي البحائر والسيَّب. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِمَا كَانُوا عاملين: إِشَارَة إِلَى تعلق المثوبة والعقوبة بِالْعَمَلِ وَأَن الصغار لَا عمل لَهُم وَقد أخرجه على سَبِيل التهكم وَأَن الله بجازي الصغار كفاء مَا عمِلُوا وَقد علم أَنهم لم يعملوا عملا يجازون بِهِ.(3/127)
هما: إِمَّا فصلٌ أقحم بَين الْمُبْتَدَأ وَخَبره وَفِي كَانَ ضمير الشَّأْن أَو هُوَ مُبْتَدأ خَبره الْمَوْصُول. وَأَبَوَاهُ: إِمَّا مُبْتَدأ هَذِه الْجُمْلَة خَبره وَكَانَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْوَجْه الأول أَو اسْم لَكَانَ وَخَبره الْجُمْلَة. مَا فِي كَمَا لَيست الكافة فِي نَحْو قَوْلك فعلت كَمَا فعلت وَلكنهَا الموصولة وصلتها تنْتج والراجع مَحْذُوف أَي كَالَّذي تنتجه الْإِبِل أَي تتوالده. وَقَوله: من بَهِيمَة: بَيَان للموصول.
فطر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن المذى فَقَالَ: هُوَ الْفطر. وروى: الفُطر (بِالضَّمِّ) . الْفطر (بِالْفَتْح) : لَهُ وَجْهَان: أَن يكون مصدر فطرت النَّاقة أفْطُرها وأَفطِرها إِذا حلبتها بأطراف الْأَصَابِع يُقَال: مَا زلت أفطر النَّاقة حَتَّى سعدت أَي اشتكيت ساعدي. أَو مصدر فطر نَاب الْبَعِير إِذا شقَّ اللَّحْم فطلع. شبه المذى فِي قلته بِمَا يحتلب بِالْفطرِ أَو شبه طلوعه من الإحليل بِطُلُوع الناب. وَالْفطر (بِالضَّمِّ) : اسْم مَا يظْهر من اللَّبن على إحليل الضَّرع. قَالَ المرار: ... بَازِلٌ أَو أخلَفَتْ بازلها ... عَاقِر لم يحتلب مِنْهَا فطر ...
فطس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُوشك أَن يَجِيء من قبل الْمشرق قوم عراض الْوُجُوه فُطس الأُنف صغَار الْأَعْين حَتَّى يلْحقُوا الزَّرْع بالزرع والضرع بالضرع والراوية يَوْمئِذٍ يَسْتَقِي عَلَيْهَا أحب إليّ من ألآءِ وَشاء. الفطس: انخفاض قَصَبَة الْأنف وَمِنْه فطس الْحَدِيد إِذا ضربه بالفطيس حَتَّى عرَّضه والفطسة: أنف الْبَقَرَة لانخفاضه.(3/128)
إِلْحَاق الزَّرْع بالزرع: أَن يعم بِالْهَلَاكِ أَي إِذا أهلكوا الْبَعْض لم يتْركُوا مَا بَقِي غير هَالك وَلَكنهُمْ يلحقونه بِهِ فَلَا يبقون على شَيْء. الراوية: الْبَعِير يَسْتَقِي عَلَيْهِ. اللأى بِوَزْن اللعا: الثور فِي الطرماح: ... كَظهر الَّلأَى لَو تُبْتَغي رَيَّةٌ بهَا ... لَعَّيتْ نَهَارا فِي بُطونِ الشَّواجن ... وبمصغره سمي لؤَي بن غَالب وَجمعه ألآء كألعاء.
فطأ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ذكر مقتلة مُسَيْلمَة وَأَنه رَآهُ أصفر الْوَجْه أفطأ الْأنف دَقِيق السَّاقَيْن. الفطأ والفطس: أَخَوان.
فطم ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى بلغه أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَقرع بَين الفطم فَقَالَ: مَا أرى هَذَا إِلَّا من الاستسقام بالأزلام. هُوَ جمع فطيم وَلَيْسَ جمع فعيل على فعل فِي الصِّفَات بِكَثِير. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد جَاءَ شَيْء مِنْهُ يَعْنِي من فَعِيل صفة قد كسر على فُعُل شُبه بالأسماء لِأَن الْبناء وَاحِد وَهُوَ نَذِير وَنذر وجديد وجدد وسديس وَسدس أورد هَذِه الْأَمْثِلَة فِي جمع فَعِيل بِمَعْنى فَاعل وَلم يُورد فِي فعيل بِمَعْنى مفعول إِلَّا قَوْلهم عقيم وعقم. قَالَ: فشبهوها بجديد وجدد. كَمَا قَالُوا: قتلاء وفُطم نَظِير عُقُم. الأزلام: القداح. كره الإقراع بَين ذَرَارِي الْمُسلمين وَكَانَ عِنْده التَّسْوِيَة بَينهم فِي الْعَطاء أَو زِيَادَة من رأى زِيَادَته من غير إقراع.(3/129)
الْفَاء مَعَ الظَّاء
[فظاظة فِي هر] .
الْفَاء مَعَ الْعين
فَعم فِي الحَدِيث: لَو أَن امْرَأَة من الْحور الْعين أشرفت لافعمت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ريح الْمسك. الإفعام: الملء البليغ يُقَال: أفعمت الرجل وأفعمته وفعمته وفغمته إِذا ملأته فَرحا أَو غَضبا. وَفِي أمثالهم: أُفعمت بيم ثمَّ غضت بسمّ. يضْرب للحسود أَي ملئت بِمثل الْبَحْر من الْحَسَد ثمَّ لَا غاض حسدك إِلَّا بِسم منخرك أَو بِسم الإبرة فِي الضّيق.
الْفَاء مَعَ الْغَيْن
فغا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد إدام أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اللَّحْم وَسيد رياحين أهل الْجنَّة الفاغية. هِيَ نور الحنَّاء. وَعَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجبه الفاغية وَأحب الطَّعَام إِلَيْهِ الدُّبَّاء. إِلَيّ القرع. وَقيل: الفاغية والفغو: نور الريحان. وَقيل: نور كل نبت وَقيل: الفغو فِي كل شَجَرَة هِيَ التَّنْوِير وَقد أفغى الشّجر.(3/130)
وَفِي حَدِيث الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه سُئِلَ عَن السَّلَف فِي الزَّعْفَرَان فَقَالَ: إِذا فغا. قَالُوا مَعْنَاهُ إِذا نور وَيجوز أَن يُرِيد إِذا انتشرت رَائِحَته من فغت الرَّائِحَة فغوا. وَمن قَوْلهم: هَذِه الْكَلِمَة فاغية فِينَا وفاشية بِمَعْنى.
الْفَاء مَعَ الْقَاف
فقر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو رهم الْغِفَارِيّ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَسَأَلَنِي عَن قوم تخلفوا عَنهُ وَقَالَ: مَا يمْنَع أحدهم أَن يفقر الْبَعِير من إبِله فَيكون لَهُ مثل أجر الْخَارِج الإفقار: الْإِعَارَة للرُّكُوب من الفقار. وَفِي بعض نفاثاتي: ... ألاَ أفْقَرَ اللهُ عَبْداً أَبَت ... عَلَيْهِ الدناءةُ أنْ يُفْقِرَا ... ومَنْ لَا يُعِير قِرَى مَرْكَبٍ ... فقُلْ: كَيفَ يَعْقِرُه لِلْقِرَى ... وَمِنْه حَدِيث عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه سُئِلَ عَن رجل اسْتقْرض من رجل دَرَاهِم ثمَّ إِن الْمُسْتَقْرض أفقر الْمقْرض ظهر دَابَّته فَقَالَ عبد الله: مَا أصَاب من ظهر دَابَّته فَهُوَ رَبًّا.
فَقُمْ من حفظ مَا بَين فقميه وَرجلَيْهِ دخل الْجنَّة. أَي لحييْهِ وَيُقَال: تفقمت فلَانا إِذا أخذت بفقمه وَمِنْه الفقم وَهُوَ ردَّة فِي الذقن وَرجل أفقم ثمَّ قيل لِلْأَمْرِ المعوج أفقم وتفاقم الْأَمر. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ لما ألْقى عَصَاهُ صَارَت حَيَّة فَوضعت فقماً لَهَا أَسْفَل وفقماً لَهَا فَوق وَأَن فِرْعَوْن كَانَ على فرس ذنُوب حصان فتمثل لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على فرس وديق فتقحم خلفهَا. الذَّنوب: الوافر الذَّنب. الحصان: الْفَحْل.(3/131)
الوديق: الَّتِي استودقت أَي استدنت الْفَحْل من اودوق وَهُوَ الدنو. أَرَادَ حفظ اللِّسَان والفرج.
فقر كَانَ لَهُ سيف الدّين يُسمى ذَا الفقار وَآخر يُقَال لَهُ المخذم وَآخر يُقَال لَهُ الرَّسوب وَآخر يُقَال لَهُ الْقَضِيب. هُوَ بِفَتْح الْفَاء والعامة يكسرونها سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَت فِي إِحْدَى شفرتيه حروز شبهب بفقار الظّهْر وَكَانَ هَذَا السَّيْف لمنبه بن الْحجَّاج فتنفله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّنة السَّادِسَة من الْهِجْرَة فِي غَزْوَة المصطلق وَكَانَ صَفيه وَهُوَ سَيْفه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يلْزمه وَيشْهد بِهِ الحروب. المخذم والرَّسوب من الخذم وَهُوَ الْقطع وَمن الرَّسوب وَهُوَ الْمُضِيّ فِي الضَّرْبَة الْقَضِيب: الدَّقِيق وَقيل الْقَاطِع وَهُوَ أول سيف تقلد بِهِ.
فقر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثَلَاث من الفواقر: جَار مقامة إِن رَأْي حَسَنَة دَفنهَا وَإِن رأى سَيِّئَة أذاعها. وَامْرَأَة إِن دخلت لسنتك وَإِن غبت عَنْهَا لم تأمنها. وَإِمَام إِن أَحْسَنت لم يرض عَنْك وَإِن أَسَأْت قَتلك. الفاقرة الداهية كَأَنَّهَا الَّتِي تحطم الفقار كَمَا يُقَال قاصمة الظّهْر وَقَالَ الْمبرد: قَوْلهم: عمل بِهِ الفاقرة يُرِيدُونَ بِهِ مَا يضارع الْفقر. اللسن: الْأَخْذ بِاللِّسَانِ. المقامة: مَوضِع الْإِقَامَة للمقيم فِيهِ قَالَ: ... يَوْمَايَ: يومُ مقاماتٍ وأندية ... ويومُ سيرٍ إلَى الأْعدَاء تَأْوِيبِ ... عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يشرب من فَقير فِي دَاره فَدخلت إِلَيْهِ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان بِمَاء فِي إداوة وَفِي سترتها فَقَالَت: سُبْحَانَ الله كَأَن وَجهه مصحاة. الْفَقِير: الْبِئْر والفقرة مثلهَا قَالَ الراجز:(3/132)
.. مَا لَيْلَة الْفَقِير الاشيطان ... مَجْنُونَة تُودِي بعَقلِ الإنسانْ ... قيل: هِيَ بِئْر قَليلَة المَاء والفقر: الْحفر المصحاة: إِنَاء من فضَّة شبه جَام يشرب فِيهِ. قَالَ: ... بِكَأْسٍ وإِبْريقٍ كأنَّ شَرَابه ... إِذا صُبَّ فِي المِصْحاة خالط عَنْدَمَا ... وَكَأَنَّهَا مفعلة من الصحو على سَبِيل التفاؤل وحقها أَن تُسمى مسكرة لِأَن المعاقرين يكْرهُونَ إسراع السكر ويؤثرون أَن يَتَطَاوَل لَهُم الصحو أَو هِيَ من الصحو وَهُوَ انكشاف الْغَيْم لِأَنَّهَا يُكشف بهَا ضباب الهموم أَو لكَونهَا مجلوة نقية اللَّوْن ناصعة الْبيَاض. وَمن الْفَقِير حَدِيث عبد الله بن أنيس الْأنْصَارِيّ أَنه ذكر قَتله ابْن أبي الْحقيق فَقَالَ: قدمنَا خَيْبَر فدخلناها لَيْلًا فَجعلنَا نغلق أَبْوَابهَا من خَارج على أَهلهَا ثمَّ جَمعنَا المفاتيح فطرحناها فِي فَقير من النَّخْل. وَذكر دُخُول ابْن أبي عتِيك قَالَ: فَذَهَبت لأَضْرِبهُ بِالسَّيْفِ وَلَا أَسْتَطِيع مَعَ صغر الْمشْربَة فوجرته بِالسَّيْفِ وجراً ثمَّ دخلت أَنا فذففت عَلَيْهِ. وروى: أَنهم خَرجُوا حَتَّى جَاءُوا خَيْبَر فدخلو الْحصن ثمَّ أسندوا إِلَيْهِ فى مشربَة فِي عجلة من نخل قَالَ: فو الله مَا دلنا عَلَيْهِ إِلَّا بياضه على الْفراش فِي سَواد اللَّيْل كَأَنَّهُ قبطية. وتحامل ابْن أنيس بِسَيْفِهِ فِي بَطْنه فَجعل يَقُول: قطني قطني ثمَّ نزلُوا فزلق ابْن أبي عتِيك فاحتملوه فَأتوا منهراً فاختبئوا فِيهِ ثمَّ خرج رجل مِنْهُم يمشي حَتَّى خشَّ فيهم فسمعهم يَقُولُونَ: فاظ وإله بني إِسْرَائِيل أَرَادَ الْبِئْر الَّتِي تحفر للفسيلة إِذا حوِّلت يُقَال: فقَّرنا للودية. الْمشْربَة: الغرفة.(3/133)
يُقَال وجرته الدَّوَاء وأوجرته إِذا صببته فِي وسط حلقه فاستُعير لِلطَّعْنِ فِي الصَّدْر قَالَ: ... أوجرْتُه الرمْح شَزْراً ثمَّ قُلْتُ لَهُ ... هذي المروءةُ لَا لِعْبُ الزَّحَاليقِ ... وَمِنْه قَوْلهم للغصة وَالْخَوْف: فِي الصَّدْر وجر وَإِن فلَانا من هَذَا الْأَمر لأوجر. ضاربه بِالسَّيْفِ: إِن أبي عتِيك والمذفَّف عَلَيْهِ: ابْن أُنيس. يُقَال: أسْند فِي الْجَبَل وَسَنَد إِذا صعد. العجلة: النقير وَهُوَ جذع نَخْلَة ينقر وَيجْعَل فِيهِ كالمراقي ويُصعد بِهِ إِلَى الغرف. المنهر: خرق فِي الْحصن نَافِذ يدْخل فِيهِ المَاء وَيُقَال للفضاء بَين بيُوت الْحَيّ تُلقى فِيهِ كناستهم منهرة. خشَّ: دخل وَمِنْه الخشاش. فاظ: مَاتَ. احتملوه أَي احْتمل الْمُسلمُونَ ابْن أبي عتِيك لما زلق من الْمشْربَة. فَخرج رجل مِنْهُم: يَعْنِي من الْمُسلمين حَتَّى خشَّ فِي الْيَهُود.
فقه سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نزل على نبطية بالعراق فَقَالَ لَهَا: هَل هَا هُنَا مَكَان نظيف أُصلي فِيهِ فَقَالَت: طهر قَلْبك وصلِّ حَيْثُ شِئْت فَقَالَ سلمَان: فقهت. أَي فظنت للحق وارتأت الصَّوَاب. وَالْفِقْه حَقِيقَة: الشق وَالْفَتْح والفقيه: الْعَالم الَّذِي يشق الْأَحْكَام ويفتش عَن حقائقها وَيفتح مَا استغلق مِنْهَا. وَمَا وَقعت من الْعَرَبيَّة فاؤه فَاء وعينه قافاً جله دالٌّ على هَذَا الْمَعْنى نَحْو قَوْلهم: تفقأ شحماً وفقح الجرو وفقَّر للفسيل وفقصت الْبَيْضَة عَن الفرخ. وتفقعت الأَرْض عَن الطرثوث.(3/134)
فقد أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من يتفقد يفقد وَمن لَا يعد الصَّبْر لفواجع الْأُمُور يعجز إِن قارضت النَّاس قارضوك وَإِن تَركتهم لم يتركوك وَإِن هربت مِنْهُم أدركوك. قَالَ الرجل: كَيفَ أصنع قَالَ: أقْرض من عرضك ليَوْم فقرك. أَي من يتفقد أَحْوَال النَّاس ويتعرفها عدم الرِّضَا. المقارضة: مفاعلة من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع وضعت مَوضِع المشاتمة لما فِي الشتم من قطع الْأَعْرَاض وتمزيقها وَلَو رويت بالصَّاد لم تبتعد عَن الصَّوَاب من قَوْلهم للشتائم قوارص. قَالَ الفرزدق: ... قَوارِص تَأْتيني وتحتقرونَها ... وَقد يملأُ القَطْرُ الْإِنَاء فَيُفَعَمُ ... والقرص نَحْو من الْقَرْض يُقَال: قرصت الْمَرْأَة الْعَجِين. وَمِنْه القرص ولجام قرّاص وقروص: يُؤْذِي الدَّابَّة عَن الْمَازِني. وَأنْشد: ... وَلَوْلَا هُذيلٌ أَنْ أسوءَ سَراتَها ... لألْجمْتُ بالقَرَّاصِ بِشْر بن عائِذِ ... يَعْنِي إِن أَسَأْت إِلَيْهِم قابلوك بِنَحْوِ إساءتك وَإِن تَركتهم لم تسلم مِنْهُم وَإِن ثلبك أحد فَلَا تشتغل بمعارضته ودع ذَلِك قرضا لَك عَلَيْهِ ليَوْم الْجَزَاء.
فقع ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا نهى عَن التفقيع فِي الصَّلَاة. هُوَ الفرقعة وَمِنْه فقَّع الوردة تفقيعاً إِذا أدارها ثمَّ ضربهَا فانشقت فصوتت وَمِنْه فقع بِهِ وَإنَّهُ لفقاع شَدِيد. أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لَهَا امْرَأَة: زَوجي توفّي أفأكتحل فَقَالَت: لَا وَالله لَا آمُرك بِشَيْء نهى الله وَرَسُوله عَنهُ وَإِن تفاقعت عَيْنَاك. أَي ابيضتا من قَوْلهم: أَبيض فقيع: وَعَن الجاحظ: الفقيع من الْحمام كالصقلابي من النَّاس. والفقع من الكمأة: الْأَبْيَض أَو انشقتا وهلكتا من التفقع وَهُوَ(3/135)
التشقق وَيُقَال هَذَا فقوع طرثوث وَغَيره مِمَّا تتفقع عَنهُ الأَرْض. شُرَيْح رَحمَه الله جاءة قوم من غير أهل الْملَّة عَلَيْهِم خفاف لَهَا فقع فَأجَاز شَهَادَة بَعضهم على بعض. أَي خراطيم وَيُقَال للخف المخرطم: مفقع.
فقر الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي قَوْله عز وَجل: {وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} فقرات ابْن آدم ثَلَاث: يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حيّا هِيَ الَّتِي ذكر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. هِيَ الْأُمُور الْعِظَام بِضَم الْفَاء. الْوَلِيد بن عبد الْملك أفقر بعد مسلمة الصَّيْد لمن رمى. أَي أمكن من فقاره كَقَوْلِهِم: أكثب أَي أمكن من كاثبته. يُرِيد أَن أَخَاهُ مسلمة كَانَ غزاءً يحمي بَيْضَة الأسلام ويتولى سداد الثغور فبموته اخْتَلَّ ذَلِك وَأمكن الْإِسْلَام لمن تعرض للنكاية فِي أَهله وبلاده. وَلَقَد أبعد الْوَلِيد إِن لِلْإِسْلَامِ ذابًّا يُغني عَن مسلمة ونظراء مسلمة هُوَ الْقوي الْعَزِيز.
فقه فِي الحَدِيث: لعن الله النائحة والمستفقهة. هِيَ صاحبتها الَّتِي تجاوبها لِأَنَّهَا تتفهم قَوْلهَا وتتلقفه.(3/136)
الْفَاء مَعَ الْكَاف
فكه زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ من أفكه النَّاس إِذا خلا مَعَ أَهله وأزمتهم فِي الْمجْلس أَي من أمزحهم. والفكاهة: المزاحة وَرجل فكه. الزَّماتة: الْوَقار وَرجل زميت وزميت وَقد زمت وتزمت.
فَكل ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى الْبَحْر: إِن مُوسَى يَضْرِبك فأطعه فَبَاتَ وَله أفكل. هُوَ رعدة تعلو الْإِنْسَان من غير فعل. قَالَ النمر: ... أرِى أُمَّنا أَضْحَتْ علينا كَأَنَّمَا ... تجلّلها مِنْ نافِضِ الْورْد أَفْكَلُ ... وَقَوْلهمْ للشقراق: أفكل لأَنهم يتشاءمون بِهِ فَإِذا عرض لَهُم كرهوه وفزعوا وارتعدوا وهمزته مزيدة لدَلِيل تصريفي. ولقولهم رجل مفكول.
الْفَاء مَعَ اللَّام
فلتت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا فَمَاتَتْ وَلم توص أفأتصدق عَنْهَا فَقَالَ: نعم. أَي استلبت نَفسهَا فلتة أَي فجاءة. قَالَ الْأَصْمَعِي: افتلته وامتعده: اختلسه وافتلت فلَان بِأَمْر كَذَا إِذا فوجئ بِهِ قبل أَن يستعد لَهُ وَالْأَصْل افتلتها الله نَفسهَا معدى إِلَى مفعولين كَمَا تَقول: اختلسه الشَّيْء واستلبه إِيَّاه ثمَّ بنى الْفِعْل للضمير فتحول مستترا وَبقيت النَّفس على حَالهَا.(3/137)
فلق فَلم قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت الدَّجَّال فَإِذا رجل فيلق أَعور كَأَن شعره أَغْصَان الشّجر. أشبه من رَأَيْت بِهِ عبد الْعُزَّى بن قطن الْخُزَاعِيّ. الفيلق والفيلم: الْعَظِيم وتفيلق الْغُلَام وتفلق وتفيلم إِذا ضخم وَمِنْه الفليقة: الْأَمر الْعَظِيم يُقَال: يَا للفليقة.
فلذ إِن فَتى من الْأَنْصَار دَخلته خشيَة من النَّار فحبسته فِي الْبَيْت حَتَّى مَاتَ فَقَالَ: إِن الْفرق من النَّار فلذ كبده. أَي قطعهَا وَمِنْه فلذنا لفُلَان نصِيبه من الْجَزُور أَو الطَّعَام إِذا عزلناه نفلذه فَلِذَا.
فلح الْخَيل مَعْقُود بنواصيها الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن ربطها عدّة فِي سَبِيل الله فَإِن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وَأَبْوَالهَا فلاحٌ فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة. الْفَلاح: من أَفْلح كالنجاح من أنجح وَهُوَ الْفَوْز وَالظفر بقسمة من قسم الْخَيْر والاستبداد بهَا ومأخذه من الفلح وَهُوَ الْقطع لِأَنَّهُ إِذا فَازَ بهَا واستبد فقد احتازها لنَفسِهِ واقتطعها إِلَيْهِ. وَمِمَّا يصدقهُ حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته استفلحي بِأَمْرك أَو أَمرك لَك أَو الحقي بأهلك فَقَبلتهَا فَوَاحِدَة بَائِنَة. أَي استبدي بِهِ واقتطعيه إِلَيْك من غير أَن تنازعيه.
فلغ إِن الله تَعَالَى أَمرنِي أَن آتيهم فأُبين لَهُم الَّذِي جبلهم عَلَيْهِ فَقلت: يَا رب إِنِّي إِن آتهم يفلغ رَأْسِي كَمَا تفلغ العترة. وروى: يثلغ رَأْسِي كَمَا تثلغ الخبزة. الفلغ: الشق وَيُقَال: بِرجلِهِ فلوغ وفلوح وفلوج أَي شقوق. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه كَانَ يخرج يَدَيْهِ فِي السُّجُود وهما متفلغتان قد شَرق مِنْهُمَا الدَّم. أَي متشققتان من الْبرد.(3/138)
الثلغ: الهشم والفلغ مثله. شَرق الدَّم أَي ظهر وَلم يسل من شَرق الرجل بِالْمَاءِ إِذا بَقِي فِي حلقه لَا يسيعه. العترة: نبت وَقيل هِيَ شَجَرَة العرفج.
فلج عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث حُذَيْفَة وَابْن حنيف إِلَى السوَاد ففلجا الْجِزْيَة على أَهله. أَي قسماها من الفلج والفالج وَهُوَ مكيال وَكَانَ خراجهم طَعَاما.
فَلت خطب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النَّاس فَقَالَ: إِن بيعَة أبي بكر كَانَت فلتة وقى الله شرّها إِنَّه لَا بيعَة إِلَّا عَن مشورة وَأَيّمَا رجل بَايع من غير مشورة فَإِنَّهُ لَا يُؤمر وَاحِد مِنْهُمَا تغرَّة أَن يقتلا. فلتة أَي فجاءة لِأَنَّهُ لم ينْتَظر بهَا الْعَوام وَإِنَّمَا ابتدرها أكَابِر الصَّحَابَة لعلمهم أَنه لَيْسَ لَهُ مُنَازع وَلَا شريك فِي وجوب التَّقَدُّم وَقيل: هِيَ آخر لَيْلَة من الْأَشْهر الْحرم. وفيهَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فَيَقُول قوم: هِيَ من الحلّ. وَقوم من الحُرم. فيسارع الموتور إِلَى دَرك الثأر غير متلوم فيكثر الْفساد وتُسفك الدِّمَاء قَالَ: ... سَائل لَقِيطا وأَشياعَها ... وَلَا تدعَنْ واسأَلَنْ جعفرا ... غَدَاة العرُوبة مِنْ فَلْتَةٍ ... لمن تركُوا الدَّار والمَحْضَرا ... أَي فروا لما حل الْقِتَال فتركوا محاضرهم فَشبه حَيَاة أَيَّام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَشْهرِ الْحرم وَيَوْم مَوته بالفلتة وَفِي وُقُوع الشَّرّ من ارتداد الْعَرَب وَمنع الزَّكَاة وتخلف الْأَنْصَار عَن الطَّاعَة والجري على عَادَة الْعَرَب فِي أَلا يسود الْقَبِيلَة إِلَّا رجل مِنْهَا وَقَوْلهمْ: منا أَمِير ومنكم أَمِير. وَفِي الحَدِيث عَن سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ عمر: كَانَت إِمَارَة أبي بكر فلتة وقى الله شرَّها. قلت: وَمَا الفلتة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتحاجزون فِي الْحرم فَإِذا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي يشك فِيهَا أدغلوا فَأَغَارُوا.(3/139)
وَكَذَلِكَ كَانَ يَوْم مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدغل النَّاس من بَين مدَّعٍ إِمَارَة وجاحدٍ زَكَاة فلولا اعْتِرَاض أبي بكر دونهَا لكَانَتْ الفضيحة. وَيجوز أَن يُرِيد بالفلتة الخلسة يَعْنِي أَن الْإِمَارَة يَوْم السَّقِيفَة مَالَتْ إِلَى تولِّيها كل نفس ونيط بهَا كل طمع وَلذَلِك كثر فِيهَا التشاجر والتجاذب وَقَامُوا فِيهَا بالخطب ووثب غير وَاحِد يستصوبها لرجل عشيرته ويبدي وَيُعِيد فَمَا قلدها أَبُو بكر إِلَّا انتزاعا من الْأَيْدِي واختلاسا من المخالب وَمثل هَذِه الْبيعَة جديرة بِأَن تكون مهيجة للشر والفتنة فعصم الله من ذَلِك وَوقى التغرَّة: مصدر غرَّر بِهِ إِذا أَلْقَاهُ فِي الْغرَر. وَالْأَصْل حوف تغرَّة فِي أَن يقتلا أَي خوف إخطار بهما فِي الْقَتْل. وانتصاب الْخَوْف على أَنه مفعول لَهُ فحُذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وحُذف حرف الْجَرّ. وَيجوز أَن يكون: أَن يقتلا بَدَلا من تغرّة وَكِلَاهُمَا الْمُضَاف مَحْذُوف مِنْهُ. وَإِن أضيفت التغرة إِلَى أَن يُقتلا فَمَعْنَاه خوف تغرير قَتلهمَا على طَريقَة قَوْله تَعَالَى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنّهَارِ} . وَالضَّمِير فِي مِنْهُمَا للمبايع والمبايع الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: وَأَيّمَا رجل بَايع رجلا. وَالْمعْنَى أَن الْبيعَة حَقّهَا أَن تقع صادرة عَن الشورى فَإِذا استبد رجلَانِ دون الْجَمَاعَة بمبايعة أَحدهمَا الآخر فَذَلِك تظاهر مِنْهُمَا بشقّ الْعَصَا وإطراح للْبِنَاء على أساس مَا يجب أَن تكون عَلَيْهِ الْبيعَة فَإِن عُقد لأحد فَلَا يكونن الْمَعْقُود لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وليكونا معزولين من الطَّائِفَة الَّتِي يتَّفق على تَمْيِيز الإِمَام مِنْهَا لِأَنَّهُ إِن عُقد لوَاحِد مِنْهُمَا وهما قد ارتكبا تِلْكَ الفعلة المضغنة للْجَمَاعَة من التهاون بأمرها والاستغناء عَن رأيها لم يُؤمن أَن يقتلولهما.
فلفل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو عبد الله السّلمِيّ: خرج علينا عَليّ وَهُوَ يتفلفل وَكَانَ كيِّس الْفِعْل وروى: يتقلقل وروى عبد خير عَنهُ أَنه خرج وَقت السحر وَهُوَ يتفلفل فَسَأَلته عَن الْوتر فَقَالَ: نعم سَاعَة الْوتر هَذِه(3/140)
فلفل التفلفل (بِالْفَاءِ) : مقاربة الخطا. قَالَ النَّضر: جعل فلَان يتفلفل أَي يُقَارب بَين الخطى. وَيُقَال: جَاءَ متفلفلا إِذا جَاءَ والمسواك فِي فِيهِ يشوصه وكلا التفسيرين مُحْتَمل. والتقلقل (بِالْقَافِ) : الخفة والإسراع من الْفرس القلقل. كيس الْفِعْل أَي حسن شكل الْفِعْل.
فلاح أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ وَقد ذكر الْقيام فِي شهر رَمَضَان مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة ثَالِثَة بقيت قَامَ بِنَا حَتَّى خفنا أَن يفوتنا الْفَلاح قيل: وَمَا الْفَلاح قَالَ: السّحُور. وَأَيْقَظَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة أَهله وَبنَاته ونساءه. سمى السّحُور فلاحا لِأَنَّهُ قسْمَة خير يقتطعها المتسحر. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى رجل رجلا جَالِسا عِنْد عبد الله فَقَالَ: إِنِّي تركت فرسك يَدُور كَأَنَّهُ فِي فلك وروى أَنه قَالَ لَهُ: إِن فلَانا لقع فرسك. فَقَالَ عبد الله: اذْهَبْ فافعل بِهِ كَذَا كَذَا. والفلك: مدَار النُّجُوم يَعْنِي أَنه يَدُور مِمَّا أَصَابَهُ من الْعين كَمَا يَدُور الْكَوْكَب فِي الْفلك بدورانه. وَعَن النَّضر قَالَ أَعْرَابِي: رَأَيْت إبلي ترْعد كَأَنَّهَا فلك قلت: مَا الْفلك قَالَ: المَاء إِذا ضَربته الرّيح فرأيته يَجِيء وَيذْهب ويموج. لقعه: رَمَاه بِعَيْنِه. وَمِنْه اللقاعة من الرِّجَال: الداهية الَّذِي يَرْمِي بالْكلَام رميا.
فلذ ذكر أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ: وَتَرْمِي الأَرْض بأفلاذ كَبِدهَا. قيل: وَمَا أفلاذ كَبِدهَا قَالَ: أَمْثَال هَذِه الأواسي من الذَّهَب وَالْفِضَّة. الفلذ: الْقطعَة من كبد الْبَعِير. الأواسي: الأساطين.(3/141)
فلل مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صعد الْمِنْبَر وَفِي يَده فليلة وطريدة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هَذَانِ حرَام على ذُكُور أمتِي. الفليلة: الكبة من الشّعْر وكل شعر مُجْتَمع وَمِنْه قيل لما ارْتكب مِنْهُ على زبرة الْأسد فليل للرجل إِنَّه لعَظيم فلائل اللِّحْيَة. قَالَ الْكُمَيْت: ... ومُطَّرِدِ الدِّماء وَحَيْثُ يُلْقَى ... مِنَ الشَّعر المُضَفَّرِ كالفَلِيلِ ... وَكَأن المُرَاد: الكبة من الدمقس فسميت فليلة تَشْبِيها. الطريدة: الشقة بالطول من الْحَرِير وَمِنْهَا قَوْلهم: للطريقة من الأَرْض قَليلَة الْعرض: طريدة وَشَرِيعَة وطبابة. وَيَقُولُونَ: هَذِه طرائد من كلأ وطرائق إِذا كَانَت كَذَلِك.
فلح فِي الحَدِيث: كل قوم على زِينَة من أَمرهم ومفلحة من أنفسهم. هِيَ مفعلة من الْفَلاح أَي هم راضون بعملهم ومزين أَمرهم فِي أَعينهم معتقدون أَنهم على اقتطاع قسْمَة الْخَيْر وحيازة السهْم الأوفر من الصّلاح وَالْبر.
الْفَاء مَعَ الْمِيم
فَمَا فِي (سِتّ)(3/142)
الْفَاء مَعَ النُّون
فند النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أُريد أَن أفند فرسا فَقَالَ: عَلَيْك بِهِ كميتاً أَو أدهم أقرح أرثم محجلاً طلق الْيُمْنَى. أَي أجعله فندا وَهُوَ الشمراخ من الْجَبَل وَقيل الْجَبَل الْعَظِيم يُرِيد أجعله معتصما وحصنا ألتجيء إِلَيْهِ كَمَا يلتجأ إِلَى الْجَبَل. وَقيل: هُوَ من قَوْلهم للْجَمَاعَة المجتمعة فند تَشْبِيها بفند الْجَبَل يُقَال: لقِيت بهَا فنداً من النَّاس لِأَن اقتناءك للشَّيْء جمعك لَهُ إِلَى نَفسك. وَعِنْدِي وَجه ثَالِث وَهُوَ أَن يكون التفنيد بِمَنْزِلَة التضمير من الفند وَهُوَ الْغُصْن المائل. قَالَ: ... مِنْ دونهَا جنّة تقرو لَهَا ثَمَرٌ ... يُظِلُّه كلُّ فِنْدٍ ناعم خَضِلٍ ... كَأَنَّهُ قَالَ: أُرِيد أَن أضمر فرسا حَتَّى يصير فِي ضمره كغصن الشَّجَرَة وَيصْلح للغزو والسباق. وَقَوْلهمْ للضامر من الْخَيل شطبة مِمَّا يصدقهُ. القرحة: دون الْغرَّة وَيُقَال رَوْضَة قرحاء للَّتِي فِي وَسطهَا نور أَبيض. الرثمة والرثم: بَيَاض فِي الجحفلة الْعليا. طلق الْيُمْنَى: مُطلقهَا لَا تحجيل فِيهَا. لما توفّي وَغسل صلى عَلَيْهِ النَّاس أفناداً أفنادا. أَي جماعات بعد جماعات. وَمِنْه قَوْلهم: مر فند من اللَّيْل وجوشٌ أَي طَائِفَة. قيل: حزر المصلون عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ ألفا. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتزعمون أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا إِنِّي من أولكم وَفَاة تتبعونني أفناداً يهْلك بَعْضكُم بَعْضًا. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أسْرع النَّاس بِي لُحُوقا قومِي تستحليهم المنايا وتتنافس عَلَيْهِم أمتهم ويعيش النَّاس بعدهمْ أفنادا يقتل بَعضهم بَعْضًا.(3/143)
فنك أَمرنِي جِبْرِيل أَن تعاهد فنيكي. قيل هما العظمان المتحركان من الماضغ دون الصدغين. وَعَن بَعضهم: سَأَلت أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن الفنيكين. فَقَالَ: أما الْأَعْلَى فمجتمع اللحيين عِنْد الذقن وَأما الْأَسْفَل فمجتمع الْوَرِكَيْنِ حَيْثُ يلاقيان كَأَنَّهُ الْموضع الَّذِي فانك فِيهِ أحد العظمين الآخر أَي لَازمه ولازقه من قَوْلهم: فانكت كَذَا حَتَّى مللته. وَمِنْه حَدِيث ابْن سابط رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا تَوَضَّأت فَلَا تنس الفنيكين. قَالُوا: يُرِيد وتخليل أصُول الشّعْر.
فند مَا ينْتَظر أحدكُم إِلَّا هرماً مفنداً أَو مَرضا مُفْسِدا. الفند فِي الأَصْل: الْكَذِب كَأَنَّهُمْ استعظموه فاشتقوا لَهُ الِاسْم من فند الْجَبَل. وأفند: تكلم بالفند ثمَّ قَالُوا للشَّيْخ إِذا أنكر عقله من الْهَرم: قد أفند لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بالمحرّف من الْكَلَام عَن سنَن الصِّحَّة فَشبه بالكاذب فِي تحريفه. والهرم المفند من أَخَوَات قَوْلهم: نَهَاره صَائِم جعل الفند للهرم وَهُوَ للهرم وَيُقَال أَيْضا: أفنده لهرم أفند الشَّيْخ. وَفِي كتاب الْعين: شيخ مُفند يَعْنِي مَنْسُوب إِلَى الفند وَلَا يُقَال: امْرَأَة مفندة لِأَنَّهَا لَا تكون فِي شبيبتها ذَات رأى فتفند فِي كبرها.
فنن أبان بن عُثْمَان رحمهمَا الله تَعَالَى مثل اللّحن فِي السرى مثل التفنين فِي الثَّوْب. هُوَ أَن يكون فِي الثَّوْب الصفيق بقْعَة سخيفة وَهُوَ تفعيل من الْفَنّ وَهُوَ الضَّرْب. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: فننَّت الثَّوْب فتفنن إِذا مزقته وَإِذا خرقه القصَّار قيل: قد فننه وكل عيب فِيهِ فَهُوَ تفنين. وَعَن بعض الْعَرَب: اللّحن فِي الرجل ذِي الْهَيْئَة كالتفنين فِي الثَّوْب النفيس(3/144)
وَإِنِّي لأجد للحن من الْإِنْسَان السمين وضراً نَحْو وضر اللَّحْم الْمَطْبُوخ وَهَذَا نَحْو قَول أبي الْأسود: إِنِّي لأجد للحن غمراً كغمر اللَّحْم. عبد الْأَعْلَى رَضِي الله عَنهُ خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة فقصر فِيهَا ثمَّ خطب أَبُو بكر أقصر من خطبَته ثمَّ خطب عمر أقصر من خطبَته ثمَّ قَامَ رجل من الْأَنْصَار وفن فِيهِ فنينا وعنَّ فِيهِ عنينا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ من الْبَيَان لسحراً. يُقَال عنَّ يعن وفنَّ يفن عنناً وعنيناً والمفن والمعنّ: الَّذِي يُعَارض كل شَيْء يستقبله وَالْجمع معانّ يُقَال: رجل فنون لمن لَا يَسْتَقِيم على رَأْي وَكَلَام وَاحِد.
فنع مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِ أبي محجن الثَّقَفِيّ: أَبوك الَّذِي يَقُول: ... إِذا مِتّ فادْفِنِّي إِلى أَصْلِ كَرْمَةٍ ... البيتان. فَقَالَ أبي الَّذِي يَقُول: ... وَقد أَجودُ وَمَا مالِي بِذِي فَنَعٍ ... وأكْتُم السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ العُنُق ... يُقَال: فنع فنعاً فَهُوَ فنع وفنيع إِذا كثر مَاله ونما وَفِي أمثالهم: من قنع فنع.(3/145)
الْفَاء مَعَ الْوَاو
فَوق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسَّمَ الْغَنَائِم يَوْم بدر عَن فُوَاق. هُوَ فِي الأَصْل رُجُوع اللَّبن إِلَى الضَّرع بعد الْحَلب سمي فواقاً لِأَنَّهُ نزُول من فَوق وَذَلِكَ فِي الفينة فَاسْتعْمل فِي مَوضِع الوشك والسرعة وَالْمعْنَى: قسمهَا سَرِيعا. وَقيل: جعل بَعضهم أفوق من بعض وحرف الْمُجَاوزَة هُنَا بِمَنْزِلَتِهِ فِي أعطَاهُ عَن رَغْبَة ونحله عَن طيبَة نفس وَفعل كَذَا عَن كَرَاهِيَة. وَالْقَوْل فِيهِ أَن الْفَاعِل فِي وَقت إنْشَاء الْفِعْل إِذا كَانَ متصفاً بِهَذِهِ الْمعَانِي كَانَ الْفِعْل صادراً عَنْهَا لَا محَالة ومجاوزا إِلَى جَانب الثُّبُوت إياخا.
فوخ خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد حَاجَة فاتّبعه بعض أَصْحَابه فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تنحَّ عنِّي فَإِن كل بائلة تُفيخ. يُقَال: فاخت الرّيح وفاحت فوخاً وفوحاً إِلَّا أَن فِي الفوخ صَوتا. وأفاخ الرجل إِذا فاخت مِنْهُ الرّيح. قَالَ: ... أفاخُوا مِنْ رِمَاحِ الخَطِّ لَمّا ... رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالاً ... أَي خَافُوا فأفاخوا. أنَّثَ البائل ذَهَابًا إِلَى النَّفس. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه إِذا كَانَ أَتَى الْحَاجة استبعد وتوارى. وَعَن أبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه بَال وَرجل قريب مِنْهُ فَقَالَ: يَا بن أخي قطعت عَليّ لَذَّة بيلتي
فَوت مرَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحائط مائل فأسرع الْمَشْي فَقيل: يَا رَسُول الله أسرعت الْمَشْي فَقَالَ: أَخَاف موت الْفَوات.(3/146)
فَوت أَي موت الْفُجَاءَة من فَاتَهُ بالشَّيْء إِذا سبقه بِهِ وَيُقَال: افتئت فلَان إِذا فوجئ بِالْمَوْتِ بِالْهَمْز وَهُوَ من الْقلب الشاذ. إنَّ رجلا تفوَّت على أَبِيه فِي مَاله فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِهِ فَقَالَ: ارْدُدْ على أبنك مَاله فَإِنَّمَا هُوَ سهم من كنانتك. يُقَال افتات فلَان على فلَان فِي كَذَا وتفوَّت عَلَيْهِ فِيهِ إِذا انْفَرد بِرَأْيهِ دونه فِي التَّصَرُّف فِيهِ وَهُوَ من الْفَوْت بِمَعْنى السَّبق إِلَّا أَنه ضُمِّن معنى التغلب فعُدِّيَ بعلى لذَلِك. وَالْمعْنَى: إِن الابْن لم يستشر أَبَاهُ وَلم يَسْتَأْذِنهُ فِي هبة مَاله يَعْنِي مَال نَفسه. فَأتى الْأَب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ لَهُ: ارتجعه من الْمَوْهُوب لَهُ واردده على ابْنك فَإِنَّهُ وَمَا فِي يَده فِي مَلكتك وَتَحْت يدك فَلَيْسَ لَهُ أَن يستبدّ بأمرٍ دُونك. وَضرب كَونه سَهْما من كِنَانَته مثلا لكَونه بعض كَسبه وخره.
فوع احْبِسُوا صِبْيَانكُمْ حَتَّى تذْهب فوعة الْعشَاء يُقَال: فورة الْعشَاء وفرعته أَي أَوله وشرته وَكَذَلِكَ فورة الطّيب وفوعته وفوحته.
فَوق ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الْمسيب بن رَافع: سَار إِلَيْنَا عبد الله سبعا من الْمَدِينَة فَصَعدَ الْمِنْبَر فَقَالَ: إِن أَبَا لؤلؤة قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر فَبكى النَّاس. ثمَّ قَالَ: إِنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد اجْتَمَعنَا فأمَّرنا عُثْمَان وَلم نأل عَن خيرنا ذَا فوقٍ. أَي عَن خيرنا سَهْما. وَمن أمثالهم فِي الرجل التَّام فِي الْخَيْر: هُوَ أَعْلَاهَا ذَا فَوق. وَذكر السهْم مثل للنصيب من الْفضل والسابقة شُبِّه بِالسَّهْمِ الَّذِي أُصِيب بِهِ الخصل فِي النضال. وَصفته بالفوق من قبل أَنه بِهِ يتم إِصْلَاحه وتهيؤه للرَّمي أَلا ترى إِلَى قَول عبيد:(3/147)
.. فأقبلْ على أفْواقِ سَهْمِك إِنَّمَا ... تكلَّفْتَ من أَشْيَاء مَا هُوَ ذَاهِب ... يُرِيد: أقبل مَا تصلح بِهِ شَأْنك. الْأَشْعَرِيّ تَذَاكر هُوَ ومعاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قِرَاءَة الْقُرْآن فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أما أَنا فأتفوقه تفوق اللقوح. هُوَ أَن تحلب النَّاقة فواقا بعد فوَاق أَي يرضعها الفصيل كَذَلِك وَمِنْه تفوق مَاله إِذا أنفقهُ شَيْئا بعد شَيْء قَالَ: ... تفوّقْتَ مَالِي مِنْ طَرِيفٍ وتَالِدٍ ... تَفَوُّقِيَ الصَّهْبَاءَ مِنْ حَلَبِ الْكَرم ... وَعَن بعض طَيء: خلف من تفوق. وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ: يتجرعه ويتفوقه فِيمَا لَيْسَ معالجة للشَّيْء بمررة وَلكنه عمل بعد عمل فِي مُهلة. وَالْمعْنَى: لَا أَقرَأ وردي بمرَّةٍ وَلَكِن شَيْئا بعد شَيْء فِي ليلِي ونهاري.
فوض مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لدغفل بن حَنْظَلَة النسابة: بِمَ ضبطت مَا أرى قَالَ: بمفاوضة الْعلمَاء: قَالَ: وَمَا مفاضة الْعلمَاء قَالَ: كنت إِذا لقِيت عَالما أخذت مَا عِنْده وأعطيته مَا عِنْدِي. الْمُفَاوضَة: الْمُسَاوَاة والمشاركة والفوضة: الشّركَة وَالنَّاس فوضى فِي هَذَا الْأَمر أَي سَوَاء لَا تبَاين بَينهم
الْفَاء مَعَ الْهَاء
فهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى إِن الفهر. هُوَ من الإفهار كالصَّدْر من الإصدار يُقَال: أفهر الرجل إِذا أكسل عَن إِحْدَى جاريتيه أَي خالطها وَلم ينزل ثمَّ إِلَى قَامَ إِلَى الْأُخْرَى فَأنْزل مَعهَا وَهُوَ من تفهير الْفرس.(3/148)
قَالُوا: أول نُقْصَان حضر الْفرس الترادّ ثمَّ الفتور ثمَّ التفهير لِأَن المفهر يَعْتَرِيه فتور وَقلة نشاط فيتحول لتطرية نشاطه أَلا ترى إِلَى قَوْلهم أكسل فِي مَعْنَاهُ وَكَأن التفهير حَقِيقَته نفي الصلابة كالتفزيع من قَوْلهم: نَاقَة فيهرة صلبة شَدِيدَة من الفهر وَهُوَ الْحجر.
فهة أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ عمر: ابْسُطْ يدك لأُبايعك فَقَالَ: مَا رَأَيْت مِنْك أَو مَا سَمِعت مِنْك فهَّة فِي الْإِسْلَام قبلهَا أتبايعني وَفِيكُمْ الصِّديق ثَانِي اثْنَيْنِ يُقَال: فه الرجل يفه فهاهة وفها وفهةً إِذا جَاءَت مِنْهُ سقطة أَو جهلة من العيّ وَغَيره. قَالَ: ... الكَيْسُ والقوةُ خَيْرٌ من ال ... إشفاق والفهة والهاع ...
فهق فِي الحَدِيث إِن رجلا يخرج من النَّار فيدنى من الْجنَّة فتنفهق بِهِ. أَي تنفتح وتتسع ومنفهق الْوَادي: متسعه وانفهقت الطعنة وَالْعين وَأَرْض تنفهق مياها عذَابا.
الْفَاء مَعَ الْيَاء
فيض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي مَرضه الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم فَجعل يتَكَلَّم وَمَا يُفيض بهَا لِسَانه. أَي مَا يقدر على الإفصاح بهَا يُقَال: كلمت أَفَاضَ بِكَلِمَة وَفُلَان ذُو إفَاضَة إِذا تكلم أَي ذُو بَيَان وجريان من قَوْلهم: فاض المَاء يفِيض إِذا قطر. وأفاض ببوله إفَاضَة إِذا رمى بِهِ. وعينه يَاء على هَذَا وَإِن صحَّ مَا روى من الْمُفَاوضَة فِي الحَدِيث وَهِي الْبَيَان فَفِي عينه لُغَتَانِ نَحْو قَوْلهم: قَاس يقيس ويقوس وضار يضير ويضور.(3/149)
فين مَا من مُؤمن إِلَّا وَله ذَنْب قد اعتاده الفينة بعد الفينة إِن الْمُؤمن خُلق مفتَّنا توَّاباً نَاسِيا إِذا ذُكِّر ذكر. أَي السَّاعَة بعد السَّاعَة والحين بعد الْحِين. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَقمت عِنْده فينات أَي سَاعَات. وروى: كَانَ هَذَا فِي فينة من ففين الدَّهْر كبدرة وَبدر وَهُوَ أحد الْأَسْمَاء الَّتِي يعتقب عَلَيْهَا التعريفان اللامي والعلمي. حكى أَبُو زيد: لَقيته فينة والفينة ونظيرها لَقيته سحرًا والسَّحر وإلاهة والإلاهة وشعوب والشَّعوب. لَهُ ذَنْب: صفة وَالْوَاو مُؤَكدَة وَمحل الصّفة مَرْفُوع مَحْمُول على مَحل الْجَار مَعَ الْمَجْرُور لِأَنَّك لَا تَقول: مَا من أحد فِي الدَّار إِلَّا كريم كَمَا لَا تَقول إِلَّا عبد الله وَلَكِنَّك ترفعهما على الْمحل. المفتَّن: الممتحن الَّذِي فتن كثيرا.
فَيْء دخل عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر فَكَلمهُ ثمَّ دخل أَبُو بكر على تفئة ذَلِك. أَي على أثر ذَلِك تَقول الْعَرَب: كَانَ كَذَا على تفئة كَذَا وتفيئته وقفَّانه وتئيفته وإفِّه وإفَّانه وتاؤها لَا تَخْلُو من أَن تكون مزيدة أَو أَصْلِيَّة فَلَا تكون مزيدة والبنية كَمَا هِيَ من غير قلب لِأَن الْكَلِمَة معلة مَعَ أَن الْمِثَال من أَمْثِلَة الْفِعْل وَالزِّيَادَة من زوائده والإعلال فِي مثلهَا مُمْتَنع أَلا ترى أَنَّك لَو بنيت مِثَال تضرب أَو تكرم اسْمَيْنِ من البيع لَقلت تَبيع وتُبيع من غير إعلال إِلَّا أَن تبني مِثَال تحلئ فَلَو كَانَت النفيئة كفعلة من الْفَيْء لَخَرَجت على وزن تهيئة فَهِيَ إِذن لَوْلَا الْقلب فعيلة لأجل الإعلال كَمَا أَن يأحج فعلل لترك الْإِدْغَام وَلَكِن الْقلب عَن التئفة هُوَ القاصي بِزِيَادَة التَّاء وَبَيَان الْقلب أَن الْعين وَاللَّام أَعنِي الفاءين قُدِّمتا على الْفَاء أَعنِي الْهمزَة ثمَّ أبدلت الثَّانِيَة من الفاءين يَاء كَقَوْلِهِم: تظنيت. جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار بابنتين لَهَا. فَقَالَت: يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا قيس(3/150)
قُتل مَعَك يَوْم أُحد وَقد استفاء عَمهمَا مَا لَهما وميراثهما كُله. فَنزلت آيَة الْمَوَارِيث أَي أَخذه من قَوْلهم: استفاء فلَان مَا فِي الأوعية واكتاله وَمِنْه: استفاءني فلَان إِذا ذهب بِي عَن هواي كنت عَلَيْهِ إِلَى هوى نَفسه وَهُوَ يستفيء الْخَيْر ويستريعه ويتفيؤه ويتريعه أَي يجمعه إِلَيْهِ حَتَّى يفِيء إِلَيْهِ ويريع أَي يرجع.
فيض أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَفَاضَ وَعَلِيهِ السكينَة وأوضع فِي وَادي مُحسَّر. الْإِفَاضَة فِي الأَصْل: الصبّ فاستعيرت للدَّفْع فِي السّير كَمَا قَالُوا: صبَّ فِي الْوَادي.
وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمَّ صبَّ فِي دقران. وَأَصله أَفَاضَ نَفسه أَو رَاحِلَته وَلذَلِك فسروه بِدفع إِلَّا أَنهم رفضوا ذكر الْمَفْعُول. ولرفضهم إِيَّاه أشبه غير الْمُتَعَدِّي فَقَالُوا: الْبَعِير بجرَّته وأفاض بِالْقداحِ إِذا دَفعهَا وَضرب بهَا. الإيضاع: حمل الْبَعِير على الْوَضع وَهُوَ سير سهل حثيث دون الدَّفع. طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اشْترى فِي غَزْوَة ذِي قردٍ بِئْرا فتصدَّق بهَا وَنحر جزورا فأطعمها النَّاس فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا طَلْحَة أَنْت الْفَيَّاض فسُميَّ فيَّاضاً. هُوَ الْوَاسِع الْعَطاء من فاض الْإِنَاء إِذا امْتَلَأَ حَتَّى انصب من نواحيه وَمِنْه قَوْلهم: أَعْطَانِي غيضاً من فيض إِذا أَعْطَاك قَلِيلا وَالْمَال عِنْده كثير. قَالَ زُهَيْر: ... وأبيضَ فياضٍ يَدَاهُ غَمامةٌ ... على المُعْتفِين مَا تُغِبُّ نَوافِلُهْ ... وَكَانَ طَلْحَة أحد الأجواد قسّم مرّة فِي قومه أَرْبَعمِائَة ألف. فِي الحَدِيث فِي ذكر الدَّجَّال: ثمَّ يكون على أثر ذَلِك الْفَيْض.(3/151)
هُوَ الْمَوْت يُقَال: فاضت نَفسه وفاظت
فيئ لَا يحلُّ لامرئ أَن يؤمِّر مفاءً على مفيء. أَي يؤمَّر مولى على عَرَبِيّ لِأَن الموَالِي فيئهم. [آخر كتاب الْفَاء](3/152)
حرف الْقَاف
الْقَاف مَعَ الْبَاء
قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لنعله قبالان. القبال: زِمَام النَّعْل وَفِي كَلَام بَعضهم: دع رجْلي ورجلك فِي نعل مَا وسعهما القبال. وَيُقَال نعل مقبلة ومقابلة وَهِي الَّتِي جعل لَهَا قبال وَقد أقبلتها وقابلتها. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قابلوا النِّعال. وَهِي مَقْبُولَة إِذا شددت قبالها وَقد قبلتها عَن أبي زيد.
قبص أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر وَعِنْده قبض من النَّاس. هُوَ الْعدَد الْكثير يُقَال: إِنَّهَا لفي قبض الْحَصَى. وَقَالَ الْكُمَيْت: ... لَكُمْ مَسْجِدَا اللهِ المَزُوران والحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُهُ من بَين أَثْرَي وأَقْتَرَا ... وَهُوَ فعل بِمَعْنى مفعول من القبص وإطلاقه على الْكثير من جنس مَا صغَّروه من المستعظم.
قبع كَانَ قبيعة سَيْفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضَّة. هِيَ الَّتِي على رَأس الْقَائِم وَقيل: هِيَ مَا تَحت الشاربين مِمَّا يكون فَوق الغمد فَيَجِيء مَعَ الْقَائِم وَهُوَ القوبع أَيْضا.
قبط كسا امراة قبطية فَقَالَ: مرها فلتتخذ تحتهَا غلالة لَا تصف حجم عظامها. هِيَ من ثِيَاب مصر. وَمِنْهَا حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: لَا تلبسوا نساءكم القباطيّ فَإِنَّهُ إِلَّا يشفَّ فَإِنَّهُ يصف. أَي إِن لم ير مَا وَرَاءه فَإِنَّهُ يصف خلقهَا لرقته.(3/153)
قبص دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا يتمر فَجعل بجيء بِهِ قبصاً قبصاً فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنْفق بِلَال وَلَا تخش من ذِي الْعَرْش إقلالا. جمع قبصة وهى مَا قبص كَمَا أَن الفرفة مَا غرف وَمِنْهَا قَول مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَفْسِير قَوْله عز وَجل: {وآتُوا حَقّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} يَعْنِي القبص الَّتِي تُعْطِي عِنْد الْحَصاد. وَعَن أبي تُرَاب أَنْشدني أَبُو الجهم الْجَعْدِي. ... قالَتْ لَهُ واقتبصتْ من أثَرِه ... يَا رَبّ صاحِبْ شيخَنَا فِي سَفَرِه. ... فَقلت لَهُ: كَيفَ اقتبصت من أَثَره فَقَالَ: أخذت قبصةً من أَثَره فِي الأَرْض فقبلته. اسْتَقل عَلَيْهِ السَّلَام مَا جَاءَ بِهِ فَأمره بِالْإِنْفَاقِ والثقة برزق الله وَترك الْخَوْف من الْفقر.
قبض قَالَ سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قتلت يَوْم بدر قَتِيلا وَأخذت سَيْفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطرَحهُ فِي الْقَبْض فَنزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لي: اذْهَبْ وَخذ سَيْفك. هُوَ مَا قبض من الْغَنَائِم قبل أَن تقسم.
قبب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَمر بِضَرْب رجل ثمَّ قَالَ: إِذا قب ظَهره فَرده. أَي إِذا اندملت آثَار ضربه وجفت من قَوْلهم: قب الْجرْح وَالتَّمْر وَنَحْوهمَا إِذا يبس. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ _ إِن درعه كَانَت صَدرا لَا قب لَهَا. أَي لَا ظهر لَهَا سمي قبًّا كَمَا سمي عموداً وَأَصله قبُّ البكرة وَهِي(3/154)
الْخَشَبَة الت فيي وَسطهَا. قَالَ: ... مَحَالةٌ تركب قَبًّا رَادَا ... لِأَنَّهَا عمودها الَّذِي عَلَيْهِ مدارها وَبِه قوامها وَمِنْه قيل لشيخ الْقَوْم: قب الْقَوْم وَفُلَان القبُّ الْأَكْبَر.
قبل عقيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ عَطاء رَأَيْته شَيخا كَبِيرا يقبل غرب زَمْزَم. أَي يتلقاها إِذا نزعت يُقَال: قبل الدَّلْو يقبلهَا قبالة.
قبر الْحجَّاج قَالَت لَهُ بَنو تَمِيم: أقبرنا صَالحا. أَي مكِّنَّا من أَن نقبره وَلَا تَمْنَعنَا يعنون صَالح بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَكَانَ قَتله وصلبه.
قبع قُتَيْبَة رَحمَه الله تَعَالَى _ يأهل خُرَاسَان إِن وَلِيكُم والٍ شَدِيد عَلَيْكُم قُلْتُمْ جَبَّار عنيد وَإِن وَلِيكُم وَال رءوف بكم قُلْتُمْ قباع بن ضبة هُوَ رجل كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَحمَق أهل زَمَانه فَضرب بِهِ الْمثل. وَأما قَوْلهم لِلْحَارِثِ بن عبد الله القُباع فَإِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ ولي الْبَصْرَة فغيَّر مكاييلهم فَنظر إِلَى مكيال صَغِير فِي مرْآة الْعين أحَاط بدقيق كثير فَقَالَ: إِن مكيالكم هَذَا لقباع فنبز بِهِ. والقباع: الَّذِي يُخفي نَفسه وَمِنْه قيل للقنفذ قباع.
قبح فِي الحَدِيث: لَا تُقبِّحوا الْوَجْه. أَي لَا تَقولُوا إِنَّه قَبِيح.
قبي خير النَّاس القبِّيون. سُئل أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب فَزعم أَنهم الَّذين يسردون الصَّوْم حَتَّى تضمر بطونهم.(3/155)
الْقَاف مَعَ التَّاء
قتر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَبُو طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَرْمِي وَهُوَ يُقتِّر بَين يَدَيْهِ وَكَانَ رامياً وَكَانَ أَبُو طَلْحَة يشور نَفسه وَيَقُول لَهُ إِذا رفع شخصه هَكَذَا بِأبي وَأمي لَا يصيبك سهم تحرى دون نحرك يَا رَسُول الله أَي يجمع لَهُ السِّهَام قَالَ أَبُو عَمْرو: التقتير أَن تُدنى متاعك بعضه إِلَى بعض أَو بعض ركابك إِلَى بعض وَيُقَال: قتَّر بَين الشَّيْئَيْنِ أَي قَارب بَينهمَا وَيجوز أَن يكون من الأقتار وَهِي نصال الأهداف أَي يسويها لَهُ ويهيئها. يشور نَفسه أَي يسْعَى ويخف يظْهر بذلك قوَّته من شرت الدَّابَّة إِذا أجريتها لتنظر إِلَى سَيرهَا.
فتن قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل: يَا رَسُول الله تزوجت فُلَانَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بخ تَزَوَّجتهَا بكرا قتيناً. هِيَ القليلة الظُّعم وَقد قتنت قتانةً وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وصف الْمَرْأَة أنَّها وضيئة قتين.
قتت لَا يدْخل الْجنَّة قتَّات. هُوَ النمام لِأَنَّهُ يقتُّ الحَدِيث أَي يزوره ويهيئه قتًّا قَالَ أَبُو مَالك: القتُّ والقدُّ وَاحِد وَهُوَ التَّسْوِيَة قَالَ: ... حقان من عاج أجيدا قتا(3/156)
وَمِنْه الدّهن المقتت وَهُوَ المهيأ المطيَّب بالرياحين.
قتر سَأَلَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل عَن امْرَأَة أَرَادَ نِكَاحهَا فَقَالَ لَهُ: بِقدر أَي النِّسَاء هِيَ قَالَ: قد رَأَتْ القتير. قَالَ دعها. هُوَ المشيب يُقَال: قد لهزه القتير وَهُوَ فِي الأَصْل رُءُوس المسامير سمي بذلك لِأَنَّهُ قتر أَي قُدِّر لم يغلظ فيخرم الْحلقَة وَلم يدقق فيموج ويسلس. ويصدِّق ذَلِك قَول دُرَيْد: ... بَيْضَاء لَا تُرْتَدى إلاَّ لَدَى فَزَعٍ ... مِنْ نَسْجِ داودَ فِيهَا السك مقتور ...
قتت ادهن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَيْت غير مقتت وَهُوَ محرم. قد فسر آنِفا.
قتل خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مَالك بن نُوَيْرَة لامْرَأَته يَوْم قَتله خَالِد: أقتلتني أَي عرَّضتني للْقَتْل بِوُجُوب الدفاع عَنْك. والمحاماة عَلَيْك وَكَانَت حسناء وَقد تزَوجهَا خَالِد بعد قتل زَوجهَا فأُنكر ذَلِك عَلَيْهِ وَقيل فِيهِ: ... أفِي الْحق أَنا لم تجفَّ دماؤنا ... وَهَذَا عروسا بِالْيَمَامَةِ خَالِد ...
قتم عَمْرو قَالَ لِابْنِهِ عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا يَوْم صفّين: أَي عبد الله انْظُر أَيْن ترى عليا قَالَ: أرَاهُ فِي تِلْكَ الكتيبة القتماء. قَالَ: لله در ابْن عمر وَابْن مَالك فَقَالَ لَهُ: أَي أَبَت فِيمَا يمنعك إِذا غبطتهم أَن ترجع فَقَالَ: يَا بني أَنا أَبُو عبد الله إِذا حككت قرحَة دميتها. القتماء: الغبراء من القتام وَهُوَ الْغُبَار. ابْن مَالك هُوَ سعد وَمَالك اسْم أبي وَقاص وَكَانَ هُوَ وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم مِمَّن تخلف عَن الْفَرِيقَيْنِ.(3/157)
تدمية القرحة مثل أَي إِذا أممت غَايَة تقصيتها.
قتب عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لَا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق زَوجهَا حَتَّى لَو سَأَلَهَا نَفسهَا على ظهر قتب لم تَمنعهُ. قَالَ أَبُو عبيد: كُنَّا نرى أَن الْمَعْنى أَن يكون ذَلِك وَهِي تسير على ظهر الْبَعِير فجَاء التَّفْسِير فِي بعض الحَدِيث: إِن الْمَرْأَة كَانَت إِذا حضر نفَاسهَا أجلست على قتب ليَكُون أسلس لولادتها. فِي الحَدِيث: لَا صَدَقَة فِي الْإِبِل القتوبة. هِيَ الَّتِى تُوضَع الأقتاب على ظُهُورهَا.
قتل فِي الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي: قَاتله فَإِنَّهُ شَيْطَان. أَي دافعه.
الْقَاف مَعَ الثَّاء
قثث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا حث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا على الصَّدَقَة فجَاء أَبُو بكر بِمَالِه كُله يقثه. أَي يَسُوقهُ. يُقَال جَاءَ فلَان يفث الدُّنْيَا قثاً إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكثير وَجَاء السَّيْل يقث الغثاء. وَقيل القث والحث وَاحِد إِلَّا أَنه بِالْقَافِ أبطؤهما. وَمِنْه انْتقل الْقَوْم بقثيثتهم أَي بجماعتهم. وَقَالُوا للقتات: القثاث لِأَنَّهُ يقث الحَدِيث أَي يَنْقُلهُ. القثع فِي قن.(3/158)
الْقَاف مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رقيقَة بنت أبي صَيْفِي وَكَانَت لِدَة عبد الْمطلب ابْن هَاشم قَالَت: تَتَابَعَت على قُرَيْش سنو جَدب قد أقحلت الظلْف وأرقت الْعظم فَبينا أَنا رَاقِدَة اللَّهُمَّ أَو مهومة ومعى صنوي إِذا أَنا بهَا تف صيت يصْرخ بِصَوْت صَحِلَ يَقُول: يَا معشر قُرَيْش إِن هَذَا النَّبِي الْمَبْعُوث مِنْكُم قد أَظَلَّتْكُم أَيَّامه وَهَذَا إبان نجومه فَحَيَّهَلا بالحيا وَالْخصب. أَلا فانظروا مِنْكُم رجلا طوَالًا عظاما أَبيض بضًا أَشمّ الْعرنِين لَهُ فَخر يَكْظِم عَلَيْهِ. ويورى: رجلا وَسِيطًا عظاما جِسَامًا أَوْطَفُ الْأَهْدَاب أَلا فَلْيخْلصْ هُوَ وَولده وليدلف إِلَيْهِ من كل بطن رجل أَلا فليثنوا من المَاء وليمسوا من الطّيب وليطوفوا بِالْبَيْتِ سبعا أَلا وَفِيهِمْ الطّيب الطَّاهِر لداته أَلا فليستسق الرجل وليؤمن الْقَوْم أَلا فغثتم إِذن مَا شِئْتُم وعشتم. قَالَت: فَأَصْبَحت مَذْعُورَة قد قف جلدي وَوَلِهَ عَقْلِي فَاقْتَصَصْت رُؤْيَايَ فوالحرمة وَالْحرم إِن بَقِي أبطحيٌّ إِلَّا قَالَ: هَذَا شيبَة الْحَمد وتتامت عِنْده قُرَيْش وانقضَّ إِلَيْهِ من كل بطن رجل فشنّوا وَمَسُّوا واستلموا وطوَّفوا ثمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قبيس وطفق الْقَوْم يدفُّون حوله مَا إِن يدْرك سَعْيهمْ مهله حَتَّى فرُّوا بِذرْوَةِ الْجَبَل واستكفوا جنابيه. فَقَامَ عبد الْمطلب فاعتضد ابْن ابْنه مُحَمَّدًا فرفعه على عَاتِقه وَهُوَ يَوْمئِذٍ غُلَام قد أَيفع أَو كرب ثمَّ قَالَ: اللم سَاد الْخلَّة وَكَاشف الْكُرْبَة أَنْت عَالم غير معلم مسئول غير مبخَّل وَهَذِه عبدَّاؤك وإماؤك بِعَذِرَاتٍ حَرمك يَشكونَ إِلَيْك سنتهمْ فاسمعن اللَّهُمَّ وأمطرن علينا غيثاً مريعاً مُغْدِقًا فَمَا راموا الْبَيْت حَتَّى انفجرت السَّمَاء بِمَائِهَا وكظ الْوَادي بثجيجه فَسمِعت شَيْخَانِ قُرَيْش وجلتها: عبد الله بن جدعَان وَحرب بن أُميَّة وَهِشَام بن الْمُغيرَة يَقُولُونَ لعبد الْمطلب: هَنِيئًا لَك أَبَا الْبَطْحَاء(3/159)
قحل أقحلت من قحل قحولا وقحل قحلاً إِذا يبس. الرفود: النّوم بِاللَّيْلِ المستحكم الممتد وَمِنْه قَوْلهم: طَرِيق مرقد إِذا كَانَ بَينا ممتداً وارقد ورقد إِذا مضى على وَجهه وامتد لَا يلوي على شَيْء وأرقد بِأَرْض كَذَا إرقاداً: أَقَامَ بهَا. هوَّموا وتهوَّموا: إِذا هزُّوا هامهم من النعاس. قَالَ: ... مَا تُطْعَمُ الْعين نوماً غيرَ تَهْوِيم ... وَهَذَا أحد مصداقي كَون الْعين من الْهَام واواً وَالثَّانِي قَوْلهم للعظيم الهامة أهوم كَمَا قَالُوا: أرأس. الصيت: فيعل من صات يصوت ويصات صَوتا كالميت من مَاتَ. وَيُقَال فِي مَعْنَاهُ: صائت وصات ومصوات. الصَّحل: الَّذِي فِي صَوته مَا يذهب بحدته من بحَّةٍ وَهُوَ مستلذٌّ فِي السّمع. إبان نجومه وَقت ظُهُوره وَهُوَ فعلان من أَب الشَّيْء إِذا تهَيَّأ. مر حيهلا مشروحاً فِي حيّ. الحيا: الْمَطَر لِأَنَّهُ حَيَاة الأَرْض. فعال مُبَالغَة فِي فعيل وفُعَّال أبلغ مِنْهُ نَحْو كرام وكرّام. الكظم والكتم والكعم والكدم والكزم: أَخَوَات فِي معنى الْإِمْسَاك وَترك الإبداء وَمِنْه كظوم الْبَعِير وَهُوَ ألاَّ يجتر. وَالْمعْنَى أَنه من ذَوي الْحسب وَالْفَخْر وَهُوَ لَا يُبْدِي ذَلِك. الْوَسِيط: أفضل الْقَوْم من الْوسط وَقد وسط وساطة. قَالَ العرجي: ... : كأنِّي لَمْ أكُنْ فيهم وَسِيطاً ... ولَمْ تَكُ نِسْبتي فِي آل عمْرو ... أَوْطَفُ الْأَهْدَاب: طويلها.(3/160)
فَلْيخْلصْ أَي فليتميز هُوَ وَولده من النَّاس من قَوْله تَعَالَى: {خَلَصُوا نَجيًّا} وليدلف إِلَيْهِ من الدليف وَهُوَ الْمَشْي الرويد والتقدم فِي رفق. شنَّ المَاء: صبَّه على رَأسه وَقيل الشنُّ صب المَاء مُتَفَرقًا وَمِنْه شنَّ الْغَارة. والسنّ بِخِلَافِهِ. لداته: على وَجْهَيْن: أَن تكون جمع لِدَة مصدر ولد نَحْو عدَّة وزنة يَعْنِي أَن مولده ومولد من مضى من آبَائِهِ كلهَا مَوْصُوف بِالطُّهْرِ والزكاء. وَأَن يُرَاد أترابه وَذكر الأتراب أسلوب من أساليبهم فِي تثبيت الصّفة وتمكينها لِأَنَّهُ إِذا جُعل من جمَاعَة وأقران ذَوي طَهَارَة فَذَاك أثبت لطهارته وأدل على قدسه وَمِنْه قَوْلهم: مثلك جواد. غثتم: مطرتم (بِكَسْر الْغَيْن أَو بضمة أَو بإشمامه) : يُقَال غاث الله الأَرْض يغيثها غيثا وَأَرْض مغيثة وميغوثة. وَعَن الْأَصْمَعِي قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء قَالَ: قَالَ لي ذُو الرمة: مَا رَأَيْت أفْصح من أمة بني فلَان قلت لَهَا: كَيفَ كَانَ مطركم فَقَالَت: غثنا مَا شِئْنَا. قفَّ: تقبَّض واقشعرَّ. والقفَّة: الرعدة. دله وَوَلِهَ وتله وعله: أَخَوَات فِي معنى الْحيرَة والدَّهش. اسْم عبد الْمطلب عَامر وَإِنَّمَا قيل لَهُ شيبَة الْحَمد لشيبة كَانَت فِي رَأسه حِين ولد وَعبد الْمطلب لِأَن هاشما تزوج سلمى بنت زيد النَّجارية فولدته فَلَمَّا توفّي هَاشم وشبَّ الْغُلَام انتزعه الْمطلب عَمه من أمه وأردفه على رَاحِلَته وَقدم بِهِ مَكَّة فَقَالَ النَّاس: أرْدف الْمطلب عبد فَلَزِمَهُ هَذَا الِاسْم. التَّتام: التَّوافر. الدَّفيف: المرَّ السَّرِيع. الْمهل (بالإسكان) : التؤدة وَمِنْه قَوْلهم: مهلا وَمَا مهل بمغنية عَنْك شَيْئا أَي لَا يدْرك إسراعهم إبطاءه. والمهل بِالتَّحْرِيكِ: التمهل وَهُوَ التَّقَدُّم. قَالَ الْأَعْشَى: ... وَإِن فِي السَّفر إِذْ مضوا مهلا ...(3/161)
أَي كَانَ يسْعَى ويسعون وَهُوَ يتقدمهم. استكفوا: أَحدقُوا من الكفة وَهِي مَا اسْتَدَارَ ككفة الصاعد وكفة الْمِيزَان وَغير ذَلِك. يُقَال: مروا يَسِيرُونَ جنابية وجنابتيه. أى ناحييه قَالَ كَعْب: ... يسْعَى الوُشاةُ جَنَابيها وقولُهُمُ ... إِنَّك يَا بن أَبي سُلْمَى لَمَقتول ... كرب: قرب من الإيفاع وَمِنْه الكروبيون: المقربون من الْمَلَائِكَة. العبداء والعبدي (بِالْمدِّ وَالْقصر) : العبيد. الْعذرَة: الفناء. كظيظ الْوَادي: امتلاؤه وَمِنْه الكظَّة. الثجيج: المثجوج أَي المصبوب قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
سقى أُمَّ عَمْرٍو كلَّ آخرِ ليلةٍ ... حَناتم سُودٌ ماؤهُنَّ ثَجِيجُ ... الشَّيْخَانِ فِي جمع شيخ كالضيفان فِي جمع ضيف. قيل لَهُ أَبُو الْبَطْحَاء لِأَن أَهلهَا عاشوا بِهِ وانتعشوا كَمَا قَالُوا للمطعام أَبُو الأضياف.
قحم قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: دخلت عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده غليم أسود يغمز ظَهره فَقلت: يَا رَسُول الله مَا هَذَا الغليم فَقَالَ: إِنَّه تقحَّمت بِي النَّاقة اللَّيْلَة. القحمة: الورطة والمهلكة وَمِنْهَا قَالُوا: اقتحم الْأَمر وتقحَّمه إِذا رَكبه على غير تثبت وروية وَركب نَاقَته فتقحمت بِهِ إِذا ندت فَلم يقدر على ضَبطهَا وَرُبمَا طوحت بِهِ فِي أهوية. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من سرَّه أَن يتقحم جراثيم جَهَنَّم فليقضِ فِي الجدّ. أَي أَن يَرْمِي بِنَفسِهِ فِي معاظم عَذَابهَا.(3/162)
والجرثومة: أصل كل شَيْء ومجتمعه وَمِنْه جرثومة الْعَرَب وَهِي اصطمَّتهم. طباق الْجَواب للسؤال من حَيْثُ أَن عمر إِنَّمَا أهمه سَبَب الغمز وغرضه فِي أَن سَأَلَ عَن الغليم السُّؤَال عَن مُوجب فعله الَّذِي هُوَ الغمز فَأُجِيب على حسب مُرَاده ومغزاه دون لَفظه. لَيْسَ لقَائِل أَن يَقُول: يجب أَن يكون دُخُوله عَلَيْهِ فِي لَيْلَة التقحم دون غدها. وَإِلَّا فَكَانَ حق الْكَلَام أَن يَقُول البارحة فقد رُوِيَ ابْن نجدة عَن أبي زيد أَنه قَالَ: تَقول الْعَرَب مذ غدْوَة إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس: رَأَيْت اللَّيْلَة فِي مَنَامِي كَذَا وَكَذَا فَإِذا زَالَت الشَّمْس قَالَت: رَأَيْت البارحة. قَالَ ثَعْلَب: وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَقد انْفَتَلَ من الصَّلَاة صَلَاة الْغَدَاة: رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن ميزاناً دلى من السَّمَاء وَله كفتان. فَوضعت فِي كفة وَوضعت أمتى فِي الكفة الْأُخْرَى فوزنت عَلَيْهَا فرجحت ثمَّ أخرجت من الكفة وَوضع أَبُو بكر مَكَاني فوزن بالأمة وَرجح عَلَيْهَا ثمَّ أخرج أَبُو بكر وَوضع عمر مَكَانَهُ فوزن بالأمة وَرجح عَلَيْهَا.
قحل لِأَن يعصبه أحدكُم بقد حَتَّى يقحل خير من أَن يسْأَل النَّاس فِي نِكَاح. أَي ييبس يَعْنِي الْفرج.
قحد قَالَ أَبُو سُفْيَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي غَزْوَة السويق: وَالله مَا أخذت سَيْفا وَلَا نبْلًا إِلَّا تعسر عَليّ وَلَقَد قُمْت إِلَى بكرَة قحدة أُرِيد أَن أعرقبها فَمَا اسْتَطَعْت سَيفي لعرقوبها فتناولت الْقوس والنبل لأرمي ظَبْيَة عصماء نرد بهَا قرمنا فانثنت على سيتاها وامرط قذذ السهْم وانتصل فَعرفت أَن الْقَوْم لَيست فيهم حِيلَة. القحدة: الْعَظِيمَة القحدة وَهِي السنام. والمقحاد مثلهَا. وَقد قحدت وأقحدت. العصماء: الَّتِي فِي يَديهَا بَيَاض. امرط: مُطَاوع مرطه يُقَال: مرط الشّعْر والريش إِذا نتفه فامرط وَسَهْم أمرط ومرط ومراط ومارط: سَاقِط الريش.(3/163)
انتصل: سقط نصله. وأنضلته أَنا: نزعت نصله ونصلته جعلت لَهُ نصلاً.
قحط من أَتَى أَهله فأقحط فَلَا يغْتَسل. هُوَ تَمْثِيل لعدم الْإِنْزَال من أقحط الْقَوْم إِذا قحط عَنْهُم الْمَطَر أَي انْقَطع وَاحْتبسَ. وَنَحْوه فِي الْمَعْنى: المَاء من المَاء. وَذَلِكَ مَنْسُوخ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا التقى الختانان.
قحم على رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وكل أَخَاهُ عقيلا با لخصومة ثمَّ وكل بعده عبد الله ابْن جَعْفَر وَكَانَ لَا يحضر الْخُصُومَة وَيَقُول: إِن لَهَا لقحماً وَإِن الشَّيْطَان يحضرها. أَي مهالك وشدائد وقحم الطَّرِيق: مَا صَعب مِنْهُ وشق على سالكه قَالَ جرير: ... قد جرَّبَتْ مِصْرُ والضَّحَّاكُ أَنهم ... قَومٌ إِذا حارَبُوا فِي حَرْبِهم قُحَمُ ...
قحف أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم اليرموك: تزينوا للحور الْعين وَجوَار ربكُم فِي جنَّات النَّعيم فَمَا رئي موطن أَكثر قحفا سَاقِطا وكفا طائحة من ذَلِك الْيَوْم. هُوَ الْعظم الَّذِي فَوق الدِّمَاغ من الجمجمة وَشبه بِهِ الْإِنَاء فَقيل لَهُ: قحف. وَفِي أمثالهم: رَمَاه بأقحاف رَأسه إِذا صرفه عَمَّا يُرِيد وَدفعه عَنهُ. طائحة: سَاقِطَة هالكة أَي موطن ذَلِك الْيَوْم فَحذف.
قحز شَقِيق رَحمَه الله تَعَالَى دَعَاهُ الْحجَّاج فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: أحسبنا قد روعناك فَقَالَ: أما إِنِّي بت أقحز البارحة. أَي أنزي من الْخَوْف من قَوْلهم: ضربه فقحز أَي قفز ثمَّ سقط. وَمِنْه قيل للفخ: القفازة والقحازة لِأَنَّهُ يقفز. وَيُقَال للقوس الَّتِي تنزو: مَا هَذِه القحزي وقحز الظبي قحزاً وقحوزاً إِذا نزا. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: مازلت اللَّيْلَة أقحز كَأَنِّي على الْجَمْر لشَيْء بلغه عَن الْحجَّاج.(3/164)
الْقَاف مَعَ الدَّال
قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقِي فِي النَّار أَهلهَا وَتقول: هَل من مزِيد حَتَّى يَأْتِيهَا رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا فتنزوي وَتقول: قطّ قطّ. وضع الْقدَم على الشَّيْء مثل للردع والقمع فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَأْتِيهَا أَمر الله عز وَجل فيكفها عَن طلب الْمَزِيد فترتدع. أول من اختتن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بالقدوم وروى: بقدوم. الْقدوم: بالتخفبف: المنحات قَالَ الْأَعْشَى: ... يَضْرِب حَوْلَيْن فِيهَا القُدُمْ ... وَقد رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ. وقدوم: علم قَرْيَة الشَّام. وَعَن ابْن شُمَيْل: أَنه كَانَ يَقُول: قطعه بالقدوم فَقيل لَهُ: يَقُولُونَ قدوم قَرْيَة بِالشَّام فَلم يعرفهُ وَثَبت على قَوْله. يحمل النَّاس على الصِّرَاط يَوْم الْقِيَامَة فتتقادع بهم جنبتا الصِّرَاط تقادع الْفراش فِي النَّار
قدع هُوَ أَن يسْقط بَعْضهَا فِي أثر بعض وَمِنْه تقادع الْقَوْم إِذا مَاتُوا كَذَلِك. والتقادع فِي الأَصْل: التكاف من قدع الْفرس وَهُوَ كَفه باللجام وَإِنَّمَا اسْتعْمل مَكَان التَّتَابُع لِأَن الْمُتَقَدّم كَأَنَّهُ يكف مَا يتلوه أَن يتجاوزه
قدح كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسَوِّي الصُّفُوف حَتَّى يَدعهَا مثل الْقدح أَو الرقيم. إِذا قوم السهْم وأنى لَهُ أَن يراش وينصل فَهُوَ قدح وَيُقَال لصانع القداح: القداح كالسهام والنبال.(3/165)
وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يُقَوِّمهُمْ فِي الصَّفّ كَمَا يقوم القدَّاح القداح. الرقيم: الْكتاب المرقوم أَي كَانَ يفعل فِي تَسْوِيَة الصُّفُوف مَا يفعل السَّهَّام فِي تَقْوِيم قدحه أَو الْكتاب فِي تَسْوِيَة سطوره.
قدد أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم سَقِيفَة بني سَاعِدَة: منا الْأُمَرَاء ومنكم الوزراء وَالْأَمر بَيْننَا وَبَيْنكُم كقد الأ بلمة. فَقَالَ حباب بن الْمُنْذر: أما وَالله لَا ننفس أَن يكون لكم هَذَا الْأَمر ولكننا نكره أَن يلينا بعدكم قومٌ قتلنَا آبَاءَهُم وأبناءهم. وَفِيه: أَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى الْأَنْصَار فَإِذا سعد بن عبَادَة على سَرِيره وَإِذا عِنْده نَاس من قومه فيهم الحُباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: ... أَنَا الذِي لَا يُصْطَلي بِنَارِه ... وَلَا يَنامُ الناسُ مِنْ سُعَارِه ... نَحن أهل الْحلقَة والحصون. القدّ: الْقطع طولا كالشق. وَفِي أمثالهم: المَال بيني وَبَيْنك شقّ الأ بلمة. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَت لَهُ ضربتان كَانَ إِذا تطاول قدَّ وَإِذا تقاصر قطّ. أَي قطع بِالْعرضِ. الأُبلمة: خوصَة الْمقل وَهِي إِذا شقّت تَسَاوِي شقّاها. قَالَ النَّضر: نفست عَلَيْهِ الشَّيْء إِذا لم تره يستأهله وَأنْشد لأبي النَّجْم: لم يَنْفِس اللهُ عليهنَّ الصّوَرْ ... وَيُقَال نفست بِهِ عليَّ نفاسة أَي تخلت. وَفِي كتاب الْعين نفست بِهِ عَن فلَان وَهُوَ كَقَوْلِهِم: بخلت بِهِ عَلَيْهِ وَعنهُ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فإنمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} .(3/166)
لَا يصطلي بناره: مثل فِيمَن لَا يتَعَرَّض لحده وَلَا يقرب أحد نَا حيته حَتَّى يصطلي بناره. والسعار: حر السعير. قَالَ: ... تنحّ سُعَار الْحَرْب لَا تصْطلي بهَا ... فإنّ لَهَا بَين القبيلين مخشفا ... [المخشف: الجرئ] . الْحلقَة: السِّلَاح.
قدر عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَمر مناديا فَنَادَى: أَن الذكارة فِي الْحلق واللبة لمن قدر وأقروا الْأَنْفس حَتَّى تزهق. أَي لمن كَانَت الذَّبِيحَة فِي يَده فَقدر على إِيقَاع الذَّكَاة بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وفأما إِذا ندت الْبَهِيمَة فَحكمهَا حكم الصَّيْد فِي أَن مذبحه الْموضع الَّذِي أَصَابَهُ السهْم أَو السَّيْف. أقرُّوا: أَي سكنوها حَتَّى تفارقها الْأَرْوَاح.
قدع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ قدعاً. هُوَ انسلاق الْعين وَضعف الْبَصَر من كَثْرَة الْبكاء قَالَ الْهُذلِيّ: ... رأى قَدَعاً فِي عَيْنِها حِين قُرِّبَتْ ... إِلَى غَبْغَبِ العُزَّى فنصَّفَ فِي الْقسم ... وَهُوَ من قدعته أَي كففته وردعه فقدع لِأَن المرتدع منخزل ضَعِيف. اسْتَشَارَ غُلَامه وردان وَكَانَ حصيفاً فِي أَمر على وامر مُعَاوِيَة فَأَجَابَهُ وردان بِمَا نَفسه وَقَالَ لَهُ: الْآخِرَة مَعَ على الدُّنْيَا مَعَ مُعَاوِيَة وَمَا أَرَاك تخْتَار على الدُّنْيَا فَقَالَ عَمْرو: ... يَا قاتلَ اللهُ وَرْدَانا وقَدْحَتَهُ ... أبْدَى لَعَمْرُك مَا فِي النَّفس وَرْدانُ ... القدحة: من قدح النَّار بالزَّند قدحا اسْم للضرب والقدحة للمرة ضربهَا مثلا لاستخراجه بِالنّظرِ حَقِيقَة الْأَمر.(3/167)
وَفِي الحَدِيث: لَو شَاءَ الله لجعل للنَّاس قدحة ظلمَة كَمَا جعل لَهُم قدحة نور.
قدد ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي جَوَاب لمعاوية: ربَّ آكلِ عبيط سيقدُّ عَلَيْهِ وشارب صفوٍ سيغصُّ بِهِ. من القداد وَهُوَ داءٌ فِي الْبَطن. الْأَوْزَاعِيّ لَا يُسهم للْعَبد وَلَا الْأَجِير وَلَا القديد يين. هم تُبَّاع الْعَسْكَر من الصُّنّاع. نَحْو الشَّعّاب والحداد والبيطار بلغَة أهل الشَّام كَأَنَّهُمْ سموا بذلك لتقدد ثِيَابهمْ ويُشتم الرجل فَيُقَال لَهُ: يَا قديدي وَهُوَ مبتذل فِي كَلَام الْفرس أَيْضا.
الْقَاف مَعَ الذَّال
قذر
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام قاذورة لَا يَأْكُل الدَّجَاج حَتَّى يعلف. القذر: خلاق قَالَ النَّظَافَة وَهُوَ مجتنب فَمن ثمَّ قيل قذر الشَّيْء إِذا اجتنبه كَرَاهَة لَهُ قَالَ العجاج: وقَذَرِي مَا لَيْسَ بالمَقْذُور ... وَمِنْه قَالُوا: نَاقَة قذور إِذا كَانَت عزيزة النَّفس لَا ترع ى مَعَ الْإِبِل وَرجل قاذورة إِذا كَانَ متقذِّرا. وَأما الحَدِيث: إِنَّه لما رجم مَا عزا قَالَ: اجتنبوا هَذِه القاذورة الَّتِي حرّم الله(3/168)
عَلَيْكُم. فَمن ألم بِشَيْء فليستتر بستر الله وليتب إِلَى الله. فَالْمُرَاد بهَا الْفَاحِشَة يَعْنِي الزِّنَا لِأَن حَقّهَا أَن تتقذر فوصفت بِمَا يُوصف بِهِ صَاحبهَا. وَكَذَلِكَ كل قَول أَو فعل يستفحش ويحقّ بالاجتناب فَهُوَ قاذورة. وَمِنْه الحَدِيث: اتَّقوا هَذِه القاذورات الَّتِي نهى الله عَنْهَا وَقَالَ متمم بن نُوَيْرَة: ... وإنْ تَلْقَهُ فِي الشّرْب لاتلق فاحِشاً ... على الكَأْس ذَا قَاذُورَةٍ مُتَرَبِّعَا ... أَي لَا يفحش فِي قَوْله وَلَا يعربد وَلكنه سَاكن وقور.
قذع من قَالَ فِي الْإِسْلَام شعرًا مقذعاً فلسانه هدر. القذع: قريب من القذر وَهُوَ الْفُحْش وأقذع لَهُ إِذا أفحش. وَمِنْه: من روى هجاء مقذعا فَهُوَ أحد الشاتمين. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه سُئل عَن الرجل يُعطي الرجل من الزَّكَاة أيخبره قَالَ: يُرِيد أَن يُقذعه. أَي يسمعهُ مَا يشقّ عَلَيْهِ فَسَماهُ قذعاً وأجراه مجْرى يشتمه ويؤذيه فَلذَلِك عداهُ بِغَيْر لَام.
قذف
ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ لايصلى فِي مَسْجِد فِيهِ قذاف. هِيَ جمع قذفة وَهِي الشرفة نظيرها فِي الْجمع على فعال نقرة ونقار وبرمة وبرام وجفرة وجفار وبرقة وبراق. ذكرهن سِيبَوَيْهٍ. وَعَن الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا هِيَ قُذفٌ. وَإِذا صحت الرِّوَايَة مَعَ وجود النظير فِي الْعَرَبيَّة فقد انسد بَاب الرَّد.
قذر
كَعْب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الله عز وَجل لرومية: إِنِّي أُقسم بعزتي لأسلبن تاجك وحليتك ولأهبن سبيك لبني قاذر ولأدعنك جلحاء. قاذر: ويروى قيذر بن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَبَنوهُ الْعَرَب. جلحاء: لَا حصن عَلَيْك لِأَن الْحُصُون تشبه بالقرون وَلذَلِك تسمى الصَّيَاصِي.(3/169)
الْقَاف مَعَ الرَّاء
قرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِلَى بعير من الْمغنم فَلَمَّا انْفَتَلَ تنَاول قردة من وبر الْبَعِير ثمَّ أقبل فَقَالَ. إِنَّه لَا يحل لي من غنائمكم مَا يزن هَذِه إِلَّا الخُمس وَهُوَ مَرْدُود عَلَيْكُم. هِيَ وَاحِدَة القرد وَهُوَ مَا تمعط من الصُّوف والوبر وَفِي أمثالهم: عثرت على الْغَزل بِأخرَة فَلم تدع بِنَجْد قردة. نصب الخُمس على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع لِأَن الخُمس لَيْسَ من جنس مَا يزن القردة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والإقراد. قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الإقراد قَالَ: الرجل مِنْكُم يكون أَمِيرا أَو عَاملا فيأتيه الْمِسْكِين والأرملة فَيَقُول لَهُم: مَكَانكُمْ حَتَّى أنظر فِي حَوَائِجكُمْ ويأتيه الشريف والغني فيدنيه وَيَقُول: عجلوا قَضَاء حَاجته وَيتْرك الْآخرُونَ مقردين. يُقَال: أخرد: سكت حَيَاء وأقرد: سكت ذلاًّ. وَأَصله أَن يَقع الْغُرَاب على الْبَعِير فيلقط مِنْهُ القردان فيقرّ لما يجد من الرَّاحَة. ويحكى أَن اليزيدي قَالَ للكسائي: يأتينا من قبلك أَشْيَاء من اللُّغَة لَا نعرفها فَقَالَ الْكسَائي: وَمَا أَنْت وَهَذَا مَا مَعَ النَّاس من هَذَا الْعلم إِلَّا فضل بزاق فأقرد اليزيدي.
قرص قضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي القارصة والقامصة والواقصة بِالدِّيَةِ أَثلَاثًا. هن ثَلَاث جوارٍ كن يلعبن فترا كبن فقرصت السُّفْلى الواسطى فقمصت فَسَقَطت(3/170)
الْعليا فوقصت عُنُقهَا فَجعل ثُلثي الدِّيَة على الثِّنْتَيْنِ وَأسْقط ثلث الْعليا لِأَنَّهَا أعانت على نَفسهَا.
قرم دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وعَلى الْبَاب قرام ستر. هُوَ ثوب من صوفٍ فِيهِ ألوان من العهون وَهُوَ صفيق يتَّخذ سترا أَو يغشى بِهِ هودج أَو كلة. وَقَوله: قرام ستر كَقَوْلِك ثوب قَمِيص ويروى: كَانَ على بَاب عَائِشَة قرام فِيهِ تماثيل.
قرص قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأم قيس بنت مُحصن فِي دم الْحيض يُصِيب الثَّوْب: حُتِّيه بضلعٍ واقرصيه بِمَاء وَسدر. وروى أَن امْرَأَة سَأَلته عَن دم الْمَحِيض فَقَالَ: قرصيه بِالْمَاءِ. القرص: الْقَبْض على الشَّيْء بأطراف الْأَصَابِع مَعَ نتر. وَمِنْه: قرصت الْمَرْأَة الْعَجِين وقرَّصته إِذا شنَّقته لتبسطه أَي قطعته وَمِنْه لحم مشنق أَي مقطَّع. وَالدَّم وَغَيره مِمَّا يُصِيب الثَّوْب إِذا قرص كَانَ أذهب للأثر من أَن يغسل بِالْيَدِ كلهَا.
قرم قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النُّعْمَان بن مقرن فِي أَرْبَعمِائَة رَاكب من مزينة فَقَالَ لعمر. قُم فزودهم. فَقَامَ عمر فَفتح غرفَة لَهُ فِيهَا تمر كالبعير الأقرم وروى: فَإِذا تمر كالفصيل الرابض. فَقَالَ عمر: إِنَّمَا هِيَ أصوع مَا يقيظن بنيّ. قَالَ: قُم فزودهم. أثبت صَاحب التكملة: قرم الْبَعِير فَهُوَ قرم إِذا استقرم أَي صَار قرماً وَهُوَ الْفَحْل الْمَتْرُوك للفحلة وَقد أقرمه صَاحبه فَهُوَ مقرم وَكَأَنَّهُ من القرمة وَهِي السمة لِأَنَّهُ وسم للفحلة وعلامة لَهَا ثمَّ ذكر أَن أفعل وَفعل يَلْتَقِيَانِ كثيرا كوجل وأوجل وتلع وأتلع وَتبع وأتبع. وَهَذَا الَّذِي ذكره صَحِيح. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وجر وجراً وَهُوَ وجر. وَقَالُوا: هُوَ(3/171)
أوجر فأدخلوا أفعل هُنَا لِأَن فعل وأفعل قد يَجْتَمِعَانِ كَمَا يجْتَمع فعلان وَفعل وَذَلِكَ قَوْلك: شعث وَأَشْعَث وجرب وأجرب وَقَالُوا: حمق وأحمق ووجل وأوجل وقعس وأقعس وكدر وأكدر وخشن وأخشن. وَزعم أَبُو عبيد أَن أَبَا عَمْرو لم يعرف الأقرم وَقَالَ: وَلَكِن أعرف المقرم. مَا يقيِّظن بنيّ أَي مَا يكفيهم لقيظهم. قَالَ: ... مَنْ يَكُ ذَابَتٍّ فَهَذَا بَتِّي ... مقيظ مقيف مشتي ...
قرس والقرس: الْبرد الشَّديد وقرس قرساً إِذا لم يسْتَطع أَن يعْمل بيدَيْهِ من شدَّة الْبرد وَخص للشنان وَهِي الخلقان من الْقرب والأسقية لِأَنَّهَا أَشد تبريدا. وَأَرَادَ بالأذانين أَذَان الْفجْر وَالْإِقَامَة فغلب.
قرر إِن أفضل الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم النَّحْر ثمَّ يَوْم القرّ. هُوَ ثَانِي يَوْم النَّحْر لأَنهم يقرونَ فِيهِ ويستجمون مِمَّا تعبوا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة.
قرن مسح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأس غُلَام وَقَالَ: عش قرنا فَعَاشَ مائَة سنة. الْقرن: الْأمة من النَّاس وَاخْتلفُوا فِي زمانها فَقيل سِتُّونَ سنة وَقيل ثَمَانُون سنة. وَقيل مائَة. وَصَاحب هَذَا القَوْل يستشهد بِهَذَا الْخَبَر وَكَأَنَّهَا سميت قرنا لتقدمها الَّتِي بعْدهَا. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير هَذِه الْأمة الْقرن الَّذِي أَنا فِيهِ ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ والقرن الرَّابِع لَا يعبأ الله بهم شَيْئا.
قرقر من كَانَت لَهُ إبل أَو بقر أَو غنم لم يؤدِّ زَكَاتهَا بُطح لَهَا يقوم الْقِيَامَة بقاعِ قرقر ثمَّ جَاءَت كأكثر مَا كَانَت وأغذه وأبشره تطؤه باخفافها وتنطحه بقرونها(3/172)
كلما نفذت أُخراها عَادَتْ عَلَيْهِ أُولاها. القرقر: الأملس المستوي. وأغذَّه: يحْتَمل أَن يكون من الإغذاذ وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي السّير بني مِنْهُ على تَقْدِير حذف الزَّوَائِد وَأَن يكون من غذَّ الْعرق يغذُّ إِذا لم يرقأ. يُرِيد غزر أَلْبَانهَا. وأبشره من الْبشَارَة وَهِي الحُسن قَالَ الْأَعْشَى: وَرَأَتْ بأنّ الشَّيْبَ جَا ... نَبَهُ البَشاشة والِبُشَارَه ...
قرن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ: إِن لَك بَيْتا فِي الْجنَّة وَإنَّك لذُو قرنيها. الضَّمِير للْأمة وَتَفْسِيره فِيمَا يرْوى عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه ذكر ذَا القرنين فَقَالَ: دَعَا قومه إِلَى عبَادَة الله فضربوه على قرنيه ضربتين وَفِيكُمْ مثله يَعْنِي نَفسه الطاهرة لِأَنَّهُ ضُرب على رَأسه ضربتين إِحْدَاهمَا يَوْم الخَنْدَق وَالثَّانيَِة ضَرْبَة ابْن ملجم. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الضَّالة: فِيهَا قرينتها مثلهَا إِن أَدَّاهَا بعد مَا كتمها أَو وجدت عِنْده فَعَلَيهِ مثلهَا. أَي من وجد الضَّالة فَلم يعرفهَا حَتَّى وُجدت عِنْده فَعَلَيهِ عُقُوبَة لَهُ أُخْرَى مَعهَا يقرنها إِلَيْهَا وَيجب أَن تكون الْقَرِينَة مثلهَا فِي الْقيمَة لما يرْوى عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن عبيدا لحاطب سرقوا نَاقَة من رجل من مزينة فنحروها فقطعهم. وَقَالَ لحاطب: إِنِّي أَرَاك تُجيعهم ثمَّ ألزمهُ ثَمَانمِائَة دِرْهَم وَكَانَت قيمَة النَّاقة أَرْبَعمِائَة عُقُوبَة.
قرظ أُتي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهدية فِي أَدِيم مقروظ. هُوَ المدبوغ بالقرظ وَهُوَ ورق السَّلم وَقد قرظه يقرظه. وَمِنْه(3/173)
تقريظ الرجل وَهُوَ تزيينك أمره. قَالَ الشماخ: ... على ذَاك مقروظ من الْجلد مَاعِز ...
قرن فِي حَدِيث موادعته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل مَكَّة وَإِسْلَام أبي سُفْيَان أَن أَبَا سُفْيَان رأى الْمُسلمين لما قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة قَامُوا فَلَمَّا كبَّر كبروا فَلَمَّا ركع ركعوا ثمَّ سجد فسجدوا فَقَالَ للْعَبَّاس: يَا أَبَا الْفضل مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قطّ طَاعَة قوم وَلَا فَارس الأكارم وَلَا الرّوم ذَات الْقُرُون. فِيهِ ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا أَنَّهَا الشُّعُور وهم أَصْحَاب الجمم الطَّوِيلَة وَالثَّانِي أَنَّهَا الْحُصُون وَقد مر قبيل فِي حَدِيث كَعْب مَا يصدقهُ. وَالثَّالِث مَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَارس نطحة أَو نطحتين ثمَّ لَا فَارس بعْدهَا أبدا وَالروم ذَات الْقُرُون كلما هلك قرن خلف مَكَانَهُ قرن أهل صَخْر وبحر هَيْهَات آخر الدَّهْر. كَالْيَوْمِ: أَي كطاعة الْيَوْم. وَلَا فَارس أَي وَلَا طَاعَة فَارس فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه.
قرب عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج عبد الله يَعْنِي أَبَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم متقربا متخضرا حَتَّى جلس فِي الْبَطْحَاء فَنَظَرت إِلَيْهِ ليلى العدوية فدعته إِلَى نَفسهَا فَقَالَ: أرجع إِلَيْك وَدخل على آمِنَة فألمّ بهَا ثمَّ خرج فَقَالَت: لقد دخلت بِنور مَا خرجت بِهِ. أَي وَاضِعا يَدَيْهِ على قربه وخاصرته. فالقرب: الْموضع الرَّقِيق أَسْفَل من السُّرة. والخاصرة: مَا بَين القصيري والحرقفة.(3/174)
قرف قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرْوَة بن مسيك: إِن أَرضًا عندنَا وَهِي أَرض ريعنا وميرتنا وَإِنَّهَا وبيئة. فَقَالَ: دعها فَإِن من القرف التّلف. القرف: مُلَابسَة الدَّاء يُقَال: لَا تَأْكُل كَذَا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك القرف. وَمِنْه: قارف الذَّنب واقترفه إِذا الْتبس بِهِ وَيُقَال لقشر كل شَيْء قرفه لِأَنَّهُ ملتبس بِهِ.
قرر رجز لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَراء بن مَالك فِي بعض أَسْفَاره فَلَمَّا قَارب النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والقوارير. صيرهن قَوَارِير لضعف عزائمهن وَكره أَن يسمعن حداءه خيفة صبوتهن. وَعَن سُلَيْمَان بن عبد الله أَنه سمع مغنياً فِي عسكره فَطَلَبه فاستعاده فاحتفل فِي الْغناء وَكَانَ سُلَيْمَان مفرط الْغيرَة فَقَالَ لأَصْحَابه وَالله لكأنها جرجرة الْفَحْل فِي الشول وَمَا أَحسب أُنْثَى تسمع هَذَا إِلَّا صبَّتْ ثمَّ أَمر بِهِ فخصى وَقَالَ: أما علمت أَن الْغناء رقية الزِّنَا.
قرب إِذا تقَارب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب. فِيهِ ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا: أَنه أَرَادَ آخر الزَّمَان واقتراب السَّاعَة لِأَن الشَّيْء إِذا قل وتقاصر تقاربت أَطْرَافه وَمِنْه قيل للقصير مُتَقَارب ومتأزف. وَيَقُولُونَ: تقاربت إبل فلَان إِذا قلَّتْ. ويعضده قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي آخر الزَّمَان لَا تكَاد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب وأصدقهم رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا. وَالثَّانِي: أَنه أَرَادَ اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار يزْعم العابرون أَن أصدق الْأَزْمَان لوُقُوع الْعبارَة وَقت انفتاق الْأَنْوَار وَوقت إِدْرَاك الثِّمَار وَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي اللَّيْل وَالنَّهَار.(3/175)
وَالثَّالِث: أَنه من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يتقارب الزَّمَان حَتَّى تكون السَّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كالساعة قَالُوا: يُرِيد زمن خُرُوج الْمهْدي وَبسطه الْعدْل وَذَلِكَ زمَان يستقصر لاستلذاذه فتتقارب أَطْرَافه.
قرقر فِي قَوْله تَعَالَى {بمَاءٍ كَالْمُهْلِ} قَالَ: كَعَكرِ الزَّيْت إِذا قرَّبه إِلَيْهِ سَقَطت قرقرة وَجهه فِيهِ. أَي ظَاهر وَجهه وَمَا بدا من محاسنه من قَول بعض الْعَرَب لرجل: أَمن أسطمتها أَنْت أم من قرقرها أَي من نَوَاحِيهَا الظَّاهِرَة وَمِنْه قيل للصحراء البارزة قرقر وللظهر قرقر. وَعَن السّديّ فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة: إِذا قرَّبه إِلَيْهِ سَقَطت فِيهِ مَكَارِم وَجهه. وَقيل: المُرَاد الْبشرَة استعيرت من قرقر الْمَرْأَة وَهُوَ لِبَاس لَهَا وَلَا أرى القرقر بِمَعْنى اللبَاس مسموعاً من الموثوق بعربيتهم وَلَا وَاقعا فِي كَلَام الْمَأْخُوذ بفصاحتهم وَإِنَّمَا يَقع فِي كَلَام المولدين نَحْو قَول أبي نواس: ... وغَادَةٍ هَارُوتُ فِي طَرْفها ... والشمسُ فِي قَرْقَرِها جَانحة ... وَقيل: الصَّحِيح هُوَ القرقل. وَالْوَجْه الْعَرَبِيّ مَا قَدمته وَالتَّاء للتخصيص مثلهَا فِي عسلة ونبيذة. وَفِي كتاب الْعين: القرقرة: الأَرْض الملساء الَّتِي لَيست بجد وَاسِعَة فَإِذا اتَّسعت غلب عَلَيْهَا اسْم التَّذْكِير فَقَالُوا: قرقر. وَعَن بَعضهم: إِنَّمَا هِيَ رقرقة وَجهه أَي مَا ترقرق من محاسنه من قَوْلهم: امْرَأَة رقراقة كَأَن المَاء يجْرِي فِي وَجههَا.
قَرَأَ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربه عز وَجل: إِنَّمَا بَعَثْتُك أبتليك وأبتلي بك وأنزلت عَلَيْك كتابا لَا يغسلهُ المَاء تقرؤه نَائِما ويقظان.(3/176)
قَرَأَ قَرَأَ وقرى وقرش وَقرن: أَخَوَات فِي معنى الْجمع. يُقَال: مَا قَرَأت النَّاقة سلى قطّ. وَالْمعْنَى تجمعه فِي صدرك حفظا فِي حالتي النّوم واليقظة وَالْكثير من أمتك كَذَلِك فَهُوَ وَإِن مُحي رسمه بِالْمَاءِ لم يذهب عَن الصُّدُور بِخِلَاف الْكتب الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهَا لم تكن مَحْفُوظَة وَمن ثمَّ قَالَت الْيَهُود الْفِرْيَة فِي عُزَيْر تَعَجبا مِنْهُ حِين استدرك التَّوْرَاة حفظا وأملاها على بني إِسْرَائِيل عَن ظهر قلبه بَعْدَمَا درست فِي عهدو بخت نصَّر. إِن أهل الْمَدِينَة فزعوا مرّة فَركب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا كَأَنَّهُ مقرف فركض فِي آثَارهم فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: وَجَدْنَاهُ بحراً. قَالَ حَمَّاد بن سَلمَة: كَانَ هَذَا الْفرس يُبطئ فَلَمَّا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا القَوْل صَار سَابِقًا لَا يُلحق. الإقراف: أَن تكون الْأُم عَرَبِيَّة والفحل هجيناً. قَالَ: ... فإنْ نُتِجَتْ مُهْراً كرِيماً فبالْحَري ... وإنْ يَكُ إقرافٌ فَمن قِبَلِ الفَحْلِ ... بحراً أَي غزير الجري. الضَّمِير فِي آثَارهم للمفزوع مِنْهُم.
قرض جَاءَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْرَاب فَقَالُوا: يَا رَسُول الله هَل علينا حرج فِي أَشْيَاء لَا بَأْس بهَا فَقَالَ: عباد الله رفع الله الْحَرج. أَو قَالَ: وضع الله الْحَرج إِلَّا امْرأ اقْترض امْرأ مُسلما فَذَلِك الَّذِي حرج وَهلك. وروى: إِلَّا من اقْترض من عرض أَخِيه شَيْئا فَذَلِك الَّذِي حرج. الِاقْتِرَاض: افتعال من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع لِأَن المغتاب كَأَنَّهُ يقتطع من عرض أَخِيه وَمِنْه قَوْلهم: لِسَان فلَان مقراض الْأَعْرَاض.
قرف ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَوَارِج فَقَالَ: إِذا رأيتموهم فاقرفوهم واقتلوهم.(3/177)
قرف قَالَ الْمبرد: قرفت الشَّجَرَة إِذا قشرت لحاءها وقرفت جلد الْبَعِير إِذا اقتلعته يُرِيد فاستأصلوهم. سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكُهَّان فَقَالَ: لَيْسُوا بِشَيْء فَقَالُوا: يَا رَسُول الله فَإِنَّهُم يَقُولُونَ كلمة تكون حَقًا. قَالَ: تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق يختطفها الجني فيقذفها فِي أذن وليه كقر الدَّجَاجَة وَيزِيدُونَ فِيهَا مائَة كذبة
قرر هُوَ من قرت الدَّجَاجَة قرا وقريراً إِذا قطَّعت صَوتهَا وقرقرت قرقرة وقرقريرا إِذا رَددته. ويروى كقرً الزجاجة وَهُوَ صبها دفْعَة وَاحِدَة يُقَال: قررت المَاء فِي فِيهِ أقُرُّه. وَمِنْه قررت الْكَلَام فِي أُذنه إِذا وضعت فَاك على أُذُنه فأسمعته كلامك. ويصدقه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَلَائِكَة تحدّث فِي الْعَنَان فَتسمع الشَّيَاطِين الْكَلِمَة فتقرُّها فِي أُذن الكاهن كَمَا تقرر القارورة فيزيدون فِيهَا مائَة كذبة. فِي أُذن وليه: أَي فِي أذن الكاهن.
قرؤ طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وقرؤها حيضتان. أَرَادَ وَقت عدتهَا والقرء فِي الأَصْل الْجمع كَمَا ذكر ثمَّ قيل لوقت الْأَمر قرء وقارئ لِأَن الْأَوْقَات ظروف تشْتَمل على مَا فِيهَا وتجمعها فَقيل: هبت الرّيح لقرئها ولقارئها والناقة فِي قرئها وَهُوَ خَمْسَة عشر يَوْمًا تنتظرفيها بعد ضراب الْفَحْل فَإِذا كَانَ بهَا لقاح وَإِلَّا أُعِيد عَلَيْهَا الْفَحْل. وَقيل للقوافي قُرُوء وأقراء لِأَنَّهُ مقاطع الأبيات وحدودها كَمَا قيل للتحديد تَوْقِيت وَمن ذَلِك قرء الْمَرْأَة لوقت حَيْضهَا أَو طهرهَا وأقرأت. والمقرأة الَّتِي ينْتَظر بهَا انقضاءُ أقرائها.(3/178)
قرن احْتجم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأسه بقرن حِين طبّ. قيل: قرن اسْم مَوضِع. وَقيل: هُوَ قرن الثور جُعل كالمحجمة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أكل التَّمْر: لَا قرَان وَلَا تفتيش. هُوَ أَن تقارن بَين تمرتين فتأكلهما معاص. وَمِنْه الْقرَان فِي الْحَج وَهُوَ أَن يقرن حجه وَعمرَة مَعًا. وَفِي الحَدِيث: إِنِّي قرنت فاقرنوا. تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم بَين قَرْني الشَّيْطَان فَمَا ترْتَفع فِي السَّمَاء من قصمة إِلَّا فُتح لَهَا بَاب من النَّار فَإِذا اشتدت الظهيرة فُتحت الْأَبْوَاب كلهَا. قَالُوا: قرناه: ناحيتا رَأسه وَهَذَا مثل يَقُول: حِينَئِذٍ يَتَحَرَّك الشَّيْطَان ويتسلط. القصمة: مرقاة الدرجَة لِأَنَّهَا كسرة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لرجل: مَا لَك قَالَ: أقرن لي وآدمة فِي المنيئة قَالَ: قوِّمها وزكِّها. هُوَ فِي جمع الْقرن وَهُوَ جعيبة تضمّ إِلَى الجعبة الْكَبِيرَة كأجبل وأزمن فِي جبل وزمن. وَفِي الحَدِيث: النَّاس يَوْم الْقِيَامَة كالنبل فِي الْقرن. وَمِنْه حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: حِين سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي الْقوس والقرن فَقَالَ: صلِّ فِي الْقوس واطرح الْقرن. كَأَنَّهُ كَانَ من جلد غير مُذكى وَلَا مدبوغ فَلذَلِك نهى عَنهُ. وآدمة فِي أَدِيم كأطرقة فِي طَرِيق.(3/179)
المنيئة: الدّباغ هَا هُنَا. وَهُوَ مَا يُدبغ بِهِ الْجلد وَيُقَال للجلد نَفسه إِذا كَانَ فِي الدّباغ منيئة أَيْضا. وَمِنْه قَول الأعرابية لجارتها: تَقول لَك أُمِّي: أعطيني نفسا أَو نفسين أمعس بِهِ منيئتي فَإِنِّي أفدة. ومنأت الْأَدِيم إِذا عالجته فِي الدّباغ.
قرف إِن رجلا من أهل الْبَادِيَة جَاءَهُ فَقَالَ: مَتى تحل لنا الْميتَة فَقَالَ عمر: إِذا وجدت قرف الأَرْض فَلَا تَقربهَا. قَالَ: فَإِنِّي أجد قرف الأَرْض وَأَجد حشراتها قَالَ: كَفاك كَفاك. أَرَادَ مَا يقرف من الأَرْض أَي يقتلع من البقل وَالْعُرُوق وَنَحْوه قَوْله: مَا لم تجتفئوا بهَا بقلا.
قرن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة مَجْنُونَة أَو جذماء أَو برصاء أَو بهَا قرن فَهِيَ امْرَأَته إِن شَاءَ أمسك وَإِن شَاءَ طلّق. هُوَ العفلة. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه اخْتصم إِلَيْهِ فِي جَارِيَة بهَا قرن: فَقَالَ: أقعدوها فَإِن أصَاب الأَرْض فَهُوَ عيب وَإِن لم يصبهَا فَلَيْسَ بِعَيْب.
قرر سمع على الْمِنْبَر بقول: مَا أصبت مُنْذُ وليت عَمَلي إِلَّا هَذِه القويريرة أهداها إليّ الدهْقَان ثمَّ نزل إِلَى بَيت المَال فَقَالَ: خُذْ خُذ ثمَّ قَالَ: ... أَفْلح مَنْ كانَتْ لَهُ قَوْصَرّهْ ... يَأْكُل مِنْهَا كل يَوْم مَرَّهْ ... تَصْغِير القارورة وَهِي فاعولة من قرَّ المَاء يقرُّه إِذا صبَّه. قَالَ الْأَسدي:(3/180)
القارور: مَا قرّ فِيهِ الشَّرَاب. وَأنْشد للعجاج: ... كأنَّ عَيْنَيْه مِنْ الغُؤور ... قَلْتَانِ أَو حَوْجَلتا قَارُورِ ... الْمُتَعَارف فِي الدهْقَان الْكسر. وَجَاءَت الرِّوَايَة بِالضَّمِّ فِي هَذَا الحَدِيث وَنَظِيره قِرْطاس وقُرْطاس لِأَن النُّون أَصْلِيَّة بِدَلِيل تدهقن والدهقنة. القوصرة ويروى فِيهَا التَّخْفِيف: وعَاء من قصب للتمر كَأَنَّهُ تمنى عَيْش الْفُقَرَاء وَذَوي القناعة باليسير تبرما بالإمارة.
قرر ذكره ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: علمي إِلَى علمه كالقرارة فِي المثعنجر. وروى: فِي علمه. القرارة: المطمأن يسْتَقرّ فِيهِ مَاء الْمَطَر. قَالَ عقيل بن بِلَال بن جرير: ... وَمَا النفسُ إِلَّا نطفةٌ بقَرارةٍ ... إِذا لم تُكَدَّرْ كانَ صفواً غديرُها ... المثعنجر: أَكثر مَوضِع مَاء فِي الْبَحْر. من اثعنجر الْمَطَر كَأَنَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ مساك يمسِكهُ وَلَا حباس يحْبسهُ لِشِدَّتِهِ وَهُوَ مُطَاوع ثعجره إِذا صبه. الْجَار وَالْمَجْرُور فِي مَحل الْحَال أَي مقيساً إِلَى علمه أَو مَوْضُوعا فِي جنب علمه أَو مَوْضُوعَة فِي جنب المثعنجر.
قرر ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قارُّوا الصَّلَاة. أَي اسكنوا فِيهَا واتَّئدوا وَلَا تعبثوا وَلَا تحرَّكوا وَهُوَ من قَوْلك: قاررت فلَانا إِذا قررت مَعَه وَفُلَان لَا يتقارّ فِي مَوْضِعه.
قرط سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فنظروا فَإِذا إكاف وقرطاط.(3/181)
قرط هُوَ تَحت السرج والإكاف كالولية تَحت الرحل ولامه مكررة للإلحاق بقرطاس وَيدل على ذَلِك قَوْلهم فِي مَعْنَاهُ قرطان بالنُّون. سمي بذلك استصغاراً لَهُ إِلَى الولية من قَوْلهم: مَا جاد فلَان بقرطيطة أَي بشي يسير وَمن ذَلِك القيراط والقرط والقراط لشعلة السراج لِأَنَّهَا أَشْيَاء مستصغرة يسيرَة.
قرن أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اخْتلف ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة بالأبواء فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يغسل الْمحرم رَأسه وَقَالَ الْمسور: لَا يغسل فأرسلا إِلَى أبي أَيُّوب فَوَجَدَهُ الرَّسُول يغْتَسل بَين القرنين وَهُوَ يستر بِثَوْب. هما قرنا الْبِئْر: منارتان من حجر أَو مدر من جانبيها فَإِن كَانَتَا من خشب فهما زرنوقان. قَالَ يُخَاطب بعيره: ... تَبَيَّنِ الْقَرْنينِ وَانْظُر مَا هُما ... أَحجراً أَم مَدَراً تَرَاهُمَا ... إِنَّك لن تزل أَو تَغْشاهُمَا ... وتبرُك اللَّيْل إِلَى ذراهما ...
قرقف أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَت أم الدَّرْدَاء: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يغْتَسل من الْجَنَابَة فَيَجِيء وَهُوَ يقرقف فأضمُّه بَين فَخذي. وَهِي جنب لم تَغْتَسِل. أَي يرعد. يُقَال: قرقف الصرد إِذا خصر حَتَّى يقرقف ثناياه بَعْضهَا بِبَعْض أَي يصدم. قَالَ: نِعْم ضَجيعُ الْفَتى إِذا برد اللَّيلُ سُحَيْراً وقُرْقِفَ الصَّرِدُ. وَمِنْه القرقف لِأَنَّهَا ترْعد شاربها. وَمَاء قرقف: بَارِد.
قرر الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صلى فَلَمَّا جلس فِي آخر الصَّلَاة سمع قَائِلا يَقُول: قرّت الصَّلَاة بِالْبرِّ وَالزَّكَاة. فَقَالَ: أَيّكُم الْقَائِل كَذَا فأرم الْقَوْم فَقَالَ: لَعَلَّك يَا حطَّان قلتهَا قَالَ: مَا قلتهَا وَلَقَد خشيت أَن تبكعني بهَا.(3/182)
قرر أَي اسْتَقَرَّتْ مَعَ الزَّكَاة يَعْنِي أَنَّهَا مقرونة بهَا فِي الْقُرْآن كلما ذكرت فَهِيَ قارةٌ مَعهَا مجاروة لَهَا. أرمّ: سكت. بكعته: إِذا استقبلته بِمَا يكره وَهُوَ نَحْو بكته.
قرق أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ رُبمَا يراهم يَلْعَبُونَ بالقرق فَلَا ينهاهم. هِيَ لعبة. قَالَ الشَّاعِر: ... وأَعلاطَ النُّجُوم معلقات ... كخيل القرق لَيْسَ لَهَا النّصاب ... قَالُوا: هَذِه اللعبة تلعب بِالْحِجَارَةِ فخيلها هِيَ الْحِجَارَة وَفِي القرق البدري والبغتي وَقيل: هِيَ الْأَرْبَعَة عشر خطٌّ مربَّع فِي وَسطه خطّ مربع فِي وَسطه خطّ مربع ثمَّ يخط من كل زَاوِيَة من الْخط الأول إِلَى الْخط الثَّالِث وَبَين كل زاويتين خطّ فَتَصِير أَرْبَعَة وَعشْرين.
قرد ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لعكرمة وَهُوَ محرم: قُم فقرد هَذَا الْبَعِير. فَقَالَ: إِنِّي محرم. قَالَ: قُم فانحره فنحره. فَقَالَ: كم تراك الْآن قتلت من قراد وَمن حلمة وحمنانة. النقريد: نزع القردان. الحمنان: دون الْحلم. وَيُقَال لحبِّ الْعِنَب الصغار بَين الْحبّ الْعِظَام الحمنان.
قِرْش قَالَ: قُرَيْش دَابَّة تكسن الْبَحْر تَأْكُل دَوَاب الْبَحْر وَأنْشد فِي ذَلِك: ... وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْرَ بهَا سُمِّيتْ قُرَيْش قُريْشًا ...(3/183)
قِرْش هَذَا قَول فاشٍ. وَقيل الصَّحِيح أَنَّهَا سميت بذلك لاجتماعها من قَوْلهم: فلَان يتقرش مَال فلَان أَي يجمعه شَيْئا إِلَى شَيْء. وَبقيت لفُلَان بَقِيَّة مُتَفَرِّقَة فَهُوَ يتقرشها. وَقَالَ الْبكْرِيّ: ... أخوةٌ قَرَّشوا الذنُوبَ علينا ... فِي حديثٍ من عَهْدِهم وقَدِيمِ ... وَذَلِكَ أَن قصي بن كلاب واسْمه زيد وَإِنَّمَا سمي قصيًّا لاغترابه فِي أَخْوَاله بني عذرة أَتَى مَكَّة فَتزَوج بنت حليل بن حبشية الْخُزَاعِيَّة أم عبد منَاف وَإِخْوَته. وحالف خُزَاعَة ثمَّ أَتَى بإخوته لأمه بني عذرة وَمن شايعهم فغلب بني بكر وَجمع قُريْشًا بِمَكَّة فَلذَلِك كَانَ يُقَال لَهُ مجمع وَفِي ذَلِك يَقُول مطرود الْخُزَاعِيّ: ... أبوكم قُصيّ كَانَ يُدْعى مُجَمِّعاً ... بِهِ جَمع اللهُ القبائلَ من فِهْرِ ... نزلُتم بهَا والناسُ فِيهَا قَلِيل ... وَلَيْسَ بهَا إِلَّا كهولُ بني عَمْرو ... وهم مَلئُوا البَطْحَاء مَجْدا وسؤددا ... وهم طرد عَنْهَا غُواةَ بني بكرِ
حُليل الَّذِي أرْدَي كنَانَة كلهَا ... وحالف بَيت الله فِي الْعسر واليسر ...
قرا ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَامَ إِلَى مقري بُسْتَان فَقعدَ يتَوَضَّأ: فَقيل لَهُ: أتتوضأ وَفِيه هَذَا الْجلد فَقَالَ: إِذا كَانَ المَاء قلَّتين لم يحمل خبثاً. الْمقري والمقراة: الْحَوْض لِأَن المَاء يقري فِيهِ. القُلَّة: مَا يَسْتَطِيع الرجل أَن يقلّه من جرَّة عَظِيمَة أَو حبٍّ وَتجمع قلالا. قَالَ الأخطل: يَمْشُونَ حَوْلَ مُكَدَّمٍ قد كَدّحَتْ ... مَتْنْيه حَمْلُ حَناتم وقلال ... قيل: هِيَ قامة الرجل من قلَّة الرَّأْس.
قرب إِن كُنَّا لنلتقي فِي الْيَوْم مرَارًا يسْأَل بَعْضنَا بَعْضًا وَإِن نقرب بذلك إِلَّا أَن نحمد الله.(3/184)
قرب هُوَ من قرب المَاء وَهُوَ طلبه. وَيُقَال: فلَان يقرب حَاجته. إِن الأولى مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَالثَّانيَِة نَافِيَة.
قرو ابْن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَاءَ لما حوصر عُثْمَان فَجعل يَأْتِي تِلْكَ الجموع فَيَقُول: اتَّقوا الله وَلَا تقتلُوا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ لَا يحل لكم قَتله فَمَا زَالَ يتقراَّهم وَيَقُول لَهُم ذَلِك. اي يتتبعهم من قروت الْقَوْم واقتريتهم واستقريتهم وتقريتهم.
قرف ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لرجل: مَا على أحدكُم إِذا أَتَى الْمَسْجِد أَن يخرج قرفة أَنفه. أَي قشرته يُرِيد المخاط الْيَابِس. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصبح جنبا فِي شهر رَمَضَان من قراف غير احْتِلَام ثمَّ يَصُوم. هُوَ الخلاط يُقَال: قارف الْمَرْأَة إِذا خالطها وقارف الذَّنب. وَمِنْه حَدِيثهَا رَضِي الله عَنْهَا حِين تكلم فِيهَا أهل الْإِفْك: لَئِن قارفت ذَنبا فتوبي إِلَى الله.
قَرَأَ عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قَرَأت الْقُرْآن فِي سنتَيْن. فَقَالَ الْحَارِث: الْقُرْآن هَين وَالْوَحي أَشد مِنْهُ. أَي الْقُرْآن هَين والكتب أَشد مِنْهُ.
قرع كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقرِّع غنمه ويحلب ويعلف. أَي ينزي عَلَيْهَا الفحول.(3/185)
مَسْرُوق رَحمَه الله تَعَالَى خرج إِلَى سفر فَكَانَ آخر من ودعه رجل من جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّك قريع الْقُرَّاء وَإِن زينك لَهُم زين وشينك لَهُم شين فَلَا تحد ثن نَفسك بفقر وَلَا طول عمر. هُوَ فِي الأَصْل فَحل الْإِبِل المقترع للفحلة فا ستعاره للرئيس والمقدم أَرَادَ أَنَّك إِذا خفت الْفقر وَحدثت نَفسك بأنك إِن أنفقت مَالك افْتَقَرت مَنعك ذَلِك التَّصَدُّق والإنفاق فِي سَبِيل الْخَيْر وَإِذا نُطت أملك بطول الْعُمر قسا قَلْبك وأخرت مَا يجب أَن يقدّم وَلم تسارع إِلَى وُجُوه الْبر مسارعة من قصر أمله وَقرب عِنْد نَفسه أَجله.
قرمل تردى قرمل لبَعض الْأَنْصَار على ارسه فِي بِئْر فَلم يقدروا على منحره فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: جوفوه ثمَّ قطعوه أَعْضَاء وأخرجوه. القرمل: الصَّغِير من الْإِبِل. وَعَن النَّضر: القرملية من ضروب الْإِبِل هِيَ الصغار الْكَثِيرَة الأوبار وَهِي حرضة البخت وضاويتها. وَفِي كتاب الْعين: القرملية إبل كلهَا ذُو سنَامَيْنِ. جوفوه: اطعنوه فِي جَوْفه يُقَال: جفته كبطنته جعل ذَكَاة غير الْمَقْدُور على ذبحه من النعم كذكاة الوحشي.
قرى مرّة بن شرَاحِيل رَحمَه الله تَعَالَى عُوقِبَ فِي ترك الْجُمُعَة فَذكر أَن بِهِ وجعاً يقرى ويجتمع وَرُبمَا ارْفض فِي إزَاره. أَي يجمع لِدَة.
قرطف النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: كَانَ متدثرا فِي قرطف.(3/186)
قرطف هُوَ القطيفة وَهُوَ مِنْهَا كسبطر من السبط أَعنِي فِي الاشترك فِي بعض الْحُرُوف.
قرض الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قيل لَهُ: أَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمزحون قَالَ: نعم ويتقارضون. من القريض وَهُوَ الشّعْر. الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَا تصلح مقارضة من طعمته الْحَرَام. أهل الْحجاز يسمون الْمُضَاربَة الْقَرَاض والمقارضة. وَالْمعْنَى فِيهَا وَفِي الْمُضَاربَة وَاحِد وَهُوَ العقد على الضَّرْب فِي الأَرْض وَالسَّعْي فِيهَا وقطعها بالسير من الْقَرْض فِي السّير. قَالَ ذُو الرمة: ... إِلَى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أجْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالا وعْنَ ايمانهن الفوارس ...
قرر يحيى بن يعمر رَحمَه الله كتب على لِسَان يزِيد بن الْمُهلب إِلَى الْحجَّاج إِنَّا لَقينَا هَذَا الْعَدو فَقَتَلْنَا طَائِفَة وأسرنا طَائِفَة وَلَحِقت طَائِفَة بقرار الأودية وأهضام الْغِيطَان وبتنا بعرعرة الْجَبَل وَبَات الْعَدو بحضيضه. فَقَالَ الْحجَّاج: مَا يزِيد بِأبي عذر هَذَا الْكَلَام فَقيل لَهُ: إِن يحيى بن يعمر مَعَه. فَحمل إِلَيْهِ فَقَالَ: أَيْن ولدت قَالَ: بالأهواز. قَالَ: فَأَنِّي لَك هَذِه الفصاحة قَالَ: أَخَذتهَا عَن أبي. الْقَرار: جمع قرارة وَهِي المطئمن الَّذِي يستنقع فِيهِ المَاء. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: ... بقَرار قِيعَان سَقَاهَا وَابِل ... الأهضام: أحضان الأودية وأسافلها والهضوم مثلهَا الْوَاحِد هضم من الهضم وَهُوَ الْكسر يُقَال: هضمه حَقه لِأَنَّهَا أضواج ومكاسر. والهضم: فعل بِمَعْنى مفعول يصدقهُ رِوَايَة أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: المهتضم نَحْو الهضم.(3/187)
العرعرة: الْقلَّة. وَمِنْهَا قيل لطرف السنام عرْعرة وللرجل الشريف عراعر. قَالَ أَبُو سعيد السيرافي: تَقول امْرَأَة عذراء بَيِّنَة الْعذرَة كَمَا تَقول: حَمْرَاء بَيِّنَة الْحمرَة وَيَقُولُونَ لمن افتضَّها: هَذَا أَبُو عذرها يُرِيدُونَ أَبُو عذرتها أَي صَاحب عذرتها وَجرى ذَلِك مثلا لكل من يسْتَخْرج شَيْئا أَن يُقَال لَهُ: أَبُو عذره وَالْأَصْل فِيهِ عذرة الْمَرْأَة واستخفوا بطرح الْهَاء حِين جرى فِي كَلَامهم مثلا وَكثر استعمالهم لَهُ.
قَرَأَ فِي الحَدِيث: النَّاس قواري الله فِي الأَرْض. وروى: الْمُسلمُونَ. وروى: الْمَلَائِكَة. أَي شهداؤه الَّذين يقرونَ أَعمال النَّاس قرواً أَي يتتبعونها ويتصفحونها. قَالَ جرير: ... مَاذَا تعدُّ إِذا عددتُ عَلَيْكُم ... والمسلمون بِمَا أقولُ قَوَارِي ... وَقَالَ غَيره ... حدَّثَني الناسُ وهم قَوارِي ... أنكَ مِنْ خَيْرِ بني نِزارِ ... لكلِّ ضَيْفٍ نازلٍ وجَارِ ... وَإِنَّمَا جَاءَ على فواعل ذَهَابًا إِلَى الْفرق والطوائف كَقَوْلِه: ... خُضْع الرّقاب نواكس الْأَبْصَار ...
قرب اتَّقوا قرَاب الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله وروى: قرَابَة الْمُؤمن. هُوَ من قَول الْعَرَب: مَا هُوَ بعالم وَلَا قرَاب عَالم وَلَا قرَابَة عَالم أَي وَلَا قريب من عَالم. والمعن: اتَّقوا فراسته وظنَّه الَّذِي هُوَ قريب من الْعلم وَالتَّحْقِيق لصدقه وإصابته.(3/188)
الْقَاف مَعَ الزَّاي
قزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع وروى عَن القنازع. يحلق الرَّأْس وَيتْرك شعر متفرق فِي مَوَاضِع فَذَلِك الشّعْر قزع وقنازع الْوَاحِد قزعة وقنزعة إِذا فعل بِهِ ذَلِك وَمِنْه القزع من السَّحَاب وَنون القنزعة مزيدة وَزنهَا فنعلة وَنَحْوهَا عنصوة يُقَال: لم يبْق من شعره إِلَّا قنزعة وعنصوة وَلَا يبعد أَن تكون عنصوة مُشْتَقَّة من شقّ الْعَصَا وَهُوَ التَّفْرِيق فَتكون أُخْتا لقنزعة من الْجِهَات الثَّلَاث: الْوَزْن وَالْمعْنَى والاشتقاق.
قزَح إِن الله ضرب مطعم ابْن آدم للدنيا مثلا أَو ضرب الدُّنْيَا لمطعم ابْن آدم مثلا وَإِن قرَّحة وملحه. أَي توبله من القزح وَهُوَ التابل وملحه من ملح الْقدر بِالتَّخْفِيفِ إِذا ألْقى ملحاً بِقدر وَأما ملحها وأملحها فَإِذا أَكثر ملحها حَتَّى تفْسد. وَمِنْه قَالُوا: رجل مليح قزيح. شُبه بالمطعم الَّذِي طيب بالملح والقزح.(3/189)
وَفِي أمثالهم: قزِّح الْمجْلس يطلع. وَالْمعْنَى إِن الْمطعم وَإِن تكلّف الْإِنْسَان التنوق فِي صَنعته وتطييبه وتحسينه فَإِنَّهُ لَا محَالة عَائِد إِلَى حالٍ تُكره وتًستقذر فَكَذَلِك الدُّنْيَا المحروص على عمارتها ونظم أَسبَابهَا رَاجِعَة إِلَى خراب وإدبار. لَا تَقولُوا قَوس قزَح فَإِن قزَح من أَسمَاء الشَّيَاطِين. قَالَ الجاحظ: كَأَنَّهُ كره مَا كَانُوا عَلَيْهِ من عادات الْجَاهِلِيَّة وَكَأَنَّهُ أحب أَن يُقَال قَوس الله فيرفع قدرهَا كَمَا يُقَال: بَيت الله وزوار الله. وَقَالُوا: قَوس الله أَمَان من الْغَرق. وَفِي قزَح ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: اسْم شَيْطَان وسُمي بذلك لِأَنَّهُ يسوِّل للنَّاس ويُحسِّن إِلَيْهِم الْمعاصِي من التقزيح. وَعَن أبي الدقيش: القزح: الطَّرِيق الَّتِي فِيهَا الْوَاحِدَة قزحة. وَالثَّالِث: أَن تسمى بذلك لارتفاعها من قزَح الشَّيْء وقحز إِذا ارْتَفع عَن الْمبرد. وَمِنْه قزَح الْكَلْب ببوله إِذا طمح بِهِ وَرَفعه. قَالَ: وحَدثني الرياشي عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: نظر رجل إِلَى رجل مَعَه قَوس فَقَالَ: مَا هَذِه القحزانة يُرِيد المرتفعة. وسعر قازح وقاحز: مُرْتَفع عَال. قَالَ ... وَلَا يَمْنَعُون النِّيب والسَّوْمُ قاحِزُ ... أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى على قزَح وَهُوَ يخرش بعيره بِمِحْجَنِهِ. قزَح: الْقرن الَّذِي يقف عِنْد الإِمَام بِالْمُزْدَلِفَةِ. وَامْتِنَاع صرفه للعلمية وَالْعدْل كعمر وَزفر وَكَذَلِكَ قَوس قزَح فِيمَن لم يَجْعَل القزح الطرائق. الخرش: نَحْو من الخدش. يُقَال: تخارشت الْكلاب والسنانير. وَهُوَ مزق بَعْضهَا بَعْضًا وخرش الْبَعِير أَن تضربه بالمحجن وَهُوَ عَصا معوَّجة الرَّأْس ثمَّ تجتذبه(3/190)
تُرِيدُ تحريكه فِي السّير أَرَادَ أَنه أسْرع فِي السّير فِي إفاضته. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كره أَن يُصَلِّي الرجل إِلَى الشَّجَرَة المقزَّحة. هِيَ الَّتِي تشعبت شعبًا كَثِيرَة وَقد تقزح الشّجر والنبات. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: من غَرِيب شجر الْبر المقزح. وَهُوَ شجر على صُورَة التِّين لَهُ أغصنة قصار فِي رءوسها مثل برثن الْكَلْب. واحتملت عِنْد بَعضهم أَن يُرَاد بهَا الَّتِي قزحت عَلَيْهَا الْكلاب وَالسِّبَاع بأبوالها فكره الصَّلَاة إِلَيْهَا لذَلِك.
قزز ابْن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مُوسَى لجبرائيل عَلَيْهِمَا السَّلَام هَل ينَام رَبك فَقَالَ الله عز وَجل: قل لَهُ: فليأخذ قَارُورَتَيْنِ أَو قازوزتين وليقم على الْجَبَل من أول اللَّيْل حَتَّى يُصبح. القازوزة والقاقوزة: مشربَة دون القارورة. وَعَن أبي مَالك: القازوزة الجمجمة من الْقَوَارِير.
قزل مجَالد رَحمَه الله تَعَالَى نظر إِلَى الْأسود بن سريع وَكَانَ يقص فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فَرفع النَّاس أَيْديهم فَأَتَاهُم مجَالد وَكَانَ فِيهِ قزل فأوسعوا لَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَالله ماجئت لأجالسكم وَإِن كُنْتُم جلساء صدقٍ وَلَكِنِّي رأيتكم صَنَعْتُم شَيْئا فشفن النَّاس إِلَيْكُم فإياكم وَمَا أنكر الْمُسلمُونَ القزل: أَسْوَأ العرج وَقد قزل وَأما وَأما قزل بِالْفَتْح فنحو عرج إِذا مَشى مشْيَة القزل. شفن وشنف إِذا أدام النّظر مُتَعَجِّبا أَو مُنْكرا.(3/191)
قزز فِي الحَدِيث إِن إِبْلِيس ليقزُّ القزَّة من الْمشرق فَيبلغ الْمغرب. أَي يثب الوثبة.
الْقَاف مَعَ السِّين
قسس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لبس القسِّي وروى: إِن الله حرم على أمتِي الْخمر وَالْميسر والمزر والكوبة والقسي. هُوَ ضرب من ثِيَاب كتَّان مخلوط بحرير يُؤْتى بِهِ من مصر نُسب إِلَى قَرْيَة على سَاحل الْبَحْر يُقَال لَهَا القسّ قَالَ أَبُو دَاوُد: ... أَقْفَر الدَّيْر فالأَجَارِعُ من قَوْ ... مي فَعُوقٌ فَرَامِحٌ فَخَفِيَّهْ
بَعْدَ حيٍّ تَغْدُو القِيانُ عَلَيْهِم ... فِي الدِّمَقْسِ القَسّي براحٍ سَبِيَّهْ ... وَقَالَ ربيعَة بن مقروم: ... جعَلْن عتيقَ أَنْماطٍ خُدُورا ... وأَظْهرنَ الكَراديَ والعُهونا
على الأحْداجِ واسْتَشْعَرن رَيْطاً ... عِرَاقياًّ وقَسِّياًّ مَصُونا ... وَقيل: القسي القزي أبدلت الزَّاي سينا كَقَوْلِهِم ألسمته الْحجَّة إِذا ألزمته إِيَّاهَا وَقيل: هُوَ مَنْسُوب إِلَى القسِّ وَهُوَ الصقيع لبياضه. المزر: نَبِيذ الْأرز. الكوبة: الطَّبل.
قسم اسْتحْلف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسَة نفرٍ فِي قسَامَة فَدخل مَعَهم رجل من غَيرهم. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ردوا الْأَيْمَان على أجالدهم. الْقسَامَة: مخرجة على بِنَاء الغرامة والحمالة لما يلْزم أهل الْمحلة إِذا وُجد قَتِيل فِيهَا(3/192)
لَا يُعلم قَاتله من الْحُكُومَة بِأَن يقسم خَمْسُونَ مِنْهُم لَيْسَ فيهم صبي وَلَا مَجْنُون وَلَا امْرَأَة وَلَا عبد يتخيرهم الْوَلِيّ وقسمهم أَن يَقُولُوا: بِاللَّه مَا قتلنَا وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا فَإِذا أَقْسمُوا قُضي على أهل الْمحلة بِالدِّيَةِ وَإِن لم يكملوا خمسين كررت عَلَيْهِم الْأَيْمَان حَتَّى تبلغ خمسين يَمِينا. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: الْقسَامَة توجب الْعقل وَلَا تشيط الدَّم. أَي توجب الدِّيَة لَا الْقود وَلَا تهْلك الدَّم رَأْسا أَي لَا تهدره حَتَّى يجب شَيْء من الدِّيَة. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: الْقسَامَة جَاهِلِيَّة. أَي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتدينون بهَا وَقد قررها الْإِسْلَام. يُقَال لجسم الرجل: أجلاده وأجاليده وتجاليده. وَيُقَال: مَا أشبه أجاليده بأجاليد أَبِيه وَحذف الْيَاء اكْتِفَاء بالكسرة تَخْفِيفًا. أَرَادَ أَن يرد الْأَيْمَان عَلَيْهِم أنفسم وَألا يُحلَّف من لَيْسَ مِنْهُم. أنكر دُخُول ذَلِك الرجل مَعَهم وَيجوز أَن يُرِيد بأجالدهم أحملهم للقسامة وأصلحهم لَهَا ويصدقه أَن للأولياء التخير لأَنهم يستحلفون صالحي الْمحلة الَّذين لَا يحلفُونَ على الْكَذِب. إيَّاكُمْ والقسامة. قيل: وَمَا الْقسَامَة قَالَ: الشَّيْء يكون بَين النَّاس فينتقص مِنْهُ. الْقسَامَة: بِالْكَسْرِ حِرْفَة القسام وبالضم مَا يَأْخُذهُ ونظيرهما الجزارة والجزارة والبُشارة والبِشارة. وَالْمعْنَى مَا يَأْخُذهُ جَريا على رسم السماسرة دون الرُّجُوع إِلَى أجر الْمثل كتواضعهم على أَن يَأْخُذُوا من كل ألف شَيْئا مَعْلُوما وَذَلِكَ مَحْظُور. وَفِي حَدِيث وابصة: مثل الَّذِي يَأْكُل الْقسَامَة كَمثل جدي بَطْنه مَمْلُوء رضفاً. إِن الله تَعَالَى لَا ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ حجابه(3/193)
قسط النُّور لَو كشف طبقه أحرقت سبحات وَجهه كل شَيْء أدْركهُ بَصَره وَاضع يَده لمسيء اللَّيْل ليتوب بِالنَّهَارِ ولمسيء النَّهَار ليتوب بِاللَّيْلِ حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا. الْقسْط: الْقسم من الرزق أَي يبسط لمن يَشَاء ويقدره. الطَّبَق: كل غطاء لَازم. السبحات: جمع سبْحَة كالغرفات والظلمات فِي غرفَة وظلمة. وَيجوز فتح الْعين وتسكينها. والسبحة: اسْم لما يسبح بِهِ وَمِنْهَا سبح الْعَجُوز لِأَنَّهَا تسبح بِهن. وَالْمرَاد صِفَات الله جلّ ثَنَاؤُهُ الَّتِي يسبحه بهَا المسبحون من جَلَاله وعظمته وَقدرته وكبريائه. وَجهه: ذَاته وَنَفسه. النُّور: الْآيَات الْبَينَات الَّتِي نصبها أعلاماً لتشهد عَلَيْهِ وتطرِّق إِلَى مَعْرفَته وَالِاعْتِرَاف بِهِ شبهت بِالنورِ فِي إنارتها وهدايتها وَلما كَانَ من عَادَة الْمُلُوك أَن تضرب بَين أَيْديهم حجب إِذا رَآهَا الراءون علمُوا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يحتجبون وَرَاءَهَا فاستدلوا بهَا على مكانهم قيل حجابة النُّور أَي الَّذِي يسْتَدلّ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا يسْتَدلّ بالحجاب على الْملك المحتجب. هَذِه الأيات النيرة. وَلَو كشف طبقه أَي طبق هَذَا الْحجاب وَمَا يُغطى مِنْهُ وعُلم جَلَاله وعظمته علما جليا غير استدلالي لما أطاقت النُّفُوس ذَلِك ولهلك كل من أدْركهُ بَصَره أَي أدْركهُ علمه الجليّ فَشبه بِإِدْرَاك الْبَصَر لجلائه. لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام: أَي يَسْتَحِيل عَلَيْهِ ذَلِك. وَاضع يَده: من قَوْلهم: وضع يَده عَن فلَان إِذا كفَّ عَنهُ يَعْنِي لَا يعاجل الْمُسِيء بالعقوبة بل يمهله ليتوب.(3/194)
قسم عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنا قسيم النَّار. أَي مقاسمها ومساههما. يَعْنِي أَن أَصْحَابه على شطرين: مهتدون وضالون فَكَأَنَّهُ قَاسم النَّار إيَّاهُم فشطر لَهَا وَشطر مَعَه فِي الْجنَّة.
قسا ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بَاعَ نفاية بَيت المَال وَكَانَت زُيُوفًا وقسياناً بِدُونِ وَزنهَا فَذكر ذَلِك لعمر فَنَهَاهُ وَأمره أَن يردهَا. هُوَ جمع قسي كصبيان فِي صبي وَكِلَاهُمَا واوي بِدَلِيل قَوْلهم: الصبوة وقسا الدِّرْهَم يقسو. وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ لأَصْحَابه: كَيفَ يدرس الْعلم أَو قَالَ: الْإِسْلَام فَقَالُوا: كَمَا يخلق الثَّوْب أَو كَمَا تقسو الدَّرَاهِم: فَقَالَ: لَا وَلَكِن دروس الْعلم بِمَوْت الْعلمَاء. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَكَأن القسي إِعْرَاب قاشيّ وَهُوَ الرَّدِيء من الدَّرَاهِم الَّذِي خالطه غشّ من نُحَاس أَو غَيره. وَقُرِئَ: / وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً / وَهِي الَّتِي لَيست بخالصة الْإِيمَان. وَقَالَ أَبُو زبيد الطَّائِي: يذكر الْمساحِي: ... لَهَا صواهل فِي صُمِّ السِّلامٍ كَمَا ... صَاح القَسِيّاتُ فِي أَيدي الصياريفِ ... وَعَن عبد الله بن مَسْعُود: مَا يسرني دين الَّذِي يَأْتِي العراف بدرهم قسي. وَعَن الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ لأبي الزِّنَاد: تَأْتِينَا بِهَذِهِ الْأَحَادِيث قسية وتأخذها منا طازجة. وَقيل: هُوَ من الْقَسْوَة أَي فضَّة صلبة رَدِيئَة. الطازجة: الصِّحَاح النَّقَاء تعريب تازه بِالْفَارِسِيَّةِ.(3/195)
قسر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى عزوجل: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} هُوَ ركز النَّاس. يحْتَمل هَذَا التَّفْسِير وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن يُفَسر القسورة نَفسهَا بالركز وَهُوَ الصَّوْت الْخَفي. وَالثَّانِي أَن يقْصد أَن الْمَعْنى فرت من ركز القسورة ثمَّ يُفَسر ركز القسورة بركز النَّاس فقد روى عَنهُ: أَن القسورة جمَاعَة الرِّجَال وروى: جمَاعَة الرُّمَاة وأية كَانَت فَهِيَ فعولة من القسر وَهُوَ الْقَهْر وَمِنْه قيل للأسد: قسورة وللنبت المكتهل قسور. وَقد قسور قسورة كَمَا قيل استأسد. وَالرُّمَاة يقسرون المرمى وَالرِّجَال إِذا اجْتَمعُوا قووا وقسروا وَإِذا خفض النَّاس أَصْوَاتهم فكأنهم قسروها. ذكر الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى القسورة لِأَنَّهُ فِي معنى الركز الَّذِي هُوَ خَبره أَو لِأَن القسورة فِي معنى الركز.
قسطل فِي الحَدِيث: إِن الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين لما الْتَقَوْا فِي وقْعَة نهاوند غشيتهم ريح قسطلانية. أَي ذَات قسطل وَهُوَ الْغُبَار.
الْقَاف مَعَ الشين
قشر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن القاشرة والمقشورة. القشر: أَن تعالج الْمَرْأَة وَجههَا بالغمرة حَتَّى ينسحق أَعلَى الْجلد ويصفو اللَّوْن.(3/196)
قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ: غزونا مَعَ أبي بكر هوَازن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنفلني جَارِيَة من فَزَارَة عَلَيْهَا قشع لَهَا. قيل: هُوَ الْجلد الْيَابِس. وَقَالَ أَبُو زيد: قَالَ القشيريون: هُوَ الفرو الْخَالِق وَمِنْه قيل لريش النعامة: قشع قَالَ: جدَّل خَرْجَاء عَلَيْهَا قَشْع أَلا ترى إِلَى قَوْله: كَالْعَبْدِ ذى الفرو الطَّوِيل الأصلم مر صلى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَعَلِيهِ قشبانيتان
قشب
أَي بردَان خلقان والقشيب من الأضداد وَهُوَ من قَوْلهم: سيف قشيب ذى قشب وَهُوَ الصدأ ثمَّ قيل: قشبه إِذا صقله وجلا قشبه فَهُوَ قشيب. وَقَول من زعم أَن القشبان جمع قشيب والقشبانية منسوبة إِلَيْهِ غير مرتضى من القَوْل عِنْد عُلَمَاء [655] الْإِعْرَاب لِأَن الْجمع لَا يُنسب إِلَيْهِ وَلكنه بِنَاء مستطوف للنسب كالأنبجانيّ
عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث إِلَى معَاذ بن عفراء بحلة فَبَاعَهَا وَاشْترى بهَا خَمْسَة أرؤس من الرَّقِيق فَأعْتقهُمْ إِن رجلا آثر قشرتين يَلْبسهُمَا على عتق هَؤُلَاءِ لغبين الرأى.
قشر يُقَال للباس: القشر على سَبِيل الاتعارة. وَأَرَادَ بالقشرتين الْحلَّة لِأَنَّهَا اسْم للثوبين: الْإِزَار والرداء وَهُوَ فِي هَذِه الِاسْتِعَارَة محتقر لَهَا ومستصغر فِي جنب مَا حصل لَهُ عِنْد الله من الذخر بِالْعِتْقِ.(3/197)
قشب كَانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِمَكَّة فَوجدَ طيب ريح فَقَالَ: من قشبنا فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: دخلت على أم حَبِيبَة فطيبتني وكستني هَذِه الْحلَّة فَقَالَ عمر: إِن أَخا الْحَاج الْأَشْعَث الأدفر الْأَشْعر. الفشب: الْإِصَابَة بِمَا يكره ويستقذر. قَالَ النَّابِغَة: ... فَبِتُّ كَأَنَّ العائدات فَرَشْنَنِي ... هَرَاساً بِهِ يُعْلَي فِرَاشِي ويُقْشَبُ ... من القشب وَهُوَ القذر والقشب: الَّذِي خالطه قذر وَمَا أقشب بَيتهمْ أَي مَا اٌقذره وَمِنْه: قشبه إِذا رَمَاه بقبيح ولطخه بِهِ. وقشب الطَّعَام: خلطه بالسم. وقشبه الدُّخان إِذا آذاه رِيحه وَبلغ مِنْهُ. وَمِنْه الحَدِيث: إِن رجلا يمر على جسر جنهم فَيَقُول: قشبني رِيحهَا. وَالَّذِي لَهُ استخبث تِلْكَ الرَّائِحَة الْمَوْجُودَة من مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان حَتَّى سمى إصابتها قشبا مُخَالفَته السنَّة وتطيبه وَهُوَ محرم. وَفِي حَدِيثه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه قَالَ لبَعض بنيه: قشبك المَال. أَي أفسدك وخبلك.
قشع أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو حدثتكم بِكُل مَا أعلم لرميتوني بالقشع. وروى: بالقشع. قيل: هِيَ الْجُلُود الْيَابِسَة. وَقيل: الْمدر وَالْحِجَارَة لِأَنَّهَا تُقشع عَن وَجه الأَرْض أَي تقلع. وَمِنْه قيل للمدرة: القلاعة. جمع قشعة كبدر وبدرة. وَقيل القشع مَا يقشعه الرجل من النخامة من صَدره أَي لبزقتم فِي وَجْهي. وَفِي القشع: الأحمق أَي لدعوتموني بالقشع وحمقتموني.(3/198)
قشش فِي الحَدِيث: كَانَ يُقَال: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} المقشقشتان. أَي المبرئتان من النِّفَاق والشرك. يُقَال للْمَرِيض إِذا برأَ: قد تقشقش وَكَذَلِكَ الْبَعِير إِذا برأَ من الجرب وقشقشه: أَبرَأَهُ قَالَ: ... إنِّي أَنا القَطِرَانُ أَشْفِى ذَا الجَرَبْ ... عِنْدِي طِلاَءٌ وهِنَاءٌ للنُّقَبْ
مُقَشْقِشٌ يُبْرِئُ مِنْهُم مَنْ جَرِبْ ... وأكشِفُ الغُمّى إِذا الرِّيق عَصَبْ ... وَعَن النَّضر: أقش من الجدري وَالْمَرَض برأَ وَأثبت غَيره: قَشّ من مَرضه بِمَعْنى تقشقش وَمَا أرى من تكْثر التقاء مضاعف الثلاثي والرباعي يكَاد يستهويني إِلَى الْإِيمَان بِمذهب الْكُوفِيّين فِيهِ لَوْلَا تنمر أَصْحَابنَا وتشدهم.
الْقَاف مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُريت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف فِي النَّار يجر قصبه على رَأسه فَرْوَة فَقلت لَهُ: من مَعَك فِي النَّار فَقَالَ: من بيني وَبَيْنك من الْأُمَم. وروى: أَن عمر بن لحي بن قمعة أول من بدل دين إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قرأيته يجر قصبه فِي النَّار. الْقصب: وَاحِد الأقصاب وَهِي الأمعاء كلهَا وَقيل: الأمعاء يجمعها اسْم الْقصب وَمِنْه اسْم القصاب لِأَنَّهُ يعالجها قَالَ الرَّاعِي: ... تَكْسُو المفارقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ ... عَمْرو بن لحي: أول من بَحر الْبحيرَة وسيب السائبة وَهُوَ أَبُو خُزَاعَة.
قصَص نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تطيين الْقُبُور وتقصيصها وروى: عَن تقصيص الْقُبُور وتكليلها.(3/199)
قصَص هُوَ تجصيصها. والقصة: الجصة وَلَيْسَ أحد الحرفين بَدَلا من صَاحبه لِاسْتِوَاء التَّصَرُّف وَلَكِن الفصحاء على الْقَاف. وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا قَالَت للنِّسَاء لَا تغتسلن من الْمَحِيض حَتَّى تَرين القصَّة الْبَيْضَاء. قَالُوا: مَعْنَاهُ حَتَّى تَرين الْخِرْقَة أَو القطنة بَيْضَاء كالقصة لَا تخالطها صفرَة وَلَا ترية. وَقيل: هِيَ شَيْء كالخيط الْأَبْيَض يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله. وَوجه ثَالِث: وَهُوَ أَن تُرِيدُ انْتِفَاء اللَّوْن وألاَّ يبْقى مِنْهُ أثرٌ الْبَتَّةَ فَضربت رُؤْيَة القصَّة لذَلِك مثلا لِأَن رائي القصَّة الْبَيْضَاء غير راءٍ شَيْئا من سَائِر الألوان. التَّكليل: أَن يحوطها بِبِنَاء من كلل رَأسه بالإكليل وجفنة مكللة بالسديف وروضة مكللة إِذا حفت بِالنورِ. وَقيل: هُوَ أَن يضْرب عَلَيْهَا كلل.
قَصم فِي ذكر أهل الْجنَّة: ويُرفع أهل الغرف إِلَى غرفهم فِي درة بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا قَصم وَلَا فَصم. الْكسر الْمُبين بِالْقَافِ وَغير الْمُبين بِالْفَاءِ. فِي درَّة: حَال من أهل الغرفة أَي حاصلين فِي درَّة. وَالْمعْنَى كل وَاحِد مِنْهُم كَقَوْلِهِم: كسانا الْأَمِير حلَّة.
قصع خطبهم على رَاحِلَته وَإِنَّهَا لتقصع بجرَّتها. أَي تمضغها بِشدَّة.
قصف وَعَن مَالك بن أنس رَحمَه الله تَعَالَى: الْوُقُوف على الدَّوَابّ بِعَرَفَة سُنَّة وَالْقِيَام على الْأَقْدَام رخصَة. أَنا النَّبِيُّونَ فُرَّاط القاصفين. من القصفة وَهِي الدفعة الشَّدِيدَة والزحمة. قَالَ العجاج:(3/200)
.. لِقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِم ... وَسمعت قصفة النَّاس وَهِي من القصف بِمَعْنى الْكسر كَأَن بَعضهم يقصف بَعْضًا لفرط الزحام. وَالْمرَاد بالقاصفين من يتزاحم على آثَارهم من الْأُمَم الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لما يهمني من انقصافهم على بَاب الْجنَّة أهم عِنْدِي من عِنْدِي من تَمام شَفَاعَتِي. أَي اندفاعم عني أَن استسعادهم بِدُخُول الْجنَّة وَأَن يتمَّ لَهُم ذَلِك أهم عِنْدِي من أَن أبلغ أَنا منزلَة الشافعين المشفّعين لِأَن قبُول شَفَاعَته كَرَامَة لَهُ وإنعام عَلَيْهِ فوصولهم إِلَى مبتغاهم آثر لَدَيْهِ من نيل هَذِه الْكَرَامَة لفرط شفقته على أمته. رزقنا الله شَفَاعَته وَأتم لَهُ كرامته.
قصر فِي الْمُزَارعَة: إِن أحدهم كَانَ يشْتَرط ثَلَاثَة جداول والقصارة وَمَا سقى الرّبيع فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. القُصارة والقصرى والقصرَّى وَالْقصر والقصل: كعابر الزَّرْع بعد الدياسة وفيهَا بَقِيَّة حبّ. الرّبيع: النَّهر. كَانَ يشْتَرط ربُّ الأَرْض على الْمزَارِع أَن يزرع لَهُ خَاصَّة مَا تسقيه الجداول وَالربيع وَأَن تكون لَهُ القصارة فَنهى عَن ذَلِك.
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن شهد الْجُمُعَة فصلىَّ وَلم يؤذ أحدا: بقصره إِن لم تُغفر لَهُ جمعته تِلْكَ ذنُوبه كلهَا أَن يكون كفَّارته فِي الْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا. يُقَال: قصرك أَن تفعل كَذَا أَي حَسبك وغايتك وَهُوَ من معنى الْحَبْس لِأَنَّك إِذا بلغت الْغَايَة حبستك ويصدقه قَوْلهم فِي مَعْنَاهُ: ناهيك وَنَحْو قَوْله:(3/201)
بقصره أَن يكون كَفَّارَته قَول الشَّاعِر: ... بِحَسْبِكَ فِي الْقَوْم أَن يَعْلموا ... بأنّك فيهم غَنِيٌّ مُضر ... فِي إِدْخَال الْبَاء على الْمُبْتَدَأ. جمعته: نَصبه على الظّرْف. وَفِي يكون ضمير الشُّهُود أَي شُهُوده على تِلْكَ الصّفة يكفِّر عَنهُ. من كَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ أصل فليتمسك بِهِ وَمن لم يكن لَهُ فليجعل لَهُ بهَا أصلا وَلَو قصرة. أَي وَلَو أصل نَخْلَة وَاحِدَة وَالْجمع قصر وَفسّر قَوْله تَعَالَى {بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ} فِيمَن حرّك بِأَنَّهُ جمع قصرة وَهُوَ أصل الشَّجَرَة ومستغلظها وبأعناق النّخل وبأعناق الْإِبِل. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: إِن الشرر يرْتَفع فَوْقهم كأعناق النّخل ثمَّ ينحط عَلَيْهِم كالأينق السود. وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه مرَّ بِهِ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: لقد كَانَ فِي قصرة هَذَا مَوَاضِع لسيوف الْمُسلمين. يَعْنِي أصل الرَّقَبَة وَكَأَنَّهُ سمى بذلك لِأَنَّهَا بِهِ تَنْتَهِي من القصرة وَهُوَ الْغَايَة الْمُنْتَهى إِلَيْهَا. أسر ثُمَامَة بن أُثال فَأبى أَن يُسلم قصراً فَأعْتقهُ فَأسلم. أَي حبسا وإجباراً من قصرت نَفسِي على الشَّيْء إِذا جبستها عَلَيْهِ ورددتها عَن أَن تطمح إِلَى غَيره. وَمِنْه حَدِيث أَسمَاء بنت عبيد الأشهلية رَضِي الله عَنْهَا: إِنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنَّا معشر النِّسَاء محصورات مقصورات قَوَاعِد بُيُوتكُمْ(3/202)
وحوامل أَوْلَادكُم فَهَل نشارككم فِي الْأجر فَقَالَ: نعم إِذا أحسنتن تبعُّل أزواجكن وطلبتن مرضاتهم.
قصب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِن الله يبشرك بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب. فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَا بَيت فِي الْجنَّة من قصب قَالَ: هُوَ بَيت من لؤلؤة مُجبَّأة. قَالَ صَاحب الْعين: الْقصب من الْجَوْهَر: مَا استطال مِنْهُ تجويف. وَقَالُوا فِي المجبأة: هِيَ المجوفة كَأَنَّهَا قلب مجوَّبة من الجوب. وَهُوَ الْقطع وَيجوز أَن يكون من الجبء وَهُوَ نقير يجْتَمع فِيهِ المَاء وَجمعه جبوء. قَالَ جندل بن الْمثنى: ... يَدَعْن بالأمالس الصَّهارج ... مثل الجبُوءِ فِي الصَّفا السَّمارِجِ ... شبه تجويفها بالنقير فاستعير لَهُ كَأَنَّهَا نُقرت نقرا حَتَّى صَارَت جوفاء وحقها على هَذَا أَن تخرج همزتها بَين بَين عِنْد الْمُحَقِّقين إِلَّا على لُغَة من قَالَ: لَا هُنَاكَ المرتع.
قصد إِن حميد بن ثَوْر الْهِلَالِي أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أسلم فَقَالَ: ... أْصَبحَ قَلبِي من سُلَيْمَى مُقْصَدَا ... إِن خَطَأَ مِنْهَا وإنْ تَعَمُّدا ... فَحَمّلَ الهِمَّ كِلازاً جَلْعَدا ... تَرَى العُلَيْفِىَّ عَلَيْهَا مُوكّدا
وَبَين نِسْعيه خِدَبًّا مُلْبِدا ... إِذا السَّراب بالفَلاةِ اطّردا
ونَجَد الماءُ الَّذِي تَوَرَّدا ... تَوَرُّدَ السِّيد أَرَادَ المرصدا ... حَتَّى أرانا رَبنَا مُحَمَّدًا
أقصدته: إِذا طعنته فَلم تخطئه.(3/203)
الكلاز: المجتمعة الْخلق من كلزت الشَّيْء وكلزته إِذا جمعته. واكلازّ إِذا تجمَّع وتقّبض. والجلعد: نَحْوهَا وَاللَّام زَائِدَة من التجعد وَهُوَ التقبض والتجمع. العليفي: رَحل مَنْسُوب إِلَى علاف وَهُوَ ربان أَبُو جرم أول من عمل الرّحال كَأَنَّهُ صغَّر العلافي تَصْغِير التَّرْخِيم. الموكد: الموثق ويروى: موفدا أَي مشرفا. خدبا: ضخما كَأَنَّهُ يُرِيد سنامها أَو جنبها المجفر. ملبدا: عَلَيْهِ لبدة من الْوَبر. نجد المَاء: سَالَ الْعرق وَيُقَال للعرق النجد. تورد: تلون لِأَنَّهُ يسيل من الذِّفرى أسود ثمَّ يصفر وَشبهه بتلون الذِّئْب. لَا يقصّ إِلَّا أَمِير أَو مَأْمُور أَو مختال. أَي لَا يخْطب إِلَّا الْأَمِير لِأَن الْأُمَرَاء كَانُوا يتولون الْخطب بِأَنْفسِهِم. والمأمور الَّذِي اختارة الْأَئِمَّة فَأمره بذلك وَلَا يختارون إِلَّا الرِّضَا الْفَاضِل. والمختال: الَّذِي ينتدب لَهَا رِيَاء وخيلاء.
قصر إِن أعرابياًّ جَاءَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: عَلمنِي عملا يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: لَئِن كنت أقصرت الْخطْبَة لقد أَعرَضت الْمَسْأَلَة أعتق النَّسمَة وَفك الرَّقَبَة: قَالَ: أَوَ ليسَا وَاحِدًا. قَالَ: لَا عتق النَّسمَة: أَن تفرد بِعتْقِهَا. وَفك الرَّقَبَة. أَن تعين فِي ثمنهَا والمنحة الوكوف والفيء على ذِي الرَّحِم الظَّالِم. أَي جِئْت بِالْخطْبَةِ قَصِيرَة وبالمسألة عريضة وَاسِعَة. يُقَال: أقصرت فُلَانَة إِذا ولدت أَوْلَادًا قصاراً وأعرضت إِذا ولدتهم عراضاً. المنحة: شَاة أَو نَاقَة يَجْعَلهَا الرجل لآخر سنة يحتلبها. الوكوف: الَّتِي لَا يكفُّ درُّها. الْفَيْء: الْعَطف وَالرُّجُوع عَلَيْهِ بالبرّ أَي وشأنك منح المنيحة والفيء على ذِي الرَّحِم.(3/204)
وَلَو رويا منصوبين لَكَانَ أوجه ليَكُون طباقا للمعطوف عَلَيْهِ لِأَن الْفِعْل يُضمر قبلهمَا فيعطف الْفِعْل على مثله. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مرَّ بِرَجُل قد قصر الشّعْر فِي السُّوق فَعَاتَبَهُ. أَي جزَّه إِنَّمَا كرهه لِأَن الرّيح رُبمَا حَملته فأوقعته فِي المآكيل. عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ إِذا خطب فِي نِكَاح قصَّر دون أَهله. أَي أمسك عَمَّن هُوَ فَوْقه وخطب إِلَى من دونه. قَالَ الْأَعْشَى: ... أَثْوَي وقَصّر لَيْلَة ليزوَّدَا ... فَمضى وأخْلَف من قَتيلَة مَوْعدا ... أَي أَقَامَ وَأمْسك عَن السّفر ليزود.
قصل الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: أُغمي على رجل من جُهَيْنَة فِي بَدْء الْإِسْلَام فظنوا أَنه قد مَاتَ وهم جُلُوس حوله وَقد حفروا لَهُ إِذْ أَفَاق فَقَالَ: مَا فعل القصل قَالُوا: مر السَّاعَة فَقَالَ: أما إِنَّه لَيْسَ عليّ بَأْس إِنِّي أتيت حَيْثُ رَأَيْتُمُونِي أُغمي عَليّ فَقيل: لأمك هُبل أَلا ترى حفرتك تنثل أَرَأَيْت إِن حولناها عَنْك بمحول وَرُوِيَ: بمحول ودفنا فِيهَا قصل الَّذِي مَشى فخزل أتشكر لِرَبِّك وَتصل وَتَدَع سَبِيل من أشرك وضل قَالَ: نعم. فبرأ. وَمَات القصل فَجعل فِيهَا. القصل: اسْم رجل. الهبل: الثكل يُقَال: هبلته أمه هبلاء فَهِيَ هابل والهبول: الَّتِي لَا يبْقى لَهَا ولد. وَرجل مهبل يُقَال لَهُ كثيرا: هبلت. نثل الْبِئْر: إِذا استخرج ترابها. المحول: مفعل من التَّحْوِيل كَأَنَّهُ آلَة لَهُ وَنَحْوه المجمر لآلة التجمير وبناؤهما على تَقْدِير حذف الزَّوَائِد. المحول: مَوضِع التَّحْوِيل أَي لَو حولنا هَذِه الحفرة عَنْك إِلَى غَيْرك. خزل: تفكك فِي مشيته وَهِي الخيزلي.(3/205)
الْقَاف مَعَ الضَّاد
قضض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت دفرة أم عبد الله بن أذينة: كُنَّا نطوف مَعَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فرأت ثوبا مصلبا فَقَالَت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رَآهُ فِي ثوب قضبة. الضَّمِير للتصليب. والقضب: الْقطع وَمِنْه القضب للرطبة أَنه يقضب واقتضاب الدَّابَّة: ركُوبهَا قبل أَن ترَاض لِأَنَّهُ اقتطاع لَهَا عَن حَال الإهمال والتخلية ثمَّ استعير مِنْهُ اقتضاب الْكَلَام وَهُوَ ارتجاله من غير تهيئة. قَالَ فِي الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ سبطا قضيء الْعين فَهُوَ لهِلَال بن أُميَّة. هُوَ الْفَاسِد الْعين. يُقَال: قضيء الثَّوْب وتقضَّأ إِذا تفسأ وقربة قضيئة: بالية متشققة والقضأة: الْعَيْب.
قضض يُؤْتى الدُّنْيَا بقضَّها وقضيضها. أَي بأجمعها من قَوْلهم: جَاءُوا بقضِّهم وقضيضهم وقضِّهم [661] بقضيضهم وَقد روى: بِالرَّفْع. وَالْمعْنَى: جَاءُوا مُجْتَمعين فيقضّ آخِرهم على أَوَّلهمْ من قَوْلهم. قضضنا عَلَيْهِم الْخَيل وَنحن نقضُّها قضا فانقضت. القضُّ فِي الأَصْل: الْكسر فَاسْتعْمل فِي سرعَة الْإِرْسَال والإيقاع كَمَا يُقَال: عِقَاب(3/206)
كاسر وتلخيصه أَن القضّ وُضع مَوضِع القاضّ كَقَوْلِهِم: زور وَصَوْم بِمَعْنى زائر وصائم. والقضيض: مَوضِع المقضوض لِأَن الأول لتقدمه وَحمله الآخر على اللحاق بِهِ كَأَنَّهُ يقضّه على نَفسه فحقيقته جَاءُوا بمستلحقهم وَلَا حَقهم أَي بأولهم وَآخرهمْ. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: القضّ: الْحَصَى الْكِبَار والقضيض: الْحَصَى الصغار أَي جَاءُوا بالكبير وَالصَّغِير. صَفْوَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة: {وَسَيَعْلَمُ الذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ} بَكَى حَتَّى يُرى لقد اندقَّ قضيض زوره. يحْتَمل إِن لم يكن مُصحَّفاً عَن قصَص وَهُوَ المشاش المغروزة فِيهِ شراسيف أَطْرَاف الأضلاع فِي وسط الصَّدْر أَن يصفه بالقضيض وَهُوَ الكسور لمآ لَهُ إِلَى ذَلِك ومشارفته لَهُ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقنوا مَوْتَاكُم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَقَوْلِه: ... أَقُول لَهُم بالشِّعب إِذْ يَيْسِرونني ... ألم تعلمُوا أَن ابْن فَارس زَهْدم ... والزور: أَعلَى الصَّدْر.
الْقَاف مَعَ الطَّاء
قطف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ: خرجت مَعَه فِي بعض الْغَزَوَات فَبينا أَنا على جملي أَسِير وَكَانَ جملي فِيهِ قطاف فلحق بِي فَضرب عُجز الْجمل بِسَوْط فَانْطَلق أوسع جمل ركبته قطّ يواهق نَاقَته مواهقةً. القطاف بِوَزْن الحران والشماس مقاربة الخُطى والإبطاء من القطف وَهُوَ الْقطع لِأَن سيره يَجِيء مقطعَّا غير مطرد(3/207)
ونقيضه الوساعة وَقد وسع فَهُوَ وساع وَمِنْه قَوْله: أوسع جمل. قطّ: اسْم للزمان الْمَاضِي كعوض اسْم للآتي. المواهقة: المباراة فِي السّير واشتقاقها من الوهق وَهُوَ الْحَبل المغار يَرْمِي بِهِ فِي أُنشوطة فَيُؤْخَذ بِهِ الدَّابَّة وافنسان وَمِنْه وهقه عَن كَذَا أَي حَبسه لِأَن كل وَاحِد من المتباريين كَأَنَّهُ يُرِيد غَلَبَة صَاحبه وحبسه عَن أَن يسْبقهُ.
قطع إِن رجلا أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ مقطعات لَهُ. هِيَ الثِّيَاب الْقصار لِأَنَّهَا قطعت عَن بُلُوغ التَّمام وَمِنْه قَول جرير للعجاج: أما وَالله لَئِن سهرت لَهُ لَيْلَة لأدعنه وقلما تغنى عَنهُ مقطعاته يَعْنِي أراجيزه لقصرها. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: فِي وَقت صَلَاة الضُّحَى إِذا تقطعت الظلال. أَي قصرت لِأَنَّهَا تمتد فِي أول النَّهَار فَكلما ارْتَفَعت الشَّمْس قصرت. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه نهى عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطَّعاً. أَرَادَ الشَّيْء الْيَسِير كالحلقة والشذرة وَنَحْو ذَلِك. وَعَن شمر: إِن المقطعات الثِّيَاب الَّتِي تقطع وتخيَّط كالجلباب والقميص وَغير ذَلِك دون الأردية الَّتِي يتعطف بهَا والمطارف والأكسية ونظائرها. وَاسْتشْهدَ بِحَدِيث عبد الله بن عَبَّاس: نخل الْجنَّة سعفها كسْوَة لأهل الْجنَّة مِنْهَا مقطَّعاتهم وحللهم. وَعنهُ: إِن المقطعات برود عَلَيْهَا وشى مقطع.
قطن إِن آمِنَة أمه صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم قَالَت: وَالله مَا وجدته فِي قطن وَلَا ثنة وَلَا أَجِدهُ إِلَّا على ظهر كَبِدِي وَفِي ظَهْري وَجعلت توحم. الْقطن: أَسْفَل الظّهْر. والثنة: أَسْفَل الْبَطن من السُّرَّة إِلَى مَا تحتهَا.(3/208)
الوحم: شَهْوَة الحبلى. وَقد وحمت وَهِي وَحمى. وَفِي أمثالهم: وَحمى وَلَا حَبل.
قطب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرافع بن خديج ورُمي بِسَهْم فِي ثندوته إِن شِئْت نزعت السهْم وَتركت القطبة وَشهِدت لَك يَوْم الْقِيَامَة أَنَّك شَهِيد. القطبة: هِيَ نصل صَغِير يرْمى بِهِ الْأَغْرَاض.
قطع أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكره عمر فَقَالَ: وَلَيْسَ فِيكُم من تقطَّع عَلَيْهِ الْأَعْنَاق مثل أبي بكر. يُقَال للْفرس الْجواد: تقطعت أَعْنَاق الْخَيل عَلَيْهِ فَلم تلْحقهُ. وَقَالَ: ... يقطعهن بتقريبه ... ويأوي إِلَى خضر مُلْهِبِ ... يُرِيد لَيْسَ فِيكُم أحد سَابق كَأبي بكر. من: نكرَة مَوْصُوفَة وَهُوَ اسْم لَيْسَ. وَمثل أبي بكر صفة لَهُ بعد صفته الَّتِي هِيَ مِنْهُ بِمَنْزِلَة الصِّلَة من الْمَوْصُول فِي عدم الانفكاك مِنْهَا والظرف خبر. وَيجوز أَن ينصب مثل حملا على الْمَعْنى أَي لَيْسَ فِيكُم سَابق سبقا مثل سبق أبي بكر. أَو على أَنه خبر لَيْسَ وَفِيكُمْ لَغْو.
قطر ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يعجبنك مَا ترى من الْمَرْء حَتَّى تنظر على أَي قطريه يَقع. أَي على أَي شقيه يَقع فِي خَاتمه عمله: أَعلَى شقِّ الْإِسْلَام أَو غَيره.
قطرب لَا أعرفنَّ أحدكُم جيفة ليلٍ قطرب نَهَار. هُوَ دويبة لَا تستريح نَهَارهَا سعياً فَشبه بهَا الْإِنْسَان يسْعَى جَمِيع نَهَاره فِي حوائج دُنْيَاهُ ثمَّ يُمْسِي كالاًّ فينام جَمِيع ليله.
قطن سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كنت رجلا على دين الْمَجُوسِيَّة فاجتهدت فِيهَا حَتَّى كنت قطن النَّار الَّذِي يوقدها.(3/209)
قطن يرْوى بِكَسْر الطَّاء وَفتحهَا بِمَعْنى القاطن وَهُوَ الْمُقِيم عِنْدهَا الَّذِي لَزِمَهَا فَلَا يفارقها.
قطط زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ لَا يرى بِبيع القطوط إِذا خرجت بَأْسا هِيَ الخطوط الَّتِي فِيهَا الأرزاق يُكتب بهَا إِلَى النواحي الَّتِي فِيهَا حق السُّلْطَان. قَالَ الْأَعْشَى: ... وَلَا المَلِك النُّعْمَان يومَ لقِيتُه ... بأمَّتِه يُعْطِي القُطوطَ ويَأْفِقُ ... الْوَاحِد قطّ. قَالَ الله تَعَالَى: {عَجِّل لَنَا قِطَّنَا} وَهُوَ من القط بِمَعْنى الْقطع لِأَنَّهُ قِطْعَة من القرطاس أَو قِطْعَة من الرزق. وَالْمعْنَى أَنه رخّص فِي بيعهَا وَهُوَ من بيع مالم يقبض.
قطع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَصَابَهُ قُطع أَو بهر وَكَانَ يُطبخ لَهُ الثوم فِي الحساء فيأكله. الْقطع: انْقِطَاع النَّفس وَقد قطع فَهُوَ مَقْطُوع.
قطر ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يكره الْقطر. هُوَ المقاطرة وَهِي أَن يزن جُلَّة من تمر أَو عدلا من مَتَاع أَو حب وَيَأْخُذ مَا بَقِي على حِسَاب ذَلِك وَلَا يزنه نوقطار الْإِبِل لإتباع بعضه بَعْضًا.(3/210)
قعد
الْقَاف مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عشرَة عينا وَأمر عَلَيْهِم عَاصِم بن ثَابت ابْن أبي الأقلح فَلَقِيَهُ الْمُشْركُونَ فَقَالَ: ... أَبو سليمانَ ورِيشُ المُقْعَدِ ... وَوَتر مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ ... وَضَالَةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ ... فَرَمَوْهُ بِالنَّبلِ حَتَّى قَتَلُوهُ فِي سَبْعَة. وَبعثت قُرَيْش إِلَى عَاصِم ليأتوا بِرَأْسِهِ وَشَيْء من جسده فَبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته. المقعد: رجل نبال وَكَانَ مقْعدا. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي المقعد: فرخ النسْر وريشه أَجود الريش. وَمن رَوَاهُ (المقعد) فَهُوَ اسْم رجل كَانَ يريش السِّهَام. وَقيل المقعد النسْر الَّذِي قشب لَهُ حَتَّى صيد فأُخذ ريشه. الأجرد من الْخَيل وَالدَّوَاب كلهَا: الْقصير الشّعْر وَلَعَلَّ جلده أقوى وَالْوتر الْمَعْمُول مِنْهُ أَجود. الضَّالة: السِّدْرَة الْبَعِيدَة من المَاء وَأَرَادَ بهَا السِّهَام المصنوعة مِنْهَا كَمَا يُرَاد بالنبعة وبالشريانة الْقوس. الْجَحِيم: الْجَمْر. قَالَ الْهُذلِيّ: ... أَذُّبهمُ بالسيفِ ثمَّ أبثّها ... عَلَيْهِم كَمَا بَثَّ الْجَحِيم القَوابِس ... الدبر: النَّحْل يُرِيد أَنا أَبُو سُلَيْمَان وَمَعِي هَذَا السِّلَاح العتيد فَمَا يَمْنعنِي من الْمُقَاتلَة كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا الْمَوْصُوف بِفضل الرماية وآلتها كَامِلَة عِنْدِي فَلَا علّة. أَو فاحذروني وَبِهَذَا سمي حمي الدبر.(3/211)
قعى نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الإقعاء فِي الصَّلَاة وروى: نهى أَن يقعي الرجل كَمَا يقعي السَّبع. وَعَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه أكل مرّة مقعياً. وَهُوَ أَن يجلس على أليتيه ناصبا فَخذيهِ.
قعد سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سحائب مرَّت فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ قواعدها وبواسقها ورحاها أجون أم غير ذَلِك ثمَّ سَأَلَ عَن الْبَرْق فَقَالَ: أخفواً أَو وميضاً أم يشقُّ شقًّا قَالُوا: يشقُّ شقاًّ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَ كم الْحيَاء. أَرَادَ بالقواعد مَا اعْترض مِنْهَا وسفل كقواعد الْبُنيان وبالبواسق مَا استطال من فرعها وبالرحى مَا اسْتَدَارَ مِنْهَا. الجون فِي جون كالورد فِي ورد. الخفو والخفى: اعْتِرَاض الْبَرْق فِي نواحي الْغَيْم. قَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ أَن يلمع من غير أَن يستطير. وَأنْشد: ... يبيتُ إِذا مَا لاحَ من نَحْو أَرْضِه ... سَنا البرقِ يكْلاَ خَفْيَه ويُراقِبه ... والوميض: لمعه ثمَّ سكونه وَمِنْه أومض إِذا أومى. والشق: استطالته إِلَى وسط السَّمَاء من غير أَن يَأْخُذ يَمِينا وَشمَالًا. أَرَادَ أيخفو خفواً أم يمض وميضاً وَلذَلِك عطف عَلَيْهِ يشقُّ شقّا وَإِظْهَار الْفِعْل هَا هُنَا بعد إضماره فِيمَا قبله نَظِيره الْمَجِيء بِالْوَاو فِي قَوْله عز وَجل وَجل: {وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} بعد تَركهَا فِيمَا قبلهَا.
قعبر قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل: يَا رَسُول الله من أهل النَّار قَالَ: كل قعبري. قَالَ: يَا رَسُول الله وَمَا القعبري قَالَ: الشَّديد على الْأَهْل الشَّديد على الصاحب. أرى أَنه قلب عبقري يُقَال: رجل عبقري وَهَذَا عبقري قوم: إِذا كَانَ شَدِيدا.(3/212)
وظلم عبقري أَي شَدِيد فَاحش. وَأنْشد الْأَصْمَعِي لرجل من غطفان: ... أكلّف أَن تحلّ بَنو سليم ... جبوب الإِثم ظلم عَبْقَرِي ... وَقد جَاءَ الْقلب فِي كَلَامهم مجيئاً صَالحا يَقُولُونَ: كعبره بِالسَّيْفِ وبعكره وتقرطب على قَفاهُ وتبرقط وسحاب مكفهر ومكرهف واضمحل وامضحل ولعمري ورعملي وعصافير القتب وعراصيفه. إِن رجلا انقعر عَن مَاله فَجَاءَت ابْنه أُخْته رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله الْمِيرَاث فَقَالَ: لَا شَيْء لَك اللَّهُمَّ من منعت مَمْنُوع. انقعر: مُطَاوع قَعْره قَالَ الله تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} وَيُقَال نخل قواعر وَالْمعْنَى مَاتَ عَن مَال لَهُ. من منعت مَمْنُوع أَي من حرمته الْمِيرَاث فَهُوَ محروم.
قعص الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يقعص الْخَيل قصعا بِالرُّمْحِ يَوْم الْجمل حَتَّى نوَّه بِهِ عليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. يُقَال: قعصه وأقعصه: قَتله ذريعا عَن الْأَصْمَعِي وَابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ... مُؤْنِقة حدب البَرَاجِم فَوْقَها ... حرَائِبَ سمرمر هفات قواعص ... نوه بِهِ: شهره وعرفه.
قعد العطاردي رَحمَه الله لَا تكون متقيا حَتَّى تكون أذلَّ من قعُود كل من أَتَى عَلَيْهِ أرغاه هُوَ الْبَعِير الذلول الَّذِي يقتعد. الإرغاء: الْحمل على الرُّغاء. وَالْمعْنَى قهره بالركوب وَحمل عَلَيْهِ حَتَّى رغا ذلا واستكانة.(3/213)
الْقَاف مَعَ الْفَاء
قفو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَحن بَنو النَّضر بن كنَانَة لَا ننتقي من أَبينَا وَلَا نقفو أُمنا. أَي لَا نتهمها وَلَا نقذفها. يُقَال: قفا فلَان فلَانا إِذا قذفه بِمَا لَيْسَ فِيهِ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لكَ بِهِ عِلم} . والقفية: القذيفة كالشتيمة والعضيهة. وَقَالَت امْرَأَة فِي الْجَاهِلِيَّة: ... من رَجُل تَحْمِلُهُ مَطِيَّه ... وقِرْبَة مُوكَعَة مَقْرِيَّه
يَأَتِي بني زيد على ضَرِيَّه ... يُخْبِرهُمْ مَا قلْتُ من قَفِيَّه ... وَهُوَ من قفوته: إِذا اتبعت أَثَره لِأَن الْمُتَّهم متتبع متجسس. وَمِنْه حَدِيث الْقَاسِم: لَا حدَّ إِلَّا فِي القفو البيّن. وَمِنْه حَدِيث حسان بن عَطِيَّة: من قفا مُؤمنا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَقفه الله فِي ردغة الخبال حَتَّى يَجِيء بالمخرج مِنْهُ. ردغة الخبال: عصارة أهل النَّار.
قفر مَا أقفر بَيت فِيهِ خل. أَي مَا صَار ذَا قفار وَهُوَ الْخبز بِلَا أَدَم.
قفر نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قفيز الطَّحان. هُوَ أَن يسْتَأْجر رجلا ليطحن لَهُ كرّ حِنْطَة بقفيز من دقيقها. وَنَحْوه حَدِيث رَافع بن خديج رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا تستأجرها بِشَيْء مِنْهَا.
قفع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن الْجَرَاد. فَقَالَ: وددت أَن عندنَا مِنْهُ قفعة أَو قفعتين.(3/214)
قفع هِيَ شَيْء ضيق الْأَعْلَى وَاسع الْأَسْفَل كالقفة تتَّخذ من خوص يجتبى فِيهِ الرطب من قفعه إِذا قَبضه يُقَال: تقفعت أَصَابِعه وقفعها الْبرد. وَنظر أَعْرَابِي إِلَى قنفذة قد تقبضت فَقَالَ: أَتَرَى الْبرد قفعها. وَعَن بَعضهم: إِن القفعة جلة التَّمْر يَمَانِية. قَالَ لَهُ حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّك تستعين بِالرجلِ الَّذِي فِيهِ وَرُوِيَ: بِالرجلِ الْفَاجِر فَقَالَ: إِنِّي أستعمله لأستعين بقوته ثمَّ أكون على قفانه. يُقَال: أَتَيْته على قفان ذَلِك وقافيته أَي على أثر ذَلِك. وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ... وَمَا قلَّ عِنْدِي المالُ إِّلا سترتُه ... بِخِيْم على قَفَّانِ ذلِكَ وَاسِع ... وَهُوَ فعال من قَوْلهم فِي الْقَفَا القفن رَوَاهُ النَّضر. وَيُقَال: قفن الرجل قفناً: ضرب قَفاهُ يُرِيد ثمَّ أكون على أَثَره وَمن وَرَائه أتتبع أُمُوره وأبحث عَن أخباره فكفايته واضطلاعه بِالْعَمَلِ يَنْفَعنِي وَلَا تَدعه مراقبتي وكلاءه عَيْني أَن يختان. وَقيل: هُوَ من قَوْلهم: فلَان قبان على فلَان وقفَّان عَلَيْهِ أَي أَمِين عَلَيْهِ يتحفظ أمره ويحاسبه كَأَنَّهُ شبَّه اطِّلاعه على مجاري أَحْوَاله بالأمين الْمَنْصُوب عَلَيْهِ لإغنائه مغناه وسده مسدة.
قفل أَربع مقفلات: النَّذر وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالنِّكَاح. أَي لَا مخرج مِنْهُنَّ كأنَّ عليهنَّ أقفالا إِذا جرى بِهن القَوْل وَجب فِيهِنَّ الحكم. وَفِي الحَدِيث ثَلَاث جدّهن جدّ وهزلهن جِدّ: الطَّلاق وَالنِّكَاح وَالْعتاق.
قفى الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج عمر يَسْتَسْقِي بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نتقرَّب إِلَيْك بعمِّ نبيك وقفيَّة آبَائِهِ وَكبر رِجَاله. فَإنَّك تَقول وقولك الْحق: وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنزٌ لَهما وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا. فحفظتهما لصلاح(3/215)
أَبِيهِمَا فاحفظ اللَّهُمَّ نبيك فِي عمَّه فقد دلونا بِهِ إِلَيْك مستشفعين ومستغفرين. ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ: {استَغْفِرُوا ربكُم إِنَّه كانَ غفَّارا يُرْسل السماءَ عَليكُم مِدْراراً ويُمْدِدكم} ... إِلَى قَوْله: {أَنهَارًا} قَالَ الرَّاوِي: وَرَأَيْت الْعَبَّاس وَقد طَال عمر وَعَيناهُ تَنْضَحَانِ وسبائبه تجول على صَدره وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت الرَّاعِي لَا تهمل الضَّالة وَلَا تدع الكسير بدار مضيعة فقد ضرع الصَّغِير ورقَّ الْكَبِير وَارْتَفَعت الشكوى وَأَنت تعلم السرّ وأخفى. اللَّهُمَّ فأغثهم بغياثك من قبل أَن يقنطوا فيهلكوا فَإِنَّهُ لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ. فَنَشَأَتْ طريرة من سَحَاب. وَقَالَ: النَّاس: ترَوْنَ ترَوْنَ ثمَّ تلامَّت واستتمَّت ومشت فِيهَا ريح ثمَّ هدت وَدرت فوَاللَّه مَا برحوا حَتَّى اعتلقوا الْحذاء وقلَّصوا المآزر وطفق النَّاس بِالْعَبَّاسِ يمسحون أَرْكَانه وَيَقُولُونَ: هَنِيئًا لَك ساقي الْحَرَمَيْنِ. قفيَّة آبَائِهِ: تلوهم وتابعهم. يُقَال: هَذَا قفي الْأَشْيَاخ وقفيتهم إِذا كَانَ الْخلف مِنْهُم من قَفَوْت أَثَره. ذهب إِلَى استسقاء [أَبِيه] عبد الْمطلب لأهل الْحرم وَسَقَى الله إيَّاهُم بِهِ. وَقيل: هُوَ الْمُخْتَار من القفي وَهُوَ مَا يُؤثر بِهِ الضَّيْف من طَعَام. واقتفاه: اخْتَارَهُ. وَهُوَ القفوة نَحْو الصفوة من اصْطفى. يُقَال: هُوَ كبر قومه بِالضَّمِّ إِذا كَانَ أقعدهم فِي النّسَب وَهُوَ أَن ينتسب إِلَى جده الْأَكْبَر بآباء قَلِيل. قَالَ المرَّار: ... وَلى الْهَامة فيهم والكُبُرْ
وَأما الْكبر بِالْكَسْرِ فَعظم الشي. يُقَال: كبر سياسة النَّاس فِي المَال وروى: الفرَّاء فِيهِ الضَّم كَمَا قيل: عُظم الشَّيْء لمعظمه وَزعم أَن قَوْله تَعَالَى: وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم قرئَ باللغتين.(3/216)
دونا بِهِ إِلَيْك: متتنا وتوسلنا من الدَّلْو لِأَنَّهُ يتَوَصَّل بهَا إِلَى المَاء كَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلْنَاهُ الدَّلْو إِلَى رحمتك وغيثك. وَقيل: أَقبلنَا بِهِ وسقنا من الدَّلْو وَهُوَ السُّوق الرفيق. قَالَ: ... لَا تنبلاها وادْلوَاهَا دَلْوَا
يُقَال: طاولته فطلته: أَي غلبته فِي الطول. وَعَن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس أَنه طَاف بِالْبَيْتِ وَقد فرع النَّاس كَأَنَّهُ رَاكب وهم مشَاة وتمت عَجُوز قديمَة فَقَالَت: من هَذَا الَّذِي فرغ النَّاس فأُعلمت فَقَالَت: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن النَّاس ليرذلون عهدي بِالْعَبَّاسِ يطوف بِهَذَا الْبَيْت كَأَنَّهُ فسطاط أَبيض. ويروي: إِن عليا كَانَ إِلَى منْكب عبد الله وَعبد الله إِلَى منْكب الْعَبَّاس وَالْعَبَّاس إِلَى منْكب عبد الْمطلب. السبائب: سبيبة وَهِي خصل الشّعْر المنسدرة على الْكَتِفَيْنِ. والسبيب: شعر الناصية الطَّوِيل المائل قَالَ: ... ينفضن أَفْنَان السَّبِيب والعُذَرْ
قَالَ رَحمَه الله: وَلَو روى وسبابته لكَانَتْ أوقع مِمَّا نَحن بصدده من ذكر الدُّعَاء لِأَن الدَّاعِي من شَأْنه أَن يُشِير بالسبابة وَلذَلِك سميت الدَّعَّاءَة. الرَّاعِي الْحسن الرّعية إِذا ضلت من مرعيه ضَالَّة طلبَهَا وردهَا. وَإِذا أصَاب بعضه كسر لم يُسلمه للسبع وَلكنه يرفق بِهِ حَتَّى يصلح فَضَربهُ مثلا. ضرع: بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح ضراعة إِذا خضع وذلّ. الطرة: الْقطعَة المستطيلة من السَّحَاب شُبِّهت بطرَّة الثَّوْب.(3/217)
هدَّت من الهدة. قَالَ أَبُو زيد: الهدة بتَشْديد الدَّال: صَوت مَا يَقع من السَّمَاء. والهدأة مَهْمُوزَة: صَوت الحبلى وروى: هدأت على تَشْبِيه الرَّعْد بصرخة الحلبى. قلص الْإِزَار وقلَّصته. وَيُقَال: قَمِيص مقلص ومتقلص. سمي ساقي الْحَرَمَيْنِ بِهَذِهِ السقيا وَبِأَنَّهُ ساقي الحجيج بِمَكَّة.
قفز ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كره للمحرمة النقاب والقفازين. هما شَيْء يُعمل لِلْيَدَيْنِ محشو بِقطن لَهُ أزرار تُزرُّ على الساعدين تلبسه نسَاء الْعَرَب توقيا من الْبرد. وَقيل: ضرب من الْحلِيّ تتخذه الْمَرْأَة فِي يَديهَا ورجليها. وَمِنْه تقفزت بِالْحِنَّاءِ: إِذا نقشت يَديهَا ورجليها. وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا رخصت للمحرمة فِي القفازين.
قفر قَالَ لَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يحيى بن يعمر: أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّه قد ظهر اناس يقرءو ن الْقُرْآن ويتقفرون الْعلم وَإِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن لَا قدر وَإِنَّمَا الْأَمر أُنف. فَقَالَ: إِذا لقِيت أُولَئِكَ فَأخْبرهُم أَنِّي مِنْهُم برِئ وَأَنَّهُمْ برَاء مني. أَي يتطلبونه ويتتبعونه يُقَال: اقتفرت أَثَره وتقفرته. قَالَ الفرزدق: ... تَنَعَّلْنَ أَطْرَاف الرِّيَاط وذيَّلَتْ ... مخافةَ سهل الأَرض أَن يَتَقَفَّرا ... أُنُف: أَي مُسْتَأْنف لم يسْبق بِهِ قدر من الْكلأ الأُنف وَهُوَ الوافي الَّذِي لم يرع مِنْهُ.
قفف العطاردي رَحمَه الله تَعَالَى يأتونني فيحملونني كأنني قُفّة حَتَّى يضعوني فِي مقَام الإِمَام فأقرأ بهم الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ فِي رَكْعَة. القفة: كَهَيئَةِ الْقرعَة تُتَّخذ من خوص يُجتني فِيهَا النّخل وتضع فِيهَا النِّسَاء غزلهن ويُشبَّه بهَا الشَّيْخ والعجوز. فَيُقَال: شيخ كَأَنَّهُ قُفَّة وعجوز كَأَنَّهَا قفة. وَفِي أمثالهم:(3/218)
صِيَام فلَان صِيَام القفة وَقيل: هِيَ الشَّجَرَة الْيَابِسَة: وَعَن الْأَصْمَعِي أَن القفة من الرِّجَال الصَّغِير الجرم. قد قُفّ أَي انْضَمَّ بعضه حَتَّى صَار كَأَنَّهُ قُفّة وَهِي الشَّجَرَة الْيَابِسَة. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الشَّجَرَة بِالْفَتْح والمكتل بِالضَّمِّ.
قفن النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِيمَن ذبح فأبان الرَّأْس: تِلْكَ القفينة. أَي لَا بَأْس بهَا. سميت المبانة الرَّأْس قفينة لِأَنَّهُ يقطع قفنها أَي قفاها. قفن وقفت الشَّاة واقتفنها. والقفية مثل القفينة عَن أبي زيد وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: القنيفة.
قفر ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا يَجدونَ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَبْعُوثًا عِنْدهم وَأَنه يخرج من بعض هَذِه الْقرى الْعَرَبيَّة فَكَانُوا يقتفرون الْأَثر فِي كل قَرْيَة حَتَّى أَتَوا يثرب فَنزل بهَا طَائِفَة مِنْهُم. أَي يتتبعونه.
قفش الْبنانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لم يتْرك عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام فِي الأَرْض إِلَّا مدرعة صوف وقفشين ومخذفة. أَي خُفَّيْنِ قصيرين والكلمة معربة ومقلاعا. وَلَو روى بِالْحَاء فَهِيَ الْعَصَا. قفّ فِي (قح) . قائفا فِي (عى) . قفقفة فِي (حم) . فاستقفاه فِي (حو) . الْقَائِف فِي (ثمَّ) . على قفى فِي (نش) . على قافية فِي (جر) .
الْقَاف مَعَ الْقَاف
قق ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قيل لَهُ: أَلا تبَايع أَمِير الْمُؤمنِينَ يَعْنِي ابْن الزبير فَقَالَ: وَالله مَا شبَّهْت بيعتهم إِلَّا بققة. أتعرف مَا ققة الصَّبِي يحدث فَيَضَع يَده فِي حَدثهُ فَتَقول أمه: ققة وروى: ققة بِوَزْن ثِقَة.(3/219)
قق هُوَ صَوت يصوت بِهِ الصَّبِي أَو يصوت لَهُ بِهِ إِذا فزع من شَيْء مَكْرُوه أَو وَقع فِي قذر أَو فزع. وَمِنْه قَوْلهم: إِن فلَانا وضع يَده فِي ققة وَوَقع فِي ققة أَي فِي رَأْي سوء وَأمر مَكْرُوه وَقَالَ الجاحظ: الققة وَهُوَ العقى الَّذِي يخرج من بطن الصَّبِي حِين يُولد وإياه عَنى ابْن عمر حِين قيل لَهُ: هلاَّ بَايَعت أَخَاك عبد الله بن الزبير فَقَالَ: إِن أخي وضع يَده فِي ققة إِنِّي لَا أنزع يَدي من جمَاعَة وأضعها فِي فرقة وَعَن بَعضهم: يُقَال للصَّبِيّ إِذا نهى عَن تنَاول شَيْء قذر: ققة وإخ ويع وكخ وَنَظِيره من الْأَصْوَات فِي كَون الثَّلَاث من جنس وَاحِد ببه. وروى: القققة الْغرْبَان الْأَهْلِيَّة. وَالْمعْنَى أَن بيعتهم مُنكرَة قد تولاها من لاحجة لَهُ فِي توليها.
الْقَاف مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لي أَرَاكُم تدخلون عليَّ قلحاً. القلح: صفرَة فِي الْأَسْنَان ووسخ يركبهَا لطول الْعَهْد بِالسِّوَاكِ من قَوْلهم للمتوسخ الثِّيَاب: قلح وللجعل: الأقلح لسدكه بالقذر. وَفِي أمثالهم: عود ويقلح.
قلس عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قدم الشَّام لقِيه المقلَّسون بِالسُّيُوفِ والرَّيحان. هم الَّذين يَلْعَبُونَ بَين يَدي الْأَمِير إِذا دخل الْبَلَد قَالَ الْكُمَيْت: ... قد استمرت تغنِّيه الذُّبَاب كَمَا ... غَنَّى القلس بطريقا بأسوار ...
قلى لما صَالح رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نَصَارَى أهل الشَّام كتبُوا لَهُ كتابا: إِنَّا لَا نُحدث فِي مدينتنا كَنِيسَة وَلَا قلية وَلَا نخرج سعانين وَلَا باعوثاً. القلية: شبه الصومعة. السعانين: عيدهم الأول قبل الفصح بأسبوع يخرجُون بصلبانهم.(3/220)
الباعوث: استسقاؤهم يخرجُون بصلبانهم إِلَى الصَّحرَاء فيستسقون. وروى: وَلَا باغوتا وَهُوَ عيدٌ لَهُم. صولحوا على أَلا يظهروا زيهم للْمُسلمين فيفتنوهم.
قلب بَينا عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لاه يكلم إنْسَانا إِذا انْدفع جرير بن عبد الله يطريه ويطنب فَأقبل عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا تَقول با جرير فَعرف الْغَضَب فِي وَجهه. فَقَالَ ذكرت أَبَا بكر وفضله فَقَالَ عمر: اقلب قلاَّب وَسكت. هَذَا مثل لمن تكون مِنْهُ السقطة ثمَّ يتلافاهم إِلَى يقلبها إِلَى غير مَعْنَاهَا وَإِسْقَاط حرف النداء فِي الغرابة مثله فِي افتد مخنوق.
قلد قَالَ أَبُو وجزة السَّعْدِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: شهدته يَسْتَسْقِي فَجعل يسْتَغْفر فَأَقُول أَلا يَأْخُذ فِيمَا خرج لَهُ وَلَا أشعر أَن الاسْتِسْقَاء هُوَ الاسْتِغْفَار. فقلدتنا السَّمَاء قلداً كل خمس عشرَة لَيْلَة حَتَّى رَأَيْت الأرنبة يأكلها صغَار الأبل من وَرَاء حقاق العرفط. القلد من السَّقْي وَمن الْحمى: مَا يكون فِي وَقت مَعْلُوم. يُقَال: قلد الزَّرْع وقلدته الْحمى إِذا سقَاهُ وأخذته فِي يَوْم النّوبَة. وَهُوَ من قَوْلهم: أَعْطيته قلد أَمْرِي إِذا فوضته إِلَيْهِ. كَمَا تَقول: قلدته أَمْرِي. وألقيت إِلَيْهِ مقاليده إِذا ألزمته إِيَّاه لِأَن النّوبَة الكائنة لوقت مَعْلُوم لَا تُخطئ كَأَنَّهَا لَازِمَة لوَقْتهَا لُزُوم مَا يقلَّد من الْأَمر. وَمِنْه حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه قَالَ لقيّمه على الوهط: إِذا أَقمت قلدك من المَاء فَاسق الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب. الأرنبة: الأرنب كَمَا يُقَال العقربة فِي الْعَقْرَب. وَقيل: هِيَ نبت. قَالَ أَبُو حَاتِم: الأرنبة من النَّبَات جمعه وواحده سَوَاء. وَقَالَ شمر: هِيَ الأرينة على فعيلة وَهِي نَبَات يشبه الخطمي عريض الْوَرق واستصح الازهري هَذِه الرِّوَايَة. العرفط: شجر شَاك وحقاقه: صغاره مستعارة من حقاق الْإِبِل. وَالْمعْنَى فِيمَن جعل الأرنبة وَاحِدَة الأرانب: أَن السَّيْل حملهَا فتعلَّقت بالعرفط وَمضى السَّيْل وَنبت(3/221)
المرعى فَخرجت الْإِبِل فَجعلت تَأْكُل عِظَام الأرانب إحماضا بهَا. وفيمن فسره بالنبات أَنه طَال واكتمل حَتَّى أَكلته صغَار الْإِبِل ونالته من وَرَاء شجر العرفط.
قُلْنَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَ شريحا عَن امْرَأَة طلقت فَذكرت أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيض فِي شهر وَاحِد. فَقَالَ شُرَيْح: إِن شهد ثَلَاث نسْوَة من بطانة أَهلهَا أَنَّهَا كَانَت تحيض قبل أَن طُلقت فِي كل شهر كَذَلِك فَالْقَوْل قَوْلهَا. فَقَالَ عَليّ: قالون. أَي أصبت بالرومية. أَو هَذَا جَوَاب جيد صَالح. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه عشق جَارِيَة لَهُ وَكَانَ يجد بهَا وجدا شَدِيدا فَوَقَعت يَوْمًا عَن بغلة كَانَت عَلَيْهَا فَجعل يمسح التُّرَاب عَن وَجههَا ويفدِّيها وَكَانَت تَقول: أَنْت قالون أَي رجل صَالح. فهربت مِنْهُ بعد ذَلِك. فَقَالَ: ... قد كنتُ أَحسِبني قالُون فانطلقَتْ ... فاليومَ أَعْلَم أَني غَيْرُ قَالُون ...
قلع سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما نُودي ليخرج من فِي الْمَسْجِد إِلَّا آل رَسُول الله وَآل عليّ خرجنَا نجرُّ قلاعنا. هُوَ جمع قلع وَهُوَ الكنف يكون فِيهِ زَاد الرَّاعِي ومتاعه. وَفِي أمثالهم: شحمتي فِي قلعي أَي خرجنَا ننقل أمتعتنا.
قلل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الرِّبا فَقَالَ: إِنَّه وَإِن كثر فَهُوَ إِلَى قُلّ القل والقلة كالذل والذلة يَعْنِي أَنه ممحوق الْبركَة.
قلب كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي بني إِسْرَائِيل يصلُّون جَمِيعًا وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا كَانَ لَهَا الْخَلِيل تلبس القالبين تطاول بهما لخليلها فَألْقى عليهنّ الْحيض. فسر القالبان بالرقيصين من الْخشب والرقيص: النَّعْل بلغَة الْيمن. وَإِنَّمَا أٌلقي عَلَيْهِنَّ الْحيض عُقُوبَة لِئَلَّا يشهدن الْجَمَاعَة مَعَ الرِّجَال.(3/222)
قلى أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وجدت النَّاس اخبر تقله. يُقَال: قلاه يقليه قلى وقلاء ومقلية وقلية يقلاه: أبعضه وَالْهَاء مزيدة للسكت. وَالْمعْنَى: وجدت النَّاس أَي عَلَّمْتهمْ مقولا فيهم هَذَا القَوْل: أَي مَا مِنْهُم أحدٌ إِلَّا وَهُوَ مسخوط الْفِعْل عِنْد الْخِبْرَة. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَو رَأَيْت ابْن عمر سَاجِدا لرأيته مقلولياً. أَي متجافياً مستوفزا. وَمِنْه: فلَان يتقلَّى على فرَاشه أَي يتململ وَلَا يستقرّ وَالْبَاب يدل على الخفة والقلق.
قلح كَعْب رَحمَه الله تَعَالَى سُئل هَل للْأَرْض من زوج فَقَالَ: ألم تروا إِلَى الْمَرْأَة إِذا غَابَ زَوجهَا تقلحت وتنكبت الزِّينَة فَإِذا سَمِعت بِهِ قد أقبل تعطَّرت وتصنَّعت إِن الأَرْض إِذا لم ينزل عَلَيْهَا الْمَطَر اربدت واقشعرَّت. تقلَّح: تفعَّل من القلح: الَّذِي: لَا يتعهد نَفسه وثيابه وروى: بِالْفَاءِ أَي تشققت أطرافها وتشعَّثت. اربدت: اغبرَّت من الرُّبدة وَهِي الرمدة.
قلت أَبُو مجلز رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لَو قلت لرجل وَهُوَ على مقلته: اتَّقِ رعته وصُرع غرمته وَلَو صُرع عَلَيْك رجل وَأَنت تَقول: إِلَيْك عني فأيكما مَاتَ غرمهه الحيُّ مِنْكُمَا. هِيَ الْمهْلكَة من قلت. وَأمسى فلَان على قَلَت. غرمته: وديته. ذهب إِلَى أَنه لَا يضيع دم مُسلم قطّ.
قلع مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى {وَلهُ الجَوَارِ المُنْشآت} قَالَ: مَا رفع قلعه.(3/223)
قلع الْقلع والقلاع: الشراع وَقد روى: القلاعة. وأقلعت السَّفِينَة جعلته لَهَا.
قلل فِي الحَدِيث فِي ذكر الْجنَّة: ونبقها مثل قلال هجر. جمع قلَّة وَهِي حبٌّ كَبِير. قَالَ الْأَزْهَرِي: ورأيتهم يسمونها الخروس.
قلس لما رَآهُ الْمُسلمُونَ قلَّسوا لَهُ ثمَّ كفرُوا. التقليس: أَن يضع يَدَيْهِ على صَدره ويخضع كَمَا يفعل النَّصَارَى قبل أَن تكفر أَي تومي بِالسُّجُود. وَهُوَ من القلس بِمَعْنى الْقَيْء كَأَنَّهُ حكى بذلك هَيْئَة القالس فِي تطامن عُنُقه وإطراقه.
قلب كَانَ يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام يَأْكُل الْجَرَاد وَقُلُوب الشّجر. فِي كتاب الْعين: يَعْنِي مَا كَانَ رخصا من عروقه الَّتِي تقوده وَمن أجوافه. وَالْوَاحد من ذَلِك قلب وَكَذَلِكَ قلب النَّخْلَة شحمتها. وَهِي شطبة بَيْضَاء تخرج فِي وَسطهَا كَأَنَّهَا قلب فضَّة رخصَة لينَة سميت قلبا لبياضها.
الْقَاف مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان: إِن الله سيُقمصك قَمِيصًا وَإنَّك ستلاص على خلعه فإياك وخلعه. يُقَال: قمَّصته قَمِيصًا إِذا ألبسته إِيَّاه وقمِّص هَذَا الثَّوْب أَي اقطعه قَمِيصًا وَكَذَلِكَ قبِّ هَذَا الثَّوْب أَي اقطعه قبَاء. وَالْمرَاد أَن الله سيلبسك لِبَاس الْخلَافَة أَي يشرفك بهَا ويزينك كَمَا يشرف ويزين المخلوع عَلَيْهِ بخلعته.(3/224)
الإلاصة: الإدارة على الشَّيْء ليخدع عَنهُ صَاحبه وينتزع مِنْهُ.
قمن إِنِّي قد نُهيت عَن الْقِرَاءَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فَأَما الرُّكُوع فَعَظمُوا الله فِيهِ وَأما السُّجُود فَأَكْثرُوا فِيهِ من الدُّعَاء فَإِنَّهُ قمن أَن يُسْتَجَاب لكم. القَمَن والقَمِن والقَمِين: الجدير. وَمِنْه: جِئْته بِالْحَدِيثِ على قمنه. أَي على سنَنه وعَلى مَا يَنْبَغِي أَن يحدث بِهِ وَأَنا متقمن سرك أَي متحريه ومتوخيه.
قَمح فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من قَمح. هُوَ الْبر سمي بذلك لِأَنَّهُ أرفع الْحُبُوب من قامحت النَّاقة إِذا رفعت رَأسهَا. وأقمح الرجل إقماحا إِذا شمخ بِأَنْفِهِ.
قمع وبل لأقماع القَوْل ويل للمصرين. شبه أسماع الَّذين لَا ينجع فيهم الْوَعْظ وَلَا يعْملُونَ بِهِ بالأقماع الَّتِي لَا تعي شَيْئا مِمَّا يفرَّغ فِيهَا. وَفِي المقامات: كم من نصيحة نصحت بهَا فَلم يُوجد لَك قلب واع وَلَا سمع رَاع كأنَّ أُذُنك بعض الأقماع وَلَيْسَت من جنس الأسماع.
رجم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا ثمَّ صلى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّه الْآن لينقمس فِي رياض الْجنَّة وروى فِي أَنهَار الْجنَّة قمسته فِي المَاء إِذا غمسته فانقمس. وَمِنْه انقمس النَّجْم إِذا انحطّ فِي الْمغرب.(3/225)
قمى كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقمو إِلَى منزل عَائِشَة كثيرا. أَي يدْخل وَمِنْه اقتمى الشَّيْء واقتباه إِذا جمعه.
قمس ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الْمَدّ والجزر فَقَالَ: ملك مُوكل بقاموس الْبحار فَإِذا وضع قدمه فاضت وَإِذا رَفعهَا غاضت. هُوَ وسط الْبَحْر ومعظمه فاعول من القمس.
قمط شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى قضى بالخص للَّذي يَلِيهِ القمط. جمع قماط وَهِي شَرط الخص الَّتِي يقمط بهَا أَي يوثق من لِيف أَو خوص وَكَانَ قد احتكم إِلَيْهِ رجلَانِ فِي خُصٍّ ادَّعياه فَقضى بِهِ للَّذي تليه معاقد الخص دون من لَا تليه.
الْقَاف مَعَ النُّون
قنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قنت شهرا فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع يَدْعُو على رعل وذكوان. هُوَ طول الْقيام فِي الصَّلَاة. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنَّه سُئل عَن الْقُنُوت فَقَالَ: مَا أعرف الْقُنُوت الاطول الْقيام: ثمَّ قَرَأَ: {أم من هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا} . وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ: أَي الصَّلَاة أفضل فَقَالَ: طول الْقُنُوت. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قنت صَبِيحَة خمس عشرَة من شهر رَمَضَان فِي صَلَاة الصُّبْح يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وعيَّاش بن أبي ربيعَة وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ(3/226)
فَدَعَا كَذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ صَبِيحَة الْفطر ترك الدُّعَاء فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول الله مَالك لم تدع للنفر قَالَ: أوما علمت بِأَنَّهُم قدمُوا قَالَ: فَبينا هُوَ يذكرهم نفجت بهم الطَّرِيق يَسُوق بهم الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَسَار ثَلَاثًا على قَدَمَيْهِ وَقد نكب بالحرَّة. قَالَ: فنهج بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قضى من الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا الشَّهِيد وَأَنا عَلَيْهِ شَهِيد. وَعَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه مر بِرَجُل قَائِم فِي الشَّمْس فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: هُوَ قَانِت. فَقَالَ لَهُ: اذكر الله. أَي مطيل للْقِيَام فَحسب لَا يقرنه بِذكر وَكَانَ الرجل قد نذر أَن يقوم فِي الشَّمْس ساكتا لَا يتَكَلَّم فَأمره بِأَن يذكر الله مَعَ قِيَامه. رعل وذ كوان: قبيلتان من قبائل سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة ابْن قيس عيلان. يَسُوق بهم: أَي يَسُوق رواحلهم وهم عَلَيْهَا. نفجت بهم الطَّرِيق: رمت بهم فَجْأَة من نفجت الرّيح إِذا جَاءَت بَغْتَة. نكب أَي نكبته الْحِجَارَة. نهج وأنهج: علاهُ الربو وَانْقطع نَفسه. .
قنع قَالَت الرّبيع بنت معوذ بن عفراء رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَتَيْته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقناع من رطب وَأجر زغب فَأكل مِنْهُ. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه أَتَى بقناع جُزْء. القِنَاع والقِنْع والقُنْع: الطَّبَق الَّذِي يُؤْكَل عَلَيْهِ. الأجرى صغَار القثاء وَكَذَلِكَ صغَار الرُّمَّان والحنظل وَعَن بَعضهم: كنت أمرُّ فِي بعض طرقات الْمَدِينَة فَإِذا أَنا بحمال على رَأسه طن. فَقَالَ لي: أَعْطِنِي ذَلِك الجرو فتبصرت فَلم أر كَلْبا وَلَا جروا فَقلت: مَا هَا هُنَا جرو فَقَالَ: أَنْت عراقي أَعْطِنِي تِلْكَ القثاءة.(3/227)
الْجُزْء: الرطب عِنْد أهل الْمَدِينَة لاجتزائهم بِهِ عَن الطَّعَام كَمَا سمي الْكلأ جُزْءا وَجَزَاء لِأَن الْإِبِل تجتزئ بِهِ عَن المَاء.
قنى خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى أقناء معلقَة قنو مِنْهَا حشف. فَقَالَ: من صَاحب هَذَا لَو تصدَّق بأطيب مِنْهُ ثمَّ قَالَ: أما وَالله ليدعنها مذللة أَرْبَعِينَ عَاما للعوافي ويروى: حَتَّى يدْخل الْكَلْب أَو الذِّئْب فيغُذى على بعض سواري الْمَسْجِد. القنو: الكباسة بِمَا عَلَيْهَا من التَّمْر. مذللة: أَي مدلاة معرضة للاجتناء لاتمتنع على العوافي وَهِي السبَاع وَالطير. غذى ببوله: دَفعه دفعا. من غذا يغذو إِذا سَالَ. يُرِيد أَن أهل الْمَدِينَة يخرجُون مِنْهَا فِي آخر الزَّمَان ويتركون نَخْلهمْ لَا يَغْشَاهَا إِلَّا العوافي.
قنع أهتم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصَّلَاة: كَيفَ يجمع النَّاس لَهَا فَذكر لَهُ القنع فَلم يُعجبهُ ذَلِك. ثمَّ ذكر قصَّة رُؤْيا عبد الله [بن زيد] فِي الْأَذَان وروى بِالْبَاء والثاء. هُوَ الشبور. فَمن رَوَاهُ بالنُّون فلإ قناع الصَّوْت مِنْهُ وَهُوَ رَفعه. قَالَ الرَّاعِي: ... زَجِلَ الحِدَاء كأنَّ فِي حَيْزُومِه ... قَصَباً ومُقْنِعَةَ الحَنِين عَجُولاَ ... أَو لِأَن أَطْرَافه أُقنعت إِلَى دَاخله أَي عُطفت. وَمن رَوَاهُ بِالْبَاء فَمن قبعت الجوالق أَو الجراب إِذا ثنيت أَطْرَافه إِلَى دَاخل أومن قبع رَأسه إِذا أدخلهُ فِي قَمِيصه لِأَنَّهُ يقبع فَم النافخ أَي يواريه. وَأما القثع فَعَن أبي عمر الزَّاهِد أَنه أثْبته وَقد أَبَاهُ الْأَزْهَرِي وَكَأَنَّهُ من قثع مقلوب قعث. يُقَال: قعثه واقتعثه مثل غذمه واغتذمه إِذا أَخذه كلَّه واستوعبه لأَخذه نفس النافخ واستيعابه لَهُ لِأَنَّهُ ينْفخ فِيهِ بِشدَّة واحتشاد ليرْفَع الصَّوْت وينوه بِهِ.(3/228)
قنى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِ أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ: أما تراني لَو شِئْت أمرت بفتية سَمِينَة أَو قنية فألقي عَنْهَا شعرهَا ثمَّ أمرت بدقيق فنُخل فِي خرقَة فَجعل مِنْهُ خبز مرقق وَأمرت بِصَاع من زبيب فَجعل فِي سعن حَتَّى يكون كَدم الغزال. الْقنية: مَا اقتنى من شَاة أَو نَاقَة. السَّعن: شَيْء يتَّخذ من الْأَدِيم شبه دلوٍ إِلَّا أَنه مستطيل مستدير وَرُبمَا جعلت لَهُ قَوَائِم ينْبذ فِيهِ. وَقيل: هُوَ وعَاء يُتَّخذ من الخوص وَرُبمَا قُيَّر. وَجمعه أسعان وسعون. وَمِنْه قَالُوا: تسعَّن الْجمل إِذا امْتَلَأَ شحما أَي صَار كالسعن فِي امتلائه.
قنن خَاصم إِلَيْهِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْأَشْعَث أهل نَجْرَان فِي رقابهم. فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا كُنَّا عبيد مملكة وَلم نَكُنْ عبيد قنٍّ. فتغيظ عَلَيْهِ عمر وَقَالَ: أردْت أَن تتغفلني وروى: أَن تعنتني. الْقِنّ: هَا هُنَا بِمَعْنى القنانة. وَقَوْلهمْ عبدٌ قنّ وعبدان قنّ وَعبيد قنّ دليلٌ على أَنه حدث وُصف بِهِ كفطر. قَالَ الْأَعْشَى: ... ونَشَأنَ فِي قِنٍّ وَفِي أَذْوَاد ... وَعَن أبي عَمْرو: الأقنان جمع قن. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: الأقنة. وَالْفرق بَينه وَبَين عبد المملكة أَنه الَّذِي ملك وَملك أَبَوَاهُ سمى بذلك لانفراده من قَوْلهم للجبيل الْمُنْفَرد المستطيل قنة. وَعبد المملكة هُوَ السبتي وَأَبَوَاهُ حُرَّان. التغفل: تطلب غَفلَة الرجل ليختل. يُقَال: تغفلت فلَانا يَمِينه إِذا أحنثته على غَفلَة. وَمثله التعنت تطلب عنته أَي زلَّته كالتسقط.
قنطر حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُوشك بَنو قنطوراء أَن يخرجُوا أهل الْبَصْرَة مِنْهَا ويروى: أهل الْعرق من عراقهم كَأَنِّي بهم خنس الأنوف خزر الْعُيُون عراض الْوُجُوه.(3/229)
قنطر قنطوراء: جَارِيَة كَانَت لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ولدت لَهُ أَوْلَادًا التّرْك مِنْهُم. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: يُوشك بَنو قنطوراء أَن يخرجوكم من أَرض الْبَصْرَة. فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة: ثمَّ مَه ثمَّ نعود قَالَ: نعم. وَتَكون لكم سلوة من عَيْش.
قنذع أَبُو أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا مَرِيضا فَقَالَ لَهُ: أبشر مَا من مُسلم يمرض فِي سَبِيل الله إِلَّا حطَّ الله عَنهُ خطاياه وَلَو بلغت قنذعة رَأسه. هِيَ القنزعة وَاحِدَة قنازع الرَّأْس وَهِي مَا يبْقى من الشّعْر مفرَّقا فِي نواحيه. وهما لُغَتَانِ كالزعاف والذعاف والزؤاف والذؤاف ولذم وَلزِمَ. وَلَيْسَ أحد الحرفين بَدَلا من الآخر.
قنزع وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه سُئل عَن رجل أهلَّ بِعُمْرَة وَقد لبَّدَ وَهُوَ يُرِيد الْحَج. فَقَالَ: خُذ من قنازع رَأسك أَو مِمَّا يشرف مِنْهُ وروى خُذ مَا تطاير من شعرك.
قنع عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أخذت أَبَا بكر غشية من الْمَوْت فَبَكَتْ عَلَيْهِ بِبَيْت من الشّعْر فَقَالَت: مَن لَا يزَال دَمْعُه مقنعا ... لَا بُد يَوْمًا أَنَّه مُهرَاق ... وروى: ... وَمَنْ لاَ يَزَالُ الدمع فِيهِ مقنعا ... فَلَا بُد يَوْماً أَنهُ مُهرَاقُ ... فأفاق أَبُو بكر فَقَالَ: بل جَاءَت سكرة الْمَوْت بالحقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد فسَّروا مقنعا بِأَنَّهُ الْمَحْبُوس فِي جَوْفه فكأنهم أَخَذُوهُ من قَوْلهم: إداوة مقنوعة ومقموعة إِذا خُنث رَأسهَا إِلَى جوفها وَيجوز أَن يُرَاد من كَانَ دمعه مغطى فِي شؤونه(3/230)
كامنا فِيهَا فَلَا بُد لَهُ أَن يبرزه الْبكاء. الْبَيْت على الرِّوَايَة الأولى من بَحر الرجز من الضَّرْب الثَّانِي. وعَلى الثَّانِيَة من الضَّرْب الثَّالِث من الطَّوِيل.
الْقَاف مَعَ الْوَاو
قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قيل وَقَالَ وَكَثْرَة السُّؤَال وإضاعة المَال وَنهى عَن عقوق الْأُمَّهَات ووأد الْبَنَات وَمنع وهات ويروى: عَن قيل وقالٍ. أَي نهى عَن فضول مَا يتحدث بِهِ المتجالسون من قَوْلهم: قيل: كَذَا وَقَالَ فلَان كَذَا وبناؤهما على كَونهمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير وَالْإِعْرَاب على إجرائهما مجْرى الْأَسْمَاء خلوين من الضَّمِير. وَمِنْه قَوْلهم: إِنَّمَا الدُّنْيَا قَالَ وَقيل. وَإِدْخَال حرف التَّعْرِيف عَلَيْهِمَا لذَلِك فِي قَوْلهم: مَا يعرف القال والقيل. وَعَن بَعضهم: القال الِابْتِدَاء والقيل الْجَواب. وَنَحْوه قَوْلهم: أعييتني من شب إِلَى دب وَمن شب إِلَى دب. كَثْرَة السُّؤَال: مساءلة النَّاس أَمْوَالهم أَو السُّؤَال عَن أُمُورهم وَكَثْرَة الْبَحْث عَنْهَا. إِضَاعَة المَال: إِنْفَاقه فِي غير طَاعَة الله والسرف وإيتاؤه صَاحبه وَهُوَ سَفِيه حقيق بِالْحجرِ.
قوب لَرَوْحَة فِي سَبِيل الله أَو غدْوَة خير من الدِّينَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم من الْجنَّة أَو مَوضِع قدِّه خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا القاب والقيب: كالقاد والقيد بِمَعْنى الْقدر. وعينه وَاو لثَلَاثَة أوجه: أَن بَنَات(3/231)
الْوَاو من المعتل الْعين أَكثر من بَنَات الْيَاء وَأَن (ق وب) مَوْجُود دون (ق ي ب) وَأَنه عَلامَة يعلم بهَا الْمسَافَة بَين الشَّيْئَيْنِ: من قَوْلهم: قوَّبوا فِي هَذِه الأَرْض إِذا أثروا فِيهَا بموطئهم ومحلِّهم وبدت عَلَامَات ذَلِك. القدُّ: السَّوْط لِأَنَّهُ يتَّخذ من الْقد وَهُوَ سير يقدُّ من جلد محرَّم. قَالَ طرفَة: ... فَإِن شِئْت لم تُرْقِل وَإِن شِئْت أَرْقَلَتْ ... مخافَةَ مَلْوِىٍّ من القِدِّ مُحْصَدِ ...
قَوس قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد عبد الْقَيْس فَجعل يُسمى لَهُم تمران بلدهم. فَقَالُوا لرجل مِنْهُم: أطعمنَا من بَقِيَّة الْقوس الَّذِي فِي نوطك فاتاهم بالبرني. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما إِنَّه من خير تمركم لكم أما إِنَّه دَوَاء لَا دَاء فِيهِ. وروى إِنَّه كَانَ فِيمَا أهدوه لَهُ قرب من تعضوض وروى: قدمُوا عَلَيْهِ فأهدوا لَهُ نوطاً من تعضوض هجر. الْقوس: بَقِيَّة التَّمْر فِي أَسْفَل الْقرْبَة أَو الجلة كَأَنَّهَا شبهت بقوس الْبَعِير وَهِي جانحته. النوط: الجلة الصَّغِيرَة. التعضوض: ضرب من التَّمْر. قَالَ الْأَزْهَرِي: أكلت التعضوض بِالْبَحْرَيْنِ فَمَا علمتني أكلت تَمرا أحمت حلاوة مِنْهُ ومنبته هجر. وَمن الْقوس حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ لَهُ عَمْرو بن معد يكرب: أأبرام بَنو الْمُغيرَة قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: تضيَّفت خَالِد بن الْوَلِيد فَأَتَانِي بقوس وَكَعب وثور. قَالَ: إِن فِي ذَلِك لشبعاً. قَالَ: لي أَو لَك قَالَ: لي وَلَك قَالَ: حلاًّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا تَقول إِنِّي لآكل الْجَذعَة من الْإِبِل أنتقيها عظما عظما وأشرب التِّبْن من اللَّبن رثيئة أَو صريفا. الكعب: الْقطعَة من السّمن والثور: من الأقط.(3/232)
حلاًّ: أَي تحلَّل فِي قَوْلك. التِّبْن: أعظم العساس يكَاد يروي الْعشْرين وَيُقَال: تبن الْقَوْم لسيدهم وَكَبِيرهمْ. والتبانة: الفطانة وجزالة الرَّأْي. الرثيئة: اللَّبن الحامض مخلوطا بالحلو وارتثأ اللَّبن وَمِنْه ارتثأ فلَان فِي رَأْيه إِذا خلط ورثئوا آراءهم رثأً. الصريف: الحليب سَاعَة يُصرف عَن الضَّرع.
قوى وَجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن جحش فِي أول مغازيه فَقَالَ لَهُ الْمُسلمُونَ: إِنَّا قد أقوينا فَأَعْطِنَا من الْغَنِيمَة فَقَالَ: إِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الطّلب هذِّبوا فهذَّبوا يومهم. الإقواء: فنَاء الزَّاد وَأَن يبْقى مزوده قواء أَي خَالِيا. الطّلب: جمع طَالب أَو أَرَادَ الْمصدر أَو حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْأَهْل. التَّهْذِيب والإهذاب: الْإِسْرَاع.
قَول عَن بريدو الاسلمي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوتا بِاللَّيْلِ يَعْنِي رجلا يقْرَأ الْقُرْآن فَقَالَ: أتقوله مرائيا. أَي أتظنه وَهَذَا مُخْتَصّ بالاستفهام. قَالَ: ... مَتى تَقُول القُلُصَ الرَّوَاسِمَا ... يَلْحَقْنَ أمّ عَاصِم وعَاصِما ... وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه أَرَادَ أَن يعْتَكف فَلَمَّا انْصَرف إِلَى الْمَكَان الَّذِي يُرِيد أَن يعْتَكف فِيهِ إِذا أخبية لعَائِشَة وَحَفْصَة وَزَيْنَب فَقَالَ: ألبرٍ تَقولُونَ بهنّ ثمَّ انْصَرف فَلم يعْتَكف. أَرَادَ أتظنون بِهن البرَّ يَعْنِي لَا برَّ عِنْد النِّسَاء.(3/233)
قوم اسْتَقِيمُوا لقريش مَا استقاموا لكم فَإِن لم يَفْعَلُوا فضعوا سُيُوفكُمْ على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم. أَي أطيعوهم مَا داموا مستقيمين على الدّين وثبتوا على الْإِسْلَام. خضراؤهم: سوادهم ودهماؤهم. إِن نسَّاني الشَّيْطَان شَيْئا من صَلَاتي فليسبح الْقَوْم وليصفق النِّسَاء. الْقَوْم فِي الأَصْل: مصدر قَامَ فوصف بِهِ ثمَّ غلب على الرِّجَال لقيامهم بأُمور النِّسَاء التصفيق: ضرب أحد صفقي الْكَفَّيْنِ على الآخر. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: شُكي إِلَيْهِ بعض عماله فَقَالَ: أأنا أُقيد من وزعة الله. أقاده من فلَان إِذا أقصَّه مِنْهُ. الوزعة: جمع وازع وهم الْوُلَاة المانعون من محارم الله. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من مَلأ عَيْنَيْهِ من قاحة بَيت قبل أَن يُؤذن لَهُ فقد فجر. القاحة والباحة والساحة: أَخَوَات فِي معنى الْعَرَصَة.
قواء سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من صلى بِأَرْض قيّ فأذّن وَأقَام الصَّلَاة صلى خَلفه من الْمَلَائِكَة مَا لَا يُرى قطراه يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دُعَائِهِ. هُوَ فعل من القواء وَهِي الْخَلَاء من الأَرْض. قَالَ العجاج: ... قِيٌّ تُنَاصِيها بِلادٌ قِيُّ ... أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَا رب قَائِم مشكور لَهُ وَيَا رب نَائِم مغْفُور لَهُ.(3/234)
قوم قَالُوا: هُوَ المتهجد يسْتَغْفر لِأَخِيهِ وَهُوَ نَائِم فيشكر لهَذَا وَيغْفر لذاك. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِذا اسْتَقَمْت بِنَقْد فَبِعْت بِنَقْد فَلَا بَأْس بِهِ وَإِذا اسْتَقَمْت بِنَقْد فَبِعْت بنسيئة فَلَا خير فِيهِ. الاسْتقَامَة فِي كَلَام أهل مَكَّة: التَّقْوِيم وَمَعْنَاهُ أَن يدْفع الرجل إِلَيْك ثوبا فتقومه بِثَلَاثِينَ فَيَقُول لَك: بِعْهُ بهَا فَمَا زِدْت عَلَيْهَا فلك فَإِن بِعته بِالنَّقْدِ فَهُوَ جَائِز وَتَأْخُذ الزِّيَادَة وَإِن بِعته بِالنَّسِيئَةِ فَالْبيع مَرْدُود.
قوى الْأسود بن زيد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {وإنَّا لجميعٌ حاذِرُون} قَالَ: مقوون مؤدون. أَي أَصْحَاب دَوَاب قَوِيَّة كاملو أَدَاة الْحَرْب يُقَال: آديت للسَّفر فَأَنا مؤدٍ لَهُ أَي متأهب.
قَول ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قيل لَهُ: مَا تَقول فِي عُثْمَان وَعلي فَقَالَ: أَقُول فيهم مَا قوَّلني الله ثمَّ قَرَأَ: {وَالَّذينَ جاؤوا من بعدهمْ يقولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} ... الْآيَة. يُقَال: أقولتني وقوَّلتني أَي أنطقتني مَا أَقُول.
قوو ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى لم يكن يرى بَأْسا بالشركاء يتقاوون الْمَتَاع بَينهم فِيمَن يزِيد. التقاوي بَين الشُّرَكَاء: أَن يشتروا سلْعَة بيعا رخيصاً ثمَّ يتزايدوا هم أنفسهم حَتَّى يبلغُوا بهَا غَايَة ثمنهَا. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... وَكَيف على زُهْدِ العَطَاء تَلُومُهمْ ... وهم يَتَقَاوَوْن الفَطِيمة فِي الدَّمِ ... وقاوى بَعضهم بَعْضًا مقاواةً فَإِذا استخلصها بَعضهم لنَفسِهِ فقد اقتواها. وَمِنْه حَدِيث مَسْرُوق رَحمَه الله: إِنَّه أوصى فِي جَارِيَة لَهُ: أَن قُولُوا لبني لَا تقتووها بَيْنكُم وَلَكِن بيعوها إِنِّي لم أغشها وَلَكِنِّي جَلَست مِنْهَا مَجْلِسا مَا أحب أَن يجلس ولدٌ لي ذَلِك الْمجْلس.(3/235)
ومأخذه من الْقُوَّة لِأَنَّهُ بُلُوغ بالسلعة أقوى ثمنهَا. وَأما حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة رحمهمَا الله تَعَالَى: قَالَ عَطاء: أَتَيْته فَقلت: امْرَأَة كَانَ زَوجهَا مَمْلُوكا فاشترته قَالَ: إِن اقتوته فُرِّق بَينهمَا وَإِن أَعتَقته فهما على نِكَاحهمَا. فقد فُسر فِيهِ اقتوته باستخدمته وَله وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يكون افتعل وَأَصله من الاقتواء بِمَعْنى الاستخلاص فكُني بِهِ عَن الِاسْتِخْدَام لِأَن من اقتوى عبدا ردفه أَن يستخدمه. وَالثَّانِي أَن يكون افْعَل من القتنو وَهُوَ الْخدمَة كارعوى من الرعوى إِلَّا أَن فِيهِ نظرا لِأَن افْعَل لم يَجِيء مُتَعَدِّيا وَالَّذِي سمعته اقتوى إِذا صَار خَادِمًا. قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم: ... تَهَدَّدْنا وأَوْعِدْنا رُوَيْداً ... مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينَا ... ويروى بِالْفَتْح جمع مقتوي كالأشعرين فِي الْأَشْعَرِيّ. وَالْمذهب الْمَشْهُور أَن الْمَرْأَة إِذا اشترت زَوجهَا حرمت عَلَيْهِ من غير اشْتِرَاط الْخدمَة وَلَعَلَّ هَذَا اجْتِهَاد قد اخْتصَّ بِهِ عبيد الله.
قوت فِي الحَدِيث: كفى بِالرجلِ إِثْمًا أَن يضيع من يقوت أَو يقيت. قاته يقوته وَعَن الْفراء بَقِيَّته أَيْضا إِذا أطْعمهُ قوتاً وَرجل مقوت ومقيت. وَمن إقسام الْأَعْرَاب: لَا وقائت نَفسِي الْقصير مَا فعلت كَذَا. تَعْنِي الله الَّذِي يقوتها. وأقات عَلَيْهِ إقاتة فَهُوَ مقيت إِذا حَافظ عَلَيْهِ وهيمن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وكانَ اللهُ عَلَى كلِّ شَيْء مُقِيتاً} وَحذف الْجَار وَالْمَجْرُور من الصِّلَة هَاهُنَا نَظِير حذفهما من الصّفة فِي قَوْله عز وَجل {واتَّقُوا يَوْمًا لَا تجزي} .
قُوَّة يذهب الدّين سنة سَنَةً كَمَا يذهب الْحَبل قُوّة قُوَّة. هِيَ الطَّاقَة من طاقات الْحَبل وَالْجمع قوى.(3/236)
الْقَاف مَعَ الْهَاء
قهز عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا أَتَاهُ وَعَلِيهِ ثوبٌ من قهز. فَقَالَ: إِن بني فلَان ضربوا بني فلَان بالكناسة فَقَالَ عَليّ: صدقني سنّ بكره. القَهْز والقِهز: ضرب من الثِّيَاب يتَّخذ من صوف كالمرعزي رُبمَا خالطه الْحَرِير. صدّقه عليّ رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مثل يُضرب لمن يَأْتِي بالْخبر على وَجهه وَأَصله مَذْكُور فِي كتاب المستقصى.
الْقَاف مَعَ الْيَاء
قيه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا من الْيمن قَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله إِنَّا أهل قاهٍ فَإِذا كَانَ قاه أَحَدنَا دَعَا من يُعينهُ فعملوا لَهُ فأطعمهم وسقاهم من شراب يُقَال لَهُ المزر. فَقَالَ: أَله نشوة قَالَ: نعم قَالَ: فَلَا تشربوه. القاه: أَن يَدْعُو فيجاب وَيَأْمُر فيطاع. قَالَ رؤبة: ... تالله لَوْلَا النارُ أَنْ نَصْلاَها ... أَوْ يَدْعُو النَّاسُ عَلَينا الله
لَما سَمِعْنا لأَمير قاهَا ... واستيقه مقلوب مِنْهُ. وَفِيه دَلِيل على أَن عينه يَاء قَالَ المخبل السَّعْدِيّ:(3/237)
وردوا صُدُور الْخَيل حَتَّى تنهنهت ... إِلَى ذِي النُّهَى واسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ ... وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: وقه يقه واتقه يتقه إِذا أطَاع. والقاه مقلوب مِنْهُ. كَمَا قلب الجاه من الْوَجْه. وعَلى قَوْله الْيَاء فِي استيقه مَقْلُوبَة من وَاو كَقَوْلِهِم: أينق. المزر: نَبِيذ الشّعير.
قين دخل أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعند عَائِشَة قينتان تُغنيَانِ فِي أَيَّام منى وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجع مُسجَّى ثَوْبه على وَجهه. فَقَالَ أَبُو بكر: أعند رَسُول الله يُصنع هَذَا فكشف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن وَجهه وَقَالَ: دَعْهُنَّ فَإِنَّهَا أَيَّام عيد وروى: أَنه دخل وَعِنْدهَا جاريتان من الْأَنْصَار تُغنيَانِ بِشعر قيل يَوْم بُعَاث. الْقَيْنَة: الْأمة غنت أم لَا. وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ: لَو بَات رجل يُعطي الْبيض القيان وَبَات آخر يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر الله لرأيت أَن ذَاكر الله أفضل.
قيح لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا حَتَّى يرِيه خير لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا. الْقَيْح: الْمدَّة. وقاحت القرحة تقيح. وروى الدَّاء جَوْفه: أفْسدهُ. قَالَ: ... قاَلَت لَهُ: وَرْياً إِذا تَنَحْنَحَا ... وَقيل لداء الْجوف: ورى لِأَنَّهُ دَاء دَاخل متوارٍ. وَمِنْه قيل للسمين: وارٍ كَأَن عَلَيْهِ مَا يواريه من شحمه. أَلا ترى إِلَى قَول الْأَعرَابِي: عَلَيْهِ قطيفة من نسجِ أَضْرَاسه. وورى الزند لِأَنَّهُ بروز كامن. قَالَ الشّعبِيّ: إِنَّه الشّعْر الَّذِي هُجي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل: هُوَ كل شعر إِذا شغل عَن الْقُرْآن وَذكر الله وَكَانَ أغلب على الرجل مِمَّا هُوَ أولى بِهِ.(3/238)
قيء استقاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامِدًا فَأفْطر. أَي تكلّف الْقَيْء والتقيؤ أبلغ من الاستقاءة. وَمِنْه الحَدِيث: لَو يعلم الشَّارِب قَائِما مَاذَا عَلَيْهِ لاستقاء مَا شرب.
قيس أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خير نِسَائِكُم الَّتِي دخل قيسا وَتخرج ميساً وتملا بَيتهَا أقطاً وحيساً وَشر نِسَائِكُم السلفعة البلقعة الَّتِي تسمع لأضراسها قعقعة وَلَا تزَال جارتها مفزَّعة. أَي تَأتي بخطاها مستوية لأناتها وَلَا تعجل كالخرقاء. الميس: التَّبَخْتُر. السلفعة: الجريئة. البلقعة: الخالية من الْخَيْر. قعقعة: صريفا لشدَّة وقعها فِي الْأكل.
قيض ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مُدَّت الأَرْض مدَّ الْأَدِيم فَإِذا كَانَت كَذَلِك قيضت هَذِه السَّمَاء الدُّنْيَا عَن أَهلهَا فنُثروا على وَجه الأَرْض فَإِذا أهل السَّمَاء الدِّينَا أَكثر من جَمِيع أهل الأَرْض. أَي شُقّت من قَاض الفرخ الْبَيْضَة فانقاضت وَمِنْه القيض. مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لسَعِيد بن عُثْمَان بن عَفَّان حِين قَالَ لَهُ: أَلَسْت خيرا مِنْهُ يَعْنِي من يزِيد: لَو مُلئت لي غوطة دمشق رجَالًا مثلك قياضاً بِيَزِيد مَا قبلتهم. أَي مقايضة وَهِي الْمُعَاوضَة.
قيل ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لما قُتل عُثْمَان قلت: لَا أستقيلها أبدا فَلَمَّا مَاتَ(3/239)
قيل أبي انْقَطع بِي ثمَّ استمرَّت مريرتي. أَي لَا أُقيل هَذِه العثرة أبدا وَلَا أَنْسَاهَا. المريرة: الْحَبل المفتول واستمرارها: قوتها واستحكامها يَعْنِي تصبرت وتصلبت.
قير مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى يغذو الشَّيْطَان يقيروانه إِلَى السُّوق فيفعل كَذَا وَكَذَا. قَالَ صَاحب الْعين: القيروان دخيل مُسْتَعْمل وَهُوَ مُعظم الْقَافِلَة يَعْنِي أَنه تعريب كاروان وَقد جَاءَ فِي الشّعْر الْقَدِيم. قَالَ امْرُؤ للقيس: ... وغَارَةٍ ذَاتِ قَيْرَوان ... كَأَن أسرَابَها الرِّعالُ ... فَيجوز أَن يكون عَرَبيا وفعلوانا من تركيب القير سمي بِهِ مُعظم الْعَسْكَر والقافلة كَمَا قيل: سَوْدَاء ودهماء.
قيس الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قضى بِشَهَادَة القائس مَعَ يَمِين المشجوج. هُوَ الَّذِي يقيس الشَّجَّةَ بالمقياس ويتعرف غورها [بالميل الَّذِي يدْخلهُ فِيهِ ليعتبرها] .(3/240)
حرف الْكَاف
الْكَاف مَعَ الْهمزَة
كأد أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن بَين أَيْدِينَا عقبَة كؤودا لَا يجوزها إِلَّا المخف. الكؤود مثل الصعُود وَهِي الصعبة وَمِنْه تكاءده الْأَمر وتصَّعده إِذا شقَّ عَلَيْهِ وصعب. وكأد وكأب وَكَأن ثلاثتها فِي معنى الشدَّة والصعوبة يُقَال: كَأَنْت إِذا اشتددت عَن أبي عُبَيْدَة. والكآبة: شدَّة الْحزن. أخفَّ الرجل إِذا خفَّت حَاله ورقَّت وَكَانَ قَلِيل الثّقل فِي سَفَره أَو حَضَره. وَعَن مَالك بن دِينَار رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه وَقع الْحَرِيق فِي دَار كَانَ فِيهَا فاشتغل النَّاس بالأمتعة وَأخذ مَالك عَصَاهُ وجراباً كَانَ لَهُ ووثب فجاوز الْحَرِيق وَقَالَ: فَازَ المخفون. وَيُقَال: أقبل لِأَن مخفا.
كأكأ الحكم بن عتيبة رَحمَه الله تَعَالَى خرج ذَات يَوْم وَقد تكأكأ النَّاس عَلَيْهِ. أَي توقفوا عَلَيْهِ وعكفوا مزدحمين من كأكأته أَي قدعته وكففته فتكأكأ. قَالَ: ... إِذا تكأ كَأَن على النَّضِيج ... وَقَالَ الجاحظ: مرَّ أَبُو عَلْقَمَة بِبَعْض طرق الْبَصْرَة وهاجت بِهِ مرّة فَوَثَبَ عَلَيْهِ قوم فَأَقْبَلُوا يعصرون إبهامه ويؤذِّنون فِي أُذُنه فَأَفلَت من أَيْديهم وَقَالَ: مَا لكم تكأ كأتم عَليّ كَمَا تتكأ كأون على ذِي جنَّة افرنقعوا عني. فَقَالَ بَعضهم: دَعوه فَإِن شَيْطَانه يتَكَلَّم بالهندية.(3/241)
الْكَاف مَعَ الْبَاء
كبا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحد من النَّاس عرضت عَلَيْهِ الْإِسْلَام إِلَّا كَانَت لَهُ عِنْده كبوة غير أبي بكر فَإِنَّهُ لم يتلعثم _ ويروى: مَا عكم عَنهُ حِين ذكرته لَهُ وَمَا تردَّد فِيهِ. الكبوة: الوقفة كوقفة العاثر. والتلعثم والعكوم نَحْوهَا أَو قريب مِنْهَا. يُقَال: قَرَأَ فلَان فَمَا تلعثم وَمَا تلعذم أَي مَا توقف وَلَا تحبَّس. قَالَ الْقيم الْعَبْسِي: ... رَسُول من الرَّحمن يَتْلُو كِتَابه ... فلمّا أَنارَ الحقُّ لم يَتَلعْثَم ... وَلَيْسَ أحد الحرفين بَدَلا من صَاحبه. وَنَحْوهمَا حذوت وحثوت وَقرب حذ حاذ وحثحاث وعكم وَعَكَفَ وعكر وعكل وعكظ وعكا أَخَوَات: فِي معنى الْوُقُوف وَمَا يقرب مِنْهُ. إِن نَاسا من الْأَنْصَار قَالُوا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّا نسْمع من قَوْمك حَتَّى يَقُول الْقَائِل: إِنَّمَا مثل مُحَمَّد مثل نَخْلَة تنْبت فِي كبا. وَعَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ إِنَّه قَالَ: يَا رَسُول الله إِن قُريْشًا جَلَسُوا فتذاكروا أحسابهم فَجعلُوا مثلك مثل نَخْلَة فِي كبوة من الأَرْض. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه قيل لَهُ: يَا رَسُول الله أَيْن ندفن أبنك قَالَ: عِنْد فرطنا عُثْمَان بن مَظْعُون. وَكَانَ قبر عُثْمَان عِنْد كبا بني عَمْرو بن عَوْف. الكبا: الكناسة وَجمعه أكباء والكبة بِوَزْن قلَّة وظبة: نَحْوهَا. وَقَالَ أَصْحَاب الْفراء: الكبة المزبلة وَجَمعهَا كبون كقلون. وَأَصلهَا كبوة من كبوت الْبَيْت إِذا كنسته. وعَلى الأَصْل جَاءَ الحَدِيث إِلَّا أَن الْمُحدث لم يضْبط الْكَلِمَة فَجَعلهَا كبوة بِالْفَتْح وَإِن صحَّت الرِّوَايَة فوجهها أَن تطلق الكبوة وَهِي الكسحة على الكساحة.(3/242)
كبكب فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء قَالَ: عُرض عليّ الْأَنْبِيَاء فَجعل النَّبِي يمر وَمَعَهُ الثَّلَاثَة النَّفر وَالرجل وَالرجلَانِ وَالنَّبِيّ لَيْسَ مَعَه أحد حَتَّى مر مُوسَى فِي كبكبة من بني إِسْرَائِيل أعجبتني. فَقلت: رب أُمتي فَقيل: انْظُر عَن يَمِينك فَنَظَرت فَإِذا بشرٌ كثير يتهاوشون. فَقيل: انْظُر عَن يسارك فَنَظَرت فَإِذا الظراب مستدَّة بِوُجُوه الرِّجَال قيل: هَذِه أُمتك. أرضيت قلت: رَبِّي رضيت. هِيَ الْجَمَاعَة المتضامة والكبكوبة والكبكوب مثلهَا. من قَوْلهم: رجل كباكب وَهُوَ الْمُجْتَمع الْخلق. والكباب: الثرى المتكبب بعضه على بعض. التهاوش: الِاخْتِلَاط والتداخل والتهويش: الْخَلْط. الْأَصْمَعِي الحزاور: الروابي الصغار والظراب نَحْو مِنْهَا. سدَّه واستدَّه بِمَعْنى. الثَّلَاثَة النَّفر مِمَّا لم يثبت عِنْد الْبَصرِيين وَالصَّوَاب عِنْدهم ثَلَاثَة النَّفر وَقد تقدم نَحوه. وَعَن أبي عُثْمَان الْمَازِني: أَنهم أضافوا إِلَى رَهْط وَنَفر وَلم يضيفوا إِلَى قوم وَبشر فَقَالُوا: ثَلَاثَة نفر وَتِسْعَة رَهْط وَلم يَقُولُوا: ثَلَاثَة بشر وَثَلَاثَة قوم قَالَ: لأنَّ بشرا يكون للكثير وَقوم للقليل وَالْكثير ورهط وَنَفر لَا يكونَانِ إِلَّا للقليل فَلذَلِك أضافوا إِلَيْهِ مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة لِأَن ذَلِك فِي معنى مَا كَانَ لأدنى الْعدَد.
كبث قَالَ جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمر الظهْرَان نجني الكباث فَقَالَ: عَلَيْكُم بالأسود فَإِنَّهُ أطيبه. هُوَ النضيج من البرير وَهُوَ ثَمَر الْأَرَاك. وَالْمرَاد الغض وأسوده أنضجه وَقيل لَهُ الكباث لتغيره وتحوله إِلَى حَال النضج من كبث اللَّحْم إِذا بَات مغموماً فَتغير. وكبثنا السَّفِينَة إِذا جنحت إِلَى الأَرْض فحولنا مَا فِيهَا إِلَى الْأُخْرَى. الكباد من العب.
كبد أَي وجع الكبد من جرع المَاء فارشفوه رشفاً. يُقَال: كبده المَاء إِذا أضرّ بكبده.(3/243)
كبر مَاتَ رجل من خُزَاعَة أَو من الأزد وَلم يدع وَارِثا فَقَالَ: ادفعوه إِلَى أكبر خُزَاعَة. أَي ادفعوا مَاله إِلَى كَبِيرهمْ وَهُوَ أقربهم إِلَى الْجد الأول وَلم يرد بِهِ كبر السن.
كبد قَالَ بِلَال رَضِي الله عَنهُ: أَذِنت فِي لَيْلَة بَارِدَة فَلم يَأْتِ أحد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا لَهُم يَا بِلَال قلت: كبدهم الْبرد فَلَقَد رَأَيْتهمْ يتروَّون فِي الضَّحَاء. أَي شقّ عَلَيْهِم وضيَّق من الكبد أَو أصَاب أكبادهم لِأَن الكبد مَكَان الْحَرَارَة فَلَا يخلص إِلَيْهَا من الْبرد إِلَّا الشَّديد. الضَّحاء: الضُّحَى. قَالَ بشر بن أبي حَازِم: ... هُدُوءاً ثمَّ لأْياً مَا اسْتَقَلُّوا ... لوِجْهَتهِمْ وَقد تَلَعَ الضَّحَاء ... يُرِيد أَنه دَعَا لَهُم بانكشاف الْبرد حَتَّى احتاجوا إِلَى التروح.
كبت دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي عميرَة فَرَآهُ مكبوتا. يُقَال: رجل كابت ومكبوت ومكتبت أَي ممتلئ غماًّ. وَقد كبته. وَقيل: هُوَ كابت مَا فِي نَفسه إِذا لم يُبْدِهِ لأحد. وَإنَّك لتكبت غيظك فِي جوفك: لاتخرجه. وَقيل: الأَصْل الدَّال أَي بلغ الهمُّ كبده.
كبل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا وَقعت السمهان فَلَا مكابلة. أَي فَلَا ممانعة من الكبل وَهُوَ الْقَيْد يُرِيد إِذا حُدَّت الْحُدُود وَوَقعت الْقِسْمَة فَلَا يحبس أحد عَن حَقه. وَكَانَ عُثْمَان لَا يرى الشُّفْعَة إِلَّا للخليط دون الْجَار. وَمِنْه الحَدِيث: لَا مكابلة إِذا حُدَّت الْحُدُود وَلَا شُفْعَة. وَزعم بَعضهم أَن المكابلة التَّأْخِير. يُقَال: كبلتك دينك أَي أَخَّرته عَنْك. قَالَ:(3/244)
والمكابلة الْمنْهِي عَنْهَا أَن تبَاع دَار إِلَى جنب دَارك وَأَنت تريدها فتؤخر ذَلِك حَتَّى يستوجبها المُشْتَرِي ثمَّ تأخذها بِالشُّفْعَة وَهِي مَكْرُوهَة. وَعَن الْأَصْمَعِي أَنَّهَا مَقْلُوبَة من المباكلة أَو الملابكة وَهِي المخالطة. يُقَال: بكلت الشَّيْء ولبكته أَي إِذا حُدَّت الْحُدُود فقد ذهب الِاخْتِلَاط. وبذهابه ذهب حقُّ الشُّفْعَة كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَا علَّة لثُبُوت الشُّفْعَة.
كبهة حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر فتْنَة شبهها بفتنة الدَّجَّال وَفِي الْقَوْم أَعْرَابِي فَقَالَ: سُبْحَانَ الله يَا أَصْحَاب مُحَمَّد كَيفَ وَقد نعت لنا الْمَسِيح وَهُوَ رجل عريض الكبهة مشرف الكتد بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ فرُدع لَهَا حُذَيْفَة ردعة ثمَّ تساير عَن وَجهه الْغَضَب. أَرَادَ الْجَبْهَة فَأخْرج الْجِيم بَين مخرجها ومخرج الْكَاف وَهُوَ أحد السَّبْعَة الَّتِي ذكر سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا غير مستحسنة وَلَا كَثِيرَة فِي لُغَة من تَرْتَضِي عربيته. الكتد: مَا بَين أَعلَى الظّهْر والكاهل. رُدع: تغير لَونه ضجراً من ردعت الثَّوْب بالزعفران. تساير أَي سَار وَزَالَ.
كبر أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سجد أحد الأكبرين فِي {إِذا السماءُ انْشَقَّت} أَرَادَ الشَّيْخَيْنِ أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. عِنْد أَصْحَابنَا: فِي الْمفصل ثَلَاث سَجدَات: إِحْدَاهَا فِي هَذِه وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة فِي {والنجم} و {اقْرَأ} . وَهُوَ مَذْهَب أبي هُرَيْرَة كَمَا ترى وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى لَا سُجُود فِيهِ وَهُوَ مَذْهَب ابْن عَبَّاس وَزيد ابْن ثَابت رَضِي الله عَنْهُم.
كبس عقيل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن قُريْشًا قَالَت لأبي طَالب: إِن ابْن أَخِيك قد آذَانا فانهه عَنَّا. فَقَالَ: يَا قيل انْطلق فائتني بِمُحَمد فَانْطَلَقت إِلَيْهِ فاستخرجته من كبس.(3/245)
كبس أَي من بَيت صَغِير قيل لَهُ كبس لخفائه من كبس الرجل رَأسه فِي ثَوْبه إِذا أخفاه. أَو من غَار فِي أصل جبل من قَوْلهم: إِنَّه لفي كبس غَنِي أَو فِي كرس غَنِي أَي فِي أَصله حَكَاهُ أَبُو زيد.
الْكَاف مَعَ التَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله نشدتك بِاللَّه إِلَّا قضيت بَيْننَا بِكِتَاب الله فَقَامَ خصيمه وَكَانَ أفقه مِنْهُ فَقَالَ: صدق اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله وائذن لي قَالَ: قل قَالَ: إِن ابْني كَانَ عسيفا على هَذَا فزنى بامرأته فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَة شَاة وخادم ثمَّ سَأَلت رجَالًا من أهل الْعلم فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني جلد مائَة وتغريب عَام وعَلى امْرَأَة هَذَا الرَّجْم فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله الْمِائَة الشَّاة وَالْخَادِم زد عَلَيْك وعَلى ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام وعَلى امْرَأَة هَذَا الرَّجْم. واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها. فغدا عَلَيْهَا فَاعْترفت فرجمها. بِكِتَاب الله أَي بِمَا كتبه على عباده بِمَعْنى فَرْضه. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {كتاب الله عَلَيْكُم} وَلم يُرد الْقُرْآن لِأَن النَّفْي وَالرَّجم لَا ذكر فِيهِ لَهما. العسيف: الْأَجِير. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا من اكتتب ضمنا بَعثه الله ضمنا يَوْم الْقِيَامَة. أَي كتب نَفسه زَمنا وَأرى أَنه كَذَلِك وَهُوَ صَحِيح ليتخلف عَن الْغَزْو.
كتم أَسمَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت فَاطِمَة بنت الْمُنْذر: كُنَّا مَعهَا نمتشط قبل الْإِحْرَام وندَّهن بالمكتومة. هِيَ دهن من أدهان الْعَرَب أَحْمَر يُجعل فِيهِ الزَّعْفَرَان. وَقيل: يَجْعَل فِيهِ الكتم(3/246)
وَهُوَ نَبَات يُخلط مَعَ الوسمة للخضاب الْأسود.
كتن الْحجَّاج قَالَ لامْرَأَة: إِنَّك كتون لفوت لقوف صيود. هِيَ من قَوْلهم: كتن الْوَسخ عَلَيْهِ وكلع إِذا لزق. والكتن: لطخ الدُّخان بِالْحَائِطِ أَي لزوق بِمن يَمَسهَا أَو طيعة دنسة الْعرض. وَقيل: هِيَ من كتن صَدره إِذا دوِي أَي دوية الصَّدْر منطوية على رِيبَة وغشّ وَعَن أبي حَاتِم: ذاكرت بِهِ الْأَصْمَعِي فَقَالَ: هُوَ حَدِيث مَوْضُوع وَلَا أعرف أصل الكتون. اللفوت: الْكَثِيرَة التلفت. اللقوف: الَّتِي إِذا مُسَّت لقفت يَد الماس سَرِيعا.
الْكَاف مَعَ الثَّاء
كثر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر. الكثر: جُمَّار النّخل وَهُوَ شحمه الَّذِي يخرج بِهِ الكافور وَهُوَ وعَاء الطّلع من جَوْفه سمي جُمَّاراً وكثرا لِأَنَّهُ أصل الكوافير وَحَيْثُ تَجْتَمِع وتكثر.
كثكث قَالَ أَبُو سُفْيَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد الجولة الَّتِي كَانَت من قبل الْمُسلمين: غلبت وَالله هوَازن. فَأَجَابَهُ صَفْوَان: بفيك الكثكث لِأَن يرُبَّني رجل من قُرَيْش أحب إليَّ من أَن يرُبَّني رجل من هوَازن. هُوَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر: دقاق الْحَصَى وَالتُّرَاب. ربَّه: كَانَ لَهُ ربَّا أَي مَالِكًا نَحْو ساده إِذا كَانَ لَهُ سيدا.(3/247)
الْكَاف مَعَ الْجِيم
ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي كل شَيْء قمارٌ حَتَّى فِي لعب الصّبيان بالكُجَّة. الكُجَّة والبُكْسَة والتُّون: لعبة يَأْخُذ الصَّبِي خرقَة فيدورها كَأَنَّهَا كرة ثمَّ يتقامرون بهَا. وكجَّ الصَّبِي إِذا لعب بالكُجَّة.
الْكَاف مَعَ الْحَاء
يكحب فِي (عق)
الْكَاف مَعَ الْخَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل الْحسن أَو الْحُسَيْن تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كخ كخ هِيَ كلمة تقال للصَّبِيّ إِذا زجر عَن تنَاول شَيْء وَعَن التقذر من الشَّيْء أَيْضا. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... وَعَاد وَصْلُ الغَانِيَاتِ كَخا ...
الْكَاف مَعَ الدَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرضت يَوْم الخَنْدَق كدية فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المسحاة ثمَّ سمى ثَلَاثًا وَضرب فَعَادَت كثيبا أهيل وروى: إِن الْمُسلمين وجدوا أعبلة فِي الخَنْدَق وهم يحفرون فضربوها حَتَّى تَكَسَّرَتْ معاولهم فدعوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا دَعَا بِمَاء فصبَّه عَلَيْهَا فَصَارَت كثيبا ينهال انهيالا.
كدى الكُدية: قِطْعَة صلبة لَا تعْمل فِيهَا الفأس. وأكدى الْحَافِر إِذا بلغَهَا. الأهيل المُنهال.(3/248)
الأعبلة: وَاحِدَة الأعبل وَهِي حِجَارَة بيض صلاب. قَالَ: ... والضَّرْبُ فِي إقْبَالِ مَلْمُومَةٍ ... كَأَنَّمَا لأْمَتُهَا الأَعْبَلُ ... وَيُقَال: حجر أعبل وصخرة عبلاء وَهُوَ من قَوْلهم: رجل عبل بيِّن العبالة وَهِي الضخم والشدة.
كدح الْمسَائِل كُدوح يكدح بهَا الرجل ذَا سُلْطَان أَو فِي أَمر لَا يجد مِنْهُ بدًّا. أَي خدوش. سُؤال ذِي السُّلْطَان أَي تسْأَل حَقك من بَيت المَال.
كدن سَالم رَحمَه الله تَعَالَى دخل على هِشَام بن عبد الْملك فَقَالَ: إِنَّك لحسن الكدنة. فَلَمَّا خرج من عِنْده أَخَذته قفقفة فَقَالَ لصَاحبه: أتُرى الْأَحول لقعني بِعَيْنِه. هِيَ غلظ الْجِسْم وكثيرة اللَّحْم. وَعَن يَعْقُوب: نَاقَة ذَات كِدْنَة وكُدْنة كَقَوْلِك: حاف بيِّن الحَفوَة والحُفْوَة. القفقفة والقرقفة: الرعدة. وتقفقف وتقرقف. قَالَ جرير: ... وَهُمْ رَجَعُوها مُسْحِرين كأَنَّما ... بجِعْثِنَ من حُمَّى المدينةِ قَفْقَفُ ... لقعني: أصابي. وَكَانَ هِشَام أَحول. ويحكى أَنه سهر ذَات لَيْلَة فطُلب لَهُ الشُّعَرَاء ليؤنسوه بالنشيد فَكَانَ فِيمَن أنْشدهُ أَبُو النَّجْم فَلَمَّا بلغ من لَا ميته الَّتِي أَولهَا: ... الْحَمد لله الوهوب المُجْزِل ... إِلَى قَوْله / ... وَالشَّمْس قد صَارَت كَعَيْنِ الأحْوَلِ ... استشاط غَضبا وَقَالَ: أخرجُوا هَؤُلَاءِ عني وَهَذَا خَاصَّة.(3/249)
الْكَاف مَعَ الذَّال
كذب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجامَة على الرِّيق فِيهَا شِفَاء وبركة وتزيد فِي الْعقل وَفِي الْحِفْظ فَمن احْتجم فَيوم الْخَمِيس والأحد كذباك أَو يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء الْيَوْم الَّذِي كشف الله تَعَالَى فِيهِ عَن أَيُّوب الْبلَاء وأصابه يَوْم الْأَرْبَعَاء وَلَا يَبْدُو بِأحد شَيْء من جذام أَو ترص إِلَّا فِي يَوْم أربعاء أَو لَيْلَة أربعاء. كذباك أَي عَلَيْك بهما. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كذب عَلَيْكُم الْحَج كذب عَلَيْكُم الْعمرَة كذب عَلَيْكُم الْجِهَاد. ثَلَاثَة أسفار كذبن عَلَيْكُم. وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ: إِن رجلا أَتَاهُ يشكو إِلَيْهِ النقرس. فَقَالَ: كذبتك الظهائر. أَي عَلَيْك بِالْمَشْيِ فِي حر الهواجر وابتذال النَّفْس. وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ: إِن عَمْرو بن معد يكرب شكا إِلَيْهِ المعص فَقَالَ: كذب عَلَيْك الْعَسَل يُرِيد العسلان. وَهَذِه كلمة مشكلة قد اضْطَرَبَتْ فِيهَا الْأَقَاوِيل حَتَّى قَالَ بعض أهل اللُّغَة: أظنها من الْكَلَام الَّذِي درج ودرج أَهله وَمن كَانَ يُعلمهُ وَأَنا لَا أذكر من ذَلِك إِلَّا قَول من هجيراه التَّحْقِيق. قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي رَحمَه الله: الْكَذِب: ضرب من القَوْل وَهُوَ نطق كَمَا أَن القَوْل نُطق فَإِذا جَازَ فِي القَوْل الَّذِي الْكَذِب ضرب مِنْهُ أَن يُتَّسع فِيهِ فَيجْعَل غير نطق فِي نَحْو قَوْله: ... قد قَالَت الأنساع للبطن الْحَقِي ... وَنَحْو قَوْله فِي وصف الثور: ... فكَّر ثمَّ قَالَ فِي التفكير ... جَازَ فِي الْكَذِب أَن يُجعل غير نطق فِي نَحْو قَوْله:(3/250)
.. كَذَب القرَاطفُ والقرُوفُ ... فَيكون ذَلِك انْتِفَاء لَهَا. كَمَا أَنه إِذا أخبر عَن الشَّيْء على خلاف مَا هُوَ بِهِ كَانَ ذَلِك انْتِفَاء للصدق فِيهِ. وَكَذَلِكَ قَوْله: ... كذبت عَلَيْكُم أوعدني ... مَعْنَاهُ لست لكم وَإِذا لم أكن لكم وَلم أعنكم كنت منابذا لكم ومنتفيةً نصرتي عَنْكُم فَفِي ذَلِك إغراء مِنْهُ لَهُم بِهِ. وَقَوله: ... كَذَب العَتِيق ... أَي لَا وجود للعتيق وَهُوَ التَّمْر فاطلبيه. وَقَالَ بَعضهم فِي قَول الْأَعرَابِي وَقد نظر إِلَى جمل نضو: كذب عَلَيْك القت والنوى. وَرُوِيَ: البزر والنوى. مَعْنَاهُ أَن القتَّ والنوى ذكرا أَنَّك لَا تسمن بهما فقد كذبا عَلَيْك فَعَلَيْك بهما. فَإنَّك تسمن بهما. وَقَالَ أَبُو عَليّ: فَأَما من نصب البزر فَإِن عَلَيْك فِيهِ لَا يتَعَلَّق بكذب وَلكنه يكون اسْم فعل وَفِيه ضمير الْمُخَاطب. وَأما كذب فَفِيهِ ضمير الْفَاعِل كَأَنَّهُ قَالَ: كذب السّمن أَي انْتَفَى من بعيرك فأوجده بالبزر والنوى فهما مَفْعُولا عَلَيْك: وأضمر السّمن لدلَالَة الْحَال عَلَيْهِ فِي مُشَاهدَة عَدمه. وَفِي الْمسَائِل القصريات: قَالَ أَبُو بكر: فِي قَول من نصب الْحَج فَقَالَ: كذب عَلَيْك(3/251)
الْحَج أَنه كلامان. كَأَنَّهُ قَالَ كذب يَعْنِي رجلا ذمّ إِلَيْهِ الْحَج ثمَّ هيج الْمُخَاطب على الْحَج فَقَالَ: عَلَيْك الْحَج. هَذَا وَعِنْدِي قَول هُوَ القَوْل وَهُوَ أَنَّهَا كلمة جرت مجْرى الْمثل فِي كَلَامهم وَلذَلِك لم تصرف ولزمت طَريقَة وَاحِدَة فِي كَونهَا فعلا مَاضِيا مُعَلّقا بالمخاطب لَيْسَ إِلَّا. وَهِي فِي معنى الْأَمر كَقَوْلِهِم فِي الدُّعَاء: رَحِمك الله وَالْمرَاد بِالْكَذِبِ التَّرْغِيب والبعث. من قَول الْعَرَب: كَذبته نَفسه إِذا منته الْأَمَانِي وخيلت إِلَيْهِ من الآمال مَالا يكَاد يكون. وَذَلِكَ مَا يرغب الرجل فِي الْأُمُور ويبعثه على التَّعَرُّض لَهَا. وَيَقُولُونَ فِي عكس ذَلِك: صدقته نَفسه إِذا ثبَّطته وخيَّلت إِلَيْهِ المعجزة والنكد فِي الطّلب. وَمن ثمت قَالُوا للنَّفس الكذوب. قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: يُقَال للرجل يتهدد الرجل ويتوعده ثمَّ يكذب ويكعّ: صدقته الكذوب وَأنْشد: ... فأَقْبَلَ نَحْوِي على قُدْرَةٍ ... فلمَّا دَنَا صَدَّقَتْهُ الكذوب ... وَأنْشد الْفراء: ... حَتَّى إِذَا مَا صَدَّقَتْه كذبه
أَي نفوسه جعل لَهُ نفوسا لتفرق الرَّأْي وانتشاره. فَمَعْنَى قَوْله: كَذبك الْحَج ليكذبك أَي لينشطك وَيَبْعَثُك على فعله. وَأما كذب عَلَيْك الْحَج. فَلهُ وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يضمَّن معنى فعل يتَعَدَّى بِحرف الاستعلاء أَو يكون على كلامين كَأَنَّهُ قَالَ: كذب الْحَج. عَلَيْك الْحَج أَي ليرغبك الْحَج هُوَ وَاجِب عَلَيْك فأضمر الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ. وَمن نصب الْحَج فقد جعل عَلَيْك اسْم فعل وَفِي كذب ضمير الْحَج.
كذب الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حمل يَوْم اليرموك على الرّوم وَقَالَ للْمُسلمين: إِن شددت عَلَيْهِم فَلَا تُكذِّبوا. التَّكْذِيب عَن الْقِتَال: ضد الصدْق فِيهِ وَيُقَال: صدق الْقِتَال إِذا بذل فِيهِ(3/252)
كذب الجدِّ وأبلى. وكذَّب عَنهُ إِذا جَبُن. قَالَ زُهَيْر: ... لَيْث بعثر يصطاد الرِّجَال إِذا ... مَا اللَّيْث كذب عَن أقرانه صدقا ...
كذن ابْن غَزوَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أقبل من الْمَدِينَة حَتَّى كَانُوا بالمربد فوجدوا هَذَا الكذَّان. فَقَالُوا: مَا هَذِه الْبَصْرَة ثمَّ نزلُوا وَكَانَ يَوْم عكاك فَقَالَ عقبَة: ابغوا لنا منزلا أنزه من هَذَا. الكذَّان وَالْبَصْرَة: حِجَارَة رخوة إِلَى الْبيَاض. العكاك: جمع عكة وَهِي شدَّة الْحر مَعَ الومد. وَمِنْه قَول ساجع الْعَرَب: إِذا طلع السماك ذهب العكاك وقلَّ على المَاء اللكاك. أنزه: أبعد من الْحر والأذى.
الْكَاف مَعَ الرَّاء
كرش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار كرشي وعيبتي وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرأ من الْأَنْصَار. أَرَادَ أَنهم بطانتي وَمَوْضِع سري وأمانتي فاستعار الكرش والعيبة لذَلِك لأنَّ المجتر يجمع علفه فِي كرشه وَالرجل يَجْعَل ثِيَابه فِي عيبته. وَمِنْه الحَدِيث: كَانَت خُزَاعَة عَيْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مؤمنهم وكافرهم. وَأما قَوْلهم لعيال الرجل كرش وَله كرش منثورة فَهُوَ من قَول الْعَرَب: تزوج فلَان بفلانة فَنثرَتْ لَهُ بَطنهَا وكرشها. وَمن ذَلِك فسر أَبُو عبيد كرشي بجماعتي.
كُرْسُف عَن حمْنَة بنت جحش رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا استُحيضت فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا: احتشي كرسفا. فَقَالَت لَهُ: إِنَّه أَكثر من ذَلِك إِنِّي أثجَّه ثجَّاً.(3/253)
كُرْسُف قَالَ: تلجمي وتحيضي سِتا أَو سبعا ثمَّ اغْتَسِلِي وصلِّي. الكرسف والكرسوف: الْقطع من الْقطن من الكرسفة وَهِي قطع عرقوب الدَّابَّة والكرفسة مثلهَا. التلجم: شدّ اللجام. تحيَّضي: أَي اقعدي أَيَّام حيضك ودعي فِيهَا الصَّلَاة وَالصِّيَام.
كرك بَينا هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجبرائيل يتحدثان تغيَّر وَجه جِبْرَائِيل حَتَّى عَاد كَأَنَّهُ كركمة. هِيَ وَاحِدَة الكركم وَهُوَ الزَّعْفَرَان وَقيل: شَيْء كالورس. وَقيل: العصفر. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دفن سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ فَعَاد لَونه كالكركمة فَقَالَ: لقد ضم سعد ضمة اخْتلفت مِنْهَا أضلاعه. وَالْمِيم زَائِدَة لقَولهم: الكرك للأحمر قَالَ أَبُو دواد: ... كَرِكٌ كلَوْن التِّين أَحْوى يانِعٌ ... مُتَراكم الأكمام غير صَوَادِي ... يُرِيد النّخل إِذا أينع ثمره. وَقَالُوا: الكركب أَيْضا حَكَاهُ الْأَزْهَرِي.
كرم إِن الله تَعَالَى يَقُول: إِذا أَنا أخذت من عَبدِي كريمتيه وهوبهما ضنين فَصَبر لي لم أَرض لَهُ بهما ثَوابًا دون الْجنَّة وروى كريمته. أَي جارحتيه الكريمتين عَلَيْهِ كالعينين والأذنين. وَقيل فِي كريمته هِيَ عينه. وَقيل: أَهله وكل شَيْء يكرم عَلَيْك فَهُوَ (كريمتك) . أهْدى لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل راوية خمر فَقَالَ: إِن الله حرمهَا. قَالَ: أَفلا أُكارم بهَا يهود فَقَالَ: إِن الَّذِي حرمهَا حرَّم أَن يُكارم بهَا. قَالَ: فَمَا أصنع بهَا قَالَ سُنَّها فِي الْبَطْحَاء.(3/254)
ويروى: أَن رجلا كَانَ يُهدى إِلَيْهِ كل عَام راوية من خمر فَجَاءَهُ بهَا عَام حُرِّمت فهتها فِي الْبَطْحَاء ويروى: فبعّها. المكارمة: أَن تهدى لَهُ ويكافئك. قَالَ دُكَيْن فِي عمر بن عبد الْعَزِيز: ... يَا عُمَر الخيراتِ والمكارم ... إِنِّي امْرُؤ مِنْ قَطَنِ بن دارمِ ... أَطْلبُ دَينِي من أخٍ مُكارم ... أَي مكافئ الثَّلَاثَة فِي معنى الصبّ إِلَّا أَن السنَّ فِي سهولة والهتَّ فِي تتَابع والبع فِي سَعَة وَكَثْرَة وروى بالثاء. أَي قَذفهَا من ثع يثع إِذا قاء.
كره أَلا أخْبركُم بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا وَيرْفَع بِهِ الدَّرَجَات: إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطى إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فذلكم الرِّباط فذلكم الرِّباط فذلكم الرِّباط. المكاره: جمع الْمُكْره وَهُوَ ضد المنشط. يُقَال: فلَان يفعل كَذَا على الْمُكْره والمنشط أَي على كل حَال. وَالْمرَاد أَن يتَوَضَّأ مَعَ الْبرد الشَّديد والعلل الَّتِي يتَأَذَّى مَعهَا بمسِّ المَاء وَمَعَ إعوازه وَالْحَاجة إِلَى طلبه وَاحْتِمَال الْمَشَقَّة فِيهِ أَو ابتياعه بِالثّمن الغالي وَمَا أشبه ذَلِك. الرِّباط: المرابطة وَهِي لُزُوم الثغر. شبه ذَلِك بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله.
كرى خرجت فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلَام فِي تَعْزِيَة بعض جِيرَانهَا على ميِّت لَهُم فَلَمَّا انصرفت قَالَ لَهَا: لَعَلَّك بلغت بلفت مَعَهم الْكرَى. قَالَت: معَاذ الله وَقد سَمِعتك تذكر فِيهَا مَا تذكر وروى: الكُدى. هِيَ الْقُبُور وَقِيَاس الْوَاحِد كرية أَو كروة من كريت الأَرْض وكروتها إِذا حفرتها كالأكرة من أكرت والحفرة من حفرت. وَمِنْه: إِن الْأَنْصَار أَتَوْهُ فِي نهر يكرونه لَهُم سيحا فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: مرْحَبًا بالأنصار مرْحَبًا بالأنصار(3/255)
والكدى: جمع كدية وَهِي الْقطعَة الصلبة من الأَرْض ومقابرهم تحفر فِيهَا. وَمِنْهَا قَوْلهم: مَا هُوَ إِلَّا ضَب كدبة قَالَ بعض الْأَعْرَاب: ... سقى الله أَرضًا يعلم الضبّ أَنَّهَا ... عَذِيَّة ترب الطين طيِّبة البَقْل ... بنى بَيته فِي رَأس نشز وكُدْية ... وكل امْرِئ فِي حِرْفَة الْعَيْش ذُو عقل ...
كرع خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة حَتَّى إِذا بلغ كرَاع الغميم إِذا النَّاس يرسمون نَحوه. الكراع: جَانب مستطيل من الْحرَّة شبهت بِالْكُرَاعِ من الْإِنْسَان وَهِي مَا دون الرّكْبَة وَالْجمع كرعان. يُقَال: انْظُر إِلَى كرعان ذَلِك الْحزن أَي إِلَى نوادره الَّتِي تندر من معظمه. وَمِنْه حَدِيث أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: [إِنَّه] لما خرج مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة لقِيه رجل بكراع الغميم. فَقَالَ: من أَنْتُم فَقَالَ أَبُو بكر: باغٍ وهادٍ وَكَانَ يركب خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول لَهُ: تقدم على صدر الرَّاحِلَة حَتَّى تعرب عَنَّا من لَقينَا. فَيَقُول: أكون وَرَاءَك وأُعرب عَنْك. عرَّض ببغاء الْإِبِل وهداية الطَّرِيق وَهُوَ يُرِيد طلب الدّين وَالْهِدَايَة من الضَّلَالَة. عرَّبت عَن الرجل: إِذا تَكَلَّمت عَنهُ واحتججت لَهُ. والغميم: وَاد. الرسيم: عدوٌ شَدِيد. يُقَال: رسمت النَّاقة ترسم وَهِي رسوم إِذا أثَّرت فِي الأَرْض بِشدَّة وَطئهَا قَالَ ذُو الرمة: ... بمائرة الضَّبعَيْن معوجة النسا ... يشج الْحَصَى تخويدها ورسيمها ...
كرم لَا تسموا الْعِنَب الْكَرم فَإِنَّمَا الْكَرم الرجل الْمُسلم.(3/256)
كرم أَرَادَ أَن يُقرر ويشدد مَا فِي قَوْله عز وَجل {إنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} بطريقة أنيقة ومسلك لطيف ورمز خلوب. فَبَصر أَن هَذَا النَّوْع من غير الأناسي الْمُسَمّى بِالِاسْمِ الْمُشْتَقّ من الْكَرم أَنْتُم أحقاء بألاَّ تؤهلوه لهَذِهِ التَّسْمِيَة وَلَا تطلقوها عَلَيْهِ وَلَا تسلموها لَهُ غيرَة للْمُسلمِ التقى وربأ بِهِ أَن يُشَارك فِيمَا سَمَّاهُ الله بِهِ واختصه بِأَن جعله صفته فضلا أَن تسموا بالكريم من لَيْسَ بِمُسلم وتعترفوا لَهُ بذلك وَلَيْسَ الْغَرَض حَقِيقَة النهى عَن تسميه الْعِنَب كرماً وَلَكِن الرَّمْز إِلَى هَذَا الْمَعْنى كَأَنَّهُ قَالَ: إِن تَأتي لكم أَلا تسموه مثلا باسم الْكَرم وَلَكِن بالجفنة والحبلة فافعلوا. وَقَوله: فَإِنَّمَا الْكَرم أَي فَإِنَّمَا الْمُسْتَحق للاسم الْمُشْتَقّ من الْكَرم الْمُسلم. وَنَظِيره فِي الأسلوب قَوْله تَعَالَى: {صِبْغَة الله ومَنْ أحسن من الله صبغة}
كرد عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما أَرَادَ النَّفر الَّذِي قَتَلُوهُ الدُّخُول عَلَيْهِ جعل الْمُغيرَة ابْن الْأَخْنَس يحمل عَلَيْهِم ويكردهم بِسَيْفِهِ. الكرد والطرد أَخَوان. وَيُقَال: كرد عُنُقه: قطعهَا وحردها مثله. الكرد والحرد: الْعُنُق.
كرى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات ليله فأكرينا فِي الحَدِيث. أَي أطلنا فِي الحَدِيث.
كرد معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قدم عَليّ أبي مُوسَى وَعِنْده رجل كَانَ يَهُودِيّا فَأسلم ثمَّ تهود. فَقَالَ: وَالله لَا أقعد حَتَّى تضربوا كرده. أَي عُنُقه.
كرزن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مَا صدقت بِمَوْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سَمِعت وَقع الكرازين.(3/257)
كرزن هِيَ الفؤوس.
كرس أَبُو أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا أَدْرِي مَا أصنع بِهَذِهِ الكراييس وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تسْتَقْبل الْقبْلَة ببول أَو غَائِط. جمع كرياس وَهُوَ الكنيف يكون مشرفاً على سطح بقناة فِي الأَرْض فعيال من الكرس وَهُوَ المتطابق من الأبوال والأبعار. وَهُوَ فِي كتاب الْعين الكرناس بالنُّون.
كرب أَبُو الْعَالِيَة رَحمَه الله تَعَالَى الكروبيون سادة الْمَلَائِكَة جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل. هم المقربون من كرب إِذا قرب قَالَ أُميَّة: ... مَلَائِكَة لَا يسأمون عبَادَة ... كروبية مِنْهُم رُكُوع وَسجد ...
كرع عِكْرِمَة رَحمَه الله تَعَالَى كره الكرع فِي النَّهر. يُقَال: كرع فِي المَاء يكرع وكرعا كروعا إِذا تنَاوله بِفِيهِ من مَوْضِعه فعل الْبَهِيمَة. وَأَصله فِي الْبَهِيمَة لِأَنَّهَا تدخل أكارعها. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى كَانُوا يكْرهُونَ الطّلب فِي أكارع الأَرْض. أَي فِي نَوَاحِيهَا وأطرافها يَعْنِي الإبعاد فِي الأَرْض للتِّجَارَة حرصاً على المَال.
كرى ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى إِذا بلغ المَاء كرًا لم يحمل نجسا وَرُوِيَ: إِذا كَانَ المَاء قدر كرٍ لم يحمل القذر. الْكر: سِتُّونَ قَفِيزا والقفيز: ثَمَانِيَة مكاكيك والمكوك: صَاع وَنصف.(3/258)
الْكَاف مَعَ الزَّاي
كزم عون رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي وصيةٍ لِابْنِهِ وَذكر رجلا يذم: إِن أفيض فِي الْخَيْر كزم وَضعف واستسلم. وَقَالَ: الصمت حكم وَهَذَا مِمَّا لَيْسَ لي بِهِ علم. وَإِن أفيض فِي الشَّرّ قَالَ: يحْسب بِي عي فَتكلم فَجمع بَين الأروى والنعام ولاءم مَا لَا يتلاءم. الكزم والأزم: أَخَوان أمسك عَن الْكَلَام وَسكت فَلم يفض فِي الْخَيْر وانخزل وَأخذ يحسن عَادَة الصمت وَيضْرب لَهُ الْأَمْثَال ويتجاهل ويتعامى عَن وَجه الْخَوْض فِيهِ. وَأما فِي الشَّرّ فنشيط للإفاضة فِيهِ خَائِف إِن سكت أَن يظنّ فِيهِ فهاهة فَهُوَ يحتشد للتكلم فِيهِ وَيجمع نَفسه لَهُ وَيتَكَلَّم بالمتنافر من الْكَلَام الَّذِي لَا يَأْخُذ بعضه بأعناق بعض. وَهُوَ رَاكب رَأسه لَا يُبَالِي كَأَنَّهُ أَرَادَ ابْنه على أَلا يكون مُحَمَّد أَبنَاء جنس هَذَا الْكَلَام وأشكاله وَأَن يرفع نَفسه عَن طبقته ونصحه أَن يكون من مفايتح الْخَيْر ومغاليق الشَّرّ حَتَّى لَا يكون مذموما مثله.
الْكَاف مَعَ السِّين
كسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي الإكسال إِلَّا الطّهُور. هُوَ أَن يُجَامع ثمَّ يفتر فَلَا ينزل يُقَال: أكسل الْفَحْل صَار ذَا كسل. وَفِي كتاب الْعين: كسل إِذا فتر عَن الضراب. وَأنْشد: ... أَإِن كَسِلْتُ والحِصَان يَكْسَل ... عَن السِّفَادِ وَهُوَ طِرْفٌ هَيْكل ... وَنَحْوه مَا رُوِيَ: إِن المَاء من المَاء. وَهَذَا كَانَ صدر الْإِسْلَام ثمَّ نسخ أثبت سِيبَوَيْهٍ.(3/259)
الطّهُور وَالْوُضُوء والوقود فِي المصادر.
كسى إِن الكاسيات العاريات والملائلات والمميلات لَا يدخلن الْجنَّة. هن اللواتي يلبسن الرَّقِيق الشفاف. وَعَن الْأَصْمَعِي: كسى يكسي إِذا صَارَت كسْوَة فَهُوَ كاس. وَأنْشد ... يَكْسَي وَلَا يَغْرَث مملوكُها ... إِذا تَهَرّتْ عَبْدَها الهارِيْه ... وَمِنْه قَوْله: ... واقْعُد فَإنَّك أنتَ الطاعمُ الكاسِي
وَيجوز أَن يكون من كسا يكسو كَالْمَاءِ الدافق. المائلات: اللَّاتِي يملن خُيَلَاء. المميلات / اللَّاتِي يملن قُلُوب الرِّجَال إِلَى أَنْفسهنَّ. أَو يملن المقانع عَن رءوسهن لتظهر وجوههن وشعورهن. قَالَ أَبُو النَّجْم: ... مائلةِ الخِمْرَةِ والكلامِ ... باللَّغْوِ بَين الحلِّ والحرامِ ... وَمن المشطة الميلاء وَهِي مشطة مَعْرُوفَة عِنْدهم كأنهن يملن فِيهَا العقاص. وتعضد رِوَايَة من روى أَن امْرَأَة قَالَت: كنت أسأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ميل رَأْسِي. قَالَ: الكاسيات ... . وَقَالَ الشَّاعِر: ... تَقول لي مائلة الذَّوَائبِ ... كَيفَ أخي فِي العُقَب النَّوائِب ... أَو أَرَادَ بالمائلات المميلات اللَّاتِي يملن إِلَى الْهوى والغي عَن العفاف وصواحبهن كَذَلِك. كَقَوْلِهِم: فلَان خَبِيث مخبث.
كسر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا بَال رجال لَا يزَال أحدهم كاسراً وسَادَة عِنْد امْرَأَة مغزية يتحدث إِلَيْهَا وتتحدث إِلَيْهِ. عَلَيْكُم بالجنبة فَإِنَّهَا عفاف إِنَّمَا النِّسَاء لحم على وَضم إِلَّا مَا ذاب عَنهُ.(3/260)
كسر كسر الوساد: أَن يثنيه ويتكئ عَلَيْهِ ثمَّ يَأْخُذ فِي الحَدِيث فعل الزير. المغزية: الَّتِي غزا زَوجهَا. الجنبة: النَّاحِيَة من كل شَيْء وَرجل ذُو جنبة: أَي ذُو اعتزال عَن النَّاس متجنب لَهُم. أَرَادَ اجتنبوا النِّسَاء وَلَا تدْخلُوا عَلَيْهِنَّ. الْوَضم: مَا وقيت بِهِ اللَّحْم من الأَرْض. قَالَ سعد بن الأخرم: كَانَ بَين الْحَيّ وَبَين عدي بن حَاتِم تشاجر فأرسلوني إِلَى عمر بن الْخطاب فَأَتَيْته وَهُوَ يطعم النَّاس من كسور إبل وَهُوَ قَائِم متوكئ على عَصا متزر إِلَى أَنْصَاف سَاقيه خدبٌّ من الرِّجَال كَأَنَّهُ راعي غنم وعليَّ حلَّة ابتعتها بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم فسلَّمت عَلَيْهِ فَنظر إليَّ بذنب عينه فَقَالَ لي رجل: أمالك معوز قلت: بلَى. قَالَ: فَأَلْقِهَا فألقيتها وَأخذت معوزاً ثمَّ لَقيته فسلَّمت فردَّ عليَّ السَّلَام. الْكسر بِالْفَتْح وَالْكَسْر: الْعُضْو بِلَحْمِهِ. الصَّوَاب مؤتزر. والمتزر من تَحْرِيف الروَاة. الخدب: الْعَظِيم الْقوي الجافي. كَأَنَّهُ راعي غنم أَي فِي بذاذته وجفائه. ذَنْب الْعين: مؤخرها. المعوز: وَاحِد المعاوز وَهِي الخلقان من الثِّيَاب لِأَنَّهَا لِبَاس المعوزين.
كسع طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نَدِمت ندامة الكسعي اللَّهُمَّ خُذ مني لعُثْمَان حَتَّى يرضى. هُوَ محَارب بن قيس من بني كسيعة وَقيل: وَمن بني الكسع وهم بطن من حمير. يضْرب بِهِ الْمثل فِي الندامة. وقصته مَذْكُورَة فِي كتاب المستقصى.(3/261)
قَالَ طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أقبل شيبَة بِإِذن بن خَالِد يَوْم أُحد فَقَالَ: دلوني على مُحَمَّد فَأَضْرب عرقوب فرسه. فاكتسعت بِهِ فَمَا زلت وَاضِعا رجْلي على خدَّه حَتَّى أزرته شعوب. أَي رمت بِهِ على مؤخرها من كسعت الرجل إِذا ضَربته على مؤخره. أزرته شعوب: أوردته الْمنية.
كسف أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ بَعضهم: رَأَيْت أَبَا الدَّرْدَاء عَلَيْهِ كساف. أَي قِطْعَة ثوب. من قَوْله تَعَالَى: {ويجعله كِسَفا}
كسح ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الصَّدَقَة فَقَالَ: إِنَّهَا شَرّ مَال إِنَّمَا هِيَ مَال الكسحان والعوران. يُقَال: كسح الرجل كسحا إِذا ثقلت إِحْدَى رجلَيْهِ فِي الْمَشْي. قَالَ الْأَعْشَى: ... وخَذُولِ الرِّجْل من غَيْرِ كَسَحْ ... وَهُوَ قريب من القعاد دَاء يَأْخُذ فِي الْأَوْرَاك فتضعف لَهُ الرجل وَهُوَ من الكسح لِأَنَّهُ إِذا ثقلت رجل وضعفت فَكَأَنَّهُ يجرها إِذا مَشى فَشبه جرها بكسح الأَرْض وَمِنْه حَدِيث قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ولوْ نَشَاء لمسَخْنَاهم عَلَى مَكَانَتِهِمْ} وَلَو نشَاء لجعلناهم كسحا أَي مقعدين.
كسر فِي الحَدِيث: لَا تجوز فِي الْأَضَاحِي الكسير الْبَيِّنَة الْكسر. هِيَ الشَّاة المنكسرة الرجل الَّتِي لَا تقدر على الْمَشْي.(3/262)
الْكَاف والشين
كشح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح. الْكَاشِح: هُوَ الَّذِي يطوي على الْعَدَاوَة كشحه. والكبد فِي الكشح وَيُقَال لِلْعَدو: أسود الكبد أَو الَّذِي يطوي عَنْك كشحه وَلَا يألفك.
الْكَاف مَعَ الظَّاء
كظم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى كظامة قوم فَتَوَضَّأ وَمسح على قَدَمَيْهِ. الكظامة: وَاحِدَة الكظائم وَهِي آبار تُحفر فِي بطن وادٍ متباعدة ويخرق مَا بَين بئرين بن بقناة يجْرِي فِيهَا المَاء من بِئْر إِلَى بِئْر. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِذا رَأَيْت مَكَّة قد بُعجت كظائم وساوى بناؤها رُؤْس الْجبَال فا علم أَن الْأَمر قد أظلك فَخذ حذرك.
كظظ فِي الحَدِيث: فِي ذكر بَاب الْجنَّة يَأْتِي عَلَيْهِ زمَان وَله كظيظ أَي امتلاء بازدحام النس. يُقَال: كظَّ الْوَادي كظيظا بِمَعْنى اكتظَّ وكظَّه المَاء كظا(3/263)
الْكَاف مَعَ الْعين
كعم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المكاعمة والمكامعة. أَي عَن ملاثمة الرجل الرجل ومضاجعته إِيَّاه لَا ستر بَينهمَا من كعم الْمَرْأَة إِذا قبَّلها ملتقما فاها وَمن الكميع والكمع بِمَعْنى الضجيع.
الْكَاف مَعَ الْفَاء
كفل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْعَاقِد شعره فِي الصَّلَاة: إِنَّه كفل الشَّيْطَان. أَي مركبه وَهُوَ فِي الأَصْل كسَاء يدار حول سَنَام الْبَعِير ثمَّ يركب واكتفلت الْبَعِير إِذا ركبته كَذَلِك. وَمِنْه حَدِيث النَّخعِيّ رَحمَه الله: إِنَّه كَانَ يكره الشّرْب من ثلمة الْإِنَاء وَمن عروته وَقَالَ: إِنَّهَا كفل الشَّيْطَان.
كفت يَقُول الله تَعَالَى للكرام الْكَاتِبين: إِذا مرض عَبدِي فَاكْتُبُوا لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته حَتَّى أُعافيه أَو أكفته. أَي أقبضهُ. يُقَال: اللَّهُمَّ اكفته إِلَيْك وَأَصله الضَّم وَقيل للْأَرْض كفات لضمها من يدْفن فِيهَا. وَلذَلِك قيل لبقيع الْغَرْقَد: كفتة. وَيُقَال: وَقع فِي النَّاس كفت أَي موت وَضم فِي الْقُبُور.
كفح قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحسان: لَا تزَال مؤيداً بِروح الْقُدس مَا كافحت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى: نافحت أَي دافعت وقاتلت وأصل المكافحة الْمُضَاربَة تِلْقَاء الْوُجُوه.(3/264)
كفأ الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاءَهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم. ويردّ عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد على من سواهُم ويروى: وَيُجِير عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد على من سواهُم يردُّ مشدُّهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم. لَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده. التكافؤ: التَّسَاوِي أَي تتساوى فِي الْقصاص والديات: لَا فضل فِيهَا لشريف على وضيع. والذمة: الْأمان وَمِنْهَا سمي الْمعَاهد ذِمِّيا لِأَنَّهُ أُومن على مَاله وَدَمه للجزية أَي إِذا أعْطى أدنى رجل مِنْهُم أَمَانًا فَلَيْسَ للبقاقين إخفاره. وَيرد عَلَيْهِم أَقْصَاهُم: أَي إِذا دخل الْعَسْكَر دَار الْحَرْب فوجَّه الإِمَام سَرِيَّة فَمَا غنمت جعل لَهَا مَا سُمي لَهَا ورد الْبَاقِي على الْعَسْكَر لأَنهم ردءٌ للسرايا. وهم يدٌ أَي يتناصرون على الْملَل الْمُحَاربَة لَهُم. أجرت فلَانا على فلَان: إِذا حميته مِنْهُ ومنعته أَن يتعرَّض لَهُ. المُشدّ: الَّذِي دوابُّه شَدِيدَة. والمُضعف بِخِلَافِهِ. المُتسري: الْخَارِج فِي السّريَّة أَي لَا يفضل فِي قسْمَة الْمغنم المشد على المضعف. وَإِذا بعث الإِمَام سَرِيَّة وَهُوَ خَارج إِلَى بِلَاد الْعَدو فغنموا شَيْئا كَانَ ذَلِك بَينهم وَبَين الْعَسْكَر. لَا يُقتل مُسلم بِكَافِر أَي بِكَافِر حَرْبِيّ وَقيل بذمي وَإِن قَتله عمدا وَهُوَ مَذْهَب أهل الْحجاز وَذُو الْعَهْد الْحَرْبِيّ يدْخل بِأَمَان لَا يُقتل حَتَّى يرجع إِلَى مأمنه لقَوْله تَعَالَى: {وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِين اسْتَجارك فأَجِرْه حَتَّى يسمَع كلامَ الله ثمَّ أَبْلِغْه مَأْمَنَه} . وَقيل: مَعْنَاهُ وَلَا ذُو عهد فِي عَهده بِكَافِر. إِن رجلا رأى فِي الْمَنَام كَأَن ظلة تنطف سمناً وَعَسَلًا وَكَانَ النَّاس يتكففونه فَمنهمْ المستكثر وَمِنْهُم المستقل.(3/265)
أَي يأخذونه بأكفهم.
كفأ لَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتكتفيء مَا فِي صحفتها وَإِنَّمَا لَهَا مَا كُتب لَهَا وَلَا تناجشوا فِي البيع وَلَا يَبِيع يعضكم على بيع بعض. اكتفات الْوِعَاء: إِذا كبيته فأفرغت مَا فِيهِ إِلَيْك وَهَذَا مثل لاحتيازها نصيب أُختها من زَوجهَا. الصحفة: الْقَصعَة الَّتِي تشبع الْخَمْسَة. سيق تَفْسِير بَاقِي الحَدِيث.
كفر قنت صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْفجْر فَقَالَ: اللَّهُمَّ قَاتل كفرة أهل الْكتاب وَاجعَل قُلُوبهم كقلوب نساءٍ كوافر. أَي فِي الِاخْتِلَاف وَقلة الائتلاف لِأَن النِّسَاء من عادتهن التباغض والتحاسد والتلاوم لاسيما إِذا لم يكن لَهُنَّ رادع من الْإِسْلَام. أَو فِي الْخَوْف والوجيب لِأَنَّهُنَّ يُرعن بالصباح والبيات فِي عُقر دارهن أبدا. لَا تُكفِّرْ أهل قبلتك. أَي لَا تَدعهُمْ كفَّارًا. وَحَقِيقَته لَا تجعلهم كفَّارًا بِقَوْلِك وزعمك. وَمِنْه قَوْلهم: أكفر فلَان صَاحبه إِذا أَلْجَأَهُ وَهُوَ مُطِيع إِلَى أَن يعصيه بِسوء صُنع يُعامله بِهِ. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه قَالَ فِي خطبَته: أَلا لَا تضربوا الْمُسلمين فتذلوهم وَلَا تمنعوهم حُقُوقهم فتكفِّروهم وَلَا تُجمِّروهم فتفتنوهم. يُرِيد فتجعلوهم كفَّارًا وتوقعوهم فِي الْكفْر لأَنهم رُبمَا ارْتَدُّوا إِذا مُنعوا الْحق. التجمير والإجمار. أَن يُحبس الْجَيْش فِي الْغَزِّي لَا يقفل.
كفل إِن عيَّاش بن أبي ربيعَة وَسَلَمَة بن هِشَام والوليد بن الْوَلِيد فرُّوا من الْمُشْركين إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَيَّاش وَسَلَمَة متكفلان على بعير.(3/266)
كفل تكفل الْبَعِير واكتفله بِمَعْنى.
كفأ فِي الْعَقِيقَة عَن الْغُلَام شَاتَان متكافئتان أَو مكافأتان وَعَن الْجَارِيَة شَاة. أَي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا مُسَاوِيَة لصاحبتها فِي السن وَلَا فرق بَين المكافئتين والمكافأتين لِأَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِذا كافأت أُخْتهَا فقد كوفئت فَهِيَ مكافئة ومكافأة وهما معادلتان لما يجب فِي الزَّكَاة وَالْأُضْحِيَّة من الْأَسْنَان. وَيحْتَمل فِي وَرَايَة من روى مكافأتان أَن يُرَاد مذبوحتان من قَوْلهم: كافأ الرجل بَين بَعِيرَيْنِ إِذا وجأ فِي لبة هَذَا ثمَّ فِي لبَّةِ هَذَا فنحرهما مَعًا. قَالَ الْكُمَيْت يصف ثوارا وكلابا: ... وعَاثَ فِي عانةٍ مِنْهَا بِعَثْعَثَةٍ ... نَحْرَ المكافئ والمكثور يهتبل ...
كفر الْمُؤمن مكفر: أَي مرزأ فِي نَفسه فِي مَاله لتكفر خطاياه.
كفت حُبِّب إِلَيّ النِّسَاء وَالطّيب ورُزقت الكفيت. أَي الْقُوَّة على الْجِمَاع وَهَذَا من الحَدِيث الَّذِي يرْوى أَنه قَالَ: أَتَانِي جبرئيل قديرة تسمى الكفيت فَوجدت قُوَّة أَرْبَعِينَ رجلا فِي الْجِمَاع. وَقيل: مَا أكفت بِهِ معيشتي أَي أضم وَأصْلح.
كفأ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ انكفأ لَونه فِي عَام الرَّمَادَة حِين قَالَ: لَا آكل سمناً وَلَا سميناً وَأَنه اتَّخذ أَيَّام كَانَ يُطعم النَّاس قدحاً فِيهِ فرض وَكَانَ يطوف على القصاع فيغمز الْقدح فَإِن لم تبلغ الثريدة الْفَرْض فتعال فَانْظُر مَاذَا يفعل بِالَّذِي ولى الطَّعَام. أَي تغير وانقلب عَن حَاله من كفأت الْإِنَاء إِذا قلبته وَيُقَال: أكفأ الْجهد لَونه.(3/267)
الرَّمَادَة: الْهَلَاك والقحط. وأرمد النَّاس إِذا جهدوا. وَالْفَرْض: الحزّ. يغمز: أَي يطعن الْقدح فِي الثريدة. فتعال فَانْظُر: إيذان بأنَّ فعله بمتولي الطَّعَام إِذا فرط من الْإِيذَاء البليغ والخشونة والإيقاع كَانَ جَدِيرًا بِأَن يُشَاهد وَينظر إِلَيْهِ ويتعجب مِنْهُ. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لنا مولاة تصدَّقت علينا بخدمتها وَلنَا عباءتان نكافيء بهما عنَّا عين الشَّمْس وَإِنِّي لأخشى فصل الْحساب. أَي ندافع بهما من قَوْلهم: مَالِي بِهِ قبل وَلَا كفاء وَفُلَان كفاء لَك أَي هُوَ مُطَابق لَك فِي المضادة والمناوأة. قَالَ: ... وجبريلٌ رسولُ اللهِ فينَا ... ورُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ ... يَعْنِي جِبْرِيل لَا يقوم لَهُ أحد من الْخلق.
كفهر ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا لقِيت الْكَافِر فألقه بِوَجْه مكفهرٍّ. أَي عَابس قطوب. وَمِنْه الحَدِيث: القوا الْمُخَالفين بِوَجْه مكفهر.
كفل ذكر فتْنَة فَقَالَ: إِنِّي كَائِن فِيهَا كالكفل آخذ مَا أعرف وتارك مَا أنكر. الكفل: الَّذِي يكون فِي مُؤخر الْحَرْب إِنَّمَا همته التَّأَخُّر والفرار. يُقَال: فلَان كفل بَين الكفولة. الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا أصبح ابْن آدم فَإِن الْأَعْضَاء كلهَا تُكفِّر للسان تَقول: نشدك الله فِينَا فَإنَّك إِن اسْتَقَمْت استقمنا وَإِن اعوججت اعوججنا.(3/268)
أَي تتواضع وتخضع من تَكْفِير الذِّمِّيّ وَهُوَ أَن يُطَأْطِئ رَأسه وينحني عِنْد تَعْظِيم صَاحبه. قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم: ... تُكَفِّرُ باليَدَيْنِ إِذا الْتَقَيْنَا ... وتلقي من مخا فتنا عَصَاكا ... وَكَأَنَّهُ من الكافرتين وهما الكاذتان لِأَنَّهُ يضع يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا أَو ينثني عَلَيْهِمَا أَو يَحْكِي فِي ذَلِك هَيْئَة من يكفر شَيْئا أَي يغطيه. يُقَال: نشدتك الله وَالرحم نشدة ونشدانا وناشدتك الله أَي سَأَلتك الله وَالرحم وتعديته إِلَى مفعولين إِمَّا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة دَعَوْت حَيْثُ قَالُوا: نشدتك بِاللَّه وَالله. كَمَا قَالُوا: دَعوته بزيد وزيداً. أَو لأَنهم ضمَّنوه معنى ذكَّرت ومصداق هَذَا قَول حسان: ... نَشَدْتُ بني النَّجَّارِ أفعالَ وَالِدِي ... إِذا الْعَانِ لم يُوجَدْ لَهُ من يُوَارِعُهْ ... أَي ذكرتهم إِيَّاهَا. وأنشدتك بِاللَّه خطأ. وَأما نشدك الله فَفِيهِ شُبْهَة لقَوْل سيبيوه: وَكَأن قَوْلك عمرك الله وقعدك الله بِمَنْزِلَة نشدك الله وَإِن لم يتَكَلَّم بنشدك. وَلَكِن زعم الْخَلِيل أَن هَذَا تَمْثِيل يمثله بِهِ. وَلَعَلَّ الرَّاوِي قد حرَّفه وَهُوَ ننشدك الله أَو أَرَادَ سِيبَوَيْهٍ والخليل قلَّة مجيئة فِي الْكَلَام أَو لَو لم يكن فِي علمهما فَإِن الْعلم بَحر لَا يُنكف وَفِيه إِن صحَّ وَجْهَان: أَحدهمَا أَن يكون أَصله نشدتك الله فحذفت مِنْهَا التَّاء اسْتِخْفَافًا كَمَا حُذفت من أبي عُذرها. وَالثَّانِي أَن يكون بِنَاء مقتضبا نَحْو قعدك. وَمعنى نشدك الله: أنْشدك الله نشدة فَحذف الْفِعْل وَوضع الْمصدر مَوْضِعه مُضَافا إِلَى الْكَاف الَّذِي كَانَ مَفْعُولا أول.
كفح أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ سُئل أتقبِّل وَأَنت صَائِم فَقَالَ: نعم وأكفحها وروى: وأقحفها.(3/269)
الكفح: من المكافحة وَهِي مصادفة الْوَجْه الْوَجْه كفة كفة. والقحف: من قحف الشَّارِب وَهُوَ استفافة مَا فِي الْإِنَاء أجمع. ومطر قاحف: جارف. كَأَنَّهُ قَالَ: نعم وأتمكن من تقبيلها تمَكنا واستوفيه اسْتِيفَاء من غير اختلاس ورقبة. وَقيل فِي القحف: إِنَّه بِمَعْنى شرب الرِّيق وترشفه وَمَا أحقه.
كفر لتخرجنكم الرّوم مِنْهَا كفرا كفرا إِلَى سنبك من الأَرْض. قيل: وَمَا ذَلِك السنبك قَالَ: حسمى جذام. الْكفْر: الْقرْيَة وَأكْثر من يتَكَلَّم بِهِ أهل الشَّام. وَقَوْلهمْ: كفرتوثي: قَرْيَة تنْسب إِلَى رجل. وَكَذَلِكَ كفرطاب وكفرتعقاب. وَمِنْه حَدِيث مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ: أهل الكفور هم أهل الْقُبُور. أَي هم بِمَنْزِلَة الْمَوْتَى لَا يشاهدون الْأَمْصَار وَالْجمع وَكَأَنَّهَا سميت كفوراً لِأَنَّهَا خاملة مغمورة الِاسْم لَيست فِي شهرة المدن ونباهة الْأَمْصَار. قَالَ أَبُو عبيد: شبه الأَرْض بالسنبك فِي غلظه وَقلة خَيره. وَعِنْدِي أَن المُرَاد لتخرجنكم إِلَى طرف من الأَرْض لِأَن السنبك طرف الْحَافِر. وَيدل عَلَيْهِ الحَدِيث وَهُوَ أَنه كره أَن يطْلب الرزق فِي سنابك الأَرْض. كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّهُم كَانُوا يكْرهُونَ الطّلب فِي أكارع الأَرْض. حسمي: بلد. جذام أم جذام بن عدي بن عَمْرو بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابْن قحطان. وحسمى: مَاء مَعْرُوف لكَلْب. وَيُقَال: إِن آخر مَا نضب من مَاء الطوفان حسمى فَبَقيت مِنْهُ هَذِه الْبقْعَة إِلَى الْيَوْم أنْشد أَبُو عَمْرو:(3/270)
.. جَاوَزْنَ رَمْلَ أَيْلَة الدَّهَاسَا ... وبَطْنَ حِسْمَى بَلداً حرماسا ... أَي أملس.
كفؤ الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: لَا أقاول من لَا كفاء لَهُ. أَي لَا عديل لَهُ يَعْنِي السُّلْطَان. يُقَال: هُوَ كفؤه وكفيئه وكفاؤه. قَالَ: ... فأنْكَحها لاَ فِي كَفاءٍ وَلَا غِنًي ... زيادٌ أَضَلَّ الله سَعْىَ زِيادِ ...
كفف عَطاء بن يسَار رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قلت للوليد بن عبد الْملك: قَالَ عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وددت أَنِّي سلمت من الْخلَافَة كفافاً لَا عليَّ وَلَا لي. فَقَالَ: كذبت آلخليفة يَقُول هَذَا قلت: أَو كذبت قَالَ: فَأَفلَت مِنْهُ بجريعة الذقن. يُقَال: لَيْتَني أنجو مِنْك كفافا أَي رَأْسا بِرَأْس لَا أزرأ مِنْك وترزأ مني وَحَقِيقَته أكف عَنْك وتكف عني وَقد يَبْنِي على الْكسر. وَيُقَال: دَعْنِي كفاف. أنْشد أَبُو زيد لرؤبة: ... فليت حظي من نداك الضافي ... والننفع أَن تتركَنِي كَفَافِ ... أفلت بجريعة الذقن مثل فِيمَن أشفى ثمَّ نجا. قَالَ أَبُو زيد: يُرِيد أَنه كَانَ قَرِيبا من الْهَلَاك كقرب الجرعة من الذقن. انتصاب كفافاً على الْحَال أَي مكفوفاً عَنى شَرها. وَقَوله لَا عليَّ وَلَا لي بدل مِنْهُ أَي غير ضارة وَلَا نافعة. همزَة الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على حرف التَّعْرِيف لم تُسقط أَلفه وَإِن اجْتمع ساكنان لِئَلَّا يلتبس الِاسْتِفْهَام بالْخبر.
كفت الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ بَيَان: كنت أمشى مَعَ الشّعبِيّ بِظهْر الْكُوفَة فَالْتَفت إِلَيّ(3/271)
كفت بيُوت الْكُوفَة فَقَالَ: هَذِه كفات الْأَحْيَاء ثمَّ الْتفت إِلَى الْمقْبرَة وَقَالَ: وَهَذِه كفات الْأَمْوَات. مر تَفْسِير الكفات.
كفف الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى ابدأ بِمن تعول وَلَا تلام على كفاف. أَي إِذا لم يكن عنْدك فضل لم تلم على أَلا تُعطي. الكفاف: أَن يكون عنْدك مَا تكف بِهِ الْوَجْه عَن النَّاس. قَالَ لَهُ رجل: إِن برجلي شقاقاً فَقَالَ: اكففه بِخرقَة. أَي اعصبه بهَا. عبد الْملك رَحمَه الله تَعَالَى عُرض عَلَيْهِ رجل من بني تَمِيم فاشتهى قَتله لما رأى من جِسْمه وهيئته. فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرى رجلا لَا يقر بالْكفْر. فَقَالَ: عَن دمي تخدعني بلَى عبد الله أكفر من حمَار. [أقرَّ بِأَنَّهُ كفر حِين خَالف بني مَرْوَان وتابع ابْن الْأَشْعَث] . كتب عبد الْملك إِلَى الْحجَّاج أَن أدع النَّاس إِلَى الْبيعَة فَمن أقرّ بالْكفْر فخلِّ سَبيله إِلَّا رجلا نصب راية أَو شتم أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان وَذَلِكَ بعد أَمر ابْن الْأَشْعَث.
كفر فَهُوَ معنى الْإِقْرَار بالْكفْر. حمَار: رجل عادي كفر بِاللَّه فَأحرق واديه.
كفل فِي الحَدِيث: الرَّابّ كافل. أَي كفل بِنَفَقَة الْيَتِيم حِين تزوج أمه.(3/272)
الْكَاف مَعَ اللَّام
كلأ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الكالئ بالكالئ. كلأ الدّين كلأ فَهُوَ كالئٌ إِذا تأخرَّ. قَالَ: ... وعَيْنُه كالْكَالِئِ المِضْمارِ ... وَمِنْه: بلغ الله بك أكلأ الْعُمر أَي أطوله وأشده تأخراً. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... تَعَفَّفْتُ عَنْهَا فِي العُصُور الَّتِي خَلَتْ ... فَكيف التَّسَاقِي بعد مَا كَلأَ العُمْر ... وكلأته: أنسأته وأكلأت فِي الطَّعَام: أسفلت. وتكلأت كلأة أَي استنسأت نَسِيئَة وَهُوَ أَن يكون لَك على رجل دين فَإِذا حلَّ أَجله استباعك مَا عَلَيْهِ إِلَى أجل.
كلل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبرق أكاليل وَجهه. الإكليل: شبه عِصَابَة مزينة بالجوهر. قَالَ الْأَعْشَى فِي هَوْذَة بن عَليّ. ... لَهُ أكاليل بالياقوت فصلها ... صَوَّاغُها لَا ترَى عَيْباً وَلَا طَبَعا ... جعلت لوجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكاليل على سَبِيل الِاسْتِعَارَة كَمَا جعل لبيد للشمال يدا فِي قَوْله: ... إِذْ أَصْبَحَتْ بيدِ الشَّمالِ زِمَامُها ...(3/273)
وَهُوَ نوع من الِاسْتِعَارَة لطيف دَقِيق المسلك. وَقيل: أَرَادَت نواحي وَجهه وَمَا أحَاط بِهِ من التكلل وَهُوَ الْإِحَاطَة. وَالْقَوْل الْعَرَبِيّ الْفَحْل مَا ذهبت إِلَيْهِ.
كلم اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله. قيل: هِيَ قَوْله تَعَالَى: {فإمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَو تسْرِيحٌ بِإِحْسَان} وَيجوز أَن يُرَاد إِذْنه فِي النِّكَاح والتسري وإحلاله ذَلِك.
كلب ذكر المخدج فَقَالَ: لَهُ ثدي كثدي الْمَرْأَة وَفِي رَأس ثديه شعيرات كَأَنَّهَا كلبة كلب أَو كلبة سنور. هِيَ الشّعْر النَّابِت فِي جَانِبي خطمه وَيُقَال للشعر الَّذِي يخرز بِهِ الإسكاف كلبة عَن الْفراء. وَمن فَسرهَا بالمخالب نظرا إِلَى محنى الكلاليب فِي مخالب الْبَازِي فقد أبعد. ستخرج فِي أمتِي أَقوام تجاري بهم الْأَهْوَاء كَمَا تجاري الْكَلْب بِصَاحِبِهِ لَا يبْقى فِيهِ عرق وَلَا مفصل إِلَّا دخله. الْكَلْب: دَاء يُصِيب الْإِنْسَان إِذا عقره الْكَلْب وَالْكَلب وَهُوَ الَّذِي يضري بِأَكْل لُحُوم النَّاس فَيَأْخذهُ شبه جُنُون فَلَا يعقر أحدا إِلَّا كلب فَهُوَ يعوي عواء الْكَلْب ويمزق على نَفسه ويعقر من أصَاب ثمَّ يصير آخر أمره إِلَى أَن يَمُوت. وأجمعت الْعَرَب على أَن دواءه قَطْرَة من دم ملك يخلط بِمَاء فيسقاه قَالَ الفرزدق: ... وَلَو شرب الكَلْبَي المِرَاضُ دماءَنا ... شفاها من الدَّاء الَّذِي هُوَ أدنف ... وَفِي الحَدِيث: إِن الْحجَّاج كتب إِلَى أنس ليلزم بَابه فَكتب أنس إِلَى عبد الْملك فَكتب عبد الْملك إِلَى الْحجَّاج أَن ائْتِ أنسا وَاعْتذر إِلَيْهِ. فَأَتَاهُ فَقَالَ وأبلغ. ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة اعذرني يَرْحَمك الله فَإِن النَّاس قد اكلوا فِي عدواتي لحم كلب كَلِب.(3/274)
وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: إِن الدُّنْيَا لما فُتحت على أَهلهَا كلبوا فِيهَا وَالله أَسْوَأ الْكَلْب وَعدا بَعضهم على بعض بِالسَّيْفِ.
كلب وَقَالَ فِي بعض كَلَامه: فَأَنت تتجشأ من الشِّبَع بشماً وجارك قد دمى فوه من الْجُوع كَلْبا. أَي حرصا على شَيْء يُصِيبهُ. إِن عرْفجَة بن أسعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أُصيب أَنفه يَوْم الْكلاب فِي الْجَاهِلِيَّة. فاتَّخذ أنفًا من ورق. فَأَنْتن عَلَيْهِ فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَّخذ أنفًا من ذهب. يَوْم الْكلاب من أَيَّام الوقائع. وَالْكلاب: ماءٌ بَين الْكُوفَة وَالْبَصْرَة. الْوَرق: الْفضة. اسْتشْهد بِهِ مُحَمَّد رَحمَه الله على جَوَاز شدّ السن الناغضة بِالذَّهَب. وَقَالَ: إِن الْفضة تريح دون الذَّهَب فَكَانَت الْحَاجة إِلَيْهِ ماسة. وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي الذَّهَب رِوَايَتَانِ. وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه كتب فِي الْيَد إِذا قُطعت أَن تحسم بِالذَّهَب فَإِنَّهُ لَا يقيح. وَيَقُول أهل الْخِبْرَة: إِن الْفضة تصدأ وتنتن وتبلى فِي الحمأة وَأما الذَّهَب فَلَا يبليه الثرى وَلَا يصدئه الندى وَلَا تنقصه الأَرْض وَلَا تَأْكُله النَّار. وَعَن الْأَصْمَعِي: إِنَّه كَانَ يَقُول: إِنَّمَا هُوَ من ورق ذهب إِلَى الرَّق الَّذِي يكْتب فِيهِ. وَيَردهُ أَنه روى: فَاتخذ أنفًا من فضَّة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ ابْن عَبَّاس حِين لعن فَرَآهُ مغتما بِمن يسْتَخْلف بعده فَجعل ابْن عَبَّاس يذكر لَهُ أَصْحَابه فَذكر عُثْمَان فَقَالَ: كلِفٌ بأقاربه وروى: أخْشَى حفده وأثرته. قَالَ: فعلي. قَالَ: ذَاك رجل فِيهِ دعابة. قَالَ: فطلحة. قَالَ: لَوْلَا بِأَو فِيهِ وروى أَنه قَالَ: الأكنع إِن فِيهِ بأواً أَو نخوة قَالَ: فالزبير.(3/275)
قَالَ وعقة لقس وروى: ضرس ضبيس. أَو قَالَ: ضميس. قَالَ: فعبد الرَّحْمَن. قَالَ: أوه ذكرت رجلا صَالحا لكنه ضَعِيف. وَهَذَا الْأَمر لَا يصلح لَهُ إِلَّا اللين من غير ضعف وَالْقَوِي من غير عنف وروى: لَا يصلح أَن يَلِي هَذَا الْأَمر إِلَّا حصيف الْعقْدَة قَلِيل الْغرَّة الشَّديد فِي غير عنف اللين فِي غير ضعف الْجواد فِي غير سرف الْبَخِيل فِي غير وكف. قَالَ: فسعد بن أبي وَقاص قَالَ: ذَلِك يكون فِي مقنب من مقانبكم. الكلف: الإيلاع بالشَّيْء مَعَ شغل قلب ومشقة. يُقَال: كلف فلَان بِهَذَا الْأَمر وبهذه الْجَارِيَة فَهُوَ بهَا كلف مُكَلّف. وَمِنْه الْمثل: لَا يكن حبك كلفا وَلَا بغضك تلفا. وَهُوَ من كلف الشَّيْء بِمَعْنى تكلَّفه. وَفِي أمثالهم كلفت إِلَيْك عرق الْقرْبَة. ويروى: جشمت. وَلكنه ضمن معنى أولع وسدك فَعدى بِالْبَاء. وَمِنْه: أَخذ الكلف فِي الْوَجْه للزومه وَتعذر ذَهَابه كَأَن فِيهِ ولوعا. حفده: أَي خفوفه فِي مرضاة أَقَاربه وَحَقِيقَة الحفد الْجمع. وَهُوَ من أَخَوَات الحفل والحفش وَمِنْه المحفد بِمَعْنى المحفل. واحتفد بِمَعْنى احتفل عَن الْأَصْمَعِي. وَقيل لمن يخف فِي الْخدمَة وللسائر إِذا خبَّ حافد لِأَنَّهُ يحتشد فِي ذَلِك وَيجمع لَهُ نَفسه وَيَأْتِي بخطاه متتابعة. ويصدقه قَوْلهم: جَاءَ الْفرس يحفش أَي يَأْتِي بجري بعد جري. والحفش: هُوَ الْجمع. وَمِنْه: وَإِلَيْك نسعى ونحفد. وَتقول الْعَرَب للأعوان والخدم: الحفدة. الأثرة: الاستئثار بالفيء وَغَيره. الدعابة كالمزاحة ودعب يدعب كمزح يمزح وَرجل دعب ودعابة. البأو: وَالْعجب الْكبر. الأكنع: الأشل. كنعت أَصَابِعه كنعاً إِذا تشنجت.(3/276)
وكنع يَده: أشلها عَن النَّضر. وَقد كَانَت أُصيبت يَده مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَاه بهَا يَوْم أُحد. النخوة: العظمة وَالْكبر. وَقد يَجِيء كزهى وانتخى. وَرجل وعقة ولعقة ووعق لعق إِذا كَانَ فِيهِ حرص وَوُقُوع فِي الْأَمر بِجَهْل وضيق نفس وَسُوء خلق. قَالَ [الأخطل] : ... مَوَطَّأُ البيتِ مَحْمُود شمائِلُهُ ... عِنْد الحمالةِ لاكَزّ ولاَ وَعِق ... ويخفف / فَيُقَال: وعقة ووعق وَهُوَ من العجلة والتسرع. يُقَال: أوعقتني مُنْذُ الْيَوْم أَي أعجلتني. ووعقت عليّ: عجلت عليّ. وَأَنت وعق أَي نزق. وَمَا أوعقك عَن كَذَا أَي مَا أعجلك. وَمِنْه الوعيق بِمَعْنى الرَّعيق وَهُوَ مَا يسمع من جردان الْفرس إِذا تقلقل فِي قنبه عِنْد عدوه. لقست نَفسه الى الشَّيْء: إِذا نازعته إلله وحرصت عَلَيْهِ لقساً وَالرجل لقس: وَقيل لقست: خبثت. وَعَن أبي زيدة: اللقس هُوَ الَّذِي يُلقِّب النَّاس ويسخر مِنْهُم. وَيُقَال: النقس بالنُّون ينقس النَّاس نقساً. الضَّرس: الشَّرس الذعر من النَّاقة الضروس وَهِي الَّتِي تعض حالبها. وَيُقَال: اتَّقِ النَّاقة فَإِنَّهَا بجنّ ضراسها أَي بحدثان نتاجها وَسُوء خلقهَا فِي هَذَا الْوَقْت وَذَلِكَ لشدَّة عطفها على وَلَدهَا. الضبس والضمس: قريبان من الضَّرس. يُقَال: فلَان ضبس شرس وَجمعه أضباس. الضمس: المضغ. الوكف: الْوُقُوع فِي المأثم وَالْعَيْب وَقد وكف فلَان يوكف وكفا وأوكفته أَنا إِذا أوقعته فِيهِ. قَالَ: ... الحافِظُو عورةَ الْعَشِيرَة لَا يَأ ... تيهِمُ من وَرَائهمْ وَكَفُ ...(3/277)
وَهُوَ من وكف الْمَطَر إِذا وَقع. وَمِنْه توكف الْخَبَر وَهُوَ توقعه. المقنب من الْخَيل: الْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ وَفِي كتاب الْعين: زهاء ثَلَاثمِائَة يَعْنِي أَنه صَاحب جيوش وَلَا يصلح لهَذَا الْأَمر.
كلب عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى ابْن عَبَّاس حِين أَخذ من مَال الْبَصْرَة مَا أَخذ: إِنِّي أَشْرَكتك فِي أمانتي وَلم يكن رجل من أَهلِي أوثق مِنْك فِي نَفسِي فَلَمَّا رَأَيْت الزَّمَان على ابْن عمك قد كلب والعدو قد حَرْب قلبت لِابْنِ عمك ظهر الْمِجَن بِفِرَاقِهِ مَعَ المفارقين وخذلانه مَعَ الخاذلين واختطفت مَا قدرت عَلَيْهِ من أَمْوَال الْأمة اختطاف الذِّئْب الْأَزَل دامية الْعُزَّى. وَفِيه ضحِّ رويداً فَكَأَن قد بلغت المدى وَعرضت عَلَيْك أعمالك بِالْمحل الَّذِي يُنَادي المغتر بالحسرة ويتمنى المضيع التَّوْبَة والظالم الرّجْعَة. كلب الدَّهْر: إِذا ألحَّ على أَهله ودهر كلب وَهُوَ من الْكَلْب الَّذِي تقدم ذكره يُقَال: حَرْب الرجل مَاله إِذا سلبه كُله فحرب حَربًا. ثمَّ قيل للغضبان: حَرْب وَقد حَرْب إِذا غضب. وَأسد حَرْب ومحرب أَي مغضب. ضحِّ رويداً: مثلٌ فِي الْأَمر بالرفق وَالصَّبْر قَالُوا: أَصله من تضحية الْإِبِل وَهِي تغديتها وَأَن يتَقَدَّم إِلَى الرَّاعِي برعي الْإِبِل فِي وَقت الضُّحَى وتأخيرها عَن وُرُود المَاء إِلَى أَن تستوفى ضحاءها فَيكون وُرُودهَا عَن عَطش. وعش رويدا مثل وَهُوَ أَن يُؤَخر عَن الإراحة إِلَى المأوى بِتَرْكِهَا تستوفى عشاءها ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى اسْتعْمل فِي الرِّفق بِالْأَمر والتأني فِيهِ. قَالَ أَبُو زيد: ضحَّيت عَن الشَّيْء وعشَّيت عَنهُ أَي رفقت بِهِ.(3/278)
الْكَاف مَعَ الْمِيم
كمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على أَبْوَاب دور متسفلة فَقَالَ اكموها وروى: أكيموها. الكمى: السّتْر. يُقَال: كمى شَهَادَته وسرَّه. قَالَ: ... كم كاعبٍ مِنْهُم قَطَعْت لسانَها ... وتركتها تَكْمِى الجليَّةَ بالعِلَل ... وَمِنْه الكمى. والإكامة: الرّفْع من الْكُوفَة وَهِي الرملة المشرفة والكوم: السنام وَجمعه أكوام وناقته كوماء. واكتام الرجل إِذا تطاول اكتياما. وَالْمعْنَى استروها لِئَلَّا تقع الْعُيُون عَلَيْهَا أَو ارفعوها لِئَلَّا يهجم عَلَيْهَا السَّيْل.
كمكم عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى جَارِيَة متكمكمة فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: أمة لفُلَان فضربها بِالدرةِ ضربات وَقَالَ: يَا لكعاء أتشبَّهين بالحرائر يُقَال: كمكمت الشَّيْء إِذا أخفيته وتكمكم فِي ثَوْبه: تلفف فِيهِ وَهُوَ من معنى الكمّ وَهُوَ السّتْر وَالْمرَاد أَنَّهَا كَانَت مُتَقَنعَة أَو متلففة فِي لباسها لَا يَبْدُو مِنْهَا شَيْء وَذَلِكَ من شَأْن الْحَرَائِر. لكع الرجل لكعاً ولكاعة إِذا لؤم وحمق فَهُوَ ألكع وَهِي لكعاء.
كمى حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ للدابة ثَلَاث خرجات خرجَة فِي بعض الْبَوَادِي ثمَّ تنكمي. انكمى: مُطَاوع كماه. والكمى والكم والكمن أَخَوَات بِمَعْنى السّتْر.(3/279)
كمد عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الكماد مَكَان الكيِّ والسعوط مَكَان النفخ. واللدود مَكَان الغمز. هُوَ أَن تسخن خرقَة وسخة دسمة ويتابع وَضعهَا على الوجع وَمَوْضِع الرّيح حَتَّى يسكن. وَاسم تِلْكَ الْخِرْقَة الكمادة من أكمد القصَّار الثَّوْب إِذا لم يُنقِّ غسله وَأَصله الكمدة. والكمد: تغير اللَّوْن وَذَهَاب مَائه وصفائه وأكمده الْحزن: غير لَونه. وَيُقَال: كمدت الوجع تكميدا. والنفخ: أَن يشتكي الْحلق فينفخ فِيهِ. والغمز: أَن تسْقط اللهاة فتُغمز بِالْيَدِ. أَرَادَت أَن هَذِه الثَّلَاثَة وتوضع مَكَانهَا فَإِنَّهَا تُؤدِّي مؤدَّاها فِي النَّفْع والشفاء وَهِي أسهل مأخذاً وَأَقل مئونة على صَاحبهَا.
الْكَاف مَعَ النُّون
كنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ للرؤيا كُنّى وَلها أَسمَاء فكنُّوها بكُناها واعتبروها بأسمائها والرؤيا لأوَّل عَابِر. قَالُوا فِي معنى كنوها بكناها مكاها مثلُوا لَهَا إِذا عبَّرتم كَقَوْلِك فِي النّخل: إِنَّهَا رجال ذَوُو أَحْسَاب من الْعَرَب. وَفِي الْجَوْز: إِنَّهَا رجال من الْعَجم لِأَن النّخل أَكثر مَا يكون بِبِلَاد الْعَرَب والجوز بِبِلَاد الْعَجم. وَفِي معنى اعتبروها بأسمائها اجعلوا أَسمَاء مَا يُرى فِي الْمَنَام عِبْرَة وَقِيَاسًا. نَحْو أَن ترى فِي الْمَنَام رجلا يُسمى سالما فتؤوله بالسلامة أَو فتحا فتؤوله بالفرح. وَقَوله: والرؤيا لأوّل عَابِر نَحْو قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرُّؤْيَا على رجل طَائِر(3/280)
مَا لم تعبَّر فَإِذا عُبِّرت فَلَا تقصَّها إِلَّا على وادٍ أَو ذِي رَأْي. وَقيل: لَيْسَ الْمَعْنى أَن كل من عبَّرها وَقعت على مَا عبَّر وَلَكِن إِذا كَانَ العابر الأول عَالما بِشُرُوط الْعبارَة فاجتهد وأدَّى شرائطها ووُفق للصَّوَاب فَهِيَ واقعةٌ على مَا قَالَ دون غَيره.
كنف تَوَضَّأ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأدْخل يَده فِي الْإِنَاء فكنفها فَضرب بِالْمَاءِ وَجهه. أَي جمعهَا وَجعلهَا كالكنف لأحذ المَاء.
كنع عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: لما هبطنا بطن الروحاء عارضت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة تحمل صبياًّ بِهِ جُنُون فحبس الرَّاحِلَة ثمَّ اكتنع إِلَيْهَا فَوَضَعته على يَده فَجعله بَينه وَبَين وَاسِطَة الرَّحل وروى: فَأخذ بنخرة الصَّبِي فَقَالَ: اخْرُج باسم الله فَعُوفِيَ. يُقَال: كنع كنوعا إِذا قرب واكتنع نَحْو اقْترب وَيُقَال: أكنع إليَّ الْإِبِل أَي أدنها. والمُكنع: السقاء بدني فوه من الغدير فَيمْلَأ. وَالْمعْنَى مَال إِلَيْهَا مقتربا مِنْهَا حَتَّى وضعت الصَّبِي على يَدَيْهِ. النخرة: مقدم الْأنف. ونخرتاه: منخراه.
كنف أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أشرف من كنيف وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس ممسكته وَهِي موشومة الْيَدَيْنِ حِين اسْتخْلف عمر فَكَلَّمَهُمْ. أَي من ستْرَة وكل مَا ستر فَهُوَ كنيف نَحْو الحظيرة وَمَوْضِع الْحَاجة والترس وَغير ذَلِك.
كنع خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما انْتهى إِلَى العُزَّى ليقطعها قَالَ لَهُ السادن: يَا خَالِد إِنَّهَا قاتلتك إِنَّهَا مُكنعتك. وَإنَّهُ أقبل بِالسَّيْفِ وَهُوَ يَقُول: ... يَا عُزّ كُفْرانَكِ لَا سُبْحَانكِ ... إِنِّي رأيتُ اللهَ قد أَهانَكِ ...(3/281)
وضربها فجز لَهَا بِاثْنَيْنِ. أَي مقبِّضة يَديك ومشلَّتهما. كُفْرَانك: أَي أكفر بك وَلَا أسبِّحك. الجزل والجذب والجزح والجز والجزر والجزع والجزم أَخَوَات فِي معنى الْقطع.
كنز أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بشِّر الكنازين برضفة فِي الناغض. هم الَّذِي يكنزون وَلَا يُنْفقُونَ فِي سَبِيل الله. الرضفة: وَاحِدَة الرَّضف وَهِي الْحجر المحمى. الناغض: فرع الْكَتف لنغضانه.
كنز ابْن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي التوارة: إِنَّمَا بَعَثْتُك لتمحو الْخمر وَالْميسر والمزامير الكنارات وَالْخمر وَمن طعمها. وَأقسم رَبنَا بِيَمِينِهِ وَعزة حيله لَا يشْربهَا أحد بعد مَا حرمتهَا عَلَيْهِ إِلَّا سقيته إِيَّاهَا من الْحَمِيم. الكنارة: فسرت فِي زف. الطّعْم بِمَعْنى الذَّوْق يَسْتَوِي فِيهِ الْمَأْكُول والمشروب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ومَنْ لم يطْعَمْه فإنَّه مِنى} وَفِي قَول الحطيئة: ... الطَّاعِم الكاسِي ... قَالَ بَعضهم: الكاسي: الْخمر أَرَادَ الذائق الْخمر. الحَيْل والحول بِمَعْنى وهما الْحِيلَة.
كنف عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا يرحم الله الْمُهَاجِرَات الأول لما أنزل الله: وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ شققْنَ أكنف مُرُوطهنَّ فَاخْتَمَرْنَ بهَا.(3/282)
كنف أَي أسترها.
كنص كَعْب رَحمَه الله تَعَالَى أول من لبس القباء سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام فَكَانَ إِذا أَدخل رَأسه للبس الثِّيَاب كنصت الشَّيَاطِين. أَي حركت أنوفها استهزاءً بِهِ. يُقَال: كنص فلَان فِي وَجه صَاحبه إِذا اسْتَهْزَأَ بِهِ. الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي الْخطْبَة الَّتِي خطبهَا فِي الْإِصْلَاح بَين الأزد وَتَمِيم: كَانَ يُقَال كل أَمر ذِي بَال لم يحمد الله فِيهِ فَهُوَ أكنع. أَي نَاقص أَبتر من كنع قَوَائِم الدَّابَّة إِذا قطعهَا ويصدقه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ الْحَمد لله فَهُوَ أقطع وَرُوِيَ أَبتر. فِي الحَدِيث: أعوذ بِاللَّه من الكنوع. القُنُوع والكُنُوع بِمَعْنى وهما التذلل للسؤال وَرُوِيَ: قَول الشماخ: ... أعَفُّ من القُنُوع
بِالْكَاف أَيْضا. إِن الْمُشْركين لما قربوا من الْمَدِينَة يَوْم أحد كنعوا عَنْهَا. أَي أحجموا عَن الدُّخُول فِيهَا. يُقَال: كَنَع يَكْنَع كنوعا إِذا هرب وَجبن وَمَا أكنعه وأجبنه قَالَ: ... وبالكهف عَن متن الخشاش كنوع
كنى رَأَيْت علجا يَوْم الْقَادِسِيَّة قد تكنى وتحجى فَقتلته. أَي تستر وَمِنْه كنى عَن الشَّيْء إِذا وري عَنهُ وَيجوز أَن يكون أَصله تكنن فَقيل تكنى كتظنى فِي تَظنن. والحجا: السّتْر واحتجاه كتمه. وَقيل: التحجي الزمزمة.(3/283)
الْكَاف مَعَ الْوَاو
كوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ربيِّ حرَّم عليَّ الْخمر والكوبة والقِّنين. مر تَفْسِيرهَا فِي عر. القنين بِوَزْن السّكيت: الطنبور عَن ابْن الْأَعرَابِي. وقنن إِذا ضرب بِهِ. وَيُقَال: قننته بالعصا أقنّه قناًّ أَي ضَربته. وَقيل: لعبة للروم يتقامرون بهَا.
كوم أعظم الصَّدقة رِبَاط فرس فِي سَبِيل الله لَا يمْنَع كومه. يُقَال: كام الْفرس أنثاه كوماً إِذا علاها للسفاد. والتركيب فِي معنى الِارْتفَاع والعلو. عليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى بِالْمَالِ فكوَّم كومة من ذهب وكومة من فضَّة. وَقَالَ: يَا حَمْرَاء وَيَا بَيْضَاء احمرِّي وابيضِّي وغُرِّي غَيْرِي. ... هَذَا جناي وخِيارُه فِيهِ ... إِذْ كلُّ جَانٍ يَدُه إِلَى فِيه ... وروى: وهجانه فِيهِ. الكومة: الصُّبرة من الطَّعَام وَغَيره وتكويمها: رَفعهَا وإعلاؤها. الهجان: الْخَالِص. وَهَذَا مثل ضربه للتنزه من المَال وَأَنه لم يتلطخ مِنْهُ بِشَيْء وَلم يستأثر. وأصل الْمثل مَذْكُور فِي كتاب المستقصى.
كوث قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من كن سَائِلًا [عَن نسبتنا فإنَّا قوم من كوثى(3/284)
كوث قَالَ لَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رجل: أَخْبرنِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن أصلكم] معاشر قُرَيْش. قَالَ: نَحن قوم من كوثى أَرَادَ كوثى الْعرَاق وَهِي سرَّة السَّواد وَبهَا ولد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَهَذَا تبرؤ من الْفَخر بالأنساب وَتَحْقِيق لقَوْله تَعَالَى: {إنَّ أكْرَمكم عِنْد الله أَتْقَاكُم} . وَقيل: أَرَادَ كوثى مَكَّة وَهِي محلّة بني عبد الدَّار يَعْنِي أَنا مكيون. وَالْوَجْه هُوَ الأول ويعضده مَا يرْوى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: نَحن معاشر قُرَيْش حَيّ من النبط من أهل كوثى.
كوع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بعث بِهِ أجوه إِلَى خَيْبَر فقاسمهم الثَّمَرَة فسحروه فتكوعت أَصَابِعه فَغَضب عمر فنزعها مِنْهُم. وروى: دفعوه من فَوق بَيت ففدعت قدمه. عَن الْأَصْمَعِي: كوَّعه وكنَّعه بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ شبه الإشلال فِي الرجل وَالْيَد. قَالَ يَعْقُوب: ضربه فكوَّعه أَي صيَّر أكواعه معوَّجة. الفدع: زيغ بَين الْقدَم وَعظم السَّاق. الضَّمِير فِي فنزعها إِلَى خَيْبَر.
كوى قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنِّي لأغتسل قبل امْرَأَتي ثمَّ أتكوى بهَا أَي [أتدفأ فأصطلي] بحرِّ جَسدهَا. من كويته وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: تكوَّى الرجل إِذا دخل فِي مَوضِع ضيِّق متقبِّضا فِيهِ كَأَنَّهُ دخل كوَّة يُرِيد ثمَّ أستدفئ بهَا متقبضا.
كوس سَالم بن عبد الله رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ جَالِسا عِنْد الْحجَّاج فَقَالَ: مَا نَدِمت على(3/285)
شَيْء ندمي على ألاَّ أكون قتلت ابْن عمر. فَقَالَ عبد الله: أما وَالله لَئِن فعلت لكوَّسك الله فِي النَّار رَأسك أسفلك. أَي لقلبك فِيهَا على رَأسك. يُقَال: كوَّسته فكاس. وَمِنْه كوس العقير لِأَنَّهُ يركب رَأسه بعد العرقبة. رَأسك أسفلك: نَحْو فَاه إِلَى فيّ فِي قَوْلهم: كلَّمته فَاه إِلَى فيّ فِي وُقُوعه موقع الْحَال. وَمَعْنَاهُ: لكوَّسك جاعلا أعلاك أسفلك وَلَو زعمت نصب الرَّأْس على الْبَدَل لم يستقم لَك.
كَانَ الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله إِن هَذَا الْقُرْآن كَائِن لكم أجرا وكائن عَلَيْكُم وزراً فاتَّبعوا الْقُرْآن وَلَا يتبعنكم الْقُرْآن فَإِن من يتَّبع الْقُرْآن هَبَط بِهِ على رياض الْجنَّة وَمن يتبعهُ الْقُرْآن يزخُّ فِي قَفاهُ حَتَّى يقذف بِهِ فِي نَار جَهَنَّم. أَي سَبَب أجرٍ إِن عملتم بِهِ وَسبب وزر إِن تَرَكْتُمُوهُ. فاتَّبِعوه معي. . وَلَا يتبعنكم أَي [لَا يطلبنكم] فتكونوا. . ظهوركم لِأَنَّهُ [إِذا اتبعهُ] كَانَ بَين يَدَيْهِ [وَإِذا خَالفه] كَانَ خَلفه و ... . لَا يَجْعَل حَاجَتي ... . . لَا يَدعهَا فَتكون ... الشّعب قَوْله تَعَالَى: وَرَاء ظُهُورهمْ أما ... . بَين أَيْديهم وَلَا كن ... . الزخ: الدّفع فِي ... . . قَفاهُ.(3/286)
كوس قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى ذكر أَصْحَاب الأيكة فَقَالَ: كَانُوا أَصْحَاب شجر متكاوس أَو متكادس. أَي ملتف من تكاوس لحم الْغُلَام إِذا تراكب. والمتكاوس فِي ألقاب الْعرُوض. والمتكادس من تكدست الْخَيل إِذا تراكبت.
كوز الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ ملك من مُلُوك هَذِه الْقرْيَة يرى الْغُلَام من غلمانه يَأْتِي الحُبَّ فيكتاز مِنْهُ ثمَّ يجرجر قَائِما. فَيَقُول: يَا لَيْتَني مثلك ثمَّ يَقُول: يَا لَهَا نعْمَة تَأْكُل لذَّة وتُخرج سرحا. أَي يغترف بالكوز. يجرجر: يحدر المَاء فِي جَوْفه. يُقَال: جرجر المَاء إِذا شربه مَعَ صَوت الجرع. سرحا: سهلة وَكَانَ بِهَذَا الْملك أُسر فتمنى حَال غُلَامه فِي نجاته مِمَّا كَانَ بِهِ. وَالْخطاب فِي تَأْكُل للغلام أَي تَأْكُل مَا تلتذ بِهِ وَيخرج مِنْك سهلا من غير مشقة.
الْكَاف مَعَ الْهَاء
كهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعطس بعض الْقَوْم فَقلت: يَرْحَمك الله فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ وَجعلُوا يضْربُوا بِأَيْدِيهِم على أَفْخَاذهم فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يصمتونني قلت: واثكل أُمياه مالكم تُصمِّتونني فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته فبأبي هُوَ وَأمي مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده كَانَ أحسن تَعْلِيما مِنْهُ مَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي وَلَا كَهَرَنِي قَالَ: إِن(3/287)
هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هِيَ للتسبيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن.
كهر الْكَهْر والهر والقهر: أَخَوَات. وَفِي قِرَاءَة عبد الله: _ فأمَّا الْيُتْم فلاتكهر) . يُقَال: كهرت الرجل إِذا زبرته واستقبلته بِوَجْه عَابس وَفُلَان ذُو كهرورة. وَأنْشد أَبُو زيد لزيد الْخَيل: ... ولَسْتُ بذِي كُهْرُورَةٍ غيرَ أَنَّنِي ... إِذا طلعت أولى الْمُغيرَة أعبس ...
كهل سَأَلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا أَرَادَ الْجِهَاد مَعَه: هَل فِي اهلك من كَاهِل قَالَ: لَا مَا هم إِلَّا أصيبية صغَار قَالَ: ففيهم فَجَاهد وروى: من كَاهَل. أَرَادَ بالكاهل من يقوم بأمرهم وَيكون لَهُم عَلَيْهِ محمل شبهه بكاهل الْبَعِير وَهُوَ مقدَّم ظَهره وَهُوَ الثُّلُث الْأَعْلَى مِنْهُ فِيهِ سِتّ فقرات وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمحمل أَلا ترى إِلَى قَول الأخطل: ... رَأَيْت الوليدَ بْنَ اليزيدِ مَباركا ... قوِيًّا بأحْنَاءِ الخلافةِ كَاهِلُهْ ... كَاهِل الرجل واكتهل إِذا صَار كهلاً وَهُوَ الَّذِي وخطه الشيب وَرَأَيْت لَهُ بجالة. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: أَنه أنكر الْكَاهِل وَزعم أَن الْعَرَب تَقول الَّذِي يخلف الرجل فِي أَهله وَمَاله كَاهِن وَقد كهنني فلَان يكهنني كهوناً وكهانة وَقَالَ: فإمَّا أَن تكون اللَّام مبدلة من النُّون أَو أَخطَأ سمع السَّامع فَظن أَنه بِاللَّامِ.
كهى [ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا] جَاءَتْهُ امْرَأَة وَهُوَ فِي مَجْلِسه قَالَ: مَا شَأْنك قَالَت: فِي نَفسِي مَسْأَلَة وَأَنا أكتهيك أَن أُشافك بهَا. قَالَ: فاكتبيها فِي بطاقة وروى: فِي نطاقة. أَي أُجلك وأُعظمك من النَّاقة الكهاة وَهِي الْعَظِيمَة السنام. أَو أحتشمك(3/288)
من قَوْلهم للجبان: أكهى وَقد كهى يكهى. وأكهى عَن الطَّعَام بِمَعْنى أقهى إِذا امْتنع عَنهُ وَلم يردهُ لأنَّ المحتشم يمنعهُ التهيب أَن يتَكَلَّم. البطاقة والنطاقة: الرقيعة وَقد سبقت.
كهكة الْحجَّاج كَانَ قَصِيرا أصعر كهاكهاً. هُوَ الَّذِي إِذا نظرت إِلَيْهِ [رَأَيْته] كَأَنَّهُ يضْحك وَلَيْسَ بضاحك من الكهكهة.
كهة فِي الحَدِيث: إِن ملك الْمَوْت قَالَ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وهويريد قبض روحه: كُهَّ فِي وَجْهي. الكهَّة: النكهة وَقد كهَّ ونكه وكُهَّ يَا فلَان وانكهّ أَي أخرج نَفسك. وَيُقَال: إبل كهاكه وَهِي تكهكه إِذا امْتَلَأت من الرَّعي حَتَّى ترى أنفاسها عاليتها من الشِّبَع ويروى: كه فِي وَجْهي بِوَزْن خف. وَقد كاه يكاه كخاف يخَاف.
الْكَاف مَعَ الْيَاء
كيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ وَهُوَ يُقَاتل العدوَّ فَسَأَلَهُ سَيْفا يُقاتل بِهِ فَقَالَ لَهُ: فلعلك إِن أَعطيتك أَن تقوم فِي الكيُّول فَقَالَ: لَا. فَأعْطَاهُ سَيْفا فَجعل يُقَاتل بِهِ وَهُوَ يرتجز وَيَقُول: ... إِنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي ... أَنْ لَا أقومَ الدَّهْرَ فِي الكيول
أضْرب بِسيف الله وَالرَّسُول ... [ضرب غُلَام ماجد بهْلُول] ...(3/289)
كيل فَلم يزل يُقَاتل بِهِ حَتَّى قُتل. وَهُوَ فيعول من كال الزند يَكِيل كَيْلا إِذا كبا وَلم يخرج نَارا فشُبّه مُؤخر الصُّفُوف بِهِ لِأَن من كَانَ فِيهِ لَا يُقَاتل وَيُقَال للجبان: كيُّول أَيْضا وَقد كيَّل. ويعضد هَذَا الِاشْتِقَاق قَوْلهم: صلد الرجل يصلد إِذا فزع وَنَفر شُبِّه بالزَّند إِذا صلد. وَعَن أبي سعيد: الكيول مَا أشرف من الأَرْض يُرِيد تقوم فَوْقه فتبصر مَا يصنع غَيْرك. ذهب إِلَى الْمَعْنى فَقَالَ: عاهدني خليلي وَحقه أَن يَجِيء بالضمير غَائِبا. لَيْسَ إسكان الْبَاء مثله فِي (فاليوم أشْرب) لِأَنَّهُ مُدغم وَلَا كَلَام فِي جَوَازه فِي حَال السعَة.
كيس قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجَابِر فِي الْجمل الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ: أَتَرَى إِنَّمَا كستك لآخذ جملك خُذ جملك وَمَالك فهما لَك. هُوَ من كايسته فكسته أَي كنت أَكيس مِنْهُ نَحْو بايضته فبضته إِذا كنت أشدَّ بَيَاضًا مِنْهُ وروى: إِنَّمَا مَا كستك من المكاس.
كيع مَا زَالَت قُرَيْش كاعَّةً حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالب. أَي جبناء عَن أذاي جمع كائع يُقَال: كعَّ الرجل يكع وكاع يكيع.
كير الْمَدِينَة كالكير تنفى خبثها وتُبضع طيبها. الْكِير: الزقّ الَّذِي ينْفخ فِيهِ. والكور الْمَبْنِيّ من الطين. أبضعته بضاعته إِذا دفعتها إِلَيْهِ.(3/290)
بئْسَمَا لأحدكم أَن يَقُول: نسيت آيَة كَيْت وَكَيْت لَيْسَ هُوَ نسي وَلَكِن نُسِّيَ فاستذكروا الْقُرْآن فَلَهو أَشد تفصيِّا من قُلُوب الرِّجَال من النعم من عقلهَا. يُقَال: كَانَ من الْأَمر كَيْت وَكَيْت وذيت وذيت وكية وكية وذية وذية وَهِي كِنَايَة نَحْو كَذَا وَكَذَا. وَالتَّاء فِي كَيْت بدل من لَام كيَّة. وَنَحْوهَا التَّاء فِي ثِنْتَانِ وَفِي بنائِهِ الحركات الثَّلَاث.
كيل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نهى عَن المكايلة. هِيَ مفاعلة من الْكَيْل وَالْمرَاد الْمُكَافَأَة بالسوء قولا أَو فعلا وَترك الإغضاء وَالِاحْتِمَال. وَقيل: مَعْنَاهُ النَّهْي عَن المقايسة فِي الدّين وَترك االعمل على الْأَثر.
كين أُبيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لزر بن حُبَيْش: كأين تعدُّون سُورَة الْأَحْزَاب فَقَالَ: إِمَّا ثَلَاثًا وَسبعين أَو أَرْبعا وَسبعين. فَقَالَ أقط إِن كَانَت لتقارئ سُورَة الْبَقَرَة أَو هِيَ أطول مِنْهَا. يَعْنِي كم تَعدونَ وَهِي تسْتَعْمل كأختها فِي الْخَبَر والاستفهام. يُقَال: كأين رجلا عِنْدِي وبكأين هَذَا الثَّوْب وَأَصلهَا كأي فقدِّمَت الْيَاء على الْهمزَة ثمَّ خُفِّفت فبقى كيئ بِوَزْن طَيئ ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا كَمَا فعل فِي طائي. أقط: أَحسب. تقارئ: تفَاعل من الْقِرَاءَة أَي تجاريها مدى طولهَا فِي الْقِرَاءَة.
كيد ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا نظر إِلَى جوَار قد كدن فِي الطَّرِيق فَأمر أَن ينحين.(3/291)
كيد أَي حضن. يُقَال: كَادَت الْمَرْأَة تكيد كيدا وكل شَيْء تعالجه بِجهْد فَأَنت تكيده وَمِنْه كيد الْعَدو. والمختضر يكيد بِنَفسِهِ والكيد: الْقَيْء. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: إِذا بلغ الصَّائِم الكيد أفطر.(3/292)
حرف اللَّام
اللَّام مَعَ الْهمزَة
لأم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انْصَرف من الخَنْدَق وَوضع لامته أَبَاهُ جِبْرِيل فَأمره بِالْخرُوجِ إِلَى بني قُرَيْظَة. هِيَ الدرْع سميت لالتئامها وَجَمعهَا لأم ولؤم. واستلأم الرجل: لبسهَا.
لأو فِي الحَدِيث: من كَانَت لَهُ ثَلَاث بَنَات فَصَبر على لأوائهن كنَّ لَهُ حِجَابا من النَّار. أَي على شدتهن. يُقَال: وَقع الْقَوْم فِي لأواء ولولاء وَمِنْه ألاي الرجل إِذا أفلس.
اللَّام مَعَ الْبَاء
لبط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى عَامر بن ربيعَة سهل بن حنيف يغْتَسل. فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جلد مخبأة فلُبط بِهِ حَتَّى مَا يعقل من شدَّة الوجع. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتتهمون أحدا قَالُوا: نعم عَامر بن ربيعَة وَأَخْبرُوهُ بقوله فَأمر أَن يغسل لَهُ فَفعل فراح مَعَ الرَّكب. لبج بِهِ ولبط بِهِ: أَخَوان أَي صرع بِهِ. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه خرج وقريش ملبوط بهم أَي سُقُوط بَين يَدَيْهِ. رووا عَن الزُّهْرِيّ فِي كَيْفيَّة الْغسْل: قَالَ: يُؤْتى الرجل العائن بقدح فيُدخل كفَّه فِيهِ فيتمضمض ثمَّ يمجه فِي الْقدح ثمَّ يغسل وَجهه فِي الْقدح ثمَّ يُدخل يَده الْيُسْرَى فيصبُّ على كَفه الْيُمْنَى ثمَّ يُدخل يَده الْيُمْنَى فَيصب على كَفه الْيُسْرَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فَيصب على مرفقه الْأَيْمن ثمَّ يُدخل يَده الْيُمْنَى فيصبُّ على مرفقه الْأَيْسَر ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فيصبُّ على قدمه الْيُمْنَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُمْنَى فَيصب(3/293)
على قدمه الْيُسْرَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُسْرَى فَيصب على ركبته الْيُمْنَى ثمَّ يدْخل يَده الْيُمْنَى فَيصب على ركبته الْيُسْرَى. ثمَّ يغسل دَاخِلَة إزَاره وَلَا يُوضع الْقدح بِالْأَرْضِ ثمَّ يصب [ذَلِك المَاء الْمُسْتَعْمل] على رَأس الرجل الَّذِي أُصِيب بِالْعينِ من خَلفه صبةً وَاحِدَة. أَرَادَ بداخلة الْإِزَار: طرفه الدَّاخِل الَّذِي يَلِي جسده وَهُوَ يَلِي الْجَانِب الْأَيْمن من الرجل لِأَن المؤتزر إِنَّمَا يبْدَأ إِذا ائتزر بجانبه الْأَيْمن فَذَلِك الطّرف يُبَاشر جسده. فراح: أَي الْمعِين يَعْنِي أَنه صَحَّ وبرأ.
لبب خَاصم رجل أَبَاهُ عِنْده فَأمر بِهِ فلُبَّ لَهُ. يُقَال: لبَّبت الرجل ولببته مُثقلًا ومخففاً إِذا جعلت فِي عُنُقه ثوبا أَو حبلاً وَأخذت بتلبيبه فجررته والتَّلبيب: مجمع مَا فِي مَوضِع اللَّبب من ثِيَاب الرجل. وَمِنْه لبّب الرجل: إِذا أَخذ الرجل لبب الْوَادي أَي جَانِبه وَفُلَان يلب هَذَا الْجَبَل ولبًّ الطَّرِيق. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه أَمر بِإِخْرَاج الْمُنَافِقين من مَسْجِد فَقَامَ أَبُو أبوب الْأنْصَارِيّ إِلَى رَافع بن وَدِيعَة فلبَّبه بردائه ثمَّ نتره نتراً شَدِيدا. وَقَالَ لَهُ: أدراجك يَا مُنَافِق من مَسْجِد من مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النتر: النفض والجذب يجفوة. الأدراج: جمع درج وَهُوَ الطَّرِيق وَمِنْه الْمثل: خله درج الضَّب. يَعْنِي خُذ أدراجك أَي اذْهَبْ فِي طريقك الَّتِي جِئْت مِنْهَا. وَلَا يُقَال: إِذا أَخذ فِي غير وَجه مَجِيئه. قَالَ الرَّاعِي يصف نسَاء بَات عِنْدهن ثمَّ رَجَعَ: ... لما دَعَا الدعوةَ الأولى فأَسمعني ... أخذتُ بُردىّ فاستمرَرْتُ أَدْرَاجِي ... كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي تلبيته: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك لبيْك.(3/294)
معنى لبيْك دواما على طَاعَتك وَإِقَامَة عَلَيْهَا مرّة بعد أُخْرَى من ألبَّ بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ وألبَّ على كَذَا إِذا لم يُفَارِقهُ وَلم يُستعمل إِلَّا على لفظ التَّثْنِيَة فِي معنى التكرير وَلَا يكون عَامله إِلَّا مضمرا كَأَنَّهُ قَالَ: أُلِبُّ ألبابا بعد إلباب. والتلبية من لبيْك بِمَنْزِلَة التهليل من لَا إِلَه إِلَّا الله. وَفِي حَدِيث سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل رَحمَه الله تَعَالَى: قَالَ: خرج ورقة ابْن نَوْفَل وَزيد بن عَمْرو يطلبان الدّين حَتَّى مرا بِالشَّام فأمَّا ورقة فتنصّر وَأما زيد فَقيل لَهُ: إِن الَّذِي تطلبه أمامك وسيظهر بأرضك فَأقبل وَهُوَ يَقُول: لبيْك حقاًّ حَقًا تعبُّدا وَرقا الْبر أبغى لَا الْخَال. وَهل مهجر كمن قَالَ. أنفي عان راغم. مهما تجشمني فَإِنِّي جاشم. حقاّ: مصدر مُؤَكد لغيره أَعنِي أَنه أكد بِهِ معنى الزم طَاعَتك الَّذِي دلّ عَلَيْهِ لبيْك كَمَا تَقول: هَذَا عبد الله حَقًا فتؤكد بِهِ مَضْمُون جملتك وتكريره لزِيَادَة التَّأْكِيد. وَقَوله: تعبُّداً مفعول لَهُ أَي أُلبي تعبدا. الْخَال: الْخُيَلَاء. قَالَ العجاج: ... والخالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَاب الجَّهال ... المهجِّر: الَّذِي يسير فِي الهجير. قَالَ: من القائلة. مهما: هِيَ مَا المضمنة معنى الشَّرْط مزيدة عَلَيْهَا مَا الَّتِي فِي أَيْنَمَا للتَّأْكِيد. وَالْمعْنَى أَي شَيْء تجشمني فَأَنا جاشمه. يُقَال: جشم الشَّيْء وكُلِّفه. وَعَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يزِيد فِي تلبيته: لبيْك وَسَعْديك(3/295)
وَالْخَيْر من يَديك وَالرَّغْبَة فِي الْعَمَل إِلَيْك لبيْك لبيْك وَقد سبق الْكَلَام فِي سعديك فِي (سع) . وَفِي حَدِيث عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه كَانَ يَقُول فِي تلبيته: لبيْك رَبنَا ووحنانيك. هُوَ استرحام أَي كلما كنت فِي رحمةٍ وَخير فَلَا ينقطعن ذَلِك وَليكن مَوْصُولا بآخر. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: سُبْحَانَ الله وحنانيه كَأَنَّهُ قَالَ: سُبْحَانَ الله واسترحاما. وَفِي حَدِيث عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى: قَالَ للأسود: يَا أَبَا عَمْرو قَالَ: لبيْك. قَالَ: لبَّى يَديك أَي أطيعك وأتصرف بإرادتك وأكون كالشيء الَّذِي تُصرِّفه بيديك كَيفَ شِئْت. وَأنْشد سيبيويه: ... دَعوْتُ لِمَا نَابَنِي مِسْوَراً ... فَلَبَّى فَلَبَّىْ يَدَيْ مِسْوَرِ ... اسْتشْهد بِهَذَا الْبَيْت على يُونُس فِي زَعمه أنَّ لبيْك لَيْسَ تَثْنِيَة لبّ وَإِنَّمَا هُوَ لبَّى بِوَزْن جرَّى قلبت أَلفه يَاء عِنْد الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر كَمَا فعل فِي عَلَيْك وَإِلَيْك.(3/296)
لبن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لبن الْفَحْل: إِنَّه يُحرِّم. هُوَ الرجل لَهُ امْرَأَة ولدٍ لَهُ مِنْهَا ولد فاللبن الَّذِي تُرضعه بِهِ هُوَ لبن الرجل لِأَنَّهُ بِسَبَب إلقاحه فَكل من أَرْضَعَتْه بِهَذَا اللَّبن فَهُوَ محرَّمٌ عَلَيْهِ وعَلى آبَائِهِ وَولده من تِلْكَ الْمَرْأَة وَمن غَيرهَا. وَهَذَا مَذْهَب عَامَّة السّلف وَالْفُقَهَاء. وَعَن سعيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَحمَه الله: أَنه لَا يُحرِّم. وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّه سُئل عَن رجل لَهُ امْرَأَتَانِ أرضعت إِحْدَاهمَا جَارِيَة وَالْأُخْرَى غُلَاما أَيحلُّ للغلام أَن يتَزَوَّج الْجَارِيَة قَالَ: اللقَاح وَاحِد. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّه اسْتَأْذن عَلَيْهَا أَبُو القعيس بعد مَا حُجبت فَأَبت أَن تَأذن لَهُ فَقَالَ: أَنا عمُّك أَرْضَعتك امْرَأَة أخي فَأَبت أَن تَأذن لَهُ حَتَّى جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: هُوَ عمُّك فليلج عَلَيْك.
لبط سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشُّهَدَاء فوصفهم ثمَّ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذين يتلبطون فِي الغرف العُلا من الْجنَّة. وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَاعِز بعد مَا رُجم: إِنَّه ليتلبط فِي رياض الْجنَّة. التلبط: التمرذغ يُقَال فلَان يتلبط فِي النَّعيم أَي يتمرغ فِيهِ ويتقلب. واللبط: الصَّرع والتمريغ فِي الأَرْض. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: إِنَّهَا كَانَت تضرب الْيَتِيم وتلبطه.
لبب صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثوب وَاحِد متلبباً بِهِ. أَي متحزما بِهِ عِنْد صَدره وَكَانُوا يصلونَ فِي ثوب وَاحِد فَإِن كَانَ إزاراً تحزَّم بِهِ وَإِن كَانَ قَمِيصًا زرّه.(3/297)
كَمَا روى: إِنَّه قَالَ: زرَّه وَلَو بشوكة. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ زرّ بن حُبَيْش: قدمت الْمَدِينَة فَخرجت يَوْم عيد فَإِذا رجل متلبب أعْسر أيسر يمشي مَعَ النَّاس كَأَنَّهُ رَاكب وَهُوَ يَقُول: هَاجرُوا وَلَا تهجروا وَاتَّقوا الأرنب أَن يحذفها أحدكُم بالعصا وَلَكِن ليذكّ لكم الأسل الرماح والنبل. قَالَ أَبُو عبيد: كَلَام الْعَرَب أعْسر يسر [وَهُوَ فِي الحَدِيث أيسر وَهُوَ الْعَامِل بكلتا يَدَيْهِ. وَفِي كتاب الْعين: رجل أعْسر] يسر وارمرأة عسراء يسرة. وَعَن أبي زيد: رجل أعْسر يسر وأعسر أيسر والأعسر من العُسرى وَهِي الشمَال قيل لَهَا ذَلِك لِأَنَّهُ يتعسر عَلَيْهَا مَا يَتَيَسَّر على الْيُمْنَى. وَأما قَوْلهم الْيُسْرَى فَقيل: إِنَّه على التفاؤل. التهجر: أَن يتشبه بالمهاجرين على غر صِحَة وإخلاص. الرماح والنبل: بدل من الأسل وَتَفْسِير لَهُ قَالُوا: وَهَذَا دَلِيل على أَن الاسل لَا ينْطَلق على الرماح خَاصَّة وَلقَائِل أَن يَقُول: الرِّماح وَحدهَا بدل والنبل عطف على الأسل.
لبن عَلَيْكُم بالتلبينة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه ليغسل بطن أحدكُم كَمَا يغسل أحدكُم وَجهه من الْوَسخ وَكَانَ إِذا اشْتَكَى أحدٌ من أَهله لم تزل البرمة على النَّار حَتَّى يَأْتِي على أحد طَرفَيْهِ. هِيَ حساء من دَقِيق أَو نخالة يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ السبوساب وَكَأَنَّهُ لشبهه بِاللَّبنِ فِي بياضه سمي بالمرة من التلبين مصدر لبَّن الْقَوْم إِذا سقاهم اللَّبن. حكى الزيَادي عَن الْعَرَب: لبَّناهم فلبنوا أَي سقيناهم اللَّبن فَأَصَابَهُمْ مِنْهُ شبه سُكر.(3/298)
وَمِنْهَا حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التلبينة مجمَّة لفؤاد الْمَرِيض. أَرَادَ بالطرفين: الْبُرْء وَالْمَوْت لِأَنَّهُمَا غَايَة أَمر العليل وَيبين ذَلِك حَدِيث أم سَلمَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشْتَكَى أحد من أَهله وَضعنَا الْقدر على الأثافي وَجَعَلنَا لَهُم لُبَّ الْحِنْطَة بالسمن حَتَّى يكون أحد الْأَمريْنِ فَلَا تنزل إِلَّا على برءٍ أَو موت. وَفِي حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر: إِن ابْنهَا عبد الله بن الزبير دخل عَلَيْهَا وَهِي شاكية مَكْفُوفَة فَقَالَ لَهَا: إِن فِي الْفَوْت لراحة لمثلك. فَقَالَت لَهُ: مَا بِي عجلة إِلَى الْمَوْت حَتَّى آخذ على أحد طرفيك إِمَّا أَن تسْتَخْلف فتقرّ عَيْني وَإِمَّا أَن تقتل فأحتسبك.
لبد عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من لبَّد أَو عقَّص أَو ضفَّر فَعَلَيهِ الْحلق. التلبيد: أَن يَجْعَل فِي رَأسه لزوقا صمغاً أَو عسلا ليتلبد فَلَا يقمل. والعقص: ليّ الشّعْر وَإِدْخَال أَطْرَافه فِي أُصُوله. والضفر: الفتل وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك بقيا على الشَّعر فأُلزم الْحلق عُقُوبَة لَهُ. قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ للبيد قَاتل أَخِيه يَوْم الْيَمَامَة بعد أَن أسلم: أَأَنْت قَاتل أخي يَا جوالق قَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. اللبيد: الجوالق. وَقَالَ قطرب: المخلاة. وألبدت الْقرْبَة: صيرتها فِي لبيد. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِرجلَيْنِ أَتَيَاهُ يسألانه: ألبدا بِالْأَرْضِ حَتَّى تفهما. يُقَال: ألبد بِالْأَرْضِ إلباداً ولبد يلبد لبودا إِذا أَقَامَ بهَا ولزمها فَهُوَ ملبد ولابد.(3/299)
وَمن ذَلِك حَدِيث أبي بردة رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه ذكر قوما يعتزلون الْفِتْنَة فَقَالَ: عِصَابَة ملبدة خماص الْبُطُون من أَمْوَال النَّاس خفاف الظُّهُور من دِمَائِهِمْ. أَي لاصقة بِالْأَرْضِ من فَقرهمْ. وَمِنْه حَدِيث قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذين هم فِي صَلاَتهم خاشعون} . قَالَ الْخُشُوع فِي الْقلب وإلباد الْبَصَر فِي الصَّلَاة. أَي لزمَه مَوضِع السُّجُود. وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: ألبد رَأسه إلبادا إِذا طأطأه عِنْد دُخُول الْبَاب. وَقد لبدا هُوَ لبودا أَي طأطأ الْبَصَر وخفضه. وَعَن حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه ذكر الْفِتْنَة فَقَالَ: فَإِذا كَانَ كَذَلِك فالبدوا لبود الرَّاعِي على عَصَاهُ خلف غنمه. أَي اثبتوا وألزموا مَنَازِلكُمْ كَمَا يعْتَمد الرَّاعِي على عَصَاهُ ثَابتا لَا يبرح.
لب الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضَربته أمه صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب. فَقيل لَهَا: لم تضربينه فَقَالَت: لكَي يلب ويقود الْجَيْش ذَا الجلب. الْمَازِني عَن أبي عُبَيْدَة: لب يلب بِوَزْن عض يعضّ إِذا صَار لبيباً هَذِه لُغَة أهل الْحجاز وَأهل نجد يَقُولُونَ: لبَّ يلبّ بِوَزْن فرَّ يفر. الجلب: الصَّوْت يُقَال: جلب على فرسه جلبا. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَى الطَّائِف فَإِذا هُوَ يرى التيوس تلب أَو تنب على الْغنم خافجة كثيرا. فَقَالَ لمولى لعَمْرو بن الْعَاصِ يُقَال لَهُ هُرْمُز: يَا هُرْمُز مَا شَأْن مَا هَا هُنَا ألم أكن أعلم السبَاع هُنَا كثيرا. قَالَ: نعم وكنها عقدت فَهِيَ تخالط الْبَهَائِم وَلَا تهيجها. فَقَالَ: شعب صَغِير من شعب كَبِير. نبّ التَّيس ينب نبيباً إِذا صوّت عِنْد السِّفاد. وَأما لبَّ فَلم أسمعهُ فِي غير هَذَا الحَدِيث وَلَكِن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال لجلبة الْغنم لبالب وَأنْشد أَبُو الْجراح:(3/300)
.. وخَصْفَاءَ فِي عامٍ مَيَاسير شاؤُه ... لَهَا حول أَطْنَابٍ البيوتِ لبَالِبُ ... الخصفاء: الْغنم إِذا كَانَت معزاً وضأناً مختلطة. مياسير: من يسرت الْغنم. ولمضاعفي الثلاثي والرباعي من التوارد والالتقاء مَا لَا يعز. خافجة: أَي سافدة وَفِي كتاب الْعين: الخفج من المباضعة وَأنْشد: ... أَخَفْجاً إِذا مَا كُنْتَ فِي الحيّ آمِنا ... وجُبْناً إِذا مَا المشرفَّية سُلَّت ... عقدت: أُخذت كَمَا تُؤْخَذ الرّوم الهوامَّ بالطلَّسم. الشّعب الأول بِمَعْنى الْجمع والإصلاح وَالثَّانِي بِمَعْنى التَّفْرِيق والإفساد. أَي صَلَاح يسير من فَسَاد كَبِير كره ذَلِك لِأَنَّهُ نوع من السحر.
لبن خَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا بَكت فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يبكيك قَالَت: درَّت لبينة الْقَاسِم فَذَكرته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو مَا ترْضينَ أَن تكفله سارة فِي الْجنَّة قَالَت: لَوَدِدْت أَنِّي علمت ذَلِك فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمد إصبعه وَقَالَ: لَئِن شِئْت لأدعون الله أَن يُرِيك ذَلِك. قَالَت: بل أُصدق الله وَرَسُوله. هِيَ تَصْغِير اللبنة وَهِي الطَّائِفَة القليلة من اللَّبن وَقد مرت لَهَا نَظَائِر. وَاللَّام فِي (لَوَدِدْت) للقسم وَالْأَكْثَر أَن يقْتَرن بهَا قد.
لبد عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أخرجت كسَاء للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملبَّداً أَي مرقَّعاً. يُقَال: لبدت الْقَمِيص ألبده ولبَّدته وألبدته. وَقَالَ الْأَزْهَرِي الْقَبِيلَة: الْخِرْقَة الَّتِي يرقع بهَا قبُّ الْقَمِيص واللِّبدة الَّتِي يرقع بهَا صَدره.
لبك الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَهُ رجل عَن مَسْأَلَة ثمَّ أَعَادَهَا فقلبها فَقَالَ لَهُ الْحسن: لبكت عَليّ وروى: بكلت عَليّ.(3/301)
لبك كِلَاهُمَا بِمَعْنى خلطت. يُقَال بكَّل الْكَلَام ولبَّكه إِذا أَتَى بِهِ مخلطا غير وَاضح. والبكيلة واللبيكة: السّمن وَالزَّيْت والدقيق إِذا خلطن.
لبج فِي الحَدِيث: تَبَاعَدت شعوب من لبجٍ فَعَاشَ أَيَّامًا. هُوَ اسْم رجل سمى باللَّبج وَهُوَ الشجَاعَة.
اللَّام مَعَ التَّاء
لتت مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: كَانَ رجل يلت السويق لَهُم وَقَرَأَ: {أَفَرَأَيْتُم اللاَت وَالعُزَّى} قَالَ الْفراء: أصل اللاَّت اللاتّ بِالتَّشْدِيدِ لِأَن الصَّنَم إِنَّمَا سُميِّ باسم اللاتّ الَّذِي كَانَ يلت عِنْد هَذِه الْأَصْنَام لَهَا السويق فَخفف وَجعل اسْما للصنم. ولتُّ السويق: جدحه وَالَّذِي يجدح بِهِ من سمن أَو إهالة يُقَال لَهُ اللتات. وَحكى أَبُو عُبَيْدَة عَن بعض الْعَرَب: أَصَابَنَا مطر من صبير لتَّ ثيابنا لتًّا فأروضت مِنْهُ الأَرْض كلهَا أَي بلها. فِي الحَدِيث: فَمَا أبقى مني إِلَّا لتاتا. قَالَ الْأَزْهَرِي: لتات الشّجر: مَا فت من قشره الْيَابِس الْأَعْلَى أَي مَا أبقى مني الْمَرَض إِلَّا جلدا يَابسا كقشر الشَّجَرَة. وَذكر الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه الْكَلِمَة فِي بَاب التَّيَمُّم فِيمَا لَا يجوز التَّيَمُّم بِهِ.(3/302)
اللَّام مَعَ الثَّاء
لثق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب للاستسقاء فحوَّل رِدَاءَهُ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ فَأَنْشَأَ الله سَحَابَة فأمطرت فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لثق الثِّيَاب على النَّاس ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه. اللثق: اللبل يُقَال: لثق الطَّائِر إِذا ابتل جناحاه. قَالَ [يصف الطَّائِر] : لثق الريش إِذا زفَّ زقا. وَيُقَال للْمَاء والطين: لثق وَيُقَال: اتَّقِ اللثق. الناجذ: آخر الْأَسْنَان. وَيُقَال لَهُ ضرس الْحلم. وَمِنْه اشتقوا رجل منجذ. وَقد نجذ نجوذا إِذا نبت وارتفع. وَقيل: النواجذ الأضراس كلهَا. وَقيل: هِيَ الْأَرْبَعَة الَّتِي تلِي الأنياب. وَاسْتدلَّ هَذَا الْقَائِل بِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ جُلَّ ضحكه التبسم فَلَا يَصح وَصفه بإبداء أقْصَى الْأَسْنَان والاستغراب إِلَّا أَنه رفض لِمَعْنى قَول النَّاس: ضحك فلَان حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه وقصدهم بِهِ إِلَى الْمُبَالغَة فِي الضحك وَلَيْسَ فِي إبداء مَا وَرَاء الناب مُبَالغَة فَإِنَّهُ يظْهر بِأول مَرَاتِب الضحك وَلَكِن الْوَجْه فِي وَصفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك أَن يُرَاد مُبَالغَة مثله فِي ضحكه من غير أَن يُوصف بإبداء نَوَاجِذه حَقِيقَة. وكائن ترى مِمَّن ضَاقَ عطنه وجفا عَن الْعلم بجوهر الْكَلَام واستخراج الْمعَانِي الَّتِي تنتحيها الْعَرَب لَا تساعجه اللُّغَة على مَا يلوح لَهُ فيهدم مَا بنيت عَلَيْهِ الأوضاع ويخترع من تِلْقَاء نَفسه وضعا مستحدثا لم تعرفه الْعَرَب الموثوق بعربيتهم وَلَا الْعلمَاء الْأَثْبَات الَّذين تلقَّوها مِنْهُم واحتاطوا وتأنقوا فِي تلقيها وتدوينها ليستتب لَهُ مَا هُوَ بصدده فيضل ويضلّ وَالله حسيبه فَإِن أَكثر ذَلِك يجْرِي مِنْهُ فِي الْقُرْآن الْحَكِيم. فِي المبعث: ... بُغْضُكم عندنَا مُرٌّ مَذَاقَتُه ... وبُغْضُنَا عِنْدَكُمْ يَا قَوْمَنَا لَثْنُ ...(3/303)
زعم الْأَزْهَرِي حاكيا عَن بَعضهم: أَن اللثن: الحلو لُغَة يَمَانِية.
اللَّام مَعَ الْجِيم
لجف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الدَّجَّال وفتنته ثمَّ خرج لِحَاجَتِهِ فانتحب الْقَوْم حَتَّى ارْتَفَعت أَصْوَاتهم فَأخذ بلجفتي الْبَاب فَقَالَ: مَهيم هما عضادتاه وجانباه من قَوْلهم: ألجاف الْبِئْر لجوانبها جمع لجف. وَمِنْه لجف الْحَافِر إِذا عدل بِالْحفرِ إِلَى ألجافها.
لجج إِذا استلجَّ أحدكُم بِيَمِينِهِ فَإِنَّهُ آثم لَهُ عِنْد الله من الْكَفَّارَة. هُوَ استفعال من اللجاج. وَالْمعْنَى أَنه إِذا حلف على شَيْء وَرَأى غَيره خيرا مِنْهُ ثمَّ لجَّ فِي إبرارها وَترك الْحِنْث وَالْكَفَّارَة كَانَ ذَلِك آثم لَهُ من أَن يَحْنَث وَيكفر. وَنَحْوه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفِّر عَن يَمِينه. وَعند أَصْحَابنَا أَن الْيَمين على وُجُوه: يَمِين يجب الْوَفَاء بهَا وَهِي الْيَمين على فعل الْوَاجِب وَترك الْمعْصِيَة. وَيَمِين يجب الْحِنْث فِيهَا وَهِي الْيَمين على فعل الْمعْصِيَة وَترك الطَّاعَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن حلف أَن يعصيه فَلَا يَعْصِهِ. وَيَمِين ينْدب إِلَى الْحِنْث فِيهَا وَهِي الْيَمين على مَا كَانَ فعله خيرا من تَركه. وَيَمِين لَا ينْدب فِيهَا إِلَى الْحِنْث وَهُوَ الْحلف على الْمُبَاحَات. وَفِي حَدِيث الْعِرْبَاض رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: بِعْت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكرا فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ ثمنه فَقَالَ: لَا أقضيكها إِلَّا لُجينية.(3/304)
الضَّمِير للدراهم أَي لَا اعطيكها إِلَّا طوازج من اللجين وَهِي الْفضة المضروبة كَأَنَّهُ فِي أَصله مصغر اللجن من قَوْلهم للورق الملجون وَهُوَ الَّذِي يخبط ويدق: لجن ولجين.
لجلج عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خُذ الْحِكْمَة أَنِّي أتتك فَإِن الْكَلِمَة من الْحِكْمَة تكون فِي صدر الْمُنَافِق فتلجلج حَتَّى تسكن إِلَى صَاحبهَا. أَي تتحرك وتقلق فِي صَدره لَا تَسْتَقِر فِيهِ حَتَّى يسْمعهَا الْمُؤمن فيأخذها ويعيها فَحِينَئِذٍ تأنس أنس الشكل إِلَى الشكل.
لجب شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَهُ رجل: ابتعت من هَذَا شَاة فَلم أجد لَهَا لَبَنًا. فَقَالَ شُرَيْح: لَعَلَّهَا لجبت إِن الشَّاة تحلب فِي ربابها. أَي صَارَت لجبة وَهِي الَّتِي خف لَبنهَا. وَقيل: إِنَّهَا فِي الْمعز خَاصَّة وَمثلهَا من الضَّأْن الجدود قَالَ: ... عَجِبت أبناؤُنَا من فِعْلِنا ... إذْ نَبيع الْخَيل بالمعزى اللجاب ... وَنَظِير لجبت نيبت وعود. وَفِي كتاب الْعين: لجبت لجوبة. الربَاب قبل الْولادَة أَي لَعَلَّك اشْتَرَيْتهَا بعد خُرُوجهَا من الربَاب وَهُوَ وَقت الغزر. فِي الحَدِيث: فِي الْجنَّة ألنجوج يتأجج من غير وقود. هُوَ الْعود الذكي كَأَنَّهُ الَّذِي يلج فِي تضوع رَائِحَته. وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ فِيهِ ثَلَاث لُغَات: ألنجج وألنجوج ويلنجوج. وَحكم على الْهمزَة وَالنُّون بِالزِّيَادَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيكون(3/305)
على أفنعل فِي الِاسْم وَالصّفة ثمَّ ذكر ألنجج وألندد.
اللَّام مَعَ الْحَاء
لحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الصُّبْح قَالَ وَهُوَ ثَان رجله: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَالْحَمْد لله وَأَسْتَغْفِر الله إِن الله كَانَ تَوَّابًا سبعين مرّة. ثمَّ يَقُول: سبعين بسبعمائة. لَا خير وَلَا طعم لمن كَانَت ذنُوبه فِي يَوْم وَاحِد أَكثر من سَبْعمِائة. ثمَّ يسْتَقْبل النَّاس بِوَجْهِهِ فَيَقُول: هَل رأى أحد مِنْكُم رُؤْيا قَالَ ابْن زمل الْجُهَنِيّ. قلت: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: خير تَلقاهُ وَشر توقَّاه وَخير لنا وشرٌّ على أَعْدَائِنَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين اقصص. قلت: رَأَيْت جَمِيع النَّاس على طَرِيق رحب لاحب سهل فَالنَّاس على الجادَّة منطلقون فبيناهم كَذَلِك أشفى ذَلِك الطَّرِيق [بهم] على مرج لم تَرَ عَيْني مثله قطّ يرفُّ رفيفاً يقطر نداوة. فِيهِ من أَنْوَاع الْكلأ فَكَأَنِّي بالرعلة الأولى حِين أشفوا على المرج كبروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلهم فِي الطَّرِيق فَلم يظلموه يَمِينا وَلَا شمالا. ثمَّ جَاءَت الرَّعْلَة الثَّانِيَة من بعدهمْ وهم أَكثر مِنْهُم أضعافا فَلَمَّا أشفوا على المرج كبروا. ثمَّ أَكَبُّوا رواحلهم فِي الطَّرِيق فَمنهمْ المُرتع وَمِنْهُم الْآخِذ الضغث ومضوا على ذَلِك. ثمَّ جَاءَت الرَّعْلَة الثَّالِثَة من بعدهمْ وهم أَكثر مِنْهُم أضعافا فَلَمَّا أشفوا على المرج كبروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلهم فِي الطَّرِيق وَقَالُوا: هَذَا خير الْمنزل فمالوا فِي المرج يَمِينا وَشمَالًا. فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك لَزِمت الطَّرِيق حَتَّى أتيت أقْصَى المرج فَإِذا أَنا بك يَا رَسُول الله على مِنْبَر فِيهِ سبع دَرَجَات وَأَنت فِي أَعْلَاهَا دَرَجَة وَإِذا عَن يَمِينك رجل طوال آدم أقنى إِذا هُوَ تكلم يسمو يفرع الرِّجَال طولا وَإِذا عَن يسارك(3/306)
رجل ربعَة تارّ أَحْمَر كثير خيلان الْوَجْه إِذا هُوَ تكلم أصغيتم إِلَيْهِ إِكْرَاما لَهُ وَإِذا أَمَام ذَلِك شيخ كأنكم تقتدون بِهِ وَإِذا أَمَام ذَلِك نَاقَة عجفاء شَارف وَإِذا أَنْت كَأَنَّك تبعثها يَا رَسُول الله. قَالَ: فَانْتَفع لون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة ثمَّ سري عَنهُ. فَقَالَ: أما مَا رَأَيْت من الطَّرِيق الرحب اللاحب السهل فَذَلِك مَا حملتكم عَلَيْهِ من الهُدى فَأنْتم عَلَيْهِ. وأمَّا المرج الَّذِي رَأَيْت فالدنيا وغضارة عيشها لم نتعلق بهَا وَلم تُردنا وَلم نردها. وَأما الرَّعْلَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وقصَّ كَلَامه فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَأما أَنْت فعلى طَريقَة صَالِحَة فَلَنْ تزَال عَلَيْهَا حَتَّى تَلقانِي. وَأما الْمِنْبَر فالدنيا سَبْعَة آلَاف سنة وَأَنا فِي آخرهَا ألفا. وَأما الرجل الطُّوال الآدم فَذَلِك مُوسَى نُكرمه بِفضل كَلَام الله إِيَّاه. وَأما الرجل الربعة التارُّ الْأَحْمَر فَذَلِك عِيسَى نكرمه بِفضل مَنْزِلَته من الله. وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت كأنَّا نقتدي بِهِ فَذَلِك إِبْرَاهِيم. وَأما النَّاقة الْعَجْفَاء الشارف الَّتِي رَأَيْتنِي أبعثها فَهِيَ السَّاعَة تقوم علينا لَا نبيَّ بعدِي وَلَا أمَّة بعد أمتِي. قَالَ: فَمَا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذَا أحدا عَن رُؤْيا إِلَّا أَن يَجِيء الرجل مُتَبَرعا فيحدِّثه بهَا. اللاحب: الطَّرِيق الْوَاسِع المنقاد الَّذِي يَنْقَطِع. أشفى بهم: أشرف بهم. الرفيف والوريف: أَن يكثر ماؤُه وَنعمته. قَالَ: ... يَا لَك من غَيْث يَرِفّ بَقْلُه ... الرَّعلة: الْقطعَة من الفرسان. أكبُّوا رواحلهم: أَي أكبُّوا بهَا فَحذف الْجَار وأوصل الْفِعْل. وَالْمعْنَى جعلوها مُكبَّة على قطع الطَّرِيق والمضي فِيهِ من قَوْلك: أكبَّ الرجل على الشَّيْء يعمله(3/307)
وأكبَّ فلَان على فلَان يَظْلمه إِذا أقبل عَلَيْهِ غير عَادل عَنهُ وَلَا مشتغل بأمرٍ دونه يُقَال: رتعت الْإِبِل إِذا رعت مَا شَاءَت وأرتعناها وَلَا يكون الرتع إِلَّا فِي الخصب وَالسعَة. وَمِنْه: رتع فلَان فِي مَال فلَان. لم يظلموه: لم يعدلُوا عَنهُ يُقَال: أَخذ فِي طَرِيق فَمَا ظلم يَمِينا وَلَا شمالا. هَذَا خير الْمنزل: يَعْنِي أَنهم ركبُوا إِلَى مَا فِي المرج من المرعى فأوطنوه وتخلَّفوا عَن الرعلتين المتقدمتين. يسمو: يَعْلُو بِرَأْسِهِ وَيَديه إِذا تكلم. يفرع الرِّجَال: يطولهم. التّارّ: الْعَظِيم الممتلئ. الشارف: المسنَّة. انتقع: تغيّر. سُرِّى عَنهُ: كُشف من سروت الثَّوْب عني. سبعين بسبعمائة: أَي أسْتَغْفر سبعين استغفاره بسبعمائة ذَنْب.
لحن إِن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست فَقَالَ: لَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حقِّ أَخِيه فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار. فَقَالَ كل وَاحِد من الرجلَيْن: يَا رَسُول الله حَقي هَذَا لصاحبي. فَقَالَ: لَا وَلَكِن اذْهَبَا فتوخَّيا ثمَّ اسْتهمَا ثمَّ ليُحلل كل وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه. أَي أعلم بهَا وأفطن لوجه تمشيتها. واللَّحن واللَّحد: أَخَوان فِي معنى الْميل عَن جِهَة الاسْتقَامَة. يُقَال لحن فلَان فِي كَلَامه إِذا مَال عَن صَحِيح الْمنطق ومستقيمه بالإعراب. وَمِنْه قَول أبي الْعَالِيَة رَحمَه الله تَعَالَى: كنت أَطُوف مَعَ ابْن عَبَّاس وَهُوَ يعلمني لحن الْكَلَام.(3/308)
قَالُوا. هُوَ الْخَطَأ لِأَنَّهُ إِذا بصَّره الصَّوَاب ققد بصَّره اللّحن وَمِنْه الالحان فِي الْقِرَاءَة والنشيد لميل صَاحبهَا بالمقروء والمنشد إِلَى خلاف جِهَته بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان الحادثين بالترنم والترجيع. ولحنت لفُلَان إِذا قلت لَهُ قولا يفهمهُ هُوَ وَيخْفى على غَيره لِأَنَّك تميله عَن الْوَاضِح الْمَفْهُوم بالتورية. قَالَ: ... مَنْطِقٌ واضحٌ وتَلْحَنُ أحْيا ... نَا وخيرُ الْكَلاَمِ مَا كَانَ لَحْنَا ... أَي تَارَة توضِّح هَذِه الْمَرْأَة الْكَلَام وَتارَة توري لتخفيه عَن النَّاس وتجيء بِهِ على وَجه يفهمهُ دون غَيره وَمن هَذَا قَالُوا: لحن الرجل لحنا فَهُوَ لحن إِذا فهم وفطن لما لَا يفْطن لَهُ غَيره وَالْأَصْل المرجوع إِلَيْهِ معنى الْميل. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم لتختصمون إِلَيّ وَعَسَى أَن يكون بَعْضكُم أَلحن بحجته. وَمِنْه حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى: عجبت لمن لاحن النَّاس كَيفَ لَا يعرف جَوَامِع الْكَلم أَي فاطنهم وجادلهم. الاستهام: الاقتراع وَفِيه تَقْوِيَة لحَدِيث القُرعة فِي الَّذِي أعتق سِتَّة مماليك عِنْد الْمَوْت وَلَا مَال لَهُ غَيرهم فأقرع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم فَأعتق اثْنَيْنِ وأرق أَرْبَعَة.
لحلح إنَّ نَاقَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أناخت عِنْد بَيت أبي أَيُّوب وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضع زمامها ثمَّ تلحلحت وأرزمت وَوضعت جِرَانهَا. تلحلح: ضد تحلحل إِذا ثَبت مَكَانَهُ وَلم يبرح. وَأنْشد أَبُو عَمْرو لِابْنِ مقبل: ... بِحَيٍّ إِذا قِيلَ اظْعَنُوا قد أُتِيتُمُ ... أَقَامُوا عَلَى أَثْقالِهم وتَلَحْلَحُوا ... وَهُوَ فِي الْمَعْنى من لححت عينه. وقتب ملحاح: لَازم لِلظهْرِ. أرزمت: من الرزمة وَهِي صَوت لَا تفتح بِهِ فاها دون الحنين.(3/309)
لحت إِن هَذَا الْأَمر لَا يزَال فِيكُم وَأَنْتُم ولاته مَا لم تحدثُوا أعمالاً فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك بعث الله عَلَيْكُم شَرّ خلقه فلحتوكم كَمَا يلحت الْقَضِيب وروى: فالتحوكم كَمَا يلتحى الْقَضِيب. اللحت واللتح والحلت نَظَائِر يُقَال: لحته إِذا أخذت مَا عِنْده وَلم تدع لَهُ شَيْئا. ولتحته مثله وحلت الصُّوف: نتفه وحلتناهم حلتاً: أفنيناهم واستأصلناهم. والالتحاء من اللحو وَهُوَ القشر وَأخذ اللحاء.
لحم قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صُمْ يَوْمًا فِي الشَّهْر. قَالَ: إِنِّي أجد قُوَّة. قَالَ: فَصم يَوْمَيْنِ. قَالَ: إِنِّي أجد قُوَّة. قَالَ: فَصم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الشَّهْر وألحم عِنْد الثَّالِثَة فَمَا كَاد حَتَّى قَالَ: إِنِّي أجد قُوَّة وَإِنِّي أحب أَن تزيدني. قَالَ: فَصم الحُرم وَأفْطر. أَي وقف عِنْد الثَّالِثَة فَلم يزده عَلَيْهَا من ألحم بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ. والإلحام: قيام الدَّابَّة وَيُقَال أَيْضا: ألحمته بِالْمَكَانِ إِذا أَلْصَقته بِهِ. الحُرُم: ذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَرَجَب.
لحى أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتَّلَحِّي وَنهى عَن الاقتعاط. التلحي: أَن يُدِير الْعِمَامَة تَحت حنكه. والاقتعاط: ترك الإدارة. يُقَال: قطعت الْعِمَامَة وعقطتها وعمامة مقعوطة ومعقوطة قَالَ: ... طُهَيَّة مَقْعُوطٌ عَلَيْهَا العمائم ... والمقعطة والمعقطة: مَا تُعصب بِهِ رَأسك. وَعَن طَاوس رَحمَه الله: تِلْكَ عمَّة الشَّيْطَان يَعْنِي الاقتعاط. احْتجم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلحى جمل. هُوَ مَكَان بَين مَكَّة وَالْمَدينَة.(3/310)
لحن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تعلَّموا السنَّة والفرائض واللَّحن كَمَا تعلَّمون الْقُرْآن. قَالَ أَبُو زيد والأصمعي: اللّحن اللُّغَة. وَمِنْه حَدِيثه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أُبيّ أقرؤنا وَإِنَّا لنرغب عَن كثير من لحنه. وَعَن أبي ميسرَة فِي قَوْله تَعَالَى سيل العَرِم: العَرِم المسنَّاة بلحن الْيمن. وَقَالَ ذُو الرمة: ... فِي لَحْنِه عَن لُغَات العُرْب تَعْجِيمُ ... وَحَقِيقَته رَاجِعَة إِلَى مَا ذكر من معنى الْميل لِأَن لحن كل أمة جِهَتهَا الَّتِي تميل إِلَيْهَا فِي النُّطْق. وَالْمعْنَى تعلمُوا الْغَرِيب والنحو لأنَّ فِي ذَلِك علم غَرِيب الْقُرْآن ومعانيه ومعاني الحَدِيث وَالسّنة وَمن لم يعرفهُ لم يعرف أَكثر كتاب الله وَلم يقمه وَلم يعرف أَكثر السّنَن.
لحط عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر بِقوم لحطوا بَاب دَارهم. قَالَ ثَعْلَب: اللَّحط: الرَّشُّ.
لحم فِي الحَدِيث: إِن الله يبغض الْبَيْت اللَّحْم وَأَهله وروى: إِن الله ليبغض أهل الْبَيْت اللحمين. وَيُقَال: رجل لحيم ولاحم وملحم وَلحم. فاللحيم: الْكثير لحم الْجَسَد. واللاَّحم: الَّذِي عِنْده لحم كلابن وتامر. والملحم: الَّذِي يكثر عِنْده أَو يطعمهُ. وَاللَّحم: الأكول لَهُ. وَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَحمَه الله أَنه سُئِلَ عَن اللحمين أهم الَّذين يكثرون أكل اللَّحْم فَقَالَ: هم الَّذين يكثرون أكل لُحُوم النَّاس.(3/311)
اللَّام مَعَ الْخَاء
مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: أَي النَّاس أفْصح فَقَالَ رجل فَقَالَ: قوم ارتفعوا عَن فراتية الْعرَاق وروى: لخلخانية الْعرَاق وتياسروا عَن كشكشة بكر وتيامنوا عَن كسكسة تَمِيم لَيست فيهم غمغمة قضاعة وَلَا طمطمانية حمير. قَالَ: من هم قَالَ: قَوْمك قُرَيْش. قَالَ: صدقت مِمَّن أَنْت قَالَ: من جرم. اللخلخانية: اللكنة فِي الْكَلَام وَهِي من معنى قَوْلهم: لخ فِي كَلَامه إِذا جَاءَ بِهِ ملتبساً مستعجما. من قَوْلهم: لخخت عينه بِمَعْنى لححت. وَعَن الْأَصْمَعِي: نظر فلَان نظرا لخلخانيا وَهُوَ نظر الْأَعَاجِم. وَفِي كتاب الْعين: اللخلخاني: مَنْسُوب إِلَى لخلخان يُقَال: قَبيلَة وَيُقَال: مَوضِع. وَفِي حَدِيث: كُنَّا بِموضع كَذَا فَأَتَانَا رجل فِيهِ لخلخانية. وَقَالَ البعيث: ... سيَتْرُكُها إنْ سلَّم اللهُ أَمْرها ... بَنو اللخْلَخَانِيَّات وهْيَ رُتُوعُ ... الكشكشة: أَن يَقُول فِي الْوَقْف أكرمنكش. والكسكسة بِالسِّين. الغمغمة: أَلا يبين الكلان. وَيُقَال الْأَصْوَات الْأَبْطَال والثيران عِنْد الذعر: غماغم. الطمطانية: العجمة. يُقَال: رجل طمطماني وطمطم. وَمِنْه قَالُوا للعجيب: طمطم. جعل لُغَة حمير لما فِيهَا من الْكَلِمَات الْمُنكرَة أَعْجَمِيَّة.(3/312)
قَالَ الْأَصْمَعِي: وجرم: فصحاء الْعَرَب. قيل: وَكَيف وهم من الْيمن فَقَالَ: لجوارهم مُضر.
اللَّام مَعَ الدَّال
لدد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير مَا تداويتم بِهِ اللدود والسعوط والحجامة وَالْمَشْي. هوالدواء المُسقى فِي أحد لديدي الْفَم وهما شِقّاه وَقد لدّه يلدّه. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لُدَّ فِي مَرضه وَهُوَ مغمي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: لَا يبْقى فِي الْبَيْت أحد إِلَّا لدإلا عمي الْعَبَّاس. فعل ذَلِك عُقُوبَة لَهُم لأَنهم لدُّوه بِغَيْر إِذْنه. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أقبل يُرِيد الْعرَاق فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْحسن بن عَليّ أَن يرجع. فَقَالَ: وَالله لَا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حَتَّى تخرج فتُصاد. هُوَ الضَّرْب بِحجر وَنَحْوه يَعْنِي لَا أُخدع كَمَا يُخدع الضبع بِأَن يُلدم بَاب حجرها فتحسبه شَيْئا تصيده فَتخرج فتُصاد. فِي الحَدِيث: فيقتله الْمَسِيح بِبَاب لُدّ يَعْنِي يقتل الدَّجَّال. ولُدّ: مَوضِع. قَالَ أَبُو وجزة السَّعْدِيّ: ... شُدّ الوليدُ غدَاةَ لُدٍّ شدَّةَ ... فَكفى بهَا أهلَ البصيرة وَاكْتفى ...(3/313)
اللَّام مَعَ الذَّال
لذذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ركب أحدكُم الدَّابَّة فليحملها على ملاذها. جمع ملذ وَهُوَ مَوضِع اللَّذَّة أَي ليسيرها فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تستلذ السّير فِيهَا من المواطئ السهلة غير الحزنة والمستوية غير المتعادية. الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يرقّص عبد الله وَهُوَ يَقُول: ... أَبْيضُ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيق ... مُبَارَكٌ من وَلد الصِّدِّيقِ
أُلَذُّه كَمَا أَلَذُّ ريقي ... يُقَال: لذ الشَّيْء ولذذته أَنا إِذا التذذت بِهِ.
لذُو عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ذُكرت الدُّنْيَا فَقَالَت: قد مضى لذواها وَبَقِي بلواها. أَي لذتها. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّذَّة واللذوى واللذاذة كلهَا: الْأكل وَالشرب بنعمةٍ وكفاية وَكَأَنَّهَا فِي الأَصْل لذَّى فعلى من اللَّذَّة فقُلب أحد حرفي التَّضْعِيف حرف لين كالتقضي وَلَا أملاه. قَالُوا: كَأَنَّهَا أَرَادَت باللذوى عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالبلوى مَا بعد ذَلِك.
لذع مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {صَافَّاتٍ ويَقْبِضْنَ} قَالَ: بسطها أجنحتهن وتلذُّعهنَّ وقبضهن. هُوَ أَن يُحَرك جناحيه شَيْئا قَلِيلا وَمِنْه وَقيل: تلذّع الْبَعِير تلذُّعا إِذا أحسن السّير قَالَ: ... تلذعُ تَحْتَهُ أُجُدٌ طَوَتْهَا ... نُسُوعُ الرَّحْلِ عَارِفَةٌ صَبُورُ ... فِي الحَدِيث خير مَا تداويتم بِهِ كَذَا وَكَذَا ولذعة بِنَار. يَعْنِي الكيّ واللَّذع الْخَفِيف من الإحراق. وَمِنْه لذعه بِلِسَانِهِ وَهُوَ أَذَى يسير.(3/314)
وَمِنْه قيل للذكي الشَّهم الْخَفِيف: لوذع ولوذعي قَالَ: ... وعَرْبَةُ أَرْضٌ مَا يُحِلُّ حَرَامَها ... من النَّاس إلاَّ اللَّوْذَعِيُّ الحُلاَحِلُ ... قيل: أَرَادَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وعربة: يزِيد عرَبة وَهِي باحة الْعَرَب وَبهَا سميت الْعَرَب وَإِنَّمَا سكَّن الرَّاء للضَّرُورَة.
اللَّام مَعَ الزَّاي
اللزاز فِي سك. [لزبة فِي (صف) .]
اللَّام مَعَ السِّين
لسع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسر أَبُو عزَّة الجُمَحِي يَوْم بدر فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمُنَّ عَلَيْهِ وَذكر فقرا وعيالا فمنَّ عَلَيْهِ وَأخذ عَلَيْهِ عهدا أَلا يحضضن عَلَيْهِ وَلَا يهجوه فَفعل. ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة فاستهواه صَفْوَان بن أُميَّة وَضمن لَهُ الْقيام بعياله فَخرج مَعَ قُرَيْش وحضض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأُسر. فَسَأَلَ أَن يُمنَّ عَلَيْهِ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يلسع الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ لَا تمسح عَارِضَيْك بِمَكَّة وَتقول: سخرت من مُحَمَّد مرَّتَيْنِ. ثمَّ أَمر بقتْله. الْحَيَّة وَالْعَقْرَب تلسعان بالحُمة. وَعَن بعض الْأَعْرَاب: إِن من الْحَيَّات مَا يلسع بِلِسَانِهِ كلسع الحُمة وَلَيْسَت لَهُ أَسْنَان. وَمِنْه: لسع فلَان فلَانا بِلِسَانِهِ: أَي قرصه. وَفُلَان لُسعة أَي قرَّاصة للنَّاس بِلِسَانِهِ.
اللَّام مَعَ الصَّاد
لصف ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: لما وَفد عبد الْمطلب إِلَى سيف بن ذِي يزن اسْتَأْذن وَمَعَهُ جلَّةُ قُرَيْش فَأذن لَهُم فَإِذا هُوَ متضمخ بالعبير يلصف وبيض الْمسك من مفرقه. يُقَال: لصف لَونه يلصف لصفا ولصيفا إِذا برق ووبص وبيصا وبص بصيصا مثله.(3/315)
اللَّام مَعَ الطَّاء
لطط ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ هَذَا الملطاط طَرِيق بَقِيَّة الْمُؤمنِينَ هرباً من الدَّجَّال. هُوَ شاطئ الْفُرَات. وَقيل: [هُوَ] سَاحل الْبَحْر. قَالَ رؤبة: ... نَحن جَمَعْنَا الناسَ بالمِلْطَاطِ ... فأصْبَحُوا فِي وَرْطَةِ الأوْراطِ ... وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال لكل شَفير نهر أَو وادٍ ملطاط. وَقَالَ غَيره: طَرِيق ملطاط أَي مَنْهَج موطوء. وَهُوَ من قَوْلهم: لططته بالعصا وملطته أَي ضَربته. وَمَعْنَاهُ طَرِيق لُطَّ كثيرا أَي ضَربته السيارة ووطئته كَقَوْلِهِم: ميتاء للَّذي أُتِي كثيرا.
لطي أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بَال فَمسح ذكره بلطىً ثمَّ تَوَضَّأ وَمسح على الْعِمَامَة وعَلى خُفَّيه وَصلى صَلَاة فَرِيضَة. هُوَ قلب ليط جمع ليطة كَمَا قيل فُقىً بِمَعْنى فَوق جمع فوقة. قَالَ: ... ونَبْلِي وَفُقَاهَا ... كَعرَاقِيبِ قَطَاطُحْلِ ... وَالْمرَاد مَا قشر من وَجه الأَرْض من الْمدَار.(3/316)
اللَّام مَعَ الظَّاء
لظظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام وروى: بِذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام. ألظَّ وألط وألث وألب وألخ: أَخَوَات فِي معنى اللُّزُوم والدَّوام. يُقَال: ألظّ الْمَطَر بمَكَان كَذَا وأتيتني ملظّتك أَي رِسَالَتك الَّتِي ألححت فِيهَا. قَالَ أَبُو وجزة: ... فبلِّغ بَنِي سَعْدِ بن بَكْرٍ مُلِظّة ... رسولَ امْرِئٍ بَادِي المودَّة نَاصِح ... وَعَن بعض بني قيس: فلَان مُلِظٌّ بفلان وَذَلِكَ إِذا رَأَيْته لَا يسكت عَن ذكره. وَيُقَال للْغَرِيم المحك اللُّزُوم: ملظ على مفعل وملز نَحوه.
اللَّام مَعَ الْعين
لعب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يأخذنَّ أحدكُم مَتَاع أَخِيه لاعباً جاداً. هُوَ أَلا يُرِيد بِأَخْذِهِ سَرقته وَلَكِن إِدْخَال الغيظ على أَخِيه فَهُوَ لاعب فِي مَذْهَب السّرقَة جادّ فِي إِدْخَال الْأَذَى عَلَيْهِ. أَو هُوَ قَاصد للعب وَهُوَ يرِيه أَنه يجدُّ فِي ذَلِك ليغيظه. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحل للْمُسلمِ أَن يروع مُسلما. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مرَّ أحدكُم بِالسِّهَامِ فليمسك بنصالها. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه مرَّ بِقوم يتعاطون سَيْفا فنهاهم عَنهُ.
لعع خطب الْأَنْصَار فَقَالَ: أوجدتم يَا معشر الْأَنْصَار من لعاعة من الدُّنْيَا تألّفْتُ بهَا قوما ليسلموا ووكلتكم إِلَى إسلامكم فَبكى الْقَوْم حَتَّى أخضلوا لحاهم. اللُّعاعة: الشَّيْء الْيَسِير يُقَال: مَا بَقِي فِي الْإِنَاء إِلَّا لعاعة وَإِلَّا براضة وَإِلَّا تلَّية وببلاد بني فلَان لعاعة من كلأ وَهِي الْخَفِيف من الْكلأ. وَيُقَال: خرجنَا نتلعَّى أَي نأخذها وَالْأَصْل نتلعّع.(3/317)
أخضلوا: بلوا.
لعن اتَّقوا الْملَاعن الثَّلَاث: البرَاز فِي الْمَوَارِد وقارعة الطَّرِيق والظل. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الْملَاعن الثَّلَاث. قيل: يَا رَسُول الله وَمَا الْملَاعن قَالَ: يقْعد أحدكُم فِي ظلّ يستظل بِهِ أَو فِي طَرِيق أَو نقع مَاء. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الْملَاعن وأعدُّوا النَّبل. الْملَاعن: جمع ملعنة وَهِي الفعلة الَّتِي يُلعن فاعلها كَأَنَّهَا مطنة للعن ومعلم لَهُ كَمَا يُقَال: الْوَلَد مَبْخَلَة مَجْبَنَة وَأَرْض مأسدة. البرَاز: الْحَاجة سُميت باسم الصَّحرَاء كَمَا سميت بالغائط. وَقيل: تبرَّز كَمَا قيل: تغوَّط. وَالْمرَاد وَالْبرَاز فِي قَارِعَة الطَّرِيق وَالْبرَاز فِي الظل وَلذَلِك ثلث وَلكنه اختصر الْكَلَام اتكالا على تفهّم السَّامع. وَكَذَلِكَ التَّقْدِير قعُود أحدكُم فِي ظلّ وقعوده وقعوده. قَوْله يقْعد إِمَّا أَن يكون على تَقْدِير حذف أَن أَو على تَنْزِيله منزلَة الصَّدْر بِنَفسِهِ كَقَوْلِهِم: تسمع بالمعيديِّ. الْمَوَارِد: طرق المَاء. قَالَ جرير: ... أمِيرُ الْمُؤمنِينَ على طريقٍ ... إِذا اعَوجَّ المواردُ مُسْتَقِيمِ ... النَّقع: مستنقع المَاء وَمِنْه قَوْلهم: إِنَّه لشرَّاب بأنقع. النَّبَل: حِجَارَة الِاسْتِنْجَاء يرْوى بِالْفَتْح وَالضَّم يُقَال: نبِّلني أحجارا ونِّبلني عرقاً أَي ناولني وَأَعْطِنِي. وَكَانَ أَصله فِي مناولة النّبل للرامي ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي كل مناولة ثمَّ أَخذ من قَول المستطيب: نبِّلني النَّبل لكَونهَا مُنّبلة وَيجوز أَن يُقَال لحجارة الِاسْتِنْجَاء نبل لصغرها من قَوْلهم لحواشي الْإِبِل: نبل وللقصير الرَّذل من(3/318)
الرِّجَال: تنبالة وللسهام الْعَرَبيَّة لقصرها نبل ثمَّ اشتق مِنْهُ نبِّلني. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ تلعابة فَإِذا فُزع فُزِع إِلَى ضرس جَدِيد وروى: إِلَى ضرس حَدِيد.
لعب وَفِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام: زعم ابْن النَّابِغَة أَنى تلعابة أُعافس وأُمارس هَيْهَات يمْنَع من العفاس والمراس خوف الْمَوْت وَذكر الْبَعْث والحساب وَمن كَانَ لَهُ قلب فَفِي هَذَا [عَن هَذَا] واعظ وزاجر. التلعابة: الْكثير اللّعب كَقَوْلِهِم التلقامة للكثير اللقم. وَهَذَا كَقَوْل عمر فِيهِ: فِيهِ دعابة. وَمِمَّا يحْكى عَنهُ فِي بَاب الدعابة مَا جرى لَهُ مَعَ عَاتِكَة بنت زيد بن عَمْرو بن نفَيْل حِين تزووجها عمر بعد عبد الله بن أبي بكر وَقَوله لَهَا: يَا عُديَّة نَفسهَا: ... فآليتُ لَا تنفكُّ عَيْني قريرةً ... عَلَيْك وَلَا ينفكُّ جِلْدِي أَصْفَرَا ... وَهَذَا من جملَة أَبْيَات رثت بهَا عَاتِكَة عبد الله إِلَّا أَنه وضع قريرة وأصفرا مَوضِع حزينة وأغبرا توبيخا لَهَا. وَذكر الزبير بن بكار أَن بعض الْمَجُوس أهْدى لَهُ فالوذا. فَقَالَ عليّ: مَا هَذَا فَقيل لَهُ: الْيَوْم النَّيروز. فَقَالَ عَليّ: ليكن كل يَوْم نيروزا وَأكل. وَذكر أَن عقيلا أَخَاهُ مرَّ عَلَيْهِ بعتود يَقُودهُ. فَقَالَ كرم الله وَجهه: أحد الثَّلَاثَة أَحمَق. فَقَالَ عقيل: أما أَنا وعتودي فَلَا. وَهَذَا وَنَحْوه من دعاباته وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يخل من أَمْثَال ذَلِك. وَقَالَ: إِنِّي أمزح وَلَا أَقُول إِلَّا حقًّا فَإِذا فُزع: فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا أَن يكون أَصله فُزع اليه فَحذف الْجَار واستكنَّ الضَّمِير. وَالثَّانِي: أَن يكون من فزع بِمَعْنى اسْتَغَاثَ أَي [إِن] استغيث والتجئ.(3/319)
إِلَى ضرس: وَهُوَ الشَّرس الصَّعب. وَمَكَان ضرس: خشن يعقر القوائم. وَالْحَدِيد: ذُو الحدّة. وَمن رَوَاهُ إِلَى ضرس حَدِيد فالضرس وَاحِد الضروس وَهِي آكام خشنة ذَوَات حِجَارَة. وَالْمرَاد إِلَى جبل من حَدِيد. أَرَادَ بالعفاس والمراس: ملاعبة النِّسَاء ومصارعتهن. والعفاس من العفس وَهُوَ أَن يضْرب بِرجلِهِ عجيزتها.
لعس الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى فتية لعساً فَسَأَلَ عَنْهُم فَقيل: أمّهم مولاة للحرقة وأبوهم مَمْلُوك فَاشْترى أباهم فَأعْتقهُ فجرَّ ولاءهم. اللعس: سَواد فِي الشّفة. وَالْمعْنَى أَن الْمَمْلُوك إِذا كَانَت امْرَأَته مولاة امْرَأَة فأولاده مِنْهَا مواليها فَإِذا أعْتقهُ مَوْلَاهُ جرَّ الْوَلَاء فَكَانَ وَالِده موَالِي مُعْتقه.
لعن فِي الحَدِيث: ثَلَاث لعينات: رجل عوَّر المَاء الْمعِين المنتاب وَرجل عوَّر طَرِيق المقربة وَرجل تغوَّط تَحت شَجَرَة. اللَّعينة: كالرهينة اسْم للملعون أَو كالشتيمة بِمَعْنى اللَّعْن. وَلَا بُد على هَذَا الثَّانِي من تَقْدِير مضافٍ مَحْذُوف. المقربة: الْمنزل وَأَصلهَا من الْقرب وَهُوَ السّير إِلَى المَاء. قَالَ الرَّاعِي: ... فِي كل مَقْرَبَةٍ يدعن رعيلا ...(3/320)
اللَّام مَعَ الْغَيْن
لغب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْدى لَهُ يكسوم ابْن أخي الأشرم سِلَاحا فِيهِ سهم لغب وَقد ركبت معيلة فِي رعظه فقوم فَوْقه. وَقل: مستحكم الرِّصاف وَسَماهُ قتر الغلاء. اللَّغب واللُّغاب واللًّغيب: الَّذِي قذذه بطْنَان وَهُوَ رَدِيء وضدُّه اللؤام. قَالَ تأبط شرا: ... فَمَا وَلَدَتْ أُمِّي مِنَ الْقَوْم عَاجِزاً ... وَلَا كَانَ رِيشي من ذُنَابي وَلَا لَغْبِ ... وَمِنْه قَالُوا للضعيف: لغب وللذي أضعفه التَّعَب: لاغب. المعبلة: نصل عريض. الرُّعظ: مدْخل النصل فِي السهْم. الرِّصاف: مَا يرصف بِهِ الرُّعظ من عقبَة تُلوى عَلَيْهِ أَي يرصّ وَيحكم. القتر: نصل الأهداف. الغلاء: مصدر غالي بِالسَّهْمِ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: ... كقِتْرِ الغلاء مستديرا صيابها ...
لغز عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نهى عَن اللغيزي فِي الْيَمين وروى: عَن الْيَمين اللغيزي وَأَنه مرَّ بعلقمة بن الفغواء يُبَايع أَعْرَابِيًا يلغز لَهُ فِي الْيَمين ويُرى الْأَعرَابِي أَنه حلف لَهُ(3/321)
لغز وَيرى عَلْقَمَة أَنه لم يحلف. فَقَالَ لَهُ عمر: مَا هَذِه الْيَمين اللغيزي. اللغز واللّغز واللُّغيزي: جُحر اليربوع فضُرب مثلا للملتبس المعَّمى من الْكَلَام. وَقيل: ألغز [فلَان] فِي كَلَامه. ولغز الشّعْر: معماه. واللغيزى مثقلة الْغبن جَاءَ بهَا سِيبَوَيْهٍ فِي أبنية كِتَابه مَعَ الخليطي والبقيري. وَفِي كتاب الْأَزْهَرِي: اللغيزي مُخَفّفَة وحقُّها أَن تكون تَخْفِيفًا للمثقلة كَمَا تَقول فِي سكيت إِنَّه تحقير سكيت.
لَغَا ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا _ ألغى طَلَاق الْمُكْره. أَي أبْطلهُ وَجعله لَغوا وَهَذَا مِمَّا يعضد مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله عَلَيْهِ. وَعند أَصْحَابنَا يَقع طَلَاقه واعتمدوا حَدِيث صَفْوَان بن عَمْرو الطَّائِي وَامْرَأَته. فِي الحَدِيث: إِن رجلا قَالَ لآخر: إِنَّك لتفتي بلغن ضالٍّ مضل اللّغن واللّغد واللغنون واللغدود وحدان ألغان وألغاد ولغانين ولغاديد وَهِي لحمات عِنْد اللهوات. من قَالَ يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب لصحابه: صه فقد لَغَا. يُقَال: لغى يلغى ولغي ولغا يَلْغُو إِذا تكلم بِمَا لَا يَعْنِي وَهُوَ اللَّغْو واللغي.(3/322)
اللَّام مَعَ الْفَاء
لفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن نسَاء الْمُؤمنِينَ يشهدن مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح ثمَّ يرجعن متلفعات بمرطهن مَا تعرفن من الْغَلَس. أَي مشتملات بأكسيتهن متجللات بهَا. وتلفع بالمشيب إِذا شَمله. واللفاع: مَا يُشتمل بِهِ. النُّون فِي كنَّ عَلامَة وَلَيْسَت بضمير كالواو فِي: أكلوني البراغيث
لفف عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن نائلا قَالَ: إِنِّي سَافَرت مَعَ مولَايَ عُثْمَان بن عَفَّان وَعمر فِي حج أَو عمْرَة فَكَانَ عمر وَعُثْمَان وَابْن عمر لفًّا. وَكنت أَنا وَابْن الزبير فِي شببةٍ مَعنا لِفًّا فَكُنَّا نتمازح ونترامي بالحنطل فَمَا يزيدنا عمر على أَن يَقُول: كَذَاك لَا تذعروا علينا فَقُلْنَا لرباح بن المغترف: لَو نصبت لنا نصب الْعَرَب. فَقَالَ: [أَقُول] مَعَ عمر فَقُلْنَا: افْعَل فَإِن نهاك فانته. فَفعل. فَمَا قَالَ لَهُ عمر شَيْئا حَتَّى إِذا كَانَ فِي وَجه السحر ناداه يَا رَبَاح اكفف فَإِنَّهَا سَاعَة ذكر. اللِّف: الحزب والطائفة من الالتفاف. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافا} قَالُوا: هُوَ جمع لف. الشببة: جمع شَاب. كَذَاك: فِي معنى حَسبك وَحَقِيقَته مثل ذَلِك أَي الزم مثل مَا أَنْت عَلَيْهِ وَلَا تتجاوز حدّه. فالكاف مَنْصُوبَة الْموضع بِالْفِعْلِ الْمُضمر. لَا تذعروا علينا: أَي لَا تنفرُوا علينا إبلنا. قَالَ الْقطَامِي: ... تَقول وَقد قربْتُ كُورِي وناقتي ... إِلَيْك فَلَا تَذْعَرْ عليَّ ركائبي ... نصب ينصب نصبا: إِذا غنَّى. وَهُوَ غناء يشبه الحُداء إِلَّا أَنه أرق مِنْهُ(3/323)
وَسمي بذلك لأنَّ الصَّوْت ينصب فِيهِ أَي يرفع ويعلى.
لفت حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن من أَقرَأ النَّاس لِلْقُرْآنِ منافقا لَا يدع مِنْهُ واواً وَلَا ألفا يلفته بِلِسَانِهِ كَمَا تلفت الْبَقَرَة الخلي بلسانها. يُقَال: الرَّاعِي يلفت الْمَاشِيَة بالعصا أَي يضْربهَا بهَا لَا يُبَالِي أَيهَا أصَاب. وَرجل لفتة رفتة إِذا كَانَ كَذَلِك. وَفُلَان يلفت الريش على السهْم أَي لَا يَضَعهُ متآخيا متلائما وَلَكِن كَيفَ يتَّفق. وَمن ذَلِك قَوْلهم: فلَان يلفت الْكَلَام لفتاً أَي يُرْسِلهُ على عواهنه لَا يُبَالِي كَيفَ جَاءَ. وَالْمعْنَى يَقْرَؤُهُ من غير روية وَلَا تبصُّر بمخارج الْحُرُوف وتعمّدٍ للْمَأْمُور بِهِ من الترتيل والترسّل فِي التِّلَاوَة غير مبالٍ بمتلوِّه كَيفَ جَاءَ كَمَا تفعل الْبَقَرَة بالحشيش إِذا أَكلته. وأصل اللفت لي الشَّيْء عَن الطَّرِيق المستقيمة. وَمِنْه الحَدِيث: إِن الله تَعَالَى يبغض البليغ من الرِّجَال الَّذِي يلفت الْكَلَام كَمَا تلفت الْبَقَرَة الخلى بلسانها.
اللَّام مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الملاقيح والمضامين. أَي عَن بيع مَا فِي الْبُطُون وَمَا فِي أصلاب الفحول جمع ملقوح ومضمون يُقَال: لقحت النَّاقة وَوَلدهَا ملقوح بِهِ إِلَّا أَنهم استعملوه بِحَذْف الْجَار قَالَ: ... إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوَامِلِ ... خَيْراً من التَّأْنَانِ وَالمَسائلِ
وَعِدَة الْعَامِ وَعَامٍ قَابِلِ ... مَلْقُوحَةً فِي بطن نابٍ حَائِلِ ... وَضمن الشَّيْء بِمَعْنى تضمَّنه واستسرَّه. يُقَال: ضمن كِتَابه كَذَا وَهُوَ فِي ضمنه وَكَانَ مَضْمُون كِتَابه كَذَا.(3/324)
لقس لَا يَقُولَن أحدكُم خبثت نَفسِي وَلَكِن ليقل لقست نَفسِي. يُقَال: لقست نَفسه وتمقست إِذا غثت وَإِنَّمَا كره خبثت لقبح لَفظه وألاَّ ينْسب الْمُسلم الْخبث إِلَى نَفسه.
لقا من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه وَالْمَوْت دون لِقَاء الله. لِقَاء الله: هُوَ الْمصير إِلَى الْآخِرَة وَطلب مَا عِنْد الله فَمن كره ذَلِك وركن إِلَى الدُّنْيَا وآثرها كَانَ ملوماً. وَلَيْسَ الْغَرَض بلقاء الله الْمَوْت لِأَن كًّلا يكرههُ حَتَّى الْأَنْبِيَاء. وَقَوله: الْمَوْت دون لِقَاء الله يبين أَن الْمَوْت غير لِقَاء الله. وَمَعْنَاهُ: وَهُوَ معترض دون الْغَرَض الْمَطْلُوب فَيجب أَن يصبر عَلَيْهِ وتحتمل مشاقه على الاستسلام والإذعان لما كتب الله وَقضى بِهِ حَتَّى يتخطى إِلَى الْفَوْز بالثواب الْعَظِيم. نهي عَن التلقي وَعَن ذبح ذَات الدَّر وَعَن ذبح قني الْغنم. هُوَ أَن يتلقي الْأَعْرَاب تقدم بالسلعة وَلَا تعرف سعر السُّوق ليبتاعها بِثمن رخيص. وتلقيهم استقبالهم. القني: الَّذِي يقتنى للْوَلَد.
لقن مكث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغَار وَأَبُو بكر ثَلَاث لَيَال يبيت عِنْدهمَا عبد الله ابْن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب لقن ثقف يدلج من عِنْدهمَا فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش كبائت ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة منحة فيبيتان فِي رسلها ورضيفها حَتَّى ينعق بهَا بِغَلَس. وَرُوِيَ: وصريفها. اللقن: الْحسن التلقن لما يسمعهُ. الثقف: الفطن الْفَهم قَالَ طرفَة: ... أَو مَا علِمْتَ غداةَ توعدني ... أَنِّي بخزيك عَالم ثقف ...(3/325)
الرضيف: اللَّبن المرضوف وَهُوَ الَّذِي حقن فِي سقاء حَتَّى حزر ثمَّ صب فِي قدح وألقيت فِيهِ رضفة حَتَّى تكسر من برده وَتذهب وخامته. والصريف [من صرف] مَا انْصَرف بِهِ عَن الضَّرع حارا. النعق: دُعَاء الْغنم بلحن تزجر بِهِ.
لقا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي ذَر: مَا لي أَرَاك لقا بقا وَكَيف بك إِذا أخرجوك من الْمَدِينَة وَرُوِيَ لَقِي بَقِي. يُقَال: رجل لَقّ بَقٌّ ولقلاق بقباق: كثير الْكَلَام مسهب فِيهِ. وَكَانَ فِي أبي ذَر شدَّة على الْأُمَرَاء: وإغلاظ لَهُم [وَكَانَ عُثْمَان يبلغ عَنهُ إِلَى أَن استأذنه فِي الْخُرُوج إِلَى الربذَة فَأخْرجهُ. لقىً: مَنْبُوذًا] وبقاً: إتباع. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: قلت لأبي المكارم: مَا قَوْلكُم: جَائِع نائع قَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْء نتد بِهِ كلامنا. وَيجوز أَن يُرَاد مبقىً حَيْثُ أُلقيت ونُبذت لَا يُلتفت إِلَيْك بعد. وَقَوله: أَرَاك حِكَايَة حَال مترقبة كَأَنَّهُ استحضرها فَهُوَ يُخبر عَنْهَا يَعْنِي أَنه يسْتَعْمل فِيمَا يسْتَقْبل من الزَّمَان من تغلط عَلَيْهِ وتكثر القَوْل فِيهِ. وَنَحْو مَا يُروى عَن أبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: أَتَانِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا نَائِم فِي مَسْجِد الْمَدِينَة فضربني بِرجلِهِ وَقَالَ: لَا أَرَاك نَائِما فِيهِ. قلت: يَا بنى الله غلبتني عَيْني. قَالَ: فَقَالَ: فَكيف تصنع إِذا أخرجت مِنْهُ قلت: مَا أصنع يَا نَبِي الله أضْرب بسيفي فَقَالَ: أَلا أدلك على مَا هوخير لَك من ذَلِك وَأقرب رشدا تسمع وتطيع وتنساق لَهُم حَيْثُ ساقوك.
لقط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا من بني تَمِيم الْتقط شبكة على ظهر جلال(3/326)
بقلة الْحزن فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْقِنِي شبكةً على ظهر جلاّل بقلَّة الْحزن. فَقَالَ عمر: مَا تركت عَلَيْهِمَا من الشَّاربة فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ الزبير بن الْعَوام: يَا أَخا تَمِيم تسْأَل خيرا قَلِيلا. قَالَ عمر: مَه مَا خيرٌ قَلِيل قربتان قربَة من مَاء وقربةٌ من لبن تغاديان أهل الْبَيْت من مُضر لَا بل خير كثير قد أسقاكه الله. الِالْتِقَاط: العثور على الشَّيْء ومصادفته من غير طلب وَلَا احتساب وَمِنْه قَوْله: ... ومنهل وَرَدْتُه الْتِقَاطا ... [لم أَلْقَ إِذْ لَقيته فُرَاطَا
إلاَّ الحمامَ الوُرْقَ والغَطَاطَا ... الشَّبكة: ركايا تحفر فِي الْمَكَان الغليظ الْقَامَة والقامتين وَالثَّلَاث يحتبس فِيهَا مَاء السَّمَاء سُمِّيت شبكة لتجاورها وتشابكها وَلَا يُقَال للواحدة مِنْهَا شبكة وَإِنَّمَا هِيَ اسْم للْجمع وَتجمع الْجمل مِنْهَا فِي مَوَاضِع شَتَّى شباكا قَالَ جرير: ... سَقَى رَبِّي شِبَاك بني كُلَيبٍ ... إِذا مَا الماءُ أُسْكِنَ فِي البلادِ ... وأشبك بَنو فلَان إِذا حفروها. جلاَّل: جبل قَالَ الرَّاعِي: ... يُهيب بأخراها بُرَيْمَةُ بَعْدَمَا ... بَدَا رَمْلُ جَلالٍ لهَا وعَوَاتِقُهْ ... قُلَّة الْحزن: مَوضِع. اسْقِنِي: أَي اجْعَلْهَا لي سقيا وأقطعنيها. وقربة من لبن: يَعْنِي أَن الْإِبِل تردها وترعى بقربها فيأتيهم المَاء وَاللَّبن.
لقح أوصى [عمر] رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عمَّاله إِذْ بَعثهمْ فَقَالَ: وأدروا لقحة الْمُسلمين.(3/327)
لقح اللقحة واللقوح: ذَات اللَّبن من النوق وَالْجمع لقاح. وَمِنْه حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه خرج فِي لقاح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت ترعى الْبَيْضَاء فأجدب مَا هُنَاكَ فقرَّبوها إِلَى الغابة تصيب مُحَمَّد أثلها وطرفائها وتعدو فِي الشّجر. قَالَ: فَإِنِّي لفي منزلي واللقاح قد روِّحت وعُطِّنت وحُلبت عتمتها وَنِمْنَا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل أحدق بِنَا عُيَيْنَة بن حصن فِي أَرْبَعِينَ فَارِسًا وَاسْتَاقُوا اللقَاح. وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي أَخَاف عَلَيْك من هَذِه الضاحية أَن يُغير عَلَيْك عُيَيْنَة. تعدو: من الْإِبِل العادية وَهِي الَّتِي ترعى العدوة وَهِي الْخلَّة قَالَ ابْن هرمة: ... وَلست لأَحْنَاكِ العدوِّ بُعْدوَةٍ ... وَلَا حَمْضَةٍ يَنْتَابُها المُتَمَلِّحُ ... وَكَأَنَّهَا سميت خلة لِأَنَّهَا مُقِيمَة فِيهَا مُلَازمَة لرعيها لَا تريم مِنْهَا إِلَّا فِي أحايين التفكّه والتملّح بالحمض. وَيَقُولُونَ: الْخلَّة خبْزَة الْإِبِل والحمض فاكهتها فَكَأَنَّمَا تخالها فَهِيَ خلّتها وَمن ثمَّ قيل لَهَا عدوة لِأَنَّهَا جَانبهَا الَّذِي أَقَامَت فِيهِ. الترويح والإراحة بِمَعْنى. عُطِّنت: أُنيخت فِي مباركها وأصل العطن المناخ حول الْبِئْر ثمَّ صَار كلُّ مُناخ عطنا. الْعَتَمَة: الحلبة وَقت الْعَتَمَة سميت باسمها. الضاحية: النَّاحِيَة البارزة الَّتِي لَا حَائِل دونهَا. أَرَادَ بإدرار اللَّقحة أَن يجْعَلُوا مَا يَجِيء مِنْهُ عَطاء الْمُسلمين كالفيء وَالْخَرَاج غزيرا كثيرا.(3/328)
اللَّام مَعَ الْكَاف
لكع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون أسعد النَّاس فِيهِ لُكع ابْن لكع وَخير النَّاس يَوْمئِذٍ مُؤمن بَين كريمين. هُوَ معدول عَن ألكع. يُقَال لكع لكعا فَهُوَ ألكع. وَأَصله أَن يَقع فِي النداء كفسق وغدر وهواللئيم وَقيل: الْوَسخ من قَوْلهم: لكع عَلَيْهِ الْوَسخ ولكث ولكد أَي لصق. وَقيل: هُوَ الصَّغِير. وَعَن نوح بن جرير: إِنَّه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: نَحن أَرْبَاب الْحمير نَحن أعلم بِهِ هُوَ الجحش الراضع. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه طلب الْحسن فَقَالَ: أَثم لكع أَثم لكع وَمِنْه قَول الْحسن رَحمَه الله: يَا لكع يُرِيد يَا صَغِيرا فِي الْعلم. الكريمان: الْحَج وَالْجهَاد. وَقيل: فرسَان يَغْزُو عَلَيْهِمَا. وَقيل: بعيران يستقى عَلَيْهِمَا. وَقيل: أَبَوَانِ كريمان مُؤْمِنَانِ. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى جَاءَهُ رجل فَقَالَ: إِن هَذَا رد شهادتي يَعْنِي إِيَاس بن مُعَاوِيَة فَقَامَ مَعَه فَقَالَ: يَا ملكعان لم رددت شَهَادَة هَذَا هَذَا أَيْضا مِمَّا لَا يكَاد يَقع إِلَّا فِي النداء. يَا ملكعان وَيَا مرتعان وَيَا محمقان. أَرَادَ حَدَاثَة سنة أَو صغره فِي الْعلم. لكد عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَهُ ابْن جريج: إِذا كَانَ حول الْجرْح قيح ولكد قَالَ: أتبعه بصوفة أَو كرسفة فِيهَا مَاء فاغسله. المُرَاد التزاق الدَّم وجموده. يُقَال: أكلت الصمغ فلكد بفمي.(3/329)
اللَّام مَعَ الْمِيم
لمَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن امْرَأَة أَتَتْهُ فشكت إِلَيْهِ لمماً بابنتها فوصف لَهَا الشونيز وَقَالَ: سينفع من كل شَيْء إِلَّا السَّامَ. هُوَ طرف من الْجُنُون يُلمّ بالإنسان. السام: الْمَوْت.
لملم عَن سُوَيْد بن غَفلَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَتَانَا مُصدِّق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ رجل بِنَاقَة ململمة فَأبى أَن يَأْخُذهَا. هِيَ المستديرة سمنا من قَوْلهم: حجر ململم إِذا كَانَ مستديرا. وَهُوَ من اللَّمَّ الَّذِي هُوَ الضَّم وَالْجمع. يُقَال: كَتِيبَة ملمومة قَالَ: ... لما لَمَمْنَا عِزَّنا الْمُلَمْلَمَا
ردهَا لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَن أَخذ الْخِيَار والرذال.
لمَم فِي ذكر أهل الْجنَّة: وَلَوْلَا أَنه شَيْء قَضَاهُ الله لألم أَن يذهب بَصَره لما يرى فِيهَا. أَي لكاد وَقرب وَهُوَ من الْإِلْمَام بالشَّيْء.
لمة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خطب النَّاس فَقَالَ: يأيها النَّاس لينكح الرجل لمته من النِّسَاء ولتنكح الْمَرْأَة لمتها من الرِّجَال. اللمة الْمثل فِي السنّ. وَهِي مِمَّا حذف عينه كسهٍ ومُذ فعلة من الملاءمة وَهِي الْمُوَافقَة أَلا ترى إِلَى قَوْلهم فِي معنى اللمة اللَّئِيم. يُقَال: هُوَ لمتي ولئيمي وَمِنْهَا قيل: إِن فِيهِ لمة لَك أَي أُسْوَة. وَقيل للأصحاب الملائمين: لمة. وَفِي الحَدِيث: لَا تسافروا حَتَّى تصيبوا لمة.(3/330)
وَفِي حَدِيث فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا خرجت فِي لمة من نسائها تتوطَّأ ذيلها حَتَّى دخلت على أبي بكر. سَبَب مَا خطب بِهِ عمر انَّ شَابة زوجت شَيخا فَقتلته.
لمظ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الْإِيمَان يَبْدُو لمظة فِي الْقلب كلما ازْدَادَ الْإِيمَان ازدادت اللمظة. هِيَ كالنكتة من الْبيَاض من الْفرس الألمظ وَهُوَ الَّذِي يشرب فِي بَيَاض عَن أبي عُبَيْدَة. وَمِنْه قيل: اللُّمظة للشَّيْء الْيَسِير من السّمن تَأْخُذهُ بإصبعك.
لمع ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا شاخصاً بَصَره إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة فَقَالَ: مَا يدْرِي هَذَا لَعَلَّ بَصَره سيلتمع قبل أَن يرجع إِلَيْهِ. أَي يُختلس وَمِنْه التُمع لَونه والتمئ إِذا ذهب قَالَ مَالك بن عَمْرو التنوخي: ... ينظر فِي أوجه الركاب فَمَا ... يعرف شَيْئا فاللون ملتمع ... وَيُقَال: امتلعه وامتعله والتمعه بِمَعْنى اختلسه. وألمع بِهِ مثلهَا.
لمَم فِي الحَدِيث: اللَّهُمَّ المم شعثنا. أَي اجْمَعْ مَا تشعَّث أَي تشتّت من أمرنَا وتفرَّق.
اللَّام مَعَ الْوَاو
لوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرَّم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة. اللابة: الحرَّة وَجَمعهَا لاب ولوب. وَالْإِبِل إِذا اجْتمعت وَكَانَت سُودًا سُميَّت(3/331)
لابة وَهِي من اللوبان وَهُوَ شدَّة الْحر كَمَا أَن الْحرَّة من الْحر.
لوى ليُّ الْوَاجِد يحلُّ عُقُوبَته وَعرضه. يُقَال: لويت دينه ليًّا وليَّانا وَهُوَ من الليّ لِأَنَّهُ يمنعهُ حَقه ويثنيه عَنهُ. قَالَ الْأَعْشَى: ... يَلْوِينَنِي دَيْنِي النَّهَار وَأَقْتَضِي ... دَيْنِي إِذا وَقَذَ النُّعَاسُ الرُّقَّدَا ... الْوَاجِد: من الوجد وَالْجدّة. الْعقُوبَة: الْحَبْس واللّز. وَالْعرض: أَن تَأْخُذهُ بِلِسَانِهِ فِي نَفسه لَا فِي حَسبه. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لصَاحب الْحق الْيَد وَاللِّسَان.
لوص قَالَ عُثْمَان لعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبدٌ حقًّا من قلبه فَيَمُوت على ذَلِك إِلَّا حُرِّم على النَّار فقُبض وَلم يبينها لنا. فَقَالَ عمر: أَنا أخْبرك عَنْهَا هِيَ الَّتِي ألاص عَلَيْهَا عَمه عِنْد الْمَوْت: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. أَي أَرَادَهُ عَلَيْهَا وَأَرَادَهَا مِنْهُ.
لوث وَعَن أبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا التاثت رَاحِلَة أَحَدنَا طعن بالسروة فِي ضبعها. أَي أَبْطَأت من اللُّوثة وَهِي الاسترخاء وَرجل ألوث: بطيء وسحابة لوثاء. قَالَ: ... لَيْسَ بمُلْتَاث وَلَا عميثل ...(3/332)
السروة بِالْكَسْرِ وَالضَّم: النصل المدور. قَالَ النمر بن التولب: ... وَقد رَمَى بسُراهُ اليومَ مُعْتَمِداً ... فِي المنْكِبَيْنِ وَفِي السَّاقَيْن والرقبة ... الضبع: الْعَضُد.
لوى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة أهل الْجنَّة: ومجامرهم الألوة. وَعَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه كَانَ يستجمر بالألوة غير مطرَّاة. والكافور يطرحه مَعَ الألوة ثمَّ يَقُول: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع الألوة: ضرب من خِيَار الْعود وأجوده بِفَتْح الْهمزَة وضمِّها وَلَا يَخْلُو من أَن يقْضِي على همزتها بِالْأَصَالَةِ فَتكون فعلوة كعرقوة أَو فعلوة كعنصوة أَو بِالزِّيَادَةِ فَتكون أفعلة كأنملة أَو أفعلة كأبلمة فَإِن عمل بِالْأولِ وَذهب إِلَى أَنَّهَا مُشْتَقَّة من أَلا يألو كَأَنَّهَا لَا تألوا أريجا وذكاء عرفٍ كَانَ ذَلِك من حَيْثُ أَن الْبناء مَوْجُود والاشتقاق قريب جَائِز إِلَّا أَن مَانِعا يعْتَرض دون الْعَمَل بِهِ وَذَلِكَ قَوْلهم: لوة ولية. فَالْوَجْه الثَّانِي إِذا هُوَ الْمعول عَلَيْهِ. فَإِن قلت: فمم اشتقاقها قلت: من لَو المتمني بهَا فِي قَوْلك: لَو لقِيت زيدا بعد مَا جعلت اسْما وصلحت لِأَن يشتق مِنْهَا كَمَا اشتق من إِن فَقيل: مئنة كَأَنَّهَا الضَّرْب المرغوب فِيهِ المتمني وَقد جمعُوا الألوة ألاوية. وَالْأَصْل ألاوٍ كأساق فزيدت التَّاء زيادتها فِي الحزونة قَالَ: ... بِسَاقين سَاقَيْ ذِي قِضِين تَشُبُّها ... بأَعْوَادِ رَنْدٍ أَو ألاَوِيَة شُقْرَا ... وَقَوله: ومجامرهم يُرِيد وعود مجامرهم.
لوط أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: وَالله إِن عمر لأحبُّ النَّاس إليّ. ثمَّ قَالَ:(3/333)
لوط كَيفَ قلت قَالَت عَائِشَة: قلت: وَالله إنّ عمر أحبُّ النَّاس إليَّ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ أعزّ وَالْولد ألوطُ. أَي ألصق بِالْقَلْبِ وأحبّ وكل شَيْء لصق بالشَّيْء فقد لَاطَ بِهِ. إنَّ رجلا وقف عَلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ فلاث لوثاً من كَلَام فِي دهش. فَقَالَ أَبُو بكر: قُم يَا عمر إِلَى الرجل فَانْظُر مَا شَأْنه. فَسَأَلَهُ عمر فَذكر أَنه ضافه ضيف فزنى بابنته. قَالَ بعض بني قيس: لاث فلَان لِسَانه بِمَعْنى لاكه أَي لم يبين كَلَامه. ولاث كَلَامه إِذا لم يصرِّح بِهِ إمَّا حَيَاء وَإِمَّا فرقا كَأَنَّهُ يلوكه ويلويه. والألوث: العييّ الَّذِي لَا يفهم مَنْطِقه. يُقَال: فِيهِ لوثة أَي حبسة.
لوط عَليّ بن الْحُسَيْن عَلَيْهِ السَّلَام: المستلاط لَا يَرث ويُدعى لَهُ ويُدعى بِهِ. هُوَ اللَّقِيط الْمُسْتَلْحق النَّسب من اللوط وَهُوَ اللصوق. يُدعى لَهُ: أَي ينْسب إِلَيْهِ فَيُقَال: فلَان ابْن فلَان. ويُدعى بِهِ: أَي يُكنى الرجل باسم المستلاط فَيُقَال: أَبُو فلَان.
لون ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى كتب فِي صَدَقَة التمران يُؤْخَذ فِي البرنيّ من البرنيّ وَفِي اللَّوْن من اللَّوْن. هُوَ الدَّقل وَجمعه ألوان. يُقَال: كثُرت الألوان فِي أَرض بني فلَان يعنون الدَّقل فَإِذا أَرَادوا كَثْرَة ألوان التَّمْر من غير أَن يقصدوا إِلَى الدَّقل قَالُوا: كثر الْجمع فِي أَرض بني فلَان. وَأهل الْمَدِينَة يسمون النّخل كُله مَا خلا البرني والعجوة الألوان. وَيُقَال اللينة واللونة: النَّخْلَة. قَالَ الله تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُم مِنْ لينَةٍ} أَرَادَ أَن تُؤْخَذ صَدَقَة كل صنف مِنْهُ وَلَا تُؤْخَذ من غَيره.(3/334)
لوى قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى ذكر مَدَائِن قوم لوط فَقَالَ: ذُكر لنا أَن جِبْرَائِيل أَخذ بعروتها الْوُسْطَى ثمَّ ألوى بهَا فِي جوِّ السَّمَاء حَتَّى سَمِعت الْمَلَائِكَة ضواغي كلابها ثمَّ جرجم بَعْضهَا على بعض ثمَّ اتبع شُذَّان الْقَوْم صخرا منضودا. أَي ذهب بهَا. الضواغي: جمع ضاغية وَهِي الصائحة. جرجم: أسقط وصرع قَالَ العجاج: ... كأَنهُمْ من فَائِظٍ مُجَرْجَمِ ... شذَّانهم: من شَذَّ مِنْهُم وَخرج من جَمَاعَتهمْ. وَهَذَا كَمَا روى أَنَّهَا لما قُلبت عَلَيْهِم رمى بقاياهم بِكُل مَكَان.
لوط كَانَ بَنو إِسْرَائِيل يتيهون فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة إِنَّمَا يشربون مَا لاطوا. من لَاطَ حَوْضه إِذا مدره أَي لم يُصِيبُوا مَاء سيحاً إِنَّمَا كَانُوا ينزحون المَاء من الْآبَار فيقرونه فِي الْحِيَاض.
اللَّام مَعَ الْهَاء
لهق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ خُلُقه سجيَّةً وَلم يكن تلهوقاً. أَي طبيعة وَلم يكن تكلفا. والتَّلهوق: أَن يتزين بِمَا لَيْسَ فِيهِ من خلق ومروءة ويدَّعى الْكَرم والسخاء يُغير بَيِّنَة. وَعِنْدِي أَنه تفعول من اللهق وَهُوَ الْأَبْيَض فقد استعملوا الْأَبْيَض فِي مَوضِع(3/335)
الْكَرِيم لنقاء عرضه مِمَّا يدنسه من ملامات اللئام.
لَهو سَأَلت رَبِّي اللاَّهين من ذُرِّيَّة الْبشر أَن لَا يعذبهم فأعطانيهم. هم البله الغافلون. وَقيل: الَّذين لم يتعمدوا الذَّنب وَإِنَّمَا فرط مِنْهُم سَهوا وغفلة. يُقَال: لهى عَن الشَّيْء إِذا غفل وشُغل. وَمِنْه حَدِيث ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه كَانَ إِذا سمع صَوت الرَّعْد لهى عَن حَدِيثه وَقَالَ: سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله: إِنَّه سَأَلَهُ حميد الطَّوِيل عَن الرجل يجد البلل. فَقَالَ: اله عَنهُ. فَقَالَ: إِنَّه أَكثر من ذَلِك. فَقَالَ: أتستدره لَا أَبَا لَك اله عَنهُ. الأَصْل فِي قَوْلهم: لَا أبالك وَلَا أم لَك نفي أَن يكون لَهُ أبٌ حرٌّ وأمٌّ حرَّة وَهُوَ المقرف والهجين المذمومان عِنْدهم. ثمَّ اسْتعْمل فِي مَوضِع الاستقصار والاستبطاء وَنَحْو ذَلِك والحث على مَا يُنَافِي [حَال] الهجناء والمقارف. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَخذ أَرْبَعمِائَة دنيار فَجَعلهَا فِي صُرَّة ثمَّ قَالَ للغلام: اذْهَبْ بهَا إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح ثمَّ تلهَّ سَاعَة فِي الْبَيْت ثمَّ انْظُر مَا يصنع بهَا. قَالَ ففرَّقها. هُوَ تفعل: من لَهَا عَن الشَّيْء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فأَنتَ عَنهُ تلهى}
لهد ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَو لقِيت قَاتل أبي فِي الْحرم مَا لهدته وروى: مَا هدته وَمَا ندهته. لهدته: دَفعته وَرجل ملهَّد: مدفَّع مذلَّل قَالَ طرفَة: ... ذَلول بأجماع الرِّجَال مُلَهَّدُ ... وَيُقَال: جهد الْقَوْم دوابهم ولهدوها.(3/336)
وهدته: حركته وهادني كَذَا: أقلقني وشخص بِي وَلَا يهيدنك هَذَا الْأَمر. ندهته: زجرته.
لهث سعيد رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْمَرْأَة اللهثى وَصَاحب العطاش: إِنَّهُم يُفطرون فِي رَمَضَان ويُطعمون. من اللهاث وَهُوَ شدَّة الْعَطش من لهث الْكَلْب إِذا أدلع لِسَانه من شدَّة الْحر والعطش. قَالَ: ... ثمَّ استَقَوْا بسفارهم للهاثها ... كالزيت فِيهِ قروصة وَسَوَاد ...
لهز عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَ رجل عَن رجل لهز رجلا لهزة فَقطع بعض لِسَانه فعجم كَلَامه فَقَالَ: يُعرض كَلَامه على المعجم وَذَلِكَ تِسْعَة وَعِشْرُونَ حرفا فَمَا نقص كَلَامه من الهذه الْحُرُوف قسِّمت عَلَيْهِ الدِّية. اللَّهز: الضَّرْب بِجمع الْكَفّ فِي الصَّدْر وَفِي الحنك. وَمِنْه لهزه القتير. المعجم: حُرُوف اب ت ث سمي بذلك من التعجيم وَهُوَ إِزَالَة العجمة بالنَّقْط كالتقريع والتجليد.
لهف فِي الحَدِيث: اتَّقوا دَعْوَة اللَّهفان. هُوَ المكروب من لهف لهفاً فَهُوَ لهفان ولُهف لهفا هُوَ ملهوف.(3/337)
اللَّام مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب لثقيف حِين أَسْلمُوا كتابا فِيهِ: إِن لَهُم ذمَّة الله وإنَّ وَادِيهمْ حرَام عضاهه وصيده وظلم فِيهِ وَإِن مَا كَانَ لَهُم من دين إِلَى أجل فَبلغ أَجله فَإِنَّهُ لياط مبرَّأٌ من الله. وَإِن مَا كَانَ لَهُم من دين فِي رهن وَرَاء عكاظ فَإِنَّهُ يُقضى إِلَى رَأسه ويلاط بعكاظ وَلَا يُؤَخر. يُقَال: لَاطَ حبُّه بقلبي يلوط ويليط. وَعَن الْفراء: هُوَ أليط بِالْقَلْبِ مِنْك وألوط وَهَذَا لَا يليط بك أَي لَا يَلِيق. واللياط حقُّه أَن يكون من الْيَاء وَلَو كَانَ من الْوَاو لقيل لواط. كَمَا قيل: قوام وَجوَار. وَالْمرَاد بِهِ الرِّبَا لِأَن شَيْء ليط بِرَأْس المَال: وكل شَيْء ألصق بِشَيْء فَهُوَ لياط يَعْنِي مَا كَانُوا يربون فِي الْجَاهِلِيَّة أبْطلهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وردَّ الْأَمر إِلَى رَأس المَال. كَقَوْلِه تَعَالَى: {فلكم رُؤُوس أَمْوَالكُم} .
لَيْسَ مَا من نَبِي إِلَّا وَقد أَخطَأ أَو هم بخطيئة لَيْسَ يحيى بن زَكَرِيَّا. لَيْسَ تقع فِي كَلِمَات الِاسْتِثْنَاء يَقُولُونَ: جَاءَنِي الْقَوْم لَيْسَ زيدا [كَقَوْلِهِم: لَا يكون زيدا بِمَعْنى إِلَّا زيدا] . وَتَقْدِيره عِنْد النَّحْوِيين: لَيْسَ بَعضهم زيدا وَلَا يكون بَعضهم زيدا ومؤداه مؤدى إِلَّا. قَالَ الْهُذلِيّ: ... لَا شَيْء أسْرع مني لَيْسَ ذَا عُذر ... أَو ذَا سَبيب بِأَعْلَى الرَّيْدِ خَفَّاق ... وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه قَالَ لزيد الْخَيل: مَا وصف لي أحد فِي الْجَاهِلِيَّة فرأيته فِي الْإِسْلَام إِلَّا رَأَيْته من دون الصّفة ليسك. وَفِي هَذَا غرابة من قبل أَن الشَّائِع الْكثير إِيقَاع ضمير خبر كَانَ وَأَخَوَاتهَا مُنْفَصِلا نَحْو قَوْله:(3/338)
.. لَئِن كَانَ إِيَّاه لقد حَال بَعْدَنا ... [عَن العَهْدِ وَالْإِنْسَان قد يتغيَّر] ... وَقَوله: ... لَيْسَ إيَّايَ وإيا ... كَ وَلَا نَخْشَى رَقيبا ... وَنَحْو قَوْله: ... عهدي بقَوْمي كعَدِيد الطَّيْسِ ... قد ذَهبَ الْقَوْم الْكِرَام ليسي ... وي الحَدِيث: كل مَا أنهر الدَّم فَكل. لَيْسَ السن وَالظفر.
ليط عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يليط أَوْلَاد الْجَاهِلِيَّة بآبائهم وروى: بِمن ادَّعاهم فِي الْإِسْلَام أَي يلحقهم بهم. وَأنْشد الْكسَائي: ... رأَيتُ رِجَالاً ليطوا ولدة بهم ... وَمَا بَينهم قربى ولاهم لهمُ وُلْدُ ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَهُ رجل: بِأَيّ شَيْء أُذكي إِن لم أجد حَدِيدَة قَالَ: بليطةٍ فالية. الليط: قشر الْقصب اللازق بِهِ وَكَذَلِكَ ليط الْقَنَاة وكل شَيْء كَانَت لَهُ صلابة ومتانة قالقطعة مِنْهُ ليطة. فالية: قَاطِعَة.
لين ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا خياركم ألاينكم مناكب فِي الصَّلَاة. جمع أَلين وَالْمرَاد السّكُون وَالْوَقار والخشوع.
ليئ مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ وَهُوَ يَأْكُل لياء مُقشّى. هُوَ شَيْء كالحمص شَدِيد الْبيَاض. وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا وصفت بالبياض كَأَنَّهَا اللياء. وَقيل: هُوَ اللوبياء.(3/339)
واللياء أَيْضا: سَمَكَة فِي الْبَحْر يتَّخذ مِنْهَا الترسة فَلَا يحيك فِيهَا شَيْء وَلَا يجوز. قَالَ: ... يخضِمْنَ هامَ القومِ خَضْمَ الحَنْظَلِ ... والقرعَ من جِلْدِ اللِّيَاء المُصْمَلِ ... مقشّى: مقشر. يُقَال: قشوت الشَّيْء وقشرته.
لَيْث ابْن الزبير كَانَ يواصل ثَلَاثًا ثمَّ يُصبح وَهُوَ أليث أَصْحَابه. أَي أَشَّدهم وأجلدهم من اللَّيْث. عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ يُنْهِي عَن صَوْم الْوِصَال. وَعنهُ أَنه كَانَ يواصل وَينْهى عَن الْوِصَال وَيَقُول: لست كأحدكم إِنِّي أظل عِنْد رَبِّي [فيطعمن] ي ويسقيني. فَمَعْنَاه أَنه كَانَ يواصل ثَلَاثًا من غير إفطار بفطور يسدُّ الْجُوع وَلَكِن بتمرة أَو بِشَربَة ماءٍ. وقرأت فِي بعض التواريخ أَن عبد الله كَانَ يَصُوم عشرَة أَيَّام مُوَاصلَة ثمَّ يفْطر بِالصبرِ ليفتق أمعاءه.(3/340)
حرف الْمِيم
الْمِيم مَعَ الْهمزَة
ماق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكتحل من قبل موقه مرّة وَمن قبل ماقه مرّة. قَالَ أَبُو الدقيش: مؤق الْعين: مؤخرها ومأقها مقدمها. وَقَالَ: آماق الْعين مآخيرها. ومآقيها مقادمها وَعَن أبي خيرة: كل مدمع مؤق من مقدم الْعين ومؤخرها. قَالَ اللَّيْث: وَوَافَقَ الحَدِيث قَول أبي الدقيش. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مأقى ومؤقى وَكِلَاهُمَا يصلح أَن يكون وَاحِد المآقي. وَمن المأقى حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ يمسح المأقيين. وَقَالَ أَبُو حَيَّة النميري: ... إِذا قلتُ يفنى مَاؤُها اليومَ أصبَحتْ ... غَداً وَهِي ريَّا المأْقِيَيْنِ نضوحُ ... وَيُقَال: مئق مأقاً ومأقةً فَهُوَ مئق إِذا بَكَى. وَقدم علينا فلَان فامتأقنا إِلَيْهِ وَهُوَ شبه التباكي إِلَيْهِ لطول الْغَيْبَة أَخذ ذَلِك من المؤق لِأَنَّهُ مجْرى الدمع. وَالْيَاء فِيمَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِي مزيدة وَفِي بعض نسخ الْكتاب عِنْد قَوْله: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام فعلى كَمَا ترى إِلَّا بِالْهَاءِ يَعْنِي زبنية وعفرية وَلَا فَعلى وَلَا فُعلى قَالُوا مأقى فمأقى [وَزنه] فعلى ومؤقى [وَزنه] فعلى وهما نادران لَا نَظِير لَهما وَيجوز تَخْفيف الْهمزَة فِي جَمِيعهَا. وَقد روى المقي فِي معنى الآماق. قَالَ بعض بني نمير: ... لعَمْرِي لئِن عَيْني من الدَّمْعِ أَنزحت ... مُقَاها لقد كانَتْ سَرِيعاً جُمُومها ... وَيَنْبَغِي أَن يكون مقلوبا من الموق كالفقي من الفوق. وَلَيْسَ لزاعم أَن يزْعم أنَّ مأقى غير مَهْمُوز مَأْخُوذ من المقي على وزن فَاعل كقاضٍ لأَنهم يهمزونه(3/341)
فِي الشَّائِع وَفِي مؤقى هَذَا وَأَنه ترك مِثَال غَرِيب إِلَى مثله فِي الغرابة.
الْمِيم مَعَ التَّاء
متخ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِأبي شميلة وَهُوَ سَكرَان فَقبض قَبْضَة من تُرَاب فَضرب بهَا وَجهه ثمَّ قَالَ: اضْرِبُوهُ فضربوه بالثياب وَالنعال والمتيخة وَرُوِيَ: أَتَى بشارب فَأَمرهمْ بجلده فَمنهمْ من جلده بالعصا وَمِنْهُم من جلده بالنعل وَمِنْهُم من جلده بالمتِّيخة. وَرُوِيَ: خرج وَفِي يَده متيخة فِي طرفها خوص مُعْتَمدًا على ثَابت بن قيس. عَن أبي زيد: المتيخة والمتيخة: الْعَصَا. وَعَن بَعضهم المتيخة المطرق من سلم على مِثَال سكينَة بتَشْديد التَّاء. والمطرق: اللين الدَّقِيق من القضبان وَيكون المتيخ من الغبيراء وَهُوَ مَا لَان ولطف من المطارق وكل مَا ضرب بِهِ متِّيخة من درَّة أَو جَرِيدَة أَو غير ذَلِك من متخ الله رقبته ومتخه بِالسَّهْمِ إِذا ضربه وَقَالُوا فِي المتيخة: إِنَّهَا من تاخ يتوخ. وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهَا لَو كَانَت مِنْهُ لصحَّت الْوَاو كَقَوْلِك: مسورة ومروحة ومحوقة وَلكنهَا من طيَّخة الْعَذَاب إِذا ألح عَلَيْهِ وديخه إِلَى ذلَّله لِأَن التَّاء أُخْت الطَّاء وَالدَّال كَمَا اشتق سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم: جمل تربوت من التدريب وَلَيْسَ لهَذَا الشَّأْن إِلَّا الحذَّاق من أَصْحَابنَا الغاصة على دقائق علم الْعَرَبيَّة ولطائفه الَّتِي يجفو عَنهُ وَعَن إِدْرَاكهَا أَكثر النَّاس.
متع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان: بَينا أَنا جَالس فِي أَهلِي حِين متع النَّهَار إِذا رَسُوله فَانْطَلَقت حَتَّى أَدخل عَلَيْهِ وَإِذا هُوَ جَالس فِي رمال سَرِير.(3/342)
متع أَي تَعَالَى النَّهَار من الشَّيْء الماتع وَهُوَ الطَّوِيل. وَمِنْه: أمتع الله بك. قَالَ الْمسيب بن علس: ... وكأنَّ غِزْلاَن الصَّرَائِم إذْ ... مَتَعَ النَّهَار وأَرْشَقَ الحَدَقُ ... وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ شيخ من الأزد: انْطَلَقت حاجًّا فَإِذا ابْن عَبَّاس والزحام عَلَيْهِ يُفتي النَّاس حَتَّى إِذا متع الضُّحَى وسئم فَجعلت أجد بِي قدعاً عَن مَسْأَلته فَسَأَلته عَن شراب كنَّا نتَّخذه. قَالَ: يَابْنَ أخي مَرَرْت على جزور ساحّ وَالْجَزُور نافقة أَفلا تقطع مِنْهَا فدرة فتشويها قلت: لَا. قَالَ: فَهَذَا الشَّرَاب مثل ذَلِك. القدع: الجُبن والانكسار. يُقَال: قدعته فقُدع وانقدع. ساحٍّ: سَمِينَة. نافقة: ميتَة. فدرة: قِطْعَة. حَتَّى أَدخل: يجوز رَفعه ونصبه يُقَال: سرت حَتَّى أدخلها حِكَايَة للْحَال الْمَاضِيَة وَحَتَّى أدخلها بِالنّصب باضمار أَن. الرُّمال: الْحَصِير المرمول فِي وَجه السرير. فِي: هَا هُنَا كَالَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {فِي جُذُوعِ النخْل}
متح أُبي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قيس بن عبَادَة: أتيت الْمَدِينَة للقاء أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يكن أحدٌ أحبَّ إليّ لِقَاء من أُبي بن كَعْب فجَاء رجل فحدَّث فَلم أر الرِّجَال متحت أعناقها إِلَى شَيْء متوحها إِلَيْهِ فَإِذا الرجل أُبي بن كَعْب. أَي مدَّت أعناقها من متح الدَّلْوَ. وَقَوله: متوحها لَا يَخْلُو من أَن يكون موقعه موقع قَوْله: {وَالله أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْض نبَاتا} أَي فنبتُّم نباتا.(3/343)
فمتحت متوحها من قَوْلهم: متح النَّهَار وَاللَّيْل إِذا امتدّ وفرسخ متَّاح: ممتد أَو أَن يكون المتوح كالشُّكور والكفور. وَإِن روى أعناقها بِالرَّفْع فوجهه ظَاهر. وَالْمعْنَى مثل امتدادها أَو مثل مدّها إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: قَالَ أَبُو خيرة: قلت لَهُ: أأقصر الصَّلَاة إِلَى الأُبُلّة قَالَ: تذْهب وَترجع من يَوْمك قلت: نعم. قَالَ: لَا وَإِلَّا يَوْمًا متَّاحاً. أَي لَا تقصر إِلَّا فِي مسيرَة يَوْم طَوِيل وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْيَوْم مَعَ ليلته. وَهَذِه سفرة مَالك. وَعَن الشَّافِعِي أَرْبَعَة برد والبريد أَرْبَعَة فراسخ. وَنَحْوه مَا رووا عَن ابْن عَبَّاس: إِنَّه قَالَ: يأهل مَكَّة لَا تقصرُوا فِي أدنى من أَرْبَعَة بُرُد من مَكَّة إِلَى عسفان. وَعند السّفر مقدَّرٌ بِثَلَاثَة أَيَّام ولياليها. وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى: يَوْمَانِ وَأكْثر [الْيَوْم] الثَّالِث فِي رِوَايَة الْحسن بن زِيَاد [اللؤْلُؤِي رَحمَه الل] هـ. كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: يُسخَّرُ مَعَه جبل ماتع خلاطه ثريد. أَي طَوِيل شَاهِق.
الْمِيم مَعَ الثَّاء
مثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مثل بالشَّعَر فَلَيْسَ لَهُ خلاق عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة. يُقَال: مثلت بِالرجلِ أمثل بِهِ مثلا ومثلة إِذا سودّت وَجهه أَو قطعت أَنفه وَمَا أشبه ذَلِك. قيل: مَعْنَاهُ حلقه فِي الخدود وَقيل: نتفه وَقيل: خضابه. وَمِنْه الحَدِيث: نهي أَن يمثَّل بالدواب وَأَن يُؤْكَل الممثول بهَا.(3/344)
وَفِي حَدِيث آخر: لَا تمثِّلوا بنامية الله. أَي بخلقه. وَقيل: هُوَ من الْمثل وَهُوَ أَن يقتل كُفؤًا بكفء وبواء ببواء. وَقيل: المُرَاد التَّصْوِير والتمثيل بِخلق الله من قَوْلهم: مثل الشَّيْء [بالشَّيْء] ومُثل بِهِ إِذا سوى بِهِ وَقدر تَقْدِيره. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لسلم بن معبد الْوَالِبِي: ... جزَى اللهُ الموَالِي مِنْك نَصفا ... وكلّ صحابةٍ لهمُ جَزَاءُ
بفِعْلهم فإنْ خيرا فَخير ... وَإِن شرا كَمَا مثل الْحذاء ...
مثل من سره أَن يمثل لَهُ النَّاس قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار. المثول: الانتصاب. وَمِنْه: فلَان متماثل ومتماسك بِمَعْنى وَمِنْه تماثل الْمَرِيض. وَقَالُوا: الماثل من الأضداد يكون المنتصب واللاطئ بِالْأَرْضِ. وَمِنْه قَول الْأَعرَابِي: ماثلت الْقَوْم فِي الْمجْلس وَأَنا غير مشته لمقاعدتهم. فَليَتَبَوَّأ: لَفظه الْأَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر كَأَنَّهُ قَالَ: من سرَّه ذَلِك وَجب لَهُ أَن ينزل منزله من النَّار وَحقّ لَهُ ذَاك.
الْمِيم مَعَ الْجِيم
مجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المجر. هُوَ مَا فِي الْبُطُون وَهَذَا كنهيه عَن الملاقيح أَي عَن بيعهَا. وَيجوز أَن يُسمى بيع المجر مجراً اتساعاً فِي الْكَلَام. وَكَانَ من بياعات أهل الْجَاهِلِيَّة وَكَانُوا يَقُولُونَ: مَا جرت مِمَّا جرة وأمجرت إمجارا. وَفِي الحَدِيث كل مجر حرَام وَأنْشد اللَّيْث: ... أَلَمْ يكُ مَجْراً لَا يحِلُّ لمُسلم ... نَهَاهُ أَمِير الْمصر عَنهُ وعامله ...(3/345)
ولايقال لما فِي الْبَطن مجراً إلاَّ إِذا أثقلت الْحَامِل. قَالَ أَبُو زيد: نَاقَة ممجر إِذا جَازَت وَقتهَا فِي النِّتَاج وَحِينَئِذٍ تكون مثقلة لَا محَالة. وَمِنْه قَوْلهم للجيش الْكثير: مجرٌ وَمَا لفُلَان مجر أَي عقل رزين. وَأما اللمجر محركا فدَاء فِي الشَّاة. يُقَال: شَاة ممجار وممجر وغنم مماجير وَهِي الَّتِي إِذا حملت هزلت وَعظم بَطنهَا فَلَا تَسْتَطِيع الْقيام بِهِ فَرُبمَا رمت بِوَلَدِهَا وَقد أمجرت ومجرت. وَعَن ابْن لِسَان الْحمرَة: الضَّأْن مَال صدق إِذا أفلتت من المجر. شكت فَاطِمَة إِلَى عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مجل يَديهَا من الطَّحْن فَقَالَ لَهَا: لَو أتيت أَبَاك فَأَتَتْهُ. هُوَ أَن تغلظ الْيَد وَيخرج فِيهَا نبخ من الْعَمَل. وَقد مجلت مجلا ومجلت مجلا. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن جبرئيل عَلَيْهِ السَّلَام نقر فِي رَأس رجل من الْمُسْتَهْزِئِينَ فتمجَّل رَأسه قَيْحا ودماً. أَي امْتَلَأَ كالمجل. وَمِنْه قَول الْعَرَب: جَاءَت الْإِبِل كَأَنَّهَا المجل أَي ممتلئة كامتلاء المجل.
مجج كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل القثاء والقثد بالمجاج. أَي بالعسل لِأَن النَّحْل تمجه وكل مَا تحلب من شَيْء فَهُوَ مجاجة ومجاجتة. وَعَن أبي ثروان العكلي: أقويت فَلم أطْعم إِلَّا لثى الْإِذْخر ومجاجة صمغ الشّجر.(3/346)
وَعَن بَعضهم: إِنَّه اللَّبن لِأَن الضَّرع يمجه.
مجع ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله دخل على سُلَيْمَان بن عبد الْملك فمازحه بِكَلِمَة فَقَالَ: إيَّايَ وَكَلَام المجعة وروى: المجاعة. المجاعة والمجانة: أختَان وَقد تماجنا وتماجعا إِذا ترافثا قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت ذَلِك من جمَاعَة من قيس. وَرجل مجع وَامْرَأَة مجعة وَأنْشد الجاحظ لحنظلة بن عَرَادَة: ... مجِعٌ خبيثٌ يعاطى الكَلبَ طعْمتَه ... فَإِن رأى غَفَلَة مِنْ جَاره ولَجَا ... والمجعة: نَحْو قردة وفيلة: وَلَو روى بِالسُّكُونِ فَالْمُرَاد إيَّايَ وَكَلَام الْمَرْأَة الغزلة الماجنة أَو أرْدف المجع بِالتَّاءِ للْمُبَالَغَة كَقَوْلِهِم فِي الهجاج هجاجةٌ. قَوْلهم: إيَّايَ وَكَذَا: مَعْنَاهُ إيَّايَ ونحِّ كَذَا عني فاختصر الْكَلَام اختصاراً وَقد لخصت هَذَا فِي كتاب الْمفصل.
مجج فِي الحَدِيث: لَا تبع الْعِنَب حَتَّى يظْهر مججه. أَي نضجه.
الْمِيم مَعَ الْحَاء
مَحل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى حَدِيث الشَّفَاعَة: فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا قد اشتدَّ علينا غمُّ يَوْمنَا فسل رَبك أَن يقْضِي بَيْننَا فَيَقُول: إِنِّي لست هُنَاكُم أَنا الَّذِي كذبت ثَلَاث كذبات. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله مَا مِنْهَا كذبة إِلَّا وَهُوَ يماحل بهَا عَن الْإِسْلَام.(3/347)
مَحل أَي يدافع ويجادل على سَبِيل الْمحَال وَهُوَ الكيد وَالْمَكْر من قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ شديدُ المِحال} . وَيُقَال: إِنَّه لحول قُلَّب دحل مَحل أَي محتال ذُو كيد عَن الْأَصْمَعِي. والكذبات: قَوْله: بل فعله كَبِيرهمْ وَكَذَا قَوْله: إِنِّي سقييم. وَقَوله فِي امْرَأَته: إِنَّهَا أُخْتِي وَكلهَا تَعْرِيض ومماحلة مَعَ الْكفَّار.
مَحْض عَن سعر بن ديسم وَقيل سعن: كنت فِي غنم لي فجَاء رجلَانِ على بعير فَقَالَا: إِنَّا رَسُولا رَسُول الله إِلَيْك لتؤدي صَدَقَة غنمك. فَقلت: مَا عليَّ فِيهَا فَقَالَا: شَاة فأعمد إِلَى شَاة قد عرفت مَكَانهَا ممتلئة مَحْضا وشحماً ويروى: مخاضا وشحما. فأخرجتها إِلَيْهِمَا فَقَالَا: هَذِه شَاة شَافِع وَقد نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نَأْخُذ شافعاً. ويروى: كنت فِي غنم لي فجَاء يَعْنِي مصدّق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجِئْته بِشَاة ماخض خير مَا وجدت فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا قَالَ: لَيْسَ حقُّنا فِي هَذِه. فَقلت: فَفِيمَ حقُّك قَالَ: فِي الثنيَّة والجذعة اللجبة. الْمَحْض: اللَّبن. الْمَخَاض: مصدر مخضت الشَّاة مَخاضاً ومِخاضاً إِذا دنا نتاجها أَي امْتَلَأت حملا. الشافع: ذَات الْوَلَد. اللجبة: الَّتِي لَا لبن لَهَا.
مَحل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إنَّ من وَرَائِكُمْ أموراً متماحلة ردحاً وبلاء مكلحا مبلحا. وروى: ردحا.(3/348)
مَحل المتماحل: الْبعيد الممتد. يُقَال: سبسب متماحل وَأنْشد يَعْقُوب: ... بعيدٌ من الحادِي إِذا مَا تَرَقَّصت ... بَنَاتُ الصُّوَى فِي السَّبْسَبِ المُتَمَاحِلِ ... الرُّدح: جمع رداح والردَّح جمع رادحة وَهِي الْعِظَام الثِّقال الَّتِي لَا تكَاد تَبْرَح. مكلحاً: يَجْعَل النَّاس كالحين لشدَّتِه. مبلحاً: من بلَّح إِذا انْقَطع من الإعياء وأبلحه السّير. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إنَّ هَذَا الْقُرْآن شَافِع مشفّع وماحلٌ مُصدق. الماحل: السَّاعِي يُقَال: محلت بفلان أمحل بِهِ وَهُوَ من الْمحَال. وَفِيه مطاولة وإفراط من المتماحل وَمِنْه الْمحل وَهُوَ الْقَحْط. والمتطول الشَّديد يَعْنِي إنَّ من اتبعهُ وَعمل بِمَا فِيهِ فَهُوَ شَافِع لَهُ مَقْبُول الشَّفَاعَة فِي الْعَفو عَن فرطاته وَمن ترك الْعَمَل بِهِ نم على إساءئه وَصدق عَلَيْهِ فِيمَا يرفع من مساويه.
محن الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى المحنة بِدعَة. هِيَ أَن يَأْخُذ السُّلْطَان الرجل فيمتحنه فَيَقُول: فعلت كَذَا وَفعلت كَذَا فَلَا يزَال بِهِ حَتَّى يتسقطه.(3/349)
الْمِيم مَعَ الْخَاء
مخر سراقَة بن جعْشم رَضِي الله عَنهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: إِذا أَتَى أحدكُم الْغَائِط فَليُكرم قبْلَة الله وَلَا يستدبرها وليتق مجَالِس اللَّعْن: الطَّرِيق والظل وَالنّهر واستمخروا الرّيح واستشبوا على أسوقكم وَأَعدُّوا النَّبَل. استمخر الرّيح وتمخرها كاستعجل الشَّيْء وتعجله إِذا اسْتَقْبلهَا بِأَنْفِهِ وتنسمها. وَمِنْه الحَدِيث: إِن أَبَا الْحَارِث بن عبد الله بن سائب لقى نَافِع بن جُبَير بن مطعم فَقَالَ لَهُ: من أَيْن قَالَ: خرجت أتمخر الرّيح. قَالَ: إِنَّمَا يتمخر الْكَلْب. قَالَ: فأستثنشي. قَالَ: إِنَّمَا يستنشي الْحمار. قَالَ: فَمَا أَقُول قَالَ: قل أتنسم. قَالَ: إِنَّهَا وَالله حسك فِي قَلْبك علينا لقتلنا ابْن الزبير. قَالَ أَبُو الْحَارِث: ألزقتك وَالله عبد منَاف بالد كادك ذهب هَاشم بِالنُّبُوَّةِ وعبدشمس بالخلافة وَتَرَكُوك بَين فرثها والجيَّة أنفٌ فِي السَّمَاء وسرم فِي المَاء قَالَ: إِذا ذكرت عبد منَاف فالطه. قَالَ: بل أَنْت وَنَوْفَل فالطوا. الدكداك من الرمل: مَا التبد بِالْأَرْضِ فَلم يرْتَفع من دككته ودكدكته: إِذا دققته. الجيَّة بِوَزْن النِّيَّة والجية بِوَزْن المرَّة من الْمَجِيء: مستنقع المَاء. لطئ بِالْأَرْضِ: لصق بهَا فَخفف الْهمزَة. وَمِنْه الحَدِيث: إِذا بَال أحدكُم فليتمخر الرّيح. وَإِنَّمَا أَمر باستقبال الرّيح لِأَنَّهُ إِذا استدبرها وجد ريح البرَاز. وَتقول الْعَرَب للأحمق: إِنَّه وَالله لَا يتوجَّه أَي لَا يسْتَقْبل الرّيح إِذا قعد لِحَاجَتِهِ. استشبوا: انتصبوا يُرِيد الاتِّكاء عَلَيْهَا عِنْد قَضَاء الْحَاجة من شبوب الْفرس وَهُوَ أَن يرفع يَدَيْهِ ويعتمد عل رجلَيْهِ. النبل: حِجَارَة الِاسْتِنْجَاء.(3/350)
زِيَاد لما قدم الْبَصْرَة والياً عَلَيْهَا قَالَ: مَا هَذِه المواخير الشَّرَاب عَلَيْهِ حرَام حَتَّى تسوى بِالْأَرْضِ هدماً وحرقاً. هِيَ بيُوت الخمارين جمع ماخور قَالَ جرير: ... فَمَا فِي كتاب الله هَدْمُ دِيَارنَا ... بتهديم مَاخُورٍ خبيثٍ مَدَاخِلُه ... وَهُوَ تعريب مي خُور. وَقَالَ ثَعْلَب: قيل لَهُ الماخور لتردد النَّاس فِيهِ من مخرت السَّفِينَة المَاء.
الْمِيم مَعَ الدَّال
مدر النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى حَدِيث غَزْوَة بطن بواط: إِن جَابر بن عبد الله وجبار بن صَخْر تقدَّما فَانْطَلقَا إِلَى الْبِئْر فَنَزَعَا فِي الْحَوْض سجلا أَو سَجْلَيْنِ ثمَّ مَدَاره ثمَّ نزعا فِيهِ ثمَّ أفهقاه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول طالع فأشرع نَاقَته فَشَرِبت فشنق لَهَا ففشحت وبالت ثمَّ عدل بهَا فأناخها. قَالَ جَابر: وَأَرَادَ الْحَاجة فاتبعته بإدواة فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ وَإِذا شجرتان بشاطئ الْوَادي فَانْطَلق إِلَى إِحْدَاهمَا فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا فَقَالَ: انقادي عليَّ بِإِذن الله فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش وَقَالَ: يَا جَابر انْطلق إِلَيْهِمَا فاقطع من كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا. فَقُمْت فَأخذت حجرا فَكَسرته وحسرته فانذلق لي فَقطعت من كلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا. مدر الْحَوْض: أَن يُطلى بالمدر لِئَلَّا يتسرب مِنْهُ المَاء. أفهقاه: ملآه. شنق لَهَا: عاجها بالزمام. فشجت: تفاجّت.(3/351)
حسرته: أكثرت حكَّه حَتَّى نهكته ورقَّقته من حسر الرجل بعيره إِذا نهكه بالسير وَذهب ببدانته. وَلَو روى بالشين من حشرت السنان فَهُوَ محشور إِذا دققته وألطفته وَمِنْه الْحَشْر من الآذان: مَا لطف كَأَنَّمَا بري برياً لجادت رِوَايَة. المخشوش: المقود بخشاشه. انذلق: صَار لَهُ ذلق أَي حد.
مدى فِي كتاب لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليهود تيماء: إِن لَهُم الذِّمَّة وَعَلَيْهِم الْجِزْيَة بِلَا عدا النَّهَار مدى وَاللَّيْل سدّى. وَكتب خَالِد بن سعيد المدى: الْغَايَة أَي النَّهَار ممدودا دَائِما غير مُنْقَطع من قَوْلهم: هَذَا أَمر لَهُ طول وَمُدَّة وَمد ية وتمادّ وتمادٍ بِمَعْنى وماديت فلَانا إِذا ماددته وَلَا أَفعلهُ مدى الدَّهْر أَي طواله. وَقيل للغاية مدى لامتداد الْمسَافَة إِلَيْهَا. سدى: أَي مخلى متروكا على حَاله فِي الدَّوَام والاتصال. انتصبا على الْحَال وَالْعَامِل فيهمَا مَا فِي الظّرْف من معنى الْفِعْل يَعْنِي أَن ذَلِك لَهُم وَعَلَيْهِم بِلَا ظلم واعتداء أبدا مَا دَامَ اللَّيْل وَالنَّهَار.
مدد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سُبْحَانَ الله عدد خلقه وزِنَة عَرْشه ومداد كَلِمَاته. مداد الشَّيْء ومده: مَا يمدّ بِهِ أَي يُكثر ويُزاد. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذكر الْحَوْض ينثعب فِيهِ مِيزَابَانِ من الْجنَّة مِدَادهمَا الْجنَّة. أَي تمدُّهما أنهارها. وَالْمرَاد قدر كَلِمَاته وَمثلهَا فِي الْكَثْرَة.(3/352)
لَا تسبُّوا أَصْحَابِي فَإِن أحدكُم لَو أنْفق مَا فِي الأَرْض وروى ملْء الأَرْض ذَهَبا مَا أدْرك مُدَّ أحدهم وَلَا نصيفه. هُوَ ربع الصَّاع. وروى: مدّ بِالْفَتْح وَهُوَ الْغَايَة من قَوْلهم: لَا يبلغ فلَان مدَّ فلَان أَي لَا يلْحق شأوه. النَّصيف: النِّصف كالعشير وَالْخَمِيس والسبيع والثمين والتسيع قَالَ: ... لم يَغْذُها مد وَلَا نصيف ...
مدى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أجْرى للنَّاس المديين والقسطين. المدى: مكيال يَأْخُذ جريبا مُحَمَّد من الطَّعَام وَهُوَ أَرْبَعَة أَقْفِزَة وَجمعه أمداء. وَأنْشد أَبُو زيد: كِلْنَا عَلَيْهِنَّ بمُدْىٍ أَجْوَفا ... لم يَدَعِ النَّجَّارُ فِيهِ مَنْقَفا ... والقسط: نصف صَاع يُرِيد مديين من الطَّعَام وقسطين من الزَّيْت.
مدد عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَائِل كلمة الزُّور وَالَّذِي يمد بحبلها فِي الْإِثْم سَوَاء. أَي يَأْخُذ بحبلها مادًّا لَهُ. ضربه مثلا لحكايته لَهَا وتنميته إِيَّاهَا. وَأَصله مدُّ الماتح رشاء الدَّلْو كَأَنَّهُ شبه قَائِلهَا بالمائح الَّذِي يمْلَأ الدَّلْو. وحاكيها والمشيد بهَا بالماتح الَّذِي يَنْزِعهَا. وَهَذَا كَقَوْلِهِم: الراوية أحد الْكَاذِبين.(3/353)
الْمِيم مَعَ الذَّال
مذى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغيرَة من الْإِيمَان والمذاء من النِّفَاق وروى: المذال. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المماذي: القنذع وَهُوَ الَّذِي يَقُود على أَهله. والمماذل مثله. وهما من المذى والمذل. فالمذاء: أَن يجمع بَين الرجل وَالْمَرْأَة ليماذي كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه. تَقول الْعَرَب للْمَرْأَة: ماذيني وسافحيني. وَقيل: هُوَ أَن يُخلى بَينهمَا من أمذيت فرسي ومذيته إِذا أَرْسلتهُ يرْعَى. وَقَالَ النَّضر: يُقَال: أمذ بعنان فرسك. وأمذيت بفرسي ومذيت بِهِ يَدي إِذا خليت عَنهُ وَتركته. والمذال: أَن يمذل الرجل عَن فرَاشه أَي يقلق ويشخص. والمذل والماذل: الَّذِي تطيب نَفسه عَن الشَّيْء يتْركهُ ويسترخي عَنهُ. وَقيل: هُوَ أَن يقلق بسره فَيطلع عَلَيْهِ الرِّجَال. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: عو المذاء بِالْفَتْح ذهب إِلَى اللين والرخاوة من أمذيت الشَّرَاب إِذا أكثرت مزاجه فَذَهَبت بشدته وحدته.
مذقر عبد الله بن خباب رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ: قَتله الْخَوَارِج على شاطئ نهر فَسَالَ دَمه فِي المَال فَمَا امذقرَّ. قَالَ: فَأَتْبَعته بَصرِي كَأَنَّهُ شِرَاك أَحْمَر. وروى: فَمَا ابذقرَّ بِالْبَاء. امذقرَّ اللَّبن: اخْتَلَط بِالْمَاءِ. رجل وَمِنْه ممذقر: مخلوط النّسَب وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... إِنِّي امرو لست بمُمْذَقِرِّ ... مَحْضُ النجار طيّب عُنْصِري ... وابذقرَّ: مثله أَي لم يمتزج دَمه بِالْمَاءِ وَلكنه مرَّ فِيهِ كالطريقة وَلذَلِك شبهه بالشراك الْأَحْمَر. وَقيل: امذقرَّ وابذعرَّ بِمَعْنى قَالَ يَعْقُوب: ابذقرُّوا وابذعروا واشفتروا: تفَرقُوا.(3/354)
وَالْمعْنَى لم تتفرق أجزاؤه فِي المَاء فيمتزج بِهِ وَلكنه مرَّ فِيهِ مجتمعاً متميزاً عَنهُ
الْمِيم مَعَ الرَّاء
مرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لأبي سعيد الْخُدْرِيّ: هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر الْخَوَارِج فَقَالَ: سمعته يذكر قوما يتفقهون فِي الدّين يحقر أحدكُم صلَاته عِنْد صلَاته وصومه عِنْد صَوْمه يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرميَّة فَأخذ سَهْمه فَنظر فِي نصله فَلم ير شَيْئا ثمَّ نظر فِي رصافه فَلم ير شَيْئا ثمَّ نظر فِي القذذ فتمارى أيرى شَيْئا أم لَا قيل: يَا رَسُول الله ألهم آيَة أَو عَلامَة يعْرفُونَ بهَا فَقَالَ: نعم التسبيد فيهم فَاش. ويروى: أَنه ذكر الْخَوَارِج فَقَالَ: يَمْرُقُونَ كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية فَينْظر فِي قذذه فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي نضيِّه فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي نصله فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء فد سبق الفرث وَالدَّم آيَتهم رجل أسود فِي إِحْدَى يَدَيْهِ مثل ثدي الْمَرْأَة وَمثل الْبضْعَة تدَرْدر. المروق: الْخُرُوج وَمِنْه المرق وَهُوَ المَاء الَّذِي يسْتَخْرج من اللَّحْم عِنْد الطَّبْخ للائتدام بِهِ. الرَّميَّة: كل دَابَّة مرمية. مرّ التسبيد فِي (سبّ) . النَّضي: الْقدح قبل أَن ينحت. التَّدردر والتدلدل: أَن يَجِيء وَيذْهب. الرجل الْأسود: ذُو الثدية: شبههم فِي دُخُولهمْ فِي الإسم ثمَّ خُرُوجهمْ مِنْهُ لم يَتَمَسَّكُوا من علائقه بِشَيْء بِسَهْم(3/355)
أصَاب الرَّمية وَنفذ مِنْهَا لم يتَعَلَّق بِهِ شَيْء من فرثها ودمها لفرط سرعَة نُفُوذه.
مرخ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَوْمًا فَدخل عَلَيْهِ عمر فقطّب وتشزَّن لَهُ. فَلَمَّا انْصَرف عَاد إِلَى انبساطه الأول فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله كنت منبسطا فَلَمَّا جَاءَ عمر انقبضت. فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن عمر لَيْسَ مِمَّن يمرخ مَعَه. أَي لَا يسْتَعْمل مَعَه الليان من قَوْلك: أمرخت الْعَجِين إِذا أكثرت مَاءَهُ ومرَّخته بالدهن. وَشَجر مريخ ومرخ وقطف أَي رَقِيق لين وَمِنْه المرخ.
مراء لَا تماروا فِي الْقُرْآن فَإِن مراء فِيهِ كفرٌ. المراء على معنين: أَحدهمَا من المرية. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فِي قَوْله تَعَالَى: {أَفَتُمارُونَه} أفتجاحدونه. وَالثَّانِي: من المري وهومسح الحالب الضَّرع ليستنزل اللَّبن. وَيُقَال للمناظرة مماراة لِأَن المتناظرين كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يسْتَخْرج مَا عِنْد صَاحبه ويمتريه فَيجب أَن يُوَجه معنى الحَدِيث على الأول. ومجازه أَن يكون فِي لفظ الْآيَة رِوَايَتَانِ مشتهرتان من السَّبع أَو فِي مَعْنَاهَا وَجْهَان كِلَاهُمَا صَحِيح مُسْتَقِيم وحقٌّ ناصع. فمناكرة الرجل صاحيه ومجاحدته إِيَّاه فِي هَذَا مِمَّا يزل بِهِ إِلَى الْكفْر. والتنكير فِي قَوْله: فَإِن مراء إيذانٌ بِأَن شَيْئا مِنْهُ كفر فضلا عَمَّا زَاد عَلَيْهِ.(3/356)
وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إيَّاكُمْ وَالِاخْتِلَاف والتنطع فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْل أحدكُم: هَلُمَّ وتعال. وَعَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: اقْرَءُوا الْقُرْآن مَا اتفقتم فَإِذا اختلفتم فَقومُوا عَنهُ. وَلَا يجوز تَوْجِيهه على النَّهْي عَن المناظرة والمباحثة فإنَّ فِي ذَلِك سدًّا لباب الِاجْتِهَاد وإطفاءً لنُور الْعلم وصدًّا عَمَّا تواطأت الْعُقُول والْآثَار الصَّحِيحَة على ارتضائه والحثِّ عَلَيْهِ. وَلم يزل الموثوق بهم من عُلَمَاء الْأمة يستنبطون مَعَاني التَّنْزِيل ويستثيرون دفائنه ويغوصون على لطائفه وَهُوَ الحمَّال ذُو الْوُجُوه فَيَعُود ذَلِك تسجيلا لَهُ ببعد الْغَوْر واستحكام دَلِيل الإعجاز وَمن ثمَّ تكاثرت الْأَقَاوِيل واتَّسم كل من الْمُجْتَهدين بِمذهب فِي التَّأْوِيل يعزى إِلَيْهِ.
مرث أَتَى السِّقاية فَقَالَ: اسقوني. فَقَالَ الْعَبَّاس: انهم قد مرثوه وأفسدوه. وروى: إِنَّه جَاءَ عباساً فَقَالَ: اسقونا فَقَالَ: إِن هَذَا شراب قد مغث ومرث أَفلا نسقيك لَبَنًا وَعَسَلًا فَقَالَ: اسقونا مِمَّا تسقون مِنْهُ النَّاس. أَي وضَّروه بِأَيْدِيهِم الوضرة. تَقول الْعَرَب: أدْرك عناقك لَا يمرِّثوها. قَالَ المفضّل: التمريث أَن يمسحها الْقَوْم بِأَيْدِيهِم وفيهَا غمر فَلَا ترأمها أمُّها من ريح الْغمر. والمغث: نَحْو من المرث.
مرر كره من الشَّاء سبعا: الدَّم والمرارة وَالْحيَاء والغدَّة والذَّكر والأنثيين والمثانة. قَالَ اللَّيْث: المرارة لكل ذِي روح إِلَّا الْبَعِير فَإِنَّهُ لَا مرَارَة لَهُ. وَقَالَ القتبي: أَرَادَ الْمُحدث أَن يَقُول الامر وَهُوَ المصارين فَقَالَ المرارة وَأنْشد:(3/357)
.. فَلَا تُهْدي الأَمَرَّ وَمَا يَلِيهِ ... وَلَا تُهْدِنَّ مَعْرُوق الْعِظَام ... الْحيَاء: الْفرج من ذَوَات الظلْف والخفّ وَجمعه أحيية سمي بِالْحَيَاءِ الَّذِي هُوَ مصدر حييّ إِذا استحيا قصدا إِلَى التورية وَأَنه مِمَّا يستحيى من ذكره.
مرج كَيفَ أَنْتُم إِذا مرج الدّين وَظَهَرت الرَّغبة وَاخْتلف الإخوان وحُرِّقَ الْبَيْت الْعَتِيق. مرج وجرج أَخَوان فِي معنى القلق وَالِاضْطِرَاب. يُقَال: مرج الْخَاتم فِي يَدي وسكِّين جرج النّصاب. ومرجت العهود والأمانات: إِذا اضْطَرَبَتْ وفسدت. وَمِنْه المرجان لِأَنَّهُ أخف الحبّ والخفة والقلق من وادٍ وَاحِد. الرَّغْبَة: السُّؤَال أَي يقلُّ الاستعفاف وَيكثر الاستكفاف. يُقَال: رغبت إِلَى فلَان فِي كَذَا إِذا سَأَلته إِيَّاه. اخْتِلَاف الإخوان: أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْفِتَن ويتحزَّبوا فِي الْأَهْوَاء والبدع حَتَّى يتباغضوا ويتبرأ بَعضهم من بعض.
مرى إِن نَضْلَة بن عَمْرو الْغِفَارِيّ لقِيه بمريين وهجم على شوائل لَهُ فَسَقَاهُ من أَلْبَانهَا. المريّ: النَّاقة الغزيرة من المري وَهُوَ الْحَلب. وَفِي زنتها وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تكون فعولًا كَقَوْلِهِم فِي مَعْنَاهَا حَلُوب. ونظيرها بغيّ على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمَازِني وشايعه عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس. وَالثَّانِي: أَن يكون فعيلا كَمَا قَالَ ابْن جني وَالَّذِي نصر بِهِ قَوْله وردَّ مَا قَالَاه: أَنَّهَا لَو كَانَت فعولًا لقيل بغوّ كَمَا قيل: نهوٌّ عَن الْمُنكر. وَفِي حَدِيث الْأَحْنَف: كَانَ إِذا وَفد مَعَ أَمِير الْعرَاق على مُعَاوِيَة لبس ثيابًا غلاظا فِي السّفر وسَاق مريًّا كَانَ يَسُوقهَا ليشْرب ويسقى من لَبنهَا. الشوائل والشوَّل: جمع شَائِلَة وَهِي الَّتِي شال لَبنهَا أَي قلَّ وخفَّ.(3/358)
وَقيل: هِيَ الَّتِي صَار لَبنهَا شولا أَي قَلِيلا وَقد شوَّلَت وَلَا يُقَال: شالت من قَوْلهم لثلث الْقرْبَة وَنَحْوه من المَاء: شول: وَقد شوَّلت الْقرْبَة كَمَا يُقَال: جزَّعت من الجزعة. وَقَالَ النَّضر: شوَّلت الْإِبِل أَي قلَّت أَلْبَانهَا وكادت تضيع فَهِيَ عِنْد ذَلِك شول. وَأما الشول فَجمع شائل وَهِي الَّتِي شالت ذنبها بعد اللقَاح.
مرز عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَرَادَ أَن يشْهد جَنَازَة رجل فمرزه حُذَيْفَة. كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يصدَّه عَن الصَّلَاة عَلَيْهَا لِأَن الْمَيِّت كَانَ عِنْده منافقاً. والمرز: القرص الرفيق لَيْسَ بالأظفار فَإِذا اشتدّ فأوجع فَهُوَ قرص. وَمِنْه امرزلي من هَذَا الْعَجِين مرزة وامترز عرضه إِذا نَالَ مِنْهُ. والمرزتان: الهنتان الناتئتان فَوق الشحمتين.
مرط قدم مَكَّة فأذّن أَبُو مَحْذُورَة فَرفع صَوته فَقَالَ: أما خشيت يَا أَبَا مَحْذُورَة أَن تنشقَّ مريطاؤك. هِيَ مَا بَين الضلع إِلَى الْعَانَة. وَقيل: جلدَة رقيقَة فِي الْجوف. وَهِي فِي الأَصْل مصغرة مرطاء وَهِي الملساء من قَوْلهم للَّذي لَا شعر عَلَيْهِ: أمرط. وَسَهْم أمرط: لَا قذذ عَلَيْهِ.
مرحل أُتِي بمروط فَقَسمهَا بَين الْمُسلمين وَدفع مِرْطًا بَقِي إِلَى أم سليط الْأَنْصَارِيَّة وَكَانَت تزفر الْقرب يَوْم أُحد تَسْقِي الْمُسلمين. هِيَ أكسية من صوف وَرُبمَا كَانَت من خزٍّ. وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا قَالَت لما نزلت هَذِه الْآيَة: {ولْيَضْرِبْن بخُمُرِهِنّ على جُيُوبهن} انْقَلب رجال الْأَنْصَار إِلَى نِسَائِهِم فتلوها عَلَيْهِنَّ(3/359)
مرحل فَقَامَتْ كل امْرَأَة تزفر إِلَى مرْطهَا المرحَّل فصدعت مِنْهُ صدعة فَاخْتَمَرْنَ بهَا فَأَصْبَحْنَ فِي الصُّبْح على رءوسهن الْغرْبَان وعنها: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة عَلَيْهِ مرط مرحَّل من شعر أسود. تزفر: تحمل. والزَّفر: الْحمل قَالَ الْكُمَيْت: ... تَمْشِي بهَا رُبْدُ النَّعَا ... مِ تَمَاشِي الآمِ الزَّوَافِرِ ... المرحَّل: الْمُوشى وشياً كالرحال. شبَّهت الْخمر فِي سوادها بالغربان فسمتها غرباناً مجَازًا كَمَا قَالَ: ... كغِرْبانِ الكُرُوم الدَّوَالِج
يُرِيد العناقيد.
مرأة عليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما تزوَّج فَاطِمَة ذهب إِلَى يَهُودِيّ يَشْتَرِي ثيابًا فَقَالَ لَهُ: بِمن تزوجت فَقَالَ: بابنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: أنبيكم هَذَا قَالَ: نعم. قَالَ: تزوجت امْرَأَة. أَي كَامِلَة فِيمَا يخْتَص بِالنسَاء. كَمَا يُقَال: فلَان رجل. وكقول الْهُذلِيّ: ... لَعَمْرُ أَبي الطَّيرِ المُرِبَّة بالضَّحَى ... على خالدٍ لقد وَقعت على لحم ... أَي على لحم لَهُ شَأْن.
مرث الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِهِ: لَا تُخاصم الْخَوَارِج بِالْقُرْآنِ خاصمهم بِالسنةِ. قَالَ ابْن الزبير: فخاصمتهم بهَا فكأنهم صبيان يمرثون سخبهم. يُقَال: مرث الصبيُّ الودعة إِذا مصَّها وكدمها بدردره. وَيُقَال لما يَجْعَل فِي فِيهِ المراثة. قَالَ عَبدة بن الطَّبِيب: ... فرجَعْتُهم شَتَّى كأنَّ عَمِيدَهم ... فِي المَهْدِ يَمْرُث وَدْعَتَيْه مُرْضِعُ ... والمرث والمرذ والمرد والمرس: أَخَوَات.(3/360)
السخب: جمع سخاب. وَقد فسر. يَعْنِي أَنهم قد بهتُوا وعجزوا عَن الْجَواب. وَبَيت عَبدة ملاحظ للْحَدِيث كَأَنَّهُ مِنْهُ.
مرش الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ إِذا حكَّ أحدكُم فرجه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فليمرشه من وَرَاء الثَّوْب. أَي فليتناوله باطراف الأظافير وَهُوَ نَحْو من المرز.
مرى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ هما المرَّيان: الْإِمْسَاك فِي الْحَيَاة والتبذير فِي الْمَمَات. المرَّي: تَأْنِيث الْأَمر كالجلي تَأْنِيث الْأَجَل أَي الخصلتان المفضلتان فِي المرارة على سَائِر الْخِصَال الْمرة: أَن يكون الرجل شحيحاً بِمَا لَهُ مادام حَيا صَحِيحا وَأَن يبذره فِيمَا لَا يجدي عَلَيْهِ من الْوَصَايَا المبنية على هوى النَّفس عِنْد مشارفته ثنية الْوَدَاع.
مرر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ الْوَحْي إِذا نزل سَمِعت الْمَلَائِكَة صَوت مرار السلسلة على الصَّفَا. أَي صَوت انجرارها واطرادها على الصخر. وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة قَول غيلَان الربعِي: ... تَكُر بعد الشَوط من مِرَارِها ... كَرَ مَنِيح الخَصْلِ فِي قِمَارها ... قَالَ: وَسَأَلت أَعْرَابِيًا عَن مرارها. فَقَالَ مراحها واطرادها. قَالَ: وَإِذا اطرد الرّجلَانِ فِي الْحَرْب فهما يتماران وكل وَاحِد مِنْهُمَا يمار صَاحبه أَي يطارده. وَقد جَاءَ فِي حَدِيث آخر: كإمرار الْحَدِيد على الطست الْجَدِيد. وَهَذَا ظَاهر.
مرع سُئِلَ عَن السلوى فَقَالَ: هُوَ المرعة. عَن أبي حَاتِم المرعة: طائرة طَوِيلَة الرجلَيْن تقع فِي الْمَطَر من السَّمَاء وَالْجمع مُرع قَالَ: ... بِهِ مُرَعٌ يخْرجن من خَلْفِ وَدْقِهِ ... مَطَافِيلُ جُونٌ رِيشُهَا مُتَصَبِّبُ ...(3/361)
وفيهَا لُغَتَانِ سُكُون الرَّاء وَفتحهَا. وَيُقَال فِي جمع المُرع مرعان. وَيَنْبَغِي أَن يكون على لُغَة من يَقُول: مُرعةٌ ومُرعٌ كرطبة وَرطب. وَهِي من المراعة يمعنة الخصب لخروجها فِي أثر الْغَيْث.
مرد مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تمرَّدت عشْرين وجمعت عشْرين ونتفت عشْرين وخضبت عشْرين فَأَنا ابْن ثَمَانِينَ. يُقَال: تمرد فلَان زَمَانا إِذا مكث أَمْرَد.
مرس وحشيّ قَالَ فِي قصَّة مقتل حَمْزَة: كنت أطلبه يَوْم أُحد بَينا أَنا أَلْتَمِسهُ إِذْ طلع عليٌّ عَلَيْهِ السَّلَام فطلع رجل حذرٌ مرسٌ كثير الِالْتِفَات فَقلت: مَا هَذَا صَاحِبي الَّذِي ألتمس. فَرَأَيْت حَمْزَة يفري النَّاس فريا فَكَمَنْت لَهُ إِلَى صَخْرَة وَهُوَ مُكبِّسٌ لَهُ كتيت فَاعْترضَ لَهُ سِبَاع ابْن أم أَنْمَار فَقَالَ لَهُ: هلمّ إليّ فاحتمله حَتَّى إِذا برقتْ قدماه رمى بِهِ فبراك عَلَيْهِ فسحطه سحط الشَّاة ثمَّ أقبل إِلَيّ مكبسا حِين رَآنِي وَذكر مَقْتَله لما وطئ عل حرف فزلّت قدمه. المرس: الشَّديد المراس للحرب. يفري: يشق الصُّفُوف. المكبس: المطرق المقطب. وَقد كُبِّس وَفُلَان عَابس كابس. وَقيل: هُوَ الَّذِي يقتحم النَّاس فيُكبسهم. الكتيت: الهدير. السحط: الذّبْح الْوَحْي.
مرّة فِي الحَدِيث: لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ وَلَا لذِي مرّة سوي. الْمرة: الْقُوَّة والشدة.(3/362)
الْمِيم مَعَ الزَّاي
مزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تزَال الْمَسْأَلَة بِالْعَبدِ حَتَّى يلقى الله وَمَا فِي وَجهه مزعة. وروى: وَمَا فِي وَجهه لحادة من لحم. وروى: وَوَجهه عظمٌ كُله. وَقَالَ: إِن الرجل ليسأل حَتَّى يخلق وَجهه فَيلقى الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ لَهُ وَجه. المزعة: الْقطعَة من اللَّحْم أَو الشَّحْم. يُقَال: مَا لَهُ مزعة وَلَا جزعة. وَيُقَال: للحمة الَّتِي يُضرَّى بهَا البوازي مزعة. والمزعة والمزقة بِالْكَسْرِ البتكة من الريش. اللحادة: الْقطعَة أَيْضا وَمَا أَرَاهَا إِلَّا اللحاتة بِالتَّاءِ وَمنا اللَّحت وَهُوَ أَلا تدع عِنْد الْإِنْسَان شَيْئا إِلَّا أَخَذته واللَّتح مثله. وَإِن صحَّت فوجهها أَن تكون الدَّال مبدلة من التَّاء كدولج فِي تولج.
مزر إِن نَفرا من أهل الْيمن قدمُوا عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ عَن المزر وَقَالُوا: إِن أَرْضنَا بَارِدَة عشمة وَنحن قومٌ نحترث وَلَا نقوى على أَعمالنَا إِلَّا بِهِ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلُّ مُسكر حرَام. المزر: نَبِيذ الشّعير. العشمة: الْيَابِسَة. عشم الْخبز وعجوز عشمة.(3/363)
مزع عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. استبَّ رجلَانِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَضب أَحدهمَا غَضبا شَدِيدا حَتَّى تخيل إِلَيّ أَن أَنفه يتمزع من شدَّة غَضَبه فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد من الْغَضَب. فَقَالَ: مَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشَّيْطَان الرَّجِيم. التمزُّع: التقطُّع والتشقق. يُقَال: إِنَّه ليكاد يتمزَّع من الْغَضَب أَي يتطاير شققا وَنَحْوه يتَمَيَّز وينقدّ. وَعَن الْأَصْمَعِي: قسم المَال ومزعه ووزعه بِمَعْنى. وَيُقَال: تمزَّعته وتوزعته. قَالَ جرير: ... هَلا سأَلْتَ مجاشعا زَبَد اُسْتِها ... أَيْن الزُّبْيُر ورَحْلُه المتمزعُ ... وَقَالَ آخر: ... بني صامتٍ هلاّ زجرتمْ كِلابَكُم ... عَن اللَّحْم بالخَبْرَاءِ أَن يُتَمَزَّعَا ... وَعَن أبي عبيد: احسبه يترمَّع أَي يرعد من شدَّة الْغَضَب. وَمِنْه قيل ليافوخ الصَّبِي: رماعة.
مزق ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن طائراً مزق عَلَيْهِ. يُقَال: مزق الطَّائِر بسلحه إِذا رمى بِهِ من قَوْلهم: نَاقَة مزاق وَهِي السريعة الَّتِي يكَاد جلدهَا يتمزق عَنْهَا ومصداق هَذَا قَوْله: ... حَتَّى تَكاد تَفَرَّى عنْهُما الأهَب ... وَقَالَ بعض المولّدين: ... كَأَنَّمَا يَخْرجُ من إهابه ...(3/364)
مزز أَبُو الْعَالِيَة رَحمَه الله تَعَالَى اشرب النَّبِيذ وَلَا تمزز. التمزز والتمصر: أَخَوان وَفِي مَعْنَاهُمَا التمزر والتمصُّص. قَالَ يصف خمرًا: ... تكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتمَّزُّرِ ... فِي فَمِه مِثْلَ عَصِير السُّكرِ ... قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ التذُّوق شَيْئا بعد شَيْء. وَالْمعْنَى اشربه لتسكين الْعَطش دفْعَة كَمَا تشرب المَاء وَلَا تتلذذ بمصِّه قَلِيلا كَمَا يصنع المعاقر إِلَى أَن يسكر.
مزز النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: كَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ فِي الرَّضَاع: إِذا كَانَ المَال ذَا مز فَهُوَ من نصِيبه. وَعنهُ: إِذا كَانَ المَال ذَا مز ففرِّقه فِي الْأَصْنَاف الثَّمَانِية وَإِذا كَانَ قَلِيلا فأعطه صنفا وَاحِدًا. أَي ذَا فضل وَكَثْرَة. وَقد مزّ مزازة وَهُوَ مزيز. يُقَال: لهَذَا على هَذَا مِزٌّ ومزيز أَي فضل وَزِيَادَة. طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى المزة الْوَاحِد تُحرِّم. هِيَ المصَّةُ. يُقَال للمصوص: المزوز يَعْنِي فِي الرَّضَاع.(3/365)
الْمِيم مَعَ السِّين
الْمسْح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمسحُوا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهَا بكم برَّة. هُوَ أَن تباشرها بِنَفْسِك فِي الصَّلَاة من غير أَن يكون بَيْنك وَبَينهَا شَيْء تُصلي عَلَيْهِ. وَقيل: هُوَ التَّيَمُّم. برَّة: يَعْنِي مِنْهَا خُلقتم وفيهَا معاشكم وَهِي بعد الْمَوْت كفاتكم. وصف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسيح الضَّلَالَة وَهُوَ الدَّجَّال فَقَالَ: رجل أجلى الْجَبْهَة مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى عريض النَّحر فِيهِ دفا. قَالَ: سُمِّي مسيحا من قَوْلهم: رجل مَمْسُوح الْوَجْه ومسيح وَذَلِكَ ألاَّ يبْقى على أحد شقَّي وَجهه عين وَلَا حَاجِب إِلَّا اسْتَوَى والدجال على هَذِه الصّفة. وَعَن أبي الْهَيْثَم هُوَ الْمَسِيح على فعيل كسكيت وَأَنه الَّذِي مُسح خلقه أَي شُوّه. وَأما الْمَسِيح صَلَاة الله عَلَيْهِ فَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سُمي لِأَنَّهُ كَانَ لَا يمسح بِيَدِهِ ذَا عاهة إِلَّا برأَ. وَعَن عَطاء: كَانَ أَمسَح الرِّجل لَا أَخْمص لَهُ. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خرج من الْبَطن ممسوحا بالدهن. وَقَالَ ثَعْلَب: كَانَ يمسح الأَرْض أَي يقطعهَا. وَقيل: هُوَ بالعبرانية مشيحاً فعُرِّب كَمَا قيل فِي موشى مُوسَى. الدَّفا: الانحناء. وشَاة دفواء: مَال قرناها مِمَّا يَلِي العلباوين. قَالَ ذُو الرمة: ... يحاذِرْنَ من أَدْفَى إِذا مَا هُوَ انتحى ... عليهنَّ لم ينج الفرود المشايح ...
مسد أذنِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قطع المسد والقائمتين والمنجدة. المسد: الْحَبل الممسود أَي المفتول من نَبَات ولحاء شجر وَنَحْوه.(3/366)
القائمتان: قائمتا الرَّحل. المنجدة: عَصا خَفِيفَة يستنجد بهَا الْمُسَافِر فِي سوق الدَّوَابّ وَغَيره. وَقيل: شُبهت بالقضيب الَّذِي يكون مَعَ النَّجَّاد يُصلح بِهِ حَشْو الثِّيَاب. وَقيل: هِيَ الْعود الَّذِي يُحشي بِهِ حقيبة الرحل لتنجد وترتفع. وَالْمعْنَى أَنه رخَّص فِي قطع هَذِه الْأَشْيَاء من شجر الْحرم لِأَنَّهَا تُرفق المارَّة والمسافرين وَلَا تضر بأصول الشّجر.
مستق كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلبس البرانس والمساتق وَيُصلي فِيهَا. المستقة: فرو طَوِيل الكمين تُفتح التَّاء وتُضمُّ. وَهُوَ تعريب مشته. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه كَانَ يُصَلِّي ويداه فِي مُستقة. وَعَن سعد: إِنَّه صلى بِالنَّاسِ فِي مستقة يَدَاهُ فِيهَا.
مسك عبد الرَّحْمَن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى وَمَعَهُ بِلَال يَوْم بدر أُميَّة بن خلف فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوته يَا أنصار الله أُمية رَأس الْكفْر قَالَ عبد الرَّحْمَن: فأحاطوا حَتَّى جعلونا فِي مثل المسكة وَأَنا أذب عَنهُ. فأخلف رجل بِالسَّيْفِ فَضرب رجل ابْنه فَوَقع وَصَاح أُمية فَقلت: انج بِنَفْسِك وَلَا نجاء بِهِ فهبتوهما حَتَّى فرغوا مِنْهُمَا. المسكة: السوار أَي أحاطوا بِنَا وحلَّقوا حولنا فكأننا مِنْهُم فِي مثل سوارٍ. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: لمَّا رأى العدوَّ أخلف بِيَدِهِ إِلَى السَّيْف أَي ضرب بهَا إِلَيْهِ من الْخلف وَكلما ردَّ يَده إِلَى مؤخره ليَأْخُذ شَيْئا من حقيبته فقد أخلف بهَا. وَيُقَال لما وَرَاء الرجل: خَلفه. هِبته بِالسَّيْفِ وهبجه: ضربه.
مسح ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَا تُمسح الأَرْض إِلَّا مرّة وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة كلهَا أسود المقلة. هُوَ أَن يمسحها الْمُصَلِّي ليسوي مَوضِع سُجُوده فَرَأى ترك ذَلِك وَاحْتِمَال المشقَّة أولى.(3/367)
الضَّمِير فِي تَركهَا للمرة أَو للمسحة. كلّ: مُذَكّر اللَّفْظ فَلذَلِك قَالَ أسود وَمِنْه قَوْلهم: كل أذن سامع وكل عين نَاظر وَهَذَا نَحْو حمله على التَّوْحِيد وَالْجمع.
الْمِيم مَعَ الشين
مشق طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى عمر عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ ممشَّقين وَهُوَ محرم فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ مشقٌ. هُوَ الْمغرَة. والممشق: الْمَصْبُوغ بالمشق. وَمِنْه حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا نلبس الممشق فِي الْإِحْرَام وَإِنَّمَا هُوَ مدر. يجوز لبس المصبغ للْمحرمِ إِذا لم يكن بالطِّيب كالورس والزعفران والعصفر وَإِنَّمَا كرهه عمر لِئَلَّا يرَاهُ النَّاس فيلبسوا مَا لَا يجوز لبسه.
مَشى فِي الحَدِيث: إِن إِسْحَاق أَتَاهُ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام فَقَالَ لَهُ إِنَّا لم نرث من أَبينَا مَالا وَقد أثريت وأمشيت فأفئ عليّ. مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك فَقَالَ إِسْحَاق: يَا إِسْمَاعِيل ألم ترض أَنِّي لم أستعبدك حَتَّى تجيئني فتسألني المَال. أَي كثرت مَا شيتك قَالَ النَّابِغَة: ... وكلّ فَتى وإنْ أَثْرَى وأَمْشَى ... ستَخْلِجُه عَن الدُّنْيَا المَنُون ... قيل: كَانُوا يستعبدون أَوْلَاد الْإِمَاء.
مشع نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتمشع بروث أَو عظم. أَي يستنجي قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تمشع الرجل وامتشع إِذا أَزَال الْأَذَى عَنهُ.(3/368)
وَهُوَ من قَوْلهم: امتشع مَا فِي الضَّرع وامتشنه أَي أَخذه أجمع.
مشر إِنِّي إِذا أكلت اللَّحْم وجدت فِي نَفسِي تمشيرا. أَي نشاطا للجماع من قَول الْأَصْمَعِي: المشر والأشر وَاحِد وَهُوَ المرح. وأمشر إمشاراً إِذا انبسط فِي الْعَدو. وَعَن شمر: أَرض ماشرة وناشرة اهتز نباتها.
مَشى خير مَا تداويتم بِهِ المشيّ. يُقَال لدواء الْمَشْي: المشو وَالْمَشْي.
الْمِيم مَعَ الصَّاد
مصمص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَتْل فِي سَبِيل الله ممصمصة. أَي مطهرة من دنس الْخَطَأ من قَوْلهم: مصمصت الْإِنَاء بِالْمَاءِ إِذا رقرقته فِيهِ وحركته حَتَّى يظْهر وَمِنْه مصمصة الْفَم وَهُوَ غسله يتحريك المَاء فِيهِ كالمضمضة. وَقيل: هِيَ بالصَّاد غير الْمُعْجَمَة بِطرف اللِّسَان وبالضاد بالفم كُله كالقبص وَالْقَبْض. وَفِي حَدِيث أبي قلَابَة: إِنَّه روى عَن رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُنَّا نَتَوَضَّأ مِمَّا غيَّرت النَّار ونمصمص من اللَّبن وَلَا نمصمص من التمرة. أنَّث خبر الْقَتْل لِأَنَّهُ فِي معنى الشَّهَادَة أَو أَرَادَ خصْلَة ممصمصة فَأَقَامَ الصّفة مقَام الْمَوْصُوف.(3/369)
مصع زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى مُعَاوِيَة يستعطفه لأهل الْمَدِينَة وَفِي الْكتاب: إِنَّهُم حَدِيث عَهدهم بالفتنة قد مصعتهم وَطَالَ عَلَيْهِم الجذم والجدب وَأَنَّهُمْ قد عرفُوا أَنه لَيْسَ عِنْد مَرْوَان مَال يجادونه عَلَيْهِ إِلَّا مَا جَاءَهُم من عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ. أَي ضربتهم وحركتهم من مصعه بِالسَّيْفِ إِذا ضربه. وَمِنْه المماصعة: المجالدة. وَفِي حَدِيث ابْن عُمَيْر: إِنَّه قَالَ: فِي الموقوذة إِذا طرفت بِعَينهَا أَو مصعت بذنبها. أَي ضربت بِهِ وحركته. وَمِنْه حَدِيث مُجَاهِد: الْبَرْق مصع ملك يَسُوق السَّحاب. أَي ضربه للسحاب وتحريكه لَهُ لينساق. الجذم: الْقطع يُرِيد انْقِطَاع الْميرَة عَنْهُم. المجاداة: مفاعلة من جدا إِذا سَأَلَ أَي يسائلونه.
مصر زِيَاد قَالَ على الْمِنْبَر: إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ لَا يقطع بهَا ذَنْب عنز مُصَور لَو بلغت إِمَامه سفك دَمه. هِيَ الَّتِي انْقَطع لَبنهَا إِلَّا قَلِيلا فَهُوَ يتمصَّر وَلَا يكون الامن الْمعز وَجَمعهَا مصائر والمصر: الْحَلب بإصبعين. وَمِنْه قَوْلهم: لبني فلَان غلَّةٌ يمتصرونها أَي لَا تجدي عَلَيْهِ تِلْكَ الْكَلِمَة وَهُوَ يهْلك بهَا إِن نشرت عَنهُ.
مصخ فِي الحَدِيث: فلَان وَالله لَو ضربك بأُمصوخ من عيشومة لقتلك. هُوَ الخوصة يُقَال: ظَهرت أما صيخُ الثُّمام. والعيشومة: وَاحِدَة العيشوم وَهُوَ نبت دَقِيق طَوِيل محدد الْأَطْرَاف كَأَنَّهُ الأسل يتَّخذ مِنْهُ الْحصْر الدقاق.(3/370)
الْمِيم مَعَ الضَّاد
مُضر حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر خُرُوج عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَقَالَ: يُقَاتل مَعهَا مُضر مضَّرها الله فِي النَّار. وأزد عُمان سلت الله أَقْدَامهَا وَإِن قيسا لن تنفكَّ تبغي دين الله شرًّا حَتَّى يركبهَا الله بِالْمَلَائِكَةِ فَلَا يمتنعوا ذَنْب تلعة. مضرها أَي جمعهَا. كَمَال يُقَال: جند الْجنُود وَكتب الْكَتَائِب. وَقَالَ بَعضهم: أهلكها من قَوْلهم: ذهب دَمه خضرًا مضراً أَي هدرا. سلت: قطع من سلتت الْمَرْأَة حناءها. ذَنْب التلعة: أَسْفَلهَا أَي يذلها الله حَتَّى لَا تقدر على أَن تمنع ذيل تلعة.
مضض فِي الحَدِيث وَلَهُم كلب يتمضمض عراقيب النَّاس. من المض وَهُوَ المص إِلَّا أَنه أبلغ مِنْهُ.
الْمِيم مَعَ الطَّاء
مطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مشت أمتِي الْمُطَيْطَاء وَخدمَتهمْ فَارس وَالروم كَانَ بأسهم بَينهم. هِيَ ممدودة ومقصورة بِمَعْنى التمطى وَهُوَ التَّبَخْتُر وَمد الْيَدَيْنِ. وأصل نمطى تمطط تفعل من المط وَهُوَ الْمَدّ. وَهِي من المصغرات الَّتِي لم يسْتَعْمل لَهَا مكبر نَحْو كعيت وَجَمِيل وكميت. والمريطاء وَقِيَاس مكبرها ممدودة مرطياء بِوَزْن طرمساء ومقصورة مرطيا بِوَزْن هر بِذِي على أَن الْيَاء فيهمَا مبدلة من الطَّاء الثَّالِثَة.(3/371)
أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى على بِلَال وَقد مطى بِهِ فِي الشَّمْس فَقَالَ لمواليه: قد ترَوْنَ أَن عبدكم هَذَا لَا يطيقكم فبيعونيه. قَالُوا: اشتره فَاشْتَرَاهُ بِسبع أواقي فَأعْتقهُ فأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدثه فَقَالَ: الشّركَة. فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي قد أَعتَقته. المط وَالْمدّ والمطو وَاحِد. وَمِنْه المطو فِي السّير. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: مَطَوْتُ بهم حَتَّى يَكِلَّ غَزِيُّهم ... وحتَّى الجِيَادُ مَا يُقَدْنَ بأَرسَانِ ... وَكَانُوا إِذا أَرَادوا تعذيبه بطحوه على الرمضاء.
مطر فِي الحَدِيث خير نِسَائِكُم العطرة المطرة. أَي المتنظِّفة بِالْمَاءِ. وَمِنْه قَول عَامر بن الظرب لامْرَأَته: مري ابْنَتك أَلا تنزل مفازة إِلَّا وَمَعَهَا مَاء فَإِنَّهُ للأعلى جلاء وللأسفل نقاء أَخذ من لفظ الْمَطَر كَأَنَّهَا مطرَت فَهِيَ مطرة أَي صَارَت ممطورة مغسولة.
الْمِيم مَعَ الظَّاء
مظظ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر بِعَبْد الرَّحْمَن ابْنه وَهُوَ يماظ جاراً لَهُ فَقَالَ: لَا نماظ جَارك فَإِنَّهُ يبْقى وَيذْهب النَّاس. أَي ينازعه وبلازه وَإِن فِي فلَان لمظاظةً وفظاظةً إِذا كَانَ شَدِيد الْخلق. وتماظ الْقَوْم: تلاحوا وتعاضوا بألسنتهم. الزُّهْرِيّ كَانَ بَنو إِسْرَائِيل من أهل تهَامَة أَعْتَى النَّاس على الله وَقَالُوا قولا لَا يَقُوله أحد فعاقبهم الله فعقوبتهم ترونها الْآن بأعينكم فَجعل رِجَالهمْ القردة(3/372)
وبرَّهم الذّرة وكلابهم الْأسد ورمَّانهم المظّ وعنبهم الْأَرَاك وجوزهم الضَّبر ودجاجهم الغرغر. المظّ: رمان الْبر. وَهُوَ من المماظَّة وَهِي مُلَازمَة المنازع لتضامِّ حبِّه وتلازمه أَلا ترى إِلَى قَول الْأَعرَابِي. ... كأزر الرمانة المحتشية ... وقالو المولَّد: ... لَا يقدر الرمَّان يجمع حبه ... فِي جَوْفِه إِلَّا كَمَا نَحن ... وَلِهَذَا سمي رمانا فعلان من الرّم وَهُوَ إصْلَاح الشَّيْء وضمّ مَا تشَّعثَ مِنْهُ وانتشر. الضَّبر: جوز الْبر. الغرغر: دَجَاج الْحَبَش وَلَا ينْتَفع بِلَحْمِهِ.
الْمِيم مَعَ الْعين
معس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على أَسمَاء بنت عُمَيْس وَهِي تمعس إهاباً لَهَا. معس الْأَدِيم ومعكه إِذا دلكه. وحدَّث الْأَصْمَعِي أَن امْرَأَة من الْعَرَب بعثت بِنْتا لَهَا إِلَى جارتها فَقَالَت: تَقول لَك أُمِّي: أعطيني نفسا أَو نفسين من الدّباغ أمعس بِهِ منيئتي فَإِن أفدة.
معي الْمُؤمن يَأْكُل فِي معي وَاحِد وَالْكَافِر فِي سَبْعَة أمعاء. قَالُوا: ذُكر لَهُ رجل أكول قد أسلم فقلَّ أكله فَقَالَ ذَلِك.(3/373)
وَقيل هُوَ تَمْثِيل لرضا الْمُؤمن باليسير من الدُّنْيَا وحرص الْكَافِر على التكثر مِنْهَا. والاوجه أَن يكون هَذَا تحضيضا لِلْمُؤمنِ على قلَّة الْأكل وتحامي مَا يجرُّه الشِّبَع من قسوة الْقلب والرّين وَطَاعَة الشَّهْوَة البهيمية وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْفساد. وَذكر الْكَافِر وَوَصفه بِكَثْرَة الْأكل إغلاظ على الْمُؤمن وتأكيد لما رُسم لَهُ وحضّه عَلَيْهِ وناهيك زاجرا قَوْله تَعَالَى: {ويَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ} . ألف المعي منقلبة عَن يَاء لقَولهم فِي تثنيته: معيان. وَلما حكى بَعضهم أَنه قَالَ: معى ومعى كأنى وإنى وثنى وثنى.
معط إِن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لَهُ: لَو آخذت ذَات الذَّنب منا بذنبها قَالَ: إِذن أدعها كَأَنَّهَا شَاة معطاء. هِيَ الَّتِي معط صوفها لهزال أَو مرض. وَيُقَال: أَرض معطاء: لَا نبت فِيهَا. ورمال مُعط. قَالَ ابْن ميادة: ... من دونهَا المُعْطُ من نينان والكثب ... أعمل إِذن لكَونهَا مُبتَدأَة وَكَون الْفِعْل مُسْتَقْبلا وَمعنى أدعها أجعلها كَمَا اسْتعْمل التّرْك بِهَذَا الْمَعْنى وَالْكَاف مفعول ثَان.
مَعَك ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو كَانَ المعك رجلا لَكَانَ رجل سوء. هُوَ المطل يُقَال: معكني ديني أَي مطلنيه وَرجل مَعَك: مطول. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: المعك طرف من الظُّلم.
معمع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يتبع الْيَوْم المعمعانيَّ فيصومه. مَنْسُوب إِلَى المعمعان وَهُوَ شدَّة الْحر والمعمعة: صَوت الْحَرِيق. وَمِنْه حَدِيث بكر بن عبد الله: من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى أعبد النَّاس مَا رَأينَا وَلَا أدركنا(3/374)
الَّذِي هُوَ أعبد مِنْهُ فَلْينْظر إِلَى ثَابت بن قيس إِنَّه ليظل فِي الْيَوْم المعمعاني الْبعيد مَا بَين الطَّرفَيْنِ يراوح مَا بَين جَبهته وقدميه.
معن أنس رَضِي الله عَنهُ بلغ مُصعب بن الزبير عَن عريف الْأَنْصَار أَمر فَبعث إِلَيْهِ وهمَّ بِهِ. قَالَ أنس: فَقلت لَهُ: أنْشدك الله فِي وَصِيَّة رَسُول الله فَنزل عَن فرَاشه وَقعد على بساطه وتمعَّنَ عَلَيْهِ وروى: وتمعَّك عَلَيْهِ وَقَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرَّأْس وَالْعين وَأطْلقهُ. هُوَ من المعان وَهُوَ الْمَكَان يُقَال: مَوضِع كَذَا معَان من فلَان وَجمعه معن أَي نزل على دسته وَتمكن على بساطه تواضعا. أَو من قَوْلهم للأديم: معن ومعين أَي انبطح سَاجِدا على بساطه كالنطع الْمَمْدُود. كَقَوْلِهِم: رَأَيْته كَأَنَّهُ جلس من خشيَة الله. أَو من الْمعِين وَهُوَ المَاء الْجَارِي على وَجه الأَرْض. وَقد معن: إِذا جرى. ويروى: تمعَّك عَلَيْهِ أَي تقلَّبَ عَلَيْهِ وتمرَّغ. أَو من أمعن بحقِّه وأذعن إِذا أقرَّ أَي انْقَادَ وخشع انقياد الْمُعْتَرف. أَو من المعن وَهُوَ الشَّيْء الْيَسِير أَي تصاغر وتضاءل.
معج مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما ركب الْبَحْر إِلَى قبرس حمل مَعَه قرظة فَلَمَّا دفعت المراكب معج الْبَحْر معجة تفرّق لَهَا السفن. أَي ماج واضطرب من معج الْمهْر إِذا اشتقّ فِي عدوه يَمِينا وَشمَالًا. وَالرِّيح تمعج فِي النَّبَات. وَمِنْه: فعل ذَلِك فِي معجة شبابه وموجة شبابه.
معر فِي الحَدِيث: مَا أمعر حاجٌّ قطّ. أَي مَا افْتقر وَأَصله من معر الرَّأْس وَهُوَ قلَّة شعره وَأَرْض معرة: مُجْدِبَة.(3/375)
الْمِيم مَعَ الْغَيْن
مغط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفته عَن بَاب مَدِينَة الْعلم عَلَيْهِمَا السَّلَام: لم يكن بالطويل الممغَّط وَلَا الْقصير المتردد وَلم يكن بالمطهَّم وَلَا المكلثم أَبيض مشرب أدعج الْعين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتد شثن الكفّ والقدمين دَقِيق المسربة. إِذا مَشى تقلَّع كَأَنَّمَا يمشي فِي صبب وروى: كَأَنَّمَا ينحطُّ من صبب. وَإِذا الْتفت التف جَمِيعًا لَيْسَ بالسبط وَلَا الْجَعْد القطط وروى: كَانَ أَزْهَر لَيْسَ بالأبيض الأمهق وروى: شبح الذراعين وروى: ضرب اللَّحْم بَين الرجلَيْن ويروى: إِنَّه كَانَت فِي عينه شكْلَة ويروى: إِنَّه كَانَ أسجر الْعَينَيْنِ. ويروى: كَانَ فِي خاصرتيه انفتاق ويروى: كَانَ مفاض الْبَطن ويروى: كَانَ أسمر. وَعَن بعض الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وافر السَّبلة. وَعَن جَابر بن سَمُرَة رضى الله عَنهُ: إِنَّه كَانَ أَخْضَر الشمط ويروي: كَانَ أَبيض مقصدا ويروي: معضدا وروى: لم يكن بعطبول وَلَا بقصير. وَعَن عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ أفلج الْأَسْنَان أشنبها وَكَانَ سهل الْخَدين صلتهما فع الأوصال وَكَانَ أَكثر شَيْبه فِي فودى رَأسه وَكَانَ إِذا رضى وسر فَكَأَن وَجهه الْمَرْأَة وَكَأن الْجدر تلاحك وَجهه وَكَانَ فِيهِ شَيْء من صور يخطو تكفؤا وَيَمْشي الهويني يبذ الْقَوْم إِذا سارع إِلَى الْخَيْر أَو مَشى إِلَيْهِ ويسوقهم إِذا لَهُم يُسَارع إِلَى شَيْء بمشيه الهوينا وروى: كَانَ من أزمتهم فِي الْمجْلس.(3/376)
الممغط: الْبَائِن الطول يُقَال: مغطت الْحَبل وكل شَيْء لين إِذا مددته فانمغط وَمِنْه: انمغط النَّهَار إِذا امْتَدَّ. وَعَن أبي تُرَاب بالغين وَالْعين. المتردد: الَّذِي تردد بعض خلقه على بعض فَهُوَ مُجْتَمع. قيل فِي المطهم: هُوَ البارع الْجمال التَّام كل شَيْء مِنْهُ على حِدته. وَقيل: هُوَ السمين الْفَاحِش السمين. وَقيل: المنتفخ الْوَجْه الَّذِي فِيهِ جهامة من السّمن. وَقيل: النحيف الْجِسْم الدقيقة. وَقيل: الطهمة والصحمة فِي اللَّوْن أَن تجَاوز سمرته إِلَى السوَاد وَوَجهه مطهم إِذا كَانَ كَذَلِك. المكلثم: المستدير الْوَجْه. وَقَالَ شمر: الْقصير الحنك الداني الْجَبْهَة المستدير الْوَجْه وَلَا يكون إِلَّا مَعَ كَثْرَة اللَّحْم أَرَادَ أَنه كَانَ أسيلا مسنون الْخَدين. مشرب: أشْرب بياضه حمره. الدعجة: شدَّة سَواد الْعَينَيْنِ. جليل المشاش: عَظِيم رُءُوس الْعِظَام كالركبتين والمرفقين والمنكبين. الكتد: الْكَاهِل. الشثن: الغليظ وَقد شثن وشثن وشنث وَهُوَ مدح فِي الرِّجَال لِأَنَّهُ أَشد لعصبهم وأصبر لَهُم على المراس. تقلع: ارْتَفع قدمه على الأَرْض ارتفاعةً كَمَا تنقلع عَنْهَا وَهُوَ نفي للاختيال فِي الْمَشْي. الأمهق: اليقق الَّذِي لَا يخالطه شَيْء من الْحمرَة وَلَيْسَ بنير كلون الجص. الشبح. العريض. الضَّرْب: الْخَفِيف اللَّحْم.(3/377)
الشكلة: كَهَيئَةِ الْحمرَة فِي بَيَاض الْعين وَأما الشهلة فحمرة فِي سوادها. والشجرة: كالشكلة. انفتاق: استرخاء. المفاض: أَن يكون فِيهِ امتلاء. وَالْعرب تَقول: اندحاق الْبَطن فِي الرجل من عَلَامَات السودد وَهُوَ مَذْمُوم فِي النِّسَاء. وَقد وصف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالخمص فِي الحَدِيث الآخر فالتوفيق بَينهمَا أَن يكون ضامر أَعلَى الْبَطن مفاض أَسْفَله وَكَذَلِكَ وَصفه بالسُّمرة. وَمَا روى أَنه كَانَ أَبيض مُشربا فكأنَّ الْوَجْه أَن تكون السمرَة فِيمَا يبرز للشمس من بدنه وَالْبَيَاض فِيمَا تواريه الثِّيَاب. السَّبلة: مَا أُسبل من مقدَّم اللِّحية على الصَّدْر. اخضرار شمطه بالطيب والدّهن المروح. وَمِنْه مَا روى: إِنَّه قد شمط مقدّم رَأسه ولحيته فَإِذا ادَّهن وامتشط لم يتَبَيَّن وَإِذا شعث رَأسه رَأَيْته متبينا. الْمَقْصد: الَّذِي لَيْسَ بجسيم وَلَا قصير وَالْقَصْد مثله. والمُعضَّد: الموثَّق الْخلق وَالْمَحْفُوظ المقصَّد. العطبول: الطَّوِيل. الصَّلت: الأملس النقي. الفعم: الممتلئ المُلاحكة والملاحمة: أختَان. يُقَال: لوحك فقار النَّاقة فَهُوَ ملاحك أَي لوحم بَينه وأُدخل بعضه فِي بعض وَكَذَلِكَ الْبُنيان وَنَحْوه وَالْمعْنَى أَن جدر الْبَيْت تُرى فِي وَجهه كَمَا ترى فِي الْمرْآة لوضاءته. الصُّور: الْميل.
مغر إنَّ أَعْرَابِيًا جَاءَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ أَصْحَابه فَقَالَ: أَيّكُم ابْن عبد الله فَقَالُوا: هُوَ الأمغر المرتفق.(3/378)
مغر هُوَ الَّذِي فِي وَجهه حمرَة مَعَ بَيَاض صَاف وشَاة ممغار: إِذا خالط لَبنهَا دم. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ أُميغر سبطاً فَهُوَ لزَوجهَا وَإِن جَاءَت بِهِ اديعج جَعدًا فَهُوَ الذى يتهم. فَجَاءَت بِهِ أُديعج جَعدًا. السبط: التَّام الْخلق. الْجَعْد: الْقصير. المرتفق: المتكئ لِأَنَّهُ يسْتَعْمل مرفقه. وَمِنْه قيل للمتكأ: المرفقة كَمَا قيل مصدغة ومخدة من الصدغ والخدِّ لما يُوضع تحتهما.
مغل صَوْم شهر الصَّوْم وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَوْم الدَّهْر وَمذهب بمغلة الصَّدْر. قيل: وَمَا ومغلة الصَّدْر قَالَ: حس الشَّيْطَان وروى: مغلَّة. هِيَ النغل وَالْفساد وَأَصلهَا داءٌ يُصِيب الْغنم فِي أجوافها. وَعَن أبي زيد: الْمغل القذى فِي الْعين وَفِي مثل أَنْت ابْن مغل أَي تُتقى كَمَا يُتَّقى القذى أَن يَقع فِي الْعين وَقد مغلت عينه إِذا فَسدتْ وَفُلَان صَاحب مغالة إِذا كَانَ ذَا وشاية ومُغل بِهِ عِنْد السُّلْطَان وأمغل والمغلة من الغل.
مغث عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَت أم عيَّاشٍ: كنت أمغث لَهُ الزَّبِيب غدْوَة فيشربه عَشِيَّة وأمغثه عَشِيَّة فيشربه غدْوَة. هُوَ المرس والدلك بالأصابع تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَت تنقع لَهُ الزَّبِيب وَلَا تلبثه أَكثر من هَذِه الْمدَّة لِئَلَّا يتَغَيَّر.
مغر عبد الْملك قَالَ لجرير: مغِّرْنا يَا جرير. أَي أنشدنا كلمة ابْن مغراء وَهُوَ أَوْس بن مغراء أحد شعراء مُضر.(3/379)
الْمِيم مَعَ الْفَاء
مفج فِي الحَدِيث: قَالَ بَعضهم: أَخَذَنِي الشراة فَرَأَيْت مساوراً قد اربدًّ وَجهه. ثمَّ أومي بالقضيب إِلَى دجَاجَة كَانَت تبختر بَين يَدَيْهِ وَقَالَ: تسمعي يَا دجَاجَة. ضلَّ عليٌّ واهتدى مفاجة. يُقَال: مفج وثفج إِذا حمق وَرجل ثفاجةٌ مفاجة أَي أَحمَق.
الْمِيم مَعَ الْقَاف
مقل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وَقع الذُّباب فِي الطَّعَام وروى: بِالشرابِ فامقلوه فإنَّ فِي أحد جناحيه سُمًّا وَفِي الآخر شِفَاء وَإنَّهُ يقدّم السمّ وَيُؤَخر الشِّفَاء. الْمقل والمقس: أَخَوان وهما الغمس وَهُوَ يماقله ويماقسه ويقامسه أَي يغاطه. وَمِنْه المقلة حَصَاة الْقسم لِأَنَّهَا تمقل بِالْمَاءِ.
مقط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قدم مَكَّة فَسَأَلَ من يعلم مَوضِع الْمقَام وَكَانَ السَّيْل احتمله من مَكَانَهُ فَقَالَ الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي: أَنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كنت قدَّرته وذرعته بمقاط عِنْدِي. هُوَ حَبل صَغِير يكَاد يقوم من شدَّة إغارته وَالْجمع مقط قَالَ الرَّاعِي يصف حميراً: ... كَأَنَّهَا مُقُطٌ ظلَّت على قَيم ... من ثُكْدَ واغتمست فِي مائِهِ الكَدِرِ ... وَمِنْه قيل: مقطت الْإِبِل ومقطتها إِذْ قطرتها وشددت بَعْضهَا إِلَى بعض ومقطه بالأيمان إِذا حلفه بهَا.
مقا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكرته عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: مقوتموه مقو الطست ثمَّ قَتَلْتُمُوهُ.(3/380)
مقاه يمقوه ويمقيه إِذا جلاه. وَيُقَال: امق هَذَا مقوك مَالك أَي صنه صيانتك مَالك.
مقل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي مسح الْحَصَى فِي الصَّلَاة مرَّةً وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة لمقلة. أَي من مائَة مختارة يختارها الرجل على مقلته أَي على عينه وَنَظره. وَجَاء فِي حَدِيث ابْن عمر: من مائَة نَاقَة كلهَا أسود المقلة. وقك ذكر.
الْمِيم مَعَ الْكَاف
مكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرُّوا الطير على مكناتها وروى: مكناتها. المكنات: بِمَعْنى الْأَمْكِنَة يُقَال: النَّاس على مكناتهم وسكناتهم ونزلاتهم وربعاتهم أَي على أمكنتهم ومساكنهم ومنازلهم ورباعهم. وَقيل المكنة من التَّمَكُّن كالتَّبعة والطَّلبة من التتبُّع والتطلّب. يُقَال: إِن بني فلَان لذوو أمكنة من السُّلْطَان أَي ذَوُو تمكّن. والمكنات: الْأَمْكِنَة أَيْضا جمع الْمَكَان على مُكن ثمَّ على مُكنات كَقَوْلِهِم: حُمُر وحُمُرات وصُعُد وصُعُدات. وَالْمعْنَى إنَّ الرجل كَانَ يخرج فِي حَاجته فَإِن رأى طيراً طيَّره فَإِن أَخذ ذَات الْيَمين ذهب وَإِن أَخذ ذَات الشمَال لم يذهب فَأَرَادَ اتركوها على موَاضعهَا ومواقعها وَلَا تطيروها نهيا عَن الزّجر. أَو على موَاضعهَا الَّتِي وَضعهَا الله بهَا من أَنَّهَا لَا تضرُّ وَلَا تَنْفَع. أَو أَرَادَ لَا تذعروها وَلَا تريبوها بِشَيْء تنهض بِهِ عَن أوكارها. وإنكار أبي زِيَاد الْكلابِي المكنات وَقَوله: لَا يعرف للطير مكنات وَإِنَّمَا هِيَ الوكنات وَهِي الأعشاش ذهابٌ مِنْهُ إِلَى النَّهْي عَن التحذير. وَكَذَلِكَ قَول من فسَّر المكنات بالبيض وَهِي فِي الأَصْل لبيض الضَّبّ فاستعير. قَالَ الْأَزْهَرِي: المكن لبيض الضبّ الْوَاحِدَة مكنة كلبن ولبنة وَكَأَنَّهُ الأَصْل والمكن مخفف مِنْهُ.
مكك لَا تمككوا غرماءكم وورى: على غرمائكم.(3/381)
مكك هُوَ ابْن امتكاك الفصيل فِي الضَّرع وَهُوَ امتصاصه واستنفاده أَي لَا تستقصوا مَا لَهُم وَلَا تنهكوهم والتعدية بعلى لتضمين معنى الإلحاح.
مكس لَا يدْخل صَاحب مكس الْجنَّة. هُوَ الجباية الَّتِي يَأْخُذهَا الماكس والماكس: العشار.
مكن العطاردي رَحمَه الله قيل لَهُ: أَيّمَا أحب إِلَيْك ضبّة مكون أم بياح مربب فَقَالَ: ضبة مكون. يُقَال: أمكنت الضبة ومكنت فَهِيَ مكون إِذا جمعت المكن فِي بَطنهَا. البياح: ضرب من السّمك صغَار أَمْثَال شبر قَالَ يصف الضبّ: ... شَدِيد اصفرار الكليتين كأنَّما ... يطلي بوَرْس بَطْنه وشَوَاكِلُهْ ... فَذَلِك أشهى عندنَا من بياحكم ... لحى الله شَاربه وقبح آكله ...
الْمِيم مَعَ اللَّام
ملح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل عمر عَن إملاص الْمَرْأَة الْجَنِين. فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: قضى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغُرَّةٍ. الإملاص: الإزلاق. قَالَ الْأَصْمَعِي. يُقَال للناقة إِذا أَلْقَت وَلَدهَا وَلم تشعر ألقته مليصا ومليطاً والناقة مملص ومملط أَرَادَ الْمَرْأَة الْحَامِل تُضرب فَتسقط وَلَدهَا فعلى الضَّارِب غُرَّة.
مليح ضحى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين أملحين وروى: إِنَّه خطب فِي أضحى فَأمر من كَانَ ذبح قبل الصَّلَاة أَن يُعِيد ذبحا ثمَّ انكفأ إِلَى كبشين أملحين وتفرَّق النَّاس إِلَى غنيمَة فتجزَّعوها.(3/382)
وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النارالنار أَتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَة كبشٍ أَمْلَح ثمَّ نُودي: يأهل الْجنَّة وَيَأْهِلُ النَّار فَيَشْرَئِبُّونَ لصوته ثمَّ يذبح على الصِّرَاط فَيُقَال: خُلُود لَا موت. الملحة فِي الألوان: بَيَاض تشقه شعيرات سودٌ وَهِي من لون الْملح وَمِنْه قيل للكانونين شَيبَان وملحان لَا بيضاض الأَرْض من الجليت وَهُوَ الثَّلج الدَّائِم والضريب. وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنَّه بعث رجلا يَشْتَرِي لَهُ أضْحِية فَقَالَ: اشْتَرِ كَبْشًا أَمْلَح واجعله أقرن فحيلا. أَي مشبها للفحول فِي خلقه. وَقَالَ الْمبرد: فَحل فحيل: مستحكم الفحلة. فتجزَّعوها: أَي توزَعوها من الْجزع وَهُوَ الْقطع. اشرأبَّ: رفع رَأسه وَكَانَ الأَصْل فِيهِ المقامح وَهُوَ الرافع رَأسه عِنْد الشُّرب ثمَّ كثر حَتَّى عمَّ. قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد هوَازن يكلمونه فِي سبي أَو طاس أَو حنين فَقَالَ رجل من بني سعد: يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا ملحنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمير أَو للنعمان بن الْمُنْذر ثمَّ نزل مَنْزِلك هَذَا منَّا لحفظ ذَلِك لنا وَأَنت خير المكفولين فاحفظ ذَلِك. قَالَ الْأَصْمَعِي: ملحت فُلَانَة لفُلَان إِذا أرضعت لَهُ. والمِلح والمَلح: الرَّضَاع بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح. والممالحة: المراضعة وَهُوَ من الْملح بِمَعْنى الحُرمة وَالْحلف لِأَنَّهُ سَبَب لثبوتها وَالْأَصْل فِيهِ الْملح المطيب بِهِ الطَّعَام لِأَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يطرحونه فِي النَّار مَعَ الكبريت ويتحالفون عَلَيْهِ ويسمُّون تِلْكَ النَّار الهولة وموقدها المهوِّل قَالَ أَوْس: ... إِذا استَقْبَلَتْهُ الشمسُ صدَّ بِوَجْهِهِ ... كَمَا صَدَّ عَن نَار المُهَوِّلِ حَاِلفُ ... وَمِنْه حَدِيثه: لَا تُحرِّم الملحة والملحتان وروى: الإملاجة والإملاجتان.(3/383)
أملجت بِالْجِيم مثل أملحت. وملح الصَّبِي أُمه وملجها: رضعها: والملج النِّكَاح أَيْضا. ويحكى أَن أَعْرَابِيًا استعدى على رجل والى الْبَصْرَة فَقَالَ: إِن هَذَا شَتَمَنِي: قَالَ: وَمَا قَالَ لَك قَالَ: قَالَ لي ملجت أمك. قَالَ الْوَالِي: مَا تَقول قَالَ: كذب إِنَّمَا قلت: لمجت أمك أَي رضعتها. وَمِنْه حَدِيث عبد الْملك: إِن عَمْرو بن سعيد قَالَ لَهُ يَوْم قَتله: أذكرك ملح فُلَانَة. يَعْنِي امْرَأَة أرضعتها. إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك لأنَّ ظئره حليمة كَانَت من سعد بن بكر. قَالَ عبيد بن خَالِد: كنت رجلا شاباًّ بِالْمَدِينَةِ فَخرجت فِي بردين وَأَنا مسبلهما فطعنني رجل من خَلْفي إِمَّا بإصبعه وَإِمَّا بقضيب كَانَ مَعَه فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت: إِنَّمَا هِيَ ملحاء. قَالَ: وَإِن كَانَت ملحاء أما لَك فيَّ أُسْوَة. هِيَ تَأْنِيث الأملح وَهِي بردة بَيْضَاء فِيهَا خطوط من سَواد. يُقَال: ثوب أَمْلَح وبردة ملحاء. الصَّادق يُعْطي ثَلَاث خِصَال: الملحة والمحبة والمهابة. هِيَ الْبركَة يُقَال: ملح الله فِيهِ وَهُوَ مملوح فِيهِ. وَأَصلهَا من قَوْلهم: تملَّحت الْمَاشِيَة إِذا بدا فِيهَا السِّمن من الرّبيع وَإِن فِي المَال لملحة من الرّبيع وتمليحا إِذا كَانَ فِيهِ شَيْء من بَيَاض وشحم.
مَلأ ضرب أَصْحَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعرَابِي حِين بَال فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: أَحْسنُوا ملأكم. أَي خَلقكُم. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله: قَالَ عُبَيْدَة بن أبي رائطة: أتيناه فازدحمنا على مدرجته مدرجة رثَّة فَقَالَ: أَحْسنُوا ملاءكم أَيهَا المرءون وَمَا على الْبناء شفقاً وَلَكِن عَلَيْكُم فاربعوا.(3/384)
المرءون: جمع مرء. وَعَن يُونُس: ذَهَبْنَا إِلَى رؤبة فَلَمَّا رآنا قَالَ: أَيْن يُرِيد المرءون انتصب شفقاً بِفعل مُضْمر كَأَنَّهُ أَرَادَ مَا على الْبناء أشْفق شفقاً. اربعوا: أَبقوا. فِي قصَّة جوَيْرِية بنت الْحَارِث بن المصطلق: قَالَ: وَكَانَت امْرَأَة ملاحة. أَي ذَات ملاحة وفعال مُبَالغَة فِي فعيل نَحْو كريم وكرام وكبير وكبار وفعال مشددا أبلغ مِنْهُ.
ملس بعث رجلا إِلَى الْجِنّ فَقَالَ لَهُ: سر ثَلَاثًا ملساً حَتَّى إِذا لم تَرَ شمسا فاعلف بَعِيرًا أَو أشْبع نفسا حَتَّى تَأتي فتيات قعسا ورجالا طلسا وثساء خلسا. الملس: الخفة والإسراع يُقَال: ملس يملس ملساً قَالَ: ... أَتَعْرِفُ الدَّار كَأَن لم تونس ... بملس فِيهَا الرّيح كل مَملَس ... وانتصابه على أَنه صفة للثلاث ذَات ملس: يُرِيد سر ثَلَاث لَيَال تسرع فيهنّ أَو صفة لمصدر سر كَمَا قَالَ سيبوية فِي قَوْلهم: سَارُوا رويداً أَو على أَنه ضرب من السّير فنصب نَصبه أَو على أَنه حَال من الْمَأْمُور أَو على إِضْمَار فعله كَقَوْلِهِم: إِنَّمَا أَنْت سيرا. القعس: نتوّ الصَّدر خلقَة. الطُّلسة: كالغبرة. خلسا: سمراً قد خالط بياضهن سَواد من قَوْلهم شعرٌ مخلسٌ وخليس. والخلاسيّ: الْوَلَد بَين أبوين أسود وأبيض والديك بَين دجاجتين هندية وفارسية وَفِي واحدته ثَلَاثَة أوجه: أَن يكون فعلاء تَقْديرا وَأَن يكون خليساً أَو خلاسيَّة على تَقْدِير حذف الزائدتين كَأَنَّك جمعت خلاسا وَالْقِيَاس خُلُس نَحْو نذر وكُنز فِي جمع نَذِير وكناز فَخفف.
ملل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَيْسَ على عَرَبِيّ ملك ولسنا بنازعين من يَد رجل شَيْئا(3/385)
أسلم عَلَيْهِ ولكنَّا نقوِّمهم الملَّة على آبَائِهِم خمْسا من الْإِبِل. الْملَّة: الدِّيَة. عَن ابْن الْأَعرَابِي وَجَمعهَا ملل. قَالَ: وأنشدني أَبُو المكارم: ... غَنَائِم الفِتْيَان أَيَّام الوَهَل ... ومِنَ عَطَايا الرؤساء والملَل ... يُرِيد هَذِه الْإِبِل بَعْضهَا غَنَائِم وَبَعضهَا من الصلات وَبَعضهَا من الدِّيات أَي جمعت من هَذِه الْوُجُوه لي. وَسميت مِلَّة لِأَنَّهَا مَقْلُوبَة عَن الفود كَمَا سميت غيرَة لِأَنَّهَا مُغيرَة عَنهُ من مللت الخبزة فِي النَّار وَهُوَ قلبكها حَتَّى تنضج وَمِنْه التململ على الْفراش وَقد استعيرت هُنَا لما يجب أَدَاؤُهُ على أبي المسبي من الْإِبِل. وَكَانَ من مَذْهَب عمر فِيمَن سُبي من الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة فأدركه الْإِسْلَام وَهُوَ عِنْد من سباه أَن يُرَدَّ حُراًّ إِلَى نسبه وَتَكون قِيمَته عَلَيْهِ يُؤَدِّيهَا إِلَى السابي وَذَلِكَ خمسٌ من الْإِبِل. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما افتتحنا خَيْبَر إِذا أنَاس من يهود مجتمعون على خبْزَة لَهُم يملُّونها فطردناهم عَنْهَا فأخذناها فاقتسمناها فَأَصَابَنِي كسرة وَقد كَانَ بَلغنِي أَنه من أكل الْخبز سمن فَلَمَّا أكلتها جعلت أنظر فِي عطفي هَل سمنت. يُقَال: ملّ الخبزة فِي الملَّة وَهِي الرماد والجمرة إِذا أنضجها وَكَذَلِكَ كل شَيْء تنضجه فِي الْجَمْر. وَقَالَ فِي صفة الحرباء: ... كأنَّ ضَاحِيَه فِي النَّار مَمْلُول ... وامتَلَّ الرجل امتلالا إِذا اختبز فِي الْملَّة.
ملق ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سَأَلته امْرَأَة: أأنفق من مَا لي مَا شِئْت قَالَ: نعم أملقي مَالك مَا شِئْت. يُقَال: أملق مَا مَعَه إملاقاً وملقه ملقاً إِذا لم يحْبسهُ وَأخرجه من يَده. وَهُوَ من قَوْلهم: أملق من الْأَمر وأملس أَي أفلت أَي أفلت. وأملق الخضاب: املاس وَذهب. وَخَاتم قلق وملق. قَالَ أَوْس:(3/386)
وَلما رأيتُ العُدْمَ قَيَّدَ نَائِلِي ... وأَمْلَقَ مَا عِنْدِي خُطُوبٌ تَنَبَّلُ ... وَقَوْلهمْ: أملق إِذا افْتقر: جارٍ مجْرى الْكِنَايَة لِأَنَّهُ إِذا أخرج مَاله من يَده ردفه الْفقر فَاسْتعْمل لفظ السَّبَب فِي مَوضِع الْمُسَبّب.
ملك أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْبَصْرَة إِحْدَى الْمُؤْتَفِكَات فَانْزِل فِي ضواحيها. وَإِيَّاك والمملكة. ملك الطَّرِيق وَملكه وملاكه ومملكته وَسطه.
ملط الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ أملط. يُقَال: رجل أمرط لَا شعر على جسده وصدره إِلَّا قَلِيل فَإِن ذهب كُله إِلَّا الرَّأْس واللحية فَهُوَ أملط وَقد ملط ملطاً وملطة. يُقَال: سهم أمرط واملط ومارط ومالط إِذا ذهب ريشه.
ملح الْحسن رَحمَه الله: ذُكرت لَهُ النورة فَقَالَ: أتريدون أَن يكون جلدي كَجلْد الشَّاة المملوحة. هِيَ الَّتِي حُلق صوفها. يُقَال: ملحت الشَّاة إِذا سمطتها أَيْضا. وَمِنْه حَدِيث عبد الْملك قَالَ لعَمْرو بن حُرَيْث: أَي الطَّعَام أَكلته أحبّ إِلَيْك قَالَ: عنَاق قد أُجيد تمليحها وأُحكم نضجها. قَالَ: مَا صنعت شَيْئا أَيْن أَنْت عَن عمروس راضع قد أجيد سمطه وَأحكم نضجه اختلجت إِلَيْك رجله فأتبعتها يَده يجْرِي بشريجين من لبن وَسمن. وَهُوَ الملحة لِأَنَّهَا إِذا سمطت وجرِّدت من الصُّوف ابْيَضَّتْ وَقيل: تمليحها اتسمينها من الْجَزُور المملح وَهُوَ السمين. والعمروس: الْحمل.(3/387)
الاختلاج: الاجتذاب. الشريجان: الخليطان وَهَذَا شريج هَذَا وشرجه أَي مثله. الْمُخْتَار لما قتل عمر بن سعد جعل رَأسه فِي ملاح. قَالَ النَّضر: الملاح المخلاة بلغَة هُذَيْل. وَأنْشد: ... ربَّ عَاتٍ أتَوْا بِهِ فِي وثَاق ... خاضع أوْ بِرَأسِه فِي مِلاَحِ ... وَقيل: هُوَ سِنَان الرمْح أَيْضا: أَي جعل رَأسه فِي مخلاة وعلقها أَو نَصبه على رَأس رمح.
ملط فِي الحَدِيث: يقتضى فِي الْمَلْطِي بدمها. الْمَلْطِي والملطاة وَفِي كتاب الْعين: الملطاء بِوَزْن الحرباء. وَعَن أبي عبيد: الْمَلْطِي القشرة بَين لحم الرَّأْس وعظمه وَهِي السمحاق. كَأَن الْعظم قد ملط بِهِ كَمَا تملط الْحَائِط بالطين. وَقيل لَهُ سمحاق لرقته وَيُقَال للغيم الرَّقِيق سماحيق وسماحيق السلي. ثمَّ إِنَّهُم قَالُوا للشجة الَّتِي تقطع اللَّحْم كُله وتبلغ هَذِه القشرة ملطي وسمحاق تَسْمِيَة لَهَا باسم القشرة وَالْمِيم فِي الْمَلْطِي من أصل الْكَلِمَة بِدَلِيل قَوْلهم: الملط وَالْألف إلحاقية كَالَّتِي فِي معزى ودفلى والملطاة كالحفراة والعزهاة. وَالْمعْنَى أَن الْحُكُومَة فِيهَا سَاعَة يشج لَا يستأني لَهَا وَلَا ينْتَظر مصير أمرهَا. وَقَوله: بدمها فِي مَوضِع الْحَال وَلَا يتَعَلَّق بيقضى وَلَكِن بعامل مُضْمر كَأَنَّهُ قيل: يقْضى فِيهَا ملتبسة بدمها وَذَلِكَ فِي حَال الشج وسيلان الدَّم.(3/388)
الْمِيم مَعَ النُّون
منح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من منح منحة ورق أَو منج لَبَنًا كَانَ لَهُ كَعدْل رَقَبَة أَو نسمَة. منحة الْوَرق: الْقَرْض ومنحة اللَّبن أَن يعير أَخَاهُ نَاقَته أَو شاته فيحتلبها مدّة ثمَّ يردّها. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْعَارِية مُؤَدَّاة والمنحة مَرْدُودَة وَالدّين نقضي والزعيم غَارِم. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الصَّدَقَة المنيحة تَغْدُو بعساء وَتَروح بعساء. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من منح منحة وكوفا فَلهُ كَذَا وَكَذَا. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من منحه الْمُشْركُونَ أَرضًا فَلَا أَرض لَهُ. وَمِنْه قَوْله: هَل من رجل يمنح من إبِله نَاقَة أهل بَيت لَا درَّ لَهُم تَغْدُو برفد تروح برفد إِن أجرهَا لعَظيم. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِن رجلا قَالَ لَهُ: إِن فِي حجري يَتِيما وَإِن إبِلا فِي إبلي فَأَنا أمنح من إبلي وأُفقر. فَمَا يحلُّ لي من إبِله فَقَالَ: إِن كنت ترد نادتها تهنأ جَرْبَاهَا وَتَلوط حَوْضهَا فَاشْرَبْ غير مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك حَلبًا أَو فِي حلب. العساء: العساس: جمع عسّ. الوكوف: الغزيرة. منحة الْمُشْركين: أَن يعير الذِّمِّيّ الْمُسلم أَرضًا ليزدرعها فخراجها على الذِّمِّيّ لَا يسْقطهُ مِنْهُ منحته الْمُسلم وَالْمُسلم لَا شَيْء عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَا أَرض لَهُ فِي أَنه لَا خراج عَلَيْهِ. الرَّفد: الْقدح. الإفقار: الْإِعَارَة للرُّكُوب. النادّة: النافرة.(3/389)
تلوط: تطيِّن. النَّهك: اسْتِيعَاب مَا فِي الضَّرع. الكمأة من المنِّ وماؤها شفاءٌ للعين. شبهها بالمنّ الَّذِي كَانَ ينزل على بني إِسْرَائِيل وَهُوَ الترنجبين لِأَنَّهُ كَانَ يأتيهما عفوا من غير تَعب وَهَذِه لَا تحتاح إِلَى زرع وَلَا سقِِي وَلَا غَيره وماؤها نَافِع للعين مخلوطاً بِغَيْرِهِ من الْأَدْوِيَة لَا مُفردا. إِذا تمنَّى أحدكُم فليكثر فَإِنَّمَا يسْأَل ربه. لَيْسَ هَذَا بمناقض لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكمْ عَلَى بَعْض} فَإِن ذَلِك نهي عَن تمني الرجل مَال أَخِيه بغياً وحسداً وَهَذَا تمن على الله خيرا فِي دينا ودنياه وَطلب من خزانته فَهُوَ نَظِير قَوْله: {وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِه} . مَا من النَّاس أحد أَمن علينا فِي صحبته وَلَا ذَات يَده من ابْن أبي قُحَافَة. أَي أَكثر منَّة أَي نعْمَة. وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة يشنأهم الله: الْفَقِير المختال والبخيل المنان وَالْبيع الْمُحْتَال. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة المنان الَّذِي لَا يُعْطي شَيْئا إِلَّا مِنْهُ والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْفَاجِرَة والمسبل إزَاره فَمن الِاعْتِدَاد بالصنيعة. عَن مُسلم الْخُزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ: كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومنشد ينشده: ... لَا تأمنن وَإِن أمسبت فِي حَرَم ... حَتَّى تُلاَقيَ مَا يَمْنِي لَكَ المَانِي ... فالخيرُ والشرُّ مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ ... بكلِّ ذَلِك يأتيكَ الجَدِيدَانِ ... فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أدْرك هَذَا الْإِسْلَام فَبكى أبي فَقلت(3/390)
منى أتبكى لِمُشْرِكٍ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ أبي: وَالله مَا رَأَيْت مُشركَة تلقفت من مُشْرك خيرا من سُوَيْد بن عَامر. منى إِذا قدر وَمِنْه الْمنية وَالتَّمَنِّي.
منح جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كنت منيح أَصْحَابِي يَوْم بدر. هُوَ أحد السِّهَام الثَّلَاثَة الَّتِي لَا أنصباء لَهَا وَهِي السَّفيح والمنيح والوغد وَمن قيل بعض أهل الْعَصْر.: ... لي فِي الدُّنْيَا سِهَام ... لَيْسَ فِيهِنَّ رَبِيح ... وأساميهنّ وَغْد ... وسَفِيح ومَنِيح ... أَرَادَ أَنه لم يُضرب لَهُ سهم لصغره.
منى عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رَآهُ الْحجَّاج قَاعِدا مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ: أتُقعد ابْن العمشاء مَعَك على سريرك لَا أمّ لَهُ فَقَالَ عُرْوَة: أَنا لَا أم ل ي وَأَنا ابْن عَجَائِز الْجنَّة وَلَكِن إِن شِئْت أَخْبَرتك من لَا أم لَهُ يَابْنَ المتمنية فَقَالَ عبد الْملك: أَقْسَمت عَلَيْك أَن تفعل فَكف عُرْوَة. المتمنية: عي الفريعة بنت همَّام أم الْحجَّاج وَهِي القائلة: ... هَل مِنْ سبيلٍ إِلَى خَمْرٍ فأشربَها ... أم من سبيلٍ إِلَى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ ... وقصَّتها مستقصاة فِي كتاب المستقصي. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى: إِن الْحرم حرمٌ مناه من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وَأَنه رَابِع أَرْبَعَة عشر بَيْتا فِي كل سَمَاء بَيت وَفِي كل أَرض بَيت لَو سَقَطت لسقط بَعْضهَا على بعض. أَي قَصده وحذاؤه وَقد سبق. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ الْإِيمَان بالتمني وَلَا بالترجي وَلَا بالتجلي وَلَكِن مَا وقر فِي الْقلب وصدَّقته الْأَعْمَال.(3/391)
قَالُوا: هُوَ من تمني إِذا قَرَأَ وأنشدوا لمن رثى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ... تَمَنَّى كتابَ الله أَوَّلَ ليلةٍ ... وَآخِرهَا لَاقَى حمام المقَادِرِ ... أَي لَيْسَ بالْقَوْل الَّذِي تظهره بلسانك فَقَط وَلَكِن يجب أَن تتبعه معرفَة الْقلب.
الْمِيم مَعَ الْوَاو
موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعوف بن مَالك: أمسك ستًّا تكون قبل السَّاعَة: أوَّلهن موت نَبِيكُم وموتان يَقع فِي النَّاس كقعاص الْغنم وهدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون بكم فتسيرون إِلَيْهِم فِي ثَمَانِينَ غابة تَحت كل غابة اثْنَا عشر ألفا وروى غَايَة. الموتان: بِوَزْن الْبطلَان: الْموَات الْوَاقِع. وَأما الموتان بِوَزْن الْحَيَوَان فضدّه. يُقَال: اشْتَرِ من الموتان وَلَا تشتر مِنْهُ الْحَيَوَان. وَمن قيل للموات من الأَرْض: الموتان. وَفِي الحَدِيث: موتان الأَرْض لله وَرَسُوله فَمن أَحْيَا مِنْهَا شَيْئا فَهُوَ لَهُ. القعاص: دَاء يقعص مِنْهُ الْغنم. الغابة: الأجمة شبَّه بهَا كَثْرَة السِّلَاح. الغابة: الرَّايَة.(3/392)
موه عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا أجريت المَاء على المَاء جزى عَنْك. عين المَاء واوٌ ولامه هَاء وَلذَلِك صُغِّر وكُسِّر بمويه وأمواه وَقد جَاءَ أمواء. قَالَ: ... وبَلْدَةٍ قَالِصة أمواؤها ... أَي إِذا صببت على الْبَوْل فِي الأَرْض فَجرى عَلَيْهِ طهر الْمَكَان. جزى: قضى.
موت اللَّبن لَا يَمُوت. يَعْنِي إِذا فَارق الثَّدي وشربه الصَّبِي.
موق لما قدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّام عرضت لَهُ مخاضة فَنزل عَن بعيره وَنزع موقيه وخاض المَاء. أَي خُفَّيه قَالَ النمر بن تولب: ... فَتَرى النِّعَاجَ العُفْر تمشي خَلفه ... مشي العباديين فِي الأمواق ...
ميل مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما أسلم قَالَت لَهُ أمه: وَالله لَا ألبس خمارا وَلَا أستظل أبدا وَلَا آكل وَلَا أشْرب حَتَّى تدع مَا أَنْت عَلَيْهِ وَكَانَت امْرَأَة مَيْلَة. فَقَالَ أَخُوهُ أَبُو عُزَيْر بن عُمَيْر: يَا أمه دعيني وإياه فَإِنَّهُ غُلَام عاف وَلَو أَصَابَهُ بعض الْجُوع لترك مَا هُوَ عَلَيْهِ فحبسه. ميِّلة: ذَات مَال يُقَال: مَال يمال فَهُوَ مالٌ وميِّل على فعل وفيعل. فسَّروا الْعَافِي بالوافر اللَّحْم من عَفا الشَّيْء إِذا كثر وَالصَّحِيح أَن يكون من العفوة وَهِي الصفوة والعفاوة والعافي: صفوة المرقة وَوجدنَا مَكَانا عفوا أَي سهلا وَالْمرَاد ذُو الصفوة والسهولة من الْعَيْش يَعْنِي أَنه ألف التَّنْعِيم فَيعْمل فِيهِ الْجُوع ويضجره.(3/393)
موه أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر هَاجر فَقَالَ: تِلْكَ أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء وَكَانَت أمة لأمِّ إِسْحَاق سارّة. قيل: يُرِيد الْعَرَب لأَنهم ينزلون الْبَوَادِي فيعيشون بِمَاء السَّمَاء فكأنهم اولاده.
مور ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ أَبُو حَازِم: إِن نَاسا انْطَلقُوا إِلَيْهِ يسألونه عَن بعير لَهُم فجئه الْمَوْت فَلم يَجدوا مَا يذكونه بِهِ إِلَّا عَصا فشقوها فنحروه بهَا فَسَأَلُوهُ وَأَنا مَعَهم فَقَالَ: وَإِن كَانَت مارت فِيهِ موراً فكلوه وَإِن كُنْتُم إِنَّمَا ثرَّدتموه فَلَا تأكلوه. أَي قطعته ومرَّت فِي لَحْمه يُقَال: مار السنان فِي المطعون. قَالَ: ... وَأَنْتُم أناسٌ تَقْمِصُون من القَنَا ... إِذا مَارَ فِي أكتافكم وتأَطَّرَا ... وَتقول: فلَان لَا يدْرِي مَا سائرٌ من مائر فالمائر: السَّيْف الْقَاطِع الَّذِي يمور فِي الضريبة موراً والسَّائر: بَيت الشّعْر المرويّ الْمَشْهُور: التثريد: ألاَّ يكون مَا يُذكى بِهِ حادًّا فيتكسر المذبح ويتشظَّى من غير قطع.
الْمِيم مَعَ الْهَاء
مهن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: مَا على أحدكُم لَو اشْترى ثَوْبَيْنِ ليَوْم جمعته سوى ثوبي مهنته. أَي بذلته وَقد روى الْكسر وَهُوَ عِنْد الْأَثْبَات خطأ قَالَ الْأَصْمَعِي: المهنة بِفَتْح الْمِيم: الْخدمَة وَلَا يُقَال مهنة بِكَسْر الْمِيم وَكَانَ الْقيَاس لَو قيل مثل جلْسَة وخدمة إِلَّا أَنه جَاءَ على فعلة وَاحِدَة. ومهنهم يَمْهَنُهُم ويُمهنهم: خدمهم.(3/394)
وَفِي حَدِيث سلمَان: أكره أَن أجمع على ماهني مهنتين. أَرَادَ مثل الطَّبْخ وَالْخبْز فِي وَقت وَاحِد.
مهل أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أوصى فِي مَرضه فَقَالَ: ادفنوني فِي ثوبيَّ هذَيْن فَإِنَّمَا هما للمهل وَالتُّرَاب وروى: للمهلة وروى: للمهلة بِالْكَسْرِ. ثلاثتها الصديد والقيح الَّذِي يذوب فيسيل من الْجَسَد وَمِنْه قيل للنُّحاس الذائب: المُهل. وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه سُئِلَ عَن الْمهل فأذاب فضَّةً فَجعلت تميع وتلوَّن فَقَالَ: هَذَا من أشبه مَا أَنْتُم راءون بالمهل. التميع: تفعل من ماع الشَّيْء إِذا ذاب وسال. عَليّ رَضِي الله عَنهُ: إِذا سِرْتُمْ إِلَى الْعَدو فمهلا مهلا فَإِذا وَقعت الْعين على الْعين فمهلاً مهلا. السَّاكِن: الرِّفق والمتحرك: التَّقَدُّم. وَمِنْه تمَّهل: فِي كَذَا إِذا تقدم فِيهِ.
مهى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعتبة بن سُفْيَان وَقد أثنى عَلَيْهِ فَأحْسن: أمهيت با أَبَا الْوَلِيد. أمهيت أَي بالغت فِي الثَّنَاء من أمهى الْحَافِر إِذا بلغ المَاء وَمِنْه أمهى الْفرس فِي جريه إِذا بلغ الشأو هُوَ قلب أُمَّاهُ ووزنه أفلع.
مهه ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ يُونُس بن جُبَير: سَأَلته عَن رجل طلَّق امْرَأَته وَهِي حَائِض. قَالَ: يُراجعها ثمَّ يطلِّقها فِي قُبُل عدَّتها. قلت: فَتعْتَد بهَا قَالَ: فَمه أَرَأَيْت إِن عجز واستحمق. أَرَادَ فَمَا فَألْحق هَاء السكت وَهِي مَا الاستفهامية. استحمق: صَار أَحمَق وفَعَل فِعْل الحمقى كاستنوك واستنوق الْجمل وَالْمعْنَى:(3/395)
إِن تطليقه إِيَّاهَا فِي حَال الْحيض عجزٌ وحمقٌ فَهَل يقوم ذَلِك عذرا لَهُ حَتَّى لَا يعْتد بتطليقته.
مهى ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله قَالَ: إِن رجلا سَأَلَ ربَّه أَن يرِيه موقع الشَّيْطَان من قلب ابْن آدم فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم جَسَد رجل ممهى يرى دَاخله من خَارجه وَرَأى الشَّيْطَان فِي صُورَة ضفدع لَهُ خرطوم كخرطوم الْبَعُوضَة قد أدخلهُ من مَنْكِبه الْأَيْسَر إِلَى قلبه يوسوس إِلَيْهِ فَإِذا ذكر الله خنسه. أَي صُفِّي فَأشبه المها وَهُوَ البلور. أَو هُوَ مقلوب من مموه وهومفعل من أصل المَاء أَي مجعول مَاء. خنسه. أَخّرهُ.
الْمِيم مَعَ الْيَاء
ميل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تهْلك أُمتي حَتَّى يكون التمايل والتَّمايز والمعامع. أَي ميل بَعضهم على بعض وتظالمهم وتميُّز بَعضهم عَن بعض وتحزبهم أحزاباً لوُقُوع العصبية. والمعامع: الحروب والفتن من معمعة النَّار.
ميط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانُوا أَبُو عُثْمَان النهديُّ يكثر أَن يَقُول: لَو كَانَ عمر ميزاناً مَا كَانَ فِيهِ ميط شعرةٍ. مَال وماد وماط أَخَوَات. قَالَ الْكسَائي: مَاطَ عليَّ فِي حكمه يميط وَفِي حكمه(3/396)
عليَّ ميط أَي جور. وَقَالَ أَبُو زيد مثل ذَلِك وَأنْشد لحميد الأرقط: ... حَتَّى شفى السّيفُ قُسُوط القَاسِطِ ... وضِغْن ذِي الضِّغْنِ ومَيْطَ المائط ... وَقَالَ أَيمن بن خريم: ... إنَّ للفتنة ميطا بَيْننَا ... فرويد الميط مِنْهَا يعتدل ...
ميث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمرالناس بِشَيْء وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَامَ رجال فَقَالُوا: لَا تَفْعَلهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ مث قُلُوبهم كَمَا يماث الْملح فِي المَاء اللهمَّ سلِّط عَلَيْهِم غُلَام ثَقِيف اعلموا أَن من فَازَ بكم فقد فَازَ بالقدح الأخيب. ماثه يميثه ويموثه: أذابه. وَقيل لأعرابي من بني عذرة: مَا بَال قُلُوبكُمْ كَأَنَّهَا قُلُوب طير تنماث كَمَا ينماث الْملح فِي المَاء أما تجلدون. فَقَالَ: إِنَّا نَنْظُر إِلَى محاجر أعين لَا تنْظرُون إِلَيْهَا. الْقدح الأخيب: الَّذِي لَا نصيب لَهُ.
ميل الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لأنس: عُجِّلت الدُّنْيَا وغُيِّبت الْآخِرَة أما وَالله لَو عاينوها مَا عدلوا وَلَا ميلوا. يُقَال: إِنِّي لأميل بَين أَمريْن وأمايل بَينهمَا أَيهمَا آتى وَأيهمَا أُفضل. قَالَ عمرَان بن حطَّان: ... لما رَأَوْا مخرجا من كفر قَومهمْ ... مضوا فَمَا مَيَّلوا فِيهِ وَلَا عَدَلوا ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَت لَهُ امْرَأَة إِنِّي أمتشط الميلاء. فَقَالَ عِكْرِمَة: رَأسك تبع لقلبك فَإِن استقام قَلْبك استقام رَأسك وَإِن مَال قَلْبك مَال رَأسك. هِيَ مشطة مَعْرُوفَة عِنْدهم.
ميع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن فَأْرَة وَقعت فِي السّمن. فَقَالَ: إِن كَانَ مَائِعا فألقه كُله وَإِن كَانَ جامسا فألق الْفَأْرَة وَمَا حولهَا وكُلْ مَا بَقِي. كل ذائب جَار فَهُوَ مَائِع وَمِنْه ماع الْفرس إِذا جرى وميعته: نشاطه وحركته وميعة الشَّبَاب: شرته وَقلة وقاره.(3/397)
الجامس: الجامد.
ميسوسن كَانَ فِي بَيته الميسوسن فَقَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنَّهُ رِجْس. هُوَ شراب تَجْعَلهُ النِّسَاء فِي شعورهن كلمة معربة.
مير ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله: دَعَا بِإِبِل فأمارها. أَي حملهَا ميرة
ميز النَّخعِيّ رَحمَه الله استماز رجل من رجل بِهِ بلَاء فابتُلي بِهِ. أَي تحاشى وتباعد. قَالَ النَّابِغَة: ... وَلَكِنَّنِي كنتُ امْرَأً ليَ جانِبٌ ... من الأَرْض فِيهِ مستماز وَمذهب ...(3/398)
حرف النُّون
النُّون مَعَ الْهمزَة
نأنأ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ طُوبَى لمن مَاتَ فِي النأنأة. أَي فِي بَدْء الْإِسْلَام حِين كَانَ ضَعِيفا قبل أَن يكثر أنصاره والداخلون فِيهِ. يُقَال: نأنأت عَن الْأَمر نأنأة إِذا ضعفت عَنهُ وعجزت مثل كأكأت. وَمِنْه رجل نأنأة ونأناء ونؤنوء: ضَعِيف عَاجز. وَقَالُوا: نأنأته بِمَعْنى نهنهته وَمِنْه قَالُوا للضعيف: مُنأنأ لِأَن الضَّعِيف مكفوف عَمَّا يُقدم عَلَيْهِ الْقوي ومطاوعته تنأنأ. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ لِسُلَيْمَان بن صرد: وَكَانَ تخلَّف عَن يَوْم الْجمل ثمَّ أَتَاهُ بعد: تنأنأت وتربصت وتراخيت فيكف رَأَيْت الله صنع وَيجوز أَن يُرِيد حِين كَانَ النَّاس كافِّين عَن تهييج الْفِتَن هادئين.
نأج فِي الحَدِيث: ادْع رَبك بأنأج مَا تقدر عَلَيْهِ. النئيج: والنئيم والنئيت أَخَوَات فِي معنى الصَّوْت يُقَال: نأج إِلَى الله إِذا تضرّع إِلَيْهِ وجأر ونأجت الرّيح وريح نأجة ونؤوج أَرَادَ بأضرعه وأجأره.
النُّون مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُنَابذَة وَالْمُلَامَسَة. الْمُنَابذَة: أَن يَقُول لصَاحبه انبذ إليّ الْمَتَاع أَو أنبذه إِلَيْك وَقد وَجب البيع بِكَذَا. وَقيل: هُوَ أَن يَقُول إِذا أنبذت الْحَصَاة فقد وَجب البيع. وَهُوَ نَحْو حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْحَصَاة.(3/399)
وَرَوَاهُ النَّضر: هِيَ عَن الْمُنَابذَة وَالْإِلْقَاء قَالَ: وهما وَاحِد وَذَلِكَ أَن يَأْخُذ رجل حجرا فِي يَده ويميل بِهِ نَحْو الأَرْض كَأَنَّهُ يمسك الْمِيزَان بِيَدِهِ فَيَقُول: إِذا وَجب البيع فِيمَا بَيْنكُمَا يَعْنِي فِيمَا بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي ألقيت الْحجر. وَالْمُلَامَسَة: أَن يَقُول: إِذا لمست ثَوْبك أَو لمست ثوبي فقد وَجب البيع بِكَذَا. وَقيل: هُوَ أَن يلمس الْمَتَاع من وَرَاء الثَّوْب وَلَا ينظر إِلَيْهِ وَهَذِه بُيُوع الْجَاهِلِيَّة وَكلهَا غرر فَلذَلِك نهى عَنْهَا. أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدي بن حَاتِم فَأمر لَهُ بمنبذة وَقَالَ: إِذا أَتَاكُم كريم قوم فأكرموه وروى: كَرِيمَة قوم. هِيَ الوسادة لِأَنَّهَا تنبذ أَي تطرح للجلوس عَلَيْهَا كَمَا قيل مسورة لِأَنَّهُ يسَار عَلَيْهَا.
نبب لما أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاعِز بن مَالك فَأقر عِنْده بالزناردة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ ثمَّ أَمر برجمه فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ قَالَ: يعمد أحدكُم إِذا غزا النَّاس فينبُّ كَمَا ينب التيس يخدع إِحْدَاهُنَّ بالكثبة لَا أُوتى بِأحد فعل ذَلِك إِلَّا نكَّلت بِهِ. النبيب والهبيب: صَوت التيس عِنْد سفاده. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ليكلمني بَعْضكُم وَلَا تنبوا نبيب التيوس. الكثبة: الْقَلِيل من اللَّبن وَكَذَلِكَ كل شَيْء مُجْتَمع إِذا كَانَ قَلِيلا. قَالَ ذُو الرمة: ... أَبْعَارُهُنَّ على أَبْدَانِها كثب ...
نبذ انْتهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قبر منبوذ فصلى عَلَيْهِ. أَي بعيد من الْقُبُور من قَوْلهم: فلَان نبذ الدَّار ومنتبذها أَي نازحها وَهُوَ من(3/400)
النبذ: الطرح كَمَا قَالُوا للبعيد طرح. قَالَ الْأَعْشَى: ... وتُرَى نَارُك من ناءٍ طَرَحْ ... وَقَوْلهمْ: جلس نبذة مَعْنَاهُ مَسَافَة نبذة شَيْء كَمَا يَقُولُونَ غلوة ورمية حجر وروى: إِلَى قبر منبوذ على الْإِضَافَة أَي إِلَى قبر لَقِيط.
نبر قيل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا نبيء الله فَقَالَ إنَّا معشر قُرَيْش لَا ننبر وروى: إِن رجلا قَالَ: يَا نبئ الله. فَقَالَ: لَا تنبر باسمي فَإِنَّمَا أَنا نبيُّ الله. النبئ: فعيل من النبأ لِأَنَّهُ أنبأ عَن الله. وَمِنْه قَول الْعَرَب: إِن مُسَيْلمَة لنبئ سوء. وَقَول عَبَّاس بن مرداس: ... يَا خاتَم النُّبَآءِ إِنَّك مُرْسَلٌ ... بالحَقِّ كلُّ هَدَى السَّبِيلِ هُدَاكا ... وسائغ فِي مثله التَّحْقِيق وَالتَّخْفِيف. كالنسئ والوضئ وَمَا أشبه ذَلِك إِلَّا أَنه غلب فِي استعمالهم أَن يخففوا النَّبِي والبرية. النبر: الْهَمْز.
نبو خطب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بالنباوة من الطَّائِف. هِيَ مَوضِع مَعْرُوف وَأَصلهَا الشّرف من الأَرْض.
نبع خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى يَنْبع حِين وادع بني مُدْلِج وَبني ضَمرَة فَأَهْدَتْ لَهُ أم سليلة رطبا سخَّلا فَقبله. يَنْبع: مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة.(3/401)
السخل: الشِّيص وَقَالَ عِيسَى بن عمر: إِذْ اقترنت البسرتان وَالثَّلَاث فِي مَكَان وَاحِد سمي السّخَّل الْخَاء شَدِيدَة. يَعْنِي بالاقتران اجتماعها وَدخُول بَعْضهَا فِي بعض. وَقد سخَّلَت النَّخْلَة. وَقيل: رجال سخل أَي ضعفاء من ذَاك.
نبط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى أهل حمص: لَا تنبطوا فِي الْمَدَائِن ولاتعلموا أبكار أَوْلَادكُم كتاب النَّصَارَى وتمعززوا وَكُونُوا عربا خشنا. أَي لَا تشبَّهوا بالأنباط فِي سُكْنى الْمَدَائِن وَالنُّزُول بالأرياف أَو فِي اتِّخَاذ الْعقار واعتقاد الْمزَارِع وَكُونُوا مستعدِّين للغزو مستوفزين للْجِهَاد. الْأَبْكَار: الْأَحْدَاث. تمعززوا: من الْمعز وَهُوَ الشدَّة والصلابة وَرجل مَاعِز وَمَا أمعزه من رجل وَمِنْه المعزاء. وَلَا يجوز أَن يكون من العزَّة وَإِن كَانَت بِمَعْنى الشدَّة لِأَن نَحْو تمسكن وتمدرع شَاذ. الخشن: جمع أخشن.
نبل سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما ذهب النَّاس يَوْم أحد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل سعد يَرْمِي بَين يَدَيْهِ وفتى يُنبِّله كلما نفدت نبله نبَّله وَيَقُول: ارمِ أَبَا إِسْحَاق ثمَّ طلبُوا الْفَتى بعدُ فَلم يقدروا عَلَيْهِ. يُقَال: استنبلنى نبْلًا فأنبلته ونبَّلته إِذا أَعْطيته إِيَّاهَا ثمَّ اسْتعْمل فِي مناولة كل شَيْء. قَالَ: ... فَلَا تجفواني وانبلاني بكسوة ...
نبح عمار رضى الله عَنهُ سمع رجلا يسب عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ لَهُ بَعْدَمَا لكزه لكزات: أَأَنْت تسبُّ حَبِيبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقعد منبوحاً مقبوحاً مشقوحاً.(3/402)
المنبوح: المشتوم يُقَال: نبحتني كلابُ فلَان وهرتني إِذا أتتك شتائمه وأذاه. وَمِنْه قَول أبي ذُؤَيْب: ... وَمَا هَّرها كَلْبِي ليُبْعِدَ نَفْرَهَا ... وَلَو نَبَحَتْنِي بالشَّكاَةِ كِلاَُبها ... يُرِيد لَو أسمعني قرابتها القَوْل الْقَبِيح لم أسمعهم إِلَّا الْجَمِيل لكرامتها على. المقبوح: المطرود. والمشقوح: إتباع. وَقيل: هُوَ من الشقح بِمَعْنى الشج يُقَال: لأشقحنك شقح الْجَوْز بالجندل.
نبس ابْن عمر رضى الله عَنْهُمَا أَن أهل النَّار ليدعون يَا مَالك فيدعهم أَرْبَعِينَ عَاما ثمَّ يرد عَلَيْهِم أَنكُمْ مَاكِثُونَ فَيدعونَ رَبهم مثل الدُّنْيَا فَيرد عَلَيْهِم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون. فَمَا ينبسون عِنْد ذَلِك مَا هُوَ إِلَّا الزَّفِير وَإِلَّا الشهيق. أَي مَا ينطقون. وَعَن مَرْوَان بن أبي حَفْصَة: أنشدت السرى بن عبد الله فَلم ينبس: وَقَالَ رؤبة: ... وَإِذا تُشَدّ بنسْعِها لَا تَنْبس ... ِوأصل النبس الْحَرَكَة والنابس المتحرك وَلم يسْتَعْمل إِلَّا فِي النَّفْي.
النبو قَتَادَة رَحْمَة الله مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ رجل أعلم من حميد غير أَن النباوة أضرت بِهِ. النباوة والنبوة: الِارْتفَاع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النباوة والرباوة والربوة والنبوة: الشّرف من الأَرْض. وَقد نبا ينبو إِذا ارْتَفع عَن قطرب وَمِنْه زعم اشتقاق النَّبِي. وَهُوَ غير متقبل عِنْد محققه أَصْحَابنَا وَلَا معرج عَلَيْهِ.(3/403)
وَالْمعْنَى غير أَن طلب الشّرف والرياسة أضرّ بِهِ وَحرمه التَّقَدُّم فِي الْعلم.
نبط الشّعبِيّ رَحْمَة الله قَالَ فِي رجل قَالَ لآخر يَا نبطي: لَا حد عَلَيْهِ كلنا نبط. ذهب إِلَى مَا تقدم من قَول ابْن عَبَّاس: نَحن معاشر قُرَيْش حَيّ من النبط من أهل كوثى. وَسموا نبطا لأَنهم يستنبطون الْمِيَاه.
نبأ فِي الحَدِيث: لَا يصلى على النبى. هُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع المحدودب يُقَال: نبأت أنبأ نبأ ونبوءا إِذا ارْتَفَعت. وكل مُرْتَفع نابئ عَن أبي زيد.
النُّون مَعَ التَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بالأبكار فأنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير. وروى: فَإِنَّهُنَّ أغر أَخْلَاقًا وأرضى باليسير.
نتق النتق: النفض. يُقَال: نتق الجرب إِذا نفضها ونثر مَا فِيهَا. وَقَالَ: ... يَنْتُقْن أقتادَ الشَّلِيل نتقا ... وَمِنْه: فلَان لَا ينتق وَلَا ينْطق وَقيل للكثيرة الْأَوْلَاد ناتق. قَالَ: ... بَنو ناتقٍ كَانَت كثيرا عِيالها ... كَمَا قَالَ ذُو الرمة:(3/404)
.. تَرَى كُفْأَتيهْا تُنْفَضاَنِ وَلم تَجِدْ ... لَهَا ثِيلَ سقب فِي النتاجين لَا مس ... هَكَذَا روى: (غرَّة) بِالضَّمِّ. وَقيل هِيَ من الْبيَاض ونصوع اللَّوْن لِأَن الأيمة تحيل اللَّوْن أَو من حسن الْخلق وَالْعشرَة. وغرة كل شَيْء خِيَاره وَمَا أَحسب هَذِه الرِّوَايَة إِلَّا تحريفا وَالصَّوَاب أغرغرة بِالْكَسْرِ من الغرارة ووصفهن بذلك مِمَّا لَا يفْتَقر إِلَى مصداق.
نتل أَبُو بكر رضى الله تَعَالَى عَنهُ سقى لَبَنًا فارتاب بِهِ أَنه لم يحل لَهُ شربه فاستنتل يتقيأ. نتل واستنتل إِذا تقدَّم نَحْو قدم واستقدم ومه تناتل النبت إِذا كَانَ بعضه أطول من بعض كَأَن بعضه نتل بَعْضًا. وَفِي حَدِيثه رَضِي الله عَنهُ: إنَّ عبد الرَّحْمَن ابْنه برز يَوْم بدر فَقَالَ: هَل من مبارز فَتَركه النَّاس لكرامة أَبِيه فنتل أَبُو بكر وَمَعَهُ سَيْفه. وَفِي حَدِيث الزُّهْرِيّ: قَالَ سعد بن إِبْرَاهِيم: مَا سبقنَا ابْن شهَاب من الْعلم بِشَيْء إِلَّا أَنا كُنا نأتي الْمجْلس فيستنتل ويشدّ ثَوْبه على صَدره ويدَّعم على عسرائه وَلَا يبرح حَتَّى يسْأَل عَمَّا يُرِيد. أَي يتَقَدَّم أَمَام الْقَوْم. ابْن شهَاب: هُوَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهَاب. العسراء: تَأْنِيث الأعسر يُرِيد على يَده العسراء وَأَحْسبهُ كَانَ أعْسر.
نتخ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِن فِي الْجنَّة بساطا منتوخا بِالذَّهَب. النتخ: النسج عَن ابْن الْأَعرَابِي.
نتر فِي الحَدِيث: إِن أحدكُم يعذَّب فِي قَبره فَيُقَال: إِنَّه لم يكن يستنتر عِنْد بَوْله.(3/405)
وَفِي حَدِيث آخر: إِذا بَال أحدكُم فلينتر ذكره ثَلَاث نترات. النتر: جذب فِيهِ جفوة وَمِنْه نترني فلَان بِكَلَامِهِ إِذا شدَّده لَك وغلظه واستنتر طلب النتر وحرص عَلَيْهِ واهتم بِهِ.
النُّون مَعَ الثَّاء
نثر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأت فانثر وَإِذا استجمرت فأوتر. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليجعل المَاء فِي أَنفه ثمَّ لينثر. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ تَوَضَّأ يستنشق ثَلَاثًا فِي كل مرّة يستنثر. يُقَال: نثر ينثر وانتثر واستنثر إِذا استنشق المَاء ثمَّ استخرج مَا فِي أَنفه ونثره. وَقَالَ الْفراء: هُوَ أَن يستنشق ويحرك النَّثرة. وَرَوَاهُ أَبُو عبيد: فأنثر أَي أَدخل المَاء نثرتك بِقطع الْهمزَة وَغَيره يصل وَيسْتَشْهد بقوله: ثمَّ لينثر بِفَتْح حرف المضارعة.
نثل طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ ينثل درعه إِذْ جَاءَ سهم فَوَقع فِي نَحره فَقَالَ: بِسم الله وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا. نثل درعه: صبَّها على نَفسه والنَّثرة والنَّثلة: الدِّرع لِأَن صَاحبهَا ينثلها على نَفسه وينثرها أَي يصبهَا ويشنها.
نثر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا الْجَرَاد نثرة حوتٍ. أَي عطسته يُقَال: نثرت الشَّاة تنثر نثيرا إِذا عطست وَالْمرَاد أنَّ الْجَرَاد من صيد الْبَحْر كالسمك يحلُّ للمُحرم أَن يصيده.(3/406)
النُّون مَعَ الْجِيم
نجف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الرجل الَّذِي يدْخل الْجنَّة آخر الْخلق قَالَ: فَيسْأَل ربَّه فَيَقُول: أَي ربِّ قدِّمني إِلَى الْجنَّة فَأَكُون تَحت نجاف الْجنَّة. النِّجاف والدوَّارة. الَّذِي يسْتَقْبل الْبَاب من أَعلَى الأُسكفة. وَفِي كتاب الْأَزْهَرِي: يُقَال لأنف الْبَاب: الرتاج ولدرونده: النجاف والنجران ولمترسه: القناح.
نجث إِن قُريْشًا لما خرجت فِي غَزْوَة أُحد فنزلوا الْأَبْوَاء قَالَت هِنْد بنت عتبَة لأبي سُفْيَان ابْن حَرْب: لَو نجثتم قبر آمِنَة أم مُحَمَّد فَإِنَّهُ بالأبواء. نجث ونبث ونقث أَخَوَات فِي معنى النَّبش وإثارة التُّرَاب. والنَّجيثة والنَّبيثة والنَّقيثة: تُرَاب الْبِئْر. والنَّجث: اسْتِخْرَاج الحَدِيث. وَمِنْه حَدِيث عمر: انجثوا لي مَا عِنْد الْمُغيرَة فَإِنَّهُ كتامة للْحَدِيث.
نجش لَا تناجشوا وَلَا تدابروا. النَّجش: أَن يُرِيد الْإِنْسَان أَن يَبِيع بياعة فتساومه بهَا بثمين كثير لينْظر إِلَيْك نَاظر فَيَقَع فِيهَا. وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّه نهى عَن النجش وروى: لَا تجش فِي الْإِسْلَام. وَفِي حَدِيث عبد الله بن أبي أوفى: النَّاجش هُوَ آكل رَبًّا خائن. وأصل النَّجش الإثارة يُقَال: نجش الصَّيْد إِذا أثاره. التدابر: التقاطع وَأَن يولي الرجل صَاحبه دبره.(3/407)
نجد رأى امْرَأَة تَطوف بِالْبَيْتِ عَلَيْهَا مناجد من ذهب فَقَالَ: أَيَسُرُّك أَن يحليك الله مناجد من نَار قَالَت: لَا. قَالَ: فأدّى زَكَاتهَا. هِيَ حلىّ مكللة بالفصوص مزينة بالجواهر. جمع منجد أَي مزيّن من قَوْلهم: بَيت منجّد أَي مزين ونجوده: ستوره الَّتِي تشد على حيطانه يزيَّن بهَا. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: وَاحِدهَا منجد. وَهُوَ من لُؤْلُؤ أَو ذهب أَو قرنفل فِي عرض شبر يَأْخُذ من الْعُنُق إِلَى أَسْفَل الثديين. وسُمِّي بذلك لِأَنَّهُ يَقع على موقع نجاد السَّيْف.
نجم مَا طلع النَّجْم قطّ وَفِي الأَرْض من العاهة شَيْء إِلَّا رُفع. أَرَادَ الثريا وَهُوَ أحد الْأَجْنَاس الْغَالِبَة وَهُوَ مَعَ نَظَائِره ملخَّص فِي كتاب الْمفصل.
نجد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ رجل: أَخْبرنِي عَن قُرَيْش. قَالَ: أما نَحن بَنو هَاشم فأنجاد أمجاد وَأما إِخْوَاننَا بَنو أُميَّة فقادة أدبة ذادة. الأنجاد: جمع نَجُد ونَجِد وَهُوَ الشجاع. الأمجاد: جمع ماجد كشاهد وأشهاد. قادة: يقودون الجيوش. يروي أَن قصياًّ حِين قسَّم مكارمه أعْطى القيادة عبد منَاف ثمَّ وَليهَا عبدشمس ثمَّ أُميَّة بن عبدشمس ثمَّ حَرْب بن أُميَّة ثمَّ أَبُو سُفْيَان. الأدبة: جمع آدب من المأدبة. الذادة: الذائدون عَن الْحَرِيم.
نجع دخل عَلَيْهِ الْمِقْدَاد بن الْأسود بالسُّقيا وَهُوَ ينجع بكرات لَهُ دَقِيقًا وخبطا. النجوع: المديد. وَهُوَ مَاء ببزر أَو دَقِيق تسقاه الْإِبِل وَقد نجعتها بِهِ ونجعتها إِيَّاه. وَمِنْه حَدِيث أُبيّ: إِنَّه سُئل عَن النَّبِيذ فَقَالَ: عَلَيْك بِالْمَاءِ عَلَيْك بالسَّوِيق(3/408)
عَلَيْك بِاللَّبنِ الَّذِي نُجعت بِهِ فعاودته فَقَالَ: كَأَنَّك تُرِيدُ الْخمر. أَي سقيته فِي الصِّغر.
نجب ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْأَنْعَام من نواجب الْقُرْآن أَو نَجَائِب الْقُرْآن. قَالَ شمر: نواجب الْقُرْآن عتاقه وَهُوَ من قَوْلهم: نجبته إِذا قشرت نجبته أَي لحاءه وَتركت لبابه وخالصه.
نجد أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا من صَاحب إبل لَا يُؤَدِّي حقَّها إِلَّا بُعثت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة أسمن مَا كَانَت على أكتافها أَمْثَال النَّواجذ شحماً تَدعُونَهُ أَنْتُم الروادف مُحلس أخفافها شوكاً من حَدِيد ثمَّ يبطح لَهَا بقاع قرق فَتضْرب وَجهه بأخفافها وشوكها. أَلا وَفِي وبرها حق وسيجد أحدكُم امْرَأَته قد مَلَأت عكمها من وبر الْإِبِل فليناهزها فليقتطع فليرسل إِلَى جَاره الَّذِي لَا وبر لَهُ. وَمَا من صَاحب نخل لَا يُؤدى حَقّهَا إِلَّا بعث عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة سعفها وليفها وكرانيفها أشاجع تنهسه فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة. النواجد: طرائق الشَّحْم جمع ناجدة من النجد وَهُوَ الِارْتفَاع. والروادف: مثلهَا. مُحلس: أَي أُحلست شوكا بِمَعْنى طُورقت بِهِ وأُلزمته من قَوْلهم للاَّزم مَكَانَهُ لَا يبرح: مستحلس وحلس وَفُلَان من أحلاس الْخَيل. العكم: الْعدْل. النَّهز: النهوض لتناول الشَّيْء. والمناهزة: المغالبة فِي ذَلِك وَمِنْه ناهزته السَّبق. الأشاجع: جمع أَشْجَع وَهُوَ الحيَّة الذّكر. قَالَ جرير: ... قد عضه فَقضى عَلَيْهِ الأشجع ...(3/409)
نجف عَمْرو رَضِي الله عَنهُ فِي قصَّة خُرُوجه إِلَى النَّجَاشِيّ: إِنَّه جلس على منجاف السَّفِينَة فَدفعهُ عمَارَة بن الْورْد فِي الْبَحْر. قيل: هُوَ سُكانها أَي ذنبها الَّذِي بِهِ تُعدِّل وَكَأَنَّهُ مَا تُنْجَف بِهِ السَّفِينَة من نجفت السهْم إِذا بريته وعدلته. قَالَ كَعْب بن مَالك: ... ومنجوفة حرمية صاعِدَيّة ... يذر عَلَيْهَا السهْم سَاعَة تصنع ...
نجد الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: اجْتمع شرب من أهل الأنبار وَبَين أَيْديهم ناجود فغنّى ناخمهم: أَلا فاسقياني قبل خيل أبي بكر. قَالَ الْأَزْهَرِي: الناجود: الرَّاووق نَفسه والناجود: كل إِنَاء يُجعل فِيهِ الشَّرَاب والناجود: الْخمر والزعفران وَالدَّم. النَّخم: أَجود الْغناء عَن ابْن الْأَعرَابِي.
نجأ فِي الحَدِيث: ردُّوا نجأة السَّائِل بلقمة. نجأة بِعَيْنِه إِذا لقعه نجأ ونجأة. قَالَ: ... وَلَا تخش نجيء إِنَّنِي لكَ مُبْغِضٌ ... وَهل تنجأُ العَيْنُ البغيضَ المشوَّهَا ... وَأَنت تتنجأ أَمْوَال النَّاس أَي تتعرض لتصيبها بِعَيْنِك حسداً أَو حرصاً على المَال. وَرجل نجئ الْعين ونجؤ ونجوء بِالْقصرِ وَالْمدّ. وَقَالَ النَّضر: النجأة بِوَزْن الْفجأَة يُقَال: رُدَّ نجأتهم وصلهم. وَفُلَان يرُدّ بالفلذ نجأة السَّائِلين. وَفِيه مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَن ترحم السَّائِل من مدِّ عينه إِلَى طَعَامك شَهْوَة لَهُ وحرصاً على أَن يتَنَاوَل مِنْهُ فتدفع إِلَيْهِ مَا تقصر بِهِ طرفه وتقمع بِهِ شَهْوَته.(3/410)
وَالثَّانِي: أَن تحذر إِصَابَته نِعْمَتك بِعَيْنِه لفرط تحديقه وحرصه فتدفع عينه بِشَيْء تزله إِلَيْهِ.
نجد فِي حَدِيث الشورى: وَكَانَت امْرَأَة نجودا. أَي ذَات رَأْي. وَهُوَ من نجد نجداً إِذا جهد جهدا كَأَنَّهَا الَّتِي تجهد رأيها فِي الْأُمُور. وَمِنْه قَوْلهم: رجل مُنجَّد بِمَعْنى منجَّذ وَهُوَ المجرب.
النُّون مَعَ الْحَاء
نحص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر قوما من أَصْحَابه قتلوا. فَقَالَ: لَيْتَني غودرت مَعَ أَصْحَاب نُحْص الْجَبَل. هُوَ أَصله وسفحه. تمنى أَن يكون قد اسْتشْهد مَعَ المستشهدين يَوْم أحد.
نحم دخلت الْجنَّة فَسمِعت نحمة من نعيم. النحمة كالرزمة من النحيم وَهُوَ نَحْو النَّحيط: صَوت من الْجوف وَرجل نحم. وَبِذَلِك سمي نعيم النحام.
نحب لَو يعلم النَّاس مَا فِي الصَّفّ الأول اقْتَتَلُوا عَلَيْهِ وَمَا تقدمُوا إِلَّا بنحبةٍ. أَي بقرعةٍ من المناحبة وَهِي المخاطرة على الشَّيْء وَيُقَال للمراهن: المنحَّب عَن أبي عَمْرو والمفضل. بعث سَرِيَّة قبل أَرض بني سليم وأميرهم الْمُنْذر بن عَمْرو أَخُو بني سَاعِدَة فَلَمَّا(3/411)
كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق بعثوا حرَام بن ملْحَان بِكِتَاب من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَتَاهُم انتحى لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل فَقتله ثمَّ قتل الْمُنْذر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعنق ليَمُوت وتخلف مِنْهُم ثَلَاثَة فهم يتبعُون السّريَّة فَإِذا الطَّرِيق يرميهم بالعلق. قَالُوا: قُتل وَالله أَصْحَابنَا إِنَّا لنعرف مَا كَانُوا ليقتلوا عَامِرًا وَبني سليم وهم النَّديّ. انتحى لَهُ: عرض لَهُ. قَالَ ذُو الرمة: ... نَهْوضٌ بأُخراها إِذا مَا انْتَحى لَهَا ... من الأرْضِ نهاض الحَرَابِيّ أَغبر ... أعنق: من الْعُنُق وَهُوَ سير فسيح أَي ساقته الْمنية إِلَى مصرعه. العلق: الدَّم الجامد قبل أَن بيبس. الندي: الْقَوْم المجتمعون.
نحب طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: هَل لَك أَن أُنَاحِبك وترفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. أَي أُنافرك وأحاكمك على أَن ترفع ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرابته مِنْك. يَعْنِي أَنه لَا يقصر عَنهُ فيماعدا ذَلِك من المفاخر فَأَما هَذَا وَحده فغامر لجَمِيع مكارمه وفضائله لَا يقاومه إِذا عده.
نحى ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رأى رجلا ينتحي فِي السُّجُود فَقَالَ: لَا تَشِنْ صُورَتك. أَي يعْتَمد على جَبهته حَتَّى يوثر فِيهِ السُّجُود وكل من جدَّ فِي أَمر فقد انتحى فِيهِ وَمِنْه انتحى الْفرس فِي عدوه. الْحسن رَحمَه الله طلب هَذَا الْعلم ثَلَاثَة أَصْنَاف من النَّاس.(3/412)
فصنف تعلموه للمراء وَالْجهل. وصنفٌ تعلَّموه للاستطالة والختل. وصنف تعلموه للتفقه وَالْعقل. فَصَاحب التفقه وَالْعقل ذُو كآبة وحزن قد تنحى فِي برنسه وَقَامَ اللَّيْل فِي حندسه قد أَو كدتاه يَدَاهُ وأعمدتاه رِجْلَاهُ فَهُوَ مقبل على شَأْنه عارفٌ بِأَهْل زَمَانه قد استوحش من كلِّ ذِي ثِقَة من إخوانه فَشد الله من هَذَا أَرْكَانه وَأَعْطَاهُ يَوْم الْقِيَامَة أَمَانه وَذكر الصِّنْفَيْنِ الآخرين. تنحى: أَي تعمّد لِلْعِبَادَةِ وَتوجه لَهَا وَصَارَ فِي ناحيتها. قَالَ: ... تَنَحَّى لَهُ عمرٌو فشكَّ ضُلُوعَه ... بنافِلةٍ نَجْلاء والخيلُ تَضْبُر ... أَو تجنب النَّاس وَجعل نَفسه فِي نَاحيَة مِنْهُم. وكده وأوكده ووكده بِمَعْنى إِذا قوَّاه. قَالَ أَبُو عبيد: عَمَدت الشَّيْء إِذا أقمته وأعمدته إِذا جعلت تَحْتَهُ عمدا يُرِيد أَنه لَا ينفكُّ مصلِّيا مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ فِي السُّجُود وعَلى رجلَيْهِ فِي الْقيام فوصف يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بذلك ليؤذن بطول إعماله لَهَا. وَيجوز أَن يكون أوكدتاه من الوكد وَهُوَ الْعَمَل والجهد وأعمدتاه من العميد وَهُوَ الْمَرِيض وَيُرِيد أَن دوَام كَونه سَاجِدا وَقَائِمًا قد جهده وشفّه. الْألف: عَلامَة التَّثْنِيَة وَلَيْسَت بضمير وَهِي فِي اللُّغَة الطائية.(3/413)
النُّون مَعَ الْخَاء
نخر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ أَصْحَاب النَّجَاشِيّ كلموا جَعْفَر بن أبي طَالب فَسَأَلُوهُ عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ جَعْفَر: هُوَ عبد الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاء البتول فَقَالَ النَّجَاشِيّ: وَالله مَا يزِيد عِيسَى على مَا تَقول مثل هَذِه النُّفاثة من سِوَاكِي هَذَا. وَفِيه: إِن عَمْرو بن الْعَاصِ د ل على النَّجَاشِيّ وَهُوَ إِذْ ذَاك مُشْرك. فَقَالَ النَّجاشي: نخِّروا وروى: نجِّروا بِالْجِيم. قيل: مَعْنَاهُ تكلّموا. فَإِن كَانَت الكلمتان عربيتين فهما من النخير وَهُوَ الصَّوْت. وَمِنْه قَوْلهم: مَا بهَا ناخر أَي مصوِّت. والنَّجر: هُوَ السُّوق: أَي سوقوا الْكَلَام سوقا.
نخع إِن أنخع الْأَسْمَاء عِنْد الله أَن يتسمى الرجل باسم ملك الْأَمْلَاك. وروى: أخنع. أَي أقتلها لصَاحبه وأهلكها لَهُ من النخع فِي الذَّبِيحَة وَهُوَ إِصَابَة النّخاع. وَمِنْه الحَدِيث: أَلا لَا تنخعوا الذَّبِيحَة حَتَّى تجب. وأخنعها أَي أدخلها فِي الخنوع وَهُوَ الذل والضعّة. ملك الْأَمْلَاك: نَحْو قَوْلهم شاها نشاه قيل مَعْنَاهُ أَن يتسمى باسم الله الَّذِي هُوَ ملك الْأَمْلَاك مثل أَن يتسمى بالعزيز أَو بالجبار أَو مَا يدلُّ على معنى الْكِبْرِيَاء الَّتِي هِيَ رِدَاء ربِّ الْعِزَّة من نازعه إِيَّاهَا فَهُوَ هَالك.
نخب إنَّ الْمُؤمن لَا تصيبه مُصِيبَة ذعرة وَلَا عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق وَلَا نخبة نملة إِلَّا بذنب. وَمَا يعْفُو الله أَكثر وروى: نختة ونجبة. النُّخبة: العضَّة: يُقَال: نخبته النملة والقملة والنَّخب: خرق الْجلد وَمِنْه قيل لخرق الثَّفر: النُّخبة.(3/414)
والنَّختة من نخت الطَّائِر بخرطومه اللَّحْم وَفُلَان ينختني بالْكلَام أَي يَقع فيَّ وينال مني. والنَّخت والنَّتخ والنَّتف أَخَوَات. والنَّجبة: مثل الغرزة والقرصة كَأَنَّهَا من نجب الشَّجَرَة إِذا قشرها وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَما أَصَابكُم مِن مُصِيبةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُم ويَعْفُو عَن كَثِير} وَفِي الحَدِيث: مَا أصَاب الْمُؤمن من مَكْرُوه فَهُوَ كَفَّارَة لخطاياه حَتَّى نخبة النملة.
نخر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أُتي بسكران فِي شهر رَمَضَان فَقَالَ: للمنخرين للمنخرين أصبياننا صيامٌ وَأَنت مفطر أَي كَبَّة الله لمنخريه.
نخب أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ويل للقلب النخيب والجوف الرغيب وَلَا يُبَالِي يَقُول الطَّبيب. هُوَ الْفَاسِد النغل وَهُوَ من قَوْلهم للجبان الَّذِي لَا فؤاد لَهُ: نخيب ونخب وَقد نخب قلبه ونخب كَأَنَّمَا نُزع لِأَن أَصله من نخبت الشَّيْء وانتخبته وَمِنْه الانتخاب للاختيار. ونخبة الشَّيْء: خِيَاره كَأَنَّك انتزعته من بَين الْأَشْيَاء. رجل رغيب: وَاسع الْجوف أكول وَقد رغب رغبا وَمِنْه الرُّغب شُؤْم وَأَصله من الرَّغْبَة وَمِنْه وادٍ رغيب إِذا كَانَ كثير الْأَخْذ للْمَاء وَفِي ضِدّه زهيد. وَقَول الْحجَّاج: ائْتُونِي بِسيف رغيب أَي عريض الصفحتين.
نخر عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رُئي على بغلة قد شمط وَجههَا هرما فَقيل لَهُ: أتركب هَذِه وَأَنت على أكْرم ناخرة بِمصْر فَقَالَ: لَا بَلل عِنْدِي لدابتي مَا حملت رجْلي.(3/415)
نخر قيل: هِيَ الْخَيل لِأَنَّهَا تنخر نخيرا وَهُوَ الصَّوْت الْخَارِج من الْأنف وَيجوز أَن يُرِيد الأناسي من قَوْلهم: مَا الدَّار ناخر أَي مصوت.
نخش عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَ لنا جيران من الْأَنْصَار وَنعم الْجِيرَان كَانُوا يمنحوننا شَيْئا من ألبانهم وشيئا من شعير ننخشه. أَي نقشره ونعزل عَنهُ قشرة وَمِنْه: نخش الرجل إِذا هزل كأنَّ لَحْمه قد نخش عَنهُ.
نخل فِي الحَدِيث: لَا يقبل الله من الدُّعَاء إِلَّا الناخلة. أَي المنخولة الْخَالِصَة وَهُوَ من بَاب: سر كاتم.
النُّون مَعَ الدَّال
ندد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا كتاب من مُحَمَّد رَسُول الله لأكيدر حِين أجَاب إِلَى الْإِسْلَام وخلع الأنداد والأصنام مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد سيف الله فِي دوماء الجندل وأكنافها: إِن النالضاحية من الضَّحل والبور والمعامي وأغفال الأَرْض وَالْحَلقَة وَالسِّلَاح وَلكم الضامنة من النخيل والمعين من الْمَعْمُور لَا تعدل سارحتكم وَلَا وتعد فاردتكم وَلَا يُحظر عَلَيْكُم النَّبَات تقيمون الصَّلَاة لوَقْتهَا وتؤتون الزَّكَاة بِحَقِّهَا عَلَيْكُم بذلك عهد الله وميثاقه. النِّدُّ والنَّديد والنَّديدة: مثل الشَّيْء الَّذِي يضاده فِي أُمُوره ويناده أَي يُخَالِفهُ من ندَّ الْبَعِير إِذا نفر واستعصى.(3/416)
الضاحية: الْخَارِجَة من الْعِمَارَة وَهِي خلاف الضامنة. الضَّحل: المَاء الْقَلِيل. البور بِالْفَتْح وَالضَّم: فَمن ضمَّ فقد ذهب إِلَى جمع الْبَوَار. قَالَ الْأَصْمَعِي: أَرض بوار أَي خراب وَقد بارت الأَرْض إِذا لم تزرع. قَالَ عدي بن زيد. ... لم يبْق مِنْهَا إلاَّ مراوحُ طَايا ... ت وبُورٌ تَضْغُو ثَعَالِبها ... وَنَظِيره عوان وَعون. وَمن فتح فقد ذهب إِلَى الْمصدر وَقد يكون الْمصدر بِالضَّمِّ أَيْضا ويدلُّ على ذَلِك قَوْلهم: شَيْء باثر وبار وبور. وَقَوْلهمْ: رجل بور وَقوم بور وَالْوَصْف بِالْمَصْدَرِ غير عَزِيز. المعامي: الأغفال وَهِي الأرضون المجهولة جمع معمى وَهُوَ مَوضِع الْعَمى كَقَوْلِك مجهل. الْحلقَة: الدُّروع. لَا تُعدل: لَا تُصرف عَن مرعى تريده. لَا يُحظر النَّبَات: أَي لَا تمْنَعُونَ من الزِّرَاعَة حَيْثُ شِئْتُم.
ندى من مَاتَ وَلم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَلم يتندَّ من الدَّم الْحَرَام بِشَيْء دخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ. هُوَ من قَوْلهم: مَا نديني من فلَان شَيْء أكرهه أَي مَا بلَّني وَلَا أصابني وَمَا نديت كفِّي لَهُ بشر وَلَا نديت بِشَيْء تكرههُ قَالَ النَّابِغَة: ... مَا إِن نَدِيتُ بِشَيْء أَنْت تَكرهُه ... إِذن فَلَا رفعت سَوْطِي إِلَيّ يَدي ...
ندر ركب فرسا لَهُ أُنثى فمرّت بشجرة فطار مِنْهَا الطَّائِر فحادت فندر عَنهُ على أَرض غَلِيظَة. قَالَ عبد الله بن مُغفل: فأتيناه نسعى فَإِذا هُوَ جَالس وعُرض رُكْبَتَيْهِ وحرقفتيه ومنكبيه وعُرض وَجهه مُنسحٍ يبضّ مَاء أصفر. ندر: سقط.(3/417)
الْعرض: الْجَانِب. الحرقفتان: مُجْتَمع رَأس الْفَخْذ وَرَأس الورك حَيْثُ يَلْتَقِيَانِ من ظَاهر يُقَال للْمَرِيض إِذا طَالَتْ ضجعته: قد دبرت حراقفه. سحاه فانسحى إِذا قشره وكل جلد رَقِيق سحاء. يبض: يقطر. عمر رَضِي الله عَنهُ ندر رجل فِي مَجْلِسه فَأمر الْقَوْم كلهم بالتطهر لِئَلَّا يخجل. النَّادِر: من الندرة: وَهِي الخضفة بالعجلة يُقَال: ندر بهَا.
نَدم إيَّاكُمْ ورضاع السوء فَإِنَّهُ لَا بُد من أَن ينْدَم يَوْمًا مَا. أَي يظْهر أَثَره والندم الْأَثر عَن ابْن الْأَعرَابِي سُمي للزومه من النَّدَم وَهُوَ من الغمِّ اللَّازِم إِذْ ينْدَم صَاحبه لما يعثر عَلَيْهِ فِي الْعَاقِبَة من سوء آثاره.
ندى طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرجت بفرس لي أُنَدِّيهِ. التندية: أَن يُورِدهُ المَاء ثمَّ يردهُ إِلَى المرعى سَاعَة ثمَّ يُعِيدهُ إِلَى المَاء. يُقَال: نديت الْفرس أَو الْبَعِير وندا هُوَ يندو ندواً. والندوة والنداوة والمندى: مَكَان التندية. قَالَ: ... جَدب المُنَدَّى يَابِس ثمَامه
وَمِنْه حَدِيث أحد الْحَيَّيْنِ اللَّذين تنَازعا فِي مَوضِع فَقَالَ أَحدهمَا: مسرح بهمنا ومخرج نسائنا ومُندَّى خَيْلنَا. وَقَالَ: ... تُرَادَى عَلَى مَاء الحِياض فَإِن تَعَفْ ... فإنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فرُكوب ... والتندية أَيْضا: أَن يعرقه بِقدر مَا يُندِّي لبده وَلَا يستفرغه عرقا.(3/418)
ندس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ دخل الْمَسْجِد وَهُوَ يندس الأَرْض بِرجلِهِ. أَي يضْرب قَالَ الْأَصْمَعِي: ندسته بِحجر: ضَربته. وندسته وردسته. طعنته وَقَالَ الْكُمَيْت: ... ونَحْنُ صبَحْنَا آلَ نَجْرَانَ غَارةً ... تَمِيم بن مر والرماح النوادسا ...
ندب مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُود} لَيْسَ بالندب وَلكنه صفرَة الْوُجُوه والخشوع. هُوَ أثر الْجراحَة إِذا لم يرْتَفع عَن الْجلد.
ندغ الْحجَّاج كتب إِلَى عَامله بِالطَّائِف: أرسل إِلَيّ بِعَسَل أَخْضَر فِي السِّقاء أَبيض فِي الْإِنَاء من عسل الندغ والسحاء من حداب بني شَبابَة. هما من نَبَات الْجبَال ترعاهما النَّحل قَالَ أَبُو عمر: النَّدغ: شَجَرَة خضراء لَهَا ثَمَرَة بَيْضَاء الْوَاحِدَة ندغه. وَقَالَ القتيبي: هُوَ السعتر الْبري وَزعم الْأَطِبَّاء أَن عسل السعتر أمتن الْعَسَل وَأَشد حرارة وَأنْشد الجاحظ لخلف الْأَحْمَر: ... هاتيك أَو عصماء فِي أَعلَى الشّرف ... تظل فِي الظَّيَّانِ والنَّدْغِ الأَلِف ... وَعَن أبي خيرة: السِّحاء: شَجَرَة صَغِيرَة مثل الكفِّ لَهَا شوك وزهرةٌ حَمْرَاء فِي بَيَاض تسمى زهرتها البهرمة. وَعَن يَعْقُوب: الضبّ يألفه ويوصف بِهِ فَيُقَال: ضبٌّ ساح حابل أَي يرْعَى السِّحاء والحُبلة. بَنو شَبابَة: قوم بِالطَّائِف يُنسب إِلَيْهِم الْعَسَل فَيُقَال. عسل شَبَابِي.(3/419)
النُّون مَعَ الزَّاي
نزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: طُوبَى للغرباء. فَقيل: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: النزاع من الْقَبَائِل. هُوَ جمع نَازع يُقَال للغريب نَازع ونزيع وَأَصله فِي الْإِبِل. قَالَ: ... فقلتُ لَهُم لَا تَعْذِلُوني وانْظُرُوا ... إِلَى النازِعِ المَقْصُور كَيفَ يكونُ ... قيل لَهُ نَازع لِأَنَّهُ ينْزع إِلَى وَطنه ونزيع لِأَنَّهُ نزع عَن الآفة وَالْمرَاد الْمُهَاجِرُونَ. صلَّى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَوْمًا فَلَمَّا سلم من صلَاته قَالَ: مَا لي أنازع الْقُرْآن أَي أجاذبه وَذَلِكَ أَن بعض الْمَأْمُومين قَرَأَ خَلفه.
نزه كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فَإِذا مر بِآيَة فِيهَا ذكر الْجنَّة سَأَلَ وَإِذا مر بِآيَة فِيهَا ذكر النَّار تعوذ وَإِذا مر بِآيَة فِيهَا تَنْزِيه الله سبح. أصل النَّزه: الْبعد وتنزيه الله: تبعيده عَمَّا لَا يجوز عَلَيْهِ من النقائص.
نزر إِن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَار مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَلم يجبهُ ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ ثمَّ سَأَلَهُ فَلم يجبهُ. فَقَالَ عمر: ثكلتك أمك يَا عمر نزرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَارًا لَا يجيبك. يُقَال: نزرت الرجل إِذا كددته فِي السُّؤَال وَطلبت مَا عِنْده جَمِيعًا من النزر وَهُوَ الْقَلِيل كَأَنَّك أردْت أَخذ نزره واشتفافه قَالَ: ... فخُذْ عَفْوَ من آتاك لَا تَنْزُرَنَّهُ ... فعندَ بُلُوغ الكَدِّ رَنْق المَشَارِبِ ... ثمَّ اسْتعْمل فِي كل إلحاح وإحفاء يُرِيد ألححت عَلَيْهِ مرَارًا.
نزك أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الأبدال فَقَالَ: لَيْسُوا بنزاكين وَلَا معجبين وَلَا متماوتين.(3/420)
نزك أَي طعانين فِي النَّاس عيابين من النيزك وَهُوَ دون الرمْح. وَمِنْه حَدِيث ابْن عون رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه ذكر عِنْده شهر بن حَوْشَب فَقَالَ: إِن شهرا نزكوه. أَي طعنوا عَلَيْهِ وَمِنْه قيل للْمَرْأَة المعيبة: نزيكة.
نَزغ ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حضّ على الزّهْد وَذكر أَن مَا يَكْفِي الْإِنْسَان قَلِيل فنزغه إِنْسَان من أهل الْمَسْجِد بنزيغةٍ ثمَّ خبأ رَأسه فَقَالَ: أَيْن هَذَا فَلم يتَكَلَّم. فَقَالَ: قَاتله الله ضبح ضبحة الثَّعْلَب وقبع قبعة الْقُنْفُذ. نزغه ونسغه: رَمَاه بِكَلِمَة سَيِّئَة عَن الْأَصْمَعِي. وَأنْشد: ... إنِّي عَلَى نَسْغِ الرِّجاَل النُّسَّغ ... أعلو وعرضي لَيْسَ بالممشغ ...
نزر سعيد رَضِي الله عَنهُ كَانَت الْمَرْأَة من الْأَنْصَار إِذا كَانَت نزرةً أَو مقلاتاً تنذر لَئِن ولد لَهَا لتجعلنه فِي الْيَهُود تلتمس بذلك طول بَقَائِهِ. وَهِي النزور أَي القليلة الْأَوْلَاد. المقلات: الَّتِي لَا يعِيش لَهَا ولد كَانَ ذَلِك قبل الْإِسْلَام.
النُّون مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكوا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضعْف فَقَالَ: عَلَيْكُم بالنسل.(3/421)
نسل هُوَ مقاربة الخطو من الْإِسْرَاع. وَمِنْه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّ بِأَصْحَابِهِ يَمْشُونَ فشكوا الإعياء فَأَمرهمْ أَن ينسلوا.
نسم بعثت فِي نسم السَّاعَة إِن كَادَت لتسبقني. أَي حِين ابتدأت وَأَقْبَلت أوائلها وَأَصله نسم الرّيح وَهُوَ أَولهَا حِين تقبل بلين قبل أَن تشتدَّ. قَالَ أَبُو زيد: نسمت الرّيح تنسم نسيماً ونسماناً إِذا جَاءَت بِنَفس ضَعِيف. وَقيل: هُوَ جمع نسمَة أَي بعثت فِي أنَاس يلون السَّاعَة فأضاف النَّسم إِلَى السَّاعَة لِأَنَّهَا تَلِيهَا.
نسأ كَانَت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت أبي الْعَاصِ بن الرّبيع فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة أرسلها إِلَى أَبِيهَا وَهِي نسوء فأنقر بهَا الْمُشْركُونَ بَعِيرهَا حَتَّى سَقَطت فنفثت الدِّمَاء مَكَانهَا وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطنهَا فَلم تزل ضمنة حَتَّى مَاتَت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. النسوء على فعول. والنس على فعل وَقد روى قطرب. النُّسء بِالضَّمِّ: الْمَرْأَة المظنون بهَا الْحمل لتأخر حَيْضهَا عَن وقته وَقد نسئت تنسأنسأ من نسأ الله فِي أَجلك فالنسوء كالحلوب والضبوث والنسء بِالضَّمِّ وَالْفَتْح تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ. الإنفار: التنفير. الضمنة: الزمنة.
نسج كَانَ يعرض خيلاً فَقَالَ رجل: خير الرِّجَال رجال جاعلو أرماحهم على مناسج خيولهم لَا بسو البرود من أهل نجد. فَقَالَ: كذبت بل خير الرِّجَال رجال أهل الْيمن الْإِيمَان يمَان آل لخم وجذام وعاملة.(3/422)
نسج المنسج: الْكَاهِل: والمنسج مثله كَأَنَّهُ شبه بالمنسج وَهُوَ الْآلَة الَّتِي يمد عَلَيْهَا الثَّوْب للنسج. لخم وجذام: أَخَوان ابْنا عدي بن عَمْرو بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وَيَقُول بعض النسابين: انهما من ولد أراشة بن مر بن أدّ بن طابخة بن إلْيَاس وأراشة لحق بِالْيمن وعامله أَخُو عَمْرو وكهلان وحمير والأشعر وأنمار ومرّ أَبنَاء سبأ. ونساب مُضر على أَن عَامله من ولد قاسط بن وَائِل. وَكَأن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا اخْتصَّ بِذكرِهِ هَؤُلَاءِ لمَكَان عرقهم من مُضر. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ رجلا نسابة فَوقف على قوم من ربيعَة. فَقَالَ: مِمَّن الْقَوْم فَقَالُوا: من ربيعَة. فَقَالَ: وَأي ربيعَة أَنْتُم أَمن هامها أَو من لهازمها قَالُوا: بل من هامها الْعُظْمَى. قَالَ أَبُو بكر: وَمن أَيهَا قَالُوا: من ذُهل الْأَكْبَر. قَالَ أَبُو بكر: فمنكم عَوْف الَّذِي يُقال: لَا حُرَّ بوادي عَوْف. قَالُوا: لَا قَالَ: فمنكم المزدلف الحُرَّ صَاحب الْعِمَامَة الفردة قَالُوا: لَا. قَالَ: فمنكم بسطَام بن قيس أَبُو الْقرى ومنتهى الْأَحْيَاء قَالُوا: لَا. قَالَ: فمنكم جساس بن مرَّة مَانع الْجَار قَالُوا: لَا. قَالَ: فمنكم الحوفزان قَاتل الْمُلُوك وسالبها أَنْفسهَا قَالُوا: لَا. قَالَ: فمنكم أخوال الْمُلُوك من كِنْدَة. قَالُوا: لَا. قَالَ: فمنكم أَصْهَار الْمُلُوك من لخم قَالُوا: لَا. قَالَ أَبُو بكر: فلستم بذهل الْأَكْبَر إِنَّمَا أَنْتُم ذهل الْأَصْغَر. فَقَامَ إِلَيْهِ غُلَام من بني شَيبَان يُقَال لَهُ دَغْفَل حِين بقل وَجهه. فَقَالَ: ... إنَّ على سائلنا أنْ نَسْأَلَه ... والعبءُ لَا تعرفُه أَو تَحْمِلَه ... يَا هَذَا إِنَّك قد سألتنا فأخبرناك وَلم نكتمك شَيْئا. فَمن الرجل قَالَ أَبُو بكر: أَنا من قُرَيْش. فَقَالَ: بخٍ بخٍ أهل الشّرف والرياسة فَمن أَي القرشيين قَالَ: من ولد تيم بن مرَّة. فَقَالَ الْفَتى: أمكنت وَالله من سَوَاء الثغرة. فمنكم قصي الَّذِي جمع الْقَبَائِل من فهر وَكَانَ يُدعى فِي قُرَيْش مُجمِّعا قَالَ: لَا. قَالَ فمنكم هَاشم.(3/423)
الَّذِي هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ وَرِجَال مَكَّة مسنتون عجاف قَالَ: لَا قَالَ: فمنكم شيبَة الْحَمد مُطعم طير السَّمَاء قَالَ: لَا. قَالَ: فَمن أهل الْإِفَاضَة بِالنَّاسِ أَنْت قَالَ: لَا. قَالَ: فَمن أهل الندوة قَالَ: لَا. قَالَ: فَمن أهل السِّقَايَة قَالَ: لَا. قَالَ: فَمن أهل الحجابة قَالَ: لَا. فاجتذب أَبُو بكر زِمَام النَّاقة فَقَالَ الْفَتى: ... صادَفَ دَرْءَ السَّيْل دَرْءٌ يَدْفَعهُ ... يهيضه حينا يَصْدَعُهْ ... وَفِي الحَدِيث: إِن عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ: لقد وَقعت يَا أَبَا بكر من الْأَعرَابِي على باقعة. فَقَالَ: أجل يَا أَبَا حسن مَا من طامة إِلَّا وفوقها طامة.
نسب النَّسَّابة: البليغ الْعلم بالأنساب. اللهازم: أُصول الحنكين الْوَاحِدَة لهزمة. يُرِيد أَمن أَشْرَافهَا أم من أوساطها وَيَقُول: النسابون: بكر بن وَائِل على جذمين: جذم يُقَال لَهُ الذهلان وجذم يُقَال لَهُ اللهازم فالذهلان بَنو شَيبَان بن ثَعْلَبَة وَبَنُو ذهل بن ثَعْلَبَة. واللهازم: بَنو قيس بن ثَعْلَبَة وَبَنُو تيم اللات بن ثَعْلَبَة. قَالَ الفرزدق: ... وأرضى بِحكم الحيِّ بكر بن وَائِل ... إِذا كَانَ فِي الذُّهْلَيْن أَو فِي اللهازِم ... عَوْف بن محلم بن ذهل وَكَانَ عَزِيزًا شريفاً فَقيل فِيهِ: لَا حرّ بوادي عَوْف أَي النَّاس لَهُ كالعبيد والخول. وَلَهُم القبَّة الَّتِي يُقَال لَهَا المعاذة من لَجأ إِلَيْهَا أعاذوه. أَبُو الْقرى: متولية وَصَاحبه. مَانع الْجَار: لمَنعه خَالَته البسوس وَقَتله كليباً فِي سَببهَا. الحوفزان: هُوَ الْحَارِث بن شريك بن مطر ولُقب بذلك لِأَن بسطاما حفزه بِالرُّمْحِ فاقتلعه عَن سَرْجه وَكَانَ أحد الشجعان. المزدلف: كَانَ يُسمى الخصيب ويكنى بِأبي ربيعَة ولًقب بذلك لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَرْب كُلَيْب ازدلفوا قوسي أَو قدرهَا: أَي تقدمُوا فِي الْحَرْب بِقدر قوسي. وَكَانَ إِذا ركب لم يعتم مَعَ غَيره. سَوَاء الثغرة: يُرِيد وسط ثغرة النَّحْر. وَسَوَاء كل شَيْء: وَسطه وروى: من صفاء الثغرة.(3/424)
قصي: هُوَ زيد بن كلاب بن مرّة ولقب بذلك لِأَنَّهُ قصا قومه أَي تقصاهم وهم بِالشَّام فنقلهم إِلَى مَكَّة. وَكَانَ يدعى أَيْضا مجمعا. قَالَ: ... أبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعى مجمعا ... بِهِ جمع الله الْقَبَائِل من فهر ... هَاشم: هُوَ عَمْرو بن عبد منَاف ولُقب بذلك لِأَنَّهُ قومه أَصَابَتْهُم مجاعَة فَبعث عيرًا إِلَى الشَّام وَحملهَا كعكا وَنحر جزراً وطبخها وَأطْعم النَّاس الثَّرِيد. شيبَة الْحَمد: هُوَ عبد الْمطلب بن هَاشم ولُقب بذلك لِأَنَّهُ لما ولد كَانَت فِي رَأسه شَعْرَة بَيْضَاء وسُمي مطعم طير السَّمَاء لِأَنَّهُ حِين أَخذ فِي حفر زَمْزَم وَكَانَت قد اندفنت جعلت قُرَيْش تهزأ بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن سقيت الحجيج ذبحت لَك بعض وَلَدي فأسقى الحجيج مِنْهَا فأقرع بَين وَلَده فَخرجت الْقرعَة على ابْنه عبد الله. فَقَالَت أَخْوَاله بَنو مَخْزُوم: أَرض رَبك وَافد ابْنك فجَاء بِعشر من الْإِبِل فَخرجت الْقرعَة على ابْنه فَلم يزل يزِيد عشرا عشرا وَكَانَت الْقرعَة تخرج على ابْنه إِلَى أَن بلغَهَا الْمِائَة فَخرجت على الْإِبِل فنحرها بِمَكَّة فِي رُءُوس الْجبَال فسُمي مُطعم الطير وَجَرت السُنة فِي الدِّيَة بِمِائَة من الْإِبِل. كَانَت الْإِفَاضَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَى الأخزم بن الْعَاصِ الملقب بصوفة وَلم تزل فِي وَلَده حَتَّى انقرضوا فَصَارَت فِي عدوان يتوارثونها حَتَّى كَانَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ الْإِسْلَام أَبُو سيارة العدواني صَاحب الْحمار. وفيل: كَانَ قصي قد حازها إِلَى مَا حَاز من سَائِر المكارم. وَقد قسم مكارمه بَين وَلَده فَأعْطى عبد منَاف السِّقَايَة والندوة وَعبد الدَّار الحجابة واللواء وَعبد الْعُزَّى الرفادة وَعبد قصي جلهة الْوَادي دَرْء السَّيْل بِفَتْح الدَّال وَضمّهَا: هجومه. يُقَال: سَالَ الْوَادي درءاً ودرءاً إِذا سَالَ من مطر غير أرضه وسال ظهرا وظهراً إِذا سَالَ من مطر أرضه. الباقعة: الداهية. الطامة: الداهية الْعَظِيمَة من طمَّ المَاء إِذا ارْتَفع.(3/425)
نسس عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ ينسّ النَّاس بعد الْعشَاء بِالدرةِ. وَيَقُول: انصرفوا إِلَى بُيُوتكُمْ. أثْبته أَبُو عبيد هَكَذَا بِالسِّين غير الْمُعْجَمَة وَقَالَ فِي رِوَايَة الْمُحدثين إِيَّاه بالشين: لَعَلَّه ينوش أَي يتَنَاوَل. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: النشّ: السُّوق الرفيق. وَعَن شمر: نسَّ ونسنس ونشَّ ونشنش بِمَعْنى سَاق وطرد.
نسج قَالَ رَضِي الله عَنهُ: من يدلني على نَسِيج وَحده فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: مَا نعلمهُ غَيْرك. فَقَالَ: ماهي إِلَّا إبل موقع ظُهُورهَا. الثَّوْب إِذا كَانَ نفيسا لَا ينسج على منواله غَيره فَقيل ذَلِك لكل من أَرَادوا الْمُبَالغَة فِي مدحه. أَرَادَ من يدلني على رجل لَا يُضاهي فِي دينه. الموقَّع: الَّذِي يكثر آثَار الدَّبر عَلَيْهِ ضرب ذَلِك مثلا لعيوبه.
نسأ أَتَى قوما وهم يرْمونَ فَقَالَ: ارتموا فَإِن الرَّمي جلادة وانتسئوا عَن الْبيُوت لَا تُطمّ امْرَأَة أَو صبي يسمع كلامكم فَإِن الْقَوْم إِذا خلوا تكلمُوا وروى: وبنِّسوا. الانتساء: افتعال من النِّسَاء وَهُوَ التَّأْخِير نسأ فانتسأ أَي تَأَخّر قَالَ ابْن زغبة: ... إِذا انتسئوا فَوْتَ الرِّماحِ أتَتْهُم ... عَوَائِرُ نَبْلٍ كالْجَرَادِ نظيرها ... وبنسوا بِمَعْنَاهُ قَالَ ابْن أَحْمَر: ... مَاوِيَّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَيَّدَهَا ... طَلٌّ وبَنَّسَ عَنْها فَرْقَدٌ خَصِر ... لَا تُطمّ امْرَأَة: أَي لَا تغلب بِكَلِمَة تسمعها من الْكَلم الَّتِي فِيهَا رفث وَلَا يمْلَأ صدرها بهَا من طمَّه وطمَّ عَلَيْهِ إِذا غَلبه وطم الْإِنَاء إِذا ملاه. أَو لَا تشخص بهَا وَلَا تقلق وَلَا تستفز من أطمَّ الشَّيْء إِذا رَفعه وشاله. وَالْبَحْر المطمّ الَّذِي يُطمَّ كل شَيْء أَي يرفعهُ. أَو لاتضل من قَول أبي زيد: دَعه يترمع فِي طمَّته أَي يتسكع فِي ضلالته وَلَو روى: لَا تطم امْرَأَة من طمت الْمَرْأَة بزوجها إِذا نشزت لَكَانَ وَجها.(3/426)
نسم خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ انْصَرف عَمْرو بن الْعَاصِ عَن بِلَاد الْحَبَشَة يُرِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليسلم فَلَقِيَهُ خَالِد وَهُوَ مقبل من مَكَّة فَقَالَ: أَيْن يَا أَبَا سُلَيْمَان فَقَالَ: وَالله لقد استقام المنسم وَإِن الرجل لنَبِيّ اذْهَبْ فَأسلم. أصل هَذَا من قَول الناشد: إِذا عثر على أثر منسم بعيره فاتَّبعه: استقام المنسم. ثمَّ صَار مثلا فِي استقامة كل أمرٍ وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى الْمَذْهَب والمتوجه الْوَاضِح من نسم لي أثر أَي تبين. قَالَ الْأَحْوَص: ... وَإِن أَظْلَمَتْ يَوْمًا على الناسِ طَخْيَة ... أضاءَ بكُم يَا آل مَرْوَان منسم ...
نسنس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذهب النَّاس وبقى النسناس. هم بأجوج وَمَأْجُوج عَن ابْن الْأَعرَابِي وَالنُّون مَكْسُورَة. وَقيل: خلقُ على صُورَة النَّاس أشبهوهم فِي شَيْء وخالفوهم فِي شَيْء وَلَيْسوا من بني آدم وَيُقَال: بل هم من بني آدم. وَفِي الحَدِيث: إِن حيًّا من عَاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا لكل إِنْسَان مِنْهُم يَد وَرجل من شقٍّ وَاحِد ينقزون كَمَا ينقز الطَّائِر ويرعون كَمَا ترعى الْبَهَائِم. وَيُقَال: إِن أُولَئِكَ انقرضوا وَالَّذين هم على تِلْكَ الْخلقَة لَيْسُوا من نسل أُولَئِكَ وَلَكنهُمْ خلق على حِدة. وَقَالَ الجاحظ: زعم بَعضهم أَنهم ثَلَاثَة أَجنَاس: نَاس ونسناس ونسانس. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: النسانس: الْإِنَاث مِنْهُم. وَأنْشد قَول الْكُمَيْت: ... وَإِن جمعُوا نْسنَاسَهم والنَّسَانِسَا ... وَقد تفتح النُّون. وَقيل: النسنسة الضعْف. وَبهَا سمي النسناس لضعف خلقهمْ.
نسم فِي الحَدِيث: تنكبوا الْغُبَار فَمِنْهُ يكون النَّسمة. أَي الربو لِأَنَّهُ ريح تخرج من الْجوف وَنَسَم الشَّيْء رِيحه.
نسأ لَا تستنسئوا الشَّيْطَان. يَعْنِي إِذا أردتم خيرا فعجلوه وَلَا تؤخروه ولاتستمهلوا الشَّيْطَان فِيهِ لأنَّ(3/427)
مُرِيد الْخَيْر إِذا تباطأ فِي فعله فكأنَّ تِلْكَ مهله مَطْلُوبَة من الشَّيْطَان.
النُّون مَعَ الشين
نشق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للشَّيْطَان نشوقا ولعوقا ودساما. أَي مَا ينشقه الْإِنْسَان إنشاقا وَهُوَ جعله فِي أَنفه ويلعقه إِيَّاه ويدسم بِهِ أُذنيه أَي يسدُّ يَعْنِي أَن وساوسه مَا وجدت منفذا دخلت فِيهِ.
نشى دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا يخطبها وَدخلت عَلَيْهَا مستنشية من مولدات قُرَيْش فَقَالَت: أمحمد هَذَا وَالَّذِي يحلف بِهِ إِن جَاءَ لخاطبا. هِيَ الكاهنة لِأَنَّهَا تتعاطى علم الأكوان والأحداث وتستحثها من قَوْلك: فلَان يستنثي الْأَخْبَار. ويروى بِالْهَمْز من انشأ الشَّيْء إِذا ابتدأه. والمستنشأ: الْمَرْفُوع المجدَّد من الْأَعْلَام والصُّوى. وكل مُجَدد منشأ والكاهنة تستحدث الْأُمُور وتجدد الْأَخْبَار. لم يُصدق امْرَأَة من نِسَائِهِ أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونش.
يشنش هُوَ نصف الْأُوقِيَّة عشرُون درهما كَأَنَّهُ سُمي لقلته وخفَّته من النشنشة وَهِي التحريك والخفة وَالْحَرَكَة من وادٍ وَاحِد. إِذا نشأت بحريَّة ثمَّ تشاءمت فَتلك عين غديقة.
نَشأ هُوَ من قَوْلهم: من أَيْن نشأت وأنشأت أَي خرجت وابتدأت. وَأَنْشَأَ يفعل كَذَا أَخذ يفعل نسب السحابة إِلَى الْبَحْر لِأَنَّهُ أَرَادَ كَونهَا ناشئة من جِهَته وَالْبَحْر من الْمَدِينَة فِي جَانب الْيَمين وَهُوَ الْجَانِب الَّذِي مِنْهُ تهبّ الْجنُوب فَإِذا نشأت مِنْهُ السحابة ثمَّ تشاءمت أَي أخذت نَحْو الشَّام وَهُوَ الْجَانِب الَّذِي مِنْهُ تهبّ الشمَال كَانَت غزيرة.(3/428)
غديقة: أَي كَثِيرَة المَاء. وَقَوله: عين: تَشْبِيه لَهَا بِالْعينِ الَّتِي يَنْبع مِنْهَا المَاء.
نشل مر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قدر فانتشل عظما مِنْهَا وَصلى وَلم يتَوَضَّأ. أَي أخرجه قبل النضج والنشيل: لحم يُطبخ بِلَا توابل فيُنشل فيُؤكل. وَيُقَال للحديدة العقفاء الَّتِي ينشل بهَا: منشل ومنشال. والانتشال: إِخْرَاجه لنَفسِهِ كالاشتواء والاقتداد. ذكر لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل بِالْمَدِينَةِ. فَقيل: يارسول الله هُوَ من أطول أهل الْمَدِينَة صَلَاة فَأَتَاهُ فَأخذ بعضده فنشله نشلات. وَقَالَ: إنَّ هَذَا أَخذ بالعسر وَترك الْيُسْر ثَلَاثًا ثمَّ دَفعه فَخرج من بَاب الْمَسْجِد. أَي جذبه جذبات كَمَا يفعل من ينشل اللَّحْم من الْقدر.
نشف كَانَ لرَسُول الله صلى عَلَيْهِ الله وَآله وَسلم نشَّافة ينشِّف بهَا غُسالة وَجهه. أَي منديل يمسح بِهِ عِنْد وضوئِهِ. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: كَانَ عمر إِذا صلى جلس للنَّاس فَمن كَانَت لَهُ حَاجَة كَلمه وَإِن لم يكن لأحد حَاجَة قَامَ فَدخل. فصلى صلوَات لَا يجلس للنَّاس فِيهِنَّ قَالَ: فَحَضَرت الْبَاب فَقلت: يَا يرفأ أبأمير الْمُؤمنِينَ شكاة فَقَالَ: مَا بأمير الْمُؤمنِينَ من شكوى. فَجلت فجَاء عُثْمَان بن عَفَّان فجَاء يرفأ. فَقَالَ: قُم يَابْنَ عَفَّان. قُم يَابْنَ عَبَّاس. فَدَخَلْنَا على عمر فَإِذا بَين يَدَيْهِ صَبر من مالٍ على كل صبرَة مِنْهَا كتف. فَقَالَ عمر: إِنِّي نظرت فِي أهل الْمَدِينَة فوجدتكما من أَكثر أَهلهَا عشيرة فخذا هَذَا المَال فاقتسماه فَمَا كَانَ من فضل فرُدَّا. فَأَما عُثْمَان فَجَثَا وَأما أَنا فجثوت لركبتي. قلت: وَإِن كَانَ نُقْصَان رددت علينا. فَقَالَ عمر: نشنشة من أخشن يَعْنِي حجر من جبل أما كَانَ هَذَا عِنْد الله إِذْ مُحَمَّد وَأَصْحَابه يَأْكُلُون القدّ قلت:(3/429)
بلَى وَالله لقد كَانَ عِنْد الله وَمُحَمّد حيٌّ وَلَو عَلَيْهِ كَانَ فتح لصنع فِيهِ غير الَّذِي تصنع. قَالَ: فَغَضب عمر وَقَالَ: إِذن صنع مَاذَا قلت: إِذن لأكل وأطعمنا. قَالَ:: فنشج عمر حَتَّى اخْتلفت أضلاعه. ثمَّ قَالَ: وددت أَنِّي خرجت مِنْهَا كفافا لَا لي وَلَا عليَّ. هَكَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث مَعَ التَّفْسِير. وَكَأن الْحجر سمي نشنشة من نشنشه ونصنصه إِذا حرّكه. والأخشن: الْجَبَل الغليظ كالأخشب والخشونة والخشوبة أختَان. وَفِيه مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَن بشبهه بِأَبِيهِ الْعَبَّاس فِي شهامته ورميه بالجوابات الْمُصِيبَة وَلم يكن لقريش مثل مَا رَأْي الْعَبَّاس. وَالثَّانِي: أَن يُرِيد أَن كَلمته هَذِه مِنْهُ حجر من جبل يَعْنِي أَن مثلهَا يَجِيء من مثله وَأَنه كالحبل فِي الرَّأْي وَالْعلم وَهَذِه قِطْعَة مِنْهُ. نشج نشيجا إِذا بَكَى. وَهُوَ مثل بكار الصَّبِي إِذا ضُرب فَلم يخرج بكاؤه وردده فِي صَدره. وَمِنْه حَدِيثه رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه صلى الْفجْر بِالنَّاسِ وروى: الْعَتَمَة وَقَرَأَ سُورَة يُوسُف حَتَّى إِذا جَاءَ ذكر يُوسُف سُمع نَشِيجه خلف الصُّفُوف وروى: فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إِلَى الله} نشَجَ. فِيهِ دَلِيل على أَن الْبكاء وَإِن ارْتَفع لَا يقطع الصَّلَاة إِذا كَانَ على سَبِيل الْأَذْكَار.
نَشُمُّ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما نشَّمَ النَّاس فِي أمره جَاءَ عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى إِلَى أُبيّ بن كَعْب فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر مَا الْمخْرج يُقَال: نشَّب فِي الْأَمر ونشَّم فِيهِ إِذا ابْتَدَأَ فِيهِ ونال مِنْهُ عَاقَبت الْمِيم الْبَاء وَمِنْه قَالُوا: النّشم والنَّشب: للشجر الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ القسيّ لِأَنَّهُ من آلَات النشوب فِي الشي وَالْبَاء وَالْأَصْل فِيهِ لِأَنَّهُ اذْهَبْ فِي التَّصَرُّف.(3/430)
نَشد طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِلَيْهِ رجل بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: إِنَّا أنَاس بِهَذِهِ الْأَمْصَار وَإنَّهُ أَتَانَا قتل أَمِير وتأمير آخر وأتتنا بيعتك وبيعة أَصْحَابك فأنشدك الله لَا تكن أول من غدر. ففال طَلْحَة: أنصتوني. ثمَّ قَالَ: إِنِّي أخذت فأدخلت فِي الحش وقربوا فوضعوا الُّلجَّ على قفَّى وَقَالُوا: لتبايعن أَو لنقتلنك فَبَايَعت وَأَنا مكره. أنْشدك الله: أَسأَلك بِهِ وَقد مرَّ فِيهِ كَلَام. وَمِنْه حَدِيث أبي ذرّ رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ للْقَوْم الَّذين حَضَرُوا وَفَاته: أنْشدكُمْ الله وَالْإِسْلَام أَن يكفنني رجل كَانَ أَمِيرا أَو عريفا أَو بريدا أَو نَقِيبًا. أنصتوني: من الْإِنْصَات وَهُوَ السُّكُوت للاستماع وتعدّيه بإلى وحذفه. الحشَّ: الْبُسْتَان. شبه السَّيْف بلجِّ الْبَحْر فِي كَثْرَة مَائه. قفيَّ: أَي قفاي لُغَة طائية وَكَانَت عِنْد طَلْحَة امْرَأَة من طي. وَيُقَال: إِن طيا تَأْخُذ من لُغَة وَيُؤْخَذ من لغاتها. الْبَرِيد: الرَّسُول. النَّقِيب: الْأَمِير على الْقَوْم وَقد نقب نقابة.
نشغ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنشغ. أَي شهق شهيقاً يبلغ بِهِ الغشى شوقاً إِلَيْهِ. قَالَ رؤبة: ... عَرَفْتُ أَنِّي نَاشِغٌ فِي النُّشَّغِ ... إلَيْكَ أَرْجُو مِنْ نَدَاكَ الأسْبَغِ ... أَي شَدِيد الشوق إِلَيْك. وَمِنْه الحَدِيث: لَا تعجلوا بتغطية وَجه الْمَيِّت حَتَّى ينشغ أَو يتنشغ. وَعَن الْأَصْمَعِي: النَّشغات عِنْد الْمَوْت [فوقات] خفيات جدا.
نشط عَوْف بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن سيبا دُلي من السَّمَاء فانتشط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أُعِيد فانتشط أَبُو بكر.(3/431)
نشط أَي نُزع من نشطت الدَّلْو من الْبِئْر إِذا نزعتها بِغَيْر قَائِمَة.
نشر مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج ونشره أَمَامه. هُوَ مَا يسطع وينشر بكرَة من الرّيح الطّيبَة خَاصَّة. قَالَ المرقش: ... الرّيح نَشْر والوُجُوه دَنَا ... نِيرٌ وأَطْرَاف الأكْفِّ عَنَمْ ... وَمِنْه قَوْلهم: سَمِعت مِنْهُ نشراً حسنا أَي ثَنَاء طيبا. الْحسن رَحمَه الله: قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أتوضأ فينتضح المَاء فِي إنائي. فَقَالَ: وَيلك وَمن يملك نشر المَاء هُوَ فعل بِمَعْنى مفعول من قَوْلهم: اللَّهُمَّ اضمم لي نشري أَي مَا نشرته حوادث الْأَيَّام من أَمْرِي. وَجَاء الْجَيْش نشراً يَعْنِي مَا ينتضح من رشاش المَاء ونفيانه.
نش عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ ابْن جريج: قلت لعطاء: الْفَأْرَة تَمُوت فِي السّمن الذائب أَو الدّهن. قَالَ: أما الدّهن فينش ويدَّهن بِهِ إِن لم تقذره. قلت: لَيْسَ فِي نَفسك من أَن تأثم إِذا نشّ قَالَ: لَا. قلت: فالسَّمن يُنشّ ثمَّ يُؤكل بِهِ قَالَ: لَيْسَ مَا يُؤْكَل بِهِ كَهَيئَةِ شَيْء فِي الرَّأْس يدَّهن بِهِ. النَّشّ والمشّ: الدوف من قَوْلهم: زعفران منشوش. وَعَن أم الْهَيْثَم: مَا زلت أمش الْأَدْوِيَة فألده تَارَة وأوجره أُخْرَى. وَهُوَ خلطه بِالْمَاءِ وَمِنْه: نششها ومشمشها إِذا خالطها. قذرت الشَّيْء: إِذا كرهته. قَالَ العجاج: ... وقذري مَا لَيْسَ بالمقذور ...
نشر فِي الحَدِيث إِذا دخل أحدكُم الْحمام فَعَلَيهِ بالنَّشير وَلَا يخصف. وَهُوَ الْإِزَار لِأَنَّهُ ينشر فيؤتزر بِهِ. الخصف: أَن يضع يَده على فرجه من خصف النَّعْل إِذا أطبق عَلَيْهَا قِطْعَة(3/432)
قَالَ الله تَعَالَى: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عليْهمَا مِنْ ورق الْجنَّة}
نشش إِذا نشّ فَلَا تشربه. يُقَال: الْخمر تنش إِذا أخذت فِي الغليان.
النُّون مَعَ الصَّاد
نصف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْحور الْعين: ولنصيف إحداهنَّ على رَأسهَا خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: هُوَ الْخمار. قَالَ النَّابِغَة: ... سَقَطَ النَّصيفُ وَلم تُرِدْ إسْقَاطه ... فتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَد ... وَيُقَال أَيْضا للعمامة وكل مَا غطى الرَّأْس: نصيف ونصَّف رَأسه عمَّمه وَمِنْه ننصفه الشيب.
نصى إِن وَفد هَمدَان قدمُوا فَلَقوهُ مُقبلا من تَبُوك فَقَالَ ذُو المشعار مَالك بن نمط: يَا رَسُول الله نصية من هَمدَان من كل حَاضر وبادٍ أتوك على قلص نواج مُتَّصِلَة بحبائل الْإِسْلَام لَا تأخذهم فِي الله لومة لائم من مخلاف خارف ويام وَعَهْدهمْ لَا ينْقض عَن شية ماحل وَلَا سَوْدَاء عنقفير مَا قَامَت لعلع وَمَا جرى اليعفور بصُلَّع. فَكتب لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا كتاب من مُحَمَّد رَسُول الله لمخلاف خارف وَأهل جناب الهضب وحقاف الرمل مَعَ وافدها ذِي المشعار مَالك بن نمط وَمن أسلم من قومه على أَن لَهُم فراعها ووهاطها وعزازها مَا أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة(3/433)
يَأْكُلُون علافها ويرعون عفاءها لنا من دفئهم وصرامهم مَا سلمُوا بالميثاق وَالْأَمَانَة وَلَهُم من الصَّدَقَة الثلب والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحوري وَعَلَيْهِم فِيهِ الصَّالغ والقارح. النصية: لمن يُنتصى من الْقَوْم أَي يخْتَار من نواصيهم كالسرية لمن يستري من الْعَسْكَر أَي يخْتَار من سراتهم وَيُقَال للرؤساء نواص كَمَا يُقَال لَهُم: ذوائب ورءوس وهام وجماجم ووجوه. قَالَ: ... ومشهد قد كفَيتُ الغائبِينَ بِهِ ... فِي مَحْفِلٍ من نَواصِي الناسِ مَشْهُود ... خارف ويام: قبيلتان. المخلاف لليمن كالرستاق لغَيرهم. الشية: الوشاية. الماحل: السَّاعِي وَمَا أشبه رِوَايَة من رَوَاهُ: عَن سُنَّة ماحل وَقَالَ: سنَّته طَرِيقَته كَمَا يُقَال: أَنا لَا أفسد مَا بيني وَبَيْنك بمذاهب الأشرار أَي بطرقهم فِي الوشاية بالتصحيف. العنقفير: الداهية. وَيُقَال: غول عنقفير وَقَالَ الْكُمَيْت: ... شَذَّبَتْه عنقفير سِلْتِمُ ... فبَرَتْ جسمانه حَتَّى انْحَسَر ... وعقفرتها: دهاؤها ومكرها وعقفرته الدَّوَاهِي فتعقفر إِذا صرعته وأهلكته واعقنفرت عَلَيْهِ. يَعْنِي أَن هَذَا الْعَهْد مرعي غير منكوث على مَا خيلت كنحو مَا كَانُوا يكتبونه لكم الْوَفَاء منا بِمَا أعطيناكم فِي الْعسر واليسر وعَلى المنشط وَالْمكْره. لعلع: جبل. قَالَ الأخطل: ... سقى لَعْلَعاً والقَرْيَتَين فَلم يَكَدْ ... بأثقالِه عَن لَعْلَعٍ يتحمّل ... وَمن أيامهم يَوْم لعلع وَفِيه التَّذْكِير والتأنيث. الصُّلَّع: الصَّحرَاء الَّتِي لَا نبت فِيهَا. جناب الهضب: مَوضِع. الفراع: جمع فرعة وَهِي القُلَّة.(3/434)
الوهاط: الْأَرَاضِي المطمئنة جمع وهط وَبِه سمي الوهط: مَال لعَمْرو بن الْعَاصِ بِالطَّائِف. العزاز: الأَرْض الصلبة. العلاف: جمع علف كجمال فِي جمل وَتَسْمِيَة الطَّعَام علفا كنحو بَيت الحماسة: ... إِذا كنت فِي قوم عدى لست مِنْهُم ... فكُلْ مَا عُلِفْتَ من خبيثٍ وطيِّبِ ... قَالُوا: العفاء: الأَرْض الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ملك لأحد. وأصحّ مِنْهُ معنى أَن يُرَاد بِهِ الْكلأ سمي بالعفاء الَّذِي هُوَ الْمَطَر كَمَا يُسمى بالسماء قَالَ: ... وأضحت سَمَاء الله نزراً عَفَاؤُها ... فَلَا هِيَ تعفينا وَلَا تَتَغَيَّم ... وَلَو روى بِالْكَسْرِ على أَن يستعار اسْم الشّعْر للنبات كَانَ وَجها قَوِيا أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: رَوْضَة شعراء: كَثِيرَة النبت وَأَرْض كَثِيرَة الشَّعَار وَإِلَى إشراكهم بَين مَا ينْبت حول سَاق الشَّجَرَة وَمَا رقّ من الشّعْر فِي اسْم الشَّكير. قَالَ: ... وَالرَّأْس قد شاع لَهُ شَكِير ... وَقَوْلهمْ: نَبَات فيهمَا. الدفء: اسْم مَا يدفئ قَالَ الله تَعَالَى: {لكم فِيهَا دِفْءٌ ومَنَافع} . يَعْنِي مَا يتَّخذ من أصوافها وأوبارها مِمَّا يتدفأ بِهِ. وَقَالَ ذُو الرمة: ... وباتَ فِي دِفْءِ ارضاة ويشئزه ... نداوب الرّيح والوسواس والهِضَبُ ... وَيُقَال: فلَان فِي كنفه وذراه ودفئه. وَقيل للعطية: دفء. قَالَ: ... فدِفْءُ ابْن مروانٍ ودِفءُ ابْن أمّه ... يعيشُ بِهِ شرقُ البلادِ وغربها ... وَالْمرَاد بِهِ هُنَا الْإِبِل وَالْغنم لِأَنَّهَا ذَوَات الدفء وَكَذَلِكَ المُرَاد بالصِّرام النّخل لِأَنَّهَا الَّتِي تصرم لنا من ذَلِك. مَا سلَّموا بالميثاق أَي أَنهم مأمونون على صدقَات أَمْوَالهم لما أَخذ عَلَيْهِم من الْمِيثَاق وَلَا يُبعث إِلَيْهِم عَاشر وَلَا مُصدق.(3/435)
الثِّلبُ: الْجمل الْهَرم الَّذِي تَكَسَّرَتْ أَسْنَانه. الفارض: المسنَّة. قَالُوا فِي الحوري: مَنْسُوب إِلَى الْحور وَهِي جُلُود تتَّخذ من جُلُود بعض الضَّأْن مصبوغة بحمرة. وخُفّ محوَّر مبطَّن بحور. قَالَ أَبُو النَّجْم: ... كَأَنَّمَا برقع خَدّيه الحوَر ... الصَّالغ: من الْغنم وَالْبَقر الَّذِي دخل فِي السّنة السَّادِسَة والقارح من الْخَيل مثله.
نصل خرج مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خوَّات بن جُبَير حَتَّى بلغ الصَّفْرَاء فَأصَاب سَاقه نصيل حجر فَرجع فَضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسهمه. النَّصيل والمنصيل والمنصال: البرطيل وَهُوَ حجر مستطيل شبْرًا وذراعاً ويُجمع نُصلاً وأنصلة وَيُقَال للفأس: النَّصيل. مرَّت بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَحَابَة فَقَالَ: تنصَّلت هَذِه وتنصلت هَذِه بنصر بني كَعْب. أَي خرجت وَأَقْبَلت من نصل علينا فلَان إِذا خرج عَلَيْك من طَرِيق أَو ظهر من حجاب وَمِنْه تنصَّل من ذَنبه. وَيُقَال: تنصَّلته واستنصلته: أخرجته. تنصلت: تنحو وتقصد وَيُقَال لمن تشمَّر لِلْأَمْرِ: قد انصلت لَهُ. بنصر بني كَعْب: أَي بسقيهم يُقَال: نصر الْمَطَر الأَرْض إِذا عمَها بالجود.
نصنص أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ وَهُوَ ينصنص لِسَانه وَيَقُول: إِن هَذَا أوردني الْمَوَارِد. عَن الْأَصْمَعِي: نصنص لِسَانه ونضنضه: حرَّكه. وَعَن أبي سعيد: حَيَّة نصناص ونضناض يُحَرك لِسَانه.(3/436)
عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا بلغ النِّسَاء نصَّ الْحَقَائِق وروى: نصّ الحقاق فالعصبة أولى. نصُّ كل شيءٍ: منتهاه من نصصت الدَّابَّة إِذا استخرجت أقْصَى مَا عِنْده من السّير يَعْنِي إِذا بلغن الْغَايَة الَّتِي عقلن فِيهَا وعرفن حقائق الْأُمُور أَو قدرن فِيهَا على الحقاق وَهُوَ الْخِصَام أَو حوقَّ فِيهِنَّ فَقَالَ بعض الْأَوْلِيَاء: أَنا أحقُّ بهَا وَبَعْضهمْ أَنا أحقُّ. وَيجوز أَن يُرِيد إِذا بلغن نِهَايَة الصِّغار أَي الْوَقْت الَّذِي يَنْتَهِي فِيهِ صغرهن ويدخلن فِي الْكبر. اسْتعَار لهنَّ اسْم الحقاق من الْإِبِل وَهَذَا وَنَحْوه مِمَّا يتمسَّك بِهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ رَحِمهم الله فِي اشْتِرَاط الْوَلِيّ فِي نِكَاح الْكَبِيرَة.
نصل الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ زيد بن وهب: أَتَيْته لما قُتل عُثْمَان فاستشرته فَقَالَ: ارْجع فَإِن كَانَ لقوسك وتر فاقطعه وَإِن كَانَ لرمحك سنانٌ فأنصله. أَي انزعه يُقَال: نصل الرمْح: جعل لَهُ نصلا وأنصله: نزع نصله وَقيل نصله وأنصله فِي معنى النزع ونصله: ركب نصله.
نصف ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ذكر دَاوُد صَلَاة الله عَلَيْهِ يَوْم فتنته فَقَالَ: دخل الْمِحْرَاب وأقعد منصفا على الْبَاب. الْمنصف: الْخَادِم: بِكَسْر الْمِيم عَن الْأَصْمَعِي وَبِفَتْحِهَا عَن أبي عُبَيْدَة ومؤنثه منصفة وَالْجمع مناصف. قَالَ عمر بن أبي ربيعَة: ... قَالَت لَهَا ولأُخْرَى من مَنَاصِفِها ... لقد وجدْتُ بِهِ فوقَ الَّذِي وجَدا ... وَقد نصفه ينصفه نصافة وتنصَّفَه: خدمه واستخدمه وَأَصله من تنصفت فلَانا إِذا خضعت لَهُ وتضرعت تطلب مِنْهُ النصفة ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي مَوضِع الخضوع والخدمة.
نصى عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سُئلت عَن الْمَيِّت يُسرَّح رَأسه فَقَالَت: علام تنصون ميِّتكم.(3/437)
نصى أَي تسرحونه يُقَال: نصت الماشطة الْمَرْأَة ونصَّتها فتنصَّت أُخذ من الناصية. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لم تكن وَاحِدَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناصيني فِي حُسن الْمنزلَة عِنْده غير زَيْنَب بنت جحش. أَي تنازعني وتباريني من مناصاة الرجل صَاحبه وَهِي أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا نَاصِيَة الآخر.
نصع فِي حَدِيث أهل الْإِفْك: وَكَانَ مُتبرَّز النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ قبل أَن سُوِّيت الكنف فِي الدُّور المناصع. قَالُوا: جَاءَ فِي الحَدِيث أَن المناصع صَعِيد أفيح خَارج الْمَدِينَة. وَقَالَ أَبُو سعيد: هِيَ الْمَوَاضِع الَّتِي يتبرّز إِلَيْهَا الْإِنْسَان إِذا أَرَادَ أَن يحدث. وَاحِدهَا منصع لِأَنَّهُ ينصع إِلَيْهِ أَي يبرز ويخلو لِحَاجَتِهِ فِيهِ.
نصص كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول الْجَبَّار: أحذروني فَإِنِّي لَا أُناص عبدا إِلَّا عَذبته. المناصة: المناقشة يُقَال: ناص غَرِيمه ونصصه كباعده وبعّده وناعمه ونعّمه إِذا استقصى عَلَيْهِ. وَمِنْه حَدِيث عون رَحمَه الله: إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى نَبِي من الْأَنْبِيَاء: من أناصُّه الْحساب يحقّ عَلَيْهِ الْعَذَاب. فِي الحَدِيث لَا يؤمَّنَّكم أنْصر وَلَا أزنّ وَلَا أفرع. تَفْسِيره فِي الحَدِيث: الأنصر الأقلف. والأزنّ: الحاقن. والافرع: الموسوس.(3/438)
النُّون مَعَ الضَّاد
نضل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عبد الله بن عمر: كُنَّا فِي سفر مَعَه فنزلنا منزلا فمنا من ينتضل ومنَّا من هُوَ فِي جشره فَنَادَى مناديه: الصَّلَاة جَامِعَة. انتضل الْقَوْم: تناضلوا أَي تراموا. الجشر: المَال الرَّاعِي.
نضر نضَّر الله عبدا سمع مَقَالَتي فوعاها ثمَّ أدََّاها إِلَى من لم يسْمعهَا. نضره ونضَّره وأنضره: نعَّمه فنضر ينضر ونضر ينضر وَفِي شعر جرير: ... وَالْوَجْه لَا حسنا وَلَا منضورا ... وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر محَارب نضَّركم الله لَا تسقوني حلب امْرَأَة. الْحَلب: فِي النِّسَاء عيبٌ عِنْدهم يتعايرون بِهِ. قَالَ الفرزدق: ... كم عمةٍ لَك يَا جريرُ وَخَالَة ... فَدْعَاءُ قد حَلَبَتْ عليَّ عِشَارِي ... وَمِنْه الْمثل: يحلب بني وأضب على يَده. وَهُوَ مَذْكُور فِي كتاب المستقصي فَكَأَنَّهُ سلك فِيهِ طَرِيق الْعَرَب.
نضد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لي جِبْرَائِيل: لم يَمْنعنِي من الدُّخول عَلَيْك البارحة إِلَّا أَنه كَانَ على بَاب بَيْتك ستر فِي تصاوير وَكَانَ فِي بَيْتك كلب فمُرْ بِهِ فَليخْرجْ وَكَانَ الْكَلْب جروا لِلْحسنِ وَالْحُسَيْن من تحد نضدٍ لَهُم. هُوَ سَرِير وَقيل: مشجب تُنضد عَلَيْهِ الثِّيَاب.(3/439)
أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ: إِن نَاضِح آل فلانٍ قد أَبَد عَلَيْهِم. فَنَهَضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِير سجد لَهُ فَوضع يَده على رَأس الْبَعِير. ثمَّ قَالَ: هَات السِّفار فجيء بالسِّفار فَوَضعه على رَأسه. الناضح: السانية. أَبَد: غلب واستصعب. السِّفار: حَبل يُشدُّ طرفه على خطام الْبَعِير مداراً عَلَيْهِ وَيجْعَل بَقِيَّته زماماً وَرُبمَا كَانَ السِّفار حَدِيدَة سمي بذلك لِأَنَّهُ يزِيل الصعوبة ويكشفها.
نضعن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَأْخُذ الزَّكَاة من ناضِّ المَال. هُوَ مَا نضَّ مِنْهُ أَي صَار وَرقا وعبينا بعد أَن كَانَ مَتَاعا. وَهُوَ من قَول الْعَرَب: أَخذ من ناضِّ مَاله أَي من أَصله وخالصه. وَمِنْه قَوْلهم: فلَان من نُضاض الْقَوْم ومُضاضهم ومُصاصهم أَي من خالصتهم لِأَن الذَّهَب وَالْفِضَّة هما أصل وَالْمَال وخالصه. وَمِنْه حَدِيث عِكْرِمَة: إِنَّه قَالَ فِي شَرِيكَيْنِ: إِذا أَرَادَا أَن يتفرَّقا يقتسمان مَا نضّ بَينهمَا من الْعين وَلَا يقتسمان الدّين فَإِن أَخذ أَحدهمَا وَلم يَأْخُذ الآخر فَهُوَ رَبًّا. كره أَن يقتسما الدّين لِأَنَّهُ رُبمَا اسْتَوْفَاهُ أَحدهمَا وَلم يستوفه الآخر فَيكون رَبًّا وَلَكِن يقتسمانه بعد الْقَبْض. وَمِنْه الحَدِيث: خُذُوا صَدَقَة مَا نض من أَمْوَالهم.
نضح قَتَادَة رَحْمَة الله: النَّضْح من النَّضْح. أَي مَا أَصَابَهُ نضح من الْبَوْل كرءوس الإبر فلينضحه بِالْمَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يغسلهُ وَكَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يرى فِيهِ نضحاً وَلَا غسلا.
النخعى رَحْمَة الله لَا بَأْس أَن يشرب فِي قدح النضار. هُوَ شجر الأثل الورسى اللَّوْن وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ النبع. وَقيل: الْخلاف(3/440)
يدْفن خشبه حَتَّى ينضر ثمَّ يعْمل فَيكون أمكن لعامله فِي ترقيقه. وَقيل: أقداح النضار هَذِه الأقداح الْحمر الجيشانية. وَقيل: النضار الْخَالِصَة من جَوْهَر التبر وَمن الْخشب. وَأنْشد لذى الرمة: ... نُقِّحَ جِسْمِي عَن نُضاَر العُودِ ... بَعْدَ اضْطِرَاب الْعُنُق الأملود ...
نضح عَطاء رَحْمَة الله عَلَيْهِ: سُئِلَ عَن نضح الْوضُوء قَالَ: اسمح يسمح لَك كَانَ من مضى لَا يفتشون عَن هَذَا وَلَا يلحصون. النَّضْح: كالنشر سَوَاء بِنَاء وَمعنى. الْوضُوء: مَاء الْوضُوء. اسمح: من أسمحت قرونته إِذا أسهلت وانقادت. التلحيص: التَّشْدِيد والتضييق من اللحيص وَهُوَ الضّيق والتحص خرت مسلتك إِذا انسد. ولحاص: علم للضيق والشدة. فِي الحَدِيث: مَا سقِِي من الزَّرْع نضحاً فَفِيهِ نصف الْعشْر. أَي مَا سقِِي بالناضح وَهُوَ السانية وَالْمرَاد مَا لم يسق فتحا. وَلم أزل أنضنض سهمي الآخر فِي جَبهته حَتَّى نَزَعته وبقى النصل فِي جَبهته مثبتاً مَا قدرت على نَزعه. أَي أقلقله.
النُّون مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي رهم الْغِفَارِيّ: كنت مَعَه فِي غَزْوَة تَبُوك(3/441)
نطنط فسرت مَعَه ذَات لَيْلَة فقربت مِنْهُ فَجعل يسألني عمَّن تخلَّف من بني غفار. فَقَالَ وَهُوَ يسألني: مَا فعل النَّفر الحُمر الطوَال النَّطانط فَحَدَّثته بتخلفهم. فَقَالَ: مَا فعل النَّفر السود الْقصار الجعاد فَقلت: وَالله مَا أعرف وروى: الثِّطاط. النطناط: الطَّوِيل المديد الْقَامَة من النَّطّ وَهُوَ المطّ. يُقَال: نططته ومططته إِذا مددته. الثَّطّ: الكوسج. الْجَعْد: الْقصير المتردد. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعطية السَّعْدِيّ: مَا أَغْنَاك الله فَلَا تسْأَل النَّاس شَيْئا فَإِن الْيَد الْعليا هِيَ المنطية وَإِن الْيَد السُّفْلى هِيَ المُنطاة وَإِن مَال الله مسئول ومُنطىً. هَذِه لُغَة بني سعد يَقُولُونَ: أنطني: أَي أَعْطِنِي. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل: أنطه كَذَا. قَالَ زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يملي عليَّ كتابا وَأَنا أستفهمه فَاسْتَأْذن رجل عَلَيْهِ فَقَالَ لي: انطُ. أَي اسْكُتْ. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فقد شرَّف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه اللُّغَة وَهِي حميرية. وَقَالَ الْمفضل: زجر للْعَرَب تَقول للبعير تسكينا لَهُ إِذا نفر انط فيسكن وَهُوَ أَيْضا إشلاء للكلب. لَا يزَال الْإِسْلَام يزِيد وَأَهله وَينْقص الشِّرك وَأَهله حَتَّى يسير الرَّاكِب بَين النطفتين لَا يخْشَى إِلَّا جورا. يُرِيد الْبَحْرين بجر الْمشرق وبحر الْمغرب وَيُقَال للْمَاء قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا نُطْفَة. قَالَ الْهُذلِيّ: ... وإنهما لجوَّابَا خروق ... وشرابان للنطف الطوامي ...(3/442)
نطف وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّا نقطع إِلَيْكُم هَذِه النُّطفة. أَي هَذَا الْبَحْر. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ فِي غَزْوَة هوَازن فَقَالَ لأَصْحَابه يَوْمًا: هَل من وضوء فجَاء رجل بنطفة فِي إداوة فاقتضَّها فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصُبَّت فِي قدح فتوضأنا كلنا وَنحن أَربع عشرَة مائَة ندغفقها دغفقة. يُرِيد المَاء الْقَلِيل. اقتضها: فتح رَأس الإدواة من اقتضاض الْبكر أَو ابْتَدَأَ فَشرب مِنْهَا أَو تمسَّح وروى بِالْفَاءِ من فضَّ المَاء وافتضَّه إِذا صبّه شَيْئا بعد شَيْء وانفض المَاء. دغفق المَاء ودغرقه: إِذا دفقه وَهُوَ أَن يصبهُ صبَّا كثيرا وَاسِعًا. وَمِنْه عَام دغفق ودغرق ودغفل: مُخصب وَاسع. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لرؤبة: أرَّقَنِي طارقُ هَمٍّ أرَّقَا ... وَقد أرى بِالدَّار عَيْشًا دغفقا ...
نطو غَدا إِلَى النطاة وَقد دلَّه الله على مشارب كَانُوا يستقون مِنْهَا دبول كَانُوا ينزلون إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فيتروون من المَاء فقطعها فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى أعْطوا بِأَيْدِيهِم. نطاة: علم لخيبر. وَقيل: حصن بهَا واشتقاقها من النَّطو. وَهُوَ الْبعد. وَفِي الْمَغَازِي: حَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر كلهَا الشقّ ونطاة والكتيبة قَالَ: ... خزيت لي بحزم فيدة تحدى ... كاليهودي من نَطَاة الرِّقَالِ ... وَإِدْخَال اللَّام عَلَيْهَا كإدخالها على حَارِث وَحسن وعباس كأنَّ النَّطاة وصفٌ لَهَا غلب عَلَيْهَا. الدَّبل: الْجَدْوَل لِأَنَّهُ يدبل أَي يدمل وكل شَيْء أصلحته فقد دبلته ودملته وَأَرْض مدمولة ومدبولة: مصلحَة بالدَّمال وَهُوَ السِّرجين أَو لِأَنَّهُ صَلَاح للمزرعة سمي بِالْمَصْدَرِ. دُبول: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَلَا مَحل للجملة لِأَنَّهَا مستأنفة.
نطس عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج من الْخَلَاء فَدَعَا بِطَعَام فَقيل لَهُ: أَلا تتوضأ فَقَالَ: لَوْلَا التنطُّس مَا باليت أَن أغسل يَدي.(3/443)
نطس هُوَ التأنق فِي الطَّهَارَة والتقذر يُقَال: تنطَّس فلَان فِي الْكَلَام إِذا تأنق فِيهِ وَإنَّهُ ليتنطس فِي اللّبْس والطعمة أَي لَا يلبس إِلَّا حسنا وَلَا يطعم إِلَّا نظيفاً وتنطَّس عَن الْأَخْبَار وتندَّس عَنْهَا: تأنق فِي الاستخبار. وَرجل نطس وندس وَمِنْه النّطاسي. لتأنقه: قَالَ العجاج: ... ولهوة اللاهي وَإِن تنطسا ...
نطع ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ إيَّاكُمْ وَالِاخْتِلَاف والتنطع فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْل أحدكُم: هلمّ وتعال. هُوَ التعمق والغلو وَأَصله التقعر فِي الْكَلَام من النِّطع وَهُوَ الْغَار الْأَعْلَى ثمَّ اسْتعْمل فِي كل تعميق فَقيل: تنطَّع الرجل فِي عمله إِذا تنطَّس فِيهِ. قَالَ أَوْس: ... وحشْو جَفِير من فروع غرائب ... تنطَّع فِيهَا صانعٌ وتأمَّلا ... وَمِنْه الحَدِيث: هلك المتنطعون. أَي الغالون. أَرَادَ النَّهْي عَن التَّماري والتَّلاج فِي الْقرَاءَات الْمُخْتَلفَة وأنَّ مرجعها كلهَا إِلَى وَجه وَاحِد من الْحسن وَالصَّوَاب.
نطق ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ إِن أهل الشَّام نادوه يَابْنَ ذَات النطاقين. فَقَالَ: إيهِ والإله أَو إيهاً والإله. ... وتِلْكَ شَكَاةٌ ظاهرٌ عَنْك عارها ... مر ذكر ذَات النطاقين فِي (حو) . يُقَال إيهِ وهيهِ بِالْكَسْرِ فِي الاستزادة والاستنطاق. قَالَ: ... ووقفنا فقُلْنا إيهِ عَن أمّ سَالم ... وإيه وهيه بِالْفَتْح فِي الزَّجر وَالنَّهْي كَقَوْلِك: إيه حَسبك يَا رجل. وَيُقَال: إيه وإيهاً بِالتَّنْوِينِ للتنكير أَرَادَ زيدوا فِي نداي بذلك زِيَادَة فَإِن لكم مِمَّا يزيدني فخراً ويُكسبني ذكرا جميلا. أَو زجرهم عَمَّا بنوا عَلَيْهِ نداءهم من إِرَادَة الإزراء بِهِ جهلا وسفهاً فَكَأَنَّهُ قَالَ:(3/444)
كُفُّوا عَن جهلكم كفًّا. وَعَن بَعضهم: إِن أَيهَا يُقَال أَيْضا فِي مَوضِع التَّصْدِيق والارتضاء وَلم يمر بِي فِي مَوضِع أَثِق بِهِ. والإله: يحْتَمل أَن يكون قسما أَرَادَ وَالله إِن الْأَمر كَمَا تَزْعُمُونَ وَأَن يكون استعطافاً كَقَوْلِك: بِاللَّه أَخْبرنِي وَإِن كَانَت الْبَاء لذَلِك. وإبقاء همزَة إِلَه مَعَ حرف التَّعْرِيف لَا يكَاد يسمع إِلَّا فِي الشّعْر كَقَوْلِه: ... معاذَ الإِلَه أَن تكونَ كَظَبْيَةٍ ... الَّذِي تمثل بِهِ من بَيت أبي ذُؤَيْب: ... وعيّرها الواشون أَنِّي أحبها ... وَتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عَنْك عَارُها ... الشَّكاة: القالة لِأَنَّهَا تُشكى وَتكره. ظَاهر عَنْك: أَي زائل غَائِب. قَالَ الْأَصْمَعِي: ظهر عَنهُ الْعَار إِذا ذهب وَزَالَ.
نطل ابْن الْمسيب رَحمَه الله كره أَن يَجْعَل نطل النَّبِيذ فِي النَّبِيذ ليشتد بالنطل. قيل: هوالثجير سمي بذلك لقلته من قَوْلهم: مَا فِي الدنّ نطلة ناطل أَي جرعة من شراب وانتطل من الزِّق [نطلة] إِذا اصطب مِنْهُ شَيْئا يَسِيرا وَمِنْه قيل للقدح الصَّغِير الَّذِي يري فِيهِ الْخمار النموذج: ناطل.
النُّون مَعَ الظَّاء
نظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عبد الله بن عبد الْمطلب مرَّ بِامْرَأَة كَانَت تنظر وتعتاف فدعته إِلَى أَن يستبضع مِنْهَا. تنظر أَي تتكهَّن وَهُوَ نظر بعلمٍ وفراسة. تعتاف: من العيافة. الاستبضاع: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ أَن الرجل المرغوب فِي بضعه كَانَ يَقع على الْمَرْأَة وَيَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَالْمَرْأَة هِيَ كاظمة بنت مرّة مَشْهُورَة قد قَرَأت الكُتُب مر بِهِ عَلَيْهَا(3/445)
عبد الْمطلب بعد انْصِرَافه من نحر الْإِبِل الَّتِي فدَّى بهَا فرأت فِي وَجهه نورا فَقَالَت: يَا فَتى هَل لَك أَن تقع عليَّ وأُعطيك مائَة من الْإِبِل. فَقَالَ عبد الله: ... أمّا الحَرَام فالحِمامُ دوَنَهُ ... والحلُّ لَا حلّ فأستَبينهُ
فَكيف بالأمرِ الَّذِي تَبْغِيَنهُ ... وَقيل: هِيَ أم قتال بنت نَوْفَل أُخْت ورقة. النّظر إِلَى وَجه عليّ عبَادَة. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِن تَأْوِيله أَن عليا كَانَ إِذا برز قَالَ النَّاس: لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أشرف هَذَا الْفَتى لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أَشْجَع هَذَا الْفَتى لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أعلم هَذَا الْفَتى لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أكْرم هَذَا الْفَتى لَا إِلَه إِلَّا الله. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لقد عرفت النَّظَائِر كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم بهَا: عشْرين سُورَة من المفصّل. سميت نَظَائِر لِأَنَّهَا مشتبهة فِي الطول جمع نظيرة أَو لفضلها جمع نظورة وَهِي الْخِيَار. وَيُقَال: نَظَائِر الْجَيْش لأفاضلهم وأماثلهم. وَأنْشد الْكسَائي: ... لنا البَأْوُ فِي حَيَّيْ نِزَار إِذا ارْتَدُّوا ... نَظُورَتُهُمْ أكفاؤُنا وَلنَا الفَضْلُ ... . الزُّهْرِيّ رَحمَه الله لَا تناظر بِكِتَاب الله وَلَا بِكَلَام رَسُول الله. هُوَ من قَوْلهم: ناظرت فلَانا أَي صرت لَهُ نظيرا فِي المخاطبة وناظرت فلَانا بفلان أَي جعلته نظرا لَهُ أَي تجْعَل لَهما نظيرا شَيْئا فتدعهما وَتَأْخُذ بِهِ أَو لَا تجعلهما مثلا كَقَوْل الْقَائِل: إِذا جَاءَ فِي الْوَقْت الَّذِي يُرِيد صَاحبه: جِئْت على قدر يَا مُوسَى وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يتَمَثَّل بِهِ الجهلة من أُمُور الدُّنْيَا وخسائس الْأَعْمَال بِكِتَاب الله وَفِي ذَلِك ابتذال وامتهان. وحَدثني جدي عَن بعض مشيخة بَغْدَاد أَن صاحبا لَهُ تمثل بقوله تَعَالَى: {فابْعَثُوا أَحَدَكم بِوَرِقِكم هذِه إِلَى المَدِينةِ فلْيَنْظُرْ أيُّها أَزْكى طَعَاما} . وَكَانَ من أخص النَّاس بِهِ وأقربهم إِلَيْهِ فَلم يزل بعد ذَلِك عِنْده مَهْجُورًا.(3/446)
النُّون مَعَ الْعين
نعم النبى صلى الله وَآله عَلَيْهِ وَسلم من تَوَضَّأ للْجُمُعَة فبها ونعمت وَمن اغْتسل فالغسل أفضل الْبَاء مُتَعَلقَة بِفعل مُضْمر أَي فبهذه الْخصْلَة أَو الفعلة يَعْنِي بِالْوضُوءِ ينَال الْفضل ونعمت أَي نعمت الْخصْلَة هِيَ فَحذف الْمَخْصُوص بالمدح وسُئل عَنهُ الْأَصْمَعِي فَقَالَ: أَظُنهُ يُرِيد فبالسنة أَخذ وأضمر ذَلِك إِن شَاءَ الله
نعل إِذا ابتلَّت النِّعال فَالصَّلَاة فِي الرِّحال هِيَ الْأَرَاضِي الصلبة قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّعل من الْحرَّة شَبيهَة بالنَّعل فِيهَا طول وصلابة وَمن الْحرار الخُفُّ وَهُوَ أطول من النَّعْل والضلع أطول من الكراع والكراع أطول من الْخُف وَقَالَ الشَّاعِر فِي تصغيرها: ... حَوَى خَبْت ابْن بت الليلَةْ ... بت قَرِيبا احتذي نُعَيْلَه ... خصَّ النِّعَال لِأَن أدنى ندوة يبلّها بِخِلَاف الرخوة فَإِنَّهَا تنشف الرِّحال: جمع رَحل وَهُوَ منزلَة ومسكنه كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم نعل سَيْفه من فضّة هِيَ الحديدة الَّتِي فِي أَسْفَل قرَابه قَالَ: ... إِلَى مَلِكٍ لَا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه ... أجَلْ لَا وإنْ كانَتْ طوَالًا حمائله ...
نعر عمر رضى الله عَنهُ لَا أُقلع عَنهُ حَتَّى أُطير نُعرته وروى: حَتَّى أنزع النُّعرة الَّتِي فِي أَنفه هِيَ ذُبَاب أَزْرَق لَهُ إبرة يلسع بهَا يتولَّع بالبعير وَيدخل أَنفه فيركب رَأسه سُميت نعرة لنعيرها وَهُوَ صَوتهَا وَقد نعر الْبَعِير فَهُوَ [نعر] فاستعيرت للوصف بالنخوة وَالْكبر لِأَن المنخوَّ رَاكب رَأسه فَقيل: لأُطيِّرن نُعرتك أَي لأُذهبنَّ كبرك وَقَالُوا: أنوف نواعر أَي شوامخ(4/3)
وَنَحْوهَا من الِاسْتِعَارَة قَوْلهم للحديد من الرِّجَال: إِن فِيهِ شذاة وللجائع: ضرم شذاة والشَّذاة ذُبَاب الْكَلْب وَمِنْهَا قَوْلهم: حمر شواذٍ كَمَا قَالُوا: نواعر من النعرة وَفِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا رَأَيْت نعرة النَّاس ولاتستطيع تغييرها فدعها حَتَّى يكون الله يغيِّرها أَي كبرهم وجهلهم
نعي شَدَّاد بن أَوْس رضى الله عَنهُ يَا نعايا الْعَرَب إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الرِّياء والشهوة الْخفية وروى: يَا نعيان الْعَرَب وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا هُوَ يَا نعاء الْعَرَب فِي نعايا ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَن تكون جمع نعيّ وَهُوَ مصدر يُقَال: نعي الْمَيِّت نعيًّا نَحْو صأي الفرخ صئيا وَنَظِيره فِي جمع فعيل من غير الْمُؤَنَّث على فعائل مَا ذكره سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم فى جمع أفيلولفيف: أفائل ولفائف وَالثَّانِي: أَن يكون اسْم جمع كَمَا جَاءَ أخايا فِي جمع أخيَّة وَأَحَادِيث فِي جمع حَدِيث وَالثَّالِث أَن تكون جمع نعاء الَّتِي هِيَ اسْم للْفِعْل وَهِي فعال مُؤَنّثَة أَلا ترى إِلَى قَول زُهَيْر: ... دُعيت نَزَالِ ولُجَّ فِي الذُّعْرِ ... وَأَخَوَاتهَا وهنّ: فجار وقطام وفساق مؤنثات كَمَا جُمع شمال على شمائل وَالْمعْنَى يَا نعايا الْعَرَب جئن فَهَذَا وقتكنّ وزمانكنّ يُرِيد أَن الْعَرَب قد هَلَكت(4/4)
والنعيان مصدر بِمَعْنى النعي وَأما نعاء الْعَرَب فَمَعْنَاه انع الْعَرَب والمنادي مَحْذُوف الشَّهْوَة الْخفية: قيل هِيَ كل شَيْء من الْمعاصِي يضمره صَاحبه ويصر عَلَيْهِ وَقيل: أَن يرى جَارِيَة حسناء فيغض طرفه ثمَّ ينظر بِقَلْبِه ويمثلها لنَفسِهِ فيفتنها
نعر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَقُول فِي الأوجاع: بِسم الله الْكَبِير أعوذ بِاللَّه الْعَظِيم من شرِّ عرق نعّار وَمن شرّ حرِّ النَّار يُقَال: جرح نعور ونعّار إِذا صوّت دَمه عِنْد خُرُوجه وَفُلَان نعّار فِي الْفِتَن إِذا كَانَ يسْعَى فِيهَا ويصوِّت بِالنَّاسِ
نعم مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو مَرْيَم الْأَزْدِيّ: دخلت عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أنعمنا بك يَا فلَان أَي مَا الْخطب الَّذِي أقدمك علينا فسرنا بلقائك وَأقر أَعيننَا من نعْمَة الْعين
نعف الْأسود بن يزِيد رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ عَطاء بن] 918 [السَّائِب: رَأَيْته قد تلفَّف فِي قطيفة لَهُ ثمَّ عقد هدبة القطيفة بنعفة الرَّحل وَهُوَ محرم قَالَ الْأَصْمَعِي: النَّعفة: الْجلْدَة الَّتِي تعلو على آخِرَة الرَّحل وَهِي العذبة والذؤابة وَقَالَ أبوسعيد: هِيَ فضلَة من غشاء الرَّحل تصير أطرافها سيوراً فَهِيَ تخفق على آخِرَة الرَّحل وَأنْشد لِابْنِ هرمة: ... مَا أنس لَا أنس يَوْم ذِي بَقَرٍ ... إِذْ تَّتقينا الأكفُّ منصرِفَهْ
مَا ذَبْذَبَتْ ناقةٌ براكبها يَوْم فضول الأنساعِ والنّعَفَهْ ...
نعم الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى إِذا سَمِعت قولا حسنا فرويداً بِصَاحِبِهِ فَإِن وَافق قولٌ عملا فَقل لَهُ: نعمونعمة عين آخه وأودده يُقَال: نعم ونعمة عين ونعام عين وَنعم عين ونعمى عين ونعامة عين كلهَا بِمَعْنى وأنعم عَيْنك إنعاما أَي أقرَّ عَيْنك بطاعتك واتِّباع أَمرك(4/5)
وَالْمعْنَى إِذا سَمِعت رجلا يتَكَلَّم فِي الْعلم بِمَا يونقك فَهُوَ كالداعي لَك إِلَى مودته ومؤاخاته فَلَا تعجل بإجابته إِلَى ذَلِك حَتَّى تذوقه وتطلع طلع أمره فَإِن رَأَيْته يحسن الْعَمَل كَمَا احسن القَوْل فأجبه وَقل لَهُ: نعم ونعمة عين وَعَلَيْك بمؤاخاته وموادّته فَقَوله: آخه بدل من قَوْله فَقل لَهُ: نعم وَيجوز أَن يكون قَوْله: نعم ونعمة عين فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ: فآخه مجيباً لَهُ قَائِلا] لَهُ [: نعم ونعمة عين تَقول وده وأودده نَحْو: غضه وأعضضه أَي أحببه الْإِدْغَام تميمى والإظهارحجازى
نعر قَالَ فِي هزيمَة يزِيد بن الْمُهلب: كلما نعر بهم ناعر ابعوه أَي صَاح بهم صائح ودعاهم دَاع يُرِيد أَنهم سراع إِلَى الْفِتَن والسعى فِيهَا
نعم مُطرّف رَحمَه الله تَعَالَى لَا تقل: نعم الله بك عينا فَإِن الله لَا ينعم بِأحد عينا وَلَكِن قل: أنعم الله بك عينا هُوَ صَحِيح فصيح فِي كَلَامهم وعيناً نصب على التَّمْيِيز من الْكَاف وَالْبَاء للتعدية وَالْمعْنَى نعمك الله عينا أَي نعمَّ عَيْنك وأقرَّها وَقد يحذفون الْجَار ويوصلون الْفِعْل فَيَقُولُونَ: نعمك الله عينا وَمِنْه بَيت الحماسة: ... أَلا ردى جمالك يَا ردينا ... نعمناكم مَعَ الإصباحِ عَيْنا ... وَأنْشد يَعْقُوب: ... وكُوم تُنْعِم الأَضياف عَيْناً ... وَأما أنعم الله بك عينا فالباء فِيهِ مزيدة لِأَن الْهمزَة كَافِيَة فِي التَّعْدِيَة تَقول: نعم زيد عينا وأنعمه الله عينا] 919 [ونظيرها الْبَاء فِي أقرَّ الله بِعَيْنِه وَيجوز أَن يكون من أنعم الرجل إِذا دخل فِي النَّعيم فيعدى بِالْبَاء وَلَعَلَّ مطرِّفاّ خُيِّل إِلَيْهِ أَن انتصاب الْمُمَيز فِي هَذَا الْكَلَام عَن الْفَاعِل فاستعظم ذَلِك تَعَالَى الله(4/6)
عَن أَن يُوصف بالحواس علوًّا كَبِيرا وَالَّذِي خيّل إِلَيْهِ ذَلِك أَن سمعهم يَقُولُونَ: نعمت بِهَذَا الْأَمر عينا وقررت بِهِ عينا والمميز فِيهِ عَن الْفَاعِل وَالْبَاء بمنزلتها فِي سررت بِهِ وفرحت بِهِ فَحسب أَن الْأَمر فِي نعم الله بك عينا على هيئنه فِي نعمت بِهَذَا الْأَمر عينا فَمن ثمَّ أَتَى فِي إِنْكَاره] مَا أَتَاهُ [من الانحراف عَن الصَّوَاب وَدفع مَا لَيْسَ بمدفوع
النُّون مَعَ الْغَيْن
نغش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم مر بِرَجُل نُغاش فخرَّ سَاجِدا ثمَّ قَالَ: أسأَل الله الْعَافِيَة وروى: نعاشيّ هُوَ أقصر مَا يكون من الرِّجَال والدِّرحاية نَحوه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: من يأتيني بِخَبَر سعد بن الرّبيع قَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة الْأنْصَارِيّ: فمررت بِهِ وسط الْقَتْلَى صَرِيعًا فِي الْوَادي فناديته فَلم يجب فَقلت إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَرْسلنِي إِلَيْك فتنفش كَمَا يتنَّغش الطير كل هامَّة أَو طَائِر تحرَّك فِي مَكَانَهُ فقد تنغش قَالَ ذُو الرمة يصف القردان: ... إِذا سَمِعَتْ وَطْءَ المَطيِّ تنغَّشَتْ ... حشاشاتُها فِي غَيرِ لَحمٍ وَلَا دَمِ ... يُرِيد القردان وَمِنْه النُّغاشي لضعف حركته
نغف ذكر يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِن نَبِي الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يحضر وَأَصْحَابه فيرغب إِلَى الله فَيُرْسل عَلَيْهِم النَّغف فِي رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفسٍ وَاحِدَة ثمَّ يُرْسل الله مَطَرا فَيغسل الأَرْض حَتَّى يَتْرُكهَا كالزلفة(4/7)
النَّغف: دود تكون فِي أنوف الْإِبِل وَالْغنم وأنغف الْبَعِير: كثر نغفه وَيُقَال لكل رَأس نغفتان وَمن تحرُّكهما يكون العطاس وَيُقَال للَّذي يُحتقر: إِنَّمَا أَنْت نغفة وَأَصْحَابه: عطف على اسْم إِن أَو هُوَ مفعول مَعَه وَلَا يجوز أَن يرْتَفع عطفا على الضَّمِير فِي يحضر لِأَنَّهُ غير مُؤَكد بالمنفصل فرسي: جمع فريس وَهُوَ الْقَتِيل وأصل الْفرس دقّ الْعُنُق ثمَّ سمى بِهِ كلُّ قتل الزَّلفة: الْمرْآة قَالَ] 92 [الْكسَائي: كَذَا تسميها الْعَرَب وَجَمعهَا زلف وَأنْشد لطرفة: ... يقذِفُ بالطلح والقَتَادِ على ... مُتُون رَوْضٍ كأنّها زَلَفُ ... وَقيل هِيَ الإجَّانة الخضراء وَعَن الْأَصْمَعِي: إِنَّه فسر الزَّلف فِي بَيت لبيد: ... حَتَّى تَحَيَّرت الدِّيَار كأَنّها ... زَلَف وأُلْقِي قِتْبُها المَحْزُومُ ... بالمصانع وَقَالَ أبوحاتم: لم يدر الْأَصْمَعِي مَا الزَّلَف وَلَكِن بَلغنِي عَن غَيره أَن الزلف الأجاجين الْخضر
نغر إِن ابْنا لأم سُليم كَانَ يُقَال لَهُ أبوعمير وَكَانَ لَهُ نغر فَقيل: يَا رَسُول الله مَاتَ نُغر فَجعل يَقُول: يَا أَبَا عُمَيْر مَا فعل النُّغَيْر هُوَ طَائِر صَغِير أَحْمَر المنقار ويُجمع على نغران وَيَقُولُونَ: حِنْطَة كَأَنَّهَا مناقير النغران
نغض عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وصف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقَالَ: وَكَانَ نغَّاض الْبَطن فَقَالَ لَهُ عمر: مَا نغّاض الْبَطن فَقَالَ: معكّن الْبَطن وَكَانَ عكنه أحسن من سبائك الذَّهَب والفضَّة النَّغض النَّهض: أَخَوان يَقُولُونَ: نغضنا إِلَى الْقَوْم ونهضنا وَلما كَانَ فِي العكن(4/8)
نهوض ونتوء عَن مستوى الْبَطن قيل للمعكَّن: نغّاض الْبَطن وَيحْتَمل أَن يبْنى فعّالا من الغضون وَهِي المكاسر فِي الْبَطن المعكَّن على الْقلب
نغر جَاءَتْهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ امْرَأَة فَذكرت أَن زَوجهَا يَأْتِي جاريتها فَقَالَ: إِن كنت صَادِقَة رجمناه وَإِن كنت كَاذِبَة جلدناك فَقَالَت: ردُّوني إِلَى أَهلِي غيرى نغرة أَي مغتاظة يغلي جوفي غليان الْقدر يُقَال: نغرت الْقدر تنغر ونغرت تنغر وَفُلَان يتنغر على فلَان أَي يغلي عَلَيْهِ غيظاً ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما احترقت الْكَعْبَة نغضت وأخافت فَأمر بصوار فنُصبت حولهَا ثمَّ ستر عَلَيْهَا فَكَانَ النَّاس يطوفون من وَرَائِهَا وهم يبنون فِي جوفها أَي تحرّكت يُقَال نغض ينغض نغضاونغوضاونغضانا الصَّاري: دقل السَّفِينَة بلغَة أهل الشَّام وَالْجمع صوار والصارى: الملاَّح أَيْضا وَقيل: الصاري: الْخَشَبَة الَّتِي فِي وسط الفخِّ وَهُوَ المدعوم بِهِ فِي وَسطه ومأخذها من الصرى وَهُوَ الْمَنْع
النُّون مَعَ الْفَاء
نفث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن روح الْقُدس نفث فِي روعي أَن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستكمل رزقها فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب] 921 [النَّفث بالفم: شَبيه بالنَّفخ وَيُقَال: نفث الراقي رِيقه وَهُوَ أقل من التفل نفثوالساحرة تنفث رِيقهَا فِي العقد والحية تنفث السُّمّ وَمِنْه لَا بُد للمصدور أَن ينفث(4/9)
وَعَن أبي زيد: يُقَال: أَرَادَ فلَان أَن يقرَّ بحقِّي فنفث فِي ذؤابته إِنْسَان حَتَّى أفْسدهُ وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِنَّه كَانَ إِذا مرض يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث.
نفر عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أُنفر بِنَا فِي سفر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي لَيْلَة ظلماء دحمسة فَأَضَاءَتْ أُصْبُعِي حَتَّى جمعُوا عَلَيْهَا ظُهُورهمْ قَالَ أبوعبيدة: يُقَال: لمّا أمسينا أنفرنا أَي نفرت إبلنا وَمِنْه أُنفر بِنَا أَي جُعلنا مُنفرين يُقَال ليل دَحمس ودُحمس: أسود مظلم وَقد دحمس دحمسة وَأنْشد أبوعمرو لأبي نُخيلة: ... فادَّرِعي جِلْباَبَ لَيْلٍ دَحْمَسِ ... أسْوَدَ داج مثل لون السندس ...
نفس أجد نفس ربكُم من قبل الْيمن هُوَ مستعار من نفس الْهَوَاء الَّذِي يردهُ المتنفس إِلَى جَوْفه فيبرد من حرارته ويعدلها أَو من نفس الرّيح الذى يتنسمه فيستروح إِلَيْهِ وينفس عَنهُ أَو من نفس الرَّوْضَة وَهُوَ طيب روائحه الَّذِي يتشممه فيتفرج بِهِ لما أنعم بِهِ رب الْعِزَّة من التَّنْفِيس والفرج وَإِزَالَة الْكُرْبَة وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من نفس الرَّحْمَن وَقَوله: من قبل الْيمن: أَرَادَ] بِهِ [ (7) مَا تيَسّر لَهُ من أهل الْمَدِينَة من النُّصْرَة والإيواء وَالْمَدينَة يَمَانِية(4/10)
قَالَت أم سَلمَة رضى اله تَعَالَى عَنْهَا: كنت مَعَه فِي لِحَاف فحضت فَخرجت فشددت على ثِيَابِي ثمَّ رجعت فَقَالَ: أنفست يُقَال: نفست الْمَرْأَة بِوَزْن ضحِكت إِذا حَاضَت ونفست من النّفاس وَعَن الْكسَائي: نفست أَيْضا وهما من النَّفس وَهِي الدَّم وَإِنَّمَا سمي نفسا باسم النَّفس لِأَن قوامها بِهِ وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن أَسمَاء بنت عُمَيْس نفست بِالشَّجَرَةِ فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر بِأَن يأمرها بِأَن تَغْتَسِل وتهل
نفق أَكثر منافقي هَذِه الْأمة قراؤها أَرَادَ بالنفاق الرِّيَاء لِأَن كليهمَا إراءة فِي الظَّاهِر غير مَا فى الْبَاطِن
نقل فِي حَدِيث الْقسَامَة: إِنَّه قَالَ لأولياء الْمَقْتُول: أَتَرْضَوْنَ بنفل خمسين من الْيَهُود مَا قَتَلُوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا يبالون أَن يقتلونا جَمِيعًا ثمَّ ينفلون يُقَال نفلته فنفل أَي حلفته وأصل النَّفْل النَّفْي يُقَال: نفلت الرجل عَن نسبه وانتفل هُوَ وانفل عَن نَفسك إِن كنت صَادِق] 922 [أَي كذب عَنْهَا وانف مَا قيل فِيك وَمِنْه ديث عَليّ رضى الله تَعَالَى عَنهُ: لَوَدِدْت أَن بنى أُميَّة رَضوا ونقلناهم خمسين رجلا من بني هَاشم يحلفُونَ مَا قتلنَا عُثْمَان وَلَا نعلم لَهُ قَاتلا يُرِيد نقلنا لَهُم وَنَحْوه: الْحَرِيص يصيدكلا الْجواد ويحكى أَن الجميح لقِيه يزِيد بن الصَّعق فَقَالَ لَهُ يزِيد: أهجوتنى فَقَالَ: لَا وَالله قَالَ: فانفل قَالَ: لَا أنفل فَضَربهُ يزِيد
نفر بعث صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عَاصِم بن أبي الأقلح وخبيب بن عدي فِي أَصْحَاب لَهما إِلَى أهل مَكَّة فنفرت لَهُم هُذَيْل فَلَمَّا أحس بهم عَاصِم لجئوا إِلَى قردد(4/11)
وروى: فَلَمَّا آنسهم عَاصِم لجئو إِلَى فدفد
نفر أَي خَرجُوا لقتالهم يُقَال: نفروا نفيراً وَهَؤُلَاء نفر قَوْمك ونفير قَوْمك وهم الَّذين إِذا حزبهم أَمر اجْتَمعُوا ونفروا إِلَى عدوهم فحاربوه القردد: الرابية المشرفة على وهدة والفدفد: الْمُرْتَفع من الأَرْض آنسهم: أبصرهم
نفج أبوبكر رضى الله تَعَالَى عَنهُ: تزوج بنت خَارِجَة بن أبي زُهَيْر وهم بالسنح فِي بنى الْحَارِث بن الْخَزْرَج فَكَانَ إِذا أَتَاهُم تَأتيه النِّسَاء بأغنامهم فيحلب لَهُنَّ فَيَقُول: أنفج أم ألبد فَإِن قَالَت أنفج باعد الْإِنَاء من الضَّرع حَتَّى تشتد الرغوة وَأَن قَالَت: ألبد أدنى الْإِنَاء من الضَّرع حَتَّى لَا تكون لَهُ رغوة هُوَ من قَوْلهم: نفج الثدى الناهد الدرْع عَن الْجَسَد إِذا باعده عَنهُ وقوس منفجة ومنفجة بِمَعْنى وَيُقَال: نفَّجوا عَنْك طرقا أَي فرَّجوا عَنْك مرَارًا ألبد: تَعديَة لبد بِالْمَكَانِ يلبد لبودا إِذا لصق وَيُقَال أَيْضا: ألبد بمَكَان كَذَا: أَقَامَ بِهِ وَلزِمَ
نفر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا تخَلّل بالقصب فنفر فوه فَنهى عَن التخلل بالقصب أَي ورم وَأَصله من النِّفار لِأَن الْجلد ينفر عَن اللَّحْم للدَّاء الْحَادِث بَينهمَا
نفس أجبر بني عمٍّ على منفوس نفست الْمَرْأَة ونُفست إِذا ولدت وَالْولد منفوس قَالَ عبد منَاف بن الْهُذلِيّ: ... فيا لَهْفتا على ابْن أُختي لَهْفَةً ... كَمَا سَقَط المَنْفُوس بَين القَوَابِل ...(4/12)
يعْنى أكرههم على رضاعه
نفذ طَاف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِالْبَيْتِ مَعَ فلَان فَلَمَّا انْتهى إِلَى الرُّكن الغربي الَّذِي يَلِي] الْحجر [الْأسود قَالَ لَهُ: أَلا تستلم فَقَالَ لَهُ: انفذ عَنْك فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لم يستلمه فرَّقوا بَين نفذ وأنفذ فَقَالُوا: أنفذت الْقَوْم إِذا خرقتهم ومشيت فِي وَسطهمْ فَإِن جزتهم حَتَّى تخلفهم قلت: نفذتهم وَمعنى قَوْله: انفذ عَنْك: امْضِ عَن مَكَانك وجزه وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّكُم مجموعون فِي صَعِيد وَاحِد] 923 [يسمعكم الدَّاعِي وينفذكم الْبَصَر
نفل ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَا نفل فِي غنيمَة حَتَّى تُقسم جفَّة كلهَا النَّفل: مَا نفله الإِمَام أَو صَاحب الْجَيْش بعض أهل الْعَسْكَر من شَيْء زَائِدا على مَا يُصِيبهُ من قسْمَة الْغَنَائِم ترغيبا لَهُ فِي الْقِتَال وَلَا ينفل إِلَّا فِي وَقت الْقِتَال أبعد الْقِسْمَة من الخُمس أَو مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ فَأَما إِذا أَرَادَ التَّنْفِيل بعد وضع الْحَرْب أَوزَارهَا من رَأس الْغَنِيمَة فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَهَذَا معنى قَوْله: لَا نفل فِي غنيمَة حَتَّى تقسم جفَّةً: أَي جملَة وجميعا يُقَال: دُعيت فِي جفة النَّاس أَي فِي جَمَاعَتهمْ وجفَّ الْقَوْم أَمْوَال بني فلَان جفّا أَي جمعوها وذهبوا بهَا وَقد ضمَّ بَعضهم الْجِيم
نفى ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ زيد بن أسلم: أَرْسلنِي أبي إِلَيْهِ وَكَانَ لنا غنم فأردنا نفيتيننجفف عَلَيْهِمَا الأقط فَكتب إِلَى قيِّمه بِخَيْبَر: اجْعَل لَهُ نفِّيتين عريضتين طويلتين قَالَ النَّضر: النفية: سفرة تُتَّخذ من خوص مدوَّرة وَعَن أبي تُرَاب: النَثيَّة أَيْضا بالثاء(4/13)
وَعنهُ أَنه سمع نفية بِوَزْن نُهية وَجَمعهَا نفى كنهىً وَقَالَ: هِيَ شَيْء يُعمل من الخوص مدور يُخبط عَلَيْهِ الْخبط ويشرّ عَلَيْهِ الأقط
نفش ابْن عمرورضى الله تَعَالَى عَنْهُمَا الحبَّةُ فِي الْجنَّة مثل كرش الْبَعِير يبيت نافشا أَي رَاعيا بِاللَّيْلِ من قَوْله تَعَالَى: (إذْ نَفَشَتْ فِيه غَنَم القَوْم) أَي انتشرت بِلَا راعٍ وَمِنْه نفش الصُّوف وَهُوَ طرقه حَتَّى ينتفش أَي ينتشر بعد تلبد ونفش الطَّائِر جناحيه
نفج أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنفجنا أرنبا بمرِّ الظهْرَان فسعى عَلَيْهَا الغلمان حَتَّى لغبوا فأدركتها فَأتيت بهَا أَبَا طَلْحَة فذبحها ثمَّ بعث بوركها معي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فقبلها أَي أثرناها وأعديناها مر الظهْرَان: قريب من عَرَفَة شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى أبطل النفح (7) إلاأن تضرب فتُعاقب هُوَ أَن ترميه الدَّابَّة برجلها فتضربه أَي كَانَ لَا يلْزم صَاحبهَا شَيْئا إِلَّا أَن تُضرب فتتبع ذَلِك رمحاً من عَاقَبت كَذَا بِكَذَا إِذا أتبعته إِيَّاه وَيجوز أَن يُرِيد أَنَّهَا إِذا تناولته [تنَاول] ايسيرا فَلَا شَيْء فِيهِ مَا لم تُؤثر فِيهِ برمحها أثرا يجْرِي مجْرى الْعقَاب فِي الشدَّة والضرار
نفس سعيد رَحمَه الله تَعَالَى ذكر قصَّة إِسْمَاعِيل وَمَا كَانَ إِبْرَاهِيم فِي شَأْنه حِين تَركه بِمَكَّة مَعَ أمه أَن جرهما زوجوه لما شبَّ وَتعلم الْعَرَبيَّة وأنفسهم ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم جَاءَ يطالع تركته(4/14)
أنْفَسهم: أعجبهم بِنَفسِهِ ورغَّبهم فِيهَا وَمِنْه مَال مُنفس قَالَ: ... لَا تَجْزَعِي إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... ] وإذاهلكت فعِنْد ذَلِك فاجْزَعِي ... [تركته بِسُكُون الرَّاء] 924 [أَي وَلَده وَهِي فِي الأَصْل بَيْضَة النعامة فاستعارها وَقيل لَهَا تَركه وتريكة لِأَن النعامة لَا تبيض إِلَّا وَاحِدَة فِي كل سنة ثمَّ تتركها وَتذهب وَلَو رُوي: تركته لَكَانَ وَجها والتركة اسْم للمتروك كَمَا أَن الطّلبَة اسْم للمطلوب وَمِنْهَا تَرِكَة الْمَيِّت النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: كل شَيْء لَيست لَهُ نفس سَائِلَة فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ المَاء إِذا سقط فِيهِ أى دم سَائل
نفى الْقرظِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لعمر بن عبد الْعَزِيز حِين اسْتخْلف فَرَآهُ شعثا فَقَالَ لَهُ عمر: مَالك تُديم إليّ النّظر فَقَالَ: أنظر إِلَى مَا نفى من شعرك وَحَال من لونك قَالُوا نفيته فنفى نَحْو عُجت بِالْمَكَانِ وعُجت نَاقَتي وأنشدوا: ... وَأصْبح جَارَاكُمْ قَتِيلا ونَافِياً ... وَمعنى نفى: ذهب وتساقط وانتفى مثله يُقَال نفى شعر الرجل وانتفى وَكَانَ بِهَذَا الْوَادي شجر ثمَّ انْتَفَى وَمِنْه النافية وَهِي الهبرية تسْقط من الشّعْر حَال: تغير كَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قبل الْخلَافَة منعما مترفا فينان الشَّعر فَلَمَّا اسْتخْلف تقشّف وشعث فَلذَلِك نظر إِلَيْهِ نظرة متعجِّب من شَأْنه(4/15)
نفج فِي الحَدِيث فِي ذكر فتنتين: مَا الأولى عِنْد الْآخِرَة إِلَّا كنفجة أرنب هِيَ وثبتها من مجثمها يَعْنِي تقليل الْمدَّة يُقَال: أنفجت الأرنب فنفجت
نفر غلبت نفورتنا نفورتهم يُقَال لصحابة الرجل وقرابته الَّذين ينفرون مَعَه إِذا حزبه أَمر: نَفْرَته ونفرتهونافرته ونفره ونفورته
النُّون مَعَ الْقَاف
نقش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم من نُوقِشَ الْحساب عُذّب يُقَال: ناقشه الْحساب: إِذا عاسره فِيهِ واستقصى فَلم يتْرك قَلِيلا وَلَا كثيرا وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي للحجاج: ... إِن تُنَاقِشْ يكن نِقَاشُك يار ... ب عذَابا لَا طَوْقَ لي بالعذَاب
أَو تجاوِزْ فأنتَ ربُّ عفوٌّ ... عَن مُسِيءٍ ذُنوبُه كالترابِ ... ورواهما ابْن الْأَنْبَارِي لمعاوية وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: من نُوقش الْحساب] 925 [فقد هلك وأصل المناقشة من نقش الشَّوْكَة وَهُوَ استخراجها كلهَا وَمِنْه انتقشت مِنْهُ جَمِيع حقى
نقى نهى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عَن الْعَجْفَاء الَّتِي لَا تُنقى فِي الْأَضَاحِي(4/16)
أى لَا نقى بهَا من هزالها
نقب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا يُعدى شَيْء شَيْئا فَقَالَ أَعْرَابِي: يَا رَسُول الله إِن النُّقبة تكون بمشفر الْبَعِير أَو بِذَنبِهِ فِي الْإِبِل الْعَظِيمَة فتجرب كلهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: فَمَا أجربالأول النُّقبة: أول الجرب حِين يَبْدُو وَجَمعهَا نُقب وهى من النقب لِأَنَّهَا تنقب الْجلد
نقع نهى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَن يُمنع نقع الْبِئْر أَي مَاؤُهَا وكل مَاء مستنقع فَهُوَ ناقع ونقع وَقيل: سُمي لِأَنَّهُ ينقع بِهِ أَي يروي وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُبَاع نقع الْبِئْر وَلَا رهو المَاء الرَّهو: الجوبة وَفِي حَدِيث الْحجَّاج: إِنَّكُم يأهل الْعرَاق شرّابون عليَّ بأنقع وَعَن ابْن جريح: إِنَّه ذكر معمر بن رَاشد فَقَالَ: إِنَّه لشرَّاب بأنقع هَذَا مثل للدَّاهي الْمُنكر وَأَصله الطَّائِر الَّذِي لَا يرد المشارع لِأَنَّهُ يفزع من القناص فيعمد إِلَى مستنقعات الْمِيَاه فِي الفلوات فَأَرَادَ الْحجَّاج أَنهم يتجربزون عَلَيْهِ ويتناكرون وَابْن جريج أَن معمرا داهٍ فِي علم الحَدِيث ماهر قضى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَن لَا شُفعة فِي فنَاء وَلَا طَرِيق وَلَا منقبة وَلَا ركح وَلَا رهو المنقبة عَن النَّضر: هِيَ الطَّرِيق الظَّاهِر الَّذِي يَعْلُو أنشاز الأَرْض وَأنْشد: ... أسفلَ مِنْ أُخرى ثنايا المَنْقَبَهْ ...(4/17)
وَعَن أبي عُبَيْدَة: هِيَ الطَّرِيق الضّيق يكون بَين الدَّاريْنِ الرُّكح: نَاحيَة الْبَيْت ورُكح الْجَبَل: جَانِبه وَمِنْه ركح إِلَيْهِ وأركح وارتكح إِذا لَجأ إِلَيْهِ واستند ورحلمركاح: عَظِيم كَأَنَّهُ ركخ جبل
نقخ شرب من رومة فَقَالَ: هَذَا النُّقاخ هُوَ الْبَارِد الَّذِي ينقخ الْعَطش بِبرْدِهِ أَي يقرعه ويكسره من النقخ وَهُوَ نقف الرَّأْس عَن الدِّمَاغ وَيُقَال: هَذَا نقاخ الْعَرَبيَّة أَي مخها وخالصها
نقل كَانَ على قَبره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الننقل هِيَ صغَار الْحِجَارَة أشباه الأثافي لِأَنَّهَا تُنقل فعل بمغنى مفعول
نقق أبوبكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قدم وَفد الْيَمَامَة بعد قتل مُسَيْلمَة قَالَ لَهُم: مَا كَانَ صَاحبكُم يَقُول فاستعفوه من ذَلِك فَقَالَ: لتقولن فَقَالُوا: كَانَ يَقُول: يَا ضفدع نقيِّ كم تنقّين لَا الشَّرَاب تمنعين وَلَا المَاء تكدّرين فِي كَلَام من هَذَا كثير قَالَ أبوبكر: وَيحكم إِن هَذَا] 926 [الْكَلَام لم يخرج من إل وَلَا برّ فَأَيْنَ ذهب بكم النقيق: صَوت الضفدع فَإِذا مدّ ورجَّع فَهُوَ نقنقة والدجاجة تنقنق وَلَا تنقّ لِأَنَّهَا تُرجِّع قَالُوا: الإل: الربوبيه وَعَن المؤرخ: الإلّ: الأَصْل الْجيد والمعدن الصَّحِيح أَي لم يَجِيء من الأَصْل الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآن وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى السَّبَب والقرابة من قَوْله عز وَجل: (لَا يَرْقُبُون فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ وَلَا ذِمَّة) وَقَول حسان: ... لَعَمْرُكَ إنَّ إلَّكَ مِنْ قُرَيش ... كإلِّ السَّقْبِ من رَأَلِ النعام ...(4/18)
والبرّ: الصدْق من قَوْلهم: صدقت وبررت وبرَّ الْحَالِف فِي يَمِينه وَهُوَ العامِّ الَّذِي أدْركهُ تَخْصِيص وَالْمعْنَى: إِن هَذَا كَلَام غير صادر عَن مُنَاسبَة الْحق ومقاربته والإدلاء بِسَبَب بَينه وَبَين الصدْق
نقب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ أَعْرَابِي فَقَالَ: إِن أَهلِي بعيد وَإِنِّي على نَاقَة دبراء عجفاء نقباء واستحمله فَظَنهُ كَاذِبًا فَلم يحملهُ فَانْطَلق الْأَعرَابِي فَحمل بعيره ثمَّ اسْتقْبل الْبَطْحَاء وَجعل يَقُول وَهُوَ يمشي خلف بعيره: ... أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر ... مَا إنبها من نقب وَلَا دبر
اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ فَجَرْ ... وَعمر مقبلٌ من أَعلَى الْوَادي فَجعل إِذا قَالَ: اغْفِر لَهُ اللَّهُمَّ إِن كَانَ فجر قَالَ: اللَّهُمَّ صدِّق حَتَّى التقيا فَأخذ بِيَدِهِ فَقَالَ: ضع عَن راحلتك فَوضع فَإِذا هِيَ نقبة عجفاء فَحَمله على بعير وزوده وكساه النَّقب: رقَّة الأخفاف وتثقُّبها فجر: مَال عَن الْحق وَكذب
نقر مَتى مَا يكثر حمله الْقُرْآن ينقروا وَمَتى مَا ينقروا يَخْتَلِفُوا التنقير: التفتيش وَرجل نقَّار ومُنقِّرٌ قيل] لَهُ [رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن النِّسَاء قد اجْتَمعْنَ يبْكين على خَالِد بن الْوَلِيد فَقَالَ: وَمَا على نسَاء بني الْمُغيرَة أَن يسفكن دُمُوعهنَّ على أبي سُلَيْمَان وَهن جُلُوس مَا لم يكن نقعٌ وَلَا لقلقَة النَّقْع: رفع الصَّوْت ونقع الصَّوْت واستنفع إِذا ارْتَفع قَالَ لبيد:(4/19)
.. فَمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صَادِقٌ ... وَاللَّقْلَقَة: نَحوه وَقيل: هُوَ وضع التُّرَاب على الرَّأْس ذهب إِلَى الننقع وَهُوَ الغبارالساطع الْمُرْتَفع وَقيل: هُوَ شقّ الْجُيُوب قَالَ المرار: ... نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حيًّا ... وأَعْدَدْنَ المَرَاثي والعَوِيلاَ ... وَمِنْه النقيعة وَقد نقعوها إِذا نحروها
نقد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن مُكاتبا لبَعض بني] 927 [أَسد قَالَ: جِئْت بِنَقْد أجلبه إِلَى الْمَدِينَة فانتهيت بِهِ إِلَى الجسر فَإِنِّي لأُسربه عَلَيْهِ إِذْ أقبل مولى لبكر بن وَائِل يَتَخَلَّل الْغنم ليقطعه فنفرت نقدة فقطرتالرجل فِي الْفُرَات فغرق فأُخذت فارتفعنا إِلَى عَليّ فقصصنا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ: انْطَلقُوا فَإِن عَرَفْتُمْ النقدة بِعَينهَا فادفعوها إِلَيْهِم وَإِن اخْتلطت عَلَيْكُم فادفعوا شرواها من الْغنم النَّقد: غنم صغَار وَيُقَال للقمىء من الصّبيان الَّذِي لَا يكَاد يشب: نَقَد ونِقْد كشَبهٍ وشِبْه وَهَذَا كَمَا قيل لَهُ قصيع من نَقده إِذا نقره وقصعه: ضربه وَمِنْه النَّقْد وهوشجر صَغِير عَن ابْن الْأَعرَابِي التَّسريب: أَن يرسلها سرباً سربا الشروى: الْمثل أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ فِي سفر فقرَّب أَصْحَابه السُّفرة وَدعوهُ إِلَيْهَا فَقَالَ: إِنِّي صَائِم فَلَمَّا فرغوا جعل ينْقد شَيْئا من طعامهم وروى: ينقر فَقَالُوا: ألم تقل: إِنِّي صَائِم فَقَالَ: صدقت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَقُول: من صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فقد تمَّ لَهُ صَوْم الشَّهْر يُقَال: نقد الطَّائِر الحبَّ إِذا نقره فاستعاره للنيل من الطَّعَام(4/20)
نقز ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يُصَلِّي الظّهْر وَالْجَنَادِب تنقز من الرمضاء أَي تقفز ونقز ونفرأخوان قَالَ: ... ونَقَزَ الظَّهائرُ الجَنَادِبا ... وَيُقَال: نقَّزت وَلَدهَا إِذا رقَّصَته ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَا كَانَ الله لينقز عَن قَاتل الْمُؤمن أَي ليقلع قَالَ: ... وَمَا أَنا مِنْ أَعداء قومِي بمُنْقِزِ ... وَهُوَ من نقز كأضرب من ضرب
نقب ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا جَاءَتْهُ مولاة لامْرَأَته وَكَانَت قد اخْتلعت من كل شَيْء لَهَا وَمن كل ثوب عَلَيْهَا حَتَّى نُقْبتها فَلم يُنكر ذَلِك هِيَ إِزَار جُعلت لَهُ حُجزة من غير نيفق وَلَا ساقين كَأَن مُدخل التكَّة شبِّه بالنقب فَقيل لَهُ نقبة
نقف ابْن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اعدد اثْنَي عشر من بني كَعْب بن لؤَي ثمَّ يكون النَّقف والنِّقاف أَي الْقَتْل والقتال كَمَا قَالَ: ... كتب القَتْلُ والقِتَالُ علينا ... وعَلى الغانيات جَرُّ الذُّيُول ... وأصل النَّقف: هشم الرَّأْس أى تهيج الْفِتَن والحروب] بعدهمْ [
نقر ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى بلغه قَول عِكْرِمَة فِي الْحِين / إِنَّه سِتَّة أشهر فَقَالَ: انتقرها عِكْرِمَة أَي استنبط هَذِه الْمقَالة وابتحثها بِاجْتِهَادِهِ نَاظرا قَوْله تَعَالَى: (تُؤْتِي أُكلَها كلَّ حِينٍ) من قَوْلهم: انتقرت الدَّابَّة بحوافرها نقرا فِي الأَرْض إِذا احتفرت وَإِذا جرت السُّيُول] 928 [انتقرت فِي الأَرْض نقرا واختصَّها بالذهاب إِلَيْهَا من الانتقار(4/21)
فِي الدعْوَة وَهُوَ الِاخْتِصَاص يُقَال: نقر باسم فلَان وانتقر إِذا سَمَّاهُ من بَين الْجَمَاعَة وَهُوَ من قَوْلهم: نقر بِلِسَانِهِ: إِذا صوّت بِهِ أَو اكتتبها وأخذهامن عَالم من قَول ابْن الاعرابى قَالَ: سَمِعت أَعْرَابِيًا من نبى عقيل يَقُول: مَا ترك عِنْدِي نُقارة إِلَّا انتقرها أَي مَا ترك عِنْدِي شَيْئا إِلَّا كتبه والنقارة من قَوْلهم: مَا أغْنى عَنهُ نقرة ونقارة أَي شَيْئا قدر مَا ينقر الطير ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ عُثْمَان البتي: مَا رَأَيْت أحدا بِهَذِهِ النقرة أعلم بِالْقضَاءِ من ابْن سِيرِين هِيَ مستنقع المَاء وَأَرَادَ الْبَصْرَة لِأَنَّهَا بطن من الأَرْض.
نقع الْقرظِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِذا استنقعت نفس الْمُؤمن جَاءَهُ ملك فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك وليَّ الله ثمَّ نزع هَذِه الْآيَة: (الَّذين تَتَوَفَّاهُم الملائِكةُ طَيِّبين يَقُولُونَ سلامٌ عَلَيْكُم) أَي اجْتمعت نَفسه فِي فِيهِ كاستنقاع المَاء فِي مَكَان
نقب الْحجَّاج سَأَلَ الشعبى فَرِيضَة من الجدّ فَأخْبرهُ بقول الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم حَتَّى ذكر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ: إِن كَانَ لنقاباً فَمَا قَالَ فِيهَا] النِّقاب [وروى: إِن كَانَ لمنقابا هُوَ الْعَالم بالأشياء المنقّب عَنْهَا قَالَ أَوْس: ... ] جوادٌ كَرِيمٌ أَخُو مَأْقِطٍ [ (7)
نِقَابٌ يحدث بالغائب ...(4/22)
نقا فِي الحَدِيث: خلق الله جؤجؤ آدم من نقا ضريَّة أَي من رملها يُقَال: نقا ونقيان ونقوان ضريَّة: بنت ربيعَة بن نزار وإليها ينْسب حمى ضرية وَقيل: هِيَ اسْم بِئْر قَالَ: ... سقاني من ضَرِيَّة خَيْرَ بِئْر ... تمج المَاء والحبالتؤاما ...
النُّون مَعَ الْكَاف
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم سُئل عَن قَول: سُبْحَانَ الله فَقَالَ: إنكاف الله من كلِّ سوء أَي تنزيهه وتقديسه يُقَال: نكفت من الْأَمر إِذا استنكفت مِنْهُ وأنكفت غَيْرِي وَهُوَ من النَّكف وَهُوَ تنحية الدمع عَن خدِّك بإصبعك ورأينا غيثاً مَا نكفه أحد: سَار يَوْمًا ويومين وبحر لَا ينكف (7)
نكل إِن الله يُحب النكل على النكل قيل: وَمَا النكل فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَسلم: الرجل الْقوي المجرّب المبدئ المعيد على الْفرس القويِّ المجرّب المبدئ المعيد أَي الَّذِي أبدأ فِي الْغَزْو وَأعَاد] 929 [حَتَّى عَاد مُجربا مرتاضاً فِي ذَلِك وَهُوَ من التنكيل قَالَ أَبُو زيد: رجل نكل لأعدائه وَنكل بِوَزْن شَبَه وشِبْه أَي يُنكَّل بِهِ أعداؤه قَالَ رؤبة:(4/23)
.. قد جرَّبَ الأعداءُ منيَ نِكْلاَ ... نَطْحا مَعَ الصَّك ومضغا أكلا ... وَيُقَال: نه لنِكل شَرّ ونَكل شَرّ والتنكيل: الْمَنْع والتنحية عَمَّا يُرِيد وَمِنْه النكل: الْقَيْد
نكب عَن وَحشِي قَاتل حَمْزَة: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَأسْلمت فَقَالَ: كَيفَ قتلت حَمْزَة فَأَخْبَرته قَالَ: فتنكب وَجْهي فَكنت إِذا رَأَيْته فِي الطَّرِيق تقصّيتها وروى: قَالَ: فتنكب عَن وَجْهي يُقَال: تنكبته وَعنهُ إِذا أَعرَضت عَنهُ تقصيتها: صرت فِي أقصاها كتوسَّطتها: صرت فِي وَسطهَا وَمِنْه تقصيت الْأَمر واستقصيته بلغت أقصاه فى التفحص
نكر قَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب: إِن مُحَمَّدًا لم يناكر أحدا إِلَّا كَانَت مَعَه الْأَهْوَال أَي لم يحارب وَهُوَ من النُّكر لِأَن كل وَاحِد من المتحاربين يداهى الآخر ويخادعه الْأَهْوَال: المخاوف: وَهُوَ من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: نُصرت بالرُّعب أَي لم يتَعَرَّض لقِتَال أحد إِلَّا كَانَ ذَلِك الْعَدو خَائفًا مِنْهُ مهولا لقذف الله الرعب فِي قُلُوب أعدائه
نكل مُضر صَخْرَة الله الَّتِي لَا تنكل أَي لَا تمنع وَلَا تغلب
نكت عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما اعتزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم نِسَاءَهُ دخلت الْمَسْجِد وَإِذا النَّاس ينكتون بالحصى وَيَقُولُونَ: طلَّق وَالله نِسَاءَهُ فَقلت:(4/24)
لأعلمن ذَلِك الْيَوْم فَدخلت فَإِذا أَنا برباح غُلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَاعِدا على بَاب الْمشْربَة مدلياً رجلَيْهِ على نقير من خشب النكت: الضَّرْب والأثر الْيَسِير كَمَا ينكت الرجل بِقَضِيبِهِ الأَرْض فيخطّ فِيهَا والنكت بالحصى فعل المهموم المفكّر فِي أمره الْمشْربَة: الغرفة وروى بِالسِّين وَهِي الصُّفَّة أَمَام الغرفة النقير: جذع يُنقر ويُجعل فِيهِ كالمراقى يصعد عَلَيْهِ إِلَى الغرف
نكش نكف عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكره رجل فَقَالَ: عِنْده شجاعة مَا تُنْكش النَّكف والنَّكش أَخَوان يُقَال: بَحر لَا يُنكف وَلَا يُنكش أَي لَا يُنزف لما أخرج عين أبي نيزر وَهِي ضَيْعَة لَهُ جعل يضْرب بِالْمِعْوَلِ حَتَّى عرق جَبينه فانتكف الْعرق على جَبينه أَي مَسحه ونحَّاه يُقَال: نكفت الْغَيْث وانتكفته بِمَعْنى إِذا قطعته
نكس ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قيل لَهُ: إِن فلَانا يقْرَأ الْقُرْآن منكوسا فَقَالَ: ذَلِك منكوس] 93 [الْقلب قيل: هُوَ أَن يبْدَأ من آخر السُّورَة حَتَّى يَقْرَأها إِلَى أَولهَا وَقيل: هُوَ أَن يَأْخُذ من المعوذتين ثمَّ يرْتَفع إِلَى الْبَقَرَة
نكر الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكره أَبُو وَائِل فَقَالَ: مَا كَانَ أنكرهُ من النَّكر وَهُوَ الدهاء والفطنة بِالْفَتْح وَهُوَ النكارة وَمِنْه حَدِيث مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنِّي لأكْره النَّكارة فِي الرجل وأُحبُّ أَن يكون عَاقِلا(4/25)
نكس الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي السِّقط إِذا نُكس فِي الْخلق الرَّابِع وَكَانَ مُخلّقا: عتقت بِهِ الْأمة وَانْقَضَت بِهِ عدَّة الْحرَّة أَي إِذا قُلب وردَّ فِي الْخلق الرَّابِع: وَهُوَ المضغة لِأَنَّهُ تُرَاب ثمَّ نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة المُخلَّق: الَّذِي يتَبَيَّن خلقه
النُّون مَعَ الْمِيم
نمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ للشَّفاء: علّمي حَفْصَة رقية النملة ورقيتها: الْعَرُوس تحتفل وتقتالوتكتحل وكل شَيْء تفتعل غير أَن لَا تُعاصي الرجل النملة بِالْفَتْح: قُرُوح تخرج فِي الْجنب وبالضم النميمة والإفساد بَين النَّاس وبالكسر مشْيَة مقاربة وَكَأَنَّهَا سميت نملة لتفشيها وانتشارها شُبّه ذَلِك بالنملة ودبينها وَفِي حَدِيث ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه نهى عَن الرُّقي إِلَّا فِي ثَلَاث: رقية النملة والحُمة والنَّفس الحُمة: السمّ يُرِيد لدغ الْعَقْرَب وأشباهها وَالنَّفس: الْعين
نمص لعن الله النامصة والمتنمصة والواشرة والموتشرة والواصلة وَالْمسْتَوْصِلَة والواشمة والمستوشمة النمص: نتف الشّعْر والمنماص: المنقاش والأشر: تَحْدِيد الْأَسْنَان(4/26)
والوصل: أَن تصل الشّعْر بالشعر وَلَا بَأْس بالقراميل الوشم: الغرز بالإبرة فى الْجلد أوذر النؤورعليه لعن الفاعلة أَولا وَالْمَفْعُول بهَا ثَانِيًا
نمى لَيْسَ بالكاذب من أصلح بَين النَّاس فَقَالَ خيرا ونمى خيرا أَي أبلغه وَرَفعه يُقَال: نميت بِالْحَدِيثِ ونميته المخفف فِي الْإِصْلَاح والمثقَّل فِي الْإِفْسَاد
نمر أقبل مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذَات يَوْم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَعَلِيهِ قِطْعَة نمرة قد وَصلهَا بإهاب قد ودنه هِيَ بردة تلبسها الْإِمَاء فِيهَا تخطيط أخذت من لون النمر لما فِيهَا من السَّواد وَالْبَيَاض وَهِي من الصِّفَات] 931 [الْغَالِبَة أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: أرينها نمرة أُركها مطرة وَفِي حَدِيث خبّاب بن الْأَرَت رَضِي الله عَنهُ: أَنه أُتي بكفنه فَلَمَّا رَآهُ بَكَى وَقَالَ: لَكِن حَمْزَة لم يكنله إِلَّا نمرة ملحاء إِذا غُطّي بهَا رَأسه قلَّصت عَن قَدَمَيْهِ وَإِذا غطى بهَا قدمه قلصت عَن رَأسه الملحة: سَواد وَبَيَاض قلصت: ارْتَفَعت ودنه: بله ورطبه ودانا وودن الْأدم وَهُوَ مقلوب نداها
نمط عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: خير هَذِه الْأمة النمط الْأَوْسَط يلْحق بهم التالى وَيرجع إِلَيْهِم الغالي عَن اللَّيْث: النَّمط: الْجَمَاعَة من النَّاس أَمرهم وَاحِد(4/27)
وَعَن النَّضر: الطَّرِيقَة فِي قَول عَليّ والنمط أَيْضا نوع من الْأَنْوَاع يُقَال: لَيْسَ من هَذَا النمط وَمن نمط لَك هَذَا أى من دلك عَلَيْهِ
نمى ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله طلب من فَاطِمَة امْرَأَته نميَّة أَو نماميّ يَشْتَرِي عنبا فَلم يجدهَا النمية: الْفلس وَجَمعهَا نمامى كذرية وذراري وَيُقَال النُّمِّيُّ سمي بذلك لِأَنَّهُ من جَوْهَر الأَرْض وَهُوَ الصُّفر أَو النّحاس أَو الرصاص يُقَال لجوهر الرجل نمية قَالَ أبووجزة: ... لَوْلَا غَيْرُه لكشفتُ عَنهُ ... وَعَن نُمِّيةِ الطَّبْع اللَّعِين ... وَقيل لجوهر الرجل نمية لِأَنَّهُ ينم عَلَيْهِ فى أَفعاله ومخايله وروى بَعضهم عَن أبي زيد أَنَّهَا كلمة رُومِية وَعَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن الْفُلُوس كَانَت تبَاع حِينَئِذٍ سِتِّينَ بدرهم وَالْعِنَب رطلين بفلس وَإِنَّمَا رخص الْعِنَب لِأَن عمر مَنعهم الْعصير فِي الحَدِيث: إِن رجلا أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى تَبُوك فَقَالَت لَهُ أمه أَو امْرَأَته: كَيفَ بالودى فَقَالَ: الْغَزْو أنمى للودى فَمَا بقيت مِنْهُ ودية إِلَّا نفذت مَا مَاتَت وَلَا حشَّتْ أَي ينميه الله للغازي ويُحسن خِلَافَته عَلَيْهِ مَا حشت: مَا يَبِسَتْ
النُّون مَعَ الْوَاو
نول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم ذكر قصَّة مُوسَى مَعَ الْخضر وأنهما لما ركبا السَّفِينَة حملوها بِغَيْر نول(4/28)
أَي بِغَيْر جُعْل وَهُوَ مصدر ناله ينوله إِذا أعطَاهُ وَمِنْه قَوْلهم: مَا نولك أَن تفعل كَذَا أَي مَا يَنْبَغِي لَك وَمَا حظك أَن تَفْعَلهُ وَفِي الحَدِيث: مَا نول امْرِئ مُسلم أَن يَقُول غير الصَّوَاب أَو أَن يَقُول مَا لَا يعلم
نوء ثَلَاث من أَمر الْجَاهِلِيَّة: الطعْن فِي الْأَنْسَاب والنياحة والأنواء هِيَ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ نجما مَعْرُوفَة الْمطَالع فِي أزمنة السّنة كلهَا يسْقط مِنْهَا فِي كلِّ ثَلَاث عشرَة لَيْلَة نجم فِي الْمغرب مَعَ طُلُوع الْفجْر ويطلع آخر يُقَابله] 932 [فِي الْمشرق من سَاعَته وانقضاء هَذِه النُّجُوم مَعَ انْقِضَاء السّنة فَكَانُوا إِذا سقط مِنْهَا نجم وطلع آخر قَالُوا: لَا بُد من مطر ورياح فينسبون كل غيث يكون عِنْد ذَلِك إِلَى النَّجْم السَّاقِط فَيَقُولُونَ: مُطرنا بِنَوْء الثريا والدبران والسماك. النوء من الأضداد: النهوض والسقوط فَسُمي بِهِ النَّجْم إِمَّا الطالع وَإِمَّا السَّاقِط
نور لعن الله من غيَّر منار الأَرْض جمع مَنَارَة وَهِي الْعَلامَة تجْعَل بَين الحدين للْجَار وَالْجَار وتغييرها: هُوَ أَن يدخلهَا فِي أرضه وَمِنْه منار الْحرم وَهِي أَعْلَامه الَّتِي ضربهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على أقطاره وَقيل لملك من مُلُوك الْيمن: ذُو الْمنَار لِأَنَّهُ أول من ضرب الْمنَار على الطَّرِيق ليهتدي بِهِ إِذا رَجَعَ إِن صعصعة بن نَاجِية الْمُجَاشِعِي رَضِي الله عَنهُ جدّ الفرزدق قدم عَلَيْهِ فَأسلم وَقَالَ: إِنِّي كنت أعمل أعمالاً فِي الْجَاهِلِيَّة فَهَل لي فِيهَا من أجر فَقَالَ: مَا عملت قَالَ: إِنِّي أضللت ناقتين عشراوين فَخرجت أبغيهما فرُفع لي بيتان فِي فضاء من الأَرْض فقصدت قصدهما فَوجدت فِي أَحدهمَا شَيخا كَبِيرا فَقلت: هَل أحسست من ناقتين عشراوين قَالَ: وَمَا نارهما قلت: ميسم بني دارم قَالَ: قد أصبْنَا ناقتيك(4/29)
ونتجناهما فظأرناهما على أولادهما وَذكر حَدِيث الموءودة وإحيائه إِيَّاهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: هَذَا من بَاب الْبر لَك أجره إِذْ منّ الله عَلَيْك بِالْإِسْلَامِ النَّار: السِّمة بالمكوى سميت باسم النَّار قَالَ: ... حتّى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنَّارِ ... والنارُ قَدْ تَشْفِى مِنَ الأُوَارِ ... يُقَال: نتجت النَّاقة فنُتجت فالناتج الَّذِي ولدت عِنْده وَهِي المنتوجة الظأر: الْعَطف أَرَادَ لم نعطفهما على غير أولادهما
نوب احتاطوا لأهل الْأَمْوَال فِي النائبة والواطئة وَمَا يجب فِي الثَّمر من حق هم الضيوف الَّذين ينوبونهم وينزلون بهم والسابلة الَّذين يطئونهم يُقَال: بَنو فلَان يطؤهم الطَّرِيق إِذا نزلُوا قَرِيبا مِنْهُ وَمَا يجب فِي الثَّمر: هُوَ مَا يُعطاه من حضر من الْمَسَاكِين عِنْد الجداد وَقيل فِي الواطئة هِيَ سُقاطة الثَّمر لِأَنَّهَا تُوطأ وتداس فاعلة بِمَعْنى مفعولة وَالْمعْنَى حابوهم واستظهروا لَهُم بالخرص من أجل هَذِه الْأَسْبَاب
نُوق إِن رجلا سَار مَعَه على جمل قد نوَّقه وخيَّسه فَهُوَ يختال عَلَيْهِ فيتقدم الْقَوْم ثمَّ يعنجه حَتَّى يكون فِي آخر الْقَوْم المنوَّق: المذلَّل وَهُوَ من لفظ النَّاقة] العنج [: أَن يردهُ على رجلَيْهِ وَيكون أَن يجذب خطامه حَتَّى يلزق ذفراه بقادمة الرحل
نوط عمر رضى أَتَى بِمَال كثير فَقَالَ: إنى لأحبسكم قد أهلكة النَّاس. فَقَالُوا: وَالله مَا أخذناه إِلَّا عفوا بِلَا سواط ولانوط.(4/30)
أى بِلَا ضرب وَلَا تَعْلِيق
نوى] وَعنهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه [لقط نوياتٍ من الطَّرِيق فَأَمْسكهَا بِيَدِهِ حَتَّى مرَّ بدار قوم فألقاها فِيهَا وَقَالَ: تأكلها داجنتهم وَعنهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه كَانَ يَأْخُذ النَّوَى ويلقط النِّكث من الطَّرِيق فَإِذا مرَّ بدار قوم رمى بهَا فِيهَا وَقَالَ: انتفعوابهذا النَّويات: جمع قلَّة والنَّوى جمع كَثْرَة والنِّكث: وَاحِد الأنكاث وَهُوَ الْخَيط الْخلق من صوف أَو شعر أَو وبر لِأَنَّهُ ينْكث ثمَّ يُعَاد فتله
نوم عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر آخر الزَّمَان والفتن فَقَالَ: خير أهل ذَلِك الزَّمَان كل نومَة أُولَئِكَ مصابيح الْهدى لَيْسُوا بالمسابيح وَلَا المذاييع البُذر النُّومة: الخامل الذِّكر الَّذِي لَا يؤبه لَهُ على وزن هُمزة عَن يَعْقُوب وَهُوَ أَيْضا الْكثير النّوم وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه قَالَ لعليّ: مَا النُّومة فَقَالَ: الَّذِي يسكن فى الْفِتْنَة فَلَا يَبْدُو مِنْهُ شىء أؤلئك: إِشَارَة إِلَى معنى كل المساييح والمذاييع: واحدهما مفعال أَي لَا يسيحون بالنميمة وَالشَّر وَلَا يذيعون الْأَسْرَار والبذور: جمع بذور وَهُوَ الَّذِي يبذر الْأَحَادِيث والنمائم ويفرقها فِي النَّاس سُئل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن الْوَصِيَّة فَقَالَ: نوشٌ بِالْمَعْرُوفِ يَعْنِي أَن يتَنَاوَل الْمَيِّت الْمُوصي لَهُ بِشَيْء وَلَا يجحف بِمَالِه وَمِنْه حَدِيث عبد الْملك: إِنَّه لما أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى مُصعب بن الزبير ناشت امْرَأَته فَبَكَتْ جوَار لَهَا(4/31)
أَي تناولته مُتَعَلقَة بِهِ وَمِنْه حَدِيث قيس بن عَاصِم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه قَالَ لِبَنِيهِ: إيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَة فَإِنَّهَا آخر كسب الْمَرْء وَإِذا مت فغيبوا قَبْرِي من بكر بن وَائِل فَإِنِّي كنت أُناوشهم فِي الْجَاهِلِيَّة وروى: أُهاوشهم وروى: أُغاولهم وروى: فَإِنَّهُ كَانَت بَيْننَا وَبينهمْ خماشات فِي الْجَاهِلِيَّة وَعَلَيْكُم بِالْمَالِ وحتجانه. تناوش الْقَوْم: إِذا تنَاول بَعضهم بَعْضًا فِي الْقِتَال. وناوش الرجل الْقَوْم: تناولهمفيه. المهاوشة: المخالطة على وَجه الْإِفْسَاد من الهوش. وَقَالُوا فِي قَول الْعَامَّة: شوشت عليّ إِنَّمَا هُوَ هوشت أَي خلّطت وأفسدت. المغاولة: الْمُبَادرَة يُرِيد معالجته إيَّاهُم بالشرِّ والغارة. أَو هِيَ [934] مفاعلة من غاله إِذا أهلكه وَضعهَا مَوضِع الْمُقَاتلَة. وَعَن أبي عبيد: أرى أَن الْمَحْفُوظ أغاورهم. الخماشات: الْجِنَايَات والجراحات. احتجانه: إِمْسَاكه وضمه إِلَى نَفسه. من المحجن الَّذِي تجتذب بِهِ الشىء إِلَيْك.
نوم قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَأَنا على المنامة فَقَامَ إِلَى شَاة بكىء فاحتلبها. هِيَ الدَّكة الَّتِي ينَام عَلَيْهَا. وَيُقَال للقطيفة المنامة. البكى: القليلة اللَّبن.
نور زيد بن ثَابت فرض عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ للجدِّ ثمَّ أنارها زيد بن ثَابت. أى نورها وأوضحها وَالضَّمِير للفريضة.
نوى عُرْوَة رَحمَه الله قَالَ فِي الْمَرْأَة البدوية يتوفى عَنْهَا زَوجهَا: إِنَّهَا تنتوي حَيْثُ انتوى أَهلهَا. أى تتحول وتنتقل.(4/32)
النُّون مَعَ الْهَاء
نهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قيل يَا رَسُول الله إِنَّا نلقى الْعَدو غَدا وَلَيْسَت لنا مُدىً فبأيِّ شيءٍ نذبح فَقَالَ. أنهروا الدَّم بِمَا شِئْتُم إِلَّا الظفر وَالسّن أما السن فَعظم وَأما الظفر فمدى الْحَبَش. أنهر: سيَّله وَمِنْه النَّهر أَرَادَ السنَّ وَالظفر المركبين فِي الْإِنْسَان فَإِن المنزوع لَا يُمكن الذّبْح بِهِ. وَإِنَّمَا نهى عَنْهُمَا لِأَنَّهُ خنق وَلَيْسَ بِذبح. وَفد عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حيٌّ من الْعَرَب فَقَالَ: بَنو من انتم قَالُوا: بَنو نهم. فَقَالَ نهم شَيْطَان أَنْتُم بَنو عبد الله.
نهم قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. تَبعته صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم حَتَّى أَدْرَكته فَلَمَّا سمع حسِّي قَامَ وعرفني وَظن أَنى إِنَّمَا تَبعته لأوذيه فنهمني ثمَّ قَالَ: مَا جَاءَ بك هَذِه السَّاعَة قلت: إِنِّي أُومن بِاللَّه وَرَسُوله. أَي زجرني مَعَ الصياح بِي. يُقَال: نهم الْإِبِل إِذا زجرها وَصَحَّ بهَا لتمضى والهم وَالنّهر والنهى: أَخَوَات.
نهش كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم منهوش الْكَعْبَيْنِ وروى منهوس ومبخوص. الثَّلَاثَة فِي معنى المعروق وفرِّق بَين النهس والنهش فَقيل: النهس بأطراف الْأَسْنَان(4/33)
والنهش بالأضراس. وَيُقَال: رجل منهوش إِذا كَانَ مجهودا سيىء الْحَال. قَالَ رُؤْيَة: ... كم من خَلِيل وَأَخ منهوش ... منتعش بفضلكم مَنْعُوشِ ... وَهُوَ الَّذِي تعرَّقته السنون أَلا ترى إِلَى قَول [935] جرير: إِذا بعضُ السنين تعرَّقَتْنا ... كفى الْأَيْتَام فقد أَبى الْيُتْم ... والمبخوص: الدى أخذت بخصته وَهِي لحم أَسْفَل الْقَدَمَيْنِ. وَلَو روى: منحوض من نحضت االعضو إِذا أخذت نحضه لَكَانَ وَجها.
نهز إِن رجلا كَانَ فِي يَده مَال يتامى فَاشْترى بِهِ خمرًا فَلَمَّا نزل تَحْرِيمهَا انْطلق إِلَى النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقصَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: أهرقها وَكَانَ المَال نهز عشرَة آلَاف. أَي قَرِيبا من هَذَا الْمبلغ. قَالَ: ... تُرْضِع شِبْلَيْن فِي مَغارِهما ... قد نهزا للفطام أَو قطما ... وَحَقِيقَته ذَات نهز وَمِنْه ناهز الْحلم إِذا قاربه.
نهج عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ سلمَان بن ربيعَة الْبَاهِلِيّ يشكو إِلَيْهِ عَاملا من عماله فَأخذ الدرة فَضَربهُ بهَا حَتَّى أُنهج. أَي وَقع عَلَيْهِ البُهر يَعْنِي على عمر.
نهز قَالَ فِي خطْبَة لَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من أَتَى هَذَا الْبَيْت لَا ينهزه إِلَيْهِ غَيره رَجَعَ وَقد غُفر لَهُ. نهزه ولهزه ووهزه: دَفعه أَي من حجَّ لَا يَنْوِي فِي حجَّته غير الحجِّ تِجَارَة أَو غَيرهَا من حوائج الدُّنْيَا مغفوراً لَهُ. الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مانعهم عمر فِي دفن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/34)
نهج وَقَالَ: إِنَّه لم يمت وَلكنه صعق كَمَا صعق مُوسَى فَقَالَ الْعَبَّاس إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لم يمت حَتَّى ترككم على طَرِيق ناهجة وَإِن يكُ مَا تَقول يَا بن الْخطاب [حقاًّ] فَإِنَّهُ لن يعجز أَن يحثو عَنهُ فخلِّ بَيْننَا وَبَين صاحبنا فَإِنَّهُ يأسن كَمَا يأسن النَّاس. الناهجة: الْبَيِّنَة يُقَال: نهج الْأَمر وأنهج إِذا تبين ووضح. أَن يحثو عَنهُ أَي يَرْمِي عَن نَفسه بِتُرَاب الْقَبْر وَيقوم. يأسن: تَتَغَيَّر رَائِحَته.
نهى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: لَو مَرَرْت على نهى نصفه مَاء وَنصفه دم لشربت مِنْهُ تَوَضَّأت. هُوَ الغدير بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَقد أنكر ابْن الْأَعرَابِي الْكسر.
نهك مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يُقَال: إِنَّه من أَنْهَك أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم. أَي من أشجعهم رجل نهيك بيِّن النَّهاكة وَالْأَصْل فى النهك الْمُبَالغَة فى الْعَمَل.
نهبر عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعُثْمَان وَهُوَ على الْمِنْبَر: ياعثمان إِنَّك قد ركبت بِهَذِهِ الْأمة نهابير من الْأَمر فتُب. هِيَ فِي الأَصْل جمع نهبور وَهُوَ مَا أشرف من الرمل وشقَّ على الرَّاكِب قطعه فاستعير للمهالك. قَالَ نَافِع بن لَقِيط: ... ولأَحْمِلَنْكَ على نَهَابِرَ إِن تَثِبْ ... فِيهَا وَإِن كنت المنهت تعطب ...(4/35)
النُّون مَعَ الْيَاء
نبر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كره النِّير. هُوَ الْعلم [فِي الثَّوْب] . يُقَال: نرت الثَّوْب نيراً وأنرته ونيَّرته. وَعَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه كَانَ يقطع علم الْحَرِير من عمَامَته وَكَانَ يَقُول: لَوْلَا أَن عمر كره النير لم نر بِالْعلمِ بَأْسا. آخر كتاب النُّون(4/36)
حرف الْوَاو
الْوَاو مَعَ الْهمزَة
وأل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن درعه كَانَت صَدرا بِلَا مُؤخر فَقيل لَهُ: لَو احترزت من ظهرك فَقَالَ: إِذا أمكنت من ظَهْري فَلَا وألت. أَي لَا نجوت: قاللفلان: أَأَنْت من بني فلَان قَالَ: نعم قَالَ فَأَنت من وألة إِذن قُم فَلَا تقر بنى. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَذِه قَبيلَة خسيسة سُميَّت بالو ألة وهى البعرة لخستها.
وأد عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا خرجت أقفو آثَار النَّاس يَوْم الخَنْدَق فَسمِعت وئيد الأَرْض من خَلْفي فالتفتُّ فَإِذا أَنا بِسَعْد بن معَاذ. هُوَ صَوت شدَّة وَطئه على الأَرْض يُقَال لِلْإِبِلِ إِذا مشت بثقلها: لَهَا وئيد.
وأى وهب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قَرَأت فِي الْحِكْمَة: إِن الله يَقُول: إِنِّي قد وأيت على نَفسِي أَن أذكر من ذَكرنِي. الوأى: الْوَعْد الَّذِي يوثقه الرجل على نَفسه ويعزم على الْوَفَاء بِهِ وَفُلَان صَادِق الوأى وَمِنْه فرس وأى بِوَزْن وعى: قوى موثق الْخلق.
الْوَاو مَعَ الْألف
واه أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا أنكرتم من زمانكم فِيمَا غيَّرتم من أَعمالكُم إِن يَك خيرا فواها واهاً وَإِن يَك شرًّا فآها آها.(4/37)
واها: إعجاب بالشَّيْء قَالَ: ... وَاهاً لرَيَّا ثمَّ وَاهاً وَاهاَ ... وآها: توجع.
الْوَاو مَعَ الْبَاء
وبش النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَسلم حِين قَالَ: اهتف بالأنصار. قَالَ: فهتفت بهم فَجَاءُوا حَتَّى أطافوا بِهِ وَقد وبشت قُرَيْش أوباشاً وأتباعاً. أَي جمعت أخلاطا من النَّاس. يُقَال: أوباش من النَّاس وأوشاب.
وبق ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم جِسْرًا على جَهَنَّم فَقَالَ: وَبِه كلاليب مثل شوك السعدان غير أَنه لَا يعلم قدر عظمها إِلَّا الله فتختطف النَّاس بأعمالهم فَمنهمْ الموبق بِعَمَلِهِ وَمِنْهُم المخردل ثمَّ ينجو. وَحرم الله على النَّار أَن تَأْكُل من ابْن آدم أثر السُّجُود. فيخرجونهم وَقد امتحشوا وَيبقى رجل مقبل بِوَجْهِهِ على النَّار فَيَقُول: يارب قد قشبنى رِيحهَا وأحرقنى ذكاؤها [937] فَيقر بِهِ إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا دنا مِنْهَا انفهقت لَهُ الْجنَّة. الموبق: المهلك. المخردل: المقطع قطعا صغَارًا وَهِي الخراذيل والخراذل بِالدَّال وَالدَّال أَي تقطعهم الكلاليب. محشته النَّار: إِذا أحرقته فامتحش وانمحش. مر قشب فِي (قَشّ) . ذكت النَّار ذكاء: اشتعلت. انفهقت لَهُ: اتسعت.(4/38)
وبل على رضى الله تَعَالَى عَنهُ أهْدى رجل لِلْحسنِ وَالْحُسَيْن وَلم يهد لِابْنِ الْحَنَفِيَّة أَوْمَأ إِلَى وابلة مُحَمَّد ثمَّ تمثل: ... وَمَا شَرُّ الثَّلَاثَة أم عَمْرو ... بصاحبك الذى لَا تصبحينا ... هِيَ طرف الْعَضُد فِي الْكَتف وطرف الْفَخْذ فِي الورك وَالْجمع الأوابل. عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فى مفارق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَهُوَ محرم. هُوَ البريق.
وبص وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحْمَة الله تَعَالَى: لَا تلقى الْمُؤمن إِلَّا شاحباً وَلَا تلقى الْمُنَافِق إِلَّا وباصا.
وبش كَعْب رَحْمَة الله تَعَالَى أجد فِي التَّوْرَاة أَن رجلا من قُرَيْش أوبش الثنايا يحجل فى الْفِتْنَة. قبل: مَعْنَاهُ ظَاهر الثنايا. وَعَن ابْن شُمَيْل: الوبش: الْبيَاض الَّذِي يكون فِي الْأَظْفَار يُقَال: بظفره وبش وَهُوَ نقط فِيهِ. وَمِنْه الوبش من الجرب كالرقط يتفشى فِي الْجلد وجمل وبش وَقد وبش جلده وبشا.
الْوَاو مَعَ التَّاء
وتر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وبر أَهله وَمَاله. أَي حَرْب أَهله وَمَاله وسلب من وترت فلَانا إِذا قتلت حميمة. أَو نقص وقلل(4/39)
من الْوتر وَهُوَ الْفَرد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وَلنْ يتركم أَعمالكُم) وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن إعرابيا سَأَلَهُ عَن الْهِجْرَة فَقَالَ: وَيحك إِن شَأْن الْهِجْرَة شَدِيد فَهَل لَك من إبل قَالَ نعم قَالَ: فَهَل تُؤدِّي صدقتها قَالَ: نعم قَالَ: فاعمل من وَرَاء الْبَحْر فَإِن الله تَعَالَى لن يتْرك من عَمَلك شَيْئا قلدوا الْخَيل وَلَا تقلدوها الأوتار هِيَ أوتار القسى كَانُوا يقلدونها مَخَافَة الْعين وَقيل: كَانَت تختنق بهَا فَلذَلِك نهى عَنْهَا وَفِي حَدِيث آخر: أَمر أَن تقطع الأوتار من أَعْنَاق الْخَيل وَقيل: هِيَ الذحول: أَي لَا تَطْلُبُوا عَلَيْهَا الأوتار الَّتِي وترتم بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة وَمِنْه مَا يرْوى: إِنَّه عرضت الْخَيل على عبيد الله بن زِيَاد فمرت بِهِ خيل بنى مَازِن فَقَالَ عبيد الله: إِن هَذِه لخيل فَقَالَ الْأَحْنَف: إِنَّهَا لخيل [938] لَو كَانُوا يضربونها على الأوتار فَقَالَ ابْن مشجعَة أَو ابْن الهلقم الْمَازِني: أما يَوْم قتلوا أَبَاك فقد ضربوها على الأوتار [فَقَالَ ابْن مشجعَة] : وَلم يسمع للأحنف سقطة غَيرهَا
وتغ مَا من أَمِير عشرَة إِلَّا وَهُوَ يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة مغلولة يَدَاهُ إِلَى عُنُقه حَتَّى يكون عمله هُوَ الَّذِي يُطلقهُ أَو يوتغه وتغ وتغا إِذا هلك وأوتغه غَيره
وتر الْعَبَّاس رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لي عمر جارا فَكَانَ يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل فَلَمَّا ولي قلت: لأنظرن الْآن إِلَى عمله فَلم يزل على وتيرة وَاحِدَة حَتَّى مَاتَ أَي على طَريقَة وَاحِدَة مطردَة من قَوْلهم للقطعة من الأَرْض المطردة: وتيرة عَن اللحيانى وَعَن أبي عَمْرو: الوتيرة الْجَبَل الحريد من الْجبَال وَبَينه وَبَينهَا وصل لَا يَنْقَطِع(4/40)
زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الوترة ثلث الدِّيَة فَإِذا استوعب مارنه فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة الوترة والوتيرة: الحاجز بَين المنخرين المارن: مَا لَان مِمَّا انحدر عَن قَصَبَة الْأنف واستيعابه: استقصاء جدعه هِشَام] بن عبد الْملك [كتب إِلَى عَامل أضاخ: أَن أصب لى نَاقَة مواترة وَكَانَ بِهِشَام فتق قَالَ: فَمَا وجدوا أحدا يعرف النَّاقة المواترة إِلَّا رجلا من بنى أود من بنى عليم هِيَ الَّتِي تضع قَوَائِمهَا وترا وترا وَلَا تزج بِنَفسِهَا فتشق على الرَّاكِب وَمِنْه قَول أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ فِي قَضَاء شهر رَمَضَان: يواتره أَي يَقْضِيه وترا وترا ويصوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا وَلَو قَضَاهُ تباعا لم تكن مواترة لِأَنَّهُ قد شفع الْيَوْم بِالْيَوْمِ وَهَذَا ترخيص مِنْهُ لِأَن الْمُتَابَعَة أفضل وَعنهُ رضى الله تَعَالَى عَنهُ: لَا بَأْس بِأَن يواتر فِي قَضَاء شهر رَمَضَان إِن شَاءَ
الْوَاو مَعَ الثَّاء
وثب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَتَاهُ عَامر بن الطُّفَيْل فوثبه وساده وَقَالَ لَهُ: أسلم يَا عَامر فَقَالَ: على أَن لي الْوَبر وَلَك الْمدر فَأبى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقَامَ عَامر مغضباً وَقَالَ: وَالله لأملانها عَلَيْك خيلاً جردا ورجالا مردا ولأربطن بِكُل نَخْلَة فرسا(4/41)
أى فرشهإياها وَأَقْعَدَهُ عَلَيْهَا والوثاب: الْفراش وهى حميرية ويسمون الْملك إِذا قعد عَن الْغَزْو موثبانا ووفد زيد بن عبيد اللهبن دارم على قيل وَهُوَ فِي متصيد على جبل فَقَالَ لَهُ] 939 [: ثب فظنَّ أَنه أمره بالوثوب من الْجَبَل فَقَالَ: لتجدني أَيهَا الْملك مطواعا الْيَوْم فَوَثَبَ من الْجَبَل فَقَالَ القيل: من دخل ظفار حمَّر وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن فارعة بنت أبي الصَّلْت الثقفى جَاءَتْهُ فَسَأَلَهَا عَن قصَّة أخيا فَقَالَت: قدم أخى من سفر فأتانى فوثبعلى سَرِيرِي فَأقبل طائران فَسقط أَحدهمَا على صَدره فشقَّ مَا بَين صَدره إِلَى ثنته فأيقظته فَقلت: يَا أخي هَل تَجِد شَيْئا قَالَ: لَا وَالله إِلَّا توصيباً وَذكرت الْقِصَّة فِي مَوته الثنة: مابين الْعَانَة إِلَى السُّرة التَّوصيب: فِيهِ وَجْهَان: أَن يكون معاقبا للتَّوصيم كالدائم والدائب وَاللَّازِم واللازب وَأَن يكون تفعيلا من الوصب أبوبكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ هُذَيْل بن شُرَحْبِيل: أأبو بكر يتوثَّب على وصيِّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم ودَّ أَبُو بكر أَنه وجد عهدا من رَسُول الله وَأَنه خزم أَنفه بخزامة يُقَال: توثب عَلَيْهِ فِي كَذَا إِذا استولى (7) عَلَيْهِ ظلما أَي لَو كَانَ عَليّ بن أبي طَالب موصى لَهُ بالخلافة ومعهودا إِلَيْهِ فِيهَا لَكَانَ فِي أبي بكر وازع يزعه من دينه وتقدُّمه فِي الْإِسْلَام وَطَاعَة أَمر الله وَرَسُوله أَن يغتصبه حَقه وبودِّ أبي بكر لَو ظفر بوصيَّةٍ وعهد من رَسُول الله وَأَن يكون هُوَ أول من ينقاد للمعهود إِلَيْهِ ويسلس قياده وَلَا يألو فِي اتِّباعه] إِيَّاه [وَيكون فِي ذَلِك كَالْجمَلِ الذلول] فِي خزامته [(4/42)
الْوَاو مَعَ الْجِيم
وَجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قيل لَهُ: إِن صاحباً لنا أوجب فَقَالَ: مروه فليعتق رَقَبَة هُوَ من أوجب الرجل إِذا ركب كَبِيرَة وَوَجَبَت لَهُ النَّار وَيُقَال أَيْضا: أوجب إِذا عمل حَسَنَة تجب لَهُ بهَا الْجنَّة وَهُوَ من بَاب أقطف وأركب وَيُقَال للحسنة السَّيئَة مُوجبَة وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وَعَن إِبْرَاهِيم رَحمَه الله تَعَالَى: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة ذَات الْمَطَر وَالرِّيح أَنَّهَا مُوجبَة] أَي خصْلَة مُوجبَة [وفى حَدِيث آخر: أوجب ذُو الثَّلَاثَة واثنين أى الذى أفرط من أولادهثلاثة أَو اثْنَيْنِ عَاد صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عبد الله بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَوَجَدَهُ قد غُلب فَاسْتَرْجع وَقَالَ: غُلبنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع فصاح النِّسَاء يبْكين فَجعل ابْن عتِيك يُسكتهن فَقَالَ رَسُول الله: دَعْهُنَّ فَإِذا وَجب فَلَا تبكين باكية فَقَالُوا: مَا الْوُجُوب قَالَ: إِذا مَاتَ أصل الْوُجُوب: الْوُقُوع والسقوط] 94 [قَالَ الله تَعَالَى: (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) وَمِنْه قَول الشَّاعِر ... أطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَميرا نَهَاهُمُ ... عَن السِّلْم حتَّى كَانَ أوَّلَ وَاجِبِ ... وَمِنْه حَدِيث أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه قَالَ فِي خطْبَة لَهُ: أَلا إنّ أَشْقَى(4/43)
النَّاس فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الْمُلُوك الْملك إِذا ملك زهَّده الله فِيمَا عِنْده ورغَّبه فِيمَا فِي يَدي غَيره وانتقصه شطر أَجله وأشرب قلبه الإشفاق فَإِذا وَجب ونضب عمره وضحا ظلُّه حَاسبه الله فأشدَّ حسابه وأقلَّ عَفوه. ثمَّ قَالَ: وسترون بعدِي مُلكاً عَضُوضًا وَأمة شعاعا ودما مفاحا. فإنكانت للباطل نزوة وَلأَهل الْحق جَوْلَة يعْفُو لَا الْأَثر وَتَمُوت السُّنن فالزموا الْمَسَاجِد واستشيروا الْقُرْآن وَليكن الإبرام بعد التشاور والصفقة بعد التناظر. نضب: من نضوب المَاء وَهُوَ ذَهَابه. ضحا ظلُّه: أَي صَار ضحًّا وَإِذا صَار الظل ضحافقد بطلصاحبه. الشعاع: المتفرق. فاح الدَّم: جرى جربا متسعا وأفاحه أجراه. جَوْلَة أَي حيرة لَا يستقرون على أَمر يعرفونه. الصَّفْقَة: مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وتبايعوا.
وَجه ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فتنا كَقطع اللَّيْل تَأتي كوجوه الْبَقر. قَالُوا: يُرِيد أَنَّهَا متشابهة لَا يُدرى أنَّى يُؤتى لَهَا ذَهَبُوا إِلَى قَوْله تَعَالَى (إنَّ البَقَر تَشَابَهَ علَينا) . وَعِنْدِي أَن المُرَاد تَأتي نواطح للنَّاس وَمن ثمَّ قَالُوا: نواطح الدَّهْر لنوائبه.
وجس نهى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عَن الوجس. هُوَ أَن يلامس امْرَأَة وَالْأُخْرَى تسمع من التوجس (7) وَهُوَ التسمع.(4/44)
وجم أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لقى طَلْحَة بن عبيد الله فَقَالَ: مَالِي أَرَاك واجماً قَالَ: كلمة سَمعتهَا من رَسُول الله مُوجبَة لم أسأله عَنْهَا فَقَالَ أَبُو بكر: أَنا أعلم مَا هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله. الواجم: الَّذِي أسكته الْهم وعلته الكآبة وَقد وجم وجوما.
وجح عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ عَمْرو بن معد يكرب: صلى بِنَا صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم فَلَا يصلين وَهُوَ موجح. قُلْنَا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَا الموجح قَالَ:] المرهق [من خلاء أَو بَوْل. الموجح: الَّذِي أوجحته حَاجته أَي كظَّته وضيَّقت عَلَيْهِ. وَمِنْه ثوب موجح ومستوجح إِذا كَانَ ضفيقا ملتحما. وَعَن شمر: الموجح بِالْكَسْرِ: الَّذِي يوجح لشىء أى يخفيه من الوجاحوهو أَيْضا الَّذِي يوجح الشَّيْء أَي يمسِكهُ ويمنعه من الوجح وَهُوَ الملجأ هَكَذَا الرِّوَايَة عَنهُ. وَالَّذِي أحفظه أَنا الوجح الملجأ الْحَاء مُقَدّمَة. قَالَ حميد بن ثَوْر: ... تضح السُّقَاةِ بصُباباتِ الدِّلاَ ... ساعةَ لَا ينفعها مِنْهُ وحَجْ] 941 [
تفاديا مَنْ فلتان عابسٍ ... قد كُدِّحَ اللِّحْيَان مِنْهُ والوَدَجْ ... وَقد وَحج وحجاً إِذا التجأ وأوحجته إِلَى كَذَا فَإِن صحت الرِّوَايَة عَن شمر وَهُوَ ثِقَة فَلَعَلَّ الوجح لُغَة فى الوجح. قَالَ شمر: وَسَأَلت أَعْرَابِيًا عَنهُ فَقَالَ: هُوَ المُجِحُّ ذهب بِهِ إِلَى الْحَامِل. وَفِيه وَجه آخر: وَهُوَ أَن يكون قَوْلهم: أوجح أَي أوضح قد جَاءَ فِي معنى أحدث كَمَا جَاءَ أبدى فِي مَعْنَاهُ. ثمَّ يُقَال للحاقن أَو الحاقب موجح لمشارفته أَن يبدئ والهمزة فِي الإيجاح بِمَعْنى الْإِيضَاح للسلب وَحَقِيقَته إِزَالَة الوجاح وَهُوَ السّتْر. الْخَلَاء: كِتَابَة عَن النجو.(4/45)
وجد ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: إِن عُيَيْنَة بن حصن أَخذ عجوزاً من هوَازن فَلَمَّا ردَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم السبايا بست قَلَائِص أَبى أَن يردهَا. فَقَالَ لَهُ أَبُو صرد: خُذْهَا اليك فوَاللَّه مَا فوها ببارد وَلَا ثديها بناهد وَلَا بَطنهَا بوالد وَلَا زَوجهَا بواجد وَلَا درها بماكد وَأَنا كد. فردّها وشكا إِلَى الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ: إِنَّك مَا أَخَذتهَا ببيضاء غزيرة وَلَا نصفاء وثيرة. الْوَاجِد: الْمُحب من وجد فلَان بِالْمَرْأَةِ وجدا شَدِيدا. الماكد: الَّذِي يَدُوم وَلَا يَنْقَطِع. وَأنْشد الْأَصْمَعِي لِلْحَارِثِ بن مضرب: ... واللحزالضب إِذا مَا عَامَا ... هَل أَمْنَحُ المَاكِدَة الكِرَاما ... أَي النوق الدائمة الدرّ. وَهُوَ من مكد بِالْمَكَانِ وركد: أَقَامَ بِهِ وَلم يبرح. والناكد: الغزيرة وإبل نكد. وثيرة: وطيئة. وَمِنْهَا قَول الأعرابية: النِّسَاء فرش فَخَيرهَا أوثرها.
وَجب الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي إطْعَام الْمَسَاكِين لِلْكَفَّارَةِ: يطعهم وجبةً وَاحِدَة. هِيَ الْأكلَة فِي الْيَوْم مرَّةً. يُقَال: فلَان يَأْكُل الوجبة ووجَّب إِذا أكلهَا.
وَجه فِي الحَدِيث: لَا يُحبنا الأحدب الموجه. هُوَ صَاحب الْحَد بتين من خلف وَقُدَّام وَهَذَا فِي حَدِيث أهل الْبَيْت.(4/46)
الْوَاو مَعَ الْحَاء
وحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ أَحْمَر قَصِيرا مثل الوحرة ويروى: أُحَيْمِر مثل العنبة فقد كذب عَلَيْهَا وَإِن جَاءَت بِهِ أسحم أعين ذَا أليتينفقد صدق عَلَيْهَا فَجَاءَت بِهِ على الْأَمر الْمَكْرُوه. هى دويبة كالعظاءة تلزق بِالْأَرْضِ.
وحر من سره أَن يذهب كثير من وحر صَدره فليصم الصَّبْر وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر. هُوَ] 942 [الغل يُقَال: وحر صَدره ووغر وَأَصله من الوحرة. ونظيرهتسميتهم الحقد بالضب.
وَحش عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم سَائل يسْأَله فأعطاء تَمْرَة فوحَّش بهَا ثمَّ أَتَاهُ آخر فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَأَخذهَا وَقَالَ: تَمْرَة من رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: من هَاهُنَا يَأْتِي أم سَلمَة فَيَقُول لَهَا: ابعثي إليّ بصرَّة الدَّرَاهِم فجَاء بهَا فَدَفعهَا إِلَيْهِ. قَالَ أنس: حزرتها نَحْو أَرْبَعِينَ درهما وَحش بهَا: رمى وَمِنْه بَيت الحماسة: ... فذرُوا السِّلاَح ووَحِّشُوا بالأبْرَقِ ... وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِنَّه كَانَ بَين الْأَوْس والخزرج قتال فجَاء صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَلَمَّا رَآهُمْ نَادَى (يأيها الَّذين آمنو اتَّقُوا الله حق تُقَاتِه.) حَتَّى فرغ من الْآيَات فوحشوا بأسلحتمهم واعتنق بَعضهم بَعْضًا. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه لَقِي الْخَوَارِج وَعَلَيْهِم عبد الله بن وهب الراسي فوحشوا برماحهم واسلوا السيوف وشجرهم النَّاس برماحهم فقُتلوا بَعضهم على بعض.(4/47)
شجرهم النَّاس: أَي شبكوهم برماحهم. قَالَ الْهُذلِيّ: ... رَأَيْت الْخَيل تشجربالرماح ... فِي شعر أبي طَالب: ... حَتَّى يُجَالِدَكُمْ عَنهُ وجاوحة ... شيب صَنَادِيد لَا يذعرهم الأسل ...
وحوح الوحوح: السَّيِّد وَالْجمع وحاوحة وَالتَّاء لتأنيث الْجمع. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لسَلمَة بن صَخْر وَقد ظَاهر من امْرَأَته: أطْعم وسقامن تمر سِتِّينَ مِسْكينا فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد بتنا وحشين مالنا طَعَام. ويروى: والذى نفسى بِيَدِهِ مَا بَين طنبى المدنية أحد أحْوج منى.
وَحش الْوَحْش والموحش: الجائع. وَبَات فلَان وحشاً وَجمعه أوحاش. وَقَالَ الْأَعْشَى: ... بَات الوَحْشَ والعَزَبا ... وَمِنْه توحَّش للدَّواء: احتمى لَهُ. أَرَادَ بطنبى الْمَدِينَة: طرفيها شبه حوزة المدنية بالفسطاط وَجعل لَهَا أطنابا. مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى يزِيد يضْرب غُلَاما لَهُ فَقَالَ: يَا يزِيد سوءة لَك تضرب من لَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع وَالله لقد منعتني الْقُدْرَة من ذوى الحنات.
وحن جمع حنة وَهِي الإحنة. وَقد مر الْكَلَام فِيهَا فِي (اخ) . فِي الحَدِيث: إِذا أردْت أمرا فَتدبر عاقبته فَإِن كَانَت شرًّا فانته وَإِن كَانَت خيرا فتوحه.
وحى أَي تسرَّع اليه من الوحاء وَهُوَ السرعة. يُقَال: الوحاء الوحاء. وسُمٌّ وحيّ: سريع [943] الْقَتْل. واستوحيته: استعجلته وتوحيَّت توحيِّا: تسرعت. وَالْهَاء ضمير الْأَمر أَو للسكت.(4/48)
الْوَاو مَعَ الْخَاء
سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما حَضرته الْوَفَاة دَعَا امْرَأَته بقيرة فَقَالَ لَهَا: إِن لي الْيَوْم زوّاراً ثمَّ دَعَا بمسك فَقَالَ: أوخفيه فِي تور فَفعلت فَقَالَ: انضحيه حول فراشى.
وخف أَي اضربيه بِالْمَاءِ وَيُقَال للإناء الموخف فِيهِ: ميخف.
وَخط معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَلَمَّا دُفن الْمَيِّت قَالَ: مَا أَنْتُم ببارحين حَتَّى يسمع وَخط نعالكم وَذكر سُؤال الْقَبْر وَأَن الْمَيِّت إِن كَانَ من أهل الشَّك ضرب بمرصافة وسط رَأسه حَتَّى يُفضي كل شَيْء مِنْهُ. وَخط نعالكم: أَي خفقها وَهُوَ من وَخط فِي السّير يخط مثل وخد يخد إِذا أسْرع وخطاً ووخوطاً. المرصافة: المطرقة من الرَّصف لِأَنَّهُ يرصف بهَا المطروق أَي يضم وَيلْزق وروى بالضاد وَهِي الْحجر الَّذِي يُرضف بِهِ من رضفنا الكيَّة نرضفها رضفا وَهُوَ أَن تَأْخُذ رضفة وَهِي حجر يوقدون عَلَيْهِ حَتَّى يحمى ثمَّ يكوى بِهِ. يجوز أَن يرْوى ((كل شَيْء)) بِالنّصب وَالرَّفْع. يُقَال: أفضاه جعله كالفضاء وَمِنْه لَا يُفضى الله فَاك قَالَ: وأفضى: صَار كالفضاء (7) . وَالْمعْنَى حَتَّى يصير كُله فضاء لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ذكر الْكَبْش الَّذِي فُدي بِهِ إِسْمَاعِيل فَقَالَ: إِن رَأسه مُعلق بقرنيه فِي الْكَعْبَة قد وخش.(4/49)
وخش أى ببس وَضعف من الوخش وَهُوَ الرذل وَهُوَ الرَّذل من النَّاس يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد وَالْجمع.
الْوَاو مَعَ الدَّال
ودع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا لم يُنكر النَّاس الْمُنكر فقد تودع مِنْهُم. أَي استُريح مِنْهُم وخُذلوا وخلِّي بَينهم وَبَين مَا يرتكبون من الْمعاصِي. وَهُوَ من الْمجَاز لِأَن المعتني بإصلاح شَأْن الرجل إِذا يئس من صَلَاحه تَركه ونفض مِنْهُ يَده واستراح من معاناة النَّصب فِي استصلاحه. وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: تودَّعت الشَّيْء أَي صنته فى ميدع فال الرَّاعِي: ... ثَنَاءٌ تُشْرِقُ الأحْسَابُ مِنْهُ ... بِهِ نَتَوَدَّعُ الحَسبَ المَصُونا ... أَي فقد صَارُوا بِحَيْثُ يتحفظ مِنْهُم ويتصون كَمَا يتوقى شرار النَّاس. أَنى حييّ بن أَخطب النضيري كَعْب بن أَسد القُرظي وَكَانَ كَعْب موادعا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقَالَ لَهُ [944] : جئْتُك بعز الدَّهْر جئْتُك بِقُرَيْش مَعَ قادتها وسادتها حَتَّى أنزلتهم مَوضِع كَذَا وبغطفان مَعَ قادتها وسادتها حَتَّى أنزلتهم مَوضِع كَذَا وَقد عاهدوني وعاقدونى أَلا يبرحوا حَتَّى نستأصل مُحَمَّدًا وَمن مَعَه. قَالَ لَهُ كَعْب: جئتني وَالله بذل الدَّهْر. وبجنهام قد هراق مَاءَهُ يرعد ويبرق فَلم يزل بِهِ حييّ يفتل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب حَتَّى نقض عَهده. الْمُوَادَعَة: الْمُصَالحَة وحيقتها المتاركة أَي أَن يدع كل وَاحِد من المتعاديين مَا هُوَ فِيهِ. القادة: قواد الجيوش. الجهام: السَّحَاب الَّذِي هراق مَاءَهُ وَضرب الْبَرْق والرعد مثلا لنفجه.(4/50)
الفتل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب: مثلٌ فِي المخادعة. لينتهين أَقوام عَن ودعهم الجُمعات أَو ليختمن على قُلُوبهم ليكتين من الغافلين. أَي عَن تَركهم مصدر يدع. صلى مَعَه عبد الله بن أنيس وَعَلِيهِ ثوب متمز ق فَلَمَّا انْصَرف دَعَا بِثَوْب وَقَالَ: تودَّعه بخلقك. أى تصونه بِهِ يُرِيد البس هَذَا الثَّوْب الَّذِي دَفعته إِلَيْك فِي أَوْقَات الحفلة والزينة وَالَّذِي عَلَيْك من الْخلق فِي آونة البذلة. وَمِنْه قَول عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: لَا جَدِيد لمن لَا خلق لَهُ.
ودى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لم يكن يشغلني عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم غرس الودى وَلَا صفق بالأسواق. هى صغَار النّخل الْوَاحِدَة ودية. الصفق: الضَّرْب بِالْيَدِ عِنْد البيع يُرِيد لم يشغلنى عَن فلاحة وَلَا تِجَارَة. فِي الحَدِيث عَلَيْكُم بتَعَلُّم الْعَرَبيَّة فَإِنَّهَا تدل على الْمُرُوءَة وتزيد فِي الْمَوَدَّة. يُرِيد مَوَدَّة المشاكلة.
الْوَاو مَعَ الذَّال
وذر عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رُفع إِلَيْهِ رجل قَالَ لرجل: يَا بن شامَّة الوذر فحدَّه. هِيَ قطع اللَّحْم الَّتِي لَا عظم فِيهَا الْوَاحِدَة وذرة. وَهِي كِنَايَة عَن المذاكير وَهُوَ قذف.(4/51)
وذأ بَينا هُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يخْطب ذَات يَوْم فَقَامَ رجل فنال مِنْهُ فوذأه ابْن سَلام فاتَّذأَ فَقَالَ لَهُ رجل: لَا يمنعنك مَكَان ابْن سَلام أَن تسبَّ نعثلا فَإِنَّهُ من شيعته. فَقَالَ ابْن سَلام: فَقلت لَهُ: لقد قلت القَوْل الْعَظِيم يَوْم الْقِيَامَة فى الْخَلِيفَة بعد نوح. وذأه: زَجره واتذأ مطاوعه. كَانَ يشبه بِرَجُل من أهل مصر اسْمه نعثل لطول لحيته. وَقيل: من أهل أَصْبَهَان. والنعثل: الضبعان (1) وَالشَّيْخ الأحمق وَمِنْه النَّعثلة [945] وَهِي مشْيَة الشَّيْخ والنقثلة. الْعَظِيم يَوْم الْقِيَامَة: أَي الَّذِي يعظم عِقَابه يَوْم الْقِيَامَة. وَقيل: يَوْم الْقِيَامَة يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَت الْخطْبَة فِيهِ. وَعَن كَعْب: إِنَّه رأى رجلا يظلم رجلا يَوْم جُمُعَة فَقَالَ وَيحك أتظلم رجلا يَوْم الْقِيَامَة نوح: عمر مَا يرْوى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم اسْتَشَارَ أَبَا بكر وَعمر فِي أُسَارَى بدر فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو بكر بالمنِّ عَلَيْهِم وَأَشَارَ عمرُ بِقَتْلِهِم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَأَقْبل على أبي بكر: إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أَلين فِي الله من الدّهن بِاللَّبنِ. ثمَّ أقبل على عمر فَقَالَ: إِن نوحًا كَانَ أَشد فِي الله من الْحجر. يُرِيد قَول إِبْرَاهِيم: فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم. وَقَول نوح: ربِّ لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا.
وذم أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سُئل عَن كلب الصَّيْد فَقَالَ إِذا وذَّمته وأرسلته وَذكرت اسْم الله فَكل مَا أمسك عَلَيْك مَا لم يَأْكُل. قَالَ النَّضر: الوذمة الْحَرج (2) فِي عنق الْكَلْب وَهُوَ شبه سيرٍ كالعذبة يقدُّ طولا. وَهِي مَأْخُوذَة من وَذمَّة (3) الدَّلْو ووذمت الْكَلْب توذيما إِذا شددتها فِي عُنُقه(4/52)
وَلَا يوذَّم إِلَّا الْمعلم فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِذا كَانَ كلبك معلما وَكَانَ مضيُّه نَحْو الصَّيْد بإرسالك مسميا فَكل.
وذف الْحجَّاج قتل ابْن الزبير فَأرْسل إِلَى أمة أَسمَاء يدعوها فَأَبت أَن تَأتيه فَقَالَ يتوذَّف حَتَّى دخل عَلَيْهَا. يُقَال: جَاءَ يتوذف ويتقذف إِذا مَشى فِي اختيال وتمايل من الْكبر وَقيل هُوَ الْإِسْرَاع. قَالَ بشر: ... يُعْطِى النَّجَائِبَ بالرِّحال كأنَّها ... بَقَرُ الصَّرَائم والجِيادَ تَوَذَّفُ ...
وذح إِن خُنفساءة مرت بِهِ فَقَالَ: قَاتل الله قوما يَزْعمُونَ أَن هَذِه من خلق الله. فَقيل: مِم هِيَ قَالَ: من وذح إِبْلِيس. هُوَ مَا يتَعَلَّق بألية الشَّاة من ثلطها.
الْوَاو مَعَ الرَّاء
ورى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا ورَّى بِغَيْرِهِ أَي كنى عَنهُ وستره.
ورع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ورِّع اللص وَلَا تراعه. أَي ادفعه واكففه وَلَا تنتظره. وَمِنْه حَدِيثه [أَنه] قَالَ للسائب: ورِّع عني بالدرهم وَالدِّرْهَمَيْنِ. أى كف عَنى التخاصمين فِي قدر الدِّرْهَم وَالدِّرْهَمَيْنِ واكفني الْحُكُومَة بَينهم(4/53)
ونب عَنى فى ذَلِك.
ورى جَاءَتْهُ امْرَأَته جليلة فحسرت عَن [946] ذراعها فَإِذا كدوح وَقَالَت: هذامن احتراشالضباب فَقَالَ: لَو أخذت الضَّبَّ فورَّيته ثمَّ دَعَوْت بمكثفة [فثملته] كَانَ أشْبع. قَالَ شمر: ورَّيته أَي روَّغته فِي الدَّسم من قَوْلك: لحمٌ وار أى سمين. الثمل: الْإِصْلَاح.
ورك كَانَ ينْهَى أَن يَجْعَل فِي وراكٍ صَلِيب. هُوَ ثوب مزين يُغطي الموركة وَهِي رفادة قُدّام الرَّحل يضع الرَّاكِب رجله عَلَيْهَا إِذا أعيا.
ورد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَافر رجل مَعَ أَصْحَاب لَهُ فَلم يرجع حِين رجعُوا فاتَّهم أَهله أَصْحَابه فرفعوهم إِلَى شُرَيْح فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة على قَتله فَارْتَفعُوا إِلَى عَليّ فأخبروه بقول شُرَيْح فَقَالَ عَليّ: ... أوْرَدَها سَعْدٌ وَسعد مُشْتَمل ... ياسعد لَا تُرْوَي بَهذَاك الإبلْ ... ثمَّ قَالَ إِن أَهْون السَّقي التشريع ثمَّ فرَّق بَينهم وسألهم فَاخْتَلَفُوا ثمَّ أقرُّوا بقتْله فَقَتلهُمْ بِهِ. المثلان مشروحان فِي كتاب المستقصي. وَالْمعْنَى كَانَ يَنْبَغِي لشريح أَن يستقصي فِي النّظر والاستكشاف عَن خبر الرجل وَلَا يتقصر على طلب الْبَيِّنَة.(4/54)
ورع كَانَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بوارعانه. أَي يشاورانه فِي الْأُمُور. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الموارعة المناطقة. وَأنْشد لحسان: ... نَشَدْتُ بَنِي النَّجَّار أَفعَال والدى ... إِذا لم يجد عان لَهُ من يوارعه ... [ابْن مَسْعُود حِين ذكر الفنتة قَالَ: الزم بَيْتك. قيل: وَإِن دخل على بَيْتِي. قَالَ: فَكُن مثل الْحمار والأورق الثفال الذى لَا ينبعث إِلَّا كرها وَلَا يمشى إِلَّا كرها. هُوَ الذى فى لَونه ورقة وهى بَيَاض إِلَى سَواد. وَمِنْه الأورق للرماد. والورقاء للحمامة وهى أطيب الْإِبِل لَحْمًا إِلَّا أَنه لَيْسَ بمحمود عِنْد الْعَرَب فى عمله وسيره لضَعْفه وَلِهَذَا أكده بالثفال وَهُوَ الثقيل البطىء وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك التثبيط عَن الْفِتْنَة وَالْحَرَكَة فِيهَا] .
وره الأخنف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ الْحباب: وَالله إِنَّك لضئيل وَإِن أمك لورهاء. الوره: الْخرق فى الْعَمَل. وَقد تورهفلان. وَمن ذَلِك قيل للمتساقطة حمقا وللريح الَّتِي فِيهَا عجرفة وخرق: ورهاء كَقَوْلِهِم: هُوَ جَاءَ.
ورك مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يتورك الرجل على رجله الْيُمْنَى فِي الأَرْض المستحيلة فِي الصَّلَاة. أَي يضع وركه عَلَيْهَا والوركان فَوق الفخذين كالكتفين فَوق العضدين. يُقَال: ورك على دَابَّته وتورَّك عَلَيْهَا. المستحيلة: غير المتسوية لَا ستحالتها إِلَى العوج [947] . وَفِي حَدِيث النَّخعِيّ: كَانَ يكره التورك فِي الصَّلَاة. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الرجل يُستخلف إِن كَانَ مَظْلُوما فورَّك إِلَى شَيْء جزى عَنهُ وَإِن كَانَ ظَالِما لم يجز عَنهُ التَّوريك.(4/55)
أَي ذهب فِي يَمِينه إِلَى معنى غير معنى المستحلف من ورَّكت فِي الْوَادي إِذا عدلت فِيهِ وَذَهَبت. قَالَ زُهَيْر: ... ووَرَّكْنَ فِي السُّوبان يَعْلُون مَتنه ... عَلَيْهِنَّ دلّ الناعم المتنعم ...
ورد الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ الْحسن وَابْن سِيرِين يقرآن الْقُرْآن من أَوله إِلَى آخِره ويكرهان الأوراد. كَانُوا قد أَحْدَثُوا أَن جعلُوا الْقُرْآن أَجزَاء كل جُزْء مِنْهَا فِيهِ سور مُخْتَلفَة على غير التَّأْلِيف وَجعلُوا السُّورَة الطَّوِيلَة مَعَ أُخْرَى دونهَا فى الطول ثمَّ يزِيدُونَ كَذَلِك حَتَّى يتم الْجُزْء وَكَانُوا يسمونها الأوراد.
ورع ازدحموا عَلَيْهِ فَرَأى مِنْهُم رعة سَيِّئَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِلَيْك هَذَا الغثاء الَّذِي كُنَّا نُحدث عَنهُ إِن أجبناهم لم يفقهوا وَإِن سكتنا عَنْهُم وكلنَا إِلَى عي شَدِيد مَالِي أسمع صَوتا وَلَا أرى أنيسا أغيلمة حيارى تفاقدوامانال لَهُم أَن بفقهوا. يُقَال: ورع يرع رعة مثل وثق يَثِق ثِقَة إِذا كفَّ عَمَّا لَا يَنْبَغِي. وَالْمرَاد هَاهُنَا الاحتشام والكف عَن سوء الْأَدَب أَي لم يحسنوا ذَلِك. إِلَيْك: أَي اقبضني إِلَيْك أَو أشكوهم إِلَيْك. الغُثاء: الرّعاع. ابْن الْأَعرَابِي: نَالَ لَهُ أَن يفعل كَذَا نولا وأنال لَهُ إنالة. وَقَالَ الْفراء نَحْو ذَلِك وَأنْشد: ... يَا مَالك بن مَالك يَا مَالا ... أَنالَ أَنْ أَشتمكم أَنَالا ... أَي آن أَن أشتمكم وانبغي. وَمِنْه نولك أَن تفعل كَذَا ونولك ومنوالك أَن تَفْعَلهُ. فِي الحَدِيث: ضرس الْكَافِر مثل ورقان.(4/56)
ورق هُوَ جبل بِوَزْن قطران. وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّه ذكر غافلي هَذِه الْأمة فَقَالَ: رجلَانِ من مزينة ينزلان جبلا من جبال الْعَرَب يُقَال لَهُ ورقان فيُحشر النَّاس وَلَا يعلمَانِ.
الْوَاو مَعَ الزاى
وزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ موزعا بِالسِّوَاكِ. أَي مُولَعا بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: [قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ [948] نِعْمَتَكَ] أى ألهمينه وأولعنى بِهِ والوزوع والولوع وَاحِد.
وزن نهى عَن بيع الثمارحتى توزن. أى تحرص. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ أَبُو البخْترِي: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن السّلف فِي النّخل فَقَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عَن بيع النّخل حَتَّى يُؤْكَل مِنْهُ وَحَتَّى يُوزن. قلت وَمَا يُوزن فَقَالَ رجل عِنْده: حَتَّى يخرص. وَإِنَّمَا سمي الْخرص وزنا لِأَنَّهُ تَقْدِير. وَوجه النَّهْي أَن الثِّمَار لَا تأمن العاهة إِلَّا بعد الْإِدْرَاك وَذَلِكَ أَوَان الخرض. وَالثَّانِي: أَن حُقُوق الْفُقَرَاء تسْقط عَنهُ إِذا بَاعهَا قبل الْخرص لِأَن الله تَعَالَى أوجب إخْرَاجهَا وَقت الْحَصاد. مر بالحكم بن مَرْوَان فَجعل الحكم يغمز بالنبى صلى الله ل عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَيُشِير(4/57)
وزغ بإصبعه. فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَل بِهِ وزغاً فَرَجَفَ مَكَانَهُ وَرُوِيَ: أَنه قَالَ: كَذَلِك فلتكن فَأَصَابَهُ مَكَانَهُ وزغ لم يُفَارِقهُ. يُقَال: بفلان وزغ أَي رعشة وَهُوَ من وزغ الْجَنِين فِي الْبَطن توزيغاً إِذا تحرّك وأوزغت النَّاقة ببولها ووزغت وزغا إِذا رمت بِهِ وقطعته دفْعَة دفْعَة. وَقيل لسام أبرص: وزغ لخفته وَسُرْعَة حركته. رجف: اضْطربَ.
وزع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج لَيْلَة فى شهر رَمَضَان وَالنَّاس أوزاع فَقَالَ: إِنِّي لأَظُن أَن لَو جمعناهم على قَارِئ كَانَ أفضل. فَأمر أُبي بن كَعْب فَأمهمْ ثمَّ خرج لَيْلَة أُخْرَى وهم يصلُّون بِصَلَاتِهِ. فَقَالَ نعم الْبِدْعَة هَذِه وَالَّتِي ينامون عَنْهَا أفضل من الَّتِي يقومُونَ فِيهَا. أَي فرق يُرِيد أَنهم كَانُوا يتنقلون بعد صَلَاة الْعشَاء فرقا قَالَ الْمسيب بن علس: ... أَحْلَلْتَ بَيْتَكَ بالجميعِ وبَعْضُهُم ... مُتَفَرِّقٌ لِيَحلَّ فى الأوزاع ... الَّتِي ينامون عَنْهَا يَعْنِي صَلَاة آخر اللَّيْل خير من الَّتِي يقومُونَ فِيهَا يَعْنِي صَلَاة أَوله. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لَا بُد للنَّاس من وزعة. أَي من كففة عَن الشَّرّ يعْنى السُّلْطَان.
الْوَاو مَعَ السِّين
وسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم تُنكح الْمَرْأَة لميسمها ولمالها ولحسبها عَلَيْك بِذَات الدّين تَرِبَتْ يداك الميسم: مفعل من الوسامة وَهِي الْجمال. ترب: الْتَصق بِالتُّرَابِ فَقَرَأَ.(4/58)
وَقد مرَّ الْكَلَام فِيمَا يقْصد بِمثل هَذِه الْأَدْعِيَة.
وسد ذكر عِنْده شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ: ذَلِك رجل لَا يتوسد الْقُرْآن. يُحتمل أَن يكون مدحا [949] لَهُ ووصفاً بِأَنَّهُ يعظم الْقُرْآن ويُجله ويداوم على قِرَاءَته لَا كمن يمتهنه ويتهاون بِهِ ويخل بِالْوَاجِبِ من تِلَاوَته. وَضرب توشده مثلا للْجمع بَين امتهانه والاطراح لَهُ ونسيانه. وَأَن يكون ذمًّا ووصفا بِأَنَّهُ لَا يلازم تِلَاوَة الْقُرْآن وَلَا يواظب عَلَيْهَا وَلَا يكبُّ مُلَازمَة نَائِم لوساده وإكبابه عَلَيْهَا. فَمن الأول قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا توسَّدوا الْقُرْآن واتلوه حقَّ تِلَاوَته وَلَا تستعجلوا ثَوَابه فَإِن لَهُ ثَوابًا. وَقَوله: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات فِي لَيْلَة لم يبت متوسداً لِلْقُرْآنِ. وَمن الثَّانِي: مَا يرْوى أَن رجلا قَالَ لأبي الدَّرْدَاء: إِنِّي أُرِيد أَن أطلب الْعلم فأخشى أَن أضيعه. فَقَالَ: لِأَن تتوسد الْعلم خيرٌ لَك من أَن تتوسد الْجَهْل.
وسم إِن رجلا من الْجِنّ أَتَاهُ فِي صُورَة شيخ فَقَالَ: إِنِّي كنت آمُر بإفساد الطَّعَام وَقطع الْأَرْحَام وَإِنِّي تائب إِلَى الله. فَقَالَ: بئس لعمر الله عمل الشَّيْخ المتوسِّم والشاب المتلوّم. قَالُوا: المتوسم المتحلي بسمة الشُّيُوخ. والمتلوِّم: المتعرِّض للائمة بِالْفِعْلِ الْقَبِيح. وَيجوز أَن يكون المتوسم: المتفرس يُقَال: توسَّمت فِيهِ الْخَيْر إِذا تفرَّسته فِيهِ وَرَأَيْت فِيهِ وسمه أَي أَثَره وعلامته. المتلوم: المنتظر لقَضَاء اللومة وَهِي الْحَاجة واللؤامة مثلهَا وَنَظِيره المتحوج من الْحَاجة قَالَ عنترة: ... فوقَفْتُ فِيهَا نافتى وكأنّها ... فَدَنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلوِّمِ ... وَقَالَ العجاج:(4/59)
.. إِلاَّ انْتِظَارَ الحَاج مَنْ تَحَوَّجَا ... أَو المسرع المتهافت من قَول الأصمعى: أسْرع وأغد وتلوم بِمَعْنى. وَأنْشد. ... تَلَوَّمَ يَهْيَاهٍ بِيَاهٍ وقَدْ مضى ... من اللَّيْل جوز واسبطرت كواكبه ...
وسد عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله تَعَالَى لما نزلت هَذِه الْآيَة: [حتَّى يتبيَّن لكُمُ الخَيْطُ الأبيضُ مِنَ الخَيط الأَسود مِنَ الفَجر] أخذت عقَالًا أسود وَعِقَالًا أَبيض فوضعتهما تَحت وسادى فَنَظَرت فَلم أتبين. فَذكرت ذَلِك للنبى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقَالَ: إِن وِسَادك إِذن لطويل عريض إِنَّمَا هُوَ اللَّيْل وَالنَّهَار. كنى بذلك عَن عرض قَفاهُ وَعظم رَأسه وَذَلِكَ دَلِيل الغباوة أَلا ترى إِلَى قَول طرفَة. ... خشَاشٌ كُرأْسِ الحَّيةِ المتوقِّد ... ويلخصه مَا جَاءَ فِي حَدِيث آخر: قلت: يار سَوَّلَ الله مَا الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود أَهما الْخيطَان قَالَ: إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا [95] إِن أَبْصرت الْخَيْطَيْنِ.
وَسن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رفع إِلَيْهِ شيخ توسن جَارِيَة قجلده وهم يجلدها فَشَهِدُوا أَنَّهَا مقهورة فَتَركهَا وَلم يجلدها. أَي تغشاها وَهِي وسنى على القسر. قَالَ الْمُؤلف حَدثنِي: الْأُسْتَاذ الْأمين أَبُو الْحسن على بن الْحُسَيْن بن بردك بالرى. قَالَ: أخبرنَا الشَّيْخ الزَّاهِد الْحَافِظ أَبُو سعيد إِسْمَاعِيل بن على بن الْحُسَيْن السمان قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن يحيى بن إِيَاس الْبَزَّاز وَيعرف بجميلة(4/60)
ابْن إِيَاس بدير عاقول بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن نيطر القَاضِي. قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن حَفْص الأشنائي. قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب. قَالَ: حَدثنَا ابْن أدريس. قَالَ: حَدثنَا عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى قَالَ: أتيت وَأَنا بِالْيمن بِامْرَأَة فسألتها. فَقَالَت مَا تسْأَل عَن امْرَأَة حُبْلَى من غير بعل أما وَالله مَا خاللت خَلِيلًا وَلَا خادنت خدينا مذ أسلمت وَلَكِن بَينا أَنا نَائِمَة بِفنَاء بَيْتِي [فو الله] مَا أيقظنى إِلَّا الرجل حَتَّى رفضنى وَألقى فِي بَطْني مثل الشهَاب. قَالَ: فَكتب فِيهَا إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن وافني بهَا وبناس من قَومهَا بِالْمَوْسِمِ. قَالَ: فوافيته بهَا فَلَمَّا رآنى قَالَ: لَعَلَّك سبقتنى بشئ فِي أَمر الْمَرْأَة. قلت: لَا هاهي هَذِه. قَالَ: فَدَعَاهَا فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرته كَمَا أَخْبَرتنِي فَسَأَلَ عَنْهَا قَومهَا. قَالَ: فأئنوا عَلَيْهَا خيرا. قَالَ عمر: شَابة تهامية قد تنومت قد كَانَ ذَلِك يفعل فأمارها وَكَسَاهَا وَأوصى بهَا قَومهَا خيرا. تنومها: أَتَاهَا وهى نَائِمَة.]
الْوَاو مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَتَى بوشيقة يابسة من لحم صيد فَقَالَ: إِنِّي حرَام. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أهديت لَهُ وشيقة قديد ظبيٍ فَردهَا. قَالَ اللَّيْث: الوشيق: لحم يقدد حَتَّى يقب أَي ييبس وَتذهب ندوته. وَقد وَشقت اللَّحْم أشقه وشقاً وَقيل هُوَ الَّذِي يغلى إغلاءة للسَّفر وَأيهمَا كَانَ فَهُوَ من التوسيق وَهُوَ التقطيع والتفريق لِأَنَّهُ يقطع وتفرق أجزاؤه. وَمِنْه الوشق: الرعى المتفرق. وَيُقَال: لَيْسَ فِي أَرْضنَا غير وشق.(4/61)
وَمِنْه حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن الْمُسلمين أخطئوا باليمان فَجعلُوا يضربونه بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَة يَقُول: أبي أبي فَلم يفهموه حَتَّى انْتهى إِلَيْهِم وَقد تواشقه الْقَوْم أَي قطعوه وشائق
وشع دخل الْمَسْجِد وَإِذا فتية من الْأَنْصَار يذرعون الْمَسْجِد بقصبة فَقَالَ: مَا تَصْنَعُونَ قَالُوا: نُرِيد أَن نعمر مسجدك وَهُوَ يَوْمئِذٍ وشيع بسعف وخشب فَإِذا كَانَ الْمَطَر وكف فَأخذ القصبة فهجل بهَا ثمَّ قَالَ: خشبات وثمامات وعريش كعريش مُوسَى والشأن أقرب من ذَلِك الوشيع: السّقف يعلى خشبه بسعف وثمام كَمَا يفعل بالعريش والخُص يسد خصاصه بذلك وأصل الوشع والتوشيع النسج غير المتلاحم وَمِنْه قيل: الوشع لبيت العنكبوت ووشائع الْغُبَار لطرائقه ووشعت المَال بَينهم إِذا وزعته هجلبه ونجل وزجل أَخَوَات بِمَعْنى رمى بِهِ
وشظ الشّعبِيّ رَحمَه الله كَانَت الْأَوَائِل تَقول: إيَّاكُمْ والوشائظ هم السفلة وَالْوَاحد وشيظ قَالَ: ... وحافظ صَدْرٌ من ربيعَة صالحٌ ... وطار الوَشِيظُ عَنْهُم والزَّعَانِفُ ... ] الزَّعانف: أَجْنِحَة السّمك وأطراف الْأَدِيم الَّتِى تلقى مِنْهُ [
وشى الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يستوشي الحَدِيث أَي يَسْتَخْرِجهُ بالبحث وَالْمَسْأَلَة من إيشاء الْفرس] 951 [واستيشائه وَهُوَ أَن يستميح جري الدَّابَّة بتحريك الرجل قَالَ الْأَغْلَب: ... بل قد أَقُود تَئِقاً ذَا شَغْبِ ... يُرْضِيكَ بالإيشَاءِ قَبْلَ الضّرب ...(4/62)
وَقَالَ جُنْدُب أَخُو بني سعد بن بكر: ... واستوشيت آباطهن بالجذم ...
وشح فِي الحَدِيث: إِن امْرَأَة كَانَت تدخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَكَانَت تكْثر أَن تتمثل بِهَذَا الْبَيْت: ... ويومَ الوشاح من تعاجيب رَبنَا ... على أنهمن بَلْدَة الكفرنجانى ... فَسَأَلُوهَا عَن ذَلِك فَقَالَت: كَانَ عرس وفقد وشاح فاتهموها ففتشوها فَقَالَت عَجُوز: فتشوا فلهمها فَجَاءَت الحدأة بالوشاح فألقته الوشاح: ضرب من الحلى وَجمعه وشح وَمِنْه توشح بِالثَّوْبِ واتشح بِهِ فَلهم الْمَرْأَة: فرجهَا
الْوَاو مَعَ الصَّاد
وصم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن الرجل إِذا قَامَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ أصبح طيب النَّفس وَإِن نَام حَتَّى يصبح أصبح ثقيلا موصما التوصيم: الفترة والكسل
وصل من اتَّصل فأعضوه أى دَعَا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وهى قَوْلهم: يَا لفُلَان قَالَ الْأَعْشَى: ... إِذا اتَّصَلَت قَالَت أَبَكْرَ بنَ وائلٍ ... وبَكْرٌ سَبَتْهَا والأنُوفُ رَوَاغِمُ ... وَعَن أبي بن كَعْب: إِنَّه أعض إنْسَانا اتَّصل(4/63)
وَيُقَال: وصل إِلَيْهِ واتصل إِذا انْتَمَى قَالَ الله تَعَالَى: (إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم)
وصف نهى عَن بيع المواصفة وهى أَن تبيع مَا لَيْسَ عِنْده ثمَّ يبتاعه فيدفعه إِلَى المُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَاعَ بِالصّفةِ من غير نظر وَلَا حِيَازَة ملك
وصّى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ رجل: إِنِّي أردْت السّفر فأوصني فَقَالَ لَهُ: إِذا كنت فِي الوصيلة فأعط راحلتك حظها وَإِذا كنت فِي الجدب فأسرع السّير وَلَا تهود وَإِيَّاك والمناخ على ظهر الطَّرِيق فَإِنَّهُ منزل للوالجة الوصيلة والوصلة: الأَرْض المكلئة تتَّصل بِمِثْلِهَا التهويد: الْمَشْي الرويد من الهوادة الوالجة: الْحَيَّات وَالسِّبَاع لاستتارها بالأولاج وهى المغارات
وصر شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى إِن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَيْهِ فَقَالَ أَحدهمَا: إِن هَذَا اشْترى] 952 [مني أَرضًا من أَرض الْحيرَة وَقبض مني وصرها فَلَا هُوَ يردُّ إليَّ الوصر وَلَا يعطيني الثّمن فَلم يجبهما بِشَيْء حَتَّى قاما من عِنْده وروى: إِن أَحدهمَا قَالَ: اشْتريت من هَذَا أَرضًا فَقلت: ادْفَعْ إليَّ الإصر وَإنَّهُ يَأْبَى فَقَالَ الآخر: إِنَّهَا أَرض جِزْيَة فَسكت شُرَيْح الوصر والإصر والأوصر والوصرة: الصَّك قَالَ عدي: ... فأيُّكُم لم يَنَلْهُ عُرْفُ نائِله ... دَثْراً سَواما وَفِي الأرْياف أَوْصارَا ... أَي أقطعكم وَكتب لَك السّجلات وَقَالَ آخر:(4/64)
.. وَمَا اتَّخَذْتُ صَرَاماً للِمُكُوثِ بهَا ... وَلَا انْتَقَثْتُكَ إِلَّا للواصرات ... الْجِزْيَة: الْخراج قَالُوا: وَإِنَّمَا سكت لِأَنَّهَا أَرض خراج وَقد اخْتلف فِي جَوَاز بيعهَا] فتوقف [
وصل فِي الحَدِيث: إِن أول من كسا الْكَعْبَة كسْوَة كَامِلَة تبع كساها الأنطاع ثمَّ كساها الوصائل وَهِي ثِيَاب حبرَة من عصب الْيمن الْوَاحِدَة وصيلة وَيُقَال لثياب الْغَزل: الوصائل
الْوَاو مَعَ الضَّاد
وضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم رأى على عبد الرَّحْمَن وضراً من صفرَة فَقَالَ: مَهيم فَقَالَ: تزوجت امْرَأَة من الْأَنْصَار على نواة من ذهب فَقَالَ: أولم وَلَو بِشَاة أَي لطخا من زعفران أَو خلوق أَو طيب لَهُ لون وردع مَهيم: كَقَوْلِك: مَا وَرَاءَك وَهِي كلمة يَمَانِية النواة: وزن خَمْسَة دَرَاهِم أَي على ذهب يُسَاوِي خَمْسَة دَرَاهِم وَذَلِكَ نصف مِثْقَال هَذَا التَّفْسِير مُطَابق لمَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن عِنْده أَن مَا جَازَ أَن يَقع عوضا فِي البيع جَازَ أَن يكون مهْرا وَعِنْدنَا لَا ينقص عَن عشرَة دَرَاهِم أَو عَن مِثْقَال لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَا تنْكح النِّسَاء إِلَّا من الْأَكفاء وَلَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم(4/65)
وَفِيه وَجْهَان آخرَانِ أَن يُرِيد على قدر نواة من نوى التَّمْر ذَهَبا فِي الحجم أَو على ذهب يوازن خَمْسَة دَارهم الْوَلِيمَة: من الولم وَهُوَ خيط يرْبط بِهِ لِأَنَّهَا تعقد عِنْد المواصلة
وضح أقاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم من يهودى قتل جوَيْرِية على أوضاحلها هِيَ حلى فضَّة جمع وضح سُمي باسم الوضح الَّذِي هُوَ الْبيَاض كَمَا سمَّى بِهِ الشيب والبرص فَمن الشيب] 953 [قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: غيروا الوضح أَي خضبوه وَمن البرص حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن رجلا جَاءَهُ وبكفِّه وضح فَقَالَ لَهُ: انْظُر بطن وَاد لَا منجدٍ وَلَا مُتَّهم فتمعك فِيهِ فَفعل فَلم يزدْ شَيْئا حَتَّى مَاتَ أَي لم يخلص ذَلِك الْوَادي لنجد وَلَا لتهامة وَلكنه حدٌّ بَينهمَا التمعُّك: التمرغ فَلم يزدْ: أَي لم ينتشر الوضح وَإِنَّمَا بَقِي على حَاله أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم بصيام الأواضح ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة أَي بصيام أَيَّام الأواضح وَهِي اللَّيَالِي الْبيض جمع وَاضِحَة وَالْأَصْل وواضح فقلبت الْوَاو الأولى همزَة كَقَوْلِهِم فِي جمع وَاسِطَة وواصلة: أواسط وأواصل وَالْمعْنَى ثَالِثَة ثَلَاث عشرَة فَحذف الْمُضَاف لعدم الالتباس وَكَذَلِكَ الباقيتان فِي الْمُوَضّحَة خمس من الْإِبِل هِيَ الشَّجَّة الَّتِي توضح عَن الْعظم وفيهَا إِذا وَقعت عمدا الْقصاص لِإِمْكَان اسْتِيفَائه وَإِذا وَقعت خطأ فَفِيهَا خمس من الْإِبِل(4/66)
وَعَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: إِن ابْن عمي شُجَّ مُوضحَة فَقَالَ: من أهل الْقرى أم أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ عمر: إِنَّا لَا نتعاقل المضغبيننا التعاقل: تفَاعل من الْعقل وَهُوَ الدِّيَة سُمي مَالا يعْتد بِهِ فِي إِيجَاب الدِّيَة مضغا تقليلا وتصغيرا وَكَانَ عمر يَقُول: أهل الْقرى لَا تعقل الْمُوَضّحَة ويعقلها أهل الْبَادِيَة وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز: مَا دون الْمُوَضّحَة خدوش فِيهَا صلح وَعَن الشّعبِيّ: مَا دون الْمُوَضّحَة فِيهِ أُجْرَة الطَّبِيب
وضع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الْأسود: أفضنا مَعَ عمر وَهُوَ على جمل أَحْمَر وَنحن نوضع حوله وروى: نوجف أوضع بعيره وأوجفه: حمله على الْوَضع والوجيف وهما ضَرْبَان من السّير الحثيث وَعنهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وجدنَا الْإِفَاضَة هِيَ الإيضاع وضع يَده فِي كشية ضبٍّ وَقَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لم يُحرمه وَلَكِن قذره وضع الْيَد فِي الطَّعَام: عبارَة عَن الْأَخْذ فِي أكله الكشية والكشَّة: شَحم الضَّبّ قَالَ: ... وَأَنت لَو ذُقْتَ الكُشَيَ بالأكْبَادْ ... لما تركْتَ الضَّبَّ يَعْدُو بالوَادْ ... قذره: تقذر مِنْهُ
وضن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا دفع من جمع وَهُوَ يَقُول:(4/67)
.. إِلَيْك تعدو قلقا وضينها ... فخالفا دينَ النَّصَاري دِينُها
إِن تغْفر اللهُمَّ تغْفر جَمّا ... وَأي عَبْدٍ لَك لَا أَلَمّا ... الْوَضِين: بطان موضون أَي منسوج وَإِنَّمَا قلق لضمرها دينهَا: أى دين مصاحبها لَا ألما: أَي لم يلم بِالذنُوبِ وَأكْثر مَا تجىء (لَا) هَذِه مكررة
الْوَاو مَعَ الطَّاء
وطأ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَى وأقربكم مني مجَالِس يَوْم الْقِيَامَة: أحاسنكم أَخْلَاقًا الموطئون أكنافا الَّذين يألفون ويؤلفون أَلا أخْبركُم بأبغضكم إِلَى وأبعدكم مني مجَالِس يَوْم الْقِيَامَة الثرثارون والمتفيهقون قيل: يَا رَسُول الله وَمَا المتفيهقون قَالَ: المتكبرون قَالَ الْمبرد: قَوْلهم فلَان موطأ الأكناف أَي أَن ناحيته يتَمَكَّن فِيهَا صَاحبهَا غير مؤذًي وَلَا نَاب بِهِ مَوْضِعه من التوطئه وَهِي التَّمْهِيد والتذليل الثرثار: الْكثير الْكَلَام وَمِنْه قيل الثرثار للنهر علم لَهُ وَهُوَ من قَوْلهم: عين ثرة كَثِيرَة المَاء. المتفيهق: من الفهق وَهُوَ الامتلاء يُقَال: فهق الْحَوْض فهقاً وأفهقته وَهُوَ الَّذِي(4/68)
يتوسع فِي كَلَامه ويملا بِهِ فَاه وَهَذَا من التكبر والرعونة إِن رعاء الْإِبِل ورعاء الْغنم تفاخروا عِنْده صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فأوطأهم رعاء الْإِبِل غَلَبَة فَقَالُوا: وَمَا أَنْتُم يَا رعاء النَّقْد هَل تخبون أَو تصيدون فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: بعث مُوسَى وَهُوَ راعي غنم وَبعث دَاوُد وَهُوَ راعي غنم وَبعثت وَأَنا راعي غنم أَهلِي بأجياد فَغَلَبَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَي جعلوهم يوطئون قهرا وَغَلَبَة عَلَيْهِم تخبون: من الخبب لِأَن رعاء الْإِبِل فِي سوقها إِلَى المَاء يخبون خلفهَا وَلَيْسَ كَذَلِك رعاء الْغنم ويعزبون بهَا فِي المرعى فيصيدون الظباء والرئال وَأُولَئِكَ لَا يبعدون عَن الْمِيَاه وَالنَّاس فَلَا يصيدون إنَّ جبرئيل عَلَيْهِ السَّلَام صلى بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق وائتظى الْعشَاء هُوَ من قَول بني قيس: لم يأتط السعربعدأى لم يطمئن وَلم يبلغ نَهَاهُ وَلم يستقم وَلم يأتط الجداد بعد وَمَعْنَاهُ لم يحن وَقد ائتطى يأتطي كائتلى يأتلي وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ: مَا آطاني على كَذَا أَي مَا ساعفني وَلَو آطاني لفَعَلت كَذَا وروى قَول كثير عزة: ... فَأَنت الَّتِي حَبَّبْتِ شَغْبَي ... إلَى بَدا إليَّ وأوطاني بلادٌ سِوَاهُما ... وآطاني بِلَاد بِمَعْنى ووافقني بِلَاد وَكَأَنَّهُ من المواطأة والتَّوطئة فَلَمَّا قيل إطاء فِي وطاء نَحْو إعاء فِي وعَاء وآطاني فِي واطاني نَحْو أحد وأناة فى وحد ووناة شيغوا ذَلِك بقَوْلهمْ ايتطأ وَإِلَّا فَالْقِيَاس اتَّطأ كاتَّدأ من ودأ وَأما] 955 [قلبهم الْهمزَة الَّتِي هِيَ لَام ألفا فنحو قَوْله: لَا هُنَاكَ المرتع وَلَيْسَ بِقِيَاس(4/69)
وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ أَن الأَصْل ائتط افتعل من الأطيط لِأَن الْعَتَمَة وَقت حلب الْإِبِل وَهِي حِينَئِذٍ تئطُّ أَي تحنّ وترقّ لأولادها وَجعل الْفِعْل للعشاء وَهُوَ لَهَا اتساعا نَحْو قَوْلهم: صيد عَلَيْهِ يَوْمَانِ وَولد لَهُ سِتُّونَ عَاما وصدنا قنوين عمار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وشى بِهِ رجل إِلَى عمر فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ كذب عليَّ فاجعله موطأ الْعقب أَي سُلْطَانا يتَّبع ويوطأ عقبه
وطد ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ زِيَاد بن عدي فوطده إِلَى الأَرْض وروى: فأطره وَكَانَ رجلا مجبولا عَظِيما فَقَالَ عبد الله: أعلٍ عنِّج فَقَالَ: لَا حَتَّى تُخبرنِي مَتى يهْلك الرجل وَهُوَ يعلم قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إِمَام إِن أطاعه أكفره إِن عَصَاهُ قَتله أَي وَطئه وغمزه إِلَى الأَرْض من قَوْلهم: وطدت الأَرْض أطدها طدة إِذا وطئتها أَو ردستهاحتى تتصلب والميطدة مَا يُوطد بِهِ من خَشَبَة أَو غَيرهَا وَمِنْه حَدِيث الْبَراء بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ يَوْم الْيَمَامَة لخَالِد بن الْوَلِيد: طدني إِلَيْك وَكَانَت تصيبه عرواءمثل النفضة حَتَّى يقطر أَي ضمني إِلَيْك واغمرني أطره: عطفه مجبول: عَظِيم الجبلة أَي الْخلقَة أعل: من أعل عَن الوسادة وعال عَنْهَا ارْتَفع وتنحَّ عنَّج: يُرِيد عنّى أكفره: نسبه إِلَى الْكفْر وَحكم بِهِ عَلَيْهِ(4/70)
عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى: فِي الوطواط يُصِيبهُ الْمحرم قَالَ: ثلثا دِرْهَم هُوَ الخفاش وَقيل: هُوَ الخطَّاف
الْوَاو مَعَ الْعين
وعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ إِذا سَافر سفرا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من وعثاء السّفر وكآبة المنقلب والحور بعد الْكَوْن وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال ويروى: كَانَ يتَعَوَّذ بِاللَّه من وعثاء السّفر وكآبة الشِّطة وَسُوء المنقلب يُقَال: رمل أوعث ورملة وعثاء لما يشْتَد فِيهِ السّير للينه ورسوخ الْأَقْدَام فِيهِ ثمَّ قيل للشدة وَالْمَشَقَّة: وعثاء على التَّمْثِيل كآبة المنقلب: أَن يَنْقَلِب إِلَى وَطنه ملاقياً مَا يكتئب مِنْهُ من أَمر أَصَابَهُ فِي سَفَره أَو فِيمَا يقدم عَلَيْهِ الْحور: الرُّجُوع والكون: الْحُصُول على حَالَة جميلَة يُرِيد التراجع بعد الإقبال وَهُوَ فِي غير الحَدِيث بالراء من كور الْعِمَامَة وَهُوَ لفُّها وفُسِّر بِالنُّقْصَانِ بعد الزِّيَادَة وبالنقض بعد الشدّ والتَّسوية الشِّطَّة] 956 [: بعد الْمسَافَة من شطت الدَّار
وعب فى الْأنف إِذا استوعب جدعه الدِّية وروى: أُوعب الْإِيعَاب والاستيعاب: الاستئصال وَالِاسْتِقْصَاء فِي كل شَيْء وَمِنْه قَوْلهم: أَتَى الْفرس بركض وعيب إِذا جَاءَ بأقصى مَا عِنْده وَمِنْه الحَدِيث: إِن النّعمة الْوَاحِدَة تستوعب جَمِيع عمل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: نومَة بعد الْجِمَاع أوعب للْمَاء(4/71)
أَي أَحْرَى أَن تخرج كلَّ مَا بَقِي من مَاء الرجلوتستقصيه وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: كَانَ النَّاس يوعبون فِي النَّفير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فيدفعون مفاتيحهم إِلَى ضُمنائهم وَيَقُولُونَ: إِن احتجتم فَكُلُوا فَقَالُوا: إِنَّمَا أحلوه لنا من غير طيب نفس فَنزلت: (ليْسَ عَلَى الأعْمَى) إِلَى قَوْله تَعَالَى: (أوما مَلكْتُم مَفاتِحه) من أوعب الْقَوْم إِذا خَرجُوا كلهم إِلَى الْغَزْو قَالَ أَوْس: ... نُبِّئْتُ أَن بنى جديلة أوغبوا ... انفراء مِنْ سَلْمَى لَنَا وتَكَتَّبُوا ... وَمِنْه الحَدِيث: أوعب الْأَنْصَار مَعَ على إِلَى صفّين
الْوَاو مَعَ الْغَيْن
وغل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق وَلَا تبغِّضْ إِلَى نَفسك عبَادَة الله فَإِن المنبتَّ لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى يُقَال: أوغل الْقَوْم وتوغلوا وتغلغلوا إِذا أَمْعَنُوا فِي سيرهم وَالْمعْنَى أمعن فِيهِ وابلغ مِنْهُ الْغَايَة القصوى والطبقة الْعليا وَلَا يكن ذَلِك مِنْك على سَبِيل الخُرق والتَّهافت والتّسرع وَلَكِن بالرفق والرِّسل وتألف النَّفس شَيْئا فَشَيْئًا ورياضتها فينةً بعد فينة حَتَّى تبلغ الْمبلغ الَّذِي ترومه وَأَنت مُسْتَقِيم ثَابت الْقدَم ثَبت الْجنان وَلَا تحمل على نَفسك فَيكون مثلك مثل من أوغذ السّير فَبَقيَ مُنبتًّا أَي مُنْقَطِعًا بِهِ لم يقْض سَفَره وَأهْلك رَاحِلَته وَعَن تَمِيم الدَّارِيّ: خُذ من دينك لنَفسك وَمن نَفسك لدينك حَتَّى يَسْتَقِيم بك الْأَمر على عبَادَة تطيقها وَعَن بُرَيْدَة قَالَ: بَيْنَمَا أَنا ماشٍ فِي طَرِيق إِذا أَنا بِرَجُل خَلْفي فالتفتُّ فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَأخذ بيَدي فَانْطَلَقْنَا فَإِذا نَحن بِرَجُل يُصلي يُكثر الرُّكُوع وَالسُّجُود فَقَالَ لي: يَا بُرَيْدَة أتراه يُرائي ثمَّ أرسل يَده من يَدي وَجمع يَدَيْهِ وَجعل(4/72)
يَقُول: عَلَيْكُم هَديا قَاصِدا عَلَيْكُم هَديا قَاصِدا إِنَّه من يشادّ هَذَا الدّين يغلبه عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي قصَّة الْإِفْك: إِنَّهَا قَالَت] 957 [: أَتَيْنَا الْجَيْش بعد مَا نزلُوا موغرين فى حرالظهيرة وفيهَا: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء عِنْد الوحى
وغر أَي داخلين فِي الوغرة وَهِي فورة القيظ وشدَّته وَمِنْهَا وغر صَدره والوغير: اللَّحْم المشويّ على الرّمضاء ومغورِّين من التغوير وَهُوَ النُّزُول للقائلة شَدِيد الطباق لهَذَا الْموضع لَوْلَا الرِّوَايَة على أَن تَحْرِيف النقلَة غير مَأْمُون لترجل كثير مِنْهُم فِي علم الْعَرَبيَّة والإتقان فِي ضبط الْكَلم مربوط بالفروسية فِيهِ البرحاء: شدَّة الكرب
وغل عِكْرِمَة رَحمَه الله تَعَالَى من لم يغْتَسل يَوْم الْجُمُعَة فليستوغل أَي فليغسل المغابن والأرفاغ ليزول صنانها ونتنها لِأَن الْقَوْم كَانُوا يعْملُونَ الْأَعْمَال الشاقة فتعرق مِنْهُم مغابنهم ويستنجون بالأحجار فَأَرَادَ أَن ينظفوا هَذِه الْمَوَاضِع بِالْغسْلِ إِن لم يكن الغُسل والاستيغال: استفعال من الوغول فى الشىء وَهُوَ الدُّخُول فى أقصاه
الْوَاو مَعَ الْفَاء
وفض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَمر بِصَدقَة أَن تُوضَع فِي الاوفاض هم الْفرق من النَّاس من قَوْلهم: وفضت الْإِبِل تفض وفضاً إِذا تفرَّقت أَو الَّذين مَعَهم أوفاض جمع وَفِضة وَهِي كالكنانة يُلقي الرَّاعِي فِيهَا طَعَامه أَو الْفُقَرَاء الضِّعاف الَّذين لَا دفاع بهم من قَوْلهم للوضم وفضٌ وَالْجمع أوفاض قَالَ الطرماح: ... كم عَدُوٍّ لَنَا قُرَاسِيِةِ المج ... د تَرَكْنَا لَحْماً عَلَى أَوْفَاضٍ ...(4/73)
أَو الَّذين يسيحون فِي الأَرْض من قَوْلهم: لَقيته على أوفازٍ وعَلى أوفاض الْوَاحِد وفز ووفض وَهُوَ العجلة قَالَ: ... يَمْشي بِنَا الجِدَّ على أوفاض ... وَمِنْه استوفض إِذا استوفز
وفى أتيت لَيْلَة أُسري بِي على قوم تُقرض شفاههم كلما قٌرضت وفت فَقَالَ جِبْرِيل: هَؤُلَاءِ خطباء أُمتك الَّذين يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ أَي نمت وطالت يُقَال: وَفِي شعره وأوفيته أَنا
الْوَاو مَعَ الْقَاف
وقص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن رجلا كَانَ وَاقِفًا مَعَه وَهُوَ محرم فوقصت بِهِ نَاقَته فِي أخاقيق جرذان فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: اغسلوه وكفنوه وَلَا تخمروا وَجهه فَإِنَّهُ يُبعث يَوْم الْقِيَامَة ملبياً أَو قَالَ ملبداً الوقص: كسر الْعُنُق الأخقوق والُّلخقوق: الخدُّ والصَّدع فِي الأَرْض كالخقِّ والَّلقّ من سَأَلَ وَله أُوقِيَّة فقد سَأَلَ النَّاس إلحافا
وقى وَهِي أَرْبَعُونَ درهما وَهِي أُفعولة] 958 [من وقيت لأنَّ المَال مخزون مصون أَو لِأَنَّهُ يقي الْبُؤْس والضر
وقش دخلت الْجنَّة فَسمِعت وقشاً خَلْفي فَإِذا بِلَال أَي حَرَكَة قَالَ: ... لاخْفَافِها باللْيلِ وَقْشٌ كَأَنَّهُ ... على الأَرْض ترشاف الظباء السوانح ...
وَقع قدمت عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم حليمة فشكت إِلَيْهِ جَدب الْبِلَاد فكلَّم لَهَا(4/74)
خَدِيجَة فأعطتها أَرْبَعِينَ شَاة وبعيراً موقعاً للظعينة فَانْصَرَفت بِخَير هُوَ الَّذِي بظهره وبر كثير لِكَثْرَة مَا رُكب وحُمل عَلَيْهِ الظعينة: الهودج
وَقب لما رأى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم الشَّمْس قد وَقَبَتْ قَالَ: هَذَا حِين حلِّها أَي غَابَتْ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (إِذا وَقَب) يُقَال: وَقَبَتْ عَيناهُ إِذا غارتا وَقيل للنقرة: الوقبة لِأَنَّهَا مَكَان غائر حِين حلهَا: أَي الْحِين الَّذِي يحلُّ فِيهِ أَدَاؤُهَا يَعْنِي صَلَاة الْمغرب
وقص صلى على أبي الدحداح ثمَّ أَتَى بفرس عري فَرَكبهُ وَجعل يتوقص بِهِ وَنحن مشَاة حوله وَفِيه أَنه قَالَ: رب عذق لَهُ مذلل الْجنَّة التوقص: سير بَين الْعُنُق والخبب العذق: النَّخْلَة الْمُذَلل: الَّذِي سويت عذوقه عِنْد الإبار وَقيل: هُوَ الَّذِي يقرب من القاطف فَلَا يَتَطَاوَل إِلَيْهِ من قَوْلهم للحائط الْقصير: ذليل
وَقت لم يقت صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي الْخمر حدًّا أَي لم يحد يُقَال: وَقت الشَّيْء ووقَّته إِذا بيَّن حَده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (كتابا موقوتا)
وقط كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا نزل بِهِ الْوَحْي وقط فِي رَأسه واربدَّ وَجهه وَوجد بردا فِي أَسْنَانه يُقَال: وقطه إِذا ضربه حَتَّى أثقله فَهُوَ وقيط وموقوط وَقيل: الوقيط الَّذِي طَار نَومه فأمسى متكسراً ثقيلا قَالَ الْأسود:(4/75)
.. وجهمانوكلنا بذكرة وَائِل ... يَبِيتُ إِذا نامَ الخَلِيُّ وَقِيطا
فدى لَك أُمِّي يَوْم تضرب وَائِلا ... وَقد بلَّ ثوبيه النَّجِيعُ عَبِيطا ... وروى بالظاء يُقَال: وقذه ووقظه ووقظ فِي رَأسه نَحْو قَوْلك: ضُرب فلَان فِي رَأسه وصدع فِي رَأسه تسند الْفِعْل إِلَيْهِ ثمَّ تذكر مَكَان مُبَاشرَة الْفِعْل وملاقاته مُدخلا عَلَيْهِ الْحَرْف الَّذِي هُوَ للوعاء
وَقل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما كَانَ يَوْم أُحد كنت أتوقل كَمَا تتوقل الأروية فانتهيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه وَهُوَ يوحي إِلَيْهِ: (وَمَا محمدٌ إِلَّا رسولٌ قد خَلَتْ من قبله الرُّسُل) وَقل فِي الْجَبَل وتوقَّل إِذا رقى الأروية: أُنْثَى الوعول
وقذ إِنِّي لأعْلم مَتى تهْلك الْعَرَب إِذا ساسها] 959 [من لم يدْرك الْجَاهِلِيَّة فَيَأْخُذ بأخلاقها وَلم يُدْرِكهُ الْإِسْلَام فيقذه الْوَرع أَي يسكنهُ ويقره عَن التخفف إِلَى انتهاك مَا لَا يحلّ قَالَ أَبُو سعيد: الوقذ: الضَّرْب على فأس الققا فَتَصِير هدَّته إِلَى الدِّمَاغ فَيذْهب الْعقل معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى بوقص وَهُوَ بِالْيمن فَقَالَ: لم يَأْمُرنِي فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم بِشَيْء هُوَ مَا بَين الفريضتين
وَقع أُبيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لرجل كَانَ لَا تُخطئه الصَّلَاة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وبيته فِي أقْصَى الْمَدِينَة: لَو اشْتريت دابَّة تقيك الوقع فَقَالَ لَهُ: مَا أحب أَن(4/76)
بَيْتِي مُطنَّب بِبَيْت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَقعت الْقدَم توقع وَقعا إِذا مشت فِي الوقع وَهِي الْحِجَارَة المحددة من وَقع السكين إِذا حدده فوهنت قَالَ: ... يَا ليتَ لي نَعْلَيْنِ من جِلْدِ الضَّبُعْ ... وشُرُكاً منَ اسْتِها لَا تَنْقَطِعْ
كلَّ الحِذَاء يَحْتَذي الحافى الوقع ...
الْوَاو مَعَ الْكَاف
وكى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن الْعين وكاء السَّهِ فَإِذا نَامَتْ العينان اسْتطْلقَ الوكاء فَإِذا نَام أحدكُم فَليَتَوَضَّأ جعل الْيَقَظَة للاست كالوكاء للقربة وَهُوَ الْخَيط الَّذِي يشدُّ بِهِ فوها السَّه: الاست أَصْلهَا ستهٌ فحذفت الْعين كَمَا حُذفت من مذ وَإِذا صغرت ردَّتْ فَقيل: ستيهة
وكف خِيَار الشُّهَدَاء عِنْد الله أَصْحَاب الوكف قيل: يَا رَسُول الله: وَمن أَصْحَاب الوكف قَالَ: قوم تُكفأ عَلَيْهِم مراكبهم فِي الْبَحْر الوكف: من قَوْلهم: وكف الْبَيْت وَهُوَ مثل الْجنَاح يكون عَلَيْهِ الكنيف وَمِنْه قَوْلهم: اجتنحواوتواكفوا بِمَعْنى وَقيل للنطع: الوكف كَمَا قيل لَهُ الميناة لأَنهم كَانُوا يتخذون القباب من الأنطاع(4/77)
وَالْمعْنَى أَن مراكبهم قد اجتنحت عَلَيْهِم وتكفأت فَصَارَت فَوْقهم مثل أوكاف الْبيُوت تَوَضَّأ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فاستوكف ثَلَاثًا أَي استقطر المَاء وَالْمعْنَى اصطبه على يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات فغسلهما قبل إدخالهما فى الأناء
وكل أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْفضل بن الْعَبَّاس وَعبد الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث ابْن عبد الْمطلب يسألانه عَن أبويهما السّعَايَة فتواكلا الْكَلَام فَأخذ بآذانهما وَقَالَ: أخرجَا مَا تصرران قَالَ فكلمناه فَسكت قَالَ: ورأيناه زَيْنَب تلمع من وَرَاء الْحجاب أَلا تعجل وروى أَن لَا تفعل التَّواكل: أَن يكل كل وَاحِد أمره إِلَى صَاحبه ويتَّكل عَلَيْهِ فِيهِ تُصرِّران: تجمعان فِي صدوركما وَمِنْه قيل للأسير] 96 [: مصرور لصر يديهوعنقه بالغل وَرجلَيْهِ بالقيد تلمع: تُشِير بِيَدَيْهَا وَإِنَّمَا سكت لِأَن الصَّدَقَة محرَّمة على بني هَاشم عمِلُوا فِيهَا أَو لم يعملوا
وكت وَالَّذِي نفس مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم بِيَدِهِ لَا يخلف أحدٌ وَإِن على مثل جنَاح الْبَعُوضَة إِلَّا كَانَت وكتةً فِي قلب هِيَ الْأَثر كالنكتة وَمِنْهَا قَوْلهم: وكتت البسرة إِذا وَقع فِيهَا شىء من الإرطاب
وكى الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يوكي بَين الصَّفَا والمروة أَي لَا ينبس فِي الطّواف بهما كَأَنَّهُ أوكى فَاه كَمَا يوكي السقاء قَالَ الْأَعرَابِي لرجل يتَكَلَّم: أوك حلقك أَي يسْرع وَلَا يمشي على هينته كَأَنَّهُ يمْلَأ مَا بَينهمَا سعياً لأنَّ السِّقاء لَا يوكى(4/78)
إِلَّا بعد الملء فَعبر عَن الملء بالإيكاء
وكس مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنِّي لم أكسك وَلم أخسك من وكس يكس وكساً إِذا نقص يُقَال: لَا تكس الثّمن وخاس فلَان وعده إِذا أخلف وخان أَي لم أنقصك حَقك وَلم أخنك وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم يُخاس أَنفه فِيمَا كره أَي يذلّ أَي وَلم أذلك وَلم أهنك
وكف ابْن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أهل الْجنَّة يتوكفون الْأَخْبَار فَإِذا مَاتَ الْمَيِّت سَأَلُوهُ مَا فعل فلَان وَمَا فعل فلَان يُقَال: توكف الْخَبَر وتوَّقعه وتسقطه إِذا انْتظر وكفه ووقوعه وسقوطه من وكف الْمَطَر إِذا وَقع وَيدل على أَنه مِنْهُ مَا رَوَاهُ الْأَصْمَعِي من قَوْلهم: استقطر الْخَبَر واستودقه
الْوَاو مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لَا تولَّه وَالِدَة عَن وَلَدهَا وَلَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِل حَتَّى [تستبر] أبحيضة أَي لَا تعزل عَنهُ من الواله وَهِي الَّتِي فقدت وَلَدهَا وَمِنْه: إِنَّه نهى عَن التوليه والتبريح قَالُوا: التبريح: قتل السوء كإلقاء السَّمَكَة حيَّةً على النَّار وإلقاء الْقمل فِيهَا
ولى كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك غناي وغنى مولَايَ(4/79)
هُوَ كل ولي كَالْأَبِ وَالْأَخ وَابْن الْأَخ وَالْعم وَابْن الْعم والعصبة كلهم وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر أَمر مَوْلَاهَا فنكاحها بَاطِل نهى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَن يجلس على الولايا ويضطجع عَلَيْهَا هِيَ البراذع] 961 [لِأَنَّهَا تلى ظُهُور الدَّوَابّ الْوَاحِدَة ولية وَفِي حَدِيث ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه خرج فَبَاتَ بقفر فَلَمَّا قَامَ ليرحل وجد رجلا طوله شبران عَظِيم اللِّحْيَة على الولَّية فنفضها فَوَقع ثمَّ وَضعهَا على الرَّاحِلَة وَجَاء وَهُوَ على الْقطع فنفضه فَوَقع فَوَضعه على الرَّاحِلَة وَجَاء وَهُوَ بَين الشرخين فنفض الرحل ثمَّ شده وَأخذ السَّوْط ثمَّ أَتَاهُ وَقَالَ: من أَنْت فَقَالَ: أَنا أزب فَقَالَ: وَمَا أزب قَالَ: رجل من الْجِنّ قَالَ: افْتَحْ فَاك أنظرهُ فَفتح فَاه قَالَ: أهكذا خلوقكم وروى: حلوقكم ثمَّ قلب السَّوْط فَوَضعه فَوق رَأس أزب حَتَّى باص الْقطع: الطنفسة الشرخان: جانبا الرحل الخلوق: جمع خلق باص: هرب كره ذَلِك لِئَلَّا تقمل فتضر بالدواب وَألا يعلق بهَا الشوك والحصى فتعقر ظُهُورهَا وَألا توسخ ثوب الْقَاعِد والمضطجع
ولق عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو الجناب: جَاءَ عمى من الْبَصْرَة يذهب بِي فَقَالَت أُمِّي: وَالله لَا أتركك تذْهب بِهِ ثمَّ ذكرت ذَلِك لعَلي فَقَالَ عمى: وَالله لأذهبن بِهِ وَإِن رغم أَنْفك فَقَالَ عَليّ: كذبت وَالله وولقت ثمَّ ضرب بَين أُذُنَيْهِ بِالدرةِ الولق والألق: الِاسْتِمْرَار فِي الْكَذِب من ولق يلق وألق يألق إِذا أسْرع فِي مره وَمِنْه نَاقَة ألْقى وولقى أى سريعة(4/80)
ولغَ بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليدي قوما قَتلهمْ خَالِد بن الْوَلِيد فَأَعْطَاهُمْ ميلغة الْكَلْب وعلبة الحالب ثمَّ قَالَ: هَل بَقِي لكم شَيْء ثمَّ أَعْطَاهُم بروعة الْخَيل ثمَّ بقيت مَعَه بَقِيَّة فَدَفعهَا إِلَيْهِم أَي أَعْطَاهُم قيمَة مَا ذهب لَهُم حَتَّى الميلغة وَهِي الظّرْف الَّذِي يلغ فِيهِ الْكَلْب والعلبة وَهِي محلب من خشب. ثمَّ أَعْطَاهُم أَيْضا بِسَبَب روعة أَصَابَت نِسَاءَهُمْ وصبيانهم حِين وَردت عَلَيْهِم الْخَيل وروى: بقيت مَعَه بقيةٌ فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا وَقَالَ: هَذَا لكم بروعة صِبْيَانكُمْ ونسائكم
ولول ابْن أسيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يُقَال لسيفهولول وَابْنه الْقَائِل فِيهِ يَوْم الْجمل: ... أَنَا ابنُ عَتَّابٍ وسَيْفي وَلْوَلْ ... والمَوْتُ دون الجَمَل المُجَلَّلْ ... كَأَنَّهُ سُمي وَلَوْلَا لِأَنَّهُ كَانَ يقتل بِهِ الرجل فتولول نِسَاؤُهُم وَابْن عتاب: هُوَ عبد الرَّحْمَن يعسوب قُرَيْش شهد الْجمل مَعَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقتل فاحتملت عُقاب كفَّه فأصيبت ذَلِك الْيَوْم بِالْيَمَامَةِ فَعرفت بِخَاتمِهِ
ولى ابْن الْحَنَفِيَّة رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يَقُول: إِذا مَاتَ بعض أَهله أولى لي كدت أَن أكون السوَاد المُخترم أولى: كلمة تلهف] 962 [ووعيد وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى) شبًّه كَاد بعسى فَأدْخل أَن على خَبره كَقَوْل أبي النَّجْم: ... قد كادَ من طُولِ البلى أَن يمحصا ...
ولد شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: إِن رجلا اشْترى جَارِيَة وشرطوا أَنَّهَا مولدة فوجدوها تليدة فردّها المولَّدة: الَّتِي ولدت من الْعَرَب ونشأت مَعَ أَوْلَادهم وغذوها غذَاء الْوَلِيد وعلّموها تَعْلِيم الْوَلَد وأدبوها(4/81)
والتليدة: الَّتِي ولدت بِبِلَاد الْعَجم وحُملت فَنَشَأَتْ فى بِلَاد الْعَرَب
ولث ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يكره شِرَاء سبي زابل وَقَالَ: إنَّ عُثْمَان ولث لَهُم ولثاً أَي أَعْطَاهُم شَيْئا من الْعَهْد] وَمِنْه [ولث السَّحَاب وَهُوَ الندى الْيَسِير
ولد فِي الحَدِيث: كَانَ بعض الْأَنْبِيَاء يَقُول: اللَّهُمَّ احفظني حفظ الْوَلِيد هُوَ الصَّبِي الصَّغِير لِأَنَّهُ لَا يبصر المعاطب وَهُوَ يتَعَرَّض لَهَا ويحفظه الله أَو لِأَن الْقَلَم مَرْفُوع عَنهُ فَهُوَ مَحْفُوظ من الآثام إِن مسافعا قَالَ: حَدَّثتنِي امْرَأَة من بني سليم ولَّدت عَامَّة أهل دَارنَا أى قبلتهم والمولدة: الْقَابِلَة
الْوَاو مَعَ الْمِيم
ونى الْعَوام بن حَوْشَب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: حَدثنِي شيخ كَانَ مرابطا قَالَ: خرجت لَيْلَة محرسي إِلَى الميناء هُوَ مرفأ السفن وَهُوَ مفعال من الونى وَهُوَ الفتور لِأَن الرّيح تنى فِيهِ كَمَا سُمي الكلاء والمكلأ لِأَنَّهَا تُكلأ فِيهِ وَقد يقصر فَيُقَال مينا ووزنه مفعل(4/82)
قَالَ نصيب: ... تيممن مِنْهَا خارجات كَأَنَّهَا ... بدجلة فِي الميناء فلك مُقَيَّرُ ...
الْوَاو مَعَ الْهَاء
وهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم صلى فأوهم فِي صلَاته فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله كَأَنَّك أوهمت فى صَلَاتك فَقَالَ: وَكَيف لَا أوهم وَرفع أحدكُم بَين ظفره وأنملته أوهم فِي كَلَامه وَكتابه إِذا أسقط مِنْهُ شَيْئا وَوهم يُوهم وهما: غلط وَهَذَا كحديثه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَقد استبطئوا الْوَحْي: وَكَيف لَا يحتبس الْوَحْي وَأَنْتُم لَا تقلِّمون أظفاركم وَلَا تقصون شواربكم وَلَا تننقون براجمكم
وهب أهْدى لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم عبد الله بن جداعة الْقَيْسِي شَاة فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله أثبنى فَأمر لَهُ بِحَق فَقَالَ: زِدْنِي فزاده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لقد هَمَمْت أَلا أتَّهب إِلَّا من قرشي أَو أَنْصَارِي أَو ثقفي فَقَالَ فِي ذَلِك حسان كلمة فِيهَا: ... ] 963 [إنَّ الْهَدَايَا تجارَاتُ اللِّئامِ وَمَا ... يَبْغِي الكرامُ لما يُهْدُون من ثَمَنِ ... الاتِّهاب: قبُول الْهِبَة وَكَانَ ابْن جداعة بدوياًّ وقريش وَالْأَنْصَار وَثَقِيف أهل حضر وهم أعرف بمكارم الْأَخْلَاق
وهز قَالَ مجمع بن جَارِيَة رَضِي الله عَنهُ: شَهِدنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَلَمَّا انصرفنا عَنْهَا إِذا النَّاس يهزون الأباعر فَقَالَ بَعضهم لبَعض: مَا لَهُم قَالُوا: أُوحِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فخرجنا مَعَ النَّاس نوجف أَي يحثونها (7) ويدفعونها(4/83)
وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه ندب النَّاس مَعَ سَلمَة بن قيس الْأَشْجَعِيّ إِلَى بعض أَرض فَارس فَفتح الله عَلَيْهِم فَأَصَابُوا سفطين مملوءين جوهراً فَرَأَوْا أَن يَكُونَا لعمر خَاصَّة دون الْمُسلمين فَدَعَا سَلمَة رجلا وَأمره بِحمْل السفطين إِلَى عمر. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بالسفطين نهز بهما حَتَّى قدمنَا الْمَدِينَة فَذكر أَنه دخل على عمر وَحضر طَعَامه فَجَاءَت جَارِيَة بسويق فناولته إِيَّاه قَالَ: فَجعلت إِذا حرّكته ثار لَهُ قشار وَإِذا تركته نثد قَالَ: ثمَّ جِئْت إِلَى ذكر السفطين فلكأنما أرْسلت عَلَيْهِ الأفاعي والأساود والأراقم وَقَالَ: لَا حَاجَة لي فِيهِ ثمَّ حَملَنِي وصاحبي على ناقتين ظهيرتين من إبل الصَّدَقَة نهز: أَي نسرع بهما وندفع القشار: القشر نثد: أى سكن وركد وَمِنْه نثدت الكمأة إِذا نَبتَت والنبات والثبات من وَاد وَاحِد وَيصدق ذَلِك قَوْلهم: نثطت الكمأة ونثط الله الأَرْض بالآكام: أثبتها وأركدها وَجَاء فى قلب نثد ثدن الرجل إِذا كثر لَحْمه فَهُوَ ثادن والثدين قَلِيل الْحَرَكَة متثاقل عَن النهضة سَاكن الطَّائِر وَكَذَلِكَ دثن الطَّائِر فِي الشَّجَرَة إِذا عشش فِيهَا وَأقَام: وَالْإِقَامَة من بَاب الركود والثبات الظهير: القوى الظّهْر
وهف لَا يُغير واهف عَن وهفيته ويروى: وهافته وَلَا قسيس عَن قسيسيته وروى: وافه عَن وفهيته الواهف الوافه: الْقيم على بَيت النَّصَارَى الَّذِي فِيهِ صليبهم وَعَن قطرب: الوافه: الحكم وَقد وفه يفه على وزن وضع يضع(4/84)
وَهل عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا ذكر لَهَا قَول ابْن عمر فِي قَتْلَى بدر فَقَالَت: وَهل ابْن عمر أَي سَهَا وَغلط يُقَال: وَهل يهل مثل وهم يهم إِذا ذهب وهمه إِلَى الشىء وَلَيْسَ كَذَلِك
وهف قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: (يَأْخُذُونَ عَرَض هَذَا الأدْنى وَيَقُولُونَ سيُغْفَرُ لنا) قَالَ نبذوا الْإِسْلَام وَرَاء ظُهُورهمْ وتمنوا على الله الْأَمَانِي كلما [964] وهف لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا أكلوه وَلَا يبالون حَلَالا كَانَ أَو حَرَامًا أَي بدالهم وَعرض يُقَال: وهف لي كَذَا وهفاً وأوهف إيهافاً أَي طف لي وَمِنْه حَدِيثه رَحْمَة الله: كَانُوا إِذا وهف لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا أَخَذُوهُ وَإِلَّا لم يتقطعوا عَلَيْهَا حسرة فِي الحَدِيث: الْمُؤمن واه راقع أَي مذنب تائب شبه بِمن يهى ثَوْبه فيرقعه وَالْمرَاد بالواهي ذُو الوهى فِي ثَوْبه
الْوَاو مَعَ الْيَاء
وَيْح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لعمَّار: وَيْح ابْن سميَّة تقتله الفئة الباغية وَيْح وويب وويس ثلاثتها فِي معنى الترحم وَقيل: وَيْح رَحْمَة لنازلٍ بِهِ بلية وويس رأفة واستملاح كَقَوْلِك للصَّبِيّ: ويسه مَا أملحه وويب مثل وَيْح وَأما ويل فشتم وَدُعَاء بالهلكة وَعَن الْفراء: إِن الويل كلمة شتم وَدُعَاء سوء وَقد استعملتها الْعَرَب استعمالقاتله الله(4/85)
فِي مَوضِع الاستعجاب. ثمَّ استعظموها فكنوا عَنْهَا بويح وويب وويس كَمَا كنوا عَن قَوْلهم: قَاتله الله بقَوْلهمْ: قاتعه الله وكاتعه وكما كنواعن جوعا لَهُ بجوسا لَهُ وجوداوقال حميد بن ثَوْر: ... أَلاَ هَيَّمَا مِمَّا لَقِيت وَهَيّماً ... وَوَيْحٌ لمن لم يَدْرِ مَا هُنَّ وَيْحَمَا ... وانتصابه بِفعل مُضْمر كَأَنَّهُ قيل: ترحم ابْن سميَّة أَي أترحمه ترحما. سميَّة: كَانَت أمة أبي حُذَيْفَة بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي زوّجها ياسراً وَكَانَ حليفه فَولدت لَهُ عماراً فَأعْتقهُ أَبُو حُذَيْفَة. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ويلمِّه كَيْلا بِغَيْر ثمن لَو أَن لَهُ وعَاء. أَصله وي لأمه وَهُوَ تعجب. يُرِيد أَنه يَكِيل الْعُلُوم الجمَّة وَهُوَ لَا يَأْخُذ ثمنا بذلك الْكَيْل إِلَّا أَنه لَا يُصَادف واعيا للْعلم وحاملا لَهُ بِحَق.(4/86)
حرف الْهَاء
الْهَاء مَعَ الْألف
هَاء عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا تشتروا الذَّهَب بِالْفِضَّةِ إِلَّا يدا بيد هَاء وهاء إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم الرَّماء وروى: الإرماء. هَاء: صَوت بِمَعْنى خُذ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (هاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيهَ) . وَقَول عَليّ رضى الله تَعَالَى عَنهُ: ... أفاطم هَائِي السَّيْف غير ذميم ... فلستُ برِعْدِيدٍ وَلَا بلئيمِ ... أَي كل وَاحِد من متولى عقد الصّرْف يَقُول لصَاحبه: هَاء فيتقابضان قبل تفرقهما [965] عَن الْمجْلس. الرماء: الزِّيَادَة من أرمى الشئ إِذا زَاد إرماء. قَالَ حَاتِم: ... قد َأرْمَى ذِرَاعاً على الَعْشر ... يَعْنِي الرِّبَا فِي كَون أَحدهمَا كالئاً. فَأَما التَّفَاضُل فِي بيع الذَّهَب بِالْفِضَّةِ فَلَا كَلَام فِيهِ. على رضى الله عَنهُ: قَالَ: هَا إِن هَاهُنَا وأومى بِيَدِهِ إِلَى صَدره علما لَو أصبت لَهُ حمله بلَى أُصِيب لقناً غير مَأْمُون. هَا: كلمة تَنْبِيه للمخاطب يُنَبه بهَا على مَا يساق إِلَيْهِ من الْكَلَام. اللقن: الْفَهم أَي أُصِيب من يفهمهُ إِلَّا أَنِّي لَا آمن أَن يحرف مَا يتلقنه فَيحدث بِهِ على غير جِهَته.
الْهَاء مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن حَال بَيْنكُم وَبَينه سَحَاب أَو ظلمَة أَو هبوة فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ لَا تستقبلوا الشَّهْر اسْتِقْبَالًا وَلَا تصلوا شهر رمضارن بِيَوْم من شعْبَان.(4/87)
الهبوة: الغبرة يُقَال: لدقاق التُّرَاب إِذا ارْتَفع: هبا يهبو هبوا فَهُوَ هاب. لَا تستقبلوا: أى لَا تقدمُوا صِيَام شهر رَمَضَان فَإِذا مَا تطوَّع فَلَا بَأْس وَهُوَ من الِاسْتِقْبَال الَّذِي فِي قَوْله: ... وخيرُ الْأَمر مَا استقبلتَ مِنْهُ ... وَلَيْسَ بأنْ تتبعه اتِّبَاعا ... وَمِنْه قَول الْعَرَب: خُذ الْأَمر بقوا بله. أقبل سُهَيْل بن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يتهبى كَأَنَّهُ جمل آدم فَلَقِيَهُ رجل فَقَالَ: مَا مَنعك أَن تعجِّل الغدوّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَّا النِّفَاق والذى بَعثه بِالْحَقِّ لَوْلَا شئ يسوءه لضَرَبْت بِهَذَا السَّيْف فلحتك وَكَانَ رجلا أعلم. يُقَال: مر يتهبى ويتهفل وَهُوَ مَشى المختال تفعل من هبا يهبو هبوًّا إِذا مَشى مشياً بطيئاً كَأَنَّهُ يثير الهبوة بجرَّه قدمه. وَيُقَال للضعيف الْبَصَر الَّذِي لَا يدْرِي أَيْن يطَأ متهب قَالَ الْأَغْلَب: ... كَأَنَّهُ إِذْ جال فِي التهبّي ... جنّىّ قَفْرٍ طَالِب لنَهْب ... الآدم: الْأَبْيَض الْأسود المقلتين. الفلحة: مَوضِع الشق فِي الشّفة السُّفْلى كالشترة والخرمة وَقد سمى بهَا مَوضِع الْعلم وَهُوَ الشق فى الشّفة الْعليا لَا لتقائهما فى معنى الشق فى الشّفة.
هبت عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: لمامات عُثْمَان بن مَظْعُون على فرَاشه هِبته الْمَوْت عندى منزلَة حينلم يمت شَهِيدا فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم على فرَاشه وَأَبُو بكر على فرَاشه عملت أَن موت الأخيار على فرشهم. أَي طأطأه وحطَّ من قدره وهبته وهبطه أَخَوان. لما جرى على الْمُسلمين يَوْم [966] أُحد مَا جرى من الْقَتْل أقبل أَبُو سُفْيَان وَهُوَ يَقُول: اعْلُ هُبل فَقَالَ عمر: الله أَعلَى وأجلّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: أَنْعَمت فعال عَنْهَا.(4/88)
هُبل كَانَ أَبُو سُفْيَان حِين أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى أُحد امْتنعت عَلَيْهِ رِجَاله فَأخذ سَهْمَيْنِ من سهامه فَكتب على أَحدهمَا نعم وعَلى الآخر: لَا. ثمَّ أجالهما عِنْد هُبل فَخرج سهم الإنعام فاستجرَّهم بذلك. فَمَعْنَى أَنْعَمت جَاءَت بنعم من قَوْلك أنعم لَهُ إِذا قَالَ لَهُ: نعم. فعال عَنْهَا: أَي تجاف عَنْهَا وَلَا تذكرها بِسوء فقد صدقت فِي فتواها وَالضَّمِير فِي أَنْعَمت وعنها للأصنام يَعْنِي هُبل وَمَا يَلِيهِ من أصنام أُخر. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لَيْلَة الْقدر. فَقَالَ: هِيَ فِي شهر رَمَضَان فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فاهتبلت غفلته فَقلت: أيّ لَيْلَة هِيَ أَي تحينتها واغتنمتها من الهبالة وَهِي الْغَنِيمَة. وَقَالَ الجاحظ: الهبالة الطّلب وَأنْشد: ... ولأحشَأَنَّكَ مِشْقَصاً ... أوْساً أُوَيسُ من الهَبَالَهْ ... أَي لأحشأنك مشقصاً عَصا بدل مَا تطلبه. كَقَوْلِه: من مَاء زَمْزَم. فِي قَوْله: ... فليتَ لنا من مَاء زَمْزَم شربة ... مبردة باتت على الطهيان ...
هبج الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: دلوني على مَكَان أقطع بِهِ هَذِه الفلاة. فَقَالُوا: هُوَ بجة تنْبت الأرطى فلج وفليج. فحفر الْحفر وَلم يكن بالمنجشانية وماوية قَطْرَة إِلَّا ثماد أَيَّام الْمَطَر ثمَّ اسْتعْمل سَمُرَة الْعَنْبَري على الطَّرِيق فَأذن لمن شَاءَ أَن يحْفر فابتدءوا فِي يَوْم السّبْعين فَمَا من أَفْوَاه البئار. الهوبجة: المطمئن من الأَرْض وَقيل: مُنْتَهى الْوَادي حَيْثُ تدفع دوافعه. قَالَ:(4/89)
.. إِذا شربت مَاء الرجاموبركت ... بهوبجة الريان قرت عبونها ... فلج: بَين الْبَصْرَة وضربة وفليج قريب مِنْهُ. الأحفار الْمَعْرُوفَة فِي بِلَاد الْعَرَب ثَلَاثَة: مِنْهَا حفر أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَهِي ركايا احتفرها على جادّة الْبَصْرَة بَين ماوية والمنجشانيَّات. وحفر ضبَّة وَهِي ركايا بِنَاحِيَة الشواجن. وحفر سعد بن زيد بن مَنَاة وَهِي بحذاء العرمة وَرَاء الدَّهناء عِنْد جبل من جبالها يُسمى جبل الْحَاضِر. البئار: دمع بِئْر قَالَ [أَبُو الْعَتَاهِيَة] : ... فإنْ حَفَرُوا بِئْرِي حفَرْتُ بِئَارَهم ... وإنْ بَحَثُوا عني ففيهمْ مَبَاحِثُ ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَوْله تَعَالَى (كعصف مَأْكُول) : هُوَ الهبور.
هبر عصافة الزَّرْع الَّذِي [967] يُؤْكَل يَعْنِي حطام التِّبْن وَمَا تفتت من ورق الزَّرْع وَكَأَنَّهُ من الهبر وَهُوَ الْقطع وَمِنْه هبرية الرَّأْس وَهِي قطع صغَار فِي الشّعْر كالنخالة. الْمَأْكُول: مَا أُكل حبُّه فبقى صفرا.
هُبل عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت فِي حَدِيث الْإِفْك: وَالنِّسَاء يَوْمئِذٍ لم يهبلهن اللَّحْم أَي لم يثقلهن وَلم يكثر عَلَيْهِنَّ. يُقَال: رجل مهبَّل كثير اللَّحْم. قَالَ: ... مِمَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُك النِّطَاقِ فشبَّ غير مُهَبَّل ... وَأصْبح فلَان مُهَبَّلاً أَي مُهَبَّجًا مورَّمًا. وَفِي الحَدِيث: إِن الْخَيْر وَالشَّر قد خطا لِابْنِ آدم وَهُوَ فِي المهبل. هُوَ الرَّحِم وَعَن أبي زِيَاد الْأَعرَابِي: المهبل هُوَ الْموضع الَّذِي ينطف أَبُو عُمَيْر فِيهِ بأروته. أَي يقطر فِيهِ الذّكر بمنيه.(4/90)
الْهَاء مَعَ التَّاء
هتك عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن نوف الْبكالِي قَالَ: كنت أَبيت على بَاب دَار عليٍ فَلَمَّا مَضَت هتكة من اللَّيْل قلت كَذَا. يُقَال: سرنا هتكة من اللَّيْل أَي طَائِفَة وهاتكناها: سرنا فِي دجاها. أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ أهتم الثنايا. وَكَانَ قد انحاز على حَلقَة قد نشبت فِي جِرَاحَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَوْم أُحد فأزم عَلَيْهَا فنزعها وروى: إِن زردتين من زرد التسبغة قد نشبتا فِي خَدّه. فعكر أَبُو عُبَيْدَة على إِحْدَاهمَا فنزعها فَسَقَطت ثنيته ثمَّ عَسْكَر على الْأُخْرَى فنزعها فَسَقَطت ثنيته الْأُخْرَى.
هتم الهتم: انكسار الثنايا عَن أَصْلهَا. انحاز عَلَيْهَا: انكب جَامعا نَفسه. أزم: عضّ. عكر: عطف. التسبغة زرد يتَّصل بالبيضة يستر الْعُنُق.
هتر ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أعوذ بك أَن أكون من المستهترين. هم السقاط الَّذين لَا يبالون مَا قيل لَهُم وَمَا شتموا بِهِ. والهتر: مزق الْعرض. وَيُقَال: استهتر فلَان إِذا ذهب عقله بالشئ وانصرفت همَّته إِلَيْهِ حَتَّى أَكثر القَوْل فِيهِ وأُولع بِهِ أَرَادَ المستهترين بالدنيا. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: وَالله مَا كَانُوا بالهتَّاتين وَلَكنهُمْ كَانُوا يجمعُونَ الْكَلَام ليعقل عَنْهُم.(4/91)
هتت الهتات: المهذار. وظل يهت الحَدِيث. الْمَرْأَة تهتّ الْغَزل يَوْمهَا أجمع أَي تغزل بعضه فَوق بعض وتتابع. باتت السَّمَاء تهت المطرهتا. فِي الحَدِيث: أقلعوا عَن الْمعاصِي قبل أَن يأخذكم الله فيدعكم هتًّا بتَّا. يُقَال: هتّ ورق الشَّجَرَة وحته أَي يدعكم [968] هلكى مطروحين مقطوعين. المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان.
هتر أَي كل وَاحِد مِنْهُمَا يتسقط صَاحبه ويتنقصه من الهتر وَهُوَ الْبَاطِل من القَوْل.
الْهَاء مَعَ الْجِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَذكر قيام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار: إِنَّك إِذا فعلت ذَاك هجمت عَيْنَاك ونفهتنفسك. أى غارتا وأعيت.
هجر لَقِي فِي مهاجره الزبير بن الْعَوام فِي ركب من الْمُسلمين كَانُوا تجَّارا بِالشَّام قافلين إِلَى مَكَّة فعرَّضوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَأَبا بكر ثيابًا بيضًا. المُهَاجر: يكون مصدرا وزمانا ومكانا. وعرَّضوا: من العراضة وَهِي هَدِيَّة القادم. فِي ركب: حَال من اللقى. إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها وَلَا تَقولُوا هُجرا. أَي فحشا وَقد أَهجر إِذا أفحش. اللَّهُمَّ إنَّ عَمْرو بن الْعَاصِ هجاني وَهُوَ يعلم أَنِّي لست بشاعر فاهجه اللَّهُمَّ والعنه عدد مَا هجاني أَو قَالَ: مَكَان مَا هجانى.(4/92)
هجو أى فجازه على الهجاء.
هجن لما خرج صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم هُوَ وَأَبُو بكر إِلَى الْغَار مرا بعيد يرْعَى غنما فاستسقياه من اللَّبن فَقَالَ: وَالله مالى شَاة تحلب غير عنَاق حملت أول الشتَاء فَمَا بهَا لبن وَقد اهتجنت. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: ائتنا بهَا فَدَعَا عَلَيْهَا بِالْبركَةِ ثمَّ حلب عُسًّا. أَي تبين حملهَا. والهاجن: الَّتِي حملت قبل وَقت حملهَا. وَقَالَ يَعْقُوب: اهتجن الْفَحْل بنت اللَّبُون إِذا ضربهَا فألقحها قبل أَن تستحقّ وَقد هجنت هِيَ تهجن هجونا فَهِيَ هاجن.
هجد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا قَامَ للتهجد يشوص فَاه بالسِّواك. هُوَ ترك الهجوع للصَّلَاة بِاللَّيْلِ. يشوص فَاه: أَي ينقى أَسْنَانه ويغسلها. يُقَال: شاصه وماصه.
هجر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي مَرضه: ائْتُونِي أكتب لكم كتابا لَا تضلُّون بعده أبدا. فَقَالُوا: مَا شَأْنه أَهجر أَي أهذي يُقَال: هجر يهجر هجراً إِذا هذى وأهجر: أفحش.
هجرس قَالَ أسيد لعيينة بن حصن وَهُوَ ماد رجلَيْهِ بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: ياعين الهجرس أتمدُّ رجليك بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم شبه عَيْنَيْهِ بِعَين الهجرس القرد وَهُوَ ولد الثَّعْلَب. قَالَ أَبُو زيد: الهجرس القرد وَبَنُو تَمِيم تَجْعَلهُ الثَّعْلَب.(4/93)
هجر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ وَهُوَ يَقُول: (ربَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حسنَةً وَفِي الْآخِرَة حسنَةً وقِنَا عذابَ النَّار) مَاله هجِّيري غَيرهَا. الأَصْل فِي الهجِّيري من قَوْلهم: الهجر لهذيان المبرسمودأبه وشأنه. تَقول: رَأَيْته يهجر هجراً وهجيري وإجيري قَالَ ذُو الرمة: ... رَمَى فأَخْطَأَ والأَقْدَارُ غَالِبةٌ ... فانْصَعْنَ والْوَيْلُ هِجِّيرَاه والحَرَبُ ... [969] ثمَّ كثرت ثمَّ اسْتعْملت فِي كل فعل يَجعله الْمَرْء دأبه وديدنه وَيجوز أَن يكون اسْما للفعلة الَّتِي يلْزمهَا الرجل ويهجر إِلَيْهَا مَا سواهَا. عجبت لتاجر هجر وراكب الْبَحْر. خص هجرلكثرة وبائها أَرَادَ أَنَّهُمَا يخاطران بأنفسهما. إِن السَّائِب بن الْأَقْرَع قَالَ: حضرت طَعَامه فَدَعَا بِلَحْم غليظ وخبز متهجس.
هجس أَي فطير من الهجيسة وَهِي الْغَرِيض من اللَّبن (7) .
هجع عبد الرَّحْمَن رضى الله عَنهُ قَالَ الْمسور بن مخرمَة: طرقني عبد الرَّحْمَن بعد هجع من اللَّيْل فأرسلني إِلَى عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فدعوته فناجاه حَتَّى أَبِهَا اللَّيْل وانثال النَّاس عَلَيْهِ. هُوَ الطَّائِفَة مِنْهُ. ابهارَّ: انتصف. انثال: مُطَاوع ثاله يثوله يُقَال: ثلث الْوِعَاء ثولا مثل هلته هيلاً إِذا صببت مَا فِيهِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثولة الْجَمَاعَة من الْقَوْم وَقد انثالوا عَلَيْهِ وتثوَّلوا أَي اجْتَمعُوا.(4/94)
الْهَاء مَعَ الدَّال
هدف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ إِذا مر بهدف أَو صدف مائل أسْرع فِي الْمَشْي. هما كل شئ عَظِيم مشرف كالحيدمن الْجَبَل وَغَيره.
هدى بعث صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَى ضباعة وذبحت شَاة فَطلب مِنْهَا فَقَالَت: مَا بقى إِلَّا الرَّقَبَة وَإِنِّي لأستحى أَن أبْعث إِلَى سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم بِالرَّقَبَةِ فَبعث إِلَيْهَا أَن أرسلى بهَا فَإِنَّهَا هادية الشَّاة وَهِي أبعد الشَّاة من الْأَذَى. أَي جارحتها الَّتِي هدت جَسدهَا أَي تقدمته. وَمِنْهَا قَوْلهم: أَقبلت هوادى الْخَيل أَي أعناقها وَقد تكون رعالها الْمُتَقَدّمَة. خرج صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يُهادي بَين اثْنَيْنِ حَتَّى أُدخل الْمَسْجِد. أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا وَهُوَ من التهادي وَهُوَ مشي النِّسَاء ومشي الْإِبِل الثقال فِي تمايل يَمِينا وَشمَالًا. تفَاعل من الْهدى وَهُوَ السّكُون.
هدن ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْفِتَن فَقَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان: أبعد هَذَا الشَّرّ خير فَقَالَ: هدنة على دخن وَجَمَاعَة على أقذاء. هدن وهدأ أَخَوان بِمَعْنى سكن. يُقَال: هدن يهدن هدونا ومهدنة وَمِنْه قيل للسكون مَا بَين المتعاديين بِالصُّلْحِ وَالْمُوَادَعَة هدنة. الدَّخن: مصدر دخنت النَّار إِذا أُلقي عَلَيْهَا حطب فَكثر دخانها وفسدت ضربه مثلا لما بَينهم من الْفساد الْبَاطِن تَحت [97] الصَّلاح الظَّاهِر.(4/95)
وَكَذَلِكَ الأقذاء مثل لكدورة نياتهم وفقد تصافيهم.
هدد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الهد والهدَّة. الهد الْهدم الشَّديد كحائط ينهدم. والهدة: الخسوف.
هدهد جَاءَ شَيْطَان فَحمل بِلَالًا فَجعل يهدهده كَمَا يهدهد الصَّبِي. يُقَال: هدهدت الْأُم وَلَدهَا أَي حركته لينام. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم ذَلِك حِين نَام عَن إيقاظه الْقَوْم للصَّلَاة.
هدب لايمرض مُؤمن إِلَّا حطَّ الله هدبة من خطاياه. هى مثل الهدفة وهى الْقطعَة وهدب الشئ إِذا قطعه. وهدب الثَّمَرَة إِذا قطفها. وَمِنْه حَدِيث خباب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: هاجرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَوَقع أجرنا على الله: فمنا من خرج من الدُّنْيَا لم يصب مِنْهَا شَيْئا وَمنا من أينعت لَهُ ثَمَرَته فَهُوَ يهدبها.
هدى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: سل الله الْهدى وَأَنت تَعْنِي بهداك هِدَايَة الطَّرِيق وسل الله السداد وَأَنت تَعْنِي بذلك سداد السهْم ويروي: وَأَنت تذكر مَكَان تَعْنِي. يُرِيد ليكن مَا تسْأَل الله من الْهدى والسداد فِي الاسْتقَامَة والاعتدال بِمَنْزِلَة الطَّرِيق الناهج الَّذِي لَا يضل سالكه والسهم السديد الْمَاضِي نَحْو الْغَرَض لَا يعدل.
هدد قَالَ أَبُو لَهب: لهد ماسحركم صَاحبكُم أَي لنعم مَا سحركم.(4/96)
قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِنَّه لهد الرجل أَي لنعم الرجل. وَذَلِكَ إِذا أثنى عَلَيْهِ يجلد وَشدَّة. قَالَ العجاج: ... وعصف جارٍ هَدَّ جارُ المتعصر ... أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن: لقد أهدفت لي يَوْم بدر فضفت عَنهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: لكنك لَو أهدفت لي لم أضف عَنْك. يُقَال: أهدف لَهُ الشئ واستهدف إِذا أعرض وأشرف كالهدف للرامي. وَمِنْه حَدِيث الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه اجْتمع هُوَ وَعَمْرو بن الْعَاصِ فِي الْحجر. فَقَالَ الزبير: أما وَالله لقد كنت أهدفت لي يَوْم بدر وَلَكِنِّي استبقيتك لمثل هَذَا الْيَوْم. فَقَالَ عَمْرو: وَأَنت وَالله لقد كنت أهدفت لي وَمَا يسرني أَن لي مثل ذَلِك بفرتي مِنْك. كَانَ عبد الرَّحْمَن وَعَمْرو بن الْعَاصِ مَعَ الْمُشْركين يَوْم بدر. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: أعطهم صدقتك وَإِن أَتَاك أهدل الشفتين منتفش المنخرين.
هدل أَي وَإِن أَتَاك زنجي أَو حبشِي غليظ الشفتين مسترخيهما منتفخ المنخرين مَعَ قُصُور المارن وانبطاحه. قَالَ النَّضر: المنتفش من الأنوف: الْقصير المارن. وَقد انتفش كَأَنَّهُ أنف الزنْجِي وتأويله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: اسمعوا وَأَطيعُوا وَلَو أَمر عَلَيْكُم عبد حبشى مجدع. وَالضَّمِير [971] فِي أعطهم للولاة وَأولى الْأَمر. القرظى رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: بَلغنِي أَن عبد الله بن أبي سليط الْأنْصَارِيّ شهد الظّهْر بقباء وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن حارثه يُصَلِّي بهم فَأخر الصَّلَاة شَيْئا فنادي ابْن أبي سليط عبد الرَّحْمَن حِين صلى: يَا عبد الرَّحْمَن أَكنت أدْركْت عُثْمَان وَصليت فِي زَمَانه قَالَ: نعم. قَالَ: فَكَانُوا يصلونَ هَذِه الصَّلَاة السَّاعَة قَالَ: لَا وَالله فَمَا هدى مِمَّا رَجَعَ.(4/97)
هدى لُغَة أهل الْغَوْر أَن يَقُولُوا فِي معنى بيّنت لَك: هديت لَك. وَيُقَال: بلغتهم نزلت: أَو لم يهدلهم. وَقَوله: فَمَا هدى من هَذَا أَي فَمَا بَين. وَمَا جَاءَ بِالْحجَّةِ. مِمَّا رَجَعَ: أَي مِمَّا أجَاب والمرجوع: الْجَواب. أَي إِنَّمَا قَالَ: لَا وَالله وَسكت فَلم يجِئ بِجَوَاب فِيهِ بَيَان وَحجَّة لما فعل من تَأْخِير الصَّلَاة.
الْهَاء مَعَ الذَّال
هذذ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا تهذوا الْقُرْآن كهذ الشّعْر وَلَا تنثروه نثر الدقل. هُوَ سرعَة الْقِرَاءَة وَأَصله سرعَة الْقطع. الدقل إِذا نثر تفرق لِأَنَّهُ لايلصق بعضه بِبَعْض.
هذر أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا شبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم من الْكسر الْيَابِسَة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا. وَقد أَصْبَحْتُم تهذرون الدُّنْيَا. وَنقد بإصبعه فعل ذَلِك تَعَجبا. أَي تفرقونها وتبذرونها فِي كَثْرَة وسعة. من قَوْلهم: هذر فلَان فِي مَنْطِقه يهذر ويهذر هذرا. وَفُلَان هذرة بذرة ومهذارة مبذارة. وروى: تهذون أى تقتطعونها إِلَى أَنفسكُم وتجمعونها وتسرعون إنفاقها من هَذ الْقِرَاءَة. نقد: نقر. يُقَال نقد الفخّ إِذا نقره. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قيل لَهُ: اقْرَأ الْقُرْآن فِي ثَلَاث فَقَالَ: لِأَن أَقرَأ(4/98)
هذرم الْبَقَرَة فى لَيْلَة فأدبرها أحب إليَّ من أَن أَقرَأ كَمَا تَقول هذرمة هِيَ السرعة فِي الْكَلَام وَالْمَشْي. والهذربة والهربدة نَحْوهَا. وَقَالَ أَبُو النَّجْم [يذم رجلا] : ... وكانَ فى الْمجْلس جم الْهَذْرَمَةُ ...
الْهَاء [972] مَعَ الرَّاء
هرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن رفْقَة جَاءَت وهم يهرفون لصَاحب لَهُم وَيَقُولُونَ: يارسول الله مَا رَأينَا مثل فلَان: ماسرنا إِلَّا كَانَ فى قِرَاءَة وَلَا نزلنَا إِلَّا كَانَ فِي صَلَاة. الهرف: الإطناب فِي الْمَدْح وَمِنْه الْمثل: لَا تهرف بِمَا لَا تعرف. قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل: يَا رَسُول الله مَالِي ولعيالي هارب وَلَا قَارب غَيرهَا.
هرب أى صادر من المَاء وَلَا وَارِد عَنهُ غَيرهَا يعْنى لَا شئ لنا سواهَا.
هرت أكل صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَتفًا مهرَّتة ثمَّ مسح يَده بمسح ثمَّ صلى. هرت اللَّحْم وهرده وهراه بِمَعْنى.
هرا إِن حنيفَة النعم أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فأشهده ليتم فِي حجره بِأَرْبَعِينَ من الْإِبِل الَّتِي كَانَت تسمى المطيبة فِي الْجَاهِلِيَّة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: فَأَيْنَ يَتِيمك يَا أَبَا جذيم وَكَانَ قد حمله مَعَه قَالَ: هُوَ ذَاك النَّائِم وَكَانَ يشبه المحتلم. فَقَالَ: صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لعظمت هَذِه هراوة يَتِيم.(4/99)
يُرِيد شخص الْيَتِيم وشطاطه شبهه بالهراوة وَهِي الْعَصَا.
هرد فِي ذكر نزُول الْمَسِيح صلوَات الله عَلَيْهِ: ينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق فِي مهرودتين. قَالَ: وَتَقَع الأمنة فِي الأَرْض. أَي فِي حلتين مصبوغتين بالهرد وَهُوَ صبغ شبه الْعُرُوق. قَالَ الْأَسدي: الهرد صبغ أصفر يُقَال إِنَّه الكركم وَجَاء فِي الحَدِيث يَعْنِي فِي ممشقتين. وَنَحْوه ماروى: إِنَّه ينزل بَين مُمَصَّرَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عدنان: أَخْبرنِي الْعَالم من أَعْرَاب باهلة أَن الثَّوْب يصْبغ بالورس ثمَّ بالزعفران فيجئ لَونه مثل لون زهرَة الحوذالة فَذَلِك الثَّوْب المهرود. وروى بِالدَّال والذال وَالْمعْنَى وَاحِد. وَقد رأى القتيبي أَن المُرَاد فِي شقتين من الهرد وَهُوَ الشق وَمِنْه هرد عرضه وهرته وهرطه: مزَّقه. أَو أَن يكون الصَّوَاب مهروتين على بِنَاء هروت من هرّيت الْعِمَامَة إِذا صفرتها. وَأنْشد: ... رَأَيْتُك هرَّيْتَ العمامةَ بَعْدَما ... أراكَ زَمَانا حاسِراً لم تَعَصَّب ... وَالصَّوَاب أَلا يعرج على رأييه.
هرم تعشوا وَلَو بكف من حشف فَإِن ترك الْعشَاء مهرمة. أَي مَظَنَّة للضعف والهرم وَكَانَت الْعَرَب تَقول: ترك الْعشَاء يذهب بِلَحْم الكاذة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي حَدِيث الْقَتِيل الَّذِي اشْترك فِيهِ سَبْعَة نفر: إِنَّه كَاد يشك فِي الْقود: فَقَالَ لَهُ عَليّ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَرَأَيْت لَو أَن نَفرا اشْتَركُوا فِي سَرقَة جزور(4/100)
هرج فَأخذ هَذَا عضوا وَهَذَا عضوا أَكنت قاطعهم [973] قَالَ: نعم فَذَلِك حِين استهرج لَهُ الرَّأْي. أَي اتَّسع وانفرج من قَوْلهم للْفرس الْوَاسِع الجري: مهرج وهرَّاج. قَالَ: ... طرابا لَهُ كل طوال أهرجا ... غَمْرُ الأَجَارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجَا ... وَيُقَال للقوس الفجواء: الهرجة ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس من لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا يتهارجون تهارج الْبَهَائِم كرجراجة المَاء الْخَبيث الَّتِي لَا تطعم. أى يتسافدون يُقَال لبَقيَّة المَاء المختلطة بالطين فِي أَسْفَل الْحَوْض رجرجة وَأما الرجراجة فَهِيَ المترجرجة يُقَال: جَارِيَة رجراجة يترجرج كفلها وكتيبة رجراجة: تموج من كثرتها وَكَأَنَّهُ إِن صحَّت الرِّوَايَة قصد الرجرجة فجَاء بوصفها لِأَنَّهَا طِينَة رقيقَة تترجرج. لاتطعم: أَي لَا يكون لَهَا طعم وَهُوَ تفتعل من الطّعْم كتطرد من الطَّرْد. وروى: لَا تُطعم من أطعمت الثَّمَرَة إِذا صَار لَهَا طعم كَقَوْلِهِم: شَاة لَا تنقى. وَلَو روى: لَا تطَّعم من الْبَعِير المطَّعم وَهُوَ الَّذِي يُوجد فِي مخه طعم الشَّحْم. أنْشد أَبُو سعيد الضَّرِير: ... بَكَى بَين ظهرى قومه بعد مَا دَعَا ... ذَوي المخّ من أحسابهم والمَطّعم ... لَكَانَ وَجها.
هرس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا قَامَ أحدكُم من النّوم فليفرغ على يَدَيْهِ قبل أَن يدخلهما فِي الْإِنَاء. فَقَالَ لَهُ قين الْأَشْجَعِيّ: فَإِذا جِئْنَا مهراسكم هَذَا كَيفَ نصْنَع بِهِ فَقَالَ: أعوذ بِاللَّه من شرّك.(4/101)
هُوَ حجر منقور كالحوض يتَوَضَّأ مِنْهُ لَا يقدر على تحريكه.
هِرقل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كتب مُعَاوِيَة إل مَرْوَان ليبايع النَّاس ليزِيد بن مُعَاوِيَة فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أجئتم بهَا هِرَقْلِيَّة قوقية تُبَايِعُونَ لِأَبْنَائِكُمْ فَقَالَ مَرْوَان أَيهَا النَّاس هَذَا الَّذِي قَالَ الله عز وَجل: (وَالَّذِي قالَ لوَالدِيَهِ أُفٍّ لَكمَا ... ) الْآيَة. فَغضِبت عَائِشَة فَقَالَت: وَالله مَا هُوَ بِهِ وَلَو شِئْت أَن أُسَمِّيهِ لَسَمَّيْته وَلَكِن الله لعن أَبَاك وَأَنت فِي صلبه. فَأَنت فضَض من لعنة الله وروى: فضيض وروى: فضَض وروى: فَأَنت فظاظة لعنة الله ولعنة رَسُوله.
هِرقل: كَانَ من مُلُوك الرّوم وَهُوَ أول من ضرب الدَّنَانِير وَأول من أحدث الْبيعَة. وَفَوق: أَيْضا اسْم ملك من مُلُوكهمْ وَيُقَال: الدَّنَانِير الهرقلية والقوقية يُرِيد أَن الْبيعَة للأولاد من عَادَتهم. الفضض: فعل بِمَعْنى مفعول [974] من فضَّ إِذا كسر أَي أَنْت طَائِفَة من اللَّعْنَة فضضت مِنْهَا. والفضض: جمع فضيض وَهُوَ المَاء الْغَرِيض وافتضضت المَاء: أَخَذته سَاعَة يخرج. وَهُوَ كَقَوْلِهِم: ورد جنى وصبى وليد للقربى الْعَهْد من الجني والولادة أَي لست من اللَّعْنَة حَدِيث عهد بهَا. والفظاظة: من الْفظ وَهُوَ مَاء الكرش. وافتظظت الكرش إِذا اعتصرت ماءها كَأَنَّهُ عصارة قذرة من اللَّعْنَة. أَو هِيَ فُعالة من الفظيظ وَهُوَ مَاء الْفَحْل أَي نطفةٌ من اللَّعْنَة. رَجَاء بن حَيْوَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لرجل: يَا فلَان حَدثنَا وَلَا تحدثنا عَن منهارت ولاطعان.(4/102)
هرت هُوَ المتشادق من هرت الشدق وَهُوَ سعته. طعان: يطعن على الْأَئِمَّة.
هرج فِي الحَدِيث: قُدَّام السَّاعَة هرج. أَي قتال واختلاط وَقد هرج الْقَوْم يهرجون. قَالَ ابْن قيس الرقيات: ... ليتَ شِعْرِي أأَوَّلُ الهَرْجِ هَذَا ... أم زمَان من فتْنَة غير هرج ...
الْهَاء مَعَ الزاى
هزم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا عرَّستم فَاجْتَنبُوا هزم الأَرْض فَإِنَّهَا مأوى الْهَوَام وروى: هوم الأَرْض وَهوى الأَرْض. هُوَ مَا تهزَّم من الأَرْض أَي تشقَّق. وَيجوز أَن يكون جمع هزمة وَهِي المتطامن من الأَرْض. وَمِنْه حَدِيث أسعد بن زُرَارَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أول إِن جمة جمعت فِي الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ فِي هزم بني بياضة. وَفِي الحَدِيث: إِن زَمْزَم هزمة جِبْرَائِيل. من هزم فِي الأَرْض هزمة إِذا شقّ شقة. الهوم بلغَة الْيمن: بطْنَان الأَرْض. والهوى: جمع هوة وَهِي الحفرة تشرف عَلَيْهَا أسناد غِلَاظ.
هزر قضى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي سيل مهزور أَن يحْبسهُ حَتَّى يبلغ المَاء الْكَعْبَيْنِ ثمَّ يُرْسِلهُ لَيْسَ لَهُ أَن يحْبسهُ أَكثر من ذَلِك. مهزوم: وادى بنى قُرَيْظَة بالحجاز بِتَقْدِيم الزاى عى الرَّاء. ومهروز على الْعَكْس: مَوضِع سوق الْمَدِينَة كَانَ تصدَّق بِهِ رَسُول الله(4/103)
صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم على الْمُسلمين وَأما مهزول بِاللَّامِ فواد إِلَى أصل جبل يُقَال لَهُ ينوف.
هزل فِي الحَدِيث: كَانَ تَحت الهيزلة. هِيَ الرَّايَة عَن أبي [975] سعيد الضَّرِير وَهِي فيعلة من الْهزْل إِمَّا لِأَن الرّيح تلعب بهَا وتنازل عذباتها وَإِمَّا لِأَنَّهَا تخفق وتضطرب والهزل واللعب من وَادي الِاضْطِرَاب والخفة كَمَا أَن الْجد من وَادي الرزانة والتماسك أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: زِمَام سَفِيه وتسفهت أعاليها مرُّ الرِّيَاح. ومصداق ذَلِك قَوْلهم فِي مَعْنَاهَا: الهيزعة. قَالَ لبيد: ... الضَّارِبْينَ الهامَ تَحت الهَيْزَعَة ... والاهتزاع والتهزّع: الارتعاض وَالِاضْطِرَاب.
الْهَاء مَعَ الشين
هشش عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ هششت يَوْمًا فَقبلت وَأَنا صَائِم. يُقَال: هششت أهش وهششت أهشوهشت أهيش إِذا فرحت وارتحت لِلْأَمْرِ. قَالَ الرَّاعِي: ... فَكبر للرويا وهَاشَ فُؤَادُه ... وبَشَّرَ نَفْساً كَانَ قَبْلُ يَلُومُهَا ...
الْهَاء مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لما بنى مَسْجِد قبَاء رفح حجرا ثقيلا فهصره إِلَى بَطْنه.(4/104)
هصر أَي أَضَافَهُ وأماله قَالَ اللَّيْث: الهصر أَن تَأْخُذ بِرَأْس شئ ثمَّ تكسره إِلَيْك من غير بينونة.
الْهَاء مَعَ الضَّاد
هضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم ذكر الصَّيْحَة والساعة. قَالَ: فلعمر إلهك مَا يدع على ظهرهَا من شئ إِلَّا مَاتَ وَالْمَلَائِكَة الَّذين مَعَ رَبك فَأصْبح يطوف فِي الأَرْض قد خلت لَهُ الْبِلَاد فَأرْسل السَّمَاء تهضب من عِنْد الْعَرْش. فلعمر إلهك مَا يدع على ظهرهَا من مصرع قَتِيل وَلَا مدفن ميت إِلَّا شقَّت الأَرْض عَنهُ حَتَّى يخلقه من قبل رَأسه. وَسَأَلَهُ لَقِيط بن عَامر وَافد بني المنتفق فَقَالَ: كَيفَ يجمعنا الله بعد مَا مزقتنا الرِّيَاح والبلى وَالسِّبَاع قَالَ: أنبئك بِمثل ذَلِك إل الله الأَرْض أشرفت عَلَيْهَا مَدَرَة بالية فَقلت: لَا تحيا. ثمَّ أرسل رَبك عَلَيْهَا السَّمَاء فَلم تلبث عَلَيْك أَيَّامًا ثمَّ أشرفت عَلَيْهَا وَهِي شربة وَاحِدَة وروى: شربة. ولعمر إلهك لَهو أقدر على أَن يجمعكم من المَاء على أَن يجمع نَبَات الأَرْض فتخروجون من الأصواء فنتظرون إِلَيْهِ سَاعَة وَينظر إِلَيْكُم. قَالَ: يَا رَسُول الله فَمَا يفعل ربُّنا إِذا لقيناه قَالَ: تُعرضون عَلَيْهِ بادياً لَهُ صفحاتكم لَا تخفى مِنْكُم عَلَيْهِ خافية. فَيَأْخُذ رَبك بِيَدِهِ غرفَة من المَاء فينضح عَلَيْكُم فَأَما الْمُسلم فيدع وَجهه [976] مثل الريطة الْبَيْضَاء وَأما الْكَافِر فتخطمهبمثل الحمم الْأسود أَلا ثمَّ ينْصَرف من عنْدكُمْ ويفترق على أَثَره الصالحون. أَلا فتسلكون جِسْرًا من النَّار يطَأ أحدكُم الْجَمْرَة ثمَّ يَقُول: حسِّ يَقُول رَبك: وَإنَّهُ. أَلا فتطّلعون على حَوْض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لَا يظمأ وَالله ناهله. فلعمر الله مَا يبسط أحد مِنْكُم يَده إِلَّا وَقع عَلَيْهَا قدحٌ مطهَّرة من الطَّوف والأذى. وتُحبس الشَّمْس وَالْقَمَر فَلَا ترَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا.(4/105)
قَالَ: فَبِمَ نبصر قَالَ: بِمثل بصر ساعتك هَذِه قَالُوا: يَا رَسُول الله فعلام نطَّلع من الْجنَّة قَالَ: على أَنهَار من عسل مصفى وأنهار من كأس مَا بهَا صداع وَلَا ندامة ثمَّ بَايعه على أَن يحل حَيْثُ شَاءَ وَلَا يجر عَلَيْهِ إِلَّا نَفسه الهضب: الْمَطَر هضبت السَّمَاء تهضب هضباً الأصواء: الْقُبُور شبهها بالصوى وَهِي منار الطَّرِيق قَالَ رؤبة: ... إِذا جرى بَين الفلا رهاؤُه ... وخشعت من بعده أصْوَاؤُه ... وَهِي شربة: أَي يكثر المَاء فَمن حَيْثُ أردْت أَن تشرب شربت وَلَو روى: شربة فهى حَوْض فِي أصل النَّخْلَة والشرية: الحنظلة أَي أَن الأَرْض تخضر بالنبات فَتَصِير فِي اخضرار الحنظلة ونضارتها حس: كلمة يَقُولهَا المتوجع مِمَّا يرمضه وَقد قَالَهَا طَلْحَة حِين أُصِيبَت يَده يَوْم أحد فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: لَو كَانَ ذكر الله لدخلت الْجنَّة أَو لدخل الْجنَّة وَالنَّاس ينظرُونَ وَإنَّهُ: أى نعم وَالْهَاء للسكت أَو اختصر الْكَلَام بِحَذْف الْخَبَر وَالْمعْنَى إِنَّه كَذَلِك ناهلة: أَي الَّذِي روى مِنْهُ قَوْله: مطهرة: مَحْمُول على الْمَعْنى لِأَنَّهُ إِذا وَقع على يَد كل وَاحِد مِنْهُم قدح فَهِيَ أقداح كَثِيرَة الطوف: الْحَدث الْأَذَى: الْحيض لَا يجر عَلَيْهِ: أى لَا يجنى عَلَيْهِ من الجزيرة
هضم سعد رضى الله تَعَالَى عَنهُ رَأَتْهُ امْرَأَة متجرداً وَهُوَ أَمِير على الْكُوفَة فَقَالَت: إِن أميركم هَذَا لأهضم الكشحين فوعك سعد فَقيل لَهُ: إِن امْرَأَة قَالَت كَذَا فَقَالَ: مَا لَهَا ويحها أما رَأَتْ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى فقر فِي أَنفه ثمَّ أمرهَا فَتَوَضَّأت فصبت عَلَيْهِ الهضم: انضمام الخصر وعك: حم(4/106)
الْفقر: الشق فقرت أنف الْبَعِير فصبت: يعْنى الْوضُوء
الْهَاء مَعَ الطَّاء
هطم أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَقُول: إِن آخر شراب يشربه أهل الْجنَّة على أثر طعامهم] 977 [شراب يُقَال لَهُ طهُور إِذا شرب مِنْهُ هطم طعامهم حطم وهطم وهضم أَخَوَات
هطل الْأَحْنَف رضى الله عَنهُ إِن الهياطلة لما نزلت بِهِ بعل بِالْأَمر هم قوم من الْهِنْد بعل بِالْأَمر أَي عيى بِهِ فَلم يدر كَيفَ يصنع فى الحَدِيث: اللَّهُمَّ ارزقنى عينين هطالتين بذروفالدموع يُقَال: هطلت السَّمَاء وهتلت وهتنت بِمَعْنى
الْهَاء مَعَ الْفَاء
هفو عُثْمَان رضى الله تَعَالَى عَنهُ ولى أَبَا غاضرة الهوافى قَالَ الْأَسدي: هوافى الْإِبِل هواميها وَهِي ضوالها من هفا الشَّيْء فِي الْهَوَاء إِذا ذهب وهفا الظليم عدا وهفا الْقلب فى أثر الشىء
هفف الْحسن رَحْمَة الله تَعَالَى ذكر الْحجَّاج فَقَالَ: مَا كَانَ إِلَّا حمارا هفافاً أَي طياشاً من الرّيح الهفافة وَهِي السريعة المر فِي الحَدِيث: كَانَ بعض الْعباد يفْطر على هفة يشويها قَالَ الْمبرد: الهف: الدعاميص الْكِبَار(4/107)
الْهَاء مَعَ الْكَاف
هكم عبد الله بن أَبى حَدْرَد رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: فَإِذا بِرَجُل طَوِيل قد جرد سَيْفه صَلتا وَهُوَ يمشي الْقَهْقَرَى وَيَقُول: هَلُمَّ إِلَى الْجنَّة يتهكم بِنَا التهكم: الِاسْتِهْزَاء وَالِاسْتِخْفَاف وَأنْشد: ... تهكمتما حَوْلَيْنِ ثُمَّ نَزَعْتُما ... فَلَا إِن عَلَا كَعْباَ كَمَا بالهكم ... وَمِنْه الأهكومة كالأعجوبة من التَّعَجُّب قَالَ عَمْرو بن جرموز قَاتل الزبير: ... فَلَمَّا رَأَيْت أهاكيمه ... زحفت إِلَى حجتي زحفه ... فَقلت لَهُ إِن قتل الزيد ... ر لَوْلَا رضاك من الكلفة ... وَقَالَت سكينَة رَحمهَا الله لهشام: يَا أَحول لقد أَصبَحت تتهكم بِنَا
الْهَاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: من شَرّ مَا أعْطى العَبْد شح هَالِع وَجبن خَالع الهالع: من الْهَلَع وَهُوَ أَشد الْجزع والضجر والخالع: الَّذِي يخلع قلبه إِذا قَالَ الرجل هلك النَّاس فَهُوَ أهلكهم هُوَ الرجل يولع بِعَيْب النَّاس وَيذْهب بِنَفسِهِ عجبا وَيرى لَهُ عَلَيْهِم فضلا فَهُوَ أَشد هَلَاكًا مِنْهُم فى ذَلِك ليذادن عَن حوضى رجال فأناديهم أَلا هَلُمَّ(4/108)
أَي تَعَالَوْا وَهِي اللُّغَة الحجازية أعنى ترك إِلْحَاق عَلامَة الْجمع وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ: هلموا وَكَذَلِكَ سَائِر العلامات
هلل عَن سعيد بن جُبَير رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: كَيفَ اخْتلف أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي إهلاله فَقَالَ أَنا أعلم بذلك صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم رَكْعَتَيْنِ بِالْحَجِّ فَرَآهُ قوم فَقَالُوا: أهل عقيب الصَّلَاة ثمَّ اسْتَوَى على رَاحِلَته فَأهل فَكَانَ النَّاس يأتونه أَرْسَالًا فأدركه قوم فَقَالُوا: إِنَّمَا أهل حِين اسْتَوَى على رَاحِلَته ثمَّ ارْتَفع على الْبَيْدَاء فَأهل فأدركه قوم فَقَالُوا: إِنَّمَا أهل حِين ارْتَفع على الْبَيْدَاء وأيم الله] 978 [لقد أوجبه فِي مصلاة والإهلال: رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ وَمِنْه إهلال الْهلَال واستهلاله إِذا رفع الصَّوْت بِالتَّكْبِيرِ عِنْد رُؤْيَته واستهلال الصبى تصويته عِنْد وِلَادَته وَمِنْه الحَدِيث: فِي الصبى إِذا ولد لم يَرث وَلم يُورث حَتَّى يستهل صَارِخًا وَقيل: إِنَّمَا جرى هَذَا على ألسنتهم لأَنهم أَكثر مَا كَانُوا يحرمُونَ إِذا أهلوا الْهلَال وَالْأَفْضَل هُوَ أَن يهل عقيب الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب ابْن عَبَّاس عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أهل حِين اسْتَوَى على الْبَيْدَاء وَعَن ابْن عمر رضى الله تَعَالَى عَنْهُمَا: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم ثمَّ اسْتَوَى على رَاحِلَته فَلَمَّا قَامَت أهل
هلك عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ سَائل فَقَالَ لَهُ: هَلَكت وأهلكت فَقَالَ عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ: أهلكت وَأَنت تنث نثيث الحميت وروى: تمث ثمَّ قَالَ: أَعْطوهُ ربعَة من الصَّدَقَة فَخرجت يتبعهَا ظئراها ثمَّ أنشأ يحدث أَصْحَابه عَن نَفسه فَقَالَ: لقد رَأَيْتنِي أَنا وأختا لى نرعى على أبوينا ناضجا لنا قد ألبستنا أمنا نقبتها وزودتنا يمينتيها من الهبيد فنخرج بِنَا ضحتنا فَإِذا طلعت الشَّمْس ألقيت النقبة(4/109)
إِلَى أُخْتِي وَخرجت أسعى عُريَانا فنرجع إِلَى أمنا وَقد جعلت لنا لفيته من ذَلِك الهبيد فيا خصباه أهلكت: أَي هلك عيالى كأقطف وأعطش النثيث: أَن يرشح من سمنة وبالميم مثله الحميت: زق السّمن الربعة: الَّتِي ولدت فِي ربيعَة النِّتَاج وَهِي أَوله الناضح: الَّذِي يسنى عَلَيْهِ النقبة: قِطْعَة ثوب يؤتزر بهَا لَهَا حجزة اليمينة: تَصْغِير الْيَمين على التَّرْخِيم أَو تَصْغِير يمنة من قَوْلهم: أعطَاهُ يمنة من الطَّعَام إِذا أَهْوى بِيَدِهِ مبسوطة فَأعْطَاهُ مَا حملت فَإِن أعطَاهُ بهَا مَقْبُوضَة قيل: أعطَاهُ قَبْضَة وَالْمعْنَى: أَعْطَتْ كل وَاحِد كفاًّ وَاحِدَة بِيَمِينِهَا فهما يمينان أَو أَرَادَ الْيَدَيْنِ فغلّب الهبيد: حب الحنظلة اللفيتة: العصيدة
هلب ققل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: رحم الله الهلوب وَلعن الهلوب الهلوب: الَّتِي تحب زَوجهَا وتنفر من غَيره وتعصيه وَالَّتِي تحب خدنها وتعصي زَوجهَا وتقصيه فعول من هلبته بلساني وألبته إِذا نلْت مِنْهُ نيلاً شَدِيدا لِأَنَّهَا نيالة إِمَّا زَوجهَا وَإِمَّا خدنها أَو من هلب يهلب إِذا تَابع يُقَال: هلبت الرّيح إِذا تابعت الهبوب وهلب الْفرس إِذا تَابع الجري لِأَنَّهَا تتَابع أَمريْن محبَّة ونفارا.
هلل إِن نَاسا كَانُوا بَين الْجبَال فَأتوهُ] 979 [فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّا نَاس بَين الْجبَال لَا نُهل الْهلَال إِذا أَهله النَّاس فَبِمَ تَأْمُرنَا قَالَ: الوضح إِلَى الوضح فَإِن خفى عَلَيْكُم فَأتمُّوا الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ انسكوه أهل الْهلَال: إِذا طلع وأهلّ واستهل إِذا أبْصر عَن أبي زيد(4/110)
الوضح: الْهلَال وَهُوَ فى الأَصْل الْبيَاض
هلب خَالِد رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لما حَضرته الْوَفَاة: لقد طلبت الْقَتْل من مظانه فَلم يقدَّر لي إِلَّا أَن أَمُوت على فراشى وَمَا من عملى شَيْء أَرْجَى عِنْدِي بعد لَا إِلَه إِلَّا الله من لَيْلَة بتها وَأَنا متترس بترسى وَالسَّمَاء تهلبني أَي تمطرني مَطَرا مُتَتَابِعًا شَدِيدا وَمِنْه قَوْلهم: لَيْلَة هالبة وهلابة
هلع هِشَام بن عبد الْملك أهْدى إِلَيْهِ الرعيل من الكعب نَاقَة فَلم يقبلهَا: فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لمه رددت نَاقَتي وَهِي هلواع مرياع مرباع مقراع مسياع ميساع حلبانة ركبانة فقبلها وَأمر لَهُ بِأَلف دِرْهَم الهلواع: الْخَفِيفَة الحديدة وَمِنْهَا قيل الْهَلَع والهلعة للجدي والعناق فى قَوْلهم: مَا لَهُ هلع وَلَا هلعة لنزقهما وَالْأَصْل الْهَلَع وَهُوَ شدَّة الضجر والجزع والمرياع: الْكَثِيرَة الْأَوْلَاد من الرّيع وَهُوَ السَّمَاء يُقَال: أراعت الْإِبِل وراعت الْإِبِل وَعَن أبي خيرة الْأَعرَابِي: المرياع من الْإِبِل الَّتِي تسبقها فِي انطلاقها ثمَّ ترجع إِلَيْهَا بعد تقدمها إِيَّاهَا وَقَالَ القتيبي: هِيَ الَّتِي يُسَافر عَلَيْهَا ويُعاد من رَاع يريع إِذا رَجَعَ المرباع: الَّتِي تبكر بِالْحملِ وَقيل: هِيَ الَّتِي تضع فِي أول النِّتَاج وَكَذَلِكَ النَّخْلَة المرباع الَّتِي تطعم قبل النّخل المقراع: الَّتِي تلقح فِي أول قرعَة يقرعها الْفَحْل المسياع: الَّتِي تحْتَمل الضَّيْعَة وَسُوء الْقيام عَلَيْهَا من قَوْلهم: ضائع سائع وأساع مَاله: أضاعه أَو السمينة من السياع قَالَ الْقطَامِي: ... فلمَّا أَنْ جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا ... كَمَا طيَّنْتَ بالفَدَنِ السِّيَاعَا ... أَو الذاهبة فِي الرَّعْي عَن أبي عَمْرو وروى بالنُّون وَهِي الْحَسَنَة الْخلق والسنع: الْجمال والسنيع: الْجَمِيل(4/111)
الميساع: الواسعة الخطو
الْهَاء مَعَ الْمِيم
همى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله إِنَّا نصيب هوامي الْإِبِل فَقَالَ: ضالَّة الْمُؤمن حرق النَّار هِيَ الَّتِي هَمت على وجوهها لرعي أَو غَيره أَي هَمت تهمي همياً وَمِنْه همى الْمَطَر الحرق: اسْم من الإحراق كالشفق من] 98 [الإشفاق وَعَن ثَعْلَب: الحرق اللهب وَيُقَال للنار نَفسهَا حرق يَقُولُونَ: هُوَ فِي حرق الله وَقَالَ: ... شَدَّا سَرِيعاً مِثْلَ إضْرَامِ الحَرَق ... يَعْنِي أَن تَملكهَا سبت الْعقَاب بالنَّار
همم قَالَ لكعب بن عجْرَة: أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك أَرَادَ الْقمل لِأَنَّهَا تهمّ هميما أَي تدب دبيبا
همز كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا استفتح الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة قَالَ: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم من همزه ونفثه ونفخه] قيل: يَا رَسُول الله: مَا همزه ونفثه ونفخه [فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: أما همزه فالموتة وَأما نفثه فالشِّعر وَأما نفخه فالكِبر الموتة: الْجُنُون: وَإِنَّمَا سَمَّاهُ همزاً لِأَنَّهُ جعله من النَّخس والغمز وسمى الشّعْر نفثا لِأَنَّهُ كالشيء ينفث من الْفَم كالرقية وَإِنَّمَا سمى الْكبر نفخا لم يوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان فِي نَفسه فيعظمها عِنْده ويحقّر النَّاس فِي عينه حَتَّى يدْخلهُ الزهو
همل عَن سراقَة: أَتَيْته صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم يَوْم حنين فَسَأَلته عَن الهمل(4/112)
هِيَ ضوالّ الْإِبِل الْوَاحِد هامل كطالب وَطلب
همن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حِين اسْتخْلف خطب فَقَالَ: إِنِّي مُتَكَلم بِكَلِمَات فهيمنوا عليهنَّ أَي اشْهَدُوا عليهنَّ من قَوْله تَعَالَى: (ومُهَيْمِناً عَلَيْهِ) وَقيل: راعوهنَّ وحافظوا عليهنَّ من هيمن الطَّائِر إِذا رَفْرَف على فِرَاخه وَقيل: أَرَادَ آمنُوا فَقلب الْهمزَة هَاء وَالْمِيم مدغمة يَاء كَقَوْلِهِم: أَيّمَا فِي أمَّا وَعَن عِكْرِمَة رَحمَه الله تَعَالَى: كَانَ ابْن عَبَّاس أعلم بِالْقُرْآنِ وَكَانَ عَليّ أعلم بالمهيمنات أَي بِالْقضَاءِ من الهيمنة وَهِي الْقيام على الشَّيْء جعل الْفِعْل لَهَا وَهُوَ لأربابها القوامين بالأمور وَقيل: إِنَّمَا هى من المهيمات وَهِي الْمسَائِل الدقيقة الَّتِي تهيم أَي تحير
همم كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِذا بعث الجيوش أوصاهم بتقوى الله وَأمرهمْ ألاَّ يقتلُوا همًّا وَلَا امْرَأَة وَلَا ولدا وَأَن يتقوا قَتلهمْ إِذا التقى الزَّحفان وَعند حمَّة النهضات الهمّ: الشَّيْخ الفاني لِأَن بدنه هُمّ أَي أذيب وأضنى عِنْد حُمَّة النهضات: أَي عِنْد شدتها ومعظمها من قَول أبي زيد: حُمَّة الْغَضَب: معظمه يُقَال: جعلت بِهِ حُمَّتي وأكَّتي وَهُوَ أَن يحتمَّ الْإِنْسَان ويحتدم وَأَصلهَا من الحمِّ: الْحَرَارَة أَو عِنْد فورتها وحدَّتها من قَوْلهم حمَّة السنان وحُمته بِالتَّخْفِيفِ: لحدته] 981 [وشباته أَو عِنْد قدر النهضات من قَول الْأَصْمَعِي: عجلت بِنَا وبكم حُمَّةُ الْفِرَاق وَأنْشد: ... ينفكُّ قَلْبي مَا حييت أحبكم ... حَتَّى أصادف حمة تلقانى ...
هَمس ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ محرما فَأخذ بذنب نَاقَة من الركب وَهُوَ يَقُول:(4/113)
.. وهُنَّ يَمْشِين بِنَا هَمِيسَا ... إنْ تَصْدُق الطَّيرُ نَنكْ لَمِيسا ... فَقيل لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاس أَتَقول الرَّفث وَأَنت محرم فَقَالَ: إِنَّمَا الرَّفَث مَا رُوجِعَ بِهِ النِّسَاء الهميس: صَوت نقل أَخْفَاف الْإِبِل كَانَ يكنى أَبَا عَبَّاس بِابْنِهِ الْعَبَّاس أَرَادَ أَن الرَّفَث الْمنْهِي عَنهُ مَا خُوطبت بِهِ الْمَرْأَة فَأَما إِذا تكلم بِشَيْء وَلَا امْرَأَة ثمَّ تسمع فَلَا رفث
همط النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ الْعمَّال يهمطون ثمَّ يدعونَ فيجابون أَي يظْلمُونَ يُقَال: همطه واهتمطه أى كَانُوا مَعَ ظلمهم أَخذهم الْأَمْوَال من غير جِهَتهَا إِذا دعوا إِلَى الطَّعَام أُجيبوا وَعنهُ: إِنَّه سُئِلَ عَن الْعمَّال ينهضون إِلَى الْقرى فيهمطون أَهلهَا فَإِذا رجعُوا إِلَى أَهَالِيهمْ أهدوا لجيرانهم ودعوهم إِلَى طعامهم فَقَالَ النَّخعِيّ: لَك المهنأ وَعَلَيْهِم الْوزر وَمثله ترخيص ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي إِجَابَة صَاحب الرِّبَا إِذا هُوَ دَعَا وَأكل طَعَامه وَقَوله: لَك المهنأ وَعَلِيهِ الْوزر] أَي يكون أكلك لَهُ هَنِيئًا لَا تؤاخذ بِهِ ووزره على من كَسبه [
الْهَاء مَعَ النُّون
هَنأ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ فى مسير لَهُ فَقَالَ لِابْنِ الْأَكْوَع: أَلا تنزل فَتَقول من هناتك فَنزل سَلمَة يرتجز وَيَقُول: ... ] 982 [لم يغذها مد وَلَا نصيف ... وَلَا تُمَيْرَات وَلَا رغِيفُ
لَكِن غَذَاها اللَّبَنُ الخَرِيفُ ... والمَحْض والقَارِصُ والصَّرِيف ... فَلَمَّا سمعته الْأَنْصَار يذكر التميرات والرغيف علمُوا أَنه يُعرِّض بهم فاستنزلوا(4/114)
كَعْب بن مَالك فَقَالُوا: يَا كَعْب انْزِلْ فأجبه فَنزل كَعْب يرتجز وَيَقُول: ... لم يَغْذُها مد وَلَا نصيف ... وَلَا تُمَيْرَات وَلَا رغيف
لكِنْ غَذَاها حَنْظَلٌ نَقيفُ ... ومَذْقَه كطُرّة الحَنِيفِ
تَبيتُ بَين الزَّرْبِ والكَنِيفِ ... الهنة: تَأْنِيث الهن وَهُوَ كِنَايَة عَن كل اسْم جنس وَالْمرَاد: من كلماتك أومن أراجيزك النصيف: كالثليث إِلَى العشير إِلَّا الرّبيع فَإِنَّهُ لم يرد فِيمَا أعلم اللَّبن الخريف: فِيهِ ثَلَاثَة أوجه: أَن يُرَاد اللَّبن لبن الخريف على الْبَدَل ثمَّ يُحذف الْمُضَاف ويقام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَأَن يُحذف يَاء النّسَب لتقييد القافية وَإِنَّمَا خصَّ الخريف لِأَنَّهُ فِيهِ أدسم وَأَن يُرَاد الطريُّ الحَدِيث الْعَهْد بالحلب على الِاسْتِعَارَة من التَّمْر الخريف وَهُوَ الجني القارص: الَّذِي يقرص اللِّسَان لفرط حموضته الصَّريف: الَّذِي يصرف عَن الضَّرع حارّا النَّقيف: المنقوف وَكَانَت قُرَيْش وَثَقِيف تتَّخذ من الحنظل أطبخه فعيَّرهم بذلك المذقة: الشَّربة من اللَّبن الممذوق وَشبههَا بحاشية الْكَتَّان الردىء لتغيُّر لَوْنهَا وَذَهَاب نصوعه بالمزج وَنَحْوه قَوْله: ... ويشربه مَحْضا ويسقى ابْن عَمه ... سجاجاكأقراب الثَّعَالِبِ أَوْرَاقا ... بَين الزرب والكنيف: يَعْنِي أَن دور تِلْكَ المذقة وتولدها مِمَّا تعلفه الشَّاء وَالْإِبِل فِي الزروب والحظائر لَا بالكلأ والمرعى لِأَن مَكَّة لَا رعى بهَا
هنم عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي حَدِيث إِسْلَامه: إِنَّه أَتَى منزل أُخته فَاطِمَة امْرَأَة سعيد ابْن زيد وَعِنْدهَا خبَّاب وَهُوَ يعلِّمها سُورَة طه فاستمع على الْبَاب فَلَمَّا دخل قَالَ: مَا هَذِه الهينمة الَّتِى سَمِعت(4/115)
هِيَ الصَّوْت الْخَفي والهينمان والهينوم والهنم مثلهَا قَالَ رؤبة: ... لايسمع الرَّكْبُ بهَا رَجْعَ الكَلِم ... إِلَّا وَسَاوِيسَ هَيانِيم الهنم ...
هنع إِن رجلا من بني جذيمة جَاءَهُ فَأخْبرهُ بِمَا صنع بهم خَالِد بن الْوَلِيد وَأَنَّهُمْ كَانُوا مُسلمين فَقَالَ عمر: هَل يعلم ذَلِك أحد من أَصْحَاب خَالِد فَقَالَ: نعم رجل طَوِيل فِيهِ هنع خَفِيف العارضين أَي انحناء وَقيل: تطامن فِي الْعُنُق قَالَ الرَّاعِي: ... ] 983 [ملس المناكب فى أعناقها هنع ...
هنى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لِأَن أزاحم عمدا جملا قد هنىء بالقطران أحب إِلَى من أَن أُزاحم امْرَأَة عطرة أَي طلى بالهناء وَهُوَ القطران فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلَام قَالَت بعد موت أَبِيهَا صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: ... قد كانَ بَعْدَك أنباء وهنبثة ... لَو كنت شَاهدهَا لم تكْثر الخُطب
إِنَّا فَقَدْنَاك فَقْدَ الأرْض وَابِلها ... فاخْتَلَّ قَوْمُك فاشْهَدهم وَلَا تَغِب ... مرت الهنبثة فِي (اَوْ)
هنبر كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الْجنَّة فَقَالَ: فِيهَا هنابير مسك يبْعَث الله عَلَيْهَا ريحًا تسمى المثيرة فتثير ذَلِك الْمسك فِي وُجُوههم جمع هنبورة وهى الرملة المشرفة وَأَرَادَ أنابير جمع أنبار فأبدل من الْهمزَة هَاء
الْهَاء مَعَ الْوَاو
هوك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لَهُ عمر: إِنَّا نسْمع أَحَادِيث من يهود تعجبنا أفترى أَن نكتب بَعْضهَا فَقَالَ: أمتهوكون أَنْتُم كَمَا تهوَّكت الْيَهُود وَالنَّصَارَى(4/116)
لقد جِئتُكُمْ بهَا بَيْضَاء نقية لَو كَانَ مُوسَى حيًّا مَا وَسعه إِلَّا اتباعي تهوَّك وتهوَّر أَخَوان فِي معنى وَقع فِي الْأَمر بِغَيْر رويَّة وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المتهوَّك الَّذِي يَقع فِي كل أَمر وَأنْشد الْكسَائي: ... رآنِي امْرَأَ لَا هذرة مُتَهَوِّكاً ... وَلَا وَاهِناً شَرَّاب مَاء الْمَظَالِم ... وَقيل: التهوّك والتَّهفّك: الِاضْطِرَاب فِي القَوْل وَأَن يكون على غير استقامة الضَّمِير فِي بهَا للحنيفية
هول رأى جبرئيل ينتثر من جنَاحه الدّرّ والتهاويل هِيَ الزين والألوان الْمُخْتَلفَة وَقد هولت الْمَرْأَة بحليها وَزينتهَا إِذا راعت النَّاظر إِلَيْهَا
هوى أتانى جبرئيل بِدَابَّة فَوق الْحمار دون الْبَغْل فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثمَّ انْطلق يهوى بِي كلما صعد عقبَة اسْتَوَت رِجْلَاهُ مَعَ يَدَيْهِ وَإِذا هَبَط اسْتَوَت يَدَاهُ مَعَ رجلَيْهِ أَي يصعد بِي يُقَال: هوى فى الْجَبَل هويا بِالضَّمِّ
هوى من قَامَ إِلَى الصَّلَاة فَكَانَ هوءه وَقَلبه] 984 [إِلَى الله انْصَرف كَمَا وَلدته أمه فلَان بعيد الشأو والهوء: أى الهمة وَهُوَ يهوء بِنَفسِهِ إِلَى الْمَعَالِي أَي يرفعها قَالَ رؤبة: ... فلست من هوئى وَلَا مَا أشتهى ...
هول فِي ذكر اعْتِكَافه صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم بحراء فَقَالَ: فَإِذا أَنا بجبرئيل على الشَّمْس وَله جنَاح بالمغرب فهلت وَذكر كلَاما ثمَّ قَالَ: أَخَذَنِي فسلقني لحلاوة الْقَفَا ثمَّ شقّ بَطْني فاستخرج الْقلب وَذكر كلَاما وروى: بَينا أَنا نَائِم فِي بَيْتِي أَتَانِي ملكان فَانْطَلقَا بِي إِلَى مَا بَين الْمقَام وزمزم فسلقاني على قفاى ثمَّ شقا بطنى فأخرجا حشوتي فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: شقّ قلبه فشق قلبِي فَأخْرج علقَة سَوْدَاء فألقاها ثمَّ أَدخل البرهرهة ثمَّ ذَر عَلَيْهِ من ذرور مَعَه وَقَالَ: قلب وَكِيع واع وروى:(4/117)
فَدَعَا بسكينة كَأَنَّهَا درهرهة بَيْضَاء وروى: شقّ عَن قلبِي وَجِيء بطست رهرهة هلت: فعلت من هاله إِذا خَوفه السلق والصلق: الضَّرْب أَي ضرب بِي الأَرْض حلاوة الْقَفَا: حاقة البرهرهة: السكينَة الْبَيْضَاء الصافية الجديدة من الْمَرْأَة البرهرية. الدهرهة: الرحرحة أَي الواسعة وَكِيع: متين صلب وَيُقَال سقاء وَكِيع أحكم خرزة وَقد استوكع
هوش من أصَاب مَالا من مهاوش أذهبه الله فِي نهابر أَي من غير وُجُوه الْحل من التهويش وَهُوَ التَّخْلِيط كَأَنَّهُ جمع مهوش وروى: تهاوش بِالتَّاءِ جمع تهواش قَالَ: ... تَأْكُل مَا جمعت من تَهْوَاش ... وَهُوَ من هشت مَالا حَرَامًا أَي جمعته والهواش بِالضَّمِّ: مَا جمع من مَال حَلَال وَحرَام وروى: نهاوش بالنُّون فَإِن صحت فَهِيَ الْمَظَالِم والإجحافات بِالنَّاسِ من قَوْلهم: نهشة إِذا جهده والمنهوش المجهود قَالَ رؤبة: ... كم من خَلِيل وَأَخ منهوش ... مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوش ... وَيجوز أَن يكون من الهوش وَيقْضى بِزِيَادَة النُّون فَيكون نظيرة قَوْلهم: نفاطيرونباذير ونخاريب من الْفطر والتبذير والخراب وَرجل نفرجة فِي معنى فرج وَهُوَ الَّذِي لَا يكتم السِّرّ النهابر: المهالك] 985 [يُقَال: غشيت بِي النهابير أى حملتنى على أَمر شَدِيد وَالْأَصْل جمع نهبورة هُوَ الرجل المشرف وَقيل: الهوة(4/118)
هوى عَن ربيعَة بن كَعْب الأسلمى رضى الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كنت أَبيت عِنْد حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَكنت أسمعهُ إِذا قَامَ من اللَّيْل يَقُول: سُبْحَانَ الله رب الْعَالمين الْهوى ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ الْهوى الْهوى: طَائِفَة من اللَّيْل يُقَال: مضى هوى من اللَّيْل وهزيع كَأَنَّهُ سمى بِالْمَصْدَرِ لِأَن اللَّيْل يهوى كل سَاعَة أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: أَنهَار اللَّيْل وتقوض وانتصابه على الظّرْف
هود عمر رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى بشارب فَقَالَ: لأبعثنك إِلَى رجل لَا تَأْخُذهُ فِيك هوادة فَبعث بِهِ إِلَى مُطِيع بن الْأسود العبدى فَقَالَ: إِذا أَصبَحت إدا فَاضْرِبْهُ الْحَد فجَاء عمر وَهُوَ يضْربهُ ضربا شَدِيدا فَقَالَ: قتلت الرجل كم ضَربته قَالَ: سِتِّينَ أقص عَنهُ بِعشْرين الهوادة: اللين أقص عَنهُ بِعشْرين: أَي اجْعَل شدَّة الضَّرْب الَّذِي ضَربته قصاصا بالعشرين الَّتِي بقيت فَلَا تضربه الْعشْرين
هوة عُثْمَان رضى الله تَعَالَى عَنهُ وددت أَن بَيْننَا وَبَين الْعَدو هوته لَا يدْرك قعرها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة الهوتة والهوتة: الهوة قَالَ ذَلِك حرصاً على سَلامَة الْمُسلمين وحذراً عَلَيْهِم من الْهَلَاك فى قتال الْكفَّار
هوش ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إيَّاكُمْ وهوشات اللَّيْل وهوشات الْأَسْوَاق وروى: هيشات هِيَ الْفِتَن من الهوش وَهُوَ الْخَلْط وَالْجمع وهشت إِلَى فلَان إِذا خففت إِلَيْهِ وَتَقَدَّمت هوشاً وهاش بَعضهم إِلَى بعض: وَثبُوا لِلْقِتَالِ هيشاً قَالَه الكسائى(4/119)
وقرأت فِي بعض كتب عبد الحميد الْكَاتِب إِلَى جند أرمينية وَقد انتفضوا على واليهم وأفسدوا: فقد بلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ الهيشة الَّتِي كَانَت وخفوف أهل الْمعْصِيَة فِيهَا وَقَالَ: يَعْنِي بالهيشة الْفِتْنَة قَالَ: وأنشدني الحكم بن بِلَال سُلَيْمَان الطيار شعوذى الْحجَّاج شعرًا قَالَه عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ فِي عبد الْملك حِين نافره: ... أغَرّ أَبا الذبان هيْشَة مَعْشر ... فدلوه فِي جَمْرٍ من النَّار جاحِم ... وَقَالَ الْأَسدي: هاش يهيش هيشا إِذا عاث فيهم وأفسد
هود عمرَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أوصى عِنْد مَوته: إِذا مت فخرجتم بِي فَأَسْرعُوا الْمَشْي وَلَا تهوِّدوا] 986 [كَمَا تهوِّد الْيَهُود وَالنَّصَارَى هُوَ المشى الرويد من الهوادة
هوع عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى الصَّائِم إِذا ذرعه الْقَيْء فليتم صَوْمه وَإِذا تهوع فَعَلَيهِ الْقَضَاء أى استقاء
هوم زِيَاد لما أَرَادَ أهل الْكُوفَة على الْبَرَاءَة من عَليّ رَضِي الله عَنهُ جمعهم فَمَلَأ مِنْهُم الْمَسْجِد والرحبة قَالَ عبد الرَّحْمَن بن السَّائِب: فَإِنِّي لمع نفرٍ من الْأَنْصَار وَالنَّاس فى أَمر عَظِيم إِذا هومت تهويمة فزنج شَيْء أقبل طَوِيل الْعُنُق أهدب أهدل فَقلت: مَا أَنْت فَقَالَ: أَنا النقاد ذُو الرَّقَبَة بُعثت إِلَى صَاحب الْقصر فَاسْتَيْقَظت فَإِذا الفالج قد ضربه التهويم: دون النّوم الشَّديد زنح وسنح بِمَعْنى وتزنج على فلَان أَي تسنح وتطاول قَالَ الْغَرِيب النصري: ... تَزَنَّحُ بالكلامٍِ عليّ جَهْلاً ... كأنَّك مَاجِدٌ من آل بَدْرِ ... أهدب: طَوِيل الهدب أهدل: متدلى الشّفة
هوج مَكْحُول رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لرجل: مَا فعلت فِي تِلْكَ الهاجة(4/120)
أَرَادَ الْحَاجة فلكنها لِأَنَّهُ كَانَ أعجمي الأَصْل من سبي كابل أَو نحا بهَا نَحْو لُغَة من يقلب الْحَاء هَاء قَالَ الْكسَائي: سمعتهم يَقُولُونَ باقلي هار فَقلت: تجعلونه من التهري قَالُوا: لَا وَلَكِن من الْحَرَارَة وَمثله قَوْله: ... تمدهى مَا شِئْت أَن تمدهى ...
هور فِي الحَدِيث: من أطَاع ربه فَلَا هوارة عَلَيْهِ هُوَ من قَوْلهم اهتور الرجل: إِذا هلك وهار الْبناء ويروى: من اتَّقى الله وقى الهورات أى المهالك الْوَاحِدَة هورة
الْهَاء مَعَ الْيَاء
هيع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم خير النَّاس رجل مُمْسك بعنان فرسه فِي سَبِيل الله كلما سمع هيعة طَار إِلَيْهَا أَو رجل فِي شعفة فِي غنيمَة حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت وروى: من خير معاش رجل وروى: خير مَا عَاشَ النَّاس بِهِ رجل مُمْسك بعنان فرسه فِي سَبِيل الله كلما سمع هيعة أَو فزعة طَار على متن فرسه فالتمس الْمَوْت أَو الْقَتْل فى مظانه] 987 [أَو رجل فى شُفْعَة من هَذِه الشعفات أَو بطن وادٍ من هَذِه الأودية فِي غنيمَة لَهُ يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة يعبد الله حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير الهيعة: الصَّيْحَة الَّتِي يفزع مِنْهَا وَأَصلهَا من هاع يهيع إِذا جبن الشعفة: رَأس الْجَبَل(4/121)
من خير معاش رجل: أَي مَا يعاش بهرجل
هيل إِن قوما شكوا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم سرعَة فنَاء طعامهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم: أتكيلون أم تهيلون فَقَالُوا: نهيل قَالَ: فكيلوا وَلَا تهيلوا كل شَيْء أَرْسلتهُ إرْسَالًا من طَعَام أَو رمل أَو تُرَاب فقد هلته هيلاً وَمِنْه حَدِيث الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه أوصاهم عِنْد مَوته وَكَانَ مَاتَ فِي سفر: هيلوا عَليّ هَذَا الْكَثِيب وَلَا تحفروا لى فأحبسكم
هيت نفى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم مخنثين يُسمى أَحدهمَا هيتاً وَالْآخر ماتعا قَالَ ابْن الأعرابى: إِنَّمَا هُوَ هنب فصحفه أَصْحَاب الحَدِيث قَالَ الْأَزْهَرِي: رَوَاهُ الشَّافِعِي وَغَيره رَحِمهم الله هيت وَأَظنهُ الصَّوَاب
هيد قيل لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي الْمَسْجِد: يَا رَسُول الله هده فَقَالَ: بل عَرِيش كعريش مُوسَى أَي أصلحه وَقيل: مهناه اهدمه ثمَّ أصلح بناءه من هاد السّقف
هيق لما انْتهى صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَى أُحد فصلى بِأَصْحَابِهِ انخزل عبد الله بن أُبيّ من ذَلِك الْمَكَان فِي كَتِيبَة كَأَنَّهُ هيق يقدمهم أى ظليم
هَين عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النِّسَاء ثَلَاث فهينة لينَة عفيفة مسلمة تعين أَهلهَا على الْعَيْش وَلَا تعين الْعَيْش على أَهلهَا وأُخرى وعاءٌ للْوَلَد وَأُخْرَى غُلٌّ قمل يَضَعهُ الله فِي عنق من يَشَاء ويفكه عَمَّن يَشَاء وَالرِّجَال ثَلَاثَة: رجل ذُو رَأْي وعقل وَرجل إِذا حزبه أَمر أَتَى ذَا رَأْي فَاسْتَشَارَهُ وَرجل حائر بائر لَا يأتمر رشدا وَلَا يُطِيع مرشدا(4/122)
أَي هينة لينَة فَخفف كَانُوا يغلون بالقدِّ وَعَلِيهِ الشّعْر فيقمل على الْأَسير حزبه: أَصَابَهُ بائر: هَالك الائتمار: الاستبداد وَهُوَ افتعال من الْأَمر كَأَن نَفسه أَمرته فائتمر أَي امتثل أَي لَا يَأْتِي برشد من قبل نَفسه وَلَا يقبل قَول غَيره
هيم ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (فشَارِبُونَ شُرْبَ الهِيم) هيام الأَرْض وَهُوَ تُرَاب يخالطه رمل ينشِّف المَاء نشفا يحْتَمل تَفْسِيره وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن يُرِيد أَن] 988 [الهيم جمع هيام جُمع على فُعل ثمَّ خفف وَكسرت الفاءمحافظة على الْيَاء وَالثَّانِي: أَن يذهب إِلَى الْمَعْنى أَن المُرَاد الرمال الهيم يُقَال: رمل أهيم ورمال هيم وَهُوَ الذى لَا يرْوى
هيعة مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لسَلمَة بن الخطل: كَأَنِّي أنظر إِلَى بَيت أَبِيك بمهيعة بطنبه تَيْس مربوط وبفتائه أعنز درهنَّ غبر يحلبن فِي مثل قوارة حافر العير تهفو مِنْهُ الرّيح بِجَانِب كَأَنَّهُ جنَاح نسر مهيعة: هِيَ الْجحْفَة مِيقَات أهل الشَّام مفعلة من التهيع وَهُوَ الانبساط وَمِنْه طَرِيق مهيع: وَاسع قَالَ: ... بالغُورِ يَهْدِيها طريقٌ مَهْيَعُ ... الغبر: بَقِيَّة اللَّبن يُرِيد لبنهنَّ قَلِيل كالغبر قوارة الْحَافِر: مَا تقوَّر من بَاطِنه يصف محلبه بالصِّغر للؤمه تهفو مِنْهُ: أَي من الْبَيْت بِجَانِب: أَي بِكَسْر وَهُوَ فِي صغره كجناح النسْر
هيب ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْإِيمَان هيوب(4/123)
أى يهاب أَهله وَقيل: يهاب الْمُؤمن الذُّنُوب ويتقيها
هيس أَبُو الْأسود الدؤَلِي رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْكُم فلَانا فَإِنَّهُ أهيس أَلَيْسَ ألدُّ ملحس إِن سُئِلَ أزر وَإِن دعى انتهز ويروى: إِن سُئل ارتزَّ وَإِن دُعي اهتزَّ الأهيس: الَّذِي يَدُور الأليس: الَّذِي لَا يبرح يُقَال: إبل لَيْسَ على الْحَوْض أى لَا يَدُور فِي طلب شَيْء يَأْكُلهُ وَيقْعد عَمَّا سوى ذَلِك الملحس: الْحَرِيص الَّذِي يَأْخُذ كل شَيْء من لحست أرز: انقبض انتهز: افترص ارتز: ثَبت مَكَانَهُ وَلم يهش
هيج مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى ذكر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وبكاءه على خطيئته قَالَ: فَنحب نحبة هاج مَا ثمَّ من البقل أَي يبس
هيد الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى مَا من أحد عمل لله عملا إِلَّا سَار فِي قلبه سورتان فَإِذا كَانَت الأولى مِنْهُمَا لله فَلَا تهيدنه الْآخِرَة أَي لَا تحركنه وَلَا تزيلنه من قَوْلهم: لَا يهيدنك هَذَا الْأَمر أَي لَا يزعجنك وَلَا تبال بِهِ وَالْمعْنَى إِذا أَرَادَ برَّا وصحَّت نِيَّته فِي فعله فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّك تُرِيدُ بِهَذَا الرِّيَاء فَلَا يمنعنه ذَلِك وَنَحْوه إِذا أَتَاك الشَّيْطَان وَأَنت تصلي فَقَالَ: إِنَّك تُرائي فزدها طولا(4/124)
] 989 [
حرف الْيَاء
الْيَاء مَعَ الْهمزَة
لَا يأس من طول فِي (بر)
الْيَاء مَعَ التَّاء
يتم عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج إِلَى نَاحيَة السُّوق فتعلقت امْرَأَة بثيابه وَقَالَت: ياأمير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَت: إِنِّي موتمة توفّي زَوجي وتركهم مَا لَهُم من زرع وَلَا ضرع وَمَا يستنضج أكبرهم الكراع وأخاف أَن يأكلهم الضبع وَأَنا بنت خفاف ابْن أيماء الْغِفَارِيّ فَانْصَرف مَعهَا فَعمد إِلَى بعير ظهير فَأمر بِهِ فرُحل ودعا بغرارتين فملأهما طَعَاما وودكاً وَوضع فيهمَا صرة نَفَقَة ثمَّ قَالَ لَهَا: قودي فَقَالَ رجل: أكثرت لَهَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عمر: ثكلتك أمك إِنِّي أرى أَبَا هَذِه مَا كَانَ يُحاصر الْحصن من الْحُصُون حَتَّى افتتحه فأصبحنا نستفيء سهمانه من ذَلِك الْحصن أيتمت الْمَرْأَة فَهِيَ موتم وموتمة أَي ذَات يتامى واليتم واليُتم: الِانْفِرَاد وَمِنْه صبيٌّ يَتِيم وَقد يتم يتماً وَيتم يتما وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي بَيْتا فَقُلْنَا لَهُ: زِدْنَا فَقَالَ: الْبَيْت يَتِيم أَي مُنْفَرد لَيْسَ قبله وَلَا بعده شَيْء وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: إِن امْرَأَة جَاءَت إِلَيْهِ فَقَالَت: يَا أَبَا عَمْرو إِنِّي امْرَأَة يتيمة فَضَحِك أَصْحَابه فَقَالَ: لَا تَضْحَكُوا النِّسَاء كُلهنَّ يتامى أَي ضعائف قَالُوا: وَيلْزم الْمَرْأَة اسْم الْيَتِيم مَا لم تتَزَوَّج فَإِذا تزوجت ذهب اسْم الْيَتِيم عَنْهَا(4/125)
يُقَال: فلَان مَا يُنضج كُرَاعًا وَمَا يستنضج: إِذا كَانَ عَاجِزا لَا كِفَايَة فِيهِ وَلَا غناء قَالَ الْجَعْدِي: ... بِالْأَرْضِ استاهُهُمُ عَجْزاً وأنفهم ... عِنْد الكَوَاكِب بَغْياً يَالِذَا عَجَبَا
وَلَو أَصَابُوا كُراعاً لَا طَعَام بهَا ... لم يُنْضِجُوها وَلَو أُعْطُوا لَها حَطَبَا ... وَقَالَ اللحياني: يُقَال للضعيف: فلَان لَا يفقىء الْبيض وَلَا يرد الراوية وَلَا ينضج الكراع الضَّبع: مثل للشدة والقحط الظهير: الْقوي الظّهْر نستفيء سهمانه: أَي نسترجعها غنما
الْيَاء مَعَ الدَّال
يَد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ فِي مناجاته ربه: وَهَذِه يَدي لَك يَقُولُونَ: هَذِه] 99 [يَدي لَك أَي انقدت لَك فاحتكم عَليّ بِمَا شِئْت وَيُقَال فِي خِلَافه: خرج فلَان نَازع يَد أَي عصى وَنزع يَده من الطَّاعَة عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر قوم من الشراة بِقوم من أَصْحَابه وهم يدعونَ عَلَيْهِم فَقَالَ: بكم اليدان أَي حاق بالداعي مِنْكُم مَا يبسط بِهِ يَدَيْهِ من الدعْوَة وَفعل الله بِهِ مَا يَقُوله أَو هُوَ من قَوْلهم: لَا تكن بك اليدان أَي لَا تكن بك طَاقَة لريب الزَّمَان فيؤثِّر فِيك بآفاته وبلاياه من قَوْلهم: يُدْلِي بِهِ وَلَيْسَ لي بِهِ يدان أَي طَاقَة كَأَنَّهُ قيل: كَانَت بكم طَاقَة الزَّمَان فهلكتم وغلبتم طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قبيصَة: مَا رَأَيْت أحدا أعْطى للجزيل عَن ظهر يدٍ من طَلْحَة بن عبيد الله الْيَد: النِّعْمَة أَي عَن ظهر إنعام مُبْتَدأ من غير أَن يكون مُكَافَأَة على صَنِيع وَكَانَ طَلْحَة من الأجواد الأسخياء وَكَانَ يُقَال لَهُ طَلْحَة الْخَيْر وَطَلْحَة الْفَيَّاض(4/126)
وَطَلْحَة الطلحات وَكَانَت غَلَّته كل يَوْم ألف دِرْهَم وافٍ فِي الحَدِيث: اجْعَل الفُسَّاق يدا يدا ورجلاً رجلا فَإِنَّهُم إِذا اجْتَمعُوا وسوس الشَّيْطَان بَينهم بالشَّرِّ أَي فرِّق بَينهم وَذَلِكَ إِذا كَانَ بَين الْقَبَائِل نائرة أَي حَرْب وَشر
الْيَاء مَعَ الرَّاء
يار فى (شب)
الْيَاء مَعَ السِّين
يسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم تياسروا فِي الصَدَاق إِن الرجل ليُعطي الْمَرْأَة حَتَّى يبْقى فِي نَفسه عَلَيْهَا حسيكةً أَي تساهلوا فِيهِ وتراضوا بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنْهُ وَلَا تغَالوا بِهِ الحسيكة: الْعَدَاوَة وَفُلَان حسيك الصَّدْر على فلَان
يَاسر ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْغَزْو فَقَالَ: من أطَاع الإِمَام وَأنْفق الْكَرِيمَة وياسر الشَّرِيك فَإِن نَومه ونبهه أجر كُله وَمن غزا فخراً ورياءً فَإِنَّهُ لَا يرجع بالكفاف أَي ساهله وساعده وَرجل يسر وَيسر ليِّنٌ منقاد قَالَ: ... أَعْسَرُ إِنْ مارَسْتَنِي بعُسْرِ ... ويَسَرٌ لمَنْ أرَادَ يُسْرِي ... ] 991 [عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَهُوَ مَحْصُور: إِنَّه مهما تنزل بأَمْري من شَدِيدَة يَجْعَل الله بعْدهَا فرجا فَإِنَّهُ لن يغلب عُسر يسرين ذهب إِلَى قَوْله تَعَالَى: (فإنَّ معَ العُسْرِ يُسرا إنَّ معَ العُسْر يُسْراً) الْعسر: وَاحِد لِأَنَّهُ كرر معرفَة واليسر اثْنَان لِأَنَّهُ كرر نكرَة فَهُوَ كَقَوْلِك:(4/127)
كسب درهما فأنفق درهما فَالثَّانِي غير الأول وَإِذا قلت: فأنفق الدِّرْهَم فَهُوَ وَاحِد عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الْمَرْء الْمُسلم مَا لم يغش دناءة يخشع لَهَا إِذا ذكرت وتغري بِهِ لئام النَّاس كالياسر الفالج ينْتَظر فوزه من قداحه أَو دَاعِي الله فَمَا عِنْد الله خير للأبرار الياسر: اللاعب بِالْقداحِ الفالج: الفائز يُقَال: فلج على أَصْحَابه وفلجهم دَاعِي الله: الْمَوْت يَعْنِي إِن حُرم الفوزة فِي الدُّنْيَا فَمَا عِنْده الله خير لَهُ
الْيَاء مَعَ الْعين
الياعرة فِي (رب)
الْيَاء مَعَ الْفَاء
ايفع فِي (قح)
الْيَاء مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم لما قدم عَلَيْهِ أهل الْيمن قَالَ: أَتَاكُم أهل الْيمن هم أَلين قلوباً وأرق أَفْئِدَة الْإِيمَان يمَان وَالْحكمَة يَمَانِية قيل: الْأَنْصَار هم نصروا الْإِيمَان وهم يمانون فنسب الْإِيمَان إِلَى الْيمن لذَلِك
يمن ذكر الْقُرْآن وَصَاحبه يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: يُعطي الْملك بِيَمِينِهِ والخلد بِشمَالِهِ وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار يُرِيد أَنه يملك الْملك والخلد ويجعلان فى ملكته فاستعار الْيَمين وَالشمَال لذَلِك لِأَن الْقَبْض وَالْأَخْذ بهما(4/128)
الْوَقار: الْكَرَامَة والتوقير عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما غلب على الْبَصْرَة قَالَ أَصْحَابه: بِمَ تحلُّ لنا دِمَاؤُهُمْ وَلَا تحل لنا نِسَاؤُهُم وَأَمْوَالهمْ فَسمع بذلك الْأَحْنَف فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ: إِن أَصْحَابك قَالُوا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: لايم الله لأتيسنَّهم عَن ذَلِك ايم الله: قسم وَأَصله ايمن الله فحذفت النُّون للاستخفاف وهمزته مَوْصُولَة وَلذَلِك لم تثبت مَعَ لَام الِابْتِدَاء وَفِي حَدِيث عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: ليمنك لَئِن كنت ابْتليت لقد عافيت وَلَئِن كنت أخذت فَلَقَد أبقيت] 992 [الْكَاف لله عز وَعلا قَالَ ذَلِك حِين أَصَابَته الْأكلَة فِي رجله فَقطعت رجله فَلم يَتَحَرَّك لأتيسنهم عَن ذَلِك: أَي لاردَّنهم ولابطلنَّ قَوْلهم وَكَأَنَّهُ من قَوْلهم: تيسي جعار لمن أَتَى بِكَلِمَة حمق أَي كوني كالتيَّس فِي حمقه وَالْمعْنَى لأتمثَّلنَّ لَهُم بِهَذَا الْمثل ولأقولن لَهُم هَذَا بِعَيْنِه كَمَا يُقَال: فديته وسقيته إِذا قلت فديتك وسقاك الله وتعديته بعن لتضمين معنى الرَّد
الْيَاء مَعَ النُّون
ينع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لعاصم بن عدي فِي قصَّة الْمُلَاعنَة: إِن وَلدته أُحيمر مثل الينعة فَهُوَ لِأَبِيهِ الَّذِي انْتَفَى مِنْهُ وَإِن تلده قطط الشّعْر أسود اللِّسَان فَهُوَ لِابْنِ السحماء قَالَ عَاصِم: فَلَمَّا وَقع أخذت بفقويه فاستقبلني لِسَانه أسود مثل التمرة الينع: ضرب من العقيق الْوَاحِدَة ينعة سميت بذلك لحمرتها من قَول الْأَعرَابِي(4/129)
ينع الشَّيْء إِذا احمرّ وَدم يَانِع قَالَ سُوَيْد بن كرَاع: ... وأَبْلَجَ مختالٍ صبغنا ثيابَه ... بأحمرَ مثل الأَرْجُوَانيِّ يانِع ... قيل: بفقويه غلط وَالصَّوَاب بفقميه أَي بحنكيه الْحجَّاج خطب حِين دخل الْعرَاق فَقَالَ فِي خطبَته: إِنِّي أرى رؤسا قد أيقعت وحان قطافها كأنى أننظر إِلَى الدِّمَاء بَين اللحى والعمائم لَيْسَ أَوَان عشّك فادرجي لَيْسَ أَوَان يكثر الخلاط: ... قَدْ لَفَّها اللَّيْلُ بعَصْلَبِّي ... أرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّويِّ
مُهَاجِرٍ لَيْسَ بأَعْرَابيِّ ... هَذَا أوانُ الشدَّ فاشتدَّى زيَمْ
قد لَّفها لليلُ بسَاَّقٍ حُطَمْ
... لَيْسَ براعى إبل وَلَا غنم ... وَلَا بجزاز عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ ... وروى: حشها اللَّيْل: ... أنَا ابْن جلا وطلاع الثنايا ... مَتى أَضَع الْعِمَامَة تعرفونى ... إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ نكبكنانته بَين يَدَيْهِ فعجم عيدانها فوجدونى أمرهَا عوداً وأصلبها مكسراً فوجهني إِلَيْكُم أَلا فوَاللَّه لأعصبنكم عصب السلمة ولألحونكم لحو الْعود: لأضربنكم ضرب غرائب الْإِبِل ولآخذن الْوَلِيّ بالمولى حَتَّى تستقيم قناتكم وَحَتَّى يلقى أحدكُم أَخَاهُ فَيَقُول: انج سعد فقد قتل سعيد أَلا وإياي وَهَذِه السقفاء والزرافات فإنى لَا آخذ أحدا من الجالسين فِي زرافة إِلَّا ضربت عُنُقه أينعت: أدْركْت يُرِيد استحاقها للْقطع ادرجي: اذهبي وطيري يضْرب للمقيم المطمئن وَقد أظلهُ مَا يزعجه يحضهم على اللحوق بالمهلب الخلاط: السفاد أَي لَيْسَ وَقت السفاد والتعشيش العصلبى: القوى بِمثل بِهِ لنَفسِهِ ورعيته فجعلهم كَالْإِبِلِ وإياه كراعيها حشها: من الحش وَهُوَ إيقاد النَّار(4/130)
الدَّاوي: جمع داويَّة وَهِي الفلاة أَرَادَ أَنه مسفار أَو دَلِيل الحُطم: العنيف لَيْسَ براعي إبل: يَعْنِي أَنه عَظِيم الْقدر مكفيّ لَا يبتذل نَفسه جلاَ: فَعل أَي أَنا ابْن رجل أوضح وكشف الثَّنايا: الْعقَاب طُلُوعهَا: صعودها والإشراف عَلَيْهَا: يُرِيد مزاولته لصعاب الْأُمُور مَتى أَضَع الْعِمَامَة أَي مَتى أُكاشفكم تعرفوني حقَّ معرفتي من قَوْلهم: فلانٌ ألْقى القناع إِذا كشف بالعداوة ويروى أَنه دخل وَقد غطَّى بعمامته أَكثر وَجهه كالمتنكر عجم العيدان: مثل لنَفسِهِ ولرجال السُّلْطَان عصب السَّلمة: أَن يشدَّها بِحَبل إِذا أَرَادَ خبطها وَهَذَا وَعِيد الْإِبِل إِذا وَردت المَاء فَدخلت بَينهَا نَاقَة غَرِيبَة من غَيرهَا ذيدت وَضربت حَتَّى تخرج الزَّرافة: الْجَمَاعَة قَالُوا فى السقفاء: إِنَّه تَصْحِيف وَالصَّوَاب الشّفعاء جمع شَفِيع وَكَانُوا يَجْتَمعُونَ إِلَى السُّلْطَان يشفعون فِي الْمُرِيب فنهاهم من ذَلِك
الْيَاء مَعَ الْوَاو
ليومها فِي (سي) . يَوْم الْقِيَامَة فِي (وذ) .
الْيَاء مَعَ الْهَاء
يهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم كَانَ يتعوَّذ من الأيهمين هما السَّيْل والحريق لِأَنَّهُ لَا يُهتدى لدفعهما من الفلاة اليهماء وَهِي الَّتِي لَا يُهتدى فِيهَا لِأَنَّهُ لَا أثر يسْتَدلّ بِهِ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجل أَيهمْ أعمى وَامْرَأَة يهماء وَمِنْه قَالُوا: أَرض يهماء وَيُقَال للجبل الَّذِي لَا يرتقى: أَيهمْ وَقيل: اليهم الْجُنُون وَمِنْه الْأَيْهَم: الْفَحْل المغتلم(4/131)